Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 562

‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ص‬ ‫الموضوع‬
‫‪20‬‬ ‫*فتاوى صلة الجماعة‬
‫س‪ :‬هل تجوز صلة المتنفل بالمفترض ‪ ،‬وصلة المفترض بالمتنفل ؟ ‪21‬‬
‫وهل صحيح أن معاذ ابن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم صلة العشاء ثم يذهب إلى قومه فيصلي‬
‫بهم تلك الصلة أي هو متنفل وهم مفترضون ؟‬
‫‪21‬‬ ‫دل آية رحمة بآية عذاب أو‬ ‫س‪ :‬إذا سهى المام في قراءة القرآن وب ّ‬
‫العكس مثل قال‪" :‬إن البرار لفي جحيم أو قال‪" :‬إن الفجار لفي‬
‫نعيم " ‪ .‬فما حكم صلته وصلة من خلفه ؟‬
‫‪21‬‬ ‫س‪ :‬إمام وقف أو سكن بعد قوله تعالى‪" :‬ويل للمصلين " ما حكم‬
‫صلته ؟‬
‫‪22‬‬ ‫ما جلس سلم‬ ‫س‪ :‬إن دخل رجل المسجد وكبر تكبيرة الحرام ول ّ‬
‫المام ولم يصل معه شيئا ً ‪ .‬فماذا يصنع ؟‬
‫‪22‬‬ ‫س‪ :‬جاء رجل ووجد الصف مكتمل ً وجذب شخصا ً على يمين الصف‬
‫وشماله ؟‬
‫‪22‬‬ ‫س‪ :‬من وجد الجماعة في التشهد الثاني ؟‬
‫‪23‬‬ ‫س‪ :‬إذا كان المأموم مقيم والمام مسافر ؟‬
‫‪23‬‬ ‫س‪ :‬إمام سهى في صلة المغرب وسلم بعد التشهد الول ولم يسبح‬
‫أحد من المأمومين له فبعضهم سلم وبعضهم لم يسلم وبعضهم تكلم‬
‫فما حكم صلة كل ً من المام والمأمومين ؟‬
‫س‪ :‬إمام عوض الفاتحة قرأ التشهد سهو أو بعد السجود انتبه لذلك ؟ ‪23‬‬
‫‪24‬‬ ‫س‪ :‬إذا انتقضت صلة الشخص الذي يصلي سترة خلف المام هل‬
‫تنقض صلة الصف الول ؟‬
‫‪24‬‬ ‫س‪ :‬إذا قام المام بعد الركعة الثانية ولم تجلس للتشهد وسبح له‬
‫المأمومون ؟‬
‫‪24‬‬ ‫س‪ :‬من صلى نافلة خلف من يصلي فريضة المغرب كيف يصنع ؟‬
‫‪24‬‬ ‫س‪ :‬صلى إمام وعن يمينه شخص كما هو السنة وجاء بعد ذلك شخص‬
‫أخر وتجهله بالسنة وقف عن يمين ذلك المأموم فهل للمام أن‬
‫يتقدم أو أن يقوم بتأخير المأمومين أو أن يقوم المأموم الول‬
‫بالتأخير ويؤخر ذلك الشخص معه ‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫س‪ :‬إمام أسر في صلة جهرية وتذكر في نصفها ؟‬
‫‪25‬‬ ‫م ناسا ً ويقوم بأعمال كمثل النذر للقبور ‪ .‬فهل تجوز‬ ‫س‪ :‬شخص أ ّ‬
‫الصلة خلفه ؟‬
‫‪25‬‬ ‫س‪:‬مأموم دخل المسجد وكبر للحرام واستعاذ وبمجرد انتهائه من‬
‫الستعاذة انتهى المام من قراءته الفاتحة‬
‫‪25‬‬ ‫س‪ :‬إمام يصلي قائما ً ثم إنه أصابه المرض واضطر للجلوس وجلس‬
‫فهل أيضا ً يجلس المأموم ويصلون خلفه جلوسا ً أم أنهم يواصلون‬
‫الصلة على حالهم السابق أي أنهم يصلون قياما ً‬
‫‪26‬‬ ‫س‪ :‬الصبي الذي ل يفقه أمور الصلة هل إذا كان في وسط الصف‬

‫‪2‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫يكون قاطعا ً للصف أو الصلة؟‬


‫‪26‬‬ ‫س‪ :‬هل للمرأة أن تؤم بالنساء ؟‬
‫‪26‬‬ ‫س‪ :‬أين تصف المرأة إذا كانت تصف مع رجل ؟‬
‫‪26‬‬ ‫س‪ :‬المستدرك إذا لم يتمكن من إتمام الفاتحة مع المام وقرأ جزءا‬
‫من فاتحة الكتاب وركع المام فماذا يصنع وكذا الحال إذا كان المام‬
‫سريع القراءة فلم يتمكن من إكمالها ؟‬
‫‪27‬‬ ‫دة‬‫ن العلماء قد اختلفوا على ع ّ‬ ‫س‪ :‬سمعنا منكم في دروس سالفة أ ّ‬
‫مل ماذا َيصنع‪،‬‬ ‫ف قد اكت َ‬‫جدَ الص ّ‬ ‫و َ‬
‫من دخل المسجد و َ‬ ‫أقوال في َ‬
‫وسؤالي حول الرأي المختار عندكم في هذه المسألة ِلعموم البلوى‬
‫بها‪ ،‬ولم ل يكون حديث وابصة بن معبد‪-‬الذي هو عند الترمذي وأحمد‬
‫صّلي‬ ‫ن النبي ‪ ‬رأى رجل ي ُ َ‬ ‫سناه وأبي داوود وغيرهم الذي فيه أ ّ‬ ‫وح ّ‬
‫مَره أن ُيعيد الصلةَ وعند غيرهم زيادة‪ " :‬أ َل َ‬ ‫َ‬
‫ف وحده فأ َ‬
‫َ‬ ‫خلف الص ّ‬
‫ت رجل "‪-‬وحديث‪ " :‬فل صلة ِلفرد خلف الصف‬ ‫ً‬ ‫جت ََرْر َ‬‫ت معهم أو ا ْ‬ ‫دخل ْ َ‬
‫صل ً في هذه المسألة أم أ ّ‬
‫ن‬ ‫"‪-‬عند ابن ماجة وابن حبان وأحمد‪َ -‬‬
‫في ْ َ‬
‫َ‬
‫صة أبي بكرة‬ ‫نق ّ‬
‫كن أن ُيقال يا شيخنا أ ّ‬ ‫هذه الثار ل َتصح ؟ أل َ ُيم ِ‬
‫ذل ِللجاهل الذي ل َيعرف الحكم في هذه المسألة ؟‬ ‫رخصة ُتب َ‬
‫‪29‬‬ ‫من المصحف إذا كان المام ل َيحفظ قدرا‬ ‫س‪ :‬ما حكم قراءة القرآن ِ‬
‫طيل في الصلة بالناس ؟‬ ‫من القرآن وهو يريد أن ي ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪30‬‬ ‫س‪ :‬عامل عند تاجر معّين قد اتفق مع مجموعة العمال هناك أن‬
‫يصلوا الظهر في مصلى خاص من أجل أنه ل يستطيع أن يخالف أمر‬
‫الشخص الذي يعمل عنده ‪ ..‬المسجد قريب منهم لكن هم اعتادوا‬
‫على أن يصلوا هكذا في رمضان فقط صلة الظهر في ذلك المصلى‬
‫ويصلونها جماعة‪.‬‬
‫‪30‬‬ ‫وَردَ في ذلك شيء ؟‬ ‫س‪ :‬دعاء المام جهرا وتأمين الجماعة‪ ،‬هل َ‬
‫‪3.‬‬ ‫من الشخص‬ ‫مجهول الحال هل يصح أن يؤ ّ‬ ‫س‪ :‬إذا كان المام َ‬
‫ويستحضر في نيته َتخصيص ذلك أو تعليق أمر إجابة الدعوة أو‬
‫التأمين إن كان هذا المام صالحا ؟‬
‫‪31‬‬ ‫*فتاوى صلة السفر‬
‫‪31‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم صلة السفر‪ ،‬هل هي عزيمة أم هي رخصة ؟‬
‫‪35‬‬ ‫م في السفر مستِندا في ذلك إلى قول أحد‬ ‫س‪ :‬ما حكم من كان ُيت ّ‬
‫مشائخه الذين يثق فيهم وهو أنهم يقولون‪ " :‬من كان يملك مسكنا‬
‫في السفر وكان يطيل المكث فيه فعليه التمام ولو لم ينو‬
‫ن الراجح هو ما ذهبتم إليه ؟‬ ‫الستقرار فيه " ثم تبّين له بعد ذلك أ ّ‬
‫لها تماما عمل بقول شيخه ؟‬ ‫وهل يجب عليه قضاء الصلوات التي ص ّ‬
‫وما حكم هذا الشخص إن كان يصلي بالناس في تلك الفترة ؟‬
‫‪36‬‬ ‫س‪ :‬كانوا مسافرين مع جماعة وأثناء الوضوء دخلت فرقة منهم في‬
‫المسجد فوجدت جماعة تصلي‪ ،‬في هذه الحالة هل يدخلون فيصلون‬
‫معهم أم ينتظرون أصحابهم ليصلوا جمعا ؟ ثم إنّ الذين دخلوا إلى‬
‫المسجد ل يدرون عن تلك الجماعة هل تصلي قصرا أم تصلي وطنا‪.‬‬
‫‪36‬‬ ‫س‪ :‬من يسافر من بلده إلى بلد آخر وبعد فترة يترك السفر فيصلي‬
‫ل فيها‪ ،‬فهل‬ ‫ن بلد المسلمين تعتبر وطنا له أينما ح ّ‬ ‫إتماما ظنا منه أ ّ‬
‫يصح هذا ؟‬
‫‪37‬‬ ‫س‪ :‬في بعض الحيان تكون في الدراسة والوقت يتأخر بها إلى‬
‫الساعة الثانية‪ ،‬فهل َتجمع صلة الظهر مع صلة العصر جمعا صوريا ؟‬
‫‪3‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪37‬‬ ‫س‪ :‬نريدكم أن تحدثونا عن تعريف الوطن الذي يستقر فيه النسان‪،‬‬
‫كما نريدكم أن تعّرفوا لنا كذلك معنى الستقرار والطمئنان بحيث‬
‫دثونا عنها‪-‬بعد‬
‫ن النسان إذا اطمأن ووصل إلى الدرجة التي تح ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ّ‬
‫قليل‪-‬يكون بذلك موطنا‪ ،‬كما‪-‬أيضا‪-‬نريدكم أن تحدّثونا عن عدد‬
‫الوطان التي يجوز للنسان أن يتخذها‪.‬‬
‫‪38‬‬ ‫س‪ :‬لكن إذا أتينا إلى قضية الوطان‪ ،‬متى يصح للنسان أن يتخذ ذلك‬
‫المكان وطنا‪ ،‬هل إذا امتلك فيه بيتا أو امتلك فيه مزرعة أم هناك‬
‫شروط أخرى ؟‬
‫‪38‬‬ ‫ن النسان إذا تزوج من منطقة تعدّ له وطنا ؟‬ ‫س‪ :‬وهل ما يقال من أ ّ‬
‫‪39‬‬ ‫ن النسان إذا ولد في منطقة حتى ولو‬ ‫س‪ :‬وهل ما يقال‪-‬أيضا‪-‬من أ ّ‬
‫سافر منها بعد ذلك ل تزال وطنا له ؟‬
‫‪39‬‬ ‫س‪ :‬ذهب إلى مكان مجاور لبلده وشك هل ذلك المكان تعتبر مسافته‬
‫وصلت حد السفر أم ل فبقي في الشك هل يصلي إتماما أم يصلي‬
‫قصرا فصلى قصرا ؟‬
‫‪40‬‬ ‫س‪ :‬على أية حال‪ ،‬نحن نريد أن تبّينوا لنا المسافة التي إذا ما قطعها‬
‫النسان يعتبر مسافرا ؟‬
‫‪41‬‬ ‫س‪ :‬بما أنكم ذكرتم هذه المسافة الن وهي اثنا عشر كيلومترا‪.‬‬
‫‪41‬‬ ‫س‪ :‬نعم‪ ،‬تقريبا ‪ ..‬ما يقرب منها ‪ ..‬متى يبدأ النسان يحسب هذه‬
‫المسافة ؟‬
‫‪41‬‬ ‫س‪ :‬عندما يجمع صلة الظهر مع صلة العصر يقول له البعض‪ " :‬عليك‬
‫أن تصلي السّنة " ويقول البعض‪ " :‬ل‪ ،‬ل تصل السّنة‪ ،‬فذلك يكفيك "‪،‬‬
‫فماذا تقولون ؟‬
‫‪41‬‬ ‫س‪ :‬هو الن يعمل في مسقط وكان يسكن عزبا مع بعض الخوة من‬
‫غير أن يحضر أهله واستمر على ذلك فترة والن أحضر أهله معه‪-‬‬
‫ويبدو أنه مستأجر‪-‬ول يريد أن يستقر في مسقط وإنما ينوي أن يعود‬
‫إلى بلده في يوم من اليام‪ ،‬فلو طال مكثه في العمل في مسقط‬
‫هل يصلي إتماما أم قصرا ؟‬
‫‪41‬‬ ‫س‪ :‬حتى ولو استمر عمله عشرين سنة‪-‬مثل‪-‬وهو في مسقط ؟‬
‫‪41‬‬ ‫س‪ :‬هل يجوز للمسلم في حال الجمع بين الصلتين أن يتكلم بينهما‬
‫بشيء من أمور الدنيا أو أن يأتي بالباقيات الصالحات ؟ وما هي‬
‫الحكمة من تشدد بعض العلماء في ذلك ؟‬
‫‪42‬‬ ‫س‪ :‬متى يبدأ المسافر في القصر إذا كان قاصدا حد السفر‪ ،‬هل‬
‫بخروجه من العمران أم بخروجه من المنزل أم بخروجه من حد‬
‫السفر ؟‬
‫‪42‬‬ ‫س‪ :‬كانوا عائدين من السفر ووقفوا عند مسجد هناك لكنهم لم‬
‫ن المسجد‬ ‫يحصلوا على ماء فيه للوضوء‪ ،‬في هذه الحالة هل يتيمم ل ّ‬
‫الثاني سيدخل في الميال في مسافة السفر ؟ في هذه الحالة هل‬
‫يتيمم ويصلون هناك أم يذهبون فيدخل في ‪ ...‬؟‬
‫‪43‬‬ ‫س‪ :‬ما المقصود بالجمع الصوري ؟‬
‫‪43‬‬ ‫س‪ :‬إذن في هذه الحالة إذا كان الطبيب يجري عملية والعملية يتطلب‬
‫منها أن تمتد فترتها إلى أن يدخل في وقت العصر مثل‪ ،‬في هذه‬
‫الحالة هل يجمع ؟‬
‫‪43‬‬ ‫س‪ :‬إذا كان المام ينظر إلى شاشة أمامه فيها آيات القرآن الكريم‬
‫ويقرأ منها أثناء الصلة‪ ،‬هل يصح له ذلك ؟‬
‫‪4‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪44‬‬ ‫س‪ :‬هل للمرء أن يختار بنفسه حوزة معيّنة يعتبر حدودها وطنا له أم‬
‫ن ذلك مشروط بأمور معيّنة ؟‬ ‫أ ّ‬
‫س ‪ :19‬إذا صلى المسافر صلة الظهر قصرا وسوف يصل فققي وقققت ‪44‬‬
‫العصر إلى بلده‪ ،‬فهل يجوز له أن يصلي الظهر والعصر جمع تقديم ؟‬
‫‪44‬‬ ‫س‪ :‬إنني أعيش في ولية الرستاق ومكان ولدتي وادي بني خروص‬
‫بولية العوابي وعندما أذهب إلى زيارة الهل والقارب في وادي بني‬
‫ي‪ ،‬هل أصلي تماما أم أصلي قصرا ؟‬ ‫خروص أصلي تماما‪ ،‬فماذا عل ّ‬
‫أرجوا إفادتي أفادكم الله‪.‬‬
‫‪44‬‬ ‫ن‬
‫س‪ :‬نأتي الن إلى ما يشيع على ألسنة بعض الناس يقول‪ " :‬إ ّ‬
‫الوسائل الحديثة لم تترك في جسد النسان موضعا للتعب فيستطيع‬
‫النسان أن يقطع المسافة التي حددها العلماء للسفر بسرعة وبدون‬
‫صر الن ؟! " ؟‬
‫تعب وبدون مشقة‪ ،‬فلماذا اللجوء إلى الق ْ‬
‫س‪ :‬هناك بعض المساجد فيها قسم خاص بالنساء بعضها مفصول عن ‪44‬‬
‫المسجد الصل وبعضها ملتصق به ‪ ..‬إذا أرادت المرأة أن تصّلي بصلة‬
‫المام ‪ ..‬فإذا كان المسجد مفصول أو المصلى مفصول‪ ،‬هل لها أن‬
‫تصلي بصلة المام ؟ س‪ :‬هل هناك كيفية معّينة‪-‬مثل‪-‬يمكن أن‬
‫ورها لنا ؟‬
‫تص ّ‬
‫‪45‬‬ ‫جد الجماعة في صلة العصر في الركعة الخيرة فصلى‬ ‫و َ‬
‫س‪ :‬مسافر َ‬
‫حمل المام على أّنه يصلي ركعتين ِبما أّنه هو‬ ‫هذه الركعة الخيرة و َ‬
‫مسافر فقضى ركعتين ؟‬
‫‪46‬‬ ‫س‪ :‬رجل مسافر وجد جماعة يصلون صلة العصر ‪ ،‬وهذا الرجل لم‬
‫يصل صلة الظهر‪ .‬فهل يجوز له أن يصلي معهم وينويها ظهرا ؟‬
‫وهل اتحاد صلة المأموم وصلة المام شرط لصحة الصلة ؟‬

‫‪46‬‬ ‫س‪ :‬رجل كان عائدا إلى بلدته من بلدة أخرى‪ ،‬وقد أراد أن يصلي‬
‫صلة الظهر والعصر " جمعا " ‪ ،‬فما هي أقرب مسافة يمكنه أن‬
‫يصلي عندها قبل وصوله إلى بلدته ؟‬

‫‪46‬‬ ‫س‪ :‬مأموم يصلي المغرب والمام يصلي العشاء وهو مسافر ودخل‬
‫هذا المأموم يظن أن هذا المام يصلي المغرب ثم تبين له أن المام‬
‫يصلي العشاء فالمام يصلي ركعتين لنه مسافر والمأموم يصلي‬
‫ثلثا ً ماذا يفعل المأموم هل يقطع صلته أم أنه يواصل ؟‬
‫‪46‬‬ ‫س‪ :‬رجل دخل مع جماعة تصلي الظهر وهو مقيم‪ ،‬فإذا دخل بنية‬
‫الربع ركعات فهل يضره أن يكون المام مسافرا ؟‬
‫‪46‬‬ ‫س‪ :‬مسافر نوى الجمع بين الصلتين وبعد أن فرغ من الصلة‬
‫الولى لم يجمع الصلة الثانية فهل هذه النية تؤثر على الصلة‬
‫الولى ؟ وإن أراد الجمع بعد النتهاء من الصلة الولى بدون أن ينوي‬
‫نية من قبل الجمع فهل له ذلك ؟‬
‫‪47‬‬ ‫س‪ :‬جماعة تصلي صلتين جمعا فدخل عليهم رجل هل يدخل معهم‬
‫أم ينتظر فيتبين له ما هي الصلة التي يصلونها ؟‬
‫‪47‬‬ ‫‪.‬س‪ :‬رجل أراد الجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء‬
‫وبعد النتهاء من الصلة الولى تذكر فريضة منسية فماذا يفعل ؟‬
‫‪47‬‬ ‫س‪ :‬جماعة مسافرة أرادت الجمع بين الظهر والعصر وبعدما انتهت‬
‫من صلة الظهر شرعت جماعة أخرى بالقامة لصلة الظهر ؟‬

‫‪5‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪48‬‬ ‫*فتاوى صلة الجمعة‬


‫‪48‬‬ ‫س‪ :‬صلة الجمعة‪ ،‬ما هي شروط وجوبها ؟‬
‫‪50‬‬ ‫قط‬ ‫ح لها أن ُتصلي الجمعة وُيس ِ‬ ‫ّ‬ ‫س‪ِ :‬بالنسبة ِللمرأة قلُتم ِبأنه َيص ّ‬
‫ذلك عنها الفرض‪ ،‬في حال نيتها تنويها فرضا ؟‬
‫‪50‬‬ ‫ة‬
‫من المعرفة َينوون صل َ‬ ‫ظ ِ‬ ‫ض الذين ليس لديهم ح ّ‬ ‫س‪ :‬هناك بع ُ‬
‫الجمعة سّنة‪ ،‬فما حكم صلتهم في هذه الحالة ؟‬
‫‪50‬‬ ‫ّ‬
‫س‪ :‬جماعة مسافرة مّرت على مسجد في يوم الجمعة‪ ،‬هل ُيصلون‬
‫الظهر أم الجمعة ؟‬
‫‪51‬‬ ‫ة العصَر ؟‬ ‫معوا مع الجمع ِ‬ ‫س‪ :‬المسافرون‪ ،‬هل لهم أن َيج َ‬
‫‪51‬‬ ‫جدون‬ ‫من فرط السرعة َيدخلون المسجد في َ ِ‬ ‫ض المسافرين ِ‬ ‫س‪ :‬بع ُ‬
‫من‬ ‫ت الخطبة ل َيزال طويل فُيصلون الظهَر ثم َيخُرجون ِ‬ ‫ّ‬ ‫وق َ‬
‫المسجد ؟‬
‫‪51‬‬ ‫ض‬
‫ن بع َ‬ ‫ر الجمعة ؟ ل ّ‬ ‫س‪ :‬هل هذا الحكم شامل ِللجمعة وغي ْ ِ‬
‫جلون‬ ‫مستع ِ‬ ‫ر مثل ولنهم ُ‬ ‫ن الظه ِ‬ ‫معون أذا َ‬ ‫المسافرين قد َيس َ‬
‫من‬ ‫معون ثم َيخُرجون ِ‬ ‫َيدخُلون ‪ُ ..‬يصّلون الظهَر والعصَر مثل ‪َ ..‬يج َ‬
‫د‪.‬‬‫م َبع ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ة لم ت ُ َ‬ ‫د والجماع ُ‬ ‫المسج ِ‬
‫‪51‬‬ ‫ة الجمعة‪ ،‬ما هو‬ ‫ت صل ِ‬ ‫ة في وق ِ‬ ‫ل مفتوح ً‬ ‫من المحلت ت َظَ ّ‬ ‫س‪ :‬عددٌ ِ‬
‫ت‬
‫ضَر ْ‬ ‫ح َ‬ ‫دد ِلهذه المحلت في أن تغلق فيه أبواَبها إذا ما َ‬ ‫مح ّ‬ ‫ت الق ُ‬ ‫الوق ُ‬
‫صلة الجمعة ؟‬
‫‪52‬‬ ‫ة‬
‫صل ُ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ضي َ ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫فإ ِ َ‬‫س‪ :‬في الية ] ‪ ،10‬من سورة الجمعة [‪َ :‬‬
‫معّين‬ ‫من ي َ ُ‬ ‫ض ‪ُ ...‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كتاب ُ‬ ‫قَراءة ِ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫هَناك َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫شُروا ِ‬ ‫فانت َ ِ‬
‫ح‬‫ص ّ‬ ‫شَرة‪ ،‬هل ي َ ِ‬ ‫مَبا َ‬ ‫صلة الجمعة ُ‬ ‫عد َ‬ ‫من الّناس ب َ ْ‬ ‫عة ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ج ُ‬‫م ْ‬ ‫مع َ‬ ‫داَرسه َ‬ ‫َيت َ‬
‫ذا ؟‬ ‫ه َ‬
‫َ‬
‫‪53‬‬ ‫ة‬
‫صِبح فريض ً‬ ‫ل تُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫صلة الجمعة على النسان‪َ ،‬‬ ‫ضية َ‬ ‫فْر َ‬ ‫س‪ِ :‬بالنسبة ل ِ َ‬
‫فر في ذَِلك‬ ‫سا ِ‬ ‫صح َله أن ي ُ َ‬ ‫حْيث ل ي َ ِ‬ ‫مه ب ِ َ‬ ‫و ِ‬ ‫جر ي َ ْ‬ ‫ع َ‬
‫ف ْ‬ ‫ُ ُ‬
‫جّرد طلو ِ‬ ‫م َ‬‫عليه ب ِ ُ‬
‫سافر ؟‬ ‫وم أم له أن ي ُ َ‬ ‫الي َ ْ‬
‫‪53‬‬ ‫س‪ :‬نعود مرة أخرى إلى شروط وجوبها ذكرُتم ِبأنها ِبمجّرد أن َيسمع‬
‫معونه عن‬ ‫مع هؤلء النداء لكنهم َيست ِ‬ ‫النسان النداء ‪ ..‬الن ربما َيست ِ‬
‫من‬ ‫عد عنهم أكثر ِ‬ ‫طريق الذاعة أو عن طريق التلفزيون والمسجد َيب ُ‬
‫جب عليهم في هذه الحالة ؟‬ ‫مسافة السفر‪ ،‬فهل ت َ ِ‬
‫‪54‬‬ ‫مع الذي ُتصّلى فيه‬ ‫من الجا ِ‬ ‫قريِبين ِ‬ ‫جب عليهم ِلكونهم َ‬ ‫س‪ :‬الذين ت َ ِ‬
‫ّ‬
‫ء‪-‬كذلك‪-‬لكّنهم مع ذلك ل َيذهبون فُيصلون‬ ‫معون الندا َ‬ ‫الجمعة وَيس َ‬
‫الظهَر‪ ،‬ما حكم صلِتهم ؟‬
‫‪54‬‬ ‫ة؟‬‫مع الجمع ِ‬ ‫ورة ِلجا ِ‬ ‫س‪ :‬ما حكم الذان في المساجد المجا ِ‬
‫‪54‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم خطبة الجمعة ؟‬
‫‪55‬‬ ‫س‪ :‬هل ِلهذه الخطبة‪-‬أيضا‪-‬شروط معّينة ؟‬
‫‪56‬‬ ‫طئ الخطيب في آية أو في حديث ‪..‬‬ ‫س‪ :‬أثناء خطبة الجمعة قد ُيخ ِ‬
‫ح؟‬ ‫التصحيح عليه في وقت الخطبة‪َ ،‬يص ّ‬
‫‪57‬‬ ‫ب في مثل هذه الحوال‬ ‫سبة ِلتنِبيه الخطي ِ‬ ‫س‪ :‬ما هي الطريقة المنا ِ‬
‫ُ‬
‫سّره في أذنه أو‬ ‫دث على أّية حال ؟ هل َيذهب إليه ل ِي ُ ِ‬ ‫التي ناِدرا ما َتح ُ‬
‫من هذا القِبيل ؟‬ ‫شيءٌ ِ‬
‫‪57‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم التكاء على العصا ونحوها في الخطبة ؟‬

‫‪6‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪58‬‬ ‫طقون ِبها ؟‬ ‫س‪ :‬ما حكم الخطبة ِبغْير العربية ِللمسلمين الذين ل َين ِ‬
‫‪59‬‬ ‫س‪ :‬في وقت خطبة الجمعة قد َيعطس أحدهم‪ ،‬أو َيدخل أحدهم‪-‬‬
‫أيضا‪-‬فُيسّلم‪ ،‬وهناك‪-‬أيضا‪-‬الدعاء الذي َيدعو ِبه المام‪ ،‬والصلة على‬
‫ح كل هذه الحالت ؟‬ ‫النبي ‪ .. ‬هل َتص ّ‬
‫‪60‬‬ ‫ت الخطبة إذا كانت هناك مصلحة كأن‬ ‫م في وق ِ‬ ‫ح الكل ُ‬‫س‪ :‬هل َيص ّ‬
‫دا ِبإغلق الباب أو ِبإطفاء المكيف أو ِبإطفاء المروحة‬ ‫دهم أح ً‬ ‫َيأمر أح ُ‬
‫أو ما شابه ذلك ‪ ..‬مصلحة معّينة ؟‬
‫‪61‬‬ ‫س‪ :‬إذا دخل المصلي في صلة الجمعة ووجد المام يخطب‪ ،‬فهل‬
‫يصلي ركعتين تحية للمسجد أم يجلس ؟‬
‫‪61‬‬ ‫حه‪ ،‬هل‬ ‫مص ّ‬
‫ل آخر أثناءَ الخطبة ل ُِيصاف َ‬ ‫ض المصّلين َيمدّ َيده ل ِ ُ‬ ‫س‪ :‬بع ُ‬
‫ُيصافحه ؟‬
‫‪62‬‬ ‫*أحكام الجنائز‬
‫‪62‬‬ ‫س‪ :‬ما الكيفية التي يكون فيها حمل الجنازة ؟‬
‫‪66‬‬ ‫س‪ :‬أين يكون مشّيعو الجنازة ؟‬
‫‪66‬‬ ‫س‪ :‬الن الناس ابتكروا‪-‬إن صح التعبير‪-‬طريقة جديدة في حمل‬
‫الجنازة فصاروا يصفون أمام الجنازة أسطرا طويلة ثم تمر الجنازة‬
‫عليهم جميعا دون أن يكون أحد خلفها وقالوا صنعوا ذلك من أجل‬
‫التيسير وعدم الزحام‪ ،‬فهل يصح هذا ؟‬
‫‪67‬‬ ‫ولى أن‬ ‫س‪ :‬إذا كانت الجماعة التي تصلي على الميت قليلة‪ ،‬هل ال ْ‬
‫يصفوا صفا واحدا أو ثلثا ؟‬
‫‪68‬‬ ‫س‪ :‬ولدها توفي وعمره سبعة عشر عاما‪-‬قبل شهرين تقريبا‪-‬لكن‬
‫عندما ُأخذ إلى القبر خرج من فمه دم‪ ،‬فهل يعني ذلك إشارة عقاب‬
‫له أو المر طبيعي ؟ هي قلقة الن‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫س‪ :‬وإذا توفي في شهر رمضان‪ ،‬هل ُيكمل عنه أولياؤه ؟‬
‫‪69‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم مرافقة المرأة للجنازة أثناء التشييع ؟‬
‫‪70‬‬ ‫س‪ :‬ما الوقات التي ُينهى فيها عن الصلة على الميت ؟‬
‫‪70‬‬ ‫س‪ :‬إذا أردنا أن نضرب على ذلك مثال ‪ ..‬في حال اصفرار الشمس‬
‫وقرب مغيبها‪ ،‬هل تصح الصلة ؟‬
‫‪71‬‬ ‫س‪ :‬وهل يشمل ذلك لحظات الدفن أيضا ؟‬
‫‪61‬‬ ‫س‪ :‬الناس فيما يقرؤون أنهم بعد التكبيرة الثانية في صلة الجنازة‬
‫يأتون بالفاتحة والبعض يأتي بتسبيح وبغير ذلك‪ ،‬فأيهما الصح ؟ بعد‬
‫التكبيرة الثانية‪ ،‬ما الذي يأتي به النسان ؟‬
‫‪73‬‬ ‫من يباشرون تغسيل الموات في مقبرة عامة تقول‪ :‬في‬ ‫م ّ‬‫س‪ :‬امرأة ِ‬
‫بعض الحيان يأتون إلينا بجثث متعفنة ‪ ..‬في بعض الحيان بجثث‬
‫مشوهة نتيجة حادث معيّن ل نستطيع أن نتعامل معها في التغسيل‬
‫ولكن أهلها يجبروننا على ذلك‪ ،‬فهل يصح لهم ؟ وهل تغسل مثل‬ ‫ّ‬
‫هذه الحالت ؟‬
‫‪74‬‬ ‫س‪ :‬في بعض الحيان تؤتى بالجثة مغطاة في كيس فإذا فتحت‬
‫خرجت منها رائحة ل تطاق ؟‬
‫‪74‬‬ ‫س‪ :‬هل ُيرش على الكيس ماء في هذه الحالة ؟‬
‫‪74‬‬ ‫س‪ :‬البعض يضع تحت رأس الميت حجرة ربما كوسادة‪ ،‬فهل ذلك مِن‬
‫السنة ؟‬
‫ّ‬
‫‪74‬‬ ‫س‪:‬يذكر العلماء في مصنفاتهم بأنه بعد وضع الميت في لحده ُيكشَف‬
‫عن وجهه‪ ،‬فهل ذلك مِن السنّة ؟‬
‫‪7‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪75‬‬ ‫س‪ :‬ورد في روايات عن النبي ‪ ‬أنّ النبي ‪ ‬أمر النساء أن يغسلن‬
‫ابنته بالماء والسّدر‪ ،‬ولكنّ العلماء يذكرون في غسل الميت أنه يُغسل‬
‫فمن أين أتت هذه الزيادة ؟‬ ‫ِ‬ ‫أول بالماء القراح‪،‬‬ ‫ّ‬
‫‪75‬‬ ‫س‪ :‬ما هي الطريقة الصحيحة لغسل الميت ؟‬
‫‪76‬‬ ‫س‪ :‬مشروعية الفاتحة في صلة الجنازة ‪ ..‬بعض الروايات هكذا‬
‫ذكرتْ‪ ،‬لكن هناك‪-‬أيضا‪-‬ما ورد يُثبت مشروعية قراءة سورة بعد‬ ‫َ‬
‫الفاتحة‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟‬
‫‪76‬‬ ‫س‪ :‬بعد الدفن‪ ،‬هل ُتشرع قراءة الفاتحة ؟ وإن كان ل ُيشرع‪ ،‬فما هو‬
‫الثابت في السّنة ؟‬
‫‪76‬‬ ‫من الضروري أن يُسنّم القبر أم يُسطّح ؟ وما هي الحكمة‬ ‫س‪ :‬هل ِ‬
‫في وضع حجرين للذكر وثلث حجرات للنثى ؟‬
‫‪78‬‬ ‫س‪ :‬هل الوْلى لحاضر الدفن القيام أم الجلوس‪ ،‬لنّ البعض يقول‪:‬‬
‫ه ‪ ]  ...‬سورة‬‫ر ِ‬ ‫عَلى َ‬
‫قب ْ ِ‬ ‫م َ‬‫ق ْ‬‫ول َ ت َ ُ‬
‫إن الله‪-‬تعالى‪-‬قال لنبيه‪َ ...  :‬‬ ‫ّ‬
‫وأن‬
‫ّ‬ ‫التوبة‪ ،‬من الية‪ [ 84 :‬قال‪ :‬إنّ الصل في أثناء الدفن القيام‬
‫جلوس النبي ‪ ‬إنما كان لعارض لجل مخالفة اليهودي الذي مرّ بهم‬
‫حينئذ؛ فهل يستقيم هذا الستدلل ؟ وماذا ترون ؟ ومتى َيبدأ هذا‬
‫القعود ‪ ..‬هل عندما يوضع في القبر أم قبل ذلك ؟‬
‫‪79‬‬ ‫س‪ :‬ما قولكم في امرأة أطلقت على نفسها النار ببندقية وماتت إثر‬
‫الطلقة فورا والسبب يرجع بينها وبين أهلها في عدم رضاهم عن‬
‫زواجها وكلما دخلت منزل أهلها لرؤيتهم ل أحد يتحدث معها ول‬
‫يردون عليها السلم إذا سلمت عليهم ؟ وهل يُصلى على الذي قتل‬
‫نفسه ؟‬
‫‪80‬‬ ‫فنت به ‪ ..‬جرى دم من مجرى الطلقة‪،‬‬ ‫س‪ :‬بالنسبة للكفن الذي كُ ّ‬
‫غير الكفن مرة أخرى ؟‬ ‫فهل ُيصلى عليها في هذه الحالة أم يُ ّ‬
‫‪80‬‬ ‫س‪ :‬هل يحق للزوج المطالبة بما دفعه مهرا لها ؟ علما بأنّ أهلها هم‬
‫السبب الرئيسي بإطلق النار على نفسها وموتها‪.‬‬
‫‪80‬‬ ‫س‪ :‬هل يجب أن يكون غسل الميت كغسل الجنابة بحيث يقدم الرأس‬
‫ثم الميامن قبل المياسر وهكذا ؟‬
‫‪80‬‬ ‫للمغسّل أن يضع قفازين أو خرقة على يده طوال‬ ‫ُ‬ ‫س‪ :‬هل ُيمكن‬
‫الغسل وليس فقط عند غسل العورة فقط ؟‬
‫‪80‬‬ ‫س‪ :‬البعض يضع قطنا في فرج الميت‪ ،‬فهل ورد في السنّة ما يشير‬
‫إلى ذلك ؟‬
‫‪81‬‬ ‫س‪ :‬التكبيرات‪-‬طبعا‪-‬المعروفة هي أربع تكبيرات‪ ،‬لكن وردت أحاديث‬
‫تزيد على هذه التكبيرات خمس‪ ،‬كحديث زيد بن أرقم كبّر خمسا‬
‫ونسب ذلك إلى النبي ‪ ، ‬وإذا كان‪-‬أيضا‪-‬بعض الحاديث ثبتت ‪ ..‬تصل‬
‫إلى سبع ‪ ..‬ثمان ‪ ..‬تسع وهلم جرا‪ ،‬ماذا يقال بعد كل تكبيرة ؟ وهل‬
‫أن آخر ما كبّر النبي ‪ ‬على صلة الجنازة أربع تكبيرات ‪ ..‬هل‬ ‫ّ‬ ‫يصح‬
‫هذا الحديث‪-‬أيضا‪-‬صحيح ؟‬
‫‪82‬‬ ‫س‪ :‬هل تغسيل الميت ُيراد به النظافة أم هو تعبّد محض ؟‬
‫‪84‬‬ ‫س‪ :‬إذا توفيت المرأة وهي حامل وبداخلها جنين له حركة تدل على‬
‫وجود حياة فيه‪ ،‬فهل ُيخرج أم ُيدفن معها ؟‬
‫‪84‬‬ ‫س‪ :‬هل كفن الميت له هيئة مخصوصة ‪ ..‬بأيّ طريقة تحقّقت‪ ،‬فعندما‬
‫كفن الميت بمثل ما يلبس في حياته من إزار و " دشداشة " و‬ ‫ُي ّ‬
‫كفن المرأة بما تلبس من ملبس‬ ‫" مصر " ونحوها ؟ وهل يمكن أن ُت ّ‬
‫‪8‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫حياتها أيضا ؟‬
‫‪85‬‬ ‫س‪ :‬بالنسبة للحنوط هل هو ثابت في السنة ؟‬
‫‪85‬‬ ‫س‪ :‬إذا توفي عدد من الشخاص وفيهم رجال ونساء ‪ ..‬في حال‬
‫الصلة عليهم‪ ،‬كيف يكون ترتيبهم ؟‬
‫‪85‬‬ ‫س‪ :‬المام أين يقف عندما يصلي على الرجل ‪ ..‬عند رأسه ‪ ..‬عند‬
‫صدره ؟‬
‫‪86‬‬ ‫س‪ :‬هل يجوز أن يقف النسان على قبر الميت فيقرأ عليه القرآن ؟‬
‫خ يقول‪ :‬سمع أنكم أجزتم قراءة القرآن وإهداءه للميت‪.‬‬ ‫وأ ٌ‬
‫‪86‬‬ ‫س‪ :‬توفي والده وأوصى بقراءة ختمتين في كل رمضان من ماله‪،‬‬
‫جرون على قراءة‬ ‫مه‪ُ-‬يؤ ّ‬ ‫سم كان إخوةُ أبيه‪-‬أو أعما ُ‬ ‫ن المال لم ُيق ّ‬ ‫ول ّ‬
‫هاتين الختمتين‪ ،‬والن لما آل المر إليه يقرأ بنفسه عن أبيه بدون‬
‫أن يأخذ شيئا من المال‪ ،‬ما حكم ذلك المال الذي كان ُيؤخذ من مال‬
‫الميراث لتأجير هذه القراءة ؟ وهو الن إذا قرأ عن أبيه‪ ،‬هل يصل‬
‫الجر إليه ؟‬
‫‪87‬‬ ‫س‪ :‬زيارة الناث‪-‬بالذات‪-‬للقبور ؟‬
‫‪88‬‬ ‫س‪ :‬هل زيارة قبر بعينه من بين المقبرة مشروع أم يشرع فقط‬
‫طلق سلم عام على أهل المقبرة ؟‬ ‫زيارة المقبرة بشكل عام ويُ َ‬
‫‪88‬‬ ‫لقنوه وأسند ذلك‬ ‫خ ذكر حديث أبي أمامة من أنه أمر أهله أن يُ ّ‬ ‫س‪ :‬أ ٌ‬
‫إلى النبي ‪ .. ‬ما حكم تلقين الميت بعد الدفن ؟‬
‫‪89‬‬ ‫س‪ :‬عند دفن الميت وبعد النتهاء من دفنه يقوم أحد الناس بالدعاء‬
‫صحيح ؟‬ ‫من البقية‪ ،‬فهل هذا‬ ‫جهرا وُيؤ ّ‬
‫‪89‬‬ ‫س‪ :‬هل في صلة الجنازة‪-‬صلة الميت‪-‬استدراك ؟ وكيف يكون إذا‬
‫كان ؟‬
‫‪91‬‬ ‫س‪ :‬بعد النتهاء من دفن الميت مباشرة يجلس المشيّعون ويقوم أحد‬
‫الشخاص بضرب الرض حول القبر عدّة مرات وهو يقول‪ " :‬ل إله‬
‫ظنا منهم لمنع‬ ‫ّ‬ ‫إل الله‪ ،‬محمد رسول الله " ويسمّونه بتوحيش القبر‪،‬‬
‫الحيوانات المفترِسة خشية أن تصل إليه‪.‬‬
‫‪92‬‬ ‫سِلين ؟‬ ‫الميت الذي يُغسّل‪ ،‬هل َيشعر بالمغَ ّ‬ ‫ّ‬ ‫س‪:‬‬
‫‪92‬‬ ‫نفذ وصيته ؟‬ ‫س‪ :‬إذا أوصى الميت بأن ُيدفن في بلد بعيدة‪ ،‬هل تُ ّ‬
‫‪92‬‬ ‫س‪ :‬في بعض الحيان الناس ينتظرون الميت إلى أن يأتي أهله‬
‫البعدون من أماكن بعيدة ويحبسون الناس فترة طويلة‪.‬‬
‫‪92‬‬ ‫كفنه ؟‬‫م ّ‬‫مغسّله و ُ‬ ‫س‪ :‬قد يوصي الميت بمبلغ لحافر القبر ولِ ُ‬
‫‪93‬‬ ‫س‪ :‬ما كيفية إدخال الميت في القبر ؟‬
‫‪93‬‬ ‫س‪ :‬هل هناك أولوية لرحامه في النزول إلى القبر إذا كان رجل ؟‬
‫وماذا‪-‬أيضا‪-‬إذا كان امرأة ؟‬
‫‪94‬‬ ‫ها‬ ‫س‪ :‬هناك من عندما يضع الميت في القبر يقرأ قوله تعالى‪ِ  :‬‬
‫من ْ َ‬
‫خَرى‪ ] ‬سورة طه‪،‬‬ ‫م َتاَرةً أ ُ ْ‬‫جك ُ ْ‬
‫ر ُ‬
‫خ ِ‬
‫ها ن ُ ْ‬‫من ْ َ‬
‫و ِ‬ ‫عيدُك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ها ن ُ ِ‬
‫في َ‬
‫و ِ‬
‫م َ‬ ‫خل َ ْ‬
‫قَناك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ثبت ذلك ؟‬ ‫الية‪ ،[ 55 :‬فهل ورد شيء ُي ِ‬
‫‪94‬‬ ‫س‪ :‬البعض عندما يضعون الميت في القبر يقوم أحدهم بتمرير يده‬
‫دعه‬ ‫على التراب الموجود أعلى القبر وينطق بالشهادتين‪ ،‬وكأنه ُيو ّ‬
‫بتلك الكلمات ؟‬
‫‪95‬‬ ‫س‪ :‬البعض عندما يحمل الجنازة ينادي بصوت مسموع‪ " :‬اذكروا‬
‫الله ‪ ..‬اذكر ربك يا غافل "‪ ،‬فما رأيكم ؟‬

‫‪9‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪95‬‬ ‫تركبت عند بعض الناس معلومة مفادها أنّ الباء والرحام ل‬ ‫ّ‬ ‫س‪:‬‬
‫يحملون جنازات أرحامهم وآبائهم وإنما يكتفون بالمشي خلفها‪ ،‬فهل‬
‫هذا صحيح ؟‬
‫‪96‬‬ ‫فزها ثلث خطوات ثم يبدأ‬ ‫ق ّ‬‫س‪:‬البعض عندما يحمل الطارقة ُي َ‬
‫النطلق بها ؟‬
‫‪97‬‬ ‫س‪ :‬الشهيد‪ ،‬كيف يكون التعامل معه في التغسيل ؟ هل ُيغسّل ؟ هل‬
‫كفن ؟‬
‫ُي ّ‬
‫‪98‬‬ ‫ن الذي سار مع الجنازة إلى نهايتها أو‬ ‫س‪ :‬الحديث الذي ورد فيه أ ّ‬
‫حته ؟ وما حكم‬ ‫رجع عنها له قيراط أو قيراطان من الجر‪ ،‬ما ص ّ‬
‫الرجوع عن الجنازة بعدما يسير النسان معها ‪ ..‬هل يلزم أن يبقى‬
‫إلى آخرها أو يمكن أنه إذا بدا له أمر يذهب عنها ؟‬
‫‪99‬‬ ‫* فتاوى صلة الخسوف والكسوف‬
‫‪99‬‬ ‫ن خسوفا كليا للقمر سيكون في سماء هذه الدنيا‬ ‫س‪ :‬أطلعنا على أ ّ‬
‫ذا الخسوف كما‬ ‫مل الناس مع ه َ‬‫عا َ‬‫من السلطنة‪ ،‬كيف ي َت َ َ‬ ‫وسُيرى‪-‬أيضا‪ِ -‬‬
‫ورد في السّنة ؟‬
‫‪108‬‬ ‫سادسا ‪ :‬أحكام صلة العيد‬
‫‪108‬‬ ‫أول‪ :‬أحكام متعلقة بالعيد‬
‫َ‬
‫عي َّنة ينبغي على الناس ‪108‬‬ ‫م َ‬‫عية ُ‬ ‫حكام شر ِ‬‫َ‬ ‫س‪ :‬في ل َي َْلة العيد ‪ ..‬هل هناك أ ْ‬
‫صَباح ؟‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ها َ‬
‫قب ْ َ‬ ‫عو َ‬ ‫صن َ ُ‬‫أن يفعلوها أو ي َ ْ‬
‫س‪ :‬بالنسبة للغتسال في يوم العيد‪ ،‬ما حكمه ؟ وهل ُيمكن أن يكون ‪110‬‬
‫ذلك قبل الفجر ؟‬
‫‪111‬‬ ‫َ‬
‫خرج الناس ل ِي ُكّبروا‬ ‫ن أن َيكون التكبير جماعيا ‪ ..‬يعني ي َ ْ‬ ‫س ّ‬‫س‪ :‬هل ي ُ َ‬
‫صُلوا إلى مصلى العيد ؟‬ ‫ت واحد إلى أن ي َ ِ‬ ‫و ٍ‬
‫ص ْ‬
‫بِ َ‬
‫‪112‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أحكام صلة العيد‬
‫‪112‬‬ ‫من‬ ‫س‪ :‬بالنسبة للخروج إلى صلة العيد ‪ ..‬الذهاب إلى صلة العيد ِ‬
‫من السّنة ؟‬ ‫خر‪ ،‬هل هذا ِ‬ ‫من طريق آ َ‬ ‫طريق والعودة ِ‬
‫‪113‬‬ ‫شيا ؟ وإذا كان‬ ‫م ْ‬
‫من السّنة أن يكون الذهاب إلى صلة العيد َ‬ ‫س‪ :‬هل ِ‬
‫كب ؟‬ ‫من َر ِ‬ ‫ذلك‪ ،‬فماذا على َ‬
‫‪113‬‬ ‫س‪ :‬وماذا عن المرأة أيضا ‪ ..‬هل َتخُرج ِلصلة العيد ؟‬
‫‪114‬‬ ‫س‪ :‬إذا َلم َتخُرج المرأة ِلصلة العيد‪ ،‬هل ُتصّليها في بيتها ؟‬
‫‪114‬‬ ‫من لم يصل صلة العيد ؟‬ ‫س‪ :‬ماذا على َ‬
‫ص في المناوبة ‪115‬‬ ‫من فاتته صلة العيد ‪ ..‬كأن يكون شخ ٌ‬ ‫س‪ :‬كيف َيصَنع َ‬
‫م العيد مع الجماعة‪ ،‬فهل له أن يصليها منفردا‬ ‫مثل وفاتته الصلة يو َ‬
‫فيما بعد ؟ ومتى يكون قضاؤها ؟‬
‫‪116‬‬ ‫فتاوى السنن والنوافل‬
‫‪116‬‬ ‫ن مرتبتها‬ ‫س‪ :‬الناس‪-‬ربما‪-‬مسألة السنن يتهاونون فيها وَيظنون أ ّ‬
‫فظ عليها النسان‪ ،‬ما هي قيمة‬ ‫صغيرة جدا ل َترقى إلى أن ُيحا ِ‬
‫السنن في السلم ؟‬
‫‪117‬‬ ‫س‪ :‬نودّ منكم تعريفا للسنن المؤكدة ‪ ..‬ما هي السنن المؤكدة ؟‬
‫دة‪ ،‬والبعض ذهب إلى أنها ‪119‬‬ ‫س‪ :‬أنتم تحدثتم عن سّنة الفجر وأنها مؤك ّ َ‬
‫واجبة ‪ ..‬الن بالنسبة لسّنة الفجر‪ ،‬ما حكم صلة سّنة الفجر أثناء‬
‫صلة المام الفريضة ؟‬
‫‪122‬‬ ‫سنن الراِتبة ؟‬ ‫س‪ :‬ما هي ال ّ‬
‫‪10‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪128‬‬ ‫كدة ؟‬ ‫سنن المؤ ّ‬ ‫س‪ :‬ما هي ال ّ‬


‫‪129‬‬ ‫ركها قبل الفريضة‪ ،‬متى يأتي بها ؟‬ ‫من لم ُيد ِ‬ ‫س‪ :‬سّنة الفجر ‪َ ..‬‬
‫‪130‬‬ ‫ة الفجر الية الثانية‬ ‫ما ُيقَرأ في سن ّ ِ‬ ‫م ّ‬‫ب ساِبق أنه ِ‬ ‫س‪ :‬ذكرُتم في جوا ٍ‬
‫من سورة النعام‪.‬‬ ‫والخمسين ِ‬
‫‪131‬‬ ‫كدة ُيعتَبر خسيس المنزلة ؟‬ ‫س‪ :‬هل تارك السّنة المؤ ّ‬
‫‪131‬‬ ‫س‪ :‬ما الفرق بْين صلة سّنة العشاء وصلة الشفع ؟‬
‫‪132‬‬ ‫كدة‬‫سنن المؤ ّ‬ ‫غل بها عن ال ّ‬ ‫من عليه قضاء صلوات‪ ،‬هل له أن َيشت ِ‬ ‫س‪َ :‬‬
‫والرواتب ؟‬
‫‪133‬‬ ‫س‪ :‬السنن الرواتب‪ ،‬هل ُتصّلى في البيت أم ُتصّلى في المسجد ؟‬
‫‪134‬‬ ‫س‪ :‬سواء كانت السنن القبلية أو البعدية ؟‬
‫‪134‬‬ ‫وي في ذلك عندكم النهارية والليلة ؟‬ ‫س‪ :‬وَيست ِ‬
‫‪134‬‬ ‫ملها ؟‬ ‫ّ‬
‫س‪ :‬هل ُتستثَنى المؤكدات أم الكل َيش َ‬
‫‪134‬‬ ‫ء في بيِته إل‬ ‫ة المر ِ‬ ‫ن خيَر صل ِ‬ ‫حة ما ُيروى عن النبي ‪ ) : ‬إ ّ‬ ‫ص ّ‬‫س‪ :‬ما ِ‬
‫مكتوبة ( ؟‬ ‫الق َ‬
‫‪134‬‬ ‫ل ركعتْين ؟‬ ‫س‪ :‬صلة السنن في النهار أو في الليل‪ ،‬هل ُيسّلم بعدَ ك ّ‬
‫‪136‬‬ ‫ة الجمعة ؟ وهل ثبتت صلةٌ بعد صلة‬ ‫ل صل ِ‬ ‫م الصلة قب َ‬ ‫س‪ :‬ما حك ُ‬
‫الجمعة سواء في البيت أو في المسجد ؟‬
‫‪139‬‬ ‫ن له أن ُيصلي في‬ ‫ب‪ ،‬هل ُيس ّ‬ ‫ة الخطي ُ‬ ‫س‪ :‬بالنسبة إلى صلة الجمع ِ‬
‫البيت قبل أن يصعد المنبر ؟‬
‫‪140‬‬ ‫من التصرفات يقوم‬ ‫ن هناك عددا ِ‬ ‫س‪ :‬لو نزلنا إلى واقع الناس َنجد أ ّ‬
‫من يجلس‬ ‫ض الناس فالبعض يدخل والمام َيخطب فمنهم َ‬ ‫بها بع ُ‬
‫من يصلي والبعض يجلس فإذا سكت المام بْين الخطبتين قام‬ ‫ومنهم َ‬
‫فصلى‪.‬‬
‫‪141‬‬ ‫ض الخوة‪ " :‬نصلي سّنة الفجر قبل‬ ‫س‪ :‬أحد الشخاص قال له بع ُ‬
‫الفريضة ِبخمس دقائق "‪ ،‬هل هذا الكلم صحيح ؟‬
‫‪142‬‬ ‫سحور‪ ،‬هل الفضل أن ُتصّلى في البيت أو في المسجد ؟‬ ‫س‪ :‬سّنة ال ّ‬
‫‪143‬‬ ‫من يصلي على النبي ‪ ‬في التشهد الوّل‪ ،‬هل فيه بأس ؟‬ ‫س‪َ :‬‬
‫‪144‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم تكرار الفاتحة في الركعة الواحدة ؟‬
‫‪145‬‬ ‫دون والمستمعون فتوى في عدم جواز تكْرا ِ‬
‫ر‬ ‫سمع المشاهِ ُ‬ ‫س‪َ :‬‬
‫التحيات‪ ،‬هل هذا َيشمل الصلة على النبي ‪ ‬في التّشهد الثاني ؟‬
‫‪145‬‬ ‫س‪ :‬اللفظة الصحيحة ِللصلة البراهيمية ؟‬
‫‪145‬‬ ‫السنن‬
‫َ‬ ‫س‪ :‬قد َيجمع النسان الصلتين ‪ ..‬في هذه الحالة‪ ،‬هل يأتي بِ‬
‫الرواتب ؟‬
‫‪148‬‬ ‫دثتم عن السَّنن الرواتب في حال الجمع ولكن في حال‬ ‫ح ّ‬ ‫س‪َ :‬ت َ‬
‫من غير جمع ؟‬ ‫القصر ِ‬
‫‪148‬‬ ‫ن‬ ‫م َ‬‫ست َْبرئ ِ‬ ‫ن سعد بن معاذ كان ل ي َ ْ‬ ‫س‪ :‬ما قولكم في المروي أ ّ‬
‫ب في القبر ؟‬ ‫عذ ّ َ‬‫البول ولذلك ُ‬
‫‪150‬‬ ‫س‪ :‬أرجو َبَيان أصل صلة التهجّد في السنّة ؟ وما مشروعيتها‬
‫خذ ذلك عادة ؟ وما وقتها ؟ وكم عدد‬ ‫ويّت َ‬
‫دى جماعة ُ‬ ‫ؤ ّ‬‫مها ؟ وهل تُ َ‬ ‫ك ُ‬
‫وح ْ‬
‫ُ‬
‫الركعات ؟ وكيفية أدائها ؟‬
‫‪150‬‬ ‫لن النوم في بعض‬ ‫ّ‬ ‫صلي هذه النوافل قبل أن َينام نظرا‬ ‫من يُ ّ‬ ‫س‪َ :‬‬
‫خر الليل فيصليها‬ ‫الحيان قد َيثقل عليه فل َيستطيع أن يَقوم في آ ِ‬

‫‪11‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫قبل أن ينام ‪ ..‬العدد الذي ذكرتُم‪ ،‬هل َيحصل على نفس الجر فيما‬
‫لو صلها في نِهاية الليل ؟‬
‫‪150‬‬ ‫س‪ :‬ماذا ُيقرأ في السنن الرواتب ؟‬
‫‪152‬‬ ‫عْبدي ‪ ( ...‬؟‬ ‫ي َ‬ ‫ب إل ّ‬
‫ر َ‬‫ق ّ‬
‫س‪ :‬ما َتفسِير الحديث ‪ ) :‬ومَا َت َ‬
‫‪152‬‬ ‫ة الضّحى أم هي صلة‬ ‫ة الشروق وسُن ّ ِ‬ ‫سّن ِ‬
‫فرق بيْن ُ‬
‫ٌ‬ ‫هل هناك‬‫س‪َ :‬‬
‫واحدة ؟‬
‫‪153‬‬ ‫س‪ :‬الوتر والشفع منهم من يصليها ثلثا دون فاصل ‪....‬؟‬
‫‪153‬‬ ‫س‪ :‬هل له أن يصلي السنة أرع ركعات دون فاصل ؟‬
‫‪153‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم صلة التراويح ؟‬
‫‪154‬‬ ‫* فتاوى القضاء والعادة للصلة‬
‫‪154‬‬ ‫س‪ :‬ما الفرق بين البدل والقضاء ؟ وما حكم من لم ينو قضاء ول أداء‬
‫لصلته ؟‬
‫‪154‬‬ ‫رجل نسي أن يصلي إحدى الصلوات ثم تذكرها وقد وجبت الصلة‬
‫التي تليها ‪ .‬فكيف له أن يعيدها ؟ ولو أن هذه الصلة المنسية كانت‬
‫صلة الظهر‪ ،‬وتذكرها وقد وجبت صلة العصر والجماعة قائمة‪ .‬فكيف‬
‫تكون صفة إعادة صلة الظهر في هذه الحالة‪ ،‬علما بأنه ل صلة بعد‬
‫صلة العصر حتى وجوب صلة المغرب؟‬
‫‪154‬‬ ‫س‪ :‬من نام عن صلة أو نسيها هل يصلها قضاء أو أداء ؟‬
‫‪154‬‬ ‫س‪ :‬فاتته صلة الوتر وفي اليوم الثاني عندما كان يصلي مع المام‬
‫جل‬‫صلة التراويح صلى معه الوتر بعد التراويح ‪ ..‬الوتر التي فاتته وأ ّ‬
‫الوتر الحالية إلى آخر الليل ؟‬
‫‪155‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم الذان والقامة في صلة القضاء ؟‬
‫‪155‬‬ ‫فتاوى عامة في الصلة‬
‫‪155‬‬ ‫س‪ :‬التنكيس في القراءة في الصلة كأن يقرأ في الركعة الولى‬
‫سورة الخلص ثم الركعة الثانية وسورة متقدمة عليها كالكافرون‪...‬‬
‫"‬
‫‪155‬‬ ‫س‪ :‬شخص كان يصلي المغرب والعشاء ل يقرأ في الركعتين‬
‫الوليتين سورة ‪.‬‬
‫‪156‬‬ ‫ما هو القول الراجح في الصلة الوسطى ؟‬
‫‪156‬‬ ‫س‪:‬يخرج منه الدم في أغلب يومه ‪ ..‬إذا كان هذا الدم يخرج من فمه‬
‫باستمرار‪ ،‬فكيف تكون صلته ؟‬
‫‪156‬‬ ‫س‪ :‬سورة العلق وسورة النشقاق‪ ،‬تجب فيها سجدة ؟‬
‫‪156‬‬ ‫س‪ :‬هل تصح صلة المام إذا قرأ سورة فيها سجدة ولم يسجد ؟‬
‫‪156‬‬ ‫س‪ :‬من قرأ السجدة في وقت تحرم في الصلة ؟‬
‫‪156‬‬ ‫س‪ :‬شخص جمع بين لفظ الصلة البراهيمية ولفظ آخر من اللفاظ‬
‫التي فيها الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في التشهد‬
‫الخير من الصلة ‪.‬‬
‫‪157‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم القامة للنساء ؟‬
‫‪157‬‬ ‫س‪ :‬رجل يصلي منفردا ً وبعد أن كّبر تكبيرة الحرام سواء كان ذلك‬
‫ت بالقامة ؟‬ ‫بعد ركعة أو ركعتين أو أكثر أو أقل تذكر بأنه لم يأ ِ‬
‫‪158‬‬ ‫ل لصلة مفترضين ؟‬ ‫هل تجوز إقامة متن ّ‬
‫ف ٍ‬
‫‪158‬‬ ‫س‪ :‬من اكتفى بقراءة البسملة بعد فاتحة الكتاب مع أنه تحفظ شيئا‬
‫من كتاب الله ؟‬

‫‪12‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪158‬‬ ‫س‪ :‬هل تلزم الكفارة لمن ترك الصلة عمدا ؟‬


‫‪158‬‬ ‫س‪ :‬حكم الصلة بين السواري ؟‬
‫‪159‬‬ ‫عن الصلة في الطائرة ‪:‬‬
‫ً‬
‫ن للوقوف ؟ أم نصلي جلوسا في‬ ‫‪ (1‬هل يلزمنا البحث عن مكا ٍ‬
‫مقاعدنا ؟ وإذا صل ّْينا جلوسا ً فهل ُنرخي أرجلنا أم نجلس جلسة‬
‫التحيات ؟‬
‫‪ (2‬في بعض الحيان ل نتمكن من إدراك وقت الفجر ‪ ،‬حيث تكون‬
‫الطائرة مندفعة بسرعة نحو الشرق ‪ ،‬فإذا أبصرنا نور الفجر قد بدأ‬
‫بالظهور لم نلبث دقائق معدودة حتى نرى الشمس قد طلعت‬
‫وارتفعت ‪ .‬ما العمل في هذه المسألة ؟‬
‫‪159‬‬ ‫ضأ لكل صلة وفي بعض الحيان أثناء‬ ‫س‪ :‬إنسان معوق ل يقدر أن يتو ّ‬
‫الوضوء ربما يلمس ملبسه شيء من النجاسة ل يستطيع التحّرز‬
‫منها لنه محمول على كرسي‪ ،‬فماذا يصنع في مثل هذه الحالة ؟‬
‫‪159‬‬ ‫ق‬
‫س‪ :‬عندما ل يكون الرجل مطمئنا إلى صلة المام‪ ،‬هل له أن يش ّ‬
‫الجماعة ليقيم هو صلة أخرى ويحدث بذلك بلبلة في أوساط‬
‫المصلين أم ماذا عليه أن يصنع في مثل هذه الحالت ؟‬
‫‪160‬‬ ‫ظارة ؟‬‫س‪ :‬هل تجوز الصلة بالن ّ‬
‫‪160‬‬ ‫س‪ :‬رجل صلى إحدى الصلوات ثم تبين له بعد ذلك أن بثوبه آثار بقية‬
‫نجاسة ولكنها ليست رطبة‪ .‬فهل عليه إعادة تلك الصلة ‪ ،‬علما بأن‬
‫هذا الثوب قد تم غسله ؟‬
‫‪160‬‬ ‫س‪ :‬رجل قام بغسل جنابة كانت في ثوبه‪ ،‬فهل يجب عليه أن يغتسل‬
‫بعد ذلك غسله من الجنابة ؟ وإن كان صائما فهل يجب عليه شيء ؟‬
‫‪160‬‬ ‫س‪ :‬من قرأ الفاتحة في موضع التشهد ؟‬
‫‪160‬‬ ‫س‪ :‬حكم الستعاذة في الصلة ؟‬
‫‪160‬‬ ‫س‪ :‬ما الفرق بين الستعاذة والبسملة في الصلة ؟‬
‫‪160‬‬ ‫س‪ :‬هل يجوز أن تصلى النافلة جلوسا ؟‬
‫‪161‬‬ ‫ت بالفاتحة وهو في السجود فما‬ ‫س‪ :‬شخص شك في صلته أنه لم يأ ِ‬
‫حكم صلته ؟‬
‫‪161‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم مدافعة الشخص الريح وهو في الصلة ؟‬
‫‪161‬‬ ‫س‪ :‬شخص نسي التشهد الول وانتصب قائما ً واطمئن قائما ؟‬
‫ً‬
‫‪161‬‬ ‫ت به بعد ذلك تلك الفريضة التي‬ ‫س‪ :‬من نسى سجود السهو لم يأ ِ‬
‫سها فيها ؟‬
‫‪162‬‬ ‫س‪ :‬التفكير خارج الصلة ؟‬
‫‪162‬‬ ‫س‪ :‬شخص سهى في صلته أثناء التشهد الخير ووجد نفسه أنه يقرأ‬
‫التحيات ووجد نفسه أنه يقرأ الفاتحة‬
‫‪162‬‬ ‫س‪ :‬إذا قرأ الفاتحة ولم ينتبه وسلم ؟‬
‫‪162‬‬ ‫س‪ :‬من نسى السجدة من الركعة الولى وتذكرها في الركعة‬
‫الثانية ؟‬
‫‪163‬‬ ‫س‪ :‬هل ثبت في السنة رفع اليدين في الدعاء ومسج الوجه بعد‬
‫الدعاء أو السلم ؟‬
‫‪163‬‬ ‫س‪ :‬صلة الظهر متى تنتهي بالتحديد ؟‬
‫‪164‬‬ ‫ثانيا‪ :‬فتاوى الصوم‬
‫‪165‬‬ ‫أول ‪ :‬كيفية استقبال شهر رمضان‬

‫‪13‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪165‬‬ ‫س‪ :‬تسأل عن الحدود التي يسلكها المسلم في رمضان في مشاهدة‬


‫التلفاز‪.‬‬
‫‪166‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬أحكام وقت المساك ونية الصوم‬
‫‪166‬‬ ‫س‪ :‬هل الصائم يعقد النية قبل الصيام كأن ينوي أن يصوم ثلثين‬
‫ن لكل يوم نيته ؟‬ ‫يوما‪-‬مثل‪-‬أم أ ّ‬
‫‪166‬‬ ‫ذن فلكي تدرك نفسها قامت‬ ‫حت للسحور والذان يؤ ّ‬ ‫ص َ‬
‫س‪ :‬أسرة َ‬
‫ذن‪ ،‬فماذا عليها ؟‬ ‫بتناول وجبة السحور والذان يؤ ّ‬
‫‪198‬‬ ‫س‪ :‬السحور في الساعة ) ل تزال الثانية عشر ليل‪ ،‬هل يتنافى ذلك‬
‫خروا السحور‬ ‫متي بخير ما أ ّ‬ ‫مع الخيرية التي قال عنها النبي أ ّ‬
‫جلوا الفطور ( عندما يتسحر النسان في الساعة الثانية عشر‬ ‫وع ّ‬
‫ليل ؟‬
‫‪169‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬ما يثبت به الصوم‬
‫‪169‬‬ ‫س‪ :‬بعد أيام قليلة سيتحرى الناس رؤية هلل شهر رمضان المبارك‬
‫ويستنفرون في ذلك كل جهودهم‪ ،‬فهل لكم من كلمة توجهونها إلى‬
‫الناس تحثهم على أهمية تحري الرؤية ؟‬
‫‪170‬‬ ‫دت‬ ‫ُ‬ ‫س‪ :‬هل من رأى الهلل ثم َ‬
‫ع ّ‬
‫صر في التصال باللجنة التي أ ِ‬ ‫ق ّ‬
‫لستطلع الهلل ُيعدّ آثما ؟‬
‫‪170‬‬ ‫ن اللجنة‪-‬‬ ‫ن الرؤية ثبتت حقيقة إل أ ّ‬ ‫س‪ :‬البعض يشك في نفسه من أ ّ‬
‫ن البلد الفلني قد صاموا‬ ‫مثل‪-‬لم يصلها خبرها فهو يشك ويقول‪ " :‬إ ّ‬
‫فلماذا ل أصوم معهم ؟! " فيصوم استنادا على الشك الذي يوجد في‬
‫نفسه ؟‬
‫‪171‬‬ ‫رابعا ‪ :‬أحكام الصوم المستحب والمكروه والمحرم‬
‫‪171‬‬ ‫س‪ :‬ما هو الصيام المحرم والمكروه والمستحب ؟‬
‫‪187‬‬ ‫خامسا‪ :‬ما ينقض الصوم وما ل ينقضه‬
‫‪187‬‬ ‫فس ؟‬ ‫س‪ :‬البخاخ الذي ُيستخدم ِلضيق الن ّ َ‬
‫‪187‬‬ ‫س‪ :‬الحبة التي يتناوُلها مريض القلب ؟‬
‫‪188‬‬ ‫س‪ :‬امرأة بدأت صيام ثلثة أيام بعد نية نوتها لذلك ولكنها في اليوم‬
‫الثالث شعرت بشيء يخرج منها وحسبت أنه حيض فتركت الصيام‬
‫لكنه بعد ذلك اختفى وبعد ثلثة أيام جاءها مّرة أخرى‪ ،‬هل يعدّ ذلك‬
‫حيضا ؟‬
‫‪188‬‬ ‫س‪ :‬كيف نتعامل مع المدرسات اللواتي ل يتحجبن ؟ وخاصة في‬
‫رمضان‪.‬‬
‫‪188‬‬ ‫ذن عليها أذان‬ ‫س‪ :‬امرأة تغتسل من الحيض في رمضان الكريم وأ ّ‬
‫الفجر وهي ل تزال تغتسل‪ ،‬كيف يكون صيامها في تلك الحالة ‪ ..‬هل‬
‫تنوي مباشرة أو ماذا تصنع ؟‬
‫‪189‬‬ ‫س‪ :‬جدتها كبيرة في السن وتحتاج في تغيير ملبسها إلى أن‬
‫تستعين ببعض الشخاص سواء كانوا ذكورا أم إناثا‪ ،‬فهل يؤثر ذلك‬
‫على صيامهم عندما يبدلون لها ملبسها ؟‬
‫‪189‬‬ ‫س‬
‫س‪ :‬إذا كان الشخص يتوضأ وفي يده دهن وعند المضمضة أح ّ‬
‫بطعم ذلك الدهن في فمه وهو صائم‪ ،‬هل يؤثر ذلك على صيامه ؟‬
‫‪189‬‬ ‫س‪ :‬كثير من النساء يسألن عن استخدام الدهن وما يسمى بق "‬
‫كريم " أثناء الصيام‪ ،‬فهل يضر صيامهن ؟‬ ‫ال ْ‬
‫‪189‬‬ ‫س‪ :‬شخص توضأ للصلة وبقي في فمه ريق اختلط بماء الوضوء‪,‬‬
‫ماذا يصنع بذلك الريق ؟ هل له أن يبلعه ؟‬
‫‪14‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪189‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم استخدام العطور النفاَثة بالنسبة للصائم ؟‬


‫‪189‬‬ ‫س‪ :‬شخص استيقظ في نهار رمضان وهو على جنابة‪ ،‬فإذا سارع‬
‫بالغتسال هل له أن يكمل الصيام ؟ وإذا لم يغتسل ‪ ..‬أهمل‬
‫الغتسال ؟‬
‫‪189‬‬ ‫س‪ :‬مداعبة الرجل لمرأته في نهار رمضان والحديث معها بكلم‬
‫الحب والعطف وما شابه ذلك‪ ،‬هل يضر ذلك الصيام ؟‬
‫‪190‬‬ ‫أحكام القضاء والكفارة‬
‫‪190‬‬ ‫ر رمضان ؟ فالمرأة‪-‬مثل‪-‬‬ ‫ب ما ِلشه ِ‬ ‫من الثوا ِ‬ ‫ء َلها ِ‬ ‫م القضا ِ‬ ‫س‪ :‬هل أيا ُ‬
‫ضي هذه اليام ‪..‬‬ ‫ُ‬
‫ها الشهرية في رمضان ثم َتق ِ‬ ‫ضها دورت ُ َ‬ ‫ر ُ‬‫التي َتعت ِ‬
‫مها كحكم ِ رمضان ؟‬ ‫ث الفضل والجر والثواب‪ ،‬هل حك ُ‬ ‫من حي ُ‬ ‫ِ‬
‫‪191‬‬ ‫خره‪ ،‬فهل‬ ‫ول رمضان أو في وسطه أو في آ ِ‬ ‫َ‬
‫س‪ :‬قد َيكون أفطَر في أ ّ‬
‫َ‬
‫متتاِبعا ؟‬ ‫مه ُ‬ ‫فّرقا أن َيصو َ‬ ‫مت َ َ‬
‫م ما أفطَره ُ‬ ‫مه أن َيصو َ‬ ‫في القضاء ي َْلز ُ‬
‫‪192‬‬ ‫ت يومْين‬ ‫ت فأفطر ْ‬ ‫ت خمسة عشر يوما فقط ُثم مرض ْ‬ ‫س‪ :‬والدُته صام ْ‬
‫رها حتى‬ ‫ت على إفطا ِ‬ ‫عَناَية وبقي ْ‬ ‫ت إلى ال ِ‬ ‫قل ْ‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫زل ثم ن ُ ِ‬ ‫معهم في المن ْ ِ‬
‫م‬ ‫ْ‬
‫ت ظهرا‪ ،‬ما هي اليام التي ي َلَز ُ‬ ‫اليوم التاسع والعشرين توفي ْ‬
‫عْنها ؟‬ ‫ها َ‬ ‫ؤ َ‬ ‫ضا ُ‬ ‫َ‬
‫ق َ‬
‫‪192‬‬ ‫س‪ :‬رجل أجرى عمليققة قلققب ول يسققتطيع الصققيام الن ولكققن ينتظققر‬
‫الشفاء ؟‬
‫‪193‬‬ ‫من كانت عليه أيام قضاء أو كان عليه يوم واحد‪ ،‬هل له أن يصوم‬ ‫س‪َ :‬‬
‫من شعبان ؟‬ ‫يوم الثلثين ِ‬
‫‪194‬‬ ‫س‪ :‬امرأة كانت مريضة في شهر رمضان الكريم بالشلل النصفي‬
‫وتركت من صيامه ستة عشر يوما وبعد مرور سنين تقول هي أنها لم‬
‫تقض تلك اليام ويقول أبناؤها بأنها قضت تلك اليام فصارت في‬
‫خلف مع أبنائها هم يقولون بأنك قد قضيت وهي تقول بأنني لم‬
‫أقض ‪ ..‬متشككة‪ ،‬فماذا تصنع في هذه الحالة ؟‬
‫‪194‬‬ ‫س‪ :‬إذا كان المسلم ل يستطيع الصوم بسبب مرض ول يستطيع‬
‫القضاء في وقت لحق‪ ،‬فهل عليه الكفارة عن كل يوم ؟ وما حكم‬
‫إخراج هذه الكفارة‪ ،‬هل تخرج يوميا أم يجزيه أن يخرجها في بداية‬
‫الشهر دفعة واحدة بشراء مؤونة رمضان لسرة فقيرة أو عدد من‬
‫السر ؟‬
‫‪195‬‬ ‫س‪ :‬امرأة لم تقض ما أفطرت من رمضان الماضي حتى دخل رمضان‬ ‫َ‬
‫الحاضر‪ ،‬ماذا يلزمها ؟‬
‫‪196‬‬ ‫رج الوطن ‪ ..‬في‬ ‫ر رمضان وهو في خا ِ‬ ‫س‪ :‬شخص عمل كبيرةً في َنها ِ‬
‫خل وطِنه ؟‬ ‫جب عليه الكفارة كالذي في دا ِ‬ ‫ره‪ ،‬هل ت َ ِ‬ ‫سف ِ‬
‫‪197‬‬ ‫سابعا ‪ :‬أحكام السفر بالنسبة للصيام‬
‫‪197‬‬ ‫من أراد أن يسافر وأراد أن يصبح مفطرا في هذا السفر‪ ،‬هل‬ ‫س‪َ :‬‬
‫يلزم أن َيخرج من وطنه قبل أن يطلع عليه الفجر في وطنه ؟‬
‫‪197‬‬ ‫س‪ :‬ولكن إذا كان سفره في منتصف النهار ‪ ..‬إذا خرج ماذا يصنع‬
‫من قبل زوال الشمس ؟‬ ‫خارج الوطن إلى منتصف النهار ِ‬
‫‪197‬‬ ‫س‪ :‬نحن طلبة نقيم خارج السلطنة وسوف يطل علينا شهر رمضان‬
‫…؟‬
‫‪198‬‬ ‫س‪ :‬رجل أراد السفر في شهر رمضان وبّيت النية على أنه إذا طلع‬
‫عليه الفجر وهو في وطنه يصبح صائما وإن خرج من وطنه قبل‬
‫طلوع الفجر يصبح مفطرا فخرج من وطنه بعد طلوع الفجر ماذا‬
‫‪15‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫يلزمه ؟‬
‫‪198‬‬ ‫ثامنا ‪ :‬أحكام المرض المبيح للفطار‬
‫‪198‬‬ ‫طر الصائم بسببه ؟‬ ‫ف ِ‬‫كن أن ي ُ ْ‬ ‫م ِ‬‫ضاِبط المرض الذي ي ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬‫س‪ :‬ما ُ‬
‫‪199‬‬ ‫س‪ :‬ما قولكم في المريض بمرض فقر الدم الشديد ويحتاج إلى نقل‬
‫دم شهريا وصادف نقل الدم شهر رمضان‪ ،‬فهل نقل الدم إلى‬
‫طره ؟‬ ‫المريض ُيف ّ‬
‫‪199‬‬ ‫س‪ :‬عنده ولد عمره سبعة عشر عاما لكنه مصاب بمرض فقر الدم‪-‬‬
‫شفاه الله‪-‬ولعل هذا المرض يحتاج إلى علج مستمر‪ ،‬كيف يكون‬
‫صيامه في هذه الحالة ؟‬
‫‪199‬‬ ‫تاسعا‪ :‬أحكام عامة‬
‫‪199‬‬ ‫س‪ :‬الحديث الناهي للمرأة عن الصيام بدون إذن زوجها ‪...‬؟‬
‫‪200‬‬ ‫س‪ :‬الطفال الذين برغبون في الصيام ‪..‬؟‬
‫‪201‬‬ ‫عاشرا ‪ :‬فتاوى ليلة القدر‬
‫‪201‬‬ ‫من غروب الشمس أو أنها ‪ ...‬؟‬ ‫در‪ ،‬هل هي ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫س‪ :‬ليلة ال َ‬
‫‪201‬‬ ‫در في أوتار الشهر الكريم‪ ،‬فهل‬ ‫ق ْ‬‫س‪ :‬ذكرُتم أّنه تستدرك ليلة ال َ‬
‫أوتار العشر اليام الخيرة أو أوتار الشهر كاملة ؟‬
‫‪201‬‬ ‫هر‬ ‫َ‬
‫در‪ ،‬هل هي ليلة واحدة َتدور حول العالم وهنا َيظ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ة ال َ‬ ‫س‪ :‬ليل ُ‬
‫وتر‬
‫ن الوتار َتختِلف ‪ ..‬قد َيكون هذه الليلة ِ‬ ‫ةأ ّ‬ ‫إشكال لديه في مسأل ِ‬
‫خر ؟‬ ‫في بلد بينما هي ليست كذلك في بلد آ َ‬
‫‪201‬‬ ‫من رمضان‬ ‫ص هذه الليلة ‪ ..‬ليلة السابع والعشرين ِ‬ ‫س‪ :‬هل َتخت ّ‬
‫رها ؟‬ ‫سَنن ِبحيث ُتمّيز عن غي ِ‬ ‫من الحكام أو النوافل أو ال ّ‬ ‫ء ِ‬
‫ِبشي ٍ‬
‫ة القدر ؟ وهل َيجوز إخبار الصحاب‬ ‫ت ليل ِ‬ ‫جح في علما ِ‬ ‫س‪ :‬ما هو الرا ِ‬
‫ت له ؟‬ ‫ِبهذا إذا َتبي ّن َ ْ‬
‫عاشرا ‪ :‬فتاوى عامة في الصيام‬
‫ذن زوجها هل يشمل ما‬ ‫مرأة عن الصيام بدون إ ِ ْ‬ ‫هي لل َ‬ ‫س‪ :‬الحديث الّنا ِ‬
‫ضيه المرأة من الواجبات ؟‬ ‫ت ْ‬
‫ق ِ‬
‫س‪ :‬الطفال الذين يرغبون في الصيام‪ ،‬ما هو سن التكليف الشرعي‬
‫ود هؤلء الطفال ؟‬ ‫من متى ُيمكن أو ُيع ّ‬ ‫؟و ِ‬
‫‪208‬‬ ‫الحادي عشر ‪ :‬فتاوى العتكاف‬
‫‪208‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم العتكاف ؟‬
‫س‪ :‬هل لهذا العتكاف شروط معّينة ؟‬
‫س‪ :‬رجل مريض بالشلل أو ل يستطيع أن َيعتكف في المسجد‪ ،‬فهل‬
‫له أن َيعتكف في بيته ؟ وهل للمرأة‪-‬أيضا‪-‬أن َتعتكف في بيتها دون‬
‫المسجد ؟‬
‫س‪ :‬هل يصح العتكاف في مصّلى صغير ل ُتقام فيه الصلوات‬
‫الخمس ؟‬
‫ب للناس أن َيعتكفوا جماعيا ؟‬ ‫س‪ :‬هل ُيستح ّ‬
‫ثالثا ‪ :‬فتاوى الزكاة‬
‫زكاة النقدين‬

‫‪16‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫زكاة الجمعيات‬
‫زكاة الدين‬

‫زكاة الفطر‬
‫ملخص عام لحكام زكاة الفطر‬
‫ْ‬
‫ة الفطر‪.‬‬ ‫صَرة عن زكا ِ‬ ‫خت َ َ‬‫م ْ‬ ‫عطوَنا ُنبذةً ُ‬ ‫ُ‬ ‫د‪-‬في البداية‪-‬أن ت ُ ْ‬ ‫و ّ‬‫س‪ :‬ن َ َ‬
‫ثانيا ‪ :‬وقت وجوبها‬
‫جد‬‫صة إذا كان َيصعب عليه أن ي َ ِ‬ ‫س‪ :‬هل َيجوز تعجيل زكاة الفطر خا ّ‬
‫الفقير في وقت الخراج ؟ فإن قيل ِبجواز ذلك‪ ،‬هل ُيشتَرط أن‬
‫رث أو‬ ‫عيد ؟ قد َيكون ي َ ِ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫َيبقى متحّريا حالة الفقير إلى حين صل ِ‬
‫من‬ ‫من الفقر إلى الغنى وهذا فيه عليه نوع ِ‬ ‫قل ِ‬ ‫َينال مال فَينت ِ‬
‫قة‪.‬‬ ‫المش ّ‬
‫فطْققر قبققل موعققدها ؟ خاصققة‬ ‫دم المسققلم زكققاةَ ال ِ‬ ‫ق ّ‬ ‫س‪ :‬هل َيجوز أن ي ُ َ‬
‫وأنه يراعي هذه اليام الفقراء نظرا لنهم يريدون أن َيشتروا حاجات‬
‫صلون عليها نقدا‪.‬‬ ‫لبنائهم إذا كان َيتح ّ‬
‫عيققد ولكققن‬ ‫جهققا بعقدَ فجققر ال ِ‬ ‫س‪ :‬رجل أخذ ِبالقول المشهور وهققو إخرا ُ‬
‫محجققوزةً فققي‬ ‫ّ‬
‫من إيصالها إلى الفقير وإنما ظلت َ‬ ‫كن ِ‬ ‫أخَرجها فلم َيتم ّ‬
‫عيد ثم عاد إليها ؟‬ ‫بيته وصّلى صلة ال ِ‬
‫ت صلة‬ ‫صل ّي َ ْ‬ ‫خر المعطى حتى ُ‬ ‫ع عنه فَتأ ّ‬ ‫س‪ :‬إذا أعطى أحدٌ غيَره ل َِيد َ‬
‫ف َ‬
‫العيد ؟‬
‫جد لها‪-‬مثل‪-‬في ذلك الوقت فقيرا أو‬ ‫رج زكاة الفطر لكنه لم ي َ ِ‬ ‫س‪ُ :‬يخ ِ‬
‫ح له‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ّ‬ ‫كان مشغول ‪ ..‬أحرَزها ثم صلى العيد وبعد ذلك أخرجها‪ ،‬أي َ ِ‬
‫ذلك ؟‬
‫من قبل‪ ،‬هل َيلزمه‬ ‫دها ِ‬ ‫من قبل ولم ُيؤ ّ‬ ‫طر ِ‬ ‫ة الف ْ‬ ‫س‪ :‬لم َيعَلم عن زكا ِ‬
‫قضاء ؟‬
‫ثالثا ‪ :‬المقدار المخرج‬
‫س‪ :‬كم هو الوزن في زكاة الفطر ؟‬
‫س‪ :‬وهذا خاص ِبالرز ؟‬
‫مه‬ ‫حين‪ ،‬هل حك ُ‬ ‫ض البلدان الط ِ‬ ‫دم في بلِدنا وفي بع ِ‬ ‫ما ُيستخ َ‬ ‫م ّ‬ ‫س‪ِ :‬‬
‫قص ؟‬ ‫زيد أو َين ُ‬ ‫حك ْم ِ الْرز في القمقدار ‪ ..‬صاع ي َ ِ‬ ‫ك ُ‬
‫وي الصاع ِبالكيلو ؟‬ ‫دم الكيلوجرامات‪ ،‬كم ُيسا ِ‬ ‫س‪ :‬لو أّنه استخ َ‬
‫ح المطحون ؟‬ ‫ج الزكاة ِبالقم ِ‬ ‫س‪ :‬ما حكم إخرا ِ‬
‫من هذه النواع‬ ‫دل ِ‬ ‫ج القيمة ب َ َ‬ ‫س‪ :‬هناك سؤال ي َت َكّرُر دائما ‪ ..‬عن ِإخرا ِ‬‫َ‬
‫قير‬ ‫غَناء الف ِ‬ ‫صود ِبها إ ِ ْ‬ ‫موها ] ص ‪ [ 6-5‬على اعتبار أّنه المق ُ‬ ‫التي ذَك َْرت ُ ُ‬
‫م القيمة مقام هذه النواع ؟‬ ‫قو ُ‬ ‫في ذلك اليوم‪ ،‬فهل ت َ ُ‬
‫من خلل أجوبتكم القول بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا‬ ‫س‪ :‬استنتج ِ‬
‫ويقول بأنهم يعملون بذلك منذ سنوات‪ ،‬فهل َيكون آِثما إن أخرج زكاة‬
‫الفطر نقدا ً ؟‬

‫‪17‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن‬‫ون أ ّ‬ ‫ج القيمة نظرا لنهم َير ْ‬ ‫جعون لخرا ِ‬ ‫س‪ :‬وإن كان الناس َيتش ّ‬
‫مصلحة الفقير في هذا الوقت حاجته إلى النقد ؟‬
‫جها‬ ‫ح إخرا ُ‬ ‫من غاِلب ما ُيقتات فَيص ّ‬ ‫س‪ :‬اللحوم ِبأنواعها‪ ،‬هل ُتعتَبر ِ‬
‫فطر ؟‬ ‫زكاة ِلل ِ‬
‫رابعا ‪ :‬على من تجب ؟‬
‫ل قاِدر ؟‬ ‫س‪ :‬هل ُتشَرع فقط على الغِني أو على ك ّ‬
‫ملهم ؟‬ ‫ضع‪ ،‬هل تش َ‬ ‫س‪ :‬إخراجها حتى عن الطفال وحتى عن الر ّ‬
‫رج‬ ‫س‪ :‬أيضا الشققغالت المسققلمات الموجققودات فققي الققبيوت‪ ،‬هققل ُيخق ِ‬
‫ن صاحب البيت ؟‬ ‫عنه ّ‬
‫س‪ :‬بالنسبة للزوجة أيضا ؟‬
‫جها في‬ ‫ْ‬
‫مر ِبإخرا ِ‬ ‫ره أو ي َأ ُ‬ ‫فر زكاةَ الفطر في سف ِ‬ ‫رج المسا ِ‬ ‫س‪ :‬هل ُيخ ِ‬
‫وطِنه ؟‬
‫ل السققرة ِبأكملهققا ِبمققا‬ ‫و َ‬ ‫عق ْ‬ ‫ّ‬
‫وج في بيت أبيققه وَيتققولى الب َ‬ ‫من تز ّ‬ ‫س‪َ :‬‬
‫فطر ؟‬‫ْ‬ ‫رج زكاةَ ال ِ‬ ‫من الذي ُيخ ِ‬ ‫ده وزوجَته‪ ،‬في هذه الحالة َ‬ ‫فيهم ول َ‬
‫َ‬
‫رج‬ ‫سواها‪ ،‬هل ُتخ ِ‬ ‫ل َلهم ِ‬ ‫من الطفال ل عائ ِ َ‬ ‫دها مجموعة ِ‬ ‫مَلة عن َ‬ ‫س‪ :‬أر َ‬
‫طر ؟‬ ‫ف ْ‬ ‫عنهم زكاةَ ال ِ‬
‫خامسا ‪ :‬لمن تخرج ؟‬
‫ريدُ منكم‬ ‫جب‪ ،‬ن ُ ِ‬ ‫جب عليه الزكاة أو ل ت َ ِ‬ ‫س‪َ :‬تحدّث ُْتم عن الفقير الذي ت َ ِ‬
‫ن عددا‬ ‫ع إليه الزكاة على اعتبار أ ّ‬ ‫ف ُ‬ ‫قير الذي ُتد َ‬ ‫أن ُتحدُّثونا الن عن الف ِ‬
‫عوُلوَنهم‬ ‫دد الذين ي َ ُ‬ ‫ع َ‬‫هم راتب محترم لكن َ‬ ‫من الناس قد َيكون لدي ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫قراء‬ ‫ف َ‬ ‫متطل َّبات الحياة‪ ،‬فهل هؤلء ُ‬ ‫ُ‬ ‫يوفوا‬ ‫ُ‬ ‫أن‬ ‫عون‬ ‫طي‬
‫َ َ ِ ُ‬‫ت‬ ‫يس‬ ‫ل‬ ‫أو‬ ‫رون‬ ‫ثي‬
‫ِ ُ‬ ‫ك‬
‫؟‬
‫مقصوَرة على الفقراء والمساكين أو أّنها ُتعطى في‬ ‫ي َ‬ ‫س‪ :‬هل ه َ‬
‫ة المال ؟‬ ‫ف زكا ِ‬ ‫ر ِ‬ ‫مصا ِ‬
‫ص واحد ؟‬ ‫رس‪ :‬زكاةُ ال ِ ْ‬
‫فطر‪ ،‬هل ُتعطى ِلشخ ٍ‬
‫من حساب عدد‬ ‫فع إلى أسرة واحدة أم لبد ِ‬ ‫كن أن ُتد َ‬ ‫س‪ :‬هل ُيم ِ‬
‫أفرادها ؟‬
‫غالة ؟‬ ‫س‪ :‬هل َيجوز إعطاءُ زكاة الفطر ِللوالدة أو الش ّ‬
‫سادسا‪ :‬أحكام عامة في زكاة الفطر‬
‫َ‬
‫د قبل أن ُيخب َِره ثم أخب ََره‬ ‫ف ْ‬ ‫َ‬
‫طر عن أح ٍ‬ ‫ن زكاةَ ال ِ‬ ‫ج النسا ُ‬ ‫س‪ :‬إذا أخَر َ‬
‫ُ‬
‫و‬‫مخَرج عنه ؟ علما ِبأنه َلم ي َن ْ ِ‬ ‫ة ذلك الق ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ع الزكاة‪ ،‬هل ت َب َْرأ ِذ ّ‬ ‫ف َ‬‫بعدَ أن دَ َ‬
‫تلك العبادة‪.‬‬
‫من‬ ‫ع الموال ِ‬ ‫م ِ‬ ‫سهم ِلج ْ‬ ‫عين هّيؤوا أنف َ‬ ‫من المتبّر ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫مجموع ٌ‬ ‫س‪ :‬هناك َ‬
‫ل أن َيشت َُروا ِبها أْرزا ُيوّزعوَنه على الفقراء‪،‬‬ ‫ج ِ‬ ‫من أ ْ‬ ‫عيد ِ‬ ‫ل ال ِ‬ ‫قب َي ْ َ‬ ‫الناس ُ‬
‫موا عنه‬ ‫قو ُ‬ ‫زي هذا النسان أن ُيعطَِيهم ذلك المبَلغ حتى ي َ ُ‬ ‫فهل ُيج ِ‬
‫ع هذه الزكاة وهم ِثقات كما َيقول ؟‬ ‫ِبتوزي ِ‬
‫فتاوى عامة في الزكاة‬
‫س‪ :‬إذا كان لديه مبلغ من المال‪ ،‬هل ينتظر أن يحول عليه الحول‬
‫حتى يزكيه ؟‬
‫س‪ :‬من وجبت عليه زكاة الذهب ولم يجد ما يزكي به إل أنه كان‬
‫يتصدق على أهل بيته بمبلغ في كل شهر‪ ،‬فهل عليه أن يجمع ذلك‬
‫المبلغ ليزكي به ؟‬
‫س‪ :‬هل يشترط للمزكي بأنه إذا أراد أن يعطي زكاته للفقير أن‬
‫يخبره أن هذه زكاة ؟‬
‫‪18‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫دين‪ ،‬هل لها أن ُتعطي زكاَتها‬ ‫م ِ‬‫جها َ‬


‫هب وزو ُ‬‫س‪ :‬عليها زكاةُ ذَ َ‬
‫جها ؟‬ ‫ِلزو ِ‬
‫من الزكاة ب ِِنية الزكاة لنه‬ ‫َ‬
‫جب عليه ِ‬ ‫من القدر الذي ي َ ِ‬ ‫ج أكثَر ِ‬
‫س‪ :‬أخَر َ‬
‫جَبة عليه‪ ،‬فما حكم‬ ‫جها قب َ‬ ‫َ‬
‫ل أن يحسب ماله ِلمعرفة القيمة الوا ِ‬ ‫أخَر َ‬
‫ذلك ؟‬
‫س‪ :‬عنده ثمانية آلف وحال عليها الحول ولكن لنه َيبني منزل‬
‫قب ‪ ...‬؟‬ ‫قب ديونا آت َِية هل باعتبار أنه َيتر ّ‬ ‫َيتر ّ‬
‫صص في دفع‬ ‫ن هناك صندوق متخ ّ‬ ‫س‪ :‬يريد أن يدفع زكاته وهو يعلم أ ّ‬
‫الزكوات للفقراء‪ ،‬فهل يعطي ذلك المال للصندوق ؟‬

‫‪19‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪‬أول‪ :‬أحكام صلة الجماعة‪‬‬


‫س‪ :‬هل تجوز صلة المتنفل بالمفترض ‪ ،‬وصلة المفترض بالمتنفل ؟ وهل‬
‫صحيح أن معاذ ابن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم صلة العشاء ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلة أي هو‬
‫متنفل وهم مفترضون ؟‬
‫الجواب ‪ /‬اختلف العلماء في جواز صلة المتنفل بالمفترض والصحيح الجواز‬
‫لحديث إمامة معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه بقومه بعدما كان يصلي‬
‫الفريضة خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو حديث صحيح‬
‫وقد جاء التصريح بأنه كان يصلي بهم متنفل وهم مفترضون عند الدار‬
‫قطني وهو نص في موضع النزاع ‪ ،‬وأما صلة المفترض بالمتنفل فل مانع‬
‫منها وقد دلت على صحتها أحاديث كثيرة يطول المقام بسردها اللهم إل إذا‬
‫لم يكن هنالك أحد من المفترضين يصلي خلف ذلك المام المفترض فإن‬
‫بعض العلماء ذهب إلى أنه ل يصح للمفترض أن يصلي بهم والصحيح الجواز‬
‫ن رجل ً دخل المسجد وقد صلى‬ ‫لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أ ّ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأصحابه فقال رسول الله صلى الله‬
‫‪20‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫عليه وآله وسلم أمنكم يتصدق على هذا فيصلي معه رواه أبو داود‬
‫والترمذي والدارمي وأحمد وابن أبي شيبة وابن حبان وابن الجارود وأبو‬
‫يعلى والحاكم وغيرهم ‪ .‬وهو حديث صحيح ثابت وله شاهد من طريق أنس‬
‫بن مالك عن السراج والدارقطني والطبراني في الوسط والضياء في‬
‫المختارة وإسناده ل بأس في الشواهد وقد قواه الزيلعي والحافظ ابن حجر‬
‫ووهم الهيثمي في إسناده فضعفه لجل ذلك وله شاهدان مرسلن من‬
‫ن‬
‫طريق الحسن البصري وأبي عثمان النهدي هذا ومن الجدير بالذكر أ ّ‬
‫هنالك أدلة أخرى تدل على جواز إمامة المتنفل بالمفترضين غير ما ذكرناه‬
‫هنا وقد ذكرت واحدا ً منها ورددت على اعتراضات من اعترض على‬
‫الستدلل بحديث معاذ رضي الله عنه في رسالة كتبتها في بعض أحكام‬
‫ن الخروج من الخلف في هذه المسألة‬ ‫الستدراك ونبهت هنالك على أ ّ‬
‫ونحوها حسن إذا أمكن المصير إليه والله ولي التوفيق ‪.‬‬
‫دل آية رحمة بآية عذاب أو العكس‬
‫س ‪ :‬إذا سهى المام في قراءة القرآن وب ّ‬
‫مثل قال‪" :‬إن البرار لفي جحيم أو قال‪" :‬إن الفجار لفي نعيم " ‪ .‬فما حكم‬
‫صلته وصلة من خلفه ؟‬
‫الجواب ‪ :‬ذهب الجمهور إلى أن صلتهم جميعا فاسدة والصحيح عندي أنها‬
‫صحيحة ول سيما إذا كان قد قرأ غيرها مما يتم به المعنى ‪ .‬والله أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬إمام وقف أو سكن بعد قوله تعالى‪" :‬ويل للمصلين " ما حكم صلته ؟‬
‫الجواب ‪-:‬أول ً ل ينبغي له ذلك في الصلة ول في غيرها ولكن إذا وقع منه‬
‫ذلك فإنه ل يؤدي إلى البطلن إن شاء الله ‪.‬‬

‫ما جلس سلم المام ولم‬


‫س ‪ :‬إن دخل رجل المسجد وكبر تكبيرة الحرام ول ّ‬
‫يقرأ معه شيئا ً ‪ .‬فماذا يصنع ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫أول ً ل يخلوا هذا المأموم أو هذا الذي دخل إما أن يكون مسافرا ً أو مقيما ً‬
‫وكذلك المام إما أن يكون مسافرا ً أو مقيما ً فإن كانت صلة المأموم‬
‫وصلة المام متحدة بأن كان كل منهما يصلي سفرا ً أو كان كل منهما‬
‫يصلي حضرا ً فيكمل هذا المأموم صلته ول شيء عليه اللهم إل إذا أقيمت‬
‫جماعة فإنه يقطع صلته ويصلي مع تلك الجماعة ‪ .‬أما إذا لم تقم جماعة‬
‫فإنه يكمل صلته ول شيء عليه‬
‫وإما إذا كان المام يصلي حضرا ً وكان هذا الذي دخل يصلي قصرا ً فإنه نوى‬
‫أن يصلي أربعا ً أو نوى أن يصلي بصلة ذلك المام ففي هذا الحال لبد من‬
‫أن يقوم ويكبر تكبيرة الحرام بل الولى أن يقيم للصلة وأن يوجه وأن‬
‫يكبر للحرام لن فعله هذا سيخالف ما نواه ‪ .‬والله تعالى أعلم ‪.‬‬
‫س ‪ :‬جاء رجل ووجد الصف مكتمل ً وجذب شخصا ً على يمين الصف وشماله ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫‪21‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫صلة الرجلين باطلة لن الشرط أن يوسطوا المام ‪ .‬والله تعالى أعلم‬


‫س‪ :‬من وجد الجماعة في التشهد الثاني ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫اختلف العلماء في ذلك ‪.‬‬
‫بعض العلماء يقول ل يدخل مع المام بل ينتظر حتى يجد جماعة أو يصلي‬
‫هو بمفرده ‪.‬‬
‫وذهبت طائفة إلى أنه يدخل لنه قد أدرك الجماعة والحديث يقول "ما‬
‫أدركتم فصلوا" وهذا قد أدرك شيئا ً من تلك الجماعة ولكن الولين يقيدون‬
‫ذلك بحديث "من أدرك ركعة فقد أدرك الصلة" ‪ .‬فقالوا هذا الطلق الذي‬
‫فيه يقول‪ " :‬فما أدركتم فصلوا" مقيد " من أدرك ركعة في الصلة فقد‬
‫أدرك أو من أدرك ركعة في الصلة فقد أدرك الصلة" ‪.‬‬
‫وبعض العلماء يقول إن الجمعة لبد من أن يدرك الركوع من الركعة الثانية‬
‫فإن لم يدرك تلك الركعة فإنه يصلي ظهرا ً أما بالنسبة إلى الصلوات‬
‫الخرى فإنه إذا أدرك ولو جزءا ً بسيطا ً فإنه يكون مدركا ً لتلك الصلة ‪.‬‬
‫لشك أن السلم أن من لم يدرك الركعة الخيرة ووجد جماعة أخرى فإنه‬
‫يقطع تلك الصلة التي دخلها في التشهد الخير أو في السجود أما من لم‬
‫يجد جماعة ثانية فذلك ل يؤثر عليه بل يواصل صلته هذا إذا كانت صلة‬
‫المأموم متحدة مع صلة المام ‪..‬‬
‫أما إذا كانت صلة المأموم تختلف عن صلة المام كأن يصلي ركعتين فإنه‬
‫لبد من أن يعيد الصلة من أولها ذلك لنه عندما دخل كان ناويا ً بأن يصلي‬
‫أربعا ً أو كان ناويا ً أن يصلي بصلة المام وهنا لم يدرك صلة المام فعليه‬
‫أن يعيد الصلة من أولها ‪.‬‬
‫فإذن ‪ -:‬إذا وجد الجماعة فيقطع الصلة التي دخل فيها في التشهد الخير‬
‫أو في السجود ويدخل مع الجماعة الجديدة وإن لم يأت جماعة جديدة فإنه‬
‫يكمل صلته إل إذا اختلفت صلته عن صلة المام فإنه يعيد الصلة من‬
‫أولها أي ينوي ويكبر إلى آخره ‪ .‬والله تعالى أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا كان المأموم مقيم والمام مسافر ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫الحوط أن يعيد الصلة من أولها ‪.‬‬
‫س‪ :‬إمام سهى في صلة المغرب وسلم بعد التشهد الول ولم يسبح أحد من‬
‫المأمومين له فبعضهم سلم وبعضهم لم يسلم وبعضهم تكلم فما حكم صلة‬
‫كل من المام والمأمومين ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫أما الذي لم يتكلم وانتبه بعد ذلك وواصلوا صلتهم فصلتهم صحيحة مثل ‪:‬‬
‫انتبه واحد ونبه المام أو انتبه المام نفسه وواصل الحاصل لم يجر كلم ول‬
‫التفات ويكون السكوت خفيفا ً ليس طويل فهؤلء ل إشكال في صلتهم‬
‫بشرط أن يكونوا قد سلموا سهوا ً أما إن كانوا على يقين بأن المام أخطأ‬

‫‪22‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ومع ذلك سلموا فصلة من سلم وهو متيقن بخطأ المام صلته باطلة‬
‫وعليه أن يتوب إلى الله ويعيد صلته ‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى من تكلم فهذه فيها أخذ ورد تحتاج نظر وتأمل حتى نتأمل‬
‫وننظر جيدا ً في الحديث الوارد لن العلماء فيه كلم كثير ولبد من التأمل‬
‫فيه فإذا احتاطوا وأعادوا صلتهم حتى يتبين المر فحسن إن شاء الله ‪.‬‬
‫‪ -‬هل يسجد في هذه الحالة قبل السلم أم بعد السلم ؟‬
‫يسجد بعد السلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬إمام عوض الفاتحة قرأ التشهد سهوا وبعد السجود انتبه لذلك فماذا‬
‫يفعل ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫لبد من أن يرجع ويأتي بالفاتحة وبعد ذلك بعض العلماء يقول يواصل صلته‬
‫أي من بعد السجود وبعض العلماء يقول لبد من أن يأتي بالركوع والسجود‬
‫مرة ثانية فل بد من إعادة الفاتحة لن الفاتحة ركن فيرجع من السجود‬
‫ويقوم للفاتحة ويأتي بالفاتحة وإذا أتى بالفاتحة هل يأتي بالركوع والسجود‬
‫مرة ثانية هذا رأي لهل العلم وبعض العلماء يقول ل يلزمه ذلك بل بعد‬
‫الفاتحة يرجع إلى ما كان فيه ويواصل صلته من ذلك الموضع ‪ .‬والله تعالى‬
‫أعلم‬
‫‪ -‬وإذا واصل المام وسلم ثم قضى بنفسه ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫أقول يعيدوا صلتهم ويتوبوا إلى الله من تهاونهم بعدم العادة هذا الصحيح‬
‫عندي وهذا المام جاهل عليه أن يتوب إلى الله من هذا الفعل ‪ .‬والله تعالى‬
‫أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬إذا انتقضت صلة الشخص الذي يصلي سترة خلف المام هل تنتقض‬
‫صلة الصف الول ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫أما إذا شاركه في السترة أحد مثل اشترك اثنان في السترة وانتقضت‬
‫صلة أحدهما فل بأس على من يصلي خلف المام أما إذا كان لم يشاركه‬
‫أحد بأن كان قد أخذ قفوة المام تماما ً ففي المسألة خلف بين أهل العلم‬
‫هل ينقض صلة من يصلي في ذلك الصف تجد القوال في العقد الثمين ‪.‬‬
‫والله تعالى أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا قام المام بعد الركعة الثانية ولم يجلس للتشهد وسبح له المأمومون‬
‫؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه يجب عليه أن يرجع فإن لم يرجع فإن‬
‫صلته فاسدة وهذا الرأي هو الذي كان يذهب إليه المام نور الدين رحمه‬
‫الله تبارك وتعالى وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه إن كان قد أطمئن‬
‫‪23‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫في وقوفه فل يرجع أما إذا كان لم يطمئن بأن كان في بداية قيامه أي لم‬
‫ينتصب قائما ً فإنه يرجع وهذا الرأي هو الرأي الصحيح وهو الذي ذهب إليه‬
‫المام الخليلي رحمه الله فقد أجاب بما يقتضي ذلك إن صح الحديث ووقع‬
‫له هو رحمه الله ولم يرجع مع أنه قد نبه إلى ذلك وسجد للسهو وهو الذي‬
‫يدل له الحديث كما قلت ويسجد للسهو في هذه الحالة بعد السلم على‬
‫الصحيح ‪.‬‬
‫س‪ :‬من صلى نافلة خلف من يصلي فريضة المغرب كيف يصنع ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫نحن نعرف أن من صلى نافلة خلف من يصلي فريضة ثنائية أو رباعية‬
‫فالمر سهل يتابعه في الثنائية أو في الرباعية ول أشكال في المر ‪.‬‬
‫بقي كيف يصلي لو كان المام يصلي صلة ثلثية كفريضة المغرب وكالوتر‬
‫أيضا ً ثلث ركعات ؟‪.‬‬
‫منهم من يقول يصلي ثلث ركعات ‪.‬‬
‫ومنهم من يقول أنه يتبع ذلك بركعة رابعة عندما يجلس المام التشهد‬
‫الثاني يجلس المأموم صامتا ً ل يأتي بشيء ثم يأتي بالركعة الرابعة ويفعل‬
‫كما يفعل المقيم أن لو صلى خلف إمام مسافر ‪..‬‬
‫وهناك قول ثالث أنه ل يصح أن يصلي خلفه أبدًا‪.‬‬
‫وهناك قول رابع وهو أنه يصلي ركعتين وينهي صلته وهذا أضعف تلك‬
‫القوال كذلك القول بالمنع فيه ضعف فيبقى أقوى القوال إما أن يزيد‬
‫ركعة أو يصلي خلفه ثلثا ً وإن زاد ركعة فحسن بمشيئة الله تبارك‬
‫وتعالى ‪.‬والله تعالى أعلم‬

‫س ‪ :‬صلى إمام وعن يمينه شخص كما هو السنة وجاء بعد ذلك شخص آخر‬
‫ولجهله بالسنة وقف عن يمين ذلك المأموم فهل للمام أن يتقدم أو أن‬
‫مين أو أن يقوم المأموم الول بالتأخر ويؤخر ذلك‬
‫يقوم بتأخير المأمو َ‬
‫الشخص معه ؟‪.‬‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫نعم للمام أن يقوم بدفع الشخصين خلفه كما فعل النبي صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم وللمأموم الول أن يتأخر وأن يقوم بجذب ذلك الشخص‬
‫معه أيضا ً فهذا ل يضر إن شاء الله تبارك وتعالى أما أن يتقدم المام فهذا‬
‫مما ل ينبغي إل إذا كان المكان ل يتسع للمأموم ولكن لو وقع في الماضي‬
‫فل شيء عليه لكن المام ل ينبغي أن يتقدم لنه هو المتبوع ‪ .‬والله تعالى‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬إمام أسر في صلة جهرية وتذكر في نصفها ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫يجهر من ذلك الموضع الذي انتبه فيه ‪ .‬والله تعالى أعلم ‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫م ناسا ً ويقوم بأعمال كمثل النذر للقبور ‪ .‬فهل تجوز الصلة‬


‫س‪ :‬شخص أ ّ‬
‫خلفه ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫على كل حال من يقوم بالنذر للقبور أو للشجار أو للحجار أو للمساجد أو‬
‫لي شيء من تلك الشياء ل يخلو من أحد أمرين أثنين إما أن يعتقد بأن‬
‫هذه الشياء تنفع وتضر بنفسها وهذا والعياذ بالله أمره خطير وللشيخ صالح‬
‫جواب طويل هناك فارجع إليه ففيه فائدة بمشيئة الله تبارك وتعالى‬
‫وإما أن يكون يعتقد بأن الله تعالى هو الضار النافع ولكنه يعتقد بأنه هناك‬
‫جماعة من الجن أو ما شابه ذلك يدفع لهم تلك الذبائح أو تلك المأكولت‬
‫من باب اتقاء شرهم أو ما شابه ذلك لشك بأن هذا ل يصح ولكن ل يمكن‬
‫ن هذا‬‫أن نحكم عليهم بالخروج من السلم إلى حضيرة الشرك بل نبين له أ ّ‬
‫المر ل يجوز ول يصح وأنه يجب عليه أن يرجع إلى ربه ويتوب إليه مما وقع‬
‫فيه فإذا كان من القسم الول فهو خارج من السلم والعياذ بالله تبارك‬
‫وتعالى ول شك بأنه ل يصلى خلفه ول يحكم عليه بشيء من أحكام‬
‫المسلمين أما إذا كان من القسم الثاني فهو فاجر إن لم يرجع إلى ربه وقد‬
‫علمت حكمه ‪ .‬والله تعالى أعلم ‪.‬‬
‫س ‪:‬مأموم دخل المسجد وكبر للحرام واستعاذ وبمجرد انتهائه من الستعاذة‬
‫انتهى المام من قراءته الفاتحة فماذا يصنع ؟‬
‫الجواب‪-:‬‬
‫الذي نأخذه به أنه يؤجل الفاتحة ويقضيها بعد ذلك ‪ .‬والله تعالى أعلم ‪.‬‬
‫س ‪ :‬إمام يصلي قائما ً ثم إنه أصابه المرض واضطر للجلوس وجلس فهل‬
‫أيضا ً يجلس المأمومون ويصلون خلفه جلوسا ً أم أنهم يواصلون الصلة على‬
‫حالهم السابق أي أنهم يصلون قياما ً ؟‬
‫الجواب ‪ :‬الصحيح أنهم يصلون قياما ً ‪ .‬والله تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬الصبي الذي ل يفقه أمور الصلة هل إذا كان في وسط الصف يكون‬
‫قاطعا ً للصف أو الصلة؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫على كل حال إذا كان الصبي يصلي فهذا ل يضر أن يكون في وسط‬
‫الصفوف ‪.‬‬
‫وأما إن كان الصبي ل يصلي أبدا ً مجرد أنه يقف جنب أبيه أو ما شابه ذلك‬
‫الحاصل ل يأتي بالصلة فالصل أنه ل يصف مع المصلين بل ينهى عن ذلك‬
‫لكن لو وقع ذلك فل نقوى على القول إنه يقطع الصلة لنه سد تلك الفرجة‬
‫ولم يقف الشيطان والعياذ بالله فيها فهو ليس أشد من السارية الموجودة‬
‫في المسجد ‪ .‬والله تعالى أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل للمرأة أن تؤم بالنساء ؟‬
‫خلف بين أهل العلم‬
‫بعضهم قال ‪ :‬ل تؤم بالنساء إطلقا ل فريضة ول نافلة‬
‫وقيل ‪ :‬تؤم في النافلة دون الفريضة‬
‫‪25‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وقيل ‪ :‬تؤم في النافلة والفريضة ‪ .‬وهذا القول عليه أبو محمد وأبو اسحاق‬
‫ورجحه قطب الئمة وهو الصحيح عندي ‪ ,‬ولكن أقول مع ذلك ل يتخذوا ذلك‬
‫عادة فالصل أن تصلي مفردة ‪ .‬والله تعالى أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا أراد الرجل أن يصلي بزوجته في البيت فهل له أن يصلي بها الفرض‬
‫وإذا كان له ذلك فأين تكون في اليسار أم في اليمين ؟‬
‫ج‪ :‬أما الفرض فالصل أن ُيصلى في المسجد إل إذا كان النسان معذورا ً‬
‫بعذر شرعي فإذا كان معذورا ً بعذر شرعي له أن يصلي بزوجته أو بغيرها‬
‫ممن هم في البيت وقد اختلف العلماء في الموضع الذي تقف فيه المرأة‬
‫ذهب بعضهم إلى أنها تقف منه في جهة الشمال حتى تكون مخالفة لوقوف‬
‫الرجل ثم إنه يمكن أن يأتي رجل فيقف عن يمين المام وتتأخر تلك المرآة‬
‫إلى الخلف ول تتغير من الجهة التي كانت واقفة فيها ‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إلى أنها تقف خلف المام وذلك لما ثبت في الحديث‬
‫عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من طريق أنس رضي‬
‫الله تعالى عنه عند الربيع وغيره من أئمة المحدثين أن أنسا ً رضي الله‬
‫تعالى عنه وذلك الرجل الذي كان معه وقف خلف النبي صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم ووقفت المرأة خلفها ولم يأت أنها وقفت عن‬
‫شمال المام أي في الجهة الشمالية ول جهة اليسار ول في جهة اليمين‬
‫وإنما وقفت خلف المام على حسب ما يفهم من الرواية وأرى أن هذا‬
‫الرأي وهو أنها تقف خلف المام هو الرأي الصوب ول يقال بأنه معارض‬
‫للحاديث التي فيها النهي أن يقف الشخص خلف المام منفردا ً ول الحاديث‬
‫التي فيها أن ابن عباس رضي الله عنه صف عن شمال النبي صلى الله‬
‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم ثم حوله عن جهة اليمين وكذا بالنسبة إلى‬
‫الرجل الذي كان يصلي إلى غير ذلك فهذه الحاديث ل تعارض فيها لن هذه‬
‫القضية تختص بالمرأة وتلك القضايا تختص بالرجال ول يمكن أن يقاس هذا‬
‫الحكم على الحكم الخر بينهما وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله‬
‫‪1‬‬
‫وصحبه وسلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬أين تصف المرأة إذا كانت تصف مع رجل ؟‬


‫خلف بين أهل العلم‬
‫بعضهم قال ‪ :‬تصف عن شماله ولكنها ل تكون قريبة منه‬
‫وقيل ‪ :‬تصف خلفه ‪ .‬وهذا أقرب إلى الصواب ‪ .‬والله تعالى أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬المستدرك إذا لم يتمكن من إتمام الفاتحة مع المام وقرأ جزءا من‬
‫فاتحة الكتاب وركع المام فماذا يصنع وكذا الحال إذا كان المام سريع‬
‫القراءة فلم يتمكن من إكمالها ؟‬

‫‪ -‬س‪ :‬أين تصف المرأة إذا كانت تصف مع رجل ؟‬ ‫‪1‬‬

‫خلف بين أهل العلم‬


‫بعضهم قال ‪ :‬تصف عن شماله ولكنها ل تكون قريبة منه‬
‫وقيل ‪ :‬تصف خلفه ‪ .‬وهذا أقرب إلى الصواب ‪ .‬وال تعالى أعلم ‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الجواب ‪ :‬يركع مع إمامه ثم بعد ذلك يقوم بقضاء ما تبقى عليه من فاتحة‬
‫الكتاب ‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل استدرك مع المام في ركوعه وركع معه ثم بعد أن قام للقضاء‬
‫نسي وركع فلما ركع تثبت وتيقن أنه ركع مع المام فماذا يفعل ؟‬
‫الجواب ‪ :‬يجلس من ركوعه ول حاجة إلى أن يقوم ويسلم من صلته بعد‬
‫النتهاء من الدعاء ويسجد لسهوه ‪.‬‬
‫دة أقوال‬ ‫س‪ :‬سمعنا منكم في دروس سالفة‪ 1‬أ ّ‬
‫ن العلماء قد اختلفوا على ع ّ‬
‫مل ماذا َيصنع‪ ،‬وسؤالي حول الرأي‬‫ف قد اكت َ‬‫جدَ الص ّ‬
‫و َ‬
‫من دخل المسجد و َ‬
‫في َ‬
‫المختار عندكم في هذه المسألة ِلعموم البلوى بها‪ ،‬ولم ل يكون حديث وابصة‬

‫ص السؤال مع جواب‬ ‫‪ِ-1‬من ذلك جوابه على السؤال الول ِمن حلقة ‪ 8‬رجب ‪1423‬هـ ) ‪ 15‬سبتمبر ‪2002‬م ( وهذا ن ّ‬
‫الشيخ عليه‪:‬‬
‫ف الول ؟‬ ‫ف الص ّ‬ ‫خل َ‬ ‫س‪ :‬ما حكم صلة المنفِرد َ‬
‫صّلي منفِردا خلف الصف ل َيخلو ِمن أحد أمرين‪:‬‬ ‫ن الذي ُي َ‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫جد مكانا َيقف فيه في تلك الصفوف التي أمامه‪.‬‬ ‫ت ول َي ِ‬ ‫جد الصفوف قد امتل ْ‬ ‫‪-1‬إما أن َي ِ‬
‫جد فراغا َيّتسع له‪:‬‬ ‫جد تلك الصفوف ُممتِلئة بل َي ِ‬ ‫‪-2‬أو أنه ل َي ِ‬
‫سعا في واحد ِمن الصفوف المامية بل عليه‬ ‫ت‪ُ-‬مّت َ‬‫جد‪-‬كما قل ُ‬ ‫صّفا جديدا إذا كان َي ِ‬ ‫شئ َ‬ ‫أما المر الثاني فإنه ليس لحد أن ُين ِ‬
‫ن ذلك‬ ‫ن ظّنا قويا بأ ّ‬‫ظّ‬
‫ظَر و َ‬ ‫ن صلته باطلة اللهم إل إذا َن َ‬ ‫صّلى منفِردا فإ ّ‬‫س ذلك الصف‪ ،‬وإذا َ‬ ‫أن َيتقّدم وُيصّلي في نف ِ‬
‫الصف قد امتل ثم أنشأ صفا جديدا فإنه سيأتي الكلم عليه في القسم الذي َيلي هذا القسم ‪ ..‬هذا هو القول الذي ذهبت إليه‬
‫ل عليه دللًة صريحة‪ ،‬وإذا ثبت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه‬ ‫طائفة كبيرة ِمن أهل العلم‪ ،‬وهو الذي ُتؤّيده السّنة وَتد ّ‬
‫ي فإنه لبد ِللمسلم ِمن أن َيْمَتِثل ذلك الحديث ‪ ..‬نعم ُيعَذر َمن خاَلف الحديث لنه ُيمِكن‬ ‫عليه وعلى آله وصحبه‪-‬أمٌر أو نه ٌ‬
‫طَلَع على‬ ‫ت معه‪ ،‬أما َمن ا ّ‬ ‫جح أو أنه اطَّلع عليه ولكنه لم َيثب ْ‬ ‫ن ِبأنه هو الْر َ‬ ‫ظّ‬
‫ل ُيخاِلفه و َ‬ ‫طِلع عليه أو أنه رأى دلي ً‬ ‫أنه لم َي ّ‬
‫ت عند العلماء وهو لم َيكن في درجتهم فإنه عليه أن َيّتِبع ذلك الحديث عن النبي‪-‬صلوات ال‬ ‫ت لديه أو ثب َ‬ ‫الحديث وثب َ‬
‫ن أن َيأخَذ ِبشيٍء ُيخاِلف السّنة‬ ‫سُع النسا َ‬ ‫ت‪-‬ل َي َ‬ ‫وسلمه عليه‪-‬مع الجْزم ِبُعْذر أولئك العلماء الذين خاَلفوه ولكن‪-‬كما قل ُ‬
‫جح لديه شيء ِمن الدلة الخرى على ذلك الدليل فإنه‬ ‫الصحيحة الثابتة عن النبي صلوات ال وسلمه عليه ‪ ..‬نعم إذا َتر ّ‬
‫في هذه الحالة ل ُيَعّد مخاِلفا ِلذلك الدليل‪ ،‬لنه َأخذ ِبدليل َيرجح على ذلك الدليل‪ ،‬وكذلك ليس ِلجماعة ِمن الناس ِمن اثنين‬
‫شؤوا صّفا جديدا إذا كان الصف المامي لم َيكتِمل بل عليهم أن َيصّفوا في ذلك الصف حتى َيمتِلئ فإذا‬ ‫فصاعدا أن ُين ِ‬
‫شؤوا صّفا جديدا‪.‬‬ ‫امتل فإنه في تلك الحالة ُيؤَمرون ِبأن ُين ِ‬
‫جد مكانا‬ ‫جَد الصفوف ُممتِلئة ولم َي ِ‬ ‫ن وَو َ‬ ‫ل إنسا ٌ‬ ‫أما القسم‪-‬الثاني أو‪-‬الول‪-‬لننا َذَكْرنا هذا القسم بأنه هو الول‪-‬فهو إذا َدخ َ‬
‫ن أهل العلم قد اختلفوا في هذه المسألة على عّدة أقوال‪:‬‬ ‫ف فيه في تلك الصفوف فإ ّ‬ ‫َيص ّ‬
‫جّر‬‫شئ صّفا جديدا بل عليه أن َيقوم ِب َ‬ ‫ل المسجد ليس له أن ُين ِ‬ ‫خَ‬‫ن هذا الشخص الذي َد َ‬ ‫ذهبت طائفة ِمن أهل العلم إلى أ ّ‬
‫جوا على ذلك ِبحديث مروي‬ ‫شرة‪ ،‬واحت ّ‬ ‫خر وَيصف هو وذلك الشخص خْلف المام مبا َ‬ ‫ف المتأ ّ‬
‫ص ِمن الص ّ‬ ‫شخ ٍ‬
‫ن ذلك الحديث ل َيثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه وإن كان قد جاء ِمن أكثر‬ ‫عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ولك ّ‬
‫حجية‪ ،‬كما هو ُمَقّرر عند أئّمة العلم‪.‬‬ ‫ن تلك الطُرق ِمن الضعف ِبمكان فل َتصُلح لن َتصل إلى درجة الـ ُ‬ ‫ِمن طريق ل ّ‬
‫ف منفِردا خْلف المام‪ ،‬إذ إنه مأمور ِبالدخول مع المام ومنهي‬ ‫ن ذلك الشخص َيص ّ‬ ‫وذهبت طائفة ِمن أهل العلم إلى أ ّ‬
‫ف النسان وحده وبْين الحاديث الِمرة‬ ‫جَمُعوا بْين الحاديث التي فيها النهي عن أن َيص ّ‬ ‫ف صّفا منفِردا ف َ‬ ‫عن أن َيص ّ‬
‫سع ِلذلك الشخص أما إذا لم‬ ‫حَملوا الحاديث الناهية على ما إذا كان في الصفوف مّتسًعا َيّت ِ‬ ‫ِبالدخول في صلة الجماعة ‪َ ..‬‬
‫ن ذلك النهي ل ُيحَمل عليه‪ ،‬ولهم أدلة أخرى‪.‬‬ ‫ف ِلذلك الشخص فإ ّ‬ ‫سع ذلك الص ّ‬ ‫َيّت ِ‬
‫طى تلك الصفوف إن أمكنه ِبحيث ل‬ ‫ف عن َيمين المام ‪ ..‬أي َيَتقّدم ‪َ ..‬يَتخ ّ‬ ‫وذهب بعض العلماء إلى أنه َيحَتال حتى َيص ّ‬
‫ص آخر‪.‬‬ ‫خل شخ ٌ‬ ‫ظر حتى َيد ُ‬ ‫ف عن َيمين المام‪ ،‬أما إذا لم َيتمّكن ِمن ذلك فإنه َينت ِ‬ ‫َيضّر ِبأحٍد ِمن المصلين وَيص ّ‬
‫خَذ ِبواحٍد ِمن هذه القوال فل شيء عليه‪ِ-‬بمشيئة ال‪-‬تبارك وتعالى؛ وال‪-‬تبارك‬ ‫خلفية‪-‬كما سمعُتم‪-‬وَمن َأ َ‬ ‫فالمسألة ِ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫ف أحٌد خْلف المام منفِردا وأمضى صلَته على هذه الصورة ثم جاء رجل آخر ‪ ..‬في هذه الحالة‬
‫س‪ :‬إذا ص ّ‬
‫خرا‪ ،‬ما حكم صلته ؟‬‫حق مؤ ّ‬ ‫الرجل الثاني الذي الت َ‬
‫‪27‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫سناه وأبي داوود وغيرهم الذي فيه‬ ‫بن معبد‪-‬الذي هو عند الترمذي وأحمد وح ّ‬
‫مَره أن ُيعيد الصلةَ وعند‬ ‫َ‬ ‫صّلي خلف الص ّ‬
‫ده فأ َ‬ ‫ف وح َ‬ ‫ن النبي ‪ ‬رأى رجل ي ُ َ‬‫أ ّ‬
‫ت رجل "‪-‬وحديث‪ " :‬فل صلة ِلفرد‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جت ََرْر َ‬
‫ت معهم أو ا ْ‬ ‫غيرهم زيادة‪ " :‬أل دخل َ‬
‫صل في هذه المسألة أم‬ ‫ً‬ ‫في ْ َ‬ ‫خلف الصف "‪-‬عند ابن ماجة وابن حبان وأحمد‪َ -‬‬
‫َ‬
‫صة أبي بكرة رخصة‬ ‫نق ّ‬ ‫كن أن ُيقال يا شيخنا أ ّ‬ ‫ن هذه الثار ل َتصح ؟ أل َ ُيم ِ‬ ‫أ ّ‬
‫ذل ِللجاهل الذي ل َيعرف الحكم في هذه المسألة ؟‬ ‫ُتب َ‬
‫من حيث الدللة‬ ‫ةو ِ‬
‫من حيث الصح ُ‬ ‫فقا عليها ِ‬ ‫ج‪ :‬لو كانت هذه الحاديث مت ّ َ‬
‫من‬ ‫ة ِللنزاع‪ ،‬ولكن هذه الحاديث منها ما هو مختَلف فيه ِ‬ ‫لكانت‪-‬نعم‪-‬قاطع ً‬
‫من حيث الثبوت‪.‬‬ ‫حيث الدللة ومنها ما هو مختَلف فيه ِ‬
‫أما أحاديث الجر فهي ل َتثبت عن النبي‪ِ ‬بحال بل هي ضعيفة جدا‪.‬‬
‫ن بعض العلماء الذين يقولون‪:‬‬ ‫وأما الحاديث الخرى فمنها ما هو ثابت‪ ،‬ولك ّ‬
‫دم إن أمكنه وَيقف عن َيمين المام "‬ ‫فا جديدا أو أنه َيتق ّ‬ ‫شئ ص ّ‬ ‫" إنه ُين ِ‬
‫ملة ِبأن‬‫يقولون‪ :‬تلك الحاديث محمولة على ما إذا كانت الصفوف غير مكت ِ‬
‫ملة فإنه ليس‬ ‫جد َ النسان مكانا يقف فيه أما إذا كانت تلك الصفوف مكت ِ‬ ‫وَ َ‬
‫ص فقد‬‫من العتداء على ذلك الشخ ِ‬ ‫ن ذلك ِ‬ ‫له أن َيقوم ِبجّر أحد ٍ وذلك ل ّ‬
‫جّر‪ ،‬وقد َيكون ذلك الشخص جاهل ل‬ ‫كا ول َيدري ِلماذا ُ‬ ‫ة وارتبا ً‬‫ث له بلبل ً‬ ‫ُيحدِ ُ‬
‫جّره غيره وأيضا سَتبقى هنالك فرجة في ذلك الصف‬ ‫َيدري ماذا َيصنع إذا َ‬

‫ج‪ :‬أّول َيْنَبِني على الخلف السابق‪:‬‬


‫ن ذلك المر الذي‬ ‫ف معه‪ ،‬ل ّ‬ ‫ل َيص ّ‬ ‫خَ‬ ‫ن َمن َد َ‬
‫ن ذلك جائز له " فإ ّ‬ ‫ف منفِردا خْلف المام وأ ّ‬ ‫فعلى رأي َمن َيقول‪ " :‬إنه َيص ّ‬
‫ف معه‪.‬‬
‫ل َيص ّ‬ ‫خَ‬
‫ن َمن َد َ‬ ‫َفَعَله صحيح ل غبار عليه وصلُته صحيحة وعلى هذا فإ ّ‬
‫خر وَيصف هو وذلك الشخص‬ ‫ف المتأ ّ‬ ‫جّر شخصا ِمن الص ّ‬ ‫وأما على رأي َمن يقول ِبخلف ذلك وهو‪ " :‬أنه لبد ِمن أن َي ُ‬
‫ف معه‬ ‫ح لحد أن َيص ّ‬ ‫ن صلَته‪-‬مع هذه الطائفة‪-‬باطلة وعليه ل َيص ّ‬ ‫ف منفِردا فإ ّ‬ ‫ص ّ‬ ‫جّر بل َ‬ ‫شرة " فلم َي ُ‬ ‫خْلف المام مبا َ‬
‫عا في الصلة ِمن جديد ‪ ..‬أي َأْلَغى ما َفَعَله ِمن قبل إذ ل قيمة له وابتدَأ الصلة‬ ‫شَر َ‬‫ن ذلك ل َيصح و َ‬ ‫اللهم إل إذا بّين له بأ ّ‬
‫ن صلَتهما صحيحة‪.‬‬ ‫خل فإ ّ‬‫مع َمن َد َ‬
‫ف خْلف المام منفِردا " في هذه الحالة قالوا‪ " :‬إنه َيتقّدم حتى‬ ‫ض الذين قالوا‪ " :‬إنه َيص ّ‬ ‫ن بع َ‬ ‫هذا وِمن الجدير ِبالّذْكر أ ّ‬
‫خر فإذا انتهى ِمن الركوع والسجود َتقّدم "‪ ،‬وهذا القول قو ٌ‬
‫ل‬ ‫صق ِبالصفوف وعندما ُيريد أن َيركع أو َيسجد َيَتأ ّ‬ ‫َيلت ِ‬
‫ف منفِردا خْلف المام‬ ‫ضعيف‪ ،‬لنه َيقتضي هذه الحركة التي ل دليل عليها‪ ،‬فإذن إما الخذ ِبرأي َمن َيقول‪ " :‬إنه َيص ّ‬
‫ث الذي َوَرَد على مشروعيته‪-‬أي‬ ‫جر وهو وإن كان ل َيصح الحدي ُ‬ ‫ن ذلك جائز له " أو الخذ ِبرأي َمن يقول بالـ َ‬ ‫وأ ّ‬
‫ن هذه الحالة حالة ضرورة والنسان منهي عن أن َينفِرد في‬ ‫ن الذين قالوا ِبذلك َتَأّيدوا على ذلك ِبأ ّ‬ ‫جر‪-‬فإ ّ‬ ‫مشروعية الـ َ‬
‫جر فهو قول كثيٍر ِمن‬ ‫خَذ ِبالـ َ‬
‫جر لجل هذه الضرورة وإن كان الحديث ل َيصح‪ ،‬فإذا َأ َ‬ ‫ف دون غْيره فأجازوا له أن َي ُ‬ ‫ص ّ‬‫َ‬
‫أهل العلم وله أيضا وجه؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫شرة خْلف المام ‪ ..‬الكثير ِمن الناس ل َيصَنعون هذا إنما‬ ‫ل َيذهب به مبا َ‬ ‫جً‬
‫جّر َر ُ‬
‫س‪ :‬ذكرُتم ِبأنه عندما َي ُ‬
‫جّروَنه في نفس المكان الذي َيخُرج منه ثم َيصّفون معه‪ ،‬في هذه الحالة ما الحكم ؟‬ ‫َي ُ‬
‫ت ِبصحيحة‪.‬‬ ‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬هذا ل َيصح‪ ،‬فصلُة هؤلء ليس ْ‬
‫س‪ :‬حتى ولو كان المسجد كبيرا ؟‬
‫ف معه خْلف‬ ‫ص ّ‬‫شرة وَي ُ‬ ‫جر ِمن موضٍع آخر لكن ليس ِمن خْلف المام مبا َ‬ ‫ف بل َي ُ‬‫جّر ِمن طرف الص ّ‬ ‫ج‪ :‬ل َيلَزم أن َي ُ‬
‫طع مسافة‪-‬‬ ‫خر وق ْ‬‫جّر والّتأ ّ‬‫حم‪ ،‬وهذه المحذورات‪-‬وهي الـ َ‬ ‫طِع مسافٍة طويلة وبعَد ذلك الصف َيلت ِ‬ ‫المام‪ ،‬فل َيحتاج إلى َق ْ‬
‫جر مع ما‬ ‫ل على مشروعية الـ َ‬ ‫شئ صّفا جديدا خْلف المام ما دام ليس هنالك دليل َيد ّ‬ ‫ن ِللنسان أن ُين ِ‬ ‫راعاها َمن قال ِبأ ّ‬
‫َيترّتب عليه ِمن مفاسد‪.‬‬
‫ئ صّفا جديدا خْلف المام منفِردا ؟‬ ‫شُ‬ ‫س‪ :‬معنى ذلك أنه ُين ِ‬
‫ج‪ :‬هذا رأي طائفة كبيرة ِمن أهل العلم‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ُ‬
‫صل الكلم فيها‪ ،‬وقد‬ ‫كن أن أفَ ّ‬ ‫ت ضيق ل ُيم ِ‬ ‫من المور‪ ،‬والوق ُ‬ ‫إلى غير ذلك ِ‬
‫خرين ‪ ..‬ذهب إليه‬‫من كبار المتأ ّ‬ ‫من أهل العلم و ِ‬ ‫ذهب إلى هذا القول جماعة ِ‬
‫لمة أبو نبهان وابنه الشيخ ناصر‪-‬رحمهما الله تعالى‪-‬وِللشيخ ناصر في‬ ‫الع ّ‬
‫كن الجر ولكنه ل دليل‬ ‫ن الواِلد َيذهب إلى أنه ُيم ِ‬ ‫صل إل أ ّ‬
‫ذلك جواب مف ّ‬
‫جّر وإل فل بأس‪ ،‬أما البن فل َيرى الجّر بل يرى أنه َيقف خلف‬ ‫عليه فإن َ‬
‫الصف‪.‬‬
‫كر أدلتهم‪ ،‬وعلى كل حال‬ ‫وهذه المسألة َتحتاج إلى جواب طويل جدا ب ِذِ ْ‬
‫فالمسألة كما ترى مختَلف فيها بْين أهل العلم وليس فيها دليل قاطع‬
‫ِللنزاع؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ُ :‬يريد رأيكم أيضا ؟‬
‫ُ‬
‫كن إل بعد أن أفَ ّ‬
‫صل القول في هذه المسألة‪.‬‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا ل ُيم ِ‬
‫من‬
‫من المصحف إذا كان المام ل َيحفظ قدرا ِ‬
‫س‪ :‬ما حكم قراءة القرآن ِ‬
‫طيل في الصلة بالناس ؟‬
‫القرآن وهو يريد أن ي ُ ِ‬
‫ج‪ :‬هذه المسألة اختَلف العلماء فيها كثيرا‪:‬‬
‫مة ذلك‪.‬‬ ‫حْر َ‬
‫من ذلك وذهب إلى ُ‬ ‫من منع ِ‬ ‫منهم َ‬
‫ب إلى ك ََراهة ذلك‪.‬‬ ‫من ذ َهَ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫جاَزه في حالة الضطرار دون الختيار‪.‬‬ ‫َ‬
‫من أ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫من كان حافظا دون غير الحافظ‪.‬‬ ‫من أجاَزه ل ِ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ن المصحف الشريف في حالة‬ ‫َ‬ ‫وعلى ك ّ‬
‫م َ‬ ‫قَرأ القرآن ِ‬ ‫ل حال ل ينبغي أن ي ُ ْ‬
‫الصلة‪ ،‬وإّنما ينبغي للمام أن يعتمد على حافظته‪ ،‬فإذا كان ل َيحفظ كثيرا‬
‫ما استطاع عليه ول يلزم أن يقرأ القرآن بكامله في صلة التراويح‬ ‫ْ‬
‫ت بِ َ‬ ‫فلي َأ ِ‬
‫ذين يحفظون‬ ‫جد غيره من طلبة العلم ال ِ‬ ‫في شهر رمضان المبارك‪ ،‬وإذا وَ َ‬
‫ضة عليه خلفا ِلما يظنه بعض العوام‬ ‫دمهم ول غَ َ‬
‫ضا َ‬ ‫القرآن الكريم فإنه يق ّ‬
‫دم غيره من صغار الطلبة أو ما شابه ذلك فإنه سيكون في‬ ‫من أنه إذا ق ّ‬ ‫ِ‬
‫دم‬‫من ْزَِلته أو ما شابه ذلك ‪..‬والعكس أنه إذا ق ّ‬ ‫ن التقليل من َ‬ ‫م َ‬ ‫ذلك شيء ِ‬
‫قد ُّرونه على أن النسان‬ ‫جُلوَنه وي َ‬
‫غيره إذا كان أولى بالمامة فإن الناس سي ُب َ ّ‬
‫ديرهم وإّنما يسعى ِلمرضاة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ق ِ‬‫جيل الناس وت ْ‬ ‫ل يسعى لت َب ْ ِ‬
‫دم غيره من الحفاظ كما أرشد إلى ذلك المصطفى صلى الله عليه‬ ‫فليق ّ‬
‫وسلم عندما قال‪ ) :‬يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (‪ ،‬وإذا كانت هنالك‬
‫من القرآن ومنهم من‬ ‫من َيحفظ عشرة الجزاء الولى ِ‬ ‫جماعة منهم‪-‬مثل‪َ -‬‬ ‫َ‬
‫َيحفظ من ِنهايته ومنهم من وسطه فليتناوبوا ‪ ..‬أّول يصلي في اليام الولى‬
‫ؤوا إلى‬ ‫ما أن ي َل ْ َ‬
‫ج ُ‬ ‫ذلك الذي َيحفظ أول القرآن ثم يصلي الثاني وهكذا‪ ،‬أ ّ‬
‫دد فيه وقد علمتم بأن بعض‬ ‫المصحف فل ننصح بذلك بل ينبغي أن ُيش ّ‬
‫مته ومنهم من ذهب إلى كراهته‪ ،‬وأنا الن لست بصدد‬ ‫حْر َ‬‫العلماء ذهب إلى ُ‬
‫من هذه القوال وإّنما بصدد بيان أنه ل ينبغي ذلك أبدا وفي‬ ‫ترجيح الراجح ِ‬
‫حالة الضرورة ينبغي أن يلجأ المام إلى غيره فهذا ليس من المور التي‬
‫جد َ من يقوم بذلك‬ ‫ذا إذا وُ ِ‬‫ت َُباح في حالة الضطرار‪-‬مثل‪-‬لّنه ل اضطرار في هَ َ‬
‫‪29‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ثم إّنه إذا َلم ُيوجد من يقوم بذلك فبالمكان أن يصلي المام في هذه الليلة‬
‫من المعلوم أن كثيرا‬ ‫ِبهذه السور ويأتي ِبها‪-‬أيضا‪-‬في الليلة الثانية وهكذا‪ ،‬و ِ‬
‫من الناس َيحفظون جزأين أو ثلثة من القرآن فبإمكانهم أن يأتوا بهذه‬
‫الجزاء في ليالي شهر رمضان؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬عامل عند تاجر معّين قد اتفق مع مجموعة العمال هناك أن يصلوا الظهر‬
‫في مصلى خاص من أجل أنه ل يستطيع أن يخالف أمر الشخص الذي يعمل‬
‫عنده ‪ ..‬المسجد قريب منهم لكن هم اعتادوا على أن يصلوا هكذا في رمضان‬
‫فقط صلة الظهر في ذلك المصلى ويصلونها جماعة‪.‬‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ نحن ننصح أولئك التجار بأن يسمحوا لهؤلء العمال‪ ،‬ولعل‬
‫هؤلء التجار يسمعون ‪ ..‬أن يسمحوا لهؤلء العمال بأن يذهبوا لداء الصلة‬
‫في المسجد‪ ،‬ولن َيخسروا شيئا بمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬بل لعل الله‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪ُ-‬يهّيئ لهم الربح من حيث ل يشعرون ‪ ..‬ننصح أولئك بأن‬
‫ذر المر وكانوا مضطّرين للعمل فعسى أن‬ ‫يسمحوا لهم بذلك‪ ،‬فإن تع ّ‬
‫خص لهم في الصلة في هذا المصلى‪ ،‬أما إذا كان ُيمكنهم أن يذهبوا إلى‬ ‫ُير ّ‬
‫المسجد فل؛ والله أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬بعضهم يخاف على رزقه من أن ُيق َ‬
‫طع بسبب هذه المور ؟‬
‫ت‪.‬‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ كما قل ُ‬
‫وَردَ في ذلك شيء ؟‬
‫س‪ :‬دعاء المام جهرا وتأمين الجماعة‪ ،‬هل َ‬
‫ج‪ :‬هذه المسألة فيها خلف بين أهل العلم‪:‬‬
‫من شاء‬ ‫مين أو َ‬ ‫ن المأمو ِ‬ ‫من ذهب إلى أنه إذا دعا المام فإ ّ‬ ‫من أهل العلم َ‬ ‫ِ‬
‫منون على دعاِء ذلك المام إذا كان ذلك الدعاء لمرٍ دنيوي أو كان‬ ‫منهم يؤ ّ‬
‫قيا ِلرّبه تبارك وتعالى‪ ،‬أما إذا‬ ‫جل صاِلحا مت ّ ِ‬ ‫لمرٍ أخروي إذا كان ذلك المام َر ُ‬
‫ن على دعاِئه إذا دعا‬ ‫م ُ‬
‫سقا فإنه ل ُيؤ ّ‬ ‫كان ذلك الشخص مجهول أو كان فا ِ‬
‫خل فيه‪.‬‬‫ِبخْير ُأخرِوي َله أو كان دا ِ‬
‫سه فالمام يدعو لنفسه‬ ‫ل شخص َيدعو ِلنف ِ‬ ‫نك ّ‬‫وبعض العلماء ذهب إلى أ ّ‬
‫وغيره يشتغل بالدعاء لنفسه ول يلتفت إلى التأمين‪.‬‬
‫من‬‫مل على َ‬ ‫حا ُ‬
‫ضِليل أو الت ّ َ‬ ‫ديع والت ّ ْ‬‫والمسألة المر فيها يسير ول ينبغي الت ّب ْ ِ‬
‫قال ِبهذا الرأي أو بذلك الرأي‪ ،‬فإذا اشتغل النسان بنفسه ودعا أو ذكر الله‬
‫تبارك وتعالى ‪ ..‬أتى بتلك الذكار والدعية الواردة عن النبي‪-‬صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬وَلم يشتغل بدعاء المام فذلك فيه خْير وبركة بمشيئة الله‬
‫تبارك وتعالى‪.‬‬
‫من الشخص ويستحضر في‬ ‫مجهول الحال هل يصح أن يؤ ّ‬ ‫س‪ :‬إذا كان المام َ‬
‫نيته َتخصيص ذلك أو تعليق أمر إجابة الدعوة أو التأمين إن كان هذا المام‬
‫صالحا ؟‬
‫صل لو دعا النسان‬
‫ديرات هذه فيها ما فيها لكن ال ْ‬
‫ج‪ :‬هو‪-‬حقيقة‪-‬قضية التق ِ‬
‫مجهول فإنه يدعو ِلعموم المسلمين فإن كان ذلك الشخص‬ ‫ِبدعاء لشخص َ‬
‫من أهل الصلح فإنه سيدخل في عموم المسلمين ‪ ..‬إذا طلب‪-‬مثل‪-‬شخص‬
‫من شخص أن يدعو له وهكذا في صلة الجنائز‪-‬مثل‪-‬إذا كان يريد أن يصلي‬
‫مجهول فإنه يدعو بدعاء عام ‪ ..‬إذا كان ذلك الشخص من أهل‬ ‫على شخص َ‬
‫‪30‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الصلح فإنه سيدخل في ذلك العموم‪ ،‬وكذلك لو صلى على شخص َفا ِ‬
‫سق‬
‫فإّنه يدعو لعموم المسلمين فإن ذلك الشخص الفاسق إذا كان مات على‬
‫توبة صاِدقة فإنه سَيدخل في ذلك العموم ‪ ..‬هذا الذي ينبغي أن ُيسَلك؛‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا كان المام ينظر إلى شاشة أمامه فيها آيات القرآن الكريم ويقرأ‬
‫منها أثناء الصلة‪ ،‬هل يصح له ذلك ؟‬
‫ن ذلك يتنافى مع الخشوع‪ ،‬فمن اشتغل‬ ‫الجواب ‪ :‬ل‪ ،‬ل يصح له ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫بالقراءة من شاشة أو من أوراق أو مما شابه ذلك فل شك بأنه سيترك‬
‫الركن العظم الخشوع‪ ،‬الذي يقول فيه النبي ‪ ) : ‬والخشوع عمود الصلة‬
‫(‪.‬‬

‫‪‬ثانيا ‪ :‬أحكام صلة السفر ‪‬‬


‫س ‪ :1‬ما حكم صلة السفر‪ ،‬هل هي عزيمة أم هي رخصة ؟‬
‫ج‪ :‬قد اختلف العلماء في حكم صلة السفر؛‬
‫قصر واجب في السفر ول يجوز‬ ‫ن ال َ‬
‫ذهبت طائفة كبيرة من أهل العلم إلى أ ّ‬
‫لحد أن يتركه إل إذا صلى خلف إمام مقيم فإنه في هذه الحالة عليه أن‬
‫ُيكمل الصلة لضرورة متابعة المام؛ كما هو مذهب جمهور المة؛ خلفا لمن‬
‫ن المسافر يصلي خلف المام المقيم ركعتين ليس إل‪ ،‬وهذا‬ ‫شذ ّ وزعم أ ّ‬
‫قول ضعيف جدا مخالف للسّنة الصحيحة الثابتة عن النبي‪-‬صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬ثبوتا أوضح من شمس الظهيرة‪ ،‬وقد ذكر غير واحد من‬
‫مة السلمية؛ أما إذا صلى‬ ‫ن هذا الكلم مسبوق بإجماع ال ّ‬ ‫أهل العلم أ ّ‬
‫صر الصلة‪ ،‬وهذا القول‬ ‫ن عليه أن يق ُ‬ ‫بمفرده أو صلى خلف إمام مسافر فإ ّ‬
‫مروي عن طائفة كبيرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪ ،‬فقد روي عن عمر بن الخطاب الخليفة الراشد رضي الله‪-‬‬
‫ي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وجابر بن‬ ‫تعالى‪-‬عنه‪ ،‬وروي عن عل ّ‬
‫ل حكاه غير واحد من أهل العلم عن اتفاق صحابة رسول الله‬ ‫عبد الله‪ ،‬ب ْ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؛ وما روي عن عائشة وعثمان من‬
‫ن‬
‫ملت هذه الطائفة ذلك منهما على التأويل‪ ،‬وإل فإ ّ‬ ‫أنهما قد أتما فقد ح َ‬
‫مذهبهما كغيرهما من صحابة رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫هو الوجوب‪ ،‬وقد قال بذلك الحسن البصري وسعيد بن جبير وقتادة‬
‫دي‪ ،‬وذهب إليه‪-‬أيضا‪-‬عمر بن عبد العزيز رضي الله‪-‬تعالى‪-‬عنه‪ ،‬وهو‬ ‫س ّ‬
‫وال ّ‬
‫مذهب الوزاعي والثوري‪ ،‬وهو رواية عن المام مالك‪ ،‬ورواية عن المام‬
‫أحمد‪ ،‬ورواية عن إسحاق‪ ،‬وقال به ابن القاسم وابن حزم‪ ،‬وهو مذهب‬
‫الحنفية والهادوية‪ ،‬وذهب إليه‪-‬أيضا‪-‬ابن القّيم وطائفة كبيرة من العلماء من‬
‫صديق خان وغيرهم‪ ،‬وهذا هو مذهب‬ ‫قب ِِلي والشوكاني و ِ‬
‫م ْ‬
‫المتأخرين كال َ‬

‫‪31‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫أصحابنا‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليهم‪-‬قاطبة؛ بينما ذهبت طائفة من‬


‫أهل العلم إلى القول بالجواز‪،‬‬
‫واختلفوا في الفضل‪ ،‬منهم من ذهب إلى تفضيل القصر‪ ،‬ومنهم من ذهب‬
‫إلى تفضيل التمام‪ ،‬ومنهم من لم يذكر تفضيل لحدهما على الخر‪،‬‬
‫ن القصر رخصة‪ ،‬بينما يعّبر بعض‬ ‫ن التمام واجب وأ ّ‬ ‫وذكر بعض العلماء أ ّ‬
‫ن من قال بالجواز‬ ‫العلماء بجواز المرين‪ ،‬ول إشكال في هذين التعبيرين‪ ،‬ل ّ‬
‫ل يريد بالجواز هاهنا أنه يجوز لحد أن يترك القصر والتمام‪ ،‬وإنما معنى‬
‫ذلك أنه يجوز للنسان أن يأخذ بهذا ويجوز له أن يأخذ بهذا‪ ،‬ومن عّبر‬
‫ن النسان يجوز له أن يترك القصر‬ ‫بوجوب التمام وجواز القصر فإنه أراد أ ّ‬
‫صر‪ ،‬وهذا التعبير وإن كان فيه ما فيه‬ ‫ول يجوز له أن يترك التمام إل إذا ق َ‬
‫ن الولى أن يقال بجواز المرين وُيعنى بذلك أنه لبد من‬ ‫فل بأس به ولك ّ‬
‫ن القصر واجب في السفر هو‬ ‫التيان بواحد منهما؛ والقول الول وهو أ ّ‬
‫القول الصحيح؛ وذلك لنه يجب على النسان إذا وجد خلفا بين أهل‬
‫العلم أن ينظر إلى الدلة من كتاب الله‪-‬تبارك تعالى‪-‬ومن سّنة رسوله‪-‬‬
‫صلوات الله وسلمه عليه‪-‬إذ هما الفيصل في مثل هذه المسائل‪ ،‬ونحن إذا‬
‫رجعنا إلى سّنة رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬فإننا نجد السّنة‬
‫الفعلية والسّنة القولية تدلن دللة ل غموض فيها على وجوب القصر في‬
‫صر في جميع أسفاره ولم‬ ‫السفر‪ ،‬فالرسول‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬قد ق َ‬
‫م في صلة من صلواته في السفر البّتة‪ ،‬ومن روى عنه أنه قد‬ ‫يثبت أنه أت ّ‬
‫أتم فقد أخطأ‪ ،‬وقد روى عنه القصر طائفة كبيرة من صحابته رضوان الله‪-‬‬
‫تعالى‪-‬عليهم‪ ،‬ول أرى أن أطيل المقام بذكر تلك الروايات مع الكلم على‬
‫ن ذلك من الشهرة بمكان ول عبرة بالضعيف‪-‬‬ ‫الصحيح والضعيف منها‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫كما هو المعلوم‪-‬إل إذا كان مما يمكن أن يرتقي بغيره من الروايات الثابتة‪،‬‬
‫وعلى كل حال ففي الصحيح الثابت عنهم‪-‬رضوان الله تعالى عليهم‪-‬ما يغني‬
‫ن النبي‪-‬صلى‬ ‫صت طائفة كبيرة من أهل العلم على أ ّ‬ ‫عن الضعيف‪ ،‬وقد ن ّ‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد لزم القصر‪ 1‬في جميع أسفاره‪ ،‬وممن ذكر‬
‫ذلك ابن رشد‪ ،‬وذكره‪-‬أيضا‪-‬الجصاص وابن قدامة وابن القّيم وقبله شيخه‬
‫قب ِِلي والشوكاني وجماعة كبيرة‪ ،‬وذكره من‬ ‫م ْ‬
‫ابن تيمية‪ ،‬وذكره كذلك ال َ‬
‫علمائنا المام السالمي والشيخ الجيطالي وآخرون‪ ،‬وفي هذا ما يدل دللة‬
‫قصر‪-‬صلى‬ ‫واضحة على الوجوب‪ ،‬وإل لو كان المر يقتضي الجواز لترك ال َ‬
‫ن ذلك ليس على‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولو مرة واحدة ليبّين لصحابه أ ّ‬
‫ن‬
‫الوجوب‪ ،‬أو لفصح عن ذلك بلسانه‪ ،‬أما أنه قد لزم القصر ولم يذكر بأ ّ‬
‫ن ذلك ل يدل على الوجوب‬ ‫ذلك ليس على الوجوب فل يمكن أن يقال‪ :‬إ ّ‬
‫وإنما هو على الجواز فقط؛ أما الروايات التي تدل من جهة القول على‬
‫الوجوب فهي كثيرة‪ ،‬من ذلك‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬السفر " بدل من " القصر " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ما جاء عن السيدة عائشة‪-‬رضي الله تعالى عنها‪-‬أنها قالت‪ " :‬فرضت‬
‫الصلة ركعتين ركعتين فأ ُقِّرت في السفر وزيد في صلة الحضر " وله‬
‫ألفاظ متعّينة‪ ،‬ومثله حكمه الرفع‪ ،‬وهذا الحديث رواه المام الربيع‪-‬رحمه‬
‫الله‪-‬ورواه المام مالك والبخاري ومسلم والنسائي وأبو داوود والدارمي‬
‫والطيالسي وعبد الرزاق وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي‬
‫رض عليه باعتراضات ولكنها واهية‬ ‫والطحاوي وابن حزم وآخرون‪ ،‬وقد اعت ُ ِ‬
‫وقد أجبنا عليها وأجاب عليها غيرنا ول حاجة للطالة بذلك فمن شاء ذلك‬
‫ن تلك‬
‫فليرجع إليه في موضعه فإنه سيجد بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أ ّ‬
‫العتراضات ل تسمن ول تغني من جوع؛‬
‫ومن ذلك ما جاء عن ابن عباس رضي الله‪-‬تعالى‪-‬عنهما أنه قال‪ " :‬فرض‬
‫الله الصلة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين " والحديث رواه مسلم‬
‫وأبو عوانة والنسائي وأبو داوود وابن ماجة وأحمد وابن خزيمة وابن حبان‬
‫وابن أبي شيبة وعبد الرزاق وابن حزم والبيهقي والطحاوي والشافعي في‬
‫" السنن المأثورة "‪ ،‬وروته جماعة كبيرة‪ ،‬ول يمكن أن ُيعتَرض عليه بأنه من‬
‫ن مثل ذلك ل يمكن إل أن يكون‬ ‫كلم ابن عباس رضي الله‪-‬تعالى‪-‬عنه‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫بتوقيف من النبي صلوات الله عليه وسلمه‪ ،‬إذ مثل ذلك ل يمكن أن يقال‬
‫بالرأي‪ ،‬كما أنه ل يمكن أن ُيعتَرض عليه بأنه مخالف لحديث السيدة عائشة‬
‫ن حديث ابن عباس‪-‬رضوان الله تعالى عليه‪-‬يدل‬ ‫رضي الله‪-‬تعالى‪-‬عنها‪ ،‬ل ّ‬
‫على ما استقر عليه المر بينما حديث عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنها‪-‬‬
‫فيه بيان كيفية افتراض الصلة في أول المر ‪ ..‬كذلك ل يمكن أن يعترض‬
‫ن هذه الزيادة شاّذة‬ ‫عليه بأنه قد جاء في نهايته‪ " :‬وفي الخوف ركعة " ل ّ‬
‫رد لفظة أو‬ ‫ت سابقا في غير هذه الليلة بأنه يمكن أن ت ِ‬ ‫على التحقيق‪ ،‬وذكر ُ‬
‫جملة شاذة في حديث بينما ذلك الحديث بكامله يكون صحيحا‪ ،‬ولذلك أمثلة‬
‫ددة؛‬‫متع ّ‬
‫ومن ذلك حديث عمر‪-‬رضي الله تعالى عنه‪-‬أنه قال‪ " :‬صلة السفر ركعتان‬
‫وصلة الفطر ركعتان وصلة الضحى ركعتان وصلة الجمعة ركعتان تمام‬
‫ن صلة السفر ركعتان وهي ليست بقصر‪ ،‬ثم قال‪" :‬‬ ‫غير قصر " ذكر فيه بأ ّ‬
‫على لسان محمد " صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهذا الحديث روته‬
‫طائفة كبيرة من أئمة الحديث‪ ،‬فقد رواه النسائي وابن ماجة وأحمد وابن‬
‫حبان وابن أبي شيبة وعبد الرزاق والبزار والطحاوي والبيهقي‪ ،‬ورواه كذلك‬
‫ن بعض العلماء قد أعّله بالنقطاع‪ ،‬لنه من‬ ‫أبو ن ُعَْيم‪ ،‬وروته طائفة إل أ ّ‬
‫طريق ابن أبي ليلى وهو لم يسمع من عمر بن الخطاب على رأي طائفة‪،‬‬
‫ن طائفة من أهل العلم قد نصت على أنه سمع منه‪ ،‬وجاء في رواية‬ ‫ولك ّ‬
‫ن عبد‬ ‫عند النسائي في " الكبرى " وعند ابن ماجة وابن خزيمة والبيهقي بأ ّ‬
‫جَرة‪ ،‬وجاء عند الطحاوي بأنه رواه‬ ‫الرحمن قد رواه من طريق كعب بن عُ ْ‬
‫عن الثقة عن عمر رضي الله‪-‬تعالى‪-‬عنه‪ ،‬ول إشكال في ذلك فعلى تقدير‬
‫ن عبد الرحمن قد سمع من عمر‪-‬رضي الله تعالى عنهما‪-‬فيمكن أنه سمعه‬ ‫أ ّ‬
‫‪33‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جَرة‪ ،‬فرواه مرة عن عمر‬ ‫مرة منه وسمعه مرة عن الثقة الذي هو ابن عُ ْ‬
‫مباشرة ورواه مرة عنه بالواسطة‪ ،‬وعلى تقدير عدم سماعه من عمر‪-‬‬
‫رضي الله تعالى عنه‪-‬فإنه قد ذكر الواسطة عنه وكذلك الرواية التي فيها‬
‫بأنه سمعه من الثقة فقد صرح بالثقة في رواية أخرى‪.‬‬
‫ن عبد‬ ‫نعم‪ ،‬كنا نتكلم على حديث عمر رضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنه‪ ،‬وقلنا‪ :‬إ ّ‬
‫الرحمن بن أبي ليلى رواه في رواية عن عمر‪-‬رضي الله تعالى عنه‪-‬مباشرة‬
‫ورواه في رواية عنه بواسطة كعب بن عجرة وفي رواية عن الثقة والظاهر‬
‫ت‪ :‬بأنه يمكن أن يكون قد سمعه من عمر على رأي طائفة‬ ‫أنه كعب‪ ،‬وقل ُ‬
‫كبيرة من أهل العلم‪ ،‬وهذا هو الذي يؤخذ من كلم الذهبي وقب َْله من كلم‬
‫أبي ن ُعَْيم‪ ،‬وكذلك ذهبت إليه طائفة من المتقدمين وإن كان كثير من‬
‫العلماء على خلف ذلك‪ ،‬وإذا قلنا بهذا الرأي‪-‬وهو الذي يظهر‪-‬فل إشكال‬
‫في المر‪ ،‬وإذا قلنا بأنه لم َيسمع منه فقد بّين الواسطة الذي سمعه منه‪،‬‬
‫ت‪-‬أن يكون مرة‬ ‫ول إشكال في ذلك على الرأي الول‪ ،‬فإنه يمكن‪-‬كما قل ُ‬
‫دث عن الصل ومرة يحدث عن الفرع على أنه على تقدير عدم ثبوت‬ ‫ُيح ّ‬
‫الرواية الثانية فإنها تكون من باب المزيد في متصل السانيد‪ ،‬فيكون‬
‫الراوي قد أخطأ في ذكره لكعب‪ ،‬وعلى كل حال ليس هذا الموضع يكفي‬
‫لتحقيق الكلم على هذا الحديث‪ ،‬وقد ذكرنا ذلك في موضعه؛‬
‫ومن ذلك‪-‬أيضا‪-‬حديث عمر‪-‬رضي الله تعالى عنه‪-‬أنه قال له الرسول‪-‬صلى‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬في حديث شهير عن القصر‪ ) :‬صدقة تصدق الله‬
‫بها عليكم فاقبلوا صدقته ( فقوله‪ ) :‬فاقبلوا صدقته ( حديث يدل على‬
‫ن أمر رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬يدل على‬ ‫الوجوب‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫الوجوب‪ ،‬لدلة متعددة‪ ،‬وهو الذي ذهب إليه الجمهور‪ ،‬وهذا الحديث‪-‬أيضا‪-‬‬
‫رواه المام مسلم‪ ،‬ورواه النسائي وأبو داوود والدارمي وابن ماجة وابن‬
‫خزيمة وابن حبان وأحمد وعبد الرزاق وابن الجارود‪ ،‬ورواه كذلك‪-‬أيضا‪-‬ابن‬
‫جرير‪ ،‬ورواه البيهقي‪ ،‬ورواه النحاس في " الناسخ والمنسوخ " وأبو ن ُعَْيم‬
‫ن رجل قال‬ ‫وطائفة كبيرة من أئمة الحديث؛ ومن الدلة على ذلك‪-‬أيضا‪-‬أ ّ‬
‫لبن عمر رضي الله‪-‬تعالى‪-‬عنه‪ " :‬يا أبا عبد الرحمن إنا نجد في القرآن‬
‫صلة الحضر وصلة الخوف ول نجد صلة السفر‪ 1‬؟ " فقال‪ " :‬يا هذا‪-‬كما هو‬
‫ن الله قد بعث إلينا محمدا ول نعلم شيئا فإنما نفعل ما رأيناه‬ ‫في رواية‪-‬إ ّ‬
‫يفعل " وقد جاء بغير هذا اللفظ‪ ،‬وقد رواه الربيع رحمه الله‪ ،‬ورواه مالك‬
‫وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم‪ ،‬وهو حديث صحيح‪ ،‬فهذا‪-‬أيضا‪-‬يؤخذ‬
‫منه الوجوب؛‬
‫وهنالك أدلة أخرى ل داعي للطالة بها‪ ،‬فهذه الحاديث وغيرها كثير تدل‬
‫جب عنها أحد إل باعتراضات أوهى من‬ ‫دللة واضحة على الوجوب‪ ،‬ولم ي ُ ِ‬
‫نسج العنكبوت‪ ،‬وقد ذكرناها مشفوعة بأجوبتها في غير ما كتاب فمن شاء‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬القصر " بدل من " السفر " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ذلك فليرجع إلى " الرأي المعتبر " وإن كان مختصرا بالنسبة إلى أصله؛‬
‫وأما الذين قالوا بعدم الوجوب فإنهم استندوا إلى الية القرآنية‪... :‬‬
‫لة ‪ ] ...‬سورة النساء‪ ،‬من الية‪:‬‬ ‫ص َ‬ ‫ن ال ّ‬
‫م َ‬
‫صُروا ِ‬ ‫ح َأن ت َ ْ‬
‫ق ُ‬ ‫جَنا ٌ‬
‫م ُ‬‫س عَل َي ْك ُ ْ‬
‫فَل َي ْ َ‬
‫‪ ،[ 101‬ول دللة في الية‪ ،‬لنها على رأي كثير من أهل العلم ليست في‬
‫صلة السفر‪ ،‬وإنما هي في صلة الخوف‪ ،‬وهو الذي يؤخذ من قول ابن عمر‬
‫وساِئله‪ " :‬إنا نجد صلة الحضر وصلة الخوف " هكذا قال السائل وأقره‬
‫ابن عمر ‪ ..‬قال السائل‪ " :‬نجد ذلك في القرآن ول نجد صلة السفر "‬
‫وأقره على ذلك ابن عمر‪ ،‬وهذا الرأي هو الذي رجحه ابن جرير‪ ،‬فإذن الية‬
‫لم تتعرض لقصر السفر رأسا‪ ،‬وعلى تقدير أنها في قصر السفر‪-‬كما هو‬
‫ن نفي الجناح ل يؤخذ منه عدم الوجوب‪،‬‬ ‫رأي جماعة‪-‬أو في القصرين معا فإ ّ‬
‫إذ إنه تارة يدل على هذا وتارة يدل على ذاك‪ ،‬ومثل هذه الية ما جاء في‬
‫ن‬
‫ن الصحيح الراجح أ ّ‬ ‫ي الجناح مع أ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫السعي بين الصفا والمروة‪ ،‬فإنه‪-‬أيضا‪-‬ن ُ ِ‬
‫السعي بين الصفا والمروة واجب‪ ،‬والدلة التي ذكرناها من السّنة تدل على‬
‫ن‬
‫ن نفي الجناح ل يراد به هاهنا نفي الوجوب؛ واستدلوا‪-‬أيضا‪-‬برواية أ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬كان يقصر في السفر ويتم‪ ،‬وهذه‬
‫الرواية ليست بشيء‪ ،‬لنها من طريق السيدة عائشة رواها عنها عطاء بن‬
‫أبي رباح وروايته ل تصح من طريق السيدة عائشة رضي الله‪-‬تعالى‪-‬عنها‪،‬‬
‫كما ذكر ذلك غير واحد من أئمة التحقيق‪ ،‬وقد جاء عنه من أربع طرق‬
‫إحداها من طريق ابن وثاب وهو مجهول‪ ،‬والثانية من طريق المغيرة بن‬
‫زياد وهو ضعيف‪ ،‬والثالثة من طريق طلحة بن عمرو وهو ضعيف‪ ،‬وجاء‪-‬‬
‫أيضا‪-‬من طريق رابعة ولكنها‪-‬أيضا‪-‬ضعيفة‪ ،‬فهذا الحديث ل ُيعتمد عليه‪،‬‬
‫ن في‬ ‫وكذلك ما جاء من أنه أقر السيدة عائشة على التمام ليس بشيء‪ ،‬ل ّ‬
‫ن السيدة عائشة لم‬ ‫إسناده راويا ضعيفا وهو العلء بن عبد الرحمن‪ ،‬ثم إ ّ‬
‫مت بخلف فعل النبي ‪‬‬ ‫تكن معه في سفر فتح مكة فكيف يقال بأنها أت ّ‬
‫ن الصحابة‬ ‫وهي لم تكن مسافرة معه في ذلك السفر ؟! وكذلك ما جاء أ ّ‬
‫كانوا يسافرون مع النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وكان منهم من‬
‫يصوم ومنهم من يفطر ‪ ..‬منهم الصائم ومنهم المفطر ومنهم الذي يقصر‬
‫ومنهم الذي يكمل الصلة‪ ،‬هذا معناه ‪ ..‬هذا الحديث رواه البيهقي وليس‬
‫مي ول يؤخذ بروايته‪ ،‬والراوي عنه ضعيف‪-‬‬ ‫بشيء‪ ،‬لنه من طريق زيد العَ ّ‬
‫ن النبي ‪ ‬أتم في الخوف‪ ،‬فهذه‬ ‫أيضا‪-‬فمثله ل ُيفَرح به‪ ،‬وكذلك ما جاء أ ّ‬
‫طعة من رواية أخرى‪ ،‬فالصحيح أنه صلى ركعتين ثم سلم ثم‬ ‫مقت َ َ‬ ‫الرواية ُ‬
‫صلى بطائفة أخرى ركعتين فكان متنفل؛ فهذه أقوى ما استند إليه القائلون‬
‫بالجواز وهي كما ترون ل َتثبت عن النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬وإذا‬
‫ن القول بالوجوب هو القول الراجح‪ ،‬فل ينبغي لحد‬ ‫كان المر كذلك فإ ّ‬
‫ت هو مذهب أكثر الصحابة‪ ،‬بل مذهب الصحابة قاطبة‬ ‫أن يتركه‪ ،‬ثم‪-‬كما ذكر ُ‬
‫على رأي أكثرهم‪ ،‬وهو الذي ذهب إليه التابعون ومن تبعهم بإحسان أو‬
‫أكثرهم‪ ،‬ولذلك قال الترمذي‪ " :‬العمل على ما كان عليه النبي ‪ ‬وأبو بكر‬
‫‪35‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وعمر " ونسبه البغوي إلى أكثر العلماء‪ ،‬ونسبه الخطابي إلى أكثر أهل‬
‫العلم؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫م في السفر مستِندا في ذلك إلى قول أحد مشائخه‬ ‫س‪ :‬ما حكم من كان ُيت ّ‬
‫الذين يثق فيهم وهو أنهم يقولون‪ " :‬من كان يملك مسكنا في السفر وكان‬
‫يطيل المكث فيه فعليه التمام ولو لم ينو الستقرار فيه " ثم تبّين له بعد‬
‫ّ‬
‫ن الراجح هو ما ذهبتم إليه ؟ وهل يجب عليه قضاء الصلوات التي صلها‬ ‫ذلك أ ّ‬
‫تماما عمل بقول شيخه ؟ وما حكم هذا الشخص إن كان يصلي بالناس في‬
‫تلك الفترة ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫ن المسألة ليست فيها أدلة‬ ‫‪ :‬نعم‪ ،‬الصحيح هو وجوب القصر كما ذكرنا ‪ ,‬إل أ ّ‬
‫قاطعة‪ ،‬فالمسألة ل تخرج عن دائرة الظن‪ ،‬وإن كان الصحيح الذي تدل له‬
‫ل برأي من آراء أهل‬ ‫السّنة هو ما ذكرناه‪ ،‬وإذا كان النسان يأخذ من قب ُ‬
‫ن ذلك الرأي هو الصواب فإننا ل نقوى على أن ُنلزمه البدل‪،‬‬ ‫العلم ويظن أ ّ‬
‫ت‪-‬ل تخرج عن دائرة الظن‪ ،‬أما إذا كان ذلك‬ ‫ن هذه المسألة‪-‬كما قل ُ‬ ‫ل ّ‬
‫الرجل الذي َيستند إلى كلمه ليس من أهل العلم وإنما يتظاهر بالعلم‬
‫صر في حقيقة الواقع في طلب الحق‬ ‫وليس المر كذلك فهذا الشخص قد ق ّ‬
‫ولم يطلب ذلك من أهله فعليه أن يتوب إلى الله وأن يعيد تلك الصلوات‬
‫ت‪-‬منهم من يقول بوجوب‬ ‫ن العلماء‪-‬كما قل ُ‬
‫التي أتمها وهو مسافر‪ ،‬ثم إ ّ‬
‫القصر‪ ،‬ومنهم من يقول بالتخيير ولكن لمدة معّينة‪ ،‬ومنهم من يقول‪-‬أيضا‪-‬‬
‫صر النسان في مكان‬ ‫بالجواز مهما مكث النسان من السفر‪ ،‬أما أن يق ُ‬
‫وهو لم يستقر فيه وإنما لنه بنى فيه بيتا أو ما شابه ذلك فهذا أمر عجيب‪،‬‬
‫فهو لم ينو الستيطان‪ ،‬فل أدري هذا الشيخ الذي يذكره هل يأخذ برأي من‬
‫ن النسان لبد من أن يقصر مهما مكث من الزمن إل أنه‬ ‫يقول بالوجوب وأ ّ‬
‫ن من مكث في مكان‬ ‫يجهل تطبيق ذلك على هذه القضية ولذلك أفتى بأ ّ‬
‫وهو لم ينو الستقرار لكونه قد ملك بيتا أو ما شابه ذلك‪ ،‬فإن كان المر‬
‫كذلك فهذا خطأ في حقيقة الواقع وعليه أن يتوب إلى الله‪ ،‬وعلى ذلك‬
‫الذي أخذ برأيه أن يتوب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وأن يعيد تلك الصلوات‪ ،‬أما‬
‫إذا كان ذلك الشيخ يأخذ برأي من يقول بالجواز إما اجتهادا وإما تقليدا لمن‬
‫ن ذلك هو الصحيح وأفتى من أفتاه بذلك فل نقوى على‬ ‫يقول بذلك ويظن أ ّ‬
‫أن نلزمه العادة‪ ،‬بل نأمره بتطبيق الصواب في المستقبل؛ والله أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬كانوا مسافرين مع جماعة وأثناء الوضوء دخلت فرقة منهم في المسجد‬
‫فوجدت جماعة تصلي‪ ،‬في هذه الحالة هل يدخلون فيصلون معهم أم‬
‫ن الذين دخلوا إلى المسجد ل يدرون‬
‫ينتظرون أصحابهم ليصلوا جمعا ؟ ثم إ ّ‬
‫عن تلك الجماعة هل تصلي قصرا أم تصلي وطنا‪.‬‬
‫الجواب ‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫أما إذا كانت تلك الجماعة تصلي تلك الصلة التي تريد هذه الجماعة أن‬
‫ن عليهم أن يدخلوا معهم وليس لهم أن ينتظروا أصحابهم‪،‬‬ ‫تقوم بأدائها فإ ّ‬
‫فإن جاء أصحابهم وأمكنهم أن يدخلوا في تلك الجماعة فعليهم‪-‬أيضا‪-‬أن‬
‫كنوا من ذلك فبإمكانهم أن يقيموا جماعة أخرى‪،‬‬ ‫يدخلوا فيها‪ ،‬وإن لم يتم ّ‬
‫لنهم لم يريدوا معارضة الجماعة الولى أو ما شابه ذلك وإنما تأخروا‬
‫ن عليهم أن‬ ‫ل وفّرطوا في ذلك فإ ّ‬ ‫لسبب من السباب‪ ،‬بل لو تأخروا من قب ُ‬
‫يتوبوا إلى الله وأن يقيموا صلة الجماعة‪ ،‬ل كما قال بعضهم أنه ليس لهم‬
‫أن يقيموا جماعة ثانية‪ ،‬هذا إذا كانت تلك الصلة هي الصلة‪ 1‬التي تريد تلك‬
‫الجماعة أن تقوم بأدائها وذلك تارة يكون واضحا جليا وتارة ُيفهم بالقرائن‬
‫وتارة ل يمكن النسان أن يفهم ذلك‪ ،‬فإذا كان الوقت وقت تلك الصلة ‪..‬‬
‫ن تلك الجماعة تصلي‬ ‫مثل كان ذلك الوقت وقت صلة العصر فالظاهر أ ّ‬
‫العصر وعليه هؤلء إما أن يصلوا معهم نافلة‪ ،‬وهذا هو الفضل‪ ،‬لمر النبي‪-‬‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬بذلك‪ ،‬بل ل ينبغي لهم أن يتأخروا إل إذا‬
‫كانت تلك الجماعة ليست الجماعة الصلية بل كانت جماعة ثانية أو ثالثة‬
‫ن ذلك ل يدخل في أمر النبي ‪ ‬اللهم إل إذا صلوا معهم تحّية المسجد‪،‬‬ ‫فإ ّ‬
‫ن من دخل المسجد يؤمر بتأدية ركعتي تحية المسجد قبل أن يجلس إل‬ ‫فإ ّ‬
‫إذا أراد أن يصلي الفريضة ففي هذه الحالة بإمكانهم أن ينتظروا أصحابهم‬
‫ويقوموا بتأدية تلك الصلة معهم؛ والله أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬من يسافر من بلده إلى بلد آخر وبعد فترة يترك السفر فيصلي إتماما‬
‫ن بلد المسلمين تعتبر وطنا له أينما ح ّ‬
‫ل فيها‪ ،‬فهل يصح هذا ؟‬ ‫ظنا منه أ ّ‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫هذا الشخص قد أخطأ الصواب فبلد المسلمين وإن كانت بمشيئة الله‪-‬‬
‫ن ما نشاهده من حدود تفصل بين الدول‪ ،‬وفي‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬واحدة ولك ّ‬
‫كثير من الدول لبد من موافقة تلك الدولة على الدخول في الدولة الثانية‬
‫ومن إقامة مدة معّينة وإذا أراد أن يبقى مدة أخرى لبد من أن يطلب الذن‬
‫أو ما شابه ذلك ثم إنه قد يأتي لدراسة ويمكث كذا كذا سنة من السنوات‬
‫أو يأتي لعمل وهو يقصد أن يبقى مدة معّينة من الزمن فهذا في حقيقة‬
‫الواقع لم يستقر في هذه البلد التي ذهب إليها ‪ ..‬في أيّ بلد من البلد ‪..‬‬
‫ت‪-‬لطلب علم أو طلب‬ ‫هو لم يستقر في تلك البلد‪ ،‬وإنما جاء‪-‬كما قل ُ‬
‫معيشة أو ما شابه ذلك من المور فهذا في واقع المر ل ينطبق عليه‬
‫الستقرار المعروف‪ ،‬فمن أراد أن يكمل الصلة لبد من أن تكون نفسه قد‬
‫اطمأنت في ذلك المكان وارتاح فيه وأراد أن يستقر فيه‪ ،‬أما أن يكون‬
‫ارتاح لهله أو ارتاح من أجل طلب المعاش أو ما شابه ذلك فهذه وإن كانت‬
‫راحة نفسية ولكنها ليست هي الراحة أو ليس هو الطمئنان الذي يوجب‬
‫التمام في الصلة‪ ،‬فالناس يجهلون بين الطمئنان والستقرار الذي يوجب‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬الجماعة هي الجماعة " بدل من " الصلة هي الصلة " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫التمام وبين الستقرار والمودة مع أصحابهم وأصدقائهم وما شابه ذلك فهذا‬
‫ي ل يخفى‪ ،‬فالنسان الذي‬ ‫المر يختلف عن ذلك المر كما هو واضح جل ّ‬
‫استقر في ذلك المكان وأراد أن يعيش فيه وهو مطمئن فيه ويعرف بأنه ل‬
‫يمكن أن َيخرج منه بأمر من دولة ول بغير ذلك إل إذا كان هنالك ظرف‬
‫ن النسان ل يدري ماذا سيأتي‬ ‫حادث أو ظرف سيطرأ له في المستقبل فإ ّ‬
‫عليه في المستقبل‪ ،‬أما أن يكون يعرف في قرارة نفسه بأنه لن يبقى في‬
‫هذا المكان فهذا يجادل ويماري بالباطل‪ ،‬وهو في حقيقة الواقع ل يكمل‬
‫الصلة إل من أجل الحصول على دراهم معدودة وُيفّرط في أمر دينه وُيؤّثر‬
‫على من يصلي خلفه‪ ،‬فعلى هؤلء أن يعلموا ذلك يقينا وأنه ل يجوز لهم‬
‫التمام بحال من الحوال؛ هذا والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم؛ وعلى كل حال‪ ،‬هذا ل‬
‫ل‪ ،‬فل يمكن أن ُيرّوج لذلك‬‫يوجب تفريق المسلمين أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ك ّ‬
‫بمثل هذا الهراء التافه‪ ،‬فما يجمع بين المسلمين أكبر من هذا بكثير ولكن‬
‫للصلة من الحكام ما ل يخفى مما ل يجوز لحد أن ُيفّرط فيه‪ .‬والله تعالى‬
‫أعلم‬
‫س‪ :‬سائلة تسأل ‪ :‬في بعض الحيان تكون في الدراسة والوقت يتأخر بها‬
‫إلى الساعة الثانية‪ ،‬فهل َتجمع صلة الظهر مع صلة العصر جمعا صوريا ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫على كل حال‪ ،‬وقت الظهر ل زال باقيا في الساعة الثانية بل يمتد إلى ما‬
‫ن بمجرد خروج وقت‬ ‫هو أبعد من ذلك حتى قبيل وقت دخول العصر‪ ،‬ل ّ‬
‫الظهر يدخل وقت العصر‪ ،‬وهنالك وقت طويل بين هذا الوقت وبين دخول‬
‫العصر‪ ،‬فبإمكانها أن تصلي في الثانية بل وفي الثانية والنصف الظهَر‪ ،‬ول‬
‫زال الوقت‪.‬‬
‫س‪ :‬نريدكم أن تحدثونا عن تعريف الوطن الذي يستقر فيه النسان‪ ،‬كما‬
‫ن النسان إذا‬‫نريدكم أن تعّرفوا لنا كذلك معنى الستقرار والطمئنان بحيث إ ّ‬
‫ّ‬
‫دثونا عنها‪-‬بعد قليل‪-‬يكون بذلك موطنا‪،‬‬
‫اطمأن ووصل إلى الدرجة التي تح ّ‬
‫دثونا عن عدد الوطان التي يجوز للنسان أن يتخذها‪.‬‬ ‫كما‪-‬أيضا‪-‬نريدكم أن تح ّ‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫طنا في ذلك المكان‬ ‫مو ّ‬
‫النسان ل يخلو من أحد أمرين اثنين‪ ،‬إما أن يكون ُ‬
‫الذي يصلي فيه أو يكون مسافرا فيه‪ ،‬فإن كان قد اتخذ ذلك المكان وطنا‬
‫صر الصلة فيه‪،‬‬ ‫فإنه يجب عليه التمام‪ ،‬ول يجوز له بحال من الحوال أن يق ُ‬
‫أما إذا كان مسافرا فيه فإنه يجب عليه القصر على القول الراجح‪-‬كما‬
‫قدمنا في الدرس الماضي‪-‬ول يجوز له أن يصلي أربعا إل في حالة واحدة‬
‫فقط وهي ما إذا صلى خلف إمام مقيم فإنه في هذه الحالة يجب عليه أن‬
‫يتابع إمامه‪ ،‬ول يجوز له أن يصلي ركعتين ثم ينفرد عن المام؛ أما بالنسبة‬
‫إلى الموضع الذي يجب على النسان أن يصلي فيه وطنا فهو المكان الذي‬
‫أراد أن يستقر فيه وكان مطمئنا إلى العيش فيه يريد أن يسكن فيه مدى‬
‫الحياة اللهم إل إذا عَرض له عارض بعد ذلك فإنه إذا عرض له عارض في‬
‫ن لكل حادثة حكما يخصها‪ ،‬أما هو في الصل فإنه يريد أن‬ ‫المستقبل فإ ّ‬
‫‪38‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫يسكن في ذلك المكان ولبد من أن يكون مستقرا مطمئنا مرتاحا إليه‪ ،‬فإن‬
‫كان مطمئنا مرتاحا ولكنه ل يريد أن يستقر فيه فهو في حالة الواقع‬
‫مسافر‪ ،‬والمسافر ل يجوز له التمام كما ذكرنا‪ ،‬وإذا كان يريد أن يمكث‬
‫فيه ولكنه ل يطمئن في ذلك المكان فكذلك في حقيقة الواقع هو مسافر‪،‬‬
‫فإذن لبد من أن يريد أن يمكث في ذلك المكان بأن يستقر فيه ويكون‬
‫ن هنالك مانعا‬‫مطمئنا مرتاحا إليه‪ ،‬أما إذا لم يرد الستقرار أو يريد ولك ّ‬
‫ن أولئك الذين يذهبون‬ ‫يمنعه من ذلك فل‪ ،‬وقد ذكرنا في الدرس الماضي بأ ّ‬
‫من دولة إلى دولة أخرى من أجل التعليم أو من أجل العمل فإنه ل يمكنهم‬
‫أن يصلوا تماما‪ ،‬ذلك لنه وإن أحبوا ذلك المكان واطمأنت نفوسهم فيه‬
‫ولكنهم يعلمون علم اليقين بأنهم لن يبقوا في هذا المكان وإنما‬
‫سيستمرون فيه مدة محددة كأربع سنوات للدراسة أو يمكن‪-‬أيضا‪-‬أن‬
‫يستمروا مدة أطول من ذلك إذا كانوا يعملون في ذلك ‪ ..‬في إمامة أو‬
‫قنون بأنهم لن يمكنهم‬ ‫تعليم أو في أيّ عمل من العمال الخرى ولكنهم متي ّ‬
‫ن أنظمة تلك الدولة التي يعملون فيها تمنعهم من‬ ‫أن يستقروا في ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫الستقرار فيها اللهم إل إذا كانت تلك الدولة توافق لهم بأن يستقروا فيها‬
‫فذون ذلك فذلك مجال آخر‪ ،‬أما إن كانوا ل‬ ‫على حسب شروط وهم سين ّ‬
‫ن أنظمة الدولة تمنعهم من ذلك‪-‬كما هو الواقع في‬ ‫ينوون الستقرار أو أ ّ‬
‫غالب دول العالم‪-‬فل يمكن أن يقال إنه يجوز لهم أن يكملوا الصلة‪ ،‬سواء‬
‫أرادوا المامة أو لم يريدوا ذلك‪ ،‬وكثير من الناس وللسف الشديد يبحثون‬
‫في الكتب عن قضية تعدد الوطان ولكنهم لم يبحثوا قبل ذلك متى يجوز‬
‫للنسان أو يجب على النسان أن يتخذ وطنا ثانيا أو ثالثا أو رابعا أو أكثر من‬
‫ذلك على رأي من يجيز ذلك‪ ،‬فإذن لبد من البحث في المسألتين ‪ ..‬في‬
‫عدد الوطان التي يجوز للنسان أن يستقر فيها وأن يصلي فيها صلة وطن‪،‬‬
‫وما هي المور التي لبد من توافرها في ذلك النسان حتى يتخذ أكثر من‬
‫دده بعض العلماء بأربعة أوطان‪ ،‬ونحن ل‬ ‫وطن‪ ،‬أما عدد الوطان فقد ح ّ‬
‫نستطيع أن نحدد ذلك بعدد معّين وإنما نقول إنه يجوز للنسان بل يجب‬
‫عليه أن يصلي وطنا إذا استقر في مكان من المكنة أو في أكثر وأراد أن‬
‫يعيش في تلك المكنة جميعا‪ ،‬أما إذا لم ُيرد ذلك أو أنه أراد ولكنه يعلم أنه‬
‫لن ُيترك أو ما شابه ذلك فذلك مما ل يصح؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬لكن إذا أتينا إلى قضية الوطان‪ ،‬متى يصح للنسان أن يتخذ ذلك المكان‬
‫وطنا‪ ،‬هل إذا امتلك فيه بيتا أو امتلك فيه مزرعة أم هناك شروط أخرى ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫ل نستطيع أن نشترط شيئا من هذه المور‪ ،‬وإنما القضية هي استقرار‬
‫النفس في ذلك المكان واطمئنانها إلى السكنى فيه‪ ،‬فبعض الناس قد‬
‫يعيشون حياتهم من أولها إلى نهايتها وهم يستأجرون منزل أو ما شابه ذلك‪،‬‬
‫وبعض الناس يملكون منازل حتى في دول أخرى ‪ ..‬أي في غير تلك الدولة‬

‫‪39‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫التي هم مواطنون فيها وهكذا‪ ،‬فإذن العبرة بالستقرار والطمئنان؛ والله‪-‬‬


‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ن النسان إذا تزوج من منطقة تعدّ له وطنا ؟‬
‫س‪ :‬وهل ما يقال من أ ّ‬
‫الجواب‪:‬‬
‫ن المرأة تابعة لزوجها‪ ،‬فإذا تزوج إنسان امرأة هي تصير تابعة له‬ ‫الصل أ ّ‬
‫بعد أن يقوم بنقلها‪ ،‬أما بمجرد العقد فل‪ ،‬وإنما العبرة بدخوله بتلك المرأة‬
‫أو بتبعية تلك المرأة له وإن لم يدخل بها‪ ،‬أما ما دامت مستقرة عند أهلها‬
‫ن النسان يعقد أّول‬‫ولم يقم هو بنقلها ‪ ..‬كما هو العادة عند كثير من الناس أ ّ‬
‫على المرأة وتبقى هي في بيت أهلها ول تكون تابعة له وإنما تتبعه بعد أن‬
‫يقوم بنقلها أو ما شابه ذلك على اختلف الناس فهي بعد ذلك تكون هي‬
‫صر في‬‫تابعة له‪ ،‬تصلي تماما في الموضع الذي يصلي هو فيه تماما‪ ،‬وتق ُ‬
‫صر فيه هو ولو كان ذلك في بيت أهلها الذي عاشت فيه‬ ‫الموضع الذي يق ُ‬
‫ل أن يتزوجها هذا الشخص‪ ،‬أما أن يكون هو تابعا لها فل ‪ ..‬نعم‪ ،‬إذا‬ ‫من قب ِ‬
‫تزوج من منطقة وأراد أن يسكن في تلك المنطقة‪-‬سواء أراد أن يتحول من‬
‫منطقته السابقة أو استقر في المكانين معا‪-‬ففي هذه الحالة يصلي تماما‬
‫في الموضعين معا أو في ذلك الموضع ل بسبب زواجه من تلك المرأة‬
‫وإنما بسبب أنه استقر في تلك المنطقة‪ ،‬فإذن ليست القضية قضية زواج‬
‫من تلك المرأة‪ ،‬وإنما القضية استقراره واطمئنانه هو‪ ،‬وإل فالمرأة هي‬
‫التي تتبعه‪ ،‬فإذا قام بنقلها تصلي بصلته وطنا أو قصرا؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫ن النسان إذا ولد في منطقة حتى ولو سافر‬
‫س‪ :‬وهل ما يقال‪-‬أيضا‪-‬من أ ّ‬
‫منها بعد ذلك ل تزال وطنا له ؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫إذا كان يسكن في تلك المنطقة وفي المنطقة التي انتقل إليها‪-‬أيضا‪-‬أي‬
‫تارة يسكن هنا وتارة يسكن هناك ويريد أن يعيش في المنطقتين معا فنعم‪،‬‬
‫أما إذا كان ترك تلك المنطقة الولى وإنما يذهب إليها لزيارة أهله وأقاربه‬
‫فيمكث معهم يوما أو يومين أو أكثر من ذلك فهو مسافر في حقيقة الواقع‬
‫في تلك المنطقة‪ ،‬فإذن ليست هنالك عبرة بالولدة في المنطقة الفلنية‪،‬‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قد ُولد بمكة‬ ‫ونحن نعرف أ ّ‬
‫المكرمة وعاش فيها ما يقارب أربعين عاما قبل نبوته ثم مكث فيها ثلثة‬
‫عشر عاما بعد رسالته وُفرضت عليه الصلة بمكة المكرمة ثم هاجر‪-‬‬
‫صلوات الله وسلمه عليه‪-‬وهكذا بالنسبة إلى أصحابه المهاجرين رضي الله‪-‬‬
‫تعالى‪-‬عنهم ‪ ..‬هاجروا إلى المدينة وكانوا عندما يأتون إلى مكة المكرمة‬
‫صرون الصلة فيها‪ ،‬وإنما يصلون في المدينة تماما‪ ،‬أو في مواضع أخرى‬ ‫يق ُ‬
‫بعد انتقال بعضهم من المدينة عندما استقروا في تلك المناطق‪ ،‬كما استقر‬
‫بعضهم في الشام وبعضهم في الكوفة وبعضهم في البصرة‪ ،‬فإذن ل علقة‬
‫لموضع الولدة في التمام والقصر‪ ،‬فإذا انتقل النسان صار ذلك الموضع‬
‫كغيره من المواضع التي يصلي فيها قصرا؛ والله أعلم‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‪ :‬ذهب إلى مكان مجاور لبلده وشك هل ذلك المكان تعتبر مسافته وصلت‬
‫حد السفر أم ل فبقي في الشك هل يصلي إتماما أم يصلي قصرا فصلى‬
‫قصرا ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫قد أخطأ في هذه القضية إذا كان اعتمد على هذا الشك فقط ولم يكن‬
‫ن من شك في مكان هل هو من حدود‬ ‫هنالك دليل آخر قد اعتمد عليه‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫صر فيه بل يجب عليه أن يكمل الصلة ثم‬ ‫الوطن أو ل فإنه ليس له أن يق ُ‬
‫ن عليه أن يعيد الصلة‪ ،‬وإن تبّين له‬ ‫إذا تبّين له بعد ذلك بأنه خارج الوطن فإ ّ‬
‫صر وهو لم يقم عليه الدليل بأنه‬ ‫بأنه في الوطن فل إعادة عليه‪ ،‬أما أن يق ُ‬
‫قل عنه إل بدليل؛ والله‪-‬تعالى‪-‬‬‫خرج من وطنه فل‪ ،‬إذ الصل الوطن ول َينت ِ‬
‫أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬على أية حال‪ ،‬نحن نريد أن تبّينوا لنا المسافة التي إذا ما قطعها‬
‫النسان يعتبر مسافرا ؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫هذه المسألة اختلف فيها العلماء اختلفا كثيرا جدا‪ ،‬وقد وصلت القوال في‬
‫ذلك إلى ما يقرب من عشرين قول‪ ،‬وأغلب تلك القوال قد انقرض‬
‫القائلون بها‪ ،‬وإنما بقيت أقوال معدودة؛ والذي ذهب إليه أصحابنا‪-‬رضوان‬
‫ن مسافة القصر ُتقدر بفرسخين‪ ،‬واعتمدوا في ذلك‬ ‫الله تعالى عليهم‪-‬أ ّ‬
‫فة حيث إنه‪-‬صلوات‬ ‫حل َي ْ َ‬
‫على قصر النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬بذي ال ُ‬
‫الله وسلمه عليه‪-‬خرج من المدينة إلى ذي الحليفة وصلى بها ركعتين‪،‬‬
‫ن الحاديث التي اعتمد عليها القائلون بخلف ذلك منها ما ل َيثبت‬ ‫ورأوا بأ ّ‬
‫عن النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬لضعف أسانيدها‪ ،‬ومنها ما ل علقة له‬
‫بهذه القضية البّتة‪ ،‬كاستدلل بعضهم بقضية المسح على الخفين أو ما شابه‬
‫ن تلك الحاديث‪-‬أيضا‪-‬ل َتثبت عن النبي صلوات الله وسلمه عليه‪،‬‬ ‫ذلك‪ ،‬فإ ّ‬
‫وعلى تقدير ثبوت بعضها عنه‪-‬مثل‪-‬فإنها منسوخة‪ ،‬وعلى تقدير عدم نسخها‪-‬‬
‫ن تلك الحاديث ل‬ ‫وهو بعيد جدا جدا ولكن على رأي من يقول بذلك‪-‬فإ ّ‬
‫علقة لها بهذه القضية‪ ،‬وإن كان قليل من الناس الذين احتجوا بمثل ذلك‪،‬‬
‫ومنهم‪-‬وهم كثير‪-‬قد احتجوا من نهي المرأة عن السفر من غير ذي‬
‫محرم ‪ ..‬نهاها رسول الله ‪ ‬أن تسافر يوما‪ ،‬وفي بعض الروايات‪ :‬يوما‬
‫وليلة‪ ،‬وفي بعضها‪ :‬ثلثة أيام ‪ ..‬منهم من استدل برواية الثلث‪ ،‬ومنهم من‬
‫ن هذه الحاديث ل علقة لها بالموضوع‬ ‫استدل برواية اليوم والليلة‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن الحديث قد ورد بألفاظ متعددة ‪ ..‬ورد بما ذكرناه من اللفاظ‪،‬‬ ‫إطلقا‪ ،‬ثم إ ّ‬
‫ريد‪ ،‬وورد على الطلق‪،‬‬ ‫وورد بيومين‪ ،‬وورد بالنهي عن السفر مسافة ب َ ِ‬
‫وهي الرواية التي ينبغي أن ُيعتمد عليها‪ ،‬ولست الن بصدد الجابة عن تلك‬
‫الروايات‪ ،‬لنه أّول وقبل كل شيء يحتاج إلى إطالة وذلك مما ل يمكن أن‬
‫‪41‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن هذه الحاديث ل علقة لها بالموضوع أصل ‪ ..‬إذن‬ ‫نصير إليه الن‪ ،‬وثانيا ل ّ‬
‫ما ذهب إليه أصحابنا هو الذي تطمئن إليه النفس‪ ،‬فمن سافر هذه المسافة‬
‫فإنه يقصر الصلة‪ ،‬أما من سافر إلى مسافة أقرب من ذلك فليس له أن‬
‫ن كثرة كاثرة من‬ ‫يقصر الصلة اللهم إل إذا أراد أن يتجاوز الفرسخين فإ ّ‬
‫ن من نوى أن يتجاوز الفرسخين فإنه يقصر الصلة ولو لم‬ ‫أهل العلم قالوا إ ّ‬
‫يتجاوزهما‪ ،‬فهذا رأي كثير من أهل العلم بل هو رأي أكثرهم‪ ،‬وإن كانت‬
‫درهما كثير من‬‫هنالك طائفة من أهل العلم تقول بخلف ذلك؛ والفرسخان ق ّ‬
‫أهل العلم بما يقرب من اثني عشر بالكيلومترات وهي المقاييس العصرية‪،‬‬
‫وإن كانت المسافة في حقيقة الواقع بين المدينة إلى ذي الحليفة ل تصل‬
‫ن ذلك يؤخذ‬‫ن ذلك قد اشتهر مع أهل العلم‪ ،‬ورأى المتأخرون أ ّ‬ ‫إلى ذلك ولك ّ‬
‫به لنه أحوط وأيضا فإننا ل نعلم الطريق التي سلكها‪-‬النبي صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬فلعله سلك طريقا تخالف هذه الطريق التي يسلكها الناس‬
‫وهي تصل إلى المسافة المذكورة‪ ،‬فهذا الذي ذهبوا إليه‪ ،‬إذ إنهم لم يجدوا‬
‫ما هو أقوى منه‪ ،‬بينما القوال الخرى أدلتها من الضعف بمكان‪ ،‬لنها‪-‬كما‬
‫مدة على أحاديث ضعيفة جدا أو ليست بمرفوعة وإما على أحاديث‬ ‫ت‪-‬معت ِ‬
‫قل ُ‬
‫ل علقة لها بالموضوع كالحديث الذي فيه النهي عن سفر المرأة من غير‬
‫ذي محرم أو زوج؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬بما أنكم ذكرتم هذه المسافة الن وهي اثنا عشر كيلومترا تقريبا متى‬
‫يبدأ النسان يحسب هذه المسافة ؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫هذه المسألة‪-‬أيضا‪-‬فيها خلف بين أهل العلم؛ والذي ذهب إليه كثير منهم‬
‫ن النسان إذا تعدى عمران البلد فإنه يبدأ الحساب؛ وذهبت طائفة من‬ ‫أ ّ‬
‫أهل العلم إلى أنه يبدأ الحساب من المكان الذي استقر فيه؛ وهذا الرأي‬
‫أفتى به المام الخليلي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬لهل زنجبار عندما امتدت‬
‫عندهم مسافة البناء‪ ،‬فعندما كانت البيوت متلصقة ويصعب وجود فاصل‬
‫ن المام‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬قد رأى أنه يمكن أن‬
‫بين تلك البيوت فإ ّ‬
‫ن النسان ل يمكن أن يكون مستقرا في هذه المسافة‬ ‫ُيؤخذ بهذا الرأي‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫على طولها‪ ،‬وهو رأي حسن سائغ؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬عندما يجمع صلة الظهر مع صلة العصر يقول له البعض‪ " :‬عليك أن‬
‫تصلي السّنة " ويقول البعض‪ " :‬ل‪ ،‬ل تصل السّنة‪ ،‬فذلك يكفيك "‪ ،‬فماذا‬
‫تقولون ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫إذا جمع النسان بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء فإنه ل يأتي‬
‫بالسّنة الراتبة التي هي بعد الظهر وهكذا بالنسبة إلى السّنة الراتبة التي‬
‫بعد المغرب وبالسّنة الراتبة التي بعد العشاء وإنما يأتي بصلة الوتر‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة إلى السنن الرواتب فل ‪ ..‬ل ُيؤتى بها في حالة الجمع في السفر‪،‬‬
‫وإنما اختلف العلماء في التيان بها في حالة الجمع في الوطن عند من يجيز‬
‫‪42‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ذلك في أوقات الحاجة؛ منهم من يقول إنه ل يؤتى بها‪ ،‬ومنهم من يقول إنه‬
‫يؤتى بها‪ ،‬واختلفوا في موضع سّنة الظهر وفي موضع سّنة المغرب؛‬
‫والسؤال لم ُيوجه عن هذا فلذلك ل أرى الطالة بذلك؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هو الن يعمل في مسقط وكان يسكن عزبا مع بعض الخوة من غير أن‬
‫يحضر أهله واستمر على ذلك فترة والن أحضر أهله معه‪-‬ويبدو أنه مستأجر‪-‬‬
‫ول يريد أن يستقر في مسقط وإنما ينوي أن يعود إلى بلده في يوم من‬
‫اليام‪ ،‬فلو طال مكثه في العمل في مسقط هل يصلي إتماما أم قصرا ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫إذا كان ل ينوي الستقرار بمسقط‪-‬مثل‪-‬إطلقا فإنه مسافر كما قدمنا‪ ،‬أما‬
‫إذا كان هنالك احتمال قوي ‪ ..‬يمكن أن يستقر في مسقط فإنه يصلي بها‬
‫وطنا بما أنه قد أحضر أهله إلى هنا فإذن جوابه ما ذكرناه سابقا‪ ،‬فإن كان‬
‫هنالك احتمال عنده للستقرار هنا فإنه يصلي بها تماما وإل فل‪.‬‬
‫س‪ :‬حتى ولو استمر عمله عشرين سنة‪-‬مثل‪-‬وهو في مسقط ؟‬
‫الجواب ‪ :‬رخص بعض أهل العلم في أنه يصلي تماما إن كان هنالك احتمال‪،‬‬
‫أما إن لم يكن هنالك احتمال فل أرى ذلك في هذا الوقت‪ ،‬وإن كانت‬
‫المسألة بحاجة إلى شيء من النظر لكن الصل الصيل هو ما ذكرناه‪.‬‬

‫س‪ :‬هل يجوز للمسلم في حال الجمع بين الصلتين أن يتكلم بينهما بشيء‬
‫من أمور الدنيا أو أن يأتي بالباقيات الصالحات ؟ وما هي الحكمة من تشدد‬
‫بعض العلماء في ذلك ؟‬
‫الجواب ‪ :‬الجمع هو ضم صلة إلهى أخههرى‪ ،‬فهإذا جمههع النسهان بيهن الظهههر‬
‫والعصر فإنه ضم بينهما ‪ ..‬ضم هذه إلى تلههك‪ ،‬فهالجمع ههو ضهم شهيء إلهى‬
‫آخر‪ ،‬فلذلك تشدد بعض أهل العلم في ذلك‪ ،‬وجعلوهما بمثابة صلة واحههدة؛‬
‫ن ذلك ل ي ُههؤّثر علههى‬
‫ن من تكلم بين الصلتين فإ ّ‬ ‫ورأى بعض أهل العلم إلى أ ّ‬
‫الجمع؛ وهههذا القههول هههو القههول الصههحيح‪ ،‬الههذي ذهههب إليههه الكههثرون مههن‬
‫أصههحابنا ولسههيما مههن المتقههدمين ورجحههه غيههر واحههد مههن المحققيههن مههن‬
‫ت‪ :‬هو القول الصحيح ولكن ل ينبغي للنسان أن يتكلههم‪،‬‬ ‫المتأخرين‪ ،‬وكما قل ُ‬
‫ن هذه المسألة فيها ما فيههها مههن الخلف‪ ،‬وأيضهها كههثير مههن أهههل العلههم‬ ‫إذ إ ّ‬
‫قالوا‪ :‬ل ينتقض الجمههع إذا تكلههم النسههان ل أنههه ينبغههي للنسههان أن يتكلههم‪،‬‬
‫فإذن إذا وقع للنسان شيء من ذلك فل إعادة عليه‪ ،‬وجمعه صحيح‪ ،‬أمهها أن‬
‫يتعمد ذلك فذلك مما ل ينبغي اللهم إل إذا كانت هنالك ضرورة‪ ،‬كههأن يسههأل‬
‫صاحبه‪ :‬هل تريد أن تجمع ؟ حتى يقوم بالصلة معه‪ ،‬أو يأمر المههام شخصهها‬
‫بأن يتقدم أو يتأخر‪ ،‬أو يأمر بتسوية الصههفوف‪ ،‬ومهها شههابه ذلههك مههن المههور‬
‫التي تقتضيها الضرورة‪ .‬والله تعالى أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬متى يبدأ المسافر في القصر إذا كان قاصدا حد السفر‪ ،‬هل بخروجه من‬
‫العمران أم بخروجه من المنزل أم بخروجه من حد السفر ؟‬
‫الجواب‬
‫‪43‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن‬
‫ن أهل العلم قد اختلفوا في هذه المسألة؛ منهم من يقول‪ :‬إ ّ‬ ‫ت‪ :‬إ ّ‬
‫أنا قل ُ‬
‫صر الصلة بمجرد خروجه من عمران بلده إذا كان ينوي أن‬ ‫النسان يق ُ‬
‫يتجاوز الفرسخين؛ وهذا قول أكثر أصحابنا‪ ،‬بل حكى عليه بعض العلماء من‬
‫السابقين اتفاق أهل العلم ولكنه ل اتفاق على ذلك كما ذكره غير واحد من‬
‫ن الخلف موجود منذ زمان‪ ،‬فقد ذهبت طائفة من أهل‬ ‫أهل العلم‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫صر الصلة إل إذا تجاوز الفرسخين؛ فالقول‬ ‫ن النسان ل يق ُ‬ ‫العلم إلى أ ّ‬
‫ت‪-‬الكثر‪ ،‬فإن أخذ بذلك فل بأس‪ ،‬والقول‬ ‫الول هو الذي ذهب إليه‪-‬كما قل ُ‬
‫الثاني‪-‬أيضا‪-‬له حجته‪ ،‬والترجيح بينهما ليس بالمر السهل‪ ،‬إذ إنه ليس هنالك‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله‬ ‫نص صريح يمكن أن ُيعتمد عليه إل ما جاء من الحاديث أ ّ‬
‫صر الصلة‪،‬‬‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬كان إذا خرج من المدينة ق َ‬
‫صر‬‫ولكنني لم أجد رواية صحيحة ثابتة يمكن العتماد عليها تدل على أنه ق َ‬
‫قبل أن يتجاوز هذه المسافة‪ ،‬فالرأيان لهما من القوة ما لهما‪ ،‬والجمهور‬
‫على القول الول‪.‬‬
‫س‪ :‬كانوا عائدين من السفر ووقفوا عند مسجد هناك لكنهم لم يحصلوا على‬
‫ن المسجد الثاني سيدخل في‬ ‫ماء فيه للوضوء‪ ،‬في هذه الحالة هل يتيمموا ل ّ‬
‫الميال في مسافة السفر ؟ في هذه الحالة هل يتيممون ويصلون هناك أم‬
‫يذهبون ويدخلون في الميال سواء كانوا يخافون الخروج من؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫أما إذا كان الوقت باقيا فلبد من أن يدخل إلى الوطن ويصلي هناك ول‬
‫جز أحد من العلماء له أن يفعل ذلك‪،‬‬ ‫عذر له في التيمم إطلقا‪ ،‬فلم ي ُ ِ‬
‫والحجة واضحة نّيرة على أنه يجب عليه أن يتوضأ وأن يصلي بعد ذلك‪ ،‬أما‬
‫إذا كان يخاف من أن يخرج عليه وقت الصلة الولى مثل حيث إنه أخر‬
‫الظهر فإذا دخل وطنه فإنه سيخرج الوقت فهذه المسألة يوجد فيها خلف‬
‫بين أهل العلم؛ والقول الصحيح الراجح أنه يدخل وطنه ويتوضأ ويصلي‬
‫الظهر أربعا والعصر أربعا؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم؛ ويكون هذا الجمع في‬
‫الوطن لوجود الضرورة الماسة إلى ذلك‪ ،‬وينبغي للنسان أن َيحذر في‬
‫المستقبل من أن يؤخر الصلة إلى مثل هذا الوقت فيكون قد أدخل نفسه‬
‫ن كثيرا من الناس ل يعلمون‬ ‫بذلك في خلف شهير بين أهل العلم‪ ،‬على أ ّ‬
‫ت‪-‬‬‫ن النسان يجوز له أن يجمع في الوطن‪ ،‬بينما هو قول مشهور‪-‬كما قل ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ن هذا الوقت هو وقت‬ ‫ولكنه ل يصار إليه إل في وقت الحاجة‪ ،‬ول شك بأ ّ‬
‫الحاجة‪ ،‬إذ إنه لم يجد ماء؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما المقصود بالجمع الصوري ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال‪ ،‬كثير من الناس يسمعون بالجمع الصوري ول يعرفون‬
‫معناه ‪ ..‬الجمع الصوري هو أن يؤخر النسان الصلة الولى إلى آخر وقتها‬
‫بحيث إنه يأتي بها قبل انتهاء الوقت بوقت قصير حيث إنه عندما ينتهي من‬
‫تلك الصلة يخرج الوقت ‪ ..‬يأتي بالظهر مثل قبل خمس دقائق أو ما يقرب‬
‫من ذلك وبمجرد سلمه منها يخرج وقت الظهر ويدخل وقت العصر ويصلي‬
‫في ذلك الوقت العصر‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى المغرب يصليها قبل خروج وقتها‬
‫‪44‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بوقت يسير بحيث إنه عندما ينتهي منها يدخل وقت الِعشاء ويصلي الِعشاء‬
‫بعد ذلك مباشرة‪ ،‬فهذا جمع في الصورة‪ ،‬فهو لم يصل الصلتين في وقت‬
‫إحداهما‪ ،‬وإنما صلى كل صلة في وقتها‪ ،‬فهو جمع في الصورة‪ ،‬وليس‬
‫جمعا حقيقيا ‪ ..‬هذا هو الجمع الصوري الذي قال به من قال من أهل العلم‪،‬‬
‫وحملوا عليه‪-‬بعض أهل العلم‪-‬الحديث الصحيح الثابت عن النبي ‪ ‬أنه جمع‬
‫في المدينة من غير سحاب ول مطر ول خوف ول سفر ‪ ..‬جمع فيه بين‬
‫الظهر والعصر والمغرب والعشاء ‪ ..‬صلى الظهر أربعا والعصر أربعا وكذلك‬
‫ن هذا الحديث ل ُيحمل‬‫ن الصحيح أ ّ‬‫صلى المغرب ثلثا والعشاء أربعا‪ ،‬لك ّ‬
‫على هذا المعنى‪ ،‬وإنما ُيحمل على أنه جمع بين الظهر والعصر في وقت‬
‫إحداهما‪ ،‬وجمع بين المغرب والعشاء في وقت إحداهما‪ ،‬وهذا ليس بجمع‬
‫صوري بل هو جمع حقيقي؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذن في هذه الحالة إذا كان الطبيب يجري عملية والعملية يتطلب منها‬
‫أن تمتد فترتها إلى أن يدخل في وقت العصر مثل‪ ،‬في هذه الحالة هل‬
‫يجمع ؟‬
‫الجواب ‪ :‬نعم له أن يؤخر الصلة الولى إلى الصلة الثانية ويجمع بينهما ‪..‬‬
‫ن هذا ليس‬‫يصلي الظهر أربعا والعصر أربعا ‪ ..‬طبعا إذا كان مقيما‪ ،‬ولك ّ‬
‫بجمع صوري‪ ،‬بل هو حقيقي‪ ،‬فالجمع الصوري هو ما ذكرُته سابقا‪.‬‬
‫س‪ :‬جمع حقيقي ‪ ..‬يعني أربع ركعات أربع ركعات ؟‬
‫ج‪ :‬نعم ‪ ..‬الجمع الصوري كل صلة تصلى في وقتها‪ ،‬أما هذا الجمع ُيؤتى‬
‫بالصلتين معا في وقت واحد وُيصار إليه في مثل هذه الحالة وما شابهها‬
‫خص حتى أكثر من ذلك لكن بشرط أل ّ‬ ‫من الوقات‪ ،‬بل بعض العلماء ُير ّ‬
‫يفعله النسان إل في الوقات النادرة‪.‬‬
‫ن ذلك‬
‫س‪ :‬هل للمرء أن يختار بنفسه حوزة معّينة يعتبر حدودها وطنا له أم أ ّ‬
‫مشروط بأمور معّينة ؟‬
‫ت‪-‬هو ما‬‫ن الوطن‪-‬كما قل ُ‬‫ج‪ :‬هذه المسألة فيها خلف بين أهل العلم؛ ولك ّ‬
‫استقرت فيه النفس وارتاح إليه القلب‪ ،‬فإذا استقر النسان في مكان فهو‬
‫المكان الذي يصلي فيه وطنا‪ ،‬أما أن يتخذ حوزة كبيرة وهو لم يستقر في‬
‫تلك الحوزة مثل ويصلي فيها وطنا فهذا الرأي مما ل أراه بل أرى أنه‬
‫مخالف للدليل الصحيح؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا صلى المسافر صلة الظهر قصرا وسوف يصل في وقت العصر إلى‬
‫بلده‪ ،‬فهل يجوز له أن يصلي الظهر والعصر جمع تقديم ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬يجوز له ذلك‪ ،‬فإن شاء أن يجمع فليجمع‪ ،‬وإن شاء أن يصلي الظهر‬
‫في وقتها فليصل وليؤخر العصر ويصليها بعد ذلك‪-‬إن شاء الله‪-‬في وطنه؛‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إنني أعيش في ولية الرستاق ومكان ولدتي وادي بني خروص بولية‬
‫العوابي وعندما أذهب إلى زيارة الهل والقارب في وادي بني خروص أصلي‬
‫ي‪ ،‬هل أصلي تماما أم أصلي قصرا ؟ أرجوا إفادتي أفادكم‬
‫تماما‪ ،‬فماذا عل ّ‬
‫الله‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن العبرة بالستقرار والطمئنان‪،‬‬‫ج‪ :‬قد قدمنا الجواب على مثل هذا‪ ،‬وقلنا‪ :‬إ ّ‬
‫فإن كان هذا النسان قد اتخذ ذلك الموضع وطنا نعم يصلي به وطنا‪ ،‬وأما‬
‫إن كان لم يتخذ ذلك وطنا كما هو الظاهر من حاله وإنما يذهب لزيارة أهله‬
‫صر الصلة إل‬ ‫وأقاربه فإنه ل يجوز له أن يصلي وطنا‪ ،‬بل يجب عليه أن يق ُ‬
‫إذا صلى خلف إمام مقيم‪-‬كما قلنا‪-‬فإنه يكمل لضرورة متابعته‪ ،‬والظاهر من‬
‫حال هذا السائل هو هذا الثاني؛ والله أعلم‪.‬‬
‫ن الوسائل‬
‫س‪ :‬نأتي الن إلى ما يشيع على ألسنة بعض الناس يقول‪ " :‬إ ّ‬
‫الحديثة لم تترك في جسد النسان موضعا للتعب فيستطيع النسان أن‬
‫يقطع المسافة التي حددها العلماء للسفر بسرعة وبدون تعب وبدون مشقة‪،‬‬
‫صر الن ؟! " ؟‬
‫فلماذا اللجوء إلى الق ْ‬
‫ج‪ :‬على كل حال‪ ،‬يقول الله تبارك وتعالى‪ ...  :‬ال ْيو َ‬
‫كم‬ ‫ت ل َك ُ ْ‬
‫م ِدين َ ُ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫م أك ْ َ‬
‫َ ْ َ‬
‫‪ ]  ...‬سورة المائدة‪ ،‬من الية‪ [ 3 :‬فالله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عالم بما كان وبما‬
‫سيكون‪ ،‬فهو عالم‪ ‬بوجود هذه الوسائل في هذا العصر ‪ ..‬أي بأنها ستوجد‬
‫ن الحكم سيتغّير ولم يأت ذلك‬ ‫في هذا العصر ولم ُيخبرنا في كتابه العزيز بأ ّ‬
‫في سّنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فإذن العبرة بما دل عليه‬
‫ن من سافر تلك المسافة فإنه يجب عليه أن يقصر الصلة‪،‬‬ ‫الدليل وهو أ ّ‬
‫وسواء كانت الوسيلة هي الطائرات أو السيارات أو ما هو أسرع من ذلك‬
‫جد في وقت من الوقات القادمة‪ ،‬ونظرا لعدم وجود‬ ‫مما يمكن أن يو َ‬
‫الوقت كما أشرتم فإنني أكتفي بذلك؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هناك بعض المساجد فيها قسم خاص بالنساء بعضها مفصول عن‬
‫المسجد الصل وبعضها ملتصق به ‪ ..‬إذا أرادت المرأة أن تصّلي بصلة‬
‫المام ‪ ..‬فإذا كان المسجد مفصول أو المصلى مفصول‪ ،‬هل لها أن تصلي‬
‫بصلة المام ؟‬
‫ن ذلك يختلف من‬
‫ج‪ :‬هذه القضية ل يمكن أن نجيب عليها جوابا إجماليا‪ ،‬ل ّ‬
‫مسجد إلى مسجد‪ ،‬فإن كان هذا المسجد ملتصقا أو هذا المصلى ملتصقا‬
‫بمصلى أو بمسجد الرجال فل مانع من ذلك‪ ،‬أما إذا كان هنالك فاصل فلبد‬
‫من النظر في ذلك الفاصل حتى يمكن أن نحكم عليه بما يستحقه من جواز‬
‫أو منع؛ والله أعلم‪.‬‬
‫ورها لنا ؟‬
‫س‪ :‬هل هناك كيفية معّينة‪-‬مثل‪-‬يمكن أن تص ّ‬
‫ج‪ :‬الْولى أن ينظر الفقهاء في كل مسجد بذاته حتى يمكن الحكم على‬
‫ذلك‪ ،‬لننا قلنا إذا كان متصل ل إشكال في ذلك‪ ،‬أما إذا كان منفصل‬
‫فيصعب على كثير من الناس التقدير‪.‬‬
‫جد الجماعة في صلة العصر في الركعة الخيرة فصلى هذه‬ ‫و َ‬
‫س‪ :‬مسافر َ‬
‫حمل المام على أّنه يصلي ركعتين ِبما أّنه هو مسافر‬
‫الركعة الخيرة و َ‬
‫فقضى ركعتين ؟‬
‫ج‪ :‬ل َيخلو المر‪:‬‬
‫دل على أن ذلك المام كان يصلي قَ ْ‬
‫صرا أو‬ ‫إما أن تكون هنالك قرينة ت ُ‬
‫ماما‪.‬‬
‫يصلي ت َ َ‬
‫دل على أحد المرين‪.‬‬ ‫أو ل تكون هنالك قرينة ت ُ‬
‫‪46‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫دل على أنه يقصر فليقصر هذا المصلي ثم ليسأل‬ ‫فإن كانت هنالك قرينة ت ُ‬
‫صر لن تلك القرينة ليست بصريحة وإّنما مجرد‬ ‫عنه هل أَتم ذلك المام أو قَ َ‬
‫مجرد إشارة‪:‬‬ ‫احتمال ‪ُ ..‬‬
‫فإن قيل له إن ذلك المام قد قصر فل شيء عليه‪ .‬وإن قيل له قد أَتم فلبد‬
‫من العادة‪.‬‬
‫وإن لم يجد من يسأله فلبد من أن يعيد صلته ركعتين لن الله‪-‬تعالى‪-‬ل‬
‫ُيعبد بالشك فهو في ذمته تلك الصلة ‪ ..‬مفترضة عليه فلبد من أن َيخرج‬
‫من ذلك اليقين بيقين مساوٍ له‪.‬‬
‫وإن كانت هنالك قرينة تدل على أن ذلك المام قد صلى أربعا فكذلك‬
‫يصلي هذا أربعا ثم ليسأل‪:‬‬
‫فإن قيل له صلى أربعا فل إشكال‪.‬‬
‫وإن قيل له صلى ركعتين فليعد الصلة ‪ ..‬يصليها ركعتين‪.‬‬
‫وإن لم يجد فليعد كما بيّنا‪ .‬وإن لم تكن هنالك قرينة فليصل ركعتين‪:‬‬
‫صّلى ركعتين ول شيء عليه‪.‬‬ ‫صّلى ركعتين فقد َ‬ ‫فإن قيل له إن المام قد َ‬
‫وإن قيل له صلى أربعا فليعد‪ .‬وكذا إذا َلم َيجد من يسأله‪.‬‬
‫هذا إذا كان ذلك المصلي مسافرا‪ ،‬أما إذا كان مقيما فليصل أربعا‪:‬‬
‫فإن كان المام صلى أربعا فل إشكال‪.‬‬
‫وإن كان المام صلى ركعتين أو َلم َيجد من ي ُب َّين له هل صلى ركعتين أو‬
‫من جهة كيفية القضاء لّنه إن صلى معه مثل‬ ‫أربعا فهنا الشكال يأتي ِ‬
‫الركعة الرابعة فكيف يقضي ؟‪:‬‬
‫فإذا كان المام مقيما فيأتي أول بالركعة الولى وبعد ذلك يأتي بالثانية ثم‬
‫الثالثة وهذا أمر واضح‪.‬‬
‫وإن كان ذلك المام مسافرا فإن تلك الركعة كانت في حق المام الثانية‬
‫وهكذا في حق هذا المأموم الذي صلى بصلته ومعنى ذلك أنه يصلي الثالثة‬
‫من العادة‪.‬‬ ‫ثم الرابعة ثم يرجع إلى الولى‪ .‬فإذن لبد ِ‬
‫مامه فل شيء عليه وإن َلم يت َب َّين‬ ‫صّلى ك َ َ‬
‫صلة إ َ‬ ‫والحاصل أّنه إذا ت َب َّين َله أّنه َ‬
‫له المر أو علم أن المام كان يصلي على خلف ما صلى هو فلبد من‬
‫ن الحوال؛ والله المستعان‪.‬‬ ‫م َ‬‫العادة على كل حال ِ‬
‫س‪ :‬رجل مسافر وجد جماعة يصلون صلة العصر ‪ ،‬وهذا الرجل لم يصل صلة‬
‫الظهر‪ .‬فهل يجوز له أن يصلي معهم وينويها ظهرا ؟ وهل اتحاد صلة‬
‫المأموم وصلة المام شرط لصحة الصلة ؟‬
‫الجواب ‪ /‬ل ينبغي له أن يتعمد ذلك وأما إذا دخل معه وظن أنه يصلي‬
‫الظهر فقد اختلف العلماء في صحة صلته والقول بصحتها هو الظاهر عندي‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل كان عائدا إلى بلدته من بلدة أخرى‪ ،‬وقد أراد أن يصلي صلة الظهر‬
‫والعصر " جمعا " ‪ ،‬فما هي أقرب مسافة يمكنه أن يصلي عندها قبل وصوله‬
‫إلى بلدته ؟‬
‫الجواب ‪ /‬في ذلك خلف بين العلماء قيل ليس له أن يقصر داخل‬
‫‪47‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الفرسخين وقيل له أن يقصر ما لم يدخل عمران بلده بشرط أن يكون قد‬


‫صلى خارج الفرسخين قصرا ً أما إذا كان يقصر خارجهما فليس له القصر‬
‫داخل الفرسخين وهذا هو المشهور والول قول طائفة من أهل العلم وله‬
‫وجه قوي في النظر والله أعلم‬
‫س‪ :‬مأموم يصلي المغرب والمام يصلي العشاء وهو مسافر ودخل هذا‬
‫المأموم يظن أن هذا المام يصلي المغرب ثم تبين له أن المام يصلي‬
‫العشاء فالمام يصلي ركعتين لنه مسافر والمأموم يصلي ثلثا ً ماذا يفعل‬
‫المأموم هل يقطع صلته أم أنه يواصل ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫لهل العلم في هذه المسألة خلف منهم من يقول إذا تبين له أن المام‬
‫يصلي صلة تختلف عن الصلة التي يصليها هو فإنه يقطع صلته ويصلي من‬
‫جديد تلك الصلة التي يريد أن يؤديها في ذلك الوقت ‪.‬‬
‫ومنهم من يقول يأتي بالركعة الثالثة للمغرب لنه صلى مع المام ركعتين‬
‫ول يضره ذلك وإذا أخذ بهذا الرأي فل بأس عليه ‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل دخل مع جماعة تصلي الظهر وهو مقيم‪ ،‬فإذا دخل بنية الربع‬
‫ركعات فهل يضره أن يكون المام مسافرا ؟‬
‫ج‪ :‬هو لبد من أن يدخل بنية الربع لنه مقيم سواء كان المام مسافرا أو‬
‫كان مقيما فعليه أن يدخل بنية صلة المقيم أو بنية الربع وهي هي‪ ،‬بعد‬
‫ذلك إذا كان المام مقيما فل إشكال في القضاء‪ ،‬وأما إذا كان المام‬
‫مسافرا فإنه سُيكمل أّول الركعة الثالثة والرابعة ثم بعد ذلك سيقوم بقضاء‬
‫ما فاته؛ والله‪-‬تعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬مسافر نوى الجمع بين الصلتين وبعد أن فرغ من الصلة الولى لم‬
‫يجمع الصلة الثانية فهل هذه النية تؤثر على الصلة الولى ؟ وإن أراد الجمع‬
‫بعد النتهاء من الصلة الولى بدون أن ينوي نية من قبل الجمع فهل له‬
‫ذلك ؟‬
‫ج ‪:‬من نوى أن يجمع بين الصلتين ثم عندما صلى الولى ترك الجمع‬
‫فلشيء عليه وأما من أحرم على نية الفراد ثم نوى بعد ذلك أن يجمع‬
‫فقد ذهب الجمهور إلى أنه ليس له أن يجمع ما دام أنه لم يعزم على‬
‫الجمع عند الحرام للصلة الولى وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه له‬
‫أن يجمع إذا نوى الجمع من قبل أن يخرج من الصلة الولى‬
‫وذهب بعضهم إلى أن له أن يجمع ولو خرج من الصلة الولى ول شك أن‬
‫القول الول هو الحوط وأما إذا جئنا إلى الترجيح فان القول الثالث هو‬
‫الذي يظهر لي وذلك لدلة متعددة وأوضح تلك الدلة أنه لم يأت أن‬
‫الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪ -‬أنه كان يأمر الناس بأن‬
‫يجمعوا الصلة الثانية إلى الولى أو ينووا الجمع بين الصلتين عندما كان‬
‫يصلي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأصحابه في مكة‬
‫وفي عرفه ولذلك فالقول الثالث هو القول الراجح وإن كان القول الول‬
‫هو الحوط ؛ لن فيه خروجا من عهدة الخلف والخروج من عهدة الخلف‬
‫إذا أمكن من غير أن ينوي المخالف أن يخالف سنة ثابتة عن النبي ‪ -‬صلى‬
‫‪48‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الله عليه وعلى آله وسلم‪ -‬وإنما مخافة أن تكون تلك السنة لم تثبت ول‬
‫شك أن هذا أسلم والله تعالى أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬جماعة تصلي صلتين جمعا فدخل عليهم رجل هل يدخل معهم أم ينتظر‬
‫فيتبين له ما هي الصلة التي يصلونها ؟‬
‫ما دام وجد الجماعة تصلي فليدخل معهم ثم بعد ذلك إذا تبين له أنهم‬
‫يصلون صلة مخالفة لصلته هو فقد اختلف العلماء في وجوب العادة عليه‬
‫‪.‬ذهبت طائفة من العلماء إلى أنه ل إعادة عليه ولو كانت تلك الصلة‬
‫مخالفة لصلته هو ‪ ,‬وذهبت طائفة أخرى إلى أن عليه العادة والقول بعدم‬
‫العادة أقرب إلى الصواب والثاني أقرب إلى الحتياط ‪.‬‬
‫‪.‬س‪ :‬رجل أراد الجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء وبعد‬
‫النتهاء من الصلة الولى تذكر فريضة منسية فماذا يفعل ؟‬
‫أما إن كان الجمع جمع تقديم فالولى أن يأتي بالصلة المنسية وأن يؤخر‬
‫الصلة الثانية إلى وقتها لكن إذا كان محتاجا للجمع مثل يشق عليه أن يقف‬
‫ليصلي الصلة في وقتها لكونه مثل كان راكبا مع بعض الناس ول يمكن أن‬
‫يقفوا في مكان آخر أو ما شابه ذلك فيأتي بالصلة الثانية بعد أن يأتي‬
‫بالصلة المنسية وهكذا في حالة جمع التأخير يأتي أول بالصلة المنسية ثم‬
‫يأتي بالصلة التي يريد أن يجمعها مع الصلة الولى‪.‬‬
‫س‪ :‬جماعة مسافرة أرادت الجمع بين الظهر والعصر وبعدما انتهت من صلة‬
‫الظهر شرعت جماعة أخرى بالقامة لصلة الظهر ؟‬
‫لهل العلم خلف وهو هل يصح للمسافر أن يؤخر الصلة الثانية في الجمع‬
‫إلى وقت أكثر من الوقت الذي تستغرقه الصلة الثانية ‪ ,‬بعض العلماء‬
‫قال ‪ :‬إذا لم يدخل في الصلة الثانية بمقدار ما يصلي تلك الصلة فإن ذلك‬
‫الجمع ل يصح ‪ ,‬وبعض العلماء قال ‪ :‬يرخص له أن يتأخر وهذا القول لعله‬
‫أقرب إلى الصواب فعليه ينبغي لهذه الجماعة أن تتأخر حتى تنتهي الجماعة‬
‫التي تصلي الظهر ثم بإمكانهم أن يقوموا لصلة العصر وذلك التأخير ل‬
‫يضرهم بمشيئة الله سبحانه وتعالى ‪ .‬والله أعلم‬

‫‪‬ثالثا ‪ :‬أحكام صلة الجمعة ‪‬‬


‫س‪ :‬صلة الجمعة‪ ،‬ما هي شروط وجوبها ؟‬
‫من الواجبات التي افترضها الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ن صلة الجمعة واجبة ِ‬‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫على عباده ‪ ..‬أمر بها ‪ ‬في كتابه العزيز وثبت وجوبها‪-‬أيضا‪-‬بن ّ‬
‫‪1‬‬
‫ص السّنة‬
‫الصحيحة الثابتة عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ثبوتا‬
‫مة على ذلك‪.‬‬ ‫من شمس الظهيرة‪ ،‬وقد اّتفقت كلمة ال ّ‬ ‫أوضح ِ‬

‫خْيٌر ّلُكْم ِإن‬


‫ل َوَذُروا اْلَبْيَع َذِلُكْم َ‬
‫سَعْوا ِإَلى ِذْكِر ا ِ‬
‫جُمَعِة َفا ْ‬
‫صلِة ِمن َيْوِم اْل ُ‬ ‫‪-1‬قال ال تعالى‪َ :‬يا َأّيَها اّلِذي َ‬
‫ن آَمُنوا ِإَذا ُنوِدي ِلل ّ‬
‫ن‪ ] ‬سورة الجمعة‪ ،‬الية‪.[ 9 :‬‬ ‫ُكنُتْم َتْعَلُمو َ‬
‫‪49‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من اللفاظ‬ ‫من أنها سّنة أو ما شابه ذلك ِ‬ ‫وما جاء عن بعض أهل العلم ِ‬
‫ت ِبحاجة الن‬ ‫فإنهم أرادوا به معًنى آخر‪ ،‬كما هو مبسوط في موضعه‪ ،‬ولس ُ‬
‫إلى الطالة ِبذكر ذلك‪ ،‬وإنما أتكلم على شروط وجوبها كما جاء في‬
‫السؤال‪:‬‬
‫من جملة شروط وجوبها أنها ل َتجب إل على الذكور‪ ،‬أما النساء فإنها ل‬ ‫‪-1‬ف ِ‬
‫ن هنالك‬ ‫من كلم بعضهم‪ ،‬وعلى تقدير أ ّ‬ ‫مة كما ُيفَهم ِ‬ ‫تجب عليهن ِبإجماع ال ّ‬
‫جب عليها‬ ‫ما ل ُيعتَبر به‪ ،‬فالمرأة ل ت َ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ذلك ِ‬ ‫من قال ِبخلف ذلك فإ ّ‬ ‫َ‬
‫ن صلتها صحيحة ِبمشيئة الله تبارك‬ ‫ت الجمعة فإ ّ‬ ‫ّ‬
‫الجمعة‪-‬أما إذا جاءت وصل ْ‬
‫ن‬
‫قها‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬إذا أردنا بالسّنة هاهنا أ ّ‬ ‫ن في ح ّ‬ ‫وتعالى‪-‬بل إنها ل ُتس ّ‬
‫ن في‬ ‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قد أمرها بذلك بل ُيس ّ‬
‫قها أن تصّلي في بيتها كبقية الصلوات الخرى‪ ،‬أما إذا أردنا بالسّنة أنه‬ ‫ح ّ‬
‫ما ل‬ ‫م ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد أباح لها فذلك ِ‬ ‫َيجوز لها وأ ّ‬
‫جد في‬ ‫مر المرأة بذلك فإذا وُ ِ‬ ‫من إطلقه‪ ،‬فالسّنة ِبمعنى المر ل ُتؤ َ‬ ‫بأس ِ‬
‫ن هذه العبارة‬ ‫قها أن تصّلي الجمعة فإ ّ‬ ‫ن في ح ّ‬ ‫س ّ‬ ‫ن المرأة َ ل ي ُ َ‬ ‫بعض الكتب ِبأ ّ‬
‫قها‬ ‫ن ذلك جائٌز في ح ّ‬ ‫عبارة ٌ صحيحة ل غبار عليها‪ ،‬وإذا ُوجد في بعضها بأ ّ‬
‫قها وُتجزيها عن صلة الظهر‬ ‫فإنه‪-‬أيضا‪-‬ل غبار على ذلك‪ ،‬فهي َتجوز في ح ّ‬
‫قها أن َتذهب إلى المسجد‬ ‫دب في ح ّ‬ ‫قها ِبمعنى أنه ل ُين َ‬ ‫ن في ح ّ‬ ‫س ّ‬ ‫ولكّنها ل ت ُ َ‬
‫قها أن تصّلي في بيتها وإن‬ ‫دب في ح ّ‬ ‫وأن ت ُؤَد ّيَ صلةَ الجمعة هناك وإنما ُين َ‬
‫كانت صلُتها مع المام ُتجزيها عن صلة الظهر‪.‬‬
‫جب عليه صلة الجمعة على أكثر قول أهل‬ ‫من ذلك الحرية‪ ،‬فالعبد ل ت َ ِ‬ ‫‪-2‬و ِ‬
‫العلم‪.‬‬
‫من الُبعد ما‬ ‫ل فيه ِ‬ ‫من ذهب إلى وجوبها عليه على الطلق‪ ،‬وهو قو ٌ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ل َيخفى‪.‬‬
‫جب‬ ‫ي الجمعة فإنها ت َ ِ‬ ‫ده على أن يصل ّ َ‬ ‫صل فقال‪ :‬إن واَفق َ‬
‫سي ّ ُ‬ ‫من ف ّ‬ ‫ومنهم َ‬
‫من‬ ‫ظ ِ‬ ‫ل قوي له ح ّ‬ ‫عليه وإن لم ُيواِفق على ذلك فل َتجب عليه‪ ،‬وهو قو ٌ‬
‫ده ذلك‪.‬‬ ‫النظر‪ ،‬فل َينبغي له أن َيتخّلف عنها إذا أباح له َ‬
‫سي ّ ُ‬
‫من ذلك البلوغ‪ ،‬فالصبي ل َتجب عليه الجمعة‪ ،‬بل ول َيجب عليه شيءٌ‬ ‫‪-3‬و ِ‬
‫ث َرفِْع القلم عن الثلثة الذين معهم‬ ‫ص حدي ِ‬ ‫من الواجبات‪ ،‬كما هو معلوم‪ِ ،‬بن ّ‬ ‫ِ‬
‫من أهل العلم‬ ‫وى غْير واحدٍ ِ‬ ‫ث صحيح ِبمجموع طرقه بل ق ّ‬ ‫الصبي‪ ،‬وهو حدي ٌ‬
‫فقة على عدم وجوب الجمعة على‬ ‫مة مت ّ ِ‬ ‫ض أفراد تلك الطرق‪ ،‬وال ّ‬ ‫بع َ‬
‫مر ِبإتيانها إذا بلغ سبع سنين‪.‬‬ ‫الصبي‪-‬كما هو معلوم‪-‬ولكنه ُيؤ َ‬
‫من ذلك العقل‪ ،‬فالمجنون ل َتجب عليه بل ليس لحد أن ي ُِبيح له أن‬ ‫‪-4‬و ِ‬
‫من‬ ‫ش على المصلين كما هو معلوم ِ‬ ‫شو ّ ُ‬ ‫َيذهب إلى المسجد‪ ،‬لنه سوف ي ُ َ‬
‫حال المجانين‪.‬‬
‫من‬ ‫من ذلك المسافر فالجمعة ل َتجب على المسافر‪ ،‬فهي واجبة على َ‬ ‫‪-5‬و ِ‬
‫كان مقيما في مكان‪ ،‬والعلماء قد اختلفوا في حال المسافر‪:‬‬
‫جب عليه على الطلق‪.‬‬ ‫من قال‪ :‬إنها ت َ ِ‬ ‫منهم َ‬
‫‪50‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جب عليه أو كان‬ ‫من قال‪ :‬إنه إذا بقي في مكان للقيلولة فإنها ت َ ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫قرا في ذلك المكان استقرارا ل َينوي به القامة‪.‬‬ ‫مست ِ‬
‫من قال‪ :‬ل َتجب عليه مطلقا‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫والقول بالوجوب مطَلقا ضعيف‪ ،‬والقول بوجوبها عليه إذا كان ماكثا في‬
‫ض‬‫من النظر وُتؤّيده بع ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل قوي له وج ٌ‬ ‫مكان ول َينوي الستقرار فيه قو ٌ‬
‫ث في مكان أن َيتخّلف عنها‪ ،‬وقد كان‬ ‫مك َ َ‬ ‫الثار فل َينبغي ِللمساِفر الذي َ‬
‫من أمكنة شاسعة إلى المدينة المنورة ُيصّلون مع‬ ‫الصحابة الذين َيأتون ِ‬
‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإن كّنا ل َنقوى على الجزم ِبأنها‬
‫من‬ ‫من شيٍء ِ‬ ‫ن هذه المسألة ل َتخلو ِ‬ ‫قهم ولكننا نقول‪ :‬إ ّ‬ ‫ة في ح ّ‬ ‫كانت واجب ً‬
‫الشكال‪.‬‬
‫ص السّنة الصحيحة‬ ‫الظهر‪ِ ،‬بن ّ‬ ‫ن صلته ُتجزيه عن‬ ‫وإذا صلى هذا المسافر فإ ّ‬
‫ْ‬
‫مة‪ ،‬وإنما الخلف إذا لم ي َأِتها هل َيكون آِثما ِبذلك أو‬ ‫عن النبي ‪ ‬وباّتفاق ال ّ‬
‫من الخلف في مثل هذه القضايا التي‬ ‫سه ِ‬ ‫رج نف َ‬ ‫ل ؟ وَينبغي ِللنسان أن ُيخ ِ‬
‫من أّداها فإنه قد أّدى الصلة ول‬ ‫ل واضح‪ ،‬ف َ‬ ‫اشتد ّ فيها النزاع وليس فيها دلي ٌ‬
‫من َتخّلف عنها‪.‬‬ ‫إثم عليه ِباّتفاق ِبخلف َ‬
‫من سماع النداء‬ ‫كن ِ‬ ‫من كان بعيدا ل َيتم ّ‬ ‫مع نداَءها‪ ،‬ف َ‬ ‫من ذلك أن َيس َ‬ ‫‪-6‬و ِ‬
‫من الضوضاء وَنحو ذلك‪-‬فل‬ ‫مم ٍ وَنحوه ِ‬ ‫ص َ‬
‫من الموانع‪-‬ك َ‬ ‫ِبسبب ب ُعْدِهِ ل ِلمانع ِ‬
‫مع ذلك لول ذلك المانع‬ ‫كن أن َيس َ‬ ‫مع ذلك أو َيتم ّ‬ ‫من كان َيس َ‬ ‫جب عليه‪ ،‬أما َ‬ ‫تَ ِ‬
‫در‪:‬‬ ‫جب عليه وذلك ُيق ّ‬ ‫من السماع فإنها ت َ ِ‬ ‫من ََعه ِ‬
‫الذي َ‬
‫‪ِ-1‬بمسافة فرسخ‪.‬‬
‫من بْينه وبْين المسجد الذي‬ ‫جب على َ‬ ‫ض أهل العلم إلى أنها ت َ ِ‬ ‫‪-2‬بل ذهب بع ُ‬
‫در ِبذلك على مذهب هؤلء العلماء ِبفرسخْين‪.‬‬ ‫ة السفر وُتق ّ‬ ‫ُتقام فيه مساف ُ‬
‫ة؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫والقول الول هو القرب‪ ،‬والثاني فيه سلم ٌ‬
‫هذه أهم تلك الشروط‪.1‬‬
‫ط في‬ ‫حة‪ ،‬فهو شر ٌ‬ ‫طص ّ‬ ‫ط السلم ولكن هذا الشرط شر ُ‬ ‫من ذلك شر ُ‬ ‫و ِ‬
‫ح منه عبادة ‪ ..‬ل تصح منه الصلة ول الزكاة‬ ‫جميع العبادات‪ ،‬فالكافر ل تص ّ‬
‫كها وُيعاَقب‬ ‫طبا ِبها وعليه الثم ِبسبب ت َْر ِ‬ ‫ول الصيام ول الحج وإن كان مخا َ‬
‫ن الكفاَر‬ ‫ل على أ ّ‬ ‫من الدلة التي َتد ّ‬ ‫ضح ذلك ِ‬ ‫م القيامة‪ ،‬كما ي َت ّ ِ‬ ‫على ذلك يو َ‬
‫ط في جميع‬ ‫ت‪-‬هو شر ٌ‬ ‫ن هذا الشرط‪-‬كما قل ُ‬ ‫طبون ِبفروع الشريعة ولك ّ‬ ‫مخا َ‬ ‫ُ‬
‫العبادات؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ح لها أن ُتصّلي الجمعة وُيس ِ‬
‫قط ذلك عنها‬ ‫س‪ِ:‬بالنسبة ِللمرأة قلُتم ِبأنه َيص ّ‬
‫الفرض‪ ،‬في حال نيتها تنويها فرضا ؟‬
‫ة ِبشْرع الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬إلى‬ ‫زم ً‬
‫ملت ِ‬
‫ة ُ‬
‫شم ً‬
‫محت ِ‬‫ت ُ‬
‫ج‪ :‬المرأة إذا خرج ْ‬
‫زيها عن صلة الجمعة ‪ ،‬وِبمجّرد إرادة الدخول ُتصِبح‬
‫‪2‬‬
‫المسجد فإنها ُتج ِ‬
‫زيها عن فريضة الظهر‪ ،‬وإل لو كانت ن َوَْتها سّنة أو‬ ‫ة عليها‪ ،‬لنها ُتج ِ‬‫فريض ً‬

‫حة الجمعة‪.‬‬‫ط ِلص ّ‬


‫ن الخطبَة شر ٌ‬
‫حة‪ ،‬كما َذَكَر ِبأ ّ‬
‫ط الص ّ‬
‫ن ِمن الشرو ِ‬
‫‪-1‬فقد َنّبَه الشيخ فيما بعُد إلى أ ّ‬
‫ظر مع الشيخ لعّله قصد أن يقول‪ُ " :‬تجِزيها عن صلة الظهر " بدل ِمن أن يقول‪ُ " :‬تجِزيها عن صلة الجمعة "‪.‬‬ ‫‪ُ-2‬ين َ‬
‫‪51‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫زيها في حقيقة الواقع‪ ،‬فِبمجّرد إرادة‬ ‫نافلة أو ما شابه ذلك فهي ل ُتج ِ‬
‫ة أخرى وهي فريضة‬ ‫قط عنها فريض ً‬ ‫الدخول َتنويها فريضة‪ ،‬لنها ُتس ِ‬
‫ضح لي؛ والعلم عند الله‪.‬‬ ‫الظهر ‪ ..‬هذا ما ي َت ّ ِ‬
‫من المعرفة َينوون صلةَ الجمعة سّنة‪،‬‬ ‫ض الذين ليس لديهم ح ّ‬
‫ظ ِ‬ ‫س‪ :‬هناك بع ُ‬
‫فما حكم صلتهم في هذه الحالة ؟‬
‫ن صلةَ‬ ‫زيهم‪ ،‬ل ّ‬ ‫ة المطلوبة وهي النية القلبية فل ُتج ِ‬ ‫ة الني َ‬
‫ج‪ :‬إذا كانت الني ُ‬
‫‪1‬‬
‫من نوى ذلك ِبقلبه ل ُيجزيه‪،‬‬ ‫ص الكتاب وصحيح السّنة‪ ،‬ف َ‬ ‫الجمعة فريضة ِبن ّ‬
‫فظ ِبلسانه ِبأنها سّنة فذلك‬ ‫وأما إذا كان َينوي صلة الجمعة الواجبة ولكن َتل ّ‬
‫ن هذه اللفاظ ل عبرة بها ‪ ..‬النبي ‪ ‬يقول‪ ) :‬إنما‬ ‫ما ل بأس به‪ ،‬ل ّ‬ ‫م ّ‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫العمال بالنيات (‪ ،‬والنية‪-‬المقصودة أو‪-‬المطلوبة هاهنا هي القصد بالقلب‪،‬‬
‫ل عليه‪ ،‬فالنبي‬ ‫ما ل دلي َ‬ ‫م ّ‬
‫من الناس فهي ِ‬ ‫أما تلك اللفاظ التي يأتي بها كثير ِ‬
‫من هذه‬ ‫‪ ‬وصحابُته الكرام‪-‬رضي الله تعالى عنهم‪-‬لم َيكونوا َيأتون ِبشيٍء ِ‬
‫دثة‪ ،‬ونحن وإن كّنا ل نقول ِبحرمتها ولكننا نقول‪:‬‬ ‫مح َ‬
‫اللفاظ‪ ،‬فهذه اللفاظ ُ‬
‫إنه ل ينبغي الشتغال بها بل ينبغي القتداء بالنبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪ ،‬ولو كان في التيان بها خْير لتى بها النبي‪-‬صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬ولنا فيه السوة الحسنة؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬جماعة مسافرة مّرت على مسجد في يوم الجمعة‪ ،‬هل ُيصّلون الظهر أم‬
‫الجمعة ؟‬
‫جب عليه الجمعة على الخلف الذي ذكرناه والقول بعدم‬ ‫ج‪ :‬المسافر ل ت َ ِ‬
‫ن‬
‫مة أ ّ‬ ‫وجوبها عليه هو القول المشهور‪ ،‬وعليه فالذي ذهب إليه جمهور ال ّ‬
‫المسافرين إذا مّروا على مسجد فإنهم ُيصّلون الظهر وليس لهم أن ُيصّلوا‬
‫قيمة فإنه َينبغي لهم أن ُيصّلوا‬ ‫م ِ‬
‫ة ُ‬‫جدوا هنالك جماع ً‬ ‫الجمعة ‪ ..‬نعم إذا وَ َ‬
‫معهم الجمعة بل ليس لهم أن َيتخّلفوا عنهم إذا دخلوا المسجد‪ ،‬أما أن‬
‫ُيقيموا هم الجمعة‪:‬‬
‫‪-1‬فليس لهم ذلك على مذهب الجمهور‪.‬‬
‫من أهل العلم إلى مشروعية ذلك‪.‬‬ ‫‪-2‬وذهبت طائفة ِ‬
‫كن‬ ‫ة في الماضي فإنه ُيم ِ‬ ‫لها جمع ً‬ ‫من ص ّ‬ ‫ن القول الصحيح هو الول‪ ،‬ف َ‬ ‫ولك ّ‬
‫ض أهل العلم الذين‬ ‫خص له في عدم العادة‪ ،‬لنه إما أن َيكون قَل ّد َ بع َ‬ ‫أن ُيتر ّ‬
‫ف فيها أحد ٌ إذا‬ ‫كن أن ُيعن ّ َ‬ ‫ة ظنية والمسائل الظنية ل ُيم ِ‬ ‫قالوا ِبذلك والمسأل ُ‬
‫ل أحدٍ‬ ‫صدا ِللصواب طاِلبا ِللحق‪ ،‬وإما أن َيكونوا لم َيعَلموا ِبقو ِ‬ ‫كان قا ِ‬
‫خص‬ ‫كن أن ُيتر ّ‬ ‫من أقوال أهل العلم فُيم ِ‬ ‫ولكّنهم َيطلبون الحق وواَفقوا قول ً ِ‬
‫ة إل إذا‬ ‫لهم في الماضي‪ ،‬أما في المستقَبل فل َينبغي لهم أن ُيقيموا الجمع َ‬
‫من الناس ُيصّلون الجمع َ‬
‫ة‬ ‫ة ِ‬
‫جدوا طائف ً‬ ‫قيمة‪ ،‬فإذا وَ َ‬
‫م ِ‬ ‫وها مع جماعةٍ ُ‬ ‫صل ّ ْ‬
‫فَينبغي لهم‪-‬كما قلنا أل ّ َيتخّلفوا عنهم في ذلك‪.‬‬
‫من الناس َيسألون عن الطلبة الذين َيدرسون‪-‬أو َيعملون‪-‬في بعض‬ ‫وكثير ِ‬
‫الدول الكافرة‪ ،‬هل لهم أن ُيصّلوا الجمعة ؟ والجواب هو ما أشرنا إليه وهو‬
‫خْيٌر لُّكْم‬
‫ل َوَذُروا اْلَبْيَع َذِلُكْم َ‬
‫سَعْوا ِإَلى ِذْكِر ا ِ‬
‫جُمَعِة َفا ْ‬
‫صلِة ِمن َيْوِم اْل ُ‬ ‫‪-1‬قال ال تعالى‪َ  :‬يا َأّيَها اّلِذي َ‬
‫ن آَمُنوا ِإَذا ُنوِدي ِلل ّ‬
‫ن ‪ ] ‬سورة الجمعة‪ ،‬الية‪.[ 9 :‬‬ ‫ِإن ُكنُتْم َتعَْلُمو َ‬
‫‪52‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ة ُتصّلي الجمع َ‬
‫ة‬ ‫جدوا جماع ً‬‫قيموا هم الجمعة ولكن إذا وَ َ‬
‫أنه ليس لهم أن ي ُ ِ‬
‫فل ُْيصّلوا معهم ولو كانوا في غي ْرِ بلد السلم ‪ ..‬هذا هو القول الصحيح‪ ،‬وإن‬
‫ض العلماء َيقول ِبخلف ذلك؛ والعلم عند الله تعالى‪.‬‬ ‫كان بع ُ‬
‫ة العصَر ؟‬
‫معوا مع الجمع ِ‬
‫س‪ :‬المسافرون‪ ،‬هل لهم أن َيج َ‬
‫ج‪ :‬في هذه المسألة خلف بْين أهل العلم‪:‬‬
‫مع العصَر مع‬ ‫من أهل العلم إلى أنه ليس ِللمساِفر أن َيج َ‬ ‫ذهبت طائفة ِ‬
‫سها ولم ي َرِد ْ عن‬ ‫قّلة ِبنف ِ‬
‫مست ِ‬‫ن صلةَ الجمعة صلةٌ ُ‬ ‫صلةِ الجمعة‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫مِع العصرِ معها‪،‬‬ ‫ج ْ‬‫ل على جواز َ‬ ‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ما َيد ّ‬
‫ت‬‫ت العصرِ بل َينتهي ِبمجرد انتهاء وق ِ‬ ‫ت الجمعة ل َيمَتد إلى وق ِ‬ ‫ن وق َ‬‫ثم إ ّ‬
‫ة‪.‬‬
‫معوا العصَر مع الجمع ِ‬ ‫الظهر فليس لهم على هذا الرأي أن َيج َ‬
‫ض أهل العلم‪-‬وهم الكثر‪-‬إلى جواز ذلك‪.‬‬ ‫وذهب بع ُ‬
‫من الخلف‬ ‫سه ِ‬ ‫رج نف َ‬ ‫حزم وأن ُيخ ِ‬ ‫من شاء أن َيحتاط ِلدينه وأن َيأخذ ِبال ْ‬ ‫ف َ‬
‫معَ فل شيَء عليه ِبمشيئة الله تبارك‬ ‫ج َ‬
‫من َ‬ ‫مع‪ ،‬و َ‬‫ن الْولى له أل ّ َيج َ‬ ‫ش ّ‬
‫كأ ّ‬ ‫فل َ‬
‫وتعالى؛ والعلم عند الله تعالى‪.‬‬
‫ت‬
‫جدون وق َ‬‫من فرط السرعة َيدخلون المسجد في َ ِ‬ ‫ض المسافرين ِ‬‫س‪ :‬بع ُ‬
‫من المسجد ؟‬ ‫ّ‬
‫الخطبة ل َيزال طويل فُيصلون الظهَر ثم َيخُرجون ِ‬
‫ما وقعوا فيه‬ ‫ٌ‬
‫م ّ‬
‫ج‪ :‬هذا خطأ واضح ‪ ..‬عليهم أن َيتوبوا إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ -‬‬
‫ل ذلك مّرة‬‫جعوا إلى مث ِ‬‫جعوا إليه ‪ ‬وأن َيتعّلموا أموَر ِديِنهم وأل ّ َير ِ‬
‫وأن َير ِ‬
‫أخرى فَينبغي لهم أن ُيصّلوا مع المام صلةَ الجمعة‪ ،‬أما أن َيخُرج الواحد‬
‫من غي ْرِ أن ُيصّلي مع جماعةِ المسلمين فهذا فيه ما فيه؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫ِ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ض المسافرين قد‬ ‫ن بع َ‬‫ر الجمعة ؟ ل ّ‬
‫س‪ :‬هل هذا الحكم شامل ِللجمعة وغي ْ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫جلون َيدخلون ‪ُ ..‬يصلون الظهَر‬ ‫مستع ِ‬ ‫ر مثل ولنهم ُ‬‫ن الظه ِ‬ ‫معون أذا َ‬
‫َيس َ‬
‫د‪.‬‬
‫م َبع ُ‬ ‫ة لم ت ُ َ‬
‫ق ْ‬ ‫د والجماع ُ‬
‫من المسج ِ‬ ‫معون ثم َيخُرجون ِ‬‫والعصَر مثل ‪َ ..‬يج َ‬
‫ظروا تلك‬‫ن هؤلء إما أن َينت ِ‬ ‫دد فيه‪ ،‬ل ّ‬‫ما َينبغي أن ُيش ّ‬‫م ّ‬
‫ج‪ :‬هذا‪-‬حقيقة‪ِ -‬‬
‫ن آخر‪-‬والمساجد موجودة‪ ،‬والرض كلها‬ ‫الجماعة وإما أن َيذهبوا إلى مكا ٍ‬
‫ممَتد ِبحمد الله تبارك‬ ‫مسجد ِبحمد الله تبارك وتعالى‪-‬وُيصّلوا هناك فالوق ُ‬
‫ت ُ‬
‫صلوا السْير ثم بعد َ ذلك‬‫رهم فلُيوا ِ‬‫من أم ِ‬‫جل َةٍ ِ‬
‫وتعالى‪ ،‬فإن كانوا على عَ َ‬
‫ِبإمكاِنهم أن َيأتوا ِبالصلة في أيّ مكان آخر؛ والعلم عند الله‪.‬‬

‫ت‬
‫ة الجمعة‪ ،‬ما هو الوق ُ‬‫ت صل ِ‬ ‫ة في وق ِ‬ ‫من المحلت ت َظَ ّ‬
‫ل مفتوح ً‬ ‫س‪ :‬عددٌ ِ‬
‫ت صلة الجمعة ؟‬ ‫ضَر ْ‬
‫ح َ‬
‫دد ِلهذه المحلت في أن تغلق فيه أبواَبها إذا ما َ‬ ‫مح ّ‬
‫الق ُ‬
‫جب‬‫ج‪ :‬هو إذا نودي ِبصلة الجمعة فإنه ُيمَنع البيع والشراء‪ ،‬فليس لحد ت َ ِ‬
‫من َتجب عليه‬ ‫م ّ‬
‫عليه الجمعة أن يبيع أو أن يشتري‪ ،‬أو أن يبيع أو أن يشتري ِ‬

‫‪53‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جب عليه الجمعة ‪ ..‬هذا هو الرأي الصحيح‪،‬‬ ‫من ت َ ِ‬‫م ّ‬‫الجمعة ولو كان هو ليس ِ‬
‫ن الله ‪ ‬قد عَل ّقَ ذلك ِبنداء يوم الجمعة‪.1‬‬ ‫ل ّ‬
‫ل الوقت فإذا‬ ‫ن البيعَ والشراء ُيمَنعان ِبمجّرد دخو ِ‬ ‫ب إلى أ ّ‬ ‫ض العلماء ذ َهَ َ‬ ‫وبع ُ‬
‫ح النداء‬ ‫ت فإنه ُيمَنع البيعُ والشراء‪ ،‬وذلك لنه في ذلك الوقت َيص ّ‬ ‫ل الوق ُ‬ ‫خ َ‬ ‫دَ َ‬
‫ت ل َيجوز البيعُ ول الشراء على حسب ما‬ ‫ل الوق ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ح الصلة فإذا د َ َ‬ ‫وَتص ّ‬
‫ذكرناه‪.2‬‬
‫ن ذلك ُيمَنع ِبالذان الّول‪.‬‬ ‫وبعض العلماء قال‪ :‬إ ّ‬
‫والصحيح أنه ُيمَنع ِبالذان الثاني وإن كان الْفضل ِللنسان أن َيستعِد ّ ِللصلة‬
‫ل ذلك فإننا ل َنقوى‬ ‫من قب ِ‬ ‫دا ِ‬‫مستعِ ّ‬ ‫سمع النداَء الول اللهم إل إذا كان ُ‬ ‫إذا َ‬
‫داء‬
‫هو الن ِ َ‬
‫هنا ُ‬ ‫ن الله ‪َ ‬قد عَّلق ذلك ِبالّنداء والّنداء المَراد َ‬
‫ها ُ‬ ‫منع‪ ،‬ل ّ‬ ‫على اله َ‬
‫هو النداء المعُروف ِفي عْهد النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫الثاني لّنه ُ‬
‫ُ‬
‫دث في عَْهد عثمان‬ ‫دث ‪َ ..‬قد أ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫ح َ‬ ‫داء الثاني فَُهو ُ‬
‫م ْ‬ ‫ما الن ِ َ‬ ‫وصحبه وسلم‪-‬أ ّ‬
‫من صحابة رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫مْرأى ِ‬ ‫مٍع و َ‬‫س َ‬‫م ْ‬‫على َ‬
‫ضا‪-‬اسَتنب َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫من الّنداء الول‬ ‫طوا ذ َِلك ِ‬ ‫صلحةٍ َرأْوها ول َعَّلهم‪-‬أي ْ ً‬ ‫م ْ‬
‫وصحبه وسلم‪-‬ل ِ َ‬
‫صلة الفجر؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫لِ َ‬
‫في‬
‫شُروا ِ‬‫فانت َ ِ‬‫صلةُ َ‬‫ت ال ّ‬
‫ضي َ ِ‬
‫ق ِ‬‫ذا ُ‬
‫فإ ِ َ‬‫س‪ :‬في الية ] ‪ ،10‬من سورة الجمعة [‪َ :‬‬
‫من‬‫عة ِ‬
‫مو َ‬ ‫من ي َ ُ‬ ‫ض ‪ُ .. ...‬‬ ‫َ‬
‫ج ُ‬‫م ْ‬‫مع َ‬
‫داَرسه َ‬ ‫معّين َيت َ‬ ‫كتاب ُ‬ ‫قَراءة ِ‬
‫م بِ ِ‬
‫قو ُ‬ ‫هَناك َ‬ ‫الْر ِ‬
‫ذا ؟‬‫ه َ‬ ‫ح َ‬
‫ص ّ‬
‫شَرة‪ ،‬هل ي َ ِ‬ ‫مَبا َ‬
‫صلة الجمعة ُ‬ ‫عد َ‬‫الّناس ب َ ْ‬
‫ب الفقه أو الّنحو أو العقائد أو ما‬ ‫ميا ك َك ُت ُ ِ‬‫عل ْ ِ‬‫كتابا ِ‬ ‫كتاب ِ‬ ‫ذا ال ِ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ما إذا َ‬
‫كا َ‬ ‫ج‪ :‬أ ّ‬
‫ضر ذ َِلك الدرس فإنه‬ ‫ح ُ‬‫شاَء أن ي َ ْ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬‫ن َ‬ ‫من ذ َِلك‪ ،‬ل ّ‬ ‫ماِنع ِ‬ ‫شابه ذ َِلك َفل َ‬
‫صلةِ الجمعة‪،‬‬ ‫علَقة َله ب ِ َ‬ ‫ضر‪ ،‬فَُهو ل َ‬ ‫خُرج َفل َيح ُ‬ ‫شاء أن ي َ ْ‬ ‫من َ‬ ‫حضر وَ َ‬ ‫سي َ ْ‬
‫َ‬
‫قوم‬ ‫ها ‪ ..‬ي َ ُ‬ ‫معَةِ أو ب َعْد َ َ‬ ‫صلةِ الج َ‬ ‫ل َ‬ ‫طاَبة قب ْ َ‬ ‫مون ِبالخ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ن َبعض الناس ي َ ُ‬ ‫وَلك ّ‬
‫شاَبه َذلك فهذا‬ ‫ما َ‬ ‫ض المور أو َ‬ ‫ة ي ُن َّبه ِفيها على ب َعْ ِ‬ ‫خط ْب َ ً‬ ‫طب ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫مْنهم ي َ ْ‬ ‫الواحد ِ‬
‫دي النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫لف هَ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫لنه ِ‬ ‫شروع‪َ ،‬‬ ‫م ْ‬ ‫ل َي ْ‬
‫ُ‬ ‫س بِ َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ت‬
‫عة فلي َأ ِ‬ ‫ض المور المط ُْلوَبة أو الممنو َ‬ ‫من أَراد أن ي ُن َّبه على َبع ِ‬ ‫وسلم‪ ،‬فَ َ‬
‫طب‬ ‫خ ُ‬ ‫كان الذي ي َ ْ‬ ‫طيب‪ ،‬أما إذا َ‬ ‫هو الخ ِ‬ ‫خط َْبة الجمعة إَذا كان ُ‬ ‫ِبذلك في ُ‬
‫خط َْبة‬‫خَرى قَْبل ُ‬ ‫خط ْب َةٍ أ ْ‬ ‫ن بِ ُ‬
‫م ِبالتيا ِ‬ ‫قو َ‬ ‫ما أن ي َ ُ‬ ‫مْنه َذلك‪ ،‬أ ّ‬ ‫صا آخر فَل ْي َط ُْلب ِ‬ ‫خ ً‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫خلِفه‬ ‫ما ي َن ْب َِغي أن ي ُن َْهى عَْنه ل ِ ِ‬ ‫م ّ‬
‫ذا ِ‬ ‫ما شابه ذ َِلك‪-‬فَهَ َ‬ ‫صلة‪-‬أو َ‬ ‫الجمَعة أو ب َعْد َ ال ّ‬
‫دي النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫ل ِهَ ْ‬
‫جوب ؟‬
‫و ُ‬ ‫شُروا ‪  ...‬ل َ ي ُ ِ‬
‫فيد ال ُ‬ ‫س‪ :‬إذن في َرأ ِْيكم‪َ ...  :‬‬
‫فانت َ ِ‬
‫خط َْبة ل َْيس‬ ‫ن عندما قُل َْنا ب ِعَ َ‬
‫دم ال ُ‬ ‫ب إط ْل ًَقا‪ ،‬ون َ ْ‬
‫ح ُ‬ ‫جو ِ‬ ‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬هو ل َ ي َد ُ ّ‬
‫ل على الوُ ُ‬
‫ذا‪ ،‬وإّنما ِلمخاَلفة ذ َِلك ل َِهدي النبي ‪. ‬‬ ‫لجل هَ َ‬

‫خْيٌر ّلُكْم ِإن‬


‫ل َوَذُروا اْلَبْيَع َذِلُكْم َ‬
‫سَعْوا ِإَلى ِذْكِر ا ِ‬
‫جُمَعِة َفا ْ‬
‫صلِة ِمن َيْوِم اْل ُ‬ ‫‪-1‬قال ال ‪َ : ‬يا َأّيَها اّلِذي َ‬
‫ن آَمُنوا ِإَذا ُنوِدي ِلل ّ‬
‫ن ‪ ] ‬سورة الجمعة‪ ،‬الية‪.[ 9 :‬‬ ‫ُكنُتْم َتْعَلُمو َ‬
‫جب عليه الجمعة أن يبيع أو أن يشتري‪ ،‬أو أن يبيع أو أن يشتري ِمّمن َتجب عليه الجمعة ولو كان هو‬ ‫‪-2‬أي ليس لحد َت ِ‬
‫جب عليه الجمعة‪.‬‬ ‫ليس ِمّمن َت ِ‬
‫‪54‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ة عليه‬
‫صِبح فريض ً‬ ‫ه ْ‬
‫ل تُ ْ‬ ‫صلة الجمعة على النسان‪َ ،‬‬ ‫ضية َ‬ ‫فْر َ‬‫س‪ِ :‬بالنسبة ل ِ َ‬
‫فر في ذَِلك الي َ ْ‬
‫وم أم له أن‬ ‫صح َله أن ي ُ َ‬
‫سا ِ‬ ‫حْيث ل ي َ ِ‬
‫مه ب ِ َ‬‫و ِ‬
‫جر ي َ ْ‬‫ف ْ‬‫ع َ‬ ‫ُ ُ‬
‫جّرد طلو ِ‬ ‫م َ‬‫بِ ُ‬
‫سافر ؟‬‫يُ َ‬
‫ساِفر إَذا ُنوِدي ِلصلة الجمعة فإذا ُنوِدي‬ ‫س َله أن ي ُ َ‬ ‫ج‪ :‬له أن ُيساِفر ولكن ل َي ْ َ‬
‫هو الذان المعُْروف في عَْهد النبي صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫ِبال ََذان الثاني‪-‬و ُ‬
‫ساِفر‬ ‫ساِفر في َذلك الوَْقت اللُهم إل إذا كان ي ُ َ‬ ‫س َله أن ي ُ َ‬ ‫وصحبه وسلم‪-‬فَل َي ْ َ‬
‫صّلي‬ ‫صِلي الجمعة هَُناك‪ ،‬فإن كان ي ُ َ‬ ‫قام ِفيه الجمعة وي ُ َ‬ ‫كان آخر ت ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫إلى َ‬
‫َ‬
‫حة ب ِأن‪-‬‬ ‫كذلك‪-‬إذا َ‬ ‫من َذلك‪ ،‬و‪َ -‬‬
‫مل ِ ّ‬‫ضُروَرة ُ‬ ‫كاَنت هَُناِلك َ‬ ‫ماِنع ِ‬ ‫هناك فل َ‬ ‫الجمعة ُ‬
‫جة إل َْيه وت ُقِْلع‬ ‫حا َ‬ ‫كان ب َِعيد وهو ب ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫هب إلى َ‬ ‫ريد أن ي َذ ْ َ‬ ‫ذا‪-‬ي ُ ِ‬ ‫رنا هَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫مثل ِفي عَ ْ‬
‫خُرج فَي َُباح َله‬ ‫مْثل هَذِهِ الحالة أن ي َ ْ‬ ‫طر في ِ‬ ‫ض َ‬ ‫م ْ‬ ‫طاِئرة في ذ ََلك الوَْقت فَُهو ُ‬ ‫ال َ‬
‫من‬ ‫ماِنع ِ‬ ‫داء َفل َ‬ ‫ما قَْبل‪َ-‬ذلك ‪ ..‬أيْ قَْبل‪-‬الن ّ َ‬ ‫هذه الحالة‪ ،‬أ ّ‬ ‫مثل َ‬ ‫الخُروج في ِ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ت‪.‬‬ ‫ضَر الوَقْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ذلك ُيمَنع إذا َ‬ ‫ل‪ :‬إ ّ‬ ‫وإن كان َبعض العلماء َقا َ‬
‫َ‬
‫ل‪ :‬إَذا ُنوِدي ِبالَذان الّول‪.‬‬ ‫ضهم َقا َ‬ ‫وب َعْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ذلك ُيمن َعُ ِبالذان‬ ‫شَراء أ ّ‬ ‫سأَلة الب َْيع وال ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مَناه ِفي َ‬ ‫ما َقد ْ‬ ‫حيح‪-‬ك َ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ول َك ِ ّ‬
‫الثاني‪.‬‬
‫ما ِفيه‪،‬‬ ‫ذا ِفيه َ‬ ‫مس‪ ،‬وَهَ َ‬ ‫خُرج النسان ب َعْد َ ط ُُلوع ال ّ‬
‫ش ْ‬ ‫ض العلماء ك َّرهَ أن ي َ ْ‬ ‫وَب َعْ ُ‬
‫س‬‫سة المعُْروفة ولي ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫كام ِ الخ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫م َ‬‫ي ِ‬ ‫ع ٌ‬ ‫شْر ِ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ ٌ‬ ‫هة ُ‬ ‫ن الك ََرا َ‬ ‫ذ َِلك ل ّ‬
‫ل عََلى ذ َِلك‬ ‫ن هَُناِلك َدليل يد ُ ّ‬ ‫كا َ‬‫عي إل إذا َ‬ ‫شْر ِ‬ ‫كم َ‬ ‫ح ْ‬ ‫كم ب ِ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ِللنسان أن ي َ ْ‬
‫حسن "‬ ‫من َباب الْولى وال ْ‬ ‫ن ذ َِلك ِ‬ ‫قول َقاِئل‪ " :‬إ ّ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫الحكم ‪ ..‬ن ََعم إَذا َ‬
‫ْ‬
‫ول‬ ‫ول ِبالّندب أو ب َْين القَ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن الْولى وب َْين ال َ‬ ‫هنالك فَْرق ب َي ْ َ‬ ‫س ِبه‪ ،‬و ُ‬ ‫فَذ َِلك ل ب َأ َ‬
‫فْرق‬ ‫ما َينب َِغي‪ ،‬فَ َ‬ ‫م ّ‬ ‫س ِ‬ ‫جوُّز ل َي ْ َ‬‫جوُّزون وذ َِلك الت ّ َ‬ ‫هة‪ ،‬وَبعض الناس ي َت َ َ‬ ‫ِبالك ََرا َ‬
‫هة‪،‬‬ ‫ن " ل َينب َِغي " وب َْين الحكم ِبالك ََرا َ‬ ‫ن الْولى‪ ،‬أو ب َي ْ َ‬ ‫دب وب َي ْ َ‬ ‫سع بْين الن ّ ْ‬ ‫شا ِ‬
‫كان‬ ‫ن النسان إذا َ‬ ‫ل َقاِئل‪ " :‬إ ّ‬ ‫قو َ‬ ‫ما أن ي َ ُ‬ ‫هة ل َدليل عَل َْيه‪ ،‬أ ّ‬ ‫م ِبالك ََرا َ‬ ‫فالحك ْ ُ‬
‫من تلك الخطبة التي‬ ‫فيد ِ‬ ‫خر فالْولى له أن َيشَهد الجمعة وَيست ِ‬ ‫مكنه أن َيتأ ّ‬ ‫يُ ِ‬
‫مع ِبالمسلمين " فذلك فيه خْير وبركة ِبمشيئة‬ ‫َيأتي ِبها ذلك الخطيب وَيجت ِ‬
‫الله؛ والعلم عند الله‪.‬‬
‫س‪ :‬نعود مرة أخرى إلى شروط وجوبها ذكرُتم ِبأنها ِبمجّرد أن َيسمع النسان‬
‫معونه عن طريق الذاعة أو‬ ‫مع هؤلء النداء لكنهم َيست ِ‬ ‫النداء ‪ ..‬الن ربما َيست ِ‬
‫جب‬‫من مسافة السفر‪ ،‬فهل ت َ ِ‬ ‫عد عنهم أكثر ِ‬ ‫عن طريق التلفزيون والمسجد َيب ُ‬
‫عليهم في هذه الحالة ؟‬
‫من أيّ بلدٍ آخر‪-‬‬ ‫كة المكّرمة أو ِ‬ ‫من م ّ‬‫مع النسان النداَء هاهنا ِ‬ ‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬قد َيس َ‬
‫ت باقيا لكن قد َيكون ذلك في‬ ‫خرا ولكن ل زال الوق ُ‬ ‫ت متأ ّ‬
‫وإن كان هذا الوق ُ‬
‫من‬ ‫مع ذلك ِ‬ ‫من أن َيخُرج ؟! ل ‪ ..‬إذا كان َيس َ‬ ‫دمة‪-‬فهل ُيقال له لبد ِ‬ ‫متق ّ‬
‫بلدٍ ُ‬
‫من ََعه‬
‫مع لول ذلك المانع الذي َ‬ ‫كنه أن َيس َ‬‫من ُيم ِ‬ ‫م ّ‬
‫سطة أو كان ِ‬ ‫غْير هذه الوا ِ‬
‫من السماع‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ن مريضا‬ ‫ة‪ ،‬فإذا كان النسا ُ‬ ‫ح ُ‬
‫ط الص ّ‬ ‫من الشرو ِ‬ ‫ما َينبغي أن ُننّبه إليه‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫م ّ‬
‫و ِ‬
‫جب على المريض‪،‬‬ ‫من المعلوم أنها ل ت َ ِ‬ ‫ل َيقوى على الخروج إلى الجمعة ف ِ‬
‫‪55‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن‬
‫حِته فإ ّ‬
‫ح‪ ،‬وحّتى على تقديرِ عدم ص ّ‬
‫ص الحديث على ذلك إن ص ّ‬ ‫وقد ن ّ‬
‫المريض الذي ل َيستطيع أن َيذهب إلى الجمعة فإنه معذور؛ والله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫مع الذي ُتصّلى فيه‬ ‫من الجا ِ‬ ‫جب عليهم ِلكونهم َ‬


‫قريِبين ِ‬ ‫س‪ :‬الذين ت َ ِ‬
‫ء‪-‬كذلك‪-‬لكّنهم مع ذلك ل َيذهبون فُيصّلون الظهَر‪ ،‬ما‬
‫معون الندا َ‬‫الجمعة وَيس َ‬
‫حكم صلِتهم ؟‬
‫ة مع المسلمين‬ ‫ضروا الجمع َ‬ ‫جب عليهم أن َيح ُ‬ ‫ج‪ :‬صلُتهم باطلة‪ ،‬ذلك لنه ي َ ِ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أمَرهم ِبالسعي إليها‪ ،1‬ول ّ‬ ‫وأن ُيصّلوا معهم‪ ،‬ل ّ‬
‫دد في ذلك‬ ‫الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬أمَرهم ِبذلك بل و َ‬
‫ش ّ‬
‫ن‬
‫م ّ‬
‫خت ِ َ‬‫معات أو ل َي َ ْ‬ ‫عِهم الج ُ‬ ‫م عن وَد ْ ِ‬ ‫ديد حتى قال‪ ) :‬ل َي َن ْت َهِي َ ّ‬
‫ن أقوا ٌ‬ ‫ة التش ِ‬ ‫غاي َ‬
‫سمع النداَء أو كان في‬ ‫من َ‬ ‫من الغافلين (‪ ،‬ف َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون ّ‬ ‫الله على قلوِبهم ثم ل َي َ ُ‬
‫من َيقول‬ ‫خْين على رأي َ‬ ‫س َ‬‫فْر َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫مع النداَء‪-‬أو كان ُدو َ‬ ‫كنه أن َيس َ‬‫موضٍع ُيم ِ‬
‫جب عليه أن َيذهب إليها‪ ،‬وليس له أن َيتخّلف‬ ‫ِبوجوب الجمعة عليه‪-‬فإنه ي َ ِ‬
‫عنها‪ ،‬وإذا َتخّلف عنها فهو آِثم ‪ ..‬عليه أن َيتوب إلى الله ولبد أنه سُيصّلي‬
‫ن صلَته باطلة على‬ ‫ل الجمعةِ فإ ّ‬ ‫ت ولكن إذا صلها قب َ‬ ‫الظهَر في ذلك الوق ِ‬
‫من أهل العلم ‪ ..‬عليه أن َيتوب إلى رّبه وأن َيقوم ِبإعادة‬ ‫رأي كثرةٍ كاثرة ِ‬
‫ة فذلك‬‫ي ِبها مع المسلمين ‪ ..‬أن ُيصّليها جمع ً‬ ‫كن ِبأن َيأت ِ َ‬ ‫تلك الصلة ‪ ..‬إن َتم ّ‬
‫ظهرا؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫ي ِبها ُ‬ ‫من أن َيأت ِ َ‬ ‫محيص ِ‬ ‫كن فل َ‬ ‫هو الواجب وإن لم َيتم ّ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ة؟‬
‫مع الجمع ِ‬
‫ورة ِلجا ِ‬
‫س‪ :‬ما حكم الذان في المساجد المجا ِ‬
‫دع‪ ،‬وأما‬ ‫من الب ِ َ‬‫ج‪ :‬أما إذا كان ُيؤّذن ِلصلة الظهر فذلك ل َيصح بل هو ِبدعة ِ‬
‫سع‬ ‫ممتِلئا ل ي َت ّ ِ‬‫إذا كان ُينادى ِبذلك ِلصلةِ الجمعة ِبأن كان ذلك المسجد ُ‬
‫َ‬ ‫ِللمصّلين فَيض َ‬
‫خذِ‬‫ة أخرى ولكن ذلك بعد أ ْ‬ ‫جمع ً‬ ‫قيموا ُ‬ ‫ض الناس أن ي ُ ِ‬ ‫طر بع ُ‬
‫ن الصل الصيل أل ّ‬ ‫ح ذلك لجل الضرورة الملحة وإل فإ ّ‬ ‫ن ِبذلك فَيص ّ‬‫الذ ِ‬
‫ة‬
‫دد في حالة الضرور ِ‬ ‫دا وإنما ُيشَرع التع ّ‬ ‫دد الجمعة في المكان الواحد أب ً‬ ‫َتتع ّ‬
‫س ِبأن ُيصّلوا في ذلك المسجد‬ ‫كن النا ُ‬ ‫حة وذلك ِبما إذا كان ل َيتم ّ‬ ‫المل ِ ّ‬
‫ِلكثرِتهم مثل‪.‬‬
‫ة الولى الصلية أّول ثم َتأتي‬ ‫ض الناس َيسأل‪ :‬هل ُتصّلي الجماع ُ‬ ‫وبع ُ‬
‫م الصلةَ بعد َ ذلك في ذلك‬ ‫سع لها وُتقي ُ‬ ‫الجماعة الثانية إذا كان المسجد ل ي َت ّ ِ‬
‫كن أن‬ ‫مة‪ ،‬فل ُيم ِ‬ ‫المسجد ؟ والجواب‪ :‬ل ‪ ..‬هذا هو الذي ذهب إليه جمهور ال ّ‬
‫من‬ ‫ب أو ِلغْيره ِ‬ ‫كن‪ِ-‬لهذا السب ِ‬ ‫من لم َيتم ّ‬ ‫ة في مسجد ٍ واحد‪ ،‬ف َ‬ ‫دد الجمع ُ‬ ‫َتتع ّ‬
‫من نوم أو جاء‬ ‫من السباب ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫خر عن الصلة ِلسب ٍ‬ ‫السباب كأن َيكون قد َتأ ّ‬
‫ة في ذلك‬ ‫قيموا الجمع َ‬ ‫س لهم أن ي ُ ِ‬ ‫ق بعيدة أو ما شابه ذلك‪-‬فإنه لي َ‬ ‫من طري ٍ‬ ‫ِ‬
‫المسجد ‪ ..‬هذا هو الحق؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫خْيٌر لُّكْم‬
‫ل َوَذُروا اْلَبْيَع َذِلُكْم َ‬
‫سَعْوا ِإَلى ِذْكِر ا ِ‬
‫جُمَعِة َفا ْ‬
‫صلِة ِمن َيْوِم اْل ُ‬ ‫‪-1‬قال ال تعالى‪َ  :‬يا َأّيَها اّلِذي َ‬
‫ن آَمُنوا ِإَذا ُنوِدي ِلل ّ‬
‫ن ‪ ] ‬سورة الجمعة‪ ،‬الية‪.[ 9 :‬‬ ‫ِإن ُكنُتْم َتعَْلُمو َ‬
‫‪56‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‪ :‬دون الفرسخين يعني قبل اثني عشر كيلومترا تقريبا ؟‬


‫ج‪ِ :‬بالتقريب‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم خطبة الجمعة ؟‬
‫ة الجمعة اختَلف فيها أهل العلم‪:‬‬ ‫ج‪ :‬الله أعلم؛ خطب ُ‬
‫من الصلة‪.‬‬ ‫من قال‪ :‬هي جزٌء ِ‬ ‫منهم َ‬
‫حة الصلة‪.‬‬ ‫ط ِلص ّ‬ ‫من قال‪ :‬هي شْر ٌ‬ ‫ومنهم َ‬
‫من قال‪ :‬هي سّنة ِللصلة‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫وعليه‪:‬‬
‫ة‬
‫ضر خطب َ‬ ‫من لم َيح ُ‬ ‫من الصلة " ف َ‬ ‫من َيقول‪ " :‬هي جزٌء أو شط ٌْر ِ‬ ‫‪-1‬ف َ‬
‫من جاء‬ ‫ظهرا‪ ،‬ف َ‬ ‫الجمعة فليس له أن ُيصّلي الجمعة فعليه أن ُيصّلي ُ‬
‫خرا ‪ ..‬مثل بعد انتهاء الخطبة ولو كان قبل تكبيرة الحرام فليس له أن‬ ‫متأ ّ‬
‫ي الجمعة‪.‬‬ ‫ُيصل ّ َ‬
‫من جاء‪:‬‬ ‫ن َ‬‫حة الجمعة " فإ ّ‬ ‫ط ِلص ّ‬ ‫من قال‪ " :‬هي شر ٌ‬ ‫‪-2‬و َ‬
‫من الركعة الثانية على رأي‪.‬‬ ‫من الركوع ِ‬ ‫‪-1‬قبل قيام المام ِ‬
‫ل هو القرب إلى الصواب‪-‬‬ ‫من الصلة على رأي آخر‪-‬والو ُ‬ ‫‪-2‬أو قبل السلم ِ‬
‫طب ِللجمعة فإنه ليس لهم أن ُيصّلوا‬ ‫فإنه ُيصّلي الجمعة ولكن إن لم ُيخ َ‬
‫من شرطها أن تكون بعد خطبة‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫الجمعة‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫من قال‪ " :‬هي سّنة " فإنه َيقول‪ :‬ل َينبغي التفريط ِبالخطبة ولكن إذا‬ ‫‪-3‬و َ‬
‫ن صلَتهم تلك صحيحة‪.‬‬ ‫من دون خطبة فإ ّ‬ ‫صّلت الجماعة ِ‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫حة الجمعة فإذا صلت‬ ‫ٌ‬
‫والقول الثاني هو القول الصحيح‪ ،‬فالخطبة شرط ِلص ّ‬
‫من جاء قبل قيام‬ ‫ن صلَتهم تلك ُتعتَبر باطلة‪ ،‬أما َ‬ ‫من غْير خطبة فإ ّ‬ ‫الجماعة ِ‬
‫ن صلته تلك صحيحة‪.‬‬ ‫من الركعة الثانية فإ ّ‬ ‫من الركوع ِ‬ ‫المام ِ‬
‫َ‬
‫مَر ِبالسعي إليها‪ 1‬والمر ُيفيد الوجوب‪،‬‬ ‫ن الله ‪ ‬أ َ‬ ‫والدليل على شْرطيتها أ ّ‬
‫مَر‬ ‫َ‬
‫فذلك دليل على وجوِبها‪ ،‬والرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أ َ‬
‫من الكلم‬ ‫ت ِللخطيب وَنهى عن الكلم بل حّتى على ما هو أقل ِ‬ ‫ِبالنصا ِ‬
‫ب الحصى‪-‬كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح‪-‬وذلك دليل على وجوبها‪،‬‬ ‫كَتقلي ِ‬
‫ظب عليها النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬طيلة حياته‬ ‫و‪-‬أيضا‪-‬قد وا َ‬
‫مة أنها ليست ِبواجبة ولو كان غْير‬ ‫ولم َيتركها ول مرة واحدة أو ُيبّين ِلل ّ‬
‫ما وأنه قد‬ ‫جب أ َ‬ ‫صح ِبلسانه ِبأنها ل ت َ ِ‬ ‫واجبة َلتركها ولو مرة واحدة أو لفْ َ‬
‫من القول‬ ‫محيص ِ‬ ‫جب فل َ‬ ‫طيلة حياته ولم ُيبّين أنها ل ت َ ِ‬ ‫ظب عليها ِ‬ ‫وا َ‬
‫من صلها‬ ‫من غْير خطبة‪ ،‬و َ‬ ‫ي الجمعة ِ‬ ‫ِبوجوبها‪ ،‬فل َيجوز ِللجماعة أن ُتصل ّ َ‬
‫ن صلتهم باطلة ‪ ..‬عليهم أن َيتوبوا إلى الله وأن‬ ‫قبل ذلك ِبغْير خطبة فإ ّ‬
‫ن‬
‫من َيقول ِبخلف ذلك ومع ذلك فإ ّ‬ ‫ظهرا اللهم إل إذا كانوا ُيقّلدون َ‬ ‫ُيعيدوها ُ‬
‫ن‬‫ن أولئك لم َيقولوا ِبالتساهل ِبذلك بل قالوا‪ " :‬إ ّ‬ ‫ذلك ما كان َينبغي لهم فإ ّ‬
‫من السنن التي ل َينبغي َتركها " ولكن مع ذلك‪-‬على هذا الرأي‪-‬ل‬ ‫ذلك ِ‬

‫خْيٌر لُّكْم‬
‫ل َوَذُروا اْلَبْيَع َذِلُكْم َ‬
‫سَعْوا ِإَلى ِذْكِر ا ِ‬
‫جُمَعِة َفا ْ‬
‫صلِة ِمن َيْوِم اْل ُ‬ ‫‪-1‬قال ال تعالى‪َ  :‬يا َأّيَها اّلِذي َ‬
‫ن آَمُنوا ِإَذا ُنوِدي ِلل ّ‬
‫ن ‪ ] ‬سورة الجمعة‪ ،‬الية‪.[ 9 :‬‬ ‫ِإن ُكنُتْم َتعَْلُمو َ‬
‫‪57‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من الخطبة؛ والله‪-‬‬ ‫ُيطاَلبون ِبإعادة الصلة ولكن في المستقَبل ل َ‬


‫محيص ِ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل ِلهذه الخطبة‪-‬أيضا‪-‬شروط معّينة ؟‬
‫ن هذا هو الصل في الخطبة‪ ،‬وِللعلماء‬ ‫ج‪ :‬هي لبد أن َتكون فيها موعظة ل ّ‬
‫خلف طويل في شروط خطبة الجمعة‪:‬‬
‫من قال‪ :‬إنه ليست هنالك شروط لهذه الخطبة وإنما ينبغي أن يأتي‬ ‫منهم َ‬
‫بما َينطبق عليه اسم " الخطبة " وهي الخطبة المعروفة التي فيها المر‬
‫ِبالخْير والدعوة إليه والموعظة الحسنة‪.‬‬
‫من قال ِباشتراط بعض الشروط‪ ،‬واختلفوا في ذلك‪:‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫ض أهل العلم أن تكون‬ ‫من جملة تلك الشروط التي اشترطها بع ُ‬ ‫‪-1‬و ِ‬
‫ن هذا هو‬ ‫مدِ الله‪-‬تعالى‪-‬والثناء عليه‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫ح ْ‬
‫ملة على َ‬ ‫الخطبة مشت ِ‬
‫ن الصحيح‬ ‫ب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ولك ّ‬ ‫خط َ ِ‬ ‫المعروف في ُ‬
‫صل إلى درجة الشْرطية وإن كان ل َينبغي التهاون ِبذلك ِبحال‬ ‫ن هذا ل ي َ ِ‬ ‫أ ّ‬
‫من الحوال‪.‬‬ ‫ِ‬
‫من ذلك الصلةُ على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهذا‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫‪-2‬و ِ‬
‫ل دليل على شْرطيته ولكن ل َينبغي التهاون ِبذلك‪.‬‬
‫من القرآن الكريم‪ ،‬وهذا وإن كان ل َيصل‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫من ذلك أن َيأتي ِبشيٍء ِ‬ ‫‪-3‬و ِ‬
‫إلى درجة الشْرطية على الصحيح ولكن ل َينبغي التهاون ِبذلك بل كان‬
‫خط َِبه ِبسورة " ق "‬ ‫ض ُ‬
‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬يأتي في بع ِ‬
‫ض الناس‪ ،‬إذ ذلك ل‬ ‫م بع ُ‬ ‫ِبأكملها في الخطبة وإن كان ل َيجتزي ِبذلك كما َفه َ‬
‫مى " خطبة "‪.‬‬ ‫ُيس ّ‬
‫من ذلك المر ِبالتقوى ‪ ..‬هو طبعا ل ُيراد المر ِبالتقوى أن ي ُؤَْتى ِبهذا‬ ‫‪-4‬و ِ‬
‫ل على ذلك‪ ،‬وعلى كل حال لبد أن َتكون الخطبة‬ ‫اللفظ وإنما ِبما َيد ّ‬
‫من ذلك‪.‬‬‫ملة على شيٍء ِ‬ ‫مشت ِ‬
‫ف‬
‫ح فيه الجمعة‪ ،‬وِللعلماء خل ٌ‬ ‫من ذلك أن تكون في الوقت الذي َتص ّ‬ ‫‪-5‬و ِ‬
‫ت الجمعة هو‬ ‫ن وق َ‬ ‫طويل في ذلك‪ ،‬والقول الذي ذهب إليه الجمهور هو أ ّ‬
‫ت صلةِ الظهر ‪ ..‬أي بعد زوال الشمس‪.‬‬ ‫وق ُ‬
‫ف طويل‬ ‫ح ِبه الجمعة‪ ،‬وفي ذلك خل ٌ‬ ‫ة العدد ُ الذي َتص ّ‬ ‫ضر الخطب َ‬ ‫‪-6‬وأن َيح ُ‬
‫من حضور‬ ‫قين إلى أنه لبد ِ‬ ‫ق ِ‬
‫ح ّ‬
‫م َ‬
‫من اله ُ‬ ‫بْين أهل العلم‪ ،‬وقد ذهب غْير واحد ِ‬
‫ض ذلك مأخوذ ٌ‬ ‫ن بع َ‬‫اثنين مع الخطيب‪ ،‬وأما ماعدا ذلك فإنه ل دليل عليه‪ ،‬ل ّ‬
‫كن الستناد إليه‬ ‫ما ل ُيم ِ‬ ‫م ّ‬
‫ة حال وذلك ِ‬ ‫من بعض الفعال وتلك الفعال واقع ُ‬ ‫ِ‬
‫ض ذلك مستِند إلى بعض الحاديث الضعيفة‬ ‫في مثل هذه القضايا‪ ،‬وبع ُ‬
‫ن له في مثل هذه القضية‪.‬‬ ‫والضعيف ل وَْز َ‬
‫ملة على ما ذكرناه‪ ،‬أما تلك الشروط التي‬ ‫فإذن لبد أن تكون الخطبة مشت ِ‬
‫ما ل دليل عليه؛ والعلم عند الله‪.‬‬ ‫م ّ‬‫ض أهل العلم ف ِ‬ ‫اشتَرطها بع ُ‬
‫طئ الخطيب في آية أو في حديث ‪ ..‬التصحيح‬
‫س‪ :‬أثناء خطبة الجمعة قد ُيخ ِ‬
‫ح؟‬
‫عليه في وقت الخطبة‪َ ،‬يص ّ‬
‫كن أن ي ُن َّبه في ذلك فإنه ي ُن َّبه إلى ذلك‪.‬‬
‫ج‪ :‬أما إذا أخطأ في آية فإن كان ُيم ِ‬
‫‪58‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وهكذا إذا أخطأ‪-‬مثل‪-‬في حكم شرعي ِبأن قال ِبوجوب أمر وهو ليس‬
‫كن أن َيختِلف العلماء‬ ‫من اّدعى ِبأنه ل ُيم ِ‬ ‫خلفا ل ِ َ‬ ‫ِبواجب بل هو حرام مثل‪ِ ،‬‬
‫في مسألة ‪ ..‬بعضهم َيقول ِبوجوب أمرٍ والخر َيقول ِبحرمة ذلك‪ ،‬وإنما‬
‫َبعضهم َيقول ِبالوجوب وبعضهم ِبالباحة أو الكراهة أو بعضهم بالتحريم‬
‫م‬‫ب الفقه عَل ِ َ‬ ‫من كت ِ‬ ‫من ن َظ ََر في شيٍء ِ‬ ‫ف واِقع‪ ،‬و َ‬ ‫وبعضهم بالندب ‪ ..‬هذا خل ٌ‬
‫ر‬
‫ن هذه الدعوى ل أصل لها‪ ،‬فإذا أخطأ في حكم ٍ شرعي ‪ ..‬قال ِبوجوب أم ٍ‬ ‫أ ّ‬
‫من‬ ‫وهو ليس بواجب أو ِبحرمة شيٍء وهو ليس ِبحرام أو ما شابه ذلك ِ‬
‫الحكام فإنه لبد أن ي َُرد ّ عليه ولكن الذي َينبغي أن ُينتَبه إليه أن َيكون هذا‬
‫من‬ ‫ل ِ‬ ‫مّتفق عليها‪ ،‬أما إذا كان ذلك الخطيب َيأخذ ِبقو ٍ‬ ‫من الحكام اله ُ‬ ‫الحكم ِ‬
‫ض‬
‫مجتِهدا َيقول ِبوجوب ذلك المر وبع ُ‬ ‫سه ُ‬ ‫أقوال أهل العلم أو كان هو نف ُ‬
‫العلماء َيقول ِبحرمة ذلك المر‪-‬مثل‪-‬أو ِبإباحته أو ِبندبيته أو كراهته أو ما‬
‫ن ذلك‬ ‫شابه ذلك فإنه ليس لحد أن َيقوم وي َُرد ّ على ذلك الخطيب‪ ،‬ل ّ‬
‫من أهل‬ ‫مد َ أن ي َذ ْك َُر ذلك لنه َيرى إن كان ِ‬ ‫طئ وإنما َتع ّ‬ ‫الخطيب هاهنا لم ُيخ ِ‬
‫من َيقول ِبوجوب ذلك المر فكيف لحد َيقوم يناقضه في‬ ‫قل ّد ُ َ‬‫الرأي أو ي ُ َ‬
‫ددة بل لمكن أن‬ ‫كن أن َيقع ذلك في أوقات متع ّ‬ ‫مثل تلك القضية ؟! وإل لم َ‬
‫ة كبيرة ‪ ..‬الخطيب َيقول مثل ِبوجوب هذا المر فَيقوم قائل‬ ‫رض جماع ٌ‬ ‫َتعت ِ‬
‫من َيقول ِبذلك‬ ‫قل ّد ُ َ‬‫ي َُرد ّ عليه ‪َ ..‬يقول له‪ " :‬هذا حرام " لنه َيرى ذلك أو ي ُ َ‬
‫وآخر َيقول‪ " :‬هذا مكروه " وما شابه ذلك ‪ ..‬ل ‪ ..‬لبد أن َيكون ذلك المر‬
‫ق‬
‫ف ِ‬‫مت ّ َ‬‫من لم َتكن له ِدراية ِباله ُ‬ ‫فق عليها بْين أهل العلم‪ ،‬و َ‬ ‫مت ّ َ‬‫من المور اله ُ‬ ‫ِ‬
‫كل المر إلى‬ ‫كت وي َ ِ‬ ‫ف فيه بْين أهل العلم فَينبغي له أن َيس ُ‬ ‫خت َل َ ِ‬‫م ْ‬ ‫عليه واله ُ‬
‫ره؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫غي ْ ِ‬
‫ف‬‫ث ضعي ٍ‬ ‫ب‪-‬مثل‪ِ-‬بحدي ٍ‬ ‫وهكذا ِبالنسبة إلى الحاديث ‪ ..‬قد َيأتي ذلك الخطي ُ‬
‫م‬‫ض الناس وهو ليس كذلك أو ما شابه ذلك فليس لحد أن َيقو َ‬ ‫ي بع ِ‬ ‫في رأ ِ‬
‫رض على ذلك‪ ،‬أو َيأتي الخطيب ِبروايةٍ ِبالمعنى أو َيكون ذاك الحديث‬ ‫وَيعت ِ‬
‫من‬ ‫ظ ِ‬ ‫كن لحدٍ اط َّلع على لف ٍ‬ ‫ددة أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل ُيم ِ‬ ‫متع ّ‬ ‫جاء ِبألفاظ ُ‬
‫ت ِبذلك اللفظ الذي َيحفظه‬ ‫طئ ذلك الخطيب لنه لم َيأ ِ‬ ‫اللفاظ فَيقوم ُيخ ّ‬
‫ف ‪..‬‬ ‫كن أن َيقع فيها خل ٌ‬ ‫هو أو ما شابه ذلك‪ ،‬وإنما ذلك في المور التي ل ُيم ِ‬
‫ق عليه بْين المسلمين وَيكون ذلك‬ ‫ف ٍ‬
‫مت ّ َ‬ ‫ت أن َيكون في حكم ٍ شرعي ُ‬ ‫كما قل ُ‬
‫شر ذلك الكلم‪-‬وهو ليس ِبرأي في‬ ‫مخافة أن َينت ِ‬ ‫ت ِلساُنه َ‬ ‫ب َزل ّ ْ‬ ‫الخطي ُ‬
‫ظور‬ ‫مح ُ‬ ‫مل ِبه بعضهم فَيقعون ِبذلك في اله َ‬ ‫حقيقة الواقع‪-‬بْين الناس وَيع َ‬
‫ب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أو ما‬ ‫طئ في كتا ِ‬ ‫والعياذ ِبالله تبارك وتعالى‪ ،‬أو أن ُيخ ِ‬
‫شابه ذلك‪.‬‬
‫كن الّرد ّ‬ ‫وهكذا ِبالنسبة إذا أخطأ في وجهٍ إعرابي أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل ُيم ِ‬
‫ة ل َتتأّثر ِبه و‪-‬أيضا‪-‬ل َيتأّثر ِبه اعتقاد ٌ أو‬ ‫ن الخطب َ‬ ‫عليه في مثل ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫ما شابه ذلك؛ والعلم عند لله‪.‬‬
‫ضل أن‬
‫ت الخطبة أم ُيف ّ‬
‫ن وق َ‬
‫ق عليها َيكو ُ‬ ‫مت ّ َ‬
‫ف ِ‬ ‫س‪ :‬هذا التصحيح في القوال الق ُ‬
‫عا ِللحراج مثل ؟‬ ‫من ْ ً‬
‫َيكون بعد تسليمة المام َ‬

‫‪59‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن ذلك القائل‬ ‫ل فيها لسا ُ‬‫من المور التي َز ّ‬ ‫ن ذلك ِ‬‫ج‪ :‬إذا كان ُيعَلن ذلك ‪ِ ..‬بأ ّ‬
‫كن أن ي ُن َّبه‬ ‫رف أولئك الناس‪ ،‬وأما في بعض الحيان فُيم ِ‬ ‫وبعد َ ذلك قد ل َيع ِ‬
‫ت لساُنه‬ ‫شرة وُيعِلن ذلك الخطيب ِبأنه قد َزل ّ ْ‬ ‫ذلك الخطيب بعد َ السلم مبا َ‬
‫وأخطأ َ في المسألة الفلنية ‪ ..‬مثل قال ِبحرمة أمرٍ وهو ليس ِبحرام أو ما‬
‫سلم‪.‬‬ ‫ش ّ‬
‫ك ِبأنه أْولى وأ ْ‬ ‫ن ذلك فهذا ل َ‬ ‫شابه ذلك‪ ،‬فإذا أمك َ‬
‫ب في مثل هذه الحوال التي‬ ‫سبة ِلتنِبيه الخطي ِ‬
‫س‪ :‬ما هي الطريقة المنا ِ‬
‫من‬ ‫ُ‬
‫سّره في أذنه أو شيءٌ ِ‬
‫دث على أّية حال ؟ هل َيذهب إليه ل ِي ُ ِ‬ ‫ناِدرا ما َتح ُ‬
‫هذا القِبيل ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان‪-‬طبعا‪-‬ذلك بعد الصلة فإما أن َيكون ِبذلك أو ِبواسطة ورقة أو ما‬
‫سب َقَ لساُنكم‪-‬إلى‬‫ل لساُنكم‪-‬أو َ‬ ‫سب‪ " :‬لعله ز ّ‬ ‫ظ منا ِ‬ ‫شابه ذلك وَيكون ِبلف ٍ‬
‫ل أن‬‫من قب ِ‬ ‫س ِ‬‫ه النا َ‬
‫كذا " أو ما شابه ذلك‪ ،‬وُينّبهه ِبأنه َينبغي أن ي ُن َب ّ َ‬
‫من الصلة‪ ،‬و‪ِ-‬بالطبع‪-‬هذا ل َيقع إل في حالت ناِدرة؛ والعلم عند‬ ‫َيخُرجوا ِ‬
‫الله‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم التكاء على العصا ونحوها في الخطبة ؟‬
‫ن الذي َيظهر لي‬ ‫ض أهل العلم‪ ،‬ولك ّ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا قال ِبمسنونيته بع ُ‬
‫ضعف‬ ‫من ال ّ‬ ‫قبول فهي ِ‬ ‫صل إلى مرتبة ال َ‬ ‫ج ِبها هؤلء ل ت َ ِ‬ ‫ن الحاديث التي احت َ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫صل إلى تلك‬ ‫ض أهل العلم ولكنه ل ي َ ِ‬ ‫ح حديثا واحدا منها بع ُ‬ ‫ح َ‬
‫ص ّ‬‫ِبمكان ‪ ..‬نعم َ‬
‫من حال ذلك الحديث أنه قبل أن‬ ‫هر ِ‬ ‫ن الظا ِ‬ ‫المرتبة فيما َيظهر لي‪ ،‬ثم إ ّ‬
‫منبر ِللنبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬عندما كان‬ ‫ُيصَنع اله ِ‬
‫ن تلك الحاديث التي استدّلوا ِبها ل َتثبت‬ ‫جذع‪ ،‬أما بعد ذلك فإ ّ‬ ‫طب على ال ِ‬ ‫َيخ ُ‬
‫عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ولكّنني ُأريد أن أ ُن َّبه إلى‬
‫ب على عصا أو ما شابه ذلك‪.‬‬ ‫خط َ َ‬ ‫من َ‬ ‫أنه ل َينبغي النكار على َ‬
‫ن المَر الفلني لم‬ ‫ض أهل العلم ِبأ ّ‬ ‫من بع ِ‬ ‫سمعوا ِ‬ ‫من الناس إذا َ‬ ‫جد كثيًرا ِ‬ ‫نَ ِ‬
‫مثل هذه القضية‪-‬‬ ‫َيثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ك َ ِ‬
‫ن ذلك‪-‬‬ ‫ما ل َيستدعي النكار ل ّ‬ ‫م ّ‬‫من َيصَنع ذلك‪ ،‬وهذا ِ‬ ‫ُيباِدر ِبالنكار على َ‬
‫ض القضايا‬ ‫سهل ‪ ..‬بع ُ‬ ‫أيضا‪-‬ليس ِبممنوع‪ ،‬فمثل هذه القضية المُر فيها َ‬
‫سب مع حال ذلك‬ ‫ه عليها ولكن ِبما َيتنا َ‬ ‫تكون مقصودة وهذه َينبغي أن ي ُن َب ّ َ‬
‫مراِتب بْين‬ ‫ن الناس َيختِلفون في اله َ‬ ‫من َّبه أيضا‪ ،‬ل ّ‬ ‫من َّبه ومع حال هذا اله ُ‬ ‫اله ُ‬
‫من أن َيكون ذلك‬ ‫سن وكبير إلى غْير ذلك‪ ،‬فلبد ِ‬ ‫هل وصغير في ال ّ‬ ‫عاِلم وجا ِ‬
‫من َّبه‪.‬‬‫من َّبه ومع حال اله ُ‬ ‫سب مع حال اله ُ‬ ‫َيتنا َ‬
‫جل وكان في َيده عصا أو ما شابه ذلك فل‬ ‫بر ُ‬ ‫خط َ َ‬ ‫أما هذه القضية ‪ ..‬إذا َ‬
‫ن ذلك سّنة "‪ ،‬و‪-‬‬ ‫ن السّنة لم َتثُبت ِبذلك ل نقول‪ " :‬إ ّ‬ ‫بأس عليه لكن ِبما أ ّ‬
‫ك أنه إذا كان النسان ل َيحتاج إلى ذلك ولم َتثُبت به السّنة فل‬ ‫ش ّ‬ ‫أيضا‪-‬ل َ‬
‫كر عليه؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫خذ َ النسان عصا ل ُين َ‬ ‫َ‬
‫ت‪-‬لو أ َ‬ ‫عي إلى ذلك لكن‪-‬كما قل ُ‬ ‫دا ِ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من تقاليد ‪ ...‬؟‬
‫ن العصا في بعض الحيان جزء ِ‬
‫س‪ :‬على اعتبار أ ّ‬
‫ما ل ماِنع منه‪ ،‬ولكن فرقٌ بْين أن َنقول‪ " :‬هذا سّنة " أو‬
‫م ّ‬ ‫ج‪َ :‬فالحا ِ‬
‫صل ذلك ِ‬
‫ما ل ماِنع منه " و‪-‬أيضا‪-‬ليس كل ما لم َيفعله النبي‪-‬صلى‬ ‫م ّ‬
‫نقول‪ " :‬ذلك ِ‬
‫‪60‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الله عليه وعلى آله وسلم‪ُ-‬يقال فيه‪ِ " :‬بدعة " فالِبدعة َينبغي أن ُتضَبط‬
‫ن كثيرا‬
‫ت آخر في غْير هذا اليوم‪ ،‬ل ّ‬‫كن أن َيكون ذلك في وق ٍ‬ ‫ِبضاِبط‪ ،‬وُيم ِ‬
‫َ‬
‫من الناس إذا َرأْوا شْيئا قالوا عنه‪ " :‬هذا بدعة " فليس كل ما لم‬ ‫ِ‬
‫َيفَعله النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪َ-‬يكون ِبدعة‪ ،‬بل تارةً‬
‫من المور التي لم َتكن له حاجة‬ ‫ن ذلك ِ‬
‫دمه ل ّ‬ ‫يكون ِبدعة وتارةً َلم َيستخ ِ‬
‫من أن ُتضَبط وأن ُتحّرر‬ ‫صل هذه المسألة لبد ِ‬ ‫إليها أو ما شابه ذلك‪ ،‬فالحا ِ‬
‫من الناس الذين ل ِدراية لهم ِبشْرع الله‬‫حتى ل َيلتِبس المر على كثير ِ‬
‫تبارك وتعالى‪.‬‬
‫طقون ِبها ؟‬
‫س‪ :‬ما حكم الخطبة ِبغْير العربية ِللمسلمين الذين ل َين ِ‬
‫ف بْين أهل العلم‪:‬‬ ‫ج‪ :‬هذه المسألة وقع فيها خل ٌ‬
‫من أن َتكون‬ ‫ة الجمعة‪-‬لبد ِ‬ ‫ن الخطبة‪-‬وأعني ِبذلك خطب َ‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬وخلفاؤه‬ ‫ِبالعربية‪ ،‬ل ّ‬
‫الراشدون كانوا َيخطبون ِبالعربية‪ ،‬فلبد أن َتكون الخطبة ِبالعربية ولكن‬
‫جملة‬ ‫ة بعد ُ‬ ‫جمل ً‬ ‫سر بعد َ ذلك ب ِل َُغة أولئك القوم ‪ ..‬إما أن َتكون ُ‬ ‫كن أن ُتف ّ‬ ‫ُيم ِ‬
‫أو أن َتكون بعد ذلك‪.‬‬
‫ة ِبغْير‬ ‫من أن َتكون الخطب ُ‬ ‫ب إلى أنه ل ماِنع ِ‬ ‫من ذ َهَ َ‬ ‫من أهل العلم َ‬ ‫‪-2‬و ِ‬
‫العربية ِبشْرط أن َيقرأ القرآن ِباللغة العربية‪-‬وهذا لبد منه في حالة الخطبة‬
‫سر‬‫كن أن ُيقرأ ِبغْير اللغة العربية‪ ،‬وإنما ُتف ّ‬ ‫وفي حالة غيرها ‪ ..‬القرآن ل ُيم ِ‬
‫ي ِبالحمدلة والصلة على‬ ‫َ‬
‫معانيه ِبغْير اللغة العربية‪-‬وكذلك إذا أم َ‬
‫كن أن َيأت ِ َ‬
‫من غْير‬ ‫ن الناس ولو كانوا ِ‬ ‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ل ّ‬
‫ما َيعَلمون هذه اللفاظ‪.‬‬ ‫غال ًِبا ّ‬‫العرب َ‬
‫طب ِبغْير اللغة العربية‬ ‫وهذا القول الثاني هو القول الصحيح‪ ،‬فِبإمكاِنه أن َيخ ُ‬
‫مع بْين المرين‪ ،‬وذلك‬ ‫ج َ‬‫‪ ..‬نعم إذا كان هناِلك عََرب وكان هنالك غْيرهم فل ْي َ ْ‬
‫ة الحسنة ‪ ..‬المقصود منها المُر‬ ‫من الخطبة الموعظ ُ‬ ‫ن المقصود ِ‬ ‫ل ّ‬
‫ي عن المنكر والدعوة ُ إلى الخير‪ ،‬فإذا كان هؤلء القوم‬ ‫ِبالمعروف والنه ُ‬
‫من اللغة العربية فكيف‬ ‫ة الجمعة ل َيفقهون شيئا ِ‬ ‫ضرون خطب َ‬ ‫الذين َيح ُ‬
‫فيدون منها شيئا‪.‬‬ ‫من تلك الخطبة‪ ،‬فهم ل َيست ِ‬ ‫فيدوا ِ‬ ‫كن أن َيست ِ‬ ‫ُيم ِ‬
‫رف‬ ‫طب ِباللغة العربية حتى َيع ِ‬ ‫ن الخطيب َيخ ُ‬ ‫من أ ّ‬ ‫ضهم ِ‬ ‫أما ما ذ َك ََره بع ُ‬
‫من‬ ‫مها فهذا ل َيقع في كثير ِ‬ ‫ة اللغة العربية وَيقوموا ب َِتعل ّ ِ‬ ‫س َأهمي َ‬ ‫النا ُ‬
‫كنهم أن َيتعّلموا العربية البّتة‪.‬‬ ‫من أولئك الناس ل ُيم ِ‬ ‫الحيان ‪ ..‬كثير ِ‬
‫من الخطبة ِباللغة‬ ‫وأما ما كان َيصَنعه النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ِ -‬‬
‫ن ذلك لسان أولئك القوم والنبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫العربية فذلك ل ّ‬
‫طب ِبغْير اللغة‬ ‫كن أن َيخ ُ‬ ‫ب فل ُيم ِ‬ ‫خطبَته عََر ٌ‬ ‫ضرون ُ‬ ‫وسلم‪-‬عربي والذين َيح ُ‬
‫من اللغات غْير العربية‪ ،‬ثم حّتى لو‬ ‫طق ِبشيٍء ِ‬ ‫العربية‪ .. 1‬أّول النبي ‪ ‬ل َين ِ‬
‫ض الصحابة ِبأن‬ ‫مَر بع َ‬ ‫كن أن َيأ ُ‬ ‫ما كان هناِلك داٍع وإل لم َ‬ ‫كان المُر كذلك ل َ َ‬
‫جمة ألفاظه إلى غْير العربية ولكن ما كانت هنالك حاجة‪ ،‬وكذلك‬ ‫َيقوموا ِبتر َ‬

‫ف‪ِ " :‬بغْير اللغة العربية " ِلليضاح‪.‬‬


‫‪ُ-1‬أضي َ‬
‫‪61‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ت‬
‫في عهد الخلفاء الراشدين‪ ،‬بل في البلد العربية إلى يومنا هذا ليس ْ‬
‫هناِلك حاجة إلى الخطبة ِبغْير اللغة العربية‪ ،‬فإذن ذلك ُيناط ِبالحاجة ‪ ..‬إذا‬
‫من الخطبة ِبغْير العربية بل ذلك هو المطلوب إذا‬ ‫كانت هناِلك حاجة ل ماِنع ِ‬
‫رفون العربية ‪ ..‬هذا هو الرأي الصحيح في هذه‬ ‫كان أولئك القوم ل َيع ِ‬
‫القضية‪.‬‬
‫س‪ :‬في وقت خطبة الجمعة قد َيعطس أحدهم‪ ،‬أو َيدخل أحدهم‪-‬أيضا‪-‬فُيسّلم‪،‬‬
‫وهناك‪-‬أيضا‪-‬الدعاء الذي َيدعو ِبه المام‪ ،‬والصلة على النبي ‪ .. ‬هل َتص ّ‬
‫ح‬
‫كل هذه الحالت ؟‬
‫من التفصيل‪،‬‬ ‫ف بْين أهل العلم‪ ،‬وَتحتاج إلى شيٍء ِ‬ ‫ج‪ :‬هذه المور فيها خل ٌ‬
‫م في هذه القضايا‪،‬‬ ‫َ‬
‫صر الكل َ‬ ‫ت ل َيكفي ِلذلك فيما أحسب‪ ،‬ولكّنني أخت ِ‬ ‫والوق ُ‬
‫ولعّلنا َنتكّلم على ذلك في مناسبةٍ أخرى إذا قَد َّر الله ‪ ‬ذلك‪.‬‬
‫أما الصلةُ على النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فنعم ُيصّلى‬
‫ت خاِفت حّتى ل ُيشِغل غْيره‪.‬‬ ‫ن المصّلي ُيصّلي ِبصو ٍ‬ ‫عليه ولك ّ‬
‫وأما ِبالنسبة إلى َرد ّ السلم‪:‬‬
‫من قال‪ :‬ي َُرد ّ السامعُ السلم‪.‬‬ ‫فمنهم َ‬
‫حقّ له في الرد‪.‬‬ ‫مل َ‬ ‫سل ّ َ‬‫ن ذلك الذي َ‬ ‫من قال‪ :‬ل ي َُرد‪ ،‬ل ّ‬ ‫ومنهم َ‬
‫قين‪.‬‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ّ‬‫م َ‬‫من اله ُ‬ ‫ب إليه غْير واحدٍ ِ‬ ‫وهذا القول الذي ذ َهَ َ‬
‫عطس على رأي‬ ‫من َ‬ ‫طس‪ ،‬فينبغي ل ِ َ‬ ‫ت العا ِ‬ ‫وهكذا ِبالنسبة إلى حالةِ َتشمي ِ‬
‫ت خاِفت‪ ،‬ول َينبغي الشتغال ِبالّرد ّ عليه‬ ‫من َيقول ِبالحمد أن َيحمد ِبصو ٍ‬ ‫َ‬
‫شمَته‪.‬‬ ‫من َ‬ ‫طس أيضا على َ‬ ‫وبعد َ ذلك أن ي َُرد ّ ذلك العا ِ‬
‫ن ذلك‬ ‫من ذلك‪ ،‬ل ّ‬ ‫وأما ِبالنسبة إلى التأمين على دعاء الخطيب فل مانع ِ‬
‫من ذلك استجابة ذلك الدعاء فل‬ ‫ت َيدعو والمراد ِ‬ ‫الخطيب في ذلك الوق ِ‬
‫من الخلف في مثل هذه‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫من التأمين عليه لكن لو احتاط إنسان و َ‬ ‫مانع ِ‬
‫محظور فل بأس عليه ِبمشيئة الله‪.‬‬ ‫ة الوقوِع في اله َ‬ ‫مخاف َ‬ ‫القضية َ‬
‫ما ثبت عن النبي‪-‬‬ ‫ُ‬
‫م ّ‬
‫ت الخطبة فذلك ِ‬ ‫ه على َتحية المسجد في وق ِ‬ ‫وهنا أن َب ّ ُ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فل َينبغي التهاون ِبمثل ذلك‪،‬‬
‫فالنسان إذا ورد حديث عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬
‫وكان صحيحا ثاِبتا عنه عليه أن َيأخذ َ ِبذلك الحديث‪.‬‬
‫عه عليه أو‬ ‫طل ِ‬ ‫من العلماء خاَلف ذلك ِلعدم ا ّ‬ ‫ل أيّ عاِلم ِ‬ ‫فت إلى قو ِ‬ ‫ول َيلت ِ‬
‫طبون بإتباع رسول الله صلى الله عليه‬ ‫مخا َ‬ ‫ِلتأوِّله َله أو ما شابه ذلك‪ ،‬فإننا ُ‬
‫مس لهم‬ ‫رم علماء المسلمين وأن َنلت ِ‬ ‫وعلى آله وسلم ‪ ..‬نعم علينا أن َنحت ِ‬
‫مدوا أن ُيخاِلفوا حديًثا عن رسول‬ ‫الُعذر في مثل هذه القضايا فإنهم لم َيتع ّ‬
‫من‬‫الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولكنه لعّله لم َيبُلغهم أو ب َل ََغهم ِ‬
‫من‬ ‫جة أو ظّنوا أنه منسوخ أو أنه خاص ِبقضية ِ‬ ‫ق ل َتقوم ِبها الح ّ‬ ‫طري ٍ‬
‫من المعاني المعروفة‪ ،‬ففرق بْين الحترام وبْين‬ ‫القضايا أو ما شابه ذلك ِ‬
‫ت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫اللتزام ِبما ث َب َ َ‬
‫ي المسجد ِبركعتْين خفيفتْين‪.‬‬ ‫ح ّ‬‫ت الخطبة فل ْي ُ َ‬ ‫ل المسجد في وق ِ‬ ‫خ َ‬ ‫من د َ َ‬ ‫ف َ‬

‫‪62‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ض الناس ابتدعَ فَيقومون عندما َيجلس المام بْين الخطبتْين‬‫ن بع َ‬ ‫ولك ّ‬


‫ضهم عندما‬‫فَيقومون ِبتأدية ركعتْين وهذه ِبدعة َينبغي النهي عنها‪.‬وكذلك بع ُ‬
‫ب في الخطبة َيقوم وُيصّلي ركعتْين وهذه ِبدعة َينبغي النهي‬‫َيشَرع الخطي ُ‬
‫عنها؛ والعلم عند الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫دهم‬
‫ت الخطبة إذا كانت هناك مصلحة كأن َيأمر أح ُ‬‫م في وق ِ‬ ‫ح الكل ُ‬
‫س‪ :‬هل َيص ّ‬
‫دا ِبإغلق الباب أو ِبإطفاء المكيف أو ِبإطفاء المروحة أو ما شابه ذلك ‪..‬‬
‫أح ً‬
‫مصلحة معّينة ؟‬
‫مل الشارة أما أن َيتكّلم فل ‪ ..‬نعم‬ ‫حة فل َْيستع ِ‬ ‫ت هناِلك ضرورةٌ مل ِ ّ‬ ‫ج‪ :‬إذا كان ْ‬
‫ت في‬ ‫م الخطيب إذا كانت هناِلك مصلحة‪ ،‬فذلك ثاب ِ ٌ‬ ‫كن ِللنسان أن ي ُك َل ّ َ‬ ‫ُيم ِ‬
‫كن‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫السّنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وُيم ِ‬
‫ب الناس‬ ‫طى ِرقا َ‬ ‫جل‪-‬مثل‪َ-‬يتخ ّ‬ ‫ض الناس‪ ،‬فإذا رأى ر ُ‬ ‫م بع َ‬ ‫ِللخطيب أن ي ُك َل ّ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫مَر النب ُ‬
‫مْرهُ ِبالجلوس‪ ،‬كما أ َ‬ ‫وُيؤِذيهم فل ْي َأ ُ‬
‫ددة ثابَتة عن النبي صلى الله‬ ‫ث متع ّ‬ ‫وسلم‪ِ-‬بذلك‪ ،‬وفي هذه القضية أحادي ُ‬
‫رها أو ذِك ْ ِ‬
‫ر‬ ‫مح ب ِذِك ْ ِ‬
‫ن ل َيس َ‬ ‫ت كما ت ََروْ َ‬ ‫ن الوق َ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ولك ّ‬
‫ض الصحابة‬ ‫ل بع ُ‬ ‫حة كما فَعَ َ‬ ‫مل ِ ّ‬
‫م ِلحاجةٍ ُ‬ ‫م الما َ‬ ‫ضها‪ ،‬فإذا كان النسان ي ُك َل ّ ُ‬ ‫بع ِ‬
‫م غي َْره‬ ‫ة الناس فليس لحدٍ أن ي ُك َل ّ َ‬ ‫نعم‪ ،‬وكذلك ِبالنسبة إلى المام‪ ،‬أما بقي ُ‬
‫شير إليه إشارة ‪ ..‬رأى شخصا َيتكّلم ُيشير‬ ‫ت هناِلك ضرورةٌ ِبأن ي ُ ِ‬ ‫إل إذا كان ْ‬
‫فت إليه التفاتة أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهكذا ِبالنسبة إلى القضايا‬ ‫إليه إشارة أو َيلت ِ‬
‫التي َتكون مشاِبهة ِلهذه القضية‪.‬‬
‫من أن َيقوم‬ ‫ض الناس َيقومون ِبتسجيل خطبةِ الجمعة ‪ ..‬ل مانع ِ‬ ‫كذلك بع ُ‬
‫طر ِلتشغيل مكيف‬ ‫ص ِبالتسجيل ِبشْرط أل ّ َيشتِغل عن السِتماع‪ ،‬أو َيض َ‬ ‫شخ ٌ‬
‫ض‬‫ة ِللصلة أو ِلبع ِ‬ ‫ما فيه مصلح ٌ‬ ‫م ّ‬‫مكّبر الصوت أو ما شابه ذلك ِ‬ ‫أو لصلح ُ‬
‫المصلين أو ما شابه ذلك؛ والعلم عند الله تبارك وتعالى‪.‬‬

‫حه‪ ،‬هل ُيصافحه ؟‬


‫ل آخر أثناءَ الخطبة ل ُِيصاف َ‬ ‫ض المصّلين َيمدّ َيده ل ِ ُ‬
‫مص ّ‬ ‫س‪ :‬بع ُ‬
‫مصافحِته فذلك هو الْولى ولكن إذا رأى هناِلك‬ ‫من عدم ُ‬ ‫كن ِ‬ ‫ج‪ :‬إذا َتم ّ‬
‫من أن َتتفّرق الكلمة وأن َتقع هناِلك فرقة أو‬ ‫حة ‪ ..‬خاف‪-‬مثل‪ِ -‬‬ ‫ضرورةً مل ِ ّ‬
‫من غْير أن َيتكّلم ‪..‬‬
‫كن أن َيمد ّ َيده ِ‬
‫مم ِ‬‫خصومة وأن ُيؤد ّيَ ذلك إلى ضرر ف ُ‬
‫ه؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ض أهل العلم‪ ،‬وَله وج ٌ‬‫ب إليه بع ُ‬‫هذا ما ذ َهَ َ‬
‫س‪ :‬إذا دخل المصلي في صلة الجمعة ووجد المام يخطب‪ ،‬فهل يصلي‬
‫ركعتين تحية للمسجد أم يجلس ؟‬
‫ج‪ :‬هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬
‫ذهب بعض العلماء إلى أنه يجلس‪ ،‬وليس له أن يصلي‪ ،‬لنهي النبي‪-‬صلى‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬عن الكلم ولو كان ذلك من باب المر بالمعروف‬
‫أو النهي عن المنكر في حالة خطبة المام‪ ،‬واحتجوا‪-‬أيضا‪-‬على ذلك بحديث‬
‫ولكنه ل يصح‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إلى أنه يصلي‪ ،‬لمر النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬للرجل الذي دخل والنبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬يخطب‬
‫‪63‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫فأمره النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬بالصلة وهو حديث‬
‫صحيح ثابت‪ ،‬وقد اعترض عليه كثير من العلماء باعتراضات كثيرة وقد أورد‬
‫كثيرا من تلك العتراضات الحافظ بن حجر في " فتح الباري " وأجاب عنها‬
‫بجواب مقنع كاف لمن شاء معرفة الصواب‪.‬‬
‫ن هذا الحديث‬ ‫ن القول بمشروعية ذلك هو القول الصحيح‪ ،‬ل ّ‬ ‫والذي نراه أ ّ‬
‫صص لعموم النهي‪.‬‬ ‫ص صريح وهو مخ ّ‬ ‫ن ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد أمر بتحّية‬ ‫ومن الجدير بالذكر أ ّ‬
‫المسجد ونهى عن الجلوس قبل التيان بتحّية المسجد‪ ،‬وهذا الحديث الذي‬
‫ذكرناه أيضا ‪ ..‬الذي فيه المر بتحية المسجد في وقت خطبة الجمعة مع‬
‫نهيه عن الكلم ولو كان ذلك الكلم فيه أمر بمعروف أو نهي عن منكر‬
‫ن تحية‬
‫فهذه المور جميعا تدل دللة واضحة جلية ل غبار عليها على أ ّ‬
‫المسجد من السنن المؤ ّ‬
‫كدة التي ل ينبغي لحد أن يتركها؛ والله‪-‬تعالى‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم رفع الصوت بالصلة على النبي عند الخطبة ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ل داعي أن يرفع صوته بالصلة على النبي بل ينطبق سرًاولكن ينطق‬
‫بلسانه ‪ ..‬على أن طائفة من أهل العلم ل يروون التيان ونحن وإن كنا نرى‬
‫التيان بها على حسب ما يظهر لنا ولكن من غير أن يرفع صوته ويشوش‬
‫على الخرين ‪.‬‬

‫‪‬رابعا ‪ :‬أحكام الجنائز ‪‬‬


‫س‪ :‬ما الكيفية التي يكون فيها حمل الجنازة ؟‬
‫ن عليه أن يستعد‬ ‫ج‪ :‬إنني أحب‪-‬قبل كل شيء‪-‬أن أذ ّ‬
‫كر المستمع الكريم بأ ّ‬
‫سب نفسه قبل أن يفاِرق هذه‬ ‫لهذا اليوم تمام الستعداد‪ ،‬وعليه أن يحا ِ‬
‫فذ كل ما أمره الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬به في كتابه أو على‬‫الحياة‪ ،‬فعليه أن ين ّ‬
‫‪64‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫لسان رسوله صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وأن يجتنب كل ما نهاه عنه ‪ ‬في‬
‫كتابه أو على لسان رسوله صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وأن يبحث في كل‬
‫مسألة من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم عن الحق والصواب من‬
‫كن من معرفة الحق والصواب وإل فعليه أن يتحرى ذلك قدر‬ ‫أقوالهم إذا تم ّ‬
‫استطاعته‪ ،‬وإذا كان قد وقع في شيء من معاصي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بأن‬
‫كان قد فّرط في شيء من واجبات الله فلم يأت بها أو أنه فعل شيئا من‬
‫المحرمات فعليه أن يتخلص قبل فوات الوان سواء كانت تلك الحقوق من‬
‫حقوق الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أو من حقوق عباده أو من ذوات الوجهين ‪ ..‬أي‬
‫من الحقوق التي هي من جهةٍ لله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ومن جهةٍ للعباد‪ ،‬فإذا كان‬
‫قد ترك شيئا من الصلوات أو الصيام أو الزكاة أو لم يأت بفريضة الحج‬
‫فعليه أن يعيد تلك الصلوات التي فّرط فيها سواء تركها أو أنه ترك شيئا من‬
‫أركانها أو شروطها التي ل تتم إل بها‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى الزكاة إذا كان لم‬
‫يأت بها أو أنه قد أتى بها على غير الوجه الذي أمر به المولى‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬فإنه عليه أن يتخلص من ذلك ‪ ..‬أي عليه أن يقوم بأداء تلك الزكاة‬
‫التي فّرط فيها إلى أصحابها الذين بّينهم الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في سورة‬
‫التوبة‪ ،1‬وهكذا إذا كان قد فّرط في شيء من العبادات ‪ ..‬من صيام‪-‬كما‬
‫ت‪-‬أو أنه لم يأت بالحج أو أنه قد أتى به على غير الوجه الصحيح أو أنه‬ ‫قل ُ‬
‫قد فّرط في شيء من النذور أو الكفارات أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة‬
‫إذا كان هنالك شيء من حقوق العباد ‪ ..‬إذا كان قد اغتصب شيئا من أموال‬
‫الناس أو أنه قد أخذها بوجه صحيح ولكنه بعد ذلك لم يقم بأداء قيمة تلك‬
‫الشياء إلى أصحابها وما شابه ذلك‪ ،‬فإذا كان يعلم حكم ذلك في الشرع‬
‫الحنيف فعليه أن يقوم بتنفيذ ذلك‪ ،‬وإن كان ل يعرف ذلك فعليه أن يسأل‬
‫أهل العلم الذين يثق بدينهم وبعلمهم حتى يرشدوه إلى الطريق الصحيح‬
‫للتخلص من هذه الحقوق‪.‬‬
‫ن كثيرا من الناس عندما يصابون بشيء من المراض‬ ‫ومن الجدير بالذكر أ ّ‬
‫ل يعرفون كيف يأتون بالصلة‪-‬مثل‪-‬ول بالصيام‪ ،‬فتجد الواحد إذا أصابه‬
‫مرض ولم يستطع أن يأتي بالصلة على الوجه المعروف يترك الصلة بنية‬
‫القضاء مثل‪ ،‬ومنهم من يكّبر أربع تكبيرات مع قدرته على التيان بالصلة‬
‫ص منها شيئا من الشروط‪ ،‬فإنه إن لم يتمكن من التيان بكل‬ ‫ق َ‬‫ولو أنه ن َ َ‬
‫الركان والشروط المعروفة فلبد من أن يأتي بما استطاع عليه من الصلة‪،‬‬
‫ن‬
‫إذ إنه إذا لم يستطع على التيان بركن أو شرط من شروط الصلة فإ ّ‬
‫الصلة ل تسقط بذلك‪ ،‬فإذا كان‪-‬مثل‪-‬ل يتمكن من التيان بالوضوء فعليه أن‬
‫يتيمم‪ ،‬وليس من الصعوبة أن يجد التراب الذي يصح به التيمم فبإمكانه أن‬
‫يطلب من بعض أهله أو من بعض الناس الذين يقومون بزيارته بأن يأتوا له‬

‫سِبي ِ‬
‫ل‬ ‫ن ال ّ‬
‫ل َواْب ِ‬
‫لا ِ‬
‫ن َوِفي سَِبي ِ‬
‫ب َواْلَغاِرِمي َ‬
‫عَلْيَها َواْلُمَؤّلَفِة ُقُلوُبُهْم َوِفي الّرَقا ِ‬
‫ن َ‬
‫ن َواْلَعاِمِلي َ‬
‫ساِكي ِ‬
‫ت ِلْلُفَقَراء َواْلَم َ‬ ‫‪ِ ‬إّنَما ال ّ‬
‫صَدَقا ُ‬ ‫‪-1‬‬
‫حِكيٌم‪ ] ‬الية‪.[ 60 :‬‬ ‫عِليٌم َ‬
‫ل َ‬ ‫ل َوا ُ‬‫نا ِ‬ ‫ضًة ّم َ‬
‫َفِري َ‬

‫‪65‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بالتراب ولو كان في المستشفى‪-‬مثل‪-‬وعليه أن يتيمم‪ ،‬وإذا كان ل يستطيع‬


‫أن يتيمم فبإمكانه أن يصلي ‪ ..‬بل عليه ذلك ولو بغير تيمم‪ ،‬أما إن استطاع‬
‫على الوضوء فل يجزيه التيمم‪ ،‬وإذا استطاع على التيمم ولم يستطع على‬
‫الوضوء أو لم يجد الماء فل يجزيه أن يترك الصلة بنية القضاء أو ما شابه‬
‫در لها شرعا‪ ،‬وكثير من‬ ‫مق ّ‬ ‫ذلك‪ ،‬بل لبد من أن يأتي بالصلة في وقتها ال ُ‬
‫ن كثيرا‬ ‫الناس يجهلون ذلك‪ ،‬وقد سألني كثير من الناس عن هذه القضية وأ ّ‬
‫دة‬ ‫من أصحابهم أو منهم عندما كانوا في المستشفيات قد تركوا صلوات ع ّ‬
‫وهذا مما ل يجوز أبدا‪ ،‬فعلى المرء أن يتعلم أمور الدين‪ ،‬وعليه أل ّ يفرط‬
‫في شيء من هذه الواجبات‪ ،‬فقد يموت في مرضه ذاك وهو قد ترك‪-‬‬
‫والعياذ بالله‪-‬فريضة من فرائض الله بل ركنا من أركان السلم‪ ،‬وذلك ُيعد ّ‬
‫كبيرة من كبائر الذنوب ‪ ..‬يموت على هذا والعياذ بالله تبارك وتعالى‪ ،‬وليس‬
‫له أن َيسمع أحدا في المستشفيات أو ما شابه ذلك بأنه عليه أن يصلي أو‬
‫يؤخر الصلة ول يلزمه أن يتوضأ ولو كان قادرا أو أن يتيمم ولو كان قادرا‬
‫ن للفتيا رجال وللطب رجال‬ ‫وواجدا لذلك ‪ ..‬ليس له أن يستمع إلى أولئك‪ ،‬ل ّ‬
‫آخرين فل يمكن أن تؤخذ الفتاوى من الطباء ول من غيرهم إن لم يكونوا‬
‫مة بشرع الله تبارك وتعالى ‪ ..‬نحن نسمع من كثير من الناس‬ ‫على معرفة تا ّ‬
‫الذين يعملون في المستشفيات يقول‪ " :‬ل يلزمك كذا " أو " يجوز لك كذا‬
‫" أو ما شابه ذلك فهؤلء ليس لحد أن يستمع إليهم ول أن يأخذ الفتاوى‬
‫منهم‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى كثير من الجهلة الذين ل يعملون في‬
‫دثني‬‫ت بها ‪ ..‬بالمس ح ّ‬ ‫حد ّث ْ ُ‬
‫المستشفيات مثل‪ ،‬ومن أواخر الحوادث التي ُ‬
‫ن رجل أعمى ذهب إلىالحج وكان لبسا لنعال مخيطة فرآه‬ ‫أحد الثقات بأ ّ‬
‫بعض الناس الذين يظنون أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‬
‫ولكنه‪-‬وللسف الشديد‪-‬جاهل بحكم الله تعالى ‪ ..‬جاهل بشرع الله جهل‬
‫جك باطل " وقد َنسب هذه الفرية إلى أحد علماء‬ ‫نح ّ‬‫فاضحا فقال له‪ " :‬إ ّ‬
‫المسلمين ‪ ..‬افترى على الله وعلى رسوله وعلى أهل العلم‪ ،‬مع أنه لم‬
‫يقل أحد من المسلمين ببطلن حجه‪ ،‬وإنما الخلف هل الفضل أن يلبس‬
‫نعال ليست بمخيطة أو أنه ل بأس من لباس النعال المخيطة ؟ والحق أنه ل‬
‫ن الفضل أن يترك النعال المخيطة‬ ‫بأس بذلك‪ ،‬إذ لم يأت دليل يدل على أ ّ‬
‫بل الدليل يدل على خلف ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى الحكام‪.‬‬
‫ونحن نحب أن ننبه إلى أنه لبد من التعاون بين الفقهاء وبين القتصاديين‬
‫والطباء والفلكيين وغيرهم من أصحاب العلوم ولكن ليس لحد من‬
‫أصحاب الختصاصات الخرى أن يتكلم في شرع الله ‪ ..‬القتصادي يأتي بما‬
‫عنده من معلومات إلى الفقيه والفقيه ينبغي له أن يستفيد منها‪ ،‬وهكذا‬
‫بالنسبة إلى الطبيب والفلكي إلى غير ذلك‪ ،‬أما أن يتكلم الفلكي في‬
‫الحكام الشرعية أو الطبيب أو صاحب القتصاد أو ما شابه ذلك من العلوم‬
‫فهذا مما ل يصح‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫فإذن على النسان أن يعتني بأمور دينه قبل فوات الوان ‪ ..‬قبل أن يخرج‬
‫من معاصي‬ ‫من هذه الدنيا وهو مرتكب‪-‬والعياذ بالله تبارك وتعالى‪-‬لشيء ِ‬
‫الله التي قد‪ 1‬تخلده في نار جهنم إن لم يتب قبل الخروج من هذه الدنيا إذا‬
‫كانت تلك المعاصي كبيرة‪-‬والعياذ بالله تعالى‪-‬من جهنم ومما ُيقّرب إليها‪.‬‬
‫كره بالله تبارك وتعالى‪ ،‬وأن‬ ‫وعلى من ذهب لزيارة المريض ‪ ..‬عليه أن يذ ّ‬
‫يأمره بالتوبة إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بأسلوب لّين لطيف‪ ،‬وأن يسأله عن‬
‫صلته كيف يأتي بها إذا كان‪-‬طبعا‪-‬ذلك الشخص المريض ليس من أهل‬
‫الفقه ‪ ..‬إذا كان من العوام الذين ل معرفة لهم بحكم شرع الله تبارك‬
‫ن ذلك من باب‬ ‫كره بذلك بل مطلوب منه ذلك‪ ،‬ل ّ‬ ‫وتعالى ‪ ..‬ل بأس أن يذ ّ‬
‫ت‪-‬لطيف طّيب بالوصية‪،‬‬ ‫التعاون على الب ِّر والتقوى‪ ،‬ويأمره بأسلوب‪-‬كما قل ُ‬
‫ص الكتاب والسّنة الصحيحة الثابتة عن النبي‪-‬‬ ‫ن الوصية للقربين واجبة بن ّ‬ ‫ل ّ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ول يوجد ناسخ لها‪ ،‬وإنما المنسوخ‪-‬على‬
‫ة للقارب الذين يرثون‪ ،‬أما للذين ل يرثون فل‪.‬‬ ‫رأي بعض أهل العلم‪-‬الوصي ُ‬
‫وبعض العلماء يقول‪ " :‬إنه ليس هنالك ناسخ‪ ،‬وإنما الية التي فيها الوصية‬
‫للوالدين ُيراد بها من ل يرث من الوالدين ‪ ..‬إذا كان الوالد مشركا أو كان‬
‫عبدا فإنه ل يرث ولكن له الوصية "؛ وهذا رأي قوي جدا‪ ،‬ول أريد الطالة‬
‫من زار مريضا‬ ‫ن َ‬
‫ت‪-‬أن أنبه إلى أ ّ‬‫في حكم هذه القضية‪ ،‬لكنني أحب‪-‬كما قل ُ‬
‫ينبغي له أن ينبهه إلى هذه المور‪ ،‬وإذا رآه ل يدري الحكام الشرعية ممكن‬
‫فر عنها "‪،‬‬ ‫أن يذكر له‪ " :‬هل أقسمت بشيء من ال َْيمان ولم تأت بها ولم تك ّ‬
‫وهكذا بالنسبة إلى بقية العبادات ‪ ..‬من زكاة وصيام وحج ومن حقوق العباد‬
‫إلى غير ذلك ‪ ..‬هذا أمر مطلوب‪.‬‬
‫ن‬‫أما بالنسبة إلى السؤال المذكور وهو البحث عن كيفية حمل الجنازة فإ ّ‬
‫لهل العلم خلفا في هذه القضية‪ ،‬وهذا الخلف ليس على سبيل الوجوب ‪..‬‬
‫أي ما هو الواجب في كيفية الحمل ؟ إذ إنه لم يقل أحد من أهل العلم‬
‫بوجوب كيفية محددة من الكيفيات التي سأتعرض لها بمشيئة الله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬بعد قليل‪ ،‬وإنما الخلف بين أهل العلم في الفضل ‪ ..‬أي ما هو‬
‫من هذه الكيفيات ؟‬‫الفضل ِ‬
‫وينبغي للنسان إذا وجد خلفا بين أهل العلم في قضية من القضايا بأن‬
‫وجد بعضهم يقول بكذا وبعضهم يقول بكذا وبعضهم يقول بكذا ‪ ..‬ينبغي له‬
‫أّول أن يعرف ما هو موضع النزاع بين أهل العلم ‪ ..‬هل هو في الوجوب‬
‫وعدمه أو في التحريم وعدمه أو في الفضل وعدم الفضل‪ ،‬لنه قد يظن‬
‫ن هذا العالم أو هؤلء العلماء يقولون بوجوب‬ ‫ن هذا المر واجب ‪ ..‬أي أ ّ‬‫أ ّ‬
‫هذا المر وبعضهم يقول بوجوب المر الفلني وبعضهم يقول بكذا إلى غير‬
‫ن أولئك العلماء على وفاق على عدم وجوب شيء من تلك‬ ‫ذلك مع أ ّ‬
‫المور‪ ،‬وإنما الخلف فيما بينهم في قضية الفضل‪.‬‬

‫‪-1‬الظاهر أّنه ِمن الْولى حذف‪ " :‬قد "‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫فإذن خلف العلماء في مسألتنا هذه هو في الفضل‪ ،‬وليس في الوجوب‪.‬‬


‫اختلف أهل العلم في هذه القضية‪:‬‬
‫ن الفضل أن َيحمل النسان الجنازة أّول من جهة‬ ‫‪-1‬فذهب بعضهم إلى أ ّ‬
‫شمال السرير ‪ ..‬وهي الجهة اليمنى للميت ‪ ..‬يضع مقدمة السرير على‬ ‫ِ‬
‫كتفه اليمنى ثم يحمل بعد ذلك مؤخرة السرير يضعها على كتفه اليمنى ثم‬
‫يتحول إلى الجانب الثاني فيضع الجهة اليمنى من السرير‪-‬وهي الجهة‬
‫اليسرى من الميت‪-‬على كتفه اليسرى ثم بعد ذلك يضع المؤخرة على كتفه‬
‫اليسرى‪.‬‬
‫هذا وليس كما يظنه بعض الناس من أنه يحمل أّول الجهة اليمنى من‬
‫السرير بأن يضعها على كتفه اليسرى ‪ ..‬ليس المر كذلك‪ ،‬لنه إذا نظرنا‬
‫ن العبرة بالمحمول فالمحمول‪-‬في حقيقة الواقع‪-1‬ذلك الميت الذي‬ ‫إلى أ ّ‬
‫على السرير‪ ،‬والْولى بأن ُيحمل أّول من جهته اليمنى ثم يحمل من جهته‬
‫ن الْولى له أن يحمل أّول على يده‬ ‫اليسرى‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى الحامل فإ ّ‬
‫اليمنى ثم بعد ذلك على يده اليسرى‪ ،‬وليس العبرة بالسرير‪ ،‬لننا لم نقصد‬
‫حمل السرير وإنما نحمل الذي على السرير ‪ ..‬هذا هو المراد من كلم أهل‬
‫العلم عندما يقولون‪َ " :‬يحمل من الجهة اليمنى " أي من جهة الميت اليمنى‬
‫على يد الحامل اليمنى‪.‬‬
‫‪-2‬وبعض العلماء يقول‪ " :‬أّول َيحمل‪-‬أيضا‪-‬من جهة الميت اليمنى ‪ ..‬أو‬
‫بعبارة أخرى‪ :‬يحمل السرير من الجهة اليسرى من المام ثم من الخلف ثم‬
‫يدور ‪ ..‬يحمل من الجانب الثاني أّول من الخلف ثم من المام "؛ فإذن‪-‬على‬
‫هذا الرأي‪-‬أّول َيحمل من جهة السرير اليسرى على يده اليمنى ثم من‬
‫الجانب الخلفي من الجهة نفسها ثم من الجانب الخلفي من الجهة الثانية‬
‫ثم من الجانب المامي ‪ ..‬يدور على السرير‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬أصحاب هذين القولين يحتجون برواية ُتروى عن النبي‬
‫ن هذه الرواية ل تثبت عن‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ولك ّ‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لنها من جهة أبي عبيدة بن عبد الله‬
‫من أبيه‪.‬‬‫بن مسعود وهو لم َيسمع ِ‬
‫‪-3‬وبعض العلماء ذهب إلى أنه َيحمل السرير من جهتيه ‪ ..‬يضع هذه الجهة‬
‫على الكتف اليمن وهذه على اليسر ثم يفعل ذلك‪-‬أيضا‪-‬من الخلف؛‬
‫واحتجوا على ذلك برواية رواها ابن سعد والبيهقي في " المعرفة " ولكنها‬
‫ل تثبت‪ ،‬بل هي أضعف من الولى‪ ،‬لنها من جهة الواقدي وهو ل يؤخذ‬
‫بروايته ول كرامة‪.‬‬
‫ن النسان يفعل ما هو أيسر له ول يؤمر بتقديم‬ ‫‪-4‬وبعض العلماء ذهب إلى أ ّ‬
‫ن هذا‬ ‫هذا الجانب ول ذلك الجانب ول بأن َيحمل من الجهتين معا‪-‬ولسيما أ ّ‬
‫الخير فيه من المشقة ما فيه‪-‬فَيحمل ما رأى بأنه اليسر‪.‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬الواضع " بدل ِمن " الواقع "‪ ،‬والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وكثير من الناس عندما يريدون أن َيحملوا من الجهة اليسرى مثل يأتي من‬
‫الجهة اليمنى ويتقدم على الجنازة ويحمل من الجهة اليسرى وإذا أراد أن‬
‫يحمل من الجهة اليمنى تقدم من الجهة اليسرى حتى مر أمام الجنازة‬
‫وحمل من تلك الجهة‪ ،‬وهذا ل أصل له أبدا‪ .‬فإذن ما دام لم يأت دليل عن‬
‫النبي ‪ ‬ثابت يدل على صفة معّينة من صفات الحمل فليحمل النسان‬
‫ولينظر إلى اليسر عليه وعلى بقية الذين يحملون الجنازة؛ والله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫ن خلف العلماء في‬‫من أ ّ‬


‫س‪ :‬هنا الحقيقة نؤكد على التنويه الذي ذكرُتموه ِ‬
‫هذه المسألة وتعدد آرائهم إنما هو من باب الفضل‪ ،‬خشية أن يفهم ذلك‬
‫طلبة العلم‪-‬أو غيرهم من الناس الذين يباشرون هذه المور‪-‬على غير مراده‬
‫فيؤدي إلى اصطدام مع واقع الناس‪.‬‬
‫ج‪ :‬نعم ‪ ..‬بعض الناس يظنون بأنهم ُيحسنون صنعا ‪ ..‬يجدون قول من أقوال‬
‫ن ذلك‬‫أهل العلم ويشددون على عوام الناس إذا لم يأتوا بذلك القول مع أ ّ‬
‫ن المر واسع جائز‪ ،‬حتى‬ ‫العالم هو بنفسه ل يشدد في تلك القضية ويرى بأ ّ‬
‫في بعض المسائل التي اختلف بعض أهل العلم هل هذا واجب أو ليس‬
‫بواجب ؟ ‪ ..‬بعض المسائل ل ينبغي التشديد فيها‪ ،‬ولكن التشديد في كثير‬
‫من الحالت يأتي من بعض المبتدئين الذين لم يطلعوا على أقوال أهل‬
‫العلم ول دراية لهم بفقه الخلف في هذه القضية‪.‬‬
‫َنعم ‪ ..‬نحن ل نهون المر في مخالفة ما ثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه‬
‫ن كثيرا من الحاديث أيضا قد وقع فيها الخلف‬ ‫وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ولك ّ‬
‫بين أهل العلم ‪ ..‬بعض الحاديث ثابت ل شك فيه وبعضها مختَلف فيه‪،‬‬
‫وهكذا بالنسبة إلى القوال تختلف ‪ ..‬منها ما هو الخلف فيه يسير والمر‬
‫ظني ول ينبغي التشنيع والتشديد‪.‬‬
‫نعم ‪ ..‬ينبغي أن ُنعّلم الناس الفضل بأسلوب لئق؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫عو الجنازة ؟‬
‫مشي ّ ُ‬
‫س‪ :‬أين يكون ُ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ أرى السئلة لديك كثيرة وسأضطر أن أجيب باختصار‬
‫شديد على بعض هذه السئلة وإن كان كثير منها يحتاج إلى شيء من‬
‫التحرير لعدم تحرير ذلك في كثير من الكتب المشهورة عند طلبة العلم‬
‫وعوام الناس‪.‬‬
‫هذه المسألة‪-‬على كل حال‪-‬أمرها سهل؛ أما من كان راكبا ‪ ..‬ول ينبغي‬
‫للنسان عند القدرة أن يركب عندما ي ُ َ‬
‫شّيع الجنائز‪ ،‬بل ينبغي له أن‬
‫يمشي ‪ ..‬عندما يكون راكبا فليمش خلف الجنازة‪ ،‬أما عندما يكون ماشيا‬
‫فل مانع من أن يتقدم على الجنازة أو يتأخر عنها‪-‬يعني يمشي خلفها‪-‬ول‬

‫‪69‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مانع من أن يمشي أمامها أو عن يمينها أو عن شمالها‪ ،‬فالكل جائز ثابت‬


‫في سّنة رسول الله ‪ ‬؛ والله أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬الن الناس ابتكروا‪-‬إن صح التعبير‪-‬طريقة جديدة في حمل الجنازة‬
‫فصاروا يصفون أمام الجنازة أسطرا طويلة ثم تمر الجنازة عليهم جميعا دون‬
‫أن يكون أحد خلفها وقالوا صنعوا ذلك من أجل التيسير وعدم الزحام‪ ،‬فهل‬
‫يصح هذا ؟‬
‫ما ل ينبغي ‪..‬‬ ‫ج‪ :‬أما أل ّ يكون أحد خلف الجنائز والكل يكون أمامها ‪ ..‬هذا ِ‬
‫م ّ‬
‫ينبغي كما ثبت في السّنة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪ 1...‬أما‬
‫صفوف بسيطة جدا إذا كانت في ذلك مصلحة مخافة الذية أو ما شابه ذلك‬
‫فالمر يختلف‪ ،‬أما أن تمتد الصفوف وتكون طويلة فهذا ل أصل له أبدا‪.‬‬

‫س‪ :‬في بعض الحيان تكون الصفوف طويلة تكاد تستوعب كل الحاضرين ؟‬
‫ج‪ :‬ل داعي لهذا أبدا‪.‬‬
‫ن الطفل إذا كان‪-‬طبعا‪-‬صغيرا ل‬‫على كل حال؛ أريد‪-‬أيضا‪-‬أن أنبه إلى أ ّ‬
‫يحتاج أن ُيحمل على السرير بل ُيحمل في اليدي ‪ ..‬أنبه على هذا مخافة‬
‫من الناس إذا سمعوا‬‫ن كثيرا ِ‬
‫أن ُينكر بعض الناس على من يفعل ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫من بعض أهل العلم حملوه على العموم وقد يكون ذلك العالم ل يريد‬ ‫كلما ِ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫فإذن الطفل الصغير ل يحتاج أن يوضع على السرير ‪ُ ..‬يحمل على اليدي‪،‬‬
‫أما إذا كان الطفل كبيرا فإنه يحمل كغيره من الموات على السرير‪ ،‬والله‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ولى أن يصفوا‬
‫س‪ :‬إذا كانت الجماعة التي تصلي على الميت قليلة‪ ،‬هل ال ْ‬
‫صفا واحدا أو ثلثا ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬
‫ف‬
‫ص ّ‬
‫من بقية الصلوات ‪ ..‬ي َ ُ‬‫ن صلة الجنازة كغيرها ِ‬‫من قال‪ " :‬إ ّ‬
‫‪-1‬منهم َ‬
‫الناس أّول الصف الول فإذا امتل الصف الول في المواضع التي تمتلئ فيها‬
‫الصفوف ‪ ..‬إذا كان ذلك في المسجد مثل أو في مصلى فبعد ذلك يؤمرون‬
‫صليت هذه‬ ‫بإنشاء الصف الثاني وهكذا بالنسبة إلى بقية الصفوف‪ ،‬أما إذا ُ‬
‫الصلة في فضاء فإنهم يصفون صفا واحدا حتى يكون طويل ليس بإمكان‬
‫من يصف بعد ذلك أن يستمع إلى المام وبعد ذلك بإمكانهم أن ينشئوا صفا‬
‫ثانيا وهكذا بالنسبة إلى بقية الصفوف "؛ فهؤلء ذهبوا إلى أنه ل فرق بين‬
‫ن الصل في هذه الصلة أن‬ ‫صلة الجنازة وبين غيرها من الصلوات‪ ،‬ل ّ‬
‫ُيحكم عليها بحكم بقية الصلوات إل فيما دل دليل على أنها تختلف فيه‬
‫معها‪.‬‬

‫ن الشيخ َلم ُيْنِه كلمه‪.‬‬


‫‪-1‬يبدو أ ّ‬
‫‪70‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ف الناس ثلثة‬
‫ص ّ‬‫‪-2‬وذهب بعض أهل العلم إلى أنه ينبغي للمام أن ي َ ُ‬
‫فوا هم بأنفسهم ثلثة صفوف لكن إذا رأى المام بأنهم‬ ‫ص ّ‬
‫صفوف أو أن ي َ ُ‬
‫فوا صفا واحدا ينبغي له أن يأمرهم بأن يصفوا ثلثة صفوف ولو كانوا‬ ‫ص ّ‬
‫َ‬
‫ستة أشخاص مثل ‪ ..‬يصف اثنان في الصف الول واثنان في الثاني واثنان‬
‫في الصف الثالث أما بعد ذلك فل وإنما تراعى الصفوف الثلثة الولى؛‬
‫واحتجوا على ذلك برواية تروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬
‫ولكنها من طريق ابن َلهيعة وهو ضعيف ل ُيؤخذ بروايته‪ ،‬ولكنهم قالوا إنها‬
‫تتأيد برواية أخرى‪ ،‬ولكنها من طريق ابن إسحاق وهو مدّلس مشهور ولم‬
‫ن‬
‫طلع إلى الن بأنه قد صّرح بالسماع فما دام المر كذلك فإننا ل نرى أ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫هذه الرواية تصل إلى درجة الثبوت‪.‬‬
‫ن صلة الجنازة في هذه القضية كغيرها من‬ ‫وإذن يبقى المر على أ ّ‬
‫صفوا أّول الصف الول فإذا امتل فلينشؤوا بعد ذلك صفا ثانيا‬ ‫الصلوات فلي َ ُ‬
‫وهكذا؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬ولدها توفي وعمره سبعة عشر عاما‪-‬قبل شهرين تقريبا‪-‬لكن عندما ُأخذ‬
‫إلى القبر خرج من فمه دم‪ ،‬فهل يعني ذلك إشارة عقاب له أو المر‬
‫طبيعي ؟ هي قلقة الن‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬ل يلزم أن يكون ذلك فيه إشارة عقاب ول غير ذلك‪ ،‬فلتترك المر‬
‫على ما هو عليه‪ ،‬وإن كانت تستطيع أن تفعل شيئا من الخير فلتفعل ‪..‬‬
‫ليس من باب أنه خرج من فمه دم‪ ،‬فل علقة له بذلك المر‪ ،‬لكن إذا كانت‬
‫عليه حقوق للعباد مثل وكانت تستطيع هي أو أبوه إن كان أبوه حيا أو أحد‬
‫من إخوانه أو أقاربه أو حتى من سائر المسلمين أن يؤدوا تلك الحقوق التي‬
‫عليه فليؤدوها عنه‪ ،‬وكذلك إذا كان عليه صيام فليصوموا عنه‪ ،‬كما ثبت عن‬
‫من مات وعليه صوم صام عنه وليه (‪ ،‬وهكذا إذا كان‬ ‫النبي ‪ ‬أنه قال‪َ ) :‬‬
‫لم يؤد فريضة الحج وكان قادرا على أدائها ولكنه فّرط في ذلك فإذا‬
‫استطاعوا فينبغي لهم أن يؤدوا عنه فريضة الحج‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النبي‬
‫‪ ، ‬وهكذا إذا كان لم ُيؤد الزكاة فليؤدوا عنه ‪ ..‬إذا كانت لديه أموال‬
‫فليؤدوا الحقوق التي عليه من ماله‪.‬‬
‫واختلفوا في الزكاة وفي الحج إذا لم يوص بهما وهكذا بالنسبة إلى‬
‫الكفارات والنذور التي تحتاج إلى تكفير‪:‬‬
‫ن الكفارات والنذور التي هي بمثابة اليمين‪-‬أي‬ ‫‪-1‬فبعض العلماء يقول‪ :‬إ ّ‬
‫فر عنها كفارة اليمين‪-‬فإنها تؤدى من رأس المال‪.‬‬ ‫التي ُيك ّ‬
‫من الثلث‪.‬‬‫‪-2‬وبعضهم يقول‪ :‬إنها تؤدى ِ‬
‫من أصل المال ؟ وهكذا‬ ‫من الثلث أو ِ‬ ‫وكذلك بالنسبة إلى الحج هل هو ِ‬
‫الزكاة‪.‬‬
‫وكذا إذا كان لم يوص بذلك‪ ،‬اختلفوا هل تؤّدى عنه ؟‬
‫‪71‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن ما كان فيه حق للفقراء والمساكين فلي ُؤَد ّ أوصى به‬ ‫‪-1‬منهم من يقول‪ :‬إ ّ‬
‫ن فيها‬‫أو لم يوص‪ ،‬وذلك كالزكاة فهي وإن كانت عبادة لله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فإ ّ‬
‫حقا للفقراء والمساكين وهكذا بالنسبة إلى كفارات اليمان وكفارات النذور‬
‫بخلف الحج فإنه ل حق فيه للعباد‪.‬‬
‫‪-2‬وبعض العلماء يقول تؤدى عنه وإن كان لم يوص بها سواء كانت زكاة أو‬
‫حجا أو كانت من الكفارات؛ وهذا هو الواضح الذي تدل عليه الدلة ولكن‬
‫قبل ذلك ينبغي أن ُيقَنع الورثة من باب الخروج من الخلف إن أمكن ذلك‪.‬‬
‫ن‬
‫فالحاصل أنه ل يمكن أن ُيحكم عليه بحكم ٍ بسبب خروج هذا الدم‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫ذلك يمكن أن يكون طبيعيا؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬وإذا توفي في شهر رمضان‪ ،‬هل ُيكمل عنه أولياؤه ؟‬
‫ج‪ :‬هنالك أمران‪:‬‬
‫* إما أن يكون أفطر ذلك بسبب مرض وذلك المرض ل يرجو منه الشفاء‬
‫فهذا كان ينبغي له أن ُيطِعم عنه‪ 1‬وإذا لم يطِعم فإنه ُيطَعم عنه بعد ذلك ‪..‬‬
‫إذا كان قد أوصى بذلك فالمر واضح‪ ،‬وإن كان لم يوص بذلك فينبغي أن‬
‫ُيقَنع الورثة‪-‬إن كانوا بالغين عقلء‪-‬بذلك‪ ،‬وأما إذا كانوا بخلف ذلك‪-‬أي منهم‬
‫ن البلوغ‪-‬فالمر ل يخلو من إشكال‪،‬‬ ‫المجنون أو الصبي الذي لم يصل إلى س ّ‬
‫ن هذه الكفارة لم ُيتفق بين أهل العلم عليها‪:‬‬ ‫ذلك ل ّ‬
‫ن المريض الذي وصل إلى هذا الحد ليس عليه‬ ‫‪-1‬منهم من يقول‪ :‬إ ّ‬
‫الطعام‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم من يقول‪ :‬عليه الطعام‪.‬‬
‫فأنا أقول‪ :‬إنه ينبغي لبعضهم أن يتبرع عنه مخافة الوقوع في المحظور‪.‬‬
‫* أما إذا كان قد أفطر بسبب سفر ‪ ..‬مثل سافر ومات و‪-‬طبعا‪-‬لم يتمكن‬
‫ن الشهر ل زال باقيا‪-‬أو كان ذلك بسبب مرض يرجو منه‬ ‫من القضاء‪-‬ل ّ‬
‫الشفاء بحسب الظاهر فإنه ُيؤمر الولياء بأن يقضوا عنه‪ ،‬للحديث الذي‬
‫ذكرناه ] ص ‪[ 7‬؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم مرافقة المرأة للجنازة أثناء التشييع ؟‬
‫ج‪ :‬أما إذا كانت تذهب إلى أن ُيصلى عليه فالمر يختلف‪ ،‬وأما إذا كانت بعد‬
‫الصلة ‪ ..‬أي إلى المقابر فل ‪ُ ..‬تنهى عن ذلك‪ ،‬وقد اختلف العلماء في هذا‬
‫النهي هل هو للتحريم أو الكراهة‪.‬‬
‫ومهما كان ل ينبغي للنسان أن يرتكب ما نهى عنه الرسول‪-‬صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬ولو كان ذلك على سبيل الكراهة‪ ،‬إذ إنه ل يمكن أن َينهى‬
‫عن شيء إل لسبب واضح من السباب‪ ،‬والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ل ُيعبد‬
‫بالمكروه‪.‬‬
‫ي تحريم على رأي بعض أهل العلم‪ ،‬ونهي كراهة على‬ ‫فإذن النساء ُتنهى‪-‬نه َ‬
‫ما أو‬ ‫ُ‬
‫رأي بعض أهل العلم‪-‬عن الذهاب إلى المقابر‪ ،‬وإذا كانت هذه المرأة أ ّ‬

‫صَد أن يقول‪ُ " :‬يطِعم عن نفسه "‪.‬‬


‫ن الشيخ َق َ‬
‫‪-1‬الظاهر أ ّ‬
‫‪72‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫د‪ ،‬لنها ل تستطيع أن تصبر على‬ ‫أختا أو جدة أو قريبة للميت فالنهي أش ّ‬
‫ن المرأة معروف عنها هذا المر فلتنتهِ ولتترك متابعة ذلك‪.‬‬ ‫ذلك‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫أما بالنسبة إلى صلة النساء على الموتى فالمر ل يخلو من أحد أمرين‪ ،‬إما‬
‫أن يكون هنالك بعض الرجال الذين يصلون على الجنائز أو ل‪:1‬‬
‫ن النساء ُيؤمرن بأن يصلين على‬ ‫من الرجال فإ ّ‬ ‫* فإذا لم يكن هنالك أحد ِ‬
‫الجنازة‪.‬‬
‫ن الخلف الموجود بين العلماء في صلة المرأة‬ ‫كر بعض العلماء أ ّ‬‫وقد ذ َ‬
‫على الميت إنما هو عند وجود الرجال‪ ،‬أما عند عدم وجود الرجال فإنهن‬
‫ن الصلة‪-2‬على الصحيح‪-‬من فروض الكفايات‪ ،‬وإذا لم‬ ‫يؤمرن بالصلة‪ ،‬ل ّ‬
‫ن المرأة مأمورة بذلك‪.‬‬ ‫يوجد أحد من الرجال يقوم بهذا الفرض فإ ّ‬
‫* أما إذا ُوجد الرجال‪ 3‬فقد اختلف العلماء في ذلك‪:‬‬
‫‪-1‬قيل بأنهن يصلين على الجنائز‪.‬‬
‫‪-2‬وقيل‪ :‬ل يصلين‪.‬‬
‫‪-3‬وقيل‪ :‬إن كانت الميتة امرأة فتصلي وإن كان الميت رجل فل‪.‬‬
‫ن النساء قد صلين على‬ ‫من صلتهن‪ ،‬وقد ثبت أ ّ‬ ‫والذي يظهر لي أنه ل مانع ِ‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهكذا صّلت أمهات المؤمنين على‬
‫بعض الصحابة كسعد بن أبي وقاص رضي الله‪-‬تعالى‪-‬عنه‪ ،‬وهنالك أدلة‬
‫أخرى ل داعي لذكرها الن‪ ،‬فل مانع من صلة المرأة على الميت‪.‬‬
‫هذا وقولي‪ " :‬أنه إذا كان هنالك أحد من الرجال تسقط عن المرأة " إذا‬
‫‪4‬‬

‫ن‬
‫كان من الرجال البالغين‪ ،‬أما إذا كان صبيا فإنه ل تسقط به الصلة‪ ،‬ل ّ‬
‫من فروض الكفايات وغير البالغ ل تجزي منه‬ ‫هذه الصلة‪-‬على الصحيح‪ِ -‬‬
‫من أن تصلي النساء عليه؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫فلبد ِ‬
‫س‪ :‬ما الوقات التي ُينهى فيها عن الصلة على الميت ؟‬
‫ج‪ :‬قد اختلف العلماء في هذه القضية‪:‬‬
‫من‬
‫‪-1‬ذهب بعضهم إلى أنه ل ُينهى عن الصلة على الميت في أيّ وقت ِ‬
‫الوقات‪.‬‬
‫وقد حكى بعض العلماء اتفاق أهل العلم على ذلك‪ ،‬وحكاية هذا التفاق ل‬
‫شك أنها خاطئة‪.‬‬
‫‪-2‬وذهب بعض أهل العلم إلى أنه ُينهى عن الصلة على الميت في ثلثة‬
‫أوقات‪:‬‬
‫* عند طلوع الشمس حتى ترتفع بمقدار قيد رمح‪.‬‬
‫* وعند استواء الشمس في كبد السماء وذلك في الحر الشديد عند‬
‫بعضهم‪ ،‬ومطلقا عند طائفة منهم‪.‬‬
‫‪ "-1‬أو ل " زيادة مّنا لليضاح‪.‬‬
‫ل الحسن أن ُيقال‪ " :‬هذه الصلة " لزالة الوهم‪.‬‬ ‫‪-2‬لع ّ‬
‫ل الحسن أن ُيقال‪ " :‬أحد ِمن الرجال "‪.‬‬ ‫‪-3‬لع ّ‬
‫ن النساء ل يصلين على الجنائز "‪.‬‬
‫صَد أن يقول‪ " :‬وقول بعض العلماء أّنه إذا ُوجد أحد ِمن الرجال فإ ّ‬ ‫‪-4‬لعل الشيخ َق َ‬

‫‪73‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من الشمس في‬ ‫من الشمس‪-‬أي عندما يبدأ جزء ِ‬ ‫* وعندما يغرب قْرن ِ‬
‫الغروب‪-‬حتى تغرب الشمس تماما؛ وهذا القول هو القول الصحيح‪ ،‬وذلك‬
‫عقبة بن عامر‪-‬رضي الله تعالى عنه‪-‬‬ ‫لما ثبت عن النبي ‪ ‬كما في حديث ُ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬نهى عن دفن الموات في‬ ‫أ ّ‬
‫ن بعض العلماء حمل هذا النهي على دفن الموات وقال‪:‬‬ ‫هذه الوقات‪ ،‬إل أ ّ‬
‫من الصلة في هذه الوقات‪ ،‬وإنما ينهى عن دفن الموات فيها‬ ‫" إنه ل بأس ِ‬
‫"‪ ،‬وهذا ليس بشيء‪ ،‬والصحيح في هذه القضية أنه ُينهى عن الصلة عليهم‬
‫وعن دفنهم في هذه الوقات الثلثة‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى الوقات التي ُتكره فيها صلة التطوع فإنه ل ُينهى عن دفن‬
‫من الصلوات‬ ‫ن هذه الصلة ِ‬ ‫الموات وعن الصلة عليهم فيها‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫من النهي‪ ،‬وذلك لنه ل شك أنه يختلف‬ ‫السببية والصلوات السببية ُتستثنى ِ‬
‫من باب الوسائل‪ ،‬وبذلك يتبين أنه ل‬ ‫النهي إذا كان مقصودا بالذات أو كان ِ‬
‫من الصلة‬ ‫من الصلة في الوقات التي ُتكره فيها الصلة وإنما ُيمنع ِ‬ ‫مانع ِ‬
‫على الميت في الوقات التي ُينهى عن الصلة فيها نهي تحريم؛ وذلك النهي‬
‫من أهل العلم‪-‬وهو الذي يظهر لي‪-‬وقال‬ ‫على التحريم على رأي طائفة ِ‬
‫بعضهم أنه للكراهة؛ والله أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا أردنا أن نضرب على ذلك مثال ‪ ..‬في حال اصفرار الشمس وقرب‬
‫مغيبها‪ ،‬هل تصح الصلة ؟‬
‫ج‪ :‬في ذلك خلف بين أهل العلم‪ ،‬وذلك أنهم اختلفوا في النهي ‪ ..‬هل َيبدأ‬
‫من الشمس أو أنه يبدأ قبل ذلك‪:‬‬ ‫وقت النهي بغروب جزء بسيط ِ‬
‫من الشمس ‪ ..‬أي إذا غرب‬ ‫‪-1‬فبعض العلماء قال‪ " :‬يبدأ النهي بغروب جزء ِ‬
‫من الشمس فيدخل وقت النهي "؛ وهذا قول طائفة كبيرة‬ ‫جزء قليل جدا ِ‬
‫من أهل العلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ن النهي قبل ذلك بوقت ‪ ..‬بحوالي عشر أو ربع ساعة‬
‫‪1‬‬
‫‪-2‬وبعضهم يقول بأ ّ‬
‫تقريبا‪.‬‬
‫والقول الول هو القول المشهور‪.‬‬
‫س‪ :‬وهل يشمل ذلك لحظات الدفن أيضا ؟‬
‫ن المنهي عنه‬
‫ص على أ ّ‬
‫ن الحديث ن ّ‬
‫ج‪ :‬على نفس الخلف فيما يظهر‪ ،‬ولك ّ‬
‫عندما تغرب الشمس‪ ،‬وُيؤخذ بظاهر الحديث إل إذا ترك أحد ذلك على جهة‬
‫ص على ما ذكرناه‪.‬‬
‫الحتياط فذلك ل بأس منه‪ ،‬وإل فالحديث ن ّ‬
‫س‪ :‬الناس فيما يقرؤون أنهم بعد التكبيرة الثانية في صلة الجنازة يأتون‬
‫بالفاتحة والبعض يأتي بتسبيح وبغير ذلك‪ ،‬فأيهما الصح ؟ بعد التكبيرة‬
‫الثانية‪ ،‬ما الذي يأتي به النسان ؟‬
‫دة أقوال‪:‬‬
‫ج‪ :‬اختلف العلماء في هذه المسألة على ع ّ‬
‫‪-1‬ذهب بعض العلماء إلى عدم مشروعية التيان بفاتحة الكتاب في صلة‬
‫الجنازة رأسا‪ ،‬فقالوا‪ " :‬إنه ل ُيشرع للنسان أن يأتي بفاتحة الكتاب فيها "‪.‬‬

‫ل الحسن أن ُيقال‪ " :‬عشر دقائق "‪.‬‬


‫‪-1‬لع ّ‬
‫‪74‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪-2‬وذهب بعضهم إلى أنه إن أتى بها وقصد بذلك الدعاء فل بأس‪ ،‬أما أن‬
‫يقصد بها التلوة المعروفة التي ُيؤتى بها في صلة الفريضة وصلوات‬
‫النوافل فل‪.‬‬
‫‪-3‬وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يأتي بها بعد التكبيرة الولى فقط؛ وهذا‬
‫من أهل العلم‪ ،‬وهو الذي جاء عن إمام الذهب جابر بن‬ ‫مذهب طائفة كبيرة ِ‬
‫زيد رحمه الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫‪-4‬وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يأتي بعد التكبيرة الولى وكذا بعد‬
‫التكبيرة الثانية بفاتحة الكتاب‪:‬‬
‫من قال‪ :‬إنه يقتصر على الفاتحة بعد التكبيرة الولى وكذا بعد‬ ‫‪-‬منهم َ‬
‫التكبيرة الثانية‪.‬‬
‫من قال‪ :‬إنه يأتي بعد التكبيرة الولى‪-‬طبعا‪-‬بالستعاذة وبعد ذلك‬ ‫‪-‬ومنهم َ‬
‫بفاتحة الكتاب ثم يحمد الله ويمجده ويهلله وبعد ذلك يكبر التكبيرة الثانية‬
‫ثم يأتي بفاتحة الكتاب ثم يحمد الله ويمجده ويهلله ويصلي على النبي‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ وهذا المذهب هو الذي رواه صاحب "‬
‫من‬‫ذت به طائفة ِ‬ ‫المدّونة " عن المام أبي عبيدة رحمه الله‪ ،‬وقد أخ َ‬
‫أصحابنا‪.‬‬
‫من القوال‪.‬‬ ‫إلى غير ذلك ِ‬
‫من أهل العلم بل هو‬ ‫والصحيح عندي‪-‬ما ذهب إليه المام جابر‪ ،‬وجماعة ِ‬
‫مة‪ ،‬وهو‪-‬أنه يأتي بعد التكبيرة الولى بالستعاذة وفاتحة‬ ‫مذهب جمهور ال ّ‬
‫الكتاب وبعد الثانية يصلي على النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪-‬والفضل أن يأتي بالصلة البراهيمية المشهورة‪-‬وإن اقتصر على‬
‫صرة كأن يقول‪ " :‬اللهم صل على محمد وعلى آله " أو " اللهم‬ ‫صلة مخت َ‬
‫من اللفاظ فل بأس‪،‬‬ ‫صل على محمد وعلى آل محمد " أو ما شابه ذلك ِ‬
‫ت‪-‬ثم يكبر التكبيرة الثالثة‬ ‫ن الفضل أن يأتي بالصلة البراهيمية كما قل ُ‬ ‫ولك ّ‬
‫ويدعو ويكبر بعد ذلك التكبيرة الرابعة ويسّلم‪.1‬‬
‫وبعضهم قال‪ :‬إنه يدعو بدعاء مختصر بعد التكبيرة الرابعة وقبل السلم‪،‬‬
‫ب‬‫ذا َ‬‫ة وَقَِنا عَ َ‬
‫سن َ ً‬
‫ح َ‬
‫خَرةِ َ‬ ‫ة وَِفي ال ِ‬
‫سن َ ً‬ ‫كأن يقول‪َ ...  :‬رب َّنا آت َِنا ِفي الد ّن َْيا َ‬
‫ح َ‬
‫الّنار‪ ] ‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.[ 201 :‬‬
‫فهذا القول‪-‬الذي ذكرناه‪-‬وهو أنه يأتي بالفاتحة مرة واحدة هو القول‬
‫الصحيح‪ ،‬لرواية ابن عباس رضي الله تعالى عنهما‪.‬‬
‫من أركان هذه الصلة أو‬ ‫وقد اختلفوا في الفاتحة هل هي فريضة بل ركن ِ‬
‫من أهل العلم‪-‬أنها‬ ‫إنها سّنة؛ والذي يظهر لي‪-‬وهو مذهب طائفة كبيرة ِ‬
‫من أركان هذه الصلة‪ ،‬وذلك لحديث‪ ) :‬ل صلة إل بفاتحة‬ ‫فريضة وركن ِ‬
‫الكتاب ( وهو حديث صحيح ‪ ..‬عند المام الربيع‪ 2‬والشيخين وغيرهم‪،‬‬

‫‪-1‬في جواب الشيخ على السؤال ‪ِ 5‬من حلقة ليلة ‪ 12‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪6/11/2003‬م ( َيتعّرض إلى مسألة مشروعية‬
‫التوجيه في صلة الميت‪ ،‬ومسألة مشروعية الزيادة على أربع تكبيرات فيها‪.‬‬
‫‪-2‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬كتاب الصلة ووجوبها‪ ،‬باب )‪ (38‬القراءة في الصلة‪:‬‬
‫‪75‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج فهي‬ ‫خدا ٌ‬‫ج فهي ِ‬‫خدا ٌ‬


‫وحديث‪ ) :‬كل صلة ل ُيقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي ِ‬
‫من أئمة الحديث‪ ،‬فقوله في‬ ‫ج ( وهو عند المام الربيع‪ 1‬وعند غيره ِ‬ ‫خدا ٌ‬ ‫ِ‬
‫ص صريح‪ ،‬وقد قلنا ‪ " :‬إنه‬
‫‪2‬‬
‫الحديث الول‪ ) :‬ل صلة إل بفاتحة الكتاب ( ن ّ‬
‫ُيحكم على صلة الجنائز بما ُيحكم به على صلة الفرائض‪-‬أو تعطى نفس‬
‫الحكم الذي تعطى صلة الفريضة‪-‬إل إذا دل دليل على خلف ذلك "‪ ،‬أما ما‬
‫ص على أنها سّنة أو ما شابه ذلك فكما‬ ‫من الن ّ‬‫جاء في رواية ابن عباس ِ‬
‫من مرة‪ " :‬إنه ل ينبغي للنسان إذا َوجد لفظ ' السّنة '‬ ‫ت أكثر ِ‬ ‫قل ُ‬
‫على لسان الصحابة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنهم‪-‬أن َيحكم بأنهم أرادوا‬
‫ن ‪ ..‬كل ّ بل يريدون بذلك الطريقة‪ ،‬وتارة تكون‬ ‫بذلك المر أنه مسنو ٌ‬
‫ن‬
‫ت لذلك بقول السيدة عائشة‪ " :‬س ّ‬ ‫فريضة‪ ،‬وتارة تكون سّنة "‪ ،‬وقد مّثل ُ‬
‫رسول الله ‪ ‬زكاة الفطر "‪.3‬‬
‫وهذا الذي ذكرُته الن مثال ثاني‪.‬‬
‫وكذلك هنالك عن ابن عباس‪-‬رضي الله تعالى عنه‪-‬عندما ذكر صلة‬
‫من‬
‫من المعلوم أنه لبد ِ‬ ‫المسافر خلف المام المقيم قال‪ " :‬سّنة نبيكم "‪ ،‬و ِ‬
‫متابعة المام في هذه القضية‪ ،‬على الرأي الصحيح الذي عليه الجمهور‪،‬‬
‫من تابعه‪.‬وكذلك ما جاء عن ابن مسعود‪ " :‬لتركتم سّنة‬ ‫خلفا لبن حزم و َ‬
‫نبيكم " مع أنه يريد أنها فريضة‪.‬إلى غير ذلك‪.‬‬
‫من اللفاظ‪.‬‬ ‫وهكذا بالنسبة إلى غير ذلك ِ‬
‫من هنا قال بعض أهل العلم عن حديث النبي ‪ ‬في غسل يوم الجمعة‬ ‫و ِ‬
‫رد به الوجوب المتحتم‪ ،‬وإنما أراد أنه سّنة مؤكدة‬ ‫واجب ‪ ..‬قالوا‪ " :‬لم ي ُ ِ‬
‫فأطلق الواجب ولم ُيرد به الوجوب "‪ ،‬وهذه المسألة فيها خلف شهير ل‬
‫داعي لذكره الن‪.‬‬
‫من الحيان ل ُيراد به‬ ‫وهكذا بالنسبة إلى لفظ " المكروه "‪ ،‬ففي كثير ِ‬
‫المكروه المعلوم وإنما يراد به المحّرم‪.‬‬
‫من أهل العلم المتقدمين؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫وقد جاء ذلك‪-‬أيضا‪-‬على لسان طائفة ِ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من يباشرون تغسيل الموات في مقبرة عامة تقول‪ :‬في بعض‬ ‫م ّ‬
‫س‪ :‬امرأة ِ‬
‫الحيان يأتون إلينا بجثث متعفنة ‪ ..‬في بعض الحيان بجثث مشوهة نتيجة‬
‫ن أهلها يجبروننا‬
‫حادث معّين ل نستطيع أن نتعامل معها في التغسيل ولك ّ‬
‫على ذلك‪ ،‬فهل يصح لهم ؟ وهل تغسل مثل هذه الحالت ؟‬

‫حديث رقم ‪ :226‬قال الربيع‪ :‬عن عبادة بن الصامت قال‪ :‬صلى بنا رسول ال‪ ‬صلة الغداة فثقلت عليه القراءة فلما‬
‫لعلكم تقْرؤون خلف إمامكمْ ؟ ( قال‪ :‬قلنا أجل‪ ،‬قال‪ ) :‬ل تَفعلوا إِل بأم القرآن فانه ل صلةَ إل بها (‪.‬‬
‫انصرف قال‪ّ ) :‬‬
‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬كتاب الصلة ووجوبها‪ ،‬باب )‪ (38‬القراءة في الصلة‪:‬‬
‫حديث رقم ‪ :222‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول ال ‪َ ) : ‬من صلّى صَ ً‬
‫لة لم يقرأ فيها‬
‫القرآن فهي خداجٌ ( قال الربيع‪ " :‬الخداج " الناقصة وهي غير التمام‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ّ‬
‫بأم‬
‫‪-2‬في الجواب على السؤال ‪ِ 4‬من حلقة ليلة ‪ 10‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪4/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪-3‬تّم ذلك في جواب الشيخ على السؤال ‪ِ 2‬من حلقة ليلة ‪ 6‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪31/10/2003‬م (‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج‪ :‬إذا أمكن ذلك فلبد مِن الغسل‪ ،‬أما إذا لم يمكن ذلك أبدا فل شيء عليهن‬
‫لن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ل يكلف نفسا إل وسعها‪ ،‬أما إذا‬
‫ّ‬ ‫في ترك الغسل‪ ،‬ذلك‬
‫من ذلك أو ما شابه ذلك ويمكن لغيرهن أن يقمن‬ ‫كان بعض النساء يتقّززن ِ‬
‫بتغسيل هذه المرأة التي أصابها ما أصابها بسبب هذا الحادث أو ما شابه‬
‫من التغسيل‪ ،‬فإذن العبرة هل يمكن أو ل يمكن‪.‬‬ ‫ذلك فلبد ِ‬
‫فإن لم يمكن اختلفوا في ذلك‪:‬‬
‫من يقول‪ :‬إنه يتيمم لذلك الميت‪-‬طبعا‪-‬كان رجل أو امرأة‪.‬‬ ‫من أهل العلم َ‬ ‫‪ِ -1‬‬
‫من ذهب إلى أنه ل يتيمم له‪ ،‬ذلك أنه لم يثبت عن النبي ‪ ‬ما‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬
‫ن غسل الميت ُيقصد به النظافة‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫يدل على مشروعية التيمم‪ ،‬و ِ‬
‫من النظافة اللهم إل إذا كان ذلك‬ ‫وما دام كذلك فالتيمم ليس فيه شيء ِ‬
‫من‬ ‫من الوضوء‪ ،‬أما التيمم الذي يراد به البدل ِ‬ ‫التيمم الذي يراد به البدل ِ‬
‫الغسل فل دليل عليه‪ ،‬هذا الذي يظهر لي‪.‬‬
‫وقد خّرج المام السالمي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬في معارجه ذلك على ما‬
‫ن الشيخ‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬ذهب إلى ذلك "‬ ‫ذكرُته هنا ‪ ..‬ل أقول‪ " :‬إ ّ‬
‫وغه‬‫لنه لم يتعرض‪-‬حسب حافظتي‪-‬إلى الترجيح في هذه القضية‪ ،‬ولكنه س ّ‬
‫وغه‬ ‫بعد أن ذكر المام الكدمي‪-‬رحمه الله‪-‬بأنه ل يوجد في المذهب ‪ ..‬س ّ‬
‫من الحق؛ وهو‬‫ن له وجها ِ‬
‫المام السالمي‪-‬رضي الله تعالى عنه‪-‬ورأى أ ّ‬
‫كذلك‪.‬‬
‫ن الوضوء مشروع في‬ ‫فإن تيمموا بقصد أن يكون ذلك عوضا عن الوضوء‪-‬ل ّ‬
‫غسل الميت‪ ،‬وإن كان الوضوء في غسل الموات طبعا ل يجب‪ ،‬وإنما هو‬
‫من يقول بالتيمم وتيمموا به بإرادة‬ ‫سّنة‪-‬فذلك ل بأس به‪ ،‬وإن أخذوا برأي َ‬
‫التيمم الذي يراد به أن يكون عوضا عن الغسل فأيضا ل بأس بذلك بمشيئة‬
‫الله تبارك وتعالى‪ ،‬وإن أمكن أن يصّبوا عليه الماء‪-‬فقد قال بعض العلماء‬
‫أنهم يصبون عليه الماء‪-‬صّبا‪-‬طبعا‪-‬إذا كان يصل إلى جسده ثم بعد ذلك تزال‬
‫دم على التيمم‪.‬‬ ‫تلك الثياب فهذا ل شك أنه ُيق ّ‬

‫س‪ :‬في بعض الحيان تؤتى بالجثة مغطاة في كيس فإذا فتحت خرجت منها‬
‫رائحة ل تطاق ؟‬
‫سعََها ‪ ] ...‬سورة البقرة‪ ،‬من‬‫سا إ ِل ّ وُ ْ‬
‫ف ً‬ ‫ه نَ ْ‬ ‫ف الل ُ‬ ‫ج‪ :‬هذا ل يمكن‪ ،‬و‪ ‬ل َ ي ُك َل ّ ُ‬
‫ها ‪ ]  ...‬سورة الطلق‪ ،‬من‬ ‫ما آَتا َ‬‫سا ِإل َ‬ ‫ف ً‬ ‫ه نَ ْ‬
‫ف الل ُ‬ ‫الية‪ ... [ 286 :‬ل ي ُك َل ّ ُ‬
‫سر ‪ ]  ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪:‬‬ ‫م ال ْي ُ ْ‬ ‫ه ب ِك ُ ُ‬ ‫ريد ُ الل ُ‬ ‫الية‪ ...  [ 7 :‬ي ُ ِ‬
‫حَرج ‪ ]  ...‬سورة الحج‪ ،‬من‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫دي ِ‬
‫م ِفي ال ّ‬ ‫ل عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫جع َ َ‬
‫ما َ‬ ‫‪ ...  [ 185‬و َ‬
‫الية‪ ،[ 78 :‬فل يكلف الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بتغسيل هذا الميت الذي وصل إلى‬
‫هذا الحد‪ ،‬فيسقط بذلك بمشيئة الله؛ والله أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل ُيرش على الكيس ماء في هذه الحالة ؟‬

‫‪77‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج‪ُ :‬يرش الماء فوق الكيس ! ما الفائدة ؟! هل سيصل إلى الميت ؟! لن‬
‫من دون فائدة‪.‬‬
‫يصل ‪ ..‬إذن ل قيمة لهذا ‪ ..‬هذا فيه إتلف للماء ِ‬
‫من السّنة ؟‬
‫س‪ :‬البعض يضع تحت رأس الميت حجرة ربما كوسادة‪ ،‬فهل ذلك ِ‬
‫ج‪ :‬هذه المسألة‪-‬وهي وضع شيء تحت رأس الميت‪-‬اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬
‫من يقول‪ :‬إنه يوضع تحت رأسه لبنة صغيرة‪.‬‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫من يقول‪ :‬ل يوضع تحت رأسه شيء؛ وهذا القول هو الظاهر‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬
‫عندي‪ ،‬وإن كان لم يثبت عن النبي ‪ ‬ما يدل على هذا ول على هذا‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن‬
‫من‬‫ن هذا هو الصل‪ ،‬و َ‬‫ت‪-‬هو أنه ل يوضع تحَته‪ 1‬شيء‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫الراجح‪-‬كما قل ُ‬
‫قال بمشروعية شيء آخر فإنه هو الذي ُيطالب بالدليل‪ ،‬فعدم الدليل في‬
‫قضيتنا يكفي للستدلل به على عدم مشروعية وضع شيء ‪ ..‬هذا الذي‬
‫نراه‪.‬‬
‫س‪ :‬يذكر العلماء في مصنفاتهم بأنه بعد وضع الميت في لحده ُيك َ‬
‫شف عن‬
‫من السّنة ؟‬
‫وجهه‪ ،‬فهل ذلك ِ‬
‫ج‪ :‬هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم؛ ولم يأت فيها شيء عن‬
‫رسول الله ‪ ، ‬وإنما ُروي عن عمر‪-‬رضي الله تعالى عنه‪-‬أنه أمر بأن‬
‫ن هذا‪-‬أّول‪-‬لو‬ ‫ُيؤخذ الثوب عن وجهه وأن يوضع على الرض مباشرة‪ ،‬ولك ّ‬
‫ح‪-‬طبعا‪-‬هو مذهب صحابي وليس فيه حجة‪ ،‬إذ الحجة ل تقوم إل بكتاب‬ ‫ص ّ‬
‫من الوجوه‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وسّنة رسوله ‪ ‬أو ما يرجع إليهما بوجه ِ‬
‫المعتَبرة‪ ،‬أما مذاهب الصحابة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنهم‪-‬إذا لم يتفقوا‬
‫من عمر‪-‬رضي الله‬ ‫ن هذا المر ِ‬ ‫ول عليها‪ ،‬على أ ّ‬‫جميعا على شيء فإنه ل ُيع ّ‬
‫من طريق مجالب وهو ليس بحجة لضعفه في‬ ‫تعالى عنه‪-‬لم يثبت عنه‪ ،‬لنه ِ‬
‫الرواية‪ ،‬فذلك ل يثبت عنه رضوان الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليه‪.‬‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله‬ ‫نعم‪ ،‬الذي يظهر لي أنه ل ُيكشف عن وجهه‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫رم‪،‬‬
‫من مات وهو مح ِ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬أمر بأن ُيكشف عن رأس ووجه َ‬
‫شف عن‬ ‫ن الصل فيه أل ّ ُيك َ‬ ‫وفي ذلك دللة على أنه إذا مات النسان أ ّ‬
‫رم‪ ،‬وهكذا‬ ‫طى وجه المح ِ‬ ‫وجهه‪ ،‬ولذلك أمر النبي‪ -‬وعلى آله وصحبه‪-‬بأل ّ ُيغ ّ‬
‫بالنسبة إلى رأسه‪ ،‬أما رواية الرأس فهي صحيحة ‪ ..‬عند المام الربيع‪ 2‬وعند‬
‫رم فهي عند‬ ‫المام البخاري وغيرهما‪ ،‬وأما رواية النهي عن تغطية وجه المح ِ‬
‫المام مسلم‪ ،‬وقد اختلف العلماء في ثبوتها‪:‬‬
‫من ذهب إلى أنها شاّذة ول تثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫ن‬
‫آله وسلم‪ ،‬وذهبوا إلى أنه ُيؤمر بكشف الرأس ل الوجه‪ ،‬بل قالوا‪ " :‬إ ّ‬
‫رم ل دليل على أنه ُيؤمر أو‪ُ 3‬ينهى عن تغطية وجهه "‪.‬‬ ‫المح ِ‬

