كتاب التأدب مع الرسول في ضوء الكتاب والسنة الجزء الأول

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 37

‫كتاب "التأدب مع الرسول في ضوء الكتاب والسنة" [الجزء الول]‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫التأدب مع رسول ال في ضوء الكتاب والسنة‬

‫تأليف‪ /‬حسن نور حسن‬

‫شكر وتقدير‪:‬‬
‫الح مد ل رب العالم ين والعاق بة للمتق ين‪ ،‬ول عدوان إل على الظالم ين‪ ،‬و صلى ال على نبي نا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا‪.‬‬
‫وبعد‪ ..‬فإن شكر النعمة أمر واجب لمعطيها ولمن كان سببًا لها لقوله تعالى‪َ { :‬ووَ صّ ْينَا الِن سَانَ‬
‫ش ُكرْ لِي وَلِوَاِل َديْكَ إَِليّ ا ْلمَصِيرُ} [لقمان‪:‬‬
‫ن أَ نْ ا ْ‬
‫حمََلتْ ُه ُأمّ هُ وَ ْهنًا عَلَى وَهْ نٍ َوفِصَالُ ُه فِي عَا َميْ ِ‬
‫ِبوَاِل َديْ ِه َ‬
‫‪.]14‬‬
‫ي من ن عم وف ضل وبخا صة نع مة التوف يق‬
‫و من هذا المنطلق‪ ،‬أش كر ال تعالى على ما أ سداه إل ّ‬
‫والنتساب لجامعة أم القرى العريقة لنهل من مواردها الصافية وبخاصة في مجال دراسة علوم‬
‫القرآن والحديث‪.‬‬
‫وبعد شكر ال تعالى أتوجه بالشكر لعباده الخيرين القائمين على أمر كلية الدعوة وأصول الدين‬
‫وعلى رأسهم سعادة عميد الكلية وسعادة وكيله وسعادة رئيس قسم الكتاب والسنة‪.‬‬
‫ول يفوت ني أن أو جه الش كر ل سعادة ال ستاذ الدكتور أح مد أح مد علوش على ما بذله م عي في‬
‫هذه الرسالة من نصح خالص وتوجيه سديد وإرشاد مستمر‪ ،‬وتشجيع صادق‪.‬‬
‫كما أني أشكر الخ الفاضل الذي سعى إلى طبع هذه الرسالة وال أسأل أن يجز يه عني خير‬
‫الجزاء‪.‬‬
‫وأخيرًا وليس آخرًا أشكر للقائمين على إدارة دار المجتمع بجدة التي تولت طبع هذه الرسالة‪.‬‬
‫وختامًا أشكير لكيل مين سياعدني ولو بالدعاء والمانيي الطيبية وجزى ال الجمييع خيرًا وال‬
‫الموفق‪.‬‬
‫المؤلف‬

‫‪1 / 37‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫المقدّمــة‬

‫الحمد ل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهد‬
‫ن ل إله إلّ ال وحده ل شر يك له وأش هد أ نّ‬
‫ال فل م ضل له و من يضلل فل هادي له‪ ،‬وأش هد أ ّ‬
‫محمدًا عبده ورسوله صلى ال عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين‪.‬‬
‫ن كل مسلم مخلص يجد نفسه مرتبطًا برسول ال صلى ال عليه وسلم صاحب الفضل‬
‫وبعد‪ :‬فإ ّ‬
‫في إيصال السلم إلى الناس كافة فهو الذي بواسطته جاء الوحي بشقيه القرآن والسنة إلى البشر‬
‫أجمعين‪ ،‬يأخذون منهما منهج السعادة في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫وقيد أراد ال يي سيبحانه وتعالى يي بفضله ومنّه الخيير لي إذ جعلنيي مين طلب العلم الذيين‬
‫يدرسون العلوم الشرعية‪ ،‬وبالخص علوم القرآن الكريم والسنة النبوية اللذين هما مصدرا السلم‬
‫الساسيان‪.‬‬
‫ن َت ُعدّوا ِن ْعمَ َة اللّ ِه ل ُتحْصُوهَا ِإنّ اللّهَ‬
‫وهذه نعمة من نعم ال تعالى التي ل تعد ول تحصى‪{ :‬وَإِ ْ‬
‫َلغَفُورٌ َرحِيمٌ} [النحل‪.]18:‬‬
‫ل في المزيد‪.‬‬
‫وأشكر ال على ذلك آم ً‬
‫لزِي َد ّنكُمْ} [إبراهيم‪.]7:‬‬
‫ش َك ْر ُتمْ َ‬
‫{َلئِنْ َ‬
‫و قد ازداد هذا الخ ير بأن مكّن ني ال من ال ستمرار في ن فس التخ صص في مرحلة الدرا سات‬
‫العليا؛ حيث قبلت بالدراسات العليا الشرعية بكلية الشريعة والدراسات السلمية بجامعة أم القرى‬
‫فرع الكتاب وال سنة في بلد ال الحرام الذي تهوى إل يه أفئدة المؤمن ين من أنحاء المعمورة تحقيقًا‬
‫ن ُذرّ ّيتِي‬
‫سكَنتُ مِ ْ‬
‫لدعوة أبي النبياء إبراهيم عليه السلم كما حكى لنا القرآن الكريم‪َ { :‬ر ّبنَا ِإنّي أَ ْ‬
‫ِمي‬
‫ّاسي َتهْوِي إَِل ْيه ْ‬
‫ِني الن ِ‬
‫ل َأفْ ِئدَ ًة م ْ‬
‫ّمي َربّنَا ِليُقِيمُوا الصيّل َة فَاجْعَ ْ‬
‫حر ِ‬‫ِكي ا ْل ُم َ‬
‫ع ْندَ َب ْيت َ‬
‫ْعي ِ‬
‫غ ْيرِ ذِي َزر ٍ‬
‫ِبوَادٍ َ‬
‫ش ُكرُونَ} [إبراهيم‪.]37:‬‬
‫وَارْ ُز ْقهُمْ ِمنْ ال ّث َمرَاتِ َلعَّل ُهمْ َي ْ‬
‫وهذه نعمية أخرى أحميد ال سيبحانه وتعالى عليهيا وأشكره وأنيا راض سيعيد‪ ،‬حييث ازدادت‬
‫صلتي بكتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتحققت أمنيتي بالستمرار في هذا الطريق‬
‫الحبيب‪.‬‬
‫ولمّا حان موعد كتابة رسالة الماجستير لم أجد أفضل من أن أعيش مع صاحب الرسالة رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم الذي جعله ال أسوة وقدوة للمؤمنين ليقتدوا به‪ .‬حيث يقول سبحانه‪{ :‬لَ َقدْ‬

‫‪2 / 37‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫خرَ َو َذ َكرَ اللّ َه َكثِيرًا} [الحزاب‪:‬‬
‫ن كَا نَ َي ْرجُو اللّ هَ وَا ْل َيوْمَ ال ِ‬
‫سنَ ٌة ِلمَ ْ‬
‫ن َلكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْ َوةٌ حَ َ‬
‫كَا َ‬
‫‪.]21‬‬
‫و قد ع شت مع هذا ال مل ووفق ني ال لختيار موضوع‪( :‬التأدب مع الر سول صلى ال عل يه‬
‫وسلم في ضوء الكتاب والسنة) عساي أن أوضح هذا الجانب الهام الذي يحتاج إليه البشر عمومًا‬
‫والمسلمون على وجه الخصوص‪.‬‬
‫وأهمية كل دراسة ترتبط بموضوعها‪ ،‬وبذلك يأخذ موضوعي هذا أهمية كبرى لتعلقه بأسلوب‬
‫التعامل مع رسول ال صلى ال عليه وسلم وسنته وتعاليمه حيًا وميتا‪.‬‬
‫فل قد أر سل ر سول ال صلى ال عل يه و سلم بال حق للناس جميعًا‪ ،‬يدعو هم للهدى‪ ،‬ويوجه هم‬
‫للخ ير‪ ،‬ويحرص على تحق يق الم صلحة يقول تعالى‪{ :‬وَمَا َأرْ سَ ْلنَاكَ ِإلّ كَافّةً لِلنّا سِ َبشِيرًا َو َنذِيرًا}‬
‫[سبأ‪.]28:‬‬
‫سرَاجًا‬
‫عيًا إِلَى اللّ ِه ِبِإذْنِ هِ وَ ِ‬
‫ويقول تعالى‪{ :‬يَا َأ ّيهَا ال ّن ِبيّ ِإنّا َأرْ سَ ْلنَاكَ شَا ِهدًا َو ُم َبشّرًا َو َنذِيرًا * َودَا ِ‬
‫ُمنِيرًا} [الحزاب‪.]4546:‬‬
‫ط ُمسْتَقِيمٍ} [الشورى‪.]52:‬‬
‫صرَا ٍ‬
‫ويقول تعالى‪{ :‬وَِإ ّنكَ َل َت ْهدِي إِلَى ِ‬
‫حرِي صٌ عََل ْيكُ مْ بِا ْلمُ ْؤ ِمنِي نَ‬
‫ع ِنتّ مْ َ‬
‫عزِيزٌ عََليْ ِه مَا َ‬
‫سكُمْ َ‬
‫ل مِ نْ أَنفُ ِ‬
‫ويقول تعالى‪{ :‬لَ َقدْ جَا َءكُ مْ رَ سُو ٌ‬
‫رَءُوفٌ َرحِيمٌ} [التوبة‪.]128:‬‬
‫ولرسول ال صلى ال عليه وسلم فضل على أمته‪ ،‬فلقد بلغهم الوحي ونصحهم وأتم لهم الدين‬
‫وكمل لهم الرسالة وأدى المانة المكلف بها من قبل ال على أتم وجه بشهادة الصحابة في حجة‬
‫الوداع حين ما قال ل هم أثناء خطب ته بوادي عر نة يوم عر فة قال‪( :‬وأن تم م سؤولون عنّى ف ما أن تم‬
‫قائلون؟ قالوا‪ :‬نشهيد أنّك قيد بلغيت وأدييت ونصيحت‪ .‬فقال بإصيبعه السيبابة يرفعهيا إلى السيماء‬
‫وينكتها[‪ ]1‬إلى الناس‪ :‬اللهم أشهد اللهم أشهد) ثلث مرات[‪.]2‬‬
‫ن ال على المؤمنين ببعثه صلى ال عليه وسلم فيهم معلمًا ومزكيًا ورسولً يأخذهم إلى‬
‫وقد م ّ‬
‫طريق الفوز والنجاة‪.‬‬
‫يقول تعالى‪{ :‬لَ َق ْد مَنّ اللّهُي عَلَى ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَي ِإذْ َبعَثَي فِيهِم ْي رَسيُولً مِن ْي َأنْفُسِيِهمْ َيتْلُوا عََل ْيهِم ْي آيَاتِهِي‬
‫ن كَانُوا ِمنْ َقبْلُ لَفِي ضَللٍ ُمبِينٍ} [آل عمران‪.]164:‬‬
‫ح ْكمَةَ وَإِ ْ‬
‫َو ُيزَكّي ِهمْ َو ُيعَّل ُم ُهمْ ا ْل ِكتَابَ وَا ْل ِ‬
‫يقول بعيض المفسيرين‪( :‬اعلم أنّي بعثية الرسيول إحسيان مين ال إلى الخلق‪ ،‬ثيم أنّهيا لمّا كان‬
‫النتفاع بالرسول أكثر كان وجه النعام في بعثه الرسل أكثر‪ .‬وبعثة محمد صلى ال عليه وسلم‬
‫كانت مشتملة على المرين‪:‬‬

‫‪3 / 37‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫أحدهما‪ :‬المنافع الحاصلة من أصل البعثة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬المنافع الحاصلة بسبب ما فيه من الخصال التي ما كانت موجودة في غيره‪.‬‬
‫شرِي نَ َومُن ِذرِي نَ‬
‫أما المنفعة بسبب أصل البعثة فهي التي ذكرها ال تعالى في قوله‪{ :‬رُ سُلً ُم َب ّ‬
‫حكِيمًا} [النساء‪.]165:‬‬
‫عزِيزًا َ‬
‫حجّةٌ َب ْعدَ ال ّرسُلِ َوكَانَ اللّهُ َ‬
‫ن لِلنّاسِ عَلَى اللّ ِه ُ‬
‫للّ َيكُو َ‬
‫َ‬
‫وأمّا المنافع الحاصلة بسبب ما كان في محمد صلى ال عليه وسلم من الصفات فأمور ذكرها‬
‫ال تعالى في هذه الية)[‪.]3‬‬
‫والخصال التي تشير إليها هذه الية هي‪ :‬أنّه صلى ال عليه وسلم من أنفسهم ل من غيرهم من‬
‫الجناس الخرى من المم ول من المخلوقات الخرى كالملئكة وأنّه يبلغ إليهم الوحي ويزكيهم‬
‫من كل مخلفات الجاهل ية من عبادة الصنام والوثان ويعلم هم القرآن وال سنة مع أن هم كانوا قومًا‬
‫ل ِم ْنهُ مْ َيتْلُو‬
‫ل ّميّي نَ رَ سُو ً‬
‫أمي ين ك ما تش ير إل يه آ ية أخرى و هي قوله تعالى‪ُ { :‬هوَ اّلذِي َبعَ ثَ فِي ا ُ‬
‫ن كَانُوا ِمنْ َقبْلُ َلفِي ضَللٍ ُمبِينٍ} [الجمعة‪.]2:‬‬
‫ح ْكمَةَ وَإِ ْ‬
‫عََل ْيهِ ْم آيَاتِهِ َو ُي َزكّي ِهمْ َو ُيعَّل ُم ُهمْ ا ْل ِكتَابَ وَا ْل ِ‬
‫وكما م نّ ال تعالى على المؤمنين ببعثة محمد صلى ال عليه وسلم فيهم‪ ،‬وجههم إلى ضرورة‬
‫ل َفخُذُو هُ‬
‫التأدّب معه وذلك يتم بعدة وجوه تشير إليها اليات التالية‪ :‬يقول تعالى‪َ { :‬ومَا آتَاكُ مْ الرّ سُو ُ‬
‫عنْ ُه فَانْ َتهُوا} [الحشر‪.]7:‬‬
‫َومَا َنهَاكُمْ َ‬
‫ن آ َمنُوا ل تُ َق ّدمُوا َبيْنَ َي َديْ اللّهِ َورَسُوِلهِ} [الحجرات‪.]1:‬‬
‫ويقول تعالى‪{ :‬يَا َأ ّيهَا اّلذِي َ‬
‫ج َهرُوا لَ ُه بِالْقَوْلِ‬
‫ت ال ّنبِيّ وَل َت ْ‬
‫ن آ َمنُوا ل َترْ َفعُوا أَ صْوَا َت ُكمْ فَوْ قَ صَوْ ِ‬
‫ويقول تعالى‪{ :‬يَا َأ ّيهَا اّلذِي َ‬
‫ج ْهرِ َب ْعضِ ُكمْ ِل َبعْضٍ} [الحجرات‪.]2:‬‬
‫َك َ‬
‫ن آ َمنُوا صَلّوا عََل ْي هِ وَ سَّلمُوا‬
‫ويقول تعالى‪{ :‬إِنّ اللّ هَ َومَل ِئ َكتَ ُه يُ صَلّونَ عَلَى ال ّنبِيّ يَا َأيّهَا اّلذِي َ‬
‫َتسْلِيمًا} [الحزاب‪.]56:‬‬
‫ضكُمْ َب ْعضًا} [النور‪.]63:‬‬
‫ل َب ْي َنكُمْ َكدُعَاءِ َب ْع ِ‬
‫جعَلُوا دُعَاءَ ال ّرسُو ِ‬
‫ويقول تعالى‪{ :‬ل َت ْ‬
‫ومجمل اليات يوضح مسؤولية المسلم إزاء رسول ال صلى ال عليه وسلم من ناحية الطاعة‬
‫العملية والعتقاد القلبي والسلوك الخلقي والكيفية التي يجب على المسلم أن يتعامل بها مع النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم ومع شرعه حيّا وميّتا‪ .‬وعلى الجملة أهمية الموضوع تنحصر فيما يلي‪:‬‬
‫ن المسلم يجد نفسه مرتبطًا برسول ال صلى ال عليه وسلم بذكره آناء الليل وأطراف‬
‫أولً‪ :‬أ ّ‬
‫النهار‪ ،‬فهو يشهد له بالرسالة في كلمة التوحيد وفي التشهد وفي الذان ويصلي عليه في الصلوات‬
‫المكررة كل يوم ويراه في كل عبادة‪ ،‬وحياة المؤ من كل ها عبادة وح يث أ نّ ال مر كذلك ف هو في‬
‫حاجة إلى أن يعرف مقام رسول ال بحق حتى يتأدب معه بطريقة مشروعة وبمنهج مثاب عليه‪.‬‬

