Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 515

‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ص‬ ‫الموضوع‬
‫‪20‬‬ ‫*فتاوى صلة الجماعة‬
‫‪21‬‬ ‫س‪ :‬هل تجوز صلة المتنفل بالمفترض ‪ ،‬وصلة المفترض بالمتنفل ؟‬
‫وهل صحيح أن معاذ ابن جبل رضي ال عنه كان يصلي مع رسول ال صلى ال عليه وسلم صلة‬
‫العشاء ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلة أي هو متنفل وهم مفترضون ؟‬
‫‪21‬‬ ‫س‪ :‬إذا سهى المام في قراءة القرآن وبدّل آية رحمة بآية عذاب أو العكس مثل قال‪" :‬إن البرار لفي‬
‫جحيم أو قال‪" :‬إن الفجار لفي نعيم " ‪ .‬فما حكم صلته وصلة من خلفه ؟‬
‫‪21‬‬ ‫س‪ :‬إمام وقف أو سكن بعد قوله تعالى‪" :‬ويل للمصلين " ما حكم صلته ؟‬
‫‪22‬‬ ‫س‪ :‬إن دخل رجل المسجد وكبر تكبيرة الحرام ولمّا جلس سلم المام ولم يصل معه شيئا ‪ .‬فماذا‬
‫يصنع ؟‬
‫‪22‬‬ ‫ل وجذب شخصا على يمين الصف وشماله ؟‬
‫س‪ :‬جاء رجل ووجد الصف مكتم ً‬
‫‪22‬‬ ‫س‪ :‬من وجد الجماعة في التشهد الثاني ؟‬
‫‪23‬‬ ‫س‪ :‬إذا كان المأموم مقيم والمام مسافر ؟‬
‫‪23‬‬ ‫س‪ :‬إمام سهى في صلة المغرب وسلم بعد التشهد الول ولم يسبح أحد من المأمومين له فبعضهم‬
‫ل من المام والمأمومين ؟‬
‫سلم وبعضهم لم يسلم وبعضهم تكلم فما حكم صلة ك ً‬
‫‪23‬‬ ‫س‪ :‬إمام عوض الفاتحة قرأ التشهد سهو أو بعد السجود انتبه لذلك ؟‬
‫‪24‬‬ ‫س‪ :‬إذا انتقضت صلة الشخص الذي يصلي سترة خلف المام هل تنقض صلة الصف الول ؟‬
‫‪24‬‬ ‫س‪ :‬إذا قام المام بعد الركعة الثانية ولم تجلس للتشهد وسبح له المأمومون ؟‬
‫‪24‬‬ ‫س‪ :‬من صلى نافلة خلف من يصلي فريضة المغرب كيف يصنع ؟‬
‫‪24‬‬ ‫س‪ :‬صلى إمام وعن يمينه شخص كما هو السنة وجاء بعد ذلك شخص أخر وتجهله بالسنة وقف عن‬
‫يمين ذلك المأموم فهل للمام أن يتقدم أو أن يقوم بتأخير المأمومين أو أن يقوم المأموم الول‬
‫بالتأخير ويؤخر ذلك الشخص معه ‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫س‪ :‬إمام أسر في صلة جهرية وتذكر في نصفها ؟‬
‫‪25‬‬ ‫س‪ :‬شخص أمّ ناسا ويقوم بأعمال كمثل النذر للقبور ‪ .‬فهل تجوز الصلة خلفه ؟‬
‫‪25‬‬ ‫س‪:‬مأموم دخل المسجد وكبر للحرام واستعاذ وبمجرد انتهائه من الستعاذة انتهى المام من قراءته‬
‫الفاتحة‬
‫‪25‬‬ ‫س‪ :‬إمام يصلي قائما ثم إنه أصابه المرض واضطر للجلوس وجلس فهل أيضا يجلس المأموم‬
‫ويصلون خلفه جلوسا أم أنهم يواصلون الصلة على حالهم السابق أي أنهم يصلون قياما‬
‫‪26‬‬ ‫س‪ :‬الصبي الذي ل يفقه أمور الصلة هل إذا كان في وسط الصف يكون قاطعا للصف أو الصلة؟‬

‫‪2‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪26‬‬ ‫س‪ :‬هل للمرأة أن تؤم بالنساء ؟‬


‫‪26‬‬ ‫س‪ :‬أين تصف المرأة إذا كانت تصف مع رجل ؟‬
‫‪26‬‬ ‫س‪ :‬المستدرك إذا لم يتمكن من إتمام الفاتحة مع المام وقرأ جزءا من فاتحة الكتاب وركع المام فماذا‬
‫يصنع وكذا الحال إذا كان المام سريع القراءة فلم يتمكن من إكمالها ؟‬
‫‪27‬‬ ‫س‪ :‬سمعنا منكم في دروس سالفة أنّ العلماء قد اختلفوا على عدّة أقوال في مَن دخل المسجد و َوجَدَ‬
‫الصفّ قد اكتمَل ماذا يَصنع‪ ،‬وسؤالي حول الرأي المختار عندكم في هذه المسألة لِعموم البلوى بها‪،‬‬
‫ولم ل يكون حديث وابصة بن معبد‪-‬الذي هو عند الترمذي وأحمد وحسّناه وأبي داوود وغيرهم الذي‬
‫رأى رجل يُصَلّي خلف الصفّ وحدَه ف َأمَرَه أن يُعيد الصلةَ وعند غيرهم زيادة‪َ " :‬ألَ‬ ‫فيه أنّ النبي‬
‫ل "‪-‬وحديث‪ " :‬فل صلة لِفرد خلف الصف "‪-‬عند ابن ماجة وابن حبان‬
‫دخلْتَ معهم أو اجْتَرَرْتَ رج ً‬
‫ن هذه الثار ل تَصح ؟ َألَ يُمكِن أن يُقال يا شيخنا أنّ قصّة‬
‫وأحمد‪-‬فَيْصَلً في هذه المسألة أم أ ّ‬
‫أبي بكرة رخصة تُبذَل لِلجاهل الذي ل يَعرف الحكم في هذه المسألة ؟‬
‫‪29‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم قراءة القرآن مِن المصحف إذا كان المام ل يَحفظ قدرا مِن القرآن وهو يريد أن ُيطِيل في‬
‫الصلة بالناس ؟‬
‫‪30‬‬ ‫س‪ :‬عامل عند تاجر معيّن قد اتفق مع مجموعة العمال هناك أن يصلوا الظهر في مصلى خاص من‬
‫أجل أنه ل يستطيع أن يخالف أمر الشخص الذي يعمل عنده ‪ ..‬المسجد قريب منهم لكن هم اعتادوا‬
‫على أن يصلوا هكذا في رمضان فقط صلة الظهر في ذلك المصلى ويصلونها جماعة‪.‬‬
‫‪30‬‬ ‫س‪ :‬دعاء المام جهرا وتأمين الجماعة‪ ،‬هل َورَدَ في ذلك شيء ؟‬
‫‪3.‬‬ ‫س‪ :‬إذا كان المام مَجهول الحال هل يصح أن يؤمّن الشخص ويستحضر في نيته تَخصيص ذلك أو‬
‫تعليق أمر إجابة الدعوة أو التأمين إن كان هذا المام صالحا ؟‬
‫‪31‬‬ ‫*فتاوى صلة السفر‬
‫‪31‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم صلة السفر‪ ،‬هل هي عزيمة أم هي رخصة ؟‬
‫‪35‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم من كان يُتمّ في السفر مستنِدا في ذلك إلى قول أحد مشائخه الذين يثق فيهم وهو أنهم‬
‫يقولون‪ " :‬من كان يملك مسكنا في السفر وكان يطيل المكث فيه فعليه التمام ولو لم ينو الستقرار‬
‫فيه " ثم تبيّن له بعد ذلك أنّ الراجح هو ما ذهبتم إليه ؟ وهل يجب عليه قضاء الصلوات التي صلّها‬
‫تماما عمل بقول شيخه ؟ وما حكم هذا الشخص إن كان يصلي بالناس في تلك الفترة ؟‬
‫‪36‬‬ ‫س‪ :‬كانوا مسافرين مع جماعة وأثناء الوضوء دخلت فرقة منهم في المسجد فوجدت جماعة تصلي‪،‬‬
‫في هذه الحالة هل يدخلون فيصلون معهم أم ينتظرون أصحابهم ليصلوا جمعا ؟ ثم إنّ الذين دخلوا‬
‫إلى المسجد ل يدرون عن تلك الجماعة هل تصلي قصرا أم تصلي وطنا‪.‬‬
‫‪36‬‬ ‫س‪ :‬من يسافر من بلده إلى بلد آخر وبعد فترة يترك السفر فيصلي إتماما ظنا منه أنّ بلد المسلمين‬
‫تعتبر وطنا له أينما حلّ فيها‪ ،‬فهل يصح هذا ؟‬
‫‪37‬‬ ‫س‪ :‬في بعض الحيان تكون في الدراسة والوقت يتأخر بها إلى الساعة الثانية‪ ،‬فهل تَجمع صلة‬

‫‪3‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الظهر مع صلة العصر جمعا صوريا ؟‬


‫‪37‬‬ ‫س‪ :‬نريدكم أن تحدثونا عن تعريف الوطن الذي يستقر فيه النسان‪ ،‬كما نريدكم أن تعرّفوا لنا كذلك‬
‫ن النسان إذا اطمأن ووصل إلى الدرجة التي تحدّثونا عنها‪-‬بعد‬
‫معنى الستقرار والطمئنان بحيث إ ّ‬
‫قليل‪-‬يكون بذلك موطّنا‪ ،‬كما‪-‬أيضا‪-‬نريدكم أن تحدّثونا عن عدد الوطان التي يجوز للنسان أن‬
‫يتخذها‪.‬‬
‫‪38‬‬ ‫س‪ :‬لكن إذا أتينا إلى قضية الوطان‪ ،‬متى يصح للنسان أن يتخذ ذلك المكان وطنا‪ ،‬هل إذا امتلك فيه‬
‫بيتا أو امتلك فيه مزرعة أم هناك شروط أخرى ؟‬
‫‪38‬‬ ‫س‪ :‬وهل ما يقال من أنّ النسان إذا تزوج من منطقة تعدّ له وطنا ؟‬
‫‪39‬‬ ‫ن النسان إذا ولد في منطقة حتى ولو سافر منها بعد ذلك ل تزال وطنا‬
‫س‪ :‬وهل ما يقال‪-‬أيضا‪-‬من أ ّ‬
‫له ؟‬
‫‪39‬‬ ‫س‪ :‬ذهب إلى مكان مجاور لبلده وشك هل ذلك المكان تعتبر مسافته وصلت حد السفر أم ل فبقي في‬
‫الشك هل يصلي إتماما أم يصلي قصرا فصلى قصرا ؟‬
‫‪40‬‬ ‫س‪ :‬على أية حال‪ ،‬نحن نريد أن تبيّنوا لنا المسافة التي إذا ما قطعها النسان يعتبر مسافرا ؟‬
‫‪41‬‬ ‫س‪ :‬بما أنكم ذكرتم هذه المسافة الن وهي اثنا عشر كيلومترا‪.‬‬
‫‪41‬‬ ‫س‪ :‬نعم‪ ،‬تقريبا ‪ ..‬ما يقرب منها ‪ ..‬متى يبدأ النسان يحسب هذه المسافة ؟‬
‫‪41‬‬ ‫س‪ :‬عندما يجمع صلة الظهر مع صلة العصر يقول له البعض‪ " :‬عليك أن تصلي السنّة " ويقول‬
‫البعض‪ " :‬ل‪ ،‬ل تصل السنّة‪ ،‬فذلك يكفيك "‪ ،‬فماذا تقولون ؟‬
‫‪41‬‬ ‫س‪ :‬هو الن يعمل في مسقط وكان يسكن عزبا مع بعض الخوة من غير أن يحضر أهله واستمر‬
‫على ذلك فترة والن أحضر أهله معه‪-‬ويبدو أنه مستأجر‪-‬ول يريد أن يستقر في مسقط وإنما ينوي‬
‫أن يعود إلى بلده في يوم من اليام‪ ،‬فلو طال مكثه في العمل في مسقط هل يصلي إتماما أم قصرا ؟‬
‫‪41‬‬ ‫س‪ :‬حتى ولو استمر عمله عشرين سنة‪-‬مثل‪-‬وهو في مسقط ؟‬
‫‪41‬‬ ‫س‪ :‬هل يجوز للمسلم في حال الجمع بين الصلتين أن يتكلم بينهما بشيء من أمور الدنيا أو أن يأتي‬
‫بالباقيات الصالحات ؟ وما هي الحكمة من تشدد بعض العلماء في ذلك ؟‬
‫‪42‬‬ ‫س‪ :‬متى يبدأ المسافر في القصر إذا كان قاصدا حد السفر‪ ،‬هل بخروجه من العمران أم بخروجه من‬
‫المنزل أم بخروجه من حد السفر ؟‬
‫‪42‬‬ ‫س‪ :‬كانوا عائدين من السفر ووقفوا عند مسجد هناك لكنهم لم يحصلوا على ماء فيه للوضوء‪ ،‬في‬
‫ن المسجد الثاني سيدخل في الميال في مسافة السفر ؟ في هذه الحالة هل‬
‫هذه الحالة هل يتيمم ل ّ‬
‫يتيمم ويصلون هناك أم يذهبون فيدخل في ‪ ...‬؟‬
‫‪43‬‬ ‫س‪ :‬ما المقصود بالجمع الصوري ؟‬
‫‪43‬‬ ‫س‪ :‬إذن في هذه الحالة إذا كان الطبيب يجري عملية والعملية يتطلب منها أن تمتد فترتها إلى أن‬
‫يدخل في وقت العصر مثل‪ ،‬في هذه الحالة هل يجمع ؟‬
‫‪4‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪43‬‬ ‫س‪ :‬إذا كان المام ينظر إلى شاشة أمامه فيها آيات القرآن الكريم ويقرأ منها أثناء الصلة‪ ،‬هل يصح‬
‫له ذلك ؟‬
‫‪44‬‬ ‫ن ذلك مشروط بأمور معيّنة ؟‬
‫س‪ :‬هل للمرء أن يختار بنفسه حوزة معيّنة يعتبر حدودها وطنا له أم أ ّ‬
‫‪44‬‬ ‫س ‪ :19‬إذا صلى المسافر صلة الظهر قصرا وسوف يصل في وقت العصر إلى بلده‪ ،‬فهل يجوز له أن‬
‫يصلي الظهر والعصر جمع تقديم ؟‬
‫‪44‬‬ ‫س‪ :‬إنني أعيش في ولية الرستاق ومكان ولدتي وادي بني خروص بولية العوابي وعندما أذهب‬
‫إلى زيارة الهل والقارب في وادي بني خروص أصلي تماما‪ ،‬فماذا عليّ‪ ،‬هل أصلي تماما أم أصلي‬
‫قصرا ؟ أرجوا إفادتي أفادكم ال‪.‬‬
‫‪44‬‬ ‫س‪ :‬نأتي الن إلى ما يشيع على ألسنة بعض الناس يقول‪ " :‬إنّ الوسائل الحديثة لم تترك في جسد‬
‫النسان موضعا للتعب فيستطيع النسان أن يقطع المسافة التي حددها العلماء للسفر بسرعة وبدون‬
‫تعب وبدون مشقة‪ ،‬فلماذا اللجوء إلى القصْر الن ؟! " ؟‬
‫‪44‬‬ ‫س‪ :‬هناك بعض المساجد فيها قسم خاص بالنساء بعضها مفصول عن المسجد الصل وبعضها ملتصق‬
‫به ‪ ..‬إذا أرادت المرأة أن تصلّي بصلة المام ‪ ..‬فإذا كان المسجد مفصول أو المصلى مفصول‪ ،‬هل‬
‫لها أن تصلي بصلة المام ؟ س‪ :‬هل هناك كيفية معيّنة‪-‬مثل‪-‬يمكن أن تصوّرها لنا ؟‬
‫‪45‬‬ ‫س‪ :‬مسافر َوجَد الجماعة في صلة العصر في الركعة الخيرة فصلى هذه الركعة الخيرة وحَمل المام‬
‫على أنّه يصلي ركعتين بِما أنّه هو مسافر فقضى ركعتين ؟‬
‫‪46‬‬ ‫س‪ :‬رجل مسافر وجد جماعة يصلون صلة العصر ‪ ،‬وهذا الرجل لم يصل صلة الظهر‪ .‬فهل يجوز له‬
‫أن يصلي معهم وينويها ظهرا ؟ وهل اتحاد صلة المأموم وصلة المام شرط لصحة الصلة ؟‬

‫‪46‬‬ ‫س‪ :‬رجل كان عائدا إلى بلدته من بلدة أخرى‪ ،‬وقد أراد أن يصلي صلة الظهر والعصر " جمعا " ‪ ،‬فما‬
‫هي أقرب مسافة يمكنه أن يصلي عندها قبل وصوله إلى بلدته ؟‬

‫‪46‬‬ ‫س‪ :‬مأموم يصلي المغرب والمام يصلي العشاء وهو مسافر ودخل هذا المأموم يظن أن هذا المام‬
‫يصلي المغرب ثم تبين له أن المام يصلي العشاء فالمام يصلي ركعتين لنه مسافر والمأموم يصلي‬
‫ثلثا ماذا يفعل المأموم هل يقطع صلته أم أنه يواصل ؟‬
‫‪46‬‬ ‫س‪ :‬رجل دخل مع جماعة تصلي الظهر وهو مقيم‪ ،‬فإذا دخل بنية الربع ركعات فهل يضره أن يكون‬
‫المام مسافرا ؟‬
‫‪46‬‬ ‫س‪ :‬مسافر نوى الجمع بين الصلتين وبعد أن فرغ من الصلة الولى لم يجمع الصلة الثانية فهل‬
‫هذه النية تؤثر على الصلة الولى ؟ وإن أراد الجمع بعد النتهاء من الصلة الولى بدون أن ينوي‬
‫نية من قبل الجمع فهل له ذلك ؟‬
‫‪47‬‬ ‫س‪ :‬جماعة تصلي صلتين جمعا فدخل عليهم رجل هل يدخل معهم أم ينتظر فيتبين له ما هي الصلة‬
‫التي يصلونها ؟‬
‫‪5‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪47‬‬ ‫‪.‬س‪ :‬رجل أراد الجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء وبعد النتهاء من الصلة الولى‬
‫تذكر فريضة منسية فماذا يفعل ؟‬
‫‪47‬‬ ‫س‪ :‬جماعة مسافرة أرادت الجمع بين الظهر والعصر وبعدما انتهت من صلة الظهر شرعت جماعة‬
‫أخرى بالقامة لصلة الظهر ؟‬

‫‪48‬‬ ‫*فتاوى صلة الجمعة‬


‫‪48‬‬ ‫س‪ :‬صلة الجمعة‪ ،‬ما هي شروط وجوبها ؟‬
‫‪50‬‬ ‫ح لها أن تُصلّي الجمعة ويُسقِط ذلك عنها الفرض‪ ،‬في حال نيتها‬
‫س‪ :‬بِالنسبة لِلمرأة قلتُم بِأنه يَص ّ‬
‫تنويها فرضا ؟‬
‫‪50‬‬ ‫س‪ :‬هناك بعضُ الذين ليس لديهم حظّ مِن المعرفة يَنوون صل َة الجمعة سنّة‪ ،‬فما حكم صلتهم في‬
‫هذه الحالة ؟‬
‫‪50‬‬ ‫س‪ :‬جماعة مسافرة مرّت على مسجد في يوم الجمعة‪ ،‬هل يُصلّون الظهر أم الجمعة ؟‬
‫‪51‬‬ ‫س‪ :‬المسافرون‪ ،‬هل لهم أن يَجمَعوا مع الجمعةِ العصرَ ؟‬
‫‪51‬‬ ‫س‪ :‬بعضُ المسافرين مِن فرط السرعة يَدخلون المسجد ف َيجِدون وقتَ الخطبة ل يَزال طويل فيُصلّون‬
‫الظهرَ ثم يَخرُجون مِن المسجد ؟‬
‫‪51‬‬ ‫س‪ :‬هل هذا الحكم شامل لِلجمعة وغ ْيرِ الجمعة ؟ لنّ بعضَ المسافرين قد يَسمَعون أذانَ الظه ِر مثل‬
‫ولنهم مُستعجِلون يَدخلُون ‪ ..‬يُصلّون الظهرَ والعص َر مثل ‪ ..‬يَجمَعون ثم يَخرُجون مِن المسجدِ‬
‫والجماعةُ لم ُت َقمْ بَعدُ‪.‬‬
‫‪51‬‬ ‫ظلّ مفتوحةً في وقتِ صلةِ الجمعة‪ ،‬ما هو الوقتُ الـمُحدّد لِهذه المحلت في‬
‫س‪ :‬عد ٌد مِن المحلت َت َ‬
‫ت صلة الجمعة ؟‬
‫أن تغلق فيه أبوابَها إذا ما حَضَرَ ْ‬
‫‪52‬‬ ‫هُنَاك مَن‬ ‫ت الصّلةُ فَان َتشِرُوا فِي الَرْضِ ‪...‬‬
‫فَإِذَا قُضِيَ ِ‬ ‫س‪ :‬في الية [ ‪ ،10‬من سورة الجمعة ]‪:‬‬
‫صحّ هَذَا ؟‬
‫جمُوعَة مِن النّاس َبعْد صَلة الجمعة مُبَاشَرَة‪ ،‬هل يَ ِ‬
‫َيقُومُ ِبقِرَاءة كِتاب مُعيّن يَتدَارَسه مَع َم ْ‬
‫‪53‬‬ ‫جرّد طُلُوعِ َفجْر َي ْومِه‬
‫س‪ :‬بِالنسبة ِلفَرْضَية صَلة الجمعة على النسان‪َ ،‬ه ْل تُصْبِح فريضةً عليه ِب ُم َ‬
‫ِبحَيْث ل يَصِح لَه أن ُيسَافِر في ذَلِك ال َيوْم أم له أن ُيسَافر ؟‬
‫‪53‬‬ ‫س‪ :‬نعود مرة أخرى إلى شروط وجوبها ذكرتُم بِأنها بِمجرّد أن يَسمع النسان النداء ‪ ..‬الن ربما‬
‫يَستمِع هؤلء النداء لكنهم يَستمِعونه عن طريق الذاعة أو عن طريق التلفزيون والمسجد يَبعُد عنهم‬
‫أكثر مِن مسافة السفر‪ ،‬فهل َتجِب عليهم في هذه الحالة ؟‬
‫‪54‬‬ ‫س‪ :‬الذين َتجِب عليهم لِكونهم قَريبِين مِن الجامِع الذي تُصلّى فيه الجمعة ويَسمَعون النداءَ‪-‬كذلك‪-‬‬
‫لكنّهم مع ذلك ل يَذهبون فيُصلّون الظهرَ‪ ،‬ما حكم صلتِهم ؟‬
‫‪54‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم الذان في المساجد المجاوِرة لِجامِع الجمعةِ ؟‬
‫‪54‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم خطبة الجمعة ؟‬

