Download as doc
Download as doc
You are on page 1of 10

‫بالشمال القسنطيني‬‫‪1955 20‬‬ ‫أوت‬ ‫انتفاضة‬

‫وتطور الثورة الجزائرية المباركة‬

‫‪‬د‪.‬محمد المين بلغيث *‬


‫( )‬

‫فحسب وثائق الثورة وتقارير‬


‫العدو فإن العمل المسلح والدعاية‬
‫السياسية كانت في توسع دائم في‬
‫أوراس النمامشة الولية‬
‫الولى ظروفًا صعبة‬
‫نتيجة طول مدة الحرب المتفق‬
‫عاشت‬
‫أربع مواقع عبر التراب‬ ‫عليها مع ثلة من المخلصين من‬
‫الجزائري‪ ،‬وحددت كالتالي‪:‬‬ ‫جماعة ‪ 22‬رواد حملة مشعل‬
‫‪ .1‬انتشار وامتداد الثورة بالشمال‬ ‫الثورة‪ ،‬حيث التزم شيخ المجاهدين‬
‫القسنطيني كله باستثناء منطقة‬ ‫مصطفى بن بولعيد أن الثورة‬
‫صغيرة شمال عنابة ومعظم‬ ‫بإمكانها أن تصمد في الوراس مدة‬
‫منطقة سطيف‪.‬‬ ‫تسعة أشهر على الكثر وعلى‬
‫‪ .‬امتداد وانتشار العمال المسلحة‬ ‫المناطق الخرى فك الحصار‬
‫في المنطقة الثالثة (بلد القبائل‬ ‫عليها ومد الثورة إلى كل شبر في‬
‫الكبرى) والعمل المسلح يمتد‬ ‫الجزائر‪.‬‬
‫إلى منطقة متيجة (أي المنطقة‬ ‫كانت انتفاضة ‪ 20‬أوت ‪1955‬م‬
‫الرابعة)‪.‬‬ ‫واحدة من تلك النتفاضات التي‬
‫‪ .‬انتشار العمال الثورية بالمنطقة‬ ‫ساعدت على فك الحصار على‬
‫الخامسة (تلمسان وضواحيها‬ ‫المنطقة الولى للثورة(‪ )1‬وهو ما‬
‫إلى حدود المغرب القصى)‪.‬‬ ‫أكدته التقارير الفرنسية في ‪20‬‬
‫‪ .‬امتداد الثورة إلى الجنوب‬ ‫أكتوبر ‪1955‬م حينما أكدت أن‬
‫القسنطيني إلى أقصى الحدود‬ ‫الثورة المسلحة في توسع دائم منذ‬
‫الشرقية (منطقة الصحراء‬ ‫حركة الجهاد التي قام بها‬
‫الشرقية عمومًا إلى الحدود‬ ‫المجاهدون في معركة هود شيكة‬
‫الليبية)‪.‬‬ ‫بالدبيلة والوادي في أوائل شهر‬
‫‪ .‬الصحراء ل تزال في طور‬ ‫أوت من عام ‪1955‬م؛ انطلقًا من‬
‫العداد والتحضير(‪.)3‬‬ ‫الحدود الشرقية لوراس النمامشة‬
‫العداد والتحضير لنتفاضة ‪ 20‬أوت ‪1955‬م‪:‬‬ ‫بقيادة الشهيد حمة لخضر ومقداد‬
‫جدي وثلة من خيرة المجاهدين(‪.)2‬‬
‫(*) أستاذ التاريخ‪ ،‬جامعة الجزائر‬
‫تم العداد لهجومات ‪ 20‬أوت‬ ‫لم تكن انتفاضة ‪ 20‬أوت‬
‫‪1955‬م بما يعرف بالعداد‬ ‫‪1955‬م عملية عشوائية لم يخطط‬
‫والتحضير النفسي والسياسي‬ ‫لها المجاهدون كما يذهب إلى ذلك‬
‫المحلية‬ ‫الوضاع‬ ‫وتدارس‬ ‫الجهاد‬ ‫لمنطق‬ ‫الرافضون‬
‫ولقليمية والدولية‪ ،‬حيث قام يوسف‬ ‫للتحرر‬ ‫سبيل‬ ‫والستشهاد‬
‫زيغود قائد منطقة الشمال‬ ‫والنعتاق من عبودية فرنسا‬
‫القسنطيني بتوجيه الدعوة في أوائل‬ ‫والغرب لستعماري‪ ،‬بل وتشفى‬