‫‪4 / 37‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫ثانيًا‪ :‬هنالك من الناس من يغ فل عن التأدب مع ر سول ال ي عن ج هل أو عن تق صير ي‬
‫ويحتاج هذا المر إلى بيان كيفية التأدب مع رسول ال لكي يلتزم المقصر باقتناع ويصحو الغافل‬
‫بعلم‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬وهناك فريق من المسلمين يغالون في التأدّب مع الرسول ويتصورون المغالة دينًا‪ ،‬ولذا‬
‫يق‬
‫يتقيم الناس على الحي‬
‫يل المغالة‪ ،‬ويسي‬
‫يب أن يحدد الدب المشروع بدليله الصيحيح لتبطي‬
‫وجي‬
‫والصواب‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬ظهرت بعض مذاهب منحرفة تدعي حب الرسول والتوجه إليه بأدب‪ ،‬وتخترع في سبيل‬
‫ذلك شرائع وعقائد بق صد تشو يه تعال يم ال سلم ال صحيحة‪ ،‬و صرف الم سلمين عن حقي قة ال سلم‬
‫وتطبيقاته‪ ،‬وهذا أمر يحتاج إلى التصدي بالعلم وبالدلة الصحيحة من الكتاب والسنة ليتبين الرشد‬
‫من الغي ويحيا من يحيا عن بيّنة‪ ،‬ويضل من يضل عن بينة كذلك‪.‬‬
‫خام سًا‪ :‬الدب مع الرسول بصورة عامة من القضايا التي يحتاج إليها كل مسلم في كل عصر‬
‫وم صر‪ ،‬ولذا فإن جم عه في مؤلف وا حد يو ضح الطر يق ويي سر ال ستفادة أ مر ي ستحق الهتمام‬
‫وخاصة في عصرنا الحاضر المليء بالنظريات الهدامة‪.‬‬
‫ولتحقيق تلك الهداف التي أشرت إليها اتبعت منهجًا علميًا يعتمد على السس التالية‪:‬‬
‫(أ) ق سّمت الموضوع إلى أبواب وف صول ومبا حث ح سب ما تتطل به الدرا سية وعلى ضوء‬
‫التسلسل العلمي السليم‪.‬‬
‫(ب) في كل مبحث أبيّن المراد منه ثم أوضّح آراء العلماء فيه‪.‬‬
‫(ج) أورد أدلة كل فريق من العلماء في المسائل المختلف فيها مع توجيه الدلة نحو الرأي التي‬
‫سيقت له كما ذكر العلماء أنفسهم‪.‬‬
‫(د) أعقد مناقشة بين الدلة وذلك بمواجهة أدلة كل فريق بأدلة معارضيه‪.‬‬
‫(هي) انتهي من المسألة ببيان الرأي الراجح مع بيان وجه الترجيح‪.‬‬
‫و قد اعتمدت على القرآن الكر يم وال سنة النبو ية وعلى عد يد من الم صادر والمرا جع ال صلية‬
‫ال تي ل ها صلة بالموضوع كك تب التف سير وك تب ال سنة وشروح ها وك تب ال سيرة والمغازي وك تب‬
‫الشمائل والخصائص وكتب العقيدة والفرق‪ ،‬وكتب الفقه وأصوله‪ ،‬وغيرها من الكتب‪.‬‬
‫(و) بالنسبة ليات القرآن وأحاديث المصطفى صلى ال عليه وسلم فسوف أجعلها في قوسين‪،‬‬
‫واحد في بدايتها وآخر في نهايتها مع وضع نقاط في البداية إذا كان النص جزءًا ممّا قبله‪ ،‬وأمّا إذا‬
‫ن النص لم ينقل بأكمله‪ ،‬وأمّا إذا‬
‫كان ما بعده جزءًا منه فسوف أضع النقاط في آخر الكلم لبيان أ ّ‬

‫‪5 / 37‬‬ ‫‪5‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫حذفت بعض النص من الوسط فسوف أضع النقط في الوسط للعلة نفسها بشرط أن يكون الحديث‬
‫من كلم النبي صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وبالن سبة للن صوص المقتب سة من غ ير القرآن الكر يم وال سنة النبو ية ف سوف أح صرها بعلمات‬
‫القتباس "" هكذا مع وضع النقاط في مواطن الحذف التي أشرت إليها‪.‬‬
‫و كل هذا في الن صوص ال تي لم أتعرض ل ها بالت صرف‪ ،‬وأمّا إذا أحلت ها إلى أ سلوبي الخاص‬
‫ف سوف أكتفي بالشارة إلى مصدرها أو مرجعها في الهامش مع الذكر أني تصرفت في ها تحقي قا‬
‫للمانة العلمية‪.‬‬
‫وسوف أقوم أيضًا بعزو كل نص مقتبس إلى موضعه الصلي وفق المنهج التي‪:‬‬
‫أولً‪ :‬النصوص القرآنية‪ :‬أشير في الهامش إلى اسم السورة ورقم الية‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أما النصوص النبوية فسوف أقوم بعزوها إلى مصادرها الصلية مكتفيًا بمصدر واحد إذا‬
‫لم يكين هناك ميا يقتضيي ذكير أكثير مين مصيدر ميع الشارة إلى اسيم الكتاب والباب والجزء‬
‫والصفحة في الهامش‪.‬‬
‫وبالنسبة لدرجة الحديث‪ ،‬فسوف أذكر من نص من الئمة على ذلك صحة وضعفًا إذا كان في‬
‫غير الصحيحين لتفاق المة على قبول ما ورد فيهما مرفوعًا مسندًا‪.‬‬
‫ومن ناحية أسانيد الحاديث فل أتطرق إلى رجالها إل ما ورد في الباب الثالث من هذه الرسالة‬
‫وخاصة أسانيد الحاديث من طرف الخصم المرجوح مع الكتفاء بذكر الرجل المجروح من قبل‬
‫أئمة هذا الشأن ل كل الرجال في السند لحصول الغرض بواحد أو اثنين منهم في مقام التضعيف‬
‫والرد بع كس ما هو مطلوب في مقام الت صحيح والقبول إذ أن وجود ر جل وا حد في ال سند يك في‬
‫لرد قبول الحتجاج بالحديث وليس العكس كما هو معلوم‪.‬‬
‫من ناحية النصوص المقتبسة من كتب المعاجم والقواميس فأذكر المادة أحيانًا مع الشارة إلى‬
‫اسم الكتاب والجزء والصفحة‪.‬‬
‫من ناحية النصوص المقتبسة من المراجع والمصادر غير ما ذكرت فسوف أقوم بعزوها إلى‬
‫مرجعها مع الشارة إلى السم المتعارف عليه للكتاب والجزء والصفحة في الهامش وأؤخر اسم‬
‫الكتاب كاملً في ثبت المراجع مع ذكر الطبعة وتاريخها ودار النشر ومكانها إن أمكن‪.‬‬
‫بالن سبة لمؤل في الم صادر والمرا جع فل أتطرق إلى الترج مة ل كل وا حد بل أكت في بذ كر ا سمه‬
‫المشهور مع كتا به في أول وروده وأؤ خر ذ كر ا سمه الكا مل مع كتا به في ث بت المرا جع إذا كان‬

‫‪6 / 37‬‬ ‫‪6‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫المؤلف من المشهور ين أو المعا صرين‪ ،‬وأمّا غير هم ف سوف أض يف إلى ذلك ترج مة موجزة ل هم‬
‫أذكر فيها أسماءهم كاملة وتاريخ ولدتهم ووفاتهم كلما أمكن ذلك‪.‬‬
‫هذا هو المنهج الذي اتبعته مع النصوص الواردة في هذا البحث‪ ،‬وقد جاء مشتملً على مقدمة‬
‫وثلثة أبواب وخاتمة‪.‬‬
‫ففي المقدمة‪ :‬تحدثت عن أهمية الموضوع وسبب اختياري له‪ ،‬والمنهج الذي اتبعت في بحثه‪،‬‬
‫وأهم المشاكل التي واجهتني وخطة البحث بإجمال‪.‬‬
‫وأما في التمهيد‪ :‬فقد تحدثت فيه عن تعريف الدب في اللغة وفي الصطلح وضرورة اللتزام‬
‫بالتأدب مع الرسول صلى ال عليه وسلم بما جاء في القرآَن الكريم والسنة النبوية الثابتة‪.‬‬
‫وفي الباب الول‪ :‬تحدثت فيه عن أسباب قيام المة بالدب مع الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫وذكرت ف يه نسيبه الطاهير وتربي ته وأ هم صيفاته قبيل النبوة وبعيد النبوة ومواقفيه من المشركيين‬
‫المعاندين لرسالته من احتمال الذى وعدم خضوعه لمغرياتهم‪ ،‬وإكمال الدين على يديه‪.‬‬
‫و في الباب الثا ني‪ :‬و هو أ هم البواب ف قد تحد ثت ف يه عن أنواع الدب مع الر سول صلى ال‬
‫عليه وسلم وقد قسّمتها إلى ثلثة أنواع‪:‬‬
‫النوع الول‪ :‬الدب القلبي ي وهو ما كان محله القلب كاليمان بنبوته ي صلى ال عليه وسلم‬
‫ومحبته‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬الدب القولي ي و هو ما كان محله الل سان ي مثل ال صلة على ال نبي صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬الدب العملي ي وهو ما كان محله الجوارح غير اللسان ي مثل اتباعه صلى ال‬
‫عليه وسلم وتنفيذ أمره‪.‬‬
‫وفي الباب الثالث‪ :‬فقد تحدثت فيه عمّا ينافي التأدب مع الرسول صلى ال عليه وسلم وإن كان‬
‫يقصد فاعله التأدب بعينه عن جهل أو تأويل أو غير ذلك مثل الحتفال بمولده صلى ال عليه وسلم‬
‫وشد الرحال إلى قبره صلى ال عليه وسلم دون مسجده وغيرها من البدع الخرى التي تصحب‬
‫ذلك أو تفعل في مسجده صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وفي الخاتمة‪ :‬فقد ذكرت أهم النتائج التي توصلت إليها أثناء البحث‪.‬‬
‫أني عملً كهذا يتطلب جهدًا كيبيرًا لنجازه حتيى يخرج إلى حييز الوجود فيي أكميل‬
‫ول شيك ّ‬
‫صورته‪.‬‬

‫‪7 / 37‬‬ ‫‪7‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫ل تجاه هذا البحث مع أنّي لقيت صعوبات كثيرة وأهمها ما هو متعلق‬
‫وقد بذلت جهدًا متواص ً‬
‫بمرا جع الموضوع من ب حث وتنق يب في الك تب المطبو عة وغ ير المطبو عة و من تن سيق وترت يب‬
‫واستنباط وغير ذلك‪ .‬وأخيرًا‪ :‬أسجل هنا أهم الصعوبات التي واجهتني‪:‬‬
‫(أ) لم أجد من تكلم عن هذا الموضوع في مؤلف واحد مما كلفني مراجعة بطون الكتب التي‬
‫ل ها صلة بهذا الموضوع من قر يب و من بع يد كك تب التف سير وك تب الحد يث وشروح ها وك تب‬
‫السيرة والمغازي وكتب الشمائل وغير ذلك من مطبوع ومخطوط‪.‬‬
‫(ب) الذين تطرقوا إلى موضوع من مواضيع هذه الرسالة ينقسمون إلى فئتين‪:‬‬
‫الفئة الولى‪ :‬تذكر النصوص الواردة في المسألة من القرآن والسنة سردًا دون تعليق‪.‬‬
‫وأما الفئة الثانية‪ :‬فهي على نقيض ذلك إذ تخصص كتابًا كاملً لموضوع من مواضيع رسالتي‬
‫وتتكلم عنه بالتفصيل‪ ،‬وحينئذٍ أجد صعوبة في استخلص المعلومات التي تتمشى مع حجم رسالتي‬
‫وخا صة المب حث الذي خ صصت لتلك الم سألة إذ أ نّ كتابًا واحدًا من تلك المؤلفات يوازي ما في‬
‫هذه الرسالة أو أكثر‪ ،‬فما بال المبحث الذي هو جزء من فصل ضمن باب من رسالة مكونة من‬
‫عدة أبواب‪.‬‬
‫(ج) بعض المراجع لهذا الموضوع ما زالت مخطوطة ولم أتمكن من الوصول إليها‪ ،‬ولذلك‬
‫اضطررت إلى اقتباس بعض النصوص المعزوة إلى تلك المخطوطات من مراجع فرعية‪.‬‬
‫(د) بعض المراجع التي رجعت إليها واقتبست منها يعزو أصحابها بعض النصوص التي لها‬
‫عل قة وثي قة بالموضوع إلى ش خص غ ير مشهور ويذكرون كني ته أو ن سبته إلى قبيلة‪ ،‬أو بلد دون‬
‫ن هذه النسبة أو الكنية مشتركة بين‬
‫المؤلف أو السم الكامل للشخص والقرن الذي عاش فيه مع أ ّ‬
‫عدة أشخاص عاشوا قبل صاحب ذلك المرجع أو من أقرانه‪ ،‬وحينئذ أجد صعوبة في الوصول إلى‬
‫الشخص المقصود منهم‪.‬‬

‫‪8 / 37‬‬ ‫‪8‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫التمهيــد‬

‫يحتاج موضوع بح ثي هذا (التأدب مع الر سول صلى ال عل يه و سلم) إلى بيان ب عض الم سائل‬
‫التي تبيّن المراد منه حتى تكون الدراسة محددة من ناحية الموضوع ومن ناحية الهدف معًا‪.‬‬
‫وهذه المسائل هي‪:‬‬
‫‪ 1‬بيان المراد بالتأدّب مع الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ 2‬ضرورة اللتزام في التأدّب م عه صلى ال عل يه و سلم ب ما جاء في القرآن الكر يم وال سنة‬
‫النبوية‪.‬‬
‫وسوف أتناول بحث هاتين النقطتين فيما يلي‪:‬‬
‫‪ 1‬بيان المراد بالتأدّب مع الرسول صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫التأدب مصدر من الفعل الخماسي (تأدّب) بتشديد الدال‪ ،‬وله معان متعددة يشترك فيها مع كلمة‬
‫الدب مع الزيادة ب سبب ما ف يه من تضع يف‪ .‬ولذا ح سن أن أبدأ ببيان مع نى الدب أولً‪ ،‬وبعد ها‬
‫أبيّن معنى التأدّب مع ملحظة الفرق بين الصيغتين‪.‬‬
‫أ الدب في اللغة‪:‬‬
‫يقول ابن فارس[‪( :]4‬الهمزة والدال والباء أصل واحد تتفرع مسائله وترجع إليه‪ ،‬فالدْب أن‬
‫تجمع الناس إلى طعامك‪ ،‬ومن هذا القياس‪ ،‬الدب أيضًا لنّه مجمع على استحسانه‪.]5[)...‬‬
‫ولهذا قال ابن منظور[‪( :]6‬أصل الدب الدعاء)[‪.]7‬‬
‫هذا أصل كلمة الدب‪ ،‬وأمّا عن اشتقاقها‪ ،‬فيقول الجواليقي[‪( :]8‬واشتقاقه من شيئين يجوز أن‬
‫يكون من الدب و هو الع جب‪ ،‬و من الدب م صدر قولك‪ :‬أدب فلن القوم يؤدب هم أدبًا بالك سر إذا‬
‫دعاهم‪ ...‬ثم قال‪ :‬فإذا كانت من الدب الذي هو العجب فكأنّه الشيء الذي يعجب منه لحسنه ولنّ‬
‫صاحبه هو الرجل الذي يعجب منه لفضله‪ ،‬وإذا كان من الدب الذي هو العجب فكأنه الشيء الذي‬
‫يدعو الناس إلى المحامد والفضل وينهاهم عن المقابح والجهل)[‪.]9‬‬
‫وأمّا عن استعمالتها فيقول الشيخ أحمد رضا‪( :‬الدب‪ :‬ملكة تقصى من قامت به عن كل ما‬
‫يشينه‪ ،‬ويقع على كل رياضة محمودة يتخرج بها النسان من فضيلة من الفضائل‪ :‬حسن الخلق‪،‬‬
‫فعيل المكارم‪ ،‬الظرف‪ ،‬حسين التناول‪ ،‬وهذا كله أدب النفيس‪ .‬والدب‪ :‬درس العلوم العربيية مولد‪،‬‬
‫وهذا أدب الدرس)[‪.]10‬‬