‫‪6‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪55‬‬ ‫س‪ :‬هل لِهذه الخطبة‪-‬أيضا‪-‬شروط معيّنة ؟‬


‫‪56‬‬ ‫س‪ :‬أثناء خطبة الجمعة قد يُخطِئ الخطيب في آية أو في حديث ‪ ..‬التصحيح عليه في وقت الخطبة‪،‬‬
‫يَصحّ ؟‬
‫‪57‬‬ ‫س‪ :‬ما هي الطريقة المناسِبة لِتنبِيه الخطيبِ في مثل هذه الحوال التي نادِرا ما تَحدُث على أيّة حال ؟‬
‫هل يَذهب إليه لِ ُيسِرّه في أُذنه أو شي ٌء مِن هذا القبِيل ؟‬
‫‪57‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم التكاء على العصا ونحوها في الخطبة ؟‬
‫‪58‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم الخطبة بِغيْر العربية لِلمسلمين الذين ل يَنطِقون بِها ؟‬
‫‪59‬‬ ‫س‪ :‬في وقت خطبة الجمعة قد يَعطس أحدهم‪ ،‬أو يَدخل أحدهم‪-‬أيضا‪-‬فيُسلّم‪ ،‬وهناك‪-‬أيضا‪-‬الدعاء‬
‫‪ ..‬هل تَصحّ كل هذه الحالت ؟‬ ‫الذي يَدعو بِه المام‪ ،‬والصلة على النبي‬
‫‪60‬‬ ‫ت الخطبة إذا كانت هناك مصلحة كأن يَأمر أحدُهم أحدًا بِإغلق الباب أو‬
‫س‪ :‬هل يَصحّ الكلمُ في وق ِ‬
‫بِإطفاء المكيف أو بِإطفاء المروحة أو ما شابه ذلك ‪ ..‬مصلحة معيّنة ؟‬
‫‪61‬‬ ‫س‪ :‬إذا دخل المصلي في صلة الجمعة ووجد المام يخطب‪ ،‬فهل يصلي ركعتين تحية للمسجد أم‬
‫يجلس ؟‬
‫‪61‬‬ ‫س‪ :‬بعضُ المصلّين يَمدّ يَده ِلمُصلّ آخر أثناءَ الخطبة لِيُصافحَه‪ ،‬هل يُصافحه ؟‬
‫‪62‬‬ ‫*أحكام الجنائز‬
‫‪62‬‬ ‫س‪ :‬ما الكيفية التي يكون فيها حمل الجنازة ؟‬
‫‪66‬‬ ‫س‪ :‬أين يكون مشيّعو الجنازة ؟‬
‫‪66‬‬ ‫س‪ :‬الن الناس ابتكروا‪-‬إن صح التعبير‪-‬طريقة جديدة في حمل الجنازة فصاروا يصفون أمام الجنازة‬
‫أسطرا طويلة ثم تمر الجنازة عليهم جميعا دون أن يكون أحد خلفها وقالوا صنعوا ذلك من أجل‬
‫التيسير وعدم الزحام‪ ،‬فهل يصح هذا ؟‬
‫‪67‬‬ ‫س‪ :‬إذا كانت الجماعة التي تصلي على الميت قليلة‪ ،‬هل الوْلى أن يصفوا صفا واحدا أو ثلثا ؟‬
‫‪68‬‬ ‫س‪ :‬ولدها توفي وعمره سبعة عشر عاما‪-‬قبل شهرين تقريبا‪-‬لكن عندما أُخذ إلى القبر خرج من فمه‬
‫دم‪ ،‬فهل يعني ذلك إشارة عقاب له أو المر طبيعي ؟ هي قلقة الن‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫س‪ :‬وإذا توفي في شهر رمضان‪ ،‬هل يُكمل عنه أولياؤه ؟‬
‫‪69‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم مرافقة المرأة للجنازة أثناء التشييع ؟‬
‫‪70‬‬ ‫س‪ :‬ما الوقات التي يُنهى فيها عن الصلة على الميت ؟‬
‫‪70‬‬ ‫س‪ :‬إذا أردنا أن نضرب على ذلك مثال ‪ ..‬في حال اصفرار الشمس وقرب مغيبها‪ ،‬هل تصح الصلة ؟‬
‫‪71‬‬ ‫س‪ :‬وهل يشمل ذلك لحظات الدفن أيضا ؟‬
‫‪61‬‬ ‫س‪ :‬الناس فيما يقرؤون أنهم بعد التكبيرة الثانية في صلة الجنازة يأتون بالفاتحة والبعض يأتي‬
‫بتسبيح وبغير ذلك‪ ،‬فأيهما الصح ؟ بعد التكبيرة الثانية‪ ،‬ما الذي يأتي به النسان ؟‬
‫‪73‬‬ ‫س‪ :‬امرأة مِمّن يباشرون تغسيل الموات في مقبرة عامة تقول‪ :‬في بعض الحيان يأتون إلينا بجثث‬
‫‪7‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫متعفنة ‪ ..‬في بعض الحيان بجثث مشوهة نتيجة حادث معيّن ل نستطيع أن نتعامل معها في التغسيل‬
‫ولكنّ أهلها يجبروننا على ذلك‪ ،‬فهل يصح لهم ؟ وهل تغسل مثل هذه الحالت ؟‬
‫‪74‬‬ ‫س‪ :‬في بعض الحيان تؤتى بالجثة مغطاة في كيس فإذا فتحت خرجت منها رائحة ل تطاق ؟‬
‫‪74‬‬ ‫س‪ :‬هل يُرش على الكيس ماء في هذه الحالة ؟‬
‫‪74‬‬ ‫س‪ :‬البعض يضع تحت رأس الميت حجرة ربما كوسادة‪ ،‬فهل ذلك مِن السنّة ؟‬
‫‪74‬‬ ‫س‪:‬يذكر العلماء في مصنفاتهم بأنه بعد وضع الميت في لحده يُكشَف عن وجهه‪ ،‬فهل ذلك مِن‬
‫السنّة ؟‬
‫‪75‬‬ ‫أمر النساء أن يغسلن ابنته بالماء والسّدر‪ ،‬ولكنّ‬ ‫أنّ النبي‬ ‫س‪ :‬ورد في روايات عن النبي‬
‫العلماء يذكرون في غسل الميت أنه يُغسل أوّل بالماء القراح‪ ،‬فمِن أين أتت هذه الزيادة ؟‬
‫‪75‬‬ ‫س‪ :‬ما هي الطريقة الصحيحة لغسل الميت ؟‬
‫‪76‬‬ ‫س‪ :‬مشروعية الفاتحة في صلة الجنازة ‪ ..‬بعض الروايات هكذا ذكرَتْ‪ ،‬لكن هناك‪-‬أيضا‪-‬ما ورد‬
‫يُثبت مشروعية قراءة سورة بعد الفاتحة‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟‬
‫‪76‬‬ ‫س‪ :‬بعد الدفن‪ ،‬هل تُشرع قراءة الفاتحة ؟ وإن كان ل يُشرع‪ ،‬فما هو الثابت في السنّة ؟‬
‫‪76‬‬ ‫س‪ :‬هل مِن الضروري أن يُسنّم القبر أم يُسطّح ؟ وما هي الحكمة في وضع حجرين للذكر وثلث‬
‫حجرات للنثى ؟‬
‫‪78‬‬ ‫‪...‬‬ ‫س‪ :‬هل الوْلى لحاضر الدفن القيام أم الجلوس‪ ،‬لنّ البعض يقول‪ :‬إنّ ال‪-‬تعالى‪-‬قال لنبيه‪:‬‬
‫[ سورة التوبة‪ ،‬من الية‪ ] 84 :‬قال‪ :‬إنّ الصل في أثناء الدفن القيام وأنّ‬ ‫َولَ َت ُقمْ عَلَى قَبْرِهِ ‪...‬‬
‫إنما كان لعارض لجل مخالفة اليهودي الذي مرّ بهم حينئذ؛ فهل يستقيم هذا‬ ‫جلوس النبي‬
‫الستدلل ؟ وماذا ترون ؟ ومتى يَبدأ هذا القعود ‪ ..‬هل عندما يوضع في القبر أم قبل ذلك ؟‬
‫‪79‬‬ ‫س‪ :‬ما قولكم في امرأة أطلقت على نفسها النار ببندقية وماتت إثر الطلقة فورا والسبب يرجع بينها‬
‫وبين أهلها في عدم رضاهم عن زواجها وكلما دخلت منزل أهلها لرؤيتهم ل أحد يتحدث معها ول‬
‫يردون عليها السلم إذا سلمت عليهم ؟ وهل يُصلى على الذي قتل نفسه ؟‬
‫‪80‬‬ ‫س‪ :‬بالنسبة للكفن الذي كُفّنت به ‪ ..‬جرى دم من مجرى الطلقة‪ ،‬فهل يُصلى عليها في هذه الحالة‬
‫أم يُغيّر الكفن مرة أخرى ؟‬
‫‪80‬‬ ‫س‪ :‬هل يحق للزوج المطالبة بما دفعه مهرا لها ؟ علما بأنّ أهلها هم السبب الرئيسي بإطلق النار‬
‫على نفسها وموتها‪.‬‬
‫‪80‬‬ ‫س‪ :‬هل يجب أن يكون غسل الميت كغسل الجنابة بحيث يقدم الرأس ثم الميامن قبل المياسر وهكذا ؟‬
‫‪80‬‬ ‫س‪ :‬هل يُمكن للمُغسّل أن يضع قفازين أو خرقة على يده طوال الغسل وليس فقط عند غسل العورة‬
‫فقط ؟‬
‫‪80‬‬ ‫س‪ :‬البعض يضع قطنا في فرج الميت‪ ،‬فهل ورد في السنّة ما يشير إلى ذلك ؟‬
‫‪81‬‬ ‫س‪ :‬التكبيرات‪-‬طبعا‪-‬المعروفة هي أربع تكبيرات‪ ،‬لكن وردت أحاديث تزيد على هذه التكبيرات خمس‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪ ،‬وإذا كان‪-‬أيضا‪-‬بعض الحاديث ثبتت ‪..‬‬ ‫كحديث زيد بن أرقم كبّر خمسا ونسب ذلك إلى النبي‬
‫تصل إلى سبع ‪ ..‬ثمان ‪ ..‬تسع وهلم جرا‪ ،‬ماذا يقال بعد كل تكبيرة ؟ وهل يصح أنّ آخر ما كبّر‬
‫على صلة الجنازة أربع تكبيرات ‪ ..‬هل هذا الحديث‪-‬أيضا‪-‬صحيح ؟‬ ‫النبي‬
‫‪82‬‬ ‫س‪ :‬هل تغسيل الميت يُراد به النظافة أم هو تعبّد محض ؟‬
‫‪84‬‬ ‫س‪ :‬إذا توفيت المرأة وهي حامل وبداخلها جنين له حركة تدل على وجود حياة فيه‪ ،‬فهل يُخرج أم‬
‫يُدفن معها ؟‬
‫‪84‬‬ ‫س‪ :‬هل كفن الميت له هيئة مخصوصة ‪ ..‬بأيّ طريقة تحقّقت‪ ،‬فعندما يُكفّن الميت بمثل ما يلبس‬
‫في حياته من إزار و " دشداشة " و " مصر " ونحوها ؟ وهل يمكن أن تُكفّن المرأة بما تلبس من‬
‫ملبس حياتها أيضا ؟‬
‫‪85‬‬ ‫س‪ :‬بالنسبة للحنوط هل هو ثابت في السنة ؟‬
‫‪85‬‬ ‫س‪ :‬إذا توفي عدد من الشخاص وفيهم رجال ونساء ‪ ..‬في حال الصلة عليهم‪ ،‬كيف يكون ترتيبهم ؟‬
‫‪85‬‬ ‫س‪ :‬المام أين يقف عندما يصلي على الرجل ‪ ..‬عند رأسه ‪ ..‬عند صدره ؟‬
‫‪86‬‬ ‫س‪ :‬هل يجوز أن يقف النسان على قبر الميت فيقرأ عليه القرآن ؟ وأخٌ يقول‪ :‬سمع أنكم أجزتم‬
‫قراءة القرآن وإهداءه للميت‪.‬‬
‫‪86‬‬ ‫ن المال لم يُقسّم كان إخوةُ أبيه‪-‬‬
‫س‪ :‬توفي والده وأوصى بقراءة ختمتين في كل رمضان من ماله‪ ،‬ول ّ‬
‫أو أعمامُه‪-‬يُؤجّرون على قراءة هاتين الختمتين‪ ،‬والن لما آل المر إليه يقرأ بنفسه عن أبيه بدون‬
‫أن يأخذ شيئا من المال‪ ،‬ما حكم ذلك المال الذي كان يُؤخذ من مال الميراث لتأجير هذه القراءة ؟ وهو‬
‫الن إذا قرأ عن أبيه‪ ،‬هل يصل الجر إليه ؟‬
‫‪87‬‬ ‫س‪ :‬زيارة الناث‪-‬بالذات‪-‬للقبور ؟‬
‫‪88‬‬ ‫س‪ :‬هل زيارة قبر بعينه من بين المقبرة مشروع أم يشرع فقط زيارة المقبرة بشكل عام ويُطلَق‬
‫سلم عام على أهل المقبرة ؟‬
‫‪88‬‬ ‫‪ ..‬ما حكم تلقين‬ ‫س‪ :‬أخٌ ذكر حديث أبي أمامة من أنه أمر أهله أن يُلقّنوه وأسند ذلك إلى النبي‬
‫الميت بعد الدفن ؟‬
‫‪89‬‬ ‫س‪ :‬عند دفن الميت وبعد النتهاء من دفنه يقوم أحد الناس بالدعاء جهرا ويُؤمّن البقية‪ ،‬فهل هذا‬
‫صحيح ؟‬
‫‪89‬‬ ‫س‪ :‬هل في صلة الجنازة‪-‬صلة الميت‪-‬استدراك ؟ وكيف يكون إذا كان ؟‬
‫‪91‬‬ ‫س‪ :‬بعد النتهاء من دفن الميت مباشرة يجلس المشيّعون ويقوم أحد الشخاص بضرب الرض حول‬
‫القبر عدّة مرات وهو يقول‪ " :‬ل إله إل ال‪ ،‬محمد رسول ال " ويسمّونه بتوحيش القبر‪ ،‬ظنّا‬
‫منهم لمنع الحيوانات المفترِسة خشية أن تصل إليه‪.‬‬
‫‪92‬‬ ‫س‪ :‬الميّت الذي يُغسّل‪ ،‬هل يَشعر بالمغَسّلِين ؟‬
‫‪92‬‬ ‫س‪ :‬إذا أوصى الميت بأن يُدفن في بلد بعيدة‪ ،‬هل تُنفّذ وصيته ؟‬
‫‪9‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪92‬‬ ‫س‪ :‬في بعض الحيان الناس ينتظرون الميت إلى أن يأتي أهله البعدون من أماكن بعيدة ويحبسون‬
‫الناس فترة طويلة‪.‬‬
‫‪92‬‬ ‫س‪ :‬قد يوصي الميت بمبلغ لحافر القبر ولِمُغسّله ومُكفّنه ؟‬
‫‪93‬‬ ‫س‪ :‬ما كيفية إدخال الميت في القبر ؟‬
‫‪93‬‬ ‫س‪ :‬هل هناك أولوية لرحامه في النزول إلى القبر إذا كان رجل ؟ وماذا‪-‬أيضا‪-‬إذا كان امرأة ؟‬
‫‪94‬‬ ‫مِ ْنهَا خَ َلقْنَا ُكمْ وَفِيهَا ُنعِي ُد ُكمْ َومِ ْنهَا‬ ‫س‪ :‬هناك من عندما يضع الميت في القبر يقرأ قوله تعالى‪:‬‬
‫[ سورة طه‪ ،‬الية‪ ،] 55 :‬فهل ورد شيء يُثبِت ذلك ؟‬ ‫جكُمْ تَارَ ًة أُخْرَى‬
‫ُنخْ ِر ُ‬
‫‪94‬‬ ‫س‪ :‬البعض عندما يضعون الميت في القبر يقوم أحدهم بتمرير يده على التراب الموجود أعلى القبر‬
‫وينطق بالشهادتين‪ ،‬وكأنه يُودّعه بتلك الكلمات ؟‬
‫‪95‬‬ ‫س‪ :‬البعض عندما يحمل الجنازة ينادي بصوت مسموع‪ " :‬اذكروا ال ‪ ..‬اذكر ربك يا غافل "‪ ،‬فما‬
‫رأيكم ؟‬
‫‪95‬‬ ‫س‪ :‬تركّبت عند بعض الناس معلومة مفادها أنّ الباء والرحام ل يحملون جنازات أرحامهم وآبائهم‬
‫وإنما يكتفون بالمشي خلفها‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟‬
‫‪96‬‬ ‫س‪:‬البعض عندما يحمل الطارقة يُقَفّزها ثلث خطوات ثم يبدأ النطلق بها ؟‬
‫‪97‬‬ ‫س‪ :‬الشهيد‪ ،‬كيف يكون التعامل معه في التغسيل ؟ هل يُغسّل ؟ هل يُكفّن ؟‬
‫‪98‬‬ ‫س‪ :‬الحديث الذي ورد فيه أنّ الذي سار مع الجنازة إلى نهايتها أو رجع عنها له قيراط أو قيراطان‬
‫من الجر‪ ،‬ما صحّته ؟ وما حكم الرجوع عن الجنازة بعدما يسير النسان معها ‪ ..‬هل يلزم أن يبقى‬
‫إلى آخرها أو يمكن أنه إذا بدا له أمر يذهب عنها ؟‬
‫‪99‬‬ ‫* فتاوى صلة الخسوف والكسوف‬
‫‪99‬‬ ‫ن خسوفا كليا للقمر سيكون في سماء هذه الدنيا وسيُرى‪-‬أيضا‪-‬مِن السلطنة‪ ،‬كيف‬ ‫س‪ :‬أطلعنا على أ ّ‬
‫يَ َتعَامَل الناس مع هذَا الخسوف كما ورد في السنّة ؟‬
‫‪108‬‬ ‫سادسا ‪ :‬أحكام صلة العيد‬
‫‪108‬‬ ‫أول‪ :‬أحكام متعلقة بالعيد‬
‫‪108‬‬ ‫س‪ :‬في لَيْلَة العيد ‪ ..‬هل هناك َأحْكَام شرعِية ُمعَيّنَة ينبغي على الناس أن يفعلوها أو يَصْ َنعُوهَا قَ ْب َل‬
‫الصّبَاح ؟‬
‫‪110‬‬ ‫س‪ :‬بالنسبة للغتسال في يوم العيد‪ ،‬ما حكمه ؟ وهل يُمكن أن يكون ذلك قبل الفجر ؟‬
‫‪111‬‬ ‫صوْتٍ واحد إلى أن يَصِلُوا إلى‬
‫سنّ أن يَكون التكبير جماعيا ‪ ..‬يعني َيخْرج الناس لِ ُيكَبّروا بِ َ‬
‫س‪ :‬هل ُي َ‬
‫مصلى العيد ؟‬
‫‪112‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أحكام صلة العيد‬
‫‪112‬‬ ‫س‪ :‬بالنسبة للخروج إلى صلة العيد ‪ ..‬الذهاب إلى صلة العيد مِن طريق والعودة مِن طريق آخَر‪ ،‬هل‬
‫هذا مِن السنّة ؟‬

