Professional Documents
Culture Documents
القبائلية من اللهجة إلى اللغة
القبائلية من اللهجة إلى اللغة
لقهد قطعهت المازيغيهة شوطها كهبيرا مهن مشوارهها نحهو العتراف .فبعدمها كان مجرد التحدث عنهها
جرم يعاقب على ارتكابه ،هاهي الن – بفضل استماتة مناضليها – مرحب بها .عير أن البعض ،و أعني هنا
أولئك المسهتسلمين للمهر الواقهع و التابعييهن الذيهن اعترفوا بوجودهها ظاهريها و يكيدون لهها باطنيها ،هادفيهن
إلى منع أو على القل تأجيل ترقيتها إلى لغة وطنية و رسمية ،راحوا يطرحون و يفتعلون إشكاليات متعددة
كنمهط الكتابهة الواجهب تبنيهه (هذا الموضوع سهبق أن عالجتهه فهي جريدتهي الشروق و اليوم) و كيفيهة توحيهد
مختلف اللهجات المازيغية.
إذن ،فهي هذا المقال سهأحاول أن أجيهب عهن الشكاليهة المتعلقهة بتوحيهد اللهجات المازيغيهة .سهأبدأ
أول بعرض و تقييم مدى صلحية الحل المقترح من طرف بعض الجهات و الذي باشرت الدولة في تطبيقه
و بدون جدية ،ثم سأنتقل إلى عرض حلي الشخصي ،لنتهي بجملة من النصائح لفائدة المازيغية و للقضاء
على الزمة اللغوية بهائيا و عاجل.
حسهب البعهض ،حتهى ل يحهس أحدا بالتهميهش ،يجهب اسهتخلص اللغهة المازيغيهة الموحدة مهن كهل
لهجاتهها ،و ذلك باسهتعمالها كلهها فهي آن واحهد ،مهع إدخال نفهس المصهطلحات الجديدة فهي جميعهها .بهذه
الطريقة ،سوف تتجه كل اللهجات باتجاه واحد ،مما سيعمل على تقريب بعضها بالبعض شيئا فشيئا إلى أن
تمحى كل الختلفات ،فتصير اللغة بذلك صالحة للتواصل في كامل المجتمع.
أول ،الهدف المنشود فهي هذه العمليهة بعيهد المنال إن لم نقهل مسهتحيل تحقيقهه :فمها فرقهه الزمهن
عمره قرون ل يمكهن توحيده فهي أشههر أو سهنوات ،ثهم مها الذي قامهت بههه الدولة لنجاز هذا المشروع ؟
فالعمليهة إن انطلقهت بجديههة ،تسهتدعي خلق هياكهل و تجنيهد باحثيهن أكفاء يكلفون بجمهع المعلومات عهن
اللهجات الكبرى قصد إيجاد القواسم المشتركة فيما بينها .بعد هذا ،تجمع ذات المعلومات و تصنف لتنشر
على شكهل مطبوعات رسهمية :قاموس لغوي ،كتاب للقواعهد و كتاب مدرسهي .و بمها أن المشروع معرض
للفشل مسبقا بسبب انعدام الرادة لدى الدولة ،فل يسعنا إل أن نبحث عن حل آخر مناسب.
إن الحل الذي أراه ملئما و ممكهن تحقي قه على المدى القريب هو ترقية إحدى اللهجات المازيغيهة
إلى مرتبة لغة الجميع .و لكي يكون اختيار أي لهجة موضوعي ،يجب أن ينبني على جملة من معايير ،منها :
-1مدى توفّر اللهجة على تقاليد الكتابة :إن أول من خاضوا في تجربة الكتابة بلهجتهم هم القبائل.
فمنهههذ الربعينيات و المثقفون القبائل (بوليفهههة ،مولود معمري ،إلخ) يدوّنون بالقبائليهههة المكتوبهههة بالحرف
اللتينهي مها يجمعونهه مهن أمثال و أشعار و قصهص شعبيهة لبلد القبائل .و عندمها جاء جيهل جديهد ممهن تأث ّروا
بهؤلء الروّاد ،بدئوا يؤلفون و يترجمون باسهتعمال نفهس نمهط الكتابهة مهع إدخال بعهض تعديلت شكليهة على
د
مسهتوى الحروف .فاليوم ،و مهع إدراج المازيغيههة فهي المنظومهة التربويههة ،أصهبحت الكتابهة بالقبائليهة ج ّ
شائعة مما ساهم في تحقيق استقرار شبه كلي لشكل الحروف و نسبي للكلمات.
-2مدى توفّ هر اللهجههة على الدب المكتوب :لقههد حظيههت جههل اللهجات المازيغيههة بقدر هام مههن
الهتمام مههن قبههل اللغوييههن الوربييههن فههي الفترة الممتدة بيههن الحتلل الفرنسههي و السههبعينيات .فكانههت
النتيجهة أن نشرت فهي مجلت مختصهة نصهوصا بمختلف اللهجات ،كمها طبعهت قواميهس لغويهة فهي غايهة
مد البحهث و التأليهف فهي المناطهق الخرى نتيجهة مغادرة الباحثون التقان .لكهن بعهد تلك الفترة ،و بينمها تج ّه
الوربيون للجزائر ،و عدم اكتراث تلك المناطهق لثقافتهها ،واصهلت منطقهة القبائل المشوار بفضهل نخبهة مهن
مثقفيهها أمثال مولود معمري ،سهالم شاكهر ،كمها نايهت زراد ،أعمهر مزداد ،إلى غيهر ذلك مهن السهماء البارزة
التي أثرت المكتبات بشتى أنواع المؤلفات (دراسات ،روايات ،أشعار) كتبت كلها بالقبائلية.