‫‪9 / 37‬‬ ‫‪9‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫ولهذا قال الجوهري[‪( :]11‬الدب‪ :‬أدب الن فس والدرس‪ ،‬تقول م نه‪ :‬أدب الر جل بال ضم ف هو‬
‫أديب وأدّبته فتأدّب)[‪.]12‬‬
‫ومعنى ذلك أنّ لكلمة الدب استعمالين‪ :‬حسن الخلق ودرس العلوم العربية‪.‬‬
‫وهذا ما عبّر عنه ابن هذيل [‪ ]13‬بالدب الطبيعي والدب الكسبي‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫فال طبيعي‪ :‬ما يف طر عل يه الن سان من الخلق الح سنة ال سنية والت صاف بال صفات المرض ية‬
‫مثل الحلم والكرم وحسن الخلق والحياء والتواضع والصدق وغير ذلك من الصفات الحميدة‪.‬‬
‫والكسبي‪ :‬فهو ما يكتسبه النسان بالدرس والقراءة والحفظ والنظر‪ ،‬وهو عبارة عن ستة أشياء‪:‬‬
‫الكتاب والسنة والنحو‪ ،‬واللغة والشعر‪ ،‬وأيام الناس)[‪.]14‬‬
‫وال ستعمال الول هو الشائع ولهذا قال الجوالي قي‪( :‬والدب الذي كا نت العرب تعر فه هو ما‬
‫يحسن من الخلق وفعل المكارم مثل ترك السفه‪ ،‬وبذل المجهود وحسن اللقاء)[‪.]15‬‬
‫وأمّا الستعمال الثاني‪ :‬فهو اصطلح مولد جاء بعد السلم‪.‬‬
‫ن يسمّوا العالم بالنحو والشعر‬
‫يقول الجواليقي‪( :‬واصطلح الناس بعد السلم بمدة طويلة على أ ّ‬
‫لني هذه العلوم حدثيت فيي‬
‫ّ‬ ‫وعلوم العربيية أديب ًا‪ ،‬ويسيمون هذه العلوم أدب ًا‪ .‬وذلك كلم مولد‪،‬‬
‫السلم)‪.‬‬
‫ن كلمة الدب كانت تطلق عند العرب على الخلق الحسنة‪ ،‬وأمّا بعد السلم‬
‫وخلصة القول أ ّ‬
‫فقد أطلق بجانب ذلك على الكلم الحسن والجيد من القوال سواء كان نثرًا أو شعرًا‪.‬‬
‫والستعمال الول هو الذي يتمشى مع مقامنا هذا‪.‬‬
‫ن كلمة الدب في بحثي هذا تعني الخلق الحسنة والتصاف بالصفات الحميدة‪.‬‬
‫ولهذا نقول‪ :‬إ ّ‬
‫وعلى ضوء معنيى الدب المذكور يمكين فهيم المراد مين التأدّب لنّهميا مين أصيل واحيد‪،‬‬
‫ن الولى من المجرد‪،‬‬
‫ن كثيرة مع ملحظة ما بين الصيغتين تركيبًا ومعنى؛ ل ّ‬
‫ويشتركان في معا ٍ‬
‫ن الزيادة في المبنى تفيد الزيادة في المعنى غالبًا‪.‬‬
‫والثانية من المزيد‪ .‬لنّه يقال‪ :‬إ ّ‬
‫وكلمية تأدّب وزنهيا تفعّل‪ ،‬فيي الميزان الصيرفي‪ ،‬وهيي تأتيي لعدة معان ولكين المعنيى الذي‬
‫يتمشيى ميع مقامنيا هذا هيو أنّهيا مطاوع أدّب على وزن (فعّل) لنّه يقال‪ :‬أدّبتيه فتأدّب أي تلقيى‬
‫الدب‪ ،‬والتأدّب مصيدرها‪ .‬وعلى هذا فمعنيى التأدّب‪ :‬المبالغية فيي التخلق بالصيفات الحسينة‬
‫والمكارم الجميلة‪.‬‬
‫ب الدب في اصطلح الشرع‪:‬‬
‫وكلمة الدب في اصطلح الشرع ل تخرج عن المعنى اللغوي الذي أشرنا إليه آنفًا‪.‬‬

‫‪10 / 37‬‬ ‫‪10‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫ولهذا قال الجرجا ني[‪( :]16‬الدب عبارة عن معر فة ما يحترز به عن جم يع أنواع الخ طأ‪،‬‬
‫وأدب القاضي‪ ،‬وهو ما ندب إليه الشرع من بسط العدل ورفع الظلم وترك الميل)[‪.]17‬‬
‫ويقول صاحب الب حر الرائق[‪( :]18‬كتاب أدب القا ضي‪ :‬أي ما ينب غي للقا ضي أن يفعله و ما‬
‫ينب غي أن ينت هي ع نه‪ ،‬والولى الت عبير بالمل كة؛ لن ها ال صفة الرا سخة للن فس ف ما لم ي كن كذلك ل‬
‫يكون أدبًا كما ل يخفى)[‪.]19‬‬
‫وكل مة الدب في التعريف ين ال سابقين تع ني الت صاف بالخلق الجميلة‪ ،‬والحتراز ع ما يقابل ها‬
‫من سفاسف المور‪.‬‬
‫وهذا هو المعنى المتبادر من إطلقها إلّ أنّها قد تطلق على المظهر الخارجي للخلق‪.‬‬
‫يقول محمد جمال الدين رفعت في التفريق بين الدب والخلق‪( :‬فكلمة الداب تعني السلوك كما‬
‫تع ني ال سلوب الذي ي سير عل يه الن سان في ت صرفاته الشخ صية أو ح ين يتعا مل مع الناس‪ ..‬أمّا‬
‫كلمة الخلق فتطلق لغة على الطبع والسجية والعادة بل وعلى غريزة النسان العاقلة)[‪.]20‬‬
‫أني كلمية الدب تعنيي المظهير الخارجيي للخلق الجميلة أو السيلوك الذي‬
‫وخلصية القول‪ّ ،‬‬
‫ينبغي أن يراعي الشخص مع غيره‪.‬‬
‫ولهذا قال ابن القيم رحمه ال تعالى‪( :‬وحقيقة الدب استعمال الخلق الجميل)[‪.]21‬‬
‫وأما كلمة التأدّب في عنوان رسالتنا فنقصد بها ي استنتاجًا مما سبق من معنى كلمة الدب ي‬
‫ما ينبني أن يفعله المسلم تجاه رسول ال صلى ال عليه وسلم سلبًا وإيجابًا مما يدخل في حقوقه‬
‫على ال مة من احترام وتقد ير وطا عة وأتباع وغ ير ذلك والحتراز م ما يخالف ذلك من مخال فة‬
‫ورفع الصوت وغيرها‪.‬‬
‫يقول ابين القييم رحميه ال تعالى‪( :‬فرأس الدب معيه صيلى ال علييه وسيلم كمال التسيليم له‬
‫والنقياد لمره وتل قي خبره بالقبول والتصديق دون أن يحمله معار ضة خيال باطل ي سميه معقولً‬
‫أو يحمله شبهية أو شكًا‪ ،‬أو يقدم علييه آراء الرجال وزبالت أذهانهيم‪ ،‬فيوحده بالتحكييم والتسيليم‬
‫والنقياد والذعان‪ ،‬ك ما و حد المر سل سبحانه وتعالى بالعبادة والخضوع والذل والنا بة والتو كل‪،‬‬
‫فهما توحيدان ل نجاة للعبد من عذاب ال إل بهما توحيد المرسل وتوحيد متابعة الرسول فل يحاكم‬
‫إلى غيره ول يرضى بحكم غيره ول يقف تنفيذ أمره وتصديق خبره على عرضه على قول شيخه‬
‫وإمامه وذوي مذهبه وطائفته ومن يعظمه)[‪.]22‬‬
‫‪ 2‬ضرورة اللتزام في التأدب بما جاء في القرآن والسنة‪:‬‬
‫إن هذا الدين الذي ل يقبل عند ال سواه له أصلن هما الكتاب والسنة النبوية الثابتة‪.‬‬

‫‪11 / 37‬‬ ‫‪11‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫ن ا ْلخَا سِرِينَ} [آل‬
‫ل ِمنْ هُ وَهُ َو فِي الخِرَ ِة مِ ْ‬
‫ن يُ ْقبَ َ‬
‫غ ْيرَ الِ سْلمِ دِينًا فَلَ ْ‬
‫يقول ال تعالى‪َ { :‬ومَ نْ َي ْبتَ غِ َ‬
‫عمران‪.]85:‬‬
‫وهذان المصدران هما القرآن الكريم والسنة النبوية‪.‬‬
‫عتُ مْ‬
‫ل ْمرِ ِم ْنكُ مْ َفإِ نْ َتنَازَ ْ‬
‫ن آ َمنُوا َأطِيعُوا اللّ هَ وََأطِيعُوا الرّ سُولَ وَأُوْلِي ا َ‬
‫يقول تعالى‪{ :‬يَا َأيّهَا اّلذِي َ‬
‫شيْءٍ َفرُدّو ُه إِلَى اللّهِ وَال ّرسُولِ} [النساء‪.]59:‬‬
‫فِي َ‬
‫والرد إلى ال هو الرد إلى كتابه‪ ،‬والرد إلى رسوله هو الرد إليه في حال حياته وإلى سنته في‬
‫حال وفاته كما قال المفسرون‪.‬‬
‫كما أنّهما المصدران اللذان تركهما رسول ال صلى ال عليه وسلم وأمرنا بالتمسك بهما لئل‬
‫نضل بقوله صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫(تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسكتم بهما كتاب ال وسنتي)[‪.]23‬‬
‫وعلى هذا السياس فهذا الديين غنيي عين الزيادة والضافية أيًا كان نوعهيا‪ ،‬بعدميا أكمله ال‬
‫سبحانه وتعالى ك ما تش ير آ ية المائدة و هي قوله تعالى‪{ :‬ا ْليَوْ َم َأ ْكمَلْ تُ َلكُ مْ دِي َنكُ مْ وََأ ْت َممْ تُ عََل ْيكُ مْ‬
‫لسْلمَ دِينًا} [المائدة‪.]3:‬‬
‫ِن ْع َمتِي َو َرضِيتُ َل ُكمْ ا ِ‬
‫وقد لحق الرسول صلى ال عليه وسلم بالرفيق العلى بعد نزول هذه الية بأشهر‪.‬‬
‫وبناء على هذا‪ ،‬عند ما نتعا مل أو نتأدب مع الر سول صلى ال عل يه و سلم في جب أن نلتزم ب ما‬
‫جاء في القرآن وفي السنة النبوية الثابتة دون أن نختلق من تلقاء أنفسنا أمورًا لم تثبت عن الشارع‬
‫بقصد حسن النية ثم التقرب بها إلى ال راجيًا منه الثواب والمغفرة؛ ل نّ المور التي يتقرب بها‬
‫المسلم إلى ال ل بد أن تجتمع فيها أربعة شروط‪:‬‬
‫‪ 1‬أن تكون مشروعة بنص من الكتاب أو السنة الثابتة أو باجتهاد معتمد عليه‪.‬‬
‫‪ 2‬أن تقع في الحدود المقرر لها من الزمان والمكان‪.‬‬
‫‪ 3‬أن تقع بالكيفية التي أمر بها الشارع‪.‬‬
‫‪ 4‬الخلص في القربى إلى ال تعالى‪.‬‬
‫وإذا انتفى شرط من هذه الشروط فل تعتبر قربة بل تكون بدعة حينئذ‪.‬‬
‫ونحن نرى اليوم أنا سًا يغالون في شخصية الر سول صلى ال عليه وسلم بالمدح يرفعونه إلى‬
‫مرتبة اللوهية أو يصفونه بصفات ل تليق إل بال أو يطلبون طلبات ل دخل له في حصولها أثناء‬
‫حياته فضلً عن بعد مماته صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫‪12 / 37‬‬ ‫‪12‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫وقيد حذر النيبي صيلى ال علييه وسيلم مين هذا الغلو بقوله‪( :‬ل تطرونيي [‪ ]24‬كميا أطرت‬
‫النصارى ابن مريم فإنّما أنا عبده‪ ،‬فقولوا عبد ال ورسوله)[‪.]25‬‬
‫وعندما نرفض الغلو في شخصية الرسول صلى ال عليه وسلم ل يعني بالضرورة أن نقصر‬
‫في توقيره وتعظيمه وحبه ولكن نعني أن نلتزم بما هو مشروع في حقه صلى ال عليه وسلم دون‬
‫إفراط أو تفريط بعيدين عن الغلو والتقصير لنتصف بالوسطية التي أشار إليها القرآن الكريم في‬
‫شهِيدًا}‬
‫ن الرّ سُولُ عََل ْيكُ مْ َ‬
‫ش َهدَاءَ عَلَى النّا سِ َو َيكُو َ‬
‫سطًا ِل َتكُونُوا ُ‬
‫جعَ ْلنَاكُ مْ ُأمّةً وَ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َكذَلِ كَ َ‬
‫[البقرة‪.]143:‬‬
‫ومعنى الوسطية هنا الخيار والجود ومنه الصلة الوسطى التي هي أفضل الصلوات[‪.]26‬‬
‫ومع هذا فل نضطر بالضرورة عندما نرد على المغالين إلى أن نصف الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم بصفات قد وصفه بها الشارع دون أن نبيّن معناها من جميع الجهات‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬أن نقول أن الرسول بشر ونجتهد في إثباتها مستدلين بقوله تعالى‪{ :‬قُلْ ِإ ّنمَا َأنَا َبشَرٌ‬
‫ِمثُْل ُكمْ} [الكهف‪.]110:‬‬
‫والمثلية يقصد بها هنا أنه يعتريه ما يعتري النسان من جوع وظمأ ومرض غير منفر وغير‬
‫ذلك ولكن هو بشر يوحى إليه كما تدل عليه بقية الية‪.‬‬
‫حدٌ‪[ }...‬الكهف‪.]110:‬‬
‫شرٌ ِمثُْلكُ ْم يُوحَى إَِليّ َأ ّنمَا إَِل ُه ُكمْ إَِلهٌ وَا ِ‬
‫{قُلْ ِإ ّنمَا َأنَا َب َ‬
‫ن المثلية قد يفهم منها أنّه كآحاد الناس إذا لم نبيّن القصد من ذلك‪...‬‬
‫لّ‬
‫وغالبًا عندما يريد شخص أن يصحّح انحرافَا معينًا ويجتهد في تصحيحه قد يقع في انحراف‬
‫آخر مضاد للول دون أن يشعر بذلك‪.‬‬
‫يقول سيد قطب رحمه ال تعالى‪( :‬إن استحضار انحراف معين أو نقص معين والستغراق في‬
‫دفعه‪ ...‬منهج شديد الخطر‪ ،‬وله معقباته في إنشاء انحراف جديد لدفع انحراف قديم‪ ،‬والنحراف‬
‫انحراف على كل حال[‪ .]27‬ثم ضرب مثلً لذلك قائلً‪( :‬يتّعمد بعض الصليبيين والصهيونيين مثلً‬
‫أن يتهم السلم بأنّه دين السيف‪ ،‬وأنّه انتشر بحد السيف فيقوم منّا مدافعون عن السلم يدفعون‬
‫ع نه هذا التهام‪ ،‬وبين ما هم مشتطون فيي حما سة (الدفاع) ي سقطون قي مة (الجهاد) في ال سلم‪،‬‬
‫ويضيقون نطاقيه ويعتذرون عين كيل حركية مين حركاتيه بأنّهيا كانيت لمجرد (الدفاع)! بمعناه‬
‫ال صطلحي الحا ضر الض يق! وين سون أ نّ لل سلم بو صفه المن هج الل هي الخ ير للبشر ية ح قه‬
‫الصيل في أن يقيم (نظامه) الخاص في الرض لتستمتع البشرية كلها بخيرات هذا النظام بحرية‬
‫العقيدة التي اختارها حيث (ل إكراه في الدين) من ناحية العقيدة أمّا إقامة (النظام السلمي) ليظلل‬