‫‪10‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪113‬‬ ‫س‪ :‬هل مِن السنّة أن يكون الذهاب إلى صلة العيد َمشْيا ؟ وإذا كان ذلك‪ ،‬فماذا على مَن َركِب ؟‬
‫‪113‬‬ ‫س‪ :‬وماذا عن المرأة أيضا ‪ ..‬هل تَخرُج لِصلة العيد ؟‬
‫‪114‬‬ ‫س‪ :‬إذا لَم تَخرُج المرأة لِصلة العيد‪ ،‬هل تُصلّيها في بيتها ؟‬
‫‪114‬‬ ‫س‪ :‬ماذا على مَن لم يصل صلة العيد ؟‬
‫‪115‬‬ ‫ص في المناوبة مثل وفاتته الصلة يومَ العيد‬
‫س‪ :‬كيف يَصنَع مَن فاتته صلة العيد ‪ ..‬كأن يكون شخ ٌ‬
‫مع الجماعة‪ ،‬فهل له أن يصليها منفردا فيما بعد ؟ ومتى يكون قضاؤها ؟‬
‫‪116‬‬ ‫فتاوى السنن والنوافل‬
‫‪116‬‬ ‫س‪ :‬الناس‪-‬ربما‪-‬مسألة السنن يتهاونون فيها ويَظنون أنّ مرتبتها صغيرة جدا ل تَرقى إلى أن‬
‫يُحافِظ عليها النسان‪ ،‬ما هي قيمة السنن في السلم ؟‬
‫‪117‬‬ ‫س‪ :‬نودّ منكم تعريفا للسنن المؤكدة ‪ ..‬ما هي السنن المؤكدة ؟‬
‫‪119‬‬ ‫س‪ :‬أنتم تحدثتم عن سنّة الفجر وأنها مؤكّدَة‪ ،‬والبعض ذهب إلى أنها واجبة ‪ ..‬الن بالنسبة لسنّة‬
‫الفجر‪ ،‬ما حكم صلة سنّة الفجر أثناء صلة المام الفريضة ؟‬
‫‪122‬‬ ‫س‪ :‬ما هي السّنن الراتِبة ؟‬
‫‪128‬‬ ‫س‪ :‬ما هي السّنن المؤكّدة ؟‬
‫‪129‬‬ ‫س‪ :‬سنّة الفجر ‪ ..‬مَن لم يُدرِكها قبل الفريضة‪ ،‬متى يأتي بها ؟‬
‫‪130‬‬ ‫س‪ :‬ذكرتُم في جوابٍ سابِق أنه ِممّا يُقرَأ في س ّنةِ الفجر الية الثانية والخمسين مِن سورة النعام‪.‬‬
‫‪131‬‬ ‫س‪ :‬هل تارك السنّة المؤكّدة يُعتبَر خسيس المنزلة ؟‬
‫‪131‬‬ ‫س‪ :‬ما الفرق بيْن صلة سنّة العشاء وصلة الشفع ؟‬
‫‪132‬‬ ‫س‪ :‬مَن عليه قضاء صلوات‪ ،‬هل له أن يَشتغِل بها عن السّنن المؤكّدة والرواتب ؟‬
‫‪133‬‬ ‫س‪ :‬السنن الرواتب‪ ،‬هل تُصلّى في البيت أم تُصلّى في المسجد ؟‬
‫‪134‬‬ ‫س‪ :‬سواء كانت السنن القبلية أو البعدية ؟‬
‫‪134‬‬ ‫س‪ :‬ويَستوِي في ذلك عندكم النهارية والليلة ؟‬
‫‪134‬‬ ‫س‪ :‬هل تُستثنَى المؤكّدات أم الكل يَشمَلها ؟‬
‫‪134‬‬ ‫ن خيرَ صلةِ المرءِ في بيتِه إل الـمَكتوبة ) ؟‬
‫‪(:‬إّ‬ ‫صحّة ما يُروى عن النبي‬
‫س‪ :‬ما ِ‬
‫‪134‬‬ ‫س‪ :‬صلة السنن في النهار أو في الليل‪ ،‬هل يُسلّم بعدَ كلّ ركعتيْن ؟‬
‫‪136‬‬ ‫س‪ :‬ما حكمُ الصلة قبلَ صلةِ الجمعة ؟ وهل ثبتت صل ٌة بعد صلة الجمعة سواء في البيت أو في‬
‫المسجد ؟‬
‫‪139‬‬ ‫ن له أن يُصلي في البيت قبل أن يصعد المنبر ؟‬
‫س‪ :‬بالنسبة إلى صلة الجمعةِ الخطيبُ‪ ،‬هل يُس ّ‬
‫‪140‬‬ ‫س‪ :‬لو نزلنا إلى واقع الناس نَجد أنّ هناك عددا مِن التصرفات يقوم بها بعضُ الناس فالبعض يدخل‬

‫‪11‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫والمام يَخطب فمنهم مَن يجلس ومنهم مَن يصلي والبعض يجلس فإذا سكت المام بيْن الخطبتين قام‬
‫فصلى‪.‬‬
‫‪141‬‬ ‫س‪ :‬أحد الشخاص قال له بعضُ الخوة‪ " :‬نصلي سنّة الفجر قبل الفريضة بِخمس دقائق "‪ ،‬هل هذا‬
‫الكلم صحيح ؟‬
‫‪142‬‬ ‫س‪ :‬سنّة السّحور‪ ،‬هل الفضل أن تُصلّى في البيت أو في المسجد ؟‬
‫‪143‬‬ ‫في التشهد الوّل‪ ،‬هل فيه بأس ؟‬ ‫س‪ :‬مَن يصلي على النبي‬
‫‪144‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم تكرار الفاتحة في الركعة الواحدة ؟‬
‫‪145‬‬ ‫س‪ :‬سَمع المشاهِدُون والمستمعون فتوى في عدم جواز تكْرارِ التحيات‪ ،‬هل هذا يَشمل الصلة‬
‫في التّشهد الثاني ؟‬ ‫على النبي‬
‫‪145‬‬ ‫س‪ :‬اللفظة الصحيحة لِلصلة البراهيمية ؟‬
‫‪145‬‬ ‫س‪ :‬قد يَجمع النسان الصلتين ‪ ..‬في هذه الحالة‪ ،‬هل يأتي بِالسنَن الرواتب ؟‬
‫‪148‬‬ ‫س‪ :‬تَحَدّثتم عن السّنَن الرواتب في حال الجمع ولكن في حال القصر مِن غير جمع ؟‬
‫‪148‬‬ ‫ب في القبر ؟‬
‫س‪ :‬ما قولكم في المروي أنّ سعد بن معاذ كان ل َيسْتَبْرئ مِنَ البول ولذلك عُذّ َ‬
‫‪150‬‬ ‫س‪ :‬أرجو بَيَان أصل صلة التهجّد في السنّة ؟ وما مشروعيتها وحُكْمُها ؟ وهل تُؤَدّى جماعة‬
‫ويُتّخَذ ذلك عادة ؟ وما وقتها ؟ وكم عدد الركعات ؟ وكيفية أدائها ؟‬
‫‪150‬‬ ‫س‪ :‬مَن يُصلّي هذه النوافل قبل أن يَنام نظرا لنّ النوم في بعض الحيان قد يَثقل عليه فل‬
‫يَستطيع أن يَقوم في آخِر الليل فيصليها قبل أن ينام ‪ ..‬العدد الذي ذكرتُم‪ ،‬هل يَحصل على نفس‬
‫الجر فيما لو صلها في نِهاية الليل ؟‬
‫‪150‬‬ ‫س‪ :‬ماذا يُقرأ في السنن الرواتب ؟‬
‫‪152‬‬ ‫س‪ :‬ما تَفسِير الحديث ‪ ( :‬ومَا تَقَرّبَ إليّ عَبْدي ‪ ) ...‬؟‬
‫‪152‬‬ ‫س‪ :‬هَل هناك فرقٌ بيْن سُنّةِ الشروق وسُنّةِ الضّحى أم هي صلة واحدة ؟‬
‫‪153‬‬ ‫س‪ :‬الوتر والشفع منهم من يصليها ثلثا دون فاصل ‪....‬؟‬
‫‪153‬‬ ‫س‪ :‬هل له أن يصلي السنة أرع ركعات دون فاصل ؟‬
‫‪153‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم صلة التراويح ؟‬
‫‪154‬‬ ‫* فتاوى القضاء والعادة للصلة‬
‫‪154‬‬ ‫س‪ :‬ما الفرق بين البدل والقضاء ؟ وما حكم من لم ينو قضاء ول أداء لصلته ؟‬
‫‪154‬‬ ‫رجل نسي أن يصلي إحدى الصلوات ثم تذكرها وقد وجبت الصلة التي تليها ‪ .‬فكيف له أن يعيدها ؟‬
‫ولو أن هذه الصلة المنسية كانت صلة الظهر‪ ،‬وتذكرها وقد وجبت صلة العصر والجماعة قائمة‪.‬‬
‫فكيف تكون صفة إعادة صلة الظهر في هذه الحالة‪ ،‬علما بأنه ل صلة بعد صلة العصر حتى وجوب‬
‫صلة المغرب؟‬
‫‪154‬‬ ‫س‪ :‬من نام عن صلة أو نسيها هل يصلها قضاء أو أداء ؟‬
‫‪12‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪154‬‬ ‫س‪ :‬فاتته صلة الوتر وفي اليوم الثاني عندما كان يصلي مع المام صلة التراويح صلى معه الوتر‬
‫بعد التراويح ‪ ..‬الوتر التي فاتته وأجّل الوتر الحالية إلى آخر الليل ؟‬
‫‪155‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم الذان والقامة في صلة القضاء ؟‬
‫‪155‬‬ ‫فتاوى عامة في الصلة‬
‫‪155‬‬ ‫س‪ :‬التنكيس في القراءة في الصلة كأن يقرأ في الركعة الولى سورة الخلص ثم الركعة الثانية‬
‫وسورة متقدمة عليها كالكافرون‪" ...‬‬
‫‪155‬‬ ‫س‪ :‬شخص كان يصلي المغرب والعشاء ل يقرأ في الركعتين الوليتين سورة ‪.‬‬
‫‪156‬‬ ‫ما هو القول الراجح في الصلة الوسطى ؟‬
‫‪156‬‬ ‫س‪:‬يخرج منه الدم في أغلب يومه ‪ ..‬إذا كان هذا الدم يخرج من فمه باستمرار‪ ،‬فكيف تكون صلته ؟‬
‫‪156‬‬ ‫س‪ :‬سورة العلق وسورة النشقاق‪ ،‬تجب فيها سجدة ؟‬
‫‪156‬‬ ‫س‪ :‬هل تصح صلة المام إذا قرأ سورة فيها سجدة ولم يسجد ؟‬
‫‪156‬‬ ‫س‪ :‬من قرأ السجدة في وقت تحرم في الصلة ؟‬
‫‪156‬‬ ‫س‪ :‬شخص جمع بين لفظ الصلة البراهيمية ولفظ آخر من اللفاظ التي فيها الصلة على النبي صلى‬
‫ال عليه وسلم وذلك في التشهد الخير من الصلة ‪.‬‬
‫‪157‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم القامة للنساء ؟‬
‫‪157‬‬ ‫س‪ :‬رجل يصلي منفردا وبعد أن كبّر تكبيرة الحرام سواء كان ذلك بعد ركعة أو ركعتين أو أكثر أو‬
‫أقل تذكر بأنه لم يأتِ بالقامة ؟‬
‫‪158‬‬ ‫هل تجوز إقامة متنفّلٍ لصلة مفترضين ؟‬
‫‪158‬‬ ‫س‪ :‬من اكتفى بقراءة البسملة بعد فاتحة الكتاب مع أنه تحفظ شيئا من كتاب ال ؟‬
‫‪158‬‬ ‫س‪ :‬هل تلزم الكفارة لمن ترك الصلة عمدا ؟‬
‫‪158‬‬ ‫س‪ :‬حكم الصلة بين السواري ؟‬
‫‪159‬‬ ‫عن الصلة في الطائرة ‪:‬‬
‫‪ )1‬هل يلزمنا البحث عن مكانٍ للوقوف ؟ أم نصلي جلوسا في مقاعدنا ؟ وإذا صلّيْنا جلوسا فهل‬
‫نُرخي أرجلنا أم نجلس جلسة التحيات ؟‬
‫‪ )2‬في بعض الحيان ل نتمكن من إدراك وقت الفجر ‪ ،‬حيث تكون الطائرة مندفعة بسرعة نحو الشرق‬
‫‪ ،‬فإذا أبصرنا نور الفجر قد بدأ بالظهور لم نلبث دقائق معدودة حتى نرى الشمس قد طلعت وارتفعت ‪.‬‬
‫ما العمل في هذه المسألة ؟‬
‫‪159‬‬ ‫س‪ :‬إنسان معوق ل يقدر أن يتوضّأ لكل صلة وفي بعض الحيان أثناء الوضوء ربما يلمس ملبسه‬
‫شيء من النجاسة ل يستطيع التحرّز منها لنه محمول على كرسي‪ ،‬فماذا يصنع في مثل هذه الحالة ؟‬
‫‪159‬‬ ‫ق الجماعة ليقيم هو صلة أخرى‬
‫س‪ :‬عندما ل يكون الرجل مطمئنا إلى صلة المام‪ ،‬هل له أن يش ّ‬
‫ويحدث بذلك بلبلة في أوساط المصلين أم ماذا عليه أن يصنع في مثل هذه الحالت ؟‬
‫‪13‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪160‬‬ ‫س‪ :‬هل تجوز الصلة بالنظّارة ؟‬


‫‪160‬‬ ‫س‪ :‬رجل صلى إحدى الصلوات ثم تبين له بعد ذلك أن بثوبه آثار بقية نجاسة ولكنها ليست رطبة‪.‬‬
‫فهل عليه إعادة تلك الصلة ‪ ،‬علما بأن هذا الثوب قد تم غسله ؟‬
‫‪160‬‬ ‫س‪ :‬رجل قام بغسل جنابة كانت في ثوبه‪ ،‬فهل يجب عليه أن يغتسل بعد ذلك غسله من الجنابة ؟ وإن‬
‫كان صائما فهل يجب عليه شيء ؟‬
‫‪160‬‬ ‫س‪ :‬من قرأ الفاتحة في موضع التشهد ؟‬
‫‪160‬‬ ‫س‪ :‬حكم الستعاذة في الصلة ؟‬
‫‪160‬‬ ‫س‪ :‬ما الفرق بين الستعاذة والبسملة في الصلة ؟‬
‫‪160‬‬ ‫س‪ :‬هل يجوز أن تصلى النافلة جلوسا ؟‬
‫‪161‬‬ ‫ت بالفاتحة وهو في السجود فما حكم صلته ؟‬
‫س‪ :‬شخص شك في صلته أنه لم يأ ِ‬
‫‪161‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم مدافعة الشخص الريح وهو في الصلة ؟‬
‫‪161‬‬ ‫س‪ :‬شخص نسي التشهد الول وانتصب قائما واطمئن قائما ؟‬
‫‪161‬‬ ‫ت به بعد ذلك تلك الفريضة التي سها فيها ؟‬
‫س‪ :‬من نسى سجود السهو لم يأ ِ‬
‫‪162‬‬ ‫س‪ :‬التفكير خارج الصلة ؟‬
‫‪162‬‬ ‫س‪ :‬شخص سهى في صلته أثناء التشهد الخير ووجد نفسه أنه يقرأ التحيات ووجد نفسه أنه يقرأ‬
‫الفاتحة‬
‫‪162‬‬ ‫س‪ :‬إذا قرأ الفاتحة ولم ينتبه وسلم ؟‬
‫‪162‬‬ ‫س‪ :‬من نسى السجدة من الركعة الولى وتذكرها في الركعة الثانية ؟‬
‫‪163‬‬ ‫س‪ :‬هل ثبت في السنة رفع اليدين في الدعاء ومسج الوجه بعد الدعاء أو السلم ؟‬
‫‪163‬‬ ‫س‪ :‬صلة الظهر متى تنتهي بالتحديد ؟‬
‫‪164‬‬ ‫ثانيا‪ :‬فتاوى الصوم‬
‫‪165‬‬ ‫أول ‪ :‬كيفية استقبال شهر رمضان‬
‫‪165‬‬ ‫س‪ :‬تسأل عن الحدود التي يسلكها المسلم في رمضان في مشاهدة التلفاز‪.‬‬
‫‪166‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬أحكام وقت المساك ونية الصوم‬
‫‪166‬‬ ‫س‪ :‬هل الصائم يعقد النية قبل الصيام كأن ينوي أن يصوم ثلثين يوما‪-‬مثل‪-‬أم أنّ لكل يوم نيته ؟‬
‫‪166‬‬ ‫صحَت للسحور والذان يؤذّن فلكي تدرك نفسها قامت بتناول وجبة السحور والذان يؤذّن‪،‬‬
‫س‪ :‬أسرة َ‬
‫فماذا عليها ؟‬
‫‪198‬‬ ‫س‪ :‬السحور في الساعة ( ل تزال الثانية عشر ليل‪ ،‬هل يتنافى ذلك مع الخيرية التي قال عنها النبي‬
‫أمّتي بخير ما أخّروا السحور وعجّلوا الفطور ) عندما يتسحر النسان في الساعة الثانية عشر ليل ؟‬
‫‪169‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬ما يثبت به الصوم‬
‫‪169‬‬ ‫س‪ :‬بعد أيام قليلة سيتحرى الناس رؤية هلل شهر رمضان المبارك ويستنفرون في ذلك كل جهودهم‪،‬‬

‫‪14‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فهل لكم من كلمة توجهونها إلى الناس تحثهم على أهمية تحري الرؤية ؟‬
‫‪170‬‬ ‫س‪ :‬هل من رأى الهلل ثم قَصّر في التصال باللجنة التي أُعِدّت لستطلع الهلل يُعدّ آثما ؟‬
‫‪170‬‬ ‫س‪ :‬البعض يشك في نفسه من أنّ الرؤية ثبتت حقيقة إل أنّ اللجنة‪-‬مثل‪-‬لم يصلها خبرها فهو يشك‬
‫ويقول‪ " :‬إنّ البلد الفلني قد صاموا فلماذا ل أصوم معهم ؟! " فيصوم استنادا على الشك الذي يوجد‬
‫في نفسه ؟‬
‫‪171‬‬ ‫رابعا ‪ :‬أحكام الصوم المستحب والمكروه والمحرم‬
‫‪171‬‬ ‫س‪ :‬ما هو الصيام المحرم والمكروه والمستحب ؟‬
‫‪187‬‬ ‫خامسا‪ :‬ما ينقض الصوم وما ل ينقضه‬
‫‪187‬‬ ‫س‪ :‬البخاخ الذي يُستخدم لِضيق ال ّنفَس ؟‬
‫‪187‬‬ ‫س‪ :‬الحبة التي يتناولُها مريض القلب ؟‬
‫‪188‬‬ ‫س‪ :‬امرأة بدأت صيام ثلثة أيام بعد نية نوتها لذلك ولكنها في اليوم الثالث شعرت بشيء يخرج منها‬
‫وحسبت أنه حيض فتركت الصيام لكنه بعد ذلك اختفى وبعد ثلثة أيام جاءها مرّة أخرى‪ ،‬هل يعدّ ذلك‬
‫حيضا ؟‬
‫‪188‬‬ ‫س‪ :‬كيف نتعامل مع المدرسات اللواتي ل يتحجبن ؟ وخاصة في رمضان‪.‬‬
‫‪188‬‬ ‫س‪ :‬امرأة تغتسل من الحيض في رمضان الكريم وأذّن عليها أذان الفجر وهي ل تزال تغتسل‪ ،‬كيف‬
‫يكون صيامها في تلك الحالة ‪ ..‬هل تنوي مباشرة أو ماذا تصنع ؟‬
‫‪189‬‬ ‫س‪ :‬جدتها كبيرة في السن وتحتاج في تغيير ملبسها إلى أن تستعين ببعض الشخاص سواء كانوا‬
‫ذكورا أم إناثا‪ ،‬فهل يؤثر ذلك على صيامهم عندما يبدلون لها ملبسها ؟‬
‫‪189‬‬ ‫س بطعم ذلك الدهن في فمه وهو‬
‫س‪ :‬إذا كان الشخص يتوضأ وفي يده دهن وعند المضمضة أح ّ‬
‫صائم‪ ،‬هل يؤثر ذلك على صيامه ؟‬
‫‪189‬‬ ‫س‪ :‬كثير من النساء يسألن عن استخدام الدهن وما يسمى بـ " الكْريم " أثناء الصيام‪ ،‬فهل يضر‬
‫صيامهن ؟‬
‫‪189‬‬ ‫س‪ :‬شخص توضأ للصلة وبقي في فمه ريق اختلط بماء الوضوء‪ ,‬ماذا يصنع بذلك الريق ؟ هل له أن‬
‫يبلعه ؟‬
‫‪189‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم استخدام العطور النفاثَة بالنسبة للصائم ؟‬
‫‪189‬‬ ‫س‪ :‬شخص استيقظ في نهار رمضان وهو على جنابة‪ ،‬فإذا سارع بالغتسال هل له أن يكمل الصيام ؟‬
‫وإذا لم يغتسل ‪ ..‬أهمل الغتسال ؟‬
‫‪189‬‬ ‫س‪ :‬مداعبة الرجل لمرأته في نهار رمضان والحديث معها بكلم الحب والعطف وما شابه ذلك‪ ،‬هل‬
‫يضر ذلك الصيام ؟‬
‫‪190‬‬ ‫أحكام القضاء والكفارة‬
‫‪190‬‬ ‫ب ما لِشهرِ رمضان ؟ فالمرأة‪-‬مثل‪-‬التي تَعترِضُها دور ُتهَا الشهرية‬
‫س‪ :‬هل أيامُ القضا ِء لَها مِن الثوا ِ‬

‫‪15‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ث الفضل والجر والثواب‪ ،‬هل حكمُها كحكمِ رمضان ؟‬