‫سه " بدل ِمن " تحَته "‪.‬‬‫ت رأ ِ‬


‫صَد أن يقول‪ " :‬تح َ‬ ‫‪-1‬لعل الشيخ َق َ‬
‫حِرم‪:‬‬
‫‪-2‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب )‪ (4‬غسل الـُم ْ‬
‫حديث رقم ‪ :403‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال‪ :‬يغسل المحرم بماء وسدر‪.‬‬
‫حديث رقم ‪ :404‬وِمن طريقه أيضًا عنه‪ ‬قال‪ ) :‬إذا مات المحرم غسل‪ ،‬ول يكفن إل في ثوبيه اللذين أحرم فيهما‪ ،‬ول‬
‫يمس بطيب‪ ،‬ول يخمر رأسه (‪.‬‬
‫ف‪ُ " :‬يؤمر أو "‪.‬‬
‫صَد حذ َ‬
‫ظر مع الشيخ لعّله َق َ‬‫‪ُ-3‬ين َ‬
‫‪78‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪-2‬وبعض العلماء ذهب إلى إثبات هذه الرواية‪.‬‬


‫من البحث والنظر والتمحيص حتى‬ ‫وعلى كل حال فهي بحاجة إلى شيء ِ‬
‫ن الرواية الخرى ثابتة صحيحة فلماذا‬ ‫َنحكم بثبوتها أو بعدم ثبوتها‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫سكتوا عن هذه الزيادة والصل أنه ل ُيسكت عن مثل هذه الزيادة اللهم إل‬
‫خل في‬ ‫ن الوجه داخل في الرأس ؟! ‪ ..‬الصل أنه ل َيد ُ‬ ‫إذا كانوا أرادوا أ ّ‬
‫خل فيه لعّلة أو لخرى‪ ،‬فنظرا لهذا الحتمال نقول‪" :‬‬ ‫الرأس ولكن قد ُيد َ‬
‫شف عن‬ ‫إنه ل يمكن أن نجزم بشذوذ هذه الرواية "‪ ،‬والظاهر أنه ُيك َ‬
‫ن رواية الكشف عن الرأس يمكن أن تكون‬ ‫رم وعن رأسه‪ ،‬ل ّ‬ ‫وجه المح ِ‬
‫شاملة للمرين معا‪.‬‬
‫شف عن وجهه ‪..‬‬ ‫رم ل ُيك َ‬
‫ن غير المح ِ‬
‫ت‪-‬دللة ظاهرة على أ ّ‬ ‫وفي هذا‪-‬كما قل ُ‬
‫هذا ما يظهر لي؛ والعلم عند الله تعالى‪.‬‬
‫ن النبي ‪ ‬أمر النساء أن يغسلن ابنته‬
‫س‪ :‬ورد في روايات عن النبي ‪ ‬أ ّ‬
‫ول بالماء‬‫ن العلماء يذكرون في غسل الميت أنه ُيغسل أ ّ‬‫سدر‪ ،‬ولك ّ‬
‫بالماء وال ّ‬
‫من أين أتت هذه الزيادة ؟‬ ‫القراح‪ ،‬ف ِ‬
‫ج‪ :‬هذه الرواية صحيحة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬
‫وأرى أنه ُيؤخذ بظاهر الحديث‪ ،‬لنني لم أجد دليل يدل على خلف هذا‬
‫سدر؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من أّول مرة بالماء وال ّ‬
‫الظاهر‪ ،‬فُيغسل ِ‬
‫س‪ :‬ما هي الطريقة الصحيحة لغسل الميت ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هي ل تختلف عن هيئة غسل الجنابة‪ ،‬فالكيفية هي‬
‫سل الميت فإنه أّول يقوم‬ ‫من يقوم بتغسيل الميت أن ُيغ ّ‬ ‫الكيفية ‪ ،‬فإذا أراد َ‬
‫‪1‬‬

‫ل‪ ،‬وإل فإنه ينبغي‬ ‫من قب ُ‬ ‫بنزع ثيابه الصلية‪-‬إذا كانت ثيابه تلك لم ُتنزع ِ‬
‫من موت الميت أن ُتنزع عنه ثيابه الصلية ويغطى بثوب‬ ‫عندما ُيتحقق ِ‬
‫عادي‪ ،‬وإن كان ذلك ليس على طريق اللزام‪-‬وُتستر عورُته‪-‬طبعا‪-‬قبل نزع‬
‫الثوب‪ ،‬لنه ل يمكن أن ُتبدى لحد‪-‬ول ينبغي أن َيحضر تغسيل الجنازة إل‬
‫من كان يقوم بمساعدة ذلك الذي يقوم بتغسيل ذلك الميت‪ ،‬أما أن يأتي‬ ‫َ‬
‫من أجل النظر وما شابه ذلك فل إل إذا كان هنالك‬ ‫بعض الناس ويجلس ِ‬
‫ن تعّلم هذه‬ ‫مصلحة بأن يريد بعض طلبة العلم أو ما شابه ذلك أن يتعلم‪ ،‬ل ّ‬
‫من تعلمها بالقول‪-‬فإذا ُنزعت ثياب ذلك الميت بعد‬ ‫الكيفية بالفعل أوضح ِ‬
‫ستر عورته‪-‬والمراد بالعورة ما بين الركبة والسرة‪-‬فإنه ُيؤمر بأن َيرَفع‬
‫من‬ ‫من حالة الجلوس ول ُيجِلسه لكن يكون قريبا ِ‬ ‫الميت إلى أن َيقرب ِ‬
‫ذلك‪ ،‬ويكون ذلك بيسر وسهولة‪ ،‬ثم بعد ذلك ُيؤمر بأن َيمسح على بطنه إن‬
‫لم تكن امرأةً حامل‪-‬أما إذا كانت المرأة حامل فل يؤمر بذلك‪ ،‬فإن لم تكن‬
‫من أجل أن َتخرج الفضلت التي يمكن أن‬ ‫امرأة حامل فإنه ُيؤمر بذلك‪ِ -‬‬
‫سل الموضع الذي تخرج منه النجاسة‪-‬وهو الموضع المعروف‪-‬‬ ‫تخرج‪ ،‬ثم ُيغ ّ‬

‫‪-1‬يبّين الشيخ في جوابه على السؤال ‪ِ 2‬من حلقة ليلة ‪ 12‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪6/11/2003‬م ( حكم غسل الميت بتلك‬
‫الكيفية هل هو على اليجاب أو على الندب والستحباب‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫دد بالحاجة التي تقتضيها النظافة‪،‬‬ ‫دد بمّرات‪ ،‬وإنما ُيح ّ‬ ‫بالماء ‪ ..‬طبعا هنا ل ُيح ّ‬
‫سل بأنه قد زالت النجاسة ولم يبق منها شيء فإنه‬ ‫مغ ّ‬‫فعندما يتأكد ذلك ال ُ‬
‫خرقة مثل‪،‬‬ ‫من أن يضع على يده شيئا ك ِ‬ ‫يترك تغسيل ذلك الموضع‪ ،‬ولبد ِ‬
‫شر عورة الميت بيده إل إذا كان ذلك الميت صغيرا‪ ،‬ومع‬ ‫لنه ليس له أن ُيبا ِ‬
‫ضئ ذلك‬ ‫ذلك الْولى أل ّ يباشر عورته ‪ ..‬بعد ذلك يقوم بالوضوء للميت ‪ُ ..‬يو ّ‬
‫من الماء في فيه ‪..‬‬ ‫خل شيئا ِ‬ ‫الميت كهيئة الوضوء المعروفة لكن‪-‬طبعا‪-‬ل ُيد ِ‬
‫مي الله ‪ ..‬إن قال‪ " :‬بسم الله " فذلك ل‬ ‫أّول ينوي تغسيل الميت وُيس ّ‬
‫من‬ ‫بأس وإن قال‪ " :‬بسم الله الرحمن الرحيم " فل بأس‪ ،‬وقد اختار كثير ِ‬
‫أهل العلم أن َيقتصر على قوله‪ " :‬بسم الله "‪-‬ولعّلنا نتكلم على ذلك‬
‫في موضع آخر بمشيئة الله تبارك وتعالى‪-‬ويقوم بغسل يدي الميت ثلث‬
‫سل على يديه شيئا فذلك أفضل وإن لم يضع شيئا‬ ‫مغ ّ‬‫مرات ‪ ..‬إن َوضع ال ُ‬
‫من أن يضع على يده شيئا كخرقة‬ ‫فل بأس‪ ،‬أما بالنسبة إلى العورة فلبد ِ‬
‫ضي الميت كالوضوء المعروف لكن ل يضع ماء في فيه وإنما‬ ‫ت ‪ُ ..‬يو ّ‬‫كما قل ُ‬
‫ظف أسنانه‪ ،‬وهكذا‬ ‫من الماء‪-‬مجرد بلل‪-‬وُيدّلك أسنانه ‪ُ ..‬ين ّ‬ ‫يأخذ بيديه شيئا ِ‬
‫من الماء‪ ،‬ثم يأتي بهيئة الوضوء‬ ‫بالنسبة إلى الستنشاق ل يأخذ شيئا ِ‬
‫من ذلك فإنه يقوم بغسل رأسه بماء وسدر ولكن ل‬ ‫المعروفة‪ ،‬فإذا انتهى ِ‬
‫ض الماء بالرغوة الموجودة في ذلك الماء ‪..‬‬ ‫خ ّ‬ ‫سدر وإنما ي َ ُ‬ ‫من ال ّ‬ ‫يأخذ شيئا ِ‬
‫سل أّول‬ ‫هذا فيما يتعلق برأسه ولحيته أي فيما يتعلق بموضع الشعر ‪َ ..‬يغ ِ‬
‫من الجانب اليمن كهيئة غسل الجنابة ‪..‬‬ ‫الشعر كله‪ ،‬ثم يبتدئ بغسل الميت ِ‬
‫من الجانب‬ ‫اليد اليمنى وما يليها إلى نهاية الجانب اليمن ‪ ..‬يغسل البطن ِ‬
‫من الجانب اليمن‪ ،‬ثم يغسل‬ ‫اليمن أيضا‪ ،‬ثم بعد ذلك يقوم بغسل الظهر ِ‬
‫من العنق‪ ،‬وهكذا بقية الجسد إلى‬ ‫الجانب اليسر ‪ ..‬اليد وما يليها‪-‬أيضا‪ِ -‬‬
‫من البطن‪ ،‬ثم بعد ذلك يغسل الجانب اليسر‬ ‫القدم‪ ،‬ويغسل الجانب اليسر ِ‬
‫من الظهر ‪ ..‬هذه هي الكيفية باختصار شديد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫من السرة إلى الركبة‪ ،‬لنه غسله في البداية ؟‬
‫س‪ :‬يتجاوز ِ‬
‫من تغسيل ما بين السرة إلى‬ ‫ج‪ :‬هو‪-‬في الحقيقة‪-‬لم أجد دليل بأنه أّول لبد ِ‬
‫من‬‫سل الفرجين‪ ،‬فإذا كان غسل ذلك الموضع ِ‬ ‫الركبة بكامله‪ ،‬وإنما أّول َيغ ِ‬
‫ل َفليس بحاجة إلى أن يعيد ذلك مرة ثانية‪ ،‬وإل فالصل أنني لم أجد دليل‬ ‫قب ُ‬
‫خره إلى عند الغسلة المعروفة‪-.‬‬
‫‪1‬‬
‫دم ذلك بل ُيؤ ّ‬ ‫يدل على أنه ُيق ّ‬
‫من ذلك‬ ‫وَيصنع‪-‬طبعا‪-‬هذا ثلث مرات أو خمس مرات أو سبع مرات أو أكثر ِ‬
‫إذا كانت هنالك حاجة‪ ،‬كما ثبت ذلك في الحديث عن النبي صلى الله‬
‫من‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وفي المرة الخيرة‪-‬طبعا‪-‬ل يكون هنالك شيء ِ‬
‫من الكافور؛ والله‪-‬تبارك‬
‫سدر بل يكون الماء العادي ويضع معه شيئا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫سدر والماء والكافور ؟‬
‫س‪ :‬إذن فهما غسلتان بالماء وال ّ‬

‫‪-1‬لعّله ُيمِكن أن ُتحذف‪ " :‬عند "‪.‬‬


‫‪80‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج‪ :‬هي ثلث مرات ‪ ..‬أّول كّلهن بال ّ‬


‫سدر ‪ ..‬ثلث أو خمس أو سبع أو حتى‬
‫أكثر‪ ،‬والفضل أن يكون وترا‪.‬‬
‫ت‪ ،‬لكن‬
‫س‪ :‬مشروعية الفاتحة في صلة الجنازة ‪ ..‬بعض الروايات هكذا ذكَر ْ‬
‫هناك‪-‬أيضا‪-‬ما ورد ُيثبت مشروعية قراءة سورة بعد الفاتحة‪ ،‬فهل هذا‬
‫صحيح ؟‬
‫دمنا ] ص ‪ ،[ 3‬وأما‬
‫ج‪ :‬أما الرواية بقراءة الفاتحة فهي صحيحة كما ق ّ‬
‫بالنسبة إلى زيادة السورة فقد جاءت عند بعضهم ولم تأت عند بقية‬
‫من النظر‪ ،‬فأخشى ما أخشاه‬ ‫مخّرجي هذا الحديث‪ ،‬فهي بحاجة إلى شيء ِ‬
‫أن تكون هذه الزيادة شاّذة و‪-‬على كل حال‪-‬هي بحاجة إلى البحث كما‬
‫ت؛ والله أعلم‪.‬‬‫قل ُ‬
‫س‪ :‬بعد الدفن‪ ،‬هل ُتشرع قراءة الفاتحة ؟ وإن كان ل ُيشرع‪ ،‬فما هو الثابت‬
‫في السّنة ؟‬
‫خر ذلك أو أن‬
‫ما أن تؤ ّ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا الجواب يحتاج إلى إطالة‪ ،‬فإ ّ‬
‫أجيب باختصار شديد ولعله ل يكفي في مثل هذه المسألة التي انتشر‬
‫الكلم فيها كثيرا؛ والله أعلم‪.‬‬
‫خره‪.1‬‬‫س‪ :‬ل ‪ ..‬إذن نؤ ّ‬
‫من الضروري أن ُيسّنم القبر أم ُيس ّ‬
‫طح ؟وما هي الحكمة في وضع‬ ‫س‪:‬هل ِ‬
‫حجرين للذكر وثلث حجرات للنثى ؟‬
‫ج‪ :‬أما بالنسبة إلى تسطيح القبر أو تسنيمه فالعلماء اختلفوا في الفضل؛‬
‫ن قبر النبي‬‫والفضل التسنيم‪ ،‬هذا هو الذي يظهر لي‪ ،‬وذلك لنه قد ثبت أ ّ‬
‫ن‬
‫من أنه كان بخلف ذلك فإ ّ‬ ‫مسّنما‪ ،‬أما ما جاء في رواية أخرى ِ‬ ‫‪ ‬كان ُ‬
‫من طريق مجهول وهو عمرو بن عثمان‪،‬‬ ‫هذه الراوية ضعيفة‪ ،‬لنها جاءت ِ‬
‫بينما الرواية الخرى صحيحة ثابتة‪ ،‬فرواية التسطيح ل َتثبت‪ ،‬فالْولى أن‬
‫مسّنما اللهم إل إذا كان‪-‬في ديار حرب ‪ ..‬أي‪ 2-‬في ديار الكفرة‬ ‫يكون ُ‬
‫ن‬
‫من أن يقوم الكفرة بنبش قبر ذلك المسلم الذي ُدفن هنالك فإ ّ‬ ‫وُيخشى ِ‬
‫وى لجل هذه المصلحة‪ ،‬وإل فإننا نأخذ بما فعله الصحابة لقبر‬ ‫القبر ُيس ّ‬
‫النبي ‪ ‬وهكذا الحال بالنسبة إلى قبري صاحبيه رضوان الله‪-‬تعالى‪-‬عليهما‪.‬‬

‫‪-1‬أجاب الشيخ عن هذه المسألة في جوابه على السؤال ‪ 12‬من حلقة ليلة ‪ 12‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪6/11/2003‬م ( حيث‬
‫ن ذلك ِمّما لم يثبت عن النبي ‪ ‬ول عن صحابته الكرام‪-‬‬ ‫قال هناك‪ " :‬وأما بالنسبة إلى ‪ ...‬قراءة القرآن على القبور فإ ّ‬
‫ص على ذلك المحّققون من أهل العلم‪.‬‬‫رضي ال تعالى تبارك وتعالى عنهم‪-‬كما ن ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وآله وسلم‪-‬‬ ‫وإنما جاءت في ذلك رواية من طريق ابن عمر‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنهما‪-‬فيها أ ّ‬
‫ن هذا الحديث ل يثبت عن‬ ‫أمر بالقراءة على رأس الميت بأن ُيقرأ بفاتحة الكتاب وُيقرأ بخاتمة ' البقرة ' عند رجليه‪ ،‬ولك ّ‬
‫النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لنه جاء من طريق راويين ضعيفين بل أحدهما ضعيف جدا‪ ،‬فهو حديث باطل ل‬
‫ُيلتفت إليه‪ ،‬وقد جاء موقوفا عن ابن عمر‪-‬رضي ال تعالى عنهما‪-‬ولكن فيه راويا مجهول‪ ،‬فالراويان الضعيفان في‬
‫الرواية المرفوعة هما يحيى الَباُبْلِتي وهو ضعيف ل ُيحتج بروايته‪ ،‬والراوي الثاني هو أيوب بن ُنَهْيك ول ُيحتج بروايته‬
‫بل هو أضعف من الول‪ ،‬والرواية الموقوفة مع أنها ل حجة فيها‪-‬لنها على تقدير ثبوتها هي مذهب صحابي‪-‬هي ل‬
‫تثبت عن ذلك الصحابي رضي ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنهما‪." .‬‬
‫ف‪-" :‬في ديار حرب ‪ ..‬أي‪."-‬‬ ‫صَد حذ َ‬
‫ظر مع الشيخ لعّله َق َ‬
‫‪ُ-2‬ين َ‬

‫‪81‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫أما بالنسبة إلى الحكمة في وضع حجرين على قبر الرجل وثلثة على قبر‬
‫من إثبات ذلك‬ ‫قش على حجر فلبد ِ‬ ‫من أراد أن َين ُ‬
‫النثى ففي الحقيقة َ‬
‫الحجر قبل النقش عليه‪ ،‬فإننا نحن ل نقول بثبوت هذا عن النبي ‪ ، ‬فل‬
‫توجد رواية ل صحيحة ول حسنة ول ضعيفة خفيفة الضعف تدل على‬
‫َ‬
‫مر بوضع حجر على‬ ‫ن النبي ‪ ‬قد أ َ‬ ‫مشروعية هذا المر‪ ،‬وإنما الذي جاء أ ّ‬
‫من أجل أن َيعرف النبي‬ ‫قبر أحد صحابته‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليهم‪ِ -‬‬
‫‪ ‬قبر ذلك الصحابي رضوان الله عليه‪ ،‬وهذه الرواية ل بأس بها على ما‬
‫يظهر لي‪.‬‬
‫من وجود رواية‬ ‫أما ما ذكره بعض أهل العلم‪-‬جزاهم الله تبارك وتعالى خيرا‪ِ -‬‬
‫مثِبتة‬‫ن هذه الرواية ُ‬ ‫من أ ّ‬‫أخرى تدل على وضع الحجرين وما ذكروه ِ‬
‫والرواية الخرى نافية‪-‬في الحقيقة ليست بنافية هي يمكن أن يقال ساكتة‪-‬‬
‫ن هذه‬ ‫دم الرواية المثِبتة ‪ ..‬نعم‪ ،‬لو ثبتت هذه الرواية فل كلم‪ ،‬ولك ّ‬ ‫فُتق ّ‬
‫لمة أبو نبهان‪-‬رحمه‬ ‫الرواية ل تثبت عن النبي ‪ ، ‬وقد بّين المام الع ّ‬
‫الله‪-‬بأنه لم يثبت في ذلك شيء‪ ،‬فل يثبت عن النبي ‪ ‬شيء أبدا في وضع‬
‫من صنيع‬ ‫حجرين ول ثلثة ل على قبر الرجل ول على قبر المرأة‪ ،‬وإنما هو ِ‬
‫من السنن‬ ‫ن ذلك ِ‬ ‫ن بعض أهل العلم أ ّ‬ ‫بعض الناس وانتشر وشاع وذاع فظ ّ‬
‫من المسائل؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫الثابتة وليس كذلك‪ ،‬وهذا قد وقع في كثير ِ‬
‫ي التوفيق‪.‬‬
‫وتعالى‪-‬ول ّ‬
‫س‪ :‬أنا أخشى فقط أل ّ َيفهم البعض الكلم على مراده‪ ،‬هل في وضعها‪-‬الن‪-‬‬
‫بأس ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ نحن نقول لم يثبت في ذلك عن النبي ‪ ‬شيء إل ما‬
‫من قضية الحجر الواحد وأيضا لمعنى آخر‪ ،‬أما بالنسبة إلى‬ ‫ذكرُته ] ص ‪ِ [ 9‬‬
‫وضع حجرين أو ثلثة والتفريق بين المرأة والرجل فذلك لم يثبت‪.‬‬
‫من الناس يفعلون ذلك فيمكن أن ننبه الناس بأسلوب لطيف‬ ‫ولكن كثيٌر ِ‬
‫ب بعض أهل‬ ‫من غير أن يكون هنالك أخذ ٌ ورد ّ وقيل وقال وأن يؤدي إلى س ّ‬ ‫ِ‬
‫من بعض العوام الجهلة الغمار الذين ل يفقهون‬ ‫العلم أو شتمهم كما يقع ِ‬
‫من شرع الله تبارك وتعالى‪ ،‬فالسكوت في بعض الحيان عن بعض‬ ‫شيئا ِ‬
‫ب‬‫من س ّ‬ ‫هذه المور التي ل تصل طبعا إلى درجة التحريم أو اليجاب أهون ِ‬
‫قدح فيهم وما شابه ذلك‪ ،‬فعندما يريد النسان أن ينبه على‬ ‫أهل العلم وال َ‬
‫شيء فليكن بأسلوب لئق ثم ل يلزم أن يكون في وقت الدفن‪ ،‬لنه قد‬
‫ن في ذلك َنقصا لميتهم أو ما شابه ذلك‪،‬‬‫يتدخل بعض أهل الميت ويظنون أ ّ‬
‫وللعوام حالت غريبة؛ والله‪-‬تبارك تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫دم الزمن ؟‬
‫س‪ :‬إذن ُتترك لوعي الناس ِبتق ّ‬
‫ن هذا لم يثبت عن النبي ‪ ، ‬لكن‪-‬طبعا‪-‬ل‬
‫ج‪ :‬نحن علينا أن ننبه ونخبرهم بأ ّ‬
‫يصل إلى درجة التحريم‪.‬‬
‫ن الله‪-‬‬
‫ن البعض يقول‪ :‬إ ّ‬
‫ولى لحاضر الدفن القيام أم الجلوس‪ ،‬ل ّ‬ ‫س‪ :‬هل ال ْ‬
‫ه ‪ ]  ...‬سورة التوبة‪ ،‬من الية‪:‬‬‫ر ِ‬ ‫عَلى َ‬
‫قب ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ول َ ت َ ُ‬
‫ق ْ‬ ‫تعالى‪-‬قال لنبيه‪َ ...  :‬‬
‫ن جلوس النبي ‪ ‬إنما كان‬ ‫ن الصل في أثناء الدفن القيام وأ ّ‬ ‫‪ [ 84‬قال‪ :‬إ ّ‬
‫‪82‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫لعارض لجل مخالفة اليهودي الذي مّر بهم حينئذ؛ فهل يستقيم هذا‬
‫الستدلل ؟ وماذا ترون ؟ ومتى َيبدأ هذا القعود ‪ ..‬هل عندما يوضع في‬
‫القبر أم قبل ذلك ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ المسألة فيها كلم طويل عريض لهل العلم‪ ،‬ولكن الية ل‬
‫يراد بها هذا القيام الذي يذكره هذا الخ السائل‪ ،‬للية معنى آخر ليس هذا‪،‬‬
‫ت ل يكفي لذلك‪.‬‬‫والوق ُ‬
‫وأما الجلوس بعد وضع الميت في الرض فهو ثابت عن النبي ‪. ‬‬
‫ولكن هل ُينهى عن الجلوس قبل وضع الميت في الرض ؟‬
‫‪-1‬فبعض العلماء يقول‪ :‬ذلك ل ينبغي‪.‬‬
‫سخ‪.‬‬
‫‪-2‬وبعض العلماء يقول‪ :‬الن ن ُ ِ‬
‫فالحاصل ل وجوب ول تحريم في القضية‪ ،‬ولكن هل الفضل الجلوس أو‬
‫الفضل القيام ؟ هذه المسألة فيها خلف؛ ول يمكننا أن نطيل في ذلك في‬
‫هذا الوقت؛ والعلم عند الله‪.‬‬
‫س‪ :‬ما قولكم في امرأة أطلقت على نفسها النار ببندقية وماتت إثر الطلقة‬
‫فورا والسبب يرجع بينها وبين أهلها في عدم رضاهم عن زواجها وكلما‬
‫دخلت منزل أهلها لرؤيتهم ل أحد يتحدث معها ول يردون عليها السلم إذا‬
‫سلمت عليهم ؟ وهل ُيصلى على الذي قتل نفسه ؟‬
‫ج‪ :‬إنه مهما كانت السباب ل يجوز للنسان أن يقوم بقتل نفسه‪ ،‬فمن قتل‬
‫نفسه متعمدا فهو خالد في نار جهنم‪ 1‬والعياذ بالله تبارك وتعالى‪ ،‬كما دلت‬
‫على ذلك النصوص الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم؛ فليس له أن يقتل نفسه ليّ سبب من السباب‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى ِفعل أولئك الهل الذي فعلوه مع ابنتهم لكونهم لم يرضوا‬
‫ي ليس له أن‬ ‫بزواجها فل شك بأنه مخالف لشرع الله تبارك وتعالى‪ ،‬فالول ّ‬
‫من أن تتزّوج بمن أرادت إن كان ذلك‬ ‫ي ومسؤول عنها ِ‬ ‫يمنع من هو ول ّ‬
‫الشخص لم يكن عاصيا لله تبارك وتعالى‪ ،‬أما إذا كان عاصيا لله‪-‬تبارك‬
‫ل ذلك الشخص تلك‬ ‫ض ّ‬
‫وتعالى‪-‬مرتكبا لكبائر من كبائر الذنوب وَيخشى أن ي ُ ِ‬
‫المرأة فهنا لبد أن يتدخل ويحاول أن ُيقنع تلك المرأة ومع ذلك‪-‬أيضا‪-‬ل‬
‫نقول‪ " :‬إنه له أن يمنعها من الزواج بذلك الشخص " إل في حالت نادرة‬
‫جدا وذلك يكون بسؤاله لهل العلم‪ ،‬أما أن يمنعها أن تتزوج بمن‬
‫أرادت ولو كان‪-‬طبعا‪-‬مرتكبا لشيء من معاصي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فهذا‬
‫مما ل يصح‪ ،‬فعلى هؤلء الهل أن يتوبوا إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬قبل فوات‬
‫‪-1‬لئل ُيفَهم كلم الشيخ على غير مراِده ننقل هذه الفتوى للشيخ أحمد بن حمد الخليلي‪:‬‬
‫" س ‪ :7‬عدم نطق المحتضر بالشهادتين‪ ،‬هل دليل على هلكه مثل ؟‬
‫ج‪ :‬الحكم بالهلك أمر عسير‪ ،‬فإنه ل يمكن أن يكون ذلك دليل على الحكم بهلكه ‪ ..‬ل يحكم على أحد بأنه هالك ما لم‬
‫وكل المر إلى ال‬‫يكن هنالك نص قطعي متواتر يدل على هلكه‪ ،‬وأّنى لنا بذلك في أحد من أهل زماننا ؟! إنما يُ َ‬
‫سبحانه‪ ،‬وال يعلم السرائر من عباده‪ ،‬بل قال العلماء بأنّ من مات وهو على معصية ظاهرة في حكم الظاهر‪-‬كأن يموت‬
‫ي حالة من هذه الحوال البعيدة عن الحق‪-‬ل يُحكم بهلكه قطعا ‪ ..‬ل يقطع أحد‬ ‫وكأس الخمر في فيه‪ ،‬أو يموت على أ ّ‬
‫أول ثم جن وأتى ما أتى وهو في حالة الجنون ‪ ..‬مادام هنالك احتمال ل يحكم‬ ‫ن ‪ ..‬تاب ّ‬‫جّ‬
‫بأّنه من أهل النار‪ ،‬إذ لعله ُ‬
‫بهلكه قطعا ‪ ..‬نعم هو في حكم الظاهر مات على عمل غير صالح ولكنّ السرائر إنما يعلمها ال تبارك وتعالى وحده‪" .‬‬
‫المصدر‪ :‬شريط " فتاوى في أحكام الجنائز " الجزء الول‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن الذي‬
‫الوان‪ ،‬فعسى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن يتجاوز عن سيئاتهم‪ ،‬وإل فإ ّ‬
‫فعلوه‪-‬والعياذ بالله تبارك وتعالى‪-‬ليس من المور الهّينة‪ ،‬بل هو من معاصي‬
‫الله تبارك وتعالى ‪ ..‬ما ذنب تلك المرأة إذا كانت ل تريد شخصا يريدون هم‬
‫ن السلم قد أح ّ‬
‫ل لها‬ ‫أن يزوجوها إياه وكانت ترغب في شخص آخر مع أ ّ‬
‫ذلك‪ ،‬كما نصت على ذلك النصوص الصريحة ؟! فعلى كل حال هذا هو الذي‬
‫ينبغي أن َينتبه له جميع الولياء‪ ،‬وهو أنه ليس لهم أن يتدخلوا في مثل هذه‬
‫المور ‪ ..‬نعم‪ ،‬ممكن أن يلجأوا إلى النصح والتوجيه والرشاد ثم يطلبوا بعد‬
‫جهوا من أرادت أن تتزوج من ل يصلح لها بسبب‬ ‫ذلك من أهل العلم أن ُيو ّ‬
‫معصية الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وما شابه ذلك‪ ،‬أما أن يمنعوها فليس لهم ذلك‪،‬‬
‫ومن فعل ذلك فل طاعة له ول كرامة‪ ،‬ول ينبغي أن ُيلتفت إليه؛ والله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬المستعان‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى الصلة على من قتل نفسه فإنه ل يصلي عليه أهل الصلح‬
‫ظر إليهم من أهل الفضل‪ ،‬وإنما يصلي عليه بعض العوام‪ ،‬حتى يكون‬ ‫ومن ُين َ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬امتنع‪-‬كما ثبت‬ ‫ذلك رادعا لمثله‪ ،‬فإ ّ‬
‫ذلك عنه في الحديث الصحيح‪-‬من الصلة على قاتل نفسه‪ ،‬وكذلك امتنع‬
‫ل في سبيل الله‪ ،‬وقد اختلف العلماء هل ذلك‬ ‫من الصلة على من غَ ّ‬
‫مقصور على هذين الصنفين أو أنه شامل لكل من ارتكب كبيرة من كبائر‬
‫ن‬‫الذنوب تساوي في بشاعتها هاتين المعصيتين أو تزيد عليهما ؟ ول شك أ ّ‬
‫القول بالقياس عليهما هو القول الصحيح‪ ،‬فمن وقع في مثل هذه المعاصي‬
‫الجرائم الكبيرة فإنه ل يصلي عليه أهل الفضل‪ ،‬وإنما يصلي عليه بعض‬
‫العوام؛ والله المستعان‪.‬‬
‫س‪ :‬بالنسبة للكفن الذي ك ُ ّ‬
‫فنت به ‪ ..‬جرى دم من مجرى الطلقة‪ ،‬فهل ُيصلى‬
‫عليها في هذه الحالة أم ُيغّير الكفن مرة أخرى ؟‬
‫ج‪ :‬لكن إذا غُّير الكفن قد يكون المر كذلك في المرة الثانية فيصلى عليها‬
‫قطن‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬‬ ‫لكن قبل كل شيء يحاولون بأن يضعوا شيئا من ال ُ‬
‫في الموضع الذي َيخرج منه الدم‪ ،‬فإن لم يمكن أن يقف ذلك الدم فل حول‬
‫ول قوة إل بالله ‪ ..‬يصلون عليها ول بأس‪ ،‬أما إذا أمكن إيقاف ذلك بوضع‬
‫شيء عليه فلبد من استعمال ذلك‪.‬‬
‫ن أهلها هم السبب‬
‫س‪ :‬هل يحق للزوج المطالبة بما دفعه مهرا لها ؟ علما بأ ّ‬
‫الرئيسي بإطلق النار على نفسها وموتها‪.‬‬
‫ن له شيئا من ذلك‪ ،‬لنها هي التي َقتلت نفسها ‪..‬‬
‫ج‪ :‬ما نستطيع أن نقول أ ّ‬
‫لم ُتجَبر على ذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يجب أن يكون غسل الميت كغسل الجنابة بحيث يقدم الرأس ثم‬
‫الميامن قبل المياسر وهكذا ؟‬
‫ج‪ :‬ل‪ ،‬ليس ذلك على اليجاب‪ ،‬وإنما على الندب والستحباب‪ ،‬فقد أمر‬
‫دم الميامن‪-‬كما ثبت ذلك في‬‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬بأن ُتق ّ‬
‫ت‪-‬فل ينبغي أن ُتخالف هذه الهيئة‬‫ن ذلك على الندب‪-‬كما قل ُ‬‫الصحيح‪-‬ولك ّ‬
‫الثابتة عن النبي ‪ ، ‬ولكن من خالف ذلك لعدم معرفته بذلك‪-‬مثل‪-‬أو لسهو‬
‫‪84‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مد النسان‬
‫وذهول أو ما شابه ذلك فل شيء عليه بمشيئة الله‪ ،‬أما أن يتع ّ‬
‫ن ذلك مما ل ينبغي‪.‬‬
‫أن ُيخاِلف السّنة الثابتة فإ ّ‬
‫سل أن يضع قفازين أو خرقة على يده طوال الغسل‬
‫مغ ّ‬
‫س‪ :‬هل ُيمكن لل ُ‬
‫وليس فقط عند غسل العورة فقط ؟‬
‫ت بالمس‪ 1‬بأنه يمكن له ذلك‪ ،‬أما عندما يقوم بتغسيل‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬أنا قل ُ‬
‫الفرجين فلبد من ذلك‪ ،‬أما بالنسبة إلى بقية أعضاء الجسم فإذا فعل ذلك‬
‫فذلك حسن‪ ،‬وإن كان ذلك ل يلزم‪.‬‬
‫س‪ :‬يعني القفازان‪-‬الن‪-‬تقومان مقام الخرقة ؟‬
‫ج‪ :‬الحاصل يضع شيئا على يده التي يباشر بها الغسل‪.‬‬
‫س‪ :‬البعض يضع قطنا في فرج الميت‪ ،‬فهل ورد في السّنة ما يشير إلى ذلك‬
‫؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ ورد في السّنة المر بتطييب الميت‪ ،‬أما أنه يوضع في‬
‫الموضع الفلني وفي الموضع الفلني أو ما شابه ذلك فتلك اجتهادات من‬
‫أهل العلم‪ ،‬وقد اختلف العلماء‪:‬‬
‫‪-1‬منهم من قال‪ُ :‬تطّيب الماكن التي َيسجد عليها النسان تكريما لتلك‬
‫الماكن‪ ،‬أما ما عدا ذلك فل يحتاج إلى تطييب‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم من يزيد على ذلك الفم والنف‪.‬‬
‫‪-3‬ومنهم من يزيد على ذلك الفرجين‪-4 .‬ومنهم يزيد على ذلك الدبر‪.2‬‬
‫وطبعا يضع ذلك‪-‬على رأي من يقول بذلك‪-‬بين الليتين ‪ ..‬يضعه في قطنة‬
‫ويضع تلك القطنة فوق ثوب ويربط ذلك الثوب الذي هو كالت ُّبان مثل‪.‬‬
‫ة إلى وضعه في‬ ‫رد فل أرى داعيا ول حاج ً‬‫ن ذلك لم ي َ ِ‬‫و‪-‬على كل حال‪-‬بما أ ّ‬
‫ن هذين الموضعين ينبغي للنسان أل ّ يباشرهما إل في حالة‬ ‫الفرجين‪ ،‬ل ّ‬
‫الضرورة ‪ ..‬أي في حالة التغسيل‪ ،‬ولكن مع ذلك لو َوضع فل ينبغي أن يضع‬
‫في الفرج بنفسه وإنما يضع بين الليتين وُيحاِول أل ّ يلمس قدر طاقته‪ ،‬ومع‬
‫ن ذلك من البدع‬ ‫ص بعض العلماء على أ ّ‬ ‫ذلك أرى أنه ل داعي لذلك‪ ،‬وقد ن ّ‬
‫التي ينبغي اجتنابها‪ ،‬وذلك حسن؛ والله أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬التكبيرات‪-‬طبعا‪-‬المعروفة هي أربع تكبيرات‪ ،‬لكن وردت أحاديث تزيد‬
‫على هذه التكبيرات خمس‪ ،‬كحديث زيد بن أرقم كّبر خمسا ونسب ذلك إلى‬
‫النبي ‪ ، ‬وإذا كان‪-‬أيضا‪-‬بعض الحاديث ثبتت ‪ ..‬تصل إلى سبع ‪ ..‬ثمان ‪..‬‬
‫ن آخر ما كّبر النبي ‪‬‬
‫تسع وهلم جرا‪ ،‬ماذا يقال بعد كل تكبيرة ؟ وهل يصح أ ّ‬
‫على صلة الجنازة أربع تكبيرات ‪ ..‬هل هذا الحديث‪-‬أيضا‪-‬صحيح ؟‬
‫ج‪ :‬وردت أحاديث متعددة عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪-‬في مشروعية التكبير على الميت‪ ،‬وقد اتفقت المة السلمية على‬
‫ذلك‪ ،‬وإنما وقع بينهم الخلف في الزيادة على أربع تكبيرات ‪ ..‬هل يزيد‬
‫ن تلك‬ ‫المصلي على ذلك في هذه الوقات ؟ فبعض العلماء ذهب إلى أ ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله‬‫الزيادة كانت في الماضي ثم ُنسخت بعد ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬في أواخر أمره كّبر بأربع تكبيرات؛ وذكروا بأنه قد‬
‫‪-1‬في الجواب على السؤال ‪.8‬‬
‫‪-2‬لو ُتزاد هنا كلمة " فقط " لليضاح‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن الخلف موجود؛ وقد‬ ‫استقر الجماع على ذلك؛ وليس المر كذلك‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫قال بمشروعية الزيادة طائفة كبيرة من أهل العلم‪ ،‬وهذا القول هو القول‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫وينبغي للنسان عندما يجد حكايات الجماع في كثير من المسائل أل ّ يتسّرع‬
‫بالحكم على الجماع بناء على ما ذكروه من حكاية الجماع‪ ،‬فإنني أجد في‬
‫مغِْني " وكه " البحر " وغيرهما‪-‬حكاية الجماع‬ ‫كثير من المصّنفات‪-‬كه " ال ُ‬
‫من القوال مع أنه قد اختلف العلماء في تلك المسائل على‬ ‫على كثير ِ‬
‫ت بعض العلماء قد حكى‬ ‫ت أنني رأي ُ‬
‫أقوال متعددة‪ ،‬ومن أعجب ما رأي ُ‬
‫الجماع على قول من القوال وحكى غيُره الجماع على عكس ذلك تماما‪.‬‬
‫فهذه الجماعات ل ينبغي أن نتسرع في حكايتها وفي الحكم بالتخطئة على‬
‫من خالفها‪ ،‬وهذه المسألة من ذلك القبيل‪ ،‬فل إجماع في هذه المسألة أبدا‪،‬‬
‫جّلة أهل العلم‪ ،‬فالخلف موجود‪ ،‬والصواب مع من‬ ‫وإن حكاه من حكاه من أ ِ‬
‫قال بمشروعية الزيادة على الربع إل أنه ينبغي أن يكون الغلب أن ُيكبر‬
‫النسان في صلته على الموات بأربع تكبيرات‪ ،‬وأما أن يزيد في بعض‬
‫الحيان فذلك مما ل مانع منه‪.‬‬
‫فإذا صلى بخمس تكبيرات‪-‬مثل‪-‬فقد ذهب غير واحد من أهل العلم إلى أنه‬
‫صص الميت‬ ‫يدعو بعد التكبيرة الثالثة بدعاء عام وبعد التكبيرة الرابعة ُيخ ّ‬
‫صا صريحا يدل عليه‬ ‫بالدعاء إن كان ذلك الميت صالحا‪ ،‬وهذا وإن لم نجد ن ّ‬
‫ولكنه ل بأس به‪.‬وهكذا إذا زاد على الخمس فل مانع‪ ،‬لما جاء من‬
‫ت والسبع والثمان؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫الروايات التي تدل على الزيادة‪ ،‬كالس ّ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬يبقى إذن ما بعد التكبيرات محصورا في الدعاء فقط ؟‬
‫ن هو ذلك المقصود من هذه الصلة‪ ،‬ولكن‬ ‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬محصور في الدعاء‪ ،‬ل ّ‬
‫ت بالمس‪ ،1‬لثبوت ذلك‬ ‫لبد من التيان بالفاتحة بعد التكبيرة الولى كما قل ُ‬
‫عن النبي ‪. ‬‬
‫رد في‬‫هذا وقد اختلف العلماء في مشروعية التوجيه‪-‬وإن كان هذا لم ي َ ِ‬
‫ن كثيرا من الناس يسألون عنه‪:-‬‬ ‫من ذكره‪ ،‬ل ّ‬ ‫السؤال ولكنه ل بأس ِ‬
‫‪-1‬فمن أهل العلم من قال بمشروعية التوجيه‪.‬‬
‫ن النسان مخّير في ذلك‪.‬‬ ‫‪-2‬ومنهم من قال‪ :‬إ ّ‬
‫رد عن النبي‪  -‬وعلى آله‬ ‫ن ذلك لم ي َ ِ‬‫‪-3‬ومنهم من قال بعدم مشروعيته‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‪-‬أيضا‪-‬هذه الصلة مبنية على التخفيف‪.‬‬ ‫وصحبه‪-‬ول ّ‬
‫وهذا القول‪-‬وهو قول من قال بعدم مشروعية التوجيه في صلة الميت‪-‬هو‬
‫الذي أراه؛ والعلم عند الله‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تغسيل الميت ُيراد به النظافة أم هو تعّبد محض ؟‬
‫ج‪ :‬ل نستطيع أن نقول‪ " :‬إنه من أجل النظافة فقط "‪ ،‬بل هو للمرين معا‬
‫فهو تعبد وفي ذلك‪-‬أيضا‪-‬حكمة ظاهرة وهي النظافة‪ ،‬وذلك يظهر من أمر‬

‫‪-1‬في الجواب على السؤال ‪.2‬‬


‫‪86‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫النبي ‪ ‬بتغسيل ابنته‪-‬رضي الله تعالى عنها‪-‬بثلث مرات أو بخمس أو‬


‫شَنان‬‫سدر‪ ،‬وبال َ ْ‬‫بسبع‪ ،‬فذلك واضح منه‪ ،‬ثم‪-‬أيضا‪-‬ذلك واضح من التغسيل بال ّ‬
‫ظفات العصرية في زماننا‬ ‫عند الحاجة‪ ،‬وُيستعمل في ذلك الصابون والمن ّ‬
‫سدر إن كانت هنالك حاجة تدعو إلى ذلك‪.‬‬ ‫هذا زيادة على ال ّ‬
‫حكم ويكون هنالك‪-‬أيضا‪-‬تعّبد ‪ ..‬تجتمع‪ ،‬فمثل‬ ‫وقد تكون هنالك ِ‬
‫الغتسال ليوم الجمعة ‪ ..‬هنالك حكمة‪-‬ذكرها غير واحد من أهل العلم‪-‬‬
‫وهي النظافة ولكن ليس‪-‬أيضا‪-‬هي المقصود الوحيد‪ ،‬بحيث إذا كان النسان‬
‫نظيفا ل يقال‪ " :‬إنه ل يغتسل "‪ ،‬فقد جاء عن بعض الصحابة‪-‬رضي الله‬
‫ن الناس كانوا في ذلك الزمان يعملون و‪-‬طبعا‪-‬لم تكن في‬ ‫تعالى عنهم‪-‬أ ّ‬
‫ذلك الزمان مكّيفات وما شابه ذلك فكان َيخرج العََرق منهم بكثرة فتخرج‬
‫من بعضهم روائح فأمرهم النبي ‪ ‬بالغتسال‪ ،‬ولكن ذلك مستمر بحيث إنه‬
‫لو اغتسل شخص بالليل في عصرنا هذا ولم َيخرج منه شيء من العرق‬
‫ول شيء من الروائح التي ُتكَره فإنه ل يقال‪ " :‬إنه ل يؤمر‬
‫ل‪ ،‬بل هو مأمور بذلك‪.‬‬ ‫بالغتسال " ‪ ..‬ك ّ‬
‫مل في الطواف؛ وبالنسبة‪-‬كذلك‪-‬إلى‬ ‫وهكذا بالنسبة إلى مشروعية الّر َ‬
‫مشروعية الضطباع في الطواف؛ فهنالك حكمة وهنالك مشروعية أيضا‪.‬‬
‫ن غسل الميت واجب كفائي‪ ،‬ولبد منه إذا كان الماء موجودا‬ ‫فمن المعلوم أ ّ‬
‫ويمكن استعماله من ناحية الذي يقوم بالتغسيل ومن ناحية الميت‪.‬‬
‫أما من ناحية الذي يقوم بتغسيل الميت إذا َوجد ماًء ُيمكنه أن يستعمله‪ ،‬أما‬
‫إذا وجد ماًء باردا جدا ول يمكنه أن يستعمله ويخشى على الميت من أن‬
‫َتخرج منه روائح ‪ ..‬يتعفن أو ما شابه ذلك إذا انتظر حتى يجد ماء صالحا‬
‫خن به ذلك الماء فها هنا ضرورة في ترك‬ ‫لذلك ولم يكن لديه شيء ُيس ّ‬
‫مم له أو ل ؟ سيأتي التنبيه عليه بمشيئة الله تبارك وتعالى‬ ‫الغسل‪ ،‬وهل َيتي ّ‬
‫وأما بالنسبة إلى الميت ‪ ..‬إن كان هذا الميت ل ُيمكن تغسيله لنه مات‬
‫بسبب حريق مثل‪ ،‬أو كان خنثى‪ ،‬أو كان امرأة ول توجد هنالك امرأة ول‬
‫يوجد أحد‪-‬أيضا‪-‬من محارمها‪-‬وهذا طبعا على رأي كثير من أهل العلم وهم‬
‫ن‬
‫ك بأ ّ‬ ‫سل المرأة الرجل أو الرجل المرأة‪ ،‬ول ش ّ‬ ‫الذين يمنعون من أن ُتغ ّ‬
‫هذا رأي قويّ ولسيما بالنسبة إلى تغسيل الرجل للمرأة إل إذا على رأي‬
‫من يقول إنه يصب عليها الماء صّبا‪-‬فها هنا ضرورة في ترك تغسيل الميت‪،‬‬
‫أما إذا أمكن فلبد منه ولو كان ذلك الميت قد اغتسل قبل وفاته مباشرة‪-‬‬
‫مثل‪-‬أو مات في بحر أو في نهر أو في فَل ٍَج أو ما شابه ذلك وليس به شيء‬
‫من الوساخ ‪ ..‬فهذا أمر لبد منه‪ ،‬ولكن‪-‬أيضا‪ُ-‬تراعى الناحية الخرى من‬
‫حيث عدد الغسلت أو ما شابه ذلك‪ ،‬كما جاء ذلك في الحديث عن النبي‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫ن العلماء قد اختلفوا فيه‪:‬‬
‫أما بالنسبة إلى التيمم للميت فقد قلنا ‪ :‬إ ّ‬
‫‪1‬‬

‫‪-1‬في الجواب على السؤال ‪ 3‬من حلقة ليلة ‪ 11‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪5/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مم عند عدم وجود الماء أو عند عدم القدرة على‬ ‫‪-1‬منهم من قال‪ :‬إنه ُيي ّ‬
‫استعماله ليّ سبب من السباب؛ وهذا رأي طائفة كبيرة جدا من أهل‬
‫العلم‪.‬‬
‫مم‪ ،‬لنه لم يثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى‬ ‫‪-2‬ومنهم من قال‪ :‬إنه ل ُيي ّ‬
‫آله سلم‪-‬ول يمكن أن يقاس على بقية الحداث التي ثبتت فيها مشروعية‬
‫ن القياس في مثل هذه المور مما ل يمكن أن يصار إليه‪.‬‬ ‫الغسل‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‬
‫ط أمر حسن‪ ،‬أما أن نقول‪ " :‬إ ّ‬ ‫من الخلف والحتيا َ‬ ‫ج ِ‬
‫ن الخرو َ‬
‫ول شك أ ّ‬
‫ذلك واجب متحّتم لوجود هذا القياس أو ما في معناه " فإنه مما ل يخفى‬
‫ن فيه من البعد ما فيه‪ ،‬فالحتياط مطلوب والقول بوجوب ذلك فيه ما‬ ‫أ ّ‬
‫فيه‪ ،‬وقد أوضح ذلك المام السالمي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬في‬
‫معارجه‪ ،‬فمن شاء ذلك فليرجع إليه‪1‬؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا توفيت المرأة وهي حامل وبداخلها جنين له حركة تدل على وجود‬
‫حياة فيه‪ ،‬فهل ُيخرج أم ُيدفن معها ؟‬
‫ج‪ :‬هذه المسألة قد اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬
‫شقّ بطن هذه المرأة وإخراج ذلك‬ ‫‪-1‬منهم من ذهب إلى أنه ل بأس من َ‬
‫الجنين منها‪.‬‬
‫‪-2‬بل ذلك أمر لبد منه على رأي بعضهم؛ وهو الصحيح عندي‪ ،‬فما دام الولد‬
‫دمة على مراعاة‬‫رفت حياته فلبد من إخراجه فمراعاة الحي مق ّ‬ ‫حّيا وعُ ِ‬
‫الميت وفي زماننا هذا سهل‪-‬والحمد لله تبارك وتعالى‪-‬لوجود المستشفيات‬
‫والوسائل الموجودة فيها‪.‬‬
‫‪-3‬ومن أهل العلم من ذهب إلى أنه ل يجوز إخراجه بل ُينتظر إلى أن يموت‬
‫وُتدفن بعد ذلك وإن دفنوه قبل التحقق من موته فإنه ل بأس بذلك؛ وهذا‬
‫جحه المام نور الدين‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬في معارجه‪.‬‬ ‫هو الذي ر ّ‬
‫ن الصحيح هو القول الذي ذكرُته ] ص ‪[ 6‬؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ولك ّ‬

‫‪-1‬قال الشيخ في جوابه على السؤال ‪ 3‬من حلقة ليلة ‪ 11‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪5/11/2003‬م (‪ " :‬ومنهم من ذهب إلى أنه‬
‫ل يُتيمّم له‪ ،‬ذلك أنه لم يثبت عن النبي ‪ ‬ما يدل على مشروعية التيمم‪ ،‬ومن المعلوم أنّ غسل الميت يُقصد به النظافة‬
‫وما دام كذلك فالتيمم ليس فيه شيء من النظافة اللهم إل إذا كان ذلك التيمم الذي يراد به البدل من الوضوء‪ ،‬أما التيمم‬
‫الذي يراد به البدل من الغسل فل دليل عليه‪ ،‬هذا الذي يظهر لي‪.‬‬
‫إن الشيخ‪-‬رحمه ال‬ ‫وقد خرّج المام السالمي‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬في معارجه ذلك على ما ذكرتُه هنا ‪ ..‬ل أقول‪ّ ' :‬‬
‫سوغه بعد أن‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬ذهب إلى ذلك ' لنه لم يتعرض‪-‬حسب حافظتي‪-‬إلى الترجيح في هذه القضية‪ ،‬ولكنه ّ‬
‫سوغه المام السالمي‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬ورأى أنّ له وجها‬ ‫ذكر المام الكدمي‪-‬رحمه ال‪-‬بأنه ل يوجد في المذهب ‪ّ ..‬‬
‫من الحق؛ وهو كذلك‪.‬‬
‫ن الوضوء مشروع في غسل الميت‪ ،‬وإن كان الوضوء في غسل‬ ‫فإن تيمموا بقصد أن يكون ذلك عوضا عن الوضوء‪-‬ل ّ‬
‫الموات طبعا ل يجب‪ ،‬وإنما هو سّنة‪-‬فذلك ل بأس به‪ ،‬وإن أخذوا برأي من يقول بالتيمم وتيمموا به بإرادة التيمم الذي‬
‫يراد به أن يكون عوضا عن الغسل فأيضا ل بأس بذلك بمشيئة ال تبارك وتعالى‪ ،‬وإن أمكن أن يصّبوا عليه الماء‪-‬فقد‬
‫قال بعض العلماء أنهم يصبون عليه الماء‪-‬صّبا‪-‬طبعا‪-‬إذا كان يصل إلى جسده ثم بعد ذلك تزال تلك الثياب فهذا ل شك‬
‫أنه ُيقّدم على التيمم‪." .‬‬
‫‪88‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جح ذلك‪-‬أيضا‪-‬لعدم وجود هذه الوسائل في هذا العصر‪ 1‬وإن‬ ‫ل الشيخ ر ّ‬‫ولع ّ‬
‫ت ل أقوى على أن أنسب إليه أنه سيجيز ذلك لو كانت هذه الوسائل‬ ‫كن ُ‬
‫ن كلمه قد ل يساعد على ذلك‪.‬‬ ‫موجودة‪ ،‬ل ّ‬
‫ومهما كان فالشيخ المام‪-‬رحمه الله‪-‬من كبار أهل العلم ولكنه‪-‬رحمه الله‬
‫تبارك وتعالى‪-‬عّلمنا أنه إذا ُوجد الدليل فإنه يصار إلى الدليل‪ ،‬ول ُيؤخذ برأي‬
‫من دون دليل ولو كان قائله من كبار أهل العلم‪ ،‬فرحمه الله وجزاه الله‪-‬‬
‫تعالى‪-‬خيرا‪.‬‬
‫فن‬ ‫ققت‪ ،‬فعندما ُيك ّ‬‫ي طريقة تح ّ‬
‫س‪ :‬هل كفن الميت له هيئة مخصوصة ‪ ..‬بأ ّ‬
‫الميت بمثل ما يلبس في حياته من إزار و " دشداشة " و " مصر " ونحوها ؟‬
‫فن المرأة بما تلبس من ملبس حياتها أيضا ؟‬‫وهل يمكن أن ُتك ّ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ يمكن أن ننظر إلى هذه المسألة من ناحيتين ‪ ..‬من ناحية‬
‫اليجاب ومن ناحية الفضل‪:‬‬
‫فن النسان بشيء يستره‪.‬‬ ‫* أما من حيث اليجاب فُيك ّ‬
‫ن الفضل‬ ‫* وأما من حيث الفضل فالعلماء قد اختلفوا في ذلك؛ والظاهر أ ّ‬
‫فن في ثلثة من الثياب تكون على هيئة لفافات تّتسع للميت بطوله‬ ‫أن ُيك ّ‬
‫من جهة الرأس إلى الرجلين بل تكون هنالك بقية من ناحية الرأس ومن‬
‫ف عليه ثم‬ ‫فن أّول في ثوب ُيل ّ‬
‫ناحية الرجلين ومن ناحية الرأس أطول‪ ،‬فُيك ّ‬
‫ف الثاني على ذلك الول ثم الثالث‪ ،‬ول ينبغي أن يزاد على ثلثة‪.‬‬ ‫ُيل ّ‬
‫أما الحديث الذي فيه مشروعية الزيادة على الثلثة عند تكفين المرأة فهو‬
‫حديث ضعيف ل يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وإنما‬
‫فن في ثلثة أثواب ‪ ..‬هذا الذي نعتمده ونذهب إليه‬ ‫ن النبي ‪ ‬ك ُ ّ‬
‫الثابت أ ّ‬
‫ونرى أنه الصواب؛ والله أعلم‪.‬‬
‫م ‪ ...‬؟‬
‫س‪ :‬إذن ما تعارف عليه الناس من " دشداشة " وإزار وك ّ‬
‫فن في مثل هذه الشياء؛‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا رأي لبعض أهل العلم أنه ُيك ّ‬
‫ولكن ذلك هو القرب إلى الصواب‪.‬‬
‫س‪ :‬يعني المقصود الستر فقط ؟‬
‫ج‪ :‬هو الصل هذا‪ ،‬لكن الفضل أن يكون في ثلثة أثواب على الهيئة التي‬
‫ذكرُتها‪.‬‬
‫س‪ :‬بالنسبة للحنوط هل هو ثابت في السنة ؟‬
‫ج‪ :‬ذلك ثابت عن النبي ‪ .. ‬مأمور به ‪ ..‬في الثياب وفي المواضع التي‬
‫ذكرُتها سابقا ] ص ‪ .. [ 4-3‬في مواضع السجود‪ ،‬وعلى خلف في بقية‬
‫ن الحكمة من‬ ‫المواضع الخرى ‪ ..‬يوضع له في الفم وفي النف‪ ،‬وقيل‪ " :‬إ ّ‬
‫ت‪-‬بعض العلماء يقول‪ " :‬في‬ ‫ذلك من أجل طرد الهوام "‪ ،‬وكذلك‪-‬كما قل ُ‬
‫القبل والدبر "؛ وبعضهم يقول‪ " :‬في الدبر‪" 2‬؛ ول يعجبني ذلك بالنسبة إلى‬
‫ص على أنه بدعة من البدع‪.‬‬
‫الفرجين‪ ،‬بل بعض العلماء ن ّ‬
‫س‪ :‬إذا توفي عدد من الشخاص وفيهم رجال ونساء ‪ ..‬في حال الصلة‬
‫عليهم‪ ،‬كيف يكون ترتيبهم ؟‬
‫صَد أن يقول‪ " :‬لعدم وجود هذه الوسائل الموجودة‪-‬في هذا العصر‪-‬في عصره "‪.‬‬
‫ل الشيخ َق َ‬
‫‪-1‬لع ّ‬
‫‪-2‬لو ُتزاد هنا كلمة " فقط " لليضاح‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫دم أّول الرجال ثم بعد ذلك الطفال ثم بعد ذلك النساء‪ ،‬ولكن اختلفوا‬ ‫ج‪ُ :‬يق ّ‬
‫في المراد بهذا التقديم ‪ ..‬هل هو من جهة القبلة أي يوضع الرجال إلى جهة‬
‫القبلة ثم بعد ذلك الطفال ثم النساء وهكذا بحيث يكون الرجال أقرب إلى‬
‫القبلة والنساء أقرب إلى المام‪ ،‬أو العكس وهو أنه يراد بالتقديم من جهة‬
‫ن الرجال يكونون أقرب إلى المام وبعد ذلك الطفال ثم‬ ‫المام وهو أ ّ‬
‫ن‬
‫النساء وهكذا ؟ في هذا خلف بين أهل العلم؛ والذي ُيؤّيده الحديث أ ّ‬
‫الرجال يكونون أقرب إلى جهة المام‪ ،‬فأّول يكون الرجال إلى جهة المام‬
‫ثم بعدهم الطفال ثم النساء الكبار وبعد ذلك الصغار‪.‬‬
‫س‪ :‬المام أين يقف عندما يصلي على الرجل ‪ ..‬عند رأسه ‪ ..‬عند صدره ؟‬
‫ج‪ :‬في هذه المسألة خلف بين أهل العلم؛ والذي ُيؤّيده الدليل هو قول من‬
‫ن المام يقف عند رأس الرجل وعند وسط المرأة " ‪ ..‬هذا هو‬ ‫قال‪ " :‬إ ّ‬
‫الذي يدل عليه الحديث الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫ن الحكمة من ذلك هو أن يستر المام‬ ‫وسلم؛ وذكر بعض أهل العلم أ ّ‬
‫عجيزة المرأة عن الرجال؛ ومهما كان سواء كانت هذه هي الحكمة التي‬
‫راعاها الشاِرع أو لم تكن هي فإنه ينبغي لنا أن نأخذ بالحديث الثابت عن‬
‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أدركنا الحكمة أو لم ندرك الحكمة‬
‫من ذلك؛ والله أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬هل يجوز أن يقف النسان على قبر الميت فيقرأ عليه القرآن ؟ وأ ٌ‬
‫خ‬
‫يقول‪ :‬سمع أنكم أجزتم قراءة القرآن وإهداءه للميت‪.‬‬
‫ت ذلك؛ وينبغي التثبت‪ ،‬وأنا أشكر الخ السائل‪-‬جزاه‬ ‫ج‪ :‬في الحقيقة ما قل ُ‬
‫ت قول‬ ‫الله خيرا‪-‬على طرح سؤاله هذا وعلى تثبته من هذا المر؛ فأنا ذكر ُ‬
‫ن بعض أهل العلم حكى‬ ‫ت في جواب سابق‪ :1‬إ ّ‬‫لبعض أهل العلم‪ ،‬بل قل ُ‬
‫ن بعض‬‫ت أيضا‪ :‬إ ّ‬
‫ن ثواب إهداء القراءة يصل إلى الميت‪ ،‬وقل ُ‬ ‫التفاق على أ ّ‬
‫أهل العلم يرون خلف ذلك‪.‬‬

‫‪-1‬كان ذلك في جواب الشيخ على السؤال ‪ِ 10‬من حلقة ليلة ‪ 8‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪2/11/2003‬م (‪ ،‬وهذا هو ن ّ‬
‫ص‬
‫السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك‪:‬‬
‫سم كان إخوُة أبيه‪-‬أو‬
‫ن المال لم ُيق ّ‬
‫" س ‪ :10‬توفي والده وأوصى بقراءة ختمتين في كل رمضان من ماله‪ ،‬ول ّ‬
‫جرون على قراءة هاتين الختمتين‪ ،‬والن لما آل المر إليه يقرأ بنفسه عن أبيه بدون أن يأخذ شيئا من‬ ‫أعماُمه‪ُ-‬يؤ ّ‬
‫المال‪ ،‬ما حكم ذلك المال الذي كان ُيؤخذ من مال الميراث لتأجير هذه القراءة ؟ وهو الن إذا قرأ عن أبيه‪ ،‬هل يصل‬
‫الجر إليه ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ بعض العلماء حكى التفاق على صحة القراءة عن الميت إذا كانت‪-‬طبعا‪-‬في مسجد أو في مكان آخر‬
‫ن الوقت ل يكفي للطالة كما ترى‪.‬‬ ‫في غير المقابر‪ ،‬ول اتفاق في ذلك‪ ،‬لوجود الخلف المشهور‪ ،‬ولك ّ‬
‫وأما بالنسبة إلى أخذ الجرة إذا كانت من الثلث ‪ ..‬إذا كانت هي وغيرها من وصاياه من الثلث ‪ ..‬طبعا من الوصايا التي‬
‫تخرج عن َدْين ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وعن َدْين العباد وعّما يتعلق بحقوق الميت قبل الدفن فإنه ل مانع من ذلك على هذا‬
‫الرأي‪." .‬‬
‫‪90‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ت سابقا إنه ينبغي للنسان أن يتأمل في حكايات الجماع‪ ،‬ففي‬ ‫و‪-‬كما قل ُ‬


‫مة ‪ ..‬يحكي‬ ‫َ‬
‫خطوم لها ول أزِ ّ‬ ‫كثير من الحيان نجد هذه الجماعات التي ل ُ‬
‫فلن الجماع وينبهر بعض الناس بهذه الحكاية لنهم وجدوا في كتب الصول‬
‫جة من حجج الشرع‪،‬‬ ‫ن الجماع ح ّ‬ ‫أنه ل يجوز لحد أن يخالف الجماع وأ ّ‬
‫ن ذلك إذا ثبت ذلك‬ ‫ونحن الن ل نريد أن نتكلم في قضية مخالفة الجماع ل ّ‬
‫الجماع‪ ،‬وإنما نتكلم في قضية إثبات مثل هذه الجماعات‪.‬‬
‫فهذا الجماع‪-‬مثل‪-‬لم يثبت عن أهل العلم أبدا‪ ،‬بل الخلف مشهور عندهم‬
‫منذ زمن طويل جدا جدا‪ ،‬فل إجماع في هذه القضية البّتة‪.‬‬
‫فالعلماء اختلفوا في وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت؛ منهم من ذهب‬
‫فذ وصيته‪ ،‬لنها مخاِلفة‬ ‫ن ذلك ل يصل إليه‪ ،‬ومن أوصى بذلك ل ُتن ّ‬ ‫إلى أ ّ‬
‫من عمل عمل ليس عليه أمرنا‬ ‫لشرع الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وفي الحديث‪َ ) :‬‬
‫فهو رد ( أي مردود على صاحبه ل ُيقبل منه؛ ومنهم من ذهب إلى أنه إذا‬
‫ن وصيته‬ ‫أوصى بأن ُيقرأ عليه في المسجد أو في البيت أو ما شابه ذلك فإ ّ‬
‫فذ؛ ومنهم من‬ ‫ن وصيته ل ُتن ّ‬ ‫فذ أما إذا أوصى بأن ُيقرأ عليه على قبره فإ ّ‬ ‫ُتن ّ‬
‫فذ عند القبر وإنما في موضع آخر‪.‬‬ ‫فذ ولكنها ل ُتن ّ‬ ‫يقول‪ :‬إنها ُتن ّ‬
‫ن القراءة على القبور من البدع المخاِلفة لهدي النبي صلى الله‬ ‫ول شك أ ّ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫من أوصى بأن ُيقرأ عليه في المسجد أو في البيت إذا ُنفذت‪-‬‬ ‫ن َ‬ ‫ت‪ :1‬إ ّ‬ ‫وأنا قل ُ‬
‫ن ذلك الموصي قد أخذ بقول من أقوال‬ ‫بناء على رأي بعض أهل العلم‪-‬ل ّ‬
‫ن القراءة‬ ‫ن الظاهر أ ّ‬ ‫أهل العلم فله وجه على رأي بعض أهل العلم وإل فإ ّ‬
‫ل تصل إلى ذلك‪ ،‬فمن لم ُينفذ مثل هذه الوصية ل بأس عليه‪ ،‬كما هو رأي‬
‫طائفة كبيرة من أهل العلم‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إلى السؤال الثاني‪-‬وهو الول في الترتيب‪-‬وهو عن قراءة‬
‫ن ذلك مما لم يثبت عن النبي ‪ ‬ول عن صحابته‬ ‫القرآن على القبور فإ ّ‬
‫ققون من‬ ‫ص على ذلك المح ّ‬ ‫الكرام‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنهم‪-‬كما ن ّ‬
‫أهل العلم‪.‬‬
‫وإنما جاءت في ذلك رواية من طريق ابن عمر‪-‬رضي الله تبارك وتعالى‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وآله وسلم‪-‬أمر بالقراءة على رأس‬ ‫عنهما‪-‬فيها أ ّ‬
‫ن‬
‫الميت بأن ُيقرأ بفاتحة الكتاب وُيقرأ بخاتمة " البقرة " عند رجليه‪ ،‬ولك ّ‬
‫هذا الحديث ل يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لنه جاء من‬
‫طريق راويين ضعيفين بل أحدهما ضعيف جدا‪ ،‬فهو حديث باطل ل ُيلتفت‬
‫إليه‪ ،‬وقد جاء موقوفا عن ابن عمر‪-‬رضي الله تعالى عنهما‪-‬ولكن فيه راويا‬
‫مجهول‪ ،‬فالراويان الضعيفان في الرواية المرفوعة هما يحيى الَباب ُل ِْتي وهو‬
‫ضعيف ل ُيحتج بروايته‪ ،‬والراوي الثاني هو أيوب بن ن ُهَْيك ول ُيحتج بروايته‬
‫بل هو أضعف من الول‪ ،‬والرواية الموقوفة مع أنها ل حجة فيها‪-‬لنها على‬

‫ص السؤال مع جواب‬
‫‪-1‬في الجواب على السؤال ‪ِ 10‬من حلقة ليلة ‪ 8‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪2/11/2003‬م (‪ ،‬وقد ُنقل ن ّ‬
‫الشيخ عليه في التعليق الموجود بحاشية الصفحة السالفة‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫تقدير ثبوتها هي مذهب صحابي‪-‬هي ل تثبت عن ذلك الصحابي رضي الله‪-‬‬


‫تبارك وتعالى‪-‬عنهما‪.‬‬
‫ن تلك‬‫وجاءت‪-‬أيضا‪-‬رواية أخرى في قراءة سورة " يس " على الميت‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن في إسنادها راويا متروكا‪ ،‬وفي إسنادها‪-‬‬ ‫الرواية ليست مما ُيفرح به‪ ،‬ل ّ‬
‫أيضا‪-‬راويان مجهولن فل ُيؤخذ بها ول كرامة‪.‬‬
‫وهنالك كثير من الناس يسألون عن قراءة " يس " على الموات ‪ ..‬أي قبل‬
‫ن الميت قريب من الموت في حالة الحتضار ‪..‬‬ ‫الموت ‪ ..‬عندما يرون أ ّ‬
‫بعض العلماء يقول بمشروعية قراءة " يس " عليه؛ وفي الحقيقة ورد‬
‫ن‬
‫حديث ُيروى عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬يدل على ذلك ولك ّ‬
‫هذا الحديث في إسناده مجهولن وقد أعّله بعض أهل العلم بالضطراب‬
‫ل بالضطراب والوقف‬ ‫والوقف‪ ،‬فحديث في إسناده موقوفان‪ 1‬ومع ذلك مع ّ‬
‫كيف يمكن أن ُيعتمد عليه ؟! وله طريق أخرى ولكنها ليست مما ُيفرح به‪،‬‬
‫ذابا أو‪ 2‬متهما بالكذب‪ ،‬فل ينبغي أن ُيؤتى بذلك‪ ،‬وما‬ ‫ن في إسنادها ك ّ‬
‫ل ّ‬
‫ذكروه من الحكمة ل ينبغي أن ُيلتفت إليه ما دام هذا الحديث ل يثبت عن‬
‫النبي ‪. ‬‬
‫فإذن القراءة لم تثبت على الموات‪:‬‬
‫إل سلما ودعا وأدبرا‬ ‫فالمصطفى‪ 3‬قد زارها وما قرا‬
‫إلى أن قال رحمه الله‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫وإن يقولوا خالف الثارا‬ ‫حسبك أن تتبع المختارا‬
‫فحسبنا ذلك؛ والله المستعان‪.‬‬
‫س‪ :‬زيارة الناث‪-‬بالذات‪-‬للقبور ؟‬
‫منع منها في السابق ثم ُنسخ بعد‬
‫ج‪ :‬أما زيارة الرجال فل مانع منها‪ ،‬وإنما ُ‬
‫ذلك‪ ،‬فإذا كانت من أجل التعاظ والعتبار فل مانع من ذلك بل هي نافعة‬
‫قساة القلوب في كثير من الحيان‪.‬‬ ‫ل ُ‬
‫وأما بالنسبة إلى زيارة النساء فإن كانت مصادفة من غير قصد بأن مّرت‬
‫المرأة على المقابر فإنها ُتسّلم وتدعو بدعاء مختصر‪ ،‬كما ثبت ذلك عن‬
‫النبي ‪ ، ‬أما أن تذهب قاصدة إلى المقابر فهذا مما اختلف فيه أهل‬
‫العلم‪:‬‬
‫‪-1‬منهم من ذهب إلى مشروعية ذلك‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم من ذهب إلى عدم المشروعية‪.‬‬
‫والمشروعية مشروطة بأل ّ ُتكِثر من ذلك وأل ّ يقع منها شيء من الصراخ‬
‫والعويل وما شابه ذلك‪.‬‬

‫صَد أن يقول‪ " :‬مجهولن " بدل ِمن قوله‪ " :‬موقوفان "‪.‬‬ ‫ن الشيخ َق َ‬‫‪-1‬الظاهر أ ّ‬
‫صَد حذف‪ " :‬كّذابا أو "‪.‬‬
‫ظر مع الشيخ لعّله َق َ‬‫‪ُ-2‬ين َ‬
‫‪-3‬ورد في الطبعة التي بأيدينا‪ " :‬والمصطفى " بدل ِمن " فالمصطفى "‪.‬‬
‫‪-4‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب المانة‪ ،‬باب الوقف‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ي‪ ،‬لوجود بعض الحاديث‬ ‫والقول بجواز ذلك مع الحتراز مما ذكرُته قول قو ّ‬
‫المروية عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬التي تدل على ذلك؛‬
‫ن الوقت ل يتسع لذكر شيء منها؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫وأرى أ ّ‬
‫نعم‪ ،‬مع وجود هذا الخلف الشديد وعدم صراحة بعض تلك الحاديث إذا‬
‫احتاطت المرأة وتركت الذهاب إلى المقابر واكتفت بالدعاء لهل الصلح‬
‫في بيتها والمواضع التي تكون فيها وإذا مرت من غير قصد لذلك سّلمت‬
‫ودعت بدعاء مختصر فذلك فيه خير وفيه خروج من الخلف وفيه احتياط‬
‫وذلك مطلوب ‪ ) ..‬دع ما َيريُبك إلى ما ل َيريُبك (؛ والله المستعان‪.‬‬
‫س‪ :‬هل زيارة قبر بعينه من بين المقبرة مشروع أم يشرع فقط زيارة‬
‫المقبرة بشكل عام وُيطَلق سلم عام على أهل المقبرة ؟‬
‫ت‪-‬الزيارة تكون للتعاظ والعتبار ولكن أن يزور‬ ‫ج‪ :‬هو الصل‪-‬كما قل ُ‬
‫النسان بعض القبور إذا كانت قريبة من غير شد ّ الّرحل إليها بأن يزور قبور‬
‫شهداء أحد مثل ‪ ..‬الرسول ‪ ‬ذهب لزيارتهم‪ ،‬والعلماء والمسلمون يذهبون‬
‫إلى ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى قبور الصحابة التي في البقيع‪ ،‬وهكذا بالنسبة‬
‫إلى قبور بعض أهل الصلح وأهل العلم وما شابه ذلك فذلك مما ل مانع‬
‫منه؛ والله أعلم‪.‬‬
‫من أنه أمر أهله أن ُيل ّ‬
‫قنوه وأسند ذلك إلى‬ ‫س‪ :‬أ ٌ‬
‫خ ذكر حديث أبي أمامة ِ‬
‫النبي ‪ .. ‬ما حكم تلقين الميت بعد الدفن ؟‬
‫ن هذا الحديث المروي عن رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫وصحبه وسلم‪-‬ل يثبت عنه‪ ،‬إذ إنه قد جاء من طرق ضعيفة جدا ل تقوم بها‬
‫ن التلقين مما ل ينبغي‪ ،‬بل ينبغي أن ُينهى عنه‪ ،‬لعدم‬ ‫الحجة‪ ،‬ولذلك نقول‪ :‬إ ّ‬
‫ثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫دع الذي لم يثبت عن النبي‪-‬صلى الله‬ ‫هذا‪ ،‬والمراد بهذا التلقين المن َ‬
‫كر المبت َ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬هو التلقين الذي يكون بعد دفن الميت‪ ،‬أما التلقين‬
‫قن النسان عند ُقرب وفاته بأن يشهد أل ّ إله إل‬ ‫خر المشهور وهو أن ُيل ّ‬ ‫ال َ‬
‫الله فهو ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فينبغي للنسان‬
‫قنه الشهادة ‪ ..‬بأن َيشهد أل ّ إله‬ ‫إذا حضر شخصا يوشك على الموت بأن ُيل ّ‬
‫ه تبارك وتعالى‪ ،‬كأن‬ ‫سه الل َ‬
‫إل الله إذا أمكن‪ ،‬بأن َيذكر ذلك النسان نف ُ‬
‫ضر فذلك هو‬ ‫محت َ‬‫يقول‪ " :‬أشهد أل ّ إله إل الله " حتى َينتبه ذلك الشخص ال ُ‬
‫من استعمال‬ ‫المطلوب‪ ،‬وإن لم ينتبه فيمكن أن يأمره بذلك ولكن لبد ِ‬
‫أسلوب لطيف حتى ل يتأثر ذلك النسان‪ ،‬فلبد من أن يأتي له بمقدمة‬
‫دة كلمات ‪ ..‬هذا إذا كان ذلك الشخص مسلما‪ ،‬أما إذا كان‬ ‫بسيطة ولو بع ّ‬
‫ن محمدا‬ ‫ذلك الشخص كافرا فإنه ُيؤمر بأن ينطق بشهادة أل ّ إله إل الله وأ ّ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النبي‪-‬‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬عندما أتى إلى عمه أبي طالب فأمره بأن‬
‫ن أبا طالب امتنع عن ذلك‪ ،‬وما جاء من الروايات‬ ‫يشهد أل ّ إله إل الله‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن ذلك ل يصح‪ ،‬والثابت الصحيح بأنه لم‬ ‫بأنه دخل في السلم قبل وفاته فإ ّ‬
‫يدخل في السلم؛ وكذلك عندما ذهب النبي ‪ ‬لعيادة يهودي في المدينة‬
‫‪93‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن محمدا رسول الله‪ ،‬فالتلفت ذلك الغلم‬ ‫أمره بأن يشهد أل ّ إله إل الله وأ ّ‬
‫إلى أبيه‪ ،‬فقال له أبوه اليهودي‪ " :‬أطع أبا القاسم " فدخل ذلك البن في‬
‫ت‪-‬ينبغي‬ ‫السلم والحمد لله تبارك وتعالى؛ أما بالنسبة إلى المؤمن‪-‬فكما قل ُ‬
‫ن بعض الناس قد يضيق بذلك وقد يمتنع من الشهادة‪-‬‬ ‫أن ُيتلطف له‪ ،‬ل ّ‬
‫والعياذ بالله تبارك وتعالى‪-‬إلى غير ذلك‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ولم أجد في الروايات المروية عن النبي ‪ ‬بأن يشهد أل ّ إله إل الله‬
‫ن محمدا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وإنما فيها أن يشهد‬ ‫وأ ّ‬
‫ل وإنما من‬ ‫أل ّ إله إل الله‪ ،‬وذلك هو في الحقيقة قد دخل في السلم من قب ُ‬
‫أجل أن َيختم حياته بهذه الشهادة؛ نسأل الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن يميتنا على‬
‫السلم‪ ،‬وأن يوفقنا لكل خير‪ ،‬وأن يأخذ بأيدينا جميعا لما يحبه‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬ويرضاه‪.‬‬
‫ن بعض أهل العلم قد أخذوا من الحديث الذي جاء‬ ‫هذا‪ ،‬وللسف الشديد أ ّ‬
‫من طريق أبي أمامة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنه‪-‬والذي فيه ِذكر " فلن‬
‫ن النسان إذا ذهب إلى الحج وأراد أن يلّبي فإنه يقول‪ " :‬لبيك‬ ‫بن فلنة " أ ّ‬
‫عن فلن بن فلنة "‪ ،‬وقد جاءت‪-‬أيضا‪-‬رواية أخرى تدل على ذلك ولكنها‬
‫باطلة عاطلة؛ والحق الحقيق بالقبول أنه يقول‪ " :‬بن فلن " ل أن يقول‪" :‬‬
‫بن فلنة " أو يكتفي بذكر اسم ذلك الشخص‪1‬؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل في صلة الجنازة‪-‬صلة الميت‪-‬استدراك ؟ وكيف يكون إذا كان ؟‬
‫ج‪ :‬صلة الجنازة‪:‬‬
‫مة‪ ،‬وهو الصحيح‬ ‫‪-1‬فريضة على الكفاية ‪ ..‬هذا الذي ذهب إليه جمهور ال ّ‬
‫عندي‪.‬‬
‫‪-2‬وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنها سّنة‪.‬‬
‫‪-3‬وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنها نافلة؛ وهم يعنون أنها سّنة ولكنها‬
‫ل تصل إلى درجة التأكيد؛ وهذان القولن ليسا بشيء‪.‬‬
‫‪-1‬تعّرض الشيخ مّرة أخرى لبدعة التلقين للميت‪ ،‬وذلك في جوابه على السؤال ‪ِ 12‬من حلقة ليلة ‪ 19‬رمضان‬
‫ص ذلك السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك‪:‬‬ ‫‪1424‬هـ ) ‪13/11/2003‬م (‪ ،‬وهذا هو ن ّ‬
‫" س ‪ :12‬عند دفن الميت وبعد النتهاء من دفنه يقوم أحد الناس بالدعاء جهرا وُيؤّمن البقية‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟‬
‫ج‪ :‬هذا ليس بصحيح‪ ،‬بل هو بدعة من البدع‪ ،‬وينبغي للناس أن ُيطّبقوا السنن الثابتة عن النبي ‪ ‬وأن يتركوا البدع‪،‬‬
‫فالدعاء بالتثبيت للميت أمر ثابت عن النبي‪ -‬وعلى آله وصحبه‪-‬ولكن يدعو كل إنسان بمفرده‪ ،‬أما أن يقوم شخص‬
‫يدعو لذلك الميت وتقوم البقية الباقية بالتأمين فذلك بدعة من البدع‪ ،‬وخير الهدي هدي محمد صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪.‬‬
‫ت في جواب سابق ] في الجواب على السؤال ‪ِ 12‬من حلقة ليلة ‪ 12‬رمضان‬ ‫وهكذا بالنسبة إلى قراءة القرآن‪-‬كما بين ُ‬
‫ن ذلك‪-‬أيضا‪-‬لم يثبت عن النبي ‪. ‬‬ ‫‪1424‬هـ ) ‪6/11/2003‬م ( [‪-‬فإ ّ‬
‫وهكذا بالنسبة إلى تلقين الميت كما جاء في بعض الروايات الباطلة العاطلة بأن يقال لذلك الميت‪ " :‬يا فلن بن فلنة ‪...‬‬
‫" إلى آخر ذلك الحديث الباطل العاطل الركيك الذي لم يثبت عن النبي ‪ ‬ول كرامة‪.‬‬
‫فتلك البدع ل ينبغي لحد أن َيحوم حول حماها‪ ،‬وإنما ينبغي أن ُنطّبق السنن‪ ،‬وأن نأخذ بما جاء في كتاب ال أو في سّنة‬
‫رسوله صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فهذه البدعة‪-‬كما حدثني من حدثني‪-‬قد شاعت في هذه اليام ‪ ..‬يدعو إنسان وُيؤّمن الخرون‪ ،‬وهذا ينبغي أن ُينّبه الناس‬
‫على أنه ليس من السّنة‪ ،‬بل هو البدعة بعينها؛ وال المستعان‪ ،‬ونسأله أن ُيوّفقنا للعمل بكتابه وبسّنة رسوله وأن نجتنب‬
‫البدع؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪." .‬‬
‫‪94‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫دمُته‪ ،‬لدلة متعددة‪ ،‬ذكرها أهل العلم في كتبهم‪ ،‬ول‬ ‫والصواب فيها ما ق ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫ن هذا القول مشهور واضح جل ّ‬ ‫داعي لذكر ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‬
‫لذلك نقول‪ " :‬إنه إذا قامت طائفة من الناس بالصلة على الجنازة فإ ّ‬
‫الفرض الكفائي يسقط بفعل تلك الجماعة "؛ وقد اختلف العلماء في عدد‬
‫الجماعة‪:‬‬
‫‪-1‬منهم من قال‪ :‬إنه يكفي أن يصلي عليه شخص واحد‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم من قال‪ :‬يكفي أن يصلي عليه اثنان‪.‬‬
‫‪-3‬ومنهم من قال‪ :‬ثلثة‪-4.‬ومنهم من قال‪ :‬أربعة‪.‬‬
‫وعند المكان ‪ ..‬أي عندما تكون هنالك جماعة فإنه ينبغي أن تصلي على‬
‫الميت جماعة كبيرة على أقصى ما يمكن وأل ّ ُيكتفى بجماعة صغيرة لما‬
‫ن للضرورة أحكاما تخصها‪،‬‬ ‫جاء من مشروعية ذلك‪ ،‬أما عند الضرورة فإ ّ‬
‫فيمكن أن ُيكتفى بواحد إذا لم يوجد غيره‪ ،‬وإذا لم يوجد أحد من الرجال‬
‫ت ذلك في جواب سابق‪ ،1‬فل داعي‬ ‫فإنه تصلي عليه النساء‪ ،‬وقد ذكر ُ‬
‫للطالة بذلك مرة ثانية‪.‬‬
‫ن النسان إذا جاء ووجد الجماعة تصلي على‬ ‫أما بالنسبة إلى الستدراك فإ ّ‬
‫ن ذلك حسن‪ ،‬وإن كان ذلك ليس‬ ‫الجنازة فإنه إن أراد أن يصلي معهم فإ ّ‬
‫ن الفرض الكفائي قد سقط عنه بفعل الجماعة التي تصلي‬ ‫بلزم عليه‪ ،‬ل ّ‬
‫على الميت‪ .‬فإذا دخل معهم فاختلفوا في أّول ما يأتي به‪ ،‬وذلك بناء على‬
‫خلفهم ‪ ..‬هل ما أدركه المأموم هو أول صلته أو هو آخر صلته‪:‬‬
‫ن ما أدركه المأموم مع المام‪-‬سواء كان ذلك في‬ ‫‪-1‬والذي نراه ونأخذ به أ ّ‬
‫الصلوات العادية أو كان ذلك في صلة الجنازة‪-‬هو آخر صلته‪ ،‬وعليه فإنه‬
‫يتابع المام على فعله ذاك‪.‬‬
‫ن ما أدركه المأموم هو أول صلته‪ ،‬وعليه‬ ‫‪-2‬وذهب بعض أهل العلم إلى أ ّ‬
‫فإنه بعد أن يكبر يأتي بفاتحة الكتاب وهكذا على الصفة المعلومة‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى قضاء ما فاته فقد اختلف العلماء في ذلك‪:‬‬
‫‪-1‬ذهب بعضهم إلى أنه ل قضاء عليه‪ ،‬وهذا‪-‬طبعا‪-‬في صلة الجنائز ل في‬
‫ن بعض الناس أنه شامل للفرائض فلبد من‬ ‫الصلوات الفرائض‪ ،‬حتى ل يظ ّ‬
‫أن ينتبه لذلك ‪ ..‬ذهب بعض العلماء إلى أنه ل قضاء عليه وإنما ُيسّلم بعد‬
‫إمامه‪ ،‬إذ إنه قد صلى على ذلك الميت جماعة من الناس ول استدراك في‬
‫هذه الصلة‪.‬‬
‫‪-2‬وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكبر من غير أن يأتي بشيء من‬
‫الدعية ‪ ..‬يأتي بالتكبيرات التي فاتته وُيسّلم ول شيء عليه‪.‬‬
‫‪-3‬وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يستدرك ما فاته ويختصر ما أمكنه في‬
‫ن ما فاته‬ ‫الدعاء؛ وهذا ل إشكال فيه على رأي‪ ،‬أما على رأي من يقول‪ " :‬إ ّ‬
‫ن ما أدركه هو آخرها " فلبد من أن يأتي بفاتحة الكتاب‪ ،‬إذ‬ ‫هو أول صلته وأ ّ‬
‫ن هذا هو الفائت ول يمكنه أن يقتصر على بعضها‪.‬‬ ‫إ ّ‬
‫‪-1‬في الجواب على السؤال ‪ِ 6‬من حلقة ليلة ‪ 10‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪4/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪-4‬وبعضهم قال‪ :‬إن بقي الميت في موضعه فإنه يستدرك‪ ،‬وإن لم يبق بأن‬
‫حمل فل استدراك عليه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫حمل الميت أو بقي في مكانه‪،‬‬ ‫والذي يظهر لي أنه ل مانع من الستدراك ُ‬
‫إذ ل ُيشترط بأن يبقى الميت في موضعه ‪ ..‬نعم‪ ،‬ذلك هو الصل ولكن إذا‬
‫لم يتمكن النسان من القضاء فليقض ما فاته وليختصر غاية ما أمكنه‪،‬‬
‫وأرى هذا القول هو القول الصحيح‪ ،‬وإن كان إذا سّلم ل نقول‪ " :‬إنه قد‬
‫ن هذه المسألة مسألة اجتهادية وليس فيها دليل واضح على‬ ‫أخطأ "‪ ،‬ل ّ‬
‫واحد من هذه القوال‪ ،‬ثم إنه قد قام بالفرض غيره من الناس فالصلة في‬
‫حقه ليست بفريضة ‪ ..‬هذا ما ذهب إليه غير واحد من أهل العلم؛ والعلم‬
‫عند الله تعالى‪.‬‬
‫س‪ :‬بعد النتهاء من دفن الميت مباشرة يجلس المشّيعون ويقوم أحد‬
‫دة مرات وهو يقول‪ " :‬ل إله إل الله‪،‬‬‫الشخاص بضرب الرض حول القبر ع ّ‬
‫مونه بتوحيش القبر‪ ،‬ظّنا منهم لمنع الحيوانات‬ ‫محمد رسول الله " ويس ّ‬
‫رسة خشية أن تصل إليه‪.‬‬ ‫المفت ِ‬
‫ج‪ :‬هذا لم يثبت في سّنة رسول الله ‪ ، ‬إذ إنني لم أجد دليل في السّنة‬
‫يدل عليه؛ وهو الذي صّرح به العلمة المام أبو نبهان رحمه الله تبارك‬
‫ن المر كما قاله هذا المام ‪ ..‬إن كانت فيه مصلحة للميت ‪..‬‬ ‫وتعالى‪ ،‬ولك ّ‬
‫رسة وتقوم بنبش ذلك القبر‬ ‫مخافة أن يأتي شيء من الحيوانات المفت ِ‬
‫وتفترس ذلك الميت ‪ ..‬فإن كانت في ذلك مصلحة فل مانع من ذلك‪ ،‬أما أن‬
‫ن ذلك ثابت عن النبي ‪ ‬فهذا مما ل أصل له‪.‬‬ ‫يقال أ ّ‬
‫ش الميت ‪ ،‬ول بأس بالجابة‬
‫‪1‬‬
‫هذا‪ ،‬وكثير من الناس يسألون عن قضية َر ّ‬
‫على هذا السؤال لشهرة البحث عن هذه المسألة‪ ،‬ونقول‪ :‬إنه قد جاءت‬
‫ن‬
‫بعض الحاديث تدل على ذلك‪ ،‬وقد ذهب غير واحد من أهل العلم إلى أ ّ‬
‫تلك الحاديث يشد ّ بعضها بعضا فتقوم بها الحجة‪ ،‬وهذا له وجه وجيه من‬
‫الصواب‪.‬‬
‫ش بعض القبور‬
‫ن كثيرا من الناس ل يكتفون بذلك بل يقومون بر ّ‬ ‫ولك ّ‬
‫المجاِورة له وهذا خطأ واضح فل يصح‪ ،‬ولذلك قال المام نور الدين رحمه‬
‫الله تبارك وتعالى‪:2‬‬
‫لنه به أحقّ فاْدر‬ ‫‪3‬‬
‫وفضله ُيرد ّ فوق النهر‬
‫ش قبر الميت‪.‬‬‫" وفضله " أي الماء المتبقي من ر ّ‬
‫ش شيء من القبور‬ ‫ش قبر ذلك الميت من غير أن ُير ّ‬ ‫فإذن الصواب ُير ّ‬
‫الخرى؛ والعلم عند الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫سِلين ؟‬
‫غ ّ‬
‫سل‪ ،‬هل َيشعر بالم َ‬
‫س‪ :‬المّيت الذي ُيغ ّ‬
‫عْلم ذلك عند الله تبارك وتعالى‪ ،‬وليس ذلك ب َِبعيد‪ ،‬لّنه ث ََبت‬
‫ج‪ :‬الله أعلم‪ِ ،‬‬
‫ن الميت َيشُعر عندما َيأتي بعض الناس وَيمّرون عليه‬ ‫في الحاديث ِبأ ّ‬

‫ش الميت "‪.‬‬‫ش قبر الميت " بدل ِمن قوله‪َ " :‬ر ّ‬‫صَد أن يقول‪َ " :‬ر ّ‬ ‫ن الشيخ َق َ‬
‫‪-1‬الظاهر أ ّ‬
‫‪-2‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب الجنائز‪ ،‬باب القبر‪.‬‬
‫‪-3‬ورد في الطبعة التي بأيدينا‪ " :‬القبر " بدل ِمن " النهر "‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل على مثل‬ ‫من الحاديث الكثيرة التي تد ّ‬ ‫وُيسّلمون عليه ‪ ..‬إلى غير ذلك ِ‬
‫مر مثل هذه المور إلى الخاِلق تبارك وتعالى‪،‬‬ ‫هذه المور‪ ،‬والْولى أن ن َُرد أ ْ‬
‫من الكلم على مثل هذه القضايا ومعرفة ما يقع‬ ‫وليست هنالك فائدة كبيرة ِ‬
‫في ذلك‪ ،‬بل علينا أن نعتبر بمثل هذه المور‪ ،‬ونعلم يقينا بأنه سيأتينا هذا‬
‫مل فيه على العناق وسُنواَرى فيه‬ ‫سل فيه وسُنح َ‬ ‫اليوم جميعا الذي سُنغ ّ‬
‫في القبور‪ ،‬ونسأل الله السلمة مما يقع بعد ذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا أوصى الميت بأن ُيدفن في بلد بعيدة‪ ،‬هل ُتن ّ‬
‫فذ وصيته ؟‬
‫فذ؛‬
‫ج‪ :‬هذه الوصية ليست فيها مصلحة لذلك الميت‪ ،‬وعليه نقول ل ُتن ّ‬
‫والعلماء اختلفوا في هذه القضية‪:‬‬
‫ن ذلك حرام‪.‬‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫ن ذلك مكروه‪.‬‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬
‫فذ‪ ،‬إذ ليست هنالك مصلحة للميت‪ ،‬وك ّ‬
‫ل‬ ‫ومهما كان فمثل هذه الوصية ل ُتن ّ‬
‫أمر يخاِلف سّنة رسول الله ‪ ‬فإنه مردود على صاحبه‪.‬‬
‫ل الصلح‪-‬وما شابه ذلك‪-‬وكان‬ ‫ض أه ِ‬
‫ن عند قب ْرِ بع ِ‬ ‫نعم‪ ،‬إذا أوصى ِبأن ُيدفَ َ‬
‫ده‪-‬فهذا قد‬ ‫من بل ِ‬
‫دا‪ِ-‬بأن كان في المقبرة القريبة ِ‬ ‫ج ّ‬‫ب ِ‬ ‫ن قري ٍ‬‫ذلك في مكا ٍ‬
‫تكون فيه مصلحة‪ ،‬أما أن يوصي هذا الشخص بأن ُيدفن في بلد بعيدة أو ما‬
‫فذ بل ترد ّ على صاحبها؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫شابه ذلك فهذه الوصية ل ُتن ّ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬في بعض الحيان الناس ينتظرون الميت إلى أن يأتي أهله البعدون من‬
‫أماكن بعيدة ويحبسون الناس فترة طويلة‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل داعي لمثل ذلك‪ ،‬بل ينبغي السراع في تجهيز الميت ودفنه‪ ،‬وينبغي‪-‬‬
‫أيضا‪-‬السراع في تنفيذ وصية الميت ولسيما فيما يتعلق بحقوق الناس‪،‬‬
‫وكثير من الناس‪-‬وللسف الشديد‪-‬يتساهلون بهذه القضية ‪ ..‬يهتمون بقسمة‬
‫الموال وما شابه ذلك ول َيلتفتون إلى تنفيذ وصايا ذلك المتوفى‪ ،‬فينبغي‬
‫السراع بذلك ولسيما فيما يتعلق بالديون‪.‬‬
‫مك ّ‬
‫فنه ؟‬ ‫سله و ُ‬
‫مغ ّ‬
‫س‪ :‬قد يوصي الميت بمبلغ لحافر القبر ول ِ ُ‬
‫فذ هذه الوصية‪ ،‬وأما‪-‬في الحقيقة‪-‬ما يتعلق‬ ‫ج‪ :‬إذا أوصى لحافر القبر فُتن ّ‬
‫بتغسيل الميت وما شابه ذلك فل داعي لذلك؛ ومثل هذه القضية ينبغي أن‬
‫ن الصل ‪ ..‬هذه من الحقوق التي‬ ‫ُيسأل عن كل واحدة منها عند حدوثها‪ ،‬ل ّ‬
‫للميت فما الداعي إلى مثل ذلك ؟! نعم‪ ،‬إذا كان بعض الناس فقراء‬
‫سة فالمر يختلف‪ ،‬فالحاصل حفر القبر فيه شيء من المشقة‬ ‫وبحاجة ما ّ‬
‫من حفره الوصية‪ ،1‬أما‬
‫فذ ل ِ َ‬
‫بخلف بقية المور الخرى‪ ،‬فحفر القبر ُتن ّ‬
‫بالنسبة إلى الشياء الخرى فينبغي أن ُيسأل عن كل قضية قضية‪ ،‬ول‬
‫داعي لن ُنجيب على العموم لما في ذلك من المصلحة؛ والله أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما كيفية إدخال الميت في القبر ؟‬
‫ت في بعض‬ ‫ف‪-‬كما ذكر ُ‬
‫ج‪ :‬اختلف العلماء في هذه المسألة؛ وهذا‪-‬طبعا‪-‬خل ٌ‬
‫المسائل‪-‬ليس في قضية الوجوب وعدمه‪ ،‬إذ إنه لم َيقل أحد من العلماء‬
‫ل الحسن أن يقال‪ُ " :‬تنّفُذ الوصيُة ِلَمن حفَره "‪ ،‬دفعا لللتباس‪.‬‬
‫‪-1‬لع ّ‬
‫‪97‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بوجوب إدخاله على الصفة الفلنية من الصفات التي سأذكرها بعد قليل إن‬
‫شاء الله تبارك وتعالى‪ ،‬وإنما خلفهم في الفضل وفي الثابت في سّنة‬
‫رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء في الفضل من هذه الكيفيات الثلث‪:‬‬
‫رضا‪.‬‬‫ل من الجهة معت ِ‬ ‫‪-1‬منهم من قال‪ُ :‬يدخل الميت من جهة القبلة ‪ُ ..‬يس ّ‬
‫ن الميت ُيدخل من جهة رأس القبر ‪ُ ..‬يدخل أّول‬ ‫‪-2‬ومنهم من قال‪ :‬إ ّ‬
‫الرجلن وهكذا‪.‬‬
‫‪-3‬ومنهم من يقول‪ :‬إنه ُيدخل من جهة رجلي القبر ‪ ..‬يؤخذ الميت من رأسه‬
‫ت‪-‬من جهة رجلي القبر؛ وهذا القول هو القول الصحيح؛‬ ‫وُيدخل‪-‬كما ذكر ُ‬
‫ل من جهة رجلي القبر ‪ ..‬هذا هو الْولى‪.‬‬ ‫والله أعلم؛ فإذن ُيس ّ‬
‫ن ذلك هو السّنة‪ ،‬ومن المعلوم عند المحدثين‬ ‫وجاءت رواية فيها أ ّ‬
‫والصوليين إذا قيل‪ " :‬السّنة كذا " فيراد بها السّنة الثابتة عن النبي صلى‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬هذا الذي ذهب إليه جمهور أهل العلم‪ ،‬وقد‬
‫حكى الحاكم في " المستدَرك " اتفاق أهل العلم عليه وليس بشيء‪ ،‬لوجود‬
‫ن السّنة كذا أو هذا‬ ‫ن القول الصحيح أنه إذا جاء أ ّ‬
‫الخلف في ذلك‪ ،‬ولك ّ‬
‫السّنة أو ما شابه ذلك من اللفاظ التي فيها ِذكر " السّنة " فالمراد بذلك‬
‫السّنة المروية عن النبي ‪. ‬‬
‫س‪ :‬هل هناك أولوية لرحامه في النزول إلى القبر إذا كان رجل ؟ وماذا‪-‬‬
‫أيضا‪-‬إذا كان امرأة ؟‬
‫ن القارب أْولى‪ ،‬فالصل هكذا ولكن بشرط أن يكون من َيدخل‬ ‫ج‪ :‬ل شك أ ّ‬
‫َيعرف السّنة في وضع الميت على الكيفية المعروفة أو على أقل تقدير بأن‬
‫ة الثابتة في كيفية وضع‬ ‫َيصف له بعض الحاضرين الذين َيعلمون ذلك السن ّ َ‬
‫الميت‪.‬‬
‫والحاصل أنه يجوز أن يقوم بإدخال الميت القارب والباعد ول فرق بين‬
‫ن‬
‫الرجال والنساء في ذلك ‪ ..‬أعني بذلك الميت ل من يضع الميت‪ ،‬وإل فإ ّ‬
‫من نهي النبي صلى الله‬ ‫النساء ل َيذهبن إلى المقبرة ِلما ذكرناه‪-‬سابقا‪ِ -1‬‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وقد اختلف العلماء في هذا النهي هل هو للتكريه أو‬
‫حة بأن لم يوجد أحد‬ ‫دمنا‪ .. 2‬نعم‪ ،‬إذا كانت هنالك ضرورة مل ِ ّ‬ ‫للتحريم كما ق ّ‬
‫من الرجال فللضرورة قدرها‪.‬‬
‫فوضع الميت إذا كانت امرأة في القبر ل مانع من أن يقوم به بعض الباعد‪،‬‬
‫كما ثبت ذلك في سّنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فقد‬
‫قام بوضع ابنته‪-‬رضي الله تعالى عنها‪-‬أبو طلحة وهو من النصار وليس هو‬
‫من أقاربها مع حضور النبي ‪ ‬ومع حضور زوجها عثمان بن عفان‪ ،‬وقد جاء‬
‫ن النبي ‪ ‬طلب أن يضع ابنته في القبر من لم ُيبا ِ‬
‫شر‬ ‫في تلك الرواية بأ ّ‬
‫شر زوجه في تلك الليلة‪ ،‬وقد اختلف العلماء‬ ‫في تلك الليلة ‪ ..‬أي من لم ُيبا ِ‬

‫‪-1‬في الجواب على السؤال ‪ِ 13‬من حلقة ليلة ‪ 12‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪6/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪-2‬في الجواب على السؤال ‪ِ 6‬من حلقة ليلة ‪ 10‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪4/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫في الحكمة من ذلك‪ ،‬ولهم في ذلك كلم طويل‪ ،‬ل داعي لذكره في مثل‬
‫هذا الوقت؛ والعلم عند الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫م‬ ‫خل َ ْ‬
‫قَناك ُ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫س‪ :‬هناك من عندما يضع الميت في القبر يقرأ قوله تعالى‪ِ  :‬‬
‫من ْ َ‬
‫خَرى‪ ] ‬سورة طه‪ ،‬الية‪ ،[ 55 :‬فهل ورد‬ ‫م َتاَرةً أ ُ ْ‬
‫جك ُ ْ‬
‫ر ُ‬
‫خ ِ‬
‫ها ن ُ ْ‬
‫من ْ َ‬
‫و ِ‬ ‫عيدُك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ها ن ُ ِ‬
‫في َ‬
‫و ِ‬
‫َ‬
‫شيء ُيثِبت ذلك ؟‬
‫ج‪ :‬هذا ل أصل له في سّنة رسول الله ‪. ‬‬
‫ت عن شيء أو قال‪-‬أيضا‪-‬غيري عن شيء‪ " :‬إنه ل أصل له‬ ‫ولُيعَلم أنه إذا قل ُ‬
‫في سّنة رسول الله ‪ " ‬فإننا في بعض الحيان نريد أنه ل أصل له في‬
‫الثابت من سّنة رسول الله ‪ ، ‬وفي بعض الحيان ُيراد به أنه لم يأت من‬
‫طريق أبدا ‪ ..‬أي لم ُينسب إلى النبي ‪. ‬‬
‫وهذه الرواية من القسم الول‪ ،‬إذ إنه قد جاءت رواية‪ُ-‬تنسب إلى النبي ‪‬‬
‫ن هذه الرواية ل‬‫‪-‬بمشروعية قراءة هذه الية عند وضع الميت في قبره ولك ّ‬
‫َتثبت عنه صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬لنها من طريق عبيد الله بن َزحر وهو‬
‫ضعيف جدا‪-‬كما هو معلوم‪-‬ل ُيحتج بروايته‪ ،‬وفي إسنادها‪-‬أيضا‪-‬ضعيفان بل‬
‫هما أشد ّ من ذلك فل يمكن أن ُيحتج بمثل هذه الرواية ‪ ..‬الراوي الثاني‬
‫ي بن يزيد‪ ،‬وقد أخطأ المام النووي حيث‬ ‫الضعيف بل هو ضعيف جدا عل ّ‬
‫ي‬
‫دعان " وليس المر كذلك‪ ،‬وإن كان عل ّ‬ ‫ج ْ‬
‫ي بن زيد بن ُ‬ ‫قال‪ " :‬عل ّ‬
‫ي بن يزيد‪ ،‬والراوي الثالث هو‬ ‫هذا‪-‬أيضا‪-‬ضعيفا ولكنه لم يصل إلى درجة عل ّ‬
‫القاسم أبو عبد الرحمن‪ ،‬وقد قال ابن حبان الحافظ عن هؤلء الرواة بأنهم‬
‫ن هذا الخبر مما عملته‬ ‫إذا رووا خبرا عن رسول الله ‪ ‬فإنه ل ُيشك أ ّ‬
‫أيديهم؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫وإنما ينبغي أن يقال‪ " :‬بسم الله‪ ،‬وعلى مّلة رسول الله "‪.1‬‬
‫أما هذه الرواية التالفة الباطلة التي فيها ذكر هذه الية فل‪.‬‬
‫قد يقول قائل‪ " :‬هذه آية قرآنية والنسان مخلوق من الرض‪-‬كما هو‬
‫هد‪-‬ثم إنه سيخرج منها في يوم‬ ‫معلوم‪-‬وبعد ذلك يوضع فيها‪-‬وهو مشا َ‬
‫القيامة " ‪ ..‬نعم‪ ،‬المر كذلك وإنما هل ثبت ذلك عن رسول الله ‪ ‬؟ ل‪،‬‬
‫ذلك لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬هل ُيمكن‬
‫أن نحتج برواية عبيد الله بن َزحر الذي يقول عنه ابن حبان‪ " :‬يروي‬

‫‪-1‬تعّرض الشيخ لهذا مّرة أخرى أثناء جوابه على السؤال ‪ 16‬من حلقة ليلة ‪ 22‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪16/11/2003‬م (‪،‬‬
‫ص ذلك السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك‪:‬‬ ‫وهذا هو ن ّ‬
‫" س ‪ :16‬البعض عندما يضعون الميت في القبر يقوم أحدهم بتمرير يده على التراب الموجود أعلى القبر وينطق‬
‫بالشهادتين‪ ،‬وكأنه ُيوّدعه بتلك الكلمات ؟‬
‫ج‪ :‬ال المستعان؛ هذه بدعة من البدع‪ ،‬والبدع كثيرة؛ وأنا بّينت ] في الجواب على السؤال ‪ 10‬من هذه الحلقة‪ ،‬أعله [‬
‫بأّنه لم يثبت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬في قضية دفن الموات شيء إل ما جاء عنه‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪-‬من أنه يقال عند وضع الميت‪ ) :‬بسم ال‪ ،‬وعلى مّلة رسول ال (‪ ،‬وكذلك ما جاء من الدعاء لذلك الميت‬
‫ت ] في الجواب على السؤال ‪ 12‬من حلقة ليلة ‪ 19‬رمضان ‪1424‬هـ‬ ‫بالتثبيت بعد النتهاء من دفنه‪ ،‬وكل شخص‪-‬كما قل ُ‬
‫ص ذلك السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك في التعليق الموجود بحاشية الصفحة ‪ِ 3‬من‬ ‫لن ّ‬ ‫) ‪13/11/2003‬م (‪ ،‬وقد ُنِق َ‬
‫ن ذلك‪-‬أيضا‪-‬من‬ ‫هذه الحلقة [‪-‬يدعو بمفرده‪ ،‬من غير أن يقوم شخص بالدعاء ويؤّمن كثير من الناس على دعائه ذلك‪ ،‬فإ ّ‬
‫البدع؛ فينبغي النتهاء عن هذه البدع وأن نطّبق السنن الثابتة‪ ،‬وخير الهدي هدي محمد ‪ ‬؛ والعلم عند ال‪." .‬‬
‫‪99‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الموضوعات عن الثقات‪ ،‬وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات‪ ،‬وإذا‬


‫ن هذا الخبر مما صنعته‬ ‫اجتمع في هذا السناد خبر هؤلء الثلثة لم ُيشك بأ ّ‬
‫أيديهم " ؟! ‪ ..‬هل ُيمكن أن نحتج بمثل هذه الرواية الباطلة العاطلة‬
‫الموضوعة المخترعة المصنوعة على رسول الله ‪ ‬؟! ليس كل شيء هو‬
‫الواقع ‪ ..‬أي كذلك ‪ ..‬يمكن أن ُيؤتى به‪.‬‬
‫ول بأس أن أخرج عن هذه القضية لفائدة مهمة‪ ،‬وأنا أهتم بالفوائد والحكام‬
‫الشرعية ول أتقيد بالسئلة كثيرا‪ ،‬وهذا دليلي فيه حديث الرسول ‪ ، ‬فهو‬
‫ح ّ‬
‫ل‬ ‫عندما سئل عن حكم الوضوء بماء البحر قال‪ ) :‬هو الطهور ماؤه‪ ،‬ال ِ‬
‫ميتته (‪ ،‬فتكلم على حكم الميتة وعلى حكم الوضوء من ماء البحر مع أنه‬
‫لم ُيسأل إل عن واحد منهما؛ فإذا كان في ذلك فائدة فل مانع من ذلك‪.‬‬
‫على كل حال؛ عندما يقول المؤذن‪ " :‬ل إله إل الله " كثير من الناس‬
‫ي‬
‫ق‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن " ل إله إل الله " ح ّ‬ ‫يقولون‪ " :‬حقّ ‪ ..‬ل إله إل الله " ل شك في أ ّ‬
‫ق‪ ،‬و " أشهد أل ّ إله إل‬ ‫ق‪ ،‬وكذلك بالنسبة إلى بقية اللفاظ " الله أكبر " ح ّ‬ ‫ح ّ‬
‫ي على الصلة "‬ ‫ق‪ ،‬و " ح ّ‬‫ن محمدا رسول الله " ح ّ‬ ‫ق‪ ،‬و " أشهد أ ّ‬
‫الله " ح ّ‬
‫سنن ونت ِّبع‬
‫ي على الفلح " كذلك ‪ ..‬نحن علينا أن نطّبق ال ّ‬ ‫كذلك‪ ،‬و " ح ّ‬
‫رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولنا فيه السوة الحسنة‪ ،‬ل أن‬
‫نبتدع ونأتي ببعض المور المخترعة المكذوبة التي صنعتها أيدي بعض الرواة‬
‫طن في وضع مثل هذه الحاديث‬ ‫ذبة الذين لهم أغراض ل تخفى على الف ِ‬ ‫الك َ َ‬
‫ونسبتها إلى رسول الله ‪ ‬؛ والله المستعان‪.‬‬
‫س‪ :‬البعض عندما يحمل الجنازة ينادي بصوت مسموع‪ " :‬اذكروا الله ‪ ..‬اذكر‬
‫ربك يا غافل "‪ ،‬فما رأيكم ؟‬
‫ج‪ :‬هذا ل أصل له في سّنة رسول الله ‪ .. ‬نعم‪ ،‬كثير من الناس يأتون‬
‫بهذا‪ ،‬ومنهم من يقول‪ " :‬صّلوا على النبي " بصوت مرتفع مع أنه هو ل‬
‫يصلي عليه‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬أو أكثرهم يصنع كذلك ‪ ..‬في ذلك‬
‫الوقت‪ ،‬ل أقول‪ " :‬ل يصلي عليه مطلقا " وهكذا ‪ ..‬هذا منكر‪.‬‬
‫صمت والعتبار‬ ‫ن المطلوب في هذا الوقت ال ّ‬ ‫العلماء منهم من يقول‪ :‬إ ّ‬
‫والتعاظ بمثل هذا الحال وأن يتذكر النسان بأنه سيصير في يوم من اليام‬
‫ن المر لن يقف عند هذا الحد بل إنه سُيسأل في‬ ‫إلى مثل هذا الحال وأ ّ‬
‫قبره وسُيحاسب يوم القيامة وسيكون مصيره إما إلى الجنة أو إلى النار‬
‫والعياذ بالله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬منها ومما ُيقّرب إليها‪.‬‬
‫ومنهم من يقول‪ :‬ل بأس من أن َيذكر الله ‪ ‬بصوت خافت ‪ ..‬يجمع بين‬
‫المرين ‪ ..‬بين التعاظ والعتبار وأخذ الموعظة وبين ذكر الله‪-‬تبارك تعالى‪-‬‬
‫بصوت خافت‪.‬‬
‫أما أن ينادي هذا وهذا ‪ ..‬هذا من هنا وذاك من هناك‪ " :‬اذكروا الله " أو ما‬
‫شابه ذلك فهذا مما ل أصل له في السّنة‪ ،‬بل هو من البدع التي ينبغي‬
‫النتهاء عنها؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ن الباء والرحام ل يحملون‬ ‫س‪ :‬تر ّ‬
‫كبت عند بعض الناس معلومة مفادها أ ّ‬
‫جنازات أرحامهم وآبائهم وإنما يكتفون بالمشي خلفها‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟‬
‫‪100‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج‪ :‬نعم ‪ ..‬هذا مشهور عند كثير من العوام‪ ،‬وكثير من البدع مشهورة عند‬
‫العوام‪.‬‬
‫هذا ل أصل له في سّنة رسول الله ‪ .. ‬ينبغي أن يكون القارب في‬
‫دمة الّركب ‪ ..‬ل مانع من أن َيحمل القارب وأن ينالوا ذلك الفضل‬‫مق ّ‬
‫العظيم الذي أخبر به الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله سلم‪-‬لمن حمل‬
‫جنازة وكان‪-‬طبعا‪-‬يقصد بذلك وجه الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ول مقصود له سواه‪.‬‬
‫ق ّ‬
‫فزها ثلث‬ ‫س‪ :‬البعض عندما يحمل الطارقة‪-‬الحاملة التي عليها الميت‪-‬ي ُ َ‬
‫خطوات ثم يبدأ النطلق بها ؟‬
‫ج‪ :‬هذه بدعة‪ ،‬ل أصل لها أبدا ‪ ..‬ل تثبت عن رسول الله ‪ ‬ول عن صحابته‬
‫دوا به ‪ ..‬هذه بدع‬ ‫الكرام ول عن أهل العلم الذين اتبعوا رسول الله ‪ ‬واقت َ‬
‫ينبغي أن يجتنبها الناس‪ ،‬وينبغي لنا جميعا أن نتعاون على الِبر والتقوى وأن‬
‫نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر وأن ندعو الناس بالحكمة والموعظة‬
‫الحسنة وأن ُنخبرهم بما ثبت عن رسول الله ‪ ‬وما لم يثبت حتى نقتدي‬
‫بالرسول ‪ ‬فيما ثبت عنه ونجتنب ما نهى عنه أو لم يثبت عنه صلوات الله‬
‫وسلمه عليه‪ ،‬ومن المعلوم بأنه إذا كان الرسول ‪ ‬يفعل بعض المور في‬
‫ن تلك المور التي تركها ليست‬ ‫مثل هذه الشياء وت ََرك بعض المور أ ّ‬
‫كها الرسول ‪ ‬ولكنه لم َينه عنها ‪ ..‬نعم‪،‬‬ ‫بمشروعة ‪ ..‬ل ُيمكن أن يقال ت ََر َ‬
‫وإن كان لم َينه عنها لكنه لم يفعلها ولو كان في ذلك خير لفعله الرسول‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وقد أحسن المام السالمي‪-‬رحمه‬
‫الله تبارك وتعالى‪-‬عندما ذكر قراءة القرآن على القبور عندما قال‪:1‬‬
‫إل سلما ودعا وأدبرا‬ ‫فالمصطفى‪ 2‬قد زارها وما قرا‬
‫بسّنة توجد في المأثور‬ ‫ولم تكن قراءة القبور‬
‫على كل حال‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫‪.........................‬‬ ‫‪3‬‬
‫ت محمدا‬ ‫ف ْ‬
‫لو كان خيرا لم ي َ ُ‬
‫فما فات الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬فلو كان في ذلك خير‬
‫لفعله الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫وإن يقولوا خالف الثارا‬ ‫حسبك أن تتبع المختارا‬
‫والعلماء قد شددوا في مخالفة الرسول ‪ ، ‬ويعجبني ما ذكره المام‬
‫سئل عن‬ ‫لمة سعيد بن خلفان‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬عندما ُ‬ ‫قق الع ّ‬‫المح ّ‬
‫ض أهل العلم سّنة ثابتة عن الرسول ‪ ‬فقال المام‬ ‫قضية خالف فيها بع ُ‬
‫ص لك عن رسول الله ‪‬‬ ‫َ‬
‫جب أن أن ُ ّ‬ ‫من العَ َ‬‫قق‪-‬رحمه الله‪-‬في ذلك‪ " :‬و ِ‬ ‫المح ّ‬
‫وأنت ُتعارضني بعلماء بيضة السلم من غير دليل ول واضح سبيل ‪ ..‬أليس‬
‫من الهذيان ؟! " والمام الخليلي‪-‬رحمه الله تبارك‬ ‫هذا في العيان نوعا ِ‬

‫‪-1‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب المانة‪ ،‬باب الوقف‪.‬‬
‫‪-2‬ورد في الطبعة التي بأيدينا‪ " :‬والمصطفى " بدل من " فالمصطفى "‪.‬‬
‫‪-3‬ورد في الطبعة التي بأيدينا هكذا‪:‬‬
‫لو كان خيرا سبق المختار *** له وصحبه متى ما زاروا‬
‫‪101‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وتعالى‪-‬يقول‪ " :‬وقول بخلف الحديث ُيضرب به عرض الحائط " ‪ ..‬على‬
‫كل حال‪:‬‬
‫ول كلم المصطفى الّواه‬ ‫ظر بكتاب الله‬‫ول ُتنا ِ‬
‫‪1‬‬
‫ولو يكون عالما خبيرا‬ ‫معناه ل تجعل له نظيرا‬
‫ن ذلك هو المطلوب أو ما‬ ‫وهذا‪-‬طبعا‪-‬إذا قال به بعض أهل العلم ظّنا منهم أ ّ‬
‫شابه ذلك‪ ،‬فكيف إذا لم يقل بذلك أحد من علماء المسلمين قاطبة‪.‬‬
‫ت أكثر من مرة‪-‬‬ ‫فهذا‪-‬على كل حال‪-‬مما ينبغي أن ُينهى عنه‪ ،‬ولكنني‪-‬كما قل ُ‬
‫أنه ينبغي أن نستعمل الحكمة في مثل هذه المور وأل ّ نتسرع في نهي‬
‫ن الناس في كثير من الحوال ل يتقبلون مثل هذه المور لنهم‬ ‫الناس فإ ّ‬
‫دع بعض‬ ‫شّبوا وشابوا على مثل هذه القضايا فليس من السهولة أن َيرت ِ‬
‫العوام عن مثل هذه المور ولسيما إذا كان من يقوم بالمر والنهي طالبا‬
‫دقونه وقد ل يقبلون منه لمر أو لخر؛ فنسأل الله‪-‬‬ ‫صغيرا فإنهم قد ل ُيص ّ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬التوفيق‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫سل ؟ هل ُيك ّ‬
‫فن ؟‬ ‫س‪ :‬الشهيد‪ ،‬كيف يكون التعامل معه في التغسيل ؟ هل ُيغ ّ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ الشهيد هو من مات في أرض المعركة ‪ ..‬إذا مات في‬
‫ذلك ولم ُينقل فهذا هو الذي ُيحكم عليه بحكم الشهيد في هذه القضية؛ وإل ّ‬
‫فالشهداء كثيرون‪ ،‬كما ورد ذلك في سّنة رسول الله ‪ ، ‬ولك ّ‬
‫ن المراد‬
‫بالشهيد ها هنا هو الذي ُيحكم عليه بهذا الحكم في باب الجنائز‪.‬‬
‫فعلى كل حال الشهيد ُيدفن في ثيابه التي مات فيها إن كانت عليه ثياب‪-‬‬
‫سِلب فلبد من أن ُيؤتى له ببعض الثياب‪-‬ول ُينزع منه إل السلح وما‬ ‫أما إذا ُ‬
‫شابه ذلك أما ما عدا ذلك فهو يوضع عليه‪.‬‬
‫ول َيحتاج إلى تغسيل بل ُيدفن على ذلك‪.‬‬
‫وقد اختلفوا في الصلة عليه‪:‬‬
‫‪-1‬ذهب بعض أهل العلم إلى أنه ُيصّلى على الشهيد‪.‬‬
‫‪-2‬وذهب بعضهم إلى أنه ل ُيصّلى عليه‪.‬‬
‫والقول بالصلة عليه قول قوي‪ ،‬وقد دّلت عليه بعض الحاديث‪.‬‬
‫أما الحاديث التي تدل على عدم مشروعية الصلة عليه فهي نافية وغيُرها‬
‫دم على النافي؛ وفي ذلك احتياط وسلمة للدين‪ ،‬وقد‬ ‫مثِبت مق ّ‬
‫مثِبت وال ُ‬
‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حد‪،‬‬‫دة‪-‬بعد سنوات‪-‬وصلى على شهداء أ ُ‬ ‫ن الرسول ‪ ‬قد جاء بعد م ّ‬ ‫ثبت أ ّ‬
‫واها بعض أهل العلم بأنه قد صّلى عليهم‪-‬‬ ‫وجاء في بعض الروايات التي ق ّ‬
‫ف ذلك ُتحمل على أنه‬ ‫أيضا‪-‬بعد النتهاء من المعركة‪ ،‬فرواية من روى خل َ‬
‫لم َيعلم بذلك‪.‬‬

‫‪-1‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب أصول الدين‪.‬‬
‫وورد البيتان في الطبعة التي بأيدينا هكذا‪:‬‬
‫ظر بكتاب ال *** ول كلم المصطفى الّواه‬ ‫ول ُننا ِ‬
‫معناه لم َنجعل له نظيرا *** ولو يكون عالما خبيرا‬
‫‪102‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من أن َينسى بعض الصحابة‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى‬ ‫ب ِ‬ ‫وليس بغري ٍ‬


‫عليهم‪-‬بعض المور أو أنهم لم يعلموا بها أصل‪ ،‬ولذلك أمثلة كثيرة ل ُيمكن‬
‫التيان بها في هذا الوقت‪.‬‬
‫فإذن ُيصّلى عليه على الصحيح‪.‬‬
‫ن بعض أهل العلم قال‪ُ " :‬يجمع بين الروايات المثِبتة والنافية‬ ‫ومن العجب أ ّ‬
‫ن رواية الثبات ُتحمل على ندبية الصلة وعدم وجوبها‪ ،‬ورواية النفي‬ ‫بأ ّ‬
‫ُتحمل على عدم الوجوب " ‪ ..‬هذا كلم غريب ‪ ..‬لو جاء هذا في قضية وذلك‬
‫في قضية أخرى ‪ ..‬أي في حادثة وذاك في حادثة ‪ ..‬أي صلى مّرة وصلى‬
‫مّرة فيمكن أن ُيحمل على هذا ول يقال بالنسخ‪ ،‬أما أن يكون ذلك في‬
‫قضية واحدة في وقت واحد فهذا مما ل ُيمكن‪ ،‬لنه إما أن يكون فََعل أو لم‬
‫يفعل‪ ،‬فكيف يقال‪ " :‬هذا محمول على كذا وهذا على كذا " ؟! نعم‪ ،‬لو‬
‫أرادوا بذلك الرواية التي فيها صلى بعد سنوات ولم ُيثبتوا الرواية التي صلى‬
‫في ذلك الوقت لكان لهذا وجه من الصواب‪ ،‬أما أن يقال بصحة جميع‬
‫ل فهذا مما ل ُيمكن أن‬ ‫الروايات التي فيها أنه صلى في ذلك الوقت ولم ُيص ّ‬
‫يقال به‪ ،‬فهذا خطأ واضح؛ والله أعلم‪.‬‬
‫ن الذي سار مع الجنازة إلى نهايتها أو رجع عنها‬‫س‪ :‬الحديث الذي ورد فيه أ ّ‬
‫‪1‬‬
‫حته ؟ وما حكم الرجوع عن الجنازة‬ ‫له قيراط أو قيراطان من الجر ‪ ،‬ما ص ّ‬
‫بعدما يسير النسان معها ‪ ..‬هل يلزم أن يبقى إلى آخرها أو يمكن أنه إذا بدا‬
‫له أمر يذهب عنها ؟‬
‫ج‪ :‬هذا الحديث صحيح ثابت عن النبي ‪ ، ‬ولذلك نقول‪ :‬إنه ينبغي العتناء‬
‫بهذا المر‪ ،‬وأن ُتشّيع الجنائز حتى ُتدفن ويرجع بعد ذلك المسلمون‪،‬‬
‫قن‬‫ت ] ص ‪-[ 2‬ل ُيل ّ‬
‫وُيشرع‪-‬أيضا‪-‬في ذلك الدعاء للميت‪ ،‬أما التلقين‪-‬كما قل ُ‬
‫وإنما ُيدعى له وُيسأل له التثبيت‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وأما بالنسبة إلى سؤاله عن الرجوع قبل ذلك فالحاصل هو ل يجب عليه‬
‫أن يرافقهم إن لم تكن هنالك حاجة تدعو إلى ذهابه معهم كأن يكون هو‬
‫ضع الميت أو ما شابه ذلك ‪ ..‬إن لم‬ ‫البصر بهذا المر ول َيعرف أحد ٌ كيف يو َ‬
‫من أن يرجع‪ ،‬ولكن ل شك بأنه سيفوته‬ ‫تكن هنالك حاجة فل مانع ِ‬
‫الفضل؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫ححه‪ ،‬وهذا الذي وجدناه‪:‬‬ ‫ظر مع الشيخ متنه عنده ما دام قد ص ّ‬ ‫‪-1‬هذه صيغة الحديث كما ذكرها السائل‪ ،‬وُين َ‬
‫صّلى‬
‫حّتى ُي َ‬ ‫ن َمَعُه َ‬ ‫سابا َوَكا َ‬‫حِت َ‬‫سِلٍم ِإيَمانًا َوا ْ‬
‫جَناَزَة ُم ْ‬ ‫ل ‪َ ‬قال‪َ ) :‬م ِ‬
‫ن اّتَبَع َ‬ ‫لا ِ‬ ‫سو َ‬ ‫روى البخاري عن أبي هريرة‪َ : ‬أ ّ‬
‫ن َر ُ‬
‫ن‪،‬‬‫ن ُتْدَف َ‬
‫ل َأ ْ‬
‫عَلْيَها ُثّم َرجََع َقْب َ‬
‫صّلى َ‬ ‫ن َ‬ ‫حٍد‪َ ،‬وَم ْ‬ ‫ل ُأ ُ‬
‫ط ِمْث ُ‬
‫ل ِقيَرا ٍ‬
‫طْين ‪ُ ..‬ك ّ‬
‫جِر ِبِقيَرا َ‬
‫لْ‬‫نا َ‬‫جُع ِم َ‬
‫ن َدْفِنَها َفِإّنه َيْر ِ‬
‫غ ِم ْ‬‫عَلْيَها َوَيْفُر َ‬
‫َ‬
‫ط (‪.‬‬ ‫جُع ِبِقيَرا ٍ‬
‫َفِإّنُه َيْر ِ‬
‫ل الحسن أن يقال‪ " :‬قبل الدفن "‪ ،‬لليضاح‪.‬‬ ‫‪-2‬لع ّ‬
‫‪103‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪‬خامسا ‪ :‬أحكام صلة الخسوف والكسوف ‪‬‬


‫ن خسوفا كليا للقمر سيكون في سماء هذه الدنيا وسُيرى‪-‬‬ ‫س‪ :‬أطلعنا على أ ّ‬
‫ذا الخسوف كما ورد في السّنة ؟‬‫مل الناس مع ه َ‬
‫عا َ‬
‫من السلطنة‪ ،‬كيف ي َت َ َ‬‫أيضا‪ِ -‬‬
‫من المور‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫صَبحت الن ِ‬ ‫مور أ ْ‬ ‫ذه ال ُ‬ ‫ن معرفة هَ ِ‬ ‫ج‪ :‬أّول أِريد أن أن َّبه إلى أ ّ‬
‫دوث هذا المر‪-‬مثل‪ِ-‬بأنه سيحدث في الليلة‬ ‫ح ُ‬‫الواضحة الجلية ‪ ..‬أي معرفة ُ‬
‫سوف للقمر ك ُّليا أو يكون‬ ‫ذا الك ُ ُ‬ ‫الفلنية وفي الموِْقع الفلني وهل سيكون هَ َ‬
‫مناطق أو يكون في كل‬ ‫من ال َ‬ ‫ددة ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫منطقة ُ‬ ‫جزئيا ؟ وهل يكون في َ‬
‫جْزئيا ؟‬ ‫كون ك ُّليا أو ُ‬ ‫سي َ ُ‬
‫ل َ‬‫شمس ‪ ..‬هَ ْ‬ ‫سوف ال ّ‬ ‫مكان ؟ وهكذا ِبالِنسبة إلى ك ُ ُ‬
‫َ‬
‫من المواضع وإل فإنه ل ُيمكن أن‬ ‫وأريد ِبأنه سيكون ك ُّليا أيْ في موضع ِ‬
‫من المور‬ ‫ن ذلك ِ‬ ‫من العالم‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫كون كسوف الشمس كليا في كل مكان ِ‬ ‫يَ ُ‬
‫من المواضع أو في مواضع‬ ‫كن أبدا وإنما َيكون كليا في موضع ِ‬ ‫التي ل ُتم ِ‬
‫محصورة فل أريد ِبموضع في منطقة واحدة فقط وإّنما أريد في مواضع‬
‫من‬ ‫هذا ِ‬ ‫ددة‪ ،‬فتعيين ذلك سواء كان ذلك ِبالنسبة للشمس أو للقمر َ‬ ‫مح ّ‬ ‫ُ‬
‫من‬ ‫رية‪ ،‬ف َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ذا ي ُد َْرك ب ِهَذِهِ العلوم العَ ْ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫معَ الغَْيب‪ ،‬ل ّ‬ ‫المور التي ل ت َت ََنافى َ‬
‫دد في مثل هذه المور ل معرفة له ِبمثل هذه الحقائق‪ ،‬والنسان ينبغي‬ ‫ُيش ّ‬
‫َ‬
‫ذي ل علقة‬ ‫ما أن َيتكلم النسان ال ِ‬ ‫قُنه أ ّ‬ ‫له أن ي َت َك َّلم إذا أراد أن ي ََتكلم فيما ي ُت ْ ِ‬
‫صح‪ ،‬وهكذا بالنسبة‬ ‫ما ل ي َ ِ‬ ‫م ّ‬
‫له ِبعلم الفلك‪-‬مثل‪-‬في المسائل الفلكية فهذا ِ‬
‫من ل معرفة له ب ُِعلوم الشرع الحنيف ليس له أن يتكلم في عُُلوم ِ الشرع‬ ‫لِ َ‬
‫معَْرَفة َله ِبالطب ليس له أن يتكلم‬ ‫من ل َ‬ ‫جوٌر عليه‪ ،‬و َ‬ ‫ح ُ‬
‫م ْ‬ ‫الحنيف بل ذلك َ‬
‫ذا بالنسبة إلى علوم القتصاد وغيرها ‪ ..‬النسان إذا‬ ‫في القضايا الطبية‪ ،‬وهَك َ َ‬
‫حرا في‬ ‫عاِلما متب ّ‬ ‫أراد أن يتكلم فليتكلم فيما ُيتقنه فيمكن أن يكون النسان َ‬
‫قوم وي َت َك َّلم‬ ‫الفقه ولكن ل دراية له بعلوم الفلك فهل ُيمكن بعد ذلك أن ي َ ُ‬
‫صح‪ ،‬فإذن الكلم في مثل هذه القضايا‪-‬‬ ‫ما ل ي َ ِ‬ ‫م ّ‬
‫ذا ِ‬ ‫في المور الفلكية ؟! هَ َ‬
‫ما ل‬‫م ّ‬ ‫كما ذكرناه في قضية إمكان رؤية الهلل وفي عدم إمكان ذلك‪-‬هذا ِ‬
‫مب ِْني على حقائق ل َ‬ ‫ْ‬
‫من الكلم في أمور الغَْيب بل هو كلم َ‬ ‫س ِ‬ ‫س‪ ،‬وهو لي ْ َ‬ ‫ب َأ َ‬
‫مْثل هذه المور‪.‬‬ ‫من التسليم ل ِ ِ‬ ‫جاهَل ََها أو أن ُينكرها‪ ،‬فلبد ِ‬ ‫كن لحدٍ أن ي َت َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫أما ِبالنسبة إلى ماذا ُيشَرع في قضية حدوث الكسوف والخسوف ؟‬
‫ضهم يفرق بْين قضية‬
‫أّول‪ :‬الكسوف يكون للشمس ويكون للقمر ‪ ..‬ب َعْ ُ‬
‫من أهل‬
‫الكسوف وبين قضية الخسوف‪ ،‬والتفريق ل بأس به على رأي كثير ِ‬
‫العلم ‪ ..‬عندما َيقول النسان‪ " :‬الكسوف " للشمس و‪ " :‬الخسوف "‬
‫‪104‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من‬ ‫ذا وهذا على هذا فل مانع ِ‬ ‫ذا على هَ َ‬ ‫للقمر‪ ،‬أما عندما ي ُط ِْلق النسان هَ َ‬
‫من‬ ‫منهم َ‬ ‫أن َيقول‪ " :‬كسوف الشمس " وأن َيقول‪ " :‬كسوف القمر "‪ ،‬و ِ‬
‫م في ذلك كلم طويل ول حاجة إليه لنه ل‬ ‫ُيفّرق بْين هذين المرين ول َهُ ْ‬
‫من الحكام الشرعية‪.‬‬ ‫تتعلق به شيء ِ‬
‫ما الذي ثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬فإنه صلوات الله‬ ‫أ ّ‬
‫ج‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫خَر َ‬ ‫كسوف الشمس َ‬ ‫وسلمه عليه عندما عَِلم ب ِ ُ‬
‫قوم شخص‬ ‫شَرع أن ي َ ُ‬ ‫مسرعا َفزعا فأمر ِبأن ي َُناَدى للصلة‪ ،‬والذي ي ُ ْ‬ ‫وسلم‪ُ -‬‬
‫فينادي يقول‪ " :‬الصلة ُ جامعة " ‪ ..‬هكذا جاء في بعض الروايات ‪ ..‬ب َِرْفع‬
‫مَعة "‪،‬‬ ‫جا ِ‬ ‫ن الصلة َ َ‬ ‫ض الروايات‪ " :‬إ ّ‬ ‫ظ " الصلة "‪ ،‬وجاء في بع ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫لَ ْ‬
‫مَعة "‪،‬‬ ‫جا ِ‬ ‫ن الصلةَ َ‬ ‫فظ‪ " :‬إ ّ‬ ‫مَعة "‪ ،‬فَوََرد َ ب ِل َ ْ‬ ‫جا ِ‬ ‫قال‪ " :‬الصلةَ َ‬ ‫وُيمكن‪-‬أيضا‪-‬أن ي ُ َ‬
‫َ‬ ‫وَوََرد َ ب ِل َ ْ‬
‫مّرة واحدة‪،‬‬ ‫ن ذلك وَقَعَ َ‬ ‫من المعلوم ب ِأ ّ‬ ‫جامَعة "‪ ،‬و ِ‬ ‫فظ‪ " :‬الصلةُ َ‬
‫َ‬
‫ذا ل َي ْ َ‬
‫س‬ ‫حد اللفظين ولكن هَ َ‬ ‫والنبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أمر ب ِأ َ‬
‫من‬ ‫لبد ِ‬ ‫قال‪َ " :‬‬ ‫مْثل ذلك الّنص ‪ ..‬أي ل ي َل َْزم َأن ي ُ َ‬ ‫من المور التي ي ُت َعَّبد ِفيها ب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫جامعة ' أو َيقول‪ ' :‬الصلةَ جامعة ' أو يقول‪ ' :‬الصلةُ‬ ‫ن الصلةَ َ‬ ‫أن َيقول‪ ' :‬إ ّ‬
‫مَعة‬‫جا ِ‬‫مَعة " أو َيقول‪ " :‬الصلةَ َ‬ ‫جا ِ‬ ‫ن الصلة َ‬ ‫قول‪ " :‬إ ّ‬ ‫كن أن ي َ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫جامعة ' " ‪ ..‬ي ُ ْ‬
‫مَعة "‪ ،‬فالمر هَّين وإن كنا‬ ‫جا ِ‬
‫ن الصلةَ َ‬ ‫موا " أو َيقول‪ " :‬إ ّ‬ ‫" ‪ ..‬أيْ " الَز ُ‬
‫م ي َث ُْبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬إل أحد ُ‬ ‫نقول‪ :‬إنه ل َ ْ‬
‫ذا المر‪،‬‬ ‫مثل هَ َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫مّرة واحدة‪ ،‬فإذن النداء ي َ ُ‬ ‫ضَية حدثت َ‬ ‫ق َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫اللفظين‪ ،‬ل ّ‬
‫من ذلك إذا كان الناس ل‬ ‫مّرة واحدة ول أن ي ُك َّرر أكثر ِ‬ ‫فى ب ِ َ‬ ‫ماِنع أن ي ُك ْت َ َ‬ ‫ول َ‬
‫من ذلك‪،‬‬ ‫مَرات أو أكثر ِ‬ ‫َيسمعون ذلك‪ ،‬فيمكن أن ُيكّرر النسان ذلك ثلث َ‬
‫ت‬
‫م َيثب ْ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫م ّ‬‫ن ذلك ِ‬ ‫مة السلمية‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫شَرع في ذلك الذان بإجماع ال ّ‬ ‫ول ي ُ ْ‬
‫سلم‪.‬‬ ‫عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه و َ‬
‫من المور التي‬ ‫س ِ‬ ‫ن الصلة جامعة "‪-‬ل َي ْ َ‬ ‫فظ‪-‬وهو قول‪ " :‬إ ّ‬ ‫ذا الت ّل َ ّ‬ ‫هذا ‪ ..‬وه َ‬
‫مع ذلك ِبأن ُيرّدد ذلك خْلف‬ ‫من َيس َ‬ ‫طالب َ‬ ‫ُيتعّبد ِبها‪ ،‬فهو ل َْيس كالذان‪ ،‬فل ي ُ َ‬
‫من الناس في‬ ‫من َيأِتي ِبذلك اللفظ‪ ،‬كما أنه إذا كانت هنالك مجموعة ِ‬ ‫َ‬
‫دا فإنه ل ُيطالبون ِبأن َيقوم واحد‬ ‫َ‬ ‫حد أب َ ً‬ ‫من ُْهم أ َ‬ ‫حد ولْيس ِبالقرب ِ‬ ‫َ‬ ‫مكان َوا ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن المور التي ي ُت َعَّبد ب َِها كالذان‪-،‬‬ ‫م َ‬‫س ِ‬ ‫ذا لي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ذا اللفظ‪ ،‬ل ّ‬ ‫داء ب ِهَ َ‬ ‫منهم ِبالن ّ َ‬ ‫ِ‬
‫منفردا‪ ،‬كما أنه إذا كانت‬ ‫من النسان أن ي ُؤَّذن وَل َوْ كان ُ‬ ‫فالذان ي ُط َْلب ِ‬
‫منهم أحد فإّنهم‬ ‫ب ِ‬ ‫قْر ِ‬ ‫الجماعة واحدة كانوا في الطريق‪-‬مثل‪-‬وليس ِبال ُ‬
‫يطاَلبون ِبالذان‪ ،‬كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله‬
‫من المسجد‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-،‬فالحاصل إذا كان هنالك أحد ِبالقرب ِ‬
‫جد ولو كان‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م يكن هنالك َ‬ ‫مع النداء أو كان‪-‬أيضا‪-‬في َبادِي َةٍِ وَل َوْ ل َ ْ‬ ‫من َيس َ‬ ‫م ّ‬ ‫ِ‬
‫م على الحضور إلى‬ ‫من ل قدرة ل َهُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫من النساء و ِ‬ ‫معون ذلك ِ‬ ‫الذين َيس َ‬
‫صّلي‬ ‫شَرع النداء حتى ي ُ َ‬ ‫ضى أو كبار أو ما شابه ذلك فإنه ي ُ ْ‬ ‫مْر َ‬ ‫من َ‬ ‫المسجد ِ‬
‫ذا ِبالّنسبة إلى‬ ‫جد وهَك َ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ب إلى الم ْ‬ ‫مك ُِنه أن ي َذ ْهَ َ‬ ‫جُز الذي ل ي ُ ْ‬ ‫الَعا ِ‬
‫ة‪-‬على الصحيح‪-‬سواء كان ذلك في‬ ‫ماعَ ً‬ ‫ج َ‬‫صّلون َ‬ ‫الّنساء‪ ،‬فبعد ذلك ي ُ َ‬
‫الكسوف أو في الخسوف‪ ،‬أما الكسوف فقد ثبت ذلك في سّنة النبي‪-‬صلى‬
‫‪105‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ثبوتا ل شك فيه‪ ،‬وأما ِبالنسبة إلى خسوف القمر‬
‫دا‪-‬‬‫ج ً‬‫من طريق ضعيفة ِ‬ ‫من السّنة‪-‬إذ إنه جاء ِ‬ ‫م يثبت ِ‬ ‫ن ذلك وإن كان ل َ ْ‬ ‫فإ ّ‬
‫سوف إذ ْ ل َ فَْرق ب َي ْن َُهما‪.1‬‬ ‫واِقع عََلى الك ُ ُ‬ ‫مول في حقيقة ال َ‬ ‫ح ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ولكنه َ‬
‫من الطالة في‬ ‫ظن أّنه ل َبأس ِ‬ ‫ماء‪ ،‬وأ ُ‬ ‫صلة قد اختَلف فيها العُل َ َ‬ ‫فية ال ّ‬ ‫وك َي ْ ِ‬
‫كر فُُروٍع‬ ‫ن المسألة َتحَتاج إلى ذِ ْ‬ ‫هذه القضية ولو است َغَْرقَْنا الوَْقت ل ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ك باختصار شديد‪:‬‬ ‫ماء ِفيَها‪ ،‬وأذ ْك ُُر ذ َل ِ َ‬ ‫ف العُل َ َ‬‫لة اخت َل َ َ‬
‫ص َ‬ ‫فَية ال ّ‬ ‫مت َعَد َّدة ‪ ..‬ك َي ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫ن النسان ُيصلي ركعتين كالصلوات الَعاِدية‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫ض أهل العلم إلى أ ّ‬ ‫ب ب َعْ ُ‬ ‫‪-1‬ذ َهَ َ‬
‫ظهر أو ما شابه ذلك‪ِ-‬بشرط أن ُيطيل‬ ‫أيْ كصلة سّنة الفجر أو سّنة ال ّ‬
‫من‬ ‫في القراءة والركوع والسجود‪ ،‬و‪-‬طبعا‪-‬قولي " ِبشرط " ليس ِ‬
‫منها وإّنما ذلك على أّنه سّنة ثابتة عن النبي صلى الله‬ ‫الشروط التي لبد ِ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وأُقول‪ " :‬سّنة ثابتة " ‪ ..‬أيْ الطالة ل الكتفاء‬ ‫َ‬
‫من أهل العلم‪.‬‬ ‫ت إليها ‪ ..‬هذا مذهب طائفة ِ‬ ‫بركعتين كالسنن التي أشر ُ‬
‫من‬ ‫من أهل العلم إلى أنه يصلي كأحدث صلةٍ صلها ِ‬ ‫‪-2‬وذهبت طائفة ِ‬
‫الفرائض‪ ،‬فإذا صلى بعد صلة الظهر فإنه يصلي أربع ركعات كصلة الظهر‪،‬‬
‫وإذا صلى بعد صلة الفجر فإنه يصلي ركعتين كصلة الفجر‪ ،‬وهكذا ِبالّنسبة‬
‫حجة‪.‬‬ ‫ضِعيفة ل تقوم ب َِها ُ‬ ‫روايةٍ َ‬ ‫جوا على ذلك ب ِ ِ‬ ‫قية الصلوات‪ ،‬واحت ّ‬ ‫إلى ب َ ِ‬
‫قد احتجوا ب َِبعض الروايات ولكن تلك الروايات معاَرضة‬ ‫ما الولون فَ َ‬ ‫وأ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫من َْها ِفي سّنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫ح وأث َْبت ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫ب َِرَواَيات أ َ‬
‫وسلم‪.‬‬
‫ض أهل الِعلم إلى أنه ُيصلي ركعتين ويأتي في كل َرك َْعة‬ ‫ب بع ُ‬ ‫‪-3‬وَذ َهَ َ‬
‫عين‪.‬‬ ‫كو َ‬ ‫ب ُِر ُ‬
‫كل َركعة ب ُِر ُ‬ ‫ن ي َأِتي في ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫عين‬‫كو ِ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫خّير إ ّ‬ ‫ب بعض أهل العلم إلى أّنه ي ُ َ‬ ‫‪-4‬وذ َهَ َ‬
‫ْ‬
‫أو أن يأتي في كل ركعة ب َِثلَثة أو أن ي َأِتي في كل ركعة ِبأربعة أو أن يأتي‬
‫خي َّر بْين الثلثة الولى‪.‬‬ ‫ضهم الخمسة فَ َ‬ ‫مسة‪-5 .‬وأن ْك ََر ب َعْ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫في كل ركعة ب ِ َ‬

‫‪-1‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 13‬من حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م (‪ " :‬قد اختَلف الناس في‬
‫حَدَثت آيٌة ِمن اليات الخرى كالّزْلَزَلة أو‬
‫ل‪-‬أيضا‪-‬إذا َ‬‫شَم ُ‬
‫صة ِبالكسوف والخسوف أو َت ْ‬ ‫هذه الصلة هل هي خا ّ‬
‫عاِدية وما شابه ذلك ِمن المور ؟‬ ‫صَواعق التي َلم تكن َ‬
‫ال ّ‬
‫ف والكسوف‪.‬‬ ‫صة ِبالخسو ِ‬ ‫َفِمنهم َمن قال‪ :‬هي خا ّ‬
‫ل أمٍر َمُهول َلم َيكن ُمعتادا‪.‬‬
‫وِمنهم َمن قال‪ :‬هي شاِمَلة ِلك ّ‬
‫ف والّزلزلة‪.‬‬ ‫ف والخسو ِ‬ ‫صة ِبالكسو ِ‬ ‫وِمنهم َمن قال‪ :‬هي خا ّ‬
‫جٌه وجيه ِمن الصواب فهو الذي نراه "‪.‬‬ ‫والقول ِبالُعُموم في مثل هذه المور له َو ْ‬
‫‪106‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫والقول ب ِأ َّنه ي َْأتي في كل ركعة بركوعين هو القول الصحيح‪ ،1‬وهو الذي‬


‫شْرح " الجامع "‬ ‫ذهب إليه المام السالمي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬في َ‬
‫ذي‬ ‫من أهل العلم‪ ،‬وذلك هو ال ِ‬ ‫] ج ‪ ،1‬ص ‪ ،[ 284‬وهو قول طائفة ك َِبيرة ِ‬
‫ل عَل َْيه السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬ ‫ت َد ُ ّ‬
‫ن الروايات الِتي جاء فيها أنه صّلى ِبثلثة ركوعات أو ِبأربعة أو‬ ‫وذلك ل ّ‬
‫سة ‪ ..‬كل ِتلك الروايات ل َتثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫م َ‬‫خ ْ‬ ‫بِ َ‬
‫مت ِْنه‪،‬‬‫من جهة َ‬ ‫منها ما هو شاذ ّ ِ‬ ‫من جهة إسناده و ِ‬ ‫مْنها ما هو ضعيف ِ‬ ‫وسلم‪ِ ،‬‬
‫ده صلى الله عليه‬ ‫مّرة ً واحدة في عَهْ ِ‬ ‫من المعلوم أن هَذِهِ القضية حدثت َ‬ ‫و ِ‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم ‪ ..‬في الي َوْم ِ الذي مات فيه إبراهيم ابن النبي صلى‬
‫كرر ذلك في حياته صلوات الله وسلمه‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ول َ ْ‬
‫م ي َت َ َ‬
‫َ‬
‫مّرة‬
‫كوعْين و َ‬ ‫مّرةً ب ُِر ُ‬‫كروا ب ِأّنه صّلى َ‬ ‫ض أهل العلم وذ َ َ‬ ‫عليه‪ ،‬كما اّدعى ذلك بع ُ‬
‫مّرة بأربع وهكذا ‪ ..‬أقول‪ :‬تلك الروايات ل ت َث ُْبت عن النبي‪-‬صلى الله‬ ‫ب َِثلث و َ‬
‫ظاهَِرة‬ ‫ن ت ِْلك الّرَوايات َ‬ ‫كوعَْين‪ُ ،‬ثم إ ِ ّ‬ ‫ست ِث َْناء رواية الّر ُ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪ِ-‬با ْ‬
‫َ‬
‫ددة حتى َنقول‪" :‬‬ ‫مَتع ّ‬ ‫مّرات َ‬ ‫ست في َ‬ ‫حد ََثت في مّرة واحدة ول َي ْ َ‬ ‫جل َِية ب ِأّنها َ‬ ‫َ‬
‫من‬ ‫ن َذلك قد َتكّرر في حياة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم "‪ ،‬و ِ‬ ‫إ ّ‬
‫‪-1‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 13‬من حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م (‪ " :‬أما كيفيُة هذه الصلة‬
‫ض الروايات ِبُرُكوعْين‪-3 .‬‬ ‫ل ركعة َتكون ِبُرُكوع‪-2 .‬وجاء في بع ِ‬ ‫تكّ‬ ‫ت ُمَتعّدَدة‪-1 :‬جاء ْ‬ ‫سّنة على صفا ٍ‬ ‫ت في ال ّ‬‫فقد جاء ْ‬
‫لها النسان‪،‬‬ ‫ث صلةٍ ص ّ‬ ‫حَد ِ‬ ‫ل َأ ْ‬
‫ضها كِمْث ِ‬‫ضها ِبخمسة‪-6 .‬وفي بع ِ‬ ‫ضها ِبأربعة‪-5 .‬وفي بع ِ‬ ‫ضها ِبثلثة‪-4 .‬وفي بع ِ‬ ‫وفي بع ِ‬
‫فإذا كان ذلك بعَد صلة المغرب فتكون الصلة كِمثل صلة المغرب أو بعَد الِعشاء كِمثل صلة الِعشاء أو بعَد الفجر‬
‫كِمثل صلة الفجر‪ ،‬أو الظهر أو العصر فهكذا‪.‬‬
‫سع والعشرين‬ ‫ت في التا ِ‬‫حَدث ْ‬‫حَدَثت في عهد النبي ‪َ ‬مّرة واحدة‪ ،‬وقد َ‬ ‫ن هذه الحادثة‪-‬أي حادثة الكسوف‪َ -‬‬ ‫وِمن المعلوم أ ّ‬
‫ث في الساعِة الثامنة‬ ‫حَد َ‬ ‫ن ذلك َ‬ ‫ت في بعضِ الكتب بأ ّ‬ ‫ِمن شوال في يوم الثنين بعَد طلوع الشمس ِبَوقت‪ ،‬وقد قرأ ُ‬
‫والنصف‪.‬‬
‫شر ِمن الشهر فذلك َباطل‪ ،‬إذ ل ُيمِكن أن َيَقَع الخسوف إل عند‬ ‫ن ذلك َوَقَع في العا ِ‬‫ض الروايات ِبأ ّ‬ ‫وأما ما ُروي في بع ِ‬
‫خِر َيْوِم الثاِمن‬
‫ث على ما قيل‪-‬أيضا‪-‬في أوا ِ‬ ‫سع والعشرين أو في الثلثين وُيمِكن أن َيحد َ‬ ‫سَرار القمر ‪ ..‬أي في التا ِ‬ ‫سِت ْ‬
‫اْ‬
‫سع أو الثاِمن أو الخاِمس عشر أو ما شابه ذلك وأعني ِبهذا الكسوف ل الخسوف فهذا‬ ‫شر أو التا ِ‬ ‫والعشرين‪ ،‬أّما في العا ِ‬
‫ِمما ل ُيمكن‪ ،‬أّما الخسوف فإّنه َيَقع في ليلِة الراِبع عشر أو الخاِمس عشر‪ ،‬ولذلك َنرى أّنه ل معنى ِلما َيذُكره كثيٌر ِمن‬
‫ضهم‬ ‫عيد هل ُتَقّدم صلُة العيد أو الكسوف ؟ لّنه ل ُيمكن أن َيَقَع ذلك أبدا‪ ،‬وقول بع ِ‬ ‫فوِ‬ ‫ل العلم ِمن أّنه إذا اجتَمع كسو ٌ‬ ‫أه ِ‬
‫ل ِلهذه الموِر أسبابا وهي َتَقع على حسب ما أراَدُه ال‬ ‫جَع َ‬
‫ث ما شاء ولكن قد َ‬ ‫ث ما شاء فنعم ‪ُ ..‬يحِد ُ‬ ‫ن ال ‪ ‬قد ُي ْ‬
‫حِد ُ‬ ‫بأ ّ‬
‫سَرار القمر على ما ذكرُته‪.‬‬ ‫سِت ْ‬
‫جَعَله ِمن هذه السباب فل ُيمِكن أن َيَقَع ذلك إل عنَد ا ْ‬ ‫‪ ‬وما َ‬
‫ن َيكون قد صّلى صلوات ال وسلمه عليه ِبهذه‬ ‫فإذن ذلك َلم َيحُدث في عهِد النبي ‪ ‬إل مّرة واحَدة‪ ،‬فل ُيمكن َأ ْ‬
‫جح أّنه َقد صّلى ركعتْين‬ ‫جح ِمن هذه الكيفيات‪ ،‬والّرا ِ‬ ‫ث عن الرا ِ‬ ‫الكيفّيات‪ ،‬وإذا كان المر كذلك فإّنه لبد ِمن أن َنبح َ‬
‫عْين "‪.‬‬‫وصّلى كلّ ركعٍة بُرُكو َ‬
‫وقال الشيخ‪-‬أيضا‪-‬عند جوابه على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 25‬رمضان ‪1425‬هـ ) ‪ 9‬نوفمبر ‪2004‬م (‪َ " :‬تكّلم بع ُ‬
‫ض‬
‫ي الستسقاء واجتمع مع ذلك أيضا كسوف‪ ،‬فِبماذا َيبدؤون ؟‬ ‫ت الجماعُة أن ُتصّل َ‬ ‫ت صلُة العيد وأراد ْ‬ ‫العلماء أن لو اجتمع ْ‬
‫ن الهيئة َتختِلف في هاتين‬ ‫ت واحد‪ ،‬ل ّ‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬ل ُيشَرع أن ُيجَمع بْين صلِة العيد وبْين صلِة الستسقاء في وق ٍ‬
‫صة في السّنة فل ينبغي الجمع بينهما‪ ،‬وإذا أرادوا أن‬ ‫ل واحدٍة منهما هيئٌة خا ّ‬ ‫الصلتين أو في هاتين الحالتين ‪ ..‬لك ّ‬
‫َيستسقوا فلَيستسقوا ِبالدعاء كما دعا النبي ‪ ‬في خطبة الجمعة وكذلك فلَيكن في خطبة العيد‪ ،‬أما ِبالنسبة إلى صلة‬
‫ف ل ُيمِكن أن َيقَع في هذا اليوم رْأسا‬ ‫ن الكسو َ‬‫الكسوف فهؤلِء‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬الذين ذكروا هذا الكلم لم َيتصّوروا أ ّ‬
‫ي شهٍر ول في‬ ‫سَرار وذلك ل ُيمِكن أن َيكون ل في اليوم الحادي ِمن شوال بل ول ِمن أ ّ‬ ‫سِت ْ‬
‫ت ال ْ‬ ‫فهو ل َيكون إل في وق ِ‬
‫عِلموا ذلك َلما‬ ‫سَرار القمر‪ ،‬فلو َ‬ ‫سِت ْ‬
‫خر‪ ،‬فهو ل َيكون إل في حالة ا ْ‬ ‫ي شهٍر آ َ‬‫جة بل ول ِمن أ ّ‬ ‫حّ‬ ‫شر ِمن شهِر ذي ال ِ‬ ‫اليوم العا ِ‬
‫َذكروا هذه المسألَة على الطلق ‪ ..‬هذا الذي ُنريد أن ُننّبه عليه "‪.‬‬
‫‪107‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من‬ ‫دد َبل لبد ِ‬ ‫قول بالت ّعَ ّ‬ ‫مكن أن ن َ ُ‬ ‫ج واحدا فإنه ل ي ُ ْ‬ ‫المعُْلوم أّنه إذا كان المخَر ُ‬
‫من باب زيادات الّثقات‪-‬كما‬ ‫من تلك الروايات‪ ،‬وليس هذا ِ‬ ‫جح ِ‬ ‫أن نأخذ ِبالرا ِ‬
‫من باب المحفوظ والشاذ‪ ،‬فالمحفوظ تلك‬ ‫اّدعى ذلك بعضهم‪-‬وإّنما ذلك ِ‬
‫من أنه قد وقع‬ ‫ضهم ِ‬ ‫ما ذ َك ََرهُ بع ُ‬ ‫س إل‪ ،‬و َ‬ ‫ت بالركوعْين لي ْ َ‬ ‫الروايات التي جاء ْ‬
‫من‬ ‫ن ذلك جاء ِ‬ ‫كة المكرمة فَذ َِلك ل َيثبت على الصحيح‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ذلك في َ‬
‫هد أنه َيتكّرر ذلك‪،‬‬ ‫من المشا َ‬ ‫قوم ب َِها الحجة‪ ،‬وقول بعضهم‪ " :‬إنه ِ‬ ‫طريق ل ت َ ُ‬
‫دة التي عاشها النبي‪-‬صلى الله عليه‬ ‫َ‬
‫من الم ّ‬ ‫صر ِ‬ ‫دة أق َ‬ ‫م ّ‬ ‫وام في ُ‬ ‫دة أعْ َ‬ ‫ففي ع ّ‬
‫من مّرة‬ ‫ث ذ َِلك في أكثر ِ‬ ‫حد َ َ‬‫كون َ‬ ‫كر أن ي َ ُ‬ ‫وعلى آله وسلم‪-‬فكيف ُيمكن أن ن ُن ْ ِ‬
‫دير في خلل عشر سنوات‬ ‫َ‬
‫سَنة أو على أَقل ت َ ْ‬
‫ق ِ‬ ‫في خلل ثلث وعشرين َ‬
‫َ‬
‫ن هذه‬ ‫م مردود‪ ،‬ل ّ‬ ‫قي فيها النبي ‪ ‬في المدينة " ‪ ..‬أُقول‪ :‬هذا كل ٌ‬ ‫التي ب َ ِ‬
‫ت في السنة التي مات‬ ‫شرِعَ ْ‬ ‫داَية المر وإّنما ُ‬ ‫م تكن مشروعة في ب ِ َ‬ ‫الصلة ل َ ْ‬
‫َ‬
‫خرة جدا‬ ‫مت َأ ّ‬ ‫ي عنه‪-‬فمشروعية هذه الصلة ُ‬ ‫فيها إبراهيم ابن النبي‪  -‬وََرض َ‬
‫عت هذه الصلة فب ِذ َِلك ي َت َب َّين‬ ‫شر ِ َ‬ ‫ث إل مّرة واحدة بعد أن ُ‬ ‫م َيحد ُ ْ‬ ‫وذلك ل َ ْ‬
‫من‬ ‫واب في هذه القضية وإل هذا الكلم لو كانت هذه الصلة مشروعة ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ال ّ‬
‫دث ذ َِلك ولكن‬ ‫دا أل ّ ي َ ْ‬
‫ح ُ‬ ‫من المستبَعد ج ً‬ ‫قُبول‪ ،‬لنه ِ‬ ‫م ْ‬
‫كان َ‬ ‫داَية الهجرة‪-‬مثل‪َ -‬‬ ‫بِ َ‬
‫َ‬
‫مْرُدود‪ ،‬ثم‬ ‫ن هذا الكلم َ‬ ‫دا فإ ّ‬ ‫ج ّ‬ ‫خر ِ‬ ‫مت َأ ّ‬ ‫ت ُ‬ ‫شَرع إل في وَقْ ٍ‬ ‫ن َظ ًَرا إلى أّنها ل َ ْ‬
‫م تُ ْ‬
‫حد فل ُيمكن أن َنقول ب ِت َك َّرر ِذلك ِللنبي‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ت‪ُ -‬‬ ‫خرج الّرَواَيات‪-‬كما قل ُ‬ ‫م ْ‬‫ن َ‬ ‫إ ّ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فإذن الفضل أن ي َت ِّبع النسان السّنة‬
‫الصحيحة الثابتة عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وأن ُيصلي‬
‫ما الّنساء ِفإَذا‬ ‫كون هذه الصلة جماعة ِبالّنسبة للرجال‪ ،‬أ ّ‬ ‫ركعتين وأن ت َ ُ‬
‫ن ِبالّرجال فل مانع‬ ‫خت َل ِط ْ َ‬‫م يَ ْ‬ ‫زيَنة ول َ ْ‬ ‫جات ب ِ ِ‬ ‫مت َب َّر َ‬
‫خرجن ُ‬ ‫من غَْير أن ي َ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ج َ‬ ‫خَر ْ‬ ‫َ‬
‫معَ الّرجال‪.‬‬ ‫من الصلة َ‬ ‫ِ‬
‫فَية الَتاِلية‪:‬‬ ‫صلة يأتي ب َِها المصلي على الك َي ْ ِ‬ ‫هذه ال ّ‬
‫قَرأ سورة الفاتحة ثم يأتي بسورة طويلة ولو أمكن‬ ‫‪1‬‬ ‫ُ‬ ‫‪-1‬ب َعْد َ تكبيرة الحرام ي َ ْ‬
‫أن يكون ذلك كسورة البقرة فذلك هو الّثابت ‪ ..‬ل أقول‪ " :‬الثابت أن يأتي‬
‫ن الرواية ل دليل فيها على ذلك‪-‬وإّنما يأتي ِبمثل ذلك‬ ‫ِبالسورة نفسها "‪-‬إذ إ ّ‬
‫المقدار‪.‬‬
‫ي العظيم " ‪ ..‬يطيل‬ ‫ول‪ " :‬سبحان َرب ّ َ‬ ‫طيل في الركوع ي ُك َّرر قَ ْ‬ ‫كع وي ُ ِ‬ ‫‪-2‬ثم ي َْر َ‬
‫دا‪.2‬‬‫ج ّ‬ ‫الركوع ِ‬
‫طيل في قَِيامه ُثم يقرأ‪ ،‬واختَلفوا ماذا َيقرأ في هذا الوقت ؟‬ ‫م وي ُ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫‪ُ-3‬ثم ي َ ُ‬
‫ن‬
‫من القرآن ولكن َيكو ُ‬ ‫من قال‪َ :‬يأِتي ِبفاتحة الكتاب ويقرأ شيئا كثيرا ِ‬ ‫منهم َ‬ ‫ِ‬
‫من الذي أتى به قبل هذا الركوع‪.‬‬ ‫أقصر ِ‬

‫‪-1‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 13‬من حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م (‪ُ " :‬يَكّبُر الحرام ُثم‬
‫َيستعيُذ‪-‬كما هو معلوم‪-‬وَيقرُأ الفاِتحة ‪." ...‬‬
‫‪-2‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 13‬من حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م (‪ُ " :‬يكِْثر فيه ِمن التسبيح‬
‫ل كثيرا في ذلك "‪.‬‬
‫طي ُ‬
‫شر بل ُي ِ‬
‫ث مرات أو ِبخمس أو ِبع ْ‬ ‫ل‪‬لأ ْ‬
‫ن َيكتِفي ِبثل ِ‬
‫‪108‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من قال‪ :‬إنه ل َيأِتي بفاتحة الكتاب بل َيشَرع في قراءة السورة‬ ‫منهم َ‬ ‫و ِ‬
‫شرة‪.‬‬ ‫مبا َ‬
‫من المرْين وإن كان القول ِبأنه ل‬ ‫ل على واحدٍ ِ‬ ‫ضح َيد ّ‬ ‫وليس هنالك دليل وا ِ‬
‫ْ‬
‫ح في‬ ‫ض ٌ‬‫ص َوا ِ‬ ‫س هنالك ن َ ّ‬ ‫س ِبه ولكن ل َي ْ َ‬ ‫يأتي ِبفاتحة الكتاب له وجه ل ب َأ َ‬
‫السّنة أبدا‪.‬‬
‫ما صنعه‬ ‫م ّ‬‫طيل في الركوع ولكن َيكون أقل ِ‬ ‫كع وي ُ ِ‬ ‫طيل في القراءة ثم َير َ‬ ‫‪-4‬ي ُ ِ‬
‫في الركوع السابق‪.‬‬
‫قَيام السابق‪.‬‬ ‫من ال ِ‬ ‫‪-5‬ثم يقوم ويطيل في قيامه ويكون ذلك أقل ِ‬
‫جوِده‪.‬‬ ‫س ُ‬
‫‪-6‬ثم يسجد ويطيل في ُ‬
‫ن قَِراَءِته‬ ‫سابقة إل أ ّ‬ ‫‪-7‬ثم يقوم ويأتي بالركعة الثانية ‪ ..‬يأتي ب َِها كالركعة ال ّ‬
‫قة‪.3‬‬ ‫ساب ِ َ‬‫من قَِراِءِته في الّركعة ال ّ‬ ‫تكون أقل ِ‬
‫صَرة ي ُب َّين ِفيَها هَ َ‬ ‫خط َْبة ُ‬ ‫صل ََته ثم يأتي ب ِ ُ‬ ‫‪-8‬ثم بعد ذ َِلك ي َن ْت َِهي ِ‬
‫‪4‬‬
‫ذا‬ ‫خت َ َ‬‫م ْ‬ ‫من َ‬
‫ما‬
‫جّنة و َ‬ ‫م ال َ‬ ‫ث الناس على الت ّوَْبة إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وي ُب َّين ل َهُ ْ‬ ‫ح ّ‬‫المر وي َ ُ‬
‫م النار والعياذ بالله‪-‬تبارك‪-‬‬ ‫ده الله ‪ِ ‬فيها ل ِعَِباِده المتقين وي ُب َّين ل َهُ ْ‬ ‫أع ّ‬
‫مين‬ ‫عَباَده المجرِ ِ‬ ‫ما ت َوَعّد َ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ب ِهِ ِ‬ ‫ما يقرب إل َي َْها و َ‬ ‫م ّ‬‫منها و ِ‬ ‫ِ‬
‫شَرع ِللّناس أن ي َذ ْك ُُروا الله‬ ‫جوع إلى الله‪ ،‬وي ُ ْ‬ ‫عو الناس إلى التوبة والّر ُ‬ ‫وَيد ُ‬
‫ض‬‫ثبت ذلك في ب َعْ ِ‬ ‫صد ُّقوا كما‬ ‫حوه وأن ي َب ْت َهُِلوا إلْيه وأن ي َت َ َ‬ ‫‪ ‬وأن ي ُ َ‬
‫سب ّ ُ‬
‫ي‬ ‫َ‬
‫مَر ِبالعِْتق‪ ،‬فهذه هِ َ‬ ‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أ َ‬ ‫الحاديث أ ّ‬
‫ل ذلك في‬ ‫‪-3‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 13‬من حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م (‪ " :‬وَيصنع مث َ‬
‫صر ِمن الركعِة الولى‪ ،‬فَتكون القراءة الولى التي هي‬ ‫ن ذلك َيكون أَقل ‪ ..‬أي َتكون الركعة الثانية َأق َ‬ ‫الركعِة الثانية‪ ،‬ولك ّ‬
‫صر ِمن القراءة التي تكون بعد الركوع الّول ِمن الركعة الولى ‪ ..‬هذا ما يظهر لي‪.‬‬ ‫قبل الركوع الّول أْق َ‬
‫صر ِمن الّول كما‬ ‫صر ِمن الركوع الذي ذكرناه سابقا والثاني َأق َ‬ ‫ب ما وصفناه وَيكون ركوعه َأق َ‬ ‫ُثم َيرَكع على حس ِ‬
‫أشرت‪.‬‬
‫ل ذلك‪ ،‬وهكذا على حسب ما وصفناه‪ ،‬فهذه‬ ‫صر ِمّما جاء ِبه قب َ‬ ‫ُثم َيقوم وَيقرُأ الفاِتحَة وسورًة أو َمجموعًة ِمن اليات َأق َ‬
‫حه المام السالمي‪-‬رحمه ال‪-‬أو‬ ‫حَ‬‫ل العلم‪ ،‬وص ّ‬ ‫ب إليه جماعٌة ِمن أه ِ‬ ‫ل قد َذَه َ‬‫الروايُة هي الرواية الصحيحة‪ ،‬وهذا القو ُ‬
‫حه في شرح " الجامع " ] ج ‪ ،1‬ص ‪ [ 284‬والمعَنى واحد‪.‬‬ ‫جَ‬
‫رّ‬
‫ح السناد وَيكون الـمْتن شاّذا‪ ،‬وهذا هو‬ ‫صّ‬‫أما َبقيُة الروايات فهي إّما ضعيفُة السند أو ضعيفُة المتن‪ ،‬وِمن المعلوم أّنه قد َي ِ‬
‫ف هذه الرواية ل َتْثُبت ِمن‬ ‫ت ِبخل ِ‬ ‫ل تلك الروايات التي جاء ْ‬ ‫ض هذه الروايات‪ ،‬فك ّ‬ ‫الواِقع الذي ليس له ِمن داِفع في بع ِ‬
‫ضها‪.‬‬‫ت أسانيُد بع ِ‬
‫جهة ُمتوِنها وإن َثَبَت ْ‬
‫خّير َبْين هذه المور فذلك ِمّما ل َينبِغي لحٍد أن َيقول ِبه ِلما‬ ‫ن النسان ُم َ‬ ‫حِة الروايات وأ ّ‬ ‫صّ‬‫ضهم ِمن ِ‬ ‫أما ما َذَكَره بع ُ‬
‫ل ِبه أحٌد ‪ ..‬هذا ما‬‫حد فهذا ِمّما ل ُيمِكن أن َيقو َ‬ ‫ن ذلك ُمّت ِ‬‫ن القضية واحدة ‪ ..‬لو َتَعّدَد ذلك لكان ُممِكنا أّما وأ ّ‬ ‫ذكرناه ِمن أ ّ‬
‫َينبِغي أن ُيَقال "‪.‬‬
‫ي أّنه هل ُيشَرع‬ ‫‪-4‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 13‬من حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م (‪َ " :‬بِق َ‬
‫ب خطبًة بعد ذلك أو ل ؟ في ذلك خلف بْين أهل العلم‪:‬‬ ‫ن أن َيخط َ‬ ‫ِللنسا ِ‬
‫ِمنهم َمن قال‪ُ :‬يشَرع ذلك‪.‬‬
‫وِمنهم َمن قال ِبعدم مشروعيِة ذلك‪.‬‬
‫والذين قالوا ِبمشروعيِة الخطبة اختَلفوا‪:‬‬
‫قيل‪َ :‬يخطب خطبتْين‪.‬‬
‫ن أن َيخطب خطبتْين إل ِللجمعة‪ ،‬أما ِبالنسبة إلى‬ ‫وقيل‪َ :‬يخطب خطبًة واحدة‪ ،‬وهو الصحيح‪ ،‬إْذ إّنه ل ُيشَرع ِللنسا ِ‬
‫ل على مشروعيِة الخطبتْين‬ ‫سن يُد ّ‬
‫حَ‬
‫ث صحيح ثاِبت ول َ‬ ‫الكسوف والخسوف والّزْلَزلة وما شابه ذلك ‪ ...‬فإّنه َلم َيِرْد حدي ٌ‬
‫"‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ص َ‬
‫لة‬ ‫ن‪-‬أيضا‪-‬المر ِفي َ‬ ‫كو ُ‬ ‫ذا ي َ ُ‬‫ف وهَك َ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫لة الك ُ ُ‬‫ص َ‬ ‫صَرة ل ِ َ‬ ‫خت َ َ‬ ‫فة الم ْ‬ ‫ص َ‬‫ال ّ‬
‫مر‪.‬‬ ‫ق َ‬ ‫ف ال َ‬ ‫سو ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ُ‬
‫هل‪-1 :‬‬ ‫جهًْرا ؟ أيْ َ‬‫كون َ‬ ‫سًرا أو ت َ ُ‬ ‫كون ِ‬ ‫ل تَ ُ‬‫ماء في القراءة هَ ْ‬ ‫وََقد اختَلف العُل َ َ‬
‫من المغرب والعشاء وفي‬ ‫جهَُر في الركعتين الول َي َْين ِ‬ ‫جهًْرا كما ي َ ْ‬ ‫قرأ المام َ‬ ‫يَ ْ‬
‫سر‬ ‫َ‬ ‫ص َ‬
‫قاء ‪-2‬أو أّنه ي ُ ِ‬ ‫س َ‬
‫لة الست ِ ْ‬ ‫جر وفي صلة الجمعة والِعيد وفي َ‬ ‫ف ْ‬ ‫فريضة ال َ‬
‫جهَُر‬ ‫سّر في النهار وي َ ْ‬ ‫جْهر ‪-4‬أو أّنه ي ُ ِ‬ ‫القراءة ‪-3‬أو أنه ُيخّير بْين السرار وال َ‬
‫َ‬
‫دي‬ ‫عن ْ ِ‬
‫ح تلك القوال ِ‬ ‫في الّليل ؟ هِذِهِ القوال موجودة عند أهل العلم‪ ،‬وأْر َ‬
‫ج ُ‬
‫لة‬ ‫ص َ‬ ‫واًء كان ذ َِلك في َ‬ ‫س َ‬
‫قَراَءة َ‬ ‫جهَُر ِبال ِ‬‫ن المام ي َ ْ‬ ‫ن َقال‪ " :‬إ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬‫هُوَ قَوْ ُ‬
‫ُ‬
‫من أجل اليضاح والبيان ‪..‬‬ ‫ما ِ‬ ‫سوف أو في صلة الخسوف " وَأفَّرق ب َي ْن َهُ َ‬ ‫الك ُ ُ‬
‫َ‬
‫هي‬ ‫ذه ِ‬ ‫ضَية‪ ،‬فإذن هَ ِ‬ ‫ق ِ‬‫ل الِعلم في هِذِهِ ال َ‬ ‫وال أهْ ِ‬ ‫من أقَ َ‬ ‫ذا هُوَ الذي َيظَهر لي ِ‬ ‫هَ َ‬
‫فَية الصلة‪.‬‬ ‫ك َي ْ ِ‬
‫سوف ولكن‬ ‫خ ُ‬ ‫سوف أو ال ُ‬ ‫ؤَية الك ُ ُ‬‫من ُر ْ‬ ‫ماِنع ِ‬
‫ع َ‬
‫من َ َ‬‫و َ‬‫من الّناس‪-‬مثل‪-‬ل َ ْ‬ ‫َيسأل كثير ِ‬
‫ه الصلة‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل يُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هل ال َ‬ ‫َ‬
‫ذ ِ‬
‫ه ِ‬
‫ع لَنا أن ن َأِتي ب ِ َ‬ ‫شَر ُ‬ ‫ذه الساعة َ‬ ‫ه ِ‬‫فلك ب ِأّنه َيقع في َ‬ ‫قّرر أ ْ‬
‫شَرع ذَِلك ؟‬ ‫أو ل ي ُ ْ‬
‫معَّلق ِبرؤيةِ ذلك‪ ،‬فإذا رأيناه فإنه ُيشَرع ذلك‬ ‫مٌر ُ‬ ‫قول‪ :‬ل ُيشَرع ذلك‪ ،‬لنه أ ْ‬ ‫نَ ُ‬
‫قنا كما قّررنا ذلك‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫م نر ذلك فإنه ل ُيشَرع ذلك في ح ّ‬ ‫قنا‪ ،‬وإن ل َ ْ‬ ‫في ح ّ‬
‫‪1‬‬
‫في قضية رؤية القمر ‪.‬‬
‫شَرع لنا‬ ‫م َنره فإنه ل ي ُ ْ‬ ‫فإذا قّرر‪-‬مثل‪-‬الفلك بأنه ُتمكن رؤية الهلل ولكننا ل َ ْ‬
‫َ‬
‫دا وَبعد َ‬ ‫كن ذ َِلك أب َ ً‬ ‫م ِ‬‫م إذا َرأي َْناه‪ ،‬نعم ‪ ..‬إذا قَّرُروا ِبأّنه ل ي ُ ْ‬ ‫صو ُ‬‫ما ن َ ُ‬ ‫صوم وإن ّ َ‬ ‫أن ن َ ُ‬
‫َ‬
‫ك هَ َ‬
‫ذا‬ ‫م َ‬ ‫ن ك َل َ َ‬ ‫قول‪ :‬إ ّ‬ ‫مْنه ذ َِلك ون َ ُ‬ ‫قَبل ِ‬ ‫ض الناس ب ِأّنه َرآه ِفإن َّنا ل ن َ ْ‬ ‫ذلك اّدعى ب َعْ ُ‬
‫خاِلف ل َِهذا الِعلم الثابت المتقّرر فترد ّ شهادته ِبذلك في هذه القضية‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫صل ّْين‬
‫فإذن الصلة مشروعة في حقّ الرجال وفي حقّ النساء ‪ ..‬النساء إذا َ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫قية الصلوات‪ ،‬وأ ّ‬ ‫هو الحال ِبالنسبة إلى ب َ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ضل ك َ َ‬ ‫في البيت فذ َِلك أفْ َ‬
‫سجد‪.‬‬ ‫م أن يكون ذلك في الم ْ‬ ‫جال فالفضل ل َهُ ْ‬ ‫ِبالنسبة إلى الّر َ‬
‫ما اختَلف أهل العلم فيها‪:‬‬ ‫م ّ‬
‫وهذه الصلة ِ‬
‫من أهل العلم اّتفاق‬ ‫من قال‪ " :‬هي سّنة "‪ ،‬وقد حكى غير واحد ِ‬ ‫منهم َ‬ ‫‪ِ -1‬‬
‫أهل العلم على ذلك‪.‬‬
‫من قال‪ :‬هي واجبة‪.‬‬ ‫منهم َ‬ ‫‪-2‬و ِ‬
‫من الواجبات‬ ‫من الواجبات على الكفايات وليست ِ‬ ‫من قال‪ :‬هي ِ‬ ‫منهم َ‬ ‫‪-3‬و ِ‬
‫من النظر‪.‬‬ ‫صيب ِ‬ ‫العينية؛ وهذا القول َله ن َ ِ‬
‫ث النبي‬ ‫دور ب َْين الواجب الكفائي وبْين السّنة المؤكدة‪ِ ،‬لح ّ‬ ‫ما كان فَِهي ت َ ُ‬ ‫مهْ َ‬ ‫وَ َ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فل ينبغي لحد أن ي َت ََهاَون بذلك‪.‬‬
‫من‬ ‫كما أنه ل ينبغي لحد أن ُيخالف السّنة ِبالختصار في القراءة‪ ،‬وكثير ِ‬
‫ضعاف وما شابه ذلك ‪ ..‬نقول‪:‬‬ ‫ض ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الناس َيتعللون ِبأّنهم ُيصلون ِببع ِ‬
‫كر على الجماعة فِبإمكانه أن‬ ‫الضعيف والذي ل قَد َْرةَ َله ل ي َْنبغي له أن ُيع ّ‬
‫سّنة النبي‪-‬صلى‬ ‫ُيصّلي هو في بيته أو ما شابه ذلك ولَيتُرك الجماعة تأِتي ب ِ ُ‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 16‬رمضان ‪1423‬هـ ) ‪ 22‬نوفمبر ‪2002‬م (‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫كون في‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬فَهَذِهِ الصلة ل ُيشتَرط فيها ِبأن ت َ ُ‬
‫عذر‪ ،‬فإذن‬ ‫هناِلك ُ‬ ‫ن ُ‬‫كا َ‬‫الجماعة وإّنما ل ينبغي الّتخلف عن الجماعة إل إَذا َ‬
‫ينبغي التيان ِبالسّنة كما ثبتت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫سوف أو الخسوف وَل َزِل َْنا في‬ ‫قول‪ :‬إذا انتهى الك ُ ُ‬ ‫ض الناس‪-‬أْيضا‪-‬يسأل وَي َ ُ‬ ‫بع ُ‬
‫منها بعد‬ ‫خُرج ِ‬‫دا ثم ي َ ْ‬‫ج ً‬‫صر النسان صلَته ِ‬ ‫خت ِ‬ ‫الصلة‪ ،‬ماذا نفعل ؟ نقول‪ :‬ي َ ْ‬
‫صَرة؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ْ‬
‫خت َ َ‬
‫م ْ‬
‫فةٍ ُ‬‫ص َ‬
‫منها بعد أن ي َأتي ب َِها ب ِ َ‬
‫النتهاء ِ‬

‫ه ْ‬
‫ل‬ ‫ضَية بعد صلة العصر مثل‪َ ،‬‬ ‫ه ال َ‬
‫ق ِ‬ ‫ذ ِ‬
‫ه ِ‬
‫عت ِ‬ ‫و َ‬
‫ق َ‬ ‫ض الناس‪ :‬ل َ ْ‬
‫و َ‬ ‫ع ُ‬ ‫سأ َ ُ‬
‫ل بَ ْ‬ ‫كذلك ي َ ْ‬
‫صِلي أو ل ؟‬ ‫نُ َ‬
‫من الصلوات السببية والصحيح في الصلوات السببية أنه‬ ‫نقول‪ :‬هِذِهِ الصلة ِ‬
‫من الصلة‬ ‫ت ُتكَره الصلة فيه فإنه ل مانع ِ‬ ‫ُيؤَتى ب َِها‪ ،‬فإذا وقع ذلك في وق ٍ‬
‫من الصلوات السببية والصلوات‬ ‫بل ُتشَرع الصلة في ذلك الوقت لنها ِ‬
‫السببية ثبت في سّنة النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬الصحيحة‬
‫عنه ِبأّنه ي ُؤَْتى ب َِها حتى في الوقات التي ت ُك َْرهُ ِفيها الصلة وإّنما ل‬ ‫الثابتة َ‬
‫حُرم ِفيها الصلة‪.‬‬ ‫ي ُؤَْتى ب َِها في الوقات الِتي ت َ ْ‬
‫كسوف‪،‬‬ ‫مر أو الشمس في حالة ال ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ضا‪-‬يسأل أنه إذا غََر َ‬
‫ب ال َ‬ ‫ض الّناس‪-‬أي ْ ً‬ ‫بع ُ‬
‫غروب الشمس أو‬ ‫جّرد ُ‬ ‫صّلي في ذلك الوقت أو ل ؟ نقول‪ :‬ل‪ ،‬ب ِ ُ‬
‫م َ‬ ‫هل ن ُ َ‬
‫غروب القمر فإنه ل ُتشرع الصلة ولو غرب وهو في حالة كسوف أو‬
‫خسوف‪.‬‬
‫ددة تتعّلق ب ِهَذِهِ الصلة فإن أردتم‬ ‫ذه المسائل‪ ،‬وَهَُنالك مسائل متع ّ‬ ‫َفلي ُن ْت ََبه ل ِهَ ِ‬
‫ت‬
‫منها فل بأس‪ ،‬ومعذرة فإنني قد ن َب ّهْ ُ‬ ‫ض السائلين أن َيطَرح شيئا ِ‬ ‫أو أراد بع ُ‬
‫َ‬
‫ها لظني ب ِأّنكم تريدون التنبيه عََليها؛ والله‬ ‫م ت َط َْر ُ‬
‫حو َ‬ ‫ددة ل َ ْ‬
‫مت َعَ ّ‬
‫ساِئل ُ‬ ‫م َ‬ ‫على َ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تشترط فيها الجماعة ِبالّنسبة للرجال ؟‬
‫من السنن الثابتة التي ل‬ ‫شُروط " وإّنما ذلك ِ‬‫من ال ّ‬‫ن ذلك ِ‬ ‫ج‪ :‬ل َنقول‪ " :‬إ ّ‬
‫ن ي َت ُْركها‪.‬‬
‫ينبغي للنسان أ ْ‬
‫ضيق عليه الوقوف‪-‬مثل‪-‬ويشقّ عليه‪-‬أيضا مثل‪-‬الجلوس ول‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫من َ‬
‫كا َ‬ ‫لكن َ‬
‫من أجل أن ُيصّلي هو‬ ‫صرة ِ‬ ‫مخت َ‬‫من المام ِبأن ُيصّلي صلةً ُ‬ ‫يستطيع فَيطلب ِ‬
‫ت ل تستطيع وإل‬ ‫سك إذا كن َ‬ ‫معهم ‪ ..‬نقول‪ :‬ل‪ ،‬ل ينبغي لك ذلك ‪ ..‬ص ّ‬
‫ل ِبنف ِ‬
‫قَيام‪ ،‬وإل فالجماعة َينب َِغي ل ََها‬‫مت ل تستطيع على ال ِ‬ ‫جِلس ول مانع ما د ُ ْ‬ ‫َفا ْ‬
‫طيل كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫أن ت ُ ِ‬
‫س‪ِ :‬بالّنسبة للستدراك فيها ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬الستدراك فيها مشروع‪.‬‬
‫عَلى نفس كيفية المام ؟‬
‫س‪ :‬ويكون َ‬
‫مه‪،‬‬
‫سب ما فعله المام‪ ،‬فل ينبغي للمأموم أن ُيخاِلف إما َ‬ ‫ح ْ‬
‫ج‪ :‬ويقضي على َ‬
‫ي في كل‬ ‫من َيقول ِبالركعتين ْ‪ ..‬أي أن َيأت ِ َ‬ ‫ي َ‬
‫ن المام يأخذ ِبرأ ِ‬
‫درنا أ ّ‬
‫فلو ق ّ‬
‫ك الصلة‬‫خلف ت ِل ْ َ‬‫ضي ي َأِتي ب ِ ِ‬
‫ق ِ‬ ‫ركعةٍ ِبركوع واحد ل َينبغي ِللمأموم إذا َقا َ‬
‫م يَ ْ‬
‫‪111‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ض على حسب ما أتى به المام وإن‬ ‫ِ‬ ‫لنه َيقضي ما فعله ذلك المام فَل ْي َ ْ‬
‫ق‬
‫شد ُ إلْيه ِبأن َيأتي في كل ركعة ِبركوعين‪ 1‬كما ثبت‬ ‫واب الذي ن ُْر ِ‬ ‫ص َ‬
‫كان ال ّ‬
‫ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫من‬ ‫ُ‬
‫صة ِ‬ ‫من الناس‪-‬وخا ّ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫ب أن أنبه عليها‪-‬أيضا‪-‬وهو أ ّ‬ ‫وهناك مسألة أح ّ‬
‫ب الطبول وما شابه ذلك ‪..‬‬ ‫مة‪-‬يقومون ِبضر ِ‬ ‫من الَعا ّ‬ ‫مة وطبعا ل يقع إل ِ‬ ‫العا ّ‬
‫سّنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬ ‫ل َله ب َ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫َ‬
‫خاِلف ل ِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هو ُ‬ ‫ل ُ‬ ‫هذا ل أ ْ‬
‫سبب في وقوع‬ ‫كما أنني أِريد‪-‬أيضا‪-‬أن أن َّبه إلى أّنه وإن ك ُّنا ن َعْرِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ف ما هو ال ّ‬
‫الكسوف والخسوف ل ينبغي لنا أن نتهاون في هذا المر‪ ،‬فالنبي‪-‬صلى الله‬
‫عوًبا صلوات‬ ‫مْر ُ‬ ‫عا َ‬ ‫ج فَزِ ً‬ ‫خَر َ‬‫م يتهاون بذلك ‪ ..‬ك َل ّ َبل َ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬ل َ ْ‬
‫مر واضح ِلمثل‬ ‫َ‬ ‫الله وسلمه عليه وعلى آله وصحبه وإن َ‬
‫ن هَُناك‪-‬مثل‪-‬أ ْ‬ ‫كا َ‬
‫ذه‬ ‫قع هَ ِ‬ ‫عاِته‪ ،‬فقد ت َ َ‬ ‫مَرا َ‬‫من ُ‬ ‫عي ل َُبد ِ‬ ‫شْر ِ‬ ‫هذه المور لكن هنالك‪-‬أيضا‪-‬أمٌر َ‬
‫من مراعاة‬ ‫ونية ولكن لبد‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫السباب في الكون على حسب السّنة الك َ ْ‬
‫ة ل ِي َوْم ِ‬ ‫م ً‬ ‫مقد ّ َ‬ ‫المرِ الشرعي فقد يكون والعياذ بالله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ذلك ُ‬
‫م القيامة‪-‬كما هو معروف‪-‬والدّلة قد َناَدت‬ ‫من وُُقوِع ي َوْ َ‬ ‫القيامة وطبعا لبد ِ‬
‫من ملحظةِ هذا المر وأل ّ نّتخذ هذا أمرا عاديا ‪ ..‬مثل قال‬ ‫ريب فلبد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِبأّنه قَ‬
‫ن السبب كذا‬ ‫َ‬
‫سَنا‪-‬مثل‪-‬في علوم الفلك ِبأ ّ‬ ‫الفلكيون ب ِأّنه يقع كذا وكذا ود ََر ْ‬
‫من‬ ‫ذه الحوادث ِ‬ ‫دث هَ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ل‪ ،‬عندما ت َ ْ‬ ‫عادًِيا ‪ ..‬ك ّ‬ ‫مًرا َ‬ ‫وكذا فإذن ن َعَْتبر ذلك أ ْ‬
‫شاَبه‬ ‫ما َ‬ ‫عاِتية أو َ‬ ‫كين أو رَِياح َ‬ ‫من وُُقوِع زلزلة أو ب ََرا ِ‬ ‫كسوف أو خسوف أو ِ‬
‫عاة‬‫مَرا َ‬ ‫من ُ‬ ‫رف شيئا ما عن هذه السباب لكن لبد ِ‬ ‫ذلك فإنه وإن كنا‪-‬مثل‪-‬ن َعْ ِ‬
‫من‬ ‫ها النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولبد ِ‬ ‫عا َ‬ ‫تلك السباب التي َرا َ‬
‫ُ‬
‫دث‬ ‫ح ُ‬‫مور التي ل ي َد ِْري النسان ما ي َ ْ‬ ‫مْثل هِذِهِ ال ُ‬ ‫من ِ‬ ‫فَزع ِ‬ ‫جل وال َ‬ ‫الخوف والوَ َ‬
‫من الناس الن‬ ‫ذه الرض في هذه الحوال وفي غير هذه الحوال‪ ،‬فكثير ِ‬ ‫ل ِهَ ِ‬
‫َ‬
‫جد‬ ‫مون ِبها ‪ ..‬ت َ ِ‬ ‫ذه المور أمورا عادية ول يهت ّ‬ ‫مع تقدم هذه العُُلوم َرأْوا هَ ِ‬
‫شت َِغل‬ ‫م ْ‬ ‫ده ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫دما َيحدث كذا ت َ ِ‬ ‫عن ْ َ‬‫ذا " و ِ‬ ‫ذا وَيحدث ك َ َ‬ ‫واحد يقول‪َ " :‬يحدث ك َ َ‬ ‫ال ُ َ‬
‫مور ‪ ..‬الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫ُ‬
‫ذه ال ُ‬ ‫موِره ول ي َُباِلي ِبمثل هَ ِ‬ ‫ب ِأ ُ‬
‫ت‪-‬خرج فزعا‬ ‫فى عليه هذه المور ومع ذلك‪-‬كما قل ُ‬ ‫خ َ‬ ‫كانت ت َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫وسلم‪َ -‬‬
‫من العقوبة فعلينا أن نّتعظ وأن نعتِبر ِبمثل‬ ‫فا ِ‬ ‫خائ ِ ً‬‫صلوات الله وسلمه عليه َ‬
‫محاسبتها في مثل هذه الحوادث وأل ّ‬ ‫فس ل ِ ُ‬ ‫ف وقفة مع الن ّ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ذه المور وأن ن َ ِ‬ ‫هَ ِ‬
‫خذها أمرا عاديا عاِبرا؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي العانة والتوفيق‪.‬‬ ‫ن َت ّ ِ‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬ركعتين " بدل ِمن " ركوعين " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪‬سادسا ‪ :‬أحكام صلة العيد‪‬‬


‫أول‪ :‬أحكام متعلقة بالعيد‬
‫َ‬
‫عي َّنة ينبغي على الناس أن‬
‫م َ‬
‫عية ُ‬
‫كام شر ِ‬ ‫س‪ :‬في ل َي َْلة العيد ‪ ..‬هل هناك أ ْ‬
‫ح َ‬
‫صَباح ؟‬
‫ل ال ّ‬ ‫ها َ‬
‫قب ْ َ‬ ‫عو َ‬‫صن َ ُ‬
‫يفعلوها أو ي َ ْ‬
‫فاَية‬ ‫ض الك ِ َ‬ ‫ن فُُرو ِ‬ ‫م ْ‬
‫ج‪ :‬إنه ينبغي للمسلمين أن ي َُراِقبوا رؤية الهلل وهذا ِ‬
‫ن الهلل تتعلق به أحكام‬ ‫ن المعلوم أ ّ‬ ‫م َ‬‫ن الّناس‪ ،‬ف ِ‬ ‫م َ‬ ‫هل ِبها كثير ِ‬ ‫سا َ‬ ‫التي ي َت َ َ‬
‫م الحكام التي ُنريد أن نتكلم عنها في هذا الشهر‪:‬‬ ‫ن أه َ ّ‬ ‫م ْ‬
‫مت َعَد َّدة‪ ،‬و ِ‬ ‫ُ‬
‫مة‬ ‫حّرم بالنصوص الصريحة وبإجماع ال ّ‬ ‫م َ‬‫ن صيام يوم العيد ُ‬ ‫‪-1‬ثبوت العيد‪ ،‬فإ ّ‬
‫السلمية قاطبة‪.‬‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ض الكفايات على مذهب طائفة كبيرة ِ‬ ‫ن فُُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫‪-2‬وكذلك صلة العيد ِ‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫ن وََرد َ‬ ‫م ْ‬ ‫ض العيان إل َ‬ ‫ن فُُرو ِ‬ ‫م ْ‬
‫من المسلمين إلى أّنها ِ‬ ‫وذهبت طائفة ِ‬
‫ؤه‪.‬‬ ‫است ِث َْنا ُ‬
‫سَنن المؤكدة‪.‬‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫وذهب بعضهم إلى أّنها ِ‬
‫ذر شرعي‪.‬‬ ‫من كان له عُ ْ‬ ‫و‪-‬على كل‪-‬ل ينبغي لحد أن يتساهل فيها إل َ‬
‫ضل عن بقية‬ ‫ن أهم الحكام التي ت َت ََعلق برؤية الهلل هذا فَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫فهذان الحكمان ِ‬
‫قّية الشهر‬ ‫الحكام الخرى التي تتعلق برؤية الهلل التي تكون أيضا في ب َ ِ‬
‫ن المعلوم أن الحكام‬ ‫م َ‬
‫الخرى والتي يتساهل ِبها الناس في زماننا هذا‪ ،‬ف ِ‬
‫شُهور العربية وليست بالشهور الخرى التي يتعامل ِبها‬ ‫ة بال ّ‬ ‫مُنوط َ ٌ‬ ‫الشرعية َ‬
‫ب العاملين أو ما شابه‬ ‫ف ك ََرَوات ِ ِ‬
‫جاَز فيه العُْر ُ‬ ‫ن الناس اللهم إل ما َ‬ ‫م َ‬ ‫كثير ِ‬
‫مما ل‬ ‫ف بأن َّها تكون على تلك الشهر فذلك ِ‬ ‫ذلك إذا كان هنالك اّتفاق أو عُْر ٌ‬
‫من الحكام‬ ‫ما ما ي َت َعَل ّقُ بالزكاة وما ي َت َعَل ّقُ بالعِد َدِ وما شابه ذلك ِ‬ ‫بأس به‪ ،‬أ ّ‬
‫َ‬
‫مراقبة‬ ‫ن ُ‬ ‫ن تكون على حسب الشهور القمرية‪ ،‬فإ ِذ َ ْ‬ ‫كن إل أ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫الشرعية فل ي ُ ْ‬
‫رؤية الهلل في كل شهر أمر لبد منه وفي بداية شهر رمضان وفي ِنهاي َِته‬
‫شد‪ ،‬فينبغي للمسلمين إذن‬ ‫وهكذا بالنسبة إلى شهر ذي الحجة يكون المر أ َ َ‬
‫ن ث َب ََتت ل َد َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫م ْ‬ ‫شيئة الله تبارك وتعالى‪-‬أن ي َُراقُِبوا ذلك و َ‬ ‫م ِ‬ ‫في الل ّي ْل َةِ القادمة‪-‬ب ِ َ‬
‫ؤوَلة حتى َينظر أهل‬ ‫َ‬
‫صل بالجهات المس ُ‬ ‫ن ذلك فعليه أن يت ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫الرؤية وت َأك ّد َ ِ‬
‫ن عدم ث ُُبوِته؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫العلم في ثبوت ذلك ِ‬
‫ة قد قاَلها بعض العلماء وهو‬ ‫قَيت هنالك مسأل ٌ‬ ‫هذا ِبالنسبة إلى ليلة العيد وب َ ِ‬
‫طال َةِ الصلة‬ ‫صَها ب َِبعض العبادات كإ َ‬
‫ِ‬ ‫صي ُ‬‫خ ِ‬ ‫أّنه ينبغي قيام هذه الل ّي َْلة أو ت َ ْ‬

‫‪113‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن ذلك َلم‬ ‫ت في بعض الجوبة السابقة‪ِ 1‬بأ ّ‬ ‫من الليالي وقد قل ُ‬ ‫ِبخلف غيرها ِ‬
‫يثبت فيه شيٌء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وما جاء‬
‫ن أقوالهم‬ ‫ض أهل العلم فإ ّ‬ ‫صح‪ ،‬وما جاء عن بع ِ‬ ‫في ذلك فهو موضوع ٌ ل ي َ ِ‬
‫َ‬
‫جة‬ ‫ست َن َد َ إ َِليها كدليل شرعي تقوم به الح ّ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫حأ ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫قَرة إ َِلى الدليل ول ي َ ِ‬ ‫فت َ ِ‬
‫م ْ‬‫ُ‬
‫ست ََند‬
‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫َ‬
‫سل ُ‬ ‫َ‬
‫في مثل هذه القضية ‪ ..‬إذن قيام هذه الليلة‪-‬أعني ليلة العيد‪-‬لي ْ َ‬
‫ن بقية سائر‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫مل به ‪ ..‬نعم قَِيامها كغيرها ِ‬ ‫شرعي ول ينبغي لحد أن َيع َ‬
‫ت في الدِّلة الدالة على مشروعية‬ ‫ليالي العام هو مطلوب شرعا كما هو ثاب ٌ‬
‫قيام الليل‪.‬‬
‫ن التكبير له‬ ‫َ‬
‫ص بذلك عيد َ الفطر ل ّ‬ ‫خ ّ‬ ‫من ذلك التكبير في ليلةِ العيد وأ ُ‬ ‫و ِ‬
‫مختلفة في العيدين ول أريد الطالة بأحكام التكبير في عيد الضحى‬ ‫أحكام ُ‬
‫سَر الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في ذلك‬ ‫المبارك فَإ ِن َّنا سوف نتكّلم في ذلك إن ي َ ّ‬
‫ما اختَلف فيه أهل العلم‪:‬‬ ‫م ّ‬ ‫الوقت ‪ ..‬التكبيُر في ليلةِ العيد ِ‬
‫جّرد دخول شهر شوال أو‬ ‫م َ‬‫ض أهل العلم ذهب إلى مشروعية التكبير ب ِ ُ‬ ‫فبع ُ‬
‫مال رمضان ثلثين يوما ‪ ..‬هذا‬ ‫دخول ليلة العيد سواًء كان ذلك بالرؤية أو ب ِإ ِك ْ َ‬
‫من أهل العلم‪.‬‬ ‫ت إليه طائفة ِ‬ ‫ذهب ْ‬
‫شَرع‬ ‫شَرعُ في الليل وإّنما ي ُ ْ‬ ‫ن ذلك ل ي ُ ْ‬ ‫من أهل العلم إلى أ ّ‬ ‫ت طائفة ِ‬ ‫وذهب ْ‬
‫في الن َّهار‪ ،‬واختلفوا في ذلك‪:‬‬
‫شَرع بطلوع فجر العيد‪.‬‬ ‫ن قال‪ :‬إّنه ي ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ِ‬
‫شَرع بطلوع شمس العيد‪.‬‬ ‫من قال‪ :‬إنه ي ُ ْ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ج الّناس إلى المصلى‪ ،‬وهذا القول هو‬ ‫خُر ُ‬ ‫شَرع عندما ي َ ْ‬ ‫من قال‪ :‬إنه ي ُ ْ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ل صحيح عن النبي ‪‬‬ ‫القول القرب عندي إلى الصواب‪ ،‬وليس هنالك دلي ٌ‬
‫من صحابة رسول‬ ‫ن ذلك قد ثبت عن طائفة ِ‬ ‫وإن جاءت بعض الحاديث ولك ّ‬
‫قوْهُ عن‬ ‫ض الرأي وإّنما ت َل َ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫قال ب ِ َ‬ ‫مما ل ي ُ َ‬ ‫ل ذلك ِ‬ ‫مث ْ َ‬‫ن ِ‬ ‫الله ‪ ‬والظاهر أ ّ‬
‫ح الثار بل الصحيح الثابت هو ما‬ ‫َ‬
‫ص ّ‬‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وأ َ‬
‫م َيثبت‪،‬‬ ‫دا ذلك فَل َ ْ‬ ‫ما ما عَ َ‬ ‫صّلى الِعيد‪ ،‬أ ّ‬ ‫م َ‬ ‫شَرعُ عند الخروج إلى ُ‬ ‫جاء ِبأنه ي ُ ْ‬
‫شَرعُ‬ ‫ة العيد‪-‬أي على هذا القول‪-‬ل ي ُ ْ‬ ‫ن ليل َ‬ ‫فهذا القول الذي نراه‪ ،‬وعليه فإ ّ‬
‫مصلى‪.‬‬ ‫ت‪-‬عند الخروج إلى اله ُ‬ ‫شَرع‪-‬كما قل ُ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫التكبير فيها وإن ّ َ‬
‫حك ْم ِ هذا التكبير‪:‬‬ ‫وقد اختَلف العلماء في ُ‬
‫َ‬
‫ل‪.‬‬‫من قال‪ :‬إّنه فريضة ‪ ..‬أي أّنه واجب في الّلي ِ‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫من‬ ‫مر إلى صلة العيد‪ ،‬ومنهم َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫من الليل وي َ ْ‬ ‫سّنة‪ِ ،‬‬ ‫من قال‪ :‬إنه ُ‬ ‫مْنهم َ‬ ‫‪-2‬و ِ‬
‫ن بداية الخروج إلى المصلى كما قدمنا‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫قال‪ :‬إّنه ِ‬
‫عي ّت ِهِ في عيد الفطر المبارك‪.‬‬ ‫شُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫من قال بعَد َم ِ َ‬ ‫‪-3‬ومنهم َ‬
‫مات و‪-‬‬ ‫حت ّ َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫من الواجبات اله ُ‬ ‫والقول الوسط هو القول الصحيح‪ ،‬فهو ليس ِ‬
‫من السنن ل‬ ‫سّنة ِ‬ ‫هات أو ما شابه ذلك وإّنما هو ُ‬ ‫مك ُْرو َ‬ ‫ن اله َ‬ ‫م َ‬‫أيضا‪-‬ليس ِ‬
‫َينبغي التفريط فيها ِبحال‪.‬‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫فّيات‬ ‫ص صريح وإّنما هَُناِلك للعلماء ك َي ْ ِ‬ ‫وكيفية هذا الت ّك ِْبير َلم ي َ ِ‬
‫رد فيها ن َ ّ‬
‫ل ل بأس به ِبمشيئة الله‪:‬‬ ‫فة والك ُ ّ‬ ‫خت َل ِ َ‬
‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫من َيقول‪ :‬ي ُك َّبر تكبيرتين قبل التهليل َيقول‪ " :‬الله أكبر الله أكبر ل‬ ‫فمنهم َ‬
‫إله إل الله والله أكبر ولله الحمد "‪.‬‬
‫من َيقول‪ :‬ي ُك َّبر ثلثا سردًا‪ " :‬الله أكبر الله أكبر الله أكبر "‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫ن فعل هذا فل بأس عليه و َ‬ ‫م ْ‬
‫ب سهل ِبحمد الله تبارك وتعالى ‪َ ..‬‬ ‫خط ْ ُ‬ ‫واله َ‬
‫فعل هذا فل بأس عليه والكل فيه خير ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫وقد اختَلف العلماء‪-‬أيضا‪-‬في التكبير في العيدْين أي ُّهما آ َ‬
‫كد‪:‬‬
‫ن التكبير لعيد الفطر آ َ‬
‫كد‪.‬‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫من ُْهم َ‬ ‫ِ‬
‫من قال بعكس ذلك‪.‬‬ ‫منهم َ‬ ‫و ِ‬
‫من قال‪ :‬هما سواء‪.‬‬ ‫منهم َ‬ ‫و ِ‬
‫مل‪ ،‬و‪-‬‬‫حت َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ضح في المسألة وعلى تقدير وجوِده فهو ُ‬ ‫وليس هنالك دليل وا ِ‬
‫من‬‫ما أرى‪-‬إلى ترجيح واحد ِ‬ ‫على كل حال‪-‬ينبغي التيان بذلك ول داعي‪ِ-‬في َ‬
‫هذه القوال وإّنما المطلوب الفعل في ك ِل َْتا الحالت َْين؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬بالنسبة للغتسال في يوم العيد‪ ،‬ما حكمه ؟ وهل ُيمكن أن يكون ذلك‬
‫قبل الفجر ؟‬
‫ض الحاديث التي ت ُْرفَعُ إلى النبي ‪‬‬ ‫م العيد وردت فيه بع ُ‬ ‫ج‪ :‬الغتسال يو َ‬
‫مت َعَد َّدة عن صحابة رسول الله‬ ‫من ذلك‪ ،‬وإّنما جاءت روايات ُ‬ ‫صح شيٌء ِ‬ ‫ول ي َ ِ‬
‫ن هذا الغتسال ثابت‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫قيم‪ ،‬فالظاهر أ ّ‬ ‫‪ ‬منها الصحيح ومنها ال ّ‬
‫س ِ‬
‫ن‬
‫س ل بأس به ولك ّ‬ ‫ض العلماء على الغتسال ليوم الجمعة وهو قَِيا ٌ‬ ‫ه بع ُ‬ ‫س ُ‬‫َقا َ‬
‫القوى هو ما جاء عن الصحابة رضوان الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليهم‪ ،‬فالظاهر‬
‫أن ُّهم قد أخذوا ذلك عن النبي صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬
‫وقد اختَلف العلماء في الوقت‪:‬‬
‫كون بعد طلوع الفجر‪.‬‬ ‫من قال‪ :‬ي َ ُ‬ ‫مْنهم َ‬ ‫ِ‬
‫ف الليل‪.‬‬ ‫ص ِ‬ ‫من ْت َ َ‬ ‫من قال‪ :‬يكون حتى في الليل ويكون ذلك بعد ُ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ن أمكنه ذلك فذلك هو‬ ‫م ْ‬ ‫فق عليه ف َ‬ ‫مت ّ َ‬
‫ه بعد طلوع الفجر أمٌر ُ‬ ‫كل‪-‬ك َوْن ُ ُ‬ ‫و‪-‬على ُ‬
‫صّلى العيد أو‬ ‫م َ‬ ‫من ُ‬ ‫ه‪-‬مثل‪ِ -‬‬ ‫كنه ذلك ل ِب ُعْدِ ب َي ْت ِ ِ‬ ‫م ِ‬‫من َلم ي ُ ْ‬ ‫الْولى والحوط و َ‬
‫ع‬
‫ض ُ‬‫مو ْ ِ‬‫من الناس وقد يكون َ‬ ‫ن البيت الذي هو فيه فيه جماعة كبيرة ِ‬ ‫ل ّ‬
‫الغتسال واحدا أو ما شابه ذلك وإذا اغتسلت الجماعة ك ُل َّها في ذلك الوقت‬
‫فوت ُُهم صلة العيد أو ي َغَْتسل بعضهم دون بعض أو ما‬ ‫ه قد ت َ ُ‬ ‫َ‬
‫جدا أو أن ّ ُ‬ ‫خُروا ِ‬ ‫تأ ّ‬
‫ضُهم‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫ل ب َعْ ُ‬ ‫ن ي َغْت َ ِ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫شابه ذلك فهاهنا ل بأس بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ -‬‬
‫ل طلوع الفجر ولكن ل ينبغي أن يكون ذلك قبل منتصف‬ ‫ولو كان ذلك قَب ْ َ‬
‫ل‪-‬إذن‪-‬ثابت ول ينبغي التفريط فيه‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫الليل‪ ،‬فالغُ ْ‬
‫س الملِبس الحسنة الجميلة حتى يكون المسلم في أحسن‬ ‫ن ل ُب ْ َ ُ‬ ‫س ّ‬ ‫و‪-‬كذلك‪-‬ي ُ َ‬
‫ض العلماء المعتكف فقالوا‪:‬‬ ‫ست َث َْنى بع ُ‬ ‫مل هَي ْأة في هذا اليوم وا ْ‬ ‫ج َ‬‫صورة وأ ْ‬
‫من حال‬ ‫ن أخذ ذلك ِ‬ ‫م ْ‬ ‫من ُْهم َ‬ ‫خُرج في ثيابه التي اعتكف فيها‪ ،‬و ِ‬ ‫الْولى أن ي َ ْ‬
‫‪115‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن الشهيد‬ ‫ن في ثيابه‪ ،‬وهذا قياس باطل ل يصح‪ ،‬ذلك ل ّ‬ ‫ف ُ‬ ‫الشهيد حيث إنه ي ُك َ ّ‬
‫ب َدما ً‬ ‫حه ي َث ْعَ ُ‬ ‫جر ُ‬ ‫ث وَ ُ‬ ‫ث يوم القيامة بمشيئة الله تبارك وتعالى ‪ ..‬ي ُب ْعَ ُ‬ ‫ي ُب ْعَ ُ‬
‫حه ريح المسك وليس كذلك بالنسبة‬ ‫ون الدم وِريه ُ‬ ‫بسبب تلك الشهادة ل َوُْنه ل َ ْ‬
‫ن ثياب المعتكف َلم يكن ذلك الوسخ الذي فيها بسبب‬ ‫إلى المعتكف‪ُ ،‬ثم إ ّ‬
‫ن ذلك‬ ‫سَها بذلك‪ ،‬وعلى تقدير أ ّ‬ ‫العتكاف وإّنما كان ذلك بسبب إطالة ل ُب ْ ِ‬
‫ن ذلك ل يكفي‪ُ ،‬ثم‬ ‫فه أو ما شابه ذلك فإ ّ‬ ‫معْت َك َ ِ‬‫من ُ‬ ‫كان بسبب عدم خروجه ِ‬
‫َ‬
‫ن الث َّياب وهو‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫سأ ْ‬ ‫ن النبي ‪ ‬كان ي َل ْب َ ُ‬ ‫ن السّنة الصحيحة داّلة على أ ّ‬ ‫إ ّ‬
‫شهْرِ رمضان‪،‬‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫شرِ الخيرة ِ‬ ‫كف في العَ ْ‬ ‫كان صلوات الله وسلمه عليه ي َعْت َ ِ‬
‫ل ذلك القياس ِلمخالفته للصحيح الثابت‪.‬‬ ‫مث ْ ِ‬‫وإذن ل داعي ل ِ ِ‬
‫من طريق‬ ‫مْرُفوعا إلى النبي ‪ِ ‬‬ ‫ن كان َلم ي َرِد ْ َ‬ ‫ب وهو وإ ِ ْ‬ ‫طي ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫س ّ‬ ‫وكذلك ي ُ َ‬
‫ه‬ ‫ن حاله أن ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن النبي ‪ ‬كان ِ‬ ‫مإ ّ‬ ‫صحيحة ولكنه جاء عن بعض الصحابة ث ُ ّ‬
‫مواطن وهو في أحسن حال‬ ‫ب أن ي َظ ْهََر أمام الناس في مثل هذه اله َ‬ ‫ح ّ‬ ‫يُ ِ‬
‫وأحسن رائحة فل ينبغي التفريط بذلك‪.‬‬
‫سواك بل هو مطلوب عند كل صلة كما جاء ذلك في‬ ‫وكذلك بالنسبة إلى ال ّ‬
‫الحديث عن النبي ‪. ‬‬
‫شارِِبه‬ ‫شعَْر َ‬ ‫صَر َ‬ ‫ق ّ‬ ‫ج للعيد ينبغي له أن ي ُ َ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ن الذي ي َ ْ‬ ‫وقال بعض العلماء‪ :‬إ ّ‬
‫صر أظافره‪ ،‬فإن كان هو بحاجة إلى ذلك فنعم أما إن لم يكن‬ ‫ق ّ‬ ‫وأن‪-‬أيضا‪-‬ي ُ َ‬
‫م تكن أظافره طويلة‬ ‫شارِِبه طويل ول َ ْ‬ ‫شعُْر َ‬ ‫م يكن َ‬ ‫له حاجة إلى ذلك ‪ ..‬أي ل َ ْ‬
‫فإنه ل علقة للعيد بذلك كما هو الحال بالنسبة إلى الجمعة‪.‬‬
‫شَرع ُ لصلة العيد ‪ ..‬هذا ما‬ ‫شَرعُ ِلصلة الجمعة فإّنه ي ُ ْ‬ ‫ل ما ي ُ ْ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫َ‬
‫والحاصل أ ّ‬
‫من أهل العلم‪ ،‬وهو كلم واضح ل غَُباَر‬ ‫ن أهل التحقيق ِ‬ ‫م ْ‬ ‫صت عليه طائفة ِ‬ ‫نَ ّ‬
‫عليه ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫صلى العيد ول َ ْ‬
‫و‬ ‫م َ‬ ‫ن الناس ينبغي َلهم أن يأتوا إلى ُ‬ ‫ص العلماء ِبأ ّ‬ ‫و‪-‬كذلك‪-‬ن َ ّ‬
‫من الخلف في صلة الجمعة فهو‬ ‫سَعة‪ ،‬وما جاء ِ‬ ‫شا ِ‬ ‫من مسافة َ‬ ‫كان ذلك ِ‬
‫ن على الناس أن َيخرجوا إلى‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫كذلك في صلة العيد‪ ،‬منهم َ‬
‫م يكن لصلة العيد‬ ‫مع فيها الذان لسائر الصلوات‪-‬وإن ل َ ْ‬ ‫س َ‬‫المسافة التي ي ُ ْ‬
‫ن الناس‪-‬للسف الشديد‪-‬‬ ‫سخ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫فْر َ‬‫قد ُّر ب ِ َ‬ ‫أذان كما هو معروف‪-‬وذلك ي ُ َ‬
‫ن في بلدت ِِهم و‪-‬كذلك‪-‬تجد‬ ‫صّلو َ‬ ‫ل أصحاب بلدة ي ُ َ‬ ‫يتساهلون ِبهذا المر وَتجد ك ّ‬
‫خاِلف ل َِهدي النبي‪-‬صلوات‬ ‫م َ‬ ‫صّلون في باديتهم‪ ،‬وهذا ُ‬ ‫من أهل البادية ي ُ َ‬ ‫كثيرا ِ‬
‫ي صحابته‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليهم‪-‬فينبغي‬ ‫الله وسلمه عليه‪-‬ول ِهَد ْ ِ‬
‫ص الصف حتى يظهر المسلمون وهم‬ ‫ن أجل وحدة الكلمة وَر ّ‬ ‫م ْ‬ ‫الجتماع ِ‬
‫َ‬
‫ل هذه‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫عو إ َِلى العمل ب ِ ِ‬ ‫ِبحمد الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬جماعة واحدة فَأد ْ ُ‬
‫الشعيرة؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫ت‬
‫و ٍ‬ ‫خرج الناس ل ِي ُك َّبروا ب ِ َ‬
‫ص ْ‬ ‫ن أن َيكون التكبير جماعيا ‪ ..‬يعني ي َ ْ‬ ‫س ّ‬
‫س‪ :‬هل ي ُ َ‬
‫صُلوا إلى مصلى العيد ؟‬‫واحد إلى أن ي َ ِ‬
‫حدٍ ي ُك َب ُّر هو بنفسه ول حاجة‬
‫حد ي ُك َب ُّر بنفسه ‪ ..‬كل وا ِ‬ ‫ن كُ ّ‬
‫ل وا ِ‬ ‫ج‪ :‬الصل أ ّ‬
‫ك بأّنه عندما ي ُك َّبر الناس‬
‫ش ّ‬
‫ده ول َ‬‫إلى أن ُيكّبر شخص وت َُرد ّ الهمجموعة ب َعْ َ‬
‫‪116‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫خرا وقد تكون المجموعة إذا‬ ‫دما وبعضهم متأ ّ‬‫ق ّ‬


‫مت َ َ‬
‫جميعا سيكون بعضهم ُ‬
‫كانت قليلة ‪ ..‬يكون صوُتها واحدا فإذن ل داعي لن يقرأ أحدهم التكبير‬
‫من المور الممنوعة " ولكننا‬ ‫ن ك ُّنا ل نقول‪ " :‬إ ّ‬
‫ن ذلك ِ‬ ‫قّية ت َُتاب ُِعه وإ ْ‬
‫والب َ ِ‬
‫ن ذلك ل يثبت وما دام غير ثابت فالْولى أن يكون العمل على‬ ‫نقول‪ :‬إ ّ‬
‫حسب ما جاء في الدِّلة التي أشرنا إليها سابقا ‪.‬والله أعلم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أحكام صلة العيد‬


‫من طريق‬
‫س‪ :‬بالنسبة للخروج إلى صلة العيد ‪ ..‬الذهاب إلى صلة العيد ِ‬
‫من السّنة ؟‬‫خر‪ ،‬هل هذا ِ‬
‫من طريق آ َ‬ ‫والعودة ِ‬
‫خُرج في طريق ُثم‬ ‫ج‪ :‬هذا ثبت عن النبي صلوات الله وسلمه عليه ‪ ..‬كان ي َ ْ‬
‫من السنن المقصودة‬ ‫مل هل ذلك ِ‬ ‫حت َ ِ‬
‫م ْ‬
‫خر‪ ،‬وهذا المر ُ‬ ‫يرجع في طريق آ َ‬
‫من‬ ‫َ‬
‫من المور التي ليست ِ‬ ‫ن ذلك ِ‬ ‫للنبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أو أ ّ‬
‫مل‪ ،‬ولكن الذي ذهب‬ ‫محت ِ‬‫جِبلية ؟ هذا المر ُ‬ ‫من المور اله ِ‬ ‫السّنة وإّنما هي ِ‬
‫ن المور المقصوَدة‪ ،‬ولكن ما العّلة في ذلك ؟‬ ‫م َ‬‫ن هذا ِ‬ ‫إليه أكثرهم ِبأ ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬كان َيمر على‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫من ُْهم َ‬‫ِ‬
‫دق الناس‬‫ن يتص ّ‬ ‫ب صلوات الله وسلمه عليه أ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫الناس ومنهم الفقير فأ َ‬
‫صد ُّقون في ذهاِبهم على‬ ‫من المال على الفقراء يت َ َ‬ ‫الذين لديهم شيٌء ِ‬
‫الطائفة التي َيمرون عليها في الطريق الول ويتصد ُّقون عند إياِبهم على‬
‫الطائفة التي هي في الطريق الثاِني‪.‬‬
‫شعار المسلمين حتى يظهر في‬ ‫من أجل إظهار ِ‬ ‫ن ذلك ِ‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫من ُْهم َ‬‫و ِ‬
‫من الصحابة الكرام رضي‬ ‫من معه ِ‬ ‫من موطن عندما َيمر النبي ‪ ‬و َ‬ ‫أكثر ِ‬
‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنهم‪.‬‬
‫شَهد له الطريق‬ ‫شَهد له الطريقان ‪ ..‬ي ْ‬ ‫ن أجل أن ي ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ذلك ِ‬ ‫ن قال‪ :‬إ ّ‬ ‫م ْ‬‫من ُْهم َ‬‫و ِ‬
‫شَهد له الطريق‬ ‫الول في خروجه صلوات الله وسلمه عليه ِلصلة العيد وي ْ‬
‫الثاني عند رجوعه صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬
‫وقيل بغير ذلك‪.‬‬
‫ص‬
‫وُيمكن أن يكون ذلك ِلهذه المعاني كلها أو لبعضها‪ ،‬فإنه ليس هنالك ن ّ‬
‫من هذه المور ولكن مهما كان ينبغي عدم التفريط‬ ‫صريح يدل على واحد ِ‬
‫مكنا‪ ،‬أما إذا كان ذلك ل ُيمكن لبعض الناس‬ ‫م ْ‬ ‫في ذلك عندما يكون ذلك ُ‬
‫وذلك عندما َيخرجون على السيارات إذ إّنه قد ل يتيسر لهم وجود طريقين‬
‫َيخرجون في واحد ويرجعون في الطريق الثاني فل بأس عليهم بمشيئة الله‬
‫منا العِّلة التي خرج منها النبي ‪ ‬فعلى تقدير‬ ‫م إن َّنا لو عَل ِ ْ‬ ‫تبارك وتعالى‪ ،‬ث ُ ّ‬
‫‪117‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من أجل السلم على‬ ‫من أجل أن َيمر على الفقراء أو ِ‬ ‫ن ذلك ِ‬ ‫أنه أراد أ ّ‬
‫أصحابه أو ما شابه ذلك فإذا كان أحد الطريقين ل يوجد أحد فيه في بعض‬
‫شَعار‪ ،‬ولكن‪-‬كما‬ ‫المناطق فإّنه ل حاجة ِلمثل ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى ال ّ‬
‫مل وليس هنالك دليل واضح فيها وإّنما هي‬ ‫حت َ ِ‬
‫م ْ‬‫ت‪-‬المر في هذه القضية ُ‬ ‫قل ُ‬
‫شَهد له‬ ‫من أجل أن ي ْ‬ ‫ل ذلك وُيمكن أن يكون ِ‬ ‫احتمالت‪ ،‬وما دام النبي ‪ ‬فَعَ َ‬
‫من الطريقين فالخير كل الخير في إتباعه صلوات الله وسلمه‬ ‫كل واحد ِ‬
‫عليه‪.‬‬
‫س على هذه القضية الذهاب إلى‬ ‫قا ُ‬ ‫ض أهل العلم إلى أّنه ي ُ َ‬ ‫هذا وقد ذهب بع ُ‬
‫صلة الجمعة وعليه فعلى قوِلهم ينبغي الذهاب في طريق والرجوع في‬
‫ضهم قاس عليه الصلوات الخمس فقال‪ " :‬عندما َيخرج‬ ‫خر‪ ،‬وبع ُ‬ ‫طريق آ َ‬
‫النسان الذي يريد الذهاب إلى المسجد ينبغي له أن يذهب في طريق‬
‫ن ط ََرد َ َذلك في كل أعمال الخير والِبر‬ ‫م ْ‬‫ويرجع في طريق آخر "‪ ،‬ومنهم َ‬
‫ن أعمال‬ ‫م ْ‬ ‫عَياد َةِ مريض أو ما شابه ذلك ِ‬ ‫فقال‪ " :‬إذا ذهب لزيارة قريب أو ِ‬
‫ل هذا‬ ‫الخير ينبغي له أن يذهب في طريق ويرجع في طريق آخر "‪ ،‬ولع ّ‬
‫ن أجل أن يشهد له الطريقان‪ ،‬ولكن مهما كان ل‬ ‫م ْ‬
‫ن ذلك ِ‬ ‫مبني على أ ّ‬
‫صَر على ما ورد عليه‬ ‫قت َ ِ‬‫ينبغي القياس في مثل هذه القضية ‪ ..‬ينبغي أن ن َ ْ‬
‫خر‬
‫النص وبعد ذلك إن شاء النسان أن يذهب في طريق ويرجع في طريق آ َ‬
‫أو يرجع في الطريق الذي ذهب فيه فل بأس فيه بالنسبة لغير العيد إل إذا‬
‫مر على بعض أصحابه أو ما شابه ذلك‪ ،‬وأما‬ ‫كانت هنالك مصلحة كأن ي َ ُ‬
‫بالنسبة إلى ذهابه صلوات الله وسلمه عليه إلى مكة المكرمة حيث إّنه‬
‫من السنن‪-‬كما‬ ‫ن ذلك ِ‬ ‫خر فعلى تقدير أ ّ‬ ‫من طريق آ َ‬ ‫من طريق وخرج ِ‬ ‫دخل ِ‬
‫مل على هذه القضية‪ ،‬وأما‬ ‫ح َ‬
‫ض أهل العلم‪-‬فذلك‪-‬أيضا‪-‬ي ُ ْ‬ ‫ذهب إليه بع ُ‬
‫ض‬
‫ن عرفة في غير الطريق الذي ذهب إليه فبع ُ‬ ‫م ْ‬ ‫بالنسبة إلى رجوعه‪-‬أيضا‪ِ -‬‬
‫كل‪-‬ل ينبغي ط َْرد ُ القياس‬ ‫سر عليه "‪ ،‬و‪-‬على ُ‬ ‫َ‬
‫ن ذلك كان أي ْ َ‬ ‫العلماء قال‪ " :‬إ ّ‬
‫سُنون‬ ‫م ْ‬ ‫سن ّي ّةِ أمرٍ وهو ليس ب ِ َ‬ ‫في مثل هذه القضايا حتى َيحكم النسان ب ُ‬
‫صر على ما ثبت به الدليل ‪ ..‬هذا ما أراه؛ والعلم عند الله تبارك‬ ‫قت َ َ‬
‫وإّنما ي ُ ْ‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫م ْ‬
‫شيا ؟ وإذا كان ذلك‪،‬‬ ‫من السّنة أن يكون الذهاب إلى صلة العيد َ‬
‫س‪ :‬هل ِ‬
‫كب ؟‬
‫من َر ِ‬
‫فماذا على َ‬
‫ل النبي‪-‬صلى الله‬ ‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬السّنة أن َيخرج النسان إلى صلة العيد كما فَعَ َ‬
‫مْيه ولكن عندما يكون‬ ‫شي على قَد َ َ‬
‫م ِ‬‫ث إّنه خرج ي َ ْ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬حي ُ‬
‫شقّ على النسان أن َيخرج وهو‬ ‫سرا أما إذا كان المكان بعيدا ي َ ُ‬ ‫مت َي َ ّ‬
‫ذلك ُ‬
‫َيمشي فل بأس عليه ِبمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في الركوب‪ ،‬وكذلك إذا‬
‫كان النسان ضعيفا أو مريضا أو ما شابه ذلك أو أراد أن يأخذ معه بعض‬
‫سن منهم‬ ‫ح َ‬
‫ست َ ْ‬
‫شقّ عليهم الذهاب وهم َيمشون أو ل ي ُ ْ‬ ‫نسائ ِهِ وأولِده الذين ي َ ُ‬
‫ذلك أو ما شابه ذلك فل بأس ِبذلك ِبمشيئة الله أما عندما يكون المشي‬
‫دل إلى غيره‪.‬‬ ‫سرا فل ينبغي أن ي ُعْ َ‬ ‫مت َي َ ّ‬
‫ُ‬
‫س‪ :‬وماذا عن المرأة أيضا ‪ ..‬هل َتخُرج ِلصلة العيد ؟‬
‫‪118‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬هكذا ثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬في‬
‫مَر صلوات الله وسلمه عليه النساء أن‬ ‫َ‬
‫الحديث الصحيح الثابت عنه‪ ،‬فقد أ َ‬
‫حّيض ِبأن َيخُرجن إلى صلة العيد مع‬ ‫َيخُرجن لصلة العيد حتى أّنه ‪ ‬أمر ال ُ‬
‫ن دعوة الخير مع‬ ‫جل أن َيشهَد ْ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫صّلين في ذلك الوقت ِ‬ ‫أّنهن ل ي ُ َ‬
‫ن بتكبيرهم‪ ،‬فالنساء ينبغي َلهن ذلك‪ ،‬وقد اختَلف‬ ‫المسلمين وأن ي ُك َب ّْر َ‬
‫العلماء في هذا الخروج‪:‬‬
‫من قال‪:‬‬ ‫من قال‪ :‬إنه مستحب‪ .‬ومنهم َ‬ ‫من قال‪ :‬إنه واجب‪ .‬ومنهم َ‬ ‫منهم َ‬
‫إنه مباح‪.‬‬
‫ن ذلك منسوخ "‪ ،‬ول دليل على‬ ‫من قال‪ :‬إنه مكروه ‪ ..‬قالوا‪ " :‬إ ّ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ي بالدليل ول سبيل له إليه البّتة‪.‬‬ ‫سخ فعليه أن َيأت ِ َ‬ ‫عى الن ّ ْ‬ ‫من اد ّ َ‬ ‫النسخ أبدا ‪َ ..‬‬
‫من قال‪ :‬يباح‬ ‫حب في حقّ النساء الكبيرات‪ ،‬ومنهم َ‬ ‫من قال‪ُ :‬يست َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫من الجمال‪ ،‬أما‬ ‫ن شيٌء ِ‬ ‫ن‪ ،‬وهكذا ِبالنسبة إلى النساء اللتي لم يكن فيه ّ‬ ‫له ّ‬
‫ما ل ينبغي‪.‬‬ ‫م ّ‬‫بالنسبة إلى النساء الصغيرات ولسيما الجميلت فهذا ِ‬
‫ص الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه‬ ‫ف ِلن ّ‬ ‫خِال ٌ‬ ‫م َ‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬هذا ُ‬
‫ماذا‬ ‫صغار‪ ،‬فل أدري ل ِ َ‬ ‫صيص على خروِج ال ّ‬ ‫وعلى آله وسلم‪ ،‬فالحديث فيه الت ّن ْ ِ‬
‫ث النبي صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫ي ُؤَْتى ِبمثل هذه القوال المخاِلفة ِلحدي ِ‬
‫ه له‪ ،‬والقول بالنسخ ل دليل‬ ‫وصحبه وسلم‪ ،‬فالقول ِبالكراهة قول ل وج َ‬
‫ت إليه‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى القول بالباحة أو‬ ‫ف َ‬ ‫عليه‪ ،‬ول ينبغي لحد أن ي َل ْت َ ِ‬
‫ما ل‬ ‫م ّ‬‫من كان حاُله كحال ِِهن‪ ،‬فهذه القوال ِ‬ ‫بالتخصيص بكبيرات السن و َ‬
‫شْرط أل ّ‬ ‫مَر به النبي ‪ ‬ب ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ينبغي أن ي ُل ْت َ َ‬
‫ت إليها بل ينبغي المُر ِبذلك كما أ َ‬ ‫ف َ‬
‫ة شاملة لكل شيٍء سواًء‬ ‫جن بزينةٍ أو ِبعطرٍ أو ما شابه ذلك والزين ُ‬ ‫خُر ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫خرة أو ِباستعمال العطور أو ما شابه ذلك ‪..‬‬ ‫س الثياب الفا ِ‬ ‫ُ‬
‫كانت زينة ب ِلب ْ ِ‬
‫مت َعَط َّرة أو ما‬ ‫مت ََزي َّنة ُ‬‫خرجت ُ‬ ‫من َ‬ ‫مت ََزي َّنات‪ ،‬أما َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ج َ‬ ‫خُر ْ‬ ‫ط أل ّ ي َ ْ‬‫شْر ِ‬ ‫الحاصل ب ِ َ‬
‫ف‬‫خال ِ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫هأ َ‬ ‫َ‬
‫شد ّ الّنهي‪ ،‬فهو ُ‬ ‫ما ي ُن َْهى عَن ْ ُ‬ ‫م ّ‬‫سَنة فهذا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫شابه ذلك أو في حالةٍ َ‬
‫مَرها النبي صلى الله‬ ‫َ‬ ‫مخاَلف ً‬
‫خُرج المرأة‪-‬كما أ َ‬ ‫خة‪ ،‬فإما أن ت َ ْ‬ ‫صارِ َ‬‫ة َ‬ ‫ِللسّنة ُ‬
‫سة اللباس الشرعي المعروف الذي‬ ‫مت ََزي َّنة ولب ِ َ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬غير ُ‬
‫كر تلك‬ ‫مح لي ب ِذِ ْ‬ ‫طه في سّنة النبي ‪ ‬وأرى الوقت ل َيس َ‬ ‫ت شرو ُ‬ ‫جاء ْ‬
‫ن ذلك ليس‬ ‫كرها ِبمشيئة الله في مناسبةٍ أخرى فإ ّ‬ ‫جميعا فل َعَل َّنا ن َذ ْ ُ‬ ‫الشروط َ‬
‫ص‬
‫ن ب َي ِْتها وقد تلتقي بشخ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫خُرج المرأة ِ‬ ‫ل هو شامل عندما ت َ ْ‬ ‫صا بالعيد ب َ ْ‬ ‫خا ّ‬
‫ح َلها أن‬ ‫ص ّ‬‫ت المرأة بلباسها الشرعي الذي ي َ ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫خَر َ‬ ‫أجنبي منها‪ ،‬فإذن إذا َ‬
‫ما‬ ‫َ‬
‫م ّ‬ ‫حاِرمها فذلك ِ‬ ‫م َ‬ ‫من الجانب وذلك‪-‬طبعا‪-‬مع َ‬ ‫حد ِ‬ ‫ج به عندما َتلتقي ب ِأ َ‬ ‫خُر َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ض أو نفاس أو‬ ‫مُر ِبه في السّنة سواًء كانت هذه المرأة في حالةِ حي ٍ‬ ‫ي ُؤْ َ‬
‫شَهد الصلة‬ ‫كانت طاهرة لكن إذا كانت في حالة حيض أو نفاس فإّنها ل ت َ ْ‬
‫شهَد ُ‬ ‫ث عن النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬وإّنما ت َ ْ‬ ‫كما ثبت ذلك في الحدي ِ‬
‫هم ‪ ..‬ت ُك َّبر‪-‬طبعا‪-‬في نفسها وَل َْيس‬ ‫الخير ودعوةَ المسلمين وت ُك َّبر ب ِت َك ِْبيرِ ِ‬
‫كالرجال الذين ي َْرفَُعون أصوات َُهم؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا َلم َتخُرج المرأة ِلصلة العيد‪ ،‬هل ُتصّليها في بيتها ؟‬

‫‪119‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جماعةِ المسلمين كما ثبت ذلك عن‬ ‫صّلى صلة العيد في َ‬‫ج‪ :‬الصل أن ت ُ َ‬
‫ن َلم َتخرج كما هو الحال عند كثير‬
‫النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬ولكن إ ْ‬
‫صّلت في بيتها ركعتين‪ 1‬فل بأس ِبمشيئة‬ ‫من الناس في هذا الزمان ‪ ..‬إن َ‬
‫ن الصلة تكون في جماعة وأقصد بالصلة‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬لكن الصل أ ّ‬
‫صلة العيد‪.‬‬
‫من لم يصل صلة العيد ؟‬
‫س‪ :‬ماذا على َ‬
‫ت هي‪:‬‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ صلة العيد‪-‬كما قل ُ‬
‫من أهل العلم‪ ،‬وهو قول قوي‪.‬‬ ‫‪-1‬واجبة على العيان‪ ،‬على رأي طائفة ِ‬
‫من السنن المؤكدة‪.‬‬ ‫‪-2‬وبعضهم َيقول‪ :‬هي ِ‬
‫من الواجبات الكفائية‪.‬‬ ‫من َيقول‪ :‬هي ِ‬ ‫‪-3‬ومنهم َ‬
‫ومهما كان ل ينبغي للنسان أن ُيفّرط في ذلك أبدا ‪ ..‬القول بالوجوب‬
‫من َيقول ِبالسّنة المؤكدة‬‫العيني قول قوي جدا‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬حتى على قول َ‬
‫فليس للمسلم أن ُيفّرط في مثل هذه المور ‪ ..‬الرسول ‪َ ‬يخُرج إليها‬
‫حّيض أن َيخُرجن إلى المصلى وإن ك ُ ّ‬
‫ن‬ ‫مر حتى النساء اله ُ‬ ‫ث أصحاَبه وَيأ ُ‬
‫وَيح ّ‬
‫ما ل يمكن أن‬ ‫م ّ‬
‫خص ِللقاِدر في ذلك هذا ِ‬ ‫ل ُيصّلين ومع ذلك ُيم ِ‬
‫كن أن ُنر ّ‬
‫من وقع في ذلك في الماضي أن َيتوب إلى الله وأن‬ ‫نقول به أبدا‪ ،‬فعلى َ‬
‫جع إليه ‪ ‬؛ والله ولي التوفيق‪.‬‬ ‫َير ِ‬

‫ص في المناوبة مثل‬‫من فاتته صلة العيد ‪ ..‬كأن يكون شخ ٌ‬ ‫س‪ :‬كيف َيصَنع َ‬
‫م العيد مع الجماعة‪ ،‬فهل له أن يصليها منفردا فيما بعد ؟‬
‫وفاتته الصلة يو َ‬
‫ومتى يكون قضاؤها ؟‬
‫ت النهي المعروف وذلك بعد أن‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ صلةُ العيد وقُتها بعد وق ِ‬
‫در تقريبا باثنتي عشرة‬ ‫ن ذلك ُيق ّ‬‫ترتفع الشمس بمقدار قيد رمح وقلنا‪ " :2‬إ ّ‬
‫من هذا الوقت َيدخل وقت صلة العيد وَينتهي قبل‬ ‫دقيقة أو ربع ساعة " ‪ِ ..‬‬
‫الزوال ِبلحظة ‪ ..‬هذا هو وقتها‪ ،‬فالصل أن ُيصلي النسان مع جماعة‬
‫من المور‬‫من مرض ونحوه أو ِ‬ ‫المسلمين ولكن إن كان هنالك عذٌر لبد منه ِ‬
‫التي ل يمكن أن َيخرج فيها مثل كبعض الناس الذين يكونون في‬
‫المستشفيات وهنالك ضرورة ملحة لن يبقى الطبيب في المستشفى‪:‬‬
‫ن النسان إذا لم َيخرج إلى الصلة‬ ‫ض العلماء َيقول‪ :‬إ ّ‬ ‫فعلى كل حال بع ُ‬
‫قه أن ُيصّلي صلة‬ ‫من السباب ل ُيشرع في ح ّ‬ ‫خر لسبب ِ‬ ‫خرا أو تأ ّ‬
‫وجاء متأ ّ‬
‫العيد‪ ،‬وذلك لنها ُتشَرع في جماعة المسلمين وإذا لم ُيصّلها في جماعة‬
‫ي بها‪.‬‬
‫قه أن َيأت ِ َ‬‫المسلمين فل ُيشَرع في ح ّ‬
‫من قال‪ُ :‬يصليها كصلة العيد ‪ ..‬أي ركعتين بالتكبير المعروف‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫‪-1‬وفي ذلك تفصيل َذَكَره الشيخ عند جوابه على السؤال ‪.9‬‬
‫‪-2‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 25‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 9‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من قال‪ُ :‬يصّلي ركعتين عاديتين‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬


‫من قال‪ :‬يصلي أربعا‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫من قال‪ُ :‬يخّير بين ركعتين وبين أربع ركعات‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫من القوال‪.‬‬‫من قال بغير ذلك ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ل صريح في هذه القضية‪ ،‬فإذا صلى ركعتين وك َّبر فيهما فل‬ ‫وليس هنالك دلي ٌ‬
‫حرج عليه ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬

‫‪‬سابعا ‪ :‬أحكام السنن والنوافل ‪‬‬


‫ن مرتبتها صغيرة جدا‬
‫س‪ :‬الناس‪-‬ربما‪-‬مسألة السنن يتهاونون فيها وَيظنون أ ّ‬
‫فظ عليها النسان‪ ،‬ما هي قيمة السنن في السلم ؟‬ ‫ل َترقى إلى أن ُيحا ِ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬مع أنه قد غَ َ‬
‫فر الله‪-‬‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫خر كان ُيحاِفظ أشد ّ المحافظة‬ ‫من ذنبه وما َتأ ّ‬ ‫دم ِ‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬له ما َتق ّ‬
‫ث‬
‫سنن في ليله ونهاره‪ ،‬وقد أمر صلوات الله وسلمه عليه بذلك وح ّ‬ ‫على ال ّ‬
‫من الحاديث الثابتة عنه‬ ‫ضل ذلك وعلوّ منزلته في كثير ِ‬ ‫عليه‪ ،‬وبّين ف ْ‬
‫من صحابته رضوان‬ ‫صلوات الله وسلمه عليه التي جاءت عن طائفة كبيرة ِ‬
‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليهم‪.‬‬
‫من عادى لي وليا فقد‬ ‫فقد جاء عنه صلوات الله وسلمه عليه أنه قال‪َ ) :‬‬
‫ما افترضُته عليه‪ ،‬وما‬ ‫م ّ‬‫آذنته بالحرب‪ ،‬وما َتقّرب إلي عبدي بشيء أفضل ِ‬
‫سمَعه الذي‬ ‫ت َ‬‫يزال عبدي َيتقّرب إلي بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإن أحببُته كن ُ‬
‫طش بها‪ ،‬وِرجَله التي َيمشي‬ ‫ده التي َيب ِ‬ ‫صر به‪ ،‬وي َ‬
‫َيسمع به‪ ،‬وبصَره الذي ُيب ِ‬
‫بها‪ ،‬وإن سألني ‪ ( 1...‬إلى آخر الحديث‪ ،‬وهو وإن كان قد تكلم فيه بعض‬
‫من طرق أخرى َيشد ّ بعضها بعضا فَيرتقي بذلك‬ ‫العلماء إل أنه قد جاء ِ‬
‫قبول ‪ ..‬هذا الذي نراه في هذا الحديث‪.‬وقد سأل رجل‬ ‫الحديث إلى درجة ال َ‬
‫من الصحابة رسول الله ‪ ‬أن ُيراِفقه في الجنة فقال له صلوات الله‬ ‫ِ‬
‫عّني على ذلك ِبكثرة السجود (‪.‬‬ ‫َ‬
‫وسلمه عليه‪ ) :‬أ ِ‬
‫‪ 1‬وقع هنا‪-‬للسف‪-‬انقطاع لخلل أثناء إرساله ِمن التلفزيون‪ ،‬ويبدو أنه غير مؤّثر في جواب الشيخ ‪-‬‬
‫‪121‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ث أحد َ صحابته وهو ثوبان‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليه‪-‬بكثرة السجود‬ ‫وح ّ‬
‫ط عنه بها سيئة‪.‬‬ ‫وبّين له صلوات ‪ 1...‬سجدة ً إل َرفع الله له بها درجة وح ّ‬
‫ط به السيئات‪ ،‬وقد‬ ‫ن الله ‪َ ‬يرَفع به الدرجات وَيح ّ‬ ‫وهكذا شأن النفل‪ ،‬فإ ّ‬
‫جاءت في ذلك أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪ ،‬ول أرى حاجة بالطالة بذكرها‪.‬‬
‫م به الفرض فإن كان هنالك َنقص‬ ‫م ُ‬
‫ن النفل ي ُت َ ّ‬‫وقد جاء في بعض الحاديث أ ّ‬
‫مها يوم القيامة بالنفل‪.‬‬ ‫ن الله ‪ُ ‬يت ّ‬ ‫وقع في بعض الفرائض فإ ّ‬
‫فل ينبغي لحد أن يتهاون بالنوافل‪ ،‬ولسيما تلك التي ثبتت عن النبي صلى‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫كدة التي جاءت‬ ‫من تهاون بالنوافل الراتبة المؤ ّ‬ ‫سئل بعض العلماء ع ّ‬ ‫وقد ُ‬
‫سئل‬ ‫عن النبي ‪ ‬فقال‪ " :‬هو رجل سوء " وبّين بأنه ل َيقَبل له شهادة‪ ،‬و ُ‬
‫كدة الثابتة عن النبي ‪ ‬فذكر‬ ‫من َيتهاون بالسنن المؤ ّ‬ ‫بعض العلماء‪-‬أيضا‪-‬ع ّ‬
‫ن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم به وهو مات يوم‬ ‫رضوان الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليه أ ّ‬
‫كدة عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫مات متهاونا بهذه السنن المؤ ّ‬
‫من ذلك‪ ،‬أو ما شابه هذا المعنى‪.2‬‬ ‫وسلم‪-‬وأنه ُيخشى عليه ِ‬
‫فينبغي للنسان‪-‬إذن‪-‬أن ُيحاِفظ على تلك السنن الراتبة وُيحاِفظ على تلك‬
‫فر الله له ما‬‫ت قد غَ َ‬ ‫السنن التي كان ُيحاِفظ عليها النبي ‪ ‬مع أنه‪-‬كما قل ُ‬
‫ص سّنة النبي‪-‬‬ ‫ص كتاب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وبن ّ‬ ‫خر‪ ،‬بن ّ‬ ‫من ذنبه وما َتأ ّ‬‫دم ِ‬ ‫َتق ّ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬الثابتة ثبوتا ل شك فيه‪.‬‬
‫ددة مبثوثة في كتب السنن‪.‬‬ ‫وهذه السنن كثيرة ومتع ّ‬
‫وينبغي للنسان أن ُيحاِفظ عليها على حسب ما كان ُيحاِفظ عليها النبي‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬هكذا ينبغي في السنن بل حتى في‬
‫الواجبات ‪ ..‬ينبغي للنسان أن يأتي بها على حسب ما كان يأتي بها النبي ‪‬‬
‫‪ ..‬يأتي بالواجبات وبالسنن على حسب ما كان يأتي بها النبي صلى الله‬
‫من حيث‬ ‫من حيث السبب‪ ،‬ويراعيها ِ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬يراعيها ِ‬
‫من‬ ‫من حيث النوع‪ ،‬ويراعيها ِ‬ ‫من حيث العدد‪ ،‬ويراعيها ِ‬ ‫الجنس‪ ،‬ويراعيها ِ‬
‫من حيث المكان ‪ ..‬يراعي هذه المور جميعا‪ ،‬فيأتي‬ ‫حيث الزمان‪ ،‬ويراعيها ِ‬
‫بعباداته على حسب ما كان النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬يأتي بها‬
‫عليه في المور التي ذكرناها جميعا‪ ،‬وهي تحتاج إلى تفصيل طويل‪ ،‬فلعل‬
‫ن علينا بأن نتكلم على هذه المور الستة بكلم أطول‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪َ-‬يم ّ‬
‫ضح بها المقام؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫ما هنا ونضرب على ذلك بعض المثلة التي ي َت ّ ِ‬ ‫م ّ‬
‫ِ‬
‫وتعالى‪-‬المستعان‪.‬‬
‫س‪ :‬نودّ منكم تعريفا للسنن المؤكدة ‪ ..‬ما هي السنن المؤكدة‪ 3‬؟‬

‫‪-1‬وقع هنا‪-‬للسف‪-‬انقطاع لخلل أثناء إرساله ِمن التلفزيون‪ ،‬ويبدو أنه غير مؤّثر في جواب الشيخ‪.‬‬
‫‪-2‬وقد بّين الشيخ مراد هؤلء العلماء عند جوابه على السؤال ‪ِ 4‬من حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1425‬هـ يوافقه ‪ 28‬أكتوبر‬
‫‪2004‬م (‪.‬‬
‫طِرحَ‬
‫عّدل السؤال إذ ُ‬
‫ن الشيخ لم يتكلم عن السنن الرواتب في جوابه بل تكلم عن السنن المؤكدة فقط فإنه ُ‬‫‪-3‬نظرا إلى أ ّ‬
‫في الصل هكذا‪ " :‬نوّد منكم تعريفا للسنن الرواتب ‪ ..‬ما هي السنن الرواتب ؟ "‪ ،‬مع العلم أنه تكلم عن الرواتب‪-‬بحمد‬
‫‪122‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫كد‪ ،‬ومنها ما هو راتب‪ ،‬ومنها ما هو نفل مطَلق‪.‬‬ ‫ج‪ :‬السنن منها ما هو مؤ ّ‬


‫كدة‪-‬وأتكلم الن على السنن في باب الصلة‪-‬فهي التي‬ ‫أما السنن المؤ ّ‬
‫كانت يأتي بها النبي ‪ ‬في حضره وفي سفره ولم َيثبت عنه أنه تركها ول‬
‫مرة واحدة في حياته‪.‬‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬لم‬ ‫وذلك كمثل صلة سّنة الفجر‪ ،‬فإ ّ‬
‫َيتركها ل في حضر ول في سفر‪ ،‬حتى أنه صلوات الله وسلمه عليه عندما‬
‫نام هو وصحابته الكرام‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليهم‪-‬وقاموا بعد طلهوع‬
‫الشمس أتى بسّنة الفجر ثم أتى بالفريضة‪.‬‬
‫وهكذا بالنسبة إلى الوتر‪ ،‬فإنه لم َيثبت عنه أنه َتركها البّتة‪.‬‬
‫من قال‪-‬أيضا‪-‬بوجوب سّنة‬ ‫ن بعض العلماء قال بوجوب الوتر‪ ،‬ومنهم َ‬ ‫حتى أ ّ‬
‫الفجر‪.‬‬
‫كدة‪ ،‬ل َيصل إلى مرتبة الوجوب‪.‬‬ ‫ن القول الصحيح في الوتر بأنه سّنة مؤ ّ‬ ‫ولك ّ‬
‫سب إلى الحسن البصري بأنه قال‬ ‫أما بالنسبة إلى سّنة الفجر فقد ن ُ ِ‬
‫ن المام أبا حنيفة يقول بوجوب‬ ‫بوجوبها وكذلك جاء عن الحسن بن زياد أ ّ‬
‫ن الكثرية‬ ‫ك في ذلك كثيرا‪ ،‬أما بالنسبة إلى المام أبي حنيفة فإ ّ‬ ‫ذلك وأنا أش ّ‬
‫سبون إليه القول بأنها سّنة وليست بواجبة ‪ ..‬هذا هو‬ ‫من أصحابه َين ِ‬ ‫الكاِثرة ِ‬
‫الثابت عنه‪ ،‬أما بالنسبة إلى الحسن البصري فإنه ل ُيريد بالوجوب هاهنا‬
‫دة التأكيد‪ ،‬وهذا ي َرِد ُ كثيرا‬ ‫ش ّ‬‫الواجب الذي ُيراِدف الفرض‪ ،‬وإنما ُيريد بذلك ِ‬
‫في بعض الدلة وفي كلم بعض السلف ‪ ..‬يعّبرون بالواجب ول ُيريدون‬
‫بالواجب الواجب الذي هو ُيراِدف الفرض‪ ،‬وكما أنهم يعّبرون بالسّنة ول‬
‫ن ذلك ثابت ِبالسّنة‪،‬‬ ‫يريدون السّنة المعروفة عند الفقهاء‪ ،‬وإنما يريدون بأ ّ‬
‫ن سّنة‬ ‫أو ما هو مشاِبه لذلك‪ ،‬فالصحيح عن الحسن البصري ِبأنه َيقول‪ " :‬إ ّ‬
‫الفجر سّنة " ول َيقول ِبوجوِبها ‪ ..‬هذا الذي ثبت عنه‪ ،‬وإنما عّبر ِبالواجب‬
‫وهو ل يريد ِبذلك الوجوب المعروف‪.‬‬
‫من المصطلحات الحاِدثة ‪ ..‬عندما َنجد‬ ‫ونحن علينا أن نتدبر عندما َنجد شيئا ِ‬
‫هذه المصطلحات موجودة في كتاب الله أو في سّنة رسوله أو في كلم‬
‫مل‬‫من الصحابة والتابعين ‪ ..‬أقول‪ :‬علينا أن نتدّبر جيدا وأل ّ َنح ِ‬ ‫بعض السلف ِ‬
‫تلك اليات أو تلك الحاديث أو ذلك الكلم المروي عن السلف على حسب‬
‫ن‬‫هذه المصطلحات التي اصطلح عليها الفقهاء أو علماء الصول‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫ت‪-‬حتى‬ ‫خرة ولولئك القوم اصطلحات أخرى‪ ،‬و‪-‬كما قل ُ‬ ‫هذه اصطلحات متأ ّ‬
‫في الكتاب العزيز وفي السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي‪-‬صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬ما ُيبّين ذلك بيانا واضحا بأنه ل ُيراد بذلك هذه‬
‫م ‪ ]  ...‬سورة‬ ‫سك َك ُ ْ‬
‫مَنا ِ‬ ‫المصطلحات‪ ،‬فالله ‪ ‬يقول‪  :‬فَإ َِذا قَ َ‬
‫ضي ُْتم ّ‬
‫البقرة‪ ،‬من الية‪ [ 200 :‬فهل ُيراد بالقضاء هاهنا التيان بالعبادة بعد انتهاء‬
‫صلة ُ ‪...‬‬ ‫ت ال ّ‬ ‫وقتها كما هو المقرر عند الصوليين ؟! وكذلك‪  :‬فَإ َِذا قُ ِ‬
‫ضي َ ِ‬
‫‪ ] ‬سورة الجمعة‪ ،‬من الية‪ .. [ 10 :‬هل ُيراد القضاء هاهنا القضاء الذي‬
‫ال تعالى‪-‬عند جوابه على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 28‬أكتوبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪123‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫دد لها شرعا ؟! كل ّ ‪ ..‬ل ُيراد‬ ‫هو بمعنى ِفعل العبادة بعد خروج وقتها المح ّ‬
‫ُ‬
‫ذلك بهذا‪ ،‬وكذلك جاء في بعض الروايات‪ ) :‬إذا أقيمت الصلة فل تأتوها‬
‫وأنتم تسعون فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا ( وفي بعض الروايات‪) :‬‬
‫موا ( وقد احتج بعض العلماء بالتمام على معنى واحتج بعضهم على‬ ‫َ‬
‫فأت ِ ّ‬
‫معنى‪-‬كما هو المعروف في كتب الفقه‪-‬ول ينبغي الحتجاج بمثل ذلك ‪..‬‬
‫ن الحديث قد جاء بلفظ واحد واللفظ الثاني مروي‬ ‫على أنني أقول أ ّ‬
‫كن أن‬ ‫من الحاديث التي تأتي بألفاظ مختِلفة ل ُيم ِ‬ ‫بالمعنى‪ ،‬وهكذا في كثير ِ‬
‫ن القضية واحدة ‪ ..‬نعم إذا اختلفت القضايا‬ ‫دة أحكام مع أ ّ‬ ‫ع ّ‬‫َنحَتج بها على ِ‬
‫من أن ت َُتدّبر‪ ،‬وكذلك‬ ‫كن الجمع بينها ‪ ..‬فهذه أمور لبد ِ‬ ‫كن ذلك إذا لم ُيم ِ‬ ‫فُيم ِ‬
‫ن رسول الله‬ ‫ما جاء عن السيدة عائشة رضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنها‪ " :‬س ّ‬
‫ج بذلك ونقول‪ " :‬جاء‬ ‫طر " ل ُتريد بذلك أنها سّنة ويمكن أن نحت ّ‬ ‫ف ْ‬‫‪ ‬زكاة ال ِ‬
‫في بعض الروايات التصريح بالوجوب وفي بعضها جاء التصريح بالسّنة فإذن‬
‫جح "‪ ،‬إلى‬ ‫من ُير ّ‬ ‫من يقول بالنسخ ومنهم َ‬ ‫الحاديث هاهنا متعاِرضة منهم َ‬
‫ل‪ ،‬بل معنى ذلك أنها ثبتت بالسّنة وإن كانت هي واجبة في‬ ‫غير ذلك ‪ ..‬ك ّ‬
‫من المثلة الكثيرة جدا جدا التي ينبغي التنبه لها‪،‬‬ ‫حقيقة ذاتها‪ ،‬إلى غير ذلك ِِ‬
‫ِِ‬
‫هر‬‫في كلم السلف‪-‬أيضا‪-‬الحكم بوجوب أمر والظا ِ‬ ‫فإذن هكذا ‪ ..‬عندما َنجد‬
‫ن ذلك مخاِلف للسّنة الصحيحة ل ينبغي أن َنتسّرع وَننسب إليهم المخاَلفة‬ ‫أ ّ‬
‫ظهم على حسب ما تدل عليه‬ ‫مل ألفا َ‬‫للسّنة الصحيحة الثابتة ما أمكن أن َنح ِ‬
‫تلك الدلة‪.‬‬
‫ن هذه سّنة‪ ،‬ففي حديث السيدة أم حبيبة بي َّنت‬ ‫فهاهنا الدلة واضحة تدل بأ ّ‬
‫من السنن‪ ،‬وهكذا في حديث السيدة عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى‬ ‫بأنها ِ‬
‫من‬‫ن هذه ِ‬ ‫من رواية تدل دللة صريحة ِبأ ّ‬ ‫من أكثر ِ‬ ‫عنها‪-‬وجاء ذلك عنها ِ‬
‫من الواجبات‪.‬‬ ‫ت ِ‬ ‫السنن وليس ْ‬
‫ن تلك‬ ‫من السلف الحكم بكراهة بعض المور مع أ ّ‬ ‫وهكذا َنجد في كلم كثير ِ‬
‫المور محّرمة بنصوص واضحة جلية فهم ل ُيريدون بالكراهة هاهنا الكراهة‬
‫المعروفة عند الفقهاء والصوليين‪ ،‬وإنما يريدون بالكراهة التحريم‪ ،‬إلى غير‬
‫من المعاني التي ل يّتسع المقام لذكرها الن كما أنه ل يّتسع لذكر‬ ‫ذلك ِ‬
‫الدلة التي تدل على ما ذكرناه‪ ،‬وعسى أن نبّين ذلك في مناسبة أخرى‪،‬‬
‫من بعض العلماء‬ ‫فالمقام يقتضي ذلك‪ ،‬لكثرة وقوع الخطإ في هذه المسألة ِ‬
‫فضل عن غيرهم‪.‬‬
‫من الصحابة والتابعين‬ ‫كما أنه عند نسبة القوال إلى بعض العلماء السابقين ِ‬
‫حة‬‫ظر أّول وقبل كل شيء في ص ّ‬ ‫جد لهم مؤلفات ينبغي أن َنن ُ‬ ‫الذين ل ُتو َ‬
‫تلك الروايات التي ُرويت عن أولئك الصحابة والتابعين‪ ،‬فإننا َنجد كثيرا في‬
‫من أهل العلم َيروون بعض الروايات عن بعض‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫كتب الخلف‪ 1‬أ ّ‬
‫حصوا تلك الروايات هل تلك النسبة‬ ‫من غير أن ُيم ّ‬ ‫الصحابة أو التابعين ِ‬
‫صحيحة أو ليست بصحيحة‪ ،‬وهذا موجود في كتب التفسير وفي كتب الفقه‪،‬‬
‫‪-1‬لعل الشيخ قصد أن يقول‪ " :‬كتب الفقه "‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫سب إلى أولئك‬ ‫من تلك القوال التي ُتن َ‬ ‫ن طائفة كبيرة ِ‬ ‫إلى غير ذلك‪ ،‬مع أ ّ‬
‫من معرفة الثابت‬ ‫الصحابة الكرام وإلى أولئك التابعين ل َتثبت عنهم‪ ،‬فلبد ِ‬
‫من طرق ل تقوم‬ ‫ض الروايات ِ‬ ‫ضهم بع ُ‬
‫كذب عليهم‪ ،‬وجاء عن بع ِ‬ ‫عنهم‪ ،‬فقد ُ‬
‫جة‪،‬‬ ‫ما ل تقوم به الح ّ‬‫م ّ‬
‫جة لضعف رجالها أو لتدليسهم‪ ،‬إلى غير ذلك ِ‬ ‫بها الح ّ‬
‫فينبغي الّتنّبه لذلك‪ ،‬وأل ّ َننسب إلى الصحابة أو غيرهم إل ما ثبت عنهم‪،‬‬
‫رض عن ذلك على الطلق‪ ،‬وإما أن ُيبّين‬ ‫من ل يستطيع ذلك إما أن ُيع ِ‬ ‫وعند َ‬
‫من ذلك وإنما ذ َك ََرهُ على حسب ما‬ ‫ذلك بطريقة َيظَهر منها بأنه لم َيتثّبت ِ‬
‫سب إليهم؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫نُ ِ‬
‫دة والبعض ذهب إلى أنها واجبة ‪..‬‬‫س‪ :‬أنتم تحدثتم عن سّنة الفجر وأنها مؤك ّ َ‬
‫الن بالنسبة لسّنة الفجر‪ ،‬ما حكم صلة سّنة الفجر أثناء صلة المام‬
‫الفريضة ؟‬
‫كدة‪ ،‬للحاديث الكثيرة التي دّلت على‬ ‫ج‪ :‬نعم سّنة الفجر سّنة مؤ ّ‬
‫من سّنة النبي صلى الله‬ ‫ضلها‪-‬أيضا‪-‬الكثير الطيب ِ‬ ‫ذلك‪ ،‬وقد جاء في ف ْ‬
‫من‬ ‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فل ينبغي لحد أن ُيفّرط فيها بحال ِ‬
‫من الدنيا وما فيها‬ ‫ة الفجر خير ِ‬‫ن النبي ‪ ‬قال عنها‪ ) :‬سن ّ ُ‬ ‫الحوال‪ ،‬ويكفي أ ّ‬
‫ضل ما ل‬ ‫من الف ْ‬ ‫( ‪ ..‬هكذا ثبت عنه صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وفي هذا ِ‬
‫ضل‪.‬‬‫من أراد الف ْ‬ ‫َيخفى على َ‬
‫فسّنة الفجر ُتشَرع بطلوع الفجر‪ ،‬فإذا طلع الفجر فإنها ُتشرع في ذلك‬
‫الوقت ‪ ..‬هذا هو الوقت الذي كان َيفعلها فيه النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫من قال بأنها ُتشَرع قبل ذلك فل دليل له‪ ،‬بل هو مصاِدم للدليل أّيما‬ ‫أما َ‬
‫من أخذ بذلك في الماضي‬ ‫مصاَدمة‪ ،‬فل ينبغي لحد أن َيأخذ بذلك ‪ ..‬نعم َ‬
‫فليستغفر ربه ول شيء عليه‪ ،‬أما بالنسبة إلى المستقبل فل ينبغي لحد أن‬
‫ت‪-‬للسّنة الصحيحة الثابتة عن النبي ‪‬‬ ‫َيأخذ بذلك مع مصاَدمة ذلك‪-‬كما قل ُ‬
‫ث ُُبوتا ل شك فيه‪.‬‬
‫وسّنة الفجر كان ُيصليها النبي ‪ ‬في ذلك الوقت‪ ،‬وكان َيخت ِ‬
‫صر فيها‬
‫ك‬‫ن السيدة عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنها‪-‬كانت تش ّ‬ ‫القراءة حتى أ ّ‬
‫من هنا قد اختلف العلماء هل ُيشَرع للنسان‬ ‫هل أتى بالفاتحة فيها أو ل‪ ،‬و ِ‬
‫أن َيقَرأ فيها أو أنه ل ُتشَرع فيها القراءة ؟‬
‫من‬ ‫من قال‪ :‬إّنه ُيصليها ول ُيشَرع له فيها القراءة‪ ،‬وهو قول ِ‬ ‫‪-1‬فمنهم َ‬
‫الضعف بمكان‪.‬‬
‫‪-2‬وبعضهم قال‪ُ :‬يشَرع أن يأتي فيها بالفاتحة فقط‪ ،‬وهو‪-‬أيضا‪-‬مصاِدم‬
‫للدليل‪ ،‬كما سيأتي بمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫من قال‪ :‬إنه ُيشَرع للنسان أن َيقرأ فيها الفاتحة وَيقرأ فيها شيئا‬ ‫‪-3‬ومنهم َ‬
‫من اليات القصيرة‪ ،‬وهذا هو الصحيح الثابت‪ ،‬فقد‬ ‫من السور القصيرة أو ِ‬ ‫ِ‬
‫كان النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬يأتي فيها بسورة الكافرون في‬
‫الركعة الولى وبسورة الخلص في الركعة الثانية ‪ ..‬هذا في بعض الحوال‪،‬‬

‫‪125‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مّنا ‪...‬‬‫وكان يأتي في بعض الحيان بقول الله تبارك وتعالى‪ُ  :‬قوُلوا آ َ‬
‫‪ .. 1‬بالية ] ‪ [ 136‬التي في سورة البقرة‪ ،‬وفي الركعة الثانية كان يأتي‬
‫بالية الثانية والخمسين‪ 2‬في بعض الروايات‪ 3‬وفي بعض الروايات بالية‬
‫من سورة آل عمران‪ .. 5‬كان هكذا صلوات الله وسلمه‬ ‫الرابعة والستين‪ِ 4‬‬
‫عليه َيختصر القراءة‪.‬‬
‫‪-4‬وذهب بعض أهل العلم أنه يأتي فيها بسورة أو بآية ول يأتي بفاتحة‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫حها أنه يأتي بفاتحة الكتاب وبسورة أو آية قصيرة‪،‬‬ ‫فهذه أربعة أقوال‪ ،‬أص ّ‬
‫كما ثبت ذلك عن النبي ‪ ، ‬أما السورة فأمرها واضح بما ذكرناه ِ‬
‫من‬
‫السور التي كان يأتي بها النبي ‪ ، ‬وأما بالنسبة إلى الفاتحة فذلك واضح‬
‫من حديث‪ ) :‬ل صلة إل بفاتحة الكتاب (‪ ،‬وهو صحيح ثابت عن النبي ‪‬‬ ‫ِ‬
‫وِبحديث‪ ) :‬كل صلة ل ُيقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج فهي خداج فهي‬
‫ضمن بقية‬ ‫خداج (‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت عن النبي ‪ ، ‬فهي داخلة في ِ‬
‫من الحاديث الكثيرة الدالة على‬ ‫ل هذان الحديثان وغيرهما ِ‬ ‫الصلوات التي د ّ‬
‫مشروعية قراءة الفاتحة فيها‪.‬‬
‫وبقية القوال ل دليل عليها‪ ،‬ولعل الذين قالوا يأتي بسورة قصيرة أو بآية‬
‫ك هل‬ ‫قصيرة أخذوا ذلك مما ذكرُته عن السيدة عائشة فقالوا إذا كانت تش ّ‬
‫صر‬ ‫أتى بفاتحة الكتاب فإنه إذا أتى بهذه السورة معنى ذلك أنه كان َيقت ِ‬
‫ك في الفاتحة فكيف يمكن أن يأتي بالفاتحة‬ ‫عليها إذ ْ إنه إذا كانت تش ّ‬
‫مل قول السيدة عائشة‪-‬رضي الله تعالى‬ ‫وبسورة أو آية بعدها‪ ،‬ولكننا َنح ِ‬
‫عنها‪-‬على المباَلغة في الختصار في صلة النبي ‪ ‬لهذه الصلة‪.‬‬
‫ض العلماء إلى أنه ينبغي للنسان أن ُيطيل القراءة فيها‬ ‫هذا وقد ذهب بع ُ‬
‫ولو قرأ في كل سورة ِبجزء كامل‪ ،‬وهو قول ضعيف مصاِدم للحديث الثابت‬
‫ت سابقا‪ :‬إنه ينبغي للنسان أن ُيطّبق السّنة على‬ ‫عن النبي ‪ ، ‬وقد قل ُ‬
‫مَيتها وكيفيتها وعددها إلى غير ذلك مما‬ ‫حسب ما جاء عن النبي ‪ ‬في ك ِ ّ‬
‫صر القراءة في هذه الصلة‪-‬على حسب ما‬ ‫ذكرُته‪ ،‬فإذا كان النبي ‪َ ‬يخت ِ‬
‫ط َوَما ُأوِت َ‬
‫ي‬ ‫سَبا ِ‬
‫ب َوال ْ‬‫ق َوَيْعُقو َ‬ ‫حَ‬‫سَ‬‫ل َوِإ ْ‬
‫عي َ‬‫سَما ِ‬
‫ل ِإَلى ِإْبَراِهيَم َوِإ ْ‬ ‫ل ِإَلْيَنا َوَما ُأنِز َ‬ ‫‪-1‬قال ال تعالى‪ُ  :‬قوُلوا آَمّنا ِبا ِ‬
‫ل َوَما ُأنِز َ‬
‫ن‪.‬‬ ‫سِلُمو َ‬
‫ن َلُه ُم ْ‬
‫حُ‬ ‫حٍد ّمْنُهْم َوَن ْ‬‫ن َأ َ‬‫ق َبْي َ‬
‫ل ُنَفّر ُ‬‫ن ِمن ّرّبِهْم َ‬ ‫ي الّنِبّيو َ‬
‫سى َوَما ُأوِت َ‬ ‫عي َ‬
‫سى َو ِ‬ ‫ُمو َ‬
‫ل آَمّنا ِبا ِ‬
‫ل‬ ‫صاُر ا ِ‬
‫ن َأن َ‬
‫حُ‬ ‫ن َن ْ‬
‫حَواِرّيو َ‬‫ل اْل َ‬
‫ل َقا َ‬
‫صاِري ِإَلى ا ِ‬ ‫ن َأن َ‬ ‫ل َم ْ‬ ‫سى ِمْنُهُم اْلُكْفَر َقا َ‬‫عي َ‬‫س ِ‬ ‫ح ّ‬‫‪-2‬قال ال تعالى‪َ  :‬فَلّما َأ َ‬
‫ن‪.‬‬ ‫سِلُمو َ‬
‫شَهْد ِبَأّنا ُم ْ‬‫َوا ْ‬
‫‪-3‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 2‬من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م (‪ " :‬المراد الية‬
‫ي أنه َيحتاج إلى نظر هل كان الرسول ‪َ ‬يقرأ هذه الية ِبكامِلها أو أنه َيقرُأ الجزءَ‬ ‫التي في سورة آل عمران لكن َبِق َ‬
‫ث إنه جاء في الروايِة المروية عن الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪  :‬آَمّنا ‪ِ .. ...‬من هذا‬ ‫الخيَر منها ؟ حي ُ‬
‫ن ‪ .. ‬هذا الجزء فقط بعد فاتحة الكتاب كما هو‬ ‫سِلُمو َ‬‫شَهْد ِبَأّنا ُم ْ‬‫ل َوا ْ‬ ‫خِر الية‪ ،‬فهل كان َيقرُأ ‪ ...  : ‬آَمّنا ِبا ِ‬ ‫إلى آ ِ‬
‫الظاِهُر ِمن الرواية أو أنه كان َيقرأ الية ِمن أّولها ؟ فهذا ُمحتِمل "‪.‬‬
‫‪-4‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 2‬من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م (‪ " :‬الرواية الثانية‬
‫الية الرابعة والستين ِمن سورة آل عمران وهذه الرواية الثانية فيما َيظهر ِلي ِبأنها شاّذة "‪.‬‬
‫‪-5‬قال الشيخ‪ " :‬النعام " بدل ِمن " آل عمران " وهو سبق لسان نبه عليه في حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪10‬‬
‫نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪126‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ذ َك ََرْته السيدة عائشة‪ ،‬الثابت عنها بالسناد الصحيح‪-‬فكيف ينبغي أن نقول‪:‬‬


‫دث‬ ‫ن النبي ‪ ‬كان تارة َيتح ّ‬ ‫" إنه ينبغي للنسان أن ُيطيل القراءة "‪ ،‬مع أ ّ‬
‫مع السيدة عائشة‪-‬رضي الله تعالى عنها‪-‬إذا كانت قائمة بعد الصلة وتارة‬
‫طجع على َيمينه‪ ،‬كما ثبت ذلك عنه صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬فالوقت‬ ‫َيض َ‬
‫صر القراءة في هذه الصلة‪ ،‬فينبغي‬ ‫واسع للقراءة ومع ذلك كان َيخت ِ‬
‫ضل في متابعة‬ ‫ضل كل الف ْ‬ ‫للنسان أن ُيطّبق السّنة‪ ،‬فالخير كل الخير والف ْ‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬أما الطالة فلها وقت آخر‪ ،‬وقد‬
‫سِئل عن‬ ‫أحسن المام الخليلي‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليه‪-‬عندما ُ‬
‫من القوال فيها فبّين رضوان الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليه‬ ‫مسألة عن الراجح ِ‬
‫ضل في متابعة النبي‬ ‫ضل "‪ ،‬فالف ْ‬ ‫من أراد الف ْ‬ ‫ضل ل ِ َ‬ ‫السّنة ثم قال‪ " :‬وفيها الف ْ‬
‫‪ ، ‬وهو في الختصار في هذه الصلة؛ والله أعلم‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى صلِتها في أثناء صلة المام فهذه المسألة اختلف العلماء‬
‫فيها‪ ،‬وتحت هذه القضية مسألتان‪:‬‬
‫ُ‬
‫شَرع في هذه الصلة ثم أقيمت الجماعة ‪..‬‬ ‫الولى‪ :‬أن يكون النسان قد َ‬
‫هنا اختلف العلماء‪:‬‬
‫فوَته صلة المام‪.‬‬ ‫صل الصلة إل إذا خاف أن ت َ ُ‬ ‫من قال‪ :‬إنه ُيوا ِ‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫خل مع المام‪.‬‬ ‫طع الصلة ‪ُ ..‬يسّلم وَيد ُ‬ ‫من قال‪ :‬إنه َيق َ‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬
‫طعها بل ل حاجة إلى َقطِعها‪.‬‬ ‫طل ولو لم َيق َ‬ ‫ن صلته َتب ُ‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫‪-3‬ومنهم َ‬
‫رف أنه سُيدِرك الركعة الولى ‪ ..‬سُيدِرك‬ ‫من قال‪ :‬إن كان َيع ِ‬ ‫‪-4‬ومنهم َ‬
‫صل صلته‪ ،‬أما إذا كان ل ُيدِرك ذلك فل‪،‬‬ ‫من الركعة الولى فإنه ُيوا ِ‬ ‫الركوع ِ‬
‫من أدرك ركعة فقد أدرك الصلة (‪.‬‬ ‫وذلك لحديث‪َ ) :‬‬
‫مل الركعة الثانية‪،‬‬ ‫من قال‪ :‬إذا كان قد صلى ركعة واحدة فإنه ُيك ِ‬ ‫‪-5‬ومنهم َ‬
‫طع تلك الصلة وَيدخل‬ ‫ل ركعة‪-‬وذلك ُيقّيد بالركوع‪-‬فإنه َيق َ‬ ‫أما إذا كان لم ُيص ّ‬
‫مع المام‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬النبي ‪ ‬يقول في الحديث الصحيح‪ ) :‬إذا أقيمت الصلة فل‬
‫خل مع‬ ‫صلة إل المكتوبة (‪ ،‬فإذا أقيمت الصلة فينبغي للنسان أن َيد ُ‬
‫الجماعة وبعد ذلك َيقضي هذه الصلة بمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫من قبل وَوجد الجماعة ُتصّلي فاختلفوا‪:‬‬ ‫خل في الصلة ِ‬ ‫أما إذا كان لم َيد ُ‬
‫خل مع‬ ‫من صلة السّنة في هذا الوقت بل عليه أن َيد ُ‬ ‫من قال‪ُ :‬يمَنع ِ‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫الجماعة ول َيجوز له أن ُيصلي السّنة‪.‬‬
‫صلها فُتعتَبر صحيحة‪.‬‬ ‫من قال‪ُ :‬يكَره له ذلك ولكن إذا َ‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬
‫ح‬ ‫من قال‪ :‬له أن ُيصل َّيها إذا كان خارج المسجد أو في موضٍع ل ت َ ِ‬
‫ص ّ‬ ‫‪-3‬ومنهم َ‬
‫من قَّيد ذلك ِبما إذا كان ذلك خارج المسجد‪.‬‬ ‫صلُته فيه مع المام‪ ،‬ومنهم َ‬
‫كن أن ُيدِرك المام في الركعة الولى فله أن‬ ‫من قال‪ :‬إذا كان ُيم ِ‬ ‫‪-4‬ومنهم َ‬
‫كنه ذلك فل‪.‬‬ ‫ُيصلي‪ ،‬أما إذا كان ل ُيم ِ‬
‫من الركعة الثانية فله أن‬ ‫من قال‪ :‬إنه إن كان سُيدِرك الركوع ِ‬ ‫‪-5‬ومنهم َ‬
‫خل‪ ،‬وإل فل‪.‬‬ ‫َيد ُ‬
‫‪127‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من قال‪ :‬ليس له أن ُيصلي مع الجماعة بل عليه أن ُيصّلي أّول‬ ‫‪-6‬ومنهم َ‬


‫ت صلة الفجر‪-‬ففي هذه‬ ‫فوَته وق ُ‬
‫فوَته الوقت‪-‬أي أن ي َ ُ‬‫السّنة فإن خاف أن ي َ ُ‬
‫َ‬
‫الحالة ُيصلي الفريضة‪ ،‬أما إذا أمك ََنه أن ُيصلي السّنة فلَيشتِغل بالسّنة ولو‬
‫فاتته الجماعة‪.‬‬
‫خل مع المام لحديث‪ ) :‬إذا‬ ‫والصحيح‪-‬ما ذكرناه سابقا‪ ،‬وهو‪-‬أنه عليه أن َيد ُ‬
‫أقيمت الصلة فل صلة إل المكتوبة ( ‪ ..‬هذا هو الصحيح عندنا‪ ،‬وإذا ثبت‬
‫من مرة‪-‬فل ينبغي لحد أن َيقول‬ ‫الحديث عن النبي ‪- ‬كما قلنا أكثر ِ‬
‫ِبخلف ما ثبت به الحديث عنه صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى قضاء السّنة بعد الفريضة أو بعد طلوع الشمس ففيه كلم‪،‬‬
‫رد في السؤال فل أتعرض له الن‪.1‬‬ ‫ولعله لم ي َ ِ‬
‫سنن الراِتبة ؟‬
‫س‪ :‬ما هي ال ّ‬
‫من قوله‬ ‫سنن الثابتة عن النبي ‪ِ ‬‬ ‫ج‪ :‬قد تكلمنا بالمس على بعض ال ّ‬
‫‪2‬‬

‫كدة سّنة الفجر‬ ‫سنن المؤ ّ‬ ‫من ال ّ‬‫ن ِ‬ ‫وفعله صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وبي َّنا‪ 3‬أ ّ‬
‫كدة أخرى‪ ،‬ولكّنها ليست مقّيدة باليوم‬ ‫وسّنة الوتر‪ ،‬وهنالك‪-‬أيضا‪-‬سنن مؤ ّ‬
‫والليلة‪ ،‬وإنما ُتفَعل لبعض السباب ‪ ..‬عندما توجد تلك السباب فإنه ُيؤتى‬
‫بها‪ ،‬وليس كلمنا في ذلك في هذا الوقت‪.4‬‬
‫ظب عليها النبي ‪‬‬ ‫سنن التي كان ُيوا ِ‬ ‫سنن الراتبة فهي ال ّ‬ ‫ما بالنسبة إلى ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ظب عليها في السفر والحضر‪.‬‬ ‫كدة فإنه كان ُيوا ِ‬ ‫في حضره‪ِ ،‬بخلف المؤ ّ‬
‫ن‪-‬النبي ‪ ‬لم َيترك سّنة الفجر والوتر ل في سفره ول‬ ‫و‪-‬قد ُقلت‪ :5‬إ ّ‬
‫حضره‪.‬‬
‫مع فإنه لم‬ ‫ج ْ‬‫ل الوتر في ليلة َ‬ ‫ض الروايات أنه لم ُيص ّ‬ ‫من بع ِ‬ ‫ما ما ُيؤخذ ِ‬‫أ ّ‬
‫من الحاديث‬ ‫ُيصّلها في ذلك الوقت‪ ،‬والظاهر أنه صلها بعد ذلك‪ ،‬أخذا ِ‬
‫ظب على الوتر في أسفاره‬ ‫ن النبي ‪ ‬كان ُيوا ِ‬ ‫صّرحت بأ ّ‬ ‫الخرى التي َ‬
‫من التعارض‬ ‫صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وإذا وجدنا أدلة في ظاهرها شيء ِ‬
‫ت عليه ‪ ..‬هذا إذا‬ ‫مع َ ْ‬
‫شمل تلك الدلة ونأخذ ِبما اجت َ‬ ‫مع بْين َ‬ ‫فإنه ينبغي أن َنج َ‬
‫كن‪-‬بحمد الله‪-‬في هذه القضية‪ ،‬وللطالة في ذلك‬ ‫مم ِ‬ ‫كن ذلك‪ ،‬وهذا ُ‬ ‫َأم َ‬
‫موضع آخر‪.‬‬
‫ظب عليها في حضره‪،‬‬ ‫سنن الرواتب فالنبي ‪ ‬كان ُيوا ِ‬ ‫أما بالنسبة إلى ال ّ‬
‫وقد أمر بها أيضا‪ ،‬كما جاء ذلك في حديث السيدة أم حبيبة أم المؤمنين‪-‬‬
‫من‬‫ت فيه عن النبي ‪ ‬قال‪َ ) :‬‬ ‫رضي الله تبارك وتعالى عنها‪-‬الذي ذكَر ْ‬
‫حافظ على اثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته ُبني له بيت في الجنة ( وفي‬

‫‪-1‬وقد تعرض الشيخ له‪-‬بحمد ال تعالى‪-‬عند جوابه على السؤال ‪ِ 3‬من حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 28‬أكتوبر‬
‫‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-2‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 2‬من حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-3‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 2‬من حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-4‬تكلم الشيخ عن بعضها عند الجواب على السؤال ‪ِ 2‬من هذه الحلقة ] ص ‪ ،[ 7‬وتكلم‪-‬أيضا‪-‬عن بعضها عند الجواب‬
‫على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 25‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 9‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-5‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 2‬من حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪128‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بعض اللفاظ‪ ) :‬بنى الله له بيتا في الجنة (‪ ،‬والحديث صحيح‪ ،‬رواه مسلم‪،‬‬
‫من أئمة الحديث‪ ،‬ل أرى داعيا لذكرهم في هذا الوقت‪ ،‬وقد‬ ‫وطائفة كبيرة ِ‬
‫سنن‪-‬أيضا‪-‬في حديث السيدة عائشة رضي‬ ‫ظبة على هذه ال ّ‬ ‫جاءت الموا َ‬
‫الله‪-‬تعالى‪-‬عنها‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت عن النبي ‪َ ، ‬روَْته جماعة كبيرة‬
‫من أئمة الحديث‪ ،‬وكذلك جاء ذلك عن البراء بن عازب في بعضها‪ ،‬وجاء‬ ‫ِ‬
‫في بعضها‪-‬أيضا‪-‬عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري‪-‬رضي الله تبارك وتعالى‬
‫دد بعض الركعات‪.‬‬ ‫عنهما‪-‬على اختلف يسير في عَ َ‬
‫سنن المؤ ّ‬
‫كدة‪.‬‬ ‫من ال ّ‬ ‫ت هي ِ‬ ‫سّنة الفجر هي ركعتان‪ ،‬و‪-‬كما قل ُ‬
‫سنن الراتبة التي هي قبل الفرائض وبعد الفرائض‪:‬‬ ‫أما ال ّ‬
‫ت الحاديث ‪..‬‬ ‫قْبلّية التي هي قبل فريضة الظهر‪ ،‬وقد اختلف ْ‬ ‫فمنها السّنة ال َ‬
‫منها ما جاء أّنها أربع ركعات‪ ،‬ومنها ما جاء أّنها ركعتان‪ ،‬فقد جاء عن السّيدة‬
‫ن النبي ‪ ‬كان ُيصلي أربعا‪ ،‬وكذلك‬ ‫عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنها‪-‬أ ّ‬
‫جاء في حديث السّيدة أم حبيبة‪-‬رضي الله تعالى عنها‪-‬وهو حديث قولي أّنه‬
‫ذ َك ََر منها أربعا قبل الظهر‪ ،‬وجاء في حديث ابن عمر وفي حديث أبي سعيد‬
‫الخدري‪-‬رضي الله تعالى عنهما‪-‬وهما حديثان صحيحان أنه ‪ ‬كان ُيصلي‬
‫دل على هذا ومنها على‬ ‫ركعتين قبل الظهر‪ ،‬وهنالك أحاديث أخرى منها ما ي ّ‬
‫ن الصحيح منها ما ذكرناه‪ ،‬وقد اختلفت كلمة أهل العلم في الجمع‬ ‫ذاك‪ ،‬ولك ّ‬
‫بين الرواية التي فيها الربع والرواية التي فيها الركعتان‪:‬‬
‫ن السّيدة عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنها‪-‬‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫من العلماء َ‬ ‫‪-1‬ف ِ‬
‫حكت ما شاهد َْته وحكى ابن عمر و‪-‬كذا‪-‬أبو سعيد‪-‬رضي الله عنهما‪-‬ما‬
‫شاهداه‪ ،‬وهذا ليس بقول مستقل في حقيقة الواقع‪ ،‬إذ إّنه َيرجع إلى بعض‬
‫القوال التية بمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫ن ابن عمر‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنهما‪-‬قد نسي‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬
‫ت ذلك السّيدة عائشة رضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫فظ َ ْ‬ ‫ح ِ‬
‫خَري َْين‪ ،‬و َ‬ ‫الركعتين ال ُ ْ‬
‫سنن التي جاءت عن‬ ‫ب أن َينسى بعض الصحابة بعض ال ّ‬ ‫ج ٍ‬‫عنها‪ ،‬وليس ِبع َ‬
‫ن هذا‪-‬في‬ ‫ددة ل أرى داعيا ليرادها الن ولك ّ‬ ‫النبي ‪ ‬ولذلك أمثلة متع ّ‬
‫مل الحديث‬‫كن أن ُيح َ‬ ‫صار إليه إل ّ إذا لم ُيم ِ‬ ‫ف الصل ل ي ُ َ‬ ‫حقيقة الواقع‪-‬خل ُ‬
‫ت لم يتفّرد بذلك‪،‬‬ ‫ن ابن عمر‪-‬كما قل ُ‬ ‫على ما ُروي عن ذلك الصحابي‪ ،‬على أ ّ‬
‫‪1‬‬
‫فقد رواه أبو سعيد عند المام الربيع رحمه الله تبارك وتعالى ‪.‬‬
‫من حكى الربع‪-‬وهي السيدة عائشة رضي الله تعالى‬ ‫ن َ‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫‪-3‬ومنهم َ‬
‫من الصحابة‪-‬فحكى ما كان َيفعله النبي ‪ ‬في‬ ‫عنها وحكى ذلك أيضا غيرها ِ‬
‫من حكى أّنه كان ُيصلي ركعتين ما كان َيفعله في‬ ‫البيت‪ ،‬بينما حكى َ‬
‫المسجد‪ ،‬فقد كان ُيصلي في البيت أربعا وكان يصلي في المسجد ركعتين‪.‬‬

‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب )‪ (32‬سبحة الضحى وتبردة الصلة‪:‬‬


‫حديث رقم ‪ :198‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي سعيد الخدري أنه قال‪ :‬كان رسول ال ‪ ‬يصلي قبل الظهر‬
‫ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين وبعد صلة العشاء ركعتين وكان ل يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف‬
‫الناس ويصلي ركعتين لكن له حظ ِمن الليل يصلي فيه ما شاء ال‪.‬‬
‫‪129‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من قال‪ :‬إّنه كان ُيصلي ركعتين في البيت وكان يصلي ركعتين في‬ ‫‪-4‬ومنهم َ‬
‫من حكى الربع فقد قامت لديه الحجة بالركعتين اللتين كان‬ ‫المسجد‪ ،‬ف َ‬
‫ُيصليهما في المسجد وما شاهده في البيت أو بما شاهده في المسجد وما‬
‫من حكى ما شاهده‬ ‫من طريق آخر أنه كان ُيصليه في البيت‪ ،‬أما َ‬ ‫علم به ِ‬
‫في المسجد فحكى الركعتين اللتين شاهدهما ولم َيعلم بالركعتين اللتين‬
‫صلهما في البيت‪.‬‬
‫من قال‪ :‬كان ُيصلي تارة أربعا‪-‬وهو الغلب‪-‬وكان تارة ُيصلي‬ ‫‪-5‬ومنهم َ‬
‫ركعتين‪.‬‬
‫من قال‪ :‬كان ُيصلي أربعا وُيصلي ركعتين تحية المسجد‪ ،‬فالسّنة‬ ‫‪-6‬ومنهم َ‬
‫قْبلّية هي الربع‪ ،‬أما الركعتان فهما تحية المسجد‪.‬‬ ‫ال َ‬
‫ن الربع هي‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬الصلة التي بعد زوال‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫‪-7‬ومنهم َ‬
‫قْبلّية فهي السّنة التي حكاها ابن عمر وأبو سعيد‬ ‫الشمس‪ ،‬أما السّنة ال َ‬
‫الخدري رضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنهما‪.‬‬
‫ن‬ ‫سط عليها الدلة وأن َنذ ُ‬ ‫َ‬
‫كر ما لها وما عليها‪ ،‬ولك ّ‬ ‫ن َنب ُ‬‫وهذه القوال َيحتاج أ ْ‬
‫المقام ل َيكفي لذلك‪.‬‬
‫من الربع فل ينبغي له أن ُيفّرط في‬ ‫كن ِ‬ ‫ن النسان إذا كان َيتم ّ‬ ‫وأرى أ ّ‬
‫ن ذلك ثابت ل شك فيه عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫الربع‪ ،‬ل ّ‬
‫وإذا دخل المسجد إذا كان قد صلى الربع في البيت فإنه ُيصلي ركعتين‬
‫من الوقت في أن يأتي بالربع‬ ‫تحية المسجد‪ ،‬أما إذا لم يكن هنالك مّتسعٌ ِ‬
‫فإنه ُيصلي ركعتين وُيجزيه ذلك بمشيئة الله تبارك وتعالى‪.1‬‬
‫من طريق السّيدة‬ ‫أما بالنسبة إلى السّنة الب َعْدَِية بعد الظهر فقد ثبت ِ‬
‫من طريق ابن عمر وعن طائفة‪-‬أيضا‪ -‬كبيرة‬ ‫عائشة‪-‬رضي الله تعالى عنها‪-‬و ِ‬
‫من الصحابة أنه كان ُيصلي ركعتين‪ ،‬وكذلك جاء في الحديث القولي عن أم‬ ‫ِ‬
‫حبيبة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنها‪-‬وهو حديث صحيح ثابت‪.‬‬
‫من طريق أم حبيبة‪-‬أيضا‪-‬ذِك ُْر الربع وهو حديث قولي ولكن في‬ ‫وقد جاء ِ‬
‫من أهل العلم‪َ-‬نظٌر عندي‪ ،‬فأخشى أن تكون‬ ‫ححته طائفة ِ‬ ‫حة ذلك‪-‬وإن ص ّ‬ ‫ص ّ‬
‫من حيث المتن وإن كان إسنادها نظيفا‪.‬‬ ‫هذه الرواية شاّذة ِ‬
‫فالذي نستطيع أن َنجزم به هو الركعتان‪.‬‬
‫سنن الراتبة‪ ،‬وأما ما عدا‬ ‫من ال ّ‬ ‫ن الركعتين ِ‬ ‫وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أ ّ‬
‫من السّنة الراتبة‪.‬‬ ‫فل الذي فيه خير كثير وإن لم يكن ِ‬ ‫من التن ّ‬ ‫ذلك ف ِ‬
‫من الزيادة على الركعتين‪ ،‬إذ ل دليل هنالك‬ ‫ن النسان ل ُيمنع ِ‬ ‫ول شك بأ ّ‬
‫ث عليه‪ ،‬أما أن َيزيد‬ ‫على المنع‪ ،‬وإنما َنحكي ما كان َيفعله النبي ‪ ‬وما ح ّ‬
‫من الرواتب التي أمر بها‬ ‫مل ذلك على أّنه ِ‬ ‫من غير أن َيح ِ‬ ‫النسان على ذلك ِ‬
‫من‬‫ما ل إشكال فيه إن لم يكن ذلك الوقت ِ‬ ‫م ّ‬ ‫النبي ‪ ‬أو كان َيفعلها فذلك ِ‬
‫الوقات التي ُينهى عن الصلة فيها ول نهي عن الصلة في هذا الوقت‪.‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 29‬أكتوبر ‪2004‬م (‪ " :‬أّما َما جاء عن‬
‫ن ذلك أّنه كان ُيؤّدي في المسجد سّنة تحية المسجد "‪.‬‬
‫ض الحوال وُيمِكن أن َيكو َ‬
‫ل ذلك على بع ِ‬
‫ابن عمر فُيمِكن أن ُيحَم َ‬
‫‪130‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫قْبلّية‪،‬‬
‫وأما بالنسبة إلى العصر فذهب بعض أهل العلم إلى القول بالسّنة ال َ‬
‫سب إلى النبي ‪ ، ‬وأقواها ما جاء‬ ‫ددة ُتن َ‬‫وقد جاءت في ذلك روايات متع ّ‬
‫من‬‫من طريق ابن عمر‪ ،‬وقد جاء ذلك‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫من طريق علي بن أبي طالب و ِ‬ ‫ِ‬
‫من طريق أم حبيبة‪ ،‬وجاء ذلك‪-‬‬ ‫طريق ميمونة أم المؤمنين‪ ،‬وجاء‪-‬كذلك‪ِ -‬‬
‫ن هذا الحديث ل أرى أّنه َيبلغ إلى مرتبة‬ ‫من غير هذه الطرق ولك ّ‬ ‫أيضا‪ِ -‬‬
‫وت رواية ابن عمر ورواية‬ ‫من أهل العلم قد قَ ّ‬ ‫جَية‪ ،‬وإن كانت طائفة ِ‬ ‫ح ّ‬‫ال ُ‬
‫دي ل َيثبتان حتى ِبمجموع الطريقين‪ ،‬ولتفصيل ذلك‬ ‫ق ِ‬
‫علي ‪ ،‬ولكّنهما في ن َ ْ‬ ‫‪1‬‬

‫خر ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫ضع آ َ‬ ‫مو ِ‬


‫ن تلك الرواية ل َتثبت عن النبي‬ ‫ما بعد العصر فإنه قد جاءت رواية‪ ،‬ولك ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫ما ُينهى عن الصلة فيه ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫م ّ‬‫ن هذا الوقت‪-‬في حقيقة الواقع‪ِ -‬‬ ‫على أ ّ‬
‫ن ذلك‬ ‫من ذهب إلى أ ّ‬ ‫من أهل العلم ل ترى النهي‪ ،‬منهم َ‬ ‫ت طائفة ِ‬ ‫وإن كان ْ‬
‫ما ل داعي للكلم عليه في هذا الوقت فيما‬ ‫م ّ‬‫منسوخ‪ ،‬إلى غير ذلك‪ِ ،‬‬
‫أحسب‪.3‬‬
‫صل أّنه ليست هنالك سّنة قبل العصر ول بعد العصر‪.‬‬ ‫والحا ِ‬
‫ن العلماء قد اختلفوا في المسألة‪:‬‬ ‫إل أ ّ‬
‫قْبلّية‪.‬‬
‫من قال ِبالسّنة ال َ‬ ‫منهم َ‬
‫فل قبل العصر‪.‬‬ ‫من التن ّ‬ ‫من قال‪ :‬ل بأس ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫من ل َيرى ذلك‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫من مطَلق‬ ‫فل ولكنه ليس ِبسّنة قَْبلّية‪ ،‬وإنما هو ِ‬ ‫من التن ّ‬ ‫ونقول‪ :‬إّنه ل بأس ِ‬
‫الّنفل‪ ،‬وقد ثبت عن النبي ‪ ‬أنه قال‪ ) :‬بْين كل أذانين صلة (‪ ،‬فهذا حديث‬
‫ما‬‫لأ ّ‬‫من شاء أن ُيصلي في هذا الوقت فلُيص ّ‬ ‫صحيح ثابت عن النبي ‪ ، ‬ف َ‬
‫ث عليها‬ ‫ظب عليها النبي ‪ ‬أو ح ّ‬ ‫قْبلّية التي وا َ‬ ‫سنن ال َ‬ ‫من ال ّ‬ ‫ن ذلك ِ‬
‫الحكم بأ ّ‬
‫ما لم َيثبت عنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫م ّ‬ ‫فذلك ِ‬
‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬أبي سعيد " بدل ِمن " علي " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪ - 2‬وسئل فضيلته عن التنفل بعد العصر ونصه ‪:‬‬
‫س‪ :‬حكم التنفل بعد صلة العصر ؟‬
‫الجواب‪-:‬‬
‫إن كان التنفل تنفل مطلقا فل ‪ .‬فهو منهي عن ذلك بنص الحديث أما إن كان ذلك التنفل سببيًا مثل أن يصلي سنه تحية‬
‫المسجد أو يصلي ركعتين الطواف أو يصلي على جنازة أو يصلي بدل الفريضة أو بدل سنه أو ما شابه ذلك فهذا ل‬
‫يدخل في النهي لكن إذا رأى الشمس اصفر قبيل الغروب فيتفق عن الصلة في ذلك الوقت إل فريضة العصر لذلك اليوم‬
‫فإن يأتي بها لن من أدرك ركعة من الصلة فإن قد أدرك كما جاء في الحديث عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم التنفل بين فريضة العصر والمغرب ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ل مطلقًا فهو منهي عن ذلك بنص الحديث أما إذا كان ذلك التنفل سببيًا مثل أن يصلي تحية‬‫إذا كان النسان يتنفل تنف ً‬
‫المسجد أو يصلي ركعتين الطواف أو بدل فريضة أو بدل سنة أو ما شابه ذلك فهذا ل يدل في النهي ولكن إذا رأى‬
‫الشمس أصفرت قبيل الغروب فيتوقف عن الصلة في ذلك الوقت إل فريضة العصر لذلك اليوم فإنه يأتي بها لن من‬
‫أدرك ركعة من الصلة فإنه قد أدرك كما جاء في الحديث عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪.‬‬
‫‪-3‬وقد تكلم الشيخ عن ذلك‪-‬بحمد ال تعالى‪-‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 25‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪9‬‬
‫نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫والقول‪-‬أيضا‪-‬بكراهة ذلك أو أّنه ل ينبغي أو ما شابه ذلك فإنه ل دليل عليه‪.‬‬


‫والستدلل ِبأنه إذا دخل الوقت فُينهى عن الصلة إل ّ عن صلة العصر إلى‬
‫ن النهي يكون بعد صلة العصر‪ ،‬ل بعد‬ ‫أن َتغرب الشمس ل دليل عليه‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫دخول وقت العصر‪.‬‬
‫ما ل مانع منها وهي داخلة في هذا الوقت‪ ،‬فإذا أراد النسان‬ ‫م ّ‬ ‫فإذن الصلة ِ‬
‫ل وإذا أراد أن َيدعُوَ ففي الدعاء بين الذان والقامة خير‬ ‫أن ُيصلي فلُيص ّ‬
‫كثير‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النبي ‪. ‬‬
‫مل آخر‬ ‫مح َ‬ ‫مل بعض أهل العلم حديث‪ ) :‬بين كل أذانين صلة ( على َ‬ ‫ح َ‬ ‫وقد َ‬
‫من البعد بمكان‪ ،‬فل أرى إيراَده في هذا الوقت‪.‬‬ ‫ولكنه ِ‬
‫وأما بالنسبة إلى صلة المغرب فقد ثبتت السّنة الب َعْدَِية عن النبي ‪.. ‬‬
‫من قوله وفعله‪ ،‬فث ََبتت في حديث السّيدة أم حبيبة رضي الله‪-‬تبارك‬ ‫ثبتت ِ‬
‫من طريق السّيدة عائشة‪-‬رضي‬ ‫وتعالى‪-‬عنها‪ ،‬وهي ركعتان‪ ،‬وثبتت‪-‬أيضا‪ِ -‬‬
‫من طريق ابن عمر رضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫الله تبارك وتعالى عنها‪-‬و ِ‬
‫عنهما‪.‬‬
‫وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أّنها تأتي في المرتبة الثالثة بعد الوتر وبعد‬
‫سّنة الفجر‪.‬‬
‫ضل الوتر‬ ‫ف ّ‬
‫سنن الراتبة في التفضيل في ُ َ‬ ‫وذهب بعضهم إلى أنه ل فرق بين ال ّ‬
‫ثم سّنة الفجر وبعد ذلك هي سواء في التفضيل‪.‬‬
‫ضل سّنة المغرب‪.‬‬ ‫من ف ّ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ضل سّنة الظهر‪.‬‬ ‫من ف ّ‬ ‫ومنهم َ‬
‫قْبلّية على الب َعْدَِية‪.‬‬ ‫ضل سّنة الظهر ال َ‬ ‫من ف ّ‬ ‫ومنهم َ‬
‫والحتجاج لكل فريق وما له وما عليه َيطول‪.‬‬
‫سنن التي ثبت عن‬ ‫ن النسان ل َينبغي له أن ُيفّرط في هذه ال ّ‬ ‫وأقول‪ :‬إ ّ‬
‫خر‪ ،‬ومع حّثه عليها‬ ‫من ذنبه وما َتأ ّ‬ ‫دم ِ‬ ‫فَر له ما َتق ّ‬ ‫النبي ‪ ‬فِعُْلها مع أّنه قد غُ ِ‬
‫صلة إلى الجنة‬ ‫مو ِ‬
‫من السباب ال ُ‬ ‫ن ذلك ِ‬ ‫وبيان المزية العظيمة لها‪ ،‬وكفى بأ ّ‬
‫ساعون ويتنافس فيه‬ ‫من حاَفظ عليها وهو الفوز الذي يسعى إليه ال ّ‬ ‫لِ َ‬
‫المتنافسون‪.‬‬
‫ت بعد المغرب وهو ل َيثبت‬ ‫ل على مشروعية الس ّ‬ ‫وقد جاء هنالك حديث يد ّ‬
‫بل هو موضوع‪.‬‬
‫ن ذلك‬ ‫ت فإ ّ‬ ‫من مشروعية الثنتي عشرة قبل الظهر أو الس ّ‬ ‫وكذلك ما جاء ِ‬
‫ما ل َيثبت عن النبي ‪. ‬‬ ‫م ّ‬‫ِ‬
‫خر‪،‬‬
‫من شاء أن َيزيد فذلك له أمر آ َ‬ ‫ما َ‬ ‫فنحن نذكر الثابت والذي لم َيثبت‪ ،‬أ ّ‬
‫ولكنني أقول‪:‬‬
‫قْبلّية قبل الظهر فالنسان ينبغي له أن َيكتفي ِبما‬ ‫بالنسبة إلى السّنة ال َ‬
‫اكتفى به النبي ‪ ‬ثم َيشتِغل بالذكر والدعاء حتى ي ََنال ذلك الفضل الذي‬
‫بّينه النبي ‪ ‬في الدعاء بين الذانين‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫فل‬ ‫وبالنسبة إلى الِعشاء فإّنه ليس هنالك سّنة قَْبلّية وإنما هنالك محض التن ّ‬
‫الذي أشرنا عليه‪ ،‬فالحال فيها كالحال في صلة العصر‪.‬‬
‫ت ركعتان عن النبي ‪ ‬بقوله وفعله‪ ،‬فهي‬ ‫وأما بعد صلة الِعشاء فإّنه قد ثبت ْ‬
‫سنن الراتبة التي ل َينبغي للنسان أن ُيفّرط فيها‪.‬‬ ‫من ال ّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫قْبلّية قبل المغرب فالعلماء اختلفوا‪:‬‬ ‫وأما بالنسبة إلى السّنة ال َ‬
‫دد في ذلك وقال‪ " :‬ل َينبغي للنسان أن ُيصلي في ذلك الوقت‬ ‫ش ّ‬ ‫من َ‬ ‫منهم َ‬
‫من النهي عن الصلة عند غروب الشمس‪،‬‬ ‫بل ذلك مكروه "‪ ،‬وأخذوا ذلك ِ‬
‫ضهم بأّنه َيمتد إلى صلة المغرب‪ ،‬وليس المر كما اّدعوا‪ ،‬بل‬ ‫وظاهر كلم بع ِ‬
‫ققا ل شك فيه‪.‬‬ ‫قق غروب الشمس َتح ّ‬ ‫ذلك ينتهي بتح ّ‬
‫من شاء أن ُيصلي فل مانع‪ ،‬كما ذكر ذلك‬ ‫ولكن ليست هنالك سّنة راتبة‪ ،‬أما َ‬
‫سئل عن الصلة قبل المغرب في السفر‬ ‫المام الخليلي رحمه الله‪ ،‬فقد ُ‬
‫فقال‪ " :‬ل مانع في السفر ول في الحضر "‪ ،‬والمر كما قاله رحمه الله‪،‬‬
‫من طريق‬ ‫من الصحابة ُتصلي قبل المغرب‪ ،‬كما ثبت ذلك ِ‬ ‫فقد كانت طائفة ِ‬
‫من‬‫ل على ذلك‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫أنس بن مالك‪-‬رضي الله تعالى عنه‪-‬بل جاء ما يد ّ‬
‫من شاء ( ‪..‬‬ ‫السّنة القولية‪ ) :‬بين كل أذانين صلة ( وقال في الثالثة‪ ) :‬ل ِ َ‬
‫ل على ذلك‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫فل‪ ،‬وكذلك جاء ما يد ّ‬ ‫من طريق عبد الله بن مغ ّ‬ ‫جاء ذلك ِ‬
‫مر رضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنه‪ ،‬فليس هنالك دليل‬ ‫من طريق عقبة بن عا ِ‬ ‫ِ‬
‫ل على المنع‪ ،‬ولكن إذا كان الناس يصلون المغرب في أّول وقتها فإذا‬ ‫يد ّ‬
‫دخل النسان وصّلى تحية المسجد ‪ ..‬فمخافة وقوع حرج هنالك بين الناس‬
‫من أهل‬ ‫من هذا الباب َيترك كثير ِ‬ ‫طع الصفوف أو ما شابه ذلك ف ِ‬ ‫وقد َتنق ِ‬
‫صلةَ في هذا الوقت‪ ،‬ثم هي ليست بسّنة راتبة‪ ،‬فُيمكن للنسان أن‬ ‫العلم ال ّ‬
‫صلى في هذا‬ ‫َيشتِغل بالذكر‪ ،‬أما بالنسبة إلى سّنة تحية المسجد فهي ت ُ َ‬
‫ل على ذلك الحديث‪ ،‬كما سنتكّلم على ذلك‪-‬بمشيئة الله‪-‬عند‬ ‫الوقت‪ ،‬كما يد ّ‬
‫الكلم على سّنة تحية المسجد‪.‬‬
‫سنن الراتبة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬ ‫هذه هي ال ّ‬
‫كدة‪ ،‬فهذا ل َينبغي التفريط فيه بحال‪.‬‬ ‫وهنالك‪-‬أيضا‪-‬الوتر وهو سّنة مؤ ّ‬
‫من أهل العلم بوجوبه‪.‬‬ ‫بل قد قالت طائفة كبيرة ِ‬
‫من صّرح بالفرضية‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫ن الصحيح أنه سّنة مؤ ّ‬
‫كدة‪.‬‬ ‫ولك ّ‬
‫ووقُته َيبتدئ بعد صلة العشاء‪.‬‬
‫من وقت صلة العشاء ‪ ..‬أي ِبغيوب الشفق‬ ‫بعض العلماء قال‪َ :‬يبتدئ ِ‬
‫كن للنسان أن ُيصلي الوتر حتى قبل فريضة الِعشاء‪،‬‬ ‫الحمر‪ ،‬وذكروا أنه ُيم ِ‬
‫وهذا ليس بشيء‪.‬‬
‫بل وقُته َيبتدئ بعد فريضة الِعشاء‪ ،‬كما صّرحت بذلك السّنة الصحيحة الثابتة‬
‫عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مع تقديم‪ ،‬هل ُيصليه بعد الِعشاء مبا َ‬


‫شرة‬ ‫وكذلك اختلفوا إذا صلى النسان ج ْ‬
‫كن له أن‬‫ت الِعشاء ؟ والحقّ أّنه ُيم ِ‬ ‫خر حتى َيدخل وق ُ‬ ‫من أن َيتأ ّ‬ ‫أو لبد ِ‬
‫شرة‪.‬‬‫مع مبا َ‬ ‫ُيصليه بعد الج ْ‬
‫من أن يأتي به النسان قبل‬ ‫وأما وقته فإنه َينتهي بطلوع الفجر ‪ ..‬لبد ِ‬
‫طلوع الفجر ‪ ..‬هذا الذي دّلت عليه السّنة‪.‬‬
‫خره ولو إلى ما بعد طلوع الفجر‬ ‫كن للنسان أن ُيؤ ّ‬ ‫من قال‪ :‬إّنه ُيم ِ‬ ‫خلفا ل ِ َ‬
‫بشرط أن َيأتي به قبل صلة الفجر‪ ،‬فهذا قول مخاِلف للسّنة الصحيحة‪.‬‬
‫صر في هذا الوقت على هذا؛ والله ولي‬ ‫ددة‪ ،‬أرى أن أقت ِ‬‫وِللمسألة فروع متع ّ‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫سنن المؤ ّ‬
‫كدة ؟‬ ‫س‪ :‬ما هي ال ّ‬
‫سنن التي تتكّرر كل‬ ‫ج‪ :‬نحن قلنا سّنة الفجر والوتر ‪ ..‬هذا بالنسبة إلى ال ّ‬
‫يوم‪.‬‬
‫كدة على الصحيح ‪ُ ،‬تصّلى‬
‫‪1‬‬ ‫سنن المؤ ّ‬
‫من ال ّ‬‫و‪-‬كذلك‪-‬سّنة تحية المسجد فهي ِ‬
‫ل على ذلك الحديث الصحيح الثابت عن‬ ‫حتى في وقت خطبة المام‪ ،‬كما د ّ‬
‫النبي ‪. ‬‬
‫سنن المؤ ّ‬
‫كدة‪.‬‬ ‫من ال ّ‬ ‫كدة‪-‬أيضا‪-‬سّنة الكسوف‪ ،‬فهي ِ‬ ‫سنن المؤ ّ‬ ‫من ال ّ‬‫و ِ‬
‫‪ - 1‬وسئل فضيلته سؤال يتعلق ببعض أحكام سنة تحية المسجد ونصه ‪:‬‬
‫س‪ :‬هل يجوز أن يصلي النسان ركعتين نفل أو فريضة قضاء عن تحية المسجد ؟‪.‬‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ثبت في الحديث عن النبي صلوات ال وسلمه عليه أنه نهى عن الجلوس في حالة دخول المسجد إل بعد التيان‬
‫بركعتين ‪.‬‬
‫ل جاء إلى المسجد والرسول يخطب للجمعة فجلس فسأله الرسول صلوات ال وسلمه عليه هل صلى‬ ‫وثبت أن رج ً‬
‫الركعتين فقال ل فأمره بأن يصلهما مع نهيه عن الكلم في ذلك الوقت ‪.‬‬
‫وفي ذلك دللة واضحة على أن هاتين الركعتين سنة مؤكدة ول ينبغي لحد أن يتركها إل إذا كان ذلك وقت تحرم فيها‬
‫الصلة ‪ .‬أما الوقات التي تحرم فيها الصلة وإنما ينهى عن التنفل المطلق وإن هاتين الركعتين يؤتى بهما فيها كبعد‬
‫صلة العصر فإنه جاء النهي عن الصلة ‪" ...‬‬
‫ولكن هل يجزي النسان بصلة فريضة حاضرة أو سنه من السنن فنعم يمكن أن يجتزي النسان بفريضة حاضرة أو‬
‫أنه يريد أن يصلي سنة الفجر أو الضحى كالسنة إني قبل الظهر فإنه تجزيه وذلك لن تحية المسجد ليس مقصودة‬
‫لذاتها ‪...‬‬
‫وذهب بعض العلماء إلى أن سنة من السنن أو الفريضة تجزي عن ركعتين الطواف وليس بشى والصحيح أنها ل تجزي‬
‫عن ركعتين الطواف ‪.‬‬
‫س‪ :‬من خرج من المسجد لحاجة فهل يلزم بإعادة تحية المسجد ؟‬
‫الجواب‪-:‬‬
‫إن كان خرج من المسجد بنية الرجوع إليه فإنه إذا رجع فل يقال إنه يصلي تحية المسجد لنه ساقطة عنه إن شاء ال‬
‫تعالى وإن احطاط وأتى بها فل شك أن ذلك أحسن ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تجزي ركعة الوتر عن ركعتين تحية المسجد ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ل تجزي ركعة واحدة عن ركعتين تحية المسجد لن الحديث قال‪" :‬فيصل ركعتين قبل أن تجلس ‪ .‬وجاء في رواية‬
‫أخرى فل يجلس حتى يركع ركعتين‪ ..‬وسنة تحية المسجد من السنن المؤكدة ‪...‬‬

‫‪134‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بل بعض العلماء ذهب إلى أّنها فريضة على الكفاية‪.‬‬


‫من قال‪ :‬هي فريضة على العْين‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫والقول بالفرض الكفائي له وجه وجيه‪.‬‬
‫فهذه سنن ل ينبغي لحد أن ُيفّرط فيها‪.‬‬
‫ركها قبل الفريضة‪ ،‬متى يأتي بها ؟‬
‫من لم ُيد ِ‬
‫س‪ :‬سّنة الفجر ‪َ ..‬‬
‫من صلى الفريضة ولم َيأت ِبالسّنة‪،‬‬ ‫ج‪ :‬هذه المسألة اختَلف فيها العلماء ‪َ ..‬‬
‫من أحد أمرين اثنين‪:‬‬ ‫وذلك ل َيخلو ِ‬
‫سع‬‫من الوقت ما ي َت ّ ِ‬ ‫إما أن يأتي بالفريضة في أواخر وقتها بحيث لم َيتبقّ ِ‬
‫للسّنة فهاهنا يأتي بها بعد طلوع الشمس وارتفاعها بمقدار قيد ُرمح ‪ ..‬هذا‬
‫من يقول بالقضاء‪ ،‬كما سيأتي ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬أما‬ ‫بناًء على رأي َ‬
‫سًعا للصلة ولكّنه صلى مع الجماعة وأراد أن يأتي بعد‬ ‫إذا كان الوقت مت ّ ِ‬
‫ذلك ِبالسّنة فاختلف العلماء متى يأتي بها ؟‬
‫أّول اختلفوا في قضائها‪:‬‬
‫من قال‪ :‬ل ُتقضى‪ ،‬فِبما أّنه صلى فريضة الفجر فليس عليه أن‬ ‫منهم َ‬
‫َيقضَيها أو ل ُيؤمر بقضائها‪-‬لنها هي ليست عليه‪-‬في واقع المر‪-‬بمعنى‬
‫ن له أن َيقضَيها‪ ،‬وهذا قول ضعيف جدا‪.‬‬ ‫س ّ‬‫الوجوب‪-‬لكّنه ل ي ُ َ‬
‫من قال‪َ :‬يقضيها بعد طلوع الشمس وارتفاعها بمقدار قيد ُرمح‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫ن وقت النهي‬ ‫شرة‪ ،‬وهذا بناًء على أ ّ‬ ‫من قال‪ :‬بعد طلوع الشمس مبا َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫قق طلوع الشمس َتماما‪.‬‬ ‫َينتهي ِبمجّرد َتح ّ‬
‫در ِبما َيقُرب‬ ‫ظر إلى مقدار قيد ُرمح‪ ،‬وذلك ُيق ّ‬ ‫من أن َينت ِ‬ ‫والصحيح أّنه لبد ِ‬
‫من اثنتي عشرة دقيقة أو ربع ساعة تقريبا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫من قال‪َ :‬يقضيها بعد فريضة الفجر‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫خرها‬ ‫من قال‪ :‬هي ل ُتقضى بعد الفريضة بل ُتؤّدى‪ ،‬وإّنما ُتقضى إذا أ ّ‬ ‫ومنهم َ‬
‫إلى ما بعد طلوع الشمس‪.‬‬
‫ما أن َيقضَيها بعد السّنة وإما أن َيقضَيها بعد‬ ‫مخّير إ ّ‬‫من قال‪ :‬هو ُ‬ ‫ومنهم َ‬
‫طلوع الشمس ِبمقدار قيد ُرمح‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬قد ُرويت في ذلك أدّلة ‪ ..‬استدل كل فريق بأدّلة‪-‬إل أ ّ‬
‫ن‬
‫ن الدلة التي استدل بها كل‬ ‫من الضعف بمكان‪-‬وأرى أ ّ‬ ‫القول بعدم القضاء ِ‬
‫من مقال‪ ،‬فهي إلى الضعف أقرب منها‬ ‫صة بهذه المسألة‪-‬ل تخلو ِ‬ ‫فريق‪-‬الخا ّ‬
‫ض أهل العلم‪.‬‬ ‫ض منها بع ُ‬ ‫إلى الثبوت‪ ،‬وإن قال بُثبوت بع ٍ‬
‫ولكنني مع ذلك كّله أقول‪ :‬إنها ُتقضى بعد الفريضة‪ ،‬وذلك لّنه قد ثبت عن‬
‫النبي ‪ ‬أنه قضى سّنة الظهر الب َعْدَِية بعد فريضة العصر‪ ،‬كما جاء ذلك عن‬
‫السّيدة أم سلمة رضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنها‪ ،‬وهو حديث صحيح‪.‬‬
‫ن‬‫ن الصل أ ّ‬ ‫ن ذلك خاص به فهو ضعيف‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫ما قول بعض أهل العلم أ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ل على الفرق‪.‬‬ ‫مة تساوي النبي ‪ ‬في الحكام ما لم يأت دليل يد ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن أم سلمة سألته صلوات الله وسلمه عليه‬ ‫واستدلل بعضهم برواية فيها أ ّ‬
‫عن قضائها أن لو حصل لها ذلك فقال لها‪ " :‬ل " ‪ ..‬ذلك‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬‬
‫‪135‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫كن‬‫ل َيثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وِبما أنه ل َيثبت ل ُيم ِ‬
‫ج به‪.‬‬‫أن ُيحت َ ّ‬
‫وقول بعضهم بأنه َيجوز القضاء بعد فريضة العصر لنه ليس بوقت نهي ول‬
‫ل على‬ ‫َيجوز بعد فريضة الفجر ‪ ..‬ذلك مردود‪ ،‬إذ ل دليل عليه‪ ،‬بل الدليل دا ّ‬
‫أنه وقت للنهي‪.‬‬
‫ل على‬ ‫من الحاديث الخرى التي تد ّ‬ ‫من غيره ِ‬ ‫من هذا الحديث و ِ‬ ‫خذ ِ‬‫فإذن ُيؤ َ‬
‫ذلك كصلة الرجلين اللذين صلَيا في منزلهما ثم أتيا إلى النبي ‪ ‬ولم ُيصليا‬
‫مْين ؟! ( فقال له‪ " :‬بلى " فأمرهما بالصلة‬ ‫معه فسألهما‪ ) :‬ألستما ِبمسل ِ َ‬
‫دالة على هذا المعنى‪ ،‬وأرى‬ ‫من الحاديث الكثيرة ال ّ‬ ‫مع الناس‪ ،‬إلى غير ذلك ِ‬
‫ل على مشروعية القضاء‬ ‫الوقت ل يكفي لذكرها كّلها ‪ ..‬هذه الحاديث تد ّ‬
‫في مثل هذه الحيان ‪ ..‬أي في الوقات التي ُينهى عن الصلة فيها وليس‬
‫النهي فيها نهي َتحريم‪.‬‬
‫خرها فل بأس ولكن الفضل أن َيقضَيها في‬ ‫َ‬
‫فيقضيها بعد فريضة الفجر وإن أ ّ‬
‫ذلك الوقت ‪ ..‬هذا ما أراه؛ والعلم عند الله‪.‬‬
‫ة الفجر الية الثانية‬
‫ما ُيقَرأ في سن ّ ِ‬ ‫ب ساِبق‪ 1‬أنه ِ‬
‫م ّ‬ ‫س‪ :‬ذكرُتم في جوا ٍ‬
‫من سورة النعام‪.‬‬‫والخمسين ِ‬
‫ق الّلسان ‪ ..‬المراد الية التي في سورة‬ ‫ب سب ْ ِ‬ ‫من با ِ‬ ‫ج‪ :‬فإذا كان ذلك فهو ِ‬
‫ي أنه َيحتاج إلى نظر هل كان الرسول ‪َ ‬يقرأ هذه الية‬ ‫ق َ‬ ‫آل عمران لكن ب َ ِ‬
‫ث إنه جاء في الروايةِ المروية‬ ‫ُ‬
‫ِبكامِلها أو أنه َيقرأ الجزَء الخيَر منها ؟ حي ُ‬
‫من هذا إلى‬ ‫مّنا ‪ِ ..  ...‬‬ ‫عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪  :‬آ َ‬
‫ن‪‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬
‫م ْ‬‫شهَد ْ ب ِأّنا ُ‬ ‫مّنا ِباللهِ َوا ْ‬‫خرِ الية‪ ،‬فهل كان َيقرأ ‪ ...  : ‬آ َ‬ ‫آ ِ‬
‫] سورة آل عمران‪ ،‬من الية‪ [ 52 :‬هذا الجزء فقط بعد فاتحة الكتاب كما‬
‫مل‪.‬‬ ‫محت ِ‬ ‫من أوِّلها ؟ فهذا ُ‬ ‫من الرواية أو أنه كان َيقرأ الية ِ‬ ‫هو الظاهُِر ِ‬
‫من سورةِ النعام‪.‬‬ ‫من سورةِ آل عمران وليس ِ‬ ‫فالية ِ‬
‫من سورة آل عمران وهذه‬ ‫وهكذا الرواية الثانية الية الرابعة والستين ِ‬
‫ت ِبخلف ذلك‬ ‫ت قد قل ُ‬ ‫الرواية الثانية فيما َيظهر ِلي ِبأنها شاّذة‪ ،‬فإذا كن ُ‬
‫وا عنه ِبإذن الله تبارك‬ ‫ف ّ‬
‫مع ْ ُ‬‫ق اللسان الذي أرجو أن َيكون َ‬ ‫من باب سب ْ ِ‬ ‫فذلك ِ‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫ضر هل‬ ‫‪2‬‬ ‫ن ما ذ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ح َ‬ ‫مع بْين الصلتْين في اله َ‬ ‫كرناه في مسألةِ الج ْ‬ ‫وأنّبه‪-‬أيضا‪-‬أ ّ‬
‫من أنه عند بعض أهل العلم أّول َيأِتي‬ ‫كرناه‪ِ 3‬‬ ‫َيأِتي المصّلي ِبالرواِتب ؟ ما ذ َ َ‬
‫ة‬
‫ظهرِ القبِلية ثم راتب ِ‬ ‫مع بْين الظهر والعصر ‪َ ..‬يأِتي ِبراتبةِ ال ّ‬ ‫في حالة الج ْ‬
‫من َيقول ِبالراتبة‬ ‫صرِ القبِلية هذا بناء على رأي َ‬ ‫دية ثم راتبةِ الع ْ‬ ‫الظ ّهْرِ البع ِ‬
‫من‬‫كرناه‪ِ 4‬‬ ‫من ل َيقول ِبذلك فل َيقول ِبهذا‪ ،‬وكذلك ما ذ َ َ‬ ‫صر أما َ‬ ‫ِلفريضة الع ْ‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 3‬من حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م (‪ ،‬وعند الجواب على السؤال‬
‫‪ِ 8‬من حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 08‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-2‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 4‬من حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 08‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-3‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 4‬من حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 08‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-4‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 4‬من حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 08‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪136‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫خَرها ‪ ..‬أعني‬ ‫كن أن ُيؤ ّ‬ ‫ظهر القبِلية وُيم ِ‬ ‫ل الثاني ِبأنه َيأِتي أّول ِبراتبةِ ال ّ‬ ‫القو ِ‬
‫ر‬
‫ص ِ‬ ‫دية ثم راتبةِ الع ْ‬ ‫بعد َ التيان ِبالفريضتْين معا ثم َيأِتي ِبراتبةِ الظ ّهْرِ البع ِ‬
‫‪1‬‬
‫صر‪ ،‬وهكذا ِبالنسبة إلى‬ ‫من َيقول ِبراتبةِ الع ْ‬ ‫ي َ‬ ‫القبلية ‪ ..‬هذا بناًء على رأ ِ‬
‫معَ تأخير‬ ‫ج ْ‬ ‫معَ بْين الظهر والعصر َ‬ ‫ج َ‬
‫ل فيه أصحاُبه إذا َ‬ ‫ص َ‬‫خر الذي فَ ّ‬ ‫ل ال َ‬ ‫القو ِ‬
‫من‬ ‫ي َ‬ ‫هل َيأِتي ِبهما بعد الظهر أو بعد الصلة الولى ؟ هذا كّله بناًء على رأ ِ‬
‫‪2‬‬
‫ت هناِلك راتبة وإنما هو‬ ‫صر القبِلية‪ ،‬وقد قلنا ‪ " :‬إنه ليس ْ‬ ‫َيقول ِبراتبةِ الع ْ‬
‫فل‪-‬فيه خي ٌْر كثيٌر ِبمشيئةِ الله تبارك وتعالى‪-‬ولكن ل ُيؤَتى ِبها في‬ ‫مجّرد ُ َتن ّ‬‫ُ‬
‫ع‬ ‫َ‬
‫م َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ضحا فيما أحسب إذا ُ‬ ‫مع "‪ ،‬فَينبغي أن ُينتَبه ِلهذا وإن كان وا ِ‬ ‫حالةِ الج ْ‬
‫س جميعا‪.‬‬ ‫بْين الدرو ِ‬
‫ظر إلى‬ ‫ره‪ ،‬ول َين ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫من أوِّله إلى آ ِ‬ ‫معَ بْين الكلم ِ‬ ‫وهكذا َينبغي ِللنسان أن َيج َ‬
‫حد ُ‬ ‫ريد ُ الوا ِ‬ ‫من الناس عندما ي ُ ِ‬ ‫من كثيرٍ ِ‬ ‫من الجزئيات‪ ،‬كما َنسمُعه ِ‬ ‫جزئيةٍ ِ‬
‫طن ؟‬ ‫من و َ‬ ‫خذ َ أكثَر ِ‬ ‫ن أن ي َت ّ ِ‬ ‫ي في موضٍع َتماما َينظر هل ِللنسا ِ‬ ‫منهم أن ُيصل ّ َ‬
‫خذ َ‬ ‫ن العلماء قالوا‪َ " :‬يجوز ِللنسان أن ي َت ّ ِ‬ ‫جد أ ّ‬‫فَينظُر في هذه المسألة وي َ ِ‬
‫جب عليه‬ ‫ح له ذلك أو مَتى ي َ ِ‬ ‫ص ّ‬
‫ظر متى ي َ ِ‬ ‫ل ِبذلك ول َين ُ‬ ‫م ُ‬‫طن " فَيع َ‬ ‫من و َ‬ ‫أكثَر ِ‬
‫من َتقِييدِ الكلم ِ المطَلق؛ والله ولي التوفيق‪.‬‬ ‫قي ّد ٌ فلبد ِ‬ ‫م َ‬‫فذلك ُ‬
‫س‪ :‬هل تارك السّنة المؤ ّ‬
‫كدة ُيعتَبر خسيس المنزلة ؟‬
‫ض أهل العلم‪.‬‬ ‫ج‪ :‬قال بذلك بع ُ‬
‫سنن المؤ ّ‬
‫كدة‬ ‫سئل عن تارك ال ّ‬ ‫ومنهم المام السالمي رحمه الله‪ ،‬فإنه ُ‬
‫فقال‪ " :‬الله أعلم به‪ ،‬هو مات يوم مات وهو خسيس المنزلة والجنة ل‬
‫يدخلها خسيس "‪.‬‬
‫من َيتُرك الوتر فقال‪ " :‬هو رجل خسيس "‪-‬أو‬ ‫سئل بعض أهل العلم ع ّ‬ ‫وقد ُ‬
‫ما هذا معناه‪-‬وقال‪ " :‬إنه ل ُتقَبل له شهادة "‪.‬‬
‫سنن ول يبالي بها ‪ ..‬فالحقيقة هذا‬ ‫ظب على ترك هذه ال ّ‬ ‫هذا فيمن كان ُيوا ِ‬
‫مع بفعل النبي ‪ ‬وموا َ‬
‫ظبته‬ ‫كن لحد أن َيس َ‬ ‫دين إذ ل ُيم ِ‬ ‫ل على رِّقة في ال ّ‬‫يد ّ‬
‫ده الله‪-‬تبارك‬‫ضل العظيم الذي أع ّ‬ ‫مع‪-‬أيضا‪-‬بالف ْ‬ ‫سنن الثابتة وَيس َ‬‫على هذه ال ّ‬
‫سنن ومع ذلك يتهاون ‪ ..‬نعم إذا تركها مرة أو مرتين‪،‬‬ ‫وتعالى‪-‬للتي بهذه ال ّ‬
‫ن أؤلئك‬‫نأ ّ‬‫ل هذه المرتبة‪ ،‬ول أظ ّ‬ ‫ص ُ‬
‫فنحن ل نقوى على القول بأنه ي َ ِ‬
‫سنن‪،‬‬‫ظب على ترك هذه ال ّ‬ ‫من ُيوا ِ‬ ‫العلماء‪-‬أيضا‪-‬يريدون بذلك‪ ،‬وإنما يريدون َ‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬ما الفرق بْين صلة سّنة العشاء وصلة الشفع ؟‬
‫سنن‬‫ج‪ :‬على كل حال؛ سّنة الِعشاء هي السّنة التي ذكرها النبي ‪ ‬في ال ّ‬
‫ظب عليها‪ ،‬كما جاء‬‫الراتبة‪ ،‬في حديث أم سلمة‪ ،‬وهي السّنة التي كان ُيوا ِ‬
‫ذلك في حديث ابن عمر وفي حديث السيدة عائشة رضوان الله‪-‬تبارك‬
‫فل‪ ،‬فينبغي للنسان أن‬ ‫سنن هي تن ّ‬
‫وتعالى‪-‬عليهم‪ ،‬أما ما بعد ذلك فتلك ال ّ‬
‫فل به النبي ‪ ، ‬والنبي ‪ ‬كان ُيصلي إحدى عشرة‬ ‫فل ِبما كان َيتن ّ‬
‫َيتن ّ‬
‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬البعدية " بدل ِمن " القبلية " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪-2‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 28‬أكتوبر ‪2004‬م (‪ ،‬وعند الجواب على السؤال‬
‫‪ِ 4‬من حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 8‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪137‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل وترا‪،‬‬ ‫ركعة ‪ُ ..‬يصلي الوتر ‪ُ ..‬يوِتر بثلث‪ ،‬وتارة بواحدة‪ ،‬وتارة يكون الك ّ‬
‫ددة‪ ،‬فالوتر يكون بواحدة‪ ،‬وبثلث‪ ،‬وبخمس‪ ،‬وبسبع‪ ،‬وبتسع‪،‬‬ ‫وله كيفيات متع ّ‬
‫ددة‪ ،‬ولكن الوقت كما‬ ‫وبإحدى عشرة‪ ،‬ثم لبعض هذه العداد كيفيات متع ّ‬
‫عف على ذكر تلك الكيفيات وما الثابت منها عن النبي‬ ‫عد ول ُيسا ِ‬ ‫ترى ل ُيسا ِ‬
‫ن النبي ‪ ‬جاء عنه أنه كان ُيصلي إحدى عشرة ركعة‪،‬‬ ‫‪ ، ‬ولكن الحاصل أ ّ‬
‫وهذا غير تلك السّنة التي كان ُيصليها بعد سّنة‪ 1‬الِعشاء‪ ،‬وجاء في بعض‬
‫من طريق السيدة عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى‬ ‫الروايات ‪ ..‬جاء ذلك ِ‬
‫من طريق زيد‬ ‫من طريق ابن عباس‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنهما‪-‬و ِ‬ ‫عنها‪-‬و ِ‬
‫ن النبي ‪ ‬كان ُيصلي ثلثة‬ ‫جهني‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنه‪-‬أ ّ‬ ‫بن خالد ال ُ‬
‫كله‬‫عشرة ركعة‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬ل إشكال في هذه الروايات‪-‬وإن استش َ‬
‫ن النبي ‪ ‬كان عندما َيفتِتح صلة الليل‬ ‫من ل دراية له بهذا الفن‪-‬ذلك أ ّ‬ ‫َ‬
‫يصلي ركعتين خفيفتين ثم يصلي ركعتين طويلتين ثم ركعتين طويلتين‬
‫وهكذا‪ ،‬كما هو وارد عنه‪ ،‬فالسيدة عائشة‪-‬رضي الله تعالى عنها‪-‬في الرواية‬
‫التي جاء عنها أنه كان يصلي إحدى عشرة ركعة لم تذكر الركعتين‬
‫الخفيفتين وفي الرواية التي ذكرت ثلث عشرة ركعة ذكرت هاتين‬
‫الركعتين‪ ،‬وهكذا في روايات الصحابة الذين ذكروا هذه الروايات‪ ،‬فهذا ليس‬
‫من ل دراية له بهذا‪ ،‬فذلك يكون عندما‬ ‫من التضارب أو التناقض‪ ،‬كما يظّنه َ‬ ‫ِ‬
‫حد المجلس هناك‬ ‫حد الراوي ‪ ..‬عندما يت ّ ِ‬ ‫حد المجلس ويت ّ ِ‬ ‫حد الرواية ويت ّ ِ‬ ‫تت ّ ِ‬
‫دث بهذا وتارة بهذا ‪ ..‬تارة يذكر‬ ‫كن أن يقال بهذا‪ ،‬ولكن الراوي تارة ُيح ّ‬ ‫ُيم ِ‬
‫فعل وتارة يذكر فعل آخر وتارة يذكر المقصود وتارة يذكر هو وما قبل أو ما‬
‫ت سّنة العشاء‪،‬‬ ‫من قول بعضهم بأنها ذ َك ََر ْ‬ ‫بعد أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهذا أْولى ِ‬
‫ت سّنة الفجر ‪ ..‬الذي َيظهر لي‪-‬ما ذكرُته‪-‬بأنها‬ ‫من قول بعضهم بأنها ذ َك ََر ْ‬ ‫و ِ‬
‫ت الركعتين الخفيفتين اللتين كان النبي ‪َ ‬يفتِتح بهما قيام الليل ‪ ..‬هذا‬ ‫ذ َك ََر ْ‬
‫هو الثابت عن النبي ‪ ، ‬وخير الهدي هديه ‪ ، ‬ولكن ذلك َيحتاج إلى بيان‬
‫من الناس في‬ ‫كيفية أداء النبي ‪ ‬لهذه الصلة‪ ،‬وهذا أمر فّرط فيه كثير ِ‬
‫هذا الزمان ‪ ..‬نسأل الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن ُيوّفق المسلمين للعمل بسّنته ‪‬‬
‫ن ذلك‬ ‫تأ ّ‬‫على وفق ما كان يأتي بها صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وقد ذكر ُ‬
‫يتوّقف على معرفة سّتة أمور بالمس‪2‬؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫سنن المؤ ّ‬
‫كدة‬ ‫غل بها عن ال ّ‬
‫من عليه قضاء صلوات‪ ،‬هل له أن َيشت ِ‬‫س‪َ :‬‬
‫والرواتب ؟‬
‫مع بين المرْين لكن في‬
‫كدة والرواتب ‪َ ..‬يج َ‬‫ج‪ :‬ل َيشتِغل عن السنن المؤ ّ‬
‫سنن ‪ ..‬هل يقضيها النسان أو ل‬ ‫حالة القضاء قد اختلف العلماء في قضاء ال ّ‬
‫يقضيها ؟ ِللعلماء في ذلك خلف طويل‪:‬‬
‫من يقول‪ :‬يقضي الوتر وحدها‪.‬‬‫‪-1‬منهم َ‬
‫من يقول‪ :‬يقضي الوتر وسّنة الفجر‪.‬‬‫‪-2‬ومنهم َ‬

‫ظر مع الشيخ‪.‬‬‫صَد أن يقول‪ " :‬فريضة " فلُين َ‬


‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬سّنة " ولعله َق َ‬
‫‪-2‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪138‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من يقول‪ :‬يقضي سّنة الفجر ول يقضي سّنة الوتر وإنما يصلي في‬ ‫‪-3‬ومنهم َ‬
‫من قيام الليل والوتر‪ ،‬بناء على الرواية التي‬ ‫النهار اثنتي عشرة ركعة بدل ِ‬
‫جاءت عند المام مسلم‪.‬‬
‫قْبلّية والب َعْدَِية‬ ‫من يقول‪ :‬يقضي سّنة الفجر وسّنة الوتر والسّنة ال َ‬ ‫‪-4‬ومنهم َ‬
‫ن النبي ‪ ‬قضى السّنة الب َعْدَِية وبناء على الرواية‬ ‫لصلة الظهر‪ ،‬بناء على أ ّ‬
‫قْبلّية‪ ،‬ولكن الرواية التي فيها أنه قضى السّنة‬ ‫التي فيها أنه قضى السّنة ال َ‬
‫من‬ ‫ححها ِ‬ ‫من ص ّ‬ ‫ححها َ‬ ‫قْبلّية ل َتثبت عنه صلوات الله وسلمه عليه‪-‬وإن ص ّ‬ ‫ال َ‬
‫أهل العلم‪-‬فهي ضعيفة على التحقيق‪.‬‬
‫سنن الراتبة‪.‬‬ ‫من قال‪ :‬يقضي كل ال ّ‬ ‫‪-5‬ومنهم َ‬
‫وقد ثبت عن النبي ‪ ‬أنه قضى سّنة الفجر عندما نام صلوات الله وسلمه‬
‫عليه هو وصحابته الكرام رضي الله‪-‬تعالى‪-‬عنهم ‪ ..‬قضى السّنة وقضى‬
‫ن النسان َيقضي أّول السّنة ثم يقضي‬ ‫ل على أ ّ‬ ‫بعدها الفريضة‪ ،‬وهذا يد ّ‬
‫من ذهب إلى أّنه أّول يقضي الفريضة ثم يقضي بعد ذلك‬ ‫الفريضة‪ ،‬خلفا ل ِ َ‬
‫السّنة ‪ ..‬هذا قول ضعيف‪ ،‬فقضية الفورية بالفريضة ل تستدعي أن َيترك‬
‫النسان السّنة الثابتة عن النبي ‪ .. ‬خير الهدي هديه ‪ ، ‬فينبغي للنسان‬
‫أن يأتي بالسّنة أّول ثم يأتي بالفريضة‪.‬‬
‫سنن الراتبة قول قوي‪.‬‬ ‫والقول بقضاء كل ال ّ‬
‫من يقول بسّنة الفجر‬ ‫من يقول ِبقضاء الكل‪ ،‬ومنهم َ‬ ‫‪-‬فإذن العلماُء منهم َ‬
‫ت‪-.‬‬‫من َيقول‪ :‬الوتر‪ ،‬كما ذكر ُ‬ ‫والوتر‪ ،‬ومنهم السّنة فقط‪ ،‬ومنهم َ‬
‫قلة‬ ‫سنن المست ِ‬ ‫سنن الرواتب ل ُتقضى وإنما ُتقضى ال ّ‬ ‫من يقول‪ :‬ال ّ‬ ‫‪-6‬ومنهم َ‬
‫كصلة العيد وسّنة الضحى ‪ ..‬هذه ُتقضى‪.‬‬
‫قْبلّية قبل الظهر دون الب َعْدَِية‪ ،‬وهذا‬ ‫من يقول‪ُ :‬تقضى السّنة ال َ‬ ‫‪-7‬ومنهم َ‬
‫قْبلّية‪ ،‬ولعل ذلك‬ ‫عجب‪ ،‬فالب َعْدَِية ثبت عن النبي ‪ ‬قضاؤها‪ِ ،‬بخلف السّنة ال َ‬
‫ناشئ عن عدم َتمحيصهم للروايات عن النبي ‪ .. ‬وجدوا رواية فيها أنه‬
‫ن ذلك خاص به ووجدوا رواية قضى السّنة الب َعْدَِية‬ ‫كر بأ ّ‬ ‫قْبلّية ولم َيذ ُ‬ ‫قضى ال َ‬
‫ولكنه سئل عن قضائها بالنسبة لغيره فقال‪ " :‬ل " فقالوا بما قالوه‪ ،‬وهذا‪-‬‬
‫قْبلّية ل َتثبت‪،‬‬ ‫ت‪-‬ناشئ عن عدم التمحيص‪ ،‬فرواية قضاء ال َ‬ ‫كما قل ُ‬
‫وخصوصية السّنة الب َعْدَِية ل َتثبت عن النبي ‪ ، ‬فينبغي للنسان‪-‬على كل‬
‫رف ما ثبت عنه ويأخذ بذلك‪ ،‬ل‬ ‫حص ما ورد عن النبي ‪ ‬وأن َيع ِ‬ ‫حال‪-‬أن ُيم ّ‬
‫من السقيم‬ ‫رف الصحيح ِ‬ ‫من غير أن َيع ِ‬ ‫من الروايات ِ‬ ‫أن يأخد بكل ما وجد ِ‬
‫من السمين إلى غير ذلك‪.‬‬ ‫ث ِ‬‫والغ ّ‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬صلة العيد ثبت عن النبي ‪ ‬أنه ُيؤتى بها في اليوم الثاني‪-‬‬
‫ل أنها ُيؤتى بها في ذلك اليوم‪-‬إذا فات وقتها‪ ،‬ووقتها َيفوت بزوال‬
‫من قال بالقول الثاني‪-‬وذلك للكل‪ ،‬أما‬ ‫الشمس ‪ ..‬هذا هو الصحيح‪ ،‬خلفا ل ِ َ‬
‫لو فاتت الشخص هل يقضيها أو ل يقضيها أو يأتي بركعتين ؟ فيه خلف بْين‬
‫من الصلوات التي ُتصلى‬ ‫ن هذه ِ‬ ‫أهل العلم‪ ،‬ولي نظر في القول ِبالقضاء‪ ،1‬ل ّ‬
‫‪-1‬تكلم الشيخ في هذا عند جوابه على السؤال ‪ِ 9‬من حلقة ‪ 28‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 12‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪139‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫صر القول في هذه القضية؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي‬


‫جماعة ‪ ..‬هذا مخت َ‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬السنن الرواتب‪ ،‬هل ُتصّلى في البيت أم ُتصّلى في المسجد ؟‬
‫ن العلماء قد اختَلفوا في السنن الرواتب هل الْولى أن ُتصّلى في‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫شذ ّ وقال‬‫من َ‬ ‫البيت أو في المسجد ؟ مع جواز المرين جميعا‪ ،‬خلفا ل ِ َ‬
‫من الشذوذ‬ ‫ح عن قائِله‪ِ -‬‬ ‫رب في البيت‪ ،‬فهذا‪-‬إن ص ّ‬ ‫ب تأديةِ راتبةِ المغ ِ‬ ‫ِبوجو ِ‬
‫ل عليه‪ ،‬وإّنما الخلف في‬ ‫ت إليه ول أن ُيعوّ َ‬ ‫ِبمكان‪ ،‬فل َينبغي أن ُيلتف َ‬
‫الفضل‪:‬‬
‫ن الفضل في السنن الرواتب‬ ‫من أهل العلم إلى أ ّّ‬ ‫‪-1‬فذهبت طائفة كبيرة ِ‬
‫جميعا سواًء كانت َنهارية أو ليلية أن ُتؤّدى في البيت‪.‬‬
‫ن الْولى أن ُتؤّدى في المسجد‪.‬‬ ‫من أهل العلم إلى أ ّ‬ ‫‪-2‬وذهبت طائفة ِ‬
‫ن الْولى في النوافل‬ ‫من أهل العلم إلى التفصيل فقالت‪ :‬إ ّ‬ ‫‪-3‬وذهبت طائفة ِ‬
‫الليلية أن ُتصّلى في البيت ِبخلف الرواتب النهارية فالْولى فيها أن ُتصّلى‬
‫في المسجد‪.‬‬
‫جد خلفا بْين أهل العلم‬ ‫ن النسان عندما ي َ ِ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫و‪-‬على كل حال‪ِ -‬‬
‫ب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وإلى سّنة رسوِله‪-‬صلى الله‬ ‫جع إلى كتا ِ‬ ‫عليه أن َير ِ‬
‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬الصحيحة الثابتة‪.‬‬
‫ب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫من كتا ِ‬ ‫ل ِ‬‫من المعلوم أنه ليس في هذه المسألة دلي ٌ‬ ‫و ِ‬
‫ت السّنة القولية والفعلية‬ ‫من سن ّةِ رسوِله ‪ ، ‬فقد جاء ْ‬ ‫ل فيها ِ‬ ‫وإّنما الدلي ُ‬
‫ن السنن َينبغي أن ُتؤّدى في البيت ‪..‬‬ ‫ضحة جل ِّية على أ ّ‬ ‫ريحة وا ِ‬ ‫ةص ِ‬ ‫ل دلل ً‬‫َتد ّ‬
‫قوِْلية عنه‬‫في السنن الراِتبة هذا ِفعله ‪ ، ‬وكذلك جاء في الحاديث ال َ‬
‫من أداِء السنن‬ ‫كنا ِ‬ ‫متم ّ‬‫ن ُ‬ ‫ن النسا ُ‬ ‫صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬فعندما َيكو ُ‬
‫ما إذا كانت‬ ‫ْ‬ ‫الراِتبة في بيِته فل َينبغي له أن َيعدِ َ‬
‫ل إلى ت َأِديِتها في المسجد‪ ،‬أ ّ‬
‫ي ِبها في المسجد فل بأس بذلك‪ ،‬وكذلك‬ ‫عي منه أن َيأت ِ َ‬ ‫ف َتستد ِ‬ ‫هنالك ظرو ٌ‬
‫لها في موضِعه‬ ‫ن أو ما شابه ذلك فإذا ص ّ‬ ‫جعُ إلى د ُ ّ‬
‫كا ٍ‬ ‫إذا كان النسان َير ِ‬
‫ن ذلك في‬ ‫ن ذلك أقرب إلى البيت‪ ،‬فإذن الْولى أن َيكو َ‬ ‫ذلك فذلك حسن‪ ،‬ل ّ‬
‫البيت؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬سواء كانت السنن القبلية أو البعدية ؟‬
‫من ِفعل النبي ‪ .. ‬كان ُيصّلي السنن في بيِته‬‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬هذا هو الثابت ِ‬
‫سواًء كانت قبلية أو كانت بعدية‪.‬‬
‫وي في ذلك عندكم النهارية والليلة ؟‬
‫س‪ :‬وَيست ِ‬
‫من سّنة النبي ‪. ‬‬
‫ن ذلك هو الثابت ِ‬
‫ج‪ :‬أي نعم‪ ،‬ل فْرق في ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫ملها ؟‬ ‫س‪ :‬هل ُتستثَنى المؤ ّ‬
‫كدات أم الكل َيش َ‬
‫ة الفجر في بيِته وهكذا بالنسبة إلى‬ ‫ل ‪ ‬كان ُيصّلي سن ّ َ‬ ‫ج‪ :‬الكل‪ ،‬فالرسو ُ‬
‫كدة والّول‬ ‫ل مؤ ّ‬
‫كدة والمغرب راِتبة وعلى قو ٍ‬ ‫سن ّةِ المغرب والفجُر مؤ ّ‬
‫ة الفجر‪-‬قبلية والثانية بعدية‪ ،‬وكذلك‬ ‫لوَلى‪-‬أعني سن ّ َ‬ ‫ب إلى الصواب‪ ،‬وا ُ‬‫أقر ُ‬
‫بالنسبة إلى سن ّةِ الظهر فقد كان‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪ُ-‬يصّليها في بيِته‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫كن‬
‫ض الحوال وُيم ِ‬
‫ل ذلك على بع ِ‬ ‫م َ‬
‫كن أن ُيح َ‬
‫ما جاء عن ابن عمر فُيم ِ‬
‫ما َ‬‫أ ّ‬
‫ة تحية المسجد؛ والله‪-‬تبارك‬
‫ن ذلك أّنه كان ُيؤّدي في المسجد سن ّ َ‬ ‫أن َيكو َ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ء في بيِته إل‬
‫ة المر ِ‬ ‫حة ما ُيروى عن النبي ‪ ) : ‬إ ّ‬
‫ن خيَر صل ِ‬ ‫ص ّ‬
‫س‪ :‬ما ِ‬
‫مكتوبة ( ؟‬
‫الق َ‬
‫ن‬
‫ل على أ ّ‬ ‫ث كثيرة جدا جدا َتد ّ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا حديث‪ ،‬وهنالك أحادي ُ‬
‫ن في البيت‪ ،‬وهذا هو الذي كان َيفعُله النبي‪-‬‬‫الفضل في النوافل أن َتكو َ‬
‫من الفوائد‬‫ث عليه أيضا‪ ،‬وفيه ِ‬‫ح ّ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬والذي َ‬
‫الدينية ما ل َيخفى‪.‬‬
‫س‪ :‬صلة السنن في النهار أو في الليل‪ ،‬هل ُيسّلم بعدَ ك ّ‬
‫ل ركعتْين ؟‬
‫ث الصحيِح الذي جاء عنه‪-‬‬ ‫ت عن النبي ‪-‬في الحدي ِ‬ ‫ج‪ :‬أما في الليل فقد ثب َ‬
‫ث الثابت عن النبي‬ ‫ص الحدي ُ‬ ‫ل مثنى مثنى ( ‪ ..‬هكذا ن َ ّ‬ ‫أنه قال‪ ) :‬صلةُ اللي ِ‬
‫ن مثنى مثنى‪ ،‬ول معنى ِلما جاء عن‬ ‫ن صلةَ الّليل َتكو ُ‬ ‫‪ ، ‬ولذلك نقول‪ :‬إ ّ‬
‫من غيرِ فصل ‪ ..‬هذا ل‬ ‫من أنه ُيصّلي إن شاء أربعا أو ما شابه ذلك ِ‬ ‫ضهم ِ‬ ‫بع ِ‬
‫ت عن النبي ‪ .. ‬نعم‬ ‫ث قد ثب َ‬ ‫خذ َ ِبه ما دام الحدي ُ‬ ‫داعي إليه ول َينبغي أن ُيؤ َ‬
‫ددة ِلصلةِ الوْتر‪ ،‬فقد جاء عن النبي ‪ ‬أنه كان ُيصّلي‬ ‫متع ّ‬ ‫ت ُ‬ ‫ت كيفيا ٌ‬ ‫قد جاء ْ‬
‫صل‬ ‫شرة ركعة‪-‬وفي الواقع هذا الوِْتر مع قيام ِ الليل‪-‬وكان َيف ِ‬ ‫الوْتر ثلث ع ْ‬
‫شرة ركعة ُيسّلم بعد‬ ‫ل ركعتْين‪ ،‬و‪-‬هكذا‪-‬جاء أنه كان ُيصّلي إحدى ع ْ‬ ‫بْين ك ّ‬
‫مان ركعات وكان‬ ‫ض الروايات أنه كان ُيصّلي ث َ َ‬ ‫ل ركعتْين‪ ،‬وجاء في بع ِ‬ ‫ك ّ‬
‫سْردا وَيجِلس بعد َ الركعة‬ ‫سرد الثمان َ‬ ‫َيجِلس بعد َ الركعة الثامنة ‪ ..‬ي َ ْ‬
‫ت فيها‬ ‫الثامنة‪ ،‬وجاء‪-‬أيضا‪-‬أنه كان ُيوِتر ِبسْبع وَيجِلس بعد َ السادسة‪ ،‬وجاء ْ‬
‫َ‬
‫من الحديث‪،‬‬ ‫مَته ‪ ‬ما ذ َك َْرناه ِ‬ ‫ن الذي أرشد َ إليه أ ّ‬ ‫ة أخرى وهكذا‪ ،‬لك ّ‬ ‫رواي ٌ‬
‫ضها‬‫ت عن النبي ‪ ‬وبع ُ‬ ‫ص القيام ِبتلك الكيفيات التي جاء ْ‬ ‫صّلى شخ ٌ‬ ‫فإذا َ‬
‫ص والّنظر فذلك نعم لكن السّنة كما ذكرت‪ ،‬ثم‬ ‫من الّتمحي ِ‬ ‫ج إلى شيٍء ِ‬ ‫َيحتا ُ‬
‫ل الخيرة‬ ‫تلك الكيفيات ليس فيها الجلوس بعد كل ركعتْين ركعتْين وإّنما قَب ْ َ‬
‫سْرد‪.‬‬ ‫أو فيها ال ّ‬
‫أما ِبالنسبةِ إلى صلةِ النهار فقد اختَلف أهل العلم في ذلك‪:‬‬
‫من غيرِ أن ُيسّلم ‪َ ..‬يجِلس بعد‬ ‫ي الربع ِ‬ ‫صل ّ َ‬‫ن الْولى أن ي ُ َ‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫منهم َ‬
‫م إلى الركعتْين الخري َْين‪.‬‬ ‫الركعة الثانية وَيأِتي ِبالتشّهد الّول ثم َيقو ُ‬
‫مخّير‪.‬‬ ‫من قال‪ :‬هو ُ‬ ‫سلم‪.‬ومنهم َ‬ ‫ل ِبال ّ‬ ‫ص َ‬ ‫من قال‪ :‬الْولى أن َيف ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ل عليه الحديث‪ ،‬أما التخِيير‬ ‫سلم وذلك هو الذي د َ ّ‬ ‫ل ِبال ّ‬ ‫ص ُ‬ ‫فإذن في الليل َيف ِ‬
‫َ‬
‫من تلك‬ ‫ت‪-‬اللهم إل إذا أَتى ِبالوِْتر على شيٍء ِ‬ ‫فل داعي إليه‪-‬كما ذ َك َْر ُ‬
‫س بعد كل ركعتْين بعد‬ ‫س فيها أن َيجل ِ َ‬ ‫ت إليها ولكن لي ْ َ‬ ‫الكيفيات التي أشر ُ‬
‫من غير تسِليم‪.‬أما ِبالنسبةِ إلى الصلوات النهارية ففيها الخلف‬ ‫كل ركعتْين ِ‬
‫من القولْين‬ ‫ل على ترجيِح واحدٍ ِ‬ ‫ح جِلي َيد ّ‬ ‫ض ٌ‬‫ل وا ِ‬ ‫المذكور‪ ،‬وليس هنالك دلي ٌ‬
‫مخّير في ذلك‪.‬‬ ‫ن ُ‬ ‫ن النسا َ‬ ‫من أهل العلم إلى أ ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫من ذ َهَ َ‬ ‫ب َ‬ ‫فلذلك ذ َهَ َ‬
‫صل ِبالّتسِليم كصلةِ الليل ما جاء عن‬ ‫ل به الذين قالوا ِبالف ْ‬ ‫وأقوى ما اسَتد ّ‬
‫صّلى‬ ‫ن النبي ‪ ‬عندما َ‬ ‫تأ ّ‬ ‫م هانئ‪-‬رضي الله تعالى عنها‪-‬أّنها ذ َك ََر ْ‬ ‫السيدة أ ّ‬
‫‪141‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫م بعد َ كل ركعتْين‪ ،‬وهذا الحديث في‬ ‫في بيِتها في عام ِ الفتح أنه كان ُيسل ّ ُ‬
‫صّلى ثماني ركعات هذا‬ ‫من غي ْرِ ذِك ْرِ الّتسِليم ‪ ..‬أنه َ‬ ‫ح ثاِبت ‪ ..‬أي ِ‬ ‫أصِله صحي ٌ‬
‫ل ِبالتسليم فقد ذ َك ََر‬ ‫ص ِ‬‫ف ْ‬ ‫ك فيه‪ ،‬وأما ِبالنسبةِ إلى ال َ‬ ‫حلش ّ‬ ‫ث صحي ٌ‬ ‫حدي ٌ‬
‫ن‬
‫النووي في " المجموع " وبعده الحافظ ابن حجر في " التلخيص " ِبأ ّ‬
‫ث‬‫ط " صحيِح البخاري " وليس المر كما ذ َك ََراه بل هو حدي ٌ‬ ‫إسناَده على شر ِ‬
‫منك َُر‬ ‫ري وهو ُ‬ ‫فهْ ِ‬‫ق عياض بن عبد الله ال ِ‬ ‫من طري ِ‬ ‫ضْعف‪ ،‬وذلك لّنه ِ‬ ‫فيه َ‬
‫ره‪.‬‬ ‫ل هذه الزيادة عن غي ِ‬ ‫ل هذه الحالة ‪ ..‬أي عندما َيتفّرد ُ ِبمث ِ‬ ‫الرواية في مث ِ‬
‫ل والنهار مثنى مثنى " أي ِبالزيادةِ التي‬ ‫ث‪ " :‬صلةُ اللي ِ‬ ‫و‪-‬أيضا‪-‬استدّلوا ِبحدي ِ‬
‫من‬ ‫ة ِ‬ ‫ن هذه الرواية شاذ ّةٌ عندي وإن قوّْتها جماع ٌ‬ ‫ت فيه‪ " :‬والنهار " إل أ ّ‬ ‫جاء ْ‬
‫ن‬
‫جهم ولك ّ‬ ‫من سار على َنه ِ‬ ‫أهل العلم كالبخاري وابن خزيمة وابن حبان و َ‬
‫مخاَلف ِ‬
‫ة‬ ‫ق الَبارِِقي ول َيقوى على ُ‬ ‫من طري ِ‬ ‫ة شاّذة لّنها ِ‬ ‫الصحيح أنها رواي ٌ‬
‫من‬ ‫ظ‪ " :‬الليل " فقط ِ‬ ‫ت هذه الرواية ِبلف ِ‬ ‫م الغفير فقد جاء ْ‬ ‫العددِ الكبير والج ّ‬
‫كروا هذه الزيادة وَتفّرد َ ِبها هذا‬ ‫ة عشر راويا َلم َيذ ُ‬ ‫من خمس َ‬ ‫ق أكثَر ِ‬ ‫طري ِ‬
‫ل هذه القضية ‪ ..‬نعم قد ُتوب ِعَ ولكن تلك‬ ‫ل َتفّرُده في مث ِ‬ ‫الراوي الذي ل ُيقب َ ُ‬
‫ة َلها‪.‬‬ ‫المتاَبعات ل قيم َ‬
‫صل ل‬ ‫ت الف ْ‬ ‫ضْعف ِبمكان‪ ،‬فروايا ُ‬ ‫من ال ّ‬ ‫ت أخرى ولكّنها ِ‬ ‫ت روايا ٌ‬ ‫وقد جاء ْ‬
‫دناها‪.‬وقد جاء عن ابن‬ ‫ج ْ‬‫ب هذه السانيد التي وَ َ‬ ‫ح عن النبي ‪ِ ‬بحس ِ‬ ‫ص ّ‬
‫تَ ِ‬
‫ل مثنى مثنى (‬ ‫ث‪ ) :‬صلةُ اللي ِ‬ ‫عمر‪-‬رضي الله تعالى عنهما‪-‬وهو الراوي ِلحدي ِ‬
‫ل ركعتْين بل َيقوم بعد َ‬ ‫صل بْين ك ّ‬ ‫ت فيه هذه الزيادة أنه كان ل َيف ِ‬ ‫الذي جاء ْ‬
‫ن‬
‫من غيرِ سلم وهو الراوي ِلذلك الحديث وَنح ُ‬ ‫ي ِبالتشهّدِ الّول ِ‬ ‫أن َيأت ِ َ‬
‫م روايُته على الصحيِح‬ ‫نقول‪ :‬إنه إذا تعاَرض رأيُ الراوي مع روايِته أنه ُتقد ّ ُ‬
‫من الكلم ولسيما‬ ‫ن في إسنادِ تلك الرواية شيٌء ِ‬ ‫جح ولكن عندما َيكو ُ‬ ‫الرا ِ‬
‫ح ِلروايةِ ابن عمر‬ ‫جي َ‬ ‫ن الّتر ِ‬ ‫ل ِبها فإ ّ‬ ‫ل هذه الرواية التي َيتك َّرُر العم ُ‬ ‫في مث ِ‬
‫ت‪1‬؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫ب إلى الصواب‪ ،‬فهذا هو القرب كما قل ُ‬ ‫الموقوَفة عليه أقر ُ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ة الجمعة ؟ وهل ثبتت صلةٌ بعد صلة الجمعة‬ ‫م الصلة قب َ‬
‫ل صل ِ‬ ‫س‪ :‬ما حك ُ‬
‫سواء في البيت أو في المسجد ؟‬
‫ج‪ :‬أما بالنسبة إلى راتبة الجمعة القبلية والبعدية ‪ ..‬أما البعدية ‪ ..‬والْولى‬
‫كان أن أقدم القبلية ولكنني أقدم البعدية لّنها ثابتة عن النبي ‪ ‬بخلف‬
‫القبلية فسيأتي ما فيها‬
‫السّنة البعدية بعد صلة الجمعة‪-‬نعم‪-‬ثابتة‪ ،‬فقد ثبت عن النبي ‪ ‬بالسناد‬
‫الصحيح الثابت أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين ‪ ..‬هذا حديث صحيح ثابت‬
‫ل كلم فيه‪.‬‬
‫ل على أنه كان يصلي بعدها أربعا ولكنها ل تثبت عنه‬ ‫وقد جاءت روايات تد ّ‬
‫صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وإّنما الثابت عنه الركعتان‪ ،‬وجاءت رواية قولية‬
‫‪-1‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 8‬نوفمبر ‪2004‬م (‪ " :‬الفضل في‬
‫صل النسان فيها ِبالسلم‪ ،‬أما ِبالنسبة إلى الصلوات الّنَهاِرّية فالمر ُمختَلف فيه‪ ،‬وِكل المرْين جائز‬
‫ن َيْف ِ‬
‫صلوات الليل أ ْ‬
‫وإّنما الخلف في الفضل "‪.‬‬
‫‪142‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من‬ ‫ددة منها‪َ " :‬‬ ‫عند المام مسلم فيها المر بأربع ركعات ولها ألفاظ متع ّ‬
‫من هذا‬ ‫كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا " ولها ألفاظ قريبة ِ‬
‫اللفظ‪ ،‬ولذلك اختَلف العلماء في السّنة المشروعة وما هو الْولى فيها‪:‬‬
‫من قال‪ :‬إنه يصلي ركعتين‪.‬‬ ‫فمنهم َ‬
‫من قال‪ :‬يصلي أربعا‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫من قال‪ :‬يجمع بين الروايتين‪:‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫دم عند‬ ‫ن القول مق ّ‬ ‫ت‪-‬فقال‪ " :‬يصلي أربعا‪ ،‬ل ّ‬ ‫جح القولية‪-‬كما قل ُ‬ ‫من ر ّ‬ ‫منهم َ‬
‫التعارض "‪.‬‬
‫من حيث السناد‪.‬‬ ‫جح الفعلية لّنها أقوى ِ‬ ‫من ر ّ‬ ‫ومنهم َ‬
‫من قال‪ :‬يجمع بينهما ‪ ..‬يصلي ركعتين ثم يصلي أربعا‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫من قال‪ :‬يصلي تارة ركعتين ويصلي تارة أربعا‪ ،‬فيكون قد أخذ بهذه‬ ‫ومنهم َ‬
‫الرواية تارة وأخذ بالرواية الخرى تارة‪.‬‬
‫من قال ِبالتفصيل فقال‪ :‬إن صلى في المسجد فإنه يصلي أربعا وإن‬ ‫ومنهم َ‬
‫صلى في البيت فإنه يصلي ركعتين كما جاء عن النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫من فعِله ‪ ‬أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين‪.‬‬ ‫ت الثابت ِ‬ ‫و‪-‬كما قل ُ‬
‫وما جاء أنه صلى أربعا أو ستا فإنه ل يثبت عنه‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬‬
‫من طريق سهيل بن أبي صالح وََلم‬ ‫قوْل َِية فيها نظر لنها ِ‬ ‫البّتة‪ ،‬والرواية ال َ‬
‫تّتفق كلمة أهل العلم على توثيقه بل منهم المادح له ومنهم القادح فيه‪،‬‬
‫ن روايته ثابتة ولسيما في مثل‬ ‫من يرى أ ّ‬ ‫من ل يحتج بروايته ومنهم َ‬ ‫فمنهم َ‬
‫من النظر ولسيما عند‬ ‫هذه المور‪ ،‬وهو في الحقيقة َيحتاج إلى شيء ِ‬
‫ن‬
‫فة في الفعل ولكن الصل أ ّ‬ ‫مخال ِ َ‬‫خاَلفة فهو وإن َلم تكن روايته هاهنا ُ‬ ‫م َ‬‫اله ُ‬
‫ن النبي صلى الله‬ ‫من غيره وما قيل ِبأ ّ‬ ‫النبي ‪ ‬كان يأتي بالعمال أكثر ِ‬
‫من حيث‬ ‫عليه وعلى آله وسلم لعله كان ُيطيل الركعتين فهي أطول ِ‬
‫ختصر‬ ‫الكيفية أو أنه ‪ ‬نظرا لشتغاله ِبالخطبة وما شابه ذلك كان ي َ ْ‬
‫ما ِبالنسبة إذا قيل‪ " :‬هو تشريع "‬ ‫إلى الركعتين أو " هو تشريع "‪ ،‬نقول‪ :‬أ ّ‬
‫ث ل يكون‬ ‫سّلم ِلما جاء عن النبي ‪ ‬ولكن ذلك حي ُ‬ ‫فل كلم ‪ ..‬علينا أن ن ُ َ‬
‫من‬ ‫سَهيل فيها ما فيها ِ‬ ‫م في الرواية المروية عن النبي ‪ ‬ورواية ُ‬ ‫هنالك كل ٌ‬
‫الكلم‪.‬‬
‫صر النسان على الركعتين الثابتتين عن النبي ‪ ‬ثبوتا ل شك فيه‬ ‫فإذا اقت َ‬
‫جميل وإن صلى في بعض الحيان أربعا فإذا كانت نفسه‬ ‫حسن َ‬ ‫فذلك َ‬
‫من ذلك وإن صلى ركعتين أوّل ً ثم زاد بعد‬ ‫تطمئن إلى تلك الرواية فل مانع ِ‬
‫ذلك فأيضا ل بأس ِبذلك ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬ولكن الذي نستطيع أن‬
‫من‬ ‫جزم بثبوته هو الركعتان وما عدا ذلك فهو مشكوك فيه ِلما ذ َك َْرُته ِ‬ ‫نَ ْ‬
‫من الكلم الذي ل‬ ‫سهيل بن أبي صالح ففيها‪-‬حقيقة‪ِ -‬‬ ‫الكلم في رواية ُ‬
‫ل هذه الرواية عنه؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ل مث ِ‬
‫مئن النفس إلى قبو ِ‬ ‫ت َط ْ َ‬

‫‪143‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ما بالنسبة إلى السّنة القبلية في يوم الجمعة هنالك أمران َينبغي التفريق‬ ‫أ ّ‬
‫بينهما‪:‬‬
‫ن النسان إذا دخل المسجد أو كان في بيته‪-‬‬ ‫مط َْلق الصلة ‪ ..‬أي أ ّ‬ ‫أحدهما‪ُ :‬‬
‫ل النبي‪-‬‬ ‫من قو ِ‬ ‫أيضا‪-‬أنه ينبغي له أن ُيصّلي في هذا اليوم فنعم ذلك ثابت ِ‬
‫من‬ ‫سْلمان‪ ،‬وقد جاء ذلك‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫من طريق َ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ِ -‬‬
‫سهيل وقد أشرنا إلى ما فيه ولكنه‬ ‫طريق أبي هريرة وإن كان في إسناِده ُ‬
‫ة الساِبقة‪ ،‬وقد جاء ذلك‪-‬‬ ‫في هذه الرواية َلم ُيخاِلف بل ُتؤي ّد ُ روايَته الرواي ُ‬
‫ت عن النبي‪-‬صلى الله عليه‬ ‫من غير هاتين الطريقين‪ ،‬فهذا المر ثاب ٌ‬ ‫أيضا‪ِ -‬‬
‫من الركعات فلُيص ّ‬
‫ل‬ ‫دد ِبعددٍ معّين ِ‬ ‫ح ّ‬‫وعلى آله وسلم‪-‬ولكن ذلك َلم ي ُ َ‬
‫ث الثابت عن النبي ‪ .. ‬كما جاء‪) :‬‬ ‫النسان ما شاء كما جاء ذلك في الحدي ِ‬
‫من اللفاظ فهذا ثاِبت‪ ،‬ول ينبغي‬ ‫َفلُيصل ما قُد َّر له ( أو ما شابه ذلك ِ‬
‫ساعة أو قبل نصف‬ ‫سل في ذلك‪ ،‬فإذا جاء النسان قبل َ‬ ‫كا َ‬ ‫ِللنسان أن ي َت َ َ‬
‫من الركعات حتى لو كان ذلك في‬ ‫ساعة أو أكثر أو أقل فلُيصل ما شاء ِ‬
‫ن ذلك الوقت ل ي ُن َْهى عن الصلة فيه في هذا اليوم فهو‬ ‫ت الزوال فإ ّ‬ ‫وق ِ‬
‫من كان‬ ‫ضهم بْين َ‬ ‫من الن ّْهي على القول الصحيح وإن كان فّرق بع ُ‬ ‫مستث َْنى ِ‬
‫من كان في غيره إلى غير ذلك ولكنني ل أرى دليل على‬ ‫في المسجد و َ‬
‫ل النسان في ذلك ما شاء‪.‬‬ ‫التفريق فلُيص ّ‬
‫والثاني‪ :‬كون ذلك سّنة قبلية كما هو الحال في سّنة الظهر القبلية أو في‬
‫مة‪:‬‬
‫ت فيه كلمة ال ّ‬ ‫السّنة البعدية أو ما شابه ذلك فهذا قد اختَلف ْ‬
‫ن ِللجمعة سّنة قبلية كما هو الحال في الظهر‪.‬‬ ‫‪-1‬ذهب بعضهم إلى أ ّ‬
‫ب إلى أكثر أهل العلم‪-‬إلى أّنه ليست‬ ‫س َ‬ ‫من أهل العلم‪-‬ون ُ ِ‬ ‫‪-2‬وذهبت طائفة ِ‬
‫ة‬
‫جد رواي ً‬ ‫َ‬
‫هنالك سّنة قبلية للجمعة‪ ،‬وهذا هو الذي أذهب إليه‪ ،‬إذ إنني لم أ ِ‬
‫ل على ذلك‪،‬‬ ‫صحيحة عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬تد ّ‬
‫من قول‬ ‫من المعلوم أّنه عند الخلف َينبغي ِللنسان أن َيرجع إلى الثابت ِ‬ ‫و ِ‬
‫وفعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وَنحن عندما رجعنا‬
‫ل على‬ ‫ل على ذلك منها ما يد ّ‬ ‫ض الروايات التي تد ّ‬ ‫إلى السّنة فإننا وجدنا بع َ‬
‫من طريق ابن عمر وجاء‬ ‫ل على الربع ‪ ..‬جاء ذلك ِ‬ ‫الركعتين ومنها ما يد ّ‬
‫من طريق علي بن أبي‬ ‫من طريق ابن مسعود و ِ‬ ‫من طريق ابن عباس و ِ‬ ‫ذلك ِ‬
‫صح ‪ ..‬على كل حال؛ ل أرى داعيا لذكر ما في تلك‬ ‫ل ذلك ل ي َ ِ‬ ‫طالب وك ّ‬
‫عَلل وفي‬ ‫ن في بعضها أربع ِ‬ ‫ن المقام سيطول ِبه ل ّ‬ ‫لل ّ‬ ‫من العِل َ ِ‬ ‫الروايات ِ‬
‫ضعف‬ ‫من ال ّ‬ ‫بعضها ثلثا وفي بعضها اثنتين وذلك َيطول ِبه المقام ولكن هي ِ‬
‫سؤال في ذلك ولعّلي أتفّرغ ِللجابة‬ ‫ض الخوان ُ‬ ‫ي بع ُ‬ ‫جه إل ّ‬ ‫ِبمكان‪ ،‬وقد وَ ّ‬
‫عليه ِبإطالة إن وّفق الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬إلى ذلك‪.‬‬
‫ل في ذلك البّتة‪،‬‬ ‫ل ِبحديث‪ ) :‬ب َْين كل أذانين صلة (‪ ،‬ول دلي َ‬ ‫من استد ّ‬ ‫ومنهم َ‬
‫حاِدث ‪ ..‬لم َيكن في عهد النبي ‪ ‬فل ُيمكن‬ ‫ن الذان الّول ِلصلة الجمعة َ‬ ‫ل ّ‬
‫ن هذا هو المقصود ِبالذان الّول‪،‬‬ ‫ل ِبهذه الرواية على ذلك وأ ّ‬ ‫أن نستدِ ّ‬
‫شَرة ‪ ..‬هذا‬ ‫ده مبا َ‬ ‫فالذان الّول هو الذان الثاني الذي َيخطب الخطيب بع َ‬
‫‪144‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن القامة ُيطَلق عليها لفظ "‬ ‫الذان الّول والذان الثاني هي القامة فإ ّ‬
‫مَران " و "‬ ‫ن ذلك على سبيل الت ّغِْليب‪ ،‬فكما ُيقال " العُ َ‬ ‫الذان "‪ ،‬وقيل‪ :‬إ ّ‬
‫مَران " إلى غير ذلك‪.‬‬ ‫ق َ‬
‫ال َ‬
‫ت إليه ِبالمس‪-1‬فل ُيمكن أن‬ ‫َ‬
‫من أوّ َ‬
‫ل ذلك ِبتأويل فيه ب ُْعد‪-‬كما أشر ُ‬ ‫ومنهم َ‬
‫دل ِبهذا الحديث على ذلك البّتة‪.‬‬ ‫نست ِ‬
‫من طريق ابن‬ ‫ل على ذلك ِبرواية ُتروى عن النبي ‪ِ ‬‬ ‫من استد َ ّ‬ ‫ومنهم َ‬
‫صح كما ستأتي الشارة ‪..‬‬ ‫سَبة ذلك وإل فهي ل ت َ ِ‬ ‫الزبير فيها أّنه ‪ .. ‬على ن ِ ْ‬
‫من فريضة إل وبين يديها ركعتان "‪ ،‬وهذه الرواية‪-‬في حقيقة‬ ‫ما ِ‬‫فيها‪َ " :‬‬
‫من الروايات التي ل تثبت عن النبي صلى الله عليه‬ ‫الواقع‪-‬ل تثبت فهي ِ‬
‫ضع آخر‪.‬‬ ‫وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وبيان ذلك له مو ِ‬
‫من طريق أبي أيوب‪-‬كان ُيصلي‬ ‫ن النبي ‪- ‬كما جاء ِ‬ ‫ل ِبأ ّ‬ ‫من استد َ ّ‬ ‫ومنهم َ‬
‫سفر‪ ،‬فقد جاء عن أبي أيوب أنه سافر مع‬ ‫سّنة الظهر القبلية حتى في ال ّ‬
‫النبي ‪ ‬في َثمانية عشر سفرا‪-‬أو ما هذا معناه‪-‬وكان ُيصلي قبل الظهر‬
‫ركعتين‪ ،‬ولكن هذه الرواية ضعيفة ل َتثبت عن النبي ‪ ‬ثم على تقدير‬
‫ثبوِتها‪-‬وهو بعيد جدا‪-‬فهي في صلة الظهر‪.‬‬
‫من البعد ما‬ ‫من قاس ذلك على السّنة القبلية قبل الظهر‪ ،‬وذلك فيه ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫من أن َيحتاج إلى إيضاح‪.‬‬ ‫ل َيخفى فالفرق بينهما أوضح ِ‬
‫من بعض أفعال الصحابة‪ ،‬وتلك الفعال‪-‬في حقيقة‬ ‫من أخذ ذلك ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫الواقع‪-‬في النفل المطلق ل في سّنة قبلية قبل فريضة الجمعة‪.‬‬
‫ن الصحيح عندنا أنه ليست هنالك سّنة قبلية قبل فريضة‬ ‫والحاصل أ ّ‬
‫فل ما‬ ‫الجمعة‪-‬كما هو الحال في فريضة الظهر‪-‬ولكن َينبغي ِللنسان أن َيتن ّ‬
‫ن الواحد‬ ‫من الّناس أ ّ‬ ‫خطبتها‪ ،‬لكن َنرى كثيرا ِ‬ ‫شاء قبل فريضة الجمعة وقبل ُ‬
‫منهم يأتي ويصلي ركعتي َتحية المسجد ُثم يبقى إما يقرأ أو يذكر أو يبقى‬
‫ن ذلك‬ ‫نأ ّ‬ ‫مة جميعا تصلي ‪ ..‬تظ ّ‬ ‫جالسا هكذا وعندما يؤذن المؤذن تقوم ال ّ‬
‫دد فيه‬ ‫من السنن الواجبة التي لبد منها فهذا ل أصل له‪ ،‬وهذا هو الذي ش ّ‬ ‫ِ‬
‫من أهل العلم ووصفه بالبدعة‪ ،‬ومع ذلك نقول‪ :‬إّنه ل ينبغي‬ ‫دد ِ‬ ‫من ش ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن أهل العلم قد اختلفوا في هذه المسألة‬ ‫التشديد في مثل هذه القضايا فإ ّ‬
‫جح وأن ي ُب َّين ذلك‬ ‫وما دامت المسألة خلفية ينبغي للنسان أن يأخذ ِبالر َ‬
‫من‬ ‫فهم ِبأّنهم ِ‬ ‫ص َ‬
‫دد مع الناس أو أن ي َ ِ‬ ‫فيد‪ ،‬أما أن َيتش ّ‬ ‫ضح الم ِ‬ ‫بالسلوب الوا ِ‬
‫من َيقول ِبمشروعيةِ هاتين‬ ‫دعة أو ما شابه ذلك مع أّنهم يأخذون ِبرأي َ‬ ‫المبت ِ‬
‫من السنن الثابتة عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫الركعتين بل وأّنهما ِ‬
‫فْرق بْين المسائل القطعية وبين المسائل الظنية لكن نقول‪ :‬ينبغي‬ ‫وسلم‪-‬فَ َ‬
‫فه‬‫ص َ‬‫طع على غيره وأن ي َ ِ‬ ‫من أراد أن يأخذ بذلك فل ي َت َن َ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫أن ننبه الناس أ ّ‬
‫ل‪ ،‬فإن‬ ‫ما شابه ذلك ‪ ..‬ك ّ‬ ‫فر عن ذلك أو َ‬ ‫ب الخير أو أنه ي ُن َ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ِبالتكاسل وبعدم ِ ُ‬
‫ن الغير‪-‬‬ ‫دد مع غيره‪ ،‬كما أ ّ‬ ‫كان هو يريد ذلك فليفعل ولكن ليس له أن يتش ّ‬
‫جة‬‫ضح الّرزين المستِند إلى الح ّ‬ ‫ضح ذلك ِبالسلوب الوا ِ‬ ‫أيضا‪-‬ينبغي له أن ي ُوَ ّ‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 28‬أكتوبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪145‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من أن‬ ‫الثابتة عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وبعد ذلك فلبد ِ‬
‫ُيفّرق بْين المسائل القطعية وبْين المسائل الظنية ‪ ..‬هذا ما أ َوَد ّ أن أن َّبه‬
‫ُ‬
‫ل مسألة‬ ‫صا ِبهذه المسألة بل هو شامل لك ّ‬ ‫عليه الن ِباختصار وهذا ليس خا ّ‬
‫من المسائل ‪ ..‬يأخذ النسان بالثابت الصحيح عن النبي ‪ ‬وي ُن َّبه الّناس‬
‫من التفريق بين المسائل المختَلف فيها وبين المسائل‬ ‫عليه وبعد ذلك لبد ِ‬
‫فق عليها بين أهل العلم‪ ،‬وهذه المسألة في الحقيقة تحتاج إلى‬ ‫مت ّ َ‬
‫اله ُ‬
‫إطالة ‪ ..‬ل أقول مسألة الصلة قبل الجمعة ولكن مسألة المسائل الخلفية‬
‫والّتفريق بين المسائل القطعية وبين المسائل الظنية وبين‪-‬أيضا‪-‬ما ثبت‬
‫من المسائل وإن كانت ظنية‬ ‫بالدليل الواضح الجلي الذي ل غموض فيه ِ‬
‫مختَلف فيها بين‬ ‫ما فيها أدِّلة ُ‬ ‫وبين المسائل التي ليس فيها دليل واضح ‪ ..‬إ ّ‬
‫أهل العلم في ثبوِتها وعدم ثبوِتها أو في دللتها أو ما شابه ذلك ولعلنا نشير‬
‫صَرة في الجواب الذي قلنا لعل الله‪-‬تبارك‬ ‫مخت َ َ‬‫إلى ذلك ولو بإشارة ُ‬
‫وتعالى‪ُ-‬يوّفقنا ِللكتابة عليه في المسألة المذكورة؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫من‬‫س‪ :‬يعني فيما تقولون الن ِللنسان أن يصلي النوافل قبل الخطبة لكن ِ‬
‫من السّنة ؟‬ ‫غير أن يعتبر ذلك أنه ِ‬
‫ن النسان ُيمكن أن‬ ‫ج‪ :‬نقول هو سّنة لكن ليست بسّنة راتبة ‪ِ ..‬بمعنى أ ّ‬
‫من الساعة التاسعة أو قبل أو العاشرة أو الحادية عشرة إلى غير‬ ‫يصلي ِ‬
‫من حيث‬ ‫صلح ِ‬ ‫ظر ال ْ‬ ‫ذلك ‪ ..‬هذا مشروع ‪ُ ..‬يصلي ما شاء وَيذكر ما شاء وَل ْي َن ْ ُ‬
‫ضاء و‪-‬طبعا‪-‬ل‬ ‫ضو ْ َ‬‫إذا كان نشيطا ِللصلة أو كان غير نشيط أو كانت هنالك َ‬
‫ينبغي أن تكون هنالك ضوضاء في بيوت الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬لنها إّنما ب ُن َِيت‬
‫من أجل القيل والقال والخذ والّرد والكلم الذي ل قيمة له ول‬ ‫لعبادته ‪ ‬ل ِ‬
‫داعي إليه‪.‬‬
‫هل يقال هنالك‬ ‫لكن بالنسبة إلى السّنة الّراتبة ‪ ..‬أي عندما تزول الشمس َ‬
‫سّنة في هذا الوقت ُتسمى سّنة الزوال ‪ُ ..‬يصلي النسان ركعتين أو يصلي‬
‫خّير بْين المرين ؟ نقول‪ :‬ليست هنالك سّنة على الصحيح‬ ‫أربعا أو أنه ي ُ َ‬
‫عندنا‪.‬‬
‫ن له أن ُيصلي في البيت قبل‬
‫ب‪ ،‬هل ُيس ّ‬
‫ة الخطي ُ‬
‫س‪ :‬بالنسبة إلى صلة الجمع ِ‬
‫أن يصعد المنبر ؟‬
‫ت ليست هنالك سّنة راتبة‪.‬‬ ‫ج‪ :‬أما السّنة الراتبة‪-‬فكما قل ُ‬
‫ن النبي ‪ ‬كان يصلي كما جاء في حديث ابن عمر فُيجاب عنه‪:‬‬ ‫وما جاء أ ّ‬
‫ن ذلك في الحقيقة موقوف على‬ ‫إما أنه كان يصلي قبل زوال الشمس أو أ ّ‬
‫ن ابن عمر‪-‬رضي الله تعالى‬ ‫ولة ‪ ..‬جاءت أ ّ‬‫مط َ ّ‬
‫ابن عمر‪ ،‬فالرواية جاءت ُ‬
‫عنهما‪-‬كان يصلي قبل الجمعة ثم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين وََلها ألفاظ‬
‫ن ذلك هو الذي كان يفعله النبي ‪: ‬‬ ‫متعددة وَذكر فيها أ ّ‬
‫من هذا أنه كان يفعل المرين معا قبل الصلة وبعد‬ ‫ض العلماء أخذ ِ‬‫فبع ُ‬
‫الصلة‪.‬‬
‫‪146‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من الرواية هو ما كان‬ ‫ن المرفوع ِ‬‫مل ذلك على أ ّ‬‫ح َ‬