‫شهر جويلية إلى كافة المسؤولين‬ ‫المتساقطون على الطريق حينما‬
‫بالمنطقة للحضور إلى المكان‬ ‫علموا مأساة الجزائريين العزل في‬
‫المعروف ب "بوسطور" قرب‬ ‫سكيكدة والقل والحروش وغيرها‬
‫سيدي مزغيش جنوب غرب‬ ‫من مناطق الهجومات المسلحة‬
‫سكيكدة على بعد حوالي ‪35‬كلم‪ ،‬ثم‬ ‫على أوكار وثكنات الجيش‬
‫تغير موقع الجتماع إلى المكان‬ ‫الستعماري‪.‬‬
‫المسمى"الزمان" ببلدية محمود‬ ‫لقد كانت شهادات المجاهدين‬
‫بوشطاطة حاليا (الحدائق)‪ ،‬وأثناء‬ ‫الفاعلين واضحة وصادقة دون‬
‫توجه المجاهدين اكتشف العدو‬ ‫مبالغة أن فكرة الهجوم ونشر‬
‫مجموعة منهم فاشتبكوا معه في‬ ‫الثورة ووضع الخط الحمر‬
‫معركة يوم ‪ 20‬جويلية ‪1955‬م‬ ‫الفاصل بين من يريد الكرامة‬
‫استشهد فها المجاهدان محمود نفير‬ ‫والعودة إلى سيادة المة وبين‬
‫المدعو‬ ‫القسنطيني‬ ‫والحاج‬ ‫الخونة والعملء والجبناء‪ ،‬فليس‬
‫اللماني‪ ،‬وتدخلت طائرات العدو‬ ‫بعد اليوم مقالة ول حجة لحد إما‬
‫دون جدوى وخسر عسكريين‬ ‫مع فرنسا الرؤوم أو مع الثورة‬
‫وجرح ثالث(‪ )4‬فتمكن المجاهدون‬ ‫المسلحة التي سقت بدماء الشهداء‬
‫من لم شملهم وواصلوا طريقهم إلى‬ ‫أرضنا الطاهرة‪ ،‬منذ أول شهيد‬
‫مكان الجتماع ومن بين الذين‬ ‫بالوراس الشم إلى الشهيد‬
‫حضروا اجتماع "الزمان" عمارة‬ ‫المفخرة زبانة وأولئك الحرار‬
‫بوقلز بمرافقة اثنين من ناحية‬ ‫الذين لعلع رصاصهم في الشلعلع‬
‫سوق أهراس‪ ،‬ثم عبد ال بن طبال‬ ‫وجرجرة وجبال الظهرة وغيرها‬
‫ومصطفى بن عودة‪ ،‬وعلي كافي‬ ‫من مناطق هذا الوطن الغالي‪.‬‬
‫‪2003‬م‬
‫رسالة المسجد‪ ،‬العدد الول‪ ،‬جمادى الثانية ‪1424‬ه ‪ /‬أوت (‪)2‬‬
‫‪ .‬تحديد ساعة الصفر في منتصف‬ ‫وصالح بوبنيدر (صوت العرب)‪،‬‬
‫نهار يوم السبت ‪ 20‬أوت‬ ‫بشير بوقادوم‪ ،‬أحمد رواي المدعو‬
‫‪1955‬م‪.‬‬ ‫الرواية‪ ،‬وغيرهم ووزعت المهام‬
‫‪ .‬تعبئة الشعب لمداد الثورة بكل‬ ‫والمسؤوليات(‪.)5‬‬
‫ما يملك لتحقيق أهداف بيان أول‬ ‫يستخلص مما ذكرناه أن‬
‫نوفمبر ‪1954‬م‪.‬‬ ‫العداد للنتفاضة دام فترة طويلة‬
‫‪ .5‬تسهيل وتنظيم طريق القوافل‬ ‫ما يقارب ثلثة أشهر حسب شهادة‬
‫نحو تونس لجلب السلحة‬ ‫الحياء من المجاهدين‪ ،‬وقد كان‬
‫والذخيرة التي تتطلبها المرحلة‬ ‫البطل الشهيد زيغود يوسف‬
‫الحرجة التي تعرفها الثورة‪.‬‬ ‫صاحب الفكرة ومهندس انتفاضة‬
‫كان العداد للنتفاضة يتم‬ ‫‪ 20‬أوت ‪1955‬م يشعر بأن مصير‬
‫بصورة سرية وتنظيم محكم وروح‬ ‫الثورة على القل في المنطقة‬