‫في رمضان ثُم تَقضِي هذه اليام ‪ ..‬مِن حي ُ‬
‫‪191‬‬ ‫س‪ :‬قد يَكون أَفط َر في أوّل رمضان أو في وسطه أو في آخِره‪ ،‬فهل في القضاء يَلْزمُه أن يَصومَ ما‬
‫أَفطرَه مُ َتفَرّقا أن يَصومَه مُتتابِعا ؟‬
‫‪192‬‬ ‫ت إلى‬
‫ت خمسة عشر يوما فقط ثُم مرضتْ فأفطرتْ يوميْن معهم في الم ْنزِل ثُم ُنقِلَ ْ‬
‫س‪ :‬والدتُه صام ْ‬
‫ت ظهرا‪ ،‬ما هي اليام التي يَلْ َزمُ قَضَاؤُهَا‬
‫العِنَايَة وبقيتْ على إفطارِها حتى اليوم التاسع والعشرين توفي ْ‬
‫عَنْها ؟‬
‫‪192‬‬ ‫س‪ :‬رجل أجرى عملية قلب ول يستطيع الصيام الن ولكن ينتظر الشفاء ؟‬
‫‪193‬‬ ‫س‪ :‬مَن كانت عليه أيام قضاء أو كان عليه يوم واحد‪ ،‬هل له أن يصوم يوم الثلثين مِن شعبان ؟‬
‫‪194‬‬ ‫س‪ :‬امرأة كانت مريضة في شهر رمضان الكريم بالشلل النصفي وتركت من صيامه ستة عشر يوما‬
‫وبعد مرور سنين تقول هي أنها لم تقض تلك اليام ويقول أبناؤها بأنها قضت تلك اليام فصارت في‬
‫خلف مع أبنائها هم يقولون بأنك قد قضيت وهي تقول بأنني لم أقض ‪ ..‬متشككة‪ ،‬فماذا تصنع في‬
‫هذه الحالة ؟‬
‫‪194‬‬ ‫س‪ :‬إذا كان المسلم ل يستطيع الصوم بسبب مرض ول يستطيع القضاء في وقت لحق‪ ،‬فهل عليه‬
‫الكفارة عن كل يوم ؟ وما حكم إخراج هذه الكفارة‪ ،‬هل تخرج يوميا أم يجزيه أن يخرجها في بداية‬
‫الشهر دفعة واحدة بشراء مؤونة رمضان لسرة فقيرة أو عدد من السر ؟‬
‫‪195‬‬ ‫س‪ :‬امرأة لَم تقض ما أفطرت من رمضان الماضي حتى دخل رمضان الحاضر‪ ،‬ماذا يلزمها ؟‬
‫‪196‬‬ ‫س‪ :‬شخص عمل كبيرةً في نَهارِ رمضان وهو في خارِج الوطن ‪ ..‬في سفرِه‪ ،‬هل َتجِب عليه الكفارة‬
‫كالذي في داخِل وطنِه ؟‬
‫‪197‬‬ ‫سابعا ‪ :‬أحكام السفر بالنسبة للصيام‬
‫‪197‬‬ ‫س‪ :‬مَن أراد أن يسافر وأراد أن يصبح مفطرا في هذا السفر‪ ،‬هل يلزم أن يَخرج من وطنه قبل أن‬
‫يطلع عليه الفجر في وطنه ؟‬
‫‪197‬‬ ‫س‪ :‬ولكن إذا كان سفره في منتصف النهار ‪ ..‬إذا خرج ماذا يصنع خارج الوطن إلى منتصف النهار‬
‫مِن قبل زوال الشمس ؟‬
‫‪197‬‬ ‫س‪ :‬نحن طلبة نقيم خارج السلطنة وسوف يطل علينا شهر رمضان …؟‬
‫‪198‬‬ ‫س‪ :‬رجل أراد السفر في شهر رمضان وبيّت النية على أنه إذا طلع عليه الفجر وهو في وطنه يصبح‬
‫صائما وإن خرج من وطنه قبل طلوع الفجر يصبح مفطرا فخرج من وطنه بعد طلوع الفجر ماذا‬
‫يلزمه ؟‬
‫‪198‬‬ ‫ثامنا ‪ :‬أحكام المرض المبيح للفطار‬
‫‪198‬‬ ‫س‪ :‬ما ُهوَ ضَابِط المرض الذي ُي ْمكِن أن ُي ْفطِر الصائم بسببه ؟‬
‫‪199‬‬ ‫س‪ :‬ما قولكم في المريض بمرض فقر الدم الشديد ويحتاج إلى نقل دم شهريا وصادف نقل الدم شهر‬
‫رمضان‪ ،‬فهل نقل الدم إلى المريض يُفطّره ؟‬

‫‪16‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪199‬‬ ‫س‪ :‬عنده ولد عمره سبعة عشر عاما لكنه مصاب بمرض فقر الدم‪-‬شفاه ال‪-‬ولعل هذا المرض‬
‫يحتاج إلى علج مستمر‪ ،‬كيف يكون صيامه في هذه الحالة ؟‬
‫‪199‬‬ ‫تاسعا‪ :‬أحكام عامة‬
‫‪199‬‬ ‫س‪ :‬الحديث الناهي للمرأة عن الصيام بدون إذن زوجها ‪...‬؟‬
‫‪200‬‬ ‫س‪ :‬الطفال الذين برغبون في الصيام ‪..‬؟‬
‫‪201‬‬ ‫عاشرا ‪ :‬فتاوى ليلة القدر‬
‫‪201‬‬ ‫س‪ :‬ليلة القَدْر‪ ،‬هل هي مِن غروب الشمس أو أنها ‪ ...‬؟‬
‫‪201‬‬ ‫س‪ :‬ذكرتُم أنّه تستدرك ليلة القَدْر في أوتار الشهر الكريم‪ ،‬فهل أوتار العشر اليام الخيرة أو أوتار‬
‫الشهر كاملة ؟‬
‫‪201‬‬ ‫ن الوتار‬
‫س‪ :‬ليل ُة القَدْر‪ ،‬هل هي ليلة واحدة تَدور حول العالَم وهنا يَظهَر إشكال لديه في مسألةِ أ ّ‬
‫تَختلِف ‪ ..‬قد يَكون هذه الليلة وِتر في بلد بينما هي ليست كذلك في بلد آخَر ؟‬
‫‪201‬‬ ‫س‪ :‬هل تَختصّ هذه الليلة ‪ ..‬ليلة السابع والعشرين مِن رمضان بِشي ٍء مِن الحكام أو النوافل أو‬
‫السّنَن بِحيث تُميّز عن غيرِها ؟‬
‫ت له ؟‬
‫س‪ :‬ما هو الراجِح في علماتِ ليلةِ القدر ؟ وهل يَجوز إخبار الصحاب بِهذا إذا تَبيّنَ ْ‬
‫عاشرا ‪ :‬فتاوى عامة في الصيام‬
‫س‪ :‬الحديث النّاهِي للمَرأة عن الصيام بدون إِذْن زوجها هل يشمل ما تقْضِيه المرأة من الواجبات ؟‬
‫س‪ :‬الطفال الذين يرغبون في الصيام‪ ،‬ما هو سن التكليف الشرعي ؟ ومِن متى يُمكن أو يُعوّد هؤلء‬
‫الطفال ؟‬
‫‪208‬‬ ‫الحادي عشر ‪ :‬فتاوى العتكاف‬
‫‪208‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم العتكاف ؟‬
‫س‪ :‬هل لهذا العتكاف شروط معيّنة ؟‬
‫س‪ :‬رجل مريض بالشلل أو ل يستطيع أن يَعتكف في المسجد‪ ،‬فهل له أن يَعتكف في بيته ؟ وهل‬
‫للمرأة‪-‬أيضا‪-‬أن تَعتكف في بيتها دون المسجد ؟‬
‫س‪ :‬هل يصح العتكاف في مصلّى صغير ل تُقام فيه الصلوات الخمس ؟‬
‫س‪ :‬هل يُستحبّ للناس أن يَعتكفوا جماعيا ؟‬
‫ثالثا ‪ :‬فتاوى الزكاة‬
‫زكاة النقدين‬

‫زكاة الجمعيات‬
‫زكاة الدين‬
‫‪17‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫زكاة الفطر‬
‫ملخص عام لحكام زكاة الفطر‬
‫س‪َ :‬نوَدّ‪-‬في البداية‪-‬أن ُت ْعطُونَا نُبذ ًة ُمخْتَصَرَة عن زكاةِ الفطْر‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬وقت وجوبها‬
‫س‪ :‬هل يَجوز تعجيل زكاة الفطر خاصّة إذا كان يَصعب عليه أن َيجِد الفقير في وقت الخراج ؟ فإن‬
‫قيل بِجواز ذلك‪ ،‬هل يُشترَط أن يَبقى متحرّيا حالة الفقير إلى حين صل ِة العِيد ؟ قد يَكون يَرِث أو يَنال‬
‫مال فيَنتقِل مِن الفقر إلى الغنى وهذا فيه عليه نوع مِن المشقّة‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يَجوز أن ُيقَدّم الم سلم زكا َة الفِطْر ق بل موعد ها ؟ خا صة وأ نه يرا عي هذه اليام الفقراء نظرا‬
‫لنهم يريدون أن يَشتروا حاجات لبنائهم إذا كان يَتحصّلون عليها نقدا‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل أخذ بِالقول المشهور وهو إخراجُها بعدَ فجر العِيد ولكن أخرَجها فلم يَتمكّن مِن إيصالها إلى‬
‫الفقير وإنما ظلّت مَحجوز ًة في بيته وصلّى صلة العِيد ثم عاد إليها ؟‬
‫ت صلة العيد ؟‬
‫س‪ :‬إذا أعطى أحدٌ غيرَه لِيَد َفعَ عنه فتَأخّر المعطى حتى صُلّيَ ْ‬
‫س‪ :‬يُخرِج زكاة الفطر لكنه لم َيجِد لها‪-‬مثل‪-‬في ذلك الوقت فقيرا أو كان مشغول ‪ ..‬أَحرزَها ثم صلى‬
‫صحّ له ذلك ؟‬
‫العيد وبعد ذلك أَخرجها‪ ،‬أَيَ ِ‬
‫س‪ :‬لم يَعلَم عن زكا ِة الفطْر مِن قبل ولم يُؤدّها مِن قبل‪ ،‬هل يَلزمه قضاء ؟‬
‫ثالثا ‪ :‬المقدار المخرج‬
‫س‪ :‬كم هو الوزن في زكاة الفطر ؟‬
‫س‪ :‬وهذا خاص بِالرز ؟‬
‫س‪ِ :‬ممّا يُستخدَم في بلدِنا وفي بعضِ البلدان الطحِين‪ ،‬هل حكمُه كحُ ْكمِ الرْز في الـمقدار ‪ ..‬صاع‬
‫يَزِيد أو يَنقُص ؟‬
‫س‪ :‬لو أنّه استخدَم الكيلوجرامات‪ ،‬كم يُساوِي الصاع بِالكيلو ؟‬
‫ح المطحون ؟‬
‫س‪ :‬ما حكم إخراجِ الزكاة بِالقم ِ‬
‫ج القيمة بَدَل مِن هذه النواع التي َذكَرْ ُتمُوها [ ص ‪] 6-5‬‬
‫س‪ :‬هناك سؤال يَ َتكَرّ ُر دائما ‪ ..‬عن إِخرا ِ‬
‫على اعتبار أنّه المقصُود بِها إِغْنَاء الفقِير في ذلك اليوم‪ ،‬فهل َتقُو ُم القيمة مقام هذه النواع ؟‬
‫س‪ :‬استنتج مِن خلل أجوبتكم القول بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا ويقول بأنهم يعملون بذلك منذ‬
‫سنوات‪ ،‬فهل يَكون آثِما إن أخرج زكاة الفطر نقدا ؟‬
‫ج القيمة نظرا لنهم يَروْن أنّ مصلحة الفقير في هذا الوقت‬
‫س‪ :‬وإن كان الناس يَتشجّعون لخرا ِ‬
‫حاجته إلى النقد ؟‬
‫‪18‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬اللحوم بِأنواعها‪ ،‬هل تُعتبَر مِن غالِب ما يُقتات فيَصحّ إخراجُها زكاة لِلفِطر ؟‬
‫رابعا ‪ :‬على من تجب ؟‬
‫س‪ :‬هل تُشرَع فقط على الغنِي أو على كلّ قادِر ؟‬
‫س‪ :‬إخراجها حتى عن الطفال وحتى عن الرضّع‪ ،‬هل تشمَلهم ؟‬
‫س‪ :‬أيضا الشغالت المسلمات الموجودات في البيوت‪ ،‬هل يُخرِج عنهنّ صاحب البيت ؟‬
‫س‪ :‬بالنسبة للزوجة أيضا ؟‬
‫س‪ :‬هل يُخرِج المسافِر زكاةَ الفطر في سفرِه أو يَ ْأمُر بِإخراجِها في وطنِه ؟‬
‫ع ْولَ السرة بِأكملها بِما فيهم ولدَه وزوجتَه‪ ،‬في هذه الحالة‬
‫س‪ :‬مَن تزوّج في بيت أبيه ويَتولّى الب َ‬
‫مَن الذي يُخرِج زكاةَ ال ِفطْر ؟‬
‫س‪ :‬أَرمَلَة عندَها مجموعة مِن الطفال ل عا ِئلَ لَهم سِواها‪ ،‬هل تُخرِج عنهم زكا َة ال ِفطْر ؟‬
‫خامسا ‪ :‬لمن تخرج ؟‬
‫س‪ :‬تَحدّثْتُم عن الفقير الذي َتجِب عليه الزكاة أو ل َتجِب‪ُ ،‬نرِيدُ منكم أن تُحدّثُونا الن عن الفقِير الذي‬
‫تُدفَ ُع إليه الزكاة على اعتبار أنّ عددا مِن الناس قد يَكون لد ْيهِم راتب محترم لكن عَدَد الذين َيعُولُونَهم‬
‫كثِيرُون أو ل يَس َتطِيعُون أن يُوفوا مُتطلّبَات الحياة‪ ،‬فهل هؤلء ُفقَراء ؟‬
‫ي مَقصورَة على الفقراء والمساكين أو أنّها تُعطى في مصارِفِ زكا ِة المال ؟‬
‫س‪ :‬هل ه َ‬
‫رس‪ :‬زكا ُة ال ِفطْر‪ ،‬هل تُعطى لِشخصٍ واحد ؟‬
‫س‪ :‬هل يُمكِن أن تُدفَع إلى أسرة واحدة أم لبد مِن حساب عدد أفرادها ؟‬
‫س‪ :‬هل يَجوز إعطا ُء زكاة الفطر لِلوالدة أو الشغّالة ؟‬
‫سادسا‪ :‬أحكام عامة في زكاة الفطر‬
‫س‪ :‬إذا أَخرَجَ النسانُ زكاةَ ال ِفطْر عن أحدٍ قبل أن يُخبِرَه ثم أَخبَرَه بع َد أن دَ َف َع الزكاة‪ ،‬هل تَبْ َرأُ ِذ ّمةُ‬
‫ذلك الـمُخرَج عنه ؟ علما بِأنه لَم يَ ْن ِو تلك العبادة‪.‬‬
‫س‪ :‬هناك مَجموعةٌ مِن المتبرّعِين هيّؤوا أنفسَهم لِجمْعِ الموال مِن الناس قُبَ ْي َل العِيد مِن أجْلِ أن‬
‫يَشتَرُوا بِها أرْزا يُوزّعونَه على الفقراء‪ ،‬فهل يُجزِي هذا النسان أن يُعطِيَهم ذلك المبلَغ حتى َيقُومُوا‬
‫عنه بِتوزيعِ هذه الزكاة وهم ثِقات كما يَقول ؟‬
‫فتاوى عامة في الزكاة‬
‫س‪ :‬إذا كان لديه مبلغ من المال‪ ،‬هل ينتظر أن يحول عليه الحول حتى يزكيه ؟‬
‫س‪ :‬من وجبت عليه زكاة الذهب ولم يجد ما يزكي به إل أنه كان يتصدق على أهل بيته بمبلغ في كل‬
‫شهر‪ ،‬فهل عليه أن يجمع ذلك المبلغ ليزكي به ؟‬
‫س‪ :‬هل يشترط للمزكي بأنه إذا أراد أن يعطي زكاته للفقير أن يخبره أن هذه زكاة ؟‬
‫س‪ :‬عليها زكاةُ َذهَب وزوجُها مَدِين‪ ،‬هل لها أن تُعطي زكاتَها لِزوجِها ؟‬
‫س‪ :‬أَخرَجَ أكث َر مِن القدر الذي َيجِب عليه مِن الزكاة بِنِية الزكاة لنه أَخ َرجَها قبلَ أن يحسب ماله‬

‫‪19‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫لِمعرفة القيمة الواجِبَة عليه‪ ،‬فما حكم ذلك ؟‬


‫س‪ :‬عنده ثمانية آلف وحال عليها الحول ولكن لنه يَبني منزل يَترقّب ديونا آتِيَة هل باعتبار أنه‬
‫يَترقّب ‪ ...‬؟‬
‫س‪ :‬يريد أن يدفع زكاته وهو يعلم أنّ هناك صندوق متخصّص في دفع الزكوات للفقراء‪ ،‬فهل يعطي‬
‫ذلك المال للصندوق ؟‬

‫‪20‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أول‪ :‬أحكام صلة الجماعة‬


‫س‪ :‬هل تجوز صلة المتنفل بالمفترض ‪ ،‬وصلة المفترض بالمتنفل ؟ وهل صحيح أن معاذ ابن جبل رضي ال‬
‫عنه كان يصلي مع رسول ال صلى ال عليه وسلم صلة العشاء ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلة أي‬
‫هو متنفل وهم مفترضون ؟‬
‫الواب ‪ /‬اختلف العلماء ف جواز صلة التنفل بالفترض والصحيح الواز لديث إمامة معاذ بن جبل رضي ال‬
‫تعال عنه بقومه بعدما كان يصلي الفريضة خلف رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم وهو حديث صحيح وقد‬
‫جاء التصريح بأنه كان يصلي بم متنفل وهم مفترضون عند الدار قطن وهو نص ف موضع الناع ‪ ،‬وأما صلة‬
‫الفترض بالتنفل فل مانع منها وقد دلت على صحتها أحاديث كثية يطول القام بسردها اللهم إل إذا ل يكن هنالك‬
‫أحد من الفترضي يصلي خلف ذلك المام الفترض فإن بعض العلماء ذهب إل أنه ل يصح للمفترض أن يصلي بم‬
‫والصحيح الواز لديث أب سعيد الدري رضي ال عنه أنّ رجلً دخل السجد وقد صلى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم بأصحابه فقال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أمنكم يتصدق على هذا فيصلي معه رواه أبو داود‬
‫والترمذي والدارمي وأحد وابن أب شيبة وابن حبان وابن الارود وأبو يعلى والاكم وغيهم ‪ .‬وهو حديث صحيح‬
‫ثابت وله شاهد من طريق أنس بن مالك عن السراج والدارقطن والطبان ف الوسط والضياء ف الختارة وإسناده ل‬
‫‪21‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫بأس ف الشواهد وقد قواه الزيلعي والافظ ابن حجر ووهم اليثمي ف إسناده فضعفه لجل ذلك وله شاهدان‬
‫مرسلن من طريق السن البصري وأب عثمان النهدي هذا ومن الدير بالذكر أنّ هنالك أدلة أخرى تدل على‬
‫جواز إمامة التنفل بالفترضي غي ما ذكرناه هنا وقد ذكرت واحدا منها ورددت على اعتراضات من اعترض على‬
‫الستدلل بديث معاذ رضي ال عنه ف رسالة كتبتها ف بعض أحكام الستدراك ونبهت هنالك على أنّ الروج من‬
‫اللف ف هذه السألة ونوها حسن إذا أمكن الصي إليه وال ول التوفيق ‪.‬‬
‫س ‪ :‬إذا سهى المام في قراءة القرآن وبدّل آية رحمة بآية عذاب أو العكس مثل قال‪" :‬إن البرار لفي جحيم أو‬
‫قال‪" :‬إن الفجار لفي نعيم " ‪ .‬فما حكم صلته وصلة من خلفه ؟‬
‫الواب ‪ :‬ذهب المهور إل أن صلتم جيعا فاسدة والصحيح عندي أنا صحيحة ول سيما إذا كان قد قرأ غيها‬
‫ما يتم به العن ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬إمام وقف أو سكن بعد قوله تعالى‪" :‬ويل للمصلين " ما حكم صلته ؟‬
‫الواب ‪-:‬أولً ل ينبغي له ذلك ف الصلة ول ف غيها ولكن إذا وقع منه ذلك فإنه ل يؤدي إل البطلن إن شاء‬
‫ال ‪.‬‬