-3مدى توفّر اللهجة على وسائل العلم :إن أول لهجة أمازيغية دخلت عالم السمعي-البصري هي
القبائلية .فزيادة عن المحطة الذاعية التي ورثتها عن المستعمر الفرنسي ،فإن هذه اللهجة مدعمة حديثا
بمحطهة تليفزيونيهة ( ) BRTVتبهث فيهها نقاشات ثقافيهة و سهياسية ،أخبار ،أشرطهة علميهة مدبلجهة ،أفلم و
رسهوم متحركهة مترجمهة .كمها أن اللهجهة القبائليهة ههي الوحيدة التهي دخلت عالم الفهن السهابع بأفلم مثهل (
.) Adrar n Baya, Tawrirt Yettwattunهذا كمها أن القبائليهة مسهتعملة كثيرا فهي النترنيهت فهي أيامنها
هذه ،فهناك مواقع عديدة معدة للقبائلية و مكتوبة بها ( )imyura.net, ayamun.frالخ.
-4مدى انتشار اللهجة و شيوعها :خلفا للهجات الخرى التي تقوقعت في مناطقها الصلية – و إن
هاجهر سهكانها فإنههم يتبنّون لسهان الغيهر – فإن القبائليهة قهد تعدت حدود منطقتهها لتصهل حتهى إلى أوربها و
كندا .فبفضل مطربيها ( إيدير ،آيت منقلت ،معتوب) و ممثليها (فلق) و نجومها الرياضيين (شبيبة القبائل)
و شخصياتها السياسية (حسين آيت أحمد) ،أصبحت القبائلية يوميا في مسمع الجزائريين ،حتى صار البعض
من غير القبائل ،من العرب و المازيغ ،يتحدثون بها عند الحاجة أو على القل يفهمون ما يقال لهم بها.
-5حجههم التضحيات المقدمههة للمازيغيههة :عكسهها لسههكان الشاويههة و الشنوة و المزاب و التوارق
الذيهن وصهل بههم الوههن و نكران الذات حهد الخجهل مهن التحدث بلهجتههم خارج الطار المحلي الضيهق ،فإن
القبائل فخوريهن بانتمائههم المازيغهي و يكشفون عهن هويتههم هذه فهي كهل زمان و مكان .أضهف إلى هذا أن
القبائل هم دائما السباقون إلى المطالبة بالعتراف بالمازيغية بكل أبعادها .فمنذ ظهور القضية المازيغية
إلى الوجود فهي الربعينيات و ههم يدفعون فاتورات ثقيلة مهن أجلهها .مهن ل يتذك ّهر ال 20مهن أفريهل مهن عام
1980حيث سجن و عذ ّب الكثير من القبائل بعدما خرجوا إلى الشارع منددين بالتهميش الذي فرض على
المازيغية ؟ و ها نحن في أوضاع مماثلة لتلك التي سادت في الثمانينيات ،و بينما يضحي القبائل بالنفس و
النفيهس مهن أجهل دفهع النظام إلى القبول بترسهيم المازيغيهة ،نجهد سهكان المناطهق المذكورة ل يبالون و
م و بكم و عمى و شلل. كأنهم أصيبوا بص ّ
ما سبق عرضه ،فإن اللهجة القبائلية هي المؤهلة و بدون منافس للترقية إلى مرتبة إذن ،و بناءا ع ّ
اللغههة .فعلى الدولة أن تعلنههها فورا لغههة وطنيههة و رسههمية – إلى جانههب العربيههة – ثههم تشرع ،بمسههاعدة
أخصهائيين ،فهي إعداد قاموس لغوي رسهمي و كتاب للتدريهس .و موازاة لهذا ،يجهب عليهها أن تفتهح مراكهز
التكويهن لمزيهد مهن المدّرسهين لتلبيهة حاجيات المؤسهسات فهي كامهل التراب الوطنهي .و عندمها يتحقهق كهل
هذا ،ينبغي على الدولة أن تقوم بإدراج القبائلية (التي نسميها حينئذ بالمازيغية) تدريجيا كمادة رسمية في
كهل المدارس الجزائريهة .و إذا كان صهانعوا القرار جاديهن فهي إعلنههم عهن تطويهر المازيغيهة ،فعليههم أن
يعملوا على توسيع مجال استعمالها لتشمل شتى الميادين ،خاصة الدارة و العلم.
و في حالة ما إذا فضلت الدولة مواصلة التظاهر بالعمل لفائدة المازيغية بنية تنويم الجماهير ،فإن
الشارع القبائلي لن يهدأ و حتى إن كان يبدو كذلك لشهر أو سنوات ،إذ أن القبائل سينتفضون حتما عند ما
ييأسون من الوعود الكاذبة للسلطات الجزائرية.