‫وبعضهم‪-‬وهو الصحيح‪َ -‬‬
‫ن هذا‬‫من فعل ابن عمر‪ ،‬ول شك ِبأ ّ‬ ‫ما قبل ذلك فهو ِ‬‫ما َ‬
‫يفعله بعد الجمعة أ ّ‬
‫ت‪.‬‬
‫الصواب كما قل ُ‬
‫والذين قالوا‪ " :‬إنه كان َيفعل قبل ذلك " قالوا‪ :‬كان َيفعل قبل زوال‬
‫ما بعد زوال الشمس فكان يذهب ‪ ‬لخطبة الجمعة‪.‬‬ ‫الشمس أ ّ‬
‫ل بها الذين قالوا ِبالمشروعية‪ ،‬منها‪ :‬أّنه ‪ ‬كان‬ ‫و‪-‬أيضا‪-‬هنالك روايات استد ّ‬
‫من الضعف ما فيها‪ ،‬ثم‬ ‫من البيت صلى ركعتين‪ ،‬وهذه الرواية فيها ِ‬ ‫إذا خرج ِ‬
‫إنه ل دللة فيها على المطلوب‪ ،‬والمسألة تحتاج إلى تفصيل طويل‬
‫دره الله‪-‬تبارك‬‫ق ّ‬
‫عريض ‪ ..‬ل أقول‪ " :‬إنني سأطيل " ولكن سأجيب ِبما ي ُ َ‬
‫وتعالى‪-‬ولو على وجه الختصار ِبما فيه الكفاية ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫من التصرفات يقوم بها‬‫ن هناك عددا ِ‬
‫س‪ :‬لو نزلنا إلى واقع الناس َنجد أ ّ‬
‫من‬‫من يجلس ومنهم َ‬ ‫ض الناس فالبعض يدخل والمام َيخطب فمنهم َ‬ ‫بع ُ‬
‫يصلي والبعض يجلس فإذا سكت المام بْين الخطبتين قام فصلى‪ ،‬هل‬
‫هناك ‪ ...‬؟‬
‫شَرع للنسان أن يصلي أبدا ‪..‬‬ ‫ج‪ :‬أما إذا شرع الخطيب في الخطبة فل ي ُ ْ‬
‫هذا إذا كان في المسجد‪.‬‬
‫ص‬
‫ما إذا دخل في المسجد فإنه ُيشرع له أن يصلي ركعتين‪ ،‬وذلك منصو ٌ‬ ‫أ ّ‬
‫عليه في سّنة النبي ‪ ‬وهو صحيح ثابت‪ ،‬ل ينبغي ِللنسان أن ي ُفَّرط فيه‬
‫ل المسجد أن‬ ‫خ َ‬ ‫مَر ذلك الرجل الذي د َ َ‬ ‫َ‬ ‫ن النبي ‪ ‬قطع ُ‬
‫خطبته وأ َ‬ ‫حتى أ ّ‬
‫جوَّز فيهما ‪ ..‬هذا حديث صحيح ثابت عن النبي ‪. ‬‬ ‫ُيصلي ركعتين وأن ي َت َ َ‬
‫من عشرة‬ ‫ب ِ‬‫قُر ُ‬‫ض الذين ل يرون ذلك ِبما ي َ ْ‬ ‫‪-‬وقد اعترض عليه بع ُ‬
‫مع الّرد عليها يطول به المقام فل أرى‬ ‫اعتراضات‪ ،‬وِذكُر تلك العتراضات َ‬
‫ذكرها الن‪ ،‬فالحديث صحيح واضح ل إشكال فيه‪.‬‬ ‫داعيا ل ِ ِ‬
‫ن النبي ‪َ ‬نهى حتى عن المر بالمعروف ‪ " ...‬إلى آخر‬ ‫من يقول‪ " :‬إ ّ‬ ‫وقول َ‬
‫ذلك " وذلك واجب فكيف يقال ِبمشروعية السّنة مع أّنها ليست بواجبة ؟!‬
‫َ‬
‫مَرنا‬‫رب له المثال فما أ َ‬ ‫" أقول‪ :‬علينا أن نأخذ ِبما جاء عن النبي ‪ ‬وأل ّ ن َ ْ‬
‫ض ِ‬
‫مها أو ما‬ ‫به فعلناه وما نهانا عنه تركناه أما أن نرد ّ بعض الحاديث ل ِعِل ّةٍ نتوهّ ُ‬
‫ما ل ينبغي‪-.‬‬ ‫م ّ‬‫شابه ذلك فهذا ِ‬
‫وز في هاتين الركعتين وأل ّ يطيل ‪ ..‬هذا هو‬ ‫ج ّ‬
‫ولكن ينبغي ِللنسان أن يت َ‬
‫الثابت‪.‬‬
‫من كان جالسا في المسجد فليس له أن يقوم وأن يصلي ركعتين ل في‬ ‫أما َ‬
‫ن‪.‬‬‫وقت الخطبة الولى ول في وقت الخطبة الثانية ول بين الخطبت َي ْ ِ‬
‫من الخطبة الولى ويأتون‬ ‫من الناس يقومون بعد النتهاء ِ‬ ‫فنعم نرى كثيرا ِ‬
‫مخاِلف للسّنة َتمام المخاَلفة‪ ،‬فينبغي أن ي ُن َّبه الناس إلى أ ّ‬
‫ن‬ ‫بركعتين وهذا ُ‬
‫مخاَلفة صاِرخة فعليهم أن‬ ‫مخاِلف له ُ‬ ‫من هدي النبي ‪ ‬بل هو ُ‬ ‫ذلك ليس ِ‬
‫دعوا بدعة سيئة‬ ‫مخاَلفة صاِرخة وأن ي َب ْت َ ِ‬ ‫ينتبهوا ِلهذه القضية وأل ّ يقعوا في ُ‬
‫صنعا وهم في الحقيقة َيأتون ِبما‬ ‫َيظّنون أّنهم َيأتون ِبالخير وأنهم ُيحسنون ُ‬
‫حّرم عليهم ل يجوز لهم‪.‬‬ ‫م َ‬‫هو ُ‬
‫‪147‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من الناس يريدون الخير ولكنهم ل يعرفون أبواب الخير كهذا‬ ‫و‪-‬حقيقة‪-‬كثير ِ‬
‫الشخص الذي يقوم يصلي في هذا الوقت وكبعض الناس الذين يدخلون‬
‫المسجد في يوم الجمعة ويقومون بتخطي الصفوف وُيؤذون عباد َ الله‪-‬‬
‫ت في الجمعة‬ ‫ت الصلة‪ ،‬فقد شاهد ُ‬ ‫مّرون أمامهم في وق ِ‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬وي َ ُ‬
‫مّر أمام الناس الذين‬ ‫دم وي َ ُ‬
‫دم ويتق ّ‬ ‫هذه شخصا َدخل المسجد وأخذ يتق ّ‬
‫من أجل‬ ‫من الناس الذين ُيصّلون السّنة ِ‬ ‫مّر أمام جماعةٍ ِ‬ ‫ُيصّلون السّنة ‪َ ..‬‬
‫من‬ ‫ن الصلة في الصف الول أفضل ِ‬ ‫أن َيجلس في الصف الول ‪ ..‬لشك أ ّ‬
‫طى‬‫ن النسان َيتخ ّ‬ ‫غيره كما ثبت ذلك في السّنة ولكن ليس معنى ذلك أ ّ‬
‫فات‪:‬‬ ‫مخال َ َ‬‫هم ُيصّلون ‪َ ..‬يقع في ُ‬ ‫مّر أمامهم وَ ُ‬ ‫ِرقاب الناس وُيؤذيهم وي َ ُ‬
‫‪-1‬يتخطى الصفوف وهذه مخالفة‪.‬‬
‫‪-2‬ويؤذي عباد الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وهذه مخالفة صارخة‪.‬‬
‫مخالفة صارخة ثالثة ‪ ..‬إلى غير ذلك ‪ ..‬لماذا‬ ‫‪-3‬وَيمر أمام المصلين وهذه ُ‬
‫هذا ؟! إذا كان يريد أن يصلي في الصف الول فَل َْيتقدم وفي ذلك خير كبير‬
‫من غير أن يؤذي‬ ‫وإذا تأخر فليصل في الموضع الذي ُيمكنه أن يصلي فيه ِ‬
‫من غير أن َيمر أمام عباد الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وهم‬ ‫عباد الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬و ِ‬
‫مخاِلف ِللسّنة‪-‬أيضا‪-‬فيه إيذاء ِلعبادِ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫يصلون وهذا مع أنه ُ‬
‫مّر أمام غيره فقد آذاه لنه ل يرغب في ذلك وهو‬ ‫ن النسان إذا َ‬ ‫فل شك أ ّ‬
‫من‬‫من باِبه وإذا كان ل َيعَلم فليسأل َ‬ ‫مأمور ِبدفِعه‪ ،‬فالذي ُيريد الخير فليأِته ِ‬
‫صنعا ويقع في‬ ‫سن ُ‬ ‫َيعلم أما أن َيصنع شيئا وهو ل َيدريه فيريد أن ُيح ِ‬
‫من أل ّ يقع‬ ‫المخاَلفات الصاِرخة فهذا‪-‬والعياذ ِبالله تبارك وتعالى‪-‬ينبغي ِللمؤ ِ‬
‫حماه‪.‬‬ ‫حوم حول ِ‬ ‫فيه بل ول ي َ ُ‬
‫ض الخوة‪ " :‬نصلي سّنة الفجر قبل الفريضة‬
‫س‪ :‬أحد الشخاص قال له بع ُ‬
‫ِبخمس دقائق "‪ ،‬هل هذا الكلم صحيح ؟‬
‫ج‪ :‬القضية أنه َلم يقتصر على هذا بل وصف ذلك بالوجوب‪ ،1‬و‪-‬حقيقة‪-‬ينبغي‬
‫جب والمندوب وبين المحّرم‬ ‫جب وغيره وبين الوا ِ‬ ‫ِللنسان أن ُيفّرق بْين الوا ِ‬
‫من المور‬ ‫من أهم المور ‪ِ ..‬‬ ‫والمكروه وبين هذه الحكام وبين المباح‪ ،‬فهذا ِ‬
‫جب بعدم‬ ‫ف الوا ِ‬‫ص َ‬ ‫فّرق النسان بينها أل ّ ي َ ِ‬
‫من أن ي ُ َ‬ ‫الضرورية التي لبد ِ‬
‫من الحكام الشرعية‪،‬‬ ‫جب بالوجوب إلى غير ذلك ِ‬ ‫ف غير الوا ِ‬
‫ص َ‬‫الوجوب أو ي َ ِ‬
‫من الضروري‬ ‫ل هذا حتى ي َت َن َّبه الناس‪ ،‬و ِ‬ ‫ولكن الوقت هاهنا ل يكفي ِلتفصي ِ‬
‫أن ي ُعَّلموا مثل هذه المور‪.‬‬
‫من‬‫كدة‪ ،‬وهي ) خيٌر ِ‬ ‫على كل حال؛ سّنة الفجر ليست بواجبة ولكنها مؤ ّ‬
‫ت‬
‫ريط فيها وإن كان ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫الدنيا وما فيها ( كما‪-‬ذكرنا‪-2‬في الحديث‪ ،‬فل َينبغي الت ّ ْ‬
‫ليست بواجبة‪.‬‬

‫جب أن تصلى سّنة الفجر قبل الفرض إل ِبخمس دقائق‬‫‪-1‬والسؤال‪-‬كما َوَرَد في المكالمة‪-‬هو‪ " :‬أحد الشخاص قال‪ ' :‬ل َي ِ‬
‫جب صلتها قبل ربع ساعة أو عشرة دقائق‪ ،‬فهل هذا كلم صحيح ؟ ' "‪.‬‬ ‫‪ ..‬أي ل َي ِ‬
‫‪-2‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 3‬من حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪148‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ما هل‬ ‫ما ِبالنسبة إلى وقِتها َفكما قلنا بعد َ طلوِع الفجر إلى صلةِ الفجر‪ ،‬أ ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫‪1‬‬

‫خرها فذلك إليه‪ ،‬وقد ثبت عن النبي ‪ ‬أنه كان ُيصلي بعد َ‬ ‫دمها أو ُيؤ ّ‬‫ق ّ‬‫يُ َ‬
‫جه السيدة عائشة رضي‬ ‫دث مع زو ِ‬ ‫جع أو يتح ّ‬ ‫طلوع الفجر ُثم يضط ِ‬
‫جع بعد َ قيام ِ الليل ُثم‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنها‪ ،‬وََثبت عنه‪-‬أيضا‪-‬أنه كان َيضط َ ِ‬
‫شرة ‪ ..‬جاء ذلك عنه صلوات الله‬ ‫ل فريضةِ الفجر مبا َ‬ ‫ُيصّلي السّنة قب َ‬
‫وسلمه عليه‪.‬‬
‫من الضطراب‪:‬‬ ‫ن هذه الرواية فيها شيٌء ِ‬ ‫من استشكل ِبأ ّ‬ ‫أما استشكال َ‬
‫ضهم‬ ‫ض الصحابة كذا وعن بع ِ‬ ‫ت عن بع ِ‬ ‫‪-1‬أما ِبالنسبة إلى الروايات التي جاء ْ‬
‫كذا فل اضطراب أبدا‪ ،‬لنه كان تارة يفعل كذا وتارة يفعل كذا‪.‬‬
‫ريد ِبه مّرة‬ ‫ظر إليه هل ي ُ ِ‬ ‫‪-2‬أما الذي جاء عن صحابي واحد فهذا َينبغي أن ي ُن ْ َ‬
‫خر‪.‬‬ ‫ضع آ َ‬ ‫ريد تارة كذا وتارة كذا‪ ،‬وِلذلك مو ِ‬ ‫واحدة أو ي ُ ِ‬
‫خر‬ ‫دم وأنه ُيمكن أن ُيؤ ّ‬ ‫كن أن ُيق ّ‬‫منا في هذه القضية أنه ُيم ِ‬ ‫لكن الذي َيه ّ‬
‫من أن يكون ذلك بْين طلوِع الفجر وبْين فريضةِ الفجر؛‬ ‫فالحاصل لبد ِ‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫سحور‪ ،‬هل الفضل أن ُتصّلى في البيت أو في المسجد ؟‬
‫س‪ :‬سّنة ال ّ‬
‫ت‬‫ج‪ :‬الصل في السنن‪-‬كما قلنا الفضل أن ُتصّلى في البيت إل إذا كان ْ‬
‫جماعة وهذا الشخص‬ ‫هنالك حاجة ِلصلِتها في المسجد أو كانت‪-‬مثل‪-‬هنالك َ‬
‫من القرآن فأراد أن ُيصّلي مع الناس ل ِِتلك المزّية‬ ‫سير ِ‬
‫فظ إل الن ّْزر الي ِ‬‫ل َيح َ‬
‫فظ قِليل أن ُيصّلي في بيِته وفي ذلك ِ‬
‫من‬ ‫فذلك وإل فالفضل له ولو كان َيح َ‬
‫ل ما فيه؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ض ِ‬‫الف ْ‬
‫س‪ :‬هل الفضل كثرة الركعات أم إطالة القراءة في النوافل ؟‬
‫ة القراءة في النوافل؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫ج‪ :‬الفضل‪-‬على الصحيح‪-‬إطال ُ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬عندما يقيم المؤ ّ‬
‫ذن الصلة‪ ،‬متى يبدأ المام في القيام إلى الصلة ؟‬
‫عندما يصل المقيم إلى قوله‪ " :‬حي على الصلة حي على الصلة " أم عندما‬
‫يصل إلى قوله‪ " :‬قد قامت الصلة قد قامت الصلة " ؟‬
‫ج‪ :‬بعض العلماء قال‪ :‬يقومون‪-‬أي يقوم المأمومون‪-‬عند وصول المقيم إلى‬
‫قوله‪ " :‬قد قامت الصلة "‪.‬‬
‫وبعضهم يقول‪ :‬يقومون عند قوله‪ " :‬حي على الصلة "‪.‬‬
‫ولم أجد في السّنة ما يدل على واحد من القولين‪ ،‬بل ذلك يختلف بحسب‬
‫اختلف المساجد‪ ،‬فبعض المساجد الصغيرة ‪ ..‬وتكون الجماعة قليلة فل‬
‫يحتاج أن يقوم الجماعة قبل وقت لنهم ليسوا بحاجة كبيرة ‪..‬إلخ‬

‫من يصلي على النبي ‪ ‬في التشهد ال ّ‬


‫ول‪ ،‬هل فيه بأس ؟‬ ‫س‪َ :‬‬
‫ج ّ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫من أ َ‬
‫صلة على النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ِ -‬‬ ‫ن ال ّ‬
‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫مَر ِبها الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في كتابه‬ ‫َ‬
‫قُربات وأفضل الطاعات‪ ،‬وقد أ َ‬ ‫ال ُ‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 3‬من حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪149‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫سن ِّته الصحيحة الثابتة عنه صلوات‬ ‫ث عليها رسوله الكريم في ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫العظيم‪ ،2‬و َ‬
‫ل الصلة عليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬ ‫ض َ‬‫الله وسلمه عليه‪ ،‬وب َّين فَ ْ‬
‫ب السّنة الصحيحة‬ ‫ص عليه في كت ِ‬ ‫ض المواضع كما هو منصو ٌ‬ ‫ولسيما في بع ِ‬
‫ض المؤّلفات‬ ‫ض العلماء بع َ‬ ‫عن النبي صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وقد أّلف بع ُ‬
‫طول‬ ‫م على ذلك ي َ ُ‬ ‫من أحكام‪ ،‬والكل ُ‬ ‫في الصلةِ على النبي ‪ ‬وما َيتعّلق ِبها ِ‬
‫من‬ ‫ج إلى شيٍء ِ‬ ‫ضها َيحتا ُ‬ ‫ط في تلك المؤلفات‪ ،‬وبع ُ‬ ‫سو ٌ‬ ‫مب ْ ُ‬
‫جدا‪ ،‬كما هو َ‬ ‫جدا ِ‬ ‫ِ‬
‫التحرير‪.‬‬
‫حك ْم ِ الصلة على النبي صلى الله عليه‬ ‫ل العلم في ُ‬ ‫ة أه ِ‬ ‫ت كلم ُ‬ ‫وقد اختَلف ْ‬
‫مة على أحدِ القوال‬ ‫عى إجماعَ ال ّ‬ ‫من اد ّ َ‬ ‫وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬خلفا ل ِ َ‬
‫فيها‪.‬‬
‫ت‬ ‫من مّرة‪-‬أّنه َينبغي الت َّرّيث والت ّد َّبر عند وجودِ حكايا ِ‬ ‫ت‪-‬أكثر ِ‬ ‫وقد ذكر ُ‬
‫من تلك الحكايات ل ت َث ُْبت على‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫من المسائل‪ ،‬فإ ّ‬ ‫جماع في كثيرٍ ِ‬ ‫ال ْ‬
‫من تلك الحكايات‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫ب أهل العلم‪ ،‬فإ ّ‬ ‫مل في كت ِ‬ ‫ن يتأ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫الصحيح عند َ‬
‫من تلك المسائل‬ ‫في حقيقة الواقع باطلة‪ ،‬وقد اختَلف العلماء في كثيرٍ ِ‬
‫عوم‪.‬‬ ‫ل متعد َّدة‪ ،‬وقد يكون القول الحقّ خلفا ِلذلك الجماع المْز ُ‬ ‫على أقوا ٍ‬
‫والصلةُ على النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬في التشّهد الثاني ثابتة في‬
‫مة‪ ،‬واختَلفوا في حكمها‪:‬‬ ‫السّنة‪ ،‬وقد قال بذلك جمهور ال ّ‬
‫من ذهب إلى أّنها واجبة عليه‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬في ذلك‬ ‫منهم َ‬
‫الموضع‪.‬‬
‫من قال ِبسنيتها‪.‬‬ ‫ومن ُْهم َ‬
‫ْ‬
‫ت ِبها‬ ‫من َلم ي َأ ِ‬ ‫من أركان الصلة‪ ،‬ف َ‬ ‫ض أهل العلم إلى أّنها ركن ِ‬ ‫بل ذهب بع ُ‬
‫ن صلته باطلة على هذا الرأي‪ ،‬وإن كّنا ل نستطيع أن‬ ‫في التشّهد الثاني فإ ّ‬
‫نقول بذلك‪.‬‬
‫واختَلفوا‪-‬أيضا‪-‬في كيفية الصلة في التشهد الثاني‪:‬‬
‫ن هذا القول قو ٌ‬
‫ل‬ ‫من قال‪ :‬إّنه يأِتي ِبالصلة البراهيمية‪ ،‬ولشك ِبأ ّ‬ ‫منهم َ‬
‫ن‬
‫ب ذلك وإّنما نقول‪ " :‬إ ّ‬ ‫واضح وهو الذي ت ُؤَّيده السّنة ولكن َّنا ل َنقول ِبوجو ِ‬
‫ما ل ينبغي أن ُيفّرط فيه "‪.‬‬ ‫م ّ‬ ‫ذلك ِ‬
‫من أصحابنا على مشروعيةِ الصلة في هذا‬ ‫ة الكثرية الكاثرة ِ‬ ‫صت كلم ُ‬ ‫وقد ن ّ‬
‫من قال ِبوجوِبها‪،‬‬ ‫ت‪-‬ب ُِرك ِْنيِتها‪ ،‬ومنهم َ‬ ‫من قال‪-‬كما قل ُ‬ ‫من ُْهم َ‬ ‫الموضع‪ ،‬و ِ‬
‫من الواجبات في هذا‬ ‫واختَلفوا في التيان ِبالصلة البراهيمية وهل هي ِ‬
‫الموضع أو ل‪.‬‬
‫زي بأَقل ما ي َن ْط َِلق‬ ‫ج ِ‬‫ة في هذا الموضع‪ ،‬ولكن ت ُ ْ‬ ‫ن الصلةَ مشروع ٌ‬ ‫حأ ّ‬ ‫والصحي ُ‬
‫ريط في التيان ِبالصلة‬ ‫ن كان ل َينبِغي الّتف ِ‬ ‫ظ " الصلة " وإ ْ‬ ‫عليه لف ُ‬
‫البراهيمية‪ِ ،‬لثبوت ذلك عن النبي صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬
‫وأما ِبالنسبةِ إلى الّتشهد الّول فقد اختَلف العلماء في ذلك‪:‬‬

‫سِليًما ‪ ] ‬سورة‬
‫سّلُموا َت ْ‬
‫عَلْيِه َو َ‬
‫صّلوا َ‬
‫ن آَمُنوا َ‬
‫ي َيا َأّيَها اّلِذي َ‬
‫عَلى الّنِب ّ‬
‫ن َ‬
‫صّلو َ‬
‫ل َوَملِئَكَتُه ُي َ‬ ‫‪-2‬قال ال تعالى‪ِ  :‬إ ّ‬
‫نا َ‬
‫الحزاب‪ ،‬الية‪.[ 56 :‬‬
‫‪150‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫صّلي على النبي ‪ ‬في الّتشهد‬ ‫ن أن ي ُ َ‬‫من قال‪ :‬إّنه ل َينبِغي ِللنسا ِ‬ ‫منهم َ‬
‫الّول‪.‬‬
‫من قال‪َ :‬يأِتي ِبالصلةِ البراهيمية‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫صَرة عليه وعلى آله صلوات الله وسلمه‬ ‫خت َ‬
‫م ْ‬
‫من قال‪َ :‬يأِتي ِبصلةٍ ُ‬ ‫ومنهم َ‬
‫عليه‪.‬‬
‫من قال‪ :‬يقتصر على الصلةِ عليه صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وذلك‬ ‫ومنهم َ‬
‫ضح في هذه المسألة‪.‬‬ ‫ل وا ِ‬
‫ِلعدم ِ وجودِ دلي ٍ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫س َ‬‫من صّلى عليه صلوات الله وسلمه عليه في الّتشهد الّول فقد أح َ‬ ‫و َ‬
‫ن‬
‫سن َ ِ‬‫ض وال ّ‬ ‫من أهل العلم ‪ ..‬هذا ِبالنسبة إلى الفرائ ِ‬ ‫على رأي طائفةٍ كبيرة ِ‬
‫صل‬‫ف ِ‬‫سَنن التي ي َ ْ‬ ‫صل النسان ِفيها ِبالسلم‪ ،‬أما بالنسبة إلى ال ّ‬ ‫ف ِ‬‫التي ل ي َ ْ‬
‫صل النسان فيها‬ ‫ف ِ‬‫ن يَ ْ‬
‫ن الفضل في صلوات الليل أ ْ‬ ‫ِفيها ِبالسلم وقد قلنا إ ّ‬
‫‪1‬‬

‫كل المرْين‬ ‫مختَلف فيه‪ ،‬و ِ‬ ‫ِبالسلم‪ ،‬أما ِبالنسبة إلى الصلوات الن َّهارِّية فالمر ُ‬
‫صل فإّنه َيأِتي ِبالصلة على النبي‬ ‫جائز وإّنما الخلف في الفضل‪ ،‬فإذا فَ َ‬
‫مها التكبير وَتحِليُلها‬ ‫ريه ُ‬
‫ت ِبذلك‪ِ ،‬لحديث‪َ ) :‬تح ِ‬ ‫ن الصلةَ قد انته ْ‬ ‫‪،‬ل ّ‬
‫ث صحيح ثابت عنه صلوات الله وسلمه عليه؛ والله‪-‬‬ ‫التسليم (‪ ،‬وهو حدي ٌ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ر التحيات‪ ،2‬هل‬ ‫دون والمستمعون فتوى في عدم جواز ت ْ‬
‫كرا ِ‬ ‫ه ُ‬
‫سمع المشا ِ‬
‫س‪َ :‬‬
‫هذا َيشمل الصلة على النبي ‪ ‬في الّتشهد الثاني ؟‬
‫مّرةً واحدة في الثاني‪.‬‬ ‫ج‪ :‬الّتشهد الثاني ‪َ ..‬يأتي النسان ِبالصلة عليه َ‬
‫ن َيكون ذلك ِبالتيان ِبالصلة البراهيمية كما ثبت ذلك في السّنة‪،‬‬ ‫وَينبِغي أ ْ‬
‫من أهل العلم‪.‬‬ ‫ب طائفةٍ كبيرة ِ‬ ‫ت عليه كت ُ‬ ‫ص ْ‬‫وهو الذي ن َ ّ‬
‫قل‬‫ن ذلك َلم ي َ ُ‬ ‫ت عن النبي ‪ ‬وأ ّ‬ ‫ن ذلك َلم َيثب ْ‬ ‫عي ِبأ ّ‬ ‫من طائفةٍ ت َد ّ ِ‬ ‫والعجب ِ‬
‫ت‬‫ص ْ‬ ‫من أصحاِبنا الساِبقين ‪ ..‬كل ّ بل ذلك ثابت‪ ،‬ون َ ّ‬ ‫من أهل العلم ِ‬ ‫ِبه أحد ٌ ِ‬
‫ب أهل العلم وإن اختَلفوا في هل الفضل أن َيأتي ِبالصلة‬ ‫على ذلك كت ُ‬
‫صر؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫خت َ َ‬
‫م ْ‬
‫ظ ُ‬ ‫البراهيمية أو الفضل أن َيجتزِيَ ِبلف ٍ‬

‫س‪ :‬اللفظة الصحيحة ِللصلة البراهيمية ؟‬


‫ن هذه اللفاظ‬
‫من يرى أ ّ‬‫من أهل العلم َ‬‫ددة ‪ِ ..‬‬‫متع ّ‬
‫ظ ُ‬
‫ت ِبألفا ٍ‬‫ج‪ :‬هي جاء ْ‬
‫ن النبي ‪ ‬ذ َ َ‬
‫كر تارةً منها في هذه المناسبة وتارةً في‬ ‫كن أن َيكو َ‬
‫ُيم ِ‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 3‬من حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 29‬أكتوبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-2‬منها فتوى الشيخ أحمد بن حمد الخليلي عند جوابه على السؤال ‪ِ 10‬من حلقة ‪ 11‬رمضان ‪1422‬هـ ) يوافقه ‪27‬‬
‫نوفمبر ‪2001‬م (‪:‬‬
‫" س‪ :‬ما حكم تكرار الفاتحة في الركعة الواحدة ؟‬
‫ت‪:‬‬
‫ع ْ‬‫شِر َ‬
‫ج‪ِ :‬من المور التي ل َيجوز تكرارها الفاتحُة الشريفة‪ ،‬فهناك أمور ل َيجوز َتكرارها إنما هي ِبحسب ما ُ‬
‫منها الستعاذة‪ ،‬فما َيكون ِللنسان أن ُيِعيد الستعاذة بعَد أن َيستِعيذ‪.‬‬
‫ومنها الفاتحُة الشريفة‪ ،‬فليس له أن ُيكّرر الفاتحة‪.‬‬
‫ن"‬
‫جَمِله‪ ،‬كما أ ّ‬
‫جلس ِللّتشّهد فإنما َيقرؤه َمّرة واحدة‪ ،‬ول ُيكّرُره ول ُيكّرر شيئا ِمن ُ‬ ‫وكذلك قراءُة الّتشّهد ‪ ..‬إن َ‬
‫ل َيِزيد عن قراءِتها َمّرة‬‫الفاتحة " ل َيجوز له أن ُيكّرر‪-‬أيضا‪-‬شيئا ِمن آياِتها أو شيئا ِمن كلماِتها‪ ،‬بل َيحِرص على أ ّ‬
‫ن الصلة؛ وال‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪." .‬‬ ‫واحدًة فحسب‪ ،‬فل َيجوز الّتكرار‪ ،‬والّتكرار ُيؤّدي إلى بطل ِ‬
‫‪151‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من أهل العلم‪ ،‬وقد ذ َك ََر‬ ‫ت عن طائفةٍ كبيرة ِ‬ ‫المناسبة الخرى‪ ،‬لّنها قد جاء ْ‬
‫ما تواتر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫م ّ‬
‫ن ذلك ِ‬ ‫ل العلم ِبأ ّ‬‫ض أه ِ‬
‫بع ُ‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫مد كما صليت على‬ ‫ح ّ‬‫م َ‬
‫حمدٍ وعلى آل ُ‬
‫م َ‬
‫ل على ُ‬ ‫ص ّ‬‫فإذا قال مثل‪ " :‬اللهم َ‬
‫محمد‬ ‫محمد وعلى آل ُ‬ ‫إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين وبارك على ُ‬
‫مجيد " أو‬ ‫حميد َ‬‫كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك َ‬
‫ص ّ‬
‫ل‬ ‫مجيد " في الّول ‪ ..‬أي عند قوله‪ " :‬اللهم َ‬ ‫حميد َ‬ ‫أتى أيضا بقوله‪َ " :‬‬
‫محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في‬ ‫مد وعلى آل ُ‬ ‫مح ّ‬‫على ُ‬
‫مجيد " فذلك حسن؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫حميد َ‬ ‫العالمين إنك َ‬
‫‪1‬‬
‫س‪ :‬قد َيجمع النسان الصلتين ‪ ..‬في هذه الحالة‪ ،‬هل يأتي ِبالسَنن الرواتب‬
‫؟‬
‫ج‪ :‬الجمع إما أن يكون في الحضر وإما أن يكون في السفر‪:‬‬
‫أما بالنسبة إلى السفر فإّنه َلم يثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫من السنن في حالة الجمع وإّنما كان‬ ‫وصحبه وسلم‪-‬أّنه كان يأتي بشيء ِ‬
‫يأتي بالوتر فقط وكذلك كان يأتي بسّنة الفجر ولكن ذلك ليس في حالة‬
‫مع إلى غيرها ‪ ..‬هذا الذي ثبت عن النبي ‪. ‬‬ ‫ج َ‬‫ن فريضة الفجر ل ت ُ ْ‬ ‫الجمع ل ّ‬
‫ن النسان الذي َيجمع ولو كان ذلك في‬ ‫ض أهل العلم‪ " :‬إ ّ‬ ‫وقد قال بع ُ‬
‫شرة أو‬ ‫سّنة المغرب " وهل يأِتي ِبها بعد فريضة المغرب مبا َ‬ ‫السفر يأتي ب ُ‬
‫كل الحتمالْين ل دليل له‬ ‫ن هذا القول على ِ‬ ‫يأتي ِبها بعد فريضة الِعشاء‪ ،‬ولك ّ‬
‫سّنة المغرب في حالة الجمع‬ ‫سّنة النبي ‪ ‬فل َينبغي لحد أن َيأتي ب ِ ُ‬ ‫ن ُ‬‫م ْ‬
‫ِ‬
‫جمع تأخير ‪ ..‬هذا إذا‬ ‫جمع تقديم أو كان ذلك الجمع َ‬ ‫سواء كان ذلك الجمع َ‬
‫كان ذلك في السفر‪.‬‬
‫ن العلماء‬ ‫من المناسب أن ن ُن َّبه على أ ّ‬ ‫أما ِبالنسبة إلى الجمع في الحضر و ِ‬
‫قد اختَلفوا في الجمع في الحضر‪:‬‬
‫من ل يرى ذلك‪.‬‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫من يراه في حالة وجود المطر والغَْيم أو ما شابه ذلك‪.‬‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬
‫من يرى أّنه َيجوز حتى في غير ذلك ولسيما في حالت الحرج‪،‬‬ ‫‪-3‬ومنهم َ‬
‫من طريق ابن عباس‬ ‫كما جاء عن النبي ‪ ‬في الحديث الصحيح‪-‬الذي جاء ِ‬
‫ل الله ‪-‬أّنه‬ ‫من صحابةِ رسو ِ‬ ‫رضي الله عنهما وقد جاء أيضا عن غيره ِ‬
‫جمع بْين الظهر والعصر وبْين المغرب والعشاء‬ ‫صلوات الله وسلمه عليه َ‬
‫ساِفرا وكذلك‬ ‫وكان ذلك في المدينة ‪َ ..‬لم َيكن صلوات الله وسلمه عليه ُ‬
‫م َ‬
‫َلم يكن هنالك مطر ول غَْيم وَلم يكن هنالك خوف كما جاء ذلك في‬
‫ض‬
‫من غير خوف ول سفر ول سحاب ول مطر "‪ ،‬وجاء في بع ِ‬ ‫الحديث‪ِ " :‬‬
‫حت‬ ‫ص ّ‬‫ف طويل عريض هل َ‬ ‫ض هذه الشياء‪ ،‬وِللعلماء خل ٌ‬ ‫الروايات ذِك ُْر بع ِ‬
‫جميعا في صحيح‬ ‫ح بعضها‪ ،‬وقد جاءت هذه الربعة َ‬ ‫هذه اللفاظ جميعا أو ص ّ‬
‫عّدل السؤال إذ‬ ‫ن الشيخ لم يتكلم في جوابه عن التيان بالسَنن الرواتب عند قصر الصلة ِمن غير جمع فإنه ُ‬ ‫‪-1‬نظرا إلى أ ّ‬
‫جمع ‪ ..‬في الحالتين‪ ،‬هل يأتي ِبالسَنن‬
‫ن غير َ‬
‫صُر الصلة ِم ْ‬
‫ح في الصل هكذا‪ " :‬قد َيجمع النسان الصلتين وقد َيْق ُ‬ ‫طِر َ‬
‫ُ‬
‫الرواتب ؟ "‪ ،‬مع العلم أنه تكلم‪-‬بحمد ال تعالى‪-‬عن ذلك عند جوابه على السؤال ‪ِ 5‬من هذه الحلقة‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪152‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن النبي‪-‬‬ ‫ريح في أ ّ‬ ‫صص ِ‬ ‫ثن ّ‬ ‫المام الربيع رحمه الله‪ ،1‬و‪-‬على كل حال‪-‬الحدي ُ‬
‫مع في الوطن وَلم يكن هنالك‬ ‫ج َ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪َ -‬‬
‫سِئل‬ ‫ل صلةٍ في وقتها المعروف‪ ،‬وقد ُ‬ ‫ن ُيصلي ك ّ‬ ‫ل بينه وبين أ ْ‬ ‫حو ُ‬ ‫شيٌء ي َ ُ‬
‫ابن عباس‪-‬رضي الله تعالى عنهما وهو البحر الزاخر وهو أحد ُ رواةِ هذا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مَته " وهذا هو الصحيح عندنا‪-‬ل كما‬ ‫رج أ ّ‬ ‫الحديث‪-‬عن ذلك فقال‪ " :‬أراد َ أل ّ ي ُ ْ‬
‫ح َِ‬
‫ن ذلك‬ ‫من أ ّ‬‫مَنازُِلهم ِ‬ ‫دارهم وعََلت َ‬ ‫جّلت أقْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ض أهل العلم وإ ْ‬ ‫ذهب إليه بع ُ‬
‫ن ذلك جائز ولكن ل ي ُّتخذ عادة‬ ‫محمول على الجمع الصوري‪-‬فالصحيح ِبأ ّ‬ ‫َ‬
‫وإّنما يكون ذلك في حالت الحرج وَنحوها‪.‬‬
‫جمع النسان في هذه الحالة أو في حالة وجود المطر أو الغَْيم أو ما‬ ‫فإذا َ‬
‫ل العلم‪:‬‬ ‫ف بْين أه ِ‬‫ن الراتبة أو ل ؟ في ذلك خل ٌ‬ ‫سن َ ِ‬
‫شابه ذلك هل يأتي ِبال ّ‬
‫ن الحديث جاء‬ ‫سَنن الّراتبة‪ ،‬ل ّ‬ ‫من ال ّ‬ ‫من ذهب إلى أّنه ل يأتي بشيء ِ‬ ‫منهم َ‬
‫جمع بْين المغرب والعشاء وَلم‬ ‫جمع بْين الظهر والعصر وأيضا َ‬ ‫فيه أّنه ‪َ ‬‬
‫سَنن‪.‬‬ ‫من ال ّ‬ ‫يذكر الراوي بأّنه قد أتى ِبشيٍء ِ‬
‫سنن الراتبة‪ ،‬وقد اختَلفوا في‬ ‫من أهل العلم إلى أّنه َيأتي ِبال ّ‬ ‫وذهبت طائفة ِ‬
‫سَنن‪:‬‬ ‫كيفيةِ التيان ِبهذه ال ّ‬
‫جمع بين الظهر والعصر فإّنه أّول يأتي بسّنة الظهر‬ ‫من قال‪ :‬إذا َ‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫سّنة الظهر الَبعدية‪-‬ول سّنة قبلية للعصر‪ُ-‬ثم بعد‬
‫‪2‬‬
‫القبلية ثم بعد ذلك يأتي ب ُ‬
‫ذلك يأتي بالظهر ُثم بعد ذلك يأتي بالعصر‪.‬‬
‫سنة‬ ‫من َيقول ِبالسّنة القبلية ِللعصر يأتي أّول بالسّنة القبلية للظهر ُثم بال ّ‬ ‫و َ‬
‫دية للظهر ُثم بالسنة القبلية للعصر‪ ،‬ولكن قد قدمنا بأّنه ليست هنالك‬
‫‪3‬‬
‫الب َعْ ِ‬
‫مع‪.‬‬ ‫صلي النسان ما شاء في حالة غير الج ْ‬ ‫سّنة قبلية لصلة العصر وإّنما ي ُ َ‬
‫سّنة المغرب‬ ‫دم أّول ُ‬ ‫ق ّ‬‫وبالنسبة إلى فريضة المغرب على هذا الرأي كذلك ي ُ َ‬
‫سّنة الِعشاء ُثم يأتي بفريضة المغرب ُثم يأتي بعد ذلك‬ ‫م بعد ذلك يأتي ب ُ‬ ‫ثُ ّ‬
‫بفريضة الِعشاء‪.‬‬
‫هذا رأي لبعض أهل العلم‪ ،‬ولكن فيه أّنه يأتي بالسنة الب َعْدِّية بعد الظهر قبل‬
‫ن وقتها بعد فريضة الظهر وإّنما هم قالوا بذلك فرارا‬ ‫حد َّدة ذلك أ ّ‬‫م َ‬‫وقتها اله ُ‬
‫ن هذا الوقت ُينهى عن الصلة فيه‪ ،‬وأما‬ ‫من التيان ِبها بعد صلة العصر ل ّ‬ ‫ِ‬
‫بالنسبة إلى السّنة الب َعْدِّية بعد فريضة المغرب فكذلك وقتها بعد فريضة‬
‫المغرب فكيف يأتي ِبها قبل فريضة المغرب ؟! وسّنة الِعشاء وقتها بعد‬
‫فريضة الِعشاء فكيف يأتي ِبها قبل فريضة الِعشاء وقبل فريضة المغرب ؟!‬
‫دية بعد الظهر ‪ ..‬يأتي ِبها‬ ‫ض أهل العلم إلى أّنه يأتي بالسّنة الب َعْ ِ‬ ‫‪-2‬وذهب بع ُ‬
‫سّنة الِعشاء‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫ي‪ :‬المغرب الب َعْدِّية و ُ‬ ‫سن ّت َ ْ‬
‫بعد فريضة العصر‪ ،‬ويأتي ب ِ ُ‬
‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب )‪ (43‬الِقَران في الصلة‪:‬‬
‫حديث رقم ‪ :251‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن النبي ‪ ‬صلى الظهر والعصر جميًعا والمغرب‬
‫والعشاء الخرة )‪ (1‬جميًعا في غير خوف ول سفر ول سحاب ول مطر‪ .‬ـــــــــــــــــــــ )‪ (1‬في نسخة القطب إسقاط "‬
‫الخرة "‪.‬‬
‫‪-2‬قال الشيخ‪ " :‬بعدية " بدل ِمن " قبلية " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪-3‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 28‬أكتوبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪153‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الب َعْدِّية بعد فريضة الِعشاء؛ وهذا سهل بالنسبة إلى الجمع بْين المغرب‬
‫والِعشاء لّنه ليس هنالك َنهي عن الصلة بعد فريضة الِعشاء ولكن الشكال‬
‫في الصلة بعد صلة العصر‪.‬‬
‫معَ تقديم َيأتي أّول ِبالسّنة القبلية‬ ‫ج ْ‬ ‫معَ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن َ‬ ‫ض العلماء إلى أّنه إ ْ‬ ‫‪-3‬وذهب بع ُ‬
‫ِلصلة الظهر ُثم بعد ذلك يأتي بفريضة الظهر ثم العصر ثم بعد ذلك يأتي‬
‫ي ِبالسّنة القب ْل ِّية قَْبل وإما‬ ‫ن يأت ِ َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫خّير إ ّ‬ ‫م َ‬ ‫معَ تأخير فَ ُ‬ ‫ج ْ‬‫معَ َ‬‫ج َ‬ ‫سَنن‪ ،1‬أما إذا َ‬ ‫ِبال ّ‬
‫ي أّول بفريضة الظهر‪.‬‬ ‫ن يأت ِ َ‬‫أ ْ‬
‫‪2‬‬
‫أو بفريضة العصر وهذا بناء على أّنه َيجوز التقديم والتأخير بين الظهر‬
‫جمع تأخير‪ ،‬وهذا قول‬ ‫والعصر وكذلك بين المغرب والعشاء إذا كان الجمع َ‬
‫ول عليه ‪ ..‬كيف‬ ‫ن ُيع ّ‬ ‫فت إليه ول أ ْ‬ ‫باطل وعن الدليل عاطل فل ينبغي أن ُيلت َ‬
‫دم فريضة العصر على فريضة الظهر أو فريضة الِعشاء‬ ‫ُيمكن ِللنسان أن ُيق ّ‬
‫ن الوقت وقت‬ ‫على فريضة المغرب إذا كان الجمع جمع تأخير وقولهم ِبأ ّ‬
‫‪3‬‬

‫ن الوقت وقت َُها أما بالنسبة إلى الصلة الثانية‬ ‫خر ل ّ‬‫دم وت ُؤَ ّ‬ ‫ق ّ‬‫للصلة الثانية وت ُ َ‬
‫ة له‬ ‫م هزيل ل قيم َ‬ ‫خَرها ‪ ..‬كل ٌ‬ ‫مها أو أن ُيؤ ّ‬ ‫ن يقد ّ َ‬ ‫مَثابة القضاء فُيمكن أ ْ‬ ‫فهي ب ِ َ‬
‫بل هو مصاِدم ِلما ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وكذلك‬
‫دم فريضة الِعشاء في‬ ‫بالنسبة إلى فريضة المغرب والعشاء قالوا‪ " :‬إذا قَ ّ‬
‫جمع التأخير ُيمكن أن يصلي بعدها سّنة الِعشاء " وَلهم تفاصيل في هذا‬
‫ن هذا القول قول ضعيف‪ ،‬فل ُيمكن تقديم فريضة الِعشاء على‬ ‫الكلم ولك ّ‬
‫ديم فريضة العصر على فريضة الظهر‬ ‫ق ِ‬ ‫فريضة المغرب كما أّنه ل ُيمكن ت َ ْ‬
‫جمع تأخير‪.‬‬ ‫إذا كان الجمع َ‬
‫فلت بينهما ‪ ..‬إذا قلنا ِبالتيان‬ ‫من الت ّن َ ّ‬ ‫كما أّنه َلم َيثبت أّنه ي ُؤَْتى ِبشيٍء ِ‬
‫من النوافل الّرات َِبة فيكون ذلك بعد الصلتين معا‪ ،‬أما بعد المغرب‬ ‫ِبشيٍء ِ‬
‫ضح‪ ،‬وأما بعد فريضة الظهر والعصر فيأتي بسّنة الظهر‬ ‫والِعشاء فالمر وا ِ‬
‫جوُّز‬
‫وز في القضاء ما ل ي ُت َ َ‬ ‫ج ّ‬
‫من باب القضاء وي ُت َ َ‬ ‫بعد صلة العصر ويكون ذلك ِ‬
‫في الداء ِبالنسبة إلى النهي ِلما ثبت عن النبي ‪ ‬أّنه قضى سّنة الظهر‪-‬‬

‫‪-1‬أي سّنة الظهر البعدية‪ ،‬والسّنة القبلية للعصر على رأي َمن َيقول ِبالسّنة القبلية للعصر ولكن قد قّدم الشيخ ِبأّنه ليست‬
‫صلي النسان ما شاء في حالة غير الجْمع‪.‬‬ ‫هنالك سّنة قبلية لصلة العصر وإّنما ُي َ‬
‫‪-2‬قال الشيخ عند الجواب على السؤال ‪ِ 2‬من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م (‪ " :‬وُأنّبه‪-‬أيضا‪-‬‬
‫ضر هل َيأِتي المصّلي ِبالرواِتب ؟ ما َذَكرناه ِمن أنه عند بعض أهل‬ ‫ح َ‬ ‫ن ما َذَكرناه في مسألِة الجْمع بْين الصلتْين في الـ َ‬ ‫أّ‬
‫صِر‬‫ظْهِر البعِدية ثم راتبِة الع ْ‬
‫ظهِر القبِلية ثم راتبِة ال ّ‬
‫العلم أّول َيأِتي في حالة الجْمع بْين الظهر والعصر ‪َ ..‬يأِتي ِبراتبِة ال ّ‬
‫صر أما َمن ل َيقول ِبذلك فل َيقول ِبهذا‪ ،‬وكذلك ما َذَكرناه ِمن‬ ‫القبِلية هذا بناء على رأي َمن َيقول ِبالراتبة ِلفريضة الع ْ‬
‫خَرها ‪ ..‬أعني بعَد التيان ِبالفريضتْين معا ثم َيأِتي ِبراتبِة‬ ‫ظهر القبِلية وُيمِكن أن ُيؤ ّ‬ ‫ل الثاني ِبأنه َيأِتي أّول ِبراتبِة ال ّ‬
‫القو ِ‬
‫خر‬‫ل ال َ‬‫صر‪ ،‬وهكذا ِبالنسبة إلى القو ِ‬ ‫ي َمن َيقول ِبراتبِة الع ْ‬ ‫صِر القبلية ‪ ..‬هذا بناءً على رأ ِ‬ ‫ظْهِر البعِدية ثم راتبِة الع ْ‬‫ال ّ‬
‫جْمَع تأخير هل َيأِتي ِبهما بعد الظهر أو بعد الصلة الولى ؟ هذا‬ ‫جَمَع بْين الظهر والعصر َ‬ ‫ل فيه أصحاُبه إذا َ‬ ‫صَ‬
‫الذي َف ّ‬
‫ت هناِلك راتبة وإنما هو ُمجّرد َتنّفل‪-‬فيه خْيٌر كثيٌر‬ ‫صر القبِلية‪ ،‬وقد قلنا‪ " :‬إنه ليس ْ‬ ‫ي َمن َيقول ِبراتبِة الع ْ‬ ‫كّله بناًء على رأ ِ‬
‫ضحا فيما َأحسب إذا‬ ‫ِبمشيئِة ال تبارك وتعالى‪-‬ولكن ل ُيؤَتى ِبها في حالِة الجْمع "‪ ،‬فَينبغي أن ُينتَبه ِلهذا وإن كان وا ِ‬
‫س جميعا "‪.‬‬ ‫جِمَع بْين الدرو ِ‬ ‫ُ‬
‫‪-3‬قال الشيخ‪ " :‬جمع تقديم " بدل ِمن " جمع تأخير " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪154‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن نقول بعدم‬ ‫وطبعا هذا في غير حالة الجمع‪-‬بعد فريضة العصر‪ ،‬فإما أ ْ‬
‫ما أن نقول‪ " :‬يكون ذلك بعد "‪.‬‬ ‫التيان ِبها وإ ّ‬
‫دم‬
‫هر لّنه ل ُيمكن أن ُيق ّ‬ ‫خاِلف ِللظا ِ‬‫م َ‬
‫ن َنقول‪ُ " :‬يؤَتى ِبها قبل " فذلك ُ‬ ‫أما أ ْ‬
‫سط‪-‬أيضا‪-‬فيه ما‬ ‫جمع التأخير ُيمكن أن ت ُوَ ّ‬ ‫شيٌء على وقته‪ ،‬والقول ِبأّنه في َ‬
‫مخاَلفِته ِللسّنة النبوية‪.‬‬‫من ُ‬ ‫كرناه ِ‬ ‫فيه‪ِ ،‬لما ذ َ َ‬
‫ت فليكن ذلك بعد الفريضت َْين معا‪ ،‬وفي حالة الجمع بين‬ ‫فإذا أَتى ِبها آ ٍ‬
‫ت الجمع بين الظهر‬ ‫المغرب والعشاء فالمر سهل وإذا ت ََرك ََها في وَقْ ِ‬
‫جدا؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫سن ِ‬ ‫ح َ‬‫والعصر فذلك َ‬
‫مخّير في التيان ِبها أو ل ؟‬
‫س‪ :‬يعني هو َ‬
‫ن الصل أّنه ي ُؤَْتى ِبهذه الرواتب في حالة‬ ‫ضح ل ّ‬‫ل وا ِ‬ ‫ج‪ِ :‬لعدم وجودِ دلي ٍ‬
‫كر فإذا رجعنا إلى الصل فنقول‬ ‫ت لها ذِ ْ‬ ‫ن في هذا الحديث َلم يأ ِ‬ ‫الحضر ولك ْ‬
‫ن الظاهر أّنه ل ي ُؤَْتى ِبها فإذن‬
‫الصل أنه ي ُؤَْتى ِبها وإذا رجعنا إلى الظاهر فإ ّ‬
‫جّرد احتمال والتيان ِبها بعد صلة الِعشاء‬ ‫م َ‬
‫ريح وإّنما هو ُ‬‫لص ِ‬ ‫ليس هنالك دلي ٌ‬
‫من ذلك شيء والمسألة ليس‬ ‫س ِ‬‫ف ِ‬ ‫ل بأس ِبه أما بعد صلة العصر ففي الن ّ ْ‬
‫ريح أبدا‪.‬‬ ‫فيها دليل قَوِْلي ول فِعِْلي َ‬
‫ص ِ‬
‫من‬
‫سَنن الرواتب في حال الجمع ولكن في حال القصر ِ‬
‫دثتم عن ال ّ‬
‫ح ّ‬
‫س‪ :‬ت َ َ‬
‫‪1‬‬
‫غير جمع ؟‬
‫ن ُأجيب على أحد السئلة التي طرحها الخ السائل‪ 2‬أّول‬ ‫َ‬
‫مح ِلي أّول أ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ا ْ‬
‫ض‬ ‫َ‬
‫سب إلى بع ِ‬ ‫فْرَية التي ت ُن ْ َ‬‫ل تلك ال ِ‬ ‫ت على مث ِ‬
‫َ‬
‫سك َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫لن ِّني ل أستطيع أ ْ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن ي َت َث َّبت ِ‬
‫كر السائل كثيرا حيث إّنه أراد أ ْ‬ ‫ش ُ‬‫ل الله ‪ ، ‬وأ ْ‬ ‫صحابةِ رسو ِ‬
‫سْعد‪‬‬ ‫سب إلى َ‬ ‫سب إلى الرسول ‪ ‬ما ي ُن ْ َ‬ ‫من ي َن ْ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫هذا الكلم وليس كغيره ِ‬
‫ن‬
‫كا َ‬‫ن أّنه َ‬ ‫م ْ‬ ‫من النصار رضي الله تبارك وتعالى عنهم‪ِ -‬‬ ‫صحابة ِ‬ ‫ضل ال ّ‬ ‫‪-‬وهو أفْ َ‬
‫ن البول ‪ ..‬باطل وكذب عليه‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليه‪-‬‬ ‫م َ‬‫رئ ِ‬ ‫ست َب ْ ِ‬ ‫ل يَ ْ‬
‫ذب ل ينبغي لحدٍ أن‬ ‫ن أهل العلم ‪ ..‬هذا باطل ‪ ..‬ك َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ذ َك ََره ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ذ َك ََر ذلك َ‬ ‫وإ ْ‬
‫ت إليه أبدا‪.‬‬ ‫ف َ‬ ‫َيلت ِ‬
‫ب‬‫س َ‬‫ض الصحابة‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليهم‪-‬ون ُ ِ‬ ‫ذب على بع ِ‬ ‫وقد ك ُ ِ‬
‫مما‬ ‫ما ُنسب إليه وكبراءة المسيح ِ‬ ‫م ّ‬‫مْنه ك َب ََراءة الذئب ِ‬ ‫إليهم ما هم ب َُرَءاُء ِ‬
‫مه صلوات الله وسلمه عليهما‪.‬‬ ‫ُنسب إليه وإلى أ ّ‬
‫ن الله‪-‬تبارك‬ ‫شاهُ رضوا ُ‬ ‫حا َ‬‫ت إليه ‪َ ..‬‬ ‫ف َ‬ ‫ن َيلت ِ‬ ‫ذب ‪َ ..‬دجل ل َينبغي لحدٍ أ ْ‬ ‫فهذا ك َ ِ‬
‫حمُته؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫وتعالى‪-‬عليه ور ْ‬
‫صد َّقه ‪ ..‬نعم النسان َينبغي له أ ْ‬
‫ن‬ ‫مْثل هذا‪-‬على كل حال‪-‬ل َينبغي لحدٍ أن ي ُ َ‬ ‫ِ‬
‫ل هذه المور‪ ،‬أما أن َيقوم ِبإلقاِئها في‬ ‫ل العلم عن مث ِ‬ ‫ل أه َ‬ ‫ي َت َث َّبت وأن َيسأ َ‬
‫صَراح فهذا‬ ‫ذب ال ّ‬ ‫ل هذا الك ِ‬ ‫ضَراِته وُيشاِرك أولئك الك َذ ََبة في مث ِ‬ ‫حا َ‬ ‫م َ‬
‫سه و ُ‬ ‫د ُُرو ِ‬
‫صن ََعه‪.‬‬‫ن يَ ْ‬ ‫جوز أبدا لحدٍ أ ْ‬ ‫ما ل ي َ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ِ‬

‫ضيف‪ِ " :‬من غير جمع " ِلليضاح‪.‬‬ ‫‪ُ-1‬أ ِ‬


‫ن البول ولذلك‬
‫سَتْبرئ ِم َ‬
‫ن سعد بن معاذ كان ل َي ْ‬
‫‪-2‬والسؤال‪-‬كما َوَرَد في المكالمة‪-‬هو‪ " :‬ما قول الشيخ في المروي أ ّ‬
‫ب في القبر ؟ "‪.‬‬
‫عّذ َ‬
‫ُ‬
‫‪155‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ض‬
‫ت الباطلة العاطلة أو إلى بع ِ‬ ‫ض الروايا ِ‬ ‫دوا إلى بع ِ‬ ‫ست َن َ ُ‬
‫على كل حال؛ ا ْ‬
‫الروايات التي ل علقة َلها ِبالموضوع أبدا‪.‬‬
‫ح عنه‪.‬‬ ‫ص ّ‬ ‫ما ل ي َ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ره رضوان الله عليه ما هو ِ‬ ‫ب إلى غي ِ‬ ‫س َ‬ ‫ت‪-‬ن ُ ِ‬ ‫وكذلك‪-‬كما قل ُ‬
‫شاعَ ذلك وَذاعَ وإن كان المر‬ ‫شَر و َ‬ ‫جَبانا وان ْت َ َ‬ ‫سان ‪ِ ‬بأّنه كان َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ب إلى َ‬ ‫س َ‬ ‫نُ ِ‬
‫ن ذلك ل ي َت ََناَفى مع‬ ‫منا صاِلحا ل ّ‬ ‫جَبانا ويكون مؤ ِ‬ ‫ن النسان قد َيكون َ‬ ‫ون ل ّ‬ ‫أه ْ َ‬
‫ت‪-‬ذلك ل‬ ‫جاعا ولكن‪-‬كما قل ُ‬ ‫ش َ‬ ‫طل ُ‬ ‫من أن َيكون ب َ‬ ‫الصلح ‪ ..‬نعم ي َن َْبغي ِللمؤ ِ‬
‫ض‬
‫ح عنه أبدا‪ ،‬وإّنما جاء في بع ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫سبوه إليه ل ي َ ِ‬ ‫ي َت ََناَفى مع اليمان ‪ ..‬ما ن َ َ‬
‫سانا كان ي َُرد ّ على أولئك‬ ‫ح ّ‬‫ن َ‬ ‫ن العجب أ ّ‬ ‫م َ‬ ‫صح‪ ،‬و ِ‬ ‫كة التي ل ت َ ِ‬ ‫كي َ‬ ‫الروايات الّر ِ‬
‫ن أولئك‬ ‫م ْ‬ ‫ركين ِبتلك القصاِئد الطّناَنة الرّناَنة وَلم ي ُعَّيره أحد ٌ ِ‬ ‫الكفرة المش ِ‬
‫ل ‪ ..‬هذا ل‬ ‫ة الستغل ِ‬ ‫ست َغَّلوه غاي َ‬ ‫المشركين ِبالجْبن فََلو كان صحيحا ل ْ‬
‫من أصِله فكيف‬ ‫طلِنه ِ‬ ‫جب أن َنحكم ب ِب ُ ْ‬ ‫صح ‪َ ..‬لو كان السناد ُ صحيحا ل َوَ َ‬ ‫يَ ِ‬
‫ح أبدا‪.‬‬ ‫ص ّ‬ ‫والسناد ل ي َ ِ‬
‫حه فالعلماُء اختَلفوا في التيان‬ ‫ضل ُْتم ِبطر ِ‬ ‫أما ِبالنسبة إلى السؤال الذي تف ّ‬
‫جر‪-‬‬ ‫ف ْ‬ ‫سّنة ال َ‬ ‫وتر و ُ‬ ‫ِبالسّنة الراتبة في حالة السفر بعد اّتفاِقهم على التيان ِبال ِ‬
‫ما بالنسبة‬ ‫وتر في ليلةِ المزدلفة والحقّ أّنه ي ُؤَْتى ِبه‪-‬أ ّ‬ ‫على كلم ٍ َلهم في ال ِ‬
‫دية في غير صلةِ الفجر فقد اختَلف العلماء‬ ‫قب ِْلية والب َعْ ِ‬ ‫إلى السنن الراتبة ال َ‬
‫في ذلك‪:‬‬
‫شاَء‬ ‫ما َ‬ ‫فل َ‬ ‫ن ي َت َن َ ّ‬
‫شَرع وإّنما ُيشَرع ِللنسان أ ْ‬ ‫ن ذلك ل ي ُ ْ‬ ‫ن ذهب إلى أ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫مْنهم َ‬ ‫ِ‬
‫فل المط َْلق‪.‬‬ ‫ن التن ّ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫فل ولو كان على راحلِته‪.‬‬ ‫ت عن النبي ‪ ‬أّنه كان ي َت َن َ ّ‬ ‫فقد ثب َ‬
‫سَلك طريقا في وقْت َِنا هذا في الطائرات أو في‬ ‫ن النسان إذا َ‬ ‫وأقول‪ :‬إ ّ‬
‫فل بل‬ ‫مت َِنع عن التن ّ‬ ‫ن يَ ْ‬‫السيارات إذا كان ل يستطيع على القيام ل ينبِغي له أ ْ‬
‫ولو كان يستطيع على القيام في غير السنن الراتبة وأما السنن الراتبة إن‬
‫ن ُيفّرط في ذلك‪ ،‬لكن ِبالنسبةِ إلى‬ ‫كان يستطيع أن َيقوم فل ينبِغي له أ ْ‬
‫ت‬‫ل ولو كان جاِلسا كما ثب َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ن َيتُرك ذلك‪ ،‬فل ْي ُ َ‬ ‫فل المطَلق ل ينبِغي له أ ْ‬ ‫التن ّ‬
‫صّلي حتى السنن‬ ‫كن أن ي ُ َ‬ ‫قه ُيم ِ‬ ‫ذلك عن النبي ‪ ‬بل إذا كان على طري ِ‬
‫ن آك َد ِ السنن حتى‬ ‫م ْ‬‫وتر وهو على راحلِته وهو ِ‬ ‫صّلى ال ِ‬ ‫الراتبة فالرسول ‪َ ‬‬
‫ل‬‫ل بعدم ِ الوجوب هو القو ُ‬ ‫جوِبه وإن كان القو ُ‬ ‫ض أهل العلم ب ِوُ ُ‬ ‫قال بع ُ‬
‫الصحيح الذي دّلت عليه السّنة الصحيحة عن النبي ‪. ‬‬
‫ق‬‫ل المطَلق فهو مشروع ِباّتفا ِ‬ ‫فّرقَ بْين المسألت َْين ‪ ..‬بْين النف ِ‬ ‫فإذن لبد أن ن ُ َ‬
‫ح السّنة وبْين السنن الراِتبة فهذه هي التي جاء فيها‬ ‫ري ُ‬ ‫ل عليه ص ِ‬ ‫مة وقد د َ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الخلف بْين أهل العلم‪:‬‬
‫ست َث ْن َي ْت ُ ُ‬
‫ه‬ ‫ن قال‪ :‬إّنه ل ي ُؤَْتى ِبشيءٍ منها ِباستثناء ما ا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ت‪َ -‬‬ ‫من ُْهم‪-‬كما قل ُ‬ ‫‪ِ -1‬‬
‫ن‬
‫حجُتهم في ذلك ما جاء عن ابن عمر في الصحيحْين وغيرهما أ ّ‬ ‫سابقا‪ ،‬و ُ‬
‫ن الرواتب‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫النبي ‪َ ‬لم َيكن يأِتي ِبشيٍء ِ‬

‫‪156‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل ابن‬‫دل َلهم ِبفع ِ‬ ‫ن ُيست َ‬ ‫كن أ ْ‬ ‫ض العلماء ذهب إلى أّنه ُيؤَتى ِبها؛ وُيم ِ‬ ‫‪-2‬وبع ُ‬
‫سن ّةِ المغرب بعد أن‬ ‫َ‬
‫ث إّنه أتى ب ِ ُ‬ ‫مسعود‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنه‪-‬حي ُ‬
‫صّلى المغرب في ليلةِ المزدلفة كما جاء ذلك في " صحيح البخاري "‪.‬‬
‫ن النبي ‪ ‬كان ُيصّلي ركعتْين‬ ‫ق البراء بن عازب أ ّ‬ ‫ن طري ِ‬ ‫م ْ‬‫ة ِ‬
‫ت رواي ٌ‬ ‫وقد جاء ْ‬
‫ت عنه صلوات الله‪-‬تبارك‬ ‫قبل فريضةِ الظهر ولكن هذه الرواية ل تثب ُ‬
‫وتعالى‪-‬عليه‪.‬‬
‫ل ِبعدم ِ التيان ِبالرواتب عندما َيكون‬ ‫ن المر َيسير‪ ،‬والقو ُ‬ ‫والحاصل أ ّ‬
‫قيما في‬ ‫م ِ‬
‫ن كان ُ‬ ‫النسان في السفر لعّله هو القرب إلى الصواب ‪ ..‬نعم َ‬
‫م ْ‬
‫دد الطويلة‬ ‫م َ‬‫كث اله ُ‬ ‫م ُ‬‫ن النبي ‪َ ‬لم ي َ ْ‬ ‫ره فإن أتى ِبالرواتب فذلك خْير ل ّ‬ ‫سف ِ‬
‫ث فيه عشرين يوما أو ما‬ ‫مْنها ما مك َ‬ ‫دد قصيرة ‪ِ ..‬‬ ‫م َ‬ ‫ت أسفاره ل ِ ُ‬ ‫وإّنما كان ْ‬
‫من السنن الراتبة‬ ‫ث النسان مد ّةً طويلة وأتى ِبشيٍء ِ‬ ‫شابه ذلك‪ ،‬فإذا مك َ‬
‫طريق أو يكون في أيام‬ ‫فل بأس عليه ِبمشيئة الله‪ ،‬أما عندما يكون ساِلكا ل ِ َ‬
‫ث ابن عمر‬ ‫ن الرواتب‪ ،‬فحدي ُ‬ ‫م َ‬‫ت ِبشيٍء ِ‬ ‫هر أّنه ل َيأ ِ‬‫مَنى أو َنحو ذلك فالظا ِ‬ ‫ِ‬
‫ن السنن‬ ‫م َ‬‫ت ِبشيٍء ِ‬ ‫ب إلى النبي ‪ ‬فيه أّنه َلم يأ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ث صحيح وقد ن َ َ‬ ‫حدي ٌ‬
‫سْبها إلى النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى‬ ‫الراتبة‪ ،‬أما رواية ابن مسعود فََلم ي َن ْ ِ‬
‫مل؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫حت َ ِ‬‫م ْ‬ ‫مُرها ُ‬‫آله وسلم‪-‬فأ ْ‬
‫حك ْ ُ‬
‫مها ؟‬ ‫جد في السّنة ؟ وما مشروعيتها و ُ‬
‫س‪ :‬أرجو ب ََيان أصل صلة الته ّ‬
‫خذ ذلك عادة ؟ وما وقتها ؟ وكم عدد الركعات ؟ وكيفية‬ ‫دى جماعة وي ُت ّ َ‬ ‫وهل ت ُ َ‬
‫ؤ ّ‬
‫أدائها ؟‬
‫صلي في الليل إحدى‬ ‫ت عن النبي ‪ ‬أّنه كان ي ُ َ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ الذي ثب َ‬
‫صّلي ثلثة عشرة ركعة‬ ‫ض الروايات أّنه كان ي ُ َ‬ ‫عشرة ركعة وجاء في بع ِ‬
‫ت في الحلقات الماضية‬ ‫والروايتان صحيحتان ول ت ََعاُرض بينهما كما قدم ُ‬
‫ح ب ِِهما‬ ‫ن النبي ‪ ‬كان ُيصّلي أّول ركعتْين ي َفْت َت ِ ُ‬ ‫حأ ّ‬ ‫ن الصحي َ‬ ‫ت‪ 1‬أ ّ‬
‫حيث ذكر ُ‬
‫َ‬
‫وهما ركعتان خفيفتان ُثم بعد َ ذلك ُيصّلي ركعتْين طويلتْين وهكذا إلى أ ْ‬
‫ن‬
‫رها‪،‬‬ ‫مت َعَد َّدة َيطول المقام ب ِذِك ْ ِ‬ ‫ت ُ‬
‫وتر كيفيا ٌ‬
‫ت ِلل ِ‬‫ُيوت َِر ِبركعةٍ واحدة‪ ،‬وقد جاء ْ‬
‫ن‬ ‫فهذا الذي كان َيفعُله النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولكّنه َ‬
‫كا َ‬
‫دا صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬فينبغي القتداُء ِبه صلوات الله‬ ‫ج ّ‬‫ل الصلة ِ‬‫طي ُ‬
‫يُ ِ‬
‫ن في‬ ‫لها النسا ُ‬ ‫ص ّ‬
‫ة َفل َبأس ِبذلك ولكن إَذا َ‬ ‫جماع ً‬ ‫صل َّيت َ‬
‫وسلمه عليه‪ ،‬فإذا ُ‬
‫جماعةِ المسلمين فذلك خي ٌْر ِبمشيئة الله‪-‬‬ ‫ي التراويح في َ‬ ‫بيِته بعد أن ُيصل ّ َ‬
‫ل في النوافل في غي ْرِ التراويح سواء كانت هذه‬ ‫ن الص َ‬‫تبارك وتعالى‪-‬ل ّ‬
‫صّلى في البيت؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫النوافل راتبة أو غير راتبة أّنها ت ُ َ‬
‫ن النوم في بعض الحيان قد‬ ‫من ُيصّلي هذه النوافل قبل أن َينام نظرا ل ّ‬
‫س‪َ :‬‬
‫خر الليل فيصليها قبل أن ينام العدد‬‫َيثقل عليه فل َيستطيع أن َيقوم في آ ِ‬
‫الذي ذكرُتم‪ ،‬هل َيحصل على نفس الجر فيما لو صلها في ِنهاية الليل ؟‬
‫ت ذلك في السّنة‬ ‫مزِّية كبيرة كما ثب َ‬
‫خير َ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ ِللثلث ال ِ‬
‫الصحيحة عن النبي ‪ ، ‬ولكن إذا كان النسان ل َيستطيع على القيام في‬
‫ذلك الوقت ولو في بعض الحيان لشغاِله وما شابه ذلك فل ْي َن ْوِ الني َ‬
‫ة الحسنة‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 5‬من حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 28‬أكتوبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪157‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن استطاع على القيام ِ فسَيفَعل ِبمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فإذا كان‬ ‫ِبأّنه إ ْ‬


‫ن َذلك‬
‫م ْ‬
‫من ََعه مانع ِ‬
‫وى النية الصاِدقة ولكن َ‬‫ن عادِته ون َ َ‬
‫م ْ‬
‫ذلك‪-‬أي القيام‪ِ -‬‬
‫ل العظيم ِبمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬كما جاء‬ ‫ض ِ‬‫صل على الف ْ‬ ‫ن َيح ُ‬
‫فعسى أ ْ‬
‫ض الروايات‪.‬‬ ‫ذلك في بع ِ‬
‫س‪ :‬ماذا ُيقرأ في السنن الرواتب ؟‬
‫ن‬‫ت في الماضي‪ِ 1‬بأ ّ‬ ‫سّنة الفجر فقد ذكر ُ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ أما ِبالنسبةِ إلى ُ‬
‫النبي ‪ ‬كان َيقرأ ُ فيها بعد َ " الفاتحة " سورة الكافرون في الولى و "‬
‫من سورة‬ ‫ُ‬
‫ة ِ‬ ‫ض الحيان آي ً‬ ‫الخلص " في الثانية‪ ،‬وكان‪-‬أيضا‪َ-‬يقرأ في بع ِ‬
‫خر الية ] ‪13‬‬ ‫مّنا ‪  ...‬إلى آ ِ‬ ‫البقرة وهي قوله تبارك وتعالى‪ُ  :‬قوُلوا آ َ‬
‫‪ ،2[ 6‬وأما ِبالنسبةِ إلى الركعةِ الثانية فكان َيقرأ ُ فيها الية الثانية والخمسين‬
‫من سورة آل‬ ‫من سورة آل عمران‪ ،3‬وفي روايةٍ أخرى‪ :‬الرابعة والستين ِ‬ ‫ِ‬
‫مل أو‬ ‫ُ‬
‫حت َ ِ‬
‫م ْ‬‫قَرأ هذه الية تارة والية الثانية تارة ‪ ..‬هذا ُ‬ ‫عمران ‪ ،‬وهل كان ي َ ْ‬
‫‪4‬‬

‫ن الرواية التي‬ ‫هر أ ّ‬ ‫هر عندي‪ ،‬فالظا ِ‬ ‫ن إحدى الروايتين ل ت َث ُْبت وهذا هو الظا ِ‬ ‫أ ّ‬
‫ة الولى‬ ‫ن الرواي َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ُ‬
‫شاذ وأ ّ‬ ‫من با ِ‬ ‫ِفيها أّنه كان َيقرأ الية الرابعة‪ 5‬والستين ِ‬
‫فجر‪.‬‬ ‫سّنة ال َ‬
‫هي الرواية الصحيحة ‪ ..‬هذا ِبالنسبةِ إلى ُ‬
‫َ‬
‫من السنن الّراتبة‪-6‬أّنه إذا أوْت ََر‬ ‫وتر‪-‬وهو وإن كان لْيس ِ‬ ‫وََثبت‪-‬أيضا‪-‬في ُ ال ِ‬
‫سّبح " والثانية ِبسورة الكافرون‬ ‫ب َِثلث كان َيقرأ في الولى ِبسورة " َ‬
‫والثالثة بسورة الخلص‪.‬‬
‫ض الروايات أّنه َيقرأ في الثالثة ِبه " الخلص " و " الفلق " و "‬ ‫وجاء في بع ِ‬
‫قين‪.‬‬ ‫ق ِ‬‫الناس " ولكن هذه الرواية فيها كلم كما هو ل َيخفى عند المح ّ‬
‫سنن الّراتبة الخرى فأنا َلم أ َط ِّلع على روايةٍ صحيحة‬ ‫وأما ِبالنسبة إلى ال ّ‬
‫ت عندي في‬ ‫ت التي ل َتثب ُ‬ ‫ض الروايا ِ‬ ‫ل على غيرِ ما ذكرُته وإّنما هنالك بع ُ‬ ‫ت َد ُ ّ‬
‫هذا الوقت‪.‬‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 3‬من حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫سى‬‫عي َ‬‫سى َو ِ‬ ‫ي ُمو َ‬ ‫ط َوَما ُأوِت َ‬
‫سَبا ِ‬‫ب َوال ْ‬ ‫حقَ َوَيْعُقو َ‬ ‫سَ‬
‫ل َوِإ ْ‬
‫عي َ‬
‫سَما ِ‬‫ل ِإَلى ِإْبَراِهيَم َوِإ ْ‬‫ل ِإَلْيَنا َوَما ُأنِز َ‬‫ل َوَما ُأنِز َ‬ ‫‪ُ -2‬قوُلوا آَمّنا ِبا ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫سِلُمو َ‬
‫ن َلُه ُم ْ‬‫حُ‬‫حٍد ّمْنُهْم َوَن ْ‬
‫ن َأ َ‬‫ق َبْي َ‬‫ل ُنَفّر ُ‬‫ن ِمن ّرّبِهْم َ‬ ‫ي الّنِبّيو َ‬
‫َوَما ُأوِت َ‬
‫ل آَمّنا ِبا ِ‬
‫ل‬ ‫صاُر ا ِ‬ ‫ن َأن َ‬‫حُ‬‫ن َن ْ‬‫حَواِرّيو َ‬
‫ل اْل َ‬
‫ل َقا َ‬
‫صاِري ِإَلى ا ِ‬ ‫ن َأن َ‬ ‫ل َم ْ‬
‫سى ِمْنُهُم اْلُكْفَر َقا َ‬ ‫عي َ‬‫س ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫‪-3‬قال ال تعالى‪َ  :‬فَلّما َأ َ‬
‫ن‪.‬‬ ‫سِلُمو َ‬‫شَهْد ِبَأّنا ُم ْ‬
‫َوا ْ‬
‫قال الشيخ‪ " :‬النعام " بدل ِمن " آل عمران " وهو سبق لسان نبه عليه في حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪10‬‬
‫نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫ي أنه‬
‫وقال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 2‬من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م (‪ " :‬لكن َبِق َ‬
‫ث إنه جاء في الروايِة‬ ‫َيحتاج إلى نظر هل كان الرسول ‪َ ‬يقرأ هذه الية ِبكامِلها أو أنه َيقرُأ الجزَء الخيَر منها ؟ حي ُ‬
‫خِر الية‪ ،‬فهل كان َيقرُأ ‪ :‬‬ ‫المروية عن الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪  :‬آَمّنا ‪ِ ..  ...‬من هذا إلى آ ِ‬
‫ن ‪ .. ‬هذا الجزء فقط بعد فاتحة الكتاب كما هو الظاِهُر ِمن الرواية أو أنه كان َيقرأ‬ ‫سِلُمو َ‬ ‫شَهْد ِبَأّنا ُم ْ‬
‫ل َوا ْ‬‫‪ ... ‬آَمّنا ِبا ِ‬
‫الية ِمن أّولها ؟ فهذا ُمحتِمل "‪.‬‬
‫‪-4‬قال الشيخ‪ " :‬النعام " بدل ِمن " آل عمران " وهو سبق لسان نبه عليه في حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪10‬‬
‫نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-5‬قال الشيخ‪ " :‬الثانية والستين " بدل ِمن " الرابعة والستين " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫ض أهل العلم‬ ‫ن آَكِد السنن‪ ،‬حتى قال بع ُ‬ ‫‪-6‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 4‬من هذه الحلقة‪ ،‬ص ‪ " :9‬الِوتر ‪ ...‬هو ِم ْ‬
‫ل الصحيح الذي دّلت عليه السّنة الصحيحة عن النبي ‪." ‬‬ ‫ل بعدِم الوجوب هو القو ُ‬ ‫جوِبه وإن كان القو ُ‬ ‫ِبُو ُ‬
‫‪158‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ت عن النبي ‪ ‬أّنه كان َيقرأ في الِعيدْين‬ ‫كذلك ِبالنسبة إلى غير الّراتبة ثب َ‬
‫ت‪" :‬‬ ‫سّبح " وفي الثانية ِبسورة الغاشية‪ ،‬وقل ُ‬ ‫في الّركعةِ الولى ِبسورةِ " َ‬
‫ض‬
‫سن ّي َةِ صلةِ الِعيد وبع ُ‬ ‫من َيقول ب ِ ُ‬ ‫ي َ‬
‫في غير الّراِتبة " هذا بناًء على َرأ ِ‬
‫ل قوي جدا‪.‬‬ ‫العلماء َيقول ِبوجوِبها وهو قو ٌ‬
‫خَريْين ‪ ..‬أي تارةً‬ ‫ُ‬
‫قَرأ في العيدين ِبسوَرت َْين أ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ض الروايات أّنه ي ُ ْ‬
‫َ‬ ‫وجاء في بع ِ‬
‫ل العلم ِبالرسال ولعّله هو‬ ‫ض أه ِ‬ ‫ه بع ُ‬ ‫وتارة ولكن ذلك الحديث قد أعَل ّ ُ‬
‫القرب إلى الصواب‪.‬‬
‫قَرأ في الولى '‬ ‫ض العلماء َقال‪ " :‬ي َ ْ‬ ‫واف بع ُ‬ ‫وكذلك ِبالّنسبة إلى صلةِ الط ّ َ‬
‫حة الحديث الواِرد ِبذلك‪،‬‬ ‫ص ّ‬
‫الكافرون ' وفي الثانية ' الخلص ' " ب َِناًء على ِ‬
‫حقيق‪.‬‬ ‫وإسناُده ضعيف على الت ّ ْ‬
‫رها‬‫ض السنن الّراِتبة وفي غي ِ‬ ‫ض السور في بع ِ‬ ‫ض العلماء بع َ‬ ‫ب بع ُ‬‫وََقد استح ّ‬
‫ل صحيح وإّنما‪:‬‬ ‫ولكن ذلك ل َيستِند إلى دلي ٍ‬
‫ض الِدلة التي ل َتثبت‪.‬‬ ‫على بع ِ‬
‫ض الثاِبت عن النبي ‪ ، ‬وفيه ما فيه‪.‬‬ ‫س على بع ِ‬ ‫أو على القيا ِ‬
‫ض المناسبات كصلةِ الستخارة قال‬ ‫أو على وجه الستحسان كمراعاةِ بع ِ‬
‫ض العلماء‪ " :‬يقرأ بعض اليات التي ت َت ََناسب مع ذلك "‪ ،‬وهكذا ِبالنسبة‬ ‫بع ُ‬
‫ضهم‪ " :‬يقرأ بعض اليات التي تتناسب مع‬ ‫إلى صلةِ الستسقاء قال بع ُ‬
‫ل ِبه المقام جدا جدا‪.‬‬ ‫ما َيطو ُ‬ ‫م ّ‬ ‫المقام " إلى غيرِ ذلك ِ‬
‫ت‬‫دنا أن ن ُب َّين الثاِبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولس ُ‬ ‫ص ُ‬‫وَقَ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫جودِ‬‫دم وُ ُ‬
‫رها ل ِعَ َ‬ ‫أِريد الن أن أذكر هل الْولى أن َيأِتي ِبتلك السور أو ِبغي ِ‬
‫خر ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫مآ َ‬‫الدليل ‪ ..‬لكن ما هو الْولى ؟ ِلذلك كل ٌ‬
‫عْبدي ‪ ( ...‬؟‬
‫ي َ‬
‫ب إل ّ‬ ‫ما ت َ َ‬
‫قّر َ‬ ‫سير الحديث ‪ ) :‬و َ‬
‫س‪ :‬ما َتف ِ‬
‫ن المقام َيطول‬ ‫في ل ّ‬ ‫ت الن ل َيك ِ‬ ‫ن الوق َ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا الحديث‪-‬أظ ّ‬
‫عليه جدا جدا‪-‬أّول العلماء قد اختَلفوا في ث ُُبوِته‪:‬‬
‫ن هذا الحديث ل ي َث ُْبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫جد في " صحيح البخاري "‪.‬‬ ‫وعلى آله وسلم‪-‬وإن كان ُيو َ‬
‫ددة ي َ ُ‬
‫شد ّ بعضها‬ ‫من ط ُُرق متع ّ‬ ‫ن هذا الحديث قد جاء ِ‬ ‫من قال ِبأ ّ‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬
‫قي الحديث ِبمجموعها إلى درجة القبول ولسيما في مثل هذا‬ ‫بعضا فَي َْرت َ ِ‬
‫الباب‪.‬‬
‫ت ِبمجموع تلك الط ُّرق‪.‬‬ ‫ث قابل ِللثبو ِ‬ ‫ن الحدي َ‬ ‫ت ِبأ ّ‬ ‫‪1‬‬
‫وقد قل ُ‬
‫من َيتقّرب إلى الله‪-‬تبارك‬ ‫ل َ‬
‫ة عن فض ِ‬ ‫ث ك َِناي َ ٌ‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬ذلك في الحدي ِ‬
‫من‬ ‫ط ذلك فقد َتكّلم عليه غيُر واحدٍ ِ‬ ‫س ُ‬ ‫وتعالى‪-‬بالّنفل وَعُل ُوّ مْنزلِته‪ ،‬أ ّ‬
‫ما ب َ ْ‬
‫ث قال‪ " :‬جاء عنه‬ ‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م ( حي ُ‬
‫صلوات ال وسلمه عليه أنه قال‪َ ) :‬من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب‪ ،‬وما َتقّرب إلي عبدي بشيء أفضل ِمّما‬
‫سمَعه الذي َيسمع به‪ ،‬وبصَره الذي‬
‫ت َ‬‫افترضُته عليه‪ ،‬وما يزال عبدي َيتقّرب إلي بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإن أحببُته كن ُ‬
‫طش بها‪ ،‬وِرجَله التي َيمشي بها‪ ،‬وإن سألني ‪ ( ...‬إلى آخر الحديث‪ ،‬وهو وإن كان قد تكلم فيه‬ ‫صر به‪ ،‬ويَده التي َيب ِ‬
‫ُيب ِ‬
‫بعض العلماء إل أنه قد جاء ِمن طرق أخرى َيشّد بعضها بعضا فَيرتقي بذلك الحديث إلى درجة الَقبول ‪ ..‬هذا الذي نراه‬
‫في هذا الحديث "‪.‬‬
‫‪159‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ط ذلك‪ ،‬فلعّلنا َنتكّلم عليه في‬


‫س ِ‬ ‫ن المقام ل ي َك ْ ِ‬
‫في ل ِب َ ْ‬ ‫ل العلم‪ ،‬وأرى أ ّ‬
‫أه ِ‬
‫مناسبةٍ أخرى في هذه الدروس ِبمشيئة الله تعالى‪.1‬‬
‫ضحى أم هي صلة واحدة ؟‬
‫ة ال ّ‬
‫سن ّ ِ‬
‫ة الشروق و ُ‬
‫سن ّ ِ‬
‫هل هناك فرقٌ بْين ُ‬
‫س‪َ :‬‬
‫مَيت‬‫س ّ‬
‫دمها النسان ُ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ هي صلة ٌ واحدة‪ ،‬وإّنما إذا ق ّ‬
‫ت هذه الصلة‬ ‫ميت ِبصلة الضحى‪.‬ووق ُ‬ ‫س ّ‬
‫خَرها ُ‬ ‫شُروق عند الناس وإذا أ ّ‬ ‫ِبال ّ‬
‫ض العلماء‬ ‫مح إلى زوال الشمس‪ ،‬وبع ُ‬ ‫فع الشمس ِبمقدارِ قيد ُر ْ‬ ‫بعد َ أن ت َْرت َ ِ‬
‫من أن‬ ‫ن المعنى واحد أّنه لبد ِ‬ ‫ما قبل الزوال‪ ،‬والمُر قريب ل ّ‬ ‫َيقول إلى َ‬
‫ل‬‫ت النهي َيدخل ِبزوا ِ‬ ‫ن وق َ‬ ‫ل الشمس وهذا بناء على أ ّ‬ ‫ل زوا ِ‬ ‫َينتهي منها قب َ‬
‫وة الك ُب َْرى‪ ،‬ولكن القول الول‬ ‫ح َ‬
‫ض ْ‬‫من َيقول إّنه َيدخل بال ّ‬ ‫الشمس‪ ،‬ومنهم َ‬
‫ن الفضل أن َيأِتي ِبها‬ ‫يأ ّ‬ ‫ق َ‬ ‫هو القول الصحيح‪ ،‬فإذن وقُتها ما ذكرُته ولكن ب َ ِ‬
‫من الّنهار فصاعدا ‪ ..‬هذا‬ ‫من ِنهاية الّربع الّول ِ‬ ‫شت َد ّ الحرارة وذلك ِ‬ ‫عندما ت َ ْ‬
‫سير ِبمشيئة الله تبارك‬ ‫كن فالمر ي َ ِ‬ ‫من َلم َيتم ّ‬‫ما َ‬ ‫كن‪ ،‬أ ّ‬ ‫م ّ‬‫من ي َت َ َ‬ ‫هو الفضل ل ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ت أحاديث كثيرة عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫وتعالى ‪ ..‬هذا وقد وََرد َ ْ‬
‫ضل هذه الصلة ‪ ..‬أمر ِبها بعض أصحاِبه رضي الله‪-‬تبارك‬ ‫وسلم‪-‬على ف ْ‬
‫ض الحيان على‬ ‫َ‬ ‫وتعالى‪-‬عليهم‪ ،‬ول َينبِغي ِللّناس أن ي ُ َ ُ‬
‫فّرطوا فيها وَلو في بع ِ‬ ‫ِ‬
‫دير‪.‬‬ ‫ل َتق ِ‬‫أ َقَ ّ‬

‫صّلي‬ ‫من ُيصّليها ثلثا ِبدون فاصل ومنهم َ‬


‫من ي ُ َ‬ ‫س‪ :‬الوتر والشفع منهم َ‬
‫صّلي بعدها ركعة‪ ،‬فهل كل ذلك جائز أم هناك الفضل ؟‬ ‫ركعتْين وي ُ َ‬
‫ة ثالثة ‪ ..‬أي بعد‬‫صّلي ركع ً‬ ‫سّلم ثم ي ُ َ‬ ‫ي النسان ركعتين وي ُ َ‬ ‫صل ّ َ‬
‫ج‪ :‬الفضل أن ي ُ َ‬
‫التسليم‪.‬‬
‫ل ِبالتسليم‪.‬‬‫ص َ‬
‫ف ِ‬
‫من غْير أن ي َ ْ‬ ‫صّلي ثلث ركعات ِ‬ ‫وبعض العلماء يقول‪ :‬ي ُ َ‬
‫س بعد‬‫من غْير أن َيجل َ‬ ‫ي ثلثا ِ‬ ‫صل ّ َ‬
‫وبعضهم‪-‬أيضا‪َ-‬يأتي ِبكيفيةٍ ثالثة وهو أن ي ُ َ‬
‫الركعة الثانية ‪َ ..‬يقوم بعد الركعة الثانية كما يقوم بعد الركعة الولى وَيأتي‬
‫سّلم‪.‬‬ ‫ِبالركعة الثالثة وَيقرأ بعد ذلك التشّهد وي ُ َ‬
‫والّول أفضل؛ والله أعلم‪.‬‬
‫صل ّ َ‬
‫ي السّنة أربع ركعات بدون فاصل ؟‬ ‫س‪ :‬هل له أن ي ُ َ‬
‫ل ِبالسلم‪ " :‬صلةُ الليل مثنى مثنى " وهو‬ ‫ص َ‬‫ف ِ‬
‫ما في الليل فالسّنة أن ي َ ْ‬ ‫ج‪ :‬أ ّ‬
‫ن هذا‬
‫من الفصل‪ ،‬ل ّ‬ ‫حديث صحيح ثابت عن النبي ‪ ، ‬فإذن في الليل لبد ِ‬
‫هو الثابت‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى النهار فاختلف العلماء في الفضل‪:‬‬
‫ل النسان ‪ ..‬أي ي ُسّلم بعد َ الركعتين ا ُ‬
‫لول َي َْين ثم‬ ‫ص َ‬
‫ف ِ‬‫ل أن ي َ ْ‬‫ض ُ‬
‫ف ّ‬‫من ي ُ َ‬
‫َ‬ ‫منهم َ‬
‫َيأتي ِبركعتْين وهكذا‪.‬‬
‫صل ‪ ..‬أي َيأتي ِبأربع ركعات متتاِبعات‬ ‫ن الفضل الو ْ‬ ‫من َيقول‪ :‬إ ّ‬ ‫ومنهم َ‬
‫كفريضة الظهر والعصر والِعشاء‪.2‬‬

‫‪-1‬وقد تّم ذلك‪-‬بحمد ال تعالى‪-‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 10‬نوفمبر‬
‫‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-2‬قال الشيخ‪ " :‬والمغرب " بدل ِمن " والِعشاء " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪160‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ُ‬
‫من شاء‬
‫رها‪ ،‬ف َ‬‫ق أدلة‪ ،‬ل أطيل المقام ب ِذِك ْ ِ‬ ‫والكلم في الفضل‪ ،‬وِلك ّ‬
‫ل فري ٍ‬
‫صل‪.‬‬ ‫من أهل العلم الو ْ‬ ‫أتى بهذا أو بهذا‪ ،‬والمشهور عند كثير ِ‬
‫)‪ (6‬حكم صلة سنة المغرب مع من يصلي فريضة المغرب ‪:‬‬
‫س‪ :‬جماعة تصلي المغرب فدخل معهم رجل يصلي سنة المغرب فصلها‬
‫ثلث ‪ ،‬فما حكمه ؟‬
‫ج‪ :‬أقول ‪ :‬سنة المغرب ركعتان ‪ ،‬والولى لهذا الشخص أن يعيد سنة المغرب لنها سنة‬
‫مؤكدة ‪ ،‬وقد اختلف العلماء في جواز صلة السنة خلف من يصلي المغرب ‪ ،‬فذهبت طائفة‬
‫إلى المنع من ذلك ‪ ،‬نظرا ً إلى أن السنة ل يمكن تأديتها بثلث ركعات إذ لم يثبت ذلك عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وذهبت طائفة إلى الجواز وقالوا عليه أن يسكت عند قراءة‬
‫المام للتشهد الثاني ثم يأتي بركعة رابعة ‪ ،‬وذهبت طائفة إلى أنه يصلي معه ركعتين ثم‬
‫ينتظر المام ثم يسلم عندما يسلم المام ‪ ،‬وأجاز آخرون له أن يسلم قبل سلم المام ‪،‬‬
‫وذهبت طائفة من العلماء إلى جواز التنفل بثلث ركعات وهذا القول صائب بالنظر إلى من‬
‫يصلي خلف من يصلي المغرب ‪ ،‬أما بالنظر إلى سنة المغرب فليس له أن يصليها خلف من‬
‫يصلي المغرب وذلك لنها سنة مؤكدة وهي ركعتان ‪ .‬والله أعلم ‪.‬‬

‫)‪ (7‬حكم التنفل بعد صلة الوتر ‪:‬‬


‫س‪ :‬ما حكم التنفل بعد صلة الوتر ؟‬
‫ج‪ :‬اختلف العلماء في التنفل بعد صلة الوتر ‪ ،‬فذهب الكثر إلى كراهية ذلك ‪ ،‬وهو الذي‬
‫نص عليه أكثر أصحابنا كما ذكر العلمة أبو نبهان‪ -‬رحمه الله تعالى‪ ،-‬وذهبت طائفة أخرى‬
‫إلى القول بجوازه ‪ ،‬وذهب بعض المحققين بالقول بالمنع وهو الذي يقتضيه كلم نور الدين‪-‬‬
‫رحمه الله تعالى‪ -‬في "جوهره" فإنه بعد ما تكلم على الوقات التي تكره الصلة فيها قال‪:‬‬
‫وبعضهم لم ير هذا حجرا‬ ‫كذاك بعد أن تصلي الوترا‬

‫فل أرى الجواز عند المنع‬ ‫والمصطفى أدرى بحكم الشرع‬

‫يصلي ما يشاء ويوترن‬ ‫فمن أراد يتنفلن‬

‫وذلك من فعل ختام الرسل‬ ‫ويجعل الوتر ختام العمل‬

‫ما ظهر الصواب والبطلن‬ ‫صلى عليه ربنا المنان‬

‫وذلك أن ثبت في الصحيحين وغيرهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال‪) :‬اجعلوا آخر‬
‫صلتكم وترا( ولكن جاءت رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين جالسا‬
‫بعدما أوتر ‪ ،‬وهذه الرواية أول قد اختلف فيها من جهة إسنادها " هل صحيحة أو ضعيفة ؟ ثم‬
‫هذا النهي عام وتلك الرواية خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وهناك أيضا ً هل المخاطب‬
‫داخل عموم خطابه أو ل ؟ فينبغي ترك التنفل بعد صلة الوتر بغض النظر عن القول بحرمة‬
‫ذلك أو كراهيته ‪ ،‬فإن الله سبحانه وتعالى ل يعبد بالمكروه‪ ،‬وإن قيل بجواز مكروه ‪ ،‬وهذا‬
‫كله إذا لم يرقد النسان بعد الوتر ‪ ،‬أما إذا رقد ولو قليل فل مانع من ذلك ‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‪ :‬ما حكم صلة التراويح ؟‬


‫من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ هي سّنة ِ‬
‫ث النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬على قيام شهر رمضان‬ ‫ح ّ‬ ‫وسلم‪ ،‬فقد َ‬
‫من ذنبه (‪،‬‬‫دم ِ‬ ‫فَر له ما تق ّ‬‫من قام رمضان إيمانا واحتسابا غُ ِ‬ ‫المبارك‪َ ) :‬‬
‫صّلى‪-‬صلوات الله‬ ‫والحديث صحيح ثابت عنه صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وقد َ‬
‫من المؤمنين‬ ‫وسلمه عليه‪-‬في مسجده الشريف وصّلت خلفه جماعة كبيرة ِ‬
‫ُثم امتنع‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬عن الخروج إليهم لمرٍ وقع الخلف فيه‪:‬‬
‫ض عليهم‪ ،‬كما جاء ذلك في حديث‬ ‫ن ذلك خشية أن ُيفت ََر َ‬‫ذهب بعضهم إلى أ ّ‬
‫السيدة عائشة رضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنها‪.‬وبعضهم اعترض على ذلك‪.‬‬
‫فق عليه‪.‬‬ ‫ن القيام أمر مت ّ َ‬ ‫م طويل عريض‪ ،‬والحاصل أ ّ‬ ‫وفي ذلك كل ٌ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬ ‫وكذلك ينبِغي أن َيكون في الجماعة‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫ن‬
‫مرٍ رآه صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬ثم إ ّ‬ ‫صلى ِبه أّول وإنما تركه ل ْ‬
‫المسلمين قد اجتمعوا في خلفةِ عمر بن الخطاب‪-‬رضي الله تبارك وتعالى‬
‫ماعة‪ ،‬فل ينبغي التفريط فيه؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ج َ‬ ‫عنه‪-‬وصلوا َ‬

‫‪‬ثامنا ‪ :‬أحكام القضاء والعادة‪‬‬


‫س‪ :‬ما الفرق بين البدل والقضاء ؟ وما حكم من لم ينو قضاء ول أداء لصلته‬
‫؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫البدل ‪ :‬هو إعادة تلك العبادة ‪.‬‬
‫‪-‬أما القضاء ‪ :‬فهو إعادة تلك العبادة بعد خروج وقتها المقرر لها شرعا ً‬
‫فالقضاء يكون بعد خروج الوقت فمثل ً للظهر وقت فإذا خرج الوقت وأتى‬
‫بها النسان بعد خروج الوقت فإن ذلك ُيعد قضاء سواء أداها أول ً ولكن على‬
‫وجه ل تصح به بأن يكون أداها بغير طهارة في موضع ل تصح الصلة فيه أو‬
‫ما شابه ذلك وهو طبعا ً قادر على أن يأتي بها بالطهارة وفي موضع تصح‬
‫فيه الصلة أما إذا كان غير قادر في ذلك الوقت إل أن يأتي بها في ذلك‬
‫الوقت فإنه ل يشرع في حقه القضاء كذلك أن لو كان ناسيا ً لها أو كان‬
‫نائما ً عنها أو كان متعمدا ً لتركها وأنني بها بعد خروج الوقت المقرر لها‬
‫شرعا ً فإن ذلك يسمى قضاء ‪.‬‬
‫‪ -‬وأما البدل فالظاهر أنه العادة أي التيان بذلك العقل مرة ثانية ويستعمل‬
‫أيضا ً أن يأتي النسان بشيء عوض عن آخر ‪ ..‬أما إن أتى بصلة في غير‬
‫وقتها ولم ينو أن ذلك قضاء لتلك الصلة فالذي يظهر لي في هذا الوقت أن‬
‫صلته صحيحة وإن كان كثيرا ً من أهل العلم يذكرون من انه لبد من أن‬
‫يعين المصلي تلك العبادة قضاء أو أداء ‪ ..‬ولكن في الغالب أن النسان‬
‫يكون مستحضرا ً إما أن تكون تلك الصلة في وقتها ‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل نسي أن يصلي إحدى الصلوات ثم تذكرها وقد وجبت الصلة التي‬
‫تليها ‪ .‬فكيف له أن يعيدها ؟‬
‫‪162‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ولو أن هذه الصلة المنسية كانت صلة الظهر‪ ،‬وتذكرها وقد وجبت صلة‬
‫العصر والجماعة قائمة‪ .‬فكيف تكون صفة إعادة صلة الظهر في هذه الحالة‪،‬‬
‫علما بأنه ل صلة بعد صلة العصر حتى وجوب صلة المغرب؟‬
‫الجواب ‪ /‬يصلي أول الظهر ثم يستدرك مع الجماعة إن أمكن هذا إذا‬
‫تذكرها قبل العصر وأما إذا تذكرها بعد العصر فليصلها في ذلك الوقت‬
‫والقضاء ل يدخل في النهي والله تعالى أعلم‬
‫س‪ :‬من نام عن صلة أو نسيها هل يصلها قضاء أو أداء ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ثبت في الحديث أنه صلوات الله وسلمه عليه قال‪" :‬من نام عن صلة أو‬
‫نسيها فليصلها متى ذكرها فذلك وقتها "‪.‬‬
‫فظاهر هذا الحديث يدل أن ذلك الوقت وقت لدائها وليس وقتا لقضائها‬
‫وهو قول أكثر أهل العلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬فاتته صلة الوتر وفي اليوم الثاني عندما كان يصلي مع المام صلة‬
‫جل الوتر الحالية‬
‫التراويح صلى معه الوتر بعد التراويح ‪ ..‬الوتر التي فاتته وأ ّ‬
‫إلى آخر الليل ؟‬
‫ج‪ :‬ل شيء عليه‪.‬‬
‫أّول‪-‬وقبل كل شيء‪-‬اختلف العلماء فيمن نسي الوتر‪ ،‬هل يشرع له أن يقوم‬
‫بقضائه أو ل ؟‬
‫فذهب بعض العلماء إلى أنه يشرع له القضاء‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إلى أنه ل يشرع له القضاء‪.‬‬
‫والقول الول أحوط وأسلم‪ ,‬وما فعله هذا الشخص ل شيء فيه عليه إن‬
‫شاء الله تعالى؛ والله أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم الذان والقامة في صلة القضاء ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ل شك أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عندما نام هو وصحابته‬
‫الكرام رضوان الله تعالى عليهم أمر مؤذنه بأن يؤذن وأمره بالقامة فأقام‬
‫لتلك الصلة وصلوا بإذان وإقامة وما دامت السنة قد وردت بذلك فعلينا أن‬
‫تلتزم سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نعم النسان إذا كان‬
‫بمفرده وقد ترك صلوات كثيرة أو ما شابه ذلك فيقيم لكل صلة ول داعي‬
‫أن يؤذن لكل صلة ‪.‬‬
‫س‪ :‬فيمن فاتتة صلة وحضرت الصلة المكتوبة فهل له أن يصليها بين الذان‬
‫والقائمة ؟‬
‫ج‪ :‬نعم يصليها في ذلك الوقت وليس له أن يؤخرها حتى يأتي للصلة الحاضرة بل لبد أن‬
‫قدم الصلة الفائتة إل في حالة واحدة وهي إذا ما خاف أن تفوته الصلة الحاضرة مثل ً إذا‬ ‫ي ّ‬
‫تذكر صلة العشاء في وقت صلة الفجر ولم يبق لوقت الفجر ما يتسع لصلة العشاء‬
‫دم الصلة الحاضرة ويقضي‬ ‫وصلة الفجر بل يتسع لحدى الصلتين فإنه في هذه الحالة يق ّ‬
‫الصلة الفائتة بعد طلوع الشمس وبالتحديد بعد أن ترتفع قليل ً أما إذا كان هنالك وقت يتسع‬
‫للصلتين معا ًَ فإنه يأتي أول ً بالصلة الفائتة وبعد ذلك يأتي بالصلة الحاضرة والله تبارك‬
‫وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪‬تاسعا ‪:‬فتاوى عامة في الصلة‪‬‬


‫س‪ :‬التنكيس في القراءة في الصلة كأن يقرأ في الركعة الولى سورة‬
‫الخلص ثم الركعة الثانية وسورة متقدمة عليها كالكافرون‪" ...‬‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫هذه المسألة من حيث الجواز جائز ‪ ..‬ولكن اختلف العلماء فيها من‬
‫حيث الكراهه أو من حيث الولى ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه ل‬
‫شيء عليه في ذلك ‪ .‬وذهبت طائفة من اهل العلم إلى القول بأن ذلك من‬
‫المكروهات والذين رأوا بالجواز احتجوا ببعض الروايات ولكن الخرين‬
‫لعلهم لم يروا تلك الروايات أو أنهم حمولها قبل ترتيب القرآن ول شك أن‬
‫الخروج من الخلف أولى ‪.‬‬
‫وأيضا ً المام قد قدمته الجماعة واختارته لهم أمور دينها فينبغي له أن ل‬
‫يوقع البلبله والشك في قلوب بعض أولئك الذين يصلون خلفه أما من حيث‬
‫الجواز والقول بعدم الكراهه فل نرى كراهة في ذلك ‪.‬‬
‫ولكن أيضا ً ل ينبغي أن يكثر من ذلك على أن بعض العلماء ل يرى هذا من‬
‫باب التنكيس وإنما يرى التنكيس أن يقرأ في الركعة الولى جزءا ً من‬
‫السورة ثم يقرأ في الثانية جزءا ً متقدما ً على ذلك كأن يقرأ في الولى "‬
‫آمن الرسول بما أنزل إليه ويقرأ في الركعة الثانية مثل ً "آية الكرسي" ‪.‬‬
‫وبعض العلماء يرى التنكيس أن يقرأ في الركعة لواحدة سورتين تكون‬
‫متأخرة والثانية متقدمة كأن يقرأ الخلص ثم يقرأ آية الكرسي أو يقرأ‬
‫سورة الكافرون مثل ً ‪.‬‬
‫ولكن المر الول من هذين المرين أشد هو أن يقرأ أول ً آية من السورة ثم‬
‫يقرأ في الركعة الثانية آية متقدمة عليها وإن كان طبعا ً ذلك ل يفضي إلى‬
‫القول بالحرمة ‪.‬‬
‫س‪ :‬شخص كان يصلي المغرب والعشاء ل يقرأ في الركعتين الوليتين سورة‬
‫‪.‬‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫صلته الماضية صحيحة ‪..‬لن طائفة من أهل العلم يقولون بعدم وجوب‬
‫القراءة الزائدة علي الفاتحة‬
‫س‪ :‬ما هو القول الراجح في الصلة الوسطى ؟‬
‫الجواب ‪ /‬القول الراجح فيها أنها صلة العصر ‪ ،‬والدلة على ذلك كثيرة ل‬
‫تتسع هذه العجالة لبسطها‪ .‬والله تعالى أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬يخرج منه الدم في أغلب يومه ‪ ..‬إذا كان هذا الدم يخرج من فمه‬
‫باستمرار‪ ،‬فكيف تكون صلته ؟‬
‫ج‪ :‬ليس له أن يبتلع شيئا من ذلك الدم‪ ،‬بل عليه أن يقوم بإخراجه ولو كان‬
‫في الصلة بأن يجعل شيئا من الواني عن شماله ‪ ..‬أي عن يده الشمال‬
‫ويبصق ذلك من غير أن يخرج صوتا؛ والله أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل له أن يأخذ منديل ليبصق فيه إذا كان يصلي في المسجد مثل ؟‬
‫‪164‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج‪ :‬نعم‪ ,‬له ذلك‪.‬‬


‫س‪ :‬سورة العلق وسورة النشقاق‪ ،‬تجب فيها سجدة ؟‬
‫ج‪ :‬في ذلك خلف بين أهل العلم؛ والقول الصحيح الراجح أنهما تشرع‬
‫فيهما السجدة‪ ،‬لدلة متعدّدة من سّنة رسول الله صلى الله وسلم وبارك‬
‫ت تلك الدلة في جواب مكتوب‪ ،‬وبإمكان الخ السائل وغيره‬ ‫عليه‪ ،‬وقد ذكر ُ‬
‫أن ي ّ‬
‫طلع عليه‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إلى تكرار الية أو السورة من أجل الحفظ فقد قدمنا أنه‬
‫يمكن أن يكتفي بالسجود في المرة الولى؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تصح صلة المام إذا قرأ سورة فيها سجدة ولم يسجد ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫اختلف أهل العلم في المام إذا قرأ سجدة هل يسجد لها وهو في الصلة ‪.‬‬
‫ذهب بعضهم أنه ل يأتي بالسجدة بل يؤخره إلى أن يسلم سواء في فريضة‬
‫أو نافلة ‪.‬‬
‫وذهب طائفة من أهل العلم إلى إنه يأتي بسجود التلوة في ذلك الوقت أي‬
‫في الصلة كانت الصلة فريضة أو نافلة وهذا القول هو القول الصحيح لنه‬
‫هو الذي دلت عليه السنة فالصحيح أن يأتي بسجود التلوة سواء كانت‬
‫الصلة فريضة أو نافلة ولكن من تركه نسيانا ً أو جهل ً أو حتى تركه وهو‬
‫يعرف الحكم فل شيء عليه لن السجود ليس بواجب على الصحيح وما دام‬
‫المر كذلك فل شيء عليه ‪.‬‬
‫س‪ :‬من قرأ السجدة في وقت تحرم في الصلة ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ل يسجد في ذلك الوقت‬
‫س‪ :‬شخص جمع بين لفظ الصلة البراهيمية ولفظ آخر من اللفاظ التي‬
‫فيها الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في التشهد الخير من‬
‫الصلة ‪.‬‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ل ينبغي لحد أن يأتي بألفاظ متعددة يأتي بلفظ واحد له وهو الصلة‬
‫بالبراهيمية فإن هذا أفضل‪ .‬بعض العلماء يأتي بصلة مختصرة كان يقول‬
‫مثل صلى الله عليه وسلم بعد أن يذكر النبي صلوات الله وسلمه عليه‬
‫وبعضهم يختار أن يأتي بالصلة البراهيمية ول شك أن الفضل أن يأتي‬
‫بالصلة البراهيمية ‪ ،‬لن ذلك هو الثابت فقد سأل النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قيل له ‪ :‬إن الله أمرنا أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك بعد أن‬
‫قيل له فأجابهم بصلة البراهيمية الشهيرة كما ذكرنا فالفضل والولى أن‬
‫يأتي النسان في التشهد الثاني من صلته في الصلة البراهيمية كما ثبتت‬
‫عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ول ينبغي له أن يزيد شيئا ً من‬
‫اللفاظ الخرى من الصلة لنه يكفي للنسان أن يأتي بالصلة مرة واحدة‬
‫في التشهد الخير ول ينبغي له أن يزيد والله تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم القامة للنساء ؟‬
‫‪165‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫أنا ما وجدت دليل يمكن أن أعتمد عليه ولكن العلماء اختلفوا منهم من‬
‫يقول المرأة ل تشرع في حقها القامة ومنهم من يقول تقيم فهي كالرجل‬
‫ن المرأة‬‫إل ما دل الدليل على عدم مشروعية في حقها والدليل دل على أ ّ‬
‫ل تجهر بالقامة كما يجهر الرجل عندما يقيم للجماعة أما القامة فإنها تأتي‬
‫ت دليل يدل على عدم مشروعيتها في حقها ‪.‬‬ ‫بها إذ لم يأ ِ‬
‫وبعضهم يقول تقيم ولكن ل تأتي بقول حي على الصلة حي على الفلح قد‬
‫ن هذا نداء للصلة وليست من اللفاظ التي يتعبد بذكرها‪..‬‬ ‫قامت الصلة ل ّ‬
‫وإذا أتت بها المراة فل حرج عليها على رأي بعض أهل العلم ‪.‬‬
‫قضية قد قامت الصلة في القامة بعضهم يقول قد قامت الصلة وأدامها‬
‫واستدلوا على ذلك بحديث مروي عن النبي صلى الله عليه وعلى وآله‬
‫وسلم ولكنه حديث ضعيف على الصحيح بل بعض العلماء قال ل تشرع‬
‫متابعة المقيم ‪ ..‬وفي الحقيقة لم أجد دليل ً صحيحا ً ثابتا ً يدل على متابعة‬
‫المقيم ولكن بعض العلماء يأخذ ذلك من متابعة الذان من باب "بين كل‬
‫أذانين صلة " فيجعل القامة أذانا ً ثانيا ً كما في هذه الرواية ‪ ..‬فالحاصل‬
‫على رأي من يقول بالمتابعة ل يقول أقامها الله وأدامها يمكن أن يقول ل‬
‫حول ول قوة إل بالله وبعضهم يقول يتابع على حسب ما يقول ذلك‬
‫المقيم ‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل يصلي منفردا ً وبعد أن كّبر تكبيرة الحرام سواء كان ذلك بعد ركعة‬
‫ت بالقامة ؟‬
‫أو ركعتين أو أكثر أو أقل تذكر بأنه لم يأ ِ‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫إذا كان هناك عذر فأقام النسان وصلى منفردا ً ونسى القامة كما قلت أو‬
‫ت بها أحد منهم ثم تذكروا بعد ذلك أي بعد‬‫نسيتها الجماعة أيضا ً لم يأ ِ‬
‫تكبيرة الحرام فإنه ل شيء عليه بمشيئة الله تبارك وتعالى ‪ ..‬وصلتهم تلك‬
‫التي أتوا بها من غير إقامة صحيحة ول يشرع في حقهم سجود السهو على‬
‫الصحيح الراجح ‪.‬‬

‫ل لصلة مفترضين ؟‬ ‫س‪ :‬هل تجوز إقامة متن ّ‬


‫ف ٍ‬
‫ن المتنفل ل تشرع في حقه القامة على المشهور وتجوز‬ ‫الجواب ‪ /‬ل ل ّ‬
‫إمامة المتنفل على الصحيح بالمفترضين كما دل عليه الحديث ‪.‬‬
‫حسبك أن تتبع المختارا وإن يقولوا خالف الثارا‬
‫ومالنا التنقير والجدال‬ ‫تعبدا علينا المتثال‬
‫س‪ :‬من اكتفى بقراءة البسملة بعد فاتحة الكتاب مع أنه تحفظ شيئا من‬
‫كتاب الله ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬

‫‪166‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل ينبغي ذلك ‪ .‬ما وجدنا عن النبي صلى عليه وعلى آله وسلم أنه اكتفى‬
‫بذلك ول عن الصحابة ولعن غيرهم أنهم اكتفوا بذلك فما الداعي إلى ذلك‬
‫نعم صلته صحيحة ولكن في المستقبل ل ينبغي له أن يصنع ‪ ,‬كذلك قد‬
‫يقول قائل ‪:‬إن البسملة من القرآن‬
‫والجواب ‪:‬حقا ً هي من سورة النمل فهي من القرآن – باتفاق‪ -‬المة و أما‬
‫بقية السور التي كتبت قبلها فهي آية أو جزء أية على الخلف ‪ .‬أما من قال‬
‫بخلف ذلك فقوله باطل الحاصل إنها من القرآن في كل سورة كتبت قبلها‬
‫هذا هو الصواب الذي تدل عليه الدلة ول ينبغي أن يقال بخلف وإن قيل‬
‫بخلف طبعا ‪ .‬ولكن كما قلت مع ذلك ل ينبغي للنسان أن يكتفي بذلك ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تلزم الكفارة لمن ترك الصلة عمدا ؟‬
‫الجواب ‪ -:‬خلف بين أهل العلم‬
‫ظاهر أكثر الصحاب أنهم يوجبون الكفارة على كل من تركها عمدا‬
‫وذهبت طائفة من أهل العلم وهو قول لبعض أصحابنا وقواه نور الدين أنها‬
‫ل تلزم وهذا القول هو الصحيح‬
‫واختلف القائلون بالكفارة في مقدارها ‪:‬‬
‫فقيل – يكفر كفارة واحدة ‪.‬وقيل – بعدد تلك الصلوات ‪.‬‬
‫وقيل – يكفر عن كل صلة فجر كفارة وعن كل صلة ظهر كفارة و‪ .....‬الخ‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬
‫س‪ :‬حكم الصلة بين السواري ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫هذه المسألة فيها خلف بين أهل العلم والذي عليه الفتوى هو أنه إذا أمكن‬
‫النسان أن يصلي بين السواري وهذا في الجماعة قالوا ل ينبغي لحد وهذا‬
‫عندما يكون المسجد متسعا ‪..‬‬
‫أما في الوقات التي تضيق فيها الصفوف فل مانع ‪.‬‬

‫س‪ :‬عن الصلة في الطائرة ‪:‬‬


‫ً‬
‫ن للوقوف ؟ أم نصلي جلوسا في مقاعدنا ؟‬‫س ‪ :1‬هل يلزمنا البحث عن مكا ٍ‬
‫وإذا صل ّْينا جلوسا ً فهل ُنرخي أرجلنا أم نجلس جلسة التحيات ؟‬
‫الجواب ‪ /‬إذا أمكنكم أن تجدوا مكانا تصلون فيه الصلة على كيفيتها‬
‫المطلوبة من قيام وركوع وسجود وقعود فذلك هو الواجب إذ ل يصار إلى‬
‫الجلوس إل عند تعذر القيام والجلوس على هيئة التشهد بدون نصب الرجل‬
‫اليمنى في غير الجلوس للتشهد إذا أمكن هو المطلوب وإل فصلوا كيفما‬
‫استطعتم والله أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :2‬في بعض الحيان ل نتمكن من إدراك وقت الفجر ‪ ،‬حيث تكون الطائرة‬
‫مندفعة بسرعة نحو الشرق ‪ ،‬فإذا أبصرنا نور الفجر قد بدأ بالظهور لم نلبث‬
‫دقائق معدودة حتى نرى الشمس قد طلعت وارتفعت ‪ .‬ما العمل في هذه‬
‫المسألة ؟‬
‫‪ - 1‬الظاهر أنه يكفر خمس كفارات إذا كان تاركا لخمس صلوات وإن اختلفت أعداد كل صلة ‪.‬‬
‫‪167‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الجواب ‪ /‬توضأوا قبل دخول الوقت ثم اشرعوا في الصلة بعد طلوع الفجر‬
‫مباشرة ول يضركم ولو طلعت عليكم الشمس وأنتم في الصلة بشرط أن‬
‫تقرؤوا أقل ما يمكن من القرآن مما يتم به المعنى والله أعلم‬
‫ضأ لكل صلة وفي بعض الحيان أثناء‬ ‫س‪ :‬إنسان معوق ل يقدر أن يتو ّ‬
‫الوضوء ربما يلمس ملبسه شيء من النجاسة ل يستطيع التحّرز منها لنه‬
‫محمول على كرسي‪ ،‬فماذا يصنع في مثل هذه الحالة ؟‬
‫ج‪ :‬الطهارة شرط لصحة الصلة والصلة ل تصح إل بطهارة ‪ ..‬بناء على هذا‬
‫الكلم‪-‬الذي ذكرُته‪-‬وهو متفق عليه بين أهل العلم لدلة متعددة من سّنة‬
‫رسول الله صلى الله وسلم عليه ‪ ..‬نعم‪ ،‬من كان ل يستطيع أن يحافظ‬
‫ن عليه أن يأتي بالصلة ولو كان ذلك بغير طهارة تامة أو‬
‫على الطهارة فإ ّ‬
‫بغير طهارة أصل إذا كان ل يجد الماء ول يجد التراب أو ل يستطيع أن‬
‫يستعملهما ولم يجد من يعاونه على ذلك‪ ،‬فهذا الرجل إذا كان يتمكن من‬
‫الطهارة فلبد له من الطهارة‪ ،‬ول تصح صلته إل بذلك‪ ،‬والطهارة لبد من‬
‫أن يحافظ عليها في جسده وفي ثوبه‪ ،‬ويمكنه أن يربط شيئا على إحليله‬
‫من مثل قطن أو ما شابه ذلك على أنها توجد بعض الوسائل في هذا العصر‬
‫‪ ..‬بإمكانه أن يستعمل ذلك‪ ،‬والحاصل إذا أمكنه أن يستعمل شيئا من المور‬
‫التي يمكن أن ل تصيبه النجاسة إذا استعملها فلبد من ذلك‪ ،‬وإذا تعذر عليه‬
‫ذلك فعليه أن يتقي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬قدر استطاعته ول يكلف الله نفسا‬
‫جة فعلى النسان‬ ‫إل وسعها‪ ،‬ولكن كثير من الناس يتساهلون بمثل هذه الح ّ‬
‫أن يستفتي نفسه فإذا كان يستطيع فلبد من ذلك؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ق الجماعة‬‫س‪ :‬عندما ل يكون الرجل مطمئنا إلى صلة المام‪ ،‬هل له أن يش ّ‬
‫ليقيم هو صلة أخرى ويحدث بذلك بلبلة في أوساط المصلين أم ماذا عليه‬
‫أن يصنع في مثل هذه الحالت ؟‬
‫ج‪ :‬ل‪ ,‬ليس له أن يشقّ عصا الجماعة فذلك مما نهي عنه بل عليه أن يصلي‬
‫خلف ذلك المام ولو كان ذلك المام فاجرا اللهم إل إذا كان ذلك المام‬
‫ن من صلى خلفه عليه أن يعيد الصلة‪،‬‬ ‫يأتي في صلته بما يفسدها فإ ّ‬
‫والمسألة التي سأل عنها داخلة في ضمن هذه المسألة على رأي غير واحد‬
‫من أهل العلم؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تجوز الصلة بالن ّ‬
‫ظارة ؟‬
‫الجواب ‪ /‬ل مانع من ذلك إذا كانت ل تشغله وليست من النك والشبه‬
‫ونحوها والله أعلم‬
‫س‪ :‬رجل صلى إحدى الصلوات ثم تبين له بعد ذلك أن بثوبه آثار بقية نجاسة‬
‫ولكنها ليست رطبة‪ .‬فهل عليه إعادة تلك الصلة ‪ ،‬علما بأن هذا الثوب قد تم‬
‫غسله ؟‬
‫الجواب ‪ /‬إن كان صلى بتلك النجاسة قبل أن يتم غسلها تماما فعليه‬
‫العادة وأما إن كان الثوب قد غسل وزالت النجاسة منه ولم يبق منها إل‬
‫الثر الذي ل تمكن إزالته مهما بولغ في الغسل ففي هذه الحالة ل إعادة‬
‫عليه والله أعلم‬
‫‪168‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‪ :‬رجل قام بغسل جنابة كانت في ثوبه‪ ،‬فهل يجب عليه أن يغتسل بعد‬
‫ذلك غسله من الجنابة ؟ وإن كان صائما فهل يجب عليه شيء ؟‬
‫الجواب ‪ /‬ل يجب عليه الغسل بذلك ول شيء عليه في صيامه ولكن يجب‬
‫عليه أن يعيد للوضوء إن كان متوضئا وأراد الصلة والله أعلم‬
‫س‪ :‬من قرأ الفاتحة في موضع التشهد ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫من قرأ الفاتحة في موضع التشهد فإنه يأتي بالتشهد ويسجد للسهو أما إذا‬
‫نسي ذلك فإن كان التشهد الول وقام وانتصب قائما ً فل شيء عليه ويسجد‬
‫للسهو وأما إذا لم يقف وقوفا ً تاما ً فإنه يرجع للتشهد أما إذا كان التشهد هو‬
‫التشهد الثاني فإنه لبد أن يرجع إليه ويسلم مرة ثانية بل ذلك التسليم‬
‫السابق لم يكن التسليم المقصود وليسجد للسهو ‪.‬‬
‫س‪ :‬حكم الستعاذة في الصلة ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫لعل القول بأنها سنة أقرب إلى الصواب والقول بالوجوب له وجه قوي‬
‫ولكنه ل يصل إلى درجة الركنية‪.‬‬
‫س‪ :‬ما الفرق بين الستعاذة والبسملة في الصلة ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫أما الستعاذة فإنه يسر بها على الطلق ‪ ..‬ولكن بعض العلماء شدد إن‬
‫اسمعها أذنيه بطلت صلته وليس المر كذلك ‪.‬‬
‫ولكن ينهى عن الجهر بها ولكن بشرط أن ينطق بها بلسانه ل مجرد مكّيف‬
‫فالتكييف بلسانه ل يكفيه ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يجوز أن تصلى النافلة جلوسا ؟‬
‫الجواب ‪ :‬من حيث الجواز فجائز ولكن السنن المؤكدة أو الراتبة ل ينبغي‬
‫للنسان أن يأتي بها جلوسا ‪.‬‬

‫ت بالفاتحة وهو في السجود فما حكم‬


‫س‪ :‬شخص شك في صلته أنه لم يأ ِ‬
‫صلته ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫إذا كان قد تجاوز ذلك الركن فل يلتفت إلى مثل هذه الشكوك فمثل ً شك‬
‫في الفاتحة وهو جالس أو ساجد أو في الركعة الثانية أو ما شابه ذلك ‪.‬‬
‫أما إذا كان قبل أن يركع كان لبد من أن يرجع إلى ذلك إل إذا ترجح لديه‬
‫بأنه قد أتى بالفاتحة ‪.‬‬
‫فالحاصل إذا كان قد تجاوز ذلك الموضع قد ركع مثل أو سجد أو في الركعة‬
‫الثانية فل يلتفت إلى تلك الشكوك أما إذا كان يريد أن يركع وشك هل أتى‬
‫بالفاتحة في تلك الركعة أول فلينظر في أمره فإن تيقن بعد ذلك أنه أتى‬
‫بذلك فل شيء عليه وكذا إن ترجح لديه أنه أتى بذلك ويكتفي بسجود‬
‫السهو في حالة الترجح أما إذا لم يتيقن ولم يترجح لديه أنه أتى بذلك وبقي‬
‫‪169‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫على شك فلبد من أن يأتي بالفاتحة في هذه الحالة أما إذا تجاوز ذلك كان‬
‫ل يلتفت إلى الشكوك ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم مدافعة الشخص الريح وهو في الصلة ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ما عليه باس ما لم يخرج ذلك الريح منه ويتيقن بأنه قد خرج ‪.‬‬
‫س‪ :‬شخص نسي التشهد الول وانتصب قائما ً واطمئن قائما ً ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫مختلف فيمن نسي التشهد الول فقيل إنه لبد من الرجوع إليه ولو اطمئن‬
‫في وقوفه بل ولو قرأ الفاتحة وما بعدها فإن لم يرجع فإن صلته باطله‬
‫على هذا الرأي ‪.‬‬
‫وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن من نسي التشهد فإن كان لم يطمئن‬
‫قائما ً فإنه يرجع إليه أما إذا أطمئن فل يرجع إليه واستدلوا بذلك بالحديث‬
‫المروي عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬ول شك أن هذا‬
‫القول هو القول الصحيح ولكن إذا رجع آخذا برأي من آراء أهل العلم أو‬
‫كان جاهل ً أو صادف قول ً فل شيء عليه ‪.‬‬
‫ت به بعد ذلك تلك الفريضة التي سها فيها ؟‬
‫س‪ :‬من نسى سجود السهو لم يأ ِ‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ت به بعد تلك الفريضة التي سها فيها فبعض‬ ‫من نسى سجود السهو لم يأ ِ‬
‫العلماء يقول إنه يأتي به بعد صلة ثانية أي فريضة ثانية وبعضهم يقول ‪:‬‬
‫ولو بعد نافلة ‪.‬‬
‫وبعضهم يقول ‪ :‬يمكن أن يأتي به حتى في الوقت الذي يذكر فيه من غير‬
‫أن يكون ذلك بعد فريضة ول بعد نافلة وهذا القول وهو أنه يأتي به في أي‬
‫وقت يذكر أنه سهى فيه إل إذا كان ذلك الوقت مما تحرم فيه الصلة هو‬
‫القول الصحيح إذ ل دليل يعين أنه لبد من التيان بذلك السجود بعد فريضة‬
‫أو بعد نافلة ‪ .‬وما دام ل يوجد دليل يدل على ذلك فالصل أن يأتي به‬
‫النسان في ذلك الوقت‪.‬‬

‫س‪ :‬التفكير خارج الصلة هل ينقض الصلة ؟‬


‫الجواب ‪-:‬‬
‫فيه اختلف ‪ ..‬بعض العلماء يقول إذا كان النسان أتى بأفعال الصلة‬
‫وأقوالها ولكنه لم يكن حاضر الذهن فإن صلته صحيحة ول يجب عليه‬
‫القضاء ولو أنه لم يستحضر شيئا ً منها ولكنه أتى بأقوالها اللزمة وبأفعالها‬
‫وهذا هو الذي رجحه القطب رحمه الله تعالى‬
‫وقيل إن سها عن أكثرها أي لم يحضر قلبه في أكثرها فإنه عليه أن يعيد‬
‫تلك الصلة وأما إن سها عن القل فل يلزمه ذلك‬
‫وقيل إن سها في ركعة كاملة أي لم يكن قلبه حاضرا ً في ركعة كاملة فعليه‬
‫العادة وإن كان أقل من ذلك فل‬

‫‪170‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وإذا أخذ بما رجحه القطب رحمه الله تعالى ولم ي ُِعد فقد أخذ بقول له وجه‬
‫وجيه ‪.‬‬
‫س‪ :‬شخص سهى في صلته أثناء التشهد الخير ووجد نفسه أنه يقرأ‬
‫التحيات ووجد نفسه أنه يقرأ الفاتحة ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫عندما ينتبه يترك الفاتحة ويقرأ التشهد أما إذا كان لم يقرأ شيئا ً منه فإنه‬
‫يبتدئ التشهد من أوله أما إذا كان ابتدأ أول ً في التشهد ثم انتقل منه إلى‬
‫الفاتحة فإنه يكمل من الموضع الذي انتقل منه إلى الفاتحة ويواصل من‬
‫هناك التشهد ‪ .‬والله أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا قرأ الفاتحة ولم ينتبه وسلم ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫نقول له يأتي بالتشهد ويسلم بعد ذلك ويسجد للسهو هذا إذا كان لم يتكلم‬
‫بكلم خارج عن الصلة أما إذا انحرف أو تكلم ففيه الخلف المذكور ‪..‬وأما‬
‫إذا لم ينحرف ولم يتكلم أو تكلم بكلم أدعية أو ما شابه ذلك أخروية وما‬
‫يتعلق بذلك فإنه يأتي بالتشهد ويسلم مرة ثانية ويسجد للسهو ‪ .‬الحاصل‬
‫إذا تكلم بكلم من جنس الدعية التي يدعى بها بعد التشهد فإنه يأتي‬
‫بالتشهد ويسلم ويسجد للسهو وإذا انحرف أو تكلم بكلم دنيوي فبحسب‬
‫الخلف الذي ذكرناه سابقا ً هل يأتي بالتشهد ويسلم ويسجد للسهو أو أنه‬
‫يعيد الصلة من أولها هذا على القول بوجوب التشهد كما هو المشهور ‪.‬‬
‫‪ -‬في هذه المسألة هل يسجد قبل السلم أم بعده ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫بعد السلم‬
‫س‪ :‬من نسى السجدة من الركعة الولى وتذكرها في الركعة الثانية ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫من نسى ذلك فإنه يرجع إلى تلك السجدة ويأتي بها وبما بعدها على رأي‬
‫كثير من أهل العلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬هل ثبت في السنة رفع اليدين في الدعاء ومسج الوجه بعد الدعاء أو‬
‫السلم ؟‬
‫الجواب ‪ :‬نعم ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه وأما‬
‫المسح للوجه بعد الدعاء فوردت عدة أحاديث تدل على المسح وقد قال‬

‫‪171‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من قال ‪:‬إنها بمجموعها الكلي تصل إلى مرتبة الحسن ومنهم من قال ‪:‬‬
‫من الضعف بمكان فل تصل إلى مرتبة الحسن وهذا القول وهو أن هذا‬
‫الحديث ضعيف هو القول الصحيح ولهذا نرى عدم مسح الوجه بعد الدعاء‬
‫أما حديث مسح الوجه بعد السلم فالحديث موضوع ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫س‪ :‬صلة الظهر متى تنتهي بالتحديد ؟‬
‫ج‪ :‬يعني‪ :‬متى ينتهي وقت الظهر ؟‬
‫س‪ :‬نعم وقت الظهر‪.‬‬
‫ج‪ :‬ينتهي وقت الظهر إذا صار ظل كل شيء مثله بعد القدر الذي زالت‬
‫عليه الشمس‪ ،‬فإذا صار ظل كل شيء مثله بعد القدر الذي زالت عليه‬
‫الشمس فإنه ينتهي هنالك وقت الظهر ويدخل وقت العصر؛ والله‪-‬تعالى‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل هناك حديث بين مدة الوقت بين أذان المغرب والقامة لصلة‬
‫المغرب ؟‬
‫ج‪ :‬ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث وهي صحيحة ثابتة عنه –عليه‬
‫الصلة والسلم‪ -‬أنه إذا غربت الشمس وتحقق غروبها فإن وقت المغرب يبتدئ ‪ ،‬ولم يأت‬
‫دليل يقدر الفرق بين أذان المغرب وصلة المغرب ‪ ،‬وقد شدد كثير من العلماء في تضييق‬
‫وقت المغرب حتى إن كثيرا ً منهم قالوا ‪ :‬ل يصح التنفل بين أذان المغرب وصلة المغرب‬
‫وذلك لضيق الوقت ‪ ،‬واحتجوا على ذلك برواية رواها المام البيهقي في سننه الكبرى وهو‬
‫الحديث الذي رواه الشيخان ورواه أرباب السنن وأحمد وآخرون وهو )بين كل أذانين صلة (‬
‫وزاد البيهقي )إل المغرب( فقد أخذوا من هذا إن وقت المغرب قصير ولذلك جاء النهي عن‬
‫الصلة أي صلة النفل بين الذان والقامة إل أن هذه الرواية رواية منكرة لم تثبت عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم البته ‪ ،‬ولذلك أجاز العلماء المحققون الصلة بين أذان‬
‫المغرب وبين الصلة ‪ ،‬كما هو مذهب المام الخليلي – رضوان الله تعالى‪ -‬عليه كما جاء‬

‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه نصه ‪:‬‬


‫س‪ :‬طالبة في المدرسة وفي كثير من الحيان تخرج في وقت متأخر تخشككى معككه أن يفوتهككا وقككت صككلة الظهككر كككأن‬
‫ن وقككت صككلة الظهككر قككد فككات‪،‬‬ ‫تخرج في الثانية والنصف أو ما بعد ذلك ‪ ..‬على تقدير أنها خرجت في وقت تظن فيه أ ّ‬
‫فماذا تصنع في هذه الحالة ؟‬
‫ن وقت الظهر يمتــد إلــى أبعــد ممــا ذكَرتــه الســائلة إذ إنهــا ذكــرَت‪-‬علــى‬ ‫تأّ‬‫ت على هذه المسألة بالمس وذكر ُ‬ ‫ج‪ :‬قد أجب ُ‬
‫ت‪ :‬إنه يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك‪ ،‬وعلى هذه السائلة أن َتضِبط الوقات فــإذا كــان حّقــا‬ ‫حسب ظني‪-‬الساعة الثانية ‪ ..‬قل ُ‬
‫قد خرج وقت الظهر فبإمكانها في حالة الضرورة القصوى أن تجمع بين الظهر والعصر ‪ ..‬تصلي الظهر أربــع ركعــات‬
‫ن الجمــع بيــن الصــلتين‬ ‫ن المــر ســهل‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫والعصر أربع ركعات إذا كان ذلك في وطنها‪ ،‬أما إذا كان ذلك في السفر فإ ّ‬
‫جائز‪ ،‬وإن كان ل ينبغي للنسان أن يعتاد على ذلك‪ ،‬ولكنه في مثل هذه الضرورات فل بأس به‪ ،‬بل الجمــع فــي الصــل‬
‫جائز‪ ،‬وإن كان الفراد هو الفضل لمن مكث في مكان‪ ،‬وإنما الجمع أفضل أن يؤتى به في حالة السير‪ ،‬فــإذا بقــي زمــن‬
‫ن ذلك ل يصار إليه إل فــي حــالت الحاجــة‪ ،‬وقــولي‪ " :‬ليــس لهــا‬ ‫من وقت الظهر فليس لها أن تجمع بين الصلتين‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫ن ذلــك ل ينبغــي‪ ،‬إذ ل ينبغـي للنســان أن يجمـع فـي الـوطن بيــن الصـلتين‬ ‫ذلك " ل أريد به المنع إطلقا‪ ،‬وإنما أريد أ ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آلــه وســلم‪-‬لــم يــواظب عليــه‪،‬‬ ‫بشكل معتاد وإنما يفعل ذلك في حالة الضرورة والحرج‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫ن ذلك يصار إليه في مثل هذه الوقات‪ ،‬فإذن لبد من ضــبط الــوقت‪ ،‬وهــو فــي‬ ‫وإنما فعله في أوقات نادرة‪ ،‬وذلك ليبّين أ ّ‬
‫سير‪ ،‬ومن لم يستطع ذلك فبإمكانه أن يسأل من له معرفة بالوقات‪ ،‬ومن المعلوم أنه بمجرد انتهاء وقــت الظهــر‬ ‫الغالب َي ِ‬
‫يدخل وقت العصر‪ ،‬وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ن وقت الظهر قد انتهى ؟‬ ‫س‪ :‬هل هناك علمات محددة يستطيع النسان أن يعرف بها أ ّ‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬أما من يعرف الوقات بقياس الظل فالمر سهل‪ ،‬أما من لم يعرف ذلك فبإمكانه أن يلجأ إلى التقويم؛ وال أعلم‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫سئل عن المسافر ‪ :‬هل له أن يصلي عند دخول‬ ‫ذلك في أجوبته ‪ ،‬فإنه – رحمه الله تعالى‪ُ -‬‬
‫المسجد ؟ فقال له ذلك سواء كان في السفر أو الحضر ‪ ،‬وهذا الكلم معنى كلمه وليس‬
‫هو اللفظ الذي ذكره – رحمه الله تعالى‪. -‬‬
‫فإذن ل يوجد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يعين مقدار الوقت بين الذان‬
‫والقامة ‪ ،‬وإنما ينبغي التعجيل ‪ ،‬وإذا وجدت هناك مصلحة في التأخير كانتظار بعض‬
‫الجماعة أو ما شابه ذلك فل بأس من التأخير ما لم يطل ‪.‬‬
‫س‪ :‬فيمن كان يصلي صلة العصر وأكمل الصلة في التشهد الخير قبل‬
‫التسليم أحدث ما حكم صلته ؟‬
‫ج‪ :‬هذه المسألة فيها خلف بين أهل العلم لو أن إنسانا ً أحدث بعد التشهد الول وقبل‬
‫التسليم ‪.‬‬
‫ذهبت طائفة من أهل العلم إلى صحة صلته واحتجوا على ذلك بالحديث المروي عن‬
‫كن ذلك الحديث ليس بصحيح هو ضعيف ل‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ول ّ‬
‫تقوم به الحجة والصحيح أن من أحدث قبل أن ُيسلم فإن صلته باطلة لن النبي صلى الله‬
‫عليه وعلى آله وسلم " تحريمها التكبير وتحليلها التسليم " فهو دليل واضح وحجة نّيرة ولم‬
‫يعارضه معارض معتبر فهو يدل كما قلت على أنه لبد من التسليم فصلة هذا المصلي تعتبر‬
‫باطلة وعليه أن يعيد صلته وإذا كان قد قات الوقت فعليه مع العادة التوبة إلى الله تبارك‬
‫وتعالى والله تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬شخص صلى وراء إمام ولكنه كرّر آية أو آيتين من الفاتحة ؟‬
‫ج‪ :‬أما إذا كان هذا المام متعمدا ً لتكرار الفاتحة فإن صلته تبطل عند جمهور العلماء وذلك‬
‫أن جمهور العلماء ذهبوا إلى أن من كرر الفاتحة أو آية من آياتها أو جملة من جملها إذا لم‬
‫يكن ذلك لمصلحة الصلة بأن تكون تصحيحا ً للقراءة فإن صلته باطلة فعلى هذا الرأي فإن‬
‫صلة هذا المام باطلة وببطلن صلته تبطل صلة المأمومين الذين يصلون خلفه هذا هو‬
‫مذهب طائفة من أهل العلم أما إذا كان ذلك المام ناسيا ً يظن أنه لم يأت بالية أو باليتين‬
‫على حسب ما فعل فإنه معذور وذلك لن الصلة تنقض بالتكرار في حالة العمد كما قال‬
‫المام نور الدين السالمي رحمه الله تعالى ‪.‬‬
‫وللتحيات بمعنى العمد‬ ‫ومنعوا تكراره للحمد‬

‫وعذروا الناسي هناك فاعذر‬ ‫ونقضوا صلة ذا المرر‬

‫فمن أتى بآية أو بأكثر من ذلك من الفاتحة من طريق النسيان فإن صلته صحيحة وكذا‬
‫بالنسبة إلى صلة من صلى خلفه من معرفة السبب الذي دعا هذا المام إلى تكرار هاتين‬
‫اليتين هل كان بسبب النسيان ولعل هذا هو القرب أو كان عمدا ًُ ول أظن أن ذلك يقع من‬
‫أحد فل بد أن يسألوا هذا المام وبالتالي يطبقوا ما ذكرناه في الجواب أما إذا كرّر النسان‬
‫جملة من الفاتحة من أجل إصلح القراءة فإن ذلك ل بأس به بل في بعض الحالت يكون‬
‫واجبا ً والله تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬رجل يصلي بالناس صلة القيام وبعد الركعتين نسى أن ُيسلم فّنبه وهو‬
‫قائم فرجع وسلم ؟‬
‫ج‪ :‬نعم قد أحسن صنعا ً لن من نسى السلم في مثل هذه القضية لبد أن يرجع لن صلة‬
‫الليل مثنى مثنى هكذا ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومعنى‬
‫مثنى مثنى أنه ُيفضل بين الركعتين الوليين والخريين بالسلم هذا هو الفهم الصحيح‬
‫للحديث أما قول بعض أهل العلم بأن معنى مثنى مثنى أن يجلس بعد الركعة الثانية ولو لم‬
‫يكن هنالك سلم أو أنه ل يشرع أن يأتي بالسلم فهذا فهم خاطئ وكذلك احتجاج بعضهم‬
‫ببعض الحاديث التي فيها أنه صلى أربعا ً أربعا أيضا ل ينبغي أن يؤخذ به بل الحديث نص‬

‫‪173‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫صريح في أن المراد مثنى مثنى أنه يفصل بين الركعتين الوليين والخريين بالسلم وعليه‬
‫من نسي السلم فإنه يؤمر بأن يرجع إليه وأن يسلم وبعد ذلك يقوم للركعتين الخريين‬
‫وهذه المسألة تختلف عمن نسي التشهد الول في الفريضة ولم يتذكر إل بعد أن انتصب‬
‫قائما فإنه يؤمر بإتمام صلته وبعد ذلك يسجد للسهو قبل أن يسلم كما ثبت في الحديث‬
‫عن عبدالله بن بحينه في الصحيحين وفي غيرهما وقد جاء في رواية من طريق المغيرة‬
‫وقد جاءت من طريقتين يشرد ّ أحدهما الخر ويرتقي الحديث بهما إلى درجة الحسن إلى أنه‬
‫يدل على أنه من لم ينتصب عليه أن يرجع فمن انتصب فل يرجع وهذا التفصيل لبد من‬
‫الخذ به نظرا ً إلى ثبوت هذا الحديث ويكون حديث ابن بحينه محمول على من انتصب قائما ً‬
‫ول سيما أنه فعل والفعل ل يعم والله تعالى أعلم ‪.‬‬

‫)‪ (5‬حكم المرور أما المصلي ‪:‬‬


‫س‪ :‬ما حكم المرور أما المصلي ؟‬
‫ج‪ :‬ثبت النهي عن ذلك في صحيح الربيع‪ -‬رحمه الله تعالى‪ -‬وعند الشيخين وغيرهما من‬
‫أئمة السنن والمسانيد ‪ ،‬حكم ذلك أنه محرم ول يجوز لحد أن يفعل ذلك ‪ ،‬وإنما اختلف‬
‫العلماء في حكم صلة من مر أمامه أحد ‪ ،‬فذهب بعض العلماء إلى أن صلته منتقضة وهو‬
‫الذي ذهب إليه جمهور أصحابنا – رضوان الله تعالى عليهم ‪ ، -‬وذهب طائفة من العلماء إلى‬
‫أن صلته صحيحة وهو الذي ذهب إليه الام ابن محبوب والمام الربيع والشيخ هاشم بن‬
‫غيلن وذهب إليه الشيخ الصالح‪ -‬رحمه الله ‪ ، -‬ولعل هذا القول أقرب القولين إلى‬
‫الصواب ‪ ،‬أما ما يروى من أن الصلة ليست بحبل ممدود فهذا ليس بحديث على الصحيح ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم أثناء السجود ؟‬
‫ج‪ :‬نعم لم يأت حديث ثابت صحيح يدل على مشروعية ذلك ولكن إذا كان ذلك في سجود‬
‫خارج الصلة فكان النسان يدعوا في سجوده وأتى بالصلة على النبي صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم فل شيء عليه وكذلك إذا كان في سجود النفل ذلك أيضا ً مما ل مانع منه‬
‫ت لم أجد حديثا ً يدل على مشروعية ذلك في سجود النفل أما في الفرائض فل إذ أن‬ ‫وإن كن ُ‬
‫ً‬
‫هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على أن كثيرا من الدعية التي وردت‬
‫عن النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم كثير منها في النوافل وأن كان جاء على أنه في‬
‫الفرائض فإن العلماء قد اختلفوا في ذلك هل هو باق أو أنه منسوخ ولشك أن من صلى‬
‫ولم يأت في سجوده في الصلة أي في صلة الفريضة إلى بالمتفق عليه فإن ذلك أولى لن‬
‫صلته صحيحة باتفاق العلماء بخلف من أتى في صلته ببعض اللفاظ التي اختلف العلماء‬
‫في التيان بها في الصلة مع احتمال نسخها أو نسخ بعضها والله تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تجوز الصلة في الطابق الثاني في المسجد الحرام إذا كان الطابق‬
‫الول غير ممتلئ لعله يقصد الدور الرضي ‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا تمكن النسان من الصلة في الطابق الول أو في الدور الرضي فذلك هو الولى‬
‫ولكنه إذا صلى في الطابق الول أو في الثاني فصلته تعتبر صحيحة بمشيئة الله تعالى‬
‫ولكنه كما قلت إذا تمكن من الصلة حول الكعبة في ذلك المكان فهذا هو الولى والله‬
‫تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫أول ‪ :‬كيفية استقبال الشهر الكريم‬

‫‪175‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‪ :‬تسأل عن الحدود التي يسلكها المسلم في رمضان في مشاهدة التلفاز‪.‬‬


‫ج‪ :‬على كل حال؛ ينبغي في السؤال أن ُيسَأل عن الحدود التي ينبغي‬
‫ن النسان يجب عليه‬ ‫للمسلم أن يسلكها في كل وقت من الوقات‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫أن يطيع موله‪-‬سبحانه وتعالى‪-‬في أيّ وقت من الوقات ويجب عليه أن‬
‫يبتعد عن ما نهى عنه الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في كتابه أو على لسان رسوله‪-‬‬
‫ن الحسنات‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪-‬في أيّ وقت من الوقات ‪ ..‬نعم كما أ ّ‬
‫ن السيئاتأيضا تكون أعظم في هذا الشهر‬ ‫عف في شهر رمضان فإ ّ‬ ‫ُتضا َ‬
‫الكريم‪ ،‬ولكن ليس معنى ذلك أنه ُيباح للنسان أن َينظر أو أن َيستمع إلى‬
‫ما حّرمه الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في غير شهر رمضان وأنه ُيمنع من ذلك في‬
‫هذا الشهر فقط‪ ،‬وكذلك كثير من الناس يسألون عن صحة صيامهم إذا‬
‫فعلوا شيئا من المحرمات ‪ ..‬هل الصيام صحيح أو فاسد ؟ وطبعا جدير‬
‫در به أن َيبحث‬‫بالمسلم أن َيبحث عن صحة صيامه وفساده ولكن أيضا َيج ُ‬
‫عن الحلل والحرام فيبتعد عن ما حّرمه الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولو كان ذلك ل‬
‫ن صيامه صحيح " يمكن أن َيرتكب تلك‬ ‫َينقض الصيام‪ ،‬فهل إذا قيل له‪ " :‬إ ّ‬
‫المعصية ؟! فلماذا هو يبحث عن صحة صيامه ؟! أليس من أجل أن يمتثل‬
‫أمر الله‪-‬سبحانه وتعالى‪-‬ومن أجل أن يفوز في يوم القيامة بدخول الجنة ؟!‬
‫وإذا كان المر كذلك فكذلك المعاصي إذا كانت كبيرة من كبائر الذنوب‬
‫فإنها‪-‬والعياذ بالله تبارك وتعالى‪ُ-‬تخّلد صاحبها في نار جهنم إذا كان لم يتب‬
‫إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬منها‪ ،‬فإذن ينبغي للنسان أن يسأل عن المحرمات‪-‬‬
‫ماذا َيحرم عليه وماذا يجوز له‪-‬سواء كان ذلك في هذا الشهر الكريم أو في‬
‫غيره‪ ،‬وأن يبتعد عن كل معصية سواء كان ذلك في هذا الشهر أو في غيره‬
‫وسواء كانت تنقض الصيام أو كانت ل تنقضه‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى ما يجوز لها ولغيرها طبعا أن يستمعوا إليه وأن ينظروا إليه‬
‫ن هذه اللة في حقيقة الواقع ل تحّلل حراما ول‬ ‫في مثل هذه اللت فإ ّ‬
‫تحّرم حلل‪ ،‬فما جاز للنسان أن َينظر إليه في غير هذه اللة فيجوز له أن‬
‫ينظر إليه في هذه اللة‪ ،‬وما جاز له أن َيستمع إليه في غير هذه اللة فإنه‬
‫يجوز له أن يستمع إليه في مثل هذه اللت‪ ،‬وما لم َيجز فإنه ل يجوز له أن‬
‫رض في هذه اللت‪ ،‬فالصور المحّرمة والغاني المحّرمة‬ ‫يستمع إليه إذا عُ ِ‬
‫وما شابه ذلك ‪ ..‬كل هذه المور ل يجوز الستماع إليها أو النظر إليها في‬
‫غير هذه اللة‪ ،‬وكذلك يقال في مثل هذه اللة ‪ ..‬هذا باختصار شديد؛ والله‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أحكام وقت المساك و نية الصوم‬


‫‪176‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‪ :‬هل الصائم يعقد النية قبل الصيام كأن ينوي أن يصوم ثلثين يوما‪-‬مثل‪-‬‬
‫ن لكل يوم نيته ؟‬
‫أم أ ّ‬
‫ج‪ :‬أّول‪ :‬النية المعتبرة هي النية القلبية‪ ،‬وليس بحاجة إلى التلفظ بنحو‪" :‬‬
‫اللهم نويت أن أصوم " أو ما شابه ذلك مما يذكره كثير من الناس وإن كان‬
‫ن ذلك مما ل أصل له في سّنة رسول الله صلى‬ ‫موجودا في بعض الكتب فإ ّ‬
‫الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ولم يكن‪-‬أيضا‪-‬معهودا عند السلف‬
‫رضوان الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليهم‪ ،‬وإنما النية المعتبرة هي النية القلبية كما‬
‫ت‪.‬‬
‫قل ُ‬
‫ن العلماء قد اختلفوا في شهر رمضان هل كل يوم فريضة مستقلة‬ ‫ثم إ ّ‬
‫ن كل يوم فريضة‬ ‫ن الشهر كله فريضة واحدة ؟ والقول بأ ّ‬ ‫بذاتها أم أ ّ‬
‫ددة‪.‬‬
‫مستقلة بذاتها هو القول الصحيح‪ ،‬لدلة متع ّ‬
‫وبناء على هذا الخلف اختلف العلماء في وجوب تجديد النية لكل يوم‪:‬‬
‫ن رمضان فريضة واحدة قال‪ :‬تجزي النية الواحدة‪.‬‬ ‫فمن قال بأ ّ‬
‫ددة اختلفوا في ذلك‪:‬‬ ‫ومن قال بأنه فرائض متع ّ‬
‫فذهب بعضهم إلى أنه لبد من النية لصيام كل يوم‪.‬‬
‫ن ذلك ل يشترط‪ ،‬بل إذا نوى النسان أن يصوم‬ ‫وذهبت طائفة منهم إلى أ ّ‬
‫ن ذلك يجزيه اللهم إل إذا أفطر بسبب‬ ‫شهر رمضان في الليلة الولى فإ ّ‬
‫عذر شرعي‪-‬كمرض أو سفر أو ما شابه ذلك من العذار التي تبيح ترك‬
‫الصيام‪-‬فإنه في هذه الحالة عند من يريد أن يصوم مرة أخرى فإنه يطالب‬
‫بالنية في ذلك الوقت؛ وهذا القول هو القول الصحيح؛ فمن نوى أن يصوم‬
‫ن ذلك يجزيه إل أنه إذا‬ ‫في الليلة الولى ‪ ..‬نوى أن يصوم شهر رمضان فإ ّ‬
‫أفطر فإنه يطالب بالتيان بالنية مرة أخرى ‪ ..‬هذا ما يظهر لي؛ والله‪-‬‬
‫تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ذن فلكي تدرك نفسها قامت بتناول‬‫حت للسحور والذان يؤ ّ‬ ‫ص َ‬
‫س‪ :‬أسرة َ‬
‫ذن‪ ،‬فماذا عليها ؟‬‫وجبة السحور والذان يؤ ّ‬
‫ج‪ :‬الله المستعان؛ إذا كان المؤّذن يؤّذن بعد طلوع الفجر فإنه ل يجوز لحد‬
‫دد وقت الصوم بطلوع‬ ‫ن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ح ّ‬
‫أن يأكل بعد ذلك‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫الفجر‪ ،‬وهكذا جاء في السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله وسلم‬
‫وبارك عليه وعلى آله وصحبه‪ ،‬فإذا طلع الفجر فل يجوز لحد أن يأكل أو‬
‫طرات المعلومة‪.‬‬‫يشرب أو أن يستعمل شيئا من المف ّ‬
‫ن من‬
‫نعم جاء حديث مرويّ عن رسول الله‪-‬صلى الله وسلم وبارك عليه‪-‬أ ّ‬
‫ن له أن يأكل‪ ،‬ولكن‬
‫كان في يده شيء من الطعام‪-‬أو الشراب بالطبع‪-‬فإ ّ‬
‫ددة وادعى بعضهم أنه يصل إلى درجة‬ ‫هذا الحديث وإن جاء من طرق متع ّ‬
‫الحسن أو الصحيح بمجموع تلك الطرق فإنه في حقيقة الواقع معاِرض‬
‫لكتاب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولسّنة رسوله‪-‬صلى الله وسلم وبارك عليه‪-‬‬
‫الصحيحة الثابتة ثبوتا أوضح من شمس الظهيرة‪ ،‬وما كان معاِرضا لكتاب‬
‫الله ولسّنة رسوله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬فإنه لبد من أن ُيحكم‬
‫ببطلنه وأنه ل يثبت عن رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬بحال‬
‫‪177‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من الحوال اللهم إل إذا كان ذلك الدليل سابقا على نزول الكتاب أو السّنة‬
‫الصحيحة‪ ،‬وهذا الحديث ليس من ذلك القبيل فهو في حقيقة الواقع حديث‬
‫باطل ل يصح ول عبرة بتعدد طرقه‪ ،‬وكثير من المحدثين من المتأخرين‬
‫يحكمون بصحة بعض الحاديث نظرا إلى وجود بعض الطرق لذلك الحديث‬
‫ولكن في حقيقة الواقع لبد من أن ينظر إلى بقية الشروط المشترطة‬
‫لصحة الحديث ومن أهم تلك الشروط عدم الشذوذ وعدم العّلة التي تقدح‬
‫في صحة ذلك الحديث المروي‪ ،‬وإذا كان ُيحكم بشذوذ الحديث وعدم ثبوته‬
‫بمجرد مخالفة الراوي ولو كان ثقة لمن هو أوثق منه فلبد من أن ُيحكم‬
‫بكذبه إذا خالف الكتاب العزيز وخالف السّنة الصحيحة الثابتة المشهورة بل‬
‫ن‬
‫التي تكاد تصل إلى حد ّ التواتر‪ ،‬ول حاجة للبحث في تواترها وعدم ذلك ل ّ‬
‫ت ل أقول بالطلق في القضية التي‬ ‫دللة القرآن واضحة جلّية وإن كن ُ‬
‫ن الحديث إذا خالف راويه الثقة لمن هو أوثق منه أنه‬ ‫ذكرُتها سابقا وهي أ ّ‬
‫ُيحكم بشذوذ رواية الثقة ‪ ..‬ل أقول بالطلق في ذلك‪ ،‬ولذلك موضع آخر إن‬
‫ن هذا الحديث‬ ‫شاء الله تبارك وتعالى‪ ،‬ولكن الذي يعنيني في هذه القضية أ ّ‬
‫ُيحكم ببطلنه وعدم ثبوته عن رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫ن تلك الطرق ل عبرة بها مع هذه‬ ‫ولو جاء من سبع أو من ثمان طرق‪ ،‬فإ ّ‬
‫المخالفة الصريحة الواضحة الجلّية التي ل تخفى ‪ ..‬نعم يمكن أن يقال بعذر‬
‫من أكل أو شرب وفي يده الطعام أو الشراب في حالة سماع الذان ‪..‬‬
‫ن الكفارات ُتدرأ كالحدود‬ ‫يمكن أن يقال بعذره من الكفارة‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫بالشبهات على الرأي الصحيح‪ ،‬فمن وقع في ذلك وكان يعرف هذا المر‬
‫فإنه ل يحكم عليه بالكفارة وإنما يقال بوجوب التوبة عليه ووجوب القضاء‬
‫عليه‪-‬أيضا‪-‬فهؤلء ل أظن أنهم يعرفون هذا الحديث أو أنهم سمعوا به وإنما‬
‫هو التهور بعينه‪ ،‬فإذا كانوا لم يعتمدوا على مثل هذا الحديث الواهي الباطل‬
‫فلبد من القول بوجوب التوبة والكفارة مع القضاء عليهم‪ ،‬وأما إذا كانوا‬
‫ن شبهة الجهل مع العتماد‬ ‫يحتجون بمثل هذه الشبهة فإنه يمكن أن يقال‪ :‬إ ّ‬
‫على هذا الحديث الموضوع الواهي تدرأ عنهم الكفارة؛ وهذا الذي يمكن أن‬
‫أقوله باختصار‪ ،‬وإذا كانوا يريدون أن يوضحوا هذا السؤال فبإمكانهم أن‬
‫يتصلوا مرة أخرى وسنجيب عليه على حسب التفصيل الذي يفصلونه في‬
‫ن المؤّذن‬ ‫ب على تقدير أ ّ‬ ‫سؤالهم؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪" ,‬وجوابي منص ّ‬
‫دم‬‫قد أّذن بعد طلوع الفجر ‪ ..‬أي عند انشقاق الفجر‪ ،‬وأما إذا كان قد ق ّ‬
‫ن العبرة بطلوع الفجر ل بالذان‪ ،‬ولكن الصل‬ ‫الذان فل عبرة بذلك‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫في المؤّذنين أنهم ل يؤّذنون إل بعد طلوع الفجر ‪ ..‬أي عند طلوع الفجر‬
‫ولسيما في شهر رمضان ثم إنه يمكن أن يعتمد على التقاويم‪ ،‬والمعتمد‬
‫دم على الفجر فإنه في التقويم‬ ‫عليه هو طلوع الفجر ل تلك الفترة التي تق ّ‬
‫هنالك فترة قبل طلوع الفجر يقال بأنها فترة إمساك أو ما شابه ذلك ول‬
‫أصل لذلك في سّنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬بل ينبغي‬
‫للنسان إذا أراد أن يأكل أو أن يشرب أن يأكل وأن يشرب حتى يطلع‬
‫‪178‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الفجر‪ ،‬ول عبرة بتلك الفترة التي تذكر في التقاويم‪ ،‬إذ إنها مخالفة لهدي‬
‫النبي صلى الله وسلم وبارك عليه؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يمكن أن ُتعتَبر كاحتياط ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان التقويم صحيحا الذي فيه ذكر طلوع الفجر فل عبرة بمثل هذا‬
‫ن الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬حّثنا على تأخير‬ ‫الحتياط‪ ،‬ل ّ‬
‫السحور ‪ ..‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى كان بلل‪-‬رضي الله تعالى عنه‪-‬‬
‫م مكتوم‪-‬رضي‬ ‫ن ابن أ ّ‬
‫دم الذان حتى يقوم الناس من أجل السحور‪ ،‬ثم إ ّ‬ ‫يق ّ‬
‫الله تعالى عنه‪-‬كان يؤّذن بعد طلوع الفجر ‪ ..‬أي عند تحقق طلوع الفجر أو‬
‫بمجرد طلوع الفجر ‪ ..‬أذكر هذه العبارات حتى ل يلتبس المر على بعض‬
‫الناس‪ ،‬فما قال لهم الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬احتاطوا‬
‫ت‪-‬في اتباع‬ ‫بمجرد أذان بلل أو ما شابه ذلك ‪ ..‬كل‪ ,‬والخير كل الخير‪-‬كما قل ُ‬
‫هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫ث الناس‬ ‫ححه فإنني أح ّ‬ ‫ححه من ص ّ‬ ‫وبمناسبة ذكر الحديث السابق الذي ص ّ‬
‫ن‬‫جل في اتباع تصحيحات كثير من الناس وتحسيناتهم‪ ،‬فإ ّ‬ ‫على عدم التع ّ‬
‫كثيرا من الناس ل ينظرون إلى متون الحاديث وإنما يكتفون بالسانيد؛ كما‬
‫جلون في رد ّ الحاديث بمجرد مخالفتها‬ ‫ث أولئك الذين يتع ّ‬‫أنني‪-‬أيضا‪-‬أح ّ‬
‫لبعض اليات أو لبعض الحاديث بحسب زعمهم‪ ،‬وأتوا بسبب عدم فقههم‬
‫في كتاب الله تعالى وفي سّنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬
‫فليس كل حديث يظهر في بداية المر أنه مخالف لكتاب الله أو لسّنة‬
‫رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحكم بكذبه ووضعه ‪ ..‬كل‪ ،‬بل لبد‬
‫من النظر في ذلك جيدا‪ ،‬ول يتمكن من ذلك إل الراسخون في العلم‪،‬‬
‫فتكذيب حديث ثابت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ليس بالمر‬
‫الهّين‪ ،‬والحكم بثبوت حديث عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪-‬وهو ل يثبت عنه ليس بالمر السهل‪ ،‬فهذه المور لبد من أن يحكم‬
‫فيها أولئك الراسخون في علم الصول وفي علم الحديث مع معرفة كبيرة‬
‫ت‪-‬أخذوا‬ ‫بعلم الفقه بعد التأّني والتمحيص والبحث‪ ،‬وكثير من الناس‪-‬كما قل ُ‬
‫يفّرطون في مثل هذه المور ويحكمون بعجلة شديدة ‪ ..‬يحكمون بثبوت‬
‫الحاديث وبعضهم بعدم ثبوتها من غير الترّوي والنظر والتمحيص‪ ،‬وكثير‬
‫متهم تحقيق الكتب ويستعجلون في ذلك كثيرا جدا ويحكمون بثبوت‬ ‫منهم ه ّ‬
‫ن الواقع بخلف ذلك‪ ،‬فحديث رسول‬ ‫أو بعدم ثبوت بعض الحاديث مع أ ّ‬
‫الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ليس بالمر السهل ‪ُ ..‬يحكم بصحته أو‬
‫بثبوته مع أنه قد يكون بخلف ذلك ‪ ..‬نعم التصحيح والتضعيف حكم ظني‪،‬‬
‫ومهما فعل النسان لبد من أن يقع في بعض أحكامه الخطأ ولكن نسبة‬
‫الخطأ تختلف بين خطأ العالم الذي يحكم بحجة نّيرة وبين خطإ بعض الناس‬
‫ن ذلك مما ل تتسع له‬ ‫كما هو معلوم‪ ،‬ول أريد أن أطيل في هذه القضية فإ ّ‬
‫هذه العجالة‪ ،‬وله وقت آخر بمشيئة الله تبارك وتعالى؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬السحور في الساعة ‪ ) :‬ل تزال ‪‬الثانية عشر ليل‪ ،‬هل يتنافى ذلك مع‬
‫جلوا‬
‫خروا السحور وع ّ‬
‫متي بخير ما أ ّ‬
‫الخيرية التي قال عنها النبي أ ّ‬
‫‪179‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الفطور ( ‪ ..‬عندما يتسحر النسان في الساعة الثانية عشر ليل ؟‬


‫ج‪ :‬ل‪ ,‬هذا المر مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ,‬فهدي‬
‫النبي‪-‬صلى الله وسلم وبارك عليه‪-‬هو تأخير السحور وتقديم الفطور‪ ،‬وكثير‬
‫ن الفضل في تأخير الفطور وفي تقريب السحور‪،‬‬ ‫من الناس يظنون أ ّ‬
‫ن الفضل في فعل ما أمر به النبي صلى الله وسلم وبارك عليه‪،‬‬ ‫والواقع أ ّ‬
‫ث على تأخير السحور‬‫فالرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد ح ّ‬
‫وعلى تقديم الفطور‪ ،‬وكان يواظب هو‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫دم السحور‪ ،‬وليعلم‬
‫خر الفطور ول أن يق ّ‬
‫على ذلك‪ ،‬فل ينبغي لحد أن يؤ ّ‬
‫علما يقينّيا بأنه ل فضل له في ذلك‪ ،‬وإنما الفضل كل الفضل في فعل ما‬
‫أمر به النبي صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬ما يثبت به الصوم‬


‫س‪ :‬بعد أيام قليلة سيتحرى الناس رؤية هلل شهر رمضان المبارك‬
‫ويستنفرون في ذلك كل جهودهم‪ ،‬فهل لكم من كلمة توجهونها إلى الناس‬
‫تحثهم على أهمية تحري الرؤية ؟‬
‫ن الشهور العربية تترتب عليها أحكام متعددة في شرع‬ ‫ج‪ :‬إنه مما ل يخفى أ ّ‬
‫الله تبارك وتعالى‪ ،‬بعضها يتعلق بالزكاة وبعضها يتعلق بالصيام وكذا بالحج‬
‫صر كثير من الناس في زماننا‬ ‫والبيوع وشؤون السرة وما شابه ذلك‪ ،‬وقد ق ّ‬
‫هذا فإنهم ل يهتمون بمسألة تحري الهلل‪ ،‬بل يتكل كل واحد على غيره من‬
‫غير أن ينظر في الليلة التي ُيتوّقع بأن ُيرى فيها الهلل‪ ،‬والذي ينبغي في‬
‫هذه القضية أن َينظر الناس ولسيما من يمكنه أن يرى الهلل في تلك‬
‫ن أحكاما‬‫الليلة بل فرق بين شهر رمضان وغيره من بقية الشهور‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫ن كثيرا‬
‫ت‪ ،‬ول بأس من التذكير ببعضها نظرا إلى أ ّ‬ ‫كثيرة تتعلق بذلك كما قل ُ‬
‫من الناس َيجهلون كثيرا من هذه الحكام‪.‬‬
‫ن الله‪-‬تبارك‬‫فمن جملة هذه الحكام صيام شهر رمضان المبارك‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫وتعالى‪-‬قد عّلق الصيام على رؤية الهلل أو على إكمال شعبان ثلثين يوما‪،‬‬
‫صر الناس في مسألة ترائي الهلل فإنه قد تثبت الرؤية ول َيرى‬ ‫فإذا ق ّ‬
‫ل أحد ٌ وفي ذلك خطر عظيم ل يخفى على أحد‪.‬‬ ‫الهل َ‬
‫وكذلك يتعلق بذلك عيد الفطر المبارك‪.‬‬
‫ويتعلق بذلك صلة العيد فإنها واجبة على رأي بعض أهل العلم على‬
‫كدة على رأي‬ ‫العيان‪ ،‬وواجبة على الكفاية على رأي طائفة منهم‪ ،‬وسّنة مؤ ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وسلم‪-‬قد واظب‬ ‫طائفة من أهل العلم‪ ،‬ول شك أ ّ‬
‫رعت طيلة حياته‪ ،‬وواظب عليها المسلمون في عصره وبعد‬ ‫عليها بعد أن ُ‬
‫ش ِ‬
‫ذلك‪ ،‬ول ينبغي لحد أن ُيفّرط في أمرها‪.‬‬
‫وهكذا بالنسبة إلى شهر الحج فإنه ُتشَرع في اليوم العاشر صلة عيد‬
‫الضحى المبارك‪.‬‬
‫وكذلك َيحرم صيام يومي العيدين‪ ،‬أي صيام عيد الفطر المبارك وصيام عيد‬
‫‪180‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الضحى المبارك‪.‬‬
‫وكذلك َيحرم صيام أيام التشريق أو ُيكره على خلف بين أهل العلم في‬
‫هذه القضية‪ ،‬والكثرون على الكراهة‪.‬‬
‫ح القوال وأرجحها‪.‬‬ ‫وكذلك َيحرم صيام يوم الشك على أص ّ‬
‫ف بعَرفة‪ ،‬فإنه يكون في‬ ‫مة التي تتعلق بذلك الوقو ُ‬ ‫وكذلك من الحكام المه ّ‬
‫اليوم التاسع من ذي الحجة‪ ،‬ول يصح تقديمه على ذلك‪ ،‬كما أنه ل يصح‬
‫تأخيره أيضا‪.‬‬
‫شر‪-‬أي التسع الولى مع اليوم العاشر‪-‬من‬ ‫وكذلك ما جاء من فضل اليام الع ْ‬
‫ن العمل في هذه اليام أفضل من غيرها من سائر‬ ‫ذي الحجة‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫العام‪ ،‬كما ثبت ذلك في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬
‫فإنه ُيشَرع للنسان أن ُيكثر في هذه العشر باستثناء العاشر طبعا في‬
‫الصيام ‪ ..‬أن يكثر من الصيام ومن العمال الصالحة‪ ،‬أما الصيام فهو‬
‫مخصوص بالتسع الولى وخاصة في اليوم التاسع من ذي الحجة‪ ،‬وأما‬
‫شر جميعا‪.‬‬ ‫بالنسبة للعمال الصالحة فإنه ينبغي الكثار في الع ْ‬
‫ددا وقد يزيد‬‫ن النسان ُيؤّقت لمواله يوما مح ّ‬ ‫وكذلك بالنسبة إلى الزكاة‪ ،‬فإ ّ‬
‫المال في ذلك اليوم وقد َينقص فإذا لم ُيعَرف اليوم الحقيقي للشهر فقد‬
‫َيزيد المال في اليوم الذي تجب فيه الزكاة أو َينقص المال وهو ل َيعرف‬
‫ذلك ثم ل يؤدي الواجب الشرعي عليه في مسألة الزكاة‪.‬‬
‫دة المرأة‬‫وكذلك بالنسبة إلى كثير من الحكام المتعّلقة بالعِد َِد‪ ،‬وذلك كعِ ّ‬
‫ن المتوفى عنها زوجها تعتد ّ أربعة أشهر وعشرة أيام‬ ‫التي ُتوفي زوجها‪ ،‬فإ ّ‬
‫إن كانت غير حامل‪ ،‬وإذا وقع خلل في الشهر فإنها قد تزيد وقد تنقص وقد‬
‫دة المطّلقة إذا‬ ‫ع ّ‬
‫دة‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى ِ‬ ‫يتزوجها زوج وهي ل زالت في العِ ّ‬
‫سّنها أو لغير ذلك من المور‬ ‫ن ل ِك ِب َرِ ِ‬‫ض َ‬
‫ح ْ‬ ‫كانت غير بالغة أو كانت ممن لم ي َ ِ‬
‫المبّينة في الفقه‪.‬‬
‫ظهار واليلء‪ ،‬إلى غير ذلك من الحكام التي يطول‬ ‫وهكذا بالنسبة إلى ال ّ‬
‫المقام بذكرها‪.‬‬
‫فهذه الحكام‪-‬وغيُرها كثير‪-‬تتعلق بالشهر القمرية فينبغي لذلك ولغيره أن‬
‫صر في مثل هذه المسألة‪.‬‬ ‫ق ّ‬‫ُينتبه لهذه القضية‪ ،‬وأل ّ ي ُ َ‬
‫وكثير من الناس َيعتنون بشهر رمضان وبشهر شوال ولكنهم ل َيعتنون ببقية‬
‫الشهر وقد يقع الخطأ في شهر رجب مثل أو في شهر شعبان وبسبب ذلك‬
‫الخطأ يقع الخطأ في شهر رمضان‪ ،‬فإنه قد يقع خطأ مثل في شهر‬
‫شعبان ‪ ..‬ي َُعد بأنه قد دخل قبل أو بعد ثم لم ُير الهلل أو ل ينظر الناس إلى‬
‫ن بعد ُ والمر بعكس ذلك‪ ،‬فإذن لبد من‬ ‫ح ْ‬ ‫ن الوقت لم ي َ ِ‬ ‫الهلل ظنا منهم بأ ّ‬
‫الهتمام بمثل هذه المسائل؛ ونسأل الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن ُيوّفق الجميع لما‬
‫فيه الخير‪.‬‬
‫دت لستطلع‬ ‫صر في التصال باللجنة التي أ ُ ِ‬
‫ع ّ‬ ‫س‪ :‬هل من رأى الهلل ثم َ‬
‫ق ّ‬
‫الهلل ُيعدّ آثما ؟‬

‫‪181‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫كد من ذلك فلبد من أن ي َّتصل باللجنة‪ ,‬وإن كان ل‬ ‫ج‪ :‬إذا رأى الهلل وتأ ّ‬
‫يمكنه ذلك فلبد من أن ي َّتصل بالقاضي الذي في منطقته بل ذلك أولى‪،‬‬
‫ن اللجنة قد ل تعرف عن ذلك الشخص هل هو من العدول الذين ُيقبل‬ ‫ل ّ‬
‫خر عن ذلك مع قدرته على ذلك‬ ‫قولهم في ذلك أو ليس من أولئك‪ ,‬فإذا تأ ّ‬
‫فإنه آثم والعياذ بالله تبارك وتعالى؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ن اللجنة‪-‬مثل‪-‬‬
‫ن الرؤية ثبتت حقيقة إل أ ّ‬
‫س ‪ :4‬البعض يشك في نفسه من أ ّ‬
‫ن البلد الفلني قد صاموا فلماذا ل‬
‫لم يصلها خبرها فهو يشك ويقول‪ " :‬إ ّ‬
‫أصوم معهم ؟! " فيصوم استنادا على الشك الذي يوجد في نفسه ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ إذا كانت قد ثبتت الرؤية‪-‬قد رأى هو نفسه الهلل أو قد‬
‫رآه من يثق بدينه ‪ ..‬أي من ُتعتَبر رؤيته شرعا‪-‬فنعم يجب عليه هو وعلى‬
‫غيره أن يصوم‪.‬‬
‫ت الكلم عليها في‬ ‫مة لبد من التنبيه عليها‪-‬وقد أطل ُ‬
‫ولكن هنالك نقطة مه ّ‬
‫العام الماضي )‪ (2‬ولذلك ل أرى داعيا من الطالة عليها في هذه الليلة‪-‬‬
‫وهي قضية اختلف المطالع‪ ,‬فقد تثبت الرؤية في بعض البلدان بشهادة‬
‫شهود معتَبرين شرعا ولكن تلك البلدة أو تلك القرية تختلف مطالعها عن‬
‫بلدنا هذه فنحن ل نقدح في صيامهم ونقول على من كان في ذلك المكان‬
‫قا وصدقا يجب عليهم الصيام‪ ,‬أما من تختلف‬ ‫إذا كانت الرؤية قد ثبتت ح ّ‬
‫مطالعه عن مطالعهم فليس له أن يصوم بصيامهم‪ ،‬وقد جاء في الحديث‬
‫ت في‬‫عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ما يدل على ذلك‪ ،‬وقد أطل ُ‬
‫ذلك في العام الماضي ول أرى داعيا الن من الطالة‪ ،‬فإذن هذا هو صيام‬
‫ك )‪ (3‬الذي تكّلمنا فيه سابقا‪ ،‬وليس له أن يصوم بصيام قرية أو بلدة‬ ‫الش ّ‬
‫بعيدة تختلف مطالعها عن مطالع بلده‪ ،‬وإل فإنه يكون قد صام الصوم‬
‫المنهي عنه؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذن فل داعي لمثل هذا الشك ؟‬
‫ج‪ :‬أي نعم‪ ،‬ل داعي لمثل ذلك‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬أحكام الصوم المستحب والمكروه والمحرم‬
‫س‪ :‬ما هو الصيام المحرم والمكروه والمستحب ؟‬
‫ج‪ :‬قد ُرويت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أحاديث‬
‫كثيرة تدل على ندبية صيام بعض اليام وعلى تحريم وكراهة صيام بعض‬
‫اليام الخرى‪ ،‬والمقام ل َيسمح بأن أذكر تلك الحاديث التي ُرويت عن‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪ 1...‬بأ ّ‬
‫ن الوقت ل َيسمح بذلك كما‬
‫ت‪.‬‬
‫أشر ُ‬
‫‪ (1‬الصوم الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫‪2‬‬
‫* صيام ستة أيام من شوال‬

‫‪-1‬وقع هنا‪-‬للسف‪-‬انقطاع في الشريط لخلل أثناء تسجيله من التلفزيون‪ ،‬ويبدو أنه غير مؤّثر في جواب الشيخ‪.‬‬
‫‪ - 2‬وسئل فضيلته عن بعض أحكام صيام اليام الستة وهي كالتالي ‪:‬‬
‫ح تفِريُقها ؟‬
‫صّ‬
‫شّوال‪ ،‬هل َيْلَزم أن َتكون هذه اليام ُمَتَتاِبعة أو أّنه ي ِ‬
‫سّتة أيام ِمن َ‬
‫صَيام ِ‬
‫س ‪ِ :1‬‬
‫ص على ثبوت هذه‬ ‫سّنة الّنِبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وقد َن ّ‬ ‫ستِة أّياٍم ِمن شوال ثبت في ُ‬
‫صياَم ِ‬
‫ن ِ‬
‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫ث الواِرد عن النبي ‪ ‬في ذلك جماعٌة كبيرة ِمن أهل العلم‪،‬‬ ‫حت الحدي َ‬ ‫حَ‬
‫سّنة طائفٌة كبيرة جدا ِمن العلماء‪ ،‬وقد ص ّ‬‫ال ّ‬
‫‪182‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من‬‫فثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬المر بصيام ستة أيام ِ‬
‫شوال‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫ن ذلك ليس بشيء‪ ،‬إذ إنهم لم يأتوا بعلة‬ ‫وقد َقدح بعض العلماء فيه ولك ّ‬
‫حة هذا الحديث‪ ،‬فهو حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه‬ ‫َتقدح في ص ّ‬
‫كره َ صيام هذه اليام سواء‬‫ة من َ‬
‫ن كراه َ‬
‫وعلى آله وسلم‪ ،‬وبذلك َيتبّين بأ ّ‬
‫كان ذلك بعد العيد مباشرة أو كان في أثناء الشهر ولو كان متأخرا ليس‬
‫بشيء‪.‬‬

‫شكّ أّنه صحيح ثابت‬ ‫ث الواِرد ِبذلك ل َ‬ ‫جْمهور الّمة‪ ،‬والحدي ُ‬ ‫ب ُ‬ ‫ت‪-‬هو مذه ُ‬ ‫شْر ُ‬ ‫ل ِبمشروعيِة صيام هذه اليام‪َ-‬كَما أ َ‬ ‫والقو ُ‬
‫عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫لمة الحافظ‬ ‫صح عن النبي ‪ ‬وذكر كلما ل قيمة له‪ ،‬وقد تَوّلى الرّد عليه الع ّ‬ ‫ث ل َي ِ‬ ‫ن هذا الحدي َ‬ ‫حَية ِبأ ّ‬‫وقد َذكر ابن ِد ْ‬
‫ت له‬‫ت قد وقع ْ‬ ‫جاَد في أغلب ما َذَكره وإن كان ْ‬ ‫الَعلئي وذكر أغلب الحاديث التي جاءت عن النبي ‪ ‬في ذلك وقد َأ َ‬
‫غَباَر‬
‫حل ُ‬ ‫ث ما َيتعّلق ِبهذه القضية ‪ ..‬أي ِمن حيث الصيام صحي ٌ‬ ‫ن جواَبه في الجملة ِمن حي ُ‬ ‫ض الخطاء في ذلك ولك ّ‬ ‫بع ُ‬
‫ض المور الخرى التي ل َتَتَعّلق ِبهذه الجزئية‪.‬‬ ‫ت حول ذلك في بع ِ‬ ‫ت لنا مناقشا ٌ‬ ‫عليه وإن كان ْ‬
‫سّنة‪ ،‬ول ينبغي لحد َيْقِدر على ذلك أن ُيفّرط فيه‪ِ ،‬لما جاء ِمن الجر العظيم‬ ‫ص ال ّ‬‫ع ِبَن ّ‬ ‫شُرو ٌ‬ ‫فإذن صياُم هذه اليام َم ْ‬
‫والثواب الجزيل في صياِم هذه اليام‪.‬‬
‫جمهور الّمة‬ ‫ت‪ُ -‬‬ ‫ث َلم َيَتَعّرض لَتَتابع هذه اليام وِلَعَدم تتابعها وإّنما جاء ِبمشروعيِة صياِم هذه اليام‪ ،‬و‪-‬كما أشر ُ‬ ‫والحدي ُ‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫ن ذلك ل َينبِغي‪ ،‬وَلم َيأتوا ِبشيءٍ ُيمكن العتماُد عليه‪ ،‬وإّنما َلم َيثُبت لديهم هذا الحديث‪،‬‬ ‫ض العلماء ذهب إلى أ ّ‬ ‫وبع ُ‬
‫طُرق الصحيحة‪ ،‬ونظرا ِلذلك قالوا ِبما قالوه‪.‬‬ ‫طِلعوا على ال ّ‬ ‫ِلَكْوِنهم َلم َي ّ‬
‫ل ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫سّنة رسو ِ‬ ‫حيطَ ِب ُ‬ ‫ي ِمن العلم ل ُيمكنه أن ُي ِ‬ ‫ن النسان مهما ُأوِت َ‬ ‫ن َمّرة أ ّ‬ ‫وذكرنا أكثر ِم ْ‬
‫ت عليه الحجة ِبذلك فل َينبِغي له أن َيْلَتِفت إلى‬ ‫ض السنن‪ ،‬وَمن قام ْ‬ ‫عليه بع ُ‬ ‫خِفَيت َ‬ ‫عْلًما‪ ،‬فما ِمن عاِلم ِمن العلماء إل وقد َ‬ ‫ِ‬
‫طَلع على‬ ‫ن حاله ِبأّنُه َلو ا ّ‬‫ت مْنِزلُة قائله بل ذلك القائل الذي قال ِبخلف تلك السّنة َنْعَلُم ِم ْ‬ ‫جَّل ْ‬
‫ل ُيخاِلف السّنة وإن َ‬ ‫ي َقْو ٍ‬
‫أ ّ‬
‫ع الناس أخذًا ِبذلك‪.‬‬ ‫جة َلَكان ِمن أسر ِ‬ ‫ق َتقوُم ِبها الح ّ‬ ‫ن طري ٍ‬ ‫تلك السّنة ِم ْ‬
‫صل ِبشهِر رمضان أما إذا صام بعَد ُمّدة في شهر شوال‬ ‫ن ذلك ل َينبِغي إذا كان ذلك ُمّت ِ‬ ‫ض العلماء إّنما قال ِبأ ّ‬ ‫ن بع َ‬ ‫على أ ّ‬
‫فل بأس ِبذلك‪.‬‬
‫ن صيام هذه‬ ‫ل بين رمضان وَبْي َ‬ ‫صَ‬ ‫شرة لنه قد َف َ‬ ‫والصحيح‪-‬كما قلنا‪-‬أّنه ل مانع ِمن أن َيصوَم تلك اليام ولو بعَد الِعيد مبا َ‬
‫حّمِدية على صاحبها وآله أفضل‬ ‫ص السّنة الـُم َ‬‫جَماع الّمة السلمية وَن ّ‬ ‫ع ِبإ ْ‬‫ن صياَمه َمْمُنو ٌ‬ ‫طر‪ ،‬فإ ّ‬ ‫السّتة اليام ِبَيْوِم الِف ْ‬
‫الصلة والسلم‪.‬‬
‫طر يوِم الِعيد‪ ،‬فل اّتصال بْين هذه‬ ‫جنا منه ِبحمِد ال‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬بِف ْ‬ ‫خَر ْ‬‫عاُه أولئك العلماء في هذه القضيِة َ‬ ‫َفِإَذن ما َرا َ‬
‫اليام وبْين شهِر رمضان المبارك‪.‬‬
‫ن أن ُيَتاِبَع بْين‬ ‫صل في ذلك فِللنسا ِ‬ ‫ت َلم ُتف ّ‬‫صل في ذلك‪ ،‬وما دام ْ‬ ‫سّنة َلم ُتَف ّ‬
‫ت ال ّ‬ ‫ن ناحية الّتَتاُبع وعدم الّتَتاُبع فكما قل ُ‬ ‫أما ِم ْ‬
‫طر يوَمْين أو ثلثة أو أربعة أو أن َيصوم‬ ‫صوم يوما وُيْف ِ‬ ‫ن َي ُ‬‫طَر يوما أو َأ ْ‬ ‫صوَم يوما وأن ُيْف ِ‬ ‫هذه اليام وله‪-‬أيضا‪-‬أن ي ُ‬
‫ضل والخْير‪،‬‬ ‫ن باب المسابَقة إلى الَف ْ‬ ‫ن تابع فذلك خْير لّنه ِم ْ‬ ‫طر يوما أو يوَمْين أو ما شابه ذلك ‪ِ ..‬إ ْ‬ ‫يوَمْين أو ثلثة ُثم ُيْف ِ‬
‫خر فل بأس عليه‬ ‫ش في هذه الدنيا الفاِنية‪ ،‬ولكن إن أراد أن ُيَؤ ّ‬ ‫سَيِعي ُ‬‫ن حياِته شيئا فل َيدِري إلى متى َ‬ ‫ن ل َيمِلك ِم ْ‬ ‫والنسا ُ‬
‫ِبمشيئة ال تبارك وتعالى ‪ ..‬المهم أن َيصوَم هذه اليام في هذا الشهر وله الجُر والثواب ِبمشيئة ال تبارك وتعالى‪.‬‬
‫ن طائفًة ِمن‬ ‫نأّ‬ ‫سَنة وأظُ ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ض اليام ِم َ‬ ‫ن مَتَعّدَدة في مشروعيِة صياِم بع ِ‬ ‫سَن ٌ‬
‫ت ُ‬ ‫وقد َذَكْرَنا أكثر ِمن َمّرة أنه قد ثبت ْ‬
‫ع صياُمها‪ ،‬فَينبغي ِللنسان ألّ‬ ‫شَر ُ‬ ‫عَرُفوا ِمن خلِلها تلك اليام التي ُي ْ‬ ‫المستمِعين الفاضل قد استَمعوا إلى تلك الجوبة و َ‬
‫ث عليه أو بّين فضَله وعظيَم منزلِته؛ وال‪-‬تبارك‬ ‫ح ّ‬‫ُيفّرط في الصياِم المندوب الذي كان َيأِتي ِبه النبي ‪ ‬أو أنه َ‬
‫وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫س ‪َ :2‬من كانت عليه أيام قضاء وقد تكون سّتة أيام فُيِريد أن َيصوَم هذه السّتة اليام و‪-‬أيضا‪َ-‬ينوي معها‬
‫صيام السّتة ِمن شوال ؟‬
‫ج‪ :‬يعني هل َيصوم سّتة أيام فقط وتكون قضاءً وفي الوقت نفسه تكون نفل ؟‬
‫‪183‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من شاء أن يصومها متتاِبعة‬


‫من شاء أن يصوم هذه اليام متفّرقة فله و َ‬ ‫و َ‬
‫فله‪ ،‬إذ إنه لم َيثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ما‬
‫من تتاُبعها‪ ،‬والحديث الذي جاء عنه الذي يدل على تتابعها‬‫يدل على أنه لبد ِ‬
‫ل يثبت عنه لضعف إسناده‪.‬‬
‫* صيام يوم عرفة‬
‫وكذلك ثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬المر بصيام يوم‬
‫عََرَفة‪-‬وبّين صلى الله عليه وعلى آله وسلم فضَله وأنه ي ُك َ ّ‬
‫فُر سنتين سنة‬
‫من لم يكن واقفا بعََرَفة‪ ،‬وأما َ‬
‫من كان وافقا‬ ‫قبله وسنة بعده‪-‬وهذا خاص ب ِ َ‬

‫س‪ :‬نعم‪.‬‬
‫خمسة أو‬ ‫ن كانت عليه سّتة أيام أو سبعة أو َ‬ ‫سّتة أيام إ ْ‬‫صْم الفريضة ِ‬ ‫ن أراد أن َيصوم الُكل َفْلَي ُ‬ ‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬هذا ل ُيْمِكن‪ ،‬إ ْ‬
‫جِزيِه عن‬ ‫جمع بينهما في ِنّيٍة واحدة ِبحيث َتكون هذه اليام ُت ْ‬ ‫ن َي ْ‬
‫ن شوال‪ ،‬أّما أ ْ‬ ‫لّيام التي عليه وَيصوم سّتة أيام ِم ْ‬ ‫با َ‬
‫س ِ‬‫حْ‬‫ِب َ‬
‫صح‪.‬‬ ‫جِزيه عن السّتة اليام المشروع صيامها فهذا ِمّما ل َي ِ‬ ‫قضاِء شهِر رمضان وُت ْ‬
‫خَ‬
‫ل‬ ‫حى مثل دَ َ‬ ‫ضَ‬
‫شَرع لذاِتها ‪ ..‬مثل َلْو أراد النسان أن ُيصّلي ركعتين وَيْنِوي ِبِهما ال ّ‬ ‫ض المور التي ل ُت ْ‬ ‫إّنما ذلك في بع ِ‬
‫صوَدة ِلذاِتها وإّنما المهم‬ ‫ت َمْق ُ‬‫ن َتحيَة المسجد ليس ْ‬ ‫صّلى َركعَتْين فُتجزيه هاَتان الركعتان عن َتحية المسجد‪ ،‬ل ّ‬ ‫المسجد و َ‬
‫سّنة أو ما شابه ذلك فل بأس بعد ذلك ِمن‬ ‫ي ِبركعتْين فإذا صّلى فريضة أو نافلة أو ُ‬ ‫ل َيجِلس النسان إل بعَد أن َيأِت َ‬ ‫أّ‬
‫حّقه ِبمشيئة ال تبارك وتعالى‪ ،‬وكذلك لو أتى ِبأكثر ِمن ركعتين ‪ ..‬لو‬ ‫ع في َ‬ ‫شِر َ‬
‫الجلوس ول شيَء عليه وَيكون قد أّدى ما ُ‬
‫جِلس فل بأس‬ ‫ل أن َي ْ‬ ‫صّلى فريضَة العشاء أو فريضَة الظهر أو العصر أو ما شابه ذلك قب َ‬ ‫أتى ِبأربع ركعات ‪ ..‬مثل َ‬
‫ي َمن َيقول ِبالّتَنّفل ِبالركعة الواحدة وَنحن ل نرى ذلك أبدا وإّنما‬ ‫صّلى ركعًة واحدة على رأ ِ‬ ‫جِزيِه أن لو َ‬ ‫عليه‪ ،‬وإّنما ل ُي ْ‬
‫ن َيَتَنّفل ِبركعٍة واحدة فهذا ِمّما َلم َيِرد‬ ‫ن ُيوِتَر ِبركعٍة واحدة أما أ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ل تقدير ‪ ..‬نعم ُيْمِك ُ‬ ‫ي ركعتْين على أق ّ‬ ‫لُبّد ِمن أن ُيصّل َ‬
‫ب دليل ُيْعَتَمُد عليه؛ وال‬ ‫ص َ‬‫ن أقواَلُهم تلك َتْفَتِقُر إلى الدليل ول ُيْمِكن أن ُتْن َ‬ ‫ن أهل العلم‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ن قال ِم ْ‬ ‫سّنة وإن قال ِبه َم ْ‬ ‫في ال ّ‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬
‫س‪َ :‬من أراد أن َيصوم هذه السّتة وُيَوّزعها على الثنين والخميس واليام الِبيض‪ ،‬هل له ذلك ِبهذه النية ؟‬
‫ن َيصوم سّتة أيام ‪َ ..‬يصوم‪-‬مثل‪َ-‬يْوَم الثنين والخميس أو َيصوم الثالث عشر والرابع عشر‬ ‫ج‪ :‬ل َماِنع ‪ُ ..‬مْمِكن أ ْ‬
‫والخامس عشر ‪ ..‬ل مانع ِمن ذلك ِبمشيئِة ال تبارك وتعالى‪.‬‬
‫س ‪ :4‬هل ُيقّدم القضاء أو الّنْفل ِبالنسبة ِللسّتة أيام ِمن شوال ؟‬
‫ل عليه أ ْ‬
‫ن‬ ‫ضل الوارد في صياِم هذه الست فإّنه أّو ً‬ ‫ن النسان إذا أراد الف ْ‬ ‫ض أهل العلم إلى أ ّ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ ذهب بع ُ‬
‫حّقه أّنه صام رمضان والحديث يقول‪:‬‬ ‫صُدقُ في َ‬ ‫ض ل َي ْ‬ ‫ضي رمضان ‪ ..‬طبعا إن كان عليه هنالك قضاء‪ ،‬لّنه إن َلم يْق ِ‬ ‫َيق ِ‬
‫ق عليه هذا الحديث‬ ‫صُد ُ‬
‫ن شهِر رمضان ل َي ْ‬ ‫ض اليام ِم ْ‬ ‫ض بع َ‬ ‫ت ِمن شوال ( فَمن َلم َيْق ِ‬ ‫) َمن صام رمضان ُثم أْتَبَعُه ِبس ّ‬
‫عند هؤلء العلماء الذين قالوا ِبهذا الرأي‪.‬‬
‫طَرها في شهِر‬ ‫ض اليام قد َأْف َ‬ ‫ل على ذلك ِبَمشيئة ال‪-‬تعالى‪-‬وَلْو كانت هنالك بع ُ‬ ‫صُ‬ ‫ح ُ‬‫ن أهل العلم إلى أّنه َي ْ‬ ‫وذهبت طائفة ِم ْ‬
‫ضي ما عليها‬ ‫ق السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعالى عنها‪-‬أّنها كانت تق ِ‬ ‫رمضان وَلم َيُقْم ِبقضائها َبْعد‪ ،‬ذلك لّنه ثبت ِمن طري ِ‬
‫جدا أن َتْترك‬ ‫سَتْبَعد ِ‬‫ن الم ْ‬‫ب هذا الشهر‪ ،‬وقالوا‪ِ " :‬م َ‬ ‫ن النبي ‪ ‬كان َيصوم أ ْ‬
‫غَل َ‬ ‫ِمن شهِر رمضان في شهِر شعبان ل ّ‬
‫السيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنها‪-‬صياَم النفل في هذه المّدة ِبحيث إّنها ل َتصوم إل شهر رمضان فقط مع أّنها‬
‫ت الفضل العظيم ِمن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬في صياِم هذه اليام وفي غيرها ِمن اليام التي َوَرَد‬ ‫سمع ْ‬ ‫َ‬
‫خَذ ِبأمٍر مُّتَفق عليه بْين أهل‬ ‫ي الّول فإّنه َأ َ‬ ‫ن أخذ ِبالرأ ِ‬ ‫ي وجيه ولكن َم ْ‬ ‫ي رأ ٌ‬ ‫ن هذا الرأ َ‬ ‫ك ِبأ ّ‬‫شّ‬ ‫الفضل في صيامها "‪ ،‬ول َ‬
‫ن هذا القول ِمن‬ ‫ن الحتمال ما فيه‪ ،‬فإّنَنا وإن كّنا َنَرى أ ّ‬ ‫جميعا بينما هذا المر فيه ِم َ‬ ‫ث ِباّتفاقهم َ‬ ‫ق عليه الحدي ُ‬ ‫صُد ُ‬
‫العلم وَي ْ‬
‫طَع ِبه ِلُوُروِد الحتمال كما ل َيخفى؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬ ‫ن َنْق َ‬
‫القّوة ِبمكان ولكّنَنا ل نستطيع َأ ْ‬
‫س ‪َ :5‬من لم َيصم الست ِمن شوال إلى هذا الوقت ] ‪ 8‬شوال [‪ ،‬هل له أن يصوم ؟‬
‫ن الوقت ل زال باقيا؛ وال‪-‬تعالى‪-‬أعلم‬ ‫ج‪ :‬نعم له أن يصوم‪ ،‬ل ّ‬

‫‪184‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫بعََرَفة فإنه ل ُيشَرع له الصيام‪ ،‬ل ّ‬
‫لم َيصم ذلك اليوم عندما كان واقفا بعََرَفة‪.‬‬
‫وقد جاء عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬حديث يدل على النهي‬
‫ن ذلك الحديث ل َيصح عن النبي صلى‬ ‫من كان واقفا بعََرَفة ولك ّ‬ ‫عن صيامه ل ِ َ‬
‫ن في إسناده مجهول‪ ،‬فالنهي عن صيامه ل‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ل ّ‬
‫ن النسان ينبغي له أن َيقتدي بالنبي صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫َيصح ولك ّ‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫من شهر‬ ‫من ذي الحجة وأول يوم ِ‬ ‫وجاء حديث فيه المر بصيام آخر يوم ِ‬
‫ن هذا الحديث ل َيثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫المحرم ولك ّ‬
‫ن هذا الصيام ي ُك َ ّ‬
‫فُر‬ ‫‪2‬‬
‫ضاع بأ ّ‬
‫كر ذلك الو ّ‬ ‫وسلم‪ ،‬فهو حديث موضوع‪ ،‬وقد ذ َ َ‬
‫ت‪-‬باطل ل َيثبت ‪..‬‬ ‫خمسين سنة وهو‪-‬كما قل ُ‬
‫* صيام شهر المحرم‬
‫نعم ثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬المر بصيام شهر‬
‫المحرم‪ ،‬فالحديث الدال على صيام شهر المحرم ثابت عن النبي صلى الله‬
‫ضل الذي ثبت‬
‫ضمن هذا الف ْ‬
‫م الول في ِ‬‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وَيدخل اليو ُ‬
‫عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ل بدللة ذلك الحديث الموضوع‪.‬‬
‫* صيام يوم عاشوراء‬
‫وأفضل الصيام في شهر المحرم هو صوم اليوم العاشر‪ ،‬وهو المعروف‬
‫بصوم يوم عاشوراء‪ ،‬فقد ثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫فُر سنة قبله‪.‬‬‫أنه كان َيصومه بل ثبت عنه أنه أمر بصيامه وأنه ي ُك َ ّ‬
‫والفضل أن يصومه مع اليوم التاسع وإن اقتصر عليه فله ثوابه بمشيئة الله‬
‫تبارك وتعالى‪.‬‬
‫وقد جاء حديث في النهي عن صيامه مفَردا والمر بصيامه مع يوم ٍ قبله أو‬
‫ن ذلك الحديث ل َيثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫مع يوم ٍ بعده ولك ّ‬
‫ن الكمل بأن‬ ‫من قال بأ ّ‬ ‫ن في إسناده ضعيفا ومجهول‪ ،‬فقول َ‬ ‫وسلم‪ ،‬ل ّ‬
‫َيصومه النسان مع يوم ٍ قبله ومع يوم ٍ بعده لم أجد ما يدل عليه‪.‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬صوم " بدل ِمن " يوم " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫‪-2‬قال الشيخ‪ " :‬الحديث " بدل ِمن " الصيام " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫‪185‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ضل صيامه مع يوم ٍ قبله وثبت‪-‬أيضا‪-‬المر بصيامه‬‫وإنما ثبت الحديث بف ْ‬


‫مفَردا‪.‬‬
‫م عاشوراء هو اليوم التاسع ولكّنه حديث ضعيف‬‫ن يو َ‬
‫وقد جاء في رواية أ ّ‬
‫بل باطل ل َيثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫* صيام أغلب شعبان‬
‫وثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه كان َيصوم شهر شعبان‬
‫‪ ..‬جاء في بعض الروايات أنه كان يصوم شهر شعبان‪ ،‬وجاء في بعضها ما‬
‫يدل أنه كان يصوم أغلب شعبان‪ ،‬وهذه الرواية هي الرواية الصحيحة‪ِ ،‬لما‬
‫دم رمضان‬ ‫من النهي عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬عن َتق ّ‬
‫ثبت ِ‬

‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه له نصه كالتالي ‪:‬‬


‫س ‪ :1‬ما حكم صيام شهر شعبان ؟‬
‫ح ِمن شمس الظهيرة أنه كان َيصوم في شهر شعبان‪ ،‬وشهرُة ذلك ُتغني عن الطالِة‬ ‫ج‪ :‬قد ثبت عن النبي ‪ ‬ثبوتا أوض َ‬
‫ب الذي كان َيدعو النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى‬ ‫ت على ذلك كلمُة أهل العلم وإن اختلفوا في السب ِ‬ ‫ص ْ‬ ‫ِبِذْكِر َمن رواه‪ ،‬وقد َن ّ‬
‫ل على واحٍد ِمن تلك‬ ‫جْد حديثا صحيحا ثابتا َيد ّ‬ ‫ل متعّددة ولم َأ ِ‬ ‫آله وصحبه وسلم‪ِ-‬لصياِم هذا الشهر‪ ،‬ولهم في ذلك أقوا ٌ‬
‫ت ِمن ورائه فائدةٌ كبيرة‪،‬‬ ‫ل ِبه المقام‪ ،‬وليس ْ‬ ‫ل ِبها القائلون على تلك القوال َيطو ُ‬ ‫ك الحاديث التي استد ّ‬ ‫القوال‪ ،‬وِذْكُر تل َ‬
‫ت واحٍد ِمن تلك الحاديث‪.‬‬ ‫ت منها شيء وإن اّدعى بعضهم ثبو َ‬ ‫ت‪-‬ل َيثب ُ‬ ‫إذ إنها‪-‬كما قل ُ‬
‫ل شهر‬ ‫ل عن صياِم ثلثِة أياٍم ِمن ك ّ‬ ‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬كان َيشتِغ ُ‬ ‫ض العلماء ذهب إلى أ ّ‬ ‫فبع ُ‬
‫ك اليام فَيصوُمها صلوات ال وسلمه عليه في شهِر شعبان‪ ،‬وعلى هذا َمن لم َيشتِغل‬ ‫ِبالجهاِد أو ِبغْيِره وكان َيجَمُع تل َ‬
‫ت‪-‬فل ُيمكن أن‬ ‫ث ضعيف‪-‬كما أشر ُ‬ ‫ن في حّقه أن َيصوَم هذا الشهر‪ ،‬ولكن هذا مبني على حدي ٍ‬ ‫سّ‬‫عن تلك اليام فإنه ل ُي َ‬
‫ُيعتَمَد عليه‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إنه صلوات ال وسلمه عليه كان َيصوُم في هذا الشهر أكثَر ِمن غْيِره مراعاًة لزواجه‪-‬رضوان ال عليهن‪-‬إذ‬
‫س هذا تماما‪.‬‬ ‫ل على عك ِ‬ ‫ن في هذا الشهر قضاَء شهِر رمضان‪ ،‬والواقُع َيد ّ‬ ‫صْم َ‬‫ن َي ُ‬‫إّنهن ُك ّ‬
‫ل ِذْكُره‪ ،‬ول دليل على ذلك‪.‬‬ ‫وقيل بغْيِر هذه القوال ِمّما َيطو ُ‬
‫صْمه صلوات ال وسلمه عليه‬ ‫ن صياَم هذا الشهِر سّنة عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولم َي ُ‬ ‫والظاهُر لي ِبأ ّ‬
‫ن ذلك ليس ِمن السَنن المقصودة عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬وإنما َيصوُمه َمن‬ ‫خر حتى ُيقال إ ّ‬ ‫مراعاًة لمٍر آ َ‬
‫ل ما َوَقَع ِللنبي ‪ ‬فإنه َيبقى كبقيِة‬ ‫َوَقَع له كما َوَقَع ِللنبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أما َمن لم َيَقْع له َكِمث ِ‬
‫ل على شيٍء منها على أ ّ‬
‫ن‬ ‫ك القوال التي قالوها ل دلي َ‬ ‫ع في هذا الشهر‪ ،‬وتل َ‬ ‫ن ذلك مشرو ٌ‬ ‫الشهر الخرى ‪ ..‬الصحيح أ ّ‬
‫ن ذلك مقصوٌد منه صلوات ال وسلمه عليه وأنه سّنة ثابتة عنه‪.‬‬ ‫ل على أ ّ‬ ‫ضها َيد ّ‬‫بع َ‬
‫ط في صياِم هذا الشهر وأنه سّنة ثابتة عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ول َيلزمنا‬ ‫والحاصل أنه ل َينبغي التفري ُ‬
‫ن ال‪-‬تبارك وتعالى‪َ-‬يجع ُ‬
‫ل‬ ‫صُه النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أكثَر ِمن غْيِره ِمن بقيِة الشهور فإ ّ‬ ‫خ ّ‬ ‫أن نعرف لماذا َ‬
‫ل ال ‪ ‬وإن‬ ‫ل فعلينا أن َنّتِبَع رسو َ‬ ‫طلْعنا على الحكمة فِبها وإ ّ‬ ‫ضل في ما شاءه ‪ِ ‬من الشهوِر واليام والليالي فإذا ا ّ‬ ‫الف ْ‬
‫جِلها ذلك الصيام أو تلك الصلة أو تلك العبادة التي كان َيَتَعّبُد ِبها النبي‪-‬صلوات ال‬ ‫ع ِمن أ ْ‬ ‫شِر َ‬‫لم َنْعَلم الحكمة التي ُ‬
‫وسلمه عليه‪-‬أو أنه َأَمَرنا ِبها‪.‬‬
‫ن النبي ‪ ‬كان َيصوُم شهَر شعبان كّله‪ ،‬وجاءَ في‬ ‫ق السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعالى عنها‪-‬أ ّ‬ ‫ث ِمن طري ِ‬ ‫وقد جاَء في الحدي ِ‬
‫ل قليل منه "‪ ،‬وقد اختَلف العلماء في ذلك‪:‬‬ ‫ن كّله إ ّ‬
‫بعضها‪ " :‬كان َيصوُم شهَر شعبا َ‬
‫‪-1‬منهم َمن ذهب إلى أنه صلوات ال وسلمه عليه كان في بعض السنوات َيصوُم شهَر شعبان كّله وكان في بعضها‬
‫ض السنوات وُتحَمل الخرى على السنوات‬ ‫ضه على بع ِ‬ ‫ضه‪ ،‬فُتحَمل الرواية التي فيها أنه كان َيصوُم بع َ‬ ‫َيصوُم بع َ‬
‫الخرى‪.‬‬
‫ض شعبان ثم بعَد ذلك كان َيصوُم الشهَر كّله‪،‬‬ ‫‪-2‬وذهب بعضهم إلى أنه كان صلوات ال وسلمه عليه َيصوُم أّول بع َ‬
‫ت‪-‬أيضا‪-‬على هذا‪.‬‬ ‫وُتحَمل الروايا ُ‬
‫‪-3‬وذهب بعضهم إلى أنه صلوات ال وسلمه عليه كان َيصوُم ِمن أّول الشهر في بعض الحيان وكان َيصوُم في‬
‫ص وقتا ِمن هذا الشهر بل كان‬ ‫خر الشهر فما كان صلوات ال وسلمه عليه َيخ ّ‬ ‫ف الشهر وكان َيصوُم في أوا ِ‬ ‫منتص ِ‬
‫طه وتارًة في أواخِر الشهر‪ ،‬وعلى ذلك ُتحَمل الروايات‪.‬‬ ‫َيصوُم تارًة في أّوله وتارًة في وس ِ‬
‫‪186‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ظب‬‫ِبصوم يوم أو يومين‪ ،‬فالرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬كان ُيوا ِ‬
‫على صيام أغلب شعبان‪ ،‬والرواية الخرى محمولة على الغاِلب‪.‬‬
‫ن هذه الرواية‬‫من شعبان ولك ّ‬ ‫وجاءت رواية فيها المر بصيام الخامس عشر ِ‬
‫باطلة ل تصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وجاء في رواية أخرى أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن صيام‬
‫ملها بعض العلماء على اليوم الخامس عشر‪،‬‬ ‫ح َ‬‫من شعبان‪-‬وقد َ‬
‫النصف ِ‬
‫شقّ عليه ذلك‪،‬‬‫من كان ي َ ُ‬
‫من شعبان ل ِ َ‬‫وحملها بعضهم على النصف الثاني ِ‬
‫من منتصف شهر شعبان وهذا‬ ‫من ابتدأ الصوم ِ‬‫وحملها بعض العلماء على َ‬
‫ن هذه‬‫بناء على ثبوت هذه الرواية كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء‪-‬ولك ّ‬
‫الرواية ل َتثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬على الصحيح‪-‬كما‬
‫‪1‬‬
‫من أهل العلم‪.‬‬ ‫هو مذهب جماعة كبيرة ِ‬
‫ب الشهر‪ ،‬وإطلقُ الكل على الغلب ِمن بابِ‬ ‫‪-4‬وذهب بعضهم إلى أنه‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬كان َيصوُم أغل َ‬
‫ت هذا‬
‫ق السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعالى عنها‪-‬التي َرَو ْ‬ ‫ت ِمن طري ِ‬ ‫ب إليه‪ ،‬فإنه قد ثب َ‬‫المجاز؛ وهذا هو الرأي الذي أذه ُ‬
‫ل شهَر رمضان‪ ،‬وفي هذا دللٌة واضحة على أنه صلوات ال وسلمه عليه‬ ‫طإّ‬ ‫ل صياَم شهٍر ق ّ‬‫الحديث أنه ‪ ‬ما استكم َ‬
‫ب الشهِر‪ ،‬وتقريُر ذلك َيطول وفي هذا كفايٌة إن شاء ال تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫ما كان َيصوُم الشهَر كّله وإنما كان َيصوُم أغل َ‬
‫‪ - 1‬وقد سئل فضيلته عن حكم صيام النصف من شعبان في أسئلة أخرى منها ‪:‬‬
‫س ‪ :8‬ذكرتم في حلقة ماضية حديثا ورد في النهي عن صيام ما بعد النصف من شعبان ‪ ..‬الرجاء توضيح جوابكم‬
‫أكثر‪.‬‬
‫ن ما روي عن النبي‪-‬‬ ‫ت‪ :‬إنه قد ورد في ذلك حديث مروي عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬ونحن نعلم أ ّ‬ ‫ج‪ :‬نعم قل ُ‬
‫صلى ال عليه وسلم‪-‬منه الصحيح ومنه الحسن ومنه الضعيف‪ ،‬أو بعبارة أخرى منه الصحيح المقبول ومنه الباطل‬
‫المردود‪ ،‬وهذا الحديث‪-‬الذي تشير أنت إليه الن وذكرناه في تلك الليلة‪-‬حديث ل يثبت عن النبي صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وصحبه وسلم‪ ،‬ومادام هذا الحديث غير ثابت عنه‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬فإنه ل يترتب عليه شيء من الحكام‬
‫الشرعية‪ ،‬وقد ثبت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬ما يخالف ذلك‪ ،‬حيث إنه قد ثبت عنه‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬أنه‬
‫كان يصوم شهر شعبان أو‪-‬كما في بعض الروايات‪-‬كان يصوم أغلبه‪ ،‬فإذن ينبغي للنسان أن ُيكِثر من الصيام في شهر‬
‫شعبان ولو كان ذلك بعد الخامس عشر منه‪-‬ول ينبغي له أن يلتفت إلى ذلك الحديث الباطل المنَكر الذي ل يثبت عن‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم‪-‬وإنما يتوقف عن الصيام إذا بقي يوم أو يومان من شهر شعبان إل إذا كان يصوم قضاء أو‬
‫كفارة أو نذرا أو كان يصوم صياما قد اعتاد أن يصومه؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :5‬هناك من سمع أو قرأ بأّنه ورد نهي عن الصيام بعد نصف شهر شعبان‪ ،‬فهل ُينهى عن الصيام بعد نصف شهر‬
‫شعبان ؟‬
‫ج‪ :‬نعم ُروي حديث عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فيه النهي عن صيام النفل إذا انتصف شهر شعبان ‪..‬‬
‫روى هذا الحديث جماعة من أئمة الحديث‪ ،‬منهم عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي في " الكبرى " وأبو داود‬
‫عِدي في " الكامل "‪ ،‬وقد‬ ‫والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن حبان وَتّمام في فوائده والُعَقْيلي في " الضعفاء " وابن َ‬
‫اختلف العلماء في ثبوت هذا الحديث‪:‬‬
‫منهم من قال بثبوته‪ ،‬وممن حكم بثبوته الترمذي وابن حبان والحاكم والطحاوي في " شرح معاني الثار " وابن عبد‬
‫البر وابن حزم وابن عساكر‪ ،‬وجماعة‪.‬‬
‫عة الّرازي وابن‬ ‫شذوِذه‪ ،‬وممن صنع ذلك عبد الرحمن بن مهدي وابن معين وأحمد وأبو ُزْر َ‬ ‫ومنهم من حكم بُنكاَرته أو ُ‬
‫ن هذا الحديث شاّذ على أحسن الحوال‪ ،‬ل يثبت عن رسول ال صلى ال‬ ‫جب‪ ،‬وجماعة؛ وهو الذي أذهب إليه‪ ،‬فأرى أ ّ‬ ‫َر َ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لمعارضته لما ثبت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪-‬من طريق صحيح ثابت ل خلف بين أهل‬
‫العلم في ثبوته‪-‬من أنه صلى ال عليه وعلى آله وسلم كان يصوم شهر شعبان أو كان يصوم أكثر شهر شعبان‪ ،‬فصلوات‬
‫ال وسلمه عليه كان يصوم أكثر شهر شعبان‪.‬‬
‫والذين قالوا بثبوت هذا الحديث اختلفوا في معناه‪:‬‬
‫منهم من ذهب إلى أنه ُينهى عن صيام اليوم السادس عشر فقط‪ ،‬وهذا هو الذي ذهب إليه ابن حزم‪.‬‬
‫ن هذا النهي ينطبق على من صامه من أجل مراعاة رمضان‪.‬‬ ‫ومنهم من ذهب إلى أ ّ‬
‫‪187‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫* حكم صيام يوم التروية والعشر الول من ذي الحجة‬


‫ضل صيام ِ‬ ‫وجاءت رواية عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬فيها ف ْ‬
‫يوم ِ التروية‪ ،‬ولم َيثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه صامه‬
‫ن النبي‪-‬صلى‬ ‫في الحج‪ ،‬أما بالنسبة إلى غير الحج فجاءت بعض الروايات أ ّ‬
‫ن الرواية الصحيحة فيها أنه‬ ‫شر ولك ّ‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬كان َيصوم الع ْ‬
‫ن العمل‬‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم َيكن َيصوم ذلك ‪ ..‬نعم جاء أ ّ‬
‫من غيرها‪ ،‬وأما رواية يوم التروية فإنها رواية‬ ‫شر أفضل ِ‬ ‫الصالح في الع ْ‬
‫ن في إسنادها‬ ‫باطلة ل َتثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ل ّ‬
‫مل على ذلك الكذاب الذي هو‬ ‫ن الح ْ‬‫كذابا وفي إسنادها‪-‬أيضا‪-‬مجهول ولك ّ‬
‫الكلبي المشهور بالكذب‪.‬‬
‫* حكم صيام يوم النيروز‬
‫وجاء‪-‬أيضا‪-‬المر بصيام يوم النيروز وأنه َيعدل سنتين وهي رواية باطلة‪،‬‬
‫من طريق أخرى وفي إسنادها‬ ‫من طريق وفي إسنادها مجاهيل‪ ،‬و ِ‬ ‫جاءت ِ‬
‫ن ذلك لم َيثبت عن النبي صلى الله‬‫سَرة‪ ،‬فالحقّ بأ ّ‬
‫مي ْ َ‬
‫كذاب وهو سعيد بن َ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫* صيام يومي الثنين والخميس‬
‫ن النبي‪ ‬كان َيصوم يوم الثنين ويوم الخميس والرواية بذلك ثابتة‬‫وجاء‪-‬أيضا‪-‬أ ّ‬
‫عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وجاءت رواية أخرى فيها أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصوم السبت‬
‫من الشهر الذي‬ ‫من شهر وكان يصوم الثلثاء والربعاء والخميس ِ‬ ‫والحد والثنين ِ‬
‫ن هذه الرواية ل َتثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬بل‬ ‫يليه ولك ّ‬
‫الثابت أنه كان َيصوم الثنين والخميس‪.‬‬
‫ن ذلك ل َيثبت‪ ،‬فالثابت هو‬
‫وجاءت هنالك روايات تدل على صيام بعض اليام ولك ّ‬
‫ما ذكرُته على حسب ما َيحضرني الن‪.‬‬
‫* صيام أيام البيض‬

‫ن ذلك ينطبق على من كان ُيضِعفه الصيام عن صيام شهر رمضان‪.‬‬ ‫ومنهم من ذهب إلى أ ّ‬
‫ت‪-‬ل يثبت عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فهو من طريق ضعيفة‪ ،‬تكلم بعض أهل‬ ‫ن الحديث‪-‬كما قل ُ‬ ‫ولك ّ‬
‫ن صحة‬ ‫ن ذلك الراوي مختَلف فيه بين أهل العلم‪ ،‬وثانيا أ ّ‬
‫العلم فيها‪ ،‬وتقوية راويها في حقيقة الواقع ل تفيد‪ ،‬أّول أ ّ‬
‫السناد‪-‬على تقدير صحة السناد‪-‬ل تكفي للحكم على الحديث بالثبوت بل لبد من توافر بعض الشروط الخرى ومن‬
‫ل‪ ،‬لمخالفته للصحيح الثابت من ِفعل رسول ال صلوات ال وسلمه‬ ‫جملتها عدم الشذوذ والِعّلة‪ ،‬والحديث ها هنا شاّذ ُمَع ّ‬
‫ت‪.‬‬
‫ن ذلك الراوي فيه كلم كما قل ُ‬ ‫عليه‪ ،‬على أ ّ‬
‫فإذن ل مانع من الصيام في هذا الشهر‪ ،‬بل ينبغي للنسان أن يصوم فيه اقتداء بالنبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫ن َلُكْم ِفي‬
‫ن ما يفعله الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فيه خير كثير‪ ،‬و‪َ )) :‬لَقْد َكا َ‬ ‫ولما فيه من الفضل‪ ،‬ول شك أ ّ‬
‫سَنة (( ] سورة الحزاب‪ ،‬من الية‪ .. [ 21 :‬نعم من كان ُيضِعفه الصيام عن شهر رمضان فيظن أنه‬ ‫حَ‬‫سَوٌة َ‬‫ل الِ ُأ ْ‬
‫سو ِ‬‫َر ُ‬
‫إذا صام هذا الشهر يمكن أن َيضُعف عن صيام شهر رمضان وربما يضطر إلى الفطار فإنه ل ينبغي له الكثار من‬
‫ن الصيام فيه واجب بخلف هذا‪ ،‬والنسان طبيب نفسه في مثل هذه‬ ‫الصيام في هذا الشهر مراعاًة لشهر رمضان‪ ،‬ل ّ‬
‫المور؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫والصيام‪-‬أيضا‪-‬الذي أمر به النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬صيام ثلثة‬
‫من كل شهر وهي أيام الليالي البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر‬ ‫أيام ِ‬
‫ن ذلك‬‫من شهر ذي الحجة فإ ّ‬‫من كل شهر إل الثالث عشر ِ‬ ‫والخامس عشر ِ‬
‫مكروه‪ ،‬لثبوت النهي عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬عن صيام أيام‬
‫التشريق‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الصيام المحرم‬
‫‪(1‬صيام يوم العيدين‬
‫وأما الصيام المحرم فهو صيام يوم العيدين باتفاق أهل العلم‪ ،‬وقد ثبت النهي‬
‫بذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ (2‬صيام يوم الشك‬

‫‪ - 1‬جاءت أسئلة مشابهة تبين حكم صيام يوم الشك من ذلك ‪:‬‬
‫س‪ :‬ربما توجد لدى بعض الناس درجة من الشك في ثبوت الهلل أو عدمه فيكّلف نفسه صوم ذلك اليوم اعتقادا على‬
‫أنه ُيفَرض عليه أن يصومه ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا خطأ كبير‪ ,‬ل ينبغي للنسان أن َيلتفت إلى الشكوك‪ ،‬والرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد‬
‫قطع المر في هذه المسألة‪ ،‬وقد جاء عن عّمار‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنه‪-‬أنه قال‪ " :‬من صام يوم الشك فقد عصى‬
‫أبا القاسم " صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وهو حديث صحيح‪ ،‬روته جماعة من أئمة الحديث‪ ،‬فقد رواه‬
‫النسائي وأبو داود والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان والطحاوي في " شرح المعاني "‪ ،‬ورواه‪-‬‬
‫ت‪ ،‬وهو وإن كان موقوفا في الظاهر لكنه في حكم‬ ‫أيضا‪-‬الدارقطني والحاكم والبيهقي‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت كما قل ُ‬
‫ص هذا الحديث الثابت؛ وقد جاء في الربيع‬ ‫المرفوع؛ فمن صام هذا اليوم فهو عاص ل‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولرسوله بن ّ‬
‫سل النهي عن صوم يوم الشك؛ وقد جاء‪-‬أيضا‪-‬في الحديث عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ) :‬ل َتَقّدموا‬ ‫مر َ‬
‫رمضان بصوم يوم أو يومين (‪ ،‬والحديث صحيح ثابت‪ ،‬فقد رواه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود والترمذي‬
‫والدارمي وابن ماجة والشافعي في مسنده وابن أبي شيبة وعبد الرزاق وابن حبان والبيهقي‪ ،‬وجماعة‪ ،‬فهذا الحديث فيه‬
‫نهي عن تقّدم رمضان بصوم يوم أو يومين إل من كان يصوم صياما واجبا عليه‪-‬كصوم كفارة أو صوم قضاء لشهر‬
‫رمضان المبارك أو صوم نذر‪-‬أو كان يصادف ذلك صوما مندوبا‪-‬كأن يكون يصوم يوما ويفطر يوما فصادف ذلك اليوُم‬
‫اليوَم الذي يصوم فيه أو كان يصوم يوم الثنين أو يوم الخميس لثبوت سّنة في فضل صيامهما فصادف ذلك اليوُم يوَم‬
‫ص الحديث الصحيح‪ ،‬وهو الذي ذهبت إليه طائفة‬ ‫الخميس أو يوَم الثنين‪-‬فإنه يصوم ذلك‪ ،‬ول يكون داخل في النهي بن ّ‬
‫ص في النهي والصل في النهي أن ُيحَمل على التحريم‪ ،‬كما ذهب إلى ذلك جمهور الّمة‪،‬‬ ‫من أهل العلم‪ ,‬فالحديث ن ّ‬
‫لدلة متعددة مبسوطة في موضعها؛ وكذلك جاء من طريق أبي سعيد الخذري‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬عند المام الحافظ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬قال‪ ) :‬ل تصوموا حتى تروا الهلل ول‬ ‫جة الربيع بن حبيب رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬أ ّ‬ ‫الح ّ‬
‫ت‪-‬يدل على التحريم؛ وقد جاء‪-‬‬ ‫تفطروا حتى تروه (‪ ،‬فالحديث فيه نهي عن الصيام حتى تثبت الرؤية والنهي‪-‬كما قل ُ‬
‫أيضا‪-‬مثل ذلك من طريق ابن عمر‪-‬رضي ال تعالى عنهما‪-‬ومن طريق أبي هريرة‪ ،‬عند البخاري ومسلم‪ ،‬فقد جاء عند‬
‫المام البخاري من طريق ابن عمر رضي ال تعالى عنهما‪ ) :‬فإن غّم عليكم فأكملوا الِعّدة ثلثين ( وجاء عند مسلم‪:‬‬
‫عّدة شعبان ثلثين (‬ ‫) فاقُدروا له ثلثين (‪ ،‬وجاء من طريق أبي هريرة عند المام البخاري‪ ) :‬فإن غبي عليكم فأكملوا ِ‬
‫وجاء عند مسلم ) فإن غّمي عليكم فأكملوا ثلثين (‪ ،‬إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي يطول بها المقام‪ ،‬ففيها دللة‬
‫ن في بعضها النهي عن الصيام والنهي يدل على التحريم‪ ،‬وفي بعضها المر بإكمال شعبان ثلثين والمر‬ ‫واضحة‪ ،‬ل ّ‬
‫ن قول من قال بتحريم صيام يوم الشك ‪ ..‬نرى أ ّ‬
‫ن‬ ‫يدل على الوجوب ما لم تصرفه قرينة ول قرينة هاهنا‪ ،‬ولذلك نرى أ ّ‬
‫هذا القول هو القول الصحيح‪ ،‬وهو الذي ذهبت إليه طائفة كبيرة من أهل العلم‪.‬‬
‫ن ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ل ُيتقّرب‬ ‫وإن كان بعض العلماء ذهب إلى كراهة ذلك ومع ذلك‪-‬أيضا‪-‬ل ينبغي لحد أن يصومه‪ ،‬ل ّ‬
‫إليه بالمكروه‪.‬‬
‫ص السّنة‪.‬‬
‫ومنهم من ذهب إلى إباحة ذلك؛ وذلك مخاِلف لن ّ‬
‫ومنهم من قال بندبية صيام ذلك‪.‬‬
‫ومنهم من قال بوجوبه قطعا‪.‬‬
‫ومنهم من قال بوجوبه ظّنا‪.‬‬
‫ومنهم من قال بوجوبه على طريق الحتياط‪.‬‬
‫‪189‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من أهل العلم‪ ،‬وقد جاء النهي‬‫وكذلك صوم يوم الشك على مذهب طائفة ِ‬
‫عن ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وقد اختلف العلماء في‬
‫صوم يوم الشك بعد اتفاقهم على تحريم صيام يومي العيد ‪ ..‬أي عيد الفطر‬
‫وعيد الضحى‪:‬‬
‫فذهبت طائفة إلى تحريم صيام يوم الشك‪ .‬وذهبت طائفة إلى كراهة‬
‫صيامه‪.‬‬
‫من أهل العلم إلى استحباب صيامه‪ .‬وذهبت أخرى إلى‬ ‫وذهبت طائفة ِ‬
‫التخيير في صيامه‪.‬‬

‫ومنهم من قال بغير ذلك من القوال الساقطة التي ل داعي إلى ذكرها‬
‫غّم أو غَِبي‬
‫ق أنه إذا ُ‬
‫هذا إذا كان في السماء غيم أو َقَتر ‪ ..‬أي كان هنالك سحاب أو غبار يمنعان من رؤية الهلل‪ ،‬والح ّ‬
‫ولم ُتمِكن رؤيته بسبب السحاب أو الغبار أو ما شابه ذلك من الموانع أنه ل ُيصام‪ ،‬للنصوص الصحيحة الثابتة‪.‬‬
‫ن معنى ذلك " اقدروا ثلثين "‪ ،‬كما جاء في الروايات‬ ‫وأما ما جاء في بعض الروايات من قوله‪ ) :‬فاقُدروا ( فإ ّ‬
‫ن المجمل ُيَرّد إلى المبّين‪ ،‬على أنه حتى لو لم تأت هذه‬ ‫المصّرحة ‪ ..‬إذا جاءت رواية مجملة وأخرى مصّرحة بذلك فإ ّ‬
‫ن صيام يوم‬ ‫الرواية المصّرحة بذلك فإنه لبد من أن ُيحَمل على ذلك‪ ،‬وِلبسط ذلك موضع آخر‪ ,‬فالحق الحقيق بالقبول أ ّ‬
‫ت‪-‬ل ُيعَبد بالمكروه‪ ،‬فل ينبغي لحد أن‬ ‫الشك حرام‪ ،‬ويليه في القّوة قول من قال بالكراهة وال‪-‬تبارك وتعالى كما قل ُ‬
‫َيحتاط أمثال هذه الحتياطات الباطلة المخاِلفة لسّنة رسول ال‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬الواضحة وضوحا أوضح من شمس‬
‫الظهيرة‪.‬‬
‫ن الرسول‪-‬صلى ال عليه وسلم‪َ-‬يقطع على أهل الشكوك شكوكهم في كثير من الحوال‪ ،‬فقد ثبت في السّنة‬ ‫ونحن نرى أ ّ‬
‫ن أنه قد خرج منه ريح أنه ل َيخرج من صلته تلك إل إذا تيّقن ذلك بأن شّم رائحة ذلك الريح أو‬ ‫ن من كان يصلي وظ ّ‬ ‫أّ‬
‫سمع صوته‪ ،‬أما إذا كان المر بخلف ذلك فل‪ ،‬فمثل هذه الشكوك التي َيّدعي كثير من الناس بأنها احتياطات هي من‬
‫باب الحتياطات الباردة‪ ،‬فالحتياط عندما تتعادل الدلة ‪ ..‬هنالك يمكن للنسان أن يحتاط‪ ،‬أما إذا كانت الدلة واضحة‬
‫كوضوح الشمس في الظهيرة فل ينبغي أن ُيلتَفت إلى ذلك‪.‬‬
‫سب إلى بعض الئمة وفي حقيقة الواقع تلك القوال ل تثبت عن أولئك الئمة‪،‬‬ ‫ومن المعلوم أننا نجد كثيرا من القوال ُتن َ‬
‫ن الفيصل في مثل هذه‬ ‫ن ما ثبت عنهم أو عن غيرهم فإ ّ‬ ‫لنها جاءت من بعض الطرق التي ل تصلح للستشهاد بها‪ ,‬ثم إ ّ‬
‫جة ل تكون إل من كتاب ال أو من سّنة رسوله‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬الصحيحة الثابتة عنه أو ما‬ ‫جة‪ ،‬والح ّ‬‫القضايا الح ّ‬
‫جّلت منازلهم فإنها ُيحَتج لها ول ُيحَتج بها‪ ،‬وإن كان‬
‫َيرجع إليهما بوجه من الوجوه المعتَبرة‪ ،‬أما أقوال أهل العلم وإن َ‬
‫جل أولئك العلماء وأن َيبحث لهم عن احتمال ولو كان أوهى من‬ ‫ذلك ل يعني القدح في أهل العلم‪ ،‬فينبغي للنسان أن ُيب ّ‬
‫خيوط العنكبوت‪ ،‬إذ ل ُيمكن لعالم من العلماء أن ُيخاِلف سّنة صحيحة ثابتة عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫بالهوى‪ ،‬وإنما قد ُيخاِلف ذلك لعدم ثبوت تلك السّنة عنده أو لعدم إطلعه عليها أو ما شابه ذلك‪ ،‬فنبحث له عن العذر في‬
‫تلك المخاَلفة ولكن ل يجوز لنا أن ُنتاِبعه على ذلك القول؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬متى بالتحديد يوم الشك ؟ هل التاسع والعشرون من شعبان أم يوم ثلثين من شعبان‪ ،‬حتى يتجنب الناس‬
‫صومه ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ بالنسبة إلى يوم الشك هو يوم الثلثين من شعبان إذا لم تثبت ‪ ..‬إن لم تثبت الرؤية فذلك اليوم هو يوم‬
‫ت‪-‬جاء في‬ ‫الشك‪ ،‬أما بالنسبة إلى يوم التاسع والعشرين فهو ليس بيوم شك‪ ،‬لنه من شعبان‪ ،‬كما هو واضح‪ ،‬ولكن‪-‬كما قل ُ‬
‫الحديث عن النبي‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬أنه قال‪ ) :‬ل َتَقّدموا رمضان بصوم يوم أو يومين ( إل‪-‬طبعا‪-‬من كان يصوم‬
‫صياما واجبا عليه أو صادف ذلك عادة كمن كان يصوم يوما ويفطر يوما أو‪-‬أيضا‪-‬صادف ذلك يوم الثنين أو يوم‬
‫الخميس وكان من عادته يصوم ذلك اليوم أما أن يصومه على جهة الحتياط أو ل فذلك مما ُينهى عنه‪ ،‬فإذن يوم الشك‬
‫هو يوم الثلثين من شعبان ولكن النهي ثبت عن َتقّدم رمضان بصيام يوم أو يومين كما في الحديث؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫ن الناس في هذا السبوع سيستقبلون شهر رمضان الكريم بإذن ال‪-‬سبحانه وتعالى‪-‬والكل متلهف‬ ‫س‪ :‬نظرا ل ّ‬
‫لستقباله يسأل الكثيرون عن صيام يوم الشك إذا ما صادف مثل ذلك اليوم‪ ،‬ما حكمه ؟‬
‫ن العلماء قد اختلفوا في صوم يوم الشك‪ ،‬ولهم في ذلك أقوال متعددة‪:‬‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫ذهب بعض العلماء إلى تحريم صومه‪ ،‬لنهي النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬عن ذلك‪ ،‬فقد روى المام الحافظ الحجة‬
‫‪190‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪-‬وهنالك مذاهب كثيرة أخرى في صيام يوم الشك‪-‬‬


‫من قال‬‫من قال بوجوب صيامه في حالة الغيم‪ .‬ومنهم َ‬ ‫من العلماء َ‬‫و ِ‬
‫باستحباب صيامه في حالة الغيم‪.‬‬
‫والصواب أنه منهي عن صيامه سواء كان ذلك في غيم أو كان ذلك في‬
‫غيره‪.‬‬

‫‪ (3‬صيام أيام التشريق‬

‫ن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬نهى عن صيام يوم‬ ‫من طريق أبي عبيدة عن جابر بن زيد‪-‬رضي ال تعالى عنهم‪-‬أ ّ‬
‫شك فيه‬ ‫الشك‪ ،‬وروى الربعة وغيرهم عن عمار بن ياسر‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنه‪-‬قال‪ " :‬من صام اليوم الذي ُي َ‬
‫فقد عصى أبا القاسم " صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فالحديث الول فيه نهي النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬‬
‫عن ذلك‪ ،‬وحقيقة النهي أنه يدل على التحريم ما لم تصرفه قرينة‪ ،‬كما هو مذهب جمهور الّمة‪ ،‬والحديث الثاني الذي‬
‫جاء من طريق عمار بن ياسر‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬نسب فيه‪-‬رضوان ال تعالى عليه‪-‬من صام يوم الشك إلى معصية‬
‫رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وذلك ل يكون إل بارتكاب محجور‪.‬‬
‫وذهبت طائفة من أهل العلم إلى القول بكراهة ذلك‪.‬‬
‫وذكرت طائفة من أهل العلم أنه ُينهى عن صيامه من غير أن يصرحوا بتحريم أو كراهة‪ ،‬وهذا هو الذي يسلكه كثير‬
‫من السلف فإنهم عندما يجدون نهيا عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬يجتنبون ذلك الذي نهى عنه صلوات ال‬
‫وسلمه عليه ويذكرون أنه منهي عنه من غير أن يصرحوا بتحريم أو كراهة مخافة الوقوع في المحظور‪ ،‬ثم إنه من‬
‫ن ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ل ُيعَبد بما نهى عنه أو نهى عنه رسوله صلوات ال وسلمه‬ ‫المعلوم المتقرر عند العلماء قاطبة أ ّ‬
‫عليه‪ ،‬فل ينبغي لحد أن َيعُبد ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بشيء قد ُنِهي عنه سواء كان ذلك على طريق التحريم أو طريق‬
‫الكراهة‪ ،‬ولكن الناس في هذا الزمان وللسف الشديد َيسألون من أول وهلة هل هذا النهي للتحريم أو هو للكراهة ؟ ‪..‬‬
‫وأعني بهم البعض ول أريد الكل ‪ ..‬أقول‪ :‬ل يبالي كثير من الناس بارتكاب المكروهات‪ ،‬ونحن وإن كنا نفّرق بين‬
‫الواجب والمندوب ونفّرق بين الحرام والمكروه إل أننا نقول إنه ل ينبغي للنسان أن يفّرط في المندوبات كما أنه ل‬
‫ت‪ :‬إ ّ‬
‫ن‬ ‫ينبغي لحد أن يرتكب شيئا نهى عنه ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أو نهى عنه رسوله صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬ولذلك قل ُ‬
‫السلف كانوا َيحكمون بالنهي في كثير من المور ويزجرون عن ذلك ولو كان ذلك النهي للكراهة ل غير‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إلى التخيير بين صيامه وبين إفطاره‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى القول بندبية ذلك‪.‬‬
‫ن أقل أحوال النهي أن ُيحَمل على الكراهة‪ ،‬أما أن يقال بإباحة شيء أو بالتخيير‬ ‫وهذان القولن من الضعف بمكان إذ إ ّ‬
‫ن ذلك‬‫بينه وبين غيره مع أنه قد ُنهي عنه فهذا مما ل ينبغي أن ُيلتَفت إليه‪ ،‬على أنه ُيمِكن أن ُيحَمل ما ُذِكر عن هؤلء بأ ّ‬
‫ن كثيرا من الناس عندما َيجدون كلما‬ ‫ن ذلك على مطلق القوال‪ ،‬ولك ّ‬ ‫محمول في حالة ثانية سيأتي الكلم عليها ل أ ّ‬
‫مطلقا َيحملون ذلك الكلم على الطلق مع أنه ُيراد به التقييد‪ ،‬وهكذا في حالة العموم وفي حالة الخصوص‪ ،‬ويلتِبس‬
‫المر بعد ذلك على كثير من الناس فل ُيفّرقون بين العام وبين الخاص وبين المطلق والمقّيد في مثل هذه المور‪ ،‬وإل ل‬
‫يمكن أن يقول أحد بندبية مثل هذا المر أو بالتخيير بينه وبين غيره مع أنه منهي عنه كما ذكرنا‪.‬وهذا كله إذا لم يكن‬
‫هنالك غيم أو َقَتر‪.‬‬
‫ن بعض أهل‬ ‫وأما في حالة وجود غيم أو في حالة وجود شيء َيمنع من رؤية الهلل‪-‬كالغبار الشديد أو ما شابه ذلك‪-‬فإ ّ‬
‫العلم ذهبوا أيضا إلى تحريم صيامه‪ ،‬لما ذكرناه من النهي ولما سيأتي ذكره بمشيئة ال تبارك وتعالى‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى الكراهة أيضا‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى القول بالنهي من غير تصريح بتحريم أو كراهة‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى التخيير‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى الباحة‪.‬‬
‫وهي القوال التي ذكرناها سابقا‪.‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم إلى القول بوجوب صومه؛ وهو مروي عن المام أحمد كما نص على ذلك غير واحد من‬
‫أتباعه‪ ،‬وذهب إليه أكثر أصحابه من المتقدمين‪ ،‬وذهبت إلى ذلك‪-‬أيضا‪-‬طائفة من المتأخرين من الحنابلة؛ واختلفوا هل‬
‫‪191‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من اليام التي ثبت النهي عن صيامها أيام التشريق‪ ،‬وقد اختلف العلماء‬ ‫و ِ‬
‫في هذا النهي‪:‬‬
‫حملته طائفة على التحريم‪ .‬وحملته طائفة أخرى على الكراهة‪.‬‬
‫والقول بالكراهة هو الذي ذهب إليه الكثرون ولكن ل ينبغي لحد أن َيصوم‬
‫ذلك حتى على القول بالكراهة‪ ،‬وهذا أمر واضح ‪ ..‬نعم ثبت خلف بين أهل‬
‫من لم َيجد الهدي أي بالنسبة‬
‫العلم في صيام أيام التشريق بالنسبة ل ِ َ‬
‫ن القارن عليه هدي ‪ ..‬اختلف‬ ‫من يقول بأ ّ‬ ‫للمتمتع والقارن على قول َ‬
‫العلماء في هل ُيشَرع لهما الصيام في هذه اليام أو ل ؟‬

‫هذا الوجوب على طريق الجزم أو على طريق الحتمال‪:‬‬


‫ذهب بعضهم إلى أنه ُيجَزم بوجوب صيامه‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى الظن وعدم الجزم‪.‬‬
‫ن ذلك ل َيثُبت عن المام أحمد ‪ ..‬أعني القول‬ ‫وَذَكر ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الهادي وصاحب " الفروع " أ ّ‬
‫بوجوب صيامه على طريق الجزم‪ ،‬بل بعضهم ذهب أيضا إلى عدم ثبوت ذلك عنه حتى على طريق الظن‪.‬‬
‫وهذا القول رواه جماعة عن طائفة كبيرة من الصحابة والتابعين‪ ،‬ول يصح ذلك عن أحد من صحابة رسول ال صلوات‬
‫ال وسلمه عليه‪ ،‬كما أنني لم أجد ذلك ثابتا عن أحد من التابعين رضوان ال‪-‬تعالى‪-‬عليهم‪ ،‬وإنما جاءت روايات متعددة‬
‫ن أغلب تلك الروايات ل َيثُبت عن أحد من أولئك الصحابة الذين روي عنهم‪.‬‬ ‫عن الصحابة تدل على شيء من ذلك ولك ّ‬
‫ن كثيرا من الناس يتساهلون في نسبة‬ ‫ومن المعروف أنه لبد من معرفة السانيد حتى فيما نسب إلى الصحابة‪ ،‬ولك ّ‬
‫سب إليهم ل َتثُبت عن كثير منهم‬ ‫ن كثيرا من القوال التي ُتن َ‬ ‫القوال إلى هؤلء الصحابة‪-‬رضوان ال تعالى عليهم‪-‬مع أ ّ‬
‫سواء كان ذلك في هذه المسألة أو في غيرها فلبد من التثبت في مثل هذه القضايا‬
‫نعم جاء عن بعض الصحابة‪-‬رضوان ال تعالى عليهم‪-‬أنه كان يصوم‪ ،‬ولكن ل يمكن أن ُيحَمل ذلك على طريق‬
‫الوجوب‪ ،‬بل القرائن تدل على خلف ذلك‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى أنه إن صامه المام وأمر به فإنه ُيصام وإل فل‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى أنه يصومه الخاصة دون غيرهم والمراد بالخاصة من يتمكن من المحافظة على نيته ‪ ..‬أي يجزم‬
‫بالنية ول يتردد في ذلك أما من يتردد في النية فل‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى أنه يصومه المفتي والقاضي ويمكن أن يحمل ذلك‪-‬أيضا‪-‬على غيرهم من أهل العلم؛ ول دليل على‬
‫هذا بل هو من الضعف بمكان‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى أنه ُيصام إلى أن تأتي الخبار ‪ ..‬أي يصومه الناس حتى يأتي الناس من كل مكان لحتمال أن يكون‬
‫أحد من تلك الطراف قد رآه؛ وهذا ل حاجة إليه في هذا الزمان مع توفر الوسائل مع ضعف هذا القول‪.‬‬
‫والقول الصواب في هذه القضية أنه ل يمكن أن يقال بندبيته ول بالتخيير بينه وبين غيره فضل من أن يقال بوجوب ذلك‬
‫ت‪-‬فضل عن‬ ‫على سبيل الظن أو سبيل اليقين‪ ،‬إذ ليس هنالك دليل يدل على ندبية ذلك أو التخيير بينه وبين غيره‪-‬كما قل ُ‬
‫الوجوب‪ ،‬بل الذي ينبغي أن ُيجَزم به هو القول بالنهي عن صيامه‪ ،‬وَيحتاج إلى شيء من النظر الجزم بالتحريم أو‬
‫ن السلمة هي في اتباع أولئك السلف الذين نهوا عن صيامه‪ ،‬كما‬ ‫بالكراهة‪ ،‬وإن كان القول بالتحريم هو الصوب‪ ،‬ولك ّ‬
‫جاء ذلك عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬من غير أن نتعّرض لجزم بهذا أو بهذا ‪ ..‬نعم الرواية المروية عن‬
‫ن أهل العلم اختلفوا فيها هل هي مرفوعة أو موقوفة‪،‬‬ ‫عّمار‪-‬رضوان ال تبارك وتعالى عليه‪-‬تدل على التحريم إل أ ّ‬
‫ولفظها على الصحيح موقوف ولكنها محمولة على الرفع إل أنها محتِملة للكراهة وإن كان احتمال فيه شيء من النظر‬
‫وذلك لحتمال أن يكون عّمار‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬سِمع النهي من النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ولم يسَمع التحريم‬
‫ن التحريم هو‬ ‫ت‪-‬هو القوى‪ ،‬وذلك لهذه الرواية‪ ،‬ول ّ‬ ‫فحَمله على التحريم مع احتمال الكراهة‪ ،‬والقول بالتحريم‪-‬كما قل ُ‬
‫ن النبي‪-‬صلوات‬ ‫ن هنالك روايات فيها النهي من غير هاتين الروايتين اللتين ذكرُتهما‪ ،‬فمن ذلك أ ّ‬ ‫الصل في النهي‪ ،‬ثم إ ّ‬
‫ال وسلمه عليه‪-‬نهى عن تقدم شهر رمضان بصوم يوم ول يومين‪ ،‬ومنها أيضا ‪ ..‬نهى صلى ال عليه وعلى آله وسلم‬
‫عن الصيام حتى تثبت الرؤية أو يكتمل الَعدد‪ ،‬فهذه الدلة تدل على أنه ل يمكن أن يقال بالباحة فضل من أن يقال‬
‫بالندب وفضل من أن يقال بالوجوب‪.‬‬
‫أما ما استدل به الذين قالوا بالوجوب فهو ل دليل فيه‪ ،‬وذلك أنهم استدلوا ببعض الروايات المحتِملة ومن المعلوم أنه ل‬
‫يصار إلى مثل هذه الحتمالت مع وجود أدلة صريحة واضحة كل الوضوح تدل على خلف ذلك‪ ،‬فالمتشابه لبد من‬
‫‪192‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ذهبت طائفة إلى مشروعية ذلك‪ ،‬واحتجوا برواية مروية عن السيدة‬


‫من‬‫ة للرفع وللوقف‪ ،‬وقد جاء ِ‬ ‫مل ٌ‬
‫عائشة‪-‬رضي الله تعالى عنها‪-‬وهي محت ِ‬
‫طريق أخرى التنصيص على أنها مرفوعة عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى‬
‫ص في الرفع ل َتثبت‪ ،‬لنها جاءت‬ ‫ن هذه الرواية التي هي ن ّ‬‫آله وسلم‪-‬ولك ّ‬
‫ملة للرفع‬
‫من طريق ل َتصح‪ ،‬وإنما الصحيحة هي الرواية الولى ولكنها محت ِ‬ ‫ِ‬
‫وللوقف‪ ،‬وِلمناقشة ذلك موضع آخر بمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫* صيام يوم الجمعة‬

‫أن ُيحَمل على المحَكم‪ ،‬والمجَمل لبد من أن يحمل على المبّين‪ ،‬ول يمكن بحال من الحوال أن ُيعاَرض بين مجمل‬
‫وبين مبّين ول بين متشابه ول بين محكم‪ ،‬فالنبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬قد نهى عن تقدم شهر رمضان بيوم أو‬
‫يومين‪ ،‬كما ثبت ذلك عنه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وأيضا قال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ) :‬الشهر تسع وعشرون‬
‫ليلة ( وبّين بعد ذلك‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬أنه إذا لم تثبت رؤية الهلل أنه لبد من إكمال الشهر فقال‪ ) :‬فأتموا‬
‫غّم عليكم‬‫ثلثين (‪ ،‬كما جاء ذلك عند البخاري من طريق ابن عمر رضي ال تعالى عنه‪ ) :‬فل تصوموا حتى تروه فإن ُ‬
‫ل من‬ ‫فأتموا ثلثين (‪ ،‬فهذه الرواية صريحة كل الصراحة في أنه إذا لم تثبت الرؤية أنه لبد من إتمام الثلثين‪ ،‬وحْم ُ‬
‫حَملها على هلل شوال فيه ما فيه كما هو ظاهر‪ ،‬فالرواية شاملة لكل شهر من الشهور‪ ،‬ثم إنه لبد من أن يقال بدخول‬
‫هلل شهر رمضان من طريق الْولى فإنه قال‪ ) :‬فل تصوموا حتى تروه ( ‪ ..‬أي حتى تروا هلل شهر رمضان‪،‬‬
‫وكذلك جاء من طريق أبي هريرة عند البخاري‪ ) :‬صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غّم عليكم فأكملوا شعبان‬
‫ن التصريح بشعبان ُمدَرج على الصحيح‪ ،‬كما ذهب‬ ‫ثلثين ( والرواية صحيحة إل ما جاء فيها من ذكر " شعبان " فإ ّ‬
‫إلى ذلك ابن الجوزي‪ ،‬وهو الذي ذهب إليه‪-‬أيضا‪-‬الحافظ ابن حجر‪ ،‬وذكر السماعيلي بأنه محتِمل‪ ،‬وهذا هو الصواب‬
‫ن القرائن تدل على ذلك أو على أقل تقدير تدل على أنه شامل لكل شهر‪ ،‬كما جاء ذلك في رواية عند المام مسلم‪،‬‬ ‫إل أ ّ‬
‫ن الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬كان‬ ‫وكذلك جاء من طريق السيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنها‪-‬أ ّ‬
‫ص‬
‫يتحرى هلل شهر شعبان أكثر من تحريه لغيره فإن رأى هلل رمضان وإل أكمل العّدة‪ ،‬والحديث صحيح‪ ،‬كما ن ّ‬
‫على ذلك غير واحد من أهل العلم‪ ،‬منهم الدارقطني والنووي وابن عبد الهادي والحافظ ابن حجر‪ ،‬وقد رواه أبو داوود‬
‫والنسائي في " الكبرى " وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬وكذلك جاء من طريق ابن عباس‪-‬‬
‫رضي ال تبارك وتعالى عنهما‪-‬عند جماعة من أئمة الحديث‪ ،‬منهم النسائي وأبو داوود وأحمد وابن أبي شيبة وعبد‬
‫الرزاق وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم‪ ،‬وكذلك رواه أحمد‪ ،‬ورواه الشافعي‪ ،‬ورواه طائفة أخرى من‬
‫عكرمة فإنها رواية ضعيفة‪ ،‬ولكنه لم‬ ‫سماك عن ِ‬ ‫أئمة الحديث‪ ،‬ورواه مالك إل أنه منقطع عنده‪ ،‬وقد أعّله بعضهم برواية ِ‬
‫َينفرد بذلك‪ ،‬إذ إنه قد توِبع‪ ،‬وكذلك ل ُيَعل بعدم اتصال السناد عند مالك فإنه متصل عند غيره‪ ،‬فرواية ابن عباس‪-‬‬
‫رضي ال تعالى عنهما‪-‬تدل دللة واضحة أنه لبد من إكمال الشهر‪ ) :‬صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم‬
‫فأتموا ثلثين ول تستقبلوا الشهر استقبال ( وقد جاء ذلك‪-‬أيضا‪-‬من طريق حذيفة رضي ال‪-‬تعالى‪-‬عنه‪ ،‬وقد صحح ذلك‬
‫النووي وغيره‪ ،‬وهي رواية صحيحة‪ ،‬ول عبرة بإعلل ابن الجوزي لها‪ ،‬فإنه قد أخطأ الصواب‪ ،‬وعلى كل حال‬
‫الروايات في ذلك كثيرة ويشد بعضها بعضا‪.‬‬
‫ن المام‬ ‫ن هذه الرواية ل دليل فيها على ما ذهبوا إليه‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫أما ما ذكره من قال بالوجوب من رواية‪ ) :‬فاقُدروا له ( فإ ّ‬
‫ن الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬قال‪ ) :‬اقدروا له ثلثين ( فالرواية وإن كانت‬ ‫مسلما قد بّين في روايته من أ ّ‬
‫ن هذه الرواية تتفق مع بقية الروايات الخرى‪ ،‬وهي من‬ ‫ن هذه الرواية عند المام مسلم ُتصّرح بالمراد‪ ،‬ثم إ ّ‬ ‫محتملة إل أ ّ‬
‫المحَكم بخلف بقية الروايات فإنها من المجَمل المتشابه‪ ،‬فلبد من رّد تلك الروايات إلى هذه الرواية‪ ،‬ولبد من الخذ‬
‫ن النبي صلى ال عليه وعلى‬ ‫بهذه الروايات المحَكمة‪ ،‬وبذلك تتفق الروايات وَتسَلم من الضطراب‪ ،‬ومن المعلوم من أ ّ‬
‫آله وسلم قد صّرح بلفظ واحد ولم يصّرح بكل هذه اللفاظ فل يمكن أن ُتحَمل هذه الرواية على كذا وهذه الرواية على‬
‫كذا‪ ،‬كما حاول بعض العلماء من حمل رواية‪ ) :‬فاقدروا ( على من كان له علم بالفَلك بخلف من لم يكن عالما بذلك‪ ،‬فل‬
‫حد وإذا اتحد المخرج فلبد من أن يكون النبي صلوات ال‬ ‫يمكن أن تحمل هذه الروايات على ذلك‪ ،‬لن َمخَرجها مت ِ‬
‫وسلمه عليه قد نطق بلفظ واحد وبقية اللفاظ تكون من باب الرواية بالمعنى فيبحث عن اللفظ الذي قاله النبي‪-‬صلوات‬
‫ن المراد برواية‪ ) :‬فاقدروا ( " اجعلوا شهر شعبان ثلثين‬ ‫ال وسلمه عليه‪-‬أو تتفق المعاني عليه ويؤخذ به‪ ،‬وقد رأيتم بأ ّ‬
‫"‪ ،‬وهذه الرواية تتفق مع بقية الروايات الخرى‪.‬‬
‫‪193‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من لم يصم‬ ‫من الصيام المكروه صيام يوم الجمعة وهذه الكراهة مقّيدة ب ِ َ‬ ‫و ِ‬
‫قبله يوما ول بعده يوما‪-‬كما جاء ذلك في الحديث الصحيح الثابت عن النبي‬
‫من صام قبله يوما أو صام بعده‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أما َ‬
‫يوما فل كراهة في ذلك‪.‬وقد اختلف العلماء في صيام يوم الجمعة إذا‬
‫صادف يوم عرفة أو يوم عاشوراء مثل‪:‬‬
‫من أهل العلم إلى مشروعية صيامه‪ ،‬لجل أنه يوم عرفة أو‬ ‫ذهبت طائفة ِ‬
‫لجل أنه يوم عاشوراء‪.‬‬
‫من أهل العلم إلى كراهته‪ ،‬لجل النهي عن صيام يوم‬ ‫وذهبت طائفة ِ‬
‫الجمعة‪.‬‬
‫والفضل للنسان أن يصوم يوما قبل يوم عاشوراء‪-‬وهو التاسع‪-‬وإن لم‬
‫من هذا الخلف‬ ‫يفعل ذلك فينبغي له أن يصوم الحادي عشر لجل الخروج ِ‬
‫من هذا‬‫من شهر ذي الحجة لجل الخروج ِ‬ ‫وكذلك أن يصوم اليوم الثامن ِ‬
‫من لم يصم ذلك ولسيما بالنسبة إلى يوم عرفة إذا فاته ذلك‬ ‫الخلف ولكن َ‬
‫مثل هل ُيشَرع له أن يصوم أو ل ؟ في ذلك خلف بين أهل العلم‪ ،‬والذي‬
‫ن صيامه مشروع ‪ ..‬هذا هو الصواب‪ ،‬وتقرير ذلك َيحتاج إلى‬ ‫َيظهر لي أ ّ‬
‫وقت ولعلنا نتكلم على ذلك في مناسبة أخرى بمشيئة الله لنه سُيصاِدف‬
‫على احتمال قوي في هذه السنة ‪ ..‬يوم عرفة سُيصاِدف يوم الجمعة فلعلنا‬
‫ت‪-‬هو قول‬ ‫ن الصحيح‪-‬كما قل ُ‬ ‫نتعرض لذلك بمشيئة الله قبل هذا اليوم‪ ،‬ولك ّ‬
‫من مثل هذه‬ ‫رج النسان نفسه ِ‬ ‫حب بأن ُيخ ِ‬
‫من قال بصيامه‪ ،‬والمست َ‬ ‫َ‬
‫الخلفات ولسيما مع قوة تعارض الدلة فيها‪.‬‬
‫* صيام يوم السبت‬
‫وجاء حديث عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬فيه النهي عن صيام‬
‫دد بعضهم فقال‬‫يوم السبت وقد ذهب بعض الناس إلى كراهة ذلك بل ش ّ‬
‫بتحريم صيامه وهذا ليس بشيء فالحديث ل يصح عن النبي‪-‬صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬على الصحيح‪ ،‬وذهب بعضهم إلى أنه منسوخ‪ ،‬والقول بعدم‬
‫صحته هو الصحيح‪ ،‬ول عبرة بقوة السانيد مع نكارة المتن وهي نكارة‬
‫واضحة‪.‬‬
‫* صيام بعض أيام السبوع غير الثنين والخميس‬
‫وجاءت أحاديث فيها النهي عن صيام بعض أيام السبوع أو فيها المر بصيام‬
‫من فعل‬‫بعض أيام السبوع الخرى وكل ذلك لم َيثبت إل ما ذكرُته سابقا ِ‬
‫ن القول الصواب هو قول من قال بالنهي عن صيام يوم الشك‪.‬‬ ‫ويتبّين أ ّ‬
‫ن من صامه بنية رمضان فإنه‬ ‫أما من قال بأنه يصومه من كان يتمكن من العزم الكيد‪ ،‬فهذا ل دليل عليه‪ ،‬بل الصواب أ ّ‬
‫ل ينفعه ذلك‪ ،‬ويجب عليه أن يقوم بعد ذلك بإعادته بل عليه أن يتوب إلى ال تبارك وتعالى‪ ،‬لنه وافق ما نهى عنه النبي‬
‫ن طائفة من أهل العلم قد أفردوها بكتب متعددة‪-‬‬
‫صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وهذه المسألة تحتاج إلى بسط كثير جدا‪-‬فإ ّ‬
‫وذلك ل يمكن في مثل هذه الوقات المختصرة؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬في صيام يوم الثنين ويوم الخميس‬
‫ن ذلك مطلوب‪ ،‬وأما بالنسبة إلى بقية اليام باستثناء يوم الجمعة‬
‫وأ ّ‬
‫طر إن شاء‪.‬‬‫فللنسان أن يصوم إن شاء وأن ُيف ِ‬
‫‪1‬‬
‫* صيام شهر رجب‬
‫ن تلك‬
‫ضل صيام شهر رجب ولك ّ‬ ‫وكذلك جاءت أحاديث كثيرة جدا فيها بيان ف ْ‬
‫الحاديث ل َتثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬كما بّين ذلك‬
‫من أهل العلم‪ ،‬وفي ذلك يقول المام نور الدين‪-‬رحمه الله‬ ‫جماعة كبيرة ِ‬
‫تعالى‪-‬في "جوهر النظام"‪:‬‬

‫‪ - 1‬وسئل فضيلته عن صيام شهر رجب في أسئلة أخرى نصها كالتالي ‪:‬‬
‫ن شهر رجب شهر يستحب صيامه‬ ‫س‪ :‬نحن الن في شهر رجب والناس‪-‬في الحقيقة‪-‬علق في أذهانهم أ ّ‬
‫وتستحب‪-‬أيضا‪-‬العمرة فيه ولذلك نجد كثيرا من الناس يصومون هذا الشهر ويذهبون‪-‬كذلك‪-‬إلى العمرة ليس جزافا‬
‫وإنما تبركا بهذا الشهر الكريم‪ ،‬فهل وردت أحاديث تؤكد استحباب الصيام والعمال الصالحة في رجب ؟‬
‫ج‪ :‬إنه لم يثبت عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬شيء من الحاديث في مشروعية صيام رجب‪،‬‬
‫وقد وردت أحاديث كثيرة جدا تدل على مشروعية ذلك ولكنها ل تثبت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬كما بيّن ذلك‬
‫ن الحاديث التي تروى عن النبي‪-‬صلوات‬ ‫صيارِفة هذا العلم ونُّقاده‪ ،‬إذ إنه من المعلوم المتفق عليه بين العلماء قاطبة أ ّ‬
‫َ‬
‫ال وسلمه عليه‪-‬ليست جميعا صحيحة ثابتة‪ ،‬وإنما منها الصحيح‪ ،‬ومنها الضعيف‪ ،‬ومنها‪-‬أيضا‪-‬الحسن؛ وبعض العلماء‬
‫ن مقصود‬ ‫يجعلونها تنقسم إلى قسمين إلى صحيح وضعيف‪ ،‬فَيدخل الحسن في دائرة الضعيف؛ ول إشكال في ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫ن المشهور الذي اصطلح‬ ‫ن الحديث منه ما يحتج به ومنه ما ل يحتج به‪ ،‬ومثل هذه المور ل مشاحة فيها‪ ،‬إل أ ّ‬ ‫هؤلء أ ّ‬
‫ن الحاديث تنقسم إلى القسام الثلثة المذكورة‪.‬‬ ‫عليه الجمهور هو أ ّ‬
‫والحاديث التي وردت في صيام رجب ل تصل إلى درجة المقبول‪ ،‬بل هي من باب الضعيف بل هي من باب الضعيف‬
‫الذي اشتدّ ضعفه‪ ،‬فأغلبها موضوع مُخترَع مصنوع‪ ،‬ومنها الضعيف جدا؛ وقد تكلم على ذلك العلماء كثيرا‪ ،‬ولس ُ‬
‫ت‬
‫بحاجة إلى ذكر شيء من ذلك‪ ،‬وقد نصّ على ذلك المام نور الدين‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬في " جوهر النظام "‪،‬‬
‫حيث قال‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬عن هذه الحاديث‪:‬‬
‫لكنها ضعيفة السنادوبعضهم بِوضعها ُينادينعم‪ ،‬قّوى بعض العلماء حديثا ورد في فضل صيام الشهر الحرم‪-‬ورجب‬
‫ن في إسناده مجهول‪ ،‬وما كان‬ ‫ن ذلك الحديث‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬ل يثبت‪-‬أيضا‪-‬عند التحقيق‪ ،‬ل ّ‬ ‫منها كما هو معلوم‪-‬ولك ّ‬
‫كذلك ل يمكن أن ُيحكَم بثبوته عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫فإذن تلك الحاديث هي من باب الضعيف الذي ل يمكن أن يرتقي إلى درجة الحجية حتى بمجموع طرقه‪.‬‬
‫ومن هنا نقول‪ :‬إنه ل ينبغي لحد أن يصوم هذا الشهر إذا كان يعتقد بأنه ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وأما‬
‫أن يصومه‪-‬أو أن يصوم شيئا منه‪-‬لعموم فضل الصيام فذلك مما ل إشكال فيه‪.‬‬
‫فهناك إذن أمران‪:‬‬
‫المر الذي ُينهى عنه هو أن يعتقد بعض الناس بأنه ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫ن للصيام فضل سواء كان في رجب أو كان في‬ ‫والثاني‪ :‬أن يفعل ذلك بعض الناس بنية الحصول على فضل الصيام‪ ،‬ل ّ‬
‫غيره ‪ ..‬نعم هو أفضل في بعض الشهور الخرى‪ ،‬فالفضل أن يصوم النسان في شهر شعبان إلى غير ذلك من اليام‪-‬‬
‫التي سنتكلم عليها في مناسبة أخرى‪ ،‬وقد تكلمنا عليها في العام الماضي أيضا‪-‬ولكن بمناسبة قدوم شهر شعبان الذي هو‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬كان يصوم أغلب هذا الشهر‪ ،‬وجاء في بعض‬ ‫يلي هذا الشهر‪ ،‬فإ ّ‬
‫الروايات أنه كان يصوم الشهر كله ولكنّ هذه الرواية الثانية محمولة على الغلب‪ ،‬فالفضل أن يصوم النسان شعبان‪،‬‬
‫وإن شاء أن يصوم شيئا من شهر رجب من غير أن يعتقد بأنه ثابت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬
‫فل إشكال‪.‬‬
‫فإذن الذي يُنبّه عليه أهل العلم هو عدم اعتقاد ثبوت صيام هذا الشهر عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬إذ إنه‪-‬كما‬
‫ت‪-‬لم يثبت عنه حديث قولي ول فعلي‪.‬‬ ‫قدم ُ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد ُأسِري به‬ ‫هذا وقد استحب بعض العلماء صيام اليوم السابع والعشرين لظنّهم بأ ّ‬
‫لنص ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬على ذلك في سورة السراء‪ ،‬وكذلك أشار‬ ‫ّ‬ ‫في ليلة السابع والعشرين‪ ،‬ونحن نقطع بالسراء‬
‫القرآن الكريم إشارة واضحة جلية إلى المعراج في سورة النجم‪ ،‬وهنالك أحاديث كثيرة جدا جدا تدل على ذلك‪ ،‬فنحن‬
‫‪195‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪1‬‬ ‫لكنها‪-‬يعني تلك الحاديث‪-‬‬


‫وبعضهم ِبوضعها ُينادي‬
‫ضعيفة السناد‬
‫فالحاديث الدالة على مشروعية صيام شهر رجب لم َيثبت منها شيء عن‬
‫من صام هذا الشهر فهو كغيره‪،‬‬ ‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ف َ‬
‫ن صيامه ثابت عن النبي‪-‬صلى الله‬ ‫قد أ ّ‬
‫من غير أن َيعت ِ‬
‫للنسان أن يصوم ِ‬
‫من كان ل يستطيع أن يصوم‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬وله أن يفطر ‪ ..‬نعم َ‬
‫دم شهر شعبان لثبوت‬ ‫شهر رجب وشهر شعبان مثل فينبغي له أن ُيق ّ‬
‫ذلك عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولَيتُرك صيام شهر رجب‪،‬‬

‫وإن قطعنا بالسراء ولكننا ل يمكن أن نقطع بأنه قد وقع في هذه الليلة؛ والعلماء قد اختلفوا كثيرا في الليلة وفي الشهر‬
‫سنة التي وقع فيها السراء والمعراج‪ ،‬على أنه لو كان قد وقع في هذه الليلة فإنه ل دليل يدل على مشروعية‬ ‫وفي ال ّ‬
‫الصيام في اليوم الذي يليها‪ ،‬إذ لم يثبت ذلك عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬بل ولم يثبت عن أحد من صحابته‬
‫رضوان ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليهم‪.‬‬
‫ن ذلك ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬ ‫ل يصام ذلك اليوم مخافة أن يعتقد بعض العوام بأ ّ‬ ‫فإذن الفضل أ ّ‬
‫فكثير من المور قد فعلها بعض العلماء على جهة الستحباب وفعلها بعض العلماء من غير قصدٍ لن تكون موافَقة‬
‫ن هذه المور ثابتة عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬ ‫ن بعض الجهلة ظنّوا بعد ذلك بأ ّ‬ ‫لمناسبة من المناسبات ولك ّ‬
‫وصحبه وسلم‪-‬لفعل بعض أهل العلم لها أو لسكوت أهل العلم عن بعض الذين يفعلون ذلك‪.‬‬
‫فإذن خلصة ما في المر أنه لم يرد حديث ثابت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬في صوم شهر رجب‪ ،‬فمن صامه‬
‫ل يعتقد أنه ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬أما أهل العلم فإن امتنعوا لفترة من الزمن‬ ‫ل شيء عليه بشرط أ ّ‬
‫ن ذلك ثابت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬وفعلوا ذلك في الشهر التي‬ ‫عن ذلك مخافة أن يَعتقد بعض العوام بأ ّ‬
‫ثبت صيامها أو صيام بعض أيامها فذلك حسن وإن بّينوا ذلك وصاموا بعض اليام من غير أن يعتقدوا؛ وهذا معلوم‪ ،‬إذ‬
‫ل يمكن أن يعتقد عالِم بثبوت شيء من هذه الحاديث ‪ ..‬نعم نَقَلها بعض الفقهاء في كتبهم ولكنهم لم يشترطوا أن َيرووا‬
‫ن الفضل أن َيقتصر‬ ‫فيها الثابت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬بل يروون فيها ما صح وما لم يصح ول شك أ ّ‬
‫العالم عند كلمه عن المسائل الشرعية على الحاديث الثابتة عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬وذلك‪-‬بالطبع‪-‬بحسب‬ ‫ِ‬
‫ظنه‪ ،‬إذ إنّ أنظار أهل العلم تختلف في ثبوت بعض الحاديث‪ ،‬فبعض العلماء يرى أنها ثابتة عن النبي صلوات ال‬ ‫ّ‬
‫وسلمه عليه‪ ،‬وبعض العلماء يرى أنها لم تثبت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه؛ ول ينبغي لحد أن ُيعّنف أحدا إذا‬
‫ن الحديث الفلني ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وإن كان ذلك الشخص أو أولئك الشخاص ل يرون‬ ‫ظن أ ّ‬
‫ّ‬
‫لن هذه المسائل من المسائل الظنية‪ ،‬والمسائل الظنية ل يمكن أن ُيعّنف فيها أحد‪ ،‬لنه ل يمكن أن َيقطع أحد‬ ‫ثبوت ذلك‪ّ ،‬‬
‫بثبوت ما يراه أو بضعف ما يراه‪ ،‬فما من حديث إذا لم يصل إلى درجة المقطوع به أي بثبوته أو بعدم ثبوته إل ويمكن‬
‫ن هذا‬‫ن النسان متعبّد بحسب ظنّه‪ ،‬فإذا ظنّ أ ّ‬ ‫أن َيتطرق إليه الضعف كما أنه يمكن أن َيتطرق إليه احتمال الصحة‪ ،‬ولك ّ‬
‫الحديث ثابت أخذ به في المور الظنية‪ ،‬أما بالنسبة إلى المور القطعية فتلك لها أمر آخر‪ ،‬إذ إنه ل يمكن أن َيعتقد‬
‫النسان أمرا من المور إل بدليل اجتمع فيه قطعية المتن وقطعية الثبوت‪ ،‬أما إذا َتخّلف واحد من المرين فل‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إلى العمرة فقد جاء في فضلها‪-‬أيضا‪-‬أحاديث عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وأما أنها في‬
‫ن النبي‪-‬‬ ‫شهر رجب بالخصوص فلم يثبت في ذلك شيء‪ ،‬وما جاء عن ابن عمر‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنهما‪ِ-‬من أ ّ‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قد اعتمر في شهر رجب فذلك َوْهم منه رضوان ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليه‪ ،‬وقد‬
‫ن ابن عمر‪-‬رضي ال تعالى عنهما‪-‬قد اعتمر مع‬ ‫ردته عليه السيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنها‪-‬وذكَرت بأ ّ‬ ‫ّ‬
‫النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬في كل عمراته التي اعتمرها‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ولم يكن شيء من ذلك في‬
‫ن ذلك‬ ‫شهر رجب؛ وكذلك لم يأت شيء في فضل ذلك من الحاديث القولية؛ فمن اعتمر في ذلك من غير أن َيعتقد بأ ّ‬
‫ثابت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فل شيء عليه‪ ،‬أما أن يعتقد ثبوت ذلك فهذا مما ل ينبغي؛ وال‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ن فيه فضل كبيرا وأجرا‬ ‫س‪ :‬الن ربما بدأ عدد من الناس صيام شهر رجب ويعتقدون في حال صيامهم أ ّ‬
‫علموا الحكم هل يلزمهم إتمام النية التي بنوا عليها‬ ‫عظيما نظرا للحاديث التي قرؤوها‪ ،‬في هذه الحالة الن بعد أن ِ‬
‫يتوقفوا نظرا لنهم بنوا نيتهم هذه على أحاديث ضعيفة ؟‬ ‫صيامهم أم عليهم أن ّ‬
‫ج‪ :‬هنالك أمران‪:‬‬
‫‪196‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن ذلك لم َيثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬بل ل ينبغي‬


‫ل ّ‬
‫من النهي عن صيام ذلك‪.‬‬‫لحد أن يصوم شهر رجب بأكمله ِلما جاء ِ‬
‫* صيام يوم السراء والمعراج ويوم مولد النبي الكريم‬
‫من شهر رجب وعن‬ ‫من الناس َيسأل عن صيام السابع والعشرين ِ‬ ‫وكثير ِ‬
‫ن الول فيه السراء والمعراج‬ ‫من شهر ربيع الول ل ّ‬ ‫صيام الثاني عشر ِ‬
‫والثاني ُيصاِدف مولد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪:‬‬
‫ن ليلة السراء‬
‫وقبل كل شيء أريد أن أبّين أنه لم يأت دليل يدل على أ ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه‬‫من شهر رجب ول أ ّ‬ ‫كانت ليلة السابع والعشرين ِ‬

‫الول‪ :‬أن يكون بعض الناس قد َنَذر ذلك أي نذر أن يصوم شهر رجب أو عددا من اليام من هذا الشهر‪ ،‬وعلى هذا أن‬
‫ُيكمِل تلك اليام ‪ ..‬أي لبد من أن يقوم بصيام هذه اليام‪ ،‬لنه يجب على النسان أن يقوم بوفاء النذر إذا لم يكن ذلك‬
‫النذر في معصية ال تبارك تعالى ‪ ..‬هذا إذا كان مستطيعا عليه‪ ،‬فما دام مستطيعا على الوفاء به ولم يكن هذا النذر نذَر‬
‫معصية فيجب عليه أن يقوم بإتمام ذلك‪.‬‬
‫وأما إذا كان ذلك لم يكن من هذا الباب وإنما نوى النسان ذلك فل يجب عليه أن يقوم بإكمال ذلك‪ ،‬فإن شاء أن يصوم‬
‫ن هذا ثابت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬في هذا الشهر‬ ‫ت‪-‬من غير أن َيعتقد بأ ّ‬
‫فالصيام فيه خير كثير ولكن‪-‬كما قل ُ‬
‫بخصوصه؛ فالنسان إذا أراد أن يصوم عددا من اليام من هذا الشهر فل إشكال فالصيام فيه خير كثير‪ ،‬ولكنه إذا كان‬
‫ن الفضل له أن يفطر في هذه اليام وأن‬ ‫ل يستطيع أن يصوم إل في هذا الشهر‪-‬مثل‪-‬وسيفطر شهر شعبان فنقول له‪ :‬إ ّ‬
‫يصوم ما أراد في شهر شعبان‪ ،‬لثبوت ذلك عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪:‬‬
‫والمصطفى أكثُر ما يصومفي شهر شعبان وَذا معلومكما ثبت ذلك في السّنة عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬فنحن‪-‬‬
‫ت‪-‬ل نمنع من صيام هذا الشهر‪ ،‬وإنما نقول‪ :‬إنه لم يثبت شيء فيه‪ ،‬فمن صام فليصم على أنه كغيره من سائر‬ ‫كما قل ُ‬
‫الشهر التي لم يثبت فيها شيء من الفضل بعينها وإنما ثبت فضل الصيام في الجملة‪.‬‬
‫ومن لم يستطع إل أن يصوم أياما قليلة فليصم تلك اليام التي ثبت الفضل فيها‪ ،‬أما من استطاع أن يصوم أكثر من ذلك‬
‫فإن شاء أن يصوم في هذا الشهر فليصم وإن شاء أن يصوم في غيره فليفعل؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬إذا كان الذي يصلي بهم الجماعة ممن يرون صيام رجب ويصرون على ذلك‪ ،‬فهل تجوز الصلة خلفه ؟‬
‫ن النسان‪-‬‬ ‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬تجوز الصلة خلفه‪ ،‬فهو لم يرتكب أمرا محجورا ‪ ..‬أي لم يرتكب أمرا ُمحّرما ‪ ..‬غاية ما في المر أ ّ‬
‫كما قلنا‪-‬ينبغي له أن يعرف ما ثبت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬وما لم يثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وأن‬
‫ن الصيام مندوب في الجملة إن لم يخالف دليل‬ ‫طبق الثابت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم؛ ونحن ذكرنا بأ ّ‬ ‫ُي ّ‬
‫ثابتا في سّنة النبي صلوات ال وسلمه عليه ‪ ..‬أي عندما نستثني تلك اليام التي ثبت النهي عن النبي‪-‬صلوات ال‬
‫وسلمه عليه‪-‬عن صيامها سواء كان ذلك النهي يقتضي التحريم أو أنه كان يقتضي الكراهة؛ وأما شهر رجب فإنه لم‬
‫ن النسان ل ينبغي له إذا كان مشهورا بين‬ ‫يثبت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬أنه نهى عن صيامه؛ وإنما قلنا‪ :‬إ ّ‬
‫ظهر ذلك مخافة أن يَعتقد العوام بأنّ ذلك ثابت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬فيعتقد الواحد ما لم يثبت‬ ‫الناس أن يُ ِ‬
‫بأنه ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬فهذا الشخص لم يرتكب حراما وإنما‪-‬اعتقد هذا العتقاد على أنني ل أظن‬
‫ظن على أنه قد قوّى بعض العلماء حديثا جاء عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬في‬ ‫بأنه اعتقد اعتقادا جازما وإنما‪ّ -‬‬
‫يقلد أولئك الذين يقولون‬
‫سن ‪ ..‬فإذا كان هذا الشخص ّ‬ ‫صيام الشهر الحرم وذكروا بأنّ هذا الحديث يصل إلى درجة الحَ َ‬
‫ضعفه ولكنّ ذلك ل يصل إلى درجة القطع بل‬ ‫بثبوت هذا الحديث عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬ونحن وإن كنّا نُ ّ‬
‫كذب حديث إلّ إذا خالف دليل قاطعا ولم يمكن أن ُيجمع بينه‬ ‫التضعيف الظني‪ ،‬لنه ل يمكن لحد أن َيقطع بِ ِ‬ ‫هو من باب ّ‬
‫وبين ذلك الدليل القاطع بوجه من وجوه الجمع المعلومة‪-‬فإذن هذا النسان نقول له بأنه لم يثبت عن النبي‪-‬صلوات ال‬
‫ن الفضل له أن يصوم تلك اليام التي ثبت الفضل في صيامها بنصوص صريحة ثابتة‬ ‫وسلمه عليه‪-‬شيء في ذلك‪ ،‬وأ ّ‬
‫عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وإن شاء بعد ذلك أن يصوم شيئا من رجب أو من غيره من الشهر التي لم يَرد‬
‫فيها فضل عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬من حيث الخصوص استنادا إلى بعض العمومات الدالة على فضل‬
‫الصيام في الجملة فل شيء عليه بمشيئة ال تبارك وتعالى‪.‬‬
‫والبدعة‪-‬على القول الصحيح‪-‬تنقسم إلى أقسام‪ ،‬فليست كلها محرّمة‪ ،‬وما يدعيه كثير من الناس مِن أنّ كل ما لم يَِرد عن‬
‫النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه أو ما شابه ذلك‪ِ-‬من المور التي َيحرم فعلها فهذا مما لم يصح‪ ،‬فنحن إذا نظرنا إلى‬
‫‪197‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من شهر ربيع الول‪،‬‬ ‫وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬وُل ِد َ في اليوم الثاني عشر ِ‬
‫وقد اختلف العلماء اختلفا كثيرا في هاتين القضيتين ولم يأت أحد بدليل‬
‫ن النبي‪-‬صلى‬ ‫يمكن التعويل عليه‪ ،‬فأول هذا لم َيثبت ‪ ..‬أي ل دليل على أ ّ‬
‫من رجب‬ ‫ُ‬
‫سرِيَ به في ليلة السابع والعشرين ِ‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أ ْ‬
‫من ربيع الول‪ ،‬ثم إنه لم َيثبت عن‬ ‫ول على أنه ولد في اليوم الثاني عشر ِ‬
‫من صحابته أنهم كانوا‬ ‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ول عن أحد ِ‬
‫من‬‫قد بعض الناس بعد مدة ِ‬ ‫ة أن َيعت ِ‬ ‫ك ذلك مخاف َ‬ ‫يصومون ذلك‪ ،‬فالفضل تر ُ‬
‫ت‬
‫ن ذلك ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وقد بّين ُ‬ ‫الزمن بأ ّ‬
‫من اليام التي كان يصومها النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أو‬ ‫كثيرا ِ‬
‫ن‬
‫ظب النسان على ذلك فإ ّ‬ ‫ضل صيامها فلُيوا ِ‬ ‫أنه أمر بصيامها أو أنه بّين ف ْ‬
‫في ذلك خيرا كثيرا‪ ،‬وإن كانت لديه قدرة على الصيام فليصم يوما وليفطر‬
‫يوما‪ ،‬كما كان نبي الله‪-‬تعالى‪-‬داؤود‪-‬عليه الصلة والسلم وعلى نبينا‪-‬يصوم‪،‬‬
‫من كانت له قوة فليصم ذلك‪ ،‬أما أن يأتي بأمر لم َيثبت عن النبي‪-‬صلى‬ ‫ف َ‬
‫قد الناس بفعله بأنه ثابت عن‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وُيخشى بأن َيعت ِ‬
‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬فهذا مما ل ينبغي‪.‬‬
‫ن في إسناده مجهول‬ ‫حُرم ولك ّ‬ ‫ضل صيام الشهر ال ُ‬ ‫وكذلك جاء حديث فيه ف ْ‬
‫فهو ل يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬نعم ثبت المر‬
‫ت‬
‫بصيام شهر المحرم كما ذكر ُ‬
‫من كل شهر محرم‬ ‫ضل صيام الخميس والجمعة ِ‬ ‫وكذلك جاء حديث فيه ف ْ‬
‫ن هذا باطل موضوع ومخترع‬ ‫ن صيام ذلك َيعدل عبادة تسعمائة سنة ولك ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫من متنه وفي إسناده كذاب؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫مصنوع كما هو ظاهر ِ‬

‫السنة فإننا نجد الدلة واضحة تدل على فعل بعض المور وإن لم يأمر بها النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬أو أنه لم‬ ‫ّ‬
‫ولكن الوقت ل يُسعِف لذلك‪-‬كما يشير إلى ذلك الخ حفظه ال تبارك‬ ‫ّ‬ ‫يفعلها‪ ،‬فهنالك أحاديث كنتُ أود أن أنبه عليها‬
‫قت بتعليق حسن على ذلك في مقدمة الجزء‬ ‫وتعالى‪-‬فأرجئ ذلك إلى مناسبة أخرى‪-‬بمشيئة ال تبارك وتعالى‪-‬وقد علّ ُ‬
‫الثالث من " الطوفان "‪ ،‬فمن شاء ذلك فليرجع إليه‪ ،‬وهذا الذي ذكرتُه هو الذي ذهب إليه جمهور المّة‪ ،‬كما ذكرتُ ذلك‬
‫في الموضع المشار إليه؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬شهر رجب‪ ،‬هل يصل صيامه إلى حد الكراهة ؟‬
‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬ل يصل إلى حد الكراهة ‪ ..‬من أراد أن يَحكم بوجوب أمر أو بحرمته أو كراهته أو ما شابه ذلك من الحكام‬
‫فلبد من أن َيستنِد إلى آية قرآنية أو حديث ثابت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أو ما يرجع إليهما‬
‫بوجه من وجوه الدللة المعروفة؛ وليس هنالك حديث يدل على كراهة ذلك‪ ،‬بل العكس الدلة تدل على فضل الصيام في‬
‫شدد على العتقاد بثبوت ذلك‪ ،‬إذ إنّ بعض العوام يعتقدون ثبوت بعض المور‪ ،‬بل يصل المر‬ ‫الجملة وإنما‪-‬قلنا‪ُ-‬ي ّ‬
‫شدد فيه‪ ،‬أما أن يصوم‬ ‫ببعضهم إلى أن يعتقد وجوب أمر من المور وهو ل يصل إلى ذلك‪ ،‬فهذا الذي نُّنبه عليه ونُ ّ‬
‫شدد فيه بل يُّنبه ذلك‬
‫النسان في شهر رجب أو في غيره فهذا مما ل يمكن أن يقال بحرمته ول بكراهته ول أن يُ ّ‬
‫الشخص بأنّ هذا الصيام فيه خير كثير ولكن ِاعرف ما هو الذي ثبت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وما لم‬
‫قتصر‬
‫قدمها على غيرها إذا كان يريد أن يَ ِ‬ ‫يثبت‪ ،‬ثم ُنبيّن للناس ما هي اليام التي ثبت صيامها وأنه ينبغي للنسان أن ُي ّ‬
‫على أيام معدودة‪ ،‬وبعد ذلك إن شاء أن يصوم بعد ذلك فل بأس بشرط ألّ َيعتقد أنّ ذلك ثابت؛ وال ولي التوفيق‬

‫‪-1‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الصوم‪ ،‬باب‪ :‬أقسام الصوم إلى واجب‬
‫وغيره‪ ،‬فصل‪ :‬الصوم المستحب‪.‬‬
‫‪198‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من ذلك لكن‬ ‫أعلم‪ ،‬وأكتفي بالقتصار على ما ذكرُته هنا ولع ّ‬
‫ل شيئا فاتني ِ‬
‫هذا ما َيحضرني الن؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬أحكام نواقض الصيام‬
‫س‪ :‬ما حكم أخذ الدم من الصائم وكذلك أعطاؤه هو لشخص آخر ؟‬
‫ج‪ :‬إن أخذ الدم من النسان وهو صائم أسواء كان ذلك للفحص أو لغيره مما اختلف فيه‬
‫أهل العلم وذلك بناء على اختلفهم في الحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم في الحجامة فإن طائفة كبيرة من أهل العلم قالوا بإفطار الحاجم والمحجوم‬
‫دعى‬‫واستدلوا على ذلك بأدلة متعددة مروية عن النبي صلوات الله وسلمه عليه حتى أ ّ‬
‫ن ذلك لم يثبت عن الرسول‬ ‫دعى أ ّ‬
‫بعض أهل العلم أنها بلغت مبلغ التواتر وإن كان بعضهم أ ّ‬
‫صلوات الله وسلمه عليه لضعف تلك الروايات والصواب إن تلك الروايات ثابتة عن النبي‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولكنها منسوخة ول أرى أن أطيل المقام بذكر تلك الروايات‬
‫ومالها وما عليها وذكر الروايات الناسخة لها ولكنّنى أرى أن هذا الرأي وهو القول بالنسخ‬
‫هو الذي ينبغي أن يؤخذ به لنه هو الذي يؤيده الحديث الثابت عن النبي صلوات الله‬
‫وسلمه عليه وفيه دللة واضحة على النسخ وذهب بعضهم إلى أن الحجامة تفطر الصائم‬
‫وأما أخذ الدم للفحص أو نحو ذلك فل وذلك أن ذلك قليل جدا ً ولن الضرورة تقتضيه وهذا‬
‫فيه نظر أن لو قلنا أن الحجامة تنقض الصيام وذلك لنه ل فرق بين المرين إل إذا قيل إنه‬
‫ن هذه العلة عليلة إذ إنه‬
‫بالنسبة إلى الحجامة ُيحكم بالنقص لن المريض يضعف بذلك ولك ّ‬
‫ً‬
‫ل مدخل للضعف وغيره فإذا تمكن النسان من مواصلة صيامه فإن صيامه يعتبر صحيحا ولو‬
‫أصابه شيء من الضعف إذن إما أن نقول بالنقض مطلقا ً أو ل نقول بالنقض وبما أنه ل‬
‫حاجة إلى القول بأن ذلك ل يقال عليه أنه ناقض لجل الضرورة إذ إن من اضطر إلى ذلك‬
‫لو كان ذلك ناقضا ً لقيل إنه له أن يفطر ثم بعد ذلك يقوم بقضاء ذلك اليوم أما أن يقال إنها‬
‫ل تفطر لجل الضرورة فهذا كلم غريب جدا ً وقد علمتم بأن الرأي الراجح لدي هو أن‬
‫الحجامة ل تفطر الصائم وعليه كذلك أقول إن من أخذ الدم ل يفطر الصائم نعم من‬
‫استطاع أن يحتاط لمر دينه وأن يخرج نفسه من الخلف فإن ذلك أولى أما الجواز فقد‬
‫علمتم القول الراجح في هذه المسألة وأما بالنسبة إلى أعطاء الصائم الدم فإن ذلك ناقض‬
‫فإذا ُوضع دم لنسان بأن كان مضطرا ً إلى ذلك فإن ذلك ينقض الصيام ولبد له من القضاء‬
‫ولكنه يباح ذلك إذا كان مضطرا ً إليه لنه مريض والمريض له أن يفطر كما هو معلوم من‬
‫الدلة على ذلك فيباح له الفطار من أجل هذه العلة ‪.‬‬

‫س‪ :‬حكم الريق والبلغم هل يفطرا ؟‬


‫ج‪ :‬أما الريق فل يفطر نعم ل ينبغي للنسان أن يجمعه في فيه وإن كان بعض العلماء قد‬
‫نص وإن جمعه فل شيء عليه في ذلك ولكن كما ذكرت ل ينبغي ذلك أما النقض فالريق ل‬
‫ينقض وأما بالنسبة إلى النخامة فإن استطاع النسان أن يخرجها وتهاون بذلك فإنها تنقض‬
‫الصيام وعليه التوبة وعليه العادة أما إذا لم يستطع أن يقوم بإخراجها فل يكلف فوق‬
‫طاقته وأريد بالستطاعة أن ل يتمكن النسان من ذلك بأن تغلبه النخامة فتدخل في حلقه‬
‫وإلى جوفه أما إذا كان ذلك من باب الستحياء أو كان ذلك في الصلة مثل أو ما شابه ذلك‬
‫فذلك مما ل يصح بإمكانه في الصلة أن يقوم بإخراجها مثل بورق أو حتى في ثوبه في‬
‫حالت الضرورة لنها ناقضة للصلة وناقضة للصيام أما إذا لم يتمكن رأسا ً بأن غلبته ولم‬
‫يستطع أن يخرجها فذلك ضرورة والله تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬ماذا على الصائم إذا تقيأ من غير عمد في نهار رمضان ؟‬
‫ج‪ :‬إذا تقيأ من غير أن يتسبب في ذلك ولم يقم بإرجاع شيء من ذلك القيء إلى جوفه فإن‬
‫صيامه صحيح نعم إذا رجع شيء من ذلك القيء إلى الجوف غلبة أي لم يستطع النسان أن‬
‫يمسكه فإن صيامه أيضا ً أما إذا تسبب النسان في القيء فإن صيامه باطل وعليه أن يتوب‬
‫س النسان بغثيان وأخرج ذلك‬
‫إلى الله تبارك وتعالى وأن يعيد ذلك اليوم وذلك مثل إذا أح ّ‬
‫‪199‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بطريق العمد فإنه يفطر بذلك وعليه أن يتوب إلى الله تعالى وفطره هذا ل يسوغ له أن‬
‫يستمر على الفطار بل لبد له أن يمسك اللهم إل إذا كان ذلك بسبب المرض إذا كان تقيأ‬
‫بسبب المرض واضطر إلى ذلك فإنه ل بأس بذلك وإذا شاء أن يمكث بعد ذلك على إفطاره‬
‫بسبب مرضه فذلك أيضا ً ل بأس لنه أفطر بسبب المرض ولكن عليه بعد ذلك أن يعيد ذلك‬
‫اليوم كما قلت ‪ .‬والله تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬البخاخ الذي ُيستخدم ِلضيق الن ّ َ‬


‫فس ؟‬
‫ج‪ :‬البخاخ اختَلفت فيه كلمة أهل العلم من المعاصرين‪ ،‬أما المتقدمون فل‬
‫كلم َلهم فيه إذ إنه لم يكن موجودا في تلك العصور‪ ،‬أما المعاصرون في‬
‫وقتنا هذا فقد اختَلفوا في ذلك‪:‬‬
‫من استعمَله في َنهار شهر رمضان وهو‬ ‫طر و َ‬ ‫من ذهب إلى أنه ُيف ّ‬ ‫منهم َ‬
‫سد ِبذلك وعليه أن ي ُِعيد ذلك الصيام إذا كان يستطيع‬ ‫مه َيف ُ‬
‫ن صيا َ‬‫صائم فإ ّ‬
‫على العادة أما إذا كان ل يستطيع فإنه ُيطعم عن كل يوم مسكينا‪.‬‬
‫طر‪ ،‬فل يضر ذلك من صنعه فصيامه يكون‬ ‫ومنهم من ذهب إلى أنه ل ُيف ّ‬
‫صحيحا بإذن الله على رأي هؤلء‪.‬‬
‫سط فذهب إلى أنه يواصل صيامه ومع ذلك ُيطعم مسكينا‪ ،‬ول‬ ‫ومنهم من تو ّ‬
‫شك بأن هذا أحوط وأسلم لن الجزم في هذه القضية ليس بالمر اليسير‬
‫طر أو أنه حرام أو أنه حلل ‪..‬‬‫طر أو أنه ل يف ّ‬‫والقول بأن هذا الشيء يف ّ‬
‫واجب أو مندوب أو ما شابه ذلك ‪ ..‬لبد للنسان أن يكون لديه دليل يصلح‬
‫ضاه‪ ،‬وهذه القضية من المور التي فيها شيء من‬ ‫قت َ َ‬
‫م ْ‬
‫للستدلل حتى يقول ب ِ ُ‬
‫الشتباه‪ ،‬فلذلك ذهب من ذهب من أهل العلم إلى التوقف في هذه القضية‬
‫والقول بالحتياط فيها‪ ،‬فالسلمة أن يواصل صيامه وأن يطعم مسكينا إذا‬
‫استعمله‪ ،‬أما إذا كان يستطيع أن يتفاداه لن الحاجة تختلف تارة يكون‬
‫مضطرا إليه وتارة ل يكون مضطرا إليه ‪ ..‬تكون به حاجة ولكن ُيمكنه أن‬
‫دين‬‫يتركه لوقت الفطار فل شك أنه ل ينبغي له أن يستعمله احتياطا لل ّ‬
‫وخروجا من خلف أهل العلم ‪ ..‬نعم إذا كان َيحتاج إليه في أيام قليلة جدا‬
‫فل شك أنه إذا أعاد تلك اليام واحتاط لمر دينه فهو أولى له وأسلم‪ ،‬وعليه‬
‫إذا قضى تلك اليام فإنه ل إطعام عليه كما هو واضح؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫س‪ :‬الحبة التي يتناوُلها مريض القلب ؟‬
‫دد في ذلك ومنهم‬
‫ج‪ :‬في الحقيقة هذه تكلم فيها غير واحد ومنهم من يش ّ‬
‫دد في أمرها‪ ،‬وأرى بأّنها ِبحاجة إلى دراسة فنظرة إلى ميسرة‪.‬‬
‫من ل يش ّ‬

‫‪ - 1‬السؤال كما ورد في المكالمة‪ " :‬الحبة التي يعطيها الطبيب لمريض القلب يضعها مع الضرورة َتحت اللسان هل هي‬
‫جائزة أم ل ؟‬

‫‪200‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‪ :‬امرأة بدأت صيام ثلثة أيام بعد نية نوتها لذلك ولكنها في اليوم الثالث‬
‫شعرت بشيء يخرج منها وحسبت أنه حيض فتركت الصيام لكنه بعد ذلك‬
‫اختفى وبعد ثلثة أيام جاءها مّرة أخرى‪ ،‬هل يعدّ ذلك حيضا ؟‬
‫دة أيام بعد‬
‫دم ليس من الحيض‪ ،‬وبما أنه جاء واستمّرت ع ّ‬ ‫ج‪ :‬ل‪ ,‬ذلك المتق ّ‬
‫ت أود ّ من هذه المرأة بأن‬
‫ذلك جاء الحيض هذا ليس من الحيض وإن كن ُ‬
‫ن للعلماء خلفا في هذه القضية فلو‬ ‫تصف ذلك الدم الذي جاءها من قبل فإ ّ‬
‫ن ذلك ليس من‬ ‫وصفت ذلك الدم لكان ذلك أولى‪ ،‬أما الذي عليه الكثر فإ ّ‬
‫دم‪.‬‬
‫دم المتق ّ‬
‫الحيض في شيء ‪ ..‬أعني ال ّ‬
‫س‪ :‬هي أفطرت إذن لهذا الشيء‪ ،‬فهل تقضي ذلك اليوم ؟‬
‫ج‪ :‬أفطرته ‪ ..‬إذا كان ذلك من رمضان ‪ ..‬نعم عليها القضاء وعليها أن تتوب‬
‫إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬إن أكلت بعد أن توّقف ولكن الظاهر أنها أفطرت‬
‫ن ذلك حيض وبما أنها فعلت ذلك فل شيء عليها بمشيئة الله‪-‬‬ ‫وهي تظن أ ّ‬
‫ت أود ّ منها وينبغي إن أمكنها أن تّتصل ولو‬
‫ت‪-‬كن ُ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬ولكن‪-‬كما قل ُ‬
‫في غير هذه الجلسة حتى تصف ذلك الدم‪.‬‬
‫ن صيامها لم يكن في رمضان ؟‬
‫س‪ :‬هي حددت أ ّ‬
‫ج‪ :‬إذا كان ذلك في غير رمضان ولم يكن نذرا ول كفارة يمين ول قضاء‬
‫ن من دخل في صوم نفل فالصحيح أنه ل يجب‬ ‫لرمضان فل شيء عليها‪ ،‬ل ّ‬
‫ن أنها‬
‫عليه قضاؤه ولو أفطر من دون عذر‪ ،‬فكيف وهي قد أفطرت وتظ ّ‬
‫حائض‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف نتعامل مع المدرسات اللواتي ل يتحجبن ؟ وخاصة في رمضان‪.‬‬
‫ج‪ :‬الله المستعان؛ يجب على النسان أن َيجتنب معاصي الله‪-‬تبارك‬
‫ض البصر مأمور به في‬
‫نغ ّ‬ ‫وتعالى‪-‬في رمضان وفي غير رمضان‪ ،‬فإ ّ‬
‫رمضان وفي غير رمضان‪ ،‬نعم المعاصي تتضاعف في مثل هذا الشهر‬
‫ض بصره سواء‬ ‫ن الحسنات ُتضاعف فيه‪ ،‬فعلى النسان أن َيغ ّ‬ ‫الكريم كما أ ّ‬
‫كان طالبا أو كان غير طالب وسواء كانت تلك المرأة تدرسه أو ل‪ ،‬فعلى‬
‫ض بصره في هذا الشهر الكريم وفي غيره وأل ّ‬ ‫هذا الطالب وغيره أن َيغ ّ‬
‫َينظر إلى مثل هذه المرأة التي ابُتلي بالدراسة معها؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫المستعان‪.‬‬
‫س‪ :‬امرأة تغتسل من الحيض في رمضان الكريم وأ ّ‬
‫ذن عليها أذان الفجر‬
‫وهي ل تزال تغتسل‪ ،‬كيف يكون صيامها في تلك الحالة ‪ ..‬هل تنوي مباشرة‬
‫أو ماذا تصنع ؟‬
‫خر‪ ،‬فهذا التأخير ل‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ,‬تنوي الصوم من ذلك الوقت‪ ،‬وليس لها أن تؤ ّ‬
‫ح أبدا‪ ،‬فإن كانت نوت من ذلك الوقت فصيامها صحيح‪.‬‬ ‫يص ّ‬
‫س‪ :‬حتى ولو لم تكمل الغسل ؟‬
‫خرت ذلك لعذر فل شيء عليها‪ ،‬بأن طهرت في ذلك‬ ‫ج‪ :‬إذا كانت قد أ ّ‬
‫ن أنها ستقوم من قبل ثم أخذها النوم ولم تدر إل‬
‫الوقت أو كانت نائمة وتظ ّ‬
‫ن المؤّذن إذا كان قد أخذ في الذان‬
‫قبيل طلوع الفجر‪ ،‬ولكن القضية هي أ ّ‬
‫والفجر قد طلع وهي لم تنو ففي المسألة مخاطرة شديدة‪ ،‬فينبغي لها أن‬
‫ن ذلك يمكن أن يقال بوجوبه ‪ ..‬أي بوجوب القضاء‬ ‫تقضي ذلك اليوم بل إ ّ‬
‫‪201‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫عليها‪ ،‬لنه قد مضى وقت من طلوع الفجر ولم تكن هي ناوية للصوم‪،‬‬
‫فأرى أنه عليها أن تتوب إلى الله‪-‬تعالى‪-‬وأن تقضي ذلك اليوم بسبب عدم‬
‫نيتها؛ والله أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬جدتها كبيرة في السن وتحتاج في تغيير ملبسها إلى أن تستعين ببعض‬
‫الشخاص سواء كانوا ذكورا أم إناثا‪ ،‬فهل يؤثر ذلك على صيامهم عندما‬
‫يبدلون لها ملبسها ؟‬
‫ج‪ :‬أما الذكور فليس لهم أن يصنعوا لها ذلك‪.‬‬
‫ن ذلك في حالة الصيام‬ ‫وأما الناث فنظرا لوجود الضرورة فإنه يجوز له ّ‬
‫وفي غير حالة الصيام بشرط أل ّ ينظرن إلى العورة وأل ّ يلمسن العورة‪-‬‬
‫ن ذلك يجوز لهذه‬‫أيضا‪-‬إل بوجود حائل‪ ،‬فمع وجود الحائل ومع عدم النظر فإ ّ‬
‫الضرورة؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س بطعم ذلك‬
‫س‪ :‬إذا كان الشخص يتوضأ وفي يده دهن وعند المضمضة أح ّ‬
‫الدهن في فمه وهو صائم‪ ،‬هل يؤثر ذلك على صيامه ؟‬
‫ج‪ :‬ل يؤثر ذلك على الصيام إذا كان لم يبتلع شيئا من ذلك في جوفه؛ والله‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :9‬كثير من النساء يسألن عن استخدام الدهن وما يسمى به " ال ْ‬
‫كريم " أثناء الصيام‪ ،‬فهل‬
‫يضر صيامهن ؟‬
‫ج‪ :‬ل‪ ,‬ل يضر ذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬شخص توضأ للصلة وبقي في فمه ريق اختلط بماء الوضوء‪ ,‬ماذا يصنع‬
‫بذلك الريق ؟ هل له أن يبلعه ؟‬
‫ج‪ :‬أما الريق فل يضر‪ ،‬وأما إذا كان مختلطا بشيء آخر‪-‬كالماء أو الدم‪-‬فإنه‬
‫لبد من أن يخرج ذلك حتى ل يبقى شيء من الماء في فمه؛ والله أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم استخدام العطور النفاَثة بالنسبة للصائم ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان يصل شيء منها إلى الجوف بواسطة الفم أو النف فليس له‬
‫من ذلك فََله ذلك‪ ،‬وكذا يقال في البخور‬
‫يء ِ‬ ‫ذلك‪ ،‬أما إذا كان ل يصل َ‬
‫ش ْ‬
‫ذر من أن يصل شيء من ذلك البخور أو من تلك‬ ‫ح َ‬
‫أيضا‪ ،‬فإذن ينبغي أن ي َ ْ‬
‫العطور إلى جوفه بواسطة النف‪-‬كما قلت‪-‬أو بواسطة الفم؛ والله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬شخص استيقظ في نهار رمضان وهو على جنابة‪ ،‬فإذا سارع بالغتسال‬
‫هل له أن يكمل الصيام ؟ وإذا لم يغتسل ‪ ..‬أهمل الغتسال ؟‬
‫ج‪ :‬أما إذا سارع فصيامه صحيح‪ ،‬وأما إذا لم يسارع فعليه أن يتوب إلى ربه‬
‫وأن يقوم بقضاء ذلك اليوم الذي وقع منه هذا المر فيه؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬مداعبة الرجل لمرأته في نهار رمضان والحديث معها بكلم الحب‬
‫والعطف وما شابه ذلك‪ ،‬هل يضر ذلك الصيام ؟‬
‫ج‪ :‬ثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه كان يقّبل أزواجه وهو‬
‫صائم‪ ،‬فإذا كان النسان ل يخشى على نفسه فل مانع من ذلك‪ ،‬أما إذا كان‬
‫يخشى على نفسه من التقبيل أو من مثل هذه الكلمات من أن يتسّبب ذلك‬
‫في النزال أو في النتصاب الذي يكون سببا في النزال أو في المذاء على‬
‫أقل تقدير ‪ ..‬أي بأن تتحرك شهوته إذا داعب أو تكلم بمثل هذه الكلمات‬

‫‪202‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫فهذه المور على النسان أن يبتعد عنها‪.‬‬


‫)‪ (11‬حكم الستياك بالمعجون في نهار رمضان ‪:‬‬
‫س‪ :‬ما حكم الستياك بالمعجون المعروف في نهار رمضان ؟ وإذا كان‬
‫بالفرشاة وحدها فما الحكم ؟‬
‫ج‪ :‬اختلف العلماء في السواك بالراك للصائم ‪ ،‬فقال قوم بجوازه ‪ ،‬وقال آخرون بالمنع من‬
‫ذلك ‪ ،‬وقال آخرون باستحبابه ‪ ،‬وفصل آخرون بين اليابس والرطب ‪ ،‬فقالوا بالمنع بالنسبة‬
‫للرطب ‪ ،‬والجواز لليابس‪ ،‬وفرق آخرون بين النصف الول من النهار وبين النصف الثاني‬
‫من النهار ‪ ،‬فقالوا بالجواز في الول والمنع في الثاني ‪ ،‬والقول الراجح الجواز لدلة ل أظن‬
‫هنالك حاجة لذكرها الن ‪.‬‬
‫وأما بالنسبة للمعاجين فالحسن والولى والفضل – إن لم نقل بالمنع‪ -‬الترك ‪ ،‬وذلك‬
‫لنها سريعة الذوبان فيخشى على هذا الصائم من أل يتمكن من أن يحفظ من دخوله شيء‬
‫من هذا المعجون إلى داخل جوفه ‪ ،‬وبالتالي في ذلك مخاطرة ‪ ،‬فيجب ترك ذلك أو ينبغي‬
‫ترك ذلك ‪ ،‬وأما بالنسبة للفرشاة من غير معجون فل مانع من ذلك ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬

‫)‪ (12‬حكم صوم من لعن أخاه المسلم ‪:‬‬


‫س‪ :‬ما حكم من لعن أخاه المسلم في نهار رمضان بدون عذر ‪ ،‬هل يبطل‬
‫صومه ؟ وماذا عليه ؟‬
‫ج‪ :‬إذا لعن المسلم المسلم سواء في شهر رمضان أو في غير فقد ارتكب كبيرة من كبائر‬
‫الذنوب والعياذ بالله ‪ ،‬وذلك لن المؤمن ليس بلّعان ول شّتام كما ثبت ذلك في الحاديث‬
‫الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فل يجوز لحد أن يشتم أو يلعن أو يحتقر أخاه‬
‫المسلم بنص الكتاب وبنص السنة الصحيحة وبإجماع المة المحمدية ‪ ،‬لكن إذا كان في‬
‫الصوم فإن المر يشتد ويمكن أن يقال بأن صومه منهدم ‪ ،‬فيجب عليه أن يتوب إلى الله‬
‫سبحانه وتعالى وأن يعيد ذلك اليوم ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬أحكام القضاء والكفارة‬


‫ر رمضان ؟ فالمرأة‪-‬مثل‪-‬التي‬ ‫ب ما ِلشه ِ‬ ‫ء َلها ِ‬
‫من الثوا ِ‬ ‫م القضا ِ‬ ‫س‪ :‬هل أيا ُ‬
‫ث‬
‫من حي ُ‬‫ضي هذه اليام ‪ِ ..‬‬‫ها الشهرية في رمضان ُثم َتق ِ‬ ‫ضها دورت ُ َ‬ ‫ر ُ‬
‫َتعت ِ‬
‫مها كحكم ِ رمضان ؟‬ ‫الفضل والجر والثواب‪ ،‬هل حك ُ‬
‫جب على‬ ‫ن الصيام في شهرِ رمضان تارةً ي َ ِ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ َنحن ن َعْل َ ُ‬
‫جوز له الفطار وتارةً‬ ‫جوز له الصيام وي َ ُ‬ ‫حُرم عليه وتارةً ي َ ُ‬ ‫النسان وتارةً ي َ ْ‬
‫َيكون الفضل هذا وتارة َيكون ذاك‪.‬‬
‫وغ له‬ ‫س ّ‬
‫من كان في وطِنه وليس له عذٌر شرعي ي ُ َ‬ ‫جب فإّنه على َ‬ ‫أما الوا ِ‬
‫قه الفطار كما هو‬ ‫حُرم في ح ّ‬ ‫ك الصيام وي َ ْ‬ ‫قه تر ُ‬ ‫م في ح ّ‬ ‫حُر ُ‬‫الفطار فهذا ي َ ْ‬
‫من غير عذٍر‬ ‫ره ِ‬‫حض ِ‬ ‫ضح‪ ،‬وإذا أفطر‪-‬والعياذ بالله تبارك وتعالى‪-‬في َ‬ ‫وا ِ‬
‫جب عليه‪:‬‬ ‫شرعي فإنه ي َ ِ‬
‫أن َيتوب إلى ربه وأن يرجع إليه ‪ ‬قبل فوات الوان‪.‬‬
‫ي تلك اليام التي أفطرها‪.‬‬ ‫ض َ‬
‫ق ِ‬ ‫وأن ي َ ْ‬
‫فر كفارة مغلظة وهي‪:‬‬ ‫ن عليه أن يك ّ‬ ‫وإن كان أفطر ِبالوطء فإ ّ‬
‫مان على الصحيح الراجح عندنا‪.‬‬ ‫ن شرط اليه َ‬ ‫م ْ‬
‫أن ي َعْت ِقَ رقبة مؤمنة ولبد ِ‬

‫‪203‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جب عليه أن َيصوم‬ ‫قَها فإنه ي َ ِ‬ ‫وإن َلم يستطع ‪ ..‬أي َلم َيجد رقبة َيقوم ب ِعِت ْ ِ‬
‫شهرين متتابعَْين‪.‬‬
‫فإن َلم يستطع فعليه أن ُيطعم ستين مسكينا على الترتيب‪-‬على الصحيح‪-‬ل‬
‫ت‬ ‫ن هذا هو الذي جاء عن النبي ‪. ‬والرواية التي جاء ْ‬ ‫على التخِيير‪ ،‬ل ّ‬
‫ضحة‬ ‫ة الخرى هي الوا ِ‬ ‫من باب الرواية بالمعنى‪ ،‬بينما الرواي ُ‬ ‫ِبالتخيير فإّنها ِ‬
‫ُ‬
‫ح العدول عنها‪ ،‬ول أِريد ُ ِبقوِلي‪ " :‬ل‬ ‫ص ّ‬ ‫التي ينبغي العتماد ُ عليها بل ول ي َ ِ‬
‫من‬ ‫ة ِ‬ ‫جَعل المسأل َ‬ ‫جد في ذلك الخلف أو أن َّنا ن َ ْ‬ ‫ح العدول عنها " أنه ل ُيو َ‬ ‫ص ّ‬ ‫يَ ِ‬
‫ف فيها موجود ٌ‬ ‫ل الرأي والخل ُ‬ ‫من مسائ ِ‬ ‫ل‪ ،‬المسألة ِ‬ ‫دين ‪ ..‬ك ّ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ب مسائ ِ‬ ‫با ِ‬
‫ت عن النبي ‪. ‬‬ ‫ُ‬
‫جح الذي ثب َ‬ ‫من عصرٍ بعيد‪ ،‬ولكن ِّني أِريد ُ ِبذلك الرا ِ‬ ‫ِ‬
‫ب الكفارة أما‬ ‫ف في وجو ِ‬ ‫أما إذا كان الفطاُر ِبغيرِ الوطِء فِللعلماِء خل ٌ‬
‫منهما‪:‬‬ ‫دل والتوبة فلب ُد ّ ِ‬ ‫الب َ َ‬
‫مةِ هذا الشهرِ المبارك‪.‬‬ ‫حْر َ‬ ‫‪-1‬قيل بوجوب الكفارة عليه‪ ،‬لنتهاك ُ‬
‫‪-2‬وقيل بعدم وجوب الكفارة عليه‪.‬‬
‫ل قوي وهو أحوط وأسلم‪.‬‬ ‫ك أّنه قو ٌ‬ ‫ش ّ‬ ‫ل الّول ل َ‬ ‫والقو ُ‬
‫فاس وفي حالة‬ ‫ة‪ :‬في حالةِ الن ّ َ‬ ‫م فيها الصيام على المرأ ِ‬ ‫حُر ُ‬ ‫والحالة التي ي َ ْ‬
‫ص‬
‫مة وب ِن َ ّ‬ ‫جب عليهما القضاُء ِبإجماِع ال ّ‬ ‫م عليهما الصيام وي َ ِ‬ ‫حُر ُ‬ ‫الحيض‪ ،‬في َ ْ‬
‫صوم وكذلك‬ ‫ض أن ت َ ُ‬ ‫جوُز ِللحائ ِ‬ ‫السّنة الصحيحةِ الثابتة عن النبي ‪ ، ‬فل ي َ ُ‬
‫ن ِبالصلةِ ولكن الفرقُ أن ُّهما‬ ‫جوز َلهما التيا ُ‬ ‫بالنسبةِ إلى النفساء وكذلك ل ي َ ُ‬
‫ت ذلك في السّنة عن النبي‬ ‫خلف الصوم كما ثب َ‬ ‫ن ِبقضاِء الصلةِ ب ِ ِ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫ل ت ُؤْ َ‬
‫ن ذلك‬ ‫ن الممنوعات‪ ،‬ل ّ‬ ‫م َ‬ ‫ضاِء الصلة‪ ،‬وذلك ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ما ب ِ َ‬ ‫قو َ‬ ‫‪ ‬بل وليس َلهما أن ي َ ُ‬
‫ي النبي ‪. ‬‬ ‫خاِلف ل ِهَد ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫جوز له الفطار فالمريض والمسافر و‪-‬كذلك‪-‬الشيخ الكبير‬ ‫أما الذي ي َ ُ‬
‫ضع إذا خافتا على‬ ‫مْر ِ‬ ‫والمرأة العجوز و‪-‬كذلك‪-‬المرأة الحامل والمرأة ال ُ‬
‫في هذه الحالت َيجوز الفطار بل‬ ‫كل‪ ،‬فَ ِ‬ ‫ما أو على ال ُ‬ ‫ما أو على ولد َي ْهِ َ‬ ‫سي ْهِ َ‬‫ف َ‬ ‫نَ ْ‬
‫شت َد ّ به المرض وخاف على‬ ‫ض الحالت‪ ،‬فالمريض إذا ا ْ‬ ‫جب في بع ِ‬ ‫قد ي َ ِ‬
‫ق‬
‫ش ّ‬ ‫طر‪ ،‬وهكذا المسافر إذا َ‬ ‫ف ِ‬ ‫هاهَُنا الصيام بل عليه أن ي ُ ْ‬ ‫سه فليس له َ‬ ‫ف ِ‬ ‫نَ ْ‬
‫من الهلك فكذلك ليس له أن‬ ‫قّرُبه ِ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫م ّ‬ ‫من الهلك أو ِ‬ ‫عليه ذلك وخاف ِ‬
‫قّية الباقية التي ذكرناها سابقا‪ ،‬وِللعلماء في‬ ‫صوم‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى الب َ ِ‬ ‫يَ ُ‬
‫رها الن‪.‬‬ ‫ت ل داعي ل ِذِك ْ ِ‬ ‫ذلك تفصيل ٌ‬
‫ب عليهم القضاء‪،‬‬ ‫ج ُ‬ ‫ض الناس ي َ ِ‬ ‫أما ِبالنسبةِ إلى القضاء فكما قلنا بع ُ‬
‫ه القضاُء وهكذا بالنسبة إلى الحامل‬ ‫مك ِن ُ ُ‬ ‫فالمسافر والمريض الذي ي ُ ْ‬
‫والمرضع على الصحيح الراجح فيهما ‪ ..‬أعني في الحامل والمرضع ‪ ..‬هؤلء‬
‫جب عليهم القضاء‪.‬‬ ‫يَ ِ‬
‫مزِّية عظيمة ولكن‪-‬أيضا‪ِ-‬بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ن ِلرمضان َ‬ ‫ول شك ِبأ ّ‬
‫ما‬ ‫ضل العظيم‪ ،‬لّنهم أفطروا في رمضان إ ِ ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫في حالةِ القضاِء ي ََناُلون ال َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ن نقول‪ " :‬إ ّ‬ ‫ح َلهم ذلك‪ ،‬ول ُيمكن أ ْ‬ ‫جب عليهم ذلك أو بسبب ي ُِبي ُ‬ ‫بسبب ُيو ِ‬
‫ُ‬
‫ل‬
‫ض في مث ِ‬ ‫حب الخو َ‬ ‫تلأ ِ‬ ‫من صيام شهر رمضان " وإن كن ُ‬ ‫صيامهم أَقل ِ‬
‫‪204‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ما على‬ ‫ن هؤلء مشروعٌ َلهم الفطار إ ّ‬ ‫ريد أن ن ُث ْب َِته ِبأ ّ‬ ‫هذه القضايا ‪ ..‬الذي ن ُ ِ‬
‫دب وَيجب عليهم القضاء فل داعي‬ ‫ق الن ّ ْ‬ ‫ق اليهجاب أو على طري ِ‬ ‫طري ِ‬
‫ن هذا أفضل أو ليس ِبأفضل ‪ ..‬نعم هل الفضل‬ ‫ل هذه المسألة ِبأ ّ‬ ‫ِلتطوي ِ‬
‫طر ‪-2‬أو الفضل له أن َيصوم في شهر رمضان ؟ هذا فيه‬ ‫ف ِ‬ ‫ِللمساِفر ‪-1‬أن ي ُ ْ‬
‫ن‬
‫ك ِبأ ّ‬ ‫ش ّ‬ ‫قه ؟ ول َ‬ ‫ح ّ‬
‫ضل اليسر في َ‬ ‫ف كبير بْين أهل العلم ‪-3 ..‬أو الفْ َ‬ ‫خل ٌ‬
‫ن الْولى‬ ‫ش ّ‬ ‫قه الصيام فل َ‬ ‫ْ‬
‫كأ ّ‬ ‫سر في ح ّ‬ ‫جيه‪ ،‬فإن كان الي ْ َ‬ ‫هذا الرأي َرأيٌ وَ ِ‬
‫قة ‪ ..‬وطبعا‬ ‫ش ّ‬‫م َ‬ ‫صل على َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ف ْ‬
‫طر وقد ي َ ْ‬ ‫قه ال ِ‬ ‫سر في ح ّ‬ ‫له الصيام وإن كان الي ْ َ‬
‫ل هذه‬ ‫مث ْ ِ‬
‫من ِ‬ ‫سهَْلة أو ما شابه ذلك‪ ،‬إذ لبد ِ‬ ‫طة أو ال ّ‬ ‫سي َ‬ ‫قة الب َ ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫م َ‬ ‫ليست ِباله َ‬
‫َ‬
‫ن نواٍح‬ ‫م ْ‬ ‫قةٍ كبيرة فالفضل له الصيام ِ‬ ‫ن غَي ْرِ مش ّ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫مك َن َ ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ة‪ ،‬فَإ ِ ْ‬
‫ق ِ‬ ‫ش ّ‬‫م َ‬‫اله َ‬
‫مت َعَد َّدة؛ والله ولي التوفيق‪.‬‬ ‫ُ‬
‫خره‪ ،‬فهل في‬
‫ول رمضان أو في وسطه أو في آ ِ‬ ‫َ‬
‫س‪ :‬قد َيكون أفطَر في أ ّ‬
‫َ‬
‫متتاِبعا ؟‬
‫مه ُ‬ ‫مت َ َ‬
‫فّرقا أن َيصو َ‬ ‫م ما أفطَره ُ‬ ‫القضاء ي َْلز ُ‬
‫مه أن َيصو َ‬
‫ن بعيد‪:‬‬ ‫ل العلم منذ زم ٍ‬ ‫ف فيها بْين أه ِ‬ ‫مختل َ ٌ‬ ‫ة ت ََتاب ُِع القضاِء ُ‬ ‫ج‪ :‬مسأل ُ‬
‫شقّ عليه وَلم‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب الت َّتابِع في القضاِء إل َ‬ ‫من ذهب إلى وجو ِ‬ ‫من العلماء َ‬ ‫ِ‬
‫طع على ذلك‪.‬‬ ‫ست َ ِ‬‫يَ ْ‬
‫جوز ِللنسان أن‬ ‫صل ‪ ..‬ي َ ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫جوز في القضاء ال َ‬ ‫ض العلماء ذهب إلى أنه ي َ ُ‬ ‫وبع ُ‬
‫دة التي عليه ول‬ ‫ل العِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫م يوما وأن ُيفط َِر يوما وهكذا ‪ ..‬المهم أن ي ُك ْ ِ‬ ‫يصو َ‬
‫ن قد أفط ََر سّتة أيام أو سبعة‬ ‫َ‬
‫ينظر إلى التتابع وإلى عدمه‪ ،‬فإذا كان إنسا ٌ‬
‫ضها ُثم‬ ‫ضي تلك اليام سواء أتى ِبها متتاِبعة أو أنه أتى ِببع ِ‬ ‫أيام المهم أن َيق ِ‬
‫دة‪.‬‬ ‫صي العِ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫طر ُثم أتى ِبالبقيةِ الباقية وهكذا ‪ ..‬الحاصل المهم أن ي ُ ْ‬ ‫َأف َ‬
‫ضح في هذه القضية‪ ،‬إذ‬ ‫ل وا ِ‬ ‫ق ِبأدِّلة‪ ،‬وليس هنالك دلي ٌ‬ ‫ل فري ٍ‬ ‫لك ّ‬ ‫ست َد َ ّ‬‫وقد ا ْ‬
‫من الحديث‬ ‫ب ذلك ِ‬ ‫ب الت َّتابع وبعدم وجو ِ‬ ‫ن قال ِبوجو ِ‬ ‫م ْ‬‫دل ِبه َ‬ ‫ست َ َ‬‫ل ما ا ْ‬ ‫نك ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ت عنه صلوات الله وسلمه عليه على التحقيق‪،‬‬ ‫المروي عن النبي ‪ ‬ل ي َث ْب ُ ُ‬
‫سع ِبه المقال‪.‬‬ ‫وبيان ذلك ي َت ّ ِ‬
‫ب إلى السيدةِ عائشة‪-‬‬ ‫س ُ‬ ‫شاذ ّةٍ ت ُن ْ َ‬ ‫ل القائلون ِبالت َّتابع‪-‬أيضا‪ِ-‬بقراءةٍ َ‬ ‫واستد َ ّ‬
‫ت‬
‫رها‪ ،‬ولكن الحِتكام ِبالقراءا ِ‬ ‫ت إلى غي ِ‬ ‫سب َ ْ‬
‫رضي الله تعالى عنها‪-‬وقد ن ُ ِ‬
‫ها‬
‫ديرِ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ن تلك القراءةَ على ت َ ْ‬ ‫ره الن‪ ،‬ثم إ ّ‬ ‫عي ل ِذِك ْ ِ‬ ‫الشاّذة ل ََنا فيه ن َظ ٌَر ل َدا ِ‬
‫فظ إل‬ ‫سِخ الل ّ ْ‬ ‫خ ب ِن َ ْ‬‫س ُ‬ ‫م ي ُن ْ َ‬‫ن الحك َ‬ ‫لأ ّ‬ ‫ن الص َ‬ ‫ت منسوخة فإ ّ‬ ‫ت وما دام ْ‬ ‫خ ْ‬ ‫قد ُنس َ‬
‫ل في‬ ‫ل‪ ،‬وليس لدينا ذلك الدلي ُ‬ ‫سِخ الص ِ‬ ‫ل على بقاِء الحكم بعد َ ن َ ْ‬ ‫ل دلي ٌ‬ ‫إذا د َ ّ‬
‫هذه القضية‪.‬‬
‫مت ََتاِبع‪ ،‬وهذا‬ ‫سوا ذلك‪-‬أيضا‪-‬على صيام ِ شهرِ رمضان المباَرك فإّنه ُ‬ ‫وَقا ُ‬
‫ل‬
‫ج ِ‬ ‫جب التتاُبع فيه ل ل ْ‬ ‫ن رمضان ي َ ِ‬ ‫خفى‪ ،‬ذلك أ ّ‬ ‫القياس فيه ما فيه كما ل ي َ ْ‬
‫ره إل‬ ‫خ ِ‬ ‫ن أوِّله إلى آ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مه ِ‬ ‫جب صيا ُ‬ ‫ن رمضان ي َ ِ‬ ‫سه ولكن ل ّ‬ ‫ب التتاُبع نف ِ‬ ‫وجو ِ‬
‫ل الت َّتابع َذاِته‪ ،‬فإذن‬ ‫ج ِ‬ ‫خر وليس ل ْ‬ ‫ِلعذرٍ شرعي كما هو معلوم ‪ ..‬ذلك لمرٍ آ َ‬
‫هذا القياس فيه ما فيه‪.‬‬
‫ف‬
‫من الخل ِ‬ ‫سه ِ‬ ‫رج نف َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ن النسان الْولى َله أن ي ُ ْ‬ ‫كأ ّ‬ ‫ش ّ‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬ل َ‬
‫ر‬
‫ن شه ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ضى ما عليه ِ‬ ‫ص وقال ِبأّنه قَ َ‬ ‫في هذه القضية‪ ،‬ولكن لو جاءنا شخ ٌ‬
‫‪205‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫َ‬
‫ل الشهر‬ ‫ض اليام في أوّ ِ‬ ‫واء أفط ََر بع َ‬ ‫س َ‬ ‫رمضان ولكّنه َلم ي َُتاِبع ب َْين القضاء َ‬
‫ها في‬ ‫طه أو في ِنهايِته أو ما شابه ذلك أو أنه أ َفْط ََر َ‬ ‫س ِ‬ ‫خر في وَ َ‬ ‫والبعض ال َ‬
‫مك صحيح " ولكن‬ ‫ن صيا َ‬ ‫حد فإننا نقول له‪ " :‬على الصحيح عندنا إ ّ‬ ‫ت وا ِ‬ ‫وَقْ ٍ‬
‫ن في ذلك‬ ‫جدا‪ ،‬ثم إ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫ت‪-‬في هذه المسألةِ حس ٌ‬ ‫من الخلف‪-‬كما قل ُ‬ ‫الخروج ِ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫من َلحظةٍ ِ‬ ‫ل الخْير‪ ،‬والنسان ل َيدِري متى َيأِتيه الموت‪ ،‬فما ِ‬ ‫فع ْ ِ‬ ‫مَباد ََرة ل ِ ِ‬ ‫ُ‬
‫ن ِبهذه اليام‬ ‫جَئه الموت‪ ،‬فإذا باد ََر ِبالتيا ِ‬ ‫فا ِ‬
‫كن أن ي ُ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ت حياِته إل وي ُ ْ‬ ‫لحظا ِ‬
‫ضّيق‬ ‫طيع أن ن ُ َ‬ ‫فإّنه قد أّدى ما عليهِ ِبحمدِ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وإن كّنا ل نست ِ‬
‫جب عليه أن َيصوم‬ ‫ن النسان ي َ ِ‬ ‫ب الفورية َلقلنا‪ " :‬إ ّ‬ ‫عليه‪ ،‬لن َّنا لو قلنا ِبوجو ِ‬
‫ي ما عليه إل إذا كان هنالك عذٌر‬ ‫ض َ‬ ‫ق ِ‬ ‫من شهرِ شوال وأن ي َ ْ‬ ‫في اليوم الثاني ِ‬
‫ل تقدير‪-‬الفطار "‪.‬‬ ‫ح له‪-‬على أق ّ‬ ‫من الصيام أو ي ُِبي ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫من َعُ ُ‬
‫يَ ْ‬
‫ة‪ :‬العلماُء اختَلفوا في هذه المسألةِ على ثلث ِ‬
‫ة‬ ‫ة ما في المسأل ِ‬ ‫فإذن خلص ُ‬
‫أقوال‪:‬‬
‫من كانت عليه‪-‬مثل‪-‬‬ ‫ط في ذلك‪ ،‬ف َ‬ ‫من قال‪َ :‬يجب التتابع وهو شر ٌ‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫م أف َ‬ ‫َ‬
‫ح له ذلك فإّنه‬ ‫طر ِلغي ْرِ عذرٍ شرعي ي ُِبي ُ‬ ‫ة أيام وصام يومْين ث ُ ّ‬ ‫خمس ُ‬
‫ب ِبإعادةِ الخمسةِ الّيام مًعا‪.‬‬ ‫ُيطال َ ُ‬
‫طر َيكون آِثما ولكن‬ ‫من قال‪ :‬هو واجب ولكنه ليس ِبشْرط‪ ،‬فإذا َأف َ‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬
‫مه الماضي صحيح‪ ،‬فعليه في هذا المثال أن َيأِتي ِبالثلثة الباقية وليس‬ ‫صيا ُ‬
‫جب عليه أن َيتوب إلى الله‪.‬‬ ‫عليه أن ي ُِعيد َ اليومْين الماضيْين ولكنه آِثم ي َ ِ‬
‫مه وليس عليه أن ي ُِعيد َ ما مضى‬ ‫كم ِبإث ْ ِ‬ ‫ح َ‬
‫ض العلماء ذهب إلى أنه ل ي ُ ْ‬ ‫‪-3‬وبع ُ‬
‫سُنون له أن‬ ‫ح ِ‬ ‫ست َ ْ‬
‫من اليام بل عليه أن َيأِتي ِبالبقيةِ الباقية ولكنه مع ذلك ي َ ْ‬ ‫ِ‬
‫ن في ذلك مباَدرة إلى‬ ‫من عُهْد َةِ الخلف و‪-‬أيضا‪-‬ل ّ‬ ‫خُروجا ِ‬ ‫ُيتاِبع بْين اليام ُ‬
‫فى‪.‬‬ ‫خ َ‬‫ضل ما ل ي َ ْ‬ ‫ن الف ْ‬ ‫م َ‬ ‫الخْير ومساَرعة إليه وفي ذلك ِ‬
‫وى‬ ‫ق َ‬
‫من عهدةِ الخلف ومع ذلك ل ن َ ْ‬ ‫ث الناس على الت َّتاُبع خروجا ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫فنحن ن َ ُ‬
‫ل التفريق لننا ل‬ ‫ضوا على سبي ِ‬ ‫مِهم الماضي أن ل َوْ قَ َ‬ ‫صَيا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫طا ِ‬‫ل ِبإب ْ َ‬ ‫على القو ِ‬
‫من كان‬ ‫ن هذا في َ‬ ‫ب الت َّتاُبع في ذلك‪ُ ،‬ثم إ ّ‬ ‫ل على وجو ِ‬ ‫ل الذي ي َد ُ ّ‬ ‫ك الدلي َ‬ ‫مل ِ ُ‬‫نَ ْ‬
‫شقّ عليه فل بأس عليه ِبمشيئة الله‬ ‫در على ذلك أو ي َ ُ‬ ‫ق ِ‬
‫من كان ل ي َ ْ‬ ‫قاِدرا أما َ‬
‫ول حرج‪ ،‬والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ت يومْين معهم‬‫ت فأفطر ْ‬ ‫ت خمسة عشر يوما فقط ُثم مرض ْ‬ ‫س‪ :‬والدُته صام ْ‬
‫رها حتى اليوم التاسع‬ ‫ت على إفطا ِ‬ ‫عَناَية وبقي ْ‬ ‫قل َ ْ‬
‫ت إلى ال ِ‬ ‫زل ُثم ن ُ ِ‬
‫في المن ْ ِ‬
‫عْنها ؟‬
‫ها َ‬ ‫ضا ُ‬
‫ؤ َ‬ ‫ق َ‬ ‫ت ظهرا‪ ،‬ما هي اليام التي ي َل َْز ُ‬
‫م َ‬ ‫والعشرين توفي ْ‬
‫ج‪ :‬ل شيَء عليها ول عليهم ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل أجرى عملية قلب ول يستطيع الصيام الن ولكن ينتظر الشفاء ؟‬
‫من‬
‫ج‪ :‬أّول‪ :‬نتمنى له الشفاء العاجل ‪ ...‬الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬له ذلك ولغيره ِ‬
‫عبادِ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬المسلمين‪.‬‬
‫وثانيا‪ :‬نعم له أن يفطر ويقضي بعد ذلك ما دام يستطيع القضاء وليس له‬
‫أن يكتفي بالطعام ‪ ..‬بل ل إطعام عليه فالن يفطر ول بأس عليه والحمد‬
‫لله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وبعد ذلك عندما يرى من نفسه أّنه يستطيع أن يقوم‬
‫ضَها؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫ق ِ‬
‫بقضاء تلك اليام فلي ْ‬
‫‪206‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من كانت عليه أيام قضاء أو كان عليه يوم واحد‪ ،‬هل له أن يصوم يوم‬
‫س‪َ :‬‬
‫من شعبان ؟‬ ‫الثلثين ِ‬
‫ج‪ :‬حقيقة ‪ ..‬ينبغي ِللنسان أن يبادر إلى الخير وأن يسارع إليه ومن العجب‬
‫أن يترك العبد القضاء لمدة طويلة من الزمن إلى أن يصل إلى اليوم‬
‫الثلثين من شهر شعبان ول يدري هل سيكون حقا ذلك اليوم هو هذا أو أن‬
‫هذا اليوم سيكون من شهر رمضان فيأتي يسأل الواحد في اليوم التاسع‬
‫والعشرين‪-‬مثل‪-‬هل أصوم غدا ‪ ..‬أي أفطرت يوما هل أصوم غدا أو ل ؟!‬
‫طيب إذا كان اليوم التي من شهر رمضان فماذا عسى أن تصنع ؟! نعم إذا‬
‫كان قد نسي ذلك ولم يتذكر إل في ذلك اليوم أو في تلك الليلة فالمر‬
‫َيختلف أما أن يتعمد أن يترك ذلك حتى ذلك الوقت فهذا ل ينبغي ِلمن‬
‫َيخاف الله تبارك وتعالى‪ ،‬أما الصيام في هذا اليوم بنية القضاء فل مانع منه‬
‫إذ إن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬إنما نهى عن التطوع المطلق‬
‫مخافة أن يريد الذي يصوم في ذلك اليوم أن َيحتاط بزعمه لشهر‬ ‫أو َ‬
‫رمضان أو ما شابه ذلك فَن ُِهي عن الصيام في ذلك الوقت ‪َ..‬نهى الرسول‪-‬‬
‫ما من كان‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪-‬عن تقدم شهر رمضان بيوم أو يومين‪ ،‬أ ّ‬
‫مرسلة أو كان يصوم نذرا أو‬ ‫يصوم قضاء أو كان يصوم كفارة مغلظة أو ُ‬
‫ود أن يصوم في يوم من اليام كيوم الخميس أو يوم الثنين أو ما‬ ‫كان قد ت َعَ ّ‬
‫شابه ذلك وصادف ذلك اليوم يوم الثلثين أو يوم الشك فصامه بنية صيام‬
‫القضاء أو بنية صيام الكفارة أو النذر أو بنية صيام يوم مسنون قد اعتاد‬
‫على صيامه فل مانع من ذلك كما ثبت ذلك في الحديث عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وإّنما ننهى‪-‬كما قلت‪-‬عن المخاطرة ِبحيث إن النسان ل يدري‬
‫هل سيدخل شهر رمضان أو ل يدخل في ذلك اليوم فإن دخل شهر رمضان‬
‫دل وإن َلم يدخل ففي هذه الحالة‬ ‫فإنه لن يتم ّ‬
‫كن من التيان بصوم الب َ َ‬
‫سيصوم اليوم الذي َلم يأت به من قبل‪.‬وكذلك أريد أن أنبه إلى أن من يريد‬
‫أن يصوم كفارة مغلظة ‪ ..‬مثل بسبب قتله ِلمؤمن خطأ أو بسبب ظهار أو‬
‫بسبب انتهاك ِلحرمة صوم شهر رمضان المبارك فإنه ينبغي له إذا أراد أن‬
‫يصوم في شهر شوال وذي القعدة ينبغي له أن يصوم بعد عيد رمضان‬
‫مباشرة ‪ ..‬في اليوم الثاني أو الثالث أو الرابع أو ما شابه ذلك من شهر‬
‫كن هو من إْتمام صيام‬ ‫مخافة أن يأتي العيد‪-‬أعِني عيد الحج‪-‬وَلم ي َت َ َ‬
‫م ّ‬ ‫شوال َ‬
‫الكفارة‪ ،‬فمثل إذا شرع في الصيام في اليوم العاشر أو الحادي عشر أو‬
‫الثاني عشر أو بعد ذلك وقد َيحدث حتى لو شرع في صيام التاسع من شهر‬
‫شوال لّنه في هذه الحالة قد ُيخاطر ‪ ..‬ل يدري هل سيكون شهر شوال‬
‫ثلثين يوما أو ل فينبغي أن يصوم قبل ذلك لنه إذا أتى العيد وَلم ُيكمل‬
‫الشهرين فماذا عسى أن يصنع ؟ صيام يوم العيد ل َيجوز ِبحال من الحوال‪،‬‬
‫فمعنى ذلك أّنه سيفطر ولبد فهل بعد ذلك سيقضي الشهرين معا وقد‬
‫يكون صام شهرا وخمسة وعشرين يوما أو أنه سيواصل ؟ من المعروف أن‬
‫لهل العلم في ذلك اختلفا‪ ،‬والقول الذي ذهبت إليه طائفة من المحققين‬

‫‪207‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وهو الصحيح أّنه ينهدم صومه لنه خاطر بنفسه متعمدا وليس كالمريض‬
‫الذي اضطر للفطار ول حول له ول قوة على إْتمام الصيام فذلك ُيرخص له‬
‫في الفطار وبعد ذلك يواصل بعد أن َيمن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليه بالشفاء‬
‫أما هذا قد خاطر هو نفسه بذلك وعليه أن يعيد الصيام من أوله‪ ،‬فينبغي‬
‫النتباه لذلك لن كثيرا من الناس يأتون في أيام العشر من ذي الحجة‬
‫يسألون " ماذا نصنع في اليوم العاشر ؟ " بل و " ماذا نصنع في الحادي‬
‫عشر والثاني عشر والثالث عشر ؟ " والجواب بأن من صنع ذلك عليه أن‬
‫دم هذا هو الرأي الذي عليه غير‬‫يأتي بالصيام من أوله لن صيامه قد ان ْهَ َ‬
‫واحد من المحققين وهو الصحيح عندي؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬امرأة كانت مريضة في شهر رمضان الكريم بالشلل النصفي وتركت من‬
‫صيامه ستة عشر يوما وبعد مرور سنين تقول هي أنها لم تقض تلك اليام‬
‫ويقول أبناؤها بأنها قضت تلك اليام فصارت في خلف مع أبنائها هم‬
‫يقولون بأنك قد قضيت وهي تقول بأنني لم أقض ‪ ..‬متشككة‪ ،‬فماذا تصنع‬
‫في هذه الحالة ؟‬
‫كر أنه لم يصم فإنه لبد‬‫طب بنفسه فإذا كان ي َذ ْ ُ‬ ‫ن النسان مخا َ‬ ‫ج‪ :‬الصل أ ّ‬
‫من أن يصوم ذلك إذا كان يتمكن من الصيام أو يفتدي إذا كان يتمكن من‬
‫قنة بأنها لم تصم تلك اليام فلبد من‬ ‫الفدية‪ ،‬فإذا كانت هذه المرأة متي ّ‬
‫القضاء إذا كانت تتمكن من القضاء أو لبد من الطعام إذا كانت تتمكن من‬
‫الطعام‪ ،‬وأولئك الولد يمكن أنهم رأوها صائمة وهي قد صامت نفل أو ما‬
‫قنة من نفسها فلبد من ذلك ‪ ..‬نعم إذا كانت‬ ‫شابه ذلك فإن كانت هي متي ّ‬
‫قنون بأنها قد صامت الفريضة بأن كانت أخبرتهم‬ ‫ذاكرتها ضعيفة والولد متي ّ‬
‫ل أنهم شاهدوها صائمة أو أنها أخبرتهم بأنها صائمة أو ما شابه ذلك ‪..‬‬
‫قنون من ذلك بأنها صامت‬ ‫أقول‪ :‬إن كانت ذاكرتها ضعيفة والولد متي ّ‬
‫ن ذلك يجزيها بمشيئة الله‪ ،‬فالعبرة من‬ ‫القضاء ل أنها كانت مجرد صائمة فإ ّ‬
‫قنها وذاكرتها؛ والله أعلم‪.‬‬
‫تي ّ‬
‫س‪ :‬إذا كان المسلم ل يستطيع الصوم بسبب مرض ول يستطيع القضاء في‬
‫وقت لحق‪ ،‬فهل عليه الكفارة عن كل يوم ؟ وما حكم إخراج هذه الكفارة‪،‬‬
‫هل تخرج يوميا أم يجزيه أن يخرجها في بداية الشهر دفعة واحدة بشراء‬
‫مؤونة رمضان لسرة فقيرة أو عدد من السر ؟‬
‫ج‪ :‬من لم يستطع الصيام ولم يستطع القضاء أو كان في ظنه أنه ل‬
‫يستطيع أن يقوم بالقضاء بعد ُ بأن كان مريضا مرضا ل يرجو الشفاء منه‬
‫ن‬
‫ن عليه أن ُيطِعم عن كل يوم مسكينا‪ ،‬والصل أ ّ‬ ‫بحسب الظاهر فإ ّ‬
‫النسان يطعم لذلك اليوم ‪ ..‬أي يطعم عن كل يوم أو أنه يؤخر حتى ينتهي‬
‫دم فيطعم عن اليوم الفلني ولكن قد تكون هنالك‬ ‫الشهر‪ ،‬والفضل أن ُيق ّ‬
‫مشقة بأن يطعم عن كل يوم يوم أي أن يقوم بالطعام عن اليوم الول فيه‬
‫والثاني وهكذا‪ ،‬فبإمكانه أن يطعم عن كل عشرة أيام في وقت واحد أو عن‬
‫ن النسان ل يدري إلى متى يبقى في هذه‬ ‫الشهر في وقت واحد‪ ،‬ولك ّ‬
‫الحياة والصل أنه بعد موته ل ُيكّلف بشيء فهو ل يدري هل سيبلغ إلى‬
‫نهاية رمضان ويجب عليه في ذلك الحال أن يطعم عن الشهر كله أو ل‪ ،‬ثم‬
‫‪208‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن الصل في الوجوب أن يكون بعد كل يوم‪ ،‬ل أن يطعم النسان في بداية‬ ‫إ ّ‬


‫ن اليوم الثاني لم يجب عليه بعد‪ ،‬وإنما وجب عليه الطعام عن‬ ‫الشهر‪ ،‬ل ّ‬
‫اليوم الول وهكذا‪ ،‬فإذا أخرج قبل اليوم الثاني مثل فإنه يكون قد أخرج‬
‫قبل وجوب الطعام عن ذلك اليوم عليه‪ ،‬فالصل أنه يؤخر‪ ،‬إما أن يطعم‬
‫عن كل يوم أو عن كل عشرة أو خمسة أو أن يطعم في نهاية الشهر ولكن‬
‫لبد من أن َيذكر ذلك في وصيته إذا كان لم يطعم عن اليام الماضية‪،‬‬
‫مخافة أن َيفجأه الموت ويظن الناس أنه قد أطعم‪ ،‬فإذا وجدوا ذلك في‬
‫وصيته فإنهم سيعلمون بأنه لم يطعم عن اليام الماضية وسينفذون عنه‬
‫ذلك بمشيئة الله؛ والله أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬امرأة َلم تقض ما أفطرت من رمضان الماضي حتى دخل رمضان‬
‫‪1‬‬
‫الحاضر‪ ،‬ماذا يلزمها ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال من َلم يقض شيئا من شهر رمضان المبارك سواء كان‬
‫ض بعض اليام التي أفطرها بسبب يبيح له ذلك‬ ‫ق ِ‬‫الشهر كله أو َلم ي ْ‬
‫شق عليها الصيام أو كانت‬ ‫كالمرض أو السفر أو كانت المرأة حامل وي ُ‬
‫شق عليها ذلك أو‬‫مرضعة ويشق عليها الصيام ‪ ..‬كانت ترضع طفلها‪-‬مثل‪-‬وي ُ‬
‫يؤَّثر على طفلها أو أن ذلك وقع‪-‬والعياذ بالله تبارك وتعالى‪-‬بسبب انتهاك‬
‫ِلحرمة هذا الشهر عليه أن يقضي إذا استطاع قبل أن يدخل شهر رمضان‬
‫سنة التي تلي تلك السنة التي أفطر فيها‪ ،‬وإذا َلم يقض فل َيخلو من‬ ‫من ال ّ‬
‫أحد أمرين اثن َْين‪:‬‬
‫ن العذار التي‬‫م َ‬
‫‪-1‬إما أن يكون معذورا بأن كان مريضا أو ما شابه ذلك ِ‬
‫خر ذلك‪.‬‬ ‫ت ُِبيح َله أن يؤ ّ‬
‫من ْت َِهكا‪.‬‬
‫‪-2‬أو يكون ُ‬
‫فإن كان معذورا بأن كان مريضا أو نسي ذلك أو ما شابه ذلك فل عليه إل‬

‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه لفضيلته نصه ‪:‬‬


‫س‪ :‬شخص أخر قضاء رمضاء حتى دخل رمضان من السنة المقبلة ماذا عليه ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ل نقول ‪ -‬أن هذا النسان ل يخلوا من أحد أمرين في تأخيره أما أن يكون أخره بسبب عذر مثل نسيان أفطر يوما من‬ ‫أو ً‬
‫رمضان بسبب عذر ثم لم يتذكر ذلك حتى دخل رمضان من السنة التية فهذا إنسان ناسي ول يكلف ال الناسي حتى‬
‫يتذكر فهو معذور بمشيئة ال تبارك وتعالى وعليه أن يقضي ذلك بعد أن ينتهي من صيام رمضان وينتهي يوم العيد ‪.‬‬
‫أو يكون معذورًا بعذر شرعي من مرض أو سفر يكون في سفره حتى دخل رمضان أو يكون مريضًا حتى دخل‬
‫رمضان‪ ،‬ولم يتمكن من قضاء الحاصل أن يكون معذور بعذر شرعي مقبول‪ ،‬أو يكون ليس له عذر وإنما التهاون‬
‫ل في أمره فعليه أن يتوب إلى ربه وأن يرجع‬‫والهمال‪ ،‬فإذا كان معذورًا فقد بينت لكم حكمه‪ ،‬وإن كان متهاونًا متساه ً‬
‫إلى ال سبحانه وتعالى وعليه أيضًا أن يقضي ذلك اليوم الذي تركه ‪.‬‬
‫ثم أن أهل العلم بعد ذلك أي بعد التوبة والقضاء‪ ،‬اختلفوا فيما يلزمه‪ ،‬بعضهم قال ل يلزمه شيء إل ما ذكرناه من التوبة‬
‫وقضاء ذلك اليوم وهذا القول هو القول الصحيح عندي إذ لم أجد دليلً يدل على وجوب الكفارة عليه وذهبت طائفة من‬
‫أهل العلم إلى أنه عليه زيادة على التوبة والقضاء أن يطعم مسكينًا إن كان فرط في يوم يطعم مسكيناً أو فرط في يومين‬
‫ت القول الول هو الصحيح ولكن إذا أطعم هو اطعام وشيء بسيط وهو احتياط بل هو خروج‬ ‫يطعم مسكينين وهكذا وقل ُ‬
‫من الخلف ‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ما إذا كان منتهكا فإنه عليه أن يتوب إلى الله‪-‬‬ ‫القضاء عندما يستطيع عليه‪ ،‬أ ّ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬وعليه القضاء واختلفوا في وجوب الكفارة‪:‬‬
‫فر وذلك بأن يطعم مسكينا زيادة على القضاء ‪..‬‬ ‫منهم من قال عليه أن يك ّ‬
‫بعض الناس يظنون أنه يكتفي بالطعام وليس المر كذلك ‪ ..‬لبد من‬
‫القضاء وإّنما الخلف في الطعام‪.‬‬
‫وبعض العلماء قال ل إطعام عليه‪.‬‬
‫ومن حيث الّترجيح الراجح عدم وجوب الطعام مع القضاء وأن القضاء‬
‫ُيجزي مع التوبة إلى الله تبارك وتعالى‪ ،‬ول شك أن الحتياط في الطعام‬
‫لن من أطعم فقد احتاط وخرج من خلف أهل العلم ولكن من َلم ُيطعم ل‬
‫شيء عليه فالصيام مع التوبة ُيجزيه ‪ ..‬هذا إذا كان َلم ينتهك الصيام‪ ،‬أما إذا‬
‫أفطر متعمدا من غير عذر فتجب عليه الكفارة مع القضاء كما هو مبسوط‬
‫في موضعه‪.‬‬
‫هذا وأما بالنسبة إلى الصلوات إذا ترك إنسان صلوات كثيرة جدا‪-‬مثل‪-‬ولم‬
‫يقضها فالحديث الذي ُروي عن الرسول‪-‬صلى الله عليه وسلم‪-‬بأنه يقضي‬
‫تلك الصلوات في آخر جمعة من شهر رمضان فهو حديث باطل موضوع‬
‫عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ومن قرأ لفظه‪-‬وسنتكلم عليه‬
‫من ذلك اليوم‪-‬فإنه‬ ‫في مناسبة قادمة بمشيئة الله عندما يكون الوقت قريبا ِ‬
‫ينادي عليه بالوضع مهما كان هذا الشخص جاهل بأحكام شرع الله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬وإنما الناس يسألون عنه لّنهم وجدوا جزءا منه في بعض الكتب‬
‫ولكنهم لو وجدوه بتمامه لعرفوا أنه موضوع حقا‪1‬؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫ره‪،‬‬
‫رج الوطن ‪ ..‬في سف ِ‬
‫ر رمضان وهو في خا ِ‬ ‫س‪ :‬شخص عمل كبيرةً في َنها ِ‬
‫خل وطِنه ؟‬
‫جب عليه الكفارة كالذي في دا ِ‬‫هل ت َ ِ‬
‫ج‪ :‬هل هو كان صاِئما في ذلك الوقت ؟‬
‫من سؤاِله‪.‬‬
‫س‪ :‬يبدو هذا ِ‬
‫ت هذه الكبيرة‪-‬مثل‪-‬قد َزَنى‪-‬والعياذ‬ ‫ريد ِبالكبيرة ‪ ..‬إن كان ْ‬ ‫ج‪ :‬ل أدري ماذا ي ُ ِ‬
‫طُء وإن‬‫مضان فالوَ ْ‬ ‫جَته في ن ََهارِ َر َ‬ ‫ئ َزوْ َ‬ ‫بالله تبارك وتعالى‪-‬أو أنه‪-‬أيضا‪-‬وَط ِ َ‬
‫ت الصيام ‪..‬‬ ‫ه ولكن في وق ِ‬ ‫سّري ّت َ ُ‬ ‫جه أو ُ‬ ‫ئ النسان َزوْ َ‬ ‫كان جاِئزا حلل إذا وَط ِ َ‬
‫ة‬
‫ب كذلك‪ ،‬أما ِبالنسب ِ‬ ‫شر َ‬ ‫ل أو َ‬ ‫ن ك ََباِئر الذنوب أو أ َك َ َ‬ ‫م َ‬‫ن فَذ َِلك ِ‬ ‫مي ْ ِ‬
‫إذا كانا صائ َ‬
‫من‬‫ة ِ‬
‫ل الله السلم َ‬ ‫قع فيها النسان‪َ-‬نسأ ُ‬ ‫من الكباِئر التي قد ي َ َ‬ ‫إلى غيرِ ذلك ِ‬
‫ذلك‪-‬مثل الغيبة والنميمة والكذب وما شابه ذلك فهذه‪-‬على الصحيح عندنا‪-‬ل‬
‫طِء‪ ،‬و‪-‬كذلك‪َ-‬تجب الكفارة‬ ‫ب الكفارة في الوَ ْ‬ ‫ج ُ‬
‫جب فيها الكفارة‪ ،‬وإنما ت َ ِ‬ ‫تَ ِ‬
‫ل العلم‪ ،‬وكذلك َتجب‪-‬على‬ ‫من أه ِ‬ ‫ي الكثريةِ الكاثرة ِ‬ ‫في الستمناِء على رأ ِ‬
‫ن كان في‬ ‫م ْ‬
‫ب ‪ ..‬هذا ِبالنسبة إلى َ‬ ‫ل والشر ِ‬ ‫من أهل العلم‪-‬في الك ِ‬ ‫ي كثيرٍ ِ‬
‫رأ ِ‬
‫‪ (1) - 1‬وهذا جوابا للسؤال الذي قال فيه صاحبه في المكالمة‪ ] :‬قرأتُ في كتيب ' فائدة‪ :‬عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه‬
‫صَها فليقم في آخر جمعة من رمضان وليصل أربع ركعات بتشهد واحد‬ ‫ح ِ‬‫وسلم‪-‬أنه قال‪َ " :‬من فاته صلة في عمره ولم ُي ْ‬
‫"‪ ،‬فما صحة هذا الكلم ؟ '‬

‫‪210‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جب عليهِ الكفارةُ أو ل‬ ‫ف هل ت َ ِ‬ ‫وطنه‪ ،‬أما ِبالنسبةِ إلى المساِفر فِللعلماءِ خل ٌ‬


‫جب فيه الكفارةُ أن‬ ‫مما ت َ ِ‬ ‫عمل ما ي َت ََناَفى مع الصيام ِ ِ‬ ‫جب عليه الكفارةُ إذا َ‬ ‫تَ ِ‬
‫لو كان في وطنه ؟‬
‫طر‪.‬‬ ‫ل أن ُيف ِ‬ ‫ة‪ ،‬نظرا إلى أنه َيجوز له في الص ِ‬ ‫جب عليه الكفار ُ‬ ‫قيل‪ :‬ل ت َ ِ‬
‫ح‬‫م ِبالصيام ِ وما دام قد اختاَر أن ُيصب ِ َ‬ ‫ة‪ ،‬لنه قد التَز َ‬ ‫جب عليه الكفار ُ‬ ‫وقيل‪ :‬ت َ ِ‬
‫م ِبه‪.‬‬ ‫زم ِبما التَز َ‬ ‫صائما فعليهِ أن َيلت ِ‬
‫ل‪ :‬عليه‬ ‫ب الكفارة ولكن ِّني أقو ُ‬ ‫جا ِ‬ ‫ل ِبإيه َ‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬أنا ل أقوى على القو ِ‬
‫وى الفطاَر ِبذلك‬ ‫ه‪-‬تبارك وتعالى‪-‬اللهم إل إذا كان ن َ َ‬ ‫ب إلى الل ِ‬ ‫أن َيتو َ‬
‫واط َِنة في ذلك‬ ‫م َ‬
‫ت تلك الزوجة ُ‬ ‫طر ِبذلك اللهم إل إذا كان ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫فالمساِفر له أن ي ُ ْ‬
‫َ‬
‫ت‬‫من َيجب عليه الصيام أما إذا كان ْ‬
‫‪1‬‬
‫م ّ‬‫ها لنها ِ‬ ‫المكان فليس له أن ي َط َأ َ‬
‫س ِبذلك‬ ‫سوٍّغ َلها الفطار فل بأ َ‬ ‫م َ‬ ‫فط ِرٍ ُ‬‫م ْ‬‫فط َِرة ب ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫مساِفرة مثله أو كانت ُ‬
‫دي؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫ح عن ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ي الرا ِ‬ ‫ه على الرأ ِ‬ ‫والحاصل هو ل كفارةَ علي ِ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫سابعا ‪ :‬أحكام السفر بالنسبة للصيام‬


‫من أراد أن يسافر وأراد أن يصبح مفطرا في هذا السفر‪ ،‬هل يلزم أن‬ ‫س‪َ :‬‬
‫َيخرج من وطنه قبل أن يطلع عليه الفجر في وطنه ؟‬
‫من بيته فلبد وإّنما الخروج من حدود‬ ‫ج‪ :‬هذه المسألة فيها كلم طويل‪ ،‬أما ِ‬
‫من أميال الوطن ففيه خلف بين أهل العلم‪ ،‬ول شك أن الحوط‬ ‫الوطن أو ِ‬
‫من دائرة خلف أهل العلم ولسيما عندما‬ ‫َ‬
‫رج نفسه ِ‬‫خ ِ‬‫ن يُ ْ‬
‫والسلم للنسان أ ْ‬
‫من المور المختلف فيها بين أهل العلم هل هو صحيح‬ ‫يكون الد ِّليل في ذلك ِ‬
‫صح العتماد‬
‫أو سقيم أو عندما تكون الدللة قد اختلف العلماء فيها هل ي ِ‬
‫عليها أو ل ؟‪ ،‬فهذه المسالة فيها خلف بين أهل العلم‪:‬‬
‫منهم من يقول إنه لبد من أن َيخرج من أميال الوطن‪.‬‬
‫ص إذا خرج من عمران البلد‪.‬‬ ‫خ ُ‬
‫ومنهم من ي َُر ّ‬
‫فإذا أخذ بالثاني فل حرج عليه‪ِ-‬بمشيئة الله تبارك وتعالى‪-‬على رأي طائفة‬
‫ن فيه سلمة‪.‬‬‫كبيرة جدا من أهل العلم ولكن إذا احتاط فل شك أ ّ‬
‫س‪ :‬ولكن إذا كان سفره في منتصف النهار ‪ ..‬إذا خرج ماذا يصنع خارج‬
‫من قبل زوال الشمس ؟‬ ‫الوطن إلى منتصف النهار ِ‬
‫ج‪ :‬ما دام كذلك هذا يصوم في هذا اليوم ‪ ..‬هل ُيمكن أن يصبح مفطرا في‬
‫سوغ‪ ،‬لكن إذا اضطر بعد ذلك للفطار عندما َيخرج‬ ‫مما ل ي َ ُ‬ ‫بيته ؟! ‪ ..‬هذا ِ‬
‫فالمر َيختلف‪:‬‬
‫بعض العلماء يقول من أصبح صائما في بيته فليس له أن يفطر بعد ذلك‬
‫طر‬
‫ف ِ‬
‫شقّ عليه جدا بأن أصبح كالمريض فهنالك ي ُ ْ‬‫في السفر اللهم إل إذا َ‬
‫ل ِعِّلة أخرى ‪ ..‬إذا ب ََلغ به الحال إلى هذا الحال أما إذا َلم يبلغ به المر إلى‬
‫ذلك الحد فليس له أن يفطر بسبب السفر‪.‬‬
‫خص في ذلك‪.‬‬ ‫ومنهم من ي َُر ّ‬
‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬ل يجب " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪211‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ول شك أن الحتياط في الخذ بالقول الول وإن ك ُّنا ل نقوى على الجزم‬
‫بترجيح ذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬نحن طلبة نقيم خارج السلطنة وسوف يطل علينا شهر رمضان المبارك‬
‫ونحن حيث نقيم ونود السؤال فيما لو صام أهل هذا البلد يوم الثلثاء وتأخر‬
‫ن الشهر قد ثبت‬ ‫عمان إلى يوم الربعاء وكان يراودنا شك في أ ّ‬ ‫الصوم في ُ‬
‫ن‬
‫برؤية شرعية في البلد الذي نقيم فيه علما بأنهم إذا صاموا يوم الثلثاء فإ ّ‬
‫شعبان عندهم سيكون تسعة وعشرين يوما‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا ثبتت الرؤية في تلك البلد فإنهم يؤمرون بالصيام إن شاؤوا لنهم هم‬
‫في حالة السفر والصيام ل يجب على المسافر ‪ ..‬يجوز له الصيام ويجوز له‬
‫خر حتى َيرجع إلى بلده‪ ،‬فإن ثبتت الرؤية في تلك البلد فإنه لهم أن‬‫أن ُيؤ ّ‬
‫يصوموا ولهم أن يفطروا بسبب سفرهم‪ ،‬أما إذا كانت تلك البلد ل َتعتبر‬
‫الرؤية أو أنها تتساهل في ذلك فإنه ل عبرة بما عندهم‪ ،‬إذ العبرة بالرؤية‪،‬‬
‫كما ثبت ذلك عن النبي صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬فمن يتساهل في أمر‬
‫الرؤية ل يؤخذ بكلمه‪ ،‬فإذن العبرة بالثبوت أو عدمه؛ والله أعلم‪.‬‬
‫رجل أراد السفر في شهر رمضان وبّيت النية على أنه إذا طلع عليه الفجر‬
‫وهو في وطنه يصبح صائما وإن خرج من وطنه قبل طلوع الفجر يصبح‬
‫مفطرا فخرج من وطنه بعد طلوع الفجر ماذا يلزمه ؟‬
‫الجواب ‪ /‬إذا خرج من وطنه وهو صائم وأتم صيامه على ذلك فل شيء‬
‫عليه وأما إذا أفطر بعد خروجه فعليه قضاء ذلك اليوم وفي وجوب الكفارة‬
‫خلف بين العلماء والراجح عدم الوجوب وألزمه بعضهم التوبة وينبغي‬
‫له أن يتوب إلى ربه تبارك وتعالى إن لم يكن على طريق الوجوب فعلى‬
‫طريق الندب والله أعلم‬
‫ثامنا ‪ :‬أحكام المرض المبيح للفطار‬
‫طر الصائم بسببه ؟‬
‫‪1‬‬
‫ْ‬
‫كن أن ي ُف ِ‬
‫م ِ‬
‫ضاِبط المرض الذي ي ُ ْ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬
‫س‪ :‬ما ُ‬
‫ج‪ :‬للعلماء في هذه المسألة خلف شهير طويل عريض‪:‬‬
‫ومنهم من شد ّد َ في ذلك جدا‪.‬‬
‫ل في ذلك جدا‪.‬‬ ‫ساهَ َ‬
‫من ت َ َ‬‫ومنهم َ‬
‫قة‬
‫ش ّ‬‫م َ‬
‫ك فإذا كان المريض َيجد في نفسه َ‬ ‫والوسط هو الذي ينبغي أن ُيسل َ َ‬
‫شفاؤه من مرض‬ ‫خر ِ‬ ‫ب ذلك الضرر أو َيخشى أن يتأ ّ‬ ‫صيُبه بسب َ ِ‬‫إذا صام وي ُ ِ‬
‫أصابه أو ما شابه ذلك فَله أن يفطر‪ ،‬وأما إذا كان ل يتأّثر بذلك فليس له أن‬
‫ما ل ينبغي أن ُيصار‬ ‫دد والتعّنت الذي ذ َك ََره بعضهم فهذا ِ‬
‫م ّ‬ ‫يفطر‪ ،‬أما التش ّ‬
‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه نصه كالتالي ‪:‬‬
‫س‪ :‬ما حد المرض الذي يبيح الفطار ؟‬
‫ج‪ :‬اختلف العلماء اختلفا كثيرا في المرض الذي يبيح الفطار‪:‬‬
‫فمنهم من شدد في ذلك كثيرا‪.‬‬
‫ومنهم من تساهل فيه كثيرا‪.‬‬
‫والصواب الوسط فمن كان يضره الصيام ‪ ..‬ل يتمكن من الصيام ‪ ..‬يتسبب له في ضرر ‪ ..‬في عدم الشفاء من ذلك‬
‫المرض أو في بطئ الشفاء من ذلك المرض فله أن يفطر‪ ،‬أما من كان ل يضره الصيام ول يؤثر عليه كثيرا فإنه يؤمر‬
‫بالصيام‪ ،‬فإذن العبرة بالضرر؛ وال‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫قة وعََنتا في الصيام أو‬ ‫جد م َ‬


‫ش ّ‬ ‫إليه‪ ،‬فإذن ينظر النسان في أمره فإن وَ َ‬
‫معْرَِفته لذلك الداء ولو كان كافرا على‬ ‫أخبره الطبيب الذي ي َث ِقُ به بسبب َ‬
‫جون على ذلك ِبما وقع للنبي‪-‬صلى الله عليه‬ ‫حت َ ّ‬
‫رأي بعض أهل العلم وي َ ْ‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬وصاحبه أبي بكر الصديق‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنه‪-‬‬
‫من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة في هجرِتهما الشريفة‬ ‫عندما خرجا ِ‬
‫مت َّهما على السلم‪،‬‬ ‫فإن الذي كان د َِليل للطريق كان كافرا ولكنه َلم يكن ُ‬
‫ن إليه ولم َيخش‬ ‫فإذا كان النسان ل يجد مسلما يثق به ووجد كافرا واط َ‬
‫مأ ّ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ل المرض أو يزيد أو‬ ‫ُ‬
‫كن أن ي َطو َ‬‫م ِ‬ ‫منه الغش فله أن يأخذ بكلمه فإذا كان ي ُ ْ‬
‫ما شابه ذلك إذا صام فله أن يفطر أيضا؛ والله أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬ما قولكم في المريض بمرض فقر الدم الشديد ويحتاج إلى نقل دم‬
‫ّ‬
‫شهريا وصادف نقل الدم شهر رمضان‪ ،‬فهل نقل الدم إلى المريض ُيفطره ؟‬
‫قل إليه الدم في‬ ‫ج‪ :‬نعم ُيف ّ‬
‫طر‪ ،‬فإذا كان يستطيع أن يبقى إلى الليل وُين َ‬
‫قل إليه الدم إل‬
‫الليل فذلك هو المطلوب‪ ،‬وإن كان مضطرا ول يمكن أن ُين َ‬
‫في النهار‪-‬لسبب أو لخر‪-‬فإن كان في سفر فل حرج عليه‪ ،‬وإن كان في‬
‫ت‪-‬فإنه يباح له ذلك لجل الضرورة وعليه‬ ‫الوطن فإذا كان مضطرا‪-‬كما قل ُ‬
‫دل ذلك بعد شهر رمضان؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬ ‫أن ُيب ِ‬
‫س‪ :‬عنده ولد عمره سبعة عشر عاما لكنه مصاب بمرض فقر الدم‪-‬شفاه الله‪-‬‬
‫ولعل هذا المرض يحتاج إلى علج مستمر‪ ،‬كيف يكون صيامه في هذه‬
‫الحالة ؟‬
‫ج‪ :‬الله أعلم؛ إذا كان يستطيع أن يصوم في هذا الوقت أو أن يقوم بقضاء‬
‫ذلك ولو بعد سنوات فل يعذر من الصيام‪ ،‬وأما إذا كان ل يمكنه أن يصوم‬
‫في هذا الوقت ول أن يقوم بقضاء ذلك بعد مدة ولو بعد سنوات فعليه أن‬
‫يطعم عن كل يوم مسكينا إذا كان يقدر على ذلك وإل سقط عنه التكليف‬
‫بالصيام وبالطعام؛ والله أعلم‪.‬‬
‫تاسعا ‪:‬أحكام عامة‬
‫ضيه‬ ‫ذن زوجها هل يشمل ما ت ْ‬
‫ق ِ‬ ‫مرأة عن الصيام بدون إ ِ ْ‬
‫هي لل َ‬
‫س‪ :‬الحديث الّنا ِ‬
‫المرأة من الواجبات ؟‬
‫فل وليس في الفرائض‪ ،‬لكن مع ذلك‬ ‫ج‪ :‬هو في حقيقة الواقع هذا في الن ّ ْ‬
‫خِبر زوجها وتستشيره في وقت‬ ‫ينبغي للمرأة أن تسأل زوجها أو أن ت ُ ْ‬
‫صيام زوجته ‪ ..‬مثل إذا أرادت أن‬
‫القضاء فقد يكون الزوج مضطرا إلى عدم ِ‬
‫تقضي في شوال أو ما شابه ذلك‪ ،‬فإذا أمكنها أن تقضي في وقت يصوم‬
‫من القضاء أو من الّنفل أو ما شابه ذلك فذلك هو الولى‬ ‫فيه زوجها شيئا ِ‬
‫صن َْعن فقد كن يقضين ما أفطرنه من شهر‬ ‫كما كانت أمهات المؤمنين ي َ ْ‬
‫فل النبي صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫رمضان في شهر شعبان عندما كان يت َن َ ّ‬
‫وسلم‪ ،‬وعلى أقل حال ينبغي َلها أن تستأذنه في ذلك ‪ ..‬من حيث الوجوب‬
‫هو واجب وليس َله أن يعارضها في ذلك وإّنما القضية في التوقيت متى‬
‫‪213‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ض عندما يكون الوقت مناسبا لزوجها‪ ،‬ول‬ ‫ق ِ‬‫سع فيه فلت َ ْ‬ ‫مو َ ّ‬ ‫تقضي فالمر ُ‬
‫ن الخير‬ ‫م َ‬‫ن الزوج يقوم بالتَنفل في بعض الحيان إذا كان فيه شيء ِ‬ ‫شك أ ّ‬
‫من غير أن يصوم شيئا من اليام الفاضلة‬ ‫مر عليه هكذا ِ‬ ‫ول يترك العام ي َ ُ‬
‫ث على صيامها‬ ‫التي كان يصوم فيها النبي‪-‬صلى الله عليه وسلم‪-‬أو أّنه ح ّ‬
‫وبّين الفضل العظيم الذي َيحصل عليه من يصوم تلك اليام؛ والله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى النذر والكفارة أو ما شابه ذلك فليس للزوج أن ي َعَْترض‬
‫عليها ولكنني أريد أن أنبه إلى أنه ل ينبغي للنسان أن يقوم بالنذر ك ُّلما أراد‬
‫من ِْهي عنه إذا كان ي ُعَّلق ‪ " ..‬اللهم إذا حصل‬ ‫أن َيحصل له شيء ‪ ..‬هذا النذر َ‬
‫ظف " أو " حصل ابني على وظيفة "‬ ‫لي كذا " أو " وقع لي كذا " مثل " َتو ّ‬
‫من ِْهي عنه‪،‬‬ ‫ي من كذا " هذا النذر ل ينبغي أبدا بل هو َ‬ ‫ف َ‬ ‫أو " تزّوج " أو " ُ‬
‫ش ِ‬
‫قّيدا بوقت فليس للزوج أن‬ ‫م َ‬
‫لكن لو نذره شخص فإنه َيجب عليه فإن كان ُ‬
‫قّيد فينبغي أن يكون شيء هنالك من التفاهم‬ ‫رض أبدا وإن كان غير م َ‬ ‫ي َعْت َ ِ‬
‫ن البيوت التي ت ُب َْنى على‬ ‫على الوقت الذي يقع فيه الصيام‪ ،‬ول شك بأ ّ‬
‫من القضايا تعيش عيشة هَن ِّية مستقرة‬ ‫التفاهم في هذه القضية وفي غيرها ِ‬
‫ِبخلف ما عندما يكون هنالك ت َوَّتر وشقاق وخلف في بعض القضايا ‪ ..‬قد‬
‫تكون الزوجة هي المحقة ولكن قد يتنازل النسان في بعض المور إن َلم‬
‫ما عندما تكون معصية فل طاعة‬ ‫َتكن هُنالك معصية لله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أ ّ‬
‫محمد‬ ‫ِلمخلوق في معصية الله؛ والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا ُ‬
‫وعلى آله وصحبه‪.‬‬
‫من‬
‫س‪ :‬الطفال الذين يرغبون في الصيام‪ ،‬ما هو سن التكليف الشرعي ؟ و ِ‬
‫ود هؤلء الطفال ؟‬
‫متى ُيمكن أو ُيع ّ‬
‫م التكليف مرفوع عنهم بنص‬ ‫ج‪ :‬أما التكليف فل يكّلفون بذلك إذ إن قَل َ َ‬
‫مَتى ب َل َ َ‬
‫غ‬ ‫الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فَ َ‬
‫النسان فهو ُيكلف في ذلك الوقت إذا كان عاقل‪ ،‬أما قبل ذلك فهو ل ُيكّلف‬
‫من الحكام الشرعية ‪ ..‬هذا إذا قُل َْنا إن التكليف خاص بالواجب أو‬ ‫بشيء ِ‬
‫دب في حقهم‪ ،‬وفي الكل‬ ‫قلنا هو يدخل فيه المندوب وقلنا إن الصيام ل ُين َ‬
‫كلم طويل عريض‪ ،‬لكن الذي نقوله‪ :‬ل وجوب عليهم باتفاق المة قاطبة‪،‬‬
‫ود الطفل على ذلك فقد جاء حديث عن النبي‪-‬صلى‬ ‫أما متى ينبغي أن ُيع ّ‬
‫دد الوقت الذي ُيعلم فيه الطفال‬ ‫الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ُ-‬يح ّ‬
‫الصلة‪ ) :‬علموه لسبع واضربوهم لعشر ( وهذا الحديث قد اختلف العلماء‬
‫في حكمه‪:‬‬
‫منهم من ذهب إلى أنه ضعيف وعليه فإنه ل ُيمكن العتماد عليه ل في‬
‫الصلة ول في غيرها‪.‬‬
‫سَنه ِبمجموع طرقه وهو الذي سلكته طائفة كبيرة جدا من‬ ‫ح ّ‬
‫ومنهم من َ‬
‫أهل العلم‪ ،‬وعليه فإن الطفل ينبغي أن ُيؤمر بالصلة لسبع‪ ،‬أما بالنسبة إلى‬
‫الصيام فإذا كان يستطيع عليه إذا كان في هذا العمر فحسن أن ُيعّلم ذلك‬

‫‪214‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ة الطفل‬‫فيه أما إذا كان ل َيقوى عليه ‪ ..‬لن الطفال يختلفون ‪ ..‬تختلف ب ُن ْي َ ُ‬
‫منهم من يقوى على الصيام في ذلك الوقت ومنهم ل يقوى عليه وأيضا‬
‫الزمان يختلف فقد يكون الصيام في وقت الشتاء والمر فيه يسير وقد‬
‫يكون في وقت الصيف والحر فيه شديد والنهار أيضا طويل ول يقوى عليه‬
‫وأيضا يختلف من حيث المكان فقد تكون سبل الراحة متوفرة لذلك الطفل‬
‫فل ي َُعاِني مشقة من الصيام وقد يكون المر بخلف ذلك وُيعاِني مشقة‬
‫دد على أولئك الطفال الذين ل ي َقْوَْون عليه‪،‬‬ ‫وعنتا إذا صام فل ينبغي أن ُيش ّ‬
‫فالحاصل أّنه ينبغي لولي أمر الطفل أن َينظر في أمره فإن رآه يستطيع‬
‫على ذلك من غير مشقة عليه فيأمره بذلك‪ ،‬وإن رأى أنه ل يقوى عليه فإنه‬
‫سْبع‪-‬مثل‪-‬فيمكن أن‬ ‫ل ُيكلفه على ذلك‪ ،‬فإذا كان ل يستطيع في سن ال ّ‬
‫سنة العاشرة أو ما شابه ذلك‪ ،‬والحاصل أنه ينبغي له‬ ‫يأمره َبعد ذلك في ال ّ‬
‫ود عليه‬‫أن ي ُد َّربه قبل سن البلوغ ‪ ..‬في العاشرة أو ما شابه ذلك حتى يتع ّ‬
‫ود عليه كان سهل عليه أن يصوم بعد ذلك أما إذا َلم يصم قبل‬ ‫لنه إذا تع ّ‬
‫البلوغ فقد ينفر من ذلك كما هو الحال عند بعض الناس‪ ،‬فإذن هذا المر‬
‫يتعلق بولي المر ‪ ..‬ينظر في حال أولئك الطفال الذين معه فقد يأمر هذا‬
‫في هذا السن وقد يأمر ذلك في السن الفلني‪ ،‬وغالبا ما يكون أبناء العشر‬
‫قادرين على الصيام‪ ،‬على أنه إذا شرع الصبي في الصيام وَلم يستطع أن‬
‫ُيكمل الصيام فل ُيكلف بإكمال صيام الشهر بل ول يكلف بإكمال ذلك اليوم‬
‫الذي شرع في صيامه إذا رأى مشقة فليأكل ول شيء عليه؛ والله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫عاشرا ‪ :‬أحكام خاصة بليلة القدر‬
‫من غروب الشمس أو أنها ‪ ...‬؟‬
‫در‪ ،‬هل هي ِ‬ ‫س‪ :‬ليلة ال َ‬
‫ق ْ‬
‫ر‬
‫ج ِ‬‫مط ْل َِع ال ْفَ ْ‬
‫حّتى َ‬‫ي َ‬‫م هِ َ‬
‫سل ٌ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ الله‪-‬تبارك وتعالى‪َ-‬يقول‪َ  :‬‬
‫در‪ ،‬الية‪ [ 5 :‬فالمر واضح ِبالنسبة إلى النهاية‪ ،‬ولكن‬ ‫ق ْ‬ ‫‪ ] ‬سورة ال َ‬
‫ي‪‬‬ ‫من الغموض ولكن عندما قال‪  :‬هِ َ‬ ‫ِبالنسبة إلى البداية فيه شيٌء ِ‬
‫من بداية الليل‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬ينبغي ِللنسان أن َيقوم‬ ‫فيمكن أن تكون ِ‬
‫ل إليه ‪ِ ‬بقل ٍ‬
‫ب‬ ‫من البتها ِ‬ ‫كر الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬و ِ‬ ‫من ذِ ْ‬
‫تلك الليلة وأن ُيكِثر ِ‬
‫قق منه النسان إذا قام‬ ‫كن أن َيتح ّ‬‫ل صالح و‪-‬طبعا‪-‬ذلك ل ُيم ِ‬ ‫شع مع عم ٍ‬ ‫خا ِ‬
‫شر‬ ‫ددة وإنما َيقوم سائَر الشهر وهي الغلب أن تكون في الع ْ‬ ‫ة مح ّ‬ ‫ليل ً‬
‫ل الليل ليس عندنا‬ ‫من أو ِ‬ ‫زم بأنها ِ‬
‫ة في الوتارِ منه أما أن َنج ِ‬ ‫ص ً‬ ‫خر وخا ّ‬ ‫الوا ِ‬
‫من بداية الليلة‬ ‫ي ‪ ‬يمكن أن َيكون ِ‬ ‫ذلك الدليل الواضح ولكن قوله‪  :‬هِ َ‬
‫من قيام ِ هذه الليلة وهي‬ ‫من ِذكر الله و ِ‬ ‫ت‪-‬ينبغي ِللنسان أن ُيكِثر ِ‬ ‫و‪-‬كما قل ُ‬
‫خر‬‫ث عن النبي ‪ِ- ‬بأنها في العشرِ الوا ِ‬ ‫ن ظّنا قويا‪-‬كما جاء في الحدي ِ‬ ‫ن َظ ُ ّ‬
‫ة في الوتارِ منها؛ والله ولي التوفيق‪.‬‬ ‫ص ً‬
‫وخا ّ‬
‫در في أوتار الشهر الكريم‪ ،‬فهل أوتار العشر‬ ‫س‪ :‬ذكرُتم أّنه تستدرك ليلة ال َ‬
‫ق ْ‬
‫اليام الخيرة أو أوتار الشهر كاملة ؟‬
‫ج‪ :‬أوتار الع ْ‬
‫شر الخيَرة‪.‬‬
‫‪215‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‪ :‬الع ْ‬
‫شر الخيَرة فقط ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪.‬‬
‫در‪ ،‬هل هي ليلة واحدة َتدور حول العاَلم وهنا َيظ َ‬
‫هر إشكال لديه‬ ‫ة ال َ‬
‫ق ْ‬ ‫س‪ :‬ليل ُ‬
‫وتر في بلد بينما هي‬ ‫ن الوتار َتختِلف ‪ ..‬قد َيكون هذه الليلة ِ‬
‫ةأ ّ‬ ‫في مسأل ِ‬
‫خر ؟‬‫ليست كذلك في بلد آ َ‬
‫ل الله ‪ ‬عظيم ‪َ ..‬نحن‬ ‫دد البلدان وفض ُ‬ ‫دد ِبتع ّ‬ ‫كن أن َتتع ّ‬ ‫ج‪ :‬عل كل حال؛ ُيم ِ‬
‫ت ِبليالي‬ ‫دة وليس ْ‬ ‫ح َ‬‫ة وا ِ‬ ‫در وتلك ليل ٌ‬ ‫ق ْ‬‫ن القرآن ن ََزل في ليلةِ ال َ‬ ‫َنعَلم أ ّ‬
‫من بلدٍ إلى‬ ‫ف اليوم ِ أو الليلةِ ِ‬ ‫دة ولكن نظرا لختل ِ‬ ‫ح َ‬
‫ة وا ِ‬ ‫ددة ‪ ..‬هي ليل ٌ‬ ‫متع ّ‬
‫دد ِبتعد ّدِ البلدان‬ ‫كن أن َيتع ّ‬ ‫ن ذلك ُيم ِ‬ ‫بلدٍ أخرى‪-‬كما هو ثابت ل شك فيه‪-‬فإ ّ‬
‫ما ل نقوى عليه لننا َنعَلم‬ ‫م ّ‬ ‫زم ِبذلك جزما ِ‬ ‫صل أن َنج ِ‬ ‫خر فالحا ِ‬ ‫كن أمٌر آ َ‬ ‫وُيم ِ‬
‫ت في‬ ‫دة وليس ْ‬ ‫ح َ‬‫ة وا ِ‬ ‫در وهي ليل ٌ‬ ‫ق ْ‬‫ن القرآن ن ََزل على النبي ‪ ‬في ليلةِ ال َ‬ ‫ِبأ ّ‬
‫خرة عن‬ ‫دمة عن تلك الليلة في ذلك الموضع أو هي متأ ّ‬ ‫ضع الفلني متق ّ‬ ‫المو ِ‬
‫قم النسان هذه الليالي‪-‬كما قلنا‪-‬‬ ‫ضل عظيم ولي َ ُ‬ ‫صل الف ْ‬ ‫ضع‪ ،‬فالحا ِ‬ ‫ذلك المو ِ‬
‫قه ِلهذه الليلة‪ ،‬و‪-‬حقيقة‪-‬الجزم ِبأنها‬ ‫وعسى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن ُيوفّ َ‬
‫ل أمَر ذلك إلى الله‬ ‫ض أهل العلم وأرى السلمة أن ن َك ِ َ‬ ‫م ِبه بع ُ‬‫جَز َ‬
‫ددة َ‬ ‫متع ّ‬
‫تبارك وتعالى‪.‬‬
‫من‬
‫ء ِ‬
‫من رمضان ِبشي ٍ‬
‫ص هذه الليلة ‪ ..‬ليلة السابع والعشرين ِ‬ ‫س‪ :‬هل َتخت ّ‬
‫رها ؟‬
‫سَنن ِبحيث ُتمّيز عن غي ِ‬
‫الحكام أو النوافل أو ال ّ‬
‫ت عن‬ ‫من ليالي شهرِ رمضان المباَرك‪ ،‬وقد ثب َ‬ ‫كة ِ‬ ‫ن هذه الليلة المبار َ‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫ل‬‫ض ِ‬ ‫ل على ف ْ‬ ‫النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ما َيد ّ‬
‫من قام‬ ‫قيام ِ هذا الشهرِ المباَرك‪ ،‬فقد قال صلوات الله وسلمه عليه‪َ ) :‬‬
‫من ذنِبه (‪ ،‬وجاء عنه صلوات الله‬ ‫دم ِ‬ ‫فَر له ما َتق ّ‬ ‫رمضان إيمانا واحتسابا غُ ِ‬
‫ث‪-‬‬ ‫ل هذا الشهرِ الكريم‪-‬في غيرِ هذا الحدي ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ل على ف ْ‬ ‫وسلمه عليه ما َيد ّ‬
‫مه‪،‬‬ ‫مر ِبقيا ِ‬ ‫من هذا الشهرِ المباَرك الذي ُيؤ َ‬ ‫ة ِ‬ ‫الكثيُر الطّيب‪ ،‬فهذه الليلة ليل ٌ‬
‫من‬ ‫ل ِ‬ ‫من شهرِ رمضان وهي أفض ُ‬ ‫شر الخيَرة ِ‬ ‫من ليالي الع ْ‬ ‫ة ِ‬‫كما أنها ليل ٌ‬
‫شر‪.‬‬ ‫من أْوتارِ هذه الع ْ‬ ‫سائرِ لياِلي هذا الشهرِ المباَرك‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬هي ِ‬
‫َ‬
‫ماه‪ ،‬وَتسأُله‬ ‫م الليل في سائرِ العام حتى َتتف ّ‬
‫طر قَد َ َ‬ ‫ل ‪ ‬كان َيقو ُ‬ ‫والرسو ُ‬
‫فَر‬ ‫ريمة رضي الله تعالى عنها‪-‬عن ذلك مع أنه قد ْ غُ ِ‬ ‫ه الك ِ‬ ‫ج ُ‬‫السيدةُ عائشة‪-‬زو ُ‬
‫ن‬ ‫خر فَيقول‪ ) :‬أفل أكو ُ‬ ‫من ذنِبه وما َتأ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫َله صلوات الله وسلمه عليه ما َتقد ّ َ‬
‫من العبادات‪،‬‬ ‫ره ِ‬ ‫من غي ِ‬ ‫ص هذا الشهر‪-‬أيضا‪ِ-‬بأكثَر ِ‬ ‫خ ّ‬ ‫عْبدا شكورا ؟! (‪ ،‬وكان ي َ ُ‬
‫من‬ ‫خر أكثر ِ‬ ‫شرِ الوا ِ‬ ‫م في الع ْ‬ ‫كما أنه صلوات الله وسلمه عليه كان َيقو ُ‬
‫من‬ ‫خر ِ‬ ‫شرِ الوا ِ‬ ‫كف صلوات الله وسلمه عليه في هذه الع ْ‬ ‫غيرها‪ ،‬وكان َيعت ِ‬
‫ف تلك الليلة العظيمة التي ذ َك ََرها‬ ‫جل أن ُيصادِ َ‬ ‫من أ ْ‬ ‫جل أن َيتفّرغ ِللعبادة و ِ‬ ‫أ ْ‬
‫الله ‪ ‬في كتاِبه العزيز في موضعين بل ورد ْ‬
‫‪1‬‬
‫ت سورة ِبكاملها فيها وهي‬
‫حِكيٍم ‪َ ‬أْمًرا ّم ْ‬
‫ن‬ ‫ل َأْمٍر َ‬
‫ن ‪ِ ‬فيَها ُيْفَرقُ ُك ّ‬
‫ن ‪ِ ‬إّنا َأنَزْلَناُه ِفي َلْيَلٍة ّمَباَرَكٍة ِإّنا ُكّنا ُمنِذِري َ‬ ‫‪-1‬قال ال تعالى‪  :‬حم ‪َ ‬واْلِكَتا ِ‬
‫ب اْلُمِبي ِ‬
‫سِميُع اْلَعِليُم ‪ ] ‬سورة الدخان‪ ،‬اليات‪.[ 6-1 :‬‬ ‫ك ِإّنُه ُهَو ال ّ‬ ‫حَمًة ّمن ّرّب َ‬ ‫ن ‪َ ‬ر ْ‬
‫سِلي َ‬
‫عنِدَنا ِإّنا كُّنا ُمْر ِ‬
‫ِ‬
‫وقال الشيخ عند الجواب على السؤال ‪ِ 9‬من حلقة ‪ 27‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م (‪ " :‬هذه الليلة فيها‬
‫ل عظيم كما جاء ذلك في القرآن الكريم ‪ ..‬وصفها ال‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬بأّنها ليلة مباركة وهي ليلة القدر‪-‬خلفا ِلمن‬ ‫فض ٌ‬
‫خيما ِلشأِنها‪:‬‬ ‫َيزعم ِبأّنها ليلة الخامس عشر ِمن شعبان‪-‬وأيضا ُأنِزل في هذه الليلة‪-‬وهي ليلة القدر‪-‬سورة ِبَكاِمِلَها وقال َتْف ِ‬
‫‪216‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫در‪ ،‬الية‪:‬‬ ‫ق ْ‬ ‫در ‪ ] ‬سورة ال َ‬ ‫ق ْ‬‫قوله تبارك وتعالى‪  :‬إ ِّنا َأنَزل َْناهُ ِفي ل َي ْل َةِ ال َ‬
‫‪1‬‬
‫من‬ ‫در لنها ِ‬ ‫ة القَ ْ‬ ‫ن فيها ليل ُ‬ ‫مظّنة لن َتكو َ‬ ‫خر السورة ‪ ،‬فهذه الليلة َ‬ ‫‪ [ 1‬إلى آ ِ‬
‫صرة في هذه الليلة ‪..‬‬ ‫ت ِبمنح ِ‬ ‫در ليس ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫خر ولكن ليلة ال َ‬ ‫شرِ الوا ِ‬ ‫أ َْوتارِ الع ْ‬
‫شر‬ ‫من سائرِ الليالي الع ْ‬ ‫رها ِ‬ ‫ن في غي ِ‬ ‫كن أن َتكو َ‬ ‫ن فيها وُيم ِ‬ ‫كن أن َتكو َ‬ ‫ُيم ِ‬
‫زم أحد ٌ ِبأنها في هذه السَنة في هذه‬ ‫كن أن َيج ِ‬ ‫ولسيما في أْوتاِرها‪ ،‬فل ُيم ِ‬
‫ص هذه الليلة‬ ‫ل َيخ ّ‬ ‫الليلة أو أنها في سائر العوام في هذه الليلة‪ ،‬إذ ل دلي َ‬
‫مَلة‪،‬‬ ‫محت ِ‬ ‫رها ُ‬ ‫من النظر ما فيه‪ ،‬فهي كغي ِ‬ ‫رها‪ ،‬وما وََرد َ في ذلك ففيه ِ‬ ‫دون غي ِ‬
‫ما ل َينبِغي‪،‬‬ ‫م ّ‬ ‫من العوام‪-‬فهذا ِ‬ ‫زم الكثرةُ الكاِثرة ِ‬ ‫زم ِبذلك‪-‬كما َيج ِ‬ ‫أما أن َنج ِ‬
‫ض‬
‫ح ل غمو َ‬ ‫ض ٌ‬ ‫ل وا ِ‬ ‫مل وليس عليه دلي ٌ‬ ‫محت ِ‬ ‫مُر ُ‬
‫مل وما دام ال ْ‬ ‫محت ِ‬ ‫مَر ُ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫ل ّ‬
‫من قيام ِ الليل‬ ‫ن أن ُيكث َِر ِ‬ ‫زم ِبذلك ولكن َينبغي ِللنسا ِ‬ ‫فيه فليس لحدٍ أن َيج ِ‬
‫خر ولسيما في‬ ‫شرِ الوا ِ‬ ‫ولسيما في شهرِ رمضان المباَرك ولسيما في الع ْ‬
‫الوتارِ منه‪.‬‬
‫ت عن‬ ‫ن ذلك ل َيثب ُ‬ ‫صةٍ ِبها فإ ّ‬ ‫ص هذه الليلة ِبصلةٍ خا ّ‬ ‫صي ِ‬ ‫من َتخ ِ‬ ‫أما ما جاء ِ‬
‫من‬ ‫ف ِبمكان بل هي ِ‬ ‫ضع ِ‬ ‫من ال ّ‬ ‫من رواه فتلك الرواية ِ‬ ‫النبي ‪ ، ‬وإن رواه َ‬
‫ت‪ ،‬فإذن هنالك فرقٌ بْين إحياِء هذه الليلة‬ ‫ت المصنوعا ِ‬ ‫ت الموضوعا ِ‬ ‫الروايا ِ‬
‫صة في هذه الليالي المباَركة وهي‬ ‫من ليالي شهرِ رمضان وخا ّ‬ ‫رها ِ‬ ‫كغي ِ‬
‫ة‬
‫صص هذه الليلة ِبعباد ٍ‬ ‫ت‪-‬وبْين أن ُنخ ّ‬ ‫صة الوتار‪-‬كما قل ُ‬ ‫شر وخا ّ‬ ‫اللياِلي الع ْ‬
‫طن ِلهذا جيدا‪.‬‬ ‫من سائرِ هذه الليالي ‪َ ..‬ينبغي أن ُيتف ّ‬ ‫رها ِ‬ ‫من دون غي ِ‬ ‫صة ِ‬ ‫خا ّ‬
‫ض الصلوات‬ ‫من سائرِ العام ِببع ِ‬ ‫ض الليالي ِ‬ ‫صيص بع ِ‬ ‫من َتخ ِ‬ ‫و‪-‬كذلك‪-‬ما جاء ِ‬
‫ت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وقد‬ ‫فذلك لم َيثب ْ‬
‫من سائرِ العام‪-‬وسُننّبه عليها‬ ‫ددة ِ‬ ‫ددة كثيرة في ليالي متع ّ‬ ‫ت متع ّ‬ ‫ت صلوا ٌ‬ ‫جاء ْ‬
‫ن تلك الروايات ل َتثبت‪.‬‬ ‫في مناسبةٍ أخرى ِبمشيئة الله تعالى‪-‬لك ّ‬
‫من أشهرِ ما اشتَهر عند العوام‪:‬‬ ‫و ِ‬
‫من قيام ِ ليلَتي العيد ‪ ..‬أي ليلةِ عيدِ شهرِ رمضان المباَرك وهي‬ ‫‪-1‬ما جاء ِ‬
‫ة‬
‫جة وهي ليل ُ‬ ‫من شهرِ ذي الح ّ‬ ‫شرة ِ‬ ‫من شهر شوال والليلة العا ِ‬ ‫ة الولى ِ‬ ‫الليل ُ‬
‫من سائرِ لياِلي‬ ‫رهما ِ‬ ‫ت فيه شيٌء عن النبي ‪ ، ‬فهما كغي ِ‬ ‫الِعيد فذلك لم َيثب ْ‬
‫معتادا على العبادة في لياِلي العام فَيصَنع فيهما ما َيصَنع‬ ‫من كان ُ‬ ‫العام ‪َ ..‬‬
‫رهما‪-‬ولبد ِللمسِلم أن َيعتاد َ على العبادةِ في لياِلي العام وإن كان‬ ‫في غي ِ‬
‫رها‪-‬أما‬ ‫من غي ِ‬ ‫ض الليالي كلياِلي شهرِ رمضان المباَرك ِبالعبادةِ أكثَر ِ‬ ‫ص بع َ‬ ‫َيخ ّ‬
‫ت‬‫من العبادا ِ‬ ‫ص هاتْين الليلتْين ِبشيٍء ِ‬ ‫من لم َيكن كذلك فل َينبغي َله أن َيخ ّ‬ ‫َ‬
‫ت عن النبي ‪، ‬‬ ‫صهما ِبشيء فذلك لم َيثب ْ‬ ‫رهما‪ ،‬وما جاء في َتخصي ِ‬ ‫دون غي ِ‬
‫جة فيه‪.‬‬ ‫ح ّ‬‫ما ل ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ض العلماء فذلك ِ‬ ‫وما جاء عن بع ِ‬