‫عالية ففي ناحية سكيكدة‪ ،‬حيث بدأ‬ ‫الثانية يقع على مجاهدي المنطقة‪،‬‬
‫التجنيد العملي تجمع المجاهدون‬ ‫فل بد من السراع‪ ،‬بالنصر أو‬
‫والمسبلون والمناضلون منذ يوم ‪16‬‬ ‫الشهادة‪ ،‬وكانت النتفاضة قد‬
‫أوت ‪1955‬م ووقع تجمعهم في عدة‬ ‫حددت الهداف منذ اليام الولى‬
‫أماكن هي‪ :‬جبل العالية ونواحيه‬ ‫للهجومات وهي‪:‬‬
‫ويقدر عدد المتجمعين فيه بحوالي‬ ‫‪ .1‬يجب أن يعرف الجميع أن‬
‫‪ 3000‬فرد‪ ،‬ثم محجر الرومان‬ ‫الثورة مستمرة ل رجعة فيها‬
‫وضواحيه وتجمع فيه مئات‬ ‫وثورة دون شهداء وضحايا‬
‫الفراد‪ ،‬وسيدي أحمد غرب‬ ‫وخسائر لعبة أطفال‪.‬‬
‫سكيكدة حيث تجمع فيه حوالي ‪800‬‬ ‫‪ .2‬تمركزت قوات المجاهدين قبل‬
‫فرد‪ ،‬وقام بالشراف على هذا‬ ‫أسبوع من الهجومات في مواقع‬
‫العداد في ناحية سكيكدة كل من‬ ‫محددة بدقة‪ ،‬وضمانًا لنجاحهم‬
‫محمد مهري المدعو الكولونيل‪،‬‬ ‫وضعت كل مجموعة في الموقع‬
‫وعمر‬ ‫زيغات‪،‬‬ ‫وإسماعيل‬ ‫الذي يعرفونه ويعرفون من‬
‫بوالركايب‪ .‬أما ناحية القل فقد‬ ‫خلله منطلقهم وهدفهم‪.‬‬
‫أشرف على العداد عمار شطايبي‬
‫المسؤول على الناحية‪ ،‬وتجمع‬
‫رسالة المسجد‪ ،‬العدد الول‪ ،‬جمادى الثانية ‪1424‬ه ‪ /‬أوت ‪2003‬م (‪)3‬‬
‫شارل سابقًا)‪ ،‬وكل مجموعة‬ ‫المجاهدون والمسبلون وكافة‬
‫أشرفت على تجمعات للمناضلين‬ ‫المواطنين الراغبين في الجهاد في‬
‫والمتطوعين والمسبلين‪ ،‬وجرت‬ ‫منطقة بني زيد وكان عددهم يقارب‬
‫عملية العداد والتحضير لليوم‬ ‫‪ 234‬فردًا‪ ،‬وفي الميلية أشرف على‬
‫الموعود في ظروف تتسم بالجدية‬ ‫عملية التحضير الخضر بن طبال‬
‫والروح العالية وفي السرية التامة‪،‬‬ ‫منذ أن كلفه بالمر الشهيد البطل‬
‫المر الذي سمح بتنظيم الهجومات‬ ‫زيغود يوسف وكلف عبد ال بن‬
‫حسب المخطط المتفق عليه في‬ ‫طبال المجاهد مسعود بوعلي بقيادة‬
‫اجتماع الزمان بالحدائق على بعد‬ ‫الهجوم على الميلية والمناطق‬
‫حوالي أربع كيلومترات من‬ ‫الستراتيجية المقصودة‪.‬‬
‫سكيكدة(‪.)6‬‬ ‫أما ناحية قسنطينة فقد أشرف‬
‫وكانت الهداف المحددة‬ ‫على إعداد الهجومات قائد المنطقة‬
‫للهجوم هي جميع المواقع‬ ‫نفسه زيغود يوسف‪ ،‬وقد تجمع ما‬
‫العسكري من ثكنات ومراكز‬ ‫يزيد عن ‪ 500‬فرد في جبل الوحش‬
‫الشرطة والجندرمة‪ ،‬والمؤسسات‬ ‫بحسب اختلف الروايات بالناحية‪،‬‬
‫القتصادية‪ ،‬ومعاقل الوروبيين‪،‬‬ ‫وأما ناحية يوسف زيغود (السمندو‬
‫على أن يتم الهجوم في وضح‬ ‫سابقًا) فقد أشرف عليها كل من عبد‬
‫النهار حتى تشاهد الجماهير‬ ‫المجيد كحل الرأس‪ ،‬وبشير‬