‫‪13 / 37‬‬ ‫‪13‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫البشريية كلهيا ممين يعتنقون عقيدة السيلم وممين ل يعتنقوهيا فتقتضيي الجهاد لنشاء هذا النظام‬
‫وصيانته‪ ،‬وترك الناس أحرارًا في عقائدهم الخاصة في نطاقه‪ ،‬ول يتم ذلك إلّ بإقامة سلطان خير‬
‫وقانون خير ونظام يحسب حسابه كل من يفكر في العتداء على حرية الدعوة وحرية العتقاد في‬
‫الرض)[‪.]28‬‬
‫وهكذا شأن بعض الذين يردون على المغالين في شخصية الرسول صلى ال عليه وسلم حيث‬
‫يصفونه بالبشرية دون أن يصفوه بالرسالة؛ ويجتهدون في إثبات ذلك الجانب دون قصد إلى تقليل‬
‫قي مة الر سول صلى ال عل يه و سلم بل إلى ن في غلو هؤلء المغال ين ع نه إل أن المغال ين بدور هم‬
‫يأخذون عبارات هؤلء ال تي ظاهر ها الجفاء ومن ثم يكيلون لهم شتائم عدة وي صفونهم بأن هم جفاة‬
‫وأنّه نزع من قلوبهم حب الرسول صلى ال عليه وسلم بينما حبّه هو التباع لما جاء به صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫ح ِب ْبكُمْ اللّهُ‪[ }...‬آل عمران‪.]31:‬‬
‫ن اللّ َه فَا ّت ِبعُونِي ُي ْ‬
‫حبّو َ‬
‫ن ُك ْنتُ ْم ُت ِ‬
‫{قُلْ إِ ْ‬
‫وعلى هذا يجب على المسلم الغيور على دينه أن يلتزم بما شرعه ال سبحانه وتعالى حين يرد‬
‫على غيره‪ ،‬وحين يصحح انحرافًا معينًا حق ل يقع في انحراف آخر مقابل تصحيح انحراف قديم‪.‬‬
‫ويجب على المسلم ي أيضًا ي أن يلتزم بصورة دقيقة بكل ما ثبتت مشروعيته في كل حياته‬
‫ن ذلك حق وهو‬
‫بصورة عامة‪ ،‬وبما يتصل بالتأدب مع رسول ال صلى ال عليه وسلم خاصة ل ّ‬
‫الصراط المستقيم‪.‬‬

‫‪14 / 37‬‬ ‫‪14‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫الباب الول‬
‫أسباب قيام المة بالدب مع الرسول صلى ال عليه وسلم‬

‫الرسول صلى ال عليه وسلم صاحب فضل كبير على أمته لنه صلى ال عليه وسلم بواسطته‬
‫و صل إلي نا الو حي بشق يه القرآن الكر يم وال سنة النبو ية اللذ ين ه ما م صدرا الشري عة ال سلمية‬
‫وأساس الدين كله‪.‬‬
‫ووصول الوحي إلى الناس لم يتم بسهولة ويسر‪ ،‬وإنّما تم بجهود متواصلة وصبر كبير وتحمّل‬
‫لمشقات متنوعة من صاحب الرسالة صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫و قد تحمّل عل يه ال صلة وال سلم هذه كل ها ح تى تح قق من هج ال سبحانه وتعالى في الرض‬
‫وكمل الدين وتمّت النعمة‪.‬‬
‫ت َلكُ مْ الِ سْلمَ دِينًا} [المائدة‪:‬‬
‫يقول تعالى‪{ :‬ا ْليَوْ َم َأ ْكمَلْ تُ َلكُ مْ دِي َنكُ مْ وََأ ْت َممْ تُ عََل ْيكُ مْ ِن ْع َمتِي َورَضِي ُ‬
‫‪.]3‬‬
‫وبتمام النعمة قامت المة وتحقق وعد ال سبحانه وتعالى للمؤمنين بالستخلف والتمكين في‬
‫الرض‪.‬‬
‫س َتخْلَفَ‬
‫ض َكمَا ا ْ‬
‫لرْ ِ‬
‫س َتخْلِ َف ّنهُم فِي ا َ‬
‫عمِلُوا ال صّاِلحَاتِ َليَ ْ‬
‫ن آ َمنُوا ِم ْنكُ مْ َو َ‬
‫عدَ اللّ هُ اّلذِي َ‬
‫قال تعالى‪َ { :‬و َ‬
‫خ ْو ِفهِ مْ َأمْنًا َي ْع ُبدُونَنِي ل‬
‫ن قَبِْلهِ مْ وََل ُي َمكّنَنّ َلهُ مْ دِي َنهُ مْ اّلذِي ا ْرتَضَى َلهُ مْ وََل ُي َبدَّل ّنهُ ْم مِ نْ َب ْعدِ َ‬
‫ن مِ ْ‬
‫اّلذِي َ‬
‫ش ْيئًا} [النور‪.]55:‬‬
‫ن بِي َ‬
‫ش ِركُو َ‬
‫ُي ْ‬
‫وتقديرًا لهذه النعمة التي أنعم ال بها على المؤمنين عليهم أن يشكروا ال ويعرفوا حق صاحب‬
‫الرسالة صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ل بالتأدب م عه صلى ال عل يه و سلم حيّ ا وميّتًا‪ ،‬سرًا وجهرًا‪ ،‬في‬
‫ول ي تم الش كر والعرفان إ ّ‬
‫المنشط والمكره‪.‬‬
‫وهناك من ال سباب الخرى ما يد فع إلى ضرورة التأدب مع الر سول صلى ال عل يه و سلم‬
‫وذلك ككرم محتذه‪ ،‬ورفعة نسبه‪ ،‬واتصافه بالخلق الكريمة وتمتعه بالصفات النبيلة طوال حياته‬
‫عل يه ال صلة وال سلم‪ .‬ومن ها أيضًا ما ات صف به صلى ال عل يه وسلم من صفات ساعدت على‬
‫نشر الدين‪ ،‬وتبليغ المانة‪.‬‬
‫وفي هذا الباب سوف أتكلم عن السباب التي من أجلها كان التأدّب معه صلى ال عليه وسلم‬
‫وهي في مجملها ترجع إلى أمرين‪:‬‬

‫‪15 / 37‬‬ ‫‪15‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫أولهما‪ :‬ما يرجع إلى ذاته صلى ال عليه وسلم من ناحية عراقة الصل‪ ،‬وكرم الخلق في تبليغ‬
‫ال تعالى‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬ما يرجع إلى عمله صلى ال عليه وسلم وحرصه على هداية الناس وإسعادهم بمنهج‬
‫ال تعالى‪.‬‬
‫وقد عقدت لكل من المرين فصلً مستقلً‪ :‬ولذلك اشتمل الباب على الفصلين التاليين‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬نسبه وصفاته صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عمله صلى ال عليه وسلم في نشر الدعوة وحرصه على هداية الناس‪ .‬وسيأتي‬
‫تفصيل ذلك فيما يلي بمشيئة ال تعالى‪.‬‬

‫‪16 / 37‬‬ ‫‪16‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫الفصل الول‬
‫نسبه صلى ال عليه وسلم ونشأته وصفاته‬

‫منذ أن خلق ال سبحانه وتعالى أبا البشر آدم عليه السلم وأهبطه هو وزوجه إلى الرض لم‬
‫يترك الناس سدى يتصرفون برؤية عقولهم واتجاهاتهم لن عقل البشر مهما كانت قدرته قاصر‬
‫عن إدراك الطريق المستقيم ومعرفة الحق بصورة تامة‪ ،‬وإن أدرك بعض الجوانب بالفطرة التي‬
‫فطر ال الناس عليها‪.‬‬
‫ولكي تستقيم الفطرة وتكمل نحو الفضل كانت تأتي هداية ال سبحانه وتعالى للناس متتابعة‬
‫على ألسنة الرسل عليهم السلم فكلما انحرفت البشرية عن طريق ال القويم جاءها مبعوث من ال‬
‫سبحانه وتعالى لهدايتها‪ ،‬ودعوتها‪.‬‬
‫ل خل فِيهَا َنذِيرٌ} [فاطر‪.]24:‬‬
‫ن مِنْ ُأمّةٍ ِإ ّ‬
‫يقول ال تعالى‪{ :‬وَإِ ْ‬
‫فكيل أمية جاءهيا رسيول مين بينهيا مبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى ال بإذنيه‪ ،‬وسيراجًا مضيئًا ينيير‬
‫الطريق‪ .‬ويهدي للتي هي أقوم‪ .‬وبذلك تقوم الحجةعلى الناس‪.‬‬
‫حجّةٌ َب ْعدَ الرّ سُلِ} [الن ساء‪:‬‬
‫ل َيكُو نَ لِلنّا سِ عَلَى اللّ هِ ُ‬
‫لّ‬‫شرِي نَ َومُن ِذرِي نَ َ‬
‫يقول تعالى‪{ :‬رُ سُلً ُم َب ّ‬
‫‪.]165‬‬
‫يقول ا بن كث ير رح مه ال في تف سير هذه ال ية‪( :‬أنّه تعالى أنزل كت به وأر سل ر سله بالبشارة‬
‫والنذارة‪ ،‬وبين ما يحبه ويرضاه مما يكرهه ويأباه لئل يبقى للمعتذر عذر)[‪.]29‬‬
‫ومما يؤيد هذا المعنى قوله صلى ال عليه وسلم‪( :‬ليس أحد أحب إليه المدح من ال عز وجل‬
‫من أجل ذلك مدح نفسه‪ ،‬وليس أحد أغير من ال من أجل ذلك حرّم الفواحش‪ ،‬وليس أحد أحب إيه‬
‫العذر من ال من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل)[‪.]30‬‬
‫وكا نت الر سل ق بل ر سولنا صلى ال عل يه و سلم يأتون أقوام هم خا صة ليكون التبل يغ منا سبًا‬
‫للناس‪ ،‬وليدينوا ال بشري عة ي ستطيعون القيام بتكاليف ها‪ .‬و قد خ تم ال سبحانه وتعالى الر سل علي هم‬
‫الصلة والسلم بعثة نبينا محمد صلى ال عليه وسلم إلى الناس كافة رحمة لهم‪.‬‬
‫ل كَافّ ًة لِلنّا سِ َبشِيرًا َو َنذِيرًا وََلكِنّ َأ ْك َثرَ النّا سِ ل َيعَْلمُو نَ} [سبأ‪:‬‬
‫يقول ال تعالى‪َ { :‬ومَا َأرْ سَلْنَاكَ ِإ ّ‬
‫‪.]28‬‬
‫حمَةً لِ ْلعَاَلمِينَ} [النبياء‪.]107:‬‬
‫ويقول ال تعالى‪َ { :‬ومَا َأ ْرسَ ْلنَاكَ ِإلّ َر ْ‬

‫‪17 / 37‬‬ ‫‪17‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫وبذلك بعيث رسيولنا محميد صيلى ال علييه وسيلم للناس جميعًا وختيم ال بيه الرسيل وقضيى‬
‫با ستمرار ر سالته إلى يوم القيا مة‪ .‬وأ صبح الر سول صلى ال عل يه و سلم اللب نة الخيرة في البناء‬
‫العظيم الذي يمثل النبياء عليهم الصلة والسلم لبناته‪ .‬كما أخبر صلى ال عليه وسلم حيث يقول‪:‬‬
‫(مثلي ومثل النبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتًا فأجمله إل موقع لبنة من زاوية من زواياه فجعل‬
‫الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون‪ :‬هل وضعت هذه اللبنة قال‪ :‬فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين)[‬
‫‪.]31‬‬
‫واختيار الرسول صلى ال عليه وسلم للرسالة كانت بمشيئة ال تعالى الذي خلق الناس جميعًا‪،‬‬
‫ن َلهُمْ‬
‫ختَارُ مَا كَا َ‬
‫وهو العليم بذواتهم وخصائص كل منهم يقول ال تعالى‪َ { :‬و َربّكَ َيخْلُقُ مَا َيشَاءُ َو َي ْ‬
‫جعَلُ ِرسَاَلتَهُ} [النعام‪.]124:‬‬
‫حيْثُ َي ْ‬
‫خ َيرَةُ} [القصص‪ ]68:‬ويقول ال تعالى‪{ :‬اللّهُ َأعَْلمُ َ‬
‫ا ْل ِ‬
‫ن منصب الرسالة ليس مما ينال مما يزعمون من كثرة‬
‫يقول اللوسي في تفسير هذه الية‪( :‬إ ّ‬
‫المال والولد وتعاضد السباب وإنما ينال بفضائل نفسانية ونفس قدسية أفاضها ال تعالى بمحض‬
‫الكرم والجود على من كمل استمداده‪ .‬ونص بعضهم على أنه تابع للستعداد الذاتي وهو ل يستلزم‬
‫اليجاب الذي يقول به الفل سفة ل نه سبحانه إن شاء أع طى وإن شاء أم سك‪ ،‬وإن ا ستعد الم حل)[‬
‫‪ .]32‬ومن ثم اختار ال للدعوة السلمية التي ختم ال بها كل الرسالت المكان الملئم واختار‬
‫لحمل ها خ ير أ مة أخر جت للناس ك ما اختار رجل ها المتم يز و هو الر سول صلى ال عل يه و سلم‬
‫بصفات جعلته خير من يتلقى الوحي ويبلغه للناس ويتحمل في سبيل ذلك كل اضطهاد وعنت كما‬
‫هي سنة ال مع كل رسالته ورسله[‪.]33‬‬
‫وق بل اختيار الر سول للتبل يغ صنعه ال‪ ،‬وهيأه‪ ،‬وك فل ال له التنشئة ال سليمة ح تى يكون أهلً‬
‫للر سالة والتبل يغ‪ ،‬و من المعلوم أن ا صطفاء ال للر سل ي تم على مرحلت ين‪ ،‬مرحلة تهيئة‪ ،‬ومرحلة‬
‫تكل يف وإبلغ‪ .‬ولول أن النبوة ا صطفاء وإح سان لقل نا أن الر سل ب صفاتهم ي ستحقونها ك سبًا لك نّ‬
‫جمهور الم سلمين أجمعوا على أن الر سالة ل تكت سب فل بد أن يخلق ال ل ها ا ستعدادًا خا صًا ع ند‬
‫ل لحملها وإبلغها‪ .‬وبعد ذلك يصطفيه للرسالة[‪.]34‬‬
‫صاحبها بحيث يجعله أه ً‬
‫وفيي هذا الفصيل سيوف أتحدث فييه عين مرحلة تهيئة الرسيول صيلى ال علييه وسيلم لحميل‬
‫الرسالة الخاتمة وإبلغها إلى الناس كافة‪.‬‬
‫ولذا سيأتي مكونًا من ثلثة مباحث‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬عراقة أصله‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نشأته وتربيته‪.‬‬