‫لِئَكُة‬
‫ل اْلَم َ‬
‫شْهٍر ‪َ ‬تَنّز ُ‬
‫ف َ‬
‫ن َأْل ِ‬
‫خْيٌر ّم ْ‬‫ك َما َلْيَلُة اْلَقْدِر ‪ ] ‬سورة القدر‪ ،‬الية‪ [ 2 :‬ثم قال‪َ  :‬لْيَلُة اْلَقْدِر َ‬ ‫‪َ ‬وَما َأْدَرا َ‬
‫ح ِفيَها ‪ ]  ...‬سورة القدر‪ ،‬الية‪ 3 :‬وِمن الية‪." [ 4 :‬‬ ‫َوالّرو ُ‬
‫ح ِفيَها ِبِإذْ ِ‬
‫ن‬ ‫ل اْلَملِئَكُة َوالّرو ُ‬‫شْهٍر ‪َ ‬تَنّز ُ‬
‫ف َ‬‫ن َأْل ِ‬ ‫خْيٌر ّم ْ‬
‫ك َما َلْيَلُة اْلَقْدِر ‪َ ‬لْيَلُة اْلَقْدِر َ‬ ‫‪ِ -1‬إّنا َأنَزْلَناُه ِفي َلْيَلِة اْلَقْدِر ‪َ ‬وَما َأْدَرا َ‬
‫جِر ‪ ] ‬سورة القدر [‪.‬‬ ‫طَلِع اْلَف ْ‬
‫حّتى َم ْ‬ ‫ي َ‬ ‫سلٌم ِه َ‬ ‫ل َأْمٍر ‪َ ‬‬‫َرّبِهم ّمن كُ ّ‬
‫‪217‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ة‬
‫من لياِلي شهرِ رجب وهي ما ُتعَرف ِبصل ِ‬ ‫ل جمعةٍ ِ‬ ‫‪-2‬وكذلك ما جاء في أوّ ِ‬
‫ل‪ ،‬ول‬ ‫ت عن النبي ‪ِ ‬بحا ٍ‬ ‫ث الواِرد في ذلك موضوع ٌ ل َيثب ْ‬ ‫الرغاِئب فالحدي ُ‬
‫دعة التي َينبغي التحذيُر‬ ‫ت المبت َ‬ ‫من الصلوا ِ‬ ‫َينبغي العتناُء ِبها‪ ،‬فهذه الصلة ِ‬
‫منها‪ ،‬ل التيان ِبها‪.‬‬
‫من شهرِ شعبان‬ ‫من الصلةِ في الليلة الخامسة عشرة ِ‬ ‫‪-3‬و هكذا ما جاء ِ‬
‫ل هذه الليلة شيٌء عن النبي‬ ‫ض ِ‬ ‫ل هذه الصلة ول في ف ْ‬ ‫ض ِ‬‫ت في ف ْ‬ ‫فإنه لم َيثب ْ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫ت فيها شيٌء عن النبي ‪. ‬‬ ‫‪-4‬وهكذا ِبالنسبةِ إلى سائ ِرِ لياِلي العام لم َيثب ْ‬
‫ب‬ ‫ُ‬
‫قهوا في أمورِ ِديِنهم وأن ي َعْت َُنوا ِبكتا ِ‬ ‫و‪-‬على كل حال‪َ-‬ينبِغي ِللناس أن َيتف ّ‬
‫ب رّبهم تلوةً‬ ‫رّبهم وِبسّنة نبّيهم صلوات الله وسلمه عليه ‪ ..‬أن ي َعْت َُنوا ِبكتا ِ‬
‫وحفظا وفهما ِلمعاِنيه و‪-‬كذلك‪-‬أن ي َعْت َُنوا ِبسن ّةِ نبّيهم ‪ ‬حفظا َلها وَتمِييزا‬
‫ل ما جاء عن النبي ‪‬‬ ‫نك ّ‬ ‫ميِنها ول شك أ ّ‬ ‫س ِ‬ ‫مها وغَّثها و َ‬ ‫حها وسقي ِ‬ ‫بْين صحي ِ‬
‫ب إليه صلوات الله وسلمه‬ ‫س َ‬ ‫صحيح وإنما َنقصد ِبالصحيِح والضعيف ما ن ُ ِ‬
‫ملوا‬ ‫سن ِّته صلوات الله وسلمه عليه وأن َيع َ‬ ‫قهوا في ُ‬ ‫عليه‪ ،‬و‪-‬كذلك‪ِ-‬بأن َيتف ّ‬
‫من ذلك قد َْر‬ ‫جبا أو مندوبا وأل ّ ُيفّرطوا في شيٍء ِ‬ ‫ِبما جاء فيها ‪ ..‬ما كان وا ِ‬
‫كب ‪ ..‬أن َيعتُنوا‬ ‫دمة الّر ْ‬ ‫مق ّ‬ ‫استطاعِتهم‪ ،‬وَينبِغي ِلطلبةِ العلم أن َيكونوا في ُ‬
‫سن ّةِ رسوِله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫ب الله وفي ُ‬ ‫ل ما جاء في كتا ِ‬ ‫ِبك ّ‬
‫دد‬ ‫فيرٍ أو َتش ّ‬ ‫من غيرِ َتن ِ‬ ‫ن اللئق ِ‬ ‫ب الحس ِ‬ ‫وسلم‪-‬عمل وَتبليغا ِللناس ِبالسلو ِ‬
‫دا ُيخاِلف حديثا ثابتا عن النبي‬ ‫جدوا أح ً‬ ‫رهم وما شابه ذلك إذا وَ َ‬ ‫ف ِلغي ِ‬ ‫أو َتعني ٍ‬
‫ن‬
‫من مّرة أ ّ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وقد ذكرنا أكثر ِ‬
‫السَلف‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليهم‪َ-‬يعتنون ِبالسنن الثابتة عن النبي‬
‫عناية‪ ،‬فالصحابة‪-‬وهم ساَدة السَلف‪-‬إذا سمعوا شيئا عن النبي ‪‬‬ ‫‪ ‬أ َّيما ِ‬
‫قه وفي تبليِغه ‪ ..‬ما كانوا ُيباِدرون ِبالسؤال‪ " :‬هل هذا‬ ‫َتساَبقوا في تطبي ِ‬
‫ل‪ ،‬وإن كانوا ُيفّرقون بْين‬ ‫جب فنأِتي ِبه أو سّنة فنتهاون ِبها ؟ " ‪ ..‬ك ّ‬ ‫وا ِ‬
‫ة‬
‫سَنن‪ ،‬وطلب ُ‬ ‫جب والمندوب ِبالط ّْبع لكن ما كانوا َيتساهُلون ِبال ّ‬ ‫الوا ِ‬
‫من‬ ‫دمة‪ ،‬فما َيذكُره العلماء ِ‬ ‫ت‪-‬في المق ّ‬ ‫العلم َينبغي َلهم أن َيكونوا‪-‬كما قل ُ‬
‫ة أو غيُرهم‬ ‫ل الطلب ُ‬ ‫صدون ِبذلك أن َيتساهَ َ‬ ‫ره ل َيق ِ‬ ‫من غي ِ‬ ‫ل ِ‬‫ن العلم أفض ُ‬ ‫أ ّ‬
‫من‬ ‫دم ِ‬ ‫فَر الله له ما َتق ّ‬ ‫سَنن الثاِبتة عن النبي ‪ ، ‬فهذا النبي ‪- ‬الذي غَ َ‬ ‫ِبال ّ‬
‫مشتِغل ِبتبليِغ دعوةِ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في الرض‬ ‫خر وقد كان ُ‬ ‫ذنِبه وما َتأ ّ‬
‫طر قدماه‬ ‫وكان ُيجاهِد ُ في سبيل الله ‪- ‬كان َيقوم الليل حّتى َتتف ّ‬
‫حِته‬ ‫ص ّ‬ ‫ره في ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫س َ‬ ‫ره وفي َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ب على النواِفل في َ‬ ‫ريفتان وكان ُيواظ ِ ُ‬ ‫الش ِ‬
‫ضه في ليِله ونهاِره كما ثبت عنه ذلك صلوات الله وسلمه عليه‪،‬‬ ‫وفي مر ِ‬
‫ض الله‪-‬‬ ‫ل العمال بعد َ فرائ ِ‬ ‫من أفض ِ‬ ‫ت عن صحابِته الكرام‪ ،‬فالعلم ِ‬ ‫وهكذا ثب َ‬
‫من صلةٍ وصيام ٍ‬ ‫ن معه التيان ِبالنوافل ِ‬ ‫من أن َيكو َ‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬ولكن لبد ِ‬
‫ة‬
‫ث عليه أو في سن ّ ِ‬ ‫ب الله ‪ ‬الح ّ‬ ‫ما جاء في كتا ِ‬ ‫م ّ‬ ‫وصدقةٍ إلى غي ْرِ ذلك ِ‬
‫ل‬‫م هذا‪ ،‬أما أن َيشتغِ َ‬ ‫من أن َنفهَ َ‬ ‫رسوِله صلوات الله وسلمه عليه ‪ ..‬لبد ِ‬
‫ل‬‫من أه ِ‬ ‫ما لم َيفعْله أحد ٌ ِ‬ ‫م ّ‬‫مل النواِفل فهذا ِ‬ ‫الطاِلب ِبالقراءةِ في الكتب وُيه ِ‬
‫‪218‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل‬
‫ض ِ‬ ‫من ف ْ‬ ‫من الصاِلحين‪ ،‬وهكذا ما أراُدوه عندما ذ َك َُروا ما ذ َك َُروه ِ‬ ‫العلم ِ‬
‫في أنه قد جاء عن‬ ‫من الت ّن َب ّهِ ِلهذا‪ ،‬وَيك ِ‬ ‫ره ‪ ..‬لبد ِ‬ ‫ديمه على غي ْ ِ‬ ‫العلم وَتق ِ‬
‫دمة هذه الدروس‪.1‬‬ ‫النبي ‪ ‬ما جاء كما ذكرنا ذلك في مق ّ‬
‫ت عن النبي ‪ ‬على حسب ما‬ ‫ث الثاب ِ‬ ‫وقد سألني أحد ُ السائلين‪ 2‬عن الحدي ِ‬
‫من‬ ‫كر في َ‬ ‫ض أهل العلم‪ 3‬أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذ َ َ‬ ‫قّرره بع ُ‬
‫ُ‬
‫حّبه فإن‬ ‫ي ِبالنواِفل حتى أ ِ‬ ‫ب إل َ ّ‬ ‫سَنن‪ ) :‬ل َيزال عبدي َيتقّر ُ‬ ‫ظ على ال ّ‬ ‫ُيحافِ ُ‬
‫ث المروي عن النبي‬ ‫َ‬
‫خرِ الحدي ِ‬ ‫معُ ِبه ( إلى آ ِ‬ ‫س َ‬ ‫مَعه الذي ي َ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫ت َ‬ ‫حب َب ُْته كن ُ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬
‫ت قد انَتهى في تلك‬ ‫ن الوق َ‬ ‫ت أظ ُ ّ‬ ‫‪ .. ‬سألني عن معنى هذا الحديث وكن ُ‬
‫ل في‬ ‫طي َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ت أِريد ُ أن أ ِ‬ ‫ب في مناسبةٍ أخرى ولكن كن ُ‬ ‫جي َ‬ ‫الليلة فوعدُته ِبأن أ ِ‬
‫َ‬
‫في‬ ‫ذلك ولكن السئلة الكثيرة التي َتتعّلق ِبهذا الشهرِ الكريم كما نرى فأكت ِ‬
‫صرٍ عن هذا الحديث وهو فيه كفاية ِبمشيئةِ الله تبارك وتعالى‪:‬‬ ‫مخت َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ِبجوا ٍ‬
‫فالعلماء قد اختَلفوا في هذا الحديث‪:‬‬
‫ب الله‪-‬‬ ‫ل إلى هذه المرتبةِ العالية فإنه ُيراقِ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫من وَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫مع‬ ‫ل صغيرةٍ وكبيرة فهو ل َيست ِ‬ ‫ل دقيقةٍ وجليلة وفي ك ّ‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬في ك ّ‬
‫ضي الله‪-‬تبارك‬ ‫ظر إل إلى ما ُير ِ‬ ‫ضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ول َين ُ‬ ‫إل إلى ما ُير ِ‬
‫شي إل إلى ما‬ ‫ضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ول َيم ِ‬ ‫ش إل ِبما ُير ِ‬ ‫وتعالى‪-‬ول ي َب ْط ِ ُ‬
‫ضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وهكذا في بقيةِ الجواِرح فهو ل َينط ِقُ إل ِبما‬ ‫ُير ِ‬
‫ضي الله تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫ُير ِ‬
‫ن الله‪-‬‬ ‫ل إلى هذه المرتبةِ العالية فإ ّ‬ ‫ص َ‬ ‫من وَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل العلم قال‪ :‬إ ّ‬ ‫ض أه ِ‬ ‫‪-2‬وبع ُ‬
‫ضيه ‪ ‬ول‬ ‫مع إلى ما ُير ِ‬ ‫قه لن َيست ِ‬ ‫ده في ُوَفّ ُ‬ ‫خذ ب ِي َ ِ‬ ‫قه وَيأ ُ‬ ‫تبارك وتعالى‪ُ-‬يوفّ ُ‬
‫ره وهكذا ِبالنسبةِ إلى بقيةِ الشياِء المذكورةِ في الحديث؛ ول‬ ‫ِ‬ ‫ت إلى غي‬ ‫ف ُ‬ ‫َيلت ِ‬
‫َ‬
‫ب القول الّول إل‬ ‫ن أصحا َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫ن هذا هو القرب إلى الصواب‪ ،‬ول أظ ُ ّ‬ ‫شك ِبأ ّ‬
‫أنهم َيرمون إلى هذا المعنى‪.‬‬
‫قل‪ " :‬إذا‬ ‫ل ‪ ‬قال‪ ) :‬ل َيزال ( ولم ي َ ُ‬ ‫ب على هذه النواِفل‪-‬فالّرسو ُ‬ ‫من َواظ َ َ‬ ‫ف َ‬
‫ص ُ‬
‫ل‬ ‫ظب على هذه النوافل‪-‬فإنه ي َ ِ‬ ‫فََعل " أو ما شابه ذلك فمعنى ذلك أنه ُيوا ِ‬
‫ِبمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬إلى هذه المنزلةِ العاليةِ الرفيعةِ التي َينبِغي ِلك ّ‬
‫ل‬
‫مسل ِم ٍ أن َيسعى إليها قد َْر طاقِته‪.‬‬
‫ل ِبما‬ ‫قنا وأن ي ُوَفّقَ سائَر المسِلمين ِللعم ِ‬ ‫ل الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن ُيوفّ َ‬ ‫فنسأ ُ‬
‫ل المسِلمون‬ ‫عم َ‬ ‫ديهم ِلما ُيحّبه تبارك وتعالى‪ ،‬وإذا َ‬ ‫ضيه ‪ ‬وأن َيأخذ َ ِبأي ِ‬ ‫ُير ِ‬
‫ب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وفي سن ّةِ رسوِله ‪ ‬بعد معرفةِ الثاب ِ‬
‫ت‬ ‫ِبما في كتا ِ‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-2‬السؤال ‪ِ 9‬من حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 08‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-3‬قال الشيخ عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م (‪ " :‬جاء عنه‬
‫صلوات ال وسلمه عليه أنه قال‪َ ) :‬من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب‪ ،‬وما َتقّرب إلي عبدي بشيء أفضل ِمّما‬
‫سمَعه الذي َيسمع به‪ ،‬وبصَره الذي‬
‫ت َ‬‫افترضُته عليه‪ ،‬وما يزال عبدي َيتقّرب إلي بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإن أحببُته كن ُ‬
‫طش بها‪ ،‬وِرجَله التي َيمشي بها‪ ،‬وإن سألني ‪ ( ...‬إلى آخر الحديث‪ ،‬وهو وإن كان قد تكلم فيه‬ ‫صر به‪ ،‬ويَده التي َيب ِ‬
‫ُيب ِ‬
‫بعض العلماء إل أنه قد جاء ِمن طرق أخرى َيشّد بعضها بعضا فَيرتقي بذلك الحديث إلى درجة الَقبول ‪ ..‬هذا الذي نراه‬
‫في هذا الحديث "‪.‬‬
‫‪219‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ت‬‫ل العلم على معاني اليا ِ‬ ‫ظروا في كلم ِ أه ِ‬ ‫ره ون َ َ‬


‫من غي ِ‬ ‫الصحيِح منها ِ‬
‫ل أيّ أحدٍ بعد ذلك‪-‬مع إجلِلهم‬ ‫فتوا إلى قو ِ‬ ‫ث النبوية ولم َيلت ِ‬ ‫القرآنية والحادي ِ‬
‫رفون‬ ‫ل العلم‪-‬فإنهم في ذلك اليوم ِبمشيئةِ الله ‪ ‬سَيع ِ‬ ‫مهم له ِ‬ ‫واحترا ِ‬
‫ب هذا الحال الذي ُنشاهِد ُ عليه المسِلمين‬ ‫منزَِلتهم بْين المم ل على حس ِ‬ ‫َ‬
‫كب وما ذلك إل لهماِلهم‬ ‫خَرةِ الّر ْ‬‫مؤ ّ‬ ‫ف الشديد‪-‬صاُروا في ُ‬ ‫ث إّنهم‪-‬وِللس ِ‬ ‫حي ُ‬
‫ب رّبهم وسن ّةِ نبّيهم صلوات الله وسلمه عليه ‪َ ..‬نسأُله سبحانه أن‬ ‫ِلكتا ِ‬
‫دينا ِلما ُيحّبه تبارك وتعالى‬ ‫ب والسّنة وأن َيأخذ َ ِبأي ِ‬ ‫ل ِبالكتا ِ‬‫قنا ِللعم ِ‬ ‫ُيوفّ َ‬
‫وَيرضاه؛ والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫ة القدر ؟ وهل َيجوز إخبار الصحاب ِبهذا إذا‬
‫ت ليل ِ‬
‫جح في علما ِ‬
‫س‪ :‬ما هو الرا ِ‬
‫ت له ؟‬
‫َتبي ّن َ ْ‬
‫ده‬ ‫ج‪ :‬أما الخبار فل مانع لكن‪-‬في الحقيقة‪-‬تأتينا الخبار في يوم ِ الِعيد أو بع َ‬
‫من‬‫ض الحيان إلى خمسةِ أخبار منهم َ‬ ‫صل في بع ِ‬ ‫ضة ‪ ..‬ت َ ِ‬
‫متضارَِبة متناقِ َ‬
‫ت في الليلة الفلنية‬ ‫من َيقول كان ْ‬ ‫ت في الليلة الفلنية ومنهم َ‬ ‫َيقول كان ْ‬
‫ت في الليلة الفلنية ثم ِلماذا النسان َيقوم ِبالخبار ؟!‬ ‫من َيقول كان ْ‬ ‫ومنهم َ‬
‫من الغرور أو ما شابه ذلك‬ ‫قعَ في شيٍء ِ‬ ‫سه أن ي َ َ‬ ‫فإذا كان َيخشى على نف ِ‬
‫ن له منزلة أو ما شابه ذلك ففي الحقيقة في هذا ما فيه ول شك ِبأنه‬ ‫ِبأ ّ‬
‫سه ِبأنه لن‬
‫من نف ِ‬ ‫عليه أن َيبتِعد منه‪ ،‬أما إذا كان ُيخِبر أصحاَبه وهو واِثق ِ‬
‫ل العلم لكن‪-‬كما‬ ‫ض أه ِ‬‫من ذلك فهذا ل بأس ‪ ..‬قد أخَبر ِبه بع ُ‬ ‫قعَ في شيٍء ِ‬ ‫يَ َ‬
‫ن هذه الليلة هي ليلة القدر أو ما شابه ذلك‬ ‫ن ظنا ِبأ ّ‬ ‫ض الناس َيظ ّ‬ ‫ت‪-‬بع ُ‬ ‫قل ُ‬
‫كن أن َتأِتي في سنةٍ واحدة في موضٍع واحد‪-‬أي‬ ‫وليس المر كذلك إذ ل ُيم ِ‬
‫ن في هذه الليلة‬ ‫كن أن َتكو َ‬ ‫من مّرة ‪ ..‬يعني ل ُيم ِ‬ ‫في منطقة واحدة‪-‬أكثر ِ‬
‫ن ذلك ِباعتبار مناطق فكما‬ ‫وفي الليلة الثانية في هذه المنطقة أما أن َيكو َ‬
‫ت إليه ِبالمس السلمة في التوّقف ‪ ..‬للعلماء كل ٌ‬
‫‪1‬‬
‫م طويل عريض عند‬ ‫أشر ُ‬
‫اختلف المناطق ‪ ..‬مثل َتكون هذه الليلة ليلة كذا في المنطقة الفلنية‬
‫وتكون ليلة كذا في المنطقة الفلنية ‪ ..‬هل َتكون مثل ليلة القدر في هذه‬
‫المنطقة هذه الليلة وتكون غدا في المنطقة‪ 2‬الفلنية أو تكون في ليلة‬
‫واحدة وعليه تكون عند بعضهم شفعا وعند بعضهم وترا ؟ بعضهم َيقول ِبهذا‬
‫بل بعضهم َيقول‪ " :‬هي في ليلة واحدة على حسب المكان الذي نزل فيه‬
‫الوحي على النبي ‪ ‬وهو مكة المكرمة "‪ ،‬وعند غيرهم َيكون ذلك هو وقت‬
‫ض الماكن البعيدة التي َيكون‬ ‫الجابة حتى لو كان ذلك في النهار في بع ِ‬
‫وقت الليل في مكة المكرمة عندهم نهارا‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬المسألة فيها‬
‫ظب على قيام ِ‬ ‫ن النسان َينبِغي له أن ُيوا ِ‬ ‫من الكلم ما فيها‪ ،‬ونحن قلنا‪ :3‬إ ّ‬ ‫ِ‬
‫ن العلماء قد اختَلفوا متى‬ ‫خر على أ ّ‬ ‫شهر رمضان ولسيما في العشرِ الوا ِ‬
‫الوتر ‪ ..‬هل َيكون في ليلةِ الحادي والعشرين والثالث والعشرين والخامس‬
‫والعشرين وهكذا أو َيختِلف ِبحسب الختلف بْين الشهور إذا كان الشهر‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 9‬من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-2‬قال الشيخ‪ " :‬الليلة " بدل ِمن " المنطقة " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪-3‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪220‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫م طويل عريض‪،‬‬ ‫تسعة وعشرين ليلة أو كان ثلثين ليلة ؟ في ذلك كل ٌ‬


‫سلمة في‬ ‫كن العتماد عليه فال ّ‬ ‫ض هذه القوال ليس لها دليل قوي ُيم ِ‬ ‫وبع ُ‬
‫زم‬ ‫مر إلى الله تبارك وتعالى ‪َ ..‬نحن َنج ِ‬ ‫ل ال ْ‬ ‫وض في ذلك وأن ن َك ِ َ‬ ‫عدم ِ الخ ْ‬
‫ب ما َيظَهر َلنا‪ِ-‬بأّنها في شهرِ رمضان المباَرك‬ ‫جح‪-‬على حس ِ‬ ‫در وُنر ّ‬ ‫ِبليلةِ الق ْ‬
‫ض الروايات‬ ‫خر منه ولسيما الوتار كما جاء في بع ِ‬ ‫وأّنها في العشرِ الوا ِ‬
‫طع عُذ َْر‬ ‫ب المقطوع ِبه فل َنق َ‬ ‫من با ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫الصحيحة عن النبي ‪ ‬ولكّنها ليس ْ‬
‫ِ‬
‫ن ظنا‪ ،‬فإذن َينبغي َلنا هذا وهو أن‬ ‫قد ذلك وإنما َنظ ّ‬ ‫من خاَلف ذلك ول َنعت ِ‬ ‫َ‬
‫ظب على القيام ِ مع الحتساب كما جاَء في الحديث‪ ) :‬قام رمضان (‬ ‫ُنوا ِ‬
‫والرواية الخرى‪ ) :‬ليلة القدر إيمانا واحتسابا ( ‪َ ..‬نفَعل ذلك وَنرجو الله‪-‬‬
‫ن‪-‬أيضا‪-‬العلماء اختَلفوا هل‬ ‫َ‬ ‫ن أن ُيوفّ َ‬
‫جر والثواب على أ ّ‬ ‫قنا ِلل ْ‬ ‫م ْ‬ ‫تبارك وتعالى‪ِ -‬‬
‫ن قام‬ ‫م ْ‬ ‫صل على ذلك َ‬ ‫م ِبهذه الليلة أو أنه َيح ُ‬ ‫من عَل ِ َ‬ ‫صل على هذا الثواب َ‬ ‫َيح ُ‬
‫من‬ ‫من العلمات أو َلم َيظَهر له شيٌء ِ‬ ‫ت له شيٌء ِ‬ ‫هذه الليلة سواء ظهر ْ‬
‫ض هذه‬ ‫ث في بع ِ‬ ‫ف طويل عريض ولذلك ل أرى داعيا ِللبح ِ‬ ‫ذلك ؟ هذا خل ٌ‬
‫ت في قضية هل َيكون في‬ ‫طع كما أشر ُ‬ ‫القضايا التي ليس َلها دليل قا ِ‬
‫المنطقة الفلنية في ليلة كذا أو في ليلة كذا أو ما شابه ذلك ؟ فقلنا‪ :‬هذا‬
‫ل أمَر ذلك إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪،‬‬ ‫طرق إليه وأن ن َك ِ َ‬ ‫ة في عدم الت ّ َ‬ ‫السلم ُ‬
‫ِ‬
‫ت إلى ذلك إشارة ِبالمس ‪-‬ولكن مهما كان هذه الليلة فيها فض ٌ‬
‫ل‬ ‫‪1‬‬
‫وقد أشر ُ‬
‫عظيم كما جاء ذلك في القرآن الكريم ‪ ..‬وصفها الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬بأّنها‬
‫من‬ ‫ليلة مباركة وهي ليلة القدر‪-‬خلفا ِلمن َيزعم ِبأّنها ليلة الخامس عشر ِ‬
‫مل َِها‪ 2‬وقال‬ ‫زل في هذه الليلة‪-‬وهي ليلة القدر‪-‬سورة ب ِ َ‬ ‫ُ‬
‫كا ِ‬ ‫شعبان‪-‬وأيضا أن ِ‬
‫قد ْرِ ‪ ] ‬سورة القدر‪ ،‬الية‪ [ 2 :‬ثم‬ ‫ة ال ْ َ‬‫ما ل َي ْل َ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ما أ َد َْرا َ‬ ‫خيما ِلشأِنها‪  :‬وَ َ‬ ‫ف ِ‬‫تَ ْ‬
‫مَلئ ِك َ ُ‬ ‫َ‬
‫ح ِفيَها ‪ ...‬‬ ‫ة َوالّرو ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫شهْرٍ ‪ ‬ت َن َّز ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ن أل ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫قد ْرِ َ‬ ‫ة ال ْ َ‬‫قال‪  :‬ل َي ْل َ ُ‬
‫ض‬
‫من الية‪ .. [ 4 :‬على كل حال أيضا؛ أطال بع ُ‬ ‫] سورة القدر‪ ،‬الية‪ 3 :‬و ِ‬
‫ويل الكلم ِبذلك‬ ‫عيا ل ِت َط ْ ِ‬ ‫م على الروح والمرادِ ِبالروح ول أرى دا ِ‬ ‫العلماء الكل َ‬
‫ض‬
‫ن النسان بع َ‬ ‫طع على تلك القوال ‪ ..‬قد ي َظ ُ ّ‬ ‫ل قا ِ‬ ‫ما دام ليس هنالك دلي ٌ‬
‫م الله ‪ ‬قال‪...  :‬‬ ‫ن الصعوبة ما فيه‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫م َ‬ ‫زم ِبذلك ففيه ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫المور لكن أن ي َ ْ‬
‫جرِ ‪ ] ‬سورة القدر‪ ،‬من الية‪ ،[ 5 :‬فهي‪-‬والحمد لله‬ ‫ف ْ‬‫مط ْل َِع ال ْ َ‬ ‫حّتى َ‬ ‫ي َ‬ ‫هِ َ‬
‫صل على هذا الثواب على‬ ‫ح ُ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫من الليل َ‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬إذا قام النسان ل َي َْلة ِ‬
‫من علماِتها أو لم ي ََر شيئا‬ ‫جح ِبأنه رآها أو َلم يرها‪-‬أي رأى شيئا ِ‬ ‫ي الرا ِ‬ ‫الرأ ِ‬
‫ض‬
‫ن بع َ‬ ‫مانا واحتسابا حتى أ ّ‬ ‫من تلك العلمات‪-‬ما دام قام هذه الليلة إيه َ‬ ‫ِ‬
‫صل على‬ ‫من صلى المغرب والعشاء في هذه الليلة فقد َيح ُ‬ ‫ّ‬ ‫العلماء قال‪َ " :‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن المسِلم لبد ِ‬ ‫هذا الثواب " ولكن‪-‬حقيقة‪-‬في هذا الكلم ما فيه‪ ،‬ذلك ل ّ‬
‫ن ُيؤّدي هاتْين الصلتْين ومعنى ذلك أنه أتى ِبهذا القيام إن كان هذا هو‬ ‫َ‬
‫أ ْ‬
‫ب شرعا‪،‬‬ ‫ب ما هو مطلو ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫المقصود‪ ،‬وقد َيقولون ِبأنه إذا أتى ِبهما على َ‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 9‬من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫ح ِفيَها ِبِإذْ ِ‬
‫ن‬ ‫ل اْلَملِئَكُة َوالّرو ُ‬
‫شْهٍر ‪َ ‬تَنّز ُ‬
‫ف َ‬
‫ن َأْل ِ‬
‫خْيٌر ّم ْ‬
‫ك َما َلْيَلُة اْلَقْدِر ‪َ ‬لْيَلُة اْلَقْدِر َ‬ ‫‪ِ -2‬إّنا َأنَزْلَناُه ِفي َلْيَلِة اْلَقْدِر ‪َ ‬وَما َأْدَرا َ‬
‫جِر ‪ ] ‬سورة القدر [‪.‬‬ ‫طَلِع اْلَف ْ‬
‫حّتى َم ْ‬ ‫ي َ‬ ‫سلٌم ِه َ‬ ‫ل َأْمٍر ‪َ ‬‬‫َرّبِهم ّمن كُ ّ‬
‫‪221‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ونقول‪ :‬المؤمن مطاَلب ِبذلك‪ ،‬فنحن ل َنقوى على هذا القول ولكن َنقول‬
‫صد ِبالقيام المعروف هو‬ ‫َ‬
‫من القيام المعروف ول أق ِ‬ ‫هر أنه لبد ِ‬ ‫ن الظا ِ‬ ‫ِبأ ّ‬
‫سب‬ ‫حت َ ِ‬
‫م ْ‬‫من ُ‬ ‫من مؤ ِ‬ ‫التراويح أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ك َل ّ وإّنما قيام هذه الليلة و ِ‬
‫من عندِ الله تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫ب ِ‬ ‫ِللثوا ِ‬
‫من الية‬ ‫هر ِ‬ ‫ت ِبكامِله وهذا هو الظا ِ‬ ‫ت تارةً َيكون الوق ُ‬ ‫وعلى كل حال؛ الوقا ُ‬
‫دد وتارةً َيكون‬ ‫مح ّ‬ ‫ت ُ‬ ‫القرآنية وتارةً َتكون ساعة الجابة قصيرة في وق ٍ‬
‫من أوِّلها إلى‬ ‫هر أّنها ِ‬ ‫ة القدرِ الظا ِ‬ ‫مل‪ ،‬فليل ُ‬ ‫ت طويل وإن َلم َيكن اليوم كا ِ‬ ‫الوق ُ‬
‫هر لنه قال‪:‬‬ ‫من أوِّلها فذلك هو الظا ِ‬ ‫ضح وأما ِ‬ ‫خر الليلة فالمر وا ِ‬ ‫رها‪ ،‬أما آ ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫آ ِ‬
‫صيرا كالساعة‬ ‫تق ِ‬ ‫ض الوقات َيكون الوق ُ‬ ‫قد ْرِ ‪ِ ‬بالنسبة إلى بع ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫‪ ‬ل َي ْل َ ُ‬
‫سطا كيوم ِ عََرَفة فإنه‬ ‫ض َيكون وَ َ‬ ‫ة في يوم ِ الجمعة والبع ُ‬ ‫التي فيها الجاب ُ‬
‫ه الدليل وعليه‪-‬‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫جح الذي ي َد ُ ّ‬ ‫ل الشمس على الرأي الرا ِ‬ ‫من زوا ِ‬ ‫َيكون ِ‬
‫مة‪.‬‬ ‫أيضا‪-‬جمهور ال ّ‬
‫ن بعد َ وقِتها ‪ ..‬أي‬ ‫مت َعَد َّدة منها ما َيكو ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫أما العلمات فقد ذ َك َُروا ِلذلك علما ٍ‬
‫ن في الليل‪.‬‬ ‫بعد َ طلوع الشمس‪ ،‬ومنها ما َيكو ُ‬
‫قب‬ ‫قِلب رأسا على عَ ِ‬ ‫ض المخلوقات ت َن ْ َ‬ ‫ن بع َ‬ ‫من العوام ِبأ ّ‬ ‫وأما ما َيذك ُُره كثيٌر ِ‬
‫ن النسان لو‬ ‫ن العلى والطراف َتكون في السفل وأ ّ‬ ‫فَعُُروقُ الشجار َتكو ُ‬
‫طل وهَُراء ل‬ ‫هب ‪ ..‬إلى غيرِ ذلك فهذا با ِ‬ ‫ول إلى ذ َ َ‬ ‫ح ّ‬‫من شجرة ي َت َ َ‬ ‫خذ َ شيئا ِ‬ ‫أَ َ‬
‫ة َله‪.‬‬ ‫قيم َ‬
‫سطا ليس فيها‬ ‫ض العلماء َيقول‪َ :‬تكون تلك الليلة وَ َ‬ ‫ولكن‪-‬على كل حال‪-‬بع ُ‬
‫من السكينة‬ ‫شعُُر النسان فيها ِبشيٍء ِ‬ ‫حر وقد ي َ ْ‬ ‫من اله َ‬ ‫من الب َْرد ول ِ‬ ‫شيٌء ِ‬
‫شَعاعٌ‬ ‫من الشمس ِبأنه ليس َلها ُ‬ ‫وهكذا ما ي َُرى في صبيحةِ ذلك اليوم ِ‬
‫ن العلمات التي َيحتاج أن َنذك َُرها وَنذك َُر ما َلها وما‬ ‫م َ‬ ‫وي ‪ ..‬إلى غير ذلك ِ‬ ‫ق ِ‬
‫من الطمأنينة والراحة‬ ‫شُعر ِبشيٍء ِ‬ ‫ن قد ي َ ْ‬ ‫عليها ولكن‪-‬على كل حال‪-‬النسا ُ‬
‫ت‬‫ث السيدة عائشة‪-‬رضي الله تعالى عنها‪-‬عندما سأل ْ‬ ‫من حدي ِ‬ ‫وذلك ظاهٌِر ِ‬
‫ن النسان‬ ‫ت ليلة القدر‪ ،‬فمعنى ذلك ِبأ ّ‬ ‫الرسول ‪ِ ‬بماذا َتدعو إذا هي رأ ْ‬
‫س ِبشيٍء وإل كيف ت ََراها السيدة عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنها‪-‬‬ ‫ح ّ‬ ‫يُ ِ‬
‫مه وقد َيشُعر ِبذلك في ي َقَظ َِته‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ول ُتحس ِبشيٍء ؟! قد َيشُعر ِبذلك في َ‬
‫َ‬
‫شد َ النبي ‪‬‬ ‫ل‪-‬أر َ‬ ‫ل الثواب الجزيل‪ ،‬و‪-‬على ك ُ ٍ‬ ‫ت وَينا ُ‬ ‫وقد ل َيشُعر‪-‬كما قل ُ‬
‫ف عَّني (‬ ‫فوَ َفاعْ ُ‬ ‫حب العَ ْ‬ ‫فو ٌ ت ُ ِ‬ ‫السيدة عائشة لن ت َد ْعُوَ ِبقوله‪ ) :‬اللهم إّنك عَ ُ‬
‫شعََر ِبذلك‬ ‫من هذا الدعاء في هذه الليالي المباَركة َ‬ ‫ن ِ‬ ‫فل ُْيكِثر النسا ُ‬
‫خرة‬ ‫ل‪ " :‬ربنا آِتنا في الدنيا حسنة وفي ال ِ‬ ‫ن قو ِ‬ ‫م ْ‬‫أو َلم َيشُعر ول ْي ُك ِْثر‪-‬أيضا‪ِ -‬‬
‫من هذا الدعاء‪ ،‬وكذلك‪" :‬‬ ‫ب النار "‪ ،‬فالرسول ‪ ‬كان ي ُك ِْثر ِ‬ ‫حسنة وِقنا عذا َ‬
‫خرة "‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬ي ُك ِْثر من د ُ َ‬
‫عاِء‬ ‫اللهم إّني َأسأُلك العفوَ والعافية في الدنيا وال ِ‬
‫َ‬
‫ك إ ِّني‬‫حان َ َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫ه ِإل أن َ‬ ‫يونس‪ ‬الذي جاَء في القرآن الكريم‪ ...  :‬ل إ ِل َ َ‬
‫من‬ ‫ن ‪ ] ‬سورة النبياء‪ ،‬من الية‪ .. [ 87 :‬إلى غيرِ ذلك ِ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫كن ُ‬ ‫ُ‬
‫ل الله‪-‬تبارك‬ ‫صرِ ِللسلم ِ والمسِلمين؛ َنسأ ُ‬ ‫ن الدعاِء ِبالن ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫الدعية‪ ،‬ولي ُك ِْثر ِ‬

‫‪222‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫صرا‬
‫م نَ ْ‬ ‫وتعالى‪-‬أن ي ُوَفّقَ المسِلمين جميعا ِلما فيه الخْير وأن ي َن ْ ُ‬
‫صَر السل َ‬
‫مؤَّزرا وما ذلك عليه ِبعزيز؛ والله أعلم‪.‬‬‫ُ‬

‫الحادي عشر ‪ :‬أحكام العتكاف‬


‫س‪ :‬ما حكم العتكاف ؟‬
‫ن العتكاف سّنة ثابتة عن النبي صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬فقد ورد‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫كف في العشر الواخر من‬ ‫عنه‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه كان َيعت ِ‬
‫شهر رمضان المبارك‪ ،‬كما أنه اعتكف‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬في‬
‫بعض الحيان في العشرين الخيرة من شهر رمضان أيضا‪ ،‬وقد ثبت‪-‬أيضا‪-‬‬
‫عن بعض الصحابة‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليهم‪-‬أنهم اعتكفوا مع النبي‬
‫صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬كما جاء ذلك في حديث أبي سعيد الخدري‪-‬‬
‫رضي الله تعالى عنه‪-‬عند البخاري وعند غيره‪ ،‬وثبت‪-‬أيضا‪-‬عن أمهات‬
‫ن اعتكفن بعد وفاة النبي‬ ‫المؤمنين‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنهن‪-‬أنه ّ‬
‫شَرع في العتكاف مع النبي‬ ‫ن َ‬‫ن بعضه ّ‬ ‫صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬كما أ ّ‬
‫جة نّيرة على‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وفي هذا دللة واضحة وح ّ‬
‫مشروعية العتكاف‪ ،‬وأنه سّنة ثابتة عن النبي صلوات الله وسلمه عليه‪،‬‬
‫بل مشروعيته أيضا تؤخذ من كتاب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في قوله ‪...  : ‬‬
‫َ‬
‫جد ‪ ]  ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪:‬‬ ‫سا ِ‬‫م َ‬ ‫ن ِفي ال ْ َ‬ ‫فو َ‬ ‫عاك ِ ُ‬‫م َ‬‫ن وَأنت ُ ْ‬
‫شُروهُ ّ‬‫وَل َ ت َُبا ِ‬
‫‪ ،[ 187‬و‪-‬كذلك‪ُ-‬يؤخذ ذلك من قوله ‪ ‬في قوله لعبده وخليله ورسوله‬
‫ي ِلل ّ‬ ‫عي َ َ‬
‫ن‬‫في َ‬‫طائ ِ ِ‬ ‫ل أن ط َهَّرا ب َي ْت ِ َ‬ ‫ما ِ‬‫س َ‬
‫م وَإ ِ ْ‬
‫هي َ‬ ‫إبراهيم ‪ ...  : ‬وَعَهِد َْنا إ َِلى إ ِب َْرا ِ‬
‫جودِ ‪ ] 1‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ ،[ 125 :‬وهذا أمر‬ ‫س ُ‬‫ن َوالّرك ِّع ال ّ‬ ‫َوال َْعاك ِ ِ‬
‫في َ‬
‫مة السلمية قاطبة‪ ،‬وقد حكى التفاق‪-‬أو الجماع‪-‬على‬ ‫فق عليه بين ال ّ‬ ‫مت ّ َ‬
‫ذكر أسمائهم‪.‬‬ ‫خرين‪ ،‬ل داعي ل ِ‬ ‫دمين والمتأ ّ‬ ‫ذلك غيُر واحد من المتق ّ‬
‫ح عنه إل إذا قُّيد‬ ‫وما ُروي عن المام مالك أنه قال بكراهة ذلك فل أظّنه يص ّ‬
‫مل على صفة من الصفات‪ ،‬كما‬ ‫قْيد من القيود‪ ،‬أو كما قيل بأّنه ُيح َ‬ ‫ذلك ب ِ َ‬
‫مل لذلك‬ ‫محا ِ‬ ‫َذكر ذلك الحافظ ابن حجر وغيره‪ ،‬وقد َذكر بعض العلماء َ‬
‫وأكثُر تلك المحامل مردود‪ ،‬ول أرى فائدة من ِذكر ذلك ما دام العتكاف‬
‫ت‪ُ-‬يخاِلف في ذلك إل إذا كان‬ ‫ن ذلك‪-‬كما قل ُ‬ ‫نأ ّ‬ ‫ثابتا ثبوتا ل شك فيه‪ ،‬ول أظ ّ‬
‫مل ومع ذلك فيه ما فيه‪.‬‬ ‫مل من المحا ِ‬ ‫مح َ‬ ‫ذلك ل َ‬
‫هذا بالنسبة إلى شهر رمضان المبارك‪.‬‬

‫طاِئِفينَ‬ ‫ن الشيخ قصد أن يأتي بهذه الية بدل من الية التي أتى بها في التسجيل وهي‪َ ...  :‬وطَّهْر َبْيِت َ‬
‫ي ِلل ّ‬ ‫‪-1‬الظاهر أ ّ‬
‫ن الشيخ وقع له سبق لسان في قراءتها‪ ،‬إذ‬ ‫جوِد ‪ ] ‬سورة الحج‪ ،‬من الية‪ [ 26 :‬مع ملحظة أ ّ‬ ‫سُ‬ ‫ن َوالّرّكِع ال ّ‬‫َواْلَقاِئِمي َ‬
‫جوِد "‪.‬‬
‫سُ‬‫ن والعاكفين َوالّرّكِع ال ّ‬
‫طاِئِفي َ‬
‫ي ِلل ّ‬
‫طّهْر َبْيِت َ‬
‫قرأها‪َ ... " :‬و َ‬
‫‪223‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وذهب بعضهم إلى أّنه سّنة في الَعشر الواخر من رمضان وأما في غير‬
‫ذلك فليس بسّنة وإنما هو جائز‪.‬‬
‫ت وفي غيره جائز‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬إنه في شهر رمضان سّنة‪-‬كما قل ُ‬
‫وقيل‪ :‬إنه سّنة مطلقا في شهر رمضان وفي غير رمضان‪.‬‬
‫ي‪ ،‬وإن كان في رمضان أفض ُ‬
‫ل‬ ‫ن القول بسنّية ذلك هو القول القو ّ‬ ‫ولشك أ ّ‬
‫كد‪ِ ،‬لمواظبة النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬وكثير من صحابته رضوان‬ ‫وآ َ‬
‫الله‪-‬تعالى‪-‬عليهم‪.‬‬
‫كف أحد من الصحابة " مردود‪ِ ،‬لما ذكرُته ولغير ذلك‬ ‫وما قيل‪ " :‬إنه لم َيعت ِ‬
‫من الروايات الكثيرة المروية عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫ل أن ُيطِلق على بعض المور بأنها لم َتثبت عن النبي‬ ‫من قب ِ‬ ‫وينبغي للنسان ِ‬
‫حث أشد ّ‬ ‫‪ ‬أو عن غيره مما ُروي ذلك عنهم َينبغي له أن َيتحّرز وأن َيب َ‬
‫رد عن‬ ‫ن الشيء الفلني لم ي َ ِ‬ ‫عواهِِنه فيذكر بأ ّ‬‫البحث وأل ّ ُيطِلق الكلم على َ‬
‫ن ذلك مذكور في كتب‬ ‫الصحابي الفلني أو عن أحد من الصحابة مع أ ّ‬
‫ن ذلك مروي عن بعض الصحابة في الصحيحين وفي‬ ‫تأ ّ‬ ‫كثيرة‪ ،‬وقد ذكر ُ‬
‫غيرهما من كتب الرواية‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إلى أنه مشروع إل ّ في حقّ المرأة الشاّبة؛ وهذا‪-‬أيضا‪-‬‬
‫ليس بشيء‪.‬‬
‫ن ذلك مسنون ولسيما في شهر رمضان‬ ‫فالقول الصحيح هو قول من قال إ ّ‬
‫ن الفضل أن ُيحاَفظ عليه في العشر الخيرة من رمضان ومن‬ ‫المبارك وأ ّ‬
‫كف في العشرين الخيرة منه فذلك حسن؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫أمكنه‪-‬أيضا‪-‬أن َيعت ِ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل لهذا العتكاف شروط معّينة ؟‬
‫ج‪ :‬أّول‪ :‬كثير من الناس َيسألون عن فضل العتكاف‪ ،‬وأنا أريد أن أنّبه إلى‬
‫رد حديث صحيح ثابت عن النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬يدل على‬ ‫أنه لم ي َ ِ‬
‫فضل العتكاف‪ ،‬فكل ما روي من الحاديث القولية ففيها ما فيها من كلم‪،‬‬
‫وإنما الثابت في ذلك فعل النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬ومواظبته عليه‬
‫في العشر الخيرة‪ ،‬حتى أنه صلوات الله وسلمه عليه جاء عنه أنه كان إذا‬
‫كف العشرين‬ ‫لم َيتمكن من العتكاف في العشر الخيرة ‪ ..‬أنه كان َيعت ِ‬
‫الخيرة من شهر رمضان من السنة التية‪ ،‬وكذلك عندما خرج من العتكاف‬
‫عندما دخلت أزواجه‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬ورضوان الله عليهن‪-‬في‬
‫العتكاف ‪ ..‬عندما خرج في العشر الخيرة من رمضان قضى ذلك‪ ،‬وإن‬
‫كان ذلك القضاء‪-‬على مذهب طائفة كبيرة من أهل العلم‪ ،‬وهو الظاهر‬
‫عندي‪-‬ليس على طريق الوجوب‪ ،‬وإنما هو على طريق الستحباب‪.‬‬
‫أقول‪ :‬في فعله صلوات الله وسلمه عليه ما يدل على فضل العتكاف‪ ،‬و‪-‬‬
‫ن ِللعشر الخيرة من شهر رمضان من الفضل ما لها‪،‬‬ ‫أيضا‪-‬من المعلوم أ ّ‬
‫ولذكر الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وتلوة القرآن من الفضل ما ل يخفى‪ ،‬كما جاء‬
‫‪224‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ذلك في الحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬ثبوتا‬


‫كف هو الذكار مع‬ ‫ن أكثر ما ُيحاِفظ عليه المعت ِ‬ ‫ل شك فيه‪ ،‬ومن المعلوم أ ّ‬
‫قراءة كتاب الله تبارك وتعالى‪ ،‬فمن كانت له القدرة فل ينبغي له أن ُيفّرط‬
‫ن ذلك لم َيثُبت عن‬ ‫في ذلك‪ ،‬ول َيغتّر بقول كثير من أهل العلم بأ ّ‬
‫دمنا بأّنه ثابت عن الصحابة‪ ،‬بل هو ثابت عن سّيد الصحابة‬ ‫الصحابة‪ ،‬فقد ق ّ‬
‫وسّيد كل الخلق صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وكذلك ل ينبغي له أن َيغتّر بما‬
‫ن‬
‫من أنه لم َيأت حديث صحيح في فضل العتكاف‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ذكره أهل العلم ِ‬
‫معنى ذلك بأنه لم َيأت حديث قولي‪ ،‬وينبغي ِللنسان أن َيعلم اصطلحات‬
‫من أن‬ ‫أهل العلم عندما يجد عبارة أو كلما لبعضهم أو لهم جميعا ‪ ..‬لبد ِ‬
‫رف ذلك المصطلح الذي ي َعُْنوَنه‪ ،‬وإل فل ُيمكن أن يقال بعدم فضل‬ ‫َيع ِ‬
‫ت‬ ‫العتكاف مع مواظبة رسول الله صلوات الله وسلمه عليه كما ذكر ُ‬
‫فق عليه بين أهل العلم‪،‬‬ ‫ددة‪ ،‬منها ما هو مت ّ َ‬ ‫وأما شروطه فله شروط متع ّ‬
‫ومنها ما هو مختَلف فيه‪.‬‬
‫ط في كل‬ ‫حة‪ ،‬وهو شر ٌ‬ ‫ص ّ‬
‫ط ِ‬ ‫فمن تلك الشروط‪ :‬السلم‪ ،‬وهذا الشرط شر ُ‬
‫ح من الكافر‬ ‫العبادات‪ ،‬وإذا وجدنا اشتراط السلم فمعنى ذلك أنه ل َيص ّ‬
‫شيء من العبادات رأسا‪ ،‬فإذا قيل باشتراط ذلك في بعض العبادات‬
‫ح‪ ،‬ل أنه‬ ‫ن ذلك ل َيص ّ‬ ‫الواجبة‪-‬كالحج والصلة والصيام والزكاة‪-‬فمعنى ذلك أ ّ‬
‫ح القوال وأشهرها‪ ،‬وهو‬ ‫طب بذلك‪ ،‬على أص ّ‬ ‫طب بذلك‪ ،‬بل هو مخا َ‬ ‫ل ُيخا َ‬
‫ل له الدلة الكثيرة من كتاب الله تبارك وتعالى‪ ،‬والعتكاف وإن لم‬ ‫الذي تد ّ‬
‫ح إل ّ من مسلم‪ ،‬فلو اعتكف كافر فذلك ل َيصح‪،‬‬ ‫يكن واجبا ولكنه أيضا ل َيص ّ‬
‫بل لبد من أن َيدخل أّول في السلم وأن َيلتزم بشرع الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫وبعد ذلك إن شاء أن َيعتكف فليعتكف‪ ،‬فهذا هو المقصود من شرط السلم‬
‫عندما َيذكره العلماء ولسيما في المور الواجبة‪.‬‬
‫من‬ ‫سكران ول ِ‬ ‫من َ‬ ‫من مجنون ول ِ‬ ‫ح العتكاف ِ‬ ‫ومن ذلك‪ :‬العقل‪ ،‬فل َيص ّ‬
‫مى عليه‪ ،‬فلو اعتكف مجنون أو سكران أو مغمى عليه فل ثواب له‪ ،‬بل‬ ‫مغ َ‬‫ُ‬
‫ل َيصح ذلك منه‪.‬‬
‫نعم إذا دخل شخص في العتكاف وأصابه الغماء بعد ذلك بعد أن طلع‬
‫الفجر‪:‬‬
‫ن اعتكافه لذلك اليوم صحيح "‪.‬‬ ‫ن طائفة من أهل العلم َيقولون‪ " :‬إ ّ‬ ‫‪-1‬فإ ّ‬
‫‪-2‬وإن كان بعضهم َيرى خلف ذلك‪.‬‬
‫ن القول الول قالت به طائفة كبيرة من أهل العلم‪ ،‬وله وجه قوي في‬ ‫ولك ّ‬
‫النظر‪.‬‬
‫ح منه‪ ،‬والتمييز‬ ‫غير ممّيز فإنه ل َيص ّ‬ ‫ومن ذلك‪ :‬التمييز‪ ،‬فالصبي إذا كان َ‬
‫بالنسبة إلى الصبيان َيختِلف من طفل إلى طفل‪ ،‬فل ُيمكن أن ُيحد ّ ذلك‬
‫بسنة معّينة‪ ،‬وإنما ذلك َيدور على من كان َيفهم الخطاب وَيستطيع الجواب‬
‫ح منه‪ ،‬وهو‬ ‫من كان كذلك فهو الذي َيص ّ‬ ‫ح منه النية‪ ،‬ف َ‬ ‫وَيفقه معنى ذلك فَتص ّ‬
‫الذي ُيقال عنه بأنه ممّيز‪.‬‬
‫‪225‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ح عمل من العمال إل بنّية إذا كان ذلك العمل‬ ‫ومن ذلك‪ :‬النية‪ ،‬إذ ل َيص ّ‬
‫َيتعّلق بمثل هذه العبادات‪ ،‬نعم إذا كان ذلك َيتعّلق بطهارة‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬‬
‫ن تلك النجاسة َتزول ولو لم تكن‬ ‫وكانت الطهارة لثوب وليست لجسد فإ ّ‬
‫ح القوال وأشهرها‪ ،‬أما مثل هذه العبادات فلبد لها من‬ ‫هنالك نية على أص ّ‬
‫حة العتكاف‪.‬‬ ‫النية‪ ،‬فالنية‪-‬إذن‪-‬شرط لص ّ‬
‫ن الصيام‬‫ن طائفة كبيرة من أهل العلم ذهبت إلى أ ّ‬ ‫ومن ذلك‪ :‬الصوم‪ ،‬فإ ّ‬
‫صم ليس بصحيح بل ل‬ ‫ن اعتكاف من لم ي َ ُ‬ ‫حة العتكاف‪ ،‬وأ ّ‬ ‫شرط في ص ّ‬
‫ت‪-‬من أهل‬ ‫مى ذلك اعتكافا؛ وهذا هو قول طائفة‪-‬كما قل ُ‬ ‫ينبغي أن ُيس ّ‬
‫العلم‪ ،‬وهو مروي عن طائفة من الصحابة رضوان الله‪-‬تعالى‪-‬عليهم‪ ،‬فقد‬
‫روي عن السيدة عائشة‪ ،‬وروي عن ابن عمر وابن عباس رضي الله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬عنهم‪ ،‬وهو مذهب أصحابنا وإن كان هنالك ما ُيفَهم من كلم بعضهم‬
‫ن القول المشهور‬ ‫بأنه قد ذهب بعض الصحاب إلى عدم اشتراط ذلك ولك ّ‬
‫حة العتكاف‪ ،1‬وهو قول المام‬ ‫المنصور عندهم هو اشتراط الصوم لص ّ‬
‫مالك‪ ،‬وعليه جمهور أصحابه‪ ،‬وخالف منهم ابن ُلبابة‪ ،‬فقال بعدم اشتراط‬
‫الصيام في العتكاف‪ ،‬وهو قول بعض الشافعية‪ ،‬وهو رواية عن المام أحمد‬
‫خرين‪ ،‬وهو قول‬ ‫جح ذلك ابن تيمية وابن القيم من المتأ ّ‬ ‫وعن إسحاق‪ ،‬وَر ّ‬
‫الثوري والليث والحسن بن حي‪.‬‬
‫ن طائفة كبيرة من أهل العلم ذهبت إلى اشتراط الصيام في‬ ‫نعم ذكرنا أ ّ‬
‫ح إل به‪ ،‬وذكرنا مجموعة من أولئك العلماء‬ ‫ن العتكاف ل َيص ّ‬ ‫العتكاف وأ ّ‬
‫العلم الذين ذهبوا إلى اشتراط ذلك‪ ،‬وهنالك بقية أخرى ل بأس بذكر‬
‫شعبي‪ ،‬وذهب‬ ‫من ذهب إلى ذلك من أهل العلم الّنخعي وال ّ‬ ‫م ّ‬
‫طائفة منهم‪ ،‬ف ِ‬
‫إلى ذلك نافع والقاسم بن محمد والوزاعي والزهري‪ ،‬وطائفة من التابعين‪،‬‬
‫وقيل‪ " :‬إنه المذهب القديم للمام الشافعي "‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬ذهبت إلى ذلك‬
‫ن طائفة منهم‬ ‫الحنفية في الصوم‪ 2‬الواجب‪ ،‬وُيفَهم من بعضهم‪-‬أيضا‪-‬أ ّ‬
‫رطون ذلك حتى في غير الصوم‪ 3‬الواجب‪ ،‬فهذه جماعة كبيرة جدا ممن‬ ‫َيشت ِ‬
‫ن مذهبا معّينا‬ ‫دعي مد ٍّع بعد ذلك ِبأ ّ‬ ‫ذهبوا إلى اشترط الصيام‪ ،‬فل ُيمكن أن ي َ ّ‬
‫مة‬
‫مة‪ ،‬فهذه جماعة كبيرة من ال ّ‬ ‫رط الصيام بخلف بقية ال ّ‬ ‫هو الذي َيشت ِ‬
‫السلمية من الصحابة والتابعين ومن أتباع المذاهب الخرى قد ذهبت إلى‬
‫مح بذلك‪،‬‬ ‫ن الوقت أرى أنه ل َيس َ‬ ‫ذلك‪ ،‬ولهذا الرأي أدلة كثيرة جدا‪ ،‬ولك ّ‬
‫كف إل ّ في‬ ‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬لم َيعت ِ‬ ‫ويكفي من ذلك أ ّ‬
‫ك ول ريب بأنه كان صائما‪ ،‬أما ما جاء‬ ‫العشر الواخر من رمضان وهو ل ش ّ‬
‫من اعتكافه بعد ذلك فإننا وإن كّنا ل نقوى على الجزم بأنه قد صام إل أنه‬ ‫ِ‬
‫ل على عدم صيامه صلوات الله وسلمه عليه‪،‬‬ ‫أيضا ليس هنالك دليل آخر َيد ّ‬
‫والروايات مختِلفة ‪ ..‬جاء في بعض الروايات أنه اعتكف في العشر الوائل‪،‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬اشتراط العتكاف " بدل من " اشتراط الصوم في صحة العتكاف " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫‪-2‬لعل الشيخ قصد أن يقول‪ " :‬العتكاف " بدل من " الصوم "‪ ،‬فلُيتأّمل‪.‬‬
‫‪-3‬لعل الشيخ قصد أن يقول‪ " :‬العتكاف " بدل من " الصوم "‪ ،‬فلُيتأّمل‪.‬‬
‫‪226‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وفي بعضها أنه اعتكف في الواخر‪ ،‬وفي بعضها بأنه اعتكف في رمضان‬
‫ن ذلك جاء في الول أو في الخر‪ ،‬فمع هذا‬ ‫دد الرواية بأ ّ‬‫من غير أن ُتح ّ‬
‫محَتج على عدم شرطية الصيام في‬ ‫كن أن َيحتج بذلك ُ‬ ‫الحتمال ل ُيم ِ‬
‫العتكاف‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬نجد المولى‪-‬تبارك وتعالى‪-‬قد َذكر العتكاف في معرض‬
‫ن العتكاف ل يكون إل‬ ‫ِذكره للصيام‪ 1‬وفي ذلك إشارة واضحة إلى أ ّ‬
‫من المعلوم أنه لم يأت دليل واحد يدل على عدم اشتراط‬ ‫بالصيام‪ ،‬و ِ‬
‫الصيام‪ ،‬وكل ما روي من الحاديث التي فيها مشروعية ذلك من دون‬
‫الصيام أحاديث ل َتثبت عن النبي صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬
‫كف طاهرا‬ ‫هذا ومن الشروط التي لبد منها في العتكاف‪ :‬أن يكون المعت ِ‬
‫من‬ ‫من الحائض ول ِ‬ ‫من الجنب ول ِ‬ ‫ح العتكاف ِ‬ ‫من الحدث الكبر‪ ،‬فل َيص ّ‬
‫مة السلمية‪ ،‬وهو الحق الذي ل‬ ‫النفساء ‪ ..‬هذا هو القول المشهور عند ال ّ‬
‫مر بالغتسال‬ ‫كفا وأصابته جنابة فإنه ُيؤ َ‬ ‫ريب فيه ‪ ..‬نعم إذا كان النسان معت ِ‬
‫شرة ول ُيؤّثر ذلك في اعتكافه ول في صيامه‪.‬‬ ‫مبا َ‬
‫ن العتكاف ل يكون إل في المسجد والجنب‬ ‫والدليل على اشتراط ذلك أ ّ‬
‫منهيون‬ ‫والحائض والنفساء كلهم منهيون عن دخول المسجد‪-‬وعند بعضهم َ‬
‫ن من أهم الشروط في العتكاف هو أن‬ ‫عن المكث فيه‪-‬ومن المعلوم بأ ّ‬
‫يكون في مسجد من المساجد‪ ،‬كما سيأتي بمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫من المعلوم‬ ‫ن العتكاف ل يكون إل بالصيام و ِ‬ ‫جحنا أ ّ‬
‫وكذلك‪-‬أيضا‪-‬قد ر ّ‬
‫ن الصيام ل َيصح مع الحيض والنفاس بل الحائض والنفساء َيحرم‬ ‫المتقّرر أ ّ‬
‫عليهما الصيام كما هو معلوم‪.‬‬
‫أما الجنب فقد اختلف العلماء في صيامه ‪ ..‬أي هل يصح الصيام مع الجنابة‬
‫أو ل ؟ والقول الصحيح الذي َيدل له الحديث الصحيح الثابت عن النبي‪-‬‬
‫ن من أصبح جنبا أصبح مفطرا‪ ،‬كما جاء ذلك عند‬ ‫صلوات الله وسلمه عليه‪-‬أ ّ‬
‫المام الربيع رحمه الله‪ ،‬وجاء عند غيره من أئمة المحدثين‪.‬‬
‫من أنه صلوات الله وسلمه عليه أصبح وهو جنب وهو صائم‬ ‫وأما ما جاء ِ‬
‫فذلك الحديث ُيعاِرضه هذا الحديث وإذا تعارض حديثان أحدهما يقتضي‬
‫دم الدليل الذي َيدل على التحريم‬ ‫التحريم والثاني يقتضي الباحة فإنه ُيق ّ‬
‫ن فعله صلوات الله وسلمه عليه‬ ‫على الدليل الدال على الباحة‪ ،‬فالظاهر أ ّ‬
‫ن من أصبح جنبا أصبح مفطرا‪.‬‬ ‫دما على حديثه الذي جاء فيه أ ّ‬ ‫كان متق ّ‬
‫ن الحديث َيدل دللة واضحة ل‬ ‫ن ذلك على الستحباب مردود ل ّ‬ ‫والقول بأ ّ‬
‫‪2‬‬
‫ن من أصبح جنبا أصبح مفطرا ول يمكن أن ُيؤخذ من ذلك‬ ‫غموض فيها بأ ّ‬
‫ص صريح على أنه أصبح‬ ‫ن ذلك على الستحباب‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬لنه ن ّ‬ ‫أ ّ‬
‫مفطرا‪.‬‬

‫عَلْيُكمْ‬
‫ب َ‬
‫سُكْم َفَتا َ‬
‫ن َأنُف َ‬
‫ختاُنو َ‬
‫ل َأّنُكْم ُكنُتْم َت ْ‬
‫عِلَم ا ُ‬
‫ن َ‬ ‫س ّلُه ّ‬
‫س ّلُكْم َوَأنُتْم ِلَبا ٌ‬
‫ن ِلَبا ٌ‬ ‫ساِئُكْم ُه ّ‬
‫ث ِإَلى ِن َ‬‫صَياِم الّرَف ُ‬ ‫‪ُ -1‬أ ِ‬
‫حلّ َلُكْم َلْيَلَة ال ّ‬
‫سَوِد ِم َ‬
‫ن‬ ‫لْ‬‫طا َ‬ ‫خْي ِ‬
‫ن اْل َ‬
‫ض ِم َ‬
‫لْبَي ُ‬ ‫خْيطُ ا َ‬ ‫ن َلُكُم اْل َ‬
‫حّتى َيَتَبّي َ‬
‫شَرُبوا َ‬ ‫ل َلُكْم َوُكُلوا َوا ْ‬ ‫با ُ‬ ‫ن َواْبَتُغوا َما َكَت َ‬ ‫شُروُه ّ‬ ‫ن َبا ِ‬
‫عنُكمْ َفال َ‬ ‫عَفا َ‬
‫َو َ‬
‫جِد ‪ ] ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.[ 187 :‬‬ ‫سا ِ‬
‫ن ِفي اْلَم َ‬ ‫عاِكُفو َ‬ ‫ن َوَأنُتْم َ‬ ‫شُروُه ّ‬ ‫ل ُتَبا ِ‬
‫ل َو َ‬‫صَياَم ِإَلى اّللْي ِ‬
‫جِر ُثّم َأِتّموا ال ّ‬
‫اْلَف ْ‬
‫ن من أصبح جنبا أصبح مفطرا " وذلك لليضاح أكثر‪.‬‬ ‫‪ُ-2‬أبِدل قول الشيخ‪ " :‬بأّنه أصبح مفطرا " بهذه العبارة " بأ ّ‬
‫‪227‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن الصل أن‬ ‫والقول‪-‬أيضا‪-‬بأنه منسوخ‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬مخاِلف للواقع‪ ،‬ل ّ‬


‫من اّدعى خلف ذلك فعليه الدليل‪.‬‬ ‫خر هو الناسخ‪ ،‬و َ‬ ‫يكون هذا المتأ ّ‬
‫ن كثرة‬ ‫ت في هذه القضية‪ ،‬نظرا إلى أ ّ‬ ‫ن الوقت ل َيتسع للطالة لطل ُ‬ ‫ولول أ ّ‬
‫كاثرة من أهل العلم َيرون خلف ذلك‪ ،‬ولعلنا نجيب عن ذلك في مناسبة‬
‫أخرى بمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫ومن الشروط التي لبد منها في العتكاف بل هو الشرط الساسي بل هو‬
‫ح العتكاف إل ّ في مسجد‬ ‫الركن الذي لبد منه‪ :‬الل ّْبث في المسجد‪ ،‬إذ ل َيص ّ‬
‫ح فيه العتكاف‪:‬‬ ‫من المساجد؛ وقد اختلف العلماء في المسجد الذي َيص ّ‬
‫ح في كل مسجد من المساجد سواء‬ ‫ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه َيص ّ‬
‫كانت ُتقام فيه الجمعة أو ل وسواء كانت ُتقام فيه الجماعة أو ل‪.‬‬
‫ح إل في المسجد الذي ُتقام فيه‬ ‫وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه ل َيص ّ‬
‫الجماعة وإن كانت ل ُتقام فيه الجمعة‪.‬‬
‫من أن يكون في مسجد ُتقام فيه‬ ‫وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه لبد ِ‬
‫كف‬ ‫الجمعة إذا كان العتكاف َيستمّر إلى يوم الجمعة‪ ،‬أما من أراد أن َيعت ِ‬
‫سّتة أيام وابتدأ العتكاف من ليلة السبت مثل وسَيخُرج قبل يوم الجمعة ‪..‬‬
‫كفا في يوم الجمعة فإنه ل ُيشتَرط أن يكون في‬ ‫أي أنه لن َيكون معت ِ‬
‫مسجد ُتقام فيه الجمعة حتى على رأي هؤلء‪.‬‬
‫ح إل في أحد المساجد الثلثة ‪ ..‬أي‬ ‫وذهبت طائفة قليلة جدا إلى أنه ل َيص ّ‬
‫المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو المسجد القصى؛ وهو قول ضعيف‬
‫ج له بعضهم برواية ُتروى عن حذيفة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى‬ ‫جدا‪ ،‬وإن احت ّ‬
‫ن تلك الرواية‪-‬على الصحيح‪-‬موقوفة‪ ،‬وليست ِبمّتصلة عن النبي‬ ‫عنه‪-‬فإ ّ‬
‫صَلها ُيعتَبر من باب الشاذ ّ على‬ ‫صل من وَ َ‬ ‫صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬ووَ ْ‬
‫خرين لهذا القول وحاول‬ ‫ج بعض المتأ ّ‬ ‫القول الصحيح الراجح‪ ،‬وإن احت ّ‬
‫النتصار له فإنه لم ُيوّفق إلى الصواب عندنا أي على ما نرى؛ والله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من أن َيكون في المسجد‪ ،‬فإذا اعتكف في مسجد‬ ‫ما ذكرناه أنه لبد ِ‬ ‫هذا وم ّ‬
‫من أن َيخرج إلى الجمعة‪.‬‬ ‫ل ُتقام فيه الجمعة فإنه لبد ِ‬
‫ت‪.‬‬
‫ح كما قل ُ‬ ‫ن ذلك ل َيص ّ‬ ‫وبعض العلماء ذهب إلى أ ّ‬
‫ح منه ذلك إذا كانت الجمعة َتجب عليه‪ ،‬أما إذا‬ ‫ن الرأي الصحيح أنه َيص ّ‬ ‫ولك ّ‬
‫كانت الجمعة ل َتجب عليه فإنه ل َيخرج إليها‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء في وقت الخروج إلى الجمعة‪:‬‬
‫ذهب بعضهم إلى أنه ل َيخرج إليها إل قُب َْيل النداء لها بحيث إنه عندما َيصل‬
‫إلى السجد ُيصلي أربع ركعات وبعد ذلك ُتقام الجمعة وإذا انتهى من‬
‫كف فيه‪.‬‬ ‫دية فإنه َيرجع إلى المسجد الذي َيعت ِ‬ ‫الجمعة ومن السّنة الب َعْ ِ‬
‫كف فيه في‬ ‫ن له بأن َيخرج من المسجد الذي َيعت ِ‬ ‫وذهب بعضهم إلى أنه ُيس ّ‬
‫الوقت الفضل‪ ،‬كما جاء في الحديث عن النبي صلوات الله وسلمه عليه ‪..‬‬
‫ن له البكور إلى صلة الجمعة‪.‬‬ ‫أي ُيس ّ‬
‫‪228‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن‬‫قه‪ ،‬ل ّ‬‫ن ذلك جائز ول ُيمكن أن ُيوصف بالسّنة في ح ّ‬ ‫وذهب بعضهم إلى أ ّ‬
‫كف فيه‪.‬‬ ‫قه‪-‬على رأي هؤلء‪-‬أن َيمكث في المسجد الذي َيعت ِ‬ ‫السّنة في ح ّ‬
‫هذا ما يتعّلق بالخروج إلى الجمعة على وجه الختصار‪.‬‬
‫وُيستثنى من وقت الّلبث في المسجد ما تدعو الحاجة إليه‪:‬‬
‫مة السلمية قاطبة‪،‬‬ ‫مستثنى باّتفاق ال ّ‬
‫ن هذا ُ‬
‫وذلك كقضاء حاجة النسان فإ ّ‬
‫من أن َيذهب‬ ‫إذ ل ُيمكن للنسان أن َيقضي حاجته في المسجد‪ ،‬بل لبد ِ‬
‫إلى مكان آخر خارج المسجد ولكن إذا كانت هنالك دورات مياه بالقرب من‬
‫المسجد فإنه َيقضي حاجته فيها‪ ،‬وليس له أن يذهب إلى بيته على الصحيح‪،‬‬
‫أما إذا لم َيكن هنالك مكان لقضاء الحاجة فإنه َيذهب إلى بيته للضرورة‪،‬‬
‫وإذا كان لديه بيتان أحدهما أقرب من الخر فإنه ليس له أن َيذهب إلى‬
‫البيت البعد‪ ،‬بل عليه أن َيقضي حاجته في البيت القرب‪ ،‬وفي هذا الزمان‪-‬‬
‫بحمد الله تبارك وتعالى‪-‬مواضع قضاء الحاجة متوافرة بالقرب من‬
‫المساجد‪.‬‬
‫وكذلك بالنسبة إلى الكل‪:‬‬
‫ذهب بعض العلماء إلى أنه إذا كان َيجد من يأتيه ِبأكله وشرابه إلى المسجد‬
‫فإنه ليس له أن َيذهب إلى البيت‪ ،‬وهذا هو الذي ذهب إليه الجمهور‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى أنه َيجوز له ولو كان يجد من يأتي إليه بذلك‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى أنه إن كان َيستحِيي ِبأن َيأكل في المسجد فذلك له‪ ،‬وإل‬
‫فل‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫خص له بالخروج من المسجد‪،‬‬ ‫من َيأتي إليه بذلك‪ 1‬فإنه ل ُير ّ‬ ‫وأقول‪ :‬إن َوجد َ‬
‫ول عبرة بالستحياء هاهنا فإنه ِبإمكانه أن َيذهب إلى جهة من جهات‬
‫المسجد ويأكل فيها‪.‬‬
‫وهكذا ل َيجوز للنسان أن َيخرج إل لمثل هذه الحالت الضرورية القصوى‪:‬‬
‫وذلك‪-‬أيضا‪-‬كالغتسال الذي لبد منه أو الذي َتدعو إليه الضرورة‪ ،‬وأما ماعدا‬
‫خص من‬ ‫خص فيه من َر ّ‬ ‫ذلك من الخروج الذي َيخرجه كثير من الناس وإن َر ّ‬
‫ت الن ِبحاجة إلى ِذكر تلك المور‪-‬‬ ‫دد فيه‪-‬ولس ُ‬
‫أهل العلم فإنه َينبغي أن ُيش ّ‬
‫سة‪.‬‬ ‫خص في بعضها إذا كانت هنالك ضرورة ما ّ‬ ‫وإن كان ُيمكن أن ُير ّ‬
‫من مات له قريب َيلي هو الصلة عليه ودفَنه‪:‬‬ ‫وذلك‪-‬مثل‪-‬ك َ‬
‫خص في ذلك‪.‬‬ ‫ن بعض أهل لعلم ُير ّ‬ ‫فإ ّ‬
‫ن اعتكافه َيفسد‪.‬‬ ‫وبعضهم يذهب إلى أ ّ‬
‫والقول بالترخيص إذا كان هو الذي َيلي ذلك ول يوجد أحد آخر يقوم بذلك‬
‫ن له وجها‪.‬‬‫فإ ّ‬
‫وكذلك بالنسبة إلى زيارة المريض إذا كان قريبا له إذا كان َيمّر عليه عند‬
‫خص فيه بشرط أل ّ َيجلس بل‬ ‫رجوعه من اغتساله أو من قضاء حاجته فُير ّ‬
‫ُيسّلم وهو مار في طريقه‪ ،‬أما إذا كان لم َيخرج لقضاء حاجة ضرورية فإنه‬
‫خص له في الخروج من أجل ذلك‪ ،‬وكذلك إذا كان ذلك الطريق في‬ ‫ل ُير ّ‬
‫ل ذلك َيتنافى مع معنى‬ ‫نك ّ‬ ‫خص له في ذلك‪ ،‬ل ّ‬ ‫ناحية أخرى فإنه ل ُير ّ‬
‫العتكاف‪.‬‬
‫‪ "-1‬س‪ :‬هل هناك مِن بأس في استعمال الهاتف النقّال في المسجد وخاصّة بالنسبة للمعتكِف حيث سمعنا أنّ التصال‬
‫رغب في التصال‬ ‫أن َمن يَستعمِله يَ َ‬
‫ؤثر على العتكاف خاصة ّ‬ ‫عبارة عن معاملة مالية بين المتّصل والشركة ؟ وهل يُ ّ‬
‫ِبأهله لطلب الطعام وغيره من الطلبات التي قد َيحتاجها النسان في حالة اعتكافه أو وجوده بالمسجد ؟‬
‫ج‪ :‬قبل الجابة على هذا السؤال أنا أريد أن أنبّه الإخوة المستمعين إلى ما يَجب من احترام المسجد ‪ ..‬كثيرا ما نكون‬
‫زعجنا من هنا ومن هناك وكأنّنا في مكان فيه‬ ‫متوجهين إلى ال‪-‬تعالى‪-‬وإذا بِهذه الهواتف النقّالة تُ ِ‬
‫ّ‬ ‫صافّين في الصلة‬
‫ضوضاء وجََلَبة‪ ،‬وبعض هذه الهواتف فيها أصوات موسيقية وكأنما في حَْلَبة موسيقية نَسمع فيها الكثير الكثير من‬
‫زعج المصلّين ‪ ..‬ل ينبغي أن يَفعله الناس ‪ ..‬ما لهؤلء الناس وهم‬ ‫الصوات الموسيقية كأننا خارج الصلة ‪ ..‬هذا أمر يُ ِ‬
‫شَغَلُهم عن‬‫زعج الناس وتَ ْ‬
‫النقالة وهي مفتوحة ويَتركونها كذلك ِلُت ِ‬ ‫َيأتون إلى بيوت ال‪-‬سبحانه‪َ-‬يأتون بهذه الهواتف ّ‬
‫لن صلة النسان تعني إقباله على ربّه وتَركه همومَ الدنيا وتَركه لِجميع مشاغل‬ ‫ل‪ّ ،‬‬‫الصلة ؟! مع أنّ في الصلة شُْغ ً‬
‫عالم القُدُس ‪ ..‬على مخاطبةِ ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وحده‪ ،‬ولكن‪-‬مع السف‬ ‫لن صلته إقبال على عالَم آخر ‪ ..‬على َ‬ ‫النفس‪ّ ،‬‬
‫جب أن َيتنبّهوا‬ ‫الشديد‪-‬هؤلء الذين ل يَُقّدِرون للصلة قيمتها ول يَعرفون منزلتها عند ال ‪ ‬ل يبالون بهذا ‪ ..‬هذا أمر يَ ِ‬
‫له‪.‬‬
‫عقد‬
‫عج الناس في المسجد فل مانع منه‪ ،‬أما أن يَ ِ‬ ‫جرد طلب حاجة من غير أن يَتركَ الهاتف شّغال لُِيزْ ِ‬ ‫أما إن كان مُ ّ‬
‫تحدث في الهاتف في غير أوقات الصلة بِقدر‬ ‫الصفقات مع هذا أو هذا وهو في المسجد فذلك غيرُ جائز‪ ،‬وإنما يَ ّ‬
‫قدر بَِقَدرها‪.‬‬
‫لن الضرورة ُت ّ‬
‫ضرورته فحسب‪ ،‬ول مانع مِن هذا‪ّ ،‬‬
‫تؤثر‬
‫س‪ :‬بعض الناس ربما يغفل عن إغلق هاتفه فيصيح وهو في الصلة ثم يقوم بقفله‪ ،‬هل هذه الحركة ّ‬
‫على الصلة ؟‬
‫حق الصلة ‪ ..‬أنا قلتُ يجب أن يُقال في حقّ هؤلء بِأنهم عليهم‬ ‫ج‪ :‬حقيقة المر؛ هذا دليل الهمال‪ ،‬ودليل عدم المبالة بِ ّ‬
‫حق الصلة‪.‬‬ ‫غير مبالِين بِ ّ‬
‫غلقوا هواتفهم وعليهم أن يعيدوا صلتهم‪ ،‬لنهم مِن أوّل المر هم مهمِلون لِلواجب ‪ُ ..‬‬ ‫أن يُ ِ‬
‫يؤثر على الصلة ؟‬ ‫هتز جزء من جسده‪ ،‬فهل هذا‪-‬أيضا‪ّ -‬‬ ‫س‪ :‬والبعض يَجعله هزّازا فعندما يأتيه اتصال يَ ّ‬
‫ج‪ :‬إن كان َيشَْغله‪ ،‬ويَذهب بِِفكره عن الصلة فل ريب أنّ ذلك ممنوع شرعا‪ " .‬الشيخ أحمد بن حمد الخليلي‪ ،‬برنامج "‬
‫عمان‪ ،‬حلقة ‪ 25‬رمضان ‪1423‬هـ ) ‪ 1‬ديسمبر ‪2002‬م (‪.‬‬ ‫سؤال أهل الذكر " من تلفزيون سلطنة ُ‬
‫‪230‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫و‪-‬كذلك‪-‬كثير من الناس َيسألون من أنهم ُيريدون العتكاف ولكّنهم‬


‫َيخرجون إلى العمل ثم َيرجعون بعد الرجوع من عملهم وهكذا بالنسبة إلى‬
‫ن بعضا منهم يريد أن َيخرج إلى الدراسة ثم َيرجع إلى‬ ‫طلبة العلم فإ ّ‬
‫ن ذلك يتنافى مع العتكاف‪.‬‬ ‫كفه‪ ،‬وأقول‪ :‬إ ّ‬ ‫معت َ‬
‫ن النسان إذا اشترط عند اعتكافه ِبأنه َيخرج‬ ‫وذهب بعض أهل العلم إلى أ ّ‬
‫ن‬‫من الشتراط في الحج‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ن ذلك له‪ ،‬وأخذوا ذلك ِ‬ ‫لكذا وَيخرج لكذا فإ ّ‬
‫كن‬ ‫من َيخاف أل ّ َيتم ّ‬ ‫خص في َ‬ ‫الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬ر ّ‬
‫كن من‬ ‫من إتمام مناسك الحج أن َيشترط بأنه يحل في الموضع الذي ل َيتم ّ‬
‫ن ذلك‬ ‫ن بين القضيتين فرقا شاسعا كما ل َيخفى‪ ،‬فإ ّ‬ ‫مواصلة الحج فيه‪ ،‬ولك ّ‬
‫كن من ذلك وإنما‬ ‫الشخص ل َيتمكن من مواصلة الحج وأما هذا فإنه متم ّ‬
‫َيذهب لقضاء حاجة‪.‬‬
‫همه أو ما شابه‬ ‫من مرض ُيدا ِ‬ ‫خص في الشتراط لمن خاف ِ‬ ‫نعم ُيمكن أن ُير ّ‬
‫كن من العتكاف بسبب مرض أو مرض‬ ‫ذلك فإنه َيشترط ِبأنه إذا لم َيتم ّ‬
‫قريب أو موته بأنه سَيخرج من ذلك العتكاف‪ ،‬وهذا كله فيما َيتعّلق‬
‫باعتكاف النفل‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى العتكاف الواجب‪-‬أيضا‪-‬إذا اشترط فيه فيجري فيه ما‬
‫ن القول بالشتراط قول‬ ‫من الخلف في الشتراط وعدمه‪ ،‬ولك ّ‬ ‫ذكرناه ِ‬
‫ضعيف جدا إل فيما َيتعّلق بما ذكرُته من خوف مرض أو مرض قريب يقوم‬
‫م المور التي‬ ‫من أه ّ‬ ‫ن ِ‬‫ذكر أ ّ‬‫هو بشؤونه أو ما شابه ذلك‪.‬هذا ومن الجدير ِبال ّ‬
‫شرة النساء‪ ،‬فل َيجوز له وطء النساء كما أنه‪-‬أيضا‪-‬ل‬ ‫كف مبا َ‬ ‫َيجتنبها المعت ِ‬
‫م‪ ،‬ولم أذكره من‬ ‫دمات الوطء‪ ،‬فهذا أمر مه ّ‬ ‫مق ّ‬ ‫َيجوز له أن َيفعل شيئا من ُ‬
‫مفسدات العتكاف‪ ،‬ولكن نظرا إلى ضيق‬ ‫من ُ‬ ‫ن ذلك ِ‬ ‫ل في الشروط ل ّ‬ ‫قب ُ‬
‫قل فإنه ُيمكن أن نقول‪:‬‬ ‫مست ِ‬‫الوقت وأنه ل ُيمكن أن ُنجيب عن ذلك ِبجواب ُ‬
‫دمات‬ ‫مق ّ‬‫من شروط ذلك أل ّ َيطأ النسان ول َيفعل شيئا من ُ‬ ‫ن ِ‬‫إ ّ‬
‫الوطء؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل مريض بالشلل أو ل يستطيع أن َيعتكف في المسجد‪ ،‬فهل له أن‬
‫َيعتكف في بيته ؟ وهل للمرأة‪-‬أيضا‪-‬أن َتعتكف في بيتها دون المسجد ؟‬
‫ن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬يقول‬ ‫كف في بيته‪ ،‬ل ّ‬ ‫ج‪ :‬أما الرجل فليس له أن َيعت ِ‬
‫َ‬
‫جد ‪ ]  ...‬سورة‬ ‫سا ِ‬ ‫ن ِفي ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫فو َ‬ ‫عاك ِ ُ‬‫م َ‬ ‫دمنا ] ص ‪ ...  :[ 1‬وَأنت ُ ْ‬ ‫كما ق ّ‬
‫عي َ‬
‫ل‬ ‫ما ِ‬
‫س َ‬
‫م وَإ ِ ْ‬ ‫البقرة‪ ،‬من الية‪ ،[ 187 :‬ويقول‪ ...  :‬وَعَهِد َْنا إ َِلى إ ِب َْرا ِ‬
‫هي َ‬
‫َ‬
‫جود ِ ‪ ] 1‬سورة البقرة‪،‬‬ ‫س ُ‬ ‫ن َوالّرك ِّع ال ّ‬ ‫ن َوال َْعاك ِ ِ‬
‫في َ‬ ‫في َ‬ ‫ي ِلل ّ‬
‫طائ ِ ِ‬ ‫أن ط َهَّرا ب َي ْت ِ َ‬
‫كف في غير‬ ‫من الية‪ ،[ 125 :‬فالرجل ل َيجوز له بحال من الحوال أن َيعت ِ‬
‫مة السلمية قاطبة‪.‬‬ ‫المساجد‪ِ ،‬بإجماع ال ّ‬
‫ن أهل العلم اختلفوا فيها‪:‬‬ ‫وأما المرأة فإ ّ‬

‫طاِئِفينَ‬ ‫ن الشيخ قصد أن يأتي بهذه الية بدل من الية التي أتى بها في التسجيل وهي‪َ ...  :‬وطَّهْر َبْيِت َ‬
‫ي ِلل ّ‬ ‫‪-1‬الظاهر أ ّ‬
‫ن الشيخ وقع له سبق لسان في قراءتها‪ ،‬إذ‬ ‫جوِد ‪ ] ‬سورة الحج‪ ،‬من الية‪ [ 26 :‬مع ملحظة أ ّ‬ ‫سُ‬ ‫ن َوالّرّكِع ال ّ‬‫َواْلَقاِئِمي َ‬
‫جوِد "‪.‬‬
‫سُ‬‫ن والعاكفين َوالّرّكِع ال ّ‬
‫طاِئِفي َ‬
‫ي ِلل ّ‬
‫طّهْر َبْيِت َ‬
‫قرأها‪َ ... " :‬و َ‬
‫‪231‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫كف في مسجد‬ ‫ن المرأة َيجوز لها أن َتعت ِ‬ ‫ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أ ّ‬
‫صصته للصلة في بيتها؛ وهذا القول هو‬ ‫خ ّ‬
‫بيتها ‪ ..‬أي في المكان الذي َ‬
‫مذهب الحناف‪ ،‬وهو قول طائفة كبيرة من أصحابنا رضوان الله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬عليهم‪.‬‬
‫ن المرأة‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫وذهبت طائفة من أهل العلم‪-‬وهو مذهب الكثرين‪-‬إلى أ ّ‬
‫كف في مسجد بيتها أبدا؛ وهذا القول‬ ‫كف في المساجد‪ ،‬وليس لها أن َتعت ِ‬ ‫َتعت ِ‬
‫ن‬‫ل على أ ّ‬ ‫هو القول القوى فيما يظهر لي‪ ،‬لنه ل ُيوجد هنالك دليل أبدا َيد ّ‬
‫ن نساء النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬‬ ‫كف في بيتها‪ ،‬وقد ثبت أ ّ‬ ‫المرأة َتعت ِ‬
‫شرعن في‬ ‫كفن في مسجده الشريف في حياته وبعد حياته ‪َ ..‬‬ ‫قد اعت َ‬
‫كفن في مسجده‬ ‫ن اعت َ‬
‫ح القول ِبأنه ّ‬
‫العتكاف في مسجده الشريف وَيص ّ‬
‫ل على خلف ذلك‪.‬‬ ‫وكذلك اعتكفن بعد ذلك في مسجده‪ ،‬ولم َيأت دليل َيد ّ‬
‫ن هذا الحاديث تدل على مشروعية العتكاف في المساجد‪ ،‬ول‬ ‫ل ُيقال‪ " :‬إ ّ‬
‫ح العتكاف في غير المسجد "‪ ،‬لننا نقول‪ :‬إنه ُيؤخذ من‬ ‫ل على أنه ل َيص ّ‬ ‫َتد ّ‬
‫ذلك بالضافة إلى اليتين الكريمتين‪ ،‬مع ملحظة ما ذكرناه ِبأنه لم َيصح‬
‫ل على مشروعية اعتكاف المرأة في بيتها‪.‬‬ ‫حديث قط ول دليل آخر َيد ّ‬
‫من فضل صلة المرأة في مسجد بيتها على فضل صلتها‬ ‫أما ما استدلوا به ِ‬
‫ل‪-‬جواُز‬‫في مسجد الجماعة فذلك في الصلة‪ ،‬ول ُيمكن أن ُيؤخذ منه‪ِ-‬بحا ٍ‬
‫‪1‬‬
‫العتكاف بالنسبة للمرأة في البيت؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يصح العتكاف في مصّلى صغير ل ُتقام فيه الصلوات الخمس ؟‬
‫كف من أجل حصول الجر العظيم‬ ‫كف النسان فإّنه َيعت ِ‬ ‫ج‪ :‬عندما َيعت ِ‬
‫والثواب من عند الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬الذي َيحصل عليه النسان ِباعتكافه في‬
‫ب الله‬
‫المسجد ومواظبته على الطاعات من صلة وصيام وذكرٍ وقراءةٍ ِلكتا ِ‬
‫ة على الصلة في الجماعة‪،‬‬ ‫ة والمحافظ ُ‬ ‫من ذلك المواظب ُ‬ ‫‪-‬تبارك وتعالى‪-‬و ِ‬
‫فإذا كان هذا المسجد ل ُتقام فيه الجماعة‪:‬‬
‫ح ذلك‪.‬‬‫ن طائفة كبيرة من أهل العلم تقول‪ :‬ل َيص ّ‬ ‫فإ ّ‬
‫حة ذلك ولكّنه َيرى الْولى أل ّ يكون في ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‬ ‫وبعضهم وإن كان يقول ِبص ّ‬
‫ن صلة‬ ‫في ذلك مدعاة لترك صلة الجماعة‪ ،‬وهذا مما ل ينبغي أبدا‪ ،‬إذ إ ّ‬

‫‪ "-1‬س‪ :‬هل يصح العتكاف في البيت في حال وجود العذر وإذا لم يكن هناك مسجد قريب ؟‬
‫ن ال‪-‬تبارك‬ ‫ج‪ :‬أما الرجل فليس له أن يعتكف في البيت بظاهر الكتاب وصحيح السنّة وإجماع الّمة السلمية قاطبة‪ ،‬ل ّ‬
‫جد ‪ ]  ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ [ 187 :‬فالرجل ليس له أن يعتكف‬ ‫سا ِ‬
‫ن ِفي اْلَم َ‬ ‫وتعالى‪-‬يقول‪َ ...  :‬وَأنُتْم َ‬
‫عاِكُفو َ‬
‫ي بيت من البيوت‪.‬‬ ‫بحال من الحوال في بيته أو في أ ّ‬
‫وأما بالنسبة إلى المرأة فقد ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه لها أن تعتكف في مسجد بيتها ‪ ..‬أي في المكان الذي‬
‫خصصته للصلة في بيتها‪.‬‬
‫وذهب جمهور الّمة إلى أنه ليس لها ذلك‪ ،‬بل إذا أرادت العتكاف فلبد من أن يكون ذلك في المسجد؛ وهذا القول هو‬
‫القول الصحيح‪ ،‬إذ إنني لم أجد رواية صحيحة تدل على مشروعية العتكاف للمرأة في غير المسجد؛ وأما ما استند إليه‬
‫القائلون بذلك من الحتجاج بحديث فضل صلتها في بيتها فذلك خاص بالصلة والعتكاف حكمه يختلف عن حكم‬
‫عمان‪ ،‬حلقة ‪16‬‬ ‫الصلة؛ وال أعلم‪ " .‬الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي‪ ،‬برنامج " سؤال أهل الذكر " من تلفزيون سلطنة ُ‬
‫رمضان ‪1423‬هـ ) ‪ 22‬نوفمبر ‪2002‬م (‪.‬‬
‫‪232‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الجماعة‪-‬على الرأي الشهير‪-‬فريضة على كل فرد من الفراد إذا كان‬


‫يستطيع أن َيسعى إليها ‪ ..‬أي لم َيمنعه من ذلك مانع من مرض أو خوف‪.‬‬
‫حق بالمساجد أو ل ؟‬ ‫ن لهل العلم كلما هل ُتل َ‬
‫أما بالنسبة إلى المصليات فإ ّ‬
‫وهنالك طائفة كبيرة تقول بأنها ل ُتعطى أحكام المساجد؛ وعلى هذا الرأي‬
‫ف فيها البّتة‪.‬‬
‫ح العتكا ُ‬
‫ل َيص ّ‬
‫ب للناس أن َيعتكفوا جماعيا ؟‬
‫س‪ :‬هل ُيستح ّ‬
‫ج‪ :‬ل أدري ما المراد بالعتكاف الجماعي‪ ،‬فإن كان يريد السائل‪-‬أو غيره‪-‬‬
‫كف في المسجد مع مواظبتها على‬ ‫من الناس َتعت ِ‬ ‫بأن َيسأل عن طائفة ِ‬
‫ب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فل مانع‬ ‫الطاعات من صلة وذكر ودعاء وقراءةٍ ِلكتا ِ‬
‫كف في‬ ‫ن َيعت ِ‬‫ل إنسا ٍ‬‫نك ّ‬
‫كن أن ٌيقال‪-‬بحال من الحوال‪-‬أ ّ‬ ‫من ذلك‪ ،‬إذ ل ُيم ِ‬
‫كف في‬ ‫من أن َيعت ِ‬ ‫كف فلبد ِ‬ ‫مسجد مستقل وإذا أراد شخص آخر أن َيعت ِ‬
‫ن الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫دمنا أ ّ‬
‫مسجد آخر‪ ،‬وقد ق ّ‬
‫شرعت بعض أزواجه في العتكاف‬ ‫وسلم‪-‬قد اعتكف في المسجد و َ‬
‫معه‪ ،‬وأنه اعتكف هو وجماعة من أصحابه‪-‬أيضا‪-‬في المسجد‪ ،‬فهذا دليل‬
‫من جماعة في مسجد من المساجد‪ ،‬بل ولو‬ ‫ف ِ‬
‫ح العتكا ُ‬ ‫واضح على أنه َيص ّ‬
‫جواز ذلك أمر واضح‪ ،‬ل َيحتاج إلى إقامة برهان؛ والله‪-‬‬ ‫ن َ‬‫لم َيأت ذلك فإ ّ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‬

‫‪233‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪234‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫أول ‪ :‬مقدمة في باب الزكاة‬


‫دمون الزكاة‬
‫س ‪ :2‬تقديقم باب الزكاة عن باب الصيام عند الفقهاء‪ ،‬تارة يق ّ‬
‫دمون الصيام ورّبما العالم الواحد‪-‬وضرب هو مثال بالشيخ السالمي‪-‬‬ ‫وتارة يق ّ‬
‫ب آخر الزكاة ؟‬
‫دم في كتا ٍ‬
‫ب الصيام ويق ّ‬
‫دم في كتا ٍ‬ ‫يق ّ‬

‫من أهل العلم‪ ،‬ووقع ذلك في كتب الفقه كما أنه‬ ‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬وقع ذلك كثيرا لكثير ِ‬
‫وقع في كتب الحديث ووقع‪-‬أيضا‪-‬في فنون أخرى‪ ،‬فالمام السالمي‪-‬رحمه الله‬
‫م في " جوهر النظام " كتاب الصيام على‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬كما ذكر الخ السائل قَد ّ َ‬
‫مال " كتاب الزكاة على كتاب‬ ‫دم في كتاب " مداِرج الك َ َ‬ ‫ما ق ّ‬ ‫كتاب الزكاة بين َ َ‬
‫حمه‬ ‫قين الصبيان " كذلك قدم كتاب الصيام‪ ،‬ووقع ذلك لغيره‪-‬ر ِ‬ ‫الصيام‪ ،‬وفي " تل ِ‬
‫من أئمة الحديث‪،‬‬ ‫الله تبارك وتعالى‪-‬كما أشرت وكذلك وقع‪-‬أيضا‪-‬لطائفة كبيرة ِ‬
‫فيها‬
‫صن ّ ِ‬
‫م َ‬‫جد بعض ُ‬ ‫من كتب الحديث فإننا ن َ ِ‬ ‫فنحن إذا جئنا إلى الكتب المشهورة ِ‬
‫دم‬‫دموا كتاب الصيام على كتاب الزكاة وبعضهم عكس ذلك كما أن بعضهم ق ّ‬ ‫ق ّ‬
‫دموا كتاب الزكاة على كتاب الصيام‬ ‫ن الذين ق ّ‬ ‫م َ‬ ‫كتاب الحج على كتاب الصيام‪ ،‬و ِ‬
‫صَنع المام مسلم في صحيحه وكذلك صنع‬ ‫طأ " وكذلك َ‬ ‫المام مالك في " الموَ ّ‬
‫مَرّتب‬ ‫مِعه والدارمي في كتابه المشهور به " المسند " وإل فهو ُ‬ ‫الترمذي في جا ِ‬
‫صَنع ابن الجارود وهو‪-‬أيضا‪-‬صنيع طائفة‬ ‫على كتب الفقه المشهورة وكذلك َ‬
‫من المحد ِّثين وإّنما اكتفيت ِبهذه الكتب لّنها هي الكتب المشهورة‪ ،‬بينما‬ ‫كبيرة ِ‬
‫دم أّول كتاب الصلة‬ ‫دم المام البخاري كتاب الحج على كتاب الصيام ‪ ..‬ق ّ‬ ‫ق ّ‬
‫دم أّول كتاب الصلة ثم ذكر بعد ذلك‬ ‫وأعِني بالبحث هاهنا الكتب الفقهية ‪ ..‬ق ّ‬
‫كتاب الزكاة ثم بعد ذلك ذكر كتاب الحج ثم بعد ذلك ذكر كتاب الصيام‪ ،‬وكذلك‬
‫خر كتاب الصيام كثيرا‬ ‫دم المام أبو داود كتاب الحج على كتاب الصيام ولكّنه أ َ ّ‬ ‫ق ّ‬
‫دم‪-‬أيضا‪-‬كتاب‬ ‫كر قبله كتاب النكاح والطلق وهكذا‪ ،‬بينما بعض العلماء ق ّ‬ ‫فذ َ َ‬
‫سن َِنه الصغرى على تقدير أّنه‬ ‫صَنع ذلك المام النسائي في ُ‬ ‫الصيام على الزكاة ‪َ ..‬‬
‫من المحد ِّثين مع أّنه في "‬ ‫هو المرّتب َلها كما هو مشهور عند طائفة كبيرة ِ‬
‫دم كتاب الصيام‪-‬أيضا‪-‬ابن ماجة في‬ ‫دم كتاب الزكاة‪ ،‬وقد ق ّ‬ ‫السنن الكبرى " ق ّ‬
‫كره بعد كثير من البواب كأبواب النكاح‬ ‫خر كتاب الحج كثيرا ‪ ..‬ذ َ َ‬ ‫سننه وأ ّ‬
‫مة كتاب الصيام‬ ‫خزي ْ َ‬ ‫دم ابن ُ‬ ‫من البواب الخرى‪ ،‬وكذلك ق ّ‬ ‫والطلق والبيوع وكثير ِ‬
‫على كتاب الزكاة‪ ،‬وَنحن إذا جئنا إلى بعض العلماء الذين رت ُّبوا بعض كتب‬
‫الحديث ِلمن سبقهم فإننا َنجد‪-‬أيضا‪-‬أّنهم قد اختلفوا في التقديم والتأخير بين‬
‫دم كتاب‬ ‫جد المام أبا يعقوب‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬قد ق ّ‬ ‫الصيام والزكاة‪ ،‬فن َ ِ‬
‫ن المام‬ ‫الصيام ع ََلى كتاب الزكاة عندما َرّتب الجامع الصحيح وهذا على تقدير أ ّ‬
‫ن قبل والمسألة فيها كلم طويل‬ ‫م ْ‬‫الربيع‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪َ-‬لم يصنع ذلك ِ‬
‫سن َد َ الشافعي لكن الب َّنا عندما‬ ‫م ْ‬
‫ب ُ‬ ‫جر عندما َرت ّ َ‬ ‫جد سن ْ َ‬ ‫ل حاجة إليه الن‪ ،‬وكذلك ن َ ِ‬
‫دم ك َِتاب الزكاة على كتاب الصيام‪ ،‬وكذلك َنجد‬ ‫سَند الشافعي ق ّ‬ ‫م ْ‬ ‫جاء إلى ترتيب ُ‬
‫دما على كتاب الصيام وهكذا‪ ،‬فإذن المر‬ ‫في صحيح ابن حبان كتاب الزكاة مق ّ‬
‫جئ َْنا إلى المام السالمي‪-‬‬ ‫َ‬
‫ل العلم‪ ،‬ثم إن َّنا إذا ِ‬ ‫من أهْ ِ‬ ‫موجود عند طائفة كبيرة ِ‬
‫م كتاب "‬ ‫رحمه الله تبارك وتعالى‪َ-‬نجد أّنه في كتاب " مدارج الكمال " قد ن َظ َ َ‬
‫صال " للمام أبي إسحاق‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬والمام أبو‬ ‫خَتصر الخ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫دم في كتابه كتاب الزكاة على كتاب الصيام‪،‬‬ ‫مي‪-‬رحمه الله‪-‬قد قَ ّ‬ ‫إسحاق الحضر ِ‬
‫‪235‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫دم‬ ‫ُ‬
‫جوَزة العلمة الصائغي‪ ،‬والصائغي قد ق ّ‬ ‫حّرَر في " جوهر النظام " أْر ُ‬ ‫بينما َ‬
‫حمه الله تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫كتاب الصيام على كتاب الزكاة فلذلك تابعهما المام‪-‬ر ِ‬
‫خروا في ك ُُتب كثيرة أو‬ ‫دموا وأ ّ‬ ‫على هذا الترتيب‪ ،‬على أّننا َنجد أن العلماء قد ق ّ‬
‫رها‪ ،‬فمثل َنجد كتاب‬ ‫من كتبهم في البيوع والنكحة وفي غ َي ْ ِ‬ ‫في أبواب كثيرة ِ‬
‫دما على كتاب النكحة في " المدارج " والمر بعكس ذلك في " جوهر‬ ‫ق ّ‬‫م َ‬
‫البيوع ُ‬
‫النظام " وَنجد أيضا المام السالمي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬قد ذكر أبواب‬
‫كره في الطهارات في "‬ ‫الحيض والنفاس في الجوهر بعد أبواب النكحة بينما ذ َ َ‬
‫مدارج الكمال " وكذلك بالنسبة إلى كثير من البواب‪ ،‬وفي كثير من الحيان‬
‫ممن‬ ‫مَتاِبعا لغيره بسبب اختصاره أو ترتيبه أو شرحه لكتاب غيره ِ‬ ‫يكون العاِلم ُ‬
‫دم في "‬ ‫سبقوه‪ ،‬وكما وقع للمام الساِلمي وقع للمام القطب‪-‬رحمه الله‪-‬فإنه ق ّ‬
‫صر في هذا الكتاب‬ ‫مخت ِ‬ ‫ذهب الخالص " كتاب الزكاة على كتاب الصيام لنه ُ‬ ‫ال ّ‬
‫دم كتاب‬ ‫لكتاب " القواعد " للشيخ إسماعيل‪-‬رحمه الله‪-‬والشيخ إسماعيل قد ق ّ‬
‫دم كتاب الصيام على‬ ‫مع الصغير " ق ّ‬ ‫الزكاة على كتاب الصيام‪ ،‬بينما في " الجا ِ‬
‫حب "‬ ‫صر في هذا الكتاب لكتاب " الوضع " والحاشية‪ ،‬وصا ِ‬ ‫مخت ِ‬ ‫كتاب الزكاة لنه ُ‬
‫دم كتاب الصيام على كتاب الزكاة وهكذا‪ ،‬فهنالك اعتبارات‬ ‫الوضع " قَد ْ ق ّ‬
‫دمون كتابا على كتاب وقد يكون ذلك هو الولى وقد‬ ‫دة للعلماء عندما يق ّ‬ ‫متعد ّ َ‬
‫ن الزكاة قد‬ ‫دم الزكاة‪-‬مثل‪-‬على الصيام ينظر أ ّ‬ ‫يكون المر بخلف ذلك‪ ،‬فمن يق ّ‬
‫ذ ُك َِرت بعد الصلة مباشرة في آيات كثيرة جدا‪ ،‬وكذلك جاء في الحديث‬
‫كر أول شهادة أن ل إله إل‬ ‫خمس ‪ ( ...‬ذ َ َ‬ ‫ي السلم على َ‬ ‫المشهور ‪ ..‬حديث ) ب ُن ِ َ‬
‫كر بعد ذلك الزكاة‪ ،‬بي َْنما الذين‬ ‫محمدا رسول الله ثم ذ َك ََر الصلة ثم ذ َ َ‬ ‫الله وأن ُ‬
‫ن الصيام ُفرض قبل الزكاة وهذا بناء‬ ‫دموا الصيام على الزكاة نظروا إلى أ ّ‬ ‫ق ّ‬
‫ضت بعد الهجرة إلى المدينة وبعد الصيام‪،‬‬ ‫ن الزكاة فُرِ َ‬ ‫من يرى أ ّ‬ ‫على رأي َ‬
‫ضت في مكة‪ ،‬ومنهم من نظر إلى‬ ‫ضت قبل ذلك أي أّنها فُرِ َ‬ ‫والصواب أّنها قد فُرِ َ‬
‫أن الصيام عبادة بدنية فذ َك ََرها بعد كتاب الصلة التي هي عبادة بدِنية بينما‬
‫كرها بعد الصيام وهكذا‪ ،‬والذي نريد أن ن َُنبه عليه أنه ينبغي‬ ‫مالية فذ َ َ‬ ‫الزكاة عبادة َ‬
‫شْرِع الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬بمعرفة كتاب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫العتناء بالتفقه في َ‬
‫وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومعرفة كلم أهل العلم فهذا هو الذي ينبغي‬
‫قي؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬ ‫سي ِ‬
‫م به أما الترتيب فهو أمر ت َن ْ ِ‬ ‫أن ي ُهْت َ ّ‬
‫ثانيا ‪ :‬زكاة النقدين ) الذهب والفضة (‬
‫س ‪ :32‬شخص يعطي أباه جزءا ً من راتبه لقلة دخله ويريد إعطاء والده زكاة‬
‫الذهب بنية الزكاة فهل يجوز له ذلك ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫الب ل يعطى من الزكاة ‪ ..‬ذهب بعض العلماء إلى أنه ل يعطى من الزكاة أبدا ‪.‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إن كان يعطيه من الزكاة لمر آخر غير النفقة‬
‫فيمكن مثل إذا كانت لذلك الب ديون فإن الولد ل يلزم بقضاء الديون فإنه يمكن‬
‫أن يعطيه من الزكاة ليصرفها لسد تلك الديون أما المال الذي يدفعه إليه لينفقه‬
‫فل ‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إلى المنع مطلقا ً ‪.‬‬
‫والقول بالتفصيل له وجه وجيه من الصواب ‪.‬‬
‫‪236‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س ‪ :33‬في ضم الذهب إلى الفضة ؟‬


‫الجواب ‪-:‬‬
‫الجمهور أن أحدهما يضم على الخر والذي يظهر لي أنه ل يضم لني لم أجد‬
‫دليل ً وإن كان القول بالضم احفظ ‪ ..‬واسلم فالسلمة أن يضم النسان ولكن ل‬
‫أقول على حسب ما أراد أن ذلك على سبيل اليجار وإنما هو على سبيل‬
‫الحتياط ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬زكاة الوراق النقدية‬

‫رابعا ‪ :‬زكاة الراتب الشهري‬

‫خامسا ‪ :‬زكاة المستغلت‬


‫‪ (1‬زكاة البيت المؤجر‬

‫‪ (2‬زكاة سيارات الجرة‬


‫سادسا‪ :‬زكاة الدين‬
‫س ‪ :10‬إذا استقرض النسان مبلغا معّينا وحال عليه الحول وهو في يده‪ ،‬هل‬
‫كى منه ؟‬ ‫يز ّ‬

‫ج‪ :‬إذا كان ذلك المال في يده ول ينو أن يقوم بقضائه في ذلك الوقت فهو يعد ّ‬
‫ملكا له لنه يمكن بعد ذلك أن يقوم بقضاء ذلك الحقّ الذي عليه من هذا المال‬
‫الذي في يده ويمكن أن يقوم بإنفاق هذا المال في أمور أخرى ويقوم بقضاء‬
‫ذلك الحق الذي عليه من مال آخر‪ ،‬أما إذا كان ينوي أن يقوم بقضاء هذا الدين‬
‫الذي عليه في هذا الوقت فإنه ل زكاة عليه ‪ ..‬هذا هو الذي أراه في هذه‬
‫ده الن فهو‬‫ده الن أو ل ؟ فإن كان سير ّ‬
‫القضية‪ ،‬والله أعلم‪ ،‬فالعبرة هل سير ّ‬
‫ليس ملكا له‪ ،‬أما إن كان سيصل إلى اليوم الذي وجبت فيه الزكاة فلبد من‬
‫الزكاة‪ ،‬لنه ُيعتبر في حكم ماله‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬زكاة الفطر‬

‫أول ‪ :‬ملخص عام لحكام زكاة الفطر‬


‫ة الف ْ‬
‫طر‪.‬‬ ‫صَرة عن زكا ِ‬
‫خت َ َ‬
‫م ْ‬ ‫ع ُ‬
‫طوَنا ُنبذةً ُ‬ ‫د‪-‬في البداية‪-‬أن ت ُ ْ‬
‫و ّ‬
‫س ‪ :1‬ن َ َ‬
‫مها‪:‬‬ ‫ما اختَلف العلماء في ُ‬
‫حك ْ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ن زكاة َ الف ْ‬
‫طر ِ‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬

‫‪237‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل العلم حكى عليه‬ ‫ض أه ِ‬ ‫ن بع َ‬ ‫‪-1‬ذهب الجمهور العظم إلى أنها واجبة‪ ،‬حتى أ ّ‬
‫من أهل العلم‪.‬‬ ‫إجماع َ من َيحفظ عنه ِ‬
‫من السنن الثابتة عن النبي صلى الله‬ ‫ة ِ‬ ‫ة جدا إلى أنها سن ّ ٌ‬ ‫ة قليل ٌ‬ ‫ت طائف ٌ‬ ‫‪-2‬وذهب ْ‬
‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫ح‬
‫ث الصحي ِ‬ ‫ل الصحيح الثاِبت‪ ،‬وذلك ِلدللةِ الحدي ِ‬ ‫ل الول هو القو ُ‬ ‫ن القو َ‬ ‫ول شك أ ّ‬
‫الثاِبت عن النبي ‪ ، ‬فقد جاء في الحديث النص الصريح على وجوبها‪ ) :‬فََر َ‬
‫ض‬
‫ض فيه َيد ّ‬
‫ل‬ ‫ضح جِلي ل غمو َ‬ ‫ريح وا ِ‬ ‫صص ِ‬ ‫طر (‪ ،‬فهذا ن ّ‬ ‫ل الله ‪ ‬زكاة َ الف ْ‬ ‫رسو ُ‬
‫ن زكاة َ الفطر واجبة‪.‬‬ ‫ة ل شك فيها على أ ّ‬ ‫دلل ً‬
‫ف جدا‬ ‫ل ضعي ٌ‬ ‫ت قو ٌ‬ ‫خ ْ‬‫س َ‬ ‫ة في البداية ثم بعد َ ذلك ن ُ ِ‬ ‫ت واجب ً‬ ‫من قال ِبأنها كان ْ‬ ‫وقول َ‬
‫ل عليه‪.‬‬ ‫ل ُيعوّ ُ‬
‫طر ليس معناه بأنها‬ ‫ن زكاة َ الف ْ‬ ‫س ّ‬ ‫ل الله ‪َ ‬‬ ‫ن رسو َ‬ ‫ض الروايات أ ّ‬ ‫وما جاء في بع ِ‬
‫ت ِبالسّنة‪.‬‬ ‫من السنن‪ ،‬وإنما معنى ذلك أنها ثبت َ ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫سن ّ ٌ‬
‫ل الله‪-‬صلى الله عليه‬ ‫ن صحابةِ رسو ِ‬ ‫من المعلوم أنه إذا جاء على لسا ِ‬ ‫و ِ‬
‫ل على أنه ُيراد‬ ‫م َ‬
‫ظ " السّنة " ل يمكن‪ِ-‬بحال‪-‬أن ُيح َ‬ ‫وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬لف ُ‬
‫ل تارة ً على الوجوب وتارة ً على‬ ‫م ُ‬
‫ح الناس عليها‪ ،‬وإنما ُيح َ‬ ‫ِبه السّنة التي اصط َل َ َ‬
‫ن‬
‫ما ينبِغي أن ُينتَبه إليه‪ ،‬فإ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ل على ذلك‪ ،‬وهذا ِ‬ ‫ب القرائن التي ت َد ُ ّ‬ ‫السّنة ِبحس ِ‬
‫ن إلى مكان‬ ‫من مكا ٍ‬ ‫من الصطلحات َيختِلف الناس فيها ‪َ ..‬يختِلفون تارة ً ِ‬ ‫كثيرا ِ‬
‫مل على كذا‬ ‫ن هذا اللفظ ُيح َ‬ ‫ن إلى زمان ‪ ..‬هؤلء اصطَلحوا على أ ّ‬ ‫من زما ٍ‬ ‫وتارة ً ِ‬
‫ل هذا الصطلح الذي‬ ‫م َ‬ ‫كن أن َنح ِ‬ ‫ف ذلك‪ ،‬ول ُيم ِ‬ ‫وأولئك اصطَلحوا على خل ِ‬
‫ف عليه أو‬ ‫ري على لساِنهم على ما ت ُُعورِ َ‬ ‫ت عليه تلك الطائفة أو كان َيج ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫اصطل َ َ‬
‫من‬ ‫ت في بقعةٍ أخرى ِ‬ ‫ت بعد َ ذلك أو كان ْ‬ ‫اصط ُِلح عليه عند َ طائفةٍ أخرى جاء ْ‬
‫رها‪:‬‬ ‫جدا َيطول المقام ِبذك ِ‬ ‫ة كثيرة ِ‬ ‫الرض‪ ،‬ولذلك أمثل ٌ‬
‫در إلى الناس في‬ ‫جد َت َْين ( ‪َ ..‬يتبا َ‬ ‫جد َ س ْ‬ ‫س َ‬‫من َ‬ ‫ض الروايات‪َ ) :‬‬ ‫جد في بع ِ‬ ‫مثل ن َ ِ‬
‫من ذلك‪ " :‬صّلى ركعتْين " ‪..‬‬ ‫ن المراد ِ‬ ‫المراد ِبالسجود السجود المعروف‪ ،‬ولك ّ‬
‫أي إذا جاء مثل‪ " :‬سجد سجدتين "‪.‬‬
‫من الروايات‪.‬‬ ‫هكذا في كثيرٍ ِ‬
‫س طالب العلم المصطَلحات التي اصطَلح عليها الناس أو‬ ‫وهكذا ينبِغي أن َيدُر َ‬
‫قعَ في‬ ‫ف أزماِنهم حتى ل ي َ َ‬ ‫ف طبقاِتهم واختل ِ‬ ‫ت ُتطل َقُ في زمِنهم على اختل ِ‬ ‫كان ْ‬
‫الخطإ الكبير‪.‬‬
‫مين ُيطل َقُ على " التحريم "‪ ،‬فقد‬ ‫من المتقد ّ ِ‬ ‫ظ " الكراهة " عند َ كثيرٍ ِ‬ ‫فمثل لف ُ‬
‫ل العلم قال فيه‪ " :‬هذا المر مكروه "‬ ‫ض أه ِ‬ ‫جد ُ طاِلب العلم‪-‬مثل‪-‬كلما ِلبع ِ‬ ‫يَ ِ‬
‫ف‬‫مُر ِبخل ِ‬ ‫خرون وال ْ‬ ‫مل ذلك على كراهةِ التنزيه التي اصطَلح عليها المتأ ّ‬ ‫فَيح ِ‬
‫من معرفةِ ذلك‪.‬‬ ‫ذلك‪ ،‬فإذن لبد ِ‬
‫ض المور بعد َ‬ ‫َ‬ ‫طر إذن القو ُ‬ ‫زكاة ُ الف ْ‬
‫جَبة‪ ،‬واختلف العلماء في بع ِ‬ ‫ل الصحيح أنها وا ِ‬
‫ب في الجمَلة‪:‬‬ ‫ذلك وإن قالوا ِبالوجو ِ‬
‫جب على الكافر‬ ‫ب على المسِلم‪ ،‬ول ت َ ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫جب ؟ ول شك ِبأنها ت َ ِ‬ ‫من ت َ ِ‬ ‫اختَلفوا على َ‬
‫ف الكاِفر ِبالفروع ‪..‬‬ ‫ض الجزئيات ‪ ..‬في قضيةِ تكلي ِ‬ ‫ف في بع ِ‬ ‫جد َ بْينهم خل ٌ‬ ‫وإن وُ ِ‬
‫طبون ِبفروِع الشريعة " هل ُتستثَنى مث ُ‬
‫ل‬ ‫مخا َ‬ ‫ن الكفار ُ‬ ‫من َيقول‪ " :‬إ ّ‬ ‫ي َ‬ ‫على رأ ِ‬
‫من المسِلمين ( أو أنهم‬ ‫طبون ِبها ِلقوِله ‪ ‬في الحديث‪ِ ) :‬‬ ‫هذه المسألة فل ُيخا َ‬

‫‪238‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج ِبه الزكاة‬ ‫جون عن ذلك وإنما المراد ِبالوجوب هاهنا الوجوب الذي ُتخَر ُ‬ ‫ل َيخر ُ‬
‫خَرِوية‪.‬‬ ‫عن المسِلمين ل الوجوب في حقيقة المر ؟ وفائدة ُ ذلك في العقوبةِ ال ْ‬
‫ج امرأة ً كتابية هل عليه‬ ‫جل ت ََزوّ َ‬ ‫ت كتابية ‪ ..‬إذا كان َر ُ‬ ‫وكذلك في الزوجة إذا كان ْ‬
‫ن‬‫من َيقول‪ " :‬إ ّ‬ ‫ي َ‬ ‫أن يخرج عنها أو ليس عليه أن يخرج عنها ؟ بناء على رأ ِ‬
‫قيرة "‪.‬‬ ‫تف ِ‬ ‫الزوج يخرج عن زوجِته مطَلقا " أو " إذا كان ْ‬
‫جب عليه أن يخرج عن زوجِته‪.‬‬ ‫ن الزوج ل ي َ ِ‬ ‫جح أ ّ‬ ‫ل الرا ِ‬ ‫ن القو َ‬ ‫ول شك أ ّ‬
‫ت‬‫رج عنها إذا كان ْ‬ ‫جب عليه أن ُيخ ِ‬ ‫خر‪-‬مثل‪-‬فإنه ل ي َ ِ‬ ‫ي ال َ‬ ‫ذنا ِبالرأ ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫وحتى َلو أ َ َ‬
‫جب عليه أن يخرج عنها مطَلقا سواء كانت‬ ‫دنا أنه ل ي َ ِ‬ ‫ن الصحيح عن َ‬ ‫كافَِرة‪ ،‬على أ ّ‬
‫غنية أو كانت فقيرة‪.‬‬
‫مي‪-‬مثل‪-‬هل‬ ‫من الكفرة ‪ ..‬لدْيه عبد ذ ِ ّ‬ ‫ص عبد ٌ ِ‬ ‫من ذلك العبد ‪ ..‬إذا كان ِلشخ ٍ‬ ‫و ِ‬
‫ل العلم‪،‬‬ ‫ف بْين أه ِ‬ ‫جب عليه ؟ في ذلك خل ٌ‬ ‫رج عن ذلك العبد أو ل ي َ ِ‬ ‫عليه أن ُيخ ِ‬
‫جب عليه‪.‬‬ ‫والصحيح أنه ل ي َ ِ‬
‫من أقارِبه‪-‬مثل‪-‬‬ ‫ل كاِفرا ‪ ..‬كان ذلك الكاِفر ِ‬ ‫ص ي َُعو ُ‬ ‫من ذلك‪-‬مثل‪-‬لو كان شخ ٌ‬ ‫و ِ‬
‫من‬ ‫ي َ‬ ‫جب عليه ؟ بناء على رأ ِ‬ ‫رج عنه الزكاة أو ل ي َ ِ‬ ‫م ِبعوِله هل عليه أن ُيخ ِ‬ ‫وَيقو ُ‬
‫رج عنه الزكاة "‪.‬‬ ‫ل شخصا عليه أن ُيخ ِ‬ ‫من كان ي َُعو ُ‬ ‫ن َ‬ ‫َيقول‪ " :‬إ ّ‬
‫ل‬‫من كان ي َُعو ُ‬ ‫ب على َ‬ ‫ج ُ‬ ‫جب عليه ذلك‪ ،‬على أننا‪-‬أيضا‪-‬ل ُنو ِ‬ ‫الصحيح أنه ل ي َ ِ‬
‫كن‪.‬‬ ‫رج عنه‪ ،‬كما سيأِتي ِبمشيئةِ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬إن أم َ‬ ‫شخصا أن ُيخ ِ‬
‫ل هذه الجزئيات اختَلفوا فيها‪.‬‬ ‫مث ْ ُ‬
‫ف ِ‬
‫جب على المسِلم‪.‬‬ ‫فإذن هي ت َ ِ‬
‫من‬ ‫سه وع ّ‬ ‫رج عن نف ِ‬ ‫جب عليه أن ُيخ ِ‬ ‫سه فقط أو ي َ ِ‬ ‫رج عن نف ِ‬ ‫وهل عليه أن ُيخ ِ‬
‫ي َُعوُله ؟‬
‫ن العبد ل‬ ‫ده‪ ،‬ل ّ‬ ‫رج عن عِبي ِ‬ ‫جب على الشخص أن ُيخ ِ‬ ‫أما ِبالنسبةِ إلى العِبيد فإنه ي َ ِ‬
‫ب‬ ‫ك ِلذلك الماِلك ‪ ..‬هذا هو الذي ذه َ‬ ‫َيمِلك شيئا‪ ،‬فهو ماُله أن لو كان َله مال مل ْ ٌ‬
‫ث الصحيح الثاِبت عن النبي‬ ‫ل عليه الحدي ُ‬ ‫مة‪ ،‬وهو الصحيح الذي ي َد ُ ّ‬ ‫إليه جمهور ال ّ‬
‫‪.‬‬
‫من‬ ‫ل شيئا ِ‬ ‫م َ‬ ‫من أن َيع َ‬ ‫ده ِ‬ ‫ن عب َ‬ ‫ن على السي ّد ِ أن ُيمك ّ َ‬ ‫ل العلم إلى أ ّ‬ ‫ض أه ِ‬ ‫وذهب بع ُ‬
‫جدا‪:‬‬ ‫ف ِ‬ ‫ل ضِعي ٌ‬ ‫سه‪ ،‬وهذا قو ٌ‬ ‫ج ِبه الزكاة عن نف ِ‬ ‫ب مال ُيخرِ ُ‬ ‫س َ‬‫العمال حتى َيكت ِ‬
‫ك مال فإنه سَيكون مْلكا ِللسّيد فهو ل َيمِلكه في حقيقة الواقع‪.‬‬ ‫مل َ َ‬ ‫أّول إذا َ‬
‫جب‬ ‫م الوا ِ‬ ‫جب‪ ،‬وهنالك فَْرقٌ بْين " ما ل ي َت ِ ّ‬ ‫م الوجوب إل ِبه ل ي َ ِ‬ ‫ن ما ل ي َت ِ ّ‬ ‫وثانيا فإ ّ‬
‫‪1‬‬
‫جب إل‬ ‫جب إل ِبه فهو وا ِ‬ ‫م الوا ِ‬ ‫م الوجوب إل ِبه "‪ ،‬فما ل ي َت ِ ّ‬ ‫إل ِبه " وبْين " ما ل ي َت ِ ّ‬
‫ب أبدا‪ ،‬فمثل‬ ‫ج ٍ‬ ‫ب إل ِبه فهو ليس ِبوا ِ‬ ‫ض الجزئيات‪ ،‬أما ما ل ي َِتم الوجو ُ‬ ‫في بع ِ‬
‫ل‬‫ص َ‬ ‫ف الشخص ِبأن َيح ُ‬ ‫ط معروفة فل ُيكل ّ ُ‬ ‫ل مال ِبشرو ٍ‬ ‫ب إل ِبحصو ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫الزكاة ل ت َ ِ‬
‫جب عليه الزكاة‪.‬‬ ‫ل حتى ت َ ِ‬ ‫على ما ٍ‬
‫ت ] ص ‪ [ 3‬العلماُء اختَلفوا فيها‪:‬‬ ‫أما ِبالنسبةِ إلى الزوجة فكما قل ُ‬
‫ة أو‬ ‫ت غني ً‬ ‫جب على الشخص أن يخرج عن زوجِته سواء كان ْ‬ ‫من قال‪ :‬ي َ ِ‬ ‫منهم َ‬
‫قيرة‪.‬‬ ‫ف ِ‬
‫سها‪.‬‬ ‫ج الزكاة عن نف ِ‬ ‫جب عليها هي نفسها أن ُتخرِ َ‬ ‫جب عليه مطَلقا بل ي َ ِ‬ ‫وقيل‪ :‬ل ي َ ِ‬

‫‪-1‬سقط ِمن كلم الشيخ‪ " :‬إل " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ب عليه وإل فل‪.‬‬ ‫ج ُ‬ ‫قيرة ً في َ ِ‬ ‫تف ِ‬ ‫وقيل‪ :‬إذا كان ْ‬


‫خروجا‬ ‫جها ُ‬ ‫رج عنها زو ُ‬ ‫سها وأن ُيخ ِ‬ ‫ج هي عن نف ِ‬ ‫ض العلماء أن ُتخرِ َ‬ ‫ب بع ُ‬ ‫واستح ّ‬
‫ب اليجاب‪.‬‬ ‫من با ِ‬ ‫ب الستحباب‪ ،‬وليس ِ‬ ‫من با ِ‬ ‫من عهد َةِ الخلف‪ ،‬وهذا ِ‬ ‫ِ‬
‫جب على‬ ‫سها ول ي َ ِ‬ ‫رج عن نف ِ‬ ‫جب على الزوجةِ أن ُتخ ِ‬ ‫جح أنه ي َ ِ‬ ‫ح الرا ِ‬ ‫والصحي ُ‬
‫جها‪.‬‬ ‫زو ِ‬
‫َ‬
‫رج عنهما أو ل ؟‬ ‫ل أب َوَْيه هل عليه أن ُيخ ِ‬ ‫ص ي َُعو َ‬ ‫وكذلك اختَلفوا أن لو كان الشخ ُ‬
‫رج عنهما‪ ،‬فإذا كان َيعوُلهما هل عليه أن‬ ‫أما إذا كان ل َيجب عليه عوُلهما فل ُيخ ِ‬
‫ت‬
‫ج عن زوجا ِ‬ ‫ب لديه زوجات هل عليه أن ُيخرِ َ‬ ‫ج عنهما ؟ وكذلك إذا كان ال ُ‬ ‫ُيخرِ َ‬
‫جب عليه ذلك ؟ وكذلك إذا كان الجد لدْيه زوجات اخت ُِلف هل عليه أن‬ ‫أبيه أو ل ي َ ِ‬
‫من الفروع‪.‬‬ ‫حد َةٍ أو ل ؟ إلى غير ذلك ِ‬ ‫رج عن زوجةٍ وا ِ‬ ‫ُيخ ِ‬
‫ج‬
‫سه وليس عليه أن ُيخرِ َ‬ ‫ج الزكاة عن نف ِ‬ ‫ب ِبأن ُيخرِ َ‬ ‫ل شخص ُيخاط َ ُ‬ ‫نك ّ‬ ‫والصل أ ّ‬
‫ره إل ما ذ َك َْرُته عن العبد ] ص ‪.[ 3‬‬ ‫عن غي ْ ِ‬
‫ج عنهم إل ما جاء‬ ‫ب عليه أن ُيخرِ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫وأما ِبالنسبةِ إلى الولد فإذا كانوا بال ِِغين فل ي َ ِ‬
‫جدون‬ ‫جب عليه ع َوْل ُُهم ‪ ..‬كانوا ل ي َ ِ‬ ‫من الخلف في الولد ِ البال ِِغين إذا كان ي َ ِ‬ ‫ِ‬
‫رج عنهم ؟‬ ‫ن على العمل‪ ،‬فهل عليه أن ُيخ ِ‬ ‫قوَوْ َ‬ ‫شيئا ‪ ..‬ل ي َ ْ‬
‫ب عليه‪.‬‬ ‫ج ُ‬ ‫قيل‪ :‬ي َ ِ‬
‫ب عليه‪.‬‬ ‫ج ُ‬ ‫وقيل‪ :‬ل ي َ ِ‬
‫ت‬
‫ج عن المرأة ‪ ..‬عن بنِته إذا كان ْ‬ ‫جب عليه أن ُيخرِ َ‬ ‫ض العلماء ذهب إلى أنه ي َ ِ‬ ‫وبع ُ‬
‫ة ولم َتتَزّوج‪.‬‬ ‫بال ِغَ ً‬
‫ج‬
‫ب أن ُيخرِ َ‬ ‫ب على ال ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫سه فل ي َ ِ‬ ‫ب ِبنف ِ‬ ‫دما ي َب ُْلغ ُيخاط َ ُ‬ ‫ن الشخص عن َ‬ ‫والصل أ ّ‬
‫عنه‪.‬‬
‫أما ِبالنسبةِ إلى الْبناء إذا كانوا غي َْر بال ِِغين‪:‬‬
‫جب‬ ‫من مال ِِهم إن كان َلهم مال وإن كان ل مال َلهم فإنه ي َ ِ‬ ‫جب عليهم ِ‬ ‫فقيل‪ :‬ي َ ِ‬
‫رج عنهم‪.‬‬ ‫ب أن ُيخ ِ‬ ‫على ال ِ‬
‫ب عليه مطَلقا‪.‬‬ ‫ج ُ‬ ‫وقيل‪ :‬ي َ ِ‬
‫جدا‪ ،‬أما إذا َلم َيكن َلهم‬ ‫وي ِ‬ ‫ل قَ ِ‬ ‫جب في ماِلهم إن كان َلهم مال قو ٌ‬ ‫ل ِبأنه ي َ ِ‬ ‫والقو ُ‬
‫ج عن‬ ‫جب عليه أن ُيخرِ َ‬ ‫ت إلى أنه ي َ ِ‬ ‫ل العلم ذهب َ ْ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ة كِبيَرة ً ِ‬ ‫ن طائف ً‬ ‫مال فإ ّ‬
‫صغار‪.‬‬ ‫أولِده ال ّ‬
‫مه‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫نأ ّ‬ ‫وكذلك اختلفوا في الجنين إذا كان في ب َط ِ‬
‫رج عنه‪.‬‬ ‫جب عليه أن ُيخ ِ‬ ‫ض العلماء وهم‪-‬الجمهور العظم إلى أنه ل ي َ ِ‬ ‫ذهب‪-‬بع ُ‬
‫ب ذلك‪.‬‬ ‫ضهم إلى استحبا ِ‬ ‫وذهب بع ُ‬
‫رين يوما ‪..‬‬ ‫ة وعش ِ‬ ‫ب ذلك إذا كان قد ْ ب َل َغَ ذلك الطفل مئ ً‬ ‫ضهم إلى وجو ِ‬ ‫وذهب بع ُ‬
‫جدا‪،‬‬ ‫جب عليه‪ ،‬وهذا قو ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ف ِ‬ ‫ل ضِعي ٌ‬ ‫مه فإنه ي َ ِ‬ ‫نأ ّ‬ ‫دة في ب َط ِ‬ ‫إذا أَتم هذه الم ّ‬
‫حّبون إذا ب َل َغَ هذه‬ ‫مر أنهم‪-‬أيضا‪َ-‬يست ِ‬ ‫ل عليه‪ ،‬وظاه ُِر ال ْ‬ ‫دلي َ‬ ‫والستحباب‪-‬أيضا‪-‬ل َ‬
‫قي ّد ُ الطلقُ ِبذلك‪.‬‬ ‫ضهم ُيطل ِقُ الكلم فلعّله ي ُ َ‬ ‫دة وإن كان بع ُ‬ ‫الم ّ‬
‫صغار‬ ‫سه وعن أولِده ال ّ‬ ‫رج عن نف ِ‬ ‫ب عليه أن ُيخ ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫جل ي َ ِ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫مر أ ّ‬ ‫ة ال ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫فإذن خل َ‬
‫ت إليه‬ ‫طر ‪ ..‬هذا الذي ذهب ْ‬ ‫في ِلزكاةِ الف ْ‬ ‫من المال َيك ِ‬ ‫إذا كانوا ل َيمِلكون شيئا ِ‬
‫ده‪.‬‬‫ب عليه عن عب ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫ل العْلم وكذلك ي َ ِ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ة كِبيَرة ٌ ِ‬ ‫طائف ٌ‬

‫‪240‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل العلم‬ ‫من أه ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ت إليه طائف ٌ‬ ‫جب عليه ؟ والذي ذهب ْ‬ ‫من هو الذي ت َ ِ‬ ‫نعم اختَلفوا َ‬
‫ضل عن حاجاِته ل ِي َوْم ِ الِعيد ِ وليلِته فإنه‬ ‫ك شيئا وكان ذلك الشيُء فا ِ‬ ‫مل َ َ‬ ‫من َ‬ ‫ن َ‬ ‫إلى أ ّ‬
‫ضهم هو‬ ‫ج الزكاة ول ُيشتَرط الغَِنى‪ ،‬والمراد ُ ِبالغَِنى في عبارةِ بع ِ‬ ‫عليه أن ُيخرِ َ‬
‫سد ّ حاجِته ذلك اليوم وما زاد َ‬ ‫فيه ل ِ َ‬ ‫دار ما َيك ِ‬ ‫مق َ‬‫من المال ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫هذا ‪ِ ..‬بأن َيكون َيمل ِ ُ‬
‫ج الزكاة‪.‬‬ ‫ب ِبإخرا ِ‬ ‫صل َِية فإنه ُيطال َ ُ‬ ‫ت ال ْ‬ ‫من غي ْرِ الحاجا ِ‬ ‫على ذلك ِ‬
‫ج ذلك ؟‬ ‫ك أقَ ّ‬‫َ‬ ‫واختَلفوا إذا كان َيمل ِ ُ‬
‫من صاع هل عليه أن ُيخرِ َ‬ ‫ل ِ‬
‫ج شيئا‪،‬‬ ‫َ‬
‫ضهم ذهب إلى أنه إذا كان َيمِلك أقَ ّ‬
‫جب عليه أن ُيخرِ َ‬ ‫من صاع فل ي َ ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫فبع ُ‬
‫ن الزكاة هي صاع‪.‬‬ ‫ل ّ‬
‫ده ولو‬ ‫ج ما عن َ‬ ‫حيح ‪ُ ..‬يخرِ ُ‬ ‫ل الص ِ‬ ‫ب عليه ذلك‪ ،‬وهو القو ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ضهم ذهب إلى أنه ي َ ِ‬ ‫وبع ُ‬
‫كان قِليل‪.‬‬
‫مل‬ ‫جد َ ماًء قِليل هل عليه أن َيستع ِ‬ ‫من وَ َ‬ ‫من الخلف في َ‬ ‫ل هذه المسألة ما جاء ِ‬ ‫ومث ُ‬
‫ل وَهَْلة أو أنه‬ ‫َ‬
‫من أوّ ِ‬ ‫دل إلى التيمم ِ‬ ‫مم أو أنه َيع ِ‬ ‫ذلك الماء ِللوضوء وبعد َ ذلك ي َت َي َ ّ‬
‫ضأ ِبما ل َد َْيه ثم بعد َ‬ ‫م عليه بعد َ ذلك ؟ والصحيح أنه ي َت َوَ ّ‬ ‫م َ‬‫في ِبذلك الماء ول ت َي َ ّ‬ ‫َيكت َ ِ‬
‫مم‪.‬‬ ‫ذلك ي َت َي َ ّ‬
‫من ُبر أو‬ ‫رج صاعا ِ‬ ‫ج صاعا ‪ُ ..‬يخ ِ‬ ‫ل شخص أن ُيخرِ َ‬ ‫ب على ك ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫أما المقدار‪ ،‬فإنه ي َ ِ‬
‫ت ِبه‬ ‫َ‬
‫من القوت الذي َيقتا ُ‬ ‫من أِقط أو ِ‬ ‫مر أو ِ‬ ‫من ت َ ْ‬ ‫من زِبيب أو ِ‬ ‫من شِعير أو ِ‬ ‫ِ‬
‫ك البلد‬ ‫الناس‪ ،‬واختَلفوا هل ُيخي ُّر في هذه الشياء أو العب َْرة ِبالشاِئع الذاِئع في تل َ‬
‫مُله في سائ ِرِ العام أو‬ ‫مُله ذلك الشخص‪-‬وهل العبرة ِبما َيستع ِ‬ ‫أو العبرة ِبما َيستع ِ‬
‫ل‬‫ف شِهير بْين أه ِ‬ ‫مل في يوم ِ الِعيد ؟ في ذلك خل ٌ‬ ‫في شهْرِ رمضان‪-‬أو ِبما ُيستع َ‬
‫العلم‪.‬‬
‫جه‬ ‫َ‬ ‫و‪-‬على ك ّ‬
‫خَر َ‬ ‫ت ِبه في تلك البلد‪-‬ولسيما في يوم ِ الِعيد‪-‬إذا أ ْ‬ ‫ل حال‪-‬ما ُيقتا ُ‬
‫عمان‪-‬مثل‪-‬‬ ‫دنا في ُ‬ ‫مل ِلهذه المور ولكن عن َ‬ ‫محت ِ‬‫ث ُ‬ ‫في ‪ ..‬الحدي ُ‬ ‫النسان فذلك َيك ِ‬
‫من الناس‬ ‫مُله الغال ِِبية الُعظمى ِ‬ ‫من بلد ِ الشرق الْرز هو الذي َتست َعْ ِ‬ ‫وفي كِثيرٍ ِ‬
‫ْ‬
‫ت‬‫من الْرز لنه َلم ي َأ ِ‬ ‫من َعَ ِ‬ ‫من َ‬ ‫خلفا ل ِ َ‬ ‫فيه‪ِ ،‬‬ ‫ن ذلك َيك ِ‬ ‫ص أْرزا فإ ّ‬ ‫ج الشخ ُ‬ ‫خَر َ‬ ‫فإذا أ َ ْ‬
‫ن الناس قد اختَلفوا هل على‬ ‫ت في الحديث‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫في الصناف التي جاء ْ‬
‫ت في الحديث أو أنه َيجوز أن‬ ‫صر على تلك الصناف التي جاء ْ‬ ‫النسان أن َيقت َ ِ‬
‫ف‬‫خل ٌ‬ ‫ما ُتخرج منه الزكاة ؟ في ذلك ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ما كان مشاِبها َلها ‪ِ ..‬‬ ‫م ّ‬ ‫زيد عليها غيرها ِ‬ ‫يَ ِ‬
‫ج منه زكاة ُ الفطر‪ ،‬فإذا‬ ‫ت ِبه في البلد فهو الذي ُتخَر ُ‬ ‫ن ما ُيقتا ُ‬ ‫هر أ ّ‬ ‫شِهير‪ ،‬والظا ِ‬
‫ل النسان إلى غي ْرِ ذلك ؟! فالعب َْرةُ‬ ‫مُلون إل الْرز ِلماذا َيعد ِ ُ‬ ‫ل البلد ل َيستع ِ‬ ‫كان أه ُ‬
‫ف‬ ‫دة‪ ،‬وما ذكرُته كا ٍ‬ ‫متعد ّ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫صي ُ‬ ‫ت ِبه‪ ،‬وفي المسألةِ تفا ِ‬ ‫إذن ِبالقوت الذي ُيقَتا ُ‬
‫قه‪.‬‬ ‫صَرة عن هذه القضية ِبمشيئةِ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وتوفي ِ‬ ‫مخت َ َ‬ ‫ِلنب ْذ َةٍ ُ‬
‫ثانيا ‪ :‬وقت وجوبها‬
‫جد الفقير‬‫صة إذا كان َيصعب عليه أن ي َ ِ‬ ‫س ‪ :3‬هل َيجوز تعجيل زكاة الفطر خا ّ‬
‫في وقت الخراج ؟ فإن قيل ِبجواز ذلك‪ ،‬هل ُيشتَرط أن َيبقى متحّريا حالة‬
‫من الفقر‬ ‫قل ِ‬‫رث أو َينال مال فَينت ِ‬
‫عيد ؟ قد َيكون ي َ ِ‬
‫ة ال ِ‬
‫الفقير إلى حين صل ِ‬
‫ّ‬
‫من المشقة‪.‬‬ ‫إلى الغنى وهذا فيه عليه نوع ِ‬
‫من الحياة إلى الموت ‪ ..‬على كل حال؛ العلماء في هذه المسألة بْين‬ ‫ج‪ :‬أو ِ‬
‫كن‬
‫من أهل العلم أنه ُيم ِ‬ ‫قين ِ‬‫ق ِ‬
‫من المح ّ‬‫ت إليه طائفة ِ‬‫خص ومضّيق‪ ،‬والذي ذهب ْ‬ ‫مر ّ‬
‫ُ‬
‫جر‬‫ن زكاَته بْين طلوِع الف ْ‬
‫رج النسا ُ‬ ‫التقديم ِبمقدار يوم أو يومين ‪ ..‬الصل أن ُيخ ِ‬
‫رج الزكاة‬ ‫ّ‬
‫خر إلى أن ُيصلي الِعيد وينبغي أن ُيخ ِ‬
‫وصلةِ الِعيد ‪ ..‬أي ليس له أن ُيؤ ّ‬
‫‪241‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ت في‬ ‫ص ْ‬ ‫خ َ‬‫ت‪َ-‬ر ّ‬ ‫قين‪-‬كما قل ُ‬ ‫ق ِ‬


‫من المح ّ‬ ‫جر من يوم ِ الِعيد ولكن طائفة ِ‬ ‫بعد َ طلوِع الف ْ‬
‫ل الله صلى الله‬ ‫من صحابةِ رسو ِ‬ ‫ديم يوما أو يومْين وقد جاء ذلك عن طائفةٍ ِ‬ ‫التق ِ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫ل الله ‪.. ‬‬ ‫ب رسو ِ‬ ‫ل أصحا ُ‬ ‫ها كما فَعَ َ‬ ‫مو َ‬ ‫غيره الزكاة َ فَل ْي ُ َ‬
‫قد ّ ُ‬ ‫م هذا الخ أو َ‬ ‫فإذا قَد ّ َ‬
‫ة‬
‫مخاف َ‬ ‫خص ِبتلك الرخص َ‬ ‫ها يوما أو يومْين أما ما عدا ذلك فل َينبغي الّتر ّ‬ ‫دمو َ‬ ‫ق ّ‬‫يُ َ‬
‫ل هذا‬ ‫جها قب َ‬ ‫الوقوع في المحظور‪ ،‬إذ إّنه ليس هنالك دليل َيدل على جواز إخرا ِ‬
‫الوقت‪.‬‬
‫ن زكاة َ الفطر ُتدَفع إلى الفقراء والمساكين‪ ،‬وما دام المر كذلك‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫و ِ‬
‫ة‬
‫ج زكا ِ‬ ‫ت الذي ُيشَرع فيه إخرا ُ‬ ‫قى هذا الشخص فقيرا إلى الوق ِ‬ ‫من أن َيب َ‬ ‫فلبد ِ‬
‫مثل‬ ‫قان ِبمعنى واحد في ِ‬ ‫هما ُيطل َ َ‬ ‫من أن َيبقى فقيرا أو مسكينا و ُ‬ ‫الفطر فلبد ِ‬
‫جر فإذا مات‪-‬مثل‪-‬أو‬ ‫ن فقيرا إلى ما بعد َ طلوِع الف ْ‬ ‫من أن َيكو َ‬ ‫هذه القضية ‪ ..‬لبد ِ‬
‫من حد ّ الفقر إلى حد ّ الغنى‬ ‫ج ِبه ِ‬ ‫خَر َ‬‫ل ِبوصيةٍ أو إرث أو هبة و َ‬ ‫ث له ما ٌ‬ ‫حد َ َ‬ ‫أنه َ‬
‫من الفقراء أو‬ ‫ره ِ‬ ‫ما ِباسترجاِع ذلك المال ود َفِْعه ِلغي ِ‬ ‫من إعادةِ الزكاة إ ّ‬ ‫فلبد ِ‬
‫ج زكاةٍ أخرى؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬ ‫ِبإخرا ِ‬
‫طر قبل موعدها ؟ خاصة وأنه‬‫ف ْ‬
‫دم المسلم زكاةَ ال ِ‬ ‫س ‪ :1‬هل َيجوز أن ي ُ َ‬
‫ق ّ‬
‫يراعي هذه اليام الفقراء نظرا لنهم يريدون أن َيشتروا حاجات لبنائهم إذا‬
‫صلون عليها نقدا‪.‬‬ ‫كان َيتح ّ‬
‫ل السؤال عن تقديم‬ ‫طر على صلة العيد أمٌر واجب‪ ،‬ولع ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن تقديم زكاة ال ِ‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫فطر عن طلوع فجر العيد‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫زكاة ال ِ‬
‫‪1‬‬
‫من الناس‬ ‫من إعادة ذلك‪-‬لحتمال أن يكون كثيٌر ِ‬ ‫ت بالمس ول بأس ِ‬ ‫وأنا ذكر ُ‬
‫لم َيسمعوا ذلك‪ ،‬وأعيده ِباختصار شديد‪-‬فأقول‪:‬‬
‫مة‪ ،‬وهو الرأي الصحيح‪ ،‬الذي تد ّ‬
‫ل‬ ‫ة‪ ،‬على قول جمهور ال ّ‬ ‫طر واجب ٌ‬ ‫ف ْ‬‫ن زكاة ال ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ل على خلف‬ ‫عليه الدلة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وما د ّ‬
‫ت إليها‪.‬‬‫ل إلى ما ُيواِفق الدلة التي أشر ُ‬ ‫مت َأ َوّ ٌ‬
‫ذلك فهو إما ضعيف أو ُ‬
‫ل تلك المنطقة‪-‬التي يريد من يريد أن‬ ‫مله أه ُ‬ ‫من الطعام الذي َيستع ِ‬ ‫وهي صاع ٌ ِ‬
‫مل ِبتلك المنطقة‪-‬‬ ‫من الطعام المستع َ‬ ‫طر‪-‬فيها ‪ ..‬أي صاع ٌ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫رج زكاة ال ِ‬ ‫ُيخ ِ‬
‫من أراد أن يخرج الزكاة‬ ‫من غيره هو الرز‪-‬ف َ‬ ‫عمان أكثَر ِ‬ ‫مل عندنا في ُ‬ ‫والمستع َ‬
‫مة؛ واختلفوا في‬ ‫فقت عليه ال ّ‬ ‫من الطعام ‪ ..‬هذا الذي ات َ‬ ‫فعليه أن يخرج صاعا ِ‬
‫إخراج القيمة‪:‬‬
‫أجاز ذلك بعض العلماء‪.‬‬
‫من ذلك بعضهم‪.‬‬ ‫ومنع ِ‬
‫فق عليه‪.‬‬ ‫خلف العلماء ويأخذ ِبالمت َ‬ ‫من ِ‬ ‫سه ِ‬ ‫ن نف َ‬ ‫رج النسا ُ‬ ‫والحوط أن ُيخ ِ‬

‫من الرز ُيساِوي كيلوين‪:‬‬‫والصاع ِ‬


‫‪-1‬وخمسين جراما‪.‬‬
‫‪-2‬وبعض العلماء يقول‪ :‬وثمانية وأربعين جراما‪.‬‬
‫‪-3‬وبعضهم يقول‪ :‬أقل من ذلك‪.‬‬
‫‪-4‬وبعضهم يقول‪ :‬أكثر من ذلك بكثير‪.‬‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال الثاني من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1422‬هـ ) ‪ 12‬ديسمبر ‪2001‬م (‪.‬‬
‫‪242‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من شاء أن َيحتاط ‪ ..‬أن َيزيد على الكيلوين وخمسين‬ ‫مد هو الّول؛ و َ‬ ‫ن المعت َ‬ ‫ولك ّ‬
‫من يقول ِبذلك‪-‬فل‬ ‫جراما‪-‬أو على الكيلوين والثمانية والربعين جراما‪ ،‬على رأي َ‬
‫جب‬ ‫سن ولكنه ل ُيمكن أن نقول ِبوجوب ذلك‪ ،‬فالوا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫من ذلك‪ ،‬والحتياط َ‬ ‫مانع ِ‬
‫هو ما ذكرناه‪.‬‬
‫من آخر‬ ‫ت‪ِ 1‬بأنها َتجب ِبرؤية الهلل؛ وُيعّبر بعض العلماء ِبغروب الشمس ِ‬ ‫وذكر ُ‬
‫من شهر رمضان‪ ،‬والمعنى واحد‪.‬‬ ‫ليلةٍ ِ‬
‫وقال بعض العلماء‪ :‬إنها َتجب بطلوع فجر العيد‪.‬‬
‫قْين هما المشهوران‪.‬‬ ‫ن القولين الساب َ‬ ‫من القوال‪ ،‬ولك ّ‬ ‫وقيل غير ذلك ِ‬
‫من طلوع فجر يوم العيد إلى‬ ‫فق عليه العلماء فهو ِ‬ ‫جها الذي ات َ‬ ‫وأما وقت إخرا ِ‬
‫شَرعَ‬‫من َ‬ ‫صلة العيد ‪ ..‬أي أنه ل ُيشَرع ول َيجوز تأخيرها عن ابتداء صلة العيد‪ ،‬ف َ‬
‫من‬ ‫ن الوقت قد فاَته‪ ،‬فلبد ِ‬ ‫طر فمعنى ذلك أ ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫في صلة العيد ولم ي ُؤ َد ّ زكاة َ ال ِ‬
‫ل صلة العيد‪.‬‬ ‫أدائها قب َ‬
‫طر بعد‬ ‫ف ْ‬ ‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬كان ُيوّزع زكاة ال ِ‬ ‫من أ ّ‬ ‫وما جاء ِ‬
‫مت ُْنه مخاِلف ِللحاديث‬ ‫صلةِ العيد‪ ،‬فهو حديث باطل ‪ ..‬إسناده ضعيف‪ ،‬و َ‬
‫الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫ديمها عن الوقت المذكور فقد اختلف العلماء فيه كثيرا‪:‬‬ ‫ما َتق ِ‬
‫وأ ّ‬
‫ديمها‬‫من تق ِ‬ ‫من أهل العلم إلى أنه ل بأس ِ‬ ‫والذي ذهبت إليه طائفة كبيرة ِ‬
‫دمها‬
‫ق ّ‬ ‫دمها‪-‬أيضا‪-‬النسان يوما أو يومين‪ ،‬ول َينبغي أن ي ُ َ‬ ‫ق ّ‬
‫في ليلةِ العيد أو أن ي ُ َ‬
‫قبل ذلك‪.‬‬
‫ديمها‪:‬‬
‫من العلماء ُتجيز َتق ِ‬ ‫وإن كانت طائفة ِ‬
‫منهم من قال‪ :‬في العشر الواخر‪.‬‬
‫ومنهم من قال‪ :‬في النصف الثاني‪.‬‬
‫من بداية رمضان‪.‬‬ ‫ومنهم من قال‪ِ :‬‬
‫من يومين قبل‬ ‫دمها أكثر ِ‬‫ق ّ‬
‫من القوال‪ ،‬ولكن ل َينبغي لحد أن ي ُ َ‬ ‫إلى غير ذلك ِ‬
‫يوم العيد؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫عيد ولكن أخَرجها‬
‫جها بعدَ فجر ال ِ‬
‫س‪ :‬رجل أخذ ِبالقول المشهور وهو إخرا ُ‬
‫محجوزةً في بيته وصّلى صلة‬ ‫من إيصالها إلى الفقير وإنما ظّلت َ‬ ‫كن ِ‬‫فلم َيتم ّ‬
‫عيد ثم عاد إليها ؟‬ ‫ال ِ‬
‫صل‬
‫من أن ت َ ِ‬ ‫ن زكاة الفِ ْ‬
‫طر لبد ِ‬ ‫ج‪ :‬هي تكون بعد ذلك صدقة من الصدقات‪ ،‬ل ّ‬
‫قها قب َ‬
‫ل صلة الِعيد‪.‬‬ ‫ح ّ‬
‫إلى مست ِ‬

‫صل ّي َ ْ‬
‫ت صلة‬ ‫خر المعطى حتى ُ‬
‫ع عنه فَتأ ّ‬ ‫س ‪ :5‬إذا أعطى أحدٌ غيَره ل َِيد َ‬
‫ف َ‬
‫العيد ؟‬
‫دي النسان‬ ‫من أن ُيؤ ّ‬ ‫ج قبل صلة العيد ‪ ..‬لبد ِ‬ ‫خَر ُ‬‫ج‪ :‬الصل في زكاة العيد أّنها ت ُ ْ‬
‫خرها بعد َ ذلك‪-‬‬‫الزكاة‪-‬وأعني بها زكاة الفطر‪-‬قبل أن ُيصّلي العيد وليس له أن ُيؤ ّ‬
‫ل عليه الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪،‬‬ ‫فهذا الذي د ّ‬
‫ها إلى غروب الشمس مع كراهةِ ذلك فهو‬ ‫خَر َ‬‫من قال بأنه يمكن أن ي ُؤ َ ّ‬ ‫وقول َ‬
‫كرا‬
‫من كان ذا ِ‬ ‫ث عن النبي ‪- ‬وهذا‪-‬طبعا‪-‬في َ‬ ‫م ِللحدي ِ‬ ‫قول مرفوض‪ ،‬لنه مصاد ِ ٌ‬
‫ج الزكاة فانتَبه بعد َ أن صّلى العيد أو‬ ‫من كان ناسيا ولم َينتِبه إلى إخرا ِ‬ ‫لذلك‪ ،‬أما َ‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال الثاني من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1422‬هـ ) ‪ 12‬ديسمبر ‪2001‬م (‪.‬‬
‫‪243‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل أو‬ ‫ما ٍ‬ ‫ن أو لهْ َ‬ ‫ج هذه الزكاة إما ِلنسيا ٍ‬ ‫قم ذلك الغيُر ِبإخرا ِ‬ ‫ف غيَره ولم ي َ ُ‬ ‫أنه ك َل ّ َ‬
‫من العذار فإنه عليه‬ ‫جد الفقير أو ما شابه ذلك ِ‬ ‫من السباب أو أنه لم ي َ ِ‬ ‫رهما ِ‬ ‫ِلغي ِ‬
‫من‬ ‫م ّ‬‫من شاِبهه ِ‬ ‫ضح‪ ،‬و َ‬ ‫ن أمَر الناسي وا ِ‬ ‫أن َيقوم ِبإخراجها ولو بعد َ صلةِ العيد‪ ،‬ل ّ‬
‫محمولون على الناسي‪ ،‬فالناسي والنائم إذا لم َينتِبها‬ ‫ذكرناهم أو لم نذكرهم َ‬
‫ِللصلة ‪ ..‬النائم لم َيقم ِللصلة والناسي لم َينتِبه لها فإنهما َيأتيان ِبها عندما َيقوم‬
‫النائم وعندما َينتِبه الناسي‪ ،‬وهكذا ِبالنسبة إلى زكاةِ الفطر فهو معذور ِبمشيئة‬
‫دم‬ ‫ب إلى رّبه وأن َين َ‬ ‫مل فعليه أن َيتو َ‬ ‫ل ِبذلك إذا كان مه ِ‬ ‫الله ولكن ذلك الذي وُك ّ َ‬
‫ت الوان أما إذا كان ناسيا‬ ‫ل فوا ِ‬ ‫ده قب َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ب إلى ُر ْ‬ ‫ره وأن َيثو َ‬ ‫من أم ِ‬ ‫على ما فّرط ِ‬
‫فهو معذور ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫ج‬ ‫ُ‬ ‫وهنا أمٌر أ ُ ِ‬
‫ن النسان َينبِغي له عندما َيأمر أحدا ِبإخرا ِ‬ ‫ب أن أنّبه عليه وهو أ ّ‬ ‫ح ّ‬
‫ما هو‬ ‫م ّ‬‫ج أيّ شيٍء ِ‬ ‫من زكاة الموال‪-‬أو ِبإخرا ِ‬ ‫الزكاةِ عنه‪-‬زكاة الفطر أو غيرها ِ‬
‫كل فلنا‬ ‫من َيثق ِبه وليس له أن ُيو ّ‬ ‫من يرتضي ِديَنه ‪َ ..‬‬ ‫جب عليه أن ُيوك َّله إلى َ‬ ‫وا ِ‬
‫من هو له‬ ‫ل لِ َ‬ ‫ص َ‬‫جب قد وَ َ‬ ‫ن ذلك الوا ِ‬ ‫من أ ّ‬ ‫ت بعد َ ذلك ِ‬ ‫أو فلنا اللهم إل إذا َتثب ّ َ‬
‫خر‬ ‫صآ َ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫ن مال عليه ِلشخ ٍ‬ ‫ل النسا ُ‬ ‫وهكذا ِبالنسبة إلى سائرِ الديون ‪ ..‬إذا أر َ‬
‫ي‬
‫ن ذلك الد ّْين أو ذلك الحق الذي قد َوجب عليه بأ ّ‬ ‫من أ ّ‬ ‫ت ِ‬ ‫من أن َيتثب َ‬ ‫فلبد ِ‬
‫ل إلى صاحِبه بل ذلك َينبِغي حتى في حالة أن لو‬ ‫ص َ‬ ‫من السباب ِبأنه قد وَ َ‬ ‫سبب ِ‬
‫ل النسيان والذهول والغفلة‪ ،‬وقد‬ ‫من الثقات لحتما ِ‬ ‫ن ذلك مع ثقةٍ ِ‬ ‫أرسل النسا ُ‬
‫ض الشياءِ‬ ‫َ‬
‫ض الناس ِبأنهم أرسلوا بع َ‬ ‫ض الناس‪ ،‬وأخبرِني بع ُ‬ ‫جّربنا ذلك على بع ِ‬
‫دة وسألهم عن ذلك‬ ‫قَيهم ذلك الغير بعد َ م ّ‬ ‫من هي له ول َ ِ‬ ‫م ّ‬
‫رهم ِ‬ ‫والحقوق إلى غي ِ‬
‫ن ذلك الشخص‬ ‫صل إليه والسبب أ ّ‬ ‫من نحو عام ولم ي َ ِ‬ ‫فقالوا ِبأنهم قد أرسلوه ِ‬
‫ن ِبأهل الصلح ولكن‬ ‫سن الظ ّ‬ ‫من أن ُنح ِ‬ ‫قد نسي ‪ ..‬هذا إذا أحسّنا ِبه الظن ولبد ِ‬
‫ن وقد َيكون ِلغيرِ ذلك‪ ،‬فإذن لبد‬ ‫ل الصلح فقد َيكون ِلنسيا ٍ‬ ‫من غيرِ أه ِ‬ ‫إن كان ِ‬
‫من عندِ‬ ‫ت ِبأمرٍ ِ‬ ‫ن سواًء كان ْ‬ ‫ت على النسا ِ‬ ‫جب َ ْ‬
‫من التثبت في هذه الحقوق التي وَ َ‬ ‫ِ‬
‫ن قضاَء الد ّْين‪-‬أيضا‪ِ-‬بأمرِ الله ولكن‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أو ِبقضاِء د َْين ولشك ِبأ ّ‬
‫ل ذلك الحق إلى أصحاِبه؛ والله‪-‬‬ ‫من التثّبت ِبوصو ِ‬ ‫ف السباب ‪ ..‬لبد ِ‬ ‫ذلك لختل ِ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫جد لها‪-‬مثل‪-‬في ذلك الوقت فقيرا أو كان‬ ‫رج زكاة الفطر لكنه لم ي َ ِ‬ ‫س ‪ُ :10‬يخ ِ‬
‫ح له ذلك ؟‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ّ‬
‫مشغول ‪ ..‬أحرَزها ثم صلى العيد وبعد ذلك أخرجها‪ ،‬أي َ ِ‬
‫صر الكلم في هذه القضية‪ ،‬وأقول‪:‬‬ ‫َ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ أخت ِ‬
‫من الواجبات التي ل ينبغي‬ ‫ن زكاة الفطر واجبة ‪ِ ..‬‬ ‫من مرة‪ :‬إ ّ‬ ‫ت أكثَر ِ‬‫قد قل ُ‬
‫جب‪-‬على الصحيح‪-‬حتى على الفقير إذا كان‬ ‫ط فيها ِبحال‪ ،‬وهي ت َ ِ‬ ‫ِللنسان أن ُيفّر َ‬
‫جد َ مقدارا‬
‫جد َ ذلك ووَ َ‬‫من َيقوم ِبعوِله في ذلك اليوم فإذا وَ َ‬ ‫جد ما َيكفيه وَيكفي َ‬ ‫يَ ِ‬
‫رج الزكاة ‪ ..‬هذا هو الصحيح‪.‬‬ ‫ن عليه أن ُيخ ِ‬ ‫َيزيد على ذلك فإ ّ‬
‫ل‪-‬على‬ ‫ت عن النبي ‪ ‬ول دلي َ‬ ‫من النواع التي وََرد َ ْ‬ ‫طر صاع ِ‬ ‫ف ْ‬‫ومقداُر زكاةِ ال ِ‬
‫ف صاع‪ ،‬على حسب‬ ‫ضها ُيخَرج منه صاع وبعضها نص ُ‬ ‫ن بع َ‬ ‫الصحيح‪ِ-‬لمن قال‪ :‬إ ّ‬
‫‪1‬‬
‫من تلك النواع‪ ،‬وقلنا ‪:‬‬ ‫من أيّ نوٍع ِ‬ ‫ب أّنها صاع ِ‬ ‫التفصيل الذي ذكروه ‪ ..‬الصوا ُ‬
‫رقية‪.‬‬‫مل عليها ما كان مشاِبها كالرز في هذه البلدان المش ِ‬ ‫إنه‪-‬على الصحيح‪ُ-‬يح َ‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 4‬من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م ( وعند الجواب على السؤال‬
‫‪ِ 2‬من حلقة ‪ 27‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 11‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪244‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل صلةِ العيد ‪ ..‬هذا هو الصل‬ ‫الفطرة ُتخَرج في الصل بعد َ صلةِ الفجر وقب َ‬
‫دم ِليوم أو يومين‪ ،‬كما كان الصحابة‪-‬رضي الله تعالى عنهم‪-‬‬ ‫ولكن َيجوز أن ُتق ّ‬
‫هر أنهم قد أخذوا ذلك عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫َيفعلون‪ ،‬والظا ِ‬
‫جها قبل صلةِ العيد وبعد َ‬ ‫من كان َيخشى أل ّ َيستطيع أن َيقوم ِبإخرا ِ‬ ‫وسلم‪-‬ف َ‬
‫من ل َيستطيع في هذا الوقت‬ ‫طلوع الفجر ‪ ..‬الصل‪-‬كما قلنا‪-‬بعد َ طلوِع الفجر ‪َ ..‬‬
‫جها قب َ‬
‫ل‬ ‫سه ذلك فلَيقم ِبإخرا ِ‬ ‫من نف ِ‬ ‫رف ِ‬‫بْين طلوع الفجر وصلةِ العيد إذا كان َيع ِ‬
‫من‬ ‫كن ِ‬ ‫ن أنه َيتم ّ‬‫ن هنالك إنسانا كان َيظ ّ‬ ‫العيد ِبيوم ٍ أو يومين لكن لو قَد ّْرنا أ ّ‬
‫إخراجها قبل يوم العيد ثم مثل أخذ زكاته إلى الفقير ودقّ عليه الباب ثلث مرات‬
‫من‬‫ولم يستجب له أحد‪-‬والدقّ يكون ثلث مرات ل على حسب ما َيصنعه كثير ِ‬
‫خرين فهذا‬ ‫ذون ال َ‬‫دة مرات ُيؤ ُ‬ ‫الناس ولسيما في هذه اليام َيدقون الجرس ع ّ‬
‫على كل حال مخاِلف ِلكتاب الله ولسّنة رسوله ‪- ‬فإذا كان َلم َيفتح له أحد‬
‫من الفقراء في تلك المنطقة فلَيقم ِبعزِلها وهو معذور ِبمشيئة‬ ‫رف أحدا ِ‬ ‫ولم َيع ِ‬
‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في ذلك‪ ،‬أما إذا كان يستطيع أن َيقوم بإيصالها إلى الفقراء‬
‫ح له‪.‬‬ ‫ص ّ‬ ‫ما ل ي َ ِ‬‫م ّ‬
‫ولكن‪-‬مثل‪-‬يترك ذلك ِلسبب أو لخر مع قدرِته على ذلك فذلك ِ‬
‫من قبل‪ ،‬هل َيلزمه‬
‫دها ِ‬
‫من قبل ولم ُيؤ ّ‬ ‫ة الف ْ‬
‫طر ِ‬ ‫س ‪ :6‬لم َيعَلم عن زكا ِ‬
‫قضاء ؟‬
‫ث الحتياط والسلمة فإن‬ ‫من حي ُ‬ ‫ث اللزام فل أقوى عليه ولكن ِ‬ ‫من حي ُ‬‫ج‪ :‬أما ِ‬
‫دى‬ ‫ل ُتؤ ّ‬‫ن الزكاة َ الص ُ‬ ‫دق ِبذلك فذلك فيه خي ٌْر ِبمشيئةِ الله تبارك وتعالى‪ ،‬ل ّ‬ ‫َتص ّ‬
‫ك ذلك‬ ‫من الصدقات اللهم إل إذا كان ت ََر َ‬ ‫ل صلةِ العيد وبعد َ ذلك هي صدقة ِ‬ ‫قب َ‬
‫ن بعيد مثل‬ ‫صل ذلك الحق إليه ِلكوِنهم في مكا ٍ‬ ‫من ُيو ِ‬ ‫جد َ‬ ‫ل أو نسيان أو لم ي َ ِ‬ ‫ِلذهو ٍ‬
‫ل هذا الحق بعد َ ذلك إلى أصحاِبه‪ ،‬أما هؤلء‬ ‫ص َ‬
‫من أن ُيو ِ‬ ‫أو ما شابه ذلك فلبد ِ‬
‫َ‬
‫طوا فعليهم أن َيتوبوا إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وإن أّدوا هذا المقدار الذي‬ ‫الذين فَّر ُ‬
‫من‬‫من قبل ففي ذلك خْير ِبمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وهو ِ‬ ‫دوه ِ‬
‫كان عليهم أن ُيؤ ّ‬
‫ل لم َيقل ِبه الكثر‪-‬‬ ‫من َيقول ِبالقضاء‪-‬وهو قو ٌ‬ ‫ي َ‬
‫إْتباِع الحسنة السيئة فعلى رأ ِ‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫من با ِ‬ ‫ب القضاء ولكن ِ‬ ‫من با ِ‬
‫رين هو ليس ِ‬ ‫ي الكث ِ‬ ‫ضح وعلى رأ ِ‬ ‫فذلك وا ِ‬
‫ث‬ ‫من حي ُ‬ ‫صل ِ‬‫سي فَيكون عليه ذلك‪ ،‬والحا ِ‬ ‫هل على النا ِ‬ ‫مل الجا ِ‬ ‫دق وقد ُيح َ‬ ‫التص ّ‬
‫ج ذلك خي ٌْر ولكن التوبة لبد منها؛ والله‬ ‫الوجوب ل أقوى عليه ولكن في إخرا ِ‬
‫أعلم‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬المقدار المخرج‬


‫س ‪ :5‬كم هو الوزن في زكاة الفطر ؟‬
‫رنا هذا وزن و‪-‬‬ ‫مَلة في عص ِ‬ ‫ن الصاع كيل والكيلوغرامات المستع َ‬ ‫ج‪ :‬قلنا‪ِ 1‬بأ ّ‬
‫من الصعوبة في التقدير ِبالوزن ولسيما إذا نظْرنا إلى‬ ‫حقيقة‪-‬هنالك شيء ِ‬
‫ف الحبوب وأيضا التمور منها الثقيل ومنها الخفيف ولكن‪-‬على كل حال‪-‬‬ ‫اختل ِ‬
‫دم غاِلبا في الكفارات وفي زكاةِ‬ ‫من تلك الحبوب‪-‬كالرز الذي ُيستخ َ‬ ‫در كثيٌر ِ‬‫ق ّ‬
‫تُ َ‬
‫در ِبهذا التقدير‬‫من الكيلوغرامات وثمانية وأربعين غراما ‪ُ ..‬يق ّ‬ ‫الفطر‪ِ-‬باثنين ِ‬
‫من أنواِع التمور والحبوب ولكن‬ ‫ل نوٍع ِ‬‫در ِبه ك ّ‬
‫كن أن ُنق ّ‬
‫ت‪-‬هذا ل ُيم ِ‬‫ولكن‪-‬كما قل ُ‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 8‬من حلقة ‪ 25‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 9‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪245‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫قد ُّر ِبهذا وإذا زاد النسان واحتاط ولسيما‬ ‫من الرز وما شاَبهه ي ُ َ‬
‫جه ِ‬‫غاِلبا ما ُنخر ُ‬
‫قد ُّر ِبه؛ والله أعلم‪.‬‬
‫ن جميل لكن هذا الذي ن ُ َ‬ ‫طر فذلك حس ٌ‬‫في زكاةِ الف ْ‬
‫س‪ :‬وهذا خاص ِبالرز ؟‬
‫ض الحبوب‪-‬أيضا‪َ-‬تكون ِبهذا المقدار‪.‬‬
‫ج‪ :‬نعم وبع ُ‬
‫حك ْم ِ‬
‫مه ك ُ‬
‫حين‪ ،‬هل حك ُ‬
‫ض البلدان الط ِ‬
‫دم في بلِدنا وفي بع ِ‬ ‫ما ُيستخ َ‬
‫م ّ‬
‫س ‪ِ :2‬‬
‫قص ؟‬‫زيد أو َين ُ‬
‫الْرز في القمقدار ‪ ..‬صاع ي َ ِ‬
‫ت إليه‬ ‫من الطعام ‪ ..‬هذا الذي ذهب ْ‬ ‫طر هي صاع ٌ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن زكاة َ ال ِ‬ ‫ت ] ص‪ [ 5‬أ ّ‬ ‫ج‪ :‬قدم ُ‬
‫ن‬‫ق بْين سائ ِرِ أنواِع الطعام‪ ،‬ول شك أ ّ‬ ‫من غي ْرِ فْر ٍ‬ ‫ل العلم ِ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ة كِبيرة ٌ ِ‬ ‫طائف ٌ‬
‫ل الصحيح‪.‬‬ ‫هذا هو القو ُ‬
‫ل ضِعيف‪،‬‬ ‫ف صاع‪ ،‬وهذا قو ٌ‬ ‫من الُبر فإنه نص ُ‬ ‫ب صاع إل ِ‬ ‫ج ُ‬‫ضهم إلى أّنه ي َ ِ‬ ‫وذهب بع ُ‬
‫ل الول‪.‬‬ ‫ب هو القو ُ‬ ‫والصوا ُ‬
‫ري صاعا ‪ ..‬إذا اشت ََرى أّول حّبا ثم قام‬ ‫ِ‬ ‫حّبا فَيشت َ‬ ‫ص َ‬ ‫حين ‪ ..‬إذا اشت ََرى الشخ ُ‬ ‫الط ّ ِ‬
‫زي أن‬ ‫حينا فل ُيج ِ‬ ‫خذ َ ط ِ‬ ‫زيه ذلك‪ ،‬لكن إذا أ َ َ‬ ‫من الُبر وُيج ِ‬ ‫ري صاعا ِ‬ ‫حِنه َيشت َ ِ‬ ‫ِبط ْ‬
‫من‬ ‫مقدار الصاع ِ‬ ‫حن َيكون ِ‬ ‫ن الحب إذا ط ُ ِ‬ ‫حين‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫من الط ِ‬ ‫ج صاعا ِ‬ ‫ُيخرِ َ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫جّرب ‪ ..‬إذا أَتى النسا ُ‬ ‫من شاء ذلك فلي ُ َ‬ ‫حين‪ ،‬و َ‬ ‫من الط ِ‬ ‫من الصاع ِ‬ ‫حب أكثر ِ‬ ‫اله َ‬
‫حين‬ ‫جد ُ ذلك الط ِ‬ ‫حين فإنه سي َ ِ‬ ‫ل ذلك الط ِ‬ ‫حِنه ثم قام ِبكي ْ ِ‬ ‫م ِبط ْ‬ ‫من الُبر وقا َ‬ ‫ِبصاٍع ِ‬
‫ج‬ ‫َ‬
‫خَر َ‬ ‫زيد َ على الصاع إذا أ ْ‬ ‫من أن ي َ ِ‬ ‫من صاع‪ ،‬ومعنى ذلك أّنه لبد ِ‬ ‫ُيساِوي أكثَر ِ‬
‫سا‬
‫سد ُ ً‬ ‫حين ُيساِوي صاعا إل ُ‬ ‫من الط ِ‬ ‫ن الصاع ِ‬ ‫ل العلم أ ّ‬ ‫ض أه ِ‬ ‫حينا‪ ،‬وقد قد َّر بع ُ‬ ‫ط ِ‬
‫زيد َ المقدار‬ ‫من أن ي َ ِ‬ ‫من الُبر‪ ،‬وإذا كان هذا الكلم ثاِبتا فمعنى ذلك أنه لبد ِ‬ ‫ِ‬
‫من الحب‪،‬‬ ‫في‪ ،‬لنه ل ُيساِوي الصاع ِ‬ ‫حين ل َيك ِ‬ ‫من الط ِ‬ ‫المعروف‪ ،‬فإذن الصاع ُ ِ‬
‫حين فه‪:‬‬ ‫من الط ِ‬ ‫من الحب ِ‬ ‫رف كم ُيساِوي الصاع ِ‬ ‫من أن ي َعْ ِ‬ ‫فلبد ِ‬
‫زيد ُ عليه‪.‬‬ ‫حين ثم ي َ ِ‬ ‫ل الط ِ‬ ‫كي ُ‬ ‫يَ ِ‬
‫زن‬ ‫من الُبر ثم ي َ ِ‬ ‫مل الوزن ‪َ ..‬يأِتي ِبإناء ‪ُ ..‬يساِوي ذلك الناء صاعا ِ‬ ‫أو هنا َيستع ِ‬
‫حين‪.‬‬ ‫ن الط ِ‬ ‫م ِبوْز ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫ذلك ثم بعد َ ذلك ي َ ُ‬
‫دة عليه حتى ُيساِوي الصاع‬ ‫من الزيا َ‬ ‫حين‪ ،‬بل لبد ِ‬ ‫من الط ِ‬ ‫في الصاع ُ ِ‬ ‫فإذن ل َيك ِ‬
‫ج صاٍع‬ ‫مون ِبإخرا ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫طؤون ‪ ..‬ي َ ُ‬ ‫من الناس ُيخ ِ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫ت هذا ل ّ‬ ‫من الحب ‪ ..‬ك َّرْر ُ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ة الوقوِع في‬ ‫مخاف َ‬ ‫زي‪ ،‬أك َّرُر مّرة ً ثاِنية وثاِلثة َ‬ ‫حين ِبالكْيل وذلك ل ُيج ِ‬ ‫من الط ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ج الزكاة على ما هو مطلوب‪،‬‬ ‫ُ‬
‫دي إلى المحظور ‪ ..‬إلى عدم ِ إخرا ِ‬ ‫الخطإ الذي ُيؤ ّ‬
‫حين حتى ُيساِوي‬ ‫من الط ِ‬ ‫مقدارا ِ‬ ‫من الطحين ِ‬ ‫زيد َ على الصاِع ِ‬ ‫من أن ي َ ِ‬ ‫فلبد ِ‬
‫الحب‪.‬‬
‫وي الصاع ِبالكيلو ؟‬
‫دم الكيلوجرامات‪ ،‬كم ُيسا ِ‬
‫س‪ :‬لو أّنه استخ َ‬
‫من الُبر الجّيد فهو ُيساِوي ‪ ..‬الصاع ُيساِوي كيلووين وَثمانية‬ ‫ج‪ :‬أما الصاع ِ‬
‫في‬
‫سير‪ ،‬فهذا الذي ُيساِويه لكن ل َيك ِ‬ ‫مُر ي َ ِ‬
‫وأربعين جراما أو خمسين جراما ‪ ..‬ال ْ‬
‫كيُلووين وَثمانية وأربعين جراما أو‬‫حين ‪ ..‬مثل لو قام شخص وَوََزن ِ‬ ‫هذا في الط ِ‬
‫من الزيادة و‪:‬‬ ‫في هذا ‪ ..‬لبد ِ‬ ‫خمسين جراما ل َيك ِ‬
‫حن ‪َ ..‬يعرُِفون المقدار‪.‬‬ ‫َ‬
‫مون ِبالط ْ‬ ‫قو ُ‬‫ض الذين ي َ ُ‬ ‫قد َيسأل بع َ‬
‫صل‪.‬‬ ‫شك فيه ِبأنه قد وَ َ‬ ‫مقدارا ل ي َ ُ‬ ‫زيد ُ ِ‬‫أو ي َ ِ‬
‫َ‬
‫دسا‪ ،‬ول أدِري هل‬ ‫س ُ‬
‫ض العلماء قالوا ِبأنه ُيساِوي صاعا إل ُ‬ ‫ن بع َ‬ ‫تأ ّ‬‫وقد ذكر ُ‬
‫س ذلك حتى‬ ‫من قيا ِ‬ ‫من الحتياط أو ِ‬ ‫دير‪ ،‬فلبد إما ِ‬ ‫مجّرد َتق ِ‬ ‫س ذلك أو هو ُ‬ ‫قا َ‬
‫من هذه القضية‪.‬‬ ‫ي َت َث َّبت الشخص ِ‬
‫‪246‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جه أو ل َيجوز ؟‬ ‫حين هل َيجوز ِإخرا ُ‬ ‫ن العلماء قد اختَلفوا في الط ِ‬ ‫على أ ّ‬


‫ن الحب‬ ‫حين‪ ،‬ل ّ‬ ‫من َعَ ذلك على الطلق‪ ،‬فقال‪ :‬ل َيجوز ِإخراج الط ِ‬ ‫من َ‬ ‫منهم َ‬
‫دخاُره‬
‫كن‪-‬أيضا‪-‬الحب ‪ ..‬ا ّ‬ ‫حين‪ ،‬ثم ُيم ِ‬ ‫دم َلها الط ِ‬ ‫مل في أشياء قد ل ُيستخ َ‬ ‫ُيستع َ‬
‫ول‪.‬‬ ‫ِلفت َْرة أط ْ َ‬
‫جة‪.‬‬ ‫جه مع الحا َ‬ ‫من ذهب إلى أنه َيجوز ِإخرا ُ‬ ‫ومنهم َ‬
‫حن الن‬ ‫ن الط ّ ْ‬ ‫من قال ِبجوازِ ذلك مطَلقا ولسيما في هذا الزمان ل ّ‬ ‫ومنهم َ‬
‫َ‬
‫ف‬
‫ن ذلك‪ِ ،‬بخل ِ‬ ‫ح ِ‬‫م بعد َ ذلك ِبط ْ‬ ‫قو ُ‬ ‫حب ي َ ُ‬ ‫ت َله ب ِ َ‬ ‫َيصُعب ‪َ ..‬يصُعب ِللنسان إذا أت َي ْ َ‬
‫ن ذلك في‬ ‫ح ِ‬ ‫مون ب ِط َ ْ‬ ‫قو ُ‬
‫حن في َ ُ‬ ‫م ِبالط ّ ْ‬ ‫قو ُ‬‫ل أهل بْيت لدْيهم آَلة ت َ ُ‬ ‫نك ّ‬‫الماضي‪ ،‬فإ ّ‬
‫من الناس ل َيمِلكون ما‬ ‫قة ِ‬ ‫ح َ‬‫سير‪ ،‬أما الن فالغالِبية العظمى السا ِ‬ ‫ت يَ ِ‬ ‫وق ٍ‬
‫ضي ذلك‪.‬‬ ‫سر الن َيقت ِ‬ ‫ب عليهم ذلك أّيما صعوَبة‪ ،‬فالي ُ ْ‬ ‫ن الحب فَيصعُ ُ‬
‫ح ِ‬‫مون ب ِط َ ْ‬ ‫قو ُ‬
‫يَ ُ‬
‫‪1‬‬
‫ح المطحون ؟‬
‫ج الزكاة ِبالقم ِ‬
‫س ‪ :6‬ما حكم إخرا ِ‬
‫ج‪ :‬حقيقة؛ ل نرى مانعا ما دام ل َيتأّثر ِبذلك ‪ ..‬نعم هو عندما َيكون مطحونا‬
‫م في اليام ِ‬
‫سَتخد َ ُ‬
‫دود وما شابه ذلك ولكن الصل أنه ي ُ ْ‬‫دة قد َيتأّثر ِبال ّ‬
‫وَتطول الم ّ‬
‫الولى فما دام المر كذلك فل مانع إن شاء الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫من هذه النواع‬‫دل ِ‬ ‫ج القيمة ب َ َ‬ ‫س ‪ :5‬هناك سؤال ي َت َك َّرُر دائما ‪ ..‬عن ِإخرا ِ‬
‫قير في ذلك‬
‫غَناء الف ِ‬‫صود ِبها إ ِ ْ‬
‫موها ] ص ‪ [ 6-5‬على اعتبار أّنه المق ُ‬ ‫التي ذَك َْرت ُ ُ‬
‫م القيمة مقام هذه النواع ؟‬ ‫اليوم‪ ،‬فهل ت َ ُ‬
‫قو ُ‬
‫ف موجود ٌ فيها‪:‬‬ ‫من الخلف ‪ ..‬الخل ُ‬ ‫ل حال؛ هذه المسألة ل َتخُلو ِ‬ ‫ج‪ :‬على ك ّ‬
‫خَراج القيمة على الطلق‪.‬‬ ‫جيز إ ِ ْ‬ ‫ض العلماء ل ي ُ ِ‬ ‫بع ُ‬
‫جيز ذلك على الطلق‪.‬‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫جيز ذلك مع الكراهة‪.‬‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫مرٍ مكروه ‪َ ..‬يفَعل شيئا مكروها ‪ ..‬ل َينبِغي أن‬ ‫ول َينبِغي ِللنسان أن ي َعْب ُد َ َرّبه ِبأ ْ‬
‫ل ذلك‪.‬‬ ‫فعَ َ‬ ‫يَ ْ‬
‫جد‬‫جيز ذلك في حالةِ الضطرار دون حالةِ الختيار وذلك ِبما إذا لم ي َ ِ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫أحدا َيقَبل منه ذلك‪.‬‬
‫مر إلى هذا الحد ل شك أنهم جميعا أو‬ ‫ل ِبهم ال ْ‬ ‫ص َ‬ ‫ن الذين َيمن َُعون إذا وَ َ‬ ‫ول شك أ ّ‬
‫من َيقَبل عنه ذلك‪،‬‬ ‫جد َ‬ ‫ساهَُلون في ذلك‪ ،‬ولكن هذا إذا لم ي َ ِ‬ ‫الغلبية منهم سي َت َ َ‬
‫ل ذلك‪ ،‬وإذا قَد ّْرنا أ ّ‬
‫ن‬ ‫ن أحدا ل َيقب َ ُ‬ ‫مع ِبأ ّ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫مع ِبهذا ‪ ..‬لم ن َ ْ‬ ‫ن إلى الن لم َنس َ‬ ‫وَنح ُ‬
‫من الفقراء‬ ‫ن كثرة ً كاث َِرة ِ‬ ‫شخصا أو شخصْين أو ثلثة مثل ل َيقب َُلون ذلك فإ ّ‬
‫َ‬ ‫َيقب َُلون ذلك ‪ ..‬ما دام الرسو ُ‬
‫ف النسان ذلك وَيتُرك‬ ‫مَر ِبذلك ِلماذا ُيخال ِ ُ‬ ‫ل‪‬أ َ‬
‫ل ‪ ‬فإنه َيكون قد‬ ‫ده الرسو ُ‬ ‫حد ّ َ‬ ‫ج ما َ‬ ‫خَر َ‬‫من المعلوم أنه لو أ َ ْ‬ ‫أمرا واضحا جليا ؟! ِ‬
‫ح الثاِبت عن‬ ‫ري َ‬
‫ص الص ِ‬ ‫ل الن ّ ّ‬ ‫مت َث َ َ‬‫ل ذلك قد ا ْ‬ ‫مٍع عليه وقب َ‬ ‫مج َ‬ ‫مرٍ ُ‬ ‫من التكِليف ِبأ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫َ‬
‫ج ما في معنى ذلك فإنه‬ ‫َ‬ ‫النبي ‪ ‬و َ‬
‫خَر َ‬ ‫من أ ْ‬ ‫ريح‪ ،‬و َ‬ ‫من ذلك ِبذلك الّنص الص ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬
‫ة‬
‫ت ِبذلك الغلِبي ُ‬ ‫ضحا جِليا وقد قال ْ‬ ‫ث استنباطا وا ِ‬ ‫من الحدي ِ‬ ‫ج ما ُيستنَبط ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫قد أ َ ْ‬

‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه نصه ‪:‬‬


‫طحين أو الّدقيق المعروف عندنا ؟‬
‫جها َمطحوَنًة َكال ّ‬ ‫ح ِإخرا ُ‬
‫صّ‬‫س‪ :‬وِبالنسبة ِللحبوب‪ ،‬هل َي ِ‬
‫ت قد َتتأّثر ِبذلك أما‬
‫حَن ْ‬
‫ض الحبوب لكن إذا طُ ِ‬
‫ن فائدة في اّدخار بع ِ‬ ‫ن قد َتكو ُ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ إذا كان ذلك ل ُيؤّثُر فيها ل ّ‬
‫إذا كانت لم َتتأّثر ِبذلك فل ماِنع ِمن ذلك‪.‬‬

‫‪247‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل العلم‬‫من أه ُِ‬ ‫ي ِ‬ ‫ج القيمة فهو على رأ ٍ‬ ‫من أ َ ْ‬


‫خَر َ‬ ‫ل العلم‪ ،‬أما َ‬ ‫من أه ِ‬ ‫قة ِ‬ ‫ح َ‬
‫السا ِ‬
‫ر‬
‫م ٍ‬
‫جأ إلى أ ْ‬ ‫شبَهة وي َل ْ َ‬ ‫ض فيه ول ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ح الجِلي الذي ل غ ُ ُ‬ ‫ض َ‬
‫مَر الوا ِ‬ ‫فِلماذا َيتُر ُ‬
‫ك ال ْ‬
‫م والوَْلى‬
‫سل َ ُ‬‫عد ُ عليه ؟! فال ْ‬ ‫ث ل ُتسا ِ‬ ‫ف فيه ‪ ..‬الكثُر على خلِفه والحادي ُ‬ ‫مخت َل َ ٍ‬
‫ُ‬
‫ل منه ذلك ول شك‬ ‫من َيقب َ ُ‬
‫جد َ‬ ‫َ‬
‫دل إلى القيمة إل إذا لم ي َ ِ‬ ‫صل ول َيع ِ‬ ‫ج ال ْ‬ ‫أن ُيخرِ َ‬
‫جد؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ِبأنه سي َ ِ‬
‫من خلل أجوبتكم القول بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا ويقول‬ ‫س ‪ :2‬استنتج ِ‬
‫ً‬
‫بأنهم يعملون بذلك منذ سنوات‪ ،‬فهل َيكون آِثما إن أخرج زكاة الفطر نقدا ؟‬
‫مه فل نقوى عليه‪ ،‬لنه ليس في المسألة دليل قاطع ل على‬ ‫ْ‬
‫ج‪ :‬أما الحكم ب ِت َأِثي ِ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى‬ ‫الجواز ول على عدم الجواز وإّنما في المسألة أ ّ‬
‫من‬‫آله وسلم‪-‬أمر ِبإخراجها كما جاء ذلك في الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها ِ‬
‫‪1‬‬
‫مل‬ ‫من الحبوب وقلنا إنه ُيح َ‬ ‫من أصناف معروفة ِ‬ ‫كتب الحديث ‪ ..‬أمر بإخراجها ِ‬
‫من اليام على حسب‬ ‫ما كان مشاِبها َلها عليها كالرز مثل‪ ،‬وأنا لم أقل في يوم ِ‬
‫حة‬ ‫مل ِ ّ‬
‫ما أذكر بجواز إخراج القيمة عن زكاة الفطر إل إذا كانت هنالك ضرورة ُ‬
‫من الحبوب فإنه في مثل هذه الحالة‬ ‫من َيقَبل منه شيئا ِ‬ ‫جد النسان َ‬ ‫ِبأن َلم ي َ ِ‬
‫َيدَفع إليه القيمة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫من الكلم في قضية إخراج اللحوم‬ ‫ما ذكرُته ِبالمس ِ‬ ‫م ّ‬‫أما إذا كان استنتجه‪-‬مثل‪ِ -‬‬
‫‪3‬‬
‫من النظر‬ ‫ن المسألة ِبحاجة إلى شيٍء ِ‬ ‫ت إ ّ‬ ‫مثل فأنا لم أجزم بذلك أبدا وإنما قل ُ‬
‫ض أهل العلم إلى جواز إخراج اللحوم‬ ‫من المعلوم أنه قد ذهب بع ُ‬ ‫والتمحيص‪ ،‬و ِ‬
‫ت‬
‫ن اللحم يوَزن ول ُيكال وزكاة الفطر جاء ْ‬ ‫من المعلوم بأ ّ‬ ‫في زكاة الفطر ولكن ِ‬
‫في الحبوب التي ُتكال ثم هي مذكورة في تلك الحبوب وهنالك فرق بْين اللحوم‬
‫طق التي‬ ‫ض المنا ِ‬
‫والحبوب ‪ ..‬نعم يمكن أن َنقول ِبجواز إخراج اللحوم في بع ِ‬
‫من القطب الشمالي‬ ‫ل اللحوم وذلك كالمناطق التي ِبالقرب ِ‬ ‫ب على أهلها أك ُ‬ ‫ي َغْل ِ ُ‬
‫من َيأخذ الحبوب فل َينبِغي العدول عن ذلك‪ ،‬ذلك‬ ‫ما عند وجود َ‬ ‫وما شابه ذلك أ ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ذ َك ََر زكاة َ الفطر ِبأنها َتكون في هذه‬ ‫أ ّ‬
‫ن الذهب والفضة كانا موجودْين في عصرِ النبي‪-‬صلى‬ ‫من المعلوم ِبأ ّ‬ ‫الشياء و ِ‬
‫من‬‫كن أن ُتخَرج الزكاة ِ‬ ‫كر ِبأنه ُيم ِ‬ ‫الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ولم َيذ ُ‬
‫‪4‬‬
‫مة موجود في إخراج زكاة‬ ‫الذهب والفضة ‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬الخلف بْين ال ّ‬
‫من العملت الحالية كما‬ ‫الفطر ِبالقيمة كالدنانير والدراهم والريالت وما شابهها ِ‬
‫أنه موجود عندهم في إخراج أصول هذه الشياء وهي الذهب والفضة‪ ،‬فل نقوى‬
‫ن زكاة الفطر واجبة‬ ‫من ذلك ولكننا َنقول إ ّ‬ ‫ل شيئا ِ‬ ‫من فَعَ َ‬ ‫على الحكم ب َِتأثيم َ‬
‫ص السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وينبغي‬ ‫ِبن ّ‬
‫من هذه الحبوب فهو قد‬ ‫جب ِباليقين فإذا د َفَعَ شيئا ِ‬ ‫من الوا ِ‬ ‫ِللنسان أن َيخُرج ِ‬
‫َ‬
‫مل فلماذا ل َيخُرج‬ ‫حت َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫مر ُ‬‫من هذا التكليف وإذا د َفَعَ القيمة فهو على أ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬‫َ‬
‫ذر ذلك‬ ‫ضح الجلي الذي ل غموض فيه ول شبهة ؟! أما إذا َتع ّ‬ ‫النسان ِباليقين الوا ِ‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 4‬من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-2‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 4‬من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-3‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 4‬من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪-4‬قال الشيخ‪ " :‬الحبوب " بدل ِمن " الذهب والفضة " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪248‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جد أحدا‪َ 5‬يقَبل منه ذلك فِللضرورة أحكامها‬ ‫ذر ِبأن َلم ي َ ِ‬
‫مت َعَ ّ‬
‫من اله ُ‬‫أو كان قريبا ِ‬
‫كن أن َيدَفع القيمة‪.‬‬ ‫صة ففي هذه الحالة ُيم ِ‬ ‫الخا ّ‬
‫َ‬
‫خذ َ ِبقو ٍ‬
‫ل‬ ‫وِبالنسبة إلى الماضي فل شيَء عليه‪ِ-‬بمشيئة الله تبارك وتعالى‪-‬لنه أ َ‬
‫من أقوال أهل العلم إن‬ ‫ل العلم أو أنه على أقل تقدير صادف قول ِ‬ ‫ل أه ِ‬‫من أقوا ِ‬‫ِ‬
‫حوط َله وِلغيره أن َيدَفعوا‬
‫سلم وال ْ‬‫كان ل َيعَلم ِبذلك‪ ،‬أما في المستقبل فال ْ‬
‫من الحبوب الواِردة في السّنة عن النبي ‪ ‬أو ما كان مشاِبها َلها في‬ ‫شيئا ِ‬
‫مما َيكُثر استعماُله في تلك البلد؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬ ‫معناها ِ‬
‫ن‬
‫ون أ ّ‬
‫ج القيمة نظرا لنهم َير ْ‬
‫جعون لخرا ِ‬‫س‪ :‬وإن كان الناس َيتش ّ‬
‫مصلحة الفقير في هذا الوقت حاجته إلى النقد ؟‬
‫زم ِبهذه العبادة وبعد َ ذلك إن شاء أن‬
‫ج‪ :‬لكن هنالك عبادة ‪ ..‬على النسان أن َيلت ِ‬
‫َيتبّرع ِبزيادة فذلك فيه خي ٌْر كثير ِبمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أما الواجبات فعلى‬
‫ت‪.‬‬
‫زم ِبها على حسب ما جاء ْ‬ ‫النسان أن َيلت ِ‬
‫جها زكاة‬
‫ح إخرا ُ‬
‫من غاِلب ما ُيقتات فَيص ّ‬
‫س ‪ :4‬اللحوم ِبأنواعها‪ ،‬هل ُتعتَبر ِ‬
‫فطر ؟‬ ‫ِلل ِ‬
‫من النظر والتمحيص‪ ،‬والعلماءُ‬ ‫ج‪ :‬في الحقيقة؛ هذه المسألة َتحتاج إلى شيٍء ِ‬
‫ج‬‫من إخرا ِ‬ ‫من َيقول ِبأنه لبد ِ‬ ‫دد ‪-1 ..‬بْين َ‬ ‫مش ّ‬ ‫خص و ُ‬ ‫مر ّ‬ ‫في هذه القضايا بْين ُ‬
‫صر على ما جاء في الروايةِ عن النبي‬ ‫ضهم َيقت ِ‬ ‫من أنواع الحبوب‪-2 ،‬بل بع ُ‬ ‫شيٍء ِ‬
‫خص فيما هو أبعد ُ‬ ‫من َيتر ّ‬‫مل عليها ما في معناها‪-4 ،‬ومنهم َ‬ ‫ضهم َيح ِ‬ ‫‪- ، 3‬وبع ُ‬
‫من َيقول‪ " :‬إنه لبد‬ ‫كن ذلك‪ ،‬ولكن على رأي َ‬ ‫صين ُيم ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫مر ّ‬ ‫ي اله ُ‬ ‫من ذلك‪ ،‬فعلى رأ ِ‬ ‫ِ‬
‫مل‬ ‫كن أن ُيح َ‬ ‫ما ُيم ِ‬‫م ّ‬‫ص الثابت عن النبي ‪ ‬وفي ما جاء في معناه ِ‬ ‫من التزام ِ الن ّ‬ ‫ِ‬
‫ضحا‪-‬أن‬ ‫ل في هذه القضية تأمل وا ِ‬ ‫م َ‬‫جيز ذلك‪ ،‬وأرى‪-‬حتى َنتأ ّ‬ ‫عليه " فإنه ل ي ُ ِ‬
‫ت عن النبي ‪ ‬وما هو في معناها كالحبوب‬ ‫صر على تلك النواع التي جاء ْ‬ ‫ُيقت َ‬
‫من أندر النادرات‬ ‫جد فيها ذلك وذلك ِ‬ ‫ض البلد التي ل ُيو َ‬ ‫مثل ُ اللهم إل في بع ِ‬
‫ث عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫ت في الحدي ِ‬ ‫فالرز مثل وإن كان لم َيأ ِ‬
‫ر‬
‫ت الغاِلب في بلدنا وكثي ٍ‬ ‫مل على ذلك لنه هو القو ُ‬ ‫من أن ُيح َ‬ ‫وسلم‪-‬ولكن لبد ِ‬
‫ل في ذلك ل َنقوى على‬ ‫م َ‬‫من البلدان المشاِبهة َلها أما ما عدا ذلك فحتى َنتأ ّ‬ ‫ِ‬
‫ض المورِ الخرى وأقول‪ :‬المسألة‬ ‫ل العلم في بع ِ‬ ‫ض أه ِ‬ ‫سعَ بع ُ‬ ‫خيص وإن ت َوَ ّ‬ ‫الّتر ِ‬
‫ت ساِبقا‪-‬وسَننظ ُُر فيها قريبا ِبمشيئةِ الله‪-‬‬ ‫من النظر‪-‬كما قل ُ‬ ‫جة إلى شيٍء ِ‬ ‫حتا َ‬‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ن الحاجة َتدعو إليها ولكن حتى ذلك أرى القتصار على تلك‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬ل ّ‬
‫ح‬
‫ض ٍ‬
‫مرٍ وا ِ‬ ‫عهدةِ التكليف ِبأ ْ‬ ‫من ُ‬ ‫ج النسان ِ‬ ‫النواع وما جاء في معناها حتى َيخُر َ‬
‫جب على‬ ‫من أن ُيؤد ّيَ هذا الوا ِ‬ ‫جبة ولبد ِ‬ ‫ن الزكاة َ وا ِ‬ ‫خر ل ّ‬ ‫مل احتمال آ َ‬ ‫جِلي ل َيحت ِ‬
‫مل الشك؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫مرٍ ل َيحت ِ‬ ‫أ ْ‬

‫رابعا ‪ :‬على من تجب ؟‬


‫‪1‬‬
‫س‪ :‬هل ُتشَرع فقط على الغِني أو على ك ّ‬
‫ل قاِدر ؟‬
‫ل العلم‪:‬‬
‫ف بْين أه ِ‬
‫ج‪ :‬في هذه المسألة خل ٌ‬
‫‪-5‬قال الشيخ‪ " :‬يقل أحد " بدل ِمن " يجد أحدا " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه نصه ‪:‬‬
‫س‪ :‬هل هي َتجب على الفقير والغني أم على الغني فقط ؟ وما هو َتعريفه ؟‬
‫‪249‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جب إل على الغِني‪.‬‬ ‫من َيقول‪ :‬ل ت َ ِ‬ ‫‪-1‬منهم َ‬


‫ف بينهم في ذلك‪.‬‬ ‫جب على الغِني والفقير " على خل ٍ‬ ‫من َيقول‪ " :‬ت َ ِ‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬
‫سد ّ حاجَته‬‫جد ما ي َ ُ‬ ‫جب على الغِني والفقير إذا كان ذلك الفقير ي َ ِ‬ ‫والذي َنراه أّنها ت َ ِ‬
‫ج زكاةَ‬
‫من أن ُيخرِ َ‬ ‫ة زائدة على ذلك فإنه لبد ِ‬ ‫ت بقي ٌ‬
‫قي َ ْ‬
‫من َيقوم ب ِعَوِْله وب َ ِ‬ ‫وحاجة َ‬
‫ض‬ ‫ل عام وليس هنالك دلي ٌ‬ ‫ن الدلي َ‬ ‫ف ْ‬
‫س ذلك على بع ِ‬ ‫ص ذلك‪ ،‬وقيا ُ‬ ‫ص ُ‬‫ل ُيخ ّ‬ ‫طر‪ ،‬ل ّ‬ ‫ال ِ‬
‫س ُيصاِدم الدليل ل‬ ‫ل قيا ٍ‬ ‫م ِللدليل وك ّ‬
‫صح لنه مصاد ِ ٌ‬ ‫س ل يَ ِ‬ ‫ف الزكاة فهو قيا ٌ‬ ‫أصنا ِ‬
‫عبرة َ به‪.‬‬

‫ملهم ؟‬
‫ضع‪ ،‬هل تش َ‬
‫س‪ :‬إخراجها حتى عن الطفال وحتى عن الر ّ‬
‫من ي َُعوُله حتى أ ّ‬
‫ن‬ ‫رج ذلك عن نفسه وعن كل َ‬ ‫ج‪ :‬نعم‪َ ,‬يجب على النسان أن ُيخ ِ‬
‫ل طلوع فجر يوم العيد وبعد غروب شمس اليوم‬ ‫من وُل ِد َ قب َ‬ ‫العلماء اختلفوا في َ‬
‫من رمضان‪:‬‬ ‫الخير ِ‬
‫من رمضان‪-‬أو‬ ‫من اليوم الخير ِ‬ ‫طر َتجب ِبغروب الشمس ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن زكاة ال ِ‬ ‫من رأى أ ّ‬ ‫ف َ‬
‫كما ُيعّبر عنه بعضهم‪ِ :‬بحلول ليلة العيد أو ِبرؤية هلل العيد‪-‬قال‪ :‬ل َيجب‪ 1‬على‬
‫طر‪.‬‬ ‫ف ْ‬‫رج عن ذلك الطفل زكاة َ ال ِ‬ ‫النسان أن ُيخ ِ‬
‫من قال‪ " :‬إنها َتجب ِبطلوع الفجر " قال‪َ :‬يجب عليه‪.‬‬ ‫َ‬
‫من قال ِبأنها َتجب ِبغروب الشمس وهذا الطفل قد وُل ِد َ بعد َ ذلك فل َيجب عليه‬ ‫و َ‬
‫ل أن ُيوَلد‪ ،‬فهو وُل ِد َ بعد َ غروب‬ ‫ت قب َ‬ ‫جب َ ْ‬
‫ن الزكاة قد وَ َ‬ ‫رج عنه الزكاة‪ ،‬ل ّ‬ ‫أن ُيخ ِ‬
‫ل طلوع الفجر‪ ،‬فهذا دليل‬ ‫الشمس‪ ،‬وأما على القول الخر فنعم‪ ،‬لّنه وُل ِد َ قب َ‬
‫واضح‪ ،‬والدليل هو الحديث الثابت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫ِبأنها تجب على الصغير والكبير ‪ ...‬إلى آخر الحديث‪ ،‬وهو حديث مشهور صحيح‬
‫من وُل ِد َ بعد َ ذلك‬‫ل غروب الشمس َتجب الزكاة عنه‪ ،‬و َ‬ ‫من وُل ِد َ قب َ‬ ‫معروف‪ ،‬ف َ‬
‫من يقول َتجب بغروب الشمس فل َيجب الخراج‪،‬‬ ‫فعلى الخلف الذي ذكرُته‪ ،‬ف َ‬
‫من يقول ِبأنها َتجب بطلوع الفجر فَيجب الخراج على مذهبه؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫و َ‬
‫ن‬
‫رج عنه ّ‬
‫س‪ :‬أيضا الشغالت المسلمات الموجودات في البيوت‪ ،‬هل ُيخ ِ‬
‫صاحب البيت ؟‬
‫رج عن العْبد‪ ,‬وهذه ليست ب ِعَب ْد َةٍ‬
‫ج‪ :‬ل‪ ،‬ل َتجب‪ ،‬لّنما َيجب على النسان أن ُيخ ِ‬
‫مَرّتب؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫ملو َ‬
‫كة وإنما َتعمل عنده ب ِ ُ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬

‫ج‪ِ :‬للعلماء في ذلك خلف كثير ‪ ..‬على َمن تجب ؟ هل َتجب على الغني فقط أو أنها َتجب أيضا على الفقيــر ؟ ِبش ـْرط أن‬
‫سّد حاجَته في ذلك اليوم وفي تلك اليام التي َيحتاج فيها إلى المــال‪ ،‬إذ ل ُيمكــن أن ُيقــال إنــه‬ ‫َيكون عنده شيء ِمن المال َي ُ‬
‫ضـّوُر جوعــا هــو‬ ‫ع في حّقه أن ُيخِرج الزكاة ثم َيجلس بعد ذلك‪-‬في ذلك اليوم أو في اليــام القليلــة الــتي بعــده‪َ-‬يت َ‬ ‫شَر ُ‬
‫ُي ْ‬
‫وَمن َيُعوُله‪ ،‬بل المراُد ِبالفقير الذي َتلزمه الزكاة‪-‬على رأي َمن يقول بذلك‪-‬هو َمن َيملك شيئا ِمن المال َيكفي ِلحــاجته‬
‫وحاجة من َيُعوُله‪ ،‬وهذا رأي حسن وفيه احتياط؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :11‬فقيرة‪ ،‬هل َتلَزمها زكاة الفطر ؟‬
‫سّد حاجَته في ذلك اليوم‪:‬‬ ‫جُد ما َي ُ‬
‫ب الزكاة على الفقير إذا كان َي ِ‬ ‫ف في وجو ِ‬ ‫ج‪ :‬قلنا‪ِ :‬للعلماءِ خل ٌ‬
‫جب على الفقير‪ ،‬ومعروف الفْرق بْين الغني والفقير‪.‬‬ ‫جب على الَغِني ول َت ِ‬ ‫ض العلماء قال‪ :‬هي َت ِ‬
‫‪-1‬بع ُ‬
‫سّد‬
‫جد ما َي ُ‬
‫جب عليه الزكاة أما الفقير الذي َي ِ‬ ‫سّد حاجَته في ذلك اليوم فل َت ِ‬ ‫جد ما َي ُ‬
‫‪-2‬وبعضُ العلماء قال‪ :‬الفقير الذي ل َي ِ‬
‫خِرج الزكاة؛ وهذا هو القرب إلى الصواب‪.‬‬ ‫حاجَته في ذلك اليوم ولدْيه زيادة ِمن الـَمال فعليه أن ُي ْ‬

‫‪-1‬سقط ِمن كلم الشيخ‪ " :‬ل "‪ ،‬وهو سهو منه تبّين ِبما أورده بعد‪.‬‬
‫‪250‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‪ :‬بالنسبة للزوجة أيضا ؟‬


‫خلف‪:‬‬ ‫ج‪ :‬في الزوجة ِ‬
‫رج عن نفسها إذا كانت‬ ‫ن على الزوجة أن ُتخ ِ‬ ‫من العلماء إلى أ ّ‬ ‫ذهبت طائفة ِ‬
‫َتمِلك مال‪.‬‬
‫رج عنها‪.‬‬ ‫ن على الزوج أن ُيخ ِ‬ ‫من أهل العلم إلى أ ّ‬ ‫وذهبت طائفة ِ‬
‫ل خيٌر ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫وفي ك ّ‬
‫رج هي عن نفسها؛‬ ‫رج الزوج عنها وُتخ ِ‬ ‫ط ِبأن ُيخ ِ‬‫ب بعض العلماء الحتيا َ‬ ‫واستح ّ‬
‫ن هذا ل َيخُرج عن الحتياط‪ ،‬إذ ل ُيمكن أن نقول ِبوجوب الزكاة عنها مرتين‪،‬‬ ‫ولك ّ‬
‫َ‬
‫ت عن نفسها فل حرج‪ ،‬وإن أخَرج عنها الزوج‪-‬على القول الخر‪-‬فل‬ ‫ج ْ‬‫فإن أخَر َ‬
‫حرج بمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫جها في‬ ‫ْ‬
‫مر ِبإخرا ِ‬
‫ره أو ي َأ ُ‬
‫فر زكاةَ الفطر في سف ِ‬
‫رج المسا ِ‬
‫س ‪ :1‬هل ُيخ ِ‬
‫وطِنه ؟‬
‫ن زكاة َ الفطر فريضة كما جاء‬ ‫ما ل َيخفى‪-‬إن شاء الله تبارك وتعالى‪-‬أ ّ‬ ‫م ّ‬
‫ج‪ :‬إنه ِ‬
‫ث الثابت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فعليه‬ ‫ذلك في الحدي ِ‬
‫من‬‫ة على المساِفر كما أّنها واجبة على َ‬ ‫ل َيجوز لحد ٍ أن يتهاون ِبها‪ ،‬وهي واجب ٌ‬
‫ره من َيدَفع إليه زكاة الفطر فإنه‬ ‫جد في سف ِ‬ ‫كان في وطِنه‪ ،‬والمساِفر إن كان ي َ ِ‬
‫معَّلقة به وهو في ذلك الوقت في السفر‬ ‫يؤمر بإخراجها في سفره وذلك لنها ُ‬
‫حي في الموضع الذي هو فيه أما‬ ‫ض ّ‬
‫وهكذا بالنسبة إلى الضاحي فإن المسافر ي ُ َ‬
‫إذا كان ل َيجد أحدا في سفره يدفع إليه الزكاة بأن كان في مكان ل يوجد فيه‬
‫أحد من الفقراء أو كان ل يعرف هو في ذلك المكان أحدا من الفقراء ولم َيجد‬
‫أحدا ممن يثق به حتى يستعين به على معرفة الفقراء الموجودين في تلك‬
‫ممن‬ ‫كل غيره ِ‬‫المنطقة أو ما هو قريب منها من المناطق فإنه في هذه الحالة ي ُوَ ّ‬
‫يثق به من أهل بلده لن يدفعها في بلده وهو معذور‪-‬إن شاء الله تبارك وتعالى‪-‬‬
‫في ذلك؛ والله أعلم‪.‬‬

‫ل السرة ِبأكملها ِبما فيهم‬ ‫و َ‬ ‫وج في بيت أبيه وَيتوّلى الب َ‬


‫ع ْ‬ ‫من تز ّ‬
‫س ‪َ :3‬‬
‫طر ؟‬‫ف ْ‬
‫رج زكاةَ ال ِ‬ ‫من الذي ُيخ ِ‬
‫ده وزوجَته‪ ،‬في هذه الحالة َ‬
‫ول َ‬
‫رج عنه وعن زوجِته وعن‬ ‫ن عليه أن ُيخ ِ‬ ‫ج‪ :‬أما إذا كان هذا الولد َيمِلك مال فإ ّ‬
‫ت‬‫رج عن نفسها كما ذكر ُ‬ ‫ة ُتخ ِ‬ ‫ن الزوج َ‬‫من العلماء إلى أ ّ‬ ‫أولِده‪ ،‬وذهبت طائفة ِ‬
‫جه‬‫سه وعن أولِده وعن زو ِ‬ ‫رج عن نف ِ‬ ‫] ص ‪ ،[ 3‬وبالتالي هو الذي َيلَزمه أن ُيخ ِ‬
‫رج عن زوجه "؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫ن الزوج ُيخ ِ‬
‫من يقول‪ " :‬إ ّ‬
‫على رأي َ‬
‫َ‬
‫رج عنهم‬ ‫ل َلهم ِ‬
‫سواها‪ ،‬هل ُتخ ِ‬ ‫من الطفال ل عائ ِ َ‬ ‫مَلة عن َ‬
‫دها مجموعة ِ‬ ‫س ‪ :3‬أر َ‬
‫طر ؟‬‫ف ْ‬‫زكاةَ ال ِ‬
‫قوم ِبعوِلهم‬
‫ت تَ ُ‬‫رج عن أطفاِلها إذا كان ْ‬ ‫ج‪ :‬اختَلف العلماء في الم هل عليها أن ُتخ ِ‬
‫وليس هنالك َلهم عاِئل أو ل ؟‬
‫ب عليها لنها ت َُعوَلهم في سائرِ اليام وهذا دا ِ‬
‫خ ٌ‬
‫ل‬ ‫ج ُ‬‫من ذهب إلى أنه ي َ ِ‬ ‫من العلماء َ‬‫ِ‬
‫ول‪.‬‬ ‫في جملةِ العَ ْ‬
‫ب على الم‪.‬‬ ‫ج ُ‬‫ض العلماء إلى أنه ل ي َ ِ‬ ‫وذهب بع ُ‬
‫ة‬
‫من زكا ِ‬ ‫جب ِ‬ ‫رجون ِبه ما ي َ ِ‬‫وهذا كّله إذا كان أولئك الطفال ل َيمِلكون ما ُيخ ِ‬
‫من أهل العلم ذلك‬ ‫ي طائفةٍ ِ‬
‫رج على رأ ِ‬ ‫طر‪ ،‬أما إذا كانوا َيمِلكون شيئا فُتخ ِ‬ ‫الف ْ‬

‫‪251‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من‬ ‫من ماِلهم‪ ،‬وهذا هو المعروف في المذهب ِبأنها ُتخَرج‪-‬أعني زكاة َ الف ْ‬
‫طر‪ِ -‬‬ ‫ِ‬
‫ب ذلك في‬ ‫ض العلماء َيقول ِبعدم ِ وجو ِ‬ ‫ل اليتام كسائ ِرِ الزكاة‪ ،‬وإن كان بع ُ‬ ‫أموا ِ‬
‫ل العلم‬ ‫من أه ِ‬ ‫ن كثرة ً كاث َِرة ِ‬ ‫م التكِليف لك ّ‬ ‫ماِلهم لنهم مرفوع ٌ عنهم قَل َ ُ‬
‫ل‬
‫طر في ما ِ‬ ‫جبون‪-‬أيضا‪-‬زكاة َ الف ْ‬ ‫جبون الزكاة وُيو ِ‬ ‫ره فُيو ِ‬ ‫ُتفّرق بْين المال وغي ِ‬
‫من ماِلهم‪ ،‬أما‬ ‫رج ِ‬ ‫العلم ُتخ ِ‬ ‫ل‬
‫من أه ِ‬ ‫ي كِثيرٍِ ِ‬
‫الطفل‪ ،‬فإذا كان لدْيهم مال فعلى رأ ِ‬
‫َ‬
‫سن‬‫ح َ‬‫ت فذلك َ‬ ‫ج ْ‬ ‫خَر َ‬‫ل العلم ‪ ..‬إن أ ْ‬ ‫ف بْين أه ِ‬‫إذا َلم َيكن لدْيهم مال فعلى الخل ِ‬
‫ت ذلك وكان‬ ‫َ‬ ‫أما اليجاب فالقو ُ‬
‫ج ْ‬‫خَر َ‬‫ت وأ ْ‬ ‫من الصعوبة وإن احتاط ْ‬ ‫ل ِبه فيه شيٌء ِ‬
‫سن‪.‬‬
‫ح َ‬ ‫شقّ عليها فذلك َ‬ ‫ل يَ ُ‬
‫خامسا ‪ :‬لمن تخرج ؟‬
‫د‬
‫ري ُ‬
‫جب‪ ،‬ن ُ ِ‬
‫جب عليه الزكاة أو ل ت َ ِ‬ ‫س ‪َ :6‬تحدّث ُْتم ] ص ‪ [ 5‬عن الفقير الذي ت َ ِ‬
‫ن عددا‬ ‫ع إليه الزكاة على اعتبار أ ّ‬ ‫قير الذي ُتد َ‬
‫ف ُ‬ ‫منكم أن ُتحدُّثونا الن عن الف ِ‬
‫عوُلوَنهم كِثيُرون أو‬ ‫دد الذين ي َ ُ‬
‫ع َ‬
‫هم راتب محترم لكن َ‬ ‫من الناس قد َيكون لدي ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪1‬‬
‫قراء ؟‬ ‫متطل َّبات الحياة‪ ،‬فهل هؤلء ُ‬
‫ف َ‬ ‫ُ‬ ‫يوفوا‬ ‫ُ‬ ‫أن‬ ‫عون‬ ‫طي‬ ‫ت‬‫يس‬
‫َ َ ِ ُ‬ ‫ل‬
‫طر‪:‬‬‫ل حال؛ زكاة ُ الف ْ‬ ‫ج‪ :‬على ك ّ‬
‫ف إليه زكاة ُ المال‪-‬وهم‬ ‫صَر ُ‬‫من ت ُ ْ‬ ‫صَرف إلى َ‬ ‫ض العلماء ذهب إلى أنها ت ُ ْ‬ ‫بع ُ‬
‫م بْين‬ ‫َ‬
‫س َ‬‫ق َ‬ ‫ب أن ت ُ ْ‬ ‫ج َ‬‫من أوْ َ‬ ‫ة القرآنية ‪-‬بل منهم َ‬
‫‪2‬‬
‫حد ّد َت ُْهم الي ُ‬ ‫ف الثمانية الذين َ‬ ‫الصنا ُ‬
‫تلك الصناف‪.‬‬
‫كين فقط؛ وهذا هو‬ ‫قراِء والمسا ِ‬ ‫ف َ‬‫من ذهب إلى أنها ُتدَفع إلى ال ُ‬ ‫من العلماء َ‬ ‫و ِ‬
‫كين‪.‬‬ ‫قراِء والمسا ِ‬ ‫دفُعها إل إلى الفُ َ‬ ‫جوز َ‬ ‫حيح‪ ،‬ومعنى ذلك أنها ل ي َ ُ‬ ‫ل الص ِ‬ ‫القو ُ‬
‫مُر ِبعك ْ ِ‬
‫س‬ ‫جد شيئا‪ ،‬وال ْ‬ ‫من ل ي َ ِ‬ ‫كين َ‬ ‫قير أو المس ِ‬ ‫ف ِ‬
‫ن ال َ‬ ‫ض الناس ي َظ ُّنون أ ّ‬ ‫وبع ُ‬
‫م ب ِعَوِْله فَله أن َيأ ُ‬
‫خذ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫من ي َ ُ‬‫سد ّ حاجِته وحاجةِ َ‬ ‫فيه ل ِ َ‬ ‫من كان ما لدْيه ل َيك ِ‬ ‫ذلك ‪َ ..‬‬
‫ْ‬
‫ت زكاة َ فطر‪ ،‬ول‬ ‫ت هذه الزكاة زكاة َ مال أو كان ْ‬ ‫من الزكاة وت ُد َْفع إليه سواء كان ْ‬ ‫ِ‬
‫ُيضي ّقُ على الناس‪.‬‬
‫سن َِته‪.‬‬‫ت َ‬ ‫جد ُ قو َ‬ ‫من ل ي َ ِ‬ ‫من قال‪َ :‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫ف ذلك‪.‬‬ ‫من قال ِبخل ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫سد ّ حاجِته‬ ‫فيه ل ِ َ‬ ‫ن ذلك ل َيك ِ‬ ‫ة ِريال ولك ّ‬ ‫ساِوي مئ َ‬ ‫مرّتبا ي ُ َ‬ ‫ضى ُ‬ ‫قا َ‬ ‫فشخص‪-‬مثل‪-‬ي َت َ َ‬
‫ُ‬
‫صل على ثلثمائة ِريال‪-‬مثل‪-‬أو‬ ‫سَرة كِبيَرة َيح ُ‬ ‫ُتدَفع َله الزكاة‪ ،‬بل شخص ل َد َْيه أ ْ‬
‫َ‬
‫ف الناس‬ ‫سد ّ حاجِته ُتدَفع َله الزكاة ‪ ..‬ذلك َيختِلف ِباختل ِ‬ ‫فيه ل ِ َ‬ ‫أكَثر وذلك ل َيك ِ‬
‫جون إليه‬ ‫طق‪-‬مثل‪-‬وما َيحتا ُ‬ ‫من المنا ِ‬ ‫قة ٍ ِ‬ ‫من ي َُعوُلون وفي أ َيّ منط ِ َ‬ ‫ف أحوال َ‬ ‫وِباختل ِ‬
‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه نصه ‪:‬‬
‫س ـّد قــو َ‬
‫ت‬ ‫جد ما َي ُ‬‫جد فقير في هذا الزمان ل َي ِ‬ ‫طيه النسان الزكاة‪ ،‬إذ إنه ل يو َ‬ ‫س‪َ :‬من هو الفقير الذي ُيمكن أن ُيع ِ‬
‫ذلك اليوم ؟‬
‫ت ذلك‬‫سّد قو َ‬ ‫جد ما َي ُ‬‫ف كثير ِمن الفقهاء الفقير ِبهذا التعريف ولكنه ل َيلزم أن يكون الفقير في واقع المر ل َي ِ‬ ‫عّر َ‬ ‫ج‪ :‬نعم َ‬
‫جد َمن‬‫ظر النسان إلى الفقراء فيعطي َمن هو أشد حاجة ِمن غيره‪ ،‬فإذا َو َ‬ ‫خص فيما هو أوسع ِمن ذلك‪ ،‬فَين ُ‬ ‫اليوم‪َ ،‬بل ُيتَر ّ‬
‫حّد الفقير‪-‬وإن لم‬ ‫خل في َ‬ ‫ق العلماء على أنه دا ِ‬ ‫ن هذا أْولى ِمن غيره‪ِ-‬لحاجته ولتفا ِ‬ ‫ت ذلك اليوم ل شك أ ّ‬ ‫جد قو َ‬ ‫ل َي ِ‬
‫سّده حتى أكثَر ِمن ذلــك؛‬ ‫جد ما َي ُ‬
‫ت شهِره؛ وبعض العلماء يقول‪ :‬ما َي ِ‬ ‫جد َمن هو في هذا الحّد فيعطيها َمن ل َيجد مثل قو َ‬ ‫َي ِ‬
‫سّد حاجَته في ذلك اليوم‪ ،‬بل هي أوسع ِمن ذلك‪.‬‬ ‫طر وكذا في الزكاة على َمن ل َيجد ما َي ُ‬ ‫صر في زكاِة الِف ْ‬ ‫فل ُيقَت َ‬

‫ن َوِفي‬
‫ب َواْلَغاِرِمي َ‬
‫عَلْيَها َواْلُمَؤّلَفِة ُقُلوُبُهْم َوِفي الّرَقا ِ‬
‫ن َ‬
‫ن َواْلَعاِمِلي َ‬
‫ساِكي ِ‬
‫ت ِلْلُفَقَراء َواْلَم َ‬ ‫‪-2‬قال ال تعالى‪ِ  :‬إّنَما ال ّ‬
‫صَدَقا ُ‬
‫حِكيٌم ‪ ] ‬سورة التوبة‪ ،‬الية‪.[ 60 :‬‬ ‫عِليٌم َ‬‫ل َ‬‫ل َوا ُ‬ ‫نا ِ‬ ‫ضًة ّم َ‬
‫ل َفِري َ‬ ‫سِبي ِ‬
‫ن ال ّ‬
‫ل َواْب ِ‬
‫لا ِ‬
‫سِبي ِ‬
‫َ‬

‫‪252‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من ي َُعوُلوَنه أو ل ‪ ..‬ال ْ‬


‫مُر‬ ‫سد ّ حاجِتهم وحاجةِ َ‬ ‫فيِهم ما ل َد َي ِْهم ل ِ َ‬‫‪ ..‬إذن العبرة ُ هل َيك ِ‬
‫من الناس إلى السؤال عن هذه‬ ‫جئ كِثيرا ِ‬ ‫ل َيضيق‪ ،‬وإنما السَبب الذي ي ُل ْ ِ‬
‫من ل‬ ‫قير َ‬ ‫ن الف ِ‬ ‫قراء هو ظ َن ُّهم أ ّ‬
‫دون فُ َ‬‫ج ُ‬ ‫كال وأنهم ل ي َ ِ‬ ‫ش َ‬‫ست ِ ْ‬‫المسألة وإلى ال ْ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫فين َ ُ‬‫س ِ‬‫ما ال ّ‬‫كين ‪ ..‬الله‪-‬تعالى‪َ-‬يقول‪ :‬أ ّ‬ ‫َيمِلك شيئا وهكذا ِبالنسبةِ إلى المسا ِ‬
‫فيَنة‬ ‫كون س ِ‬ ‫ن ‪ ] ...‬سورة الكهف‪ ،‬من الية‪ .. [ 79 :‬هم َيمل ِ ُ‬ ‫كي َ‬
‫سا ِ‬
‫م َ‬
‫ت لِ َ‬ ‫فَ َ‬
‫كان َ ْ‬
‫فيِهم‬‫ولكن ذلك ل َيك ِ‬
‫ف‬
‫ر ِ‬
‫مقصوَرة على الفقراء والمساكين أو أّنها ُتعطى في مصا ِ‬
‫ي َ‬‫س‪ :‬هل ه َ‬
‫ة المال ؟‬
‫زكا ِ‬
‫ج‪ :‬ل‪ ،‬هي ُتدَفع إلى الفقراء والمساكين‪.‬‬
‫ف ِللحديث الثابت عن النبي ‪ .. ‬الزكاةُ‬ ‫ف ذلك فقوُله ُ‬
‫مخال ِ ٌ‬ ‫من قال ِبخل ِ‬ ‫و َ‬
‫طر فل ُتدفَعُ إل‬‫ف ْ‬
‫ف الثمانية وأما ِبالنسبةِ إلى زكاةِ ال ِ‬‫المعروفة ُتدفَعُ إلى الصنا ِ‬
‫ث عن النبي ‪. ‬‬ ‫إلى الصنفْين المذكوَرْين في الحدي ِ‬
‫ص واحد ؟‬ ‫رس ‪ :4‬زكاةُ ال ِ ْ‬
‫فطر‪ ،‬هل ُتعطى ِلشخ ٍ‬
‫ص واحد إذا كان ل َيخُرج ِبذلك عن حد ّ الفقر إلى‬ ‫ج‪ :‬نعم َيجوز أن ُتعطى ِلشخ ٍ‬
‫ي هذا‬‫ة َتحتاج إلى الزكاة فل َينبغي أن ي ُعْط ِ َ‬
‫حد ّ الغنى ولكن إذا كانت هنالك جماع ٌ‬
‫طي‬‫ض الناس ي ُعْ ِ‬ ‫ص واحد وي َت ُْر َ‬
‫ك البقية الباقية أما إذا كان بع ُ‬ ‫النسان زكاَته ِلشخ ٍ‬
‫طي المجموعة الخرى‪-‬وما شابه ذلك‪-‬فل حرج‬ ‫هذه المجموعة والبقية الخرى ت ُعْ ِ‬
‫ت‪-‬عن حد ّ الفقر إلى حد ّ‬‫ص واحد إذا كان ل َيخُرج‪-‬كما قل ُ‬ ‫ولو أعطاها ِلشخ ٍ‬
‫الغنى‪.‬‬
‫من حساب عدد أفرادها ؟‬ ‫كن أن ُتد َ‬
‫فع إلى أسرة واحدة أم لبد ِ‬ ‫س ‪ :11‬هل ُيم ِ‬
‫من ذلك‬ ‫من حد ّ الفقر إلى الغنى فل مانع ِ‬ ‫ج‪ :‬إذا كانت تلك السرة ل َتخرج بذلك ِ‬
‫دد ‪ ..‬المرسلة ُتدَفع إلى‬ ‫من العَ َ‬
‫ت لبد فيها ِ‬ ‫‪ ..‬هذه ليست كالكفارات ‪ ..‬الكفارا ُ‬
‫من عشرة‬ ‫َ‬
‫كن أن ُتدَفع المرسلة إلى أقَ ّ‬
‫ل ِ‬ ‫سّتين‪ ،‬ول ُيم ِ‬ ‫عشرة‪ ،‬والمغلظة إلى ِ‬
‫سّتين ول إلى‬ ‫من ِ‬ ‫من عشرة‪ ،‬والمغلظة ل يمكن أن ُتدَفع إلى أقل ِ‬ ‫ول إلى أكثر ِ‬
‫ت واحد كما‬ ‫ص أو ِلبي ٍ‬ ‫من ستين ‪ ..‬زكاة ُ الفطر يمكن أن َتدفع جماعة ِلشخ ٍ‬ ‫أكثر ِ‬
‫حد‪ ،‬وإنما‬ ‫أنه يمكن النسان أن ُيفّرقَ الصاع الواحد على شخصين ‪ ..‬هذه ل ت ُ َ‬
‫من حد ّ الفقر إلى الغنى ‪ ..‬نعم ل يمكن‬ ‫الحد ّ في ذلك أل ّ َيخُرج ذلك الشخص ِ‬
‫ضوُّر أصحاُبها‬ ‫ة البيوت َيت َ‬ ‫ت واحد وهنالك بقي ُ‬ ‫من الناس َتدَفع إلى بي ٍ‬ ‫لجماعةٍ كبيرة ِ‬
‫سير؛‬
‫من النظر في هذه القضية‪ ،‬وهذا والحمد لله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ي َ ِ‬ ‫جوعا ‪ ..‬لبد ِ‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫ن زكاة َ الفطر ُتدَفع إلى الفقراء‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ي الجواب‪-‬أريد أن أن َّبه إلى أ ّ‬ ‫و‪-‬قبل أن أن ْهِ َ‬
‫والمساكين‪ ،‬ول َيجوز دفُعها إلى الغنياء‪.‬‬
‫من الناس‬ ‫من الناس َيقومون ِبتوزيِعها على طائفةٍ كبيرة ِ‬ ‫من كثيرٍ ِ‬ ‫هده ِ‬ ‫فما ُنشا ِ‬
‫صح أبدا؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫من غيرِ أن ُيفّرقوا بْين غني وفقير هذا ل ي َ ِ‬ ‫ل البلد ِ‬ ‫من أه ِ‬‫ِ‬
‫وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬

‫غالة ؟‬
‫س ‪ :10‬هل َيجوز إعطاءُ زكاة الفطر ِللوالدة أو الش ّ‬
‫ن‬
‫قا وليست مجرد دعوى ل ّ‬ ‫ج‪ :‬أما الشّغالة إن كانت فقيرة وَيعَلم بأنها فقيرة ح ّ‬
‫ض البلدان الخرى ل َيعَلم النسان ِبأنهم ِ‬
‫من‬ ‫ملون في بع ِ‬ ‫ض العمال الذين َيع َ‬
‫بع َ‬
‫من الفقراء‬ ‫قا ِ‬
‫ضهم ح ّ‬
‫من الغنياء في بلداِنهم وهذا أمٌر موجود وبع ُ‬ ‫الفقراء ‪ ..‬هم ِ‬
‫‪253‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫قا وسواًء كان هذا العامل رجل أو امرأة فنعم‬ ‫فإن كان هو ي َِثق ِبأنها فقيرة ح ّ‬
‫رين فل ثم‬ ‫من الكاف ِ‬ ‫من المسِلمين أما إذا كان ِ‬ ‫َيجوز أن ُتدَفع إليه الزكاة إذا كان ِ‬
‫جد المسلم‬ ‫رين اللهم إل إذا لم ُيو َ‬ ‫ت للكاف ِ‬ ‫ل‪ ،‬لنها حقّ ِللمسِلمين وليس ْ‬
‫خر ولكن‪-‬طبعا‪-‬هم موجودون فل داعي إلى الكلم ِبأنهم إذا لم‬ ‫أبدا فذلك أمٌر آ َ‬
‫مة فما داموا موجوِدين فلُتدَفع إلى فقراِء المسِلمين‬ ‫ل الذ ّ ّ‬ ‫جدوا ُتدَفع إلى أه ِ‬ ‫ُيو َ‬
‫زي أن ُتدَفع إلى غي ِ‬
‫رهم‪.‬‬ ‫ول ُيج ِ‬
‫أما ِبالنسبةِ إلى الوالد َْين‪:‬‬
‫دد في دفِع الزكاة إليهما سواًء كانت هذه الزكاة زكاة َ أموال‬ ‫ض العلماء ُيش ّ‬ ‫‪-1‬فبع ُ‬
‫فطر‪.‬‬ ‫أو كانت زكاة َ ال ِ‬
‫ل والديه فإنه‬ ‫جب عليه أن َيعو َ‬ ‫ض العلماء َيقول‪ :‬إن كان هذا الشخص ل ي َ ِ‬ ‫‪-2‬وبع ُ‬
‫ح له‬ ‫ص ّ‬
‫جب عليه أن َيقوم ِبعوِلهما فل ي َ ِ‬ ‫له أن َيدفَعَ إليهما الزكاة وأما إذا كان ي َ ِ‬
‫كم عليه بذلك أو أنه إذا كان ليس معهما‬ ‫ح ِ‬ ‫جب عليه ؟ هل إذا ُ‬ ‫ذلك‪ ،‬وبقي متى ي َ ِ‬
‫كم عليه ِبذلك ؟ وهذا هو الصحيح عندي ولكن‬ ‫سد ّ حاجِتهما ولو لم ُيح َ‬ ‫ما َيكفي ل ِ َ‬
‫ة واِلدْيه أما إذا كان هو‬ ‫جدا ِلما َيسد ّ حاجَته وَيسد ّ حاج َ‬ ‫ِبشرط أأأقغأن َيكون وا ِ‬
‫فق‬ ‫جب عليه في هذه الحالة أن ُين ِ‬ ‫فيه ِلسد ّ حاجِته فإنه ل ي َ ِ‬ ‫جد إل ما َيك ِ‬ ‫فقيرا ل ي َ ِ‬
‫ت عليه الزكاة مثل فإنه َيدَفع ذلك‬ ‫جب َ ْ‬
‫على واِلدْيه ِلعدم وجود ِ ذلك وعليه لو وَ َ‬
‫إليهما أو إلى أحدهما‪.‬‬
‫ت هذه الزكاة فيما َيتعّلق ِبما هما محتاجان إليه‬ ‫ض العلماء َيقول‪ :‬إن كان ْ‬ ‫‪-3‬وبع ُ‬
‫ن هذا أمٌر‬ ‫س الحاجة كالطعام واللباس فل َيجوز له أن َيدَفع إليهما الزكاة ل ّ‬ ‫أم ّ‬
‫جب‬ ‫ض المور التي ل ي َ ِ‬ ‫طيع على ذلك أما إذا كان في بع ِ‬ ‫واجب عليه إذا كان َيست ِ‬
‫ن عليهما ديون ِبسبب غيرِ النفقة أو ما شابه ذلك فإنه َيجوز‬ ‫عليه ذلك كأن َتكو َ‬
‫ح ل غباَر عليه ففي حقيقةِ الحال إذا د َفَعَ زكاَته‬ ‫ن هذا صحي ٌ‬ ‫له ذلك؛ ول شك بأ ّ‬
‫من المساعدة قام ِبمساعدِتهما‬ ‫إلى غيرِ واِلدْيه وإذا كانا َيحتاجان إلى شيٍء ِ‬
‫ن هذا‪-‬أعني الطعام الذي َيدَفعه إليهما في زكا ِ‬
‫ة‬ ‫وعوِنهما فذلك هو المطلوب ل ّ‬
‫ب النفقة‬ ‫من با ِ‬ ‫خر فهو ِ‬ ‫دماِنه في الغاِلب إل ِللكل وليس لمرٍ آ َ‬ ‫الفطرة‪-‬ل َيستخ ِ‬
‫‪1‬‬
‫ل هذه المور‬ ‫سلم في مث ِ‬ ‫جب عليه‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬أن لو وجد ذلك فال ْ‬ ‫التي ت َ ِ‬
‫من‬ ‫من أن َيخُرج ِ‬ ‫جب عليه ولبد ِ‬ ‫ن هذا المر وا ِ‬ ‫أن َيحتاط النسان لمر ِديِنه ل ّ‬
‫ضح ل غباَر عليه‬ ‫جب بأمرٍ وا ِ‬ ‫الوا ِ‬

‫سادسا‪ :‬أحكام عامة في زكاة الفطر‬


‫د قبل أن ُيخب َِره ثم َأخب ََره‬ ‫طر عن أح ٍ‬‫ف ْ‬
‫ن زكاةَ ال ِ‬ ‫ج النسا ُ‬
‫َ‬
‫س ‪ :4‬إذا أخَر َ‬
‫ُ‬
‫و تلك‬ ‫مخَرج عنه ؟ علما ِبأنه َلم ي َن ْ ِ‬
‫ة ذلك الق ُ‬ ‫م ُ‬
‫ع الزكاة‪ ،‬هل ت َب َْرأ ِذ ّ‬ ‫بعدَ أن دَ َ‬
‫ف َ‬
‫العبادة‪.‬‬
‫ن العمال َتكون ِبالنيات‪ ) :‬إّنما العمال ِبالنيات وإّنما ِلك ّ‬
‫ل‬ ‫ج‪ :‬في الحقيقة أ ّ‬
‫ل عبادة أن تكون بعد َ النية‪ ،‬فهذا‬‫امرئ ما نوى ( ‪ ..‬هذا هو الصل ‪ ..‬الصل في ك ّ‬
‫ره الزكاة َ َلم ي َن ْوِ ذلك الغيُر ِبأّنها زكاة وهي في‬ ‫َ‬
‫الشخص الذي أخَرج عن غي ِ‬

‫جد " بدل ِمن " وجد " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪-1‬قال الشيخ " لم َي ِ‬
‫‪254‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من‬ ‫سه سواء كان ذلك ِ‬‫رج الزكاة َ ِبنف ِ‬ ‫سلمة له أن ُيخ ِ‬ ‫ل متعّلقة ب ِذ ِ ّ‬
‫مِته فال ّ‬ ‫الص ِ‬
‫رج بعد َ ذلك الزكاة‪.‬‬ ‫خر وُيخ ِ‬‫صآ َ‬
‫ماله الصلي أو أن ي َهََبه شخ ٌ‬
‫ض المسائل المشاِبهة ِلهذه المسألة‬ ‫ض العلماء في بع ِ‬ ‫والّترخيص الذي ذ َك ََره بع ُ‬
‫ص‬ ‫ُ‬ ‫ن العم ُ‬ ‫ل َينبِغي التعوي ُ‬
‫ل ب ِِنية ‪ ..‬نعم إذا أخب َِر شخ ٌ‬ ‫ن الصل أن َيكو َ‬ ‫ل عليه‪ ،‬ل ّ‬
‫ِبأّنه سُيخَرج عنه الزكاة ونوى هو ذلك فالمر سهل أما أن َيكون ذلك بعد َ الخراج‬
‫حب الشخص الفقير ‪ ..‬بعد ذلك َيقوم هذا الشخص ِبالنية‬ ‫وبعد َ أن َيتمّلك ذلك اله َ‬
‫من الحرج ما فيه‪.‬‬ ‫فهذا فيه ِ‬
‫من البناء مسألة زكاة الفطر ولو لم‬ ‫من يستوعب ِ‬ ‫س‪ :‬إذن على هذا َ‬
‫ضر مث َ‬
‫ل هذه النية ؟‬ ‫عر ِبهذه العبادة حتى َيستح ِ‬ ‫َيكن باِلغا‪ ،‬هل ي ُ ْ‬
‫ش َ‬
‫ل‬‫نك ّ‬ ‫لأ ّ‬ ‫م طويل عريض حول هذه القضية‪ ،‬والص ُ‬ ‫ج‪ :‬في الحقيقة؛ ِللعلماء كل ٌ‬
‫رج عنه زكاةَ‬ ‫ده هو الذي ُيخ ِ‬ ‫ن سي ّ َ‬ ‫سه ِباستثناء العبد فإ ّ‬ ‫ب ِبالزكاة ِبنف ِ‬ ‫خاط َ ُ‬
‫ص يُ َ‬ ‫شخ ٍ‬
‫ة الصحيحة في " صحيح‬ ‫ل له الرواي ُ‬ ‫َ‬ ‫الفطر ‪ ..‬هذا هو القول الصحيح‪ ،‬كما َتد ّ‬
‫جل‬ ‫من أ ْ‬ ‫مل فيه ِ‬ ‫ده وقتا َيع َ‬ ‫مر ِبإعطاِء عب ِ‬ ‫ن السيد ُيؤ َ‬ ‫بأ ّ‬ ‫من ذ َهَ َ‬ ‫مسلم " خلفا ل ِ َ‬
‫من الحبوب التي ُتخَرج ِبه‬ ‫ري ِبه شيئا ِ‬ ‫من المال َيشت ِ‬ ‫ل على مقدارٍ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫أن َيح ُ‬
‫ل المال‬ ‫ص َ‬ ‫ح ّ‬ ‫جب على النسان أن ي ُ َ‬ ‫ن معناه أنه ي َ ِ‬ ‫الزكاة فهذا القول فيه ما فيه‪ ،‬ل ّ‬
‫مخاِلف ِللقواعد المعروفة‪ ،‬أما ِبالنسبة إلى ك ّ‬
‫ل‬ ‫ل أن َيدَفع الزكاة وهذا ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫من أ ْ‬ ‫ِ‬
‫ت طائفة‬ ‫ب ِبذلك ولكن ذهب ْ‬ ‫مخاط َ ٌ‬ ‫سه وهو ُ‬ ‫وي هو نف ُ‬ ‫ل أن َين ِ‬ ‫من الفراد الص ُ‬ ‫فرد ٍ ِ‬
‫من َيعوله كالولدِ‬ ‫ُ‬ ‫ج الزكاةِ عنه وع ّ‬ ‫مُر ِبإخرا ِ‬‫ن ُيؤ َ‬‫ن النسا َ‬ ‫من أهل العلم إلى أ ّ‬ ‫ِ‬
‫من الباء والجداد‪ ،‬فعلى هذا‬ ‫جب عليه عولهم وهكذا ِبالنسبةِ إلى أصوِله ِ‬ ‫ُ‬ ‫الذين ي َ ِ‬
‫وي ذلك ‪..‬‬ ‫طب ِبذلك وإذن هو الذي َين ِ‬ ‫رج عنهم ‪ ..‬هو المخا َ‬ ‫جب عليه أن ُيخ ِ‬ ‫أنه ي َ ِ‬
‫ُ‬
‫جب عليه عولهم‬ ‫ن جدا‪ ،‬أما الذين ل ي َ ِ‬ ‫نعم إذا أخبَرهم ِبذلك ون َوَْوا ذلك فذلك حس ٌ‬
‫ن ذلك‬ ‫من أن َيقوموا ِبالنية على أ ّ‬ ‫هر أنه إذا أراد أن َيدَفع عنهم غيُرهم لبد ِ‬ ‫فالظا ِ‬
‫زكاة عنهم ‪ ..‬هذا الذي َيظهر ِلي؛ والعلم عند الله‪.‬‬

‫من الناس‬‫ع الموال ِ‬ ‫م ِ‬


‫سهم ِلج ْ‬
‫عين هّيؤوا أنف َ‬ ‫من المتبّر ِ‬
‫ة ِ‬
‫مجموع ٌ‬ ‫س ‪ :4‬هناك َ‬
‫زي‬
‫ل أن َيشت َُروا ِبها أْرزا ُيوّزعوَنه على الفقراء‪ ،‬فهل ُيج ِ‬ ‫ج ِ‬
‫من أ ْ‬‫عيد ِ‬
‫ل ال ِ‬ ‫ُ‬
‫قب َي ْ َ‬
‫ع هذه الزكاة وهم‬‫موا عنه ِبتوزي ِ‬ ‫هذا النسان أن ُيعطَِيهم ذلك المبَلغ حتى ي َ ُ‬
‫قو ُ‬
‫ِثقات كما َيقول ؟‬
‫دون إليه زكاةَ‬ ‫من ُيؤ ّ‬ ‫رفون‪-‬أيضا‪َ -‬‬ ‫من الثقات الذين ي َث ِقُ ِبهم أّول ثم َيع ِ‬ ‫ج‪ :‬إذا كانوا ِ‬
‫ن كثرة ً كاث َِرة‬‫طيِهم النقود‪-‬ل ّ‬ ‫طيهم لكن َيجعُلهم وكلء حتى ل ُيع ِ‬ ‫طر فنعم ُيع ِ‬ ‫الف ْ‬
‫من‬‫ج النقود‪-‬فهم وكلء َيشَترون َله الْرز أو غي َْره ِ‬ ‫جيُز إخرا َ‬ ‫ل العلم ل ت ُ ِ‬ ‫من أه ِ‬‫ِ‬
‫َ‬
‫سائ ِرِ الحبوب التي ُتدَفع إلى الفقراء ثم إذا أعطاهم ذلك على سِبي ِ‬
‫ل‬
‫مها لكن َيدَفعون تلك الزكاة‬ ‫مجّرد وكلء ‪ ..‬إذا قَد ّ َ‬ ‫المانة‪-‬مثل‪-‬أو ما شابه ذلك ‪ُ ..‬‬
‫عي المعروف‪.‬‬ ‫ت الشر ِ‬ ‫في الوق ِ‬
‫لك ّ‬
‫ل‬ ‫طر ‪ ..‬قب َ‬ ‫ج زكاةِ الف ْ‬ ‫ت الذي َيجوز فيه إخرا ُ‬ ‫العلماء اختَلفوا كِثيرا في الوق ِ‬
‫طر‪:‬‬ ‫ب ِبه زكاة ُ الف ْ‬ ‫ج ُ‬
‫ت الذي ت َ ِ‬ ‫شيء اختَلفوا في الوق ِ‬
‫س‬
‫ب الشم ِ‬ ‫ب الشمس‪ ،‬وهذا هو المشهور ‪ِ ..‬بغرو ِ‬ ‫جب ِبغرو ِ‬ ‫من قال‪ :‬إنها ت َ ِ‬ ‫منهم َ‬
‫ة الِعيد فذلك‬ ‫ت ليل ُ‬‫ت الشمس ودخل ْ‬ ‫من شهرِ رمضان ‪ ..‬إذا غرب ْ‬ ‫خرِ يوم ٍ ِ‬‫من آ ِ‬ ‫ِ‬
‫طر‪.‬‬‫جب ِبه زكاة ُ الف ْ‬ ‫الوقت هو الوقت الذي ت َ ِ‬
‫جرِ يوم ِ الِعيد‪.‬‬ ‫ب ِبطلوِع ف ْ‬ ‫ج ُ‬‫من ذهب إلى أنها ت َ ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫‪255‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ب ِبالوقتْين معا‪.‬‬ ‫ج ُ‬ ‫من قال‪ :‬إنها ت َ ِ‬ ‫ومنهم َ‬


‫ب ِبطلوِع الشمس‪.‬‬ ‫ج ُ‬ ‫من قال‪ :‬ت َ ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫سًعا‬
‫موَ ّ‬ ‫من رمضان وجوًبا ُ‬ ‫خرِ يوم ٍ ِ‬ ‫من آ ِ‬ ‫من قال‪ :‬تجب بغروب الشمس ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫جر‪.‬‬ ‫إلى طلوِع الف ْ‬
‫من قال ِبغي ْرِ ذلك‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫ت الصلة‪.‬‬ ‫ن وق ُ‬ ‫حي َ‬ ‫جر إلى أن ي َ ِ‬ ‫ب ِبطلوِع الف ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫من َيقول إنها ت َ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫كقو ِ‬
‫فعَ النهار‪.‬‬ ‫ب إلى أن َيرت ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫من َيقول ِبأنها ت َ ِ‬ ‫وكقول َ‬
‫ن القولْين المشهوَرْين هما‪:‬‬ ‫إلى غي ْرِ ذلك‪ ،‬ولك ّ‬
‫من رمضان "‪.‬‬ ‫خرِ يوم ٍ ِ‬ ‫سآ ِ‬ ‫ب شم ِ‬ ‫ب ِبغرو ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫من قال‪ " :‬ت َ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫‪-1‬قو ُ‬
‫جرِ يوم ِ الِعيد "‪.‬‬ ‫ب ِبطلوِع ف ْ‬ ‫ج ُ‬
‫من َيقول‪ " :‬إنها ت َ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫‪-2‬وقو ُ‬
‫ل هو المشهور‪.‬‬ ‫والوّ ُ‬
‫ت الوجوب‪ ،‬وعليه‪:‬‬ ‫فهذا هو وق ُ‬
‫من‬‫ي َ‬ ‫من رمضان‪ :‬على رأ ِ‬ ‫خرِ يوم ٍ ِ‬ ‫سآ ِ‬ ‫ب شم ِ‬ ‫من وُل ِد َ َله‪-‬مثل‪-‬مولود ٌ بعد َ غرو ِ‬ ‫َ‬
‫ب الشمس " َيقول‪ " :‬غَرَبت الشمس وهذا ليس‬ ‫َ‬ ‫مجّرد ِ غرو ِ‬ ‫ب بِ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫َيقول‪ " :‬إنها ت َ ِ‬
‫‪1‬‬
‫من َيقول‪ " :‬إنها ِبطلوِع الفجر "‪.‬‬ ‫ي َ‬ ‫ج عنه الزكاة " ِبخلف رأ ِ‬ ‫عليه أن ُيخرِ َ‬
‫ض‬ ‫َ‬ ‫ت َله مّيت َيعوُله‪-‬على رأ ِ‬
‫ي َيقول ِبذلك مطلقا‪ ،‬أو في بع ِ‬ ‫من ما َ‬ ‫وهكذا َ‬
‫الحوال‪ُ-‬يفّرق بْين القولْين‪.‬‬
‫قد ِ‬‫ب نفقُتها ‪ ..‬هل ِبمجّرد ِ الع ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫خلف متى ت َ ِ‬ ‫ب ال ِ‬ ‫ج امرأة ً على حس ِ‬ ‫وهكذا َلو ت ََزوّ َ‬
‫رج الزكاة عن زوجِته‬ ‫خ ِ‬‫جل ي ُ ْ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫قول‪ " :‬إ ّ‬ ‫من ي َ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ت إليه ؟ وهذا على رأ ِ‬ ‫أو إذا ُزفّ ْ‬
‫"‪.‬‬
‫َ‬ ‫مل َ َ‬
‫عه‪.‬‬ ‫ك عْبدا أو أع ْت َقَ عْبدا أو با َ‬ ‫وهكذا َلو َ‬
‫ب هذا‬ ‫س ِ‬ ‫ة ب َِهذه المسألة على ح ْ‬ ‫من القضايا التي َلها علقَ ٌ‬ ‫وهكذا في كِثيرٍ ِ‬
‫الخلف‪.‬‬
‫ض في‬ ‫ري ٌ‬ ‫لع ِ‬ ‫وي ٌ‬ ‫فط ِ‬ ‫طر‪-‬فِللعلماِء خل ٌ‬ ‫ت ِإخراج الزكاة‪-‬أعني زكاة َ الف ْ‬ ‫أما وق ُ‬
‫ِ‬
‫من يوم ِ الِعيد‬ ‫جر ِ‬ ‫ل شيء‪-‬هو بعد َ طلوِع الف ْ‬ ‫لك ّ‬ ‫فق عليه‪-‬قب َ‬ ‫ت المت ّ َ‬ ‫ذلك ‪ ..‬الوق ُ‬
‫ق العلماءِ‬ ‫دى زكاة َ الف ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طر ِباّتفا ِ‬ ‫قد أ ّ‬ ‫جها في هذا الوقت ف َ‬
‫َ‬
‫خَر َ‬ ‫إلى صلةِ الِعيد ‪ ..‬إذا أ ْ‬
‫َ‬
‫زيه ذلك‬ ‫ف هل ُيج ِ‬ ‫خَرها عن ذلك فِللعلماِء خل ٌ‬ ‫ل ذلك أو أ ّ‬ ‫داها قب َ‬ ‫طبة‪ ،‬أما إذا أ ّ‬ ‫قا ِ‬
‫أو ل ؟‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جها في أ ّ‬ ‫خَر َ‬‫ل يوم ‪ ..‬إذا أ ْ‬ ‫من أوّ ِ‬ ‫جها في رمضان ِ‬ ‫خَر َ‬‫زيه إذا أ ْ‬ ‫من قال‪ُ :‬يج ِ‬ ‫منهم َ‬
‫زيه ذلك‪.‬‬ ‫رمضان المباَرك فُيج ِ‬ ‫من شهرِ‬ ‫يوم ٍ ِ‬
‫زيه ذلك‪.‬‬ ‫َ‬
‫ف الشهر فُيج ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫جها بعد َ منت َ‬ ‫خَر َ‬ ‫من قال‪ :‬إذا أ ْ‬
‫َ‬
‫ومنهم َ‬
‫زيه ذلك‪.‬‬ ‫خر ُيج ِ‬ ‫شرِ الوا ِ‬ ‫جها في العَ ْ‬ ‫خَر َ‬ ‫من قال‪ :‬إذا أ ْ‬ ‫ومنهم َ‬
‫زيه ذلك‪.‬‬ ‫جها قب َ‬ ‫َ‬
‫من يوم ِ الِعيد فُيج ِ‬ ‫ل ثلثةِ أيام ٍ ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫من قال‪ :‬إذا أ ْ‬ ‫ومنهم َ‬
‫طر يوما أو يومْين‪ ،‬وهل هذا ِللتخِيير أو‬ ‫م زكاة الف ْ‬ ‫دي ُ‬ ‫من قال‪َ :‬يجوُز تق ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫مها يوما أو يومْين‪،‬‬ ‫ويع ؟ ‪ ..‬ما معنى ذلك ؟! ِللتخيير أن ُيخّير الشخص أن ُيقد ّ َ‬ ‫ِللتن ِ‬
‫ة وعشرين يوما‬ ‫ن شهُر رمضان تسع ً‬ ‫ويع فذلك ِباعتبارِ الشهر ‪ ..‬قد َيكو ُ‬ ‫أما ِللتن ِ‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬الشمس " بدل ِمن " الفجر " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬

‫‪256‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مها يوما وإذا كان‬ ‫ن ثلثين يوما فإذا كان ثلثين يوما فمعنى ذلك أنه قَد ّ َ‬ ‫وقد َيكو ُ‬
‫مها يومْين‪.‬‬ ‫قد ّ َ‬ ‫تسعة وعشرين فَ َ‬
‫من شهرِ رمضان‪.‬‬ ‫خرِ يوم ٍ ِ‬ ‫سآ ِ‬ ‫ب شم ِ‬ ‫جها بعد َ غرو ِ‬ ‫جيُز إخرا َ‬ ‫ضهم ي ُ ِ‬ ‫وبع ُ‬
‫فق عليه‪ ،‬وهو‬ ‫عي الذي ذ َك َْرناه ‪ ..‬اله ُ‬
‫مت ّ َ‬ ‫جيُز ذلك إل في وقِتها الشر ِ‬ ‫من ل ي ُ ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫جر إلى صلةِ الِعيد‪.‬‬ ‫فيما بْين طلوِع الف ْ‬
‫أما التأخير‪:‬‬
‫جيز في ذلك اليوم‪.‬‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫فمنهم َ‬
‫جيز حتى فيما بعد‪:‬‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫خرِ شهرِ شوال‪.‬‬ ‫ده ِبآ ِ‬ ‫حد ّ َ‬ ‫من َ‬ ‫منهم َ‬
‫ومنهم ب ِِعيد ِ الضحى‪.‬‬
‫من أجازه مطَلقا‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫ر‬
‫ذة ِلكثي ٍ‬ ‫حيحة ومناب ِ َ‬ ‫ث الص ِ‬ ‫من هذه القاِويل باط َِلة عاط َِلة مناب ِذ َة ٌ ِللحادي ِ‬ ‫وكثير ِ‬
‫من ضمِنها هذه‬ ‫عية التي ِ‬ ‫خذ منها المسائل الشر ِ‬ ‫من الد ِّلة الخرى التي ُتؤ َ‬ ‫ِ‬
‫المسأَلة‪.‬‬
‫ة‬
‫جرِ يوم ِ الِعيد إلى صل ِ‬ ‫جها بعد َ طلوِع ف ْ‬ ‫م ِبإخرا ِ‬ ‫قو َ‬ ‫من استطاع أن ي َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ول شك أ ّ‬
‫ق‬
‫ش ّ‬ ‫من َ‬ ‫وط َله‪ ،‬و َ‬ ‫ح َ‬‫سَلم َله في ِديِنه وال ْ‬ ‫الِعيد ‪ ..‬أي في هذا الوقت فذلك هو ال ْ‬
‫ن بِعيد عنه‬ ‫جد ُ فقراء في ذلك الوقت ِبأن كانوا في مكا ٍ‬ ‫عليه ذلك ‪ ..‬إذا كان ل ي َ ِ‬
‫ل‪-‬ليلةِ الِعيد فذلك‬ ‫ق دخو ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ل‪-‬شهرِ شوال ‪ ..‬أو بعد َ َتح ّ‬ ‫ق دخو ِ‬ ‫ق ِ‬‫جها بعد َ َتح ّ‬ ‫خَر َ‬ ‫فإذا أ َ ْ‬
‫من يوم أو‬ ‫خص أكَثر ِ‬ ‫خص فل َينبِغي َله أن ي َت ََر ّ‬ ‫ل بأس عليه ِبمشيئة الله‪ ،‬وإذا ت ََر ّ‬
‫ل ذلك فل ينبِغي‪.‬‬ ‫ويِع كما ذ َك َْرُته ] ص ‪ .. [ 8‬أما قب َ‬ ‫يومْين على التن ِ‬
‫هذا الشخص‪-‬إذن‪-‬إذا أعطاهم المال ِبمثابة المناء مثل ‪ ..‬قال َلهم ِبأنهم ل‬
‫ق‬‫ق ِ‬ ‫كه إل بعد َ َتح ّ‬ ‫مل ِ‬ ‫من ُ‬ ‫جها ِ‬ ‫مون ِبإخرا ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫َيدفَُعون هذه الزكاة إلى أهِلها ‪ ..‬أي ل ي َ ُ‬
‫ُ‬
‫س‪ِ-‬بمشيئةِ‬ ‫ده فل بأ َ‬ ‫ت الوقت‪-‬فهم أمناء عن َ‬ ‫ت الذي َتجوز فيه‪-‬وقد ذكر ُ‬ ‫ل الوق ِ‬ ‫دخو ِ‬
‫الله تبارك وتعالى‪-‬عليه‪ ،‬أما أن َيدفَُعوا الزكاة في غي ْرِ وقِتها فل ‪ ..‬لبد أن‬
‫ض القوال أو ما‬ ‫خص ِببع ِ‬ ‫من ي َت ََر ّ‬ ‫من الناس َيجهَُلون‪ ،‬ومنهم َ‬ ‫ن كِثيرا ِ‬ ‫ُيخب َِرهم‪-‬ل ّ‬
‫من ماِله وهم بعد َ ذلك‬ ‫َ‬
‫شابه ذلك‪-‬أما أن َيدَفع هو َلهم القيمة على أنه قد أ ْ‬
‫جها ِ‬ ‫خَر َ‬
‫ج القيمة ثم معنى ذلك‪-‬أيضا‪-‬أنه قد‬ ‫خَر َ‬ ‫َيتصّرُفون ‪ ..‬معنى ذلك هو‪-‬أّول‪-‬أنه قد أ َ ْ‬
‫من هذه القضية‪:‬‬ ‫من أن ي َت َث َّبت ِ‬ ‫حد ّد ِ َلها‪ ،‬فلبد ِ‬ ‫م َ‬ ‫كه قبل وقِتها اله ُ‬ ‫من مل ِ‬ ‫جها ِ‬ ‫أَ ْ‬
‫خَر َ‬
‫ط‪-‬أيضا‪-‬أن ي ُوَك َّلهم أن َيشَتروا‬ ‫شْر ِ‬ ‫جوُز د َفُْعها وب ِ َ‬ ‫ت الذي ي َ ُ‬ ‫إما أن َيدفََعها في الوق ِ‬
‫َله أْرزا‪ ،‬أو َيجعَلهم ُأمناء في ذلك الوقت وبعد َ ذلك َيشت َُرون َله ِبمشيئةِ الله‬
‫تبارك وتعالى‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬أحكام عامة في الزكاة‬


‫س‪ :‬امرأة تتصدق بما عندها لقاربها وللفقراء وتعطي السائل ول تحمل‬
‫ن ما تتصدق به ما هو إل زكاة‬
‫صفة البخل إل أنها ل تؤمن بالزكاة لنها ترى أ ّ‬
‫وعندما نقول لها هنالك فرق بينهما تقول أستحي أن أقول للناس هذه زكاة‬
‫والن تقول تطلب من فضيلتكم بأن توضحوا لهذه المرأة الفرق بين الصدقة‬
‫والزكاة وهل يشترط أن يقال للمعطي هذه زكاة ؟‬

‫‪257‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج‪ :‬إن الزكاة فريضة من فرائض السلم بل هي ركن كم أركانه العظام كما صح ذلك في‬
‫الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد نصت اليات القرآنية والحاديث‬
‫ن‬
‫النبوية على وجوبها وأجمعت المة السلمية على ذلك هذا ومن الجدير بالذكر أ ّ‬
‫الجماعات في مثل هذه القضايا هي أمور ضرورية أي أنه لبد من أن تجمع المة على مثل‬
‫هذه المور ول ينبغي للنسان أن يشتغل بالبحث عن أقوال الناس في مسألة نصت اليات‬
‫القرآنية والحاديث النبوية الصحيحة الثابتة على وجوبها أو على حرمتها أو ما شابه ذلك من‬
‫الحكام لن الجماع ضروري في مثل هذه القضايا فما يذكره بعضهم من إن العلماء‬
‫يذكرون الجماعات في مثل هذه القضايا هل يعني ذلك أنهم بحثوا عن كل رأي من أقوال‬
‫الناس حتى وجدوا أن كل فرد من أفراد العلماء قد أجمع عليها ل قيمة له ‪ ،‬ذلك لنها أي‬
‫هذه المسائل ليست بحاجة إلى البحث عن أقوال الرجال فيها لن الجماع ضروري فيها كما‬
‫قلت ولو أن شخصا ً قال بخلف ذلك فإنه يكون كافرا ً والعياذ بالله تبارك وتعالى لنه أنكر‬
‫أمرا ً معلوما ً من الدين بالضرورة فمن أنكر أمرا ً وهو معلوم من الدين بالضرورة كمثل هذه‬
‫القضية فهو خارج عن السلم ول حاجة للبحث عن قوله بل يجب عليه أن يرجع إلى‬
‫السلم وإل حكم عليه بأحكام المرتدين ولذلك أرى أن هذه الكلمة التي ذكرتها السائلة نم‬
‫أن هذه المرأة ل تؤمن بفرض الزكاة أرى أن هذه الكلمة من الخطورة بمكان فل ينبغي‬
‫ن فلنا ً أو فلنه ل تؤمن بفرض الزكاة فذلك أمر خطير لنه يقتضي أن ذلك‬ ‫التسرع بأ ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫النسان قد خرج من خطيرة السلم إلى الشرك لنه أنكر أمرا معلوما من الدين بالضرورة‬
‫كما قلن فالزكاة والصيام والحج والصلة من المور المعلومة من الدين بالضرورة ومن‬
‫أنكرها كافر كما قلت فهذه المرأة ل أظنها تنكر فرض الزكاة وإنما تستحي من ذكر أن هذا‬
‫المال الذي تخرجه بأنه زكاة وعلى ذلك فأظنها أنها ل تنوي الزكاة وإذا كانت تنوي بذلك‬
‫الزكاة فالمر سهل فتقول إن الصدقة شاملة للزكاة ولغيرها لن الصدقة تارة تكون واجبة‬
‫وتارة تكون مندوبة والواجبة منها ُتخص بأسم الزكاة فعلى هذه المرأة التي تحسن إلى‬
‫المحتاجين من الفقراء وغيرهم وتحسن إلى أقاربها عليها أول ً أن تهتم بفرض الزكاة لن‬
‫الزكاة من المور الواجبة بينما ذلك الحسان تارة يكون واجبا ً وتارة يكون مندوبا ً ول ينبغي‬
‫لحد أن يقدم المندوبات على المفروضات ول يمكن أن يقال بأن تلك المندوبات تقوم مقام‬
‫الفرائض التي افترضها الله تبارك وتعالى وعليه فإن كانت هذه المرأة عندما تخرج هذا‬
‫المال تنوي به الزكاة ولكنها ل تسميها باسمها أو ل تذكر ذلك ولكنها تنوي ذلك وتخرج ذلك‬
‫دده الشارع وتعطي ذلك المال للفقراء والمساكين أي الذين تجب‬ ‫بحسب المقدار الذي ح ّ‬
‫لهم الزكاة فل إشكال في القضية أما إذا كانت تكتفي بهذه الصدقات وهذه التبرعات‬
‫عنلزكاة فإن ذلك ل يجزيها قول ً واحدا ً عند علماء المسلمين وعليها أن تتوب إلى الله تعالى‬
‫وان تخرج الزكاة بنيتها وبمقدارها إلى أهلها المخصوصين عن الماضي وتسلك هذا المسلك‬
‫أيضا ً في المستقل وأما بالنسبة إلى إخبار الفقراء بأن هذا المر زكاة فإذا كان النسان‬
‫ن هذا النسان من الفقراء في ذلك الوقت الذي يعطيه ذلك المبلغ الذي هو‬ ‫متأكدا ً بأ ّ‬
‫المقدار الشرعي الذي افترضه الله تبارك وتعالى فإنه ل يلزمه بأن يخبره بذلك ولكن ذلك‬
‫مطلوب من جهة أن بعض الناس ل يريدون أن يأخذ والزكاة يتورعون عن ذلك نعم إذا‬
‫عرف أن ذلك النسان من الفقراء وعرف بأنه يأخذ الزكاة فل حرج في عدم أخباره وإن‬
‫كان الفضل بأن يخبره مخافة أن يكون قد استغنى عن الزكاة ولكن كما قلت إذا كان‬
‫هنالك احتمال بأنه استغنى عن فرض الزكاة فلبد من البحث عن ذلك والله تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬هل يعطى طالب العلم من الزكاة إذا كان قادرا ً على الزكاة فيما لو ترك‬
‫العلم ‪.‬‬
‫ً‬
‫ج‪ :‬نعم تدفع الزكاة لطالب العلم الشرعي إذا كان فقيرا ل يجد ما يسد ّ به حاجته من يقوم‬
‫بمؤونته وذلك لنه فقير أول ً ولنه في جهاد حيث إنه يطلب العلم الشرعي الذي ينبغي لكل‬
‫إنسان إذا كان قادرا ً عليه أل يفرط فيه ولو كان هذا الطالب أن لو ترك هذا العلم أو تشاغل‬
‫عنه يستطيع أن يكسب المال الذي يسد ّ حاجته وحاجة من يقوم بمؤونته ولهذا الطالب أيضا ً‬

‫‪258‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫أن يشتري الكنز الضرورية التي يحتاج إليها من الزكاة ل أن يشتري كتبا ً تزيد على حاجته‬
‫فمثل ً بعض طلبة العلم الصغار يحتاجون إلى كتاب بهجة النوار وتلقين الصبيان والوضع‬
‫والدلئل أو يحتاجون إلى أكثر من ذلك من الكتب ولكنهم ل يحتاجون إلى بعض الكتب‬
‫الكثيرة الكبيرة كشرح النيل أو المعارج أو فتح الباري ذلك لنهم ل يستطيعون استيعاب ما‬
‫في هذه الكتب فهم يشترون من الزكاة ما يحتاجون إليه وأما ما كان فوق حاجتهم فليس‬
‫لهم أن يشتروا ما يؤسسون به مكتبة وكذلك من كان أكبر من هؤلء الطلبة له أن يشتري‬
‫ما يحتاج إليه من الكتب ولو كانت أكبر من هذه الكتب التي ذكرناها فبإمكانه أن يشتري‬
‫مثل جوهر النظام للمام السالمي رحمه الله وأن يشتري شرح الجامع والمعارج وإذا كان‬
‫يحتاج إلى فتح الباري أو إلى غير هذه الكتب التي يحصل منها العلم الشريف وأريد بالطالب‬
‫الذي تدفع له الزكاة الطالب المجد ّ المجتهد لطلب العلم أما أولئك الذين يتكاسلون في‬
‫طلب العلم وإنما يتظاهرون بالطالب يذهبون إلى الشيخ الفلني أو إلى الشيخ الفلني من‬
‫أجل طلب العلم على حسب زعمهم ولكنهم في حقيقة الواقع ل يجدون في ذلك إذا اشتغل‬
‫الشيخ بالفتوى ل يستمعون إلى الشيخ إل بالقليل النادر وإذا شتغل بشرح شيء من الكتب‬
‫يفكرون في أمور خارجة عن ذلك الدرس فهم ل يستوعبون منه إل النزر اليسير فأمثال‬
‫جدون في الطلب ول يجتهدون في تحصيل العلم فأمثال هؤلء ل تدفع لهم‬ ‫هؤلء الذين ل ي ّ‬
‫الزكاة إذا كانوا قادرين على العمل وإنما تدفع كما قلت للذين يجتهدون ويجدون في طلب‬
‫العلم في الليل ولكنها وذلك لن هذا من الجهاد الذي سيعلون به بمشيئة الله تعالى كلمة‬
‫الله تبارك وتعالى حيث أنهم بعد ذلك سيقومون بتبليغ هذا العلم إلى عباد الله سبحانه‬
‫وتعالى وسينقذونهم من الجهل الذي هم فيه وسيبينون لهم الواجب والمندوب والحرام‬
‫والمكروه إلى غير ذلك من الحكام الشرعية بل إذا احتاج الطالب المجد ّ المجتهد إلى‬
‫الزواج من الزكاة فل مانع من ذلك بشرط أن ل يكون هنالك تبذير للمال ول أن تكون هنالك‬
‫مغالة في الصداق أو ما شابه ذلك مما يتعلق بتجهيز المرأة إلى غير ذلك من المور إن لم‬
‫يكن هنالك شيء من المغالة فإن لم يكن هنالك تبذير ول إسراف وكان محتاجا ً للزواج ولن‬
‫يشغله ذلك الزواج عن طلب العلم وللجد والجتهاد فيه فل مانع من ذلك والله تعالى ولي‬
‫التوفيق ‪.‬‬

‫س‪ :‬هل توجد زكاة في الراتب الشهري ؟‬


‫ج‪ :‬الراتب الشهري ل تجب فيه الزكاة إذا كان ذلك الشخص الذي يتقاضاه ينفقه في ذلك‬
‫الشهر أو بعده مباشرة بمعنى أنه ل يحول عليه الحول بعد أن بلغ النصاب فإذا كان النسان‬
‫ت يقوم بنفقته على نفسه أو يتصدق به أو ما شابه ذلك‬ ‫الذي يتقاضى ذلك الراتب كما قل ُ‬
‫من المور ول يبقى معه منه شيء أو ل يبقى معه إل القليل فإنه ل تجب عليه الزكاة وأريد‬
‫بالقليل هو ذلك القليل الذي ل يصل النصاب أما إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول سواء‬
‫ن ذلك الشخص يملك غيره من الموال بحيث إنه إذا جمع ذلك‬ ‫كان بمفرده أو كان قليل ولك ّ‬
‫الراتب وذلك المبلغ الذي تبقى من الراتب إلى ذلك المال الذي يملكه من غير الراتب فإنه‬
‫يبلغ النصاب فتجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول فالنسان مثل إذا ملك في هذا الشهر‬
‫مائه ريال زادت على حاجته وملك في الشهر الثاني كذالك مائه أخرى فإنه ينتظر متى يبلغ‬
‫النصاب وقد ذكرنا أكثر من مرة أن الريالن ل يمكن أن نحدد لها نصاب إل بالنظر إلى قيمة‬
‫الذهب فإنها إذا بلغت قيمة عشرين مثقال ً من الذهب فإنها تجب فيها الزكاة إذا حال عليها‬
‫الحول فإذا ملك النسان مقدار ما يساوي عشرين مثقال ً من الذهب وحال عليها الحول‬
‫حل عليه الحول فل زكاة فيه إل كما‬ ‫القمري فإنه يجب عليه أن يخرج من الزكاة أما إذا لم ي ُ‬
‫قلت إذا كان هناك شيء من المال الخر الذي يملكه النسان سواء كان من الريالت أو من‬
‫الذهب فإنه ينظر إلى الكل بعد أن يحول عليه الحول وبعد أن يحول الحول بعد أن ملك‬
‫النصاب يزكي ذلك بقيت هنالك قضية هي أن النسان مثل ً يملك النصاب من الريالت في‬
‫شهر رمضان ثم يتقاضى في الشهر الذي يليه راتبا ً ثم يتقاضى في الشهر الذي يليه راتبا ً‬
‫وهكذا إلى أن يحول عليه الحول في رمضان فكيف يزكي ؟ حال عليه الحول على الراتب‬
‫‪259‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الذي يتقاضاه في رمضان بينما الحول لم يمض علي بقية الرواتب الخرى فهنا بإمكانه أن‬
‫يقوم بزكاة ذلك المال الذي ملكه في شهر رمضان وهكذا بعد ذلك يزكي عن بقية المال‬
‫الذي يليه يزكي عن شوال وذي القعدة وهكذا ويمكنه وهو السلم له بأن يقوم بإخراج‬
‫الزكاة جميعها في شهر رمضان ويكون ذلك من باب تقديم الزكاة على وقتها وهو المعروف‬
‫بالتعجيل في الزكاة وذلك جائز بنص السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم ‪.‬‬
‫وأريد بالتقديم تقديم زكاة الشهور الخرى أما بالنسبة إلى الذي بلغ في رمضان فإن ذلك‬
‫ليس من التعجيل في شيء هذا الذي ذهب إليه غير واحد من أهل العلم والحوط والسلم‬
‫أن يقدم لن ذلك أيسر وأسهل من أن يقوم زكاة كل شهر بمفرده ولكن إذا قام بإخراج‬
‫زكاة كل شهر بمفرده فذلك جائز في مثل هذه الصورة عند كثير من أهل العلم بخلف‬
‫بعض الصور الخر كمن ملك مثل أربعين شاة سائمة وكانت لها أولد وبلغت مثل مائة وواحد‬
‫وعشرين من الغنم فإنه يزكي عن الكل فيزكي عن المائة والواحد والعشرين ذلك لن ذلك‬
‫من النتائج ولو لم يحل الحول على تلك الماشية الصغيرة لنها تابعة لصلها وهكذا بالنسبة‬
‫إلى التجارة لو أن إنسانا ً حال الحول على تجارته وهنالك الفائدة التي يستفيدها من الزكاة‬
‫لم يحل عليها الحول مثل المال الصلي قيمته بحسب ما اشتراه تساوي ‪ 500‬ريال ولكنه‬
‫عندما يبيع ذلك المال سيأتي بقيمة أكثر عن ‪ 500‬ريال فتلك الزيادة هي فائدة لم يشتريها‬
‫بذلك المبلغ ولكنه يزكي ذلك المال بحسب ذلك القدر الذي يبيعه به فمثل قد تكون الفائدة‬
‫مائة ريال فيزكي عن ‪ 600‬ريال ولو لم يحل الحول على تلك الفائدة أما هذا المال عند‬
‫كثير من أهل العلم اعني الراتب فهو يختلف عن ذلك لنه لم يكن ناتجا ً عن ذلك الصل‬
‫وإنما هو شيء جدير لم يكتسبه من ذلك المال أما لو اكتسبه من ذلك المال لكانت زكاته‬
‫تجب بزكاة أصله على رأي كثير من أهل العلم الذي هو عليه العمل ومع ذلك فإنني أقول‬
‫مل الزكاة وهو قد خرج من‬ ‫الحوط أن يخرج زكاته مع ماله السابق فيكون بذلك قد ع ّ‬
‫أقوال العلماء قاطبة وهو السلم وأحوط له ثم أيضا ً فيه ما فيه من المشقة أن يخرج اليوم‬
‫زكاة اليوم الفلني وبعد شهر زكاة المال الفلني وبعد ذلك كذا وهكذا والله تعالى ولي‬
‫التوفيق ‪.‬‬

‫س‪ :‬كيفية زكاة سيارات الجرة ؟‬


‫ج‪ :‬سيارات الجرة نفسها ليست فيها زكاة وإنما الزكاة فيما يحصل من تلك الجارة أي من‬
‫جر إنسان سيارته بمبلغ من المال يساوي نصاب الزكاة وحال عليه‬ ‫إجارة تلك السيارة فلو أ ّ‬
‫الحول سواء كان بمفرده يبلغ النصاب أو مع مال أخر من جنس ذلك المال أي من الذهب‬
‫أو الريالت أو الدراهم العصرية باختلف أنواع العملت في الدول المعروفة فإذا بلغ النصاب‬
‫بمفرده أو مع مال آخر كما ذكرت وحال عليه الحول فإن الزكاة تجب في تلك الجرة سواء‬
‫أجّر تلك السيارة أو كان هو يعمل على تلك السيارة بنقل الركاب أو بنقل البضائع أو ما‬
‫شابه ذلك فإذن السيارة نفسها ل تجب فيها الزكاة وإنما تجب في الجرة بشرط أن يحول‬
‫عليها الحول بعد ملك النصاب سواء بلغ بمفرده أو مع مال آخر من الذهب أو ما يقوم‬
‫مقامه من الدراهم أو الريالت أو الدنانير والله تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬كيفية زكاة البيت المؤجر ؟‬


‫ج‪ :‬من ملك دارا ً أو مكانا ً وأجّرة على غيره فإن الزكاة ل تجب في ذلك الدكان أو تلك الدار‬
‫نفسها وإنما تجب في أجرة تلك الدار أو في أجرة ذلك الدكان إذا بلغت تلك الجرة النصاب‬
‫الشرعي المعروف الذي تجب فيها الزكاة وحال عليها الحول فإذا بلغت قيمة الجرة ما‬
‫يساوي عشرين مثقال ً من الذهب وحال الحول عليها أو زادت على ذلك أو كان النسان‬
‫يملك مال ً آخر أي يملك شيئا ً من الذهب أو الدراهم أو الدنانير أو الريالت أو ما شابه ذلك‬
‫من العملت المعروفة فإنه يضم ذلك المقدار الذي حصل عليه من أجرة ذلك الدكان أو تلك‬
‫الدار إلى ما عنده وإذا حال الحول عليهما جميعا ً فإنه يخرج الزكاة عنهما جميعا ً أما إذا كان‬
‫‪260‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ذلك النسان يصرف ما يحصل عليه من الجرة في ذلك الشهر أو لم يبق إلى أن حال عليه‬
‫الحول فإنه ل زكاة فيه هذا هو القول الصحيح والله تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬بعض المؤجرين يتقاضى أجرة المحل الذي أجرة في السنة بمعنى أنه‬
‫يطلب عليه دفعه مقدمة فهل في هذه الحال زكاة ؟‬
‫ج‪ :‬إذا أصرف ذلك المبلغ فإنه ل زكاة فيه أو صرف أغلبه بحيث أنه نقص عنه مقدار الزكاة‬
‫مه إليه أو ضم هذا إلى ذلك والمعنى واحد أما إذا أبقي إلى أن‬
‫أل إذا كان هناك مال آخر ض ّ‬
‫حال عليه الحول ففيه زكاة ‪.‬‬

‫س‪ :‬كيف تزكى الريالت العمانية ؟ بأي قيمة ؟‬


‫ج‪ :‬الريالت فيها زكاة وهكذا بقية العملت الدولية ولكن ل يمكن أن نحدد لها نهابا خاصا‬
‫در بقيمة الذهب فالذي تجب عليه الزكاة‬ ‫بل نصابها يختلف باختلف قيمة الذهب فنصابها يق ّ‬
‫در بها الزكاة هي‬‫عليه أن يسأل عن قيمة الذهب فينظر في قيمة الذهب والقيمة التي تق ّ‬
‫قيمة الذهب الحقيقية فيسأل كم قيمة عشرين مثقال وعشرون مثقال تساوي بالتقديرات‬
‫العصرية خمسة وثمانيين على الرأي الصحيح الراجح فإذا بلغت هذه الدراهم قيمة عشرين‬
‫مثقال ف‘ن الزكاة تجب فيها ولكن كيف يسأل ؟ النسان يسأل عن قيمة الذهب الحقيقية‬
‫ن البائع يطلب زيادة عن القيمة الصلية لنه‬ ‫ل عن قيمة البيع ول عن قيمة الشراء وذلك ل ّ‬
‫يريد فائدة وذالك عندما يشتري ذلك الذهب قد يشتريه بمبلغ أقل من السعر الحقيقي إذن‬
‫يبحث النسان عن القيمة الحقيقية للذهب ل عن قيمة شرائه ول عن قيمة بيعه أي ليس‬
‫عن القيمة التي يبيع بها ذلك المشتري وإنما عن قيمة الحقيقية وهي تذاع في الذاعات‬
‫ن‬
‫وفي التلفاز وقد تنشر في الجرائد ومن شاري ذلك فعليه أن يسأل أحدا يثق بدينه ل ّ‬
‫كثيرا ً من الناس الدين يقومون بتقدير الذهب أو الفضة التي تجب فيها الزكاة ل يتفقون الله‬
‫ن غرضهم الفائدة ول يجدون فائدة إذا قدروا هذه القيمة بل هي مجرد‬ ‫تعالى يجازفون ل ّ‬
‫مساعدة ول يعتنون بذلك وقد يؤجرهم النسان ولكنهم أيضا ً مع ذلك ل يهتمون لنهم ل‬
‫يخافون من عقاب الله تعالى فعلى النسان أن يبحث عن شخص يثق بدينه وصلحه ويسأل‬
‫عن القيمة الحقيقية للذهب أو عليه أن يبحث عن ذلك من الوسائل التي ذكرتها وبعد ذلك‬
‫يمكنه أن يسأل العلماء حتى يقدروا له مقدار القيمة والله تبارك وتعالى أعلم‬

‫س‪ :‬إنسان ملك ‪ 10‬آلف ريال في أول رمضان واشتري بها أرضا ً في ذي‬
‫الحجة ثم باع تلك الرض في محرم وبقيت المبالغ فمتى تزكى ؟‬
‫ج‪ :‬من ملك مبلغا ً من المال في شهر رمضان ثم اشترى به أرضا ً أو دكانا ً أو أي شيء آخر‬
‫الحاصل استعمل ذلك المال في تجارة وعرض ذلك الدكان أو ذلك البيت أو تلك التجارة‬
‫للبيع وباعها بعد مدة من الزمن بعد شهرين أو بعد ثلثة أو بعد أربعة وبقيت لديه تلك‬
‫الدراهم إلى شهر رمضان المبارك فإنه يخرج الزكاة في شهر رمضان المبارك فلو ملك‬
‫إنسان عشرة آلف في اليوم الواحد من شهر رمضان ثم بعد شهر واحد اشترى دارا ً‬
‫وعرضها للبيع وباعها مثل في شهر شوال أو في شهر ذي الحجة ثم بقي لديه ذلك المال‬
‫إلى اليوم الول من شهر رمضان فإنه يخرج الزكاة فيه إذ إن التجارة هي بمثابة المال ول‬
‫فرق بينهما ولكن بشرط أن يكون عندما اشتراها أراد بها التجارة وعرضها ‪.‬‬
‫أما إذا كان أراد بها الملك مثل لو اشترى بيتا ً ليسكن فيه ثم بعد مدة وجد من يريد أن‬
‫دا له أن يقوم بعرضه للبيع فإنه ل يخرج الزكاة في اليوم الول من‬ ‫يشتري ذلك البيت أو ب َ َ‬
‫ملكه لذلك المال وإنما يحسب من اليوم الول الذي عرض فيه تلك الدار أو ذلك الدكان أو‬
‫تلك الرض فيحسب من ذلك اليوم وإذا بقيت لديه تلك الدار أو بقيت لديه قيمة تلك الدار‬
‫بعد أن باعها إلى ذلك اليوم الذي عرض فيه تلك الدار إن كان قد عرضها أو إلى اليوم الذي‬
‫باعها فيه إن كان لم يقم بعرضها فإنه يزكي في ذلك اليوم والله تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‪ :‬شخص جمع مال ً لشراء سيارة أو بيت أو جمعة للزواج أو للحج وحال‬
‫عليه الحول هل فيه زكاة ؟‬
‫ج‪ :‬نعم تجب فيه الزكاة فإن تزوج أو حج به أو اشترى منه ذلك البيت الذي يريده أو تلك‬
‫السيارة قبل أن يحول عليه الحول فل شيء فيه ولو كان ذلك قبل يوم واحد أما إذا حال‬
‫عليه الحول فإنه يجب عليه أن يخرج منه الزكاة وكان يبلغ النصاب والله تبارك وتعالى أعلم‬
‫‪.‬‬

‫س‪ :‬إنسان بنى زكاته على أصل عنده وقبل أن يحول عليه الحول استلم‬
‫مبلغا ً يصل إلى اللف من الريالت فهل ُيدخله ضمن ذلك الصل أم ينتظر أن‬
‫يحول عليه ذلك الحول على المبلغ الجديد ‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذه المسألة مسألة خلفية شهيرة ‪.‬‬
‫ذهب بعض أهل العلم إلى أنه ينظر إلى المبالغ التي لديه في اليوم الذي تجب فيه الزكاة‬
‫ويخرج الزكاة عن كل ما لدية ولو أنه حصل على مال قبل يوم واحد فإذا كان يملك مقدار‬
‫ما يساوي النصاب وحال عليه الحول ثم أنه حصل على مبلغ كبير أو صغير فإن يزكيه بعد‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫وقبل أن يحول الحول على النصاب فإن يزكيه في اليوم الذي يزكي منه ماله الصلي هذا‬
‫هو رأي طائفة أهل العلم ‪.‬‬
‫ذهبت طائفة من أهل العلم إلى إنه يزكي ذلك المال في اليوم الذي حصل عليه فيه ويزكي‬
‫أول ً عن المال الذي كان يملكه في اليوم الذي يبلغ فيه الحول وعندما يبلغ ذلك المال الذي‬
‫حال عليه الحول فإنه يزكيه بمعنى أنه يزكيه بمعنى أنه أول ً يزكي ماله الصلي في اليوم‬
‫الذي حال عليه الحول بعد أن بلغ النصاب وأما المال الذي حصل عليه فإنه ينتظر إلى أن‬
‫يحول عليه حول قمري ويزكيه في ذلك الوقت هذا هو رأي طائفة من أهل العلم ‪.‬‬
‫وذهبت بعض أهل العلم إلى إنه إذا كان ذلك المال الذي حصل عليه نتج عن المال الصلي‬
‫أي استفادة بسبب المال الصلي فإنه يزكيه مع المال الصلي وأما إذا كان حصل عليه من‬
‫مكسب آخر ول علقة له بالمال الصلي فإذا يستقبل له حول ً جديدا ً وهذا قول وسط وقد‬
‫ذهبت إليه طائفة كبيرة من أهل العلم وإذا أخذ به هذا السائل فل بأس به إن شاء الله‬
‫تبارك وتعالى وإذا أراد أن يحتاط لمر دينه وأخذ برأي من يقول إنه يزكيه بحسب زكاة‬
‫المال الذي كان يملكه أو بحسب زكاة المال الذي كان يزكيه فإنه لشك إنه أحوط وأسلم‬
‫هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإنه يمكن له أن يقدم الزكاة على وقتها على الرأي‬
‫الصحيح المشهور الذي تدل له السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم وهي المسألة المعروفة عند العلماء بتعجيل الزكاة فإن تعجيلها على وقتها جائز عند‬
‫ت أن السنة تدل على ذلك فإن أخذ بهذا الرأي فل شك إنه أحوط‬ ‫طائفة كبيرة وقد علم ُ‬
‫ً‬
‫وأسلم وإن استقبل حول جديدا لذلك المال الجديد فإنه قول مشهور قال به غير واحد من‬
‫أئمة العلم فل حرج على من أخذ به وهو رأي قوي والله تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬هل يجوز أخراج الزكاة إلى أخي أو أختي الفقيرين وهل يجوز تجزئة‬
‫الزكاة إلى أكثر من شخص ؟‬
‫ج‪ :‬نعم يجوز للنسان أن يخرج زكاته إلى أخيه أو أخته إذا كان فقيرين إذا كان ل يقوم هو‬
‫بمؤونتهما أي لم يجب عليه شرعا ً أن ينفق عليها وإذا كان يجب عليه شرعا ً أن ينفق عليه‬
‫لكنهما بحاجة لشيء من الموال تخرج عما يتعلق بالنفقة أنه ل بأس من أن يعطيهما من‬
‫الزكاة لتلك المور الخارجية عن النفقة إذا كانت ل علقة لها بها وأما بالنسبة إلى تجزئة‬
‫الزكاة إلى أثنين أو ثلثة أو أكثر فل مانع من ذلك كما أنه ل مانع من أن يعطي النسان‬
‫زكاته لشخص واحد إن كان ل يخرج عن حد الفقراء إلى الغنى ولكن إذا كانت هنالك جماعة‬
‫أو مجموعة من الناس تحتاج إلى الزكاة فالولى أن يفرقها بين أولئك الناس وأن ل يقوم‬
‫بإخراجها إلى شخص واحد لنه إذا أخذ كل شخص من أولئك الناس نصيبا ً من تلك الزكاة هو‬
‫‪262‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫أولى من أن يأخذها شخص واحد ول تحصل البقية الباقية على شيء هذا ومن المعلوم أن‬
‫دفع الزكاة إلى القارب أولى من دفعها إلى غيرهم إذا كانوا فقراء والله تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬امرأة أخرجت الزكاة عن هذه السنة على حساب الشهر الشمسية وهي‬
‫تجهل الشهر القمري فأخرجته على حساب السنة الشمسية فما حكم الزكاة‬
‫ذكرت أن تمّلكها للمال ل تعرف تاريخه بالهجري ‪.‬‬
‫ج‪ :‬قد قدمت أكثر من مرة أن العبادات تتعلق بالشهر الهجرية ومن ذلك الزكاة فملك‬
‫النصاب يعتبر بالشهر الهجرية فمن ملك النصاب عليه أن يعرف ذلك اليوم أو بالشهر‬
‫القمرية عليه أن يعرف ذلك اليوم الذي ملك فيه ذلك المقدار من المال بحسب الشهر‬
‫القمرية فإذا حال عليه الحول وهو في يده أي لم ينقص في يوم من اليام فإنه يجب عليه‬
‫دد وغيرهم فإنها تتعلق‬
‫أن يخرج منه الزكاة وهكذا بالنسبة إلى كثير من العبادات من العِ َ‬
‫بالشهر القمرية وهذه المرأة تعتبر بمشيئة الله تبارك وتعالى زكاتها صحيحة ولكن لبد من‬
‫أن تعرف ذلك بالشهر القمرية كما قلت حيث إن السنة القمرية تنقص عن السنة‬
‫الشمسية بأحد عشر يوما ً تقريبا ً وإذا كانت ل تعرف متى ملكت المال بالنسبة إلى الشهر‬
‫القمرية فإن المر يسير عليها أن ترجع إلى اليوم الذي ملكت فيه المال الذي يساوي نصاب‬
‫الزكاة وتعرفه بحسب اليام الشمسية ثم بعد ذلك عليها أن تنظر في اليوم الذي يصادف‬
‫ذلك من الشهر القمرية من السنة الماضية وذلك يسير جدا ً فإذا كانت هي ل تعرفه فإن‬
‫عليها أن ترجع إلى التقويم وهو تقريبا ً صحيح في السنة الماضية وعليها أن تسأل بعض أهل‬
‫العلم عن اليوم الذي يصادفه ذلك بالنسبة إلى الشهر الشمسية فمثل ً إذا كانت قد ملكت‬
‫النصاب في اليوم الحادي عشر من شهر نوفمبر من الشهر الشمسية فعليها أن تسأل عن‬
‫اليوم الذي يوافق هذا اليوم من الشهر القمرية من السنة الماضية وبذلك ستعرف بمشيئة‬
‫الله تعالى اليوم الذي ملكت فيه الزكاة من الشهر القمرية وستذكر بعد ذلك بحسب هن‬
‫اليوم في السنوات الماضية والله تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬إذا صام إنسان في دولة تقدم الصيام فيها ثم جاء إلى دولة تأخر الصيام‬
‫فيها وكان الصيام في الدولة التي جاء إليها وتأخرت بداية رمضان فيها كان‬
‫الصيام فيها ثلثين يوما ً ‪ .‬ما الحكم ‪.‬‬
‫ج‪ :‬اختلف العلماء في وجوب صيام ذلك اليوم أي الذي هو الحادي والثلثين بالنسبة إلى‬
‫ذلك الرجل ‪.‬‬
‫ذهبت طائفة من أهل العلم وهم الكثر إلى أنه ل يجب عليه أن يصوم ذلك اليوم بل يكتفي‬
‫بصيام ثلثين يوما ً وذلك لن الشهر العربي ل يزيد على ثلثين يوما ً تارة يكون تسعة‬
‫وعشرين يوما ً وتارة يكون ثلثين يوما ً ول يمكن أن يزيد على الثلثين ‪.‬‬
‫وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه عليه أن يصوم ذلك اليوم وذلك لنه مخاطب بصيام‬
‫شهر رمضان وذلك اليوم ل زال من شهر رمضان بالنسبة إلى ذلك البلد الذي هو فيه ذلك‬
‫الوقت فهو مخاطب بالصيام لنه في بلد لزال فيها نهار رمضان وهذا القول هو القول‬
‫الصحيح وقد استدل له بعض العلماء بحديث دللته واضحة عليه ولكنه يحتاج إلى مزيد من‬
‫النظر والتمحيص هل هو ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونظرا ً إلى إن ذلك‬
‫ل يؤخر في الحكم ول يتقدم أي أن ثبوت ذلك الحديث أو عدم ثبوته لن يؤخر قي الحكم‬
‫في هذه المسألة على حسب رائي ولذلك أقول أن على من صام في بلد متقدمة أن يكمل‬
‫اليوم الحادي والثلثون لنه في بلد فيها هذا اليوم من شهر رمضان وهو مخاطب بصيام‬
‫شهر رمضان وشهر رمضان لم ينتهى في هذه البلد وهذا كله إذا كان قد صام في تلك البلد‬
‫وقد تحقق دخول شهر رمضان في تلك البلد أما إذا كان لم يتحقق دخول شهر رمضان في‬
‫تلك البلد وإنما هو احتمال كما يقع في كثير من البلدان وللسف الشديد فإنه ليس له أن‬
‫يفطر أما إذا تحقق ففيه الخلف المذكور أما بالنسبة إلى من صام في بلد متأخرة ثم ذهب‬
‫إلى بلد تقدم الصوم وأفطر أصحاب تلك البلد قبل أصحاب هذه البلد فلبد من أن يقضي‬
‫‪263‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ذلك اليوم لنه ل يمكن أن يكون الشهر جاء حال من الحوال أقل من تسعة وعشرون يوما ً‬
‫بل لبد من أن يصل إلى ذلك العدد أو أن يصل إلى ثلثين يوما ً فعليه أن يفطر في تلك‬
‫البلد إذا ثبتت فيها الرؤية أو بعبارة أخرى إذا تحقق دخول شهر شوال عليه أن يفطر وليس‬
‫عليه أن يصوم لن ذلك اليوم يكون يوم عيد وصيام يوم العيد حرام بنص السنة الصحيحة‬
‫الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وبإجماع المة قاطبه والله تبارك وتعالى أعلم ‪..‬‬

‫س ‪ :11‬إذا كان لديه مبلغ من المال‪ ،‬هل ينتظر أن يحول عليه الحول حتى‬
‫يزكيه ؟‬

‫ج‪ :‬المال ل زكاة فيه إل إذا حال عليه الحول من اليوم الذي بلغ فيه النصاب ‪..‬‬
‫أعني بالمال المال الذي يشترط فيه أن يحول عليه الحول‪ ،‬وسؤاله عن الدراهم‬
‫على حسب ما أفهم‪ ،‬فلبد من أن يحول الحول على هذا المال الذي بيده من‬
‫اليوم الذي بلغ فيه النصاب اللهم إل إذا كان له مال آخر وكان يزكيه فإنه إذا‬
‫حال الحول على ذلك المال الذي يزكيه فإنه يزكي هذا المال الذي حصل عليه‬
‫الن مجموعا إلى المال الذي كان يزكيه الن ‪ ..‬هذا الذي ذهب إليه الجمهور وهو‬
‫كى بزكاة الصل؛ والله أعلم ‪.‬‬‫ن المال المستفاد يز ّ‬
‫أ ّ‬

‫س ‪ :4‬من وجبت عليه زكاة الذهب ولم يجد ما يزكي به إل أنه كان يتصدق‬
‫على أهل بيته بمبلغ في كل شهر‪ ،‬فهل عليه أن يجمع ذلك المبلغ ليزكي‬
‫به ؟‬

‫ج‪ :‬على كل حال؛ ما دام يملك شيئا من الذهب ووجبت فيه الزكاة فهو في‬
‫حقيقة الواقع مالك لما يخرجه عن الزكاة فليخرج من الذهب الذي يملكه أو‬
‫يتصرف بوسيلة أخرى فهر في الحقيقة ماِلك اللهم إل إذا كان يملك ذلك من‬
‫قبل وكانت الزكاة قد وجبت فيه ثم إنه خرج عنه الن بوجه من الوجوه فإنه في‬
‫رج الزكاة وليتب إلى‬
‫هذه الحالة عندما يتمكن من وجود المال يجب عليه أن ُيخ ِ‬
‫ن الزكاة يجب أن ُتخَرج على الفور بعد وجوبها؛‬‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عن تأخيره‪ ،‬فإ ّ‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :83‬هل يشترط للمزكي بأنه إذا أراد أن يعطي زكاته للفقير أن يخبره أن‬
‫هذه زكاة ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫القول بأن ذلك شرط صعب ولكن إذا كان النسان يعرف أنه فقير فل يشترط‬
‫ذلك وإذا كان مجرد ظنون بعض الشخاص يظن من الفقراء فلبد أن يبحث‬
‫عنهم ‪.‬‬
‫جها ؟‬
‫دين‪ ،‬هل لها أن ُتعطي زكاَتها ِلزو ِ‬
‫م ِ‬
‫جها َ‬ ‫س ‪ :7‬عليها زكاةُ ذَ َ‬
‫هب وزو ُ‬
‫من ذلك‪.‬‬
‫ل العلم؛ ول أرى مانعا ِ‬
‫م له ِ‬ ‫ج‪ :‬في هذه المسألة كل ٌ‬
‫ج ابن مسعود‪-‬رضي الله تبارك‬ ‫ث زينب زو ِ‬ ‫ت ل أرى الستدل َ‬
‫ل ِبحدي ِ‬ ‫وإن كن ُ‬
‫ن ذلك الحديث فيما َيظهر ِلي في الصدقةِ غير الواجبة ‪..‬‬ ‫وتعالى عنهما‪-‬وذلك ل ّ‬
‫ما ُيستفاد منه بأنه‬
‫م ّ‬
‫ض الروايات ِ‬
‫في صدقةِ النفل ‪ ..‬هذا ما أراه‪ ،‬وما جاء في بع ِ‬
‫‪264‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن‬
‫دل بذلك الحديث ل ّ‬ ‫كن أن َنست ِ‬ ‫ف ذلك‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬فيه نظٌر فل ُيم ِ‬ ‫ِبخل ِ‬
‫ذلك الحديث ِلغير الزكاة الواجبة‪.‬‬
‫من دفِع هذه الزكاة إليه ولكن إذا د َفَعَ ْ‬
‫ت‬ ‫ج فقيرا فل مانع ِ‬ ‫ولكن إذا كان هذا الزو ُ‬
‫دمها في أمرٍ ل َيعود ُ على هذه المرأة‬ ‫ن الْولى له أن َيستخ ِ‬ ‫هذه الزكاة إليه فإ ّ‬
‫ت‬
‫دفع ْ‬ ‫دد في هذا المر ‪ ..‬مثل لو َ‬ ‫ض العلماء ُيش ّ‬ ‫س ونحو ذلك‪ ،‬فبع ُ‬ ‫ِبفائدةٍ كِلبا ٍ‬
‫دد في‬ ‫ض العلماء ُيش ّ‬ ‫ملِبس ِلهذه المرأة فبع ُ‬ ‫إليه هذه الزكاة وذهب واشترى ِبها َ‬
‫ت إلى ذلك المر و‪-‬حقيقة‪-‬في‬ ‫صد َ ْ‬‫ن هذه المرأة قد قَ َ‬ ‫ة أن تكو َ‬ ‫مخاف َ‬‫هذا المر َ‬
‫ن ذلك الزوج عندما َيتمّلك ذلك المال‬ ‫من الحَرج وإن كان الصل أ ّ‬ ‫هذا ما فيه ِ‬
‫ن السلمة في‬ ‫ن له أن َيتصّرف ِبه فيما شاء ولكن ل شك أ ّ‬ ‫ملكا له فإ ّ‬ ‫صير ِ‬
‫وي َ ِ‬
‫دين‪.‬‬ ‫من مثل هذا الخلف وفي الحتياط ِلل ّ‬ ‫الخروج ِ‬
‫ن هذا الزوج عليه د َْين فلَتدفع له‬ ‫ل هذه المرأة أ ّ‬ ‫من سؤا ِ‬ ‫م ِ‬‫وعلى حسب ما أفه ُ‬
‫من الملبس‬ ‫ري َلها شيئا ِ‬ ‫هذا المال ولَيدفعه في د َْينه وليشتر َلها إن شاء أن َيشت ِ‬
‫ل‬
‫ف أه ِ‬ ‫من خل ِ‬ ‫ج ِ‬‫من زكاِتها فذلك فيه خرو ٌ‬ ‫من غير ذلك ‪ِ ..‬بماله الذي لم َيأخذه ِ‬ ‫ِ‬
‫من الحرج؛ والله‬ ‫من شيٍء ِ‬ ‫ن المَر ل َيخلو ِ‬ ‫حوط ل ّ‬ ‫سلم وأ ْ‬ ‫العلم ول شك ِبأنه أ ْ‬
‫أعلم‪.‬‬

‫جها‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫من الزكاة ب ِِنية الزكاة لنه أخَر َ‬
‫جب عليه ِ‬ ‫من القدر الذي ي َ ِ‬
‫ج أكثَر ِ‬
‫س ‪ :7‬أخَر َ‬
‫جَبة عليه‪ ،‬فما حكم ذلك ؟‬ ‫ل أن يحسب ماله ِلمعرفة القيمة الوا ِ‬ ‫قب َ‬
‫ج‪ :‬ل بأس عليه ِبمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ما دام أنه قد نواه على أنه زكاة‪،‬‬
‫ن هذا ول‬
‫فتلك زيادة ‪ ..‬الصل أنه َينوي الزكاة ثم إن شاء أن َيتبّرع لكن هو ظ ّ‬
‫حرج عليه‪.‬‬
‫س ‪ :8‬عنده ثمانية آلف وحال عليها الحول ولكن لنه َيبني منزل َيتر ّ‬
‫قب‬
‫ديونا آت َِية هل باعتبار أنه َيتر ّ‬
‫قب ‪ ...‬؟‬
‫ج الزكاة عنها إذا كان قد‬
‫من أن ُيخرِ َ‬ ‫ده فلبد ِ‬
‫ج‪ :‬إذا كانت الثمانية ل زالت في ي َ ِ‬
‫ل شيٍء حكمه الخاص‪.‬‬ ‫حال عليها الحول والذي َيأتي في المستقَبل ِلك ّ‬
‫صص في دفع‬
‫ن هناك صندوق متخ ّ‬
‫س ‪ :14‬يريد أن يدفع زكاته وهو يعلم أ ّ‬
‫الزكوات للفقراء‪ ،‬فهل يعطي ذلك المال للصندوق ؟‬

‫ن ذلك الصندوق يقوم بدفع الزكاة‬ ‫قنا تمام اليقين من أ ّ‬ ‫ج‪ :‬إذا كان متأ ّ‬
‫كدا ومتي ّ‬
‫ن الله‪-‬تعالى‪-‬ل يعبد‬ ‫قيها فليدفعها إليه‪ ،‬وأما إذا كان شا ّ‬
‫كا في ذلك فإ ّ‬ ‫إلى مستح ّ‬
‫بالشك‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪266‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الصف‬ ‫الموضوع‬
‫حة‬
‫أول ‪ :‬فتاوى الحج‬
‫أحكام وجوب الحج والوصية به‬
‫ن الخت أشكل عليها بين الوصية وبين‬ ‫س‪ :‬يبدو أ ّ‬
‫القيام بتنفيذ الصيام عن طريق الوصية‪-‬أيضا‪-‬أو الحج ‪..‬‬
‫صحيح أنه ل وصية لوارث لكن هل عندما يوصي الوارث‬
‫لموروثه أن يصوم عنه أو أن يحج عنه‪ ،‬هل له أن يحج‬
‫عنه أو يصوم عنه ؟‬
‫س‪ :‬رجل نذر أن يحج عن والدته ولكن والدته ضعيفة‬
‫سن ‪ ..‬كبيرة تحتاج إلى أن يقوم برعايتها‬ ‫في ال ّ‬
‫والعناية بها‪ ،‬فهل له أن يذهب ليحج عنها ويترك‬
‫مة على أخواته ليقمن بذلك وأخواته ل يستطعن‬ ‫المه ّ‬
‫مة التي ترضي الوالدة لنها تحتاج إلى‬ ‫أن يقمن بالمه ّ‬
‫رجل يستطيع حملها إلى دورات المياه وغيرها ؟‬
‫س‪ :‬البعض يكتب وصيته فيطاِلب ورثته بالصيام عنه أو‬
‫كفارة شهرين أو الحج‪.‬‬
‫ج عن والدته إذا كانت‬ ‫جل أن َيح ّ‬‫س‪ :‬هل َيجوز ِللر ُ‬
‫عاجزة ؟ وإذا كانت قد أصيبت بالعمى كذلك ؟‬
‫س‪ :‬من أراد الذهاب إلى الحج وليس لديه مال‪ ،‬هل له‬
‫أن يقوم بجمع تبرعات ‪ ...‬؟‬
‫ذهب إلى الحج‬ ‫س‪ :‬كانت لديه‪-‬ربما هو أو غيره‪-‬نية أن ي َ ْ‬
‫مه ؟‬ ‫ولكن جاءْته فرصة عمل‪ ،‬فما الذي ي ُ َ‬
‫قدّ ُ‬
‫حكم حج من علي دين‬
‫‪267‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من عليه دَْين‪ ،‬هل َيذهب إلى الحج أم ل َيذهب ؟‬ ‫س‪َ :‬‬
‫س‪ :‬من أراد الحج وعليه دين ربوي ؟‬
‫س‪ :‬من عليه دين وليس عنده الوفاء لكن جهة عمله‬
‫تتكفل بإرجاع الحق لصحابه على تقدير وفاته ؟‬
‫من عليه دَْين ؟‬ ‫حكم الذهاب إلى الحج ل ِ َ‬ ‫س‪ :‬ما ُ‬
‫أحكام الجارة بالحج‬
‫س‪ :‬ما هي شروط استئجار الحج ؟ وهل يصح أن‬
‫ُيستأجر أو أن ُيحج عن غير الولي وهو من لم يكن على‬
‫طاعة ؟‬
‫حة‬‫جة وهو ِبص ّ‬ ‫جر ِبح ّ‬ ‫ؤ ّ‬ ‫س‪ :‬هل يَجوز ِللنسان أن ي ُ َ‬
‫وعافية ؟‬
‫هب إلى الحج‬ ‫س‪ :‬امرأةٌ كبيَرة في السن َلم َتذ َ‬
‫خمسين‬ ‫ل عام ٍ َ‬ ‫سل في ك ّ‬ ‫مرضية لكّنها ُتر ِ‬ ‫فها الق َ‬ ‫ِلظرو ِ‬
‫وّزع‬‫جل أن ت ُ َ‬ ‫من أ ْ‬ ‫جر على ذلك ؟ ِ‬ ‫ؤ َ‬ ‫عمانيا‪ ،‬فهل ت ُ ْ‬ ‫ريال ُ‬
‫هناك على الفقراء‪.‬‬
‫من ل يستطيع أداء الحج إما لكبر سنه أو لمرض‬ ‫س‪َ :‬‬
‫ولى له أن يؤجر في حياته أو أن يوصي‬ ‫ألم به‪ ،‬هل ال ْ‬
‫جر أو يوصي‬ ‫بالحج ؟ وهل هو مطالب أساسا بأن يؤ ّ‬
‫وهو على هذا الحال ؟‬
‫أحكام الستعداد للذهاب للحج‬
‫حج إلى بيت الله‬ ‫س‪ :‬ماذا َينبغي على الذي ُيريد أن ي َ ُ‬
‫الحرام ؟ ماذا عليه أن َيصنع كاستعداد لهذه الفريضة ؟‬
‫من‬ ‫مَتاع و ِ‬ ‫من الق َ‬ ‫ن النسان إذا كان َيمِلك ِ‬ ‫س‪ :‬ذكرتم ِبأ ّ‬
‫در‬‫سدّ دُُيوَنه فيما لو حدث له مكروه‪-‬ل ق ّ‬ ‫ما ي َ ُ‬‫المال َ‬
‫سَيارته‪ ،‬فهل ذلك‬ ‫فَلو كان َيمتِلك ب َي َْته فقط و َ‬ ‫الله‪َ -‬‬
‫صّية ؟‬
‫و ِ‬ ‫مَنه ال َ‬ ‫ض ّ‬ ‫َيكفي لكي ي ُ َ‬
‫حج مع أنه كان قاِدرا على‬ ‫س‪ :‬إذا ُتوفي النسان ولم ي َ ُ‬
‫الحج في حياته‪ ،‬فما الحكم ؟ وإذا قلنا ِبوجوب الحج‬
‫من مكان الذي‬ ‫من مكانه أم ِ‬ ‫حَرم عنه ِ‬ ‫عنه‪ ،‬فهل ي ُ ْ‬
‫جر عنه ؟‬ ‫َيستأ ِ‬
‫أعمال الحج‬
‫حدُّثونا‪-‬باختصار‪-‬عن صفة الحج ‪ ..‬ما‬ ‫س‪ :‬نريد منكم أن ت ُ َ‬
‫الذي يأتيه الحاج وما الذي يذره ؟‬

‫أول‪ :‬الحرام‬
‫حكم ركعتي الحرام‬
‫ّ‬
‫من غْير أن ُتصلي ركعتْين‪،‬‬ ‫َ‬
‫ت ِبالعمرة ِ‬
‫م ْ‬
‫حَر َ‬
‫س‪ :‬امرأةٌ أ ْ‬
‫ت؟‬
‫ت لباس الحرام ثم أحرم ْ‬ ‫وإّنما لبس ْ‬
‫** أنواع الحرام‬
‫‪268‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من قبل‪ ،‬ما الذي أفضل له أن‬ ‫مرة ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫دى ال ُ‬ ‫من أ ّ‬ ‫س‪َ :‬‬
‫ه عندما ُيريد أن يحج ؟‬ ‫ع ُ‬ ‫صن َ َ‬ ‫يَ ْ‬
‫في‬ ‫عمرة‪ ،‬هل ي َك ْت َ ِ‬ ‫س‪ :‬في حال القران ِبالحج وال ُ‬
‫وَرد في‬ ‫عمرة‪-‬كما َ‬ ‫ي واحد ِبنية الحج وال ُ‬ ‫ع ٍ‬ ‫س ْ‬ ‫رن ب ِ َ‬ ‫القا ِ‬
‫طواف‬ ‫واء عند َ‬ ‫س َ‬ ‫ديه متى ما شاء َ‬ ‫ؤ ّ‬ ‫بعض الفتاوى‪-‬ي ُ َ‬
‫ف الفاضة ؟‬ ‫وا ِ‬ ‫خره عند طَ َ‬ ‫ؤ ّ‬ ‫قدوم أو ي ُ َ‬ ‫ال ُ‬
‫أحكام إحرام الصبي‬
‫َ‬
‫مرة‬ ‫ع ْ‬ ‫م لل ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬
‫م َ‬‫خذُ بعض المسلمين أطفالهم َ‬ ‫س‪َ :‬يأ ُ‬
‫مّيز‪ ،‬فما هي الحكام‬ ‫م َ‬ ‫هم الرضيع ومنهم الق ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫و ِ‬
‫صيل في هذه‬ ‫قة ِبهؤلء الطفال ؟ نرجوا الَتف ِ‬ ‫عل ّ َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ال ُ‬
‫دوا‬ ‫ؤ ّ‬ ‫رموا لهم وأن ي ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ح ِ‬‫ل لهم أن ي ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عِني َ‬ ‫ضّية ‪ ..‬ي َ ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ال َ‬
‫كذا الحج ؟‬ ‫ه َ‬ ‫مرة و َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ال ُ‬
‫صبي الممّيز‪-‬الذي َيستطيع أن‬ ‫هذا ال ّ‬ ‫ب َ‬ ‫س‪ :‬إذا ارتَك َ َ‬
‫ذي‬ ‫من ال ِ‬ ‫ظوَرات‪َ ،‬‬ ‫ح ُ‬ ‫من الم ْ‬ ‫شيئا ِ‬ ‫َيفهم ما ُيقال له‪َ -‬‬
‫ذلك ؟‬ ‫ما َيترتب على َ‬ ‫ل َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫أحكام قطع التلبية‬
‫رم الت ّل ْب َِية ؟‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬ ‫طع الق ُ‬ ‫ق َ‬ ‫س‪ :‬متى َي ْ‬
‫أحكام محظورات الحرام‬
‫مد ؟‬ ‫ع ْ‬‫من غير َ‬ ‫ل الصي ْدَ في الحَرم ِ‬ ‫قت َ َ‬ ‫من َ‬ ‫س‪ :‬ما حكم َ‬
‫جه صحيح أو ل ؟‬ ‫ح ّ‬ ‫وهل َ‬
‫من المور التي ُيمَنع منها‬ ‫طيب ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫س‪ِ :‬‬
‫من الّناس قد ي َلت َِبس عليهم المر‬ ‫ْ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫الحاج غير أ ّ‬
‫سع الله‪-‬‬ ‫سهم أمورا قد و ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫قون على أن ُ‬ ‫ضي ّ ُ‬ ‫وَلربما ي ُ َ‬
‫جد‬ ‫فة فن ِ‬ ‫من ذلك ما َيتعلق ِبالّنظا َ‬ ‫تعالى‪-‬عليهم فيها ِ‬
‫سواك طيلة‬ ‫مت َِنعون عن الستحمام ِ أو ال ّ‬ ‫ض الناس ي َ ْ‬ ‫بع َ‬
‫مشروعية استخدام المواد‬ ‫أيام الحرام‪ ،‬وسؤالنا عن َ‬
‫رم‪:‬‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫التالية ِلل ُ‬
‫ض أنواع الصابون كالذي به رائحة "‬ ‫‪-1‬استخدام بع ِ‬
‫الديتول " أو رائحة الّليمون أو رائحة الفواكه الخرى ‪..‬‬
‫واء غسل‬ ‫رم س َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خدام مثل هذه النواع ِلل ُ‬ ‫فهل است ْ‬
‫من الممنوع ؟‬ ‫دي أو الستحمام أث َْناءَ فترة الحرام ِ‬ ‫الي ْ ِ‬
‫أحكام الدماء‬
‫ن الدماء التي َتجب‬ ‫س‪ :‬ذكرُتم في حلقة ماضية س‪ :‬أ ّ‬
‫من المور‬ ‫رم إذا ما أخطأ في أمر ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫على الحاج أو ال ُ‬
‫من المور َتحتاج إلى تفصيل وليس كل ما‬ ‫أو فعل أمرا ِ‬
‫جب الدم وهناك أمور تأتي على‬ ‫أخطأ فيه الحاج ُيو ِ‬
‫من التفصيل‬ ‫التخيير ‪ ..‬كل هذه نريد فيها شيئا ِ‬
‫باختصار‪.‬‬
‫قط َ َ‬
‫ع‬ ‫من َ‬ ‫حق َ‬ ‫صيام في َ‬ ‫دم والطعام وال ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫خّير ب َي ْ َ‬ ‫هل ي ُ َ‬ ‫َ‬
‫‪269‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫رم ؟‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬ ‫هو ُ‬ ‫و ُ‬‫جر َ‬ ‫ش َ‬ ‫من ال ّ‬ ‫شيئا ِ‬


‫جرح في أصبعها‬ ‫ُ‬
‫عمرة أصيبت ب ِ ُ‬ ‫مة ِبال ُ‬ ‫ر َ‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬ ‫س‪ :‬امرأة ُ‬
‫ج منها دم‬ ‫خَر َ‬‫ة استخدام السكين‪-‬وكانت حائضا‪-‬ف َ‬ ‫نتيج َ‬
‫ليس ِبالكثير‪ ،‬فماذا عليها ؟‬
‫أحكام عامة في الحرام‬
‫ط في الحرام ؟‬ ‫م الشِترا ِ‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫س‪ :‬ما ُ‬
‫س‪ :‬ولكن ما فائدة هذا الشتراط في الحرام ؟‬
‫من مكة بعد أداء عمرة التمتع‪ ،‬هل يلزمه‬ ‫من خرج ِ‬ ‫س‪َ :‬‬
‫أن يدخل إليها بعد ذلك محرما بالحج ؟‬
‫س ‪ :3‬ما حكم استخدام حقيبة النوم بالنسبة للمحرم ؟‬
‫ثانيا‪ :‬الطواف‬
‫س‪ :‬هل يستحب أن يكون الطواف حول الكعبة بين‬
‫الكعبة ومقام سيدنا إبراهيم‪ ‬أو أنه ل يوجد ما يعيب‬
‫من خلف مقام سيدنا إبراهيم ‪ ‬؟‬ ‫الطواف ِ‬
‫ل شخص مِن الحج أو العُمرة ثم شك في‬ ‫س‪ :‬إذا تحلّ َ‬
‫طوافه بأنه قد طاف ستّة أشواط‪ ،‬ماذا َيجب عليه ؟‬
‫ص آخر في‬ ‫مد على شخ ٍ‬ ‫ح ِللطائف أن َيعت ِ‬ ‫س‪ :‬هل َيص ّ‬
‫مد على‬ ‫صّلى‪ ،‬هل َيعت ِ‬ ‫ي كم َ‬ ‫س َ‬ ‫صّلي ون َ ِ‬ ‫عدّ ؟ والذي ي ُ َ‬ ‫ال َ‬
‫جن ِْبه ؟‬ ‫من ب ِ َ‬ ‫َ‬
‫دة الزحام‪ ،‬ما حكم الطواف والسعي فوق‬ ‫س‪ :‬مع ش ّ‬
‫السطح ؟‬
‫صّلي إنسان عن‬ ‫َ‬
‫ضع ِبأّنه ل ي ُ َ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬‫من َ‬ ‫كرُتم في أك َْثر ِ‬ ‫س‪ :‬ذَ َ‬
‫ساِئل‬‫ذا ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫خر‪ ،‬لكن َ‬ ‫إنسان وإّنما قد يصوم إنسان عن آ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وي أّنهما عن‬ ‫واف وأن ْ ِ‬ ‫ي الطّ َ‬ ‫ْ‬ ‫صّلي ركعت َ‬ ‫تأ َ‬ ‫كن ُ‬ ‫قول‪ُ :‬‬ ‫يَ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت أّنه ل يصلي أحد عن‬ ‫حج عنه ُثم َرأي ْ ُ‬ ‫شخص الذي أ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ُ‬
‫ي ؟ وماذا أفعل الن ؟ هل أ َ ّ‬
‫ما‬
‫ه َ‬‫صلي ِ‬ ‫عل َ ّ‬ ‫أحد‪ ،‬فماذا َ‬
‫أول ؟‬
‫ثالثا‪ :‬السعي‬
‫ض الناس ُيصّلون بعدَ السعي‪ ،‬فهل‬ ‫هد بع َ‬ ‫س‪ُ :‬نشا ِ‬
‫ُتشَرع صلةٌ في ذلك الوقت ؟‬
‫فقه المبي َّنة لحكام الحج والعمرة‬ ‫صت كتب ال ِ‬ ‫س‪ :‬لقد ن َ ّ‬
‫ن الدعاء الذي ُيقال على الصفا والمروة ي َُردّدُ هناك‬ ‫ِبأ ّ‬
‫ثلث مرات في كل شوط على كل منها‪ ،‬فهل ذلك‬
‫من لم‬ ‫على الوجوب أم الستحباب ؟ وماذا على َ‬
‫ي به على الصفة المنصوص عليها في‬ ‫طع أن َيأت ِ َ‬ ‫َيست ِ‬
‫ح‬‫ة الزحمة الشديدة والرتباك ؟ هل َيص ّ‬ ‫تلك الكتب نتيج َ‬
‫القتصار على ألفاظ معّينة ِبذاتها ؟‬
‫سعي بدأنا ِبالصفا‬ ‫ت مع والدي وعند ال ّ‬ ‫مر ُ‬ ‫س‪ :‬لقد اعت َ‬
‫ف‬
‫مْروة نص َ‬ ‫من الصفا إلى الق َ‬ ‫عدّ ذهابنا ِ‬ ‫ولكننا ك ُّنا ن َ ُ‬
‫‪270‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من الصفا إلى المروة ثم‬ ‫عدّ ذهاَبنا ِ‬ ‫وط‪ِ ،‬بحيث كّنا ن َ ُ‬ ‫ش ْ‬
‫من‬ ‫عنا إلى الصفا مّرة أخرى شوطا واحدا بدل ً ِ‬ ‫رجو َ‬
‫مجموع ِبذلك خمس عشر‬ ‫كونه شوطين فقد كان الق َ‬
‫شوطا ؟‬
‫س‪ :‬ما حكم السعي بين الصفا والمروة بالنسبة لحجة‬
‫الفراد ؟‬
‫خامسا ‪ :‬أعمال اليوم الثامن وليلة التاسع من ذي الحجة‬
‫ة‬
‫ت ليل َ‬ ‫من لم ي َب ِ ْ‬ ‫من شيخنا أن ُيبّين لنا حكم َ‬ ‫س‪ :‬أرجو ِ‬
‫عرفة‬ ‫ب إلى َ‬ ‫ه َ‬ ‫منى وإنما ذَ َ‬ ‫جة في ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫من ذي ال ِ‬ ‫سع ِ‬ ‫التا ِ‬
‫هب معه‬ ‫شدٌ َيذ َ‬ ‫مر ِ‬ ‫من ُيقيم معهم وليس له ُ‬ ‫شرة مع َ‬ ‫مبا َ‬
‫ن الرسول‪‬‬ ‫ض أهل العلم هناك ِبأ ّ‬ ‫خذَ ِبفتوى بع ِ‬ ‫وقد أ َ َ‬
‫من السّنة ؟‬ ‫ت هناك ِللستراحة وليس ذلك ِ‬ ‫َبا َ‬
‫خامسا‪ :‬أعمال اليوم التاسع من ذي الحجة ) يوم عرفة(‬
‫من‬ ‫حذيرا ِللحجاج ِ‬ ‫ت منكم في حلقات ماضية ت َ ْ‬ ‫س‪ :‬سمع ُ‬
‫ي‬
‫قق غروب الشمس فأ ّ‬ ‫من عرفات قبل َتح ّ‬ ‫أن َيفيضوا ِ‬
‫دي إلى الحكام التي ستذكروَنها‬ ‫من هذا النوع ُتؤ ّ‬ ‫حركة ِ‬
‫قون بْين هذا وبْين الحديث‬ ‫ف ُ‬‫و ّ‬ ‫إن شاء الله‪ ،‬ولكن كيف ت ُ َ‬
‫عرفة ‪ ..‬هذا‬ ‫ف قليل في َ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬‫جل َ‬ ‫نر ُ‬ ‫وَردَ فيه أ ّ‬ ‫الذي َ‬
‫جل َيقول‪" :‬‬ ‫الحديث الذي أخرجه المام أحمد ‪ ..‬هذا الر ُ‬
‫حل َِتي‬ ‫َ‬
‫ت را ِ‬ ‫يء أك ْل َل َ ُ‬ ‫جبل طَ ْ‬ ‫من َ‬ ‫جْئت ِ‬ ‫يا رسول الله‪ ،‬إني ِ‬
‫فت‬ ‫ق ْ‬‫و َ‬ ‫من جبل إل َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ت نفسي‪ ،‬والله ما ت ََرك ْ ُ‬ ‫عب ْ ُ‬ ‫وأت ْ َ‬
‫هدَ صلَتنا‬ ‫ش ِ‬ ‫من َ‬ ‫فقال ‪َ ) : ‬‬ ‫من حج ؟ " َ‬ ‫عليه‪ ،‬فهل لي ِ‬
‫عرفة قبل ذلك‬ ‫ف بِ َ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬ ‫ف معنا حتى َندفع وقد َ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬‫هذه و َ‬
‫جه وقضى ت َ َ‬ ‫َ‬
‫شير‬ ‫فَثه ( في ُ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ليل أو نهارا فقد أت َ ّ‬
‫من النهار فذلك‬ ‫ف جزءً قليل ِ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬
‫الحديث أنه حتى لو َ‬
‫كفي ؟‬ ‫يَ ْ‬
‫من الليل ؟‬ ‫ر ِ‬ ‫خ ٍ‬‫ت متأ ّ‬ ‫عرفة في وق ٍ‬ ‫س‪َ :‬لحق ِبيوم َ‬
‫من اعتمد على خطبة المذياع بعد صلة‬ ‫س‪ :‬في عرفة‪َ ،‬‬
‫عا ؟‬ ‫م ً‬ ‫ج ْ‬‫الظهر والعصر َ‬
‫سابعا‪:‬أعمال اليوم العاشر من ذي الحجة‬
‫أول ‪ :‬قطع الوادي‬
‫س‪ :‬الناس معروفٌ أنهم عندما يفيضون مِن عرفات‬
‫إلى مزدلفة ومِن مزدلفة إلى مِنى ‪ ..‬عندما يَقطعون‬
‫رعون في وادي‬ ‫س ِ‬ ‫من مزدلفة إلى مِنى ي ُ ْ‬ ‫الطريق ِ‬
‫سر لكن ل يَعلمون شيئا عن السراع في هذا‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬‫ُ‬
‫الوادي عندما يذهبون مِن مِنى إلى عرفات‪ ،‬فهل‬
‫َيصنعون نفس الفعل ؟‬
‫أول ‪ :‬رمي جمرة العقبة‬
‫دث‬ ‫س‪ :‬في أيام الحج‪-‬وَيكاد َيتكّرر في كل عام‪َ-‬يح ُ‬
‫‪271‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من الناس‬ ‫ول كل واحد ِ‬ ‫م شديد أثناء الرمي وُيحا ِ‬ ‫زحا ٌ‬ ‫ِ‬
‫صل إلى الحوض وِبالتالي َيرمي‬ ‫سعة ِلنفسه حتى ي َ ِ‬ ‫الّتو ِ‬
‫مَرة‬‫ج ْ‬‫من وصول الحصاة إلى الق َ‬ ‫مَرة‪ ،‬هل لبد ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫تلك الق َ‬
‫هم‬ ‫قط في الحوض ؟ وِبذلك َيف َ‬ ‫أم أنها َيكفي أن َتس ُ‬
‫ف الزحام‪.‬‬ ‫خ ّ‬ ‫الناس القضية وي َ ِ‬
‫ن تلك الحجارة المنصوبة إنما‬ ‫س‪ :‬هل يعني ذلك أ ّ‬
‫عت حتى ل ُيصيب الحجاج بعضهم البعض وإل‬ ‫ض َ‬‫و ِ‬ ‫ُ‬
‫فالصل الحوض ؟‬
‫سل‬ ‫س‪ :‬ما حكم غسل الحصى ؟ يعني هل الحصى ُيغ َ‬
‫سل ؟‬ ‫أم ل ُيغ َ‬
‫ك أنه‬‫ش ّ‬ ‫مى ‪ ..‬إذا َ‬ ‫صَيات التي ت ُْر َ‬ ‫ح َ‬ ‫عدَِد الق َ‬ ‫ك في َ‬ ‫س‪ :‬الش ّ‬
‫ستا أو سبعا ؟‬ ‫مى خمسا أو ِ‬ ‫َر َ‬
‫من رخصة ِللنساء في عدم الرمي نظرا‬ ‫س‪ :‬هل ِ‬
‫ِللزحمة ؟‬
‫من عدم‬ ‫س‪ :‬لعل السائل يشير إلى أنه ليست المسألة ِ‬
‫القدرة المطلقة وإنما الضعف المركب في ذات‬
‫المرأة ؟‬
‫ثانيا‪ :‬التحلل الصغر والكبر‬
‫أول ‪ :‬التحلل الصغر‬
‫*الحلق أو التقصير‬
‫قصير أو الحلْق‪ ،‬كيف َيكون ؟‬ ‫ِ‬ ‫س‪ :‬الحلل بِ َ‬
‫الت‬
‫* الهدي‬
‫ح ِللحاج أن‬ ‫ص ّ‬
‫منى‪ ،‬هل ي َ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫جد خار َ‬ ‫سَلخ ُيو َ‬ ‫م ْ‬ ‫س‪ :‬هناك َ‬
‫دي فيه ؟‬ ‫َيه ِ‬
‫دي‪ ،‬فماذا َيصنع ؟‬ ‫طع اله ْ‬ ‫ده فلم َيست ِ‬ ‫قدَ نقو َ‬ ‫ف َ‬‫س‪ :‬رجل َ‬
‫ثالثا‪ :‬طواف الفاضة‬
‫ؤجل إلى‬ ‫صح أن يُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫س‪ :‬بالنسبة لطواف الفاضة‪ ،‬هل يَ‬
‫طواف الوداع ؟‬
‫ثامنا‪:‬أعمال أيام التشريق ) ‪11,12,13‬من ذي الحجة (‬
‫منى ؟‬ ‫كة أيام ِ‬ ‫قيل ِبم ّ‬ ‫م ِ‬ ‫س‪ :‬ما حكم ال َ‬
‫عيد تلك المسألة التي ذكرُتموها في‬ ‫س‪ :‬ربما ُيريد أن ي ُ ِ‬
‫ة ماضية‪ ..‬مسألة رمي الجمرات ‪ ..‬هل ُيشَترط أن‬ ‫حلق ٍ‬
‫حوض ؟‬ ‫قع على ال َ‬ ‫عمود أم َيكفي أن ت َ َ‬ ‫ب ال َ‬ ‫صي َ‬ ‫تُ ِ‬
‫من الحجاج في رمي‬ ‫من جماعة ِ‬ ‫ل أخذ وكالة ِ‬ ‫س‪ :‬رج ٌ‬
‫جمار وأخذ منهم الحصى ثم رماها في الشارع ولم‬ ‫ال ِ‬
‫خِبرهم وهم عاجزون عن الرمي‪،‬‬ ‫ي َْرم ِ الجمرات ولم ي ُ ْ‬
‫فما الحكم ؟‬
‫ج عنه وكما َتعَلمون‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫دي تو ّ‬
‫ح ّ‬
‫ريد أن أ ُ‬ ‫فاه الله وأ ِ‬ ‫س‪ :‬وال ِ ِ‬

‫‪272‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جَر‬
‫ؤ ّ‬ ‫مة كِبيَرة‪ ،‬هل ِلي أن أ ُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ي الجمار َتكون ز ْ‬ ‫م ِ‬ ‫عندَ َر ْ‬
‫سي‪.‬‬ ‫َ‬
‫ت الحج عن نف ِ‬ ‫ي الجمار ؟ مع العلم أّنني أدّي ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ل َِر ْ‬
‫مَرات‬ ‫ج َ‬ ‫ل ل َِرمي الق َ‬ ‫س‪ :‬في اليوم الحادي عشر ذهب رج ٌ‬
‫مَرة الولى وذهب ل َِرمي‬ ‫ج ْ‬ ‫وعند وصوله َرمى الق َ‬
‫دة الزحام في‬ ‫من ش ّ‬ ‫مَرت َْين الوسطى والكبرى و ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫الق َ‬
‫سها عن‬ ‫مَرة الوسطى و َ‬ ‫ج ْ‬
‫ذلك اليوم لم َينتِبه إلى الق َ‬
‫مَرة الخيرة وَرماها وعند‬ ‫ج ْ‬ ‫ل إلى الق َ‬ ‫ص َ‬‫و َ‬ ‫َرمِيها حتى َ‬
‫مَرة‬ ‫ج ْ‬
‫سه أنه لم ي َْرم ِ الق َ‬ ‫ك في نف ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫عودِته ِبالطريق َ‬ ‫َ‬
‫كه حتى اليوم التالي‪-‬الثاني‬ ‫ش ّ‬ ‫الوسطى وَبقي على َ‬
‫ل تلك‬ ‫ص َ‬
‫و َ‬ ‫عودِته ِللرمي في هذا اليوم َ‬ ‫عشر‪-‬وعند َ‬
‫كه ِلليوم الول‬ ‫ش ّ‬
‫صَيات عن َ‬ ‫ح َ‬ ‫ع َ‬ ‫مَرة وَرماها ِبسب ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫الق َ‬
‫زي‬ ‫وذلك في اليوم الثاني عشر‪ ،‬فهل َتصّرفه هذا ُيج ِ‬
‫أم ماذا َيكون عليه ؟‬
‫ة َرمي المرأة‬ ‫ددُتم في مسأل ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫عْنكم أنكم َ‬ ‫كر َ‬ ‫س‪ :‬ذُ ِ‬
‫ي ب َِنفسها وأل ّ ُتنيب‬ ‫طال َب ُْتم المرأةَ أن َترم َ‬ ‫مَرات ف َ‬ ‫ج َ‬ ‫ِلل َ‬
‫قول‪ " :‬في‬ ‫ض يَ ُ‬‫قادرةً على ذلك فالبع ُ‬ ‫ت َ‬ ‫غيرها ما دام ْ‬
‫لمر‬ ‫ح هذا ا َ‬ ‫ض َ‬‫فُنريد أن ُتو ّ‬ ‫شديد " َ‬ ‫من الت ْ‬ ‫ذلك شيءٌ ِ‬
‫حتى َيفهم الجميع المراد‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬طواف الوداع‬
‫ك ركعتي الطواف في طواف‬ ‫من ت ََر َ‬ ‫س‪ :‬ما قولكم في َ‬
‫الوداع ؟‬
‫ف الوداع‪ ،‬فماذا َيلزمه ؟‬ ‫ك طوا َ‬ ‫ج ت ََر َ‬ ‫س‪ :‬حا ّ‬
‫أحكام الحج والعمرة للمرأة‬
‫*ما يتعلق بوجوب الحج والعمرة‬
‫‪ (1‬أحكام متعلقة بشرط وجود المحرم‬
‫رها إلى الحج أن َيكون ذو‬ ‫ة‪ ،‬هل ُيشتَرط ِلسف ِ‬ ‫س‪ :‬المرأ ُ‬
‫محرم ٍ معها ؟‬ ‫َ‬
‫س‪ :‬ما مقدار السن بالنسبة للمحَرم إذا كان هذا‬
‫المحرم ولدها ؟‬
‫س‪ :‬إذن نفهم من هذا أنه في حالة عدم وجود المحرم‬
‫ل تعتبر المرأة مستطيعة ؟‬
‫س‪ :‬في حالة وجود المحرم لكنه ل يملك المال وهي‬
‫تملك المال‪ ،‬هل يجب عليها أن تعطي محرمها المال‬
‫ليحج معها ؟‬
‫س‪ :‬ما حكم ذهاب المرأة للحج رفقة مجموعة من‬
‫النساء بدون أن يكون عندها محرم رجل؟‬
‫من‬ ‫ة الخال‪ ،‬هل هما ِ‬ ‫عم وزوج ِ‬ ‫ة ال َ‬ ‫س‪ِ :‬بالنسبة ِلزوج ِ‬
‫رم ؟‬ ‫المحا ِ‬

‫‪273‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫رّبما ي َكون‬ ‫رما ‪ُ ..‬‬ ‫محْ َ‬ ‫صدُق عَليه أن َيكون َ‬ ‫من الذي يَ ْ‬ ‫س‪َ :‬‬
‫رمها في‬ ‫ح َ‬ ‫النساء صبي‪ ،‬هل يُمْكن أن يَكون هو مَ ْ‬ ‫َ‬ ‫لحد‬
‫فر ؟‬ ‫الس َ‬
‫ّ‬ ‫هذا‬
‫م َ‬
‫ع‬ ‫رم ‪َ ..‬‬ ‫ح َ‬ ‫رة بِدُون مَ ْ‬ ‫هاب إلى العُمْ َ‬ ‫الذ َ‬
‫ّ‬ ‫ريدُ‬ ‫س‪ :‬امرأةٌ ُت ِ‬
‫انب ؟‬ ‫أج ِ‬ ‫َ‬
‫ما لها إذا ما أرادت‬ ‫حَر ً‬ ‫م ْ‬‫س‪ :‬زوج أخت المرأة‪ ،‬هل يعد َ‬
‫الذهاب إلى الحج ؟‬
‫جت‬ ‫َ‬
‫ج الّنفل وسبق لها أن ح ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫س‪ :‬امرأة أرادت أن ت َ ُ‬
‫حَرم‪ ،‬فهل عليها‬ ‫م ْ‬ ‫الفرض لكنها هذه المرة تذهب بدون َ‬
‫خر ؟‬ ‫جل أم تؤ ّ‬ ‫أن تتع ّ‬
‫س‪ :‬والدتها تريد أن َتذهب إلى الحج ولكن ليس عندها‬
‫صطحب معه زوجتَه مع مجموعة‬ ‫ِ‬ ‫المقاول يَ‬‫ِ‬ ‫رم إل أنّ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫من النساء‪ ،‬فهل تَذهب معهم ؟‬ ‫ِ‬
‫ما يتعلق بإحرام المرأة‬
‫ن‬
‫فهم َ‬ ‫ض النساء ي َ ْ‬ ‫ن بع َ‬ ‫قة إحَرام ِ المرأة ؟ ل ّ‬ ‫طري َ‬ ‫س‪ :‬ما َ‬
‫َ‬
‫عّينا وطريقة معّينة‪ ،‬هل هناك‬ ‫م َ‬ ‫ن لباسا ُ‬ ‫س َ‬ ‫على أّنهن ي َل ْب َ ْ‬ ‫َ‬
‫ذا ؟‬ ‫من ه َ‬ ‫ِبالفعل شيءٌ ِ‬
‫مات هو‬ ‫ر َ‬
‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫غالبة عند الق ُ‬ ‫س‪ :‬الحقيقة َأصبحت الصفة ال َ‬
‫دل‬‫س ْ‬ ‫ن الفتنة هي السبب في َ‬ ‫ة الوجه ِبناء على أ ّ‬ ‫تغطي ُ‬
‫هذا الخمار‪.‬‬
‫كيف‬ ‫من الفتنة ؟ َيعني َ‬ ‫عَيار الخوف ِ‬ ‫م ْ‬ ‫س‪ :‬ما هو ِ‬
‫من الفتنة ؟‬ ‫خاِئفة ِ‬ ‫هي َ‬ ‫هل ِ‬ ‫َتستطيع المرأة أن ُتمّيز َ‬
‫مد على َنظرات‬ ‫عت َ ِ‬ ‫سها أم ي َ ْ‬ ‫مد عليها ِبنف ِ‬ ‫هل هذا َيعت ِ‬
‫الخرين إليها ؟‬
‫منزِلها‬‫ِ‬ ‫من‬ ‫سل الحرامِ ِ‬ ‫سل غ ُ ْ‬ ‫لمرأة أن تَغَْت ِ‬ ‫ِ‬ ‫س‪ :‬هل لِ‬
‫قبل الخروج ؟‬ ‫َ‬
‫*ما يتعلق بالحيض والنفاس‬
‫س‪ :‬إن كانت المرأة تخشى أن يدركها الحيض في‬
‫فترة المناسك‪ ،‬هل لها أن تتأخر عن الحج أو العمرة‬
‫بسبب هذا ؟‬
‫مل‬ ‫ك ِ‬ ‫الحْيض لِتُ ْ‬ ‫َ‬ ‫انعَ‬
‫و ِ‬ ‫اطى مَ َ‬ ‫ع َ‬ ‫صح لِلمرأة أن تَتَ َ‬ ‫س‪ :‬هل يَ ِ‬
‫جع فيه‬ ‫ر ِ‬‫ام حَيْضها زمنًا تَ ْ‬ ‫اد أيَ ِ‬ ‫د ِ‬ ‫ظرا لمْتِ َ‬ ‫رَتها نَ َ‬ ‫عمْ َ‬ ‫ُ‬
‫ها ؟‬ ‫ر َ‬ ‫ه ِ‬ ‫طن قبل طُ ْ‬ ‫افلة إلى الوَ َ‬ ‫الق ِ‬ ‫َ‬
‫دي طواف الوداع ؟‬ ‫ؤ ّ‬ ‫ستحاضة‪ ،‬كيف تُ َ‬ ‫س‪ :‬المرأةُ القمُ ْ‬
‫س‪ :‬هذه المرأة التي ذهبت إلى الحج جاءها الحيض بعد‬
‫الزوال في يوم عرفة ؟‬
‫ؤها الحيض في الحج‪ ،‬ماذا‬ ‫ج ُ‬‫س‪ :‬المرأة التي ُيفا ِ‬
‫َتفعل ؟‬

‫‪274‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ت طواف الفاضة مع‬ ‫جل َ ْ‬


‫ت وأ ّ‬ ‫س‪ :‬المرأة التي حاض ْ‬
‫طواف الوداع ‪ ..‬جعلْتهما واحدا ؟‬
‫ب استخدام ِ‬ ‫ء ِبسب ِ‬ ‫ة عندَ النسا ِ‬ ‫ب الدور ِ‬ ‫س‪ :‬اضطرا ُ‬
‫ن إلى الحج أو إلى العمَرة‬ ‫ل ذهاِبه ّ‬ ‫عها في حا ِ‬ ‫ص من ِ‬ ‫أقرا ِ‬
‫مر‪ ،‬فهل‬ ‫جن فيه إلى ذلك ال ْ‬ ‫خر َيحت ْ‬ ‫ءآ َ‬ ‫ي شي ٍ‬ ‫أو إلى أ ّ‬
‫د‬
‫ت الدورةُ عن َ‬ ‫ل هذا الجراء ؟ وإذا ما اضطََرب َ ْ‬ ‫ح مث ُ‬ ‫ص ّ‬ ‫يَ ِ‬
‫ريقة‪ ،‬كيف َتصَنع ؟‬ ‫ه الط ِ‬ ‫ة ِبهذ ِ‬ ‫المرأ ِ‬
‫ما بعد الحج‬
‫اصي عند‬ ‫المع ِ‬
‫َ‬ ‫فعَ َ‬
‫ل‬ ‫الرجُل إلى الحج ثم َ‬ ‫ّ‬ ‫ه َ‬
‫ب‬ ‫س‪ :‬إذا ذَ َ‬
‫قض حَجّه بِمثل هذا الفِعل ؟‬ ‫عودته إلى بَلده‪ ،‬هل يَْنتَ ِ‬
‫ن فريضة الحج ت َطَْبع على صاحبها‬ ‫س‪ :‬لديه قناعة أ ّ‬
‫قَيم والستقامة لكن‬ ‫مُثل والخلق وال ِ‬ ‫من الق ُ‬ ‫ألوانا ِ‬
‫فل أو َينسى مع مرور‬ ‫من هناك َيتغا َ‬ ‫البعض عندما َيعود ِ‬
‫من المعاصي ‪َ ..‬يطلب نصيحة‬ ‫كب شيئا ِ‬ ‫اليام فَيرت ِ‬
‫بسيطة‪.‬‬
‫س‪ :‬ما معنى حديث‪ ) :‬الحج المبرور ليس له جزاء إل‬
‫الجنة ( ؟‬
‫ثانيا ‪ :‬فتاوى العمرة‬
‫من أين‬ ‫عن طريق الطائرة‪ِ ،‬‬ ‫س‪ :‬المسافر للعمرة َ‬
‫رم؟‬ ‫ح ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫مهمة عمل إلى مكة أو إلى جدة ُثم أراد‬ ‫من سافر ل ِ ُ‬ ‫س‪َ :‬‬
‫من أين ُيحرم ؟‬ ‫أن يعتمر‪ِ ،‬‬
‫من‬ ‫س‪ :‬بالنسبة للمرأة الحائض إذا سافرت للعمرة‪ِ ،‬‬
‫رم ؟‬ ‫َ‬
‫ح ِ‬ ‫ن تُ ْ‬ ‫أي ْ َ‬
‫رد‬
‫ر الفَ ْ‬ ‫ح أن يَعَْتمِ َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ه لَ يَ ِ‬ ‫ستََند مَن يَقول‪ :‬إّن ُ‬ ‫س‪ :‬ما هو مُ ْ‬
‫احدة ؟‬ ‫يارة الوَ ِ‬ ‫من عُمرة في الزّ َ‬ ‫أكثر ِ‬
‫ره‪،‬‬ ‫غيْ ِ‬‫العمرة إذا كانت الولى عن نفسه والثانية لِ َ‬ ‫ُ‬ ‫س‪:‬‬
‫قبِيل التكرار ؟‬ ‫هل ُيعَْتبِر هَذا مِن َ‬
‫طاعَة إذا مََنعَ زوجتَه عن الذهَاب إلى‬ ‫وجِ َ‬ ‫لز ْ‬‫هل لِ ّ‬ ‫س‪َ :‬‬
‫العمرة ؟‬ ‫ُ‬
‫و واجب ؟‬ ‫س‪ :‬طواف الوداع في العمرة‪ ،‬هل هُ َ‬
‫من طاف بعدَ الحجر أث َْناءَ أداِئه العمرة ؟‬ ‫م َ‬ ‫س‪ :‬ما حك ُ‬
‫شوط أو ل ؟‬ ‫ذا ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫عَتد ب ِ َ‬ ‫هل ي َ ْ‬
‫فتاوى عامة‬
‫حكم خروج المرأة وحدها بالسيارة ‪:‬‬
‫س‪ :‬ما رأيكم في المرأة التي تخرج من بيتها وحدها‬
‫بالسيارة ‪ ،‬لزيارة أقاربها في المستشفى مثل ً ؟‬
‫حكم سكن المرأة مع حميها ‪:‬‬

‫‪275‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‪ :‬هل يجوز للمرأة أن تسكن مع حميها‪ -‬أخي زوجها‪-‬‬


‫وتأكل معه في صحن واحد ويدخلن من باب واحد ‪،‬‬
‫سواء كان ذلك الخ متزوجا أم ل ؟‬
‫حكم معالجة الطبيب الجنبي للمرأة ‪:‬‬
‫س‪ :‬هل يجوز للمرأة أن يعالج أمراضها التي تستلزم‬
‫كشف عورتها طبيب أجنبي عنها كأمراض الولدة‬
‫وغيرها ؟‬
‫حكم وضع المرأة ثيابها في غير بيت زوجها ‪:‬‬
‫س‪ :‬ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ما‬
‫من امرأة تضع ثيابها في غير بيت زوجها إل هتكت‬
‫الستر بينها وبي ربها ( ؟‬
‫حكم التيان بالمعلمات وغيرهم من الجنبيات ‪:‬‬
‫س‪ :‬في الحديث الذي يقول ‪) :‬ل يحل لمرأة أن تسافر‬
‫مسيرة يوم وليلة إل مع ذي محرم ( ما رأي فضيلتكم‬
‫في الموظفات التي يأتين من دول أجنبية وحدهن‬
‫للضرورة كالتعليم ؟‬
‫المواضع التي يحل للمرأة أن تبديها ‪:‬‬
‫س‪ :‬يقول الله تعالى ‪) :‬ول يبدين زينتهن إل ما ظهر‬
‫منها ( ما معنى قوله تعالى ‪) :‬إل ما ظهر منها (؟ وما‬
‫هي الزينة التي يجوز إظهارها لغير المحارم ؟‬
‫حكم مصافحة النساء ‪:‬‬
‫س‪ :‬ما رأيكم في مصافحة النساء ؟‬
‫حدود عورة النساء ‪:‬‬
‫س‪ :‬ما هي عورة النساء بالنسبة للمرأة ؟ وما هي‬
‫عورتها بالنسبة إلى محارمها ؟‬
‫حكم التدخين ‪:‬‬
‫س‪ :‬هل التدخين حرام أم مكروه ؟‬
‫س‪ :‬هل التدخين من الكبائر ؟‬
‫بيان مدى صحة حديث "الهوا والعبوا ‪"...‬‬
‫س‪ :‬في بعض الكتب رأينا هذا القول منسوب إلى‬
‫المام علي ‪ ،‬وفي بعضها منسوب إلى الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم والقول هو "الهوا والعبوا فإني أكره‬
‫أن أرى في دينكم غلظة " ؟‬
‫حكم مشاهدة الفلم ‪:‬‬
‫س‪ :‬هل يجوز مشاهدة الفلم والمصارعة وغيرها من‬
‫التلفاز إذا لم يكن بقصد مشاهدة العورات ولكن بقصد‬
‫التسلية ؟‬
‫أدلة تحريم الغناء ‪:‬‬

‫‪276‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س ‪ :‬وجدت في أحد الكتب أن الحاديث التي وردت‬


‫في تحريم الغناء ضعيفة ‪ ،‬فما قولكم في ذلك ؟‬
‫حكم لعب الورقة ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم لعب الورقة إذا لم تكن ُتلهي عن الصلة‬
‫في وقتها أو غيرها من العبادات ؟‬
‫حكم حلق الحية وصبغها ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يجوز حلق اللحية أو صبغها ؟‬
‫حكم تأجير المحلت لبيع المحرمات ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم السلم في تأجير المحلت للماكن التي‬
‫ترتكب فيها المحرمات كمحلت بيع الغاني والسجائر‬
‫وغيرها ؟‬
‫حكم دعاية البارد ومسابقات السحب ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يجوز أخذ قيمة ما يسمى بالدعية التي تظهر‬
‫على أغلفه الباردة للطفال والكبار على حد سواء أو‬
‫الجوائز التي تصدرها الشركات إذا كان الشخص محتاجا‬
‫لتلك المكافأة المالية ؟ وهل من فرق بين المتعمد‬
‫وغير المتعمد في أخذ الدعاية ؟‬
‫حكم اليانصيب ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما قولكم في اليانصيب الذي تبرزه المحلت‬
‫التجارية ‪ ,‬فمثل عند شرائك من محل معين ما قيمة‬
‫ثلث ريالت يقوم المحل بإعطائك رصيدا تكتب عليه‬
‫اسمك وعنوانك وعلى ذلك الرصيد رقمان ‪ :‬رقم‬
‫البضاعة في صندوق القتراع ‪ ،‬ورقم يحتفظ به حتى‬
‫يأتي أوان القتراع ‪ ،‬فإذا ما قدر لك الحظ وفزت بأحد‬
‫الجوائز التي يوضع في هذا القتراع ‪ ،‬فما حكم هذا‬
‫اليانصيب من هذا النوع ؟ ل ريب أن هناك نوعا من‬
‫المساهمين في البنوك ونوعا أخرى يشتري فيه ذلك‬
‫الرصيد بقيمه معينه ؟‬
‫حكم تقبل هدية النصارى‬
‫س‪ :‬مهل يجوز تقبل هدية النصارى ؟‬
‫حكم الوصية لغير المسلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا أسلم مشرك من أسرة كافرة ‪ ،‬فهل يجوز أن‬
‫يوصي بجل تركته لغير وارث مسلم ؟‬
‫حكم الصيد إذا أطلق عليه النار‬
‫س‪ :‬ما حكم الصيد إذا أطلق عليه النار فسقط ميتا في‬
‫حينه ؟‬
‫حكم التجسس على من يكيد الشر ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يجوز لشخص ما أن يتجسس في السمع على‬
‫شخص يكيد له الشر ؟‬
‫‪277‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫حكم نقل العضاء من شخص لخر ‪.‬‬


‫س‪ :‬مسألة نقل العضاء من جسم إلى آخر وكذلك‬
‫الدم ‪ ،‬أخبرت بعدم جواز ذلك إل في الدم عند الضرورة‬
‫‪ ،‬وأستفسر حول هذه المسألة بعض الستفسارات‬
‫منها ‪-:‬‬
‫‪ -‬هل هذه المسألة مما أختص بها أصحابنا أم‬
‫للمخالفين فيها رأي ؟‬
‫‪ -‬إن قال قائل الضرورات تبيح المحظورات ‪ ،‬فما‬
‫قولكم في ذلك ؟‬
‫‪ -‬ما سبب المنع والسلم أمرنا بحب الخير للخرين كما‬
‫نحبه لنفسنا ؟‬
‫‪ -‬سمعت أحد المخالفين يحتج بعدم الجواز في نقل‬
‫العضاء بأن في ذلك زيادة في عمر النسان عن العمر‬
‫الذي قدره الله له ‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟‬
‫‪ -‬كذلك ما سبب منع نقل الدم للمساعدة في غير‬
‫الضرورة ؟‬
‫حكم التنويم المغناطيسي ‪.‬‬
‫س‪ :‬التنويم المغناطيسي هل له نصيب من الصحة ؟‬
‫وهل هو جائز ؟ وكيف يحدث ؟ وما زعمه الزرقاني في‬
‫كتابه مناهل العرفان بأن هذه العملية هي أقرب صورة‬
‫للوحي ‪ ،‬هل هذا صحيح ؟‬
‫علج الغضب ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم الشرع في الغضب لتفه السباب ؟ وما‬
‫هي الطريقة للتخلص منه ؟‬
‫توبة المغتاب ‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف تكون توبة المغتاب لشخص ‪ ،‬هل تكون بأن‬
‫يذهب إليه ويخبره بأنه إغتابه ويطلب منه الصفح؟‬
‫بيان معنى النسيان في الحديث الذي رواه الربيع عن القرآن ‪.‬‬
‫س‪ :‬جاء في مسند المام الربيع ) من تعلم القرآن ثم‬
‫نسيه حشر يوم القيامة أجذم ( فما المقصود بالنسيان‬
‫هنا ؟‬
‫حكم رد السلم ‪.‬‬
‫دهم‬‫س‪ :‬رجل سلم على جماعة كبيرة ‪ ،‬فما حكم ر ّ‬
‫عليه ؟‬
‫كيفية رد السلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل سلم على رجل ‪ ،‬فقال‪ " :‬السلم عليكم‬
‫ده كامل إلزاما‬ ‫ورحمة الله وبركاته " ‪ ،‬فهل يلزمه ر ّ‬
‫واجبا ً ؟‬

‫‪278‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪279‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫أحكام وجوب الحج والوصية به‬


‫ن الخت أشكل عليها بين الوصية وبين‬ ‫س‪ :‬يبدو أ ّ‬
‫القيام بتنفيذ الصيام عن طريق الوصية‪-‬أيضا‪-‬أو الحج ‪..‬‬
‫صحيح أنه ل وصية لوارث لكن هل عندما يوصي الوارث‬
‫لموروثه أن يصوم عنه أو أن يحج عنه‪ ،‬هل له أن يحج عنه أو‬
‫يصوم عنه ؟‬
‫ج‪... :‬‬
‫وأما بالنسبة إلى هذه المسألة وهي ما إذا أوصى رجل بحج أو صيام أو‬
‫ما شابه ذلك فهل لبعض ورثته أن يقوموا بتنفيذ هذه الوصية وأن‬
‫ن‬‫يأخذوا مقدارا من المال مقابل تنفيذ تلك الوصية ؟ فالجواب‪ :‬نعم‪ ،‬ل ّ‬
‫هذه الوصية ليست لذلك الوارث بسبب أنه قريب للمتوفى وإنما بسبب‬
‫قيامه بهذا العمل الذي قام به بل الولى أن يقوم بإنفاذ هذه الوصية‬
‫ن الحديث قال‪ ) :‬من مات وعليه‬ ‫وأن يقوم بتأديتها أقارب المتوفى‪ ،‬ل ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى‬ ‫صوم صام عنه وليه (‪ ،‬وجاء‪-‬أيضا‪-‬في الحديث الذي فيه أ ّ‬
‫الله وسلم وبارك عليه‪-‬سمع رجل يقول‪ " :‬لّبيك عن شبرمة " قال‪:‬‬
‫ن بعض‬‫) من شبرمة ؟ ( قال‪ " :‬قريب لي " أو " أخ لي "‪ ،‬حتى أ ّ‬
‫العلماء ذهب إلى أنه ل تصح العبادة من شخص بعيد لشخص بعيد عنه؛‬
‫ن هذه القضية ل تدخل ضمن الحديث‬ ‫ولذلك تعرف الخت السائلة بأ ّ‬
‫الثابت عن النبي صلى الله وسلم عليه؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل نذر أن يحج عن والدته ولكن والدته ضعيفة‬
‫سن ‪ ..‬كبيرة تحتاج إلى أن يقوم برعايتها والعناية‬ ‫في ال ّ‬
‫مة على أخواته‬ ‫بها‪ ،‬فهل له أن يذهب ليحج عنها ويترك المه ّ‬
‫مة التي‬ ‫ليقمن بذلك وأخواته ل يستطعن أن يقمن بالمه ّ‬
‫ترضي الوالدة لنها تحتاج إلى رجل يستطيع حملها إلى‬
‫دورات المياه وغيرها ؟‬

‫‪280‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مة فعليه‬ ‫ج‪ :‬الله أعلم‪ ,‬إذا كانت الخوات يستطعن أن يقمن بهذه المه ّ‬
‫أن يذهب لتأدية الحج الذي نذر به‪ ،‬وأما إذا كانت الخوات ل يستطعن‬
‫على ذلك فهو معذور إلى أن يمكنه أن يقوم بتأدية هذه الفريضة ولكن‬
‫ن الغالب ل يشقّ على النساء من أن يأخذن هذه المرأة إلى‬ ‫الذي أراه أ ّ‬
‫دورات المياه وما شابه ذلك؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬البعض يكتب وصيته فيطاِلب ورثته بالصيام عنه أو‬
‫كفارة شهرين أو الحج‪.‬‬
‫نفذ الورثة وصيتَه ول يَجوز لهم أن‬ ‫ج‪ :‬مَن أوصى بشيء فلبد مِن أن يُ ّ‬
‫َيتركوا ذلك إذا كان ماله يبلغ المقدار الذي يمكنهم أن ينفذوا منه تلك‬
‫الوصية‪ ،‬فمَن أوصى بحج أو بصيام سواء كان ذلك كفارة أو كان غير‬
‫ومن المعلوم أنّ الوصية بالحج وبالكفارات‬ ‫من إنفاذ وصيته‪ِ ،‬‬ ‫ذلك فلبد ِ‬
‫والصيام إذا كان ذلك واجبا عليه أنه يخرج مِن رأس المال‪ ،‬ل مِن‬
‫ختلف؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫الثلث‪ ،‬أما إذا كان ذلك ليس واجبا عليه فإنه يَ ِ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ج عن والدته إذا كانت عاجزة‬ ‫جل أن َيح ّ‬ ‫س‪ :‬هل َيجوز ِللر ُ‬
‫؟ وإذا كانت قد أصيبت بالعمى كذلك ؟‬
‫حج عنها‪ ،‬وكذلك إذا كانت ميّتة‪،‬‬ ‫صح له أن يَ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬إذا كانت عاجزة يَ‬
‫من‬‫فقد ثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه أجاب بذلك لِ َ‬
‫سأله عن من مات أحد أوليائه ‪ ..‬جاء في بعضها‪ " :‬رجُل "‪ ،‬وفي‬
‫بعضها‪ " :‬امرأة "‪ ،‬وهل الكل صحيح أو البعض صحيح والبعض شاذ ؟‬
‫ِلذلك موضع آخر‪ ،‬ولكن القول بالجواز هو القول الصحيح‪ِ ،‬لصحّة السنّة‪.‬‬
‫ادعى بأنها خاصّة بذلك الشخص أو بأولئك الشخاص دعوى‬ ‫ودعوى مَن ّ‬
‫ل تقوم عليها حجّة‪.‬‬
‫مكن أن يَأخذها معه وتَأتي بأعمال‬ ‫أما بالنسبة إلى العَمى فإن كان يُ ِ‬
‫ها عند تأدية المناسك فل يَصحّ لها الترك‪،‬‬ ‫ود َ‬‫ق ُ‬‫وي ُ‬‫الحج ‪ ..‬أي َيأخذها معه َ‬
‫صح لها ذلك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أما إذا كانت ل َتتمكّن مِن الفعل أبدًا ففي هذه الحالة يَ‬
‫ؤّدوا ذلك بِمساعدة‬ ‫صرون ولكنّهم يُمكنُهم أن ُي َ‬ ‫فكثير مِن الناس ل يُبْ ِ‬
‫غيرهم‪.‬‬
‫س‪ :‬من أراد الذهاب إلى الحج وليس لديه مال‪ ،‬هل له‬
‫أن يقوم بجمع تبرعات ‪ ...‬؟‬
‫ج‪ :‬الحقيقة؛ ليس للنسان أن يسأل الناس ل في الحج ول في غيره إل‬
‫إذا وصل به الحال إلى أن يخشى على نفسه الهلك يسأل شيئا يأكله‬
‫وهذا بعد أن يطرق الوسائل ولم يجد مخرجا من ذلك فهنالك حاجة‬
‫ضرورية جدا جدا فيباح له بمقدار ما يسد حاجته‪ ،‬ومن المعلوم أن ذلك‬
‫قد ل يحتاج له النسان في حياته اللهم إل لبعض الفراد النادرين‪ ،‬أما‬
‫‪281‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بالنسبة إلى الحج فليس له ذلك ول لغير الحج كما أشرت‪ ،‬والحمد لله‬
‫والمنة والفضل أن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬لم يفترض الحج إل على‬
‫المستطيع من عباده فما دام هذا الشخص ل يجد الستطاعة فإنه ل‬
‫يجب عليه الحج وإذا وجدها في يوم من اليام فليبادر إلى ذلك؛ والله‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ذهب إلى الحج‬ ‫س‪ :‬كانت لديه‪-‬ربما هو أو غيره‪-‬نية أن ي َ ْ‬
‫مه ؟‬ ‫قد ّ ُ‬‫ولكن جاءْته فرصة عمل‪ ،‬فما الذي ي ُ َ‬
‫ج الفريضة أو ل‪.‬‬ ‫جح ّ‬ ‫ج‪ :‬ل أدري‪-‬أّول‪-‬هل هو ح ّ‬
‫جة نافلة فالمر سْهل‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫جة َ‬ ‫أما إذا كانت هذه الح ّ‬
‫خشى على هذا العمل‬ ‫جة فريضة فإن كان ي َ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫جة َ‬ ‫وأما إذا كانت هذه الح ّ‬
‫ْ‬
‫صل بعد ذلك على هذا العمل ول‬ ‫ِبأنه إذا ذهب إلى ت َأدية الحج أل ّ َيح ُ‬
‫مل وَينوي أن‬ ‫ج ِلهذا العمل فِبإمكانه أن َيع َ‬ ‫محَتا ٌ‬ ‫صل على غيره وهو ُ‬ ‫َيح ُ‬
‫ن ذلك في‬ ‫كو َ‬ ‫سر الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬له‪ ،‬وعسى أن ي َ ُ‬ ‫ب عندما ي ُي َ ّ‬‫ذه َ‬ ‫يَ ْ‬
‫شى ِبأن ي َُفوَته هذا‬ ‫حتاجا ِلهذا العمل وَيخ َ‬ ‫م ْ‬ ‫السَنة القادمة ‪ ..‬هذا إذا ُ‬
‫شَرع‬‫مكن أن ُيوّقع ِبالمواَفقة على العمل وأن ي َ ْ‬ ‫العمل‪ ،‬ولكن َأظ َ‬
‫ن أّنه ي ُ ْ‬ ‫ّ‬
‫من هذا‪.‬‬ ‫َ‬
‫ن هناك مانعا ِ‬ ‫نأ ّ‬ ‫من الحج ‪ ..‬ل أظ ّ‬ ‫عه ِ‬ ‫في العمل بعد َ رجو ِ‬
‫س‪ :‬وفترة الجازة تكفي‪.‬‬
‫ج‪ :‬نعم‪.‬‬
‫من‬‫س‪ :‬ربما يكون في القطاع الخاص هناك شيء ِ‬
‫التشديد‪.‬‬
‫جد عمل وهو ِبحاجة‬ ‫ج‪ :‬فعلى كل حال هذا ‪ ..‬إذا كان َيخشى على أل ّ ي َ ِ‬
‫جد َ هذا العمل ول غي َْره في‬ ‫ك هذا العمل لن ي َ ِ‬ ‫إلى العمل وإذا ت ََر َ‬
‫المستقَبل القريب ‪ ..‬وإل فالعمل ِبيد الله تبارك وتعالى ‪ ..‬ي َْعني الله‪‬‬
‫سر له عمل كهذا العمل أو أفضل كما‬ ‫ل ِبالرزق وهو قاِدر على أن ي ُي َ ّ‬ ‫ت َك َّف َ‬
‫حَتاجا إليه‬‫م ْ‬
‫سَر له هذا العمل ولكن النسان َيأخذ ِبالسباب‪ ،‬فإذا كان ُ‬ ‫يَ ّ‬
‫صل على ذلك في‬ ‫وَيخشى إذا لم َيعمل فيه ِبأن َيفوَته هذا العمل ول َيح ُ‬
‫هب إن شاء الله في السنة‬ ‫صي ِبالحج‪ ،‬ول َْيذ َ‬ ‫خص له وُيو ِ‬ ‫القريب‪-‬مثل‪-‬في َُر ّ‬
‫القادمة‪.‬‬
‫حكم حج من علي دين‬
‫من عليه دَْين‪ ،‬هل َيذهب إلى الحج أم ل َيذهب ؟‬ ‫س‪َ :‬‬
‫من أحد أمرْين‪:‬‬ ‫ج‪ :‬إذا كان على النسان د َْين فل َيخلو ذلك ِ‬
‫إما أن تكون لديه أموال َتكفي ِلقضاء ذلك الد ّْين الذي عليه وتكفي أيضا‬
‫ِلمؤونة أهله حتى َيرجع إليهم فإن كان عليه د َْين ولديه هذه الموال‬
‫من أن َيقوم أّول ِبقضاء ذلك‬ ‫التي َتكفي ِلقضاء هذا الد ّْين فإنه لبد ِ‬
‫ل ثم بعد ذلك َيذهب إلى‬‫الد ّْين إذا كان ذلك الد ّْين حال ّ أو في حكم الحا ّ‬
‫‪282‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫دين إما عند‬ ‫جل ً فل ُْيوص ِبذلك ول ْي َت ُْرك وصيته ِبذلك ال ّ‬ ‫مؤ َ ّ‬
‫الحج‪ ،‬وإن كان ُ‬
‫ضَعه مع فلن‬ ‫ص أمين وُيخِبر ذلك الدائن ِبأنه قد وَّثق له د َي َْنه ووَ َ‬ ‫شخ ٍ‬
‫وإما أن َيضع‪-‬تلك الوثيقة أو‪-‬ذلك الصك مع صاحب المال الصلي‪.‬‬
‫من الد ّْين فإنه ل‬ ‫سد ّ ما عليه ِ‬ ‫من المال َيكفي ل ِ َ‬ ‫أما إذا كان ل َيملك شيئا ِ‬
‫طيع سبيل‬ ‫طيع وهذا ل َيست ِ‬ ‫جب على المست ِ‬ ‫ن الحج ي َ ِ‬ ‫جب عليه الحج‪ ،‬ل ّ‬ ‫يَ ِ‬
‫إلى ذلك‪ ،‬و‪-‬طبعا‪-‬ل أريد ِبالموال الدراهم إذ قد َيقول شخص إنه ل‬
‫من الدراهم ولكنه َيمِلك عقارات أو ما شابه ذلك فهي َتقوم‬ ‫َيملك شيئا ِ‬
‫سد ّ‬‫من الموال َتكفي ل ِ َ‬ ‫في مقام الدراهم‪ ،‬فالحاصل هل َيملك شيئا ِ‬
‫من‬ ‫حّرما فلبد ِ‬ ‫م َ‬‫ذلك الد ّْين أو ل َيمِلك شيئا ‪ ..‬هذا وإذا كان الد ّْين ُ‬
‫من الحرام والتوبة والرجوع إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬حتى‬ ‫الّتخلص أّول ِ‬
‫من هذه القاذورات وهذا كله إذا كان ُيريد أن‬ ‫ي َِفد َ بعد ذلك وقد ت َط َّهر ِ‬
‫جع إليه سبحانه‪ ،‬أما إذا كان ل َيهَتم‬ ‫َيتوب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وأن َير ِ‬
‫ِبهذه المور ول ُيبالي ِبها فإنه إذا قيل له‪ " :‬ل َتذهب إلى الحج " سَيبقى‬
‫كن أن َيقوم ِبقضاء تلك الديون التي عليه‬ ‫هنا وهو َيمِلك الموال التي ُيم ِ‬
‫وإنما ُيريد أن َيشتري الرض الفلنية والعقار الفلني وما شابه ذلك‬
‫ن الله‪-‬تبارك‪-‬ل‬ ‫فهذا‪-‬على كل حال‪ُ-‬يقال له‪ " :‬اذهب إلى الحج " ولك ّ‬
‫ق ِلرّبه بل‬ ‫من المّتقين وهو ليس ِبمت ّ ٍ‬ ‫ل منه‪ ،‬إذ إنه ‪ ‬ل يت ََقّبل إل ِ‬ ‫ي ََتقب ّ ُ‬
‫ن‬‫من حيث الِفْعل ولك ّ‬ ‫جه صحيح ِ‬ ‫محاِرب له ‪ .. ‬هذا هو الحكم‪ ،‬فح ّ‬ ‫هو ُ‬
‫منه شيئا‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ل َيتقّبل منه ‪ ..‬ل َيتقّبل منه الحج ول َيتقّبل ِ‬
‫من الطاِلح؛‬ ‫من الصاِلح ل ِ‬ ‫ن القبول َيكون ِ‬ ‫من العمال الصالحة‪ ،‬ل ّ‬ ‫ِ‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬من أراد الحج وعليه دين ربوي ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان ربويا فعليه أن يتخلص من ذلك عليه أن يتوب إلى الله‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬من محاربة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ورسوله‪ ... :‬فَأ ْذ َُنوا‬
‫ه ‪ ] ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ [ 279 :‬عليه أن‬ ‫سول ِ ِ‬‫ن اللهِ وََر ُ‬
‫م َ‬
‫ب ّ‬‫حْر ٍ‬ ‫بِ َ‬
‫يتوب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وأن يتخلص من هذه المعاملة قبل أن‬
‫يخرج من هذه الدنيا إلى عذاب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فهذا إن كان يريد أن‬
‫يتوب‪ ،‬أما إذا كان ل يريد أن يتوب في حقيقة الواقع ول أعني بذلك ما‬
‫يلقلق به كثير من الناس ألسنتهم يدعي الواحد يقول‪" :‬أريد أن أتوب"‬
‫وهو ل يسلك طريق التوبة يجلس السنوات الطويلة وهو ل يتخلص من‬
‫هذه المعاملت فإن كان ل يريد أن يتخلص الن فليذهب لتأدية الحج‬
‫حتى ل يجمع بين معصيتين بين معصية إقامته على محاربته الله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬ورسوله بأخذ هذا المال الحرام أو بالتعامل بهذه المعاملة‬
‫المحرمة وبتأخير الحج وإن كان هذا الحج ل يتقبل منه لن الله‪-‬تبارك‬

‫‪283‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وتعالى‪-‬ل يتقبل إل من المتقين‪ 1‬وكيف يكون هذا متقيا لله وهو ملعون‬
‫على لسان رسول الله‪ ‬محارب لله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بنص كتابه‬
‫سبحانه ؟! ولكنه قد أدى هذه الفريضة بمعنى أنه ل يطالب بها بعد ذلك‬
‫مرة أخرى؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬من عليه دين وليس عنده الوفاء لكن جهة عمله‬
‫تتكفل بإرجاع الحق لصحابه على تقدير وفاته ؟‬
‫ج‪ :‬إذا ثبت هذا حقا بأن تلك الجهة تقوم بعد ذلك بتأدية هذا المال إلى‬
‫أصحابه وكان هذا الدين مؤجل أو كان صاحبه يرضى بالتأخير فل بأس‬
‫بذلك بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أما إذا كان هذا الدين حال فلبد من أن‬
‫يدفع المال إلى صاحبه إل إذا أذن له بذلك‪ ،‬ثم أيضا ل ينبغي للناس أن‬
‫يحرجوا غيرهم تجد الواحد يذهب إلى غيره "يا فلن أنا أريد الحج وأريد‬
‫منك أن تؤخرني" أو ما شابه ذلك فكثير من الناس على كل حال‬
‫سيقولون لهذا السائل "اذهب إلى الحج" لكن هل هم راضون بذلك حقا‬
‫؟ قد يقول قائل العبرة بما ذكروه والله أعلم بما صدورهم نقول له لبد‬
‫من النظر والتأمل في هذا المر فقد يقول لك النسان بلسانه وهو ل‬
‫يرضى بذلك‪ ،‬الصل أن تؤدي هذا المال إلى صاحبه ول تذهب إلى الحج‬
‫إل بعد أن تؤدي ما عليك لكن إذا كنت واثقا من صاحبك مطمئنا إليه‬
‫تمام الطمئنان كما يعرف عند أهل العلم بالتعارف أو ما شابه ذلك فل‬
‫بأس بهذا بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أما إذا كان المر بخلف ذلك فل‪،‬‬
‫وكثير من الناس يدعون بأن هذا من المور التي يتعارفون عليها أو بأنه‬
‫واثق من أمر صاحبه ولكن المر بعكس ذلك يتساهلون في هذه المور‬
‫عرفا بينهم في هذه القضايا وفي غيرها من القضايا‬ ‫دعون أن هنالك ُ‬ ‫ي ّ‬
‫وليس هنالك عرف في حقيقة الواقع‪ ،‬إذن لبد من أن يكون واثقا من‬
‫ذلك تمام الثقة أما إذا كان مجرد ظن وتخمين أو ما شابه ذلك فهذا‬
‫مما ل ُيلتفت إليه‪.‬‬
‫من عليه دَْين ؟‬ ‫حكم الذهاب إلى الحج ل ِ َ‬ ‫س‪ :‬ما ُ‬
‫حّرما‪،‬‬ ‫َ‬
‫م َ‬ ‫حد أمرْين اثنين‪ :‬إما أن َيكون هذا الد ّْين ُ‬ ‫من أ َ‬‫ج‪ :‬ل َيخلو ذلك ِ‬
‫حّلل‪.‬‬‫م َ‬
‫وإما أن َيكون هذا الد ّْين ُ‬
‫هب إلى تأديةِ الحج إل بعد َ أن َيتط َّهر‬ ‫حّرما فليس َله أن َيذ َ‬ ‫م َ‬ ‫فإن كان ُ‬
‫ة نصوحا إلى رّبه تبارك‬ ‫ب توب ً‬ ‫من هذه المعصية التي وَقَعَ فيها وي َُتو َ‬ ‫ِ‬
‫ريد ُ أن َيتوب في‬ ‫ريد ُ أن ي َُتوب‪ ،‬أما إذا كان ل ي ُ ِ‬ ‫وتعالى ‪ ..‬هذا إذا كان ي ُ ِ‬
‫خيص‬ ‫ذل الغاِلي والر ِ‬ ‫ريد ُ أن ي َُتوب أن ي َب ْ ُ‬ ‫ة الذي ي ُ ِ‬ ‫حقيقة الواقع ‪ ..‬وعلم ُ‬
‫ريد ُ أن‬ ‫ل التوبةِ والرجوِع إلى الله تبارك وتعالى‪ ،‬أما إذا كان ي ُ ِ‬ ‫في سِبي ِ‬
‫ري الراضي أو ما شابه ذلك وي ُل َْقل ِقُ ِبلساِنه‬ ‫ماَرات وَيشت ِ‬ ‫ري العِ َ‬ ‫َيشت ِ‬
‫من المتقين " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬ل يتقبل ِ‬
‫‪284‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ب‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ريد ُ أن ي َُتوب فلَيذهَ ْ‬ ‫مر ل ي ُ ِ‬ ‫َيقول‪ " :‬أِريد ُ أن أُتوب " فهذا في واقِِع ال ْ‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫محظورِ الد ّي ْ ِ‬ ‫صي َت َْين ‪ ..‬معصيةِ الوقوِع في َ‬ ‫معَ بْين مع ِ‬ ‫ج َ‬ ‫إلى الحج ِلئل ي َ ْ‬
‫س‬
‫م اليِقين ِبأّنه لي ْ َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫محظورِ عدم ِ تأدِي َةِ الحج ولكن ل ِي َعَْلم ِ‬ ‫محّرم و َ‬ ‫اله ُ‬
‫من المت ِّقين وإّنما َتكون‬ ‫ل إل ِ‬ ‫ن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ل ي َت ََقب ّ ُ‬ ‫من المت ِّقين وأ ّ‬ ‫ِ‬
‫ب ِبها إذا تاب‪-‬مثل‪-‬في المستقَبل‪.‬‬ ‫ث إنه ل ُيطال َ ُ‬ ‫حيحة ِبحي ُ‬ ‫جُته ص ِ‬ ‫ح ّ‬‫َ‬
‫وقت‪ ،‬وإما أن‬ ‫موَّقتا ب ِ َ‬ ‫خُلو‪ :‬إما أن َيكون ُ‬ ‫حّلل فل ي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫أما الد ّْين إذا كان ُ‬
‫جل‪.‬‬ ‫مؤ َ ّ‬ ‫حك ْم ِ الموّقت‪ ،‬وإما أن َيكون ُ‬ ‫َيكون في ُ‬
‫دين‪.‬‬ ‫ضي ذلك ال ّ‬ ‫من أن َيق ِ‬ ‫موّقتا ِبوقت فلبد ِ‬ ‫فإن كان ُ‬
‫حك ْم ِ الموّقت‪-‬أي الذي َلم ي َُقّيد‬ ‫وهكذا ِبالنسبةِ إلى الد ّْين الذي هو في ُ‬
‫ص‬
‫ضَعه مع شخ ٍ‬ ‫ضي ذلك إل إذا وَ َ‬ ‫من أن َيق ِ‬ ‫من الوقات‪-‬فلبد ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫ِبوق ٍ‬
‫ث ي َد ْفَُعه إلى صاحِبه‪.‬‬ ‫ل المانة ِبحي ُ‬ ‫على سِبي ِ‬
‫ضى ِبه‬ ‫كن أن ُيق َ‬ ‫جد ُ ما ُيم ِ‬ ‫جل فل إشكال فيه إذا كان ي َ ِ‬ ‫دين المؤ ّ‬ ‫وأما ال ّ‬
‫ن عليه‬ ‫ح ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما شابه ذلك ‪ ..‬مثل إنسا ٌ‬ ‫ذوٌر أو َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن لو أصاَبه َ‬ ‫ذلك الد ّْين عنه أ ْ‬
‫ف ريال ِلشخص وهو َيمِلك مقدار ما ُيساِوي ذلك اللف فل ْي ُوَّثق ذلك‬ ‫أل ُ‬
‫ضع ذلك الصك مع‬ ‫دل وي َ َ‬ ‫عي ُيشهِد ُ عليه شاهِد َيْ عَ ْ‬ ‫صك شر ِ‬ ‫دين ب ِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ب الحق ِبأّنه قد‬ ‫ن ي َث ِقُ ِبه ول ْي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫خِبر صاح َ‬ ‫مي ٍ‬ ‫ضُعه مع أ ِ‬ ‫ب الحق أو ي َ َ‬ ‫صاح ِ‬
‫ت َله ذلك الحق مع فلن بن فلن الفلني أو ما‬ ‫ضعَ الصك الذي ي ُث ْب ِ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫ض‬‫دوا بع َ‬ ‫مُرون ِبأن ي ُؤَ ّ‬ ‫سف‪ُ-‬يؤ َ‬ ‫من الناس‪-‬وِلل َ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫شابه ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ضي العام أو أكَثر ِ‬
‫من‬ ‫خُرون في ذلك وقد َيم ِ‬ ‫المانات إلى َأصحاِبها ثم ي َت َأ ّ‬
‫ب الحق َيسَأل‬ ‫صُلون تلك الحقوق إلى أصحاِبها ثم َيأِتي صاح ُ‬ ‫ذلك ول ُيو ِ‬
‫َ‬
‫من الزمان مع شخص‬ ‫سَله منذ ُ فترةٍ ِ‬ ‫من عليه الحق وُيخب ُِره ِبأّنه قد أر َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫س َ‬
‫ل‬ ‫من أر َ‬ ‫ن َ‬‫ن هنا ن َُقول إ ّ‬ ‫ْ‬ ‫م‬‫سف الشديد‪ ،‬و ِ‬ ‫وَلم ي ُؤَد ّ ذلك الشخص وِلل َ‬
‫من أن َيسَأل ذلك الذي َله الحق‬ ‫خر أّنه لبد ِ‬ ‫صآ َ‬‫ص مع شخ ٍ‬ ‫حّقا ِلشخ ٍ‬
‫ط أو‬ ‫ري ِ‬ ‫ة النسيان أو التف ِ‬ ‫مخافَ َ‬ ‫صْله َ‬ ‫صَله ذلك الحق الذي َله أو َلم ي َ ِ‬ ‫هل وَ َ‬
‫ما شابه ذلك؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬

‫أحكام الجارة بالحج‬


‫س‪ :‬ما هي شروط استئجار الحج ؟ وهل يصح أن‬
‫ُيستأجر أو أن ُيحج عن غير الولي وهو من لم يكن على‬
‫طاعة ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ النابة في الحج ثابتة في سنة النبي ‪ ‬ثبوتا ل شك‬
‫فيه‪ ،‬فقد جاء ذلك من عدة طرق عن النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬‬
‫ودعوى من ادعى بأن ذلك خاص بأولئك أو ما شابه ذلك مما ذكره‬
‫بعض أهل العلم مردود على صاحبه ول داعي للطالة بالجوبة التي‬
‫أجيب بها عن ذلك‪ ،‬فالنابة إذن ثابتة ل إشكال فيها فمن كان عاجزا‬
‫‪285‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بسبب مرض أو كبر سن ول يستطيع أن يذهب في الحال ول في‬


‫المستقبل إلى الحج بحسب الظاهر فإن له بل عليه أن ينيب غيره‬
‫لتأدية فريضة الحج عنه سواء كان ذلك بسبب مرض ل يرجى الشفاء‬
‫منه بحسب الظاهر أو بسبب كبر السن‪ ،‬أما إذا كان يرجو الشفاء من‬
‫ذلك المرض فل‪ ،‬وهكذا بالنسبة إذا أوصى شخص بالحج عنه وقد مات‬
‫فإنه يؤدى عنه ذلك الحج هذا ل إشكال فيه‪ ،‬أما بالنسبة إلى هل‬
‫للنسان أن يذهب بتأدية الحج عن شخص ل يتوله ؟ هنالك أمران الول‬
‫أن بعض أهل العلم يمنع من ذلك وبعضهم يجيز ذلك‪ ،‬والقول بجواز‬
‫ذلك بشرط أن ل يدعو له هو القرب إلى الصواب فليس له أن يخصه‬
‫بدعاء وإنما يدعو لعموم المسلمين فإن كان ذلك الشخص داخل في‬
‫عموم المسلمين بأن تاب وأناب إلى ربه‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولم يعلم هو‬
‫بتوبته فإنه يكون داخل في ذلك العموم وإن كان بخلف ذلك فإنه لم‬
‫يدع له بخير الخرة‪ ،‬نعم إذا كان ذلك الشخص حيا فيمكن أن يدعو له‬
‫بالهداية إلى الطريق المستقيم لنه بالمكان أن يرجع إلى الله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬أما الميت فقد انتهى أمره ول يمكن أن يهتدي بعد انتقاله من‬
‫هذه الحياة الدنيا‪ ،‬لكن بقي أن النسان قد يكون ل يتولى شخصا لنه‬
‫لم تقم عليه الحجة بولية ذلك الشخص فإذا ذهب لتأدية الحج عنه فإنه‬
‫لن يدعو له على سبيل الستقلل ويكون ذلك الشخص في حقيقة‬
‫الواقع من أهل الصلح ولكن هو لم تقم عليه الحجة فمثل هذا ل ينبغي‬
‫أن يذهب هذا الشخص أن يحج عنه إل إذا أخبره أو ما شابه ذلك ولكن‬
‫قد يكون في الخبار شيء من المور التي ستعقب ذلك مما ينبغي أن‬
‫ل يقع فيه النسان فإنه إذا قال له‪" :‬لن أدعو لك" أو "أنا ل أدري‬
‫بحالك" أو ما شابه ذلك فإنه مما لشك فيه بأنه سيقع في نفس ذلك‬
‫الشخص من هذا النسان‪ ،‬نعم إذا دعاه إلى التوبة إلى الله والرجوع‬
‫إليه ‪ ‬أو ما شابه ذلك وتاب ورجع إليه ‪ ‬وثبتت وليته فالمر ل‬
‫إشكال فيه‪ ،‬فإذن من حيث الجواز هنالك شيء لكن‪-‬كما قلت‪-‬يمكن أن‬
‫نقول بجواز ذلك ولكن بقي ما ذكرناه من الملحظة التي لبد من‬
‫اعتبارها‪ ،‬بقي هناك أن كثيرا من الناس يهتمون بجمع حطام الدنيا‬
‫الفانية فتجد الواحد منهم يذهب يبحث عن شخص يحج عنه ويراعي‬
‫المبلغ‪ ،‬إذا كان هذا المبلغ أكثر من غيره فإنه يحج عن ذلك الشخص‬
‫ولو كان ذلك من أعصى العصاة أما إذا وجد رجل صالحا ولم يبذل له ما‬
‫يريد من المال فإنه لن يلتفت إليه مثل هذا في حقيقة الواقع ل يمكن‬
‫أن نقول إنه يجوز له أن يحج عن غيره‪ ،‬ذلك لن النسان ينبغي له‬
‫عندما يذهب أن يحج عن غيره أن ينوي بذلك أن يصل إلى تلك البقاع‬
‫وأن يدعو له ولعموم المسلمين ولذلك الشخص الذي يحج عنه إن كان‬
‫‪286‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من أهل الصلح وكذلك أن يعين ذلك الشخص على طاعة الله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬أما أن يكون قصده أن يجمع هذا الحطام الفاني فهذا مما لم‬
‫يقل به أحد من أهل العلم؛ والعلم عند الله‪.‬‬