‫س ‪ :‬إن دخل رجل المسجد وكبر تكبيرة الحرام ولمّا جلس سلم المام ولم يقرأ معه شيئا ‪ .‬فماذا يصنع ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫أولً ل يلوا هذا الأموم أو هذا الذي دخل إما أن يكون مسافرا أو مقيما وكذلك المام إما أن يكون مسافرا أو‬
‫مقيما فإن كانت صلة الأموم وصلة المام متحدة بأن كان كل منهما يصلي سفرا أو كان كل منهما يصلي‬
‫حضرا فيكمل هذا الأموم صلته ول شيء عليه اللهم إل إذا أقيمت جاعة فإنه يقطع صلته ويصلي مع تلك الماعة‬
‫‪ .‬أما إذا ل تقم جاعة فإنه يكمل صلته ول شيء عليه‬
‫وإما إذا كان المام يصلي حضرا وكان هذا الذي دخل يصلي قصرا فإنه نوى أن يصلي أربعا أو نوى أن يصلي‬
‫بصلة ذلك المام ففي هذا الال لبد من أن يقوم ويكب تكبية الحرام بل الول أن يقيم للصلة وأن يوجه وأن‬
‫يكب للحرام لن فعله هذا سيخالف ما نواه ‪ .‬وال تعال أعلم ‪.‬‬
‫س ‪ :‬جاء رجل ووجد الصف مكتملً وجذب شخصا على يمين الصف وشماله ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫صلة الرجلي باطلة لن الشرط أن يوسطوا المام ‪ .‬وال تعال أعلم‬
‫س‪ :‬من وجد الجماعة في التشهد الثاني ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫اختلف العلماء ف ذلك ‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫بعض العلماء يقول ل يدخل مع المام بل ينتظر حت يد جاعة أو يصلي هو بفرده ‪.‬‬
‫وذهبت طائفة إل أنه يدخل لنه قد أدرك الماعة والديث يقول "ما أدركتم فصلوا" وهذا قد أدرك شيئا من تلك‬
‫الماعة ولكن الولي يقيدون ذلك بديث "من أدرك ركعة فقد أدرك الصلة" ‪ .‬فقالوا هذا الطلق الذي فيه‬
‫يقول‪ " :‬فما أدركتم فصلوا" مقيد " من أدرك ركعة ف الصلة فقد أدرك أو من أدرك ركعة ف الصلة فقد أدرك‬
‫الصلة" ‪.‬‬
‫وبعض العلماء يقول إن المعة لبد من أن يدرك الركوع من الركعة الثانية فإن ل يدرك تلك الركعة فإنه يصلي‬
‫ظهرا أما بالنسبة إل الصلوات الخرى فإنه إذا أدرك ولو جزءا بسيطا فإنه يكون مدركا لتلك الصلة ‪.‬‬
‫لشك أن السلم أن من ل يدرك الركعة الخية ووجد جاعة أخرى فإنه يقطع تلك الصلة الت دخلها ف التشهد‬
‫الخي أو ف السجود أما من ل يد جاعة ثانية فذلك ل يؤثر عليه بل يواصل صلته هذا إذا كانت صلة الأموم‬
‫متحدة مع صلة المام ‪..‬‬
‫أما إذا كانت صلة الأموم تتلف عن صلة المام كأن يصلي ركعتي فإنه لبد من أن يعيد الصلة من أولا ذلك‬
‫لنه عندما دخل كان ناويا بأن يصلي أربعا أو كان ناويا أن يصلي بصلة المام وهنا ل يدرك صلة المام فعليه أن‬
‫يعيد الصلة من أولا ‪.‬‬
‫فإذن ‪ -:‬إذا وجد الماعة فيقطع الصلة الت دخل فيها ف التشهد الخي أو ف السجود ويدخل مع الماعة الديدة‬
‫وإن ل يأت جاعة جديدة فإنه يكمل صلته إل إذا اختلفت صلته عن صلة المام فإنه يعيد الصلة من أولا أي‬
‫ينوي ويكب إل آخره ‪ .‬وال تعال أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا كان المأموم مقيم والمام مسافر ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫الحوط أن يعيد الصلة من أولا ‪.‬‬
‫س‪ :‬إمام سهى في صلة المغرب وسلم بعد التشهد الول ولم يسبح أحد من المأمومين له فبعضهم سلم وبعضهم‬
‫لم يسلم وبعضهم تكلم فما حكم صلة كل من المام والمأمومين ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫أما الذي ل يتكلم وانتبه بعد ذلك وواصلوا صلتم فصلتم صحيحة مثل ‪ :‬انتبه واحد ونبه المام أو انتبه المام‬
‫نفسه وواصل الاصل ل ير كلم ول التفات ويكون السكوت خفيفا ليس طويل فهؤلء ل إشكال ف صلتم‬
‫بشرط أن يكونوا قد سلموا سهوا أما إن كانوا على يقي بأن المام أخطأ ومع ذلك سلموا فصلة من سلم وهو‬
‫متيقن بطأ المام صلته باطلة وعليه أن يتوب إل ال ويعيد صلته ‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل من تكلم فهذه فيها أخذ ورد تتاج نظر وتأمل حت نتأمل وننظر جيدا ف الديث الوارد لن العلماء‬
‫فيه كلم كثي ولبد من التأمل فيه فإذا احتاطوا وأعادوا صلتم حت يتبي المر فحسن إن شاء ال ‪.‬‬
‫‪ -‬هل يسجد في هذه الحالة قبل السلم أم بعد السلم ؟‬

‫‪23‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫يسجد بعد السلم ‪.‬‬


‫س‪ :‬إمام عوض الفاتحة قرأ التشهد سهوا وبعد السجود انتبه لذلك فماذا يفعل ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫لبد من أن يرجع ويأت بالفاتة وبعد ذلك بعض العلماء يقول يواصل صلته أي من بعد السجود وبعض العلماء‬
‫يقول لبد من أن يأت بالركوع والسجود مرة ثانية فل بد من إعادة الفاتة لن الفاتة ركن فيجع من السجود‬
‫ويقوم للفاتة ويأت بالفاتة وإذا أتى بالفاتة هل يأت بالركوع والسجود مرة ثانية هذا رأي لهل العلم وبعض‬
‫العلماء يقول ل يلزمه ذلك بل بعد الفاتة يرجع إل ما كان فيه ويواصل صلته من ذلك الوضع ‪ .‬وال تعال أعلم‬
‫‪ -‬وإذا واصل المام وسلم ثم قضى بنفسه ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫أقول يعيدوا صلتم ويتوبوا إل ال من تاونم بعدم العادة هذا الصحيح عندي وهذا المام جاهل عليه أن يتوب‬
‫إل ال من هذا الفعل ‪ .‬وال تعال أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬إذا انتقضت صلة الشخص الذي يصلي سترة خلف المام هل تنتقض صلة الصف الول ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫أما إذا شاركه ف السترة أحد مثل اشترك اثنان ف السترة وانتقضت صلة أحدها فل بأس على من يصلي خلف‬
‫المام أما إذا كان ل يشاركه أحد بأن كان قد أخذ قفوة المام تاما ففي السألة خلف بي أهل العلم هل ينقض‬
‫صلة من يصلي ف ذلك الصف تد القوال ف العقد الثمي ‪ .‬وال تعال أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا قام المام بعد الركعة الثانية ولم يجلس للتشهد وسبح له المأمومون ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫ذهبت طائفة من أهل العلم إل أنه يب عليه أن يرجع فإن ل يرجع فإن صلته فاسدة وهذا الرأي هو الذي كان‬
‫يذهب إليه المام نور الدين رحه ال تبارك وتعال وذهبت طائفة من أهل العلم إل أنه إن كان قد أطمئن ف وقوفه‬
‫فل يرجع أما إذا كان ل يطمئن بأن كان ف بداية قيامه أي ل ينتصب قائما فإنه يرجع وهذا الرأي هو الرأي‬
‫الصحيح وهو الذي ذهب إليه المام الليلي رحه ال فقد أجاب با يقتضي ذلك إن صح الديث ووقع له هو رحه‬
‫ال ول يرجع مع أنه قد نبه إل ذلك وسجد للسهو وهو الذي يدل له الديث كما قلت ويسجد للسهو ف هذه‬
‫الالة بعد السلم على الصحيح ‪.‬‬
‫س‪ :‬من صلى نافلة خلف من يصلي فريضة المغرب كيف يصنع ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬

‫‪24‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫نن نعرف أن من صلى نافلة خلف من يصلي فريضة ثنائية أو رباعية فالمر سهل يتابعه ف الثنائية أو ف الرباعية ول‬
‫أشكال ف المر ‪.‬‬
‫بقي كيف يصلي لو كان المام يصلي صلة ثلثية كفريضة الغرب وكالوتر أيضا ثلث ركعات ؟‪.‬‬
‫منهم من يقول يصلي ثلث ركعات ‪.‬‬
‫ومنهم من يقول أنه يتبع ذلك بركعة رابعة عندما يلس المام التشهد الثان يلس الأموم صامتا ل يأت بشيء ث يأت‬
‫بالركعة الرابعة ويفعل كما يفعل القيم أن لو صلى خلف إمام مسافر ‪..‬‬
‫وهناك قول ثالث أنه ل يصح أن يصلي خلفه أبدا‪.‬‬
‫وهناك قول رابع وهو أنه يصلي ركعتي وينهي صلته وهذا أضعف تلك القوال كذلك القول بالنع فيه ضعف فيبقى‬
‫أقوى القوال إما أن يزيد ركعة أو يصلي خلفه ثلثا وإن زاد ركعة فحسن بشيئة ال تبارك وتعال ‪.‬وال تعال أعلم‬

‫س ‪ :‬صلى إمام وعن يمينه شخص كما هو السنة وجاء بعد ذلك شخص آخر ولجهله بالسنة وقف عن يمين ذلك‬
‫المأموم فهل للمام أن يتقدم أو أن يقوم بتأخير المأمومَين أو أن يقوم المأموم الول بالتأخر ويؤخر ذلك الشخص‬
‫معه ؟‪.‬‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫نعم للمام أن يقوم بدفع الشخصي خلفه كما فعل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم وللمأموم الول أن يتأخر‬
‫وأن يقوم بذب ذلك الشخص معه أيضا فهذا ل يضر إن شاء ال تبارك وتعال أما أن يتقدم المام فهذا ما ل ينبغي‬
‫إل إذا كان الكان ل يتسع للمأموم ولكن لو وقع ف الاضي فل شيء عليه لكن المام ل ينبغي أن يتقدم لنه هو‬
‫التبوع ‪ .‬وال تعال أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬إمام أسر في صلة جهرية وتذكر في نصفها ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫يهر من ذلك الوضع الذي انتبه فيه ‪ .‬وال تعال أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬شخص أمّ ناسا ويقوم بأعمال كمثل النذر للقبور ‪ .‬فهل تجوز الصلة خلفه ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫على كل حال من يقوم بالنذر للقبور أو للشجار أو للحجار أو للمساجد أو لي شيء من تلك الشياء ل يلو من‬
‫أحد أمرين أثني إما أن يعتقد بأن هذه الشياء تنفع وتضر بنفسها وهذا والعياذ بال أمره خطي وللشيخ صال جواب‬
‫طويل هناك فارجع إليه ففيه فائدة بشيئة ال تبارك وتعال‬
‫وإما أن يكون يعتقد بأن ال تعال هو الضار النافع ولكنه يعتقد بأنه هناك جاعة من الن أو ما شابه ذلك يدفع لم‬
‫تلك الذبائح أو تلك الأكولت من باب اتقاء شرهم أو ما شابه ذلك لشك بأن هذا ل يصح ولكن ل يكن أن‬
‫‪25‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫نكم عليهم بالروج من السلم إل حضية الشرك بل نبي له أنّ هذا المر ل يوز ول يصح وأنه يب عليه أن‬
‫يرجع إل ربه ويتوب إليه ما وقع فيه فإذا كان من القسم الول فهو خارج من السلم والعياذ بال تبارك وتعال ول‬
‫شك بأنه ل يصلى خلفه ول يكم عليه بشيء من أحكام السلمي أما إذا كان من القسم الثان فهو فاجر إن ل‬
‫يرجع إل ربه وقد علمت حكمه ‪ .‬وال تعال أعلم ‪.‬‬
‫س ‪:‬مأموم دخل المسجد وكبر للحرام واستعاذ وبمجرد انتهائه من الستعاذة انتهى المام من قراءته الفاتحة‬
‫فماذا يصنع ؟‬
‫الواب‪-:‬‬
‫الذي نأخذه به أنه يؤجل الفاتة ويقضيها بعد ذلك ‪ .‬وال تعال أعلم ‪.‬‬
‫س ‪ :‬إمام يصلي قائما ثم إنه أصابه المرض واضطر للجلوس وجلس فهل أيضا يجلس المأمومون ويصلون خلفه‬
‫جلوسا أم أنهم يواصلون الصلة على حالهم السابق أي أنهم يصلون قياما ؟‬
‫الواب ‪ :‬الصحيح أنم يصلون قياما ‪ .‬وال تعال أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬الصبي الذي ل يفقه أمور الصلة هل إذا كان في وسط الصف يكون قاطعا للصف أو الصلة؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫على كل حال إذا كان الصب يصلي فهذا ل يضر أن يكون ف وسط الصفوف ‪.‬‬
‫وأما إن كان الصب ل يصلي أبدا مرد أنه يقف جنب أبيه أو ما شابه ذلك الاصل ل يأت بالصلة فالصل أنه ل‬
‫يصف مع الصلي بل ينهى عن ذلك لكن لو وقع ذلك فل نقوى على القول إنه يقطع الصلة لنه سد تلك الفرجة‬
‫ول يقف الشيطان والعياذ بال فيها فهو ليس أشد من السارية الوجودة ف السجد ‪ .‬وال تعال أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل للمرأة أن تؤم بالنساء ؟‬
‫خلف بي أهل العلم‬
‫بعضهم قال ‪ :‬ل تؤم بالنساء إطلقا ل فريضة ول نافلة‬
‫وقيل ‪ :‬تؤم ف النافلة دون الفريضة‬
‫وقيل ‪ :‬تؤم ف النافلة والفريضة ‪ .‬وهذا القول عليه أبو ممد وأبو اسحاق ورجحه قطب الئمة وهو الصحيح عندي‬
‫‪ ,‬ولكن أقول مع ذلك ل يتخذوا ذلك عادة فالصل أن تصلي مفردة ‪ .‬وال تعال أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا أراد الرجل أن يصلي بزوجته في البيت فهل له أن يصلي بها الفرض وإذا كان له ذلك فأين تكون في‬
‫اليسار أم في اليمين ؟‬
‫ج‪ :‬أما الفرض فالصل أن يُصلى ف السجد إل إذا كان النسان معذورا بعذر شرعي فإذا كان معذورا بعذر شرعي‬
‫له أن يصلي بزوجته أو بغيها من هم ف البيت وقد اختلف العلماء ف الوضع الذي تقف فيه الرأة ذهب بعضهم إل‬
‫أنا تقف منه ف جهة الشمال حت تكون مالفة لوقوف الرجل ث إنه يكن أن يأت رجل فيقف عن يي المام وتتأخر‬
‫تلك الرآة إل اللف ول تتغي من الهة الت كانت واقفة فيها ‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وذهب بعض العلماء إل أنا تقف خلف المام وذلك لا ثبت ف الديث عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم من طريق أنس رضي ال تعال عنه عند الربيع وغيه من أئمة الحدثي أن أنسا رضي ال تعال عنه وذلك‬
‫الرجل الذي كان معه وقف خلف النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ووقفت الرأة خلفها ول يأت أنا‬
‫وقفت عن شال المام أي ف الهة الشمالية ول جهة اليسار ول ف جهة اليمي وإنا وقفت خلف المام على‬
‫حسب ما يفهم من الرواية وأرى أن هذا الرأي وهو أنا تقف خلف المام هو الرأي الصوب ول يقال بأنه معارض‬
‫للحاديث الت فيها النهي أن يقف الشخص خلف المام منفردا ول الحاديث الت فيها أن ابن عباس رضي ال عنه‬
‫صف عن شال النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ث حوله عن جهة اليمي وكذا بالنسبة إل الرجل الذي‬
‫كان يصلي إل غي ذلك فهذه الحاديث ل تعارض فيها لن هذه القضية تتص بالرأة وتلك القضايا تتص بالرجال‬
‫‪1‬‬
‫ول يكن أن يقاس هذا الكم على الكم الخر بينهما وصلى ال على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬أين تصف المرأة إذا كانت تصف مع رجل ؟‬


‫خلف بي أهل العلم‬
‫بعضهم قال ‪ :‬تصف عن شاله ولكنها ل تكون قريبة منه‬
‫وقيل ‪ :‬تصف خلفه ‪ .‬وهذا أقرب إل الصواب ‪ .‬وال تعال أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬المستدرك إذا لم يتمكن من إتمام الفاتحة مع المام وقرأ جزءا من فاتحة الكتاب وركع المام فماذا يصنع‬
‫وكذا الحال إذا كان المام سريع القراءة فلم يتمكن من إكمالها ؟‬
‫الواب ‪ :‬يركع مع إمامه ث بعد ذلك يقوم بقضاء ما تبقى عليه من فاتة الكتاب ‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل استدرك مع المام في ركوعه وركع معه ثم بعد أن قام للقضاء نسي وركع فلما ركع تثبت وتيقن أنه‬
‫ركع مع المام فماذا يفعل ؟‬
‫الواب ‪ :‬يلس من ركوعه ول حاجة إل أن يقوم ويسلم من صلته بعد النتهاء من الدعاء ويسجد لسهوه ‪.‬‬

‫‪ -‬س‪ :‬أين تصف المرأة إذا كانت تصف مع رجل ؟‬ ‫‪1‬‬

‫خلف بين أهل العلم‬


‫بعضهم قال ‪ :‬تصف عن شماله ولكنها ل تكون قريبة منه‬
‫وقيل ‪ :‬تصف خلفه ‪ .‬وهذا أقرب إلى الصواب ‪ .‬وال تعالى أعلم ‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬سمعنا منكم في دروس سالفة‪ 1‬أنّ العلماء قد اختلفوا على عدّة أقوال في مَن دخل المسجد و َوجَدَ الصفّ قد‬
‫اكتمَل ماذا يَصنع‪ ،‬وسؤالي حول الرأي المختار عندكم في هذه المسألة لِعموم البلوى بها‪ ،‬ولم ل يكون حديث‬
‫رأى رجل‬ ‫وابصة بن معبد‪-‬الذي هو عند الترمذي وأحمد وحسّناه وأبي داوود وغيرهم الذي فيه أنّ النبي‬
‫ت معهم أو اجْتَ َررْتَ رجلً "‪-‬وحديث‪:‬‬
‫يُصَلّي خلف الصفّ وحدَه ف َأمَرَه أن يُعيد الصلةَ وعند غيرهم زيادة‪َ " :‬ألَ دخلْ َ‬
‫صلً في هذه المسألة أم أنّ هذه الثار‬
‫" فل صلة لِفرد خلف الصف "‪-‬عند ابن ماجة وابن حبان وأحمد‪-‬فَيْ َ‬
‫ل تَصح ؟ َألَ يُمكِن أن يُقال يا شيخنا أنّ قصّة أبي بكرة رخصة تُبذَل لِلجاهل الذي ل يَعرف الحكم في هذه المسألة‬
‫؟‬