‫‪18 / 37‬‬ ‫‪18‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اتصافه بصفات طيبة وأخلق فاضلة‪.‬‬
‫وذلك فيما يلي‪:‬‬

‫‪19 / 37‬‬ ‫‪19‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫المبحث الول‬
‫عراقة أصله‬

‫ن الشخص يتأثر بنسبه سواء من ناحية الجسم والبنية أو من ناحية الذكاء‬


‫يذكر علماء الوراثة أ ّ‬
‫والعقل أو من ناحية الفكر والعقيدة‪.‬‬
‫يقول د‪ .‬مح مد بي صار‪( :‬ول تكون الورا ثة عاملً هامًا في ن قل ال صفات الح سية فح سب وإن ما‬
‫كذلك عن طريق ها تنت قل ال صفات الدب ية كالمز جة والميول والغرائز‪ ،‬وال صفات العقل ية كالذكاء‬
‫والبلدة وحسن تقدير المور أو سوء أو شدة النتباه أو ضعفه إلى غير ذلك من صفات يكون لها‬
‫الثر القوى في تكوين أخلق المرء وتكييفها وطبعها بطابع معيّن خيرًا كان ذلك الطابع أو شرًا‬
‫حسنًا أو قبيحًا)‪.‬‬
‫ويؤيد هذا علم القيا فة‪ .‬الذي أقره الرسول صلى ال عل يه وسلم ف عن عائ شة رضي ال عن ها‪:‬‬
‫أن رسول ال صلى ال عليه وسلم دخل عليها سرورًا تبرق أسارير وجهه فقال‪( :‬ألم تسمعي ما‬
‫ن بعض هذا القدام من بعض)[‪.]35‬‬
‫قال المدلجي لزيد وأسامة ورأى أقدامهما فقال‪ :‬إ ّ‬
‫لرْ ضِ‬
‫ل نُوحٌ رَبّ ل َت َذرْ عَلَى ا َ‬
‫يدل عليه قوله تعالى حاكيًا عن نبي ال نوح عليه السلم‪َ { :‬وقَا َ‬
‫جرًا كَفّارًا} [نوح‪.]2627:‬‬
‫ل فَا ِ‬
‫عبَادَكَ وَل يَِلدُوا ِإ ّ‬
‫ن َديّارًا * ِإ ّنكَ ِإنْ َت َذرْ ُهمْ ُيضِلّوا ِ‬
‫ن ا ْلكَافِرِي َ‬
‫مِ ْ‬
‫يقول ابين كثيير فيي تفسيير هذه اليية‪( :‬أي فاجرًا فيي العمال كافير القلب وذلك لخيبرته بهيم‬
‫ومكثه بين أظهرهم ألف سنة إل خمسين عامًا)[‪.]36‬‬
‫ويد خل في هذا المفهوم قوله صلى ال عل يه و سلم‪ " :‬ما من مولود إل يولد على الفطرة [‪]37‬‬
‫فأبواه يهودانيه أو ينصيرانه أو يمجسيانه كميا تنتيج البهيمية بهيمية جمعاء‪ ،‬هيل تحسيون فيهيا مين‬
‫طرَ النّا سَ عََل ْيهَا‬
‫طرَةَ اللّ هِ اّلتِي فَ َ‬
‫جدعاء"[‪ .]38‬يقول أبو هريرة راوي الحديث‪ :‬واقرأوا إن شئتم‪{ :‬فِ ْ‬
‫ق اللّهِ} [الروم‪.]39[ ]30:‬‬
‫ل ِلخَلْ ِ‬
‫ل َت ْبدِي َ‬
‫وبهذا يث بت أ نّ الولد يتأ ثر بأبو يه من ناح ية الج سم والبن ية‪ ،‬و من ناح ية الع قل والذكاء‪ ،‬و من‬
‫ناحية الفكر والعقيدة‪ ،‬قليلً أو كثيرًا‪ ،‬سلبًا أو إيجابًا‪ ،‬وذلك بإرادة ال وقدرته‪ .‬إذا عرف هذا ننظر‬
‫إلى نسب رسول ال صلى ال عليه وسلم ومدى تأثره به‪.‬‬
‫يقول ال ستاذ الدكتور‪ /‬أح مد غلوش‪( :‬هيأت عنا ية ال تعالى سلسلة ممتازة من الباء والجداد‬
‫للنبي صلى ال عليه وسلم ليأخذ منها عن طريق الوراثة كثيرًا من الخلق والطبائع)[‪.]40‬‬

‫‪20 / 37‬‬ ‫‪20‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫ن نسب النبي صلى ال عليه وسلم هو‬
‫وقد وردت في هذا المضمار نصوص كثيرة تدل على أ ّ‬
‫أفضل الناس نسبًا‪.‬‬
‫من ذلك ما أخرجه المام مسلم عن واثلة بن السقع قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫(إن ال اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشًا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم‬
‫واصطفاني من بني هاشم) [‪.]41‬‬
‫و قد أشار النووي رح مه ال إلى أ نّ ب ني ها شم أف ضل العرب ل يداني هم في الفضل ية إلّ ب نو‬
‫المطلب مستدلً بهذا الحديث[‪.]42‬‬
‫ويقول المباركفوري عند شرحه لهذا الحديث‪ :‬قوله‪( :‬إن ال اصطفى) أي اختار‪ .‬يقال استصفاه‬
‫واصطفاه‪ ،‬إذا اختاره وأخذ صفوته والصفوة من كل شيء خالصه وخياره)[‪.]43‬‬
‫ومن ذلك أيضًا ما أخرجه الترمذي عن العباس بن عبد المطلب قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫ن ال خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم وخير الفريقين ثم خير القبائل فجعلني من‬
‫عليه وسلم‪( :‬إ ّ‬
‫خير القبيلة ثم خص البيوت فجعلني من خير بيوتهم فأنا خيرهم نفسًا وخيرهم بيتًا) [‪.]44‬‬
‫أي‪ :‬أصلً إذا جئت من طيب إلى طيب إلى صلب عبد ال بنكاح ل سفاح[‪.]45‬‬
‫وم ما يدل على أ نّ الر سول صلى ال عل يه و سلم كا نت له مكا نة ع ند قو مه من ج هة الن سب‬
‫شهادة أعدائه كما ورد في قصة أبي سفيان وهو مشرك ومن ألد أعداء صاحب الرسالة آنذاك مع‬
‫هرقل ملك الروم عندما وجه إليه أسئلة عديدة تتعلق بشخصية الر سول صلى ال عليه وسلم من‬
‫بين ها‪( :‬ك يف ن سبه في كم؟ قال أي أ بو سفيان‪ :‬هو في نا ذو ن سب‪ .‬ثم قال هر قل في آ خر الق صة‪:‬‬
‫سألتك عن نسبه فذكرت أنّه فيكم ذو نسب فكذلك تبعث الرسل في أنساب قومها)[‪.]46‬‬
‫يقول النووي‪( :‬أي في أف ضل أن سابهم)[‪ .]47‬وم ما يدل على ذلك أيضًا ما جاء على ل سان‬
‫مفوض مشر كي قر يش عت بة ا بن أ بي ربي عة مع ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ح يث قال ع ند‬
‫افتتاح كل مه مع الر سول‪ ( :‬يا ا بن أ خي إنّك منّا ح يث قد عل مت من ال سطة [‪ ]48‬في العشيرة‬
‫والمكانة في النسب وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم‪.]49[ )...‬‬
‫وهاتان الق صتان تشهدان ب ما للر سول صلى ال عل يه و سلم من المكا نة في الن سب ع ند قو مه‬
‫لقرار أعدائه وأعداء رسالته حيث لم يستطيعوا أن يخفوا هذه الحقيقة مع أنهم كانوا يتهمونه بتهم‬
‫باطلة‪ ،‬مرة بالسحر‪ ،‬ومرة بالجنون‪ ،‬ومرة بالشعر والكهانة‪ .‬ومع هذا لم ينقل إلينا عن أحدهم تهمة‬
‫واحدة يقدحون بها الرسول صلى ال عليه وسلم من جهة النسب‪ ،‬كما أن النصوص الخرى التي‬

‫‪21 / 37‬‬ ‫‪21‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫أوردناها تدل على أن العرب أفضل الناس من ناحية النسب وأنّ الرسول صلى ال عليه وسلم من‬
‫أفضلها نسبًا‪ ،‬وأن هذه سنة ال في اختيار رسله جميعًا كما جاء في قول هرقل السابق‪.‬‬
‫يقول الحا فظ ا بن ح جر ع ند شر حه لهذا الحد يث‪( :‬الظا هر أن إخبار هر قل بذلك بالجزم كان‬
‫على العلم المقرر في الكتب السالفة)[‪.]50‬‬
‫والحكمة في ذلك كما قال النووي رحمه ال أنه أبعد من انتحاله الباطل وأقرب إلى انقياد الناس‬
‫له لن الناس يأنفون من النقياد إلى رجل وضيع من جهة وكذلك الوضيع ل تسول نفسه له قيادة‬
‫الناس عن جهة أخرى[‪.]51‬‬
‫ولهذا كان نسب رسول ال صلى ال عليه وسلم له تأثير على نفسه من ناحية وعلى قومه من‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬كما ذكر غير واحد من العلماء‪.‬‬
‫يقول د‪ .‬محميد قلعيت فيي هذا المقام‪( :‬هذا النسيب له أثره فيي رسيول ال وكان له أثير فيمين‬
‫يبلغهم رسول ال شريعة ال‪ ،‬أمّا أثره في رسول ال فقد شب عليه الصلة والسلم مرفوع الرأس‬
‫رغيم يتميه ل يعرف الذل ول الخنوع‪ .‬جريئًا فيي إعلن رأييه‪ ،‬تمل الثقية نفسيه‪ ،‬أميا أثره فيمين‬
‫دعاهم رسول ال إلى اليمان والنضواء تحت راية السلم فإن أكبر شخصية في العرب ل تجد‬
‫ل وحاكمًا‬
‫غضا ضة من النضواء ت حت را ية ال سلم‪ ،‬وقبول مح مد صلى ال عل يه و سلم ر سو ً‬
‫لنهم يعترفون بأن محمدًا صلى ال عليه وسلم من أعرق بيوت قريش نسبًا)[‪.]52‬‬
‫وهذه حقي قة ثاب تة ل جدال في ها وإن كان هناك من يعار ضه من قو مه ل كن ل يس هذا من ج هة‬
‫نسبه ول رفضًا لشخصيته وإنما كان رفضًا موجهًا لرسالته صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫حدُونَ} [النعام‪.]33:‬‬
‫جَ‬‫ن بِآيَاتِ اللّ ِه َي ْ‬
‫ن الظّالِمِي َ‬
‫وصدق ال إذ يقول‪{ :‬فَِإ ّن ُهمْ ل ُي َك ّذبُو َنكَ وََلكِ ّ‬
‫وممَا يؤيد ذلك ما جاء على لسان أبي جهل عدو ال وعدو رسوله إذ قال للنبي صلى ال عليه‬
‫ن نكذب الذي جئت به) [‬
‫وسلم‪( :‬قد نعلم يا محمد أنك تصل الرحم وتصدق الحديث ول نكذبك ولك ّ‬
‫ن بِآيَاتِ‬
‫ن َفِإنّهُمْ ل ُيكَ ّذبُونَكَ وََلكِنّ الظّاِلمِي َ‬
‫ح ُزنُكَ اّلذِي يَقُولُو َ‬
‫‪ ]53‬فأنزل ال عز وجل‪{ :‬قَدْ َنعْلَمُ ِإنّهُ َل َي ْ‬
‫حدُونَ} [النعام‪.]33:‬‬
‫جَ‬‫اللّهِ َي ْ‬
‫أي إن ر فض قر يش كان موجهًا للدعوة ال تي دعا هم إلي ها الر سول صلى ال عل يه و سلم ل‬
‫لشخ صيته ك ما يف يد منطوق قول أ بي ج هل ال سابق‪ .‬ولهذا ورد أن هم عرضوا عل يه الجاه وال سيادة‬
‫والملك وجمع الموال والمغريات الخرى مقابل ترك هذه الدعوة كلية أو جزءًا منها كحل وسط [‬
‫‪ ]54‬ولكن هم لم ينجحوا في ها لن مو قف الر سول صلى ال عل يه و سلم كان ثابتًا‪ .‬وعرض هذه‬
‫المور عل يه يدل على سمو مكا نة ال نبي صلى ال عل يه و سلم من ج هة الن سب ع ند قو مه قر يش‬

‫‪22 / 37‬‬ ‫‪22‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫الذيين كانوا يأنفون أن يخضعوا للوضييع مهميا كان المير وخاصية إذا جاء بأمير يخالف عاداتهيم‬
‫وتقاليدهم مثل ما جاء به رسول ال صلى ال عليه وسلم من الدين الحنيف والدعوة إلى التوحيد‬
‫ونبذ الشرك والوثان وما كان سائدًا في مجتمع مكة من عادات وتقاليد جاهلية‪.‬‬

‫‪23 / 37‬‬ ‫‪23‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫نشأته وتربيته‬

‫كما هو معروف في كتب السيرة أ نّ النبي صلى ال عليه وسلم ولد عام الفيل يتيمًا حيث مات‬
‫أبوه وهو في بطن أمّه‪ ،‬وماتت أمّه وهو ابن ست سنوات‪ ،‬ولهذا لم يتنعم بحنين البوين‪ ،‬وقد كفله‬
‫جده عبد المطلب حتى مات ورسول ال صلى ال عليه وسلم ابن ثماني سنوات[‪.]55‬‬
‫وبعد وفاة جده عبد المطلب كفله عمّه أبو طالب الذي بذل كل ما في وسعه في رعاية الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم في زمن طفولته وشبابه‪ ،‬وكذلك بعد البعثة حيث دافع عنه تعصبًا وحمية مع‬
‫أنيه لم يؤمين بيه حتيى فارق الحياة‪ .‬يقول الغزالي‪( :‬فالمجتميع العربيي الول كان يقوم على‬
‫العصبيات القبلية الحادة‪ ،‬التي تفنى القبيلة كلها دفاعًا عن كرامتها الخاصة وكرامة من يمت إليها‬
‫بالصلة‪ ،‬وقد ظل السلم حينًا من الدهر يعيش في حمى هذه التقاليد المرعية حتى استغنى بنفسه‬
‫كما تستغني الشجرة عمّا يحملها بعدما تغلظ وتستوي)[‪.]56‬‬
‫وقد كان أبو طالب عم النبي صلى ال عليه وسلم مثالً حيًا لهذه العصبيات لقيامه بالدفاع عن‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم حتى أنّه جوزي وهو كافر بما جاء به من عند ال بتخفيف العذاب‬
‫عنه يوم القيا مة مقابل دفا عه عنه ل ما ث بت في ال صحيح عن العباس بن عبد المطلب أنّه قال‪ :‬يا‬
‫رسول ال هل نفعت أبا طالب بشيء فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال‪" :‬نعم هو في ضحضاح‬
‫[‪ ]57‬من نار ولول أنا لكان في الدرك السفل من النار"[‪ ،]58‬وفي رواية أخرى‪" :‬وجدته غمرات‬
‫[‪ ]59‬من النار فأخرجته إلى ضحضاح"[‪.]60‬‬
‫ولقد مرّ الرسول صلى ال عليه وسلم قبل البعثة بمراحل عديدة‪ ،‬واجه حياة كدح صعبة وشاقةْ‬
‫حيث أنه أصبح يتيمًا فقيرًا إلى أن أغناه ال فاتجه إلى النعزال والعبادة في غار حراء‪.‬‬
‫فلقد كان عليه الصلة والسلم في صباه يشتغل برعاية الغنم كما هو سنة النبياء‪ ،‬لنّه ثبت في‬
‫ال صحيح أ نه صلى ال عل يه و سلم كان ير عى الغ نم ل هل م كة على قرار يط‪ ،‬و هو عل يه ال صلة‬
‫والسلم القائل‪" :‬ما بعث ال نبيًا إل ورعى الغنم"‪ ،‬فقال له أصحابه رضي ال عنهم‪ :‬وأنت؟ فقال‪،:‬‬
‫"نعم كنت أرعاها على قراريط [ ‪ ]61‬لهل مكة" [ ‪ .]62‬وهذا الحديث إنّما يدل على أنّه صلى ال‬
‫عليه وسلم كان يعتمد على نفسه في فترة مبكرة من عمره‪.‬‬
‫وبجانب رعايته للغنم كان صلى ال عليه وسلم يذهب إلى الشام مع عمّه أبي طالب للتجارة‪.‬‬