‫جنودها وتلتحم معهم لرفع‬ ‫بوقادوم‪ ،‬وبلغ عدد المتطوعين‬
‫المعنويات ولتحطيم قوة العدو‬ ‫حوالي ‪ 350‬فردًا جاءوا من مناطق‬
‫وجمع السلح‪ ،‬وكانت الهداف‬ ‫عدة‪ ،‬أما ناحية الحروش‪ ،‬وادي‬
‫المحددة هي‪:‬‬ ‫الزناتي‪ ،‬قالمة‪ ،‬فقد أشرف على‬
‫‪ .1‬تتواصل العملية ثلثة أيام‪ ،‬لكل‬ ‫تنظيمها كل من المسمى الساسي‪،‬‬
‫يوم أهدافه‪.‬‬ ‫ويوسف علي لمويس‪ ،‬حيث قسموا‬
‫‪ .2‬إعدام من لم يستجب لنداء‬ ‫المسبلين والمجاهدين والمتطوعين‬
‫الثورة وتحالف مع العدو‪.‬‬ ‫إلى فرق سبعة وجهوهم إلى قالمة‪،‬‬
‫‪ .‬تسليم مشعل الثورة إلى‬ ‫وادي الزناتي‪ ،‬هيليوبوليس‪،‬‬
‫الجماهير فهي الكفيلة بالعمل‬ ‫الركنية‪ ،‬الفجوج (كليرمان سابقًا)‪،‬‬
‫الثوري‪ ،‬وتطبيق مقولة الشهيد‬ ‫الحروش‪ ،‬رمضان جمال (سان‬
‫‪2003‬م‬
‫رسالة المسجد‪ ،‬العدد الول‪ ،‬جمادى الثانية ‪1424‬ه ‪ /‬أوت (‪)4‬‬
‫في جدول أعمال الدورة العاشرة‬ ‫البطل محمد العربي بن مهيدي‪:‬‬
‫للمم المتحدة‪.‬‬ ‫"ارموا بالثورة إلى الشارع‬
‫سير أعمال النتفاضة‪:‬‬
‫فسوف يلتقطها الشعب"‪.‬‬
‫وقع الهجوم في سكيكدة من‬ ‫‪ .4‬فك الحصار على المنطقة‬
‫عدة جهات باستثناء الواجهة‬ ‫الولى أوراس النمامشة التي‬
‫البحرية‪ ،‬وكان هتاف المهاجمين‪:‬‬ ‫جندت لها فرنسا الستعمارية‬
‫"ال أكبر"‪ ،‬رافعين الراية‬ ‫جيشها وبخاصة اللواء الخامس‬
‫الجزائرية‪ ،‬فاكتسحوا الضيعات‬ ‫والعشرين (‪ )25‬التابع للعقيد‬
‫والمؤسسات الوروبية واتجهوا‬ ‫ديكورنو للقضاء على الثورة‬
‫إلى وسط المدينة‪ ،‬وساد حماس‬ ‫وهذا في عملية "تيمقاد‬
‫كبير وزغردت النسوة فرحًا‬ ‫الشهيرة"‪.‬‬
‫بالعمال البطولية‪ ،‬فعرفت المدينة‬ ‫‪ .5‬حث باقي المناطق الخرى على‬
‫أصعب الوقات حسب تعبير‬ ‫النهوض بالثورة لتشمل باقي‬
‫الصحافة الستعمارية‪ ،‬وسيطر‬ ‫الجزائر‪.‬‬
‫المهاجمون على المدينة إلى غاية‬ ‫‪ .6‬وضع خط أحمر وهو خط‬
‫الرابعة مساء‪ ،‬متى أدركت قوات‬ ‫اللعودة بعد هذا اليوم‪.‬‬
‫الطوارئ خطورة المر فجلبتها من‬ ‫‪ .7‬التضامن مع الشعب المغربي‬
‫جميع النواحي وبدأت تطلق النار‬ ‫الشقيق الذي يتذكر نفي الملك‬
‫على كل عربي وفي أي مكان‬ ‫محمد الخامس إلى مدغشقر‪.‬‬
‫يوجد‪ ،‬وأصبحت مدينة سكيكدة‬ ‫‪ .8‬تعميم الثورة لتحقيق استقلل‬
‫مدينة ميتة ل حركة فيا وتم تحطيم‬ ‫المغرب العربي وهو من أهداف‬
‫طائرات حربية رابضة بالمطار‬ ‫ثورة أول نوفمبر المباركة(‪.)7‬‬
‫وتخريب بعض المنشآت‪ ،‬وقتل‬ ‫‪ .9‬لفت نظر الرأي العام العالمي‬