‫‪-1‬مِن ذلك جوابه على السؤال الول مِن حلقة ‪ 8‬رجب ‪1423‬هـ ( ‪ 15‬سبتمبر ‪2002‬م ) وهذا نصّ السؤال مع جواب‬
‫الشيخ عليه‪:‬‬
‫ف الول ؟‬ ‫س‪ :‬ما حكم صلة المنفرِد خَلفَ الص ّ‬
‫ن الذي ُيصَلّي منفرِدا خلف الصف ل يَخلو مِن أحد أمرين‪:‬‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫‪-1‬إما أن َيجِد الصفوف قد امتلتْ ول َيجِد مكانا يَقف فيه في تلك الصفوف التي أمامه‪.‬‬
‫‪-2‬أو أنه ل َيجِد تلك الصفوف مُمتلِئة بل َيجِد فراغا َيتّسع له‪:‬‬
‫أما المر الثاني فإنه ليس لحد أن يُنشِئ صَفّا جديدا إذا كان َيجِد‪-‬كما قلتُ‪ُ -‬م ّتسَعا في واحد مِن الصفوف المامية بل عليه‬
‫ن ذلك‬ ‫ن ظنّا قويا بأ ّ‬
‫ظّ‬‫ظرَ و َ‬
‫ن صلته باطلة اللهم إل إذا َن َ‬ ‫س ذلك الصف‪ ،‬وإذا صَلّى منفرِدا فإ ّ‬ ‫أن يَتقدّم ويُصلّي في نف ِ‬
‫الصف قد امتل ثم أنشأ صفا جديدا فإنه سيأتي الكلم عليه في القسم الذي يَلي هذا القسم ‪ ..‬هذا هو القول الذي ذهبت إليه‬
‫طائفة كبيرة مِن أهل العلم‪ ،‬وهو الذي تُؤيّده السنّة وتَدلّ عليه دللةً صريحة‪ ،‬وإذا ثبت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه‬
‫عليه وعلى آله وصحبه‪-‬أم ٌر أو نهيٌ فإنه لبد لِلمسلم مِن أن َي ْم َتثِل ذلك الحديث ‪ ..‬نعم يُعذَر مَن خالَف الحديث لنه يُمكِن‬
‫ن بِأنه هو الرْجَح أو أنه اطّلَع عليه ولكنه لم يَثبتْ معه‪ ،‬أما مَن اطّلَعَ على‬ ‫أنه لم َيطّلِع عليه أو أنه رأى دليلً يُخالِفه وظَ ّ‬
‫الحديث وثبتَ لديه أو ثبتَ عند العلماء وهو لم يَكن في درجتهم فإنه عليه أن َي ّتبِع ذلك الحديث عن النبي‪-‬صلوات ال‬
‫وسلمه عليه‪-‬مع الجزْم ِب ُعذْر أولئك العلماء الذين خالَفوه ولكن‪-‬كما قلتُ‪-‬ل َيسَعُ النسانَ أن يَأخذَ بِشي ٍء يُخالِف السنّة‬
‫الصحيحة الثابتة عن النبي صلوات ال وسلمه عليه ‪ ..‬نعم إذا تَرجّح لديه شيء مِن الدلة الخرى على ذلك الدليل فإنه‬
‫في هذه الحالة ل ُي َع ّد مخالِفا لِذلك الدليل‪ ،‬لنه أَخذ بِدليل يَرجح على ذلك الدليل‪ ،‬وكذلك ليس لِجماعة مِن الناس مِن اثنين‬
‫فصاعدا أن يُنشِؤوا صفّا جديدا إذا كان الصف المامي لم يَكتمِل بل عليهم أن يَصفّوا في ذلك الصف حتى يَمتلِئ فإذا‬
‫امتل فإنه في تلك الحالة يُؤمَرون بِأن يُنشِؤوا صفّا جديدا‪.‬‬
‫ج َد الصفوف مُمتلِئة ولم َيجِد مكانا‬ ‫أما القسم‪-‬الثاني أو‪-‬الول‪-‬لننا َذكَرْنا هذا القسم بأنه هو الول‪-‬فهو إذا دَخلَ إنسانٌ و َو َ‬
‫يَصفّ فيه في تلك الصفوف فإنّ أهل العلم قد اختلفوا في هذه المسألة على عدّة أقوال‪:‬‬
‫جرّ‬‫ل المسجد ليس له أن يُنشِئ صفّا جديدا بل عليه أن يَقوم ِب َ‬ ‫ن هذا الشخص الذي َدخَ َ‬ ‫ذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أ ّ‬
‫ف المتأخّر ويَصف هو وذلك الشخص خلْف المام مباشَرة‪ ،‬واحتجّوا على ذلك بِحديث مروي‬ ‫شخصٍ مِن الص ّ‬
‫ن ذلك الحديث ل يَثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه وإن كان قد جاء مِن أكثر‬ ‫عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ولك ّ‬
‫ن تلك الطرُق مِن الضعف بِمكان فل تَصلُح لن تَصل إلى درجة الـحُجية‪ ،‬كما هو مُ َقرّر عند أئمّة العلم‪.‬‬ ‫مِن طريق ل ّ‬
‫ن ذلك الشخص يَصفّ منفرِدا خلْف المام‪ ،‬إذ إنه مأمور بِالدخول مع المام ومنهي‬ ‫وذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أ ّ‬
‫ف صفّا منفرِدا فجَ َمعُوا بيْن الحاديث التي فيها النهي عن أن يَصفّ النسان وحده وبيْن الحاديث المِرة‬ ‫عن أن يَص ّ‬
‫حمَلوا الحاديث الناهية على ما إذا كان في الصفوف متّسعًا َي ّتسِع لِذلك الشخص أما إذا لم‬ ‫بِالدخول في صلة الجماعة ‪َ ..‬‬
‫ن ذلك النهي ل يُحمَل عليه‪ ،‬ولهم أدلة أخرى‪.‬‬ ‫َي ّتسِع ذلك الصفّ لِذلك الشخص فإ ّ‬
‫وذهب بعض العلماء إلى أنه يَحتَال حتى يَصفّ عن يَمين المام ‪ ..‬أي َيتَقدّم ‪َ ..‬يتَخطّى تلك الصفوف إن أمكنه بِحيث ل‬
‫ص آخر‪.‬‬ ‫يَض ّر بِأح ٍد مِن المصلين ويَصفّ عن يَمين المام‪ ،‬أما إذا لم يَتمكّن مِن ذلك فإنه يَنتظِر حتى يَدخُل شخ ٌ‬
‫خ َذ بِواح ٍد مِن هذه القوال فل شيء عليه‪-‬بِمشيئة ال‪-‬تبارك وتعالى؛ وال‪-‬تبارك‬ ‫فالمسألة خِلفية‪-‬كما سمعتُم‪-‬ومَن َأ َ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬إذا صفّ أحدٌ خلْف المام منفرِدا وأمضى صلتَه على هذه الصورة ثم جاء رجل آخر ‪ ..‬في هذه الحالة‬
‫الرجل الثاني الذي التحَق مؤخّرا‪ ،‬ما حكم صلته ؟‬
‫‪28‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬لو كانت هذه الحاديث متّفَقا عليها مِن حيث الصحةُ ومِن حيث الدللة لكانت‪-‬نعم‪-‬قاطعةً لِلناع‪ ،‬ولكن هذه‬
‫الحاديث منها ما هو متلَف فيه مِن حيث الدللة ومنها ما هو متلَف فيه مِن حيث الثبوت‪.‬‬
‫أما أحاديث الر فهي ل تَثبت عن النب بِحال بل هي ضعيفة جدا‪.‬‬
‫وأما الحاديث الخرى فمنها ما هو ثابت‪ ،‬ولكنّ بعض العلماء الذين يقولون‪ " :‬إنه يُنشِئ صفّا جديدا أو أنه يَتقدّم‬
‫إن أمكنه ويَقف عن يَمي المام " يقولون‪ :‬تلك الحاديث ممولة على ما إذا كانت الصفوف غي مكتمِلة بِأن وَجَدَ‬
‫النسان مكانا يقف فيه أما إذا كانت تلك الصفوف مكتمِلة فإنه ليس له أن يَقوم بِجرّ أحدٍ وذلك لنّ ذلك مِن‬
‫العتداء على ذلك الشخصِ فقد يُح ِدثُ له بلبلةً وارتباكًا ول يَدري لِماذا ُجرّ‪ ،‬وقد يَكون ذلك الشخص جاهل ل‬
‫ت ضيق ل‬ ‫يَدري ماذا يَصنع إذا َجرّه غيه وأيضا ستَبقى هنالك فرجة ف ذلك الصف إل غي ذلك مِن المور‪ ،‬والوق ُ‬
‫يُمكِن أن أَُفصّل الكلم فيها‪ ،‬وقد ذهب إل هذا القول جاعة مِن أهل العلم ومِن كبار التأخّرين ‪ ..‬ذهب إليه العلّمة‬
‫أبو نبهان وابنه الشيخ ناصر‪-‬رحهما ال تعال‪-‬ولِلشيخ ناصر ف ذلك جواب مفصّل إل أنّ الوالِد يَذهب إل أنه‬
‫يُمكِن الر ولكنه ل دليل عليه فإن َجرّ وإل فل بأس‪ ،‬أما البن فل يَرى الرّ بل يرى أنه يَقف خلف الصف‪.‬‬
‫وهذه السألة تَحتاج إل جواب طويل جدا بِذِكْر أدلتهم‪ ،‬وعلى كل حال فالسألة كما ترى متلَف فيها بيْن أهل‬
‫العلم وليس فيها دليل قاطع لِلناع؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ج‪ :‬أوّل َي ْن َبنِي على الخلف السابق‪:‬‬
‫ن ذلك المر الذي‬ ‫ن مَن َدخَلَ يَصفّ معه‪ ،‬ل ّ‬ ‫ن ذلك جائز له " فإ ّ‬ ‫فعلى رأي مَن يَقول‪ " :‬إنه يَصفّ منفرِدا خلْف المام وأ ّ‬
‫ل يَصفّ معه‪.‬‬ ‫ن مَن َدخَ َ‬‫َفعَلَه صحيح ل غبار عليه وصلتُه صحيحة وعلى هذا فإ ّ‬
‫ف المتأخّر ويَصف هو وذلك الشخص‬ ‫جرّ شخصا مِن الص ّ‬ ‫وأما على رأي مَن يقول بِخلف ذلك وهو‪ " :‬أنه لبد مِن أن َي ُ‬
‫ح لحد أن يَصفّ معه‬ ‫ن صلتَه‪-‬مع هذه الطائفة‪-‬باطلة وعليه ل يَص ّ‬ ‫ف منفرِدا فإ ّ‬
‫خلْف المام مباشَرة " فلم َيجُ ّر بل صَ ّ‬
‫شرَعَا في الصلة مِن جديد ‪ ..‬أي أَ ْلغَى ما َفعَلَه مِن قبل إذ ل قيمة له وابتدأَ الصلة‬ ‫ن ذلك ل يَصح و َ‬ ‫اللهم إل إذا بيّن له بأ ّ‬
‫ن صلتَهما صحيحة‪.‬‬ ‫مع مَن َدخَل فإ ّ‬
‫ن بعضَ الذين قالوا‪ " :‬إنه يَصفّ خلْف المام منفرِدا " في هذه الحالة قالوا‪ " :‬إنه يَتقدّم حتى‬ ‫هذا ومِن الجدير بِال ّذكْر أ ّ‬
‫يَلتصِق بِالصفوف وعندما يُريد أن يَركع أو يَسجد َيتَأخّر فإذا انتهى مِن الركوع والسجود تَقدّم "‪ ،‬وهذا القول قولٌ‬
‫ضعيف‪ ،‬لنه يَقتضي هذه الحركة التي ل دليل عليها‪ ،‬فإذن إما الخذ بِرأي مَن يَقول‪ " :‬إنه يَصفّ منفرِدا خلْف المام‬
‫ث الذي َو َردَ على مشروعيته‪-‬أي‬ ‫ن ذلك جائز له " أو الخذ بِرأي مَن يقول بالـجَر وهو وإن كان ل يَصح الحدي ُ‬ ‫وأ ّ‬
‫مشروعية الـجَر‪-‬فإنّ الذين قالوا بِذلك َتَأيّدوا على ذلك بِأنّ هذه الحالة حالة ضرورة والنسان منهي عن أن يَنفرِد في‬
‫خ َذ بِالـجَر فهو قول كثي ٍر مِن‬
‫صَفّ دون غيْره فأجازوا له أن َيجُر لجل هذه الضرورة وإن كان الحديث ل يَصح‪ ،‬فإذا َأ َ‬
‫أهل العلم وله أيضا وجه؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ذكرتُم بِأنه عندما َيجُرّ َرجُلً يَذهب به مباشَرة خلْف المام ‪ ..‬الكثير مِن الناس ل يَصنَعون هذا إنما‬
‫َيجُرّونَه في نفس المكان الذي يَخرُج منه ثم يَصفّون معه‪ ،‬في هذه الحالة ما الحكم ؟‬
‫ت بِصحيحة‪.‬‬ ‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬هذا ل يَصح‪ ،‬فصلةُ هؤلء ليس ْ‬
‫س‪ :‬حتى ولو كان المسجد كبيرا ؟‬
‫ف بل َيجُر مِن موض ٍع آخر لكن ليس مِن خلْف المام مباشَرة و َيصُفّ معه خلْف‬ ‫ج ّر مِن طرف الص ّ‬ ‫ج‪ :‬ل يَلزَم أن َي ُ‬
‫جرّ والتّأخّر وقطْع مسافة‪-‬‬ ‫المام‪ ،‬فل يَحتاج إلى قَطْ ِع مسافةٍ طويلة وبع َد ذلك الصف يَلتحِم‪ ،‬وهذه المحذورات‪-‬وهي الـ َ‬
‫راعاها مَن قال بِأنّ لِلنسان أن يُنشِئ صفّا جديدا خلْف المام ما دام ليس هنالك دليل يَدلّ على مشروعية الـجَر مع ما‬
‫يَترتّب عليه مِن مفاسد‪.‬‬
‫ئ صفّا جديدا خلْف المام منفرِدا ؟‬ ‫س‪ :‬معنى ذلك أنه يُنشِ ُ‬
‫ج‪ :‬هذا رأي طائفة كبيرة مِن أهل العلم‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬يُريد رأيكم أيضا ؟‬


‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا ل يُمكِن إل بعد أن ُأَفصّل القول ف هذه السألة‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم قراءة القرآن مِن المصحف إذا كان المام ل يَحفظ قدرا مِن القرآن وهو يريد أن ُيطِيل في الصلة‬
‫بالناس ؟‬
‫ج‪ :‬هذه السألة اختلَف العلماء فيها كثيا‪:‬‬
‫منهم مَن منع مِن ذلك وذهب إل ُحرْمَة ذلك‪.‬‬
‫ومنهم مَن ذَ َهبَ إل َكرَاهة ذلك‪.‬‬
‫ومنهم مَن أَجَازَه ف حالة الضطرار دون الختيار‪.‬‬
‫ومنهم مَن أجازَه لِمَن كان حافظا دون غي الافظ‪.‬‬
‫وعلى كلّ حال ل ينبغي أن ُيقْرَأَ القرآن ِمنَ الصحف الشريف ف حالة الصلة‪ ،‬وإنّما ينبغي للمام أن يعتمد على‬
‫حافظته‪ ،‬فإذا كان ل يَحفظ كثيا فلَي ْأتِ بِمَا استطاع عليه ول يلزم أن يقرأ القرآن بكامله ف صلة التراويح ف شهر‬
‫رمضان البارك‪ ،‬وإذا َوجَد غيه من طلبة العلم الذِين يفظون القرآن الكري فإنه يقدّمهم ول َغضَاضَة عليه خلفا لِما‬
‫يظنه بعض العوام مِن أنه إذا قدّم غيه من صغار الطلبة أو ما شابه ذلك فإنه سيكون ف ذلك شيء ِمنَ التقليل من‬
‫مَْن ِزلَته أو ما شابه ذلك ‪..‬والعكس أنه إذا قدّم غيه إذا كان أول بالمامة فإن الناس سيَُبجّلُونَه ويقَ ّدرُونه على أن‬
‫النسان ل يسعى لَتبْجِيل الناس وتقْدِيرهم وإنّما يسعى لِمرضاة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فليقدّم غيه من الفاظ كما أرشد‬
‫إل ذلك الصطفى صلى ال عليه وسلم عندما قال‪ ( :‬يؤم القوم أقرؤهم لكتاب ال )‪ ،‬وإذا كانت هنالك جَماعة‬
‫منهم‪-‬مثل‪-‬مَن يَحفظ عشرة الجزاء الول مِن القرآن ومنهم من يَحفظ من نِهايته ومنهم من وسطه فليتناوبوا ‪..‬‬
‫أوّل يصلي ف اليام الول ذلك الذي يَحفظ أول القرآن ث يصلي الثان وهكذا‪ ،‬أمّا أن يَ ْلجَؤُوا إل الصحف فل‬
‫ننصح بذلك بل ينبغي أن يُشدّد فيه وقد علمتم بأن بعض العلماء ذهب إل ُح ْرمَته ومنهم من ذهب إل كراهته‪ ،‬وأنا‬
‫الن لست بصدد ترجيح الراجح مِن هذه القوال وإنّما بصدد بيان أنه ل ينبغي ذلك أبدا وف حالة الضرورة ينبغي‬
‫أن يلجأ المام إل غيه فهذا ليس من المور الت تُبَاح ف حالة الضطرار‪-‬مثل‪-‬لنّه ل اضطرار ف هَذَا إذا وُ ِجدَ من‬
‫يقوم بذلك ث إنّه إذا لَم يُوجد من يقوم بذلك فبالمكان أن يصلي المام ف هذه الليلة بِهذه السور ويأت بِها‪-‬أيضا‪-‬‬
‫ف الليلة الثانية وهكذا‪ ،‬ومِن العلوم أن كثيا من الناس يَحفظون جزأين أو ثلثة من القرآن فبإمكانم أن يأتوا بذه‬
‫الجزاء ف ليال شهر رمضان؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬عامل عند تاجر معيّن قد اتفق مع مجموعة العمال هناك أن يصلوا الظهر في مصلى خاص من أجل أنه ل‬
‫يستطيع أن يخالف أمر الشخص الذي يعمل عنده ‪ ..‬المسجد قريب منهم لكن هم اعتادوا على أن يصلوا هكذا في‬
‫رمضان فقط صلة الظهر في ذلك المصلى ويصلونها جماعة‪.‬‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ نن ننصح أولئك التجار بأن يسمحوا لؤلء العمال‪ ،‬ولعل هؤلء التجار يسمعون ‪ ..‬أن‬
‫يسمحوا لؤلء العمال بأن يذهبوا لداء الصلة ف السجد‪ ،‬ولن يَخسروا شيئا بشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬بل لعل ال‪-‬‬

‫‪30‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫تبارك وتعال‪-‬يُهيّئ لم الربح من حيث ل يشعرون ‪ ..‬ننصح أولئك بأن يسمحوا لم بذلك‪ ،‬فإن تعذّر المر وكانوا‬
‫مضطرّين للعمل فعسى أن يُرخّص لم ف الصلة ف هذا الصلى‪ ،‬أما إذا كان يُمكنهم أن يذهبوا إل السجد فل؛‬
‫وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬بعضهم يخاف على رزقه من أن يُقطَع بسبب هذه المور ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ كما قلتُ‪.‬‬
‫س‪ :‬دعاء المام جهرا وتأمين الجماعة‪ ،‬هل َورَدَ في ذلك شيء ؟‬
‫ج‪ :‬هذه السألة فيها خلف بي أهل العلم‪:‬‬
‫مِن أهل العلم مَن ذهب إل أنه إذا دعا المام فإنّ الأمومِي أو مَن شاء منهم يؤمّنون على دعاءِ ذلك المام إذا كان‬
‫ذلك الدعاء لمرٍ دنيوي أو كان لمرٍ أخروي إذا كان ذلك المام رَجُل صالِحا متّقِيا لِربّه تبارك وتعال‪ ،‬أما إذا كان‬
‫ذلك الشخص مهول أو كان فاسِقا فإنه ل يُؤ ّمنُ على دعائِه إذا دعا بِخيْر أُخروِي لَه أو كان داخِل فيه‪.‬‬
‫وبعض العلماء ذهب إل أنّ كلّ شخص يَدعو لِنفسِه فالمام يدعو لنفسه وغيه يشتغل بالدعاء لنفسه ول يلتفت إل‬
‫التأمي‪.‬‬
‫والسألة المر فيها يسي ول ينبغي التّبْدِيع والّتضْلِيل أو الّتحَامُل على مَن قال بِهذا الرأي أو بذلك الرأي‪ ،‬فإذا اشتغل‬
‫النسان بنفسه ودعا أو ذكر ال تبارك وتعال ‪ ..‬أتى بتلك الذكار والدعية الواردة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪-‬ولَم يشتغل بدعاء المام فذلك فيه خيْر وبركة بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا كان المام مَجهول الحال هل يصح أن يؤمّن الشخص ويستحضر في نيته تَخصيص ذلك أو تعليق أمر‬
‫إجابة الدعوة أو التأمين إن كان هذا المام صالحا ؟‬
‫ج‪ :‬هو‪-‬حقيقة‪-‬قضية التقدِيرات هذه فيها ما فيها لكن الصْل لو دعا النسان بِدعاء لشخص مَجهول فإنه يدعو‬
‫لِعموم السلمي فإن كان ذلك الشخص من أهل الصلح فإنه سيدخل ف عموم السلمي ‪ ..‬إذا طلب‪-‬مثل‪-‬شخص‬
‫من شخص أن يدعو له وهكذا ف صلة النائز‪-‬مثل‪-‬إذا كان يريد أن يصلي على شخص مَجهول فإنه يدعو بدعاء‬
‫عام ‪ ..‬إذا كان ذلك الشخص من أهل الصلح فإنه سيدخل ف ذلك العموم‪ ،‬وكذلك لو صلى على شخص فَاسِق‬
‫فإنّه يدعو لعموم السلمي فإن ذلك الشخص الفاسق إذا كان مات على توبة صادِقة فإنه سيَدخل ف ذلك العموم ‪..‬‬
‫هذا الذي ينبغي أن يُسلَك؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا كان المام ينظر إلى شاشة أمامه فيها آيات القرآن الكريم ويقرأ منها أثناء الصلة‪ ،‬هل يصح له ذلك ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل‪ ،‬ل يصح له ذلك‪ ،‬لنّ ذلك يتناف مع الشوع‪ ،‬فمن اشتغل بالقراءة من شاشة أو من أوراق أو ما شابه‬
‫ذلك فل شك بأنه سيترك الركن العظم الشوع‪ ،‬الذي يقول فيه النب ‪ ( :‬والشوع عمود الصلة )‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أحكام صلة السفر‬


‫‪31‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س ‪ :1‬ما حكم صلة السفر‪ ،‬هل هي عزيمة أم هي رخصة ؟‬