‫‪24 / 37‬‬ ‫‪24‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫أخرج الترمذي عن أ بي مو سى الشعري قال‪( :‬خرج أ بو طالب إلى الشام وخرج م عه ال نبي‬
‫صلى ال عل يه و سلم في أشياخ من قر يش فلمّا أشرفوا على الرا هب ه بط فحلوا رحال هم فخرج‬
‫إليهم الراهب‪.]63[ )...‬‬
‫هذا ما ورد في فترة صباه‪ ،‬وأمّا بعد بلوغه‪ ،‬فقد ورد أيضًا أنّه كان صلى ال عليه وسلم يذهب‬
‫إلى الشام للتجارة بأموال خديجة رضي ال عنها قبل اقترانه بها‪.‬‬
‫يقول ابن إسحاق‪( :‬وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال تستأجر الرجال في‬
‫مالها‪ ،‬وتضاربهم إياه بشيء وتجعله لهم وكانت قريش قومًا تجارًا‪ ،‬فلما بلغها عن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلقه بعثت إليه فعرضت عليه أن‬
‫يخرج في مال لها إلى الشام تاجرًا‪ ،‬وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلم لها‬
‫يقال له ميسيرة‪ ،‬فقبله رسيول ال صيلى ال علييه وسيلم منهيا وخرج فيي مالهيا ذلك‪ ،‬وخرج معيه‬
‫غلمها ميسرة حتى قدم الشام[‪.]64‬‬
‫فقام صلى ال عل يه و سلم بواج به في التجارة خ ير قيام ح تى كا نت سببًا في زوا جه إيا ها إ ثر‬
‫رجوعه من ذلك السفر بعدما عرضت نفسها عليه بناء على ما رأته فيه من صدق وأمانة‪ ،‬وما‬
‫سمعته من ميسرة في شأن الرسول صلى ال عليه وسلم من خير طوال مرافقته له في تلك الرحلة‬
‫الميمونة‪.‬‬
‫يقول ابن كثير في السيرة‪( :‬فلمّا أخبرها ميسرة ما أخبرها بعثت إلى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم فقالت له فيما يزعمون‪ :‬يا ابن عم إنّي قد رغبت فيك لقرابتك ووسطتك في قومك وأمانتك‬
‫وحسن خلقك وصدق حديثك‪ ،‬ثم عرضت نفسها عليه‪ ،‬فلمّا قالت ذلك لرسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ذكره لعمامه فخرج معه حمزة حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فتزوجها عليه‬
‫ال صلة وال سلم[‪ .]65‬وب عد اقترا نه صلى ال عل يه و سلم بخدي جة أم المؤمن ين ر ضي ال عن ها‬
‫ا ستغنى بمال ها عن الك سب والضرب في الرض لنّه لم يرد في ك تب ال سيرة أنّه زاول نشاطًا‬
‫اقتصاديًا بعد ذلك بل ورد أنّه كان يذهب إلى غار حراء ليتعبد فيه فترة يرجع بعدها إلى خديجة‬
‫سمِ‬
‫ليتزود بمثلها حتى جاءه الملك بأول آيات من القرآن وهي صدر العلق من قوله تعالى‪{ :‬ا ْقرَأْ بِا ْ‬
‫َر ّبكَ اّلذِي خََلقَ} [العلق‪ ]1:‬إلى قوله تعالى‪{ :‬عَّلمَ الِنسَانَ مَا َلمْ َيعَْلمْ} [العلق‪.]5:‬‬
‫عن عائشة رضي ال عنها أنّها قالت‪( :‬أول ما بدئ رسول ال من الوحي الرؤيا الصالحة في‬
‫النوم فكان ل يرى رؤييا إلّ جاءت مثيل فلق الصيبح ثيم حبيب إلييه الخلء وكان يخلو بغار حراء‬
‫فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة‬

‫‪25 / 37‬‬ ‫‪25‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك [‪ ]66‬فقال‪ :‬إقرأ‪ ..‬إلى قوله‪{ :‬عَلّ مَ‬
‫الِنسَانَ مَا َلمْ َيعَْلمْ} [العلق‪.]5:‬‬
‫وهذه هي المراحل التي مر بها الرسول صلى ال عليه وسلم قبل النبوة وقد أشار القرآن الكريم‬
‫جدَ كَ ضَالً َفهَدَى‬
‫جدْ كَ َيتِيمًا فَآوَى * َو َو َ‬
‫إليها في آيات من سورة الضحى وهي قوله تعالى‪{ :‬أَلَ مْ َي ِ‬
‫غنَى} [الضحى‪.]68:‬‬
‫ج َدكَ عَائِلً َفأَ ْ‬
‫* وَ َو َ‬
‫قال قتادة في هذه اليات‪( :‬كانت هذه هي منازل رسول ال صلى ال عليه وسلم قبل أن يبعثه‬
‫ال عز وجل)[‪.]67‬‬
‫وقد ذكر أكثر المفسرين هذه المراحل التي مرّ بها الرسول صلى ال عليه وسلم عند تفسيرهم‬
‫هذه اليات من سورة الض حى إلّ أن هم يذكرون في كل مرحلة عدة أقوال محتملة ومعان متقار بة‬
‫ل يتسع لذكرها هذا المقام لن القصد هنا ليس ذكر أقوال المفسرين قاطبة وإنّما ذكر ما يشير إلى‬
‫هذه المراحل‪.‬‬
‫وقد لخّص الشهيد سيد قطب معنى هذه اليات فيقول‪( :‬لقد ولدت يتيمًا فآواك إليه وعطف عليك‬
‫القلوب‪ ..‬ول قد كنيت فقيرًا فأغ نى ال نف سك بالقنا عة كميا أغناك بك سبك ومال أهيل بيتيك خديجية‬
‫ر ضي ال عن ها عن أن ت حس الف قر أو تتطلع إلى ما حولك من ثراء‪ .‬ثم ل قد نشأت في جاهل ية‬
‫مضطر بة الت صورات والعقائد منحر فة ال سلوك والوضاع فلم تطمئن رو حك إلي ها ولكنّك لم ت كن‬
‫تجد لك طريقًا واضحًا مطمئنًا ل فيما عند الجاهلية ول فيما عند أتباع موسى وعيسى الذين حرّفوا‬
‫وبدّلوا وانحرفوا وتاهوا ثم هداك ال بالمر الذي أوحى به إليك وبالمنهج الذي يصلك به)[‪.]68‬‬
‫ويفهم من تفسير سيد قطب لليات الثلث من سورة الضحى كغيره من المفسرين أن المراحل‬
‫الثلثة ليست على ترتيب اليات من المصحف حيث أنّ مرحلة الغناء مقدمة على مرحلة الهداية‪.‬‬
‫يقول الدكتور محمد عزت دروزة ملخصًا ما ذكره المفسرون في هذا الصدد‪( :‬إن الية تحتوي‬
‫إشارة إلى حادث تيهان وقع للنبي صلى ال عليه وسلم في طفولته أو في إحدى رحلته ورووا في‬
‫ذلك روايات كما قالوا أنّها تعني أنّه كان غافلً عن الشريعة التي ل تتقرر إل بالوحي الرباني أو‬
‫أنّه كان حائرًا فيي أسيلوب العبادة ل ونفوا عنيه أي حال أن يكون ضالً أي مندمج ًا فيي العقائد‬
‫والتقاليد الشركية والنفس ل تطمئن إلى رواية تيهان النبي صلى ال عليه وسلم مضمونًا وسندًا بل‬
‫ن ال على النبي صلى ال عليه وسلم بأعظم أفضاله‬
‫إنّها ليست متسقة مع ما تضمنته الية من م ّ‬
‫عليه‪ ،‬وتفسير ضال بحائر يحمل معنى الية على أنه المقصود الحيرة في الطريق التي يجب أن‬
‫يسار فيها إلى ال وعبادته على أفضل وجه‪ .‬وهو المعنى الذي نراه)[‪.]69‬‬

‫‪26 / 37‬‬ ‫‪26‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫والحكمة في تلك المراحل التي مرّ بها الرسول صلى ال عليه وسلم هو أنّ ال سبحانه وتعالى‬
‫كان يدر به ح تى يكون مه يأ ومؤهلً لح مل ع بء الر سالة الخات مة وإبلغ ها إلى الناس المنغم سين‬
‫ظهَرَ الْفَ سَادُ‬
‫في بحر من الفساد في كل ناحية من نواحي الحياة حتى يصدق عليهم قوله تعالى‪َ { :‬‬
‫سبَتْ َأ ْيدِي النّاسِ} [الروم‪.]41:‬‬
‫حرِ ِبمَا َك َ‬
‫فِي ا ْل َبرّ وَا ْل َب ْ‬
‫يقول صاحب كتاب "دراسة في السيرة" مشيرًا إلى الحكمة من تلك المراحل‪:‬‬
‫"ومن مرارة اليتم ووحشية العزلة وانقطاع معين العطف والحنان قبس الرسول صلى ال عليه‬
‫و سلم ال صلبة وال ستقلل والقدرة على التح مل‪ ...‬وبالف قر والحرمان تر بى ون ما بعيدًا عن ترف‬
‫الغنى وميوعة الدلل‪ ..‬وعبر رحلته إلى الشام في رعاية عمّه فتح الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫عينيه ووعيه تجاه العالم الذي يتجاوز حدود الصحراء وسكونها إلى حيث المجتمعات المدنية التي‬
‫تضطرب نشاطًا وقلقًا‪ ...‬وفيي رحلتيه الثانيية إلى الشام مسيؤولً عين تجارة للسييدة خديجية تعلّم‬
‫الرسول الكثير الكثير عمّق في ح سّه معطيات المرحلة الولى وزاد عليها إدراكًا أكثر لما يحدث‬
‫في أطراف عالمه العربي من علقات بين الغالب والمغلوب‪ ...‬كما علمه النشقاق الخلقي عن‬
‫الوضع المكي القدرة على مجابهة الحداث[‪.]70‬‬

‫‪27 / 37‬‬ ‫‪27‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫سمو صفاته صلى ال عليه وسلم وأخلقه‪:‬‬
‫نشأ الرسول صلى ال عليه وسلم في بيئة وثنية يعبد أهلها الصنام والوثان‪ ،‬ويستعبد القوي‬
‫منهم الضعيف حتى أصبح الظلم شيئًا معروفًا كما تنبئ به أشعارهم المأثورة كقول زهير بن أبي‬
‫سلمى‪:‬‬
‫يهدم ومن ل يظلم الناس يظلم[‪]71‬‬ ‫ومن لم يذد عن حوضه بسلحه‬
‫إضافة إلى ما كانوا عليه من فساد في العادات والسلوك مثل وأد البنات خوفًا من العار والفقر‪،‬‬
‫وأكل أموال اليتامى بحجة أنهم ضعفاء ل يستطيعون حمل السلح والدفاع عن القبيلة‪ ،‬وأكل الربا‬
‫واستحلله راضين بذلك حتى اشتهر فيهم تعريف البيع به كما حكى لنا القرآن الكريم‪ِ{ :‬إ ّنمَا ا ْل َبيْ عُ‬
‫ل الرّبَا} [البقرة‪.]275:‬‬
‫ِمثْ ُ‬
‫وقد وصف جعفر بن أبي طالب رضي ال عنه للنجاشي ملك الحبشة أثناء الهجرة الثانية إلى‬
‫الحبشة أحوال المجتمع المكي آنذاك وصفًا دقيقًا فقال‪:‬‬
‫"أي ها الملك‪ ،‬كنّا أ هل جاهل ية‪ ،‬نع بد ال صنام ونأ كل المي تة‪ ،‬ونأ تي الفوا حش ونق طع الرحام‬
‫ون سبي الجوار‪ ،‬ويأ كل القوي منّا الضع يف‪ ،‬ح تى ب عث ال إلي نا ر سولً منّا نعرف ن سبه وأمان ته‬
‫وعفافه‪ ،‬فدعا إلى توحيد ال وأن ل نشرك به شيئًا ونخلع ما كنّا نعبد من الصنام‪ ،‬وأمرنا بصدق‬
‫الحدييث وأداء المانية‪ ،‬وصيلة الرحيم وحسين الجوار والكيف عين المحارم والدماء ونهانيا عين‬
‫الفواحش وقول الزور وأكل أموال اليتيم‪.]72["...‬‬
‫هكذا كانت حالة المجتمع المكي آنذاك ولك نّ رسول ال صلى ال عليه وسلم برعاية من ال لم‬
‫يتأثر ببيئته مع اشتراكه في بعض العمال مع قومه لنّها كانت أعمالً ل تخدش نبله أو ل تسيء‬
‫إلى سمعته‪ ،‬وأخلقه الطيبة‪.‬‬
‫نذكر في هذا الصدد ما روي من العمال التي اشترك فيها الرسول صلى ال عليه وسلم مع‬
‫قومه‪.‬‬
‫فلقد اشترك الرسول صلى ال عليه وسلم قبل البعثة في حلف الفضول الذي وقع بين بطون من‬
‫قريش لرد المظالم إلى أهلها‪ .‬يروي ابن هشام بسنده عن ابن إسحاق قال[‪" :]73‬تداعت قبائل من‬
‫قر يش إلى حلف فاجتمعوا له في دار ع بد ال بن جُدعان لشر فه و سنه‪ ...‬فتعاقدوا وتعاهدوا على‬
‫أل يجدوا في م كة مظلومًا من أهل ها وغير هم ممّن دخل ها من سائر الناس إلّ قاموا م عه وكانوا‬
‫على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته فسمّت قريش ذلك الحلف حلف الفضول"[‪.]74‬‬