‫وجر العديد من جنود العدو وتم‬ ‫إلى ما يحدث في الجزائر‪ ،‬وهو‬
‫غنم وقتل الجنود المسلحين في‬ ‫النطباع الذي تحول فعل إلى‬
‫منجم الحديد بفلفلة على بعد ‪ 25‬كلم‬ ‫نصر أولي للثورة حيث سجلت‬
‫من سكيكدة‪ ،‬وكان هجوم العالية من‬ ‫القضية الجزائرية بطلب من ‪15‬‬
‫أنجح العمليات الحربية التي قام بها‬ ‫دولة من كتلة باندونغ ‪1955‬م‬
‫المهاجمون الذين غنموا الكثير من‬ ‫لتسجل القضية الجزائرية رسميا‬
‫رسالة المسجد‪ ،‬العدد الول‪ ،‬جمادى الثانية ‪1424‬ه ‪ /‬أوت ‪2003‬م (‪)5‬‬
‫كمجموعات مشاغبة بسياسة المن‬ ‫السلحة والذخيرة الحربية إضافة‬
‫الستعماري وهو القتل والطرد‬ ‫إلى المتفجرات‪ ،‬أما في مدينة القل‬
‫الجماعي للسكان‪ ،‬والزج بالعلماء‬ ‫فقد كان الهجوم عاما وشامل حتى‬
‫في السجون أو نفيهم خارج الوطن‬ ‫لجأت القوات الستعمارية إلى رجم‬
‫وهي سياسة تقليدية معروفة‪ ،‬فإن‬ ‫المدينة بالمدفعية من بوارجها‬
‫سلوكهم في سكيكدة أشبه ما قامت‬ ‫البرية‪ ،‬وكان اللتحام كبيرًا بين‬
‫به في قالمة وخراطة وسطيف في‬ ‫القوات الستعمارية والمجاهدين‬
‫شهر ماي ‪1945‬م‪.‬‬ ‫في الحروش‪ ،‬وضرب العدو‬
‫كان رد فعل القوات‬ ‫بالسلحة الثقيلة بصورة عشوائية‬
‫الستعمارية العسكرية والمدنية في‬ ‫وضرب دار العدالة التي تسلل إليها‬
‫مستوى الوحشية التي عرف بها‬ ‫المجاهدون‪ ،‬فقاوموا إلى أن تمكنت‬
‫الفرنسيون في بلدنا‪ ،‬فلم يجد‬ ‫القوات المدفعية من تدميرها‪ ،‬وساد‬
‫الستعماريون من وسيلة لرد‬ ‫الشمال القسنطيني طيلة اليام‬
‫الكرامة عند الصدمة الولى‬ ‫المتعاقبة سيل من العمال الحربية‬
‫للمجاهدين والمسبلين والمتطوعين‬ ‫لم تشهدها المنطقة‪ ،‬وأعقب هذا‬
‫سوى القتل الجماعي المتعمد لكل‬ ‫العمل قيام المجاهدين بأول مؤتمر‬
‫جزائري يعثر عليه دون تمييز بين‬ ‫محلي لتقييم نتائج عملية ‪ 20‬أوت‬
‫الرجال والنساء والشيوخ والطفال‬ ‫‪1955‬م وتقييم التقارير الواردة من‬
‫كما عبرت جريدة لوموند يوم ‪31‬‬ ‫كل قرية ومدينة أو دوار أو دشرة‬
‫أوت ‪1955‬م(‪.)8‬‬ ‫بالمنطقة الثانية‪ ،‬وكان عدد الشهداء‬
‫خرب العدو مشتة الزفزاف‬ ‫المسجل حسب مذكرات الحياء ‪12‬‬
‫كاملة بسكانها (‪ 5000‬نسمة) وقتل‬ ‫شهيدا‪.‬‬
‫الحيوانات وطبق سياسة الرض‬ ‫ردود فعل القوات الستعمارية‬
‫المحروقة والعقوبات الجماعية‬ ‫على انتفاضة ‪ 20‬أوت ‪1955‬م‪:‬‬
‫بشكل فضيع‪ ،‬كما صادف رسو‬ ‫كان رد الفعل طبيعيا لنه من‬
‫سفينة بميناء سكيكدة قادمة من‬ ‫سلوكات المستعمرين الفرنسيين‬
‫فرنسا وعلى متنها عدد كبير من‬ ‫منذ وطئت أقدامهم أرض الجزائر‬