‫حة‬ ‫جة وهو ِبص ّ‬ ‫جر ِبح ّ‬ ‫س‪ :‬هل َيجوز ِللنسان أن ي ُ َ‬
‫ؤ ّ‬
‫وعافية ؟‬
‫ج‪ :‬ل‪ ،‬ل يَجوز له ذلك أبدا‪ ،‬بل ول يَجوز له أن َينتظِر حتى ُيصبح شيخا ل‬
‫من تأدية ذلك‪ ،‬بل عليه أن يَذهب الن ما دام واجِدا لِلمال وهو‬ ‫َيتمكّن ِ‬
‫تأخر‪ ،‬كما يَفعله كثير مِن‬ ‫َيستطيع على تأدية الحج‪ ،‬ول يَجوز له أن يَ ّ‬
‫الناس‪:‬‬
‫ن َيزعمون‬ ‫وأنه َكالّديْ ِ‬ ‫ؤخرون‬ ‫وأغلبُ الناس ُي ّ‬
‫خادعون‬ ‫خُرف القول ُم ِ‬ ‫ِبُز ْ‬ ‫وهم لََعْمُر ال مَغرورون‬
‫دعي بأنّ أهل العلم قالوا‪" :‬‬ ‫نتظر الواحد سنة ثم سنة ثم ثالثة ويَ ّ‬ ‫َيبقى يَ ِ‬
‫َيجوز التأخير في الحج " ‪ ..‬ما أراد أهل العلم هذا المر‪ ،‬وكثير مِن‬
‫مِلكُون الموال الطائلة‬ ‫مكثون السنين الكثيرة ويَ ْ‬ ‫الناس شَاهدناهم يَ ْ‬
‫صحة تامّة يقول‪ " :‬سأذهب بعد مدّة مِن الزمان " ثم بعد ذلك‬ ‫ّ‬ ‫وهم في‬
‫ل يَتمكّن ثم َيأتيه الموت ‪ ..‬فأخشى على هذا مِن الهلك والعياذ بالله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫فها‬ ‫هب إلى الحج ِلظرو ِ‬ ‫س‪ :‬امرأةٌ كبيَرة في السن َلم َتذ َ‬
‫عمانيا‪،‬‬ ‫خمسين ريال ُ‬ ‫ل عام ٍ َ‬ ‫سل في ك ّ‬ ‫مرضية لكّنها ُتر ِ‬ ‫الق َ‬
‫وّزع هناك على الفقراء‪.‬‬ ‫جل أن ت ُ َ‬ ‫من أ ْ‬ ‫جر على ذلك ؟ ِ‬ ‫ؤ َ‬ ‫فهل ت ُ ْ‬
‫ل العلم في‬ ‫عوهم أن َيسألوا أه َ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ َنحن َندعو الناس ‪َ ..‬ند ُ‬
‫مخاِلفة‬ ‫ض المور التي قد َتكون ُ‬ ‫ل أن َيفَعلوا بع َ‬ ‫من قب ِ‬ ‫ل هذه القضايا ِ‬ ‫مث ِ‬
‫ل العلم‪:‬‬ ‫ل أه ُ‬ ‫ف ما فََعلوه‪ ،‬وقد قا َ‬ ‫ِللشرع أو قد َيكون الوَْلى ِبخل ِ‬
‫خي َْر فيها إّنها ل َب َل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ل َ‬ ‫ه‬
‫س ِبها ت ََفّق ُ‬‫عَباد َةٌ ل َي ْ َ‬ ‫ِ‬
‫جاِر‬‫معَ هذه الموال وبعد َ ذلك َتقوم ب ِِإيه َ‬ ‫فكان الوَْلى ِلهذه المرأةِ أن َتج َ‬
‫ل حال‪-‬وجوهُ الخي ْرِ والِبر‬ ‫جةِ عنها‪ ،‬و‪-‬على ك ّ‬ ‫من َيقوم ِبتأديةِ هذه الح ّ‬ ‫َ‬
‫جين إليها فل ماِنع‬ ‫حَتا ِ‬ ‫م ْ‬‫ت هذه الموال ت ُوَّزع هناك على اله ُ‬ ‫كثيرة‪ ،‬فإن كان ْ‬
‫ت ت ُوَّزع على‬ ‫في ذلك وفي ذلك خْير ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬وإن كان ْ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫علم ‪ُ ..‬يعا ُ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫من ن َ ْ‬ ‫جوه في هذه البلد أوَْلى ‪ِ ..‬‬ ‫ب فهَُناِلك وُ ُ‬ ‫ب ود َ ّ‬ ‫من هَ ّ‬ ‫َ‬
‫ض الشرطة أو ما شابه‬ ‫ض الكتب أو بع ُ‬ ‫ض الفقراء أو ت ُط ْب َعُ ِبها بع ُ‬ ‫ِبها بع ُ‬
‫مع هذه‬ ‫ج ّ‬ ‫جب عليها أن ت ُ َ‬ ‫ن هذه المرأة ي َ ِ‬ ‫ل طبعا‪ " :‬إ ّ‬ ‫ذلك ‪َ ..‬نحن ل نقو ُ‬
‫جير‬ ‫من المال ُثم بعد َ ذلك ت َُقوم ِبتأ ِ‬ ‫صل إلى مبلٍغ ِ‬ ‫ل أن ت َ ِ‬ ‫ج ِ‬‫من أ ْ‬ ‫الدراهم ِ‬
‫طيعة في هذا الوقت‬ ‫ت غير مست ِ‬ ‫من َيقوم ِبتأِديةِ الحج " لّنها ما دام ْ‬ ‫َ‬
‫ست‬ ‫ما بعد َ ِ‬ ‫من المال فل َيلَزمها أن َتتُرك هذا المال إلى َ‬ ‫وَتمِلك مبلغا ِ‬
‫‪287‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مع إليها هذه الموال‬ ‫جت َ ِ‬‫سنوات أو عشر سنوات أو ما شابه ذلك حتى ت َ ْ‬
‫ة‬ ‫ُ‬
‫م ِبتأدِي َ ِ‬‫ت أو أن َتقو َ‬ ‫مع إذا شاَء ْ‬ ‫ج َ‬‫ما أن ت َ ْ‬
‫جَرةِ الحج‪ ،‬فإ ّ‬ ‫صل إلى أ ْ‬ ‫التي ت َ ِ‬
‫من‬ ‫َ‬
‫هد كثيرا ِ‬‫ن ُوجوهِ الِبر والصلح‪ ،‬لن َّنا ُنشا ِ‬ ‫م ْ‬
‫ن وجهٍ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ذلك إلى أ ْ‬
‫من‬ ‫ض الموال إلى مكة المكرمة ولكن كثيرا ِ‬ ‫ل بع ِ‬ ‫الناس َيقومون ب ِِإرسا ِ‬
‫الناس الذين َيقومون ِبتوزيِع تلك الموال ل ي َعْرُِفون الوجوهَ الصحيحة‬
‫التي ت ُوَّزع فَيقومون ب ِِإعطاِء فلن أو فلن أو ما شابه ذلك ‪ ..‬طبعا ذلك‬
‫َ‬
‫ن‬‫س ِ‬‫ح َ‬ ‫ث عن أ ْ‬ ‫حَراما ولكن النسان ينبِغي َله أن َيب َ‬
‫ح َ‬ ‫ن َ‬ ‫النفاق ل َيكو ُ‬
‫ها؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫الوجوهِ وأْول َ‬
‫من ل يستطيع أداء الحج إما لكبر سنه أو لمرض ألم‬ ‫س‪َ :‬‬
‫ولى له أن يؤجر في حياته أو أن يوصي بالحج ؟‬ ‫به‪ ،‬هل ال ْ‬
‫جر أو يوصي وهو على هذا‬ ‫وهل هو مطالب أساسا بأن يؤ ّ‬
‫الحال ؟‬
‫ج‪ :‬أما إذا كان قد وجب عليه الحج من قبل وفّرط فيه فإنه ل شك بأنه‬
‫جر في الوقت الحاضر‪-‬أي في وقت حياته‪-‬أو أن يوصي‬ ‫يجب عليه أن يؤ ّ‬
‫بذلك‪ ،‬أما إذا لم يكن واجبا عليه من قبل فإن لهل العلم خلفا‪ ،‬وقد‬
‫ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن النسان إذا كان واجدا للمال ولم‬
‫جر‬ ‫يكن قادرا في يوم من اليام أن يذهب إلى الحج أنه ل يلزمه أن يؤ ّ‬
‫أو أن يوصي بالحج وذلك لن من شرط ذلك أن يكون قادرا على‬
‫الذهاب إلى تلك الماكن المقدسة ول يكفي أن يكون واجدا للمال‪،‬‬
‫وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن ذلك يجب عليه واستدلوا بظواهر‬
‫الحاديث فعلى هذا الرأي الثاني من كان واجدا للمال ولو لم يكن‬
‫مستطيعا في وقت من الوقات على الذهاب إلى الحج أو كان قادرا‬
‫على الذهاب‪-‬على الركوب مثل أو ما شابه ذلك‪-‬ولكنه لم يكن في ذلك‬
‫الوقت واجدا للمال ولم يجد المال إل بعد أن صار عاجزا عن الذهاب‬
‫فإنه يجب عليه الحج على هذا الرأي‪ ،‬ول شك بأن هذا الذي تؤيده‬
‫ظواهر النصوص وإن كانت ليست بصريحة في ذلك ومهما كان فهذا‬
‫ن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫القول أحوط وأسلم‪ ،‬فل ينبغي للنسان الذي م ّ‬
‫عليه بالمال الطيب الحلل أن يفّرط في ذلك لن في مثل هذه‬
‫المسائل التي يشتد فيها الخلف ولسيما عندما تكون الدلة أقرب ما‬
‫تكون إلى ذلك الرأي فأن النسان ل ينبغي أن يفّرط فيه‪ ،‬أما من حيث‬
‫هل الفضل للنسان أن يؤجر في حياته إذا كان يعرف من نفسه أنه ل‬
‫يستطيع أن يذهب أبدا إما لكبر سنه أو لنه آيس من الشفاء بحسب‬
‫جر في حياته أو أن يوصي بذلك ؟ لشك‬ ‫الظاهر ‪ ..‬هل الفضل له أن يؤ ّ‬
‫جر في حياته ذلك‪ ،‬بل الفضل للنسان أن يؤدي ما‬ ‫أن الفضل له أن يؤ ّ‬
‫عليه من جميع الحقوق في حياته وإنما يؤخر الوصية للقارب الذين ل‬
‫‪288‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫يرثونه فإن الوصية للقارب ل يمكن أن يؤديها النسان في حياته بل‬


‫لبد من أن تنّفذ بعد وفاته‪ ،‬أما ما عليه من كفارات أو ديون أو ما يريد‬
‫أن يتبرع به أو ما شابه ذلك فإن الولى أن يأتي به في حياته‪ ،‬ذلك لن‬
‫النسان ل يدري ماذا عسى أن يعرض للورثة أو للوصي أو ما شابه‬
‫ذلك وهل سيؤدون ذلك على الطريق المطلوب أو ل ثم النسان أيضا ل‬
‫يضمن أن يبقى معه المال إلى أن يموت فقد يضيع منه أو قد تصيبه‬
‫جائحة أو ما شابه ذلك ثم إن النسان لشك أنه إذا أداه في حياته ‪ ..‬ل‬
‫شك أن هنالك فرقا بينما إذا أداه في حياته أو أداه بعد ذلك لن النسان‬
‫قد ل يبالي بالمال بعد وفاته أما في هذه الحياة يكون حريصا عليه غاية‬
‫الحرص فإذا أداه في حياته فل شك أنه أولى من جميع هذه الوجوه؛‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫أحكام الستعداد للذهاب للحج‬


‫حج إلى بيت الله‬ ‫س‪ :‬ماذا َينبغي على الذي ُيريد أن ي َ ُ‬
‫الحرام ؟ ماذا عليه أن َيصنع كاستعداد لهذه الفريضة ؟‬
‫من أركانه‪ ،‬والدّلة‬ ‫من فرائض السلم بل هو ُركن ِ‬ ‫ن الحج فريضة ِ‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫من سّنة رسوله‬ ‫من كتاب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬و ِ‬ ‫ددة ِ‬ ‫على وجوبه متع ّ‬
‫مة السلمية بل هو‬ ‫صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وقد أجمعت على ذلك ال ّ‬
‫مة المسلمين‪ ،‬ولذلك ل‬ ‫دين بالضرورة لعا ّ‬ ‫من ال ّ‬ ‫من المور المعلومة ِ‬ ‫ِ‬
‫ذكر تلك الدلة‪.‬‬ ‫أرى حاجة للطالة ب ِ‬
‫والحج َيجب على الفور على القول الصحيح الراجح‪ ،‬وهو الذي ذهب‬
‫من كلم المام نور‬ ‫إليه ابن بركة والشيخ إسماعيل‪ ،‬وهو الذي ُيفَهم ِ‬
‫الدين السالمي‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنه‪-‬في " جوهر النظام "‪ ،‬وهو‬
‫من‬ ‫ن النسان ل َيدري متى َيأتيه الموت فما ِ‬ ‫الذي ُتؤّيده الدّلة‪ ،‬على أ ّ‬
‫من لحظات حياته إل ّ ويمكن أن َيموت فيها وإذا كان المر كذلك‬ ‫لحظة ِ‬
‫ل‪-‬على المستطيع عليه فإنه‬ ‫من قب ُ‬‫جبا‪-‬كما أشرنا إلى ذلك ِ‬ ‫وكان الحج وا ِ‬
‫خر عن الحج بل َيجب عليه أن ُيباِدر‬ ‫ليس لحد وجد الستطاعة أن َيتأ ّ‬
‫جد الستطاعة عليه أن َيستعِد ّ لذلك وأن َيقوم‬ ‫من و َ‬ ‫إلى ذلك فورا‪ ،‬ف َ‬
‫بتأدية هذه الفريضة العظيمة التي أوجبها الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬على‬
‫من عباِده‪ ،‬والتي جاءت الحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي‪-‬‬ ‫المستطيع ِ‬
‫ضلها‪.‬‬ ‫ل على عظيم ف ْ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬التي تد ّ‬
‫‪289‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ي‬
‫من أراد أن َيقوم بأداء هذه الشعيرة السلمية العظيمة وأن ُيؤد ّ َ‬ ‫ف َ‬
‫هذه الفريضة التي افترضها الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليه فعليه أوّل ً أن‬
‫ضرة‬ ‫ضرة‪ ،‬وإن لم َتكن حا ِ‬ ‫من الديون التي عليه إذا كانت حا ِ‬ ‫يتخّلص ِ‬
‫فعليه أن َيقوم بتوثيق تلك الديون التي عليه‪ ،‬وذلك بأن َيكتب ذلك عند‬
‫كاتب ث َِقةٍ صاِلح ُيؤخذ بكتابته وأن ُيشِهد شاهدْين عَد ْل َْين على ذلك ثم‬
‫ق‪-‬وهو‬ ‫ك الشرعي إما عند صاحب الح ّ‬ ‫ضع ذلك الص ّ‬ ‫بعد ذلك َيقوم بو ْ‬
‫ضع‬‫ال َْولى‪-‬أو أن َيضع ذلك مع ثقة أمين ثم ُيخِبر صاحب الحقّ بأنه قد و َ‬
‫صَفه بصفة ل َتخفى‬ ‫ك الذي وّثق به ماله مع فلن بن فلن وأن ي َ ِ‬ ‫الص ّ‬
‫على صاحب ذلك الحق ‪ ..‬هذا بالنسبة إلى حقوق العباد التي عليه ‪..‬‬
‫من له ذلك المال بأن‬ ‫ح له َ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬‫ضرة و َ‬ ‫نعم إذا كانت تلك الحقوق حا ِ‬
‫ُيساِفر وبعد ذلك َيقوم بتأدية ذلك الحقّ إليه وكان هو َيمِلك ذلك المال‬
‫من ذلك لكن ل َينبغي له‬ ‫من الحقوق فإنه ل مانع ِ‬ ‫الذي ُيساِوي ما عليه ِ‬
‫أن َيقوم بمطالبة الناس أن َيسمحوا له بذلك‪.‬‬
‫من المال ما‬ ‫من أن َيكون َيمِلك ِ‬ ‫فإذن إذا كانت عليه حقوق فلبد ِ‬
‫من مال‪.‬‬ ‫من أن ُيوّثق ما عليه ِ‬ ‫ُيساوي تلك الحقوق التي عليه ولبد ِ‬
‫من المور‬ ‫صي َّته‪ ،‬بل الوصية وتوثيق الحقوق ِ‬ ‫ثم عليه‪-‬أيضا‪-‬أن َيكُتب و ِ‬
‫رد وسواًء كان ذلك في‬ ‫التي لبد منها سواًء أراد النسان الحج أو لم ي ُ ِ‬
‫ن النسان ل َيملك متى يأتيه‬ ‫من أ ّ‬ ‫وقت الحج أو ل‪ ،‬وذلك ِلما ذكرناه ِ‬
‫رض له وقد َتضيع حقوق الناس‬ ‫الموت فل َيدري متى يأتيه ومتى َيع ِ‬
‫ضهم بتأدية ما عليه‬ ‫ل بع ِ‬ ‫علم ورثِته أو بتساهِلهم أو تساه ِ‬ ‫بموته وعدم ِ‬
‫ن النسان لبد‬ ‫ص‪-‬وهو صحيح ثابت‪-‬على أ ّ‬ ‫من الحقوق‪ ،‬والحديث قد ن ّ‬ ‫ِ‬
‫من أن َيقوم بكتابة وصيِته وأنه ل َيجوز له أن َيبيت ثلث ليال إل‬ ‫ِ‬
‫ووصيُته مكتوبة‪ ،‬أو ما هذا معناه‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت‪ ،‬وذكرناه‬
‫بمعناه ل بلفظه‪.‬‬
‫من الوقت الذي‬ ‫من المال ما َيكفيه ِلسد ّ حاجِته ِ‬ ‫ئ ِ‬ ‫و‪-‬كذلك‪-‬عليه أن ُيهي ّ َ‬
‫من المال‬ ‫ده وَيأخذ ُ مقدارا ِ‬ ‫جع إلى بل ِ‬ ‫من بلِده إلى أن َير ِ‬ ‫َيخُرج فيه ِ‬
‫من وجوب‬ ‫من مرض أو ِ‬ ‫رض له ِ‬ ‫َيكفيه لسد ّ بعض المور التي قد َتع ِ‬
‫ن النسان قد َيقع في بعض المور التي َيجب عليه‬ ‫ِفديةٍ أو جزاٍء‪ ،‬ل ّ‬
‫فدية أو َيجب عليه بسببها الجزاء‪ ،‬وهي أمور سيأتي توضيحها‬ ‫بسببها ال ِ‬
‫في مناسبة أخرى بمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫من الناس‪-‬وللسف‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫و‪-‬كذلك‪-‬عليه أن َيقوم بتعّلم أمورِ الحج‪ ،‬ل ّ‬
‫رفون عن كيفية أدائها‬ ‫الشديد‪َ-‬يذهبون لتأدية هذه الفريضة وهم ل َيع ِ‬
‫مد على أنه سُيراِفق فلنا أو فلنا أو أنه سَيبحث‬ ‫من َيعت ِ‬ ‫شيئا ‪ ..‬منهم َ‬
‫ت أريد بالتعّلم أن‬ ‫ف أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهذا أمر ل َينبغي‪ ،‬ولس ُ‬ ‫مط َوّ ٍ‬ ‫عن ُ‬
‫ن هذا‬ ‫َيتعّلم النسان الدقاِئق الفقهية التي ذكرها العلماء في كتبهم‪ ،‬فإ ّ‬
‫‪290‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من الناس‪ ،‬وإنما أريد أن َيتعّلم‬ ‫ما ل َيقوى عليه إل قّلة قليلة ِ‬ ‫م ّ‬‫المر ِ‬
‫م المناسك‪ ،‬وهي أمور سهلة بمشيئة الله تبارك وتعالى‪،‬‬ ‫النسان أه ّ‬
‫رم‪ ،‬وما هو الذي َيجوز له في الحرام‬ ‫من أين ُيح ِ‬ ‫رف ِ‬ ‫من أن َيع ِ‬ ‫فلبد ِ‬
‫رف كيف‬ ‫من أن َيع ِ‬ ‫وما هو الذي ل َيجوز له في الحرام‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬لبد ِ‬
‫من إحرام وطواف وسعي وإحلل ِبالنسبة إلى‬ ‫َيقوم بتأدية الحج ‪ِ ..‬‬
‫وقوف ب ِعََرَفة‬ ‫كذلك بالنسبة إلى الحج ‪ُ ..‬يضاف إلى ذلك ال ُ‬ ‫العمرة‪ ،‬و َ‬
‫مِبيت‬ ‫وضع الشريف‪ ،‬واله َ‬ ‫م ْ‬‫دعاء في ذلك ال َ‬ ‫معَ ال ّ‬ ‫دلَفة َ‬ ‫والمبيت بالمْز َ‬
‫ذبح ِبالنسبة للمتمّتع والَقاِرن ‪ ..‬أي ذبح الهدي‬ ‫ِبمنى مع الرمي‪ ،‬وال ّ‬
‫كتب‬ ‫سهلة‪ ،‬وقد َ‬ ‫ُ‬
‫سيرة َ‬ ‫مور ي َ ِ‬ ‫يأ ُ‬ ‫من المور‪ ،‬وهِ َ‬ ‫والحلق‪ ،‬إلى غير ذلك ِ‬
‫من المؤّلفات المِفيدة‬ ‫ض المؤّلفات‪ ،‬و ِ‬ ‫من أهل العلم بع َ‬ ‫ِفيها كثير ِ‬
‫مب َْتدئين‬ ‫جزاهم الله تبارك وتعالى خيرا‪-‬لل ُ‬ ‫صرة التي ك ََتبها العلماء‪َ -‬‬ ‫المخت َ‬
‫ن‬
‫قين الصبيان "‪ ،‬فإ ّ‬ ‫شر المشهور ِبكتاب " َتل ِ‬ ‫منت ِ‬ ‫كتاب المْعروف اله ُ‬ ‫ال ِ‬
‫مة‬ ‫الشيخ المام السالمي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬ذ َك ََر أمورا مهِ ّ‬
‫كتاب‪ ،‬ول َينبغي للنسان أن َيشتِغل ب ِِتلك‬ ‫بالنسبة إلى الحج في هذا ال ِ‬
‫من أهل العلم وبعضها موجود في " تلقين‬ ‫كثير ِ‬ ‫الذكار التي ذ َك ََرها َ‬
‫جدا‪ ،‬أما أن َيشتِغل ب َِفْتح‬ ‫حفظها فهي حسَنة ِ‬ ‫الصبيان " ‪ ..‬نعم إذا كان ي َ ْ‬
‫عائه‪-‬وما شابه ذلك‪-‬فهذا‬ ‫شعُ في د ُ َ‬ ‫كتاب أو ِبمتاب ََعة فلن أو فلن ول َيخ َ‬
‫دعية التي َيحفظها وَيكون عند‬ ‫ما ل َينبغي‪َ ،‬بل َينبغي أن َيأِتي ِبال ْ‬ ‫م ّ‬
‫ِ‬
‫ما ما عدا ذلك فل َينبغي له أن‬ ‫َ‬
‫شًعا لله تبارك وتعالى‪ ،‬أ ّ‬ ‫خا ِ‬ ‫التيان ب َِها َ‬
‫مون ببعض الجزئيات الَبسيطة ولكنهم‬ ‫ّ‬ ‫من الناس ي َهْت َ‬ ‫َيتكّلف ذلك ‪ ..‬كثير ِ‬
‫ّ‬
‫مة التي تترّتب على ذلك‪ ،‬فإذن ت َعَّلم‬ ‫ل َيدرون شيئا عن المور المه ّ‬
‫مة‬‫من المور المه ّ‬ ‫ل الذهاب إلى الحج ِ‬ ‫من قَب ْ ِ‬ ‫سائل المتعّلقة ِبالحج ِ‬ ‫الم َ‬
‫جَهلون حتى‬ ‫ت‪-‬ي َ ْ‬ ‫من الناس‪-‬كما قل ُ‬ ‫ريط فيها ‪ ..‬وكثير ِ‬ ‫التي ل َينبغي الت ّْف ِ‬
‫من‬ ‫من الكبار و ِ‬ ‫صة ِ‬ ‫خا ّ‬ ‫من الناس‪-‬و َ‬ ‫المور الَبسيطة كالتلبية‪ ،‬فكثير ِ‬
‫كبوا في‬ ‫رفون الت َْلبية‪ ،‬وإنما َيذهبون إلى الحج فإذا َر ِ‬ ‫النساء‪-‬ل َيع ِ‬
‫من الناس ب ِِقراءة تلك الّتلبية وهم ي َُتاِبعونه عليها‬ ‫السيارة‪-‬مثل‪َ-‬قام واحد ِ‬
‫من التلبية ول َيأتون ِبها على‬ ‫ض الكلمات ِ‬ ‫ونظرا لعاميتهم قد َتفوُتهم بع ُ‬
‫شُروع الثابت عن النبي صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬ ‫وجهها الصحيح الم ْ‬
‫من‬ ‫ُ‬
‫دي ما عليه ِ‬ ‫ن أقاِربه‪ ،‬وبأن ُيؤ ّ‬ ‫دع النسا ُ‬ ‫مور ‪ِ ..‬بأن ُيو ّ‬ ‫كذلك هنالك أ ُ‬
‫من المور‬ ‫وثيق ذلك‪َ ،‬فهذا ِ‬ ‫ذلك أو َيقوم ب ِت َ ْ‬ ‫ذور أو ما شابه َ‬ ‫كفارات ون ُ ُ‬
‫عليه من‬ ‫ما َ‬ ‫من الوصية فالْولى للنسان أن ي ُك َّفر َ‬ ‫ض ْ‬‫التي َتدخل في ِ‬
‫مان‬ ‫حن ْث ِهِ في َبعض الي ْ َ‬ ‫عن َترك صيام أو كان ِبسبب ِ‬ ‫أْيمان سواء كانت َ‬
‫ب عليه‬ ‫ج َ‬ ‫من شهر رمضان أو وَ َ‬ ‫مثل‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬إذا كان قد أْفطر شْيئا ِ‬
‫من أن َيقوم ب َِتأِدية ذلك‪،‬‬ ‫من المور فلبد ِ‬ ‫ذر أو ِبغير ذلك ِ‬ ‫م بسبب ن ْ‬ ‫صو ٌ‬
‫در الله تبارك وتعالى‪-‬عند ت َأ ْدِي َِته للحج‪ ،‬ول‬ ‫ث‪-‬ل ق ّ‬ ‫مخافة أن ُيصيبه حاد ٌ‬
‫‪291‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫رنا ِلهذا الكلم أو ب ِذِك ِْ‬


‫ر‬ ‫من ت َْأدية المناسك ب ِذِك ِْ‬ ‫َينَبغي للناس أن َيخافوا ِ‬
‫ض الناس‬ ‫رف بع َ‬ ‫سْهل ِبمشيئة الله‪ ،‬لنني أع ِ‬ ‫َبعض الناس ِلذلك‪ ،‬فالحج َ‬
‫من ِزحام‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬عند‬ ‫ما َيسمعونه ِ‬ ‫من تأدية الحج ل ِ َ‬ ‫َيخافون ِ‬
‫سيَرةٌ في حقيقة‬ ‫ة يَ ِ‬ ‫سهْل َ ٌ‬ ‫تأدية المناسك وخاصة عند الرمي‪ ،‬فهذه أمور َ‬
‫ك‬ ‫س ِ‬ ‫من تأدية الن ّ ُ‬ ‫ذلك ‪َ ..‬يظّنون بأنه لبد ِ‬ ‫جهَُلون َ‬ ‫الواقع‪ ،‬وإّنما الناس ي َ ْ‬
‫ض الت َّعب أو‬ ‫س وُيصيب ُُهم َبع ُ‬ ‫حمون النا َ‬ ‫الُفلني في الوقت الفلني فُيزا ِ‬
‫شّقة أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل ‪ ..‬مثل الّرمي‪ِ-‬بحمد الله تبارك‬ ‫م َ‬ ‫صيُبهم َ‬ ‫تُ ِ‬
‫ة‬
‫كاث َِر ٍ‬ ‫ول كثرة َ‬ ‫من ط ُُلوع الشمس على قَ ْ‬ ‫وتعالى‪-‬في اليوم العاشر َيبدأ ِ‬
‫ل لم َيقل أحد ِبأنه َيبدأ َبعد ط ُُلوع الشمس وإّنما‬ ‫من أهل العلم ب َ ْ‬ ‫ِ‬
‫ما إذا طلعت الشمس‬ ‫طلوع الشمس أو ل ؟ أ ّ‬ ‫هل َيجوز قْبل ُ‬ ‫خلف َ‬ ‫ال ِ‬
‫من‬ ‫مة السلمية قاطبة‪ ،‬وَيمتد ّ الوقت‪-‬عند طائفة ِ‬ ‫مشروع باّتفاق ال ّ‬ ‫فَُهو َ‬
‫من الناس لبد عندما َيأتون إلى‬ ‫صف النهار ‪ ..‬كثير ِ‬ ‫أهل العلم‪-‬إلى منت َ‬
‫سك في ذلك الوقت ول‬ ‫من أن َيقوموا بتأِدية ذلك الن ّ ُ‬ ‫ضع الرمي لبد ِ‬ ‫مو ِ‬
‫ث ساعة أو‬ ‫شّقة بإمكانه أن ي َت ََري ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫جد َ النسان َ‬ ‫معنى لذلك‪ ،‬فإذا وَ َ‬
‫ن الوَْقت َيمتد ّ إلى غروب‬ ‫ساعتين أو أكثر‪ ،‬بل ذهب بعض العلماء إلى أ ّ‬
‫ن الْولى أل ّ‬ ‫الشمس‪ ،‬وبعضهم إلى طلوع الفجر‪ ،‬ونحن وإن كّنا نقول‪ :‬إ ّ‬
‫صف النهار وإن كانت هنالك‬ ‫خَر النسان ِلغير المشّقة إلى ما بعد منت َ‬ ‫ُيؤ ّ‬
‫ما ما عدا‬ ‫خر إلى غروب الشمس‪ ،‬أ ّ‬ ‫كن أن َيتأ ّ‬ ‫مم ِ‬ ‫سيطة ُ‬ ‫شّقة ولو ب َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫خر عن‬ ‫ذلك ‪ ..‬أي عند عدم وجود المشّقة الشديدة فل َينبغي له أن يتأ ّ‬
‫ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى الرمي في اليوم الثاني ‪ ..‬أي في اليوم الحادي‬
‫عشر وكذا في اليوم الثاني عشر وفي اليوم الثالث عشر ِلمن أراد أن‬
‫م ُ‬ ‫َ‬
‫صف النهار وَيمت َد ّ‬ ‫كث ذلك اليوم فهو َيبدأ ِبمنت َ‬ ‫جل ‪ ..‬أي أراد أن ي َ ْ‬ ‫ي َت َأ ّ‬
‫إلى غروب الشمس بل لليوم الحادي عشر والثاني عشر ‪ِ ..‬لمن لم‬
‫ح ذلك في موضعه بمشيئة‬ ‫شْر ُ‬ ‫من ذلك‪ ،‬و َ‬ ‫ما هو أبعد ِ‬ ‫طع َيمتد ّ إلى َ‬ ‫َيست ِ‬
‫ن المر َيسير‪ ،‬وبأنه ل َينبغي لهم أن‬ ‫الله‪ ،‬وإّنما ُنريد أن ن ُب َّين للناس بأ ّ‬
‫ت الممتد ّ‬ ‫حموا في وقت‪-‬مثل عند منتصف النهار‪-‬وَيتركون الوق َ‬ ‫َيتزا َ‬
‫من المور التي‬ ‫الطويل وُيتِعبون أنفسهم و‪-‬كذلك‪ُ-‬يتعبون غَي َْرهم‪ ،‬فهذا ِ‬
‫ل َتنب َِغي‪.‬‬
‫رفها عندما َيذهب إلى تأدية‬ ‫من المور التي َينبغي للنسان أن َيع ِ‬ ‫فهذا ِ‬
‫رف مناسك الحج‪ ،‬وأن ُيوّثق ما عليه‬ ‫ت‪-‬أن َيع ِ‬ ‫مها‪-‬كما قل ُ‬ ‫من أهَ ّ‬ ‫الحج‪ ،‬و ِ‬
‫من ديون‪ ،‬وأن َيقوم بالت ّوَْبة والنابة إلى الله‪ ،‬وذلك ِبأن ي َِفد َ إلى ربه‪-‬‬ ‫ِ‬
‫من حقوق الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫من كل ما عليه ِ‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬وقد َتخّلص ِ‬
‫من‬ ‫وحقوق عباِده وتاب وأناب إليه وإذا كانت بينه خصومات وبين غيره ِ‬
‫جر‬ ‫س للمسلم أن َيه ُ‬ ‫حُهم َبل ل َي ْ َ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫من أن ي ُ َ‬ ‫عبادِ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬لبد ِ‬

‫‪292‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫رض هذا عن صاحبه‪ ،‬كما ثبت‬ ‫رض هذا وُيع ِ‬ ‫ث َيلتقيان ُيع ِ‬ ‫أخاه فوق ثل ٍ‬
‫ذلك في الحديث عن النبي صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬
‫من الوْقت‬ ‫وهنالك أمور أخرى َتتعّلق ِبهذا الموضوع ‪ ..‬أيْ ِبكيفية الحج ِ‬
‫من أذكار‬ ‫ذا َيصنع إلى أن َيرجع إلى ب َْيته ِ‬ ‫ما َ‬
‫من بيته ‪ ..‬فيه َ‬ ‫الذي َيخرج ِ‬
‫جل الكلم عليها إلى مناسبة أخرى‪ ،‬وعسى أن يكون‬ ‫ذلك‪ ،‬سُنؤ ّ‬ ‫إلى غير َ‬
‫ذلك في اليام القريبة إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫من‬ ‫مَتاع و ِ‬ ‫من الق َ‬ ‫ن النسان إذا كان َيمِلك ِ‬ ‫س‪ :‬ذكرتم ِبأ ّ‬
‫فَلو‬ ‫در الله‪َ -‬‬ ‫سدّ دُُيوَنه فيما لو حدث له مكروه‪-‬ل ق ّ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫المال َ‬
‫مَنه‬‫ض ّ‬ ‫سَيارته‪ ،‬فهل ذلك َيكفي لكي ي ُ َ‬ ‫كان َيمتِلك ب َي َْته فقط و َ‬
‫صّية ؟‬ ‫و ِ‬ ‫ال َ‬
‫ده ب ِب َْيع ب َي ِْتهم وبعد ذلك‬ ‫َ‬
‫مور ضرورية‪ ،‬فل ُيمكن أن َيقوم أول ُ‬ ‫ج‪ :‬هذه أ ُ‬
‫ضل عن حاجته‬ ‫في أيّ موضع سيسكنون ؟! ل ‪ ..‬وإّنما إذا كان ذلك َيف ُ‬
‫ما في المور‬ ‫وحاجة أولِده الضرورية‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬هذا في ديون الحلل‪ ،‬أ ّ‬
‫خيص ‪..‬‬ ‫مْنها ولو باع الَغاِلي والّر ِ‬ ‫مة فعلى النسان أن َيتخّلص ِ‬ ‫المحّر َ‬
‫من أن َيتخّلص‬ ‫مة لبد ِ‬ ‫ما في المور المحّر َ‬ ‫فهذا في المور الحلل‪ ،‬أ ّ‬
‫مه بأن َيبقى على معصية الله‪-‬‬ ‫َ‬
‫جل ‪ ..‬نعم إذا كان ل َيه ّ‬ ‫وليس له أن ي َت َأ ّ‬
‫ن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ل َيتقّبل إل‬ ‫تعالى‪-‬فنقول له‪ " :‬اذهب إلى الحج ولك ّ‬
‫ما أن ُيقال َله بأن َيتُرك الحج وَيبقى على معصيته فهذا‬ ‫من المتقين "‪ ،‬أ ّ‬ ‫ِ‬
‫من كانت‬ ‫ن" َ‬ ‫ما ل َيصح‪ ،‬فإذا وجد الناس في قول بعض أهل العلم بأ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ِ‬
‫مة ليس له أن َيذهب إلى الحج بل عليه أن َيتخّلص‬ ‫عليه ديون محّر َ‬
‫ذا الشخص ُيريد حّقا أن َيتخّلص‪ ،‬أ ّ‬
‫ما‬ ‫دون ذلك إذا كان هَ َ‬ ‫وَيتوب " ‪ُ ..‬يري ُ‬
‫بعض الناس َيمِلكون بعض الراضي أو بعض العقارات أو ما شابه ذلك‬
‫حن نريد أن نتخّلص ولكن ل ُيمكن أن َنبيع هذه‬ ‫من المور وَيقولون‪ " :‬ن َ ْ‬ ‫ِ‬
‫جد ثمنا كبيرا أو َنبني عليها وبعد ذلك ن َُقوم ب ِب َي ِْعها " أو‬ ‫جل حتى ن َ ِ‬ ‫بل َنتأ ّ‬
‫ما شابه ذلك فهؤلء‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬ل ُيريدون أن َيتخّلصوا فعليهم أن‬
‫ك الحج ومعصية‬ ‫َيذهبوا إلى الحج لئل َيجمعوا بين معصيتين ‪ ..‬معصية ت َْر ِ‬
‫البقاء على الحرام؛ والله المستعان‪.‬‬
‫حج مع أنه كان قاِدرا على‬ ‫س‪ :‬إذا ُتوفي النسان ولم ي َ ُ‬
‫الحج في حياته‪ ،‬فما الحكم ؟ وإذا قلنا ِبوجوب الحج عنه‪،‬‬
‫جر عنه ؟‬ ‫من مكان الذي َيستأ ِ‬ ‫من مكانه أم ِ‬ ‫حَرم عنه ِ‬ ‫فهل ي ُ ْ‬
‫جب عليه أن‬ ‫جد َ الستطاعة على الحج فإنه ي َ ِ‬ ‫من وَ َ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ َ‬
‫سَبه‬‫من أهل العلم‪ ،‬وقد ن َ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫حّقِقي َ‬ ‫م َ‬‫ورا على مذهب اله ُ‬ ‫َيذهب إلى ذلك ف ْ‬
‫مة‪:‬‬‫ض أهل العلم إلى جمهور ال ّ‬ ‫بع ُ‬
‫جَلن إليه‬ ‫َ‬
‫‪1‬‬
‫ِبالَفوْرِ أن ي ُعَ ّ‬ ‫ة عليه‬ ‫جد َ استطاع ً‬ ‫من وَ َ‬ ‫َ‬

‫‪293‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س كما قال هذا الشيخ‪-‬أعني المام السالمي‪-‬رحمه الله تبارك‬ ‫ن النا َ‬ ‫ولك ّ‬
‫وتعالى‪:‬‬
‫مون‬ ‫ن ي َْزعُ ُ‬ ‫كالد ّي ْ ِ‬ ‫وأنه َ‬ ‫خرون‬ ‫وأكثُر الناس ُيؤ ّ‬
‫عون‬ ‫خادِ ُ‬‫م َ‬‫ل ُ‬ ‫خُرف الَقوْ ِ‬ ‫ب ُِز ْ‬ ‫مغُْروُرون‬ ‫مُر الله َ‬ ‫هم ل َعَ ْ‬ ‫و ُ‬
‫‪1‬‬

‫ف ‪ ..‬ل‬ ‫سو ّ ُ‬‫مة ولكنه ي ُ َ‬ ‫جد المال وهو في صحة تا ّ‬ ‫فتجد الواحد منهم ي َ ِ‬
‫ث عشرات السنين وهو ل‬ ‫مك ُ ُ‬ ‫َيذهب في هذه السنة ول في التي َتليها وي َ ْ‬
‫سئل فيقول إنه سَيذهب‪ ،‬والحج ليس على الفور‪ ،‬أو ما‬ ‫َيذهب وإذا ُ‬
‫خرافات‪ ،‬والذين قالوا‪ " :‬إنه على التراخي " ما أرادوا‬ ‫من ال ُ‬ ‫شابه ذلك ِ‬
‫ِبذلك هذا المعنى الذي ُيعّبر عنه هؤلء الجهلة ِبهذا الكلم‪ ،‬فينبغي‬
‫ورا‬
‫جد َ الستطاعة أن َيذهب إلى الحج ف ْ‬ ‫جب عليه إذا وَ َ‬ ‫ِللنسان بل ي َ ِ‬
‫ق الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فهو ل َيعلم‬ ‫وف في ذلك أب ً ْ‬
‫دا ولي َت ّ ِ‬ ‫س ّ‬ ‫وليس له أن ي ُ َ‬
‫م‬
‫ت العا ُ‬‫جؤه الموت ولم َيأ ِ‬ ‫إلى متى سَيبقى في هذه الحياة فربما ُيفا ِ‬
‫مّنا َيمِلك ِبأنه‬ ‫من أحدٍ ِ‬ ‫م الذي َيزعم ِبأنه سَيذهب فيه إلى الحج فما ِ‬ ‫القاد ُ‬
‫عم ِبأنه َيبقى إلى السنة‬ ‫من أن َيز ُ‬ ‫ضل ً ِ‬ ‫من اللحظات ف ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫سَيبقى َلحظ ً‬
‫القادمة أو التي َتليها أو ما شابه ذلك‪.‬‬
‫من الحج فل‬ ‫جها ِ‬ ‫ن المرأة إذا منعها زو ُ‬ ‫ت في بعض الفتاوى‪ :‬إ ّ‬ ‫وأنا قل ُ‬
‫محاِرمها‪ ،‬وهكذا‬ ‫من َ‬ ‫من ُيراِفقها ِ‬ ‫جد َ‬ ‫ت تَ ِ‬‫ة له في ذلك إذا كان ْ‬ ‫طاع َ‬
‫كلهما عن الحج‪-‬وأعني ِبذلك‬ ‫من ََعه أبوه أو أمه أو ِ‬ ‫ِبالنسبة إلى الوَل َدِ إذا َ‬
‫معَ َلهما فل طاعة َلهما ول كرامة‪،‬‬ ‫ضة‪-‬فليس له أن َيس َ‬ ‫ة الفري َ‬ ‫ج َ‬‫طبعا ح ّ‬
‫س‬
‫دهما لي َ‬ ‫من أح ِ‬ ‫معروف وهذا النهي منهما أو ِ‬ ‫ن الطاعة َتكون في اله َ‬ ‫ل ّ‬
‫في المعروف بل هو َنهي عن طاعة الله ‪. ‬‬
‫من مات ولم َيأت ِبفريضة الحج مع أنه قاِدر على‬ ‫أما بالنسبة إلى َ‬
‫التيان ِبها فعلى كل حال أمُره إلى رّبه تبارك وتعالى‪.‬‬
‫من تنفيذ وصيته‪ ،‬وقد اختلف العلماء في‬ ‫فإن كان قد أوصى ِبذلك فلبد ِ‬
‫من الثلث ؟‬ ‫من رأس المال أو ِ‬ ‫هذه الوصية هل تكون ِ‬
‫س المال‪ ،‬وهذا القول هو القول‬ ‫من رأ َ ِ‬ ‫فذهب بعضهم إلى أنها تكون ِ‬
‫ضى ( وما شابه ذلك‪.‬‬ ‫حقّ أن ي ُْق َ‬ ‫ن الله أ َ‬ ‫الصحيح عندي‪ِ ،‬لحديث‪ ) :‬فد َي ْ ُ‬
‫من الثلث‪.‬‬ ‫وذهب بعض أهل العلم إلى أنها تكون ِ‬
‫ت الوصايا الواجبة الثلث ولم َيبقى منه بقية هل‬ ‫وفائدةُ ذلك إذا است َغَْرقَ ْ‬
‫ن حقوقَ العباد‬ ‫من َيقول‪ " :‬إ ّ‬ ‫ُتخَرج عنه الزكاة أو ل ؟ وهذا على رأي َ‬
‫‪2‬‬

‫دم على حقوق الله تبارك وتعالى "‪ ،‬وهو أحد القوال في المسألة‪.‬‬ ‫ُتق ّ‬
‫‪-1‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الحج‪ ،‬باب‪:‬‬
‫النيابة في الحج‪.‬‬
‫‪-1‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الحج‪ ،‬باب‪:‬‬
‫النيابة في الحج‪.‬‬
‫من " ُتخَرج عنه الزكاة "‪.‬‬
‫‪-2‬لعل الشيخ قصد أن يقول‪ُ " :‬يؤّدى عنه الحج " بدل ِ‬
‫‪294‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن الله‬ ‫دم‪ ،‬وذلك ِلحديث‪ ) :‬فد َي ْ ُ‬ ‫ن حقوقَ الله ُتق ّ‬ ‫وبعض العلماء يقول‪ :‬إ ّ‬
‫ضى (‪.‬‬ ‫َ‬
‫حقّ أن ي ُْق َ‬ ‫أ َ‬
‫ص بْينها‪.‬‬ ‫ص ُ‬ ‫وبعض العلماء يقول‪ :‬إنه ُيحا َ‬
‫ن‬
‫حة‪ ،‬أما ديو ُ‬ ‫شا ّ‬ ‫م َ‬ ‫دم‪ ،‬وذلك لنه مبني على اله ُ‬ ‫ن العباد ي َُق ّ‬ ‫ن د َي ْ َ‬‫والحقّ أ ّ‬
‫ي عنها ‪ ..‬وإن كانت واجبة‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فالله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬غَن ِ ّ‬
‫حقّ أن‬ ‫َ‬
‫ن الله أ َ‬ ‫ث‪ ) :‬فد َي ْ ُ‬ ‫ن العباد‪ ،‬وحدي ُ‬ ‫دم على ديو ِ‬ ‫كن أن ت َُق ّ‬ ‫لكن ل ُيم ِ‬
‫من ذلك‬ ‫ن العباد‪ ،‬وإنما ُيراد ُ ِ‬ ‫م على د َي ْ ِ‬ ‫ضى ( ل ُيراد ُ ِبه أنه ي َُقد ّ ُ‬ ‫ي ُْق َ‬
‫كن‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫الوجوب ‪ ..‬أي أنه لبد منه‪-‬طبعا‪-‬وذلك إذا أ ْ‬
‫جا أو غي َْره‬ ‫ح ّ‬ ‫ن حقوقَ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬سواء كانت َ‬ ‫وَنحن قد ُقلنا‪ :‬إ ّ‬
‫من إخراج ذلك‪،‬‬ ‫من أصل المال‪ ،‬فما دام المال ي َِفي ِبذلك فلبد ِ‬ ‫ُتخَرج ِ‬
‫ق العباد‪-‬فل حول ول‬ ‫من المال بعد َ أداِء حقو ِ‬ ‫أما إذا لم َيكن هناِلك شيء ِ‬
‫جوا عنه‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫قوة إل ِبالله‪-‬فَينبغي لقاربه أن ي َ ُ‬
‫ن أهل العلم قد اختلفوا في ذلك‪:‬‬ ‫ص ِبذلك فإ ّ‬ ‫أما إذا كان لم ُيو ِ‬
‫ص‬‫جة‪ ،‬لنه لم ُيو ِ‬ ‫والذي عليه جمهور أصحابنا هو أنه ل ُتخَرج عنه الح ّ‬
‫ِبذلك‪.‬‬
‫خرين إلى أنه ُتخَرج عنه‪ِ ،‬للحديث الذي ذ َك َْرَناه‪.‬‬ ‫ض المتأ ّ‬ ‫وذهب بع ُ‬
‫ضح على أحدِ‬ ‫ل وا ِ‬ ‫ة‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬ليس فيها دلي ٌ‬ ‫وهذه المسأل ُ‬
‫ث الورثة إما أن‬ ‫ح ّ‬ ‫مل‪ ،‬وأنا أقول‪ :‬إنه َينبغي أن ي ُ َ‬ ‫محت ِ‬ ‫ث ُ‬ ‫مَرْين والحدي ُ‬ ‫ال ْ‬
‫ن وكما‬ ‫من ماِله والمال َفا ٍ‬ ‫رجوا ذلك ِ‬ ‫ج عنه أو أن ُيخ ِ‬ ‫َيذهبوا لداء الح ّ‬
‫ض‬
‫مات هو عنه فإنهم سَيموتون عن ذلك ‪َ ..‬بقي إذا كان في الورثة بع ُ‬
‫ظر هؤلء‬ ‫كن أن ي ُن ْت َ َ‬ ‫صلوا إلى مرتبة التكليف فُيم ِ‬ ‫صغار الذين لم ي َ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ن لنا‬
‫ضوا ِبذلك فإ ّ‬ ‫حث ِّهم على ذلك فإن لم ي َْر َ‬ ‫وَيقوم بعض أهل العلم ب ِ َ‬
‫ل‬‫ب هذا‪ِ ،‬لعدم وجودِ دلي ٍ‬ ‫ح ّ‬‫كلما في ذلك ِبمشيئة الله‪ ،‬أما الن فإننا ن ُ ِ‬
‫مل؛ وسأتكّلم على‬ ‫محت ِ‬ ‫ح في المسألة وهذا الحديث الذي ذ َك َْرَناه ُ‬ ‫صري ٍ‬
‫سع في الدروس القادمة ِبمشيئة الله‪.‬‬ ‫هذه المسألة ِبتو ّ‬

‫أعمال الحج‬
‫حدُّثونا‪-‬باختصار‪-‬عن صفة الحج ‪ ..‬ما‬ ‫س‪ :‬نريد منكم أن ت ُ َ‬
‫الذي يأتيه الحاج وما الذي يذره ؟‬
‫َ‬
‫ضل الطاعات وأعْ َ‬ ‫َ‬
‫ظم الُقُربات‬ ‫من أفْ َ‬ ‫ج ِ‬
‫ن الح ّ‬ ‫حد أ ّ‬
‫ج‪ :‬إنه ل َيخفى على أ َ‬
‫التي ي َت ََقّرب ِبها النسان إلى ربه تبارك وتعالى‪ ،‬ولذلك َيجب أن َتكون‬
‫ت عنه‪،‬‬‫وِفْقَ سّنة رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬التي ثبت ْ‬
‫ج وب َّين للناس‬ ‫ح ّ‬
‫فالرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪َ -‬‬
‫ض المور المتعّلقة ِبذلك ِبقول ِهِ وب َْعد أن فََعل‬ ‫كيفية الحج ب ِِفعله وب َّين بع َ‬
‫سككم‪ ،‬ل َعَّلي ل ألقاكم بعد عامي‬ ‫تلك المناسك قال‪ ) :‬خذوا عني منا ِ‬
‫‪295‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ت في بعض‬ ‫من تلك المور‪ ،‬واختلف ْ‬ ‫مة في كثير ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫هذا (‪ ،‬وقد اّتفق ْ‬
‫المور هل هي ثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪،‬‬
‫مة‬‫ت فيه الك َل ِ َ‬ ‫مة السلمية فل إشكال فيه‪ ،‬وما اختلف ْ‬ ‫ت عليه ال ّ‬ ‫فما اّتفق ْ‬
‫ت عن النبي صلى الله عليه وعلى‬ ‫فإنه َينبغي ِللنسان أن َيأخذ ِبما ثب َ‬
‫آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫من أهل العلم ِبمؤّلفات‬ ‫َ‬
‫صَفة الحج َيطول‪ ،‬وقد أفَْرد َهُ كثير ِ‬ ‫والكلم في ِ‬
‫ب أل َّفت في التفسير أو في شروح الحاديث أو‬ ‫ُ‬
‫مط َوَّلة وَبحثوه في كت ٍ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ص شديد ِبكلم ٍ‬ ‫ص ذلك ِبتلخي ٍ‬ ‫خ َ‬ ‫من المور‪ ،‬ول بأس أن أل ّ‬ ‫في غير ذلك ِ‬
‫صر‪.‬‬ ‫مخت َ‬
‫من أركان السلم‪ ،‬وأنه ل‬ ‫ب بل هو ركن ِ‬ ‫ن الحج واج ٌ‬ ‫من َنافَِلة القول أ ّ‬ ‫و ِ‬
‫خَره ب َْعد وجوبه عليه‪،‬‬ ‫َينبغي ِللنسان إذا استطاع سبيل إلى ذلك أن ي ُؤَ ّ‬
‫كن‬ ‫لنه ل َيدري ماذا سَيحدث له في المستقبل‪ ،‬فقد َيأتيه الموت ول َيتم ّ‬
‫من ذلك أيضا‪ ،‬وقد َتذهب‬ ‫كن ِ‬‫من تأدية هذا الفْرض وقد َيمرض ول َيتم ّ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫من تأدية هذا الركن العظيم‪ ،‬فلذلك إذا َوجد استطاع ً‬ ‫كن ِ‬ ‫أمواله فل َيتم ّ‬
‫من الناس وللسف‬ ‫خر عن ذلك‪ ،‬كما َيفعله كثير ِ‬ ‫عليه فليس له أن َيتأ ّ‬
‫الشديد‪.‬‬
‫ه الله تبارك‬ ‫جه وب ُِعمرته وج َ‬ ‫ح ّ‬ ‫صد َ النسان ب ِ َ‬ ‫م المور أن ي َْق ِ‬ ‫من أه ّ‬ ‫و ِ‬
‫من الناس َيرغبون في‬ ‫ة‪ ،‬فكثير ِ‬ ‫سمع ً‬ ‫وتعالى ‪ ..‬ل َيقصد بذلك رياًء ول ُ‬
‫مون ِبأنهم‬ ‫ذهب إلى الحج " أو ما شابه ذلك وي َْزعُ ُ‬ ‫ن فلنا َ‬ ‫أن ُيقال‪ " :‬إ ّ‬
‫ما ل َيصح‪،‬‬ ‫م ّ‬‫صدون الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬والدار الخرة وفي الواقع ذلك ِ‬ ‫َيق ِ‬
‫ب رياءٍ أو‬ ‫شو ْ ُ‬‫ة ل َيشوُبها َ‬ ‫ة صحيح ً‬ ‫من أن ينوِيَ النسان ني ً‬ ‫بل لبد ِ‬
‫سره الله‪-‬تعالى‪-‬له مِن الرزق الحلل‬ ‫ئ ما ي ّ‬ ‫ة‪ ،‬وب َْعد ذلك ي ُهَي ّ ُ‬ ‫سمع ٍ‬ ‫ُ‬
‫المتعلقة‬
‫ّ‬ ‫فيذهب به إلى تأدية الحج‪ ،‬وقد تكلمنا على بعض الشروط‬ ‫َ‬
‫بذلك‪ ،‬ول أريد أن أطيل الكلم بذلك في هذا الوقت‪ ،‬وإنما أريد أن‬
‫أتكلم على ما يَفعله النسان مِن الوقت الذي يَخرُج فيه مِن بيته إلى أن‬
‫َيقوم بِتأدية هذا الركن العظيم‪.‬‬
‫خِلص النية‬ ‫أهله وأقاربه وليُ ْ‬ ‫ودّع َ‬ ‫فإذا أراد النسان الخروج إلى الحج َفْلُي َ‬
‫صادقة إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وتأديةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بعد توبةٍ‬
‫ي مع‬ ‫شرعِ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ؤّده مِن الحقوق بصكّ‬ ‫وِثيق ما لم يُ َ‬ ‫للحقوق التي عليه وتَ ْ‬
‫ولَيضعه مع أمين أو مع صاحب الحق وإذا وضعه‬ ‫دول ْ‬ ‫ٍ‬ ‫شهود عُ‬
‫ٍ‬ ‫شهادة‬
‫خرج إلى مكّة‬ ‫صاحب الحق بِذلك‪ ،‬ثم ِليَ ُ‬ ‫َ‬ ‫مع أمين فلبد مِن أن يُخبِر‬
‫شرّفها الله تبارك وتعالى‪-‬وينبغي له أن يَبحث عن أصحابٍ‬ ‫المكرمة‪َ -‬‬ ‫ّ‬
‫صالحين ُيعينهم ويُعينونه على طاعة الله تبارك وتعالى‪ ،‬فإذا بََلغ واحداً‬
‫من المواقيت ‪ ..‬والمواقيت خمسة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ر بها‪.‬‬ ‫من م َ ّ‬ ‫ول َ‬
‫فة لهل المدينة ِ‬ ‫‪-1‬ذو الحَُليْ َ‬
‫‪296‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫عرْق لهل العراق ومَن كان في ناحيتهم‪.‬‬ ‫‪-2‬وذاتُ ِ‬


‫فة لهل الشام ومَن جاء على طريقهم‪.‬‬ ‫ح َ‬ ‫والج ْ‬
‫ُ‬ ‫‪-3‬‬
‫جد‪.‬‬
‫من جاء مِن َن ْ‬ ‫ازل لِ َ‬
‫المَن ِ‬
‫ن َ‬ ‫‪-4‬وَقرْ ُ‬
‫من أو مَن كان طريقه عليها‪.‬‬ ‫من جاء مِن اليَ َ‬ ‫مَلم لِ َ‬ ‫ويَل ْ‬
‫‪َ -5‬‬
‫فمن كان مِن أهل هذه البلدان أو كان طريقُه على ذلك الميقات‬ ‫َ‬
‫حرم قبلها‪ ،‬إذ إنّ النبي‪-‬‬ ‫حرم مِن هذه المواقيت‪ ،‬ول ينبغي له أن يُ ِ‬ ‫فليُ ِ‬ ‫ْ‬
‫حرم قبل ذلك‪ ،‬فقد أحرم مِن‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬لم يُ ِ‬
‫ده عنها كفار‬ ‫العمرة التي صَ ّ‬‫وأحرَم كذلك في ُ‬ ‫الميقات في حجّة الوداع‪َ ،‬‬
‫صد ّ عنها‪،‬‬
‫العمرة التي ُ‬ ‫قريش‪ ،‬وكذلك في العُمرة التي قضى بها تلك ُ‬
‫بل وّقت ذلك بقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ولو كان‬
‫فَعَله النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى‬ ‫هنالك فضْل‪-‬أي في التقدم على ذلك‪َ-‬ل َ‬
‫ما وأنه لم َيفعل شيئا مِن ذلك ولم‬ ‫رح بذلك‪ ،‬أ ّ‬ ‫آله وصحبه وسلم‪-‬أو لصَ ّ‬
‫رح بشيء منه فل ينبغي لحد أن يقول بأنّ ذلك أفضل‪ ،‬وأما الجواز‬ ‫ص ّ‬ ‫ُي َ‬
‫فل إشكال فيه‪.‬‬
‫يتقدم النسان على الميقات‬ ‫ّ‬ ‫من أنّ الفضل أنْ‬ ‫من الحاديث ِ‬ ‫وما جاء ِ‬
‫وفعل الناس ل‬ ‫ما ل يَصح عن النبي صلوات الله وسلمه عليه‪ِ ،‬‬ ‫فذلك مِ ّ‬
‫ولست أريد أن‬
‫ُ‬ ‫جة فيه ‪ ..‬هذا إذا صح عن أحد مِن الصحابة أو غيرهم‪،‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬
‫أطيل الكلم على صحّة وعدم ثبوت تلك الروايات التي رُويت عن‬
‫بعضهم‪.‬‬
‫حرم مِن ذلك‪.‬‬ ‫صل إلى الميقات وكان يُريد حجّا أو عُمرة فإنه يُ ِ‬ ‫فإذا َو َ‬
‫والعمرة تكون في سائر السنة إل ما استُثني مِن اليام التي يكون‬ ‫ُ‬
‫عتمر في اليوم العاشر أو في‬ ‫النسان فيها في الحج‪ ،‬فل يمكن أن يَ ِ‬
‫اليوم الحادي عشر أو في اليوم الثاني عشر وكذلك قبل أن يَنتهي مِن‬
‫من تأخّر‪.‬‬ ‫الرمي في اليوم الثالث عشر ل ِ َ‬
‫أما الحج فإنه ل يكون إل في أشهر الحج وأشهر الحج معلومة فهو‬
‫يكون في شوال وفي ذو القعدة وفي اليام الولى مِن شهر ذي الحجّة‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى بقية شهر ذي الحجّة فإنه وإن قال مَن قال مِن أهل‬
‫العلم بأنه مِن أشهر الحج لكنهم ل يريدون بذلك أنّ الحرام يَصح فيه‪،‬‬
‫إن مَن لم يَقف بعرفة قبل طلوع الفجر مِن اليوم العاشر مِن شهر‬ ‫إذ ّ‬
‫جة ‪ ..‬أي قبل طلوع فجر ليلة اليوم العاشر منه فإنه ل حج له‬ ‫ذي الح ّ‬
‫باتفاق العلماء قاطبة وبنصّ الحديث قبلَ ذلك ‪ ..‬أي بنصّ الحديث‬
‫الثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫غتسل‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النبي‬ ‫ِ‬ ‫فإذا جاء إلى الميقات فإنه ينبغي له أن يَ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فقد اغتسَل وأمرَ بالغتسال‬
‫غتسلن‪ ،‬فقد ثبت عن النبي‪-‬صلى الله‬ ‫ِ‬ ‫أن الحائض والنفساء تَ‬ ‫بل حتى ّ‬
‫‪297‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه أمرَ زوجَ أبي بكر‪-‬أمّ محمد بن أبي بكر‪-‬بأن‬
‫شرع له‬‫غتسل مع أنها نفساء‪ ،‬فمَن كان يستطيع على الغُسل فيُ َ‬ ‫ِ‬ ‫َت‬
‫الغسل‪ ،‬وهو وإن لم يكن واجبا ولكنه سنّة ثابتة عن النبي ‪ ‬فل ينبغي‬ ‫ُ‬
‫شدة البرد‪-‬‬‫التفريط فيها‪ ،‬أما مَن كان مريضا ل يقوى على الغُسل ل ِ ّ‬
‫مرّ على‬ ‫من َ‬ ‫جد ماءً‪-‬والحمد لله الن موجود بالنسبة لِ َ‬ ‫مثل‪-‬أو لم يَ ِ‬
‫المواقيت‪-‬فإنه ل بأس عليه بِترك الغتسال‪ ،‬إذ ل قدرة له عليه‪ ،‬ول‬
‫شرع في حقّه التيمم على القول الصحيح الراجح‪ ،‬لنه لم يَرِد حديثٌ‬ ‫ُي َ‬
‫دل على التيمم‪ ،‬ول يمكن‬ ‫عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬ي ّ‬
‫قياسه على التيمّم لِلوضوء للصلة ولغسل الجنابة ‪ ..‬نعم إذا كان ل‬ ‫ُ‬
‫صلي فإنه يَتيمّم لِلصلة ل لرادة الحرام‪،‬‬ ‫َيقوى على الوضوء وأراد أن يُ ّ‬
‫اغتسل وتوضّأ فإن كان الوقتُ وقت فريضة فإنه ُيصلّي الفريضة‬ ‫َ‬ ‫فإذا‬
‫حرم بعد ذلك كما سيأتي إن شاء الله‪ ،‬أما إذا لم يَكن الوقتُ وقت‬ ‫وي ِ‬ ‫ُ‬
‫حرم‬‫نافلة ويُ ِ‬
‫ً‬ ‫فريضة أو قد صلّى قبل ذلك فاختلف أهل العلم هل يُصلّي‬
‫بعدها ؟ ولم يَثبت عن النبي ‪ ‬ما َيدلّ على ذلك‪ ،‬إل أنه إذا دخل‬
‫ويحرِم بعد ذلك‪-‬كما سيأتي بمشيئة‬ ‫المسجد فإنه يُصلّي ركعتي التحية ُ‬
‫صليها مُطلَقا أو‬
‫الله تبارك وتعالى‪-‬أو كان الوقتُ وقت الضحى وكان يُ ّ‬
‫سنة الضحى‪-‬فإنه يُحرِم بعدها أو أراد أن‬ ‫في بعض الحيان‪-‬أعني يُصلّي ّ‬
‫صلى بعدَ الوضوء فإنه ُيحرِم بعدَ ذلك كما‬ ‫صلي ركعتي السنّة التي تُ ّ‬ ‫ُي ّ‬
‫ص ركعتين لِلحرام‬ ‫سيأتي بمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬أما أن يُخصّ َ‬
‫فالصحيح أنه لم َيثبت في ذلك شيءٌ عن النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪ ،‬وما دام لم يَثبت شيءٌ في ذلك فل يُمكِن أن نقول‬
‫دل عليه‪ ،‬فإذا صلى‪-‬إذا أراد الصلة‪-‬‬ ‫بمشروعية شيءٍ ول نملك دليل يَ ّ‬
‫حرم‪-‬في ذلك الوقت على رأي بعض أهل العلم‪ ،‬وفي رأي بعض‬ ‫فإنه يُ ِ‬
‫ل عليه الحديث‬ ‫حرم‪-‬إذا َركب راحلته‪ ،‬وهذا هو الذي َد ّ‬ ‫أهل العلم أنه ُي ِ‬
‫الصحيح الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫وأما بعد الصلة فإنه قد ورد حديثٌ عن ابن عباس وقوّاه بعض الناس‬
‫من جهة السناد‪.‬‬ ‫ولكنه ل يَثبت عن النبي ‪ِ ‬‬
‫وهذا الخلف إنما هو في الفضل‪ ،‬وأما مِن حيث الجواز فالمر جائز ول‬
‫إشكال فيه‪.‬‬
‫إزارا ساترًا‬‫ً‬ ‫لرجل ‪ ..‬يَلبس‬‫ُ‬ ‫لبس ثوبَي الحرام بالنسبة لِ‬ ‫والحرام يَكون بِ ْ‬
‫من أن يكون ساترا ِلعورته‪.‬‬ ‫ولبد ِ‬
‫خرجُون ما هو أسفل مِن‬ ‫وكثير مِن الناس‪-‬هداني الله تعالى وإياهم‪-‬يُ ِ‬
‫السرة مع أنّ ما بيْن السرة والركبة عورة‪-‬وهذا الكلم بالنسبة إلى‬
‫الرجل‪ ،‬وسيأتي ما يتعّلق بالمرأة ِبمشيئة الله تعالى‪-‬فهذا أمر ل يَصح ‪..‬‬
‫بين السرة والركبة‪ ،‬وإنما الخلف في السرة‬ ‫لبد مِن أن يَستر ما ْ‬
‫‪298‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫نفسها وفي الركبتين ‪ ..‬نعم ُيوجَد خلفٌ في ما هو أعلى مِن الركبتين‬


‫لكن الصحيح ما ذكرناه‪ ،‬أما ما هو أسفل مِن السرة فل يمكن أن‬ ‫ّ‬ ‫و‬
‫رخّص فيه‪ ،‬فلبد مِن أن يَنتبِه النسان‪.‬‬ ‫ُي َ‬
‫حرم‪:‬‬
‫ويلبس‪-‬أيضا‪ِ-‬رداءً‪ ،‬ويَنوي الحرام وذلك يكون إما أن يُ ِ‬ ‫َ‬
‫فرد‪.‬‬‫‪ِ-1‬بحج مُ ْ‬
‫‪-2‬أو بعُمرة ثم بعدَ ذلك يُحرِم بالحج عندما يَنتهي مِن العُمرة كما‬
‫سيأتي إن شاء الله‪.‬‬
‫جمع بيْن العمرة والحج‪.‬‬ ‫‪-3‬أو يَ َ‬
‫وتمتّع‪.‬‬
‫وقران‪َ ،‬‬ ‫فالمور ثلثة‪ِ :‬إفراد‪ِ ،‬‬
‫حرم بالحج‪ ،‬فإذا أتى مكّة المكرّمة طاف لِلقدوم‬ ‫فالفراد هو أن يُ ِ‬
‫وسعى بيْن الصفا والمروة ثم يَبقى على إحرامه حتى يَنتهي مِن رمي‬ ‫َ‬
‫يحلّ ‪ ..‬أي في اليوم العاشر‪.‬‬ ‫جمرة العقبة وفي ذلك ُ ِ‬
‫حرم أوّل بُعمرة‪ ،‬فإذا أتى مكّة المكرّمة‬ ‫وأما بالنسبة إلى التمتّع فإنه يُ ِ‬
‫من إحرامه‪.‬‬ ‫طاف بالبيت وسعى بيْن الصفا والمروة وأحَلّ ِ‬
‫قابل الحجَر‬‫ئ الطواف مِن ركن الحجَر ‪ُ ..‬ي ِ‬ ‫فة الطواف أن َيبتدِ َ‬ ‫وص َ‬
‫ِ‬
‫وينوي الطواف ويَطوف سبعة أشواط ويُْرمِل في طوافه في الثلثة‬ ‫َ‬
‫طبَاع‪-‬على الصحيح‪َ-‬يكون في‬ ‫ض ِ‬ ‫ضط َِبع ولكنّ ال ْ‬
‫الشواط الولى وكذلك يَ ْ‬
‫الشواط السبعة كلّها‪ ،‬كما ثبت ذلك في السنّة عن النبي صلى الله‬
‫وسط الثوب تَحت إِْبطه اليْمن‬ ‫َ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وذلك بِأن يَجعل‬
‫من الطواف فعليه‬ ‫رفي الرّداء على َيده اليُسرى‪ ،‬فإذا انتهى ِ‬ ‫ويجعل طَ َ‬ ‫َ‬
‫ؤدي الركعتين وقد سََترَ‬ ‫أن ُيرجِع ثَوب الحرام على ما كان عليه حتى يُ ّ‬
‫فإن ذلك أمر لبد منه‪ ،‬كما ثبت ذلك مِن أمر النبي صلى الله‬ ‫ّ‬ ‫ق ه‪،‬‬ ‫عات َ‬ ‫ِ‬
‫قّبُله‬
‫من تقبيله فإنه يُ َ‬ ‫والحجر إن تَمكّن ِ‬‫َ‬ ‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪،‬‬
‫قّبل بعدَ ذلك يدَه‬ ‫وإن لم َيتمكّن مِن تقبيله فإنه يَلمسُه بيدِه اليُمنى ويُ َ‬
‫يده عصا‪-‬وهو صعبٌ في هذا الزمان‪-‬‬ ‫اليمنى فإن لم يَتمكّن وكان في ِ‬ ‫ُ‬
‫قبّل‬‫فإنه يَلمسه بعصاه فإن لم يَتمكّن أشار إليه بيدِه وإذا أشار فل ُي َ‬
‫الركن اليَماني فإنه يَلمسه بيدِه إن تَمكّن ول‬ ‫يده‪ ،‬وأما بالنسبة إلى ّ‬ ‫َ‬
‫قبلها وأما إذا لم يَتمكّن فإنه ل يُشير إليه‪ِ ،‬لعدم ثبوت ذلك عن النبي‬ ‫ُي ّ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬أما بالنسبة إلى الرّْكنين‬
‫قبّلهما ول َيلمسهما‬ ‫الشاميين وهما الرّكن العراقي والشامي فإنه ل يُ َ‬ ‫ِ‬
‫بيدِه ول ُيشير إليهما‪ ،‬لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلوات الله وسلمه‬
‫عليه‪ ،‬وعند مقابلة الحجَر ُيكبّر ‪ ..‬يقول‪ " :‬الله أكبر "‪.‬‬
‫واستحب بعض العلماء أن َيقول‪ " :‬بسم الله ‪ ..‬الله أكبر "‪ ،‬وذلك لم‬
‫يَثبت في حديثٍ مرفوع‪ ،‬وإنما الثابت التكبير ‪ ..‬نعم ثبتت التسمية عن‬
‫ابن عمر رضي الله‪-‬تعالى‪-‬عنهما‪ ،‬أما الحديث المرفوع فهو ما ذكرتُه‪.‬‬
‫‪299‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بشيء مِن كتاب الله ‪ ..‬أي مِن‬ ‫ٍ‬ ‫سر له‪ ،‬وإذا دعا‬ ‫وعند طوافه َيدعو بِما تيَ ّ‬
‫من الثابت عن النبي‪-‬صلوات الله‬ ‫اليات التي جاء فيها الدعاء أو بشيءٍ ِ‬
‫وسلمه عليه‪-‬فذلك أفضل‪ ،‬أما أن يَشغِل بترديد الدعية والذكار خْلف‬
‫ما ل يَنبغي‬ ‫م ّ‬‫قه شيئا مِن تلك الذكار أو تلك الدعية فهذا ِ‬ ‫ف َ‬‫وف ول يَ ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫سِهن‬ ‫م ِ‬ ‫حذَر النسان مِن مزاحمة النساء ومِن َل ْ‬ ‫ولَي ْ‬
‫لحد أن يشتَِغل به‪ْ ،‬‬
‫ما يُنهَى عنه النهي الشديد‪ ،‬فإذا انتهى مِن الطواف‪-‬كما‬ ‫فإن ذلك مِ ّ‬ ‫ّ‬
‫خْلفه مباشَرة‪-‬وفي‬ ‫صلّ ركعتين خَْلف المقَام وإن لم يَتمكّن َ‬ ‫ذكرتُ‪َ-‬فْلُي َ‬
‫قعة بعيدة‬ ‫صلي في بُ ْ‬ ‫ذلك صعوبة شديدة ولسيما في أيام الحج‪-‬فإنه يُ ّ‬
‫من‬‫مكان ِ‬
‫ٍ‬ ‫ل في أيّ‬ ‫ص ّ‬ ‫من ذلك فَْليُ َ‬ ‫وليَجعله أمامه وإن لم يَتمكّن ِ‬ ‫عنه ْ‬
‫صلي َيأتي إلى الحجَر‬ ‫المقام‪ ،‬ثم بعدَ أن يُ ّ‬ ‫َ‬ ‫البيت ولو لم َيكن خلْف‬
‫سبعة‬
‫َ‬ ‫ع بيْن الصفا والمروة‬ ‫س َ‬
‫وجه بعدَ ذلك إلى الصفا ولْيَ ْ‬ ‫ويدعو ثم َيتَ ّ‬ ‫َ‬
‫أشواط ‪ ..‬مِن الصفا إلى المروة يَُعدّه شوطا وهكذا مِن المروة إلى‬
‫الصفا‪ ،‬ولبد مِن أن تكون البداية مِن الصفا وأن تكون النهاية بالمروة‪،‬‬
‫ذكر موله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وهو‬ ‫فلبد مِن أن يَنتبِه النسانُ ِلذلك‪َ ،‬وْلَي ُ‬
‫مستقبِلا ً ل ِلبيت في حالة صعوده على الصفا والمروة يقول‪ " :‬الله أكبر‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الله أكبر‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬ل إله إل الله‪ ،‬وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله‬
‫صرَ‬
‫ون َ‬‫وعدَه َ‬ ‫الحمد وهو على كل شيء قدير‪ ،‬ل إله إل الله وحده‪َ ،‬أْنجزَ ْ‬
‫وحدَه " ويَدعو بعد ذلك ثم يَأتي بالذّكر السابق‬ ‫زمَ الحزابَ ْ‬ ‫ده وهَ َ‬ ‫عبْ َ‬
‫ويدعو بعد ذلك ثم يَأتي بعد ذلك بالذّكر السابق‪ ،‬فإذا انتهى مِن ذلك‬ ‫َ‬
‫والحلق أفْضل إل في حالة أن يَكون أراد‬ ‫ْ‬ ‫أحلّ ِبالحلْق أو التقصير‪،‬‬ ‫َ‬
‫عمرته في العشْر فل ُِقرب الحرام بالحج فإنّ الفضل له أن‬ ‫الحلل مِن ُ‬
‫مرَ النبي ‪‬‬ ‫صر حتى َيتمكّن مِن الحلْق عند إحلله مِن الحج‪ ،‬وقد أَ َ‬ ‫ق ّ‬ ‫ُي َ‬
‫بالتقصير في هذه الحالة‪ ،‬وذلك لجل أن يَبقى شعرُه طويل حتى َيتمكّن‬
‫من حلْقه‪-‬كما قلتُ‪-‬عند الحلل مِن الحج‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حرم بالعمرة والحج معاً‪ ،‬فإذا َفعل‬ ‫ران‪ ،‬وذلك بأن يُ ِ‬ ‫الق َ‬
‫والنوع الثالث‪ِ :‬‬
‫ويبقى على‬ ‫ويسعى َ‬ ‫ذلك فإنه عندما َيأتي البيت يَطوف طواف القدوم َ‬
‫ويبقى على‬ ‫منى َ‬ ‫ويتوجه بعدَ ذلك إلى ِ‬ ‫إحرامه حتى اليوم الثامن‪َ 1‬‬
‫ويذبح هدْيه‪ ،‬فإذا ذَبح الهدْي‬ ‫ي جمرة العقبة َ‬ ‫إحرامه‪-‬كما قلتُ‪-‬حتى يَرمِ َ‬
‫لن الرسول ‪ ‬يقول‪) :‬‬ ‫ّ‬ ‫والحلق أفضل‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫بالتقصير أو بالحلْق‪،‬‬ ‫َ‬ ‫حل‬ ‫فإنه يُ ِ‬
‫قين ( ‪ ..‬قال ذلك ثلث مرات وفي الرابعة قال‪) :‬‬ ‫م الله المحلّ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫َر ِ‬
‫رين (‪.‬‬ ‫والمقص ِ‬
‫ّ‬
‫القارن يَذبح‬ ‫ِ‬ ‫راد هو أنّ‬ ‫الفرْق بَْين القِرَان والِْف َ‬ ‫وبذلك ُتلحِظون أنّ َ‬
‫القارن فإنّ عليه‬ ‫ِ‬ ‫الهدي بِخلف المفرِد فإنه ل هدْي عليه إجماعا‪ ،‬أما‬ ‫ْ‬
‫الهدي على مذهب جمهور المّة‪.‬‬ ‫ْ‬
‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬الثامن عشر " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫‪300‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وسيأتي الكلم بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬على أفعال الحج على الثلثة‬


‫النواع‪.‬‬
‫إن‬
‫ك‪ّ ،‬‬ ‫لك ل َب ّي ْ َ‬
‫ك ل شريك َ‬ ‫ك‪ ،‬ل َب ّي ْ َ‬ ‫ك اللهم ل َب ّي ْ َ‬ ‫وفي حالة التلبية يقول‪ " :‬ل َب ّي ْ َ‬
‫لك "‪:‬‬ ‫شريك َ‬ ‫َ‬ ‫الحمد والنعمة لكَ‪ ،‬ل‬
‫ك حجّة "‪.‬‬ ‫ك حجّا " أو " ل َب ّي ْ َ‬ ‫ك ِبحجّة " أو " ل َب ّي ْ َ‬ ‫فرِدا قال‪ " :‬ل َب ّي ْ َ‬ ‫م ْ‬‫وإذا كان ُ‬
‫ك عُمرة " أو ما شابه‬ ‫بعمرة " أو " ل َب ّي ْ َ‬ ‫ك ُ‬ ‫مّتعا قال‪ " :‬ل َب ّي ْ َ‬ ‫متَ َ‬ ‫وإذا كان ُ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ك عُمرة وحجّا‬ ‫ك بعُمرة وحجّة " أو قال‪ " :‬ل َب ّي ْ َ‬ ‫ارنا قال‪ " :‬ل َب ّي ْ َ‬ ‫وإن كان َق ِ‬
‫ؤخّر‪ ،‬واستحبّ كثير‬ ‫العمرة على الحج‪ ،‬ويمكن أن ُي َ‬ ‫قدّم ُ‬ ‫"‪ ،‬ويمكن أن ُي َ‬
‫دم العُمرة على الحجّة‪ ،‬وهذا مِن باب الستحباب‪-‬‬ ‫ق ّ‬
‫من أهل العلم أن يُ َ‬ ‫ِ‬
‫النسان على تلبية‬ ‫ُ‬ ‫على رأيهم‪-‬ل مِن حيث الوجوب‪ ،‬والفضل ألّ يَزيدَ‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وأما مِن حيث الجواز فإنّ ذلك‬
‫ن بعض الصحابة كانوا َيزيدون على مسمٍع ومرأى مِن النبي‪-‬‬ ‫جائز‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫ولكن الفضْل‬ ‫ّ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ولم يُْنكِر عليهم‪،‬‬
‫في التزام التلبية التي كان يَأتي بها النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫رَفع بها الصوت‬ ‫كثِر مِن التلبية وأن يَ ْ‬ ‫وينبغي لِلنسان أن يُ ْ‬ ‫وصحبه وسلم‪َ ،‬‬
‫ويكِْثر‬‫مع الرجالَ الجانب‪ُ ،‬‬ ‫تسرّ ول ُتسْ ِ‬ ‫رجل‪ ،‬أما المرأة فإنها ُ ِ‬ ‫إذا كان ُ‬
‫شَرفًا‬‫د َ‬ ‫قبال الليل أو النهار أو إذا صََع َ‬ ‫ِ‬ ‫من التلبية‪-‬كما قلتُ‪-‬ولسيما عند ِإ‬ ‫ِ‬
‫غير الحوال‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬‬ ‫ل أو ما شابه ذلك ‪ ..‬أي في حالة تَ ّ‬ ‫أو نَزَ َ‬
‫َينبغي أن يُكِْثر منها وأن يَرَْفع بها الصوت‪ ،‬كما فَعل أصحاب النبي صلى‬
‫الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫متع بالحج‪-‬وهذا على الستحباب وإل فإنه‬ ‫في اليوم الثامن ُيحرِم المتَ ّ‬
‫رم‪،‬‬‫من الحَ َ‬ ‫ي موضعٍ ِ‬ ‫ويكون ذلك مِن َأ ّ‬ ‫متّع قبل ذلك‪َ -‬‬ ‫َيجوز الحرام للمَُت َ‬
‫ضع الذي َأقام فيه‪ ،‬ول يَنبغي ِللنسان أن‬ ‫و ِ‬ ‫والنبي ‪َ ‬أحرَم مِن المَ ْ‬
‫الجن " أو إلى " البيت الحرام " أو ما شابه ذلك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َيذهب إلى " مسجد‬
‫ِلعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬والظاهر أنّ‬
‫العلماء عندما قالوا‪َ :‬أحرَم النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬مِن‬
‫ث فيه ‪ ..‬أي أنّ أصحابه على مسمعٍ ومرأى فعلوا‬ ‫ك َ‬ ‫الموضع الذي مَ َ‬
‫حرم في ذلك اليوم‬ ‫حل مِن ِإحرامِه‪ ،‬فلم يُ ِ‬ ‫نا ولم يُ ِ‬ ‫ار ً‬‫ذلك‪ ،‬وإل فهو كان قَ ِ‬
‫طن لِذلك‪.‬‬ ‫إحراما جديدا‪ ،‬فيَنبغي أن يُتفَ ّ‬
‫ن أهل العلم قد اختلفوا في الفضل مِن المور‬ ‫هذا ومِن الجدير بالذّكر أ ّ‬
‫متّع إل لِمن ساق الهدْي فإنّ‬ ‫أن الفضل التّ َ‬ ‫الثلثة‪ ،‬والصحيح عندنا ّ‬
‫والعمرة ‪ ..‬بقي الكلم هل الفضل أن‬ ‫ُ‬ ‫يقرِن بيْن الحج‬ ‫الفضل له أن ُ ْ‬
‫رن بينهما ؟ والثاني هو‬ ‫ق ِ‬ ‫َيتمتّع النسان أو أن َيسوق الهدْي وأن يُ ْ‬
‫الصحيح‪ِ ،‬لفعل النبي ‪. ‬‬
‫‪301‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫سق‬ ‫من لم يَ ُ‬ ‫مّتع لِ َ‬ ‫من ساق الهدْي والتّ َ‬ ‫ن الفضل القِرَان ِل َ‬ ‫تإ ّ‬ ‫كما قل ُ‬
‫الهدي‪ ،‬وبقي الخلف هل الفضل للنسان أن يَسوق الهدْي ويكون قارِنا‬ ‫ْ‬
‫بين حجّه وعُمرته أو الفضل له أن يَتمتّع ؟ والول هو الصحيح‪ ،‬لفعل‬ ‫ْ‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فالله اختار لنبيه ذلك ولم يكن‬
‫ما‬
‫منّى ذلك ل ِ َ‬ ‫ِلَيختار له إل الفضل‪ ،‬وأما تَمنّي النبي ‪ِ ‬للتمتع فإنه إنما َت َ‬
‫ب أصحابه‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليهم‪-‬للبقاء على‬ ‫رأى مِن حُ ّ‬
‫ترك العملَ الفضل‬ ‫أصحابه‪ ،‬وقد كان ‪ ‬يَ ُ‬ ‫َ‬ ‫واف َ‬
‫ق‬ ‫الحرام فتمنّى حتى يُ ِ‬
‫وتحرير ذلك‬ ‫لأجل موافَقة أصحابِه رضوان الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليهم‪َ ،‬‬
‫ول‪ ،‬وموضعه آخر بمشيئة الله تعالى‪.‬‬ ‫ط ّ‬
‫م َ‬ ‫حث ُ‬‫ٍ‬ ‫َيحتاج إلى بَ‬
‫صلون الصلوات‬ ‫هب الناس في اليوم الثامن إلى مِنى فإنهم يُ ّ‬ ‫فإذا َذ َ‬
‫خرج قَبْل‬ ‫جون بَْعد طلوع الشمس‪ ،‬ومَن َ‬ ‫خرُ ُ‬ ‫الخمس هناك‪ ،‬وبعد ذلك يَ ْ‬
‫السنة أن يَخرُجوا بعد طلوع الشمس‬ ‫ّ‬ ‫ذلك فل شي عليه ولكنّ‬
‫مرَة فذلك هو الذي َفعله النبي‬ ‫بن ِ‬‫توجهون إلى عرفة ‪ ..‬لو أَمكَن البقاء َ‬ ‫وي ّ‬ ‫َ‬
‫و َ‬
‫ن‬ ‫ق ْ‬‫ولكن هذا الزمان فيه مِن الصعوبة ما فيه ِلكثرة الحجاج‪ ،‬فيَْب َ‬ ‫ّ‬ ‫‪،‬‬
‫فليُكبّر ومَن شاء‬ ‫كبّر ْ‬ ‫من شاء أن يُ َ‬ ‫هنالك على ذِْكر الله تبارك وتعالى ‪َ ..‬‬
‫ب‪ ،‬ويَنبغي لهم أن يُكثِروا مِن الدعاء والذّْكر ما استطاعوا‬ ‫أن ُيَلّبي فلْيَُل ّ‬
‫صّلوا‬ ‫ولَيتركوا كلم الدنيا‪ ،‬وإذا زالت الشمس فيَنبغي لهم مباشَرة أن يُ َ‬ ‫ْ‬
‫الظهر والعصر ‪َ ..‬يقوم المام خطيبا ولْيَخطب خطبة مختصَرة ثم بَْعد‬
‫صرُون الظهر ركعتين وكذلك‬ ‫ق ُ‬ ‫معا ‪َ ..‬ي ْ‬ ‫ذلك يَقومون بِتأدية الصلتين جَ ْ‬
‫ن أذانا واحدا ويُقيم‬ ‫المؤّذ ُ‬
‫َ‬ ‫ؤّذن‬ ‫مع تقديم‪ ،‬ويُ َ‬ ‫جمعونهما جَ ْ‬ ‫َ‬ ‫العصر‪َ .. 1‬ي‬
‫وليُكثِروا مِن الدعاء‬ ‫صّلوا فليَذْكروا الله‪-‬تبارك وتعالى‪ْ -‬‬ ‫ِإقامتين‪ ،‬فإذا َ‬
‫ويكثِروا مِن قول‪ " :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله‬ ‫ُ‬
‫من الدعاء‬ ‫ولُيكثِروا بِما شاؤوا ِ‬ ‫الحمد وهو على كل شيء قدير "‪ْ ،‬‬
‫حت عن رسول‬ ‫ص ّ‬‫من الدعية التي وََرَدت في كتاب الله أو َ‬ ‫ولسيما ِ‬
‫فإن هذا الوقت مِن أفضل الوقات‬ ‫ّ‬ ‫الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫قوا‬ ‫ولَيبْ َ‬
‫نوم أو بِكلم أو ما شابه ذلك‪ْ ،‬‬ ‫ط فيه بِ ْ‬ ‫فرّ َ‬ ‫فل يَنبغي للنسان أن ُي َ‬
‫حققا ل لَبْس فيه‪ ،‬وليس‬ ‫تحققوا مِن غروب الشمس تَ ّ‬ ‫على ذلك حتى يَ ّ‬
‫قي في‬ ‫لن النبي ‪ ‬نهى عن ذلك‪ ،‬ولنه بَ ِ‬ ‫ّ‬ ‫خرج قَْبل ذلك‪،‬‬ ‫لحد أن يَ ُ‬
‫غموض‬ ‫حقق غروب الشمس تَحقّقا ل لَْبسَ فيه ول ُ‬ ‫عامه ذلك حتى تَ ّ‬ ‫ِ‬
‫وبْعد ذلك َأفاض وقال‪ ) :‬خذوا عني مناسِككم (‪.‬‬ ‫َ‬
‫خالف‬ ‫ما يُ ِ‬ ‫خرجون قَبْل ذلك‪ ،‬وهذا مِ ّ‬ ‫وللسف نَجد كثيرا مِن الناس يَ ُ‬ ‫ِ‬
‫صارخة‪ ،‬ول يَنبغي لِلنسان‬ ‫ِ‬ ‫السنة الصحيحة الثابتة عن النبي ‪ ‬مخالَفة‬ ‫ّ‬

‫صر خاص بالمساِفر‪.‬‬


‫ن هذا الق ْ‬
‫‪-1‬يبدو أ ّ‬
‫‪302‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫المخالفة والعياذ‬ ‫َ‬ ‫خالف هذه‬ ‫المقدسة أن ُي ِ‬ ‫ّ‬ ‫الذي َذهب إلى تلك المواطن‬
‫بالله‪-‬تعالى‪-‬مِن ذلك‪.‬‬
‫جمعوا بيْن المغرب‬ ‫لتهم بِها ولْيَ َ‬ ‫لي َ‬‫مزدل ََفة ولْيَِبيتُوا ْ‬ ‫ثم لَِيذهبوا إلى ال ُ‬
‫لمسافر‪-‬‬
‫ِ‬ ‫صّلون المغرب ثلثا والعشاء ركعتين‪- 1‬وطبعا هذا لِ‬ ‫والعشاء ‪ُ ..‬ي َ‬ ‫ِ‬
‫ل عليه الحديث‬ ‫ويكون ذلك بأذان وإقامتين على الصحيح الذي دَ ّ‬
‫صّلوا صلة الفجْر في أوّل وقتها ثم‬ ‫الصحيح‪ ،‬فإذا قاموا في الصباح فلُْي َ‬
‫ِلَيذْكروا الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬هناك ذِْكرا كثيرا ولَْيبَْتِهلوا إليه ولُْيكِْثروا مِن‬
‫خرجوا بَْعد ذلك قَْبل طلوع‬ ‫وع إليه ‪ ، ‬ثم ِليَ ُ‬ ‫ش ٍ‬ ‫وخ ُ‬ ‫رعٍ ُ‬ ‫ض ّ‬
‫السؤال مع تَ َ‬
‫سرِعوا السيْر فذلك‬ ‫مكََنُهم أن يُ ْ‬ ‫محَسّر ِإن أَ ْ‬ ‫روا بِوادي ُ‬ ‫الشمس‪ ،‬وإذا مَ ّ‬
‫هو المطلوب‪ ،‬وإن لم َيتمكّنوا مِن ذلك فل حَرَجَ‪ِ-‬بمشيئة الله تبارك‬
‫وتعالى‪-‬مع شدّة هذا الزحام الذي نراه الن‪.‬‬
‫وف الناس مِن ذلك‪ ،‬وإنما‬ ‫خ ّ‬‫شدة الزحام " ‪ ..‬ل أريد أن يََت َ‬ ‫ّ‬ ‫وأقول‪" :‬‬
‫َأْذُكر أنّ ذلك هو الواقع ولكنّ المر يَسير بمشيئة الله تبارك وتعالى ‪..‬‬
‫جد مشقّة في ذلك‪،‬‬ ‫الناس أفواجا ولكنه يَمرّ ِبسهولة ويُسر ول يَ ِ‬ ‫َ‬ ‫َيرى‬
‫ومن ذهب إلى تلك المواطن عَرَف ذلك حقّ المعرفة‪ ،‬فل يَنبغي لحد‬ ‫َ‬
‫تصوره كثير مِن الناس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ما يَ‬‫سر مِ ّ‬ ‫وف مِن ذلك فالمر أَْي َ‬ ‫خ ّ‬ ‫أن َيتَ َ‬
‫من مجاوزة الوادي إل بعد طلوع الشمس لِزحام أو ما‬ ‫ومن لم يَتمكّن ِ‬ ‫َ‬
‫شابه ذلك فل شيء عليه على الرأي الصحيح الراجح‪.‬‬
‫زمَه بعضُ العلماء الدم‪ ،‬ول يَجب عليه‪ِ ،‬لعدم وجود دليلٍ على ذلك ‪..‬‬ ‫وأْل َ‬ ‫َ‬
‫هذا هو الصحيح عندي‪.‬‬
‫شرط أن يَكون ذلك بعد‬ ‫مرَة ِب ْ‬ ‫رموا بِها الجَ ْ‬ ‫فإذا وصلوا إلى مِنى فَْليَ ْ‬
‫من‬ ‫خذُ ِ‬
‫ؤ َ‬
‫طلوع الشمس‪-‬كما هو مذهب كثير مِن أهل العلم‪-‬وهو الذي يُ ْ‬
‫حديث ابن عباس رضوان الله‪-‬تعالى‪-‬عليهما‪.‬‬
‫مكنهم أن يَخرُجوا مِن المزدََلفة بعد غروب القمَر مِن ليلة‬ ‫ة يُ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫الضَع َ‬ ‫ّ‬
‫القادر فليس له‬ ‫ِ‬ ‫العاشر ولكن لَِينتظِروا الرمي حتى تَطلع الشمس‪ ،‬وأما‬ ‫ِ‬
‫أن َيخرُج إل بعد صلة الفجْر‪ ،‬كما فَعل النبي ‪ ، ‬والرمي في هذا اليوم‬
‫كبّر مع كل‬ ‫جرات وليُ َ‬ ‫مها النسان بِسبع حَ َ‬ ‫فلَيرْ ِ‬
‫جمرة العقَبة فقط‪ْ ،‬‬ ‫يكون لِ ْ‬
‫طع التلبية عند إرادة الرمي ‪ ..‬هذا هو القول الصحيح الثابت‬ ‫ق َ‬ ‫وليَ ْ‬‫َرمية ْ‬
‫شرَع الدعاء في هذا‬ ‫مي ل يُ ْ‬ ‫دلت عليه السنّة الصحيحة‪ ،‬ثم بَْعد الرّ ْ‬ ‫الذي ّ‬
‫وطن‪ ،‬بل يَذهب الناس إلى الذبح بالنسبة إلى مَن كان قارِنا أو كان‬ ‫م ِ‬ ‫ال َ‬
‫سن وسَِلم مِن العيوب‪ ،‬ول‬ ‫ذَبحوا الهدْي ولْيَكن قد َبَلغ ال ّ‬ ‫متمتّعا ‪ ..‬فليَ ْ‬
‫شرَع في‬ ‫ُيمكن أن أُطيل ب ِأكثر مِن ذلك في هذا الوقت‪ ،‬فإذا ذََبحوا فيُ ْ‬
‫والحلق أفضل‪ ،‬وأما النساء فإنهن‬ ‫ْ‬ ‫هذا الوقت الحلْق والتقصير ِللرجال‪،‬‬
‫وبْعد ذلك مَن شاء أن يَطوف فلَْيذهب إلى‬ ‫مَلة‪َ ،‬‬ ‫قصرن بِمقدار أنْ ُ‬ ‫ُي ّ‬
‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬ثلثا " بدل من " ركعتين "‪ ،‬وهو سبق لسان نبّه عليه فيما بعد‪.‬‬
‫‪303‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫طف ِبالبيت على الصفة التي ذكرناها إل أنه ل يُشرع فيه‬ ‫الطواف وليَ ُ‬
‫مل على حسب ما ذكرنا بل يَطوف طوافا عاديا‪ ،‬وبعد‬ ‫طَباع ول الرّ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ال ْ‬
‫سعى‪ ،‬كما هو مذهب جمهور‬ ‫مّتع فإنّ عليه أن يَ ْ‬ ‫المتَ َ‬
‫ذلك بالنسبة إلى ُ‬
‫فرِد فإن كانا قد‬ ‫ارن والمُ ْ‬
‫ل عليه صحيح السنّة‪ ،‬وأما القَ ِ‬ ‫المة الذي دَ ّ‬ ‫ّ‬
‫سعيا مِن قَْبل فل سعي عليهما‪ ،‬أما إذا كانا لم يَسعيا مِن قَْبل‪ِ-‬لعدم‬
‫ن التأخير جائز وإن كان‬ ‫مكنهما مِن ذلك أو أنهما شاءَا تأخيرَ ذلك‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫َت ّ‬
‫التقديم أفضل‪-‬فعليهما‪-‬أيضا‪-‬السعي‪ ،‬وإذا فعلوا ذلك فإنهم يَرجِعون إلى‬
‫منى مباشَرة ول ْيَرموا الجمرات الثلث في اليوم الثاني والثالث‪ ،‬فمَن‬ ‫ِ‬
‫عجل بعد الرمي مِن اليوم الثالث وهو الثاني بالنسبة‬ ‫عجل فلَْيتَ ّ‬ ‫أراد أن يََت ّ‬
‫من أيام‬ ‫ومن شاء أن يَمكث الثالث‪-‬وهو اليوم الرابع ِ‬ ‫إلى أيام التشريق‪َ ،‬‬
‫كث‪ ،‬والرمي يكون في هذه اليام بَْعد زوال الشمس‪،‬‬ ‫م ُ‬
‫فلي ْ‬
‫الرمي ُكّلها‪َ -‬‬ ‫ّ‬
‫زي قَْبلها‪.‬‬ ‫ول ُيجْ ِ‬
‫دم على ذلك فهو مخالِف للسنّة‬ ‫ق ّ‬‫من التَ َ‬ ‫وما َيفعله كثير مِن الناس ِ‬
‫الصحيحة الثابتة‪ ،‬ول ُيجزِيهم أنهم ُيقلّدون فلنا أو فلنا‪ ،‬فالعبرة‬
‫بالصحيح الثابت‪ ،‬كما نصّ على ذلك أهل العلم بل هو الذي نصّت عليه‬
‫ويعجبني كلم المام السالمي‪-‬رحمه الله‪-‬حيث يقول‪:‬‬ ‫الدلة‪ُ ،‬‬
‫ونحن نحكي َبْعده خلفا‬ ‫عتبر الوصاف‬ ‫المصطفى َي ِ‬
‫نص ُأسند‬
‫فيه عن المختار ّ‬ ‫قبل الخلف فيما ورد‬ ‫ل نَ َ‬
‫ولَنترك بقية‬ ‫ح فل شيء إل التسليم‪ْ ،‬‬ ‫وص ّ‬
‫َ‬ ‫فإذا َورد حديث عن النبي ‪‬‬
‫القوال‪ ،‬فإذا انتهوا مِن ذلك فلَْيبْقوا بمكة ما شاءوا وإذا أرادوا‬
‫وليكن‬ ‫النصراف منها فليَنصرِفوا ولكن بعد أن يَطوفوا طواف الوداع ْ‬
‫دة‬ ‫ش ّ‬
‫وتْعذَر مِنه الحائض والنفساء ومَن لم يَتمكّن لِ ِ‬ ‫ذلك هو الخَِتام‪ُ ،‬‬
‫المرض الذي ل ُيمكن مََعه أن يَطوف بنفسه أو مَحمول‪ ،‬أما إذا أمكن‬
‫أن َيطوف ولو مَحمول فل يُعذَر مِن ذلك‪ ،‬والحائض تُعذَر مِن هذا‬
‫ؤخّر‬
‫عذر‪ ،‬فلبد أن تُ َ‬ ‫الطواف أما مِن طواف الحج وطواف العُمرة فل تُ َ‬
‫طف بَْعد ذلك‪.‬‬ ‫ولتَ ُ‬
‫غتسل ْ‬‫ِ‬ ‫طهر وتَ‬ ‫ذلك حتى تَ ُ‬
‫تعلق بِصفة الحج‪ ،‬وهنالك أحكام كثيرة تركتُها لِضيق‬ ‫صرٌ فيما يَ ّ‬ ‫هذا مختَ َ‬
‫الوقت واختصرتُ الكلم في بعضها؛ والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫أول‪ :‬الحرام‬
‫حكم ركعتي الحرام‬
‫من غْير أن ُتصّلي ركعتْين‪،‬‬ ‫َ‬
‫ت ِبالعمرة ِ‬
‫م ْ‬
‫حَر َ‬
‫س‪ :‬امرأةٌ أ ْ‬
‫ت؟‬ ‫ت لباس الحرام ثم أحرم ْ‬ ‫وإّنما لبس ْ‬

‫‪304‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫خلف‬ ‫ب هاتْين الركعتين‪ ،‬وإنما ال ِ‬ ‫جو ِ‬ ‫من أهل العلم ِبو ُ‬ ‫ج‪ :‬لم ي َُقل أحد ٌ ِ‬
‫رم بعد‬ ‫ح ِ‬ ‫ن النسان إذا لم ي ُ ْ‬ ‫بْين أهل العلم في مشروعيتهما ‪ ..‬أي أ ّ‬
‫ي ركعتْين ِللحرام أو ل ؟‬ ‫صل ّ َ‬
‫شَرع له أن ي ُ َ‬ ‫فريضة هل ي ُ ْ‬
‫دل على‬ ‫ت دليل ي َ ُ‬ ‫شرع له ذلك‪ ،‬إذ إّنه لم َيأ ِ‬ ‫هب بعضهم إلى أنه ل ي ُ ْ‬ ‫ذَ َ‬
‫ت ليس‬ ‫دها‪ ،‬وإن كان الوَقْ ُ‬ ‫رم بع َ‬ ‫ذلك‪ ،‬فإن أراد الحرام بعد فريضة فل ْي ُ ْ‬
‫ح ِ‬
‫صّلي ركعتْين بعد‬ ‫ح فيه التنّفل فُيمكن أن ي ُ َ‬ ‫وقت فريضة فإذا كان َيص ّ‬
‫ص ّ‬
‫ل‬ ‫ضوِئه ب ِِنية ركعَتي الوضوء‪ ،‬أو كان الوقت وقت صلة الضحى فلي ُ َ‬ ‫وُ ُ‬
‫ة‬‫ص ً‬‫صّلي صلةً خا ّ‬ ‫ما أن ي ُ َ‬ ‫صلة الضحى‪ ،‬وهكذا إذا أراد أن ي َت َن َّفل‪ ،‬أ ّ‬
‫من أهل العلم‪-‬ل ُيشَرع له ذلك‪.‬‬ ‫ِبالحرام فإنه‪-‬عند هذه الطائفة ِ‬
‫من أهل العلم إلى مشروعية ذلك‪.‬‬ ‫ت طاِئفة ِ‬ ‫ذهب ْ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫ل على مشروعية هذه الصلة ولكن‪-‬‬ ‫جد دليل ً َيد ّ‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬أَنا َلم أ ِ‬
‫رم بعد ذلك ‪..‬‬ ‫كع ركعتْين ول ْي ُ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫ت‪-‬إذا دخل النسان المسجد فل ْي َْر َ‬ ‫كما قل ُ‬
‫ي بعد الوضوء أو أراد أن‬ ‫صل ّ َ‬‫كب في سيارته‪ ،‬وإذا أراد أن ي ُ َ‬ ‫أي بعد أن َير َ‬
‫عتاد عليها وكان ذلك‬ ‫من الّنوافل التي ا ْ‬ ‫ي صلة الضحى أو شيئا ِ‬ ‫صل ّ َ‬
‫يُ َ‬
‫مكن طبعا ِللنسان أن‬ ‫ما ل ُينَهى عن الصلة فيه‪-‬ول ي ُ ْ‬ ‫م ّ‬‫الوقت‪-‬طبعا‪ِ -‬‬
‫ت ي ُن َْهى عن الصلة فيه‪-‬فإذا صلى فل بأس‬ ‫ي َعَْتاد على الصلة في وق ٍ‬
‫بذلك ِبمشيئة الله؛ والعلم عند الله‪.‬‬

‫** أنواع الحرام‬


‫من قبل‪ ،‬ما الذي أفضل له أن‬ ‫مرة ِ‬‫ع ْ‬ ‫دى ال ُ‬ ‫من أ ّ‬‫س‪َ :‬‬
‫ه عندما ُيريد أن يحج ؟‬ ‫ع ُ‬ ‫صن َ َ‬
‫يَ ْ‬
‫ج‪ :‬هو مخّير‪:‬‬
‫رم ب ُِعمرة أّول وَيطوف وَيسعى‬ ‫ح ِ‬
‫‪-1‬إن شاء أن ي ََتمّتع فلي ََتمّتع ‪ ..‬أي أن ي ُ ْ‬
‫من ذي الحجة‪،‬‬ ‫رم في الَيوم الثامن ِ‬ ‫حل ّ إلى أن ي ُ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫م ِ‬
‫صر وَيبقى ُ‬ ‫َلها ثم ي َُق ّ‬
‫من أن ي ََتمّتع‬‫دي‪-‬طبعا‪-‬في هذه الحالة‪ ،‬والصحيح أنه ل مانع ِ‬ ‫وعليه ه ْ‬
‫النسان ب ُِعمرة الّنفل إلى الفريضة ‪ ..‬هذا ما ذهب إليه الجمهور‪ ،‬وهو‬
‫ضح‪.‬‬ ‫وا ِ‬
‫‪-2‬وله‪-‬أيضا‪-‬أن َيكون قاِرنا ‪ ..‬أن ي ُْقرن بْين الحج والعمرة‪ ،‬ول مانع‪-‬‬
‫عمرة نفل ويكون الحج حج فريضة‪ ،‬وعليه‪-‬‬ ‫من أن تكون الُعمرة ُ‬ ‫أيضا‪ِ -‬‬
‫دي عند أكثر أهل العلم في هذه القضية‪.‬‬ ‫أيضا‪-‬اله ْ‬
‫دي عليه إذا أفرد‪.‬‬ ‫رد الحج‪ ،‬ول ه ْ‬ ‫‪-3‬وبْين‪-‬أيضا‪-‬أن ُيف ِ‬
‫الْفضل ما هو ؟ الْفضل ل شك الّتمتع‪.‬‬

‫رن‬ ‫عمرة‪ ،‬هل ي َك ْت َ ِ‬


‫في القا ِ‬ ‫س‪ :‬في حال القران ِبالحج وال ُ‬
‫وَرد في بعض الفتاوى‪-‬‬ ‫عمرة‪-‬كما َ‬ ‫ي واحد ِبنية الحج وال ُ‬
‫ع ٍ‬
‫س ْ‬
‫بِ َ‬
‫‪305‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫خره عند‬ ‫ؤ ّ‬ ‫قدوم أو ي ُ َ‬ ‫طواف ال ُ‬ ‫واء عند َ‬ ‫س َ‬ ‫ديه متى ما شاء َ‬ ‫ؤ ّ‬ ‫يُ َ‬
‫ف الفاضة ؟‬ ‫وا ِ‬ ‫طَ َ‬
‫طوف طوافَْين وأن‬ ‫جب عليه أن ي َ ُ‬ ‫ف العلماء في الَقاِرن هل ي َ ِ‬ ‫ج‪ :‬اخَتل َ‬
‫َ‬
‫ي واحد ؟‬ ‫ف واحد وسع ٍ‬ ‫سعْي َْين أو أّنه ي َك َْتفي ِبطوا ٍ‬ ‫سعى َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ي واحد بل ل ُيشَرع َله أن َيطو َ‬
‫ف‬ ‫سع ٌ‬ ‫فو َ‬ ‫والصحيح عندي أنه َيكِفيهِ طوا ٌ‬
‫كة المكّرمة فإنه ُيشَرع له‬ ‫سعي َْين اللهم إل إذا جاَء أّول إلى م ّ‬ ‫وافَْين و َ‬ ‫ط َ‬
‫عمرِته ثم‬ ‫جه و ُ‬ ‫ف الُقدوم وَيسعى وهذا السعي َيكون ِلح ّ‬ ‫طوا َ‬ ‫طوف َ‬ ‫أن ي َ ُ‬
‫ح‬
‫مَرة والذب ْ ِ‬ ‫من رمي الج ْ‬ ‫من المزدلفة و ِ‬ ‫عرفة و ِ‬ ‫من َ‬ ‫بعد أن َينَتهي ِ‬
‫من‬ ‫جل‪-‬والَتقصيرِ إذا كانت امرأة‪-‬فإنه لبد ِ‬ ‫ق أو الَتقصيرِ إذا كان ر ُ‬ ‫ْ‬
‫والحل ِ‬
‫من قبل ل‬ ‫أن َيذهب وَيأتي ِبطواف الزيارة‪ ،‬وذلك الطواف الذي أتى ِبه ِ‬
‫وي‬ ‫كة وهو ي َن ْ ِ‬ ‫من أَتى إلى م ّ‬ ‫جته لنه ِللُقدوم ‪ ..‬أي أنه ُيشَرع ل ِ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫زيه ل ِ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ي ْ‬
‫مرة‪ ،‬أما إذا كان ُيريد الُعمرة‬ ‫كون قاِرنا ب َْين الحج والعُ ْ‬ ‫الحج أو ي َْنوي أن ي َ ُ‬
‫دوم ‪ ..‬فإذن إذا‬ ‫زيه عن طواف الُق ُ‬ ‫طواف الُعمرة وذلك ُيج ِ‬ ‫طوف َ‬ ‫فإنه ي َ ُ‬
‫دوم‪ ،‬وهذا‬ ‫ف الُق ُ‬ ‫ف طوا َ‬ ‫مكّرمة وكان قارًنا فَل ْي َط ُ ْ‬ ‫كة اله ُ‬ ‫أتى إلى م ّ‬
‫الطواف‪:‬‬
‫ل‪ ،‬ول‬ ‫ض َ‬ ‫ك الَف ْ‬ ‫من َتركه ل شيء عليه إل أنه ت ََر َ‬ ‫مة َ‬ ‫جمهور ال ّ‬ ‫‪-1‬سّنة عند ُ‬
‫ت عن رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى‬ ‫ما َثب َ‬ ‫ك َ‬ ‫َينبغي ِللنسان أن ي َت ُْر َ‬
‫شاَبه ذلك‪.‬‬ ‫ما َ‬ ‫ضا أو َ‬ ‫مري ً‬ ‫آله وسلم‪-‬إل إذا كان َ‬
‫دم‪.‬‬ ‫كه ال ّ‬ ‫من ت ََر َ‬ ‫جب وأوجبوا على َ‬ ‫كية إلى أّنه َوا ِ‬ ‫مال ِ‬ ‫هبت اله َ‬ ‫‪-2‬وذ َ َ‬
‫والصحيح الَقول الول‪.‬‬
‫ن‪-‬كما‬ ‫كو ُ‬ ‫ت وذلك السعي ي َ ُ‬ ‫سَعى في ذلك الوقْ ِ‬ ‫طاف ِللُقدوم فإنه ي َ ْ‬ ‫وإذا َ‬
‫مبيت‬ ‫من الوُُقوف ِبعرفة واله َ‬ ‫دما ي َن ْت َِهي ِ‬ ‫عن ْ َ‬ ‫ت‪ِ-‬للحج والُعمرة ثم ِ‬ ‫قل ُ‬
‫صل ْ ُ‬
‫ت‬ ‫صير على ما فَ ّ‬ ‫حر‪ ،‬والحْلق أو الّتق ِ‬ ‫ذبح أو الن ّ ْ‬ ‫مْزدلفة والّرمي وال ّ‬ ‫ِباله ُ‬
‫‪1‬‬

‫ف الزيارة‪ ،‬فالطواف السابق‪-‬إذن‪-‬‬ ‫طوف طوا َ‬ ‫ي وي َ ُ‬ ‫من أن َيأت ِ َ‬ ‫فإّنه لبد ِ‬


‫واف الّزيارة؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫زيه عن ط َ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل أحد ٌ أنه ي ُ ْ‬ ‫م ي َُق ْ‬ ‫لَ ْ‬
‫عي ؟‬ ‫س ْ‬ ‫زيه ال ّ‬ ‫ج ِ‬‫س‪ :‬ولكن ي ُ ْ‬
‫سعى ثم عندما‬ ‫دوم و َ‬ ‫ف طواف الُق ُ‬ ‫طا َ‬ ‫ن الرسول ‪َ ‬‬ ‫سْعي نعم‪ ،‬ل ّ‬ ‫ج‪ :‬ال ّ‬
‫طاف ِللزيارة ولم‬ ‫حلق َ‬ ‫ذبح وال َ‬ ‫جعَ صلوات الله وسلمه عليه ب َْعد ال ّ‬ ‫َر َ‬
‫ُ‬
‫حسَنة‪.‬‬ ‫ع‪ ،‬ول ََنا ِفيه أسوة َ‬ ‫س َ‬ ‫يَ ْ‬
‫مفرد ؟‬ ‫ضا‪-‬على الق ُ‬ ‫صدق هذا‪-‬أي ْ ً‬ ‫هل ي َ ْ‬ ‫س‪َ :‬‬
‫سَعى فإنه‬ ‫دوم و َ‬ ‫طاف أّول طواف الُق ُ‬ ‫رد كذلك إذا جاء وَ َ‬ ‫مْف ِ‬‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬اله ُ‬
‫من قبل‬ ‫سعى ِ‬ ‫بعد الّرمي والتقصير أو الحلق فإنه َيأِتي وَيطوف وقد َ‬
‫دا ِبأن أتى إلى‬ ‫كة أب َ ً‬ ‫م ّ‬ ‫ت َ‬ ‫سعي هو سعي الحج‪ ،‬أما إذا كان لم َيأ ِ‬ ‫وذلك ال ّ‬
‫ع‬
‫س َ‬‫طف ولم ي َ ْ‬ ‫كة ولكنه لم ي َ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫شرة أو أّنه أتى إلى َ‬ ‫منى أو إلى عََرفة مبا َ‬ ‫ِ‬
‫جل‪ ،‬والَتقصيرِ إذا كانت امرأة‪.‬‬
‫ق أو الَتقصيرِ إذا كان ر ُ‬ ‫ْ‬
‫‪-‬أي‪ :‬والحل ِ‬
‫‪1‬‬

‫‪306‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫منه على كل حال؛‬ ‫من الطواف والسعي بل ال ّ‬


‫طواف ل َب ُد ّ ِ‬ ‫هاهَُنا ِ‬
‫فلبد َ‬
‫والله أعلم‪.‬‬

‫أحكام إحرام الصبي‬


‫َ‬
‫مرة‬ ‫ع ْ‬‫م لل ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫خذُ بعض المسلمين أطفالهم َ‬ ‫س‪َ :‬يأ ُ‬
‫قة‬ ‫عل ّ َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫مّيز‪ ،‬فما هي الحكام ال ُ‬ ‫م َ‬‫هم الرضيع ومنهم الق ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫و ِ‬
‫عِني‬ ‫ضّية ‪ ..‬ي َ ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫صيل في هذه ال َ‬ ‫ِبهؤلء الطفال ؟ نرجوا الَتف ِ‬
‫كذا الحج ؟‬ ‫ه َ‬ ‫مرة و َ‬ ‫ع ْ‬ ‫دوا ال ُ‬ ‫ؤ ّ‬ ‫رموا َلهم وأن ي ُ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل َلهم أن ي ُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫كون هنالك‬ ‫اقع قد تَ ُ‬ ‫ج‪ :‬أما الطفل إذا كان صَِغيرا جدا فهذا في الوَ ِ‬
‫مّيز ولَو قليل فقد ثَبت‬ ‫ذا الطفل يُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫مشكلة في الحرَامِ َله‪ ،‬أمَا إذا َكان َ‬
‫دة طُرُقٍ‪-‬عن النبي‪-‬صلى الله عليه‬ ‫من ع ِ ّ‬ ‫في السنّة الصحيحة الثابتة‪ِ -‬‬
‫وله ومِْنها مِن إقراره‪:‬‬ ‫منَْها مِن قَ ْ‬ ‫وعلى آله وسلم‪ِ -‬‬
‫قال لها ‪‬‬ ‫هل ِلهذا حج ؟ "‪-‬أي لِصبي مََعها رفعَْتهُ‪َ-‬ف َ‬ ‫ألته امرأة‪َ " :‬‬ ‫س ْ‬‫فقد َ‬
‫ك أجر (‪.‬‬ ‫‪ ) :‬نعم ولَ ِ‬
‫ع رسول‬ ‫م َ‬ ‫حابة‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليهم‪َ -‬‬ ‫الص َ‬‫ّ‬ ‫فة مِ َ‬
‫ن‬ ‫ائ َ‬‫هب طَ ِ‬ ‫وذ َ‬
‫َ‬
‫صلوا‬ ‫هم لم يَ ِ‬ ‫الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬إلى الحج َو ُ‬
‫هم رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫وأَقرّ ُ‬ ‫إلى مَرْتبة البُُلوغ َ‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫العمرة على‬ ‫م ُيطالَبون بَعد ذلك ِبفريضة الحج ويُطالَُبون بِ ُ‬ ‫ه ْ‬
‫نعم ‪ُ ..‬‬
‫ختلف‬ ‫ول بَِأّنها سنّة وإنّما تَ ِ‬ ‫ون بِها حتى عَلى القَ ْ‬ ‫طالبُ َ‬ ‫وبها‪ ،‬أو يُ َ‬ ‫وج ِ‬ ‫القول بِ ُ‬
‫الدرجة‪.‬‬
‫مكن أنْ‬ ‫دير أو يُ ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ل تَ ْ‬‫ارِته على أََق ّ‬ ‫حافظ على طََه َ‬ ‫هذا الصبِي ُي ِ‬ ‫فإذا كان َ‬
‫ض ٌ‬
‫ل‬ ‫رم مِن ذلك‪ ،‬ففي ذلك فَ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫يسأل أو ما شابه ذلك فل يَنبغي أن يُ ْ‬ ‫ُ َ‬
‫واب‬ ‫وث َ‬
‫عظيم ِلذلك الصّبي بِمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬وفي ذلك أَجْر َ‬
‫ه الله‬ ‫ج َ‬ ‫دا بِذلك َو ْ‬ ‫فل إذا كان قَاصِ ً‬ ‫الط ْ‬
‫ّ‬ ‫م ِلذَِلك‬ ‫أحرَ َ‬ ‫من ْ‬ ‫ِبمشيئة الله ِل َ‬
‫تبارك وتعالى‪.‬‬
‫شكِلة؛‬ ‫رام َله مُ ْ‬ ‫ون فِي الحْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫صِغيرا جدًا جدًا َفَهذَا قد تَ ُ‬ ‫ان َ‬ ‫أما ِإذا كَ َ‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫صبي الممّيز‪-‬الذي َيستطيع أن‬ ‫هذا ال ّ‬ ‫ب َ‬ ‫س‪ :‬إذا ارت َك َ َ‬
‫ما‬‫ل َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ذي ي َت َ َ‬ ‫من ال ِ‬ ‫ظوَرات‪َ ،‬‬ ‫ح ُ‬ ‫من الم ْ‬ ‫شيئا ِ‬ ‫َيفهم ما ُيقال له‪َ -‬‬
‫ذلك ؟‬ ‫َيترتب على َ‬
‫لف بَْين أهل العلم‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫خ‬
‫ج‪ :‬في هذه المسألة ِ‬
‫ف ٌ‬
‫و‬ ‫رمَ له‪ ،‬فذلك مَْع ُ‬ ‫شيءَ عليه ول على مَن َأحْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫إنه َ‬ ‫قول‪ّ :‬‬ ‫‪-1‬منْهم مَن َي ُ‬
‫عنه بِمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫َ‬
‫أحرَم له‪.‬‬ ‫‪-2‬ومِْنُهم مَن َيقول‪ُ :‬يخاطب بِه مَن ْ‬
‫‪307‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ائفة مِن أهل العلم‬


‫ول الول قد َقالت به طَ َ‬‫والق ْ‬
‫َ‬ ‫والقول الثاني مَشهور‪،‬‬
‫وله َوجْه َوجِيه؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫أحكام قطع التلبية‬
‫رم الت ّل ْب َِية ؟‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫طع الق ُ‬ ‫ق َ‬ ‫س‪ :‬متى ي َ ْ‬
‫مرَة‬ ‫اد أن يَرمي جَ ْ‬ ‫التْلِبيَة إذا أرَ َ‬ ‫ع َ‬‫ط ُ‬ ‫ق َ‬ ‫حرِما ِبالحج فإنه يَ ْ‬ ‫م ْ‬‫ج‪ :‬أما إذَا َكان ُ‬
‫صاة على الصحيح‪.‬‬ ‫قبَة ‪ ..‬أي عند إرادة َرمي أوّل حَ َ‬ ‫الع َ‬ ‫َ‬
‫أي بَعد‬ ‫قبَة ْ‬ ‫الع َ‬
‫مرَة َ‬ ‫انتهائه مِن رمي جَ ْ‬ ‫هب بَعضهم أنّه يَْترُك التلبية بِ ِ‬ ‫وذ َ‬ ‫َ‬
‫عندَ ابن‬ ‫ارة السَابعة‪ ،‬واستدلوا على ذلك بِرواية صريحة ِ‬ ‫ج َ‬ ‫الح َ‬
‫الرمي بِ ِ‬ ‫ّ‬
‫مر‬ ‫ؤ َ‬ ‫اذة‪ ،‬ذلك لنّ النسان يُ ْ‬ ‫ر ِلي شَ ّ‬ ‫ظَه ُ‬ ‫خزَْيمة‪ ،‬ولكن تلك الرواية فيمَا يَ ْ‬ ‫ُ‬
‫مع بَْين التَكبير وبيْن‬ ‫ج َ‬‫كيْف َله أنْ يَ ْ‬ ‫كبِير فَ َ‬ ‫و التّ ْ‬ ‫ه َ‬‫ر آخر وَ ُ‬ ‫ذْك ٍ‬ ‫مي بِ ِ‬ ‫عنْد الرّ ْ‬
‫التلبية ؟!‬ ‫َ‬
‫رمِي ِبالحجارة‬ ‫جرد إرادة الرّمي‪ ،‬فإذا أراد أن يَ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫التْلِبيَة بِ ُ‬
‫ن َ‬ ‫فإذن َينَْتِهي مِ َ‬
‫ول الصحيح‪ ،‬الذِي‬ ‫الولى فََيترك في ذلك الوَْقت التَْلبَِية ‪ ..‬هذا هُو القَ ْ‬
‫َيدل له الحديث الصحيح عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإل‬
‫تعددة في وَْقت النتِهاء مِن التَْلبِية في الحج‪ ،‬ول‬ ‫ال مُ ّ‬ ‫و ً‬ ‫اك أقْ َ‬ ‫هَن َ‬ ‫فإن ُ‬ ‫ّ‬
‫مدَ‬ ‫فإنها وإن اعتَ َ‬ ‫ج ّ‬ ‫ج َ‬‫وال ومَا لَها مِن حُ َ‬ ‫طيلُ المقام بِذكر تِلك القْ َ‬ ‫ُأ ِ‬
‫خالِفة ِلهذا الحديث الصحيح الصَرِ ِ‬
‫يح‬ ‫ابَها على بعض الدلة ولكِنها مُ َ‬ ‫ح ُ‬‫ص َ‬ ‫َأ ْ‬
‫وته؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫ابت ل شَك في ثُُب ِ‬ ‫وهو حديث ثَ ِ‬ ‫الدال على ذلك ُ‬
‫ديث صحيح صَرِيح عن النبي ‪‬‬ ‫ٌ‬ ‫ت حَ‬ ‫مرة فإنه لم يَْأ ِ‬ ‫أما بِالنّسبة إلى العُ َ‬ ‫َ‬
‫ر فيها الخلف بيْن أهل‬ ‫ولذلك كَثُ َ‬ ‫اء مِن التَْلِبية‪ِ ،‬‬ ‫دل على وقت النتَِه ِ‬ ‫َي ّ‬
‫المعتمر يَنتهي مِن التّْلبَِي ِ‬
‫ة‬ ‫ِ‬ ‫دة تدلّ على أنّ‬ ‫أحاديث عِ ّ‬
‫ُ‬ ‫العلم‪ ،‬وقد جاءت‬
‫ت عن النبي صلى الله‬ ‫واف ولكنّ ِتْلك الحاديث ل تَْثبُ ُ‬ ‫د إرادة الطَ َ‬ ‫عنْ َ‬ ‫ِ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫اء مِن مكانٍ َبعيد‬ ‫أي الذي جَ َ‬ ‫الفاقي ‪ْ ..‬‬ ‫ّ‬ ‫أن‬
‫ض أهل العلم إلى ّ‬ ‫ب َبْع ُ‬ ‫ه َ‬ ‫وذ َ‬ ‫َ‬
‫الوصول إلى‬ ‫عنْد ُ‬ ‫ية ِ‬ ‫ونه فإنه يَْترُك التَْلبِ َ‬ ‫ميقَات أو مِن ُد ِ‬ ‫من اله ِ‬ ‫رمَ ِ‬ ‫وأح َ‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬ ‫رواية‬ ‫رم‪ ،‬واحتجّوا على ذلك ِب‬ ‫ح َ‬
‫الوصول إلى أدنى اله َ‬ ‫عنْد ُ‬ ‫أي ِ‬ ‫رم ‪ْ ..‬‬ ‫ح َ‬ ‫اله َ‬
‫عن ابن عمر رضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنهما‪ ،‬وهذا القول قول قوي؛‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫لِء‬ ‫ؤ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ي َ‬ ‫رأ ِ‬ ‫فإنه يَتْرك التَْلبِية على َ‬ ‫وه ّ‬ ‫ح ِ‬‫يم " أو نَ ْ‬ ‫التنِْع ِ‬ ‫ن" َ‬ ‫م مِ َ‬ ‫أحرَ َ‬ ‫أما مَن ْ‬
‫ون قريبا مِن المسجد الحرَام؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ك ُ‬ ‫عنْدما يَ ُ‬ ‫ِ‬
‫من الناس‬ ‫مة جِدا وهي أنّ َكثيرا ِ‬ ‫هَنا أريد أن أنبّه على مسألة مُِه ّ‬ ‫َو ُ‬
‫امهما شيئا ‪..‬‬ ‫م ل يَْعَلمون عن أحكَ ِ‬ ‫َيذهبون إلى تأِْدية الحج والعُمرة وهُ ْ‬
‫مرة ويَذهبون إلى ذلك‪ ،‬ول‬ ‫ون إلى الحج والعُ ْ‬ ‫هُب َ‬ ‫ن الناس َيذْ ُ‬ ‫َيسمعون أَ ّ‬
‫أدَية الحج‬ ‫ذهاب ِلتَ ِ‬ ‫شك أنّ في الذهاب إلى ِتلك البِقاع فضْل عظيما بل ال ّ‬
‫هَبت طائفة كَِبيرَة مِن أهل‬ ‫مِن المور الوَاجبة المتحّتمة‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬قد ذَ َ‬
‫‪308‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ؤيده فَلَ َينَْبِغي‬ ‫ل له أدَّلتُه التي تُ ّ‬ ‫و ٌ‬ ‫و َق ْ‬ ‫وه َ‬‫مرة‪ُ ،‬‬ ‫الع ْ‬ ‫وب ُ‬ ‫العلم إلى ُوجُ ِ‬
‫ور على مَن وَجَد‬ ‫ب على الفَ ْ‬ ‫رط فيها‪ ،‬والحج َواجِ ٌ‬ ‫ف ّ‬ ‫ِللنسان أن يُ َ‬
‫ؤّيدُه‬ ‫وهو الذي تُ َ‬ ‫ليه‪َ-‬كما هَو رأي جماعة مِن أهل العلم‪ُ -‬‬ ‫الستطاعة ِإ ْ‬
‫لكن َكثيرا مِن الناس‪-‬كما قلتُ‪َ-‬يذهبون ول يَْعرِفون عَن َأحكَامِ‬ ‫ّ‬ ‫الدلة؛‬ ‫ِ‬
‫مرة شَيئا‪.‬‬ ‫الحج والعُ َ‬
‫صُلون‬ ‫نبه عليه في هذا الوَْقت‪ :‬أنّ كثيرا مِن النّاس يَ ِ‬ ‫يد أُ ّ‬
‫والمر الذي أُِر ُ‬
‫حرَام‪َ ،‬وَقد‬ ‫ر إِ َ‬ ‫غيْ ِ‬ ‫شرَّفَها الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬مِن َ‬ ‫رمَة َ‬ ‫إلى مَكّة المكَ ّ‬
‫ت بَِبعضٍ منهم أتى إلى مكّة المكرّمة مِن غيْر إحرام ويُريد أن‬ ‫قْي ُ‬ ‫الت َ‬‫َ‬
‫وأُقوم‬ ‫التنعيم " َيقول‪ " :‬عندما أصل إلى مكّة َ‬ ‫خرج بَعد ذلك إلى " َ‬ ‫َي ُ‬
‫هناك "‬ ‫ن ُ‬ ‫حرِم مِ ْ‬ ‫وأ ْ‬‫التْنعيم ' ُ‬ ‫وما شابه ذلك‪-‬سأذهب إلى ' َ‬ ‫ِبإنزال المتعة‪َ -‬‬
‫سنة رسول الله ‪ ‬ولجمَاع المّة‬ ‫خالف لِ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫سيم ‪ُ ..‬‬ ‫وهذا خَطأ جَ ِ‬
‫شرفها الله‪-‬تبارك‬ ‫ب إلى مكّة المكرّمة َ‬ ‫ه َ‬ ‫من ذَ َ‬ ‫اطبة‪ ،‬فإنّ َ‬ ‫المحمدية َق ِ‬
‫من‬‫يقات إذا كَان ِ‬ ‫م َ‬‫عمرة ليس له أن َيتَجاوز اله ِ‬ ‫وتعالى‪-‬وهو يُريد حجّا أو ُ‬
‫ص الحاديث الثابتة وإجماع المّة‪-‬كما‬ ‫رم‪ِ ،‬بنَ ّ‬ ‫محْ ِ‬ ‫هو ُ‬ ‫ارج الميقَات إل وَ ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫َ‬
‫وعَليه أن َيتُوبُ‬ ‫دى حدودَ الله‪-‬تبارك وتعالى‪َ -‬‬ ‫قد تَعَ ّ‬ ‫اوَز ذلك فَ َ‬ ‫ج َ‬ ‫قلتُ‪-‬ومَن َ‬
‫من ذلك المكان‪،‬‬ ‫رمُ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ميقات وأن يُ ْ‬ ‫خرى إلى اله ِ‬ ‫رجع مرّة أُ َ‬ ‫إلى رَّبه وأن يَ ْ‬
‫ن المكان الذي ِفيه إل إذَا كَان‬ ‫م مِ َ‬‫حرِ ُ‬ ‫ميقات فإنه يُ ْ‬ ‫أما مَن َكان ُدون اله ِ‬
‫وضع مِن‬ ‫حل ‪ ..‬إلى أيّ مَ ْ‬ ‫خرج إلى اله ِ‬ ‫الحرمِ فإنه لبد مِن أن يَ ُ‬ ‫َ‬ ‫‪1‬‬
‫من أهْلِ‬ ‫ِ‬
‫والحاصل‬ ‫َ‬ ‫يل بِذلك‪،‬‬ ‫اضع مِْنه‪ ،‬واختَلفوا في الفْضل‪ ،‬ول أريد أن أطِ َ‬ ‫المو ِ‬
‫َ‬
‫جا أوْ عُمرة وإنّما‬ ‫اوَز الميقات إذا كان يُريد حَ ّ‬ ‫ج َ‬ ‫لحد أن يََت َ‬ ‫َ‬ ‫َأّنه َليْس‬
‫كن مِن المَُترَّدِدين‬ ‫رد الحج ول العُمرة ولم يَ ُ‬ ‫العلماء اختلفوا ِفيمن لم ي ُ ِ‬
‫ون ُ‬
‫حن‬ ‫جاوزَ الميقات مِن غَْير إِحرام ؟ َ‬ ‫مكّة المكرّمة هَل َله أن يََت َ‬ ‫على َ‬
‫العمرة لَه أن يَتجاوز‬ ‫من لم ُيرِد الحج ول ُ‬ ‫ول الصحيح أنّ َ‬ ‫الق ْ‬
‫قولُ‪ :‬إنّ َ‬ ‫َن ُ‬
‫ص الحديث الثابت عن النبي ‪ ، ‬وإذا ثََب َ‬
‫ت‬ ‫الميقات مِن غَْير إحرَام‪ِ ،‬بنَ ّ‬
‫الحديث َفل كَلم‪:‬‬
‫ونحن نَحكي بَعده خِلفا‬ ‫َ‬ ‫المصطفى يَعتبِر الوصَاف‬
‫سند‬
‫فيه عن المختار نصّ ُأ ِ‬ ‫ل نقبل الخلف فيما وَرد‬
‫وأما مَن أراد الحج أو العمرة فَل‪ ،‬ومَن أخطأ ِبجهله ودخل إلى مكّة‬
‫ؤمر بِأن َيرجِع إلى الميقات الذي جَاء‬ ‫المكرمة مِن غير إحرام فإنه يُ َ‬
‫واضع‬ ‫م َ‬
‫وضع مِن َ‬ ‫م ْ‬‫حل أو أيّ َ‬ ‫ول إلى أَْدنى ال ِ‬ ‫منه‪ ،‬ل إلى مِيقات آخر َ‬
‫حرم‬‫رجع إلى الميقَات الذَي جَاء مِنه وأن يُ ِ‬ ‫ل بل يُؤمَر ِبأن يَ ِ‬ ‫الحل ‪َ ..‬ك ّ‬ ‫ِ‬
‫ضيّقا‬ ‫ت َ‬ ‫وب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬إل إذا كَان الوَْق ُ‬ ‫ويتُ َ‬ ‫من ذَلك المكان َ‬ ‫ِ‬

‫إذا كَان مِن‬


‫من قوله‪َ " :‬‬
‫كان في الحَرم ِ " بدل ِ‬ ‫ظر مع الشيخ لعّله قصد أن يقول‪َ " :‬‬
‫إذا َ‬ ‫‪ُ-1‬ين َ‬
‫الحرمِ "‪.‬‬
‫َ‬ ‫أه ِ‬
‫ل‬ ‫ْ‬
‫‪309‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ضع الذِي هُو فيه‬ ‫حرِم مِن الموْ ِ‬ ‫وات الحج فَإنه يُ ْ‬ ‫ِبأن كان يَخشى مِن َف َ‬
‫الحرم؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫راءِ‬ ‫ق َ‬
‫ف َ‬ ‫بيحة ِل ُ‬
‫ً‬ ‫ذبح ذَ‬ ‫ؤمرُ ِبالتوبة وبِأن يَ َ‬ ‫وي َ‬ ‫ُ‬
‫قل أحدٌ‬ ‫رمُون ِللعُمرة مِن الحَرم وهذا خطأ ‪َ ..‬لم يَ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫كذلك بَْعض الناس يُ ْ‬
‫رم وأن‬ ‫رم مِن الحَ ِ‬ ‫ح ِ‬‫مكِن أن يُ ْ‬ ‫ن النسان يُ ْ‬ ‫من العلماء المتقدّمين‪ " :‬إ ّ‬ ‫ِ‬
‫مُعوا على خِلف ذلك وإن‬ ‫قا لِلصّواب " بل أجْ َ‬ ‫اف ً‬
‫و ِ‬‫ؤدي العمرة ويَكون مُ َ‬ ‫ُي ّ‬
‫اختلفوا هَل ِتلك العُمرة‪:‬‬ ‫َ‬ ‫خالَف بعض المتأخّرين‪ ،‬وإنما‬ ‫َ‬
‫الفدية‪.‬‬ ‫ر بِ ِ‬ ‫‪َ-1‬تكون صحيحة ويُؤمَ ُ‬
‫حل وإن كان قد‬ ‫ؤمرُ ب ِالخُروج إلى ال ِ‬ ‫ل يُ َ‬ ‫صحيحة بَ ْ‬ ‫ون َ‬ ‫ك ُ‬ ‫‪-2‬أو أنّها ل تَ ُ‬
‫في‬ ‫كتَ ِ‬‫ل الصحيح‪ ،‬أما أَن يَ ْ‬ ‫و ُ‬
‫هو القَ ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫و ُ‬ ‫ذا القَ ْ‬ ‫وه َ‬‫من قَْبل ؟ َ‬ ‫طاف وسََعى ِ‬ ‫َ‬
‫وافق‬ ‫أن ذلك مُ َ‬ ‫ن بِ ّ‬ ‫ظ ّ‬ ‫خرج ويَ ُ‬ ‫غيْر أن يَ ُ‬ ‫رم فَقط مِن َ‬ ‫من الحَ َ‬ ‫رامِ ِ‬ ‫الح َ‬‫ِب ْ‬
‫قل بِه أحدٌ مِن العلماء المتقدّمين‪-‬‬ ‫ما لم يَ ُ‬ ‫ور ِبه فََهذا مِ ّ‬ ‫لسنة أو أنّه مأمُ ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ِل‬
‫كما قلتُ‪-‬بل أجمعوا على خِلف ذلك‪.‬‬
‫ختصرا مِن‬ ‫َ‬ ‫النسان ولو مُ‬
‫ُ‬ ‫فينبغي أن ُينتبَه لِمثل هذه المُور‪ ،‬وأن َيقرََأ‬
‫ستطيع على القَراءة‪ ،‬وأنْ َيسأَل أهل العلم عن‬ ‫المختصرات إن كان يَ ْ‬ ‫َ‬
‫شرْع الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في هذه القضية وفي غيرها‪ ،‬وليس له‬ ‫ام َ‬ ‫أحكَ ِ‬ ‫ْ‬
‫قدم على شَيءٍ ِبَغيْر عِلم فإنّ ذلك‪-‬والعياذ بِالله تبارك وتعالى‪-‬قد‬ ‫أن َيتَ ّ‬
‫ان ِبأمر مِن المور‬ ‫التيَ ُ‬ ‫ل ْ‬ ‫شرْع الله بَ ْ‬ ‫الفة لِ َ‬ ‫عض المور المخَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقُعه في بَ‬ ‫ُي ِ‬
‫َ‬ ‫ذهب‬ ‫ما ل يَنبغي لحد أن يَ‬ ‫سه مِ ّ‬ ‫ف ُ‬ ‫مه ‪ ..‬هذا المرُ َن ْ‬ ‫حكْ َ‬ ‫عرف النسانُ ُ‬ ‫ول يَ ِ‬
‫اد َ‬
‫ف‬ ‫دم مِن غَْير عِلم إذا صَ َ‬ ‫ق ّ‬ ‫اختلف العلماء في هلكه في التّ َ‬ ‫َ‬ ‫إليه وإن‬
‫سلَمتِه؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫د بِ َ‬ ‫قل َأحَ ٌ‬ ‫صادف الحق فإنه لم يَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫الحق‪ ،‬أما إذا لم يُ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫أحكام محظورات الحرام‬


‫مد ؟‬ ‫ع ْ‬‫من غير َ‬ ‫ل الصي ْدَ في الحَرم ِ‬ ‫من َ‬
‫قت َ َ‬ ‫س‪ :‬ما حكم َ‬
‫جه صحيح أو ل ؟‬ ‫ح ّ‬
‫وهل َ‬
‫ل أو في الحَرم وهكذا‬ ‫ح ّ‬ ‫رم سواًء كان في اله ِ‬ ‫ح ِ‬
‫م ْ‬ ‫ل الصي ْدِ ل ِل ْ ُ‬
‫ج‪ :‬قَت ْ ُ‬
‫حل‬ ‫رم حرام في اله ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل الصْيد في الحَرم ‪ ..‬الصي ْد ُ ل ِل ْ ُ‬ ‫ِبالنسبة إلى قَت ْ ِ‬
‫رم‪ ،‬فليس‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬
‫حل واله ُ‬ ‫م ِ‬ ‫وفي الحَرم‪ ،‬والصْيد في الحَرم حرام على اله ُ‬
‫رم أن‬ ‫ح ِ‬ ‫ل‪ ،‬كما أنه ليس ل ِل ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫م ِ‬
‫من الحَرم ولو كان ُ‬ ‫ِللنسان أن يصيد ِ‬
‫ض‬
‫ن بع َ‬ ‫ه إليه‪ ،‬ل ّ‬ ‫حل ‪ ..‬هذا أمٌر َينبغي أن ي ُن ْت َب َ َ‬ ‫من اله ِ‬ ‫يصيد ولو كان ِ‬
‫مد‬
‫مرْين وقد ي ََقعُ في خطإ ٍ في هذه المسألة‪ ،‬فَتع ّ‬ ‫الناس ل ي َُفّرقُ بْين ال ْ‬
‫من‬‫من كبائر الذنوب‪ ،‬ف َ‬ ‫من معاصي الله بل كبيرةٌ ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ذلك حرام ومعصي ٌ‬
‫جع إليه‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وأن‬ ‫ل ذلك فعليه أن َيتوب إلى رّبه وأن َير ِ‬ ‫فَعَ َ‬
‫ن السائل لم َيسأل عن ذلك لنه ِبحمد الله‪-‬تبارك‬ ‫ي ُؤَد ّيَ ما عليه‪ ،‬وِبما أ ّ‬

‫‪310‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ت‬
‫م ُ‬ ‫مد ذلك فل حاجة ِللكلم عليه ولسيما أنني قد ت َك َل ّ ْ‬ ‫وتعالى‪-‬لم َيتع ّ‬
‫على ذلك ِبالمس ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫مد ذلك‪ ،‬وذلك‪-‬‬ ‫ب عليه‪ ،‬لنه لم َيتع ّ‬ ‫وأما ِبالنسبة إلى المخطئ فإنه ل ذ َن ْ َ‬
‫مرا‪-‬بل حتى‬ ‫عمرته أن لو كان معت ِ‬ ‫جه ول في ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫طبعا‪-‬ل ي ُؤَث ُّر في َ‬
‫مة‪-‬‬ ‫عمرته ِبذلك على ما ذهب إليه جمهور ال ّ‬ ‫جته أو ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫سد َ‬ ‫مد ل َتف ُ‬ ‫مت َعَ ّ‬ ‫اله ُ‬
‫ب الجزاء على هذا السائل‪-‬الذي وَقَعَ ما وَقَعَ منه‬ ‫وأما ِبالنسبة إلى وجو ِ‬
‫على سبيل الخطِإ‪-‬فقد اختَلف العلماء فيه‪:‬‬
‫من أهل العلم‪-‬وهو مذهب جمهورهم‪-‬إلى أنه عليه الجزاء‪.‬‬ ‫ذهبت طائفة ِ‬
‫ب الئمة رحمه الله تبارك‬ ‫حه قط ُ‬ ‫ج َ‬ ‫من أهل العلم‪-‬وَر ّ‬ ‫وذهبت طائفة ِ‬
‫ت ذلك في " قُّرة العَي ْن َْين " ‪ ،‬وهو‬
‫‪1‬‬
‫تعالى في " الجامع الصغير " كما ذكر ُ‬
‫من أهل العلم‪-‬إلى أنه ل جزاء عليه‪ ،‬وهذا القول هو‬ ‫أيضا مذهب جماعةٍ ِ‬
‫القول الصحيح عندي‪ ،‬فإن شاء أن َيأخذ ِبهذا الرأي‪-‬وهو مبني على‬
‫ل أصيل‪-‬فل حرج عليه ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬وإن شاء أن‬ ‫أص ٍ‬
‫م في‬ ‫حك ُ َ‬ ‫من أن ي َ ْ‬ ‫من الخلف في هذه المسألة فلبد ِ‬ ‫َيحتاط وأن َيخُرج ِ‬
‫ن مسائل الجزاء في الصْيد لبد فيها‬ ‫لن‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫مان عَد ْ َ‬ ‫حك َ َ‬ ‫هذه القضية َ‬
‫لن‬‫مان عَد ْ َ‬ ‫حك َ َ‬‫م فيها َ‬ ‫حك ُ َ‬‫من أن ي َ ْ‬ ‫كم‪ ،‬ول َتكفي فيها الُفت َْيا‪ ،‬فلبد ِ‬ ‫ح ْ‬‫من اله ُ‬ ‫ِ‬
‫ت فيه‬ ‫ن العلماء قد اختلفوا هل ذلك على الطلق أو في ما لم َيأ ِ‬ ‫إل أ ّ‬
‫م عن صحابة رسول الله ‪ ‬؟‬ ‫حك ٌ‬
‫من صحابة‬ ‫م لثنْين ِ‬ ‫حك ْ ٌ‬‫جد َ في تلك القضية ُ‬ ‫فذهب بعضهم إلى أنه إذا وُ ِ‬
‫ل الذي‬ ‫ض الناس الذين وَقَعَ منهم مث ُ‬ ‫ما ِبه على بع ِ‬ ‫حك َ َ‬ ‫رسول الله ‪َ ‬‬
‫وَقَعَ فيه هذا النسان فَيكفيه أن َيأخذ ِبذلك الحكم‪.‬‬
‫مّرة‬ ‫كم في تلك القضية َ‬ ‫ح ْ‬ ‫من اله ُ‬ ‫ض العلماء إلى أنه لبد ِ‬ ‫وذهب بع ُ‬
‫أخرى‪.‬‬
‫ن هذا الشخص ل بأس عليه ِبمشيئة الله ولكن إن شاء‬ ‫تأ ّ‬ ‫وأنا قد ذكر ُ‬
‫كما له في هذه‬ ‫ح ُ‬‫مْين عَد ْل َْين حتى ي َ ْ‬ ‫حك َ َ‬ ‫ث عن َ‬ ‫ح َ‬‫من أن ي َب ْ َ‬ ‫الحتياط فلبد ِ‬
‫القضية‪.‬‬
‫ما له ِبالجزاء ؟‬ ‫حك ُ َ‬ ‫س‪ :‬ي َ ْ‬
‫ن هذه القضية َتحتاج‬ ‫ج‪ :‬نعم ‪َ ..‬يحكما عليه ِبالجزاء في هذه القضية‪ ،‬ل ّ‬
‫ص الكتاب العزيز‪.‬‬ ‫م‪ِ ،‬بن ّ‬ ‫حك ْ ٍ‬‫إلى ُ‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬من حلقة ‪ 15‬رمضان ‪1424‬هه ) ‪10/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪-1‬كتاب " قّرة العين َْين في صلة الجمعة ِبخطبتين " ص ‪ ،47‬وهذا ما ذكره الشيخ فيه‪' :‬‬
‫من قتل الصيد ناسيا‪ ،‬واختار‬‫اختار‪-‬رحمه الله تعالى‪-‬في " الجامع الصغير " أنه ل جزاء على َ‬
‫ت‪ :‬والقول ِبعدم وجوب الجزاء على‬ ‫مد والناسي‪ ،‬قل ُ‬
‫في بقية كتبه وجوب الجزاء على العا ِ‬
‫الناسي هو الصحيح‪ِ ،‬لعدم الدليل الدال على الفدية‪ ،‬والصل عدم ذلك؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.' .‬‬
‫‪311‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‪ :‬وهم ي ُب َي ُّنون له معنى الجزاء ؟‬


‫مد الرأي الخر وهو أنه ل‬ ‫ت‪َ-‬نحن َنعت ِ‬ ‫ج‪ :‬ما هو الذي َيلزمه لكن‪-‬كما قل ُ‬
‫من احتاط‬ ‫طئ ولكن الرأي الثاني هو مذهب الجمهور و َ‬ ‫شيَء على المخ ِ‬
‫ن فيه سلمة‪.‬‬ ‫وأخذ ِبه فل شك أ ّ‬
‫من المور التي ُيمَنع منها‬ ‫طيب ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫س‪ِ :‬‬
‫من الّناس قد ي َل ْت َِبس عليهم المر وَلربما‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫الحاج غير أ ّ‬
‫سع الله‪-‬تعالى‪-‬عليهم‬ ‫سهم أمورا قد و ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫قون على أن ُ‬ ‫ضي ّ ُ‬
‫يُ َ‬
‫مت َِنعون‬ ‫ض الناس ي َ ْ‬ ‫جد بع َ‬ ‫فة فن ِ‬ ‫من ذلك ما َيتعلق ِبالّنظا َ‬ ‫فيها ِ‬
‫سواك طيلة أيام الحرام‪ ،‬وسؤالنا عن‬ ‫عن الستحمام ِ أو ال ّ‬
‫رم‪:‬‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬‫مشروعية استخدام المواد التالية ِلل ُ‬ ‫َ‬
‫ض أنواع الصابون كالذي به رائحة " الديتول "‬ ‫‪-1‬استخدام بع ِ‬
‫خدام‬ ‫أو رائحة الّليمون أو رائحة الفواكه الخرى ‪ ..‬فهل است ْ‬
‫دي أو الستحمام‬ ‫واء غسل الي ْ ِ‬ ‫رم س َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مثل هذه النواع ِلل ُ‬
‫من الممنوع ؟‬ ‫أث َْناءَ فترة الحرام ِ‬
‫من‬ ‫من الممنوع‪ ،‬فهذه الشياء ل مانع ِللنسان ِ‬ ‫ج‪ :‬ل‪ ،‬هذا ليس ِ‬
‫من غسل اليدين أو ما شابه ذلك‪.‬‬ ‫الستحمام ِبها أو ِ‬
‫وهكذا ِبالنسبة إلى السواك ل مانع منه‪ ،‬سواء كان ذلك بالراك أو كان‬
‫ض أهل العلم الجماعَ على ذلك‪-‬‬ ‫حكى بع ُ‬ ‫ذلك ِبالمعاجين العصرية‪-‬وقد َ‬
‫من لّثته‪-‬مثل‪-‬أو ما شابه ذلك ‪ ..‬هذا ل‬ ‫م ِ‬‫خَرج د ٌ‬ ‫ول بأس عليه حتى لو َ‬
‫مانع منه بل السواك مطلوب ‪ ..‬الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫مْرُتهم ِبالسواك عند كل‬ ‫َ‬
‫متي ل َ‬ ‫شقّ على أ ّ‬ ‫وسلم‪-‬يقول‪ ) :‬لول َ أن أ َ ُ‬
‫صلة ( وفي بعض الروايات‪ ) :‬عند كل وضوء ( وفي بعضها الجمع‬
‫من ذلك لكن إن كان‬ ‫مانع ِ‬ ‫من اللّثة‪-‬مثل‪-‬ل َ‬ ‫خرج دم ِ‬ ‫بينهما‪ ،‬فحتى لو َ‬
‫ض ِللوضوء عند أكثر أهل‬ ‫ن الدم َناقِ ٌ‬ ‫ذلك َبعد ُوضوء فل ْي ُعِد ْ وضوَءه ل ّ‬
‫العلم‪.‬‬
‫ت فيه رائحة أو فيه شيٌء‬ ‫وهكذا ِبالنسبة إلى الصابون العادي الذي ليس ْ‬
‫طر في شيٍء كالشياء التي وََرد َ ذِك ُْرها‬ ‫من العِ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫من الروائح التي ليس ْ‬ ‫ِ‬
‫في السؤال‪.‬‬
‫سه ِبما لم ي ُل ْزِ ْ‬
‫مه‬ ‫زم ن َْف َ‬ ‫سه وأن ي ُل ْ ِ‬ ‫شد ّد َ على َنف ِ‬ ‫فل َينبغي ِللنسان أن ي ُ َ‬
‫سواك‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬به‪ ،‬فما الداعي أن َيبقى النسان ل َيسَتخدم ال ّ‬
‫محذور مع‬ ‫وف اله َ‬
‫خ ْ‬‫وي َت ُْرك السّنة الثابتة الصحيحة عن النبي ‪َ ‬بدعوى َ‬
‫محذور في ذلك أبدا ؟! والله أعلم‪.‬‬ ‫أنه ل َ‬

‫‪312‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫سِتخدام المعاجين التي ِبها رائحة‬ ‫نا ْ‬ ‫س‪-2 :‬معنى ذلك أ ّ‬


‫ل بأس ؟‬
‫طر في واقع المر فل مانع منها‪.‬‬ ‫ع ْ‬ ‫ت ِبرائحة ِ‬ ‫ج‪ :‬هذه الرائحة ليس ْ‬
‫دهان كالكريمات مثل زيت الزيتون‬ ‫دام ال ِ‬‫س‪-3 :‬استخ َ‬
‫وادء أيضا‪.‬‬ ‫وزيت الَناْرجيل والحبة الس ْ‬
‫مور في أيام الحج ‪ ..‬ل داعي إلى‬ ‫ج‪ :‬هو‪-‬حقيقة‪-‬ل َداعي ِلمثل هذه ال ُ‬
‫ت عن النبي ‪ .. ‬النبي ‪ ‬استخد َ َ‬
‫م‬ ‫ن ذلك لم ي َْثب ْ‬ ‫مْثل هذه المور ل ّ‬‫ِ‬
‫حل َي َْفة وهو في طريقه‬
‫ذلك في المدينة عندما أراد أن َيخُرج إلى ذي ال ُ‬
‫ستخدم النبي ‪ ‬ذلك‪ ،‬ولنا فيه أسوة‬ ‫ة‪ ،‬أما في أيام الحرام لم ي َ ْ‬ ‫مك ّ َ‬
‫إلى َ‬
‫حسنة‪.‬‬

‫** أحكام الدماء‬


‫ن الدماء التي َتجب على‬ ‫س‪ :‬ذكرُتم في حلقة ماضية أ ّ‬
‫‪1‬‬

‫من المور أو فعل‬ ‫رم إذا ما أخطأ في أمر ِ‬ ‫ح ِ‬


‫م ْ‬
‫الحاج أو ال ُ‬
‫من المور َتحتاج إلى تفصيل وليس كل ما أخطأ فيه‬ ‫أمرا ِ‬
‫جب الدم وهناك أمور تأتي على التخيير ‪ ..‬كل هذه‬ ‫الحاج ُيو ِ‬
‫من التفصيل باختصار‪.‬‬ ‫نريد فيها شيئا ِ‬
‫ج‪... :‬‬
‫حت الن فإنها‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬‬ ‫أما بالنسبة إلى المسألة التي ط ُرِ َ‬
‫َتحتاج إلى كلم طويل جدا جدا‪ ،‬وسأتكلم على شيء منها بمشيئة الله‬
‫من الكلم على جزئية واحدة وهي‬ ‫في الدروس القادمة‪ ،‬ولكن ل بأس ِ‬
‫ث له شيء في الحج أو وقع منه شيء أو‬ ‫حد َ َ‬
‫من َ‬ ‫الدماء التي َتجب على َ‬
‫ما شابه ذلك ‪ ..‬متى َتجب على التخيير ؟ ومتى َتجب على الترتيب ؟‬
‫جب أو ل‬ ‫من هذه الدماء هل ت َ ِ‬ ‫ن العلماء قد اختلفوا في كثير ِ‬ ‫َنحن َنعلم أ ّ‬
‫جب مع اّتفاقهم على وجوب بعضها‪ِ ،‬لوجود نصوص صريحة داّلة عليها‪.‬‬ ‫تَ ِ‬
‫مة على وجوبها هي‪:‬‬ ‫فالدماء التي اّتفقت ال ّ‬
‫دي إن‬ ‫جب عليه اله ْ‬ ‫مّتع ِبالُعمرة إلى الحج فإنه ي َ ِ‬ ‫من ت َ َ‬‫مّتع‪ ،‬ف َ‬‫دي الت َ َ‬ ‫‪-1‬ه ْ‬
‫ف‬
‫صل إلى عشرة أو َتزيد على خل ٍ‬ ‫ط معروفة ت َ ِ‬ ‫جدا ِلذلك ِبشرو ٍ‬ ‫كان وا ِ‬
‫ن أكث ََرها ِبمشيئة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كثير بْين أهل العلم في هذه الشروط‪ ،‬وسأب َي ُّنها أو أب َي ّ ُ‬
‫جب‬ ‫ت فيه تلك الشروط ي َ ِ‬ ‫مّتع إذا َتوافََر ْ‬ ‫مت َ َ‬‫الله في الدروس القادمة‪ ،‬فال ُ‬
‫دي منصوص عليه في كتاب‬ ‫ن هذا اله ْ‬ ‫مة‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫دي ِباّتفاق ال ّ‬ ‫عليه اله ْ‬
‫من‬ ‫ف بْين المسلمين‪ ،‬ف َ‬ ‫كن أن َيقع فيه خل ٌ‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فل ُيم ِ‬
‫جد فعليه أن َيصوم عشرة أيام ‪..‬‬ ‫من لم ي َ ِ‬ ‫دي‪ ،‬و َ‬ ‫دي فعليه اله ْ‬ ‫جد َ اله ْ‬‫وَ َ‬
‫ة أيام في الحج وَيصوم البقية المت َب َّقَية‪-‬وهي سبعة‪-‬إذا رجع‬ ‫َيصوم ثلث َ‬

‫من حلقة ‪ 8‬رمضان ‪1424‬هه ) ‪3/11/2003‬م (‪.‬‬


‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 6‬‬
‫‪313‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫كر ذلك‪،‬‬ ‫ل في وقت الصيام في الحج‪ ،‬ول داعي ل ِذِ ْ‬ ‫إلى بلده على تفصي ٍ‬
‫‪1‬‬

‫لنه َيطول به المقام جدا‪ِ ،‬لوجود الخلف وِللخلف‪-‬أيضا‪-‬في بعض الدلة‬


‫الواردة في المسألة‪ ،‬وسوف أتكلم عليها بمشيئة الله في الدروس‬
‫مت َّفقٌ عليه بْين أهل العلم‪ ،‬وإنما اختلفوا في القاِرن‬ ‫القادمة‪ ،‬فهذا الدم ُ‬
‫دي أو ل ؟‬ ‫هل عليه ه ْ‬
‫مة‪-‬وكاد بعض العلماء َيحكي عليه التفاق‪-‬أنه‬ ‫فالذي ذهب إليه جمهور ال ّ‬
‫دي‪.‬‬ ‫جب عليه اله ْ‬ ‫يَ ِ‬
‫دي عليه‪.‬‬ ‫من أهل العلم إلى عدم وجوب اله ْ‬ ‫وذهبت طائفة ِ‬
‫ن دليله‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫سلم‪ ،‬وسأب َي ّ ُ‬ ‫حوط وأ ْ‬ ‫دي أ ْ‬ ‫ن القول بوجوب اله ْ‬ ‫ول شك أ ّ‬
‫دي‬ ‫حق‪ ،‬والكلم في هذا اله ْ‬ ‫تل ِ‬ ‫بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في وق ٍ‬
‫دي‪ ،‬وليس لحد أن َيصوم‬ ‫م اله ْ‬ ‫من حيث إنه ي َُقد ّ ُ‬ ‫دي التمّتع ِ‬ ‫كالكلم في ه ْ‬
‫دي‪.‬‬ ‫جد اله ْ‬ ‫إل إذا لم ي َ ِ‬
‫سه ِلوجود عذٍر‬ ‫حل َقَ رأ َ‬ ‫من َ‬ ‫سه‪ ،‬ف َ‬ ‫حل َقَ رأ َ‬ ‫من َ‬ ‫‪-2‬والدم الثاني هو ِفدية َ‬
‫ن‬‫ح النسا ُ‬ ‫دي على التخيير فإما أن َيذب َ‬ ‫دي وهذا اله ْ‬ ‫جب عليه اله ْ‬ ‫فإنه ي َ ِ‬
‫ة مساكين ‪ُ ..‬يعطي كل‬ ‫ة أيام وإما أن ُيطِعم ست ّ َ‬ ‫شاةً وإما أن َيصوم ثلث َ‬
‫من‬‫من الُبر أو الرز أو ما شابه ذلك ِ‬ ‫ف صاٍع سواء كان ِ‬ ‫مسكين نص َ‬
‫من الُبر ُرب ْعَ صاع وهو المعروف‬ ‫من قال‪ :‬إنه َيدَفع ِ‬ ‫الحبوب‪ ،‬خلفا ل ِ َ‬
‫ل ضعيف‪ ،‬مخاِلف ِللحديث الثابت عن النبي صلى الله‬ ‫مد‪ ،‬فهذا قو ٌ‬ ‫ِباله ُ‬
‫مخّير في هذه الِفدية‪.‬‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فالنسان ُ‬
‫َ‬
‫من المور التي ي ُن َْهى‬ ‫فدية الرأس ما شابه ذلك ِ‬ ‫مة ب ِ ِ‬ ‫حقَ جمهور ال ّ‬ ‫وقد أل ْ َ‬
‫خيط ولي في‬ ‫م ِ‬ ‫خيط ‪ ..‬يعّبرون بال َ‬ ‫م ِ‬
‫ن فِْعلها‪ ،‬وذلك كلباس ال َ‬ ‫رم عَ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬‫ال ُ‬
‫طيب‬ ‫ُ‬
‫ذلك نظٌر‪-‬سأبّينه قريبا بمشيئة الله تبارك وتعالى‪-‬وكاستعمال ال ِ‬
‫من المور التي وََرد َ فيها النهي‪:‬‬ ‫ص الظافر وما شابه ذلك ِ‬ ‫وكق ّ‬
‫ذر فهي على التخيير‪ِ ،‬باّتفاق أهل العلم‪،‬‬ ‫فإن كانت هذه على سبيل العُ ْ‬
‫ص الكتاب‪ 2‬والسّنة على ذلك‪.‬‬ ‫ِلن ّ‬
‫من غي ْرِ عُذ ْرٍ شرعي فقد اختلف العلماء‬ ‫مد ِ‬ ‫أما إذا كانت على سبيل الع ْ‬
‫في ذلك‪:‬‬
‫ل على ذلك‬ ‫ن الدليل الذي د ّ‬ ‫ذهب بعضهم إلى أنها على التخيير‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫هو الدليل السابق‪ ،‬فإذن هي على التخيير‪.‬‬
‫جد َ الدم فليس له أن ي َعْدِ َ‬
‫ل‬ ‫من وَ َ‬ ‫وذهب بعضهم إلى أنها على الترتيب‪ ،‬ف َ‬
‫من غي ْرِ عُذ ْرٍ شرعي فلبد‬ ‫ل ذلك ِ‬ ‫مد وفَعَ َ‬ ‫ن هذا قد َتع ّ‬ ‫إلى غيره‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫‪-1‬قال الله تعالى‪ ... :‬فَإ َ َ‬
‫من‬ ‫ي فَ َ‬ ‫ن ال ْهَد ْ ِ‬‫م َ‬ ‫سَر ِ‬ ‫ست َي ْ َ‬‫ما ا ْ‬ ‫ج فَ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫مَرةِ إ َِلى ال ْ َ‬ ‫مت ّعَ ِبال ْعُ ْ‬ ‫من ت َ َ‬ ‫م فَ َ‬‫منت ُ ْ‬ ‫ذا أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ْ َ ْ‬‫ك‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫من‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫ك‬
‫ِ ٌ ِ ِ َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ة‬‫َ‬ ‫ل‬‫م‬ ‫َ‬
‫كا‬ ‫ة‬
‫َ ٌ‬‫ر‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ت‬‫ع‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫إ‬
‫َ ّ َ َ َْ ٍ ِ َ َ ْ ُ ْ ِ‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫ب‬‫س‬ ‫و‬ ‫ج‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫في‬ ‫م َثلث َةِ أّيام ٍ ِ‬ ‫جد ْ فَ ِ‬
‫صَيا ُ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫لّ ْ‬
‫َ‬
‫حَرام ِ ‪ ] ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.[ 196 :‬‬ ‫جدِ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ري ال ْ َ‬ ‫ض ِ‬
‫حا ِ‬‫ه َ‬ ‫أهْل ُ ُ‬
‫ريضا أ َْو‬ ‫م ِ‬‫كم ّ‬ ‫من ُ‬‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫من َ‬ ‫ه فَ َ‬‫حل ّ ُ‬‫م ِ‬‫حّتى ي َب ْل ُغَ ال ْهَد ْيُ َ‬ ‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬‫ؤو َ‬ ‫قوا ُر ُ‬ ‫حل ِ ُ‬ ‫‪-2‬قال الله تعالى‪ ...  :‬وَل َ ت َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ب ِهِ أ َ ً‬
‫ك ‪ ]  ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.[ 196 :‬‬ ‫س ٍ‬‫صد َقَةٍ أوْ ن ُ ُ‬ ‫صَيام ٍ أوْ َ‬ ‫من ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫فد ْي َ ٌ‬ ‫سه ِ ف َ ِ‬‫من ّرأ ِ‬ ‫ذى ّ‬
‫‪314‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من‬‫شد ّد ُ عليه في الكفارة ِ‬ ‫مدا‪ ،‬فإنه ي ُ َ‬ ‫لع ْ‬ ‫من قَت َ َ‬ ‫شد ّد َ عليه‪ ،‬ك َ‬ ‫من أن ي ُ َ‬ ‫ِ‬
‫حي َت َْين‪ ،‬كما هو معلوم في ذلك الباب‪.‬‬ ‫َنا ِ‬
‫ل على‬ ‫ت دليل َيد ّ‬ ‫كن أن ي َُفّرقَ بينهما‪ ،‬إذ لم َيأ ِ‬ ‫والذي أراه أنه ل ُيم ِ‬
‫كن أن ُيصار إليه‬ ‫التفريق‪ ،‬والقياس على الكفارات وما شابه ذلك ل ُيم ِ‬
‫في مثل هذه القضية‪ ،‬وبيان ذلك في غير هذا الموضع ِبمشيئة الله‬
‫ئ زوجَته في الحج فإنه ل‬ ‫من وَط ِ َ‬ ‫من هذا المر َ‬ ‫ست َث َْنى ِ‬‫تبارك وتعالى‪ ،‬وي ُ ْ‬
‫من الثلثة المذكورة‬ ‫دي ِبواحدٍ ِ‬ ‫خّير بْين هذه الشياء بل وليس له أن َيفت ِ‬ ‫يُ َ‬
‫وإنما عليه أن َيذبح ب َد ََنة على تفصيل بْين العلماء في ذلك إذا كان ذلك‬
‫ل الصغر أو مطلقا‪:‬‬ ‫قَْبل التحل ّ ِ‬
‫ل الصغر‪.‬‬ ‫حل ّ ِ‬‫ل الت َ َ‬ ‫من يقول‪ :‬ذلك يكون قَب ْ َ‬ ‫فمنهم َ‬
‫وبعضهم يقول‪ :‬ذلك مطلقا‪.‬‬
‫من أهل‬ ‫ضع‪ ،‬وهذا قد ذهب إليه كثير ِ‬ ‫وبيان ذلك‪-‬أيضا‪-‬ليس في هذا المو ِ‬
‫العلم‪ ،‬وإن كان الدليل عليه ليس قطعيا‪.‬‬
‫من كتاب الله‬ ‫ص قاطٍع ِ‬ ‫من ذلك جزاُء الصيد‪ ،‬فإنه منصوص عليه بن َ ّ‬ ‫‪-3‬و ِ‬
‫ة ُتساوي‬ ‫تبارك وتعالى ‪ ،‬وهو على التخيير‪ ،‬إما أن َيذبح النسان ذبيح ً‬ ‫‪1‬‬

‫م ذلك‬ ‫ده‪ ،‬وذلك معلوم في كتب الفقه‪ ،‬وإما أن ي َُقوّ َ‬ ‫صا َ‬‫ذلك الصيد الذي َ‬
‫بالدراهم ثم َيشتري ِبقيمة تلك الدراهم طعاما وَيدفع لكل مسكين‬
‫من ذلك الطعام‪ ،‬وإما أن َيصوم ِبمقدار يوم ِبمقابل إطعام ِ‬ ‫نصف صاع ِ‬
‫م ثلثين مسكينا فعليه أن َيصوم‬ ‫مسكين فإذا كان الطعام ُيساوي طعا َ‬
‫ثلثين يوما أو كان ذلك أكثر فعليه أن َيصوم بعدد ذلك وهكذا إذا كان‬
‫م ذلك بالدراهم ثم‬ ‫أقل وليس له أن َيدفع قيمة الطعام بل عليه أن ي َُقوّ َ‬
‫يشتري بذلك طعاما وَيدفعه وليس له أن َيدفع القيمة‪ ،‬وفي هذه‬
‫المسألة تفاصيل كثيرة‪ ،‬ل أريد أن أبّينها الن‪.2‬‬
‫صَر عن الحج أو الُعمرة فعليه‬ ‫ُ‬
‫ح ِ‬ ‫من أ ْ‬ ‫صر‪ ،‬ف َ‬ ‫ح َ‬
‫م ْ‬ ‫دي ال ُ‬ ‫من ذلك ه ْ‬ ‫‪-4‬و ِ‬
‫دي هل‬ ‫دي ‪ ..‬عليه أن َيذبح ذبيحة‪ ،3‬واختلفوا إذا لم َيستطع على اله ْ‬ ‫اله ْ‬
‫َيجب عليه الصيام ؟‬
‫جب عليه الصيام ‪ ..‬عليه أن َيصوم‬ ‫من أهل العلم إلى أنه ي َ ِ‬ ‫فذهب كثير ِ‬
‫عشرة أيام‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫دا‬
‫م ً‬
‫مت َعَ ّ‬
‫كم ّ‬ ‫من ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫من قَت َل َ ُ‬ ‫م وَ َ‬‫حُر ٌ‬ ‫م ُ‬ ‫صي ْد َ وَأنت ُ ْ‬ ‫قت ُُلوا ال ّ‬ ‫مُنوا ل َ ت َ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪-1‬قال الله تعالى‪َ  :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫م‬‫فاَرةٌ ط ََعا ُ‬ ‫م هَد ًْيا َبال ِغَ ال ْك َعْب َةِ أ َوْ ك َ ّ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ل ّ‬ ‫م ب ِهِ ذ ََوا عَد ْ ٍ‬ ‫حك ُ ُ‬ ‫ن الن ّعَم ِ ي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ما قَت َ َ‬
‫ل ِ‬ ‫ل َ‬‫مث ْ ُ‬‫جَزاٌء ّ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫من ْ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫م الل ُ‬ ‫ق ُ‬‫عاد َ فََينت َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫سلف وَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه عَ ّ‬‫فا الل ُ‬ ‫مرِهِ عَ َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ذوقَ وََبا َ‬ ‫ما لي َ ُ‬ ‫صَيا ً‬ ‫ل ذ َل ِك ِ‬ ‫ن أو عَد ْ ُ‬ ‫كي َ‬
‫سا ِ‬‫م َ‬‫َ‬
‫قام ٍ‪ ] ‬سورة المائدة‪ ،‬الية‪.[ 95 :‬‬ ‫ذو ان ْت ِ َ‬ ‫زيٌز ُ‬ ‫ه عَ ِ‬ ‫َوالل ُ‬
‫من حلقة ‪16‬‬ ‫‪-2‬وقد بّين الشيخ تفاصيل أخرى في هذه المسألة عند الجواب على السؤال ‪ِ 5‬‬
‫رمضان ‪1424‬هه ) ‪11/11/2003‬م (‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ي ‪ ...‬‬ ‫ن ال ْهَد ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫سَر ِ‬ ‫ست َي ْ َ‬
‫ما ا ْ‬ ‫م فَ َ‬ ‫صْرت ُ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مَرةَ للهِ فَإ ِ ْ‬ ‫ج َوال ْعُ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫موا ال ْ َ‬ ‫‪-3‬قال الله تعالى‪  :‬وَأت ِ ّ‬
‫] سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.[ 196 :‬‬
‫‪315‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جد دليل صريح‬ ‫جب عليه صيام‪ ،‬وذلك أنه ل ُيو َ‬ ‫وذهب بعضهم إلى أنه ل ي َ ِ‬
‫من أهل العلم ِبذلك اعتمادا على‬ ‫من قال ِ‬ ‫ل على ذلك‪ ،‬وإنما قال َ‬ ‫ي َد ُ ّ‬
‫دي التمّتع‪.‬‬ ‫القياس على ه ْ‬
‫وهذا القياس فيه نظر‪ ،‬فالصحيح عندي أنه ل َيجب عليه الصيام‪ ،‬فإن لم‬
‫رط‪ ،‬أما إذا‬ ‫دي فل شيء عليه‪-‬بمشيئة الله‪-‬وهذا إذا لم َيشت ِ‬ ‫جد اله ْ‬ ‫يَ ِ‬
‫دي عليه على الصحيح‪.‬‬ ‫اشتَرط فل ه ْ‬
‫ن الشتراط ل‬ ‫من قال‪ " :‬إ ّ‬ ‫ن الشتراط منسوخ "‪ ،‬ول ِ َ‬ ‫من قال‪ " :‬إ ّ‬ ‫خلفا ل ِ َ‬
‫دي "‪ ،‬فهذان القولن ضعيفان على التحقيق‪،‬‬ ‫َيكفي في عدم وجوب اله ْ‬
‫جد هنالك ناسخ ِلهذا الحديث البّتة‪،‬‬ ‫من الثاني‪ ،‬لنه ل ُيو َ‬ ‫ما أضعف ِ‬ ‫وأوّل ُهُ َ‬
‫ث‪-‬أعني حديث " الشتراط " حديث‪-‬صحيح ثابت‪.‬‬ ‫وهو حدي ٌ‬
‫من الكتاب عليها‪ ،‬وهي على‬ ‫مت َّفقٌ عليها‪ِ ،‬لنصوص صريحة ِ‬ ‫فهذه الدماء ُ‬
‫ف في ِفدية الذى‪ ،‬فالمت َّفق عليه‬ ‫جد خل ٌ‬ ‫م‪ُ-‬يو َ‬ ‫ن‪-‬ن َعَ ْ‬‫ت‪ ،‬ولك ْ‬ ‫حسب ما ب َي ّن ْ ُ‬
‫طر إلى ذلك فهو مت َّفق عليه‪،‬‬ ‫من كان معذورا ‪ ..‬أي اض ُ‬ ‫هو ِفدية الحْلق ل ِ َ‬
‫ة ِبذلك على خلف بْين أهل العلم في ذلك‪.‬‬ ‫حَق ٌ‬‫مل ْ َ‬‫أما البقية فهي ُ‬
‫طئ‪:‬‬ ‫وبقي الكلم في المخ ِ‬
‫من يقول‪ :‬عليه الِفدية‪.‬‬ ‫فمنهم َ‬
‫من يقول‪ :‬ل فدية عليه‪ ،‬وهو الصحيح عندي‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫جب الِفدية‬ ‫جب الِفدية فيها ول ُيو ِ‬ ‫من ي َُفّرقُ بْين بعض المور فُيو ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫في البعض الخر‪ ،‬فلباس الثياب الممنوعة والعطر وما شابه ذلك ‪..‬‬
‫من كان في حكمه‪ ،‬وأما‬ ‫هذه المور ل ِفدية فيها ‪ ..‬أعني على الناسي و َ‬
‫بعض المور التي فيها إتلف أو ما شابه التلف ‪ ..‬التلف‪ :‬مثل كتقليم‬
‫ذب الشعر أو حْلق الشعر أو ما شابه ذلك ‪ ..‬في ذلك‬ ‫الظافر أو كج ْ‬
‫إتلف‪ ،‬وما شابه التلف‪ :‬الوطء‪ ،‬فإنه وإن لم يكن إتلفا فهو بْينه وبْين‬
‫مب َّين في هذا الباب‪.‬‬ ‫التلف مشاَبهة‪ ،‬كما ل َيخفى‪ ،‬كما هو ُ‬
‫وبقي الخلف في الجاهل‪:‬‬
‫جب عليه الِفدية‪.‬‬ ‫بعضهم ُيو ِ‬
‫جبها‪.‬‬ ‫وبعضهم ل ُيو ِ‬
‫صل بْين ما فيه إتلف وما شابه التلف وبْين ما لم يكن فيه‬ ‫وبعضهم ي َُف ّ‬
‫ت‪.‬‬‫ذلك كما قدم ُ‬
‫والجاهل الذي لم ي َُفّرط في أحكام شرع الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬الصحيح ل‬
‫ِفدية عليه‪ ،‬وسأقيم الدليل على ذلك بمشيئة الله في الدروس القادمة‪.‬‬
‫من المور المتعّلقة ِبالحج ول ت َت َعَّلق ِبالجسد‪،‬‬ ‫ل شيئا ِ‬ ‫من فَعَ َ‬ ‫بقي هنالك َ‬
‫من الواجبات أو ما شابه ذلك‪،‬‬ ‫ك شيئا ِ‬ ‫م شيئا على شيء أو ت ََر َ‬ ‫من قَد ّ َ‬ ‫ك َ‬
‫جعَ على‬ ‫رم ولم َيرجع إليه أو َر َ‬ ‫جاوََز الميقات ولم ُيح ِ‬ ‫من َ‬ ‫وذلك‪-‬مثل‪-‬ك َ‬
‫من الرمي على خلف طويل في‬ ‫ك شيئا ِ‬ ‫رأي بعض أهل العلم‪ ،‬أو ت ََر َ‬
‫‪316‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ذلك‪ ،‬وما شابه هذه المور‪ ،‬فهل تكون هذه على التخيير أو تكون على‬
‫الترتيب ؟‬
‫من سّنة‬ ‫جد دليل ي َد ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ل على ِإيجاب الدماء في هذه المور ِ‬ ‫أّول‪ :‬أنا لم أ ِ‬
‫رسول الله ‪ ، ‬والحديث الدال على ذلك حديث ل َيصح عن النبي ‪، ‬‬
‫جد في ذلك رواية عن ابن عباس‪-‬رضي الله تعالى عنه‪-‬وقد‬ ‫وإنما ُتو َ‬
‫اختلف العلماء هل هي محمولة على الرفع معًنى وإن كانت موقوفة‬
‫في اللفظ‪:‬‬
‫فذهب بعضهم إلى ذلك‪.‬‬
‫من ذلك الباب‪.‬‬ ‫ت ِ‬ ‫ة اجتهادية وليس ْ‬ ‫ن المسأل َ‬ ‫وذهب بعضهم إلى أ ّ‬
‫مل‪ ،‬وعلى القول ِبإيجاب الدماء في هذه المسائل‪-‬كما هو‬ ‫محت ِ‬ ‫والمر ُ‬
‫جب على‬ ‫مذهب الجمهور على تفصيل فيها‪-‬فهي على الترتيب‪ ،‬أّول ي َ ِ‬
‫ما فإن لم َيستط ِعْ على ذلك هل عليه شيء أو ل‬ ‫ذبح د َ ً‬ ‫النسان أن ي َ ْ‬
‫جب‪ 1‬عليه شيء " ؟‬ ‫يقال‪ " :‬ي َ ِ‬
‫جب عليه شيئا بعد ذلك‪.‬‬ ‫من َيذكر هذا ول ُيو ِ‬ ‫منهم َ‬
‫من كلم بعضهم أنه عليه أن َيصوم عشرة أيام‪.‬‬ ‫خذ ِ‬ ‫وُيؤ َ‬
‫كمنا به في بعض المسائل‬ ‫والصيام ل نراه أبدا‪ ،‬والدم َنحكم به إذا ح َ‬
‫القليلة الناِدرة جدا‪.‬‬
‫من الناس في ِإيجاب الدماء على عباد الله‪-‬تبارك‬ ‫َ‬
‫ف كثير ِ‬ ‫سَر َ‬ ‫وقد أ ْ‬
‫ل كذا‬ ‫من فَعَ َ‬ ‫جبه عليهم المولى تبارك وتعالى ‪َ " ..‬‬ ‫وتعالى‪ِ-‬بما لم ُيو ِ‬
‫من‬‫جُبون في كثير ِ‬ ‫عليه دم " ‪ ..‬ل َيذكرون التخيير فيما فيه التخيير‪ ،‬وُيو ِ‬
‫من علماء‬ ‫رها لم َيقل به أحد ِ‬ ‫ت عليها دليل‪ ،‬وفي أكث ِ‬ ‫المور التي لم َيأ ِ‬
‫ت‪-‬لم‬ ‫من أهل العلم‪ ،‬وأنا‪-‬حقيقة كما قل ُ‬ ‫المسلمين أو قال به قِّلة قليلة ِ‬
‫من كلم ابن عباس وهو‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‪-‬أخذوه ِ‬ ‫جد دليل على ذلك‪ ،‬وإنما‪-‬كما قل ُ‬ ‫أ ِ‬
‫من باب‬ ‫خذ ذلك‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫مرْين وجانب الجتهاد أقوى‪ ،‬وقد ُيؤ َ‬ ‫ل ِلل ْ‬ ‫م ٌ‬ ‫محت ِ‬ ‫ُ‬
‫صر عنها إذا كان ذلك‬ ‫ُ‬ ‫من ت ََر َ‬
‫ح ِ‬ ‫ض المور فإنه أ ْ‬ ‫ك بع َ‬ ‫صة في َ‬ ‫صار خا ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ال ِ ْ‬
‫صار وُيقال‪ " :‬عليه ِبالدم "‬ ‫ح َ‬ ‫من ال ِ ْ‬ ‫خذ ذلك ِ‬ ‫من السباب فقد ُيؤ َ‬ ‫ِلسبب ِ‬
‫ُ‬
‫ل الكلم عليها‬ ‫ص ُ‬ ‫ت‪-‬ذلك في أمور بسيطة جدا‪ ،‬سأفَ ّ‬ ‫ولكن‪-‬كما قل ُ‬
‫ق الله أولئك الذين‬ ‫بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في الدروس القادمة‪ ،‬فليت ّ ِ‬
‫من الدماء على عباد الله ‪ ‬ول دليل لهم على ذلك‪ ،‬بل‬ ‫جبون كثيرا ِ‬ ‫ُيو ِ‬
‫من‬ ‫من علماء المسلمين أو شذ ّ َ‬ ‫من تلك المور لم َيقل بها أحد ِ‬ ‫كثير ِ‬
‫قال بذلك‪ ،‬و‪-‬أيضا‪ِ-‬ليّتقوا الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في تلك المور التي ل‬
‫ن‬
‫خي ُّرون عباد الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فيها مع أنه قد وََرد َ فيها التخيير مع أ ّ‬ ‫يُ َ‬
‫ة الشاة‬ ‫جد ما َيشتري به شاةً ‪ ..‬مثل قيم ُ‬ ‫سهل ِبكثير ‪ ..‬هذا ل ي َ ِ‬ ‫التخيير أ ْ‬
‫سهل عليه‬ ‫من ال ْ‬ ‫جد ذلك و ِ‬ ‫ُتساوي ثلثمائة ريال سعودي أو أكثر وهو ل ي َ ِ‬
‫ن " ل " هنا زائدة‪.‬‬
‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬ل يجب " ويبدو أ ّ‬
‫‪317‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جد المال ولكنه‬ ‫من المساكين أو ي َ ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ثلثة أيام أو أن ُيطِعم ست ّ ً‬ ‫أن َيصو َ‬
‫ل َيعرف المساكين فَيخشى أن َيضعها في غير الموضع الصحيح بينما‬
‫من حيث إنه‬ ‫من حيث إنه ل قيمة عليه و ِ‬ ‫سهل عليه ِ‬ ‫إذا صام ‪ ..‬ذلك أ ْ‬
‫جَبه الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليه‪ ،‬فعلينا‪-‬إذن‪-‬أن ن َْفعَ َ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫دى ما أوْ َ‬ ‫َيعلم ِبأنه قد أ ّ‬
‫جد فيه دليل‬ ‫جد هنالك دليل‪ ،‬وما لم ُيو َ‬ ‫ل عليه الدليل إن وُ ِ‬ ‫ِبحسب ما د َ ّ‬
‫من ل قدرة له‪،‬‬ ‫دهم ِبالنسبة ل ِ َ‬ ‫من تقلي ِ‬ ‫فإذا قال به بعض العلماء فل بأس ِ‬
‫أما إذا أفتى علماء المسلمين الذين ُيوَثق بهم وب َي ُّنوا أنه ل دليل على‬
‫ف ِبذلك اللهم إل إذا أراد أن َيأتي‬ ‫كن أن ي ُك َل ّ َ‬ ‫ن النسان ل ُيم ِ‬ ‫ذلك وأ ّ‬
‫جّهال أن ي ُك َل ُّفوا عباد َ الله‪-‬تبارك‬ ‫ِبذلك على سبيل الحتياط فل َينبغي ِلل ُ‬
‫مْرهم ِبه المولى تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫ْ‬
‫وتعالى‪ِ-‬بما لم ي َأ ُ‬
‫من‬ ‫خذ ِ‬ ‫كن أن ُتؤ َ‬ ‫هذا وهنالك بعض المور التي َتحتاج إلى تنبيه فل ُيم ِ‬
‫ن بعض المور‪-‬أيضا‪-‬ل ِفدية فيها على مذهب‬ ‫هذا الجواب الجمالي‪ ،‬ل ّ‬
‫ن العلماء قد اختلفوا‬ ‫رم فإ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جمهور المسلمين‪ ،‬وذلك ك َعَْقدِ النكاح ل ِل ْ ُ‬
‫هل َيجوز له أن ي َعِْقد َ النكاح أو ل َيجوز له‪ ،‬وعلى القول ِبعدم الجواز‬
‫جب عليه‬ ‫ن عليه الِفدية‪ ،‬فل ُيمكن‪-‬أيضا‪-‬أن ُنو ِ‬ ‫ن الجمهور ل ي ََروْ َ‬ ‫فإ ّ‬
‫الِفدية‪.‬‬
‫ب على‬ ‫َ‬ ‫من الجدير ِبال ّ‬
‫ج َ‬ ‫من أوْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ض أهل العلم قالوا‪ :‬إ ّ‬ ‫ن بع َ‬ ‫ذكر أ ّ‬ ‫هذا و ِ‬
‫من علماء المسلمين‬ ‫جْبه عليه المولى ولم ي َْقت َدِ ِبأحدٍ ِ‬ ‫ص شيئا َلم ُيو ِ‬ ‫شخ ٍ‬
‫من أهل العلم وهو ليس في الِعير ول في الن ِّفير أنه‬ ‫وهو َيتظاهر ِبأنه ِ‬
‫جّهال الذين ظّنوا‬ ‫س ال ُ‬ ‫ض النا ِ‬ ‫جب عليه أن َيقوم ب ِغُْرم ِ ما أفتى ِبه بع َ‬ ‫يَ ِ‬
‫ل سائغ قوي‪،‬‬ ‫من ذلك الباب‪ ،‬وهو قو ٌ‬ ‫من أهل العلم وهو ليس ِ‬ ‫فيه ِبأنه ِ‬
‫َ‬
‫ه أن ي ُن َّفذ َ ذلك حتى ي َْرت َدِعَ‬ ‫مت ُ ُ‬‫ت عليه ِبذلك وأل َْز ْ‬ ‫م ُ‬ ‫حك َ ْ‬ ‫ت قاضيا ل َ َ‬ ‫ولو كن ُ‬
‫أولئك الجهال الذي ُيفُتون عباد َ الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬بغير علم‪.‬‬
‫هروا‬ ‫من العلم ولم َيتظا َ‬ ‫أما أولئك الجهلة الذين ل ِدراية لهم ِبشيء ِ‬
‫َ‬
‫م عليهم‬ ‫حك ُ َ‬ ‫كن أن ن َ ْ‬ ‫وا ِبشيٍء فل ُيم ِ‬ ‫ِبذلك وهم معروفون ِبذلك فإذا أفْت َ ْ‬
‫ض‬‫من سألهم فقد عَّر َ‬ ‫ف عنهم العلم‪ ،‬ف َ‬ ‫ب ِغُْرم ِ ذلك‪ ،‬وذلك لنهم ل ي ُْعر ُ‬
‫مثل هذه المور‪ ،‬وقد ذ َك ََر المام السالمي‪-‬رحمه الله تبارك‬ ‫سه ل ِ ِ‬ ‫نف َ‬
‫ل الذي قال به‬ ‫من " جوهر النظام " القو َ‬ ‫وتعالى‪-‬في باب أصول الفقه ِ‬
‫من أفتى ِبغْير علم وهو َيتظاهر أنه‬ ‫بعض أهل العلم ِبوجوب الغُْرم ِ على َ‬
‫جع إليه‪:1‬‬ ‫من شاء ذلك فل ْي َْر ِ‬ ‫من أهل العلم‪ ،‬ف َ‬ ‫ِ‬
‫من كتابه " جوهر النظام "‪:‬‬ ‫‪-1‬هذا ما قاله المام نور الدين السالمي في باب‪ :‬أصول الفقه‪ِ ،‬‬
‫ف ما َيقصد ُ في‬‫من لساِنهخل ُ‬ ‫ة عنه وما أْولهوذاك أن َيخُرج ِ‬ ‫وزّلة العاِلم في فتواهمرفوع ٌ‬
‫َ‬
‫عملِبقوله إذ ِللخطا منه‬‫ن ِللذي َ‬ ‫ماوإنما الضما ُ‬ ‫ن ثلًثا أت َ ّ‬
‫مامع البني َ‬‫ن ال ّ‬ ‫جناِنهمثاُله أن ي ُعْط ِي َ ّ‬
‫َ‬
‫من‬ ‫يض‬
‫َ َ‬ ‫فقطوإنما‬ ‫بالجهل‬
‫ِ‬ ‫رف‬ ‫يع‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ثملنه‬ ‫يأ‬
‫َ‬ ‫ولكن‬ ‫ّ‬ ‫ق‬ ‫الح‬ ‫لف‬ ‫َ‬ ‫خا‬ ‫رمإن‬ ‫غ‬
‫َْ ُ‬ ‫ي‬ ‫فليس‬ ‫أفتى‬ ‫ل‬‫ٌ‬ ‫قبلوجاه‬ ‫َ‬
‫لك ّ‬
‫ل‬ ‫من قو ِ‬ ‫في ذاك الوسطلنه غَّر الذي ُيساِئلِبحاله وإنه َلجاهلول ضمان إن َيكن لم َيخُرج ِ‬
‫حجِج‬‫العلماِء اله ُ‬
‫‪318‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪.........................‬‬ ‫وجاهل أفتى فليس ي َغُْرم‬


‫إلى أن قال الشيخ‪:‬‬
‫من في ذاك الوسط‬ ‫وإنما َيض َ‬ ‫‪...................‬‬
‫ِبحاله وإنه َلجاهل‬ ‫لنه غَّر الذي ُيساِئل‬
‫‪ ..‬هو جاهل ولكنه غَّر غي َْره ‪ ..‬ي َت ََزّيى ِبزيّ أهل العلم وهو ليس منهم‬
‫من‬ ‫ل وأفتاه هذا الجاهل ف ِ‬ ‫سأ َ َ‬‫فالجاهل قد اغت َّر به ‪ ..‬مأمور ِبالسؤال ف َ‬
‫من َيثقون‬ ‫حّقه أن ُيطاِلب ِبحّقه‪ ،‬وأنا أنصح الناس جميعا بأل ّ َيسألوا إل َ‬
‫كر ولنهم مأمورون ب َِرد ّ‬ ‫ِبعلمه ودينه‪ ،‬لنهم مأمورون ِبسؤال أهل الذ ّ ْ‬
‫المسائل إلى كتاب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وسّنة رسوله‪-‬صلى الله عليه‬
‫دون ذلك إلى‬ ‫وعلى آله وسلم‪-‬وِبما أنهم ل َيستطيعون ذلك فإنهم ي َُر ّ‬
‫من الكتاب والسّنة؛ ومعذرة على هذه‬ ‫أهل العلم الذين َيستن ِْبطون ذلك ِ‬
‫ن المسألة طويلة‪ ،‬وعسى أن‬ ‫ت ِبشيٍء كبير‪ ،‬ل ّ‬ ‫الطالة مع أنني لم آ ِ‬
‫تكون في ذلك فائدة؛ والله أعلم‪.‬‬
‫مخيطة ‪..‬‬ ‫وما مسألة ذلك الجاهل الذي قال ِلرجل أعمى لبس ِنعال َ‬
‫ض علماء المسلمين‪،‬‬ ‫ب ذلك إلى بع ِ‬ ‫س َ‬ ‫ك باطل " ون َ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ح ّ‬‫ن َ‬ ‫قال له‪ " :‬إ ّ‬
‫من علماء المسلمين البّتة وإنما الكلم‬ ‫م باطل لم َيقل ِبه أحد ِ‬ ‫وذلك كل ٌ‬
‫هل الفضل أن يلبس هذه أو تلك ؟ ول دليل‪-‬أيضا‪-‬حتى على تفضيل أن‬
‫ل على جواز ذلك‪،‬‬ ‫مخيطة‪-‬أعني النعال‪-‬بل الدليل قد د َ ّ‬ ‫يلبس غير اله َ‬
‫حج ذلك المسكين باطل " فإّنا لله وإّنا‬ ‫ن َ‬‫فهذا الجاهل الِغر قد قال‪ " :‬إ ّ‬
‫إليه راجعون‪.‬‬
‫من‬ ‫حق َ‬ ‫صيام في َ‬ ‫دم والطعام وال ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫خّير ب َي ْ َ‬ ‫هل ي ُ َ‬ ‫س‪َ :‬‬
‫رم ؟‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هو ُ‬ ‫و ُ‬ ‫جر َ‬ ‫ش َ‬ ‫من ال ّ‬ ‫ع شيئا ِ‬ ‫قطَ َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫سن ّةِ رسوِله‪-‬‬ ‫ب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ول في ُ‬ ‫ل في كتا ِ‬ ‫دلي ٌ‬ ‫ت َ‬ ‫ج‪ :‬إّنه َلم ي َأ ِ‬
‫رم ل َيجوز َله أن‬ ‫مح ِ‬ ‫ن اله ُ‬ ‫ل عََلى أ ّ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ي َد ُ ّ‬
‫ما ي ََتعّلق ِبالشجر‪ ،‬ولم‬ ‫م ّ‬ ‫من الشجر أو ما شابه ذلك ‪ ..‬أي ِ‬ ‫طع شيئا ِ‬ ‫َيق َ‬
‫من‬ ‫ن ِ‬ ‫مجّرد ظ ّ‬ ‫مين‪ ،‬وإّنما هذا هو ُ‬ ‫من علماِء المسل ِ ِ‬ ‫ي َُقل ِبذلك‪-‬أيضا‪-‬أحد ٌ ِ‬
‫ع‬
‫من ذلك وإّنما ُيمن َ ُ‬ ‫من شيٍء ِ‬ ‫رم ل ُيمَنع ِ‬ ‫مح ِ‬ ‫وام‪ ،‬فإذن اله ُ‬ ‫ض العَ َ‬ ‫بع ِ‬
‫ر‬
‫ج ِ‬ ‫ما ي َت َعَل ّقُ ِبش َ‬‫م ّ‬‫من المور ِ‬ ‫ما شابه ذلك ِ‬ ‫من قَط ِْع أو قَل ِْع أو َ‬ ‫ن ِ‬‫النسا ُ‬
‫مُنوع هو‬ ‫م ْ‬
‫حل‪ ،‬فإذن اله َ‬ ‫م ِ‬ ‫رما أو كان ُ‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬ ‫ص ُ‬‫خ ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫الحَرم سواء كان ذلك ال ّ‬
‫حل‪ ،‬وعليه فإن قَط ْ َ‬
‫ع‬ ‫م ِ‬ ‫رم واله ُ‬ ‫مح ِ‬ ‫جُر الحَرم ول فَْرقَ في ذلك ب َْين اله ُ‬ ‫ش َ‬‫َ‬
‫من غي ْرِ الحَرم كعرفة‪-‬مثل‪َ-‬فل شيَء عليه‬ ‫رم شجرا ً ِ‬ ‫مح ِ‬ ‫حل أو ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ص ُ‬‫شخ ٌ‬
‫مة ول عب َْرةَ‬ ‫ل جمهورِ ال ّ‬ ‫هو قو ُ‬ ‫من الحَرم كما ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫س ْ‬ ‫ن عََرَفة ل َي ْ َ‬ ‫بناء على أ ّ‬
‫خاَلف ِفي ذلك‪.‬‬ ‫من َ‬ ‫ف َ‬‫خل ِ‬ ‫بِ ِ‬

‫‪319‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ص السن ّةِ الصحيحة الثاِبتة‬ ‫مُنوعٌ ب ِن َ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫جرِ الحرم فإّنه َ‬ ‫ش َ‬‫ما ِبالّنسَبة إلى َ‬ ‫أ ّ‬
‫مة إل ّ ما وََرد َ‬ ‫جماِع ال ّ‬ ‫عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وِبإ ْ‬
‫استثناؤه‪.‬‬
‫جرِ الحَرم سواء‬ ‫ش َ‬‫من َ‬ ‫من قَط َعَ شيئا ِ‬ ‫ب على َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ذا ي َ ِ‬ ‫ما َ‬‫سَبة إلى َ‬ ‫ما ِبالن ّ ْ‬ ‫وأ ّ‬
‫ن العَُلماء َقد اختل َُفوا في ذلك‪:‬‬ ‫رما ؟ فإ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬
‫حل أو ُ‬ ‫م ِ‬‫كان ُ‬
‫ث الجزاء أو الِفد َْية‬ ‫من حي ُ‬ ‫ب إلى أّنه ل شيَء عليه‪-‬أيْ ِ‬ ‫من ذه َ‬ ‫منهم َ‬ ‫‪ِ -1‬‬
‫ب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬لّنه‬ ‫جب عليه أن َيتو َ‬ ‫أو ما شابه ذلك‪-‬وإّنما ي َ ِ‬
‫ت ِبه طائفة‬ ‫حظ ََره ُ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليه‪ ،‬وهذا القول قال ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ب َ‬ ‫ارتك َ َ‬
‫ل العلم‪.‬‬ ‫من أه ِ‬ ‫ِ‬
‫جب عليه الجزاء إل أّنهم اختَلفوا في‬ ‫مة إلى أّنه ي َ ِ‬ ‫جمهوُر ال ّ‬ ‫ب ُ‬ ‫‪-2‬وذه َ‬
‫ذلك‪:‬‬
‫صي ْدِ الحَرم‪-‬وقد تكّلمنا على ذلك‪-‬‬ ‫ن حكمه كحم ِ َ‬ ‫من ذهب إلى أ ّ‬ ‫منهم َ‬
‫مة في ذلك‪.‬‬ ‫كو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫من ُ‬ ‫وعليه فإنه لبد ِ‬
‫قيمة "‪.‬‬ ‫جب فيه ال ِ‬ ‫صي ْدِ الحَرم وََقال‪ " :‬إّنه ت َ ِ‬ ‫من فَّرق بْينه وبْين َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ف ذلك‪.‬‬ ‫من َقال ِبخل ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫من‬ ‫جب عليه شيءٌ ِ‬ ‫هر ِلي في هذه القضية أّنه ل ي َ ِ‬ ‫والذي َيظ َ‬
‫ة إلى الله تبارك وتعالى‪،‬‬ ‫فدية وإّنما عليه الّتوب َ ُ‬ ‫ث الجزاء أو ال ِ‬ ‫حي ُ‬
‫من سن ّةِ رسوِله‪-‬صلى الله‬ ‫ب الله ول ِ‬ ‫من كتا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫دلي ٌ‬ ‫ت َ‬ ‫وذلك لّنه َلم َيأ ِ‬
‫من‬ ‫مة على ذلك‪ ،‬و ِ‬ ‫مع ال ّ‬ ‫ج ِ‬‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬الصحيحة الثاِبتة وَلم ت ُ ْ‬
‫كن أن‬ ‫مة ِبعصمةِ السلم ِ َلها َفل ُيم ِ‬ ‫صو َ‬ ‫مع ْ ُ‬ ‫مين َ‬ ‫ل المسل ِ ِ‬ ‫ن أموا َ‬ ‫المعلوم ِ أ ّ‬
‫ك د َِليل في ذلك‬ ‫ن ل َنمل ِ ُ‬ ‫عي‪ ،‬وَنح ُ‬ ‫ل شْر ِ‬ ‫جب شيئا على أحد إل ِبدِلي ٍ‬ ‫ُنو ِ‬
‫ل الله ‪ ‬وعلى‬ ‫ض صحابةِ رسو ِ‬ ‫ت عن بع ِ‬ ‫ض الروايا ِ‬ ‫ت بع ُ‬ ‫وإّنما جاء ْ‬
‫ن مذهب الصحابي ليس‬ ‫جة فيها‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ت تلك الّروايات فإّنه ل ُ‬ ‫ديرِ ثبو ِ‬ ‫تق ِ‬
‫ت‪-‬هو أّنه ل‬ ‫ح‪-‬كما قل ُ‬ ‫جح الصحيح‪ ،‬فإذن الصحي ُ‬ ‫ل الرا ِ‬ ‫جة على القو ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫بِ ُ‬
‫جرِ الحَرم وإّنما عليه الّتوبة والَناَبة إلى‬ ‫ش َ‬ ‫من َ‬ ‫من قَط َعَ شيئا ِ‬ ‫جزاَء على َ‬
‫ما‬‫سن‪ ،‬أ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ذلك َ‬ ‫من الخي ْرِ فإ ّ‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وإن فعل شيئا ِ‬
‫الوجوب فل وجوب؛ والله أعلم‪.‬‬

‫جرح في أصبعها‬ ‫ُ‬


‫عمرة أصيبت ب ِ ُ‬ ‫مة ِبال ُ‬‫ر َ‬
‫ح ِ‬‫م ْ‬
‫س‪ :‬امرأة ُ‬
‫ج منها دم ليس‬ ‫خَر َ‬
‫ة استخدام السكين‪-‬وكانت حائضا‪-‬ف َ‬ ‫نتيج َ‬
‫ِبالكثير‪ ،‬فماذا عليها ؟‬
‫من الناس‪ " :‬في الدم دم " وهذه قاعدة ليست‬ ‫ج‪ :‬اشتهر عند كثير ِ‬
‫ج منه دم في الحج فعليه دم ‪ ..‬هذه‬ ‫خَر َ‬‫ن النسان إذا َ‬ ‫ِبصحيحة‪ ،‬أي أ ّ‬
‫ج منه دم‬‫خَر َ‬
‫وك و َ‬
‫القاعدة ليست ِبصحيحة ‪ ..‬مثل لو كان النسان َيتس ّ‬
‫‪320‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مة السلمية قاطبة‪ ،‬على ما‬ ‫فهل ُيقال عليه دم ؟ ل دم عليه ِبإجماع ال ّ‬
‫من أهل العلم‪ ،‬ولذلك ل ينبغي ِللنسان أن َيترك‬ ‫حكاه غي ُْر واحدٍ ِ‬
‫السواك بعد ثبوت السّنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله‪-‬صلى الله‬
‫متي‬ ‫ُ‬ ‫ضله‪ ) :‬لول أن أ َ ُ‬
‫شقّ على أ ّ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬الدالة على ف ْ‬
‫مْرُتهم ِبالسواك عند كل صلة (‪ ،‬وفي بعض الروايات‪ ) :‬عند كل‬ ‫َ‬
‫ل َ‬
‫مع بينهما‪ ،‬فل َينبغي ِللنسان أن ي َت ُْر َ‬
‫ك‬ ‫وضوء (‪ ،‬وفي بعضها جاء الج ْ‬
‫من عادته أنه‬ ‫مخافة‪-‬مثل‪-‬أن َيخُرج منه دم ولسيما إذا كان ِ‬ ‫السواك َ‬
‫من الحتياطات الباِردة ‪َ ..‬ينبغي‬ ‫َيخُرج منه الدم ‪ ..‬هذا‪-‬على كل حال‪ِ -‬‬
‫ِللنسان أن ي ُط َب ّقَ السّنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪:‬‬
‫ول كلم المصطفى الّواه‬ ‫ظر ِبكتاب الله‬ ‫ول ُتنا ِ‬
‫ولو َيكون عاِلما خبيرا‬ ‫جَعل له نظيرا‬ ‫معناه ل ت َ ْ‬
‫طع ِبهذا السكين شيئا‪-‬مثل‪-‬ما‬ ‫فعلى كل حال هذه المرأة التي كانت َتق َ‬
‫ج منها الدم أو ما شابه ذلك فل‬ ‫خُر َ‬
‫دها أو أن ي َ ْ‬ ‫ريد أن ت َْقط َعَ ي َ َ‬ ‫كانت ت ُ ِ‬
‫من خروج الدم في‬ ‫ذر ِ‬ ‫ح َ‬‫حرج عليها ِبمشيئة الله تبارك وتعالى ولكن ل ِت َ ْ‬
‫الطواف‪ ،‬وهكذا ِبالنسبة إلى قضية الحيض ‪ ..‬الحائض ليس َلها أن‬
‫َتطوف ِبالبيت‪ ،‬وإنما الكلم في السعي ‪ ..‬هل لها أن َتسعى أو ل ؟‬
‫مة أنه ل بأس على الحائض منه ‪ ..‬أي ل بأس‬ ‫جمعت ال ّ‬ ‫السعي قد أ ْ‬
‫على الحائض أن تسعى وإنما الْفضل أن َيكون النسان على طهارة‬
‫كنها أن َتكون على طهارة‪ ،‬وإنما الكلم في وقتنا‬ ‫والحائض‪-‬طبعا‪-‬ل ُيم ِ‬
‫ن الحائض والجنب و‪-‬طبعا‬ ‫من المسجد أو ل ؟ ل ّ‬ ‫هذا هل المسعى ِ‬
‫من‬‫خلوا المسجد ‪ ..‬هل المسعى الن ِ‬ ‫هكذا‪-‬النفساء ليس لهم أن َيد ُ‬
‫خل وَتسعى‬ ‫من المسجد فليس ِللحائض أن َتد ُ‬ ‫المسجد ؟ فإن كان ِ‬
‫ح معه السعي‪،‬‬ ‫ن الحيض ل َيص ّ‬ ‫ِللنهي عن دخولها المسجد‪ ،‬ل لجل أ ّ‬
‫من المسجد فل بأس عليها‪-‬أو على‬ ‫ن المسعى ليس ِ‬ ‫والذي يظهر لي أ ّ‬
‫ظر حتى َينتهي هذا‬ ‫حّيض‪-‬في قضية السعي‪ ،‬فإذن َتنت ِ‬ ‫من ال ُ‬ ‫غيرها ِ‬
‫من الحيض وُلتطف بعد ذلك‪،‬‬ ‫سل ِ‬ ‫الحيض وت َط ْهَُر منه وت َت َط َّهر ‪ ..‬أي َتغت ِ‬
‫من ذلك الجرح الذي أصابها لبد‬ ‫وكذلك ِبالنسبة إلى الدم إذا كان َيخرج ِ‬
‫من أن ُتزيل ذلك الدم وُتعيد الوضوء‪ ،‬ول َتطوف إل وهي طاهرة‪ ،‬أما‬ ‫ِ‬
‫إذا كان ذلك قبل الطواف ِبفترة أو ما شابه ذلك فأمره بّين لنها‬
‫ضأ بعد ذلك ِبمشيئة الله‪.‬‬ ‫ستتو ّ‬

‫أحكام عامة في الحرام‬


‫ط في الحرام ؟‬ ‫م الشِترا ِ‬ ‫حك ْ ُ‬
‫س‪ :‬ما ُ‬
‫ن هذه المسألة قد اختَلف العلماُء فيها‪.‬‬‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫‪321‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من‬ ‫مين في مسألةٍ ِ‬ ‫ف بْين علماءِ المسل ِ ِ‬ ‫جد َ خل ٌ‬ ‫من المعلوم أنه إذا وُ ِ‬ ‫و ِ‬
‫ب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وإلى‬ ‫جعَ إلى كتا ِ‬ ‫المسائل فإنه َينبِغي ِللعاِلم أن َير ِ‬
‫جع إليهما‬ ‫ل الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أو ما َير ِ‬ ‫سن ّةِ رسو ِ‬
‫جح في تلك القضية‪.‬‬ ‫ن َله ما هو الرا ِ‬ ‫جية حتى َيتب َي ّ َ‬ ‫من وجوهِ الح ّ‬ ‫ِبوجهٍ ِ‬
‫ف ما جاء في‬ ‫ل العلم أنه ليس لحدٍ أن ُيخال ِ َ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ص المحّققون ِ‬ ‫وقد ن َ ّ‬
‫ب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وسن ّةِ رسوِله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫كتا ِ‬
‫كبار‪.‬‬ ‫من العلماِء ال ِ‬ ‫من قال ِ‬ ‫ف ذلك َ‬ ‫وسلم‪-‬ولو قال ِبخل ِ‬
‫ث قال‪:‬‬ ‫ن المام السالمي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬حي ُ‬ ‫َ‬
‫س َ‬‫ح َ‬ ‫وقد أ ْ‬
‫ول كلم ِ المصطفى الّواه‬ ‫ظر ِبكتاب الله‬ ‫ول ت َُنا ِ‬
‫ولو َيكون عاِلما خبيرا‬ ‫معناه ل َتجعل له نظيرا‬
‫من القضايا‪:‬‬ ‫َ‬
‫ث قال في قضيةٍ ِ‬ ‫ن حي ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫وأ ْ‬
‫خلفا‬ ‫ده ِ‬ ‫ونحن َنحكي بع َ‬ ‫المصطفى َيعتِبر الوصاف‬
‫ُ‬
‫سن ِد َ‬‫صأ ْ‬ ‫فيه عن المختار ن ّ‬ ‫ف فيما وََرد َ‬ ‫ل َنقَبل الخل َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫ف الثار‬ ‫وإن َيقوُلوا خال َ َ‬ ‫حسُبك أن ت َت ّب ِعَ المختار‬
‫ث قال‬ ‫ن المام سعيد بن خلفان‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬حي ُ‬ ‫َ‬
‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫وأ ْ‬
‫ف قول مشهورا عند َ العلماِء الساب ِِقين ‪..‬‬ ‫ث خال َ َ‬ ‫ض عليه حي ُ‬ ‫ل اعت ََر َ‬ ‫ِلسائ ٍ‬
‫ص َلك عن‬ ‫َ‬
‫ب أن أن ُ ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫من العَ َ‬ ‫ل َله المام رحمه الله تبارك وتعالى‪ " :‬و ِ‬ ‫فقا َ‬
‫ح‬
‫ض ِ‬
‫ل ول وا ِ‬ ‫ضةِ السلم ِبغي ْرِ دلي ٍ‬ ‫ضِني ِبعلماِء بي ْ َ‬ ‫ت ُتعارِ ُ‬ ‫ل الله ‪ ‬وأن َ‬ ‫رسو ِ‬
‫َ‬
‫من الهذ ََيان "‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫سِبيل‪ ،‬أل َْيس هذا في العَيا ِ‬
‫ث قال‪ " :‬وقو ٌ‬
‫ل‬ ‫ن المام الخليلي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬حي ُ‬ ‫َ‬
‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫وأ ْ‬
‫ب ِبه عرض الحائط "‪ ،‬وقال‪-‬رضوان الله تبارك‬ ‫ديث ُيضَر ُ‬ ‫ف الح ِ‬ ‫خل ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫من عاِلم إل في قوِله‬ ‫من القضايا‪ " :‬وما ِ‬ ‫وتعالى عليه‪-‬في قضيةٍ ِ‬
‫مه رحمه الله‬ ‫خرِ كل ِ‬ ‫ل الله ‪ " ... ‬إلى آ ِ‬ ‫ل والمردود ما خل رسو َ‬ ‫المقبو ُ‬
‫تبارك وتعالى‪.‬‬
‫ة ِللطالةِ ِبها‬ ‫ج َ‬
‫ص كِثيَرة ٌ في هذا المقام‪ ،‬ل حا َ‬ ‫وِللعلماِء في ذلك ُنصو ٌ‬
‫في هذا الوقت‪.‬‬
‫جد العلماَء قد اختَلفوا في‬ ‫وَنحن إذا ن َظ َْرنا إلى قضيةِ الشتراط فإننا ن َ ِ‬
‫هذه القضية‪:‬‬
‫من قال ِبمشروعيةِ ذلك‪.‬‬ ‫منهم َ‬
‫من قال ِبعدم ِ مشروعيِته‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫ن القو َ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫من هذْين القولْين فل شك أ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫وإذا أت ْْينا إلى معرفةِ الرا ِ‬
‫حيح‪ ،‬وذلك ِلما جاء‬ ‫ل الص ِ‬ ‫ط في الحرام ِ هو القو ُ‬ ‫ِبمشروعيةِ الشترا ِ‬
‫ل‪-‬‬‫ن الرسو َ‬ ‫ث عن السيدة عائشة‪-‬رضي الله تعالى عنها‪-‬أ ّ‬ ‫في الحدي ِ‬
‫ة‬
‫عة بنةِ الزبْير ‪ ..‬ابن ِ‬ ‫ضَبا َ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قال ل ِ ُ‬
‫‪322‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ست َِني‬ ‫حب َ ْ‬ ‫ث َ‬ ‫حّلي حي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫طي (‪ ،‬وذلك ِبأن َتقول‪َ " :‬‬ ‫جي واشت َرِ ِ‬ ‫ح ّ‬‫مه ‪ُ ) :‬‬ ‫ع ّ‬
‫ت عنه ‪ .. ‬رواه‬ ‫ح ثاب ِ ٌ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ثص ِ‬ ‫ث حدي ٌ‬ ‫ريد ُ الحرام‪ ،‬وهذا الحدي ُ‬ ‫دما ت ُ ِ‬ ‫" عن َ‬
‫المام البخاري والمام مسلم‪ ،‬ورواه‪-‬أيضا‪-‬النسائي وابن خزيمة وابن‬
‫حبان وابن الجارود‪ ،‬ورواه أحمد وإسحاق والطبراني في " الكبير "‬
‫ث‬
‫كل " والدارقطني والبيهقي والبغوي‪ ،‬وهو حدي ٌ‬ ‫والطحاوي في " المش ِ‬
‫ح ثاِبت‪.‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫ص ِ‬
‫سّرعٌ في‬ ‫َ‬
‫ي َله‪ ،‬وال ِ‬ ‫َ‬
‫مت َ َ‬ ‫ي هذا فيما َيظَهر أنه ُ‬ ‫صيل ِ ّ‬ ‫صيل ِ ّ‬ ‫ل ال ِ‬ ‫ول عبرةَ ب ِِإعل ِ‬
‫ت َله تلك الدراَية ِبمعرفةِ أئمةِ الحديث‬ ‫ض الحاديث بل ليس ْ‬ ‫ل بع ِ‬ ‫ِإعل ِ‬
‫جهالةِ‬ ‫م بِ َ‬ ‫حك َ َ‬ ‫ل على ذلك أنه َ‬ ‫فضل عن الرواةِ العادِِيين‪ ،‬وَيكِفي في التدِلي ِ‬
‫سي جابرِ بن زيد‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ل الرا ِ‬ ‫المام ِ الشِهير الجب ِ‬
‫ضل عن أئمةِ الحديث‪.‬‬ ‫كباُر الصحابة ف ْ‬ ‫الذي وَث َّقه ِ‬
‫مر‬ ‫مع ْ َ‬ ‫ن هذا الحديث ت ََفّرد َ ِبه َ‬ ‫ث إنه ذ َك ََر أ ّ‬ ‫عياض حي ُ‬ ‫من القاضي ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫والعَ َ‬
‫ل ذلك عن المام ِ النسائي‪ ،‬والنسائي‪-‬فيما َيظَهر‪َ-‬لم‬ ‫ري كما ن ََق َ‬ ‫عن الّزهْ ِ‬
‫ق‬‫ري ِ‬ ‫من غي ْرِ ُ ط ِ‬ ‫ن هذا الحديث قد جاء ِ‬ ‫ديث‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫ل الح ِ‬ ‫رد ِبذلك ِإعل َ‬ ‫يُ ِ‬
‫ت أِريد ُ أن‬ ‫ض النظ َرِ عن هذه الرواَية‪-‬فإن ِّني لس ُ‬ ‫ري‪ ،‬وب ِغَ ّ‬ ‫مر عن الّزهْ ِ‬ ‫مع ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن هذا‬ ‫َ‬ ‫طي َ‬ ‫ُ‬
‫ن لنا مقال معُروفا في ذلك‪-‬فإ ّ‬ ‫ل المقال ِبالكلم ِ عليها‪ ،‬وإل فإ ّ‬ ‫أ ِ‬
‫ق أخرى عن الراوي عن السيدةِ عائشة رضي‬ ‫من ط ُُر ٍ‬ ‫الحديث قد جاء ِ‬
‫ل الله ‪، ‬‬ ‫من صحابةِ رسو ِ‬ ‫رها ِ‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنها‪ ،‬وجاء عن غي ْ ِ‬
‫عياض‪-‬مثل‪-‬فإّنه‬ ‫ضي ِ‬ ‫ل هذه الرواية التي ذ َك ََرها القا ِ‬ ‫دل ب ِِإعل ِ‬ ‫مج َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫فَلو ُ‬
‫ريق‪.‬‬ ‫من غي ْرِ هذه الط ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫ث قد ث َب َ َ‬ ‫ضّر ذلك ما دام الحدي ُ‬ ‫ل يَ ُ‬
‫ن عباس رضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ق اب ِ‬ ‫ري ِ‬‫من ط ِ‬ ‫ث قد جاء‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫والحدي ُ‬
‫عنهما‪ ،‬رواه مسلم وأبو عوانة والنسائي والترمذي والدارمي وابن‬
‫ماجة‪ ،‬ورواه أحمد وإسحاق وابن حبان وابن الجارود والطبراني في "‬
‫دي وأبو‬ ‫الكبير " والطحاوي في " شرح مشكل الثار "‪ ،‬ورواه ابن عَ ِ‬
‫جه على‬ ‫خَر ِ‬ ‫ست َ ْ‬‫م ْ‬ ‫يعلى وأبو نعيم في " الحلية " وأبو علي الطوسي في ُ‬
‫ح ثاِبت عنه صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫ثص ِ‬ ‫الترمذي‪ ،‬وهو حدي ٌ‬
‫ل‬
‫ق أخرى عن صحابةِ رسو ِ‬ ‫من ط ُُر ٍ‬ ‫ريقْين شواهِد ُ ِ‬ ‫وقد جاء ِلهذْين الط ِ‬
‫ق‬
‫ري ِ‬ ‫من ط ِ‬ ‫الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فقد جاء ذلك ِ‬
‫من‬ ‫ق جابر بن عبد الله‪ ،‬وذ َك ََر الترمذي ِبأنه جاء ِ‬ ‫ري ِ‬ ‫من ط ِ‬ ‫أم سلمة و ِ‬
‫ت قْيس جد ّةِ ابن الزبير‪،‬‬ ‫دة بن ِ‬ ‫سع ْ َ‬‫ق ُ‬ ‫ري ِ‬ ‫من ط ِ‬ ‫ق أسماء‪ ،‬وجاء‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫ري ِ‬ ‫ط ِ‬
‫ل الله صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫من صحابةِ رسو ِ‬ ‫وجاء عن غي ْرِ هؤلِء ِ‬
‫ُ‬
‫ت أِريد ُ أن‬ ‫ت الرواية فقد ْ جاء عن ذ ُؤَْيب السلمي‪ ،‬ولس ُ‬ ‫ح ْ‬‫ص ّ‬ ‫ن َ‬ ‫وسلم ‪ ..‬إ ْ‬
‫ح‬ ‫طي َ‬ ‫ُ‬
‫ضها صال ِ ٌ‬ ‫سن وبع ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ضها َ‬ ‫ن بع َ‬ ‫حةِ هذه الروايات‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ص ّ‬ ‫ل الكلم على ِ‬ ‫أ ِ‬
‫ضها‪-‬‬ ‫متشد ّد ٌ في بع ِ‬ ‫شد ّد َ ُ‬ ‫ديرِ عدم ِ ذلك‪-‬إذا ت َ َ‬ ‫ِللستشهادِ ِبذلك‪ ،‬وعلى تق ِ‬
‫ل الله صلى الله عليه‬ ‫ن عن رسو ِ‬ ‫ن ثاِبتا ِ‬ ‫حيحا ِ‬ ‫نص ِ‬ ‫ن الطريقْين السابَقي ْ ِ‬ ‫فإ ّ‬
‫‪323‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س على هذه‬ ‫من النا ِ‬ ‫ض كِثيٌر ِ‬ ‫وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وقد اعت ََر َ‬
‫الحاِديث‪:‬‬
‫ة‬
‫ج َ‬
‫م على ذلك‪ ،‬فل حا َ‬ ‫م الكل ُ‬ ‫ض ِبأنها ضِعيفة‪ ،‬وقد ت ََقد ّ َ‬ ‫من اعت ََر َ‬ ‫منهم َ‬
‫لعاد َِته‪.‬‬
‫ث‬‫ص ِبالعمرةِ وليس في الحج‪ ،‬والحدي ُ‬ ‫ن ذلك خا ّ‬ ‫عى ِبأ ّ‬ ‫من اد ّ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ث وارِد ٌ في الحج‪ ،‬ثم‬ ‫ن الحدي َ‬ ‫جة ِبأ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُيناِدي ِبأعلى صوت وَيصُرخ ِبأقوى ُ‬
‫ح في‬ ‫ص ّ‬‫ري ما الفْرقُ بْين الحج والعمرةِ في هذا ؟! فما َ‬ ‫شع ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫لي ْ َ‬
‫ق بينهما وليس‬ ‫ل على الفْر ِ‬ ‫ل دِلي ٌ‬ ‫ح في الحج إل إذا د َ ّ‬ ‫ص ّ‬
‫العمرةِ فإنه ي َ ِ‬
‫ل إليه‪.‬‬ ‫ف ذلك فعليه الدِليل ول سِبي َ‬ ‫خل َ‬ ‫عى ِ‬ ‫من اد ّ َ‬ ‫ل البّتة‪ ،‬و َ‬ ‫هناِلك د َِلي ٌ‬
‫صَفه المام النووي‪،‬‬ ‫ل كما وَ َ‬ ‫عة‪ ،‬وهذا باط ِ ٌ‬ ‫ضَبا َ‬ ‫ص بِ ُ‬ ‫ضهم ِبأّنه خا ّ‬ ‫عى بع ُ‬ ‫واد ّ َ‬
‫حِقيقٌ ِبذلك‪.‬‬ ‫وهو َ‬
‫ث على ذلك‪ ،‬وهو‬ ‫مل الحدي ُ‬ ‫ت فُيح َ‬ ‫ن ذلك إذا مات َ ْ‬ ‫عى ِبأ ّ‬ ‫من اد ّ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ل عليه‪.‬‬ ‫ت إليه ول أن ي ُعَوّ َ‬ ‫ل ود َِليُله عَِليل فل َينبِغي أن ُيلت ََف َ‬ ‫ل ك َِلي ٌ‬ ‫قو ٌ‬
‫طل‪ ،‬فهذا‬ ‫ل عا ِ‬ ‫طل وعن الدِلي ِ‬ ‫م با ِ‬ ‫ضهم ِبأنه منسوخ‪ ،‬وهو كل ٌ‬ ‫عى بع ُ‬ ‫واد ّ َ‬
‫ف ذلك‪.‬‬ ‫خر ي َد ُ ّ‬ ‫ْ‬
‫خل ِ‬ ‫ل على ِ‬ ‫ثآ َ‬ ‫دي ٌ‬ ‫تح ِ‬ ‫جةِ الوداع ولم ي َأ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ث كان في َ‬ ‫الحدي ُ‬
‫ف ِللجماع‪،‬‬ ‫خال ِ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ضهم‪-‬كالطحاوي في " شرح المشكل "‪ِ-‬بأنه ُ‬ ‫عى بع ُ‬ ‫واد ّ َ‬
‫ل أن ُيول َد َ‬ ‫من قب ِ‬ ‫ن العلماَء قد اختَلفوا‪ِ -‬‬ ‫ريب‪ ،‬فإ ّ‬ ‫جيب غ ِ‬ ‫مع ِ‬ ‫وهو كل ٌ‬
‫ل ِبالشتراط عن طائفةٍ كِبيرةٍ‬ ‫الطحاوي‪-‬في هذه القضية‪ ،‬وقد ُروِيَ القو ُ‬
‫ل الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإن كان َلم‬ ‫من صحابةِ رسو ِ‬ ‫ِ‬
‫ميعا‪ ،‬فقد ُرويَ ذلك عن عمر وعن عثمان وعلي وابن‬ ‫ج ِ‬ ‫صح عنهم َ‬ ‫يَ ِ‬
‫ح عنهم‬ ‫ص ّ‬ ‫ت‪-‬ل ي َ ِ‬ ‫مار وعائشة وأم سلمة‪ ،‬وإن كان‪-‬كما قل ُ‬ ‫مسعود وع ّ‬
‫عي بعد َ ذلك‬ ‫ل العلم‪ ،‬فكيف ي َد ّ ِ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ة كِبيرةٌ ِ‬ ‫ت ِبه طائف ٌ‬ ‫جميعا‪ ،‬وقال ْ‬
‫ف‬
‫جوُز لحدٍ أن ُيخال ِ َ‬ ‫َ‬
‫خلِفه ول ي َ ُ‬ ‫مُعوا على ِ‬ ‫ج َ‬‫ن العلماء قد أ ْ‬ ‫مد ٍّع ِبأ ّ‬ ‫ُ‬
‫الجماع ؟!‬
‫من‬ ‫جد ُ كِثيرا ِ‬ ‫ب الصول فإننا ن َ ِ‬ ‫ب الفْقه وكت ِ‬ ‫دما َننظ ُُر في كت ِ‬ ‫ن عن َ‬ ‫وَنح ُ‬
‫مُعوا عليها وقد‬ ‫َ‬
‫ج َ‬ ‫ن هذه القضية قد أ ْ‬ ‫مد ٍّع ِبأ ّ‬ ‫عي ُ‬ ‫عاَوى الجماع ‪ ..‬ي َد ّ ِ‬ ‫دَ َ‬
‫حد َ الناس َيذك ُُر مسأل ً‬
‫ة‬ ‫َ‬
‫تأ َ‬ ‫مع ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ذلك‪ ،‬و َ‬ ‫خل ِ‬ ‫مة على ِ‬ ‫جمهوُر ال ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫َيكو ُ‬
‫ت في‬ ‫معٌ عليه وأنا قد ْ رأي ُ‬ ‫مج َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن هذا القو َ‬ ‫عى ِبأ ّ‬ ‫وذ َك ََر فيها قول واد ّ َ‬
‫ضهم حكى‬ ‫ث عن ذلك‪ ،‬وبع ُ‬ ‫من غي ْرِ أن أْبح َ‬ ‫المسألةِ عشرة أقوال ِ‬
‫س ذلك‬ ‫ضهم الجماعَ على عك ِ‬ ‫ض القضايا وحكى بع ُ‬ ‫الجماعَ في بع ِ‬
‫ض‬
‫كيها بع ُ‬ ‫ب هذه الحكايات التي َيح ِ‬ ‫القول َتماما‪ ،‬فل َينبِغي لحدٍ أن ي َْرهَ َ‬
‫ض في‬ ‫ري ٌ‬ ‫ويل ع ِ‬ ‫مط ِ‬ ‫من غي ْرِ أن ي َت َث َب ُّتوا في ذلك‪ ،‬ولنا كل ٌ‬ ‫ل العلم ِ‬ ‫أه ِ‬
‫ل ِبه المقام‪.‬‬ ‫طي ُ‬ ‫ُ‬
‫جة‪ ،‬ل أ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫الجماع الذي هو ُ‬
‫ت عن ابن عمر‪-‬رضي‬ ‫ج على عدم ِ مشروعيةِ ذلك ِبما ثب َ‬ ‫ضهم احت َ ّ‬ ‫وبع ُ‬
‫ن‬
‫كم " ‪ ..‬معناه أ ّ‬ ‫سّنة ن َب ِي ّ ُ‬ ‫ث قال‪ " :‬حسُبكم ُ‬ ‫الله تبارك وتعالى عنهما‪-‬حي ُ‬
‫‪324‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من عاِلم‪-‬وإن‬ ‫من المعلوم أنه ما ِ‬ ‫ريب‪ ،‬ف ِ‬ ‫رط‪ ،‬وهذا غ ِ‬ ‫النبي ‪ ‬لم َيشت ِ‬
‫ث النبي‬ ‫ض أحاِدي ِ‬ ‫ت عليه بع ُ‬ ‫خفي َ ْ‬ ‫ح الجوزاء‪-‬إل وقد َ‬ ‫ب َل َغَ السماء وناط َ َ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فإذا كان ابن عمر َلم َيعَلم‬
‫كن أن ن َُرد ّ‬ ‫ل الله ‪ ‬فهل ُيم ِ‬ ‫من صحابةِ رسو ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ِبه طائف ٌ‬ ‫ِبذلك وقد عَل ِ َ‬
‫ض الصحابة َلم‬ ‫ن بع َ‬ ‫وى أ ّ‬ ‫ت عن أولئك ب ِد َعْ َ‬ ‫بعد َ ذلك الرواية التي ثبت ْ‬
‫ج ِبه‪.‬‬ ‫حت َ ّ‬ ‫كن أن ي ُ ْ‬ ‫ما ل ُيم ِ‬ ‫م ّ‬ ‫مع ِبذلك ؟! هذا ِ‬ ‫س َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ط النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فل‬ ‫م اشترا ِ‬ ‫وأما عد ُ‬
‫ة‬
‫ددة في قضي ٍ‬ ‫متع ّ‬ ‫ة ُ‬ ‫ت أِدل ٌ‬ ‫جد َ ْ‬ ‫ن الشتراط‪ ،‬لنه إذا وُ ِ‬ ‫ل ذلك على بطل ِ‬ ‫ي َد ُ ّ‬
‫كن أن‬ ‫ظر تارة ُيم ِ‬ ‫معَ بْين تلك الِدلة‪ ،‬وُين َ‬ ‫ج َ‬ ‫من القضايا فإنه َينبِغي أن ي ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫ن الجواز أو‬ ‫ن هذا ِلبيا ِ‬ ‫ن هذا مسنون وهذا جائز أو أ ّ‬ ‫معَ بينها على أ ّ‬ ‫ُيج َ‬
‫مل إلى غي ْرِ ذلك‪ ،‬فالنبي‪-‬‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬ ‫من اله َ‬ ‫مل على كذا ِ‬ ‫هذا ل ِعِّلة أو هذا ُيح َ‬
‫ده عن‬ ‫ص ّ‬ ‫ن قريشا ست َ ُ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬لم َيكن َيعَلم ِبأ ّ‬
‫جةِ الوداع فإنه َلم َيكن ِبحاجةٍ صلوات‬ ‫ح ّ‬ ‫رط‪ ،‬وأما في َ‬ ‫الحَرم حتى َيشت َ ِ‬
‫الله وسلمه عليه إلى ذلك‪.‬‬
‫َ‬
‫ل في هذه القضية‪ ،‬وأَرى أن‬ ‫طو ُ‬ ‫ل يَ ُ‬ ‫مجا َ‬
‫ل القو ِ‬ ‫ن َ‬ ‫وعلى كل حال؛ فإ ّ‬
‫دة إلى ذلك في مناسبةٍ أخرى ِبمشيئة‬ ‫َ‬
‫صر‪ ،‬ولنا عو َ‬ ‫ي ِبهذا المخت َ‬ ‫أكت َِف َ‬
‫ن كثيرا‬ ‫سيرِ ما ل َيخَفى‪ ،‬فإ ّ‬ ‫من التي ِ‬ ‫ن في هذا المر ِ‬ ‫الله تبارك وتعالى‪ ،‬ل ّ‬
‫ض الناس‬ ‫ن بع َ‬ ‫عوى أ ّ‬ ‫ن منه ب ِد َ ْ‬ ‫جون إليه فِلماذا ُيمن َُعو َ‬ ‫س قد َيحتا ُ‬ ‫من النا ِ‬ ‫ِ‬
‫ن العلماء قد اختَلفوا في هذه‬ ‫مد ٍّع ِبأ ّ‬ ‫عي ُ‬ ‫ف ذلك ؟! وقد ي َد ّ ِ‬ ‫خل ِ‬ ‫َيقول ب ِ ِ‬
‫دما‬ ‫صاُر إليه عن َ‬ ‫ن الحتياط ي ُ َ‬ ‫ك ذلك‪ ،‬وأقول‪ :‬إ ّ‬ ‫وط ت َْر ُ‬ ‫ح َ‬ ‫القضية فال ْ‬
‫ر‬
‫م ٍ‬ ‫جيح ولكن ذلك ِبأ ْ‬ ‫ن التر ِ‬ ‫جيح وقد ُيمك ِ ُ‬ ‫ب التر ِ‬ ‫صعُ ُ‬ ‫ض الدِّلة وي َ ْ‬ ‫ت ََتعاَر ُ‬
‫ل ِذي عَْينْين فل‬ ‫ة ِلك ّ‬ ‫ح ً‬ ‫ض َ‬ ‫ة وا ِ‬ ‫س طال ِعَ ً‬ ‫ن الشم ُ‬ ‫دما َتكو ُ‬ ‫مل‪ ،‬أما عن َ‬ ‫محت ِ‬ ‫ُ‬
‫ج إليها‬ ‫دما َيحتا ُ‬ ‫ك السَنن الثاِبتة عن النبي ‪ ‬ولسيما عن َ‬ ‫َينبِغي أن ت ُت َْر َ‬
‫ت‬‫ل هذه القضية بل السَنن التي ل ُتفَعل ‪ ..‬في وق ِ‬ ‫مث ِ‬ ‫النسان في ِ‬
‫عه عليها‬ ‫طل ِ‬ ‫ف ذلك ِلعدم إ ِ ّ‬ ‫خل ِ‬ ‫ل بِ ِ‬ ‫مقول َةِ قائ ِ ٍ‬ ‫جة ل َينبِغي أن ت ُت َْرك ل ِ َ‬ ‫الحا َ‬
‫ِ‬
‫جة‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ت ِبها اله ُ‬ ‫ق ل ت َث ْب ُ ُ‬ ‫أو ل ّ‬
‫ري ٍ‬ ‫من ط ِ‬ ‫عه عليها ِ‬ ‫طل ِ‬
‫َ‬
‫ت هذا الحديث‪،‬‬ ‫ث عَل ّقَ ذلك على ثبو ِ‬ ‫ن المام الشافعي حي ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫وقد أ ْ‬
‫م عند َ الله تعالى‪.‬‬ ‫ح عن النبي ‪ ‬؛ والعل ُ‬ ‫ص ّ‬ ‫تو َ‬ ‫ث قد ث َب َ َ‬ ‫والحدي ُ‬
‫س‪ :‬ولكن ما فائدة هذا الشتراط في الحرام ؟‬
‫ن هذا ل فائدة َله وإنما‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫ج‪ :‬العلماء قد اختَلفوا في ذلك‪ ،‬منهم َ‬
‫ريب ‪..‬‬ ‫مغ ِ‬ ‫من اللفاظ التي ي ُت َعَب ّد ُ ِبها‪ ،‬وهذا كل ٌ‬ ‫ره ِ‬ ‫ظ ي ُت َعَب ّد ُ ِبه كغي ْ ِ‬ ‫هو لف ٌ‬
‫ة‪-‬رضي الله‬ ‫ضباع َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ره‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ة َله وحكايُته ت ُغِْني عن ذِك ْ ِ‬ ‫ل عِليل ل قيم َ‬ ‫قو ٌ‬
‫ن‬‫ض الروايات أ ّ‬ ‫ريد ُ الحج‪-‬وفي بع ِ‬ ‫للنبي ‪ ‬أنها ت ُ ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫تعالى عنها‪-‬قد ذ َك ََر ْ‬
‫ريضة‪-‬فذ َك ََر َلها النبي‪-‬صلى الله‬ ‫خب ََرْته ِبأنها م ِ‬ ‫ح َلها ذلك وأ َ ْ‬ ‫النبي ‪ ‬اقْت ََر َ‬
‫ي ِبه‬ ‫عليه وعلى آله وصحبه‪-‬ذلك‪ ،‬فإذا كان ل فائدةَ َله فما قيمة أن تأت ِ َ‬
‫‪325‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن ِلذلك فائدةً‬ ‫بأ ّ‬ ‫ة َله‪ ،‬وإّنما الصوا ُ‬ ‫ب ل قيم َ‬ ‫ري ٌ‬ ‫مغ ِ‬ ‫ضباعة ؟! فهذا كل ٌ‬ ‫ُ‬
‫ل ِبمشيئةِ الله تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫سأب َي ُّنها بعد َ قلي ٍ‬
‫َ‬
‫ل‬‫من فِعْ ِ‬ ‫كن ِ‬ ‫م ّ‬ ‫صد ّ عن ذلك ِبعد ُوّ أو َلم ي َت َ َ‬ ‫مو ُ‬ ‫حَر َ‬ ‫من أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫من المعلوم ِ أ ّ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫ل إلى الحَرم وتأِدي ِ‬ ‫ذر عليه الوصو ُ‬ ‫وه وت َعَ ّ‬ ‫ض أو َنح ِ‬ ‫ب مر ٍ‬ ‫ذلك ِبسب ِ‬
‫ة الحج في وقِته‬ ‫ي ِبالحج في وقِته ‪ ..‬أما تأِدي ُ‬ ‫العمرةِ أو ت َعَذ َّر عليه أن َيأت ِ َ‬
‫من َلم‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض لِ َ‬ ‫ض َله في هذا الوقت‪ ،‬وإنما أت َعَّر ُ‬ ‫ل‪ ،‬ل أَتعّر ُ‬ ‫وي ٌ‬ ‫مط ِ‬ ‫ففيها كل ٌ‬
‫ف العلماُء فيه‪:‬‬ ‫سا ‪ ..‬قد اختل َ َ‬ ‫ْ‬ ‫م ّ‬
‫من ذلك َرأ ً‬ ‫كن ِ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫ح ذ َِبيح ً‬
‫ة‬ ‫من ذلك أبدا فعليه أن ي َذ ْب َ َ‬ ‫كن ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ب إلى أنه إذا َلم ي َت َ َ‬ ‫من ذ َهَ َ‬ ‫من ُْهم َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫سَر‬ ‫ست َي ْ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫م فَ َ‬ ‫صْرت ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ب الله تبارك وتعالى‪ ...  :‬فَإ ِ ْ‬ ‫كما هو ظاهُِر كتا ِ‬
‫ي ‪ ]  ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪:[ 196 :‬‬ ‫ن ال ْهَد ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫مَر مت َّفقٌ عليه بْين العلماء‪.‬‬ ‫ن ال ْ‬ ‫دي فإ ّ‬ ‫وإذا كان سائ ًِقا ِلله ْ‬
‫ن العلماَء قد اختَلفوا في ذلك‪:‬‬ ‫دي فإ ّ‬ ‫سق اله ْ‬ ‫أما إذا كان َلم ي َ ُ‬
‫ر‬
‫ف ِلظاهِ ِ‬ ‫مخال ِ ٌ‬ ‫ل ُ‬ ‫من قال‪ :‬ل هد ْيَ عليه في هذه الحالة‪ ،‬وهو قو ٌ‬ ‫منهم َ‬
‫ب العزيز‪.‬‬ ‫الكتا ِ‬
‫من قال‪ :‬عليه أن َيشترِيَ ذلك‪ ،‬وهذا هو الحق ‪ ..‬هذا إذا كان‬ ‫ومنهم َ‬
‫جد فقد‬ ‫دي فإن كان َلم ي َ ِ‬ ‫كن أن َيشت َرِيَ ِبها اله ْ‬ ‫قيمة التي ُيم ِ‬ ‫جدا ِلل ِ‬ ‫وا ِ‬
‫اختَلف العلماء في ذلك‪:‬‬
‫دي‪.1‬‬ ‫جد ْ اله ْ‬ ‫من َلم ي َ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م عشرة أيام كحا ِ‬ ‫من قال‪ :‬عليه أن َيصو َ‬ ‫منهم َ‬
‫ب إلى أنه ل شيَء عليه‪.‬‬ ‫من ذ َهَ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫سُر َله‬ ‫دما ي َت َي َ ّ‬ ‫ب إلى أنه ل شيَء عليه في ذلك الوقت وعن َ‬ ‫من ذ َهَ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫دي‪.‬‬ ‫دي فإنه َيه ِ‬ ‫اله ْ‬
‫ة أيام‪.‬‬ ‫م ثلث َ‬ ‫ب إلى أنه َيصو ُ‬ ‫من ذ َهَ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ج بعد َ ذلك طعاما‪-‬‬ ‫ة ِبالطعام ثم ُيخرِ ُ‬ ‫م الذبيح َ‬ ‫من قال‪ :‬إنه ُيقوّ ُ‬ ‫ومنهم َ‬
‫طيعُ أن َيشترِيَ ذبيحة‬ ‫جد ُ الطعام فهو َيست ِ‬ ‫مها وكان ي َ ِ‬ ‫والواِقع أّنه إذا قَوّ َ‬
‫ل‬‫ريه ففي مثل تلك الحالة ي َُقا ُ‬ ‫جد ُ ما َيشت ِ‬ ‫ن ذلك إذا كان ل ي َ ِ‬ ‫وإنما َيكو ُ‬
‫م‬
‫صو ُ‬ ‫وم ذلك ‪ ..‬ي َ ُ‬ ‫طيعُ على شراِء الطعام فإنه ُيق ّ‬ ‫ذلك‪-‬أما إذا كان ل َيست ِ‬
‫م‬‫ضي أن َيصو َ‬ ‫ن ذلك َيقت ِ‬ ‫من المشّقة ما فيه‪ ،‬فإ ّ‬ ‫مد‪ ،‬وهذا فيه ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫عن ك ّ‬
‫ن الذبيحة ُتقاِرب ثلِثين ِريال‪-‬مثل‪-‬أو ما شابه‬ ‫ت مئة يوم أو أكَثر‪ ،‬ل ّ‬ ‫س ّ‬
‫عددٍ كِبير ومعنى ذلك‬ ‫ل إلى َ‬ ‫ص ُ‬‫مداد فل شك ِبأنه ي َ ِ‬ ‫َ‬
‫ذلك فإذا قد َّرها ِبال ْ‬
‫سُر‬ ‫َ‬ ‫م عن ك ّ‬
‫ن أي ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫من المشّقة ما فيه‪ ،‬وال ّ‬ ‫مد ّ يوما ففي هذا ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫أنه َيصو ُ‬
‫من ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ -1‬وأ َت ِموا ال ْحج وال ْعمرةَ لله فَإ ُ‬
‫حّتى‬
‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬‫ؤو َ‬ ‫قوا ُر ُ‬ ‫حل ِ ُ‬
‫ي َول ت َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن ال ْهَد ْ‬ ‫م َ‬‫سَر ِ‬ ‫ست َي ْ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫م فَ َ‬ ‫صْرت ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ ِ ْ‬ ‫َ ّ َ ُ ْ َ‬ ‫َ ّ‬
‫صد َقَةٍ أ َْو‬ ‫و‬‫ة من صيام أ َ‬
‫ً ِ ْ َ ِ ِ ِ َْ ٌ ِ ْ ِ َ ٍ ْ َ‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫أذ‬ ‫ه‬ ‫ب‬
‫ْ ِ ِ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ريضا‬ ‫م‬ ‫م‬
‫َ ِ ْ ْ َ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫كا‬ ‫ي َب ْل ُغَ ال ْهَد ْ ُ َ ِ ُ َ ْ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ح‬ ‫م‬ ‫ي‬
‫نسك فَإ َ َ‬
‫م‬‫صَيا ُ‬‫جد ْ فَ ِ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ي فَ َ‬‫ِ‬ ‫ن ال ْهَد ْ‬ ‫م َ‬
‫سَر ِ‬ ‫ست َي ْ َ‬‫ما ا ْ‬ ‫ج فَ َ‬ ‫ح ّ‬‫مَرةِ إ َِلى ال ْ َ‬ ‫مت ّعَ ِبال ْعُ ْ‬ ‫ن تَ َ‬‫م ْ‬ ‫م فَ َ‬ ‫من ْت ُ ْ‬
‫ذا أ ِ‬ ‫ُ ُ ٍ َ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ري‬ ‫ض ِ‬‫حا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن أهْل ُ‬ ‫م ي َك ْ‬ ‫نل ْ‬ ‫م ْ‬‫ة ذل ِك ل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫مل ٌ‬ ‫َ‬
‫م ت ِلك عَشَرةٌ كا ِ‬ ‫جعْت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫سب ْعَةٍ إ ِذا َر َ‬ ‫ج وَ َ‬ ‫َثلث َةِ أّيام ٍ ِفي ال َ‬
‫ح ّ‬
‫ديد ُ ال ْعِ َ‬ ‫َ‬
‫ب ‪ ] ‬سورة البقرة‪ ،‬الية‪.[ 196 :‬‬ ‫قا ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫موا أ ّ‬ ‫ه َواعْل َ ُ‬ ‫قوا الل َ‬ ‫حَرام ِ َوات ّ ُ‬ ‫جدِ ال ْ َ‬‫س ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م ْ‬
‫‪326‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل وهَْلة‪.‬‬ ‫من أوّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫من قال‪ :‬ل ُيطِعم وإنما َيصو ُ‬ ‫ومنهم َ‬
‫من الراء‪.‬‬ ‫ب إلى غي ْرِ ذلك ِ‬ ‫من ذ َهَ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ديا فإنه‬ ‫جد ه ْ‬ ‫ل عليها‪ ،‬فإذا كان َلم ي َ ِ‬ ‫ل حال‪-‬هذه القوال ل دلي َ‬ ‫و‪-‬على ك ّ‬
‫ل على‬ ‫ب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ول في سن ّةِ رسوِله ‪ ‬ما ي َد ُ ّ‬ ‫س في كتا ِ‬ ‫لي َ‬
‫من تلك القوال التي ذ َك َْرناها‪ ،‬وإّنما عليه أن َيحِلق أو‬ ‫أنه َيصَنع شيئا ِ‬
‫دي ففي ذلك خير‪.‬‬ ‫من اله ْ‬ ‫ن بعد َ ذلك ِ‬ ‫صر وإن َتمك ّ َ‬ ‫ي َُق ّ‬
‫من قال ِبأنه‬ ‫ل َ‬ ‫دما ذ َك َْرناه قو ُ‬ ‫ت بع َ‬ ‫ن أقوى تلك القوال التي ِقيل َ ْ‬ ‫على أ ّ‬
‫م ِبه‪ ، ،‬فليس‬ ‫كن أن َنحك ُ َ‬ ‫م عشرة أيام‪ ،‬ولكن فيه ما فيه‪ ،‬فل ُيم ِ‬ ‫َيصو ُ‬
‫زمُهم الشاِرع ِبه وإنما‬ ‫م عباد َ الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬بما َلم ُيل ِ‬ ‫لحدٍ أن ُيلزِ َ‬
‫دين‬ ‫من باب الحتياط في ال ّ‬ ‫خذ َ ِبه ِ‬ ‫من شاء أن َيأ ُ‬ ‫كن أن ي َذ ْك َُر ذلك ل ِ َ‬ ‫ُيم ِ‬
‫َ‬
‫من‬ ‫كن أن َيخُرج ِبذلك ِ‬ ‫ن وإن كان ل ُيم ِ‬ ‫مك َ َ‬ ‫خلف إن أ ْ‬ ‫من ال ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫والخرو ِ‬
‫خلف ِلكثرةِ ما ذ َك َْرناه في هذه المسألة‪.‬‬ ‫ال ِ‬
‫مه أن‬ ‫صر‪-2 .‬وقيل‪ :‬ل َيلَز ُ‬ ‫حل ِقَ أو ي َُق ّ‬ ‫و‪-1 :‬كذلك عليه بعد َ أن َيذَبح أن ي َ ْ‬
‫جد َوإل فل شيَء عليه‪-‬أو عليه ما ذ َك َْرناه‬ ‫صر بل َيذَبح إن وَ َ‬ ‫حل ِقَ أو ُيق ّ‬ ‫يَ ْ‬
‫ب العزيز‪،‬‬ ‫ف ِلظاهِرِ الكتا ِ‬ ‫خال ِ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫جدا‪ُ ،‬‬ ‫ف ِ‬ ‫ل ضِعي ٌ‬ ‫من تلك القوال‪-‬وهو قو ٌ‬ ‫ِ‬
‫ث إنه‬ ‫حيحةِ الثاِبتة عن النبي ‪ ، ‬حي ُ‬ ‫ف ِللسن ّةِ الص ِ‬ ‫مخال ِ ٌ‬ ‫وكذلك هو ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ث‬
‫ح ّ‬ ‫صيرِ و َ‬ ‫ق أو التق ِ‬ ‫مَر أصحاَبه ِبالحل ِ‬ ‫حل َقَ وأ َ‬ ‫صلوات الله وسلمه عليه َ‬
‫رين‪ ،‬فإذن هذا‬ ‫ص ِ‬ ‫ق ودعا ِللحال ِِقين أّول ثلثا ثم بعد َ ذلك ِللمَق ّ‬ ‫على الحل ِ‬
‫حيحةِ عن النبي ‪. ‬‬ ‫ص السن ّةِ الص ِ‬ ‫ت ِبظاهِرِ الكتاب ون ّ‬ ‫ثاب ِ ٌ‬
‫من‬ ‫كن ِ‬ ‫مه إن َلم َيتم ّ‬ ‫ط في ِإحرا ِ‬ ‫من اشتَر َ‬ ‫إذا عِلمنا ذلك ف َ‬
‫ج إلى‬ ‫ر أن َيحتا َ‬ ‫من غي ْ ِ‬ ‫ل ِبذلك ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫عمرِته فإنه ي َ ِ‬ ‫جه أو ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ة َ‬ ‫تأِدي ِ‬
‫م أنه ل فائدةَ‬ ‫من َزعَ َ‬ ‫خلفا ل ِ َ‬ ‫دي‪ ،‬فهذه إذن فائدةُ الشتراط‪ِ -1‬‬ ‫ه ْ‬
‫ست َِني‬‫حب َ ْ‬ ‫ث َ‬ ‫حّلي حي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ِلذلك‪-‬وإّنما هناِلك فْرقٌ في الصيغة ‪ ..‬إذا قال‪ " :‬ف َ‬
‫حّلي ‪" ...‬‬ ‫م ِ‬ ‫مه‪ ،‬فإن قال‪َ ... " :‬‬ ‫من ِإحرا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ح ّ‬‫س سي َ ِ‬ ‫حب ِ َ‬ ‫" أو ذ َك ََر ِبأنه إذا ُ‬
‫حلل ِبذلك‪ ،‬وإذا‬ ‫َ‬
‫ن َ‬ ‫م ِبه فإنه َيكو ُ‬ ‫فِبمجّردِ عدم قدرِته على ِإتمام ِ ما أحَر َ‬
‫من أن َينوِيَ ذلك‪.‬‬ ‫عَل ّقَ ذلك ِبإرادِته ِللحلل فمعَنى ذلك أنه لبد ِ‬
‫فإذن‪:‬‬
‫رط عليه أن َينوْيَ الحلل وَيذَبح ما استطاع وَيحِلق أو‬ ‫من َلم َيشت ِ‬ ‫َ‬
‫صر‪.‬‬ ‫ي َُق ّ‬
‫ست َِني " ل شيَء عليه‪.‬‬ ‫حب َ ْ‬ ‫ث َ‬ ‫حّلي حي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫من قال‪َ " :‬‬ ‫و َ‬
‫لحلل فإنه َيكون ِبذلك‬ ‫وى ا ِ‬ ‫ل ذلك فهو إذا ن َ َ‬ ‫من عَل ّقَ ذلك ِبأنه سَيفعَ ُ‬ ‫و َ‬
‫حلل‪.‬‬
‫هذه هي فائدةُ الشتراط‪.‬‬
‫ف العلماُء في حكم ِ الشِتراط‪:‬‬ ‫هذا وقد اختل َ َ‬
‫من " الشتراط " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬الهدي " بدل ِ‬
‫‪327‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ر‬
‫ذون ِبظاهِ ِ‬ ‫خ ُ‬‫رية الذين َيأ ُ‬ ‫ل الظاهِ ِ‬ ‫جب‪ ،‬وهذا قو ُ‬ ‫من قال‪ :‬هو وا ِ‬ ‫منهم َ‬
‫ذون ِبظاهِرِ اللفاظ بعد َ أن َينظ ُُروا إلى الدِل ّةِ جميعا‪،‬‬ ‫اللفاظ‪ ،‬ول َي ْت َُهم َيأخ ُ‬
‫كر أنه قد ب َل َ َ‬
‫غ‬ ‫ض العلماء ذ َ َ‬ ‫ن بع َ‬ ‫ظم‪-‬حتى أ ّ‬ ‫ن النبي ‪ ‬والجمهوَر الع َ‬ ‫فإ ّ‬
‫دد‬ ‫در العَ َ‬ ‫ريد أن ن َُق ّ‬ ‫جاج في تلك السنة إلى مئة ألف‪ ،‬وَنحن ل ن ُ ِ‬ ‫عَد َد ُ الح ّ‬
‫رطوا ِلعدم ِ حاجِتهم إلى ذلك‪،‬‬ ‫ت اللوف‪َ-‬لم َيشت ِ‬ ‫ولكنهم كانوا ِبعشرا ِ‬
‫رد عنهم ذلك ؟! هذا ما ل‬ ‫ب ذلك أو أّنه َلم ي َ ِ‬ ‫كن أن ُيقال ِبوجو ِ‬ ‫فهل ُيم ِ‬
‫ل ِبه‪.‬‬ ‫كن أن ُيقا َ‬ ‫ُيم ِ‬
‫حّبة‪.‬‬ ‫من قال‪ :‬هو سّنة مست َ‬ ‫من العلماء َ‬ ‫و ِ‬
‫محتاجا إليه‪ ،‬وهم‬ ‫من كان ُ‬ ‫حب إل ل ِ َ‬ ‫من قال‪ :‬هو جاِئز وليس ِبمست َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫كروا هذا الشرط ولكن لبد منه‪.‬‬ ‫وإن كانوا َلم َيذ ُ‬
‫محتاجا‬ ‫من َلم َيكن ُ‬ ‫محتاجا إليه وأما َ‬ ‫من كان ُ‬ ‫من قال‪ :‬هو سّنة ل ِ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫دي‪ ،‬فالنبي ‪‬‬ ‫ح عن ِ‬ ‫حي ُ‬ ‫حّقه‪ ،‬وهذا هو الص ِ‬ ‫سّنة في َ‬ ‫إليه فهو ليس ب ِ ُ‬
‫ة‬
‫رط‪ ،‬وهكذا ِبالنسبةِ إلى الصحاب ِ‬ ‫ِ‬ ‫محتاجا إلى ذلك فَلم َيشت‬ ‫َلم َيكن ُ‬
‫دها النبي صلوات‬ ‫ش َ‬ ‫جة إليه فأ َْر َ‬ ‫محتا َ‬ ‫عة هي اله ُ‬ ‫ضبا َ‬‫ت ُ‬ ‫كرام‪ ‬وإنما كان َ ْ‬ ‫ال ِ‬
‫الله وسلمه عليه‪.‬‬
‫محتاجا إليه‪ ،‬فما‬ ‫من كان ُ‬ ‫سّنية ذلك إل ل ِ َ‬ ‫من َيقول ِبعدم ِ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ي على رأ ِ‬ ‫ب َِق َ‬
‫ج بعد َ ذلك إليه ‪ ..‬هل‬ ‫محتاجا إليه ثم احتا َ‬ ‫ط وَلم َيكن ُ‬ ‫من اشتَر َ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫من ذلك أو ل ؟‬ ‫َيستِفيد ُ ِ‬
‫ف ِلسن ّةِ النبي ‪- ‬أعني‬ ‫مخال ِ ٌ‬ ‫ن هذا ُ‬ ‫من ذلك‪ ،‬ل ّ‬ ‫قيل‪ :‬ل فائدة له ِ‬
‫من أن‬ ‫ج إلى الّتحّلل فلبد ِ‬ ‫دما َيحتا ُ‬ ‫ط مع عدم ِ الحاجةِ إليه‪-‬فعن َ‬ ‫الشترا َ‬
‫دي‬ ‫ري ِبه اله ْ‬ ‫َينوِيَ ذلك وأن َيذَبح إن كان معه الهدي أو كان معه ما َيشت ِ‬
‫صر‪.‬‬ ‫وَيحِلق أو ُيق ّ‬
‫وقيل‪َ :‬ينفُعه ذلك‪.‬‬
‫من المساِئل‪:‬‬ ‫ل كِثيٌر ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫وب ِذِك ْرِ الشتراط ت َن ْ َ‬
‫كن أن‬ ‫ة‪-‬مثل‪-‬وُيم ِ‬ ‫جيَزةٍ ِلتأِديةِ العمر ِ‬ ‫مد ّةٍ وَ ِ‬ ‫ن في ُ‬ ‫من النساء َيذهَب ْ َ‬ ‫كِثيٌر ِ‬
‫من‬ ‫كن ِ‬ ‫م ّ‬‫سها ِبأّنها َلن ت َت َ َ‬ ‫من نف ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫دة وهي َتعرِ ُ‬ ‫َيأت َِيها الحيض في تلك الم ّ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫بأ ّ‬ ‫ها الحيض فَتضط َّر إلى الرجوِع ِبسب ِ‬ ‫الب ََقاِء في مكة المكرمة إذا أَتا َ‬
‫رط‬ ‫كن أن َتشت ِ‬ ‫عُفَها على البقاِء في تلك البقاع فهنا ُيم ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫رفَْقَتها ل ت ُ َ‬
‫ل ِبذلك‪.‬‬ ‫من ذلك فَلها الحل ُ‬ ‫كن ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ت وَلم َتت َ‬ ‫ذلك‪ ،‬وعليه إذا اشتَرط َ ْ‬
‫سم ِ الشتاء أو ما‬ ‫ض المراض ‪ ..‬مثل في مو ِ‬ ‫ه بع ُ‬ ‫صيب ُ ُ‬ ‫ت تُ ِ‬ ‫من كان ْ‬ ‫وهكذا َ‬
‫من‬ ‫مستِفيدا ِ‬ ‫رط وَيكون ُ‬ ‫مك ُِنه أن َيشت ِ‬ ‫سفار ي ُ ْ‬ ‫شابه ذلك أو ُتؤث ُّر عليه ال ْ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ن‬
‫ن إلى تأِديةِ العمرةِ أو الحج وَتأِتيهِ ّ‬ ‫من النساء َيذهَب ْ َ‬ ‫ن كِثيرا ِ‬ ‫وِللسف أ ّ‬
‫جع‬ ‫صن َْعن فَتر ِ‬ ‫رية المعروَفة وبعد َ ذلك ل َيعرِْفن ماذا ي َ ْ‬ ‫العادة الشه ِ‬
‫َ‬
‫ب وَتسَعى‪ ،‬لّنها َقد‬ ‫ت ‪َ ..‬تذهَ ُ‬ ‫حل ّ ْ‬ ‫ن أّنها قد أ َ‬ ‫مها وهي ت َظ ُ ّ‬ ‫حدة ب ِِإحرا ِ‬ ‫الوا ِ‬
‫‪328‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن الطواف َيسُق ُ‬
‫ط‬ ‫ظن أ ّ‬ ‫طوف فت َ ُ‬ ‫ن المرأة إذا أتاها الحيض ل ت َ ُ‬ ‫ت ِبأ ّ‬ ‫مع َ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫ث الذي فيه أ ّ‬ ‫مع ِبالحدي ِ‬ ‫عَن َْها‪ ،‬وقد َتس َ‬
‫دما أتاها الحيض‬ ‫َ‬ ‫سَق َ‬ ‫َ‬
‫جه عن َ‬ ‫دى أزوا ِ‬ ‫ط الطواف عن ِإح َ‬ ‫وصحبه وسلم‪-‬أ ْ‬
‫ف‬‫ف العمرة أو في طوا ِ‬ ‫ف الوداع وليس في طوا ِ‬ ‫ن ذلك في طوا ِ‬ ‫ولك ّ‬
‫ف‬‫ف الحج‪-‬فهذا ُركن ‪ ..‬أعني طوا َ‬ ‫الزيارة أو الفاضة‪-‬الذي هو طوا ُ‬
‫ض ول‬ ‫ن ِبحي ٍ‬ ‫ف العمرة فهما ل َيسُقطا ِ‬ ‫الزيارة وكذلك ِبالنسبة إلى طوا ِ‬
‫ف‬ ‫ن حتى َتطُهر المرأة وت َت َط َّهر وفي تلك الحالة َتطو ُ‬ ‫جل ِ‬ ‫ره ولكن ُيؤ ّ‬ ‫غي ْ ِ‬
‫جع بعد َ ذلك وهي‬ ‫صر وَتر ِ‬ ‫هب وَتسَعى وت َُق ّ‬ ‫ثم بعد َ ذلك َتسَعى ‪ ..‬فَتذ َ‬
‫سمعت‪ ،‬وقد سألِني عن ذلك‬ ‫ب ما َ‬ ‫مة‪-‬وقد وَقَعَ كِثيرا هذا على حس ِ‬ ‫حرِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫من أن َتبَقى هناك حتى‬ ‫ت لبد ِ‬ ‫صل َ ْ‬ ‫صح ‪ ..‬إذا وَ َ‬ ‫ما ل ي َ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫حد‪-‬فهذا ِ‬ ‫غي ُْر وا ِ‬
‫ن‬
‫من أركا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ف رك ٌ‬ ‫ف ثم َتسَعى‪ ،‬فالطوا ُ‬ ‫َتطُهر وت َت َط َّهر وبعد َ ذلك َتطو ُ‬
‫ن الحج‪-‬أعني‬ ‫من أركا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ظم‪ ،‬وكذلك هو رك ٌ‬ ‫العمرة بل هو ركُنها الع َ‬
‫ف القدوم ِللحاج‬ ‫ط طوا ُ‬ ‫ن أبدا‪ ،‬وإنما َيسُق ُ‬ ‫ف الزيارة‪-‬ل َيسُقطا ِ‬ ‫طوا َ‬
‫ما عدا ذلك فل‪ ،‬فَينبِغي أن‬ ‫ما َ‬ ‫جة أيضا‪ ،‬أ ّ‬ ‫ف الوداع ِللمرأةِ الحا ّ‬ ‫وطوا ُ‬
‫ه ِلذلك جّيدا‪.‬‬ ‫ُينت َب َ َ‬
‫هب إلى تلك الِبقاع ما هو الذي َيجوُز َله وما‬ ‫ل أن َيذ َ‬ ‫حد قب َ‬ ‫وأن َيتعّلم الوا ِ‬
‫حّقه‬ ‫حُرم عليه وما هو الذي ي ُك َْره في َ‬ ‫ب عليه وما هو الذي ي َ ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫هو الذي ي َ ِ‬
‫ح َله‪.‬‬ ‫وما هو الذي ُيبا ُ‬
‫دما تأِتيهِ المرأة‪:‬‬ ‫ض الناس عن َ‬ ‫غمار ُيفُتون ‪ ..‬بع ُ‬ ‫ض الجهلةِ ال ْ‬ ‫و‪-‬كذلك‪-‬بع ُ‬
‫َ‬
‫من أْين َلك‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ري "‪ِ ،‬‬ ‫ص ِ‬ ‫سَعي وقَ ّ‬ ‫" أنا أت َت ِْني الدوَرة ‪ ..‬ماذا أصَنع ؟ "‪ " :‬ا ْ‬
‫من‬ ‫ق الله‪-‬تبارك وتعالى‪َ -‬‬ ‫علم ؟! فلي َت ّ ِ‬ ‫ل على الله ِبغي ْرِ ِ‬ ‫ذلك ؟! ِلماذا ت َت ََقوّ ُ‬
‫ل عليه سبحانه؛‬ ‫ف شْرعَ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ثم بعد َ ذلك ي َت ََقوّ ُ‬ ‫ل َيعرِ ُ‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ض الحيان‪-‬أ ّ‬ ‫ض الناس في بع ِ‬ ‫ه عليها‪-‬وت ََقعُ ِلبع ِ‬ ‫ل التي أن َب ّ ُ‬ ‫من المسائ ِ ِ‬ ‫و ِ‬
‫ح أو ما شابه ذلك وَيستحِيي ذلك الطائف‬ ‫ج ِري ٍ‬ ‫الوضوَء قد َينتِقض ِبخرو ِ‬
‫ض وضوؤها‪-‬‬ ‫حي أن َتقول ِبأنها قد انت ََق َ‬ ‫ت امرأة ‪َ ..‬تست ِ‬ ‫ولسيما إذا كان ْ‬
‫ت‬‫من النواِقض‪-‬ولسيما إذا كان ْ‬ ‫ره ِ‬ ‫ن الوضوء قد َينتِقض ِبهذا أو غي ْ ِ‬ ‫ومع أ ّ‬
‫ف وهي على‬ ‫جع وهي َلم ت َط ُ ْ‬ ‫جها فَتر ِ‬ ‫محَرم ٍ منها أو زو ِ‬ ‫من غي ْرِ َ‬ ‫ت ِ‬ ‫قد ذهب َ ْ‬
‫طه الطهارة‪ ،‬فهي شر ٌ‬
‫ط‬ ‫من شْر ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ذور‪ ،‬فالطوا ُ‬ ‫مح ُ‬ ‫كب اله َ‬ ‫مها فَترت ِ‬ ‫ِإحرا ِ‬
‫ت لبد‬ ‫ض ْ‬ ‫حِته‪ ،‬فإذا انت ََقض فل َيجوُز إل ِبطهارة‪ ،‬وإذا انت ََق َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ط ِ‬ ‫من شرو ِ‬ ‫ِ‬
‫من الوضوء وإعادة الطواف بعد َ ذلك ‪ ..‬هذا أمٌر لبد منه‪ ،‬ول عب َْرةَ‬ ‫ِ‬
‫ق‬
‫ِبالحياء ‪ ..‬هذا الحياء ل خي َْر فيه ‪ ..‬الحياُء الذي فيه الخْير هو الذي ُيوافِ ُ‬
‫من المنك ََرات‬ ‫منك ٌَر ِ‬ ‫ل وَُزور ‪ُ ..‬‬ ‫شرع َ الله تبارك وتعالى‪ ،‬أما هذا فهو باط ِ ٌ‬
‫دما‬ ‫ن المرأة عن َ‬ ‫دي إلى الوقوِع في معصيةِ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬على أ ّ‬ ‫ُيؤ ّ‬

‫‪329‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫حَرم ٍ منها‪ ،‬ل‬


‫م ْ‬
‫جها أو مع َ‬
‫هب مع زو ِ‬
‫عمَرة فلَتذ َ‬
‫ج أو ُ‬‫ح ّ‬
‫هب إلى َ‬ ‫ريد ُ أن َتذ َ‬
‫تُ ِ‬
‫َ‬
‫مع أجنِبي عنها؛ والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫من مكة بعد أداء عمرة التمتع‪ ،‬هل يلزمه‬ ‫من خرج ِ‬ ‫س‪َ :‬‬
‫أن يدخل إليها بعد ذلك محرما بالحج ؟‬
‫ج‪ :‬قد اختلفت كلمة أهل العلم فيمن أراد أن يدخل إلى مكة المكرمة‬
‫ولم يكن يريد في ذلك الوقت حجا ول عمرة هل يجب عليه أن يدخلها‬
‫بإحرام أو أنه يجوز له أن يدخلها بغير إحرام‪ ،‬وقد استدل كل فريق‬
‫بأدلة متعددة وقد ذكرنا ذلك في مناسبات سابقة فل داعي لعادتها‬
‫مرة ثانية والقول الصحيح الذي تشهد له الدلة الصحيحة الثابتة أن‬
‫النسان إذا كان يريد أن يدخل إلى مكة المكرمة ول يريد حجا ول‬
‫عمرة أنه ل يلزمه الحرام‪ ،‬وذلك لن الحديث الذي جاء من طريق بن‬
‫عباس‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنهما‪-‬نص صريح ولم يعارضه معارض‬
‫معتبر فكل ما استدل به من قال بخلف هذا الرأي ل تقوم به الحجة‬
‫لضعفه وعدم ثبوته عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬
‫وما جاء عن غيره‪-‬صلوات الله عليه وسلمه عليه‪-‬فإنه ل تقوم به الحجة‬
‫إذ ل تقوم الحجة إل بكتاب الله وبسنة رسوله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪-‬أو ما يرجع إليهما بوجه من وجوه الحجية المعروفة عند‬
‫أهل العلم‪ ،‬وأيضا فإن من قد أدى فريضة الحج من قبل وقد أدى‬
‫العمرة الواجبة على القول بوجوبها فإنه إن ألزمناه أن يدخل بإحرام‬
‫فإما أن نلزمه بعمرة أو بحجة أو أن نلزمه أن يدخل بإحرام ويطوف أو‬
‫يدخل بإحرام ثم بعد ذلك يقوم بخلع إحرامه‪ ،‬ول دليل على شيء من‬
‫هذه المور لن الطواف يصح من دون إحرام ثم إنه أيضا ليس بواجب‬
‫أي ل يجب مستقل من دون أن يكون لحج أو عمرة ومجرد الدخول ل‬
‫يحتاج إلى إحرام‪ ،‬فإذن القول الصحيح هو عدم وجوب الحرام لمن‬
‫أراد أن يدخل مكة المكرمة ولم يكن يريد في ذلك الوقت حجا ول‬
‫عمرة‪ ،‬نعم من لم يحج من قبل وكان ذلك الوقت وقتا للحج فإنه عليه‬
‫أن يدخل بإحرام للحج اللهم إل إذا كانت هنالك ظروف تمنعه من الحج‬
‫في تلك السنة ويريد أن يرجع‪-‬مثل‪-‬فالمر يختلف‪ ،‬وكذلك من لم يؤد‬
‫العمرة الواجبة على القول بوجوبها أو العمرة المسنونة فإنه ل ينبغي‬
‫له أن يفّرط ويدخل من غير إحرام ثم إنه إن كان أيضا ل يشق عليه‬
‫وإن كان قد أدى من قبل الحج والعمرة فإنه إذا دخل بعمرة فإن في‬
‫ذلك من الفضل ما ل يخفى فل ينبغي لطالب الخير والفضل أن يفّرط‬
‫فيه أما الوجوب فشيء آخر‪ ،‬أما من دخل أّول بعمرة التمتع‪-‬مثل‪-‬وأدى‬
‫العمرة ثم إنه رجع إلى المدينة المنورة لقصد إحضار أصحابه أو لي‬
‫أمر من المور أو ذهب إلى جدة‪-‬والمدينة خارج الميقات وجدة داخلة‬
‫‪330‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫في الميقات‪-‬أو ذهب إلى أي موضع من المواضع أو ذهب لعرفة أو‬


‫لغير ذلك من المواضع وأراد أن يرجع إلى المكان الذي قد استقر فيه‬
‫من قبل فإنه ل يلزمه أن يدخل بالحج في ذلك الوقت‪ ،‬لنه وإن كان‬
‫يريد أن يحج في تلك السنة ولكنه ل يريد أن ينشئ الحج في ذلك‬
‫الوقت بل هو راجع إلى موضعه الذي هو فيه ذهب لحضار حاجة أو‬
‫للنظر في أي أمر من المور أو ما شابه ذلك‪ ،‬فالذي عندي أنه ل يلزمه‬
‫الحرام في ذلك الوقت وهذا ل شك بأن فيه من الرفق ما ل يخفى‬
‫والدين بحمد الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬يسر‪ ،‬فينبغي أن ييسر على عباد الله‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬في المور التي ل تصادم دليل من الدلة الشرعية أما إذا‬
‫كان ذلك مصادما لدليل فإنه ل يمكن أن يدعى بأن فيه تيسيرا إذ ل‬
‫يمكن لحد أن يخالف الدليل ولو كان يظهر للنسان أن فيما يخالفه ‪..‬‬
‫أن فيه اليسر أو ما شابه ذلك فالعبرة بما دل عليه الدليل‪ ،‬فإذن من‬
‫ذهب إلى المدينة أو إلى جدة أو إلى عرفة أو إلى أي موضع من‬
‫المواضع وكان قصده أن يرجع إلى الموطن الذي كان مستقرا فيه أو‬
‫ما شابه ذلك ولم يرد أن ينشئ الحج في ذلك الوقت بأن رجع في‬
‫اليوم الثالث أو الرابع أو الخامس أو السادس وهو يريد أن يحرم بالحج‬
‫في اليوم الثامن فل يلزمه الحرام هذا ما أراه والعلم عند الله تبارك‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم استخدام حقيبة النوم بالنسبة للمحرم ؟‬
‫ج‪ :‬هي ليست من اللباس في شيء فل نرى مانعا من استخدامها ‪..‬‬
‫من حيث الحتياط فإن احتاط‬ ‫من حيث الجواز وعدمه‪ ،‬وأما ِ‬ ‫هذا ِ‬
‫النسان ولم يستخدمها إل على طريق بأن قام بوضعها عليه أو ما شابه‬
‫ذلك فذلك أحوط لكن من حيث المنع فل نقوى عليه لكن بشرط أل ّ‬
‫ن إحرام الرجل يكون في رأسه ‪ ..‬نعم إذا‬ ‫يضع ذلك على رأسه ل ّ‬
‫اضطر الرجل لتغطية رأسه اضطرارا بأن كان يخشى من البرد الشديد‬
‫أو ما شابه ذلك فلبد من الفدية هاهنا‪ ،‬أما إذا لم يضطر فل ولو قال‬
‫شخص مثل‪ " :‬أنا ل بأس سأعمل الفدية ‪ ..‬أصوم ثلثة أيام أو أطعم‬
‫ستة مساكين أو أذبح ذبيحة‪-‬وطبعا الطعام والذبح يكونان لفقراء‬
‫الحرم‪-‬فهذا أمر يسير " نقول له‪ :‬هذا‪-‬أّول وقبل كل شيء‪-‬ممنوع ‪..‬‬
‫ليس لك ذلك وإنما يكون ذلك في حالة الضرورة ‪ ..‬عندما ل يستطيع‬
‫دة البرد إل بأن يضع شيئا على رأسه فهنا هذه ضرورة‬ ‫من ش ّ‬ ‫النسان ِ‬
‫وفي هذه الحالة نقول له‪ " :‬اصنع ذلك وافتد "‪ ،‬أما إذا كان يستطيع أو‬
‫من المشقة اليسيرة أو ما شابه ذلك فليس له ذلك‪،‬‬ ‫قد يجد شيئا ِ‬
‫والحاصل إذا غطى رأسه لضرورة لبد منها فلبد له من أن يفتدي أما‬
‫إذا لم يكن مضطرا فليس له ذلك أبدا‪ ،‬وهكذا المرأة ليس لها أن‬
‫‪331‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من ذلك ‪ ..‬هذا ما يظهر لي‪،‬‬


‫تغطي وجهها أما ما عدا ذلك فل مانع ِ‬
‫والعلم عند الله تعالى‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الطواف‬
‫س‪ :‬هل يستحب أن يكون الطواف حول الكعبة بين‬
‫الكعبة ومقام سيدنا إبراهيم‪ ‬أو أنه ل يوجد ما يعيب‬
‫من خلف مقام سيدنا إبراهيم ‪ ‬؟‬ ‫الطواف ِ‬
‫ن ذلك أفضل إذا كان ل يؤذي‬ ‫ج‪ :‬كلما كان الطائف أقرب إلى الكعبة فإ ّ‬
‫ن‬‫ب ذلك الخشوع فإ ّ‬‫غيره ول يؤذيه غيره‪ ،‬أما إذا تأذى بذلك وأذه َ‬
‫من ذلك‪ ،‬فإذن إذا كان ل يؤذي غيره ول يتأذى‬ ‫الْولى له أن يطوف أبعد ِ‬
‫من الكعبة‬ ‫من الكعبة فكلما قرب ِ‬ ‫هو فالفضل له أن يطوف بالقرب ِ‬
‫ن ذلك أْولى‪ ،‬أما إذا كان بخلف ذلك فإنه ل ينبغي لحد أن يؤذي‬ ‫فإ ّ‬
‫غيره بل ذلك ل يصح؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫العمرة ثم شك في‬ ‫ُ‬ ‫ل شخص مِن الحج أو‬ ‫س‪ :‬إذا تحلّ َ‬
‫طوافه بأنه قد طاف ستّة أشواط‪ ،‬ماذا َيجب عليه ؟‬
‫لتفت بعد ذلك إلى الشكوك‪،‬‬ ‫ج‪ :‬إذا انتهى النسان مِن الطواف فل َي ِ‬
‫من السعي ومِن الحلْق أو ما شابه ذلك ؟!‬ ‫فكيف إذا كان قد انتهى ِ‬
‫فهذا شك ل عبرة به ‪ ..‬نعم إذا شك وهو في الطواف فهاهنا َيبني على‬
‫ستة ويأتي بالشوط‬ ‫فليعتبِرها ّ‬
‫القل ‪ ..‬إذا شك هل طاف ستّة أو سبعة َ‬
‫ستة فليَعتبِرها خمسة ‪ ..‬هذا إذا لم‬ ‫السابع‪ ،‬وإذا شك بْين الخمسة وال ّ‬
‫َيترجّح لديه شيء‪ ،‬أما بعد أن يَنتهي مِن الطواف فل شيء عليه بمشيئة‬
‫الله‪.‬‬
‫ص آخر في‬ ‫مد على شخ ٍ‬ ‫ح ِللطائف أن َيعت ِ‬ ‫س‪ :‬هل َيص ّ‬
‫من‬ ‫مد على َ‬ ‫صّلى‪ ،‬هل َيعت ِ‬ ‫ي كم َ‬ ‫س َ‬‫صّلي ون َ ِ‬ ‫عدّ ؟ والذي ي ُ َ‬ ‫ال َ‬
‫جن ِْبه ؟‬‫بِ َ‬
‫مد على نفسه ‪ ..‬هذا هو‬ ‫من أن َيعت ِ‬‫ج‪ :‬على كل حال؛ النسان لبد ِ‬
‫مد هو عليه‪ ،‬فلماذا ل‬ ‫طئ ذلك الشخص الذي اعت َ‬ ‫الصل‪ ،‬لنه قد ُيخ ِ‬
‫مد على غيره ؟! إذا كان قد وَقَعَ ِلهذا النسان‬ ‫مد على نفسه وَيعت ِ‬ ‫َيعت ِ‬
‫ل صاحِبه وهو لم ُيفاِرقه أبدا فإنه‬ ‫سه إلى فِعْ ِ‬ ‫ت نف ُ‬ ‫من قبل واطمأن ّ ْ‬ ‫ِ‬
‫مد على‬ ‫ص له في الماضي‪ ،‬أما في المستقَبل فلَيعت ِ‬ ‫خ َ‬ ‫كن أن ُير ّ‬ ‫ُيم ِ‬
‫مد على غيره‪.‬‬ ‫نفسه‪ ،‬ول َيعت ِ‬
‫أما ِبالنسبة إلى الصلة فالكلم فيها كالكلم في الحج ‪ ..‬الصل في‬
‫ٌ‬
‫ت‬‫سه ولكن إذا وَقَعَ منه خطأ‪-‬مثل‪-‬واطمأن ّ ْ‬ ‫مد على نف ِ‬ ‫النسان أن َيعت ِ‬
‫‪332‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫حات في الحج‬ ‫ج َ‬
‫مَر ّ‬ ‫من باب اله ُ‬ ‫جَعل ذلك ِ‬ ‫ل صاحِبه فإذن ي َ ْ‬ ‫سه إلى فِعْ ِ‬ ‫نف ُ‬
‫ح لديه أحد ُ الجانبين فإنه‬ ‫ج َ‬ ‫ن النسان إذا ت ََر ّ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫وفي الصلة‪ ،‬و ِ‬
‫من‬ ‫ص الذي معه ِ‬ ‫ل ذلك الشخ ِ‬ ‫ح له‪ ،‬فإذن َيكون فِعْ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫َيأخذ ِبما ت ََر ّ‬
‫مد عليه فإن لم ُيعاِرضه معاِرض في طواف الحج‬ ‫حات ل أنه َيعت ِ‬ ‫ج َ‬ ‫مَر ّ‬ ‫اله ُ‬
‫ت‪-‬أن‬ ‫كن‪-‬كما قل ُ‬ ‫أو الُعمرة أو في الطواف مطَلقا ول في الصلة فُيم ِ‬
‫مد على‬ ‫حات ولكن في المستقَبل َينبغي له أن َيعت ِ‬ ‫ج َ‬ ‫مَر ّ‬‫من اله ُ‬ ‫جَعل ذلك ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫سه؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫نف ِ‬
‫دة الزحام‪ ،‬ما حكم الطواف والسعي فوق‬ ‫س‪ :‬مع ش ّ‬
‫السطح ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ ِللعلماء في هذه القضية خلف‪:‬‬
‫صح‪ ،‬وذلك لنه ل‬ ‫ن الطواف ل ي َ ِ‬ ‫ل‪ :‬إ ّ‬ ‫دد في ذلك وي َُقو ُ‬ ‫ش ّ‬ ‫من ي ُ َ‬ ‫منهم َ‬
‫ع‬
‫ج َ‬‫واف‪ ،‬وإذا َر َ‬ ‫ف عليه أن ي ُِعيد ذلك الط َ َ‬ ‫طا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫من البيت‪ ،‬فَ َ‬ ‫ُيحاِذي شيئا ِ‬
‫ي معه‪ ،‬لنه سعى قبل‬ ‫من أن ي ُِعيد ذلك وأن ي ُِعيد السع َ‬ ‫إلى ب ََلده فلبد ِ‬
‫معَْتبر‪.‬‬‫عي اله ُ‬ ‫شْر ِ‬ ‫الطواف ال ّ‬
‫طواَفه ذلك صحيح‪ ،‬وذلك لنه وإن كان ل‬ ‫َ‬
‫ذهب أك َْثر أهل العلم إلى أن َ‬ ‫وَ َ‬
‫من‬ ‫كل ‪ ..‬الك َْعبة ِ‬ ‫واَء الكعبة وال ُ‬ ‫حاِذي هَ َ‬ ‫من البيت ولكنه ي ُ َ‬ ‫حاِذي شيئا ِ‬ ‫يُ َ‬
‫حكم‪.‬‬ ‫س ال ُ‬ ‫طى ن َْف َ‬ ‫ماء ت ُعْ َ‬ ‫س َ‬ ‫صِلها إلى ال ّ‬ ‫أ ْ‬
‫مست َْقَبل‬ ‫ماضي فل شيَء عليه‪ ،‬وأما في اله ُ‬ ‫من وََقع في اله َ‬ ‫ن َ‬ ‫وأقول‪ :‬إ ّ‬
‫من الخلف في‬ ‫سه ِ‬ ‫رج ن َْف َ‬ ‫خ ِ‬ ‫حوط ِللنسان أن َيحتاط لمر ِدينه‪ ،‬وأن ي ُ ْ‬ ‫فال ْ‬
‫مسألة؛ والِعلم عند الله‪.‬‬ ‫َ‬
‫مثل هذه اله َ‬
‫سهل‪.‬‬ ‫َ‬
‫أما السعي فأمُره أ ْ‬
‫صّلي إنسان عن‬ ‫َ‬
‫ضع ِبأّنه ل ي ُ َ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫من َ‬ ‫كرُتم في أك َْثر ِ‬ ‫س‪ :‬ذَ َ‬
‫ساِئل‬ ‫ذا ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫خر‪ ،‬لكن َ‬ ‫إنسان وإّنما قد يصوم إنسان عن آ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫شخص‬ ‫وي أّنهما عن ال ّ‬ ‫واف وأن ْ ِ‬ ‫ي الطّ َ‬ ‫صّلي َركعت َ ْ‬ ‫تأ َ‬ ‫كن ُ‬ ‫قول‪ُ :‬‬ ‫يَ ُ‬
‫َ‬
‫ي‬‫عل َ ّ‬‫ت أّنه ل يصلي أحد عن أحد‪ ،‬فماذا َ‬ ‫حج عنه ُثم َرأي ْ ُ‬ ‫الذي أ ُ‬
‫ما أول ؟‬ ‫ه َ‬ ‫؟ وماذا أفعل الن ؟ هل أ ُ َ ّ‬
‫صلي ِ‬
‫كى بعض‬ ‫ح َ‬ ‫ج‪ :‬نعم‪َ ،‬قد ذك َْرَنا‪-‬وذ َك ََر غيرنا‪-‬أّنه ل يصلي أحد عن أحد‪ ،‬وقد َ‬
‫ذلك ‪...‬‬ ‫الُعلماء اتفاق أهل العلم على َ‬
‫صّلي أحد عن أحد إذا كان ذلك‬ ‫صلة فقد ُقلت إّنه ل ي ُ َ‬ ‫ما بالّنسبة إلى ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫خَلة في ذلك المر‬ ‫دا ِ‬ ‫ما إذا كانت تلك الصلة َتاب َِعة لمر آخَر ‪َ ..‬‬ ‫استقلل‪ ،‬أ ّ‬
‫شَرع‬ ‫ما ل ي ُ ْ‬ ‫شَرع ت ََبعا َ‬ ‫ن المر َيختلف في هذه القضية‪ ،‬وذلك لّنه ي ُ ْ‬ ‫فإ ّ‬
‫عدة فقهية مشهورة تدخل‬ ‫مَقّرٌر عند الفقهاء‪ ،‬وهي َقا ِ‬ ‫استقلل كما هو ُ‬
‫مكن أن ي َُقوم أحد‬ ‫صلة إذا كانت مستقّلة ل ي ُ ْ‬ ‫ددة‪ ،‬فال ّ‬ ‫مت َعَ ّ‬ ‫َتحتها مسائل ُ‬
‫من الصلوات كالظهر أو العصر أو المغرب أو ما شابه‬ ‫ِبقضاء فريضة ِ‬
‫ذلك عن شخص آخر‪ ،‬كما أّنه ل ُيمكن أن ي َت َن َّفل عنه ‪ ..‬أن يصلي‬
‫‪333‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ركعتين نافلة وَي َْنوي أّنهما عن فلن أو فلنة أو ما شابه ذلك ‪ ..‬هذا أمر‬
‫ما‬‫م ّ‬ ‫دمين ِ‬ ‫ما ُرِوي عن بعض المت ََق ّ‬ ‫مّتفق عليه كما حكاه غير واحد‪ ،‬و َ‬ ‫ُ‬
‫ح عنه فإّنه ل دليل له على ذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ح عنه‪ ،‬وإن َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ّ‬
‫ُيخاِلف ذلك فلعَله ل ي َ ِ‬
‫ن الصحيح أّنها‬ ‫واف‪-‬ل ّ‬ ‫سّنة الط ّ َ‬ ‫ما بالنسبة إلى صلة الطواف ‪ ..‬أو إلى ُ‬ ‫أ ّ‬
‫خَلة في الحج أو‬ ‫دا ِ‬ ‫ن هذه َ‬ ‫جاِئز بات َّفاق أهل العلم‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫سّنة‪-‬فالمر َ‬
‫مر عن شخص آخر ‪ ..‬فهي‬ ‫شخص ي َعْت َ ِ‬ ‫مَرة إذا كان ذلك ال ّ‬ ‫خَلة في العُ ْ‬ ‫دا ِ‬ ‫َ‬
‫َتاب َِعة لعمال الحج أو َتاب َِعة لعمال العمرة‪ ،‬وعليه فما فَعََله هَ َ‬
‫ذا‬
‫مر أو أن‬ ‫شخص فعل صحيح‪ ،‬وفي المستقبل ينبغي له إن شاء أن ي َعْت َ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫يقوم بأداء الحج عن غيره فإنه يفعل ذلك أيضا‪.‬‬
‫شَرع استقلل‬ ‫وكما قلت هذه المسألة وهي أّنه ُيشرع بالت ّب َعَِية ما ل ي ُ ْ‬
‫من ذلك مثل‪:‬‬ ‫سائل متعد َّدة‪ِ ،‬‬ ‫م َ‬ ‫حَتها َ‬ ‫تندرج ت َ ْ‬
‫‪...‬‬
‫جوز له‬ ‫م بعمرة فإّنه ل ي َ ُ‬ ‫حَر َ‬ ‫ن النسان إذا أ ْ‬ ‫من المسائل المهمة‪-‬أيضا‪-‬أ ّ‬ ‫وَ ِ‬
‫ن‬
‫معَ َبي َ‬ ‫ج َ‬‫ذا َ‬ ‫سعي ولكن إ َ‬ ‫ص رأسه إل بعد الطواف وال ّ‬ ‫حِلق أو أن ي َُق ّ‬ ‫أن ي َ ْ‬
‫الحج والعمرة وهو ما ي ُعَْرف عند العلماء بالقران ‪ ..‬إذا قََرن بين الحج‬
‫ي‬ ‫م ِ‬ ‫صير‪-‬والحلق أفضل‪-‬بعد َر ْ‬ ‫شَرعُ َله الحلق أو الت ّْق ِ‬ ‫والعمرة فإنه ي ُ ْ‬
‫ن‬‫الجمرة قبل أن يطوف وقبل أن يسعى‪ ،‬فذلك لت َب َعِّية العمرة للحج ل ّ‬
‫رع‬‫ش ِ‬ ‫شَرع له الحلق أو الّتقصير في ذلك الوقت ف ُ‬ ‫رد الحج‪-‬مثل‪-‬ي ُ ْ‬ ‫الذي ي ُْف ِ‬
‫مِهم‪ ،‬وقد َقال بعض العَُلماء‪:‬‬ ‫َ‬ ‫للعمرة‪-‬أيضا‪-‬لجل تبعيتها للحج وه َ‬
‫ذا أمر ُ‬
‫ف‬‫صر إل بعد أن يطوف ويسعى‪ ،‬واخت ُل ِ َ‬ ‫إّنه ليس له أن َيحلق أو أن ي َُق ّ‬
‫حَتى إذا‬ ‫سع أو َ‬ ‫دوم وَلم ي َ ْ‬ ‫ف طواف الُق ُ‬ ‫في هذا هل ذلك إذا كان َلم ي َط ُ ْ‬
‫خرا أو َلم يطف‬ ‫َ‬
‫مت َأ ّ‬‫جاء إلى مكة ُ‬ ‫دوم ‪ ..‬الول‪-‬مثل‪-‬إذا َ‬ ‫واف الُق ُ‬ ‫طاف ط َ َ‬ ‫َ‬
‫جائز على‬ ‫مدا‪-‬فإّنه َ‬ ‫من السباب أو حتى ت ََرك ذلك متع ّ‬ ‫وَلم يسع لسبب ِ‬
‫خرا إلى عرفة فهو َلم يطف‬ ‫مَتأ ّ‬ ‫الصحيح وإن كان خلف الفضل‪-‬أو جاء ُ‬
‫دوم وَلم يسع ولكّنه َلم‬ ‫طواف القدوم وَلم يسع‪ ،‬أو طاف طواف الُق ُ‬
‫ن معا أّنه َيجوز له أن َيحلق‬ ‫يطف طواف الّركن ؟ فالصحيح في الحالت َي ْ ِ‬
‫ما‪-‬‬ ‫مًعا أو في إحداهُ َ‬ ‫ذلك في المسألتين َ‬ ‫صر‪-‬خلفا ِلمن قال ِبخلف َ‬ ‫أو ي َُق ّ‬
‫ق‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪َ-‬بعد‬ ‫حل َ َ‬ ‫من فعل النبي ‪ ‬فإّنه َ‬ ‫وذلك ظاهر ِ‬
‫طف طواف الّركن وقد‬ ‫معَ أّنه َلم ي ُ‬ ‫مى َ‬ ‫طر بعد أن َر َ‬ ‫مى‪ ،‬وأيضا ت َعَ ّ‬ ‫أن َر َ‬
‫طف وََلم‬ ‫سيدة عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنها‪-‬وهي َلم ت َ ُ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫عط َّرت ْ ُ‬
‫ع‪ ،‬فذلك دليل على المسألتين مًعا‪ ،‬فإذن َيختلف الحكم في هات َْين‬ ‫س َ‬ ‫تَ ْ‬
‫عي لذكرها الن‪.‬‬ ‫القضي ّت َْين‪ ،‬وهنالك مسائل أخرى ل دا ِ‬
‫كلما في‬ ‫مع النسان َ‬ ‫س ِ‬ ‫مثل هذه المسائل‪ ،‬وإذا َ‬ ‫من أن ي ُن ْت ََبه ل ِ ِ‬ ‫فلُبد ِ‬
‫مسألة ليس له أن َيحكم به على بعض المسائل وإن رأى بأّنها قريبة‬
‫من تلك المسألة‪ ،‬وهو معنى ما ذكره بعض أهل العلم أن النسان إذا‬ ‫ِ‬
‫‪334‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫كان ضعيفا في العلم ليس له أن ي َِقيس مسألة على مسألة ولو َرَأى‬
‫وجوه ‪ ..‬أي على حسب ظ َّنه هو لنه قد‬ ‫من كل ال ُ‬ ‫بأّنهما قد ت َ َ‬
‫شاَبهتا ِ‬
‫خَتلف‬‫تكون هنالك بعض المور التي َلم يلحظها هو وفي واقع المر ت َ ْ‬
‫شخص‪-‬مثل‪-‬‬ ‫مَنا فهذا ال ّ‬
‫ما َ‬
‫عن تلك المسألة‪ ،‬والمسألة أ َ‬ ‫هذه المسألة َ‬
‫ن بأن‬
‫مع أو رأى في بعض الكتب‪-‬أيضا‪-‬بأنه ل يصلي أحد عن أحد فظ ّ‬ ‫س ِ‬‫َ‬
‫ذلك ين ْط َِبق على هذه المسألة وذلك ل ين ْط َِبق عليها في حقيقة الواقع‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬السعي‬
‫ض الناس ُيصّلون بعدَ السعي‪ ،‬فهل ُتشَرع‬ ‫هد بع َ‬ ‫س‪ُ :‬نشا ِ‬
‫صلةٌ في ذلك الوقت ؟‬
‫مة أنه ل ُتشَرعُ صلةٌ بعد َ السعي‪ِ ،‬لعدم ِ‬ ‫ن الذي عليه جمهوُر ال ّ‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫ت شيٍء في ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهذا‬ ‫ثبو ِ‬
‫ل الصحيح‪.‬‬ ‫القول هو القو ُ‬
‫ن ِبركعتْين بعد َ‬ ‫من العلماء إلى مشروعيةِ التيا ِ‬ ‫ة جدا ِ‬ ‫ة قليل ٌ‬ ‫ت طائف ٌ‬ ‫وذهب ْ‬
‫ث مروي عن‬ ‫ل بن الهمام ِبحدي ٍ‬ ‫ة الكما ُ‬ ‫ج لذلك الع ّ‬
‫لم ُ‬ ‫السعي‪ ،‬وقد احت َ ّ‬
‫ة الكمال‬ ‫لم ُ‬‫رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وذ َك ََر فيه الع ّ‬
‫ن هذه‬ ‫ِبأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان ُيصّلي بعد َ سعِيه‪ ،‬ولك ّ‬
‫ل الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬بل لم‬ ‫ت عن رسو ِ‬ ‫الرواية َلم َتثب ْ‬
‫ن ماجة ِبهذا اللفظ وإنما رواها ِبلفظ‪ " :‬بعد َ سبع " ‪ ..‬أي بعد َ‬ ‫ي َْرِوها اب ُ‬
‫ف ِبالبيت‪.‬‬ ‫من الطوا ِ‬ ‫ن ذلك بعد َ النتهاِء ِ‬ ‫سبعةِ أشواط‪ ،‬وذلك يعني أ ّ‬
‫فهاتان الركعتان بعد َ الطواف‪ ،‬وليستا بعد َ السعي؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫فقه المبي َّنة لحكام الحج والعمرة‬ ‫صت كتب ال ِ‬ ‫س‪ :‬لقد ن َ ّ‬
‫ن الدعاء الذي ُيقال على الصفا والمروة ي َُردّدُ هناك ثلث‬ ‫ِبأ ّ‬
‫مرات في كل شوط على كل منها‪ ،‬فهل ذلك على الوجوب‬
‫ي به على‬ ‫طع أن َيأت ِ َ‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫أم الستحباب ؟ وماذا على َ‬
‫ة الزحمة‬ ‫الصفة المنصوص عليها في تلك الكتب نتيج َ‬
‫ح القتصار على ألفاظ معّينة‬ ‫الشديدة والرتباك ؟ هل َيص ّ‬
‫ِبذاتها ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ ما كل ما ورد في الكتب الفقهية ثابت عن النبي‬
‫كر الوارد عن‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهذا الدعاء وكذا الذ ّ ْ‬
‫النبي ‪ ‬ليس واجبا وإنما هو مندوب‪ ،‬وَينبغي ِللنسان أن َيعتن ِ َ‬
‫ي‬
‫من‬ ‫ِبالمندوبات إذا استطاع سبيل إلى ذلك لكن ِبشْرط أن ل ي ُؤِْذي أحدا ِ‬
‫صة في‬ ‫عباد الله تبارك وتعالى‪ ،‬فعندما تكون هنالك زحمة شديدة خا ّ‬
‫ت عن النبي‪-‬صلى‬ ‫صر على القليل وَيأِتي ِبما ث َب َ َ‬ ‫أيام الحج فَينبغي أن َيقت ِ‬
‫طيل‬ ‫من غْير أن ي ُ ِ‬ ‫الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬وَيأِتي ِبدعاٍء جامع ِ‬
‫‪335‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫حتى ل ي ُؤِْذي عباد َ الله تبارك وتعالى‪ ،‬فعندما تكون هنالك سعة َيأِتي‬
‫كر ثم َيدعو ثم َيأِتي‬ ‫كر الوارد عن النبي ‪ ‬ثم َيدعو ثم َيأِتي ِبالذ ّ ْ‬ ‫ِبالذ ّ ْ‬
‫كر في المرة الثالثة هل هو‬ ‫كر وقد اختلفوا في الدعاء بعد الذ ّ ْ‬ ‫ِبالذ ّ ْ‬
‫مشروع أو ل ؟‬
‫من قال ِبمشروعية ذلك‪.‬‬ ‫منهم َ‬ ‫ِ‬
‫من قال ِبعدم المشروعية‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫ت‪-‬إنما َيقول‬ ‫من قال ِبالمشروعية في كل هذه القضية‪-‬طبعا كما قل ُ‬ ‫و َ‬
‫ِبالندبية ل ِبالوجوب؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫سعي بدأنا ِبالصفا‬ ‫ت مع والدي وعند ال ّ‬ ‫مر ُ‬‫س‪ :‬لقد اعت َ‬
‫وط‪،‬‬ ‫فش ْ‬ ‫مْروة نص َ‬ ‫من الصفا إلى الق َ‬ ‫عدّ ذهابنا ِ‬ ‫ولكننا ك ُّنا ن َ ُ‬
‫عنا إلى‬ ‫من الصفا إلى المروة ثم رجو َ‬ ‫عدّ ذهاَبنا ِ‬ ‫ِبحيث كّنا ن َ ُ‬
‫من كونه شوطين فقد‬ ‫الصفا مّرة أخرى شوطا واحدا بدل ً ِ‬
‫مجموع ِبذلك خمس عشر شوطا ؟‬ ‫كان الق َ‬
‫دوا مرة ثانية‬ ‫موا ِبالصفا إل إذا كانوا َزا ُ‬ ‫ج‪ :‬هو أربعة عشر إذا كانوا اخت َت َ ُ‬
‫إلى المروة‪.‬‬
‫كون‬ ‫وط الواحد ي َ ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ض أهل الِعلم وهو أ ّ‬ ‫على كل حال؛ هذا رأيٌ ِلبع ِ‬
‫من الصفا إلى الصفا‪ ،‬وقال ِبه الشيخ إسماعيل‪-‬رحمه الله تبارك‬ ‫ِ‬
‫من أهل‬ ‫ة ِ‬‫سك الحج "‪ ،‬وقالت ِبه جماع ٌ‬ ‫من أصحاِبنا في " منا ِ‬ ‫وتعالى‪ِ -‬‬
‫ف جدا‪.‬‬ ‫ل ضعي ٌ‬ ‫من الشافعية وغيرهم؛ ولكنه قوْ ٌ‬ ‫العلم‪-‬أيضا‪ِ -‬‬
‫من المروة‬ ‫وطا و ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫صفا إلى المروة ي ُعَد ّ َ‬ ‫من ال ّ‬ ‫ن ِ‬‫والصحيح الثابت هو أ ّ‬
‫من الصفا إلى المروة‪.‬‬ ‫وطا‪ ،‬فالشوط الواحد َيكون ِ‬ ‫صفا ي ُعَد ّ ش ْ‬ ‫إلى ال ّ‬
‫وِبما أنهم فعلوا ذلك ل شيء عليهم‪ِ-‬بمشيئة الله تبارك وتعالى‪-‬في‬
‫الهماضي‪ ،‬وفي المستقَبل ي َن ْب َِغي َلهم أن ي ُط َب ُّقوا السّنة الصحيحة عن‬
‫دي محمد ‪. ‬‬ ‫دي ه ْ‬ ‫ن خْير اله ْ‬‫النبي ‪ ، ‬إذ إ ّ‬
‫س‪ :‬ما حكم السعي بين الصفا والمروة بالنسبة لحجة‬
‫الفراد ؟‬
‫ج‪ :‬السعي لبد منه ‪ ..‬اختلف العلماء في السعي هل هو ركن من أركان‬
‫الحج وكذا العمرة أو هو من الواجبات‪ ،‬وعلى كل رأي من الرأيين ل‬
‫يصح ترك ذلك على سبيل العمد وإنما الفرق بين ذلك أن لو تركه‬
‫النسان لسبب أو لخر هل لبد من التيان به وإل فإن حجه يعد فاسدا‬
‫باطل وهكذا بالنسبة إلى عمرته إن لم يأت به في وقت يصح التيان به‬
‫فيه أو أنه ُيجبر بغير ذلك‪ ،‬أما أن يترك النسان ذلك فل‪ ،‬وأخشى ما‬
‫أخشاه أن يكون قد التبس المر على هذه المرأة ‪ ..‬سمَعت بعضا من‬
‫أهل العلم يذكر أن النسان يمكن أن يأتي بسعي الحج بعد طواف‬
‫القدوم مباشرة وأنه إذا أتى به في ذلك الوقت فليس عليه أن يسعى‬
‫‪336‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بعد طواف الزيارة‪ ،‬وهذا حق وقد قالت به طائفة من أهل العلم وهو‬
‫الذي أراه وهو الذي تؤيده الحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه‬
‫ردا للحج إما أن‬‫وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فالنسان عندما يكون مف ِ‬
‫يطوف طواف القدوم وبعد ذلك يسعى ول سعي عليه بعد طواف‬
‫الزيارة لنه قد أتى به من قبل‪ ،‬وإما أن يؤخر السعي ويأتي به بعد‬
‫طواف الزيارة ‪ ..‬هذا ل إشكال فيه‪ ،‬بقي ما هو الفضل ؟ قد يقول‬
‫قائل‪ :‬الفضل أن يؤخر النسان السعي إلى ما بعد طواف الزيارة‪ ،‬ذلك‬
‫لنه يكون صحيحا بإجماع الكل بينما إذا قدمه يكون قد دخل في خلف‬
‫ن بعض العلماء يقول‪ " :‬إنه ل يقدم النسان السعي على‬ ‫أهل العلم ل ّ‬
‫طواف الزيارة " ‪ ..‬بقي هل يمكن أن نقول بتفضيل هذا خروجا من‬
‫عهدة الخلف قد يقول بذلك بعض أهل العلم وقد ل يقال بذلك بل يقال‬
‫الفضل أن يأتي النسان بما ثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم وصحابته‪-‬ونحن نعلم أن النبي ‪ ‬على الصحيح كان قارنا فهو‬
‫عندما أتى بالسعي بعد طواف القدوم كان قارنا ولكن إذنه ‪‬‬
‫لصحابته‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليهم‪-‬بأن يأتوا بذلك بعد طواف‬
‫القدوم هو الحجة بل ذلك كان شائعا عندهم رضوان الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫عليهم‪ ،‬فأرى أن الفضل أن يلتزم النسان بالسّنة الثابتة عن النبي ‪‬‬
‫وإنما يلجأ إلى الخروج من الخلف عندما يكون في المر شيء من‬
‫اللتباس‪ ،‬أما عندما تكون السّنة واضحة جلية ل غموض فيها فل ينبغي‬
‫أن يراعي الخلف ويترك السّنة الثابتة عن النبي ‪ ‬فإذن السعي لبد‬
‫ت‪-‬أن يكون المر قد التبس على هذه‬ ‫منه‪ ،‬فأخشى ما أخشاه‪-‬كما قل ُ‬
‫ت بعض ذلك في‬ ‫ت شبيها بهذه المسألة وقد ذكر ُ‬ ‫المرأة‪ ،‬لنني سمع ُ‬
‫ن يأتين بتكبيرة الحرام‬ ‫ن بعض النساء ك ّ‬‫من ذلك أ ّ‬
‫بعض المناسبات ‪ِ ..‬‬
‫عند الدخول في الصلة ول شك بأن تكبيرة الحرام ركن من أركان‬
‫ن المرأة ل‬‫ت بعض النساء أ ّ‬ ‫الصلة التي ل تصح الصلة إل بها‪ ،‬فسمعَ ْ‬
‫تأتي بالقامة فظنت بأنها ل تأتي بتكبيرة الحرام أيضا‪ ،‬ولعل بعض‬
‫سط المر للنساء فيقول‪ " :‬ل تأت بالتكبير " ويقصد‬ ‫الناس يريد أن يب ّ‬
‫بذلك التكبير الذي هو في القامة ‪ " ..‬ل تأت بتكبير القامة " أي‬
‫بالتكبير وما بعده فظّنت بعض النساء أنها ل تأتي بتكبيرة الحرام‬
‫ت بعض النساء تكبيرة الحرام لمدة طويلة بهذا السبب‪ ،‬وهذا فيه‬ ‫فترك ْ‬
‫من الخطورة ما فيه كما ل يخفى لن صلة من لم يأت بتكبيرة الحرام‬ ‫ِ‬
‫باطلة ل تصح‪ ،‬وكذلك بعض النساء سمعن أن الحائض ل تطوف بالبيت‬
‫وحقا الحائض ل تطوف بالبيت ذلك لن الطواف بالبيت من شرطه‬
‫الطهارة فمن لم يكن طاهرا وكان قادرا على الطهارة فل يصح منه‬
‫الطواف‪ ،‬وَقولي‪ " :‬إذا كان قادرا على الطهارة " أريد أن أخرج بذلك‬
‫‪337‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من كان مبتلى بسلس البول أو ما شابه ذلك ‪ ..‬أي ل يستطيع أن يكون‬
‫على طهارة فهذا مبتلى عليه أن يحاول قدر طاقته وأن يضع شيئا على‬
‫موضع خروج البول ثم يتوضأ ويطوف وهو معذور في ذلك بمشيئة الله‪،‬‬
‫أما الحائض فإنها تستطيع أن تنتظر حتى تطهر وبعد ذلك تطوف‪ ،‬عندما‬
‫سمَعت بعض النساء أن الحائض ل تطوف جاءت وسعت ثم قصرت‬
‫وظنت بأن عمرتها قد انتهت أو أن حجها قد انتهى لن الحائض ل‬
‫تطوف‪ ،‬ول شك بأن هذا ل يصح لن الطواف ركن من أركان العمرة‬
‫وكذلك بالنسبة إلى طواف الزيارة‪ ،‬نعم طواف الوداع تعذر منه‬
‫الحائض على القول الصحيح الذي تدل له السنة فإذا كانت الحائض قد‬
‫أتت بطواف الزيارة واستمر بها الحيض إلى أن أرادت أن تخرج من‬
‫مكة المكرمة فإنها تعذر من طواف الوداع ول يجب عليها دم هذا هو‬
‫القول الصحيح الذي تنص عليه السنة الصحيحة الثابتة عن النبي ‪، ‬‬
‫فإذن النسان في هذه المور وفي غيرها من المور الشرعية لبد أن‬
‫يكون متيقنا في أمره فإذا كان ل يدري ‪ ..‬يظن أن هذا يصح بدون كذا‬
‫أو بكذا أو ما شابه ذلك فلبد من أن يسأل عن حكم تلك القضية وليس‬
‫له أن يفعل أو أن يترك ما ل يدري حكمه الشرعي‪ ،‬أؤكد على قضايا‬
‫الحج وعلى غيرها من القضايا الشرعية لن كثيرا من الناس يرجعون‬
‫وهو لم يؤدوا فريضة الحج‪ ،‬وفي السبوع الماضي سألني بعض بأن‬
‫امرأة لم تأت إلى الن بطواف الزيارة للحج من السنة الماضية وأن‬
‫أخرى قد فسد طوافها بسبب انتقاض وضوئها في الطواف ورجعت‬
‫الولى وكذا الثانية والولى لم تأت بالعمرة والثانية لم تأت بطواف‬
‫الزيارة الذي هو ركن من أركان الحج‪ ،‬فمن كان واقعا في هذه المور‬
‫أو في ما شابهها عليه أن يسأل عن الماضي ماذا عليه ؟ وعليه أل ّ يأتي‬
‫في المستقبل إل بما يعرف حكمه‪.‬‬
‫من هنا أيضا أعذرني أريد أن أنبه على قضايا الحبوب التي تستعملها‬
‫النساء لمنع العادة الشهرية‪ ،‬ل شك أن أهل العلم قد اختلفوا في‬
‫استخدام موانع الحيض بقصد الطواف‪ ،‬فمن أهل العلم من يمنع من‬
‫ذلك على الطلق ويقول إنه ل يصح استعمال ذلك ومن استعملت ذلك‬
‫فليس لها أن تطوف في وقت عادتها‪ ،‬ومنهم من ذهب إلى مشروعية‬
‫ذلك مطلقا سواء خرج الحيض أو لم يخرج‪ ،‬ومنهم من ذهب إلى‬
‫التفصيل فقال إن استعملته قبل خروج الحيض ولم يأت الحيض فل‬
‫بأس‪ ،‬أما إن استعملته بعد أن خرج الحيض فليس لها ذلك‪ ،‬هذه القوال‬
‫موجودة ومن حيث الراجح بغض النظر عن الحوال التي تعتري ذلك‬
‫فإنه إذا انقطع الحيض سواء استعملت هذه الموانع قبل خروج الحيض‬
‫أو بعد خروجه فإن الطواف يصح‪ ،‬لكن‪-‬طبعا‪-‬بعد خروجه‪-‬بعد الغتسال‬
‫‪338‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من ذلك‪-‬الطواف يصح لنها في تلك الحال طاهرة ‪ ..‬لها وعليها أحكام‬
‫المرأة الطاهرة من حيث الصلة والصيام والحج والطواف وقراءة‬
‫القرآن والمعاشرة الزوجية وما شابه ذلك من المور التي لها تعلق‬
‫بالحيض والطهارة‪ ،‬لكن بقي أن هذه الحبوب أو هذه الموانع قد تقطع‬
‫الحيض في ذلك الوقت ولكنه بعد ذلك يأتي بعد فترة وجيزة ويستمر‬
‫الدم مدة طويلة فل تدري هل ذلك الدم هو دم حيض أو هو دم‬
‫استحاضة وقد ينقطع وتؤدي الحج تأتي بالطواف وتنتهي من ذلك ولكن‬
‫عندما ترجع تفاجأ بأن هذا الدم ل يأتي على الوجه السابق ‪ ..‬تستمر‬
‫مدة طويلة يستمر بها الدم ول تدري هل هو دم حيض أو استحاضة‪،‬‬
‫وبعض النساء اللتي استعملت هذه الدوية لزالت تعاني من ذلك من‬
‫السنة الماضية ول تدري هل هذه الدماء التي تخرج منها هي دم حيض‪-‬‬
‫وتتعلق به ما يتعلق من المسائل الشرعية‪-‬أو هو استحاضة ‪ ..‬ل تدري‬
‫هل تصلي أو ل تصلي وهكذا بالنسبة إلى الصيام أو ما شابه ذلك‪ ،‬وقد‬
‫قال العلماء قديما إن مسائل الحيض بحر ل ساحل له فماذا عسى أن‬
‫يقال بعد استعمال هذه الموانع ؟!‪ ،‬فأرى للمرأة أن تترك هذه الموانع‬
‫وأن تتأخر ‪ ..‬تطلب من محرمها أو زوجها أن يتأخر معها وبعد ذلك تأتي‬
‫بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بعد أن تطهر بطائرة أو تأتي بالنقل البري‬
‫وهو يسير وقيمته يسيرة بحمد الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وإن كانت ل تقوى‬
‫على ذلك في هذه السنة مثل فلتتأخر إلى السنة القادمة بمشيئة الله‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬مخافة أن تقع في المحظور الذي أشرنا إليه‪ ،‬وقد تقول‬
‫بعض النساء‪ " :‬إن بعض النساء قد استعملن ذلك ولم يتأثرن بذلك " ‪..‬‬
‫حقا وقع ذلك لبعض النساء ولكن ل تدري هذه المرأة ماذا عسى أن‬
‫يقع لها ‪ ..‬هل سيقع لها كما وقع للسابقات أو للخيرات اللتي استعملن‬
‫ذلك ولم يتأثرن بذلك‪ ،‬وقد تستعمل المرأة هذه المرة ول تتأثر بذلك‬
‫وتستعمله مرة أخرى وتتأثر بذلك‪ ،‬ومع أن بعض النساء اللتي تأثرن‬
‫بذلك قد استشرن بعض الطبيبات ولكن مع ذلك ل جدوى من ذلك ‪..‬‬
‫من الوقوع في‬ ‫وقع الضرر والعياذ بالله تبارك وتعالى ‪ ..‬فحذار حذار ِ‬
‫جد المرأة مخرجا منها بعد ذلك‪ ،‬و‪-‬حقيقة‪-‬‬‫هذه الورطات التي قد ل ت َ ِ‬
‫أمر الصلة ليس بالمر الهين وهكذا بالنسبة إلى غيرها من العبادات‬
‫من صيام وغيره؛ فأدعو الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن يوفق الجميع لما فيه‬
‫الخير‪ ،‬والعلم عند الله تعالى‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أعمال اليوم الثامن وليلة التاسع من ذي الحجة‬


‫ة‬
‫ت ليل َ‬
‫من لم ي َب ِ ْ‬
‫من شيخنا أن ُيبّين لنا حكم َ‬ ‫س‪ :‬أرجو ِ‬
‫عرفة‬ ‫ب إلى َ‬ ‫منى وإنما ذَ َ‬
‫ه َ‬ ‫جة في ِ‬‫ح ّ‬
‫من ذي ال ِ‬‫سع ِ‬
‫التا ِ‬
‫‪339‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫هب معه وقد‬ ‫شدٌ َيذ َ‬‫مر ِ‬ ‫من ُيقيم معهم وليس له ُ‬ ‫شرة مع َ‬ ‫مبا َ‬
‫ت هناك‬ ‫ن الرسول‪َ ‬با َ‬ ‫ض أهل العلم هناك ِبأ ّ‬ ‫خذَ ِبفتوى بع ِ‬ ‫أَ َ‬
‫من السّنة ؟‬ ‫ِللستراحة وليس ذلك ِ‬
‫ج‬‫خَر َ‬‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ -‬‬ ‫ت ِبالمس‪ 1‬أ ّ‬ ‫ج‪ :‬أنا ذكر ُ‬
‫من‬ ‫منى إلى طلوع الشمس ِ‬ ‫ي بِ ِ‬
‫من‪ ،‬وب َِق َ‬ ‫كة المكّرمة في اليوم الثا ِ‬ ‫من م ّ‬ ‫ِ‬
‫ت عنه‬ ‫منى‪ ،‬وهذا ثاب ٌ‬ ‫صّلى الصلوات الخمس في ِ‬ ‫سع ‪َ ..‬‬ ‫اليوم التا ِ‬
‫صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬كما جاء ذلك في الحاديث الصحيحة المروية‬
‫عنه‪ ،‬وَينبغي ِللنسان أن ي َْقت َدِيَ ِبرسول الله صلى الله عليه وعلى آله‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫لأ ّ‬ ‫وسلم‪ ،‬وليس هناِلك دليل ي َد ُ ّ‬
‫من أجل الستراحة‪.‬‬ ‫ل ذلك ِ‬ ‫وسلم‪-‬إنما فَعَ َ‬
‫من مكان بعيد‬ ‫من جاء ِ‬ ‫ن َ‬
‫ض الناس على ذلك ِبأ ّ‬ ‫ج بع ُ‬ ‫كن أن َيحت ّ‬ ‫وإنما ُيم ِ‬
‫سع ل شيَء عليه‪ ،‬وهذا كلم صحيح ل‬ ‫عرفة في اليوم التا ِ‬ ‫ل إلى َ‬ ‫ص َ‬ ‫وو َ َ‬
‫ل على ذلك الحديث الصحيح الثابت عن النبي‪-‬صلى‬ ‫غبار عليه‪ ،‬وقد د ّ‬
‫جر‬ ‫شر قبل طلوع ف ْ‬ ‫من جاء في ليلةِ العا ِ‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬بل َ‬
‫جه صحيح‬ ‫ح ّ‬‫ن َ‬ ‫ف بها قبل طلوع الفجر فإ ّ‬ ‫شر إلى عرفة ووَقَ َ‬ ‫اليوم العا ِ‬
‫كن أن َيقول قائل إذا استن َد َ إلى مثل هذا‬ ‫ول شيَء عليه‪ ،‬فهل ُيم ِ‬
‫حب‪-‬‬ ‫ف ِبعرفة في النهار ليس ِبسّنة وإنما هو مست َ‬ ‫ن الوقو َ‬ ‫الحديث‪ " :‬إ ّ‬
‫جر‬‫ت قبل طلوع الف ْ‬ ‫أو ما شابه ذلك‪-‬والمِهم أن َيأتي النسان في أيّ وق ٍ‬
‫ن‬
‫ل ِبذلك‪-‬أيضا‪-‬على أ ّ‬ ‫ست َدِ ّ‬ ‫كن أن ي َ ْ‬ ‫شر " ؟! وهل ُيم ِ‬ ‫من اليوم العا ِ‬ ‫ِ‬
‫جّرد ُ استراحة وإنما‬ ‫م َ‬ ‫من السّنة وإنما هو ُ‬ ‫المِبيت ِبالمزدلفة ليس ِ‬
‫كن‬ ‫شر أو ما شابه ذلك ؟! كل ّ ل ُيم ِ‬ ‫المشروع هو الدعاء في اليوم العا ِ‬
‫د‪.‬‬
‫دل ِبذلك أح ٌ‬ ‫ست َ ِ‬‫أن ي َ ْ‬
‫كن أن ي َُقاَرن ِبليلة الحادي‬ ‫سع ل ُيم ِ‬ ‫ن المِبيت في ليلة التا ِ‬ ‫َنحن َنقول‪ :‬إ ّ‬
‫عشر والثاني عشر ولكن مع ذلك ل َينبغي لحدٍ أن ُيفّرط فيه إذا‬
‫ن لنا في رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫استطاع إلى ذلك‪ ،‬فإ ّ‬
‫ب أو لخر كالسائل‪-‬مثل‪-‬إذا‬ ‫م ّ‬ ‫ُ‬
‫كن ِلسب ٍ‬ ‫من لم ي َت َ َ‬ ‫وة حسنة‪ ،‬أما َ‬ ‫س َ‬ ‫وسلم‪-‬أ ْ‬
‫ة‬
‫من َيبيت ليل َ‬ ‫كن إل ِبأن ُيراِفق َ‬ ‫رف الط ُّرق ‪ ..‬فإذا كان ل َيتم ّ‬ ‫كان ل َيع ِ‬
‫جد َ‬
‫من وَ َ‬ ‫عرفة فل شيَء عليه ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬أما َ‬ ‫سع في َ‬ ‫التا ِ‬
‫سع‬ ‫ط في المِبيت في ليلة التا ِ‬ ‫من ي َد ُّله على الطريق فَينبغي له أل ّ ي َُفّر َ‬ ‫َ‬
‫منى؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫في ِ‬

‫خامسا‪ :‬أعمال اليوم التاسع من ذي الحجة ) يوم عرفة(‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬من حلقة ‪ 16‬رمضان ‪1424‬هه ) ‪11/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪340‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من‬ ‫حذيرا ِللحجاج ِ‬ ‫ت منكم في حلقات ماضية‪ 1‬ت َ ْ‬ ‫س‪ :‬سمع ُ‬


‫ي‬
‫قق غروب الشمس فأ ّ‬ ‫من عرفات قبل َتح ّ‬ ‫أن َيفيضوا ِ‬
‫دي إلى الحكام التي ستذكروَنها إن‬ ‫من هذا النوع ُتؤ ّ‬ ‫حركة ِ‬
‫قون بْين هذا وبْين الحديث الذي‬ ‫ف ُ‬ ‫و ّ‬ ‫شاء الله‪ ،‬ولكن كيف ت ُ َ‬
‫عرفة ‪ ..‬هذا الحديث الذي‬ ‫ف قليل في َ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬ ‫جل َ‬ ‫نر ُ‬ ‫وَردَ فيه أ ّ‬ ‫َ‬
‫جل َيقول‪ " :‬يا رسول الله‪،‬‬ ‫أخرجه المام أحمد ‪ ..‬هذا الر ُ‬
‫َ‬
‫ت نفسي‪،‬‬ ‫عب ْ ُ‬ ‫حل َِتي وأت ْ َ‬ ‫ت را ِ‬ ‫يء أك ْل َل َ ُ‬ ‫جبل طَ ْ‬ ‫من َ‬ ‫جْئت ِ‬ ‫إني ِ‬
‫من حج ؟ "‬ ‫فت عليه‪ ،‬فهل لي ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫و َ‬
‫من جبل إل َ‬ ‫ت ِ‬ ‫والله ما ت ََرك ْ ُ‬
‫ف معنا حتى َندفع‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬‫هدَ صلَتنا هذه و َ‬ ‫ِ‬ ‫ش‬ ‫من َ‬ ‫فقال ‪َ ) : ‬‬ ‫َ‬
‫جه وقضى‬ ‫َ‬ ‫و َ‬
‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫عرفة قبل ذلك ليل أو نهارا فقد أت َ ّ‬ ‫ف بِ َ‬ ‫ق َ‬ ‫وقد َ‬
‫من النهار‬ ‫ف جزءً قليل ِ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬‫شير الحديث أنه حتى لو َ‬ ‫فَثه ( في ُ ِ‬ ‫تَ َ‬
‫كفي ؟‬ ‫فذلك ي َ ْ‬
‫من‬
‫ث صحيح‪ ،‬وقد رواه أكثر ِ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا الحديث حدي ٌ‬
‫رهم الن‪.‬‬ ‫من أئمة الحديث‪ ،‬ل أرى داعيا ِللطالة ب ِذِك ْ ِ‬ ‫عشرين عاِلما ِ‬
‫ن النسان إذا‬ ‫من العموم ‪ ..‬ظاهر هذا الحديث أ ّ‬ ‫ث فيه شيٌء ِ‬ ‫وهذا الحدي ُ‬
‫ن ذلك ُيجزيه‪،‬‬ ‫سيطا فإ ّ‬ ‫ف جزًء ب َ ِ‬ ‫سع ولو وَقَ َ‬ ‫من صباح اليوم التا ِ‬ ‫َوقف ِ‬
‫من‬ ‫ف ل َيكون إل بعد زوال الشمس ِ‬ ‫ن الوقو َ‬ ‫مة قالوا‪ :‬إ ّ‬ ‫جمهور ال ّ‬ ‫بْينما ُ‬
‫جة‪.‬‬ ‫من ذي الح ّ‬ ‫سع ِ‬ ‫وم التا ِ‬ ‫الي َ ْ‬
‫ذهبوا إلى أنه َيكون قبل ذلك ِبظاهر هذا‬ ‫خلفا لكثر الحنابلة حيث َ‬ ‫ِ‬
‫من أّول الَيوم‪.‬‬ ‫الحديث ‪ ..‬أي َيكون ِ‬
‫ن ذلك‬ ‫ن الذي ذهب إليه الجمهور هو الصحيح‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫شك أ ّ‬ ‫ول َ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله‬ ‫ن‪ِ-‬بفعل النبي ‪ ، ‬حيث إ ّ‬ ‫مب َي ّ ٌ‬ ‫ص‪-‬أو ُ‬ ‫ص ٌ‬ ‫خ ّ‬ ‫م َ‬ ‫الحديث ُ‬
‫ف إل بعد زوال الشمس‪ ،‬وكذلك هو‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬لم ي َِق ْ‬
‫ما إل ِبطواف الفاضة مع‬ ‫ن الحج ل َيكون تا ّ‬ ‫صص ِبشيٍء آخر وهو أ ّ‬ ‫خ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫م‬
‫عرفة ( وبعد ذلك قال‪ ) :‬فقد ت َ ّ‬ ‫ج َ‬ ‫هر هذا الحديث ي َُقول‪ ) :‬الح ّ‬ ‫َ‬
‫ن ظا ِ‬ ‫أ ّ‬
‫ما ِبذلك بل‬ ‫كون تا ّ‬ ‫ن الحج‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬ل ي َ ُ‬ ‫جه وقضى ت ََفَثه ( مع أ ّ‬ ‫ح ّ‬
‫ت طائفة‬ ‫من أركان الحج‪ ،‬بل ذهب ْ‬ ‫من طواف الزيارة‪ ،‬إذ إنه ركن ِ‬ ‫لبد ِ‬
‫من أهل العلم إلى عدم َتمامه إل ِبالسعي‪ ،‬لنه عند هذه الطائفة‬ ‫كبيرة ِ‬
‫من أركان الحج أيضا‪.‬‬ ‫من أهل العلم ِ‬ ‫ِ‬
‫غروب‬ ‫ف إلى ُ‬ ‫من لم ي َِق ْ‬ ‫من قال ِبفساد الحج ِبالنسبة ل ِ َ‬ ‫هذا الحديث عند َ‬
‫ن الحديث‬ ‫من الليل ‪َ ..‬يقولون‪ :‬إ ّ‬ ‫ل جزٍء ِ‬ ‫دخو ِ‬ ‫غروِبها و ُ‬ ‫الشمس وَتحّقق ُ‬
‫غربت‬ ‫ف إلى أن َ‬ ‫ن النبي ‪ ‬وَقَ َ‬ ‫مب َّين ب ِِفعل النبي ‪ ، ‬حيث إ ّ‬ ‫السابق ُ‬
‫من‬ ‫ن َ‬ ‫من الليل‪ِ ،‬لذلك ذهبوا إلى أ ّ‬ ‫ل جزٌء ِ‬ ‫خ َ‬ ‫الشمس وَتحّقق غروُبها ود َ َ‬
‫جه باطل‪.‬‬ ‫نح ّ‬ ‫ف إلى هذا الوقت فإ ّ‬ ‫لم ي َِق ْ‬
‫من حلقة ‪ 9‬ذو القعدة ‪1423‬هه ) ‪12/1/2003‬م (‪.‬‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬‬
‫‪341‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مة‬
‫وفي المسألة خلف معروف ولكن‪-‬على كل حال‪-‬أجمعت ال ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫السلمية عن َبكرة أبيها على أ ّ‬
‫من الليل وقال‪:‬‬ ‫ل جزٌء ِ‬ ‫خ َ‬‫ف إلى أن غََرَبت الشمس ود َ َ‬ ‫وصحبه وسلم‪-‬وَقَ َ‬
‫َ‬
‫سككم َلعّلي ل أل َْقاكم بعد عامي هذا (‪ ،‬وقد بّين صلى‬ ‫خ ُ‬
‫ذوا عّني منا ِ‬ ‫) ُ‬
‫ن هَد َْيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم أ ّ‬
‫ل الشرك‬ ‫ن أه َ‬
‫دي أهل الشرك حيث إ ّ‬ ‫ف ِله ْ‬ ‫مخال ِ ٌ‬ ‫مين ُ‬ ‫سل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وهد ْيَ اله ُ‬
‫غروب الشمس ‪ ..‬عندما تكون الشمس على‬ ‫عرفة قبل ُ‬ ‫من َ‬ ‫َيخُرجون ِ‬
‫عمائم الرجال‪ ،‬فَينبغي ِللنسان أن َيقتدِيَ ِبرسول‬ ‫رؤوس الجبال كأّنها َ‬
‫سير على طريِقه صلوات الله وسلمه‬ ‫ديه وأن ي َ ِ‬ ‫دي ِبه ْ‬ ‫الله ‪ ‬وأن َيهت ِ‬
‫خاَلفة سّنة رسول الله ‪‬‬ ‫م َ‬‫وقوع في ُ‬‫من ال ُ‬ ‫ذر ِ‬ ‫ذر كل الح َ‬ ‫عليه‪ ،‬وأن َيح َ‬
‫ذار ‪ ...‬المشركين‪ ،‬فنأخذ ِبهذا المر‬ ‫‪1‬‬
‫دي المشركين فح َ‬ ‫وافَقة هَ ْ‬ ‫م َ‬
‫و ُ‬
‫جِلي‪.‬‬ ‫ضح ال َ‬ ‫الوا ِ‬
‫من الكلم لهل العلم‪.‬‬ ‫أما فساد ُ الحج ففيه ما فيه ِ‬
‫من الليل ؟‬ ‫ر ِ‬ ‫خ ٍ‬‫ت متأ ّ‬ ‫عرفة في وق ٍ‬ ‫س‪َ :‬لحق ِبيوم َ‬
‫عرفة قبل طلوع الفجر‬ ‫ج‪ :‬ما دام قد جاء في الليل ‪ ..‬أي جاء إلى َ‬
‫ص السّنة‬‫من الليل في ذلك الموقف فإنه ل حرج عليه‪ِ ،‬بن ّ‬ ‫وأدرك شيئا ِ‬
‫الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫ي ُيخاِلف ذلك‪ ،‬وإذا جاء نهر الله َبطل نهر معقل؛ والله‬ ‫عْبرةَ ِبرأ ٍ‬ ‫ول ِ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫من اعتمد على خطبة المذياع بعد صلة‬ ‫س‪ :‬في عرفة‪َ ،‬‬
‫عا ؟‬ ‫م ً‬‫ج ْ‬ ‫الظهر والعصر َ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ من المعروف أن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪-‬قد خطب في يوم عرفة بعد أن زالت الشمس ‪ ..‬خطب‪-‬‬
‫صلوات الله وسلمه عليه‪-‬خطبة واحدة وما جاء أنه خطب خطبتين فإنه‬
‫ل يصح‪ ،‬وقياس ذلك على خطبتي الجمعة أيضا ل يصح‪ ،‬لن هذا القياس‬
‫فاسد العتبار لنه مصادم للنص الصحيح الثابت من فعل النبي ‪ ‬من‬
‫ذكر من أنه خطب خطبتين‬ ‫أنه خطب خطبة واحدة‪ ،‬وكما قلت إن ما ُ‬
‫فإن ذلك ل يصح من حيث إسناده فل يمكن التعويل عليه حتى ولو لم‬
‫يعارضه معارض فكيف وقد عارضه الحديث الصحيح الثابت الجلي الذي‬
‫ل غموض في دللته ول اعتراض عليه أيضا من حيث إسناده ‪ ..‬خطب‬
‫النبي ‪ ‬خطبة واحدة وأيضا الناس استمعت إلى خطبة النبي ‪ ‬وهذا‬
‫سر أن تكون هنالك خطبة واحدة في عرفات وقد‬ ‫الزمان طبعا ل يتي ّ‬
‫اختلف الناس منهم من قال تكفي خطبة واحدة والبقية تصلي من غير‬

‫من التلفزيون‪ ،‬ويبدو أنه غير مؤّثر‬


‫‪-1‬وقع هنا‪-‬للسف‪-‬انقطاع في الشريط لخلل أثناء تسجيله ِ‬
‫في جواب الشيخ‪.‬‬
‫‪342‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫خطبة‪ ،‬ومنهم من يأخذ بأن يخطب خطيب لكل مجموعة‪ ،‬وهذا هو‬
‫الذي يجري عليه العمل لكن لو أن جماعة‪-‬مثل‪-‬أخذت بخطبة الخطيب‬
‫ت إليها بواسطة مكبرات الصوت وصلت من غير خطبة في‬ ‫التي استمعَ ْ‬
‫الماضي فل شيء عليهم بمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬

‫سادسا‪:‬أعمال اليوم العاشر من ذي الحجة‬


‫أول ‪ :‬قطع الوادي‬
‫معروف أنهم عندما يفيضون مِن عرفات‬ ‫ٌ‬ ‫س‪ :‬الناس‬
‫إلى مزدلفة ومِن مزدلفة إلى مِنى ‪ ..‬عندما يَقطعون‬
‫سر‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫رعون في وادي ُ‬ ‫س ِ‬
‫الطريق مِن مزدلفة إلى مِنى ي ُ ْ‬
‫لكن ل َيعلمون شيئا عن السراع في هذا الوادي عندما‬
‫يذهبون مِن مِنى إلى عرفات‪ ،‬فهل يَصنعون نفس الفعل ؟‬
‫جد روايةً عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬ ‫ج‪ :‬أنا لم أَ ِ‬
‫ل على مشروعية السراع أو عدم السراع عند الذهاب إلى عرفات‬ ‫َتد ُ ّ‬
‫في هذا الوادي‪.‬‬
‫فإن‬
‫ّ‬ ‫وأما عندما يَرجِع الحاج مِن عرفة وبعد ذلك مِن المزدلفة إلى مِنى‬
‫السراع في هذا الوادي عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ثابت‬ ‫َ‬
‫صحيح ل شك فيه‪.‬‬
‫عرف الحكم في المسألة الولى ‪ ..‬أي في مشروعية‬ ‫وإذا أردنا أن نَ ِ‬
‫رف‬ ‫السراع وعدمه عند الذهاب إلى عرفات فإنه ينبغي لنا أن ن َعْ ِ‬
‫الحكمة من إسراع النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬في‬
‫كر العلماء في ذلك عدّة أمور‪:‬‬ ‫هذا الوادي‪ ،‬وقد ذ َ َ‬
‫منهم مَن قال‪ :‬إنما فََعل ذلك النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬لنّ‬ ‫ِ‬
‫ع النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫سرَ َ‬‫فأ ْ‬
‫هذا الوادي مأوى الشياطين َ‬
‫جد لهم دليل على هذا الكلم‬ ‫ن في هذا الوادي‪ ،‬ولم أَ ِ‬ ‫و ِ‬‫الك ْ‬‫وسلم‪-‬خشية َ‬
‫َ‬
‫ومِ النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫ولعلهم َيستدِّلون بِ ِ‬
‫حادثة نَ ْ‬
‫وسلم‪-‬وصحابته الكرام في الوادي إلى أن ط َل ََعت الشمس ثم أخبرهم‬ ‫ِ‬
‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬بأنّ في هذا الوادي شيطانا‬
‫بعد ذلك فخرجوا‪-‬رضوان الله تعالى‬ ‫َ‬ ‫الخروج منه والصلةِ‬ ‫ِ‬ ‫مرَهم بِ‬‫وأ َ‬
‫َ‬
‫فريضة الفجر‬
‫َ‬ ‫صّلوا‬
‫عليهم‪-‬مع النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬و َ‬
‫بعد طلوع الشمس بعدَ الخروج مِن ذلك الوادي‪ ،‬ول دليل في هذا‪،‬‬ ‫َ‬
‫ت فيه ونام هو‬ ‫رع في هذا الوادي بل َبا َ‬ ‫س ِ‬‫لن النبي ‪ ‬لم ي ُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫وذلك‬
‫م بِالخروج لم َيأمُرهم ِبالسراع ولم يَثبت‬ ‫مَرهُ ْ‬ ‫وصحابته‪ ،‬وأيضا عندما أ َ‬
‫سَرعَ عند خروجه منه فإذن ل دللةَ‬ ‫َ‬
‫عنه صلوات الله وسلمه عليه أنه أ ْ‬
‫في هذا الدليل الذي استنبطَ منه بعضُ أهل العلم هذا الستنباط‪.‬‬
‫‪343‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بعض أهل العلم إلى أنّ النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫ُ‬ ‫وذهب‬
‫سَرعَ عند خروجه مِن هذا الوادي لنّ النصارى كانوا يَقفون‬ ‫َ‬
‫وسلم‪-‬إنما أ ْ‬
‫ب إلى‬ ‫س ُ‬‫صحيحة ول حسنةً بل حتى ول ضعيفة ت ُن ْ َ‬ ‫ً‬ ‫فيه‪ ،‬وأنا لم َأجِد روايةً‬
‫ل على ذلك‪ ،‬وإنما رُوي ذلك‬ ‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬تد ُ ّ‬
‫منه‪:‬‬‫مّر بِهذا الوادي ذ َك ََر كلما ِ‬ ‫عن عمر‪-‬رضي الله تعالى عنه‪-‬أنه عندما َ‬
‫ن النصارى ِديُنها‬ ‫مخالِفًا ِدي َ‬ ‫‪........................‬‬
‫َ‬
‫من أجل ذلك‪ ،‬وهذا كلم مردود‪ ،‬وذلك لنه‬ ‫سَرعَ ِ‬‫فقالوا إنّ النبي ‪ ‬أ ْ‬
‫َتكفي في المخالَفة أل ّ َيقف النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬في‬
‫هذا الموقف وهو لم َيقف في هذا الوادي وإنما وََقفَ ِبعرفة‪ ،‬كما هو‬
‫معلوم وقد أجمعت عليه المّة‪ ،‬وأيضا لم ي َث ُْبت عن النصارى أنهم كانوا‬
‫جون‪ ،‬فهذا ل دليل فيه البتة‬ ‫ح ّ‬ ‫قُفون في هذا المكان ول أنهم كانوا ي َ ُ‬ ‫َي ِ‬
‫على ما ذََكروه‪.‬‬
‫ب إلى أنّ النبي ‪ ‬إنما أسَرعَ في ذلك الوادي مِن أجل‬ ‫ه َ‬ ‫من َذ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫مخالفة الكفار لنهم كانوا يَتفاخرون فيه بآبائهم‪ ،‬وهذا ل دليل فيه‪،‬‬
‫وذلك لنه لم ي َث ُْبت‪-‬أّول وقبل كل شيء‪-‬عن الكفار أنهم كانوا يَتفاخَرون‬
‫منهم ذلك في مِنى ‪ ..‬قيل‪ :‬عند‬ ‫ِبآبائهم في هذا الوادي‪ ،‬وإنما كان َيقع ِ‬
‫قَبة‪ ،‬وقيل‪ :‬في مِنى‪ ،‬ولم يَثبت عنهم أنهم كانوا َيتفاخرون في‬ ‫مرة العَ َ‬ ‫ج ْ‬‫َ‬
‫هذا الوادي‪ ،‬ثم إنه لو كان المر كذلك‪-‬أي لو كانوا ي َتفاخرون في هذا‬
‫من‬ ‫أل يَقع ِ‬ ‫ما كان في ذلك دليل‪ ،‬لنه يَكفي في المخالفة ّ‬ ‫الوادي‪-‬ل َ َ‬
‫من المسلمين ذلك‪.‬‬ ‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬و ِ‬
‫وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إنما أسَرعَ النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى‬
‫ع فيه العذاب على أصحاب الفيل إذ‬ ‫آله وسلم‪-‬في هذا الوادي لنه َوَق َ‬
‫عيه هؤلء‪ ،‬وليس المر‬ ‫ف في هذا الوادي على حسب ما ي َد ّ ِ‬ ‫ن الفيلَ َوَق َ‬ ‫إ ّ‬
‫ف في وادي‬ ‫لن الفيلَ لم يَقف في هذا الوادي وإنما وََق َ‬ ‫ّ‬ ‫كذلك‪،‬‬
‫مس وذلك بِالقُرب مِن عرفات على طريق الطائف ‪ ..‬هذا هو‬ ‫مغ َ ّ‬‫اله ُ‬
‫رواية واحدة‬ ‫ٌ‬ ‫هم‪ ،‬ولم تَأتِ‬ ‫ر ِ‬‫شْع ِ‬ ‫العرب في أخبارِهم وفي ِ‬ ‫الثابت عن َ‬
‫دل على أنه وقع في هذا الوادي‪ ،‬وذلك‪-‬أيضا‪-‬مستبعدٌ جدا لنّ هذا‬ ‫َت ّ‬
‫دخولهم الحرَم‪ ،‬ولكن ذلك‬ ‫ِ‬ ‫الوادي مِن الحرَم والعقوبةُ َنزََلت عليهم قبل‬
‫وقعت عقوبة مِن المولى‪-‬تبارك وتعالى‪-‬على بعض‬ ‫ْ‬ ‫ل يَمنع مِن أنه قد‬
‫جد دليل يُحد ّد ُ نوعَ هذه العقوبة‪ ،‬وقد‬ ‫كنا ل نَ ِ‬ ‫الناس في هذا الوادي وإن ّ‬
‫قعت عليه نارٌ‬ ‫ْ‬ ‫اد صيْدا في هذا الوادي فوَ‬ ‫قيل‪ :‬إنه وقع ذلك على رجل صَ َ‬
‫موا على‬ ‫بعض أصحابِ الفيل قد ت ََقد ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫مكن‪-‬أيضا‪-‬أن يَكون‬ ‫فأحرقتْه‪ ،‬ويُ ِ‬
‫الفيل وعلى سائر الجيش‪-‬على أنني أيضا ل أستطيع الجزم بذلك ‪..‬‬
‫صُلوا إلى‬ ‫أن ذلك لم يَقع‪-‬أما الجمهور العظم والفيل فإنهم لم ي َ ِ‬ ‫وأظن ّ‬
‫ع في هذا الوادي عذابٌ‬ ‫ظنه أنه وََق َ‬ ‫أن الذي نَ ّ‬ ‫هذا المكان‪ ،‬والحاصل ّ‬
‫‪344‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ستشهد على ذلك بِإسراعِ‬ ‫ِ‬ ‫ن ذلك‪ ،‬ونَ‬ ‫لزم أن ن ُعَي ّ َ‬‫بعض الناس ول يَ َ‬ ‫ِ‬ ‫على‬
‫الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫سرع‬ ‫النبي ‪ ‬عندما مَرّ ِبدار ثَمود‪ ،‬فقد أَ‬
‫آله وسلم‪-‬في ذلك المكان‪.‬‬
‫وإذا كان المر كذلك فإننا نقول ِبمشروعية السراع‪-‬عند المرور على‬
‫هذا الوادي ‪ ..‬أي‪-‬في هذا الوادي عند الخروج مِن مِنى إلى عرفات بل‬
‫من الوقات ولو لم يَكن ذلك في‬ ‫مرّ النسان به في أيّ وقت ِ‬ ‫حتى إذا َ‬
‫السراع‪.‬‬ ‫شَرعُ فيه ِ‬ ‫الحج في ُ ْ‬
‫وعدمُ ذِْكر أنّ النبي ‪َ ‬أسَرعَ فيه عندما ذهبَ إلى عرفة ل يُمكن أن‬
‫ِ‬ ‫أفعال‬ ‫كر بعضُ‬ ‫ل به على عدم المشروعية‪ ،‬وذلك لنه قد ل ي ُذ ْ َ‬ ‫ست َد َ ّ‬
‫يُ ْ‬
‫ن‬‫م َ‬‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ول ي َل َْزم أن ُيذَْكر كل ما وقع ِ‬
‫ل عنه‪-‬صلى الله‬ ‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإنما الذي ي ُن َْق ُ‬
‫شْرعٌ ِللمّة وقد يكون ذلك بالعبارة وقد‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬ما فيه َ‬
‫من‬ ‫ع ِ‬ ‫لن إسراعَه ‪ ‬عندما رَ َ‬
‫ج َ‬ ‫ّ‬ ‫يكون بالشارة‪ ،‬وهاهنا تكفي الشارة‪،‬‬
‫من المزدلفة إلى مِنى َيكفي لِلشارة إلى مشروعية هذا‬ ‫عرفة و ِ‬
‫كر‬‫جد في بعض الحاديث ي ُذ ْ َ‬ ‫جة الوداع فإنه يَ ِ‬ ‫ظرَ في حَ ّ‬ ‫من ن َ َ‬ ‫السراع‪ ،‬و َ‬
‫كر كذا وهكذا‪.‬‬ ‫كذا ول ي ُذ ْ َ‬
‫هذا ومِن الجدير ِبالذّْكر أنّ العلماء قد اختلفوا في هذا الوادي هل هو‬
‫دل على هذا‪،‬‬ ‫من مِنى أو هو مِن المزدلفة ؟ وقد جاءتْ بعضُ الدلة تَ ّ‬ ‫ِ‬
‫دل على أنه‬ ‫وجاءت بعضُ الدلة تَ ّ‬ ‫ْ‬ ‫بعض الدلة تَدلّ على ذاك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫وجاءت‬
‫ليس مِن مِنى وليس مِن المزدلفة‪ ،‬وأقوى ما جاء حديثٌ عند المام‬
‫منى حيث جاء فيه‪ " :‬وهو مِن مِنى " ولكنّ‬ ‫مسلم فيه التصريح بِأنه مِن ِ‬
‫ضعيفة عندي ولو كانت في صحيح مسلم‪ ،‬والذي يَظهر لي‬ ‫ٌ‬ ‫هذه الرواية‬
‫منى وليس مِن المزدلفة‪.‬‬ ‫بأنه ليس مِن ِ‬
‫منى أو كان مِن المزدلفة أو لم يَكن مِن‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬سواء كان مِن ِ‬
‫هذه ول مِن تلك فإنه ليس لحد أن يَبيت فيه في ليلة المزدلفة على‬
‫رأي مَن يَقول إنه مِن المزدلفة ول على أن يُقيم فيه ليلة التاسع وليالي‬
‫التشريق اعتبارا على أنه مِن مِنى على رأي مَن يَقول إنه مِن منى‪،‬‬
‫شرع المكث فيه والبقاء فيه سواء قلنا إنه مِن هذه‬ ‫فعلى كل حال ل يُ َ‬
‫أو مِن تلك أو أنه مستقِل‪.‬‬
‫وهكذا اختلفوا في عُرنَة هل هي مِن عرفة أو ليست مِن عرفة ؟‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬أيضا ل يَجوز الوقوف بها على أنها مِن عرفة سواء قلنا‬
‫قل ذلك‪.‬‬ ‫إنها مِن عرفة أو لم نَ ُ‬
‫سع لها هذه‬ ‫معا يَحتاج إلى إطالة ل تَّت ِ‬ ‫وتحقيق ذلك في المسألتين ً‬ ‫َ‬
‫العجالة وإن كانت هي جديرة بِذلك ولكنّ الحكم هو ما ذكرناه‪.‬‬
‫سر مِن الحرَم‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫أن وادي مُ َ‬ ‫هذا ومِن الجدير ِبالذّْكر‪-‬أيضا‪ّ -‬‬
‫‪345‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وزعَم أنه ليس مِن الحرَم وإنما‬ ‫ذ َ‬ ‫ش ّ‬‫ب إليه ابن حزم حيث َ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ذ َ َ‬‫خلفا ِل َ‬
‫حل وأنها‬ ‫حل‪ ،‬وكذلك شذّ حيث زَعَم أنّ عُرنة ليست مِن اله ِ‬ ‫هو مِن اله ِ‬
‫من الحرَم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حل‪.‬‬ ‫فالحق الحقيقُ ِبالقبول أنّ هذا الوادي مِن الحرَم وعُرنة مِن اله ِ‬ ‫ّ‬
‫حل وأنها مِن‬ ‫عم أنّ عرفة ليست مِن اله ِ‬ ‫خطأ بيّنا مَن َز َ‬ ‫ً‬ ‫وكذلك قد أخطأ‬
‫فيجوز الصيد مِن عرفة ومِن‬ ‫حل‪ ،‬وعليه َ‬ ‫الحرم‪ ،‬والحقّ أنها مِن اله ِ‬ ‫َ‬
‫عرنة‪-‬وكذلك بِالنسبة إلى قطْع الشجار فإنّ ذلك ل مانع منه‪-‬وإنما يُمنَع‬ ‫ُ‬
‫فليس له أن يَصطاد‪ ،‬وأما الشجر فل مانع مِن ذلك‬ ‫حرِم ْ‬ ‫م ْ‬ ‫من ذلك اله ُ‬ ‫ِ‬
‫حل‪ ،‬وإنما‬ ‫حل سواء كان معتمِرا أو كان حاجّا‪ ،‬فإذن عَرفة مِن اله ِ‬ ‫في اله ِ‬
‫رم يُمنَع مِن ذلك ولو كان في‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬ ‫حرِم مِن الصيد لجل أنّ اله ُ‬ ‫م ْ‬
‫منع اله ُ‬ ‫ُي َ‬
‫حل‪ ،‬كما هو معروف ‪ ..‬هذا ما يَظهر لي في هذه المسألة‪.‬‬ ‫اله ِ‬
‫سر‬‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫طع وادي ُ‬ ‫طع أن َيق َ‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫من الناس َيسألون ع ّ‬ ‫هذا وكثير ِ‬
‫قبل طلوع الشمس ِلوجود زحمة أو ما شابه ذلك‪ ،‬هل عليه دم ؟‬
‫طع أن‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫جب على َ‬ ‫من أهل العلم قالوا‪ :‬ي َ ِ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫والجواب‪ :‬أ ّ‬
‫طيع أن‬ ‫َ‬ ‫َيق َ‬
‫جب عليه بل ل أست ِ‬ ‫سر الدم‪ ,‬والحقّ أنه ل ي َ ِ‬ ‫ح ّ‬‫م َ‬ ‫طع وادي ُ‬
‫خر ِبغْير عذر وإنما أقول إنه ل َينبغي‬ ‫جب عليه الدم وإن كان قد َتأ ّ‬ ‫ُ‬
‫أو ِ‬
‫من لم َيخُرج منه‬ ‫ن َ‬ ‫ل على أ ّ‬ ‫رد دليل َيد ّ‬ ‫خر‪ ،‬وذلك َلنه لم ي َ ِ‬ ‫لحد أن َيتأ ّ‬
‫جب عليه دم‪ ،‬والصل في أموال المسلمين‬ ‫قبل طلوع الشمس أنه ي َ ِ‬
‫جب شيئا على‬ ‫ِبأنها معصومة ِبعصمة السلم لها وأنه ل َيجوز لحدٍ أن ُيو ِ‬
‫أحدٍ ِبغْير دليل‪ ،‬وِلذلك َينبغي الترّيث في هذه المور ‪ ..‬نعم هذه‬
‫من الناس‬ ‫جد كثيرا ِ‬ ‫المسألة فيها خلف مشهور‪-‬كما ذكرتُ‪-‬ولكننا ن َ ِ‬
‫من أهل العلم‪ ،‬كما‬ ‫جبون الدماء على عباد الله ولو لم َيقل به أحد ِ‬ ‫ُيو ِ‬
‫من إنسان دم أوجبوا‬ ‫اشتهر عند الكثير‪ " :‬في الدم دم " ‪ ..‬إذا خرج ِ‬
‫جب التخيير بْين الدم وبْين‬ ‫من المور ي َ ِ‬ ‫عليه دما‪ ،‬وكذلك في كثير ِ‬
‫من الناس ل ُيخّيرون عباد َ الله وإنما‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫الطعام وبْين الصيام ولك ّ‬
‫طر‬‫ك دم ‪ ..‬إنسان َتع ّ‬ ‫جبون عليهم الدماء ‪ ..‬هذا إنسان فعل كذا ؟ علي َ‬ ‫ُيو ِ‬
‫من أظافره ؟ عليك دم ‪َ ..‬ينبغي أن‬ ‫ك دم ‪ ..‬إنسان قَّلم شيئا ِ‬ ‫مثل ؟ علي َ‬
‫زم عباد‬ ‫ُيقال ِلعباد الله ‪ِ ‬بالتخيير كما خي َّرهم الله تبارك وتعالى‪ ،‬وأل ّ ُنل ِ‬
‫زمهم به المولى تبارك وتعالى‪ ،‬على أنه‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬بما لم ُيل ِ‬
‫مد‬
‫ل هذا وهو مخطئ أو هو جاهل أو هو متع ّ‬ ‫َينبغي أن َنبحث هل فَعَ َ‬
‫رف الحكم‪ ،‬وهذه المسألة‪-‬طبعا‪َ-‬تحتاج إلى كلم‪ ،‬وذلك في أجوبة‬ ‫وَيع ِ‬
‫ت أن أنّبه الناس أنه ل َينبغي‬ ‫ُ‬
‫أخرى بمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬وإنما أرد ُ‬
‫زم العباد ِبما لم َيلَزمهم‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬إذا كان هنالك َتخيير في بعض‬ ‫أن ُنل ِ‬
‫جب عليهم أمرا واحدا؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫خّير الناس وأل ّ ُنو ِ‬ ‫المور َينبغي أن ن ُ َ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫‪346‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ثانيا‪ :‬رمي جمرة العقبة‬


‫م‬ ‫زحا ٌ‬ ‫دث ِ‬ ‫س‪ :‬في أيام الحج‪-‬وَيكاد َيتكّرر في كل عام‪َ-‬يح ُ‬
‫سعة‬ ‫من الناس الّتو ِ‬ ‫ول كل واحد ِ‬ ‫شديد أثناء الرمي وُيحا ِ‬
‫مَرة‪،‬‬ ‫ج ْ‬‫صل إلى الحوض وِبالتالي َيرمي تلك الق َ‬ ‫ِلنفسه حتى ي َ ِ‬
‫مَرة أم أنها َيكفي أن‬ ‫ج ْ‬ ‫من وصول الحصاة إلى الق َ‬ ‫هل لبد ِ‬
‫ف‬‫خ ّ‬ ‫هم الناس القضية وي َ ِ‬ ‫قط في الحوض ؟ وِبذلك َيف َ‬ ‫َتس ُ‬
‫الزحام‪.‬‬
‫ي‬
‫ع َ‬ ‫سه أن ُيرا ِ‬ ‫عي نف َ‬ ‫ج‪ :‬إنه َينبغي أن َينتِبه المسلم أنه َينبغي له كما ُيرا ِ‬
‫غيره‪ ،‬فليس له أن ُيؤذِيَ غي َْره ل في الطواف ول في السعي ول عند‬
‫ما ل َيصح‪.‬‬ ‫م ّ‬‫جمار‪ ،‬فإيذاء المسلمين ِ‬ ‫رمي ال ِ‬
‫س في‬ ‫من الناس‪ ،‬فَترى النا َ‬ ‫وهذا أمٌر‪-‬وِللسف الشديد‪-‬ل َينتِبه إليه كثيٌر ِ‬
‫من‬ ‫سه وب ِ َ‬ ‫حد منهم ِبنف ِ‬ ‫م الوا ِ‬ ‫حالة الطواف أو السعي أو في الرمي َيهت َ ّ‬
‫ظر إلى بقية المسلمين‪ ،‬فقد ي ُؤِْذي أحدا‪-‬وقد َيفَعل ما‬ ‫ُيراِفقه ول َين ُ‬
‫فت إلى ذلك الشخص‪ ،‬بينما هذا ل َيجوز‪ ،‬لدّلة معلومةٍ في‬ ‫َيفَعل‪-‬ول َيلت ِ‬
‫مواضعها‪.‬‬
‫مة‬ ‫سك الحج‪ِ ،‬باّتفاق جميع ال ّ‬ ‫من منا ِ‬ ‫ن الرمي ِ‬ ‫أما ِبالنسبة إلى الرمي فإ ّ‬
‫مَر‬ ‫َ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أ َ‬ ‫السلمية‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫سككم (‪ ،‬كما َثبت ذلك في الحاديث‬ ‫ِبه وفَعََله وقال‪ ) :‬خذوا عّني منا ِ‬
‫الصحيحة الثابتة‪.‬‬
‫من الناس ِبالرمي‪ ،‬فَترى هذا ل َيذهب ِللرمي‬ ‫وِللسف لقد َتهاون كثيٌر ِ‬
‫عم أنه ل َيستطيع أن َيذهب‬ ‫بل ُينيب غي َْره مع ُقدرِته على ذلك وقد ي َْز ُ‬
‫ن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫إلى الرمي عند منتصف النهار‪ ،‬أو ما شابه ذلك‪ ،‬كأ ّ‬
‫موا في ذلك الوقت !‬ ‫َ‬
‫ب على الناس أن ي َْر ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ضّيق هذه القضية وأوْ َ‬ ‫قد َ‬
‫ت واسعٌ ِبحمد الله تبارك وتعالى‪،‬‬ ‫ن الوق َ‬ ‫س كذلك‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫ن المَر لي َ‬ ‫مع أ ّ‬
‫وقد َنتكّلم عليه في وقت آخر إن شاء الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫ضلُتم ِبطرحه فالجواب عليه‪ :‬أنه ل‬ ‫أما ِبالنسبة إلى هذا السؤال الذي تف ّ‬
‫صيب‬ ‫صيب تلك الحجارةُ التي َيرميها ذلك الشخص ‪ ..‬أن ت ُ ِ‬ ‫ُيشتَرط أن ت ُ ِ‬
‫خل في ذلك‬ ‫تلك الحجارةَ المنصوبة وإنما الشرط في الرمي أن ت َد ْ ُ‬
‫زي ِبمشيئة الله تبارك‬ ‫ن الرمي ِبذلك ُيج ِ‬ ‫الحوض‪ ،‬فإذا أصابت الحوض فإ ّ‬
‫من قبل وإنما هو دلي ٌ‬
‫ل‬ ‫دا ِ‬ ‫ث لم َيكن موجو ً‬ ‫ن ذلك البناء حادِ ٌ‬ ‫وتعالى‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫ز‬
‫ج ٍ‬‫م ْ‬ ‫ن ذلك ُ‬ ‫على مكان الرمي‪ ،‬فإذا وقعت الحجارة في الحوض فإ ّ‬
‫ِبحمد الله تبارك وتعالى؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن تلك الحجارة المنصوبة إنما‬ ‫س‪ :‬هل يعني ذلك أ ّ‬


‫عت حتى ل ُيصيب الحجاج بعضهم البعض وإل فالصل‬ ‫ض َ‬
‫و ِ‬ ‫ُ‬
‫الحوض ؟‬
‫ض ‪ ..‬تلك علمة ‪ ..‬الصل في ذلك‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ الصل هو الحو ُ‬
‫ف؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫ن ذلك كا ٍ‬ ‫ضع فإ ّ‬ ‫ضع‪ ،‬فإذا وصلت ذلك المو ِ‬ ‫المو ِ‬
‫سل أم‬ ‫س‪ :‬ما حكم غسل الحصى ؟ يعني هل الحصى ُيغ َ‬
‫سل ؟‬ ‫ل ُيغ َ‬
‫ج‪ :‬هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬
‫من قال ِبمشروعية الُغسل‪.‬‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫من ل َيرى ذلك‪.‬‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬
‫من َيقول ِبعدم المشروعية‪-‬هو القول الصحيح‪،‬‬ ‫والقول الثاني‪-‬وهو قول َ‬
‫ل النبي‪-‬صلى‬ ‫ل فِعْ ُ‬‫ل على مشروعية ذلك بل د َ ّ‬ ‫ث َيد ّ‬‫لنه لم َيأت حدي ٌ‬
‫ن النبي‪-‬صلى‬ ‫الله عليه وعلى آله وصحبه‪-‬على عدم المشروعية‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫من غَْير أن َيقوم ِبغسل ذلك‪،‬‬ ‫مى ِ‬ ‫الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪َ-‬ر َ‬
‫ت في السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي ‪ ، ‬وما دام المر‬ ‫كما هو ثاب ٌ‬
‫كذلك فل َينبغي لنا أن َنقول ِبمشروعية ذلك‪ِ ،‬لعدم ثبوته ‪ ..‬هذا هو الذي‬
‫أراه؛ والعلم عند الله‪.‬‬
‫ك أنه‬ ‫ش ّ‬ ‫مى ‪ ..‬إذا َ‬ ‫صَيات التي ت ُْر َ‬ ‫ح َ‬‫عدَِد الق َ‬ ‫ك في َ‬ ‫س‪ :‬الش ّ‬
‫ستا أو سبعا ؟‬ ‫مى خمسا أو ِ‬ ‫َر َ‬
‫ج‪ :‬ذلك ل َيخلو من أحد أمرين‪:‬‬
‫من الرمي فإذا كان كذلك فإنه ل‬ ‫إما أن َيأتَيه هذا الشك بعد أن انتهى ِ‬
‫فت إلى هذا الشك‪.‬‬ ‫َيلت ِ‬
‫أما إذا جاَءه ذلك وهو َيرمي ‪ ..‬لم ي َد ِْر‪-‬مثل‪-‬هل هذه الرمية هي الثالثة أو‬
‫الرابعة‪:‬‬
‫ك هل هذه‬ ‫ح لديه شيٌء فإنه َيبني على القل ‪ ..‬إن ش ّ‬ ‫ج َ‬
‫فإن لم ي َت ََر ّ‬
‫ن تلك الرمية هي الثالثة‪ ،‬وإن شك بْين‬ ‫الثالثة أو الرابعة ؟ فإنه َيعتِبر أ ّ‬
‫الرابعة والخامسة فلَيعتِبر أنها الرابعة‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫جح‪ ،‬كما َيكون ذلك في عَد َدِ‬ ‫ح لديه شيٌء فإنه َيأخذ ِبالرا ِ‬ ‫ج َ‬ ‫أما إذا تر ّ‬
‫ن ذلك في عَد َدِ الشواط عند الطواف‬ ‫ركعات الصلة‪ ،‬وهكذا يكو ُ‬
‫ِبالبيت؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من رخصة ِللنساء في عدم الرمي نظرا ِللزحمة‬ ‫س‪ :‬هل ِ‬
‫؟‬
‫ن ل يستطعن على الرمي نعم لهن رخصة بل وللرجال‬ ‫ج‪ :‬إذا ك ّ‬
‫ن أو ضعف‬ ‫من كان ل يستطيع على الرمي لمرض أو كبر س ّ‬ ‫رخصة ‪َ ..‬‬
‫أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل يستطيع على الرمي فإنه ي ُِنيب غيره وهو معذور‬
‫‪348‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من كان قادرا على الرمي سواء كان‬ ‫بمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬أما َ‬
‫سك الحج‪ ،‬وقد‬ ‫من منا ِ‬‫سك ِ‬ ‫من الرمي لنه ن ُ ُ‬ ‫رجل أو امرأة فإنه ل ُيعذر ِ‬
‫من الناس حتى‬ ‫فّرط الناس فيه كثيرا في الزمنة المتأخرة ‪ ..‬نجد كثيرا ِ‬
‫من الرجال الذين يستطيعون على الرمي َيتركون ذلك وُينيبون غيرهم‬ ‫ِ‬
‫ما ل َيصح‪ ،‬فالمرأة إذا كانت مريضة‬ ‫م ّ‬‫ن النابة صارت أمرا عاديا وهذا ِ‬ ‫ل ّ‬
‫مل أو ما شابه ذلك ‪..‬‬ ‫ح ْ‬‫أو كبيرة أو عاجزة ِبأيّ عجز أو كانت في حالة َ‬
‫الحاصل إذا كانت ل تستطيع على الرمي فإنها ُتعذر ول ْت ُِنب غيرها‪ ،‬أما‬
‫من ذلك‪ ،‬وقولي‪ " :‬قادرة " ل يشترط أن‬ ‫ذر ِ‬‫إذا كانت قادرة فل ُتع َ‬
‫شر‬
‫تكون قادرة في الوقت الفلني فإذا كانت ل تقدر‪-‬مثل‪-‬في صباح العا ِ‬
‫من‬‫فلتذهب في وقت العصر أو حتى بعد المغرب أو حتى بعد العشاء ‪َ ..‬‬
‫كان يستطيع على الرمي في النهار ل َينبغي له أن ُيفّرط في ذلك‪ ،‬أما‬
‫من كان ل يستطيع على الرمي إل في الليل فيجوز له ذلك وليس له‬ ‫َ‬
‫من لم يستطع على الرمي بعد الزوال في أيام‬ ‫أن ينيب غيره‪ ،‬وكذلك َ‬
‫التشريق‪ 1‬وقبل غروب الشمس فبإمكانه أن يرمي بعد غروب‬
‫الشمس‪ ،‬ومن لم يستطع في ذلك اليوم فبإمكانه أن يرمي في اليوم‬
‫الذي يليه‪ ،‬أما أن يتعذر ببعض العذار الواهية التي ل تخفى على الذي‬
‫ل تخفى عليه خافية فذلك مما ل يصح وليخش عقوبة الله تبارك‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫ت طائفة‬ ‫من الناس تهاونوا بهذه الشعيرة ولكن‪-‬والحمد لله‪-‬انتبه ْ‬ ‫كثير ِ‬
‫ن فلنا قد‬ ‫من الناس ِلذلك لكن ل زالت طائفة ُتعاِرض بذلك بدعوى أ ّ‬ ‫ِ‬
‫أفتى بكذا أو ما شابه ذلك‪ ،‬ونحن إذا جئنا إلى السّنة الصحيحة التي هي‬
‫ن الكتاب أشار إلى هذه القضية‬ ‫الفْيصل ‪ ..‬الفْيصل الكتاب والسّنة ولك ّ‬
‫ل دللة صريحة واضحة ل غموض‬ ‫والسّنة وضحت أّيما إيضاح فإنها َتد ّ‬
‫ن نساء‬‫جة أ ّ‬ ‫ن المرأة ترمي فهي تنادي بأعلى وتصرخ بأقوى ح ّ‬ ‫فيها أ ّ‬
‫من نساء المسلمين قد‬ ‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وغيرهن ِ‬
‫رمين‪ ،‬وأما ما جاء في بعض الروايات ) ورمينا عن النساء ( فتلك رواية‬
‫من سّنة النبي ‪‬‬ ‫باطلة عاطلة فاسدة كاسدة معارضة ِللصحيح الثابت ِ‬
‫من حيث المتن فباطلة ل‬ ‫من حيث السناد بمكان‪ ،‬أما ِ‬ ‫ضعف ِ‬‫من ال ّ‬ ‫فهي ِ‬
‫ت‪-‬برمي النساء‪ ،‬وهكذا‬ ‫يمكن التعويل عليها ‪ ..‬أحاديث تنادي‪-‬كما قل ُ‬
‫ن المرأة‬ ‫من عهد الصحابة إلى يومنا هذا ُيصّرحون بهذا وهو أ ّ‬ ‫العلماء ِ‬
‫من أن ترمي هي نفسها؛ والله‪-‬‬ ‫عندما تكون قادرة على الرمي فلبد ِ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫من عدم‬ ‫س‪ :‬لعل السائل يشير إلى أنه ليست المسألة ِ‬
‫القدرة المطلقة وإنما الضعف المركب في ذات المرأة ؟‬
‫‪-1‬باستثناء اليوم الثالث عشر كما سيأتي لحقا‪.‬‬
‫‪349‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن‬
‫من النساء يرمين ومعنى ذلك أ ّ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ نحن شاهدنا كثيرا ِ‬
‫من المور التي تستطيع عليها النساء‪ ،‬أما أن َيحتج بعض الناس‪-‬‬ ‫ذلك ِ‬
‫مثل‪-‬بأنه قد أسقط امرأة أو ما شابه ذلك فقد َيحتج أيضا غيره ويقول‬
‫ن‬
‫من الرجال قد ماتوا في بعض السنوات فهل معنى ذلك أ ّ‬ ‫ن طائفة ِ‬ ‫إ ّ‬
‫الرجال ل يرمون ؟!‬
‫ن‬‫من الناس َيظّنون أ ّ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫من المور التي يؤسف لها أ ّ‬ ‫لكن ِ‬
‫من أجل ذكر‬ ‫ُ‬
‫الشيطان عند الجمرات والمر بعكس ذلك إنما هذا أقيم ِ‬
‫ن هنالك‬ ‫من بقية المناسك وليس ل ّ‬ ‫الله تبارك وتعالى ‪ ..‬الرمي كغيره ِ‬
‫من الجهلة‬ ‫من الناس ِ‬ ‫جد كثيرا ِ‬ ‫شيطانا ُيقيم في تلك المواطن ولذلك ت َ ِ‬
‫من أجل أن يرموه‬ ‫الغمار َيذهبون وهم في أشد ّ الغْيظ على الشيطان ِ‬
‫ِبحسب زعمهم ولذلك َتجد الواحد‪ " :‬رميت الشيطان " أو ما شابه‬
‫من الصحة ‪ ..‬هذه خرافة ‪..‬‬ ‫ذلك‪ ،‬وهذا‪-‬على كل حال‪-‬كلم ل أساس له ِ‬
‫من العبادات ‪ ..‬إذا صلى‬ ‫نعم النسان يغيظ الشيطان في كل عبادة ِ‬
‫من‬‫من هذه العبادات أو ِ‬ ‫وإذا صام وإذا حج أو أتى ِبأيّ ركن أو شرط ِ‬
‫من طاعة الله هو يغيظ الشيطان لكن أن يغيظه في هذه فهذا‬ ‫غيرها ِ‬
‫جد‬‫كلم فارغ ل قيمة له ‪ ..‬على كل حال يذهبون بهذه النية ولذلك ت َ ِ‬
‫دا ِللزحام أو ما شابه ذلك ‪ ..‬لو أتوا ِبهذه المناسك على‬ ‫الواحد مستع ّ‬
‫حسب ما هو مشروع لكان المر يسيرا بحمد الله‪.‬‬
‫من أن‬ ‫من الناس يذهب الواحد في الوقت الفلني ولبد ِ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫ثم إ ّ‬
‫يرمي في ذلك الوقت لكن ل بأس إذا ذهب في الوقت الفلني ولم َيجد‬
‫خر ولو لمدة ساعة أو‬ ‫من الناس فليتأ ّ‬ ‫زحاما فليرم‪ ،‬وإذا وجد زحمة ِ‬
‫من الرجال‬ ‫أكثر ‪َ ..‬يبحث عن مكان آمن وليجلس فيه هو ومن معه ِ‬
‫والنساء وعندما يكون المر يسيرا بحمد الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فل بأس‬
‫بذلك‪.‬‬
‫ن العالم الفلني أو العالم الفلني‬ ‫وشون ويقولون‪-‬مثل‪-‬إ ّ‬ ‫بعض الناس يش ّ‬
‫ن هؤلء العلماء يحصرون‬ ‫ن الرمي يكون بعد الزوال " وكأ ّ‬ ‫قد قالوا‪ " :‬إ ّ‬
‫ذلك في تلك الساعة ولذلك هم يطلبون الرخصة ِبأن يكون الرمي في‬
‫وقت الضحى أو ما شابه ذلك ‪ ..‬على كل حال العالم ل َيملك بأن َيقول‪:‬‬
‫ُيرخص في كذا أو ما كذا أو في كذا ‪ ..‬إنما هو يعتمد على الدليل‪ ،‬فما‬
‫دل الدليل عليه ذهب إليه وما دل الدليل على خلفه ذهب إليه ‪ ..‬نعم‬
‫بعض الحيان تكون هنالك احتياطات فالحتياط إن لم تكن مشقة قد‬
‫يأخذ به النسان وقد يتركه إن كانت هنالك مشقة بل قد يتركه النسان‬
‫حتى لغير مشقة‪ ،‬أما هنا المر واضح ‪ ..‬النبي ‪ ‬رمى في ذلك الوقت‬
‫من أصحابه فكيف‬ ‫ولم يثبت عنه أنه رمى قبل ذلك ول أنه أذن لحد ِ‬
‫يمكن للنسان أن يأذن بعد ذلك ؟! أما أن يبحث وينّقر في الكتب حتى‬
‫‪350‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من المسائل وذهب إلى‬ ‫ل وأخطأ في مسألة ِ‬ ‫من العلماء ز ّ‬ ‫َيجد واحدا ِ‬
‫ما ل ينبغي أن ُيلتفت إليه بل ُيلتمس العذر ِلذلك‬ ‫م ّ‬
‫خلف السّنة فهذا ِ‬
‫العاِلم ول ُيتاَبع على خطئه ‪ ..‬هذا ما يقول به العلماء الربانيون‪ ،‬فالمر‪-‬‬
‫ت‪-‬ليس محصورا في وقت الزوال فليرم النسان بعد زوال‬ ‫كما قل ُ‬
‫الشمس في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر إلى غروب‬
‫ن الثالث عشر ل يمكن‬ ‫الشمس وفي اليوم الحادي والثاني عشر ل ّ‬
‫الرمي بعد غروب الشمس ‪ ..‬بإمكانه في الحادي عشر والثاني عشر‬
‫أن يرمي في الليل إن لم يتمكن حتى أن يرمي في الليل فليرم في‬
‫من الُيسر والسهولة ما هو واضح ‪ ..‬هو أيسر‬ ‫اليوم الثاني‪ ،‬وفي هذا ِ‬
‫من قول بعض العلماء الذين قالوا يمكن الرمي قبل الزوال ولكنه‬ ‫ِ‬
‫ن العبادة يمكن‬ ‫من ذلك بكثير‪ ،‬ثم إ ّ‬ ‫ينتهي بغروب الشمس ‪ ..‬هذا أيسر ِ‬
‫دم عن وقتها إل بدليل على‬ ‫أن ُتقضى بعد وقتها ولكن ل يمكن أن ُتق ّ‬
‫ن النبي ‪ ‬أذن للرعاة بأن‬ ‫من باب القضاء ل ّ‬ ‫ن ذلك ِ‬ ‫أنني ل أقول إ ّ‬
‫يؤخروا ول يمكن أن يأذن لهم بالقضاء وإنما ذلك يكون أداء لكن ل‬
‫ينبغي الترخص في الرمي في الليل أو في اليوم الثاني إل عند وجود‬
‫الحاجة‪.‬‬
‫ن الزوال‬ ‫وهنا‪-‬أيضا‪-‬أريد أن أنّبه إلى أمر مِهم ‪ ..‬بعض الناس يظنون أ ّ‬
‫يكون بالساعة الثانية عشر‪ ،‬فهم يذهبون وينظرون إلى الساعة الثانية‬
‫ن ذلك وقت‬ ‫عشر عندما تصل الساعة إلى ذلك قاموا بالرمي يظنون أ ّ‬
‫الرمي هكذا ‪ ..‬هذا خطأ ‪ ..‬نحن نشاهد في بلدنا هاهنا تزول الشمس‬
‫ويحين وقت الظهر في بعض الحيان قبل الساعة الثانية عشر وفي‬
‫بعض الحيان بعد الثانية عشر وفي بعض الحيان قد يكون في الثانية‬
‫عشر فإذن العبرة بزوال الشمس ل بالساعة الثانية عشر ‪ ..‬يأتينا بعض‬
‫الناس في أيام الحج يقول‪ " :‬أنا رميت في الساعة الثانية عشر "‬
‫ن ذلك هو الوقت فإذن ل يمكن أن نقول ذلك يكون في الساعة‬ ‫ويظن أ ّ‬
‫الفلنية ‪ ..‬ذلك يختلف باختلف الوقات ‪ ..‬قد يكون في بعض الشهر‬
‫في الساعة الفلنية ويكون في بعض الشهر في الساعة الفلنية بل‬
‫في بعض اليام في الساعة الفلنية وفي بعض اليام في الساعة‬
‫الفلنية‪.‬‬
‫هذا وأدعو الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن يأخذ الناس بكتاب ربهم وبسّنة‬
‫نبيهم ‪ ..‬أدعوهم جميعا للخذ بكتاب ربهم وسّنة نبيهم في أمر الحج‬
‫ما له علقة‬ ‫م ّ‬
‫من أمور العبادات والمعاملت وفي غيرها ِ‬ ‫وفي غيره ِ‬
‫ِبشرع الله تبارك وتعالى؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪ ،‬وهو أعلم‬
‫بكل شيء‪.‬‬

‫‪351‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ثالثا ‪ :‬التحلل الصغر والكبر‬


‫أول ‪ :‬التحلل الصغر‬
‫*الحلق أو التقصير‬
‫قصير أو الحلْق‪ ،‬كيف َيكون ؟‬ ‫ِ‬ ‫س‪ :‬الحلل ِبالتَ‬
‫رم‬‫ح ِ‬ ‫م ْ‬‫ج‪ :‬الحلل َيكون بِالحلق ويكون‪-‬كذلك‪ِ-‬بالتقصير‪ ،‬فالنسان اله ُ‬
‫أسه كله أو بِتقصِير‬ ‫حلق رَ ِ‬ ‫حل ِب ْ‬ ‫ِبالحج أو العُمرة أو بِهما مًَعا إما أن يُ ِ‬
‫هنا‪ ،‬كما يَصنَع كثير مِن‬ ‫ذ مِن هنا ومِن َ‬ ‫أخ َ‬ ‫س له أن يَ ُ‬ ‫وليْ َ‬ ‫رأسه كله‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫قصر شيئا آخر‬ ‫قصر شيئا قليل مِن الجهة الفلنية مِن رأسه ويُ ّ‬ ‫الناس يُ ّ‬
‫سنة رسول الله‬ ‫الف لِ ّ‬ ‫خ ِ‬
‫هذا خَطأ مُ َ‬ ‫من الجِهة الفلنية وهكذا ‪ ..‬ل ‪َ ..‬‬ ‫ِ‬
‫قصر الرأس ُكله‪َ ،‬‬
‫ول‬ ‫لبد مِن أن يُ ّ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪ُ ..‬‬
‫السنة الصحيحة الثَابتة عن رسول الله‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نص‬ ‫الحلق بِ‬ ‫ْ‬ ‫الفضل‬ ‫شك أنّ َ‬ ‫َ‬
‫قصرِين‬ ‫م ّ‬ ‫حّلقين ( ِقيل‪ " :‬واله ُ‬ ‫م َ‬ ‫م الله اله ُ‬ ‫‪ ، ‬فإنّ الرسول ‪ ‬قال‪َ ) :‬رحِ َ‬
‫قصرِين ؟ يا رسول الله‬ ‫م ّ‬ ‫حّلقين ( قِيل‪ " :‬واله ُ‬ ‫م َ‬ ‫م الله اله ُ‬ ‫ح َ‬‫؟ " قال‪َ ) :‬ر ِ‬
‫رين ؟ " قال‪) :‬‬ ‫قص ِ‬
‫م ّ‬ ‫حّلقين ( ِقيل‪ " :‬واله ُ‬ ‫م َ‬ ‫م الله اله ُ‬ ‫" قال‪َ ) :‬رحِ َ‬
‫رين (‪.‬‬ ‫قص ِ‬‫م ّ‬ ‫واله ُ‬
‫حّلقين ( قيل‪" :‬‬ ‫م َ‬ ‫م الله اله ُ‬ ‫ض الروايات‪َ ) :‬رحِ َ‬ ‫وجاء في َبْع ِ‬
‫عض الناس‬ ‫ِ‬ ‫ت عن بَ‬ ‫مع ُ‬ ‫س ْ‬ ‫رين (؛ وقد َ‬ ‫قص ِ‬ ‫م ّ‬ ‫رين ؟ " قال‪ ) :‬واله ُ‬ ‫قص ِ‬‫م ّ‬ ‫واله ُ‬
‫ل واحد بِدليل هذه الرواية ول دَللة‬ ‫ض َ‬
‫الف ْ‬ ‫أن َ‬ ‫قول بِ ّ‬ ‫قصير ويَ ُ‬ ‫الت ْ‬
‫أخذ بِ َ‬ ‫أنه يَ ُ‬ ‫ّ‬
‫مسند جاءت في بَْعض‬ ‫أول أنّ ِرواية اله ُ‬ ‫هذه الرواية على ذَلك أبدًا‪ّ ،‬‬ ‫في َ‬
‫م الله‬ ‫ح َ‬ ‫النسخ بِما ذكرناه وجاءت في نسخة َقدِيمة بِلفظ‪َ ) :‬ر ِ‬ ‫‪1‬‬
‫ّ‬
‫م الله‬ ‫ح َ‬ ‫قصرِين ؟ يا رسول الله " قال‪َ ) :‬ر ِ‬ ‫م ّ‬ ‫حّلقين ( ِقيل‪ " :‬واله ُ‬ ‫م َ‬ ‫اله ُ‬
‫فالنسخة‬ ‫ّ‬ ‫قصرِين (‪،‬‬ ‫م ّ‬ ‫قصرِين ؟ " قال‪ ) :‬واله ُ‬ ‫م ّ‬ ‫حّلقين ( قِيل‪ " :‬واله ُ‬ ‫م َ‬ ‫اله ُ‬
‫قصرِين‬ ‫م ّ‬ ‫أن هذه النسخة التي قال‪ ) :‬واله ُ‬ ‫ختَِلفة وليْس لحد أن يَدّعي بِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫الولى هي‬ ‫لعل ُ‬ ‫ّ‬ ‫( في المرة الولى ِبَأّنها هي النّسخة الصحيحة بَل‬
‫ذه‬ ‫ه ِ‬ ‫م م ِن َ‬ ‫أقدَ ُ‬
‫قَية الروايات ثم هِي ْ‬ ‫ون إلى بَ ِ‬ ‫ك ُ‬ ‫ب مَا تَ ُ‬ ‫الصحيحة لنها أقْرَ ُ‬
‫مكن أن نَقول‬ ‫أنه حَتى عَلى الرّواية الولى‪ 2‬يُ ْ‬ ‫هذا علَى ّ‬ ‫النسخة ِبكثير ‪َ ..‬‬ ‫ّ‬
‫صُهم‬‫خ ّ‬ ‫لن الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ -‬‬ ‫ّ‬ ‫ضيل المحلّقين‪،‬‬ ‫تف ِ‬ ‫ِب ْ‬
‫د ذلك‪) :‬‬ ‫رين ؟ "‪ ،‬قال بَْع َ‬ ‫أول بالذّكر فلما ِقيل له‪ " :‬والهمقصّ ِ‬ ‫ً‬
‫اب والسّّن ِ‬
‫ة‬ ‫الكتَ ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ائز بَِن ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫فالكلّ َ‬‫ُ‬ ‫رين ( ‪ ..‬وعلى كل حال‬ ‫قص ِ‬‫م ّ‬ ‫واله ُ‬
‫الصحيحة الثابتة عن رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬إل أَ ّ‬
‫ن‬
‫أيضا‪-‬‬
‫الذي فََعَله الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬هو الحلْق ثم‪ً -‬‬ ‫ِ‬

‫م الله‬
‫ح َ‬‫‪-1‬أي التي قال‪ ) :‬والمقصرين ( في المرة الولى أي الرواية التي جاء فيها‪َ ) :‬ر ِ‬
‫رين (‪ ،‬مسند المام الربيع بن حبيب‪،‬‬ ‫مقصّ ِ‬‫رين ؟ " قال‪ ) :‬واله ُ‬‫مقصّ ِ‬‫الهمـحَّلقين ( قيل‪ " :‬واله ُ‬
‫حديث رقم‪.444 :‬‬
‫م الله‬‫ح َ‬‫‪-2‬أي التي قال‪ ) :‬والمقصرين ( في المرة الولى أي الرواية التي جاء فيها‪َ ) :‬ر ِ‬
‫رين (‪.‬‬‫مقصّ ِ‬‫رين ؟ " قال‪ ) :‬واله ُ‬‫مقصّ ِ‬‫الهمـحَّلقين ( قيل‪ " :‬واله ُ‬
‫‪352‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫حّلقين ( في‬ ‫م َ‬
‫دمه في الذّْكر سواء ُقلنا إنه قال‪ ... ) :‬اله ُ‬ ‫هو الذِي قَ ّ‬
‫حّلقين وما‬ ‫م َ‬ ‫أنه بدأ أوّل بِاله ُ‬ ‫المرة الولى أو في الثانية أو في الثالثة إل ّ‬
‫ذكِر له ذلك صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬ ‫رين ( إل بَعد أن ُ‬ ‫قص ِ‬
‫م ّ‬ ‫قال‪ ) :‬واله ُ‬
‫مع النسان بيْن الحلْق‬ ‫ج َ‬
‫ن الفضل أنْ َي ْ‬ ‫العْلم أَ ّ‬‫ر بعضُ أهل ِ‬ ‫هذا‪ ،‬وقد َذَك َ‬
‫حلق رأسِه‪ ،‬وهذا‪-‬في حقيقة‬ ‫قوم بعد ذلك ِب ْ‬ ‫صر أوّل ثُم يَ ُ‬ ‫ق ّ‬‫والتقصير ‪ُ ..‬ي َ‬‫ِ‬
‫جه أو من‬ ‫ح ّ‬ ‫ل مِن َ‬ ‫ل َفقد أَحَ ّ‬ ‫أو ً‬
‫رأسه ّ‬
‫َ‬ ‫صرَ‬ ‫لن مَن َق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ليس بِشيءٍ‪،‬‬ ‫الواقع‪ْ -‬‬ ‫َ‬
‫ادف ذلك‬ ‫ص ِ‬ ‫ن َبينهما وبعد ذَلك لم يُ َ‬ ‫عمرتِه أو مِنْهما مَعًا إذَا كَان قد قَرَ َ‬ ‫ُ‬
‫حِلق‬
‫حِلق َفْلَي ْ‬ ‫ل بعد ذلك َفُهو إن شاء أن يَ ْ‬ ‫ح ً‬‫ادف مَ َ‬ ‫ص ِ‬‫حِليق مَحلا ‪ ..‬لم يُ َ‬ ‫الت ْ‬ ‫َ‬
‫مرَاد ِبالحلْق الذي‬ ‫فليَْترُك‪ ،‬فَاله ُ‬ ‫ول عَلقَة لَه ِبالحلل وإن شاء أن َيتْرك ْ‬ ‫َ‬
‫ع بَْينَُهما‪-‬‬
‫م َ‬‫ج َ‬ ‫صير وإل مَن َ‬ ‫ق ِ‬ ‫سبقه تَ ْ‬
‫قصير هو الذي لم يَ ْ‬ ‫ل مِن التّ ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫هو أَْف َ‬
‫اقع قد أخذَ ِبالتقصِير ولم‬ ‫ل ُثم حََلق‪-‬فهو في حَقيقة الوَ ِ‬ ‫أو ً‬
‫ر ّ‬ ‫ص َ‬‫أي مَن قَ ّ‬
‫الحلق؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ت بِ‬‫َيْأ ِ‬

‫* الهدي‬
‫ح ِللحاج أن‬ ‫ص ّ‬‫منى‪ ،‬هل ي َ ِ‬ ‫ج ِ‬‫جد خار َ‬ ‫سَلخ ُيو َ‬ ‫م ْ‬ ‫س‪ :‬هناك َ‬
‫دي فيه ؟‬ ‫َيه ِ‬
‫ب‬‫كة بل في الحَرم كّله على مذه ِ‬ ‫م ّ‬‫منى وفي َ‬ ‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬الهد ْيُ َيجوز في ِ‬
‫صت السّنة على جواِز‬ ‫ت على ذلك السّنة ‪ ..‬ن ّ‬ ‫ص ْ‬‫جمهورِ العلماء كما ن ّ‬
‫منى وفي مكة‪ ،‬وسائُر الحَرم تاب ِعٌ َلهما؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫ذلك في ِ‬
‫دي‪ ،‬فماذا َيصنع ؟‬ ‫طع اله ْ‬ ‫ده فلم َيست ِ‬ ‫قدَ نقو َ‬ ‫ف َ‬‫س‪ :‬رجل َ‬
‫ة‬
‫ة أيام في الحج وسبع َ‬ ‫ل الله ‪ِ ‬لذلك َبدل ً وهو أن َيصوم ثلث َ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ج‪ :‬قد َ‬
‫أيام بعد رجوعه فتلك عشرة كاملة ‪ ..‬جاء ذلك في كتاب الله تبارك‬
‫ة‬
‫صم في الحج ثلث َ‬ ‫جد شيئا ِللهدي فل ْي َ ُ‬ ‫ده ولم ي َ ِ‬ ‫من فََقد َ نقو َ‬ ‫وتعالى ‪ ،‬ف َ‬
‫‪1‬‬

‫أيام ‪ ..‬قالوا‪ :‬إما أن َيصوم السابع والثامن والتاسع وإما أن َيصوم‬


‫السادس والسابع والثامن‪.‬‬
‫ن الرسول ‪ ‬كان‬ ‫وأقول‪ :‬ل َينبغي ِللنسان أن َيصوم اليوم التاسع‪ ،‬ل ّ‬
‫شقّ على النسان ولسيما إذا‬ ‫ن الصيام ي ُؤَث ُّر وي َ ُ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫مْفط ًِرا‪ ،‬و ِ‬
‫ُ‬
‫مت ْعًَبا ل‬ ‫من ْهَ ً‬
‫كا ُ‬ ‫حّر الشديد فَيبقى في وقت العصر ُ‬ ‫كان ذلك في اله َ‬
‫حب‪ ،‬فلماذا َيصوم في هذا اليوم ؟! فإذن‬ ‫َيستطيع أن َيدعو ِبحسب ما ي ُ ِ‬
‫من أهل العلم‪،‬‬ ‫إما أن َيصوم السادس والسابع والثامن على رأي طائفة ِ‬
‫ن الصحابة‪-‬رضي الله تبارك‬ ‫من بعض الروايات الصحيحة أ ّ‬ ‫خذ ِ‬ ‫والذي ُيؤ َ‬
‫وتعالى عنهم‪-‬كانوا َيصومون في أيام التشريق ‪ ..‬في اليوم الحادي‬
‫‪2‬‬

‫‪-1‬قال الله تعالى‪ ...  :‬فَإ َ َ‬


‫ي فَ َ‬
‫من‬ ‫ن ال ْهَد ْ ِ‬ ‫م َ‬
‫سَر ِ‬ ‫ست َي ْ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ج فَ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫مَرةِ إ َِلى ال ْ َ‬ ‫مت ّعَ ِبال ْعُ ْ‬
‫من ت َ َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫منت ُ ْ‬‫ذا أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫من‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫م‬‫ِ‬ ‫َ‬
‫كا‬ ‫ٌ‬ ‫ة‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ع‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ذا‬
‫ِ َ‬ ‫إ‬ ‫ٍ‬ ‫ة‬‫َ‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫ب‬‫س‬ ‫َ َ‬ ‫و‬ ‫ج‬‫ّ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫في‬ ‫م َثلث َةِ أّيام ٍ ِ‬ ‫جد ْ فَ ِ‬
‫صَيا ُ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫لّ ْ‬
‫َ‬
‫حَرام ِ ‪ ]  ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.[ 196 :‬‬ ‫جدِ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ري ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ض ِ‬
‫حا ِ‬‫ه َ‬‫أهْل ُ ُ‬
‫من لم َيجد الهدي‪.‬‬ ‫‪-2‬أي بالنسبة ل ِ َ‬
‫‪353‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫عشر والثاني عشر والثالث عشر ‪ ..‬هكذا جاء في بعض الروايات‬


‫ل على مشروعية الصيام في هذه‬ ‫الصحيحة المروية عنهم‪ ،‬وذلك َيد ّ‬
‫من أنه ل ُيصام في هذه‬ ‫من أهل العلم ِ‬ ‫ذهب إليه كثير ِ‬ ‫اليام‪ ،1‬خلفا ِلما َ‬
‫اليام َنظرا ِللنهي الواِرد عن النبي ‪ ‬عن الصيام فيها ولكن‪-‬في حقيقة‬
‫ن ذلك‪ 2‬فيما َيظهر كان‬ ‫صة‪ ،‬ل ّ‬ ‫الواقع‪-‬ذلك النهي عام وهذه الرواية خا ّ‬
‫ي ََقعُ منهم في عْهد النبي ‪ ‬وإذا تعاَرض دليلن أحدهما عام والخر‬
‫دم عليه كما هو مذهب جمهور‬ ‫ن الخاص َيقضي على العام فُيق ّ‬ ‫خاص فإ ّ‬
‫مة؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫من بعض الشخاص الذين‬ ‫أما إذا كان هذا الرجل غنيا في بلده واقترض ِ‬
‫رض إذا كان ل مشّقة عليه‪ ،‬أما إذا كان ل‬ ‫معه فل بأس عليه ِبأن َيقت ِ‬
‫من الدراهم َيقوم ِبقضائها‬ ‫من عدم وجود شيٍء ِ‬ ‫جد الوفاء أو َيخشى ِ‬ ‫يَ ِ‬
‫ن‬
‫ت‪-‬أ ّ‬
‫جد عند أصحابه أو ما شابه ذلك‪-‬فكما ذكر ُ‬ ‫لصحابه مثل أو ل ُيو َ‬
‫سر والحمد لله تبارك‬ ‫من باب الي ُ ْ‬ ‫ل لنا َبدل ً وهذا ِ‬ ‫جع َ َ‬
‫الله‪-‬تعالى‪-‬قد َ‬
‫سروا ول ت ُن َّفروا (؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫وتعالى‪ ) :‬ي َ ّ‬
‫ثالثا‪ :‬طواف الفاضة‬
‫صح أن ُيؤجّل إلى‬ ‫ّ‬ ‫س‪ :‬بالنسبة لطواف الفاضة‪ ،‬هل يَ‬
‫طواف الوداع ؟‬
‫ج‪ :‬الرسول ‪ ‬طاف في النهار على الصحيح‪ ،‬وما جاء مِن أنه طاف‬
‫طوافه ‪ِ ‬للوداع فإنه‬‫ِ‬ ‫هم ذلك مِن‬ ‫و ّ‬
‫ولعل الراوي َت َ‬‫ّ‬ ‫بالليل فخطأٌ ل يَصح‪،‬‬
‫طافه قَْبل صلة الفجر على الصحيح‪ ،‬ومَن كانت لديه القدرة فيَنبغي له‬
‫ومن لم‬ ‫أن َيقتِدي بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪َ ،‬‬
‫خر ذلك إلى اليوم الذي‬ ‫ؤ ّ‬
‫مكن أن يُ َ‬ ‫مرض أو ما شابه ذلك فيُ ْ‬ ‫ستطع لِ َ‬
‫ِ‬ ‫َي‬
‫طف في ذلك اليوم طواف الفاضة‬ ‫ُيريد أن َيخرُج فيه إلى بلده وليَ ُ‬
‫جزيه عن طواف الوداع بِشرط أن يكون آخر العمال ‪ ..‬نعم‬ ‫وذلك يُ ِ‬
‫ع مِن َقبْل‪ ،‬أما‬‫س َ‬
‫خص له أن يَأتي بَْعده بالسعي إن كان لم يَ ْ‬ ‫ُيمكن أن يُرَ ّ‬
‫شرع إل للعُمرة‬ ‫ع‪ ،‬إذ إنّ السعي ل يُ ْ‬ ‫إذا كان قد سعى مِن قبل فل َيسْ َ‬
‫من قبل في حالتين ‪ ..‬في‬ ‫والحج‪ ،‬ويمكن أن يكون النسان قد سعى ِ‬
‫س عى‬‫حالة الفراد والقِران‪ ،‬أما في حالة التمتّع فالمتمتّع لبد أن يَ ْ‬
‫مرتين ‪ ..‬بعد طواف العُمرة وبعد طواف الحج ‪ ..‬هذا هو مذهب‬
‫الجمهور‪ ،‬وهو الذي دَّلت عليه السنّة‪ ،‬خلفا لبن تيمية ومَن سار على‬
‫نهجه مِن أنه ُيجزيه سعي واحد‪ ،‬فهذا مخالِف للسنّة‪.‬‬