‫‪28 / 37‬‬ ‫‪28‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫ويقول ابين كثيير رحميه ال بعيد إيراده ذلك الحلف‪" :‬وكان حلف الفضول أكرم حلف سيمع بيه‬
‫وأشرفه في العرب وكان أول من تكلم به ودعا إليه الزبير بن عبد المطلب"[‪.]75‬‬
‫وعلى هذا فكان اشتراكيه صيلى ال علييه وسيلم فيي ذلك الحلف أمرًا ذا أهميية كيبيرة لنّي ردّ‬
‫المظالم إلى أهلها أمر هام وقد جاء به السلم فيما بعد ولهذا أثنى الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫على ذلك الحلف ب عد البع ثة‪ ،‬ل ما روي أ نه صلى ال عل يه و سلم قال‪" :‬ل قد شهدت في دار ع بد ال‬
‫بن جُدعان حلفًا ما أحب لي به حمر النعم ولو دعيت إليه في السلم لجبت"[‪.]76‬‬
‫و من العمال ال تي اشترك في ها ر سول ال صلى ال عل يه و سلم مع قو مه ق بل البع ثة‪ ،‬حرب‬
‫الفِجار التي وقعت وعمره صلى ال عليه وسلم عشرون سنة كما ذكر ابن إسحاق صاحب السيرة[‬
‫‪.]77‬‬
‫وسبب ذلك الحرب [‪ ]78‬كما ذكر ابن هشام في سيرته أ نّ عروة الرحال بن عتبة من هوازن‬
‫أجار لطيمة [‪ ]79‬للنعمان بن المنذر فقال له البراض بن قيس أحد بني ضمرة‪ :‬أتجيرها في كنانة؟‬
‫قال‪ :‬ن عم وعلى الخلق فخرج في ها عروة الرحال وخرج البراض لطلب غفل ته ح تى إذا كان بتي من‬
‫ذي طلل بالعاليية غفيل عروة فوثيب علييه البراض فقتله فيي الشهير الحرام فلذلك سيمي حرب‬
‫الفجار[‪.]80‬‬
‫وكانت دوره صلى ال عليه وسلم في تلك الحرب أن يرد على أعمامه نبل عدوهم إذا رموهم‬
‫بها؛ لنّه روي أنه صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬كنت أنبل على أعمامي"[‪.]81‬‬
‫ن القتال لم يكن جائزًا في‬
‫وفي اشتراكه صلى ال عليه وسلم في تلك الحرب ما يبرره وهو أ ّ‬
‫الشهر الحرم زمن الجاهلية حتى أنّهم إذا أرادوا القتال في الشهر الحرم أخّروها إلى شهر آخر‬
‫لكي يستحلوا فيها القتال كما بينها ال سبحانه وتعالى في القرآن معيبًا عليهم‪ِ{ :‬إ ّنمَا النّ سِي ُء ِزيَادَةٌ‬
‫حرّ َم اللّ هُ} [التوبة‪:‬‬
‫عدّ َة مَا َ‬
‫طئُوا ِ‬
‫ن كَ َفرُوا ُيحِلّونَ هُ عَامًا َو ُيحَ ّرمُونَ هُ عَامًا ِليُوَا ِ‬
‫فِي ا ْلكُ ْفرِ ُيضَلّ ِب هِ اّلذِي َ‬
‫‪.]37‬‬
‫وعلى هذا ف ما دا مت تلك الحرب دفاعًا عن انتهاك حر مة الشهر الحرم فل بأس في اشترا كه‬
‫صلى ال عليه وسلم فيها‪.‬‬
‫شهْرًا فِي ِكتَا بِ اللّ ِه يَوْ مَ‬
‫عشَ َر َ‬
‫ع ْندَ اللّ ِه ا ْثنَا َ‬
‫شهُورِ ِ‬
‫عدّةَ ال ّ‬
‫وقد أقر ال ذلك في قوله تعالى‪{ :‬إِنّ ِ‬
‫س ُكمْ} [التوبة‪.]36:‬‬
‫ح ُرمٌ ذَِلكَ الدّينُ ا ْل َق ّيمُ فَل َتظْلِمُوا فِيهِنّ َأنْ ُف َ‬
‫ض ِم ْنهَا َأ ْربَعَ ٌة ُ‬
‫لرْ َ‬
‫سمَوَاتِ وَا َ‬
‫خََلقَ ال ّ‬
‫و من العمال ال تي اشترك في ها ر سول ال صلى ال عل يه و سلم مع قو مه ق بل البع ثة و ضع‬
‫الحجر السود في مكانه من الكعبة حين بناء قريش لها بعد ما اختلفت بطونها في ذلك حيث كانت‬

‫‪29 / 37‬‬ ‫‪29‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫كل قبيلة تريد أن تنفرد بمزية وضع الحجر السود في مكانه وكادوا أن يقتتلوا لول مجيء رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم وحكمه فيهم حكمًا يرضى كل الطراف المتنازعة على ذلك‪.‬‬
‫عن عبد ال بن السائب قال‪ :‬كنت فيمن بنى الب يت وأخذت حجرًا ف سويته ووضع ته إلى ج نب‬
‫البييت‪ ..‬وأن قريش ًا اختلفوا فيي الحجير حييث أرادوا أن يضعوه حتيى كاد أن يكون بينهيم قتال‬
‫بال سيوف فقال‪ :‬اجعلوا بين كم أول ر جل يد خل من الباب فد خل ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‬
‫فقالوا‪ :‬هذا المين وكانوا يسمونه في الجاهلية المين‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا محمد قد رضينا بك فدعا بثوب‬
‫فبسطه ووضع الحجر فيه ثم قال لهذا البطن‪ ،‬ولهذا البطن‪ ،‬غير أنّه سمى بطونًا‪" :‬ليأخذ كل بطن‬
‫منكم بناحية من الثوب" ففعلوا ثم رفعوه وأخذه رسول ال صلى ال عليه وسلم فوضعه بيده[‪.]82‬‬
‫واشترا كه صلى ال عل يه و سلم في هذا الع مل يظ هر مدى فطان ته ورجا حة عقله ح يث حل‬
‫المشكلة ب سهولة وي سر بعد ما كادت أن تؤدي إلى إ سالة الدماء والحرب ك ما أنّه يدل على مكان ته‬
‫صلى ال عليه وسلم عند قومه بحيث إنّهم رضوا بحكمه دون تردد‪.‬‬
‫هذه هي أهم العمال التي وردت أن الر سول صلى ال عليه وسلم قد اشترك في ها قبل البع ثة‬
‫مع قومه‪ ،‬وكلها كما ذكرت سابقًا من أعالي المور ومن مكارم الخلق التي من شأنها أن ترفع‬
‫مكانته وشأنه وبخاصة إذا علم أن بيئته قد عم فيها الفساد وانتشرت فيها الرذائل التي عصمه ال‬
‫سبحانه وتعالى منها وأبعده عنها لينشأ خاليًا من الدنايا والشوائب‪.‬‬
‫يؤيد ذلك ما رواه أبو نعيم بسنده عن علي بن أبي طالب قال‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم يقول‪" :‬ما هممت بقبيح مما كان أهل الجاهلية يهمون بها إل مرتين الدهر كلتاهما يعصمني‬
‫ال عز وجل منها‪ ،‬قلت ليلة لفتى من قريش بأعلى مكة في أغنام لهلنا نرعاها‪ :‬أنظر غنمي حتى‬
‫أسمر هذه الليلة بمكة كما يسمر الفتيان قال‪ :‬نعم‪ ،‬فخرجت فجئت أدنى دار من دور مكة فسمعت‬
‫غناء وضرب دفوف وزمرًا فقلت ميا هذا؟ قالوا‪ :‬فلن تزوج فلنية المرجيل مين قرييش‪ ,‬فلهوت‬
‫س الشمس ثم رجعت إلى صاحبي‬
‫بذلك الغناء وبذلك الصوت حتى غلبتني عيني‪ ،‬فما أيقظني إل م ّ‬
‫فقال‪ :‬ما فعلت؟ فأخبرته ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك ففعل فخرجت فسمعت مثل ذلك‪ ،‬فقيل لي‬
‫مثل ما قيل لي‪ ،‬فلهوت بما سمعت حتى غلبتني عيني فما أيقظني إل م سّ الشمس ثم رجعت إلى‬
‫صياحبي فقال‪ :‬ميا فعلت؟ فقلت‪ :‬ميا فعلت شيئًا‪ ،‬قال رسيول ال صيلى ال علييه وسيلم‪ :‬فوال ميا‬
‫هممت بعدهما بسوء مما يعمل أهل الجاهلية حتى أكرمني ال بنبوته"[‪.]83‬‬
‫وهذا الحد يث دل يل وا ضح على بعده صلى ال عل يه و سلم ونزاه ته عن أمور الجاهل ية ال تي‬
‫كانت سائدة آنذاك في المجتمع المكي ومن حوله بعناية من ال سبحانه وتعالى وبجانب ذلك كان‬

‫‪30 / 37‬‬ ‫‪30‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫صلى ال عل يه و سلم مت صفًا ب صفات فاضلة وأخلق حميدة أ قر له ب ها المؤيدون والمعاندون على‬
‫السواء‪.‬‬
‫وقد أوجزت لنا خديجة أم المؤمنين رضي ال عنها صفاته وأخلقه بقولها بعد فزعه إليها من‬
‫شدة بدء الوحيي‪" :‬كل أبشير فوال ل يخزييك ال أبدًا فوال إنيك تصيل الرحيم وتصيدق الحدييث‬
‫وتحمل الكل [‪ ]84‬وتكسب المعدوم [‪ ]85‬وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق‪.]86["..‬‬
‫وخديجة رضي ال عنها أقرب شخصية لرسول ال صلى ال عليه وسلم تصفه بهذه الصفات‬
‫بناء على تجر بة دقي قة وممار سة طويلة ابتداء من ائتمان ها له أن يتا جر في مال ها ثم اقتران ها به‬
‫ومعاشرته فترة تبلغ خمس عشرة سنة‪.‬‬
‫وهذه شهادة من جانب أحد المؤمنين بدعوته صلى ال عليه وسلم وهى شهادة حق وصدق أقر‬
‫بها وبحقيقتها من لم يتبعوا الرسول صلى ال عليه وسلم ويؤمنوا بدعوته‪.‬‬
‫من ذلك ما أخر جه الشيخان ب سندهما عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما ق يال‪" :‬ل ما نزلت‪:‬‬
‫عشِي َرتَكَ الَ ْق َربِينَ} [الشعراء‪ ]214:‬خرج رسول ال صلى ال عليه وسلم حتى صعد الصفا‬
‫{وَأَنذِرْ َ‬
‫فه تف " يا صباحاه"‪ ،‬فقالوا‪ :‬من هذا؟ فاجتمعوا إل يه‪ ،‬فقال‪" :‬أرأي تم إن أ خبرتكم أن خيلً تخرج من‬
‫سفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟ "قالوا‪ :‬ما جربنا علي كَ كذبًا‪ ،‬قال‪" :‬فإني نذير لكم بين يدي عذاب‬
‫ت َيدَا َأبِي َلهَبٍ َوتَبّ} [المسد‪[]1:‬‬
‫شديد" قال أبو لهب‪ :‬تبًا لك ما جمعتنا إل لهذا ثم قام‪ :‬فنزلت‪َ { :‬تبّ ْ‬
‫‪.]87‬‬
‫ففي قولهم‪ :‬ما جربنا عليك كذبًا دليل واضح على اتصافه صلى ال عليه وسلم بالصدق التام‬
‫قبل الرسالة بشهادة أعدائه الذين وقفوا في وجه نشر الدعوة السلمية‪.‬‬
‫وهذه الشهادة قد صدرت من مجموع المشرك ين ومثل ها صدرت من أفراد هم‪ ،‬و قد قال ها أ بو‬
‫سفيان رضي ال عنه وهو مشرك عند هرقل ملك الروم الذي وجه إليه عدة أسئلة تتعلق بأحوال‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم من بينها قول هرقل‪" :‬فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟‬
‫"قلت‪ :‬ل‪ ،‬ثم قال هرقل‪ :‬في آخر القصة لبي سفيان‪:‬‬
‫و سألتك هل كن تم تتهمو نه بالكذب ق بل أن يقول ما قال فزع مت أن ل فعر فت أنّه لم ي كن ليدع‬
‫الكذب على الناس ثم يذهب ويكذب على ال"[‪.]88‬‬
‫ن الر سول صلى ال عل يه و سلم لم يكذب‬
‫تلك شهادة الخ صوم والمؤمن ين تن طق صريحة في أ ّ‬
‫أبدًا قبل البعثة‪ ،‬بل كان صادقًا دائمًا‪.‬‬

‫‪31 / 37‬‬ ‫‪31‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫والصدق أساس الفضائل الخلقية وعنوان النسانية الكريمة‪ ،‬وقد انطبع رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم بفضل ال تعالى‪.‬‬
‫وكما اتصف صلى ال عليه وسلم بالصدق اتصف بكل مكارم الخلق ومنها المانة‪.‬‬
‫وخير ما يدل على ذلك قصة وضع الحجر السود في مكانه من الكعبة أثناء تجديد بنائها حينما‬
‫اختلفت قريش في ذلك حيث أتفقوا على تحكيم أول رجل يدخل من الباب فدخل رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم وكانوا يسمونه في الجاهلية المين فقالوا‪" :‬قد دخل المين‪ ،‬فقالوا يا محمد رضينا‬
‫بك"[‪.]89‬‬
‫وهذه شهادة صدرت من مجموع المشرك ين وإن لم ي كن بي نه وبين هم عداوة ح ين نطقوا بذلك‬
‫القول لنّي ذلك كان قبيل البع ثة إل أنّهيا تشهيد على اتصيافه صلى ال عل يه و سلم بالما نة ح تى‬
‫أصبحت لقبًا له‪.‬‬
‫وعلى هذا نجزم أن الر سول صلى ال عل يه و سلم كان مت صفًا ب صفات فاضلة وأخلق حميدة‬
‫ق بل البع ثة اعترف ب ها أعداؤه وآ من ب ها أ صحابه مع شيوع الظلم والعدوان و سوء الخلق في‬
‫المجتمع المكي يومذاك‪ .‬وذلك بفضل ال وعنايته ورعايته‪.‬‬
‫وأمّا بعيد البعثية فقيد كان خلقيه صيلى ال علييه وسيلم القرآن كميا ورد فيي حدييث عائشية أم‬
‫المؤمن ين ر ضي ال عن ها ح يث قالت‪ ..." :‬فإن خلق نبي ال صلى ال عل يه و سلم كان القرآن"[‬
‫‪.]90‬‬
‫وهذه الخلق الكريمة كانت سببًا في تقريب قلوب أصحابه رضوان ال عليهم له ولول اتصافه‬
‫بها لما تمكن من تأثير دعوته عليهم وخاصة في أيامها الولى في مكة‪.‬‬
‫وقيد أشار ال سيبحانه وتعالى إلى تأثيير اتصيافه صيلى ال عل يه وسيلم بالخلق الفاضلة على‬
‫ظ الْقَلْ بِ‬
‫ت فَظّا غَلِي َ‬
‫ت َلهُ مْ وَلَ ْو ُكنْ َ‬
‫ن اللّ هِ ِلنْ َ‬
‫حمَ ٍة مِ ْ‬
‫أصحابه رضوان ال عليهم بقوله تعالى‪َ { :‬ف ِبمَا َر ْ‬
‫س َتغْ ِفرْ َل ُهمْ} [آل عمران‪.]159:‬‬
‫ع ْنهُمْ وَا ْ‬
‫عفُ َ‬
‫ن حَوِْلكَ فَا ْ‬
‫لنْ َفضّوا مِ ْ‬
‫وكميا أن الخلق الفاضلة لهيا تأثيير كيبير على الصيحاب كذلك أيضًا لهيا تأثيير كيبير على‬
‫ي َأحْ سَنُ َفِإذَا اّلذِي‬
‫س ّيئَ ُة ا ْدفَ عْ بِاّلتِي هِ َ‬
‫سنَةُ وَل ال ّ‬
‫ستَوِي ا ْلحَ َ‬
‫العداء كما يدل عليه قوله تعالى‪{ :‬وَل تَ ْ‬
‫عظِي مٍ}‬
‫حمِي مٌ * وَمَا يُلَقّاهَا ِإلّ اّلذِي نَ صَ َبرُوا وَمَا يُلَقّاهَا ِإلّ ذُو حَظّ َ‬
‫عدَاوَ ٌة َكَأنّ ُه وَلِيّ َ‬
‫َب ْينَ كَ َو َب ْينَ هُ َ‬
‫[فصلت‪.]3435:‬‬
‫وقد شهد ال سبحانه وتعالى لنبيه صلى ال عليه وسلم بالخلق العظيم بقوله‪{ :‬وَِإنّ كَ َلعَلى خُلُ قٍ‬
‫عظِيمٍ} [القلم‪.]4:‬‬
‫َ‬