‫الجزائريين من شرق البلد فوقعوا‬ ‫الطاهرة فكما تعاملوا مع الشعب‬
‫في قبضة العدو وراحوا ضحية‬ ‫الجزائري منذ بداية الحتلل‬
‫‪2003‬م‬
‫رسالة المسجد‪ ،‬العدد الول‪ ،‬جمادى الثانية ‪1424‬ه ‪ /‬أوت (‪)6‬‬
‫"على الجهاد"‪" ،‬ال أكبر"‪،‬‬ ‫عنجهيته وجبنه ووحشيته فكانوا‬
‫"تحيا الجزائر" ‪ ،‬يتشح كل مجاهد‬ ‫ضحايا الغدر والقمع المسلط عليهم‬
‫بالراية الوطنية التي تسجل في هذا‬ ‫من فرنسا حقوق النسان والعدالة‬
‫اليوم المبارك ما عرفته أول مرة‬ ‫والحرية‪.‬‬
‫من دماء طاهرة زكية في شهر‬ ‫أما أكبر انتقام قام به العدو في‬
‫ماي الحزين من عام ‪1945‬م(‪.)10‬‬ ‫سكيكدة لوحدها فهو جمع ما يزيد‬
‫وكانت نتائج هذه النتفاضة‬ ‫عن ألف وخمس مائة من البرياء‬
‫كبيرة على مسار الثورة وتتمثل في‬ ‫في الملعب البلدي‪ ،‬ثم قتلهم ودفنهم‬
‫النقاط التية‪:‬‬ ‫جماعيا في خنادق حفرت بواسطة‬
‫‪ -‬فك الحصار المضروب على‬ ‫جرافة كانت محفوظة إلى عهد‬
‫المنطقة الولى أوراس النمامشة‬ ‫قريب كشاهد على جرائم فرنسا‬
‫وتوزيع القوات الستعمارية على‬ ‫المتحضرة التي يطالبنا أبناء دفعة‬
‫منطقة أخرى ذات كثافة سكانية‬ ‫لكوست طي هذه الصفحة‪ ،‬كما قام‬
‫عالية في المشاتي والقرى والمدن‬ ‫العدو بأعمال انتقامية في كل‬
‫مما أربك القوات الستعمارية‪،‬‬ ‫المشاتي والقرى والمدن وزج‬
‫فأدى بها جنون القوة إلى استدعاء‬ ‫بآلف الجزائريين في السجون‬
‫قوات الحتياط‪ ،‬التي شكلت أزمة‬ ‫والمحتشدات‪ ،‬وبدأت آلة التعذيب‬
‫كبيرة بين المجندين وذويهم من‬ ‫التي قادها بسكيكدة المجرم بول‬
‫خلل مظاهراتهم في محطة مون‬ ‫أوساريس شخصيا كما اعترف‬
‫بارناس بباريس وغيرها‪.‬‬ ‫بذلك في مذكراته حيث عذب‬
‫‪ -‬تشجيع المناطق الخرى للوطن‬ ‫المجاهدين في سكيكدة ثم بعد ذلك‬
‫على الحركة والعمل المسلح لن‬ ‫كلف بمهمة تعذيب المجاهد البطل‬
‫الثورة اختيار ل رجعة فيه مهما‬ ‫محمد العربي بن مهيدي رحمة ال‬
‫(‬
‫كانت أحلم النهزاميين والخونة‬ ‫عليه واعترف بأنه يقف وراء قتله‬
‫وأتباع الدارة العامة من رجال‬ ‫‪.)9‬‬
‫السياسة‪.‬‬ ‫نتائج انتفاضة ‪ 20‬أوت ‪1955‬م‪:‬‬

‫‪ -‬تلقي الشعب في الرياف والمدن‬ ‫زُلزل المؤمنون زلزال عظيما‬


‫لصداء النتفاضة بالفخار والزهو‬ ‫بتعبير رب العالمين في انتفاضة ‪20‬‬
‫وانضمام اللف من الشباب‬ ‫أوت ‪1955‬م‪ ،‬وكان شعارهم حي‬
‫رسالة المسجد‪ ،‬العدد الول‪ ،‬جمادى الثانية ‪1424‬ه ‪ /‬أوت ‪2003‬م (‪)7‬‬
‫ومصر وسوريا والردن ولبنان‬ ‫المتحمس للثورة فكانوا الوقود‬