‫ج‪ :‬قد اختلف العلماء ف حكم صلة السفر؛‬
‫ذهبت طائفة كبية من أهل العلم إل أنّ القَصر واجب ف السفر ول يوز لحد أن يتركه إل إذا صلى خلف إمام‬
‫مقيم فإنه ف هذه الالة عليه أن يُكمل الصلة لضرورة متابعة المام؛ كما هو مذهب جهور المة؛ خلفا لن شذّ‬
‫وزعم أنّ السافر يصلي خلف المام القيم ركعتي ليس إل‪ ،‬وهذا قول ضعيف جدا مالف للسنّة الصحيحة الثابتة‬
‫عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ثبوتا أوضح من شس الظهية‪ ،‬وقد ذكر غي واحد من أهل العلم أنّ هذا‬
‫الكلم مسبوق بإجاع المّة السلمية؛ أما إذا صلى بفرده أو صلى خلف إمام مسافر فإنّ عليه أن يقصُر الصلة‪،‬‬
‫وهذا القول مروي عن طائفة كبية من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فقد روي عن‬
‫عمر بن الطاب الليفة الراشد رضي ال‪-‬تعال‪-‬عنه‪ ،‬وروي عن عليّ بن أب طالب وابن عمر وابن عباس وجابر بن‬
‫عبد ال‪ ،‬بلْ حكاه غي واحد من أهل العلم عن اتفاق صحابة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم؛ وما‬
‫روي عن عائشة وعثمان من أنما قد أتا فقد حَلت هذه الطائفة ذلك منهما على التأويل‪ ،‬وإل فإنّ مذهبهما كغيها‬
‫من صحابة رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬هو الوجوب‪ ،‬وقد قال بذلك السن البصري وسعيد بن جبي‬
‫وقتادة والسّدّي‪ ،‬وذهب إليه‪-‬أيضا‪-‬عمر بن عبد العزيز رضي ال‪-‬تعال‪-‬عنه‪ ،‬وهو مذهب الوزاعي والثوري‪ ،‬وهو‬
‫رواية عن المام مالك‪ ،‬ورواية عن المام أحد‪ ،‬ورواية عن إسحاق‪ ،‬وقال به ابن القاسم وابن حزم‪ ،‬وهو مذهب‬
‫النفية والادوية‪ ،‬وذهب إليه‪-‬أيضا‪-‬ابن القيّم وطائفة كبية من العلماء من التأخرين كا َل ْقبِلِي والشوكان وصِديق‬
‫خان وغيهم‪ ،‬وهذا هو مذهب أصحابنا‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليهم‪-‬قاطبة؛ بينما ذهبت طائفة من أهل العلم‬
‫إل القول بالواز‪،‬‬
‫واختلفوا ف الفضل‪ ،‬منهم من ذهب إل تفضيل القصر‪ ،‬ومنهم من ذهب إل تفضيل التام‪ ،‬ومنهم من ل يذكر‬
‫تفضيل لحدها على الخر‪،‬‬
‫وذكر بعض العلماء أنّ التام واجب وأنّ القصر رخصة‪ ،‬بينما يعبّر بعض العلماء بواز المرين‪ ،‬ول إشكال ف هذين‬
‫التعبيين‪ ،‬لنّ من قال بالواز ل يريد بالواز هاهنا أنه يوز لحد أن يترك القصر والتام‪ ،‬وإنا معن ذلك أنه يوز‬
‫للنسان أن يأخذ بذا ويوز له أن يأخذ بذا‪ ،‬ومن عبّر بوجوب التام وجواز القصر فإنه أراد أنّ النسان يوز له‬
‫أن يترك القصر ول يوز له أن يترك التام إل إذا قصَر‪ ،‬وهذا التعبي وإن كان فيه ما فيه فل بأس به ولكنّ الول أن‬
‫يقال بواز المرين ويُعن بذلك أنه لبد من التيان بواحد منهما؛ والقول الول وهو أنّ القصر واجب ف السفر هو‬
‫القول الصحيح؛ وذلك لنه يب على النسان إذا وجد خلفا بي أهل العلم أن ينظر إل الدلة من كتاب‬
‫ال‪-‬تبارك تعال‪-‬ومن سنّة رسوله‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬إذ ها الفيصل ف مثل هذه السائل‪ ،‬ونن إذا رجعنا إل‬
‫سنّة رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فإننا ند السنّة الفعلية والسنّة القولية تدلن دللة ل غموض فيها على‬
‫وجوب القصر ف السفر‪ ،‬فالرسول‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬قد قصَر ف جيع أسفاره ول يثبت أنه أتّ ف صلة من‬
‫صلواته ف السفر البتّة‪ ،‬ومن روى عنه أنه قد أت فقد أخطأ‪ ،‬وقد روى عنه القصر طائفة كبية من صحابته رضوان‬
‫‪32‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ال‪-‬تعال‪-‬عليهم‪ ،‬ول أرى أن أطيل القام بذكر تلك الروايات مع الكلم على الصحيح والضعيف منها‪ ،‬إذ إنّ ذلك‬
‫من الشهرة بكان ول عبة بالضعيف‪-‬كما هو العلوم‪-‬إل إذا كان ما يكن أن يرتقي بغيه من الروايات الثابتة‪،‬‬
‫وعلى كل حال ففي الصحيح الثابت عنهم‪-‬رضوان ال تعال عليهم‪-‬ما يغن عن الضعيف‪ ،‬وقد نصّت طائفة كبية‬
‫من أهل العلم على أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد لزم القصر‪ 1‬ف جيع أسفاره‪ ،‬ومن ذكر ذلك ابن‬
‫رشد‪ ،‬وذكره‪-‬أيضا‪-‬الصاص وابن قدامة وابن القيّم وقبله شيخه ابن تيمية‪ ،‬وذكره كذلك ا َل ْقبِلِي والشوكان‬
‫وجاعة كبية‪ ،‬وذكره من علمائنا المام السالي والشيخ اليطال وآخرون‪ ،‬وف هذا ما يدل دللة واضحة على‬
‫الوجوب‪ ،‬وإل لو كان المر يقتضي الواز لترك القَصر‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولو مرة واحدة ليبيّن‬
‫لصحابه أنّ ذلك ليس على الوجوب‪ ،‬أو لفصح عن ذلك بلسانه‪ ،‬أما أنه قد لزم القصر ول يذكر بأنّ ذلك ليس‬
‫على الوجوب فل يكن أن يقال‪ :‬إنّ ذلك ل يدل على الوجوب وإنا هو على الواز فقط؛ أما الروايات الت تدل من‬
‫جهة القول على الوجوب فهي كثية‪ ،‬من ذلك‬
‫ما جاء عن السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬أنا قالت‪ " :‬فرضت الصلة ركعتي ركعتي فأُِقرّت ف السفر وزيد‬
‫ف صلة الضر " وله ألفاظ متعيّنة‪ ،‬ومثله حكمه الرفع‪ ،‬وهذا الديث رواه المام الربيع‪-‬رحه ال‪-‬ورواه المام‬
‫مالك والبخاري ومسلم والنسائي وأبو داوود والدارمي والطيالسي وعبد الرزاق وأحد وابن خزية وابن حبان‬
‫والبيهقي والطحاوي وابن حزم وآخرون‪ ،‬وقد اعتُرِض عليه باعتراضات ولكنها واهية وقد أجبنا عليها وأجاب عليها‬
‫غينا ول حاجة للطالة بذلك فمن شاء ذلك فليجع إليه ف موضعه فإنه سيجد بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أنّ تلك‬
‫العتراضات ل تسمن ول تغن من جوع؛‬
‫ومن ذلك ما جاء عن ابن عباس رضي ال‪-‬تعال‪-‬عنهما أنه قال‪ " :‬فرض ال الصلة ف الضر أربعا وف السفر‬
‫ركعتي " والديث رواه مسلم وأبو عوانة والنسائي وأبو داوود وابن ماجة وأحد وابن خزية وابن حبان وابن أب‬
‫شيبة وعبد الرزاق وابن حزم والبيهقي والطحاوي والشافعي ف " السنن الأثورة "‪ ،‬وروته جاعة كبية‪ ،‬ول يكن أن‬
‫يُعترَض عليه بأنه من كلم ابن عباس رضي ال‪-‬تعال‪-‬عنه‪ ،‬إذ إ ّن مثل ذلك ل يكن إل أن يكون بتوقيف من النب‬
‫صلوات ال عليه وسلمه‪ ،‬إذ مثل ذلك ل يكن أن يقال بالرأي‪ ،‬كما أنه ل يكن أن يُعترَض عليه بأنه مالف لديث‬
‫السيدة عائشة رضي ال‪-‬تعال‪-‬عنها‪ ،‬لنّ حديث ابن عباس‪-‬رضوان ال تعال عليه‪-‬يدل على ما استقر عليه المر‬
‫بينما حديث عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنها‪-‬فيه بيان كيفية افتراض الصلة ف أول المر ‪ ..‬كذلك ل يكن أن‬
‫ت سابقا ف غي‬ ‫يعترض عليه بأنه قد جاء ف نايته‪ " :‬وف الوف ركعة " لنّ هذه الزيادة شاذّة على التحقيق‪ ،‬وذكر ُ‬
‫هذه الليلة بأنه يكن أن ترِد لفظة أو جلة شاذة ف حديث بينما ذلك الديث بكامله يكون صحيحا‪ ،‬ولذلك أمثلة‬
‫متعدّدة؛‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬السفر " بدل من " القصر " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ومن ذلك حديث عمر‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬أنه قال‪ " :‬صلة السفر ركعتان وصلة الفطر ركعتان وصلة الضحى‬
‫ركعتان وصلة المعة ركعتان تام غي قصر " ذكر فيه بأنّ صلة السفر ركعتان وهي ليست بقصر‪ ،‬ث قال‪ " :‬على‬
‫لسان ممد " صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهذا الديث روته طائفة كبية من أئمة الديث‪ ،‬فقد رواه النسائي‬
‫وابن ماجة وأحد وابن حبان وابن أب شيبة وعبد الرزاق والبزار والطحاوي والبيهقي‪ ،‬ورواه كذلك أبو ُنعَيْم‪ ،‬وروته‬
‫طائفة إل أ ّن بعض العلماء قد أعلّه بالنقطاع‪ ،‬لنه من طريق ابن أب ليلى وهو ل يسمع من عمر بن الطاب على‬
‫رأي طائفة‪ ،‬ولكنّ طائفة من أهل العلم قد نصت على أنه سع منه‪ ،‬وجاء ف رواية عند النسائي ف " الكبى " وعند‬
‫جرَة‪ ،‬وجاء عند الطحاوي بأنه رواه‬ ‫ابن ماجة وابن خزية والبيهقي بأنّ عبد الرحن قد رواه من طريق كعب بن ُع ْ‬
‫عن الثقة عن عمر رضي ال‪-‬تعال‪-‬عنه‪ ،‬ول إشكال ف ذلك فعلى تقدير أنّ عبد الرحن قد سع من عمر‪-‬رضي ال‬
‫جرَة‪ ،‬فرواه مرة عن عمر مباشرة ورواه مرة‬ ‫تعال عنهما‪-‬فيمكن أنه سعه مرة منه وسعه مرة عن الثقة الذي هو ابن ُع ْ‬
‫عنه بالواسطة‪ ،‬وعلى تقدير عدم ساعه من عمر‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬فإنه قد ذكر الواسطة عنه وكذلك الرواية الت‬
‫فيها بأنه سعه من الثقة فقد صرح بالثقة ف رواية أخرى‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬كنا نتكلم على حديث عمر رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنه‪ ،‬وقلنا‪ :‬إنّ عبد الرحن بن أب ليلى رواه ف رواية عن‬
‫عمر‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬مباشرة ورواه ف رواية عنه بواسطة كعب بن عجرة وف رواية عن الثقة والظاهر أنه‬
‫كعب‪ ،‬وقلتُ‪ :‬بأنه يكن أن يكون قد سعه من عمر على رأي طائفة كبية من أهل العلم‪ ،‬وهذا هو الذي يؤخذ من‬
‫كلم الذهب وقبْلَه من كلم أب نُ َعيْم‪ ،‬وكذلك ذهبت إليه طائفة من التقدمي وإن كان كثي من العلماء على‬
‫خلف ذلك‪ ،‬وإذا قلنا بذا الرأي‪-‬وهو الذي يظهر‪-‬فل إشكال ف المر‪ ،‬وإذا قلنا بأنه ل يَسمع منه فقد بيّن الواسطة‬
‫الذي سعه منه‪ ،‬ول إشكال ف ذلك على الرأي الول‪ ،‬فإنه يكن‪-‬كما قلتُ‪-‬أن يكون مرة يُحدّث عن الصل ومرة‬
‫يدث عن الفرع على أنه على تقدير عدم ثبوت الرواية الثانية فإنا تكون من باب الزيد ف متصل السانيد‪ ،‬فيكون‬
‫الراوي قد أخطأ ف ذكره لكعب‪ ،‬وعلى كل حال ليس هذا الوضع يكفي لتحقيق الكلم على هذا الديث‪ ،‬وقد‬
‫ذكرنا ذلك ف موضعه؛‬
‫ومن ذلك‪-‬أيضا‪-‬حديث عمر‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬أنه قال له الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ف حديث‬
‫شهي عن القصر‪ ( :‬صدقة تصدق ال با عليكم فاقبلوا صدقته ) فقوله‪ ( :‬فاقبلوا صدقته ) حديث يدل على‬
‫الوجوب‪ ،‬إذ إنّ أمر رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬يدل على الوجوب‪ ،‬لدلة متعددة‪ ،‬وهو الذي ذهب‬
‫إليه المهور‪ ،‬وهذا الديث‪-‬أيضا‪-‬رواه المام مسلم‪ ،‬ورواه النسائي وأبو داوود والدارمي وابن ماجة وابن خزية‬
‫وابن حبان وأحد وعبد الرزاق وابن الارود‪ ،‬ورواه كذلك‪-‬أيضا‪-‬ابن جرير‪ ،‬ورواه البيهقي‪ ،‬ورواه النحاس ف "‬
‫الناسخ والنسوخ " وأبو نُ َعيْم وطائفة كبية من أئمة الديث؛ ومن الدلة على ذلك‪-‬أيضا‪-‬أنّ رجل قال لبن عمر‬
‫رضي ال‪-‬تعال‪-‬عنه‪ " :‬يا أبا عبد الرحن إنا ند ف القرآن صلة الضر وصلة الوف ول ند صلة السفر‪ 1‬؟ "‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬القصر " بدل من " السفر " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فقال‪ " :‬يا هذا‪-‬كما هو ف رواية‪-‬إنّ ال قد بعث إلينا ممدا ول نعلم شيئا فإنا نفعل ما رأيناه يفعل " وقد جاء بغي‬
‫هذا اللفظ‪ ،‬وقد رواه الربيع رحه ال‪ ،‬ورواه مالك وأحد وابن خزية وابن حبان والاكم‪ ،‬وهو حديث صحيح‪،‬‬
‫فهذا‪-‬أيضا‪-‬يؤخذ منه الوجوب؛‬
‫وهنالك أدلة أخرى ل داعي للطالة با‪ ،‬فهذه الحاديث وغيها كثي تدل دللة واضحة على الوجوب‪ ،‬ول ُيجِب‬
‫عنها أحد إل باعتراضات أوهى من نسج العنكبوت‪ ،‬وقد ذكرناها مشفوعة بأجوبتها ف غي ما كتاب فمن شاء ذلك‬
‫فليجع إل " الرأي العتب " وإن كان متصرا بالنسبة إل أصله؛ وأما الذين قالوا بعدم الوجوب فإنم استندوا إل‬
‫صلَة ‪ [ ...‬سورة النساء‪ ،‬من الية‪ ،] 101 :‬ول‬ ‫صرُوا ِمنَ ال ّ‬
‫الية القرآنية‪ ... :‬فََليْسَ عََليْكُمْ ُجنَاحٌ أَن تَ ْق ُ‬
‫دللة ف الية‪ ،‬لنا على رأي كثي من أهل العلم ليست ف صلة السفر‪ ،‬وإنا هي ف صلة الوف‪ ،‬وهو الذي‬
‫يؤخذ من قول ابن عمر وسائِله‪ " :‬إنا ند صلة الضر وصلة الوف " هكذا قال السائل وأقره ابن عمر ‪ ..‬قال‬
‫السائل‪ " :‬ند ذلك ف القرآن ول ند صلة السفر " وأقره على ذلك ابن عمر‪ ،‬وهذا الرأي هو الذي رجحه ابن‬
‫جرير‪ ،‬فإذن الية ل تتعرض لقصر السفر رأسا‪ ،‬وعلى تقدير أنا ف قصر السفر‪-‬كما هو رأي جاعة‪-‬أو ف القصرين‬
‫معا فإنّ نفي الناح ل يؤخذ منه عدم الوجوب‪ ،‬إذ إنه تارة يدل على هذا وتارة يدل على ذاك‪ ،‬ومثل هذه الية ما‬
‫جاء ف السعي بي الصفا والروة‪ ،‬فإنه‪-‬أيضا‪-‬نُفِيَ الناح مع أنّ الصحيح الراجح أنّ السعي بي الصفا والروة‬
‫واجب‪ ،‬والدلة الت ذكرناها من السنّة تدل على أنّ نفي الناح ل يراد به هاهنا نفي الوجوب؛ واستدلوا‪-‬أيضا‪-‬‬
‫برواية أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬كان يقصر ف السفر ويتم‪ ،‬وهذه الرواية ليست بشيء‪ ،‬لنا من‬
‫طريق السيدة عائشة رواها عنها عطاء بن أب رباح وروايته ل تصح من طريق السيدة عائشة رضي ال‪-‬تعال‪-‬عنها‪،‬‬
‫كما ذكر ذلك غي واحد من أئمة التحقيق‪ ،‬وقد جاء عنه من أربع طرق إحداها من طريق ابن وثاب وهو مهول‪،‬‬
‫والثانية من طريق الغية بن زياد وهو ضعيف‪ ،‬والثالثة من طريق طلحة بن عمرو وهو ضعيف‪ ،‬وجاء‪-‬أيضا‪-‬من‬
‫طريق رابعة ولكنها‪-‬أيضا‪-‬ضعيفة‪ ،‬فهذا الديث ل يُعتمد عليه‪ ،‬وكذلك ما جاء من أنه أقر السيدة عائشة على التام‬
‫ليس بشيء‪ ،‬لنّ ف إسناده راويا ضعيفا وهو العلء بن عبد الرحن‪ ،‬ث إنّ السيدة عائشة ل تكن معه ف سفر فتح‬
‫مكة فكيف يقال بأنا أتّت بلف فعل النب وهي ل تكن مسافرة معه ف ذلك السفر ؟! وكذلك ما جاء أنّ‬
‫الصحابة كانوا يسافرون مع النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وكان منهم من يصوم ومنهم من يفطر ‪ ..‬منهم‬
‫الصائم ومنهم الفطر ومنهم الذي يقصر ومنهم الذي يكمل الصلة‪ ،‬هذا معناه ‪ ..‬هذا الديث رواه البيهقي وليس‬
‫بشيء‪ ،‬لنه من طريق زيد العَمّي ول يؤخذ بروايته‪ ،‬والراوي عنه ضعيف‪-‬أيضا‪-‬فمثله ل يُفرَح به‪ ،‬وكذلك ما جاء‬
‫أنّ النب أت ف الوف‪ ،‬فهذه الرواية مُقَتطَعة من رواية أخرى‪ ،‬فالصحيح أنه صلى ركعتي ث سلم ث صلى بطائفة‬
‫أخرى ركعتي فكان متنفل؛ فهذه أقوى ما استند إليه القائلون بالواز وهي كما ترون ل تَثبت عن النب‪-‬صلوات ال‬
‫وسلمه عليه‪-‬وإذا كان المر كذلك فإنّ القول بالوجوب هو القول الراجح‪ ،‬فل ينبغي لحد أن يتركه‪ ،‬ث‪-‬‬
‫كما ذكرتُ هو مذهب أكثر الصحابة‪ ،‬بل مذهب الصحابة قاطبة على رأي أكثرهم‪ ،‬وهو الذي ذهب إليه التابعون‬

‫‪35‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وأبو بكر وعمر " ونسبه‬ ‫ومن تبعهم بإحسان أو أكثرهم‪ ،‬ولذلك قال الترمذي‪ " :‬العمل على ما كان عليه النب‬
‫البغوي إل أكثر العلماء‪ ،‬ونسبه الطاب إل أكثر أهل العلم؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم من كان يُتمّ في السفر مستنِدا في ذلك إلى قول أحد مشائخه الذين يثق فيهم وهو أنهم يقولون‪ " :‬من‬
‫كان يملك مسكنا في السفر وكان يطيل المكث فيه فعليه التمام ولو لم ينو الستقرار فيه " ثم تبيّن له بعد ذلك أنّ‬
‫الراجح هو ما ذهبتم إليه ؟ وهل يجب عليه قضاء الصلوات التي صلّها تماما عمل بقول شيخه ؟ وما حكم هذا‬
‫الشخص إن كان يصلي بالناس في تلك الفترة ؟‬
‫الواب ‪:‬‬
‫‪ :‬نعم‪ ،‬الصحيح هو وجوب القصر كما ذكرنا ‪ ,‬إل أنّ السألة ليست فيها أدلة قاطعة‪ ،‬فالسألة ل ترج عن دائرة‬
‫الظن‪ ،‬وإن كان الصحيح الذي تدل له السنّة هو ما ذكرناه‪ ،‬وإذا كان النسان يأخذ من قبلُ برأي من آراء أهل العلم‬
‫ويظن أنّ ذلك الرأي هو الصواب فإننا ل نقوى على أن نُلزمه البدل‪ ،‬لنّ هذه السألة‪-‬كما قلتُ‪-‬ل ترج عن دائرة‬
‫الظن‪ ،‬أما إذا كان ذلك الرجل الذي يَستند إل كلمه ليس من أهل العلم وإنا يتظاهر بالعلم وليس المر كذلك‬
‫فهذا الشخص قد قصّر ف حقيقة الواقع ف طلب الق ول يطلب ذلك من أهله فعليه أن يتوب إل ال وأن يعيد تلك‬
‫الصلوات الت أتها وهو مسافر‪ ،‬ث إنّ العلماء‪-‬كما قلتُ‪-‬منهم من يقول بوجوب القصر‪ ،‬ومنهم من يقول بالتخيي‬
‫ولكن لدة معيّنة‪ ،‬ومنهم من يقول‪-‬أيضا‪-‬بالواز مهما مكث النسان من السفر‪ ،‬أما أن يقصُر النسان ف مكان‬
‫وهو ل يستقر فيه وإنا لنه بن فيه بيتا أو ما شابه ذلك فهذا أمر عجيب‪ ،‬فهو ل ينو الستيطان‪ ،‬فل أدري هذا‬
‫الشيخ الذي يذكره هل يأخذ برأي من يقول بالوجوب وأنّ النسان لبد من أن يقصر مهما مكث من الزمن إل أنه‬
‫يهل تطبيق ذلك على هذه القضية ولذلك أفت بأنّ من مكث ف مكان وهو ل ينو الستقرار لكونه قد ملك بيتا أو‬
‫ما شابه ذلك‪ ،‬فإن كان المر كذلك فهذا خطأ ف حقيقة الواقع وعليه أن يتوب إل ال‪ ،‬وعلى ذلك الذي أخذ برأيه‬
‫أن يتوب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وأن يعيد تلك الصلوات‪ ،‬أما إذا كان ذلك الشيخ يأخذ برأي من يقول بالواز إما‬
‫اجتهادا وإما تقليدا لن يقول بذلك ويظن أنّ ذلك هو الصحيح وأفت من أفتاه بذلك فل نقوى على أن نلزمه‬
‫العادة‪ ،‬بل نأمره بتطبيق الصواب ف الستقبل؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬كانوا مسافرين مع جماعة وأثناء الوضوء دخلت فرقة منهم في المسجد فوجدت جماعة تصلي‪ ،‬في هذه‬
‫الحالة هل يدخلون فيصلون معهم أم ينتظرون أصحابهم ليصلوا جمعا ؟ ثم إنّ الذين دخلوا إلى المسجد ل يدرون‬
‫عن تلك الجماعة هل تصلي قصرا أم تصلي وطنا‪.‬‬
‫الواب ‪:‬‬
‫أما إذا كانت تلك الماعة تصلي تلك الصلة الت تريد هذه الماعة أن تقوم بأدائها فإنّ عليهم أن يدخلوا معهم‬
‫وليس لم أن ينتظروا أصحابم‪ ،‬فإن جاء أصحابم وأمكنهم أن يدخلوا ف تلك الماعة فعليهم‪-‬أيضا‪-‬أن يدخلوا‬