‫من لم َيجد الهدي‪.‬‬


‫‪-1‬أي بالنسبة ل ِ َ‬
‫‪-2‬أي الصيام في أيام التشريق ) أي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر (‬
‫من لم َيجد الهدي‪.‬‬ ‫بالنسبة ل ِ َ‬
‫‪354‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫سابعا ‪:‬أعمال أيام التشريق ) ‪11,12,13‬من ذي الحجة (‬


‫منى ؟‬ ‫كة أيام ِ‬ ‫قيل ِبم ّ‬ ‫م ِ‬
‫س‪ :‬ما حكم ال َ‬
‫ت في سّنة رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫ن الثاب َ‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫كة‬‫من م ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ن رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ -‬‬ ‫وسلم‪-‬أ ّ‬
‫صّلى ِبها‬ ‫منى و َ‬ ‫جة إلى ِ‬ ‫من شهر ذي الح ّ‬ ‫المكّرمة في اليوم الثامن ِ‬
‫ب إلى‬ ‫الظهر والعصر والمغرب والِعشاء والفجر‪ ،‬ثم بعد ذلك ذ َهَ َ‬
‫عرفة‪ ،‬ثم‬ ‫ب إلى َ‬ ‫مَرة ثم ذ َهَ َ‬ ‫معا ب ِن َ ِ‬ ‫ج ْ‬‫صّلى أوّل ً الظهر والعصر َ‬ ‫عرفة ‪َ ..‬‬
‫ت ِبالمزدلفة‪ ،‬ثم َبعد أن‬ ‫ج منها بعد غروب الشمس ودخول الليل وبا َ‬ ‫خَر َ‬ ‫َ‬
‫مرة العََقَبة وذ ََبح‪ ،‬ثم‬ ‫ج ْ‬ ‫مى َ‬ ‫منى وَر َ‬ ‫ج منها إلى ِ‬ ‫خَر َ‬‫عا َ‬ ‫صّلى الفجر ود َ َ‬ ‫َ‬
‫من قبل‬ ‫سَعى ِ‬ ‫سعَ لنه قد َ‬ ‫كة المكَرمة وطاف ِبها ولم ي َ ْ‬ ‫ب إلى م ّ‬ ‫ذ َهَ َ‬
‫عمرته صلوات الله‬ ‫جه و ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫سعُْيه ذلك كان كافيا له لنه كان َقاِرنا بْين َ‬ ‫و َ‬
‫كة ثم‬ ‫صّلى الظهر ِبم ّ‬ ‫وسلمه عليه‪ ،‬وقد جاء في بعض الروايات أنه َ‬
‫منى‪ ،‬وقد‬ ‫صّلى الظهر ب ِ ِ‬ ‫منى‪ ،‬وجاء في بعض الروايات أنه َ‬ ‫ذهب إلى ِ‬
‫اختلف العلماء في هاتين الروايتين‪:‬‬
‫منى‪.‬‬ ‫ة الصلة ب ِ ِ‬ ‫ح رواي َ‬ ‫ح َ‬ ‫ص ّ‬ ‫من َ‬ ‫منهم َ‬
‫من شاء‬ ‫ت ذلك في " الطوفان " ‪ ،‬ف َ‬ ‫س ذلك‪ ،‬كما ذكر ُ‬ ‫من عَك َ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫‪1‬‬

‫جع إليه‪.‬‬ ‫ذلك فل ْي َْر ِ‬


‫صّلى الظهر‬ ‫كن أن تكون الروايتان صحيحتين معا وُيجمع بينهما ِبأنه َ‬ ‫وُيم ِ‬
‫صّلوا خْلفه فريضة ويكون الخطأ قد وَقَ َ‬
‫ع‬ ‫صّلى ِبأصحابه ن َْفل ً و َ‬ ‫كة ثم َ‬ ‫ِبم ّ‬
‫صّلى في الموضعين معا إل‬ ‫في قول الراوي‪ " :‬فريضة " وإل فإنه قد َ‬
‫من الروايتين صحيحة ِباستثناء‬ ‫منى نافلة فتكون كل واحدة ِ‬ ‫صّلى ب ِ ِ‬ ‫أنه َ‬
‫ل قوي‪ ،‬وقد جاءت أدّلة‬ ‫كلمة‪ " :‬الظهر " فإنها ل َتصح‪ ،‬وهذا له احتما ٌ‬
‫رض‪.‬‬ ‫ل على مشروعية إمامةِ المتنّفل ِبالمفت ِ‬ ‫ددة َتد ّ‬ ‫متع ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫ة واضحة أ ّ‬ ‫وفي هذا دلل ٌ‬
‫شرة‪.‬‬ ‫منى مبا َ‬ ‫جعَ إلى ِ‬ ‫كة في هذه اليام بل َر َ‬ ‫وسلم‪-‬لم ي َب ْقَ ِبم ّ‬
‫كة المكّرمة‬ ‫ن النسان له أن َيبقى ِبم ّ‬ ‫من أ ّ‬ ‫من الفقهاء ِ‬ ‫فما ي َذ ْك ُُره كثير ِ‬
‫مخاِلف ِلسّنة رسول الله صلى‬ ‫وأنه ل بأس بذلك ‪ ..‬نقول‪ :‬هذا المر ُ‬
‫من طواِفه‬ ‫الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬إذ إنه ِبمجّرد انتهاِئه ِ‬
‫ت هذه الرواية‪-‬‬ ‫صلوات الله وسلمه عليه‪-‬وصلةِ الظهر على تقدير ثبو ِ‬
‫ن السّنة َتد ّ‬ ‫َ‬ ‫منى مبا َ‬
‫ل على‬ ‫كن أن ُيقال‪ " :‬إ ّ‬ ‫ن ُيم ِ‬ ‫من أي ْ َ‬ ‫شرة ف ِ‬ ‫ب إلى ِ‬ ‫ذ َهَ َ‬
‫ل رسول الله ‪ ‬الذي ذكرناه ؟!‬ ‫كة " مع فِعْ ِ‬ ‫من البقاء ِبم ّ‬ ‫أنه ل بأس ِ‬
‫من طواف الفاضة أو السعي إذا كان‬ ‫فينبغي ِللنسان عندما َينتهي ِ‬

‫‪-1‬الجزء الثالث من كتاب " الطوفان الجارف لكتائب البغي والعدوان "‪ ،‬الطبعة الولى )‬
‫‪1420‬هه‪2000-‬م (‪ ،‬ص ‪.339-337‬‬
‫‪355‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫شرة سواًء كان ذلك في الليل أو‬ ‫منى مبا َ‬ ‫عليه السعي أن َيذهب إلى ِ‬
‫في النهار ‪ ..‬هذا هو الذي د َّلت عليه السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي‬
‫‪ ‬ثبوًتا ل شك فيه‪.‬‬
‫ن العبرةَ ِبالسّنة في مثل هذه المور‪،‬‬ ‫من خاَلف ذلك‪ ،‬فإ ّ‬ ‫عبرة ِبرأي َ‬ ‫ول ِ‬
‫كما هو معلوم‪.‬‬
‫ن النبي ‪ ‬طاف ليل أو أنه كان‬ ‫من أ ّ‬ ‫هذا وما جاء في بعض الروايات ِ‬
‫ن تلك الروايات ل َتثبت عن‬ ‫منى وَيطوف ِبالبيت فإ ّ‬ ‫َيذهب في ليالي ِ‬
‫كارة ِبمكان‪.‬‬ ‫من الن َ‬ ‫رسول الله ‪ ، ‬فهي ِ‬
‫منى في هذه اليام سواًء كان ذلك في الليل أو‬ ‫فإذن السّنة البقاء في ِ‬
‫من عليه سعي؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫في النهار ِباستثناء أداِء الطواف والسعي ل ِ َ‬
‫عيد تلك المسألة التي ذكرُتموها في‬ ‫س‪ :‬ربما ُيريد أن ي ُ ِ‬
‫ة ماضية‪ .. 1‬مسألة رمي الجمرات ‪ ..‬هل ُيشَترط أن‬ ‫حلق ٍ‬
‫حوض ؟‬ ‫قع على ال َ‬ ‫عمود أم َيكفي أن ت َ َ‬ ‫ب ال َ‬ ‫صي َ‬ ‫تُ ِ‬
‫كن في ِبداية المر ‪..‬‬ ‫حاِدث ‪ ..‬أي لم ي َ ُ‬ ‫مود َ‬ ‫ن ذلك العَ ُ‬ ‫ج‪ :‬ل ُيشَترط‪ ،‬ل ّ‬
‫خت ََلف‬‫أي في عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلة والسلم‪ ،‬وقد ا ْ‬
‫العلماء هل كان موجودا في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم ؟‬
‫ده صلوات الله وسلمه عليه‪،‬‬ ‫وجودا في عه ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ذهب بعضهم إلى أنه كان َ‬
‫م النبي ‪. ‬‬ ‫ت مروي عن أبي طالب عَ ّ‬ ‫واسَتشَهدوا على ذلك ب ِب َي ْ ٍ‬
‫دا‪.‬‬‫جو ً‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫كن َ‬ ‫ضُهم إلى أنه لم ي َ ُ‬ ‫وذهب َبع ُ‬
‫مشُروع‬ ‫ن اله َ‬
‫وجودا فإ ّ‬ ‫وجودا أو لم َيكن م ْ‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬سواًء كان م ْ‬
‫شَترط ِبأن َيكون ذلك في ذلك‬ ‫ي النسان في الحوض‪ ،‬ول َ ي ُ ْ‬ ‫م َ‬
‫أن َير ِ‬
‫خص؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫مود الشا ِ‬ ‫العَ ُ‬
‫من الحجاج في رمي‬ ‫من جماعة ِ‬ ‫ل أخذ وكالة ِ‬ ‫س‪ :‬رج ٌ‬
‫جمار وأخذ منهم الحصى ثم رماها في الشارع ولم ي َْرم ِ‬ ‫ال ِ‬
‫خِبرهم وهم عاجزون عن الرمي‪ ،‬فما‬ ‫الجمرات ولم ي ُ ْ‬
‫الحكم ؟‬
‫ما فَعََله هذا الشخص ‪ ..‬لقد وَقَعَ في‬ ‫م ّ‬‫ج‪ :‬العياذ ِبالله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ -‬‬
‫من معاصي الله تبارك وتعالى‪ ،‬وعليه أن َيتوب إلى الله‪-‬تبارك‬ ‫معصيةٍ ِ‬
‫خِبر أولئك الشخاص الذين أنابوه وَوَث ُِقوا ِبه‬ ‫ما وَقَعَ فيه وأن ي ُ ْ‬ ‫م ّ‬
‫وتعالى‪ِ -‬‬
‫ضه الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليهم‪ ،‬وبعد ذلك‬ ‫دي عنهم ما فََر َ‬ ‫سي ُؤَ ّ‬‫وظّنوا أنه َ‬
‫عليهم أن َيسألوا عن هذه المسألة التي وَقَُعوا فيها‪ ،‬لنهم‪-‬في حقيقة‬
‫من أن‬ ‫من الرمي‪ ،‬فلبد ِ‬ ‫عه الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ -‬‬ ‫شَر َ‬ ‫الواقع‪-‬لم ي َأ ُْتوا ِبما َ‬
‫مل ذلك ؟ في هذه‬ ‫من هو الذي َيتح ّ‬ ‫كم عليهم ِبالدم‪ ،‬ولكن َبقي َ‬ ‫ُيح َ‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬من حلقة ‪ 17‬رمضان ‪1424‬هه ) ‪12/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪356‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫حاك َ ُ‬
‫موا هذا الشخص فلهم أن‬ ‫من أن ي ُن ْ َ‬
‫ظر إليها‪ ،‬وإن َ‬ ‫المسألة لبد ِ‬
‫موه في ذلك‪.‬‬‫ُيحاك ِ ُ‬

‫ج عنه وكما َتعَلمون‬ ‫َ‬ ‫فاه الله وأ ُ‬ ‫دي تو ّ‬


‫ح ّ‬ ‫ريد أن أ ُ‬ ‫ِ‬ ‫س‪ :‬وال ِ ِ‬
‫ي‬
‫م ِ‬ ‫جَر ل َِر ْ‬ ‫ؤ ّ‬ ‫مة كِبيَرة‪ ،‬هل ِلي أن أ ُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ي الجمار َتكون ز ْ‬ ‫م ِ‬ ‫عندَ َر ْ‬
‫سي‪.‬‬ ‫َ‬
‫ت الحج عن نف ِ‬ ‫الجمار ؟ مع العلم أّنني أدّي ْ ُ‬
‫من‬ ‫سه فلُبد ِ‬ ‫طيع أن َيقوم ِبالّرمي هو نف ُ‬ ‫ذا الشخص َيست ِ‬ ‫ج‪ :‬إن كان هَ َ‬
‫ب غي َْره سواء كان ذلك ِبالجَرة‬ ‫مي هو نفسه‪ ،‬وليس َله أن َيست َِني َ‬ ‫أن َير ِ‬
‫وى على ذلك فن ََعم َله‬ ‫ما إذا كان ل ي َْق َ‬ ‫ل الخْير‪ ،‬أ ّ‬ ‫ض أه ِ‬ ‫من بع ِ‬ ‫أو ِبالّتعاون ِ‬
‫ن معه وَيقوم ِبالّرمي‬ ‫ل الخْير ِبأن ي َت ََعاوَ َ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ره ِ‬ ‫من غي ْ ِ‬ ‫ما أن َيطلب ِ‬ ‫إ ّ‬
‫جَر غي َْره‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫ما أن ُيؤ ّ‬ ‫سَنة‪ ،‬وإ ّ‬ ‫جا في تلك ال ّ‬ ‫عنه ِبشرط أن َيكون حا ّ‬
‫جا في تلك السنة‪.‬‬ ‫ط أن َيكون حا ّ‬ ‫ِبشْر ِ‬
‫من الّرمي‬ ‫من الناس َيظّنون أنه لبد ِ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫ولكن َينبِغي أن ي ُن ْت ََبه إلى أ ّ‬
‫طيعوا الّرمي في ذلك الوقت‬ ‫جدا فإذا َلم َيست ِ‬ ‫دد ضّيق ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ت ُ‬ ‫في وق ٍ‬
‫ن الّرمي في أيام ِ‬ ‫ت ِبالمس أ ّ‬ ‫مُر كذلك‪ ،‬أنا ذكر ُ‬ ‫أنابوا غي َْرهم‪ ،‬وليس ال ْ‬
‫من‬ ‫شريق‪-‬أي في اليوم ِ الحاِدي عشر والثاني عشر والثالث عشر ل ِ َ‬ ‫الت ّ ْ‬
‫مَتد إلى‬ ‫مي قب َ‬ ‫َ‬
‫ل ذلك‪ ،‬وهو ي َ ْ‬ ‫صف النهار‪ ،‬وليس لحد أن َير ِ‬ ‫مْنت َ‬ ‫دأ ب ِ ُ‬‫خر‪َ-‬يب َ‬ ‫ت َأ ّ‬
‫وقت‪-‬‬ ‫مي في ذلك ال َ‬ ‫طع النسان أن َير ِ‬ ‫ذا َلم َيست ِ‬ ‫ب الشمس‪ ،‬وإ َ‬ ‫غرو ِ‬
‫مي عن‬ ‫كن َله أن َير ِ‬ ‫مي حتى في الليل َبل ُيم ِ‬ ‫ِللمشّقة مثل‪-‬فإّنه َله أن َير ِ‬
‫اليوم ِ الحاِدي عشر في اليوم ِ الثاني عشر أو في الثالث عشر‪ ،‬وهذه‪-‬‬
‫خر‪،‬‬ ‫من استطاع فل ينبِغي َله أن ُيؤ ّ‬ ‫ما َ‬ ‫طع‪ ،‬أ ّ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫من َلم ي َ ْ‬ ‫صة ل ِ َ‬ ‫خ َ‬ ‫طبعا‪ُ-‬ر ْ‬
‫ما إذا كان ل‬ ‫سر ما ل َيخفى‪ ،‬أ ّ‬ ‫من الي ُ ْ‬ ‫وهذا ِبحمد ِ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فيه ِ‬
‫طيع ذلك فل‪َ ،‬فلي َْنتبه الناس ِلهذه القضايا‪ ،‬وأّنه ليس َلهم أن‬ ‫َيست ِ‬
‫ت‪-‬فيما بْين‬ ‫َيستِنيبوا إل عند َ عدم ِ القدرة‪ ،‬فإن َلم يستطيعوا‪-‬كما قل ُ‬
‫ب الشمس فَلهم أن َيرموا حتى ِبالليل وَلهم حتى‬ ‫منتصف النهار وغرو ِ‬
‫من‬ ‫ب الشمس ِ‬ ‫ل غرو ِ‬ ‫ط أن َيكون ذلك قب َ‬ ‫في اليوم ِ الذي ي َِليه ِبشْر ِ‬
‫ث‬‫مس‪-‬وهو حدي ٌ‬ ‫ضح‪-‬ذكرُته ِبال ْ‬ ‫ل وا ِ‬ ‫اليوم ِ الثاِلث عشر‪ ،‬وهذا َله د َِلي ٌ‬
‫من طلوِع‬ ‫شر فهو ِ‬ ‫ي اليوم ِ العا ِ‬ ‫ما َرم ُ‬ ‫حيح ثاِبت عن النبي ‪ ، ‬أ ّ‬ ‫ص ِ‬
‫س‬‫ب الشم ِ‬ ‫ل العلم‪ ،‬وإلى غرو ِ‬ ‫ض أه ِ‬ ‫ف النهار عند َ بع ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫من ْت َ َ‬ ‫الشمس إلى ُ‬
‫مي حتى في‬ ‫كن فِبإمكاِنه أن َير ِ‬ ‫م ّ‬‫من َلم ي َت َ َ‬ ‫عند َ طائفةٍ أخرى‪ ،‬ومع ذلك َ‬
‫ب‬‫خر ما ذكرُته في الجوا ِ‬ ‫الليل َبل وحتى في اليوم ِ الحاِدي عشر إلى آ ِ‬
‫كن أن َيكون في الثاِني عشر أو في الثاِلث عشر‬ ‫السابق ‪ ..‬أي ُيم ِ‬
‫ض‬‫من اليوم ِ الثاِلث عشر‪ ،‬بل بع ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ب الشم ِ‬ ‫ل غرو ِ‬ ‫ط أن َيكون قب َ‬ ‫ِبشْر ِ‬
‫من الّنساِء‬ ‫جزة ِ‬ ‫شر في حقّ العَ َ‬ ‫ي في اليوم ِ العا ِ‬ ‫ن الّرم َ‬ ‫العلماء قال‪ " :‬إ ّ‬
‫‪357‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‬
‫شر "‪ ،‬وذلك لي َ‬ ‫من الَيوم ِ العا ِ‬ ‫جر ِ‬ ‫دأ ب ِط ُُلوِع الف ْ‬
‫ل والمرضى َيب َ‬ ‫والطفا ِ‬
‫ث فيها‬ ‫ن الحاِدي َ‬ ‫من الّنظر‪ ،‬ل ّ‬ ‫ة ِبحاجة إلى شيٍء ِ‬ ‫ت المسأل ُ‬ ‫ِببِعيد وإن كان ْ‬
‫مت ََعاِرضة‪.‬‬‫ُ‬
‫ل على جواِز‬ ‫دا ي َد ُ ّ‬
‫ديث ثاِبت أب َ ً‬ ‫جد ح ِ‬‫ريق فل ُيو َ‬ ‫ما ِبالّنسبةِ إلى أيام ِ الّتش ِ‬‫أ ّ‬
‫ل ذلك فعليه الّتوَبة إلى الله‪-‬‬ ‫مى قب َ‬ ‫من َر َ‬
‫ف النهار‪ ،‬وَ َ‬ ‫ل منتص ِ‬ ‫ي قب َ‬‫الرم ِ‬
‫ت باِقيا فعليه أن ي ُِعيد َ ذلك؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫وق ُ‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬وإذا كان ال َ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫مَرات‬ ‫ج َ‬ ‫ل ل َِرمي الق َ‬ ‫س‪ :‬في اليوم الحادي عشر ذهب رج ٌ‬


‫مَرت َْين‬ ‫ج ْ‬ ‫مَرة الولى وذهب ل َِرمي الق َ‬ ‫ج ْ‬‫وعند وصوله َرمى الق َ‬
‫دة الزحام في ذلك اليوم لم َينتِبه‬ ‫من ش ّ‬ ‫الوسطى والكبرى و ِ‬
‫ل إلى‬ ‫ص َ‬ ‫و َ‬ ‫سها عن َرمِيها حتى َ‬ ‫مَرة الوسطى و َ‬ ‫ج ْ‬ ‫إلى الق َ‬
‫ك في‬ ‫ش ّ‬ ‫عودِته ِبالطريق َ‬ ‫مَرة الخيرة وَرماها وعند َ‬ ‫ج ْ‬ ‫الق َ‬
‫كه حتى‬ ‫ش ّ‬ ‫مَرة الوسطى وَبقي على َ‬ ‫ج ْ‬ ‫سه أنه لم ي َْرم ِ الق َ‬ ‫نف ِ‬
‫عودِته ِللرمي في هذا اليوم‬ ‫اليوم التالي‪-‬الثاني عشر‪-‬وعند َ‬
‫كه ِلليوم‬ ‫ش ّ‬ ‫صَيات عن َ‬ ‫ح َ‬ ‫ع َ‬ ‫مَرة وَرماها ِبسب ِ‬ ‫ج ْ‬‫ل تلك الق َ‬ ‫ص َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫زي‬ ‫الول وذلك في اليوم الثاني عشر‪ ،‬فهل َتصّرفه هذا ُيج ِ‬
‫أم ماذا َيكون عليه ؟‬
‫ج‪ :‬هل رماها في اليوم الثاني عشر مرتين ‪ ..‬عن الحادي عشر وعن‬
‫الثاني عشر ؟‬
‫مه هكذا‪.‬‬ ‫من كل ِ‬ ‫هر ِ‬ ‫س‪ :‬الظا ِ‬
‫من أهل العلم‪.‬‬ ‫ج‪ :‬إذا كان قد رماها فل شيَء عليه على مذهب كثير ِ‬
‫وسطى‬ ‫ي ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫من أن َير ِ‬ ‫رط الترتيب في هذه القضية فلبد ِ‬ ‫من َيشت ِ‬ ‫أما َ‬
‫ي الكبرى عن اليوم الحادي عشر وَيرمي بعد ذلك عن‬
‫‪1‬‬
‫م َ‬‫ثم ُيعيد َر ْ‬
‫اليوم الثاني عشر‪.‬‬
‫رط الترتيب فإنه ل بأس عليه ِلهذا الفعل‪.‬‬ ‫من ل َيشت ِ‬ ‫وأما َ‬
‫ص ِبتلك الرخصة التي قال‬ ‫خ َ‬ ‫مضى فإذا ت ََر ّ‬ ‫ت قد َ‬ ‫ن الوق َ‬ ‫هذا ونظرا إلى أ ّ‬
‫من أهل العلم فل حرج عليه ِبمشيئة الله تبارك وتعالى؛‬ ‫من قال ِ‬ ‫بها َ‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ة َرمي المرأة‬ ‫ددُتم في مسأل ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫عْنكم أنكم َ‬ ‫كر َ‬ ‫س‪ :‬ذُ ِ‬
‫ي ب َِنفسها وأل ّ ُتنيب غيرها‬ ‫طال َب ُْتم المرأةَ أن َترم َ‬ ‫مَرات ف َ‬ ‫ج َ‬ ‫ِلل َ‬
‫قول‪ " :‬في ذلك شيءٌ‬ ‫ض يَ ُ‬‫قادرةً على ذلك فالبع ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ما دام ْ‬
‫ح هذا المر حتى َيفهم الجميع‬ ‫َ‬ ‫ض َ‬
‫فُنريد أن ُتو ّ‬ ‫شديد " َ‬ ‫من الت ْ‬ ‫ِ‬
‫المراد‪.‬‬
‫‪-1‬أي الجمرات الثلث كلها‪.‬‬
‫‪358‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من الدروس‬ ‫ت في كثير ِ‬ ‫من الَتشديد في شيء ‪ ..‬أنا قل ُ‬ ‫ج‪ :‬هذا َليس ِ‬
‫مل ِبما في‬ ‫طاَلب ِبأن َيع َ‬ ‫م َ‬ ‫ن النسان ُ‬ ‫ت ذلك‪-‬أيضا‪-‬في هذه الليلة‪ :‬إ ّ‬ ‫وُقل ُ‬
‫ب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وفي سّنة رسوله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫كتا ِ‬
‫ت عنه صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬ ‫ت وث َب َت َ ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫ص ّ‬ ‫وسلم‪-‬التي َ‬
‫ت في كتاب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ذِك ٌْر ِلهذه القضية‬ ‫من المعلوم أنه لم َيأ ِ‬ ‫و ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫مرأة أو ِلعدم َرميها‪ ،‬وأما ِبالنسبة إلى السّنة فإ ّ‬ ‫‪ ..‬أعني ِلرمي اله َ‬
‫ت على‬ ‫َ‬
‫على صو ٍ‬ ‫ت ب ِأ ْ‬ ‫ريحا وَناد َ ْ‬ ‫صا ص ِ‬ ‫ت نَ ّ‬ ‫ص ْ‬ ‫السّنة الصحيحة الثابتة قد ن َ ّ‬
‫مساِنيد‬ ‫سنن واله َ‬ ‫صحاح وال ّ‬ ‫مشهور في كتب ال ّ‬ ‫ن المرأة َترمي‪ ،‬وهذا َ‬ ‫أ ّ‬
‫من الكُتب التي أ َّلفها‬ ‫خات والجزاء وفي غيرها ِ‬ ‫شي َ َ‬ ‫م ْ‬
‫مَعاجم واله َ‬ ‫واله َ‬
‫العلماء في سّنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪،‬‬
‫مذاهب السلمية فإنه‬ ‫كاّفة اله َ‬ ‫من َ‬ ‫ب أهل العلم ِ‬ ‫كت َ‬ ‫ست َْقَرأ َ ُ‬ ‫من ا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ثم إ ّ‬
‫من لم‬ ‫َ‬
‫منهم َ‬ ‫مي‪ ،‬و ِ‬ ‫ن المرأة ت َْر ِ‬ ‫صوا على أ ّ‬ ‫جد ُ أن أولئك العلماء قد ن َ ّ‬ ‫يَ ِ‬
‫صيص‬ ‫سان ‪َ ..‬يعني لم ي َذ ْ ُ‬ ‫كر المسألة رأسا وإنما ذ َ َ َ‬ ‫ي َذ ْ ُ‬
‫كر الت َن ْ ِ‬ ‫ن الن َ‬ ‫كر أ ّ‬ ‫ً‬
‫من كان َقادًِرا على الرمي‬ ‫ن َ‬ ‫حكم العام‪ ،‬وهو أ ّ‬ ‫كر ال ُ‬ ‫على المرأة وَإ ِّنما ذ َ َ‬
‫ف عند علماء المسلمين‬ ‫معرو ٌ‬ ‫ب غيره‪ ،‬وهذا أمٌر َ‬ ‫فإنه لْيس له أن ي ُِني َ‬
‫قاطبة‪.‬‬
‫ن الّرمي‬ ‫من الرمي‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫سَتطيع أن َترمي فلبد ِ‬ ‫مرأة إن كانت ت َ ْ‬ ‫فاله َ‬
‫ن‬
‫من المعلوم أ ّ‬ ‫من بقية شعائر الحج‪ ،‬و ِ‬ ‫شَعائر الحج كغيرها ِ‬ ‫من َ‬ ‫شِعيَرة ِ‬ ‫َ‬
‫خَتلط ِبالرجال في الطواف وفي السعي‪ ،‬وذلك‪-‬كذلك‪َ-‬يكون‪-‬‬ ‫المرأة ت َ ْ‬
‫من‬ ‫ت ِ‬ ‫أيضا‪-‬في الرمي‪ ،‬فإن كانت المرأة َتستطيع أن َترمي في وق ٍ‬
‫مْعروفة‪-‬وسأن َّبه على ذلك بعد قليل ِبمشيئة الله تبارك‬ ‫َ‬
‫أْوقات الّرمي اله َ‬
‫ذورة ِبمشيئة‬ ‫مع ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ما إذا كانت ل َتستطيع فهي َ‬ ‫من ذلك‪ ،‬أ ّ‬ ‫وتعالى‪-‬فلبد ِ‬
‫جل ً إذا كان ل َيستطيع‬ ‫من لم َيسَتطع أن ي َْرمي وََلو كان ر ُ‬ ‫ل َ‬ ‫الله بل ك ُ ّ‬
‫ضعف‪ ،‬أو كانت المرأة‬ ‫مرض أو ال ّ‬ ‫سن أو بسبب اله َ‬ ‫ذلك ِبسبب ك َِبر ال ّ‬
‫ذوَرة‪ ،‬وإنما الكلم في الَقاِدر‪.‬‬ ‫مع ْ ُ‬‫مل أو ما شابه فإنها َ‬ ‫ح ْ‬ ‫في حالة َ‬
‫جدون ذلك في‬ ‫مُعون كلما ً لهل العلم أو ي َ ِ‬ ‫س َ‬ ‫من الناس عندما ي َ ْ‬ ‫كثير ِ‬
‫ذلك ل َ ي َْفَقُهون ذلك‪.‬‬ ‫ن الكتب أو ما شابه َ‬ ‫م َ‬ ‫شيء ِ‬
‫واء كانت‬ ‫س َ‬ ‫ل امرأة َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫نأ ّ‬ ‫معون مثل هذه الفتوى ي َظ ُّنو َ‬ ‫ما َيس َ‬ ‫عْند َ‬ ‫ِ‬
‫مي‪ ،‬وهذا‪-‬طبًعا‪-‬لم‬ ‫من أن َتذهب إلى الّر ْ‬ ‫َقادَِرةً أو ليست ِبقاِدرةٍ لبد ِ‬
‫جل‪ ،‬إنما العلماء اختلفوا‬ ‫مرأة ول في حقّ الر ُ‬ ‫ي َُقل ِبه أحد ٌ ل في حقّ اله َ‬
‫سُقط عنه ذلك‪ ،‬وهو قو ٌ‬
‫ل‬ ‫ه‪-‬أو أنه ي َ ْ‬ ‫ب غَي َْر ُ‬ ‫طع هل له أن ي ُِني َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ن لم ي َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫في َ‬
‫دم ؟‬ ‫ب ِبال ّ‬ ‫طال َ ُ‬ ‫ف جدا‪-‬أو أّنه ي ُ َ‬ ‫ضعي ٌ‬
‫واًء كان رجل أو امرأة‬ ‫س َ‬ ‫ي َ‬ ‫م َ‬ ‫طع أن ي َْر ِ‬ ‫ست ِ‬ ‫من لم ي َ ْ‬ ‫ن َقال‪َ :‬‬ ‫م ْ‬ ‫مْنهم َ‬ ‫‪ِ -1‬‬
‫ب غي َْره‪،‬‬ ‫ذار فإنه ي ُِني ُ‬ ‫من العْ َ‬ ‫ض أو ضعف أو ما شابه ذلك ِ‬ ‫ِبسبب مر ٍ‬
‫مذاهب‪.‬‬ ‫مة اله َ‬ ‫شُهور عند أئ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وهذا هو اله َ‬
‫‪359‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ضعيف جدا‪.‬‬ ‫سقط عنه‪ ،‬وهو قول َ‬ ‫ن قال‪ :‬إنه ي َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬


‫حَرم‪.‬‬ ‫ما ِلفقراء ال َ‬ ‫ذبح د ً‬ ‫ن قال‪ :‬عليه دم ‪ ..‬أي عليه أن ي َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫‪-3‬ومنهم َ‬
‫مشهور‬ ‫ب غَي َْره‪-‬هو الَقول اله َ‬ ‫مر ِبأن ي ُِني ُ‬ ‫والقول الّول‪-‬وهو‪ :‬أنه ي ُؤْ َ‬
‫من استطاع‪-‬سواء كان رجل‬ ‫ما َ‬‫مه‪ ،‬أ ّ‬ ‫حك ُ‬ ‫من لم َيسَتطعْ فهذا ُ‬ ‫الصحيح‪ ،‬ف َ‬
‫من أن َيرمي‪.‬‬ ‫أو امرأة‪-‬فلبد له ِ‬
‫َ‬
‫من الناس استْثقلوا هذا بسبب هذا‪.‬‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫والذي أظ ُّنه أ ّ‬
‫صون‬ ‫خ ُ‬ ‫من الناس ي َُر ّ‬ ‫جد َ كثيرا ِ‬ ‫من استثقل ذلك بسبب أنه وَ َ‬ ‫مْنهم َ‬ ‫و ِ‬
‫خصوا‬ ‫ن العلماء َر ّ‬ ‫ماضي‪ ،‬ول أقول‪ " :‬إ ّ‬ ‫مي في اله َ‬ ‫دم الّر ْ‬ ‫ِللنساء في عَ َ‬
‫ض‬
‫ت بع ُ‬ ‫سك َ َ‬ ‫من الناس وقد يكون َ‬ ‫من فَعََله ِ‬ ‫في ذلك "‪ ،‬وإّنما َفعل ذلك َ‬
‫طعن على الّرمي أو‬ ‫ن بعض الّنساء ل َيست ِ‬ ‫العلماء عن ذلك ظّنا منهم أ ّ‬
‫كما وَقَعَ مثل ذلك في غير هذه المسألة‪،‬‬ ‫من السباب َ‬ ‫ما شابه ذلك ِ‬
‫من الناس‪.‬‬ ‫سَتثَقل ذلك ِ‬ ‫من ا ْ‬ ‫سبب ذلك است َث َْقل ذلك َ‬ ‫وب ِ َ‬
‫وام فإّنهم‬ ‫ما شاهَد َهُ العَ َ‬ ‫ن الشيَء إذا كان مخاِلفا ِله َ‬ ‫معُْلوم أ ّ‬ ‫من اله َ‬ ‫و ِ‬
‫موا‬ ‫من الصحابة قد است َعْظ َ ُ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫جد أ ّ‬ ‫حن ن َ ِ‬ ‫مرا عظيما‪ ،‬بل ن َ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ي ََروْن َ ُ‬
‫مَرهم‬ ‫َ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد أ َ‬ ‫ض المور مع أ ّ‬ ‫بع َ‬
‫كة‬‫م ّ‬ ‫جاَء النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬إلى َ‬ ‫ِبذلك‪ ،‬فعندما َ‬
‫مَر أصحاَبه‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى‬ ‫َ‬
‫جة الوداع وأ َ‬ ‫المكّرمة في ح ّ‬
‫منهم ‪..‬‬ ‫سائًقا ِللهدي ِ‬ ‫من لم َيكن َ‬ ‫ل بعد الطواف والسعي ل ِ َ‬ ‫حل َ ِ‬ ‫عليهم‪ِ-‬بال ْ‬
‫من الصحابة رضوان الله تبارك وتعالى عليهم‪،‬‬ ‫ذلك كثير ِ‬ ‫استثقل َ‬
‫َ‬
‫من هو الذي‬ ‫مِني "‪َ ،‬‬ ‫كيُرنا ت َْقط ُُر اله َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ب إلى عََرفة و َ‬ ‫وقالوا‪ " :‬أن َذ ْهَ ُ‬
‫م‬ ‫َ‬
‫عل ُ‬ ‫أمرهم بذلك ؟! هو رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬أ ْ‬
‫مَر النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫َ‬
‫الناس وأْتقاهم ‪ ..‬وكذلك عندما أ َ‬
‫كثرةٌ‬ ‫ذلك َ‬ ‫ل َ‬ ‫ست َث َْق َ‬
‫حديبية ا ْ‬ ‫عمرة اله ُ‬ ‫ل في ُ‬ ‫حل َ ِ‬ ‫وصحبه وسلم‪-‬أصحاَبه ِبال ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ضب‬ ‫مَرهم النبي ‪ِ ‬بالحلل فلم َيفعلوا حتى غَ ِ‬ ‫من الصحابة‪ ،‬وأ َ‬ ‫كاث َِرة ِ‬
‫َ‬ ‫النبي ‪ ‬أ َ َ‬
‫حر هَد ِْيه‬ ‫مَر النبي ‪ ‬ب ِن َ ْ‬ ‫شد ّ الغضب ولم َيفعلوا ذلك إل َبعدما أ َ‬
‫حْلق رأسه‪.‬‬ ‫و َ‬
‫ست َث ِْقُلوا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫من أن ي َ ْ‬ ‫مأُلوفا مع الناس فإّنه لبد ِ‬ ‫شيء َ‬ ‫كن ال ّ‬ ‫ب إذا لم ي َ ُ‬ ‫فالسب ُ‬
‫عينيه كتاب الله‪-‬تبارك‬ ‫ب َ‬ ‫ص َ‬ ‫ذلك‪ ،‬ولكن النسان ي َن َْبغي له أن َيجعل ن ْ‬ ‫َ‬
‫ل الدليل‬ ‫وتعالى‪-‬وسّنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فما د َ ّ‬
‫مْقتضاه‪.‬‬ ‫جب عليه أن َيعمل ب ِ ُ‬ ‫عليه هو الذي ي َ ِ‬
‫لمة سعيد بن خلفان الخليلي‪-‬رحمه الله تبارك‬ ‫وقد أحسن المام الع ّ‬
‫ف فيها هذا المام‪-‬‬ ‫خال َ َ‬ ‫ض السائلين عن مسألةٍ َ‬ ‫عْندما سأله بع ُ‬ ‫وتعالى‪ِ -‬‬
‫من‬ ‫هذا المام‪ " :‬و ِ‬ ‫من أهل العلم ‪ ..‬قال له َ‬ ‫سب ََقه ِ‬ ‫من َ‬ ‫رحمه الله‪َ -‬‬
‫ص لك عن رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫َ‬
‫جب أن أن ُ ّ‬ ‫العَ َ‬

‫‪360‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ضح سبيل ‪..‬‬ ‫ن غْير دليل ول َوا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ضةِ السلم ِ‬ ‫ضِني ِبعلماء ب َي ْ َ‬ ‫ت ت َُعارِ ُ‬ ‫وأن ْ َ‬
‫َ‬
‫من الهَهذيان "‪.‬‬ ‫وعا ِ‬ ‫س هذا في العَيان ن َ ْ‬ ‫أل َي ْ َ‬
‫خاَلف فيها‬ ‫والمام الخليلي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬قال في مسألةٍ َ‬
‫ديًثا َثابتا عن النبي ‪ ‬فقال المام في الّرد على‬ ‫ح ِ‬‫ض أهل العلم َ‬ ‫بع ُ‬
‫حائط "‪.‬‬ ‫ل ِبخلف الحديث ُيضَرب ِبه عْرض ال َ‬ ‫ذلك‪ " :‬وََقو ٌ‬
‫خاَلف حديًثا عن‬ ‫ض العلماء َ‬ ‫جد َ بع َ‬ ‫والمام السالمي‪-‬رحمه الله‪-‬عندما وَ َ‬
‫النبي ‪ ‬قال‪:‬‬
‫خلفا‬ ‫ده ِ‬ ‫ونحن َنحكي بع َ‬ ‫المصطفى َيعتِبر الوصاف‬
‫ُ‬
‫سن ِد َ‬‫صأ ْ‬ ‫فيه عن المختار ن ّ‬ ‫ف فيما وََرد َ‬ ‫ل َنقَبل الخل َ‬
‫داعي‬ ‫م طويل كثير في هذه الَقضية‪ ،‬ل َ‬ ‫َ‬ ‫ول ِهَ ُ‬
‫مة وِلغْيرهم كل ٌ‬ ‫ؤلء الئ ّ‬
‫ِللطالة به‪.‬‬
‫ومن جملة السباب أن ك َِثيرا من الناس يظ ُنو َ‬
‫حصور‬ ‫م ْ‬‫مي َ‬ ‫ت الّر ْ‬ ‫ن وقْ َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫َ ّ َ‬ ‫ً ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ ْ ُ ْ‬
‫ذلك ي َط ُْلبون الّرخصة في الرمي َقبل َزَوال الشمس‬ ‫دد‪ ،‬ول ِ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬‫ت ُ‬ ‫في وق ٍ‬
‫منى ‪..‬‬ ‫من بقي ب ِ ِ‬ ‫في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ل ِ َ‬
‫دد وهو عند َزَوال الشمس وَبعد‬ ‫مح ّ‬ ‫ت ُ‬ ‫صر في وق ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫من ْ َ‬ ‫وقت ُ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ظنون أ ّ‬ ‫يَ ُ‬
‫ت المت َّفق عليه‬ ‫ن الوق َ‬ ‫حن ن َُقول‪ :‬إ ّ‬ ‫غروب الشمس‪ ،‬ون َ ْ‬ ‫ذلك ِبقليل أو إلى ُ‬
‫‪1‬‬
‫مذكورة‬ ‫بْين أهل العلم هو‪ :‬أن َيكون وقت الّرمي في اليام الثلثة اله َ‬
‫جل‬ ‫ذلك‪-‬سواء كان ر ُ‬ ‫شقّ عليه َ‬ ‫من َ‬ ‫من زوال الشمس إلى غروبها ولكن َ‬ ‫ِ‬
‫ص له فيما هو‬ ‫خ ُ‬ ‫حتى في الليل بل ي َُر ّ‬ ‫ي َ‬ ‫م َ‬‫ص له أن ي َْر ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫أو امرأة‪-‬فإنه ي َُر ّ‬
‫وم الحادي عشر في الثاني‬ ‫َ‬
‫كن أن َيرمي عن الي َ ْ‬ ‫من ذلك ‪ُ ..‬يم ِ‬ ‫أب َْعد ِ‬
‫كون ذلك‬ ‫عشر وعَْنه وعن الثاني عشر في الثالث عشر ِبشْرط أن ي َ ُ‬
‫ت‬
‫ص ْ‬ ‫ن السّنة قد ن َ ّ‬ ‫من اليوم الثالث عشر‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫ب الشمس ِ‬ ‫غرو ِ‬ ‫قَْبل ُ‬
‫َ‬
‫م أّيام التشريق في الّرمي شيٌء واحد‪ ،‬فقد روى المام‬ ‫حك ْ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫على أ ّ‬
‫مالك والشافعي وأحمد والنسائي في " الصغرى " وفي " الكبرى "‬
‫وأبو داوود والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن خزْيمة وابن حبان وابن‬
‫الجارود والحاكم والبيهقي في " السنن الكبرى " والُبخاري في "‬
‫ده والطبراني في " الكبير "‬ ‫مسن َ ِ‬ ‫التاريخ الكبير " وأبو ي َْعلى في ُ‬
‫سند‬‫م ْ‬ ‫ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" والجوهري في " ُ‬
‫موطإ " و‪-‬كذلك‪َ-‬يحيي بن عبد الوهاب بن‬ ‫هب في " اله ُ‬ ‫الموطإ " وابن وَ ْ‬
‫من الصحابة " وابن عبد‬ ‫من عاش مئة وعشرين سنة ِ‬ ‫ده في " جزء َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫َ‬
‫من أئمة‬ ‫البر في " التمهيد " والبغوي في " شرح السّنة " وجماعة ِ‬
‫ص ِللّرعاة‬ ‫خ َ‬ ‫ن رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ر ّ‬ ‫الحديث أ ّ‬
‫موا في الَيوم الثاني عشر عن اليوم الحادي عشر والثاني عشر ‪..‬‬ ‫أن ي َْر ُ‬
‫شر ثم ي َت ُْركوا الرمي في اليوم الحادي عشر‬ ‫أي أن ي َْرموا في اليوم العا ِ‬
‫‪-1‬أي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر‪.‬‬
‫‪361‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ة‬
‫ج ٌ‬ ‫ح ّ‬ ‫وي َْرموا عنه وعن الثاني عشر في اليوم الثاني عشر‪ ،‬وفي ذلك ُ‬
‫َ‬
‫ن ِللنبي‪-‬صلى‬ ‫مك ِ ُ‬‫داًء‪ ،‬إذ ل ي ُ ْ‬ ‫ن ذلك ُيعد ّ أ َ‬ ‫موض فيه بأ ّ‬ ‫ل ل غُ ُ‬ ‫ضحة ودلي ٌ‬ ‫وا ِ‬
‫خروا الّرمي عن وقته‬ ‫خص َلهم أن ي ُؤَ ّ‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أن ي َُر ّ‬
‫ما‬ ‫خُروج الوقت ‪ ..‬كل ّ هذا ِ‬
‫م ّ‬ ‫دد له شْرعا ثم بعد ذلك َيأتون به ب َْعد ُ‬ ‫مح ّ‬ ‫اله ُ‬
‫طع‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫داء ف َ‬ ‫ن ذلك الوقت كّله ل ِل َ َ‬ ‫ل على أ ّ‬ ‫ذلك َيد ّ‬ ‫كن‪ ،‬بل َ‬ ‫ل ُيم ِ‬
‫ْ‬
‫أن َيرمي فيما بْين َزوال الشمس وغروبها في الحادي عشر‪-‬مثل‪-‬فَليرم ِ‬
‫طع فْليْرم ِ في الثالث عشر عن الثلثة‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫في الثاني عشر‪ ،‬و َ‬
‫س الثالث عشر إن كان‬ ‫غروب شم ِ‬ ‫ك ُّلها‪ِ 1‬بشرط أن َيكون ذلك قبل ُ‬
‫منى‪.‬‬ ‫ُيريد أن َيبقى الثالث عشر في ِ‬
‫من‬ ‫طع ِ‬ ‫طع أن َيرمي في اليوم العاشر ‪ ..‬لم َيست ِ‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫وكذلك َ‬
‫طلوع الشمس إلى غروبها فل ْي َْرم ِ في الليل ‪ ..‬أي ليلةِ الحادي عشر‪.‬‬
‫من‬ ‫مْهما كان الناس ِ‬ ‫حمد الله تبارك وتعالى‪ ،‬ف َ‬ ‫ذا فالمر فيه سعة ب ِ َ‬ ‫وهَك َ َ‬
‫خفى وإّنما ُيمنع النسان‬ ‫من الطول ما ل ي َ ْ‬ ‫الكثرة وَلكن الوقت فيه‪-‬أيضا‪ِ -‬‬
‫من أن َيرمي في الحادي‬ ‫من َعُ ِ‬‫م العبادة على وقتها ‪ ..‬أي ي ُ ْ‬ ‫من أن ي َُقد ّ َ‬ ‫ِ‬
‫عشر قبل َزوال الشمس‪ ،‬وكذلك في الثاني عشر قبل زوال الشمس‬
‫إذا كان ذلك عن اليوم الثاني عشر‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى الثالث عشر‪.‬‬
‫من لم‬ ‫من ط ُُلوع الشمس إلى غُُروِبها و َ‬ ‫شر فالرمي ِ‬ ‫أما ِبالنسبة إلى العا ِ‬
‫ضعفة والنساء‬ ‫ذا ِللقوياء‪ ،‬أما ِبالنسبة ِلل ّ‬ ‫سَتطع فلي َْرم حتى بعد ذلك وه َ‬ ‫يَ ْ‬
‫من اليوم‬ ‫طلوع الفجر ِ‬ ‫خص أن َيكون ذلك بعد ُ‬ ‫ض أهل العلم ُير ّ‬ ‫ن َبع َ‬ ‫فإ ّ‬
‫حتى َقبل ذلك ‪ ..‬أي أن َيكون ذلك بعد أن‬ ‫ضهم َ‬ ‫خص َبع ُ‬ ‫شر‪ ،‬وَر ّ‬ ‫العا ِ‬
‫منى‪ ،‬ولكنني ل‬ ‫غروب القمر وأن َيرموا عندما َيصلون إلى ِ‬ ‫َيخرجوا عند ُ‬
‫خصوا ِبالرمي بعد‬ ‫خص لهم قبل ط ُُلوع الفجر‪ ،‬فإما أن ي ََتر ّ‬ ‫ب الَتر ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫أُ ِ‬
‫شّقة فيه ِبحمد‬ ‫م َ‬ ‫طلوع الشمس وهذا ل َ‬ ‫ظروا إلى ُ‬ ‫طلوع الفجر أو أن َينت ِ‬ ‫ُ‬
‫الله‪.‬‬
‫سه‪-‬سواء كان رجل أو امرأة‪-‬‬ ‫من َيستطيع أن ي َْرمي هو نف ُ‬ ‫ن َ‬ ‫خلصة أ ّ‬ ‫وال ُ‬
‫مي عنه‪ ،‬ول َْيس ِلغيره أن ي َْرمي عنه ما‬ ‫ْ‬
‫مر غيره ِبأن َير ِ‬ ‫فليس له أن ي َأ ُ‬
‫ما إذا كان ل‬ ‫ن ذلك ال ّ‬ ‫َ‬
‫سه‪ ،‬أ ّ‬ ‫طيع أن َيرمي هو نف ُ‬ ‫شخص َيست ِ‬ ‫دام ي َْعلم أ ّ‬
‫ب غَْيره‪.‬‬ ‫َيستطيع فَل ْي ُن ِ ْ‬
‫وم الثاني عشر قبل‬ ‫َ‬
‫مكن أن َتقول امرأة‪ :‬أريد أن أخُرج في الي َ ْ‬ ‫ي يُ ْ‬ ‫ب َِق َ‬
‫مكن أن أبقى إلى الثالث عشر ول َأسَتطيع أن‬ ‫غروب الشمس ول ي ُ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت أن َتخُرج قبل‬ ‫ري ؟ الجواب‪ :‬نعم‪ ،‬لّنها ن َوَ ْ‬ ‫ب غَي ْ ِ‬ ‫مي‪ ،‬فهل لي أن أِني َ‬ ‫أْر ِ‬
‫ص كتاب الله وسّنة رسوله‪-‬صلى الله‬ ‫غروب الشمس‪ ،‬وذ َِلك َلها‪ ،‬ب ِن َ ّ‬
‫مة‪ ،‬وما دام المر كذلك وهي ل‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإجماع ال ّ‬
‫ن غيرها أن َيرمي عنها؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫م ْ‬‫سَتطيع أن ت َْرمي فَل ْت َط ُْلب ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫وم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر‪.‬‬
‫‪-1‬أي أن َيرمي عن الي َ ْ‬
‫‪362‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ثامنا‪ :‬طواف الوداع‬


‫ك ركعتي الطواف في طواف‬ ‫من ت ََر َ‬
‫س‪ :‬ما قولكم في َ‬
‫الوداع ؟‬
‫ً‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ أخطأ هذا الشخص خطأ ب َي ًّنا‪ ،‬فما كان َينبغي له أن‬
‫صل ّ َ‬
‫ي الن‬ ‫ب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وَينبغي له أن ي ُ َ‬‫ك ذلك فل ْي ُت ُ ْ‬
‫ي َت ُْر َ‬
‫ركعتْين فعسى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن َيتجاوَز عنه‪.‬‬

‫ف الوداع‪ ،‬فماذا َيلزمه ؟‬ ‫ك طوا َ‬ ‫ج ت ََر َ‬ ‫س‪ :‬حا ّ‬


‫من أحد أمرين‪:‬‬ ‫ج‪ :‬ذلك ل َيخلو ِ‬
‫‪-1‬إما أن َيكون معذورا وذلك كالمرأة الحائض والنفساء‪:‬‬
‫ن الحائض معذوَرة عن‬ ‫من أهل العلم أ ّ‬ ‫ت إليه طائفة ِ‬ ‫ن الذي ذهب ْ‬ ‫فإ ّ‬
‫ل عليه السّنة الصحيحة‬ ‫طواف الوداع‪ ،‬وهذا هو القول الصحيح‪ ،‬الذي َتد ّ‬
‫الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫من الدم على مثل هذه‬ ‫ض العلماء ذهب إلى أنه لبد ِ‬ ‫وإن كان بع ُ‬
‫ل ذلك العاِلم لم ي َط ِّلع على هذا‬ ‫مخاِلف ِللحديث‪ ،‬فلع ّ‬ ‫ن هذا ُ‬ ‫المرأة‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن أنه لم‬ ‫الحديث‪ ،‬أو لعّله اط ّل َعَ عليه‪-‬كما رأيُته بالنسبة إلى بعضهم‪-‬وظ َ ّ‬
‫ض الحاديث الدالة على وجوب‬ ‫ت لنه على حسب ن َظ َرِهِ ُيعاِرض بع َ‬ ‫َيثب ُ ْ‬
‫ن ذلك‬ ‫طواف الوداع‪ ،‬وَنحن نقول‪ :‬إنه ل معاَرضة بْين الحديثْين‪ ،‬ل ّ‬
‫ص‬
‫الحديث الدال على وجوب أو سّنية طواف الوداع عام وهذا خا ّ‬
‫‪1‬‬

‫ص َيقضي على العام‪ ،‬كما هو مقّرر في أصول الفقه‪.‬‬ ‫والخا ّ‬


‫ص حديث رسول الله ‪ ، ‬ومثُلها في ذلك‬ ‫فإذن الحائض معذوَرة‪ِ ،‬بن ّ‬
‫جر‬ ‫كن أن ي ُؤَ ّ‬ ‫النفساء‪ ،‬وإنما الكلم في المريض فإن كان المريض ُيم ِ‬
‫طيع ذلك‪:‬‬ ‫من ذلك‪ ،‬وإن كان ل َيست ِ‬ ‫مل فلبد ِ‬ ‫على نفسه ِبأن ُيح َ‬
‫فبعض العلماء قالوا‪ :‬عليه أن َيذبح دما ول شيء عليه فوق ذلك‪.‬‬
‫وبعض العلماء ذهبوا إلى أنه ل شيء عليه‪ ،‬وذلك لنه في معنى‬
‫ح منه‬ ‫من التيان ِبالطواف‪ ،‬فهو وإن كان َيص ّ‬ ‫كن ِ‬ ‫الحائض‪ ،‬إذ إنه ل َيتم ّ‬
‫الطواف في ذلك الوقت لو كان قاِدرا عليه ِبخلف الحائض إل أنهما‬
‫ن‬
‫ركان في عدم الُقدرة على التيان ِبالطواف‪ ،‬وكما أنه ِبإمكا ِ‬ ‫َيشت ِ‬
‫خر حتى‬ ‫ض أن َيتأ ّ‬
‫ن المري ِ‬ ‫خر حتى ت ُط ُْهر كذلك ِبإمكا ِ‬ ‫الحائض أن َتتأ ّ‬
‫ص‬‫خ ُ‬ ‫خص َلها في ذلك فإذن ي َُر ّ‬ ‫ن الشاِرع قد َر ّ‬ ‫ضه ولك ّ‬ ‫من مر ِ‬ ‫ُيشفى ِ‬
‫ِلهذا المريض على رأي هؤلء‪ ،‬وهو رأيٌ مستقيم ِبمشيئة الله‪-‬تبارك‬
‫من شاء أن َيحتاط ِلدينه‪.‬‬ ‫وتعالى‪-‬إل ل ِ َ‬

‫صد قوَله في هذه المسألة‪.‬‬


‫جع إلى الشيخ لُيبّين ما الذي ق َ‬
‫‪ُ-1‬ير َ‬
‫‪363‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪-2‬وأما إذا كان هذا الشخص قاِدرا على طواف الوداع ولم َيطف فإنه‬
‫مر عند أكثر العلماء ِبالتوبة إلى الله وِبأن َيذَبح دما ِلفقراء م ّ‬
‫كة‬ ‫ي ُؤْ َ‬
‫المكّرمة شّرفها الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫مة‪.‬‬ ‫م هو مذهب جمهور ال ّ‬ ‫من التوبةِ والد ُ‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬لبد ِ‬
‫ن العلماء قد اختلفوا فيه‪:‬‬ ‫مر فإ ّ‬ ‫أما بالنسبة إلى طواف الوداع ِللمعت ِ‬
‫من ذهب إلى مشروعية ذلك‪ ،‬واستدلوا على ذلك ِبفعل النبي ‪‬‬ ‫فمنهم َ‬
‫مَر بذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جة الوداع وأ َ‬ ‫ره حيث إنه طاف ِللوداع في ح ّ‬ ‫م ِ‬ ‫وأ ْ‬
‫ت‬
‫من ذهب إلى خلف ذلك وقالوا‪ :‬إنه ل ُيشَرع‪ ،‬لنه لم َيثب ْ‬ ‫من العلماء َ‬ ‫و ِ‬
‫َ‬
‫من الروايات في ذلك‬ ‫مُر ِبه في حالة الُعمرة‪ ،‬وما جاء ِ‬ ‫عن النبي ‪ ‬ال ْ‬
‫ت عنه صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬ ‫فإنها ل َتثب ُ‬
‫ضْعف ِإسناِده‪-‬وِبأنه‬ ‫ت ذلك الحديث عن النبي‪ -‬ل ِ َ‬ ‫وَنحن ن ُِقّر ِبأنه لم َيثب ْ‬
‫ضى‬‫ف الوداع عندما جاء ل ُِعمرة القضاء ‪ ..‬أي التي َقا َ‬ ‫طف طوا َ‬ ‫لم ي َ ُ‬
‫ل منها في‬ ‫ح ّ‬
‫من الُعمرة التي أ َ‬ ‫من َُعوه ِ‬‫عليها كفاَر قريش عندما َ‬
‫ض الناس َيقول‪ " :‬إنه قضى ِبها "‬ ‫ن بع َ‬ ‫ضى " ل ّ‬ ‫ت‪َ " :‬قا َ‬ ‫الحدْيبية‪-،‬وقل ُ‬
‫من‬‫ن كثيرا ِ‬ ‫وذلك لنهم َيقولون‪ " :‬كانت هذه قضاًء " وفي ذلك نظر‪ ،‬ل ّ‬
‫ل منها‬ ‫ن تلك الُعمرة التي أح ّ‬ ‫أهل العلم َيقولون ليست هذه قضاًء‪ ،‬ل ّ‬
‫ة‪ ،‬وَبحث ذلك في الدروس القادمة ِبمشيئة الله تبارك‬ ‫حّقَق ً‬
‫مت َ َ‬
‫كانت ُ‬
‫ت أنه طاف‬ ‫جعَْراَنة‪ ،‬فإنه لم َيثب ْ‬ ‫عمرة ال ِ‬ ‫وتعالى‪-،‬وكذلك ِبالنسبة إلى ُ‬
‫من كان معه‪ ،‬وإن كان هذا ليس‬ ‫َ‬
‫مَر ِبذلك َ‬ ‫طواف الوداع ول أنه أ َ‬
‫مر ‪ ..‬طاف وسعى‬ ‫ِبالصريح‪ ،‬لنه صلوات الله وسلمه عليه جاء واعت َ‬
‫جة الوداع‬ ‫ن طواَفه ِللوداع في ح ّ‬ ‫شرة‪ ،‬ومهما كان فإ ّ‬ ‫ج بعد ذلك مبا َ‬ ‫خَر َ‬ ‫و َ‬
‫دين‬ ‫ط في ال ّ‬ ‫مل والحتيا ُ‬ ‫محت ِ‬ ‫َ‬
‫مَرْين والمُر ُ‬ ‫خر وكانوا َيأخذون ِبآخر ال ْ‬ ‫متأ ّ‬ ‫ُ‬
‫من‬ ‫مطلوب‪ ،‬فالفضل ِللنسان أل ّ ُيفّرط في طواف الوداع ِللُعمرة‪ ،‬و َ‬
‫ترك ذلك في الماضي فل شيَء عليه ِبمشيئة الله تبارك وتعالى؛ والعلم‬
‫عند الله تعالى‪.‬‬

‫أحكام الحج والعمرة للمرأة‬


‫*ما يتعلق بوجوب الحج والعمرة‬
‫‪ (1‬أحكام متعلقة بشرط وجود المحرم‬
‫رها إلى الحج أن َيكون ذو‬ ‫ة‪ ،‬هل ُيشتَرط ِلسف ِ‬ ‫س‪ :‬المرأ ُ‬
‫محرم ٍ معها ؟‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن العلماء قد اختلفوا في هذه المسألة‪:‬‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫محرم ٍ‬
‫من أن ُيرافَِقها ذو َ‬
‫ن المرأةَ لبد ِ‬
‫ة كِبيرةٌ منهم إلى أ ّ‬
‫‪-1‬ذهبت طائف ٌ‬
‫ت إلى الحج‪.‬‬ ‫منها إذا ذهب ْ‬

‫‪364‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ث عن النبي ‪، ‬‬ ‫ت ذلك في الحدي ِ‬ ‫ل في المحَرم كما ثب َ‬ ‫خ ٌ‬ ‫ج دا ِ‬ ‫والزو ُ‬


‫ح َلها السفر‬ ‫ص ّ‬ ‫ما ُيعَلم ِبالضرورةِ أنه ي َ ِ‬ ‫م ّ‬‫ديرِ عدم ِ دخوِله فإنه ِ‬ ‫وعلى تق ِ‬
‫من بقيةِ المحاِرم‪.‬‬ ‫معه‪ ،‬إذ إنه أوَْلى ِ‬
‫ب إلى‬ ‫ن المرأةَ َيجوز َلها أن َتذهَ َ‬ ‫ل العلم إلى أ ّ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ت طائف ٌ‬ ‫‪-2‬وذهب ْ‬
‫ح معهم نساء‪ ،‬وقال بعضهم‪ " :‬أن َيكونوا‬ ‫ل الصل ِ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ج مع جماعةٍ ِ‬ ‫الح ّ‬
‫ل العلم‪.‬‬ ‫من أه ِ‬ ‫من أهل العلم " ‪ ..‬اشتَرط أن َيكوُنوا ِ‬ ‫ِ‬
‫من بقيةِ القضايا‬ ‫رها ِ‬ ‫صل في هذه القضية كغي ْ ِ‬ ‫ن الفي ْ َ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫و ِ‬
‫ت‪-‬عن النبي صلى الله عليه وعلى‬ ‫عي‪ ،‬وقد ث َب َ َ‬ ‫ل الشر ِ‬ ‫عية هو الدلي ُ‬ ‫الشر ِ‬
‫ن النبي‬ ‫ق بن عباس رضي الله تبارك وتعالى عنهما‪-‬أ ّ‬ ‫من طري ِ‬ ‫آله وسلم‪ِ -‬‬
‫ث‬
‫ث حدي ٌ‬ ‫محَرم منها‪ ،‬فهذا الحدي ُ‬ ‫‪َ ‬نهى المرأةَ عن السَفر إل مع ِذي َ‬
‫ن‬
‫من أ ّ‬ ‫من أنواِع السَفر إل ما است ُث ِْني ِ‬ ‫ح ثاِبت وهو َيشمل أيّ نوٍع ِ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ص ِ‬
‫ت على‬ ‫ت على ِديِنها أو خاف ْ‬ ‫شي َ ْ‬ ‫محَرم إذا خ ِ‬ ‫المرأة ُتساِفر مع غْير ِذي اله َ‬
‫ر‬
‫ن مع غي ْ ِ‬ ‫جْر َ‬ ‫ن ها َ‬ ‫جرات أنه ّ‬ ‫ض المها ِ‬ ‫سها‪ ،‬وذلك كما جاَء عن بع ِ‬ ‫نف ِ‬
‫مة إلى المدينة المنوَّرة‪ ،‬أما ما عدا ذلك فل‬ ‫كة المكّر َ‬ ‫من م ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫مه ِ ّ‬ ‫محارِ ِ‬
‫سمعَ هذا‬ ‫دما َ‬ ‫جل ذ َك ََر ِللنبي ‪ ‬عن َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ن الحديث قد جاء فيه أ ّ‬ ‫ولسيما أ ّ‬
‫َ‬
‫مَره النبي ‪‬‬ ‫ريد ُ الحج فأ َ‬ ‫جه ت ُ ِ‬ ‫ن َزوْ َ‬ ‫ب في غزوةِ كذا وأ ّ‬ ‫النهي أنه قد اك ْت َت َ َ‬
‫ِبأن يخرج إلى الحج مع امرأِته ‪ ..‬كما جاء ذلك في الحديث الصحيح‪.‬‬
‫ن المرأة ليس َلها أن ُتساِفر إلى الحج أو العمرة‬ ‫ن القول ِبأ ّ‬ ‫ول شك ِبأ ّ‬
‫ل القوي الذي َينبِغي أن يعتمد عليه‬ ‫محَرم ٍ منها هو القو ُ‬ ‫ج أو َ‬ ‫إل مع زو ٍ‬
‫ولسيما في هذا الزمان‪.‬‬
‫خُر عن الحج حتى‬ ‫َ‬
‫محَرما منها فإنها ت َت َأ ّ‬ ‫جد ُ زْوجا أو َ‬ ‫ت ل تَ ِ‬ ‫فالمرأةُ إذا كان ْ‬
‫جها‪-‬إن كان َلها زوج‪-‬أو‬ ‫ن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليها ِبأن ُيسافَِر معها زو ُ‬ ‫م ّ‬ ‫يَ ُ‬
‫ن‬‫مها فإ ّ‬ ‫محارِ ِ‬ ‫من غي ْرِ َ‬ ‫جها أو ِ‬ ‫محَرم ٍ منها‪ ،‬أما أن ُتسافَِر مع غي ْرِ زو ِ‬ ‫ذو َ‬
‫ة كِبيَرةٌ‬ ‫ت‪-‬طائف ٌ‬ ‫ت إليه‪-‬كما قل ُ‬ ‫صح على هذا القول الذي ذهب ْ‬ ‫ما ل ي َ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ذلك ِ‬
‫سد‬ ‫َ‬
‫من المفا ِ‬ ‫ده‪ِ ،‬لما رأيناه ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ل العلم‪ ،‬وهذا القول هو الذي أعت َ ِ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ِ‬
‫مها‪،‬‬ ‫محارِ ِ‬ ‫من غي ْرِ ِذي َ‬ ‫جها أو ِ‬ ‫التي َتترّتب على سَفرِ المرأةِ مع غي ْرِ زو ِ‬
‫ح ثاِبت ل شك في‬ ‫حي ٌ‬ ‫ثص ِ‬ ‫ت‪-‬مثل‪-‬الحديث فكيف وهو حدي ٌ‬ ‫حتى إذا َلم َيثب ُ ْ‬
‫ثبوِته عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫من أقارِِبها سواء كان‬ ‫محَرم ٍ منها ِ‬ ‫جها أو َ‬ ‫فإذن المرأةُ ل ُتساِفر إل مع زو ِ‬
‫مباح ‪َ ..‬تساِفر المرأة مع‬ ‫ب ُ‬ ‫ت‪-‬أو ِبسب ٍ‬ ‫ب قراَبة منها‪-‬كما أشر ُ‬ ‫ذلك ِبسب ِ‬
‫دها وإن عل ومع ابنها أو ابن ابنها أو ابن ابنتها وإن ن ََزل‬ ‫أبيها أو ج ّ‬
‫مها ومع‬ ‫ل وُتساِفر مع ع ّ‬ ‫خيها وابن أخِتها وإن ن ََز َ‬ ‫خيها وابن أ ِ‬ ‫وُتساِفر مع أ ِ‬
‫من الرضاع كالعلقةِ التي‬ ‫من َله علقة ِبها ِ‬ ‫خاِلها‪ ،‬وكذلك ُتساِفر مع َ‬
‫من الرضاع‬ ‫ت عن النبي ‪ ‬أنه قال‪َ ) :‬يحُرم ِ‬ ‫من النسب ِلما ثب َ‬ ‫ذكرناها ِ‬
‫من‬ ‫ضح الدللة على أنه َيحُرم ِ‬ ‫ث وا ِ‬ ‫من النسب ( فهذا الحدي ُ‬ ‫ما َيحُرم ِ‬
‫‪365‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من كان كصفة من ذكرناه سابقا كان أبا‬ ‫من النسب ف َ‬ ‫الرضاع ما َيحُرم ِ‬
‫لها من الرضاع أو جدا لها من الرضاع أو ابنا لها من الرضاع أو ابنا‬
‫لبنها أو لبنتها من الرضاع أو أخا لها أو عما لها أو خال لها أو كان أيضا‬
‫ابنا لخيها أو لختها من الرضاع فإنهم يسافرون معها بشرط أن يكون‬
‫ذلك الرضاع ثابتا‪ ،‬أما إذا كان مشكوكا فيه بأن‪-‬مثل‪-‬أدخل ذلك الطفل‬
‫ثدي تلك المرأة في فمه ول يعلم هل مص منها أو ل فإن هذا من‬
‫المور المشتبهات فمثل هذا ل يصافح تلك المرأة وأيضا ليس لها أن‬
‫تسافر معه وهكذا بالنسبة إلى كل ما يتعلق بأحكام الرضاع‪ ،‬والرضاع ل‬
‫يشترط فيه العدد كما ذهب إليه بعض أهل العلم بل الصحيح أنه إذا‬
‫ثبت الرضاع ولو كان مرة واحدة فإنه يثبت به الحكم وذلك لظاهر‬
‫القرآن ولظاهر الحاديث الثابتة عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬وما جاء مخالفا لذلك فقد رددنا عليه بما فيه الكفاية بمشيئة‬
‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪ ،-‬وهكذا بالنسبة إذا كان هنالك سبب من السباب‬
‫المباحة شرعا وذلك كأن تسافر المرأة مع من يحرم عليها بسبب مباح‬
‫شرعا‪ ،‬تسافر المرأة‪-‬مثل‪-‬مع أب زوجها أو جده سواء كان ذلك من‬
‫جهة أبيه أو من جهة أمه وإن عل أو أن تسافر مع ابن زوجها أو ابن ابنه‬
‫أو ابن ِبنته وإن نزل أو أن تسافر كذلك مع زوج أمها أو زوج جدتها وإن‬
‫عل وهكذا بالنسبة إلى زوج ِبنتها وزوج بنت بنتها وإن نزل لكن يشترط‬
‫بالنسبة إلى زوج الم وزوج الجدة وإن علت الجدة ‪ ..‬يشترط فيه أن‬
‫يكون قد دخل بالم أو دخل بالجدة وهكذا بالنسبة أن لو علت الجدة‪،‬‬
‫أما إذا كان مجرد عقد فإنه ل يكون بذلك محرما منها بخلف زوج البنت‬
‫أو بنت البن أو بنت البنت فإنه بمجرد عقده عليها‪-‬على ابنتها‪-‬يكون‬
‫محرما للم ويكون محرما للجدة وهكذا؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما مقدار السن بالنسبة للمحَرم إذا كان هذا‬
‫المحرم ولدها ؟‬
‫ج‪ :‬لبد أن يكون بالغا‪ ،‬وبعض العلماء يرخص إذا كان مناهزا للبلوغ بأن‬
‫كان يدري بكل ما يدور حوله‪ ،‬أما إذا كان صبيا صغيرا أو ما شابه ذلك‬
‫فهذا مما ل قيمة له ‪ ..‬الصل أن يكون بالغا لكن في حالة الضرورة‬
‫القصوى إذا كان مناهزا للبلوغ بقيت سنة أو ما شابه ذلك فبعض‬
‫العلماء يرخص في ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى عقد النكاح فإن بعض‬
‫العلماء يرخص إذا كان ذلك الصبي يعقل ‪ ..‬فإنه يرخص في أن يعقد‬
‫على المرأة ولكنني ل أرى ذلك بل أقول إنه لبد من أن يكون بالغا ‪..‬‬
‫نعم إذا كان مناهزا للبلوغ فهو ُيرخص فيه على رأي بعضهم ‪ ..‬في حالة‬
‫عقد النكاح ينبغي أن يأذن ذلك الصبي ولكن لبد من إذن غيره ممن هو‬
‫أبعد منه أو من إذن الحاكم معه‪ ،‬أما ما ُيرخص فيه بعض أهل العلم‬
‫‪366‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مما هو أقل من ذلك فل نراه لن العلة معلومة من هذا وليس مجرد أن‬
‫ضر تلك‬‫يكون ذكرا وإنما أن يكون يعرف ما يدور حوله ويعرف ما ي ُ‬
‫المرأة التي هو محرم منها وما ينفعها وما شابه ذلك‪ ،‬أما أن يكون‬
‫مجرد ذكر فهذا مما ل ينبغي أن يعتمد عليه وإن قال به من قال‪ ،‬وفي‬
‫من نظر إلى بعض المفاسد التي تقع‬ ‫الحقيقة‪-‬كما أشرت من قبل‪َ -‬‬
‫وعلم بذلك فإنه لبد من أن يشدد في قضية الحج والعمرة مع غير‬
‫الزوج ومع غير المحرم‪ ،‬ثم إن المرأة بحاجة إلى من يأخذ بيدها عندما‬
‫تطوف وعندما تسعى ولسيما في حالة الزحام‪ ،‬وقد سمعنا أن بعض‬
‫النساء يمسكن في رجال أجانب منها وقد يمسك ذلك الجنبي بيدها‬
‫ويطوف بها وقد تنشأ بعد ذلك علقات بينه وبينها لنها ترى أنه قد صنع‬
‫لها معروفا ولبد من أن تكافئه باتصال أو مكالمة أو ما شابه ذلك‪،‬‬
‫وهذا‪-‬على كل حال‪-‬مما ل يصح ‪ ..‬نعم لو وقعت امرأة فلبد من أن‬
‫يحملها النسان حتى تقوم على رجليها أما أن تتعمد المرأة أن تذهب‬
‫مع أجنبي منها فهذا مما ل يصح أبدا ‪ ..‬هذا ما أراه؛ والعلم عند الله‪.‬‬
‫س‪ :‬إذن نفهم من هذا أنه في حالة عدم وجود المحرم‬
‫ل تعتبر المرأة مستطيعة ؟‬
‫ج‪ :‬نعم ‪ ..‬تتأخر المرأة حتى تجد زوجا أو محرما‪ ،‬لكن إذا لم تجد أبدا‬
‫بعد ذلك هل يجب عليها أن تأمر غيرها أن يحج عنها أو أن توصي‬
‫جر‬
‫بذلك ؟ في ذلك خلف بين أهل العلم‪ ،‬ول شك أن السلمة أن تؤ ّ‬
‫من يحج عنها إذا صارت آيسة من وجود الزوج أو المحرم أو أن توصي‬
‫بذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬في حالة وجود المحرم لكنه ل يملك المال وهي‬
‫تملك المال‪ ،‬هل يجب عليها أن تعطي محرمها المال ليحج‬
‫معها ؟‬
‫ج‪ :‬أما الوجوب فيحتاج إلى شيء من النظر‪ ،‬ولكنني أحث ذلك المحرم‬
‫بأن يخرج مع تلك المرأة وأحثها هي‪-‬أيضا‪-‬أن تعينه بشيء من المال‬
‫الذي يمكن أن يذهب معها إذا حصل عليه فيكون هنالك تعاون بين تلك‬
‫المرأة وبين محرمها ول شك بأنه إذا ذهب سيحصل على أجر عظيم‬
‫بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬إذا كان صالحا ‪ ..‬أّول سيؤدي الحج ولو كان‬
‫قد حج من قبل سيؤدي حجة نافلة وفي ذلك من الفضل ما ل يخفى‪،‬‬
‫كما جاء عن النبي ‪ ) : ‬والحج المبرور ليس له جزاء إل الجنة (‪ ،‬وجاء‬
‫عنه أيضا‪ ) :‬من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته‬
‫أمه (‪ ،‬إلى غير ذلك من الحاديث الدالة على فضل الحج وعظم منزلته‬
‫والجر العظيم والثواب الكبير الذي يحصل عليه من أداه طاعة لله‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬وامتثال لمره ‪ ‬وكان بارا في حجه ذلك لم يرتكب‬
‫‪367‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫معصية من معاصي الله تبارك وتعالى‪ ،‬فإذن ل ينبغي له أن يفرط في‬


‫إعانة هذه المرأة على طاعة الله وسيكون له الجر بمشيئة الله من‬
‫ناحيتين ‪ ..‬من تأديته للحج ومن إعانته لهذه المرأة التي ترغب في تأدية‬
‫فريضة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليها‪ ،‬وهي ينبغي لها أل ّ تبخل بالمال عليه‪،‬‬
‫فمال هذه الدنيا ذاهب‪ ،‬فإذا أعانت هذا الرجل الذي يذهب معها لتأدية‬
‫الحج ففي ذلك من الخير ما ل يخفى‪ ،‬أما الوجوب فيحتاج إلى شيء‬
‫من النظر‪ ،‬لن القول بوجوب ذلك فيه ما فيه‪ ،‬كما ل يخفى‪ ،‬فإذن‪-‬كما‬
‫ت‪-‬أحث المرأة التي ل تجد محرما إل إذا أعانته بشيء من المال أل ّ‬ ‫قل ُ‬
‫تبخل بذلك؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬

‫س‪ :‬ما حكم ذهاب المرأة للحج رفقة مجموعة من‬


‫‪1‬‬
‫النساء بدون أن يكون عندها محرم رجل ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ أستأذنك قبل كل شيء أن أجيب ولو بجواب مختصر‬
‫جدا على سؤال الحج السابق الذي سألت عنه هذه المرأة لعلها تريد‬
‫أن تذهب إلى الحج وقبل كل شيء أنبه إلى أنه ينبغي للنسان أن‬
‫يكون حريصا على طلب العلم سواء كان ذلك من قراءة الكتب أو من‬
‫سؤال أهل العلم أو من دروسهم أو ما شابه ذلك من الوسائل التي‬
‫ج الفريضة ولكن ليس لديها محرم إنما َتخرج مع نساء المسلمين‪.‬‬ ‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه ‪ :‬س‪ :‬تريد أن َتحج ح ّ‬
‫ج‪ :‬الصل أن تذهب المرأة مع زوجها أو مع محرمها‪ِ ،‬لما جاء ِمن النهي عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬عن‬
‫سفر النساء مع غير المحارم‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وينبغي للزواج أن‬
‫ن في هذا التعاون ما ل يخفى ِمن‬ ‫يتعاونوا مع زوجاتهم وينبغي للمحارم أن يتعاونوا مع‪-‬أيضا‪-‬أقاربهم ِمن النساء‪ ،‬ل ّ‬
‫التعاون على الخير والِبّر والتقوى‪ ،‬بل ذهبت طائفة ِمن أهل العلم إلى أنه َيجب على الزوج أن ُيساِفر مع زوجته لداء‬
‫فريضة الحج إذا كان ل َيجد عذرا شرعيا ول َيمنعه ِمن ذلك مانع‪ ،‬وهذا القول وإن كنا ل نقول به بل نقول بعدم وجوب‬
‫ضل الحج إذا كان متقيا ل تعالى‪ ،‬ول َيخفى ما في الحج ِمن‬ ‫ذلك عليه ولكننا َنحّثه على ذلك‪ ،‬وسَيحصل أيضا على ف ْ‬
‫ضل‪ ،‬كما ثبت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬ذهبت طائفة ِمن أهل العلم إلى أنه ليس للمرأة‬ ‫ف ْ‬
‫حَرما فليس لها أن ُتساِفر بل َيجب عليها أن‬ ‫حَرم فإن لم َتجد زوجا أو َم ْ‬‫أن ُتساِفر إلى فريضة الحج إل مع زوج أو َم ْ‬
‫صي بذلك إل إذا َتمّكنت في يوم ِمن اليام ِمن فعل ذلك‪ ،‬وذهبت طائفة ِمن العلماء إلى أنها َيجوز لها أن َتذهب إلى‬ ‫ُتو ِ‬
‫ت به‬
‫خص فيه كثير ِمن أهل العلم‪ ،‬فإذا َأخذ ْ‬ ‫ت رفقة ِمن الناس ِمن أهل الصلح معهم نساء‪ ،‬وهذا القول َتر ّ‬ ‫الحج إذا َوجد ْ‬
‫جد كثير ِمن الناس َيذهب الواحد ومعه مجموعة كبيرة ِمن‬ ‫فل حرج ولكن ليس لها أن ُتساِفر مع شخص واحد ‪ ..‬يو َ‬
‫خص فيه أحد ِمن أهل العلم‪ ،‬وإنما شّددوا فيه‪،‬‬ ‫النساء أو يذهب اثنان أو ما شابه ذلك مع مجموعة ِمن النساء وهذا لم ُير ّ‬
‫خصوا إذا كانت مجموعة كبيرة مع نساء والكل ِمن أهل الصلح ول ُيخشى عليها‪ ،‬فهذا ترخيص‪ ،‬وأما الوجوب‬ ‫وإنما ر ّ‬
‫صر‪ ،‬ولعلنا نطيل في ذلك مرة أخرى‪.‬‬ ‫فل ُيمِكن أن نقول بالوجوب‪ ،‬ونظرا لضيق المقام فأكتفي بهذا المخت َ‬
‫‪368‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫يحصل بها العلم الشرعي‪ ،‬ومما نلحظه على كثير من الناس أنهم ل‬
‫يهتمون بطلب العلم وإنما يهتم الواحد أن يسأل عن مسألة وقع فيها أو‬
‫أنه يريد أن يأتي بها في المستقبل أو ما شابه ذلك وقد يجيب بعض‬
‫أهل العلم عن تلك المسألة قبل ذلك بقليل أو قبل يوم أو ما شابه ذلك‬
‫ول يهتم بتلك المسألة ‪ ..‬يكون مشتغل بالحديث مع فلن أو فلن أو ل‬
‫يطلع على تلك البرامج التي تذاع فيها تلك المحاضرات أو تلك الدروس‬
‫أو تلك الجوبة أو ما شابه ذلك ويفوته خير كثير من المسائل الشرعية‪،‬‬
‫فطلب العلم فريضة على كل مسلم وإن كنا ل نقول بأن الكل من‬
‫الفرائض ولكن بعضه من الفرائض والبعض الخر من النوافل التي ل‬
‫ينبغي التفريط فيها‪.‬‬
‫بالنسبة إلى هذا السؤال قد ذكرنا‪-‬في الجواب الذي مضى قبل قليل‪-‬‬
‫ن المرأة إذا أرادت الحج لبد من أن تذهب مع زوج أو محرم منها‪،‬‬ ‫أ ّ‬
‫وأنه ل يصح لها أن تذهب مع مجموعة من النساء معهن بعض أهل‬
‫من أهل العلم‪ ،‬وعليه إن لم‬ ‫الصلح ‪ ..‬هذا الذي ذهبت إليه طائفة كبيرة ِ‬
‫محرما منها في ذلك الوقت فلتتأخر حتى تتمكن‬ ‫تجد المرأة زوجا أو َ‬
‫من الذهاب بعد ذلك في سنة من السنوات القادمة بمشيئة الله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬مع زوجها إن كان لها زوج أو مع ذي محرم منها‪ ،‬و‪-‬قلنا إنه‪-‬‬
‫ينبغي أن ُينظر إذا لم تجد المرأة محرما إل إذا بذلت له المال بأن كان‬
‫فقيرا أو ما شابه ذلك و‪-‬قلنا إنه‪-‬ل ينبغي لها أن تفرط في بذل المال‪،‬‬
‫أما القول بوجوب ذلك عليها فإنه َيحتاج إلى شيء من النظر‪ ،‬وحتى‬
‫نتمكن من ذلك فإنني ل أقوى على الجزم في ذلك بشيء‪ ،‬لكن‪-‬كما‬
‫ت‪-‬ينبغي التعاون بين الفريقين ‪ ..‬ينبغي لهذه المرأة أن تبذل المال‬ ‫قل ُ‬
‫وينبغي لذلك الرجل أل ّ يأخذ منها إل مقدار ما يؤدي به الحج ويرجع إلى‬
‫وطنه ‪ ..‬هذا الذي نعتمده لما ذكرته في ذلك الجواب‪.‬‬
‫وبعض العلماء ُيرخص أن تذهب المرأة مع رجال من الثقات الصالحين‬
‫معهم بعض النساء من محارمهم؛ ولكن هذا القول ل ينبغي التعويل‬
‫عليه‪ ،‬ولسيما في هذا الزمان لشدة الزحام بل ول ينبغي التعويل عليه‬
‫في أيّ وقت من الوقات لنه مخاِلف ِلظاهر الحديث الثابت عن النبي‪-‬‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ونحن ل نقطع العذر في هذه المسألة‬
‫ول نقول إنها من المسائل القطعية ولكن نقول‪ :‬إن ذلك القول هو‬
‫القول القرب للصواب‪ ،‬وعلى تقدير صحة تأويل من تأوله من أهل‬
‫ت في هذا الزمان ل ينبغي أن يؤخذ بذلك‪ ،‬لن ذلك إذا‬ ‫العلم فكما قل ُ‬
‫كان ل يستدعي أن تمسك المرأة بيد رجل أو يمسكها رجل ويطوف بها‬
‫وقد تحتاج إلى حمل أو ما شابه ذلك في الزمنة الغابرة فإن الزمان قد‬
‫ن‬
‫ت أنه وقع في العوام الماضية أ ّ‬ ‫اختلف في هذه اليام‪ ،‬وقد سمع ُ‬
‫‪369‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بعض النساء اللتي ذهبن إلى الحج قد ذهبن للطواف مع رجال أجانب‬
‫عنهن وقد أمسكت بعض النساء بيد رجل أجنبي منها فهل يمكن أن‬
‫ت‪ -‬إذا كان هنالك‬ ‫نقول بجواز ذلك ؟! هذا مما ل يصح ‪ ..‬نعم‪-‬كما قل ُ‬
‫ن على الرجل أن يقوم بحمل تلك المرأة‬ ‫وقع حادث ‪ ..‬وقعت امرأة فإ ّ‬
‫حتى تقوم‪ ،‬أما أن يتعمد ذلك أو أن تتعمد هي ذلك من قبل فهذا مما ل‬
‫يصح‪ ،‬فهذا الذي أراه وأعتمد عليه؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫من‬ ‫ة الخال‪ ،‬هل هما ِ‬ ‫عم وزوج ِ‬ ‫ة ال َ‬ ‫س‪ِ :‬بالنسبة ِلزوج ِ‬
‫رم ؟‬ ‫المحا ِ‬
‫من المحاِرم ‪..‬‬ ‫ة الخال وكذا ِبالنسبةِ إلى زوجةِ الَعم فهما لْيستا ِ‬ ‫ج‪ :‬زوج ُ‬
‫ضرِ ول‬ ‫ن في الحا ِ‬ ‫جه ُ ّ‬ ‫ص أن َيتزوّ َ‬ ‫من ل َيجوز ِللشخ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫المراد ُ ِبالمحاِرم ه ّ‬
‫ضر ‪ ..‬أي في‬ ‫جها في الحا ِ‬ ‫ل امرأةٍ ل َيجوز له أن َيتزوّ َ‬ ‫في المستقَبل‪ ،‬فك ّ‬
‫حها‪ ،‬وأما إذا‬ ‫ضر ول في المستقَبل فإنه َيجوز َله أن ُيصافِ َ‬ ‫ت الحا ِ‬ ‫الوق ِ‬
‫جها في هذا الوقت أو في المستقَبل فإنه ل َيجوز َله أن‬ ‫كان َله أن َيتزوّ َ‬
‫دمنا ذلك؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫من الحوال‪ ،‬كما ق ّ‬ ‫ل ِ‬ ‫حها ِبحا ٍ‬ ‫ُيصافِ َ‬
‫رّبما ي َكون‬ ‫رما ‪ُ ..‬‬ ‫محْ َ‬ ‫عليه أن يَكون َ‬ ‫دق َ‬ ‫س‪ :‬مَن الذي يَصْ ُ‬
‫رمها في هذا‬ ‫ح َ‬‫مكن أن َيكون هو مَ ْ‬ ‫لحد النسَاء صبي‪ ،‬هل ُي ْ‬
‫فر ؟‬ ‫الس َ‬ ‫ّ‬
‫كانت‬
‫ْ‬ ‫اهقا ‪ ..‬أي‬ ‫مكِن‪ ،‬وأما إذا كان مُرَ ِ‬ ‫الصبي إذا كان صَِغيرا فل يُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ج‪ :‬أما‬
‫البُلوغ فإنّ أهل العلم قد اختلفوا في ذلك‪:‬‬ ‫رب مِن حَالة ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫ه تَ ْ‬ ‫حالُ ُ‬ ‫َ‬
‫ها ولسيما إذا‬ ‫ر َ‬ ‫ف َ‬‫افق المرأةَ في سَ َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ن يُ َ‬‫في لَأ ْ‬ ‫إن هذا يَكْ ِ‬ ‫منْهم مَن قال‪ّ :‬‬ ‫ِ‬
‫الصلح مَُعُهم نِساء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫هل‬ ‫من أَ ْ‬ ‫جالٌ ِ‬ ‫كان هَُنالِك رِ َ‬
‫رط البُُلوغ‪.‬‬ ‫شتَ ِ‬ ‫العلماء يَ ْ‬ ‫وبعض ُ‬ ‫ُ‬
‫وي جِدًا‪ ،‬ولكن في مِثْل هذه‬ ‫ول قَ ِ‬ ‫راط البُُلوغ قَ ْ‬ ‫اشتِ َ‬ ‫ول بِ ْ‬ ‫الق ْ‬
‫شك أنّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ول‬
‫قا ‪َ ..‬له دِراية بِمثل هذه‬ ‫لبُلوغ وكان لَِب ً‬ ‫قا لِ ُ‬ ‫اه ً‬‫مرَ ِ‬ ‫الحالة إذا كان الصبي ُ‬
‫المور فل أرى بأسًا بِمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫رم ‪ ..‬مَ َ‬
‫ع‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫دون َ‬ ‫رة بِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هاب إلى العُ ْ‬ ‫الذ َ‬ ‫ّ‬ ‫ريدُ‬ ‫س‪ :‬امرأةٌ ُت ِ‬
‫انب ؟‬ ‫أج ِ‬ ‫َ‬
‫اجبَة‪-‬على رأي‬ ‫رة الوَ ِ‬ ‫م َ‬‫هذِه المرأة إن َكانتْ لم تَأتِ ِبالعُ ْ‬ ‫إن َ‬ ‫حنُ‪ّ :‬‬ ‫ج‪ :‬قلنا نَ ْ‬
‫ض أهل العِْلم إذا كانت‬ ‫أي بَْع ِ‬ ‫ص َلَها عََلى رَ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫من يقول بِذلك‪-‬فإنه قد ُيرَ ّ‬ ‫َ‬
‫الصلح‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ب مع نِساء مع رِجال مِن أهْل‬ ‫ذه ُ‬ ‫َت َ‬
‫هب إل مَع‬ ‫ذ َ‬ ‫س َلَها أن تَ ْ‬ ‫من أهل العِلم إلى أنه َليْ َ‬ ‫يرةٌ ِ‬ ‫فة َكبِ َ‬ ‫ائ َ‬
‫هَبت طَ ِ‬ ‫وذ َ‬ ‫َ‬
‫ول أسْلم‪ ،‬فينبغي َلَها إن كَانت لم‬ ‫ذا القَ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫أن َ‬ ‫رمَ؛ ول شَك ب ِ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫َزوج أو مَ ْ‬
‫د َزوجا أو ذَا‬ ‫ج َ‬ ‫ظر حتى تَ ِ‬ ‫الواجبة‪-‬على القَول بِوجوبِها‪-‬أن َتنتَ ِ‬ ‫العمرة َ‬‫َ‬ ‫ؤّد‬ ‫ُت َ‬
‫وتْأتي ِبالعمرة‬ ‫شيئَة الله‪-‬تبارك وتعالى‪َ -‬‬ ‫م ِ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫افر مََع ُ‬ ‫س ِ‬ ‫م مِْنَها وَُت َ‬ ‫حرَ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫يضة الحج؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ر َ‬ ‫ف ِ‬ ‫وب ِ َ‬
‫‪370‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ما لها إذا ما أرادت‬ ‫حَر ً‬ ‫م ْ‬‫س‪ :‬زوج أخت المرأة‪ ،‬هل يعد َ‬
‫الذهاب إلى الحج ؟‬
‫واز نكاح‬ ‫ج َ‬‫مة ‪ ..‬أيْ عدم َ‬ ‫حْر َ‬‫ن هذه اله ُ‬ ‫ما َلها‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫حَر ً‬ ‫م ْ‬ ‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬ل ي ُعَد ّ َ‬
‫مة مؤقتة ولذلك لو‪:‬‬ ‫حْر َ‬ ‫وقت ُ‬ ‫ذلك الّرجل َلها في ذلك ال َ‬
‫‪-1‬ماتت أختها‪.‬‬
‫جعًيا‪.‬‬
‫من عدِتها إذا كان الطلق َر ْ‬ ‫‪-2‬أو طلقها وخرجت ِ‬
‫‪-3‬أو طلقها إذا كان الطلق باتا‪.‬‬
‫مة مؤقتة‪ ،‬والحرمة الِتي‬ ‫حْر َ‬ ‫مة ُ‬ ‫حْر َ‬ ‫فإنه له أن يتزوجها‪ ،‬فإذن هذه اله ُ‬
‫مة المؤبدة وِبشرط أن تكون‬ ‫حْر َ‬ ‫سفر فهي اله ُ‬ ‫وة أو ال ّ‬ ‫معََها الخل ْ َ‬ ‫َتجوز َ‬
‫مؤَّبدة أو كانت‬ ‫ما إذا كانت غير ُ‬ ‫ضاع‪ ،‬أ ّ‬ ‫صاهرة أو َر َ‬ ‫م َ‬ ‫ب أو ُ‬ ‫س ٍ‬ ‫بسبب ن َ َ‬
‫من السباب الخرى غير المور التي ذكرناها فل‬ ‫مؤبدة ولكن بسبب ِ‬
‫ة مؤّقتة بينه وبين تلك‬ ‫عن الحرم ُ‬ ‫من ل َ َ‬ ‫وذلك‪-‬مثل‪-‬كحالة الل َّعان فإن َ‬
‫من‬ ‫المرأة التي وقع بينه وبينها اللعان فل يجوز له أن يتزوجها في يوم ِ‬
‫حها‪ ،‬وهكذا‬ ‫خل ُوَ ب َِها وليس له‪-‬أيضا‪-‬أن ي ُ َ‬
‫صافِ َ‬ ‫جوز َله أن ي َ ْ‬ ‫اليام ولكنه ل ي َ ُ‬
‫من‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫شاَبه ذلك ِ‬ ‫من َزَنى ِبها أو َزَنى ِبها ابنه أو أبوه أو َ‬ ‫ِبالّنسبة إلى َ‬
‫عن‬ ‫من السباب الخارجة ِ‬ ‫دية فيها بسبب ِ‬ ‫مة الب َ ِ‬ ‫المور التي وَقََعت اله ُ‬
‫حْر َ‬
‫السباب التي ذكرناها؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫جت‬ ‫ج الّنفل وسبق َلها أن ح ّ‬ ‫ح ّ‬‫س‪ :‬امرأة أرادت أن ت َ ُ‬
‫حَرم‪ ،‬فهل عليها أن‬ ‫م ْ‬‫الفرض لكنها هذه المرة تذهب بدون َ‬
‫خر ؟‬ ‫جل أم تؤ ّ‬ ‫تتع ّ‬
‫جل في ت َأدية الحج َفذِلك في حج الفريضة‪.‬‬ ‫ْ‬
‫من وجوب الت ّعَ ّ‬ ‫ج‪ :‬ما ذكرناه ِ‬
‫ما ِبالّنسبة إلى النافلة فالنسان ل يجب عليه أن ي َت َن َّفل في الحج وإّنما‬ ‫َوأ ّ‬
‫ما أن َيجب عليه ذلك فل‪.‬‬ ‫ينبغي له ذلك أ ّ‬
‫ج الفريضة مع‬ ‫ح ّ‬‫ل ل ََها أن تذهب إلى َ‬ ‫والعلماء قد اختلفوا في المرأة هَ ْ‬
‫مها أو زوجها‪:‬‬ ‫حارِ ِ‬ ‫م َ‬‫غَْير َ‬
‫ج الفريضة إل مع زوج‬ ‫فبعض العلماء َقال‪َ :‬ليس َلها أن تذهب حتى ِلح ّ‬
‫حرم‪ ،‬وذلك لنهي النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬ ‫م ْ‬‫أو َ‬
‫محارمها أو زوجها‪.‬‬ ‫سفر مع غير َ‬ ‫المرأةَ عن ال ّ‬
‫خص في ذلك إذا كان الحج حج فريضة بشرط أن تكون‬ ‫وبعض العلماء ر ّ‬
‫من أهل الصلح‪.‬‬ ‫محارم ِ‬ ‫من النساء معهن َ‬ ‫مع جملة ِ‬
‫حرم؛‬ ‫م ْ‬‫ما بالنسبة إلى الحج الّنافلة فليس َلها أن تذهب إل مع زوج أو َ‬ ‫أ ّ‬
‫والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫‪371‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‪ :‬والدتها تريد أن َتذهب إلى الحج ولكن ليس عندها‬


‫صطحب معه زوجتَه مع مجموعة مِن‬ ‫ِ‬ ‫المقاول يَ‬
‫ِ‬ ‫رم إل أنّ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬
‫النساء‪ ،‬فهل َتذهب معهم ؟‬
‫ج‪ :‬الله المستعان‪ ،‬كثير مِن أهل العلم ذهبوا إلى أنّ المرأة ل يَجوز لها‬
‫رم‪ِ ،‬لنهي النبي ‪‬‬ ‫ح َ‬ ‫ج أو مَ ْ‬‫أن َتذهب إلى الحج ول إلى غيره إل مع زو ٍ‬
‫صت طائفة مِن أهل العلم‬ ‫خ َ‬ ‫ور ّ‬
‫رم‪َ ،‬‬‫ح َ‬ ‫م ْ‬‫فرِها إل مع الزوج أو اله َ‬ ‫س َ‬
‫عن َ‬
‫الحج حجّ فريضة ‪َ ..‬رخّصوا لها‬ ‫ّ‬ ‫ِللمرأة إذا كانت َتذهب لِتأدية الحج وكان‬
‫من أهل الصلح‪ ،‬ولكن ل َيخفى ما في‬ ‫أن َتذهب مع نساء معهنّ رجال ِ‬
‫شدة الزحام في هذا المر وضَْعفِ المرأة فقد تَحتاج إلى مساعدة في‬ ‫ّ‬
‫مرض وتَحتاج إلى مَن َيقوم بشؤونها‪،‬‬ ‫الطواف أو في السعي وقد تَ َ‬
‫ومرضت منهنّ بعض النساء‬ ‫ْ‬ ‫من غير مَحارمِ ّ‬
‫هن‬ ‫ن ِ‬ ‫وكثير مِن النساء ذَهبْ َ‬
‫سك بهم أو‬ ‫م ِ‬‫واحتاجت إلى أن يَقوم الرجال بِحمِْلها أو مساعدتِها أو أن تُ ْ‬ ‫ْ‬
‫ما شابه ذلك وهم مِن غير مَحارمِها فيَقعون في معصية الله تبارك‬
‫نتظر‬
‫رخّص في مثل هذا المر فلتَ ِ‬ ‫وتعالى ‪ ..‬هذا الوقت ل يُمكن أن ن ُ َ‬
‫رما منها وهي معذورة إلى أن تَجد ذلك‪-‬بمشيئة‬ ‫ح َ‬
‫حتى تَجد زوْجا أو مَ ْ‬
‫رم؛ والله‬ ‫ح َ‬‫م ْ‬
‫من التأْدية مع الزوج أو اله َ‬ ‫الله‪-‬وتوصي بذلك حتى تَتمكّن ِ‬
‫أعلم‪.‬‬

‫ما يتعلق بإحرام المرأة‬


‫ن‬‫فهم َ‬ ‫ض النساء ي َ ْ‬ ‫ن بع َ‬ ‫قة إحَرام ِ المرأة ؟ ل ّ‬ ‫طري َ‬ ‫س‪ :‬ما َ‬
‫َ‬
‫عّينا وطريقة معّينة‪ ،‬هل هناك‬ ‫م َ‬
‫ن لباسا ُ‬ ‫س َ‬ ‫على أّنهن ي َل ْب َ ْ‬ ‫َ‬
‫ذا ؟‬ ‫من ه َ‬ ‫ِبالفعل شيءٌ ِ‬
‫ضة الحج أن ي َ ُ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫كو َ‬ ‫ري َ‬‫ب إلى ت َأدَِية فَ ِ‬ ‫من أراد أن َيذه َ‬ ‫ل َ‬ ‫ج‪ :‬إنه ي َن ْب َِغي لك ّ‬
‫جل أو امرأة‬ ‫ما ي َت َعَّلق بأحكام الحج سواء كان َر ُ‬ ‫من أمره في َ‬ ‫عََلى ب َّينة ِ‬
‫دي إلى َفساد‬ ‫عية التي َقد ت ُؤَ ّ‬ ‫شْر ِ‬ ‫خالفات ال َ‬‫حتى ل َ َيقع في بعض الم َ‬
‫صل ذلك إلى‬ ‫من الّنقص في الحج وإن كان ل ي َ ِ‬ ‫دي إلى شيٍء ِ‬ ‫جه أو ُتؤ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫سادِ الحج‪.‬‬ ‫جة فَ َ‬ ‫د ََر َ‬
‫سأن َّبه عليه بعد قليل ِبمشيئة الله‬ ‫ُ‬ ‫المرأة ت َْلبس الم َ‬
‫لبس الَعادية إل ما َ‬
‫ن السّنة النبوية‪-‬على صاحبها وآله أفضل الصلة‬ ‫تبارك وتعالى‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫من اللباس ِبالنسبة ِللمرأة إل أنها‬ ‫والسلم‪-‬لم يأ ْ‬
‫ي عن شيٍء ِ‬ ‫ٌ‬ ‫نه‬‫َ‬ ‫فيها‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫َ َ‬
‫ُتنهى أن ت َن ْت َِقب‪ ،‬فالنبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬نهى المرأة أن‬
‫ت َن ْت َِقب ‪ ..‬أي أن ت َل َْبس الن َّقاب‪ ،‬وكذلك ِبالنسبة إلى الب ُْرُقع‪ ،‬فليس لها أن‬
‫س الُقفازين‪.‬‬ ‫َتلبس الب ُْرُقع وليس لها أن ت َن ْت َِقب وليس لها‪-‬أْيضا‪-‬أن ت َل ْب َ َ‬
‫‪372‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من ذلك ِبالنسبة إلى المرأة‪ ،‬إذ‬ ‫وأما ِبالنسبة إلى الجوارب فإّنه ل مانع ِ‬
‫ي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬نعم‬ ‫ْ‬
‫ت في ذلك نه ٌ‬ ‫لم ي َأ ِ‬
‫ذلك لنها تكون أمام‬ ‫من ملبس الزينة و َ‬ ‫ت ُن َْهى المرأة أن ت ََتبّرج ِبشيٍء ِ‬
‫ي‬
‫صا ِبالحج بل هو شامل ل ّ‬ ‫ذا الحكم ليس خا ّ‬ ‫الرجال الجَانب ولكن هَ َ‬
‫من الوقات تكون المرأة فيه أمام الرجال الجانب أو ت َل ْت َِقي فيه‬ ‫ت ِ‬ ‫وق ٍ‬
‫جاِنب‪.‬‬ ‫ِبالرجال ال َ‬
‫من أنواع‬ ‫ن المرأة ت ُْنهى عن عددٍ ِ‬ ‫من أ ّ‬ ‫وأما ما ذكره بعض أهل العلم ِ‬
‫ما لم َيرد في سّنة رسول الله صلى‬ ‫م ّ‬‫ن ذلك ِ‬ ‫اللباس‪-‬كالحرير مثل‪-‬فإ ّ‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫من‬ ‫ف بْين أهل العلم في أيّ مسألةٍ ِ‬ ‫خل ٌ‬ ‫من المعلوم أنه إذا وََرد َ ِ‬ ‫و ِ‬
‫خلًفا بْين أهل‬ ‫ل ب َي َْنهم الكتاب والسّنة ‪ ..‬إذا وجدنا ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ن الَفي ْ َ‬ ‫المسائل فإ ّ‬
‫من أن ن ََنظر في كتاب الله‪-‬تبارك‬ ‫مسائل فلبد ِ‬ ‫من اله َ‬ ‫العلم في مسألة ِ‬
‫وتعالى‪-‬وفي سّنة رسوله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬
‫ل عليه الكتاب أو السّنة فهو القول الصحيح‬ ‫الصحيحة الَثابتة عَْنه‪ ،‬وما د َ ّ‬
‫ذي َينب َِغي ِللنسان أل ّ َيحيد عنه أبدًا‪.‬‬ ‫الّراجح ال ِ‬
‫شْرط أل ّ ت ََتبّرج ِبزينة‪،‬‬ ‫فإذن المرأة في الحَرام ِ ت َْلبس الملبس الَعاِدية ب ِ َ‬
‫ت‪-‬عن لْبس الّنقاب‪ ،‬وكذلك الب ُْرُقع‪ ،‬وكذلك ُتنهى عن‬ ‫وإنما ت ُن َْهى‪-‬كما قل ُ‬
‫مرأة َيدْيها‪ ،‬أما ِبالنسبة‬ ‫خل فيه اله َ‬ ‫لبس الُقّفازين‪ ،‬وهما الشراب الذي ُتد ِ‬
‫إلى ما عدا ذلك فل‪.‬‬
‫من‬ ‫دد في ذلك كثير ِ‬ ‫ضة فقد ش ّ‬ ‫وهكذا ِبالنسبة إلى ُلبس الذهب والف ّ‬
‫دد وإنما ت ُْنهى عن ِإظهار‬ ‫ل على هذا الت َ َ‬ ‫جد دليل َيد ّ‬ ‫َ‬
‫ش ّ‬ ‫أهل العلم‪ ،‬ولم أ ِ‬
‫عمرة أو‬ ‫ج أو ُ‬ ‫منوع سواء كان ذلك في ح ّ‬ ‫م ْ‬‫ذلك ِللّرجال الجانب فذلك َ‬
‫ة ‪ ..‬هذا‬ ‫حل ّ ً‬ ‫م ِ‬ ‫ة أو كانت ُ‬ ‫م ً‬
‫حرِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫في غَْيرهما‪ ،‬أو ِبعبارة أخرى‪ :‬سواء كانت ُ‬
‫ما َيظهر لي؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫مّرت المرأة ِبالرجال‬ ‫َ‬ ‫جه إذا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل الّثوب على الو‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫سد‬ ‫َ‬ ‫وَأما ِبالنسبة إلى‬
‫َ‬
‫ذلك‪ ،‬إذ‬ ‫ض الرجال الجانب فالسّنة قد د َّلت على َ‬ ‫مّر ِبها بع ُ‬ ‫الجانب أو َ‬
‫سدِْلن على‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ت الهمؤمنين‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليهن‪-‬ك ُ ّ‬ ‫ن أمها ِ‬ ‫إ ّ‬
‫مات‪.‬‬ ‫حرِ َ‬
‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن الرجال الجانب وه ّ‬ ‫مّر ِبه ّ‬ ‫من النبي ‪ ‬إذا َ‬ ‫مسمٍع ومرأى ِ‬
‫من الوجه‪.‬‬ ‫س ذلك الثوب شيئا ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ض العلماء أل ّ ي َ َ‬ ‫ولكن اشتَرط بع ُ‬
‫ض أهل العلم‪.‬‬ ‫رط ذلك بع ُ‬ ‫ولم َيشت ِ‬
‫ل عليه؛ والعلم عند‬ ‫جد دليل ي َد ُ ّ‬ ‫َ‬
‫حَتاج إلى دليل‪ ،‬ولم أ ِ‬ ‫والقول ِبالشت َِراط ي َ ْ‬
‫الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫مات هو‬ ‫َ‬
‫ر َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫غالبة عند الق ُ‬ ‫س‪ :‬الحقيقة أصبحت الصفة ال َ‬
‫دل هذا‬ ‫س ْ‬ ‫ن الفتنة هي السبب في َ‬ ‫ة الوجه ِبناء على أ ّ‬ ‫تغطي ُ‬
‫الخمار‪.‬‬
‫‪373‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫زم ِبما في كتاب الله‪-‬تبارك‬ ‫طب أن َيلت ِ‬ ‫مخا َ‬ ‫ج‪ :‬هو ما ذكرناه ‪ ..‬النسان ُ‬
‫وتعالى‪-‬وِبما في سّنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬
‫مة ِبالرجال أو‬ ‫حر َ‬ ‫م ْ‬ ‫مّر المرأة اله ُ‬ ‫دل عندما ت َ ُ‬ ‫س ْ‬ ‫جواز ال ّ‬ ‫والسّنة د َّلت على َ‬
‫شف وجَهها ‪ ..‬هذا الذي‬ ‫ض الرجال‪ ،‬أما ما عدا ذلك فإنها ت َك ْ ِ‬ ‫َيمّر ِبها بع ُ‬
‫ت في السّنة الصحيحة الثابتة؛ والعلم عند الله‪.‬‬ ‫ث َب َ َ‬
‫كا ُ‬
‫ك‬ ‫وسم الحج الناس ك َِثيُرون والحت ِ َ‬ ‫س‪َ :‬لكن في م ْ‬
‫رد‪.‬‬ ‫وا ِ‬ ‫ِبالرجال أمٌر َ‬
‫من الوقات‪ ،‬وإنما يكون ذلك في‬ ‫ج‪َ :‬لكن ل َيكون ذلك في كل وَْقت ِ‬
‫بعض الحيان‪.‬‬
‫كيف‬ ‫من الفتنة ؟ َيعني َ‬ ‫عَيار الخوف ِ‬ ‫م ْ‬ ‫س‪ :‬ما هو ِ‬
‫من الفتنة ؟ هل هذا‬ ‫خاِئفة ِ‬ ‫هي َ‬ ‫هل ِ‬ ‫َتستطيع المرأة أن ُتمّيز َ‬
‫مد على َنظرات الخرين إليها ؟‬ ‫عت َ ِ‬ ‫سها أم ي َ ْ‬ ‫مد عليها ِبنف ِ‬ ‫َيعت ِ‬
‫جاِنبين‪.‬‬ ‫عاة ال َ‬ ‫مَرا َ‬ ‫من ُ‬ ‫ج‪ :‬لبد ِ‬
‫من منزِِلها‬ ‫الحرام ِ‬‫ِ‬ ‫سل‬ ‫سل غ ُ ْ‬ ‫غَت ِ‬ ‫لمرأة أن َت ْ‬ ‫ِ‬ ‫س‪ :‬هل ِل‬
‫قبل الخروج ؟‬ ‫َ‬
‫إطالة‪ ،‬ولكن‪:‬‬ ‫َ‬ ‫اج إلى‬ ‫حتَ ُ‬ ‫المسألة تَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذه‬
‫ت في "‬ ‫زَل ْ‬ ‫ت فيه ‪ ..‬مثل لو نَ َ‬ ‫زَل ْ‬ ‫زِلها المنزل الذي نَ َ‬ ‫منْ ِ‬‫صدُ ِب َ‬ ‫ق ِ‬ ‫إذا كانتْ َت ْ‬
‫مَيتِها بِالمدينة‬ ‫س ِ‬ ‫من تَ ْ‬ ‫المدينة " ‪ ..‬في مدينة النبي ‪ ، ‬ول بأس‪-‬طبعا‪ِ -‬‬ ‫ِ‬
‫حرِم‬ ‫رج ولكن لُِت ْ‬ ‫خ ُ‬ ‫من هُنَاك َوْلتَ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫س ْ‬ ‫المنورة ‪ ..‬إذا أرادتْ ذلك نعم لِتَْغَت ِ‬ ‫َ‬
‫مت ذلك فإنّ‬ ‫ْ‬ ‫و قدّ‬ ‫م ذلك ‪َ ..‬ل ْ‬ ‫قدّ َ‬ ‫من عندِ الميقات ‪ ..‬ل ينبغِي َلها أن ُت َ‬ ‫ِ‬
‫إحرامَها صحِيح‪-‬على الصحِيح الذي عليه الجمهور‪-‬ولكن ينبغِي لََها أن‬
‫عليه وعلى آله‬ ‫صلى الله َ‬ ‫ل النبي َ‬ ‫خرَ ذلك إلى الميقات‪ ،‬كما فََع َ‬ ‫ؤ ّ‬ ‫ُت َ‬
‫ما‬‫وما جاء مِ ّ‬ ‫ل على خلفِ ذلك‪َ ،‬‬ ‫ت عنه ما َيدُ ّ‬ ‫ولم يَثبُ ْ‬ ‫سلم‪َ ،‬‬ ‫وصحبه و َ‬
‫شيئة‬ ‫م ِ‬ ‫ذه المناسََبة بِ َ‬ ‫ه ِ‬‫ع الطالة في غيْرِ َ‬ ‫ض ُ‬
‫و ِ‬ ‫ف ذلك فإنّه ل يَثُْبت‪َ ،‬ومَ ْ‬ ‫خال ُ‬ ‫ُي ِ‬
‫الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫مر عدّ َ‬
‫ة‬ ‫سَت ِ‬
‫ذهب وتَ ْ‬ ‫ها عندَما تَ َ‬ ‫من ِبلدِ َ‬ ‫سل ِ‬ ‫صد بَِأّنها تَْغَت ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫أما إذا كانتْ تَ ْ‬ ‫ّ‬
‫كانت‬
‫ْ‬ ‫في ِللتيانِ ِبهذِه السّنة ‪ ..‬نعم في وقتِنا هذا‪-‬مثل‪-‬إذا‬ ‫أيام فهذا ل َيكْ ِ‬
‫وجها مباشَرَة فل‬ ‫خرُ ِ‬ ‫ت في بيْتِها قبلَ ُ‬ ‫سَل ْ‬ ‫الطائرَة فإذا اغتَ َ‬ ‫ِ‬ ‫طة‬
‫اس ِ‬ ‫و ِ‬ ‫رج بِ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫َت ْ‬
‫من الغتِسال‬ ‫مكّن ِ‬ ‫رة ول تََت َ‬ ‫مرّ على الميقات وهي في الطائِ َ‬ ‫بأس‪-‬لنّها تَ ُ‬
‫رم‬ ‫ح ِ‬ ‫من بيِْتها لحرامِها وَْلتُ ْ‬ ‫تسل ِ‬ ‫قة‪َ-‬فْلَتْغ ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫م َ‬ ‫نت ِب َ‬
‫مكّ ْ‬ ‫كن ذلك إنْ َت َ‬ ‫م ّ‬ ‫أو تَتَ َ‬
‫اذي الميقات؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬ ‫ح ِ‬‫عندَما تُ َ‬
‫*ما يتعلق بالحيض والنفاس‬
‫س‪ :‬إن كانت المرأة تخشى أن يدركها الحيض في فترة‬
‫المناسك‪ ،‬هل لها أن تتأخر عن الحج أو العمرة بسبب هذا ؟‬

‫‪374‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج‪ :‬الله أعلم؛ إذا كانت تريد أن تذهب إلى العمرة فإن كانت تعرف بأنه‬
‫سيأتيها هذا الحيض على حسب عادتها ولبد من أن ترجع إلى بلدها في‬
‫رم لن في ذلك من الصعوبة ما ل يخفى قد‬ ‫تلك المدة فل يمكن أن تح ِ‬
‫تحرم ثم ترجع إلى بلدها وتبقى شهرا أو شهرين أو أكثر وهي محرمة‬
‫وفي هذا من المشقة ما ل يخفى لكن إذا كانت‪-‬مثل‪-‬ذهبت وتظن بأنها‬
‫ستطهر قبل ذلك أو أنه لن يأتيها الحيض قبل ذلك فيمكن أن تشترط‬
‫فإذا اشترطت ولم تتمكن من تأدية تلك العمرة فل بأس بذلك على‬
‫رأي من يقول بالشتراط ونحن نقول بالشتراط لن ذلك ثابت عن‬
‫النبي ‪ ‬ودعوى أن ذلك خاص بتلك المرأة أو أنه منسوخ مما ل ُيقبل‪،‬‬
‫أما الخصوصية فإنه مما ل دليل عليها‪ ،‬والصل أن ما ثبت للواحد يثبت‬
‫لغيره إل إذا دل دليل على التخصيص‪ ،‬وأما دعوى النسخ فإنها مردودة‬
‫لن ذلك من أواخر الحكام ولم يأت ما ينسخه‪ ،‬ولكن بقي هل يباح ذلك‬
‫لمثل الحيض أو ما شابه ذلك ؟ عندما تكون هنالك ضرورة ملحة‬
‫فيمكن أن نقول بذلك ولكن ل ندعو إلى التساهل كثيرا في مثل هذه‬
‫القضية‪ ،‬أما بالنسبة إلى الحج إذا كانت المرأة تعرف بأنها لن تتمكن‬
‫من التيان بالحج وهي طاهرة وطبعا الذي يشترط فيه الطهارة هو‬
‫الطواف أما بالنسبة إلى الوقوف والسعي إلى غير ذلك من المور‬
‫الخرى كالرمي والمبيت بالمزدلفة والذبح وما شابه ذلك ‪ ..‬هذه المور‬
‫ل تشترط فيها الطهارة وإنما الذي تشترط فيه الطهارة هو الطواف‬
‫فإذا كانت تعرف بأنها لن تتمكن من التيان بطواف الزيارة فل يمكن‬
‫أن تذهب إل إذا كانت تعرف بأنها سترجع ويمكن بعد ذلك أن تذهب بعد‬
‫مدة ل يشق عليها ذلك فل إشكال في ذلك أما أن تذهب وبعد ذلك‬
‫ترجع وتبقى مدة طويلة فهذا قد يشق عليها كثيرا ولزوجها عليها حقوق‬
‫إن كان لها زوج ‪ ..‬له حق الوطء ومن المعلوم أن المرأة إذا كانت‬
‫محرمة ل يمكن أن توطأ بل ول ما هو أقل من ذلك حتى اللمس إذا‬
‫كان بشهوة والتقبيل والضم وما شابه ذلك ‪ ..‬هذه المور ل تصح في‬
‫رم‪ ،‬فإذن المعتبر الطواف فإذا كانت يمكن أن تتأخر هنالك‬ ‫مح ِ‬‫حق ال ُ‬
‫عن الرفقة والمر يسير في هذا الزمان تأتي في طائرة أو تأتي في‬
‫ناقلة مع محرمها أو زوجها فلتتأخر وإن كانت يمكن أن ترجع بعد ذلك‬
‫بمدة قصيرة فل بأس بذلك بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أما إذا كانت ل‬
‫يمكنها ذلك فلتتأخر في هذه السنة ولتذهب في سنة أخرى بمشيئة الله‬
‫تبارك وتعالى‪ ،‬أما بالنسبة إلى عمرة التمتع فل إشكال في ذلك إذا أتاها‬
‫الحيض فلُتدخل الحج على العمرة وتكون قارنة كما فعلت السيدة‬
‫عائشة بأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ‪ ..‬إذا لم‬
‫تتمكن من الطواف قبل عرفة فلتدخل الحج على العمرة وتكون قارنة‬
‫‪375‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ولشيء في ذلك بمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى طواف‬
‫الوداع فإنه ل يلزمها ‪ ..‬هذا أمر لبد من التنبه إليه وقد وقعت في‬
‫السنوات الماضية على حسب ما سمعت ‪ ..‬وكثير من المسائل في‬
‫هذه القضية ولعلنا ننبه على ذلك في مناسبة أخرى بمشيئة الله تبارك‬
‫ما‬
‫م ّ‬ ‫ض النساء ِ‬ ‫ت فيها بع ُ‬ ‫من المخاَلفات التي وقع ْ‬ ‫ن هنالك ِ‬ ‫وتعالى‪ ،‬ل ّ‬
‫يبطل الحج أو العمرة أو يؤثر فيهما أو ما شابه ذلك‪ ،‬وبيان ذلك في‬
‫ت إليها بمشيئة الله تبارك وتعالى؛ والله‪-‬تعالى‪-‬ولي‬ ‫المناسبة التي أشر ُ‬
‫التوفيق‪ ،‬وهو أعلم بكل شيء‪.‬‬
‫مل‬ ‫ك ِ‬‫ع الحَْيض لِتُ ْ‬ ‫ان َ‬‫و ِ‬‫اطى مَ َ‬ ‫ع َ‬ ‫صح لِلمرأة أن تََت َ‬ ‫س‪ :‬هل َي ِ‬
‫القافِلة إلى‬ ‫َ‬ ‫جع فيه‬ ‫ر ِ‬‫حيْضها زمنًا َت ْ‬ ‫أيامِ َ‬ ‫اد َ‬ ‫د ِ‬ ‫رَتها َنظَرا لمِْت َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ُ‬
‫ها ؟‬ ‫ر َ‬ ‫ه ِ‬ ‫طن قبل طُ ْ‬ ‫الوَ َ‬
‫ج‪ :‬هنالك أمران‪:‬‬
‫ستعمل ذلك ؟‬ ‫ِ‬ ‫‪-1‬الجواز ‪ ..‬أي أَنه هل ِلهذه المرأة أن َت‬
‫وّقف‬ ‫لت ذلك قبل نُزول الحَيْض أو في أثناءِ ُنزوله وتَ َ‬ ‫‪-2‬وإذا استعمَ ْ‬
‫الحيض عن النزول‪:‬‬ ‫ْ‬
‫انع مِنْه "‪.‬‬ ‫قول‪ " :‬إنّ ذلك مِما ل مَ ِ‬ ‫العلم تَ ُ‬
‫فإن طائفة كبيرة مِن أهل ِ‬ ‫ّ‬
‫وفرق بعضُ أهل العلم بَْين الحَالتين ‪ ..‬بيْن ما إذا نَزل الحيْض أو كان‬ ‫ّ‬
‫ذلك قَبل نُزوله فأجازوا ذلك في الحالة الثانية دون الحالة الولى‪.‬‬
‫ونحن نقول‪ :‬إذا انقطع الحيْض ل مَانع مِن ذلك‪ ،‬ولكن هنالك قَضية‬ ‫َ‬
‫ه الحبوب بعد ذلك‬ ‫ملن هذ ِ‬ ‫سَتْع ِ‬
‫أن َكثيرا مِن النّساء اللتي يَ ْ‬ ‫خرى وهي ّ‬ ‫ُأ ْ‬
‫ارة‬
‫جدا وتَارة يَْنزِل وتَ َ‬ ‫ويلة ِ‬ ‫مدّة طَ ِ‬ ‫ستَمر الدّم له ُ‬ ‫وقف هذا الحيْض ويَ ْ‬ ‫ل يََت َ‬
‫هي طاهر‬ ‫ل ِ‬ ‫ضبط لَها عادة فَل تَدْري هَ ْ‬ ‫خلف ذلك ول تَنْ ِ‬ ‫َيكون المر ِب ِ‬
‫قية‬‫ؤّدي مناسِك الحج والعُمرة وتُصلي وتَصوم وهكذا بالنسبة إلى َب َ‬ ‫َفُت َ‬
‫ست بِطاهر وليس لها أن‬ ‫ي َليْ َ‬ ‫مَتَعلقة بقضية الحيْض أو هِ َ‬ ‫كام اله ُ‬ ‫الحْ َ‬ ‫َ‬
‫رك‬ ‫فالسلمة أن تَتَ ُ‬ ‫ّ‬ ‫قى في مُشكلة كبيرة جدًا‪،‬‬ ‫ؤّدي هذه الشياء ‪ ..‬تَْب َ‬ ‫ُت َ‬
‫ادة ‪..‬‬ ‫ن عَ َ‬ ‫اء َلُه ّ‬‫س ِ‬ ‫الن َ‬
‫ن ّ‬ ‫فإن َكثيرا مِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ظر في َأمْرها‪،‬‬ ‫هذه المُور وأن َتنْ ُ‬
‫مكَُنَها أن‬ ‫رف مََتى يَْبتَدِئ الحيْض ومتى يَْنتَهي الحيض‪ ،‬فإن كانت يُ ْ‬ ‫َتْع ِ‬
‫المناسك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ك‬
‫تل َ‬ ‫أت بِ ْ‬‫مناسك قبل نُزول الحيض َفْلَتذهب ولْتَ ِ‬ ‫ي ِتلك اله َ‬ ‫ؤّد َ‬ ‫ُت َ‬
‫أن الحيض سيأتيها في‬ ‫وإن كان ل يُمكنها ‪َ ..‬تعرف بِحسب عادَتها بِ ّ‬
‫مرة أو تَْأدية‬ ‫الوْقت مِن َتْأِدية العُ ْ‬ ‫مكّن في ذلك َ‬ ‫الوْقت الفُلني ولَن تََت َ‬ ‫َ‬
‫قتهم فإنها ُتؤمَ ُ‬
‫ر‬ ‫ها تِلك الجماعة التي هي في رفَ َ‬ ‫ر َ‬ ‫ظ َ‬ ‫ن َتنَْت ِ‬ ‫الحج لنّها لَ ْ‬
‫ج ا م ِن‬ ‫وسيجعل لَها الله‪-‬تبارك وتعالى‪َ-‬فرَ ً‬ ‫َ‬ ‫أخر في تلك السنَة‪،‬‬ ‫ِبأن َتتَ ّ‬
‫معلوم هي لم‬ ‫ومن اله َ‬ ‫قبل إن شاء الله تبارك وتعالى‪ِ ،‬‬ ‫سَت ْ‬‫م ْ‬ ‫ها في اله ُ‬ ‫أمرِ َ‬
‫ما مِن أجل هذه الضّرورة؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫وإن َ‬
‫تتأخر مِن أجل التَأخر ّ‬ ‫ّ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫‪376‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫دي طواف الوداع ؟‬ ‫ؤ ّ‬


‫ستحاضة‪ ،‬كيف تُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫س‪ :‬المرأةُ الق ُ‬
‫واف الوداع‪:‬‬ ‫العلماء في طَ َ‬ ‫ج‪ :‬أما الحائض فقد اختلف ُ‬
‫ش ً‬
‫اة‬ ‫كنها ذلك وإل فََعليها أن َتذْبح َ‬ ‫أخر إن أَمْ َ‬ ‫منْهم مَن قَال‪ُ :‬تؤمَر ِبأن تََت ّ‬ ‫ِ‬
‫منْ‬‫ايا هُم‪َ :‬‬ ‫ض َ‬
‫الق َ‬‫م في مِثْل هذه َ‬ ‫اد بِفقراء الحرَ ِ‬ ‫ر ُ‬ ‫م َ‬ ‫م ‪ ..‬واله ُ‬ ‫حرَ ِ‬ ‫ِلفقراء اله َ‬
‫م أو كانوا‬ ‫واء َكانوا مِن أهل الحرَ ِ‬ ‫م في ذلك الوَْقت سَ َ‬ ‫ون في الحرَ ِ‬ ‫وجدُ َ‬ ‫ُي َ‬
‫دموا إلى الحرَمِ‪.‬‬ ‫اقيين الذين قَ ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫رج إل إذَا‬ ‫خ ُ‬‫يَء عََليَْها وتَ ْ‬ ‫العلم إلى أنه ل شَ ْ‬ ‫ت طائفة مِن أهل ِ‬ ‫هب ْ‬‫وذ َ‬ ‫َ‬
‫طوف‬ ‫وترجِع وتَ ُ‬ ‫سل َ‬ ‫غت ِ‬ ‫ؤمر بَِأن َت َ‬ ‫مكة فإنّها تُ َ‬ ‫ارَقة بُُيوتِ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫طُهرَت قبل مُ َ‬ ‫َ‬
‫ؤمَر ِبالرّجوع ول‬ ‫فإنها ل تُ ْ‬‫الحرَم ّ‬ ‫َ‬ ‫و في‬ ‫رت بَعد ذَلك ولَ ْ‬ ‫البْيت‪ ،‬أما إذا طَُه َ‬ ‫ِب َ‬
‫عليها‪.‬‬ ‫يء َ‬ ‫ش َ‬ ‫َ‬
‫ول هُو القَول الصحيح‪ِ ،‬لدللة حديثِ رسول الله‪-‬صلى الله عليه‬ ‫الق ْ‬
‫وهذا َ‬
‫عَلْيه‪.‬‬‫وعلى آله وسلم‪َ -‬‬
‫مس َلُهم‬
‫ُ‬ ‫يلتَ‬
‫طِلعوا على الحديثِ ف ُ ْ‬ ‫ولعل الذين قَالوا بِخلف ذلك لم َي ّ‬ ‫َ‬
‫رد إل المصطفى صلى‬ ‫ذ مِن َقوله ويُ َ‬ ‫ؤخَ ُ‬ ‫وِلهم‪ ،‬إذ كلّ ُي ْ‬ ‫ق ْ‬‫خذُ ِب َ‬ ‫ؤ َ‬‫العذْر ول يُ ْ‬ ‫ُ‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم‪:‬‬
‫قولوا خَالف الثار‬ ‫وإن يَ ُ‬ ‫مختار‬ ‫حسبك أن تَّتبع اله ُ‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫تسل وبعد‬ ‫ضها أَن تَْغ ِ‬ ‫ر بَعد حَْي ِ‬ ‫ؤمَ ُ‬ ‫حاضة فإنّها تُ ْ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬
‫ست‬ ‫سبة إلى اله ُ‬ ‫أما ِبالنّ َ‬
‫دم ثُبوت ذلك عن النبي ‪ ‬مِن‬ ‫حيح‪ِ-‬لَع َ‬ ‫الص ِ‬
‫َ‬ ‫ؤمر بِالغتسال على‬ ‫ذلك ل تُ َ‬
‫ضع النجاسة وبِأن‬ ‫و ِ‬‫مر بَِغسل مَ ْ‬ ‫ؤ َ‬‫ما تُ ْ‬ ‫وإن َ‬
‫جية‪ّ -‬‬ ‫ح ّ‬ ‫صلُ إلى مرتبة اله ُ‬ ‫ه َي ِ‬ ‫ج ٍ‬ ‫َو ْ‬
‫جاسة إلى شيءٍ مِن جسدها أو إلى‬ ‫وج تِْلك النّ َ‬ ‫ر ِ‬ ‫منَع مِن خُ ُ‬ ‫شيْئا َي ْ‬ ‫س َ‬ ‫َتْلبَ َ‬
‫طوفُ كما تُصلي؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ضأ وتَ ُ‬ ‫و ّ‬ ‫الرض ثم تَتَ َ‬ ‫ْ‬

‫س‪ :‬هذه المرأة التي ذهبت إلى الحج جاءها الحيض بعد‬
‫الزوال في يوم عرفة ؟‬
‫ضّرها ذلك‪ ،‬لنها‪-‬على حسب كلم السائل‪-‬طافت طواف الفاضة‬ ‫ج‪ :‬ل ي َ ُ‬
‫من‬ ‫ت ِ‬ ‫ت ‪ ..‬أي بعد أن انتهى حيضها واغتسل ْ‬ ‫ت وت َط َهَّر ْ‬‫بعد َ أن ط َهَُر ْ‬
‫الحيض وما دام المر كذلك فل علقة ِللحيض ِبالوقوف ِبعرفة فوقوفها‬
‫صحيح ِبمشيئة الله؛ والله أعلم‪.‬‬
‫ؤها الحيض في الحج‪ ،‬ماذا َتفعل ؟‬ ‫ج ُ‬ ‫س‪ :‬المرأة التي ُيفا ِ‬
‫ج‪ :‬ل ُتشتَرط الطهارة في الحج ول في الُعمرة إل في الطواف‪ ،‬فإذا‬
‫ظر حتى‬ ‫من أن َتنت ِ‬ ‫أتاها الحيض فإنها ليس َلها أن َتطوف ِبالبيت بل لبد ِ‬
‫مرة‬‫معت ِ‬ ‫سل وبعد ذلك َتطوف‪ ،‬فإن جاءت‪-‬مثل‪ُ -‬‬ ‫من الحيض وَتغت ِ‬ ‫ت َط ُْهر ِ‬
‫من الطواف‬ ‫كن ِ‬‫دة ثم لم َتتم ّ‬
‫تم ّ‬ ‫مك َث َ ْ‬‫تو َ‬ ‫صل َ ْ‬‫ت ِبالُعمرة ووَ َ‬ ‫أّول ‪ ..‬ل َب ّ ْ‬
‫صير قارَِنة‬ ‫خل الحج على الُعمرة فت َ ِ‬ ‫مر ِبأن ت ُد ْ ِ‬ ‫سع فإنها ت ُؤْ َ‬ ‫ِبالبيت قبل التا ِ‬
‫‪377‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مرة فقط‪ ،‬وَتطوف بعد ذلك‬ ‫معت ِ‬ ‫بْين الحج والُعمرة بعد أن كانت ُ‬
‫ز‪ ،‬كما وَقَعَ ِللسيدة عائشة‪-‬رضي‬ ‫ج ٍ‬‫م ْ‬ ‫دا وذلك ُ‬ ‫جها طواًفا وا ِ‬
‫ح ً‬ ‫ل ُِعمرِتها وِلح ّ‬
‫ت ِبالُعمرة‬ ‫ت ل َب ّ ْ‬‫مرة ‪ ..‬يعني كان ْ‬ ‫معت ِ‬ ‫الله تبارك وتعالى عنها‪-‬فإنها كانت ُ‬
‫ت ِبالُعمرة ‪ ..‬أي‬ ‫ت أّول ِبالحج ثم بعد ذلك ل َب ّ ْ‬ ‫فقط ‪ ..‬قيل‪ :‬إنها ل َب ّ ْ‬
‫عمرة‪ ،‬وقيل‪ :‬إنها ل َّبت‬ ‫من الحج إلى ُ‬ ‫مها ِ‬ ‫حوَّلت إحرا َ‬ ‫ت الحج ‪َ ..‬‬ ‫خ ْ‬ ‫فَ َ‬
‫س َ‬
‫ره الن ‪..‬‬ ‫من أول مرة ِبالُعمرة‪ ،‬وفي ذلك كلم طويل‪ ،‬ل داعي ل ِذِك ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫كن‬‫كة كانت ت ُل َّبي ِللُعمرة ولكنها لم َتتم ّ‬ ‫ت إلى م ّ‬ ‫صل َ ْ‬
‫عندما وَ َ‬ ‫المهم أنها‬
‫ت قاِرنة وعندما ط َهَُرت‬ ‫َ‬
‫عمرِتها فصار ْ‬ ‫ت الحج على ُ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫من الطواف فأد ْ َ‬ ‫ِ‬
‫عمرِتها طواًفا واحدا ‪ ..‬فإذن‬ ‫جها و ُ‬ ‫طاَفت ِلح ّ‬ ‫وت َط َّهرَت بعد اليوم التاسع َ‬
‫هذا هو الحكم‪.‬‬
‫ظرها‬ ‫من أن َينت ِ‬ ‫ب أصحاُبها ‪ ..‬أوّل ً ُيقال‪ :‬لبد ِ‬ ‫أما إذا كان ذلك بعد وذه َ‬
‫حَرما‪ ،‬ولكن إذا كانت هنالك‬ ‫م ْ‬ ‫مَرافِقٌ َلها سواء كان زْوجا أو َ‬ ‫من هو ُ‬ ‫َ‬
‫جع وليس لها أن َتطوف قبل أن‬ ‫ْ‬
‫جُعوا فلت َْر ِ‬ ‫حة في الرجوع فَر َ‬ ‫مل ِ ّ‬ ‫ضرورة ُ‬
‫كة حتى َتقوم ِبأداء‬ ‫من أن َتذهب إلى م ّ‬ ‫ت َط ُْهر وت َت َط َّهر‪ ،‬ثم بعد ذلك لبد ِ‬
‫من أركان الحج‪.‬‬ ‫هذا الطواف الذي هو ركن ِ‬
‫أما إذا كانت قد طافت طواف الحج وبقي عليها طواف الوداع فإنها‬
‫ص السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي ‪ ، ‬كما‬ ‫ت ُعْذ َُر عن طواف الوداع‪ ،‬ب ِن َ ّ‬
‫جاء ذلك في مسند الربيع‪-1‬رحمه الله‪-‬وجاء عند غيره من أئمة الحديث‬
‫دال على أنه ُيؤمر النسان ِبأن‬ ‫صص ِللحديث العام ال ّ‬ ‫خ ّ‬ ‫م َ‬ ‫وذلك الحديث ُ‬
‫ص َيقضي على‬ ‫ص له والخا ّ‬ ‫ص ٌ‬‫مخ ّ‬ ‫ف الوداع ‪ ..‬هذا الحديث ُ‬ ‫َيطوف طوا َ‬
‫خر عليه؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫َ‬
‫دم أو ت َأ ّ‬ ‫العام ت ََق ّ‬
‫ت طواف الفاضة مع‬ ‫جل َ ْ‬ ‫ت وأ ّ‬ ‫س‪ :‬المرأة التي حاض ْ‬
‫طواف الوداع ‪ ..‬جعلْتهما واحدا ؟‬
‫ج‪ :‬إذا حاضت المرأة أو كانت مريضة‪-‬مثل‪-‬وهكذا بالنسبة إلى الرجل إذا‬
‫سن وَيصعب عليه أن َيطوف مرتين‪-‬‬ ‫كان مريضا أو كان كبيرا في ال ّ‬
‫كن‬‫يطوف أّول طواف الزيارة ثم بعد ذلك َيطوف طواف الوداع‪-‬فإنه ُيم ِ‬
‫من م ّ‬
‫كة‬ ‫ف الزيارة إلى الوقت الذي ُيريد أن َيخُرج فيه ِ‬ ‫خر طوا َ‬ ‫له أن ي ُؤَ ّ‬
‫المكّرمة فَيطوف طواًفا واحدا وَيكفيه ذلك ِللزيارة وِللوداع‪ ،‬ولكن لبد‬
‫ض الناس َينوون‬ ‫ن بع َ‬‫مة هنا وهي أ ّ‬ ‫ه الناس إلى قضية مه ّ‬ ‫من أن ي َن ْت َب ِ َ‬ ‫ِ‬

‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب )‪ (11‬ما تفعل الحائض في الحج‪:‬‬


‫حديث رقم ‪ :439‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة‪-‬رضي الله عنها‪-‬قالت‪ :‬قلتُ‬
‫إن صفية بنت حيي قد حاضت " فقال لها رسول الله ‪ ) : ‬لعلها حابستنا‬ ‫ِلرسول الله‪ّ " : ‬‬
‫؟! ألم تكن قد طافت معكن بالبيت ؟ ( قلتُ‪ " :‬بلى " قال‪ ) :‬فاخرجن (‪.‬‬
‫أو حديث رقم ‪ :441‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة أم المؤمنين‪-‬رضي الله عنها‪-‬‬
‫فذكرت ذلك لِرسول الله ‪ ‬فقال‪:‬‬
‫ُ‬ ‫إن صفية بنت حيي زوج النبي ‪ ‬حاضتْ‬ ‫قالت‪ّ " :‬‬
‫) أحابستنا هي ؟! ( فقيل أنها أفاضتْ‪ ،‬قال‪ ) :‬فل إذن ( "‪.‬‬
‫‪378‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من غْير أن‬ ‫ف الوداع ِ‬ ‫ِبذلك الطواف طواف الوداع وإذا ن َوَْوا ِبه طوا َ‬
‫ف‬‫ووا ِبه طوا َ‬ ‫زيهم‪ ،‬فإذن إما أن ي َن ْ ُ‬ ‫ضروا ِبأنه ِللزيارة فذلك ل ُيج ِ‬ ‫َيستح ِ‬
‫سد ّ‬‫م َ‬ ‫سد ّ َ‬ ‫ن الفريضة ت َ ُ‬ ‫ضُروا الوداع‪ ،‬ل ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫زيهم ولو لم ي َ ْ‬ ‫الزيارة فهذا ُيج ِ‬
‫ة‬
‫صل في التأكيد إلى درج ِ‬ ‫من المور التي لم ت َ ِ‬ ‫سنة أو ما شابه ذلك ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ف الزيارة فإنه‬ ‫تلك الفريضة‪ ،‬فذلك الطواف إذا نوى ِبه النسان طوا َ‬
‫زيهم‪،‬‬ ‫ووا الطوافْين معا وذلك ُيج ِ‬ ‫زيه عن طواف الوداع‪ ،‬وإما أن ي َن ْ ُ‬ ‫ُيج ِ‬
‫زيهم " بناءً‬ ‫ت‪ُ " :‬يج ِ‬ ‫زيهم‪ ،‬وقل ُ‬ ‫ف الوداع فذلك ل ُيج ِ‬ ‫أما إذا ن َوَْوا ِبه طوا َ‬
‫من أهل العلم وهو الظاهر لنا‪ ،‬وإل ّ فقد ذهب‬ ‫ل طائفة كبيرة ِ‬ ‫على قو ِ‬
‫من أن‬ ‫زي وعليه فلبد على قولهم ِ‬ ‫ن ذلك ل ُيج ِ‬ ‫ض أهل العلم إلى أ ّ‬ ‫بع ُ‬
‫من أن َيطوفوا طواًفا ِللزيارة وآخر ِللوداع‬ ‫َيطوفوا طوافْين ‪ ..‬لبد ِ‬
‫ف الزيارة على رأي هؤلء فإنهم جعلوا ذلك‬ ‫وا بعد طوا ِ‬ ‫سعَ ْ‬ ‫ولسيما إذا َ‬
‫ة‬
‫جد رواي ً‬ ‫َ‬
‫صل‪ ،‬لنني لم أ ِ‬ ‫ن هذا ليس ِبفا ِ‬ ‫ن الذي َيظهر لي أ ّ‬ ‫صل‪ ،‬ولك ّ‬ ‫فا ِ‬
‫ن السيدة عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنها‪-‬‬ ‫ل على أ ّ‬ ‫صحيحة ت َد ُ ّ‬
‫ت لها أنها‬ ‫سع َ ْ‬ ‫ف الُعمرة و َ‬ ‫ت طوا َ‬ ‫ن " الّتنعيم " وطاف ْ‬ ‫م َ‬‫مرت ِ‬ ‫عندما اعت َ‬
‫ل على ذلك‪ ،‬والظاهر‬ ‫جد ما َيد ّ‬ ‫َ‬
‫ت بعد ذلك ِللوداع ‪ ..‬لم أ ِ‬ ‫ت وطاف ْ‬ ‫ذهب ْ‬
‫َ‬
‫ف الوداع ولو كان ذلك ل ُيجزي َلما أقَّرها‬ ‫ت ِبذلك عن طوا ِ‬ ‫أنها اكتَف ْ‬
‫الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬على ذلك‪ ،‬فأرى أنه ل مانع‬
‫من الناس‪ ،‬وَنحن‬ ‫سيرا على كثير ِ‬ ‫ن فيه تي ْ ِ‬ ‫من الخذ ِبذلك‪ ،‬ولسيما أ ّ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ة عن رسو ِ‬ ‫ب الله ول سن ّ ً‬ ‫من كتا ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ف آي ً‬ ‫سير ِبشْرط أل ّ ُنخال ِ َ‬ ‫ب التي ْ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫نُ ِ‬
‫صْرِفه عن‬ ‫حا ل ِ َ‬ ‫مل احتمال ً صال ِ ً‬ ‫ريحا ل َيحت ِ‬ ‫دنا دليل ً ص ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫الله ‪ ، ‬أما إذا وَ َ‬
‫ريح عن دللته وإنما‬ ‫صَرف الص ِ‬ ‫كن أن ي ُ ْ‬ ‫ذلك المعنى الصريح بل ل ُيم ِ‬
‫هر إلى معنى‬ ‫ل الدليل على صرِفه عن ذلك الظا ِ‬ ‫هر إذا د َ ّ‬ ‫صَرف الظا ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫هره أو كان ذلك‬ ‫ل عن ظا ِ‬ ‫ف ذلك الدلي َ‬ ‫صرِ ُ‬‫جد دليل ً ي َ ْ‬ ‫آخر‪ ،‬فإذا لم ن َ ِ‬
‫ن النسان له أن َيأخذ ِبالقول الفلني‬ ‫كن أن َنقول إ ّ‬ ‫ريحا فل ُيم ِ‬ ‫لص ِ‬ ‫الدلي ُ‬
‫من قال ِبذلك‪،‬‬ ‫ث الصريح ‪ ..‬ن َعْذ ُُر َ‬ ‫م ِلذلك الحدي ِ‬ ‫صِاد ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن ذلك القو َ‬ ‫مع أ ّ‬
‫ث الصريح ولكن َلعّله لم ي َط ِّلع عليه أو‬ ‫مد أن ُيخاِلف الحدي َ‬ ‫لنه لم َيتعَ ّ‬
‫ن أنه‬ ‫صرُِفه عن دللته وليس المر كذلك أو ظ َ ّ‬ ‫ن هناِلك صاِرفا ي َ ْ‬ ‫نأ ّ‬ ‫ظَ ّ‬
‫ت وهو ثاِبت في حقيقة المر أو ما شابه ذلك‪.‬‬ ‫لم َيثب ْ‬
‫شك‬ ‫سر " وهي حقّ ل َ‬ ‫دين ي ُ ْ‬ ‫ن ِبهذه العبارة‪ " :‬ال ّ‬ ‫من الناس ي َت َغَن ّوْ َ‬ ‫فكثير ِ‬
‫ط في السنن الثابتة عن النبي ‪ ‬أو ما‬ ‫فيه ولكن هل ُيمكن أن ن َُفّر َ‬
‫ط النسان بعد ذلك‬ ‫شابه ذلك ِبهذه الدعوى ؟! إذا قيل بذلك ربما ي َُفّر ُ‬
‫ما لم َيقل ِبه عاِلم ‪ ..‬إنما قال‬ ‫م ّ‬ ‫في الواجبات إلى غير ذلك‪ ،‬فهذا ِ‬
‫جهَِله‬ ‫مه و َ‬ ‫من عَل ِ َ‬ ‫م ذلك َ‬ ‫سر عَل ِ َ‬ ‫دين كله ي ُ ْ‬ ‫سر " ‪ ..‬وال ّ‬ ‫دين ي ُ ْ‬ ‫العلماء‪ " :‬ال ّ‬
‫ة‬
‫ن المر ِبخلف ذلك‪ ،‬فإذن هذه نقط ٌ‬ ‫جهِْله ل ِبسبب أ ّ‬ ‫جهَِله ِبسبب َ‬ ‫من َ‬ ‫َ‬
‫من أن ي ُن ْت ََبه لها‪.‬‬ ‫لبد ِ‬
‫‪379‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫خص في الرمي في اليوم الحادي‬ ‫مّنا ِبأن ن َُر ّ‬ ‫من الناس َيطلبون ِ‬ ‫كثير ِ‬
‫ض أهل‬‫ن بع َ‬ ‫عشر والثاني عشر والثالث عشر قبل الزوال ِبدعوى أ ّ‬
‫من رمى‬ ‫ن َ‬
‫ض العلماء قال ِبأ ّ‬ ‫ن بع َ‬ ‫العلم قد قال ِبذلك‪ ،‬وَنحن ل ن ُن ْك ُِر أ ّ‬
‫فقون‪-‬في حقيقة المر‪-‬مع‬ ‫زيه ولكنهم مت ّ ِ‬ ‫ن ذلك ُيج ِ‬‫في ذلك الوقت أ ّ‬
‫ن السّنة الثابتة عن النبي ‪ ‬هي الرمي بعد الزوال‪ ،‬فهذا‬ ‫غيرهم ِبأ ّ‬
‫ت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فقد روى البخاري‬ ‫الذي ث َب َ َ‬
‫من طريق ابن عمر‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنهما‪-‬‬ ‫وأبو داود والبيهقي ِ‬
‫من‬‫ث‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫مى بعد أن زالت الشمس‪ ،‬وقد جاء هذا الحدي ُ‬ ‫ن النبي ‪َ ‬ر َ‬ ‫أ ّ‬
‫طريق جابر بن عبد الله رضي الله تبارك وتعالى عنهما‪ ،‬رواه المام‬
‫مسلم‪ ،‬ورواه المام البخاري في صحيحه تعليًقا‪ ،‬ورواه النسائي في "‬
‫الصغرى " و " الكبرى "‪ ،‬ورواه أبو داوود والترمذي والدارمي وابن‬
‫ماجة‪ ،‬ورواه‪-‬أيضا‪-‬ابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان وابن أبي شيبة‪،‬‬
‫ورواه أبو عوانة وأبو ن ُعَْيم في " المستخَرج على صحيح مسلم "‪ ،‬ورواه‬
‫صر الحكام "‪ ،‬ورواه البيهقي في " السنن الكبرى‬ ‫طوسي في " مخت َ‬ ‫ال ّ‬
‫رفة " وفي " دلئل النبوة "‪ ،‬ورواه‬ ‫" وفي " الصغرى " وفي " المع ِ‬
‫جة الوداع "‪ ،‬وروته‬ ‫ح ّ‬‫الحاكم في " المستدَرك "‪ ،‬ورواه ابن حزم في " َ‬
‫من طريق السيدة عائشة‬ ‫من أهل العلم‪ ،‬ولهما شاهدان ِ‬ ‫طائفة كبيرة ِ‬
‫ض أهل العلم ومهما كان فإنهما‬ ‫ما بع ُ‬ ‫واهُ َ‬ ‫من طريق ابن عباس وقد قَ ّ‬ ‫و ِ‬
‫صاِلحان ِللستشهاد وإذا قيل ِبعكس ذلك فإننا قد أغنانا الله‪-‬تبارك‬
‫كن‬ ‫وتعالى‪-‬عنهما ِبالصحيح الثابت المت َّفق على ثبوته‪ ،‬فهل بعد ذلك ُيم ِ‬
‫ص في الرمي قبل ذلك مع وجود هذه النصوص الصحيحة الثابتة‬ ‫خ َ‬ ‫أن ن َُر ّ‬
‫سيرا "‪ ،‬ذلك لننا‪ِ-‬بحمد‬ ‫ن في ذلك تع ِ‬ ‫كن أن ُيقال‪ " :‬إ ّ‬ ‫؟! ثم إنه ل ُيم ِ‬
‫ن الوقت َيمتد ّ‬ ‫زم الناس ِبأن َيرموا في ذلك الوقت بل قلنا إ ّ‬ ‫الله‪-‬لم ن ُل ْ ِ‬
‫شرة إلى غروب‬ ‫صف النهار ‪ ..‬أي بعد زوال الشمس مبا َ‬ ‫من منت َ‬ ‫ِ‬
‫حَرجا ً أو مشّقة فإنه‬ ‫جد َ َ‬ ‫طع ووَ َ‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫الشمس وهذا ِللمستطيع‪ ،‬أما َ‬
‫ي في اليوم الثاني‪-‬أي في‬ ‫م َ‬‫كن أن َير ِ‬ ‫ي في الليل بل ُيم ِ‬ ‫م َ‬‫كن أن ي َْر ِ‬ ‫ُيم ِ‬
‫اليوم الثاني عشر‪-‬عن اليوم الحادي عشر والثاني عشر‪ ،‬أو في اليوم‬
‫من الناس ؟!‬ ‫ه ِ‬
‫م ُ‬ ‫من ي َْزعُ ُ‬ ‫ه َ‬‫م ُ‬ ‫سر الذي ي َْزعُ ُ‬ ‫الثالث عشر‪ ،‬فأْين هذا العُ ْ‬
‫ت عن النبي‪-‬صلى الله تبارك وتعالى عليه وعلى آله‬ ‫فالحديث قد ث َب َ َ‬
‫صم بن عدي عند المام مالك والشافعي‬ ‫من طريق عا ِ‬ ‫وصحبه وسلم‪ِ -‬‬
‫وأحمد والنسائي وأبي داوود والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن‬
‫دي وأحمد وغيرهم‬ ‫مي ْ ِ‬‫ح َ‬‫خزيمة وابن حبان وابن الجارود وأبي يعلى وال ُ‬
‫من‬ ‫من أئمة الحديث‪ ،‬وقد رواه المام الربيع‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪ِ -‬‬ ‫ِ‬

‫‪380‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ص ِللرعاة ِبأن َيرموا اليوم‬ ‫خ َ‬ ‫طريق أبي عبيدة َبلغا ً عن النبي‪  1‬أنه َر ّ‬
‫معوا رمي اليومين‬ ‫شر والغداة ثم َيرموا يوما عن يومين ‪ ..‬أي َيج َ‬ ‫العا ِ‬
‫ن ذلك يكون أداءً ل‬ ‫جة ن َي َّرة ِبأ ّ‬ ‫ح ّ‬‫في يوم واحد‪ ،‬وهذا فيه دللة واضحة و ُ‬
‫من غير‬ ‫دى بعد وقتها ِ‬ ‫مر ِبعبادة ت ُؤَ ّ‬ ‫كن ِللنبي ‪ ‬أن َيأ ُ‬ ‫قضاًء‪ ،‬إذ ل ُيم ِ‬
‫مَر ِبذلك‪ ،‬فهذا دليل على أنه أداء‪ ،‬ثم إنه لو‬ ‫َ‬
‫حة مع أنه قد أ َ‬ ‫مل ِ ّ‬‫ضرورة ُ‬
‫كن أن ُتقضى بعد‬ ‫ن العبادة ُيم ِ‬ ‫ل على أ ّ‬ ‫كان قضاًء‪-‬أيضا‪-‬فهذا الحديث َيد ّ‬
‫حقّ ِبالقضاء ( وما شابه ذلك‬ ‫َ‬ ‫وقتها‪ ،‬وذلك َيد ّ‬
‫ن الله أ َ‬ ‫ل عليه أيضا‪ ) :‬فد َي ْ ُ‬
‫كن‬ ‫ما ل ُيم ِ‬ ‫م ّ‬‫من غير دليل فهذا ِ‬ ‫من الدلة‪ ،‬أما تقديم العبادة عن وقتها ِ‬ ‫ِ‬
‫أن َيقول ِبه أحد ٌ بعد ثبوت هذه السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى‬
‫مس العذر لولئك العلماء الذين‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ونحن َنلت ِ‬
‫ما ل َينبغي‪ ،‬ثم ليس هناِلك‬ ‫م ّ‬ ‫قالوا ِبخلف ذلك أما أن نأخذ ِبقولهم فهذا ِ‬
‫من أهل العلم قالوا‪:‬‬ ‫سر كبير جدا جدا ‪ ..‬كثير ِ‬ ‫سر ِبحمد الله بل فيه ي ُ ْ‬ ‫عُ ْ‬
‫ن‬
‫ن النسان ليس له أن َيرمي بعد غروب الشمس " ونحن نقول‪ :‬إ ّ‬ ‫"إ ّ‬
‫خر ذلك حتى إلى اليوم‬ ‫طع له أن ي ُؤَ ّ‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫ن َ‬‫ل على أ ّ‬ ‫الدليل قد د ّ‬
‫ي اليوم الحادي عشر حتى إلى الثالث‬ ‫م َ‬ ‫خَر َر ْ‬ ‫الثالث عشر ‪ ..‬أن ي ُؤَ ّ‬
‫ت في سّنة‬ ‫ة َينبغي أن ي ُن ْت ََبه إليها وأن َنأخذ ِبما ث َب َ َ‬ ‫عشر‪ ،‬فهذه مسأل ٌ‬
‫رسول الله ‪. ‬‬
‫من‬ ‫لمة المحّقق سعيد بن خلفان رحمه الله‪ " :‬و ِ‬ ‫جُبني ما قاله الع ّ‬ ‫وُيع ِ‬
‫وأنت ُتعاِرضني ِبعلماء بيْضة‬ ‫َ‬ ‫ص لك عن رسول الله ‪‬‬ ‫َ‬
‫الَعجب أن أن ُ ّ‬
‫من‬ ‫غير دليل ول واضِح سبيل ‪ ..‬أليس هذا في العيان نوعا ِ‬ ‫من ْ‬ ‫السلم ِ‬
‫الهذيان ؟! "‪.‬‬
‫من خاَلف‬ ‫وقطب الئمة‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬قد شد ّد َ أّيما تشديد في َ‬
‫السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فقد‬
‫قال كلما ما معناه إن لم َيكن هذا هو اللفظ الذي ذ َك ََره القطب رحمه‬
‫الله تبارك وتعالى ‪ ..‬قال‪ " :‬اعلم أنه ل َيجوز لك السرار بها ول تقليد‬
‫كلم ' الديوان ' في ذلك بعد قيام الحجة عليك ِبما تقدم وِبما يأتي إن‬
‫شاء الله تبارك وتعالى‪ ،‬وإن كان ِللديوان حديث في ذلك لم ن َط ِّلع عليه‬
‫من الحاديث‪ ،‬فكيف ول حديث‬ ‫ب علينا العمل ِبما اط ّل َْعنا عليه ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ل َوَ َ‬
‫طلعه‬ ‫من أكب عليه بعد ا ّ‬ ‫مجّرد استحسان‪ ،‬ف َ‬ ‫ِللديوان في ذلك وإنما هو ُ‬
‫ن في‬ ‫ت عليه أل ّ َينجو ول َتناله الشهادة ل ّ‬ ‫خْف ُ‬ ‫على الحاديث والحجج ِ‬
‫ذلك إصرارا وعنادا " أو ما هذا معناه ‪ ,‬فالقطب‪-‬رحمه الله تبارك‬
‫‪2‬‬

‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب )‪ (7‬في عَرفة والمزدلفة ومِنى‪ ،‬حديث رقم ‪ :426‬أبو‬
‫خص رسول الله ‪ِ ‬لرعاة البل في البيتوتة‪ ،‬ويَرمون يوم النحر‪ ،‬ثم يَرمون‬ ‫عبيدة قال‪َ :‬ر ّ‬
‫الغد يَرمون يومين ثم يَرمون يوم النفْر‪.‬‬
‫ِبالغداة‪ ،‬ومِن بعد َ‬
‫‪-2‬قطب الئمة الشيخ محمد بن يوسف أطفيش‪ ،‬كتاب " القنوان الدانية في مسألة الديوان‬
‫العانية "‪ ،‬ص ‪ " :14‬اعلم أنه ل َيجوز لك السرار بها ول تقليد كلم ' الديوان ' في هذا مع‬
‫‪381‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من قّلد كلم صاحب " الديوان " في هذه القضية‬ ‫وتعالى‪-‬قد شد ّد َ في َ‬
‫وقال إنه حتى لو كان هناِلك حديث استدل به صاحب " الديوان " ِبما‬
‫ن الواجب علينا أن َنأخذ ِبالسّنة الصحيحة‪ ،‬وأنه ل‬ ‫أننا لم نط ِّلع عليه فإ ّ‬
‫ت‪.‬‬‫َيجوز لحد أن ُيعاِند وُيخاِلف السنن بعدما ث َب َت َ ْ‬
‫والشيخ السالمي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬قد شد ّد َ في مثل هذه‬
‫القضايا أّيما تشديد‪ ،‬فيقول رحمه الله تبارك وتعالى‪:‬‬
‫خلفا‬ ‫ده ِ‬ ‫ونحن َنحكي بع َ‬ ‫المصطفى َيعتِبر الوصاف‬
‫ُ‬
‫سن ِد َ‬‫صأ ْ‬ ‫فيه عن المختار ن ّ‬ ‫ف فيما وََرد َ‬ ‫ل َنقَبل الخل َ‬
‫من الناس َيجعلون المام‬ ‫جد َ رحمه الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬كثيرا ِ‬ ‫وعندما وَ َ‬
‫دد في ذلك رحمه الله‪-‬‬ ‫ذن غْير ِثقة َ‬
‫ش ّ‬ ‫هو الذي ُيقيم الصلة إذا كان المؤ ّ‬
‫تبارك تعالى‪-‬أّيما تشديد فقال‪ " :‬ومثله " ‪ ..‬أي مثل الذان ‪..‬‬
‫مه‬ ‫ة أحكا َ‬ ‫لنها تاِبع ٌ‬ ‫ومثله قد ِقيل في القامة‬
‫ض‬
‫ة َيشُرط فيها الب َعْ ُ‬ ‫وث َِق ً‬ ‫فقيل سّنة وقيل فرض‬
‫خِفي‬ ‫أسّرها المام فيما ي ُ ْ‬ ‫فإن َيكن ليس ِبهذا الوصف‬
‫هذى‬ ‫إني أرى قائله قد َ‬ ‫ول دليل عندنا ِلهذا‬
‫وهو فساد حيث ل ي َد ِْريه‬ ‫ن الحتياط فيه‬ ‫نأ ّ‬ ‫ي َظ ُ ّ‬
‫من بعده عن سّنة السلف‬ ‫فكان منه سَبب انصراف‬
‫إذ كان فيه ثقة سليما‬ ‫فجعلوا إمامهم مقيما‬
‫سّيد الورى‬ ‫سّنة َ‬ ‫فبد ُّلوا ُ‬ ‫ضَر‬ ‫ح َ‬ ‫من َ‬ ‫م ّ‬ ‫وَقَب ُِلوا الذان ِ‬
‫حب َُنا‬‫ص ْ‬ ‫فهو ُيقيم وعليه َ‬ ‫ذن‬ ‫من أ َ ّ‬ ‫سن ّت ِهِ َ‬ ‫إذ كان في ُ‬
‫عون‬ ‫وهم ِللحتياط ي َد ّ ُ‬ ‫جهلوا المسنون‬ ‫من َ‬ ‫حتى أتى َ‬
‫من ل َيعِقل‬ ‫ت ِبقلب َ‬ ‫خ ْ‬ ‫س َ‬ ‫وَر َ‬ ‫دلوا‬ ‫فب َد ُّلوا ول َي ْت َُهم ما ب َ ّ‬
‫على ثبوِتها ِبما قد قال‬ ‫عاها سّنة واحتال‬ ‫حتى اد ّ َ‬
‫لنه َيقول ما ل َيعلم‬ ‫حّرم‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫جد َ ٌ‬ ‫ري َ‬ ‫م ِ‬ ‫وهو ل َعَ ْ‬
‫حَنة‬ ‫م ْ‬ ‫ِبجهله كفى ِبهذا ِ‬ ‫وأنه ساٍع ل َِهدم السّنة‬
‫إلى آخر كلمه رحمه الله تبارك وتعالى‪.1‬‬

‫ت لك وِبما يأتي إن شاء الله‪ ،‬ولو كان ِللديوان في ذلك حديث لم‬ ‫قيام الحجة عليك ِبما ذكر ُ‬
‫من الحاديث‪ ،‬فكيف ل حديث ِللديوان لذلك‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ب علينا العمل ِبما اطلْعنا عليه ِ‬ ‫ج َ‬‫ن َط ِّلع عليه ل َوَ َ‬
‫من أكب عليه وترك الحاديث والحجج بعدما‬ ‫مجّرد استحسان ل دليل عليه‪ ،‬ف َ‬ ‫وإنما هو ُ‬
‫ن ذلك منه إصرار وعناد "‪.‬‬‫ت عليه أن ل َينجو ول َتناله الشهادة ل ّ‬ ‫ف ُ‬ ‫خ ْ‬
‫وصلته ِ‬
‫‪-1‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الصلة‪ ،‬باب‪:‬‬
‫الذان والقامة‪ ،‬وهذا بقية كلمه رحمه الله تبارك وتعالى‪:‬‬
‫فَتن أسلَفنا والعلماءكيف تكون سّنة مخاِلفةِلما عليه العلماء‬ ‫لو كان سّنة كما قد زعملم ت َ ُ‬
‫صّلى عليه رّبهمشتِهر مضى عليه صحُبهوالخلفاُء الراشدون أجمعإلى انتهائهم‬ ‫السالفةوِفعله َ‬
‫عليه أجمعوا‬
‫‪382‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ض العلماء قالوا‬ ‫جد َ بع َ‬ ‫والمام الخليلي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬عندما وَ َ‬


‫ب‬‫ضَر ُ‬ ‫ل ِبخلف الحديث ي ُ ْ‬ ‫ث ثابت عن النبي ‪ ‬قال‪ " :‬وقو ٌ‬ ‫ِبخلف حدي ٍ‬
‫ض مشائخه رضوان‬ ‫ِبه عُْرض الحائط " مع أنه قد قال ِبذلك القول بع ُ‬
‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليهم‪.‬‬
‫جدوا سّنة ثابتة عن رسول الله ‪َ ‬أخذوا‬ ‫ل الّرجال إذا وَ َ‬ ‫حو َ‬ ‫جد فُ ُ‬‫وهكذا ن َ ِ‬
‫من أهل‬ ‫من خاَلفها ِ‬ ‫ِبتلك السّنة الثابتة عن رسول الله ‪ ‬ولو خاَلفها َ‬
‫العلم‪ ،‬وِلذلك الشيخ السالمي‪-‬رحمه الله‪-‬يقول‪:‬‬
‫ظ فيه أبدا ِللنظر‬ ‫لح ّ‬ ‫فقولهم عند وجود الثر‬
‫من النظار‬ ‫خلَفه ِ‬ ‫َينفي ِ‬ ‫معناه ما أتى عن المختار‬
‫وعلى كل حال‪:‬‬
‫وإن َيقولوا خاَلف الثار‬ ‫حسبك أن تت ِّبع المختار‬
‫و‪:‬‬
‫ول كلم ِ المصطفى الّواه‬ ‫ظر ِبكتاب الله‬ ‫ول ت َُنا ِ‬
‫ولو َيكون عاِلما خبيرا‬ ‫معناه ل َتجعل له نظيرا‬
‫فهذا الذي َينبغي للنسان‪.‬‬
‫ن ِبأنه قد قال ِبهذا القول‬ ‫جو َ‬ ‫ج ُ‬
‫ح ّ‬‫من الناس ي َت َ َ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫من الَعجب أ ّ‬ ‫و ِ‬
‫ؤوا ‪ ..‬محمد‬ ‫خط َ ُ‬ ‫محمد بن علي ‪ ..‬أي تقديم الرمي عن وقته‪ ،‬وأّول قد أ َ ْ‬
‫بن علي ليس هذا هو المشهور‪ ،‬وإنما هذا هو رجل مالكي كما ذ َك ََر ذلك‬
‫ابن عبد البر وكما ذكر ذلك ابن رشد أيضا‪ ،‬ونحن‪-‬أيضا‪-‬وإن كّنا نقول‪" :‬‬
‫كن أن ن َُقل ّد َ‬ ‫ن هذا الرجل له العذر فيما قال به " ولكن مهما كان ل ُيم ِ‬ ‫إ ّ‬
‫من شمس الظهيرة‪،‬‬ ‫دا بعد ثبوت السّنة الصحيحة الثابتة ثبوتا أوضح ِ‬ ‫أح ً‬
‫سطًا‪ِ-‬بمشيئة الله‪-‬في الدروس القادمة‪،2‬‬ ‫دها ب َ ْ‬‫زي ُ‬‫سن َ ِ‬‫وهذه المسألة َ‬
‫فأسأل الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن ُيوفَّقنا ِللعمل ِبالسّنة؛ والله أعلم‪.‬‬
‫ب استخدام ِ‬ ‫ء ِبسب ِ‬ ‫ة عندَ النسا ِ‬ ‫ب الدور ِ‬ ‫س‪ :‬اضطرا ُ‬
‫ن إلى الحج أو إلى العمَرة أو‬ ‫ل ذهاِبه ّ‬ ‫عها في حا ِ‬ ‫ص من ِ‬ ‫أقرا ِ‬
‫ح مث ُ‬
‫ل‬ ‫ص ّ‬ ‫مر‪ ،‬فهل ي َ ِ‬ ‫جن فيه إلى ذلك ال ْ‬ ‫خر َيحت ْ‬ ‫ءآ َ‬ ‫ي شي ٍ‬ ‫إلى أ ّ‬
‫ه‬
‫ة ِبهذ ِ‬ ‫ت الدورةُ عندَ المرأ ِ‬ ‫هذا الجراء ؟ وإذا ما اضطََرب َ ْ‬
‫ريقة‪ ،‬كيف َتصَنع ؟‬ ‫الط ِ‬
‫ج د َم ِ‬ ‫من خرو ِ‬ ‫ما َيمَنع ِ‬ ‫م ّ‬‫ري مجراها ِ‬ ‫ل الحبوب وما َيج ِ‬ ‫ن استعما َ‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫جه ‪ ..‬هذه المسأَلة اختَلف فيها‬ ‫من ِإيقاِفه بعد َ خرو ِ‬ ‫ض المعروف أو ِ‬ ‫الحي ِ‬
‫العلماء قديما‪:‬‬

‫‪-2‬وكان ذلك‪-‬بحمد الله تعالى‪-‬عند الجواب على السؤال ‪ 2‬من حلقة ‪ 24‬ذو القعدة ‪1424‬هه‬
‫) ‪18/1/2004‬م (‪ ،‬وكان ذلك أيضا‪-‬بحمد الله تعالى‪-‬عند الجواب على السؤال ‪ 8‬من حلقة‬
‫‪ 6‬ذو القعدة ‪1425‬هه ) ‪19/12/2004‬م (‪.‬‬
‫‪383‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج‬‫ل خرو ِ‬ ‫صح سواء كان ذلك قب َ‬ ‫ممنوع ل ي َ ِ‬ ‫ن ذلك َ‬ ‫ب إلى أ ّ‬ ‫من ذه َ‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫جه‪.‬‬‫الدم أو كان ذلك بعد َ خرو ِ‬
‫ج الدم أو‬ ‫ل خرو ِ‬ ‫ب إلى جوازِ ذلك مطَلقا ‪ ..‬أي سواء قب َ‬ ‫من ذه َ‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬
‫ح َلها أن َتأِتي ِبما َتأِتي‬ ‫ص ّ‬
‫ك المرأة ي َ ِ‬ ‫ن تل َ‬ ‫ف الدم فإ ّ‬ ‫جه‪ ،‬فإذا َتوقّ َ‬ ‫بعد َ خرو ِ‬
‫ن الكريم‬ ‫ف وقراءةٍ ِللقرآ ِ‬ ‫من صلةٍ وصيام ٍ واعتكا ٍ‬ ‫ِبه المرأة الطاهَِرة ِ‬
‫ف إلى غي ْرِ ذلك‪ ،‬وهكذا فيما‬ ‫ضَئة‪-‬وطوا ٍ‬ ‫ت متو ّ‬ ‫س ِللمصحف‪-‬إذا كان ْ‬ ‫َ‬
‫ولم ٍ‬
‫طء‪.‬‬ ‫َيتعّلق ِبمسألةِ الو ْ‬
‫ج الدم‬ ‫ن ذلك جائز قب َ‬ ‫س َ‬
‫ل خرو ِ‬ ‫ط بْين القولْين فقال‪ :‬إ ّ‬ ‫من َتو ّ‬ ‫‪-3‬ومنهم َ‬
‫من هذه الموانع‪.‬‬ ‫مل شيئا ِ‬ ‫ج الدم فإنه لْيس ِللمرأةِ أن َتستع ِ‬ ‫أما بعد َ خرو ِ‬
‫ل الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫ريح في سن ّةِ رسو ِ‬ ‫ولْيس هنالك د َِليل ص ِ‬
‫ل الثلثة المذكورة‪ ،‬ولكن القول ِبجواِز‬ ‫من هذه القوا ِ‬ ‫وسلم‪-‬على واحدٍ ِ‬
‫ج الدم فإنه‬ ‫ف ذلك الدم إذا استعملْته بعد َ خرو ِ‬ ‫ذلك مطَلقا وأنه إذا َتوقّ َ‬
‫جب على المرأةِ الطاهَِرة وَيجوز َلها‬ ‫جب عليها ما ي َ ِ‬ ‫جب عليها الغسل وي َ ِ‬ ‫يَ ِ‬
‫ن هذا المر‪-‬أعني‬ ‫ما َيجوز ِللمرأةِ الطاهَِرة هو القول الصحيح‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫ن‬ ‫جد َ الط ّْهر فإ ّ‬ ‫ف الحْيض ووُ ِ‬ ‫مَر العبادات‪-‬معل ّقٌ ِبوجودِ الحْيض فإذا َتوقّ َ‬ ‫أ ْ‬
‫جب منها‪-‬وَيجوز َلها فِْعل ما‬ ‫ة‪-‬أعني ما ي َ ِ‬ ‫جب على المرأ ِ‬ ‫هذه العبادات ت َ ِ‬
‫ف على‬ ‫من المورِ الجائزة ِللمرأةِ الطاهَِرة‪ ،‬فإذن ذلك َيتوقّ ُ‬ ‫َيجوز َلها ِ‬
‫ة‬
‫ممنوعٌ في حال ِ‬ ‫جد َ الحيض فهو َ‬ ‫ة‪ ،‬فما ُيمَنع إذا وُ ِ‬ ‫ض والطهار ِ‬ ‫وجودِ الحي ِ‬
‫ب‬
‫ج ُ‬ ‫ح أو ي َ ِ‬ ‫ب في حالةِ وجودِ الطهارة فإنه ُيبا ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ح أو ي َ ِ‬ ‫الحيض‪ ،‬وما ُيبا ُ‬
‫ف تلك العبادات‪ ،‬فإذا‬ ‫على مختلف الحوال ‪ ..‬أي على حسب اختل ِ‬
‫جب‬ ‫جب عليها الغسل وي َ ِ‬ ‫ج الدم فإنه ي َ ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫دت المرأةُ الطهارةَ وَلو َ‬ ‫ج َ‬‫وَ َ‬
‫من‬ ‫ت‪-‬وَيجوز َلها ما َيجوز ِ‬ ‫من العبادات‪-‬كما قل ُ‬ ‫جب عليها ِ‬ ‫عليها ما ي َ ِ‬
‫ت في‬ ‫َ‬
‫العبادات ‪ ..‬هذا الذي أَراه في هذه المسألة‪ ،‬ولكن القضية ليس ْ‬
‫ن هذه الحبوب وهكذا ِبالنسبةِ إلى الَبر وما‬ ‫مر وإنما القضية في أ ّ‬ ‫هذا ال ْ‬
‫من‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫جب التنّبه َلها‪ ،‬وهو أ ّ‬ ‫ري مجراها فيه قضية شاِئكة أخرى ي َ ِ‬ ‫َيج ِ‬
‫من قبل ضاِبطات‬ ‫ن ِ‬ ‫مْلن هذه الحبوب أو هذه الَبر ك ُ ّ‬ ‫النساِء اللِتي َيستع ِ‬
‫ن العادة‬ ‫ضِهن ولكن ِبمجّردِ استخدام ِ هذه المواِنع فإ ّ‬ ‫ِلمسألةِ أيام ِ حي ِ‬
‫صَرة‬ ‫جدا‪ ،‬فقد ْ َتكون عاد َةُ المرأةِ منح ِ‬ ‫رب اضطرابا كِثيرا ِ‬ ‫َتختِلف وَتضط ِ‬
‫ب‬‫ست ّةِ أيام وقد َتكون في سبعةِ أيام أو َثمانية وهكذا على حس ِ‬ ‫في ِ‬
‫ن‬ ‫مها ِلهذه الحبوب أو ِلهذه الَبر فإ ّ‬ ‫ف النساء ولكن ِبمجّردِ استخدا ِ‬ ‫اختل ِ‬
‫مر‬‫مر خمسة عشر يوما وتارةً تست ِ‬ ‫رب‪ ،‬فتارةً تست ِ‬ ‫دة تضط َ ِ‬ ‫هذه العا َ‬
‫من ذلك‪ ،‬فل َتدِري هل هذا الدم هو دم حيض‬ ‫مر أكثر ِ‬ ‫شهرا وتارةً تست ِ‬
‫أو هو استحاضة ومتى َيكون حيضا ومتى َيكون استحاضة‪ ،‬وَيترّتب على‬
‫دة ل َتدِري هذه المرأة َتأِتي ِبتلك‬ ‫ت متعد ّ َ‬ ‫ذلك إشكالت في عبادا ٍ‬
‫جَبة على المرأة في حالةِ الطهارة‬ ‫العبادات أو ل َتأِتي ِبها‪ ،‬فالصلةُ وا ِ‬
‫‪384‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مة في حالةِ الحيض‪ ،‬والصيام وأعني ِبالصيام صيام شهر‬ ‫محّر َ‬ ‫وهي ُ‬
‫جب إذا كان صيام كفارة وكانت‬ ‫رمضان‪ ،‬وهكذا ِبالنسبةِ إلى الصيام الوا ِ‬
‫جبا‬‫ددة في ذلك الوقت‪ ،‬وهكذا ِبالنسبةِ إلى صيام ِ النذر‪ ،‬فَيكون وا ِ‬ ‫مح ّ‬
‫من ذلك في حالةِ الحيض‪ ،‬وهكذا‬ ‫ممنوعة ِ‬ ‫في حالةِ الطهارة وتكون َ‬
‫ن الحاِئض ل َيجوز َلها أن َتطوف ِبالبْيت‪ ،‬وليس‬ ‫ف فإ ّ‬ ‫ِبالنسبةِ إلى الطوا ِ‬
‫ة‬
‫خل المسجد‪ ،‬وهكذا ِبالنسبةِ إلى قراء ِ‬ ‫ل العلم أن َتد ُ‬ ‫َلها عند َ أكثرِ أه ِ‬
‫كن أن‬ ‫ج َلها‪ ،‬فهذه المسألة ُيم ِ‬ ‫القرآن‪ ،‬وهكذا ِبالنسبةِ إلى معاشرةِ الزو ِ‬
‫جدا‬ ‫من هذه الناحية‪ ،‬وأنا قد جاَءت ِْني أسئلة كِثيَرة ِ‬ ‫ديد فيها ِ‬ ‫ل ِبالتش ِ‬ ‫ُيقا َ‬
‫سم المباَرك‪ ،‬وحتى‬ ‫رها وفي غي ْرِ هذا المو ِ‬ ‫ج هذه السنة وفي غي ْ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫في َ‬
‫مْلن هذه الحبوب في أيام ِ الحج‬ ‫من النساء اللِتي است َعْ َ‬ ‫هذه اليام كِثيٌر ِ‬
‫ت عليه في الساِبق‪ ،‬وهذه مسأَلة‬ ‫دة َلم َتستِقر كما كان ْ‬ ‫ت العا َ‬ ‫ل زال ْ‬
‫َ‬
‫صح ِباستخدام ِ هذه الحبوب ول‬ ‫مشك َِلة َينبِغي التنّبه َلها‪ ،‬فأنا ل أن َ‬
‫من‬ ‫من هذه الشياء التي َتمَنع ِ‬ ‫ِباستخدام ِ هذه الَبر ول ِباستخدام ِ شيٍء ِ‬
‫ب الذي‬ ‫ب الذي وََرد َ في السؤال وإنما ِلهذا السب ِ‬ ‫ج الحيض ل ِللسب ِ‬ ‫خرو ِ‬
‫سّتة أيام أو سبعة‬ ‫ب النساء َتكون ِ‬ ‫ن عادةَ أغل ِ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫ذ َك َْرُته‪ ،‬و ِ‬
‫جح‪،‬‬ ‫صل إلى العشَرة وقد ت ََتجاَوز ذلك ِبقِليل على الصحيح الرا ِ‬ ‫وقد ت َ ِ‬
‫خر‬ ‫ب إلى الحج ‪ِ ..‬بإمكانها أن ت ََتأ ّ‬ ‫ريد أن َتذهَ َ‬ ‫ن هذه المرأة التي ت ُ ِ‬ ‫فِبإمكا ِ‬
‫سل وَتأِتي بعد َ ذلك‬ ‫في مكة المكّرمة حتى َينتِهي وقت الحيض وَتغت ِ‬
‫من‬ ‫من أركان الحج أو ِ‬ ‫ف ركنا ِ‬ ‫جب إذا كان ذلك الطوا ُ‬ ‫ف الوا ِ‬ ‫ِبالطوا ِ‬
‫من ذلك‪،‬‬ ‫ف القدوم فإّنها معذوَرة ِ‬ ‫أركان العمرة‪ ،‬وأما ِبالنسبةِ إلى طوا ِ‬
‫ح‬ ‫من ذلك على الصحي ِ‬ ‫ف الوداع فإّنها معذوَرة ِ‬ ‫وهكذا ِبالنسبةِ إلى طوا ِ‬
‫ت مثل‬ ‫م ْ‬ ‫ت على ذلك السّنة الصحيحة الثاِبتة‪ ،‬وإذا قدر ِبأنها أحَر َ‬ ‫كما د َل ّ ْ‬
‫ل يوم ِ عرفة فإنها ترِدف عليها‬ ‫ن ِبها قب َ‬ ‫من التيا ِ‬ ‫كن ِ‬‫م ّ‬ ‫ِبالعمَرة ثم لم ت َت َ َ‬
‫مت َّعة‪ ،‬كما وَقَعَ ذلك ِللسيدة عائشة‬ ‫ت مت َ َ‬ ‫الحج فَتكون قارَِنة بعد َ أن كان ْ‬
‫جع‬ ‫ت فِبإمكاِنها أن َتر ِ‬ ‫ضط َّر ْ‬‫رضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنها‪ ،‬على أنها لو ا ْ‬
‫ده‪،‬‬ ‫هب إلى َتأدِي َةِ الطواف والسعي الذي َبع َ‬ ‫إلى بلِدها ثم بعد َ ذلك َتذ َ‬
‫ة‬
‫ل أن َتأِتي ِبالطواف وهي في حال ِ‬ ‫ج ِ‬‫من أ ْ‬ ‫م هذه الحبوب ِ‬ ‫أما أن َتستخدِ َ‬
‫ف ول‬ ‫طيع أن َتأِتي ِبالطوا ِ‬ ‫ظور فل َتست ِ‬ ‫طهارة ثم بعد َ ذلك ي ََقع المح ُ‬
‫َتدِري هل ُتصّلي أو ل ُتصّلي وهكذا ِبالنسبةِ إلى بقيةِ العبادات التي َلها‬
‫صح ِبذلك بل أقول‪ " :‬إنه ل ينبِغي ذلك "‪.‬‬ ‫َ‬
‫مر فإن ِّني ل أن َ‬ ‫علقة ِبهذا ال ْ‬ ‫َ‬
‫ل امرأةٍ‬ ‫نك ّ‬ ‫ضي فإننا َنقول‪ :‬إ ّ‬ ‫من وَقَعَ َله ذلك في الما ِ‬ ‫وأما ِبالنسبةِ إلى َ‬
‫ل العلم‬ ‫ف له ِ‬ ‫ص َ‬
‫ت فيها‪ ،‬وأن ت َ ِ‬ ‫ل عن الحالةِ التي وَقَعَ ْ‬ ‫َينبِغي َلها أن َتسأ َ‬
‫جه‬ ‫من المور التي ستو ّ‬ ‫مر وما شابه ذلك ِ‬ ‫شك َْله وكم است َ َ‬ ‫نوعَ الدم ِ و َ‬
‫ل العلم‬ ‫من أه ِ‬ ‫كم غي ُْرنا ِ‬ ‫كم أو َيح ُ‬ ‫كن أن َنح ُ‬ ‫إليها السئلة فيها حتى ُيم ِ‬

‫‪385‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫على هذه الحالة هل هي حْيض أو استحاضة؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي‬


‫التوفيق‪.‬‬
‫ما بعد الحج‬
‫المعاصِي عند‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫ع َ‬ ‫جل إلى الحج ثم فَ َ‬ ‫الر ُ‬
‫ّ‬ ‫ب‬
‫ه َ‬ ‫س‪ :‬إذا ذَ َ‬
‫الفعل ؟‬ ‫ِ‬ ‫جه بِمثل هذا‬ ‫قض حَ ّ‬ ‫عودته إلى َبلده‪ ،‬هل يَْنتَ ِ‬
‫جه‪ ،‬وأما‬ ‫ح ّ‬‫ت َ‬ ‫ج‪ :‬حجّه صحيح إن كان لم يَْأتِ ِبما يَُنافي ذَلك في وَْق ِ‬
‫من ذلك‬ ‫لمَعاصِي بعد ذلك فََعَليْه أن يَتوب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ -‬‬ ‫ِفْعُله لِ َ‬
‫واه‬‫وإذا أغْ َ‬ ‫معاصي الله‪-‬تبارك وتعالى‪َ -‬‬ ‫شيئا مِن َ‬ ‫فَعلَ َ‬ ‫‪ ..‬على النسان ألا ّ َي ْ‬
‫مَعاصِي الله‪-‬تبارك‬ ‫ن َ‬ ‫شيًْئا مِ ْ‬ ‫وفَعل َ‬ ‫الشيطان‪-‬والعياذ بالله تبارك وتعالى‪َ -‬‬
‫صوحًا‪ ،‬وإذا تاب‬ ‫ة َن ُ‬ ‫وَب ً‬‫ر بِالتوبة إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪َ-‬ت ْ‬ ‫وتعالى‪-‬فإنه يُؤمَ ُ‬
‫ما قَد‬ ‫فإن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬قد بَيّن‪َ-‬ك َ‬ ‫ّ‬ ‫وأناب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫من أتى شَْيئا مِن المعاصي ثم تَاب إلى الله ‪‬‬ ‫أن َ‬‫َثبت في الحديث‪ِ-‬ب ّ‬
‫دد له ذلك العمل‪-‬ذكرتُ معنى الحديث ل النص‪-‬فهذا‬ ‫ه ُيجَ ّ‬ ‫إليْه أنّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫َوَر َ‬
‫جه السابق ولكن مع ذلك‬ ‫ؤّثر على حَ ّ‬ ‫جل فِْعُله لَِتْلك المعاصي ل ُي َ‬ ‫الر ُ‬ ‫ّ‬
‫ع ِفيه إن كانت‬ ‫ص مِن ُكل مَا وََق َ‬ ‫خّل َ‬ ‫وعَلْيه أن يََت َ‬ ‫مر بِالتوبة‪-‬كما قلتُ‪َ -‬‬ ‫ؤ َ‬ ‫ُي ْ‬
‫صبَ‪-‬مثلً‪-‬امرأةً‪-‬والعياذ الله‬ ‫حقوق العِباد ‪ ..‬إذا اغتَ َ‬ ‫هنالك شيء مِن ُ‬
‫مة أو عبدة أو‬ ‫ائ َ‬
‫هي َن ِ‬ ‫صبِية أو أتى امرََأة وَ ِ‬ ‫تبارك تعالى‪-‬وزنى بِها أو َزنى ِب َ‬
‫ال الناس‬ ‫و ِ‬‫خذ شَْيئًا مِن أمْ َ‬ ‫د أَ َ‬ ‫إذا كان قَ ْ‬ ‫كذَا َ‬ ‫وه َ‬
‫ونة أو مَا شابه ذَِلك‪َ ،‬‬ ‫جنُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫اهم‬‫ض ُ‬ ‫من غَْيرِ ِر َ‬ ‫ِ‬
‫العباد‪،‬‬ ‫من حُقوق ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫خّل َ‬ ‫لبد مِن أن يَتَ َ‬ ‫والحاصل أَّنه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ص ‪..‬‬ ‫خّل َ‬ ‫ه أن يََت َ‬ ‫عَلْي ِ‬ ‫َ‬
‫صَيام أو ما شابه ذلك‪-‬‬ ‫يٍء مِن صلة أو ِ‬ ‫وكذلك إذا كان قَدْ َفرّط في شَ ْ‬
‫وَبة‬‫ن التّ ْ‬ ‫عنِي ِبالصلة والصيام الصلةَ الواجبة والصيامَ الواجب‪-‬فلبد مِ َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫ه أو زََنى في َنَه ِ‬
‫ار‬ ‫جتَ ُ‬‫د َوطِئ َزْو َ‬ ‫اء ذَلك‪ ،‬وإذا كان قَ ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ومن قَ َ‬ ‫إلى الله ِ‬
‫أن مَا‬ ‫فلبد مِن الكفارة ‪ ..‬والحاصل ّ‬ ‫رمضان‪-‬والعياذ بالله تبارك وتعالى‪ُ -‬‬
‫جه السَابق ولكنه ُيؤمَر ِبالتوْبة إلى‬ ‫ؤّثر على حَ ّ‬ ‫من المعَاصِي ل يُ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫َفَعَل ُ‬
‫ب التخَّل ُ‬
‫ص‬ ‫ج ُ‬ ‫شيء َي ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ال َ‬
‫ك‬ ‫هنَ ِ‬ ‫ان ُ‬‫ع ِفيه إذا كَ َ‬ ‫خّلص مِن ُكل ما وََق َ‬ ‫الله والتَ َ‬
‫ه؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫منْ ُ‬ ‫ِ‬
‫ن فريضة الحج ت َطَْبع على صاحبها‬ ‫س‪ :‬لديه قناعة أ ّ‬
‫قَيم والستقامة لكن البعض‬ ‫مُثل والخلق وال ِ‬ ‫من الق ُ‬ ‫ألوانا ِ‬
‫فل أو َينسى مع مرور اليام‬ ‫من هناك َيتغا َ‬ ‫عندما َيعود ِ‬
‫من المعاصي ‪َ ..‬يطلب نصيحة بسيطة‪.‬‬ ‫كب شيئا ِ‬ ‫فَيرت ِ‬
‫سه قبل‬ ‫سب نف َ‬ ‫ل إنسان ِبأن ي َّتقي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وأن ُيحا ِ‬ ‫مر ك ّ‬ ‫ج‪َ :‬نأ ُ‬
‫من قبل أو لم ي َُقم‬ ‫دى فريضة الحج ِ‬ ‫سبها الله سواًء كان قد أ ّ‬ ‫أن ُيحا ِ‬
‫ْ‬
‫حه ِبأن ُيباِدر إلى ذلك‬ ‫ص ُ‬ ‫من قبل فَن َن ْ َ‬ ‫ت ِبها ِ‬ ‫ِبتأِديتها ولكن إذا كان لم ي َأ ِ‬
‫ي ِبهذه الفريضة‪ ،‬و‪-‬‬ ‫ل أن َيأت ِ َ‬ ‫من قب ِ‬ ‫جئه الموت ِ‬ ‫مخاَفة أن ي َُفا ِ‬ ‫ف َ‬ ‫سو ّ َ‬ ‫وأل ّ ي ُ َ‬
‫‪386‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من معاصي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫َ‬ ‫كذلك‪-‬ليس للنسان أن يأ ْ‬


‫يٍء ِ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ي‬
‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ِ‬
‫من الزمن ‪ ..‬أّول معاصي الله‪-‬تبارك‬ ‫دة ِ‬ ‫ِبدعوى أنه سَيتوب بعد م ّ‬
‫ن كان‬ ‫رد وإ ْ‬ ‫وتعالى‪-‬ليس ِللنسان أن ي َْفعََلها سواًء أراد أن َيتوب أو لم ي ُ ِ‬
‫من غيره ولكن المعصية معصية وإنما الكلم‬ ‫إذا أراد التوبة هو أسهل ِ‬
‫عدمه‪ ،‬وإل فالمعصية معصية ليس ِللنسان أن‬ ‫في قضية الصرار و َ‬
‫من‬ ‫حماها ‪ ..‬كذلك النسان ل َيمِلك ِ‬ ‫دا وليس له أن َيحوم حول ِ‬ ‫ي َْقَرَبها أب ً‬
‫موت الن وهو لم ي َُتب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ْ‬
‫ره شيئا ‪ ..‬قد ي َأِتيه اله َ‬ ‫أم ِ‬
‫ؤلء أن ي َت ُّقوا الله‪-‬تبارك‬ ‫مة والعياذ بالله‪ ،‬فعلى هَ ُ‬ ‫خي َ‬ ‫وَتكون العاقبة وَ ِ‬
‫وات الوان‪.‬‬ ‫وتعالى‪-‬وأن ي َُتوُبوا إليه ‪ ‬قبل فَ َ‬
‫جب علْيهم أن َيأتوا‬ ‫دا وي َ ِ‬ ‫جهم فاس ً‬ ‫ح ّ‬ ‫ؤاله‪ :‬هل َيكون َ‬ ‫س َ‬ ‫أما ِبالنسبة إلى ُ‬
‫جوا عن‬ ‫خَر ُ‬ ‫خَرجوا عن السلم‪ ،‬فإذا َ‬ ‫جة أخرى ؟ فالجواب‪ :‬ل إل إذا َ‬ ‫ح ّ‬‫بِ َ‬
‫من‬
‫دا على قول طائفة كبيرة ِ‬ ‫جا جدي ً‬ ‫ح ّ‬ ‫جوا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫السلم َيجب عليهم أن ي َ ُ‬
‫من أركان‬ ‫ن ِ‬ ‫ن الحج ُرك ْ ٌ‬ ‫من الحج ل ّ‬ ‫ن ذلك السلم لبد له ِ‬ ‫أهل العلم‪ ،‬ل ّ‬
‫جعُ إليه تلك العمال‬ ‫م جديد فهو وإن كانت َتر ِ‬ ‫السلم وهذا إسل ٌ‬
‫ت ِبالحج في‬ ‫ْ‬ ‫الصالحة ولكن الحج شْر ٌ‬
‫من شروط السلم وهو لم ي َأ ِ‬ ‫ط ِ‬
‫جع في ذلك إلى‬ ‫ف طويل ِبإمكاِنه أن َير ِ‬ ‫خل ٌ‬ ‫ة فيها ِ‬ ‫إسلمه هذا‪ ،‬والمسأل ُ‬
‫ن الوقت‬ ‫من كتب أهل العلم‪ ،‬فإ ّ‬ ‫" شرح الجامع الصحيح "‪ 1‬أو إلى غيره ِ‬
‫الن ل َيكفي ِلبيان ذلك‪.‬‬
‫مه ( أي‬ ‫جعَ كيوم ولد َْته أ ّ‬ ‫ج فلم ي َْرفث ولم ي َْفسق َر َ‬ ‫ح ّ‬
‫من َ‬ ‫ث‪َ ) :‬‬ ‫وأما حدي ُ‬
‫ة ثابتة ‪ ..‬أي على وِفْ ِ‬
‫ق‬ ‫جة صحيح ً‬ ‫جِته تلك إذا كانت تلك الح ّ‬ ‫ح ّ‬
‫من َ‬ ‫رجع ِ‬
‫ث صحيح َثابت عن النبي ‪: ‬‬ ‫ما شَرعََها الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فذلك الحدي ُ‬
‫ه(‬ ‫م ُ‬‫وم ولد َْته أ ّ‬ ‫من ذنوبه كي ْ‬ ‫جع َ ِ‬ ‫سقْ َر َ‬ ‫ث ولم ي َْف ُ‬ ‫ج فلم ي َْرفُ ْ‬ ‫من ح ّ‬ ‫) َ‬
‫مب ُْرور ليس له‬ ‫ما بْينهما والحج اله َ‬ ‫وأيضا‪ ) :‬الُعمرة إلى الُعمرة كّفارةٌ ل ِ َ‬
‫من الحاديث الصحيحة الداّلة على هذا‬ ‫جزاٌء إل الجّنة (‪ ،‬إلى غير ذلك ِ‬ ‫َ‬
‫من معاصي‬ ‫عمل شْيئا بعد ذلك ِ‬ ‫جو َ‬ ‫ح ّ‬ ‫من َ‬ ‫ن َ‬ ‫المر‪ ،‬ولكن ليس في ذلك أ ّ‬
‫الله أنه َيجب عليه أن ُيعيد الحج؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما معنى حديث‪ ) :‬الحج المبرور ليس له جزاء إل‬
‫الجنة ( ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ لهل العلم في ذلك خلف طويل ‪ ..‬أي اختلف‬
‫جته خالصة لله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ح ّ‬‫من كانت َ‬ ‫ن َ‬ ‫العلماء في معناه‪ ،‬وَنرجوا أ ّ‬
‫شرعه الله‪-‬تبارك‬ ‫ق ما َ‬ ‫مَعة وأَتى بها على وِفْ ِ‬ ‫س ْ‬ ‫ب رَِياء أو ُ‬ ‫شو ْ ُ‬ ‫شب َْها َ‬‫لم ي َ ُ‬
‫دق على‬ ‫ص ُ‬ ‫مبرور الذي ي َ ْ‬ ‫ج اله َ‬ ‫من الح ّ‬ ‫جة ِ‬ ‫وتعالى‪-‬أن تكون هذه الح ّ‬
‫ت‪-‬أن َتكون‬ ‫صاحبه ما جاء في الحديث الصحيح الثابت ولكن لبد‪-‬كما قل ُ‬ ‫َ‬
‫‪-1‬شرح " الجامع الصحيح‪ ،‬مسند المام الربيع بن حبيب " للمام نور الدين السالمي‪ ،‬ج ‪،1‬‬
‫ص ‪.103‬‬
‫‪387‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ة لله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وأن َيكون النسان َتاِئبا راجعا ً إليه ‪ ‬؛ والله‬


‫ص ً‬
‫خال َ‬
‫َ‬
‫أعلم‪.‬‬

‫‪388‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من أين‬
‫عن طريق الطائرة‪ِ ،‬‬
‫س‪ :‬المسافر للعمرة َ‬
‫‪1‬‬
‫رم ؟‬
‫ح ِ‬
‫يُ ْ‬
‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه ‪ :‬س‪َ :‬من أراد الذهاب إلى العمرة ِبالطائرة‪ِ ،‬من أين ُيحِرم ؟‬
‫حاِذي الميقات ‪َ ..‬يستِعد ِمن قبل ‪ ..‬إما أن َيلَبس ثياَبه في بيِته أو في المطار أو أن َيقوم ِبلْبسها عنَدما‬ ‫ج‪ُ :‬يحِرم عنَدما ُي َ‬
‫ن الطائرة َتمر مسِرعة على الميقات‬ ‫َيكون قِريبا ِمن الـَمطار ثم عنَدما ُيحاِذي الميقات وَينبِغي َله أن َيتَقّدم ذلك ِبقليل‪ ،‬ل ّ‬
‫جاَوز ذلك‪ ،‬فيستِعد ِمن قبل ثم بعد ذلك عندما يكون قريبا ِمن‬ ‫ن ِبالتلبية ِمن أعلى الميقات وَيت َ‬ ‫َفَقد ل َيتمّكن ِمن التيا ِ‬
‫الميقات ينوي بقلبه العمرة ويسمي‪-‬أيضا‪-‬ذلك في تلبيته ‪ ..‬يقول‪ " :‬لبيك عمرة " ويلبي التلبية المعروفة‪ ،‬وليس َله أن‬
‫حِرم ِمن قبل‪ ،‬وليس َله‬ ‫جع بعَد ذلك إلى الميقات ‪ ..‬لبد ِمن أن ُي ْ‬ ‫خر ذلك إلى مطار " جدة " مثل‪ ،‬كما أنه ليس َله أن َير ِ‬ ‫ُيؤ ّ‬
‫ن عليه أن َيتوب إلى‬ ‫ل إلى الميقات وهو َلم ُيحِرم فإ ّ‬ ‫صَ‬‫ن جاهل َوَقَع َوَو َ‬ ‫ل إلى الميقات ‪ ..‬نعم َلو أ ّ‬ ‫صَ‬ ‫خر إلى أن َي ِ‬ ‫أن َيتأ ّ‬
‫جع إلى الميقات الذي َمّر عليه وُيحِرم ِمن هناك‪ ،‬أما َمن كان َيعِرف الحكم فليس َله أن َيتجاَوَز ذلك أبدا‪.‬‬ ‫ربه وأن َير ِ‬
‫س ِثيابه‬
‫ت‪-‬أن َيْلَب َ‬
‫شّقة في ذلك والحمد ل ‪ِ ..‬بإمكاِنه‪-‬كما قل ُ‬ ‫شّقة " أو ما شابه ذلك‪ ،‬ول َم َ‬ ‫ض الناس َيقول‪ " :‬في ذلك َم َ‬ ‫وبع ُ‬
‫ل َيَراه عنَدما َيخَلُع‬ ‫طأّ‬ ‫طاِئَرة أو حتى ِمن مكانه ِبشر ِ‬ ‫س في َدْوَرة المياه في ال ّ‬ ‫ِمن بيِته أو ِمن المطار أو ُيْمِكن أن َيلب َ‬
‫ِإزاَره ‪ ..‬أو ِبعبارٍة أخرى ل َيَرى عورَته أحٌد ِمن الناس وُيحِرم ول مشّقة في ذلك‪ ،‬أما ِبالنسبِة إلى الصلة فل بأس عليه‬
‫عة ِللحرام‪:‬‬ ‫ن العلماء قد اختَلفوا هل هناِلك صلٌة مشرو َ‬ ‫ل ِللحرام على أ ّ‬ ‫صّ‬‫ك الصلة وَلم ُي َ‬ ‫إن َتَر َ‬
‫حِرم بعَد الصلة‪.‬‬ ‫ت صلة فريضة فلُي ْ‬ ‫ضَر ْ‬‫ح َ‬ ‫ت هناِلك صلٌة ِللحرام ‪َ ..‬من أراَد أن ُيحِرم فإن َ‬ ‫ضهم إلى أّنه ليس ْ‬ ‫ذهب بع ُ‬
‫ت ذلك ِمن طِريقِ ابن عمر رضي ال‪-‬تعالى‪-‬عنهما‪.‬‬ ‫ب أن ُيحِرَم بعَد أن َيستِوي على راحلِته‪ ،‬كما ثب َ‬ ‫والصوا ُ‬
‫ق ابن عمر‪.‬‬ ‫صح‪ ،‬فالعمَدُة ما جاء ِمن طِري ِ‬ ‫ث ل َي ِ‬ ‫ن النبي ‪َ ‬أحَرَم بعَد الصلة فهو حدي ٌ‬ ‫ث الواِرد أ ّ‬ ‫أما الحدي ُ‬
‫ت وقت صلة الضحى أو َأراَد‬ ‫ل المسجد فلُيصل ركعتْين أو إذا َأراَد أن ُيصلي صلَة الضحى إن كان الوق ُ‬ ‫خَ‬‫وكذلك إن َد َ‬
‫صة ِبالحراِم‬ ‫ت هنالك صلة خا ّ‬ ‫صة ِبالحرام فليس ْ‬ ‫أن ُيصلي بعَد الوضوء أو ما شابه ذلك‪ ،‬أما أن َتكون هناِلك صلٌة خا ّ‬
‫ي الصحيح‪.‬‬ ‫على الرأ ِ‬
‫ل ِبمشروعيِة الصلِة ِللحرام‪.‬‬ ‫ضهم إلى القو ِ‬ ‫وذهب بع ُ‬
‫ت " ِذي الحليفة "‬ ‫ت " ذي الحليفة " وبْين غيِره فقال ِبمشروعيِة الصلِة ِلَمن َأحَرَم ِمن ميقا ِ‬ ‫ضهم بْين ميقا ِ‬ ‫وفّرق بع ُ‬
‫ِبخلف َمن َأحَرَم ِمن غيِر ذلك‪.‬‬
‫ن الطائرة؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫صة ِللحرام‪ ،‬فْلُيحِرم ِم َ‬ ‫سنية صلة خا ّ‬ ‫ل على القول ِب ُ‬ ‫ل على التفريق بل ول دلي َ‬ ‫ول دلي َ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫حّلون ثم بعَد ذلك َيذَهبون إلى " التنعيم " ِللحرام‪ ،‬وفي‬ ‫ن إلى مكة المكرمة وهم ُم ِ‬ ‫ن كثيرا ِمن الناس‪-‬وِللسف‪َ-‬يأُتو َ‬ ‫على أ ّ‬
‫ل إلى مكة المكرمة وَلم ُيحِرم عليه أن َيتوب‬ ‫صَ‬‫خة ِلسّنة النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فَمن َو َ‬ ‫هذا ُمخاَلفة صاِر َ‬
‫ت أْبَعد ِمن ذلك الميقات على رأي‬ ‫جع إلى الميقات الذي جاء منه‪-‬أو ميقا ٍ‬ ‫ط ِمن أمِره وأن َير ِ‬ ‫إلى ربه وأن َينَدم على ما َفّر َ‬
‫جع إلى " ذي الحليفة " وإذا جاء ِمن ميقات " َنجد " وهو المعروف‬ ‫ن أن َير ِ‬ ‫بعضهم‪-‬فإذا جاء ِمن " ذي الحليفة " لبد ِم ْ‬
‫‪389‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫َ‬
‫م أمور دينه فإذا أراد أن‬ ‫ن يتعَل ّ َ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ النسان ينبغي َله أ ْ‬
‫من أن يت ََعلم‬ ‫يذهب إلى أداء الحج أو إلى أداء العمرة‪-‬مثل‪-‬فلب ُد ّ ِ‬
‫المسائل المهمة التي تتعلق بالحج أو بالعمرة أو ِبهما معا حتى يأتي‬
‫ن في حقه ‪ ..‬يأتي ِبها على‬ ‫س ّ‬ ‫جَبت عليه أو التي ت ُ َ‬ ‫بتلك العبادة التي وَ َ‬
‫الوجه الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫ت‬‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬وَقّ َ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫ِ‬
‫من أراد أن يذهب إلى مكة المكرمة‬ ‫مواقيت للحج والعمرة‪ ،‬ول َيجوز ل ِ َ‬
‫لداء الحج أو العمرة أو لدائهما معا أن يتجاوز تلك المواضع إل وهو‬
‫ما إذا كان ل يريد حجا ول عمرة فل َيجب عليه الحرام على‬ ‫رم‪ ،‬أ ّ‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫القول الصحيح الراجح‪ ،‬وإن كان النسان ل ينبغي له أن يذهب إلى تلك‬
‫البقاع إل ويأتي بعمرة لكن إذا كانت هنالك ظروف أو َيجد مشقة أو ما‬
‫ن المر فيه سَعة ِبحمد الله تبارك وتعالى‪ ،‬فإذا كان يريد‬ ‫شابه ذلك فإ ّ‬
‫رم ‪ ..‬هذا ثابت‬ ‫ح ِ‬
‫م ْ‬‫الحج أو العمرة ليس له أن يتجاوز المواقيت إل وهو ُ‬
‫س‬
‫م ِ‬‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫ص السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي ‪ ‬ثبوتا أوضح ِ‬ ‫بن ّ‬
‫الظهيرة‪:‬‬
‫مّر على تلك المواقيت‪:‬‬ ‫ك الَبر فالمر واضح إذا َ‬ ‫سل ُ ُ‬
‫فإذا كان ي َ ْ‬
‫من طريق " المدينة " ‪ ..‬وينبغي‬ ‫مّر على ذي الحليفة‪-‬مثل‪-‬إذا جاء ِ‬ ‫إذا َ‬
‫ماه النبي ‪ ‬وهو‬ ‫س ّ‬‫حل َي َْفة " كما َ‬ ‫أن نسمي هذا الموضع به " ذي ال ُ‬
‫مى بذلك‪-‬أيضا‪-‬حتى قبل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وقد‬ ‫س ّ‬ ‫يُ َ‬
‫ن عليا‬‫شاع عند الناس أّنه يسمى الن بأبيار علي ويروي بعض الناس أ ّ‬
‫مي بذلك‪ ،‬وهذا كلم موضوع‬ ‫س ّ‬ ‫قد قاتل الجن بذلك الموضع فلذلك ُ‬
‫مي ذلك الموضع ِبهذه‬ ‫س ّ‬‫مصنوع ل يثبت أبدا‪ ،‬فل ينبغي ل ََنا أن ن ُ َ‬ ‫خت ََرع َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫حارب مثل‬ ‫َ‬
‫الرواية الموضوعة المخترعة المصنوعة بل ينبغي لَنا أن ن ُ َ‬
‫طر النسان اضطرارا إلى‬ ‫هذه التسميات‪ ،‬لّنها مكذوبة ‪ ..‬نعم إذا اض ُ‬
‫ُ‬
‫من ' ذي‬ ‫رم ؟ " فإذا قال له‪ِ " :‬‬ ‫ح ِ‬‫من أين أ ْ‬ ‫ذِك ْرِ ذلك كأن يسأله سائل‪ِ " :‬‬

‫جع إليه وهكذا ِبالنسبة إلى َبِقّية المواقيت‪.‬‬ ‫ِبالسيل فلَير ِ‬


‫ل َيذَهب وهو ل َيدِري عن العمرة شيئا ‪ ..‬ل َيدِري كيف َيطوف وكيف َيسَعى وِمن‬ ‫فَينبِغي ِللنسان أن َيتعّلم ُأموَر ِديِنه وأ ّ‬
‫ك الحج‪،‬‬‫سِ‬
‫ص َله معِرفة ِبمنا ِ‬
‫ن ُيحِرم أو ما شابه ذلك‪ ،‬وإن كان َلم َيذَهب ِمن قبل البّتة فَينبِغي َله أن َيذَهب مع شخ ٍ‬ ‫َأْي َ‬
‫طِوَيات وأشرطة ُيمِكن ِللنسان أن َيستِعين ِبها على معِرفِة‬ ‫سرة والحمد ل‪ ،‬وهنالك كتب وم ْ‬ ‫سك متَي ّ‬ ‫ومعِرفُة هذه المنا ِ‬
‫ل العلم‪.‬‬
‫ل أه َ‬ ‫جْده فيها أو ما َلم َيفَهْمه فعليه أن َيسَأ َ‬ ‫سِكه‪ ،‬وما َلم َي ِ‬‫منا ِ‬
‫جا أو عمرة ولو َأراَد أن َيبَقى‪-‬مثل‪-‬مّدة في " جدة " أو في‬ ‫صل أنه ليس لحٍد أن َيتجاَوَز الميقات إذا كان ُيِريُد ح ّ‬ ‫والحا ِ‬
‫ض المآِرب فإن‬‫طق اللهم إل إذا كان ُمترّددا في الرادة ‪ ..‬مثل َيقول‪ " :‬سأذَهب إلى ' جدة ' ِلقضاِء بع ِ‬ ‫غيِرها ِمن المنا ِ‬
‫جد وقتا فَلن َأذَهب " ففي هذه الحالة َيذَهب إلى " جدة "‬ ‫ت وقتا فسأذَهب إلى ' مكة ' وإن َلم َأ ِ‬ ‫ت بعدَ ذلك ووجد ُ‬ ‫َتَمكن ُ‬
‫جه وبعَد ذلك إذا َأراَد أن َيذَهب إلى " مكة " ِلتأِدَيِة عمرة‪-‬مثل‪-‬فلُيحِرم ِمن ذلك المكان الذي َبِقي‬ ‫ضي مآِرَبه وحواِئ َ‬ ‫وَيق ِ‬
‫فيه وهو " جدة " على المثال الذي ذكرناه؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫‪390‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ف‬
‫من ' أبيار علي ' " عََر َ‬ ‫الحليفة ' " ل يعرف ذلك لكن إذا قال له‪ِ " :‬‬
‫ذلك فللضرورة أحكامها الخاصة وينبغي له أن ُيعّلمه ِبالتسمية‬
‫من‬‫مّر بالمدينة‪-‬أي إذا جاء ِ‬ ‫من أهل " المدينة " أو َ‬ ‫الصحيحة‪ ،‬فإذا كان ِ‬
‫ن " ذي الحليفة "‪ ،‬وليس له أن‬ ‫م ْ‬ ‫رم ِ‬ ‫ح ِ‬‫مّر بالمدينة‪-‬فإنه ي ُ ْ‬ ‫جهة أخرى و َ‬
‫ن يريد الحج أو العمرة أو كان‬ ‫كا َ‬ ‫رم إذا َ‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬
‫يتجاوز ذلك المكان إل وهو ُ‬
‫يريد أن يأتي بالحج والعمرة معا‪.‬‬
‫من‬‫من أهل " الشام " وتلك الجهات التي يأتي أهلها‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫وإذا كان ِ‬
‫حَفة " وهي الميقات الصلي‬ ‫ج ْ‬ ‫من " ال ُ‬ ‫جهة " الشام " فإّنهم ُيحرمون ِ‬
‫من " َرابغ "‬ ‫مون ِ‬ ‫حرِ ُ‬‫من الزمن ‪ ..‬كان الناس ي ُ ْ‬ ‫دة طويلة ِ‬ ‫لكن كان ِلم ّ‬
‫ت‬ ‫سب ما رأي ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫مَرت الن على َ‬ ‫خَرابا ولكنها عُ ّ‬ ‫ن " الجحفة " كانت َ‬ ‫ل ّ‬
‫ض الكتابات وفي ذلك الموضع مسجد فينبغي الرجوع إلى‬ ‫في بع ِ‬
‫الصل‪ ،‬لّنه هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬
‫ن كان على جهتهم إلى "‬ ‫م ْ‬ ‫وسلم ‪ ..‬نعم إذا جاء أهل " الشام " و َ‬
‫من " ذي الحليفة "‪.‬‬ ‫رمون ِ‬ ‫المدينة " فإّنهم ُيح ِ‬
‫من " ذات عرق‬ ‫من جهة " العراق " الصل ُيحرمون ِ‬ ‫كذلك الذين يأتون ِ‬
‫مر على ذلك الموضع طريق أبدا فل ُيمكن المرور‬ ‫" ولكنه الن ل ي َ ُ‬
‫من‬ ‫من يأتي ِ‬ ‫مّر أهل " العراق " و َ‬ ‫بالسيارات على ذلك الموضع وإّنما ي َ ُ‬
‫من " ذي الحليفة‬ ‫مّرون على " المدينة " فُيحرمون ِ‬ ‫ما أّنهم ي َ ُ‬ ‫ناحيتهم ‪ ..‬إ ّ‬
‫" أو أن ُّهم َيمرون على " الرياض " ونواحيها فل يأتون على " السيل "‬
‫من " السيل‬ ‫من تلك الجهة أحرموا ِ‬ ‫من " قَْرن " ‪ ..‬فإذا أتوا ِ‬ ‫مون ِ‬ ‫حرِ ُ‬ ‫وي ُ ْ‬
‫"‪.‬‬
‫كذلك بالنسبة إلى أهل " َنجد " وإلى أهل " َنجد اليمن" أيضا فإّنهم‬
‫من " قرن المنازل "‪.‬‬ ‫من " السيل " ‪ِ ..‬‬ ‫مون ِ‬ ‫حرِ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫مَلم "‪.‬‬ ‫َ‬
‫ما بالنسبة إلى أهل " اليمن " فإّنهم ُيحرمون من " ي َل َ ْ‬ ‫وأ ّ‬
‫ن َلم يأت على تلك المواضع‪-‬الن الناس تقريبا يأتون على تلك‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫ذاته ‪ ..‬إذا كانوا‬ ‫حا َ‬ ‫م َ‬ ‫من ُ‬ ‫مون ِ‬ ‫حرِ ُ‬ ‫المواضع‪-‬ينظرون إلى أقرب ميقات وي ُ ْ‬
‫ذاة ذلك وإذا كانوا‬ ‫حا َ‬‫م َ‬ ‫من ُ‬ ‫مون ِ‬ ‫حرِ ُ‬ ‫أقرب إلى " ذي الحليفة " فإّنهم ي ُ ْ‬
‫محاذاة " ذات عرق "‬ ‫من ُ‬ ‫من " ذات عرق " فإّنهم ُيحرمون ِ‬ ‫أقرب ِ‬
‫وهكذا بالنسبة إلى بقية المواقيت‪.‬‬
‫من جهة‬ ‫رم ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫من جاء في باخرة في البحر فإنه ي ُ ْ‬ ‫وهكذا بالنسبة إلى َ‬
‫محاذيا له‪.‬‬ ‫الميقات الذي َيمر ُ‬
‫مّرون‬ ‫ن الَغالبية العظمى ي َ ُ‬ ‫وأما الذين يأتون على الطائرات فل شك أ ّ‬
‫َ‬
‫ن الموضع الذي َيمرون‬ ‫م َ‬ ‫مون ِ‬ ‫حرِ ُ‬ ‫مّرون أعلها فإذن ي ُ ْ‬ ‫عََلى المواقيت ‪ ..‬ي َ ُ‬
‫شرة‬ ‫من أعلى الميقات مبا َ‬ ‫من الميقات‪ ،‬وإذا كانوا ل َيمرون ِ‬ ‫أعلى منه ِ‬
‫ن الطائرة تسير‬ ‫ن المعروف أ ّ‬ ‫م َ‬ ‫محاذاة ذلك لكن ِ‬ ‫من ُ‬ ‫فإّنهم ُيحرمون ِ‬
‫‪391‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من أعلى الميقات فإنه‬ ‫بسرعة كبيرة جدا فإذا أخذ النسان يست َِعد ِ‬
‫ل ذلك ‪..‬‬ ‫من أن يستِعد قب َ‬ ‫ما ل َيجوز‪ ،‬فإذن لبد ِ‬ ‫م ّ‬‫سيتجاوز ذلك وذلك ِ‬
‫ضأ أو ما شابه ذلك فليستعد قبل ويلبس ملبسه‬ ‫إذا كان يريد أن يتو ّ‬
‫ل ذلك الموضع ينوي الحرام‪-‬وأريد بالنية هاهنا النية‬ ‫فعندما يكون قُب َي ْ َ‬
‫القلبية‪-‬ويقول‪ " :‬لبيك عمرة " ُثم يأتي ِبالتلبية ‪ ..‬ل يتجاوز الميقات إل‬
‫من أعلى‬ ‫من أن يأتي ِ‬ ‫ن النسان لبد ِ‬ ‫وقد ل َّبى ‪ ..‬هذا لبد منه‪ ،‬ل ّ‬
‫من‬ ‫محاذية لذلك ‪ ..‬نعم إذا جاء ِ‬ ‫الميقات أو يأتي‪-‬أيضا‪-‬في جهة أخرى ُ‬
‫شرة فإّنه في هذه الحالة ل َيمر على‬ ‫دة مبا َ‬ ‫ن غرب ج ّ‬ ‫م ْ‬ ‫الجهة الغربية ‪ِ ..‬‬
‫حيط‬ ‫ن المواقيت ل ت ُ ِ‬ ‫ن أهل العلم ِبأ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ميقات بناء على رأي كثرة كاثرة ِ‬
‫من‬ ‫حاِذيا لشيء ِ‬ ‫م َ‬‫ن ذلك الموضع ل يكون ُ‬ ‫ِبالحرم َتماما ‪ ..‬أي أ ّ‬
‫ن تلك الجهة ‪ ..‬الذين َيأتون‬ ‫م ْ‬ ‫المواقيت وهذا هو الظاهر لي إلى الن‪ ،‬ف ِ‬
‫من تلك الجهة‬ ‫من تلك الجهة أو الذين يأتون في الطائرات ِ‬ ‫في البواخر ِ‬
‫دة " ولكن هي‬ ‫خروا إلى " ج ّ‬ ‫ل َيمرون ِبميقات فَب ِِإمكان هؤلء أن يؤَ ّ‬
‫ذون الميقات‬ ‫حا ُ‬ ‫موا عندما ي ُ َ‬ ‫حرِ ُ‬‫ضّيقة جدا جدا فال َوَْلى َلهم أن ي ُ ْ‬ ‫من ْط َِقة َ‬ ‫َ‬
‫الذي يكون أقَْرب إليهم‪ ،‬وهم إما أن ُيحاذوا " السيل " وإما أن ُيحاذوا‬ ‫َ‬
‫من تلك الجهة وهي جهة صغيرة‬ ‫ذا الحليفة أو‪ 1‬الجحفة‪ ،‬لكن َلو أتوا ِ‬
‫جدا جدا فبالمكان‪ ،‬لكن معنا في الجهة الشرقية وهكذا بالنسبة إلى‬
‫من‬ ‫من الجهة الغربية لُبد ِ‬ ‫أهل الجهة الشمالية والجنوبية وبعض الجزاء ِ‬
‫من ذلك المكان ول‬ ‫من الحرام ِ‬ ‫من المواقيت فلبد ِ‬ ‫حاذوا ميقاتا ِ‬ ‫أن ي ُ َ‬
‫خُروا ذلك‪.‬‬ ‫َيجوز َلهم أن ي ُؤَ ّ‬
‫كان الناس‬ ‫م َ‬ ‫شر عند َ بعض الناس رأيٌ ِبخلف ذلك وهو أّنه‪ِ " :‬بإ ْ‬ ‫وقد انت َ‬
‫من أعلى‬ ‫مر ِ‬ ‫ن الذي ي َ ُ‬ ‫طار وذلك ل ّ‬ ‫خروا ذلك إلى الوصول إلى الم َ‬ ‫أن ي ُؤَ ّ‬
‫من‬ ‫محاذيا له "‪ ،‬وهذا القول ِ‬ ‫مارا على ميقات ول ُ‬ ‫الميقات ل يكون َ‬
‫البطلن ِبمكان‪ ،‬وتقريره َيحتاج إلى إطالة‪ ،‬ورّبما يكون ذلك في وقت‬
‫آخر بمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫من‬‫خر ذلك فعليه أن يستِعد ِ‬ ‫فالحقّ الحقيق ِبالقبول أنه ليس لحد أن ي ُؤَ ّ‬
‫خاَفة‬ ‫م َ‬ ‫دم قليل َ‬ ‫من ذلك الموضع ‪ ..‬ي َت ََق ّ‬ ‫رم ِ‬‫ح ِ‬ ‫قبل ويسأل أهل الطائرة وي ُ ْ‬
‫من قبل نصف ساعة‬ ‫رم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ح‬
‫خِبر فلي ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خبره ُ‬ ‫أن يتجاوز الميقات وإن َلم ي ُ ْ‬
‫ما في حالة‬ ‫َ‬
‫من الحرام قبل الميقات لجل الضرورة‪ ،‬أ ّ‬ ‫تقريبا‪ ،‬فل بأس ِ‬
‫ن النبي ‪َ ‬لم‬ ‫دم على ذلك‪ ،‬ل ّ‬ ‫عدم الضرورة فل ينبغي لحد أن يت ََق ّ‬
‫ن تلك المواقيت ولنا فيه‪-‬صلوات‬ ‫م ْ‬ ‫رم قبل الميقات وأمر بالحرام ِ‬ ‫ح ِ‬
‫يُ ْ‬
‫الله وسلمه عليه‪-‬السوة الحسنة؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫مهمة عمل إلى مكة أو إلى جدة ُثم أراد‬ ‫من سافر ل ِ ُ‬ ‫س‪َ :‬‬
‫من أين ُيحرم ؟‬ ‫أن يعتمر‪ِ ،‬‬
‫من كلمه‪ " :‬ذا الحليفة أو "‪.‬‬
‫ن الشيخ سحب ِ‬
‫‪-1‬الظاهر أ ّ‬
‫‪392‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج‪ :‬ل َيخلو من أحد أمرين‪:‬‬


‫َ‬
‫صدا لن يعتمر‬ ‫ن ُيريد أن يعتمر ‪ ..‬عندما خرج من بلده كان َقا ِ‬ ‫إما أ ْ‬
‫من عند الميقات ‪ ..‬لبد من أن ُيحرم من‬ ‫وهذا لبد من أن ُيحرم ِ‬
‫الميقات‪.‬‬
‫مر أو إلى ذلك العمل ولكن إذا‬ ‫وإما أن يريد أن يذهب إلى ذلك المؤت َ َ‬
‫من الوقت وحصلت له فرصة فإّنه‬ ‫سع ِ‬ ‫مت ّ َ‬ ‫بقي هنالك وقت ‪ ..‬إذا بقي ُ‬
‫سيذهب لتأدية العمرة وإن َلم يبق شيء من الوقت فإنه سيرجع إلى‬
‫بلده‪ ،‬فهذا َلم يعزم على العمرة فيذهب ويقضي مآربه وبعد ذلك إن‬
‫حل أما‬ ‫من ذلك الموضع إذا كان من ال ِ‬ ‫رم ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫رم بالعمرة فإّنه ي ُ ْ‬ ‫أراد أن ُيح ِ‬
‫من الحرم ‪ ..‬إذا كان يريد أن‬ ‫إذا كان في الحرم فلبد من أن َيخرج ِ‬
‫ُيحرم بعمرة لبد من أن َيخرج من الحرم إلى الحل وُيحرم من الحل‪،‬‬
‫أما إذا كان‪-‬مثل‪-‬يذهب إلى جدة أو إلى أي مكان آخر داخل المواقيت‬
‫ن أراد أن يعتمر فليحرم‬ ‫وخارج من الحرم فإّنه يقضي مآربه وبعد ذلك إ ْ‬
‫من ذلك الموضع الذي هو فيه‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى الذين يعيشون في‬
‫ن الميقات وبين الحرم فإّنهم‬ ‫تلك المواطن أي الذين يعيشون ب َي ْ َ‬
‫رمون من ذلك المكان‪.‬‬ ‫ُيح ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫من أي ْ َ‬ ‫س‪ :‬بالنسبة للمرأة الحائض إذا سافرت للعمرة‪ِ ،‬‬
‫رم ؟‬ ‫ح ِ‬‫تُ ْ‬
‫صل‬ ‫ها الحيض قَب ْ َ‬ ‫َ‬
‫ل أن ت َ ِ‬ ‫ريد العمرة ولكن أَتا َ‬ ‫ج‪ :‬إذا كانت هذه المرأة ت ُ ِ‬
‫من ذلك‬ ‫من أن ُتحرم ِ‬ ‫ريد َةً للعمرة فلبد ِ‬ ‫م ِ‬‫إلى الميقات وهي لزالت ُ‬
‫ماء بأن تغتسل وهي ُنفساء‬ ‫س َ‬ ‫الموضع لتغتسل كما أمر النبي ‪ ‬أ ْ‬
‫ظر حتى تط ْهَُر‬ ‫صل إلى مكة المكرمة وت َن ْت َ ِ‬ ‫حك ْم ِ النفساء وت َ ِ‬ ‫والحائض في ُ‬
‫مناسك العمرة ‪..‬‬ ‫وت َت َط َّهر فإذا ط َهَُرت وتط َهَّرت فإّنها تأتي بعد ذلك ب ِ َ‬
‫وت أن ت ُل ِْغي‬ ‫ها الحيض ن َ َ‬ ‫صر‪ ،‬أما إذا كان عندما أ ََتا َ‬ ‫تطوف وتسعى وت َُق ّ‬
‫مَلة التي هي فيها ‪ ..‬مثل‬ ‫ح ْ‬‫سْفَرة بسبب ارتباط تلك ال َ‬ ‫العمرة في تلك ال ّ‬
‫حَرم أو الزوج الذي ُيرافقها ل ُيمكنه أن ينتظرها حتى‬ ‫م ْ‬
‫كان ذلك اله َ‬
‫مل ب َِقّية مناسك العمرة فهاهنا ت ُل ِْغي تلك العمرة‪،‬‬ ‫تطهر وتغتسل وت ُك ْ ِ‬
‫من قَْبل ‪ ..‬لو كانت أحرمت ِبها من قبل فالمر َيختلف‬ ‫رم ِبها ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫هي َلم ت ُ ْ‬
‫حسب السؤال ‪ ..‬لتترك ن ِّية العمرة ولتذهب مع‬ ‫رم على َ‬ ‫ح ِ‬ ‫لكنها َلم ت ُ ْ‬
‫جع وتعتمر مرة أخرى ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪،‬‬ ‫أصحاِبها وبعد ذلك ت َْر ِ‬
‫َ‬
‫ن ترجع إلى بلدها فإّنها في هذه‬ ‫لكن‪-‬مثل‪-‬لو ط َهَُرت واغتسلت قبل أ ْ‬
‫من هناك وتؤدي مناسك العمرة‪ ،‬قد‬ ‫رم ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫الحالة تذهب إلى الت ّن ِْعيم وت ُ ْ‬
‫حَرم أو ذلك الزوج‬ ‫م ْ‬
‫ف ذلك اله َ‬ ‫تكون عادة المرأة‪-‬مثل‪-‬ستة أيام وي َعْرِ ُ‬
‫ذه المدة فَهُوَ يريد أن‬ ‫المرافق لتلك المرأة أّنه َلن يتمكن لن يبقى ل ِهَ ِ‬
‫من مكة المكرمة بعد ثلثة أيام‪-‬مثل‪-‬فََهذه المرأة تذهب هكذا إلى‬ ‫َيخرج ِ‬
‫‪393‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مكة المكرمة من غير إحرام لكن لو قَد ّْرَنا أّنها طهَُرت بعد َثلَثة أيام أو‬
‫كث المرأة‬ ‫شت ََرط أن َتم ُ‬ ‫ن الحيض ل ي ُ ْ‬ ‫ط َهَُرت بعد يومين بناء على أ ّ‬
‫خاِلفا ً‬
‫م َ‬‫عدا كما هو الصحيح الراجح ‪ ..‬وهذا وإن كان ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫مدة ثلثة أيام فَ َ‬ ‫لِ ُ‬
‫َ‬
‫دة الحيض لكّنه هو الذي أَراه وهو مذهب‬ ‫للمشهور‪-‬ط َْبعًا‪-‬في قضية ُ‬
‫م ّ‬
‫ن أهل العلم ‪ ..‬إذا ط َهَُرت بعد ثلثة أيام‪-‬مثل‪-‬فتغتسل‬ ‫م ْ‬
‫طائفة كبيرة ِ‬
‫وتذهب وُتحرم من التنعيم ول تؤمر هاهنا بأن ترجع إلى الميقات لنها‬
‫عندما تجاوزت الميقات ما كانت تنوي العمرة‪ ،‬وكذلك‪-‬مثل‪-‬لو أراد بعد‬
‫ذلك ذلك الزوج أو ذلك المحرم أن يتأخر قال‪ " :‬ل بأس أبقى ِلمدة‬
‫ستة أيام أو أكثر " مثل فلتصنع ما ذكرناه‪ ،‬أما ما تفعله بعض النساء‬
‫بأّنها تتجاوز الميقات من غير إحرام وهي تنوي العمرة وتصل إلى مكة‬
‫المكرمة وتبقى هناك حتى تطهر وتغتسل ُثم بعد ذلك تذهب إلى‬
‫مما ل يصح أبدا‪ ،‬في هذه الحالة عليها أن تتوب إلى الله‬ ‫التنعيم فهذا ِ‬
‫وأن تندم على ما فّرطت من أمرها وأن ترجع إلى ذلك الميقات‪:‬‬
‫مّرت عليه‬ ‫من أن ترجع إلى ذلك الميقات الذي َ‬ ‫بعض العلماء يقول لبد ِ‬
‫وَلم ُتحرم منه وهي تريد الحج أو العمرة‪.‬‬
‫وبعض العلماء يقول ل يلزم أن ترجع إلى ذلك الميقات بل ترجع إلى‬
‫أي ميقات من المواقيت‪.‬‬
‫والمواقيت هي الخمس السابقة وليس الت ّن ِْعيم من تلك المواقيت كما‬
‫مّرت على ذي الحليفة‪-‬مثل‪-‬على الرأي‬ ‫يظنه بعض الناس ‪..‬إذا كانت َ‬
‫الول لبد من أن ترجع إلى ذي الحليفة ول َيجوز َلها أن تذهب‪-‬مثل‪-‬إلى‬
‫حَفة أو إلى يلملم ‪ ..‬لبد من أن ترجع إلى ذي‬ ‫ج ْ‬‫السيل أو إلى ال ُ‬
‫حَفة‪-‬مثل‪-‬فلبد من أن ترجع إلى‬ ‫ج ْ‬
‫مّرت على ال ُ‬ ‫الحليفة‪ ،‬وإذا كانت َ‬
‫مّرت على السيل‬ ‫حَفة أو إلى أبعد منه إلى ذي الحليفة‪ ،‬كذلك إذا َ‬ ‫ج ْ‬
‫ال ُ‬
‫ن أن ترجع إلى السيل أو إلى ميقات أبعد إلى ذي الحليفة أو‬ ‫م ْ‬‫لبد ِ‬
‫ما أن ترجع إلى ميقات أقرب فعلى هذا الرأي‬ ‫الجحفة أو يلملم‪-‬مثل‪-‬أ ّ‬
‫مّرت على ذي الحليفة ل ُيجزيها أن ُتحرم من أي ميقات آخر‬ ‫ل ‪ ..‬إذا َ‬
‫مّرت على الجحفة فإنه ُيجزيها أن ُتحرم من الجحفة أو من ذي‬ ‫وإذا َ‬
‫الحليفة أما من يلملم الذي هو أقرب من الجحفة أو من السيل الذي‬
‫أقرب من الجحفة فل‪ ،‬وذهب بعض أهل العلم إلى أّنها ُيجزيها أن ُتحرم‬
‫من أي ميقات من المواقيت ولبد من أن ُتحرم من واحد من المواقيت‬
‫حل كما يتصوره‬ ‫ل أن تذهب إلى التنعيم أو ما شابه ذلك من مواضع ال ِ‬
‫مها مع‬ ‫بعض الناس‪ ،‬ومع ذلك عليها التوبة إلى الله وبعض العلماء ي ُل ْزِ ُ‬
‫ذلك أن تفتدي ولكن إذا رجعت إلى الميقات وتابت وأنابت إلى الله‪-‬‬
‫ت بالفدية هاهنا‬ ‫ص َلها في عدم الدم‪ ،‬وعَب ّْر ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬فقد ي َُر ّ‬

‫‪394‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وزا ً وإل الصل أن ل ي ُعَّبر بالفدية لن الفدية على التخيير وهذا ل‬ ‫ج ّ‬ ‫تَ َ‬
‫َتخيير فيه فلبد من الدم على رأي من يقول بذلك‪.‬‬
‫ريد أن تعتمر أو تريد الحج‬ ‫فإذن خلصة ما ذكرناه إذا كانت هذه المرأة ت ُ ِ‬
‫َ‬
‫رم من الميقات وإذا كانت قد أل َْغت ذلك لظروفها فهنا‬ ‫ح ِ‬‫فلبد من أن ت ُ ْ‬
‫در الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وقضى بأن‬ ‫تذهب إلى مكة بدون إحرام فإذا ق ّ‬
‫انتظرت تلك الجماعة التي هي فيها أو ط َهَُرت هي قبل الميعاد‬
‫المعروف فإّنها تذهب إلى أيّ موضع من مواضع اِلحل وُتحرم من هناك‪،‬‬
‫رمة ليس َلها أن تطوف‬ ‫ح ِ‬
‫م ْ‬
‫كذلك الحائض إذا أتت وهي حائض وهي ُ‬
‫مَنى وإلى عرفة وإلى‬ ‫بالبيت ‪ ..‬إذا كانت في وقت الحج تذهب إلى ِ‬
‫مع ولكن ليس َلها أن تطوف بالبيت تنتظر وكذلك ل تسعى إن كانت‬ ‫ج ْ‬ ‫َ‬
‫َلم تطف لن السعي يكون بعد الطواف أما إذا أتاها‪-‬مثل‪-‬الحيض بعد‬
‫صّلت‬ ‫الطواف ‪ ..‬طافت بالبيت وأتاها الحيض بعد الطواف إذا كانت َ‬
‫الركعتين فل إشكال تذهب وتسعى لن المسعى على الصحيح ليس من‬
‫ن البيت‬ ‫م َ‬
‫ن ِ‬‫كان يظهر لول وهلة بأنه من البيت ولكنه لم ي ُب ْ َ‬ ‫البيت وإن‬
‫ْ‬
‫سعَ وإن كانت على غير طهارة لن الطهارة ل‬ ‫سيس‪ ،‬فَل ْت َ ْ‬ ‫والعبرة بالت ّأ ِ‬
‫شَترط في السعي وما جاء عن بعضهم من اشتراط ذلك ل يصح‪،‬‬ ‫تُ ْ‬
‫طأ مالك من رواية َيحي ليست بصحيحة‬ ‫مو َ ّ‬‫والرواية التي جاءت في ُ‬
‫شذ ّ به َيحي فل ي ُْقَبل‬ ‫مما َ‬ ‫رط ذلك فهذه الرواية ِ‬ ‫شت َ ِ‬ ‫فبقية الروايات ل ت َ ْ‬
‫سعَ ول شيء عليها وإن كانت َلم تأت بالركعتين‬ ‫ذوذ منه‪ ،‬فلت َ ْ‬ ‫ش ُ‬ ‫ذلك ال ّ‬
‫َ‬
‫خر الركعتين تيسيرا عليها وتأتي بذلك بعد ذلك ِبمشيئة الله تبارك‬ ‫فل ْت ُأ ّ‬
‫سمعن بأن‬ ‫ف فلتنتظر وبعض النساء َ‬ ‫ما إذا كانت لم ت َط ُ ْ‬ ‫وتعالى‪ ،‬أ ّ‬
‫سعَْين وأ َل َْغت تلك النساء الطواف لن‬ ‫َ‬
‫نو َ‬ ‫الحائض ل تطوف فأت َي ْ َ‬
‫طوِفي‬‫مَلت ) غَي َْر أن ل ت َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫واف عليها في اعتقادها ‪ ..‬هكذا َ‬ ‫الحائض ل ط َ َ‬
‫طأ فاضح ‪ ..‬طواف العمرة وطواف الحج ركن من الركان‬ ‫خ َ‬ ‫( وهذا َ‬
‫ما‬
‫داع فقط أ ّ‬ ‫ذر الحائض من طواف الوَ َ‬ ‫كها وإّنما ت ُعْ َ‬ ‫جوز ت َْر ُ‬ ‫التي ل ي َ ُ‬
‫طواف الفاضة‪-‬أ ُك َّرر‪-‬وطواف العمرة ُرك َْنان ‪ ..‬طواف العمرة ُركن من‬
‫من أركان‬ ‫أركان العمرة وطواف الفاضة الذي هو طواف الزيارة ركن ِ‬
‫ذر الحائض من ذلك فلبد من الت َن َب ّهِ ِلهذا المر؛ والله ولي‬ ‫الحج فل ت ُعْ َ‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫رد‬
‫ر الفَ ْ‬
‫م َ‬
‫عتَ ِ‬
‫ح أن يَ ْ‬
‫ص ّ‬
‫ل يَ ِ‬
‫ستََند مَن يَقول‪ :‬إّنهُ َ‬
‫س‪ :‬ما هو مُ ْ‬
‫احدة ؟‬ ‫يارة الوَ ِ‬
‫عمرة في الزّ َ‬ ‫أكثر مِن ُ‬
‫هؤلء أنّه َلم يَثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫ستند َ‬‫ج‪ :‬مُ ْ‬
‫مرّة مع حِرصه على‬ ‫فاره أكثر مِن َ‬
‫فرٍ َواحد مِن أسْ ِ‬
‫مر في سَ َ‬ ‫أنه اعَْت َ‬
‫ّ‬
‫الخير‪ ،‬ولم يَْثبت‪-‬كذلك‪-‬عن أحد مِن صحابته‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى‬ ‫َ‬
‫‪395‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫اته‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬أكَْثر مِن‬ ‫مروا في حََي ِ‬ ‫أنهم قد اعتَ َ‬ ‫عليهم‪ِ-‬ب ّ‬
‫ن النّبي‪-‬صلى الله‬ ‫وإنما أَِذ َ‬ ‫ه م‪ّ ،‬‬ ‫ار ِ‬ ‫ف ِ‬‫عمرة واحدة في سفر واحد مِن أسْ َ‬ ‫ُ‬
‫لسيدة عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى‬ ‫ّ‬ ‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ِ-‬ل‬
‫مر‬‫ن َلها ِبَأن تَْعَت ِ‬ ‫يبا لِنَفسها أذِ َ‬ ‫طيِ ً‬ ‫ت ‪ ..‬فإنه تَ ْ‬ ‫رَن ْ‬ ‫مر بَعد أن قَ َ‬ ‫عنها‪ِ-‬بأن تَْعَت ِ‬
‫ولم يَرِد َدليل‬ ‫افقها ‪َ ..‬‬ ‫ر ِ‬ ‫مرَ أخاها عبد الرحمن ِبأن يُ َ‬ ‫وأ َ‬
‫التْنعيم " َ‬ ‫من " َ‬ ‫ِ‬
‫سالم مِن ُكل اعتراض ِباعتمار عبد الرحمن‪-‬رضي الله تبارك‬ ‫ِ‬ ‫صحيح‬
‫مع السيّدَة عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنها‪-‬‬ ‫وتعالى عنه وعن أَِبيه‪َ -‬‬
‫ولعل هذا الأقرَب‬ ‫ّ‬ ‫مرَ‪،‬‬ ‫هَنالِك رواية َتدُل عََلى أنه اعْتَ َ‬ ‫مل ‪ُ ..‬‬ ‫حَت ِ‬‫والمر مُ ْ‬ ‫ُ‬
‫إلى الصواب ولكن ذلك لِمرافقتِه ِللسيدة عائشة على أننا ل نستطيع‬
‫أن َنقول‪ " :‬إنّه قد اعَْتمر "‪ ،‬أما الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫من ْهم أكثر مِن مرة واحدة‪.‬‬ ‫عتمر أحَدٌ ِ‬ ‫وصحابته‪-‬كما قلتُ‪-‬لم يَ ِ‬ ‫ُ‬ ‫وسلم‪-‬‬
‫الواحد أكثر مِن‬ ‫روعية العتمار في السّفر َ‬ ‫ش ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ول ِب َ‬ ‫ق ُ‬ ‫وبعض العلماء يَ ُ‬ ‫ُ‬
‫مرة‪.‬‬
‫ما‬‫حيْث الجواز لِما ذكرناه مِن هذا الدليل وإنّ َ‬ ‫قول بِالجواز مِن َ‬ ‫حن َن ُ‬ ‫ون ْ‬ ‫َ‬
‫رات‬ ‫م َ‬ ‫ان ِبالعُ ْ‬ ‫ن التيَ ِ‬ ‫م َ‬ ‫فضل للنسان أَن ُيكِْثرَ ِ‬ ‫هل الأ َ‬ ‫َ‬ ‫الفضل ‪َ ..‬‬ ‫الكلم في َ‬
‫السفر‬ ‫ّ‬ ‫احدَة في‬ ‫رةً َو ِ‬ ‫ر إل مَ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ر أن يَْعتَ ِ‬ ‫غيْ ِ‬ ‫واف مِن َ‬ ‫الط َ‬
‫َ‬ ‫أو أن ُيكثِر مِ َ‬
‫ن‬
‫كما ثَبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟ اللهم‬ ‫الواحد َ‬ ‫َ‬
‫ذهب‬ ‫ختلف‪ ،‬أما أن يَ ْ‬ ‫مكَرمة فالمر يَ ِ‬ ‫دة طويلة في مَكّة اله ُ‬ ‫قي م ُ ّ‬ ‫إل إذا َب ِ‬
‫حسب مَا نَرَى‪-‬أن ُيكِْثر مِن الطوَاف‬ ‫النسان ِلعدة أيَام فالفضل‪-‬على َ‬
‫غير أن يَأتي بِأكثر مِن ِتلك العُمرة التي‬ ‫ومن ذِكر الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬مِن َ‬ ‫ِ‬
‫خل بَِها مَكّة المكرمة ِلما ذكرناه‪.‬‬ ‫َد َ‬
‫حديث النّبِي صلى الله‬ ‫قا مِن َ‬ ‫اب ً‬ ‫س ِ‬ ‫ض علينا بِما ذَكرناه َ‬ ‫مكن أن يُْعَترَ َ‬ ‫ول يُ ْ‬
‫ّ‬ ‫لن‬ ‫م ا (‪،‬‬
‫فارة ِلما بَيَْنُه َ‬ ‫العمرة كَ ّ‬ ‫مرة إلى ُ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪ ) :‬العُ ْ‬
‫مر ولم َيأمُر صحابتَه‪-‬رضوان الله تبارك‬ ‫عت ِ‬ ‫هو الذِي لم يَ َ‬ ‫الذي قال ذلك ُ‬
‫ن ِللسيّدة عائشة‪-‬رضي الله تبارك و تعالى‬ ‫ذلك وإنّما أَِذ َ‬ ‫وتعالى عليهم‪-‬بِ َ‬
‫سع لِلطالة؛ والله‪-‬‬ ‫مجال ل يَّت ِ‬ ‫دمناه‪ ،‬واله َ‬ ‫رف خَاصّ ِبها كما ق ّ‬ ‫ظ ْ‬ ‫عنها‪ِ-‬ل َ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ره‪،‬‬ ‫غْي ِ‬ ‫س‪ :‬العُمرة إذا كانت الولى عن نفسه والثانية لِ َ‬
‫قبِيل التكرار ؟‬ ‫عتَِبر هَذا مِن َ‬ ‫هل يُ ْ‬
‫ار مِن حيث الجوَاز وإنّما مِن حيث‬ ‫ر ِ‬ ‫انع مِن التِكْ َ‬ ‫ج‪ :‬نَحن َنقول‪ :‬ل مَ ِ‬
‫ن قَْبل‬ ‫مر مِ ْ‬ ‫مر عن أبيه وأبوه لم يَْعَت ِ‬ ‫خص يَْعَت ِ‬ ‫الفضل ‪ ..‬أما إذا كان الشّ ْ‬ ‫ْ‬
‫مرة‬ ‫يعان الذّهاب إلى العُ ْ‬ ‫ط َ‬ ‫سَت ِ‬‫أو عن أمّه وأمّه لم تَعتمِر مِن قبل ولَ َي ْ‬
‫كذَا ِبالنّسبة إلى‬ ‫اهر وهَ َ‬ ‫الظ ِ‬ ‫ّ‬ ‫س ِ‬
‫ب‬ ‫ح ْ‬ ‫ه الشّفاء بِ َ‬ ‫رجى مِْن ُ‬ ‫رض‪-‬مثل‪-‬ل يُ َ‬ ‫م َ‬‫لِه َ‬
‫ما ل مَانع مِنْه ِبمشيئة الله‪-‬تبارك تعالى‪-‬بل ذلك مِن‬ ‫هما فذلك مِ ّ‬ ‫أقارِب ِ َ‬ ‫َ‬
‫قوى؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫والت َ‬
‫ّ‬ ‫باب التعاون على البِر‬
‫‪396‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الذهاب إلى‬ ‫َ‬ ‫ع زوجتَه عن‬ ‫اعة إذا مََن َ‬ ‫ج طَ َ‬ ‫و ِ‬


‫لز ْ‬ ‫س‪ :‬هَل ِل ّ‬
‫العمرة ؟‬ ‫ُ‬
‫م لَها‬ ‫حرَ ٍ‬ ‫يضة الحج وكانت تُريد أن تَذهب مع مَ ْ‬ ‫ر َ‬ ‫ج‪ :‬أما إذا مَنََعَها عن فَ ِ‬
‫حّتم عََليْها‪ ،‬إذ إنّ‬ ‫متَ َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ر َواجِ ٍ‬ ‫منَُعَها عن أمْ ٍ‬ ‫فل طاعة له ول َكرامة‪ ،‬لنه يَ ْ‬
‫ص كتابِ الله وسنّة رسوله صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬ثم‬ ‫واجب ِبنَ ّ‬‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫الحج‬
‫حرَ ٍ‬
‫م‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ب مَ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ذ َ‬ ‫انت سَتَ ْ‬ ‫فإَذا كَ َ‬ ‫يح كما قلنا‪ِ ..‬‬ ‫ح ِ‬ ‫وِر على الصَ ِ‬ ‫الف ْ‬ ‫هو على َ‬
‫قة على‬ ‫اف َ‬‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِباله ُ‬ ‫قِنَع ُ‬ ‫اول بِأن تُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن ُت َ‬ ‫منَْها ومَنََعَها مِن ذلك فََينبغي لَها أ ْ‬ ‫ِ‬
‫اعة‬
‫ل طَ َ‬ ‫إذ َ‬ ‫امة‪ْ ،‬‬ ‫ول َكرَ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ة َل ُ‬ ‫اع َ‬
‫افق عََلى ذَِلك فَل طَ َ‬ ‫و ِ‬ ‫إذا َلم يُ َ‬ ‫هابِ َو َ‬ ‫الذ َ‬ ‫ّ‬
‫مَن َ‬
‫ع‬ ‫دل مِن أن يَ ْ‬ ‫قول لِهذا الزوج بَ َ‬ ‫صَية الله تبارك وتعالى‪ ،‬فََن ُ‬ ‫ِلَعْبد في معْ ِ‬
‫ليه أن يَتُوب إلى الله‪-‬‬ ‫فرِيضة الحج أو ِبالعُمرة أنّه عَ ْ‬ ‫جتَه عَن التيان ِب َ‬ ‫زو َ‬ ‫ْ‬
‫أدَية فَرْض الله‪-‬تبارك‬ ‫افقها مِن أجل تَ ِ‬ ‫وينَْبغي له أن يُرَ ِ‬ ‫تبارك وتعالى‪َ -‬‬
‫يضة وهو‬ ‫وتعالى‪-‬عليه إن كَان قادِرا على ذلك‪ ،‬وإن كان َقدْ َأّدى الفَرِ َ‬
‫المقدّسة‬ ‫َ‬ ‫قدُر على الذهَاب‪-‬أيضا‪َ-‬ينبَغي له أن يَذهب إلى ِتلك البِقاع‬ ‫َْي ِ‬
‫حج أو اعتمَر إذا كان يُريد‬ ‫ضل مَن َ‬ ‫ويْأتي ِبالعُمرة وبِالحج‪ ،‬وقد سََبق فَ ْ‬ ‫َ‬
‫جه الله تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫ِبذلك َو َ‬
‫حرَم مِْنَها‪-‬فكما قلتُ‬ ‫ذهب مَع مَ ْ‬ ‫ل تَ ْ‬ ‫مرة فإن كانت َ‬ ‫أما ِبالنسبة إلى العُ ْ‬
‫ؤِدي الحج‬ ‫هب وتُ َ‬ ‫ذ َ‬ ‫رمًا مِنْها وتَ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫جد مَ ْ‬ ‫ر ذَِلك حَّتى تَ ِ‬ ‫تؤخّ َ‬ ‫َيْنبَِغي َلَها أَن َ‬
‫ن أهل العِلم كما‬ ‫ف َبْي َ‬ ‫ل ٌ‬ ‫مرة فيها خِ َ‬ ‫مًعا‪ ،‬ثم‪-‬أيضا‪-‬العُ ْ‬ ‫والعمرَة َ‬ ‫ُ‬
‫وتْأِدَية‬
‫ريضة الحج َ‬ ‫ِ‬ ‫أدَية َف‬ ‫بت ِلَت ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫فإذا َتَأخّرت قليل ثم َذ َ‬ ‫َ‬ ‫قدمناه‪،‬‬
‫هد َ‬
‫ي‬ ‫منَْها وَتدعو‪-‬وَنحن َندعو معها‪ِ-‬بأن ي َ ِ‬ ‫رمٍ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫العمرة بعد ذلك مع مَ ْ‬ ‫ُ‬
‫دَينَا جَميعا إلى‬ ‫ره مِن الناس وأن يَْه ِ‬ ‫وغيْ َ‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬هذا الرّجُل‪َ -‬‬
‫جد‬‫ن َلها أو َت ِ‬ ‫أذ ُ‬ ‫افقتها أو يَ َ‬ ‫ر َ‬ ‫م َ‬ ‫وم بِ ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫فلعله يَ ُ‬
‫ّ‬ ‫طاعة الله تبارك وتعالى‪-‬‬
‫افقه‪.‬‬ ‫ما مِْنَها وتُرَ ِ‬ ‫حرَ ً‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫العمرة فعلى ما فيها مِن‬ ‫طاعَة َله أبَدا‪ ،‬أما ُ‬ ‫و‪-‬كما قلتُ‪-‬في الحج لَ َ‬
‫ذهب في هذه السنَة‬ ‫ة شهور ثم تَ َ‬ ‫و ِلِعدّ ِ‬ ‫ؤخّر َوَل ْ‬ ‫أيضا‪-‬أن ُت َ‬ ‫انها‪ْ -‬‬ ‫إمكَ ِ‬ ‫وب ْ‬
‫كلم‪ِ ،‬‬
‫افق ولكن‬ ‫و ِ‬ ‫ذا الزّوج أو لم َي َ‬ ‫مًعا وافَق هَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫أدَية المْرَْي ِ‬ ‫ِبمشيئة الله ِلَت ِ‬
‫حرَم مِْنها؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫ذهب مع مَ ْ‬ ‫َت ْ‬

‫و واجب ؟‬ ‫س‪ :‬طواف الوداع في العمرة‪ ،‬هل هُ َ‬


‫ج‪ :‬اختلَف العلماء في طواف الوداع للعمرة‪:‬‬
‫طواف للوداع بالنسبة‬‫ٌ‬ ‫شرَع‬
‫هلِ العلم إلى أنّه ل يُ ْ‬ ‫ن َأ ْ‬
‫ذهبت طائفة مِ ْ‬
‫م يَْثبُت عن‬
‫لنه َل ْ‬ ‫ك ّ‬ ‫وذِل َ‬
‫مكّي‪َ ،‬‬ ‫ر اله َ‬
‫للعمرة وإنّما هو خاص بالحجّ ل َِغيْ ِ‬
‫أنه طاف للوََداع‬ ‫النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه وعلى آله وصحبه‪ّ -‬‬
‫مرَ‪.‬‬
‫دمَا اعْتَ َ‬
‫َبْع َ‬

‫‪397‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مر أن يطوف‬ ‫المعت ِ‬


‫َ‬ ‫رع في حَ ّ‬
‫ق‬ ‫ش َ‬ ‫وذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أنّه يُ ْ‬
‫للوداع‪ ،‬وذلك لنّ النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه وعلى آله وصحبه‪َ-‬قد‬
‫العْهد‬
‫جَعلوا طواف الوداع آخِر َ‬ ‫ر الناس بأن يَ ْ‬ ‫وأمَ َ‬
‫طافَ للوداع بعد الحج َ‬ ‫َ‬
‫شرَّفه الله تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫بالبيت َ‬
‫رَوى عن النبي‪-‬صلى الله‬ ‫ج بعض العلماء على ذلك‪-‬أيضا‪-‬برواية تُ ْ‬ ‫واحَت ّ‬ ‫ْ‬
‫ل على مشروعية طواف الوََداع‬ ‫تد ّ‬‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ُ -‬‬
‫ن حيث إسنادها‪.‬‬ ‫مر ولكن تلك الرواية ل تثبت مِ ْ‬ ‫للمْعتَ ِ‬ ‫ُ‬
‫فالتعويل على هذا المر الذي ذََكرَْناه مِن طواف النبي صلى الله عليه‬
‫واف‬ ‫دم طَ َ‬ ‫وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وذلك أنّ هذا هو آخر العَْهدين‪ ،‬فََع َ‬
‫قدّم على طوافه‬ ‫للوَداعِ للعمرة مَُت َ‬ ‫النِبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪َ -‬‬ ‫ّ‬
‫ذِلك ل‬ ‫ول َ‬ ‫لقة له بالحج‪ِ ،‬‬ ‫َ‬ ‫للوداع للحج‪ ،‬وهذا الطواف‪-‬كما هو معلوم‪-‬ل عَ‬
‫ام المر كذلك فهو‬ ‫ع في حقّه أبدا‪ ،‬وما دَ َ‬ ‫شرَ ُ‬‫ي بل ل يُ ْ‬ ‫مكّ ّ‬ ‫ه اله َ‬ ‫مر بِ ِ‬ ‫ؤ َ‬ ‫ُي ْ‬
‫ق في ذلك بين‬ ‫شرَّفه الله تبارك وتعالى‪ ،‬ول فَرْ َ‬ ‫روعٌ لوداع البيت َ‬ ‫ش ُ‬‫م ْ‬ ‫َ‬
‫دم فِْعل النبي‪-‬صلوات الله عليه وسلمه‪-‬له في‬ ‫فع َ‬
‫مر‪َ ،‬‬ ‫والمعَت ِ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫الحاج‬
‫روعا في ذلك الزمان فلذلك‬ ‫ش ُ‬
‫أنه لَم يكن مَ ْ‬ ‫طواف العمرة الظاهر ّ‬
‫دة قصيرة‬ ‫ادات وتكون بَعد مُ ّ‬ ‫رع العَِب َ‬ ‫ش َ‬‫مان كانت تُ ْ‬ ‫رَكه‪ ،‬وفي ذلك الزّ َ‬ ‫َت َ‬
‫ظات بين مشرُوعِّية‬ ‫ح َ‬ ‫من في بعض الحيان بل قَد تكون هنالك َل َ‬ ‫ن الزّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫روعٌ‬ ‫الوَداع مشْ ُ‬ ‫اف َ‬ ‫و َ‬ ‫ن طَ َ‬ ‫هو َأ ّ‬ ‫ذلك‪َ -‬‬ ‫م آخر‪ ،‬والذي يظهر لَن َا‪ِ-‬ل َ‬ ‫وحكْ ٍ‬‫م ُ‬ ‫حكْ ٍ‬ ‫ُ‬
‫ق عليه ِلَغْيرِ الحائض والنفساء‪،‬‬ ‫ف ٌ‬ ‫للحج والعمرة‪ ،‬إل أَّنه في الحج مُتّ َ‬
‫سه أو‬ ‫ف ِ‬ ‫واختلف العلماء في المريض الذي ل يستطيع الطواف سواء بَِن ْ‬ ‫َ‬
‫أن يطوف به غيره هل يَجب عليه الدّم أو ل يَجب عليه ؟ والصحيح بأنّ ُ‬
‫ه‬
‫ذُرون عن‬ ‫م ل يُْع َ‬ ‫عدَا َذلك فإنُّه ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذُر كما تُْعذَُر الحائض والنفساء‪ ،‬أما مَ ْ‬ ‫ُيْع َ‬
‫وبه‪،‬‬‫ج ِ‬ ‫ر على وُ ُ‬ ‫والْكثَ ُ‬ ‫َ‬ ‫وب الدّم عليهم‪،‬‬ ‫طواف الوداع‪ ،‬وإن اخْتُِلفَ في ُوجُ ِ‬
‫صل‬‫المختََلفَ فيه ل َي ِ‬ ‫ْ‬ ‫ختََلف فيه‪ ،‬ول شك بأنّ‬ ‫رة مُ ْ‬ ‫م َ‬
‫سَبة إلى العُ ْ‬ ‫وأما بالنّ ْ‬
‫رع فل‬ ‫ش َ‬‫فق عليه فإذَا َترََكه بعض الناس ظَّنا بأنّه ل يُ ْ‬ ‫إلى درجة المتّ َ‬
‫ف الحكم فإنّه‬ ‫د أن يَْعرِ َ‬ ‫ن بَْع َ‬‫ك ْ‬ ‫ول ِ‬ ‫شيئَة الله تبارك وتعالى‪َ ،‬‬ ‫م ِ‬ ‫شيء عليه بِ َ‬
‫الدم؛‬ ‫ه ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ُأْلزِ َ‬ ‫وى على َأ ْ‬ ‫ل ينبغي َله أن يتهاون بذلك وإن كنتُ ل أَْق َ‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من طاف بعدَ الحجر أث َْناءَ أداِئه العمرة ؟‬ ‫م َ‬ ‫س‪ :‬ما حك ُ‬
‫شوط أو ل ؟‬ ‫ذا ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫عَتد ب ِ َ‬ ‫هل ي َ ْ‬
‫ن طواف العمرة وطواف الزيارة بالنسبة إلى‬ ‫ما ل َيخفى أ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ج‪ :‬إّنه ِ‬
‫صح العمرة ول الحج إل ِبها‪ ،‬وعليه فلبد‬ ‫ن الركان التي ل ت َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫الحج ركن ِ‬
‫من الموِر‬ ‫من الناس ُيفّرطون في كثيرٍ ِ‬ ‫من العتناء بأمره‪ ،‬وكثير ِ‬ ‫ِ‬
‫من الحكام‪:‬‬ ‫من المعلوم أّنه َيندِرج َتحت الطواف ك َِثير ِ‬ ‫المتعلقةِ به‪ ،‬و ِ‬ ‫ّ‬

‫‪398‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ط فيها‬ ‫من فَّر َ‬ ‫ن َ‬ ‫ثإ ّ‬ ‫حةِ الطواف ِبحي ُ‬ ‫ص ّ‬ ‫ط ِ‬ ‫ن شرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ِ‬ ‫شر ٌ‬ ‫ما هو َ‬ ‫من َْها َ‬ ‫ِ‬
‫طل‪.‬‬ ‫َيكون طواُفه با ِ‬
‫ت ذلك‬ ‫ط فيها‪ِ ،‬لثبو ِ‬ ‫ري ُ‬ ‫من السنن التي ل َينبِغي التف ِ‬ ‫سّنة ِ‬ ‫من َْها ما هو ُ‬ ‫و ِ‬
‫عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫طه وواجباِته‬ ‫ف ِبمعرفةِ شرو ِ‬ ‫معرفةِ أحكام ِ الطوا ِ‬ ‫من العتناِء ب ِ َ‬ ‫فإذن لبد ِ‬
‫سن َِنه ومستحّباِته‪.‬‬ ‫و ُ‬
‫من‬ ‫ن ِبمعرفةِ ذلك‪ ،‬فت ََرى كثيرا ِ‬ ‫ت‪-‬ل َيعَتنو َ‬ ‫س‪-‬كما قل ُ‬ ‫من النا ِ‬ ‫وكثيٌر ِ‬
‫العوام َيذهُبون ِلتأديةِ فريضةِ الحج أو ِلتأديةِ العمرة وهم ل َيعرُفون عن‬
‫من َلم‬ ‫مع ِبالطواف ومنهم حتى َ‬ ‫من َيس َ‬ ‫أحكام ِ الطواف شيئا ‪ ..‬منهم َ‬
‫جه‬ ‫ح ّ‬ ‫ف ِبماذا َيأِتي في َ‬ ‫مع ِبالحج أو العمرة ول َيعرِ ُ‬ ‫س َ‬ ‫مع ِبه وإّنما ي َ ْ‬ ‫َيس َ‬
‫ب ِلتأديةِ الحج أو العمرة‬ ‫ريد ُ أن َيذهَ َ‬ ‫دما ي ُ ِ‬ ‫ن عن َ‬ ‫عمرِته‪ ،‬فلبد ِللنسا ِ‬ ‫وفي ُ‬
‫م المورِ التي َتتعل ّقُ ِبهما حتى ُيؤّدي تلك العبادة‪-‬التي‬ ‫َ‬
‫م أه َ ّ‬ ‫أن َيتعل ّ َ‬
‫ره‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫من أم ِ‬ ‫عها الله تبارك وتعالى‪-‬على بصيرةٍ ِ‬
‫َ‬
‫شَر َ‬
‫م المهمات في الحج وكذلك في الُعمرة‪ ،‬فهو‬ ‫من أهَ ّ‬ ‫ت‪ِ -‬‬ ‫ف‪-‬كما قل ُ‬ ‫والطوا ُ‬
‫ي ما‬ ‫َ‬ ‫كان ِبال ّ‬ ‫َ‬
‫من الْر َ‬
‫ع َ‬ ‫ن أن ُيرا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط الذي ذكرُته‪ ،‬وعليه فلبد ِ‬ ‫شْر ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫رك ٌ‬
‫َيتعّلق ِبه ولسيما الشروط والواجبات‪.‬‬
‫ضع وينتهي‬ ‫مو ِ‬ ‫من َ‬ ‫ف ِ‬ ‫دئ الطائ ُ‬ ‫من أن َيبت ِ‬ ‫ة ون َِهاية‪ ،‬فلبد ِ‬ ‫ف َله ِبداي ٌ‬ ‫الطوا ُ‬
‫ريد ُ أن َيطوف‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫دما َيأِتي َ‬ ‫جر ‪ ..‬عن َ‬ ‫من ركن الح َ‬ ‫دئ ِ‬ ‫إليه‪ ،‬والطواف يب ْت َ ِ‬
‫من َتقِبيِله قب َّله وإن‬ ‫ن ِ‬ ‫جر فإن َتمك ّ َ‬ ‫ل الح َ‬ ‫ث ي َُقاب ِ ُ‬ ‫جر ِبحي ُ‬ ‫َيأِتي إلى ُركن الح َ‬
‫ن معا فإن َلم‬ ‫اليمنى ل ِبالي َد َي ْ ِ‬ ‫ده‬‫جر ب ِي َ ِ‬ ‫مس الح َ‬ ‫من ذلك فإنه ي َل ْ َ‬ ‫كن ِ‬ ‫م ّ‬ ‫َلم ي َت َ َ‬
‫ده‬‫شاَر ِبها وإّنما يقّبل ي َ َ‬ ‫ده التي أ َ َ‬ ‫شاَر إليه ول ُيقّبل ي َ َ‬ ‫من ذلك أ َ َ‬ ‫كن ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫ضِع‬ ‫من وَ ْ‬ ‫جر أو ِ‬ ‫من مصافحةِ الح َ‬ ‫ن ِ‬ ‫جر ‪ ..‬أي إذا َتمك ّ َ‬ ‫ح ِبها الح َ‬ ‫صافَ َ‬ ‫التي َ‬
‫دئ‬ ‫دئ الطواف‪ ،‬وليس َله أن َيبت ِ‬ ‫ضع َيبت ِ‬ ‫من ذلك المو ِ‬ ‫ده على الحجر‪ ،‬و ِ‬ ‫يَ ِ‬
‫ن ذلك‬ ‫َ‬
‫جر فإ ّ‬ ‫من بعدِ الح َ‬ ‫جر‪ ،‬فإنه إذا ابتدأ ِ‬ ‫من موضٍع بعد َ الح َ‬ ‫ف ِ‬ ‫الطوا َ‬
‫طل ل عبرةَ ِبه‪ ،‬وعليه َلو‬ ‫َ‬
‫من ذلك الموضع َيكون با ِ‬ ‫الشوط الذي ابتدأ ِبه ِ‬
‫ي‬‫ن عليه أن ي ُل ْغِ َ‬ ‫ه إلى صِنيِعه ذاك فإ ّ‬ ‫ص في ذلك ُثم انت ََبه أو ن ُب ّ َ‬ ‫وَقَعَ شخ ٌ‬
‫هو الشوط‬ ‫ذلك الشوط وأل ّ َيعتِبر ِبه أبدا وي َعَْتد ِبالشوط الذي ي َِليه و ُ‬
‫طوف سبعة‬ ‫دمنا‪ ،‬وي َ ُ‬ ‫جر كما ق ّ‬ ‫ل الح َ‬ ‫مقاب ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫دئ فيه الطواف ِ‬ ‫الذي َيبت ِ‬
‫ن المعلوم أّنه لبد‬ ‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫م َ‬ ‫ضع الذي اب ْت َد َأ منه‪ ،‬و ِ‬ ‫واط وينتهي في ذلك المو ِ‬ ‫ش َ‬
‫من‬ ‫ت ولو جزئية صغيرة ِ‬ ‫ص ْ‬ ‫ماما فإذا نَق َ‬ ‫ل الشواط السبعة ت َ َ‬ ‫م َ‬ ‫من أن ي ُك ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫حيحا‪.‬‬ ‫ن طواَفه ذلك ل ُيعتَبر ص ِ‬ ‫ذلك فإ ّ‬
‫ف الناس عليه وذلك‬ ‫ط ي َِق ُ‬ ‫من الزمن هناِلك خ ّ‬ ‫صيرةٍ ِ‬ ‫وكان منذ ُ فترةٍ ق ِ‬
‫من الناس ما ل‬ ‫سرِ على كثيرٍ ِ‬ ‫من الي ُ ْ‬ ‫ماما وفيه ِ‬ ‫جر ت َ َ‬ ‫ل ِللح َ‬ ‫الخط مقاب ِ ٌ‬
‫ت ِبالمس‪-‬موجودا‬ ‫كن‪-‬كما قل ُ‬ ‫َيخَفى‪ ،‬لكن ذلك الخط ل َيخفى أّنه َلم ي َ ُ‬
‫ن‬ ‫في عهدِ النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ول في الُقُرو ِ‬
‫‪399‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ُ‬
‫من‬ ‫من الزمن ُثم أِزيل‪ ،‬و ِ‬ ‫صيَرةٍ ِ‬ ‫ضعَ منذ ُ فترةٍ قَ ِ‬ ‫ت ذلك وإّنما وُ ِ‬ ‫التي ت َل َ ْ‬
‫ل‬
‫مَقاب ِ ِ‬ ‫ف في ُ‬ ‫جر ‪ ..‬وَقَ َ‬ ‫ل الح َ‬ ‫دما َقاب َ َ‬ ‫ف عن َ‬ ‫طا َ‬ ‫ن النبي ‪َ ‬‬ ‫فأ ّ‬ ‫المعرو ِ‬
‫مة كِبيَرة‬ ‫ُ‬
‫تأ ّ‬ ‫كرام وكان ْ‬ ‫ف معه صحابُته ال ِ‬ ‫من هناك وطا َ‬ ‫ف ِ‬ ‫جر وطا َ‬ ‫الح َ‬
‫شد ّد ُ‬ ‫سرِ والسهول َةِ ما ل َيخَفى‪ ،‬فالت ّ َ‬ ‫من الي ُ ْ‬ ‫من الناس‪ ،‬وفي ذلك ِ‬ ‫جدا ِ‬ ‫ِ‬
‫ما ل َينبِغي‪.‬‬ ‫م ّ‬ ‫طع ِ‬ ‫والت ّن َ ّ‬
‫دد‬‫ش ّ‬ ‫من هناك ول ْي َت ُْرك الت ّ َ‬ ‫دئ ِ‬ ‫جر فلَيبت ِ‬ ‫ف الح َ‬ ‫ريد ُ الطوا َ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫فعندما ُيقاِبل َ‬
‫خطا‬ ‫ضع ْ َ‬ ‫ن النبي ‪َ ‬لم ي َ َ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫كوك‪ ،‬ف ِ‬ ‫ش ُ‬‫طع والوساِوس وال ُ‬ ‫والتن َ ّ‬
‫من ذلك‬ ‫ف ِ‬ ‫شَرع في الطوا ِ‬ ‫جميعا وإّنما َ‬ ‫قُفوا عليه َ‬ ‫من أجل أن ي ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ِللنا ِ‬
‫كم ( وطاف معه‬ ‫سك َ ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫ْ‬
‫ذوا عّني منا ِ‬ ‫جِته‪ ) :‬لت َأ ُ‬ ‫ح ّ‬‫ن في َ‬ ‫ضع وبي ّ َ‬ ‫المو ِ‬
‫كرام وهكذا في عُُهوِدهم‪-‬رضوان الله تعالى عليهم‪-‬وفي‬ ‫ة ال ِ‬ ‫الصحاب ُ‬
‫دهم‪.‬‬ ‫من جاء بع َ‬ ‫عهودِ التابعين و َ‬
‫حّرى ذلك‬ ‫جر ‪ ..‬ي َت َ َ‬ ‫ل الح َ‬ ‫ف في مقاب ِ ِ‬ ‫ريد ُ الطواف أنه ي َِق ُ‬ ‫ِ‬ ‫من ي ُ‬ ‫در َ‬ ‫فلي َُق ّ‬
‫ضع الذي ابتدأ َ فيه‬ ‫ضع وَينتِهي‪-‬أيضا‪-‬في المو ِ‬ ‫من ذلك المو ِ‬ ‫طوف ِ‬ ‫وي َ ُ‬
‫من‬ ‫ك شيئا ِ‬ ‫من ذلك‪ ،‬لّنه َلو ت ََر َ‬ ‫ك شيئا ِ‬ ‫صح َله أن َيتُر َ‬ ‫ت‪-‬ل ي َ ِ‬ ‫ث‪-‬كما قل ُ‬ ‫ِبحي ُ‬
‫َ‬
‫ضِع الذي‬ ‫طل‪ ،‬أما إذا ابتدأ‪-‬مثل‪َ-‬قبل المو ِ‬ ‫واَفه ذلك َيكون َبا ِ‬ ‫ن طَ َ‬ ‫ذلك فإ ّ‬
‫من هناك ثم تب َّين َله أ ّ‬
‫ن‬ ‫ة ُتشَرع ِ‬ ‫ن البداي َ‬ ‫ن‪-‬مثل‪-‬أ ّ‬ ‫منه البداَية ‪ ..‬ظ َ ّ‬ ‫شَرعُ ِ‬ ‫تُ ْ‬
‫من أن َينتِهي في‬ ‫ضّره في ذلك لكن لبد ِ‬ ‫ف ذلك فذلك ل ي َ ُ‬ ‫مَر ِبخل ِ‬ ‫ال ْ‬
‫من قبل‪ ،‬وليس َله أن َينتِهي في‬ ‫ضع المعروف الذي حد ّد ُْته ِ‬ ‫المو ِ‬
‫من موضٍع ُيخاِلف‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضع الذي ابتدأ منه في هذا الطواف‪ ،‬لّنه ابتدأ ِ‬ ‫المو ِ‬
‫م‬
‫متَقد ّ ٌ‬ ‫حيح الذي هو ُ‬ ‫ضِع الص ِ‬ ‫من المو ِ‬ ‫دئ ِ‬ ‫حيح وما دام َلم َيبت ِ‬ ‫ضعَ الص ِ‬ ‫المو ِ‬
‫حيح؛ والله‪-‬‬ ‫ضِع الص ِ‬ ‫ي في المو ِ‬ ‫من أن َينتهِ َ‬ ‫ضِع الطواف فلبد ِ‬ ‫على مو ِ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫‪400‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫حكم خروج المرأة وحدها بالسيارة ‪:‬‬


‫س‪ :‬ما رأيكم في المرأة التي تخرج من بيتها وحدها‬
‫بالسيارة ‪ ،‬لزيارة أقاربها في المستشفى مثل ً ؟‬
‫ج‪ :‬يجب عليها أن تذهب مع زوجها أو مع ذي محرم وليس لها أن تذهب‬
‫بنفسها والله أعلم ‪.‬‬

‫حكم سكن المرأة مع حميها ‪:‬‬


‫س‪ :‬هل يجوز للمرأة أن تسكن مع حميها‪ -‬أخي زوجها‪-‬‬
‫وتأكل معه في صحن واحد ويدخلن من باب واحد ‪ ،‬سواء‬
‫كان ذلك الخ متزوجا أم ل ؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز لها ذلك ‪ ،‬والحديث نص بأن الحمو الموت كما هو ثابت عن‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪ ،‬فل يجوز لها قطعا ‪ ،‬وهو حرام‬
‫عليه بنص سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬

‫حكم معالجة الطبيب الجنبي للمرأة ‪:‬‬


‫س‪ :‬هل يجوز للمرأة أن يعالج أمراضها التي تستلزم كشف‬
‫عورتها طبيب أجنبي عنها كأمراض الولدة وغيرها ؟‬

‫‪401‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج‪ :‬الصل أن تعالج المرأة المرأة ‪ ،‬ولكن إن لم يوجد ذلك فل بأس في‬
‫حالة الضرورة القصوى بشرط أن يكون الزوج حاضرا أو إحدى قريباتها‬
‫‪ ،‬ولكن ينبغي أن يكون هو الزوج إل إذا تعذر ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬

‫حكم وضع المرأة ثيابها في غير بيت زوجها ‪:‬‬


‫س‪ :‬ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ما من‬
‫امرأة تضع ثيابها في غير بيت زوجها إل هتكت الستر بينها‬
‫وبي ربها ( ؟‬
‫ج‪ :‬معنى ذلك أنه ل يجوز لمرأة أن تضع ثيابها في غير بيت زوجها ‪ ،‬أما‬
‫بقية خارج البيوت فهذا متفق عليه وظاهر حلي أنه ل يجوز لمرأة أن‬
‫تضع ثيابها خارج البيت ‪ ،‬أما كونها تضع في بيت آخر وهي مستترة فلم‬
‫ُيسبق الحديث لحد لذلك ‪ ،‬وليس المراد قضية خلع الثياب أو غير ذلك‬
‫في غير بيت زوجها كما هو قد يتبادر إلى الذهان مباشرة ‪ ،‬وإنما المراد‬
‫بوضع الثوب الوضع الحقيقي الذي ل يصح لحد أن يطلع عليه إل‬
‫الزوج ‪ ،‬هذا المراد وليس معناه‪ -‬كما قد يتبادر على بعض الذهان‪ -‬ل‬
‫يجوز وضع الثوب البتة ‪ ،‬وإنما المراد الثوب الذي ل يجوز لحد أن يطلع‬
‫عليه غير الزوج ‪ ،‬وليس معنى وضع الثوب خلع الثوب وتركه ل وإنما‬
‫وضع الثوب الذي ل يصح لحد أن يراها في تلك الحالة إل الزوج‬
‫كالنكشاف أو نحو ذلك ‪.‬‬

‫حكم التيان بالمعلمات وغيرهم من الجنبيات ‪:‬‬


‫س‪ :‬في الحديث الذي يقول ‪) :‬ل يحل لمرأة أن تسافر‬
‫مسيرة يوم وليلة إل مع ذي محرم ( ما رأي فضيلتكم في‬
‫الموظفات التي يأتين من دول أجنبية وحدهن للضرورة‬
‫كالتعليم ؟‬
‫ج‪ :‬ورد هذا الحديث من طرق متعددة وبألفاظ مختلفة ‪ ،‬فورد بلفظ ) ل‬
‫يحل لمرأة أن تسافر يوم وليلة( وفي بعضها )يومين( وبعضها )ثلثة‬
‫أيام( وبعضها )بريدا( إلى غير ذلك من الروايات ‪ ،‬وهو حديث صحيح‬
‫ثابت ‪ ،‬أما بالنسبة إلى سفر المرأة مع غير ذي محرم أو زوج فإنه ل‬
‫يجوز ذلك قطعا ً بنص هذا الحديث وبغيره من النصوص ‪ ،‬والعجب من‬
‫أولئك الذين يأتون بنساء أجنبيات إلى هذه البلد أو غيرها من بلد‬
‫المسلمين وبعضهن لسن على السلم فهذا ل يجوز ‪ ،‬أي ل يجوز لحد‬
‫أن يأتي بامرأة من غير ذي محرم بنص هذا الحديث وبغيره ‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى النساء المشركات فليس لحد أن يأتي بأحد منهن‬
‫إلى بلد السلم ول سيما الجزيرة العربية ‪ ،‬بل ل يجوز له بأن يأتي‬

‫‪402‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بأحد من الرجال ‪ ،‬إذ الحديث قد صح بأنه )ل يجتمع دينان في جزيرة‬


‫العرب ( ‪ ،‬فيجب علينا أن نتنبه لهذه القضية وننبه عليها ‪.‬‬
‫فهي أول أنه ل يجوز لحد أن يأتي بمشرك إلى جزيرة العرب ‪ ،‬وأنه‬
‫ل يجوز لحد أن يأتي بامرأة مع غير ذي محرم منها بنص هذا الحديث‬
‫وبغيره من النصوص الصحيحة الثابتة عنه عليه أفضل الصلة والسلم ‪.‬‬

‫المواضع التي يحل للمرأة أن تبديها ‪:‬‬


‫س‪ :‬يقول الله تعالى ‪) :‬ول يبدين زينتهن إل ما ظهر منها (‬
‫ما معنى قوله تعالى ‪) :‬إل ما ظهر منها (؟ وما هي الزينة‬
‫التي يجوز إظهارها لغير المحارم ؟‬
‫ج‪ :‬هذه المسألة مختلف فيها بين العلماء ‪ .‬فقد ذهب أصحابنا والجمهور‬
‫وهو رواية عن أحمد إلى أنه يباح للمرأة أن تظهر وجهها وكفيها وباطن‬
‫قدميها ‪ ،‬وذهب أحمد في رواية وعليه جل أصحابه إلى أن ذلك‬
‫محجور ‪ .‬وهذه المسالة تعارضت فيها الدلة ويمكن أن نتكلم عن ذلك‬
‫في وقت آخر لن الوقت قصير الن والدلة تستغرق وقت طويل ‪،‬‬
‫ونحن نذهب أول إلى ترجيح قول الجمهور وهو أن الوجه والكفان‬
‫وباطن القدمين ليست من العورة ‪ ،‬ولكن نقول أن المرأة إذا‬
‫استطاعت أن تستر وجهها وكفيها فعليها أو ينبغي لها ذلك لهلة مروية‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفعل كثير من الصحابيات‪-‬‬
‫رضوان الله تعالى عليهن ‪ ، -‬وإذا كان ذلك في تلك العصور فكيف بذلك‬
‫في عصرنا هذا ‪ ،‬أما قضية ذكر الدلة والجواب عن أدلة المخالفين أو‬
‫أدلة الحنابلة حتى يرتدعوا عن تشددهم على المخالفين لهم في هذه‬
‫المسألة ونبذهم باللقاب القبيحة فل بد من الكلم عليه حتى يظهر‬
‫الحق جليا ‪ ،‬وبعد ذلك فل مانع من العمل بالحتياط بل هو مطلوب في‬
‫الدين وقد دلت عليه سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين ‪.‬‬

‫حكم مصافحة النساء ‪:‬‬


‫س‪ :‬ما رأيكم في مصافحة النساء ؟‬
‫ج‪ :‬مصافحة النساء محرم بنص سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصافح امرأة أجنبية ‪ ،‬كما‬
‫ثبت ذلك عند جماعة من أئمة الحديث من طريق السيدة الطاهرة‬
‫عائشة‪ -‬رضى الله عنها‪ -‬فإنه قال صلى الله عليه وسلم‪) :‬ل أصافح‬
‫النساء( وقد جاء النهي عن ذلك من طرق متعددة عن صحابة رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فالمصافحة محرمة بالسنة الثابتة عن‬

‫‪403‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ول يجوز لحد أن يصافح امرأة ‪ ،‬فقد‬
‫ثبت عن الروسل صلى الله عليه وسلم أنه قال‪) :‬لن يطعن أحدكم‬
‫بمسمار في رأسه خير له من أن يمس امرأة ل تحل له ( والحديث‬
‫رواه ابن حزم ورواه الطبراني قال في "الكبير " ‪ :‬قال الهيثمي رجاله‬
‫رجال الصحيح ‪ ،‬وقال المنذري في " الترغيب والترهيب" ‪ :‬رجاله تقات‬
‫رجال الصحيح ‪ ،‬وإذا كان هذا الحديث صحيح كما رأيتم فل يجوز لحد‬
‫أن يخالف السنة الثابتة ‪ ،‬وقد علمتم العقوبة ‪ ،‬وهذه العقوبة ل تكون‬
‫إلى على كبيرة من كبائر الذنوب ‪ ،‬والله سبحانه وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫حدود عورة النساء ‪:‬‬


‫س‪ :‬ما هي عورة النساء بالنسبة للمرأة ؟ وما هي عورتها‬
‫بالنسبة إلى محارمها ؟‬
‫ج‪ :‬عورتها المرأة للمرأة وعورتها لمحارمها وبالنسبة لمحارمها فهي‬
‫كعورة الرجل بالنسبة للرجل أي ما بين السرة والركبتين ‪ ،‬هذا بالنسبة‬
‫للمرأة المؤمنة وأما بالنسبة للمرأة المشركة أو الفاسقة فإن المرأة ل‬
‫يجوز أن تنكشف أمامها البتة ‪.‬‬

‫حكم التدخين ‪:‬‬


‫س‪ :‬هل التدخين حرام أم مكروه ؟‬
‫ج‪ :‬التدخين محرم وقد اتفق أصحابنا على ذلك واتفق عليه جمهور المة‬
‫وإنما اختلفوا في وجوب الحد فذهب بعض العلماء إلى إن المدخن يحد‬
‫على شارب الخمر ‪ ،‬وذهب بعض العلماء إلى أنه يؤدب ‪ ،‬واختلفوا في‬
‫ذلك ‪ ،‬من قائل بأنه يجلد أقل من ثمانين ‪ ،‬وقائل بأنه يجلد بتسعة‬
‫وثلثون سوطا ‪ ،‬ومن قائل بغير ذلك ‪.‬‬
‫وأما أنه ليس بحرام فلم يقل بذلك أحد من أصحابنا ول من جمهور‬
‫المة ‪ ،‬ومن قال بكراهية التدخين فقد عارض المنقول والمعقول ‪ ،‬فإن‬
‫الله سبحانه وتعالى قد نهى عن الضرار بالنفس ‪ ،‬وحرم قتل النفس ‪،‬‬
‫وفي التدخين إضرار كثيرة جدا كما أوضحها الطباء بل قد أوضحها‬
‫الفقهاء – جزاهم الله خيرا – من قبل وجود هؤلء الطباء ‪،‬فقد ذكروا‬
‫في مؤلفاتهم بأن للتدخين علل كثيرة ‪ ،‬وقد أوصلها بعظيم إلى مائه‬
‫وعشرون علة ‪.‬‬
‫وأيضا في التدخين إسراف بالمال وإسراف المال في غير مشروع‬
‫حرام بنص سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬كما يدل على ذلك‬
‫الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فيه النهى‬
‫عن إضاعة المال ‪ ،‬وهذا إضاعة المال ‪ ،‬وأيضا في التدخين إضرار‬

‫‪404‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بالمؤمنين ‪ ،‬وذلك لن المؤمنين يتأذون بهذه الرائحة ‪ ،‬والضرار‬


‫بالمؤمنين حرام ‪ ،‬والله سبحانه وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬هل التدخين من الكبائر ؟‬


‫ج ‪ :‬التدخين حرام وقد استبدل العلماء على تحريمه بوجوه متعددة‬
‫ومن مات على ذلك‪ -‬والعياذ بالله‪ -‬من غير توبة فهو حكمه حكم من‬
‫ارتكب كبيرة وهو خالد مخلد في النار مخلد في النار ‪ ،‬كما أوضح‬
‫العلماء ذلك‪ -‬جزاكم الله خيرا ً – في باب الكلم على حكم مرتكب‬
‫الكبيرة ‪ ،‬وقد أوضح ذلك كل من المام نور الدين‪ -‬رحمه الله ‪ -‬في‬
‫"مشارقه " وشيخنا‪ -‬حفظه الله تعالى في تعليقاته على "المشارق"‬
‫وفي "الحق الدامغ" ‪ ،‬إل إنه ل يمكن أن ُيقطع بذلك في شخص من‬
‫الشخاص لحتمال أن يكون قد تاب قبل موته ولو بلحظة واحدة ‪،‬‬
‫ولكن الحكم العام فيمن ارتكب هذه المعصية إنه مرتكب لكبيرة‬
‫وحكمه حكم مرتكب الكبيرة والعياذ بالله ‪.‬‬

‫بيان مدى صحة حديث "الهوا والعبوا ‪"...‬‬


‫س‪ :‬في بعض الكتب رأينا هذا القول منسوب إلى المام‬
‫علي ‪ ،‬وفي بعضها منسوب إلى الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم والقول هو "الهوا والعبوا فإني أكره أن أرى في‬
‫دينكم غلظة " ؟‬
‫ج‪ :‬أقول ‪ :‬لم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم في يوم من اليام ول‬
‫علي ابن أبي طالب باللهو والعب ‪ ،‬فأمثال هذه الحاديث ل يمكن أن‬
‫تنسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ول يمكن أن تنسب إلى‬
‫أصحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فهو ليس‬
‫بصحيح ل عن الرسول صلى الله عليه وسلم ول عن علي ول عن أحد‬
‫من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬

‫حكم مشاهدة الفلم ‪:‬‬


‫س‪ :‬هل يجوز مشاهدة الفلم والمصارعة وغيرها من‬
‫التلفاز إذا لم يكن بقصد مشاهدة العورات ولكن بقصد‬
‫التسلية ؟‬
‫ج‪ :‬النظر إلى شيء من الفلم الخليعة والفلم المائعة ل يجوز ‪ ،‬وذلك‬
‫لن الرسول قد لعن الناظر والمنظور إليه ‪ ،‬ل فرق في المنظور بين ما‬
‫‪405‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫إذا كان في صورته ظاهرة أو كان منقول بشيء من هذا اللت الحسية‬
‫‪ ،‬فهذا حرام بنص السنة المروية عن الرسول صلى الله عله وسلم ‪.‬‬

‫أدلة تحريم الغناء ‪:‬‬


‫س ‪ :‬وجدت في أحد الكتب أن الحاديث التي وردت في‬
‫تحريم الغناء ضعيفة ‪ ،‬فما قولكم في ذلك ؟‬
‫ج ‪ :‬ذكر ذلك المام الغزالي في كتاب مؤخرا ‪ ،‬وقد رد عليه طائفة من‬
‫العلماء ‪ ،‬والغزالي ليس من أئمة الحديث حتى يصحح أو يضعف ‪،‬‬
‫والعجب بأن هذا الزمان قد ابُتلي بجماعة من الناس الذين لم يدرسوا‬
‫مصطلح الحديث ولم يتعبوا أنفسهم بقراءة كتب الصحاح والسنن ثم‬
‫بعد ذلك أخذوا يصححون ويضعفون على حسب ما تمليه علييهم‬
‫عقولهم القاصرة ‪ ،‬أو أنهم يقلدون بعض من لم يتعمق في هذه‬
‫محلى" ‪ ،‬وابن‬ ‫العلوم ‪ ،‬والغزالي مقلد في هذا لبن حزم في كتابه "ال ُ‬
‫حزم فيه قصور في النظر والمتابعة والشواهد ‪ ،‬وإنما ينظر في إسناد‬
‫محرمة للغناء ُرويت من‬ ‫الحديث ويضعفه لدنى علة ‪ ،‬وإل فالحاديث ال ُ‬
‫طرق متعددة عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم منها‬
‫الصحيح ومنها الحسن ومنها والضعيف الذي يشده الصحيح أو السحن ‪،‬‬
‫وقد ُرويت من طرق متعددة منها عن علي ابن أبي طالب وعن السيدة‬
‫عائشة‪ -‬رضي الله تعالى عنها – وعن ابن عباس وعبدالله ابن عمر‬
‫وابن العاص وابن أمامة الباهلي وسهل بن سعد الساعدي وغيرهم من‬
‫صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وأقوى تلك الحاديث حديث‬
‫أبي مالك الشعري‪ -‬رضي الله تعالى عنه‪ -‬الذي رواه المام البخاري‬
‫جازما ً بصحته ورواه الطبراني وأبو داود وابن ماجه بلفظ ) ليأتين رجال‬
‫من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ( هذا أقرب شيء‬
‫إلى لفظ أبي داود ‪ ،‬وقد أطال العلمة ابن القيم في عدة كتب من كتبه‬
‫في النتصار لهذا المذهب وبيان صحة الحاديث المروية عن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع ‪ ،‬كما أطال في ذلك العلمة‬
‫الحافظ ابن حجر في " فتح الباري" شرحه على صحيح البخاري ‪.‬‬
‫ولم يأت من قال بحلية استماع الغاني‪ -‬كالغزالي‪ -‬بشيء يستحق‬
‫المناقشة ‪ ،‬وقوله بأن تلك الحاديث لم تثبت فقد ثبتت عند من هو أكثر‬
‫منزلة منه ‪ ،‬وعلى كل فالعالم له هفوات فقد يخطئ وقد يصيب ‪ ،‬والله‬
‫سبحانه وتعالى قد أمرنا بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم‬
‫ولم يأمرنا بطاعة أحد من الناس ‪ ،‬والله سبحانه وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫حكم لعب الورقة ‪.‬‬

‫‪406‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‪ :‬ما حكم لعب الورقة إذا لم تكن ُتلهي عن الصلة في‬
‫وقتها أو غيرها من العبادات ؟‬
‫شغل عن عبادة الله وعن طلب‬ ‫شغل شاغل ‪ُ ،‬‬‫ج‪ :‬أقول ‪ :‬الورقة هذه ُ‬
‫العلم ولكن يقال في حكمها أنها مباحة ما لم تشغل عن عبادة الله‬
‫سبحانه وتعالى كالصلوات والجماعات وقراءة القرآن والذكار وطلب‬
‫العلم ‪ ،‬ولم يكن هناك شيء من السب أو الشتم أو التنابز باللقاب ‪،‬‬
‫وعلى كل حال فالورقة ل تخلوا من شيء من ذلك ‪ ،‬وهكذا بقية المور‬
‫التي تشبه هذه الورقة ‪ ،‬ولكن إذا لم يحصل شيء من ذلك فنقول‬
‫بكراهيتها ‪ ،‬أما بالتحريم فل نستطيع أن نقول بذلك لعدم الدليل ‪ ،‬ولكن‬
‫نقول بالشروط المتقدمة وهي عدم التساب أو التشائم أو التنابز‬
‫باللقاب أو شيء من الرهان أو شغل عن عبادة الله سبحانه وتعالى ‪،‬‬
‫أما إذا كان شيء من ذلك فهي محرمة ‪.‬‬

‫حكم حلق الحية وصبغها ‪.‬‬


‫س‪ :‬هل يجوز حلق اللحية أو صبغها ؟‬
‫ج‪ :‬حلق اللحية أو قصها ل يجوز بحال من الحوال ‪ ،‬وقد ثبت النهي‬
‫الصريح في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدة طرق ‪:‬‬
‫من طريق أبي هريرة وأبي سعيد وابن عمر وابن عباس وغيرهم من‬
‫صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬منها عند المام الربيع‪-‬‬
‫رحمه الله تعالى‪ -‬ومنها عند الشيخين وأصحاب السنن الربع وأحمد‬
‫وغيرهم ‪ ،‬منها فيها أمر بتوفير اللحية ‪ ،‬والغلب في إعفائها ‪ ،‬منها فيها‬
‫النهي عن أخذ شيء من اللحية ‪ ،‬والمر للوجوب بدليل قوله تعالى ‪:‬‬
‫) فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنه أو عذاب ألم ( ‪،‬‬
‫والنهي للتحريم ‪ ،‬وقد اتفق هاهنا المر والنهي فهما دليلن ‪ ،‬وزيدوا‬
‫على ذلك النهي عن التشبه بالنساء ‪ ،‬ول شك أن الحالق متشبه بالمرأة‬
‫‪ ،‬والتشبه بالنساء حرام بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫) لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء ‪ (...‬إلى آخره ن وفوق ذلك‬
‫فيه تشبه بأعداء الله ‪ ،‬وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن‬
‫التشبه بهم ‪ ،‬بل جعل المتشبه بهم منهم ‪ ،‬كما جاء في الحديث الذي‬
‫فيه ) من تشبه بقوم فهو منهم ( والحديث رواه أبو داود وابن أبي شيبه‬
‫وعبد الرزاق ورواه جمع من أئمة الحديث ‪ ،‬قال العراقي في تخريج "‬
‫الحياء" بأن إسناده جيد ‪ ،‬وقال الحافظ ‪ :‬إنه حسن ‪ ،‬وصححه جمع من‬
‫‪407‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫أئمة الحديث ‪ ،‬وحسنه آخرون ‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت ‪ ،‬وفوق ذلك‬
‫فإن الله سبحانه وتعالى قد أشار في الكتاب العزيز إلى النهي عن ذلك‬
‫‪.‬‬
‫فمن حلق لحيته أو قصر شيئا ً منها فهو مرتكب لمحرم والعياذ‬
‫بالله تبارك وتعالى من ذلك ‪ ،‬ول يصح الستناد بالخذ من اللحية إلى‬
‫الحديث المروي‪ :‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من‬
‫لحيته ‪ ،‬وهو حديث رواه الترمذي وقال ‪ :‬غريب ‪ ،‬أي ضعيف ‪ ،‬وذلك لن‬
‫الترمذي يستعمل كلمة "غريب" على ثلثة معان منها‪ :‬أنه يريد بها‬
‫الضعيف ‪ ،‬فقال ‪ :‬بأنه غريب هاهنا أي ضعيف ‪ ،‬وهو في حقيقة الواقع‬
‫موضوع ‪ ،‬وقد قصر الترمذي في اكتفائه بالتضعيف ‪ ،‬وإن كان الضعيف‬
‫أيضا ً يشمل الموضوع ‪ ،‬وذلك لن الضعيف على سبعين نوعا من النواع‬
‫منها الضعيف ‪.‬‬
‫وهذا الحديث موضوع لنه من طريق عمر بن ميمون وهو كذاب‬
‫ضاع ‪ ،‬ول يمكن أن تترك تلك الحاديث الصحيحة الصريحة الثابتة‬ ‫و ّ‬
‫بمثل رواية هذا الكذاب والله المستعان ‪.‬‬
‫وصبغ اللحية إذا كان بغير السواد فهو جائز ‪ ،‬وأما بالسواد فل يجوز ‪،‬‬
‫وقد ثبت النهي في أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء‬
‫في بعضها‪ -‬وحسنه بعض العلماء‪ ) -‬من صبغ بسواد سود الله وجهه يوم‬
‫القيامة( والحديث في النهي ‪ ،‬من ذلك منها في البخاري ومسلم ‪،‬‬
‫ومنها في غيرهما ‪ ،‬فل يجوز بالسواد وأما ما عدا ذلك فل مانع منه ‪.‬‬

‫حكم تأجير المحلت لبيع المحرمات ‪.‬‬


‫س‪ :‬ما حكم السلم في تأجير المحلت للماكن التي ترتكب‬
‫فيها المحرمات كمحلت بيع الغاني والسجائر وغيرها ؟‬
‫ج‪ :‬الحق الحقيق بالقبول أنه ل يجوز لحد أن يؤجر بيته لحد يعلم منه‬
‫أنه يتعامل فيه بشيء من المعاصي ‪ ،‬وذلك كبيع التدخين أو كبيع‬
‫الشرطة التي فيها الغاني والمزامير الشيطانية أو نحو ذلك ‪ ،‬وأما إذا‬
‫كانت مشتركة تبيع ذا وذاك ولم يخبره عند البيع قد يكون المر أهون‬
‫من ذلك ‪ ،‬لكن إذا استطاع وعلم من قبل فإنه ل يجوز أن يعينه على‬
‫معصية ‪ ،‬وهكذا الشأن في الماكن الربوية أو نحو ذلك ‪ ،‬وقول من‬
‫يقول بخلف بذلك قول باطل ل دليل عليه ‪ ،‬وذلك لن هذا من باب‬
‫التعاون على الفساد ‪ ،‬والتعاون على الفساد ل يجوز بحال من‬
‫الحوال ‪.‬‬
‫حكم دعاية البارد ومسابقات السحب ‪.‬‬

‫‪408‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‪ :‬هل يجوز أخذ قيمة ما يسمى بالدعية التي تظهر على‬
‫أغلفه الباردة للطفال والكبار على حد سواء أو الجوائز‬
‫التي تصدرها الشركات إذا كان الشخص محتاجا لتلك‬
‫المكافأة المالية ؟ وهل من فرق بين المتعمد وغير المتعمد‬
‫في أخذ الدعاية ؟‬
‫ج‪ :‬أما القاصد فل تجوز له قطعا ‪ ،‬وأما الذي لم يقصد ففي ذلك‬
‫خلف ‪ ،‬والذي نراه عدم الجوائز ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬

‫حكم اليانصيب ‪.‬‬


‫س‪ :‬ما قولكم في اليانصيب الذي تبرزه المحلت التجارية ‪,‬‬
‫فمثل عند شرائك من محل معين ما قيمة ثلث ريالت يقوم‬
‫المحل بإعطائك رصيدا تكتب عليه اسمك وعنوانك وعلى‬
‫ذلك الرصيد رقمان ‪ :‬رقم البضاعة في صندوق القتراع ‪،‬‬
‫ورقم يحتفظ به حتى يأتي أوان القتراع ‪ ،‬فإذا ما قدر لك‬
‫الحظ وفزت بأحد الجوائز التي يوضع في هذا القتراع ‪،‬‬
‫فما حكم هذا اليانصيب من هذا النوع ؟ ل ريب أن هناك‬
‫نوعا من المساهمين في البنوك ونوعا أخرى يشتري فيه‬
‫ذلك الرصيد بقيمه معينه ؟‬
‫ج ‪:‬هذه المسألة كالمسألة السابقة ‪ ،‬قلنا بأن ذالك ل يجوز ‪ ،‬هذا الذي‬
‫نراه دفعا للمفاسد ‪ ،‬كما ذهب إليه المحققون من العلماء ‪ ،‬الله أعلم ‪.‬‬

‫حكم تقبل هدية النصارى‬


‫س‪ :‬مهل يجوز تقبل هدية النصارى ؟‬
‫ج‪ :‬هدية النصراني يجوز تقبلها لكن بشرط أل تكون هناك له عزة أو‬
‫هيبة أو احترام أو غير ذلك ‪ ،‬وقد تقبل بعض المسلمين بعض الهدايا من‬
‫علماء ومن غيرهم ‪.‬‬

‫حكم الوصية لغير المسلم ‪.‬‬


‫س‪ :‬إذا أسلم مشرك من أسرة كافرة ‪ ،‬فهل يجوز أن‬
‫يوصي بجل تركته لغير وارث مسلم ؟‬
‫ج‪ :‬إذا لك يكن له أحد من الورثة فإنه يجوز له أن يوصي ولو بماله‬
‫كله ‪ ،‬وأما إذا كان له أحد من الورثة فل يجوز له أن يوصي بأكثر من‬
‫الثلث بإتفاقهم ‪.‬‬
‫بأن المشرك ل يرث المسلم باتفاق الجميع ‪ ،‬وإنما الخلف في‬
‫المسلم هل يرث المشرك أو ل ؟‬

‫‪409‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫والذي عليه جمهور المة ودل له الثابت عن الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه يرث مسلم مشركا ً ‪ ،‬وعليه في مثل هذه الحالة يجوز له أن‬
‫يوصي بالجل أو الكل ‪ ،‬الله أعلم ‪.‬‬
‫أما أن يوصي للمشرك بكل ماله فل يجوز ول يجله ‪ ،‬وأما أن يوصي‬
‫بنصفه فل بأس ‪ ،‬لكن الوصية لمشركة ل نقول بأنها ل تجوز ‪ ،‬فقد ثبت‬
‫عن السلف بل ثبت عن شيء من الروايات عن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم ما يمكن أن يستفاد من ذلك ‪ ،‬وإنما نقول بأنه ل يستحسن‬
‫أن بوصي بالكل أو بالجل لغير المسلمين ‪,‬أما جوائز الوصية للمشرك‬
‫إذا لم يكن حربا للمسلمين فقد جوزه كثير من العلماء ‪ ,‬ول سيما إذا‬
‫كانت هناك مصلحه لعليم يدخلون في السلم أو نحو ذلك ‪.‬‬
‫حكم الصيد إذا أطلق عليه النار‬
‫س‪ :‬ما حكم الصيد إذا أطلق عليه النار فسقط ميتا في‬
‫حينه ؟‬
‫ج‪ :‬هذه المسألة ذهب الجمهور إلى أنه ل يجوز أكل الصيد الذي أطلق‬
‫عليه النار بهذه البنادق ولو ذكر اسم الله سبحانه وتعالى عليها ‪ ،‬وهذا‬
‫هو الراجح عندهم ‪ ،‬وإن ذهبت طائفة من العلماء لسيما من المتأخرين‬
‫إلى جواز ذلك ‪ ،‬ولكن القول الول هو أقوى القولين ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬إذا كانوا يدعون سبعين بابا من الحرام مخافة أن يقعوا في‬
‫الحرام ‪ ،‬فما بالك بالحرام نفسه ‪.‬‬

‫حكم التجسس على من يكيد الشر ‪.‬‬


‫س‪ :‬هل يجوز لشخص ما أن يتجسس في السمع على‬
‫شخص يكيد له الشر ؟‬
‫ج‪ :‬الصل ‪ :‬التجسس ممنوع ‪ ،‬حرم الله الغيبة بالنسبة للمسلمين ‪ ،‬فل‬
‫يجوز لمؤمن أن يغتاب مؤمنا ‪ ،‬وأما التجسس فهو حرام ولكن استثنى‬
‫بعض العلماء بعض الحالت ‪ ،‬وهذه الحالة منها ‪ ،‬فل بأس عليه من‬
‫التجسس ‪ ،‬بل قد يجب عليه إن خاف منه شرا ً أو خاف على بعض‬
‫المسلمين ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬

‫حكم نقل العضاء من شخص لخر ‪.‬‬


‫س‪ :‬مسألة نقل العضاء من جسم إلى آخر وكذلك الدم ‪،‬‬
‫أخبرت بعدم جواز ذلك إل في الدم عند الضرورة ‪،‬‬
‫وأستفسر حول هذه المسألة بعض الستفسارات منها ‪-:‬‬
‫‪ -‬هل هذه المسألة مما أختص بها أصحابنا أم للمخالفين‬
‫فيها رأي ؟‬

‫‪410‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪ -‬إن قال قائل الضرورات تبيح المحظورات ‪ ،‬فما قولكم‬


‫في ذلك ؟‬
‫‪ -‬ما سبب المنع والسلم أمرنا بحب الخير للخرين كما‬
‫نحبه لنفسنا ؟‬
‫‪ -‬سمعت أحد المخالفين يحتج بعدم الجواز في نقل العضاء‬
‫بأن في ذلك زيادة في عمر النسان عن العمر الذي قدره‬
‫الله له ‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟‬
‫‪ -‬كذلك ما سبب منع نقل الدم للمساعدة في غير‬
‫الضرورة ؟‬
‫أفيدونا ولكم الجر والثواب ‪.‬‬
‫ج‪ :‬نقل العضاء ل يجوز على الرأي الراجح ‪ ،‬وهو مذهب الجمهور ‪ ،‬وقد‬
‫قال به طائفة كبيرة من أصحاب المذاهب الخرى ‪ ،‬والدلة على ذلك‬
‫كثيرة جدا ً ‪ ،‬أهمها أن النسان ل يملك التصرف في أعضائه إذ لم يأذن‬
‫له الشارع بذلك ‪ ،‬وأما الدم فالصحيح الجواز عند الحاجة لدلة كثيرة ‪،‬‬
‫والفرق بينه وبين العضاء واضح جلي من وجوه متعددة ‪.‬‬
‫وما ذكرتموه من الدلة ل ُيقاوم ما ذكر المانعون ‪ ،‬وهذه العجالة ل‬
‫تكفي لذكر كل الدلة التي استدل بها المانعون وهدم ما استدل به‬
‫المجوزون ‪ ،‬ولعل الله ييسر ذلك في وقت قريب ‪.‬‬
‫وأما احتجاج المخالف فليس بصحيح ‪ ،‬هذا وقد جوز بعض العلماء‬
‫نقل العضاء مع شروط اشترطوها ‪ ،‬ونحن وإن كنا ل نجوز ذلك إل إننا‬
‫نقول ‪ :‬إن من عمل بذلك وأخذ بقول من أقوال المسلمين فل حرج‬
‫عليه إن شاء الله ‪ ،‬ولكن بشرطين ‪-:‬‬
‫عند الضرورة القصوى ‪ ،‬بحيث ل يمكن العلج إل بذلك ‪ ..‬في نقل‬
‫الكلية فقط ‪ ،‬نعم له أدلة ‪.‬‬

‫حكم التنويم المغناطيسي ‪.‬‬


‫س‪ :‬التنويم المغناطيسي هل له نصيب من الصحة ؟ وهل‬
‫هو جائز ؟ وكيف يحدث ؟ وما زعمه الزرقاني في كتابه‬
‫مناهل العرفان بأن هذه العملية هي أقرب صورة للوحي ‪،‬‬
‫هل هذا صحيح ؟‬
‫ج‪ :‬التنويم المغناطيسي نوعان ‪ :‬النوع الول هو ما يعرف عندهم‬
‫باليحاء الطبي ‪ ،‬وهو معروف بالطب النفسي وله حقائق ومعلومات‬
‫ثابتة وطرق عملية محددة ‪ ،‬وقد استعمل في علج كثير من المراض‬
‫كالرق والوساوس وغيرهما ‪.‬‬

‫‪411‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫والنوع الثاني ‪ :‬هو التنويم المسرحي ‪ ،‬الذي يقوم به بعض الدجالين أو‬
‫السحرة ‪ ،‬وقد ساعدهم بعض الجن على ذلك ‪ ،‬وهذا النوع دجل‬
‫وشعوذة وهو غير جائز ‪ ،‬والزرقاني إن أراد بقوله المذكور أن هذا المر‬
‫خارق للعادة ‪ ،‬كما هو الشأن في المعجزة ‪ ،‬فله وجه كما هو مبين في‬
‫محله ‪ ،‬وإل فهو باطل ل وجه له ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫علج الغضب ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم الشرع في الغضب لتفه السباب ؟ وما هي‬
‫الطريقة للتخلص منه ؟‬
‫ج‪ :‬يخلص منه بالستعاذة من الشيطان ‪ ،‬لن هذا الشيطان هو الذي‬
‫يسبب ذلك ‪ ،‬وقد جاء في بعض الروايات أن الذي يغضب عليه أن‬
‫يستحم ‪ ،‬لن للماء خصوصية في تهدئة الغضب ‪ ،‬وعلى كل يجب‬
‫الستعاذة من الشيطان واللجوء إلى بعض الذكار الواردة عن الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬والمواظبة على قراءة القرآن ‪.‬‬
‫توبة المغتاب ‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف تكون توبة المغتاب لشخص ‪ ،‬هل تكون بأن يذهب‬
‫إليه ويخبره بأنه إغتابه ويطلب منه الصفح؟‬
‫ج‪ :‬في ذلك خلف بين العلماء ‪ ،‬ذهب أكثر العلماء إلى أنه عليه أن‬
‫يتوب إلى الله تبارك وتعالى وليس عليه أن يذهب إلى ذلك الشخص‬
‫فيخبره بأنه قد اغتابه ويطلب أن يسامحه في ذلك وذهبت طائفة من‬
‫العلماء إلى أنه يجب عليه أن يذهب إليه ‪ ،‬والقول الول لعله هو القول‬
‫الصحيح ولسيما إذا خلف من ذلك الفتنة ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫بيان معنى النسيان في الحديث الذي رواه الربيع عن القرآن ‪.‬‬
‫س‪ :‬جاء في مسند المام الربيع ) من تعلم القرآن ثم نسيه‬
‫حشر يوم القيامة أجذم ( فما المقصود بالنسيان هنا ؟‬
‫ج‪ :‬اختلف العلماء في هذا النسيان ‪ ،‬فقيل بالنسيان نسيان التلوة ‪،‬‬
‫وقيل النسيان ترك العمل بالكتاب العزيز ‪ ،‬لكن هذا ل يساعفة اللفظ ‪،‬‬
‫وقيل النسيان هو إذا تعمد أن يترك الكتاب ‪ ،‬وقيل نسيان الترك وليس‬
‫نسيان اللفظ ‪ ،‬والله سبحانه وتعالى أعلم ‪ ،‬وتجدون ذلك في شرح‬
‫المام السالمي‪ -‬رحمه الله ‪.-‬‬

‫حكم رد السلم ‪.‬‬


‫دهم عليه ؟‬ ‫س‪ :‬رجل سلم على جماعة كبيرة ‪ ،‬فما حكم ر ّ‬
‫ج‪ :‬اختلفوا في رد السلم ‪ ،‬هل هو فريضة على العيان أم هو فريضة‬
‫دوا عليه جميعا ً ‪،‬‬‫على الكفاية ‪ ،‬فإذا قلنا بالقول الول فإنه يجب أن ير ّ‬
‫وإن قلنا بالقول الثاني فإنه يمكن أن يجتزأ البعض بالبعض الخر‪ ،‬والله‬
‫اعلم ‪.‬‬
‫‪412‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫كيفية رد السلم ‪.‬‬


‫س‪ :‬رجل سلم على رجل ‪ ،‬فقال‪ " :‬السلم عليكم ورحمة‬
‫ده كامل إلزاما واجبا ً ؟‬ ‫الله وبركاته " ‪ ،‬فهل يلزمه ر ّ‬
‫ج‪ :‬نعم يلزمه ذلك على قول من يقول بوجوب رد السلم أي أن رد‬
‫السلم فرض واجب ‪ ،‬كما هو قول جمهور العلماء ‪ ,‬بل يجوز له أن يزيد‬
‫على ذلك قوله "ومغفرته" فإنها قد جازت في رواية ‪ ,‬وهي وإن كانت‬
‫ضعيفة إل أن ظاهر القرآن يؤيد جواز الزيادة ‪ ,‬وإن كنا بحمد الله ل‬
‫نقول بجواز الحتجاج بشيء من الحاديث الضعيفة ‪ ,‬ل في المور‬
‫العتقادية ول المور الفقهية ‪ ,‬بالطبع فهذا متفق عليه إل ما ذهب إليه‬
‫بعض الضعفاء من الحتجاج ببعض الحاديث الضعيفة في بعض‬
‫المسائل الفقهية ‪ ,‬بل ومع ذلك نقول ل يجوز لحد أن ينسب شيئا من‬
‫الحاديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو ل يعلم بأنها صحيحة ‪،‬‬
‫ولو كان ذلك في شيء من الوعظ أبدا ‪ ,‬كما ذكرنا ذلك في العام‬
‫الماضي ‪ ،‬وعسى أن نتكلم على ذلك في مناسبة أخرى ‪ ،‬فإن كثيرا‬
‫من الوعاظ وللسف الشديد المحزن ينسبون إلى الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم ما لم يثبت عنه بدعوى أن هذا في الوعظ والرشاد وليس‬
‫في أمر تعبدي ‪ ,‬ونحن نطالبهم بدليل إذا كانوا يجدون ‪ ,‬ذلك بأنهم‬
‫بحاجة إلى ذلك ‪ ,‬ولكن ما أظنهم سيجدون شيئا من الدلة ‪ ,‬بل الدلة‬
‫قاضية بأنه ل يجوز لحد أن ينسب شيئا ً إلى رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ,‬وما أشبه هؤلء بأولئك الوعاظ الذين كانوا ينسبون إلى رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقله ويضعون عليه الحاديث‬
‫ويقولون ‪ :‬نحن لم نكذب عليه بل نكذب له ‪ ،‬فالفريقان متشابهان‪،‬‬
‫والله أعلم ‪.‬‬

‫‪413‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫هذا جامع أولي لفتاوى الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي في أحكام الحج‬
‫والعمرة وما يتعلق بهما‬
‫من حلقات برنامج " سؤال أهل الذكر "‬ ‫من الحصول عليه ِ‬
‫ما تمكنا ِ‬
‫م ّ‬
‫ِ‬
‫عمان‬‫من تلفزيون سلطنة ُ‬ ‫ِ‬

‫ض الناس ُيصّلون بعد َ السعي‪ ،‬فهل ُتشَرع صلةٌ‬ ‫هد بع َ‬ ‫س ‪ُ :1‬نشا ِ‬


‫في ذلك الوقت ؟‬
‫مة أنه ل ُتشَرعُ صلةٌ بعد َ السعي‪ِ ،‬لعدم ِ‬ ‫ن الذي عليه جمهوُر ال ّ‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫ت شيٍء في ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهذا‬ ‫ثبو ِ‬
‫ل الصحيح‪.‬‬ ‫القول هو القو ُ‬
‫ن ِبركعتْين بعد َ‬ ‫من العلماء إلى مشروعيةِ التيا ِ‬ ‫ة جدا ِ‬ ‫ة قليل ٌ‬ ‫ت طائف ٌ‬ ‫وذهب ْ‬
‫ث مروي عن‬ ‫ل بن الهمام ِبحدي ٍ‬ ‫ة الكما ُ‬ ‫لم ُ‬‫ج لذلك الع ّ‬ ‫السعي‪ ،‬وقد احت َ ّ‬
‫ة الكمال‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وذ َك ََر فيه الع ّ‬
‫لم ُ‬
‫ن هذه‬ ‫ِبأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان ُيصّلي بعد َ سعِيه‪ ،‬ولك ّ‬
‫ل الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬بل لم‬ ‫ت عن رسو ِ‬ ‫الرواية َلم َتثب ْ‬
‫ن ماجة ِبهذا اللفظ وإنما رواها ِبلفظ‪ " :‬بعد َ سبع " ‪ ..‬أي بعد َ‬ ‫ي َْرِوها اب ُ‬
‫ف ِبالبيت‪.‬‬ ‫من الطوا ِ‬ ‫ن ذلك بعد َ النتهاِء ِ‬ ‫سبعةِ أشواط‪ ،‬وذلك يعني أ ّ‬
‫فهاتان الركعتان بعد َ الطواف‪ ،‬وليستا بعد َ السعي؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫من كان واِقفا ِبها ؟‬ ‫م صوم ِ يوم ِ عرفة ل ِ َ‬ ‫س ‪ :2‬ما حك ُ‬
‫من لم َيكن واقفا ِبها ولم َيكن ذلك في يوم ٍ ُينهى‬ ‫م يوم ِ عرفة ل ِ َ‬ ‫ج‪ :‬صو ُ‬
‫عن الصيام ِ فيه ‪ ..‬أي كأن َيكون مصاِدفا ِليوم ِ الجمعة ‪ ..‬فإنه مشروعٌ‬ ‫‪1‬‬

‫من " فيه " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬


‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬عنه " بدل ِ‬
‫‪414‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ص الثاِبت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وقد‬ ‫ِبالن ّ‬
‫ة السلمية قاطبة‪ ،‬وإنما وَقَعَ الخل ُ‬
‫ف‬ ‫م ُ‬ ‫َ‬
‫ت على مسنونيةِ ذلك ال ّ‬ ‫أجمع ْ‬
‫بْين العلماء فيما َيتعل ّقُ ِبصيام ِ يوم ِ عرفة في أمرْين اثنْين‪:‬‬
‫ن‬
‫مه كيوم ِ الجمعة مثل فإ ّ‬ ‫دف ذلك يوما منهيا عن صيا ِ‬ ‫أوُّلهما‪ :‬إذا صا َ‬
‫العلماء في هذه الحالة قد اختَلفوا في الصيام ِلهذا اليوم‪:‬‬
‫ت عن‬ ‫ة منهم إلى عدم ِ مشروعيةِ الصيام‪ ،‬وذلك ِلما ثب َ‬ ‫ت طائف ٌ‬ ‫فذهب ْ‬
‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه َنهى عن الصيام ِ في يوم ِ‬
‫ح ثاِبت عن‬ ‫ث صحي ٌ‬ ‫ده‪ ،‬وهو حدي ٌ‬ ‫من صام يوما قبَله أو بع َ‬ ‫الجمعة إل ل ِ َ‬
‫ة‬
‫من أئم ِ‬ ‫ة كبيرة ِ‬ ‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ ،‬روَْته طائف ٌ‬
‫دهما َيد ّ‬
‫ل‬ ‫مر ‪ ..‬أي إذا َتعاَرض دليلن أح ُ‬ ‫دم على ال ْ‬ ‫ي ُيق ّ‬ ‫الحديث‪ ،‬والنه ُ‬
‫دم على‬ ‫مق ّ‬‫ي ُ‬ ‫ن النه َ‬ ‫مرِ ِبه فإ ّ‬ ‫ل على ال ْ‬ ‫خر َيد ّ‬ ‫مر وال َ‬ ‫ي عن أ ْ‬ ‫على النهْ ِ‬
‫مر ولو كان ذلك المنهي عنه مكروها إذا كان المأمور ِبه مندوبا‪.‬‬ ‫ال ْ‬
‫ل ِبمشروعيةِ ذلك‪ ،‬وذلك نظرا إلى‬ ‫من العلماء إلى القو ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ت طائف ٌ‬ ‫وذهب ْ‬
‫م عرفة‪،‬‬ ‫مه يو َ‬ ‫صد َ ِبصو ِ‬ ‫م الجمعة وإنما قَ َ‬ ‫مه يو َ‬ ‫صد ِبصو ِ‬ ‫م َلم َيق ِ‬ ‫ن الصائ َ‬ ‫أ ّ‬
‫مقي ّد ٌ ب ِعِّلة وهي وإن لم‬ ‫ي ُ‬‫ن النه َ‬ ‫ل الصحيح‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫ل هو القو ُ‬ ‫وهذا القو ُ‬
‫ن ذلك الحديث‬ ‫مُر كذلك فإ ّ‬ ‫طة وإذا كان ال ْ‬ ‫َتكن منصوصة ولكنها مستنب َ‬
‫ل الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫ص ِبهذا الحديث الثاِبت عن رسو ِ‬ ‫خ ّ‬ ‫يُ َ‬
‫َ‬
‫م‬‫من أراد َ أن َيصو َ‬ ‫ضل ل ِ َ‬ ‫من الخلف‪ ،‬فال َفْ َ‬ ‫وسلم‪-‬إل أنه َينبِغي الخروج ِ‬
‫م‬
‫ن يو َ‬ ‫م الخميس‪ ،‬ول شك أ ّ‬ ‫م َيو َ‬ ‫م يوما قبَله ِبأن َيصو َ‬ ‫ذلك أن َيصو َ‬
‫ة الصحيحة الثاِبتة عن النبي‪-‬صلى الله‬ ‫مه السن ّ ُ‬ ‫ت ِبصيا ِ‬ ‫الخميس قد ثبت َ ْ‬
‫شر والعمل فيها‬ ‫ن ذلك في اليام ِ الع ْ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولسيما أ ّ‬
‫َ‬
‫ل الله صلى الله عليه وعلى‬ ‫ت ذلك عن رسو ِ‬ ‫رها كما ثب َ‬ ‫من غي ِ‬ ‫ضل ِ‬ ‫أفْ َ‬
‫آله وسلم‪.‬‬
‫من كان واِقفا ِبعرفة فإنه‬ ‫م يوم ِ عرفة ل ِ َ‬ ‫مُر الثاني وهو‪ :‬صيا ُ‬ ‫ما ال ْ‬ ‫هذا وأ ّ‬
‫قد اختَلف فيه العلماء أيضا‪:‬‬
‫من ُيشِغله ذلك عن الدعاء‬ ‫ن ذلك ُيكَره ل ِ َ‬ ‫من العلماء إلى أ ّ‬ ‫ة ِ‬ ‫ت طائف ٌ‬ ‫ذهب ْ‬
‫ب الصوم‪ ،‬أما إذا لم َيكن ذلك فإنه َينبِغي َله أن‬ ‫هقا ِبسب ِ‬ ‫مر َ‬ ‫ِبأن َيكون ُ‬
‫ن ذلك ُيشَرعُ في حّقه‪.‬‬ ‫َيصوم بل إ ّ‬
‫ت عن‬ ‫ي عن ذلك‪ ،‬وذلك لنه ثب َ‬ ‫ِ‬ ‫من العلماء إلى النه‬ ‫ة ِ‬ ‫وذهبت طائف ٌ‬
‫ل الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه أ َفْط ََر في ذلك اليوم‬ ‫رسو ِ‬
‫جِته‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫في َ‬
‫من‬ ‫ة ِ‬‫ي عن ذلك ِبما َروَْته طائف ٌ‬ ‫من العلماء على النه ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ت طائف ٌ‬ ‫ج ْ‬ ‫واحت َ ّ‬
‫ث‪-‬كالنسائي في " السنن الكبرى " وأبي داود وابن ماجة‬ ‫أئمةِ الحدي ِ‬
‫والحاكم في " المستدَرك " وأبي إسحاق الحربي في " غريب الحديث‬
‫حلية الولياء "‬ ‫" والطحاوي في " شرح معاني الثار " وأبي نعيم في " ِ‬
‫‪415‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل‪-‬صلى الله عليه‬ ‫ن الرسو َ‬ ‫من أ ّ‬ ‫والخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد "‪ِ -‬‬
‫ن هذا‬ ‫من كان واِقفا ِبعرفة‪ ،‬إل أ ّ‬ ‫وعلى آله وسلم‪َ-‬نهى عن صيام ِ عرفة ل ِ َ‬
‫ل الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لنه‬ ‫ت عن رسو ِ‬ ‫الحديث لم َيثب ْ‬
‫ق أخرى‬ ‫من طري ٍ‬ ‫مجهول‪ ،‬وقد جاَء ِ‬ ‫ري وهو َ‬ ‫ج ِ‬
‫ق مهدي الههَ ْ‬ ‫من طري ِ‬ ‫ِ‬
‫ق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى‬ ‫من طري ِ‬ ‫مّرة‪ ،‬لنها ِ‬ ‫ولكنها واهَِية ب ِ َ‬
‫سل َ ِ‬ ‫َ‬
‫روايِته‪.‬‬ ‫خذ ُ ب ِ ِ‬
‫مّرة فل ُيؤ َ‬ ‫مي وهو واهٍ ب ِ َ‬ ‫ال ْ‬
‫ل الله صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫ل الثاِبت عن رسو ِ‬ ‫فإذن الُعمد َةُ الفع ُ‬
‫وسلم‪.‬‬
‫من المحاِرم ؟‬ ‫س؟‪ِ :‬بالنسبة ِلزوجةِ الَعم وزوجةِ الخال‪ ،‬هل هما ِ‬
‫من المحاِرم ‪..‬‬ ‫ة الخال وكذا ِبالنسبةِ إلى زوجةِ الَعم فهما لْيستا ِ‬ ‫ج‪ :‬زوج ُ‬
‫ضرِ ول‬‫ن في الحا ِ‬ ‫جه ُ ّ‬
‫ص أن َيتزوّ َ‬ ‫من ل َيجوز ِللشخ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫المراد ُ ِبالمحاِرم ه ّ‬
‫ضر ‪ ..‬أي في‬ ‫جها في الحا ِ‬ ‫ل امرأةٍ ل َيجوز له أن َيتزوّ َ‬ ‫في المستقَبل‪ ،‬فك ّ‬
‫حها‪ ،‬وأما إذا‬ ‫ضر ول في المستقَبل فإنه َيجوز َله أن ُيصافِ َ‬ ‫ت الحا ِ‬ ‫الوق ِ‬
‫جها في هذا الوقت أو في المستقَبل فإنه ل َيجوز َله أن‬ ‫كان َله أن َيتزوّ َ‬
‫دمنا ذلك؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫من الحوال‪ ،‬كما ق ّ‬ ‫ل ِ‬ ‫حها ِبحا ٍ‬ ‫ُيصافِ َ‬
‫دي‬‫ح ِللحاج أن َيه ِ‬ ‫ص ّ‬
‫منى‪ ،‬هل ي َ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫جد خار َ‬ ‫سَلخ ُيو َ‬ ‫م ْ‬ ‫س؟‪ :‬هناك َ‬
‫فيه ؟‬
‫كة بل في الحَرم كّله على مذه ِ‬
‫ب‬ ‫م ّ‬ ‫منى وفي َ‬ ‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬الهد ْيُ َيجوز في ِ‬
‫صت السّنة على جواِز‬ ‫ت على ذلك السّنة ‪ ..‬ن ّ‬ ‫ص ْ‬ ‫جمهورِ العلماء كما ن ّ‬
‫منى وفي مكة‪ ،‬وسائُر الحَرم تاب ِعٌ َلهما؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫ذلك في ِ‬
‫من ضبط تاريخها كان موضوعها عن‪ :‬مناسك الحج‬ ‫من حلقة لم نتمكن ِ‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫عام ‪1422‬هه‬

‫س ‪... :4‬‬
‫ج‪ :‬إذا كان ذلك النسان يستطيع أن يذهب بنفسه فإنه ل يجوز لحد أن‬
‫يعتمر أو يحج عنه‪ ،‬وإنما تكون النيابة عن المريض الذي ل يستطيع في‬
‫الحال ول في المستقبل على حسب الظاهر أو عن الميت‪ ،‬فمثل هذين‬
‫هما اللذان يصح العتمار أو الحج عنهما؛ والله أعلم‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 5‬رمضان ‪1422‬هه‪ ،‬يوافقه ‪21/11/2001‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫ن الخت أشكل عليها بين الوصية وبين القيام بتنفيذ‬ ‫س ‪ :2‬يبدو أ ّ‬
‫الصيام عن طريق الوصية‪-‬أيضا‪-‬أو الحج ‪ ..‬صحيح أنه ل وصية لوارث‬
‫لكن هل عندما يوصي الوارث لموروثه أن يصوم عنه أو أن يحج عنه‪،‬‬
‫هل له أن يحج عنه أو يصوم عنه ؟‬
‫‪416‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج‪... :‬‬
‫وأما بالنسبة إلى هذه المسألة وهي ما إذا أوصى رجل بحج أو صيام أو‬
‫ما شابه ذلك فهل لبعض ورثته أن يقوموا بتنفيذ هذه الوصية وأن‬
‫ن‬
‫يأخذوا مقدارا من المال مقابل تنفيذ تلك الوصية ؟ فالجواب‪ :‬نعم‪ ،‬ل ّ‬
‫هذه الوصية ليست لذلك الوارث بسبب أنه قريب للمتوفى وإنما بسبب‬
‫قيامه بهذا العمل الذي قام به بل الولى أن يقوم بإنفاذ هذه الوصية‬
‫ن الحديث قال‪ ) :‬من مات وعليه‬ ‫وأن يقوم بتأديتها أقارب المتوفى‪ ،‬ل ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى‬ ‫صوم صام عنه وليه (‪ ،‬وجاء‪-‬أيضا‪-‬في الحديث الذي فيه أ ّ‬
‫الله وسلم وبارك عليه‪-‬سمع رجل يقول‪ " :‬لّبيك عن شبرمة " قال‪:‬‬
‫ن بعض‬ ‫) من شبرمة ؟ ( قال‪ " :‬قريب لي " أو " أخ لي "‪ ،‬حتى أ ّ‬
‫العلماء ذهب إلى أنه ل تصح العبادة من شخص بعيد لشخص بعيد عنه؛‬
‫ن هذه القضية ل تدخل ضمن الحديث‬ ‫ولذلك تعرف الخت السائلة بأ ّ‬
‫الثابت عن النبي صلى الله وسلم عليه؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :14‬رجل نذر أن يحج عن والدته ولكن والدته ضعيفة في‬
‫سن ‪ ..‬كبيرة تحتاج إلى أن يقوم برعايتها والعناية بها‪ ،‬فهل له أن‬ ‫ال ّ‬
‫مة على أخواته ليقمن بذلك وأخواته ل‬ ‫يذهب ليحج عنها ويترك المه ّ‬
‫مة التي ترضي الوالدة لنها تحتاج إلى رجل‬ ‫يستطعن أن يقمن بالمه ّ‬
‫يستطيع حملها إلى دورات المياه وغيرها ؟‬
‫مة فعليه‬ ‫ج‪ :‬الله أعلم‪ ,‬إذا كانت الخوات يستطعن أن يقمن بهذه المه ّ‬
‫أن يذهب لتأدية الحج الذي نذر به‪ ،‬وأما إذا كانت الخوات ل يستطعن‬
‫على ذلك فهو معذور إلى أن يمكنه أن يقوم بتأدية هذه الفريضة ولكن‬
‫ن الغالب ل يشقّ على النساء من أن يأخذن هذه المرأة إلى‬ ‫الذي أراه أ ّ‬
‫دورات المياه وما شابه ذلك؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 6‬رمضان ‪1422‬هه‪ ،‬يوافقه ‪22/11/2001‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫س ‪... :9‬‬
‫ن طائفة‬ ‫ج‪ ... :‬حقوق الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬كالزكاة والكفارات والحج فإ ّ‬
‫ن مثل هذه المور تخرج من رأس المال‬ ‫من أهل العلم يقولون‪ :‬إ ّ‬
‫وليس من الثلث؛ وهذا رأي وجيه جدا ‪...‬‬
‫من حلقة ‪ 7‬رمضان ‪1422‬هه‪ ،‬يوافقه ‪23/11/2001‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫س ‪... :1‬‬
‫دين‬‫من ال ّ‬ ‫من المور المعلومة ِ‬ ‫صلة ِ‬ ‫ج‪ ... :‬فالزكاة والصيام والحج وال ّ‬
‫كافر ‪...‬‬ ‫ن أ َن ْك ََر َ‬
‫ها َ‬ ‫م ْ‬‫بالضرورة و َ‬
‫س ‪... :6‬‬
‫‪417‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ُ‬
‫ن‬‫ساء ي َذ ْهَب ْ َ‬ ‫ن الن ّ َ‬
‫م َ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫مة وهي أ ّ‬ ‫ج‪ ... :‬وأريد أن أن َّبه على مسألة مه ّ‬
‫ن‬
‫كأ ّ‬ ‫ش ّ‬ ‫حَرم أو َزْوج ول َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫حب َهُ ّ‬‫صا ِ‬ ‫من غير أن ي ُ َ‬ ‫إلى الحج أو العمرة ِ‬
‫ص بعض العلماء في ذلك لداء الفريضة‪-‬أي‬ ‫خ َ‬ ‫ح ‪ ..‬نعم ر ّ‬ ‫ص ّ‬ ‫ذلك ل ي ِ‬
‫من الثَقاة ومعهم نساء‬ ‫ط أن يكون هنالك رجال ِ‬ ‫شْر ِ‬ ‫جة الفريضة‪-‬ب َ‬ ‫ح ّ‬‫لِ َ‬
‫حَرم‬ ‫م ْ‬ ‫ما أن تذهب امرأة مع رجل أجن َِبي ول يوجد َلها َ‬ ‫مهم‪ ،‬أ ّ‬ ‫حارِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫من َ‬ ‫ِ‬
‫ه إل امرأة أو امرأتان‬ ‫مع َ ُ‬ ‫من أهل الصلح أو ليست َ‬ ‫أو هذا الرجل ليس ِ‬
‫طؤ وتقع هنالك معصية‬ ‫وا ُ‬ ‫من ُيمكن أن يقع بينهم الت ّ َ‬ ‫م ّ‬‫أو ما شابه ذلك ِ‬
‫من العلماء‪،‬‬ ‫ما َلم يقل به أحد ٌ ِ‬ ‫م ّ‬‫من معاصي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فهذا ِ‬ ‫ِ‬
‫ص فيه‪ ،‬فهذه المور‬ ‫خ َ‬ ‫وكذلك بالنسبة إلى حج النافلة فل ينبغي أن ُيتر ّ‬
‫ه إليها‪.‬‬ ‫ينبغي أن ي ُت َن َب ّ َ‬
‫من طاعات الله تبارك‬ ‫والنسان إذا كان يريد أن يقوم بالتيان بطاعة ِ‬
‫سَنن التي‬ ‫من ال ّ‬ ‫سّنة ِ‬ ‫ن فرائض الله أو ب ُ‬ ‫م ْ‬‫وتعالى ‪ ..‬أن يأتي بفريضة ِ‬
‫ثبتت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬فإّنه ينبغي له أن يأتي‬
‫ب َِها على الوجه الصحيح‪ ،‬وأل ّ يذهب إلى تأدية الحج‪-‬سواء كان فريضة أو‬
‫مخاِلف لمره ولمر رسوله صلى‬ ‫ص لله تبارك وتعالى ‪ُ ..‬‬ ‫عا ٍ‬ ‫نافَِلة‪-‬وهو َ‬
‫ن أو مع‬ ‫محارمه ّ‬ ‫الله وسلم وبارك عليه‪ ،‬فعلى النساء أل ّ يذهبن إل مع َ‬
‫ن لتأدية‬ ‫مهم وأن ُيرافُقوهُ ّ‬ ‫حارِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن‪ ،‬وعلى الرجال أن يتعاونوا مع َ‬ ‫أزواجه ّ‬
‫ما ينبغي أن‬ ‫م ّ‬
‫حَرم فهذا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن‪ ،‬أما أن تذهب المرأة مع غير َ‬ ‫ب عليه ّ‬ ‫ج َ‬ ‫ما وَ َ‬
‫دد ِفيه؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ش ّ‬‫ي ُت َ َ‬
‫من حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1422‬هه‪ ،‬يوافقه ‪28/11/2001‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫س ‪... :9‬‬
‫مر‪-‬وهذا‬ ‫َ‬
‫ج‪ ... :‬الذي وََرد عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه أ َ‬
‫من الحج ِبأن ُيقصرن شعر‬ ‫ن ِ‬ ‫حل ّل ِهِ ّ‬‫مرِ الله تعالى‪-‬النساء عند ت َ َ‬ ‫امِتثال ل ْ‬
‫دا‪.‬‬
‫ج ّ‬‫سيٌر ِ‬‫سِهن‪ ،‬وذلك قد ٌْر ي َ ِ‬ ‫رؤو ِ‬
‫‪...‬‬
‫من حلقة ‪ 19‬رمضان ‪1422‬هه‪ ،‬يوافقه ‪5/12/2001‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫س ‪... :3‬‬
‫من‬ ‫ول َ‬ ‫ن القول الصحيح هو قَ ْ‬ ‫ج‪ ... :‬وهذا ي َن ْط َب ِقُ على الحج َتماما‪ ،‬فإ ّ‬
‫جب على الَفور‪:‬‬ ‫َيقول إّنه ي َ ِ‬
‫جَلن إليه‬ ‫َ‬
‫‪1‬‬
‫ِبالَفوْرِ أن ي ُعَ ّ‬ ‫ة عليه‬ ‫جد َ استطاع ً‬ ‫من وَ َ‬ ‫َ‬

‫‪-1‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الحج‪ ،‬باب‪:‬‬
‫النيابة في الحج‪.‬‬
‫‪418‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ؤدي هذه الفريضة على الفور‪ ،‬وليس له‬ ‫من استطاع الحج عليه أن ي ُ َ‬ ‫ف َ‬
‫خر بدعوى أنه َيجوز التأخير‪.‬‬ ‫أن يؤ ّ‬
‫حَتج ببعض الحاديث التي َلم تثبت عن رسول الله‪-‬‬ ‫صي وي َ ْ‬ ‫وبعضهم ُيو ِ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬كحديث‪ " :‬يدخل بالحجة الواحدة ثلثة‬
‫ل الله صلى الله عليه‬ ‫سو ِ‬ ‫" وما شابه ذلك‪ ،‬فهذه أحاديث ل تثبت عن َر ُ‬
‫َ‬
‫سى‬ ‫ن عَ َ‬ ‫مادي‪ ... { :‬وَأ ْ‬ ‫حذ َّرَنا عن الت ّ َ‬‫وعلى آله وسلم‪ ،‬والله‪-‬تعالى‪-‬قد َ‬
‫‪1‬‬
‫َ‬ ‫َأن ي َ ُ‬
‫م ‪ ] } ...‬سورة العراف‪ ،‬من الية‪،[ 185 :‬‬ ‫جل ُهُ ْ‬ ‫بأ َ‬ ‫ن قَدِ اقْت ََر َ‬ ‫كو َ‬
‫دي هذه العبادة‪-‬التي هي‬ ‫من استطاع عليه أن ي ُؤَ ّ‬ ‫ما ل َيصح‪ ،‬ف َ‬ ‫م ّ‬ ‫فالتأخير ِ‬
‫ور‪.‬‬ ‫من أركان السلم‪-‬على الَف ْ‬ ‫ُركن ِ‬
‫من حلقة ‪ 20‬رمضان ‪1422‬هه‪ ،‬يوافقه ‪6/12/2001‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫س ‪... :1‬‬
‫ج‪... :‬‬
‫ة‬
‫طب فيهما ِبخطب ٍ‬ ‫خ َ‬ ‫طبةِ عرفة هل ي ُ ْ‬ ‫خ ْ‬ ‫خط ْب َةِ العيد و ُ‬ ‫ما ِبالنسبة إلى ُ‬ ‫وأ ّ‬
‫خطبت َْين ؟ فهذا قد اختَلف فيه أهل العلم‪:‬‬ ‫واحدة أو ُيخطب فيهما ب ِ ُ‬
‫ة‬
‫خطب ٍ‬ ‫مْنهم إلى أّنه ُيخطب في كل واحدةٍ منهما ب ِ ُ‬ ‫ت طائفة كبيرة ِ‬ ‫‪-1‬ذهب ْ‬
‫ت عن النبي‪-‬صلى الله‬ ‫ت الصحيحة التي جاء ْ‬ ‫ن الروايا ِ‬ ‫واحدة‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫ت على أ ّ‬ ‫ص ْ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬ن َ ّ‬
‫ة واحدة‪.‬‬ ‫طب خطب ً‬ ‫وسلم‪-‬كان َيخ ُ‬
‫ن‬‫ل ِبمشروعية الخطب َت َي ْ ِ‬ ‫من أهل العلم إلى القو ِ‬ ‫‪-2‬وذهبت طائفة ِ‬
‫ما‪.‬‬
‫والجلوس ب َي ْن َهُ َ‬
‫ضهم إلى مشروعيةِ الخطبتْين وعدم الجلوس‪.‬‬ ‫‪-3‬وذهب بع ُ‬
‫ل القائلون ِبالخطبتْين ِبحديث َْين‪ :‬جاء أحدهما في صلةِ العيد وله‬ ‫واستد ّ‬
‫خط ْب َةِ عََرفة‪:‬‬ ‫شاهد أيضا‪ ،‬وجاء أحدهما في ُ‬
‫‪...‬‬
‫ن النبي‪-‬‬ ‫ة فيها‪-‬أيضا‪-‬أ ّ‬ ‫ت رواي ٌ‬ ‫خط َْبة عََرفة فإّنه قد جاء ْ‬ ‫ما ِبالنسبة إلى ُ‬ ‫وأ ّ‬
‫خط َْبتْين‪ ،‬ولكن هذه الرواية ل‬ ‫خط َ َ‬
‫ب ُ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ -‬‬
‫صح لّنها قد رواها المام الشافعي وعَْنه المام البيهقي في " السنن‬ ‫تَ ِ‬
‫وى‬ ‫من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي َيحيى وغيره وقد قَ ّ‬ ‫الكبرى " ِ‬
‫ن إبراهيم بن محمد بن أبي َيحيى وإن‬ ‫ض العلماء فقال‪ " :‬إ ّ‬ ‫مَرها بع ُ‬ ‫أ ْ‬
‫كان متروكا لكنه َلم ي َت ََفّرد إذ تابعه ذلك الشخص " ولكن ذلك الشخص‬
‫مكن أن‬ ‫مب َْهم فُيمكن أن يكون ث َِقة وُيمكن أن يكون ضعيفا وي ُ ْ‬ ‫كما ترون ُ‬
‫مد على روايِته‬ ‫مجهول ومادام المر كذلك فل ُيمكن أن ُيعت َ‬ ‫يكون َ‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬وعسى " وهو سبق لسان إن كان الشيخ قصد الية‪.‬‬
‫‪419‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ة الصحيحة‬ ‫ت الرواي َ‬ ‫ن هذه الرواية قد خال ََف ْ‬ ‫هر أّنه ضعيف وذلك ل ّ‬ ‫والظا ِ‬
‫الثابَتة عن النبي صلى الله عيه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫هذا وِبمناسبة ذِك ْرَِنا ِلخطبة عرفة‪:‬‬
‫ن النِبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫‪-1‬فإنه قد َرَوى أبو داود أ ّ‬
‫صح فقد رواها أبو داود وفي إسناِده‬ ‫من َْبر‪ ،‬وهذه الرواية ل ت َ ِ‬ ‫طب على ِ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬
‫خاِلفة ِللروايةِ الصحيحة الثابتة عن النبي‪-‬صلى الله‬ ‫م َ‬ ‫جُهول‪ُ ،‬ثم إّنها ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬أّنه خطب وهو على ظْهر َناقَِته‪ ،‬فمثل هذه‬
‫من َْبر‬
‫طب على ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫طب ل َينبغي أن ي َ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫مد عليها‪ ،‬ف َ‬ ‫الرواية‪-‬أيضا‪-‬ل ي ُعْت َ َ‬
‫ن على شيء اللهم إل‬ ‫ن غيرِ أن يكو َ‬ ‫م ْ‬ ‫طب واِقفا ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫أو ما شابه ذلك بل ي َ ْ‬
‫خص‬ ‫ن ي ُت ََر ّ‬
‫كن أ ْ‬ ‫دوَنه فُيم ِ‬ ‫ض الناس ل ُيشاهِ ُ‬ ‫ج إلى ذلك ِبأن كان بع ُ‬ ‫إذا احتا َ‬
‫ن‬
‫نأ ّ‬ ‫كن ل أظ ّ‬ ‫ل النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬على َناقَِته وَل َ ِ‬ ‫ِبفع ِ‬
‫ل ذلك‪.‬‬ ‫ة َتدعو إلى مث ِ‬ ‫الحاج َ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى‬ ‫ث عن النبي ‪ e‬فيه أ ّ‬ ‫م إّنه قد جاء حدي ٌ‬ ‫‪-2‬ث ُ ّ‬
‫طب ِلعرفة بعد أن صّلى الظهر والعصر‪ ،‬وهذه الرواية‬ ‫خ َ‬‫آله وسّلم‪َ -‬‬
‫رواها أحمد ورواها‪-‬أيضا‪-‬أبو داود وفي إسنادها ابن إسحاق وهو وإن‬
‫خاِلف غيَره ولكّنه هاهنا قد‬ ‫ح ِبالسماع إذا َلم ي ُ َ‬ ‫حَتج ِبه إذا صّر َ‬ ‫كان ي ُ ْ‬
‫ف الثقات الذين َرووا أنّ النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫خال َ َ‬
‫مة فقد ي َظ ُ ّ‬
‫ن‬ ‫مه ِ ّ‬ ‫ت التنبيه على هذا لنّ فيه فائدة ُ‬ ‫ل ذلك ‪ ..‬أرد ُ‬ ‫طب قب َ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬
‫كن أن ي َُقال‬ ‫م ِ‬
‫مت ََعاِرض أو ما شابه ذلك مع أّنه ل ي ُ ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫بأنّ الفع َ‬ ‫ض ِ َ‬ ‫البع ُ‬
‫ل هذه الحادثة لنّ النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ل َ ْ‬
‫م‬ ‫ب ِت َعَد ّدِ مث ِ‬
‫مّرة واحدة في عرفة وهي‬ ‫طب إل َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ذلك َلم ي َ ْ‬ ‫مّرة واحدة ول ِ َ‬ ‫حج إل َ‬ ‫يَ ُ‬
‫ل هذه‬ ‫ض الناس َيقولون في مث ِ‬ ‫لن بع َ‬ ‫ّ‬ ‫صلة‪،‬‬ ‫ل ال ّ‬ ‫الخطبة التي كانت قب َ‬
‫حوا ِبه في هذه وإّنما صّرحوا‬ ‫صّر ُ‬‫المور ِبأّنه َيجوز المَران وإن كانوا َلم ي ُ َ‬
‫ل ذلك ‪...‬‬ ‫ِبه في مث ِ‬
‫س ‪... :5‬‬
‫من حديث‬ ‫ج‪ ... :‬ثبت عن الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ِ -‬‬
‫من الحرام في الموضع‬ ‫رط أن َتخُرج ِ‬ ‫عة حيث إنه أجاز لها أن َتشت ِ‬ ‫ضَبا َ‬ ‫ُ‬
‫طر إلى الخروج فيه ‪...‬‬ ‫الذي َتض َ‬
‫من حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1422‬هه‪ ،‬يوافقه ‪10/12/2001‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫س ‪... :1‬‬
‫ج‪... :‬‬
‫ضل‬ ‫وجاءت رواية عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬فيها ف ْ‬
‫صيام ِ يوم ِ التروية‪ ،‬ولم َيثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫‪420‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫أنه صامه في الحج‪ ،‬أما بالنسبة إلى غير الحج فجاءت بعض الروايات‬
‫ن‬‫شر ولك ّ‬ ‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬كان َيصوم الع ْ‬ ‫أ ّ‬
‫الرواية الصحيحة فيها أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم َيكن‬
‫من غيرها‪،‬‬ ‫شر أفضل ِ‬ ‫ن العمل الصالح في الع ْ‬ ‫َيصوم ذلك ‪ ..‬نعم جاء أ ّ‬
‫وأما رواية يوم التروية فإنها رواية باطلة ل َتثبت عن النبي صلى الله‬
‫ن في إسنادها كذابا وفي إسنادها‪-‬أيضا‪-‬مجهول‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ل ّ‬
‫مل على ذلك الكذاب الذي هو الكلبي المشهور بالكذب‪.‬‬ ‫ن الح ْ‬‫ولك ّ‬
‫‪...‬‬
‫والصيام‪-‬أيضا‪-‬الذي أمر به النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬
‫من كل شهر وهي أيام الليالي‬ ‫ت أن أذكره سابقا‪-‬صيام ثلثة أيام ِ‬ ‫ونسي ُ‬
‫من كل شهر إل‬ ‫البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ِ‬
‫ن ذلك مكروه‪ ،‬لثبوت النهي عن‬ ‫من شهر ذي الحجة فإ ّ‬ ‫الثالث عشر ِ‬
‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬عن صيام أيام التشريق‪.‬‬
‫من اليام التي ثبت النهي عن صيامها أيام التشريق‪.‬‬ ‫و ِ‬
‫‪ ...‬قد ثبت النهي عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬عن‬
‫صيامها‪ ،‬وقد اختلف العلماء في هذا النهي‪:‬‬
‫حملته طائفة على التحريم‪.‬‬
‫وحملته طائفة أخرى على الكراهة‪.‬‬
‫والقول بالكراهة هو الذي ذهب إليه الكثرون ولكن ل ينبغي لحد أن‬
‫َيصوم ذلك حتى على القول بالكراهة‪ ،‬وهذا أمر واضح ‪ ..‬نعم ثبت‬
‫من لم َيجد‬ ‫خلف بين أهل العلم في صيام أيام التشريق بالنسبة ل ِ َ‬
‫ن القارن عليه‬ ‫من يقول بأ ّ‬ ‫الهدي أي بالنسبة للمتمتع والقارن على قول َ‬
‫هدي ‪ ..‬اختلف العلماء في هل ُيشَرع لهما الصيام في هذه اليام أو ل ؟‬
‫ذهبت طائفة إلى مشروعية ذلك‪ ،‬واحتجوا برواية مروية عن السيدة‬
‫من‬‫ة للرفع وللوقف‪ ،‬وقد جاء ِ‬ ‫مل ٌ‬‫عائشة‪-‬رضي الله تعالى عنها‪-‬وهي محت ِ‬
‫طريق أخرى التنصيص على أنها مرفوعة عن النبي‪-‬صلى الله عليه‬
‫ص في الرفع ل َتثبت‪،‬‬ ‫ن هذه الرواية التي هي ن ّ‬ ‫وعلى آله وسلم‪-‬ولك ّ‬
‫من طريق ل َتصح‪ ،‬وإنما الصحيحة هي الرواية الولى ولكنها‬ ‫لنها جاءت ِ‬
‫ملة للرفع وللوقف‪ ،‬وِلمناقشة ذلك موضع آخر بمشيئة الله تبارك‬ ‫محت ِ‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫من لم‬ ‫من الصيام المكروه صيام يوم الجمعة وهذه الكراهة مقّيدة ب ِ َ‬ ‫و ِ‬
‫يصم قبله يوما ول بعده يوما‪-‬كما جاء ذلك في الحديث الصحيح الثابت‬
‫من صام قبله‬ ‫عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أما َ‬
‫يوما أو صام بعده يوما فل كراهة في ذلك‪.‬‬

‫‪421‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وقد اختلف العلماء في صيام يوم الجمعة إذا صادف يوم عرفة أو يوم‬
‫عاشوراء مثل‪:‬‬
‫من أهل العلم إلى مشروعية صيامه‪ ،‬لجل أنه يوم عرفة‬ ‫ذهبت طائفة ِ‬
‫أو لجل أنه يوم عاشوراء‪.‬‬
‫من أهل العلم إلى كراهته‪ ،‬لجل النهي عن صيام يوم‬ ‫وذهبت طائفة ِ‬
‫الجمعة‪.‬‬
‫من شهر ذي الحجة لجل‬ ‫والفضل للنسان ‪ ...‬أن يصوم اليوم الثامن ِ‬
‫من لم يصم ذلك ولسيما بالنسبة إلى‬ ‫من هذا الخلف ولكن َ‬ ‫الخروج ِ‬
‫يوم عرفة إذا فاته ذلك مثل هل ُيشَرع له أن يصوم أو ل ؟ في ذلك‬
‫ن صيامه مشروع ‪ ..‬هذا هو‬ ‫خلف بين أهل العلم‪ ،‬والذي َيظهر لي أ ّ‬
‫الصواب‪ ،‬وتقرير ذلك َيحتاج إلى وقت ولعلنا نتكلم على ذلك في‬
‫مناسبة أخرى بمشيئة الله لنه سُيصاِدف على احتمال قوي في هذه‬
‫السنة ‪ ..‬يوم عرفة سُيصاِدف يوم الجمعة فلعلنا نتعرض لذلك بمشيئة‬
‫من قال بصيامه‪،‬‬ ‫ت‪-‬هو قول َ‬ ‫ن الصحيح‪-‬كما قل ُ‬ ‫الله قبل هذا اليوم‪ ،‬ولك ّ‬
‫من مثل هذه الخلفات ولسيما‬ ‫رج النسان نفسه ِ‬ ‫حب بأن ُيخ ِ‬ ‫والمست َ‬
‫مع قوة تعارض الدلة فيها‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫ج الفريضة ولكن ليس لديها محرم إنما‬ ‫س ‪ :4‬تريد أن َتحج ح ّ‬
‫َتخرج مع نساء المسلمين‪.‬‬
‫من النهي‬ ‫ج‪ :‬الصل أن تذهب المرأة مع زوجها أو مع محرمها‪ِ ،‬لما جاء ِ‬
‫عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬عن سفر النساء مع غير‬
‫المحارم‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪ ،‬وينبغي للزواج أن يتعاونوا مع زوجاتهم وينبغي للمحارم أن‬
‫ن في هذا التعاون ما ل يخفى‬ ‫من النساء‪ ،‬ل ّ‬ ‫يتعاونوا مع‪-‬أيضا‪-‬أقاربهم ِ‬
‫من أهل العلم‬ ‫من التعاون على الخير والب ِّر والتقوى‪ ،‬بل ذهبت طائفة ِ‬ ‫ِ‬
‫إلى أنه َيجب على الزوج أن ُيساِفر مع زوجته لداء فريضة الحج إذا‬
‫من ذلك مانع‪ ،‬وهذا القول وإن كنا ل‬ ‫كان ل َيجد عذرا شرعيا ول َيمنعه ِ‬
‫نقول به بل نقول بعدم وجوب ذلك عليه ولكننا َنحّثه على ذلك‪،‬‬
‫ضل الحج إذا كان متقيا لله تعالى‪ ،‬ول َيخفى ما‬ ‫وسَيحصل أيضا على ف ْ‬
‫ضل‪ ،‬كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫من ف ْ‬ ‫في الحج ِ‬
‫من أهل العلم إلى أنه ليس‬ ‫وسلم‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬ذهبت طائفة ِ‬
‫حَرم فإن لم َتجد‬ ‫م ْ‬
‫للمرأة أن ُتساِفر إلى فريضة الحج إل مع زوج أو َ‬
‫صي بذلك إل‬ ‫حَرما فليس لها أن ُتساِفر بل َيجب عليها أن ُتو ِ‬ ‫م ْ‬‫زوجا أو َ‬
‫من العلماء‬ ‫من فعل ذلك‪ ،‬وذهبت طائفة ِ‬ ‫من اليام ِ‬ ‫كنت في يوم ِ‬ ‫إذا َتم ّ‬
‫من‬ ‫من الناس ِ‬ ‫ت رفقة ِ‬ ‫إلى أنها َيجوز لها أن َتذهب إلى الحج إذا َوجد ْ‬
‫‪422‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من أهل العلم‪،‬‬ ‫خص فيه كثير ِ‬ ‫أهل الصلح معهم نساء‪ ،‬وهذا القول َتر ّ‬
‫ت به فل حرج ولكن ليس لها أن ُتساِفر مع شخص واحد ‪..‬‬ ‫َ‬
‫فإذا أخذ ْ‬
‫من النساء أو‬ ‫من الناس َيذهب الواحد ومعه مجموعة كبيرة ِ‬ ‫جد كثير ِ‬‫يو َ‬
‫خص‬ ‫من النساء وهذا لم ُير ّ‬ ‫يذهب اثنان أو ما شابه ذلك مع مجموعة ِ‬
‫خصوا إذا كانت‬ ‫ددوا فيه‪ ،‬وإنما ر ّ‬ ‫من أهل العلم‪ ،‬وإنما ش ّ‬ ‫فيه أحد ِ‬
‫من أهل الصلح ول ُيخشى عليها‪ ،‬فهذا‬ ‫مجموعة كبيرة مع نساء والكل ِ‬
‫كن أن نقول بالوجوب‪ ،‬ونظرا لضيق‬ ‫ترخيص‪ ،‬وأما الوجوب فل ُيم ِ‬
‫صر‪ ،‬ولعلنا نطيل في ذلك مرة أخرى‪.‬‬ ‫المقام فأكتفي بهذا المخت َ‬
‫من حلقة ‪23/12/2001‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫عام ‪1423‬هه‬

‫و واجب ؟‬ ‫س ‪ :16‬طواف الوداع في العمرة‪ ،‬هل هُ َ‬


‫ج‪ :‬اختلَف العلماء في طواف الوداع للعمرة‪:‬‬
‫طواف للوداع بالنسبة‬ ‫ٌ‬ ‫شرَع‬ ‫هلِ العلم إلى أنّه ل يُ ْ‬ ‫ن َأ ْ‬
‫ذهبت طائفة مِ ْ‬
‫م َيثْبُت عن‬ ‫لنه لَ ْ‬ ‫ك ّ‬ ‫كي‪ ،‬وذَِل َ‬ ‫م ّ‬‫للعمرة وإنّما هو خاص بالحجّ ل َِغْيرِ اله َ‬
‫أنه طاف للوََداع‬ ‫النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه وعلى آله وصحبه‪ّ -‬‬
‫مرَ‪.‬‬‫دمَا اعْتَ َ‬ ‫َبْع َ‬
‫مر أن يطوف‬ ‫المعت ِ‬
‫َ‬ ‫رع في حَ ّ‬
‫ق‬ ‫ش َ‬‫وذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أنّه يُ ْ‬
‫للوداع‪ ،‬وذلك لنّ النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه وعلى آله وصحبه‪َ-‬قد‬
‫العْهد‬
‫جَعلوا طواف الوداع آخِر َ‬ ‫ر الناس بأن يَ ْ‬ ‫وأمَ َ‬
‫طافَ للوداع بعد الحج َ‬ ‫َ‬
‫شرَّفه الله تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫بالبيت َ‬
‫رَوى عن النبي‪-‬صلى الله‬ ‫ج بعض العلماء على ذلك‪-‬أيضا‪-‬برواية تُ ْ‬ ‫واحَت ّ‬
‫ْ‬
‫ل على مشروعية طواف الوََداع‬ ‫تد ّ‬
‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ُ -‬‬
‫ن حيث إسنادها‪.‬‬ ‫مر ولكن تلك الرواية ل تثبت مِ ْ‬ ‫للمْعتَ ِ‬ ‫ُ‬
‫فالتعويل على هذا المر الذي ذََكرَْناه مِن طواف النبي صلى الله عليه‬
‫واف‬ ‫دم طَ َ‬ ‫وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وذلك أنّ هذا هو آخر العَْهدين‪ ،‬فََع َ‬
‫قدّم على طوافه‬ ‫للوَداعِ للعمرة مَُت َ‬ ‫النِبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪َ -‬‬ ‫ّ‬
‫ذِلك ل‬ ‫ول َ‬
‫لقة له بالحج‪ِ ،‬‬ ‫َ‬ ‫للوداع للحج‪ ،‬وهذا الطواف‪-‬كما هو معلوم‪-‬ل عَ‬
‫ام المر كذلك فهو‬ ‫ع في حقّه أبدا‪ ،‬وما دَ َ‬ ‫شرَ ُ‬‫ي بل ل يُ ْ‬ ‫مكّ ّ‬‫ه اله َ‬ ‫مر بِ ِ‬ ‫ؤ َ‬ ‫ُي ْ‬
‫ق في ذلك بين‬ ‫شرَّفه الله تبارك وتعالى‪ ،‬ول فَرْ َ‬ ‫روعٌ لوداع البيت َ‬ ‫ش ُ‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫دم فِْعل النبي‪-‬صلوات الله عليه وسلمه‪-‬له في‬ ‫فع َ‬‫مر‪َ ،‬‬ ‫والمعَت ِ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫الحاج‬
‫روعا في ذلك الزمان فلذلك‬ ‫ش ُ‬‫أنه لَم يكن مَ ْ‬ ‫طواف العمرة الظاهر ّ‬
‫دة قصيرة‬ ‫ادات وتكون بَعد مُ ّ‬ ‫رع العَِب َ‬ ‫ش َ‬
‫مان كانت تُ ْ‬ ‫رَكه‪ ،‬وفي ذلك الزّ َ‬ ‫َت َ‬
‫ظات بين مشرُوعِّية‬ ‫ح َ‬ ‫من في بعض الحيان بل قَد تكون هنالك َل َ‬ ‫ن الزّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫‪423‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫روعٌ‬ ‫الوَداع مشْ ُ‬ ‫اف َ‬ ‫و َ‬ ‫ن طَ َ‬ ‫هو َأ ّ‬ ‫ذلك‪َ -‬‬ ‫م آخر‪ ،‬والذي يظهر لَن َا‪ِ-‬ل َ‬ ‫وحكْ ٍ‬
‫م ُ‬ ‫حكْ ٍ‬‫ُ‬
‫ق عليه ِلَغْيرِ الحائض والنفساء‪،‬‬ ‫ف ٌ‬ ‫للحج والعمرة‪ ،‬إل أَّنه في الحج مُتّ َ‬
‫سه أو‬ ‫ف ِ‬ ‫واختلف العلماء في المريض الذي ل يستطيع الطواف سواء بَِن ْ‬ ‫َ‬
‫أن يطوف به غيره هل يَجب عليه الدّم أو ل يَجب عليه ؟ والصحيح بأنّهُ‬
‫ذُرون عن‬ ‫م ل يُْع َ‬ ‫عدَا َذلك فإنُّه ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذُر كما تُْعذَُر الحائض والنفساء‪ ،‬أما مَ ْ‬ ‫ُيْع َ‬
‫وبه‪،‬‬‫ج ِ‬ ‫ر على وُ ُ‬ ‫والْكثَ ُ‬
‫َ‬ ‫وب الدّم عليهم‪،‬‬ ‫طواف الوداع‪ ،‬وإن اخْتُِلفَ في ُوجُ ِ‬
‫صل‬‫المختََلفَ فيه ل َي ِ‬ ‫ْ‬ ‫ختََلف فيه‪ ،‬ول شك بأنّ‬ ‫رة مُ ْ‬ ‫م َ‬
‫سَبة إلى العُ ْ‬ ‫وأما بالنّ ْ‬
‫رع فل‬ ‫ش َ‬‫فق عليه فإذَا َترََكه بعض الناس ظَّنا بأنّه ل يُ ْ‬ ‫إلى درجة المتّ َ‬
‫ف الحكم فإنّه‬ ‫د أن يَْعرِ َ‬ ‫ن بَْع َ‬
‫ك ْ‬‫ول ِ‬
‫شيئَة الله تبارك وتعالى‪َ ،‬‬ ‫م ِ‬ ‫شيء عليه بِ َ‬
‫الدم؛‬‫ه ّ‬ ‫م ُ‬
‫ن ُأْلزِ َ‬ ‫وى على َأ ْ‬ ‫ل ينبغي َله أن يتهاون بذلك وإن كنتُ ل أَْق َ‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 24‬جمادى الولى ‪1423‬هه‪ ،‬يوافقه ‪4/8/2002‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫س ‪... :1‬‬
‫ج‪... :‬‬
‫وأما بالنسبة إلى العمرة فقد جاء في فضلها‪-‬أيضا‪-‬أحاديث عن النبي‬
‫صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وأما أّنها في شهر رجب بالخصوص فلم‬
‫يثبت في ذلك شيء‪ ،‬وما جاء عن ابن عمر‪-‬رضي الله تبارك وتعالى‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قد اعتمر‬ ‫عنهما‪-‬مِن أ ّ‬
‫منه رضوان الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليه‪ ،‬وقد‬ ‫هم ِ‬ ‫في شهر رجب فذلك َو ْ‬
‫ن ابن‬ ‫َردّته عليه السيدة عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنها‪-‬وذكَرت بأ ّ‬
‫عمر‪-‬رضي الله تعالى عنهما‪-‬قد اعتمر مع النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪-‬في كل عمراته التي اعتمرها‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬ولم‬
‫من ذلك في شهر رجب؛ وكذلك لم يأت شيء في فضل‬ ‫يكن شيء ِ‬
‫ن‬
‫من غير أن يَعتقد بأ ّ‬ ‫من الحاديث القولية؛ َفمن اعتمر في ذلك ِ‬ ‫ذلك ِ‬
‫ذلك ثابت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فل شيء‬
‫مما ل ينبغي؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫عليه‪ ،‬أما أن يعتقد ثبوت ذلك فهذا ِ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 15‬رجب ‪1423‬هه‪ ،‬يوافقه ‪22/9/2002‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫س ‪... :15‬‬
‫ج‪ ... :‬لم يثبت عن النبي صلوات الله وسلمه عليه ول عن صحابته‬
‫الكرام بأنهم كانوا يتلفظون بشيء من هذه النيات ‪ ..‬لم يثبت أنهم‬
‫كانوا يتلفظون بنية للصلة أو بنية للصيام أو بنية للحج ‪ ..‬نعم يَُلبون‬

‫‪424‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بذكر الحج والعمرة‪ ،‬أما أن يقول الواحد‪ " :‬اللهم إني نويت الحج‬
‫فيسره لي وتقبله مني " أو ما شابه ذلك من اللفاظ فل ‪...‬‬
‫من حلقة ‪ 1‬رمضان ‪1423‬هه‪ ،‬يوافقه ‪7/11/2002‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫جة وصيام شهرين لكفارة‬ ‫ح ّ‬‫س ‪ :9‬توفي أحد الشخاص وأوصى بِ َ‬
‫كانت عليه وعنده ولد وابنتان‪ ،‬فإذا جاز الصيام عنه فهل يجوز أن يجزئ‬
‫الشهرين على البناء ؟‬
‫ج‪ :‬لبد مِن إنفاذ هذه الوصية‪:‬‬
‫فعلى الوصي أن يقوم بالحج عن ذلك الشخص أو بتأجير غيره وينبغي‬
‫جة قريبا مِن ذلك المتوفى فإنّ ذلك‬ ‫ح ّ‬ ‫أن يكون الذي يقوم بتأدية هذه اله َ‬
‫أولى‪ ،‬بل ذهب بعض العلماء إلى أنه ل ينوب عن المتوفى أو العاجز إل‬ ‫ْ‬
‫القريب‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫س ‪ :14‬البعض يكتب وصيته فيطاِلب ورثته بالصيام عنه أو كفارة‬
‫شهرين أو الحج‪.‬‬
‫نفذ الورثة وصيتَه ول يَجوز لهم أن‬ ‫ج‪ :‬مَن أوصى بشيء فلبد مِن أن يُ ّ‬
‫َيتركوا ذلك إذا كان ماله يبلغ المقدار الذي يمكنهم أن ينفذوا منه تلك‬
‫الوصية‪ ،‬فمَن أوصى بحج أو بصيام سواء كان ذلك كفارة أو كان غير‬
‫ومن المعلوم أنّ الوصية بالحج وبالكفارات‬ ‫من إنفاذ وصيته‪ِ ،‬‬ ‫ذلك فلبد ِ‬
‫والصيام إذا كان ذلك واجبا عليه أنه يخرج مِن رأس المال‪ ،‬ل مِن‬
‫ختلف؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫الثلث‪ ،‬أما إذا كان ذلك ليس واجبا عليه فإنه يَ ِ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 7‬رمضان ‪1423‬هه‪ ،‬يوافقه ‪13/11/2002‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫مَعه للزواج أو‬‫ج َ‬‫مع مال لشراء سيارة أو ب َْيت أو َ‬ ‫ج َ‬
‫س ‪ :6‬شخص َ‬
‫الحج وحال عليه الحول‪ ،‬هل فيه الزكاة ؟‬
‫ج به أو اشترى به ذلك البيت‬ ‫ج‪ :‬نعم ‪َ ..‬تجب فيه الزكاة‪ ،‬فإن ت ََزّوج أو ح ّ‬
‫حول عليه الحول فل شيء فيه ولو‬ ‫ريده أو تلك السيارة قبل أن ي َ ُ‬ ‫الذي ي ُ ِ‬
‫ل عليه الحول فإّنه َيجب عليه أن‬ ‫حا َ‬‫ما إذا َ‬ ‫كان ذلك قبل ي َوْم ٍ واحد‪ ،‬أ ّ‬
‫صاب؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫كاة إذا كان ي َب ْل ُغُ الن ّ َ‬‫ه الّز َ‬
‫من ْ ُ‬‫ج ِ‬ ‫خرِ َ‬
‫يُ ْ‬
‫من حلقة ‪ 9‬رمضان ‪1423‬هه‪ ،‬يوافقه ‪15/11/2002‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫س ‪... :2‬‬
‫حة‪ ،‬وهو‬‫ص ّ‬
‫ط ِ‬ ‫ج‪ ... :‬فمن تلك الشروط‪ :‬السلم‪ ،‬وهذا الشرط شر ُ‬
‫ط في كل العبادات‪ ،‬وإذا وجدنا اشتراط السلم فمعنى ذلك أنه ل‬ ‫شر ٌ‬
‫‪425‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ح من الكافر شيء من العبادات رأسا‪ ،‬فإذا قيل باشتراط ذلك في‬ ‫َيص ّ‬
‫ن‬
‫بعض العبادات الواجبة‪-‬كالحج والصلة والصيام والزكاة‪-‬فمعنى ذلك أ ّ‬
‫ح‬ ‫طب بذلك‪ ،‬على أص ّ‬ ‫طب بذلك‪ ،‬بل هو مخا َ‬ ‫ح‪ ،‬ل أنه ل ُيخا َ‬ ‫ذلك ل َيص ّ‬
‫ل له الدلة الكثيرة من كتاب الله تبارك‬ ‫القوال وأشهرها‪ ،‬وهو الذي تد ّ‬
‫وتعالى‪... ،‬‬
‫ن الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫‪ ...‬الشتراط في الحج‪ ،‬فإ ّ‬
‫كن من إتمام مناسك الحج أن َيشترط بأنه‬ ‫من َيخاف أل ّ َيتم ّ‬ ‫خص في َ‬ ‫َر ّ‬
‫كن من مواصلة الحج فيه‪... ،‬‬ ‫يحل في الموضع الذي ل َيتم ّ‬
‫من حلقة ‪ 10‬رمضان ‪1423‬هه‪ ،‬يوافقه ‪16/11/2002‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫س ‪ :2‬هل تجوز الصلة في الطابق الثاني بالمسجد الحرام إذا‬
‫كان الطابق الول غير ممتلئ ؟ لعله يقصد الدور الرضي والطابق‬
‫الول المقصود به الثاني كما يبدو‪.‬‬
‫من الصلة في الطابق الول أو في الدور الرضي‬ ‫ج‪ :‬إذا تمكن النسان ِ‬
‫فذلك هو الْولى‪ ،‬ولكنه إذا صلى في الطابق الول أو في الثاني فصلته‬
‫من‬ ‫ت‪-‬إذا تمكن ِ‬ ‫تعتَبر صحيحة بمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬ولكنه‪-‬كما قل ُ‬
‫الصلة حول الكعبة في ذلك المكان فهذا هو الْولى؛ والله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :12‬هل يستحب أن يكون الطواف حول الكعبة بين الكعبة‬
‫من خلف مقام‬ ‫ومقام سيدنا إبراهيم ‪ u‬أو أنه ل يوجد ما يعيب الطواف ِ‬
‫سيدنا إبراهيم ‪ u‬؟‬
‫ن ذلك أفضل إذا كان ل يؤذي‬ ‫ج‪ :‬كلما كان الطائف أقرب إلى الكعبة فإ ّ‬
‫ن‬
‫ب ذلك الخشوع فإ ّ‬ ‫غيره ول يؤذيه غيره‪ ،‬أما إذا تأذى بذلك وأذه َ‬
‫من ذلك‪ ،‬فإذن إذا كان ل يؤذي غيره ول يتأذى‬ ‫الْولى له أن يطوف أبعد ِ‬
‫من الكعبة‬ ‫من الكعبة فكلما قرب ِ‬ ‫هو فالفضل له أن يطوف بالقرب ِ‬
‫ن ذلك أْولى‪ ،‬أما إذا كان بخلف ذلك فإنه ل ينبغي لحد أن يؤذي‬ ‫فإ ّ‬
‫غيره بل ذلك ل يصح؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 11‬رمضان ‪1423‬هه‪ ،‬يوافقه ‪17/11/2002‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫جَعة فيها‪،‬‬ ‫هب إلى الحج وَتاب إلى الله توبة ل َر ْ‬ ‫س ‪ :3‬شخص ذ َ َ‬
‫خذ‬ ‫فهل يغفر الله‪-‬تعالى‪-‬له كل ذ ُُنوبه ؟ وبالنسبة إذا كان هذا الشخص أ َ َ‬
‫ذنب‬ ‫موا‪ ،‬فهل يغفر الله‪-‬تعالى‪-‬له هذا ال ّ‬ ‫من ُدون أن ي َعْل َ ُ‬ ‫حقوق َناس ِ‬ ‫ُ‬
‫من الناس‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬
‫الذي اقترفه ؟ وماذا يفعل إذا َلم يكن ل َد َي ْهِ المال الذي أ َ‬
‫ذه ِ‬
‫جَعه‪ ،‬فما حكم هذا الشخص ؟‬ ‫لكي ي ُْر ِ‬

‫‪426‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل عظيم بأحاديث كثيرة ثابتة عن النبي صلوات‬ ‫ض ٌ‬ ‫ج‪ :‬الحج جاء فيه فَ ْ‬
‫من‬ ‫من ارتكب كبيرة ِ‬ ‫ن َ‬ ‫معَنى ذلك بأ ّ‬ ‫الله وسلمه عليه‪ ،‬ولكن ليس َ‬
‫من التوبة إلى‬ ‫حَبط عنه تلك الكبائر بالحج‪ ،‬بل لُبد ِ‬ ‫كبائر الذنوب أّنه ت ُ ْ‬
‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في الكبائر‪ ،‬وإّنما ذلك في الصغائر ‪ ..‬هذا هو الذي‬
‫عليه الجمهور‪.‬‬
‫من أداِئها إليهم إل إذا‬ ‫َ‬
‫حقوق الناس فعلى كل حال لبد ِ‬ ‫ما بالنسبة إلى ُ‬ ‫أ ّ‬
‫جد ذلك الن في هَ َ‬
‫ذا‬ ‫حُقوقِِهم‪ ،‬وإذا كان ل ي َ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫عفوا عنه وعَذ َُروه ِ‬ ‫َ‬
‫ذر‬‫صي ِّته‪ ،‬وإذا ذهب إليهم واعْت َ َ‬ ‫الوقت فإّنه بإمكانه أن يكُتب ذلك في وَ ِ‬
‫ما مع هذه الضرورة‪ ،‬وإل ل ينبغي‬ ‫عن حقوقهم‪ 1‬وعَذ َُروه في ذلك ول ِ‬
‫سي ّ َ‬
‫جع تلك الحقوق‬ ‫ذر وإّنما َيتوب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وُير ِ‬ ‫له أن ي َعْت َ ِ‬
‫حة‬ ‫َ‬
‫م َ‬‫منهم المسا َ‬ ‫ن َيطلب ِ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ذه ِلحُقوقهم أ ّ‬ ‫خ ِ‬‫ذر عن أ ْ‬ ‫إليهم ‪ ..‬نعم َيعت َ ِ‬
‫جئ َُهم إلى ذلك إل إذا عَذ َُروه؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫ن ي ُل ْ ِ‬ ‫فل ينبغي له أ ْ‬
‫من حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1423‬هه‪ ،‬يوافقه ‪19/11/2002‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫حج إلى بيت الله الحرام ؟‬ ‫س ‪ :1‬ماذا َينبغي على الذي ُيريد أن ي َ ُ‬
‫ماذا عليه أن َيصنع كاستعداد لهذه الفريضة ؟‬
‫من أركانه‪ ،‬والدّلة‬ ‫من فرائض السلم بل هو ُركن ِ‬ ‫ن الحج فريضة ِ‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫من سّنة رسوله‬ ‫من كتاب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬و ِ‬ ‫ددة ِ‬ ‫على وجوبه متع ّ‬
‫مة السلمية بل هو‬ ‫صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وقد أجمعت على ذلك ال ّ‬
‫مة المسلمين‪ ،‬ولذلك ل‬ ‫دين بالضرورة لعا ّ‬ ‫من ال ّ‬ ‫من المور المعلومة ِ‬ ‫ِ‬
‫ذكر تلك الدلة‪.‬‬ ‫أرى حاجة للطالة ب ِ‬
‫والحج َيجب على الفور على القول الصحيح الراجح‪ ،‬وهو الذي ذهب‬
‫من كلم المام نور‬ ‫إليه ابن بركة والشيخ إسماعيل‪ ،‬وهو الذي ُيفَهم ِ‬
‫الدين السالمي‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنه‪-‬في " جوهر النظام "‪ ،‬وهو‬
‫من‬ ‫ن النسان ل َيدري متى َيأتيه الموت فما ِ‬ ‫الذي ُتؤّيده الدّلة‪ ،‬على أ ّ‬
‫من لحظات حياته إل ّ ويمكن أن َيموت فيها وإذا كان المر كذلك‬ ‫لحظة ِ‬
‫ل‪-‬على المستطيع عليه فإنه‬ ‫من قب ُ‬ ‫جبا‪-‬كما أشرنا إلى ذلك ِ‬ ‫وكان الحج وا ِ‬
‫خر عن الحج بل َيجب عليه أن ُيباِدر‬ ‫ليس لحد وجد الستطاعة أن َيتأ ّ‬
‫جد الستطاعة عليه أن َيستعِد ّ لذلك وأن َيقوم‬ ‫من و َ‬ ‫إلى ذلك فورا‪ ،‬ف َ‬
‫بتأدية هذه الفريضة العظيمة التي أوجبها الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬على‬
‫من عباِده‪ ،‬والتي جاءت الحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي‪-‬‬ ‫المستطيع ِ‬
‫ضلها‪.‬‬ ‫ل على عظيم ف ْ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬التي تد ّ‬
‫ي‬
‫من أراد أن َيقوم بأداء هذه الشعيرة السلمية العظيمة وأن ُيؤد ّ َ‬ ‫ف َ‬
‫هذه الفريضة التي افترضها الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليه فعليه أوّل ً أن‬
‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬حقوقه " بدل من " حقوقهم " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪427‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ضرة‬ ‫ضرة‪ ،‬وإن لم َتكن حا ِ‬ ‫من الديون التي عليه إذا كانت حا ِ‬ ‫يتخّلص ِ‬
‫فعليه أن َيقوم بتوثيق تلك الديون التي عليه‪ ،‬وذلك بأن َيكتب ذلك عند‬
‫كاتب ث َِقةٍ صاِلح ُيؤخذ بكتابته وأن ُيشِهد شاهدْين عَد ْل َْين على ذلك ثم‬
‫ق‪-‬وهو‬ ‫ك الشرعي إما عند صاحب الح ّ‬ ‫ضع ذلك الص ّ‬ ‫بعد ذلك َيقوم بو ْ‬
‫ضع‬‫ال َْولى‪-‬أو أن َيضع ذلك مع ثقة أمين ثم ُيخِبر صاحب الحقّ بأنه قد و َ‬
‫صَفه بصفة ل َتخفى‬ ‫ك الذي وّثق به ماله مع فلن بن فلن وأن ي َ ِ‬ ‫الص ّ‬
‫على صاحب ذلك الحق ‪ ..‬هذا بالنسبة إلى حقوق العباد التي عليه ‪..‬‬
‫من له ذلك المال بأن‬ ‫ح له َ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫ضرة و َ‬ ‫نعم إذا كانت تلك الحقوق حا ِ‬
‫ُيساِفر وبعد ذلك َيقوم بتأدية ذلك الحقّ إليه وكان هو َيمِلك ذلك المال‬
‫من ذلك لكن ل َينبغي له‬ ‫من الحقوق فإنه ل مانع ِ‬ ‫الذي ُيساِوي ما عليه ِ‬
‫أن َيقوم بمطالبة الناس أن َيسمحوا له بذلك‪.‬‬
‫من المال ما‬ ‫من أن َيكون َيمِلك ِ‬ ‫فإذن إذا كانت عليه حقوق فلبد ِ‬
‫من مال‪.‬‬ ‫من أن ُيوّثق ما عليه ِ‬ ‫ُيساوي تلك الحقوق التي عليه ولبد ِ‬
‫من المور‬ ‫صي َّته‪ ،‬بل الوصية وتوثيق الحقوق ِ‬ ‫ثم عليه‪-‬أيضا‪-‬أن َيكُتب و ِ‬
‫رد وسواًء كان ذلك في‬ ‫التي لبد منها سواًء أراد النسان الحج أو لم ي ُ ِ‬
‫ن النسان ل َيملك متى يأتيه‬ ‫من أ ّ‬ ‫وقت الحج أو ل‪ ،‬وذلك ِلما ذكرناه ِ‬
‫رض له وقد َتضيع حقوق الناس‬ ‫الموت فل َيدري متى يأتيه ومتى َيع ِ‬
‫ضهم بتأدية ما عليه‬ ‫ل بع ِ‬ ‫علم ورثِته أو بتساهِلهم أو تساه ِ‬ ‫بموته وعدم ِ‬
‫ن النسان لبد‬ ‫ص‪-‬وهو صحيح ثابت‪-‬على أ ّ‬ ‫من الحقوق‪ ،‬والحديث قد ن ّ‬ ‫ِ‬
‫من أن َيقوم بكتابة وصيِته وأنه ل َيجوز له أن َيبيت ثلث ليال إل‬ ‫ِ‬
‫ووصيُته مكتوبة‪ ،‬أو ما هذا معناه‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت‪ ،‬وذكرناه‬
‫بمعناه ل بلفظه‪.‬‬
‫من الوقت الذي‬ ‫من المال ما َيكفيه ِلسد ّ حاجِته ِ‬ ‫ئ ِ‬ ‫و‪-‬كذلك‪-‬عليه أن ُيهي ّ َ‬
‫من المال‬ ‫ده وَيأخذ ُ مقدارا ِ‬ ‫جع إلى بل ِ‬ ‫من بلِده إلى أن َير ِ‬ ‫َيخُرج فيه ِ‬
‫من وجوب‬ ‫من مرض أو ِ‬ ‫رض له ِ‬ ‫َيكفيه لسد ّ بعض المور التي قد َتع ِ‬
‫ن النسان قد َيقع في بعض المور التي َيجب عليه‬ ‫ِفديةٍ أو جزاٍء‪ ،‬ل ّ‬
‫فدية أو َيجب عليه بسببها الجزاء‪ ،‬وهي أمور سيأتي توضيحها‬ ‫بسببها ال ِ‬
‫في مناسبة أخرى بمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫من الناس‪-‬وللسف‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫و‪-‬كذلك‪-‬عليه أن َيقوم بتعّلم أمورِ الحج‪ ،‬ل ّ‬
‫رفون عن كيفية أدائها‬ ‫الشديد‪َ-‬يذهبون لتأدية هذه الفريضة وهم ل َيع ِ‬
‫مد على أنه سُيراِفق فلنا أو فلنا أو أنه سَيبحث‬ ‫من َيعت ِ‬ ‫شيئا ‪ ..‬منهم َ‬
‫ت أريد بالتعّلم أن‬ ‫ف أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهذا أمر ل َينبغي‪ ،‬ولس ُ‬ ‫مط َوّ ٍ‬ ‫عن ُ‬
‫ن هذا‬ ‫َيتعّلم النسان الدقاِئق الفقهية التي ذكرها العلماء في كتبهم‪ ،‬فإ ّ‬
‫من الناس‪ ،‬وإنما أريد أن َيتعّلم‬ ‫ما ل َيقوى عليه إل قّلة قليلة ِ‬ ‫م ّ‬
‫المر ِ‬
‫م المناسك‪ ،‬وهي أمور سهلة بمشيئة الله تبارك وتعالى‪،‬‬ ‫النسان أه ّ‬
‫‪428‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫رم‪ ،‬وما هو الذي َيجوز له في الحرام‬ ‫من أين ُيح ِ‬ ‫رف ِ‬ ‫من أن َيع ِ‬ ‫فلبد ِ‬
‫رف كيف‬ ‫من أن َيع ِ‬ ‫وما هو الذي ل َيجوز له في الحرام‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬لبد ِ‬
‫من إحرام وطواف وسعي وإحلل ِبالنسبة إلى‬ ‫َيقوم بتأدية الحج ‪ِ ..‬‬
‫وقوف ب ِعََرَفة‬ ‫كذلك بالنسبة إلى الحج ‪ُ ..‬يضاف إلى ذلك ال ُ‬ ‫العمرة‪ ،‬و َ‬
‫مِبيت‬ ‫وضع الشريف‪ ،‬واله َ‬ ‫م ْ‬‫دعاء في ذلك ال َ‬ ‫معَ ال ّ‬ ‫دلَفة َ‬ ‫والمبيت بالمْز َ‬
‫ذبح ِبالنسبة للمتمّتع والَقاِرن ‪ ..‬أي ذبح الهدي‬ ‫ِبمنى مع الرمي‪ ،‬وال ّ‬
‫كتب‬ ‫سهلة‪ ،‬وقد َ‬ ‫ُ‬
‫سيرة َ‬ ‫مور ي َ ِ‬ ‫يأ ُ‬ ‫من المور‪ ،‬وهِ َ‬ ‫والحلق‪ ،‬إلى غير ذلك ِ‬
‫من المؤّلفات المِفيدة‬ ‫ض المؤّلفات‪ ،‬و ِ‬ ‫من أهل العلم بع َ‬ ‫ِفيها كثير ِ‬
‫مب َْتدئين‬ ‫جزاهم الله تبارك وتعالى خيرا‪-‬لل ُ‬ ‫صرة التي ك ََتبها العلماء‪َ -‬‬ ‫المخت َ‬
‫ن‬
‫قين الصبيان "‪ ،‬فإ ّ‬ ‫شر المشهور ِبكتاب " َتل ِ‬ ‫منت ِ‬ ‫كتاب المْعروف اله ُ‬ ‫ال ِ‬
‫مة‬ ‫الشيخ المام السالمي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬ذ َك ََر أمورا مهِ ّ‬
‫كتاب‪ ،‬ول َينبغي للنسان أن َيشتِغل ب ِِتلك‬ ‫بالنسبة إلى الحج في هذا ال ِ‬
‫من أهل العلم وبعضها موجود في " تلقين‬ ‫كثير ِ‬ ‫الذكار التي ذ َك ََرها َ‬
‫جدا‪ ،‬أما أن َيشتِغل ب َِفْتح‬ ‫حفظها فهي حسَنة ِ‬ ‫الصبيان " ‪ ..‬نعم إذا كان ي َ ْ‬
‫عائه‪-‬وما شابه ذلك‪-‬فهذا‬ ‫شعُ في د ُ َ‬ ‫كتاب أو ِبمتاب ََعة فلن أو فلن ول َيخ َ‬
‫دعية التي َيحفظها وَيكون عند‬ ‫ما ل َينبغي‪َ ،‬بل َينبغي أن َيأِتي ِبال ْ‬ ‫م ّ‬
‫ِ‬
‫ما ما عدا ذلك فل َينبغي له أن‬ ‫َ‬
‫شًعا لله تبارك وتعالى‪ ،‬أ ّ‬ ‫خا ِ‬ ‫التيان ب َِها َ‬
‫مون ببعض الجزئيات الَبسيطة ولكنهم‬ ‫ّ‬ ‫من الناس ي َهْت َ‬ ‫َيتكّلف ذلك ‪ ..‬كثير ِ‬
‫ّ‬
‫مة التي تترّتب على ذلك‪ ،‬فإذن ت َعَّلم‬ ‫ل َيدرون شيئا عن المور المه ّ‬
‫مة‬ ‫من المور المه ّ‬ ‫ل الذهاب إلى الحج ِ‬ ‫من قَب ْ ِ‬ ‫سائل المتعّلقة ِبالحج ِ‬ ‫الم َ‬
‫جَهلون حتى‬ ‫ت‪-‬ي َ ْ‬ ‫من الناس‪-‬كما قل ُ‬ ‫ريط فيها ‪ ..‬وكثير ِ‬ ‫التي ل َينبغي الت ّْف ِ‬
‫من‬ ‫من الكبار و ِ‬ ‫صة ِ‬ ‫خا ّ‬ ‫من الناس‪-‬و َ‬ ‫المور الَبسيطة كالتلبية‪ ،‬فكثير ِ‬
‫كبوا في‬ ‫رفون الت َْلبية‪ ،‬وإنما َيذهبون إلى الحج فإذا َر ِ‬ ‫النساء‪-‬ل َيع ِ‬
‫من الناس ب ِِقراءة تلك الّتلبية وهم ي َُتاِبعونه عليها‬ ‫السيارة‪-‬مثل‪َ-‬قام واحد ِ‬
‫من التلبية ول َيأتون ِبها على‬ ‫ض الكلمات ِ‬ ‫ونظرا لعاميتهم قد َتفوُتهم بع ُ‬
‫شُروع الثابت عن النبي صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬ ‫وجهها الصحيح الم ْ‬
‫من‬ ‫ُ‬
‫دي ما عليه ِ‬ ‫ن أقاِربه‪ ،‬وبأن ُيؤ ّ‬ ‫دع النسا ُ‬ ‫مور ‪ِ ..‬بأن ُيو ّ‬ ‫كذلك هنالك أ ُ‬
‫من المور‬ ‫وثيق ذلك‪َ ،‬فهذا ِ‬ ‫ذلك أو َيقوم ب ِت َ ْ‬ ‫ذور أو ما شابه َ‬ ‫كفارات ون ُ ُ‬
‫عليه من‬ ‫ما َ‬ ‫من الوصية فالْولى للنسان أن ي ُك َّفر َ‬ ‫ض ْ‬‫التي َتدخل في ِ‬
‫مان‬ ‫حن ْث ِهِ في َبعض الي ْ َ‬ ‫عن َترك صيام أو كان ِبسبب ِ‬ ‫أْيمان سواء كانت َ‬
‫ب عليه‬ ‫ج َ‬ ‫من شهر رمضان أو وَ َ‬ ‫مثل‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬إذا كان قد أْفطر شْيئا ِ‬
‫من أن َيقوم ب َِتأِدية ذلك‪،‬‬ ‫من المور فلبد ِ‬ ‫ذر أو ِبغير ذلك ِ‬ ‫م بسبب ن ْ‬ ‫صو ٌ‬
‫ْ‬
‫در الله تبارك وتعالى‪-‬عند ت َأدِي َِته للحج‪ ،‬ول‬ ‫ث‪-‬ل ق ّ‬ ‫مخافة أن ُيصيبه حاد ٌ‬
‫ْ‬
‫رنا ِلهذا الكلم أو ب ِذِك ْ ِ‬
‫ر‬ ‫من ت َأدية المناسك ب ِذِك ْ ِ‬ ‫َينَبغي للناس أن َيخافوا ِ‬
‫ض الناس‬ ‫رف بع َ‬ ‫سْهل ِبمشيئة الله‪ ،‬لنني أع ِ‬ ‫َبعض الناس ِلذلك‪ ،‬فالحج َ‬
‫‪429‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من ِزحام‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬عند‬ ‫ما َيسمعونه ِ‬ ‫من تأدية الحج ل ِ َ‬ ‫َيخافون ِ‬
‫سيَرةٌ في حقيقة‬ ‫ة يَ ِ‬ ‫سهْل َ ٌ‬ ‫تأدية المناسك وخاصة عند الرمي‪ ،‬فهذه أمور َ‬
‫ك‬ ‫س ِ‬ ‫من تأدية الن ّ ُ‬ ‫ذلك ‪َ ..‬يظّنون بأنه لبد ِ‬ ‫جهَُلون َ‬ ‫الواقع‪ ،‬وإّنما الناس ي َ ْ‬
‫ض الت َّعب أو‬ ‫س وُيصيب ُُهم َبع ُ‬ ‫حمون النا َ‬ ‫الُفلني في الوقت الفلني فُيزا ِ‬
‫شّقة أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل ‪ ..‬مثل الّرمي‪ِ-‬بحمد الله تبارك‬ ‫م َ‬ ‫صيُبهم َ‬ ‫تُ ِ‬
‫كاث َِرةٍ‬ ‫ول كثرة َ‬ ‫من ط ُُلوع الشمس على قَ ْ‬ ‫وتعالى‪-‬في اليوم العاشر َيبدأ ِ‬
‫ل لم َيقل أحد ِبأنه َيبدأ َبعد ط ُُلوع الشمس وإّنما‬ ‫من أهل العلم ب َ ْ‬ ‫ِ‬
‫ما إذا طلعت الشمس‬ ‫طلوع الشمس أو ل ؟ أ ّ‬ ‫هل َيجوز قْبل ُ‬ ‫خلف َ‬ ‫ال ِ‬
‫من‬ ‫مة السلمية قاطبة‪ ،‬وَيمتد ّ الوقت‪-‬عند طائفة ِ‬ ‫مشروع باّتفاق ال ّ‬ ‫فَُهو َ‬
‫من الناس لبد عندما َيأتون إلى‬ ‫صف النهار ‪ ..‬كثير ِ‬ ‫أهل العلم‪-‬إلى منت َ‬
‫سك في ذلك الوقت ول‬ ‫من أن َيقوموا بتأِدية ذلك الن ّ ُ‬ ‫ضع الرمي لبد ِ‬ ‫مو ِ‬
‫ث ساعة أو‬ ‫شّقة بإمكانه أن ي َت ََري ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫جد َ النسان َ‬ ‫معنى لذلك‪ ،‬فإذا وَ َ‬
‫ن الوَْقت َيمتد ّ إلى غروب‬ ‫ساعتين أو أكثر‪ ،‬بل ذهب بعض العلماء إلى أ ّ‬
‫ن الْولى أل ّ‬ ‫الشمس‪ ،‬وبعضهم إلى طلوع الفجر‪ ،‬ونحن وإن كّنا نقول‪ :‬إ ّ‬
‫صف النهار وإن كانت هنالك‬ ‫خَر النسان ِلغير المشّقة إلى ما بعد منت َ‬ ‫ُيؤ ّ‬
‫ما ما عدا‬ ‫خر إلى غروب الشمس‪ ،‬أ ّ‬ ‫كن أن َيتأ ّ‬ ‫مم ِ‬ ‫سيطة ُ‬ ‫شّقة ولو ب َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫خر عن‬ ‫ذلك ‪ ..‬أي عند عدم وجود المشّقة الشديدة فل َينبغي له أن يتأ ّ‬
‫ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى الرمي في اليوم الثاني ‪ ..‬أي في اليوم الحادي‬
‫عشر وكذا في اليوم الثاني عشر وفي اليوم الثالث عشر ِلمن أراد أن‬
‫م ُ‬ ‫َ‬
‫صف النهار وَيمت َد ّ‬ ‫كث ذلك اليوم فهو َيبدأ ِبمنت َ‬ ‫جل ‪ ..‬أي أراد أن ي َ ْ‬ ‫ي َت َأ ّ‬
‫إلى غروب الشمس بل لليوم الحادي عشر والثاني عشر ‪ِ ..‬لمن لم‬
‫ح ذلك في موضعه بمشيئة‬ ‫شْر ُ‬ ‫من ذلك‪ ،‬و َ‬ ‫ما هو أبعد ِ‬ ‫طع َيمتد ّ إلى َ‬ ‫َيست ِ‬
‫ن المر َيسير‪ ،‬وبأنه ل َينبغي لهم أن‬ ‫الله‪ ،‬وإّنما ُنريد أن ن ُب َّين للناس بأ ّ‬
‫ت الممتد ّ‬ ‫حموا في وقت‪-‬مثل عند منتصف النهار‪-‬وَيتركون الوق َ‬ ‫َيتزا َ‬
‫من المور التي‬ ‫الطويل وُيتِعبون أنفسهم و‪-‬كذلك‪ُ-‬يتعبون غَي َْرهم‪ ،‬فهذا ِ‬
‫ل َتنب َِغي‪.‬‬
‫رفها عندما َيذهب إلى تأدية‬ ‫من المور التي َينبغي للنسان أن َيع ِ‬ ‫فهذا ِ‬
‫رف مناسك الحج‪ ،‬وأن ُيوّثق ما عليه‬ ‫ت‪-‬أن َيع ِ‬ ‫مها‪-‬كما قل ُ‬ ‫من أهَ ّ‬ ‫الحج‪ ،‬و ِ‬
‫من ديون‪ ،‬وأن َيقوم بالت ّوَْبة والنابة إلى الله‪ ،‬وذلك ِبأن ي َِفد َ إلى ربه‪-‬‬ ‫ِ‬
‫من حقوق الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫من كل ما عليه ِ‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬وقد َتخّلص ِ‬
‫من‬ ‫وحقوق عباِده وتاب وأناب إليه وإذا كانت بينه خصومات وبين غيره ِ‬
‫جر‬ ‫س للمسلم أن َيه ُ‬ ‫حُهم َبل ل َي ْ َ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫من أن ي ُ َ‬ ‫عبادِ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬لبد ِ‬
‫رض هذا عن صاحبه‪ ،‬كما ثبت‬ ‫رض هذا وُيع ِ‬ ‫ث َيلتقيان ُيع ِ‬ ‫أخاه فوق ثل ٍ‬
‫ذلك في الحديث عن النبي صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬

‫‪430‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من الوْقت‬ ‫وهنالك أمور أخرى َتتعّلق ِبهذا الموضوع ‪ ..‬أيْ ِبكيفية الحج ِ‬
‫من أذكار‬ ‫ذا َيصنع إلى أن َيرجع إلى ب َْيته ِ‬ ‫ما َ‬
‫من بيته ‪ ..‬فيه َ‬ ‫الذي َيخرج ِ‬
‫جل الكلم عليها إلى مناسبة أخرى‪ ،‬وعسى أن يكون‬ ‫ذلك‪ ،‬سُنؤ ّ‬ ‫إلى غير َ‬
‫ذلك في اليام القريبة إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫ما‬
‫من المال َ‬ ‫مَتاع و ِ‬ ‫من اله َ‬ ‫ن النسان إذا كان َيمِلك ِ‬ ‫س ‪ :2‬ذكرتم ِبأ ّ‬
‫در الله‪-‬فََلو كان َيمتِلك ب َي َْته فقط‬ ‫سد ّ د ُُيوَنه فيما لو حدث له مكروه‪-‬ل ق ّ‬ ‫يَ ُ‬
‫صّية ؟‬ ‫مَنه الوَ ِ‬ ‫ض ّ‬ ‫سَيارته‪ ،‬فهل ذلك َيكفي لكي ي ُ َ‬ ‫و َ‬
‫ده ب ِب َْيع ب َي ِْتهم وبعد ذلك‬ ‫َ‬
‫مور ضرورية‪ ،‬فل ُيمكن أن َيقوم أول ُ‬ ‫ج‪ :‬هذه أ ُ‬
‫ضل عن حاجته‬ ‫في أيّ موضع سيسكنون ؟! ل ‪ ..‬وإّنما إذا كان ذلك َيف ُ‬
‫ما في المور‬ ‫وحاجة أولِده الضرورية‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬هذا في ديون الحلل‪ ،‬أ ّ‬
‫خيص ‪..‬‬ ‫مْنها ولو باع الَغاِلي والّر ِ‬ ‫مة فعلى النسان أن َيتخّلص ِ‬ ‫المحّر َ‬
‫من أن َيتخّلص‬ ‫مة لبد ِ‬ ‫ما في المور المحّر َ‬ ‫فهذا في المور الحلل‪ ،‬أ ّ‬
‫مه بأن َيبقى على معصية الله‪-‬‬ ‫َ‬
‫جل ‪ ..‬نعم إذا كان ل َيه ّ‬ ‫وليس له أن ي َت َأ ّ‬
‫ن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ل َيتقّبل إل‬ ‫تعالى‪-‬فنقول له‪ " :‬اذهب إلى الحج ولك ّ‬
‫ما أن ُيقال َله بأن َيتُرك الحج وَيبقى على معصيته فهذا‬ ‫من المتقين "‪ ،‬أ ّ‬ ‫ِ‬
‫من كانت‬ ‫ن" َ‬ ‫ما ل َيصح‪ ،‬فإذا وجد الناس في قول بعض أهل العلم بأ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫مة ليس له أن َيذهب إلى الحج بل عليه أن َيتخلص‬ ‫عليه ديون محّر َ‬
‫ذا الشخص ُيريد حّقا أن َيتخّلص‪ ،‬أ ّ‬
‫ما‬ ‫دون ذلك إذا كان هَ َ‬ ‫وَيتوب " ‪ُ ..‬يري ُ‬
‫بعض الناس َيمِلكون بعض الراضي أو بعض العقارات أو ما شابه ذلك‬
‫حن نريد أن نتخّلص ولكن ل ُيمكن أن َنبيع هذه‬ ‫من المور وَيقولون‪ " :‬ن َ ْ‬ ‫ِ‬
‫جد ثمنا كبيرا أو َنبني عليها وبعد ذلك ن َُقوم ب ِب َي ِْعها " أو‬ ‫جل حتى ن َ ِ‬ ‫بل َنتأ ّ‬
‫ما شابه ذلك فهؤلء‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬ل ُيريدون أن َيتخّلصوا فعليهم أن‬
‫ك الحج ومعصية‬ ‫َيذهبوا إلى الحج لئل َيجمعوا بين معصيتين ‪ ..‬معصية ت َْر ِ‬
‫البقاء على الحرام؛ والله المستعان‪.‬‬
‫ما لها إذا ما أرادت الذهاب‬ ‫حَر ً‬ ‫م ْ‬ ‫س ‪ :9‬زوج أخت المرأة‪ ،‬هل يعد َ‬
‫إلى الحج ؟‬
‫واز نكاح‬ ‫ج َ‬‫مة ‪ ..‬أيْ عدم َ‬ ‫حْر َ‬ ‫ن هذه اله ُ‬ ‫ما َلها‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫حَر ً‬ ‫م ْ‬ ‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬ل ي ُعَد ّ َ‬
‫مة مؤقتة ولذلك لو‪:‬‬ ‫حْر َ‬ ‫وقت ُ‬ ‫ذلك الّرجل َلها في ذلك ال َ‬
‫‪-1‬ماتت أختها‪.‬‬
‫جعًيا‪.‬‬
‫من عدِتها إذا كان الطلق َر ْ‬ ‫‪-2‬أو طلقها وخرجت ِ‬
‫‪-3‬أو طلقها إذا كان الطلق باتا‪.‬‬
‫مة مؤقتة‪ ،‬والحرمة الِتي‬ ‫حْر َ‬ ‫مة ُ‬ ‫حْر َ‬ ‫فإنه له أن يتزوجها‪ ،‬فإذن هذه اله ُ‬
‫مة المؤبدة وِبشرط أن تكون‬ ‫حْر َ‬ ‫سفر فهي اله ُ‬ ‫وة أو ال ّ‬ ‫معََها الخل ْ َ‬ ‫َتجوز َ‬
‫مؤَّبدة أو كانت‬ ‫ما إذا كانت غير ُ‬ ‫ضاع‪ ،‬أ ّ‬ ‫صاهرة أو َر َ‬ ‫م َ‬ ‫ب أو ُ‬ ‫س ٍ‬ ‫بسبب ن َ َ‬
‫من السباب الخرى غير المور التي ذكرناها فل‬ ‫مؤبدة ولكن بسبب ِ‬
‫‪431‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ة مؤّقتة بينه وبين تلك‬ ‫عن الحرم ُ‬ ‫من ل َ َ‬ ‫وذلك‪-‬مثل‪-‬كحالة الل َّعان فإن َ‬
‫من‬ ‫المرأة التي وقع بينه وبينها اللعان فل يجوز له أن يتزوجها في يوم ِ‬
‫حها‪ ،‬وهكذا‬ ‫صافِ َ‬ ‫خل ُوَ ب َِها وليس له‪-‬أيضا‪-‬أن ي ُ َ‬ ‫جوز َله أن ي َ ْ‬ ‫اليام ولكنه ل ي َ ُ‬
‫من‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫شاَبه ذلك ِ‬ ‫من َزَنى ِبها أو َزَنى ِبها ابنه أو أبوه أو َ‬ ‫ِبالّنسبة إلى َ‬
‫عن‬ ‫من السباب الخارجة ِ‬ ‫دية فيها بسبب ِ‬ ‫مة الب َ ِ‬ ‫حْر َ‬‫المور التي وَقََعت اله ُ‬
‫السباب التي ذكرناها؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫جت الفرض‬ ‫ج الّنفل وسبق َلها أن ح ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫س ‪ :11‬امرأة أرادت أن ت َ ُ‬
‫خر ؟‬ ‫جل أم تؤ ّ‬ ‫حَرم‪ ،‬فهل عليها أن تتع ّ‬ ‫م ْ‬ ‫لكنها هذه المرة تذهب بدون َ‬
‫جل في ت َأدية الحج َفذِلك في حج الفريضة‪.‬‬ ‫ْ‬
‫من وجوب الت ّعَ ّ‬ ‫ج‪ :‬ما ذكرناه ِ‬
‫ما ِبالّنسبة إلى النافلة فالنسان ل يجب عليه أن ي َت َن َّفل في الحج وإّنما‬ ‫َوأ ّ‬
‫ما أن َيجب عليه ذلك فل‪.‬‬ ‫ينبغي له ذلك أ ّ‬
‫ج الفريضة مع‬ ‫ح ّ‬ ‫ل ل ََها أن تذهب إلى َ‬ ‫والعلماء قد اختلفوا في المرأة هَ ْ‬
‫مها أو زوجها‪:‬‬ ‫حارِ ِ‬ ‫غَْير َ‬
‫م َ‬
‫ج الفريضة إل مع زوج‬ ‫فبعض العلماء َقال‪َ :‬ليس َلها أن تذهب حتى ِلح ّ‬
‫حرم‪ ،‬وذلك لنهي النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬ ‫م ْ‬
‫أو َ‬
‫محارمها أو زوجها‪.‬‬ ‫سفر مع غير َ‬ ‫المرأةَ عن ال ّ‬
‫خص في ذلك إذا كان الحج حج فريضة بشرط أن تكون‬ ‫وبعض العلماء ر ّ‬
‫من أهل الصلح‪.‬‬ ‫محارم ِ‬ ‫من النساء معهن َ‬ ‫مع جملة ِ‬
‫حرم؛‬ ‫م ْ‬ ‫ما بالنسبة إلى الحج الّنافلة فليس َلها أن تذهب إل مع زوج أو َ‬ ‫أ ّ‬
‫والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 17‬شوال ‪1423‬هه‪ ،‬يوافقه ‪22/12/2002‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫حد ُّثونا‪-‬باختصار‪-‬عن صفة الحج ‪ ..‬ما الذي‬ ‫س ‪ :1‬نريد منكم أن ت ُ َ‬
‫يأتيه الحاج وما الذي يذره ؟‬
‫َ‬
‫ضل الطاعات وأعْ َ‬ ‫َ‬
‫ظم الُقُربات‬ ‫من أفْ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ن الح ّ‬ ‫حد أ ّ‬ ‫ج‪ :‬إنه ل َيخفى على أ َ‬
‫التي ي َت ََقّرب ِبها النسان إلى ربه تبارك وتعالى‪ ،‬ولذلك َيجب أن َتكون‬
‫ت عنه‪،‬‬ ‫وِفْقَ سّنة رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬التي ثبت ْ‬
‫ج وب َّين للناس‬ ‫ح ّ‬‫فالرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪َ -‬‬
‫ض المور المتعّلقة ِبذلك ِبقول ِهِ وب َْعد أن فََعل‬ ‫كيفية الحج ب ِِفعله وب َّين بع َ‬
‫سككم‪ ،‬ل َعَّلي ل ألقاكم بعد عامي‬ ‫تلك المناسك قال‪ ) :‬خذوا عني منا ِ‬
‫ت في بعض‬ ‫من تلك المور‪ ،‬واختلف ْ‬ ‫مة في كثير ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫هذا (‪ ،‬وقد اّتفق ْ‬
‫المور هل هي ثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪،‬‬
‫ت فيه الك َل ِ َ‬
‫مة‬ ‫مة السلمية فل إشكال فيه‪ ،‬وما اختلف ْ‬ ‫ت عليه ال ّ‬ ‫فما اّتفق ْ‬
‫ت عن النبي صلى الله عليه وعلى‬ ‫فإنه َينبغي ِللنسان أن َيأخذ ِبما ثب َ‬
‫آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫‪432‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من أهل العلم ِبمؤّلفات‬ ‫َ‬


‫صَفة الحج َيطول‪ ،‬وقد أفَْرد َهُ كثير ِ‬ ‫والكلم في ِ‬
‫ب أل َّفت في التفسير أو في شروح الحاديث أو‬ ‫ُ‬
‫مط َوَّلة وَبحثوه في كت ٍ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ص شديد ِبكلم ٍ‬ ‫ص ذلك ِبتلخي ٍ‬ ‫خ َ‬ ‫من المور‪ ،‬ول بأس أن أل ّ‬ ‫في غير ذلك ِ‬
‫صر‪.‬‬ ‫مخت َ‬
‫من أركان السلم‪ ،‬وأنه ل‬ ‫ب بل هو ركن ِ‬ ‫ن الحج واج ٌ‬ ‫من َنافَِلة القول أ ّ‬ ‫و ِ‬
‫خَره ب َْعد وجوبه عليه‪،‬‬ ‫َينبغي ِللنسان إذا استطاع سبيل إلى ذلك أن ي ُؤَ ّ‬
‫كن‬‫لنه ل َيدري ماذا سَيحدث له في المستقبل‪ ،‬فقد َيأتيه الموت ول َيتم ّ‬
‫من ذلك أيضا‪ ،‬وقد َتذهب‬ ‫كن ِ‬‫من تأدية هذا الفْرض وقد َيمرض ول َيتم ّ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫من تأدية هذا الركن العظيم‪ ،‬فلذلك إذا َوجد استطاع ً‬ ‫كن ِ‬ ‫أمواله فل َيتم ّ‬
‫من الناس وللسف‬ ‫خر عن ذلك‪ ،‬كما َيفعله كثير ِ‬ ‫عليه فليس له أن َيتأ ّ‬
‫الشديد‪.‬‬
‫ه الله تبارك‬ ‫جه وب ُِعمرته وج َ‬ ‫ح ّ‬ ‫صد َ النسان ب ِ َ‬ ‫م المور أن ي َْق ِ‬ ‫من أه ّ‬ ‫و ِ‬
‫من الناس َيرغبون في‬ ‫ة‪ ،‬فكثير ِ‬ ‫سمع ً‬ ‫وتعالى ‪ ..‬ل َيقصد بذلك رياًء ول ُ‬
‫مون ِبأنهم‬ ‫ذهب إلى الحج " أو ما شابه ذلك وي َْزعُ ُ‬ ‫ن فلنا َ‬ ‫أن ُيقال‪ " :‬إ ّ‬
‫ما ل َيصح‪،‬‬ ‫م ّ‬‫صدون الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬والدار الخرة وفي الواقع ذلك ِ‬ ‫َيق ِ‬
‫ب رياءٍ أو‬ ‫شو ْ ُ‬ ‫ة ل َيشوُبها َ‬ ‫ة صحيح ً‬ ‫من أن ينوِيَ النسان ني ً‬ ‫بل لبد ِ‬
‫سره الله‪-‬تعالى‪-‬له مِن الرزق الحلل‬ ‫ئ ما ي ّ‬ ‫ة‪ ،‬وب َْعد ذلك ي ُهَي ّ ُ‬ ‫سمع ٍ‬ ‫ُ‬
‫فيذهب به إلى تأدية الحج‪ ،‬وقد تكلمنا على بعض الشروط المتعلّقة‬
‫‪1‬‬
‫َ‬
‫بذلك‪ ،‬ول أريد أن أطيل الكلم بذلك في هذا الوقت‪ ،‬وإنما أريد أن‬
‫أتكلم على ما يَفعله النسان مِن الوقت الذي يَخرُج فيه مِن بيته إلى أن‬
‫َيقوم بِتأدية هذا الركن العظيم‪.‬‬
‫خِلص النية‬ ‫أهله وأقاربه وليُ ْ‬ ‫ودّع َ‬ ‫فإذا أراد النسان الخروج إلى الحج َفْلُي َ‬
‫صادقة إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وتأديةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بعد توبةٍ‬
‫ي مع‬‫شرعِ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ؤّده مِن الحقوق بصكّ‬ ‫وِثيق ما لم يُ َ‬ ‫للحقوق التي عليه وتَ ْ‬
‫ولَيضعه مع أمين أو مع صاحب الحق وإذا وضعه‬ ‫دول ْ‬ ‫ٍ‬ ‫شهود عُ‬‫ٍ‬ ‫شهادة‬
‫خرج إلى مكّة‬ ‫صاحب الحق بِذلك‪ ،‬ثم ِليَ ُ‬ ‫َ‬ ‫مع أمين فلبد مِن أن يُخبِر‬
‫شرّفها الله تبارك وتعالى‪-‬وينبغي له أن يَبحث عن أصحابٍ‬ ‫المكرمة‪َ -‬‬ ‫ّ‬
‫صالحين ُيعينهم ويُعينونه على طاعة الله تبارك وتعالى‪ ،‬فإذا بََلغ واحداً‬
‫من المواقيت ‪ ..‬والمواقيت خمسة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ر بها‪.‬‬ ‫من م َ ّ‬ ‫ول َ‬
‫فة لهل المدينة ِ‬ ‫‪-1‬ذو الحَُليْ َ‬
‫عرْق لهل العراق ومَن كان في ناحيتهم‪.‬‬ ‫‪-2‬وذاتُ ِ‬
‫فة لهل الشام ومَن جاء على طريقهم‪.‬‬ ‫ح َ‬ ‫والج ْ‬
‫ُ‬ ‫‪-3‬‬
‫جد‪.‬‬ ‫من جاء مِن َن ْ‬ ‫ازل لِ َ‬‫المَن ِ‬ ‫ن َ‬ ‫‪-4‬وَقرْ ُ‬
‫من أو مَن كان طريقه عليها‪.‬‬ ‫من جاء مِن اليَ َ‬ ‫مَلم لِ َ‬ ‫ويَل ْ‬
‫‪َ -5‬‬
‫من حلقة ‪ 17‬شوال ‪1423‬هه ) ‪22/12/2002‬م (‪.‬‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬‬
‫‪433‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫فمن كان مِن أهل هذه البلدان أو كان طريقُه على ذلك الميقات‬ ‫َ‬
‫حرم قبلها‪ ،‬إذ إنّ النبي‪-‬‬ ‫حرم مِن هذه المواقيت‪ ،‬ول ينبغي له أن يُ ِ‬ ‫فليُ ِ‬ ‫ْ‬
‫حرم قبل ذلك‪ ،‬فقد أحرم مِن‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬لم يُ ِ‬
‫ده عنها كفار‬ ‫العمرة التي صَ ّ‬‫وأحرَم كذلك في ُ‬ ‫الميقات في حجّة الوداع‪َ ،‬‬
‫صد ّ عنها‪،‬‬
‫العمرة التي ُ‬ ‫قريش‪ ،‬وكذلك في العُمرة التي قضى بها تلك ُ‬
‫بل وّقت ذلك بقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ولو كان‬
‫فَعَله النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى‬ ‫هنالك فضْل‪-‬أي في التقدم على ذلك‪َ-‬ل َ‬
‫ما وأنه لم َيفعل شيئا مِن ذلك ولم‬ ‫رح بذلك‪ ،‬أ ّ‬ ‫آله وصحبه وسلم‪-‬أو لصَ ّ‬
‫رح بشيء منه فل ينبغي لحد أن يقول بأنّ ذلك أفضل‪ ،‬وأما الجواز‬ ‫ص ّ‬ ‫ُي َ‬
‫فل إشكال فيه‪.‬‬
‫يتقدم النسان على الميقات‬ ‫ّ‬ ‫من أنّ الفضل أنْ‬ ‫من الحاديث ِ‬ ‫وما جاء ِ‬
‫وفعل الناس ل‬ ‫ما ل يَصح عن النبي صلوات الله وسلمه عليه‪ِ ،‬‬ ‫فذلك مِ ّ‬
‫ولست أريد أن‬
‫ُ‬ ‫جة فيه ‪ ..‬هذا إذا صح عن أحد مِن الصحابة أو غيرهم‪،‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬
‫أطيل الكلم على صحّة وعدم ثبوت تلك الروايات التي رُويت عن‬
‫بعضهم‪.‬‬
‫حرم مِن ذلك‪.‬‬ ‫صل إلى الميقات وكان يُريد حجّا أو عُمرة فإنه يُ ِ‬ ‫فإذا َو َ‬
‫والعمرة تكون في سائر السنة إل ما استُثني مِن اليام التي يكون‬ ‫ُ‬
‫عتمر في اليوم العاشر أو في‬ ‫النسان فيها في الحج‪ ،‬فل يمكن أن يَ ِ‬
‫اليوم الحادي عشر أو في اليوم الثاني عشر وكذلك قبل أن يَنتهي مِن‬
‫من تأخّر‪.‬‬ ‫الرمي في اليوم الثالث عشر ل ِ َ‬
‫أما الحج فإنه ل يكون إل في أشهر الحج وأشهر الحج معلومة فهو‬
‫يكون في شوال وفي ذو القعدة وفي اليام الولى مِن شهر ذي الحجّة‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى بقية شهر ذي الحجّة فإنه وإن قال مَن قال مِن أهل‬
‫العلم بأنه مِن أشهر الحج لكنهم ل يريدون بذلك أنّ الحرام يَصح فيه‪،‬‬
‫إن مَن لم يَقف بعرفة قبل طلوع الفجر مِن اليوم العاشر مِن شهر‬ ‫إذ ّ‬
‫جة ‪ ..‬أي قبل طلوع فجر ليلة اليوم العاشر منه فإنه ل حج له‬ ‫ذي الح ّ‬
‫باتفاق العلماء قاطبة وبنصّ الحديث قبلَ ذلك ‪ ..‬أي بنصّ الحديث‬
‫الثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫غتسل‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النبي‬ ‫ِ‬ ‫فإذا جاء إلى الميقات فإنه ينبغي له أن يَ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فقد اغتسَل وأمرَ بالغتسال‬
‫غتسلن‪ ،‬فقد ثبت عن النبي‪-‬صلى الله‬ ‫ِ‬ ‫أن الحائض والنفساء تَ‬‫بل حتى ّ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه أمرَ زوجَ أبي بكر‪-‬أمّ محمد بن أبي بكر‪-‬بأن‬
‫شرع له‬
‫غتسل مع أنها نفساء‪ ،‬فمَن كان يستطيع على الغُسل فيُ َ‬ ‫ِ‬ ‫َت‬
‫الغسل‪ ،‬وهو وإن لم يكن واجبا ولكنه سنّة ثابتة عن النبي ‪ e‬فل ينبغي‬ ‫ُ‬
‫شدة البرد‪-‬‬‫التفريط فيها‪ ،‬أما مَن كان مريضا ل يقوى على الغُسل ل ِ ّ‬
‫‪434‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مرّ على‬ ‫من َ‬ ‫جد ماءً‪-‬والحمد لله الن موجود بالنسبة لِ َ‬ ‫مثل‪-‬أو لم يَ ِ‬
‫المواقيت‪-‬فإنه ل بأس عليه بِترك الغتسال‪ ،‬إذ ل قدرة له عليه‪ ،‬ول‬
‫شرع في حقّه التيمم على القول الصحيح الراجح‪ ،‬لنه لم يَرِد حديثٌ‬ ‫ُي َ‬
‫دل على التيمم‪ ،‬ول يمكن‬ ‫عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬ي ّ‬
‫قياسه على التيمّم لِلوضوء للصلة ولغسل الجنابة ‪ ..‬نعم إذا كان ل‬ ‫ُ‬
‫صلي فإنه يَتيمّم لِلصلة ل لرادة الحرام‪،‬‬ ‫َيقوى على الوضوء وأراد أن يُ ّ‬
‫اغتسل وتوضّأ فإن كان الوقتُ وقت فريضة فإنه ُيصلّي الفريضة‬ ‫َ‬ ‫فإذا‬
‫حرم بعد ذلك كما سيأتي إن شاء الله‪ ،‬أما إذا لم يَكن الوقتُ وقت‬ ‫وي ِ‬ ‫ُ‬
‫حرم‬
‫نافلة ويُ ِ‬
‫ً‬ ‫فريضة أو قد صلّى قبل ذلك فاختلف أهل العلم هل يُصلّي‬
‫بعدها ؟ ولم يَثبت عن النبي ‪ e‬ما َيدلّ على ذلك‪ ،‬إل أنه إذا دخل‬
‫ويحرِم بعد ذلك‪-‬كما سيأتي بمشيئة‬ ‫المسجد فإنه يُصلّي ركعتي التحية ُ‬
‫صليها مُطلَقا أو‬‫الله تبارك وتعالى‪-‬أو كان الوقتُ وقت الضحى وكان يُ ّ‬
‫سنة الضحى‪-‬فإنه يُحرِم بعدها أو أراد أن‬ ‫في بعض الحيان‪-‬أعني يُصلّي ّ‬
‫بعد ذلك كما‬ ‫َ‬ ‫صلى بعدَ الوضوء فإنه ُيحرِم‬ ‫صلي ركعتي السنّة التي تُ ّ‬ ‫ُي ّ‬
‫ص ركعتين لِلحرام‬ ‫سيأتي بمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬أما أن يُخصّ َ‬
‫فالصحيح أنه لم َيثبت في ذلك شيءٌ عن النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪ ،‬وما دام لم يَثبت شيءٌ في ذلك فل يُمكِن أن نقول‬
‫دل عليه‪ ،‬فإذا صلى‪-‬إذا أراد الصلة‪-‬‬ ‫بمشروعية شيءٍ ول نملك دليل يَ ّ‬
‫حرم‪-‬في ذلك الوقت على رأي بعض أهل العلم‪ ،‬وفي رأي بعض‬ ‫فإنه يُ ِ‬
‫ل عليه الحديث‬ ‫حرم‪-‬إذا َركب راحلته‪ ،‬وهذا هو الذي َد ّ‬ ‫أهل العلم أنه ُي ِ‬
‫الصحيح الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫وأما بعد الصلة فإنه قد ورد حديثٌ عن ابن عباس وقوّاه بعض الناس‬
‫من جهة السناد‪.‬‬ ‫ولكنه ل يَثبت عن النبي ‪ِ e‬‬
‫وهذا الخلف إنما هو في الفضل‪ ،‬وأما مِن حيث الجواز فالمر جائز ول‬
‫إشكال فيه‪.‬‬
‫إزارا ساترًا‬‫ً‬ ‫لرجل ‪ ..‬يَلبس‬ ‫ُ‬ ‫لبس ثوبَي الحرام بالنسبة لِ‬ ‫والحرام يَكون بِ ْ‬
‫من أن يكون ساترا ِلعورته‪.‬‬ ‫ولبد ِ‬
‫خرجُون ما هو أسفل مِن‬ ‫وكثير مِن الناس‪-‬هداني الله تعالى وإياهم‪-‬يُ ِ‬
‫السرة مع أنّ ما بيْن السرة والركبة عورة‪-‬وهذا الكلم بالنسبة إلى‬
‫الرجل‪ ،‬وسيأتي ما يتعّلق بالمرأة ِبمشيئة الله تعالى‪-1‬فهذا أمر ل يَصح‬
‫بين السرة والركبة‪ ،‬وإنما الخلف في السرة‬ ‫‪ ..‬لبد مِن أن يَستر ما ْ‬
‫نفسها وفي الركبتين ‪ ..‬نعم ُيوجَد خلفٌ في ما هو أعلى مِن الركبتين‬

‫ما يتعّلق ِبالمرأة عند جوابه على السؤال ‪ِ 1‬‬


‫من حلقة ‪ 24‬ذو القعدة‬ ‫‪-1‬لقد تكّلم الشيخ ع ّ‬
‫‪1424‬هه ) ‪18/1/2004‬م (‪.‬‬
‫‪435‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫لكن الصحيح ما ذكرناه‪ ،‬أما ما هو أسفل مِن السرة فل يمكن أن‬ ‫ّ‬ ‫و‬
‫رخّص فيه‪ ،‬فلبد مِن أن يَنتبِه النسان‪.‬‬ ‫ُي َ‬
‫حرم‪:‬‬
‫ويلبس‪-‬أيضا‪ِ-‬رداءً‪ ،‬ويَنوي الحرام وذلك يكون إما أن يُ ِ‬ ‫َ‬
‫فرد‪.‬‬‫‪ِ-1‬بحج مُ ْ‬
‫‪-2‬أو بعُمرة ثم بعدَ ذلك يُحرِم بالحج عندما يَنتهي مِن العُمرة كما‬
‫سيأتي إن شاء الله‪.‬‬
‫جمع بيْن العمرة والحج‪.‬‬ ‫‪-3‬أو يَ َ‬
‫وتمتّع‪.‬‬
‫وقران‪َ ،‬‬ ‫فالمور ثلثة‪ِ :‬إفراد‪ِ ،‬‬
‫حرم بالحج‪ ،‬فإذا أتى مكّة المكرّمة طاف لِلقدوم‬ ‫فالفراد هو أن يُ ِ‬
‫وسعى بيْن الصفا والمروة ثم يَبقى على إحرامه حتى يَنتهي مِن رمي‬ ‫َ‬
‫يحلّ ‪ ..‬أي في اليوم العاشر‪.‬‬ ‫جمرة العقبة وفي ذلك ُ ِ‬
‫حرم أوّل بُعمرة‪ ،‬فإذا أتى مكّة المكرّمة‬ ‫وأما بالنسبة إلى التمتّع فإنه يُ ِ‬
‫من إحرامه‪.‬‬ ‫طاف بالبيت وسعى بيْن الصفا والمروة وأحَلّ ِ‬
‫قابل الحجَر‬‫ئ الطواف مِن ركن الحجَر ‪ُ ..‬ي ِ‬ ‫فة الطواف أن َيبتدِ َ‬ ‫وص َ‬
‫ِ‬
‫وينوي الطواف ويَطوف سبعة أشواط ويُْرمِل في طوافه في الثلثة‬ ‫َ‬
‫طبَاع‪-‬على الصحيح‪َ-‬يكون في‬ ‫ض ِ‬ ‫ضط َِبع ولكنّ ال ْ‬
‫الشواط الولى وكذلك يَ ْ‬
‫الشواط السبعة كلّها‪ ،‬كما ثبت ذلك في السنّة عن النبي صلى الله‬
‫وسط الثوب تَحت إِْبطه اليْمن‬ ‫َ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وذلك بِأن يَجعل‬
‫من الطواف فعليه‬ ‫رفي الرّداء على َيده اليُسرى‪ ،‬فإذا انتهى ِ‬ ‫ويجعل طَ َ‬ ‫َ‬
‫ؤدي الركعتين وقد سََترَ‬ ‫أن ُيرجِع ثَوب الحرام على ما كان عليه حتى يُ ّ‬
‫فإن ذلك أمر لبد منه‪ ،‬كما ثبت ذلك مِن أمر النبي صلى الله‬ ‫ّ‬ ‫ق ه‪،‬‬ ‫عات َ‬ ‫ِ‬
‫قّبُله‬
‫من تقبيله فإنه يُ َ‬ ‫والحجر إن تَمكّن ِ‬‫َ‬ ‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪،‬‬
‫قّبل بعدَ ذلك يدَه‬ ‫وإن لم َيتمكّن مِن تقبيله فإنه يَلمسُه بيدِه اليُمنى ويُ َ‬
‫يده عصا‪-‬وهو صعبٌ في هذا الزمان‪-‬‬ ‫اليمنى فإن لم يَتمكّن وكان في ِ‬ ‫ُ‬
‫قبّل‬‫فإنه يَلمسه بعصاه فإن لم يَتمكّن أشار إليه بيدِه وإذا أشار فل ُي َ‬
‫الركن اليَماني فإنه يَلمسه بيدِه إن تَمكّن ول‬ ‫يده‪ ،‬وأما بالنسبة إلى ّ‬ ‫َ‬
‫قبلها وأما إذا لم يَتمكّن فإنه ل يُشير إليه‪ِ ،‬لعدم ثبوت ذلك عن النبي‬ ‫ُي ّ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬أما بالنسبة إلى الرّْكنين‬
‫قبّلهما ول َيلمسهما‬ ‫الشاميين وهما الرّكن العراقي والشامي فإنه ل يُ َ‬ ‫ِ‬
‫بيدِه ول ُيشير إليهما‪ ،‬لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلوات الله وسلمه‬
‫عليه‪ ،‬وعند مقابلة الحجَر ُيكبّر ‪ ..‬يقول‪ " :‬الله أكبر "‪.‬‬
‫واستحب بعض العلماء أن َيقول‪ " :‬بسم الله ‪ ..‬الله أكبر "‪ ،‬وذلك لم‬
‫يَثبت في حديثٍ مرفوع‪ ،‬وإنما الثابت التكبير ‪ ..‬نعم ثبتت التسمية عن‬
‫ابن عمر رضي الله‪-‬تعالى‪-‬عنهما‪ ،‬أما الحديث المرفوع فهو ما ذكرتُه‪.‬‬

‫‪436‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بشيء مِن كتاب الله ‪ ..‬أي مِن‬ ‫ٍ‬ ‫سر له‪ ،‬وإذا دعا‬ ‫وعند طوافه َيدعو بِما تيَ ّ‬
‫من الثابت عن النبي‪-‬صلوات الله‬ ‫اليات التي جاء فيها الدعاء أو بشيءٍ ِ‬
‫وسلمه عليه‪-‬فذلك أفضل‪ ،‬أما أن يَشغِل بترديد الدعية والذكار خْلف‬
‫ما ل يَنبغي‬ ‫م ّ‬‫قه شيئا مِن تلك الذكار أو تلك الدعية فهذا ِ‬ ‫ف َ‬‫وف ول يَ ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫سِهن‬ ‫م ِ‬ ‫حذَر النسان مِن مزاحمة النساء ومِن َل ْ‬ ‫ولَي ْ‬
‫لحد أن يشتَِغل به‪ْ ،‬‬
‫ما يُنهَى عنه النهي الشديد‪ ،‬فإذا انتهى مِن الطواف‪-‬كما‬ ‫فإن ذلك مِ ّ‬ ‫ّ‬
‫خْلفه مباشَرة‪-‬وفي‬ ‫صلّ ركعتين خَْلف المقَام وإن لم يَتمكّن َ‬ ‫ذكرتُ‪َ-‬فْلُي َ‬
‫قعة بعيدة‬ ‫صلي في بُ ْ‬ ‫ذلك صعوبة شديدة ولسيما في أيام الحج‪-‬فإنه يُ ّ‬
‫من‬‫مكان ِ‬
‫ٍ‬ ‫ل في أيّ‬ ‫ص ّ‬ ‫من ذلك فَْليُ َ‬ ‫وليَجعله أمامه وإن لم يَتمكّن ِ‬ ‫عنه ْ‬
‫صلي َيأتي إلى الحجَر‬ ‫المقام‪ ،‬ثم بعدَ أن يُ ّ‬ ‫َ‬ ‫البيت ولو لم َيكن خلْف‬
‫سبعة‬
‫َ‬ ‫ع بيْن الصفا والمروة‬ ‫س َ‬
‫وجه بعدَ ذلك إلى الصفا ولْيَ ْ‬ ‫ويدعو ثم َيتَ ّ‬ ‫َ‬
‫أشواط ‪ ..‬مِن الصفا إلى المروة يَُعدّه شوطا وهكذا مِن المروة إلى‬
‫الصفا‪ ،‬ولبد مِن أن تكون البداية مِن الصفا وأن تكون النهاية بالمروة‪،‬‬
‫ذكر موله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وهو‬ ‫فلبد مِن أن يَنتبِه النسانُ ِلذلك‪َ ،‬وْلَي ُ‬
‫مستقبِلا ً ل ِلبيت في حالة صعوده على الصفا والمروة يقول‪ " :‬الله أكبر‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الله أكبر‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬ل إله إل الله‪ ،‬وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله‬
‫صرَ‬
‫ون َ‬‫وعدَه َ‬ ‫الحمد وهو على كل شيء قدير‪ ،‬ل إله إل الله وحده‪َ ،‬أْنجزَ ْ‬
‫وحدَه " ويَدعو بعد ذلك ثم يَأتي بالذّكر السابق‬ ‫زمَ الحزابَ ْ‬ ‫ده وهَ َ‬ ‫عبْ َ‬
‫ويدعو بعد ذلك ثم يَأتي بعد ذلك بالذّكر السابق‪ ،‬فإذا انتهى مِن ذلك‬ ‫َ‬
‫والحلق أفْضل إل في حالة أن يَكون أراد‬ ‫ْ‬ ‫أحلّ ِبالحلْق أو التقصير‪،‬‬ ‫َ‬
‫عمرته في العشْر فل ُِقرب الحرام بالحج فإنّ الفضل له أن‬ ‫الحلل مِن ُ‬
‫مرَ النبي ‪e‬‬ ‫صر حتى َيتمكّن مِن الحلْق عند إحلله مِن الحج‪ ،‬وقد أَ َ‬ ‫ق ّ‬ ‫ُي َ‬
‫بالتقصير في هذه الحالة‪ ،‬وذلك لجل أن يَبقى شعرُه طويل حتى َيتمكّن‬
‫من حلْقه‪-‬كما قلتُ‪-‬عند الحلل مِن الحج‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حرم بالعمرة والحج معاً‪ ،‬فإذا َفعل‬ ‫ران‪ ،‬وذلك بأن يُ ِ‬ ‫الق َ‬
‫والنوع الثالث‪ِ :‬‬
‫ويبقى على‬ ‫ويسعى َ‬ ‫ذلك فإنه عندما َيأتي البيت يَطوف طواف القدوم َ‬
‫ويبقى على‬ ‫منى َ‬ ‫ويتوجه بعدَ ذلك إلى ِ‬ ‫إحرامه حتى اليوم الثامن‪َ 1‬‬
‫ويذبح هدْيه‪ ،‬فإذا ذَبح الهدْي‬ ‫ي جمرة العقبة َ‬ ‫إحرامه‪-‬كما قلتُ‪-‬حتى يَرمِ َ‬
‫لن الرسول ‪ e‬يقول‪) :‬‬ ‫ّ‬ ‫والحلق أفضل‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫بالتقصير أو بالحلْق‪،‬‬ ‫َ‬ ‫حل‬ ‫فإنه يُ ِ‬
‫قين ( ‪ ..‬قال ذلك ثلث مرات وفي الرابعة قال‪) :‬‬ ‫م الله المحلّ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫َر ِ‬
‫رين (‪.‬‬ ‫والمقص ِ‬
‫ّ‬
‫القارن يَذبح‬ ‫ِ‬ ‫راد هو أنّ‬ ‫الفرْق بَْين القِرَان والِْف َ‬ ‫وبذلك ُتلحِظون أنّ َ‬
‫القارن فإنّ عليه‬ ‫ِ‬ ‫الهدي بِخلف المفرِد فإنه ل هدْي عليه إجماعا‪ ،‬أما‬ ‫ْ‬
‫الهدي على مذهب جمهور المّة‪.‬‬ ‫ْ‬
‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬الثامن عشر " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫‪437‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وسيأتي الكلم بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬على أفعال الحج على الثلثة‬


‫النواع‪.‬‬
‫إن‬
‫ك‪ّ ،‬‬ ‫لك ل َب ّي ْ َ‬
‫ك ل شريك َ‬ ‫ك‪ ،‬ل َب ّي ْ َ‬ ‫ك اللهم ل َب ّي ْ َ‬ ‫وفي حالة التلبية يقول‪ " :‬ل َب ّي ْ َ‬
‫لك "‪:‬‬ ‫شريك َ‬ ‫َ‬ ‫الحمد والنعمة لكَ‪ ،‬ل‬
‫ك حجّة "‪.‬‬ ‫ك حجّا " أو " ل َب ّي ْ َ‬ ‫ك ِبحجّة " أو " ل َب ّي ْ َ‬ ‫فرِدا قال‪ " :‬ل َب ّي ْ َ‬ ‫م ْ‬‫وإذا كان ُ‬
‫ك عُمرة " أو ما شابه‬ ‫بعمرة " أو " ل َب ّي ْ َ‬ ‫ك ُ‬ ‫مّتعا قال‪ " :‬ل َب ّي ْ َ‬ ‫متَ َ‬ ‫وإذا كان ُ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ك عُمرة وحجّا‬ ‫ك بعُمرة وحجّة " أو قال‪ " :‬ل َب ّي ْ َ‬ ‫ارنا قال‪ " :‬ل َب ّي ْ َ‬ ‫وإن كان َق ِ‬
‫ؤخّر‪ ،‬واستحبّ كثير‬ ‫العمرة على الحج‪ ،‬ويمكن أن ُي َ‬ ‫قدّم ُ‬ ‫"‪ ،‬ويمكن أن ُي َ‬
‫دم العُمرة على الحجّة‪ ،‬وهذا مِن باب الستحباب‪-‬‬ ‫ق ّ‬
‫من أهل العلم أن يُ َ‬ ‫ِ‬
‫النسان على تلبية‬ ‫ُ‬ ‫على رأيهم‪-‬ل مِن حيث الوجوب‪ ،‬والفضل ألّ يَزيدَ‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وأما مِن حيث الجواز فإنّ ذلك‬
‫ن بعض الصحابة كانوا َيزيدون على مسمٍع ومرأى مِن النبي‪-‬‬ ‫جائز‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫ولكن الفضْل‬ ‫ّ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ولم يُْنكِر عليهم‪،‬‬
‫في التزام التلبية التي كان يَأتي بها النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫رَفع بها الصوت‬ ‫كثِر مِن التلبية وأن يَ ْ‬ ‫وينبغي لِلنسان أن يُ ْ‬ ‫وصحبه وسلم‪َ ،‬‬
‫ويكِْثر‬ ‫مع الرجالَ الجانب‪ُ ،‬‬ ‫تسرّ ول ُتسْ ِ‬ ‫رجل‪ ،‬أما المرأة فإنها ُ ِ‬ ‫إذا كان ُ‬
‫شَرفًا‬‫د َ‬ ‫قبال الليل أو النهار أو إذا صََع َ‬ ‫ِ‬ ‫من التلبية‪-‬كما قلتُ‪-‬ولسيما عند ِإ‬ ‫ِ‬
‫غير الحوال‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬‬ ‫ل أو ما شابه ذلك ‪ ..‬أي في حالة تَ ّ‬ ‫أو نَزَ َ‬
‫َينبغي أن يُكِْثر منها وأن يَرَْفع بها الصوت‪ ،‬كما فَعل أصحاب النبي صلى‬
‫الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫متع بالحج‪-‬وهذا على الستحباب وإل فإنه‬ ‫في اليوم الثامن ُيحرِم المتَ ّ‬
‫رم‪،‬‬‫من الحَ َ‬ ‫ي موضعٍ ِ‬ ‫ويكون ذلك مِن َأ ّ‬ ‫متّع قبل ذلك‪َ -‬‬ ‫َيجوز الحرام للمَُت َ‬
‫ضع الذي َأقام فيه‪ ،‬ول يَنبغي ِللنسان أن يَذهب‬ ‫و ِ‬ ‫والنبي ‪َ e‬أحرَم مِن المَ ْ‬
‫الجن " أو إلى " البيت الحرام " أو ما شابه ذلك‪ِ ،‬لعدم‬ ‫ّ‬ ‫إلى " مسجد‬
‫ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬والظاهر أنّ‬
‫العلماء عندما قالوا‪َ :‬أحرَم النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬مِن‬
‫ث فيه ‪ ..‬أي أنّ أصحابه على مسمعٍ ومرأى فعلوا‬ ‫ك َ‬ ‫الموضع الذي مَ َ‬
‫حرم في ذلك اليوم‬ ‫حل مِن ِإحرامِه‪ ،‬فلم يُ ِ‬ ‫نا ولم يُ ِ‬ ‫ار ً‬‫ذلك‪ ،‬وإل فهو كان قَ ِ‬
‫طن لِذلك‪.‬‬ ‫إحراما جديدا‪ ،‬فيَنبغي أن يُتفَ ّ‬
‫ن أهل العلم قد اختلفوا في الفضل مِن المور‬ ‫هذا ومِن الجدير بالذّكر أ ّ‬
‫متّع إل لِمن ساق الهدْي فإنّ‬ ‫أن الفضل التّ َ‬ ‫الثلثة‪ ،‬والصحيح عندنا ّ‬
‫والعمرة ‪ ..‬بقي الكلم هل الفضل أن‬ ‫ُ‬ ‫يقرِن بيْن الحج‬ ‫الفضل له أن ُ ْ‬
‫رن بينهما ؟ والثاني هو‬ ‫ق ِ‬ ‫َيتمتّع النسان أو أن َيسوق الهدْي وأن يُ ْ‬
‫الصحيح‪ِ ،‬لفعل النبي ‪. e‬‬
‫‪438‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫سق‬ ‫من لم يَ ُ‬ ‫مّتع لِ َ‬‫من ساق الهدْي والتّ َ‬ ‫ن الفضل القِرَان ِل َ‬ ‫تإ ّ‬ ‫كما قل ُ‬
‫الهدي‪ ،‬وبقي الخلف هل الفضل للنسان أن يَسوق الهدْي ويكون قارِنا‬ ‫ْ‬
‫بين حجّه وعُمرته أو الفضل له أن يَتمتّع ؟ والول هو الصحيح‪ ،‬لفعل‬ ‫ْ‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فالله اختار لنبيه ذلك ولم يكن‬
‫ما‬
‫منّى ذلك ل ِ َ‬ ‫ِلَيختار له إل الفضل‪ ،‬وأما تَمنّي النبي ‪ِ e‬للتمتع فإنه إنما َت َ‬
‫ب أصحابه‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليهم‪-‬للبقاء على‬ ‫رأى مِن حُ ّ‬
‫ترك العملَ الفضل‬ ‫أصحابه‪ ،‬وقد كان ‪َ e‬ي ُ‬ ‫َ‬ ‫واف َ‬
‫ق‬ ‫الحرام فتمنّى حتى يُ ِ‬
‫وتحرير ذلك‬ ‫لأجل موافَقة أصحابِه رضوان الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليهم‪َ ،‬‬
‫ول‪ ،‬وموضعه آخر بمشيئة الله تعالى‪.‬‬ ‫ط ّ‬
‫م َ‬‫حث ُ‬‫ٍ‬ ‫َيحتاج إلى بَ‬
‫صلون الصلوات‬ ‫هب الناس في اليوم الثامن إلى مِنى فإنهم يُ ّ‬ ‫فإذا َذ َ‬
‫خرج قَبْل‬ ‫جون بَْعد طلوع الشمس‪ ،‬ومَن َ‬ ‫خرُ ُ‬ ‫الخمس هناك‪ ،‬وبعد ذلك يَ ْ‬
‫السنة أن يَخرُجوا بعد طلوع الشمس‬ ‫ّ‬ ‫ذلك فل شي عليه ولكنّ‬
‫مرَة فذلك هو الذي َفعله النبي‬ ‫بن ِ‬‫توجهون إلى عرفة ‪ ..‬لو أَمكَن البقاء َ‬ ‫وي ّ‬ ‫َ‬
‫و َ‬
‫ن‬ ‫ق ْ‬‫ولكن هذا الزمان فيه مِن الصعوبة ما فيه ِلكثرة الحجاج‪ ،‬فيَْب َ‬ ‫ّ‬ ‫‪،e‬‬
‫فليُكبّر ومَن شاء‬ ‫كبّر ْ‬ ‫من شاء أن يُ َ‬ ‫هنالك على ذِْكر الله تبارك وتعالى ‪َ ..‬‬
‫ب‪ ،‬ويَنبغي لهم أن يُكثِروا مِن الدعاء والذّْكر ما استطاعوا‬ ‫أن ُيَلّبي فلْيَُل ّ‬
‫صّلوا‬ ‫ولَيتركوا كلم الدنيا‪ ،‬وإذا زالت الشمس فيَنبغي لهم مباشَرة أن يُ َ‬ ‫ْ‬
‫الظهر والعصر ‪َ ..‬يقوم المام خطيبا ولْيَخطب خطبة مختصَرة ثم بَْعد‬
‫صرُون الظهر ركعتين وكذلك‬ ‫ق ُ‬ ‫معا ‪َ ..‬ي ْ‬ ‫ذلك يَقومون بِتأدية الصلتين جَ ْ‬
‫ويقيم‬ ‫ن أذانا واحدا ُ‬ ‫المؤّذ ُ‬
‫َ‬ ‫ؤّذن‬ ‫مع تقديم‪ ،‬ويُ َ‬ ‫جمعونهما جَ ْ‬ ‫َ‬ ‫العصر‪َ .. 1‬ي‬
‫وليُكثِروا مِن الدعاء‬ ‫صّلوا فليَذْكروا الله‪-‬تبارك وتعالى‪ْ -‬‬ ‫ِإقامتين‪ ،‬فإذا َ‬
‫ويكثِروا مِن قول‪ " :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله‬ ‫ُ‬
‫من الدعاء‬ ‫ولُيكثِروا بِما شاؤوا ِ‬ ‫الحمد وهو على كل شيء قدير "‪ْ ،‬‬
‫حت عن رسول‬ ‫ص ّ‬
‫من الدعية التي وََرَدت في كتاب الله أو َ‬ ‫ولسيما ِ‬
‫فإن هذا الوقت مِن أفضل الوقات‬ ‫ّ‬ ‫الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫قوا‬ ‫ولَيبْ َ‬
‫نوم أو بِكلم أو ما شابه ذلك‪ْ ،‬‬ ‫ط فيه بِ ْ‬ ‫فرّ َ‬ ‫فل يَنبغي للنسان أن ُي َ‬
‫حققا ل لَبْس فيه‪ ،‬وليس‬ ‫تحققوا مِن غروب الشمس تَ ّ‬ ‫على ذلك حتى يَ ّ‬
‫قي في عامِه‬ ‫لن النبي ‪ e‬نهى عن ذلك‪ ،‬ولنه بَ ِ‬ ‫ّ‬ ‫خرج قَْبل ذلك‪،‬‬ ‫لحد أن يَ ُ‬
‫غموض وبَْعد‬ ‫حقق غروب الشمس تَحقّقا ل لَْبسَ فيه ول ُ‬ ‫ذلك حتى تَ ّ‬
‫ذلك أَفاض وقال‪ ) :‬خذوا عني مناسِككم (‪.‬‬
‫خالف‬ ‫ما يُ ِ‬ ‫خرجون قَبْل ذلك‪ ،‬وهذا مِ ّ‬ ‫وللسف نَجد كثيرا مِن الناس يَ ُ‬ ‫ِ‬
‫صارخة‪ ،‬ول يَنبغي لِلنسان‬ ‫ِ‬ ‫السنة الصحيحة الثابتة عن النبي ‪ e‬مخالَفة‬ ‫ّ‬

‫صر خاص بالمساِفر‪.‬‬


‫ن هذا الق ْ‬
‫‪-1‬يبدو أ ّ‬
‫‪439‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫المخالفة والعياذ‬ ‫َ‬ ‫خالف هذه‬ ‫المقدسة أن ُي ِ‬ ‫ّ‬ ‫الذي َذهب إلى تلك المواطن‬
‫بالله‪-‬تعالى‪-‬مِن ذلك‪.‬‬
‫جمعوا بيْن المغرب‬ ‫لتهم بِها ولْيَ َ‬ ‫لي َ‬‫مزدل ََفة ولْيَِبيتُوا ْ‬ ‫ثم لَِيذهبوا إلى ال ُ‬
‫لمسافر‪-‬‬
‫ِ‬ ‫صّلون المغرب ثلثا والعشاء ركعتين‪- 1‬وطبعا هذا لِ‬ ‫والعشاء ‪ُ ..‬ي َ‬ ‫ِ‬
‫ل عليه الحديث‬ ‫ويكون ذلك بأذان وإقامتين على الصحيح الذي دَ ّ‬
‫صّلوا صلة الفجْر في أوّل وقتها ثم‬ ‫الصحيح‪ ،‬فإذا قاموا في الصباح فلُْي َ‬
‫ِلَيذْكروا الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬هناك ذِْكرا كثيرا ولَْيبَْتِهلوا إليه ولُْيكِْثروا مِن‬
‫خرجوا بَْعد ذلك قَْبل طلوع‬ ‫وع إليه ‪ ، I‬ثم ِليَ ُ‬ ‫ش ٍ‬ ‫وخ ُ‬ ‫رعٍ ُ‬ ‫ض ّ‬
‫السؤال مع تَ َ‬
‫سرِعوا السيْر فذلك‬ ‫مكََنُهم أن يُ ْ‬ ‫محَسّر ِإن أَ ْ‬ ‫روا بِوادي ُ‬ ‫الشمس‪ ،‬وإذا مَ ّ‬
‫هو المطلوب‪ ،‬وإن لم َيتمكّنوا مِن ذلك فل حَرَجَ‪ِ-‬بمشيئة الله تبارك‬
‫وتعالى‪-‬مع شدّة هذا الزحام الذي نراه الن‪.‬‬
‫وف الناس مِن ذلك‪ ،‬وإنما‬ ‫خ ّ‬‫شدة الزحام " ‪ ..‬ل أريد أن يََت َ‬ ‫ّ‬ ‫وأقول‪" :‬‬
‫َأْذُكر أنّ ذلك هو الواقع ولكنّ المر يَسير بمشيئة الله تبارك وتعالى ‪..‬‬
‫جد مشقّة في ذلك‪،‬‬ ‫الناس أفواجا ولكنه يَمرّ ِبسهولة ويُسر ول يَ ِ‬ ‫َ‬ ‫َيرى‬
‫ومن ذهب إلى تلك المواطن عَرَف ذلك حقّ المعرفة‪ ،‬فل يَنبغي لحد‬ ‫َ‬
‫تصوره كثير مِن الناس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ما يَ‬‫سر مِ ّ‬ ‫وف مِن ذلك فالمر أَْي َ‬ ‫خ ّ‬ ‫أن َيتَ َ‬
‫من مجاوزة الوادي إل بعد طلوع الشمس لِزحام أو ما‬ ‫ومن لم يَتمكّن ِ‬ ‫َ‬
‫شابه ذلك فل شيء عليه على الرأي الصحيح الراجح‪.‬‬
‫زمَه بعضُ العلماء الدم‪ ،‬ول يَجب عليه‪ِ ،‬لعدم وجود دليلٍ على ذلك ‪..‬‬ ‫وأْل َ‬ ‫َ‬
‫هذا هو الصحيح عندي‪.‬‬
‫شرط أن يَكون ذلك بعد‬ ‫مرَة ِب ْ‬ ‫رموا بِها الجَ ْ‬ ‫فإذا وصلوا إلى مِنى فَْليَ ْ‬
‫من‬ ‫خذُ ِ‬
‫ؤ َ‬
‫طلوع الشمس‪-‬كما هو مذهب كثير مِن أهل العلم‪-‬وهو الذي يُ ْ‬
‫حديث ابن عباس رضوان الله‪-‬تعالى‪-‬عليهما‪.‬‬
‫مكنهم أن يَخرُجوا مِن المزدََلفة بعد غروب القمَر مِن ليلة‬ ‫ة يُ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫الضَع َ‬ ‫ّ‬
‫القادر فليس له‬ ‫ِ‬ ‫العاشر ولكن لَِينتظِروا الرمي حتى تَطلع الشمس‪ ،‬وأما‬ ‫ِ‬
‫أن َيخرُج إل بعد صلة الفجْر‪ ،‬كما فَعل النبي ‪ ، e‬والرمي في هذا اليوم‬
‫كبّر مع كل‬ ‫جرات وليُ َ‬ ‫مها النسان بِسبع حَ َ‬ ‫فلَيرْ ِ‬
‫جمرة العقَبة فقط‪ْ ،‬‬ ‫يكون لِ ْ‬
‫طع التلبية عند إرادة الرمي ‪ ..‬هذا هو القول الصحيح الثابت‬ ‫ق َ‬ ‫وليَ ْ‬‫َرمية ْ‬
‫شرَع الدعاء في هذا‬ ‫مي ل يُ ْ‬ ‫دلت عليه السنّة الصحيحة‪ ،‬ثم بَْعد الرّ ْ‬ ‫الذي ّ‬
‫وطن‪ ،‬بل يَذهب الناس إلى الذبح بالنسبة إلى مَن كان قارِنا أو كان‬ ‫م ِ‬ ‫ال َ‬
‫سن وسَِلم مِن العيوب‪ ،‬ول‬ ‫ذَبحوا الهدْي ولْيَكن قد َبَلغ ال ّ‬ ‫متمتّعا ‪ ..‬فليَ ْ‬
‫شرَع في‬ ‫ُيمكن أن أُطيل ب ِأكثر مِن ذلك في هذا الوقت‪ ،‬فإذا ذََبحوا فيُ ْ‬
‫والحلق أفضل‪ ،‬وأما النساء فإنهن‬ ‫ْ‬ ‫هذا الوقت الحلْق والتقصير ِللرجال‪،‬‬
‫وبْعد ذلك مَن شاء أن يَطوف فلَْيذهب إلى‬ ‫مَلة‪َ ،‬‬ ‫قصرن بِمقدار أنْ ُ‬ ‫ُي ّ‬
‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬ثلثا " بدل من " ركعتين "‪ ،‬وهو سبق لسان نبّه عليه فيما بعد‪.‬‬
‫‪440‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫طف ِبالبيت على الصفة التي ذكرناها إل أنه ل يُشرع فيه‬ ‫الطواف وليَ ُ‬
‫مل على حسب ما ذكرنا بل يَطوف طوافا عاديا‪ ،‬وبعد‬ ‫طَباع ول الرّ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ال ْ‬
‫سعى‪ ،‬كما هو مذهب جمهور‬ ‫مّتع فإنّ عليه أن يَ ْ‬ ‫المتَ َ‬‫ذلك بالنسبة إلى ُ‬
‫فرِد فإن كانا قد‬ ‫ارن والمُ ْ‬
‫ل عليه صحيح السنّة‪ ،‬وأما القَ ِ‬ ‫المة الذي دَ ّ‬ ‫ّ‬
‫سعيا مِن قَْبل فل سعي عليهما‪ ،‬أما إذا كانا لم يَسعيا مِن قَْبل‪ِ-‬لعدم‬
‫ن التأخير جائز وإن كان‬ ‫مكنهما مِن ذلك أو أنهما شاءَا تأخيرَ ذلك‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫َت ّ‬
‫التقديم أفضل‪-‬فعليهما‪-‬أيضا‪-‬السعي‪ ،‬وإذا فعلوا ذلك فإنهم يَرجِعون إلى‬
‫منى مباشَرة ول ْيَرموا الجمرات الثلث في اليوم الثاني والثالث‪ ،‬فمَن‬ ‫ِ‬
‫عجل بعد الرمي مِن اليوم الثالث وهو الثاني بالنسبة‬ ‫عجل فلَْيتَ ّ‬ ‫أراد أن يََت ّ‬
‫من أيام‬ ‫ومن شاء أن يَمكث الثالث‪-‬وهو اليوم الرابع ِ‬ ‫إلى أيام التشريق‪َ ،‬‬
‫كث‪ ،‬والرمي يكون في هذه اليام بَْعد زوال الشمس‪،‬‬ ‫م ُ‬
‫فلي ْ‬
‫الرمي ُكّلها‪َ -‬‬ ‫ّ‬
‫زي قَْبلها‪.‬‬ ‫ول ُيجْ ِ‬
‫دم على ذلك فهو مخالِف للسنّة‬ ‫ق ّ‬
‫من التَ َ‬ ‫وما َيفعله كثير مِن الناس ِ‬
‫الصحيحة الثابتة‪ ،‬ول ُيجزِيهم أنهم ُيقلّدون فلنا أو فلنا‪ ،‬فالعبرة‬
‫بالصحيح الثابت‪ ،‬كما نصّ على ذلك أهل العلم بل هو الذي نصّت عليه‬
‫ويعجبني كلم المام السالمي‪-‬رحمه الله‪-‬حيث يقول‪:‬‬ ‫الدلة‪ُ ،‬‬
‫ونحن نحكي بَْعده خلفا‬ ‫عتبر الوصاف‬ ‫المصطفى َي ِ‬
‫فيه عن المختار نصّ ُأسند‬ ‫قبل الخلف فيما ورد‬ ‫ل نَ َ‬
‫ولنَترك بقية‬ ‫ح فل شيء إل التسليم‪ْ ،‬‬ ‫وص ّ‬
‫َ‬ ‫فإذا َورد حديث عن النبي ‪e‬‬
‫القوال‪ ،‬فإذا انتهوا مِن ذلك فلَْيبْقوا بمكة ما شاءوا وإذا أرادوا‬
‫وليكن‬ ‫النصراف منها فليَنصرِفوا ولكن بعد أن يَطوفوا طواف الوداع ْ‬
‫دة‬ ‫ش ّ‬
‫وتْعذَر مِنه الحائض والنفساء ومَن لم يَتمكّن لِ ِ‬ ‫ذلك هو الخَِتام‪ُ ،‬‬
‫المرض الذي ل ُيمكن مََعه أن يَطوف بنفسه أو مَحمول‪ ،‬أما إذا أمكن‬
‫أن َيطوف ولو مَحمول فل يُعذَر مِن ذلك‪ ،‬والحائض تُعذَر مِن هذا‬
‫ؤخّر‬‫عذر‪ ،‬فلبد أن تُ َ‬ ‫الطواف أما مِن طواف الحج وطواف العُمرة فل تُ َ‬
‫طف بَْعد ذلك‪.‬‬ ‫ولتَ ُ‬
‫غتسل ْ‬‫ِ‬ ‫طهر وتَ‬ ‫ذلك حتى تَ ُ‬
‫تعلق ِبصفة الحج‪ ،‬وهنالك أحكام كثيرة تركتُها لِضيق‬ ‫صرٌ فيما يَ ّ‬ ‫هذا مختَ َ‬
‫الوقت واختصرتُ الكلم في بعضها؛ والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫ن الحاج يُصلّي في مزدلفة‬ ‫س‪ :‬لعله مِن سبق اللسان ذكرتُم أ ّ‬
‫المغرب ثلثا والعِشاء ثلثا ؟‬
‫صلى ثلثا ل‬ ‫رد حديث بأنها تُ ّ‬ ‫ج‪ :‬المغرب ثلثا والعشاء ركعتين‪ ،‬إذ لم يَ ِ‬
‫جمعة على الربع في الحضر‪ ،‬وذهب‬ ‫في حضر ول في سفر‪ ،‬والمّة مُ ِ‬
‫جمهور المّة إلى أنّ المسافر يَأتي بها ركعتين ‪ ..‬في القصر الصحيحُ‬
‫صليها النسان ثلثا فل شك أنّ هذا مِن باب سبق‬ ‫الوجوب‪ ،‬أما أن يُ ّ‬

‫‪441‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫اللسان إن كان قلنا ذلك‪ ،‬إذ لم يَقل بذلك أحد ول يُمكن أن يقول به‬
‫أحد‪-‬أيضا‪-‬إلى يوم القيامة؛ والله أعلم‪.‬‬
‫ت مكة جاءها‬ ‫مت بالعُمرة لكنّها عندما وصلَ ْ‬ ‫حرَ َ‬ ‫س ‪ :2‬امرأة أَ ْ‬
‫ووضعت النقاب ولَمّا‬
‫ْ‬ ‫وامتشطت وتطيبتْ‬
‫ْ‬ ‫الحيض فمكثتْ في السكن‬
‫ؤّد المناسك فقيل‬ ‫طُهرت ذهبت وصَّلت في الحرَم الشريف لكنها لم تُ َ‬ ‫َ‬
‫رمت مرة أخرى‪ ،‬ماذا عليها ؟‬ ‫وأحْ َ‬ ‫لها في ذلك فذهبتْ إلى " التنعيم " َ‬
‫ن النسان‬ ‫ج‪ :‬سبب هذا الجهل الفاضح ‪ ..‬قلنا نحن في مرة سابقة ‪ :‬إ ّ‬
‫‪1‬‬

‫إذا أراد أن يَذهب إلى الحج أو العُمرة بل إذا أراد أن يَأتي بشيء مِن‬
‫تعلم ذلك‪ ،‬فلقد أخطأت هذه المرأة خطأ عظيما‬ ‫العبادات لبد مِن أن يَ ّ‬
‫‪ ..‬عليها أن تتوب إلى الله‪-‬تبارك تعالى‪-‬وإحرامُها السابق كان باقيا‬
‫ي بذَبح شاة ويكون ذلك في الحرَم ‪ُ ..‬يْعطى‬ ‫د َ‬ ‫فتَ ِ‬
‫وعليها مع ذلك أن تَ ْ‬
‫فقراء الحرَم ‪ ..‬أي الذين يُوجَدون في الحرَم في وقت ذَْبح هذه‬
‫الشاة ‪ ..‬هذه رخصة لها‪.‬‬
‫ؤجل إلى طواف‬ ‫س ‪ :3‬بالنسبة لطواف الفاضة‪ ،‬هل يَصحّ أن يُ ّ‬
‫الوداع ؟‬
‫ج‪ :‬الرسول ‪ e‬طاف في النهار على الصحيح‪ ،‬وما جاء مِن أنه طاف‬
‫طوافه ‪ِ e‬للوداع فإنه‬ ‫ِ‬ ‫هم ذلك مِن‬ ‫و ّ‬
‫ولعل الراوي َت َ‬‫ّ‬ ‫بالليل فخطأٌ ل يَصح‪،‬‬
‫طافه قَْبل صلة الفجر على الصحيح‪ ،‬ومَن كانت لديه القدرة فيَنبغي له‬
‫ومن لم‬ ‫أن َيقتِدي بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪َ ،‬‬
‫خر ذلك إلى اليوم الذي‬ ‫ؤ ّ‬
‫مكن أن يُ َ‬ ‫مرض أو ما شابه ذلك فيُ ْ‬ ‫ستطع لِ َ‬
‫ِ‬ ‫َي‬
‫طف في ذلك اليوم طواف الفاضة‬ ‫ُيريد أن َيخرُج فيه إلى بلده وليَ ُ‬
‫جزيه عن طواف الوداع بِشرط أن يكون آخر العمال ‪ ..‬نعم‬ ‫وذلك يُ ِ‬
‫ع مِن َقبْل‪ ،‬أما‬ ‫س َ‬
‫خص له أن يَأتي بَْعده بالسعي إن كان لم يَ ْ‬ ‫ُيمكن أن يُرَ ّ‬
‫شرع إل للعُمرة‬ ‫ع‪ ،‬إذ إنّ السعي ل يُ ْ‬ ‫إذا كان قد سعى مِن قبل فل َيسْ َ‬
‫من قبل في حالتين ‪ ..‬في‬ ‫والحج‪ ،‬ويمكن أن يكون النسان قد سعى ِ‬
‫س عى‬‫حالة الفراد والقِران‪ ،‬أما في حالة التمتّع فالمتمتّع لبد أن يَ ْ‬
‫مرتين ‪ ..‬بعد طواف العُمرة وبعد طواف الحج ‪ ..‬هذا هو مذهب‬
‫الجمهور‪ ،‬وهو الذي دَّلت عليه السنّة‪ ،‬خلفا لبن تيمية ومَن سار على‬
‫نهجه مِن أنه ُيجزيه سعي واحد‪ ،‬فهذا مخالِف للسنّة‪.‬‬
‫من الطواف في الشوط السابع يَأخذون‬ ‫س ‪ :4‬البعض عند انتهائه ِ‬
‫ِبالتدرج ِللخروج مِن الطواف قبل انتهائهم منه‪ ،‬هل عليهم حرج‬
‫وخصوصا الزحام يكون كثيرا ؟‬

‫من حلقة ‪ 17‬شوال ‪1423‬هه ) ‪22/12/2002‬م (‪.‬‬


‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬‬
‫‪442‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وْوا‬ ‫ج‪ :‬إذا كانوا لم َينووا الخروج مِن الطواف فهم في الطواف‪ ،‬أما إذا نَ َ‬
‫الخروج فل‪ ،‬فإذن إذا كانوا بنية الطواف فل حرج بمشيئة الله‪ ،‬أما إذا‬
‫وْوا الخروج فذلك ل يَصح‪.‬‬ ‫َن َ‬
‫حج عن والدته إذا كانت عاجزة ؟ وإذا‬ ‫لرجل أن يَ ّ‬ ‫س ‪ :5‬هل يَجوز ِل ُ‬
‫كانت قد أصيبت بالعمى كذلك ؟‬
‫حج عنها‪ ،‬وكذلك إذا كانت ميّتة‪،‬‬ ‫صح له أن يَ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬إذا كانت عاجزة يَ‬
‫من‬ ‫فقد ثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه أجاب بذلك لِ َ‬
‫سأله عن من مات أحد أوليائه ‪ ..‬جاء في بعضها‪ " :‬رجُل "‪ ،‬وفي‬
‫بعضها‪ " :‬امرأة "‪ ،‬وهل الكل صحيح أو البعض صحيح والبعض شاذ ؟‬
‫ِلذلك موضع آخر‪ ،‬ولكن القول بالجواز هو القول الصحيح‪ِ ،‬لصحّة السنّة‪.‬‬
‫ادعى بأنها خاصّة بذلك الشخص أو بأولئك الشخاص دعوى‬ ‫ودعوى مَن ّ‬
‫ل تقوم عليها حجّة‪.‬‬
‫مكن أن يَأخذها معه وتَأتي بأعمال‬ ‫أما بالنسبة إلى العَمى فإن كان يُ ِ‬
‫ها عند تأدية المناسك فل يَصحّ لها الترك‪،‬‬ ‫ود َ‬‫ق ُ‬
‫وي ُ‬‫الحج ‪ ..‬أي َيأخذها معه َ‬
‫صح لها ذلك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أما إذا كانت ل َتتمكّن مِن الفعل أبدًا ففي هذه الحالة يَ‬
‫ؤّدوا ذلك بِمساعدة‬ ‫صرون ولكنّهم يُمكنُهم أن ُي َ‬ ‫فكثير مِن الناس ل يُبْ ِ‬
‫غيرهم‪.‬‬
‫حرَم إل‬ ‫س ‪ :6‬والدتها تريد أن تَذهب إلى الحج ولكن ليس عندها مَ ْ‬
‫صطحب معه زوجتَه مع مجموعة مِن النساء‪ ،‬فهل تَذهب‬ ‫ِ‬ ‫المقاول يَ‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫أن‬
‫معهم ؟‬
‫ج‪ :‬الله المستعان‪ ،‬كثير مِن أهل العلم ذهبوا إلى أنّ المرأة ل يَجوز لها‬
‫رم‪ِ ،‬لنهي النبي ‪e‬‬ ‫ح َ‬ ‫ج أو مَ ْ‬ ‫أن َتذهب إلى الحج ول إلى غيره إل مع زو ٍ‬
‫صت طائفة مِن أهل العلم‬ ‫خ َ‬ ‫ور ّ‬
‫رم‪َ ،‬‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬‫فرِها إل مع الزوج أو اله َ‬ ‫س َ‬
‫عن َ‬
‫الحج حجّ فريضة ‪َ ..‬رخّصوا لها‬ ‫ّ‬ ‫ِللمرأة إذا كانت َتذهب لِتأدية الحج وكان‬
‫من أهل الصلح‪ ،‬ولكن ل َيخفى ما في‬ ‫أن َتذهب مع نساء معهنّ رجال ِ‬
‫شدة الزحام في هذا المر وضَْعفِ المرأة فقد تَحتاج إلى مساعدة في‬ ‫ّ‬
‫مرض وتَحتاج إلى مَن َيقوم بشؤونها‪،‬‬ ‫الطواف أو في السعي وقد تَ َ‬
‫ومرضت منهنّ بعض النساء‬ ‫ْ‬ ‫من غير مَحارمِ ّ‬
‫هن‬ ‫ن ِ‬‫وكثير مِن النساء ذَهبْ َ‬
‫سك بهم أو‬ ‫م ِ‬‫واحتاجت إلى أن يَقوم الرجال بِحمِْلها أو مساعدتِها أو أن تُ ْ‬ ‫ْ‬
‫ما شابه ذلك وهم مِن غير مَحارمِها فيَقعون في معصية الله تبارك‬
‫نتظر‬
‫رخّص في مثل هذا المر فلتَ ِ‬ ‫وتعالى ‪ ..‬هذا الوقت ل يُمكن أن ن ُ َ‬
‫رما منها وهي معذورة إلى أن تَجد ذلك‪-‬بمشيئة‬ ‫ح َ‬
‫حتى تَجد زوْجا أو مَ ْ‬
‫رم؛ والله‬ ‫ح َ‬‫م ْ‬ ‫من التأْدية مع الزوج أو اله َ‬ ‫الله‪-‬وتوصي بذلك حتى تَتمكّن ِ‬
‫أعلم‪.‬‬

‫‪443‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س ‪ :7‬إذا تحلّلَ شخص مِن الحج أو العُمرة ثم شك في طوافه‬


‫ستة أشواط‪ ،‬ماذا يَجب عليه ؟‬ ‫بأنه قد طاف ّ‬
‫لتفت بعد ذلك إلى الشكوك‪،‬‬ ‫ج‪ :‬إذا انتهى النسان مِن الطواف فل َي ِ‬
‫من السعي ومِن الحلْق أو ما شابه ذلك ؟!‬ ‫فكيف إذا كان قد انتهى ِ‬
‫فهذا شك ل عبرة به ‪ ..‬نعم إذا شك وهو في الطواف فهاهنا َيبني على‬
‫ستة ويأتي بالشوط‬ ‫فليعتبِرها ّ‬ ‫القل ‪ ..‬إذا شك هل طاف ستّة أو سبعة َ‬
‫ستة فليَعتبِرها خمسة ‪ ..‬هذا إذا لم‬ ‫السابع‪ ،‬وإذا شك بْين الخمسة وال ّ‬
‫َيترجّح لديه شيء‪ ،‬أما بعد أن يَنتهي مِن الطواف فل شيء عليه بمشيئة‬
‫الله‪.‬‬
‫حجة وهو بِصحّة وعافية ؟‬ ‫جر بِ ّ‬ ‫ؤ ّ‬‫س ‪ :8‬هل يَجوز ِللنسان أن يُ َ‬
‫ج‪ :‬ل‪ ،‬ل يَجوز له ذلك أبدا‪ ،‬بل ول يَجوز له أن َينتظِر حتى ُيصبح شيخا ل‬
‫من تأدية ذلك‪ ،‬بل عليه أن يَذهب الن ما دام واجِدا لِلمال وهو‬ ‫َيتمكّن ِ‬
‫تأخر‪ ،‬كما يَفعله كثير مِن‬ ‫َيستطيع على تأدية الحج‪ ،‬ول يَجوز له أن يَ ّ‬
‫الناس‪:‬‬
‫ن َيزعمون‬ ‫وأنه َكالّديْ ِ‬ ‫ؤخرون‬ ‫وأغلبُ الناس ُي ّ‬
‫خادعون‬ ‫خُرف القول ُم ِ‬ ‫ِبُز ْ‬ ‫وهم لََعْمُر ال مَغرورون‬
‫دعي بأنّ أهل العلم قالوا‪" :‬‬ ‫نتظر الواحد سنة ثم سنة ثم ثالثة ويَ ّ‬ ‫َيبقى يَ ِ‬
‫َيجوز التأخير في الحج " ‪ ..‬ما أراد أهل العلم هذا المر‪ ،‬وكثير مِن‬
‫مِلكُون الموال الطائلة‬ ‫مكثون السنين الكثيرة ويَ ْ‬ ‫الناس شَاهدناهم يَ ْ‬
‫صحة تامّة يقول‪ " :‬سأذهب بعد مدّة مِن الزمان " ثم بعد ذلك‬ ‫ّ‬ ‫وهم في‬
‫ل يَتمكّن ثم َيأتيه الموت ‪ ..‬فأخشى على هذا مِن الهلك والعياذ بالله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 9‬ذو القعدة ‪1423‬هه‪ ،‬يوافقه ‪12/1/2003‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫هب إلى الحج ِلظروِفها‬ ‫س ‪ :14‬امرأةٌ كبيَرة في السن َلم َتذ َ‬
‫جر‬ ‫عمانيا‪ ،‬فهل ت ُؤْ َ‬ ‫خمسين ريال ُ‬ ‫ل عام ٍ َ‬ ‫سل في ك ّ‬ ‫مرضية لكّنها ُتر ِ‬ ‫اله َ‬
‫جل أن ت ُوَّزع هناك على الفقراء‪.‬‬ ‫من أ ْ‬ ‫على ذلك ؟ ِ‬
‫ل العلم في‬ ‫عوهم أن َيسألوا أه َ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ َنحن َندعو الناس ‪َ ..‬ند ُ‬
‫مخاِلفة‬ ‫ض المور التي قد َتكون ُ‬ ‫ل أن َيفَعلوا بع َ‬ ‫من قب ِ‬ ‫ل هذه القضايا ِ‬ ‫مث ِ‬
‫ل العلم‪:‬‬ ‫ل أه ُ‬ ‫ف ما فََعلوه‪ ،‬وقد قا َ‬ ‫ِللشرع أو قد َيكون الوَْلى ِبخل ِ‬
‫خي َْر فيها إّنها ل َب َل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ل َ‬ ‫ه‬
‫س ِبها ت ََفّق ُ‬‫عَباد َةٌ ل َي ْ َ‬‫ِ‬
‫جاِر‬
‫معَ هذه الموال وبعد َ ذلك َتقوم ب ِِإيه َ‬ ‫فكان الوَْلى ِلهذه المرأةِ أن َتج َ‬
‫ل حال‪-‬وجوهُ الخي ْرِ والِبر‬ ‫جةِ عنها‪ ،‬و‪-‬على ك ّ‬ ‫من َيقوم ِبتأديةِ هذه الح ّ‬ ‫َ‬
‫جين إليها فل ماِنع‬ ‫حَتا ِ‬ ‫م ْ‬‫ت هذه الموال ت ُوَّزع هناك على اله ُ‬ ‫كثيرة‪ ،‬فإن كان ْ‬
‫ت ت ُوَّزع على‬ ‫في ذلك وفي ذلك خْير ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬وإن كان ْ‬
‫‪444‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫َ‬
‫ن‬
‫علم ‪ُ ..‬يعا ُ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫من ن َ ْ‬ ‫جوه في هذه البلد أوَْلى ‪ِ ..‬‬ ‫ب فهَُناِلك وُ ُ‬ ‫ب ود َ ّ‬ ‫من هَ ّ‬‫َ‬
‫ض الشرطة أو ما شابه‬ ‫ض الكتب أو بع ُ‬ ‫ض الفقراء أو ت ُط ْب َعُ ِبها بع ُ‬ ‫ِبها بع ُ‬
‫مع هذه‬ ‫ج ّ‬ ‫جب عليها أن ت ُ َ‬ ‫ن هذه المرأة ي َ ِ‬ ‫ل طبعا‪ " :‬إ ّ‬ ‫ذلك ‪َ ..‬نحن ل نقو ُ‬
‫جير‬ ‫من المال ُثم بعد َ ذلك ت َُقوم ِبتأ ِ‬ ‫صل إلى مبلٍغ ِ‬ ‫ل أن ت َ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫من أ ْ‬ ‫الدراهم ِ‬
‫طيعة في هذا الوقت‬ ‫ت غير مست ِ‬ ‫من َيقوم ِبتأِديةِ الحج " لّنها ما دام ْ‬ ‫َ‬
‫ست‬ ‫ما بعد َ ِ‬ ‫من المال فل َيلَزمها أن َتتُرك هذا المال إلى َ‬ ‫وَتمِلك مبلغا ِ‬
‫مع إليها هذه الموال‬ ‫جت َ ِ‬‫سنوات أو عشر سنوات أو ما شابه ذلك حتى ت َ ْ‬
‫ة‬ ‫ُ‬
‫م ِبتأدِي َ ِ‬‫ت أو أن َتقو َ‬ ‫مع إذا شاَء ْ‬ ‫ج َ‬
‫ما أن ت َ ْ‬
‫جَرةِ الحج‪ ،‬فإ ّ‬ ‫صل إلى أ ْ‬ ‫التي ت َ ِ‬
‫من‬ ‫َ‬
‫هد كثيرا ِ‬ ‫ن ُوجوهِ الِبر والصلح‪ ،‬لن َّنا ُنشا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن وجهٍ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬‫ذلك إلى أ ْ‬
‫من‬‫ض الموال إلى مكة المكرمة ولكن كثيرا ِ‬ ‫ل بع ِ‬ ‫الناس َيقومون ب ِِإرسا ِ‬
‫الناس الذين َيقومون ِبتوزيِع تلك الموال ل ي َعْرُِفون الوجوهَ الصحيحة‬
‫التي ت ُوَّزع فَيقومون ب ِِإعطاِء فلن أو فلن أو ما شابه ذلك ‪ ..‬طبعا ذلك‬
‫َ‬
‫ن‬‫س ِ‬‫ح َ‬ ‫ث عن أ ْ‬ ‫حَراما ولكن النسان ينبِغي َله أن َيب َ‬
‫ح َ‬ ‫ن َ‬ ‫النفاق ل َيكو ُ‬
‫ها؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫الوجوهِ وأْول َ‬
‫من حلقة ‪ 29‬ذو الحجة ‪1423‬هه‪ ،‬يوافقه ‪2/3/2003‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫عام ‪1424‬هه‬

‫مل سَأصوم له "‪ ،‬وعندما وَجَدَ‬ ‫والدِي عَ َ‬


‫جد ِ‬ ‫س ‪ :7‬قالت‪ " :‬عندما يَ ِ‬
‫حِلف‪ ،‬فماذا‬ ‫ول دُون أن تَ ْ‬ ‫ملً َلم تصم له‪ ،‬حيث أنّها قَالَت ذلك قَ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫والدها َ‬
‫عليها ؟‬
‫بالوَفاء بنَذِْرها إذا كانت‬
‫َ‬ ‫ذَرت ذلك فلبد مِن أن تقوم‬ ‫ج‪ :‬إذا كانت نَ َ‬
‫سم‬‫ق ِ‬‫تستطيع على الوفاء به‪ ،‬والنّذر ل َيحتاج إلى حَلف بل ل يَحتَاج أن يُ ْ‬
‫سم وأمّا النّذر فهو‬ ‫النسان بالله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ذلك قَ َ‬
‫لبد مِن أن يقوم بالوفاء بالنّذر وليس له‬ ‫ذر ف َ َ‬
‫حَتاج إلى ذلك‪ ،‬فإن نَ َ‬ ‫ل يَ ْ‬
‫فرّط فيه ‪ ..‬ماذا قالت ؟‬ ‫أن ُي َ‬
‫س‪... :‬‬
‫بأَداء‬
‫الصل في النّذر أن يصوم النسان وأن يصلّي وأن يقوم َ‬ ‫ج‪َ ... :‬‬
‫الحج أو العمرة أو ما شابه ذلك لله تبارك وتعالى‪ ،‬فإذا ذََكرَ َذِلك أو لَم‬
‫متََعّين الذي يقع مِن المسلم‪ ،‬ول يُمكن أن يكون‬ ‫فإنه هو اله ُ‬ ‫رهُ ّ‬ ‫ذُك ْ‬‫َي ْ‬
‫ينه ‪...‬‬
‫صد غير ذلك إل إذَا كان منحرفا عن دِ ِ‬ ‫ق ِ‬‫المسلم يَ ْ‬
‫س ‪... :12‬‬
‫رة هي النية القلبية فإذا أراد النسان أن يقوم بشيء‬ ‫ج‪ ... :‬النية المعتَبَ َ‬
‫شَترَط فيها النّية أن ينوي ذلك بقَلبه ‪ ..‬إذا أراد الصلة‬ ‫من المور التِي ُت ْ‬ ‫ِ‬
‫ينوي ذلك بقلبه‪ ،‬وإذا أراد أن ُيخرج الزكاة ينوي ذلك بِقلْبه ‪ ..‬وهكذا‬
‫‪445‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جه‪:‬‬
‫لبد مِن أن يقول في حَ ّ‬ ‫قَية العبادات ‪ ..‬نعم في الحج ُ‬ ‫بالنسبة إلى بَ ِ‬ ‫ّ‬
‫اللهم‬
‫جة " أو " لبيك عمرة " أو ما شابه ذلك ل أن يقول‪ّ " :‬‬ ‫ح ّ‬‫" لبيك َ‬
‫ما لَم يَرِد عن النّبي ‪ .. e‬نعم اختلف العلماء‬ ‫إني نويت الحج " فهذا مِ ّ‬
‫في جواز ذلك‪:‬‬
‫هب إلى أن ل بأس على النسان أن يقول‪ " :‬اللهم إنِي نويت أن‬ ‫منهم ذَ َ‬
‫الظهر " أو " فريضة العصر " أو " أن أحج " أو " أن‬ ‫ّ‬ ‫أصلي فريضة‬
‫ذكر‬
‫وّفي زوجها أن تَ ُ‬ ‫دة المرأة التِي ُت ُ‬ ‫أفعل كذا " وهكذا بالنّسبة إلى عِ ّ‬
‫بلسانها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ذلك هي‬
‫هب إلى أنّ ذلك بدعة وأّنه ل يَجوز‪.‬‬ ‫من َذ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫أنه لَم يثبت عن النبي ‪ e‬ولكن ل نقول‪:‬‬ ‫ول شك أنّ هذا بدعة ‪ِ ..‬بمعنَى ّ‬
‫ختَلف والكلم‬ ‫حرّمة‪ ،‬بل البِدع تَ ْ‬ ‫لنه ليست كل البِدع مُ َ‬ ‫إن ذلك حرام‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ونحن نقول‪ :‬إنّه ل ينبغي ِللنسان أن يأتي بِشيء مِن‬ ‫طول‪َ ،‬‬ ‫على ذلك يَ ُ‬
‫هذه اللفاظ‪ ،‬ولكن إذا أتَى بشيء مِن هذه اللفاظ ل نقول إنّه ارتكب‬
‫أما أنْ يقوم رجل أجنبي‪-‬أو ما شابه‬ ‫حرّما ولكن نقول‪ :‬الفضل التّرك‪ّ ،‬‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ما ل يصح‪،‬‬ ‫ابَعتِه فهذا مِ ّ‬ ‫مت َ‬ ‫فظ وتقوم تلك المرأة بِ َ‬ ‫ذلك‪-‬بقراءة هذا اللّ ْ‬
‫قر إلى نِّية‪-‬والمراد بالنية‬ ‫فتَ ِ‬ ‫دة هل تَ ْ‬ ‫أن العلماء قد اختلفوا في العِ ّ‬ ‫على ّ‬
‫هاهنا النية القلبِية كما ذكرت‪-‬أو أنّها ل تفتقر إلى النية‪:‬‬
‫أنها ل تفتقر إلى النّية‪.‬‬ ‫وقد ذهب أكثر العلماء إلى ّ‬
‫حه المام نور‬ ‫هب إليه ابن بركة وصحّ َ‬ ‫وذهب بعض العلماء‪-‬وهو الذي ذَ َ‬
‫قر إلى النية‪ ،‬فإذا قُلنا بِهذا‬ ‫الدين رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬إلى أنّها تفتَ ِ‬
‫وي‪-‬فإن المراد بالنّية‪-‬كما قلتُ‪-‬هي النية القلبية‪.‬‬ ‫القول‪-‬وهو قول قَ ِ‬
‫‪...‬‬
‫وافقه ‪13/7/2003‬م‬ ‫من حلقة ‪ 13‬جمادى الولى ‪1424‬هه‪ ،‬ي ُ َ‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫رض إذا وَجَدت‬ ‫س ‪ :1‬هَل يَْلزَم المرأة الذّهاب إلى العُمرة الفَ ْ‬
‫رم ؟‬ ‫ح َ‬ ‫دْيَها مَ ْ‬ ‫رفقة فيها رجال ونساء ُأمََناء وليْس لَ َ‬ ‫َ‬
‫فوا في حُكْم العُمرة‪:‬‬ ‫ماءَ َقد اختلَ ُ‬ ‫ن العَُل َ‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫أدلة متََعدّدة مِن‬ ‫أنها وَاجَِبة‪ ،‬وقد استدَّلوا على ذلك بِ ّ‬ ‫ب إلى ّ‬ ‫ه َ‬ ‫منُْهم مَن ذَ َ‬ ‫ِ‬
‫العلمَاء قد‬
‫سنة رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬إل أنّ ُ‬ ‫ّ‬
‫ومنُْهم مَن قال‬ ‫ن قال بُِثبُوتها‪ِ ،‬‬ ‫منُْهم مَ ْ‬ ‫اختََلفوا في ثُبوت هذه الحاديث‪ِ ،‬‬ ‫ْ‬
‫بثبوت بعضها‪ ،‬ومِْنهم مَن قال بِعدم ثُبُوت شيء مِْنها‪.‬‬
‫وإنما هِي سنّة‬ ‫مرة‪ّ ،‬‬ ‫الع ْ‬‫وب ُ‬ ‫ت طائفة مِن أهل العلم إلى عَدَم ُوجُ ِ‬ ‫هَب ْ‬ ‫وذ َ‬ ‫َ‬
‫فرط فيها‬ ‫من السنن وثََبت فيها الفضل العظيم فل يَْنبَغي لِلنسان أن يُ ّ‬ ‫ِ‬
‫ابوا عن تِلك الحاديث‬ ‫وأجَ ُ‬ ‫صل إلى درجة الوجوب‪َ ،‬‬ ‫وإن كان ذلك ل يَ ِ‬

‫‪446‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وسلم‪-‬‬ ‫َ‬ ‫ت عن رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫أنها مِنْها مَا ل يَثُْب ُ‬ ‫ِب ّ‬
‫ومنها ما ل دللة فيه على المطلوب‪.‬‬
‫حقيق الحقّ فيها يَحتاج إلى‬ ‫وجود في المسألة‪ ،‬وتَ ْ‬ ‫ما كان‪-‬الخلف مَ ْ‬ ‫مْه َ‬ ‫و‪َ -‬‬
‫جهة‬‫من كَلم مِن جهة الثّبوت ومِن ِ‬ ‫خُلو ِ‬ ‫لن جميع تلك الدلة ل تَ ْ‬ ‫ّ‬ ‫إطالة‪،‬‬
‫الدللة أيضا‪.‬‬
‫وبها هِي ل تَصل إلى درجة‬ ‫وج ِ‬ ‫ول بِ ُ‬‫ق ُ‬ ‫ما كان‪-‬حتى على رأي مَن َي ُ‬ ‫مْه َ‬ ‫وَ‪َ -‬‬
‫ص سنّة رسول‬ ‫ُوجوب الحج‪َ ،‬ذلك لنّ الحج ركن مِن أرْكان السلم ِبنَ ّ‬
‫ص كتاب الله‬ ‫الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ثم هُو َواجب ِبنَ ّ‬
‫قت المّة‬ ‫ف َ‬ ‫سنة رسوله صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وقد اتّ َ‬ ‫ص ّ‬ ‫وبن ّ‬ ‫ِ‬
‫معلومة عند‬ ‫جوبه‪ ،‬وهو مِن المُور الضرورية اله َ‬ ‫السلمية عَلى وُ ُ‬
‫مسلمين‪.‬‬ ‫اله ُ‬
‫هل‬ ‫ماعة مِن الثّقات أَ ْ‬ ‫سَفر المرأة مع جَ َ‬ ‫واز َ‬ ‫وقد اختلف العلماء في جَ َ‬
‫الصلح مََعُهم نِساء‪:‬‬ ‫ّ‬
‫دّلوا بِبعض الدلة‪.‬‬ ‫از ذَلك‪ ،‬واستَ َ‬ ‫و ِ‬ ‫منْهم مَن ذَهب إلى جَ َ‬ ‫ِ‬
‫إن ذلك ل يَجوز لها‪ِ ،‬لنهي النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى‬ ‫ومنْهم مَن قال‪ّ :‬‬ ‫ِ‬
‫رم‪ ،‬كما ثبت ذلك في‬ ‫ح َ‬‫افر إل مع زَوج أو مَ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫المرأة أن تُ َ‬ ‫َ‬ ‫آله وسلم‪-‬‬
‫سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الخلف في العُمرة أشَد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وإذا كان المْر كَذلك ‪ ..‬أعني في الحج فإنّ‬
‫مختلف‬ ‫ق عليْه في الَفرضية‪َ ،‬بل هِي ُ‬ ‫ف ِ‬‫مّت َ‬ ‫ذلك لنها ل تَصل إلى دَرجة اله ُ‬
‫مل ‪..‬‬ ‫حَت ِ‬
‫وي وإنْ َكان مُ ْ‬ ‫وبها ليْس بِذلك القَ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫و ُ‬ ‫والقول بِ ُ‬ ‫َ‬ ‫فيها‪-‬كما ذكرتُ‪-‬‬
‫ولة‪ِ-‬بمكان‪-‬أن َيجزم به النسان‬ ‫من السُّه َ‬ ‫ول ليْس ِ‬ ‫عني َترْجيحُ هذا القَ ْ‬ ‫َي ِ‬
‫ه يَْنبغي‬ ‫وإن كان له وجه وجيه‪ ،‬وإذا كان المر كَذلك فإنّني أَُقول‪ :‬إنّ ُ‬
‫ذهب معه لِتَْأدية‬ ‫رما منها وتَ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫جد زوْجا أو مَ ْ‬ ‫أخر حتى َت ِ‬ ‫لهذه المرأة أن تَتَ ّ‬
‫أداء فريضة‬ ‫وم بِ َ‬
‫ق َ‬ ‫لن النسان يُمكن أن يَ ُ‬ ‫ّ‬ ‫العمرة‪،‬‬ ‫فريضة الحج وتَْأِدية ُ‬
‫الحج وأداء العُمرة في سفر واحد‪:‬‬
‫أتي بِها ثم‬ ‫العمرة ويَ ِ‬ ‫ل بِ ُ‬ ‫حرم أوّ ً‬ ‫هو الفْضل ‪ُ ..‬ي ْ‬ ‫مّتع بيْنهما كما ُ‬ ‫‪-1‬إما أن يَتَ َ‬
‫حرم بِفريضة الحج‪ ،‬كما هو معلوم في كتب‬ ‫حل مِْنها ثم بعد ذلك يُ ْ‬ ‫ُي ِ‬
‫المناسك‪.‬‬
‫ِ‬
‫والعمرة ‪ُ ..‬تحرِم بِهما إحراما واحدا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪-2‬وإما أن ُتقْرِن بيْن الحج‬
‫سق الهدْي‪ ،‬فهي في هذه الحالة إذا‬ ‫من لم يَ ُ‬ ‫شك أَفضل لِ َ‬ ‫والول ل َ‬
‫ؤدي فريضة الحج ولبد مِن أن‬ ‫ن تُ ّ‬ ‫معهم نِساء لَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ت مع رجال ثِقات‬ ‫هَب ْ‬ ‫َذ َ‬
‫سافر‪-‬كما‬ ‫ِ‬ ‫تأخر إلى ذلك الوقت وتُ‬ ‫إمكانها أن تَ ّ‬ ‫ِ‬ ‫افر مرة أخرى فإذن بِ‬ ‫س ِ‬ ‫ُت َ‬
‫رم بِمشيئَة الله‪.‬‬ ‫ح َ‬ ‫قلتُ‪-‬مع زوْج أو مَ ْ‬
‫ارمِِهم مِن باب العَانة على‬ ‫ح ِ‬ ‫هُبوا مع مَ َ‬ ‫ارم أن يَذْ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫لم َ‬ ‫نبغي لِلزواج ولِ َ‬ ‫وي ِ‬ ‫َ‬
‫قومُون ِبتَْأِدية‬ ‫سي ُ‬‫مشيئة الله تبارك وتعالى‪َ -‬‬ ‫ضا بِ َ‬ ‫أي َ‬ ‫ر والتّقوى‪ ،‬وهم‪ْ -‬‬ ‫الب ّ‬ ‫ِ‬
‫‪447‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫فلون‬ ‫يتنَ ّ‬
‫مرة إذا كَانوا لم يَْأُتوا بَِهما مِن قَْبل أو أنّهم سَ َ‬ ‫ريضة الحج والعُ ْ‬ ‫َف ِ‬
‫ِبذلك وفي ذلك َفضل عَظيم‪ ،‬كما ثَبت ذلك في سنّة رسول الله صلى‬
‫مرَة‬ ‫الع ْ‬ ‫ويكْفي مِن ذلك أنّ النبي ‪َ e‬قال‪ُ ) :‬‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم‪َ ،‬‬
‫جزاء إل الجنة (‪،‬‬ ‫مبرور ليْس له َ‬ ‫والحج اله َ‬ ‫َ‬ ‫فارة لِما بَيْنهما‪،‬‬ ‫مرة َك َ‬ ‫إلى العُ ْ‬
‫ضل؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ريد الفَ ْ‬ ‫من يُ ِ‬ ‫فى بَِهذا فضْل ِل َ‬ ‫وك َ‬ ‫َ‬
‫محْرَما ‪ُ ..‬رّبما ي َكون لحد‬ ‫دق عَليه أن يَكون َ‬ ‫ص ُ‬‫س ‪ :2‬مَن الذي يَ ْ‬
‫فر ؟‬ ‫حرَمها في هذا السّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مكن أن يَكون هو َ‬ ‫النساء صبي‪ ،‬هل يُ ْ‬ ‫َ‬
‫كانت‬
‫ْ‬ ‫اهقا ‪ ..‬أي‬ ‫مكِن‪ ،‬وأما إذا كان مُرَ ِ‬ ‫الصبي إذا كان صَِغيرا فل يُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ج‪ :‬أما‬
‫البُلوغ فإنّ أهل العلم قد اختلفوا في ذلك‪:‬‬ ‫رب مِن حَالة ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫ه تَ ْ‬ ‫حالُ ُ‬ ‫َ‬
‫ها ولسيما إذا‬ ‫ر َ‬ ‫ف َ‬ ‫افق المرأةَ في سَ َ‬ ‫ر ِ‬‫ن يُ َ‬‫في لَأ ْ‬ ‫إن هذا يَكْ ِ‬ ‫منْهم مَن قال‪ّ :‬‬ ‫ِ‬
‫الصلح مَُعُهم نِساء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫هل‬ ‫من أَ ْ‬ ‫جالٌ ِ‬ ‫كان هَُنالِك رِ َ‬
‫رط البُُلوغ‪.‬‬ ‫شتَ ِ‬ ‫العلماء يَ ْ‬ ‫وبعض ُ‬ ‫ُ‬
‫دا‪ ،‬ولكن في مِْثل هذه‬ ‫وي ج ِ ً‬ ‫ول قَ ِ‬ ‫ول بِاشِْترَاط البُُلوغ قَ ْ‬ ‫الق ْ‬
‫شك أنّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ول‬
‫قا ‪َ ..‬له دِراية بِمثل هذه‬ ‫لبُلوغ وكان لَِب ً‬ ‫قا لِ ُ‬ ‫اه ً‬
‫مرَ ِ‬ ‫الحالة إذا كان الصبي ُ‬
‫المور فل أرى بأسًا بِمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫رَتها‬ ‫م َ‬‫مل عُ ْ‬ ‫ع الحَْيض لُِتكْ ِ‬ ‫ان َ‬ ‫و ِ‬
‫م َ‬ ‫اطى َ‬ ‫صح ِللمرأة أن تَتََع َ‬ ‫س ‪ :3‬هل يَ ِ‬
‫لوطَن قبل‬ ‫افلة إلى ا َ‬ ‫رجِع فيه القَ ِ‬ ‫حيْضها زمنًا تَ ْ‬ ‫أيامِ َ‬ ‫اد َ‬ ‫ظرا لمِْتدَ ِ‬ ‫َن َ‬
‫ها ؟‬ ‫طْهرِ َ‬ ‫ُ‬
‫ج‪ :‬هنالك أمران‪:‬‬
‫ستعمل ذلك ؟‬ ‫ِ‬ ‫‪-1‬الجواز ‪ ..‬أي أَنه هل ِلهذه المرأة أن َت‬
‫وّقف‬ ‫لت ذلك قبل نُزول الحَيْض أو في أثناءِ ُنزوله وتَ َ‬ ‫‪-2‬وإذا استعمَ ْ‬
‫الحيض عن النزول‪:‬‬ ‫ْ‬
‫انع مِنْه "‪.‬‬ ‫قول‪ " :‬إنّ ذلك مِما ل مَ ِ‬ ‫العلم تَ ُ‬ ‫فإن طائفة كبيرة مِن أهل ِ‬ ‫ّ‬
‫وفرق بعضُ أهل العلم بَْين الحَالتين ‪ ..‬بيْن ما إذا نَزل الحيْض أو كان‬ ‫ّ‬
‫ذلك قَبل نُزوله فأجازوا ذلك في الحالة الثانية دون الحالة الولى‪.‬‬
‫ونحن نقول‪ :‬إذا انقطع الحيْض ل مَانع مِن ذلك‪ ،‬ولكن هنالك قَضية‬ ‫َ‬
‫ه الحبوب بعد ذلك‬ ‫ملن هذ ِ‬ ‫سَتْع ِ‬ ‫أن َكثيرا مِن النّساء اللتي يَ ْ‬ ‫خرى وهي ّ‬ ‫ُأ ْ‬
‫ارة‬
‫جدا وتَارة يَْنزِل وتَ َ‬ ‫ويلة ِ‬ ‫مدّة طَ ِ‬ ‫ستَمر الدّم له ُ‬ ‫وقف هذا الحيْض ويَ ْ‬ ‫ل يََت َ‬
‫هي طاهر‬ ‫ل ِ‬ ‫ضبط لَها عادة فَل تَدْري هَ ْ‬ ‫خلف ذلك ول تَنْ ِ‬ ‫َيكون المر ِب ِ‬
‫قية‬
‫ؤّدي مناسِك الحج والعُمرة وتُصلي وتَصوم وهكذا بالنسبة إلى َب َ‬ ‫َفُت َ‬
‫ست بِطاهر وليس لها أن‬ ‫ي َليْ َ‬ ‫مَتَعلقة بقضية الحيْض أو هِ َ‬ ‫كام اله ُ‬ ‫الحْ َ‬ ‫َ‬
‫رك‬ ‫فالسلمة أن تَتَ ُ‬ ‫ّ‬ ‫قى في مُشكلة كبيرة جدًا‪،‬‬ ‫ؤّدي هذه الشياء ‪ ..‬تَْب َ‬ ‫ُت َ‬
‫ادة ‪..‬‬ ‫ن عَ َ‬ ‫اء َلُه ّ‬ ‫س ِ‬ ‫الن َ‬
‫ن ّ‬ ‫فإن َكثيرا مِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ظر في َأمْرها‪،‬‬ ‫هذه المُور وأن َتنْ ُ‬
‫مكَُنَها أن‬ ‫رف مََتى يَْبتَدِئ الحيْض ومتى يَْنتَهي الحيض‪ ،‬فإن كانت يُ ْ‬ ‫َتْع ِ‬
‫المناسك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ك‬
‫تل َ‬ ‫أت بِ ْ‬ ‫مناسك قبل نُزول الحيض َفْلَتذهب ولْتَ ِ‬ ‫ي ِتلك اله َ‬ ‫ؤّد َ‬ ‫ُت َ‬
‫‪448‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫أن الحيض سيأتيها في‬ ‫وإن كان ل يُمكنها ‪َ ..‬تعرف بِحسب عادَتها بِ ّ‬
‫مرة أو تَْأدية‬ ‫الوْقت مِن َتْأِدية العُ ْ‬ ‫مكّن في ذلك َ‬ ‫الوْقت الفُلني ولَن تََت َ‬ ‫َ‬
‫قتهم فإنها ُتؤمَرُ‬ ‫ها تِلك الجماعة التي هي في رفَ َ‬ ‫ر َ‬ ‫ظ َ‬ ‫ن َتنَْت ِ‬ ‫الحج لنّها لَ ْ‬
‫ج ا م ِن‬ ‫وسيجعل لَها الله‪-‬تبارك وتعالى‪َ-‬فرَ ً‬ ‫َ‬ ‫أخر في تلك السنَة‪،‬‬ ‫ِبأن َتتَ ّ‬
‫معلوم هي لم‬ ‫قبل إن شاء الله تبارك وتعالى‪ ،‬ومِن اله َ‬ ‫سَت ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ها في اله ُ‬ ‫أمرِ َ‬
‫ما مِن أجل هذه الضّرورة؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫وإن َ‬
‫تتأخر مِن أجل التَأخر ّ‬ ‫ّ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫َ‬
‫من ُْهم الرضيع‬ ‫مرة و ِ‬ ‫م للعُ ْ‬ ‫معَهُ ْ‬ ‫خذ ُ بعض المسلمين أطفالهم َ‬ ‫س ‪َ :4‬يأ ُ‬
‫مت َعَل َّقة ِبهؤلء الطفال ؟ نرجوا‬ ‫مّيز‪ ،‬فما هي الحكام ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫ومنهم اله ُ‬
‫دوا‬ ‫رموا َلهم وأن ي ُؤَ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل َلهم أن ي ُ ْ‬ ‫ضّية ‪ ..‬ي َعِْني هَ ْ‬ ‫صيل في هذه الَق ِ‬ ‫الَتف ِ‬
‫كذا الحج ؟‬ ‫مرة وهَ َ‬ ‫العُ ْ‬
‫كون هنالك‬ ‫اقع قد تَ ُ‬ ‫ج‪ :‬أما الطفل إذا كان صَِغيرا جدا فهذا في الوَ ِ‬
‫مّيز ولَو قليل فقد ثَبت‬ ‫ذا الطفل يُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫مشكلة في الحرَامِ َله‪ ،‬أمَا إذا َكان َ‬
‫دة طُرُقٍ‪-‬عن النبي‪-‬صلى الله عليه‬ ‫من ع ِ ّ‬‫في السنّة الصحيحة الثابتة‪ِ -‬‬
‫وله ومِْنها مِن إقراره‪:‬‬ ‫منَْها مِن قَ ْ‬ ‫وعلى آله وسلم‪ِ -‬‬
‫قال لها ‪: e‬‬ ‫هل ِلهذا حج ؟ "‪-‬أي لِصبي مََعها رفعَْتهُ‪َ-‬ف َ‬ ‫ألته امرأة‪َ " :‬‬ ‫س ْ‬ ‫فقد َ‬
‫ك أجر (‪.‬‬ ‫) نعم ولَ ِ‬
‫ع رسول‬ ‫م َ‬ ‫حابة‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليهم‪َ -‬‬ ‫الص َ‬ ‫ّ‬ ‫فة مِ َ‬
‫ن‬ ‫ائ َ‬ ‫هب طَ ِ‬ ‫وذ َ‬‫َ‬
‫صلوا‬ ‫هم لم يَ ِ‬ ‫الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬إلى الحج َو ُ‬
‫هم رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫وأَقرّ ُ‬ ‫إلى مَرْتبة البُُلوغ َ‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫العمرة على‬ ‫م ُيطالَبون بَعد ذلك ِبفريضة الحج ويُطالَُبون بِ ُ‬ ‫ه ْ‬‫نعم ‪ُ ..‬‬
‫ختلف‬‫ول بَِأّنها سنّة وإنّما تَ ِ‬ ‫ون بِها حتى عَلى القَ ْ‬ ‫طالبُ َ‬ ‫وبها‪ ،‬أو يُ َ‬ ‫وج ِ‬ ‫القول بِ ُ‬
‫الدرجة‪.‬‬
‫مكن أنْ‬ ‫دير أو يُ ْ‬ ‫ق ِ‬‫ل تَ ْ‬‫ارِته على أََق ّ‬ ‫حافظ على طََه َ‬ ‫هذا الصبِي ُي ِ‬ ‫فإذا كان َ‬
‫ض ٌ‬
‫ل‬ ‫رم مِن ذلك‪ ،‬ففي ذلك فَ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫يسأل أو ما شابه ذلك فل يَنبغي أن يُ ْ‬ ‫ُ َ‬
‫واب‬ ‫وث َ‬
‫عظيم ِلذلك الصّبي بِمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬وفي ذلك أَجْر َ‬
‫ه الله‬ ‫ج َ‬ ‫دا بِذلك َو ْ‬ ‫فل إذا كان قَاصِ ً‬ ‫الط ْ‬
‫ّ‬ ‫م ِلذَِلك‬ ‫أحرَ َ‬ ‫من ْ‬ ‫ِبمشيئة الله ِل َ‬
‫تبارك وتعالى‪.‬‬
‫شكِلة؛‬ ‫رام َله مُ ْ‬ ‫ون فِي الحْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫صِغيرا جدًا جدًا َفَهذَا قد تَ ُ‬ ‫ان َ‬ ‫أما ِإذا كَ َ‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫هذا الصّبي المميّز‪-‬الذي يَستطيع أن َيفهم ما يُقال‬ ‫ب َ‬ ‫ك َ‬ ‫س‪ :‬إذا ارتَ َ‬
‫ل مَا يَترتب على ذَلك ؟‬ ‫م ُ‬‫ح ّ‬‫ظوَرات‪ ،‬مَن الذِي يَتَ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫من الم ْ‬ ‫شيئا ِ‬ ‫له‪َ -‬‬
‫لف بَْين أهل العلم‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫خ‬
‫ج‪ :‬في هذه المسألة ِ‬

‫‪449‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ف ٌ‬
‫و‬ ‫رمَ له‪ ،‬فذلك مَْع ُ‬ ‫شيءَ عليه ول على مَن َأحْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫إنه َ‬ ‫قول‪ّ :‬‬ ‫‪-1‬منْهم مَن َي ُ‬
‫عنه بِمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫َ‬
‫أحرَم له‪.‬‬ ‫‪-2‬ومِْنُهم مَن َيقول‪ُ :‬يخاطب بِه مَن ْ‬
‫ائفة مِن أهل العلم‬ ‫ول الول قد َقالت به طَ َ‬ ‫والق ْ‬
‫َ‬ ‫والقول الثاني مَشهور‪،‬‬
‫وله َوجْه َوجِيه؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ؤّدي طواف الوداع ؟‬ ‫ستحاضة‪ ،‬كيف تُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫س ‪ :5‬المرأةُ اله ُ‬
‫واف الوداع‪:‬‬ ‫العلماء في طَ َ‬ ‫ج‪ :‬أما الحائض فقد اختلف ُ‬
‫ش ً‬
‫اة‬ ‫كنها ذلك وإل فََعليها أن َتذْبح َ‬ ‫أخر إن أَمْ َ‬ ‫منْهم مَن قَال‪ُ :‬تؤمَر ِبأن تََت ّ‬ ‫ِ‬
‫ايا هُم‪ :‬مَ ْ‬
‫ن‬ ‫ض َ‬
‫اد ِبفقراء الحرَمِ في مِْثل هذه القَ َ‬ ‫مرَ ُ‬ ‫م ‪ ..‬واله ُ‬ ‫حرَ ِ‬ ‫ِلفقراء اله َ‬
‫م أو كانوا‬ ‫واء َكانوا مِن أهل الحرَ ِ‬ ‫م في ذلك الوَْقت سَ َ‬ ‫ون في الحرَ ِ‬ ‫وجدُ َ‬ ‫ُي َ‬
‫دموا إلى الحرَمِ‪.‬‬ ‫اقيين الذين قَ ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫رج إل إذَا‬ ‫خ ُ‬ ‫يَء عََليَْها وتَ ْ‬ ‫العلم إلى أنه ل شَ ْ‬ ‫ت طائفة مِن أهل ِ‬ ‫هب ْ‬ ‫وذ َ‬ ‫َ‬
‫طوف‬ ‫وترجِع وتَ ُ‬ ‫سل َ‬ ‫غت ِ‬ ‫ؤمر بَِأن َت َ‬ ‫مكة فإنّها تُ َ‬ ‫ارَقة بُُيوتِ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫طُهرَت قبل مُ َ‬ ‫َ‬
‫ؤمَر ِبالرّجوع ول‬ ‫فإنها ل تُ ْ‬ ‫الحرَم ّ‬ ‫َ‬ ‫و في‬ ‫رت بَعد ذَلك ولَ ْ‬ ‫البْيت‪ ،‬أما إذا طَُه َ‬ ‫ِب َ‬
‫عليها‪.‬‬ ‫يء َ‬ ‫ش َ‬ ‫َ‬
‫ول هُو القَول الصحيح‪ِ ،‬لدللة حديثِ رسول الله‪-‬صلى الله عليه‬ ‫الق ْ‬‫وهذا َ‬
‫عَلْيه‪.‬‬‫وعلى آله وسلم‪َ -‬‬
‫مس َلُهم‬‫ُ‬ ‫يلتَ‬
‫طِلعوا على الحديثِ ف ُ ْ‬ ‫ولعل الذين قَالوا بِخلف ذلك لم َي ّ‬ ‫َ‬
‫رد إل المصطفى صلى‬ ‫ذ مِن َقوله ويُ َ‬ ‫ؤخَ ُ‬ ‫وِلهم‪ ،‬إذ كلّ ُي ْ‬ ‫ق ْ‬‫خذُ ِب َ‬ ‫ؤ َ‬‫العذْر ول يُ ْ‬ ‫ُ‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم‪:‬‬
‫قولوا خَالف الثار‬ ‫وإن يَ ُ‬ ‫مختار‬ ‫حسبك أن تَّتبع اله ُ‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫تسل وبعد‬ ‫ضها أَن تَْغ ِ‬ ‫ر بَعد حَْي ِ‬ ‫ؤمَ ُ‬ ‫حاضة فإنّها تُ ْ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬
‫ست‬ ‫سبة إلى اله ُ‬ ‫أما ِبالنّ َ‬
‫دم ثُبوت ذلك عن النبي ‪ e‬مِن‬ ‫حيح‪ِ-‬لَع َ‬ ‫الص ِ‬‫َ‬ ‫ؤمر بِالغتسال على‬ ‫ذلك ل تُ َ‬
‫ضع النجاسة وبِأن‬ ‫و ِ‬ ‫مر بَِغسل مَ ْ‬ ‫ؤ َ‬ ‫ما تُ ْ‬ ‫وإن َ‬
‫جية‪ّ -‬‬ ‫ح ّ‬ ‫صلُ إلى مرتبة اله ُ‬ ‫ه َي ِ‬ ‫ج ٍ‬ ‫َو ْ‬
‫جاسة إلى شيءٍ مِن جسدها أو إلى‬ ‫وج تِْلك النّ َ‬ ‫ر ِ‬ ‫منَع مِن خُ ُ‬ ‫شيْئا َي ْ‬ ‫س َ‬ ‫َتْلبَ َ‬
‫طوفُ كما تُصلي؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ضأ وتَ ُ‬ ‫و ّ‬ ‫الرض ثم تَتَ َ‬ ‫ْ‬
‫س ‪ :6‬أنا شاب ذهبتُ إلى الديار المقدّسة لداء العُمرة وبعد أن‬
‫ت أداَءها شككت في أنها غير مقبولة ولكن لم أفعل أيّ شيء‬ ‫أنهي ُ‬
‫َيتنافى مع أعمالها ‪ ..‬الحمد لله جميع الركان كانت صحيحة ولكن‬
‫لوصولي أول مرة إلى الديار المقدسة حدث لي حرج كبير وارتباك‬
‫شديد أثناء الطواف ؟‬
‫القبُول فيَْعَلمه الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ول عِْلم لنا نَحن ول ِلَغِْيرِنا‬ ‫ج‪ :‬أما َ‬
‫صل مَن أتَى ِبشيءٍ‬ ‫حة‪-‬ولكن الَ ْ‬ ‫ما يََتكَّلم أهْل العِْلم على الصّ َ‬ ‫وإن َ‬ ‫ِبذلك‪ّ -‬‬
‫ربه‪-‬تبارك‬ ‫قيًا لِ ّ‬ ‫ه الصحيح وكان مُّت ِ‬ ‫الوجْ ِ‬ ‫من الَعمال الصَالحة على َ‬ ‫ِ‬
‫‪450‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫إذ إنّ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬إّنما‬ ‫قبّل مِْنه‪ْ ،‬‬ ‫أن الله‪-‬تبارك وتعالى‪َ-‬يَت َ‬ ‫وتعالى‪ّ -‬‬
‫من كان متّقيًا فإنّ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬قد وَعَ َ‬
‫د‬ ‫َيتقبّل مِن المتّقين‪َ ،‬ف َ‬
‫خلف ذلك‪.‬‬ ‫كن كَذَِلك فالمْر ِب ِ‬ ‫ول أعمَاله الصّالحة‪ ،‬ومَن َلم يَ ُ‬ ‫قب ِ‬ ‫ِب ُ‬
‫أتى بِها بِحسب مَا هِي‬ ‫حة عُمرته فإن كان قد َ‬ ‫وأما ِبالنسبة إلى صِ ّ‬
‫حيحة بِمشيئة الله‪-‬‬ ‫فإنها صَ َ‬ ‫أركانها وشُروطها ّ‬ ‫مشروعة عليه ‪ ..‬أََتى ِبها بِ ْ‬
‫اوس؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫س ِ‬ ‫كوك والوَ َ‬ ‫فت إلى هذه الشُ ُ‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬ول يَْلَت ِ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫الفرْد أكثر مِن‬ ‫ر َ‬ ‫م َ‬‫ح أن يَْعتَ ِ‬ ‫ص ّ‬
‫ل َي ِ‬ ‫ه َ‬ ‫سَتنَد مَن َيقول‪ :‬إّن ُ‬ ‫س ‪ :7‬ما هو مُ ْ‬
‫الواحِدة ؟‬ ‫يارة َ‬ ‫عمرة في الزّ َ‬ ‫ُ‬
‫هؤلء أنّه َلم يَثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫ستند َ‬ ‫ج‪ :‬مُ ْ‬
‫مرّة مع حِرصه على‬ ‫فاره أكثر مِن َ‬ ‫فرٍ َواحد مِن أسْ ِ‬ ‫مر في سَ َ‬ ‫أنه اعَْت َ‬ ‫ّ‬
‫الخير‪ ،‬ولم يَْثبت‪-‬كذلك‪-‬عن أحد مِن صحابته‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى‬ ‫َ‬
‫اته‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬أكَْثر مِن‬ ‫مروا في حََي ِ‬ ‫أنهم قد اعتَ َ‬ ‫عليهم‪ِ-‬ب ّ‬
‫ن النّبي‪-‬صلى الله‬ ‫وإنما أَِذ َ‬ ‫ه م‪ّ ،‬‬ ‫ار ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫عمرة واحدة في سفر واحد مِن أسْ َ‬ ‫ُ‬
‫لسيدة عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى‬ ‫ّ‬ ‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ِ-‬ل‬
‫مر‬‫ن َلها بَِأن َتْعتَ ِ‬ ‫طِييبًا لَِنفسها أذِ َ‬ ‫ت ‪ ..‬فإنه تَ ْ‬ ‫رَن ْ‬ ‫مر بَعد أن قَ َ‬ ‫عنها‪ِ-‬بأن تَْعَت ِ‬
‫رد دَليل‬ ‫ولم يَ ِ‬ ‫افقها ‪َ ..‬‬ ‫مرَ أخاها عبد الرحمن بِأن ُيرَ ِ‬ ‫وأ َ‬
‫التْنعيم " َ‬ ‫من " َ‬ ‫ِ‬
‫سالم مِن ُكل اعتراض ِباعتمار عبد الرحمن‪-‬رضي الله تبارك‬ ‫ِ‬ ‫صحيح‬
‫مع السيّدَة عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنها‪-‬‬ ‫وتعالى عنه وعن أَِبيه‪َ -‬‬
‫ولعل هذا الأقرَب‬ ‫ّ‬ ‫مرَ‪،‬‬ ‫هَنالِك رواية َتدُل عََلى أنه اعْتَ َ‬ ‫مل ‪ُ ..‬‬ ‫حَت ِ‬ ‫والمر مُ ْ‬ ‫ُ‬
‫إلى الصواب ولكن ذلك لِمرافقتِه ِللسيدة عائشة على أننا ل نستطيع‬
‫أن َنقول‪ " :‬إنّه قد اعَْتمر "‪ ،‬أما الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫من ْهم أكثر مِن مرة واحدة‪.‬‬ ‫عتمر أحَدٌ ِ‬ ‫وصحابته‪-‬كما قلتُ‪-‬لم يَ ِ‬ ‫ُ‬ ‫وسلم‪-‬‬
‫الواحد أكثر مِن‬ ‫روعية العتمار في السّفر َ‬ ‫ش ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ول ِب َ‬ ‫ق ُ‬ ‫وبعض العلماء يَ ُ‬ ‫ُ‬
‫مرة‪.‬‬
‫ما‬‫حيْث الجواز لِما ذكرناه مِن هذا الدليل وإنّ َ‬ ‫قول بِالجواز مِن َ‬ ‫حن َن ُ‬ ‫ون ْ‬ ‫َ‬
‫رات‬‫م َ‬ ‫ان ِبالعُ ْ‬‫ن التيَ ِ‬ ‫م َ‬ ‫فضل للنسان أَن ُيكِْثرَ ِ‬ ‫َ‬
‫هل الأ َ‬ ‫الفضل ‪َ ..‬‬ ‫الكلم في َ‬
‫السفر‬ ‫ّ‬ ‫احدَة في‬ ‫رةً َو ِ‬ ‫ر إل مَ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ر أن يَْعتَ ِ‬ ‫غيْ ِ‬‫واف مِن َ‬ ‫الط َ‬
‫َ‬ ‫أو أن ُيكثِر مِ َ‬
‫ن‬
‫كما ثَبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟ اللهم‬ ‫الواحد َ‬ ‫َ‬
‫ذهب‬ ‫ختلف‪ ،‬أما أن يَ ْ‬ ‫مكَرمة فالمر يَ ِ‬ ‫دة طويلة في مَكّة اله ُ‬ ‫قي م ُ ّ‬ ‫إل إذا َب ِ‬
‫حسب مَا نَرَى‪-‬أن ُيكِْثر مِن الطوَاف‬ ‫النسان ِلعدة أيَام فالفضل‪-‬على َ‬
‫غير أن يَأتي بِأكثر مِن ِتلك العُمرة التي‬ ‫ومن ذِكر الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬مِن َ‬ ‫ِ‬
‫خل بَِها مَكّة المكرمة ِلما ذكرناه‪.‬‬ ‫َد َ‬
‫حديث النّبِي صلى الله‬ ‫قا مِن َ‬ ‫اب ً‬ ‫س ِ‬ ‫ض علينا بِما ذَكرناه َ‬ ‫مكن أن يُْعَترَ َ‬ ‫ول يُ ْ‬
‫ّ‬ ‫لن‬ ‫م ا (‪،‬‬
‫فارة ِلما بَيَْنُه َ‬ ‫العمرة كَ ّ‬ ‫مرة إلى ُ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪ ) :‬العُ ْ‬
‫‪451‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مر ولم َيأمُر صحابتَه‪-‬رضوان الله تبارك‬ ‫عت ِ‬‫هو الذِي لم يَ َ‬ ‫الذي قال ذلك ُ‬
‫ن ِللسيّدة عائشة‪-‬رضي الله تبارك و تعالى‬ ‫ذلك وإنّما أَِذ َ‬ ‫وتعالى عليهم‪-‬بِ َ‬
‫سع لِلطالة؛ والله‪-‬‬ ‫مجال ل يَّت ِ‬ ‫دمناه‪ ،‬واله َ‬ ‫رف خَاصّ ِبها كما ق ّ‬ ‫ظ ْ‬ ‫عنها‪ِ-‬ل َ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫انب ؟‬ ‫أج ِ‬‫ع َ‬ ‫حرَم ‪ ..‬مَ َ‬ ‫دون مَ ْ‬ ‫رة بِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هاب إلى العُ ْ‬ ‫الذ َ‬
‫ريدُ ّ‬ ‫س ‪ :8‬امرأةٌ تُ ِ‬
‫اجبَة‪-‬على رأي‬ ‫رة الوَ ِ‬ ‫م َ‬‫هذِه المرأة إن َكانتْ لم تَأتِ ِبالعُ ْ‬ ‫إن َ‬ ‫حنُ‪ّ :‬‬ ‫ج‪ :‬قلنا نَ ْ‬
‫ض أهل العِْلم إذا كانت‬ ‫أي بَْع ِ‬ ‫ص َلَها عََلى رَ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫من يقول بِذلك‪-‬فإنه قد ُيرَ ّ‬ ‫َ‬
‫الصلح‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ب مع نِساء مع رِجال مِن أهْل‬ ‫ذه ُ‬ ‫َت َ‬
‫هب إل مَع‬ ‫ذ َ‬‫س َلَها أن تَ ْ‬ ‫من أهل العِلم إلى أنه َليْ َ‬ ‫يرةٌ ِ‬ ‫فة َكبِ َ‬ ‫ائ َ‬ ‫هَبت طَ ِ‬ ‫وذ َ‬ ‫َ‬
‫ول أسْلم‪ ،‬فينبغي َلَها إن كَانت لم‬ ‫ذا القَ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫أن َ‬ ‫رمَ؛ ول شَك ب ِ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫َزوج أو مَ ْ‬
‫د َزوجا أو ذَا‬ ‫ج َ‬ ‫ظر حتى تَ ِ‬ ‫الواجبة‪-‬على القَول بِوجوبِها‪-‬أن َتنتَ ِ‬ ‫العمرة َ‬ ‫َ‬ ‫ؤّد‬ ‫ُت َ‬
‫وتْأتي ِبالعمرة‬ ‫شيئَة الله‪-‬تبارك وتعالى‪َ -‬‬ ‫م ِ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫افر مََع ُ‬ ‫س ِ‬ ‫م مِْنَها وَُت َ‬ ‫حرَ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫يضة الحج؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ر َ‬ ‫ف ِ‬ ‫وب ِ َ‬
‫الحلق‪ ،‬كيف يَكون ؟‬ ‫ْ‬ ‫قصير أو‬ ‫الت ِ‬ ‫س ‪ :9‬الحلل بِ َ‬
‫رم‬‫ح ِ‬ ‫م ْ‬‫ج‪ :‬الحلل َيكون بِالحلق ويكون‪-‬كذلك‪ِ-‬بالتقصير‪ ،‬فالنسان اله ُ‬
‫تقصير‬
‫ِ‬ ‫أسه كله أو بِ‬ ‫حلق رَ ِ‬ ‫حل ِب ْ‬ ‫ِبالحج أو العُمرة أو بِهما مًَعا إما أن يُ ِ‬
‫هنا‪ ،‬كما يَصنَع كثير مِن‬ ‫ذ مِن هنا ومِن َ‬ ‫أخ َ‬ ‫س له أن يَ ُ‬ ‫وليْ َ‬ ‫رأسه كله‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫قصر شيئا آخر‬ ‫قصر شيئا قليل مِن الجهة الفلنية مِن رأسه ويُ ّ‬ ‫الناس يُ ّ‬
‫سنة رسول الله‬ ‫الف لِ ّ‬ ‫خ ِ‬ ‫هذا خَطأ مُ َ‬ ‫من الجِهة الفلنية وهكذا ‪ ..‬ل ‪َ ..‬‬ ‫ِ‬
‫قصر الرأس ُكله‪َ ،‬‬
‫ول‬ ‫لبد مِن أن يُ ّ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪ُ ..‬‬
‫السنة الصحيحة الثَابتة عن رسول الله ‪، e‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نص‬ ‫الحلق بِ‬ ‫ْ‬ ‫الفضل‬ ‫شك أنّ َ‬ ‫َ‬
‫قصرِين ؟ "‬ ‫م ّ‬ ‫حّلقين ( ِقيل‪ " :‬واله ُ‬ ‫م َ‬ ‫م الله اله ُ‬ ‫فإن الرسول ‪ e‬قال‪َ ) :‬رحِ َ‬ ‫ّ‬
‫رين ؟ يا رسول الله "‬ ‫قص ِ‬
‫م ّ‬ ‫حّلقين ( ِقيل‪ " :‬واله ُ‬ ‫م َ‬ ‫م الله اله ُ‬ ‫قال‪َ ) :‬رحِ َ‬
‫قصرِين ؟ " قال‪) :‬‬ ‫م ّ‬ ‫حّلقين ( قِيل‪ " :‬واله ُ‬ ‫م َ‬ ‫م الله اله ُ‬ ‫ح َ‬ ‫قال‪َ ) :‬ر ِ‬
‫رين (‪.‬‬ ‫قص ِ‬‫م ّ‬ ‫واله ُ‬
‫حّلقين ( قيل‪" :‬‬ ‫م َ‬ ‫م الله اله ُ‬ ‫ض الروايات‪َ ) :‬رحِ َ‬ ‫وجاء في َبْع ِ‬
‫معتُ عن َبعضِ الناس‬ ‫س ْ‬ ‫رين (؛ وقد َ‬ ‫قص ِ‬ ‫م ّ‬ ‫رين ؟ " قال‪ ) :‬واله ُ‬ ‫قص ِ‬‫م ّ‬ ‫واله ُ‬
‫ل واحد بِدليل هذه الرواية ول دَللة‬ ‫ض َ‬ ‫الف ْ‬ ‫أن َ‬ ‫قول بِ ّ‬ ‫قصير ويَ ُ‬ ‫الت ْ‬
‫أخذ ِب َ‬ ‫أنه يَ ُ‬ ‫ّ‬
‫مسند جاءت في بَْعض‬ ‫أول أنّ ِرواية اله ُ‬ ‫هذه الرواية على ذَلك أبدًا‪ّ ،‬‬ ‫في َ‬
‫م الله‬ ‫ح َ‬ ‫النسخ بِما ذكرناه‪ 1‬وجاءت في نسخة َقدِيمة بِلفظ‪َ ) :‬ر ِ‬ ‫ّ‬
‫م الله‬ ‫ح َ‬‫قصرِين ؟ يا رسول الله " قال‪َ ) :‬ر ِ‬ ‫م ّ‬ ‫حّلقين ( ِقيل‪ " :‬واله ُ‬ ‫م َ‬ ‫اله ُ‬
‫فالنسخة‬ ‫ّ‬ ‫رين (‪،‬‬ ‫قص ِ‬‫م ّ‬ ‫قصرِين ؟ " قال‪ ) :‬واله ُ‬ ‫م ّ‬ ‫حّلقين ( قِيل‪ " :‬واله ُ‬ ‫م َ‬ ‫اله ُ‬

‫م الله‬
‫ح َ‬
‫‪-1‬أي التي قال‪ ) :‬والمقصرين ( في المرة الولى أي الرواية التي جاء فيها‪َ ) :‬ر ِ‬
‫رين (‪ ،‬مسند المام الربيع بن حبيب‪،‬‬ ‫مقصّ ِ‬
‫رين ؟ " قال‪ ) :‬واله ُ‬
‫مقصّ ِ‬
‫الهمـحَّلقين ( قيل‪ " :‬واله ُ‬
‫حديث رقم‪.444 :‬‬
‫‪452‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫قصرِين‬ ‫م ّ‬ ‫أن هذه النسخة التي قال‪ ) :‬واله ُ‬ ‫ختَِلفة وليْس لحد أن يَدّعي بِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫الولى هي‬ ‫لعل ُ‬
‫ّ‬ ‫( في المرة الولى ِبَأّنها هي النّسخة الصحيحة بَل‬
‫ذه‬ ‫ه ِ‬‫م م ِن َ‬ ‫أقدَ ُ‬ ‫قَية الروايات ثم هِي ْ‬ ‫ون إلى بَ ِ‬ ‫ك ُ‬ ‫ب مَا تَ ُ‬ ‫الصحيحة لنها أقْرَ ُ‬
‫مكن أن نَقول‬ ‫أنه حَتى عَلى الرّواية الولى‪ 1‬يُ ْ‬ ‫هذا علَى ّ‬ ‫النسخة ِبكثير ‪َ ..‬‬ ‫ّ‬
‫صُهم‬ ‫خ ّ‬ ‫لن الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ -‬‬ ‫ّ‬ ‫ضيل المحلّقين‪،‬‬ ‫تف ِ‬ ‫ِب ْ‬
‫د ذلك‪) :‬‬ ‫رين ؟ "‪ ،‬قال بَْع َ‬ ‫أول بالذّكر فلما ِقيل له‪ " :‬والهمقصّ ِ‬ ‫ً‬
‫اب والسّّن ِ‬
‫ة‬ ‫الكتَ ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ائز بَِن ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫فالكلّ َ‬‫ُ‬ ‫رين ( ‪ ..‬وعلى كل حال‬ ‫قص ِ‬ ‫م ّ‬ ‫واله ُ‬
‫الصحيحة الثابتة عن رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬إل أَ ّ‬
‫ن‬
‫أيضا‪-‬‬
‫الذي فََعَله الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬هو الحلْق ثم‪ً -‬‬ ‫ِ‬
‫حّلقين ( في‬ ‫م َ‬ ‫دمه في الذّْكر سواء ُقلنا إنه قال‪ ... ) :‬اله ُ‬ ‫هو الذِي قَ ّ‬
‫حّلقين وما‬ ‫م َ‬ ‫أنه بدأ أوّل بِاله ُ‬ ‫المرة الولى أو في الثانية أو في الثالثة إل ّ‬
‫ذكِر له ذلك صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬ ‫رين ( إل بَعد أن ُ‬ ‫قص ِ‬ ‫م ّ‬ ‫قال‪ ) :‬واله ُ‬
‫مع النسان بيْن الحلْق‬ ‫ج َ‬
‫ن الفضل أنْ َي ْ‬ ‫العْلم أَ ّ‬ ‫ر بعضُ أهل ِ‬ ‫هذا‪ ،‬وقد َذَك َ‬
‫حلق رأسِه‪ ،‬وهذا‪-‬في حقيقة‬ ‫قوم بعد ذلك ِب ْ‬ ‫صر أوّل ثُم يَ ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫والتقصير ‪ُ ..‬ي َ‬ ‫ِ‬
‫جه أو من‬ ‫ح ّ‬ ‫ل مِن َ‬ ‫ل َفقد أَحَ ّ‬ ‫أو ً‬
‫رأسه ّ‬ ‫َ‬ ‫صرَ‬ ‫لن مَن َق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ليس بِشيءٍ‪،‬‬ ‫الواقع‪ْ -‬‬ ‫َ‬
‫ادف ذلك‬ ‫ص ِ‬ ‫ن َبينهما وبعد ذَلك لم يُ َ‬ ‫عمرتِه أو مِنْهما مَعًا إذَا كَان قد قَرَ َ‬ ‫ُ‬
‫حِلق‬ ‫حِلق َفْلَي ْ‬ ‫ل بعد ذلك َفُهو إن شاء أن يَ ْ‬ ‫ح ً‬ ‫ادف مَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫حِليق مَحلا ‪ ..‬لم يُ َ‬ ‫الت ْ‬ ‫َ‬
‫مرَاد ِبالحلْق الذي‬ ‫فليَْترُك‪ ،‬فَاله ُ‬ ‫ول عَلقَة لَه ِبالحلل وإن شاء أن َيتْرك ْ‬ ‫َ‬
‫ع بَْينَُهما‪-‬‬ ‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫صير وإل مَن َ‬ ‫ق ِ‬ ‫سبقه تَ ْ‬ ‫قصير هو الذي لم يَ ْ‬ ‫ل مِن التّ ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫هو أَْف َ‬
‫اقع قد أخذَ ِبالتقصِير ولم‬ ‫ل ُثم حََلق‪-‬فهو في حَقيقة الوَ ِ‬ ‫أو ً‬ ‫ر ّ‬ ‫ص َ‬‫أي مَن قَ ّ‬
‫الحلق؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ت بِ‬ ‫َيْأ ِ‬
‫قصير شَْعرِها في‬ ‫كررت العُمرة‪ ،‬هل ُتحلّل ِبتَ ْ‬ ‫س ‪ :10‬المرأة إذا ّ‬
‫كل مرة ؟‬
‫فاء بُِعمرةٍ‬ ‫ضل في الكِْت َ‬ ‫الف ْ‬‫أن َ‬ ‫ج‪ :‬نََعم لبد مِن التّقصير لكن‪-‬كما قلتُ‪ّ -‬‬
‫الواحدة ولسيما ِللنساء‪.‬‬ ‫رةِ َ‬ ‫ف َ‬ ‫واحدةٍ في السّ ْ‬
‫ره‪ ،‬هل‬ ‫العمرة إذا كانت الولى عن نفسه والثانية لَِغيْ ِ‬ ‫س ‪ُ :11‬‬
‫هذا مِن قَِبيل التكرار ؟‬ ‫ُيْعَتبِر َ‬
‫ار مِن حيث الجوَاز وإنّما مِن حيث‬ ‫ر ِ‬ ‫انع مِن التِكْ َ‬ ‫ج‪ :‬نَحن َنقول‪ :‬ل مَ ِ‬
‫ن قَْبل‬ ‫مر مِ ْ‬ ‫مر عن أبيه وأبوه لم يَْعَت ِ‬ ‫خص يَْعَت ِ‬ ‫الفضل ‪ ..‬أما إذا كان الشّ ْ‬ ‫ْ‬
‫مرة‬ ‫يعان الذّهاب إلى العُ ْ‬ ‫ط َ‬ ‫سَت ِ‬ ‫أو عن أمّه وأمّه لم تَعتمِر مِن قبل ولَ َي ْ‬
‫كذَا ِبالنّسبة إلى‬ ‫اهر وهَ َ‬ ‫الظ ِ‬‫ّ‬ ‫س ِ‬
‫ب‬ ‫ح ْ‬ ‫ه الشّفاء بِ َ‬ ‫رجى مِْن ُ‬ ‫رض‪-‬مثل‪-‬ل يُ َ‬ ‫م َ‬ ‫لِه َ‬
‫ما ل مَانع مِنْه ِبمشيئة الله‪-‬تبارك تعالى‪-‬بل ذلك مِن‬ ‫هما فذلك مِ ّ‬ ‫أقارِب ِ َ‬ ‫َ‬
‫قوى؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫والت َ‬ ‫ّ‬ ‫باب التعاون على البِر‬

‫م الله‬
‫ح َ‬
‫‪-1‬أي التي قال‪ ) :‬والمقصرين ( في المرة الولى أي الرواية التي جاء فيها‪َ ) :‬ر ِ‬
‫رين (‪.‬‬
‫مقصّ ِ‬
‫رين ؟ " قال‪ ) :‬واله ُ‬
‫مقصّ ِ‬
‫الهمـحَّلقين ( قيل‪ " :‬واله ُ‬
‫‪453‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫حرِم التّْلبَِية ؟‬ ‫م ْ‬ ‫طع اله ُ‬ ‫ق َ‬ ‫س ‪ :12‬متى يَ ْ‬


‫مرَة‬ ‫اد أن يَرمي جَ ْ‬ ‫التلِْبيَة إذا أرَ َ‬ ‫ع َ‬‫ط ُ‬ ‫ق َ‬ ‫حرِما ِبالحج فإنه يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ج‪ :‬أما إذَا َكان ُ‬
‫صاة على الصحيح‪.‬‬ ‫قبَة ‪ ..‬أي عند إرادة َرمي أوّل حَ َ‬ ‫الع َ‬ ‫َ‬
‫أي بَعد‬ ‫قبَة ْ‬ ‫الع َ‬
‫مرَة َ‬ ‫انتهائه مِن رمي جَ ْ‬ ‫هب بَعضهم أنّه يَْترُك التلبية بِ ِ‬ ‫وذ َ‬ ‫َ‬
‫عندَ ابن‬ ‫ارة السَابعة‪ ،‬واستدلوا على ذلك بِرواية صريحة ِ‬ ‫ج َ‬ ‫الح َ‬
‫الرمي بِ ِ‬ ‫ّ‬
‫مر‬ ‫ؤ َ‬ ‫اذة‪ ،‬ذلك لنّ النسان يُ ْ‬ ‫ر ِلي شَ ّ‬ ‫ظَه ُ‬ ‫خزَْيمة‪ ،‬ولكن تلك الرواية فيمَا يَ ْ‬ ‫ُ‬
‫مع بَْين التَكبير وبيْن‬ ‫ج َ‬‫كيْف َله أنْ يَ ْ‬ ‫كبِير فَ َ‬ ‫و التّ ْ‬ ‫ه َ‬‫ر آخر وَ ُ‬ ‫ذْك ٍ‬ ‫مي بِ ِ‬ ‫عنْد الرّ ْ‬
‫التلبية ؟!‬ ‫َ‬
‫رمِي ِبالحجارة‬ ‫جرد إرادة الرّمي‪ ،‬فإذا أراد أن يَ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫التْلِبيَة بِ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫فإذن َينَْتِهي مِ َ‬
‫ول الصحيح‪ ،‬الذِي‬ ‫الولى فََيترك في ذلك الوَْقت التَْلبَِية ‪ ..‬هذا هُو القَ ْ‬
‫َيدل له الحديث الصحيح عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإل‬
‫تعددة في وَْقت النتِهاء مِن التَْلبِية في الحج‪ ،‬ول‬ ‫ال مُ ّ‬ ‫و ً‬ ‫اك أقْ َ‬ ‫هَن َ‬ ‫فإن ُ‬ ‫ّ‬
‫مدَ‬ ‫فإنها وإن اعتَ َ‬ ‫ج ّ‬ ‫ج َ‬ ‫وال ومَا لَها مِن حُ َ‬ ‫طيلُ المقام بِذكر تِلك القْ َ‬ ‫ُأ ِ‬
‫خالِفة ِلهذا الحديث الصحيح الصَرِ ِ‬
‫يح‬ ‫ابَها على بعض الدلة ولكِنها مُ َ‬ ‫ح ُ‬‫ص َ‬ ‫َأ ْ‬
‫وته؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫ابت ل شَك في ثُُب ِ‬ ‫وهو حديث ثَ ِ‬ ‫الدال على ذلك ُ‬
‫ديث صحيح صَرِيح عن النبي ‪e‬‬ ‫ٌ‬ ‫ت حَ‬ ‫مرة فإنه لم يَْأ ِ‬ ‫أما بِالنّسبة إلى العُ َ‬ ‫َ‬
‫ر فيها الخلف بيْن أهل‬ ‫ولذلك كَثُ َ‬ ‫اء مِن التَْلِبية‪ِ ،‬‬ ‫دل على وقت النتَِه ِ‬ ‫َي ّ‬
‫المعتمر يَنتهي مِن التّْلبَِي ِ‬
‫ة‬ ‫ِ‬ ‫دة تدلّ على أنّ‬ ‫أحاديث عِ ّ‬
‫ُ‬ ‫العلم‪ ،‬وقد جاءت‬
‫ت عن النبي صلى الله‬ ‫واف ولكنّ ِتْلك الحاديث ل تَْثبُ ُ‬ ‫د إرادة الطَ َ‬ ‫عنْ َ‬ ‫ِ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫من مكانٍ بَعيد‬ ‫أي الذي جَاءَ ِ‬ ‫الفاقي ‪ْ ..‬‬ ‫ّ‬ ‫أن‬
‫ض أهل العلم إلى ّ‬ ‫ب َبْع ُ‬ ‫ه َ‬ ‫وذ َ‬ ‫َ‬
‫الوصول إلى‬ ‫عنْد ُ‬ ‫ية ِ‬ ‫ونه فإنه يَْترُك التَْلبِ َ‬ ‫ميقَات أو مِن ُد ِ‬ ‫من اله ِ‬ ‫رمَ ِ‬ ‫وأح َ‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬ ‫رواية‬ ‫رم‪ ،‬واحتجّوا على ذلك ِب‬ ‫ح َ‬
‫الوصول إلى أدنى اله َ‬ ‫عنْد ُ‬ ‫أي ِ‬ ‫رم ‪ْ ..‬‬ ‫ح َ‬ ‫اله َ‬
‫عن ابن عمر رضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنهما‪ ،‬وهذا القول قول قوي؛‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫لِء‬ ‫ؤ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ي َ‬ ‫رأ ِ‬ ‫فإنه يَتْرك التَْلبِية على َ‬ ‫وه ّ‬ ‫ح ِ‬‫يم " أو نَ ْ‬ ‫التنِْع ِ‬ ‫ن" َ‬ ‫م مِ َ‬ ‫أحرَ َ‬ ‫أما مَن ْ‬
‫ون قريبا مِن المسجد الحرَام؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ك ُ‬ ‫عنْدما يَ ُ‬ ‫ِ‬
‫من الناس‬ ‫مة جِدا وهي أنّ َكثيرا ِ‬ ‫هَنا أريد أن أنبّه على مسألة مُِه ّ‬ ‫َو ُ‬
‫امهما شيئا ‪..‬‬ ‫م ل يَْعَلمون عن أحكَ ِ‬ ‫َيذهبون إلى تأِْدية الحج والعُمرة وهُ ْ‬
‫مرة ويَذهبون إلى ذلك‪ ،‬ول‬ ‫ون إلى الحج والعُ ْ‬ ‫هُب َ‬ ‫ن الناس َيذْ ُ‬ ‫َيسمعون أَ ّ‬
‫أدَية الحج‬ ‫ذهاب ِلتَ ِ‬ ‫شك أنّ في الذهاب إلى ِتلك البِقاع فضْل عظيما بل ال ّ‬
‫هَبت طائفة كَِبيرَة مِن أهل‬ ‫مِن المور الوَاجبة المتحّتمة‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬قد ذَ َ‬
‫ؤيده فَلَ َينَْبِغي‬ ‫ل له أدَّلتُه التي تُ ّ‬ ‫و ٌ‬ ‫و َق ْ‬ ‫وه َ‬‫مرة‪ُ ،‬‬ ‫الع ْ‬‫وب ُ‬ ‫العلم إلى ُوجُ ِ‬
‫ور على مَن وَجَد‬ ‫ب على الفَ ْ‬ ‫رط فيها‪ ،‬والحج َواجِ ٌ‬ ‫ف ّ‬ ‫ِللنسان أن يُ َ‬
‫ؤّيدُه‬ ‫وهو الذي تُ َ‬ ‫ليه‪َ-‬كما هَو رأي جماعة مِن أهل العلم‪ُ -‬‬ ‫الستطاعة ِإ ْ‬
‫‪454‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫لكن َكثيرا مِن الناس‪-‬كما قلتُ‪َ-‬يذهبون ول يَْعرِفون عَن َأحكَ ِ‬


‫ام‬ ‫ّ‬ ‫الدلة؛‬ ‫ِ‬
‫مرة شَيئا‪.‬‬ ‫الحج والعُ َ‬
‫صُلون‬ ‫نبه عليه في هذا الوَْقت‪ :‬أنّ كثيرا مِن النّاس يَ ِ‬ ‫يد أُ ّ‬ ‫والمر الذي أُِر ُ‬
‫حرَام‪َ ،‬وَقد‬ ‫ر إِ َ‬
‫غيْ ِ‬ ‫شرَّفَها الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬مِن َ‬ ‫رمَة َ‬ ‫إلى مَكّة المكَ ّ‬
‫ت ِبَبعضٍ منهم أتى إلى مكّة المكرّمة مِن غيْر إحرام ويُريد أن‬ ‫قْي ُ‬ ‫الت َ‬ ‫َ‬
‫وأُقوم‬ ‫التنعيم " َيقول‪ " :‬عندما أصل إلى مكّة َ‬ ‫خرج بَعد ذلك إلى " َ‬ ‫َي ُ‬
‫هناك "‬ ‫ن ُ‬ ‫حرِم مِ ْ‬ ‫وأ ْ‬
‫التْنعيم ' ُ‬ ‫وما شابه ذلك‪-‬سأذهب إلى ' َ‬ ‫ِبإنزال المتعة‪َ -‬‬
‫سنة رسول الله ‪ e‬ولجمَاع المّة المحمدية‬ ‫خالف لِ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫سيم ‪ُ ..‬‬ ‫وهذا خَطأ جَ ِ‬
‫شرفها الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وهو‬ ‫ب إلى مكّة المكرّمة َ‬ ‫ه َ‬ ‫من ذ َ َ‬ ‫فإن َ‬ ‫ّ‬ ‫اطبة‪،‬‬ ‫َق ِ‬
‫ارج‬ ‫خ ِ‬ ‫ميقَات إذا َكان مِن َ‬ ‫ُيريد حجّا أو عُمرة ليس له أن يََتجاوز اله ِ‬
‫ص الحاديث الثابتة وإجماع المّة‪-‬كما قلتُ‪-‬‬ ‫رم‪ِ ،‬بنَ ّ‬ ‫محْ ِ‬ ‫هو ُ‬ ‫الميقات إل وَ ُ‬ ‫َ‬
‫حدود الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وعََليه أن يَُتوبُ إلى‬ ‫َ‬ ‫دى‬‫قد تَعَ ّ‬ ‫اوَز ذلك فَ َ‬ ‫ومن جَ َ‬ ‫َ‬
‫من ذلك المكان‪ ،‬أما‬ ‫رمُ ِ‬ ‫ح ِ‬‫ميقات وأن يُ ْ‬ ‫خرى إلى اله ِ‬ ‫رجع مرّة أُ َ‬ ‫َرّبه وأن يَ ْ‬
‫ن المكان الذي فِيه إل إذَا َكان مِن‬ ‫م َ‬ ‫رمُ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ميقات فإنه يُ ْ‬ ‫من كَان دُون اله ِ‬ ‫َ‬
‫وضع مِن‬ ‫م ْ‬
‫حل ‪ ..‬إلى أيّ َ‬ ‫م فإنه لبد مِن أن يَخرُج إلى اله ِ‬ ‫ل‪ 1‬الحرَ ِ‬ ‫أه ِ‬ ‫ْ‬
‫والحاصل‬ ‫َ‬ ‫يل بِذلك‪،‬‬ ‫اضع مِْنه‪ ،‬واختَلفوا في الفْضل‪ ،‬ول أريد أن أطِ َ‬ ‫المو ِ‬ ‫َ‬
‫جا أوْ عُمرة وإنّما‬ ‫اوَز الميقات إذا كان يُريد حَ ّ‬ ‫ج َ‬ ‫لحد أن يََت َ‬ ‫َ‬ ‫َأّنه َليْس‬
‫كن مِن المَُترَّدِدين‬ ‫رد الحج ول العُمرة ولم يَ ُ‬ ‫العلماء اختلفوا ِفيمن لم ي ُ ِ‬
‫ون ُ‬
‫حن‬ ‫جاوزَ الميقات مِن غَْير إِحرام ؟ َ‬ ‫مكّة المكرّمة هَل َله أن يََت َ‬ ‫على َ‬
‫العمرة لَه أن يَتجاوز‬ ‫من لم ُيرِد الحج ول ُ‬ ‫ول الصحيح أنّ َ‬ ‫الق ْ‬
‫قولُ‪ :‬إنّ َ‬ ‫َن ُ‬
‫ص الحديث الثابت عن النبي ‪ ، e‬وإذا ثََب َ‬
‫ت‬ ‫الميقات مِن غَْير إحرَام‪ِ ،‬بنَ ّ‬
‫الحديث َفل كَلم‪:‬‬
‫ونحن نَحكي بَعده خِلفا‬ ‫َ‬ ‫المصطفى يَعتبِر الوصَاف‬
‫سند‬
‫فيه عن المختار نصّ ُأ ِ‬ ‫ل نقبل الخلف فيما وَرد‬
‫وأما مَن أراد الحج أو العمرة فَل‪ ،‬ومَن أخطأ ِبجهله ودخل إلى مكّة‬
‫ؤمر بِأن َيرجِع إلى الميقات الذي جَاء‬ ‫المكرمة مِن غير إحرام فإنه يُ َ‬
‫واضع‬ ‫م َ‬‫وضع مِن َ‬ ‫م ْ‬‫حل أو أيّ َ‬ ‫ول إلى أَْدنى ال ِ‬ ‫منه‪ ،‬ل إلى مِيقات آخر َ‬
‫حرم‬‫رجع إلى الميقَات الذَي جَاء مِنه وأن يُ ِ‬ ‫ل بل يُؤمَر ِبأن يَ ِ‬ ‫الحل ‪َ ..‬ك ّ‬ ‫ِ‬
‫ضيّقا‬‫ت َ‬ ‫وب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬إل إذا كَان الوَْق ُ‬ ‫ويتُ َ‬ ‫من ذَلك المكان َ‬ ‫ِ‬
‫ضع الذِي هُو فيه‬ ‫حرِم مِن الموْ ِ‬ ‫وات الحج فَإنه يُ ْ‬ ‫ِبأن كان يَخشى مِن َف َ‬
‫الحرم؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫راءِ‬‫ق َ‬
‫ف َ‬‫بيحة ِل ُ‬
‫ً‬ ‫ذبح ذَ‬ ‫ؤمرُ ِبالتوبة وبِأن يَ َ‬ ‫وي َ‬ ‫ُ‬
‫قل أحدٌ‬ ‫رمُون ِللعُمرة مِن الحَرم وهذا خطأ ‪َ ..‬لم يَ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫كذلك بَْعض الناس يُ ْ‬
‫رم وأن‬ ‫رم مِن الحَ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫مكِن أن يُ ْ‬ ‫ن النسان يُ ْ‬ ‫من العلماء المتقدّمين‪ " :‬إ ّ‬ ‫ِ‬
‫من قوله‪ " :‬إذَا َكان مِن‬ ‫ظر مع الشيخ لعّله قصد أن يقول‪َ " :‬‬
‫إذا َ‬
‫كان في الحَرم ِ " بدل ِ‬ ‫‪ُ-1‬ين َ‬
‫أهلِ الحرَمِ "‪.‬‬
‫ْ‬
‫‪455‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مُعوا على خِلف ذلك وإن‬ ‫قا لِلصّواب " بل أجْ َ‬ ‫اف ً‬
‫و ِ‬ ‫ؤدي العمرة ويَكون مُ َ‬ ‫ُي ّ‬
‫اختلفوا هَل ِتلك العُمرة‪:‬‬ ‫َ‬ ‫خالَف بعض المتأخّرين‪ ،‬وإنما‬ ‫َ‬
‫الفدية‪.‬‬ ‫ر بِ ِ‬ ‫‪َ-1‬تكون صحيحة ويُؤمَ ُ‬
‫حل وإن كان قد‬ ‫الخروج إلى ال ِ‬ ‫ؤمرُ ب ِ ُ‬ ‫ل يُ َ‬ ‫صحيحة بَ ْ‬ ‫ون َ‬ ‫ك ُ‬ ‫‪-2‬أو أنّها ل تَ ُ‬
‫في‬ ‫كتَ ِ‬‫ل الصحيح‪ ،‬أما أَن يَ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫هو القَ ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫و ُ‬‫ذا القَ ْ‬ ‫وه َ‬ ‫من قَْبل ؟ َ‬ ‫طاف وسََعى ِ‬ ‫َ‬
‫وافق‬ ‫أن ذلك مُ َ‬ ‫ن بِ ّ‬ ‫ظ ّ‬ ‫خرج ويَ ُ‬ ‫غيْر أن يَ ُ‬ ‫رم فَقط مِن َ‬ ‫من الحَ َ‬ ‫رامِ ِ‬ ‫الح َ‬ ‫ِب ْ‬
‫قل بِه أحدٌ مِن العلماء المتقدّمين‪-‬‬ ‫ما لم يَ ُ‬ ‫ور ِبه فََهذا مِ ّ‬ ‫لسنة أو أنّه مأمُ ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ِل‬
‫كما قلتُ‪-‬بل أجمعوا على خِلف ذلك‪.‬‬
‫ختصرا مِن‬ ‫َ‬ ‫النسان ولو مُ‬ ‫ُ‬ ‫فينبغي أن ُينتبَه لِمثل هذه المُور‪ ،‬وأن َيقرََأ‬
‫ستطيع على القَراءة‪ ،‬وأنْ َيسأَل أهل العلم عن‬ ‫المختصرات إن كان يَ ْ‬ ‫َ‬
‫شرْع الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في هذه القضية وفي غيرها‪ ،‬وليس له‬ ‫ام َ‬ ‫أحكَ ِ‬ ‫ْ‬
‫قدم على شَيءٍ ِبَغيْر عِلم فإنّ ذلك‪-‬والعياذ بِالله تبارك وتعالى‪-‬قد‬ ‫أن َيتَ ّ‬
‫ان ِبأمر مِن المور‬ ‫التيَ ُ‬ ‫ل ْ‬ ‫شرْع الله بَ ْ‬ ‫الفة لِ َ‬ ‫عض المور المخَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقُعه في بَ‬ ‫ُي ِ‬
‫ما ل يَنبغي لحد أن يَذهبَ‬ ‫سه مِ ّ‬ ‫ف ُ‬ ‫مه ‪ ..‬هذا المرُ َن ْ‬ ‫حكْ َ‬ ‫عرف النسانُ ُ‬ ‫ول يَ ِ‬
‫اد َ‬
‫ف‬ ‫دم مِن غَْير عِلم إذا صَ َ‬ ‫ق ّ‬ ‫اختلف العلماء في هلكه في التّ َ‬ ‫َ‬ ‫إليه وإن‬
‫سلَمتِه؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫د بِ َ‬ ‫قل َأحَ ٌ‬ ‫صادف الحق فإنه لم يَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫الحق‪ ،‬أما إذا لم يُ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫المعاصِي عند عودته‬ ‫َ‬ ‫جل إلى الحج ثم فََع َ‬
‫ل‬ ‫ب الرّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫س ‪ :13‬إذا َذ َ‬
‫جه بِمثل هذا الفِعل ؟‬ ‫قض حَ ّ‬ ‫إلى بَلده‪ ،‬هل يَنَْت ِ‬
‫جه‪ ،‬وأما‬ ‫ح ّ‬‫ت َ‬ ‫ج‪ :‬حجّه صحيح إن كان لم يَْأتِ ِبما يَُنافي ذَلك في وَْق ِ‬
‫من ذلك‬ ‫لمَعاصِي بعد ذلك فََعَليْه أن يَتوب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ -‬‬ ‫ِفْعُله لِ َ‬
‫واه‬‫أغ َ‬
‫وإذا ْ‬ ‫شيئا مِن مَعاصي الله‪-‬تبارك وتعالى‪َ -‬‬ ‫فَعلَ َ‬ ‫‪ ..‬على النسان ألا ّ َي ْ‬
‫مَعاصِي الله‪-‬تبارك‬ ‫ن َ‬ ‫شيًْئا مِ ْ‬ ‫وفَعل َ‬ ‫الشيطان‪-‬والعياذ بالله تبارك وتعالى‪َ -‬‬
‫صوحًا‪ ،‬وإذا تاب‬ ‫ة َن ُ‬ ‫وَب ً‬ ‫ر بِالتوبة إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪َ-‬ت ْ‬ ‫وتعالى‪-‬فإنه يُؤمَ ُ‬
‫ما قَد‬ ‫فإن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬قد بَيّن‪َ-‬ك َ‬ ‫ّ‬ ‫وأناب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫من أتى شَْيئا مِن المعاصي ثم تَاب إلى الله ‪I‬‬ ‫أن َ‬ ‫َثبت في الحديث‪ِ-‬ب ّ‬
‫دد له ذلك العمل‪-‬ذكرتُ معنى الحديث ل النص‪-‬فهذا‬ ‫ه ُيجَ ّ‬ ‫إليْه أنّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫َوَر َ‬
‫جه السابق ولكن مع ذلك‬ ‫ؤّثر على حَ ّ‬ ‫جل فِْعُله لَِتْلك المعاصي ل ُي َ‬ ‫الر ُ‬ ‫ّ‬
‫ع ِفيه إن كانت‬ ‫ص مِن ُكل مَا وََق َ‬ ‫خّل َ‬ ‫وعَلْيه أن يََت َ‬ ‫مر بِالتوبة‪-‬كما قلتُ‪َ -‬‬ ‫ؤ َ‬ ‫ُي ْ‬
‫صبَ‪-‬مثلً‪-‬امرأةً‪-‬والعياذ الله‬ ‫حقوق العِباد ‪ ..‬إذا اغتَ َ‬ ‫هنالك شيء مِن ُ‬
‫مة أو عبدة أو‬ ‫ائ َ‬‫هي َن ِ‬ ‫صبِية أو أتى امرََأة وَ ِ‬ ‫تبارك تعالى‪-‬وزنى بِها أو َزنى ِب َ‬
‫ال الناس‬ ‫و ِ‬ ‫خذ شَْيئًا مِن أمْ َ‬ ‫د أَ َ‬ ‫إذا كان قَ ْ‬ ‫كذَا َ‬ ‫وه َ‬‫ونة أو مَا شابه ذَِلك‪َ ،‬‬ ‫جنُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫اهم‬
‫ض ُ‬ ‫من غَْيرِ ِر َ‬ ‫ِ‬
‫العباد‪،‬‬
‫من حُقوق ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫خّل َ‬ ‫لبد مِن أن يَتَ َ‬ ‫والحاصل أَّنه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ص ‪..‬‬ ‫خّل َ‬ ‫ه أن يََت َ‬ ‫عَلْي ِ‬ ‫َ‬
‫صَيام أو ما شابه ذلك‪-‬‬ ‫يٍء مِن صلة أو ِ‬ ‫وكذلك إذا كان قَدْ َفرّط في شَ ْ‬
‫‪456‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وَبة‬‫ن التّ ْ‬ ‫عنِي ِبالصلة والصيام الصلةَ الواجبة والصيامَ الواجب‪-‬فلبد مِ َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫ه أو زََنى في َنَه ِ‬
‫ار‬ ‫جتَ ُ‬ ‫د َوطِئ َزْو َ‬ ‫اء ذَلك‪ ،‬وإذا كان قَ ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ومن قَ َ‬ ‫إلى الله ِ‬
‫أن مَا‬ ‫فلبد مِن الكفارة ‪ ..‬والحاصل ّ‬ ‫رمضان‪-‬والعياذ بالله تبارك وتعالى‪ُ -‬‬
‫جه السَابق ولكنه ُيؤمَر ِبالتوْبة إلى‬ ‫ؤّثر على حَ ّ‬ ‫من المعَاصِي ل يُ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫َفَعَل ُ‬
‫ب التخَّل ُ‬
‫ص‬ ‫ج ُ‬ ‫شيء َي ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ال َ‬
‫ك‬ ‫هنَ ِ‬ ‫ان ُ‬ ‫ع ِفيه إذا كَ َ‬ ‫خّلص مِن ُكل ما وََق َ‬ ‫الله والتَ َ‬
‫ه؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫منْ ُ‬ ‫ِ‬
‫الذهاب إلى العُمرة ؟‬ ‫َ‬ ‫ع زوجتَه عن‬ ‫اعة إذا مََن َ‬ ‫ج طَ َ‬ ‫لزْو ِ‬‫س ‪ :14‬هَل ِل ّ‬
‫م َلها‬ ‫حرَ ٍ‬ ‫يضة الحج وكانت تُريد أن تَذهب مع مَ ْ‬ ‫ر َ‬ ‫ج‪ :‬أما إذا مَنََعَها عن فَ ِ‬
‫حّتم عََليْها‪ ،‬إذ إنّ‬ ‫متَ َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ر َواجِ ٍ‬ ‫منَُعَها عن أمْ ٍ‬ ‫فل طاعة له ول َكرامة‪ ،‬لنه يَ ْ‬
‫ص كتابِ الله وسنّة رسوله صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬ثم‬ ‫واجب ِبنَ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫الحج‬
‫حرَ ٍ‬
‫م‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ب مَ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ذ َ‬
‫انت سَتَ ْ‬ ‫فإَذا كَ َ‬ ‫يح كما قلنا ‪ِ ..‬‬ ‫ح ِ‬ ‫وِر على الصَ ِ‬ ‫الف ْ‬
‫هو على َ‬
‫قة على‬ ‫اف َ‬‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِباله ُ‬ ‫قِنَع ُ‬ ‫اول بِأن تُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن ُت َ‬ ‫منَْها ومَنََعَها مِن ذلك فََينبغي لَها أ ْ‬ ‫ِ‬
‫اعة‬
‫ل طَ َ‬ ‫إذ َ‬‫امة‪ْ ،‬‬ ‫ول َكرَ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ة َل ُ‬ ‫اع َ‬‫افق عََلى ذَِلك فَل طَ َ‬ ‫و ِ‬ ‫إذا َلم يُ َ‬ ‫هابِ َو َ‬ ‫الذ َ‬ ‫ّ‬
‫مَن َ‬
‫ع‬ ‫دل مِن أن يَ ْ‬ ‫قول لِهذا الزوج بَ َ‬ ‫صَية الله تبارك وتعالى‪ ،‬فََن ُ‬ ‫ِلَعْبد في معْ ِ‬
‫ليه أن يَتُوب إلى الله‪-‬‬ ‫فرِيضة الحج أو ِبالعُمرة أنّه عَ ْ‬ ‫جتَه عَن التيان ِب َ‬ ‫زو َ‬ ‫ْ‬
‫أدَية فَرْض الله‪-‬تبارك‬ ‫افقها مِن أجل تَ ِ‬ ‫وينَْبغي له أن يُرَ ِ‬ ‫تبارك وتعالى‪َ -‬‬
‫يضة وهو‬ ‫وتعالى‪-‬عليه إن كَان قادِرا على ذلك‪ ،‬وإن كان َقدْ َأّدى الفَرِ َ‬
‫المقدّسة‬ ‫َ‬ ‫قدُر على الذهَاب‪-‬أيضا‪َ-‬ينبَغي له أن يَذهب إلى ِتلك البِقاع‬ ‫يَْ ِ‬
‫حج أو اعتمَر إذا كان يُريد‬ ‫ضل مَن َ‬ ‫ويْأتي ِبالعُمرة وبِالحج‪ ،‬وقد سََبق فَ ْ‬ ‫َ‬
‫جه الله تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫ِبذلك َو َ‬
‫حرَم مِْنَها‪-‬فكما قلتُ‪-‬‬ ‫ذهب مَع مَ ْ‬ ‫ل تَ ْ‬ ‫مرة فإن كانت َ‬ ‫أما ِبالنسبة إلى العُ ْ‬
‫ؤِدي الحج‬ ‫هب وتُ َ‬ ‫ذ َ‬ ‫رمًا مِنْها وتَ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫جد مَ ْ‬ ‫ر ذَِلك حَّتى تَ ِ‬ ‫تؤخّ َ‬ ‫َيْنبَِغي َلَها أَن َ‬
‫ن أهل العِلم كما قدمناه‪،‬‬ ‫ف َبيْ َ‬ ‫ل ٌ‬ ‫مرة فيها خِ َ‬ ‫الع ْ‬ ‫والعمرَة مًَعا‪ ،‬ثم‪-‬أيضا‪ُ -‬‬ ‫ُ‬
‫العمرة بعد ذلك‬ ‫ريضة الحج وتَْأِدَية ُ‬ ‫ِ‬ ‫أدَية فَ‬‫بت ِلتَ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫فإذا َتَأخّرت قليل ثم ذَ َ‬ ‫َ‬
‫ي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬هذا‬ ‫رمٍ مِْنَها وَتدعو‪-‬وَنحن نَدعو معها‪ِ-‬بأن ي َهدِ َ‬ ‫ح َ‬‫مع مَ ْ‬
‫وغْيرَه مِن الناس وأن َيْهدَِيَنا جَميعا إلى طاعة الله تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫جل‪َ -‬‬ ‫الر ُ‬ ‫ّ‬
‫افقه‪.‬‬ ‫ما مِْنَها وتُرَ ِ‬ ‫حرَ ً‬ ‫جد مَ ْ‬ ‫ن َلها أو َت ِ‬ ‫أذ ُ‬ ‫افقتها أو يَ َ‬ ‫ر َ‬ ‫م َ‬‫وم بِ ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫فلعله يَ ُ‬ ‫ّ‬
‫العمرة فعلى ما فيها مِن‬ ‫طاعَة َله أبَدا‪ ،‬أما ُ‬ ‫و‪-‬كما قلتُ‪-‬في الحج لَ َ‬
‫ذهب في هذه السنَة‬ ‫ة شهور ثم تَ َ‬ ‫و ِلِعدّ ِ‬ ‫ؤخّر َوَل ْ‬ ‫أيضا‪-‬أن ُت َ‬ ‫انها‪ْ -‬‬ ‫إمكَ ِ‬ ‫وب ْ‬ ‫كلم‪ِ ،‬‬
‫افق ولكن‬ ‫و ِ‬ ‫ذا الزّوج أو لم َي َ‬ ‫مًعا وافَق هَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫أدَية المْرَْي ِ‬ ‫ِبمشيئة الله ِلَت ِ‬
‫حرَم مِْنها؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫ذهب مع مَ ْ‬ ‫َت ْ‬
‫قين الصبيَان "‪ ،‬هل هي ثَابتة‬ ‫س ‪ :15‬الذكار الواردة في كتاب " َتْل ِ‬
‫ؤتى ِبها أو ل ؟‬ ‫عن النبي ‪ e‬؟ هل يُ َ‬
‫ر الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬ذْكرًا كثيرا‪،‬‬ ‫ذُك َ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ َينبَغي لِلنسان أن يَ ْ‬
‫الحج وفي العُمرة بل في كل وقتٍ مِن‬ ‫ّ‬ ‫كثر مِن ذلك في‬ ‫وينبغي له أن يُ ْ‬ ‫َ‬
‫‪457‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫أن النبي ‪ e‬كان يَذُْكرُ الله‪-‬تبارك‬ ‫ت ّ‬ ‫أوقاته ولسيما في الوقات التي َثبَ َ‬ ‫ِ‬
‫اول بِأن‬ ‫ح ِ‬ ‫ر فيها ‪ ..‬فعلى النسان أن يُ َ‬ ‫مرُ ِبالذّْك ِ‬
‫وتعالى‪ِ-‬فيها أو أنّه كان يَْأ ُ‬
‫ت وأن يُكثِر مِن الدعاء ومِن‬ ‫ر الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في ُكل َوْق ٍ‬ ‫ذُك َ‬ ‫َي ْ‬
‫الستغفار‪.‬‬
‫وأما ِبالنسبة إلى الذكار في الحج والعُمرة فإنّ الثابت عن النبي ‪e‬‬
‫فإنها ثابتة عنه صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬وثابت عنه‪-‬أيضا على‬ ‫التْلبِية‪ّ ،‬‬ ‫َ‬
‫ول فيما بيْن الركنيْن ‪ ..‬بيْن الركن‬ ‫ق ُ‬ ‫رأي كثير مِن أهل العلم‪-‬أنه كَان َي ُ‬
‫جر‪ ) :‬ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الخرة حسنة وقنا‬ ‫ح َ‬‫ماني واله َ‬ ‫الي َ‬ ‫َ‬
‫من أهل العلم‪ ،‬وإسناده ل بأس‬ ‫ع ِ‬‫م ٌ‬ ‫عذاب النار (‪ ،‬فهذا قد قال بِثُُبوته جَ ْ‬
‫حسن على رَأي كثير مِن أهل العلم‪ ،‬ثم إنّ هذا الدعاء‬ ‫ّ‬ ‫مكن أن يُ‬ ‫به ‪ُ ..‬ي ِ‬
‫في كتاب الله‪-1‬تبارك وتعالى‪-‬وكَان ُيكِْثر مِنْه النبي ‪ e‬كثيرا‪ ،‬وإذا دَخل‬
‫سَأل‪:‬‬ ‫النسان الجنّة فإنّ َذلك هو أعظم شيءٍ يَطلُبه النسان‪ ،‬و‪-‬أيضا‪َ-‬ي ْ‬
‫افَية في الدّنيا والخرة‪ ،‬اللهم أعَنّي على‬ ‫والع ِ‬
‫َ‬ ‫ف َ‬
‫و‬ ‫أسألك العَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫" اللهم إني‬
‫سبحان الله‪ ،‬والحمد لله‪،‬‬ ‫عبادَِتك " ويَْأتي ِبه‪ُ " :‬‬ ‫سن ِ‬ ‫رك وحُ ِ‬ ‫وشكِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِذْكرِك‬
‫وة إل بِالله العلي‬ ‫ول إله إل الله‪ ،‬والله أكبر " ويأتي ِبه‪ " :‬ل حوْل ول قَ ّ‬
‫حمد‪،‬‬ ‫ملك وله اله َ‬ ‫ه ل شريك‪ ،‬له اله ُ‬ ‫العظيم " وبِه " ل إله إل الله وحْدَ ُ‬
‫ويميت‪ ،‬وهو على كل شيءٍ قدير " وبِما شابه ذلك مِن الذكار‬ ‫حيي ُ‬ ‫ُي ْ‬
‫والدعية التِي جاءتْ في كتابِ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أو في سنّة رسوله‪-‬‬
‫أتي بَِبعض الدعية‬ ‫وبإمكانه‪-‬أيضا‪-‬أن َي ِ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ِ -‬‬
‫ر الله بِه عَِباده أو أنه‬ ‫سواء أَمَ َ‬ ‫الخرى ولكن ما جاء في الكتاب العزيز َ‬
‫رهم‪ ،‬أو كان يَأتي بِه‬ ‫اده الصالحين مِن النبياء أو غَيْ ِ‬ ‫عبَ ِ‬
‫ض ِ‬ ‫ه عَن َبْع ِ‬ ‫َذَكرَ ُ‬
‫ر به‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬فإنّ‬ ‫ت في سنِّته أو أَمَ َ‬ ‫اب ٌ‬‫هو ثَ ِ‬ ‫النبي ‪ e‬كما ُ‬
‫ضل مِن غيره‪ ،‬فإذا كان الإنسان ل يَحفظ َذلك فَل‬ ‫شك بِأنه أَْف َ‬ ‫ذلك ل َ‬
‫ة وَِفي‬ ‫سن َ ً‬‫ح َ‬ ‫وجد فيما أحسب إنسان ل يَحفظ‪َ ... { :‬رب َّنا آت َِنا ِفي الد ّن َْيا َ‬ ‫ُي َ‬
‫ب الّناِر } ] سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ [ 201 :‬أو‬ ‫ذا َ‬ ‫ة وَقَِنا عَ َ‬ ‫سن َ ً‬ ‫ح َ‬ ‫خَرةِ َ‬ ‫ال ِ‬
‫ل يَْنبَِغي‬ ‫قدير‪ " :‬اللهم أدخِْلنِي الجنّة " أو ما شابه ذلك ‪َ ..‬‬ ‫على أقل تَ ْ‬
‫صا‪-‬أو‬ ‫خ ً‬ ‫ابع شَ ْ‬ ‫رُأ مِن الكتاب‪ ،‬أو ُيتَ ِ‬ ‫ق َ‬‫أن يَشْتِغل ِببَعض الكتب ‪َ ..‬ي ْ‬ ‫ِللنسان ْ‬
‫ش على الناس وُيذهِب بِالخشوع عن ذلك‬ ‫و ُ‬ ‫ش ّ‬‫ما شابه ذلك‪-‬ذلك يُ َ‬
‫‪2‬‬
‫حفظ تلك الدعية التي في التَْلقين‬ ‫و َي ْ‬ ‫النسان وعن غيره ‪ ..‬إذا كان هُ َ‬
‫فل بأس أنْ َيأتي بِتلك الدعية‪ ،‬وإن كان ل يَحفظ ذلك َفْلَيأتِ ِبما ذكرناه‬

‫ل‬‫قو ُ‬ ‫من ي َ ُ‬ ‫س َ‬‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬‫شد ّ ذِك ًْرا فَ ِ‬ ‫م أ َوْ أ َ َ‬


‫م آَباءك ُ ْ‬ ‫ه ك َذِك ْرِك ُ ْ‬ ‫م َفاذ ْك ُُروا الل َ‬‫سك َك ُ ْ‬‫مَنا ِ‬ ‫ذا قَ َ‬
‫ضي ُْتم ّ‬ ‫‪ {-1‬فَإ ِ َ‬
‫ة‬
‫سن َ ً‬‫ح َ‬ ‫قو ُ‬
‫ل َرب َّنا آت َِنا ِفي الد ّن َْيا َ‬ ‫من ي َ ُ‬ ‫من ُْهم ّ‬ ‫ق‪%‬و ِ‬ ‫خل َ ٍ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫خَرةِ ِ‬
‫ه ِفي ال ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬
‫َرب َّنا آت َِنا ِفي الد ّن َْيا وَ َ‬
‫ريعُ ال ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫ب}‬ ‫سا ِ‬
‫ح َ‬ ‫س ِ‬
‫ه َ‬‫سُبوا َوالل ّ ُ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫م ّ‬‫ب ّ‬ ‫صي ٌ‬ ‫م نَ ِ‬‫ك ل َهُ ْ‬ ‫ب الّنارِ ‪ %‬أوَلهئ ِ َ‬ ‫ذا َ‬‫ة وَقَِنا عَ َ‬ ‫سن َ ً‬‫ح َ‬ ‫خَرةِ َ‬
‫وَِفي ال ِ‬
‫] سورة البقرة‪ ،‬اليات‪.[ 202-200 :‬‬
‫ما يلزم النسان " للشيخ نور الدين عبد الله بن حميد السالمي‪.‬‬ ‫‪-2‬هو كتاب " تلقين الصبيان َ‬
‫‪458‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫هب‬ ‫ويذْ ِ‬‫ؤِذي غَْيرَه ُ‬ ‫من كتاب ويُ ْ‬ ‫قرَأ ِ‬ ‫أو بِشيء مِما ذكرناه‪ ،‬أما أن يَ ْ‬
‫ما‬‫الك بَْلبَلة وتشويش على الناس فهذا مِ ّ‬ ‫هنَ َ‬ ‫الخشوع عن نفسه وتَكُون ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِب‬
‫وت‬ ‫الص ْ‬‫ّ‬ ‫ويرفَع به‬ ‫ل ينبغي ‪ ..‬كذلك بعض الناس يَأتي بِدعاء وَيجَهر َ‬
‫قُهون شيئا مِن ذلك أبَدًا‬ ‫ف َ‬‫ابُعونه على ذلك وهُم كَثير مِْنهم ل يَ ْ‬ ‫والناس يَُت ِ‬
‫ون في بعضِ اللفاظ‬ ‫مَعُهم النسان ُيخطؤُ َ‬ ‫س َ‬‫وي ْ‬‫َبل ُيرَّدُدون ذلك الكلم َ‬
‫عض تِلك‬ ‫ِ‬ ‫ي ِببَ‬ ‫أت َ‬‫طيع أن يَ ِ‬ ‫ست ِ‬ ‫من ل يَ َ‬ ‫حفظوا تلك اللفاظ ومِنُْهم َ‬ ‫لّنهم لم يَ ْ‬ ‫َ‬
‫شع في تلك‬ ‫خ َ‬‫ام مثل‪ ،‬وهو‪-‬أيضا‪-‬ل يَ ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ابته عَليه ِلكونه مِن العَ َ‬ ‫ر َ‬‫اللفاظ لَِغ َ‬
‫ب على الستماع إلى ذلك الشخص‪ ،‬فهذا‬ ‫ص ٌ‬ ‫مه مُنْ َ‬ ‫ه ّ‬
‫ل َ‬ ‫الوقات لنّ ُك ّ‬
‫حفظه وأن يَدعو بِما‬ ‫ذكر بِما يَ ْ‬ ‫ما ل يَنبَغي أبدا بل َينبغي ِللنسان أن َي ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ِ‬
‫قول‪ " :‬سبحان الله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬ول إله إل الله‪ ،‬والله‬ ‫َيحفظه ولو أن َي ُ‬
‫ب‬ ‫ة وَقَِنا عَ َ‬
‫ذا َ‬ ‫سن َ ً‬‫ح َ‬
‫خَرةِ َ‬ ‫ة وَِفي ال ِ‬ ‫سن َ ً‬
‫ح َ‬ ‫أكبر " و‪َ ... { :‬رب َّنا آت َِنا ِفي الد ّن َْيا َ‬
‫الّناِر } ؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 11‬جمادى الثانية ‪1424‬هه‪ ،‬يوافقه ‪10/8/2003‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫س ‪... :2‬‬
‫ج‪... :‬‬
‫فإن كانت قد أطلقت النّذر ‪ ..‬أي نذرت بِأن تقوم بزيارة مكة المكرمة‬
‫لتأدَية الحج والعمرة فإنه عندما تتمكن مِن الذهاب إلى ذلك المكان‬ ‫ِ‬
‫مت به نفسها‪.‬‬ ‫هذَا النّذر الذي أَْلزَ َ‬ ‫فإنها لبد مِن أن تقوم بتأدية َ‬ ‫ّ‬
‫‪...‬‬
‫مكّن ُتؤمَر بالذهاب‬ ‫فإذن هذه المرأة إن كانت قد أطلقت فإنّها عندما تََت َ‬
‫لتأدية الحج‪ ،‬والعمرة إذا كانت قد نَذرت بعمرة أيضا ‪ِ ..‬بحسب نذرها‪،‬‬
‫من أن تقوم أوّل بتأدية‬ ‫جة الفريضة فلبد‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫وإذا كانت لَم تَحج حَ ّ‬
‫جة التي نذرت بها‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫جة الفريضة ثم بعد ذلك تقوم بتأدية اله َ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫‪...‬‬
‫من حلقة ‪ 9‬شعبان ‪1424‬هه‪ ،‬يوافقه ‪5/10/2003‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫ٌ‬ ‫أمر‬ ‫دثَ‬
‫العمرة ولكن حَ َ‬ ‫َ‬ ‫وفقنِي َرّبي ِللذهاب إلى‬ ‫س ‪ :5‬الحمدُ لله ّ‬
‫يقنا إلى الحرم المكي بعدَ‬ ‫حة العمرَة حيثُ في طرِ ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫كنِي في ِ‬ ‫شك ُ‬
‫ُي ّ‬
‫معه بعضُ الدم‪،‬‬ ‫ل َ‬ ‫كائي إلى خروجِ ُزكام الذي نَزَ َ‬ ‫وأّدى بُ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫إحرامِنا بكيْ ُ‬
‫وني في ذلك‪.‬‬ ‫فيدُ ِ‬ ‫فأرجو أن تُ ِ‬
‫خروج هذا الدم فإنه ل شيءَ عليه‪ ،‬لنه َلم يَتسبّب‬ ‫ِ‬ ‫وضَأ بعدَ‬ ‫ج‪ :‬إذا كان َت ّ‬
‫في ذلك‪.‬‬
‫من قولهم‪ " :‬في الدم دم " فذلك ل‬ ‫وأما ما يُشيعه كثير مِن الناس ِ‬
‫رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ل َله في سنّة‬ ‫أص َ‬ ‫ْ‬
‫‪459‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫خروج ذلك الدم فعمرتُه صحيحة بِمشيئة الله‬ ‫ِ‬ ‫وضَأ بعدَ‬ ‫فإن كان َقد تَ ّ‬
‫تبارك وتعالى‪.‬‬
‫من التفصيل‬ ‫توضأ فذلك َيحتاج إلى شيءٍ ِ‬ ‫ّ‬ ‫أما إن كان طاف ولم يَ‬
‫توضأ؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ذكر ذلك إن كان قد طاف ولم َي‬ ‫إمكانه أن يَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وب‬
‫من حلقة ‪ 23‬شعبان ‪1424‬هه‪ ،‬يوافقه ‪19/10/2003‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫صّلي إنسان عن إنسان‬ ‫َ‬
‫ضع ِبأّنه ل ي ُ َ‬ ‫مو ْ ِ‬‫من َ‬ ‫كرُتم في أك َْثر ِ‬ ‫س ‪ :1‬ذ َ َ‬
‫صّلي‬ ‫ُ‬ ‫ساِئل ي َُقول‪ُ :‬‬ ‫خر‪ ،‬لكن هَ َ‬
‫تأ َ‬ ‫كن ُ‬ ‫ذا ال ّ‬ ‫وإّنما قد يصوم إنسان عن آ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت أّنه ل‬ ‫حج عنه ُثم َرأي ْ ُ‬ ‫شخص الذي أ ُ‬ ‫وي أّنهما عن ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫واف وأن ْ‬ ‫ي الط ّ َ‬ ‫ركعت َ ْ‬
‫ُ‬
‫ما أول ؟‬ ‫صّليهِ َ‬ ‫ي ؟ وماذا أفعل الن ؟ هل أ َ‬ ‫يصلي أحد عن أحد‪ ،‬فماذا عَل َ ّ‬
‫كى بعض‬ ‫ح َ‬ ‫ج‪ :‬نعم‪َ ،‬قد ذك َْرَنا‪-‬وذ َك ََر غيرنا‪-‬أّنه ل يصلي أحد عن أحد‪ ،‬وقد َ‬
‫ذلك ‪...‬‬ ‫الُعلماء اتفاق أهل العلم على َ‬
‫صّلي أحد عن أحد إذا كان ذلك‬ ‫صلة فقد ُقلت إّنه ل ي ُ َ‬ ‫ما بالّنسبة إلى ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫خَلة في ذلك المر‬ ‫دا ِ‬ ‫ما إذا كانت تلك الصلة َتاب َِعة لمر آخَر ‪َ ..‬‬ ‫استقلل‪ ،‬أ ّ‬
‫شَرع‬ ‫ما ل ي ُ ْ‬ ‫شَرع ت ََبعا َ‬ ‫ن المر َيختلف في هذه القضية‪ ،‬وذلك لّنه ي ُ ْ‬ ‫فإ ّ‬
‫عدة فقهية مشهورة تدخل‬ ‫مَقّرٌر عند الفقهاء‪ ،‬وهي َقا ِ‬ ‫استقلل كما هو ُ‬
‫مكن أن ي َُقوم أحد‬ ‫صلة إذا كانت مستقّلة ل ي ُ ْ‬ ‫ددة‪ ،‬فال ّ‬ ‫مت َعَ ّ‬‫َتحتها مسائل ُ‬
‫من الصلوات كالظهر أو العصر أو المغرب أو ما شابه‬ ‫ِبقضاء فريضة ِ‬
‫ذلك عن شخص آخر‪ ،‬كما أّنه ل ُيمكن أن ي َت َن َّفل عنه ‪ ..‬أن يصلي‬
‫ركعتين نافلة وَي َْنوي أّنهما عن فلن أو فلنة أو ما شابه ذلك ‪ ..‬هذا أمر‬
‫ما‬
‫م ّ‬ ‫دمين ِ‬ ‫ما ُرِوي عن بعض المت ََق ّ‬ ‫مّتفق عليه كما حكاه غير واحد‪ ،‬و َ‬ ‫ُ‬
‫ح عنه فإّنه ل دليل َله على ذلك‪.‬‬ ‫ص ّ‬‫ح عنه‪ ،‬وإن َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ُيخاِلف ذلك فلعَّله ل ي َ ِ‬
‫ن الصحيح أّنها‬ ‫واف‪-‬ل ّ‬ ‫سّنة الط ّ َ‬ ‫ما بالنسبة إلى صلة الطواف ‪ ..‬أو إلى ُ‬ ‫أ ّ‬
‫خَلة في الحج أو‬ ‫دا ِ‬ ‫ن هذه َ‬ ‫جاِئز بات َّفاق أهل العلم‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫سّنة‪-‬فالمر َ‬
‫مر عن شخص آخر ‪ ..‬فهي‬ ‫شخص ي َعْت َ ِ‬ ‫مَرة إذا كان ذلك ال ّ‬ ‫خَلة في العُ ْ‬ ‫دا ِ‬ ‫َ‬
‫َتاب َِعة لعمال الحج أو َتاب َِعة لعمال العمرة‪ ،‬وعليه فما فَعََله هَ َ‬
‫ذا‬
‫مر أو أن‬ ‫شخص فعل صحيح‪ ،‬وفي المستقبل ينبغي له إن شاء أن ي َعْت َ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫يقوم بأداء الحج عن غيره فإنه يفعل ذلك أيضا‪.‬‬
‫شَرع استقلل‬ ‫وكما قلت هذه المسألة وهي أّنه ُيشرع بالت ّب َعَِية ما ل ي ُ ْ‬
‫من ذلك مثل‪:‬‬ ‫سائل متعد َّدة‪ِ ،‬‬ ‫م َ‬ ‫حَتها َ‬ ‫تندرج ت َ ْ‬
‫‪...‬‬
‫جوز له‬ ‫م بعمرة فإّنه ل ي َ ُ‬ ‫حَر َ‬ ‫ن النسان إذا أ ْ‬ ‫من المسائل المهمة‪-‬أيضا‪-‬أ ّ‬ ‫وَ ِ‬
‫ن‬
‫معَ َبي َ‬ ‫ج َ‬ ‫ذا َ‬ ‫سعي ولكن إ َ‬ ‫ص رأسه إل بعد الطواف وال ّ‬ ‫حِلق أو أن ي َُق ّ‬ ‫أن ي َ ْ‬
‫الحج والعمرة وهو ما ي ُعَْرف عند العلماء بالقران ‪ ..‬إذا قََرن بين الحج‬
‫ي‬‫م ِ‬ ‫صير‪-‬والحلق أفضل‪-‬بعد َر ْ‬ ‫شَرعُ َله الحلق أو الت ّْق ِ‬ ‫والعمرة فإنه ي ُ ْ‬
‫‪460‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن‬‫الجمرة قبل أن يطوف وقبل أن يسعى‪ ،‬فذلك لت َب َعِّية العمرة للحج ل ّ‬


‫رع‬‫ش ِ‬ ‫شَرع له الحلق أو الّتقصير في ذلك الوقت ف ُ‬ ‫رد الحج‪-‬مثل‪-‬ي ُ ْ‬ ‫الذي ي ُْف ِ‬
‫مِهم‪ ،‬وقد َقال بعض العَُلماء‪:‬‬ ‫َ‬ ‫للعمرة‪-‬أيضا‪-‬لجل تبعيتها للحج وه َ‬
‫ذا أمر ُ‬
‫ف‬‫صر إل بعد أن يطوف ويسعى‪ ،‬واخت ُل ِ َ‬ ‫إّنه ليس له أن َيحلق أو أن ي َُق ّ‬
‫حَتى إذا‬ ‫سع أو َ‬ ‫دوم وَلم ي َ ْ‬ ‫ف طواف الُق ُ‬ ‫في هذا هل ذلك إذا كان َلم ي َط ُ ْ‬
‫خرا أو َلم يطف‬ ‫َ‬
‫مت َأ ّ‬ ‫جاء إلى مكة ُ‬ ‫دوم ‪ ..‬الول‪-‬مثل‪-‬إذا َ‬ ‫واف الُق ُ‬ ‫طاف ط َ َ‬ ‫َ‬
‫جائز على‬ ‫مدا‪-‬فإّنه َ‬ ‫من السباب أو حتى ت ََرك ذلك متع ّ‬ ‫وَلم يسع لسبب ِ‬
‫خرا إلى عرفة فهو َلم يطف‬ ‫مَتأ ّ‬‫الصحيح وإن كان خلف الفضل‪-‬أو جاء ُ‬
‫دوم وَلم يسع ولكّنه َلم‬ ‫طواف القدوم وَلم يسع‪ ،‬أو طاف طواف الُق ُ‬
‫ن معا أّنه َيجوز له أن َيحلق‬ ‫يطف طواف الّركن ؟ فالصحيح في الحالت َي ْ ِ‬
‫ما‪-‬‬ ‫مًعا أو في إحداهُ َ‬ ‫ذلك في المسألتين َ‬ ‫صر‪-‬خلفا ِلمن قال ِبخلف َ‬ ‫أو ي َُق ّ‬
‫ق‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪َ-‬بعد‬ ‫حل َ َ‬
‫من فعل النبي ‪ e‬فإّنه َ‬ ‫وذلك ظاهر ِ‬
‫طف طواف الّركن وقد‬ ‫معَ أّنه َلم ي ُ‬ ‫مى َ‬ ‫طر بعد أن َر َ‬ ‫مى‪ ،‬وأيضا ت َعَ ّ‬ ‫أن َر َ‬
‫طف وََلم‬ ‫سيدة عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنها‪-‬وهي َلم ت َ ُ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫عط َّرت ْ ُ‬
‫ع‪ ،‬فذلك دليل على المسألتين مًعا‪ ،‬فإذن َيختلف الحكم في هات َْين‬ ‫س َ‬ ‫تَ ْ‬
‫عي لذكرها الن‪.‬‬ ‫القضي ّت َْين‪ ،‬وهنالك مسائل أخرى ل دا ِ‬
‫كلما في‬ ‫مع النسان َ‬ ‫س ِ‬ ‫مثل هذه المسائل‪ ،‬وإذا َ‬ ‫من أن ي ُن ْت ََبه ل ِ ِ‬ ‫فلُبد ِ‬
‫مسألة ليس له أن َيحكم به على بعض المسائل وإن رأى بأّنها قريبة‬
‫من تلك المسألة‪ ،‬وهو معنى ما ذكره بعض أهل العلم أن النسان إذا‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫كان ضعيفا في العلم ليس له أن ي َِقيس مسألة على مسألة ولو َرأى‬
‫وجوه ‪ ..‬أي على حسب ظ َّنه هو لنه قد‬ ‫من كل ال ُ‬ ‫شاَبهتا ِ‬ ‫بأّنهما قد ت َ َ‬
‫خَتلف‬ ‫تكون هنالك بعض المور التي َلم يلحظها هو وفي واقع المر ت َ ْ‬
‫شخص‪-‬مثل‪-‬‬ ‫مَنا فهذا ال ّ‬ ‫ما َ‬ ‫عن تلك المسألة‪ ،‬والمسألة أ َ‬ ‫هذه المسألة َ‬
‫ن بأن‬ ‫مع أو رأى في بعض الكتب‪-‬أيضا‪-‬بأنه ل يصلي أحد عن أحد فظ ّ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫ذلك ين ْط َِبق على هذه المسألة وذلك ل ين ْط َِبق عليها في حقيقة الواقع‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫من ذلك ‪ ..‬أو ل َ داعي إلى الطالة فالمسائل متعددة ولكن ِّني أردت أن‬ ‫و ِ‬
‫مثل هذه المسائل المهمة جدا الِتي يقع فيها الخطأ‬ ‫ُ‬
‫أن َّبه الطلبة إلى ِ‬
‫كثيرا؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫س ‪... :2‬‬
‫ج‪ :‬أّول أقول إّنه على هؤلء المقاوِلين أن ي َّتقوا الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في‬
‫من أمثال هؤلء‪،‬‬ ‫دا عن كثير ِ‬ ‫جدا ج ً‬ ‫جاءت ِْني أخبار كثيرا ِ‬ ‫أنفسهم‪ ،‬فََقد َ‬
‫هم ل ي َت ُّقون‬ ‫من المقاوِلين الذين ي َذ ْهَُبون إلى الحج وَ ُ‬ ‫ر‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫وعن كثي ٍ‬
‫معَُهم‪.‬‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في أنفسهم ول في أولئك الذين يذهبون َ‬
‫‪...‬‬
‫‪461‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫كة المكرمة وإلى‬ ‫م ّ‬ ‫كذلك بالنسبة إلى أولئك الذين يأخذون الحجاج إلى َ‬
‫مُعون أهل‬ ‫جاوزون حدود الله تبارك وتعالى ‪َ ..‬يس َ‬ ‫سك فإّنهم ي َت َ َ‬ ‫المَنا ِ‬
‫من عرفة‪-‬مثل‪-‬إل‬ ‫شَرع الخروج ِ‬ ‫العلم وطلبة العلم ي ُن َب ُّهون كثيرا بأّنه ل ي ُ ْ‬
‫دلفة إل في الوقت‬ ‫من المْز َ‬ ‫شَرع ِ‬ ‫وقت الفلني وَأ َّنه‪-‬ك َذ َِلك‪-‬ل ي ُ ْ‬ ‫في ال َ‬
‫سك ومع ذلك يذهبون‬ ‫مَنا ِ‬ ‫مت َعَل َّقة باله َ‬ ‫ن المور اله ُ‬ ‫م َ‬ ‫ما شابه ذلك ِ‬ ‫الفلني وَ َ‬
‫ضعََفة ‪..‬‬ ‫معَُهم وأعِني بال ّ‬ ‫ضعََفة َ‬ ‫في غير تلك الوقات ويأخذون الحجاج ال ّ‬
‫من أمثال النساء والعجزة أو‬ ‫ست َغِّلون أولئك الذين ل ي َعْرُِفون المك َِنة ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ح َلهم ول َيجوز‪ ،‬ولُبد‬ ‫ص ّ‬ ‫ما ل ي َ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫واِقع ِ‬ ‫ذا في حقيقة ال َ‬ ‫ما شابه ذلك‪ ،‬وهَ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫مِلك عُُقوب َت َُهم؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫مَثال هؤلء ِ‬ ‫معاقبة أ ْ‬ ‫من ُ‬ ‫ِ‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫ن الحجاج الذين‬ ‫من أ ّ‬ ‫كون ِ‬ ‫شت َ ُ‬ ‫مَقاوِِلي الحجاج ي َ ْ‬ ‫س‪ :‬لكن بعض ُ‬
‫جُلوَنهم ؟‬ ‫ذين ي ُعَ ّ‬ ‫هم ال ِ‬ ‫معَُهم ُ‬ ‫َ‬
‫خُرجوا في الوَْقت الذي ل‬ ‫مْنهم الحجاج بأن ي َ ْ‬ ‫ج‪ :‬ل عبرة ِبذلك‪ ،‬إذا طلب ِ‬
‫مع ول طاعة ول‬ ‫س ْ‬ ‫مع َلهم ول طاعة‪-‬وكذلك ل َ‬ ‫س ْ‬ ‫ح فيه الخروج فل َ‬ ‫َيص ّ‬
‫من‬ ‫شْرعَ الله تبارك وتعالى‪-‬ف َ‬ ‫خال َُفوا َ‬ ‫مثل هؤلء المقاوِِلين إذا َ‬ ‫ك ََرامة ل ِ ِ‬
‫جلس إذا كان ذلك‬ ‫جِلس فَل ْي َ ْ‬ ‫شاَء أن ي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫شاء أن يذهب َفليذهب‪ ،‬وَ َ‬
‫عن النبي ‪،e‬‬ ‫ت َ‬ ‫ما ث َب َ َ‬ ‫ذن العِب َْرة ب ِ َ‬ ‫شْرِع الله تبارك وتعالى‪ ،‬فإ َ‬ ‫خاِلفا ل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫دود ٌ‬‫مْر ُ‬
‫مُرَنا فهو َرد ( أيْ َ‬ ‫س عليه أ ْ‬ ‫َ‬
‫مل عمل لي ْ َ‬ ‫من عَ ِ‬ ‫وفي الحديث‪َ ) :‬‬
‫ض الناس أن‬ ‫حد أو ب َعْ ُ‬ ‫من ُْهم أ َ‬ ‫ب ِ‬ ‫جِهه‪ ،‬فإذا ط َل َ َ‬ ‫ب ِبه في وَ ْ‬ ‫ضُرو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫عَل َْيه َ‬
‫ت في سّنة رسول الله ‪ e‬فليس َلهم أن‬ ‫وقت الذي ث َب َ َ‬ ‫َيخرجوا في غير ال َ‬
‫خل بالشرط الذي اتفقوا عليه عندما خرجوا‪-‬‬ ‫م ِ‬ ‫ي َل ْت َِفُتوا إليه ول ي ُعَد ّ ذلك ُ‬
‫عمان أو ما شابه ذلك وَل َوْ اشترطوا‪-‬مثل‪-‬عليهم لن ذلك‬ ‫من ُ‬ ‫مثل‪ِ -‬‬
‫شْرط أو‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫خاِلف لسّنة رسول الله ‪ ،e‬والنسان إذا اشترط أل ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ال ّ‬
‫شْرط ُ‬
‫شرط؛ والله‪-‬‬ ‫شرع الله فل َيجوز ت َن ِْفيذ ذلك ال ّ‬ ‫خاِلفا ل َ‬ ‫م َ‬ ‫أكثر إذا كان ذلك ُ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫س ‪... :8‬‬
‫ضان وَِفي غَْير رمضان إل في حالة الحرام‬ ‫م َ‬ ‫صح الّنكاح في َر َ‬ ‫ج‪ ... :‬ي َ ِ‬
‫ح الّنكاح‪-‬‬ ‫ص ّ‬ ‫بالحج أو العمرة‪ِ ،‬في حالة الحرام بالحج أو العمرة فل ي َ ِ‬
‫ح الّراجح‪-‬لنهي النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫حي ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫على الَقوْ ِ‬
‫دا ذلك فهو صحيح‪.‬‬ ‫ما عَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫وسلم‪-‬عن ذلك أ ّ‬
‫من حلقة ‪ 7‬رمضان ‪1424‬هه يوافقه ‪2/11/2003‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫س ‪ :6‬الناس معروفٌ أنهم عندما يفيضون مِن عرفات إلى مزدلفة‬
‫ومن مزدلفة إلى مِنى ‪ ..‬عندما يَقطعون الطريق مِن مزدلفة إلى مِنى‬ ‫ِ‬
‫سر لكن ل َيعلمون شيئا عن السراع في هذا‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬‫رعون في وادي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫‪462‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫الوادي عندما يذهبون مِن مِنى إلى عرفات‪ ،‬فهل يَصنعون نفس‬
‫الفعل ؟‬
‫جد روايةً عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬ ‫ج‪ :‬أنا لم أَ ِ‬
‫ل على مشروعية السراع أو عدم السراع عند الذهاب إلى عرفات‬ ‫َتد ُ ّ‬
‫في هذا الوادي‪.‬‬
‫فإن‬
‫ّ‬ ‫وأما عندما يَرجِع الحاج مِن عرفة وبعد ذلك مِن المزدلفة إلى مِنى‬
‫السراع في هذا الوادي عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ثابت‬ ‫َ‬
‫صحيح ل شك فيه‪.‬‬
‫عرف الحكم في المسألة الولى ‪ ..‬أي في مشروعية‬ ‫وإذا أردنا أن نَ ِ‬
‫رف‬ ‫السراع وعدمه عند الذهاب إلى عرفات فإنه ينبغي لنا أن ن َعْ ِ‬
‫الحكمة من إسراع النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬في‬
‫كر العلماء في ذلك عدّة أمور‪:‬‬ ‫هذا الوادي‪ ،‬وقد ذ َ َ‬
‫منهم مَن قال‪ :‬إنما فََعل ذلك النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬لنّ‬ ‫ِ‬
‫ع النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫سرَ َ‬‫فأ ْ‬
‫هذا الوادي مأوى الشياطين َ‬
‫جد لهم دليل على هذا الكلم‬ ‫ن في هذا الوادي‪ ،‬ولم أَ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫الك ْ‬‫وسلم‪-‬خشية َ‬
‫َ‬
‫ومِ النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫حادثة نَ ْ‬ ‫ولعلهم َيستدِّلون بِ ِ‬
‫وسلم‪-‬وصحابته الكرام في الوادي إلى أن ط َل ََعت الشمس ثم أخبرهم‬ ‫ِ‬
‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬بأنّ في هذا الوادي شيطانا‬
‫بعد ذلك فخرجوا‪-‬رضوان الله تعالى‬ ‫َ‬ ‫الخروج منه والصلةِ‬ ‫ِ‬ ‫مرَهم بِ‬‫وأ َ‬
‫َ‬
‫فريضة الفجر‬
‫َ‬ ‫صّلوا‬
‫عليهم‪-‬مع النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬و َ‬
‫بعد طلوع الشمس بعدَ الخروج مِن ذلك الوادي‪ ،‬ول دليل في هذا‪،‬‬ ‫َ‬
‫ت فيه ونام هو‬ ‫رع في هذا الوادي بل َبا َ‬ ‫س ِ‬ ‫لن النبي ‪ e‬لم ي ُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫وذلك‬
‫م بِالخروج لم َيأمُرهم ِبالسراع ولم يَثبت‬ ‫مَرهُ ْ‬ ‫وصحابته‪ ،‬وأيضا عندما أ َ‬
‫سَرعَ عند خروجه منه فإذن ل دللةَ‬ ‫َ‬
‫عنه صلوات الله وسلمه عليه أنه أ ْ‬
‫في هذا الدليل الذي استنبطَ منه بعضُ أهل العلم هذا الستنباط‪.‬‬
‫بعض أهل العلم إلى أنّ النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫ُ‬ ‫وذهب‬
‫سَرعَ عند خروجه مِن هذا الوادي لنّ النصارى كانوا يَقفون‬ ‫َ‬
‫وسلم‪-‬إنما أ ْ‬
‫ب إلى‬ ‫س ُ‬‫حسنة بل حتى ول ضعيفة ت ُن ْ َ‬ ‫ً‬ ‫صحيحة ول‬
‫ً‬ ‫رواية‬
‫ً‬ ‫فيه‪ ،‬وأنا لم َأجِد‬
‫ل على ذلك‪ ،‬وإنما رُوي ذلك‬ ‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬تد ُ ّ‬
‫منه‪:‬‬ ‫مّر بِهذا الوادي ذ َك ََر كلما ِ‬ ‫عن عمر‪-‬رضي الله تعالى عنه‪-‬أنه عندما َ‬
‫ن النصارى ِديُنها‬ ‫مخالِفًا ِدي َ‬ ‫‪........................‬‬
‫َ‬
‫من أجل ذلك‪ ،‬وهذا كلم مردود‪ ،‬وذلك لنه‬ ‫سَرعَ ِ‬ ‫فقالوا إنّ النبي ‪ e‬أ ْ‬
‫َتكفي في المخالَفة أل ّ َيقف النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬في‬
‫هذا الموقف وهو لم َيقف في هذا الوادي وإنما وََقفَ ِبعرفة‪ ،‬كما هو‬
‫معلوم وقد أجمعت عليه المّة‪ ،‬وأيضا لم ي َث ُْبت عن النصارى أنهم كانوا‬
‫‪463‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جون‪ ،‬فهذا ل دليل فيه البتة‬ ‫ح ّ‬ ‫قُفون في هذا المكان ول أنهم كانوا ي َ ُ‬ ‫َي ِ‬
‫على ما ذََكروه‪.‬‬
‫ب إلى أنّ النبي ‪ e‬إنما أسَرعَ في ذلك الوادي مِن أجل‬ ‫ه َ‬ ‫من َذ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫مخالفة الكفار لنهم كانوا يَتفاخرون فيه بآبائهم‪ ،‬وهذا ل دليل فيه‪،‬‬
‫وذلك لنه لم ي َث ُْبت‪-‬أّول وقبل كل شيء‪-‬عن الكفار أنهم كانوا يَتفاخَرون‬
‫منهم ذلك في مِنى ‪ ..‬قيل‪ :‬عند‬ ‫ِبآبائهم في هذا الوادي‪ ،‬وإنما كان َيقع ِ‬
‫قَبة‪ ،‬وقيل‪ :‬في مِنى‪ ،‬ولم يَثبت عنهم أنهم كانوا َيتفاخرون في‬ ‫مرة العَ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫َ‬
‫هذا الوادي‪ ،‬ثم إنه لو كان المر كذلك‪-‬أي لو كانوا ي َتفاخرون في هذا‬
‫من‬‫أل يَقع ِ‬ ‫ما كان في ذلك دليل‪ ،‬لنه يَكفي في المخالفة ّ‬ ‫الوادي‪-‬ل َ َ‬
‫من المسلمين ذلك‪.‬‬ ‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬و ِ‬
‫وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إنما أسَرعَ النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى‬
‫ع فيه العذاب على أصحاب الفيل إذ‬ ‫آله وسلم‪-‬في هذا الوادي لنه َوَق َ‬
‫عيه هؤلء‪ ،‬وليس المر‬ ‫ف في هذا الوادي على حسب ما ي َد ّ ِ‬ ‫ن الفيلَ َوَق َ‬ ‫إ ّ‬
‫ف في وادي‬ ‫لن الفيلَ لم يَقف في هذا الوادي وإنما وََق َ‬ ‫ّ‬ ‫كذلك‪،‬‬
‫مس وذلك بِالقُرب مِن عرفات على طريق الطائف ‪ ..‬هذا هو‬ ‫مغ َ ّ‬‫اله ُ‬
‫رواية واحدة‬ ‫ٌ‬ ‫هم‪ ،‬ولم تَأتِ‬ ‫ر ِ‬
‫شْع ِ‬ ‫العرب في أخبارِهم وفي ِ‬ ‫الثابت عن َ‬
‫دل على أنه وقع في هذا الوادي‪ ،‬وذلك‪-‬أيضا‪-‬مستبعدٌ جدا لنّ هذا‬ ‫َت ّ‬
‫دخولهم الحرَم‪ ،‬ولكن ذلك‬ ‫ِ‬ ‫الوادي مِن الحرَم والعقوبةُ َنزََلت عليهم قبل‬
‫وقعت عقوبة مِن المولى‪-‬تبارك وتعالى‪-‬على بعض‬ ‫ْ‬ ‫ل يَمنع مِن أنه قد‬
‫جد دليل يُحد ّد ُ نوعَ هذه العقوبة‪ ،‬وقد‬ ‫كنا ل نَ ِ‬ ‫الناس في هذا الوادي وإن ّ‬
‫قعت عليه نارٌ‬ ‫ْ‬ ‫اد صيْدا في هذا الوادي فوَ‬ ‫قيل‪ :‬إنه وقع ذلك على رجل صَ َ‬
‫موا على‬ ‫بعض أصحابِ الفيل قد ت ََقد ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫مكن‪-‬أيضا‪-‬أن يَكون‬ ‫فأحرقتْه‪ ،‬ويُ ِ‬
‫الفيل وعلى سائر الجيش‪-‬على أنني أيضا ل أستطيع الجزم بذلك ‪..‬‬
‫صُلوا إلى‬ ‫أن ذلك لم يَقع‪-‬أما الجمهور العظم والفيل فإنهم لم ي َ ِ‬ ‫وأظن ّ‬
‫ع في هذا الوادي عذابٌ‬ ‫ظنه أنه وََق َ‬ ‫أن الذي نَ ّ‬ ‫هذا المكان‪ ،‬والحاصل ّ‬
‫ستشهد على ذلك بِإسراعِ‬ ‫ِ‬ ‫ن ذلك‪ ،‬ونَ‬ ‫لزم أن ن ُعَي ّ َ‬ ‫بعض الناس ول يَ َ‬ ‫ِ‬ ‫على‬
‫الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫سرع‬ ‫النبي ‪ e‬عندما مَرّ ِبدار ثَمود‪ ،‬فقد أَ‬
‫آله وسلم‪-‬في ذلك المكان‪.‬‬
‫وإذا كان المر كذلك فإننا نقول ِبمشروعية السراع‪-‬عند المرور على‬
‫هذا الوادي ‪ ..‬أي‪-‬في هذا الوادي عند الخروج مِن مِنى إلى عرفات بل‬
‫من الوقات ولو لم يَكن ذلك في‬ ‫مرّ النسان به في أيّ وقت ِ‬ ‫حتى إذا َ‬
‫السراع‪.‬‬ ‫شَرعُ فيه ِ‬ ‫الحج في ُ ْ‬
‫وعدمُ ذِْكر أنّ النبي ‪َ e‬أسَرعَ فيه عندما ذهبَ إلى عرفة ل يُمكن أن‬
‫ِ‬ ‫أفعال‬ ‫كر بعضُ‬ ‫ل به على عدم المشروعية‪ ،‬وذلك لنه قد ل ي ُذ ْ َ‬ ‫ست َد َ ّ‬‫يُ ْ‬
‫ن‬
‫م َ‬‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ول ي َل َْزم أن ُيذَْكر كل ما وقع ِ‬
‫‪464‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل عنه‪-‬صلى الله‬ ‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإنما الذي ي ُن َْق ُ‬
‫شْرعٌ ِللمّة وقد يكون ذلك بالعبارة وقد‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬ما فيه َ‬
‫من‬ ‫ع ِ‬ ‫ج َ‬‫لن إسراعَه ‪ e‬عندما رَ َ‬ ‫ّ‬ ‫يكون بالشارة‪ ،‬وهاهنا تكفي الشارة‪،‬‬
‫من المزدلفة إلى مِنى َيكفي لِلشارة إلى مشروعية هذا‬ ‫عرفة و ِ‬
‫جد في بعض الحاديث ي ُذ ْ َ‬
‫كر‬ ‫جة الوداع فإنه يَ ِ‬ ‫ظرَ في حَ ّ‬ ‫من ن َ َ‬ ‫السراع‪ ،‬و َ‬
‫كر كذا وهكذا‪.‬‬ ‫كذا ول ي ُذ ْ َ‬
‫هذا ومِن الجدير ِبالذّْكر أنّ العلماء قد اختلفوا في هذا الوادي هل هو‬
‫دل على هذا‪،‬‬ ‫من مِنى أو هو مِن المزدلفة ؟ وقد جاءتْ بعضُ الدلة تَ ّ‬ ‫ِ‬
‫دل على أنه‬ ‫وجاءت بعضُ الدلة تَ ّ‬ ‫ْ‬ ‫بعض الدلة تَدلّ على ذاك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫وجاءت‬
‫ليس مِن مِنى وليس مِن المزدلفة‪ ،‬وأقوى ما جاء حديثٌ عند المام‬
‫منى حيث جاء فيه‪ " :‬وهو مِن مِنى " ولكنّ‬ ‫مسلم فيه التصريح بِأنه مِن ِ‬
‫ضعيفة عندي ولو كانت في صحيح مسلم‪ ،‬والذي يَظهر لي‬ ‫ٌ‬ ‫هذه الرواية‬
‫منى وليس مِن المزدلفة‪.‬‬ ‫بأنه ليس مِن ِ‬
‫منى أو كان مِن المزدلفة أو لم يَكن مِن‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬سواء كان مِن ِ‬
‫هذه ول مِن تلك فإنه ليس لحد أن يَبيت فيه في ليلة المزدلفة على‬
‫رأي مَن يَقول إنه مِن المزدلفة ول على أن يُقيم فيه ليلة التاسع وليالي‬
‫التشريق اعتبارا على أنه مِن مِنى على رأي مَن يَقول إنه مِن منى‪،‬‬
‫شرع المكث فيه والبقاء فيه سواء قلنا إنه مِن هذه‬ ‫فعلى كل حال ل يُ َ‬
‫أو مِن تلك أو أنه مستقِل‪.‬‬
‫وهكذا اختلفوا في عُرنَة هل هي مِن عرفة أو ليست مِن عرفة ؟‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬أيضا ل يَجوز الوقوف بها على أنها مِن عرفة سواء قلنا‬
‫قل ذلك‪.‬‬ ‫إنها مِن عرفة أو لم نَ ُ‬
‫سع لها هذه‬ ‫معا يَحتاج إلى إطالة ل تَّت ِ‬ ‫وتحقيق ذلك في المسألتين ً‬ ‫َ‬
‫العجالة وإن كانت هي جديرة بِذلك ولكنّ الحكم هو ما ذكرناه‪.‬‬
‫سر مِن الحرَم‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫أن وادي مُ َ‬ ‫هذا ومِن الجدير ِبالذّْكر‪-‬أيضا‪ّ -‬‬
‫وزعَم أنه ليس مِن الحرَم وإنما‬ ‫ذ َ‬ ‫ش ّ‬
‫ب إليه ابن حزم حيث َ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ذ َ َ‬ ‫خلفا ِل َ‬
‫حل وأنها‬ ‫حل‪ ،‬وكذلك شذّ حيث زَعَم أنّ عُرنة ليست مِن اله ِ‬ ‫هو مِن اله ِ‬
‫من الحرَم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حل‪.‬‬ ‫فالحق الحقيقُ ِبالقبول أنّ هذا الوادي مِن الحرَم وعُرنة مِن اله ِ‬ ‫ّ‬
‫حل وأنها مِن‬ ‫عم أنّ عرفة ليست مِن اله ِ‬ ‫خطأ بيّنا مَن َز َ‬‫ً‬ ‫وكذلك قد أخطأ‬
‫فيجوز الصيد مِن عرفة ومِن‬ ‫حل‪ ،‬وعليه َ‬ ‫الحرم‪ ،‬والحقّ أنها مِن اله ِ‬ ‫َ‬
‫عرنة‪-‬وكذلك بِالنسبة إلى قطْع الشجار فإنّ ذلك ل مانع منه‪-‬وإنما يُمنَع‬ ‫ُ‬
‫فليس له أن يَصطاد‪ ،‬وأما الشجر فل مانع مِن ذلك‬ ‫حرِم ْ‬ ‫م ْ‬ ‫من ذلك اله ُ‬ ‫ِ‬
‫حل‪ ،‬وإنما‬ ‫حل سواء كان معتمِرا أو كان حاجّا‪ ،‬فإذن عَرفة مِن اله ِ‬ ‫في اله ِ‬

‫‪465‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫رم يُمنَع مِن ذلك ولو كان في‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬ ‫حرِم مِن الصيد لجل أنّ اله ُ‬ ‫م ْ‬
‫منع اله ُ‬ ‫ُي َ‬
‫حل‪ ،‬كما هو معروف ‪ ..‬هذا ما يَظهر لي في هذه المسألة‪.‬‬ ‫اله ِ‬
‫سر‬‫ح ّ‬‫م َ‬‫طع وادي ُ‬ ‫طع أن َيق َ‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫من الناس َيسألون ع ّ‬ ‫هذا وكثير ِ‬
‫قبل طلوع الشمس ِلوجود زحمة أو ما شابه ذلك‪ ،‬هل عليه دم ؟‬
‫طع أن‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫جب على َ‬ ‫من أهل العلم قالوا‪ :‬ي َ ِ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫والجواب‪ :‬أ ّ‬
‫طيع أن‬ ‫َ‬ ‫َيق َ‬
‫جب عليه بل ل أست ِ‬ ‫سر الدم‪ ,‬والحقّ أنه ل ي َ ِ‬ ‫ح ّ‬
‫م َ‬
‫طع وادي ُ‬
‫خر ِبغْير عذر وإنما أقول إنه ل َينبغي‬ ‫جب عليه الدم وإن كان قد َتأ ّ‬ ‫ُ‬
‫أو ِ‬
‫من لم َيخُرج منه‬ ‫ن َ‬ ‫ل على أ ّ‬ ‫رد دليل َيد ّ‬ ‫خر‪ ،‬وذلك َلنه لم ي َ ِ‬ ‫لحد أن َيتأ ّ‬
‫جب عليه دم‪ ،‬والصل في أموال المسلمين‬ ‫قبل طلوع الشمس أنه ي َ ِ‬
‫جب شيئا على‬ ‫ِبأنها معصومة ِبعصمة السلم لها وأنه ل َيجوز لحدٍ أن ُيو ِ‬
‫أحدٍ ِبغْير دليل‪ ،‬وِلذلك َينبغي الترّيث في هذه المور ‪ ..‬نعم هذه‬
‫من الناس‬ ‫جد كثيرا ِ‬ ‫المسألة فيها خلف مشهور‪-‬كما ذكرتُ‪-‬ولكننا ن َ ِ‬
‫من أهل العلم‪ ،‬كما‬ ‫جبون الدماء على عباد الله ولو لم َيقل به أحد ِ‬ ‫ُيو ِ‬
‫من إنسان دم أوجبوا‬ ‫اشتهر عند الكثير‪ " :‬في الدم دم " ‪ ..‬إذا خرج ِ‬
‫جب التخيير بْين الدم وبْين‬ ‫من المور ي َ ِ‬ ‫عليه دما‪ ،‬وكذلك في كثير ِ‬
‫من الناس ل ُيخّيرون عباد َ الله وإنما‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫الطعام وبْين الصيام ولك ّ‬
‫ك دم ‪ ..‬إنسان َتع ّ‬
‫طر‬ ‫جبون عليهم الدماء ‪ ..‬هذا إنسان فعل كذا ؟ علي َ‬ ‫ُيو ِ‬
‫من أظافره ؟ عليك دم ‪َ ..‬ينبغي أن‬ ‫ك دم ‪ ..‬إنسان قَّلم شيئا ِ‬ ‫مثل ؟ علي َ‬
‫زم عباد‬ ‫ُيقال ِلعباد الله ‪ِ I‬بالتخيير كما خي َّرهم الله تبارك وتعالى‪ ،‬وأل ّ ُنل ِ‬
‫زمهم به المولى تبارك وتعالى‪ ،‬على أنه‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬بما لم ُيل ِ‬
‫مد‬
‫ل هذا وهو مخطئ أو هو جاهل أو هو متع ّ‬ ‫َينبغي أن َنبحث هل فَعَ َ‬
‫رف الحكم‪ ،‬وهذه المسألة‪-‬طبعا‪َ-‬تحتاج إلى كلم‪ ،‬وذلك في أجوبة‬ ‫وَيع ِ‬
‫ت أن أنّبه الناس أنه ل َينبغي‬ ‫ُ‬
‫أخرى بمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬وإنما أرد ُ‬
‫زم العباد ِبما لم َيلَزمهم‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬إذا كان هنالك َتخيير في بعض‬ ‫أن ُنل ِ‬
‫جب عليهم أمرا واحدا؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫خّير الناس وأل ّ ُنو ِ‬ ‫المور َينبغي أن ن ُ َ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 8‬رمضان ‪1424‬هه يوافقه ‪3/11/2003‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫س ‪... :1‬‬
‫ج‪ ... :‬وإذا كان قد وقع في شيء من معاصي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بأن‬
‫كان قد فرّط في شيء من واجبات الله فلم يأت بها أو أنه فعل شيئا‬
‫من المحرمات فعليه أن يتخلص قبل فوات الوان سواء كانت تلك‬
‫الحقوق من حقوق الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أو من حقوق عباده أو من ذوات‬
‫الوجهين ‪ ..‬أي من الحقوق التي هي من جهةٍ لله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ومن‬
‫جهة للعباد‪ ،‬فإذا كان قد ترك شيئا من الصلوات أو الصيام أو الزكاة أو‬ ‫ٍ‬
‫‪466‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫لم يأت بفريضة الحج فعليه أن يعيد تلك الصلوات التي فرّط فيها سواء‬
‫تركها أو أنه ترك شيئا من أركانها أو شروطها التي ل تتم إل بها‪ ،‬وهكذا‬
‫بالنسبة إلى الزكاة إذا كان لم يأت بها أو أنه قد أتى بها على غير الوجه‬
‫الذي أمر به المولى‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فإنه عليه أن يتخلص من ذلك ‪ ..‬أي‬
‫عليه أن يقوم بأداء تلك الزكاة التي فرّط فيها إلى أصحابها الذين بيّنهم‬
‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في سورة التوبة‪ ،1‬وهكذا إذا كان قد فرّط في شيء‬
‫من العبادات ‪ ..‬من صيام‪-‬كما قلتُ‪-‬أو أنه لم يأت بالحج أو أنه قد أتى‬
‫به على غير الوجه الصحيح أو أنه قد فرّط في شيء من النذور أو‬
‫الكفارات أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إذا كان هنالك شيء من‬
‫حقوق العباد ‪ ..‬إذا كان قد اغتصب شيئا من أموال الناس أو أنه قد‬
‫أخذها بوجه صحيح ولكنه بعد ذلك لم يقم بأداء قيمة تلك الشياء إلى‬
‫أصحابها وما شابه ذلك‪ ،‬فإذا كان يعلم حكم ذلك في الشرع الحنيف‬
‫فعليه أن يقوم بتنفيذ ذلك‪ ،‬وإن كان ل يعرف ذلك فعليه أن يسأل أهل‬
‫العلم الذين يثق بدينهم وبعلمهم حتى يرشدوه إلى الطريق الصحيح‬
‫للتخلص من هذه الحقوق‪... .‬‬
‫ن رجل أعمى ذهب إلى الحج وكان‬ ‫دثني أحد الثقات بأ ّ‬‫‪ ...‬بالمس ح ّ‬
‫لبسا لنعال مخيطة فرآه بعض الناس الذين يظنون أنهم يأمرون‬
‫بالمعروف وينهون عن المنكر ولكنه‪-‬وللسف الشديد‪-‬جاهل بحكم الله‬
‫جك باطل " وقد‬ ‫نح ّ‬
‫تعالى ‪ ..‬جاهل بشرع الله جهل فاضحا فقال له‪ " :‬إ ّ‬
‫َنسب هذه الفرية إلى أحد علماء المسلمين ‪ ..‬افترى على الله وعلى‬
‫رسوله وعلى أهل العلم‪ ،‬مع أنه لم يقل أحد من المسلمين ببطلن‬
‫حجه‪ ،‬وإنما الخلف هل الفضل أن يلبس نعال ليست بمخيطة أو أنه ل‬
‫بأس من لباس النعال المخيطة ؟ والحق أنه ل بأس بذلك‪ ،‬إذ لم يأت‬
‫ن الفضل أن يترك النعال المخيطة بل الدليل يدل‬ ‫دليل يدل على أ ّ‬
‫على خلف ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى الحكام‪... .‬‬
‫‪...‬‬
‫ن مَن زار مريضا ينبغي له أن ينبهه‬ ‫ت‪-‬أن أنبه إلى أ ّ‬
‫لكنني أحب‪-‬كما قل ُ‬
‫إلى هذه المور‪ ،‬وإذا رآه ل يدري الحكام الشرعية ممكن أن يذكر له‪:‬‬
‫" هل أقسمت بشيء من ال َْيمان ولم تأت بها ولم تكّفر عنها "‪ ،‬وهكذا‬
‫بالنسبة إلى بقية العبادات ‪ ..‬من زكاة وصيام وحج ومن حقوق العباد‬
‫إلى غير ذلك ‪ ..‬هذا أمر مطلوب‪.‬‬
‫‪...‬‬

‫م وَِفي الّرَقا ِ‬
‫ب‬ ‫فةِ قُُلوب ُهُ ْ‬
‫مؤَل ّ َ‬
‫ن عَل َي َْها َوال ْ ُ‬ ‫ن َوال َْعا ِ‬
‫مِلي َ‬ ‫كي ِ‬‫سا ِ‬
‫م َ‬‫قَراء َوال ْ َ‬
‫ف َ‬‫ت ل ِل ْ ُ‬‫صد ََقا ُ‬
‫ما ال ّ‬ ‫‪ [-1‬إ ِن ّ َ‬
‫م ] ] الية‪.[ 60 :‬‬‫كي ٌ‬
‫ح ِ‬‫م َ‬ ‫ه عَِلي ٌ‬‫ن اللهِ َوالل ُ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬‫ض ً‬
‫ري َ‬‫ل فَ ِ‬ ‫سِبي ِ‬‫ن ال ّ‬‫ل اللهِ َواب ْ ِ‬‫سِبي ِ‬ ‫ن وَِفي َ‬ ‫َوال َْغارِ ِ‬
‫مي َ‬
‫‪467‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س ‪ :5‬ولدها توفي وعمره سبعة عشر عاما‪-‬قبل شهرين تقريبا‪-‬‬


‫لكن عندما ُأخذ إلى القبر خرج من فمه دم‪ ،‬فهل يعني ذلك إشارة‬
‫عقاب له أو المر طبيعي ؟ هي قلقة الن‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬ل يلزم أن يكون ذلك فيه إشارة عقاب ول غير ذلك‪ ،‬فلتترك‬
‫المر على ما هو عليه‪ ،‬وإن كانت تستطيع أن تفعل شيئا من الخير‬
‫فلتفعل ‪ ..‬ليس من باب أنه خرج من فمه دم‪ ،‬فل علقة له بذلك المر‪،‬‬
‫لكن إذا كانت عليه حقوق للعباد مثل وكانت تستطيع هي أو أبوه إن‬
‫كان أبوه حيا أو أحد من إخوانه أو أقاربه أو حتى من سائر المسلمين‬
‫أن يؤدوا تلك الحقوق التي عليه فليؤدوها عنه‪ ،‬وكذلك إذا كان عليه‬
‫صيام فليصوموا عنه‪ ،‬كما ثبت عن النبي ‪ e‬أنه قال‪ ) :‬مَن مات وعليه‬
‫صوم صام عنه وليه (‪ ،‬وهكذا إذا كان لم يؤد فريضة الحج وكان قادرا‬
‫على أدائها ولكنه فرّط في ذلك فإذا استطاعوا فينبغي لهم أن يؤدوا‬
‫عنه فريضة الحج‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النبي ‪ ، e‬وهكذا إذا كان لم يُؤد‬
‫الزكاة فليؤدوا عنه ‪ ..‬إذا كانت لديه أموال فليؤدوا الحقوق التي عليه‬
‫من ماله‪.‬‬
‫واختلفوا في الزكاة وفي الحج إذا لم يوص بهما وهكذا بالنسبة إلى‬
‫الكفارات والنذور التي تحتاج إلى تكفير‪:‬‬
‫إن الكفارات والنذور التي هي بمثابة اليمين‪-‬أي‬ ‫‪-1‬فبعض العلماء يقول‪ّ :‬‬
‫التي ُيكفّر عنها كفارة اليمين‪-‬فإنها تؤدى من رأس المال‪.‬‬
‫‪-2‬وبعضهم يقول‪ :‬إنها تؤدى مِن الثلث‪.‬‬
‫وكذلك بالنسبة إلى الحج هل هو مِن الثلث أو مِن أصل المال ؟‬
‫وهكذا الزكاة‪.‬‬
‫وكذا إذا كان لم يوص بذلك‪ ،‬اختلفوا هل تؤدّى عنه ؟‬
‫ؤّد أوصى‬ ‫‪-1‬منهم من يقول‪ :‬إنّ ما كان فيه حق للفقراء والمساكين فليُ َ‬
‫به أو لم يوص‪ ،‬وذلك كالزكاة فهي وإن كانت عبادة لله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫فإن فيها حقا للفقراء والمساكين وهكذا بالنسبة إلى كفارات اليمان‬ ‫ّ‬
‫وكفارات النذور بخلف الحج فإنه ل حق فيه للعباد‪.‬‬
‫‪-2‬وبعض العلماء يقول تؤدى عنه وإن كان لم يوص بها سواء كانت‬
‫زكاة أو حجا أو كانت من الكفارات؛ وهذا هو الواضح الذي تدل عليه‬
‫قنع الورثة من باب الخروج من الخلف‬ ‫الدلة ولكن قبل ذلك ينبغي أن يُ َ‬
‫إن أمكن ذلك‪.‬‬
‫فالحاصل أنه ل يمكن أن يُحكم عليه بحكمٍ بسبب خروج هذا الدم‪ ،‬إذ‬
‫إن ذلك يمكن أن يكون طبيعيا؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫من حلقة ‪ 9‬رمضان ‪1424‬هه‪ ،‬يوافقه ‪4/11/2003‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫‪468‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س ‪... :1‬‬
‫أن بعض أهل العلم قد أخذوا من الحديث الذي جاء‬ ‫‪ ...‬وللسف الشديد ّ‬
‫من طريق أبي أمامة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنه‪-‬والذي فيه ذِكر "‬
‫أن النسان إذا ذهب إلى الحج وأراد أن يلبّي فإنه‬ ‫فلن بن فلنة " ّ‬
‫يقول‪ " :‬لبيك عن فلن بن فلنة "‪ ،‬وقد جاءت‪-‬أيضا‪-‬رواية أخرى تدل‬
‫على ذلك ولكنها باطلة عاطلة؛ والحق الحقيق بالقبول أنه يقول‪ " :‬بن‬
‫فلن " ل أن يقول‪ " :‬بن فلنة " أو يكتفي بذكر اسم ذلك الشخص؛‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1424‬هه‪ ،‬يوافقه ‪7/11/2003‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫ن الدماء التي َتجب على الحاج أو‬ ‫س ‪ :1‬ذكرُتم في حلقة ماضية‪ 1‬أ ّ‬
‫من المور َتحتاج‬ ‫من المور أو فعل أمرا ِ‬ ‫رم إذا ما أخطأ في أمر ِ‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬
‫ال ُ‬
‫جب الدم وهناك أمور تأتي‬ ‫إلى تفصيل وليس كل ما أخطأ فيه الحاج ُيو ِ‬
‫من التفصيل باختصار‪.‬‬ ‫على التخيير ‪ ..‬كل هذه نريد فيها شيئا ِ‬
‫ج‪... :‬‬
‫حت الن فإنها‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬‬ ‫أما بالنسبة إلى المسألة التي ط ُرِ َ‬
‫َتحتاج إلى كلم طويل جدا جدا‪ ،‬وسأتكلم على شيء منها بمشيئة الله‬
‫من الكلم على جزئية واحدة وهي‬ ‫في الدروس القادمة‪ ،‬ولكن ل بأس ِ‬
‫ث له شيء في الحج أو وقع منه شيء أو‬ ‫حد َ َ‬
‫من َ‬ ‫الدماء التي َتجب على َ‬
‫ما شابه ذلك ‪ ..‬متى َتجب على التخيير ؟ ومتى َتجب على الترتيب ؟‬
‫جب أو ل‬ ‫من هذه الدماء هل ت َ ِ‬ ‫ن العلماء قد اختلفوا في كثير ِ‬ ‫َنحن َنعلم أ ّ‬
‫جب مع اّتفاقهم على وجوب بعضها‪ِ ،‬لوجود نصوص صريحة داّلة عليها‪.‬‬ ‫تَ ِ‬
‫مة على وجوبها هي‪:‬‬ ‫فالدماء التي اّتفقت ال ّ‬
‫دي إن‬ ‫جب عليه اله ْ‬ ‫مّتع ِبالُعمرة إلى الحج فإنه ي َ ِ‬ ‫من ت َ َ‬ ‫مّتع‪ ،‬ف َ‬
‫دي الت َ َ‬ ‫‪-1‬ه ْ‬
‫ف‬
‫صل إلى عشرة أو َتزيد على خل ٍ‬ ‫ط معروفة ت َ ِ‬ ‫جدا ِلذلك ِبشرو ٍ‬ ‫كان وا ِ‬
‫ن َأكث ََرها ِبمشيئة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كثير بْين أهل العلم في هذه الشروط‪ ،‬وسأب َي ُّنها أو أب َي ّ ُ‬
‫جب‬ ‫ت فيه تلك الشروط ي َ ِ‬ ‫مّتع إذا َتوافََر ْ‬ ‫مت َ َ‬‫الله في الدروس القادمة‪ ،‬فال ُ‬
‫دي منصوص عليه في كتاب‬ ‫ن هذا اله ْ‬ ‫مة‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫دي ِباّتفاق ال ّ‬ ‫عليه اله ْ‬
‫من‬ ‫ف بْين المسلمين‪ ،‬ف َ‬ ‫كن أن َيقع فيه خل ٌ‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فل ُيم ِ‬
‫جد فعليه أن َيصوم عشرة أيام ‪..‬‬ ‫من لم ي َ ِ‬ ‫دي‪ ،‬و َ‬ ‫دي فعليه اله ْ‬ ‫جد َ اله ْ‬ ‫وَ َ‬
‫ة أيام في الحج وَيصوم البقية المت َب َّقَية‪-‬وهي سبعة‪-‬إذا رجع‬ ‫َيصوم ثلث َ‬
‫كر ذلك‪،‬‬ ‫ل في وقت الصيام في الحج‪ ،‬ول داعي ل ِذِ ْ‬ ‫إلى بلده على تفصي ٍ‬
‫‪2‬‬

‫من حلقة ‪ 8‬رمضان ‪1424‬هه ) ‪3/11/2003‬م (‪.‬‬ ‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 6‬‬
‫‪-2‬قال الله تعالى‪ ... { :‬فَإ َ َ‬
‫ي فَ َ‬
‫من‬ ‫ن ال ْهَد ْ ِ‬
‫م َ‬ ‫سَر ِ‬ ‫ست َي ْ َ‬‫ما ا ْ‬ ‫ج فَ َ‬
‫ح ّ‬ ‫مَرةِ إ َِلى ال ْ َ‬ ‫مت ّعَ ِبال ْعُ ْ‬
‫من ت َ َ‬‫م فَ َ‬
‫منت ُ ْ‬‫ذا أ ِ‬‫ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫م ي َك ْ‬ ‫ّ‬
‫من ل ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة ذل ِك ل ِ َ‬ ‫َ‬
‫مل ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ت ِلك عَشَرةٌ كا ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫جعْت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫سب ْعَةٍ إ ِذا َر َ‬ ‫ج وَ َ‬‫ح ّ‬ ‫ْ‬
‫م َثلث َةِ أّيام ٍ ِفي ال َ‬ ‫جد ْ فَ ِ‬
‫صَيا ُ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫لّ ْ‬
‫َ‬
‫حَرام ِ ‪ ] } ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.[ 196 :‬‬ ‫جدِ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ري ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ض ِ‬
‫حا ِ‬‫ه َ‬‫أهْل ُ ُ‬
‫‪469‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫لنه َيطول به المقام جدا‪ِ ،‬لوجود الخلف وِللخلف‪-‬أيضا‪-‬في بعض الدلة‬


‫الواردة في المسألة‪ ،‬وسوف أتكلم عليها بمشيئة الله في الدروس‬
‫مت َّفقٌ عليه بْين أهل العلم‪ ،‬وإنما اختلفوا في القاِرن‬ ‫القادمة‪ ،‬فهذا الدم ُ‬
‫دي أو ل ؟‬ ‫هل عليه ه ْ‬
‫مة‪-‬وكاد بعض العلماء َيحكي عليه التفاق‪-‬أنه‬ ‫فالذي ذهب إليه جمهور ال ّ‬
‫دي‪.‬‬ ‫جب عليه اله ْ‬ ‫يَ ِ‬
‫دي عليه‪.‬‬ ‫من أهل العلم إلى عدم وجوب اله ْ‬ ‫وذهبت طائفة ِ‬
‫ن دليله‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫سلم‪ ،‬وسأب َي ّ ُ‬ ‫حوط وأ ْ‬ ‫دي أ ْ‬ ‫ن القول بوجوب اله ْ‬ ‫ول شك أ ّ‬
‫دي‬ ‫حق‪ ،‬والكلم في هذا اله ْ‬ ‫تل ِ‬ ‫بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في وق ٍ‬
‫دي‪ ،‬وليس لحد أن َيصوم‬ ‫م اله ْ‬ ‫من حيث إنه ي َُقد ّ ُ‬ ‫دي التمّتع ِ‬ ‫كالكلم في ه ْ‬
‫دي‪.‬‬ ‫جد اله ْ‬ ‫إل إذا لم ي َ ِ‬
‫سه ِلوجود عذٍر‬ ‫حل َقَ رأ َ‬ ‫من َ‬ ‫سه‪ ،‬ف َ‬ ‫حل َقَ رأ َ‬ ‫من َ‬ ‫‪-2‬والدم الثاني هو ِفدية َ‬
‫ن‬‫ح النسا ُ‬ ‫دي على التخيير فإما أن َيذب َ‬ ‫دي وهذا اله ْ‬ ‫جب عليه اله ْ‬ ‫فإنه ي َ ِ‬
‫ة مساكين ‪ُ ..‬يعطي كل‬ ‫ة أيام وإما أن ُيطِعم ست ّ َ‬ ‫شاةً وإما أن َيصوم ثلث َ‬
‫من‬ ‫من الُبر أو الرز أو ما شابه ذلك ِ‬ ‫ف صاٍع سواء كان ِ‬ ‫مسكين نص َ‬
‫من الُبر ُرب ْعَ صاع وهو المعروف‬ ‫من قال‪ :‬إنه َيدَفع ِ‬ ‫الحبوب‪ ،‬خلفا ل ِ َ‬
‫ل ضعيف‪ ،‬مخاِلف ِللحديث الثابت عن النبي صلى الله‬ ‫مد‪ ،‬فهذا قو ٌ‬ ‫ِباله ُ‬
‫مخّير في هذه الِفدية‪.‬‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فالنسان ُ‬
‫َ‬
‫من المور التي ي ُن َْهى‬ ‫فدية الرأس ما شابه ذلك ِ‬ ‫مة ب ِ ِ‬ ‫حقَ جمهور ال ّ‬ ‫وقد أل ْ َ‬
‫خيط ولي في‬ ‫م ِ‬ ‫خيط ‪ ..‬يعّبرون بال َ‬ ‫م ِ‬
‫ن فِْعلها‪ ،‬وذلك كلباس ال َ‬ ‫رم عَ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ُ‬
‫طيب‬ ‫ُ‬
‫ذلك نظٌر‪-‬سأبّينه قريبا بمشيئة الله تبارك وتعالى‪-‬وكاستعمال ال ِ‬
‫من المور التي وََرد َ فيها النهي‪:‬‬ ‫ص الظافر وما شابه ذلك ِ‬ ‫وكق ّ‬
‫ذر فهي على التخيير‪ِ ،‬باّتفاق أهل العلم‪،‬‬ ‫فإن كانت هذه على سبيل العُ ْ‬
‫ص الكتاب‪ 1‬والسّنة على ذلك‪.‬‬ ‫ِلن ّ‬
‫من غي ْرِ عُذ ْرٍ شرعي فقد اختلف العلماء‬ ‫مد ِ‬ ‫أما إذا كانت على سبيل الع ْ‬
‫في ذلك‪:‬‬
‫ل على ذلك‬ ‫ن الدليل الذي د ّ‬ ‫ذهب بعضهم إلى أنها على التخيير‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫هو الدليل السابق‪ ،‬فإذن هي على التخيير‪.‬‬
‫جد َ الدم فليس له أن ي َعْدِ َ‬
‫ل‬ ‫من وَ َ‬ ‫وذهب بعضهم إلى أنها على الترتيب‪ ،‬ف َ‬
‫من غي ْرِ عُذ ْرٍ شرعي فلبد‬ ‫ل ذلك ِ‬ ‫مد وفَعَ َ‬ ‫ن هذا قد َتع ّ‬ ‫إلى غيره‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫من‬ ‫شد ّد ُ عليه في الكفارة ِ‬ ‫مدا‪ ،‬فإنه ي ُ َ‬ ‫لع ْ‬ ‫من قَت َ َ‬ ‫شد ّد َ عليه‪ ،‬ك َ‬ ‫من أن ي ُ َ‬ ‫ِ‬
‫حي َت َْين‪ ،‬كما هو معلوم في ذلك الباب‪.‬‬ ‫َنا ِ‬

‫َ‬
‫ريضا أوْ‬‫م ِ‬ ‫من ُ‬
‫كم ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫من َ‬
‫كا َ‬ ‫حل ّ ُ‬
‫ه فَ َ‬ ‫حّتى ي َب ْل ُغَ ال ْهَد ْيُ َ‬
‫م ِ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫قوا ُر ُ‬
‫ؤو َ‬ ‫‪-1‬قال الله تعالى‪ ... { :‬وَل َ ت َ ْ‬
‫حل ِ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ب ِهِ أ َ ً‬
‫ك ‪ ] } ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.[ 196 :‬‬ ‫س ٍ‬ ‫صد َقَةٍ أوْ ن ُ ُ‬
‫صَيام ٍ أوْ َ‬‫من ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫سه ِ ف َ ِ‬
‫فد ْي َ ٌ‬ ‫من ّرأ ِ‬
‫ذى ّ‬
‫‪470‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل على‬ ‫ت دليل َيد ّ‬ ‫كن أن ي َُفّرقَ بينهما‪ ،‬إذ لم َيأ ِ‬ ‫والذي أراه أنه ل ُيم ِ‬
‫كن أن ُيصار إليه‬ ‫التفريق‪ ،‬والقياس على الكفارات وما شابه ذلك ل ُيم ِ‬
‫في مثل هذه القضية‪ ،‬وبيان ذلك في غير هذا الموضع ِبمشيئة الله‬
‫ئ زوجَته في الحج فإنه ل‬ ‫من وَط ِ َ‬ ‫من هذا المر َ‬ ‫ست َث َْنى ِ‬‫تبارك وتعالى‪ ،‬وي ُ ْ‬
‫من الثلثة المذكورة‬ ‫دي ِبواحدٍ ِ‬ ‫خّير بْين هذه الشياء بل وليس له أن َيفت ِ‬ ‫يُ َ‬
‫وإنما عليه أن َيذبح ب َد ََنة على تفصيل بْين العلماء في ذلك إذا كان ذلك‬
‫ل الصغر أو مطلقا‪:‬‬ ‫قَْبل التحل ّ ِ‬
‫ل الصغر‪.‬‬ ‫حل ّ ِ‬‫ل الت َ َ‬‫من يقول‪ :‬ذلك يكون قَب ْ َ‬ ‫فمنهم َ‬
‫وبعضهم يقول‪ :‬ذلك مطلقا‪.‬‬
‫من أهل‬ ‫ضع‪ ،‬وهذا قد ذهب إليه كثير ِ‬ ‫وبيان ذلك‪-‬أيضا‪-‬ليس في هذا المو ِ‬
‫العلم‪ ،‬وإن كان الدليل عليه ليس قطعيا‪.‬‬
‫من كتاب الله‬ ‫ص قاطٍع ِ‬ ‫من ذلك جزاُء الصيد‪ ،‬فإنه منصوص عليه بن َ ّ‬ ‫‪-3‬و ِ‬
‫ة ُتساوي‬ ‫تبارك وتعالى‪ ،1‬وهو على التخيير‪ ،‬إما أن َيذبح النسان ذبيح ً‬
‫م ذلك‬ ‫ده‪ ،‬وذلك معلوم في كتب الفقه‪ ،‬وإما أن ي َُقوّ َ‬ ‫صا َ‬ ‫ذلك الصيد الذي َ‬
‫بالدراهم ثم َيشتري ِبقيمة تلك الدراهم طعاما وَيدفع لكل مسكين‬
‫من ذلك الطعام‪ ،‬وإما أن َيصوم ِبمقدار يوم ِبمقابل إطعام ِ‬ ‫نصف صاع ِ‬
‫م ثلثين مسكينا فعليه أن َيصوم‬ ‫مسكين فإذا كان الطعام ُيساوي طعا َ‬
‫ثلثين يوما أو كان ذلك أكثر فعليه أن َيصوم بعدد ذلك وهكذا إذا كان‬
‫م ذلك بالدراهم ثم‬ ‫أقل وليس له أن َيدفع قيمة الطعام بل عليه أن ي َُقوّ َ‬
‫يشتري بذلك طعاما وَيدفعه وليس له أن َيدفع القيمة‪ ،‬وفي هذه‬
‫المسألة تفاصيل كثيرة‪ ،‬ل أريد أن أبّينها الن‪.2‬‬
‫صَر عن الحج أو الُعمرة فعليه‬ ‫ُ‬
‫ح ِ‬ ‫من أ ْ‬ ‫صر‪ ،‬ف َ‬ ‫ح َ‬
‫م ْ‬ ‫دي ال ُ‬ ‫من ذلك ه ْ‬ ‫‪-4‬و ِ‬
‫دي هل‬ ‫دي ‪ ..‬عليه أن َيذبح ذبيحة ‪ ،‬واختلفوا إذا لم َيستطع على اله ْ‬
‫‪3‬‬
‫اله ْ‬
‫َيجب عليه الصيام ؟‬
‫جب عليه الصيام ‪ ..‬عليه أن َيصوم‬ ‫من أهل العلم إلى أنه ي َ ِ‬ ‫فذهب كثير ِ‬
‫عشرة أيام‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫دا‬
‫م ً‬‫مت َعَ ّ‬
‫كم ّ‬ ‫من ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫من قَت َل َ ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫حُر ٌ‬ ‫م ُ‬ ‫صي ْد َ وَأنت ُ ْ‬ ‫قت ُُلوا ال ّ‬ ‫مُنوا ل َ ت َ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪-1‬قال الله تعالى‪َ { :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫فاَرةٌ ط ََعا ُ‬
‫م‬ ‫م هَد ًْيا َبال ِغَ ال ْك َعْب َةِ أ َوْ ك َ ّ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ل ّ‬ ‫م ب ِهِ ذ ََوا عَد ْ ٍ‬ ‫حك ُ ُ‬‫ن الن ّعَم ِ ي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ما قَت َ َ‬ ‫ل َ‬‫مث ْ ُ‬ ‫جَزاٌء ّ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫من ْ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫م الل ُ‬ ‫ق ُ‬‫عاد َ فََينت َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫سلف وَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه عَ ّ‬ ‫فا الل ُ‬ ‫مرِهِ عَ َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ذوقَ وََبا َ‬ ‫ما لي َ ُ‬ ‫صَيا ً‬
‫ك ِ‬ ‫ن أو عَد ْ ُ‬ ‫كي َ‬ ‫سا ِ‬‫م َ‬‫َ‬
‫قام ٍ } ] سورة المائدة‪ ،‬الية‪.[ 95 :‬‬ ‫ذو ان ْت ِ َ‬ ‫زيٌز ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ه‬‫والل‬
‫َ ُ‬
‫من حلقة ‪16‬‬ ‫ِ‬ ‫‪5‬‬ ‫السؤال‬ ‫على‬ ‫الجواب‬ ‫عند‬ ‫المسألة‬ ‫هذه‬ ‫في‬ ‫أخرى‬ ‫تفاصيل‬ ‫الشيخ‬ ‫ين‬ ‫ّ‬ ‫ب‬ ‫‪-‬وقد‬ ‫‪2‬‬

‫رمضان ‪1424‬هه ) ‪11/11/2003‬م (‪.‬‬


‫ُ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ...‬‬ ‫ن ال ْهَد ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫سَر ِ‬ ‫ست َي ْ َ‬
‫ما ا ْ‬ ‫م فَ َ‬ ‫صْرت ُ ْ‬‫ح ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مَرةَ للهِ فَإ ِ ْ‬ ‫ج َوال ْعُ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫موا ال ْ َ‬ ‫‪-3‬قال الله تعالى‪ { :‬وَأت ِ ّ‬
‫] سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.[ 196 :‬‬
‫‪471‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جد دليل صريح‬ ‫جب عليه صيام‪ ،‬وذلك أنه ل ُيو َ‬ ‫وذهب بعضهم إلى أنه ل ي َ ِ‬
‫من أهل العلم ِبذلك اعتمادا على‬ ‫من قال ِ‬ ‫ل على ذلك‪ ،‬وإنما قال َ‬ ‫ي َد ُ ّ‬
‫دي التمّتع‪.‬‬ ‫القياس على ه ْ‬
‫وهذا القياس فيه نظر‪ ،‬فالصحيح عندي أنه ل َيجب عليه الصيام‪ ،‬فإن لم‬
‫رط‪ ،‬أما إذا‬ ‫دي فل شيء عليه‪-‬بمشيئة الله‪-‬وهذا إذا لم َيشت ِ‬ ‫جد اله ْ‬ ‫يَ ِ‬
‫دي عليه على الصحيح‪.‬‬ ‫اشتَرط فل ه ْ‬
‫ن الشتراط ل‬ ‫من قال‪ " :‬إ ّ‬ ‫ن الشتراط منسوخ "‪ ،‬ول ِ َ‬ ‫من قال‪ " :‬إ ّ‬ ‫خلفا ل ِ َ‬
‫دي "‪ ،‬فهذان القولن ضعيفان على التحقيق‪،‬‬ ‫َيكفي في عدم وجوب اله ْ‬
‫جد هنالك ناسخ ِلهذا الحديث البّتة‪،‬‬ ‫من الثاني‪ ،‬لنه ل ُيو َ‬ ‫ما أضعف ِ‬ ‫وأوّل ُهُ َ‬
‫ث‪-‬أعني حديث " الشتراط " حديث‪-‬صحيح ثابت‪.‬‬ ‫وهو حدي ٌ‬
‫من الكتاب عليها‪ ،‬وهي على‬ ‫مت َّفقٌ عليها‪ِ ،‬لنصوص صريحة ِ‬ ‫فهذه الدماء ُ‬
‫ف في ِفدية الذى‪ ،‬فالمت َّفق عليه‬ ‫جد خل ٌ‬ ‫م‪ُ-‬يو َ‬ ‫ن‪-‬ن َعَ ْ‬‫ت‪ ،‬ولك ْ‬ ‫حسب ما ب َي ّن ْ ُ‬
‫طر إلى ذلك فهو مت َّفق عليه‪،‬‬ ‫من كان معذورا ‪ ..‬أي اض ُ‬ ‫هو ِفدية الحْلق ل ِ َ‬
‫ة ِبذلك على خلف بْين أهل العلم في ذلك‪.‬‬ ‫حَق ٌ‬‫مل ْ َ‬‫أما البقية فهي ُ‬
‫طئ‪:‬‬ ‫وبقي الكلم في المخ ِ‬
‫من يقول‪ :‬عليه الِفدية‪.‬‬ ‫فمنهم َ‬
‫من يقول‪ :‬ل فدية عليه‪ ،‬وهو الصحيح عندي‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫جب الِفدية‬ ‫جب الِفدية فيها ول ُيو ِ‬ ‫من ي َُفّرقُ بْين بعض المور فُيو ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫في البعض الخر‪ ،‬فلباس الثياب الممنوعة والعطر وما شابه ذلك ‪..‬‬
‫من كان في حكمه‪ ،‬وأما‬ ‫هذه المور ل ِفدية فيها ‪ ..‬أعني على الناسي و َ‬
‫بعض المور التي فيها إتلف أو ما شابه التلف ‪ ..‬التلف‪ :‬مثل كتقليم‬
‫ذب الشعر أو حْلق الشعر أو ما شابه ذلك ‪ ..‬في ذلك‬ ‫الظافر أو كج ْ‬
‫إتلف‪ ،‬وما شابه التلف‪ :‬الوطء‪ ،‬فإنه وإن لم يكن إتلفا فهو بْينه وبْين‬
‫مب َّين في هذا الباب‪.‬‬ ‫التلف مشاَبهة‪ ،‬كما ل َيخفى‪ ،‬كما هو ُ‬
‫وبقي الخلف في الجاهل‪:‬‬
‫جب عليه الِفدية‪.‬‬ ‫بعضهم ُيو ِ‬
‫جبها‪.‬‬ ‫وبعضهم ل ُيو ِ‬
‫صل بْين ما فيه إتلف وما شابه التلف وبْين ما لم يكن فيه‬ ‫وبعضهم ي َُف ّ‬
‫ت‪.‬‬‫ذلك كما قدم ُ‬
‫والجاهل الذي لم ي َُفّرط في أحكام شرع الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬الصحيح ل‬
‫ِفدية عليه‪ ،‬وسأقيم الدليل على ذلك بمشيئة الله في الدروس القادمة‪.‬‬
‫من المور المتعّلقة ِبالحج ول ت َت َعَّلق ِبالجسد‪،‬‬ ‫ل شيئا ِ‬ ‫من فَعَ َ‬ ‫بقي هنالك َ‬
‫من الواجبات أو ما شابه ذلك‪،‬‬ ‫ك شيئا ِ‬ ‫م شيئا على شيء أو ت ََر َ‬ ‫من قَد ّ َ‬ ‫ك َ‬
‫جعَ على‬ ‫رم ولم َيرجع إليه أو َر َ‬ ‫جاوََز الميقات ولم ُيح ِ‬ ‫من َ‬ ‫وذلك‪-‬مثل‪-‬ك َ‬
‫من الرمي على خلف طويل في‬ ‫ك شيئا ِ‬ ‫رأي بعض أهل العلم‪ ،‬أو ت ََر َ‬
‫‪472‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ذلك‪ ،‬وما شابه هذه المور‪ ،‬فهل تكون هذه على التخيير أو تكون على‬
‫الترتيب ؟‬
‫من سّنة‬ ‫جد دليل ي َد ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ل على ِإيجاب الدماء في هذه المور ِ‬ ‫أّول‪ :‬أنا لم أ ِ‬
‫رسول الله ‪ ، e‬والحديث الدال على ذلك حديث ل َيصح عن النبي ‪، e‬‬
‫جد في ذلك رواية عن ابن عباس‪-‬رضي الله تعالى عنه‪-‬وقد‬ ‫وإنما ُتو َ‬
‫اختلف العلماء هل هي محمولة على الرفع معًنى وإن كانت موقوفة‬
‫في اللفظ‪:‬‬
‫فذهب بعضهم إلى ذلك‪.‬‬
‫من ذلك الباب‪.‬‬ ‫ت ِ‬ ‫ة اجتهادية وليس ْ‬ ‫ن المسأل َ‬ ‫وذهب بعضهم إلى أ ّ‬
‫مل‪ ،‬وعلى القول ِبإيجاب الدماء في هذه المسائل‪-‬كما هو‬ ‫محت ِ‬ ‫والمر ُ‬
‫جب على‬ ‫مذهب الجمهور على تفصيل فيها‪-‬فهي على الترتيب‪ ،‬أّول ي َ ِ‬
‫ما فإن لم َيستط ِعْ على ذلك هل عليه شيء أو ل‬ ‫ذبح د َ ً‬ ‫النسان أن ي َ ْ‬
‫جب‪ 1‬عليه شيء " ؟‬ ‫يقال‪ " :‬ي َ ِ‬
‫جب عليه شيئا بعد ذلك‪.‬‬ ‫من َيذكر هذا ول ُيو ِ‬ ‫منهم َ‬
‫من كلم بعضهم أنه عليه أن َيصوم عشرة أيام‪.‬‬ ‫خذ ِ‬ ‫وُيؤ َ‬
‫كمنا به في بعض المسائل‬ ‫والصيام ل نراه أبدا‪ ،‬والدم َنحكم به إذا ح َ‬
‫القليلة الناِدرة جدا‪.‬‬
‫من الناس في ِإيجاب الدماء على عباد الله‪-‬تبارك‬ ‫َ‬
‫ف كثير ِ‬ ‫سَر َ‬ ‫وقد أ ْ‬
‫ل كذا‬ ‫من فَعَ َ‬ ‫جبه عليهم المولى تبارك وتعالى ‪َ " ..‬‬ ‫وتعالى‪ِ-‬بما لم ُيو ِ‬
‫من‬ ‫جُبون في كثير ِ‬ ‫عليه دم " ‪ ..‬ل َيذكرون التخيير فيما فيه التخيير‪ ،‬وُيو ِ‬
‫من علماء‬ ‫رها لم َيقل به أحد ِ‬ ‫ت عليها دليل‪ ،‬وفي أكث ِ‬ ‫المور التي لم َيأ ِ‬
‫ت‪-‬لم‬ ‫من أهل العلم‪ ،‬وأنا‪-‬حقيقة كما قل ُ‬ ‫المسلمين أو قال به قِّلة قليلة ِ‬
‫من كلم ابن عباس وهو‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‪-‬أخذوه ِ‬ ‫جد دليل على ذلك‪ ،‬وإنما‪-‬كما قل ُ‬ ‫أ ِ‬
‫من باب‬ ‫خذ ذلك‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫مرْين وجانب الجتهاد أقوى‪ ،‬وقد ُيؤ َ‬ ‫ل ِلل ْ‬ ‫م ٌ‬ ‫محت ِ‬ ‫ُ‬
‫صر عنها إذا كان ذلك‬ ‫ُ‬ ‫من ت ََر َ‬
‫ح ِ‬ ‫ض المور فإنه أ ْ‬ ‫ك بع َ‬ ‫صة في َ‬ ‫صار خا ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ال ِ ْ‬
‫صار وُيقال‪ " :‬عليه ِبالدم "‬ ‫ح َ‬ ‫من ال ِ ْ‬ ‫خذ ذلك ِ‬ ‫من السباب فقد ُيؤ َ‬ ‫ِلسبب ِ‬
‫ُ‬
‫ل الكلم عليها‬ ‫ص ُ‬ ‫ت‪-‬ذلك في أمور بسيطة جدا‪ ،‬سأفَ ّ‬ ‫ولكن‪-‬كما قل ُ‬
‫ق الله أولئك الذين‬ ‫بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في الدروس القادمة‪ ،‬فليت ّ ِ‬
‫من الدماء على عباد الله ‪ I‬ول دليل لهم على ذلك‪ ،‬بل‬ ‫جبون كثيرا ِ‬ ‫ُيو ِ‬
‫من‬ ‫من علماء المسلمين أو شذ ّ َ‬ ‫من تلك المور لم َيقل بها أحد ِ‬ ‫كثير ِ‬
‫قال بذلك‪ ،‬و‪-‬أيضا‪ِ-‬ليّتقوا الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في تلك المور التي ل‬
‫ن‬‫خي ُّرون عباد الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فيها مع أنه قد وََرد َ فيها التخيير مع أ ّ‬ ‫يُ َ‬
‫ة الشاة‬ ‫جد ما َيشتري به شاةً ‪ ..‬مثل قيم ُ‬ ‫سهل ِبكثير ‪ ..‬هذا ل ي َ ِ‬ ‫التخيير أ ْ‬
‫سهل عليه‬ ‫من ال ْ‬ ‫جد ذلك و ِ‬ ‫ُتساوي ثلثمائة ريال سعودي أو أكثر وهو ل ي َ ِ‬
‫ن " ل " هنا زائدة‪.‬‬
‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬ل يجب " ويبدو أ ّ‬
‫‪473‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جد المال ولكنه‬ ‫من المساكين أو ي َ ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ثلثة أيام أو أن ُيطِعم ست ّ ً‬ ‫أن َيصو َ‬
‫ل َيعرف المساكين فَيخشى أن َيضعها في غير الموضع الصحيح بينما‬
‫من حيث إنه‬ ‫من حيث إنه ل قيمة عليه و ِ‬ ‫سهل عليه ِ‬ ‫إذا صام ‪ ..‬ذلك أ ْ‬
‫جَبه الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليه‪ ،‬فعلينا‪-‬إذن‪-‬أن ن َْفعَ َ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫دى ما أوْ َ‬ ‫َيعلم ِبأنه قد أ ّ‬
‫جد فيه دليل‬ ‫جد هنالك دليل‪ ،‬وما لم ُيو َ‬ ‫ل عليه الدليل إن وُ ِ‬ ‫ِبحسب ما د َ ّ‬
‫من ل قدرة له‪،‬‬ ‫دهم ِبالنسبة ل ِ َ‬ ‫من تقلي ِ‬ ‫فإذا قال به بعض العلماء فل بأس ِ‬
‫أما إذا أفتى علماء المسلمين الذين ُيوَثق بهم وب َي ُّنوا أنه ل دليل على‬
‫ف ِبذلك اللهم إل إذا أراد أن َيأتي‬ ‫كن أن ي ُك َل ّ َ‬ ‫ن النسان ل ُيم ِ‬ ‫ذلك وأ ّ‬
‫جّهال أن ي ُك َل ُّفوا عباد َ الله‪-‬تبارك‬ ‫ِبذلك على سبيل الحتياط فل َينبغي ِلل ُ‬
‫مْرهم ِبه المولى تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫ْ‬
‫وتعالى‪ِ-‬بما لم ي َأ ُ‬
‫من‬ ‫خذ ِ‬ ‫كن أن ُتؤ َ‬ ‫هذا وهنالك بعض المور التي َتحتاج إلى تنبيه فل ُيم ِ‬
‫ن بعض المور‪-‬أيضا‪-‬ل ِفدية فيها على مذهب‬ ‫هذا الجواب الجمالي‪ ،‬ل ّ‬
‫ن العلماء قد اختلفوا‬ ‫رم فإ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جمهور المسلمين‪ ،‬وذلك ك َعَْقدِ النكاح ل ِل ْ ُ‬
‫هل َيجوز له أن ي َعِْقد َ النكاح أو ل َيجوز له‪ ،‬وعلى القول ِبعدم الجواز‬
‫جب عليه‬ ‫ن عليه الِفدية‪ ،‬فل ُيمكن‪-‬أيضا‪-‬أن ُنو ِ‬ ‫ن الجمهور ل ي ََروْ َ‬ ‫فإ ّ‬
‫الِفدية‪.‬‬
‫ب على‬ ‫َ‬ ‫من الجدير ِبال ّ‬
‫ج َ‬ ‫من أوْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ض أهل العلم قالوا‪ :‬إ ّ‬ ‫ن بع َ‬ ‫ذكر أ ّ‬ ‫هذا و ِ‬
‫من علماء المسلمين‬ ‫جْبه عليه المولى ولم ي َْقت َدِ ِبأحدٍ ِ‬ ‫ص شيئا َلم ُيو ِ‬ ‫شخ ٍ‬
‫من أهل العلم وهو ليس في الِعير ول في الن ِّفير أنه‬ ‫وهو َيتظاهر ِبأنه ِ‬
‫جّهال الذين ظّنوا‬ ‫س ال ُ‬ ‫ض النا ِ‬ ‫جب عليه أن َيقوم ب ِغُْرم ِ ما أفتى ِبه بع َ‬ ‫يَ ِ‬
‫ل سائغ قوي‪،‬‬ ‫من ذلك الباب‪ ،‬وهو قو ٌ‬ ‫من أهل العلم وهو ليس ِ‬ ‫فيه ِبأنه ِ‬
‫َ‬
‫ه أن ي ُن َّفذ َ ذلك حتى ي َْرت َدِعَ‬ ‫مت ُ ُ‬‫ت عليه ِبذلك وأل َْز ْ‬ ‫م ُ‬ ‫حك َ ْ‬ ‫ت قاضيا ل َ َ‬ ‫ولو كن ُ‬
‫أولئك الجهال الذي ُيفُتون عباد َ الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬بغير علم‪.‬‬
‫هروا‬ ‫من العلم ولم َيتظا َ‬ ‫أما أولئك الجهلة الذين ل ِدراية لهم ِبشيء ِ‬
‫َ‬
‫م عليهم‬ ‫حك ُ َ‬ ‫كن أن ن َ ْ‬ ‫وا ِبشيٍء فل ُيم ِ‬ ‫ِبذلك وهم معروفون ِبذلك فإذا أفْت َ ْ‬
‫ض‬‫من سألهم فقد عَّر َ‬ ‫ف عنهم العلم‪ ،‬ف َ‬ ‫ب ِغُْرم ِ ذلك‪ ،‬وذلك لنهم ل ي ُْعر ُ‬
‫مثل هذه المور‪ ،‬وقد ذ َك ََر المام السالمي‪-‬رحمه الله تبارك‬ ‫سه ل ِ ِ‬ ‫نف َ‬
‫ل الذي قال به‬ ‫من " جوهر النظام " القو َ‬ ‫وتعالى‪-‬في باب أصول الفقه ِ‬
‫من أفتى ِبغْير علم وهو َيتظاهر أنه‬ ‫بعض أهل العلم ِبوجوب الغُْرم ِ على َ‬
‫جع إليه‪:1‬‬ ‫من شاء ذلك فل ْي َْر ِ‬ ‫من أهل العلم‪ ،‬ف َ‬ ‫ِ‬
‫من كتابه " جوهر النظام "‪:‬‬ ‫‪-1‬هذا ما قاله المام نور الدين السالمي في باب‪ :‬أصول الفقه‪ِ ،‬‬
‫ف ما َيقصد ُ في‬‫من لساِنهخل ُ‬ ‫ة عنه وما أْولهوذاك أن َيخُرج ِ‬ ‫وزّلة العاِلم في فتواهمرفوع ٌ‬
‫َ‬
‫عملِبقوله إذ ِللخطا منه‬‫ن ِللذي َ‬ ‫ماوإنما الضما ُ‬ ‫ن ثلًثا أت َ ّ‬
‫مامع البني َ‬‫ن ال ّ‬ ‫جناِنهمثاُله أن ي ُعْط ِي َ ّ‬
‫َ‬
‫من‬ ‫يض‬
‫َ َ‬ ‫فقطوإنما‬ ‫بالجهل‬
‫ِ‬ ‫رف‬ ‫يع‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ثملنه‬ ‫يأ‬
‫َ‬ ‫ولكن‬ ‫ّ‬ ‫ق‬ ‫الح‬ ‫لف‬ ‫َ‬ ‫خا‬ ‫رمإن‬ ‫غ‬
‫َْ ُ‬ ‫ي‬ ‫فليس‬ ‫أفتى‬ ‫ل‬‫ٌ‬ ‫قبلوجاه‬ ‫َ‬
‫لك ّ‬
‫ل‬ ‫من قو ِ‬ ‫في ذاك الوسطلنه غَّر الذي ُيساِئلِبحاله وإنه َلجاهلول ضمان إن َيكن لم َيخُرج ِ‬
‫حجِج‬‫العلماِء اله ُ‬
‫‪474‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫‪.........................‬‬ ‫وجاهل أفتى فليس ي َغُْرم‬


‫إلى أن قال الشيخ‪:‬‬
‫من في ذاك الوسط‬ ‫وإنما َيض َ‬ ‫‪...................‬‬
‫ِبحاله وإنه َلجاهل‬ ‫لنه غَّر الذي ُيساِئل‬
‫‪ ..‬هو جاهل ولكنه غَّر غي َْره ‪ ..‬ي َت ََزّيى ِبزيّ أهل العلم وهو ليس منهم‬
‫من‬ ‫ل وأفتاه هذا الجاهل ف ِ‬ ‫سأ َ َ‬‫فالجاهل قد اغت َّر به ‪ ..‬مأمور ِبالسؤال ف َ‬
‫من َيثقون‬ ‫حّقه أن ُيطاِلب ِبحّقه‪ ،‬وأنا أنصح الناس جميعا بأل ّ َيسألوا إل َ‬
‫كر ولنهم مأمورون ب َِرد ّ‬ ‫ِبعلمه ودينه‪ ،‬لنهم مأمورون ِبسؤال أهل الذ ّ ْ‬
‫المسائل إلى كتاب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وسّنة رسوله‪-‬صلى الله عليه‬
‫دون ذلك إلى‬ ‫وعلى آله وسلم‪-‬وِبما أنهم ل َيستطيعون ذلك فإنهم ي َُر ّ‬
‫من الكتاب والسّنة؛ ومعذرة على هذه‬ ‫أهل العلم الذين َيستن ِْبطون ذلك ِ‬
‫ن المسألة طويلة‪ ،‬وعسى أن‬ ‫ت ِبشيٍء كبير‪ ،‬ل ّ‬ ‫الطالة مع أنني لم آ ِ‬
‫تكون في ذلك فائدة؛ والله أعلم‪.‬‬
‫مخيطة ‪..‬‬ ‫وما مسألة ذلك الجاهل الذي قال ِلرجل أعمى لبس ِنعال َ‬
‫ض علماء المسلمين‪،‬‬ ‫ب ذلك إلى بع ِ‬ ‫س َ‬ ‫ك باطل " ون َ َ‬ ‫ج َ‬‫ح ّ‬
‫ن َ‬ ‫قال له‪ " :‬إ ّ‬
‫من علماء المسلمين البّتة وإنما الكلم‬ ‫م باطل لم َيقل ِبه أحد ِ‬ ‫وذلك كل ٌ‬
‫هل الفضل أن يلبس هذه أو تلك ؟ ول دليل‪-‬أيضا‪-‬حتى على تفضيل أن‬
‫ل على جواز ذلك‪،‬‬ ‫مخيطة‪-‬أعني النعال‪-‬بل الدليل قد د َ ّ‬ ‫يلبس غير اله َ‬
‫حج ذلك المسكين باطل " فإّنا لله وإّنا‬ ‫ن َ‬ ‫فهذا الجاهل الِغر قد قال‪ " :‬إ ّ‬
‫إليه راجعون‪.‬‬
‫س ‪ :4‬هذه المرأة التي ذهبت إلى الحج جاءها الحيض بعد الزوال‬
‫في يوم عرفة ؟‬
‫ضّرها ذلك‪ ،‬لنها‪-‬على حسب كلم السائل‪-‬طافت طواف الفاضة‬ ‫ج‪ :‬ل ي َ ُ‬
‫من‬ ‫ت ِ‬ ‫ت ‪ ..‬أي بعد أن انتهى حيضها واغتسل ْ‬ ‫ت وت َط َهَّر ْ‬‫بعد َ أن ط َهَُر ْ‬
‫الحيض وما دام المر كذلك فل علقة ِللحيض ِبالوقوف ِبعرفة فوقوفها‬
‫صحيح ِبمشيئة الله؛ والله أعلم‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 15‬رمضان ‪1424‬هه‪ ،‬يوافقه ‪10/11/2003‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫منى ؟‬ ‫كة أيام ِ‬ ‫مِقيل ِبم ّ‬ ‫س ‪ :1‬ما حكم ال َ‬
‫ت في سّنة رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫ن الثاب َ‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫كة‬ ‫من م ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬‫ن رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ -‬‬ ‫وسلم‪-‬أ ّ‬
‫صّلى ِبها‬ ‫منى و َ‬ ‫جة إلى ِ‬ ‫من شهر ذي الح ّ‬ ‫المكّرمة في اليوم الثامن ِ‬
‫ب إلى‬ ‫الظهر والعصر والمغرب والِعشاء والفجر‪ ،‬ثم بعد ذلك ذ َهَ َ‬
‫عرفة‪ ،‬ثم‬ ‫ب إلى َ‬ ‫مَرة ثم ذ َهَ َ‬ ‫معا ب ِن َ ِ‬ ‫صّلى أوّل ً الظهر والعصر َ‬
‫ج ْ‬ ‫عرفة ‪َ ..‬‬
‫ت ِبالمزدلفة‪ ،‬ثم َبعد أن‬ ‫ج منها بعد غروب الشمس ودخول الليل وبا َ‬ ‫خَر َ‬
‫َ‬
‫‪475‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مرة العََقَبة وذ ََبح‪ ،‬ثم‬ ‫ج ْ‬ ‫مى َ‬ ‫منى وَر َ‬ ‫ج منها إلى ِ‬ ‫خَر َ‬‫عا َ‬ ‫صّلى الفجر ود َ َ‬ ‫َ‬
‫من قبل‬ ‫سَعى ِ‬ ‫سعَ لنه قد َ‬ ‫كة المكَرمة وطاف ِبها ولم ي َ ْ‬ ‫ب إلى م ّ‬ ‫ذ َهَ َ‬
‫عمرته صلوات الله‬ ‫جه و ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫سعُْيه ذلك كان كافيا له لنه كان َقاِرنا بْين َ‬ ‫و َ‬
‫كة ثم‬ ‫صّلى الظهر ِبم ّ‬ ‫وسلمه عليه‪ ،‬وقد جاء في بعض الروايات أنه َ‬
‫منى‪ ،‬وقد‬ ‫صّلى الظهر ب ِ ِ‬ ‫منى‪ ،‬وجاء في بعض الروايات أنه َ‬ ‫ذهب إلى ِ‬
‫اختلف العلماء في هاتين الروايتين‪:‬‬
‫منى‪.‬‬ ‫ة الصلة ب ِ ِ‬ ‫ح رواي َ‬ ‫ح َ‬ ‫ص ّ‬‫من َ‬ ‫منهم َ‬
‫من شاء‬ ‫ت ذلك في " الطوفان " ‪ ،‬ف َ‬ ‫س ذلك‪ ،‬كما ذكر ُ‬ ‫من عَك َ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫‪1‬‬

‫جع إليه‪.‬‬ ‫ذلك فل ْي َْر ِ‬


‫صّلى الظهر‬ ‫كن أن تكون الروايتان صحيحتين معا وُيجمع بينهما ِبأنه َ‬ ‫وُيم ِ‬
‫صّلوا خْلفه فريضة ويكون الخطأ قد وَقَ َ‬
‫ع‬ ‫صّلى ِبأصحابه ن َْفل ً و َ‬ ‫كة ثم َ‬ ‫ِبم ّ‬
‫صّلى في الموضعين معا إل‬ ‫في قول الراوي‪ " :‬فريضة " وإل فإنه قد َ‬
‫من الروايتين صحيحة ِباستثناء‬ ‫منى نافلة فتكون كل واحدة ِ‬ ‫صّلى ب ِ ِ‬ ‫أنه َ‬
‫ل قوي‪ ،‬وقد جاءت أدّلة‬ ‫كلمة‪ " :‬الظهر " فإنها ل َتصح‪ ،‬وهذا له احتما ٌ‬
‫رض‪.‬‬ ‫ل على مشروعية إمامةِ المتنّفل ِبالمفت ِ‬ ‫ددة َتد ّ‬ ‫متع ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫ة واضحة أ ّ‬ ‫وفي هذا دلل ٌ‬
‫شرة‪.‬‬ ‫منى مبا َ‬ ‫جعَ إلى ِ‬ ‫كة في هذه اليام بل َر َ‬ ‫وسلم‪-‬لم ي َب ْقَ ِبم ّ‬
‫كة المكّرمة‬ ‫ن النسان له أن َيبقى ِبم ّ‬ ‫من أ ّ‬ ‫من الفقهاء ِ‬ ‫فما ي َذ ْك ُُره كثير ِ‬
‫مخاِلف ِلسّنة رسول الله صلى‬ ‫وأنه ل بأس بذلك ‪ ..‬نقول‪ :‬هذا المر ُ‬
‫من طواِفه‬ ‫الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬إذ إنه ِبمجّرد انتهاِئه ِ‬
‫ت هذه الرواية‪-‬‬ ‫صلوات الله وسلمه عليه‪-‬وصلةِ الظهر على تقدير ثبو ِ‬
‫ن السّنة َتد ّ‬ ‫َ‬ ‫منى مبا َ‬
‫ل على‬ ‫كن أن ُيقال‪ " :‬إ ّ‬ ‫ن ُيم ِ‬ ‫من أي ْ َ‬ ‫شرة ف ِ‬ ‫ب إلى ِ‬ ‫ذ َهَ َ‬
‫ل رسول الله ‪ e‬الذي ذكرناه ؟!‬ ‫كة " مع فِعْ ِ‬ ‫من البقاء ِبم ّ‬ ‫أنه ل بأس ِ‬
‫من طواف الفاضة أو السعي إذا كان‬ ‫فينبغي ِللنسان عندما َينتهي ِ‬
‫شرة سواًء كان ذلك في الليل أو‬ ‫منى مبا َ‬ ‫عليه السعي أن َيذهب إلى ِ‬
‫في النهار ‪ ..‬هذا هو الذي د َّلت عليه السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي ‪e‬‬
‫ثبوًتا ل شك فيه‪.‬‬
‫ن العبرةَ ِبالسّنة في مثل هذه المور‪،‬‬ ‫من خاَلف ذلك‪ ،‬فإ ّ‬ ‫عبرة ِبرأي َ‬ ‫ول ِ‬
‫كما هو معلوم‪.‬‬
‫ن النبي ‪ e‬طاف ليل أو أنه كان‬ ‫من أ ّ‬ ‫هذا وما جاء في بعض الروايات ِ‬
‫ن تلك الروايات ل َتثبت عن‬ ‫منى وَيطوف ِبالبيت فإ ّ‬ ‫َيذهب في ليالي ِ‬
‫كارة ِبمكان‪.‬‬ ‫من الن َ‬ ‫رسول الله ‪ ، e‬فهي ِ‬

‫‪-1‬الجزء الثالث من كتاب " الطوفان الجارف لكتائب البغي والعدوان "‪ ،‬الطبعة الولى )‬
‫‪1420‬هه‪2000-‬م (‪ ،‬ص ‪.339-337‬‬
‫‪476‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫منى في هذه اليام سواًء كان ذلك في الليل أو‬ ‫فإذن السّنة البقاء في ِ‬
‫من عليه سعي؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫في النهار ِباستثناء أداِء الطواف والسعي ل ِ َ‬
‫س ‪ :2‬في هذه اليام ربما ِلكثرة الزحام وكثرة السيارات قد ل‬
‫منى فَيذهب ِلطواف‬ ‫من مكة إلى ِ‬ ‫ممّهدا إلى مكة و ِ‬ ‫جد الحاج طريقا ُ‬ ‫يَ ِ‬
‫خر ‪َ ..‬يعني قبل الفجر ِبساعة أو ساعتين‬ ‫متأ ّ‬ ‫الفاضة وَيعود في وقت ُ‬
‫منى‪ ،‬هل عليه بأس ؟‬ ‫َيعود إلى ِ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذه ضرورة والضرورةُ ت َُقد ُّر ب َِقدِرها‪ ،‬والله‪-‬تبارك‬
‫ها ‪...‬‬ ‫ما آَتا َ‬ ‫سا ِإل َ‬ ‫ه ن َْف ً‬‫ف الل ُ‬ ‫سا إل وسعها‪ ... { :‬ل ي ُك َل ّ ُ‬ ‫ف نف ً‬ ‫وتعالى‪-‬ل ي ُك َل ّ ُ‬
‫} ] سورة الطلق‪ ،‬من الية‪ .. [ 7 :‬ما جعل عليكم في الدين مِن‬
‫سر لكن‪-‬‬ ‫دين ِبحمد الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ي ُ ْ‬ ‫سر‪ ،‬فال ّ‬ ‫حرج ‪ ..‬يريد بكم اليُ ْ‬
‫سر في اتباع هذه‬ ‫ن الي ُ ْ‬ ‫طبعا‪-‬هذا ل َيقتضي أن ُنخاِلف السنن الثابتة‪ ،‬ل ّ‬
‫السنن‪.‬‬
‫كة أو في‬ ‫خر في الطريق إلى م ّ‬ ‫ب لداء طواف الفاضة وَتأ ّ‬ ‫من ذ َهَ َ‬ ‫ف َ‬
‫منى أو في الحالتين معا فإنه ل بأس عليه‪ِ-‬بمشيئة الله‪-‬ول‬ ‫الطريق إلى ِ‬
‫شيء عليه ولو كان ذلك في الليل‪ ،‬إذ إنه ل طاقة له فوق ذلك‪ ،‬وإنما‬
‫كة مع قدرِته ووجودِ الراحلة في ذهاِبه إلى‬ ‫خر ِبم ّ‬ ‫ي ُْنهى النسان عن التأ ّ‬
‫منى ‪ ..‬هذا هو الذي ُينهى عنه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫من أجل البقاء‬ ‫من الناس َيخُرجون في الليل ِ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫و‪-‬كذلك‪َ-‬بلغني أ ّ‬
‫من أن‬ ‫ها‪ ،‬فلبد ِللنسان ِ‬ ‫جون ِببعض الفتاوى التي لم ي َْفَقُهو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫كة وي َت َ َ‬ ‫ِبم ّ‬
‫ض أهل العلم‬ ‫من الناس َيأتون ِبفتاوى إلى بع ِ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫ه الفتاوى‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ي َْفَق َ‬
‫من المور وأولئك العلماء يْفُتون ِبمقدار تلك المور‬ ‫وي َذ ْك ُُرون فيها كثيرا ِ‬
‫ن المراد َ منها‪،‬‬ ‫مون تلك الفتاوى ول ي َْفَقُهو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ض الناس وي ُعَ ّ‬ ‫ثم َيأتي بع ُ‬
‫منى في هذه‬ ‫ن النسان َيبقى ب ِ ِ‬ ‫فإذن السّنة الصحيحة عن الرسول ‪ e‬أ ّ‬
‫ذر‪-‬‬ ‫ت‪-‬وي ُعْ َ‬‫الليالي وفي اليام‪-‬أيضا‪ِ-‬باستثناء ذهاِبه إلى الطواف‪-‬كما قل ُ‬
‫ن‬
‫خر في الطريق سواًء كان ذلك في الذهاب أو الياب‪ ،‬ل ّ‬ ‫أيضا‪-‬إن َتأ ّ‬
‫حلة ومع عَد َم ِ‬ ‫كة مع وجود الرا ِ‬ ‫من الضرورات‪ ،‬أما أن ي َب َْقى في م ّ‬ ‫ذلك ِ‬
‫كن أن ُيباح ِبحال ‪ ..‬ل أريد‪-‬طبعا‪ِ-‬بالباحة‬ ‫ما ل ُيم ِ‬ ‫م ّ‬‫حة فهذا ِ‬ ‫مل ِ ّ‬‫المشّقة اله ُ‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫هنا الباحة التي ُتقاِبل التحريم أو الوجوب أو ما شابه ذلك‪ ،‬وإنما أب َي ّ ُ‬
‫ة الثابتة‪ ،‬و‪:‬‬ ‫السن ّ َ‬
‫وإن َيقولوا خاَلف الثار‬ ‫حسُبك أن ت َت ِّبع المختاَر‬
‫صل َ‬ ‫َ‬
‫ضني ِبعلماءِ‬ ‫ت ُتعارِ ُ‬ ‫ك عن رسول الله ‪ e‬وأن َ‬ ‫ب أن أن ُ ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫من العَ َ‬ ‫"و ِ‬
‫َ‬
‫س هذا في العيان‬ ‫ح سبيل ‪ ..‬أل َي ْ َ‬ ‫ل ول واض ِ‬ ‫من غْير دلي ٍ‬ ‫بيضةِ السلم ِ‬
‫من أهل العلم‪ ،‬وقالوا أيضا‪:‬‬ ‫من الهذيان " ‪ ..‬هكذا قال المحّققون ِ‬ ‫نوعا ِ‬
‫ض‬
‫ت‪-‬بع ُ‬ ‫ضَرب به عُْرض الحائط "‪ ،‬و‪-‬كما قل ُ‬ ‫ل ِبخلف الحديث ي ُ ْ‬ ‫" وقو ٌ‬

‫‪477‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ها بينما‬ ‫مو َ‬ ‫الفتاوى ل ي َْفَقهَُها الناس وَيأتون ِببعض المور التي لم ي َْفهَ ُ‬
‫أولئك العلماء أو ذلك العالم ما أراد ذلك أبدا؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫جدوا‬ ‫من السنوات ذهبوا إلى الحج فلم ي َ ِ‬ ‫س‪ :‬بعض الخوة في سنة ِ‬
‫منى ِبسبب كثرة الزحمة والمخيم أصبح مزحوما ‪..‬‬ ‫مكانا ي َِبيتون فيه في ِ‬
‫منى‪ ،‬فهل‬ ‫كة وقبل الفجر ِبساعة أو ساعتين يأتون إلى ِ‬ ‫يبيتون في م ّ‬
‫ُيجزيهم ذلك ؟‬
‫ي لهم‬ ‫ُ‬
‫ن أولئك العلماء عندما أت ِ َ‬ ‫ض الفتاوى ‪ ..‬أ ّ‬ ‫ت ِبهذا إلى بع ِ‬ ‫ج‪ :‬أنا أشر ُ‬
‫من باب الضرورات وهذا ل‬ ‫ن هذا ِ‬ ‫خصوا في ذلك ل ّ‬ ‫ِبمثل هذه المور ر ّ‬
‫موها فأخذوا‬ ‫م ُ‬
‫دوا هذه الفتوى عَ ّ‬ ‫ج ُ‬‫ض الناس عندما وَ َ‬ ‫ن بع َ‬ ‫مانع منه‪ ،‬لك ّ‬
‫مك ُِنهم أن ي َْبقوا فيه‪،‬‬ ‫كة المكّرمة مع وجود المكان الذي ي ُ ْ‬ ‫جون إلى م ّ‬ ‫خُر ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫َففتوى أولئك العلماء صحيحة ل شك فيها وإنما الكلم ماذا ُيراد ِبمثل‬
‫من ذلك ‪ ..‬إذا لم َيجد النسان‬ ‫تلك الفتوى ؟ فإذن عند الضرورة ل مانع ِ‬
‫كن أن‬ ‫ما ل ُيم ِ‬ ‫م ّ‬ ‫جد َ مكانا ي َب َْقى فيه فهذا ِ‬ ‫مكانا َيمكث فيه‪ ،‬أما إذا وَ َ‬
‫ص له؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫خ َ‬ ‫ي َُر ّ‬
‫ن لك ن َظ ًَرا في تعبير‬ ‫كر أ ّ‬ ‫س‪ :‬سمعُتك في الحلقة الماضية ت َذ ْ ُ‬
‫‪1‬‬

‫هم منهيات الحرام ‪َ ..‬يقولون‪ " :‬لبس المخيط "‪ ،‬فما‬ ‫العلماء عند ذِك ْرِ ِ‬
‫هو هذا النظر ؟‬
‫ت عنها في‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذه المسألة َتحتاج إلى إطالة‪ ،‬وقد أجب ُ‬
‫من الحسن أن أتكّلم‬ ‫ت عليها ِبكلم ٍِ طويل‪ ،‬و ِ‬ ‫العام الماضي‪ ،‬وتكلم ُ‬
‫ن مثل هذا‬ ‫عليها ِبمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في الدروس القادمة‪ ،‬ل ّ‬
‫ل هذه العجالة‪.‬‬ ‫سب مع مث ِ‬ ‫السؤال َيحتاج إلى إطالة‪ ،‬وذلك ل َيتنا َ‬
‫ف الوداع‪ ،‬فماذا َيلزمه ؟‬ ‫ك طوا َ‬ ‫ج ت ََر َ‬ ‫س ‪ :3‬حا ّ‬
‫من أحد أمرين‪:‬‬ ‫ج‪ :‬ذلك ل َيخلو ِ‬
‫‪-1‬إما أن َيكون معذورا وذلك كالمرأة الحائض والنفساء‪:‬‬
‫ن الحائض معذوَرة عن‬ ‫من أهل العلم أ ّ‬ ‫ت إليه طائفة ِ‬ ‫ن الذي ذهب ْ‬ ‫فإ ّ‬
‫ل عليه السّنة الصحيحة‬ ‫طواف الوداع‪ ،‬وهذا هو القول الصحيح‪ ،‬الذي َتد ّ‬
‫الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫من الدم على مثل هذه‬ ‫ض العلماء ذهب إلى أنه لبد ِ‬ ‫وإن كان بع ُ‬
‫ل ذلك العاِلم لم ي َط ِّلع على هذا‬ ‫مخاِلف ِللحديث‪ ،‬فلع ّ‬ ‫ن هذا ُ‬ ‫المرأة‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن أنه لم‬ ‫الحديث‪ ،‬أو لعّله اط ّل َعَ عليه‪-‬كما رأيُته بالنسبة إلى بعضهم‪-‬وظ َ ّ‬
‫ض الحاديث الدالة على وجوب‬ ‫ت لنه على حسب ن َظ َرِهِ ُيعاِرض بع َ‬ ‫َيثب ُ ْ‬
‫ن ذلك‬ ‫طواف الوداع‪ ،‬وَنحن نقول‪ :‬إنه ل معاَرضة بْين الحديثْين‪ ،‬ل ّ‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬من حلقة ‪ 15‬رمضان ‪1424‬هه ) ‪10/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪478‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ص‬
‫الحديث الدال على وجوب أو سّنية طواف الوداع عام وهذا خا ّ‬
‫‪2‬‬

‫ص َيقضي على العام‪ ،‬كما هو مقّرر في أصول الفقه‪.‬‬ ‫والخا ّ‬


‫ص حديث رسول الله ‪ ، e‬ومثُلها في ذلك‬ ‫فإذن الحائض معذوَرة‪ِ ،‬بن ّ‬
‫جر‬ ‫كن أن ي ُؤَ ّ‬ ‫النفساء‪ ،‬وإنما الكلم في المريض فإن كان المريض ُيم ِ‬
‫طيع ذلك‪:‬‬ ‫من ذلك‪ ،‬وإن كان ل َيست ِ‬ ‫مل فلبد ِ‬ ‫على نفسه ِبأن ُيح َ‬
‫فبعض العلماء قالوا‪ :‬عليه أن َيذبح دما ول شيء عليه فوق ذلك‪.‬‬
‫وبعض العلماء ذهبوا إلى أنه ل شيء عليه‪ ،‬وذلك لنه في معنى‬
‫ح منه‬ ‫من التيان ِبالطواف‪ ،‬فهو وإن كان َيص ّ‬ ‫كن ِ‬ ‫الحائض‪ ،‬إذ إنه ل َيتم ّ‬
‫الطواف في ذلك الوقت لو كان قاِدرا عليه ِبخلف الحائض إل أنهما‬
‫ن‬
‫ركان في عدم الُقدرة على التيان ِبالطواف‪ ،‬وكما أنه ِبإمكا ِ‬ ‫َيشت ِ‬
‫خر حتى‬ ‫ض أن َيتأ ّ‬ ‫ن المري ِ‬ ‫خر حتى ت ُط ُْهر كذلك ِبإمكا ِ‬ ‫الحائض أن َتتأ ّ‬
‫ص‬
‫خ ُ‬ ‫خص َلها في ذلك فإذن ي َُر ّ‬ ‫ن الشاِرع قد َر ّ‬ ‫ضه ولك ّ‬ ‫من مر ِ‬ ‫ُيشفى ِ‬
‫ِلهذا المريض على رأي هؤلء‪ ،‬وهو رأيٌ مستقيم ِبمشيئة الله‪-‬تبارك‬
‫من شاء أن َيحتاط ِلدينه‪.‬‬ ‫وتعالى‪-‬إل ل ِ َ‬
‫‪-2‬وأما إذا كان هذا الشخص قاِدرا على طواف الوداع ولم َيطف فإنه‬
‫كة‬ ‫مر عند أكثر العلماء ِبالتوبة إلى الله وِبأن َيذَبح دما ِلفقراء م ّ‬ ‫ي ُؤْ َ‬
‫المكّرمة شّرفها الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫مة‪.‬‬‫م هو مذهب جمهور ال ّ‬ ‫من التوبةِ والد ُ‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬لبد ِ‬
‫ن العلماء قد اختلفوا فيه‪:‬‬ ‫مر فإ ّ‬ ‫أما بالنسبة إلى طواف الوداع ِللمعت ِ‬
‫من ذهب إلى مشروعية ذلك‪ ،‬واستدلوا على ذلك ِبفعل النبي ‪e‬‬ ‫فمنهم َ‬
‫مَر بذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جة الوداع وأ َ‬ ‫ره حيث إنه طاف ِللوداع في ح ّ‬ ‫م ِ‬‫وأ ْ‬
‫ت‬
‫من ذهب إلى خلف ذلك وقالوا‪ :‬إنه ل ُيشَرع‪ ،‬لنه لم َيثب ْ‬ ‫من العلماء َ‬ ‫و ِ‬
‫َ‬
‫من الروايات في ذلك‬ ‫مُر ِبه في حالة الُعمرة‪ ،‬وما جاء ِ‬ ‫عن النبي ‪ e‬ال ْ‬
‫ت عنه صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬ ‫فإنها ل َتثب ُ‬
‫ضْعف ِإسناِده‪-‬وِبأنه‬ ‫ت ذلك الحديث عن النبي‪ e -‬ل ِ َ‬ ‫وَنحن ن ُِقّر ِبأنه لم َيثب ْ‬
‫ضى‬ ‫ف الوداع عندما جاء ل ُِعمرة القضاء ‪ ..‬أي التي َقا َ‬ ‫طف طوا َ‬ ‫لم ي َ ُ‬
‫ل منها في‬ ‫ح ّ‬‫من الُعمرة التي أ َ‬ ‫من َُعوه ِ‬‫عليها كفاَر قريش عندما َ‬
‫ض الناس َيقول‪ " :‬إنه قضى ِبها "‬ ‫ن بع َ‬ ‫ضى " ل ّ‬ ‫ت‪َ " :‬قا َ‬ ‫الحدْيبية‪-،‬وقل ُ‬
‫من‬‫ن كثيرا ِ‬ ‫وذلك لنهم َيقولون‪ " :‬كانت هذه قضاًء " وفي ذلك نظر‪ ،‬ل ّ‬
‫ل منها‬ ‫ن تلك الُعمرة التي أح ّ‬ ‫أهل العلم َيقولون ليست هذه قضاًء‪ ،‬ل ّ‬
‫ة‪ ،‬وَبحث ذلك في الدروس القادمة ِبمشيئة الله تبارك‬ ‫حّقَق ً‬ ‫مت َ َ‬
‫كانت ُ‬
‫ت أنه طاف‬ ‫جعَْراَنة‪ ،‬فإنه لم َيثب ْ‬ ‫عمرة ال ِ‬ ‫وتعالى‪-،‬وكذلك ِبالنسبة إلى ُ‬
‫من كان معه‪ ،‬وإن كان هذا ليس‬ ‫َ‬
‫مَر ِبذلك َ‬ ‫طواف الوداع ول أنه أ َ‬
‫مر ‪ ..‬طاف وسعى‬ ‫ِبالصريح‪ ،‬لنه صلوات الله وسلمه عليه جاء واعت َ‬
‫صد قوَله في هذه المسألة‪.‬‬
‫جع إلى الشيخ لُيبّين ما الذي ق َ‬
‫‪ُ-2‬ير َ‬
‫‪479‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جة الوداع‬ ‫ن طواَفه ِللوداع في ح ّ‬ ‫شرة‪ ،‬ومهما كان فإ ّ‬ ‫ج بعد ذلك مبا َ‬ ‫خَر َ‬ ‫و َ‬
‫دين‬ ‫ط في ال ّ‬ ‫مل والحتيا ُ‬ ‫محت ِ‬ ‫َ‬
‫مَرْين والمُر ُ‬ ‫خر وكانوا َيأخذون ِبآخر ال ْ‬ ‫متأ ّ‬
‫ُ‬
‫من‬ ‫مطلوب‪ ،‬فالفضل ِللنسان أل ُيفّرط في طواف الوداع ِللُعمرة‪ ،‬و َ‬ ‫ّ‬
‫ترك ذلك في الماضي فل شيَء عليه ِبمشيئة الله تبارك وتعالى؛ والعلم‬
‫عند الله تعالى‪.‬‬
‫حج مع أنه كان قاِدرا على الحج في‬ ‫س ‪ :4‬إذا ُتوفي النسان ولم ي َ ُ‬
‫من‬ ‫حَرم عنه ِ‬ ‫حياته‪ ،‬فما الحكم ؟ وإذا قلنا ِبوجوب الحج عنه‪ ،‬فهل ي ُ ْ‬
‫جر عنه ؟‬ ‫من مكان الذي َيستأ ِ‬ ‫مكانه أم ِ‬
‫جب عليه أن‬ ‫جد َ الستطاعة على الحج فإنه ي َ ِ‬ ‫من وَ َ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ َ‬
‫سَبه‬ ‫من أهل العلم‪ ،‬وقد ن َ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫حّقِقي َ‬ ‫م َ‬‫ورا على مذهب اله ُ‬ ‫َيذهب إلى ذلك ف ْ‬
‫مة‪:‬‬‫ض أهل العلم إلى جمهور ال ّ‬ ‫بع ُ‬
‫جَلن إليه‬ ‫َ‬
‫‪1‬‬
‫ِبالَفوْرِ أن ي ُعَ ّ‬ ‫ة عليه‬ ‫جد َ استطاع ً‬ ‫من وَ َ‬ ‫َ‬
‫س كما قال هذا الشيخ‪-‬أعني المام السالمي‪-‬رحمه الله تبارك‬ ‫ن النا َ‬ ‫ولك ّ‬
‫وتعالى‪:‬‬
‫مون‬ ‫ن ي َْزعُ ُ‬ ‫كالد ّي ْ ِ‬‫وأنه َ‬ ‫خرون‬ ‫وأكثُر الناس ُيؤ ّ‬
‫عون‬ ‫خادِ ُ‬ ‫م َ‬‫ل ُ‬ ‫خُرف الَقوْ ِ‬ ‫ب ُِز ْ‬ ‫مغُْروُرون‬ ‫مُر الله َ‬ ‫هم ل َعَ ْ‬ ‫و ُ‬
‫‪2‬‬

‫ف ‪ ..‬ل‬ ‫سو ّ ُ‬ ‫مة ولكنه ي ُ َ‬ ‫جد المال وهو في صحة تا ّ‬ ‫فتجد الواحد منهم ي َ ِ‬
‫ث عشرات السنين وهو ل‬ ‫مك ُ ُ‬ ‫َيذهب في هذه السنة ول في التي َتليها وي َ ْ‬
‫سئل فيقول إنه سَيذهب‪ ،‬والحج ليس على الفور‪ ،‬أو ما‬ ‫َيذهب وإذا ُ‬
‫خرافات‪ ،‬والذين قالوا‪ " :‬إنه على التراخي " ما أرادوا‬ ‫من ال ُ‬ ‫شابه ذلك ِ‬
‫ِبذلك هذا المعنى الذي ُيعّبر عنه هؤلء الجهلة ِبهذا الكلم‪ ،‬فينبغي‬
‫ورا‬‫جد َ الستطاعة أن َيذهب إلى الحج ف ْ‬ ‫جب عليه إذا وَ َ‬ ‫ِللنسان بل ي َ ِ‬
‫ق الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فهو ل َيعلم‬ ‫وف في ذلك أب ً ْ‬
‫دا ولي َت ّ ِ‬ ‫س ّ‬
‫وليس له أن ي ُ َ‬
‫م‬
‫ت العا ُ‬ ‫جؤه الموت ولم َيأ ِ‬ ‫إلى متى سَيبقى في هذه الحياة فربما ُيفا ِ‬
‫مّنا َيمِلك ِبأنه‬ ‫من أحدٍ ِ‬ ‫م الذي َيزعم ِبأنه سَيذهب فيه إلى الحج فما ِ‬ ‫القاد ُ‬
‫عم ِبأنه َيبقى إلى السنة‬ ‫من أن َيز ُ‬ ‫ضل ً ِ‬ ‫من اللحظات ف ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫سَيبقى َلحظ ً‬
‫القادمة أو التي َتليها أو ما شابه ذلك‪.‬‬
‫من الحج فل‬ ‫جها ِ‬ ‫ن المرأة إذا منعها زو ُ‬ ‫ت في بعض الفتاوى‪ :3‬إ ّ‬ ‫وأنا قل ُ‬
‫محاِرمها‪ ،‬وهكذا‬ ‫من َ‬ ‫من ُيراِفقها ِ‬ ‫جد َ‬ ‫ت تَ ِ‬ ‫ة له في ذلك إذا كان ْ‬ ‫طاع َ‬
‫كلهما عن الحج‪-‬وأعني ِبذلك‬ ‫من ََعه أبوه أو أمه أو ِ‬ ‫ِبالنسبة إلى الوَل َدِ إذا َ‬
‫معَ َلهما فل طاعة َلهما ول كرامة‪،‬‬ ‫ضة‪-‬فليس له أن َيس َ‬ ‫ة الفري َ‬ ‫ج َ‬
‫طبعا ح ّ‬
‫‪-1‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الحج‪ ،‬باب‪:‬‬
‫النيابة في الحج‪.‬‬
‫‪-2‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الحج‪ ،‬باب‪:‬‬
‫النيابة في الحج‪.‬‬
‫‪-3‬عند الجواب على السؤال ‪ 14‬من حلقة ‪ 11‬جمادى الثانية ‪1424‬هه ) ‪10/8/2003‬م (‪.‬‬
‫‪480‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س‬
‫دهما لي َ‬ ‫من أح ِ‬ ‫معروف وهذا النهي منهما أو ِ‬ ‫ن الطاعة َتكون في اله َ‬ ‫ل ّ‬
‫في المعروف بل هو َنهي عن طاعة الله ‪. I‬‬
‫من مات ولم َيأت ِبفريضة الحج مع أنه قاِدر على‬ ‫أما بالنسبة إلى َ‬
‫التيان ِبها فعلى كل حال أمُره إلى رّبه تبارك وتعالى‪.‬‬
‫من تنفيذ وصيته‪ ،‬وقد اختلف العلماء في‬ ‫فإن كان قد أوصى ِبذلك فلبد ِ‬
‫من الثلث ؟‬ ‫من رأس المال أو ِ‬ ‫هذه الوصية هل تكون ِ‬
‫س المال‪ ،‬وهذا القول هو القول‬ ‫من رأ َ ِ‬ ‫فذهب بعضهم إلى أنها تكون ِ‬
‫ضى ( وما شابه ذلك‪.‬‬ ‫حقّ أن ي ُْق َ‬ ‫ن الله أ َ‬ ‫الصحيح عندي‪ِ ،‬لحديث‪ ) :‬فد َي ْ ُ‬
‫من الثلث‪.‬‬ ‫وذهب بعض أهل العلم إلى أنها تكون ِ‬
‫ت الوصايا الواجبة الثلث ولم َيبقى منه بقية هل‬ ‫وفائدةُ ذلك إذا است َغَْرقَ ْ‬
‫ن حقوقَ العباد‬ ‫من َيقول‪ " :‬إ ّ‬ ‫ُتخَرج عنه الزكاة أو ل ؟ وهذا على رأي َ‬
‫‪1‬‬

‫دم على حقوق الله تبارك وتعالى "‪ ،‬وهو أحد القوال في المسألة‪.‬‬ ‫ُتق ّ‬
‫ن الله‬ ‫دم‪ ،‬وذلك ِلحديث‪ ) :‬فد َي ْ ُ‬ ‫ن حقوقَ الله ُتق ّ‬ ‫وبعض العلماء يقول‪ :‬إ ّ‬
‫ضى (‪.‬‬ ‫َ‬
‫حقّ أن ي ُْق َ‬ ‫أ َ‬
‫ص بْينها‪.‬‬ ‫ص ُ‬ ‫وبعض العلماء يقول‪ :‬إنه ُيحا َ‬
‫ن‬
‫حة‪ ،‬أما ديو ُ‬ ‫شا ّ‬ ‫م َ‬ ‫دم‪ ،‬وذلك لنه مبني على اله ُ‬ ‫ن العباد ي َُق ّ‬ ‫ن د َي ْ َ‬‫والحقّ أ ّ‬
‫ي عنها ‪ ..‬وإن كانت واجبة‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فالله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬غَن ِ ّ‬
‫حقّ أن‬ ‫َ‬
‫ن الله أ َ‬ ‫ث‪ ) :‬فد َي ْ ُ‬ ‫ن العباد‪ ،‬وحدي ُ‬ ‫دم على ديو ِ‬ ‫كن أن ت َُق ّ‬ ‫لكن ل ُيم ِ‬
‫من ذلك‬ ‫ن العباد‪ ،‬وإنما ُيراد ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م على د َي ْ‬ ‫ضى ( ل ُيراد ُ ِبه أنه ي َُقد ّ ُ‬ ‫ي ُْق َ‬
‫كن‪.‬‬‫م َ‬ ‫َ‬
‫الوجوب ‪ ..‬أي أنه لبد منه‪-‬طبعا‪-‬وذلك إذا أ ْ‬
‫جا أو غي َْره‬ ‫ح ّ‬ ‫ن حقوقَ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬سواء كانت َ‬ ‫وَنحن قد ُقلنا‪ :‬إ ّ‬
‫من إخراج ذلك‪،‬‬ ‫من أصل المال‪ ،‬فما دام المال ي َِفي ِبذلك فلبد ِ‬ ‫ُتخَرج ِ‬
‫ق العباد‪-‬فل حول ول‬ ‫من المال بعد َ أداِء حقو ِ‬ ‫أما إذا لم َيكن هناِلك شيء ِ‬
‫جوا عنه‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫قوة إل ِبالله‪-‬فَينبغي لقاربه أن ي َ ُ‬
‫ن أهل العلم قد اختلفوا في ذلك‪:‬‬ ‫ص ِبذلك فإ ّ‬ ‫أما إذا كان لم ُيو ِ‬
‫ص‬
‫جة‪ ،‬لنه لم ُيو ِ‬ ‫والذي عليه جمهور أصحابنا هو أنه ل ُتخَرج عنه الح ّ‬
‫ِبذلك‪.‬‬
‫خرين إلى أنه ُتخَرج عنه‪ِ ،‬للحديث الذي ذ َك َْرَناه‪.‬‬ ‫ض المتأ ّ‬ ‫وذهب بع ُ‬
‫ضح على أحدِ‬ ‫ل وا ِ‬ ‫ة‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬ليس فيها دلي ٌ‬ ‫وهذه المسأل ُ‬
‫ث الورثة إما أن‬ ‫ح ّ‬ ‫مل‪ ،‬وأنا أقول‪ :‬إنه َينبغي أن ي ُ َ‬ ‫محت ِ‬ ‫ث ُ‬ ‫مَرْين والحدي ُ‬ ‫ال ْ‬
‫ن وكما‬ ‫من ماِله والمال َفا ٍ‬ ‫رجوا ذلك ِ‬ ‫ج عنه أو أن ُيخ ِ‬ ‫َيذهبوا لداء الح ّ‬
‫ض‬
‫مات هو عنه فإنهم سَيموتون عن ذلك ‪َ ..‬بقي إذا كان في الورثة بع ُ‬
‫ظر هؤلء‬ ‫كن أن ي ُن ْت َ َ‬ ‫صلوا إلى مرتبة التكليف فُيم ِ‬ ‫صغار الذين لم ي َ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ن لنا‬‫ضوا ِبذلك فإ ّ‬ ‫حث ِّهم على ذلك فإن لم ي َْر َ‬ ‫وَيقوم بعض أهل العلم ب ِ َ‬
‫من " ُتخَرج عنه الزكاة "‪.‬‬
‫‪-1‬لعل الشيخ قصد أن يقول‪ُ " :‬يؤّدى عنه الحج " بدل ِ‬
‫‪481‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل‬
‫ب هذا‪ِ ،‬لعدم وجودِ دلي ٍ‬ ‫ح ّ‬ ‫كلما في ذلك ِبمشيئة الله‪ ،‬أما الن فإننا ن ُ ِ‬
‫مل؛ وسأتكّلم على‬ ‫محت ِ‬ ‫ح في المسألة وهذا الحديث الذي ذ َك َْرَناه ُ‬ ‫صري ٍ‬
‫سع في الدروس القادمة ِبمشيئة الله‪.‬‬ ‫هذه المسألة ِبتو ّ‬
‫مد ؟ وهل‬ ‫من غير عَ ْ‬ ‫ل الصي ْد َ في الحَرم ِ‬ ‫من قَت َ َ‬ ‫س ‪ :5‬ما حكم َ‬
‫جه صحيح أو ل ؟‬ ‫ح ّ‬
‫َ‬
‫ل أو في الحَرم وهكذا‬ ‫ح ّ‬ ‫رم سواًء كان في اله ِ‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬ ‫ل الصي ْدِ ل ِل ْ ُ‬‫ج‪ :‬قَت ْ ُ‬
‫حل‬ ‫رم حرام في اله ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل الصْيد في الحَرم ‪ ..‬الصي ْد ُ ل ِل ْ ُ‬ ‫ِبالنسبة إلى قَت ْ ِ‬
‫رم‪ ،‬فليس‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬‫حل واله ُ‬ ‫م ِ‬ ‫وفي الحَرم‪ ،‬والصْيد في الحَرم حرام على اله ُ‬
‫رم أن‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬‫ل‪ ،‬كما أنه ليس ل ِل ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫م ِ‬‫من الحَرم ولو كان ُ‬ ‫ِللنسان أن يصيد ِ‬
‫ض‬‫ن بع َ‬ ‫ه إليه‪ ،‬ل ّ‬ ‫حل ‪ ..‬هذا أمٌر َينبغي أن ي ُن ْت َب َ َ‬ ‫من اله ِ‬ ‫يصيد ولو كان ِ‬
‫مد‬‫مرْين وقد ي ََقعُ في خطإ ٍ في هذه المسألة‪ ،‬فَتع ّ‬ ‫الناس ل ي َُفّرقُ بْين ال ْ‬
‫من‬ ‫من كبائر الذنوب‪ ،‬ف َ‬ ‫من معاصي الله بل كبيرةٌ ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ذلك حرام ومعصي ٌ‬
‫جع إليه‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وأن‬ ‫ل ذلك فعليه أن َيتوب إلى رّبه وأن َير ِ‬ ‫فَعَ َ‬
‫ن السائل لم َيسأل عن ذلك لنه ِبحمد الله‪-‬تبارك‬ ‫ي ُؤَد ّيَ ما عليه‪ ،‬وِبما أ ّ‬
‫ت‬‫م ُ‬ ‫مد ذلك فل حاجة ِللكلم عليه ولسيما أنني قد ت َك َل ّ ْ‬ ‫وتعالى‪-‬لم َيتع ّ‬
‫على ذلك ِبالمس ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫مد ذلك‪ ،‬وذلك‪-‬‬ ‫ب عليه‪ ،‬لنه لم َيتع ّ‬ ‫وأما ِبالنسبة إلى المخطئ فإنه ل ذ َن ْ َ‬
‫مرا‪-‬بل حتى‬ ‫عمرته أن لو كان معت ِ‬ ‫جه ول في ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫طبعا‪-‬ل ي ُؤَث ُّر في َ‬
‫مة‪-‬‬ ‫عمرته ِبذلك على ما ذهب إليه جمهور ال ّ‬ ‫جته أو ُ‬ ‫ح ّ‬‫سد َ‬ ‫مد ل َتف ُ‬ ‫مت َعَ ّ‬‫اله ُ‬
‫ب الجزاء على هذا السائل‪-‬الذي وَقَعَ ما وَقَعَ منه‬ ‫وأما ِبالنسبة إلى وجو ِ‬
‫على سبيل الخطِإ‪-‬فقد اختَلف العلماء فيه‪:‬‬
‫من أهل العلم‪-‬وهو مذهب جمهورهم‪-‬إلى أنه عليه الجزاء‪.‬‬ ‫ذهبت طائفة ِ‬
‫ب الئمة رحمه الله تبارك‬ ‫حه قط ُ‬ ‫ج َ‬
‫من أهل العلم‪-‬وَر ّ‬ ‫وذهبت طائفة ِ‬
‫ت ذلك في " قُّرة العَي ْن َْين " ‪ ،‬وهو‬
‫‪2‬‬
‫تعالى في " الجامع الصغير " كما ذكر ُ‬
‫من أهل العلم‪-‬إلى أنه ل جزاء عليه‪ ،‬وهذا القول هو‬ ‫أيضا مذهب جماعةٍ ِ‬
‫القول الصحيح عندي‪ ،‬فإن شاء أن َيأخذ ِبهذا الرأي‪-‬وهو مبني على‬
‫ل أصيل‪-‬فل حرج عليه ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬وإن شاء أن‬ ‫أص ٍ‬
‫م في‬ ‫حك ُ َ‬ ‫من أن ي َ ْ‬ ‫من الخلف في هذه المسألة فلبد ِ‬ ‫َيحتاط وأن َيخُرج ِ‬
‫ن مسائل الجزاء في الصْيد لبد فيها‬ ‫لن‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫مان عَد ْ َ‬ ‫حك َ َ‬ ‫هذه القضية َ‬
‫لن‬‫مان عَد ْ َ‬ ‫حك َ َ‬ ‫م فيها َ‬ ‫حك ُ َ‬ ‫من أن ي َ ْ‬ ‫كم‪ ،‬ول َتكفي فيها الُفت َْيا‪ ،‬فلبد ِ‬ ‫ح ْ‬
‫من اله ُ‬ ‫ِ‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬من حلقة ‪ 15‬رمضان ‪1424‬هه ) ‪10/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪-2‬كتاب " قّرة العين َْين في صلة الجمعة ِبخطبتين " ص ‪ ،47‬وهذا ما ذكره الشيخ فيه‪' :‬‬
‫من قتل الصيد ناسيا‪ ،‬واختار‬‫اختار‪-‬رحمه الله تعالى‪-‬في " الجامع الصغير " أنه ل جزاء على َ‬
‫ت‪ :‬والقول ِبعدم وجوب الجزاء على‬ ‫مد والناسي‪ ،‬قل ُ‬
‫في بقية كتبه وجوب الجزاء على العا ِ‬
‫الناسي هو الصحيح‪ِ ،‬لعدم الدليل الدال على الفدية‪ ،‬والصل عدم ذلك؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.' .‬‬
‫‪482‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ت فيه‬ ‫ن العلماء قد اختلفوا هل ذلك على الطلق أو في ما لم َيأ ِ‬ ‫إل أ ّ‬


‫م عن صحابة رسول الله ‪ e‬؟‬ ‫حك ٌ‬
‫من صحابة‬ ‫م لثنْين ِ‬ ‫حك ْ ٌ‬‫جد َ في تلك القضية ُ‬ ‫فذهب بعضهم إلى أنه إذا وُ ِ‬
‫ل الذي وَقَ َ‬
‫ع‬ ‫ض الناس الذين وَقَعَ منهم مث ُ‬ ‫ما ِبه على بع ِ‬ ‫حك َ َ‬ ‫رسول الله ‪َ e‬‬
‫فيه هذا النسان فَيكفيه أن َيأخذ ِبذلك الحكم‪.‬‬
‫مّرة‬ ‫كم في تلك القضية َ‬ ‫ح ْ‬‫من اله ُ‬ ‫ض العلماء إلى أنه لبد ِ‬ ‫وذهب بع ُ‬
‫أخرى‪.‬‬
‫ن هذا الشخص ل بأس عليه ِبمشيئة الله ولكن إن شاء‬ ‫تأ ّ‬ ‫وأنا قد ذكر ُ‬
‫كما له في هذه‬ ‫ح ُ‬‫مْين عَد ْل َْين حتى ي َ ْ‬ ‫حك َ َ‬‫ث عن َ‬ ‫ح َ‬ ‫من أن ي َب ْ َ‬ ‫الحتياط فلبد ِ‬
‫القضية‪.‬‬
‫ما له ِبالجزاء ؟‬ ‫حك ُ َ‬ ‫س‪ :‬ي َ ْ‬
‫ن هذه القضية َتحتاج‬ ‫ج‪ :‬نعم ‪َ ..‬يحكما عليه ِبالجزاء في هذه القضية‪ ،‬ل ّ‬
‫ص الكتاب العزيز‪.‬‬ ‫م‪ِ ،‬بن ّ‬ ‫حك ْ ٍ‬ ‫إلى ُ‬
‫س‪ :‬وهم ي ُب َي ُّنون له معنى الجزاء ؟‬
‫مد الرأي الخر وهو أنه ل‬ ‫ت‪َ-‬نحن َنعت ِ‬ ‫ج‪ :‬ما هو الذي َيلزمه لكن‪-‬كما قل ُ‬
‫من احتاط‬ ‫طئ ولكن الرأي الثاني هو مذهب الجمهور و َ‬ ‫شيَء على المخ ِ‬
‫ن فيه سلمة‪.‬‬ ‫وأخذ ِبه فل شك أ ّ‬
‫ن فَل َ‬ ‫مي ْ ِ‬‫ل ِفي ي َوْ َ‬ ‫ج َ‬‫من ت َعَ ّ‬ ‫حا بسيطا جدا ِللية‪ ... { :‬فَ َ‬ ‫س ‪ُ :6‬يريد شْر ً‬
‫م عَل َي ْهِ ‪ ] } ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.[ 203 :‬‬ ‫َ‬
‫خَر َفل إ ِث ْ َ‬ ‫من ت َأ ّ‬ ‫م عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫إ ِث ْ َ‬
‫ن النسان َيرمي‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ الية على ظاهرها ‪ِ ..‬‬
‫مَرةَ العََقَبة‪ ،‬كما هو‬ ‫ج ْ‬
‫شر وهو يوم الِعيد ‪َ ..‬يرمي فيه َ‬ ‫في اليوم العا ِ‬
‫مة‪ ،‬وفي اليوم‬ ‫معلوم ثابت ِبسّنة رسول الله ‪ e‬مّتفق عليه بْين ال ّ‬
‫مرات الثلث ‪َ ..‬يرمي أّول‬ ‫الحادي عشر والثاني عشر َيرمي الج َ‬
‫الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى‪ ،‬وبقي اليوم الثالث عشر فالنسان‬
‫خّير فيه‪:‬‬ ‫م َ‬‫ُ‬
‫ل في يومْين ‪ ..‬أي بعد َ أن َيرمي في اليوم الحادي عشر‬ ‫ج َ‬ ‫فيمكن أن ي َت َعَ ّ‬
‫ل ذلك فل حرج عليه ِبمشيئة الله تبارك‬ ‫وفي اليوم الثاني عشر‪ ،‬وإذا فَعَ َ‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫خر وَيرمي في اليوم الثالث عشر‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خر ‪ ..‬أي أن ي َت َأ ّ‬ ‫كن أن ي َت َأ ّ‬ ‫وُيم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خَر‬ ‫خَر فل إثم عليه‪ ،‬والرسول ‪ e‬ت َأ ّ‬ ‫من ت َأ ّ‬ ‫ل فل إثم عليه‪ ،‬و َ‬ ‫ج َ‬‫من ت َعَ ّ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫م‬‫خَر فهو أْفضل ولكن إن ت ََقد ّ َ‬ ‫من ت َأ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫فَرمى في اليام الثلث‪ ،‬ول شك أ ّ‬
‫مة؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫ص الكتاب والسّنة وإجماع ال ّ‬ ‫فل حرج عليه ول إثم ب ِن َ ّ‬
‫ك ركعتي الطواف في طواف الوداع ؟‬ ‫من ت ََر َ‬ ‫س ‪ :7‬ما قولكم في َ‬

‫‪483‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج‪ :‬على كل حال؛ أخطأ هذا الشخص خطأ ً ب َي ًّنا‪ ،‬فما كان َينبغي له أن‬
‫ي الن‬ ‫صل ّ َ‬
‫ب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وَينبغي له أن ي ُ َ‬ ‫ك ذلك فل ْي ُت ُ ْ‬ ‫ي َت ُْر َ‬
‫ركعتْين فعسى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن َيتجاوَز عنه‪.‬‬
‫من الليل ؟‬ ‫خرٍ ِ‬ ‫ت متأ ّ‬ ‫عرفة في وق ٍ‬ ‫س ‪َ :8‬لحق ِبيوم َ‬
‫عرفة قبل طلوع الفجر‬ ‫ج‪ :‬ما دام قد جاء في الليل ‪ ..‬أي جاء إلى َ‬
‫ص السّنة‬ ‫من الليل في ذلك الموقف فإنه ل حرج عليه‪ِ ،‬بن ّ‬ ‫وأدرك شيئا ِ‬
‫الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫ي ُيخاِلف ذلك‪ ،‬وإذا جاء نهر الله َبطل نهر معقل؛ والله‬ ‫عْبرةَ ِبرأ ٍ‬ ‫ول ِ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫دي‪ ،‬فماذا َيصنع ؟‬ ‫طع اله ْ‬ ‫ده فلم َيست ِ‬ ‫س ‪ :9‬رجل فََقد َ نقو َ‬
‫ة‬
‫ة أيام في الحج وسبع َ‬ ‫ل الله ‪ِ I‬لذلك َبدل ً وهو أن َيصوم ثلث َ‬ ‫جع َ َ‬‫ج‪ :‬قد َ‬
‫أيام بعد رجوعه فتلك عشرة كاملة ‪ ..‬جاء ذلك في كتاب الله تبارك‬
‫ة‬
‫صم في الحج ثلث َ‬ ‫جد شيئا ِللهدي فل ْي َ ُ‬ ‫ده ولم ي َ ِ‬ ‫من فََقد َ نقو َ‬ ‫وتعالى ‪ ،‬ف َ‬
‫‪1‬‬

‫أيام ‪ ..‬قالوا‪ :‬إما أن َيصوم السابع والثامن والتاسع وإما أن َيصوم‬


‫السادس والسابع والثامن‪.‬‬
‫ن الرسول ‪ e‬كان‬ ‫وأقول‪ :‬ل َينبغي ِللنسان أن َيصوم اليوم التاسع‪ ،‬ل ّ‬
‫شقّ على النسان ولسيما إذا‬ ‫ن الصيام ي ُؤَث ُّر وي َ ُ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫مْفط ًِرا‪ ،‬و ِ‬ ‫ُ‬
‫مت ْعًَبا ل‬ ‫من ْهَ ً‬
‫كا ُ‬ ‫حّر الشديد فَيبقى في وقت العصر ُ‬ ‫كان ذلك في اله َ‬
‫حب‪ ،‬فلماذا َيصوم في هذا اليوم ؟! فإذن‬ ‫َيستطيع أن َيدعو ِبحسب ما ي ُ ِ‬
‫من أهل العلم‪،‬‬ ‫إما أن َيصوم السادس والسابع والثامن على رأي طائفة ِ‬
‫ن الصحابة‪-‬رضي الله تبارك‬ ‫من بعض الروايات الصحيحة أ ّ‬ ‫خذ ِ‬ ‫والذي ُيؤ َ‬
‫وتعالى عنهم‪-‬كانوا َيصومون في أيام التشريق‪ .. 2‬في اليوم الحادي‬
‫عشر والثاني عشر والثالث عشر ‪ ..‬هكذا جاء في بعض الروايات‬
‫ل على مشروعية الصيام في هذه‬ ‫الصحيحة المروية عنهم‪ ،‬وذلك َيد ّ‬
‫من أنه ل ُيصام في هذه‬ ‫من أهل العلم ِ‬ ‫ذهب إليه كثير ِ‬ ‫اليام‪ ،3‬خلفا ِلما َ‬
‫اليام َنظرا ِللنهي الواِرد عن النبي ‪ e‬عن الصيام فيها ولكن‪-‬في حقيقة‬
‫ن ذلك‪ 4‬فيما َيظهر كان‬ ‫صة‪ ،‬ل ّ‬ ‫الواقع‪-‬ذلك النهي عام وهذه الرواية خا ّ‬
‫ي ََقعُ منهم في عْهد النبي ‪ e‬وإذا تعاَرض دليلن أحدهما عام والخر خاص‬

‫‪-1‬قال الله تعالى‪ ... { :‬فَإ َ َ‬


‫ي فَ َ‬
‫من‬ ‫ن ال ْهَد ْ ِ‬
‫م َ‬ ‫سَر ِ‬ ‫ست َي ْ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ج فَ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫مَرةِ إ َِلى ال ْ َ‬ ‫مت ّعَ ِبال ْعُ ْ‬
‫من ت َ َ‬ ‫م فَ َ‬
‫منت ُ ْ‬ ‫ذا أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫جد ْ فَ ِ‬ ‫لّ ْ‬
‫ن‬ ‫ك‬
‫ْ َ ْ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫من‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫ل‬‫م‬‫ِ‬ ‫كا‬ ‫ٌ‬ ‫ة‬‫ر‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ك‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫ع‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫إ‬
‫َ ّ َ َ َْ ِ َ َ ْ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫ب‬‫س‬ ‫و‬ ‫ج‬ ‫ح‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫في‬‫ِ‬ ‫م َثلث َةِ أّيام ٍ‬ ‫صَيا ُ‬ ‫م يَ ِ‬
‫َ‬
‫حَرام ِ ‪ ] } ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.[ 196 :‬‬ ‫جدِ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬
‫م ْ‬‫ري ال ْ َ‬ ‫ض ِ‬‫حا ِ‬ ‫ه َ‬‫أهْل ُ ُ‬
‫من لم َيجد الهدي‪.‬‬ ‫‪-2‬أي بالنسبة ل ِ َ‬
‫من لم َيجد الهدي‪.‬‬ ‫‪-3‬أي بالنسبة ل ِ َ‬
‫‪-4‬أي الصيام في أيام التشريق ) أي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر (‬
‫من لم َيجد الهدي‪.‬‬ ‫بالنسبة ل ِ َ‬
‫‪484‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مة؛‬
‫دم عليه كما هو مذهب جمهور ال ّ‬ ‫ن الخاص َيقضي على العام فُيق ّ‬ ‫فإ ّ‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من بعض الشخاص الذين‬ ‫أما إذا كان هذا الرجل غنيا في بلده واقترض ِ‬
‫رض إذا كان ل مشّقة عليه‪ ،‬أما إذا كان ل‬ ‫معه فل بأس عليه ِبأن َيقت ِ‬
‫من الدراهم َيقوم ِبقضائها‬ ‫من عدم وجود شيٍء ِ‬ ‫جد الوفاء أو َيخشى ِ‬ ‫يَ ِ‬
‫ن‬
‫ت‪-‬أ ّ‬ ‫جد عند أصحابه أو ما شابه ذلك‪-‬فكما ذكر ُ‬ ‫لصحابه مثل أو ل ُيو َ‬
‫سر والحمد لله تبارك‬ ‫من باب الي ُ ْ‬ ‫ل لنا َبدل ً وهذا ِ‬ ‫جع َ َ‬ ‫الله‪-‬تعالى‪-‬قد َ‬
‫سروا ول ت ُن َّفروا (؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫وتعالى‪ ) :‬ي َ ّ‬
‫ة‬
‫جرح في أصبعها نتيج َ‬ ‫ُ‬
‫مة ِبالُعمرة أصيبت ب ِ ُ‬ ‫حرِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫س ‪ :10‬امرأة ُ‬
‫ج منها دم ليس ِبالكثير‪ ،‬فماذا‬ ‫خَر َ‬ ‫استخدام السكين‪-‬وكانت حائضا‪-‬ف َ‬
‫عليها ؟‬
‫من الناس‪ " :‬في الدم دم " وهذه قاعدة ليست‬ ‫ج‪ :‬اشتهر عند كثير ِ‬
‫ج منه دم في الحج فعليه دم ‪ ..‬هذه‬ ‫خَر َ‬‫ن النسان إذا َ‬ ‫ِبصحيحة‪ ،‬أي أ ّ‬
‫ج منه دم‬ ‫خَر َ‬
‫وك و َ‬‫القاعدة ليست ِبصحيحة ‪ ..‬مثل لو كان النسان َيتس ّ‬
‫مة السلمية قاطبة‪ ،‬على ما‬ ‫فهل ُيقال عليه دم ؟ ل دم عليه ِبإجماع ال ّ‬
‫من أهل العلم‪ ،‬ولذلك ل ينبغي ِللنسان أن َيترك‬ ‫حكاه غي ُْر واحدٍ ِ‬
‫السواك بعد ثبوت السّنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله‪-‬صلى الله‬
‫متي‬ ‫ُ‬ ‫ضله‪ ) :‬لول أن أ َ ُ‬
‫شقّ على أ ّ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬الدالة على ف ْ‬
‫مْرُتهم ِبالسواك عند كل صلة (‪ ،‬وفي بعض الروايات‪ ) :‬عند كل‬ ‫َ‬
‫ل َ‬
‫مع بينهما‪ ،‬فل َينبغي ِللنسان أن ي َت ُْر َ‬
‫ك‬ ‫وضوء (‪ ،‬وفي بعضها جاء الج ْ‬
‫من عادته أنه‬ ‫مخافة‪-‬مثل‪-‬أن َيخُرج منه دم ولسيما إذا كان ِ‬ ‫السواك َ‬
‫من الحتياطات الباِردة ‪َ ..‬ينبغي‬ ‫َيخُرج منه الدم ‪ ..‬هذا‪-‬على كل حال‪ِ -‬‬
‫ِللنسان أن ي ُط َب ّقَ السّنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪:‬‬
‫ول كلم المصطفى الّواه‬ ‫ظر ِبكتاب الله‬ ‫ول ُتنا ِ‬
‫ولو َيكون عاِلما خبيرا‬ ‫جَعل له نظيرا‬ ‫معناه ل ت َ ْ‬
‫طع ِبهذا السكين شيئا‪-‬مثل‪-‬ما‬ ‫فعلى كل حال هذه المرأة التي كانت َتق َ‬
‫ج منها الدم أو ما شابه ذلك فل‬ ‫خُر َ‬ ‫دها أو أن ي َ ْ‬ ‫ريد أن ت َْقط َعَ ي َ َ‬ ‫كانت ت ُ ِ‬
‫من خروج الدم في‬ ‫ذر ِ‬‫ح َ‬
‫حرج عليها ِبمشيئة الله تبارك وتعالى ولكن ل ِت َ ْ‬
‫الطواف‪ ،‬وهكذا ِبالنسبة إلى قضية الحيض ‪ ..‬الحائض ليس َلها أن‬
‫َتطوف ِبالبيت‪ ،‬وإنما الكلم في السعي ‪ ..‬هل لها أن َتسعى أو ل ؟‬
‫مة أنه ل بأس على الحائض منه ‪ ..‬أي ل بأس‬ ‫جمعت ال ّ‬ ‫السعي قد أ ْ‬
‫على الحائض أن تسعى وإنما الْفضل أن َيكون النسان على طهارة‬
‫كنها أن َتكون على طهارة‪ ،‬وإنما الكلم في وقتنا‬ ‫والحائض‪-‬طبعا‪-‬ل ُيم ِ‬
‫ن الحائض والجنب و‪-‬طبعا‬ ‫من المسجد أو ل ؟ ل ّ‬ ‫هذا هل المسعى ِ‬
‫‪485‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من‬ ‫خلوا المسجد ‪ ..‬هل المسعى الن ِ‬ ‫هكذا‪-‬النفساء ليس لهم أن َيد ُ‬
‫خل وَتسعى‬ ‫من المسجد فليس ِللحائض أن َتد ُ‬ ‫المسجد ؟ فإن كان ِ‬
‫ح معه السعي‪،‬‬ ‫ن الحيض ل َيص ّ‬ ‫ِللنهي عن دخولها المسجد‪ ،‬ل لجل أ ّ‬
‫من المسجد فل بأس عليها‪-‬أو على‬ ‫ن المسعى ليس ِ‬ ‫والذي يظهر لي أ ّ‬
‫ظر حتى َينتهي هذا‬ ‫حّيض‪-‬في قضية السعي‪ ،‬فإذن َتنت ِ‬ ‫من ال ُ‬ ‫غيرها ِ‬
‫من الحيض وُلتطف بعد ذلك‪،‬‬ ‫سل ِ‬ ‫الحيض وت َط ْهَُر منه وت َت َط َّهر ‪ ..‬أي َتغت ِ‬
‫من ذلك الجرح الذي أصابها لبد‬ ‫وكذلك ِبالنسبة إلى الدم إذا كان َيخرج ِ‬
‫من أن ُتزيل ذلك الدم وُتعيد الوضوء‪ ،‬ول َتطوف إل وهي طاهرة‪ ،‬أما‬ ‫ِ‬
‫إذا كان ذلك قبل الطواف ِبفترة أو ما شابه ذلك فأمره بّين لنها‬
‫ضأ بعد ذلك ِبمشيئة الله‪.‬‬ ‫ستتو ّ‬
‫دم السعي على الطواف ؟‬ ‫س‪ :‬وَيصح لها‪-‬إذن‪-‬مع هذا أن ت َُق ّ‬
‫م السعي على الطواف في الُعمرة ِباّتفاقهم‪.‬‬ ‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬ليس لها أن ت َُقد ّ َ‬
‫وفي الحج فيه كلم طويل سأتعّرض له في الدروس القاِدمة بمشيئة‬
‫الله‪.‬‬
‫ص آخر في العَد ّ ؟‬ ‫مد على شخ ٍ‬ ‫ح ِللطائف أن َيعت ِ‬ ‫س ‪ :11‬هل َيص ّ‬
‫جن ِْبه ؟‬ ‫من ب ِ َ‬ ‫مد على َ‬ ‫صّلى‪ ،‬هل َيعت ِ‬ ‫ي كم َ‬ ‫س َ‬ ‫صّلي ون َ ِ‬ ‫والذي ي ُ َ‬
‫مد على نفسه ‪ ..‬هذا هو‬ ‫من أن َيعت ِ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ النسان لبد ِ‬
‫مد هو عليه‪ ،‬فلماذا ل‬ ‫طئ ذلك الشخص الذي اعت َ‬ ‫الصل‪ ،‬لنه قد ُيخ ِ‬
‫مد على غيره ؟! إذا كان قد وَقَعَ ِلهذا النسان‬ ‫مد على نفسه وَيعت ِ‬ ‫َيعت ِ‬
‫ل صاحِبه وهو لم ُيفاِرقه أبدا فإنه‬ ‫سه إلى فِعْ ِ‬ ‫ت نف ُ‬ ‫من قبل واطمأن ّ ْ‬ ‫ِ‬
‫مد على‬ ‫ص له في الماضي‪ ،‬أما في المستقَبل فلَيعت ِ‬ ‫خ َ‬ ‫كن أن ُير ّ‬ ‫ُيم ِ‬
‫مد على غيره‪.‬‬ ‫نفسه‪ ،‬ول َيعت ِ‬
‫أما ِبالنسبة إلى الصلة فالكلم فيها كالكلم في الحج ‪ ..‬الصل في‬
‫ٌ‬
‫ت‬‫سه ولكن إذا وَقَعَ منه خطأ‪-‬مثل‪-‬واطمأن ّ ْ‬ ‫مد على نف ِ‬ ‫النسان أن َيعت ِ‬
‫حات في الحج‬ ‫ج َ‬‫مَر ّ‬ ‫من باب اله ُ‬ ‫جَعل ذلك ِ‬ ‫ل صاحِبه فإذن ي َ ْ‬ ‫سه إلى فِعْ ِ‬ ‫نف ُ‬
‫ح لديه أحد ُ الجانبين فإنه‬ ‫ج َ‬ ‫ن النسان إذا ت ََر ّ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫وفي الصلة‪ ،‬و ِ‬
‫من‬‫ص الذي معه ِ‬ ‫ل ذلك الشخ ِ‬ ‫ح له‪ ،‬فإذن َيكون فِعْ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫َيأخذ ِبما ت ََر ّ‬
‫مد عليه فإن لم ُيعاِرضه معاِرض في طواف الحج‬ ‫حات ل أنه َيعت ِ‬ ‫ج َ‬ ‫مَر ّ‬ ‫اله ُ‬
‫ت‪-‬أن‬ ‫كن‪-‬كما قل ُ‬ ‫أو الُعمرة أو في الطواف مطَلقا ول في الصلة فُيم ِ‬
‫مد على‬ ‫حات ولكن في المستقَبل َينبغي له أن َيعت ِ‬ ‫ج َ‬ ‫مَر ّ‬ ‫من اله ُ‬ ‫جَعل ذلك ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫سه؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫نف ِ‬
‫من حلقة ‪ 16‬رمضان ‪1424‬هه‪ ،‬يوافقه ‪11/11/2003‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫م شديد‬ ‫دث ِزحا ٌ‬ ‫س ‪ :1‬في أيام الحج‪-‬وَيكاد َيتكّرر في كل عام‪َ-‬يح ُ‬
‫صل إلى‬ ‫سعة ِلنفسه حتى ي َ ِ‬ ‫من الناس الّتو ِ‬ ‫أثناء الرمي وُيحاِول كل واحد ِ‬
‫‪486‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من وصول الحصاة إلى‬ ‫مَرة‪ ،‬هل لبد ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫الحوض وِبالتالي َيرمي تلك اله َ‬
‫مَرة أم أنها َيكفي أن َتسُقط في الحوض ؟ وِبذلك َيفَهم الناس‬ ‫ج ْ‬
‫اله َ‬
‫ف الزحام‪.‬‬ ‫خ ّ‬ ‫القضية وي َ ِ‬
‫ي‬
‫ع َ‬ ‫سه أن ُيرا ِ‬ ‫عي نف َ‬ ‫ج‪ :‬إنه َينبغي أن َينتِبه المسلم أنه َينبغي له كما ُيرا ِ‬
‫غيره‪ ،‬فليس له أن ُيؤذِيَ غي َْره ل في الطواف ول في السعي ول عند‬
‫ما ل َيصح‪.‬‬ ‫م ّ‬ ‫جمار‪ ،‬فإيذاء المسلمين ِ‬ ‫رمي ال ِ‬
‫س في‬ ‫من الناس‪ ،‬فَترى النا َ‬ ‫وهذا أمٌر‪-‬وِللسف الشديد‪-‬ل َينتِبه إليه كثيٌر ِ‬
‫من‬ ‫سه وب ِ َ‬ ‫حد منهم ِبنف ِ‬ ‫م الوا ِ‬ ‫حالة الطواف أو السعي أو في الرمي َيهت َ ّ‬
‫ظر إلى بقية المسلمين‪ ،‬فقد ي ُؤِْذي أحدا‪-‬وقد َيفَعل ما‬ ‫ُيراِفقه ول َين ُ‬
‫فت إلى ذلك الشخص‪ ،‬بينما هذا ل َيجوز‪ ،‬لدّلة معلومةٍ في‬ ‫َيفَعل‪-‬ول َيلت ِ‬
‫مواضعها‪.‬‬
‫مة‬ ‫سك الحج‪ِ ،‬باّتفاق جميع ال ّ‬ ‫من منا ِ‬ ‫ن الرمي ِ‬ ‫أما ِبالنسبة إلى الرمي فإ ّ‬
‫مَر‬ ‫َ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أ َ‬ ‫السلمية‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫سككم (‪ ،‬كما َثبت ذلك في الحاديث‬ ‫ِبه وفَعََله وقال‪ ) :‬خذوا عّني منا ِ‬
‫الصحيحة الثابتة‪.‬‬
‫من الناس ِبالرمي‪ ،‬فَترى هذا ل َيذهب ِللرمي‬ ‫وِللسف لقد َتهاون كثيٌر ِ‬
‫عم أنه ل َيستطيع أن َيذهب‬ ‫بل ُينيب غي َْره مع ُقدرِته على ذلك وقد ي َْز ُ‬
‫ن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫إلى الرمي عند منتصف النهار‪ ،‬أو ما شابه ذلك‪ ،‬كأ ّ‬
‫موا في ذلك الوقت !‬ ‫َ‬
‫ب على الناس أن ي َْر ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ضّيق هذه القضية وأوْ َ‬ ‫قد َ‬
‫ت واسعٌ ِبحمد الله تبارك وتعالى‪،‬‬ ‫ن الوق َ‬ ‫س كذلك‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫ن المَر لي َ‬ ‫مع أ ّ‬
‫وقد َنتكّلم عليه في وقت آخر إن شاء الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫ضلُتم ِبطرحه فالجواب عليه‪ :‬أنه ل‬ ‫أما ِبالنسبة إلى هذا السؤال الذي تف ّ‬
‫صيب‬ ‫صيب تلك الحجارةُ التي َيرميها ذلك الشخص ‪ ..‬أن ت ُ ِ‬ ‫ُيشتَرط أن ت ُ ِ‬
‫خل في ذلك‬ ‫تلك الحجارةَ المنصوبة وإنما الشرط في الرمي أن ت َد ْ ُ‬
‫زي ِبمشيئة الله تبارك‬ ‫ن الرمي ِبذلك ُيج ِ‬ ‫الحوض‪ ،‬فإذا أصابت الحوض فإ ّ‬
‫من قبل وإنما هو دلي ٌ‬
‫ل‬ ‫دا ِ‬ ‫ث لم َيكن موجو ً‬ ‫ن ذلك البناء حادِ ٌ‬ ‫وتعالى‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫ز‬
‫ج ٍ‬
‫م ْ‬‫ن ذلك ُ‬ ‫على مكان الرمي‪ ،‬فإذا وقعت الحجارة في الحوض فإ ّ‬
‫ِبحمد الله تبارك وتعالى؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ضَعت حتى ل‬ ‫ن تلك الحجارة المنصوبة إنما وُ ِ‬ ‫س‪ :‬هل يعني ذلك أ ّ‬
‫ُيصيب الحجاج بعضهم البعض وإل فالصل الحوض ؟‬
‫ض ‪ ..‬تلك علمة ‪ ..‬الصل في ذلك‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ الصل هو الحو ُ‬
‫ف؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫ن ذلك كا ٍ‬ ‫ضع فإ ّ‬ ‫ضع‪ ،‬فإذا وصلت ذلك المو ِ‬ ‫المو ِ‬
‫جمار‬ ‫من الحجاج في رمي ال ِ‬ ‫من جماعة ِ‬ ‫ل أخذ وكالة ِ‬ ‫س ‪ :2‬رج ٌ‬
‫وأخذ منهم الحصى ثم رماها في الشارع ولم ي َْرم ِ الجمرات ولم‬
‫خِبرهم وهم عاجزون عن الرمي‪ ،‬فما الحكم ؟‬ ‫يُ ْ‬
‫‪487‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ما فَعََله هذا الشخص ‪ ..‬لقد وَقَعَ في‬ ‫م ّ‬ ‫ج‪ :‬العياذ ِبالله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ -‬‬
‫من معاصي الله تبارك وتعالى‪ ،‬وعليه أن َيتوب إلى الله‪-‬تبارك‬ ‫معصيةٍ ِ‬
‫خِبر أولئك الشخاص الذين أنابوه وَوَث ُِقوا ِبه‬ ‫ما وَقَعَ فيه وأن ي ُ ْ‬ ‫م ّ‬‫وتعالى‪ِ -‬‬
‫ضه الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليهم‪ ،‬وبعد ذلك‬ ‫دي عنهم ما فََر َ‬ ‫سي ُؤَ ّ‬ ‫وظّنوا أنه َ‬
‫عليهم أن َيسألوا عن هذه المسألة التي وَقَُعوا فيها‪ ،‬لنهم‪-‬في حقيقة‬
‫من أن‬ ‫من الرمي‪ ،‬فلبد ِ‬ ‫عه الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ -‬‬ ‫شَر َ‬ ‫الواقع‪-‬لم ي َأ ُْتوا ِبما َ‬
‫مل ذلك ؟ في هذه‬ ‫من هو الذي َيتح ّ‬ ‫كم عليهم ِبالدم‪ ،‬ولكن َبقي َ‬ ‫ُيح َ‬
‫موا هذا الشخص فلهم أن‬ ‫حاك َ ُ‬
‫ظر إليها‪ ،‬وإن َ‬ ‫من أن ي ُن ْ َ‬ ‫المسألة لبد ِ‬
‫موه في ذلك‪.‬‬ ‫ُيحاك ِ ُ‬
‫مَرات وعند‬ ‫ج َ‬ ‫ل ل َِرمي اله َ‬ ‫س ‪ :3‬في اليوم الحادي عشر ذهب رج ٌ‬
‫مَرت َْين الوسطى والكبرى‬ ‫ج ْ‬
‫مَرة الولى وذهب ل َِرمي اله َ‬ ‫ج ْ‬‫وصوله َرمى اله َ‬
‫سها‬ ‫مَرة الوسطى و َ‬ ‫ج ْ‬
‫دة الزحام في ذلك اليوم لم َينتِبه إلى اله َ‬ ‫من ش ّ‬ ‫و ِ‬
‫عودِته ِبالطريق‬ ‫مَرة الخيرة وَرماها وعند َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ل إلى اله َ‬ ‫ص َ‬‫عن َرمِيها حتى وَ َ‬
‫كه حتى‬ ‫ش ّ‬ ‫مَرة الوسطى وَبقي على َ‬ ‫ج ْ‬ ‫سه أنه لم ي َْرم ِ اله َ‬ ‫ك في نف ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫َ‬
‫ل تلك‬ ‫ص َ‬ ‫عودِته ِللرمي في هذا اليوم وَ َ‬ ‫اليوم التالي‪-‬الثاني عشر‪-‬وعند َ‬
‫كه ِلليوم الول وذلك في اليوم‬ ‫ش ّ‬‫صَيات عن َ‬ ‫ح َ‬ ‫مَرة وَرماها ِبسبِع َ‬ ‫ج ْ‬ ‫اله َ‬
‫زي أم ماذا َيكون عليه ؟‬ ‫الثاني عشر‪ ،‬فهل َتصّرفه هذا ُيج ِ‬
‫ج‪ :‬هل رماها في اليوم الثاني عشر مرتين ‪ ..‬عن الحادي عشر وعن‬
‫الثاني عشر ؟‬
‫مه هكذا‪.‬‬ ‫من كل ِ‬ ‫هر ِ‬ ‫س‪ :‬الظا ِ‬
‫من أهل العلم‪.‬‬ ‫ج‪ :‬إذا كان قد رماها فل شيَء عليه على مذهب كثير ِ‬
‫وسطى‬ ‫ي ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫من أن َير ِ‬ ‫رط الترتيب في هذه القضية فلبد ِ‬ ‫من َيشت ِ‬ ‫أما َ‬
‫ي الكبرى عن اليوم الحادي عشر وَيرمي بعد ذلك عن‬
‫‪1‬‬
‫م َ‬ ‫ثم ُيعيد َر ْ‬
‫اليوم الثاني عشر‪.‬‬
‫رط الترتيب فإنه ل بأس عليه ِلهذا الفعل‪.‬‬ ‫من ل َيشت ِ‬ ‫وأما َ‬
‫ص ِبتلك الرخصة التي قال‬ ‫خ َ‬ ‫مضى فإذا ت ََر ّ‬ ‫ت قد َ‬ ‫ن الوق َ‬ ‫هذا ونظرا إلى أ ّ‬
‫من أهل العلم فل حرج عليه ِبمشيئة الله تبارك وتعالى؛‬ ‫من قال ِ‬ ‫بها َ‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫سل أم ل‬ ‫س ‪ :4‬ما حكم غسل الحصى ؟ يعني هل الحصى ُيغ َ‬
‫سل ؟‬ ‫ُيغ َ‬
‫ج‪ :‬هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬
‫من قال ِبمشروعية الُغسل‪.‬‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫من ل َيرى ذلك‪.‬‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬

‫‪-1‬أي الجمرات الثلث كلها‪.‬‬


‫‪488‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من َيقول ِبعدم المشروعية‪-‬هو القول الصحيح‪،‬‬ ‫والقول الثاني‪-‬وهو قول َ‬


‫ل النبي‪-‬صلى‬ ‫ل فِعْ ُ‬ ‫ل على مشروعية ذلك بل د َ ّ‬ ‫ث َيد ّ‬ ‫لنه لم َيأت حدي ٌ‬
‫ن النبي‪-‬صلى‬ ‫الله عليه وعلى آله وصحبه‪-‬على عدم المشروعية‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫من غَْير أن َيقوم ِبغسل ذلك‪،‬‬ ‫مى ِ‬ ‫الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪َ-‬ر َ‬
‫ت في السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي ‪ ، e‬وما دام المر‬ ‫كما هو ثاب ٌ‬
‫كذلك فل َينبغي لنا أن َنقول ِبمشروعية ذلك‪ِ ،‬لعدم ثبوته ‪ ..‬هذا هو الذي‬
‫أراه؛ والعلم عند الله‪.‬‬
‫مى‬ ‫ك أنه َر َ‬ ‫ش ّ‬ ‫مى ‪ ..‬إذا َ‬ ‫صَيات التي ت ُْر َ‬ ‫ح َ‬ ‫ك في عَد َدِ اله َ‬ ‫س ‪ :5‬الش ّ‬
‫ستا أو سبعا ؟‬ ‫خمسا أو ِ‬
‫ج‪ :‬ذلك ل َيخلو من أحد أمرين‪:‬‬
‫من الرمي فإذا كان كذلك فإنه ل‬ ‫إما أن َيأتَيه هذا الشك بعد أن انتهى ِ‬
‫فت إلى هذا الشك‪.‬‬ ‫َيلت ِ‬
‫أما إذا جاَءه ذلك وهو َيرمي ‪ ..‬لم ي َد ِْر‪-‬مثل‪-‬هل هذه الرمية هي الثالثة أو‬
‫الرابعة‪:‬‬
‫ك هل هذه‬ ‫ح لديه شيٌء فإنه َيبني على القل ‪ ..‬إن ش ّ‬ ‫ج َ‬
‫فإن لم ي َت ََر ّ‬
‫ن تلك الرمية هي الثالثة‪ ،‬وإن شك بْين‬ ‫الثالثة أو الرابعة ؟ فإنه َيعتِبر أ ّ‬
‫الرابعة والخامسة فلَيعتِبر أنها الرابعة‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫جح‪ ،‬كما َيكون ذلك في عَد َدِ‬ ‫ح لديه شيٌء فإنه َيأخذ ِبالرا ِ‬ ‫ج َ‬‫أما إذا تر ّ‬
‫ن ذلك في عَد َدِ الشواط عند الطواف‬ ‫ركعات الصلة‪ ،‬وهكذا يكو ُ‬
‫ِبالبيت؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ن‬
‫فقه المبي َّنة لحكام الحج والعمرة ِبأ ّ‬ ‫صت كتب ال ِ‬ ‫س ‪ :6‬لقد ن َ ّ‬
‫الدعاء الذي ُيقال على الصفا والمروة ي َُرد ّد ُ هناك ثلث مرات في كل‬
‫شوط على كل منها‪ ،‬فهل ذلك على الوجوب أم الستحباب ؟ وماذا‬
‫ي به على الصفة المنصوص عليها في تلك‬ ‫طع أن َيأت ِ َ‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫على َ‬
‫ح القتصار على ألفاظ‬ ‫ة الزحمة الشديدة والرتباك ؟ هل َيص ّ‬ ‫الكتب نتيج َ‬
‫معّينة ِبذاتها ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ ما كل ما ورد في الكتب الفقهية ثابت عن النبي‬
‫كر الوارد عن‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهذا الدعاء وكذا الذ ّ ْ‬
‫النبي ‪ e‬ليس واجبا وإنما هو مندوب‪ ،‬وَينبغي ِللنسان أن َيعتن ِ َ‬
‫ي‬
‫من‬‫ِبالمندوبات إذا استطاع سبيل إلى ذلك لكن ِبشْرط أن ل ي ُؤِْذي أحدا ِ‬
‫صة في‬ ‫عباد الله تبارك وتعالى‪ ،‬فعندما تكون هنالك زحمة شديدة خا ّ‬
‫ت عن النبي‪-‬صلى‬ ‫صر على القليل وَيأِتي ِبما ث َب َ َ‬ ‫أيام الحج فَينبغي أن َيقت ِ‬
‫طيل‬‫من غْير أن ي ُ ِ‬ ‫الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬وَيأِتي ِبدعاٍء جامع ِ‬
‫حتى ل ي ُؤِْذي عباد َ الله تبارك وتعالى‪ ،‬فعندما تكون هنالك سعة َيأِتي‬
‫كر ثم َيدعو ثم َيأِتي‬ ‫كر الوارد عن النبي ‪ e‬ثم َيدعو ثم َيأِتي ِبالذ ّ ْ‬ ‫ِبالذ ّ ْ‬
‫‪489‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫كر في المرة الثالثة هل هو‬ ‫كر وقد اختلفوا في الدعاء بعد الذ ّ ْ‬ ‫ِبالذ ّ ْ‬
‫مشروع أو ل ؟‬
‫من قال ِبمشروعية ذلك‪.‬‬ ‫منهم َ‬ ‫ِ‬
‫من قال ِبعدم المشروعية‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫ت‪-‬إنما َيقول‬ ‫من قال ِبالمشروعية في كل هذه القضية‪-‬طبعا كما قل ُ‬ ‫و َ‬
‫ِبالندبية ل ِبالوجوب؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من عليه د َْين‪ ،‬هل َيذهب إلى الحج أم ل َيذهب ؟‬ ‫س ‪َ :7‬‬
‫من أحد أمرْين‪:‬‬ ‫ج‪ :‬إذا كان على النسان د َْين فل َيخلو ذلك ِ‬
‫إما أن تكون لديه أموال َتكفي ِلقضاء ذلك الد ّْين الذي عليه وتكفي أيضا‬
‫ِلمؤونة أهله حتى َيرجع إليهم فإن كان عليه د َْين ولديه هذه الموال‬
‫من أن َيقوم أّول ِبقضاء ذلك‬ ‫التي َتكفي ِلقضاء هذا الد ّْين فإنه لبد ِ‬
‫ل ثم بعد ذلك َيذهب إلى‬ ‫الد ّْين إذا كان ذلك الد ّْين حال ّ أو في حكم الحا ّ‬
‫دين إما عند‬ ‫جل ً فل ُْيوص ِبذلك ول ْي َت ُْرك وصيته ِبذلك ال ّ‬ ‫مؤ َ ّ‬
‫الحج‪ ،‬وإن كان ُ‬
‫ضَعه مع فلن‬ ‫ص أمين وُيخِبر ذلك الدائن ِبأنه قد وَّثق له د َي َْنه ووَ َ‬ ‫شخ ٍ‬
‫وإما أن َيضع‪-‬تلك الوثيقة أو‪-‬ذلك الصك مع صاحب المال الصلي‪.‬‬
‫من الد ّْين فإنه ل‬ ‫سد ّ ما عليه ِ‬ ‫من المال َيكفي ل ِ َ‬ ‫أما إذا كان ل َيملك شيئا ِ‬
‫طيع سبيل‬ ‫طيع وهذا ل َيست ِ‬ ‫جب على المست ِ‬ ‫ن الحج ي َ ِ‬ ‫جب عليه الحج‪ ،‬ل ّ‬ ‫يَ ِ‬
‫إلى ذلك‪ ،‬و‪-‬طبعا‪-‬ل أريد ِبالموال الدراهم إذ قد َيقول شخص إنه ل‬
‫من الدراهم ولكنه َيمِلك عقارات أو ما شابه ذلك فهي َتقوم‬ ‫َيملك شيئا ِ‬
‫سد ّ‬‫من الموال َتكفي ل ِ َ‬ ‫في مقام الدراهم‪ ،‬فالحاصل هل َيملك شيئا ِ‬
‫من‬ ‫حّرما فلبد ِ‬ ‫م َ‬ ‫ذلك الد ّْين أو ل َيمِلك شيئا ‪ ..‬هذا وإذا كان الد ّْين ُ‬
‫من الحرام والتوبة والرجوع إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬حتى‬ ‫الّتخلص أّول ِ‬
‫من هذه القاذورات وهذا كله إذا كان ُيريد أن‬ ‫ي َِفد َ بعد ذلك وقد ت َط َّهر ِ‬
‫جع إليه سبحانه‪ ،‬أما إذا كان ل َيهَتم‬ ‫َيتوب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وأن َير ِ‬
‫ِبهذه المور ول ُيبالي ِبها فإنه إذا قيل له‪ " :‬ل َتذهب إلى الحج " سَيبقى‬
‫كن أن َيقوم ِبقضاء تلك الديون التي عليه‬ ‫هنا وهو َيمِلك الموال التي ُيم ِ‬
‫وإنما ُيريد أن َيشتري الرض الفلنية والعقار الفلني وما شابه ذلك‬
‫ن الله‪-‬تبارك‪-‬ل‬ ‫فهذا‪-‬على كل حال‪ُ-‬يقال له‪ " :‬اذهب إلى الحج " ولك ّ‬
‫ق ِلرّبه بل هو‬ ‫من المّتقين وهو ليس ِبمت ّ ٍ‬ ‫ل منه‪ ،‬إذ إنه ‪ I‬ل يت ََقّبل إل ِ‬ ‫ي ََتقب ّ ُ‬
‫ن الله‪-‬‬ ‫من حيث الِفْعل ولك ّ‬ ‫جه صحيح ِ‬ ‫محاِرب له ‪ .. I‬هذا هو الحكم‪ ،‬فح ّ‬ ‫ُ‬
‫من‬‫منه شيئا ِ‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬ل َيتقّبل منه ‪ ..‬ل َيتقّبل منه الحج ول َيتقّبل ِ‬
‫من الطاِلح؛ والله‪-‬‬ ‫من الصاِلح ل ِ‬ ‫ن القبول َيكون ِ‬ ‫العمال الصالحة‪ ،‬ل ّ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫سع‬ ‫ة التا ِ‬ ‫ت ليل َ‬ ‫من لم ي َب ِ ْ‬ ‫من شيخنا أن ُيبّين لنا حكم َ‬ ‫س ‪ :8‬أرجو ِ‬
‫من ُيقيم‬ ‫شرة مع َ‬ ‫عرفة مبا َ‬ ‫ب إلى َ‬ ‫منى وإنما ذ َهَ َ‬ ‫جة في ِ‬ ‫ح ّ‬‫من ذي ال ِ‬ ‫ِ‬
‫‪490‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ض أهل العلم هناك‬ ‫خذ َ ِبفتوى بع ِ‬ ‫هب معه وقد أ َ َ‬ ‫شد ٌ َيذ َ‬ ‫مر ِ‬ ‫معهم وليس له ُ‬
‫من السّنة ؟‬ ‫ت هناك ِللستراحة وليس ذلك ِ‬ ‫ن الرسول ‪َ e‬با َ‬ ‫ِبأ ّ‬
‫ج‬‫خَر َ‬ ‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ -‬‬ ‫ت ِبالمس‪ 1‬أ ّ‬ ‫ج‪ :‬أنا ذكر ُ‬
‫من‬ ‫منى إلى طلوع الشمس ِ‬ ‫ي بِ ِ‬
‫من‪ ،‬وب َِق َ‬ ‫كة المكّرمة في اليوم الثا ِ‬ ‫من م ّ‬ ‫ِ‬
‫ت عنه‬ ‫منى‪ ،‬وهذا ثاب ٌ‬ ‫صّلى الصلوات الخمس في ِ‬ ‫سع ‪َ ..‬‬ ‫اليوم التا ِ‬
‫صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬كما جاء ذلك في الحاديث الصحيحة المروية‬
‫عنه‪ ،‬وَينبغي ِللنسان أن ي َْقت َدِيَ ِبرسول الله صلى الله عليه وعلى آله‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫لأ ّ‬ ‫وسلم‪ ،‬وليس هناِلك دليل ي َد ُ ّ‬
‫من أجل الستراحة‪.‬‬ ‫ل ذلك ِ‬ ‫وسلم‪-‬إنما فَعَ َ‬
‫من مكان بعيد‬ ‫من جاء ِ‬ ‫ن َ‬‫ض الناس على ذلك ِبأ ّ‬ ‫ج بع ُ‬ ‫كن أن َيحت ّ‬ ‫وإنما ُيم ِ‬
‫سع ل شيَء عليه‪ ،‬وهذا كلم صحيح ل‬ ‫عرفة في اليوم التا ِ‬ ‫ل إلى َ‬ ‫ص َ‬ ‫وو َ َ‬
‫ل على ذلك الحديث الصحيح الثابت عن النبي‪-‬صلى‬ ‫غبار عليه‪ ،‬وقد د ّ‬
‫جر‬ ‫شر قبل طلوع ف ْ‬ ‫من جاء في ليلةِ العا ِ‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬بل َ‬
‫جه صحيح‬ ‫ح ّ‬‫ن َ‬ ‫ف بها قبل طلوع الفجر فإ ّ‬ ‫شر إلى عرفة ووَقَ َ‬ ‫اليوم العا ِ‬
‫كن أن َيقول قائل إذا استن َد َ إلى مثل هذا‬ ‫ول شيَء عليه‪ ،‬فهل ُيم ِ‬
‫حب‪-‬‬ ‫ف ِبعرفة في النهار ليس ِبسّنة وإنما هو مست َ‬ ‫ن الوقو َ‬ ‫الحديث‪ " :‬إ ّ‬
‫جر‬‫ت قبل طلوع الف ْ‬ ‫أو ما شابه ذلك‪-‬والمِهم أن َيأتي النسان في أيّ وق ٍ‬
‫ن‬
‫ل ِبذلك‪-‬أيضا‪-‬على أ ّ‬ ‫ست َدِ ّ‬‫كن أن ي َ ْ‬ ‫شر " ؟! وهل ُيم ِ‬ ‫من اليوم العا ِ‬ ‫ِ‬
‫جّرد ُ استراحة وإنما‬ ‫م َ‬ ‫من السّنة وإنما هو ُ‬ ‫المِبيت ِبالمزدلفة ليس ِ‬
‫كن‬ ‫شر أو ما شابه ذلك ؟! كل ّ ل ُيم ِ‬ ‫المشروع هو الدعاء في اليوم العا ِ‬
‫د‪.‬‬‫دل ِبذلك أح ٌ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫أن ي َ ْ‬
‫كن أن ي َُقاَرن ِبليلة الحادي‬ ‫سع ل ُيم ِ‬ ‫ن المِبيت في ليلة التا ِ‬ ‫َنحن َنقول‪ :‬إ ّ‬
‫عشر والثاني عشر ولكن مع ذلك ل َينبغي لحدٍ أن ُيفّرط فيه إذا‬
‫ن لنا في رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫استطاع إلى ذلك‪ ،‬فإ ّ‬
‫ب أو لخر كالسائل‪-‬مثل‪-‬إذا‬ ‫م ّ‬ ‫ُ‬
‫كن ِلسب ٍ‬ ‫من لم ي َت َ َ‬ ‫وة حسنة‪ ،‬أما َ‬ ‫س َ‬ ‫وسلم‪-‬أ ْ‬
‫ة‬
‫من َيبيت ليل َ‬ ‫كن إل ِبأن ُيراِفق َ‬ ‫رف الط ُّرق ‪ ..‬فإذا كان ل َيتم ّ‬ ‫كان ل َيع ِ‬
‫جد َ‬
‫من وَ َ‬ ‫عرفة فل شيَء عليه ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬أما َ‬ ‫سع في َ‬ ‫التا ِ‬
‫سع‬ ‫ط في المِبيت في ليلة التا ِ‬ ‫من ي َد ُّله على الطريق فَينبغي له أل ّ ي َُفّر َ‬ ‫َ‬
‫منى؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫في ِ‬
‫ؤها الحيض في الحج‪ ،‬ماذا َتفعل ؟‬ ‫ج ُ‬
‫س ‪ :9‬المرأة التي ُيفا ِ‬
‫ج‪ :‬ل ُتشتَرط الطهارة في الحج ول في الُعمرة إل في الطواف‪ ،‬فإذا‬
‫ظر حتى‬ ‫من أن َتنت ِ‬ ‫أتاها الحيض فإنها ليس َلها أن َتطوف ِبالبيت بل لبد ِ‬
‫مرة‬ ‫معت ِ‬ ‫سل وبعد ذلك َتطوف‪ ،‬فإن جاءت‪-‬مثل‪ُ -‬‬ ‫من الحيض وَتغت ِ‬ ‫ت َط ُْهر ِ‬
‫من الطواف‬ ‫كن ِ‬ ‫دة ثم لم َتتم ّ‬ ‫تم ّ‬ ‫مك َث َ ْ‬ ‫تو َ‬ ‫صل َ ْ‬ ‫ت ِبالُعمرة ووَ َ‬ ‫أّول ‪ ..‬ل َب ّ ْ‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬من حلقة ‪ 16‬رمضان ‪1424‬هه ) ‪11/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪491‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫صير قارَِنة‬ ‫خل الحج على الُعمرة فت َ ِ‬ ‫مر ِبأن ت ُد ْ ِ‬ ‫سع فإنها ت ُؤْ َ‬ ‫ِبالبيت قبل التا ِ‬
‫مرة فقط‪ ،‬وَتطوف بعد ذلك‬ ‫معت ِ‬ ‫بْين الحج والُعمرة بعد أن كانت ُ‬
‫ز‪ ،‬كما وَقَعَ ِللسيدة عائشة‪-‬رضي‬ ‫ج ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫دا وذلك ُ‬ ‫ح ً‬ ‫جها طواًفا وا ِ‬ ‫ل ُِعمرِتها وِلح ّ‬
‫ت ِبالُعمرة‬ ‫ت ل َب ّ ْ‬‫مرة ‪ ..‬يعني كان ْ‬ ‫معت ِ‬ ‫الله تبارك وتعالى عنها‪-‬فإنها كانت ُ‬
‫ت ِبالُعمرة ‪ ..‬أي‬ ‫ت أّول ِبالحج ثم بعد ذلك ل َب ّ ْ‬ ‫فقط ‪ ..‬قيل‪ :‬إنها ل َب ّ ْ‬
‫عمرة‪ ،‬وقيل‪ :‬إنها ل َّبت‬ ‫من الحج إلى ُ‬ ‫مها ِ‬ ‫حوَّلت إحرا َ‬ ‫ت الحج ‪َ ..‬‬ ‫خ ْ‬ ‫فَ َ‬
‫س َ‬
‫ره الن ‪..‬‬ ‫من أول مرة ِبالُعمرة‪ ،‬وفي ذلك كلم طويل‪ ،‬ل داعي ل ِذِك ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫كن‬‫كة كانت ت ُل َّبي ِللُعمرة ولكنها لم َتتم ّ‬ ‫ت إلى م ّ‬ ‫صل َ ْ‬
‫عندما وَ َ‬ ‫المهم أنها‬
‫ت قاِرنة وعندما ط َهَُرت‬ ‫َ‬
‫عمرِتها فصار ْ‬ ‫ت الحج على ُ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫من الطواف فأد ْ َ‬ ‫ِ‬
‫عمرِتها طواًفا واحدا ‪ ..‬فإذن‬ ‫جها و ُ‬ ‫طاَفت ِلح ّ‬ ‫وت َط َّهرَت بعد اليوم التاسع َ‬
‫هذا هو الحكم‪.‬‬
‫ظرها‬ ‫من أن َينت ِ‬ ‫ب أصحاُبها ‪ ..‬أوّل ً ُيقال‪ :‬لبد ِ‬ ‫أما إذا كان ذلك بعد وذه َ‬
‫حَرما‪ ،‬ولكن إذا كانت هنالك‬ ‫م ْ‬ ‫مَرافِقٌ َلها سواء كان زْوجا أو َ‬ ‫من هو ُ‬ ‫َ‬
‫جع وليس لها أن َتطوف قبل أن‬ ‫جُعوا فل ْت َْر ِ‬ ‫حة في الرجوع فَر َ‬ ‫مل ِ ّ‬‫ضرورة ُ‬
‫كة حتى َتقوم ِبأداء‬ ‫من أن َتذهب إلى م ّ‬ ‫ت َط ُْهر وت َت َط َّهر‪ ،‬ثم بعد ذلك لبد ِ‬
‫من أركان الحج‪.‬‬ ‫هذا الطواف الذي هو ركن ِ‬
‫أما إذا كانت قد طافت طواف الحج وبقي عليها طواف الوداع فإنها‬
‫ص السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي ‪ ، e‬كما‬ ‫ت ُعْذ َُر عن طواف الوداع‪ ،‬ب ِن َ ّ‬
‫جاء ذلك في مسند الربيع‪-1‬رحمه الله‪-‬وجاء عند غيره من أئمة الحديث‬
‫دال على أنه ُيؤمر النسان ِبأن‬ ‫صص ِللحديث العام ال ّ‬ ‫خ ّ‬ ‫م َ‬ ‫وذلك الحديث ُ‬
‫ص َيقضي على‬ ‫ص له والخا ّ‬ ‫ص ٌ‬‫مخ ّ‬ ‫ف الوداع ‪ ..‬هذا الحديث ُ‬ ‫َيطوف طوا َ‬
‫خر عليه؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫َ‬
‫دم أو ت َأ ّ‬ ‫العام ت ََق ّ‬
‫ت طواف الفاضة مع طواف‬ ‫جل َ ْ‬ ‫ت وأ ّ‬ ‫س ‪ :10‬المرأة التي حاض ْ‬
‫الوداع ‪ ..‬جعلْتهما واحدا ؟‬
‫ج‪ :‬إذا حاضت المرأة أو كانت مريضة‪-‬مثل‪-‬وهكذا بالنسبة إلى الرجل إذا‬
‫سن وَيصعب عليه أن َيطوف مرتين‪-‬‬ ‫كان مريضا أو كان كبيرا في ال ّ‬
‫كن‬ ‫يطوف أّول طواف الزيارة ثم بعد ذلك َيطوف طواف الوداع‪-‬فإنه ُيم ِ‬
‫من م ّ‬
‫كة‬ ‫ف الزيارة إلى الوقت الذي ُيريد أن َيخُرج فيه ِ‬ ‫خر طوا َ‬ ‫له أن ي ُؤَ ّ‬
‫المكّرمة فَيطوف طواًفا واحدا وَيكفيه ذلك ِللزيارة وِللوداع‪ ،‬ولكن لبد‬
‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب )‪ (11‬ما تفعل الحائض في الحج‪:‬‬
‫حديث رقم ‪ :439‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة‪-‬رضي الله عنها‪-‬قالت‪ :‬قلتُ‬
‫إن صفية بنت حيي قد حاضت " فقال لها رسول الله ‪ ) : e‬لعلها‬ ‫ِلرسول الله ‪ّ " : e‬‬
‫حابستنا ؟! ألم تكن قد طافت معكن بالبيت ؟ ( قلتُ‪ " :‬بلى " قال‪ ) :‬فاخرجن (‪.‬‬
‫أو حديث رقم ‪ :441‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة أم المؤمنين‪-‬رضي الله عنها‪-‬‬
‫فذكرت ذلك لِرسول الله ‪ e‬فقال‪:‬‬
‫ُ‬ ‫إن صفية بنت حيي زوج النبي ‪ e‬حاضتْ‬ ‫قالت‪ّ " :‬‬
‫) أحابستنا هي ؟! ( فقيل أنها أفاضتْ‪ ،‬قال‪ ) :‬فل إذن ( "‪.‬‬
‫‪492‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ض الناس َينوون‬ ‫ن بع َ‬ ‫مة هنا وهي أ ّ‬ ‫ه الناس إلى قضية مه ّ‬ ‫من أن ي َن ْت َب ِ َ‬ ‫ِ‬
‫من غْير أن‬ ‫ف الوداع ِ‬ ‫ِبذلك الطواف طواف الوداع وإذا ن َوَْوا ِبه طوا َ‬
‫ف‬‫ووا ِبه طوا َ‬ ‫زيهم‪ ،‬فإذن إما أن ي َن ْ ُ‬ ‫ضروا ِبأنه ِللزيارة فذلك ل ُيج ِ‬ ‫َيستح ِ‬
‫سد ّ‬
‫م َ‬ ‫سد ّ َ‬ ‫ن الفريضة ت َ ُ‬ ‫ضُروا الوداع‪ ،‬ل ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫زيهم ولو لم ي َ ْ‬ ‫الزيارة فهذا ُيج ِ‬
‫ة‬
‫صل في التأكيد إلى درج ِ‬ ‫من المور التي لم ت َ ِ‬ ‫سنة أو ما شابه ذلك ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ف الزيارة فإنه‬ ‫تلك الفريضة‪ ،‬فذلك الطواف إذا نوى ِبه النسان طوا َ‬
‫زيهم‪،‬‬ ‫ووا الطوافْين معا وذلك ُيج ِ‬ ‫زيه عن طواف الوداع‪ ،‬وإما أن ي َن ْ ُ‬ ‫ُيج ِ‬
‫زيهم " بناءً‬ ‫ت‪ُ " :‬يج ِ‬ ‫زيهم‪ ،‬وقل ُ‬ ‫ف الوداع فذلك ل ُيج ِ‬ ‫أما إذا ن َوَْوا ِبه طوا َ‬
‫من أهل العلم وهو الظاهر لنا‪ ،‬وإل ّ فقد ذهب‬ ‫ل طائفة كبيرة ِ‬ ‫على قو ِ‬
‫من أن‬ ‫زي وعليه فلبد على قولهم ِ‬ ‫ن ذلك ل ُيج ِ‬ ‫ض أهل العلم إلى أ ّ‬ ‫بع ُ‬
‫من أن َيطوفوا طواًفا ِللزيارة وآخر ِللوداع‬ ‫َيطوفوا طوافْين ‪ ..‬لبد ِ‬
‫ف الزيارة على رأي هؤلء فإنهم جعلوا ذلك‬ ‫وا بعد طوا ِ‬ ‫سعَ ْ‬ ‫ولسيما إذا َ‬
‫ة‬
‫جد رواي ً‬ ‫َ‬
‫صل‪ ،‬لنني لم أ ِ‬ ‫ن هذا ليس ِبفا ِ‬ ‫ن الذي َيظهر لي أ ّ‬ ‫صل‪ ،‬ولك ّ‬ ‫فا ِ‬
‫ن السيدة عائشة‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنها‪-‬‬ ‫ل على أ ّ‬ ‫صحيحة ت َد ُ ّ‬
‫ت لها أنها‬ ‫سع َ ْ‬ ‫ف الُعمرة و َ‬ ‫ت طوا َ‬ ‫ن " الّتنعيم " وطاف ْ‬ ‫م َ‬ ‫مرت ِ‬ ‫عندما اعت َ‬
‫ل على ذلك‪ ،‬والظاهر‬ ‫جد ما َيد ّ‬ ‫َ‬
‫ت بعد ذلك ِللوداع ‪ ..‬لم أ ِ‬ ‫ت وطاف ْ‬ ‫ذهب ْ‬
‫َ‬
‫ف الوداع ولو كان ذلك ل ُيجزي َلما أقَّرها‬ ‫ت ِبذلك عن طوا ِ‬ ‫أنها اكتَف ْ‬
‫الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬على ذلك‪ ،‬فأرى أنه ل مانع‬
‫من الناس‪ ،‬وَنحن‬ ‫سيرا على كثير ِ‬ ‫ن فيه تي ْ ِ‬ ‫من الخذ ِبذلك‪ ،‬ولسيما أ ّ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ة عن رسو ِ‬ ‫ب الله ول سن ّ ً‬ ‫من كتا ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ف آي ً‬ ‫سير ِبشْرط أل ّ ُنخال ِ َ‬ ‫ب التي ْ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫نُ ِ‬
‫صْرِفه عن‬ ‫حا ل ِ َ‬ ‫مل احتمال ً صال ِ ً‬ ‫ريحا ل َيحت ِ‬ ‫دنا دليل ً ص ِ‬ ‫ج ْ‬‫الله ‪ ، e‬أما إذا وَ َ‬
‫ريح عن دللته وإنما‬ ‫صَرف الص ِ‬ ‫كن أن ي ُ ْ‬ ‫ذلك المعنى الصريح بل ل ُيم ِ‬
‫هر إلى معنى‬ ‫ل الدليل على صرِفه عن ذلك الظا ِ‬ ‫هر إذا د َ ّ‬ ‫صَرف الظا ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫هره أو كان ذلك‬ ‫ل عن ظا ِ‬ ‫ف ذلك الدلي َ‬ ‫صرِ ُ‬‫جد دليل ً ي َ ْ‬ ‫آخر‪ ،‬فإذا لم ن َ ِ‬
‫ن النسان له أن َيأخذ ِبالقول الفلني‬ ‫كن أن َنقول إ ّ‬ ‫ريحا فل ُيم ِ‬ ‫لص ِ‬ ‫الدلي ُ‬
‫من قال ِبذلك‪،‬‬ ‫ث الصريح ‪ ..‬ن َعْذ ُُر َ‬ ‫م ِلذلك الحدي ِ‬ ‫صِاد ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن ذلك القو َ‬ ‫مع أ ّ‬
‫ث الصريح ولكن َلعّله لم ي َط ِّلع عليه أو‬ ‫مد أن ُيخاِلف الحدي َ‬ ‫لنه لم َيتعَ ّ‬
‫ن أنه‬ ‫صرُِفه عن دللته وليس المر كذلك أو ظ َ ّ‬ ‫ن هناِلك صاِرفا ي َ ْ‬ ‫نأ ّ‬ ‫ظَ ّ‬
‫ت وهو ثاِبت في حقيقة المر أو ما شابه ذلك‪.‬‬ ‫لم َيثب ْ‬
‫شك‬ ‫سر " وهي حقّ ل َ‬ ‫دين ي ُ ْ‬ ‫ن ِبهذه العبارة‪ " :‬ال ّ‬ ‫من الناس ي َت َغَن ّوْ َ‬ ‫فكثير ِ‬
‫ط في السنن الثابتة عن النبي ‪ e‬أو ما شابه‬ ‫فيه ولكن هل ُيمكن أن ن َُفّر َ‬
‫ط النسان بعد ذلك في‬ ‫ذلك ِبهذه الدعوى ؟! إذا قيل بذلك ربما ي َُفّر ُ‬
‫ما لم َيقل ِبه عاِلم ‪ ..‬إنما قال العلماء‪" :‬‬ ‫م ّ‬ ‫الواجبات إلى غير ذلك‪ ،‬فهذا ِ‬
‫جهَِله‬ ‫من َ‬ ‫جهَِله َ‬ ‫مه و َ‬ ‫من عَل ِ َ‬ ‫م ذلك َ‬ ‫سر عَل ِ َ‬ ‫دين كله ي ُ ْ‬ ‫سر " ‪ ..‬وال ّ‬ ‫دين ي ُ ْ‬ ‫ال ّ‬