‫والمملكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫والسواعد المفتولة التي سجلت على‬
‫‪ -‬كانت انتفاضة ‪ 20‬أوت ‪1955‬م‬ ‫جبناء الفرق العسكرية الستعمارية‬
‫ملحمة ثورية شكلت انعطافًا كبيرًا‬ ‫مدى جبنهم ورعبهم وهم يجابهون‬
‫في مصير الثورة وهي من الملحم‬ ‫المجاهدين في الجبال والسهول‪.‬‬
‫الكبيرة في تاريخ الجزائر خلل‬ ‫‪ -‬تحقيق أهداف اجتماع "الزمان"‬
‫القرن الماضي بحلوه ومره‪ ،‬ويكفي‬ ‫وتحقيق أبعاد سياسة مهندس‬
‫مهندس النتفاضة فخرًا أنه بعد‬ ‫النتفاضة الشهيد البطل زيغود‬
‫سنة كاملة وفي ‪ 20‬أوت ‪1956‬م‬ ‫يوسف رحمة ال عليه‪.‬‬
‫عقد مؤتمر الصومام وهي تحية‬ ‫‪ -‬انهيار معنويات القتلة من أمثال‬
‫خاصة للثورة عامة بكل الجزائر‪،‬‬ ‫بول أوساريس و"كروفو" رئيس‬
‫وتحية خاصة للمنطقة الثانية‬ ‫بلدية سكيكدة‪ ،‬و"ديبلي" رئيس‬
‫بالشمال القسنطيني‪ ،‬كما رسمت‬ ‫بلدية رمضان جمال وغيرهم من‬
‫الدولة الجزائرية في يوم ‪ 16‬أفريل‬ ‫المجرمين والقتلة‪.‬‬
‫‪1965‬م يوم ‪ 20‬أوت كيوم وطني‬ ‫‪ -‬تحقيق الطابع الجماهيري للثورة‬
‫للمجاهد‪ ،‬فرحم ال شهداء الجزائر‪،‬‬ ‫والقضاء على أسطورة الشهر‬
‫وأسكنهم فسيح جنانه‪.‬‬ ‫الثلثة التي ستقضي فيها قوات‬
‫‪ -‬لقد أيقن الرأي العام العالمي أن‬ ‫الستعمار على قطاع الطرق‪،‬‬
‫ما يجري في الجزائر ليس مشكلة‬ ‫والفلقة‪.‬‬
‫داخلية فرنسية بموجب قرار‬ ‫‪ -‬كانت انتفاضة ‪ 20‬أوت ‪1955‬م قد‬
‫اللحاق لعام ‪1834‬م بل هو ثورة‬ ‫قضت نهائيا على الحلول العرجاء‪،‬‬
‫تحرر وانعتاق من دولة استعمارية‬ ‫وقضت على النتخابات المزمع‬
‫بشعة لم يعرف التاريخ لها مثيل‪،‬‬ ‫قيامها‪.‬‬
‫مهما زيف العلم الغربي عامة‬ ‫‪ -‬تأكد وحدة المصير والكفاح‬
‫والفرنسي خاصة التاريخ المجيد‬ ‫المشترك بين دول المغرب العربي‪.‬‬
‫للثورة الجزائرية المباركة التي‬ ‫‪ -‬قيام تضامن كبير مع الشعب‬
‫نالت إعجاب العداء قبل الصدقاء‬ ‫والثورة الجزائرية في النوادي‬
‫لنها جاءت لتحرر فرنسا نفسها‬ ‫السياسية والفكرية في العراق‬
‫من الفكر الستعماري الذي تبنته‬
‫‪2003‬م‬
‫رسالة المسجد‪ ،‬العدد الول‪ ،‬جمادى الثانية ‪1424‬ه ‪ /‬أوت (‪)8‬‬
‫المفروضة عليه منذ قرن وربع‪،‬‬ ‫اللة العسكرية من خلل علماء‬
‫وأن الثورة منظمة تنظيمًا دقيقًا ل‬ ‫النثربولوجيا ورجال المدرسة‬
‫مجال فيه للعشوائية التي ميزت‬ ‫التاريخية ورؤساء المكاتب العربية‬
‫ثورات القرن التاسع عشر(‪.)10‬‬ ‫عامة‪ ،‬إن هذا الشعب له القدرة‬
‫على الثورة والنعتاق من العبودية‬