‫‪32 / 37‬‬ ‫‪32‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫ييييييييييييييي‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫[‪ ]1‬ينكت ها بتاء مثناة من فوق في روا ية م سلم وال صواب ينكب ها بباء موحدة ك ما قال القا ضي عياض ومعناه‬
‫يقلب ها ويرددهيا إلى الناس مشيرًا إليهيم من ن كب كنان ته إذا قلبهيا‪ .‬وهكذا فيي شرح النووي على صحيح م سلم (‬
‫‪ ،)8/184‬ويشهيد له روايية أبيي داود وابين ماجية حييث وردت فيهيا بالباء الموحدة‪ .‬انظير سينن أبيي داود‪ ،‬كتاب‬
‫المناسك‪ ،‬باب صفة حجة النبي صلى ال عليه وسلم (‪ ،)2/85‬وسنن ابن ماجة‪ ،‬كتاب المناسك‪ ،‬باب حجة رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم (‪.)2/1025‬‬
‫[‪ ]2‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب حجة النبي صلى ال عليه وسلم عن جابر بن عبد ال رضي ال عنه‪.‬‬
‫[‪ ]3‬التفسير الكبير للمام فخر الدين الرازي (‪.)9/78‬‬
‫[‪ ]4‬هو أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا المتوفى سنة ( ‪395‬هي)‪ .‬انظر ترجمته في بغية الدعاة للسيوطي‬
‫(‪.)1/352‬‬
‫[‪ ]5‬معجم مقاييس اللغة (‪.)1/7485‬‬
‫[‪ ]6‬هو محمد بن مكرم بن علي بن أحمد النصاري الفريقي ثم المصري جمال الدين أبو الفضل المتوفى سنة‬
‫(‪711‬هي)‪ .‬انظر ترجمته في بنية الوعاة (‪.)1/248‬‬
‫[‪ ]7‬لسان العرب (‪.)1/206‬‬
‫[‪ ]8‬هو أبو منصور موهوب بن أحمد الجواليقي المتوفى سنة ( ‪465‬هي)‪ ،‬وقيل غير ذلك‪ .‬انظر ترجمته في‬
‫بغية الوعاة (‪.)2/308‬‬
‫[‪ ]9‬شرح أدب الكتب للجواليقي (‪.)13‬‬
‫[‪ ]10‬معجم متن اللغة (‪.)1/153‬‬
‫[‪ ]11‬هو إسماعيل بن حماد الجوهري المتوفى سنة ( ‪393‬هي)‪ ،‬وقيل‪ :‬في حدود الربعمائة‪ .‬انظر ترجمته في‬
‫بغية الوعاة (‪.)1/446447‬‬
‫[‪ ]12‬الصحاح‪.)1/86( :‬‬
‫[‪ ]13‬أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن هذيل‪ ،‬من أعيان القرن الثامن‪.‬‬
‫[‪ ]14‬عين الدب‪.)95( :‬‬
‫[‪ ]15‬شرح أدب الكاتب‪.)13( :‬‬
‫[‪ ]16‬هو علي بن محمد الشريف الجرجاني المتوفى سنة ( ‪816‬هي)‪ .‬انظر ترجمته في بغية الوعاة (‪،2/196‬‬
‫‪.)197‬‬
‫[‪ ]17‬كتاب التعريفات‪.)14( :‬‬
‫[‪ ]18‬هو المام العلمة زين الدين بن إبراهيم بن محمد الشهير بابن نجيم المتوفى سنة (‪969‬هي)‪.‬‬
‫[‪ ]19‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق‪.)6/377( :‬‬

‫‪33 / 37‬‬ ‫‪33‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫[‪ ]20‬آداب المجتمع في السلم‪.)910( :‬‬
‫[‪ ]21‬مدارج السالكين‪.)2/381( :‬‬
‫[‪ ]22‬مدارج السالكين‪.)2/387( :‬‬
‫[‪ ]23‬رواه المام مالك بلغًا في الموطأ ( ‪ )2/899‬وقال اللباني في تعليقاته على مشكاة المصابيح ( ‪ )1/66‬له‬
‫شاهد من حديث ابن عباس أخرجه الحاكم‪.‬‬
‫[‪ ]24‬من الطراء‪ :‬وهو مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه‪ .‬النهاية في غريب الحديث لبن الثير (‪.)3/123‬‬
‫[‪ ]25‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب النبياء‪ ،‬باب‪( :‬واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها‪.)2/256( ).‬‬
‫[‪ ]26‬انظر تفسير ابن كثير (‪.)1/190‬‬
‫[‪ ]27‬خصائص التصور السلمي (ص‪.)25:‬‬
‫[‪ ]28‬المصدر السابق (ص‪.)26:‬‬
‫[‪ ]29‬تفسير القرآن العظيم (‪.)1/588‬‬
‫[‪ ]30‬البخاري كتاب التفسير باب قوله‪( :‬ول تقربوا الفواحش) ( ‪ .)3/129‬ومسلم كتاب التوبة باب غيرة ال‬
‫تعالى وتحريم الفواحش (‪ )4/2114‬واللفظ لمسلم‪.‬‬
‫[‪ ]31‬البخاري كتاب المناقب باب خاتم النبيون (‪.)2/270‬‬
‫[‪ ]32‬روح المعاني (‪.)8/2122‬‬
‫[‪ ]33‬انظر الدعوة السلمية أصولها ووسائلها للدكتور أحمد غلوش (ص‪.)114:‬‬
‫[‪ ]34‬انظر الدعوة السلمية أصولها ووسائلها للدكتور أحمد غلوش (ص‪.)114:‬‬
‫[‪ ]35‬العقيدة والخلق وأثرهما في حياة الفرد والمجتمع (ص‪ )240 :‬البخاري كتاب المناقب باب صفة النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم (‪)2/272‬‬
‫[‪ ]36‬تفسير ابن كثير (‪.)4/427‬‬
‫[‪ ]37‬على الفطرة‪ :‬على معرفة ال فل ست واحدًا أحدًا إل وي قر بأن له صانعًا وإن سمّاه بغ ير ا سمه أو ع بد‬
‫غيره‪ .‬غريب الحديث لبن الجوزي (‪.)2/199‬‬
‫[‪ ]38‬جدعاء‪ :‬أي مقطوعة الطراف‪ .‬النهاية في غريب الحديث لبن الثير (‪.)1/247‬‬
‫[‪ ]39‬صحيح م سلم كتاب القدر باب معنى‪( :‬كل مولود على الفطرة وحكم أطفال الكفار وأطفال المسلمين (‬
‫‪.)4/2047‬‬
‫[‪ ]40‬الدعوة السلمية أصولها ووسائلها (ص‪.)114:‬‬
‫[‪ ]41‬صحيح مسلم كتاب الفضائل باب فضل نسب النبي صلى ال عليه وسلم ( ‪ )4/1782‬والترمذي في سننه‪،‬‬
‫أبواب المناقب عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬باب ما جاء في فضل النبى صلى ال عليه وسلم (‪.)5/245‬‬
‫[‪ ]42‬شرح النووي على صحيح مسلم (‪.)15/36‬‬
‫[‪ ]43‬تحفة الحوذي شرح جامع الترمذي (‪.)10/74‬‬
‫[‪ ]44‬أخرجه الترمذي في سننه في أبواب المناقب باب ما جاء في فضل النبي صلى ال عليه وسلم انظر (‬
‫‪ ،)5/244‬وقال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح غريب‪.‬‬
‫‪34 / 37‬‬ ‫‪34‬‬
‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫[‪ ]45‬انظر‪ :‬تحفة الحوذي (‪.)10/76‬‬
‫[‪ ]46‬صحيح البخاري‪ ،‬باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم ( ‪ ،)1/8‬وصحيح مسلم‪،‬‬
‫كتاب الجهاد باب كتاب النبي صلى ال عليه وسلم إلى هرقل ليدعوه إلى السلم (‪ )3/1394‬واللفظ للبخاري‪.‬‬
‫[‪ ]47‬شرح النووي على صحيح مسلم (‪.)12/105‬‬
‫[‪ ]48‬السطة‪ :‬أي عن أوساطهم حسبًا ونسبًا‪.‬‬
‫[‪ ]49‬تفسير القرآن العظيم لبن كثير ( ‪ ،)4/91‬وحسّن اللباني هذه القصة في تعليقه على فقه السيرة للغزالي‪.‬‬
‫انظر هامش (ص‪.)113:‬‬
‫[‪ ]50‬فتح الباري شرح صحيح البخاري (‪.)1/36‬‬
‫[‪ ]51‬شرح النووي على صحيح مسلم (‪.)12/35‬‬
‫[‪ ]52‬التفسير السياسي للسيرة (ص‪.)1112:‬‬
‫[‪ ]53‬أخرجه الحاكم في مستدركه (‪ )2/315‬وقال‪ :‬هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال الذهبي‪ :‬ما‬
‫أخرجاه لناجية‪ ،‬وقال الشيخ أحمد شاكر في عمدة التفسير ( ‪( :)5/25‬وهذا صحيح فإن الشيخين لم يخرجا لناجية بن‬
‫كعب السدي ولكنه تابعي ثقة والحديث صحيح وإن لم يكن على شرطهما)‪.‬‬
‫[‪ ]54‬انظر تفسير القرآن العظيم لبن كثير‪.)4/91( :‬‬
‫[‪ ]55‬انظر سيرة ابن هشام‪ )1/167( :‬وما بعدها‪.‬‬
‫[‪ ]56‬فقه السيرة‪( :‬ص‪.)58:‬‬
‫[‪ ]57‬ضحضاح‪ :‬ما رق من الماء على وجه الرض‪ ،‬غريب الحديث لبن الجوزي (‪.)2/6‬‬
‫[‪ ]58‬صحيح مسلم كتاب اليمان باب شفاعة النبي صلى ال عليه وسلم لبي طالب والتخفيف عنه بسببه (‬
‫‪.)1/195‬‬
‫[‪ ]59‬غمرات‪ :‬أي الموا ضع ال تي تك ثر في ها النار‪ .‬واحدت ها غمرة‪ .‬النها ية في غر يب الحد يث ل بن الث ير (‬
‫‪.)384 ،3/383‬‬
‫[‪ ]60‬صحيح مسلم كتاب اليمان‪ ،‬باب شفاعة الني صلى ال عليه وسلم لبي طالب والتخفيف عنه بسببه (‬
‫‪.)1/195‬‬
‫[‪ ]61‬قرار يط‪ :‬مفرد ها قيراط و هو جزء من أجزاء الدينار و هو ن صف ع شر في أك ثر البلد وأ هل الشام‬
‫يجعلونه جزءًا من أربعة وعشرين‪ .‬والياء فيه بدل الراء فإن أصله من قّراط‪ ،‬النهاية في غريب الحديث (‪.)4/42‬‬
‫[‪ ]62‬أخرجه البخاري في كتاب الجارة‪ ،‬باب رعي الغنم على قراريط‪.)2/3233( :‬‬
‫[‪ ]63‬سنن الترمذي‪ ،‬أبواب المناقب باب ما جاء في نبوة النبي صلى ال عليه وسلم ( ‪ ،)5/250‬وقال‪( :‬هذا‬
‫حديث حسن غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه)‪.‬‬
‫[‪ ]64‬سيرة ابن هشام‪.)1/171172( :‬‬
‫[‪ ]65‬السيرة النبوية‪.)1/263( :‬‬
‫[‪ ]66‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ :‬باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم (‪.)1/6‬‬
‫[‪ ]67‬تفسير ابن كثير‪.)4/523( :‬‬
‫‪35 / 37‬‬ ‫‪35‬‬
‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫[‪ ]68‬في ظلل القرآن‪.)6/3927( :‬‬
‫[‪ ]69‬سيرة الرسول صلى ال عليه وسلم‪.)1/32( :‬‬
‫[‪ ]70‬دراسة ني السيرة للدكتور عماد الدين خليل (ص‪ )4749:‬مع تصرف يسير‪.‬‬
‫[‪ ]71‬في ديوانه‪( :‬ص‪.)88:‬‬
‫[‪ ]72‬الفتح الرباني في ترتيب مسند المام أحمد مع شرحه بلوغ الماني من أسرار الفتح الربّاني ( ‪)20/226‬‬
‫كله ما لْح مد الب نا "وقال الب نا ع قب هذا الحد يث‪" :‬الحد يث صحيح ورواه ا بن هشام في سيرته بطوله عن ا بن‬
‫إسحاق‪ ،‬وأورده الهيثمي وقال‪ :‬رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح‪ ،‬غير ابن إسحاق وقد صرّح بالسماع"‪.‬‬
‫[‪ ]73‬سيرة ابن هشام‪.)1/122123( :‬‬
‫[‪ ]74‬سمي هذا الحلف بالفضول إما نسبة إلى الشخاص المتحالفين الثلث الذين سمى كل واحد منهم بالفضل‬
‫أو إما السبب الذي من أجله تحالفوا وهو أن ترد الفضول على أهلها‪ .‬السيرة النبوية لبن كثير ( ‪ )1/258261‬مع‬
‫التصرف‪.‬‬
‫[‪ ]75‬السيرة النبوية (‪.)1/259‬‬
‫[‪ ]76‬انظر سيرة ابن هشام (‪.)1/123124‬‬
‫[‪ ]77‬المصدر السابق (‪.)1/170‬‬
‫[‪ ]78‬في حرب الفجار التي وقعت بين قريش ومن معه من كنانة وبين قيس عيلن‪ .‬انظر سيرة ابن هشام (‬
‫‪.)1/168‬‬
‫[‪ ]79‬اللطيم تحمل العطر والبزّ غير الميرة‪ .‬النهاية في غريب الحديث (‪.)4/251‬‬
‫[‪ ]80‬انظر سيرة ابن هشام (‪ )1/169‬بتصرف‪.‬‬
‫[‪ ]81‬انظر السيرة النبوية لبن كثير (‪.)1/256‬‬
‫[‪ ]82‬أخر جه الحا كم في م ستدركه ( ‪ )1/458‬وقال‪ :‬صحيح على شرط م سلم وله شا هد صحيح على شر طه‬
‫ووافقه الذهبي‪.‬‬
‫[‪ ]83‬دلئل النبوة لبي نعيم (ص‪ )54:‬وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (‪ )8/226‬رواه البزار ورجاله ثقات‪.‬‬
‫[‪ ]84‬الكل‪ :‬العيال والثقل‪ .‬غريب الحديث لبن الجوزي (‪.)2/293‬‬
‫[‪ ]85‬وتكسب المعدوم يقال‪ :‬فلن يكسب المعدوم إذا كان مجذوذًا محظوظًا أي يكسب ما يحرمه غيره‪ ،‬وقيل‬
‫أرادت أي خديجة رضي ال عنها تكسب الشيء المعدوم الذي ل يجدونه مما يحتاجون إليه‪ ،‬وقيل أرادت بالمعدوم‬
‫الفقير الذي صار من شدة حاجته كالمعدوم نفسه‪ .‬النياية في غريب الحديث (‪.)3/191192‬‬
‫[‪ ]86‬صحيح البخاري في كتاب التفسير باب تفسير سورة اقرأ باسم ربك الذي خلق (‪.)3/218‬‬
‫[‪ ]87‬صحيح البخاري في كتاب التفسير باب تفسير سورة‪( :‬تبت يدا أبي لهب وتب) ( ‪ .)3/222‬وصحيح مسلم‬
‫في كتاب اليمان‪ ،‬باب (وأنذر عشيرتك القربين) (‪.)1/194‬‬
‫[‪ ]88‬جزء من الحديث الطويل المتفق عليه؛ انظر صحيح البخاري باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول ال‬
‫صلى ال عل يه و سلم (‪ ،)1/8‬و صحيح م سلم في كتاب الجهاد باب كتاب ال نبي صلى ال عل يه و سلم إلى هر قل‬
‫يدعوه إلى السلم (‪1395()3/1394‬هي)‪ ،‬واللفظ له‪.‬‬
‫‪36 / 37‬‬ ‫‪36‬‬
‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬
‫[‪ ]89‬جزء من الحديث الذي أخرجه الحاكم في مستدركه (‪ .)1/458‬وقد تقدم تخريجه في (ص‪.)73:‬‬
‫[‪ ]90‬أخرجه المام مسلم في صحيحه (‪.)1/513‬‬

‫‪37 / 37‬‬ ‫‪37‬‬


‫‪http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=1478‬‬
‫‪15260095.doc‬‬

You might also like