‫‪493‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من أن‬ ‫ة لبد ِ‬ ‫ن المر ِبخلف ذلك‪ ،‬فإذن هذه نقط ٌ‬ ‫جهِْله ل ِبسبب أ ّ‬ ‫ِبسبب َ‬
‫ي ُن ْت ََبه لها‪.‬‬
‫خص في الرمي في اليوم الحادي‬ ‫مّنا ِبأن ن َُر ّ‬ ‫من الناس َيطلبون ِ‬ ‫كثير ِ‬
‫ض أهل‬ ‫ن بع َ‬ ‫عشر والثاني عشر والثالث عشر قبل الزوال ِبدعوى أ ّ‬
‫من رمى‬ ‫ن َ‬ ‫ض العلماء قال ِبأ ّ‬ ‫ن بع َ‬ ‫العلم قد قال ِبذلك‪ ،‬وَنحن ل ن ُن ْك ُِر أ ّ‬
‫فقون‪-‬في حقيقة المر‪-‬مع‬ ‫زيه ولكنهم مت ّ ِ‬ ‫ن ذلك ُيج ِ‬ ‫في ذلك الوقت أ ّ‬
‫ن السّنة الثابتة عن النبي ‪ e‬هي الرمي بعد الزوال‪ ،‬فهذا الذي‬ ‫غيرهم ِبأ ّ‬
‫ت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فقد روى البخاري وأبو‬ ‫ث َب َ َ‬
‫ن‬
‫من طريق ابن عمر‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنهما‪-‬أ ّ‬ ‫داود والبيهقي ِ‬
‫من‬ ‫ث‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫مى بعد أن زالت الشمس‪ ،‬وقد جاء هذا الحدي ُ‬ ‫النبي ‪َ e‬ر َ‬
‫طريق جابر بن عبد الله رضي الله تبارك وتعالى عنهما‪ ،‬رواه المام‬
‫مسلم‪ ،‬ورواه المام البخاري في صحيحه تعليًقا‪ ،‬ورواه النسائي في "‬
‫الصغرى " و " الكبرى "‪ ،‬ورواه أبو داوود والترمذي والدارمي وابن‬
‫ماجة‪ ،‬ورواه‪-‬أيضا‪-‬ابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان وابن أبي شيبة‪،‬‬
‫ورواه أبو عوانة وأبو ن ُعَْيم في " المستخَرج على صحيح مسلم "‪ ،‬ورواه‬
‫صر الحكام "‪ ،‬ورواه البيهقي في " السنن الكبرى‬ ‫طوسي في " مخت َ‬ ‫ال ّ‬
‫رفة " وفي " دلئل النبوة "‪ ،‬ورواه‬ ‫" وفي " الصغرى " وفي " المع ِ‬
‫جة الوداع "‪ ،‬وروته‬ ‫ح ّ‬‫الحاكم في " المستدَرك "‪ ،‬ورواه ابن حزم في " َ‬
‫من طريق السيدة عائشة‬ ‫من أهل العلم‪ ،‬ولهما شاهدان ِ‬ ‫طائفة كبيرة ِ‬
‫ض أهل العلم ومهما كان فإنهما‬ ‫ما بع ُ‬ ‫واهُ َ‬ ‫من طريق ابن عباس وقد قَ ّ‬ ‫و ِ‬
‫صاِلحان ِللستشهاد وإذا قيل ِبعكس ذلك فإننا قد أغنانا الله‪-‬تبارك‬
‫كن‬ ‫وتعالى‪-‬عنهما ِبالصحيح الثابت المت َّفق على ثبوته‪ ،‬فهل بعد ذلك ُيم ِ‬
‫ص في الرمي قبل ذلك مع وجود هذه النصوص الصحيحة الثابتة‬ ‫خ َ‬ ‫أن ن َُر ّ‬
‫سيرا "‪ ،‬ذلك لننا‪ِ-‬بحمد‬ ‫ن في ذلك تع ِ‬ ‫كن أن ُيقال‪ " :‬إ ّ‬ ‫؟! ثم إنه ل ُيم ِ‬
‫ن الوقت َيمتد ّ‬ ‫زم الناس ِبأن َيرموا في ذلك الوقت بل قلنا إ ّ‬ ‫الله‪-‬لم ن ُل ْ ِ‬
‫شرة إلى غروب‬ ‫صف النهار ‪ ..‬أي بعد زوال الشمس مبا َ‬ ‫من منت َ‬ ‫ِ‬
‫حَرجا ً أو مشّقة فإنه‬ ‫جد َ َ‬ ‫طع ووَ َ‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫الشمس وهذا ِللمستطيع‪ ،‬أما َ‬
‫ي في اليوم الثاني‪-‬أي في‬ ‫م َ‬‫كن أن َير ِ‬ ‫ي في الليل بل ُيم ِ‬ ‫م َ‬ ‫كن أن ي َْر ِ‬ ‫ُيم ِ‬
‫اليوم الثاني عشر‪-‬عن اليوم الحادي عشر والثاني عشر‪ ،‬أو في اليوم‬
‫من الناس ؟!‬ ‫ه ِ‬
‫م ُ‬ ‫من ي َْزعُ ُ‬ ‫ه َ‬‫م ُ‬ ‫سر الذي ي َْزعُ ُ‬ ‫الثالث عشر‪ ،‬فأْين هذا العُ ْ‬
‫ت عن النبي‪-‬صلى الله تبارك وتعالى عليه وعلى آله‬ ‫فالحديث قد ث َب َ َ‬
‫صم بن عدي عند المام مالك والشافعي‬ ‫من طريق عا ِ‬ ‫وصحبه وسلم‪ِ -‬‬
‫وأحمد والنسائي وأبي داوود والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن‬
‫دي وأحمد وغيرهم‬ ‫مي ْ ِ‬‫ح َ‬‫خزيمة وابن حبان وابن الجارود وأبي يعلى وال ُ‬
‫من‬ ‫من أئمة الحديث‪ ،‬وقد رواه المام الربيع‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪ِ -‬‬ ‫ِ‬
‫‪494‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ص ِللرعاة ِبأن َيرموا اليوم‬ ‫خ َ‬ ‫طريق أبي عبيدة َبلغا ً عن النبي‪ e 1‬أنه َر ّ‬
‫معوا رمي اليومين‬ ‫شر والغداة ثم َيرموا يوما عن يومين ‪ ..‬أي َيج َ‬ ‫العا ِ‬
‫ن ذلك يكون أداءً ل‬ ‫جة ن َي َّرة ِبأ ّ‬ ‫ح ّ‬‫في يوم واحد‪ ،‬وهذا فيه دللة واضحة و ُ‬
‫من غير‬ ‫دى بعد وقتها ِ‬ ‫مر ِبعبادة ت ُؤَ ّ‬ ‫كن ِللنبي ‪ e‬أن َيأ ُ‬ ‫قضاًء‪ ،‬إذ ل ُيم ِ‬
‫مَر ِبذلك‪ ،‬فهذا دليل على أنه أداء‪ ،‬ثم إنه لو‬ ‫َ‬
‫حة مع أنه قد أ َ‬ ‫مل ِ ّ‬‫ضرورة ُ‬
‫كن أن ُتقضى بعد‬ ‫ن العبادة ُيم ِ‬ ‫ل على أ ّ‬ ‫كان قضاًء‪-‬أيضا‪-‬فهذا الحديث َيد ّ‬
‫حقّ ِبالقضاء ( وما شابه ذلك‬ ‫َ‬ ‫وقتها‪ ،‬وذلك َيد ّ‬
‫ن الله أ َ‬ ‫ل عليه أيضا‪ ) :‬فد َي ْ ُ‬
‫كن‬ ‫ما ل ُيم ِ‬ ‫م ّ‬
‫من غير دليل فهذا ِ‬ ‫من الدلة‪ ،‬أما تقديم العبادة عن وقتها ِ‬ ‫ِ‬
‫أن َيقول ِبه أحد ٌ بعد ثبوت هذه السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى‬
‫مس العذر لولئك العلماء الذين‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ونحن َنلت ِ‬
‫ما ل َينبغي‪ ،‬ثم ليس هناِلك‬ ‫م ّ‬ ‫قالوا ِبخلف ذلك أما أن نأخذ ِبقولهم فهذا ِ‬
‫من أهل العلم قالوا‪:‬‬ ‫سر كبير جدا جدا ‪ ..‬كثير ِ‬ ‫سر ِبحمد الله بل فيه ي ُ ْ‬ ‫عُ ْ‬
‫ن‬
‫ن النسان ليس له أن َيرمي بعد غروب الشمس " ونحن نقول‪ :‬إ ّ‬ ‫"إ ّ‬
‫خر ذلك حتى إلى اليوم‬ ‫طع له أن ي ُؤَ ّ‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫ن َ‬‫ل على أ ّ‬ ‫الدليل قد د ّ‬
‫ي اليوم الحادي عشر حتى إلى الثالث‬ ‫م َ‬ ‫خَر َر ْ‬ ‫الثالث عشر ‪ ..‬أن ي ُؤَ ّ‬
‫ت في سّنة‬ ‫ة َينبغي أن ي ُن ْت ََبه إليها وأن َنأخذ ِبما ث َب َ َ‬ ‫عشر‪ ،‬فهذه مسأل ٌ‬
‫رسول الله ‪. e‬‬
‫من‬ ‫لمة المحّقق سعيد بن خلفان رحمه الله‪ " :‬و ِ‬ ‫جُبني ما قاله الع ّ‬ ‫وُيع ِ‬
‫وأنت ُتعاِرضني ِبعلماء بيْضة‬ ‫َ‬ ‫ص لك عن رسول الله ‪e‬‬ ‫َ‬
‫الَعجب أن أن ُ ّ‬
‫من‬ ‫غير دليل ول واضِح سبيل ‪ ..‬أليس هذا في العيان نوعا ِ‬ ‫من ْ‬ ‫السلم ِ‬
‫الهذيان ؟! "‪.‬‬
‫من خاَلف‬ ‫وقطب الئمة‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬قد شد ّد َ أّيما تشديد في َ‬
‫السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فقد‬
‫قال كلما ما معناه إن لم َيكن هذا هو اللفظ الذي ذ َك ََره القطب رحمه‬
‫الله تبارك وتعالى ‪ ..‬قال‪ " :‬اعلم أنه ل َيجوز لك السرار بها ول تقليد‬
‫كلم ' الديوان ' في ذلك بعد قيام الحجة عليك ِبما تقدم وِبما يأتي إن‬
‫شاء الله تبارك وتعالى‪ ،‬وإن كان ِللديوان حديث في ذلك لم ن َط ِّلع عليه‬
‫من الحاديث‪ ،‬فكيف ول حديث‬ ‫ب علينا العمل ِبما اط ّل َْعنا عليه ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ل َوَ َ‬
‫طلعه‬ ‫من أكب عليه بعد ا ّ‬ ‫مجّرد استحسان‪ ،‬ف َ‬ ‫ِللديوان في ذلك وإنما هو ُ‬
‫ن في‬ ‫ت عليه أل ّ َينجو ول َتناله الشهادة ل ّ‬ ‫خْف ُ‬ ‫على الحاديث والحجج ِ‬
‫ذلك إصرارا وعنادا " أو ما هذا معناه‪ ,2‬فالقطب‪-‬رحمه الله تبارك‬
‫من قّلد كلم صاحب " الديوان " في هذه القضية‬ ‫وتعالى‪-‬قد شد ّد َ في َ‬
‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب )‪ (7‬في عَرفة والمزدلفة ومِنى‪ ،‬حديث رقم ‪ :426‬أبو‬
‫خص رسول الله ‪ِ e‬لرعاة البل في البيتوتة‪ ،‬ويَرمون يوم النحر‪ ،‬ثم يَرمون‬‫عبيدة قال‪َ :‬ر ّ‬
‫الغد يَرمون يومين ثم يَرمون يوم النفْر‪.‬‬
‫ِبالغداة‪ ،‬ومِن بعد َ‬
‫‪495‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وقال إنه حتى لو كان هناِلك حديث استدل به صاحب " الديوان " ِبما‬
‫ن الواجب علينا أن َنأخذ ِبالسّنة الصحيحة‪ ،‬وأنه ل‬ ‫أننا لم نط ِّلع عليه فإ ّ‬
‫ت‪.‬‬‫َيجوز لحد أن ُيعاِند وُيخاِلف السنن بعدما ث َب َت َ ْ‬
‫والشيخ السالمي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬قد شد ّد َ في مثل هذه‬
‫القضايا أّيما تشديد‪ ،‬فيقول رحمه الله تبارك وتعالى‪:‬‬
‫خلفا‬ ‫ده ِ‬ ‫ونحن َنحكي بع َ‬ ‫المصطفى َيعتِبر الوصاف‬
‫ُ‬
‫سن ِد َ‬‫صأ ْ‬ ‫فيه عن المختار ن ّ‬ ‫ف فيما وََرد َ‬ ‫ل َنقَبل الخل َ‬
‫من الناس َيجعلون المام‬ ‫جد َ رحمه الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬كثيرا ِ‬ ‫وعندما وَ َ‬
‫دد في ذلك رحمه الله‪-‬‬ ‫ش ّ‬‫ذن غْير ِثقة َ‬ ‫هو الذي ُيقيم الصلة إذا كان المؤ ّ‬
‫تبارك تعالى‪-‬أّيما تشديد فقال‪ " :‬ومثله " ‪ ..‬أي مثل الذان ‪..‬‬
‫مه‬ ‫ة أحكا َ‬ ‫لنها تاِبع ٌ‬ ‫ومثله قد ِقيل في القامة‬
‫ض‬
‫ة َيشُرط فيها الب َعْ ُ‬ ‫وث َِق ً‬ ‫فقيل سّنة وقيل فرض‬
‫خِفي‬ ‫أسّرها المام فيما ي ُ ْ‬ ‫فإن َيكن ليس ِبهذا الوصف‬
‫هذى‬ ‫إني أرى قائله قد َ‬ ‫ول دليل عندنا ِلهذا‬
‫وهو فساد حيث ل ي َد ِْريه‬ ‫ن الحتياط فيه‬ ‫نأ ّ‬ ‫ي َظ ُ ّ‬
‫من بعده عن سّنة السلف‬ ‫فكان منه سَبب انصراف‬
‫إذ كان فيه ثقة سليما‬ ‫فجعلوا إمامهم مقيما‬
‫سّيد الورى‬ ‫سّنة َ‬ ‫فبد ُّلوا ُ‬ ‫ضَر‬‫ح َ‬ ‫من َ‬ ‫م ّ‬‫وَقَب ُِلوا الذان ِ‬
‫حب َُنا‬ ‫ص ْ‬ ‫فهو ُيقيم وعليه َ‬ ‫ذن‬ ‫من أ َ ّ‬ ‫سن ّت ِهِ َ‬
‫إذ كان في ُ‬
‫عون‬ ‫وهم ِللحتياط ي َد ّ ُ‬ ‫جهلوا المسنون‬ ‫من َ‬ ‫حتى أتى َ‬
‫من ل َيعِقل‬ ‫ت ِبقلب َ‬ ‫خ ْ‬‫س َ‬ ‫وَر َ‬ ‫دلوا‬ ‫فب َد ُّلوا ول َي ْت َُهم ما ب َ ّ‬
‫على ثبوِتها ِبما قد قال‬ ‫عاها سّنة واحتال‬ ‫حتى اد ّ َ‬
‫لنه َيقول ما ل َيعلم‬ ‫حّرم‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫جد َ ٌ‬ ‫ري َ‬ ‫م ِ‬ ‫وهو ل َعَ ْ‬
‫حَنة‬ ‫م ْ‬ ‫ِبجهله كفى ِبهذا ِ‬ ‫وأنه ساٍع ل َِهدم السّنة‬
‫إلى آخر كلمه رحمه الله تبارك وتعالى‪.1‬‬

‫‪-2‬قطب الئمة الشيخ محمد بن يوسف أطفيش‪ ،‬كتاب " القنوان الدانية في مسألة الديوان‬
‫العانية "‪ ،‬ص ‪ " :14‬اعلم أنه ل َيجوز لك السرار بها ول تقليد كلم ' الديوان ' في هذا مع‬
‫ت لك وِبما يأتي إن شاء الله‪ ،‬ولو كان ِللديوان في ذلك حديث لم‬ ‫قيام الحجة عليك ِبما ذكر ُ‬
‫من الحاديث‪ ،‬فكيف ل حديث ِللديوان لذلك‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ب علينا العمل ِبما اطلْعنا عليه ِ‬ ‫ن َط ِّلع عليه ل َوَ َ‬
‫ج َ‬
‫من أكب عليه وترك الحاديث والحجج بعدما‬ ‫مجّرد استحسان ل دليل عليه‪ ،‬ف َ‬ ‫وإنما هو ُ‬
‫ن ذلك منه إصرار وعناد "‪.‬‬
‫ت عليه أن ل َينجو ول َتناله الشهادة ل ّ‬ ‫ف ُ‬ ‫خ ْ‬
‫وصلته ِ‬
‫‪-1‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الصلة‪ ،‬باب‪:‬‬
‫الذان والقامة‪ ،‬وهذا بقية كلمه رحمه الله تبارك وتعالى‪:‬‬
‫فَتن أسلَفنا والعلماءكيف تكون سّنة مخاِلفةِلما عليه العلماء‬‫لو كان سّنة كما قد زعملم ت َ ُ‬
‫صّلى عليه رّبهمشتِهر مضى عليه صحُبهوالخلفاُء الراشدون أجمعإلى انتهائهم‬ ‫السالفةوِفعله َ‬
‫عليه أجمعوا‬
‫‪496‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ض العلماء قالوا‬ ‫جد َ بع َ‬ ‫والمام الخليلي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬عندما وَ َ‬


‫ب ِبه‬ ‫ضَر ُ‬ ‫ل ِبخلف الحديث ي ُ ْ‬ ‫ث ثابت عن النبي ‪ e‬قال‪ " :‬وقو ٌ‬ ‫ِبخلف حدي ٍ‬
‫ض مشائخه رضوان الله‪-‬‬ ‫عُْرض الحائط " مع أنه قد قال ِبذلك القول بع ُ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬عليهم‪.‬‬
‫جدوا سّنة ثابتة عن رسول الله ‪َ e‬أخذوا‬ ‫ل الّرجال إذا وَ َ‬ ‫حو َ‬ ‫جد فُ ُ‬ ‫وهكذا ن َ ِ‬
‫من أهل‬ ‫من خاَلفها ِ‬ ‫ِبتلك السّنة الثابتة عن رسول الله ‪ e‬ولو خاَلفها َ‬
‫العلم‪ ،‬وِلذلك الشيخ السالمي‪-‬رحمه الله‪-‬يقول‪:‬‬
‫ظ فيه أبدا ِللنظر‬ ‫لح ّ‬ ‫فقولهم عند وجود الثر‬
‫من النظار‬ ‫خلَفه ِ‬ ‫َينفي ِ‬ ‫معناه ما أتى عن المختار‬
‫وعلى كل حال‪:‬‬
‫وإن َيقولوا خاَلف الثار‬ ‫حسبك أن تت ِّبع المختار‬
‫و‪:‬‬
‫ول كلم ِ المصطفى الّواه‬ ‫ظر ِبكتاب الله‬ ‫ول ت َُنا ِ‬
‫ولو َيكون عاِلما خبيرا‬ ‫معناه ل َتجعل له نظيرا‬
‫فهذا الذي َينبغي للنسان‪.‬‬
‫ن ِبأنه قد قال ِبهذا القول‬ ‫جو َ‬
‫ج ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫من الناس ي َت َ َ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫من الَعجب أ ّ‬ ‫و ِ‬
‫ؤوا ‪ ..‬محمد‬ ‫خط َ ُ‬ ‫َ‬
‫محمد بن علي ‪ ..‬أي تقديم الرمي عن وقته‪ ،‬وأّول قد أ ْ‬
‫بن علي ليس هذا هو المشهور‪ ،‬وإنما هذا هو رجل مالكي كما ذ َك ََر ذلك‬
‫ابن عبد البر وكما ذكر ذلك ابن رشد أيضا‪ ،‬ونحن‪-‬أيضا‪-‬وإن كّنا نقول‪" :‬‬
‫كن أن ن َُقل ّد َ‬ ‫ن هذا الرجل له العذر فيما قال به " ولكن مهما كان ل ُيم ِ‬ ‫إ ّ‬
‫من شمس الظهيرة‪،‬‬ ‫دا بعد ثبوت السّنة الصحيحة الثابتة ثبوتا أوضح ِ‬ ‫أح ً‬
‫سطًا‪ِ-‬بمشيئة الله‪-‬في الدروس القادمة ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫دها ب َ ْ‬ ‫زي ُ‬
‫سن َ ِ‬ ‫وهذه المسألة َ‬
‫فأسأل الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن ُيوفَّقنا ِللعمل ِبالسّنة؛ والله أعلم‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 17‬رمضان ‪1424‬هه‪ ،‬يوافقه ‪12/11/2003‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫من قَط َعَ شيئا‬ ‫حق َ‬ ‫صيام في َ‬ ‫دم والطعام وال ّ‬ ‫ن ال ّ‬‫خّير ب َي ْ َ‬ ‫هل ي ُ َ‬ ‫س ‪َ :1‬‬
‫رم ؟‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬ ‫هو ُ‬ ‫جر وَ ُ‬ ‫ش َ‬ ‫من ال ّ‬ ‫ِ‬
‫سن ّةِ رسوِله‪-‬‬ ‫دلي ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ول في ُ‬ ‫ل في كتا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ج‪ :‬إّنه لم ي َأ ِ‬
‫رم ل َيجوز َله أن‬ ‫مح ِ‬ ‫ن اله ُ‬ ‫ل عََلى أ ّ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ي َد ُ ّ‬
‫ما ي ََتعّلق ِبالشجر‪ ،‬ولم‬ ‫م ّ‬
‫من الشجر أو ما شابه ذلك ‪ ..‬أي ِ‬ ‫طع شيئا ِ‬ ‫َيق َ‬
‫من‬ ‫ن ِ‬ ‫مجّرد ظ ّ‬ ‫مين‪ ،‬وإّنما هذا هو ُ‬ ‫من علماِء المسل ِ ِ‬ ‫ي َُقل ِبذلك‪-‬أيضا‪-‬أحد ٌ ِ‬
‫ع‬
‫من ذلك وإّنما ُيمن َ ُ‬ ‫من شيٍء ِ‬ ‫رم ل ُيمَنع ِ‬ ‫مح ِ‬ ‫وام‪ ،‬فإذن اله ُ‬ ‫ض العَ َ‬ ‫بع ِ‬
‫‪-2‬وكان ذلك‪-‬بحمد الله تعالى‪-‬عند الجواب على السؤال ‪ 2‬من حلقة ‪ 24‬ذو القعدة ‪1424‬هه‬
‫) ‪18/1/2004‬م (‪ ،‬وكان ذلك أيضا‪-‬بحمد الله تعالى‪-‬عند الجواب على السؤال ‪ 8‬من حلقة‬
‫‪ 6‬ذو القعدة ‪1425‬هه ) ‪19/12/2004‬م (‪.‬‬
‫‪497‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ر‬
‫ج ِ‬‫ما ي َت َعَل ّقُ ِبش َ‬ ‫م ّ‬ ‫من المور ِ‬ ‫ما شابه ذلك ِ‬ ‫من قَط ِْع أو قَل ِْع أو َ‬ ‫ن ِ‬ ‫النسا ُ‬
‫مُنوع هو‬ ‫م ْ‬ ‫حل‪ ،‬فإذن اله َ‬ ‫م ِ‬ ‫رما أو كان ُ‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬‫ص ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫الحَرم سواء كان ذلك ال ّ‬
‫حل‪ ،‬وعليه فإن قَط ْ َ‬
‫ع‬ ‫م ِ‬ ‫رم واله ُ‬ ‫مح ِ‬ ‫جُر الحَرم ول فَْرقَ في ذلك ب َْين اله ُ‬ ‫ش َ‬ ‫َ‬
‫من غي ْرِ الحَرم كعرفة‪-‬مثل‪َ-‬فل شيَء عليه‬ ‫رم شجرا ً ِ‬ ‫مح ِ‬ ‫حل أو ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫شخ ٌ‬
‫مة ول عب َْرةَ‬ ‫ل جمهورِ ال ّ‬ ‫هو قو ُ‬ ‫من الحَرم كما ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫س ْ‬ ‫ن عََرَفة ل َي ْ َ‬ ‫بناء على أ ّ‬
‫خاَلف ِفي ذلك‪.‬‬ ‫من َ‬ ‫ف َ‬ ‫خل ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫ص السن ّةِ الصحيحة الثاِبتة‬ ‫مُنوعٌ ب ِن َ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫جرِ الحرم فإّنه َ‬ ‫ش َ‬ ‫ما ِبالّنسَبة إلى َ‬ ‫أ ّ‬
‫مة إل ّ ما وََرد َ‬ ‫جماِع ال ّ‬ ‫عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وِبإ ْ‬
‫استثناؤه‪.‬‬
‫جرِ الحَرم سواء‬ ‫ش َ‬ ‫من َ‬ ‫من قَط َعَ شيئا ِ‬ ‫ب على َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ذا ي َ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫سَبة إلى َ‬ ‫ما ِبالن ّ ْ‬ ‫وأ ّ‬
‫ن العَُلماء َقد اختل َُفوا في ذلك‪:‬‬ ‫رما ؟ فإ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حل أو ُ‬ ‫م ِ‬ ‫كان ُ‬
‫ث الجزاء أو الِفد َْية‬ ‫من حي ُ‬ ‫ب إلى أّنه ل شيَء عليه‪-‬أيْ ِ‬ ‫من ذه َ‬ ‫منهم َ‬ ‫‪ِ -1‬‬
‫ب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬لّنه‬ ‫جب عليه أن َيتو َ‬ ‫أو ما شابه ذلك‪-‬وإّنما ي َ ِ‬
‫ت ِبه طائفة‬ ‫حظ ََره ُ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليه‪ ،‬وهذا القول قال ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ب َ‬ ‫ارتك َ َ‬
‫ل العلم‪.‬‬ ‫من أه ِ‬ ‫ِ‬
‫جب عليه الجزاء إل أّنهم اختَلفوا في‬ ‫مة إلى أّنه ي َ ِ‬ ‫جمهوُر ال ّ‬ ‫ب ُ‬ ‫‪-2‬وذه َ‬
‫ذلك‪:‬‬
‫صي ْدِ الحَرم‪-‬وقد تكّلمنا على ذلك‪-‬‬ ‫ن حكمه كحم ِ َ‬ ‫من ذهب إلى أ ّ‬ ‫منهم َ‬
‫مة في ذلك‪.‬‬ ‫كو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫من ُ‬ ‫وعليه فإنه لبد ِ‬
‫قيمة "‪.‬‬ ‫جب فيه ال ِ‬ ‫صي ْدِ الحَرم وََقال‪ " :‬إّنه ت َ ِ‬ ‫من فَّرق بْينه وبْين َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ف ذلك‪.‬‬ ‫من َقال ِبخل ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ث‬‫من حي ُ‬ ‫جب عليه شيٌء ِ‬ ‫والذي َيظَهر ِلي في هذه القضية أّنه ل ي َ ِ‬
‫ة إلى الله تبارك وتعالى‪ ،‬وذلك لّنه َلم‬ ‫الجزاء أو الِفدية وإّنما عليه الّتوب َ ُ‬
‫من سن ّةِ رسوِله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫ب الله ول ِ‬ ‫من كتا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫دلي ٌ‬ ‫ت َ‬ ‫َيأ ِ‬
‫ن‬‫من المعلوم ِ أ ّ‬ ‫مة على ذلك‪ ،‬و ِ‬ ‫مع ال ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫وسلم‪-‬الصحيحة الثاِبتة وَلم ت ُ ْ‬
‫جب شيئا‬ ‫كن أن ُنو ِ‬ ‫مة ِبعصمةِ السلم ِ َلها َفل ُيم ِ‬ ‫صو َ‬ ‫مع ْ ُ‬ ‫مين َ‬ ‫ل المسل ِ ِ‬ ‫أموا َ‬
‫ت‬ ‫ك د َِليل في ذلك وإّنما جاء ْ‬ ‫ن ل َنمل ِ ُ‬ ‫عي‪ ،‬وَنح ُ‬ ‫ل شْر ِ‬ ‫على أحد إل ِبدِلي ٍ‬
‫ت تلك‬ ‫ديرِ ثبو ِ‬ ‫ل الله ‪ e‬وعلى تق ِ‬ ‫ض صحابةِ رسو ِ‬ ‫ت عن بع ِ‬ ‫ض الروايا ِ‬ ‫بع ُ‬
‫جة على‬ ‫ح ّ‬‫ن مذهب الصحابي ليس ب ِ ُ‬ ‫جة فيها‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫الّروايات فإّنه ل ُ‬
‫من‬ ‫ت‪-‬هو أّنه ل جزاءَ على َ‬ ‫ح‪-‬كما قل ُ‬ ‫جح الصحيح‪ ،‬فإذن الصحي ُ‬ ‫ل الرا ِ‬ ‫القو ِ‬
‫جرِ الحَرم وإّنما عليه الّتوبة والَناَبة إلى الله‪-‬تبارك‬ ‫ش َ‬ ‫من َ‬ ‫قَط َعَ شيئا ِ‬
‫ما الوجوب فل‬ ‫سن‪ ،‬أ ّ‬ ‫ح َ‬‫ن ذلك َ‬ ‫من الخي ْرِ فإ ّ‬ ‫وتعالى‪-‬وإن فعل شيئا ِ‬
‫وجوب؛ والله أعلم‪.‬‬
‫من سبعة طوابق وَت ُوُفَّيت‬ ‫ون ِ‬ ‫مك َ ّ‬ ‫من مبنى ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫س ‪ :3‬فتاة سقط ْ‬
‫سبعة عشر سَنة وعشرة أشهر‪ ،‬وَلم ت َّتضح للجهات‬ ‫من الُعمر َ‬ ‫وهي تبلغ ِ‬
‫‪498‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن الفتاة ل ُتعاني من أي‬ ‫المختصة معرفة أسباب السقوط مع العلم أ ّ‬


‫أمراض نفسية‪ ،‬هل َيجب أو ي ُْفَرض على أهل هذه الفتاة عمل التي‪:‬‬
‫كفارات‬ ‫ن فات ََها من السنوات الماضية َ‬ ‫دق عن الفتاة‪ ،‬الصوم إذا َ‬
‫كا َ‬ ‫ص ّ‬ ‫الت ّ َ‬
‫جة ؟‬ ‫ح ّ‬ ‫أو َ‬
‫جوب ل ُيمكن أن ن َُقول‪ " :‬إّنه َيجب على شخص أن‬ ‫جوب فل وُ ُ‬ ‫ما الوُ ُ‬ ‫ج‪ :‬أ ّ‬
‫دق عنه أو أن يقوم بأداء الحج عنه أو ما‬ ‫ص ّ‬‫يصوم عن شخص أو أن ي َت َ َ‬
‫شابه ذلك " فل ُيمكن أن ُيقال‪ " :‬إّنه َيجب " وإّنما ي َُقال‪ " :‬ينبغي "‪،‬‬
‫من قَْبل ومستطيعة للذهاب لتأدية‬ ‫دة للمال ِ‬ ‫ج َ‬ ‫فإذا كانت هذه البنت َوا ِ‬
‫جوا عنها ‪...‬‬ ‫ح ّ‬‫فريضة الحج ولم َتحج فينبغي ل ِوََرث َِتها أن ي َ ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ي‬‫م ِ‬ ‫ج عنه وكما َتعَلمون عند َ َر ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫دي توّفاه الله وأِريد أن أ ُ‬ ‫س ‪ :7‬وال ِ ِ‬
‫ُ‬
‫ي الجمار ؟ مع العلم‬ ‫م ِ‬ ‫جَر ل َِر ْ‬ ‫مة كِبيَرة‪ ،‬هل ِلي أن أؤَ ّ‬ ‫ح َ‬‫الجمار َتكون ز ْ‬
‫سي‪.‬‬ ‫َ‬
‫ت الحج عن نف ِ‬ ‫أّنني أد ّي ْ ُ‬
‫من‬ ‫سه فلُبد ِ‬ ‫طيع أن َيقوم ِبالّرمي هو نف ُ‬ ‫ذا الشخص َيست ِ‬ ‫ج‪ :‬إن كان هَ َ‬
‫ب غي َْره سواء كان ذلك ِبالجَرة‬ ‫مي هو نفسه‪ ،‬وليس َله أن َيست َِني َ‬ ‫أن َير ِ‬
‫وى على ذلك فن ََعم َله‬ ‫ما إذا كان ل ي َْق َ‬ ‫ل الخْير‪ ،‬أ ّ‬ ‫ض أه ِ‬ ‫من بع ِ‬ ‫أو ِبالّتعاون ِ‬
‫ن معه وَيقوم ِبالّرمي‬ ‫ل الخْير ِبأن ي َت ََعاوَ َ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ره ِ‬ ‫من غي ْ ِ‬ ‫ما أن َيطلب ِ‬ ‫إ ّ‬
‫جَر غي َْره‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫ما أن ُيؤ ّ‬ ‫سَنة‪ ،‬وإ ّ‬ ‫جا في تلك ال ّ‬ ‫عنه ِبشرط أن َيكون حا ّ‬
‫جا في تلك السنة‪.‬‬ ‫ط أن َيكون حا ّ‬ ‫ِبشْر ِ‬
‫من الّرمي‬ ‫من الناس َيظّنون أنه لبد ِ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫ولكن َينبِغي أن ي ُن ْت ََبه إلى أ ّ‬
‫طيعوا الّرمي في ذلك الوقت‬ ‫جدا فإذا َلم َيست ِ‬ ‫دد ضّيق ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ت ُ‬ ‫في وق ٍ‬
‫ن الّرمي في أيام ِ‬ ‫ت ِبالمس أ ّ‬ ‫مُر كذلك‪ ،‬أنا ذكر ُ‬ ‫أنابوا غي َْرهم‪ ،‬وليس ال ْ‬
‫من‬ ‫شريق‪-‬أي في اليوم ِ الحاِدي عشر والثاني عشر والثالث عشر ل ِ َ‬ ‫الت ّ ْ‬
‫مَتد إلى‬ ‫مي قب َ‬ ‫َ‬
‫ل ذلك‪ ،‬وهو ي َ ْ‬ ‫صف النهار‪ ،‬وليس لحد أن َير ِ‬ ‫مْنت َ‬ ‫دأ ب ِ ُ‬ ‫خر‪َ-‬يب َ‬ ‫ت َأ ّ‬
‫وقت‪-‬‬ ‫مي في ذلك ال َ‬ ‫طع النسان أن َير ِ‬ ‫ذا َلم َيست ِ‬ ‫ب الشمس‪ ،‬وإ َ‬ ‫غرو ِ‬
‫مي عن‬ ‫كن َله أن َير ِ‬ ‫مي حتى في الليل َبل ُيم ِ‬ ‫ِللمشّقة مثل‪-‬فإّنه َله أن َير ِ‬
‫اليوم ِ الحاِدي عشر في اليوم ِ الثاني عشر أو في الثالث عشر‪ ،‬وهذه‪-‬‬
‫خر‪،‬‬ ‫من استطاع فل ينبِغي َله أن ُيؤ ّ‬ ‫ما َ‬ ‫طع‪ ،‬أ ّ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫من َلم ي َ ْ‬ ‫صة ل ِ َ‬ ‫خ َ‬ ‫طبعا‪ُ-‬ر ْ‬
‫ما إذا كان ل‬ ‫سر ما ل َيخفى‪ ،‬أ ّ‬ ‫من الي ُ ْ‬ ‫وهذا ِبحمد ِ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فيه ِ‬
‫طيع ذلك فل‪َ ،‬فلي َْنتبه الناس ِلهذه القضايا‪ ،‬وأّنه ليس َلهم أن‬ ‫َيست ِ‬
‫ت‪-‬فيما بْين‬ ‫َيستِنيبوا إل عند َ عدم ِ القدرة‪ ،‬فإن َلم يستطيعوا‪-‬كما قل ُ‬
‫ب الشمس فَلهم أن َيرموا حتى ِبالليل وَلهم حتى‬ ‫منتصف النهار وغرو ِ‬
‫من‬ ‫ب الشمس ِ‬ ‫ل غرو ِ‬ ‫ط أن َيكون ذلك قب َ‬ ‫في اليوم ِ الذي ي َِليه ِبشْر ِ‬
‫ث‬‫مس‪-‬وهو حدي ٌ‬ ‫ضح‪-‬ذكرُته ِبال ْ‬ ‫ل وا ِ‬ ‫اليوم ِ الثاِلث عشر‪ ،‬وهذا َله د َِلي ٌ‬
‫من طلوِع‬ ‫شر فهو ِ‬ ‫ي اليوم ِ العا ِ‬ ‫ما َرم ُ‬ ‫حيح ثاِبت عن النبي ‪ ، e‬أ ّ‬ ‫ص ِ‬
‫س‬‫ب الشم ِ‬ ‫ل العلم‪ ،‬وإلى غرو ِ‬ ‫ض أه ِ‬ ‫ف النهار عند َ بع ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫من ْت َ َ‬ ‫الشمس إلى ُ‬
‫‪499‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مي حتى في‬ ‫كن فِبإمكاِنه أن َير ِ‬ ‫م ّ‬ ‫من َلم ي َت َ َ‬ ‫عند َ طائفةٍ أخرى‪ ،‬ومع ذلك َ‬
‫ب‬‫خر ما ذكرُته في الجوا ِ‬ ‫الليل َبل وحتى في اليوم ِ الحاِدي عشر إلى آ ِ‬
‫كن أن َيكون في الثاِني عشر أو في الثاِلث عشر‬ ‫السابق ‪ ..‬أي ُيم ِ‬
‫ض‬
‫من اليوم ِ الثاِلث عشر‪ ،‬بل بع ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ب الشم ِ‬ ‫ل غرو ِ‬ ‫ط أن َيكون قب َ‬ ‫ِبشْر ِ‬
‫من الّنساءِ‬ ‫جزة ِ‬ ‫شر في حقّ العَ َ‬ ‫ي في اليوم ِ العا ِ‬ ‫ن الّرم َ‬ ‫العلماء قال‪ " :‬إ ّ‬
‫س‬‫شر "‪ ،‬وذلك لي َ‬ ‫من الَيوم ِ العا ِ‬ ‫جر ِ‬ ‫دأ ب ِط ُُلوِع الف ْ‬ ‫ل والمرضى َيب َ‬ ‫والطفا ِ‬
‫ث فيها‬ ‫ن الحاِدي َ‬ ‫من الّنظر‪ ،‬ل ّ‬ ‫ة ِبحاجة إلى شيٍء ِ‬ ‫ت المسأل ُ‬ ‫ِببِعيد وإن كان ْ‬
‫مت ََعاِرضة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ل على جواِز‬ ‫دا ي َد ُ ّ‬‫ديث ثاِبت أب َ ً‬ ‫جد ح ِ‬ ‫ريق فل ُيو َ‬ ‫ما ِبالّنسبةِ إلى أيام ِ الّتش ِ‬ ‫أ ّ‬
‫ل ذلك فعليه الّتوَبة إلى الله‪-‬‬ ‫مى قب َ‬ ‫من َر َ‬‫ف النهار‪ ،‬وَ َ‬ ‫ل منتص ِ‬ ‫ي قب َ‬ ‫الرم ِ‬
‫ت باِقيا فعليه أن ي ُِعيد َ ذلك؛ والله‪-‬تبارك‬ ‫وق ُ‬‫تبارك وتعالى‪-‬وإذا كان ال َ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 18‬رمضان ‪1424‬هه‪ ،‬يوافقه ‪13/11/2003‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫على‬ ‫ن َ‬ ‫ض النساء ي َْفهم َ‬ ‫ن بع َ‬ ‫طريَقة إحَرام ِ المرأة ؟ ل ّ‬ ‫س ‪ :1‬ما َ‬
‫َ‬
‫من‬ ‫معَّينا وطريقة معّينة‪ ،‬هل هناك ِبالفعل شيءٌ ِ‬ ‫ن لباسا ُ‬ ‫س َ‬ ‫أّنهن ي َل ْب َ ْ‬
‫ذا ؟‬ ‫ه َ‬
‫ضة الحج أن ي َ ُ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫كو َ‬ ‫ري َ‬ ‫ب إلى ت َأدَِية فَ ِ‬ ‫من أراد أن َيذه َ‬ ‫ل َ‬ ‫ج‪ :‬إنه ي َن ْب َِغي لك ّ‬
‫جل أو امرأة‬ ‫ما ي َت َعَّلق بأحكام الحج سواء كان َر ُ‬ ‫من أمره في َ‬ ‫عََلى ب َّينة ِ‬
‫دي إلى َفساد‬ ‫عية التي َقد ت ُؤَ ّ‬ ‫شْر ِ‬ ‫خالفات ال َ‬ ‫حتى ل َ َيقع في بعض الم َ‬
‫صل ذلك إلى‬ ‫من الّنقص في الحج وإن كان ل ي َ ِ‬ ‫دي إلى شيٍء ِ‬ ‫جه أو ُتؤ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫سادِ الحج‪.‬‬ ‫جة فَ َ‬ ‫د ََر َ‬
‫سأن َّبه عليه بعد قليل ِبمشيئة الله‬ ‫ُ‬ ‫المرأة ت َْلبس الم َ‬
‫لبس الَعادية إل ما َ‬
‫ن السّنة النبوية‪-‬على صاحبها وآله أفضل الصلة‬ ‫تبارك وتعالى‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫من اللباس ِبالنسبة ِللمرأة إل أنها‬ ‫ْ‬
‫ي عن شيٍء ِ‬ ‫ت فيها َنه ٌ‬ ‫م ي َأ ِ‬ ‫والسلم‪-‬ل َ‬
‫ُتنهى أن ت َن ْت َِقب‪ ،‬فالنبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬نهى المرأة أن‬
‫ت َن ْت َِقب ‪ ..‬أي أن ت َل َْبس الن َّقاب‪ ،‬وكذلك ِبالنسبة إلى الب ُْرُقع‪ ،‬فليس لها أن‬
‫س الُقفازين‪.‬‬ ‫َتلبس الب ُْرُقع وليس لها أن ت َن ْت َِقب وليس لها‪-‬أْيضا‪-‬أن ت َل ْب َ َ‬
‫من ذلك ِبالنسبة إلى المرأة‪ ،‬إذ‬ ‫وأما ِبالنسبة إلى الجوارب فإّنه ل مانع ِ‬
‫ي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬نعم‬ ‫نه‬ ‫ذلك‬ ‫في‬ ‫ت‬ ‫لم يأ ْ‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ذلك لنها تكون أمام‬ ‫من ملبس الزينة و َ‬ ‫ت ُن َْهى المرأة أن ت ََتبّرج ِبشيٍء ِ‬
‫ي‬
‫صا ِبالحج بل هو شامل ل ّ‬ ‫ذا الحكم ليس خا ّ‬ ‫الرجال الجَانب ولكن هَ َ‬
‫من الوقات تكون المرأة فيه أمام الرجال الجانب أو ت َل ْت َِقي فيه‬ ‫ت ِ‬ ‫وق ٍ‬
‫جاِنب‪.‬‬ ‫ِبالرجال ال َ‬

‫‪500‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من أنواع‬ ‫ن المرأة ت ُْنهى عن عددٍ ِ‬ ‫من أ ّ‬ ‫وأما ما ذكره بعض أهل العلم ِ‬
‫ما لم َيرد في سّنة رسول الله صلى‬ ‫م ّ‬‫ن ذلك ِ‬ ‫اللباس‪-‬كالحرير مثل‪-‬فإ ّ‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫من‬ ‫ف بْين أهل العلم في أيّ مسألةٍ ِ‬ ‫خل ٌ‬ ‫من المعلوم أنه إذا وََرد َ ِ‬ ‫و ِ‬
‫خلًفا بْين أهل‬ ‫ل ب َي َْنهم الكتاب والسّنة ‪ ..‬إذا وجدنا ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ن الَفي ْ َ‬ ‫المسائل فإ ّ‬
‫من أن ن ََنظر في كتاب الله‪-‬تبارك‬ ‫مسائل فلبد ِ‬ ‫من اله َ‬ ‫العلم في مسألة ِ‬
‫وتعالى‪-‬وفي سّنة رسوله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬
‫ل عليه الكتاب أو السّنة فهو القول الصحيح‬ ‫الصحيحة الَثابتة عَْنه‪ ،‬وما د َ ّ‬
‫ذي َينب َِغي ِللنسان أل ّ َيحيد عنه أبدًا‪.‬‬ ‫الّراجح ال ِ‬
‫شْرط أل ّ ت ََتبّرج ِبزينة‪،‬‬ ‫فإذن المرأة في الحَرام ِ ت َْلبس الملبس الَعاِدية ب ِ َ‬
‫ت‪-‬عن لْبس الّنقاب‪ ،‬وكذلك الب ُْرُقع‪ ،‬وكذلك ُتنهى عن‬ ‫وإنما ت ُن َْهى‪-‬كما قل ُ‬
‫مرأة َيدْيها‪ ،‬أما ِبالنسبة‬ ‫خل فيه اله َ‬ ‫لبس الُقّفازين‪ ،‬وهما الشراب الذي ُتد ِ‬
‫إلى ما عدا ذلك فل‪.‬‬
‫من‬ ‫دد في ذلك كثير ِ‬ ‫ضة فقد ش ّ‬ ‫وهكذا ِبالنسبة إلى ُلبس الذهب والف ّ‬
‫دد وإنما ت ُْنهى عن ِإظهار‬ ‫ل على هذا الت َ َ‬ ‫جد دليل َيد ّ‬ ‫َ‬
‫ش ّ‬ ‫أهل العلم‪ ،‬ولم أ ِ‬
‫عمرة أو‬ ‫ج أو ُ‬ ‫منوع سواء كان ذلك في ح ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ذلك ِللّرجال الجانب فذلك َ‬
‫ة ‪ ..‬هذا‬ ‫حل ّ ً‬ ‫م ِ‬ ‫ة أو كانت ُ‬ ‫م ً‬‫حرِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫في غَْيرهما‪ ،‬أو ِبعبارة أخرى‪ :‬سواء كانت ُ‬
‫ما َيظهر لي؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫مّرت المرأة ِبالرجال‬ ‫َ‬ ‫جه إذا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل الّثوب على الو‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫سد‬ ‫َ‬ ‫وَأما ِبالنسبة إلى‬
‫َ‬
‫ذلك‪ ،‬إذ‬ ‫ض الرجال الجانب فالسّنة قد د َّلت على َ‬ ‫مّر ِبها بع ُ‬ ‫الجانب أو َ‬
‫سدِْلن على‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ت الهمؤمنين‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى عليهن‪-‬ك ُ ّ‬ ‫ن أمها ِ‬ ‫إ ّ‬
‫مات‪.‬‬ ‫حرِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن الرجال الجانب وه ّ‬ ‫مّر ِبه ّ‬ ‫من النبي ‪ e‬إذا َ‬ ‫مسمٍع ومرأى ِ‬
‫من الوجه‪.‬‬ ‫س ذلك الثوب شيئا ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ض العلماء أل ّ ي َ َ‬ ‫ولكن اشتَرط بع ُ‬
‫ض أهل العلم‪.‬‬ ‫رط ذلك بع ُ‬ ‫ولم َيشت ِ‬
‫ل عليه؛ والعلم عند‬ ‫جد دليل ي َد ُ ّ‬ ‫َ‬
‫حَتاج إلى دليل‪ ،‬ولم أ ِ‬ ‫والقول ِبالشت َِراط ي َ ْ‬
‫الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫ة‬
‫مات هو تغطي ُ‬ ‫َ‬
‫حرِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫س‪ :‬الحقيقة أصبحت الصفة الَغالبة عند اله ُ‬
‫دل هذا الخمار‪.‬‬ ‫س ْ‬ ‫ن الفتنة هي السبب في َ‬ ‫الوجه ِبناء على أ ّ‬
‫زم ِبما في كتاب الله‪-‬تبارك‬ ‫طب أن َيلت ِ‬ ‫مخا َ‬ ‫ج‪ :‬هو ما ذكرناه ‪ ..‬النسان ُ‬
‫وتعالى‪-‬وِبما في سّنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬
‫مة ِبالرجال أو‬ ‫حر َ‬ ‫م ْ‬ ‫مّر المرأة اله ُ‬ ‫دل عندما ت َ ُ‬ ‫س ْ‬ ‫جواز ال ّ‬ ‫والسّنة د َّلت على َ‬
‫شف وجَهها ‪ ..‬هذا الذي‬ ‫ض الرجال‪ ،‬أما ما عدا ذلك فإنها ت َك ْ ِ‬ ‫َيمّر ِبها بع ُ‬
‫ت في السّنة الصحيحة الثابتة؛ والعلم عند الله‪.‬‬ ‫ث َب َ َ‬
‫ك ِبالرجال أمٌر‬ ‫كا ُ‬ ‫وسم الحج الناس ك َِثيُرون والحت ِ َ‬ ‫س‪َ :‬لكن في م ْ‬
‫َواِرد‪.‬‬
‫‪501‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من الوقات‪ ،‬وإنما يكون ذلك في‬ ‫ج‪َ :‬لكن ل َيكون ذلك في كل وَْقت ِ‬
‫بعض الحيان‪.‬‬
‫كيف َتستطيع المرأة‬ ‫من الفتنة ؟ َيعني َ‬ ‫معَْيار الخوف ِ‬ ‫س‪ :‬ما هو ِ‬
‫سها أم‬ ‫مد عليها ِبنف ِ‬ ‫من الفتنة ؟ هل هذا َيعت ِ‬ ‫خاِئفة ِ‬ ‫هي َ‬ ‫هل ِ‬ ‫أن ُتمّيز َ‬
‫مد على َنظرات الخرين إليها ؟‬ ‫ي َعْت َ ِ‬
‫جاِنبين‪.‬‬ ‫عاة ال َ‬ ‫مَرا َ‬ ‫من ُ‬ ‫ج‪ :‬لبد ِ‬
‫مَرات‬ ‫ج َ‬ ‫ددُتم في مسألةِ َرمي المرأة ِلل َ‬ ‫ش ّ‬ ‫كر عَْنكم أنكم َ‬ ‫س ‪ :2‬ذ ُ ِ‬
‫ت َقادرةً على‬ ‫ي ب َِنفسها وأل ّ ُتنيب غيرها ما دام ْ‬ ‫طال َب ُْتم المرأةَ أن َترم َ‬ ‫ف َ‬
‫ح هذا‬‫ض َ‬‫شديد " فَُنريد أن ُتو ّ‬ ‫من الت ْ‬ ‫ض ي َُقول‪ " :‬في ذلك شيٌء ِ‬ ‫ذلك فالبع ُ‬
‫لمر حتى َيفهم الجميع المراد‪.‬‬ ‫ا َ‬
‫من الدروس‬ ‫ت في كثير ِ‬ ‫من الَتشديد في شيء ‪ ..‬أنا قل ُ‬ ‫ج‪ :‬هذا َليس ِ‬
‫مل ِبما في‬ ‫طاَلب ِبأن َيع َ‬ ‫م َ‬ ‫ن النسان ُ‬ ‫ت ذلك‪-‬أيضا‪-‬في هذه الليلة‪ :‬إ ّ‬ ‫وُقل ُ‬
‫ب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وفي سّنة رسوله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫كتا ِ‬
‫ت عنه صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬ ‫ت وث َب َت َ ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫ص ّ‬ ‫وسلم‪-‬التي َ‬
‫ت في كتاب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ذِك ٌْر ِلهذه القضية‬ ‫من المعلوم أنه لم َيأ ِ‬ ‫و ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫مرأة أو ِلعدم َرميها‪ ،‬وأما ِبالنسبة إلى السّنة فإ ّ‬ ‫‪ ..‬أعني ِلرمي اله َ‬
‫ت على‬ ‫َ‬
‫على صو ٍ‬ ‫ت ب ِأ ْ‬
‫ريحا وَناد َ ْ‬ ‫صا ص ِ‬ ‫ت نَ ّ‬ ‫ص ْ‬ ‫السّنة الصحيحة الثابتة قد ن َ ّ‬
‫مساِنيد‬ ‫سنن واله َ‬ ‫صحاح وال ّ‬ ‫مشهور في كتب ال ّ‬ ‫ن المرأة َترمي‪ ،‬وهذا َ‬ ‫أ ّ‬
‫َ‬
‫من الكُتب التي أّلفها‬ ‫م ْ‬
‫خات والجزاء وفي غيرها ِ‬ ‫شي َ َ‬ ‫مَعاجم واله َ‬ ‫واله َ‬
‫العلماء في سّنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪،‬‬
‫مذاهب السلمية فإنه‬ ‫كاّفة اله َ‬ ‫من َ‬ ‫ب أهل العلم ِ‬ ‫كت َ‬ ‫ست َْقَرأ َ ُ‬ ‫من ا ْ‬ ‫ن َ‬‫ثم إ ّ‬
‫من لم‬ ‫َ‬
‫منهم َ‬ ‫مي‪ ،‬و ِ‬ ‫ن المرأة ت َْر ِ‬ ‫صوا على أ ّ‬ ‫جد ُ أن أولئك العلماء قد ن َ ّ‬ ‫يَ ِ‬
‫صيص‬ ‫سان ‪َ ..‬يعني لم ي َذ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫سا وإنما ذ َ َ‬ ‫ي َذ ْ ُ‬
‫كر الت َن ْ ِ‬ ‫ن الن َ‬ ‫كر أ ّ‬ ‫كر المسألة رأ ً‬
‫من كان َقادًِرا على الرمي‬ ‫ن َ‬ ‫حكم العام‪ ،‬وهو أ ّ‬ ‫كر ال ُ‬ ‫على المرأة وَإ ِّنما ذ َ َ‬
‫ف عند علماء المسلمين‬ ‫معرو ٌ‬ ‫ب غيره‪ ،‬وهذا أمٌر َ‬ ‫فإنه لْيس له أن ي ُِني َ‬
‫قاطبة‪.‬‬
‫ن الّرمي‬ ‫من الرمي‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫سَتطيع أن َترمي فلبد ِ‬ ‫مرأة إن كانت ت َ ْ‬ ‫فاله َ‬
‫ن‬
‫من المعلوم أ ّ‬ ‫من بقية شعائر الحج‪ ،‬و ِ‬ ‫شَعائر الحج كغيرها ِ‬ ‫من َ‬ ‫شِعيَرة ِ‬ ‫َ‬
‫خَتلط ِبالرجال في الطواف وفي السعي‪ ،‬وذلك‪-‬كذلك‪َ-‬يكون‪-‬‬ ‫المرأة ت َ ْ‬
‫من‬ ‫ت ِ‬ ‫أيضا‪-‬في الرمي‪ ،‬فإن كانت المرأة َتستطيع أن َترمي في وق ٍ‬
‫مْعروفة‪-‬وسأن َّبه على ذلك بعد قليل ِبمشيئة الله تبارك‬ ‫َ‬
‫أْوقات الّرمي اله َ‬
‫ذورة ِبمشيئة‬ ‫مع ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ما إذا كانت ل َتستطيع فهي َ‬ ‫من ذلك‪ ،‬أ ّ‬ ‫وتعالى‪-‬فلبد ِ‬
‫جل ً إذا كان ل َيستطيع‬ ‫من لم َيسَتطع أن ي َْرمي وََلو كان ر ُ‬ ‫ل َ‬ ‫الله بل ك ُ ّ‬
‫ضعف‪ ،‬أو كانت المرأة‬ ‫مرض أو ال ّ‬ ‫سن أو بسبب اله َ‬ ‫ذلك ِبسبب ك َِبر ال ّ‬
‫ذوَرة‪ ،‬وإنما الكلم في الَقاِدر‪.‬‬ ‫مع ْ ُ‬‫مل أو ما شابه فإنها َ‬ ‫ح ْ‬‫في حالة َ‬
‫‪502‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جدون ذلك في‬ ‫مُعون كلما ً لهل العلم أو ي َ ِ‬ ‫س َ‬ ‫من الناس عندما ي َ ْ‬ ‫كثير ِ‬
‫ذلك ل َ ي َْفَقُهون ذلك‪.‬‬ ‫ن الكتب أو ما شابه َ‬ ‫م َ‬ ‫شيء ِ‬
‫واء كانت‬ ‫س َ‬ ‫ل امرأة َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫نأ ّ‬ ‫معون مثل هذه الفتوى ي َظ ُّنو َ‬ ‫ما َيس َ‬ ‫عْند َ‬ ‫ِ‬
‫مي‪ ،‬وهذا‪-‬طبًعا‪-‬لم‬ ‫من أن َتذهب إلى الّر ْ‬ ‫َقادَِرةً أو ليست ِبقاِدرةٍ لبد ِ‬
‫جل‪ ،‬إنما العلماء اختلفوا‬ ‫مرأة ول في حقّ الر ُ‬ ‫ي َُقل ِبه أحد ٌ ل في حقّ اله َ‬
‫سُقط عنه ذلك‪ ،‬وهو قو ٌ‬
‫ل‬ ‫ه‪-‬أو أنه ي َ ْ‬ ‫ب غَي َْر ُ‬ ‫طع هل له أن ي ُِني َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ن لم ي َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫في َ‬
‫دم ؟‬ ‫ب ِبال ّ‬ ‫طال َ ُ‬‫ف جدا‪-‬أو أّنه ي ُ َ‬ ‫ضعي ٌ‬
‫واًء كان رجل أو امرأة‬ ‫س َ‬‫ي َ‬ ‫م َ‬ ‫طع أن ي َْر ِ‬ ‫ست ِ‬ ‫من لم ي َ ْ‬ ‫ن َقال‪َ :‬‬ ‫م ْ‬ ‫مْنهم َ‬ ‫‪ِ -1‬‬
‫ب غي َْره‪،‬‬ ‫ذار فإنه ي ُِني ُ‬ ‫من العْ َ‬ ‫ض أو ضعف أو ما شابه ذلك ِ‬ ‫ِبسبب مر ٍ‬
‫مذاهب‪.‬‬ ‫مة اله َ‬ ‫شُهور عند أئ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وهذا هو اله َ‬
‫ضعيف جدا‪.‬‬ ‫سقط عنه‪ ،‬وهو قول َ‬ ‫ن قال‪ :‬إنه ي َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬
‫حَرم‪.‬‬ ‫ما ِلفقراء ال َ‬ ‫ذبح د ً‬ ‫ن قال‪ :‬عليه دم ‪ ..‬أي عليه أن ي َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫‪-3‬ومنهم َ‬
‫مشهور‬ ‫ب غَي َْره‪-‬هو الَقول اله َ‬ ‫مر ِبأن ي ُِني ُ‬ ‫والقول الّول‪-‬وهو‪ :‬أنه ي ُؤْ َ‬
‫من استطاع‪-‬سواء كان رجل‬ ‫ما َ‬ ‫مه‪ ،‬أ ّ‬ ‫حك ُ‬ ‫من لم َيسَتطعْ فهذا ُ‬ ‫الصحيح‪ ،‬ف َ‬
‫من أن َيرمي‪.‬‬ ‫أو امرأة‪-‬فلبد له ِ‬
‫َ‬
‫من الناس استْثقلوا هذا بسبب هذا‪.‬‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫والذي أظ ُّنه أ ّ‬
‫صون‬ ‫خ ُ‬ ‫من الناس ي َُر ّ‬ ‫جد َ كثيرا ِ‬ ‫من استثقل ذلك بسبب أنه وَ َ‬ ‫مْنهم َ‬ ‫و ِ‬
‫خصوا‬ ‫ن العلماء َر ّ‬ ‫ماضي‪ ،‬ول أقول‪ " :‬إ ّ‬ ‫مي في اله َ‬ ‫دم الّر ْ‬ ‫ِللنساء في عَ َ‬
‫ض‬
‫ت بع ُ‬ ‫سك َ َ‬ ‫من الناس وقد يكون َ‬ ‫من فَعََله ِ‬ ‫في ذلك "‪ ،‬وإّنما َفعل ذلك َ‬
‫طعن على الّرمي أو‬ ‫ن بعض الّنساء ل َيست ِ‬ ‫العلماء عن ذلك ظّنا منهم أ ّ‬
‫كما وَقَعَ مثل ذلك في غير هذه المسألة‪،‬‬ ‫من السباب َ‬ ‫ما شابه ذلك ِ‬
‫من الناس‪.‬‬ ‫سَتثَقل ذلك ِ‬ ‫من ا ْ‬ ‫سبب ذلك است َث َْقل ذلك َ‬ ‫وب ِ َ‬
‫وام فإّنهم‬ ‫ما شاهَد َهُ العَ َ‬ ‫ن الشيَء إذا كان مخاِلفا ِله َ‬ ‫معُْلوم أ ّ‬ ‫من اله َ‬ ‫و ِ‬
‫موا‬ ‫من الصحابة قد است َعْظ َ ُ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫جد أ ّ‬ ‫حن ن َ ِ‬ ‫مرا عظيما‪ ،‬بل ن َ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ي ََروْن َ ُ‬
‫مَرهم‬ ‫َ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد أ َ‬ ‫ض المور مع أ ّ‬ ‫بع َ‬
‫كة‬‫م ّ‬ ‫جاَء النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬إلى َ‬ ‫ِبذلك‪ ،‬فعندما َ‬
‫مَر أصحاَبه‪-‬رضوان الله تبارك وتعالى‬ ‫َ‬
‫جة الوداع وأ َ‬ ‫المكّرمة في ح ّ‬
‫منهم ‪..‬‬ ‫سائًقا ِللهدي ِ‬ ‫من لم َيكن َ‬ ‫ل بعد الطواف والسعي ل ِ َ‬ ‫حل َ ِ‬ ‫عليهم‪ِ-‬بال ْ‬
‫من الصحابة رضوان الله تبارك وتعالى عليهم‪،‬‬ ‫ذلك كثير ِ‬ ‫استثقل َ‬
‫َ‬
‫من هو الذي‬ ‫مِني "‪َ ،‬‬ ‫كيُرنا ت َْقط ُُر اله َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ب إلى عََرفة و َ‬ ‫وقالوا‪ " :‬أن َذ ْهَ ُ‬
‫م‬
‫عل ُ‬ ‫أمرهم بذلك ؟! هو رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬أ َ ْ‬
‫مَر النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫َ‬
‫الناس وأْتقاهم ‪ ..‬وكذلك عندما أ َ‬
‫كثرةٌ‬ ‫ذلك َ‬ ‫ل َ‬ ‫ست َث َْق َ‬
‫حديبية ا ْ‬ ‫عمرة اله ُ‬ ‫ل في ُ‬ ‫حل َ ِ‬ ‫وصحبه وسلم‪-‬أصحاَبه ِبال ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ضب‬ ‫مَرهم النبي ‪ِ e‬بالحلل فلم َيفعلوا حتى غَ ِ‬ ‫من الصحابة‪ ،‬وأ َ‬ ‫كاث َِرة ِ‬

‫‪503‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫َ‬ ‫النبي ‪ e‬أ َ َ‬


‫حر هَد ِْيه‬ ‫مَر النبي ‪ e‬ب ِن َ ْ‬ ‫شد ّ الغضب ولم َيفعلوا ذلك إل َبعدما أ َ‬
‫حْلق رأسه‪.‬‬ ‫و َ‬
‫ست َث ِْقُلوا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫من أن ي َ ْ‬ ‫مأُلوفا مع الناس فإّنه لبد ِ‬ ‫شيء َ‬ ‫كن ال ّ‬ ‫ب إذا لم ي َ ُ‬ ‫فالسب ُ‬
‫عينيه كتاب الله‪-‬تبارك‬ ‫ب َ‬ ‫ص َ‬ ‫ذلك‪ ،‬ولكن النسان ي َن َْبغي له أن َيجعل ن ْ‬ ‫َ‬
‫ل الدليل‬ ‫وتعالى‪-‬وسّنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فما د َ ّ‬
‫مْقتضاه‪.‬‬ ‫جب عليه أن َيعمل ب ِ ُ‬ ‫عليه هو الذي ي َ ِ‬
‫لمة سعيد بن خلفان الخليلي‪-‬رحمه الله تبارك‬ ‫وقد أحسن المام الع ّ‬
‫ف فيها هذا المام‪-‬‬ ‫خال َ َ‬ ‫ض السائلين عن مسألةٍ َ‬ ‫عْندما سأله بع ُ‬ ‫وتعالى‪ِ -‬‬
‫من‬ ‫هذا المام‪ " :‬و ِ‬ ‫من أهل العلم ‪ ..‬قال له َ‬ ‫سب ََقه ِ‬ ‫من َ‬ ‫رحمه الله‪َ -‬‬
‫ص لك عن رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫َ‬
‫جب أن أن ُ ّ‬ ‫العَ َ‬
‫ضح سبيل ‪..‬‬ ‫ن غْير دليل ول َوا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ضةِ السلم ِ‬ ‫ضِني ِبعلماء ب َي ْ َ‬ ‫ت ت َُعارِ ُ‬ ‫وأن ْ َ‬
‫َ‬
‫من الهَهذيان "‪.‬‬ ‫وعا ِ‬ ‫س هذا في العَيان ن َ ْ‬ ‫أل َي ْ َ‬
‫خاَلف فيها‬ ‫والمام الخليلي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬قال في مسألةٍ َ‬
‫ديًثا َثابتا عن النبي ‪ e‬فقال المام في الّرد على ذلك‪:‬‬ ‫ح ِ‬ ‫ض أهل العلم َ‬ ‫بع ُ‬
‫حائط "‪.‬‬ ‫ل ِبخلف الحديث ُيضَرب ِبه عْرض ال َ‬ ‫" وََقو ٌ‬
‫خاَلف حديًثا عن‬ ‫ض العلماء َ‬ ‫جد َ بع َ‬ ‫والمام السالمي‪-‬رحمه الله‪-‬عندما وَ َ‬
‫النبي ‪ e‬قال‪:‬‬
‫خلفا‬ ‫ده ِ‬ ‫ونحن َنحكي بع َ‬ ‫المصطفى َيعتِبر الوصاف‬
‫ُ‬
‫سن ِد َ‬‫صأ ْ‬ ‫فيه عن المختار ن ّ‬ ‫ف فيما وََرد َ‬ ‫ل َنقَبل الخل َ‬
‫داعي‬ ‫م طويل كثير في هذه الَقضية‪ ،‬ل َ‬ ‫َ‬ ‫ول ِهَ ُ‬
‫مة وِلغْيرهم كل ٌ‬ ‫ؤلء الئ ّ‬
‫ِللطالة به‪.‬‬
‫َ‬
‫حصور‬ ‫م ْ‬ ‫مي َ‬ ‫ت الّر ْ‬ ‫ن وقْ َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫من الناس ي َظ ُّنو َ‬ ‫ن ك َِثيًرا ِ‬ ‫ملة السباب أ ّ‬ ‫ج ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬
‫ذلك ي َط ُْلبون الّرخصة في الرمي َقبل َزَوال الشمس‬ ‫دد‪ ،‬ول ِ َ‬ ‫ح ّ‬‫م َ‬ ‫ت ُ‬ ‫في وق ٍ‬
‫منى ‪..‬‬ ‫من بقي ب ِ ِ‬ ‫في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ل ِ َ‬
‫دد وهو عند َزَوال الشمس وَبعد‬ ‫مح ّ‬ ‫ت ُ‬ ‫صر في وق ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫من ْ َ‬ ‫وقت ُ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ظنون أ ّ‬ ‫يَ ُ‬
‫ت المت َّفق عليه‬ ‫ن الوق َ‬ ‫حن ن َُقول‪ :‬إ ّ‬ ‫غروب الشمس‪ ،‬ون َ ْ‬ ‫ذلك ِبقليل أو إلى ُ‬
‫‪1‬‬
‫مذكورة‬ ‫بْين أهل العلم هو‪ :‬أن َيكون وقت الّرمي في اليام الثلثة اله َ‬
‫جل‬ ‫ذلك‪-‬سواء كان ر ُ‬ ‫شقّ عليه َ‬ ‫من َ‬ ‫من زوال الشمس إلى غروبها ولكن َ‬ ‫ِ‬
‫ص له فيما هو‬ ‫خ ُ‬ ‫حتى في الليل بل ي َُر ّ‬ ‫ي َ‬ ‫م َ‬
‫ص له أن ي َْر ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫أو امرأة‪-‬فإنه ي َُر ّ‬
‫وم الحادي عشر في الثاني‬ ‫َ‬
‫كن أن َيرمي عن الي َ ْ‬ ‫من ذلك ‪ُ ..‬يم ِ‬ ‫أب َْعد ِ‬
‫كون ذلك‬ ‫عشر وعَْنه وعن الثاني عشر في الثالث عشر ِبشْرط أن ي َ ُ‬
‫ت‬
‫ص ْ‬ ‫ن السّنة قد ن َ ّ‬ ‫من اليوم الثالث عشر‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫ب الشمس ِ‬ ‫غرو ِ‬ ‫قَْبل ُ‬
‫َ‬
‫م أّيام التشريق في الّرمي شيٌء واحد‪ ،‬فقد روى المام‬ ‫حك ْ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫على أ ّ‬
‫مالك والشافعي وأحمد والنسائي في " الصغرى " وفي " الكبرى "‬
‫‪-1‬أي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر‪.‬‬
‫‪504‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫وأبو داوود والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن خزْيمة وابن حبان وابن‬
‫الجارود والحاكم والبيهقي في " السنن الكبرى " والُبخاري في "‬
‫ده والطبراني في " الكبير "‬ ‫مسن َ ِ‬ ‫التاريخ الكبير " وأبو ي َْعلى في ُ‬
‫سند‬ ‫م ْ‬‫ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" والجوهري في " ُ‬
‫موطإ " و‪-‬كذلك‪َ-‬يحيي بن عبد الوهاب بن‬ ‫هب في " اله ُ‬ ‫الموطإ " وابن وَ ْ‬
‫من الصحابة " وابن عبد‬ ‫من عاش مئة وعشرين سنة ِ‬ ‫ده في " جزء َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫َ‬
‫من أئمة‬ ‫البر في " التمهيد " والبغوي في " شرح السّنة " وجماعة ِ‬
‫ص ِللّرعاة‬ ‫خ َ‬ ‫ن رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ر ّ‬ ‫الحديث أ ّ‬
‫موا في الَيوم الثاني عشر عن اليوم الحادي عشر والثاني عشر ‪..‬‬ ‫أن ي َْر ُ‬
‫شر ثم ي َت ُْركوا الرمي في اليوم الحادي عشر‬ ‫أي أن ي َْرموا في اليوم العا ِ‬
‫ة‬
‫ج ٌ‬ ‫ح ّ‬ ‫وي َْرموا عنه وعن الثاني عشر في اليوم الثاني عشر‪ ،‬وفي ذلك ُ‬
‫َ‬
‫ن ِللنبي‪-‬صلى‬ ‫مك ِ ُ‬
‫داًء‪ ،‬إذ ل ي ُ ْ‬ ‫ن ذلك ُيعد ّ أ َ‬ ‫موض فيه بأ ّ‬ ‫ل ل غُ ُ‬ ‫ضحة ودلي ٌ‬ ‫وا ِ‬
‫خروا الّرمي عن وقته‬ ‫خص َلهم أن ي ُؤَ ّ‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أن ي َُر ّ‬
‫ما‬ ‫خُروج الوقت ‪ ..‬كل ّ هذا ِ‬
‫م ّ‬ ‫دد له شْرعا ثم بعد ذلك َيأتون به ب َْعد ُ‬ ‫مح ّ‬ ‫اله ُ‬
‫طع‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫َ‬
‫ن ذلك الوقت كّله ل ِل َ‬ ‫ذلك َيد ّ‬ ‫كن‪ ،‬بل َ‬
‫داء ف َ‬ ‫ل على أ ّ‬ ‫ل ُيم ِ‬
‫ْ‬
‫أن َيرمي فيما بْين َزوال الشمس وغروبها في الحادي عشر‪-‬مثل‪-‬فَليرم ِ‬
‫طع فْليْرم ِ في الثالث عشر عن الثلثة‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫في الثاني عشر‪ ،‬و َ‬
‫س الثالث عشر إن كان‬ ‫غروب شم ِ‬ ‫ك ُّلها‪ِ 1‬بشرط أن َيكون ذلك قبل ُ‬
‫منى‪.‬‬ ‫ُيريد أن َيبقى الثالث عشر في ِ‬
‫من‬ ‫طع ِ‬ ‫طع أن َيرمي في اليوم العاشر ‪ ..‬لم َيست ِ‬ ‫من لم َيست ِ‬ ‫وكذلك َ‬
‫طلوع الشمس إلى غروبها فل ْي َْرم ِ في الليل ‪ ..‬أي ليلةِ الحادي عشر‪.‬‬
‫من‬ ‫مْهما كان الناس ِ‬ ‫حمد الله تبارك وتعالى‪ ،‬ف َ‬ ‫ذا فالمر فيه سعة ب ِ َ‬ ‫وهَك َ َ‬
‫خفى وإّنما ُيمنع النسان‬ ‫من الطول ما ل ي َ ْ‬ ‫الكثرة وَلكن الوقت فيه‪-‬أيضا‪ِ -‬‬
‫من أن َيرمي في الحادي‬ ‫من َعُ ِ‬‫م العبادة على وقتها ‪ ..‬أي ي ُ ْ‬ ‫من أن ي َُقد ّ َ‬ ‫ِ‬
‫عشر قبل َزوال الشمس‪ ،‬وكذلك في الثاني عشر قبل زوال الشمس‬
‫إذا كان ذلك عن اليوم الثاني عشر‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى الثالث عشر‪.‬‬
‫من لم‬ ‫من ط ُُلوع الشمس إلى غُُروِبها و َ‬ ‫شر فالرمي ِ‬ ‫أما ِبالنسبة إلى العا ِ‬
‫ضعفة والنساء‬ ‫ذا ِللقوياء‪ ،‬أما ِبالنسبة ِلل ّ‬ ‫سَتطع فلي َْرم حتى بعد ذلك وه َ‬ ‫يَ ْ‬
‫من اليوم‬ ‫طلوع الفجر ِ‬ ‫خص أن َيكون ذلك بعد ُ‬ ‫ض أهل العلم ُير ّ‬ ‫ن َبع َ‬ ‫فإ ّ‬
‫حتى َقبل ذلك ‪ ..‬أي أن َيكون ذلك بعد أن‬ ‫ضهم َ‬ ‫خص َبع ُ‬ ‫شر‪ ،‬وَر ّ‬ ‫العا ِ‬
‫منى‪ ،‬ولكنني ل‬ ‫غروب القمر وأن َيرموا عندما َيصلون إلى ِ‬ ‫َيخرجوا عند ُ‬
‫خصوا ِبالرمي بعد‬ ‫خص لهم قبل ط ُُلوع الفجر‪ ،‬فإما أن ي ََتر ّ‬ ‫ب الَتر ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫أُ ِ‬
‫شّقة فيه ِبحمد‬ ‫م َ‬ ‫طلوع الشمس وهذا ل َ‬ ‫ظروا إلى ُ‬ ‫طلوع الفجر أو أن َينت ِ‬ ‫ُ‬
‫الله‪.‬‬
‫وم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر‪.‬‬
‫‪-1‬أي أن َيرمي عن الي َ ْ‬
‫‪505‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫سه‪-‬سواء كان رجل أو امرأة‪-‬‬ ‫من َيستطيع أن ي َْرمي هو نف ُ‬ ‫ن َ‬ ‫خلصة أ ّ‬ ‫وال ُ‬


‫مي عنه‪ ،‬ول َْيس ِلغيره أن ي َْرمي عنه ما‬ ‫ْ‬
‫مر غيره ِبأن َير ِ‬ ‫فليس له أن ي َأ ُ‬
‫ما إذا كان ل‬ ‫ن ذلك ال ّ‬ ‫َ‬
‫سه‪ ،‬أ ّ‬ ‫طيع أن َيرمي هو نف ُ‬ ‫شخص َيست ِ‬ ‫دام ي َْعلم أ ّ‬
‫ب غَْيره‪.‬‬ ‫َيستطيع فَل ْي ُن ِ ْ‬
‫وم الثاني عشر قبل‬ ‫َ‬
‫مكن أن َتقول امرأة‪ :‬أريد أن أخُرج في الي َ ْ‬ ‫ي يُ ْ‬ ‫ب َِق َ‬
‫َ‬
‫مكن أن أبقى إلى الثالث عشر ول أسَتطيع أن‬ ‫غروب الشمس ول ي ُ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت أن َتخُرج قبل‬ ‫ري ؟ الجواب‪ :‬نعم‪ ،‬لّنها ن َوَ ْ‬ ‫ب غَي ْ ِ‬ ‫مي‪ ،‬فهل لي أن أِني َ‬ ‫أْر ِ‬
‫ص كتاب الله وسّنة رسوله‪-‬صلى الله‬ ‫غروب الشمس‪ ،‬وذ َِلك َلها‪ ،‬ب ِن َ ّ‬
‫مة‪ ،‬وما دام المر كذلك وهي ل‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإجماع ال ّ‬
‫ن غيرها أن َيرمي عنها؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫سَتطيع أن ت َْرمي فَل ْت َط ُْلب ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫ي‬‫سع ْ ٍ‬ ‫في القاِرن ب ِ َ‬ ‫س ‪ :3‬في حال القران ِبالحج والُعمرة‪ ،‬هل ي َك ْت َ ِ‬
‫ديه متى ما شاء‬ ‫واحد ِبنية الحج والُعمرة‪-‬كما وََرد في بعض الفتاوى‪-‬ي ُؤَ ّ‬
‫ف الفاضة ؟‬ ‫وا ِ‬ ‫خره عند ط َ َ‬ ‫طواف الُقدوم أو ي ُؤَ ّ‬ ‫واء عند َ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫طوف طوافَْين وأن‬ ‫جب عليه أن ي َ ُ‬ ‫ف العلماء في الَقاِرن هل ي َ ِ‬ ‫ج‪ :‬اخَتل َ‬
‫َ‬
‫ي واحد ؟‬ ‫ف واحد وسع ٍ‬ ‫سعْي َْين أو أّنه ي َك َْتفي ِبطوا ٍ‬ ‫سعى َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ي واحد بل ل ُيشَرع َله أن َيطو َ‬
‫ف‬ ‫سع ٌ‬ ‫فو َ‬ ‫والصحيح عندي أنه َيكِفيهِ طوا ٌ‬
‫كة المكّرمة فإنه ُيشَرع له‬ ‫سعي َْين اللهم إل إذا جاَء أّول إلى م ّ‬ ‫وافَْين و َ‬ ‫ط َ‬
‫عمرِته ثم‬ ‫جه و ُ‬ ‫ف الُقدوم وَيسعى وهذا السعي َيكون ِلح ّ‬ ‫طوا َ‬ ‫طوف َ‬ ‫أن ي َ ُ‬
‫ح‬
‫مَرة والذب ْ ِ‬ ‫من رمي الج ْ‬ ‫من المزدلفة و ِ‬ ‫عرفة و ِ‬ ‫من َ‬ ‫بعد أن َينَتهي ِ‬
‫من‬ ‫جل‪-‬والَتقصيرِ إذا كانت امرأة‪-‬فإنه لبد ِ‬ ‫ق أو الَتقصيرِ إذا كان ر ُ‬ ‫ْ‬
‫والحل ِ‬
‫من قبل ل‬ ‫أن َيذهب وَيأتي ِبطواف الزيارة‪ ،‬وذلك الطواف الذي أتى ِبه ِ‬
‫وي‬ ‫كة وهو ي َن ْ ِ‬ ‫من أَتى إلى م ّ‬ ‫جته لنه ِللُقدوم ‪ ..‬أي أنه ُيشَرع ل ِ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫زيه ل ِ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ي ْ‬
‫مرة‪ ،‬أما إذا كان ُيريد الُعمرة‬ ‫كون قاِرنا ب َْين الحج والعُ ْ‬ ‫الحج أو ي َْنوي أن ي َ ُ‬
‫دوم ‪ ..‬فإذن إذا‬ ‫زيه عن طواف الُق ُ‬ ‫طواف الُعمرة وذلك ُيج ِ‬ ‫طوف َ‬ ‫فإنه ي َ ُ‬
‫دوم‪ ،‬وهذا‬ ‫ف الُق ُ‬ ‫ف طوا َ‬ ‫مكّرمة وكان قارًنا فَل ْي َط ُ ْ‬ ‫كة اله ُ‬ ‫أتى إلى م ّ‬
‫الطواف‪:‬‬
‫ل‪ ،‬ول‬ ‫ض َ‬ ‫ك الَف ْ‬ ‫من َتركه ل شيء عليه إل أنه ت ََر َ‬ ‫مة َ‬ ‫جمهور ال ّ‬ ‫‪-1‬سّنة عند ُ‬
‫ت عن رسول الله‪-‬صلى الله عليه وعلى‬ ‫ما َثب َ‬ ‫ك َ‬ ‫َينبغي ِللنسان أن ي َت ُْر َ‬
‫شاَبه ذلك‪.‬‬ ‫ما َ‬ ‫ضا أو َ‬ ‫مري ً‬ ‫آله وسلم‪-‬إل إذا كان َ‬
‫دم‪.‬‬‫كه ال ّ‬ ‫من ت ََر َ‬ ‫جب وأوجبوا على َ‬ ‫كية إلى أّنه َوا ِ‬ ‫مال ِ‬ ‫هبت اله َ‬ ‫‪-2‬وذ َ َ‬
‫والصحيح الَقول الول‪.‬‬
‫ن‪-‬كما‬ ‫كو ُ‬ ‫ت وذلك السعي ي َ ُ‬ ‫سَعى في ذلك الوقْ ِ‬ ‫طاف ِللُقدوم فإنه ي َ ْ‬ ‫وإذا َ‬
‫مبيت‬ ‫من الوُُقوف ِبعرفة واله َ‬ ‫دما ي َن ْت َِهي ِ‬ ‫عن ْ َ‬‫ت‪ِ-‬للحج والُعمرة ثم ِ‬ ‫قل ُ‬
‫ت‬‫صل ْ ُ‬ ‫صير على ما فَ ّ‬ ‫حر‪ ،‬والحْلق أو الّتق ِ‬ ‫ذبح أو الن ّ ْ‬ ‫مْزدلفة والّرمي وال ّ‬ ‫ِباله ُ‬
‫‪1‬‬

‫جل‪ ،‬والَتقصيرِ إذا كانت امرأة‪.‬‬


‫ق أو الَتقصيرِ إذا كان ر ُ‬ ‫ْ‬
‫‪-‬أي‪ :‬والحل ِ‬
‫‪1‬‬

‫‪506‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ف الزيارة‪ ،‬فالطواف السابق‪-‬إذن‪-‬‬ ‫طوف طوا َ‬ ‫ي وي َ ُ‬ ‫من أن َيأت ِ َ‬ ‫فإّنه لبد ِ‬


‫واف الّزيارة؛ والله أعلم‪.‬‬ ‫زيه عن ط َ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل أحد ٌ أنه ي ُ ْ‬ ‫م ي َُق ْ‬ ‫لَ ْ‬
‫سْعي ؟‬ ‫زيه ال ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫س‪ :‬ولكن ي ُ ْ‬
‫سعى ثم عندما‬ ‫دوم و َ‬ ‫ف طواف الُق ُ‬ ‫طا َ‬ ‫ن الرسول ‪َ e‬‬ ‫سْعي نعم‪ ،‬ل ّ‬ ‫ج‪ :‬ال ّ‬
‫طاف ِللزيارة ولم‬ ‫حلق َ‬ ‫ذبح وال َ‬ ‫جعَ صلوات الله وسلمه عليه ب َْعد ال ّ‬ ‫َر َ‬
‫ُ‬
‫حسَنة‪.‬‬ ‫ع‪ ،‬ول ََنا ِفيه أسوة َ‬ ‫س َ‬ ‫يَ ْ‬
‫مفرد ؟‬ ‫ضا‪-‬على اله ُ‬ ‫صدق هذا‪-‬أي ْ ً‬ ‫هل ي َ ْ‬ ‫س‪َ :‬‬
‫سَعى فإنه‬ ‫دوم و َ‬ ‫طاف أّول طواف الُق ُ‬ ‫رد كذلك إذا جاء وَ َ‬ ‫مْف ِ‬ ‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬اله ُ‬
‫من قبل‬ ‫سعى ِ‬ ‫بعد الّرمي والتقصير أو الحلق فإنه َيأِتي وَيطوف وقد َ‬
‫دا ِبأن أتى إلى‬ ‫كة أب َ ً‬ ‫م ّ‬ ‫ت َ‬ ‫سعي هو سعي الحج‪ ،‬أما إذا كان لم َيأ ِ‬ ‫وذلك ال ّ‬
‫ع‬
‫س َ‬‫طف ولم ي َ ْ‬ ‫كة ولكنه لم ي َ ُ‬ ‫م ّ‬‫شرة أو أّنه أتى إلى َ‬ ‫منى أو إلى عََرفة مبا َ‬ ‫ِ‬
‫منه على كل حال؛‬ ‫طواف ل َب ُد ّ ِ‬ ‫من الطواف والسعي بل ال ّ‬ ‫هاهَُنا ِ‬ ‫فلبد َ‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫دة الزحام‪ ،‬ما حكم الطواف والسعي فوق السطح ؟‬ ‫س ‪ :4‬مع ش ّ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ ِللعلماء في هذه القضية خلف‪:‬‬
‫صح‪ ،‬وذلك لنه ل‬ ‫ن الطواف ل ي َ ِ‬ ‫ل‪ :‬إ ّ‬ ‫دد في ذلك وي َُقو ُ‬ ‫ش ّ‬ ‫من ي ُ َ‬ ‫منهم َ‬
‫جعَ‬‫واف‪ ،‬وإذا َر َ‬ ‫ف عليه أن ي ُِعيد ذلك الط َ َ‬ ‫طا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫من البيت‪ ،‬فَ َ‬ ‫ُيحاِذي شيئا ِ‬
‫ي معه‪ ،‬لنه سعى قبل‬ ‫من أن ي ُِعيد ذلك وأن ي ُِعيد السع َ‬ ‫إلى ب ََلده فلبد ِ‬
‫معَْتبر‪.‬‬ ‫عي اله ُ‬ ‫شْر ِ‬ ‫الطواف ال ّ‬
‫طواَفه ذلك صحيح‪ ،‬وذلك لنه وإن كان ل‬ ‫ذهب أك َْثر أهل العلم إلى َأن َ‬ ‫وَ َ‬
‫من‬ ‫كل ‪ ..‬الك َْعبة ِ‬ ‫واَء الكعبة وال ُ‬ ‫حاِذي هَ َ‬ ‫من البيت ولكنه ي ُ َ‬ ‫حاِذي شيئا ِ‬ ‫يُ َ‬
‫حكم‪.‬‬ ‫س ال ُ‬ ‫طى ن َْف َ‬ ‫ماء ت ُعْ َ‬ ‫س َ‬ ‫صِلها إلى ال ّ‬ ‫أ ْ‬
‫مست َْقَبل‬ ‫ماضي فل شيَء عليه‪ ،‬وأما في اله ُ‬ ‫من وََقع في اله َ‬ ‫ن َ‬ ‫وأقول‪ :‬إ ّ‬
‫من الخلف في‬ ‫سه ِ‬ ‫رج ن َْف َ‬ ‫خ ِ‬‫حوط ِللنسان أن َيحتاط لمر ِدينه‪ ،‬وأن ي ُ ْ‬ ‫فال ْ‬
‫مسألة؛ والِعلم عند الله‪.‬‬ ‫َ‬
‫مثل هذه اله َ‬
‫سهل‪.‬‬ ‫َ‬
‫أما السعي فأمُره أ ْ‬
‫من غْير أن ُتصّلي ركعتْين‪ ،‬وإّنما‬ ‫َ‬
‫ت ِبالعمرة ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حَر َ‬ ‫س ‪ :5‬امرأةٌ أ ْ‬
‫ت؟‬ ‫ت لباس الحرام ثم أحرم ْ‬ ‫لبس ْ‬
‫خلف‬ ‫ب هاتْين الركعتين‪ ،‬وإنما ال ِ‬ ‫جو ِ‬ ‫من أهل العلم ِبو ُ‬ ‫ج‪ :‬لم ي َُقل أحد ٌ ِ‬
‫رم بعد‬ ‫ح ِ‬ ‫ن النسان إذا لم ي ُ ْ‬ ‫بْين أهل العلم في مشروعيتهما ‪ ..‬أي أ ّ‬
‫ي ركعتْين ِللحرام أو ل ؟‬ ‫صل ّ َ‬ ‫شَرع له أن ي ُ َ‬ ‫فريضة هل ي ُ ْ‬
‫دل على‬ ‫ت دليل ي َ ُ‬ ‫شرع له ذلك‪ ،‬إذ إّنه لم َيأ ِ‬ ‫هب بعضهم إلى أنه ل ي ُ ْ‬ ‫ذَ َ‬
‫ت ليس‬ ‫دها‪ ،‬وإن كان الوَقْ ُ‬ ‫رم بع َ‬ ‫ح ِ‬‫ذلك‪ ،‬فإن أراد الحرام بعد فريضة فل ْي ُ ْ‬
‫صّلي ركعتْين بعد‬ ‫ح فيه التنّفل فُيمكن أن ي ُ َ‬ ‫وقت فريضة فإذا كان َيص ّ‬
‫ص ّ‬
‫ل‬ ‫ضوِئه ب ِِنية ركعَتي الوضوء‪ ،‬أو كان الوقت وقت صلة الضحى فلي ُ َ‬ ‫وُ ُ‬
‫‪507‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ة‬
‫ص ً‬ ‫صّلي صلةً خا ّ‬ ‫ما أن ي ُ َ‬ ‫صلة الضحى‪ ،‬وهكذا إذا أراد أن ي َت َن َّفل‪ ،‬أ ّ‬
‫من أهل العلم‪-‬ل ُيشَرع له ذلك‪.‬‬ ‫ِبالحرام فإنه‪-‬عند هذه الطائفة ِ‬
‫من أهل العلم إلى مشروعية ذلك‪.‬‬ ‫ت طاِئفة ِ‬ ‫ذهب ْ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫ل على مشروعية هذه الصلة ولكن‪-‬‬ ‫جد دليل ً َيد ّ‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬أَنا َلم أ ِ‬
‫رم بعد ذلك ‪..‬‬ ‫كع ركعتْين ول ْي ُ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫ت‪-‬إذا دخل النسان المسجد فل ْي َْر َ‬ ‫كما قل ُ‬
‫ي بعد الوضوء أو أراد أن‬ ‫صل ّ َ‬ ‫كب في سيارته‪ ،‬وإذا أراد أن ي ُ َ‬ ‫أي بعد أن َير َ‬
‫عتاد عليها وكان ذلك‬ ‫من الّنوافل التي ا ْ‬ ‫ي صلة الضحى أو شيئا ِ‬ ‫صل ّ َ‬‫يُ َ‬
‫مكن طبعا ِللنسان أن‬ ‫ما ل ُينَهى عن الصلة فيه‪-‬ول ي ُ ْ‬ ‫م ّ‬‫الوقت‪-‬طبعا‪ِ -‬‬
‫ت ي ُن َْهى عن الصلة فيه‪-‬فإذا صلى فل بأس‬ ‫ي َعَْتاد على الصلة في وق ٍ‬
‫بذلك ِبمشيئة الله؛ والعلم عند الله‪.‬‬
‫من المور التي ُيمَنع منها الحاج غير‬ ‫طيب ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫س ‪ِ :6‬‬
‫ضي ُّقون على‬ ‫من الّناس قد ي َل ْت َِبس عليهم المر وَلربما ي ُ َ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫أ ّ‬
‫من ذلك ما َيتعلق‬ ‫سع الله‪-‬تعالى‪-‬عليهم فيها ِ‬ ‫سهم أمورا قد و ّ‬ ‫أنُف ِ‬
‫سواك طيلة‬ ‫مت َِنعون عن الستحمام ِ أو ال ّ‬ ‫ض الناس ي َ ْ‬ ‫جد بع َ‬ ‫ِبالّنظاَفة فن ِ‬
‫رم‪:‬‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬ ‫مشروعية استخدام المواد التالية ِلل ُ‬ ‫أيام الحرام‪ ،‬وسؤالنا عن َ‬
‫ض أنواع الصابون كالذي به رائحة " الديتول " أو رائحة‬ ‫‪-1‬استخدام بع ِ‬
‫خدام مثل هذه النواع‬ ‫الّليمون أو رائحة الفواكه الخرى ‪ ..‬فهل است ْ‬
‫من‬‫دي أو الستحمام أث َْناَء فترة الحرام ِ‬ ‫واء غسل الي ْ ِ‬ ‫رم س َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬
‫ِلل ُ‬
‫الممنوع ؟‬
‫من‬ ‫من الممنوع‪ ،‬فهذه الشياء ل مانع ِللنسان ِ‬ ‫ج‪ :‬ل‪ ،‬هذا ليس ِ‬
‫من غسل اليدين أو ما شابه ذلك‪.‬‬ ‫الستحمام ِبها أو ِ‬
‫وهكذا ِبالنسبة إلى السواك ل مانع منه‪ ،‬سواء كان ذلك بالراك أو كان‬
‫ض أهل العلم الجماعَ على ذلك‪-‬‬ ‫حكى بع ُ‬ ‫ذلك ِبالمعاجين العصرية‪-‬وقد َ‬
‫من لّثته‪-‬مثل‪-‬أو ما شابه ذلك ‪ ..‬هذا ل‬ ‫م ِ‬‫خَرج د ٌ‬ ‫ول بأس عليه حتى لو َ‬
‫مانع منه بل السواك مطلوب ‪ ..‬الرسول‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫مْرُتهم ِبالسواك عند كل‬ ‫َ‬
‫متي ل َ‬ ‫شقّ على أ ّ‬ ‫وسلم‪-‬يقول‪ ) :‬لول َ أن أ َ ُ‬
‫صلة ( وفي بعض الروايات‪ ) :‬عند كل وضوء ( وفي بعضها الجمع‬
‫من ذلك لكن إن كان‬ ‫مانع ِ‬ ‫من اللّثة‪-‬مثل‪-‬ل َ‬ ‫خرج دم ِ‬ ‫بينهما‪ ،‬فحتى لو َ‬
‫ض ِللوضوء عند أكثر أهل‬ ‫ن الدم َناقِ ٌ‬ ‫ذلك َبعد ُوضوء فل ْي ُعِد ْ وضوَءه ل ّ‬
‫العلم‪.‬‬
‫ت فيه رائحة أو فيه شيٌء‬ ‫وهكذا ِبالنسبة إلى الصابون العادي الذي ليس ْ‬
‫طر في شيٍء كالشياء التي وََرد َ ذِك ُْرها‬ ‫من العِ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫من الروائح التي ليس ْ‬ ‫ِ‬
‫في السؤال‪.‬‬
‫سه ِبما لم ي ُل ْزِ ْ‬
‫مه‬ ‫زم ن َْف َ‬ ‫سه وأن ي ُل ْ ِ‬ ‫شد ّد َ على َنف ِ‬ ‫فل َينبغي ِللنسان أن ي ُ َ‬
‫سواك‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬به‪ ،‬فما الداعي أن َيبقى النسان ل َيسَتخدم ال ّ‬
‫‪508‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫محذور مع‬ ‫وف اله َ‬ ‫وي َت ُْرك السّنة الثابتة الصحيحة عن النبي ‪َ e‬بدعوى َ‬
‫خ ْ‬
‫محذور في ذلك أبدا ؟! والله أعلم‪.‬‬ ‫أنه ل َ‬
‫سِتخدام المعاجين التي ِبها رائحة ل بأس ؟‬ ‫نا ْ‬ ‫س‪-2 :‬معنى ذلك أ ّ‬
‫طر في واقع المر فل مانع منها‪.‬‬ ‫ع ْ‬ ‫ت ِبرائحة ِ‬ ‫ج‪ :‬هذه الرائحة ليس ْ‬
‫دهان كالكريمات مثل زيت الزيتون وزيت‬ ‫دام ال ِ‬ ‫س‪-3 :‬استخ َ‬
‫وادء أيضا‪.‬‬ ‫الَناْرجيل والحبة الس ْ‬
‫مور في أيام الحج ‪ ..‬ل داعي إلى‬ ‫ج‪ :‬هو‪-‬حقيقة‪-‬ل َداعي ِلمثل هذه ال ُ‬
‫م ذلك‬ ‫ت عن النبي ‪ .. e‬النبي ‪ e‬استخد َ َ‬ ‫ن ذلك لم ي َْثب ْ‬ ‫مْثل هذه المور ل ّ‬ ‫ِ‬
‫حلي َْفة وهو في طريقه إلى‬ ‫َ‬ ‫في المدينة عندما أراد أن َيخُرج إلى ذي ال ُ‬
‫ستخدم النبي ‪ e‬ذلك‪ ،‬ولنا فيه أسوة‬ ‫ة‪ ،‬أما في أيام الحرام لم ي َ ْ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫َ‬
‫حسنة‪.‬‬
‫ه‬
‫صن َعَ ُ‬‫من قبل‪ ،‬ما الذي أفضل له أن ي َ ْ‬ ‫مرة ِ‬ ‫دى العُ ْ‬ ‫من أ ّ‬‫س ‪َ :7‬‬
‫عندما ُيريد أن يحج ؟‬
‫ج‪ :‬هو مخّير‪:‬‬
‫رم ب ُِعمرة أّول وَيطوف وَيسعى‬ ‫ح ِ‬
‫‪-1‬إن شاء أن ي ََتمّتع فلي ََتمّتع ‪ ..‬أي أن ي ُ ْ‬
‫من ذي الحجة‪،‬‬ ‫رم في الَيوم الثامن ِ‬ ‫ح ِ‬‫حل ّ إلى أن ي ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫صر وَيبقى ُ‬ ‫َلها ثم ي َُق ّ‬
‫من أن ي ََتمّتع‬ ‫دي‪-‬طبعا‪-‬في هذه الحالة‪ ،‬والصحيح أنه ل مانع ِ‬ ‫وعليه ه ْ‬
‫النسان ب ُِعمرة الّنفل إلى الفريضة ‪ ..‬هذا ما ذهب إليه الجمهور‪ ،‬وهو‬
‫ضح‪.‬‬ ‫وا ِ‬
‫‪-2‬وله‪-‬أيضا‪-‬أن َيكون قاِرنا ‪ ..‬أن ي ُْقرن بْين الحج والعمرة‪ ،‬ول مانع‪-‬‬
‫عمرة نفل ويكون الحج حج فريضة‪ ،‬وعليه‪-‬‬ ‫من أن تكون الُعمرة ُ‬ ‫أيضا‪ِ -‬‬
‫دي عند أكثر أهل العلم في هذه القضية‪.‬‬ ‫أيضا‪-‬اله ْ‬
‫دي عليه إذا أفرد‪.‬‬ ‫رد الحج‪ ،‬ول ه ْ‬ ‫‪-3‬وبْين‪-‬أيضا‪-‬أن ُيف ِ‬
‫الْفضل ما هو ؟ الْفضل ل شك الّتمتع‪.‬‬
‫من‬‫ن فريضة الحج ت َط َْبع على صاحبها ألوانا ِ‬ ‫س ‪ :8‬لديه قناعة أ ّ‬
‫من هناك‬ ‫مُثل والخلق والِقَيم والستقامة لكن البعض عندما َيعود ِ‬ ‫اله ُ‬
‫من المعاصي ‪َ ..‬يطلب‬ ‫كب شيئا ِ‬ ‫َيتغاَفل أو َينسى مع مرور اليام فَيرت ِ‬
‫نصيحة بسيطة‪.‬‬
‫سه قبل‬ ‫سب نف َ‬ ‫ل إنسان ِبأن ي َّتقي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وأن ُيحا ِ‬ ‫مر ك ّ‬ ‫ج‪َ :‬نأ ُ‬
‫من قبل أو لم ي َُقم‬ ‫دى فريضة الحج ِ‬ ‫سبها الله سواًء كان قد أ ّ‬ ‫أن ُيحا ِ‬
‫ْ‬
‫حه ِبأن ُيباِدر إلى ذلك‬ ‫من قبل فَن َن ْ َ‬
‫ص ُ‬ ‫ت ِبها ِ‬ ‫ِبتأِديتها ولكن إذا كان لم ي َأ ِ‬
‫ي ِبهذه الفريضة‪ ،‬و‪-‬‬ ‫ل أن َيأت ِ َ‬ ‫من قب ِ‬ ‫جئه الموت ِ‬ ‫مخاَفة أن ي َُفا ِ‬ ‫ف َ‬ ‫سو ّ َ‬ ‫وأل ّ ي ُ َ‬
‫من معاصي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ي بِ َ‬ ‫ْ‬
‫يٍء ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫كذلك‪-‬ليس ِللنسان أن ي َأت ِ َ‬
‫من الزمن ‪ ..‬أّول معاصي الله‪-‬تبارك‬ ‫دة ِ‬ ‫ِبدعوى أنه سَيتوب بعد م ّ‬
‫ن كان‬ ‫رد وإ ْ‬ ‫وتعالى‪-‬ليس ِللنسان أن ي َْفعََلها سواًء أراد أن َيتوب أو لم ي ُ ِ‬
‫‪509‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من غيره ولكن المعصية معصية وإنما الكلم‬ ‫إذا أراد التوبة هو أسهل ِ‬
‫عدمه‪ ،‬وإل فالمعصية معصية ليس ِللنسان أن‬ ‫في قضية الصرار و َ‬
‫من‬‫حماها ‪ ..‬كذلك النسان ل َيمِلك ِ‬ ‫دا وليس له أن َيحوم حول ِ‬ ‫ي َْقَرَبها أب ً‬
‫موت الن وهو لم ي َُتب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ْ‬
‫ره شيئا ‪ ..‬قد ي َأِتيه اله َ‬ ‫أم ِ‬
‫ؤلء أن ي َت ُّقوا الله‪-‬تبارك‬ ‫مة والعياذ بالله‪ ،‬فعلى هَ ُ‬ ‫خي َ‬ ‫وَتكون العاقبة وَ ِ‬
‫وات الوان‪.‬‬ ‫وتعالى‪-‬وأن ي َُتوُبوا إليه ‪ I‬قبل فَ َ‬
‫جب علْيهم أن َيأتوا‬ ‫دا وي َ ِ‬ ‫جهم فاس ً‬ ‫ح ّ‬ ‫ؤاله‪ :‬هل َيكون َ‬ ‫س َ‬ ‫أما ِبالنسبة إلى ُ‬
‫جوا عن‬ ‫خَر ُ‬ ‫خَرجوا عن السلم‪ ،‬فإذا َ‬ ‫جة أخرى ؟ فالجواب‪ :‬ل إل إذا َ‬ ‫ح ّ‬‫بِ َ‬
‫من‬‫دا على قول طائفة كبيرة ِ‬ ‫جا جدي ً‬ ‫ح ّ‬ ‫جوا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫السلم َيجب عليهم أن ي َ ُ‬
‫من أركان‬ ‫ن ِ‬ ‫ن الحج ُرك ْ ٌ‬ ‫من الحج ل ّ‬ ‫ن ذلك السلم لبد له ِ‬ ‫أهل العلم‪ ،‬ل ّ‬
‫جعُ إليه تلك العمال‬ ‫م جديد فهو وإن كانت َتر ِ‬ ‫السلم وهذا إسل ٌ‬
‫ت ِبالحج في‬ ‫ْ‬ ‫الصالحة ولكن الحج شْر ٌ‬
‫من شروط السلم وهو لم ي َأ ِ‬ ‫ط ِ‬
‫جع في ذلك إلى‬ ‫ف طويل ِبإمكاِنه أن َير ِ‬ ‫خل ٌ‬ ‫ة فيها ِ‬ ‫إسلمه هذا‪ ،‬والمسأل ُ‬
‫ن الوقت‬ ‫من كتب أهل العلم‪ ،‬فإ ّ‬ ‫" شرح الجامع الصحيح " أو إلى غيره ِ‬ ‫‪1‬‬

‫الن ل َيكفي ِلبيان ذلك‪.‬‬


‫مه ( أي‬ ‫جعَ كيوم ولد َْته أ ّ‬ ‫ج فلم ي َْرفث ولم ي َْفسق َر َ‬ ‫ح ّ‬
‫من َ‬ ‫ث‪َ ) :‬‬ ‫وأما حدي ُ‬
‫ة ثابتة ‪ ..‬أي على وِفْ ِ‬
‫ق‬ ‫جة صحيح ً‬ ‫جِته تلك إذا كانت تلك الح ّ‬ ‫ح ّ‬
‫من َ‬ ‫رجع ِ‬
‫ث صحيح َثابت عن النبي ‪) : e‬‬ ‫ما شَرعََها الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فذلك الحدي ُ‬
‫ه ( وأيضا‪:‬‬ ‫م ُ‬‫وم ولد َْته أ ّ‬ ‫من ذنوبه كي ْ‬ ‫جع َ ِ‬ ‫سقْ َر َ‬ ‫ث ولم ي َْف ُ‬ ‫ج فلم ي َْرفُ ْ‬ ‫من ح ّ‬ ‫َ‬
‫جزاٌء إل‬‫مب ُْرور ليس له َ‬ ‫ما بْينهما والحج اله َ‬ ‫) الُعمرة إلى الُعمرة كّفارةٌ ل ِ َ‬
‫من الحاديث الصحيحة الداّلة على هذا المر‪،‬‬ ‫الجّنة (‪ ،‬إلى غير ذلك ِ‬
‫من معاصي الله‬ ‫عمل شْيئا بعد ذلك ِ‬ ‫جو َ‬ ‫ح ّ‬ ‫من َ‬ ‫ن َ‬ ‫ولكن ليس في ذلك أ ّ‬
‫أنه َيجب عليه أن ُيعيد الحج؛ والله‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :9‬ما معنى حديث‪ ) :‬الحج المبرور ليس له جزاء إل الجنة ( ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ لهل العلم في ذلك خلف طويل ‪ ..‬أي اختلف‬
‫جته خالصة لله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ح ّ‬‫من كانت َ‬ ‫ن َ‬ ‫العلماء في معناه‪ ،‬وَنرجوا أ ّ‬
‫شرعه الله‪-‬تبارك‬ ‫ق ما َ‬ ‫مَعة وأَتى بها على وِفْ ِ‬ ‫س ْ‬ ‫ب رَِياء أو ُ‬ ‫شو ْ ُ‬‫شب َْها َ‬ ‫لم ي َ ُ‬
‫دق على‬ ‫ص ُ‬‫مبرور الذي ي َ ْ‬ ‫ج اله َ‬‫من الح ّ‬ ‫جة ِ‬ ‫وتعالى‪-‬أن تكون هذه الح ّ‬
‫ت‪-‬أن َتكون‬ ‫صاحبه ما جاء في الحديث الصحيح الثابت ولكن لبد‪-‬كما قل ُ‬ ‫َ‬
‫ة لله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وأن َيكون النسان َتاِئبا راجعا ً إليه ‪ I‬؛ والله‬ ‫ص ً‬‫خال َ‬ ‫َ‬
‫أعلم‪.‬‬

‫‪-1‬شرح " الجامع الصحيح‪ ،‬مسند المام الربيع بن حبيب " للمام نور الدين السالمي‪ ،‬ج ‪،1‬‬
‫ص ‪.103‬‬
‫‪510‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ة‬
‫س ‪ :10‬ربما ُيريد أن ي ُِعيد تلك المسألة التي ذكرُتموها في حلق ٍ‬
‫ب الَعمود أم‬ ‫صي َ‬ ‫ماضية‪ .. 1‬مسألة رمي الجمرات ‪ ..‬هل ُيشَترط أن ت ُ ِ‬
‫حوض ؟‬ ‫َيكفي أن ت ََقع على ال َ‬
‫كن في ِبداية المر ‪..‬‬ ‫حاِدث ‪ ..‬أي لم ي َ ُ‬ ‫مود َ‬ ‫ن ذلك العَ ُ‬ ‫ج‪ :‬ل ُيشَترط‪ ،‬ل ّ‬
‫خت ََلف‬ ‫أي في عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلة والسلم‪ ،‬وقد ا ْ‬
‫العلماء هل كان موجودا في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم ؟‬
‫ده صلوات الله وسلمه عليه‪،‬‬ ‫وجودا في عه ِ‬ ‫م ْ‬‫ذهب بعضهم إلى أنه كان َ‬
‫م النبي ‪. e‬‬ ‫ت مروي عن أبي طالب عَ ّ‬ ‫واسَتشَهدوا على ذلك ب ِب َي ْ ٍ‬
‫دا‪.‬‬
‫جو ً‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫كن َ‬ ‫ضُهم إلى أنه لم ي َ ُ‬ ‫وذهب َبع ُ‬
‫مشُروع‬ ‫ن اله َ‬ ‫وجودا فإ ّ‬ ‫وجودا أو لم َيكن م ْ‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬سواًء كان م ْ‬
‫شَترط ِبأن َيكون ذلك في ذلك‬ ‫ي النسان في الحوض‪ ،‬ول َ ي ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫أن َير ِ‬
‫خص؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫مود الشا ِ‬ ‫العَ ُ‬
‫سعي بدأنا ِبالصفا ولكننا‬ ‫ت مع والدي وعند ال ّ‬ ‫مر ُ‬ ‫س ‪ :11‬لقد اعت َ‬
‫وط‪ِ ،‬بحيث كّنا ن َعُد ّ ذهاَبنا‬ ‫فش ْ‬ ‫مْروة نص َ‬ ‫من الصفا إلى اله َ‬ ‫ك ُّنا ن َعُد ّ ذهابنا ِ‬
‫عنا إلى الصفا مّرة أخرى شوطا واحدا‬ ‫من الصفا إلى المروة ثم رجو َ‬ ‫ِ‬
‫مجموع ِبذلك خمس عشر شوطا ؟‬ ‫من كونه شوطين فقد كان اله َ‬ ‫بدل ً ِ‬
‫دوا مرة ثانية‬ ‫موا ِبالصفا إل إذا كانوا َزا ُ‬ ‫ج‪ :‬هو أربعة عشر إذا كانوا اخت َت َ ُ‬
‫إلى المروة‪.‬‬
‫كون‬ ‫وط الواحد ي َ ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ض أهل الِعلم وهو أ ّ‬ ‫على كل حال؛ هذا رأيٌ ِلبع ِ‬
‫من الصفا إلى الصفا‪ ،‬وقال ِبه الشيخ إسماعيل‪-‬رحمه الله تبارك‬ ‫ِ‬
‫من أهل‬ ‫ة ِ‬ ‫سك الحج "‪ ،‬وقالت ِبه جماع ٌ‬ ‫من أصحاِبنا في " منا ِ‬ ‫وتعالى‪ِ -‬‬
‫ف جدا‪.‬‬ ‫ل ضعي ٌ‬ ‫من الشافعية وغيرهم؛ ولكنه قوْ ٌ‬ ‫العلم‪-‬أيضا‪ِ -‬‬
‫من المروة‬ ‫وطا و ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫صفا إلى المروة ي ُعَد ّ َ‬ ‫من ال ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫والصحيح الثابت هو أ ّ‬
‫من الصفا إلى المروة‪.‬‬ ‫وطا‪ ،‬فالشوط الواحد َيكون ِ‬ ‫صفا ي ُعَد ّ ش ْ‬ ‫إلى ال ّ‬
‫وِبما أنهم فعلوا ذلك ل شيء عليهم‪ِ-‬بمشيئة الله تبارك وتعالى‪-‬في‬
‫الهماضي‪ ،‬وفي المستقَبل ي َن ْب َِغي َلهم أن ي ُط َب ُّقوا السّنة الصحيحة عن‬
‫دي محمد ‪. e‬‬ ‫دي ه ْ‬ ‫ن خْير اله ْ‬ ‫النبي ‪ ، e‬إذ إ ّ‬
‫ست َِغل فريضة الحج‬ ‫ض الناس‪-‬وكما يبدو هم قِّلة جدا‪-‬ي َ ْ‬ ‫س ‪ :12‬بع ُ‬
‫مُهم ؟‬ ‫من ظ َل َ َ‬ ‫في الدعاء على َ‬
‫حشًا‪،‬‬ ‫سّباًبا ول ل َّعاَنا ول َفا ِ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ ل َينبغي ِللمسلم أن َيكون َ‬
‫وَينبغي له أن َيدعو ِلهؤُل َِء الناس ِبالهداية إلى الطريق المستقيم‪،‬‬
‫من كفار‬ ‫ي ِ‬ ‫ي ما ل َِق َ‬ ‫فالنبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬مع أنه ل َِق َ‬
‫من صنوف الذى كان َيدعو الله‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬بأن َيهدَيهم ‪..‬‬ ‫قريش ِ‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬من حلقة ‪ 17‬رمضان ‪1424‬هه ) ‪12/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪511‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫َيقول‪ ) :‬اللهم اهدِ قومي فإّنهم ل ي َعَْلمون (‪ ،‬فَينبغي ِللنسان أن َيدعو‬


‫مواطن العظيمة ِبأن ي َهْت َدِيَ إلى الصراط‬ ‫ِلذلك الشخص في تلك اله َ‬
‫حّقه‬ ‫ست َ ِ‬
‫مه ِبما ي َ ْ‬ ‫من ظ َل َ َ‬ ‫م ّ‬‫ره ِ‬ ‫المستقيم‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬إذا دعا على َ‬
‫غي ِ‬
‫ما‬
‫ن عليه شيئا " إذا دعا ب ِ َ‬ ‫ولم ي َزِد ْ على ذلك فل َنستطيع أن َنقول‪ " :‬إ ّ‬
‫ما ل‬ ‫م ّ‬ ‫دعو عليه ِبزيادة على ذلك فذلك ِ‬ ‫شخص‪ ،‬أما أن ي َ ْ‬ ‫حّقه ذلك ال ّ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ي‬ ‫َ‬
‫صحه ِبأن ي َْقت َدِ َ‬ ‫ه ِبذلك‪ ،‬بل أن َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫صح‪ ،‬ولكن‪-‬على كل حال‪-‬أنا ل أن ْ َ‬ ‫يَ ِ‬
‫دعوَ له ِبالِهداية إلى الطريق المستقيم وي َط ُْلب‬ ‫ِبرسول الله ‪ ، e‬وأن ي َ ْ‬
‫من عند الله تبارك وتعالى؛ والله ولي التوفيق‪.‬‬ ‫جر ِ‬ ‫ال ْ‬
‫سن امَرأةٍ رآها‬ ‫محا ِ‬ ‫صف َ‬ ‫من الشباب عندما َيعود ي َ ِ‬ ‫س ‪ :13‬البعض ِ‬
‫في الحج ؟‬
‫من سبيل المؤمنين ‪ ..‬عليهم أن ي َّتقوا الله‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا ليس ِ‬
‫من الناس‪ ،‬والناس ل يكونون جميعا‬ ‫وأن َيتوبوا إليه ‪ ، I‬وهذه قِّلة قليلة ِ‬
‫سبوا‬ ‫على الصلح ‪َ ..‬نحن َندعوا أولئك إلى الرجوع إلى الله وأن ُيحا ِ‬
‫أنفسهم قبل أن ُيحاسبها الله؛ والله ولي الهداية والتوفيق‪.‬‬
‫ذهب إلى الحج ولكن‬ ‫س ‪ :14‬كانت لديه‪-‬ربما هو أو غيره‪-‬نية أن ي َ ْ‬
‫مه ؟‬ ‫جاءْته فرصة عمل‪ ،‬فما الذي ي َُقد ّ ُ‬
‫ج الفريضة أو ل‪.‬‬ ‫جح ّ‬ ‫ج‪ :‬ل أدري‪-‬أّول‪-‬هل هو ح ّ‬
‫جة نافلة فالمر سْهل‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫جة َ‬ ‫أما إذا كانت هذه الح ّ‬
‫خشى على هذا العمل‬ ‫جة فريضة فإن كان ي َ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫جة َ‬ ‫وأما إذا كانت هذه الح ّ‬
‫ْ‬
‫صل بعد ذلك على هذا العمل ول‬ ‫ِبأنه إذا ذهب إلى ت َأدية الحج أل ّ َيح ُ‬
‫مل وَينوي أن‬ ‫ج ِلهذا العمل فِبإمكانه أن َيع َ‬ ‫محَتا ٌ‬ ‫صل على غيره وهو ُ‬ ‫َيح ُ‬
‫ن ذلك في‬ ‫كو َ‬ ‫سر الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬له‪ ،‬وعسى أن ي َ ُ‬ ‫ب عندما ي ُي َ ّ‬‫ذه َ‬ ‫يَ ْ‬
‫شى ِبأن ي َُفوَته هذا‬ ‫حتاجا ِلهذا العمل وَيخ َ‬ ‫م ْ‬ ‫السَنة القادمة ‪ ..‬هذا إذا ُ‬
‫شَرع‬ ‫مكن أن ُيوّقع ِبالمواَفقة على العمل وأن ي َ ْ‬ ‫العمل‪ ،‬ولكن َأظ َ‬
‫ن أّنه ي ُ ْ‬ ‫ّ‬
‫من هذا‪.‬‬ ‫َ‬
‫ن هناك مانعا ِ‬ ‫نأ ّ‬ ‫من الحج ‪ ..‬ل أظ ّ‬ ‫عه ِ‬ ‫في العمل بعد َ رجو ِ‬
‫س‪ :‬وفترة الجازة تكفي‪.‬‬
‫ج‪ :‬نعم‪.‬‬
‫من التشديد‪.‬‬ ‫س‪ :‬ربما يكون في القطاع الخاص هناك شيء ِ‬
‫جد عمل وهو ِبحاجة‬ ‫ج‪ :‬فعلى كل حال هذا ‪ ..‬إذا كان َيخشى على أل ّ ي َ ِ‬
‫جد َ هذا العمل ول غي َْره في‬ ‫ك هذا العمل لن ي َ ِ‬ ‫إلى العمل وإذا ت ََر َ‬
‫المستقَبل القريب ‪ ..‬وإل فالعمل ِبيد الله تبارك وتعالى ‪ ..‬ي َْعني الله ‪I‬‬
‫سر له عمل كهذا العمل أو أفضل كما‬ ‫ل ِبالرزق وهو قاِدر على أن ي ُي َ ّ‬ ‫ت َك َّف َ‬
‫حَتاجا إليه‬ ‫م ْ‬‫سَر له هذا العمل ولكن النسان َيأخذ ِبالسباب‪ ،‬فإذا كان ُ‬ ‫يَ ّ‬
‫صل على ذلك في‬ ‫وَيخشى إذا لم َيعمل فيه ِبأن َيفوَته هذا العمل ول َيح ُ‬

‫‪512‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫هب إن شاء الله في السنة‬ ‫صي ِبالحج‪ ،‬ول َْيذ َ‬ ‫خص له وُيو ِ‬ ‫القريب‪-‬مثل‪-‬في َُر ّ‬
‫القادمة‪.‬‬
‫من أن‬ ‫حذيرا ِللحجاج ِ‬ ‫ت منكم في حلقات ماضية ت َ ْ‬
‫‪1‬‬
‫س ‪ :15‬سمع ُ‬
‫من هذا النوع‬ ‫من عرفات قبل َتحّقق غروب الشمس فأيّ حركة ِ‬ ‫َيفيضوا ِ‬
‫دي إلى الحكام التي ستذكروَنها إن شاء الله‪ ،‬ولكن كيف ت ُوَفُّقون‬ ‫ُتؤ ّ‬
‫عرفة ‪..‬‬ ‫ف قليل في َ‬ ‫جل وَقَ َ‬ ‫نر ُ‬ ‫بْين هذا وبْين الحديث الذي وََرد َ فيه أ ّ‬
‫جل َيقول‪ " :‬يا رسول‬ ‫هذا الحديث الذي أخرجه المام أحمد ‪ ..‬هذا الر ُ‬
‫َ‬
‫ت نفسي‪ ،‬والله ما‬ ‫حل َِتي وأت ْعَب ْ ُ‬ ‫ت را ِ‬ ‫يء أك ْل َل َ ُ‬ ‫جبل ط َ ْ‬ ‫من َ‬ ‫جْئت ِ‬ ‫الله‪ ،‬إني ِ‬
‫من‬ ‫من حج ؟ " َفقال ‪َ ) : e‬‬ ‫من جبل إل وَقَْفت عليه‪ ،‬فهل لي ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫ت ََرك ْ ُ‬
‫ف ب َِعرفة قبل ذلك ليل‬ ‫ف معنا حتى َندفع وقد وَقَ َ‬ ‫شهِد َ صلَتنا هذه ووَقَ َ‬ ‫َ‬
‫شير الحديث أنه حتى لو وَقَ َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫جه وقضى ت ََفَثه ( في ُ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫أو نهارا فقد أت َ ّ‬
‫كفي ؟‬ ‫من النهار فذلك ي َ ْ‬ ‫جزًء قليل ِ‬
‫من‬ ‫ث صحيح‪ ،‬وقد رواه أكثر ِ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا الحديث حدي ٌ‬
‫رهم الن‪.‬‬ ‫من أئمة الحديث‪ ،‬ل أرى داعيا ِللطالة ب ِذِك ْ ِ‬ ‫عشرين عاِلما ِ‬
‫ن النسان إذا‬ ‫من العموم ‪ ..‬ظاهر هذا الحديث أ ّ‬ ‫ث فيه شيٌء ِ‬ ‫وهذا الحدي ُ‬
‫ن ذلك ُيجزيه‪،‬‬ ‫سيطا فإ ّ‬ ‫ف جزًء ب َ ِ‬ ‫سع ولو وَقَ َ‬ ‫من صباح اليوم التا ِ‬ ‫َوقف ِ‬
‫من‬ ‫ف ل َيكون إل بعد زوال الشمس ِ‬ ‫ن الوقو َ‬ ‫مة قالوا‪ :‬إ ّ‬ ‫جمهور ال ّ‬ ‫بْينما ُ‬
‫جة‪.‬‬ ‫من ذي الح ّ‬ ‫سع ِ‬ ‫وم التا ِ‬ ‫الي َ ْ‬
‫ذهبوا إلى أنه َيكون قبل ذلك ِبظاهر هذا‬ ‫خلفا لكثر الحنابلة حيث َ‬ ‫ِ‬
‫من أّول الَيوم‪.‬‬ ‫الحديث ‪ ..‬أي َيكون ِ‬
‫ن ذلك‬ ‫ن الذي ذهب إليه الجمهور هو الصحيح‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫شك أ ّ‬ ‫ول َ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه‬ ‫ن‪ِ-‬بفعل النبي ‪ ، e‬حيث إ ّ‬ ‫مب َي ّ ٌ‬‫ص‪-‬أو ُ‬ ‫ص ٌ‬ ‫خ ّ‬ ‫م َ‬ ‫الحديث ُ‬
‫صص‬ ‫خ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ف إل بعد زوال الشمس‪ ،‬وكذلك هو ُ‬ ‫وعلى آله وسلم‪-‬لم ي َِق ْ‬
‫هر‬ ‫ظا ِ‬‫ن َ‬ ‫ما إل ِبطواف الفاضة مع أ ّ‬ ‫ن الحج ل َيكون تا ّ‬ ‫ِبشيٍء آخر وهو أ ّ‬
‫جه‬ ‫مح ّ‬ ‫عرفة ( وبعد ذلك قال‪ ) :‬فقد ت َ ّ‬ ‫ج َ‬ ‫هذا الحديث ي َُقول‪ ) :‬الح ّ‬
‫ما ِبذلك بل لبد‬ ‫كون تا ّ‬ ‫ن الحج‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬ل ي َ ُ‬ ‫وقضى ت ََفَثه ( مع أ ّ‬
‫ت طائفة كبيرة‬ ‫من أركان الحج‪ ،‬بل ذهب ْ‬ ‫من طواف الزيارة‪ ،‬إذ إنه ركن ِ‬ ‫ِ‬
‫من‬ ‫من أهل العلم إلى عدم َتمامه إل ِبالسعي‪ ،‬لنه عند هذه الطائفة ِ‬ ‫ِ‬
‫من أركان الحج أيضا‪.‬‬ ‫أهل العلم ِ‬
‫غروب‬ ‫ف إلى ُ‬ ‫من لم ي َِق ْ‬ ‫من قال ِبفساد الحج ِبالنسبة ل ِ َ‬ ‫هذا الحديث عند َ‬
‫ن الحديث‬ ‫من الليل ‪َ ..‬يقولون‪ :‬إ ّ‬ ‫ل جزٍء ِ‬ ‫دخو ِ‬ ‫غروِبها و ُ‬ ‫الشمس وَتحّقق ُ‬
‫غربت‬ ‫ف إلى أن َ‬ ‫ن النبي ‪ e‬وَقَ َ‬ ‫مب َّين ب ِِفعل النبي ‪ ، e‬حيث إ ّ‬ ‫السابق ُ‬
‫من‬ ‫ن َ‬ ‫من الليل‪ِ ،‬لذلك ذهبوا إلى أ ّ‬ ‫ل جزٌء ِ‬ ‫خ َ‬ ‫الشمس وَتحّقق غروُبها ود َ َ‬
‫جه باطل‪.‬‬ ‫نح ّ‬ ‫ف إلى هذا الوقت فإ ّ‬ ‫لم ي َِق ْ‬
‫من حلقة ‪ 9‬ذو القعدة ‪1423‬هه ) ‪12/1/2003‬م (‪.‬‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬‬
‫‪513‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مة‬ ‫وفي المسألة خلف معروف ولكن‪-‬على كل حال‪-‬أجمعت ال ّ‬


‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫السلمية عن َبكرة أبيها على أ ّ‬
‫من الليل وقال‪:‬‬ ‫ل جزٌء ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ف إلى أن غََرَبت الشمس ود َ َ‬ ‫وصحبه وسلم‪-‬وَقَ َ‬
‫سككم َلعّلي ل أل َْقاكم بعد عامي هذا (‪ ،‬وقد بّين صلى‬ ‫َ‬ ‫خ ُ‬
‫ذوا عّني منا ِ‬ ‫) ُ‬
‫ن هَد َْيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم أ ّ‬
‫ل الشرك‬ ‫ن أه َ‬ ‫دي أهل الشرك حيث إ ّ‬ ‫ف ِله ْ‬ ‫مخال ِ ٌ‬ ‫مين ُ‬ ‫سل ِ‬‫م ْ‬ ‫وهد ْيَ اله ُ‬
‫غروب الشمس ‪ ..‬عندما تكون الشمس على‬ ‫عرفة قبل ُ‬ ‫من َ‬ ‫َيخُرجون ِ‬
‫عمائم الرجال‪ ،‬فَينبغي ِللنسان أن َيقتدِيَ ِبرسول‬ ‫رؤوس الجبال كأّنها َ‬
‫سير على طريِقه صلوات الله وسلمه‬ ‫ديه وأن ي َ ِ‬ ‫دي ِبه ْ‬ ‫الله ‪ e‬وأن َيهت ِ‬
‫خاَلفة سّنة رسول الله ‪e‬‬ ‫م َ‬‫وقوع في ُ‬ ‫من ال ُ‬ ‫ذر ِ‬ ‫ذر كل الح َ‬ ‫عليه‪ ،‬وأن َيح َ‬
‫ذار ‪ ...‬المشركين‪ ،‬فنأخذ ِبهذا المر‬ ‫‪1‬‬
‫دي المشركين فح َ‬ ‫وافَقة هَ ْ‬ ‫م َ‬
‫و ُ‬
‫جِلي‪.‬‬ ‫ضح ال َ‬ ‫الوا ِ‬
‫من الكلم لهل العلم‪.‬‬ ‫أما فساد ُ الحج ففيه ما فيه ِ‬
‫وق ِلزيارة َبيت الله‬ ‫ش ّ‬ ‫ت أت َ َ‬ ‫س ‪ :16‬حينما جاء شهُر ذي الحجة كن ُ‬
‫سوى مصاريف‬ ‫كن معي ِ‬ ‫ي عنه أسبوع ولم ي َ ُ‬ ‫ن الراِتب ب َِق َ‬ ‫الحرام ولك ّ‬
‫ن الُعمر‬ ‫ن إخواني ِبالعمل أصّروا على ذهابي معهم حيث إ ّ‬ ‫الشهر ولك ّ‬
‫ت‬‫ل نفقا ِ‬ ‫من المال َيكفي ك ّ‬ ‫غْير مضمون وقام أحدهم ِبإعطائي مبلًغا ِ‬
‫من راتبي بعد‬ ‫مبلغ ِ‬ ‫الحج‪ ،‬فهل َتنصحوَنني ِبذلك لنني سأسّلم هذا اله َ‬
‫من الحج ؟‬ ‫رجوعي ِ‬
‫ب ما عََليك‬ ‫شخص فاكت ُ ْ‬ ‫ج ِلذلك ال ّ‬ ‫ج‪ :‬ل بأس ‪ ..‬إذا لم َيكن في ذلك ِإحرا ٌ‬
‫ضعْ ذلك عند صاحب‬ ‫ل وَ َ‬ ‫شاهِد َيْ عد ٍ‬ ‫شِهد عليه َ‬ ‫ك شْرعي وأ َ ْ‬ ‫ص ّ‬‫في َ‬
‫حّقه في‬ ‫ت َ‬ ‫ب الحق ِبأنك قد وَث ّْق َ‬ ‫خِبر صاح َ‬ ‫الحق‪ ،‬أو عند ث َِقةٍ أمين وأ َ ْ‬
‫من‬ ‫ضى بعد ذلك عنك ِ‬ ‫ضعَْته عند الشخص الُفلني‪ ،‬فُيق َ‬ ‫شرعي وَوَ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ص ّ‬ ‫َ‬
‫ذلك الّراِتب ِبمشيئة الله تبارك وتعالى؛ والله أعلم‪.‬‬
‫ن الحج الواجبة‬ ‫سن َ ِ‬
‫ضمن ُ‬ ‫من ِ‬ ‫س ‪ :17‬هل زيارة قبر النبي ‪ e‬واجبة ِ‬
‫دي الفريضة عن الغْير ؟ وكذلك في حالة‬ ‫صة إذا كان الشخص ُيؤ ّ‬ ‫خا ّ‬
‫ضيق الوقت ؟‬
‫م‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ إذا أوصى ذلك الشخص ِبأن َيزور هذا الذي َيقو ُ‬
‫ِبإنَفاذ وصيته ‪ ..‬أن َيزور المدينة وقب َْر الرسول ‪ e‬فل ُْينّفذ تلك الوصية‪.‬‬
‫ذلك َفليس عليه أن َيفَعل ذلك إل إن أراد هو‬ ‫ص بِ َ‬ ‫أما إذا كان لم ُيو ِ‬
‫سه ذلك‪.‬‬ ‫نف ُ‬

‫من التلفزيون‪ ،‬ويبدو أنه غير مؤّثر‬


‫‪-1‬وقع هنا‪-‬للسف‪-‬انقطاع في الشريط لخلل أثناء تسجيله ِ‬
‫في جواب الشيخ‪.‬‬
‫‪514‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫أما ِبالنسبة إلى لزوم الزيارة فليست ِبلزمة‪ ،‬ولكن َينبغي ِللنسان أن‬
‫سّلم على النبي ‪ e‬وصحابِته الكرام وإن كان ذلك ل‬ ‫ي َُزور تلك الِبقاع وي ُ َ‬
‫خ َ‬
‫ل له ِبالحج‪.‬‬ ‫دَ ْ‬
‫ن فقد جفاني " فهو َباطل‪ ،‬وكذلك‬ ‫ج ولم ي َُزْر ِ‬ ‫ح ّ‬
‫من َ‬ ‫أما حديث‪َ " :‬‬
‫ماِثلة له‪.‬‬ ‫م َ‬‫ِبالنسبة إلى الحاديث اله ُ‬
‫ره متى‬‫سفر الحج أو غي ْ ِ‬ ‫فَل ْي َُزْر المدينة وقَب َْر الرسول ‪ e‬سواًء كان في َ‬
‫شاء؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪ ،‬وهو أعلم ِبكل شيء‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 24‬ذو القعدة ‪1424‬هه‪ ،‬يوافقه ‪18/1/2004‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫عام ‪1425‬هه‬

‫ص منِعها‬ ‫ب استخدام ِ أقرا ِ‬ ‫ب الدورةِ عند َ النساِء ِبسب ِ‬ ‫س ‪ :1‬اضطرا ُ‬


‫جن‬ ‫خر َيحت ْ‬ ‫ن إلى الحج أو إلى العمَرة أو إلى أيّ شيٍء آ َ‬ ‫ل ذهاِبه ّ‬ ‫في حا ِ‬
‫ل هذا الجراء ؟ وإذا ما اضط ََرب َ ْ‬
‫ت‬ ‫ح مث ُ‬ ‫ص ّ‬‫مر‪ ،‬فهل ي َ ِ‬ ‫فيه إلى ذلك ال ْ‬
‫ريقة‪ ،‬كيف َتصَنع ؟‬ ‫الدورةُ عند َ المرأةِ ِبهذهِ الط ِ‬
‫ج د َم ِ‬ ‫من خرو ِ‬ ‫ما َيمَنع ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ري مجراها ِ‬ ‫ل الحبوب وما َيج ِ‬ ‫ن استعما َ‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫جه ‪ ..‬هذه المسأَلة اختَلف فيها‬ ‫من ِإيقاِفه بعد َ خرو ِ‬ ‫ض المعروف أو ِ‬ ‫الحي ِ‬
‫العلماء قديما‪:‬‬
‫ج‬‫ل خرو ِ‬ ‫صح سواء كان ذلك قب َ‬ ‫ممنوع ل ي َ ِ‬ ‫ن ذلك َ‬ ‫ب إلى أ ّ‬ ‫من ذه َ‬ ‫‪-1‬منهم َ‬
‫جه‪.‬‬‫الدم أو كان ذلك بعد َ خرو ِ‬
‫ج الدم أو‬ ‫ل خرو ِ‬ ‫ب إلى جوازِ ذلك مطَلقا ‪ ..‬أي سواء قب َ‬ ‫من ذه َ‬ ‫‪-2‬ومنهم َ‬
‫ح َلها أن َتأِتي ِبما َتأِتي‬ ‫ص ّ‬‫ك المرأة ي َ ِ‬ ‫ن تل َ‬ ‫ف الدم فإ ّ‬ ‫جه‪ ،‬فإذا َتوقّ َ‬ ‫بعد َ خرو ِ‬
‫ن الكريم‬ ‫ف وقراءةٍ ِللقرآ ِ‬ ‫من صلةٍ وصيام ٍ واعتكا ٍ‬ ‫ِبه المرأة الطاهَِرة ِ‬
‫ف إلى غي ْرِ ذلك‪ ،‬وهكذا فيما‬ ‫ضَئة‪-‬وطوا ٍ‬ ‫ت متو ّ‬ ‫س ِللمصحف‪-‬إذا كان ْ‬ ‫َ‬
‫ولم ٍ‬
‫طء‪.‬‬ ‫َيتعّلق ِبمسألةِ الو ْ‬
‫ج الدم‬ ‫ن ذلك جائز قب َ‬ ‫س َ‬
‫ل خرو ِ‬ ‫ط بْين القولْين فقال‪ :‬إ ّ‬ ‫من َتو ّ‬ ‫‪-3‬ومنهم َ‬
‫من هذه الموانع‪.‬‬ ‫مل شيئا ِ‬ ‫ج الدم فإنه لْيس ِللمرأةِ أن َتستع ِ‬ ‫أما بعد َ خرو ِ‬
‫ل الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫ريح في سن ّةِ رسو ِ‬ ‫ولْيس هنالك د َِليل ص ِ‬
‫ل الثلثة المذكورة‪ ،‬ولكن القول ِبجواِز‬ ‫من هذه القوا ِ‬ ‫وسلم‪-‬على واحدٍ ِ‬
‫ج الدم فإنه‬ ‫ف ذلك الدم إذا استعملْته بعد َ خرو ِ‬ ‫ذلك مطَلقا وأنه إذا َتوقّ َ‬
‫جب على المرأةِ الطاهَِرة وَيجوز َلها‬ ‫جب عليها ما ي َ ِ‬ ‫جب عليها الغسل وي َ ِ‬ ‫يَ ِ‬
‫ن هذا المر‪-‬أعني‬ ‫ما َيجوز ِللمرأةِ الطاهَِرة هو القول الصحيح‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫جد َ الط ّْهر فإ ّ‬
‫ن‬ ‫ف الحْيض ووُ ِ‬ ‫مَر العبادات‪-‬معل ّقٌ ِبوجودِ الحْيض فإذا َتوقّ َ‬ ‫أ ْ‬
‫جب منها‪-‬وَيجوز َلها فِْعل ما‬ ‫ة‪-‬أعني ما ي َ ِ‬ ‫جب على المرأ ِ‬ ‫هذه العبادات ت َ ِ‬
‫ف على‬ ‫من المورِ الجائزة ِللمرأةِ الطاهَِرة‪ ،‬فإذن ذلك َيتوقّ ُ‬ ‫َيجوز َلها ِ‬
‫‪515‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ة‬
‫ممنوعٌ في حال ِ‬ ‫جد َ الحيض فهو َ‬ ‫ة‪ ،‬فما ُيمَنع إذا وُ ِ‬ ‫ض والطهار ِ‬ ‫وجودِ الحي ِ‬
‫ب‬
‫ج ُ‬ ‫ح أو ي َ ِ‬‫ب في حالةِ وجودِ الطهارة فإنه ُيبا ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ح أو ي َ ِ‬ ‫الحيض‪ ،‬وما ُيبا ُ‬
‫ف تلك العبادات‪ ،‬فإذا‬ ‫على مختلف الحوال ‪ ..‬أي على حسب اختل ِ‬
‫جب‬ ‫جب عليها الغسل وي َ ِ‬ ‫ج الدم فإنه ي َ ِ‬ ‫خَر َ‬‫دت المرأةُ الطهارةَ وَلو َ‬ ‫ج َ‬‫وَ َ‬
‫من‬ ‫ت‪-‬وَيجوز َلها ما َيجوز ِ‬ ‫من العبادات‪-‬كما قل ُ‬ ‫جب عليها ِ‬ ‫عليها ما ي َ ِ‬
‫ت في‬ ‫َ‬
‫العبادات ‪ ..‬هذا الذي أَراه في هذه المسألة‪ ،‬ولكن القضية ليس ْ‬
‫ن هذه الحبوب وهكذا ِبالنسبةِ إلى الَبر وما‬ ‫مر وإنما القضية في أ ّ‬ ‫هذا ال ْ‬
‫من‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫جب التنّبه َلها‪ ،‬وهو أ ّ‬ ‫ري مجراها فيه قضية شاِئكة أخرى ي َ ِ‬ ‫َيج ِ‬
‫من قبل ضاِبطات‬ ‫مْلن هذه الحبوب أو هذه الَبر ك ُ ّ‬
‫ن ِ‬ ‫النساِء اللِتي َيستع ِ‬
‫ن العادة‬ ‫ضِهن ولكن ِبمجّردِ استخدام ِ هذه المواِنع فإ ّ‬ ‫ِلمسألةِ أيام ِ حي ِ‬
‫صَرة‬ ‫جدا‪ ،‬فقد ْ َتكون عاد َةُ المرأةِ منح ِ‬ ‫رب اضطرابا كِثيرا ِ‬ ‫َتختِلف وَتضط ِ‬
‫ب‬ ‫ست ّةِ أيام وقد َتكون في سبعةِ أيام أو َثمانية وهكذا على حس ِ‬ ‫في ِ‬
‫ن‬‫مها ِلهذه الحبوب أو ِلهذه الَبر فإ ّ‬ ‫ف النساء ولكن ِبمجّردِ استخدا ِ‬ ‫اختل ِ‬
‫مر‬‫مر خمسة عشر يوما وتارةً تست ِ‬ ‫رب‪ ،‬فتارةً تست ِ‬ ‫دة تضط َ ِ‬ ‫هذه العا َ‬
‫من ذلك‪ ،‬فل َتدِري هل هذا الدم هو دم حيض‬ ‫مر أكثر ِ‬ ‫شهرا وتارةً تست ِ‬
‫أو هو استحاضة ومتى َيكون حيضا ومتى َيكون استحاضة‪ ،‬وَيترّتب على‬
‫دة ل َتدِري هذه المرأة َتأِتي ِبتلك‬ ‫ت متعد ّ َ‬ ‫ذلك إشكالت في عبادا ٍ‬
‫جَبة على المرأة في حالةِ الطهارة‬ ‫العبادات أو ل َتأِتي ِبها‪ ،‬فالصلةُ وا ِ‬
‫مة في حالةِ الحيض‪ ،‬والصيام وأعني ِبالصيام صيام شهر‬ ‫محّر َ‬ ‫وهي ُ‬
‫جب إذا كان صيام كفارة وكانت‬ ‫رمضان‪ ،‬وهكذا ِبالنسبةِ إلى الصيام الوا ِ‬
‫جبا‬‫ددة في ذلك الوقت‪ ،‬وهكذا ِبالنسبةِ إلى صيام ِ النذر‪ ،‬فَيكون وا ِ‬ ‫مح ّ‬
‫من ذلك في حالةِ الحيض‪ ،‬وهكذا‬ ‫ممنوعة ِ‬ ‫في حالةِ الطهارة وتكون َ‬
‫ن الحاِئض ل َيجوز َلها أن َتطوف ِبالبْيت‪ ،‬وليس‬ ‫ف فإ ّ‬ ‫ِبالنسبةِ إلى الطوا ِ‬
‫ة‬
‫خل المسجد‪ ،‬وهكذا ِبالنسبةِ إلى قراء ِ‬ ‫ل العلم أن َتد ُ‬ ‫َلها عند َ أكثرِ أه ِ‬
‫كن أن‬ ‫ج َلها‪ ،‬فهذه المسألة ُيم ِ‬ ‫القرآن‪ ،‬وهكذا ِبالنسبةِ إلى معاشرةِ الزو ِ‬
‫جدا‬ ‫من هذه الناحية‪ ،‬وأنا قد جاَءت ِْني أسئلة كِثيَرة ِ‬ ‫ديد فيها ِ‬ ‫ل ِبالتش ِ‬ ‫ُيقا َ‬
‫سم المباَرك‪ ،‬وحتى‬ ‫رها وفي غي ْرِ هذا المو ِ‬ ‫ج هذه السنة وفي غي ْ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫في َ‬
‫مْلن هذه الحبوب في أيام ِ الحج‬ ‫من النساء اللِتي است َعْ َ‬ ‫هذه اليام كِثيٌر ِ‬
‫ت عليه في الساِبق‪ ،‬وهذه مسأَلة‬ ‫دة َلم َتستِقر كما كان ْ‬ ‫ت العا َ‬ ‫ل زال ْ‬
‫َ‬
‫صح ِباستخدام ِ هذه الحبوب ول‬ ‫مشك َِلة َينبِغي التنّبه َلها‪ ،‬فأنا ل أن َ‬
‫من‬ ‫من هذه الشياء التي َتمَنع ِ‬ ‫ِباستخدام ِ هذه الَبر ول ِباستخدام ِ شيٍء ِ‬
‫ب الذي‬ ‫ب الذي وََرد َ في السؤال وإنما ِلهذا السب ِ‬ ‫ج الحيض ل ِللسب ِ‬ ‫خرو ِ‬
‫سّتة أيام أو سبعة‬ ‫ب النساء َتكون ِ‬ ‫ن عادةَ أغل ِ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫ذ َك َْرُته‪ ،‬و ِ‬
‫جح‪،‬‬ ‫صل إلى العشَرة وقد ت ََتجاَوز ذلك ِبقِليل على الصحيح الرا ِ‬ ‫وقد ت َ ِ‬
‫خر‬ ‫ب إلى الحج ‪ِ ..‬بإمكانها أن ت ََتأ ّ‬ ‫ريد أن َتذهَ َ‬ ‫ن هذه المرأة التي ت ُ ِ‬ ‫فِبإمكا ِ‬
‫‪516‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫سل وَتأِتي بعد َ ذلك‬ ‫في مكة المكّرمة حتى َينتِهي وقت الحيض وَتغت ِ‬
‫من‬ ‫من أركان الحج أو ِ‬ ‫ف ركنا ِ‬ ‫جب إذا كان ذلك الطوا ُ‬ ‫ف الوا ِ‬ ‫ِبالطوا ِ‬
‫من ذلك‪،‬‬ ‫ف القدوم فإّنها معذوَرة ِ‬ ‫أركان العمرة‪ ،‬وأما ِبالنسبةِ إلى طوا ِ‬
‫ح‬ ‫من ذلك على الصحي ِ‬ ‫ف الوداع فإّنها معذوَرة ِ‬ ‫وهكذا ِبالنسبةِ إلى طوا ِ‬
‫ت مثل‬ ‫م ْ‬ ‫ت على ذلك السّنة الصحيحة الثاِبتة‪ ،‬وإذا قدر ِبأنها أحَر َ‬ ‫كما د َل ّ ْ‬
‫ل يوم ِ عرفة فإنها ترِدف عليها‬ ‫ن ِبها قب َ‬ ‫من التيا ِ‬ ‫كن ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ِبالعمَرة ثم لم ت َت َ َ‬
‫مت َّعة‪ ،‬كما وَقَعَ ذلك ِللسيدة عائشة‬ ‫ت مت َ َ‬‫الحج فَتكون قارَِنة بعد َ أن كان ْ‬
‫جع‬ ‫ت فِبإمكاِنها أن َتر ِ‬ ‫ضط َّر ْ‬ ‫رضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنها‪ ،‬على أنها لو ا ْ‬
‫ده‪،‬‬‫هب إلى َتأدِي َةِ الطواف والسعي الذي َبع َ‬ ‫إلى بلِدها ثم بعد َ ذلك َتذ َ‬
‫ة‬
‫ل أن َتأِتي ِبالطواف وهي في حال ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫من أ ْ‬ ‫م هذه الحبوب ِ‬ ‫أما أن َتستخدِ َ‬
‫ف ول‬ ‫طيع أن َتأِتي ِبالطوا ِ‬ ‫ظور فل َتست ِ‬ ‫طهارة ثم بعد َ ذلك ي ََقع المح ُ‬
‫َتدِري هل ُتصّلي أو ل ُتصّلي وهكذا ِبالنسبةِ إلى بقيةِ العبادات التي َلها‬
‫صح ِبذلك بل أقول‪ " :‬إنه ل ينبِغي ذلك "‪.‬‬ ‫َ‬
‫مر فإن ِّني ل أن َ‬ ‫علقة ِبهذا ال ْ‬ ‫َ‬
‫ل امرأةٍ‬ ‫نك ّ‬ ‫ضي فإننا َنقول‪ :‬إ ّ‬ ‫من وَقَعَ َله ذلك في الما ِ‬ ‫وأما ِبالنسبةِ إلى َ‬
‫ل العلم‬ ‫ف له ِ‬ ‫ص َ‬
‫ت فيها‪ ،‬وأن ت َ ِ‬ ‫ل عن الحالةِ التي وَقَعَ ْ‬ ‫َينبِغي َلها أن َتسأ َ‬
‫جه‬‫من المور التي ستو ّ‬ ‫مر وما شابه ذلك ِ‬ ‫شك َْله وكم است َ َ‬ ‫نوعَ الدم ِ و َ‬
‫ل العلم‬ ‫من أه ِ‬ ‫كم غي ُْرنا ِ‬ ‫كم أو َيح ُ‬ ‫كن أن َنح ُ‬ ‫إليها السئلة فيها حتى ُيم ِ‬
‫على هذه الحالة هل هي حْيض أو استحاضة؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫جه ب ِّر الوالد َْين بعد َ موِتهما ؟ ‪...‬‬ ‫َ‬
‫س ‪ :5‬ما هي أوْ ُ‬
‫ة‬
‫ج َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ديا َ‬ ‫ل حال‪-‬إن كان الواِلد أو الواِلدة أو كلهما َلم ُيؤ ّ‬ ‫ج‪ ... :‬و‪-‬على ك ّ‬
‫ج عنهما ‪...‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ريضة فينبِغي َله أن ي َ ُ‬ ‫الف ِ‬
‫من حلقة ‪ 19‬ربيع الول ‪1425‬هه‪ ،‬يوافقه ‪9/5/2004‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫س ‪... :1‬‬
‫ج‪... :‬‬
‫ط في‬ ‫حة‪ ،‬فهو شر ٌ‬ ‫طص ّ‬ ‫ط السلم ولكن هذا الشرط شر ُ‬ ‫من ذلك شر ُ‬ ‫و ِ‬
‫ح منه عبادة ‪ ..‬ل تصح منه الصلة ول‬ ‫جميع العبادات‪ ،‬فالكافر ل تص ّ‬
‫كها‬ ‫طبا ِبها وعليه الثم ِبسبب ت َْر ِ‬ ‫الزكاة ول الصيام ول الحج وإن كان مخا َ‬
‫ل على‬ ‫من الدلة التي َتد ّ‬ ‫ضح ذلك ِ‬ ‫م القيامة‪ ،‬كما ي َت ّ ِ‬ ‫وُيعاَقب على ذلك يو َ‬
‫ت‪-‬هو‬ ‫ن هذا الشرط‪-‬كما قل ُ‬ ‫طبون ِبفروع الشريعة ولك ّ‬ ‫مخا َ‬ ‫ن الكفاَر ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ط في جميع العبادات؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫شر ٌ‬
‫من حلقة ‪ 23‬جمادى الولى ‪1425‬هه‪ ،‬يوافقه ‪11/7/2004‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫س ‪... :1‬‬
‫‪517‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫لته صحِيحة وتَكون‬ ‫ج‪َ ... :‬قد يَكون صيَام الشخص صحِيحا وقد َتكون صَ ُ‬
‫من‬ ‫ية ِ‬ ‫معص ٍ‬
‫ِ‬ ‫جه صحِيحا ولكنّه إذا كان مُتََلبّسا بِ‬ ‫زكاته صحِيحة ويَكون حَ ّ‬ ‫ُ‬
‫من‬ ‫الذنوب ومات ِ‬ ‫من كبائِرِ ّ‬ ‫يرة ِ‬ ‫وكانت تلك المعصِية كبِ َ‬ ‫ْ‬ ‫معاصي الله‬ ‫ِ‬
‫دخُل النار‪-‬والعياذ‬ ‫سيَ ْ‬ ‫صادقة إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬منها فإنه َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫توبة‬ ‫غيرِ‬
‫ْ‬
‫من كتابِ الله ومِن سّنةِ‬ ‫يرة ِ‬ ‫ة َكثِ َ‬ ‫أدّل ٍ‬‫خُلدُ فيها بِ ِ‬ ‫وسي ْ‬
‫َ‬ ‫بالله تبارك وتعالى‪-‬‬
‫حذَ ِ‬
‫ار‬ ‫رسوله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬الصحِيحة الثابِتة عنه‪َ ،‬ف َ‬ ‫ِ‬
‫معاصي الله تبارك وتعالى؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫من الوُقوعِ في‬ ‫حذار ِ‬ ‫ِ‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬
‫س ‪... :6‬‬
‫ج‪... :‬‬
‫بين التلبية الثابِتة‬ ‫شتّان ْ‬ ‫نعم التَْلبِية في الحج هي ثابِتة عن النبي ‪ e‬ولكن َ‬
‫ة‬
‫ج َ‬ ‫ج حَ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ت أن أَ ُ‬ ‫وْي ُ‬ ‫وبين أن يَقول النسان‪ " :‬اللهم إنّي َن َ‬ ‫عن النبي ‪ْ e‬‬
‫شاسع‬ ‫ِ‬ ‫ق‬
‫هنالك فَرْ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ة النافِلة " أو ما شابه ذلك ‪..‬‬ ‫ج َ‬ ‫الفريضة " أو " حَ ّ‬ ‫ِ‬
‫بينهما ‪...‬‬ ‫ْ‬
‫من حلقة ‪ 1‬رمضان ‪1425‬هه‪ ،‬يوافقه ‪16/10/2004‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫من منزِِلها قبلَ‬ ‫سل الحرامِ ِ‬ ‫سل غُ ْ‬ ‫لمرأة أن تَْغتَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ‪ :7‬هل لِ‬
‫الخروج ؟‬
‫إطالة‪ ،‬ولكن‪:‬‬ ‫َ‬ ‫اج إلى‬ ‫حتَ ُ‬ ‫المسألة تَ ْ‬‫َ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذه‬
‫ت في "‬ ‫زَل ْ‬ ‫ت فيه ‪ ..‬مثل لو نَ َ‬ ‫زَل ْ‬ ‫زِلها المنزل الذي نَ َ‬ ‫منْ ِ‬‫صدُ ِب َ‬ ‫ق ِ‬ ‫إذا كانتْ َت ْ‬
‫مَيتِها بِالمدينة‬ ‫س ِ‬‫من تَ ْ‬ ‫المدينة " ‪ ..‬في مدينة النبي ‪ ، e‬ول بأس‪-‬طبعا‪ِ -‬‬ ‫ِ‬
‫حرِم‬ ‫رج ولكن لُِت ْ‬ ‫خ ُ‬ ‫من هُنَاك َوْلتَ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫س ْ‬ ‫المنورة ‪ ..‬إذا أرادتْ ذلك نعم لِتَْغَت ِ‬ ‫َ‬
‫مت ذلك فإنّ‬ ‫ْ‬ ‫و قدّ‬ ‫م ذلك ‪َ ..‬ل ْ‬ ‫قدّ َ‬ ‫من عندِ الميقات ‪ ..‬ل ينبغِي َلها أن ُت َ‬ ‫ِ‬
‫إحرامَها صحِيح‪-‬على الصحِيح الذي عليه الجمهور‪-‬ولكن ينبغِي لََها أن‬
‫عليه وعلى آله‬ ‫صلى الله َ‬ ‫ل النبي َ‬ ‫خرَ ذلك إلى الميقات‪ ،‬كما فََع َ‬ ‫ؤ ّ‬ ‫ُت َ‬
‫ما‬ ‫وما جاء مِ ّ‬ ‫ل على خلفِ ذلك‪َ ،‬‬ ‫ت عنه ما َيدُ ّ‬ ‫ولم يَثبُ ْ‬ ‫سلم‪َ ،‬‬ ‫وصحبه و َ‬
‫شيئة‬‫م ِ‬ ‫ذه المناسََبة بِ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ع الطالة في غيْرِ َ‬ ‫ض ُ‬
‫و ِ‬ ‫ف ذلك فإنّه ل يَثُْبت‪َ ،‬ومَ ْ‬ ‫خال ُ‬ ‫ُي ِ‬
‫الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫مر عدّ َ‬
‫ة‬ ‫سَت ِ‬‫ذهب وتَ ْ‬ ‫ها عندَما تَ َ‬ ‫من ِبلدِ َ‬ ‫سل ِ‬ ‫صد بَِأّنها تَْغَت ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫أما إذا كانتْ تَ ْ‬ ‫ّ‬
‫كانت‬
‫ْ‬ ‫في ِللتيانِ ِبهذِه السّنة ‪ ..‬نعم في وقتِنا هذا‪-‬مثل‪-‬إذا‬ ‫أيام فهذا ل َيكْ ِ‬
‫وجها مباشَرَة فل‬ ‫خرُ ِ‬ ‫ت في بيْتِها قبلَ ُ‬ ‫سَل ْ‬ ‫الطائرَة فإذا اغتَ َ‬ ‫ِ‬ ‫طة‬
‫اس ِ‬ ‫و ِ‬ ‫رج بِ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫َت ْ‬
‫من الغتِسال‬ ‫مكّن ِ‬ ‫رة ول تََت َ‬ ‫مرّ على الميقات وهي في الطائِ َ‬ ‫بأس‪-‬لنّها تَ ُ‬
‫رم‬ ‫ح ِ‬ ‫من بيِْتها لحرامِها وَْلتُ ْ‬ ‫تسل ِ‬ ‫قة‪َ-‬فْلَتْغ ِ‬ ‫ش ّ‬
‫م َ‬ ‫نت ِب َ‬‫مكّ ْ‬ ‫كن ذلك إنْ َت َ‬ ‫م ّ‬ ‫أو تَتَ َ‬
‫اذي الميقات؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬ ‫ح ِ‬
‫عندَما تُ َ‬
‫من حلقة ‪ 3‬رمضان ‪1425‬هه‪ ،‬يوافقه ‪18/10/2004‬م‬ ‫ِ‬
‫‪518‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫محرم ٍ‬ ‫رها إلى الحج أن َيكون ذو َ‬ ‫ة‪ ،‬هل ُيشتَرط ِلسف ِ‬ ‫س ‪ :1‬المرأ ُ‬
‫معها ؟‬
‫ن العلماء قد اختَلفوا في هذه المسألة‪:‬‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫محرم ٍ‬ ‫من أن ُيرافَِقها ذو َ‬ ‫ن المرأةَ لبد ِ‬ ‫ة كِبيرةٌ منهم إلى أ ّ‬ ‫‪-1‬ذهبت طائف ٌ‬
‫ت إلى الحج‪.‬‬ ‫منها إذا ذهب ْ‬
‫ث عن النبي ‪، e‬‬ ‫ت ذلك في الحدي ِ‬ ‫ل في المحَرم كما ثب َ‬ ‫خ ٌ‬ ‫ج دا ِ‬ ‫والزو ُ‬
‫ح َلها السفر‬ ‫ص ّ‬ ‫ما ُيعَلم ِبالضرورةِ أنه ي َ ِ‬ ‫م ّ‬‫ديرِ عدم ِ دخوِله فإنه ِ‬ ‫وعلى تق ِ‬
‫من بقيةِ المحاِرم‪.‬‬ ‫معه‪ ،‬إذ إنه أوَْلى ِ‬
‫ب إلى‬ ‫ن المرأةَ َيجوز َلها أن َتذهَ َ‬ ‫ل العلم إلى أ ّ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ت طائف ٌ‬ ‫‪-2‬وذهب ْ‬
‫ح معهم نساء‪ ،‬وقال بعضهم‪ " :‬أن َيكونوا‬ ‫ل الصل ِ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ج مع جماعةٍ ِ‬ ‫الح ّ‬
‫ل العلم‪.‬‬ ‫من أه ِ‬ ‫من أهل العلم " ‪ ..‬اشتَرط أن َيكوُنوا ِ‬ ‫ِ‬
‫من بقيةِ القضايا‬ ‫رها ِ‬ ‫صل في هذه القضية كغي ْ ِ‬ ‫ن الفي ْ َ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫و ِ‬
‫ت‪-‬عن النبي صلى الله عليه وعلى‬ ‫عي‪ ،‬وقد ث َب َ َ‬ ‫ل الشر ِ‬ ‫عية هو الدلي ُ‬ ‫الشر ِ‬
‫ن النبي‬ ‫ق بن عباس رضي الله تبارك وتعالى عنهما‪-‬أ ّ‬ ‫من طري ِ‬ ‫آله وسلم‪ِ -‬‬
‫ث‬
‫ث حدي ٌ‬ ‫محَرم منها‪ ،‬فهذا الحدي ُ‬ ‫‪َ e‬نهى المرأةَ عن السَفر إل مع ِذي َ‬
‫ن‬‫من أ ّ‬ ‫من أنواِع السَفر إل ما است ُث ِْني ِ‬ ‫ح ثاِبت وهو َيشمل أيّ نوٍع ِ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ص ِ‬
‫ت على‬ ‫ت على ِديِنها أو خاف ْ‬ ‫شي َ ْ‬‫محَرم إذا خ ِ‬ ‫المرأة ُتساِفر مع غْير ِذي اله َ‬
‫ر‬
‫ن مع غي ْ ِ‬ ‫جْر َ‬ ‫ن ها َ‬ ‫جرات أنه ّ‬ ‫ض المها ِ‬ ‫سها‪ ،‬وذلك كما جاَء عن بع ِ‬ ‫نف ِ‬
‫مة إلى المدينة المنوَّرة‪ ،‬أما ما عدا ذلك فل‬ ‫كة المكّر َ‬ ‫من م ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫مه ِ ّ‬ ‫محارِ ِ‬
‫سمعَ هذا‬ ‫دما َ‬ ‫جل ذ َك ََر ِللنبي ‪ e‬عن َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ن الحديث قد جاء فيه أ ّ‬ ‫ولسيما أ ّ‬
‫َ‬
‫مَره النبي ‪e‬‬ ‫ريد ُ الحج فأ َ‬ ‫جه ت ُ ِ‬ ‫ن َزوْ َ‬ ‫ب في غزوةِ كذا وأ ّ‬ ‫النهي أنه قد اك ْت َت َ َ‬
‫ِبأن يخرج إلى الحج مع امرأِته ‪ ..‬كما جاء ذلك في الحديث الصحيح‪.‬‬
‫ن المرأة ليس َلها أن ُتساِفر إلى الحج أو العمرة‬ ‫ن القول ِبأ ّ‬ ‫ول شك ِبأ ّ‬
‫ل القوي الذي َينبِغي أن يعتمد عليه‬ ‫محَرم ٍ منها هو القو ُ‬ ‫ج أو َ‬ ‫إل مع زو ٍ‬
‫ولسيما في هذا الزمان‪.‬‬
‫خُر عن الحج حتى‬ ‫َ‬
‫محَرما منها فإنها ت َت َأ ّ‬ ‫جد ُ زْوجا أو َ‬ ‫ت ل تَ ِ‬ ‫فالمرأةُ إذا كان ْ‬
‫جها‪-‬إن كان َلها زوج‪-‬أو‬ ‫ن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليها ِبأن ُيسافَِر معها زو ُ‬ ‫م ّ‬ ‫يَ ُ‬
‫ن‬‫مها فإ ّ‬ ‫محارِ ِ‬ ‫من غي ْرِ َ‬ ‫جها أو ِ‬ ‫محَرم ٍ منها‪ ،‬أما أن ُتسافَِر مع غي ْرِ زو ِ‬ ‫ذو َ‬
‫ة كِبيَرةٌ‬ ‫ت‪-‬طائف ٌ‬ ‫ت إليه‪-‬كما قل ُ‬ ‫صح على هذا القول الذي ذهب ْ‬ ‫ما ل ي َ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ذلك ِ‬
‫سد‬ ‫َ‬
‫من المفا ِ‬ ‫ده‪ِ ،‬لما رأيناه ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ل العلم‪ ،‬وهذا القول هو الذي أعت َ ِ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ِ‬
‫مها‪،‬‬ ‫محارِ ِ‬ ‫من غي ْرِ ِذي َ‬ ‫جها أو ِ‬ ‫التي َتترّتب على سَفرِ المرأةِ مع غي ْرِ زو ِ‬
‫ح ثاِبت ل شك في‬ ‫حي ٌ‬ ‫ثص ِ‬ ‫ت‪-‬مثل‪-‬الحديث فكيف وهو حدي ٌ‬ ‫حتى إذا َلم َيثب ُ ْ‬
‫ثبوِته عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬

‫‪519‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من أقارِِبها سواء كان‬ ‫محَرم ٍ منها ِ‬ ‫جها أو َ‬‫فإذن المرأةُ ل ُتساِفر إل مع زو ِ‬
‫مباح ‪َ ..‬تساِفر المرأة مع‬ ‫ب ُ‬ ‫ت‪-‬أو ِبسب ٍ‬ ‫ب قراَبة منها‪-‬كما أشر ُ‬ ‫ذلك ِبسب ِ‬
‫دها وإن عل ومع ابنها أو ابن ابنها أو ابن ابنتها وإن ن ََزل‬ ‫أبيها أو ج ّ‬
‫مها ومع‬ ‫ل وُتساِفر مع ع ّ‬ ‫خيها وابن أخِتها وإن ن ََز َ‬ ‫خيها وابن أ ِ‬
‫وُتساِفر مع أ ِ‬
‫من الرضاع كالعلقةِ التي‬ ‫من َله علقة ِبها ِ‬ ‫خاِلها‪ ،‬وكذلك ُتساِفر مع َ‬
‫من الرضاع‬ ‫ت عن النبي ‪ e‬أنه قال‪َ ) :‬يحُرم ِ‬ ‫من النسب ِلما ثب َ‬ ‫ذكرناها ِ‬
‫من‬‫ضح الدللة على أنه َيحُرم ِ‬ ‫ث وا ِ‬‫من النسب ( فهذا الحدي ُ‬ ‫ما َيحُرم ِ‬
‫من كان كصفة من ذكرناه سابقا كان أبا‬ ‫من النسب ف َ‬ ‫الرضاع ما َيحُرم ِ‬
‫لها من الرضاع أو جدا لها من الرضاع أو ابنا لها من الرضاع أو ابنا‬
‫لبنها أو لبنتها من الرضاع أو أخا لها أو عما لها أو خال لها أو كان أيضا‬
‫ابنا لخيها أو لختها من الرضاع فإنهم يسافرون معها بشرط أن يكون‬
‫ذلك الرضاع ثابتا‪ ،‬أما إذا كان مشكوكا فيه بأن‪-‬مثل‪-‬أدخل ذلك الطفل‬
‫ثدي تلك المرأة في فمه ول يعلم هل مص منها أو ل فإن هذا من‬
‫المور المشتبهات فمثل هذا ل يصافح تلك المرأة وأيضا ليس لها أن‬
‫تسافر معه وهكذا بالنسبة إلى كل ما يتعلق بأحكام الرضاع‪ ،‬والرضاع ل‬
‫يشترط فيه العدد كما ذهب إليه بعض أهل العلم بل الصحيح أنه إذا‬
‫ثبت الرضاع ولو كان مرة واحدة فإنه يثبت به الحكم وذلك لظاهر‬
‫القرآن ولظاهر الحاديث الثابتة عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬وما جاء مخالفا لذلك فقد رددنا عليه بما فيه الكفاية بمشيئة‬
‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪ ،-‬وهكذا بالنسبة إذا كان هنالك سبب من السباب‬
‫المباحة شرعا وذلك كأن تسافر المرأة مع من يحرم عليها بسبب مباح‬
‫شرعا‪ ،‬تسافر المرأة‪-‬مثل‪-‬مع أب زوجها أو جده سواء كان ذلك من‬
‫جهة أبيه أو من جهة أمه وإن عل أو أن تسافر مع ابن زوجها أو ابن ابنه‬
‫أو ابن ِبنته وإن نزل أو أن تسافر كذلك مع زوج أمها أو زوج جدتها وإن‬
‫عل وهكذا بالنسبة إلى زوج ِبنتها وزوج بنت بنتها وإن نزل لكن يشترط‬
‫بالنسبة إلى زوج الم وزوج الجدة وإن علت الجدة ‪ ..‬يشترط فيه أن‬
‫يكون قد دخل بالم أو دخل بالجدة وهكذا بالنسبة أن لو علت الجدة‪،‬‬
‫أما إذا كان مجرد عقد فإنه ل يكون بذلك محرما منها بخلف زوج البنت‬
‫أو بنت البن أو بنت البنت فإنه بمجرد عقده عليها‪-‬على ابنتها‪-‬يكون‬
‫محرما للم ويكون محرما للجدة وهكذا؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما مقدار السن بالنسبة للمحَرم إذا كان هذا المحرم ولدها ؟‬
‫ج‪ :‬لبد أن يكون بالغا‪ ،‬وبعض العلماء يرخص إذا كان مناهزا للبلوغ بأن‬
‫كان يدري بكل ما يدور حوله‪ ،‬أما إذا كان صبيا صغيرا أو ما شابه ذلك‬
‫فهذا مما ل قيمة له ‪ ..‬الصل أن يكون بالغا لكن في حالة الضرورة‬
‫القصوى إذا كان مناهزا للبلوغ بقيت سنة أو ما شابه ذلك فبعض‬
‫‪520‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫العلماء يرخص في ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى عقد النكاح فإن بعض‬
‫العلماء يرخص إذا كان ذلك الصبي يعقل ‪ ..‬فإنه يرخص في أن يعقد‬
‫على المرأة ولكنني ل أرى ذلك بل أقول إنه لبد من أن يكون بالغا ‪..‬‬
‫نعم إذا كان مناهزا للبلوغ فهو ُيرخص فيه على رأي بعضهم ‪ ..‬في حالة‬
‫عقد النكاح ينبغي أن يأذن ذلك الصبي ولكن لبد من إذن غيره ممن هو‬
‫أبعد منه أو من إذن الحاكم معه‪ ،‬أما ما ُيرخص فيه بعض أهل العلم‬
‫مما هو أقل من ذلك فل نراه لن العلة معلومة من هذا وليس مجرد أن‬
‫ضر تلك‬ ‫يكون ذكرا وإنما أن يكون يعرف ما يدور حوله ويعرف ما ي ُ‬
‫المرأة التي هو محرم منها وما ينفعها وما شابه ذلك‪ ،‬أما أن يكون‬
‫مجرد ذكر فهذا مما ل ينبغي أن يعتمد عليه وإن قال به من قال‪ ،‬وفي‬
‫من نظر إلى بعض المفاسد التي تقع‬ ‫الحقيقة‪-‬كما أشرت من قبل‪َ -‬‬
‫وعلم بذلك فإنه لبد من أن يشدد في قضية الحج والعمرة مع غير‬
‫الزوج ومع غير المحرم‪ ،‬ثم إن المرأة بحاجة إلى من يأخذ بيدها عندما‬
‫تطوف وعندما تسعى ولسيما في حالة الزحام‪ ،‬وقد سمعنا أن بعض‬
‫النساء يمسكن في رجال أجانب منها وقد يمسك ذلك الجنبي بيدها‬
‫ويطوف بها وقد تنشأ بعد ذلك علقات بينه وبينها لنها ترى أنه قد صنع‬
‫لها معروفا ولبد من أن تكافئه باتصال أو مكالمة أو ما شابه ذلك‪،‬‬
‫وهذا‪-‬على كل حال‪-‬مما ل يصح ‪ ..‬نعم لو وقعت امرأة فلبد من أن‬
‫يحملها النسان حتى تقوم على رجليها أما أن تتعمد المرأة أن تذهب‬
‫مع أجنبي منها فهذا مما ل يصح أبدا ‪ ..‬هذا ما أراه؛ والعلم عند الله‪.‬‬
‫س‪ :‬إذن نفهم من هذا أنه في حالة عدم وجود المحرم ل تعتبر‬
‫المرأة مستطيعة ؟‬
‫ج‪ :‬نعم ‪ ..‬تتأخر المرأة حتى تجد زوجا أو محرما‪ ،‬لكن إذا لم تجد أبدا‬
‫بعد ذلك هل يجب عليها أن تأمر غيرها أن يحج عنها أو أن توصي‬
‫جر‬‫بذلك ؟ في ذلك خلف بين أهل العلم‪ ،‬ول شك أن السلمة أن تؤ ّ‬
‫من يحج عنها إذا صارت آيسة من وجود الزوج أو المحرم أو أن توصي‬
‫بذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬في حالة وجود المحرم لكنه ل يملك المال وهي تملك المال‪،‬‬
‫هل يجب عليها أن تعطي محرمها المال ليحج معها ؟‬
‫ج‪ :‬أما الوجوب فيحتاج إلى شيء من النظر‪ ،‬ولكنني أحث ذلك المحرم‬
‫بأن يخرج مع تلك المرأة وأحثها هي‪-‬أيضا‪-‬أن تعينه بشيء من المال‬
‫الذي يمكن أن يذهب معها إذا حصل عليه فيكون هنالك تعاون بين تلك‬
‫المرأة وبين محرمها ول شك بأنه إذا ذهب سيحصل على أجر عظيم‬
‫بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬إذا كان صالحا ‪ ..‬أّول سيؤدي الحج ولو كان‬
‫قد حج من قبل سيؤدي حجة نافلة وفي ذلك من الفضل ما ل يخفى‪،‬‬
‫‪521‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫كما جاء عن النبي ‪ ) : e‬والحج المبرور ليس له جزاء إل الجنة (‪ ،‬وجاء‬


‫عنه أيضا‪ ) :‬من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته‬
‫أمه (‪ ،‬إلى غير ذلك من الحاديث الدالة على فضل الحج وعظم منزلته‬
‫والجر العظيم والثواب الكبير الذي يحصل عليه من أداه طاعة لله‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬وامتثال لمره ‪ I‬وكان بارا في حجه ذلك لم يرتكب‬
‫معصية من معاصي الله تبارك وتعالى‪ ،‬فإذن ل ينبغي له أن يفرط في‬
‫إعانة هذه المرأة على طاعة الله وسيكون له الجر بمشيئة الله من‬
‫ناحيتين ‪ ..‬من تأديته للحج ومن إعانته لهذه المرأة التي ترغب في تأدية‬
‫فريضة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليها‪ ،‬وهي ينبغي لها أل ّ تبخل بالمال عليه‪،‬‬
‫فمال هذه الدنيا ذاهب‪ ،‬فإذا أعانت هذا الرجل الذي يذهب معها لتأدية‬
‫الحج ففي ذلك من الخير ما ل يخفى‪ ،‬أما الوجوب فيحتاج إلى شيء‬
‫من النظر‪ ،‬لن القول بوجوب ذلك فيه ما فيه‪ ،‬كما ل يخفى‪ ،‬فإذن‪-‬كما‬
‫ت‪-‬أحث المرأة التي ل تجد محرما إل إذا أعانته بشيء من المال أل ّ‬ ‫قل ُ‬
‫تبخل بذلك؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :2‬ما حكم ذهاب المرأة للحج رفقة مجموعة من النساء بدون‬
‫أن يكون عندها محرم رجل ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ أستأذنك قبل كل شيء أن أجيب ولو بجواب مختصر‬
‫جدا على سؤال الحج السابق الذي سألت عنه هذه المرأة لعلها تريد‬
‫أن تذهب إلى الحج وقبل كل شيء أنبه إلى أنه ينبغي للنسان أن‬
‫يكون حريصا على طلب العلم سواء كان ذلك من قراءة الكتب أو من‬
‫سؤال أهل العلم أو من دروسهم أو ما شابه ذلك من الوسائل التي‬
‫يحصل بها العلم الشرعي‪ ،‬ومما نلحظه على كثير من الناس أنهم ل‬
‫يهتمون بطلب العلم وإنما يهتم الواحد أن يسأل عن مسألة وقع فيها أو‬
‫أنه يريد أن يأتي بها في المستقبل أو ما شابه ذلك وقد يجيب بعض‬
‫أهل العلم عن تلك المسألة قبل ذلك بقليل أو قبل يوم أو ما شابه ذلك‬
‫ول يهتم بتلك المسألة ‪ ..‬يكون مشتغل بالحديث مع فلن أو فلن أو ل‬
‫يطلع على تلك البرامج التي تذاع فيها تلك المحاضرات أو تلك الدروس‬
‫أو تلك الجوبة أو ما شابه ذلك ويفوته خير كثير من المسائل الشرعية‪،‬‬
‫فطلب العلم فريضة على كل مسلم وإن كنا ل نقول بأن الكل من‬
‫الفرائض ولكن بعضه من الفرائض والبعض الخر من النوافل التي ل‬
‫ينبغي التفريط فيها‪.‬‬
‫بالنسبة إلى هذا السؤال قد ذكرنا‪-‬في الجواب الذي مضى قبل قليل‪-‬‬
‫ن المرأة إذا أرادت الحج لبد من أن تذهب مع زوج أو محرم منها‪،‬‬ ‫أ ّ‬
‫وأنه ل يصح لها أن تذهب مع مجموعة من النساء معهن بعض أهل‬
‫من أهل العلم‪ ،‬وعليه إن لم‬ ‫الصلح ‪ ..‬هذا الذي ذهبت إليه طائفة كبيرة ِ‬
‫‪522‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫محرما منها في ذلك الوقت فلتتأخر حتى تتمكن‬ ‫تجد المرأة زوجا أو َ‬
‫من الذهاب بعد ذلك في سنة من السنوات القادمة بمشيئة الله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬مع زوجها إن كان لها زوج أو مع ذي محرم منها‪ ،‬و‪-‬قلنا إنه‪-‬‬
‫ينبغي أن ُينظر إذا لم تجد المرأة محرما إل إذا بذلت له المال بأن كان‬
‫فقيرا أو ما شابه ذلك و‪-‬قلنا إنه‪-‬ل ينبغي لها أن تفرط في بذل المال‪،‬‬
‫أما القول بوجوب ذلك عليها فإنه َيحتاج إلى شيء من النظر‪ ،‬وحتى‬
‫نتمكن من ذلك فإنني ل أقوى على الجزم في ذلك بشيء‪ ،‬لكن‪-‬كما‬
‫ت‪-‬ينبغي التعاون بين الفريقين ‪ ..‬ينبغي لهذه المرأة أن تبذل المال‬ ‫قل ُ‬
‫وينبغي لذلك الرجل أل ّ يأخذ منها إل مقدار ما يؤدي به الحج ويرجع إلى‬
‫وطنه ‪ ..‬هذا الذي نعتمده لما ذكرته في ذلك الجواب‪.‬‬
‫وبعض العلماء ُيرخص أن تذهب المرأة مع رجال من الثقات الصالحين‬
‫معهم بعض النساء من محارمهم؛ ولكن هذا القول ل ينبغي التعويل‬
‫عليه‪ ،‬ولسيما في هذا الزمان لشدة الزحام بل ول ينبغي التعويل عليه‬
‫في أيّ وقت من الوقات لنه مخاِلف ِلظاهر الحديث الثابت عن النبي‪-‬‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬ونحن ل نقطع العذر في هذه المسألة‬
‫ول نقول إنها من المسائل القطعية ولكن نقول‪ :‬إن ذلك القول هو‬
‫القول القرب للصواب‪ ،‬وعلى تقدير صحة تأويل من تأوله من أهل‬
‫ت في هذا الزمان ل ينبغي أن يؤخذ بذلك‪ ،‬لن ذلك إذا‬ ‫العلم فكما قل ُ‬
‫كان ل يستدعي أن تمسك المرأة بيد رجل أو يمسكها رجل ويطوف بها‬
‫وقد تحتاج إلى حمل أو ما شابه ذلك في الزمنة الغابرة فإن الزمان قد‬
‫ن‬‫ت أنه وقع في العوام الماضية أ ّ‬ ‫اختلف في هذه اليام‪ ،‬وقد سمع ُ‬
‫بعض النساء اللتي ذهبن إلى الحج قد ذهبن للطواف مع رجال أجانب‬
‫عنهن وقد أمسكت بعض النساء بيد رجل أجنبي منها فهل يمكن أن‬
‫ت‪ -‬إذا كان هنالك‬ ‫نقول بجواز ذلك ؟! هذا مما ل يصح ‪ ..‬نعم‪-‬كما قل ُ‬
‫ن على الرجل أن يقوم بحمل تلك المرأة‬ ‫وقع حادث ‪ ..‬وقعت امرأة فإ ّ‬
‫حتى تقوم‪ ،‬أما أن يتعمد ذلك أو أن تتعمد هي ذلك من قبل فهذا مما ل‬
‫يصح‪ ،‬فهذا الذي أراه وأعتمد عليه؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :5‬ما هي شروط استئجار الحج ؟ وهل يصح أن ُيستأجر أو أن‬
‫ُيحج عن غير الولي وهو من لم يكن على طاعة ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ النابة في الحج ثابتة في سنة النبي ‪ e‬ثبوتا ل شك‬
‫فيه‪ ،‬فقد جاء ذلك من عدة طرق عن النبي‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪-‬‬
‫ودعوى من ادعى بأن ذلك خاص بأولئك أو ما شابه ذلك مما ذكره‬
‫بعض أهل العلم مردود على صاحبه ول داعي للطالة بالجوبة التي‬
‫أجيب بها عن ذلك‪ ،‬فالنابة إذن ثابتة ل إشكال فيها فمن كان عاجزا‬
‫بسبب مرض أو كبر سن ول يستطيع أن يذهب في الحال ول في‬
‫‪523‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫المستقبل إلى الحج بحسب الظاهر فإن له بل عليه أن ينيب غيره‬


‫لتأدية فريضة الحج عنه سواء كان ذلك بسبب مرض ل يرجى الشفاء‬
‫منه بحسب الظاهر أو بسبب كبر السن‪ ،‬أما إذا كان يرجو الشفاء من‬
‫ذلك المرض فل‪ ،‬وهكذا بالنسبة إذا أوصى شخص بالحج عنه وقد مات‬
‫فإنه يؤدى عنه ذلك الحج هذا ل إشكال فيه‪ ،‬أما بالنسبة إلى هل‬
‫للنسان أن يذهب بتأدية الحج عن شخص ل يتوله ؟ هنالك أمران الول‬
‫أن بعض أهل العلم يمنع من ذلك وبعضهم يجيز ذلك‪ ،‬والقول بجواز‬
‫ذلك بشرط أن ل يدعو له هو القرب إلى الصواب فليس له أن يخصه‬
‫بدعاء وإنما يدعو لعموم المسلمين فإن كان ذلك الشخص داخل في‬
‫عموم المسلمين بأن تاب وأناب إلى ربه‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولم يعلم هو‬
‫بتوبته فإنه يكون داخل في ذلك العموم وإن كان بخلف ذلك فإنه لم‬
‫يدع له بخير الخرة‪ ،‬نعم إذا كان ذلك الشخص حيا فيمكن أن يدعو له‬
‫بالهداية إلى الطريق المستقيم لنه بالمكان أن يرجع إلى الله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬أما الميت فقد انتهى أمره ول يمكن أن يهتدي بعد انتقاله من‬
‫هذه الحياة الدنيا‪ ،‬لكن بقي أن النسان قد يكون ل يتولى شخصا لنه‬
‫لم تقم عليه الحجة بولية ذلك الشخص فإذا ذهب لتأدية الحج عنه فإنه‬
‫لن يدعو له على سبيل الستقلل ويكون ذلك الشخص في حقيقة‬
‫الواقع من أهل الصلح ولكن هو لم تقم عليه الحجة فمثل هذا ل ينبغي‬
‫أن يذهب هذا الشخص أن يحج عنه إل إذا أخبره أو ما شابه ذلك ولكن‬
‫قد يكون في الخبار شيء من المور التي ستعقب ذلك مما ينبغي أن‬
‫ل يقع فيه النسان فإنه إذا قال له‪" :‬لن أدعو لك" أو "أنا ل أدري‬
‫بحالك" أو ما شابه ذلك فإنه مما لشك فيه بأنه سيقع في نفس ذلك‬
‫الشخص من هذا النسان‪ ،‬نعم إذا دعاه إلى التوبة إلى الله والرجوع‬
‫إليه ‪ I‬أو ما شابه ذلك وتاب ورجع إليه ‪ I‬وثبتت وليته فالمر ل إشكال‬
‫فيه‪ ،‬فإذن من حيث الجواز هنالك شيء لكن‪-‬كما قلت‪-‬يمكن أن نقول‬
‫بجواز ذلك ولكن بقي ما ذكرناه من الملحظة التي لبد من اعتبارها‪،‬‬
‫بقي هناك أن كثيرا من الناس يهتمون بجمع حطام الدنيا الفانية فتجد‬
‫الواحد منهم يذهب يبحث عن شخص يحج عنه ويراعي المبلغ‪ ،‬إذا كان‬
‫هذا المبلغ أكثر من غيره فإنه يحج عن ذلك الشخص ولو كان ذلك من‬
‫أعصى العصاة أما إذا وجد رجل صالحا ولم يبذل له ما يريد من المال‬
‫فإنه لن يلتفت إليه مثل هذا في حقيقة الواقع ل يمكن أن نقول إنه‬
‫يجوز له أن يحج عن غيره‪ ،‬ذلك لن النسان ينبغي له عندما يذهب أن‬
‫يحج عن غيره أن ينوي بذلك أن يصل إلى تلك البقاع وأن يدعو له‬
‫ولعموم المسلمين ولذلك الشخص الذي يحج عنه إن كان من أهل‬
‫الصلح وكذلك أن يعين ذلك الشخص على طاعة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أما‬
‫‪524‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫أن يكون قصده أن يجمع هذا الحطام الفاني فهذا مما لم يقل به أحد‬
‫من أهل العلم؛ والعلم عند الله‪.‬‬
‫ج الفريضة على حساب الدولة أن َيحج‬ ‫ح ّ‬‫من َ‬ ‫س ‪ :7‬هل َيجوز ل ِ َ‬
‫من ماله ؟‬ ‫جة أخرى بنية الفريضة أيضا ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫ج‪ :‬لماذا ؟! تقول هذه المرأة الناقلة بأنه مشكوك فيه ‪ ..‬ل أدري ما هو‬
‫‪1‬‬

‫وجه الشك‪ ،‬فل ينبغي للنسان أن يلتفت إلى مثل هذه الشكوك‬
‫والوساوس‪ ،‬فإن لم يكن هذا المال حراما فل ينبغي له أن يلتفت إلى‬
‫من الدولة ل‬ ‫من أيّ جهة ‪ ..‬إذا كان ِ‬ ‫ذلك‪ ،‬كيف يكون ذلك ؟! ل أدري ِ‬
‫من المؤسسات‬ ‫شيء عليه بمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬أما إذا كان شيئا ِ‬
‫ما‬‫م ّ‬
‫المحرمة أو ما شابه ذلك فإنه إذا احتاط لمر ِديِنه فإنه ل شك أنه ِ‬
‫ينبغي له أل ّ ُيفّرط فيه‪ ،‬أما أن نقول بوجوب ذلك عليه فعلى كل حال‬
‫دى تلك الفريضة‪ ،‬فإذن إن كان هذا المال‬ ‫ما ل نقوى عليه‪ ،‬لنه أ ّ‬ ‫م ّ‬‫هذا ِ‬
‫من مؤسسة محرمة أو ما شابه ذلك فالمر َيختِلف‪ ،‬أما‬ ‫الذي ذهب به ِ‬
‫من الدولة فل شيء عليه وإن كان يريد بعد ذلك أن‬ ‫إذا كان‪-‬كما تقول‪ِ -‬‬
‫ما ل ينبغي للنسان أن‬ ‫م ّ‬‫جة نافلة أو ما شابه ذلك فإنه ِ‬ ‫ح ّ‬‫يذهب لتأدية َ‬
‫من الناس‪-‬كما‬ ‫ن كثيرا ِ‬‫ُيفّرط في عمل الخير بشرط أل ّ يؤذي غي َْره‪ ،‬فإ ّ‬
‫من العوام ويكون هنالك‬ ‫نشاهدهم‪-‬يذهبون إلى الحج في كل عام ِ‬
‫من المرضى أو ما‬ ‫من الكبار و ِ‬ ‫زحام شديد جدا جدا ‪ُ ..‬يؤُذون غي َْرهم ِ‬
‫ن النسان ينبِغي َله أن‬ ‫خرين فإ ّ‬ ‫دى المر إلى أ َِذية ال َ‬ ‫شابه ذلك‪ ،‬فإن أ ّ‬
‫ض‬‫خر في تلك السنة أو في ما شابه ذلك وُينِفق تلك الموال في بع ِ‬ ‫يتأ ّ‬
‫من الذهاب‬ ‫سن النية وعندما يتمكن ِ‬ ‫ريد الخْير ولُيح ِ‬ ‫أمورِ الِبر إن كان ي ُ َ ِ‬
‫من المسلمين فليذهب بمشيئة الله تبارك‬ ‫ره ِ‬ ‫من غي ْرِ أِذية لغي ْ ِ‬ ‫إلى الحج ِ‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫س ‪ :8‬من أراد الحج وعليه دين ربوي ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان ربويا فعليه أن يتخلص من ذلك عليه أن يتوب إلى الله‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬من محاربة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ورسوله‪ ... { :‬فَأ ْذ َُنوا‬
‫ه ‪ ] } ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ [ 279 :‬عليه أن‬ ‫سول ِ ِ‬‫ن اللهِ وََر ُ‬ ‫م َ‬
‫ب ّ‬ ‫حْر ٍ‬ ‫بِ َ‬
‫يتوب إلى الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وأن يتخلص من هذه المعاملة قبل أن‬
‫يخرج من هذه الدنيا إلى عذاب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فهذا إن كان يريد أن‬
‫يتوب‪ ،‬أما إذا كان ل يريد أن يتوب في حقيقة الواقع ول أعني بذلك ما‬
‫يلقلق به كثير من الناس ألسنتهم يدعي الواحد يقول‪" :‬أريد أن أتوب"‬
‫وهو ل يسلك طريق التوبة يجلس السنوات الطويلة وهو ل يتخلص من‬
‫من " مشغول "‪ ،‬والسؤال كما ورد في المكالمة‬ ‫ن الشيخ سمع " مشكوك " بدل ِ‬‫‪-1‬يبدو أ ّ‬
‫هو‪ " :‬نظرا لّنه عندما ذهب في المرة الولى على نفقة الدولة كان مشغول في بعض‬
‫المور فهو يود أن يعوض بأن يذهب على نفقته‪ ،‬هل يجوز له أن يذهب الن مرة ثانية بنفقته‬
‫وينوي فريضة ؟ "‪.‬‬
‫‪525‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫هذه المعاملت فإن كان ل يريد أن يتخلص الن فليذهب لتأدية الحج‬
‫حتى ل يجمع بين معصيتين بين معصية إقامته على محاربته الله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬ورسوله بأخذ هذا المال الحرام أو بالتعامل بهذه المعاملة‬
‫المحرمة وبتأخير الحج وإن كان هذا الحج ل يتقبل منه لن الله‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬ل يتقبل إل من المتقين‪ 2‬وكيف يكون هذا متقيا لله وهو ملعون‬
‫على لسان رسول الله ‪ e‬محارب لله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بنص كتابه‬
‫سبحانه ؟! ولكنه قد أدى هذه الفريضة بمعنى أنه ل يطالب بها بعد ذلك‬
‫مرة أخرى؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :9‬من عليه دين وليس عنده الوفاء لكن جهة عمله تتكفل‬
‫بإرجاع الحق لصحابه على تقدير وفاته ؟‬
‫ج‪ :‬إذا ثبت هذا حقا بأن تلك الجهة تقوم بعد ذلك بتأدية هذا المال إلى‬
‫أصحابه وكان هذا الدين مؤجل أو كان صاحبه يرضى بالتأخير فل بأس‬
‫بذلك بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أما إذا كان هذا الدين حال فلبد من أن‬
‫يدفع المال إلى صاحبه إل إذا أذن له بذلك‪ ،‬ثم أيضا ل ينبغي للناس أن‬
‫يحرجوا غيرهم تجد الواحد يذهب إلى غيره "يا فلن أنا أريد الحج وأريد‬
‫منك أن تؤخرني" أو ما شابه ذلك فكثير من الناس على كل حال‬
‫سيقولون لهذا السائل "اذهب إلى الحج" لكن هل هم راضون بذلك حقا‬
‫؟ قد يقول قائل العبرة بما ذكروه والله أعلم بما صدورهم نقول له لبد‬
‫من النظر والتأمل في هذا المر فقد يقول لك النسان بلسانه وهو ل‬
‫يرضى بذلك‪ ،‬الصل أن تؤدي هذا المال إلى صاحبه ول تذهب إلى الحج‬
‫إل بعد أن تؤدي ما عليك لكن إذا كنت واثقا من صاحبك مطمئنا إليه‬
‫تمام الطمئنان كما يعرف عند أهل العلم بالتعارف أو ما شابه ذلك فل‬
‫بأس بهذا بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أما إذا كان المر بخلف ذلك فل‪،‬‬
‫وكثير من الناس يدعون بأن هذا من المور التي يتعارفون عليها أو بأنه‬
‫واثق من أمر صاحبه ولكن المر بعكس ذلك يتساهلون في هذه المور‬
‫عرفا بينهم في هذه القضايا وفي غيرها من القضايا‬ ‫دعون أن هنالك ُ‬ ‫ي ّ‬
‫وليس هنالك عرف في حقيقة الواقع‪ ،‬إذن لبد من أن يكون واثقا من‬
‫ذلك تمام الثقة أما إذا كان مجرد ظن وتخمين أو ما شابه ذلك فهذا‬
‫مما ل ُيلتفت إليه‪.‬‬
‫ن المحرم سيصاحب هذه المرأة في سفره‬ ‫س ‪ :10‬على تقدير أ ّ‬
‫لكن مصاحبته لها تكون في اللتقاء بها‪-‬مثل‪-‬في مكة أو في ‪ ...‬؟‬
‫ج‪ :‬لكن والطريق ؟‬
‫س‪ :‬قد يذهب هو بالطائرة وتلتقي هي به بعد أو العكس‪.‬‬

‫من المتقين " وهو سبق لسان‪.‬‬


‫‪-2‬قال الشيخ‪ " :‬ل يتقبل ِ‬
‫‪526‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ج‪ :‬حقيقة هذا مما ل ينبغي التساهل فيه فلتذهب معه في الطائرة أو‬
‫في غير الطائرة‪.‬‬
‫س ‪ :11‬إن كانت المرأة تخشى أن يدركها الحيض في فترة‬
‫المناسك‪ ،‬هل لها أن تتأخر عن الحج أو العمرة بسبب هذا ؟‬
‫ج‪ :‬الله أعلم؛ إذا كانت تريد أن تذهب إلى العمرة فإن كانت تعرف بأنه‬
‫سيأتيها هذا الحيض على حسب عادتها ولبد من أن ترجع إلى بلدها في‬
‫رم لن في ذلك من الصعوبة ما ل يخفى قد‬ ‫تلك المدة فل يمكن أن تح ِ‬
‫تحرم ثم ترجع إلى بلدها وتبقى شهرا أو شهرين أو أكثر وهي محرمة‬
‫وفي هذا من المشقة ما ل يخفى لكن إذا كانت‪-‬مثل‪-‬ذهبت وتظن بأنها‬
‫ستطهر قبل ذلك أو أنه لن يأتيها الحيض قبل ذلك فيمكن أن تشترط‬
‫فإذا اشترطت ولم تتمكن من تأدية تلك العمرة فل بأس بذلك على‬
‫رأي من يقول بالشتراط ونحن نقول بالشتراط لن ذلك ثابت عن‬
‫النبي ‪ e‬ودعوى أن ذلك خاص بتلك المرأة أو أنه منسوخ مما ل ُيقبل‪،‬‬
‫أما الخصوصية فإنه مما ل دليل عليها‪ ،‬والصل أن ما ثبت للواحد يثبت‬
‫لغيره إل إذا دل دليل على التخصيص‪ ،‬وأما دعوى النسخ فإنها مردودة‬
‫لن ذلك من أواخر الحكام ولم يأت ما ينسخه‪ ،‬ولكن بقي هل يباح ذلك‬
‫لمثل الحيض أو ما شابه ذلك ؟ عندما تكون هنالك ضرورة ملحة‬
‫فيمكن أن نقول بذلك ولكن ل ندعو إلى التساهل كثيرا في مثل هذه‬
‫القضية‪ ،‬أما بالنسبة إلى الحج إذا كانت المرأة تعرف بأنها لن تتمكن‬
‫من التيان بالحج وهي طاهرة وطبعا الذي يشترط فيه الطهارة هو‬
‫الطواف أما بالنسبة إلى الوقوف والسعي إلى غير ذلك من المور‬
‫الخرى كالرمي والمبيت بالمزدلفة والذبح وما شابه ذلك ‪ ..‬هذه المور‬
‫ل تشترط فيها الطهارة وإنما الذي تشترط فيه الطهارة هو الطواف‬
‫فإذا كانت تعرف بأنها لن تتمكن من التيان بطواف الزيارة فل يمكن‬
‫أن تذهب إل إذا كانت تعرف بأنها سترجع ويمكن بعد ذلك أن تذهب بعد‬
‫مدة ل يشق عليها ذلك فل إشكال في ذلك أما أن تذهب وبعد ذلك‬
‫ترجع وتبقى مدة طويلة فهذا قد يشق عليها كثيرا ولزوجها عليها حقوق‬
‫إن كان لها زوج ‪ ..‬له حق الوطء ومن المعلوم أن المرأة إذا كانت‬
‫محرمة ل يمكن أن توطأ بل ول ما هو أقل من ذلك حتى اللمس إذا‬
‫كان بشهوة والتقبيل والضم وما شابه ذلك ‪ ..‬هذه المور ل تصح في‬
‫رم‪ ،‬فإذن المعتبر الطواف فإذا كانت يمكن أن تتأخر هنالك‬ ‫مح ِ‬‫حق ال ُ‬
‫عن الرفقة والمر يسير في هذا الزمان تأتي في طائرة أو تأتي في‬
‫ناقلة مع محرمها أو زوجها فلتتأخر وإن كانت يمكن أن ترجع بعد ذلك‬
‫بمدة قصيرة فل بأس بذلك بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أما إذا كانت ل‬
‫يمكنها ذلك فلتتأخر في هذه السنة ولتذهب في سنة أخرى بمشيئة الله‬
‫‪527‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫تبارك وتعالى‪ ،‬أما بالنسبة إلى عمرة التمتع فل إشكال في ذلك إذا أتاها‬
‫الحيض فلُتدخل الحج على العمرة وتكون قارنة كما فعلت السيدة‬
‫عائشة بأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ‪ ..‬إذا لم‬
‫تتمكن من الطواف قبل عرفة فلتدخل الحج على العمرة وتكون قارنة‬
‫ولشيء في ذلك بمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى طواف‬
‫الوداع فإنه ل يلزمها ‪ ..‬هذا أمر لبد من التنبه إليه وقد وقعت في‬
‫السنوات الماضية على حسب ما سمعت ‪ ..‬وكثير من المسائل في‬
‫هذه القضية ولعلنا ننبه على ذلك في مناسبة أخرى بمشيئة الله تبارك‬
‫ما‬
‫م ّ‬
‫ض النساء ِ‬ ‫ت فيها بع ُ‬ ‫من المخاَلفات التي وقع ْ‬ ‫ن هنالك ِ‬
‫وتعالى‪ ،‬ل ّ‬
‫يبطل الحج أو العمرة أو يؤثر فيهما أو ما شابه ذلك‪ ،‬وبيان ذلك في‬
‫ت إليها بمشيئة الله تبارك وتعالى؛ والله‪-‬تعالى‪-‬ولي‬ ‫المناسبة التي أشر ُ‬
‫التوفيق‪ ،‬وهو أعلم بكل شيء‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 29‬شوال ‪1425‬هه‪ ،‬يوافقه ‪12/12/2004‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫من مكة بعد أداء عمرة التمتع‪ ،‬هل يلزمه أن‬ ‫من خرج ِ‬ ‫س ‪َ :1‬‬
‫يدخل إليها بعد ذلك محرما بالحج ؟‬
‫ج‪ :‬قد اختلفت كلمة أهل العلم فيمن أراد أن يدخل إلى مكة المكرمة‬
‫ولم يكن يريد في ذلك الوقت حجا ول عمرة هل يجب عليه أن يدخلها‬
‫بإحرام أو أنه يجوز له أن يدخلها بغير إحرام‪ ،‬وقد استدل كل فريق‬
‫بأدلة متعددة وقد ذكرنا ذلك في مناسبات سابقة فل داعي لعادتها‬
‫مرة ثانية والقول الصحيح الذي تشهد له الدلة الصحيحة الثابتة أن‬
‫النسان إذا كان يريد أن يدخل إلى مكة المكرمة ول يريد حجا ول‬
‫عمرة أنه ل يلزمه الحرام‪ ،‬وذلك لن الحديث الذي جاء من طريق بن‬
‫عباس‪-‬رضي الله تبارك وتعالى عنهما‪-‬نص صريح ولم يعارضه معارض‬
‫معتبر فكل ما استدل به من قال بخلف هذا الرأي ل تقوم به الحجة‬
‫لضعفه وعدم ثبوته عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬
‫وما جاء عن غيره‪-‬صلوات الله عليه وسلمه عليه‪-‬فإنه ل تقوم به الحجة‬
‫إذ ل تقوم الحجة إل بكتاب الله وبسنة رسوله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪-‬أو ما يرجع إليهما بوجه من وجوه الحجية المعروفة عند‬
‫أهل العلم‪ ،‬وأيضا فإن من قد أدى فريضة الحج من قبل وقد أدى‬
‫العمرة الواجبة على القول بوجوبها فإنه إن ألزمناه أن يدخل بإحرام‬
‫فإما أن نلزمه بعمرة أو بحجة أو أن نلزمه أن يدخل بإحرام ويطوف أو‬
‫يدخل بإحرام ثم بعد ذلك يقوم بخلع إحرامه‪ ،‬ول دليل على شيء من‬
‫هذه المور لن الطواف يصح من دون إحرام ثم إنه أيضا ليس بواجب‬
‫أي ل يجب مستقل من دون أن يكون لحج أو عمرة ومجرد الدخول ل‬
‫‪528‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫يحتاج إلى إحرام‪ ،‬فإذن القول الصحيح هو عدم وجوب الحرام لمن‬
‫أراد أن يدخل مكة المكرمة ولم يكن يريد في ذلك الوقت حجا ول‬
‫عمرة‪ ،‬نعم من لم يحج من قبل وكان ذلك الوقت وقتا للحج فإنه عليه‬
‫أن يدخل بإحرام للحج اللهم إل إذا كانت هنالك ظروف تمنعه من الحج‬
‫في تلك السنة ويريد أن يرجع‪-‬مثل‪-‬فالمر يختلف‪ ،‬وكذلك من لم يؤد‬
‫العمرة الواجبة على القول بوجوبها أو العمرة المسنونة فإنه ل ينبغي‬
‫له أن يفّرط ويدخل من غير إحرام ثم إنه إن كان أيضا ل يشق عليه‬
‫وإن كان قد أدى من قبل الحج والعمرة فإنه إذا دخل بعمرة فإن في‬
‫ذلك من الفضل ما ل يخفى فل ينبغي لطالب الخير والفضل أن يفّرط‬
‫فيه أما الوجوب فشيء آخر‪ ،‬أما من دخل أّول بعمرة التمتع‪-‬مثل‪-‬وأدى‬
‫العمرة ثم إنه رجع إلى المدينة المنورة لقصد إحضار أصحابه أو لي‬
‫أمر من المور أو ذهب إلى جدة‪-‬والمدينة خارج الميقات وجدة داخلة‬
‫في الميقات‪-‬أو ذهب إلى أي موضع من المواضع أو ذهب لعرفة أو‬
‫لغير ذلك من المواضع وأراد أن يرجع إلى المكان الذي قد استقر فيه‬
‫من قبل فإنه ل يلزمه أن يدخل بالحج في ذلك الوقت‪ ،‬لنه وإن كان‬
‫يريد أن يحج في تلك السنة ولكنه ل يريد أن ينشئ الحج في ذلك‬
‫الوقت بل هو راجع إلى موضعه الذي هو فيه ذهب لحضار حاجة أو‬
‫للنظر في أي أمر من المور أو ما شابه ذلك‪ ،‬فالذي عندي أنه ل يلزمه‬
‫الحرام في ذلك الوقت وهذا ل شك بأن فيه من الرفق ما ل يخفى‬
‫والدين بحمد الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬يسر‪ ،‬فينبغي أن ييسر على عباد الله‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬في المور التي ل تصادم دليل من الدلة الشرعية أما إذا‬
‫كان ذلك مصادما لدليل فإنه ل يمكن أن يدعى بأن فيه تيسيرا إذ ل‬
‫يمكن لحد أن يخالف الدليل ولو كان يظهر للنسان أن فيما يخالفه ‪..‬‬
‫أن فيه اليسر أو ما شابه ذلك فالعبرة بما دل عليه الدليل‪ ،‬فإذن من‬
‫ذهب إلى المدينة أو إلى جدة أو إلى عرفة أو إلى أي موضع من‬
‫المواضع وكان قصده أن يرجع إلى الموطن الذي كان مستقرا فيه أو‬
‫ما شابه ذلك ولم يرد أن ينشئ الحج في ذلك الوقت بأن رجع في‬
‫اليوم الثالث أو الرابع أو الخامس أو السادس وهو يريد أن يحرم بالحج‬
‫في اليوم الثامن فل يلزمه الحرام هذا ما أراه والعلم عند الله تبارك‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫من ل يستطيع أداء الحج إما لكبر سنه أو لمرض ألم به‪،‬‬ ‫س ‪َ :2‬‬
‫هل الْولى له أن يؤجر في حياته أو أن يوصي بالحج ؟ وهل هو مطالب‬
‫جر أو يوصي وهو على هذا الحال ؟‬ ‫أساسا بأن يؤ ّ‬
‫ج‪ :‬أما إذا كان قد وجب عليه الحج من قبل وفّرط فيه فإنه ل شك بأنه‬
‫جر في الوقت الحاضر‪-‬أي في وقت حياته‪-‬أو أن يوصي‬ ‫يجب عليه أن يؤ ّ‬
‫‪529‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بذلك‪ ،‬أما إذا لم يكن واجبا عليه من قبل فإن لهل العلم خلفا‪ ،‬وقد‬
‫ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن النسان إذا كان واجدا للمال ولم‬
‫جر‬‫يكن قادرا في يوم من اليام أن يذهب إلى الحج أنه ل يلزمه أن يؤ ّ‬
‫أو أن يوصي بالحج وذلك لن من شرط ذلك أن يكون قادرا على‬
‫الذهاب إلى تلك الماكن المقدسة ول يكفي أن يكون واجدا للمال‪،‬‬
‫وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن ذلك يجب عليه واستدلوا بظواهر‬
‫الحاديث فعلى هذا الرأي الثاني من كان واجدا للمال ولو لم يكن‬
‫مستطيعا في وقت من الوقات على الذهاب إلى الحج أو كان قادرا‬
‫على الذهاب‪-‬على الركوب مثل أو ما شابه ذلك‪-‬ولكنه لم يكن في ذلك‬
‫الوقت واجدا للمال ولم يجد المال إل بعد أن صار عاجزا عن الذهاب‬
‫فإنه يجب عليه الحج على هذا الرأي‪ ،‬ول شك بأن هذا الذي تؤيده‬
‫ظواهر النصوص وإن كانت ليست بصريحة في ذلك ومهما كان فهذا‬
‫ن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫القول أحوط وأسلم‪ ،‬فل ينبغي للنسان الذي م ّ‬
‫عليه بالمال الطيب الحلل أن يفّرط في ذلك لن في مثل هذه‬
‫المسائل التي يشتد فيها الخلف ولسيما عندما تكون الدلة أقرب ما‬
‫تكون إلى ذلك الرأي فأن النسان ل ينبغي أن يفّرط فيه‪ ،‬أما من حيث‬
‫هل الفضل للنسان أن يؤجر في حياته إذا كان يعرف من نفسه أنه ل‬
‫يستطيع أن يذهب أبدا إما لكبر سنه أو لنه آيس من الشفاء بحسب‬
‫جر في حياته أو أن يوصي بذلك ؟ لشك‬ ‫الظاهر ‪ ..‬هل الفضل له أن يؤ ّ‬
‫جر في حياته ذلك‪ ،‬بل الفضل للنسان أن يؤدي ما‬ ‫أن الفضل له أن يؤ ّ‬
‫عليه من جميع الحقوق في حياته وإنما يؤخر الوصية للقارب الذين ل‬
‫يرثونه فإن الوصية للقارب ل يمكن أن يؤديها النسان في حياته بل‬
‫لبد من أن تنّفذ بعد وفاته‪ ،‬أما ما عليه من كفارات أو ديون أو ما يريد‬
‫أن يتبرع به أو ما شابه ذلك فإن الولى أن يأتي به في حياته‪ ،‬ذلك لن‬
‫النسان ل يدري ماذا عسى أن يعرض للورثة أو للوصي أو ما شابه‬
‫ذلك وهل سيؤدون ذلك على الطريق المطلوب أو ل ثم النسان أيضا ل‬
‫يضمن أن يبقى معه المال إلى أن يموت فقد يضيع منه أو قد تصيبه‬
‫جائحة أو ما شابه ذلك ثم إن النسان لشك أنه إذا أداه في حياته ‪ ..‬ل‬
‫شك أن هنالك فرقا بينما إذا أداه في حياته أو أداه بعد ذلك لن النسان‬
‫قد ل يبالي بالمال بعد وفاته أما في هذه الحياة يكون حريصا عليه غاية‬
‫الحرص فإذا أداه في حياته فل شك أنه أولى من جميع هذه الوجوه؛‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :3‬ما حكم استخدام حقيبة النوم بالنسبة للمحرم ؟‬
‫ج‪ :‬هي ليست من اللباس في شيء فل نرى مانعا من استخدامها ‪..‬‬
‫من حيث الحتياط فإن احتاط‬ ‫من حيث الجواز وعدمه‪ ،‬وأما ِ‬ ‫هذا ِ‬
‫‪530‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫النسان ولم يستخدمها إل على طريق بأن قام بوضعها عليه أو ما شابه‬
‫ذلك فذلك أحوط لكن من حيث المنع فل نقوى عليه لكن بشرط أل ّ‬
‫ن إحرام الرجل يكون في رأسه ‪ ..‬نعم إذا‬ ‫يضع ذلك على رأسه ل ّ‬
‫اضطر الرجل لتغطية رأسه اضطرارا بأن كان يخشى من البرد الشديد‬
‫أو ما شابه ذلك فلبد من الفدية هاهنا‪ ،‬أما إذا لم يضطر فل ولو قال‬
‫شخص مثل‪ " :‬أنا ل بأس سأعمل الفدية ‪ ..‬أصوم ثلثة أيام أو أطعم‬
‫ستة مساكين أو أذبح ذبيحة‪-‬وطبعا الطعام والذبح يكونان لفقراء‬
‫الحرم‪-‬فهذا أمر يسير " نقول له‪ :‬هذا‪-‬أّول وقبل كل شيء‪-‬ممنوع ‪..‬‬
‫ليس لك ذلك وإنما يكون ذلك في حالة الضرورة ‪ ..‬عندما ل يستطيع‬
‫دة البرد إل بأن يضع شيئا على رأسه فهنا هذه ضرورة‬ ‫من ش ّ‬ ‫النسان ِ‬
‫وفي هذه الحالة نقول له‪ " :‬اصنع ذلك وافتد "‪ ،‬أما إذا كان يستطيع أو‬
‫من المشقة اليسيرة أو ما شابه ذلك فليس له ذلك‪،‬‬ ‫قد يجد شيئا ِ‬
‫والحاصل إذا غطى رأسه لضرورة لبد منها فلبد له من أن يفتدي أما‬
‫إذا لم يكن مضطرا فليس له ذلك أبدا‪ ،‬وهكذا المرأة ليس لها أن‬
‫من ذلك ‪ ..‬هذا ما يظهر لي‪،‬‬ ‫تغطي وجهها أما ما عدا ذلك فل مانع ِ‬
‫والعلم عند الله تعالى‪.‬‬
‫س ‪ :4‬من أراد الذهاب إلى الحج وليس لديه مال‪ ،‬هل له أن يقوم‬
‫بجمع تبرعات ‪ ...‬؟‬
‫ج‪ :‬الحقيقة؛ ليس للنسان أن يسأل الناس ل في الحج ول في غيره إل‬
‫إذا وصل به الحال إلى أن يخشى على نفسه الهلك يسأل شيئا يأكله‬
‫وهذا بعد أن يطرق الوسائل ولم يجد مخرجا من ذلك فهنالك حاجة‬
‫ضرورية جدا جدا فيباح له بمقدار ما يسد حاجته‪ ،‬ومن المعلوم أن ذلك‬
‫قد ل يحتاج له النسان في حياته اللهم إل لبعض الفراد النادرين‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة إلى الحج فليس له ذلك ول لغير الحج كما أشرت‪ ،‬والحمد لله‬
‫والمنة والفضل أن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬لم يفترض الحج إل على‬
‫المستطيع من عباده فما دام هذا الشخص ل يجد الستطاعة فإنه ل‬
‫يجب عليه الحج وإذا وجدها في يوم من اليام فليبادر إلى ذلك؛ والله‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :5‬ما حكم السعي بين الصفا والمروة بالنسبة لحجة الفراد ؟‬
‫ج‪ :‬السعي لبد منه ‪ ..‬اختلف العلماء في السعي هل هو ركن من أركان‬
‫الحج وكذا العمرة أو هو من الواجبات‪ ،‬وعلى كل رأي من الرأيين ل‬
‫يصح ترك ذلك على سبيل العمد وإنما الفرق بين ذلك أن لو تركه‬
‫النسان لسبب أو لخر هل لبد من التيان به وإل فإن حجه يعد فاسدا‬
‫باطل وهكذا بالنسبة إلى عمرته إن لم يأت به في وقت يصح التيان به‬
‫فيه أو أنه ُيجبر بغير ذلك‪ ،‬أما أن يترك النسان ذلك فل‪ ،‬وأخشى ما‬
‫‪531‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫أخشاه أن يكون قد التبس المر على هذه المرأة ‪ ..‬سمَعت بعضا من‬
‫أهل العلم يذكر أن النسان يمكن أن يأتي بسعي الحج بعد طواف‬
‫القدوم مباشرة وأنه إذا أتى به في ذلك الوقت فليس عليه أن يسعى‬
‫بعد طواف الزيارة‪ ،‬وهذا حق وقد قالت به طائفة من أهل العلم وهو‬
‫الذي أراه وهو الذي تؤيده الحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه‬
‫ردا للحج إما أن‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فالنسان عندما يكون مف ِ‬
‫يطوف طواف القدوم وبعد ذلك يسعى ول سعي عليه بعد طواف‬
‫الزيارة لنه قد أتى به من قبل‪ ،‬وإما أن يؤخر السعي ويأتي به بعد‬
‫طواف الزيارة ‪ ..‬هذا ل إشكال فيه‪ ،‬بقي ما هو الفضل ؟ قد يقول‬
‫قائل‪ :‬الفضل أن يؤخر النسان السعي إلى ما بعد طواف الزيارة‪ ،‬ذلك‬
‫لنه يكون صحيحا بإجماع الكل بينما إذا قدمه يكون قد دخل في خلف‬
‫ن بعض العلماء يقول‪ " :‬إنه ل يقدم النسان السعي على‬ ‫أهل العلم ل ّ‬
‫طواف الزيارة " ‪ ..‬بقي هل يمكن أن نقول بتفضيل هذا خروجا من‬
‫عهدة الخلف قد يقول بذلك بعض أهل العلم وقد ل يقال بذلك بل يقال‬
‫الفضل أن يأتي النسان بما ثبت عن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم وصحابته‪-‬ونحن نعلم أن النبي ‪ e‬على الصحيح كان قارنا فهو‬
‫عندما أتى بالسعي بعد طواف القدوم كان قارنا ولكن إذنه ‪ e‬لصحابته‪-‬‬
‫رضوان الله تبارك وتعالى عليهم‪-‬بأن يأتوا بذلك بعد طواف القدوم هو‬
‫الحجة بل ذلك كان شائعا عندهم رضوان الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليهم‪،‬‬
‫فأرى أن الفضل أن يلتزم النسان بالسّنة الثابتة عن النبي ‪ e‬وإنما يلجأ‬
‫إلى الخروج من الخلف عندما يكون في المر شيء من اللتباس‪ ،‬أما‬
‫عندما تكون السّنة واضحة جلية ل غموض فيها فل ينبغي أن يراعي‬
‫الخلف ويترك السّنة الثابتة عن النبي ‪ e‬فإذن السعي لبد منه‪ ،‬فأخشى‬
‫ت‪-‬أن يكون المر قد التبس على هذه المرأة‪ ،‬لنني‬ ‫ما أخشاه‪-‬كما قل ُ‬
‫ت بعض ذلك في بعض المناسبات‬ ‫ت شبيها بهذه المسألة وقد ذكر ُ‬ ‫سمع ُ‬
‫ن يأتين بتكبيرة الحرام عند الدخول في‬ ‫ن بعض النساء ك ّ‬ ‫من ذلك أ ّ‬‫‪ِ ..‬‬
‫الصلة ول شك بأن تكبيرة الحرام ركن من أركان الصلة التي ل تصح‬
‫ن المرأة ل تأتي بالقامة فظنت‬ ‫ت بعض النساء أ ّ‬‫الصلة إل بها‪ ،‬فسمعَ ْ‬
‫سط‬‫بأنها ل تأتي بتكبيرة الحرام أيضا‪ ،‬ولعل بعض الناس يريد أن يب ّ‬
‫المر للنساء فيقول‪ " :‬ل تأت بالتكبير " ويقصد بذلك التكبير الذي هو‬
‫في القامة ‪ " ..‬ل تأت بتكبير القامة " أي بالتكبير وما بعده فظّنت‬
‫ت بعض النساء تكبيرة‬ ‫بعض النساء أنها ل تأتي بتكبيرة الحرام فترك ْ‬
‫من الخطورة ما فيه كما ل‬ ‫الحرام لمدة طويلة بهذا السبب‪ ،‬وهذا فيه ِ‬
‫يخفى لن صلة من لم يأت بتكبيرة الحرام باطلة ل تصح‪ ،‬وكذلك بعض‬
‫النساء سمعن أن الحائض ل تطوف بالبيت وحقا الحائض ل تطوف‬
‫‪532‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫بالبيت ذلك لن الطواف بالبيت من شرطه الطهارة فمن لم يكن‬


‫طاهرا وكان قادرا على الطهارة فل يصح منه الطواف‪ ،‬وَقولي‪ " :‬إذا‬
‫كان قادرا على الطهارة " أريد أن أخرج بذلك من كان مبتلى بسلس‬
‫البول أو ما شابه ذلك ‪ ..‬أي ل يستطيع أن يكون على طهارة فهذا‬
‫مبتلى عليه أن يحاول قدر طاقته وأن يضع شيئا على موضع خروج‬
‫البول ثم يتوضأ ويطوف وهو معذور في ذلك بمشيئة الله‪ ،‬أما الحائض‬
‫فإنها تستطيع أن تنتظر حتى تطهر وبعد ذلك تطوف‪ ،‬عندما سمَعت‬
‫بعض النساء أن الحائض ل تطوف جاءت وسعت ثم قصرت وظنت بأن‬
‫عمرتها قد انتهت أو أن حجها قد انتهى لن الحائض ل تطوف‪ ،‬ول شك‬
‫بأن هذا ل يصح لن الطواف ركن من أركان العمرة وكذلك بالنسبة إلى‬
‫طواف الزيارة‪ ،‬نعم طواف الوداع تعذر منه الحائض على القول‬
‫الصحيح الذي تدل له السنة فإذا كانت الحائض قد أتت بطواف الزيارة‬
‫واستمر بها الحيض إلى أن أرادت أن تخرج من مكة المكرمة فإنها‬
‫تعذر من طواف الوداع ول يجب عليها دم هذا هو القول الصحيح الذي‬
‫تنص عليه السنة الصحيحة الثابتة عن النبي ‪ ، e‬فإذن النسان في هذه‬
‫المور وفي غيرها من المور الشرعية لبد أن يكون متيقنا في أمره‬
‫فإذا كان ل يدري ‪ ..‬يظن أن هذا يصح بدون كذا أو بكذا أو ما شابه ذلك‬
‫فلبد من أن يسأل عن حكم تلك القضية وليس له أن يفعل أو أن يترك‬
‫ما ل يدري حكمه الشرعي‪ ،‬أؤكد على قضايا الحج وعلى غيرها من‬
‫القضايا الشرعية لن كثيرا من الناس يرجعون وهو لم يؤدوا فريضة‬
‫الحج‪ ،‬وفي السبوع الماضي سألني بعض بأن امرأة لم تأت إلى الن‬
‫بطواف الزيارة للحج من السنة الماضية وأن أخرى قد فسد طوافها‬
‫بسبب انتقاض وضوئها في الطواف ورجعت الولى وكذا الثانية والولى‬
‫لم تأت بالعمرة والثانية لم تأت بطواف الزيارة الذي هو ركن من‬
‫أركان الحج‪ ،‬فمن كان واقعا في هذه المور أو في ما شابهها عليه أن‬
‫يسأل عن الماضي ماذا عليه ؟ وعليه أل ّ يأتي في المستقبل إل بما‬
‫يعرف حكمه‪.‬‬
‫من هنا أيضا أعذرني أريد أن أنبه على قضايا الحبوب التي تستعملها‬
‫النساء لمنع العادة الشهرية‪ ،‬ل شك أن أهل العلم قد اختلفوا في‬
‫استخدام موانع الحيض بقصد الطواف‪ ،‬فمن أهل العلم من يمنع من‬
‫ذلك على الطلق ويقول إنه ل يصح استعمال ذلك ومن استعملت ذلك‬
‫فليس لها أن تطوف في وقت عادتها‪ ،‬ومنهم من ذهب إلى مشروعية‬
‫ذلك مطلقا سواء خرج الحيض أو لم يخرج‪ ،‬ومنهم من ذهب إلى‬
‫التفصيل فقال إن استعملته قبل خروج الحيض ولم يأت الحيض فل‬
‫بأس‪ ،‬أما إن استعملته بعد أن خرج الحيض فليس لها ذلك‪ ،‬هذه القوال‬
‫‪533‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫موجودة ومن حيث الراجح بغض النظر عن الحوال التي تعتري ذلك‬
‫فإنه إذا انقطع الحيض سواء استعملت هذه الموانع قبل خروج الحيض‬
‫أو بعد خروجه فإن الطواف يصح‪ ،‬لكن‪-‬طبعا‪-‬بعد خروجه‪-‬بعد الغتسال‬
‫من ذلك‪-‬الطواف يصح لنها في تلك الحال طاهرة ‪ ..‬لها وعليها أحكام‬
‫المرأة الطاهرة من حيث الصلة والصيام والحج والطواف وقراءة‬
‫القرآن والمعاشرة الزوجية وما شابه ذلك من المور التي لها تعلق‬
‫بالحيض والطهارة‪ ،‬لكن بقي أن هذه الحبوب أو هذه الموانع قد تقطع‬
‫الحيض في ذلك الوقت ولكنه بعد ذلك يأتي بعد فترة وجيزة ويستمر‬
‫الدم مدة طويلة فل تدري هل ذلك الدم هو دم حيض أو هو دم‬
‫استحاضة وقد ينقطع وتؤدي الحج تأتي بالطواف وتنتهي من ذلك ولكن‬
‫عندما ترجع تفاجأ بأن هذا الدم ل يأتي على الوجه السابق ‪ ..‬تستمر‬
‫مدة طويلة يستمر بها الدم ول تدري هل هو دم حيض أو استحاضة‪،‬‬
‫وبعض النساء اللتي استعملت هذه الدوية لزالت تعاني من ذلك من‬
‫السنة الماضية ول تدري هل هذه الدماء التي تخرج منها هي دم حيض‪-‬‬
‫وتتعلق به ما يتعلق من المسائل الشرعية‪-‬أو هو استحاضة ‪ ..‬ل تدري‬
‫هل تصلي أو ل تصلي وهكذا بالنسبة إلى الصيام أو ما شابه ذلك‪ ،‬وقد‬
‫قال العلماء قديما إن مسائل الحيض بحر ل ساحل له فماذا عسى أن‬
‫يقال بعد استعمال هذه الموانع ؟!‪ ،‬فأرى للمرأة أن تترك هذه الموانع‬
‫وأن تتأخر ‪ ..‬تطلب من محرمها أو زوجها أن يتأخر معها وبعد ذلك تأتي‬
‫بمشيئة الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بعد أن تطهر بطائرة أو تأتي بالنقل البري‬
‫وهو يسير وقيمته يسيرة بحمد الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وإن كانت ل تقوى‬
‫على ذلك في هذه السنة مثل فلتتأخر إلى السنة القادمة بمشيئة الله‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬مخافة أن تقع في المحظور الذي أشرنا إليه‪ ،‬وقد تقول‬
‫بعض النساء‪ " :‬إن بعض النساء قد استعملن ذلك ولم يتأثرن بذلك " ‪..‬‬
‫حقا وقع ذلك لبعض النساء ولكن ل تدري هذه المرأة ماذا عسى أن‬
‫يقع لها ‪ ..‬هل سيقع لها كما وقع للسابقات أو للخيرات اللتي استعملن‬
‫ذلك ولم يتأثرن بذلك‪ ،‬وقد تستعمل المرأة هذه المرة ول تتأثر بذلك‬
‫وتستعمله مرة أخرى وتتأثر بذلك‪ ،‬ومع أن بعض النساء اللتي تأثرن‬
‫بذلك قد استشرن بعض الطبيبات ولكن مع ذلك ل جدوى من ذلك ‪..‬‬
‫من الوقوع في‬ ‫وقع الضرر والعياذ بالله تبارك وتعالى ‪ ..‬فحذار حذار ِ‬
‫جد المرأة مخرجا منها بعد ذلك‪ ،‬و‪-‬حقيقة‪-‬‬‫هذه الورطات التي قد ل ت َ ِ‬
‫أمر الصلة ليس بالمر الهين وهكذا بالنسبة إلى غيرها من العبادات‬
‫من صيام وغيره؛ فأدعو الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن يوفق الجميع لما فيه‬
‫الخير‪ ،‬والعلم عند الله تعالى‪.‬‬

‫‪534‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫س ‪ :6‬هل الفضل أن يتكبد النسان الذهاب إلى الحج بدون أن‬


‫يلتحق بالمقاولين مع ما يقدمون من عرض وتسهيلت ؟ هل الْولى أن‬
‫يذهب معهم أو أن يذهب بنفسه ؟‬
‫ج‪ :‬ينظر كل إنسان ما يتعلق به لكن على كل حال لبد أن يراعي‬
‫النسان أيضا غيره‪ ،‬بعض الناس يذهبون من غير أن يتفقوا مع مقاول‬
‫أو مع مجموعة أو ما شابه ذلك ثم يأتون بعد ذلك ول يجدون مكانا‬
‫يستقرون فيه ويقومون بإيذاء غيرهم أو ما شابه ذلك يقوم الواحد‬
‫بالسكن في موضع قد خصص لغيره أو ما شابه ذلك‪ ،‬فليس للنسان‬
‫أن يؤذي غيره لبد من أن يرتب أموره من قبل أن يذهب لن الزمان‬
‫قد اختلف هنالك فرق شاسع كبير بين زماننا هذا الذي تذهب فيه فئات‬
‫كبيرة جدا جدا من الناس كما هو مشاهد وبين الزمنة الغابرة التي‬
‫تذهب فيها طائفة قليلة من الناس وتكون الماكن التي يسكنها الناس‬
‫في أيام منى‪-‬خاصة‪-‬واسعة يسكن النسان في أي موضع أراد‪ ،‬لبد‪-‬‬
‫الحاصل‪-‬للنسان أن يتدبر ولبد من أن يرتب أموره أما إذا كان يجد‬
‫هنالك مكانا ول يؤذي غيره فالمر يختلف أما إذا كان ل يجد بعد ذلك أو‬
‫يعرف من نفسه بأنه لن يجد إل إذا قام وفرض نفسه هكذا على غيره‬
‫وآذاه فأذية المسلمين ل تصح‪.‬‬
‫من اعتمد على خطبة المذياع بعد صلة الظهر‬ ‫س ‪ :7‬في عرفة‪َ ،‬‬
‫مًعا ؟‬
‫ج ْ‬
‫والعصر َ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ من المعروف أن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪-‬قد خطب في يوم عرفة بعد أن زالت الشمس ‪ ..‬خطب‪-‬‬
‫صلوات الله وسلمه عليه‪-‬خطبة واحدة وما جاء أنه خطب خطبتين فإنه‬
‫ل يصح‪ ،‬وقياس ذلك على خطبتي الجمعة أيضا ل يصح‪ ،‬لن هذا القياس‬
‫فاسد العتبار لنه مصادم للنص الصحيح الثابت من فعل النبي ‪ e‬من‬
‫ذكر من أنه خطب خطبتين‬ ‫أنه خطب خطبة واحدة‪ ،‬وكما قلت إن ما ُ‬
‫فإن ذلك ل يصح من حيث إسناده فل يمكن التعويل عليه حتى ولو لم‬
‫يعارضه معارض فكيف وقد عارضه الحديث الصحيح الثابت الجلي الذي‬
‫ل غموض في دللته ول اعتراض عليه أيضا من حيث إسناده ‪ ..‬خطب‬
‫النبي ‪ e‬خطبة واحدة وأيضا الناس استمعت إلى خطبة النبي ‪ e‬وهذا‬
‫سر أن تكون هنالك خطبة واحدة في عرفات وقد‬ ‫الزمان طبعا ل يتي ّ‬
‫اختلف الناس منهم من قال تكفي خطبة واحدة والبقية تصلي من غير‬
‫خطبة‪ ،‬ومنهم من يأخذ بأن يخطب خطيب لكل مجموعة‪ ،‬وهذا هو‬
‫الذي يجري عليه العمل لكن لو أن جماعة‪-‬مثل‪-‬أخذت بخطبة الخطيب‬
‫ت إليها بواسطة مكبرات الصوت وصلت من غير خطبة في‬ ‫التي استمعَ ْ‬
‫الماضي فل شيء عليهم بمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫‪535‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من رخصة ِللنساء في عدم الرمي نظرا ِللزحمة ؟‬ ‫س ‪ :8‬هل ِ‬


‫ن ل يستطعن على الرمي نعم لهن رخصة بل وللرجال‬ ‫ج‪ :‬إذا ك ّ‬
‫ن أو ضعف‬ ‫من كان ل يستطيع على الرمي لمرض أو كبر س ّ‬ ‫رخصة ‪َ ..‬‬
‫أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل يستطيع على الرمي فإنه ي ُِنيب غيره وهو معذور‬
‫من كان قادرا على الرمي سواء كان‬ ‫بمشيئة الله تبارك وتعالى‪ ،‬أما َ‬
‫سك الحج‪ ،‬وقد‬ ‫من منا ِ‬‫سك ِ‬ ‫من الرمي لنه ن ُ ُ‬ ‫رجل أو امرأة فإنه ل ُيعذر ِ‬
‫من الناس حتى‬ ‫فّرط الناس فيه كثيرا في الزمنة المتأخرة ‪ ..‬نجد كثيرا ِ‬
‫من الرجال الذين يستطيعون على الرمي َيتركون ذلك وُينيبون غيرهم‬ ‫ِ‬
‫ما ل َيصح‪ ،‬فالمرأة إذا كانت مريضة‬ ‫م ّ‬‫ن النابة صارت أمرا عاديا وهذا ِ‬ ‫ل ّ‬
‫مل أو ما شابه ذلك ‪..‬‬ ‫ح ْ‬‫أو كبيرة أو عاجزة ِبأيّ عجز أو كانت في حالة َ‬
‫الحاصل إذا كانت ل تستطيع على الرمي فإنها ُتعذر ول ْت ُِنب غيرها‪ ،‬أما‬
‫من ذلك‪ ،‬وقولي‪ " :‬قادرة " ل يشترط أن‬ ‫ذر ِ‬‫إذا كانت قادرة فل ُتع َ‬
‫شر‬
‫تكون قادرة في الوقت الفلني فإذا كانت ل تقدر‪-‬مثل‪-‬في صباح العا ِ‬
‫من‬‫فلتذهب في وقت العصر أو حتى بعد المغرب أو حتى بعد العشاء ‪َ ..‬‬
‫كان يستطيع على الرمي في النهار ل َينبغي له أن ُيفّرط في ذلك‪ ،‬أما‬
‫من كان ل يستطيع على الرمي إل في الليل فيجوز له ذلك وليس له‬ ‫َ‬
‫من لم يستطع على الرمي بعد الزوال في أيام‬ ‫أن ينيب غيره‪ ،‬وكذلك َ‬
‫التشريق‪ 1‬وقبل غروب الشمس فبإمكانه أن يرمي بعد غروب‬
‫الشمس‪ ،‬ومن لم يستطع في ذلك اليوم فبإمكانه أن يرمي في اليوم‬
‫الذي يليه‪ ،‬أما أن يتعذر ببعض العذار الواهية التي ل تخفى على الذي‬
‫ل تخفى عليه خافية فذلك مما ل يصح وليخش عقوبة الله تبارك‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫ت طائفة‬ ‫من الناس تهاونوا بهذه الشعيرة ولكن‪-‬والحمد لله‪-‬انتبه ْ‬ ‫كثير ِ‬
‫ن فلنا قد‬ ‫من الناس ِلذلك لكن ل زالت طائفة ُتعاِرض بذلك بدعوى أ ّ‬ ‫ِ‬
‫أفتى بكذا أو ما شابه ذلك‪ ،‬ونحن إذا جئنا إلى السّنة الصحيحة التي هي‬
‫ن الكتاب أشار إلى هذه القضية‬ ‫الفْيصل ‪ ..‬الفْيصل الكتاب والسّنة ولك ّ‬
‫ل دللة صريحة واضحة ل غموض‬ ‫والسّنة وضحت أّيما إيضاح فإنها َتد ّ‬
‫ن نساء‬‫جة أ ّ‬ ‫ن المرأة ترمي فهي تنادي بأعلى وتصرخ بأقوى ح ّ‬ ‫فيها أ ّ‬
‫من نساء المسلمين قد‬ ‫النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وغيرهن ِ‬
‫رمين‪ ،‬وأما ما جاء في بعض الروايات ) ورمينا عن النساء ( فتلك رواية‬
‫من سّنة النبي ‪e‬‬ ‫باطلة عاطلة فاسدة كاسدة معارضة ِللصحيح الثابت ِ‬
‫من حيث المتن فباطلة ل‬ ‫من حيث السناد بمكان‪ ،‬أما ِ‬ ‫ضعف ِ‬‫من ال ّ‬ ‫فهي ِ‬
‫ت‪-‬برمي النساء‪ ،‬وهكذا‬ ‫يمكن التعويل عليها ‪ ..‬أحاديث تنادي‪-‬كما قل ُ‬
‫ن المرأة‬ ‫من عهد الصحابة إلى يومنا هذا ُيصّرحون بهذا وهو أ ّ‬ ‫العلماء ِ‬
‫‪-1‬باستثناء اليوم الثالث عشر كما سيأتي لحقا‪.‬‬
‫‪536‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من أن ترمي هي نفسها؛ والله‪-‬‬ ‫عندما تكون قادرة على الرمي فلبد ِ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫من عدم القدرة‬ ‫س‪ :‬لعل السائل يشير إلى أنه ليست المسألة ِ‬
‫المطلقة وإنما الضعف المركب في ذات المرأة ؟‬
‫ن‬
‫من النساء يرمين ومعنى ذلك أ ّ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ نحن شاهدنا كثيرا ِ‬
‫من المور التي تستطيع عليها النساء‪ ،‬أما أن َيحتج بعض الناس‪-‬‬ ‫ذلك ِ‬
‫مثل‪-‬بأنه قد أسقط امرأة أو ما شابه ذلك فقد َيحتج أيضا غيره ويقول‬
‫ن‬
‫من الرجال قد ماتوا في بعض السنوات فهل معنى ذلك أ ّ‬ ‫ن طائفة ِ‬ ‫إ ّ‬
‫الرجال ل يرمون ؟!‬
‫ن‬‫من الناس َيظّنون أ ّ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫من المور التي يؤسف لها أ ّ‬ ‫لكن ِ‬
‫من أجل ذكر‬ ‫ُ‬
‫الشيطان عند الجمرات والمر بعكس ذلك إنما هذا أقيم ِ‬
‫ن هنالك‬ ‫من بقية المناسك وليس ل ّ‬ ‫الله تبارك وتعالى ‪ ..‬الرمي كغيره ِ‬
‫من الجهلة‬ ‫من الناس ِ‬ ‫جد كثيرا ِ‬ ‫شيطانا ُيقيم في تلك المواطن ولذلك ت َ ِ‬
‫من أجل أن يرموه‬ ‫الغمار َيذهبون وهم في أشد ّ الغْيظ على الشيطان ِ‬
‫ِبحسب زعمهم ولذلك َتجد الواحد‪ " :‬رميت الشيطان " أو ما شابه‬
‫من الصحة ‪ ..‬هذه خرافة ‪..‬‬ ‫ذلك‪ ،‬وهذا‪-‬على كل حال‪-‬كلم ل أساس له ِ‬
‫من العبادات ‪ ..‬إذا صلى‬ ‫نعم النسان يغيظ الشيطان في كل عبادة ِ‬
‫من‬ ‫من هذه العبادات أو ِ‬ ‫وإذا صام وإذا حج أو أتى ِبأيّ ركن أو شرط ِ‬
‫من طاعة الله هو يغيظ الشيطان لكن أن يغيظه في هذه فهذا‬ ‫غيرها ِ‬
‫جد‬‫كلم فارغ ل قيمة له ‪ ..‬على كل حال يذهبون بهذه النية ولذلك ت َ ِ‬
‫دا ِللزحام أو ما شابه ذلك ‪ ..‬لو أتوا ِبهذه المناسك على‬ ‫الواحد مستع ّ‬
‫حسب ما هو مشروع لكان المر يسيرا بحمد الله‪.‬‬
‫من أن‬ ‫من الناس يذهب الواحد في الوقت الفلني ولبد ِ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫ثم إ ّ‬
‫يرمي في ذلك الوقت لكن ل بأس إذا ذهب في الوقت الفلني ولم َيجد‬
‫خر ولو لمدة ساعة أو‬ ‫من الناس فليتأ ّ‬ ‫زحاما فليرم‪ ،‬وإذا وجد زحمة ِ‬
‫من الرجال‬ ‫أكثر ‪َ ..‬يبحث عن مكان آمن وليجلس فيه هو ومن معه ِ‬
‫والنساء وعندما يكون المر يسيرا بحمد الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فل بأس‬
‫بذلك‪.‬‬
‫ن العالم الفلني أو العالم الفلني‬ ‫وشون ويقولون‪-‬مثل‪-‬إ ّ‬ ‫بعض الناس يش ّ‬
‫ن هؤلء العلماء يحصرون‬ ‫ن الرمي يكون بعد الزوال " وكأ ّ‬ ‫قد قالوا‪ " :‬إ ّ‬
‫ذلك في تلك الساعة ولذلك هم يطلبون الرخصة ِبأن يكون الرمي في‬
‫وقت الضحى أو ما شابه ذلك ‪ ..‬على كل حال العالم ل َيملك بأن َيقول‪:‬‬
‫ُيرخص في كذا أو ما كذا أو في كذا ‪ ..‬إنما هو يعتمد على الدليل‪ ،‬فما‬
‫دل الدليل عليه ذهب إليه وما دل الدليل على خلفه ذهب إليه ‪ ..‬نعم‬
‫بعض الحيان تكون هنالك احتياطات فالحتياط إن لم تكن مشقة قد‬
‫‪537‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫يأخذ به النسان وقد يتركه إن كانت هنالك مشقة بل قد يتركه النسان‬


‫حتى لغير مشقة‪ ،‬أما هنا المر واضح ‪ ..‬النبي ‪ e‬رمى في ذلك الوقت‬
‫من أصحابه فكيف‬ ‫ولم يثبت عنه أنه رمى قبل ذلك ول أنه أذن لحد ِ‬
‫يمكن للنسان أن يأذن بعد ذلك ؟! أما أن يبحث وينّقر في الكتب حتى‬
‫من المسائل وذهب إلى‬ ‫ل وأخطأ في مسألة ِ‬ ‫من العلماء ز ّ‬ ‫َيجد واحدا ِ‬
‫ما ل ينبغي أن ُيلتفت إليه بل ُيلتمس العذر ِلذلك‬ ‫م ّ‬
‫خلف السّنة فهذا ِ‬
‫العاِلم ول ُيتاَبع على خطئه ‪ ..‬هذا ما يقول به العلماء الربانيون‪ ،‬فالمر‪-‬‬
‫ت‪-‬ليس محصورا في وقت الزوال فليرم النسان بعد زوال‬ ‫كما قل ُ‬
‫الشمس في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر إلى غروب‬
‫ن الثالث عشر ل يمكن‬ ‫الشمس وفي اليوم الحادي والثاني عشر ل ّ‬
‫الرمي بعد غروب الشمس ‪ ..‬بإمكانه في الحادي عشر والثاني عشر‬
‫أن يرمي في الليل إن لم يتمكن حتى أن يرمي في الليل فليرم في‬
‫من الُيسر والسهولة ما هو واضح ‪ ..‬هو أيسر‬ ‫اليوم الثاني‪ ،‬وفي هذا ِ‬
‫من قول بعض العلماء الذين قالوا يمكن الرمي قبل الزوال ولكنه‬ ‫ِ‬
‫ن العبادة يمكن‬ ‫من ذلك بكثير‪ ،‬ثم إ ّ‬ ‫ينتهي بغروب الشمس ‪ ..‬هذا أيسر ِ‬
‫دم عن وقتها إل بدليل على‬ ‫أن ُتقضى بعد وقتها ولكن ل يمكن أن ُتق ّ‬
‫ن النبي ‪ e‬أذن للرعاة بأن‬ ‫من باب القضاء ل ّ‬ ‫ن ذلك ِ‬ ‫أنني ل أقول إ ّ‬
‫يؤخروا ول يمكن أن يأذن لهم بالقضاء وإنما ذلك يكون أداء لكن ل‬
‫ينبغي الترخص في الرمي في الليل أو في اليوم الثاني إل عند وجود‬
‫الحاجة‪.‬‬
‫ن الزوال‬ ‫وهنا‪-‬أيضا‪-‬أريد أن أنّبه إلى أمر مِهم ‪ ..‬بعض الناس يظنون أ ّ‬
‫يكون بالساعة الثانية عشر‪ ،‬فهم يذهبون وينظرون إلى الساعة الثانية‬
‫ن ذلك وقت‬ ‫عشر عندما تصل الساعة إلى ذلك قاموا بالرمي يظنون أ ّ‬
‫الرمي هكذا ‪ ..‬هذا خطأ ‪ ..‬نحن نشاهد في بلدنا هاهنا تزول الشمس‬
‫ويحين وقت الظهر في بعض الحيان قبل الساعة الثانية عشر وفي‬
‫بعض الحيان بعد الثانية عشر وفي بعض الحيان قد يكون في الثانية‬
‫عشر فإذن العبرة بزوال الشمس ل بالساعة الثانية عشر ‪ ..‬يأتينا بعض‬
‫الناس في أيام الحج يقول‪ " :‬أنا رميت في الساعة الثانية عشر "‬
‫ن ذلك هو الوقت فإذن ل يمكن أن نقول ذلك يكون في الساعة‬ ‫ويظن أ ّ‬
‫الفلنية ‪ ..‬ذلك يختلف باختلف الوقات ‪ ..‬قد يكون في بعض الشهر‬
‫في الساعة الفلنية ويكون في بعض الشهر في الساعة الفلنية بل‬
‫في بعض اليام في الساعة الفلنية وفي بعض اليام في الساعة‬
‫الفلنية‪.‬‬
‫هذا وأدعو الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن يأخذ الناس بكتاب ربهم وبسّنة‬
‫نبيهم ‪ ..‬أدعوهم جميعا للخذ بكتاب ربهم وسّنة نبيهم في أمر الحج‬
‫‪538‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ما له علقة‬
‫م ّ‬
‫من أمور العبادات والمعاملت وفي غيرها ِ‬ ‫وفي غيره ِ‬
‫ِبشرع الله تبارك وتعالى؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪ ،‬وهو أعلم‬
‫بكل شيء‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 6‬ذو القعدة ‪1425‬هه‪ ،‬يوافقه ‪19/12/2004‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫عام ‪1426‬هه‬

‫رم ؟‬‫ح ِ‬‫من أين ي ُ ْ‬ ‫عن طريق الطائرة‪ِ ،‬‬ ‫س ‪ :2‬المسافر للعمرة َ‬
‫َ‬
‫م أمور دينه فإذا أراد أن‬ ‫ن يتعَل ّ َ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ النسان ينبغي َله أ ْ‬
‫من أن يت ََعلم‬ ‫يذهب إلى أداء الحج أو إلى أداء العمرة‪-‬مثل‪-‬فلب ُد ّ ِ‬
‫المسائل المهمة التي تتعلق بالحج أو بالعمرة أو ِبهما معا حتى يأتي‬
‫ن في حقه ‪ ..‬يأتي ِبها على‬ ‫س ّ‬ ‫جَبت عليه أو التي ت ُ َ‬ ‫بتلك العبادة التي وَ َ‬
‫الوجه الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫ت‬‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬وَقّ َ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫ِ‬
‫من أراد أن يذهب إلى مكة المكرمة‬ ‫مواقيت للحج والعمرة‪ ،‬ول َيجوز ل ِ َ‬
‫لداء الحج أو العمرة أو لدائهما معا أن يتجاوز تلك المواضع إل وهو‬
‫ما إذا كان ل يريد حجا ول عمرة فل َيجب عليه الحرام على‬ ‫رم‪ ،‬أ ّ‬ ‫ح ِ‬
‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫القول الصحيح الراجح‪ ،‬وإن كان النسان ل ينبغي َله أن يذهب إلى تلك‬
‫البقاع إل ويأتي بعمرة لكن إذا كانت هنالك ظروف أو َيجد مشقة أو ما‬
‫ن المر فيه سَعة ِبحمد الله تبارك وتعالى‪ ،‬فإذا كان يريد‬ ‫شابه ذلك فإ ّ‬
‫رم ‪ ..‬هذا ثابت‬ ‫ح ِ‬
‫م ْ‬
‫الحج أو العمرة ليس له أن يتجاوز المواقيت إل وهو ُ‬
‫س‬
‫م ِ‬ ‫ش ْ‬‫من َ‬ ‫ص السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي ‪ e‬ثبوتا أوضح ِ‬ ‫بن ّ‬
‫الظهيرة‪:‬‬
‫مّر على تلك المواقيت‪:‬‬ ‫ك الَبر فالمر واضح إذا َ‬ ‫سل ُ ُ‬
‫فإذا كان ي َ ْ‬
‫من طريق " المدينة " ‪ ..‬وينبغي‬ ‫مّر على ذي الحليفة‪-‬مثل‪-‬إذا جاء ِ‬ ‫إذا َ‬
‫مى‬ ‫س ّ‬ ‫ماه النبي ‪ e‬وهو ي ُ َ‬ ‫س ّ‬‫حل َي َْفة " كما َ‬ ‫أن نسمي هذا الموضع به " ذي ال ُ‬
‫بذلك‪-‬أيضا‪-‬حتى قبل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وقد شاع‬
‫ن عليا قد‬ ‫عند الناس أّنه يسمى الن بأبيار علي ويروي بعض الناس أ ّ‬
‫خت ََرع‬‫م ْ‬‫مي بذلك‪ ،‬وهذا كلم موضوع ُ‬ ‫س ّ‬ ‫قاتل الجن بذلك الموضع فلذلك ُ‬
‫مي ذلك الموضع ِبهذه الرواية‬ ‫س ّ‬‫مصنوع ل يثبت أبدا‪ ،‬فل ينبغي ل ََنا أن ن ُ َ‬ ‫َ‬
‫حارب مثل هذه‬ ‫الموضوعة المخترعة المصنوعة بل ينبغي ل ََنا أن ن ُ َ‬
‫طر النسان اضطرارا إلى ذِك ْ ِ‬
‫ر‬ ‫التسميات‪ ،‬لّنها مكذوبة ‪ ..‬نعم إذا اض ُ‬
‫من ' ذي‬ ‫ُ‬
‫رم ؟ " فإذا قال له‪ِ " :‬‬ ‫ح ِ‬ ‫من أين أ ْ‬ ‫ذلك كأن يسأله سائل‪ِ " :‬‬
‫ف‬‫من ' أبيار علي ' " عََر َ‬ ‫الحليفة ' " ل يعرف ذلك لكن إذا قال له‪ِ " :‬‬
‫‪539‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ذلك فللضرورة أحكامها الخاصة وينبغي له أن ُيعّلمه ِبالتسمية‬


‫من‬‫مّر بالمدينة‪-‬أي إذا جاء ِ‬ ‫من أهل " المدينة " أو َ‬ ‫الصحيحة‪ ،‬فإذا كان ِ‬
‫ن " ذي الحليفة "‪ ،‬وليس له أن‬ ‫م ْ‬ ‫رم ِ‬ ‫ح ِ‬‫مّر بالمدينة‪-‬فإنه ي ُ ْ‬ ‫جهة أخرى و َ‬
‫ن يريد الحج أو العمرة أو كان‬ ‫كا َ‬ ‫رم إذا َ‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬
‫يتجاوز ذلك المكان إل وهو ُ‬
‫يريد أن يأتي بالحج والعمرة معا‪.‬‬
‫من‬‫من أهل " الشام " وتلك الجهات التي يأتي أهلها‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫وإذا كان ِ‬
‫حَفة " وهي الميقات الصلي‬ ‫ج ْ‬ ‫من " ال ُ‬ ‫جهة " الشام " فإّنهم ُيحرمون ِ‬
‫من " َرابغ "‬ ‫مون ِ‬ ‫حرِ ُ‬‫من الزمن ‪ ..‬كان الناس ي ُ ْ‬ ‫دة طويلة ِ‬ ‫لكن كان ِلم ّ‬
‫ت‬ ‫سب ما رأي ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫مَرت الن على َ‬ ‫خَرابا ولكنها عُ ّ‬ ‫ن " الجحفة " كانت َ‬ ‫ل ّ‬
‫ض الكتابات وفي ذلك الموضع مسجد فينبغي الرجوع إلى‬ ‫في بع ِ‬
‫الصل‪ ،‬لّنه هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬
‫ن كان على جهتهم إلى "‬ ‫م ْ‬ ‫وسلم ‪ ..‬نعم إذا جاء أهل " الشام " و َ‬
‫من " ذي الحليفة "‪.‬‬ ‫رمون ِ‬ ‫المدينة " فإّنهم ُيح ِ‬
‫من " ذات عرق‬ ‫من جهة " العراق " الصل ُيحرمون ِ‬ ‫كذلك الذين يأتون ِ‬
‫مر على ذلك الموضع طريق أبدا فل ُيمكن المرور‬ ‫" ولكنه الن ل ي َ ُ‬
‫من‬ ‫من يأتي ِ‬ ‫مّر أهل " العراق " و َ‬ ‫بالسيارات على ذلك الموضع وإّنما ي َ ُ‬
‫من " ذي الحليفة‬ ‫مّرون على " المدينة " فُيحرمون ِ‬ ‫ما أّنهم ي َ ُ‬ ‫ناحيتهم ‪ ..‬إ ّ‬
‫" أو أن ُّهم َيمرون على " الرياض " ونواحيها فل يأتون على " السيل "‬
‫من " السيل‬ ‫من تلك الجهة أحرموا ِ‬ ‫من " قَْرن " ‪ ..‬فإذا أتوا ِ‬ ‫مون ِ‬ ‫حرِ ُ‬ ‫وي ُ ْ‬
‫"‪.‬‬
‫كذلك بالنسبة إلى أهل " َنجد " وإلى أهل " َنجد اليمن" أيضا فإّنهم‬
‫من " قرن المنازل "‪.‬‬ ‫من " السيل " ‪ِ ..‬‬ ‫مون ِ‬ ‫حرِ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫مَلم "‪.‬‬ ‫َ‬
‫ما بالنسبة إلى أهل " اليمن " فإّنهم ُيحرمون من " ي َل َ ْ‬ ‫وأ ّ‬
‫ن َلم يأت على تلك المواضع‪-‬الن الناس تقريبا يأتون على تلك‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫ذاته ‪ ..‬إذا كانوا‬ ‫حا َ‬ ‫م َ‬ ‫من ُ‬ ‫مون ِ‬ ‫حرِ ُ‬ ‫المواضع‪-‬ينظرون إلى أقرب ميقات وي ُ ْ‬
‫ذاة ذلك وإذا كانوا‬ ‫حا َ‬‫م َ‬ ‫من ُ‬ ‫مون ِ‬ ‫حرِ ُ‬ ‫أقرب إلى " ذي الحليفة " فإّنهم ي ُ ْ‬
‫محاذاة " ذات عرق "‬ ‫من ُ‬ ‫من " ذات عرق " فإّنهم ُيحرمون ِ‬ ‫أقرب ِ‬
‫وهكذا بالنسبة إلى بقية المواقيت‪.‬‬
‫من جهة‬ ‫رم ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫من جاء في باخرة في البحر فإنه ي ُ ْ‬ ‫وهكذا بالنسبة إلى َ‬
‫محاذيا له‪.‬‬ ‫الميقات الذي َيمر ُ‬
‫مّرون‬ ‫ن الَغالبية العظمى ي َ ُ‬ ‫وأما الذين يأتون على الطائرات فل شك أ ّ‬
‫َ‬
‫ن الموضع الذي َيمرون‬ ‫م َ‬ ‫مون ِ‬ ‫حرِ ُ‬ ‫مّرون أعلها فإذن ي ُ ْ‬ ‫عََلى المواقيت ‪ ..‬ي َ ُ‬
‫شرة‬ ‫من أعلى الميقات مبا َ‬ ‫من الميقات‪ ،‬وإذا كانوا ل َيمرون ِ‬ ‫أعلى منه ِ‬
‫ن الطائرة تسير‬ ‫ن المعروف أ ّ‬ ‫م َ‬ ‫محاذاة ذلك لكن ِ‬ ‫من ُ‬ ‫فإّنهم ُيحرمون ِ‬
‫من أعلى الميقات فإنه‬ ‫بسرعة كبيرة جدا فإذا أخذ النسان يست َِعد ِ‬
‫‪540‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ل ذلك ‪..‬‬ ‫من أن يستِعد قب َ‬ ‫ما ل َيجوز‪ ،‬فإذن لبد ِ‬ ‫م ّ‬‫سيتجاوز ذلك وذلك ِ‬
‫ضأ أو ما شابه ذلك فليستعد قبل ويلبس ملبسه‬ ‫إذا كان يريد أن يتو ّ‬
‫ل ذلك الموضع ينوي الحرام‪-‬وأريد بالنية هاهنا النية‬ ‫فعندما يكون قُب َي ْ َ‬
‫القلبية‪-‬ويقول‪ " :‬لبيك عمرة " ُثم يأتي ِبالتلبية ‪ ..‬ل يتجاوز الميقات إل‬
‫من أعلى‬ ‫من أن يأتي ِ‬ ‫ن النسان لبد ِ‬ ‫وقد ل َّبى ‪ ..‬هذا لبد منه‪ ،‬ل ّ‬
‫من‬ ‫محاذية لذلك ‪ ..‬نعم إذا جاء ِ‬ ‫الميقات أو يأتي‪-‬أيضا‪-‬في جهة أخرى ُ‬
‫شرة فإّنه في هذه الحالة ل َيمر على‬ ‫دة مبا َ‬ ‫ن غرب ج ّ‬ ‫م ْ‬ ‫الجهة الغربية ‪ِ ..‬‬
‫حيط‬ ‫ن المواقيت ل ت ُ ِ‬ ‫ن أهل العلم ِبأ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ميقات بناء على رأي كثرة كاثرة ِ‬
‫من‬ ‫حاِذيا لشيء ِ‬ ‫م َ‬‫ن ذلك الموضع ل يكون ُ‬ ‫ِبالحرم َتماما ‪ ..‬أي أ ّ‬
‫ن تلك الجهة ‪ ..‬الذين َيأتون‬ ‫م ْ‬ ‫المواقيت وهذا هو الظاهر لي إلى الن‪ ،‬ف ِ‬
‫من تلك الجهة‬ ‫من تلك الجهة أو الذين يأتون في الطائرات ِ‬ ‫في البواخر ِ‬
‫دة " ولكن هي‬ ‫خروا إلى " ج ّ‬ ‫ل َيمرون ِبميقات فَب ِِإمكان هؤلء أن يؤَ ّ‬
‫ذون الميقات‬ ‫حا ُ‬ ‫موا عندما ي ُ َ‬ ‫حرِ ُ‬‫ضّيقة جدا جدا فال َوَْلى َلهم أن ي ُ ْ‬ ‫من ْط َِقة َ‬ ‫َ‬
‫الذي يكون أقَْرب إليهم‪ ،‬وهم إما أن ُيحاذوا " السيل " وإما أن ُيحاذوا‬ ‫َ‬
‫من تلك الجهة وهي جهة صغيرة‬ ‫ذا الحليفة أو‪ 1‬الجحفة‪ ،‬لكن َلو أتوا ِ‬
‫جدا جدا فبالمكان‪ ،‬لكن معنا في الجهة الشرقية وهكذا بالنسبة إلى‬
‫من‬ ‫من الجهة الغربية لُبد ِ‬ ‫أهل الجهة الشمالية والجنوبية وبعض الجزاء ِ‬
‫من ذلك المكان ول‬ ‫من الحرام ِ‬ ‫من المواقيت فلبد ِ‬ ‫حاذوا ميقاتا ِ‬ ‫أن ي ُ َ‬
‫خُروا ذلك‪.‬‬ ‫َيجوز َلهم أن ي ُؤَ ّ‬
‫كان الناس‬ ‫م َ‬ ‫شر عند َ بعض الناس رأيٌ ِبخلف ذلك وهو أّنه‪ِ " :‬بإ ْ‬ ‫وقد انت َ‬
‫من أعلى‬ ‫مر ِ‬ ‫ن الذي ي َ ُ‬ ‫طار وذلك ل ّ‬ ‫خروا ذلك إلى الوصول إلى الم َ‬ ‫أن ي ُؤَ ّ‬
‫من‬ ‫محاذيا له "‪ ،‬وهذا القول ِ‬ ‫مارا على ميقات ول ُ‬ ‫الميقات ل يكون َ‬
‫البطلن ِبمكان‪ ،‬وتقريره َيحتاج إلى إطالة‪ ،‬ورّبما يكون ذلك في وقت‬
‫آخر بمشيئة الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫من‬‫خر ذلك فعليه أن يستِعد ِ‬ ‫فالحقّ الحقيق ِبالقبول أنه ليس لحد أن ي ُؤَ ّ‬
‫خاَفة‬ ‫م َ‬ ‫دم قليل َ‬ ‫من ذلك الموضع ‪ ..‬ي َت ََق ّ‬ ‫رم ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫قبل ويسأل أهل الطائرة وي ُ ْ‬
‫من قبل نصف ساعة‬ ‫رم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ح‬
‫خِبر فلي ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خبره ُ‬ ‫أن يتجاوز الميقات وإن َلم ي ُ ْ‬
‫ما في حالة‬ ‫َ‬
‫من الحرام قبل الميقات لجل الضرورة‪ ،‬أ ّ‬ ‫تقريبا‪ ،‬فل بأس ِ‬
‫رم‬ ‫ح ِ‬ ‫ن النبي ‪َ e‬لم ي ُ ْ‬ ‫دم على ذلك‪ ،‬ل ّ‬ ‫عدم الضرورة فل ينبغي لحد أن يت ََق ّ‬
‫ن تلك المواقيت ولنا فيه‪-‬صلوات الله‬ ‫م ْ‬ ‫قبل الميقات وأمر بالحرام ِ‬
‫وسلمه عليه‪-‬السوة الحسنة؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫مهمة عمل إلى مكة أو إلى جدة ُثم أراد أن‬ ‫من سافر ل ِ ُ‬ ‫س ‪َ :3‬‬
‫من أين ُيحرم ؟‬ ‫يعتمر‪ِ ،‬‬
‫ج‪ :‬ل َيخلو من أحد أمرين‪:‬‬
‫من كلمه‪ " :‬ذا الحليفة أو "‪.‬‬
‫ن الشيخ سحب ِ‬
‫‪-1‬الظاهر أ ّ‬
‫‪541‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫َ‬
‫صدا لن يعتمر‬ ‫ن ُيريد أن يعتمر ‪ ..‬عندما خرج من بلده كان َقا ِ‬ ‫إما أ ْ‬
‫من عند الميقات ‪ ..‬لبد من أن ُيحرم من‬ ‫وهذا لبد من أن ُيحرم ِ‬
‫الميقات‪.‬‬
‫مر أو إلى ذلك العمل ولكن إذا‬ ‫وإما أن يريد أن يذهب إلى ذلك المؤت َ َ‬
‫من الوقت وحصلت له فرصة فإّنه‬ ‫سع ِ‬ ‫مت ّ َ‬ ‫بقي هنالك وقت ‪ ..‬إذا بقي ُ‬
‫سيذهب لتأدية العمرة وإن َلم يبق شيء من الوقت فإنه سيرجع إلى‬
‫بلده‪ ،‬فهذا َلم يعزم على العمرة فيذهب ويقضي مآربه وبعد ذلك إن‬
‫حل أما‬ ‫من ذلك الموضع إذا كان من ال ِ‬ ‫رم ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫رم بالعمرة فإّنه ي ُ ْ‬ ‫أراد أن ُيح ِ‬
‫من الحرم ‪ ..‬إذا كان يريد أن‬ ‫إذا كان في الحرم فلبد من أن َيخرج ِ‬
‫ُيحرم بعمرة لبد من أن َيخرج من الحرم إلى الحل وُيحرم من الحل‪،‬‬
‫أما إذا كان‪-‬مثل‪-‬يذهب إلى جدة أو إلى أي مكان آخر داخل المواقيت‬
‫ن أراد أن يعتمر فليحرم‬ ‫وخارج من الحرم فإّنه يقضي مآربه وبعد ذلك إ ْ‬
‫من ذلك الموضع الذي هو فيه‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى الذين يعيشون في‬
‫ن الميقات وبين الحرم فإّنهم‬ ‫تلك المواطن أي الذين يعيشون ب َي ْ َ‬
‫رمون من ذلك المكان‪.‬‬ ‫ُيح ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫من أي ْ َ‬ ‫س ‪ :8‬بالنسبة للمرأة الحائض إذا سافرت للعمرة‪ِ ،‬‬
‫رم ؟‬ ‫ِ‬ ‫ح‬
‫تُ ْ‬
‫صل‬ ‫ل أن ت َ ِ‬ ‫ها الحيض قَب ْ َ‬ ‫ريد العمرة ولكن أ ََتا َ‬ ‫ج‪ :‬إذا كانت هذه المرأة ت ُ ِ‬
‫من ذلك‬ ‫من أن ُتحرم ِ‬ ‫ريد َةً للعمرة فلبد ِ‬ ‫م ِ‬‫إلى الميقات وهي لزالت ُ‬
‫ماء بأن تغتسل وهي ُنفساء‬ ‫س َ‬ ‫الموضع لتغتسل كما أمر النبي ‪ e‬أ ْ‬
‫ظر حتى تط ْهَُر‬ ‫صل إلى مكة المكرمة وت َن ْت َ ِ‬ ‫حك ْم ِ النفساء وت َ ِ‬ ‫والحائض في ُ‬
‫مناسك العمرة ‪..‬‬ ‫وت َت َط َّهر فإذا ط َهَُرت وتط َهَّرت فإّنها تأتي بعد ذلك ب ِ َ‬
‫وت أن ت ُل ِْغي‬ ‫ها الحيض ن َ َ‬ ‫صر‪ ،‬أما إذا كان عندما أ ََتا َ‬ ‫تطوف وتسعى وت َُق ّ‬
‫مَلة التي هي فيها ‪ ..‬مثل‬ ‫ح ْ‬‫سْفَرة بسبب ارتباط تلك ال َ‬ ‫العمرة في تلك ال ّ‬
‫حَرم أو الزوج الذي ُيرافقها ل ُيمكنه أن ينتظرها حتى‬ ‫م ْ‬
‫كان ذلك اله َ‬
‫مل ب َِقّية مناسك العمرة فهاهنا ت ُل ِْغي تلك العمرة‪،‬‬ ‫تطهر وتغتسل وت ُك ْ ِ‬
‫من قَْبل ‪ ..‬لو كانت أحرمت ِبها من قبل فالمر َيختلف‬ ‫رم ِبها ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫هي َلم ت ُ ْ‬
‫حسب السؤال ‪ ..‬لتترك ن ِّية العمرة ولتذهب مع‬ ‫رم على َ‬ ‫ح ِ‬ ‫لكنها َلم ت ُ ْ‬
‫جع وتعتمر مرة أخرى ِبمشيئة الله تبارك وتعالى‪،‬‬ ‫أصحاِبها وبعد ذلك ت َْر ِ‬
‫َ‬
‫ن ترجع إلى بلدها فإّنها في هذه‬ ‫لكن‪-‬مثل‪-‬لو ط َهَُرت واغتسلت قبل أ ْ‬
‫من هناك وتؤدي مناسك العمرة‪ ،‬قد‬ ‫رم ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫الحالة تذهب إلى الت ّن ِْعيم وت ُ ْ‬
‫حَرم أو ذلك الزوج‬ ‫م ْ‬
‫ف ذلك اله َ‬ ‫تكون عادة المرأة‪-‬مثل‪-‬ستة أيام وي َعْرِ ُ‬
‫ذه المدة فَهُوَ يريد أن‬ ‫المرافق لتلك المرأة أّنه َلن يتمكن لن يبقى ل ِهَ ِ‬
‫من مكة المكرمة بعد ثلثة أيام‪-‬مثل‪-‬فََهذه المرأة تذهب هكذا إلى‬ ‫َيخرج ِ‬
‫مكة المكرمة من غير إحرام لكن لو قَد ّْرَنا أّنها طهَُرت بعد َثلَثة أيام أو‬
‫‪542‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫كث المرأة‬ ‫شت ََرط أن َتم ُ‬ ‫ن الحيض ل ي ُ ْ‬ ‫ط َهَُرت بعد يومين بناء على أ ّ‬
‫خاِلفا ً‬
‫م َ‬‫عدا كما هو الصحيح الراجح ‪ ..‬وهذا وإن كان ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫مدة ثلثة أيام فَ َ‬ ‫لِ ُ‬
‫َ‬
‫دة الحيض لكّنه هو الذي أَراه وهو مذهب‬ ‫للمشهور‪-‬ط َْبعًا‪-‬في قضية ُ‬
‫م ّ‬
‫ن أهل العلم ‪ ..‬إذا ط َهَُرت بعد ثلثة أيام‪-‬مثل‪-‬فتغتسل‬ ‫م ْ‬
‫طائفة كبيرة ِ‬
‫وتذهب وُتحرم من التنعيم ول تؤمر هاهنا بأن ترجع إلى الميقات لنها‬
‫عندما تجاوزت الميقات ما كانت تنوي العمرة‪ ،‬وكذلك‪-‬مثل‪-‬لو أراد بعد‬
‫ذلك ذلك الزوج أو ذلك المحرم أن يتأخر قال‪ " :‬ل بأس أبقى ِلمدة‬
‫ستة أيام أو أكثر " مثل فلتصنع ما ذكرناه‪ ،‬أما ما تفعله بعض النساء‬
‫بأّنها تتجاوز الميقات من غير إحرام وهي تنوي العمرة وتصل إلى مكة‬
‫المكرمة وتبقى هناك حتى تطهر وتغتسل ُثم بعد ذلك تذهب إلى‬
‫مما ل يصح أبدا‪ ،‬في هذه الحالة عليها أن تتوب إلى الله‬ ‫التنعيم فهذا ِ‬
‫وأن تندم على ما فّرطت من أمرها وأن ترجع إلى ذلك الميقات‪:‬‬
‫مّرت عليه‬ ‫من أن ترجع إلى ذلك الميقات الذي َ‬ ‫بعض العلماء يقول لبد ِ‬
‫وَلم ُتحرم منه وهي تريد الحج أو العمرة‪.‬‬
‫وبعض العلماء يقول ل يلزم أن ترجع إلى ذلك الميقات بل ترجع إلى‬
‫أي ميقات من المواقيت‪.‬‬
‫والمواقيت هي الخمس السابقة وليس الت ّن ِْعيم من تلك المواقيت كما‬
‫مّرت على ذي الحليفة‪-‬مثل‪-‬على الرأي‬ ‫يظنه بعض الناس ‪..‬إذا كانت َ‬
‫الول لبد من أن ترجع إلى ذي الحليفة ول َيجوز َلها أن تذهب‪-‬مثل‪-‬إلى‬
‫حَفة أو إلى يلملم ‪ ..‬لبد من أن ترجع إلى ذي‬ ‫ج ْ‬‫السيل أو إلى ال ُ‬
‫حَفة‪-‬مثل‪-‬فلبد من أن ترجع إلى‬ ‫ج ْ‬
‫مّرت على ال ُ‬ ‫الحليفة‪ ،‬وإذا كانت َ‬
‫مّرت على السيل‬ ‫حَفة أو إلى أبعد منه إلى ذي الحليفة‪ ،‬كذلك إذا َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ال ُ‬
‫ن أن ترجع إلى السيل أو إلى ميقات أبعد إلى ذي الحليفة أو‬ ‫م ْ‬‫لبد ِ‬
‫ما أن ترجع إلى ميقات أقرب فعلى هذا الرأي‬ ‫الجحفة أو يلملم‪-‬مثل‪-‬أ ّ‬
‫مّرت على ذي الحليفة ل ُيجزيها أن ُتحرم من أي ميقات آخر‬ ‫ل ‪ ..‬إذا َ‬
‫مّرت على الجحفة فإنه ُيجزيها أن ُتحرم من الجحفة أو من ذي‬ ‫وإذا َ‬
‫الحليفة أما من يلملم الذي هو أقرب من الجحفة أو من السيل الذي‬
‫أقرب من الجحفة فل‪ ،‬وذهب بعض أهل العلم إلى أّنها ُيجزيها أن ُتحرم‬
‫من أي ميقات من المواقيت ولبد من أن ُتحرم من واحد من المواقيت‬
‫حل كما يتصوره‬ ‫ل أن تذهب إلى التنعيم أو ما شابه ذلك من مواضع ال ِ‬
‫مها مع‬ ‫بعض الناس‪ ،‬ومع ذلك عليها التوبة إلى الله وبعض العلماء ي ُل ْزِ ُ‬
‫ذلك أن تفتدي ولكن إذا رجعت إلى الميقات وتابت وأنابت إلى الله‪-‬‬
‫ت بالفدية هاهنا‬ ‫ص َلها في عدم الدم‪ ،‬وعَب ّْر ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬فقد ي َُر ّ‬
‫وزا ً وإل الصل أن ل ي ُعَّبر بالفدية لن الفدية على التخيير وهذا ل‬ ‫ج ّ‬ ‫تَ َ‬
‫َتخيير فيه فلبد من الدم على رأي من يقول بذلك‪.‬‬
‫‪543‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ريد أن تعتمر أو تريد الحج‬ ‫فإذن خلصة ما ذكرناه إذا كانت هذه المرأة ت ُ ِ‬
‫َ‬
‫رم من الميقات وإذا كانت قد أل َْغت ذلك لظروفها فهنا‬ ‫ح ِ‬ ‫فلبد من أن ت ُ ْ‬
‫در الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وقضى بأن‬ ‫تذهب إلى مكة بدون إحرام فإذا ق ّ‬
‫انتظرت تلك الجماعة التي هي فيها أو ط َهَُرت هي قبل الميعاد‬
‫المعروف فإّنها تذهب إلى أيّ موضع من مواضع اِلحل وُتحرم من هناك‪،‬‬
‫رمة ليس َلها أن تطوف‬ ‫ح ِ‬
‫م ْ‬‫كذلك الحائض إذا أتت وهي حائض وهي ُ‬
‫مَنى وإلى عرفة وإلى‬ ‫بالبيت ‪ ..‬إذا كانت في وقت الحج تذهب إلى ِ‬
‫مع ولكن ليس َلها أن تطوف بالبيت تنتظر وكذلك ل تسعى إن كانت‬ ‫ج ْ‬‫َ‬
‫َلم تطف لن السعي يكون بعد الطواف أما إذا أتاها‪-‬مثل‪-‬الحيض بعد‬
‫صّلت‬ ‫الطواف ‪ ..‬طافت بالبيت وأتاها الحيض بعد الطواف إذا كانت َ‬
‫الركعتين فل إشكال تذهب وتسعى لن المسعى على الصحيح ليس من‬
‫ن البيت‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫كان يظهر لول وهلة بأنه من البيت ولكنه لم ي ُب ْ َ‬ ‫البيت وإن‬
‫ْ‬
‫سعَ وإن كانت على غير طهارة لن الطهارة ل‬ ‫سيس‪ ،‬فَل ْت َ ْ‬ ‫والعبرة بالت ّأ ِ‬
‫شَترط في السعي وما جاء عن بعضهم من اشتراط ذلك ل يصح‪،‬‬ ‫تُ ْ‬
‫طأ مالك من رواية َيحي ليست بصحيحة‬ ‫مو َ ّ‬‫والرواية التي جاءت في ُ‬
‫شذ ّ به َيحي فل ي ُْقَبل‬ ‫مما َ‬ ‫رط ذلك فهذه الرواية ِ‬ ‫شت َ ِ‬ ‫فبقية الروايات ل ت َ ْ‬
‫سعَ ول شيء عليها وإن كانت َلم تأت بالركعتين‬ ‫ذوذ منه‪ ،‬فلت َ ْ‬ ‫ش ُ‬ ‫ذلك ال ّ‬
‫َ‬
‫خر الركعتين تيسيرا عليها وتأتي بذلك بعد ذلك ِبمشيئة الله تبارك‬ ‫فل ْت ُأ ّ‬
‫سمعن بأن‬ ‫ف فلتنتظر وبعض النساء َ‬ ‫ما إذا كانت لم ت َط ُ ْ‬ ‫وتعالى‪ ،‬أ ّ‬
‫سعَْين وأل َْغت تلك النساء الطواف لن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نو َ‬ ‫الحائض ل تطوف فأت َي ْ َ‬
‫طوِفي‬‫مَلت ) غَي َْر أن ل ت َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫واف عليها في اعتقادها ‪ ..‬هكذا َ‬ ‫الحائض ل ط َ َ‬
‫طأ فاضح ‪ ..‬طواف العمرة وطواف الحج ركن من الركان‬ ‫خ َ‬ ‫( وهذا َ‬
‫ما‬
‫داع فقط أ ّ‬ ‫ذر الحائض من طواف الوَ َ‬ ‫كها وإّنما ت ُعْ َ‬ ‫جوز ت َْر ُ‬ ‫التي ل ي َ ُ‬
‫طواف الفاضة‪-‬أك َّرر‪-‬وطواف العمرة ُرك َْنان ‪ ..‬طواف العمرة ُركن من‬ ‫ُ‬
‫من أركان‬ ‫أركان العمرة وطواف الفاضة الذي هو طواف الزيارة ركن ِ‬
‫ذر الحائض من ذلك فلبد من الت َن َب ّهِ ِلهذا المر؛ والله ولي‬ ‫الحج فل ت ُعْ َ‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 26‬جمادى الولى ‪1426‬هه‪ ،‬يوافقه ‪3/7/2005‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫رم ؟‬ ‫من أين ُيح ِ‬ ‫من أراد الذهاب إلى العمرة ِبالطائرة‪ِ ،‬‬ ‫س ‪َ :9‬‬
‫من قبل ‪ ..‬إما أن َيلَبس ثياَبه‬ ‫حاِذي الميقات ‪َ ..‬يستِعد ِ‬ ‫دما ي ُ َ‬ ‫رم عن َ‬ ‫ج‪ُ :‬يح ِ‬
‫من‬ ‫ريبا ِ‬ ‫دما َيكون ق ِ‬ ‫في بيِته أو في المطار أو أن َيقوم ِبلْبسها عن َ‬
‫ن‬
‫دم ذلك ِبقليل‪ ،‬ل ّ‬ ‫دما ُيحاِذي الميقات‪ 1‬وَينبِغي َله أن َيتَق ّ‬ ‫مطار ثم عن َ‬ ‫اله َ‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬المطار " بدل من " الميقات " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪544‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ن ِبالتلبية‬ ‫من التيا ِ‬ ‫كن ِ‬ ‫رعة على الميقات‪ 1‬فََقد ل َيتم ّ‬ ‫الطائرة َتمر مس ِ‬
‫من قبل ثم بعد ذلك عندما‬ ‫جاَوز ذلك‪ ،‬فيستِعد ِ‬ ‫من أعلى الميقات وَيت َ‬ ‫ِ‬
‫من الميقات ينوي بقلبه العمرة ويسمي‪-‬أيضا‪-‬ذلك في تلبيته‬ ‫يكون قريبا ِ‬
‫خر‬ ‫‪ ..‬يقول‪ " :‬لبيك عمرة " ويلبي التلبية المعروفة‪ ،‬وليس َله أن ُيؤ ّ‬
‫جع بعد َ ذلك إلى‬ ‫ذلك إلى مطار " جدة " مثل‪ ،‬كما أنه ليس َله أن َير ِ‬
‫ص َ‬
‫ل‬ ‫خر إلى أن ي َ ِ‬ ‫من قبل‪ ،‬وليس َله أن َيتأ ّ‬ ‫رم ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫من أن ي ُ ْ‬ ‫الميقات ‪ ..‬لبد ِ‬
‫رم‬ ‫ل إلى الميقات وهو َلم ُيح ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ن جاهل وَقَعَ وَوَ َ‬ ‫إلى الميقات ‪ ..‬نعم َلو أ ّ‬
‫مّر عليه‬ ‫جع إلى الميقات الذي َ‬ ‫ن عليه أن َيتوب إلى ربه وأن َير ِ‬ ‫فإ ّ‬
‫رف الحكم فليس َله أن َيتجاوََز ذلك‬ ‫من كان َيع ِ‬ ‫من هناك‪ ،‬أما َ‬ ‫رم ِ‬ ‫وُيح ِ‬
‫أبدا‪.‬‬
‫شّقة في‬ ‫م َ‬ ‫شّقة " أو ما شابه ذلك‪ ،‬ول َ‬ ‫م َ‬ ‫ض الناس َيقول‪ " :‬في ذلك َ‬ ‫وبع ُ‬
‫من‬ ‫من بيِته أو ِ‬ ‫س ِثيابه ِ‬ ‫ت‪-‬أن ي َل ْب َ َ‬ ‫ذلك والحمد لله ‪ِ ..‬بإمكاِنه‪-‬كما قل ُ‬
‫من‬ ‫طائ َِرة أو حتى ِ‬ ‫س في د َوَْرة المياه في ال ّ‬ ‫كن أن َيلب َ‬ ‫م ِ‬ ‫المطار أو ي ُ ْ‬
‫دما َيخل َعُ ِإزاَره ‪ ..‬أو ِبعبارةٍ أخرى ل ي ََرى عورَته‬ ‫ط أل ّ ي ََراه عن َ‬ ‫مكانه ِبشر ِ‬
‫رم ول مشّقة في ذلك‪ ،‬أما ِبالنسبةِ إلى الصلة فل‬ ‫من الناس وُيح ِ‬ ‫أحد ٌ ِ‬
‫ن العلماء قد اختَلفوا‬ ‫ل ِللحرام على أ ّ‬ ‫ص ّ‬ ‫ك الصلة وَلم ي ُ َ‬ ‫بأس عليه إن ت ََر َ‬
‫عة ِللحرام‪:‬‬ ‫هل هناِلك صلةٌ مشرو َ‬
‫رم‬ ‫من أراد َ أن ُيح ِ‬ ‫ت هناِلك صلةٌ ِللحرام ‪َ ..‬‬ ‫ضهم إلى أّنه ليس ْ‬ ‫ذهب بع ُ‬
‫رم بعد َ الصلة‪.‬‬ ‫ح ِ‬ ‫ت صلة فريضة فلي ُ ْ‬ ‫ضَر ْ‬ ‫ح َ‬ ‫فإن َ‬
‫من‬ ‫ت ذلك ِ‬ ‫وي على راحلِته‪ ،‬كما ثب َ‬ ‫م بعد َ أن َيست ِ‬ ‫ب أن ُيحرِ َ‬ ‫والصوا ُ‬
‫ق ابن عمر رضي الله‪-‬تعالى‪-‬عنهما‪.‬‬ ‫ري ِ‬ ‫ط ِ‬
‫َ‬
‫صح‪،‬‬ ‫ث ل يَ ِ‬ ‫م بعد َ الصلة فهو حدي ٌ‬ ‫ن النبي ‪ e‬أحَر َ‬ ‫ث الواِرد أ ّ‬ ‫أما الحدي ُ‬
‫ق ابن عمر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ري‬
‫ِ‬ ‫من ط‬ ‫فالعمد َةُ ما جاء ِ‬
‫ل المسجد فلُيصل ركعتْين أو إذا َأراد َ أن ُيصلي صلةَ‬ ‫خ َ‬ ‫وكذلك إن د َ َ‬
‫َ‬
‫ت وقت صلة الضحى أو أراد َ أن ُيصلي بعد َ‬ ‫الضحى إن كان الوق ُ‬
‫صة ِبالحرام‬ ‫الوضوء أو ما شابه ذلك‪ ،‬أما أن َتكون هناِلك صلةٌ خا ّ‬
‫ي الصحيح‪.‬‬ ‫صة ِبالحرام ِ على الرأ ِ‬ ‫ت هنالك صلة خا ّ‬ ‫فليس ْ‬
‫ل ِبمشروعيةِ الصلةِ ِللحرام‪.‬‬ ‫ضهم إلى القو ِ‬ ‫وذهب بع ُ‬
‫ة‬
‫ره فقال ِبمشروعي ِ‬ ‫ت " ذي الحليفة " وبْين غي ِ‬ ‫ضهم بْين ميقا ِ‬ ‫وفّرق بع ُ‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫من غي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫من أحَر َ‬ ‫ت " ِذي الحليفة " ِبخلف َ‬ ‫من ميقا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫من أحَر َ‬ ‫الصلةِ ل ِ َ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫صة‬ ‫سنية صلة خا ّ‬ ‫ل على القول ب ِ ُ‬ ‫ل على التفريق بل ول دلي َ‬ ‫ول دلي َ‬
‫ن الطائرة؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫رم ِ‬ ‫ِللحرام‪ ،‬فل ُْيح ِ‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬المطار " بدل من " الميقات " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪545‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫حّلون‬ ‫م ِ‬ ‫ن إلى مكة المكرمة وهم ُ‬ ‫من الناس‪-‬وِللسف‪َ-‬يأُتو َ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫على أ ّ‬


‫خة‬ ‫مخاَلفة صارِ َ‬ ‫هبون إلى " التنعيم " ِللحرام‪ ،‬وفي هذا ُ‬ ‫ثم بعد َ ذلك َيذ َ‬
‫ل إلى مكة‬ ‫ص َ‬
‫من وَ َ‬ ‫ِلسّنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ف َ‬
‫من‬ ‫ط ِ‬ ‫دم على ما فَّر َ‬ ‫رم عليه أن َيتوب إلى ربه وأن َين َ‬ ‫المكرمة وَلم ُيح ِ‬
‫من ذلك‬ ‫ت أب َْعد ِ‬ ‫جع إلى الميقات الذي جاء منه‪-‬أو ميقا ٍ‬ ‫ره وأن َير ِ‬ ‫أم ِ‬
‫ن أن‬ ‫م ْ‬ ‫من " ذي الحليفة " لبد ِ‬ ‫الميقات على رأي بعضهم‪-‬فإذا جاء ِ‬
‫من ميقات " َنجد " وهو المعروف‬ ‫جع إلى " ذي الحليفة " وإذا جاء ِ‬ ‫َير ِ‬
‫جع إليه وهكذا ِبالنسبة إلى ب َِقّية المواقيت‪.‬‬ ‫ِبالسيل فلَير ِ‬
‫هب وهو ل َيدِري عن العمرة‬ ‫فَينبِغي ِللنسان أن َيتعّلم ُأموَر ِديِنه وأل ّ َيذ َ‬
‫رم أو ما شابه‬ ‫َ‬
‫ن ُيح ِ‬ ‫من أي ْ َ‬ ‫شيئا ‪ ..‬ل َيدِري كيف َيطوف وكيف َيسَعى و ِ‬
‫ص‬
‫هب مع شخ ٍ‬ ‫من قبل البّتة فَينبِغي َله أن َيذ َ‬ ‫هب ِ‬ ‫ذلك‪ ،‬وإن كان َلم َيذ َ‬
‫سرة والحمد لله‪،‬‬ ‫سك متي َ ّ‬ ‫ة هذه المنا ِ‬ ‫رف ُ‬ ‫ك الحج‪ ،‬ومع ِ‬ ‫س ِ‬ ‫رفة ِبمنا ِ‬ ‫َله مع ِ‬
‫كن ِللنسان أن َيستِعين ِبها على‬ ‫وهنالك كتب ومط ْوَِيات وأشرطة ُيم ِ‬
‫ل أه َ‬
‫ل‬ ‫مه فعليه أن َيسأ َ َ‬ ‫ده فيها أو ما َلم َيفهَ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫كه‪ ،‬وما َلم ي َ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫رفةِ منا ِ‬ ‫مع ِ‬
‫العلم‪.‬‬
‫جا أو عمرة‬ ‫ريد ُ ح ّ‬ ‫صل أنه ليس لحدٍ أن َيتجاوََز الميقات إذا كان ي ُ ِ‬ ‫والحا ِ‬
‫طق‬ ‫ولو َ‬
‫من المنا ِ‬ ‫رها ِ‬ ‫ِ‬ ‫غي‬ ‫في‬ ‫أو‬ ‫"‬ ‫جدة‬ ‫"‬ ‫في‬ ‫دة‬‫ّ‬ ‫قى‪-‬مثل‪-‬م‬ ‫َ‬ ‫يب‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫أرا‬
‫هب إلى ' جدة '‬ ‫مترّددا في الرادة ‪ ..‬مثل َيقول‪ " :‬سأذ َ‬ ‫اللهم إل إذا كان ُ‬
‫هب إلى '‬ ‫ت وقتا فسأذ َ‬ ‫ت بعد َ ذلك ووجد ُ‬ ‫مكن ُ‬ ‫ض المآِرب فإن ت َ َ‬ ‫ِلقضاِء بع ِ‬
‫َ‬
‫جد وقتا فَلن أذ َ‬ ‫َ‬
‫هب إلى " جدة‬ ‫هب " ففي هذه الحالة َيذ َ‬ ‫مكة ' وإن َلم أ ِ‬
‫هب إلى " مكة "‬ ‫جه وبعد َ ذلك إذا َأراد َ أن َيذ َ‬ ‫ضي مآرَِبه وحوائ ِ َ‬ ‫" وَيق ِ‬
‫من ذلك المكان الذي ب َِقي فيه وهو " جدة "‬ ‫رم ِ‬ ‫ِلتأدِي َةِ عمرة‪-‬مثل‪-‬فلُيح ِ‬
‫على المثال الذي ذكرناه؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫من عليه د َْين ؟‬ ‫حكم الذهاب إلى الحج ل ِ َ‬ ‫س ‪ :10‬ما ُ‬
‫حّرما‪،‬‬ ‫َ‬
‫م َ‬ ‫حد أمرْين اثنين‪ :‬إما أن َيكون هذا الد ّْين ُ‬ ‫من أ َ‬ ‫ج‪ :‬ل َيخلو ذلك ِ‬
‫حّلل‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫وإما أن َيكون هذا الد ّْين ُ‬
‫هب إلى تأديةِ الحج إل بعد َ أن َيتط َّهر‬ ‫حّرما فليس َله أن َيذ َ‬ ‫م َ‬ ‫فإن كان ُ‬
‫ة نصوحا إلى رّبه تبارك‬ ‫ب توب ً‬ ‫من هذه المعصية التي وَقَعَ فيها وي َُتو َ‬ ‫ِ‬
‫ريد ُ أن َيتوب في‬ ‫ريد ُ أن ي َُتوب‪ ،‬أما إذا كان ل ي ُ ِ‬ ‫وتعالى ‪ ..‬هذا إذا كان ي ُ ِ‬
‫خيص‬ ‫ذل الغاِلي والر ِ‬ ‫ريد ُ أن ي َُتوب أن ي َب ْ ُ‬ ‫ة الذي ي ُ ِ‬ ‫حقيقة الواقع ‪ ..‬وعلم ُ‬
‫ريد ُ أن‬ ‫ل التوبةِ والرجوِع إلى الله تبارك وتعالى‪ ،‬أما إذا كان ي ُ ِ‬ ‫في سِبي ِ‬
‫ري الراضي أو ما شابه ذلك وي ُل َْقل ِقُ ِبلساِنه‬ ‫ماَرات َ وَيشت ِ‬ ‫ري العِ َ‬ ‫َيشت ِ‬
‫ب‬ ‫ُ‬
‫ريد ُ أن ي َُتوب فلَيذهَ ْ‬ ‫مر ل ي ُ ِ‬ ‫َيقول‪ " :‬أِريد ُ أن أُتوب " فهذا في واقِِع ال ْ‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫محظورِ الد ّي ْ ِ‬ ‫صي َت َْين ‪ ..‬معصيةِ الوقوِع في َ‬ ‫معَ بْين مع ِ‬ ‫ج َ‬ ‫إلى الحج ِلئل ي َ ْ‬
‫س‬
‫م اليِقين ِبأّنه لي ْ َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫محظورِ عدم ِ تأدِي َةِ الحج ولكن ل ِي َعَْلم ِ‬ ‫محّرم و َ‬ ‫اله ُ‬
‫‪546‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من المت ِّقين وإّنما َتكون‬ ‫ل إل ِ‬ ‫ن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ل ي َت ََقب ّ ُ‬ ‫من المت ِّقين وأ ّ‬ ‫ِ‬
‫ب ِبها إذا تاب‪-‬مثل‪-‬في المستقَبل‪.‬‬ ‫ث إنه ل ُيطال َ ُ‬ ‫حيحة ِبحي ُ‬ ‫جُته ص ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫وقت‪ ،‬وإما أن‬ ‫موَّقتا ب ِ َ‬ ‫خُلو‪ :‬إما أن َيكون ُ‬ ‫حّلل فل ي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫أما الد ّْين إذا كان ُ‬
‫جل‪.‬‬ ‫مؤ َ ّ‬ ‫حك ْم ِ الموّقت‪ ،‬وإما أن َيكون ُ‬ ‫َيكون في ُ‬
‫دين‪.‬‬ ‫ضي ذلك ال ّ‬ ‫من أن َيق ِ‬ ‫موّقتا ِبوقت فلبد ِ‬ ‫فإن كان ُ‬
‫حك ْم ِ الموّقت‪-‬أي الذي َلم ي َُقّيد‬ ‫وهكذا ِبالنسبةِ إلى الد ّْين الذي هو في ُ‬
‫ص‬
‫ضَعه مع شخ ٍ‬ ‫ضي ذلك إل إذا وَ َ‬ ‫من أن َيق ِ‬ ‫من الوقات‪-‬فلبد ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫ِبوق ٍ‬
‫ث ي َد ْفَُعه إلى صاحِبه‪.‬‬ ‫ل المانة ِبحي ُ‬ ‫على سِبي ِ‬
‫ضى ِبه‬ ‫كن أن ُيق َ‬ ‫جد ُ ما ُيم ِ‬ ‫جل فل إشكال فيه إذا كان ي َ ِ‬ ‫دين المؤ ّ‬ ‫وأما ال ّ‬
‫ن عليه‬ ‫ح ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما شابه ذلك ‪ ..‬مثل إنسا ٌ‬ ‫ذوٌر أو َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن لو أصاَبه َ‬ ‫ذلك الد ّْين عنه أ ْ‬
‫ف ريال ِلشخص وهو َيمِلك مقدار ما ُيساِوي ذلك اللف فل ْي ُوَّثق ذلك‬ ‫أل ُ‬
‫ضع ذلك الصك مع‬ ‫دل وي َ َ‬ ‫عي ُيشهِد ُ عليه شاهِد َيْ عَ ْ‬ ‫صك شر ِ‬ ‫دين ب ِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ب الحق ِبأّنه قد‬ ‫ن ي َث ِقُ ِبه ول ْي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫خِبر صاح َ‬ ‫مي ٍ‬ ‫ضُعه مع أ ِ‬ ‫ب الحق أو ي َ َ‬ ‫صاح ِ‬
‫ت َله ذلك الحق مع فلن بن فلن الفلني أو ما‬ ‫ضعَ الصك الذي ي ُث ْب ِ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫ض‬‫دوا بع َ‬ ‫مُرون ِبأن ي ُؤَ ّ‬ ‫سف‪ُ-‬يؤ َ‬ ‫من الناس‪-‬وِلل َ‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫شابه ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫من‬‫ضي العام أو أكَثر ِ‬ ‫خُرون في ذلك وقد َيم ِ‬ ‫المانات إلى َأصحاِبها ثم ي َت َأ ّ‬
‫ب الحق َيسَأل‬ ‫صُلون تلك الحقوق إلى أصحاِبها ثم َيأِتي صاح ُ‬ ‫ذلك ول ُيو ِ‬
‫َ‬
‫من الزمان مع شخص‬ ‫سَله منذ ُ فترةٍ ِ‬ ‫من عليه الحق وُيخب ُِره ِبأّنه قد أر َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫س َ‬
‫ل‬ ‫من أر َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن هنا ن َُقول إ ّ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫سف الشديد‪ ،‬و ِ‬ ‫وَلم ي ُؤَد ّ ذلك الشخص وِلل َ‬
‫من أن َيسَأل ذلك الذي َله الحق‬ ‫خر أّنه لبد ِ‬ ‫صآ َ‬‫ص مع شخ ٍ‬ ‫حّقا ِلشخ ٍ‬
‫ط أو‬ ‫ري ِ‬ ‫ة النسيان أو التف ِ‬ ‫مخافَ َ‬ ‫صْله َ‬ ‫صَله ذلك الحق الذي َله أو َلم ي َ ِ‬ ‫هل وَ َ‬
‫ما شابه ذلك؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 3‬رمضان ‪1426‬هه‪ ،‬يوافقه ‪7/10/2005‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫من طاف بعد َ الحجر أث َْناَء أداِئه العمرة ؟ هل ي َعَْتد‬ ‫م َ‬ ‫س ‪ :1‬ما حك ُ‬
‫شوط أو ل ؟‬ ‫ذا ال ّ‬ ‫ب ِهَ َ‬
‫ن طواف العمرة وطواف الزيارة بالنسبة إلى‬ ‫ما ل َيخفى أ ّ‬ ‫م ّ‬
‫ج‪ :‬إّنه ِ‬
‫صح العمرة ول الحج إل ِبها‪ ،‬وعليه فلبد‬ ‫ن الركان التي ل ت َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫الحج ركن ِ‬
‫من الموِر‬ ‫من الناس ُيفّرطون في كثيرٍ ِ‬ ‫من العتناء بأمره‪ ،‬وكثير ِ‬ ‫ِ‬
‫من الحكام‪:‬‬ ‫من المعلوم أّنه َيندِرج َتحت الطواف ك َِثير ِ‬ ‫المتعّلقةِ به‪ ،‬و ِ‬
‫ط فيها‬ ‫من فَّر َ‬ ‫ن َ‬ ‫ثإ ّ‬ ‫حةِ الطواف ِبحي ُ‬ ‫ص ّ‬ ‫ط ِ‬ ‫ن شرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ِ‬ ‫شر ٌ‬ ‫ما هو َ‬ ‫من َْها َ‬ ‫ِ‬
‫طل‪.‬‬ ‫َيكون طواُفه با ِ‬
‫ت ذلك‬ ‫ط فيها‪ِ ،‬لثبو ِ‬ ‫ري ُ‬ ‫من السنن التي ل َينبِغي التف ِ‬ ‫سّنة ِ‬ ‫من َْها ما هو ُ‬ ‫و ِ‬
‫عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫‪547‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫طه وواجباِته‬ ‫ف ِبمعرفةِ شرو ِ‬ ‫معرفةِ أحكام ِ الطوا ِ‬ ‫من العتناِء ب ِ َ‬ ‫فإذن لبد ِ‬
‫سن َِنه ومستحّباِته‪.‬‬ ‫و ُ‬
‫من‬ ‫ن ِبمعرفةِ ذلك‪ ،‬فت ََرى كثيرا ِ‬ ‫ت‪-‬ل َيعَتنو َ‬ ‫س‪-‬كما قل ُ‬ ‫من النا ِ‬ ‫وكثيٌر ِ‬
‫العوام َيذهُبون ِلتأديةِ فريضةِ الحج أو ِلتأديةِ العمرة وهم ل َيعرُفون عن‬
‫من َلم‬ ‫مع ِبالطواف ومنهم حتى َ‬ ‫من َيس َ‬ ‫أحكام ِ الطواف شيئا ‪ ..‬منهم َ‬
‫جه‬ ‫ح ّ‬ ‫ف ِبماذا َيأِتي في َ‬ ‫مع ِبالحج أو العمرة ول َيعرِ ُ‬ ‫س َ‬ ‫مع ِبه وإّنما ي َ ْ‬ ‫َيس َ‬
‫ب ِلتأديةِ الحج أو العمرة‬ ‫ريد ُ أن َيذهَ َ‬ ‫دما ي ُ ِ‬ ‫ن عن َ‬ ‫عمرِته‪ ،‬فلبد ِللنسا ِ‬ ‫وفي ُ‬
‫م المورِ التي َتتعل ّقُ ِبهما حتى ُيؤّدي تلك العبادة‪-‬التي‬ ‫َ‬
‫م أه َ ّ‬ ‫أن َيتعل ّ َ‬
‫ره‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫من أم ِ‬ ‫عها الله تبارك وتعالى‪-‬على بصيرةٍ ِ‬
‫َ‬
‫شَر َ‬
‫م المهمات في الحج وكذلك في الُعمرة‪ ،‬فهو‬ ‫من أهَ ّ‬ ‫ت‪ِ -‬‬ ‫ف‪-‬كما قل ُ‬ ‫والطوا ُ‬
‫ي ما‬ ‫َ‬ ‫كان ِبال ّ‬ ‫َ‬
‫من الْر َ‬
‫ع َ‬ ‫ن أن ُيرا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط الذي ذكرُته‪ ،‬وعليه فلبد ِ‬ ‫شْر ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫رك ٌ‬
‫َيتعّلق ِبه ولسيما الشروط والواجبات‪.‬‬
‫ضع وينتهي‬ ‫مو ِ‬ ‫من َ‬ ‫ف ِ‬ ‫دئ الطائ ُ‬ ‫من أن َيبت ِ‬ ‫ة ون َِهاية‪ ،‬فلبد ِ‬ ‫ف َله ِبداي ٌ‬ ‫الطوا ُ‬
‫ريد ُ أن َيطوف‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫دما َيأِتي َ‬ ‫جر ‪ ..‬عن َ‬ ‫من ركن الح َ‬ ‫دئ ِ‬ ‫إليه‪ ،‬والطواف يب ْت َ ِ‬
‫من َتقِبيِله قب َّله وإن‬ ‫ن ِ‬ ‫جر فإن َتمك ّ َ‬ ‫ل الح َ‬ ‫ث ي َُقاب ِ ُ‬ ‫جر ِبحي ُ‬ ‫َيأِتي إلى ُركن الح َ‬
‫ن معا فإن َلم‬ ‫اليمنى ل ِبالي َد َي ْ ِ‬ ‫ده‬‫جر ب ِي َ ِ‬ ‫مس الح َ‬ ‫من ذلك فإنه ي َل ْ َ‬ ‫كن ِ‬ ‫م ّ‬ ‫َلم ي َت َ َ‬
‫ده‬‫شاَر ِبها وإّنما يقّبل ي َ َ‬ ‫ده التي أ َ َ‬ ‫شاَر إليه ول ُيقّبل ي َ َ‬ ‫من ذلك أ َ َ‬ ‫كن ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫ضِع‬ ‫من وَ ْ‬ ‫جر أو ِ‬ ‫من مصافحةِ الح َ‬ ‫ن ِ‬ ‫جر ‪ ..‬أي إذا َتمك ّ َ‬ ‫ح ِبها الح َ‬ ‫صافَ َ‬ ‫التي َ‬
‫دئ‬ ‫دئ الطواف‪ ،‬وليس َله أن َيبت ِ‬ ‫ضع َيبت ِ‬ ‫من ذلك المو ِ‬ ‫ده على الحجر‪ ،‬و ِ‬ ‫يَ ِ‬
‫ن ذلك‬ ‫َ‬
‫جر فإ ّ‬ ‫من بعدِ الح َ‬ ‫جر‪ ،‬فإنه إذا ابتدأ ِ‬ ‫من موضٍع بعد َ الح َ‬ ‫ف ِ‬ ‫الطوا َ‬
‫طل ل عبرةَ ِبه‪ ،‬وعليه َلو‬ ‫َ‬
‫من ذلك الموضع َيكون با ِ‬ ‫الشوط الذي ابتدأ ِبه ِ‬
‫ي‬‫ن عليه أن ي ُل ْغِ َ‬ ‫ه إلى صِنيِعه ذاك فإ ّ‬ ‫ص في ذلك ُثم انت ََبه أو ن ُب ّ َ‬ ‫وَقَعَ شخ ٌ‬
‫هو الشوط‬ ‫ذلك الشوط وأل ّ َيعتِبر ِبه أبدا وي َعَْتد ِبالشوط الذي ي َِليه و ُ‬
‫طوف سبعة‬ ‫دمنا‪ ،‬وي َ ُ‬ ‫جر كما ق ّ‬ ‫ل الح َ‬ ‫مقاب ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫دئ فيه الطواف ِ‬ ‫الذي َيبت ِ‬
‫ن المعلوم أّنه لبد‬ ‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫م َ‬ ‫ضع الذي اب ْت َد َأ منه‪ ،‬و ِ‬ ‫واط وينتهي في ذلك المو ِ‬ ‫ش َ‬
‫من‬ ‫ت ولو جزئية صغيرة ِ‬ ‫ص ْ‬ ‫ماما فإذا نَق َ‬ ‫ل الشواط السبعة ت َ َ‬ ‫م َ‬ ‫من أن ي ُك ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫حيحا‪.‬‬ ‫ن طواَفه ذلك ل ُيعتَبر ص ِ‬ ‫ذلك فإ ّ‬
‫ف الناس عليه وذلك‬ ‫ط ي َِق ُ‬ ‫من الزمن هناِلك خ ّ‬ ‫صيرةٍ ِ‬ ‫وكان منذ ُ فترةٍ ق ِ‬
‫من الناس ما ل‬ ‫سرِ على كثيرٍ ِ‬ ‫من الي ُ ْ‬ ‫ماما وفيه ِ‬ ‫جر ت َ َ‬ ‫ل ِللح َ‬ ‫الخط مقاب ِ ٌ‬
‫ت ِبالمس‪-‬موجودا‬ ‫كن‪-‬كما قل ُ‬ ‫َيخَفى‪ ،‬لكن ذلك الخط ل َيخفى أّنه َلم ي َ ُ‬
‫ن‬ ‫في عهدِ النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ول في الُقُرو ِ‬
‫ُ‬
‫من‬ ‫من الزمن ُثم أِزيل‪ ،‬و ِ‬ ‫صيَرةٍ ِ‬ ‫ضعَ منذ ُ فترةٍ قَ ِ‬ ‫ت ذلك وإّنما وُ ِ‬ ‫التي ت َل َ ْ‬
‫ل‬‫مَقاب ِ ِ‬ ‫ف في ُ‬ ‫جر ‪ ..‬وَقَ َ‬ ‫ل الح َ‬ ‫دما َقاب َ َ‬ ‫ف عن َ‬ ‫طا َ‬ ‫ن النبي ‪َ e‬‬ ‫فأ ّ‬ ‫المعرو ِ‬
‫مة كِبيَرة‬ ‫ُ‬
‫تأ ّ‬ ‫كرام وكان ْ‬ ‫ف معه صحابُته ال ِ‬ ‫من هناك وطا َ‬ ‫ف ِ‬ ‫جر وطا َ‬ ‫الح َ‬

‫‪548‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫شد ّد ُ‬ ‫سرِ والسهول َةِ ما ل َيخَفى‪ ،‬فالت ّ َ‬ ‫من الي ُ ْ‬ ‫من الناس‪ ،‬وفي ذلك ِ‬ ‫جدا ِ‬ ‫ِ‬
‫ما ل َينبِغي‪.‬‬ ‫م ّ‬ ‫طع ِ‬ ‫والت ّن َ ّ‬
‫دد‬ ‫ش ّ‬ ‫من هناك ول ْي َت ُْرك الت ّ َ‬ ‫دئ ِ‬ ‫جر فلَيبت ِ‬ ‫ف الح َ‬ ‫ريد ُ الطوا َ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫فعندما ُيقاِبل َ‬
‫خطا‬ ‫ضع ْ َ‬ ‫ن النبي ‪َ e‬لم ي َ َ‬ ‫من المعلوم أ ّ‬ ‫كوك‪ ،‬ف ِ‬ ‫ش ُ‬
‫طع والوساِوس وال ُ‬ ‫والتن َ ّ‬
‫من ذلك‬ ‫ف ِ‬ ‫شَرع في الطوا ِ‬ ‫جميعا وإّنما َ‬ ‫قُفوا عليه َ‬ ‫من أجل أن ي ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ِللنا ِ‬
‫كم ( وطاف معه‬ ‫سك َ ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫ْ‬
‫ذوا عّني منا ِ‬ ‫جِته‪ ) :‬لت َأ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن في َ‬ ‫ضع وبي ّ َ‬ ‫المو ِ‬
‫كرام وهكذا في عُُهوِدهم‪-‬رضوان الله تعالى عليهم‪-‬وفي‬ ‫ة ال ِ‬ ‫الصحاب ُ‬
‫دهم‪.‬‬ ‫من جاء بع َ‬ ‫عهودِ التابعين و َ‬
‫حّرى ذلك‬ ‫جر ‪ ..‬ي َت َ َ‬ ‫ل الح َ‬ ‫ف في مقاب ِ ِ‬ ‫ريد ُ الطواف أنه ي َِق ُ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫در َ‬ ‫فلي َُق ّ‬
‫َ‬
‫ضع الذي ابتدأ فيه‬ ‫وي َ ُ‬
‫ضع وَينتِهي‪-‬أيضا‪-‬في المو ِ‬ ‫من ذلك المو ِ‬ ‫طوف ِ‬
‫من‬ ‫ك شيئا ِ‬ ‫من ذلك‪ ،‬لّنه َلو ت ََر َ‬ ‫ك شيئا ِ‬ ‫صح َله أن َيتُر َ‬ ‫ت‪-‬ل ي َ ِ‬ ‫ث‪-‬كما قل ُ‬ ‫ِبحي ُ‬
‫َ‬
‫ضِع الذي‬ ‫طل‪ ،‬أما إذا ابتدأ‪-‬مثل‪َ-‬قبل المو ِ‬ ‫واَفه ذلك َيكون َبا ِ‬ ‫ن طَ َ‬ ‫ذلك فإ ّ‬
‫من هناك ثم تب َّين َله أ ّ‬
‫ن‬ ‫ة ُتشَرع ِ‬ ‫ن البداي َ‬ ‫ن‪-‬مثل‪-‬أ ّ‬ ‫منه البداَية ‪ ..‬ظ َ ّ‬ ‫شَرعُ ِ‬ ‫تُ ْ‬
‫من أن َينتِهي في‬ ‫ضّره في ذلك لكن لبد ِ‬ ‫ف ذلك فذلك ل ي َ ُ‬ ‫مَر ِبخل ِ‬ ‫ال ْ‬
‫من قبل‪ ،‬وليس َله أن َينتِهي في‬ ‫ضع المعروف الذي حد ّد ُْته ِ‬ ‫المو ِ‬
‫من موضٍع ُيخاِلف‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضع الذي ابتدأ منه في هذا الطواف‪ ،‬لّنه ابتدأ ِ‬ ‫المو ِ‬
‫م‬
‫متَقد ّ ٌ‬ ‫حيح الذي هو ُ‬ ‫ضِع الص ِ‬ ‫من المو ِ‬ ‫دئ ِ‬ ‫حيح وما دام َلم َيبت ِ‬ ‫ضعَ الص ِ‬ ‫المو ِ‬
‫حيح؛ والله‪-‬‬ ‫ضِع الص ِ‬ ‫ي في المو ِ‬ ‫من أن َينتهِ َ‬ ‫ضِع الطواف فلبد ِ‬ ‫على مو ِ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫سه ‪...‬‬ ‫س ‪ :6‬من اعتمر عن غيره ثم تحل ّ َ َ‬
‫‪1‬‬
‫ج عن نف ِ‬ ‫م ِبالح ّ‬ ‫حَر َ‬ ‫ل وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫صل ماذا‬ ‫خلت وَلم ُيف ّ‬ ‫دا َ‬ ‫م َ‬ ‫ره وفيه ُ‬ ‫عن غي ِ‬ ‫هر َ‬ ‫ج‪ :‬حقيقة؛ هذا السؤال الظا ِ‬
‫ضي‬ ‫ت المسألة َواقَِعة في الما ِ‬ ‫َيسُقط عنه وماذا ل َيسُقط عنه فما دام ْ‬
‫َ‬
‫صل ماذا‬ ‫فَينبِغي ِلذلك الذي وَقَعَ في هذه القضية أن َيسأل عنها وُيف ّ‬
‫ت ِبه‪،‬‬ ‫ل أن َيطوف وما الذي َلم َيأ ِ‬ ‫خَر وما الذي أ ََتى ِبه قب َ‬ ‫م وماذا أ َ ّ‬ ‫قَد ّ َ‬
‫ضح‬ ‫ريد ُ أن َيفَعل ذلك في المستقَبل فَينبِغي َله‪-‬أيضا‪-‬أن ي ُوَ ّ‬ ‫وإذا كان ي ُ ِ‬
‫من السئلة التي‬ ‫ن كثيرا ِ‬ ‫ريد أن َيفَعل‪ ،‬ل ّ‬ ‫ريد ُ أن َيفَعل وماذا ل ي ُ ِ‬ ‫ماذا ي ُ ِ‬
‫رهم َيكون المر َيختِلف عن ذلك السؤال‬ ‫ض الناس عن غي ْ ِ‬ ‫َيأِتي ِبها بع ُ‬
‫ح المسألة على وجِهها‬ ‫من أن ُتطَر َ‬ ‫رح‪ ،‬والمُر ِدين‪ ،‬فلبد ِ‬ ‫الذي ط ُ ِ‬
‫ظور‪،‬‬ ‫ة الوقوع في المح ُ‬ ‫مخاف َ‬ ‫من غي ْرِ زيادةٍ ول نقصان ول تغِيير َ‬ ‫حيح ِ‬ ‫الص ِ‬
‫ِ‬
‫مع أو ِبمقدارِ ما‬ ‫ن الذي ي ُْفِتي في واقِِع المر ي ُْفِتي ِبمقدارِ ما َيس َ‬ ‫ل ّ‬
‫ف ذلك ‪ ..‬هو‬ ‫كن أن َيكون المُر ِبخل ِ‬ ‫هد إذا كان السؤال مكتوبا وُيم ِ‬ ‫ُيشا ِ‬
‫مه‪.‬‬ ‫ريد أن ُيقد ّ َ‬ ‫َلم ي ُب َّين ماذا الذي ي ُ ِ‬
‫‪-1‬السؤال كما وََرد َ في المكالمة‪ " :‬شخص يذهب للحج ويريد أن يعتمر لغيره ويحج لنفسه‪،‬‬
‫من الحرام ‪ ..‬حتى ل يبقى في‬ ‫فهل عليه هدي ؟ مع العلم أنه يفعل ذلك بنية التخّلص ِ‬
‫دم سعي‬ ‫من الهدي وحتى يق ّ‬ ‫من أعمال الحج ‪ُ ..‬يقّلل ِ‬
‫قّلل ِ‬
‫الحرام فترة طويلة وحتى ي ُ َ‬
‫الحج ‪ ..‬يعني يعتمر لغيره ِبهذه النية‪ ،‬فهل عليه إساءة بهذا الفعل ؟ "‪.‬‬
‫‪549‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ضع استفساِره ِبالضبط‪ :‬هل عليه هدي إذا اعتمَر عن‬ ‫س‪ :‬هو مو ِ‬
‫سه ؟‬ ‫ج عن نف ِ‬ ‫ره وح ّ‬ ‫غي ْ ِ‬
‫مَر عنه أو عن‬ ‫ن اعت َ‬ ‫وافَِرة ِبأ ْ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ت الشروط ُ‬ ‫ج‪ :‬أما الهديُ نعم إذا كان ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن غي ْرِ أن‬ ‫م ْ‬ ‫من تلك السنة ِ‬ ‫ج في أشهرِ الحج ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ره في أشهرِ الحج و َ‬ ‫غَي ْ ِ‬
‫جع إلى وطِنه‪.‬‬ ‫َير ِ‬
‫خير‬ ‫ديهم والتأ ِ‬ ‫ة التق ِ‬ ‫ديهم ‪ ..‬هناِلك جزئية أخَرى ‪ ..‬قضي ُ‬ ‫ة التق ِ‬ ‫أما قضي ُ‬
‫ضحة‪.‬‬ ‫ت ِبوا ِ‬ ‫فليس ْ‬
‫ة‬
‫شّق ِ‬‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫كر جزئيت َْين ‪ ..‬جزئية أّنه يريد أن َيهرب ِ‬ ‫س‪ :‬ن ََعم هو ذ َ َ‬
‫رما ‪...‬‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫البقاِء ُ‬
‫من‬ ‫مَرةِ إلى الحج ِ‬ ‫ع‪-‬مثل‪ِ-‬بالعُ ْ‬ ‫مت ّ َ‬
‫من أن ي َت َ َ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ ل َينبِغي ِللمؤ ِ‬
‫ل كذا ول‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ج ِ‬ ‫من أ ْ‬ ‫ل كذا أو ِ‬ ‫ج ِ‬‫من أ ْ‬ ‫ب عن البقاِء على الحرام ِ أو ِ‬ ‫ل الهَر ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫أ ْ‬
‫أن يفعل كذا‪-‬مثل‪-‬م َ‬
‫من كذا‪،‬‬ ‫ص ِ‬ ‫خل ّ َ‬ ‫ذا أو أن ي َت َ َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫ل أن َيهر َ‬ ‫ج ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ْ َ َ‬
‫شد َ النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى‬ ‫َ‬
‫ما أْر َ‬ ‫م ّ‬‫ن ذلك ِ‬ ‫ما ِلكو ِ‬ ‫وإّنما َيفَعل ذلك إ ّ‬
‫ما فَعََله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو‬ ‫م ّ‬‫آله وصحبه وسلم‪-‬إليه أو ِ‬
‫خّلص ‪ ..‬هناِلك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل الت ّ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫من أ ْ‬ ‫سر أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل ِ‬ ‫ضل أو لنه أي ْ َ‬ ‫لنه أفْ َ‬
‫َ‬ ‫من َ‬ ‫ن الت ّ َ ّ‬
‫حه الله‬ ‫ن هذا المر‪-‬أَبا َ‬ ‫كذا وبْين قضيةِ أ ّ‬ ‫ص ِ‬ ‫خل َ ِ‬ ‫جدا ب َي ْ َ‬ ‫فَْرقٌ كِبيٌر ِ‬
‫سٌر‬ ‫عه الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وفيه ي ُ ْ‬ ‫شَر َ‬ ‫عم‪َ -‬‬ ‫تبارك وتعالى‪ ،‬أو ِبعبارةٍ أ َ‬
‫ة على العبد‪.‬‬ ‫وسهول ٌ‬
‫ث عنها ذلك الساِئل نفسه‬ ‫ح َ‬ ‫من أن َيب َ‬ ‫ة التي ت َت َعَّلق ِبذلك لُبد ِ‬ ‫فالقضي ُ‬
‫ب عليها‪.‬‬ ‫جي َ‬ ‫كن أن ن ُ ِ‬ ‫حتى ُيم ِ‬
‫زي‪،‬‬ ‫ن النية الجمالية ُتج ِ‬ ‫س ‪ :7‬ذكرُتم أمس فيما ي َت َعَل ّقُ ِبالنية أ ّ‬
‫ضر أنه في صلةِ الظهر‬ ‫مه أن َيستح ِ‬ ‫ل ِبنيةِ صلةِ الظهر ل َيلَز ُ‬ ‫خ َ‬ ‫من د َ َ‬ ‫ف َ‬
‫‪1‬‬
‫وي الركوع ‪...‬‬ ‫سَين ِ‬
‫مه أن‬ ‫ضر ِنية الظهر‪ ،‬وإّنما ل َيلَز ُ‬ ‫مه أن َيستح ِ‬ ‫ما قُل َْنا ل ي َل َْز ُ‬ ‫ج‪َ :‬نحن َ‬
‫وي الركوع أو القراءة أو السجود أو الجلوس أو ما‬ ‫ضر أّنه الن َين ِ‬ ‫َيستح ِ‬
‫ن ُيصّلي فريضة كذا ‪ ..‬فريضة الظهر أو العصر‪.‬‬ ‫وي أ ْ‬ ‫شابه ذلك ‪َ ..‬ين ِ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ضَرة ِ‬ ‫وي أن ُيصّلي الفريضة الحا ِ‬ ‫زيه أن َين ِ‬ ‫ض العلماء قال ُيج ِ‬ ‫نعم بع ُ‬
‫من وَقَعَ في ذلك فل بأس‬ ‫وي فريضة كذا أو فريضة كذا‪ ،‬و َ‬ ‫غي ْرِ أن َين ِ‬
‫ما في المستقَبل فَينبِغي َله أن ُيخرِ َ‬
‫ج‬ ‫عليه ِبمشيئة الله تبارك وتعالى أ ّ‬
‫ة الظهر أو العصر أو المغرب أو ما شابه‬ ‫ض َ‬ ‫ري َ‬‫وي فَ ِ‬ ‫ف وَين ِ‬ ‫من الخل ِ‬ ‫سه ِ‬ ‫نف َ‬
‫ذلك‪.‬‬

‫ن القول الموجود بعدم تجديد النية‬


‫‪-1‬السؤال كما وََرد َ في المكالمة‪ " :‬ورد بالمس على أ ّ‬
‫في بعض أعمال الصلة مثل الركوع والسجود ‪ ..‬يعني نية واحدة كذلك أعمال الحج نية‬
‫من قال أيضا رمضان كذلك ‪ ..‬اعتبره فريضة واحدة‬ ‫كر بالمس‪ ،‬فما ردكم على َ‬ ‫واحدة كما ذ ُ ِ‬
‫من حيث النية ؟ "‪.‬‬ ‫َيحتاج نية واحدة و َ‬
‫شب َّهه بالصلة وبالحج ِ‬
‫‪550‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من‬ ‫عم ِ‬ ‫وي الركوع أو السجود أو القعود أو ما هو أ َ َ‬ ‫لكن ل َيلَزمه أن َين ِ‬


‫وي الركوع ِلصلةِ الظهر أو السجود ِلصلةِ الظهر أو العصر‬ ‫ذلك ‪ ..‬أن َين ِ‬
‫شْرِع‬ ‫ف ِلل ّ‬‫مخال ِ ٌ‬ ‫من المشّقة ما فيه ثم هو ُ‬ ‫أو المغرب ‪ ..‬هذا فيه ِ‬
‫الحِنيف‪.‬‬
‫وي الحج‪.‬‬ ‫ت ‪َ ..‬ين ِ‬ ‫وهكذا ِبالنسبةِ إلى الحج كما قل ُ‬
‫من غي ْرِ أن ُيجد ّد َ‬ ‫ل العلم َتقول ُتجزيه تلك النية ِ‬ ‫من أه ِ‬ ‫والكثرةُ الكاث َِرة ِ‬
‫سعي‬ ‫ف أّنه ِللحج أو ِللعمرة وال ّ‬ ‫ل الحج كالطوا ِ‬ ‫من أعما ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ل عم ٍ‬ ‫النية ِلك ّ‬
‫مي الجمار ‪ ..‬الجمرة‬ ‫كذلك والوقوف ِبعرفة والمبيت ِبالمزدلفة وَر ْ‬
‫الولى أو الثانية أو ‪ ..‬هكذا‪.‬‬
‫ضع‬ ‫ذا المو ِ‬ ‫ضر ِبأّنه الن في هَ َ‬ ‫مستح ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫لكن هو‪-‬في حقيقةِ الواِقع‪-‬النسا ُ‬
‫خر ‪ ..‬كما‬ ‫مٌر آ َ‬ ‫ي هناِلك أ ْ‬ ‫ريد أن َيفَعل كذا أو كذا‪ ،‬لكن ب َِق َ‬ ‫وِبأنه الن ي ُ ِ‬
‫مَرة هذه‬ ‫ريد ِنية الطواف ِللحج أو ِللعُ ْ‬ ‫ريق ‪ ..‬إذا كان ي ُ ِ‬ ‫من التف ِ‬ ‫ت‪ 1‬لُبد ِ‬ ‫قل ُ‬
‫شي‬ ‫ن النسان إذا كان َيم ِ‬ ‫ل َتلَزم‪ ،‬أما نية الطواف فهذه لبد منها‪ ،‬ل ّ‬
‫صد ذلك‬ ‫َ‬
‫دئ أو ماذا َيق ِ‬ ‫ن َيبت ِ‬ ‫من أي ْ َ‬ ‫ص‪-‬مثل‪-‬وهو ي َت ْب َُعه ول َيدِري ِ‬ ‫مه شخ ٌ‬ ‫أما َ‬
‫َ‬
‫واف‬ ‫عنا الن في الط ّ َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫ن َقد َ‬ ‫ح ُ‬ ‫شخص ُثم أخب ََره بعد َ ذلك‪ " :‬فلن ‪ ..‬ن َ ْ‬ ‫ال ّ‬
‫من‬ ‫وط الثاني " أو " الثالث " أو حتى " الن قَط َعَْنا مسافة ِ‬ ‫ش ْ‬‫وهذا ال ّ‬
‫وي‬ ‫من أن َين ِ‬ ‫زيه ‪ ..‬لبد ِ‬ ‫الشوط الول " أو ما َ شابه ذلك ‪ ..‬ل ُيج َِ‬
‫الطواف‪ ،‬لنه هو ما أَراد َ عبادة أَبدا ‪ ..‬ما أَراد َ الطواف وإّنما َيمشي‬
‫دير ي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫يَ ُ‬
‫ظن أنه‬ ‫هب إلى المكان الفلني أو على أَقل تق ِ‬ ‫ظن أنه ذا ِ‬
‫سَيطوف بعد َ ذلك أو ما شابه ذلك‪.‬‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫أما ِبالنسبة إلى الصيام فالعلماُء اختلفوا فيه‪:‬‬
‫ره فريضة واحدة‪،‬‬ ‫خ ِ‬‫من أوِّله إلى آ ِ‬ ‫ن شهَر رمضان ِ‬ ‫من َيقول‪ :‬إ ّ‬ ‫منهم َ‬
‫زي نية واحدة‪.‬‬ ‫وعليه فَُتج ِ‬
‫من أيام ِ هذا الشهر المباَرك‬ ‫ل يوم ٍ ِ‬ ‫من َيقول‪ :‬هو فرائض ‪ ..‬ك ّ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ريضة‬ ‫ريضة مستِقلة والثاني ف ِ‬ ‫فريضة مستِقّلة ِبذاِتها ‪ ..‬اليوم الول ف ِ‬
‫جح‪،‬‬ ‫حيح الرا ِ‬ ‫ل الص ِ‬ ‫مستِقلة وهكذا ِبالنسبةِ إلى بِقيةِ اليام‪ ،‬وهذا هو القو ُ‬
‫ل‪:‬‬
‫ِبدلي ِ‬
‫طر يوما أو يومين أو أكثر ولو صام اليوم‬ ‫ح َله أن ُيف ِ‬ ‫ن المساِفر ي َُبا ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ريض ول ي ََتأّثر‬ ‫شر وهكذا ‪ ..‬وهكذا ِبالنسبة َ إلى الم ِ‬ ‫الول أو الثاني أو العا ِ‬
‫حق على تلك اليام التي أفطَرا فيها‪.‬‬ ‫مهما الساِبق أو الل ِ‬ ‫صيا ُ‬
‫ة هذا الشهر‬ ‫حرم َ‬ ‫ك ُ‬ ‫ن شخصا‪-‬والعياذ بالله تبارك وتعالى‪-‬انتهَ َ‬ ‫وهكذا َلو أ ّ‬
‫دم‬ ‫حيح ل ي َن ْهَ ِ‬ ‫جح الص ِ‬ ‫ل الرا ِ‬ ‫ن القو َ‬ ‫مدا فإ ّ‬ ‫المباَرك فأفْط ََر يوما أو أكثر ُ‬
‫متع ّ‬
‫ل ذلك اليوم وهكذا ِبالنسبةِ إلى الصيام ِ الذي‬ ‫مه قب َ‬ ‫ذلك الصيام الذي صا َ‬
‫ي َِلي ذلك اليوم‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 9‬رمضان ‪1426‬هه ) ‪13/10/2005‬م (‪.‬‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 2‬‬
‫‪551‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫عاد َةِ تلك اليام‬ ‫ب ِبإ َ‬ ‫ل في السلم ِ ل ُيخاط َ ُ‬ ‫خ َ‬ ‫من د َ َ‬ ‫وهكذا ِبالنسبةِ إلى َ‬
‫ص في السلم ِ‬ ‫ل شخ ٌ‬ ‫خ َ‬ ‫من هذا الشهرِ المباَرك ‪َ ..‬لو‪-‬مثل‪-‬د َ َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ض ْ‬ ‫م َ‬ ‫التي َ‬
‫ت على ذلك ‪ ..‬هذا‬ ‫سب ََق ْ‬ ‫ب ِباليام ِ التي َ‬ ‫شر فإّنه ل ُيخاط َ ُ‬ ‫في اليوم ِ العا ِ‬
‫حيح‪.‬‬ ‫ل الص ِ‬ ‫القو ُ‬
‫ب ِبإعادةِ اليام‬ ‫شر‪-‬مثل‪-‬فإّنه ل ُيخاط َ ُ‬ ‫وكذلك َلو ب َل َغَ صِبي في اليوم ِ العا ِ‬
‫الماضية على الصحيح‪.‬‬
‫ف ذلك‪،‬‬ ‫جّزأ َلكان المُر ِبخل ِ‬ ‫ة واحدة ل ت َت َ َ‬ ‫ريض ً‬ ‫بينما لو كان الشهُر ف ِ‬
‫وِلذلك‪:‬‬
‫َ‬
‫ر‬
‫شه ِ‬ ‫ِ‬ ‫من أيام‬ ‫سد َ يوما ِ‬ ‫من أفْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل العلم إلى أ ّ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫من ذه َ‬ ‫ب َ‬ ‫ذه َ‬
‫َ‬
‫ضي على أقَ ّ‬
‫ل‬ ‫ن عليه أن ي ُِعيد َ الشهَر كّله أو الما ِ‬ ‫رمضان المباَرك فإ ّ‬
‫َ‬
‫سل َ َ‬
‫م‬ ‫ضي وكذلك لو أ ْ‬ ‫ن عليه أن ي ُِعيد َ الما ِ‬ ‫دير‪ ،‬وكذلك لو ب َل َغَ الصبي فإ ّ‬ ‫تق ِ‬
‫ضي‪ ،‬وكذلك لو ب َل َغَ الصبي‪.‬‬ ‫كاِفر عليه أن ي ُِعيد َ الما ِ‬ ‫ال َ‬
‫زم الكاِفر دون الصِبي‪.‬‬ ‫من ي َُفّرق بْين الصبي والكاِفر‪ ،‬في ُل ْ ِ‬ ‫ومنهم َ‬
‫من الفروع‬ ‫ل فرٍع ِ‬ ‫زموا ِبك ّ‬ ‫ريعات‪ ،‬ومع ذلك َلم َيلت ِ‬ ‫من التف ِ‬ ‫إلى غي ْرِ ذلك ِ‬
‫ض الفروع‪.‬‬ ‫من َ َ‬
‫خالف في بع ِ‬ ‫التي ذكرناها‪ ،‬فمنهم َ‬
‫مستِقلة‪.‬‬ ‫ريضة ُ‬ ‫ل يوم ٍ منه ف ِ‬ ‫دة ‪ ..‬ك ّ‬ ‫متعد ّ َ‬ ‫فإذن شهُر رمضان فراِئض ُ‬
‫ريضة‬ ‫ل يوم ٍ ف ِ‬ ‫نك ّ‬ ‫ل العلم الذين قالوا‪ " :‬إ ّ‬ ‫ض أه ِ‬ ‫ومع ذلك فقد ْ قال بع ُ‬
‫صد‬ ‫ل ليلة فإذا نوى النية وأق ِ‬ ‫من أوّ ِ‬ ‫زي فيه النية ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫مستِقلة ِبذاِتها " بأنه ت ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫ل الشهر فإنه ُتجزيه‬ ‫من أوّ ِ‬ ‫خَفى ‪ ..‬إذا نوى ِ‬ ‫ِبالنية النية القلبية كما ل ي َ ْ‬
‫ص أن َيصوم شهَر رمضان وَلم‬ ‫وى شخ ٌ‬ ‫طر‪ ،‬فمثل َلو ن َ َ‬ ‫تلك النية ما َلم ُيف ِ‬
‫َ‬
‫من‬
‫ب ِ‬ ‫ن تلك النية ُتجزيه ِللشهر كّله وإذا أفط ََر ِبسب ٍ‬ ‫طر فإ ّ‬ ‫صل ِبف ِ‬ ‫ي َْف ِ‬
‫ريد ُ أن َيصوم ‪..‬‬ ‫دما ي ُ ِ‬ ‫وي بعد َ ذلك الفطارِ عن َ‬ ‫ن عليه أن ي َن ْ ِ‬ ‫السباب فإ ّ‬
‫ص‬‫خ َ‬ ‫كن أن يتر ّ‬ ‫ل موجود‪ ،‬وُيم ِ‬ ‫وي أن َيصوم‪ ،‬وهكذا ‪ ..‬هذا قو ٌ‬ ‫عليه أن َين ِ‬
‫ن السلمة َله أن‬ ‫من َلم ي ََقع فل شك أ ّ‬ ‫من وَقَعَ في الماضي‪ ،‬أما َ‬ ‫ِبه ل ِ َ‬
‫سْهل والحمد لله‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ل ل َْيلة‪ ،‬والني ُ‬ ‫وي في ك ّ‬
‫سير َ‬ ‫مُرها ي َ ِ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫َين ِ‬
‫مل‬ ‫ن الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬خاط ََبنا أن َنع َ‬ ‫ل العلم قال‪َ :‬لو أ ّ‬ ‫ض أه ِ‬ ‫ن بع َ‬ ‫حتى أ ّ‬
‫ب‬‫ن النسان َلو ذ َهَ َ‬ ‫طاق‪ ،‬ل ّ‬ ‫ف ِبما ل ي ُ َ‬ ‫من التكِلي ِ‬ ‫عمل ِبدون نية َلكان ذلك ِ‬
‫ة‬
‫هب ِلتأدي ِ‬ ‫وي نية ؟! هو ذا ِ‬ ‫ريد ؟! هل لبد أن َين ِ‬ ‫ن الصلة ماذا ي ُ ِ‬ ‫إلى مكا ِ‬
‫جَلس وما شابه‬ ‫بو َ‬ ‫ب إلى الوضوِء فهو قد ذ َهَ َ‬ ‫الصلة‪ ،‬وكذلك َلو ذ َهَ َ‬
‫َ‬
‫ت هي النية ؟!‬ ‫س ْ‬ ‫ريد ؟! أل َي ْ َ‬ ‫ذلك فماذا ي ُ ِ‬
‫حر ‪ ..‬شرب أو‬ ‫س ّ‬ ‫قام الشخص‪-‬ما كان في شعبان مثل يقوم للسحور‪-‬وت َ َ‬
‫ض الحيان‬ ‫ريد ؟! نعم قد َيكون في بع ِ‬ ‫أكل أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ماذا ي ُ ِ‬
‫ما ذ َك َْرناه‪.‬‬ ‫ولكنها هي ل َتبُعد ع ّ‬
‫من الناس‪-‬ولذلك ل‬ ‫قد فيها كِثيٌر ِ‬ ‫ف ما َيعت ِ‬ ‫سيرة‪ِ-‬بخل ِ‬ ‫ة يَ ِ‬ ‫ة سهل ٌ‬ ‫فإذن الني ُ‬
‫ره؛ والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬ ‫ج إلى َتلّفظ ول غي ْ ِ‬ ‫َتحتا ُ‬
‫‪552‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫مه ؟‬ ‫ي الطواف في الُعمَرة‪ ،‬ماذا َيلَز ُ‬ ‫ل ركعت َ ْ‬ ‫ص ّ‬ ‫س ‪َ :9‬لم ي ُ َ‬


‫صل ِّهما الن ول‬ ‫ب إلى رّبه‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ول ْي ُ َ‬ ‫ج‪ :‬الله المستعان؛ فلي َت ُ ْ‬
‫من قال؛ والله المستعان‪.‬‬ ‫دما‪ ،‬وإن قال ِبه َ‬ ‫مه َ‬ ‫طيعُ أن ُنلزِ َ‬ ‫َنست ِ‬
‫س‪ُ :‬يصّليها في وطِنه ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 10‬رمضان ‪1426‬هه‪ ،‬يوافقه ‪14/10/2005‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫ط في الحرام ؟‬ ‫م الشِترا ِ‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫س ‪ :1‬ما ُ‬
‫ن هذه المسألة قد اختَلف العلماُء فيها‪.‬‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫من‬ ‫مين في مسألةٍ ِ‬ ‫ف بْين علماءِ المسل ِ ِ‬ ‫جد َ خل ٌ‬ ‫من المعلوم أنه إذا وُ ِ‬ ‫و ِ‬
‫ب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وإلى‬ ‫جعَ إلى كتا ِ‬ ‫المسائل فإنه َينبِغي ِللعاِلم أن َير ِ‬
‫جع إليهما‬ ‫ل الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬أو ما َير ِ‬ ‫سن ّةِ رسو ِ‬
‫جح في تلك القضية‪.‬‬ ‫ن َله ما هو الرا ِ‬ ‫جية حتى َيتب َي ّ َ‬ ‫من وجوهِ الح ّ‬ ‫ِبوجهٍ ِ‬
‫ف ما جاء في‬ ‫ل العلم أنه ليس لحدٍ أن ُيخال ِ َ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ص المحّققون ِ‬ ‫وقد ن َ ّ‬
‫ب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وسن ّةِ رسوِله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫كتا ِ‬
‫كبار‪.‬‬ ‫من العلماِء ال ِ‬ ‫من قال ِ‬ ‫ف ذلك َ‬ ‫وسلم‪-‬ولو قال ِبخل ِ‬
‫ث قال‪:‬‬ ‫ن المام السالمي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬حي ُ‬ ‫َ‬
‫س َ‬
‫ح َ‬ ‫وقد أ ْ‬
‫ول كلم ِ المصطفى الّواه‬ ‫ظر ِبكتاب الله‬ ‫ول ت َُنا ِ‬
‫ولو َيكون عاِلما خبيرا‬ ‫معناه ل َتجعل له نظيرا‬
‫من القضايا‪:‬‬ ‫َ‬
‫ث قال في قضيةٍ ِ‬ ‫ن حي ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫وأ ْ‬
‫خلفا‬ ‫ده ِ‬ ‫ونحن َنحكي بع َ‬ ‫المصطفى َيعتِبر الوصاف‬
‫ُ‬
‫سن ِد َ‬
‫صأ ْ‬ ‫فيه عن المختار ن ّ‬ ‫ف فيما وََرد َ‬ ‫ل َنقَبل الخل َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫ف الثار‬ ‫وإن َيقوُلوا خال َ َ‬ ‫حسُبك أن ت َت ّب ِعَ المختار‬
‫ث قال‬ ‫ن المام سعيد بن خلفان‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬حي ُ‬ ‫َ‬
‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫وأ ْ‬
‫ف قول مشهورا عند َ العلماِء الساب ِِقين ‪..‬‬ ‫ث خال َ َ‬ ‫ض عليه حي ُ‬ ‫ل اعت ََر َ‬ ‫ِلسائ ٍ‬
‫ص َلك عن‬ ‫َ‬
‫ب أن أن ُ ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫من العَ َ‬ ‫ل َله المام رحمه الله تبارك وتعالى‪ " :‬و ِ‬ ‫فقا َ‬
‫ح‬‫ض ِ‬
‫ل ول وا ِ‬ ‫ضةِ السلم ِبغي ْرِ دلي ٍ‬ ‫ضِني ِبعلماِء بي ْ َ‬ ‫ت ُتعارِ ُ‬ ‫ل الله ‪ e‬وأن َ‬ ‫رسو ِ‬
‫َ‬
‫من الهذ ََيان "‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫سِبيل‪ ،‬أل َْيس هذا في العَيا ِ‬
‫ث قال‪ " :‬وقو ٌ‬
‫ل‬ ‫ن المام الخليلي‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬حي ُ‬ ‫َ‬
‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫وأ ْ‬
‫ب ِبه عرض الحائط "‪ ،‬وقال‪-‬رضوان الله تبارك‬ ‫ديث ُيضَر ُ‬ ‫ف الح ِ‬ ‫خل ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫من عاِلم إل في قوِله‬ ‫من القضايا‪ " :‬وما ِ‬ ‫وتعالى عليه‪-‬في قضيةٍ ِ‬
‫مه رحمه الله‬ ‫خرِ كل ِ‬ ‫ل الله ‪ " ... e‬إلى آ ِ‬ ‫ل والمردود ما خل رسو َ‬ ‫المقبو ُ‬
‫تبارك وتعالى‪.‬‬

‫‪553‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫ة ِللطالةِ ِبها‬ ‫ج َ‬ ‫ص كِثيَرة ٌ في هذا المقام‪ ،‬ل حا َ‬ ‫وِللعلماِء في ذلك ُنصو ٌ‬


‫في هذا الوقت‪.‬‬
‫جد العلماَء قد اختَلفوا في‬ ‫وَنحن إذا ن َظ َْرنا إلى قضيةِ الشتراط فإننا ن َ ِ‬
‫هذه القضية‪:‬‬
‫من قال ِبمشروعيةِ ذلك‪.‬‬ ‫منهم َ‬
‫من قال ِبعدم ِ مشروعيِته‪.‬‬ ‫ومنهم َ‬
‫ن القو َ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫من هذْين القولْين فل شك أ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ج ِ‬
‫وإذا أت ْْينا إلى معرفةِ الرا ِ‬
‫حيح‪ ،‬وذلك ِلما جاء في‬ ‫ل الص ِ‬ ‫ط في الحرام ِ هو القو ُ‬ ‫ِبمشروعيةِ الشترا ِ‬
‫ل‪-‬صلى‬ ‫ن الرسو َ‬ ‫ث عن السيدة عائشة‪-‬رضي الله تعالى عنها‪-‬أ ّ‬ ‫الحدي ِ‬
‫مه‬ ‫عة بنةِ الزبْير ‪ ..‬ابنةِ ع ّ‬ ‫ضَبا َ‬ ‫الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قال ل ِ ُ‬
‫ست َِني "‬ ‫حب َ ْ‬‫ث َ‬ ‫حّلي حي ُ‬ ‫م ِ‬‫طي (‪ ،‬وذلك ِبأن َتقول‪َ " :‬‬ ‫جي واشت َرِ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫‪ُ ):e‬‬
‫ت عنه ‪ .. e‬رواه‬ ‫ح ثاب ِ ٌ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ثص ِ‬ ‫ث حدي ٌ‬ ‫ريد ُ الحرام‪ ،‬وهذا الحدي ُ‬ ‫دما ت ُ ِ‬ ‫عن َ‬
‫المام البخاري والمام مسلم‪ ،‬ورواه‪-‬أيضا‪-‬النسائي وابن خزيمة وابن‬
‫حبان وابن الجارود‪ ،‬ورواه أحمد وإسحاق والطبراني في " الكبير "‬
‫ث‬
‫كل " والدارقطني والبيهقي والبغوي‪ ،‬وهو حدي ٌ‬ ‫والطحاوي في " المش ِ‬
‫ح ثاِبت‪.‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫ص ِ‬
‫سّرعٌ في‬ ‫مت َ َ‬ ‫ي هذا فيما َيظَهر أنه ُ‬ ‫صيل ِ ّ‬ ‫ي َله‪ ،‬وال َ ِ‬ ‫صيل ِ ّ‬ ‫ل ال َ ِ‬ ‫ول عبرةَ ب ِِإعل ِ‬
‫ت َله تلك الدراَية ِبمعرفةِ أئمةِ الحديث‬ ‫ض الحاديث بل ليس ْ‬ ‫ل بع ِ‬ ‫ِإعل ِ‬
‫جهالةِ‬ ‫م بِ َ‬‫حك َ َ‬ ‫ل على ذلك أنه َ‬ ‫فضل عن الرواةِ العادِِيين‪ ،‬وَيكِفي في التدِلي ِ‬
‫سي جابرِ بن زيد‪-‬رحمه الله تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ل الرا ِ‬ ‫المام ِ الشِهير الجب ِ‬
‫ضل عن أئمةِ الحديث‪.‬‬ ‫كباُر الصحابة ف ْ‬ ‫الذي وَث َّقه ِ‬
‫مر‬ ‫مع ْ َ‬‫ن هذا الحديث ت ََفّرد َ ِبه َ‬ ‫ث إنه ذ َك ََر أ ّ‬ ‫عياض حي ُ‬ ‫من القاضي ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫والعَ َ‬
‫ل ذلك عن المام ِ النسائي‪ ،‬والنسائي‪-‬فيما َيظَهر‪َ-‬لم‬ ‫ري كما ن ََق َ‬ ‫عن الّزهْ ِ‬
‫ق‬ ‫ري ِ‬‫من غي ْرِ ُ ط ِ‬ ‫ن هذا الحديث قد جاء ِ‬ ‫ديث‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫ل الح ِ‬ ‫رد ِبذلك ِإعل َ‬ ‫يُ ِ‬
‫ت أِريد ُ أن‬ ‫ض النظ َرِ عن هذه الرواَية‪-‬فإن ِّني لس ُ‬ ‫ري‪ ،‬وب ِغَ ّ‬ ‫مر عن الّزهْ ِ‬ ‫مع ْ َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ن هذا‬ ‫ن َلنا مقال معُروفا في ذلك‪-‬فإ ّ‬ ‫ل المقال ِبالكلم ِ عليها‪ ،‬وإل فإ ّ‬ ‫طي َ‬ ‫أ ِ‬
‫ق أخرى عن الراوي عن السيدةِ عائشة رضي‬ ‫من ط ُُر ٍ‬ ‫الحديث قد جاء ِ‬
‫ل الله ‪ ، e‬فَلو‬ ‫من صحابةِ رسو ِ‬ ‫رها ِ‬ ‫الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنها‪ ،‬وجاء عن غي ْ ِ‬
‫عياض‪-‬مثل‪-‬فإّنه ل‬ ‫ضي ِ‬ ‫ل هذه الرواية التي ذ َك ََرها القا ِ‬ ‫دل ب ِِإعل ِ‬ ‫مج َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ُ‬
‫ريق‪.‬‬ ‫من غي ْرِ هذه الط ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫ث قد ث َب َ َ‬ ‫ضّر ذلك ما دام الحدي ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫ن عباس رضي الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ق اب ِ‬ ‫ري ِ‬ ‫من ط ِ‬ ‫ث قد جاء‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫والحدي ُ‬
‫عنهما‪ ،‬رواه مسلم وأبو عوانة والنسائي والترمذي والدارمي وابن‬
‫ماجة‪ ،‬ورواه أحمد وإسحاق وابن حبان وابن الجارود والطبراني في "‬
‫دي وأبو‬ ‫الكبير " والطحاوي في " شرح مشكل الثار "‪ ،‬ورواه ابن عَ ِ‬

‫‪554‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫جه على‬ ‫خَر ِ‬ ‫ست َ ْ‬


‫م ْ‬ ‫يعلى وأبو نعيم في " الحلية " وأبو علي الطوسي في ُ‬
‫ح ثاِبت عنه صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫ثص ِ‬ ‫الترمذي‪ ،‬وهو حدي ٌ‬
‫ل‬
‫ق أخرى عن صحابةِ رسو ِ‬ ‫من ط ُُر ٍ‬ ‫ريقْين شواهِد ُ ِ‬ ‫وقد جاء ِلهذْين الط ِ‬
‫ق‬
‫ري ِ‬ ‫من ط ِ‬ ‫الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فقد جاء ذلك ِ‬
‫من‬ ‫ق جابر بن عبد الله‪ ،‬وذ َك ََر الترمذي ِبأنه جاء ِ‬ ‫ري ِ‬ ‫من ط ِ‬ ‫أم سلمة و ِ‬
‫ت قْيس جد ّةِ ابن الزبير‪،‬‬ ‫دة بن ِ‬ ‫سع ْ َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ري ِ‬ ‫من ط ِ‬ ‫ق أسماء‪ ،‬وجاء‪-‬أيضا‪ِ -‬‬ ‫ري ِ‬ ‫ط ِ‬
‫ل الله صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫من صحابةِ رسو ِ‬ ‫وجاء عن غي ْرِ هؤلِء ِ‬
‫ُ‬
‫ت أِريد ُ أن‬ ‫ت الرواية فقد ْ جاء عن ذ ُؤَْيب السلمي‪ ،‬ولس ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ص ّ‬
‫ن َ‬ ‫وسلم ‪ ..‬إ ْ‬
‫ح‬ ‫طي َ‬ ‫ُ‬
‫ضها صال ِ ٌ‬ ‫سن وبع ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ضها َ‬ ‫ن بع َ‬ ‫حةِ هذه الروايات‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ص ّ‬ ‫ل الكلم على ِ‬ ‫أ ِ‬
‫ضها‪-‬‬ ‫متشد ّد ٌ في بع ِ‬ ‫شد ّد َ ُ‬ ‫ديرِ عدم ِ ذلك‪-‬إذا ت َ َ‬ ‫ِللستشهادِ ِبذلك‪ ،‬وعلى تق ِ‬
‫ل الله صلى الله عليه‬ ‫ن عن رسو ِ‬ ‫ن ثاِبتا ِ‬ ‫حيحا ِ‬ ‫نص ِ‬ ‫ن الطريقْين السابَقي ْ ِ‬ ‫فإ ّ‬
‫س على هذه‬ ‫من النا ِ‬ ‫ض كِثيٌر ِ‬ ‫وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وقد اعت ََر َ‬
‫الحاِديث‪:‬‬
‫ة‬
‫ج َ‬‫م على ذلك‪ ،‬فل حا َ‬ ‫م الكل ُ‬ ‫ض ِبأنها ضِعيفة‪ ،‬وقد ت ََقد ّ َ‬ ‫من اعت ََر َ‬ ‫منهم َ‬
‫لعاد َِته‪.‬‬
‫ث‬ ‫ص ِبالعمرةِ وليس في الحج‪ ،‬والحدي ُ‬ ‫ن ذلك خا ّ‬ ‫عى ِبأ ّ‬ ‫من اد ّ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ث وارِد ٌ في الحج‪ ،‬ثم‬ ‫ن الحدي َ‬ ‫جة ِبأ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُيناِدي ِبأعلى صوت وَيصُرخ ِبأقوى ُ‬
‫ح في‬ ‫ص ّ‬‫ري ما الفْرقُ بْين الحج والعمرةِ في هذا ؟! فما َ‬ ‫شع ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫لي ْ َ‬
‫ق بينهما وليس‬ ‫ل على الفْر ِ‬ ‫ل دِلي ٌ‬ ‫ح في الحج إل إذا د َ ّ‬ ‫ص ّ‬‫العمرةِ فإنه ي َ ِ‬
‫ل إليه‪.‬‬ ‫ف ذلك فعليه الدِليل ول سِبي َ‬ ‫خل َ‬ ‫عى ِ‬ ‫من اد ّ َ‬ ‫ل البّتة‪ ،‬و َ‬ ‫هناِلك د َِلي ٌ‬
‫صَفه المام النووي‪،‬‬ ‫ل كما وَ َ‬ ‫عة‪ ،‬وهذا باط ِ ٌ‬ ‫ضَبا َ‬‫ص بِ ُ‬ ‫ضهم ِبأّنه خا ّ‬ ‫عى بع ُ‬ ‫واد ّ َ‬
‫حِقيقٌ ِبذلك‪.‬‬ ‫وهو َ‬
‫ث على ذلك‪ ،‬وهو‬ ‫مل الحدي ُ‬ ‫ت فُيح َ‬ ‫ن ذلك إذا مات َ ْ‬ ‫عى ِبأ ّ‬ ‫من اد ّ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ل عليه‪.‬‬ ‫ت إليه ول أن ي ُعَوّ َ‬ ‫ل ود َِليُله عَِليل فل َينبِغي أن ُيلت ََف َ‬ ‫ل ك َِلي ٌ‬ ‫قو ٌ‬
‫طل‪ ،‬فهذا‬ ‫ل عا ِ‬ ‫طل وعن الدِلي ِ‬ ‫م با ِ‬ ‫ضهم ِبأنه منسوخ‪ ،‬وهو كل ٌ‬ ‫عى بع ُ‬ ‫واد ّ َ‬
‫ف ذلك‪.‬‬ ‫خر ي َد ُ ّ‬ ‫ْ‬
‫خل ِ‬ ‫ل على ِ‬ ‫ثآ َ‬ ‫دي ٌ‬ ‫تح ِ‬ ‫جةِ الوداع ولم ي َأ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ث كان في َ‬ ‫الحدي ُ‬
‫ف ِللجماع‪،‬‬ ‫خال ِ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ضهم‪-‬كالطحاوي في " شرح المشكل "‪ِ-‬بأنه ُ‬ ‫عى بع ُ‬ ‫واد ّ َ‬
‫ل أن ُيول َد َ‬ ‫من قب ِ‬ ‫ن العلماَء قد اختَلفوا‪ِ -‬‬ ‫ريب‪ ،‬فإ ّ‬ ‫جيب غ ِ‬ ‫مع ِ‬ ‫وهو كل ٌ‬
‫ة‬
‫ل ِبالشتراط عن طائفةٍ كِبير ٍ‬ ‫الطحاوي‪-‬في هذه القضية‪ ،‬وقد ُروِيَ القو ُ‬
‫ل الله‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإن كان َلم‬ ‫من صحابةِ رسو ِ‬ ‫ِ‬
‫ميعا‪ ،‬فقد ُرويَ ذلك عن عمر وعن عثمان وعلي وابن‬ ‫ج ِ‬ ‫صح عنهم َ‬ ‫يَ ِ‬
‫ح عنهم‬ ‫ص ّ‬ ‫ت‪-‬ل ي َ ِ‬ ‫مار وعائشة وأم سلمة‪ ،‬وإن كان‪-‬كما قل ُ‬ ‫مسعود وع ّ‬
‫عي بعد َ ذلك‬ ‫ل العلم‪ ،‬فكيف ي َد ّ ِ‬ ‫من أه ِ‬ ‫ة كِبيرةٌ ِ‬ ‫ت ِبه طائف ٌ‬ ‫جميعا‪ ،‬وقال ْ‬
‫ف‬
‫جوُز لحدٍ أن ُيخال ِ َ‬ ‫َ‬
‫خلِفه ول ي َ ُ‬ ‫مُعوا على ِ‬ ‫ج َ‬‫ن العلماء قد أ ْ‬ ‫مد ٍّع ِبأ ّ‬ ‫ُ‬
‫الجماع ؟!‬
‫‪555‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من‬ ‫جد ُ كِثيرا ِ‬ ‫ب الصول فإننا ن َ ِ‬ ‫ب الفْقه وكت ِ‬ ‫دما َننظ ُُر في كت ِ‬ ‫ن عن َ‬ ‫وَنح ُ‬
‫مُعوا عليها وقد‬ ‫َ‬
‫ج َ‬ ‫ن هذه القضية قد أ ْ‬ ‫مد ٍّع ِبأ ّ‬ ‫عي ُ‬ ‫عاَوى الجماع ‪ ..‬ي َد ّ ِ‬ ‫دَ َ‬
‫حد َ الناس َيذك ُُر مسأل ً‬
‫ة‬ ‫َ‬
‫تأ َ‬ ‫مع ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ذلك‪ ،‬و َ‬ ‫خل ِ‬ ‫مة على ِ‬ ‫جمهوُر ال ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫َيكو ُ‬
‫ت في‬ ‫معٌ عليه وأنا قد ْ رأي ُ‬ ‫مج َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن هذا القو َ‬ ‫عى ِبأ ّ‬ ‫وذ َك ََر فيها قول واد ّ َ‬
‫ضهم حكى‬ ‫ث عن ذلك‪ ،‬وبع ُ‬ ‫من غي ْرِ أن أْبح َ‬ ‫المسألةِ عشرة أقوال ِ‬
‫س ذلك‬ ‫ضهم الجماعَ على عك ِ‬ ‫ض القضايا وحكى بع ُ‬ ‫الجماعَ في بع ِ‬
‫ض‬
‫كيها بع ُ‬ ‫ب هذه الحكايات التي َيح ِ‬ ‫القول َتماما‪ ،‬فل َينبِغي لحدٍ أن ي َْرهَ َ‬
‫ض في‬ ‫ري ٌ‬ ‫ويل ع ِ‬ ‫مط ِ‬ ‫من غي ْرِ أن ي َت َث َب ُّتوا في ذلك‪ ،‬ولنا كل ٌ‬ ‫ل العلم ِ‬ ‫أه ِ‬
‫ل ِبه المقام‪.‬‬ ‫طي ُ‬ ‫ُ‬
‫جة‪ ،‬ل أ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫الجماع الذي هو ُ‬
‫ت عن ابن عمر‪-‬رضي‬ ‫ج على عدم ِ مشروعيةِ ذلك ِبما ثب َ‬ ‫ضهم احت َ ّ‬ ‫وبع ُ‬
‫ن‬
‫كم " ‪ ..‬معناه أ ّ‬ ‫سّنة ن َب ِي ّ ُ‬ ‫ث قال‪ " :‬حسُبكم ُ‬ ‫الله تبارك وتعالى عنهما‪-‬حي ُ‬
‫من عاِلم‪-‬وإن ب َل َغَ‬ ‫من المعلوم أنه ما ِ‬ ‫ريب‪ ،‬ف ِ‬ ‫رط‪ ،‬وهذا غ ِ‬ ‫النبي ‪ e‬لم َيشت ِ‬
‫ث النبي صلى‬ ‫ض أحاِدي ِ‬ ‫ت عليه بع ُ‬ ‫خفي َ ْ‬ ‫ح الجوزاء‪-‬إل وقد َ‬ ‫السماء وناط َ َ‬
‫الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فإذا كان ابن عمر َلم َيعَلم ِبذلك وقد‬
‫كن أن ن َُرد ّ بعد َ ذلك‬ ‫ل الله ‪ e‬فهل ُيم ِ‬ ‫من صحابةِ رسو ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ِبه طائف ٌ‬ ‫عَل ِ َ‬
‫مع‬ ‫س َ‬ ‫ض الصحابة َلم ي َ ْ‬ ‫ن بع َ‬ ‫وى أ ّ‬ ‫ت عن أولئك ب ِد َعْ َ‬ ‫الرواية التي ثبت ْ‬
‫ج ِبه‪.‬‬ ‫حت َ ّ‬ ‫كن أن ي ُ ْ‬ ‫ما ل ُيم ِ‬ ‫م ّ‬‫ِبذلك ؟! هذا ِ‬
‫ط النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فل‬ ‫م اشترا ِ‬ ‫وأما عد ُ‬
‫ة‬
‫ددة في قضي ٍ‬ ‫متع ّ‬ ‫ة ُ‬ ‫ت أِدل ٌ‬ ‫جد َ ْ‬ ‫ن الشتراط‪ ،‬لنه إذا وُ ِ‬ ‫ل ذلك على بطل ِ‬ ‫ي َد ُ ّ‬
‫كن أن‬ ‫ظر تارة ُيم ِ‬ ‫معَ بْين تلك الِدلة‪ ،‬وُين َ‬ ‫ج َ‬ ‫من القضايا فإنه َينبِغي أن ي ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫ن الجواز أو‬ ‫ن هذا ِلبيا ِ‬ ‫ن هذا مسنون وهذا جائز أو أ ّ‬ ‫معَ بينها على أ ّ‬ ‫ُيج َ‬
‫مل إلى غي ْرِ ذلك‪ ،‬فالنبي‪-‬‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬ ‫من اله َ‬ ‫مل على كذا ِ‬ ‫هذا ل ِعِّلة أو هذا ُيح َ‬
‫ده عن‬ ‫ص ّ‬ ‫ن قريشا ست َ ُ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬لم َيكن َيعَلم ِبأ ّ‬
‫جةِ الوداع فإنه َلم َيكن ِبحاجةٍ صلوات‬ ‫ح ّ‬ ‫رط‪ ،‬وأما في َ‬ ‫الحَرم حتى َيشت َ ِ‬
‫الله وسلمه عليه إلى ذلك‪.‬‬
‫ل في هذه القضية‪ ،‬وأ ََرى أن‬ ‫طو ُ‬ ‫ل يَ ُ‬ ‫ل القو ِ‬ ‫مجا َ‬ ‫ن َ‬ ‫وعلى كل حال؛ فإ ّ‬
‫دة إلى ذلك في مناسبةٍ أخرى ِبمشيئة‬ ‫َ‬
‫صر‪ ،‬ولنا عو َ‬ ‫ي ِبهذا المخت َ‬ ‫أكت َِف َ‬
‫ن كثيرا‬ ‫سيرِ ما ل َيخَفى‪ ،‬فإ ّ‬ ‫من التي ِ‬ ‫ن في هذا المر ِ‬ ‫الله تبارك وتعالى‪ ،‬ل ّ‬
‫ض الناس‬ ‫ن بع َ‬ ‫عوى أ ّ‬ ‫ن منه ب ِد َ ْ‬ ‫جون إليه فِلماذا ُيمن َُعو َ‬ ‫س قد َيحتا ُ‬ ‫من النا ِ‬ ‫ِ‬
‫ن العلماء قد اختلفوا في هذه‬ ‫َ‬ ‫مد ٍّع ِبأ ّ‬ ‫عي ُ‬ ‫ف ذلك ؟! وقد ي َد ّ ِ‬ ‫خل ِ‬ ‫َيقول ب ِ ِ‬
‫دما‬ ‫صاُر إليه عن َ‬ ‫ن الحتياط ي ُ َ‬ ‫ك ذلك‪ ،‬وأقول‪ :‬إ ّ‬ ‫وط ت َْر ُ‬ ‫ح َ‬ ‫القضية فال ْ‬
‫ر‬
‫م ٍ‬ ‫جيح ولكن ذلك ِبأ ْ‬ ‫ن التر ِ‬ ‫جيح وقد ُيمك ِ ُ‬ ‫ب التر ِ‬ ‫صعُ ُ‬ ‫ض الدِّلة وي َ ْ‬ ‫ت ََتعاَر ُ‬
‫ل ِذي عَْينْين فل‬ ‫ة ِلك ّ‬ ‫ح ً‬ ‫ض َ‬ ‫ة وا ِ‬ ‫س طال ِعَ ً‬ ‫ن الشم ُ‬ ‫دما َتكو ُ‬ ‫مل‪ ،‬أما عن َ‬ ‫محت ِ‬ ‫ُ‬
‫ج إليها‬ ‫دما َيحتا ُ‬ ‫ك السَنن الثاِبتة عن النبي ‪ e‬ولسيما عن َ‬ ‫َينبِغي أن ت ُت َْر َ‬
‫ت‬‫ل هذه القضية بل السَنن التي ل ُتفَعل ‪ ..‬في وق ِ‬ ‫مث ِ‬ ‫النسان في ِ‬
‫‪556‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫عه عليها‬ ‫طل ِ‬ ‫ف ذلك ِلعدم إ ِ ّ‬ ‫خل ِ‬ ‫ل بِ ِ‬ ‫مقول َةِ قائ ِ ٍ‬ ‫جة ل َينبِغي أن ت ُت َْرك ل ِ َ‬ ‫الحا َ‬
‫ِ‬
‫جة‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ت ِبها اله ُ‬ ‫ق ل ت َث ْب ُ ُ‬ ‫أو ل ّ‬
‫ري ٍ‬ ‫من ط ِ‬ ‫عه عليها ِ‬ ‫طل ِ‬
‫َ‬
‫ت هذا الحديث‪،‬‬ ‫ث عَل ّقَ ذلك على ثبو ِ‬ ‫ن المام الشافعي حي ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫وقد أ ْ‬
‫م عند َ الله تعالى‪.‬‬ ‫ح عن النبي ‪ e‬؛ والعل ُ‬ ‫ص ّ‬ ‫تو َ‬ ‫ث قد ث َب َ َ‬ ‫والحدي ُ‬
‫س ‪ :2‬ولكن ما فائدة هذا الشتراط في الحرام ؟‬
‫ن هذا ل فائدة َله وإنما‬ ‫من قال‪ :‬إ ّ‬ ‫ج‪ :‬العلماء قد اختَلفوا في ذلك‪ ،‬منهم َ‬
‫ريب ‪..‬‬ ‫مغ ِ‬ ‫من اللفاظ التي ي ُت َعَب ّد ُ ِبها‪ ،‬وهذا كل ٌ‬ ‫ره ِ‬ ‫ظ ي ُت َعَب ّد ُ ِبه كغي ْ ِ‬ ‫هو لف ٌ‬
‫ة‪-‬رضي الله‬ ‫ضباع َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ره‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ة َله وحكايُته ت ُغِْني عن ذِك ْ ِ‬ ‫ل عِليل ل قيم َ‬ ‫قو ٌ‬
‫ن‬‫ض الروايات أ ّ‬ ‫ريد ُ الحج‪-‬وفي بع ِ‬ ‫ت ِللنبي ‪ e‬أنها ت ُ ِ‬ ‫تعالى عنها‪-‬قد ذ َك ََر ْ‬
‫ريضة‪-‬فذ َك ََر َلها النبي‪-‬صلى الله‬ ‫خب ََرْته ِبأنها م ِ‬ ‫ح َلها ذلك وأ َ ْ‬ ‫النبي ‪ e‬اقْت ََر َ‬
‫ي ِبه‬ ‫عليه وعلى آله وصحبه‪-‬ذلك‪ ،‬فإذا كان ل فائدةَ َله فما قيمة أن تأت ِ َ‬
‫ن ِلذلك فائدةً‬ ‫بأ ّ‬ ‫ة َله‪ ،‬وإّنما الصوا ُ‬ ‫ب ل قيم َ‬ ‫ري ٌ‬ ‫مغ ِ‬ ‫ضباعة ؟! فهذا كل ٌ‬ ‫ُ‬
‫ل ِبمشيئةِ الله تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫سأب َي ُّنها بعد َ قلي ٍ‬
‫َ‬
‫ل‬
‫من فِعْ ِ‬ ‫كن ِ‬ ‫م ّ‬ ‫صد ّ عن ذلك ِبعد ُوّ أو َلم ي َت َ َ‬ ‫مو ُ‬ ‫حَر َ‬ ‫من أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫من المعلوم ِ أ ّ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫ل إلى الحَرم وتأِدي ِ‬ ‫ذر عليه الوصو ُ‬ ‫وه وت َعَ ّ‬ ‫ض أو َنح ِ‬ ‫ب مر ٍ‬ ‫ذلك ِبسب ِ‬
‫ة الحج في وقِته‬ ‫ي ِبالحج في وقِته ‪ ..‬أما تأِدي ُ‬ ‫العمرةِ أو ت َعَذ َّر عليه أن َيأت ِ َ‬
‫من َلم‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض لِ َ‬ ‫ض َله في هذا الوقت‪ ،‬وإنما أت َعَّر ُ‬ ‫ل‪ ،‬ل أَتعّر ُ‬ ‫وي ٌ‬ ‫مط ِ‬ ‫ففيها كل ٌ‬
‫ف العلماُء فيه‪:‬‬ ‫سا ‪ ..‬قد اختل َ َ‬ ‫ْ‬ ‫م ّ‬
‫من ذلك َرأ ً‬ ‫كن ِ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫ح ذ َِبيح ً‬
‫ة‬ ‫من ذلك أبدا فعليه أن ي َذ ْب َ َ‬ ‫كن ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ب إلى أنه إذا َلم ي َت َ َ‬ ‫من ذ َهَ َ‬ ‫من ُْهم َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫سَر‬‫ست َي ْ َ‬‫ما ا ْ‬ ‫م فَ َ‬ ‫صْرت ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ب الله تبارك وتعالى‪ ... { :‬فَإ ِ ْ‬ ‫كما هو ظاهُِر كتا ِ‬
‫ي ‪ ] } ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪:[ 196 :‬‬ ‫ن ال ْهَد ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫مَر مت َّفقٌ عليه بْين العلماء‪.‬‬ ‫ن ال ْ‬ ‫دي فإ ّ‬ ‫وإذا كان سائ ًِقا ِلله ْ‬
‫ن العلماَء قد اختَلفوا في ذلك‪:‬‬ ‫دي فإ ّ‬ ‫سق اله ْ‬ ‫أما إذا كان َلم ي َ ُ‬
‫ر‬
‫ف ِلظاهِ ِ‬ ‫مخال ِ ٌ‬ ‫ل ُ‬ ‫من قال‪ :‬ل هد ْيَ عليه في هذه الحالة‪ ،‬وهو قو ٌ‬ ‫منهم َ‬
‫ب العزيز‪.‬‬ ‫الكتا ِ‬
‫من قال‪ :‬عليه أن َيشترِيَ ذلك‪ ،‬وهذا هو الحق ‪ ..‬هذا إذا كان‬ ‫ومنهم َ‬
‫جد فقد‬ ‫دي فإن كان َلم ي َ ِ‬ ‫كن أن َيشت َرِيَ ِبها اله ْ‬ ‫قيمة التي ُيم ِ‬ ‫جدا ِلل ِ‬ ‫وا ِ‬
‫اختَلف العلماء في ذلك‪:‬‬
‫دي‪.1‬‬ ‫جد ْ اله ْ‬ ‫من َلم ي َ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م عشرة أيام كحا ِ‬ ‫من قال‪ :‬عليه أن َيصو َ‬ ‫منهم َ‬
‫ب إلى أنه ل شيَء عليه‪.‬‬ ‫من ذ َهَ َ‬ ‫ومنهم َ‬

‫‪ {-1‬وأ َت ِموا ال ْحج وال ْعمرةَ لله فَإ ُ‬


‫حّتى‬ ‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ؤو َ‬‫قوا ُر ُ‬ ‫حل ِ ُ‬‫ي َول ت َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن ال ْهَد ْ‬ ‫م َ‬ ‫سَر ِ‬ ‫ست َي ْ َ‬
‫ما ا ْ‬ ‫م فَ َ‬ ‫صْرت ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ ِ ْ‬ ‫َ ّ َ ُ ْ َ‬ ‫َ ّ‬
‫صد َقَةٍ أ َْو‬ ‫و‬‫ة من صيام أ َ‬
‫ً ِ ْ َ ِ ِ ِ َْ ٌ ِ ْ ِ َ ٍ ْ َ‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫أذ‬ ‫ه‬
‫ْ ِ ِ‬‫ب‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ريضا‬ ‫م‬ ‫م‬
‫َ ِ ْ ْ َ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫كا‬ ‫ي َب ْل ُغَ ال ْهَ ْ ُ َ ِ ُ َ ْ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ح‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫د‬
‫نسك فَإ َ َ‬
‫م‬‫صَيا ُ‬‫جد ْ فَ ِ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ي فَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ن ال ْهَد ْ‬ ‫م َ‬‫سَر ِ‬ ‫ست َي ْ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ج فَ َ‬ ‫ح ّ‬‫مَرةِ إ َِلى ال ْ َ‬ ‫مت ّعَ ِبال ْعُ ْ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م فَ َ‬ ‫من ْت ُ ْ‬
‫ذا أ ِ‬ ‫ُ ُ ٍ َ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ري‬ ‫ض ِ‬
‫حا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن أهْل ُ‬ ‫م ي َك ْ‬ ‫نل ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ذل ِك ل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫مل ٌ‬ ‫َ‬
‫م ت ِلك عَشَرةٌ كا ِ‬ ‫جعْت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫سب ْعَةٍ إ ِذا َر َ‬ ‫ج وَ َ‬ ‫َثلث َةِ أّيام ٍ ِفي ال َ‬
‫ح ّ‬
‫ديد ُ ال ْعِ َ‬ ‫َ‬
‫ب } ] سورة البقرة‪ ،‬الية‪.[ 196 :‬‬ ‫قا ِ‬ ‫ش ِ‬‫ه َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫موا أ ّ‬ ‫ه َواعْل َ ُ‬ ‫قوا الل َ‬ ‫حَرام ِ َوات ّ ُ‬ ‫جدِ ال ْ َ‬‫س ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م ْ‬
‫‪557‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫سُر َله‬ ‫دما ي َت َي َ ّ‬ ‫ب إلى أنه ل شيَء عليه في ذلك الوقت وعن َ‬ ‫من ذ َهَ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫دي‪.‬‬ ‫دي فإنه َيه ِ‬ ‫اله ْ‬
‫ة أيام‪.‬‬ ‫م ثلث َ‬ ‫ب إلى أنه َيصو ُ‬ ‫من ذ َهَ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ج بعد َ ذلك طعاما‪-‬‬ ‫ة ِبالطعام ثم ُيخرِ ُ‬ ‫م الذبيح َ‬ ‫من قال‪ :‬إنه ُيقوّ ُ‬ ‫ومنهم َ‬
‫طيعُ أن َيشترِيَ ذبيحة‬ ‫جد ُ الطعام فهو َيست ِ‬ ‫مها وكان ي َ ِ‬ ‫والواِقع أّنه إذا قَوّ َ‬
‫ريه ففي مثل تلك الحالة ي َُقا ُ‬
‫ل‬ ‫جد ُ ما َيشت ِ‬ ‫ن ذلك إذا كان ل ي َ ِ‬ ‫وإنما َيكو ُ‬
‫م‬
‫صو ُ‬ ‫وم ذلك ‪ ..‬ي َ ُ‬ ‫طيعُ على شراِء الطعام فإنه ُيق ّ‬ ‫ذلك‪-‬أما إذا كان ل َيست ِ‬
‫م‬‫ضي أن َيصو َ‬ ‫ن ذلك َيقت ِ‬ ‫من المشّقة ما فيه‪ ،‬فإ ّ‬ ‫مد‪ ،‬وهذا فيه ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫عن ك ّ‬
‫ن الذبيحة ُتقاِرب ثلِثين ِريال‪-‬مثل‪-‬أو ما شابه‬ ‫ت مئة يوم أو أكَثر‪ ،‬ل ّ‬ ‫س ّ‬
‫عددٍ كِبير ومعنى ذلك‬ ‫ل إلى َ‬ ‫ص ُ‬ ‫مداد فل شك ِبأنه ي َ ِ‬ ‫َ‬
‫ذلك فإذا قد َّرها ِبال ْ‬
‫سُر‬ ‫َ‬ ‫م عن ك ّ‬
‫ن أي ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫من المشّقة ما فيه‪ ،‬وال ّ‬ ‫مد ّ يوما ففي هذا ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫أنه َيصو ُ‬
‫من ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ل وهْلة‪.‬‬ ‫من أوّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫من قال‪ :‬ل ُيطِعم وإنما َيصو ُ‬ ‫ومنهم َ‬
‫من الراء‪.‬‬ ‫ب إلى غي ْرِ ذلك ِ‬ ‫من ذ َهَ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫ديا فإنه‬ ‫جد ه ْ‬ ‫ل عليها‪ ،‬فإذا كان َلم ي َ ِ‬ ‫ل حال‪-‬هذه القوال ل دلي َ‬ ‫و‪-‬على ك ّ‬
‫ل على‬ ‫ب الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ول في سن ّةِ رسوِله ‪ e‬ما ي َد ُ ّ‬ ‫س في كتا ِ‬ ‫لي َ‬
‫من تلك القوال التي ذ َك َْرناها‪ ،‬وإّنما عليه أن َيحِلق أو‬ ‫أنه َيصَنع شيئا ِ‬
‫دي ففي ذلك خير‪.‬‬ ‫من اله ْ‬ ‫ن بعد َ ذلك ِ‬ ‫صر وإن َتمك ّ َ‬ ‫ي َُق ّ‬
‫من قال ِبأنه‬ ‫ل َ‬ ‫دما ذ َك َْرناه قو ُ‬ ‫ت بع َ‬ ‫ن أقوى تلك القوال التي ِقيل َ ْ‬ ‫على أ ّ‬
‫ن ما َ‬
‫ل‬ ‫م ِبه‪ ،‬ل ّ‬ ‫كن أن َنحك ُ َ‬ ‫م عشرة أيام‪ ،‬ولكن فيه ما فيه‪ ،‬فل ُيم ِ‬ ‫َيصو ُ‬
‫م عباد َ الله‪-‬‬ ‫م ِبعصمةِ السلم َله‪ ،‬فليس لحدٍ أن ُيلزِ َ‬ ‫المسِلم معصو ٌ‬
‫من‬ ‫كن أن ي َذ ْك َُر ذلك ل ِ َ‬ ‫زمُهم الشاِرع ِبه وإنما ُيم ِ‬ ‫تبارك وتعالى‪ِ-‬بما َلم ُيل ِ‬
‫خلف إن‬ ‫من ال ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫دين والخرو ِ‬ ‫من باب الحتياط في ال ّ‬ ‫خذ َ ِبه ِ‬ ‫شاء أن َيأ ُ‬
‫خلف ِلكثرةِ ما ذ َك َْرناه في‬ ‫َ‬
‫من ال ِ‬ ‫كن أن َيخُرج ِبذلك ِ‬ ‫ن وإن كان ل ُيم ِ‬ ‫مك َ َ‬ ‫أ ْ‬
‫هذه المسألة‪.‬‬
‫مه أن‬ ‫صر‪-2 .‬وقيل‪ :‬ل َيلَز ُ‬ ‫حل ِقَ أو ي َُق ّ‬ ‫و‪-1 :‬كذلك عليه بعد َ أن َيذَبح أن ي َ ْ‬
‫جد َوإل فل شيَء عليه‪-‬أو عليه ما ذ َك َْرناه‬ ‫صر بل َيذَبح إن وَ َ‬ ‫حل ِقَ أو ُيق ّ‬ ‫يَ ْ‬
‫ب العزيز‪،‬‬ ‫ف ِلظاهِرِ الكتا ِ‬ ‫خال ِ ٌ‬‫م َ‬ ‫جدا‪ُ ،‬‬ ‫ف ِ‬ ‫ل ضِعي ٌ‬ ‫من تلك القوال‪-‬وهو قو ٌ‬ ‫ِ‬
‫ث إنه‬ ‫حيحةِ الثاِبتة عن النبي ‪ ، e‬حي ُ‬ ‫ف ِللسن ّةِ الص ِ‬ ‫مخال ِ ٌ‬ ‫وكذلك هو ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ث‬‫ح ّ‬ ‫صيرِ و َ‬ ‫ق أو التق ِ‬ ‫مَر أصحاَبه ِبالحل ِ‬ ‫حل َقَ وأ َ‬ ‫صلوات الله وسلمه عليه َ‬
‫رين‪ ،‬فإذن هذا‬ ‫ص ِ‬ ‫ق ودعا ِللحال ِِقين أّول ثلثا ثم بعد َ ذلك ِللمَق ّ‬ ‫على الحل ِ‬
‫حيحةِ عن النبي ‪. e‬‬ ‫ص السن ّةِ الص ِ‬ ‫ت ِبظاهِرِ الكتاب ون ّ‬ ‫ثاب ِ ٌ‬
‫جه أو‬ ‫ح ّ‬ ‫من تأِديةِ َ‬ ‫كن ِ‬ ‫مه إن َلم َيتم ّ‬ ‫ط في ِإحرا ِ‬ ‫من اشتَر َ‬ ‫إذا عِلمنا ذلك ف َ‬
‫دي‪ ،‬فهذه إذن فائدةُ‬ ‫ج إلى ه ْ‬ ‫من غي ْرِ أن َيحتا َ‬ ‫ل ِبذلك ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫عمرِته فإنه ي َ ِ‬ ‫ُ‬

‫‪558‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫م أنه ل فائدةَ ِلذلك‪-‬وإّنما هناِلك فْرقٌ في‬ ‫من َزعَ َ‬ ‫خلفا ل ِ َ‬ ‫الشتراط‪ِ -1‬‬
‫س‬‫حب ِ َ‬ ‫ست َِني " أو ذ َك ََر ِبأنه إذا ُ‬ ‫حب َ ْ‬ ‫ث َ‬ ‫حّلي حي ُ‬ ‫م ِ‬‫الصيغة ‪ ..‬إذا قال‪ " :‬ف َ‬
‫حّلي ‪ " ...‬فِبمجّردِ عدم قدرِته‬ ‫م ِ‬‫مه‪ ،‬فإن قال‪َ ... " :‬‬ ‫من ِإحرا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫سي َ ِ‬
‫حلل ِبذلك‪ ،‬وإذا عَل ّقَ ذلك ِبإرادِته‬ ‫َ‬
‫ن َ‬‫م ِبه فإنه َيكو ُ‬ ‫على ِإتمام ِ ما أحَر َ‬
‫من أن َينوِيَ ذلك‪.‬‬ ‫ِللحلل فمعَنى ذلك أنه لبد ِ‬
‫فإذن‪:‬‬
‫رط عليه أن َينوْيَ الحلل وَيذَبح ما استطاع وَيحِلق أو‬ ‫من َلم َيشت ِ‬ ‫َ‬
‫صر‪.‬‬ ‫ي َُق ّ‬
‫ست َِني " ل شيَء عليه‪.‬‬ ‫حب َ ْ‬ ‫ث َ‬ ‫حّلي حي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫من قال‪َ " :‬‬ ‫و َ‬
‫لحلل فإنه َيكون ِبذلك‬ ‫وى ا ِ‬ ‫ل ذلك فهو إذا ن َ َ‬ ‫من عَل ّقَ ذلك ِبأنه سَيفعَ ُ‬ ‫و َ‬
‫حلل‪.‬‬
‫هذه هي فائدةُ الشتراط‪.‬‬
‫ف العلماُء في حكم ِ الشِتراط‪:‬‬ ‫هذا وقد اختل َ َ‬
‫ر‬
‫ذون ِبظاهِ ِ‬ ‫خ ُ‬‫رية الذين َيأ ُ‬ ‫ل الظاهِ ِ‬ ‫جب‪ ،‬وهذا قو ُ‬ ‫من قال‪ :‬هو وا ِ‬ ‫منهم َ‬
‫ذون ِبظاهِرِ اللفاظ بعد َ أن َينظ ُُروا إلى الدِل ّةِ جميعا‪،‬‬ ‫اللفاظ‪ ،‬ول َي ْت َُهم َيأخ ُ‬
‫كر أنه قد ب َل َ َ‬
‫غ‬ ‫ض العلماء ذ َ َ‬ ‫ن بع َ‬ ‫ظم‪-‬حتى أ ّ‬ ‫ن النبي ‪ e‬والجمهوَر الع َ‬ ‫فإ ّ‬
‫دد‬
‫در العَ َ‬ ‫ريد أن ن َُق ّ‬ ‫جاج في تلك السنة إلى مئة ألف‪ ،‬وَنحن ل ن ُ ِ‬ ‫عَد َد ُ الح ّ‬
‫رطوا ِلعدم ِ حاجِتهم إلى ذلك‪،‬‬ ‫ت اللوف‪َ-‬لم َيشت ِ‬ ‫ولكنهم كانوا ِبعشرا ِ‬
‫رد عنهم ذلك ؟! هذا ما ل‬ ‫ب ذلك أو أّنه َلم ي َ ِ‬ ‫كن أن ُيقال ِبوجو ِ‬ ‫فهل ُيم ِ‬
‫ل ِبه‪.‬‬ ‫كن أن ُيقا َ‬ ‫ُيم ِ‬
‫حّبة‪.‬‬ ‫من قال‪ :‬هو سّنة مست َ‬ ‫من العلماء َ‬ ‫و ِ‬
‫محتاجا إليه‪ ،‬وهم‬ ‫من كان ُ‬ ‫حب إل ل ِ َ‬ ‫من قال‪ :‬هو جاِئز وليس ِبمست َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫كروا هذا الشرط ولكن لبد منه‪.‬‬ ‫وإن كانوا َلم َيذ ُ‬
‫محتاجا‬ ‫من َلم َيكن ُ‬ ‫محتاجا إليه وأما َ‬ ‫من كان ُ‬ ‫من قال‪ :‬هو سّنة ل ِ َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫دي‪ ،‬فالنبي ‪َ e‬لم َيكن‬ ‫ح عن ِ‬ ‫حي ُ‬ ‫حّقه‪ ،‬وهذا هو الص ِ‬ ‫سّنة في َ‬ ‫إليه فهو ليس ب ِ ُ‬
‫كرام ‪y‬‬ ‫رط‪ ،‬وهكذا ِبالنسبةِ إلى الصحابةِ ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫محتاجا إلى ذلك فَلم َيشت‬ ‫ُ‬
‫دها النبي صلوات الله‬ ‫َ‬
‫جة إليه فأْر َ‬
‫ش َ‬ ‫محتا َ‬ ‫عة هي اله ُ‬ ‫ضبا َ‬ ‫ت ُ‬ ‫وإنما كان َ ْ‬
‫وسلمه عليه‪.‬‬
‫محتاجا إليه‪ ،‬فما‬ ‫من كان ُ‬ ‫سّنية ذلك إل ل ِ َ‬ ‫من َيقول ِبعدم ِ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ي على رأ ِ‬ ‫ب َِق َ‬
‫ج بعد َ ذلك إليه ‪ ..‬هل‬ ‫محتاجا إليه ثم احتا َ‬ ‫ط وَلم َيكن ُ‬ ‫من اشتَر َ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫من ذلك أو ل ؟‬ ‫َيستِفيد ُ ِ‬
‫ف ِلسن ّةِ النبي ‪- e‬أعني‬ ‫مخال ِ ٌ‬ ‫ن هذا ُ‬ ‫من ذلك‪ ،‬ل ّ‬ ‫قيل‪ :‬ل فائدة له ِ‬
‫من أن‬ ‫ج إلى الّتحّلل فلبد ِ‬ ‫دما َيحتا ُ‬ ‫ط مع عدم ِ الحاجةِ إليه‪-‬فعن َ‬ ‫الشترا َ‬

‫من " الشتراط " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬


‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬الهدي " بدل ِ‬
‫‪559‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫دي‬ ‫ري ِبه اله ْ‬ ‫َينوِيَ ذلك وأن َيذَبح إن كان معه الهدي أو كان معه ما َيشت ِ‬
‫صر‪.‬‬ ‫وَيحِلق أو ُيق ّ‬
‫وقيل‪َ :‬ينفُعه ذلك‪.‬‬
‫من المساِئل‪:‬‬ ‫ل كِثيٌر ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫وب ِذِك ْرِ الشتراط ت َن ْ َ‬
‫كن أن‬ ‫ة‪-‬مثل‪-‬وُيم ِ‬ ‫جيَزةٍ ِلتأِديةِ العمر ِ‬ ‫مد ّةٍ وَ ِ‬ ‫ن في ُ‬ ‫من النساء َيذهَب ْ َ‬ ‫كِثيٌر ِ‬
‫من‬ ‫كن ِ‬ ‫سها ِبأّنها َلن ت َت َ َ‬
‫م ّ‬ ‫من نف ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫دة وهي َتعرِ ُ‬ ‫َيأت َِيها الحيض في تلك الم ّ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫بأ ّ‬ ‫ها الحيض فَتضط َّر إلى الرجوِع ِبسب ِ‬ ‫الب ََقاِء في مكة المكرمة إذا أَتا َ‬
‫رط‬ ‫كن أن َتشت ِ‬ ‫عُفَها على البقاِء في تلك البقاع فهنا ُيم ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫رفَْقَتها ل ت ُ َ‬
‫ل ِبذلك‪.‬‬ ‫من ذلك فَلها الحل ُ‬ ‫كن ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ت وَلم َتت َ‬ ‫ذلك‪ ،‬وعليه إذا اشتَرط َ ْ‬
‫سم ِ الشتاء أو ما‬ ‫ض المراض ‪ ..‬مثل في مو ِ‬ ‫ه بع ُ‬ ‫صيب ُ ُ‬ ‫ت تُ ِ‬ ‫من كان ْ‬ ‫وهكذا َ‬
‫من‬ ‫مستِفيدا ِ‬ ‫رط وَيكون ُ‬ ‫مك ُِنه أن َيشت ِ‬ ‫سفار ي ُ ْ‬ ‫شابه ذلك أو ُتؤث ُّر عليه ال ْ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ن‬‫ن إلى تأِديةِ العمرةِ أو الحج وَتأِتيهِ ّ‬ ‫من النساء َيذهَب ْ َ‬ ‫ن كِثيرا ِ‬ ‫وِللسف أ ّ‬
‫جع‬ ‫صن َْعن فَتر ِ‬ ‫رية المعروَفة وبعد َ ذلك ل َيعرِْفن ماذا ي َ ْ‬ ‫العادة الشه ِ‬
‫َ‬
‫ب وَتسَعى‪ ،‬لّنها َقد‬ ‫ت ‪َ ..‬تذهَ ُ‬ ‫حل ّ ْ‬ ‫ن أّنها قد أ َ‬ ‫مها وهي ت َظ ُ ّ‬ ‫حدة ب ِِإحرا ِ‬ ‫الوا ِ‬
‫ط‬‫ن الطواف َيسُق ُ‬ ‫ظن أ ّ‬ ‫طوف فت َ ُ‬ ‫ن المرأة إذا أتاها الحيض ل ت َ ُ‬ ‫ت ِبأ ّ‬ ‫مع َ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫ن النبي‪-‬صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫ث الذي فيه أ ّ‬ ‫مع ِبالحدي ِ‬ ‫عَن َْها‪ ،‬وقد َتس َ‬
‫دما أتاها الحيض‬ ‫َ‬ ‫سَق َ‬ ‫َ‬
‫جه عن َ‬ ‫دى أزوا ِ‬ ‫ط الطواف عن ِإح َ‬ ‫وصحبه وسلم‪-‬أ ْ‬
‫ف‬‫ف العمرة أو في طوا ِ‬ ‫ف الوداع وليس في طوا ِ‬ ‫ن ذلك في طوا ِ‬ ‫ولك ّ‬
‫ف‬ ‫ف الحج‪-‬فهذا ُركن ‪ ..‬أعني طوا َ‬ ‫الزيارة أو الفاضة‪-‬الذي هو طوا ُ‬
‫ض ول‬ ‫ن ِبحي ٍ‬ ‫ف العمرة فهما ل َيسُقطا ِ‬ ‫الزيارة وكذلك ِبالنسبة إلى طوا ِ‬
‫ن حتى َتطُهر المرأة وت َت َط َّهر وفي تلك الحالة َتطو ُ‬
‫ف‬ ‫جل ِ‬ ‫ره ولكن ُيؤ ّ‬ ‫غي ْ ِ‬
‫جع بعد َ ذلك وهي‬ ‫صر وَتر ِ‬ ‫هب وَتسَعى وت َُق ّ‬ ‫ثم بعد َ ذلك َتسَعى ‪ ..‬فَتذ َ‬
‫سمعت‪ ،‬وقد سألِني عن ذلك‬ ‫ب ما َ‬ ‫مة‪-‬وقد وَقَعَ كِثيرا هذا على حس ِ‬ ‫حرِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫من أن َتبَقى هناك حتى‬ ‫ت لبد ِ‬ ‫صل ْ‬ ‫َ‬ ‫صح ‪ ..‬إذا وَ َ‬ ‫ما ل ي َ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫حد‪-‬فهذا ِ‬ ‫غي ُْر وا ِ‬
‫ن‬
‫من أركا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ف رك ٌ‬ ‫ف ثم َتسَعى‪ ،‬فالطوا ُ‬ ‫َتطُهر وت َت َط َّهر وبعد َ ذلك َتطو ُ‬
‫ن الحج‪-‬أعني‬ ‫من أركا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ظم‪ ،‬وكذلك هو رك ٌ‬ ‫العمرة بل هو ركُنها الع َ‬
‫ف القدوم ِللحاج‬ ‫ط طوا ُ‬ ‫ن أبدا‪ ،‬وإنما َيسُق ُ‬ ‫ف الزيارة‪-‬ل َيسُقطا ِ‬ ‫طوا َ‬
‫ما عدا ذلك فل‪ ،‬فَينبِغي أن‬ ‫ما َ‬ ‫جة أيضا‪ ،‬أ ّ‬ ‫ف الوداع ِللمرأةِ الحا ّ‬ ‫وطوا ُ‬
‫ه ِلذلك جّيدا‪.‬‬ ‫ُينت َب َ َ‬
‫هب إلى تلك الِبقاع ما هو الذي َيجوُز َله وما‬ ‫ل أن َيذ َ‬ ‫حد قب َ‬ ‫وأن َيتعّلم الوا ِ‬
‫حّقه‬ ‫حُرم عليه وما هو الذي ي ُك َْره في َ‬ ‫ب عليه وما هو الذي ي َ ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫هو الذي ي َ ِ‬
‫ح َله‪.‬‬ ‫وما هو الذي ُيبا ُ‬
‫دما تأِتيهِ المرأة‪:‬‬ ‫ض الناس عن َ‬ ‫غمار ُيفُتون ‪ ..‬بع ُ‬ ‫ض الجهلةِ ال ْ‬ ‫و‪-‬كذلك‪-‬بع ُ‬
‫من أ َْين َلك‬ ‫ري "‪ِ ،‬‬ ‫ص ِ‬ ‫سَعي وقَ ّ‬
‫َ‬
‫" أنا أت َت ِْني الدوَرة ‪ ..‬ماذا أصَنع ؟ "‪ " :‬ا ْ‬
‫َ‬
‫‪560‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫من‬ ‫ق الله‪-‬تبارك وتعالى‪َ -‬‬ ‫علم ؟! فلي َت ّ ِ‬ ‫ل على الله ِبغي ْرِ ِ‬ ‫ذلك ؟! ِلماذا ت َت ََقوّ ُ‬
‫ل عليه سبحانه؛‬ ‫ف شْرعَ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ثم بعد َ ذلك ي َت ََقوّ ُ‬ ‫ل َيعرِ ُ‬
‫والله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫ن‬ ‫ومن المسائ ِل التي أ ُ‬
‫ض الحيان‪-‬أ ّ‬ ‫ِ‬ ‫بع‬ ‫في‬ ‫الناس‬ ‫ض‬
‫ِ‬ ‫لبع‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫عليها‪-‬و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ح أو ما شابه ذلك وَيستحِيي ذلك الطائف‬ ‫ج ِري ٍ‬ ‫الوضوَء قد َينتِقض ِبخرو ِ‬
‫ض وضوؤها‪-‬‬ ‫حي أن َتقول ِبأنها قد انت ََق َ‬ ‫ت امرأة ‪َ ..‬تست ِ‬ ‫ولسيما إذا كان ْ‬
‫ت‬ ‫من النواِقض‪-‬ولسيما إذا كان ْ‬ ‫ره ِ‬ ‫ن الوضوء قد َينتِقض ِبهذا أو غي ْ ِ‬ ‫ومع أ ّ‬
‫ف وهي على‬ ‫جع وهي َلم ت َط ُ ْ‬ ‫جها فَتر ِ‬ ‫محَرم ٍ منها أو زو ِ‬ ‫من غي ْرِ َ‬ ‫ت ِ‬ ‫قد ذهب َ ْ‬
‫طه الطهارة‪ ،‬فهي شر ٌ‬
‫ط‬ ‫من شْر ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ذور‪ ،‬فالطوا ُ‬ ‫مح ُ‬ ‫كب اله َ‬ ‫مها فَترت ِ‬ ‫ِإحرا ِ‬
‫ت لبد‬ ‫ض ْ‬‫حِته‪ ،‬فإذا انت ََقض فل َيجوُز إل ِبطهارة‪ ،‬وإذا انت ََق َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ط ِ‬ ‫من شرو ِ‬ ‫ِ‬
‫من الوضوء وإعادة الطواف بعد َ ذلك ‪ ..‬هذا أمٌر لبد منه‪ ،‬ول عب َْرةَ‬ ‫ِ‬
‫ق‬
‫ِبالحياء ‪ ..‬هذا الحياء ل خي َْر فيه ‪ ..‬الحياُء الذي فيه الخْير هو الذي ُيوافِ ُ‬
‫من المنك ََرات‬ ‫منك ٌَر ِ‬ ‫ل وَُزور ‪ُ ..‬‬ ‫شرع َ الله تبارك وتعالى‪ ،‬أما هذا فهو باط ِ ٌ‬
‫دما‬ ‫ن المرأة عن َ‬ ‫دي إلى الوقوِع في معصيةِ الله‪-‬تبارك وتعالى‪-‬على أ ّ‬ ‫ُيؤ ّ‬
‫حَرم ٍ منها‪ ،‬ل‬ ‫م ْ‬ ‫جها أو مع َ‬ ‫هب مع زو ِ‬ ‫عمَرة فلَتذ َ‬ ‫ج أو ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫هب إلى َ‬ ‫ريد ُ أن َتذ َ‬ ‫تُ ِ‬
‫مع أجنِبي عنها؛ والله ولي التوفيق‪.‬‬ ‫َ‬
‫صّلى أربع‬ ‫صح ركعتا الطواف أن ت ُ َ‬ ‫س ‪ِ :4‬بالنسبة ِللطواف‪ ،‬هل ي َ ِ‬
‫ركعات ؟‬
‫ل النبي ‪ ، e‬وما دام ذلك هو الثاِبت فليس لحدٍ‬ ‫ص فع ِ‬ ‫ج‪ :‬هما ركعتان ِبن ّ‬
‫زيد على ما فعَله النبي ‪ُ .. e‬يصّلي ركعتْين وبعد َ ذلك إن شاء أن‬ ‫أن ي َ ِ‬
‫ي َت َن َّفل فل ْي َت َن َّفل ِبما شاء‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 17‬رمضان ‪1426‬هه‪ ،‬يوافقه ‪21/10/2005‬م‬ ‫ِ‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫من‬ ‫ت ِ‬ ‫دما انتهَ ْ‬ ‫ت ولكن عن َ‬ ‫سع َ ْ‬ ‫تو َ‬ ‫ت إلى الُعمَرة وطاف ْ‬ ‫س ‪ :9‬ذ َهَب َ ْ‬
‫ت عنهم طْبعا لكّنها َلم‬ ‫َ‬
‫حث َ ْ‬‫ت أهَلها وب َ َ‬ ‫السعي وعند َ المْروة ِبالذات فََقد َ ْ‬
‫سها‪.‬‬ ‫ت ِلنف ِ‬ ‫صَر ْ‬ ‫حل فََق ّ‬ ‫م ِ‬ ‫صر َلها ُ‬ ‫كن َتعَلم أنه َينبِغي أن ي َُق ّ‬ ‫تَ ُ‬
‫صر َلها غي ُْرها ‪ ..‬ل‬ ‫حل‪-‬مثل‪-‬أو ي َُق ّ‬ ‫م ِ‬ ‫صَر َلها اله ُ‬ ‫ج‪ :‬قوُلها ِبأّنه ي َل َْزم أن ي َُق ّ‬
‫‪1‬‬

‫حيح أنه‬ ‫م في ذلك‪ ،‬ولكن الص ِ‬ ‫ل على اللزام ‪ ..‬نعم العلماء َلهم كل ٌ‬ ‫دلي َ‬
‫خر‪ ،‬كما أنه‬ ‫صَر َله آ َ‬ ‫من غي ْرِ أن ي َُق ّ‬ ‫ره ِ‬ ‫من شع ِ‬ ‫صَر ِ‬ ‫ن أن ي َُق ّ‬ ‫كن ِللنسا ِ‬ ‫ُيم ِ‬
‫جح‪ ،‬أما إذا كان‬ ‫حيح الرا ِ‬ ‫رم ‪ ..‬هذا هو الص ِ‬ ‫مح ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫صر َله شخ ٌ‬ ‫كن أن ي َُق ّ‬ ‫ُيم ِ‬
‫ت‬‫س ْ‬ ‫ض المسائل التي ل َي ْ َ‬ ‫ن في بع ِ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫خلف َ‬ ‫من ال ِ‬ ‫َينبِغي ‪ ..‬فالخروج ِ‬
‫ض فيها الدِّلة وما شابه ذلك‪ ،‬أما اللزام فل ِإلزام‪.‬‬ ‫فيها أدِّلة أو ت ََتعاَر ُ‬
‫‪-1‬السؤال كما وََرد َ في المكالمة‪ " :‬أنا ذهبت إلى العمرة واعتمرت وطفت وبعد ذلك ذهبت‬
‫وسعيت لما وصلت المروة أنا فقدت أهلي أصل ولما فقدت أهلي ما كنت أعرف أنه يلزم‬
‫يقصر لي أحد فذهبت أنا وقصرت بنفسي‪ ،‬فما الحكم ؟ "‪.‬‬
‫‪561‬‬
‫)فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي )ج ‪ + 1‬ج ‪2‬‬

‫كن‬
‫مها فل شيَء عليها ِبمشيئةِ الله بل ُيم ِ‬ ‫من ِإحرا ِ‬‫ت ِ‬ ‫فِبما أنها قد قَ ّ‬
‫صَر ْ‬
‫َلها في المستقَبل أن َتصَنع ذلك مّرةً ثانية وثالثة وهكذا‪.‬‬
‫من حلقة ‪ 23‬رمضان ‪1426‬هه‪ ،‬يوافقه ‪27/10/2005‬م‬ ‫ِ‬

‫‪562‬‬

You might also like