‫الهوامش‬
‫(‪-)1‬كانت حدود المنطقة الولى(أوراس النمامشة) إلى غاية بداية تنظيم الوليات‬
‫الجديد الذي ظهر في مؤتمر الصومام ‪ 20‬أوت ‪1956‬م‪ .‬هي جبال الوراس‪،‬‬
‫جبال النمامشة‪ ،‬جبال تبسة‪ ،‬جبال الحضنة‪ ،‬الهضاب العليا‪ ،‬سوق أهراس‪ ،‬بني‬
‫صالح‪ ،‬طريق قالمة وعين أعبيد‪ ،‬سطيف‪ ،‬برج بوعريريج‪ ،‬وتمتد حتى الحدود‬
‫الشرقية نحو تونس وليبيا)‪.‬‬
‫(‪ -)2‬تكبد العدو في معارك الجديدة والدبيلة والوادي خسائر كبيرة قدرها المشاركون‬
‫في الهجوم بحوالي ‪ 600‬من جنود وعملء العدو وهذه الملحمة هيأت الجواء‬
‫في الصحراء الشرقية والمنطقة الولى لهجومات ‪ 20‬أوت ‪1955‬م‪.‬د‪.‬إبراهيم‬
‫مياسي‪ ،‬أوت ‪ : 1955‬وادي سوف في خضم الملحمة(مجلة المصادر) الثاني‪،‬‬
‫الجزائر ‪1420‬ه ‪1999/‬م‪.‬ص‪.120:‬‬
‫(‪-)3‬انظر‪ :‬مصطفى بن بولعيد والثورة الجزائرية(‪1374‬ه ‪ ) 1954/‬إنتاج جمعية أول‬
‫نوفمبر‪ ،‬باتنة ‪1420‬ه ‪1999/‬م‪.‬ص‪.32:‬‬
‫(‪ -)4‬موسى تواتي‪،‬رابح عواد‪ ،‬هجوم ‪ 20‬أوت ‪ ، 55‬قسنطينة ‪،‬الجزائر‪ ،‬دار البعث‪،‬‬
‫‪1992‬م‪.‬ص‪.16:‬‬
‫(‪ -)5‬مذكرات الرئيس علي كافي(من المناضل السياسي إلى القائد العسكري ‪-1946‬‬
‫‪ ،)1962‬الجزائر‪ ،‬دار القصبة للنشر‪1999 ،‬م‪.‬ص‪ 80:‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ -)6‬موسى تواتي‪،‬رابح عواد‪ ،‬هجوم ‪ 20‬أوت ‪،55‬ص‪26:‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ -)7‬مذكرات الرئيس علي كافي(من المناضل السياسي إلى القائد العسكري ‪-1946‬‬
‫‪،)1962‬ص‪.84:‬‬
‫(‪ -)8‬موسى تواتي‪،‬رابح عواد‪ ،‬هجوم ‪ 20‬أوت ‪،55‬ص‪.63:‬‬
‫‪Général Aussaresses, Services spéciaux, Algérie 1955-1957 )mon‬‬
‫‪)9(-témoignage sur la torture( Paris, Perrin, Mai 2001, PP:151-171.‬‬

‫رسالة المسجد‪ ،‬العدد الول‪ ،‬جمادى الثانية ‪1424‬ه ‪ /‬أوت ‪2003‬م (‪)9‬‬
‫د‪.‬محمد المين بلغيث‪ ،‬موقف المثقفين الفرنسيين من التعذيب والسجون‬
‫والمحتشدات أثناء الثورة الجزائرية(مجلة المصادر)‪ ،‬العدد الخامس ‪ ،‬الجزائر‬
‫‪.‬صيف ‪2001‬م‪.‬ص‪ 192:‬وما بعدها‬
‫(‪-)10‬د‪.‬محمد المين بلغيث‪ ،‬تاريخ الجزائر المعاصر(دراسات ووثائق‪ ،‬وثائق جديدة‬
‫وصور نادرة تنشر لول مرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار البلغ للنشر والتوزيع‪ ،‬دار‬
‫ابن كثير‪2001/ 1422 ،‬م‪.‬ص‪.184:‬‬

‫‪2003‬م‬
‫رسالة المسجد‪ ،‬العدد الول‪ ،‬جمادى الثانية ‪1424‬ه ‪ /‬أوت (‪)10‬‬

You might also like