‫‪36‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فيها‪ ،‬وإن ل يتمكّنوا من ذلك فبإمكانم أن يقيموا جاعة أخرى‪ ،‬لنم ل يريدوا معارضة الماعة الول أو ما شابه‬
‫ذلك وإنا تأخروا لسبب من السباب‪ ،‬بل لو تأخروا من قبلُ وفرّطوا ف ذلك فإنّ عليهم أن يتوبوا إل ال وأن يقيموا‬
‫صلة الماعة‪ ،‬ل كما قال بعضهم أنه ليس لم أن يقيموا جاعة ثانية‪ ،‬هذا إذا كانت تلك الصلة هي الصلة‪ 1‬الت‬
‫تريد تلك الماعة أن تقوم بأدائها وذلك تارة يكون واضحا جليا وتارة يُفهم بالقرائن وتارة ل يكن النسان أن‬
‫يفهم ذلك‪ ،‬فإذا كان الوقت وقت تلك الصلة ‪ ..‬مثل كان ذلك الوقت وقت صلة العصر فالظاهر أنّ تلك الماعة‬
‫تصلي العصر وعليه هؤلء إما أن يصلوا معهم نافلة‪ ،‬وهذا هو الفضل‪ ،‬لمر النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫بذلك‪ ،‬بل ل ينبغي لم أن يتأخروا إل إذا كانت تلك الماعة ليست الماعة الصلية بل كانت جاعة ثانية أو ثالثة‬
‫فإنّ ذلك ل يدخل ف أمر النب اللهم إل إذا صلوا معهم تيّة السجد‪ ،‬فإنّ من دخل السجد يؤمر بتأدية ركعت‬
‫تية السجد قبل أن يلس إل إذا أراد أن يصلي الفريضة ففي هذه الالة بإمكانم أن ينتظروا أصحابم ويقوموا بتأدية‬
‫تلك الصلة معهم؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬من يسافر من بلده إلى بلد آخر وبعد فترة يترك السفر فيصلي إتماما ظنا منه أنّ بلد المسلمين تعتبر وطنا‬
‫له أينما حلّ فيها‪ ،‬فهل يصح هذا ؟‬
‫الواب ‪:‬‬
‫هذا الشخص قد أخطأ الصواب فبلد السلمي وإن كانت بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬واحدة ولكنّ ما نشاهده من‬
‫حدود تفصل بي الدول‪ ،‬وف كثي من الدول لبد من موافقة تلك الدولة على الدخول ف الدولة الثانية ومن إقامة‬
‫مدة معيّنة وإذا أراد أن يبقى مدة أخرى لبد من أن يطلب الذن أو ما شابه ذلك ث إنه قد يأت لدراسة ويكث كذا‬
‫كذا سنة من السنوات أو يأت لعمل وهو يقصد أن يبقى مدة معيّنة من الزمن فهذا ف حقيقة الواقع ل يستقر ف هذه‬
‫البلد الت ذهب إليها ‪ ..‬ف أيّ بلد من البلد ‪ ..‬هو ل يستقر ف تلك البلد‪ ،‬وإنا جاء‪-‬كما قلتُ‪-‬لطلب علم أو‬
‫طلب معيشة أو ما شابه ذلك من المور فهذا ف واقع المر ل ينطبق عليه الستقرار العروف‪ ،‬فمن أراد أن يكمل‬
‫الصلة لبد من أن تكون نفسه قد اطمأنت ف ذلك الكان وارتاح فيه وأراد أن يستقر فيه‪ ،‬أما أن يكون ارتاح لهله‬
‫أو ارتاح من أجل طلب العاش أو ما شابه ذلك فهذه وإن كانت راحة نفسية ولكنها ليست هي الراحة أو ليس هو‬
‫الطمئنان الذي يوجب التام ف الصلة‪ ،‬فالناس يهلون بي الطمئنان والستقرار الذي يوجب التام وبي‬
‫الستقرار والودة مع أصحابم وأصدقائهم وما شابه ذلك فهذا المر يتلف عن ذلك المر كما هو واضح جليّ ل‬
‫يفى‪ ،‬فالنسان الذي استقر ف ذلك الكان وأراد أن يعيش فيه وهو مطمئن فيه ويعرف بأنه ل يكن أن يَخرج منه‬
‫بأمر من دولة ول بغي ذلك إل إذا كان هنالك ظرف حادث أو ظرف سيطرأ له ف الستقبل فإنّ النسان ل يدري‬
‫ماذا سيأت عليه ف الستقبل‪ ،‬أما أن يكون يعرف ف قرارة نفسه بأنه لن يبقى ف هذا الكان فهذا يادل وياري‬
‫بالباطل‪ ،‬وهو ف حقيقة الواقع ل يكمل الصلة إل من أجل الصول على دراهم معدودة ويُفرّط ف أمر دينه ويُؤثّر‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬الجماعة هي الجماعة " بدل من " الصلة هي الصلة " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫على من يصلي خلفه‪ ،‬فعلى هؤلء أن يعلموا ذلك يقينا وأنه ل يوز لم التام بال من الحوال؛ هذا وال‪-‬تعال‪-‬‬
‫أعلم؛ وعلى كل حال‪ ،‬هذا ل يوجب تفريق السلمي أو ما شابه ذلك ‪ ..‬كلّ‪ ،‬فل يكن أن يُروّج لذلك بثل هذا‬
‫الراء التافه‪ ،‬فما يمع بي السلمي أكب من هذا بكثي ولكن للصلة من الحكام ما ل يفى ما ل يوز لحد أن‬
‫يُفرّط فيه‪ .‬وال تعال أعلم‬
‫س‪ :‬سائلة تسأل ‪ :‬في بعض الحيان تكون في الدراسة والوقت يتأخر بها إلى الساعة الثانية‪ ،‬فهل تَجمع صلة‬
‫الظهر مع صلة العصر جمعا صوريا ؟‬
‫الواب ‪:‬‬
‫على كل حال‪ ،‬وقت الظهر ل زال باقيا ف الساعة الثانية بل يتد إل ما هو أبعد من ذلك حت قبيل وقت دخول‬
‫العصر‪ ،‬ل ّن بجرد خروج وقت الظهر يدخل وقت العصر‪ ،‬وهنالك وقت طويل بي هذا الوقت وبي دخول العصر‪،‬‬
‫فبإمكانا أن تصلي ف الثانية بل وف الثانية والنصف الظهرَ‪ ،‬ول زال الوقت‪.‬‬
‫س‪ :‬نريدكم أن تحدثونا عن تعريف الوطن الذي يستقر فيه النسان‪ ،‬كما نريدكم أن تعرّفوا لنا كذلك معنى‬
‫ن النسان إذا اطمأن ووصل إلى الدرجة التي تحدّثونا عنها‪-‬بعد قليل‪-‬يكون بذلك‬
‫الستقرار والطمئنان بحيث إ ّ‬
‫موطّنا‪ ،‬كما‪-‬أيضا‪-‬نريدكم أن تحدّثونا عن عدد الوطان التي يجوز للنسان أن يتخذها‪.‬‬
‫الواب ‪:‬‬
‫النسان ل يلو من أحد أمرين اثني‪ ،‬إما أن يكون مُوطّنا ف ذلك الكان الذي يصلي فيه أو يكون مسافرا فيه‪ ،‬فإن‬
‫كان قد اتذ ذلك الكان وطنا فإنه يب عليه التام‪ ،‬ول يوز له بال من الحوال أن يقصُر الصلة فيه‪ ،‬أما إذا كان‬
‫مسافرا فيه فإنه يب عليه القصر على القول الراجح‪-‬كما قدمنا ف الدرس الاضي‪-‬ول يوز له أن يصلي أربعا إل ف‬
‫حالة واحدة فقط وهي ما إذا صلى خلف إمام مقيم فإنه ف هذه الالة يب عليه أن يتابع إمامه‪ ،‬ول يوز له أن‬
‫يصلي ركعتي ث ينفرد عن المام؛ أما بالنسبة إل الوضع الذي يب على النسان أن يصلي فيه وطنا فهو الكان‬
‫الذي أراد أن يستقر فيه وكان مطمئنا إل العيش فيه يريد أن يسكن فيه مدى الياة اللهم إل إذا عرَض له عارض بعد‬
‫ذلك فإنه إذا عرض له عارض ف الستقبل فإنّ لكل حادثة حكما يصها‪ ،‬أما هو ف الصل فإنه يريد أن يسكن ف‬
‫ذلك الكان ولبد من أن يكون مستقرا مطمئنا مرتاحا إليه‪ ،‬فإن كان مطمئنا مرتاحا ولكنه ل يريد أن يستقر فيه فهو‬
‫ف حالة الواقع مسافر‪ ،‬والسافر ل يوز له التام كما ذكرنا‪ ،‬وإذا كان يريد أن يكث فيه ولكنه ل يطمئن ف ذلك‬
‫الكان فكذلك ف حقيقة الواقع هو مسافر‪ ،‬فإذن لبد من أن يريد أن يكث ف ذلك الكان بأن يستقر فيه ويكون‬
‫مطمئنا مرتاحا إليه‪ ،‬أما إذا ل يرد الستقرار أو يريد ولكنّ هنالك مانعا ينعه من ذلك فل‪ ،‬وقد ذكرنا ف الدرس‬
‫الاضي بأنّ أولئك الذين يذهبون من دولة إل دولة أخرى من أجل التعليم أو من أجل العمل فإنه ل يكنهم أن يصلوا‬
‫تاما‪ ،‬ذلك لنه وإن أحبوا ذلك الكان واطمأنت نفوسهم فيه ولكنهم يعلمون علم اليقي بأنم لن يبقوا ف هذا‬
‫الكان وإنا سيستمرون فيه مدة مددة كأربع سنوات للدراسة أو يكن‪-‬أيضا‪-‬أن يستمروا مدة أطول من ذلك إذا‬
‫كانوا يعملون ف ذلك ‪ ..‬ف إمامة أو تعليم أو ف أيّ عمل من العمال الخرى ولكنهم متيقّنون بأنم لن يكنهم أن‬

‫‪38‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫يستقروا ف ذلك‪ ،‬لنّ أنظمة تلك الدولة الت يعملون فيها تنعهم من الستقرار فيها اللهم إل إذا كانت تلك الدولة‬
‫توافق لم بأن يستقروا فيها على حسب شروط وهم سينفّذون ذلك فذلك مال آخر‪ ،‬أما إن كانوا ل ينوون‬
‫الستقرار أو أنّ أنظمة الدولة تنعهم من ذلك‪-‬كما هو الواقع ف غالب دول العال‪-‬فل يكن أن يقال إنه يوز لم أن‬
‫يكملوا الصلة‪ ،‬سواء أرادوا المامة أو ل يريدوا ذلك‪ ،‬وكثي من الناس وللسف الشديد يبحثون ف الكتب عن‬
‫قضية تعدد الوطان ولكنهم ل يبحثوا قبل ذلك مت يوز للنسان أو يب على النسان أن يتخذ وطنا ثانيا أو ثالثا‬
‫أو رابعا أو أكثر من ذلك على رأي من ييز ذلك‪ ،‬فإذن لبد من البحث ف السألتي ‪ ..‬ف عدد الوطان الت يوز‬
‫للنسان أن يستقر فيها وأن يصلي فيها صلة وطن‪ ،‬وما هي المور الت لبد من توافرها ف ذلك النسان حت يتخذ‬
‫أكثر من وطن‪ ،‬أما عدد الوطان فقد حدّده بعض العلماء بأربعة أوطان‪ ،‬ونن ل نستطيع أن ندد ذلك بعدد معيّن‬
‫وإنا نقول إنه يوز للنسان بل يب عليه أن يصلي وطنا إذا استقر ف مكان من المكنة أو ف أكثر وأراد أن يعيش‬
‫ف تلك المكنة جيعا‪ ،‬أما إذا ل يُرد ذلك أو أنه أراد ولكنه يعلم أنه لن يُترك أو ما شابه ذلك فذلك ما ل يصح؛‬
‫وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬لكن إذا أتينا إلى قضية الوطان‪ ،‬متى يصح للنسان أن يتخذ ذلك المكان وطنا‪ ،‬هل إذا امتلك فيه بيتا أو‬
‫امتلك فيه مزرعة أم هناك شروط أخرى ؟‬
‫الواب ‪:‬‬
‫ل نستطيع أن نشترط شيئا من هذه المور‪ ،‬وإنا القضية هي استقرار النفس ف ذلك الكان واطمئنانا إل السكن‬
‫فيه‪ ،‬فبعض الناس قد يعيشون حياتم من أولا إل نايتها وهم يستأجرون منل أو ما شابه ذلك‪ ،‬وبعض الناس‬
‫يلكون منازل حت ف دول أخرى ‪ ..‬أي ف غي تلك الدولة الت هم مواطنون فيها وهكذا‪ ،‬فإذن العبة بالستقرار‬
‫والطمئنان؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬وهل ما يقال من أنّ النسان إذا تزوج من منطقة تعدّ له وطنا ؟‬
‫الواب‪:‬‬
‫الصل أنّ الرأة تابعة لزوجها‪ ،‬فإذا تزوج إنسان امرأة هي تصي تابعة له بعد أن يقوم بنقلها‪ ،‬أما بجرد العقد فل‪،‬‬
‫وإنا العبة بدخوله بتلك الرأة أو بتبعية تلك الرأة له وإن ل يدخل با‪ ،‬أما ما دامت مستقرة عند أهلها ول يقم هو‬
‫بنقلها ‪ ..‬كما هو العادة عند كثي من الناس أنّ النسان يعقد أوّل على الرأة وتبقى هي ف بيت أهلها ول تكون تابعة له‬
‫وإنا تتبعه بعد أن يقوم بنقلها أو ما شابه ذلك على اختلف الناس فهي بعد ذلك تكون هي تابعة له‪ ،‬تصلي تاما ف‬
‫الوضع الذي يصلي هو فيه تاما‪ ،‬وتقصُر ف الوضع الذي يقصُر فيه هو ولو كان ذلك ف بيت أهلها الذي عاشت‬
‫فيه من قبلِ أن يتزوجها هذا الشخص‪ ،‬أما أن يكون هو تابعا لا فل ‪ ..‬نعم‪ ،‬إذا تزوج من منطقة وأراد أن يسكن ف‬
‫تلك النطقة‪-‬سواء أراد أن يتحول من منطقته السابقة أو استقر ف الكاني معا‪-‬ففي هذه الالة يصلي تاما ف‬
‫الوضعي معا أو ف ذلك الوضع ل بسبب زواجه من تلك الرأة وإنا بسبب أنه استقر ف تلك النطقة‪ ،‬فإذن ليست‬

‫‪39‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫القضية قضية زواج من تلك الرأة‪ ،‬وإنا القضية استقراره واطمئنانه هو‪ ،‬وإل فالرأة هي الت تتبعه‪ ،‬فإذا قام بنقلها‬
‫تصلي بصلته وطنا أو قصرا؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬وهل ما يقال‪-‬أيضا‪-‬من أنّ النسان إذا ولد في منطقة حتى ولو سافر منها بعد ذلك ل تزال وطنا له ؟‬
‫الواب‪:‬‬
‫إذا كان يسكن ف تلك النطقة وف النطقة الت انتقل إليها‪-‬أيضا‪-‬أي تارة يسكن هنا وتارة يسكن هناك ويريد أن‬
‫يعيش ف النطقتي معا فنعم‪ ،‬أما إذا كان ترك تلك النطقة الول وإنا يذهب إليها لزيارة أهله وأقاربه فيمكث معهم‬
‫يوما أو يومي أو أكثر من ذلك فهو مسافر ف حقيقة الواقع ف تلك النطقة‪ ،‬فإذن ليست هنالك عبة بالولدة ف‬
‫النطقة الفلنية‪ ،‬ونن نعرف أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قد وُلد بكة الكرمة وعاش فيها ما‬
‫يقارب أربعي عاما قبل نبوته ث مكث فيها ثلثة عشر عاما بعد رسالته وفُرضت عليه الصلة بكة الكرمة ث هاجر‪-‬‬
‫صلوات ال وسلمه عليه‪-‬وهكذا بالنسبة إل أصحابه الهاجرين رضي ال‪-‬تعال‪-‬عنهم ‪ ..‬هاجروا إل الدينة وكانوا‬
‫عندما يأتون إل مكة الكرمة يقصُرون الصلة فيها‪ ،‬وإنا يصلون ف الدينة تاما‪ ،‬أو ف مواضع أخرى بعد انتقال‬
‫بعضهم من الدينة عندما استقروا ف تلك الناطق‪ ،‬كما استقر بعضهم ف الشام وبعضهم ف الكوفة وبعضهم ف‬
‫البصرة‪ ،‬فإذن ل علقة لوضع الولدة ف التام والقصر‪ ،‬فإذا انتقل النسان صار ذلك الوضع كغيه من الواضع الت‬
‫يصلي فيها قصرا؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ذهب إلى مكان مجاور لبلده وشك هل ذلك المكان تعتبر مسافته وصلت حد السفر أم ل فبقي في الشك هل‬
‫يصلي إتماما أم يصلي قصرا فصلى قصرا ؟‬
‫الواب ‪:‬‬
‫قد أخطأ ف هذه القضية إذا كان اعتمد على هذا الشك فقط ول يكن هنالك دليل آخر قد اعتمد عليه‪ ،‬إذ إنّ من‬
‫شك ف مكان هل هو من حدود الوطن أو ل فإنه ليس له أن يقصُر فيه بل يب عليه أن يكمل الصلة ث إذا تبيّن له‬
‫بعد ذلك بأنه خارج الوطن فإنّ عليه أن يعيد الصلة‪ ،‬وإن تبيّن له بأنه ف الوطن فل إعادة عليه‪ ،‬أما أن يقصُر وهو ل‬
‫يقم عليه الدليل بأنه خرج من وطنه فل‪ ،‬إذ الصل الوطن ول يَنتقِل عنه إل بدليل؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬على أية حال‪ ،‬نحن نريد أن تبيّنوا لنا المسافة التي إذا ما قطعها النسان يعتبر مسافرا ؟‬
‫الواب‪:‬‬
‫هذه السألة اختلف فيها العلماء اختلفا كثيا جدا‪ ،‬وقد وصلت القوال ف ذلك إل ما يقرب من عشرين قول‪،‬‬
‫وأغلب تلك القوال قد انقرض القائلون با‪ ،‬وإنا بقيت أقوال معدودة؛ والذي ذهب إليه أصحابنا‪-‬رضوان ال تعال‬
‫عليهم‪-‬أنّ مسافة القصر تُقدر بفرسخي‪ ،‬واعتمدوا ف ذلك على قصر النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬بذي‬
‫الَُلْيفَة حيث إنه‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬خرج من الدينة إل ذي الليفة وصلى با ركعتي‪ ،‬ورأوا بأنّ الحاديث‬
‫‪40‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الت اعتمد عليها القائلون بلف ذلك منها ما ل يَثبت عن النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬لضعف أسانيدها‪ ،‬ومنها‬
‫ما ل علقة له بذه القضية البتّة‪ ،‬كاستدلل بعضهم بقضية السح على الفي أو ما شابه ذلك‪ ،‬فإنّ تلك الحاديث‪-‬‬
‫أيضا‪-‬ل تَثبت عن النب صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وعلى تقدير ثبوت بعضها عنه‪-‬مثل‪-‬فإنا منسوخة‪ ،‬وعلى تقدير‬
‫عدم نسخها‪-‬وهو بعيد جدا جدا ولكن على رأي من يقول بذلك‪-‬فإنّ تلك الحاديث ل علقة لا بذه القضية‪،‬‬
‫وإن كان قليل من الناس الذين احتجوا بثل ذلك‪ ،‬ومنهم‪-‬وهم كثي‪-‬قد احتجوا من ني الرأة عن السفر من غي ذي‬
‫مرم ‪ ..‬ناها رسول ال أن تسافر يوما‪ ،‬وف بعض الروايات‪ :‬يوما وليلة‪ ،‬وف بعضها‪ :‬ثلثة أيام ‪ ..‬منهم من‬
‫استدل برواية الثلث‪ ،‬ومنهم من استدل برواية اليوم والليلة‪ ،‬ولكنّ هذه الحاديث ل علقة لا بالوضوع إطلقا‪ ،‬ث‬
‫إنّ الديث قد ورد بألفاظ متعددة ‪ ..‬ورد با ذكرناه من اللفاظ‪ ،‬وورد بيومي‪ ،‬وورد بالنهي عن السفر مسافة َبرِيد‪،‬‬
‫وورد على الطلق‪ ،‬وهي الرواية الت ينبغي أن يُعتمد عليها‪ ،‬ولست الن بصدد الجابة عن تلك الروايات‪ ،‬لنه أوّل‬
‫وقبل كل شيء يتاج إل إطالة وذلك ما ل يكن أن نصي إليه الن‪ ،‬وثانيا لنّ هذه الحاديث ل علقة لا‬
‫بالوضوع أصل ‪ ..‬إذن ما ذهب إليه أصحابنا هو الذي تطمئن إليه النفس‪ ،‬فمن سافر هذه السافة فإنه يقصر الصلة‪،‬‬
‫أما من سافر إل مسافة أقرب من ذلك فليس له أن يقصر الصلة اللهم إل إذا أراد أن يتجاوز الفرسخي فإنّ كثرة‬
‫كاثرة من أهل العلم قالوا إنّ من نوى أن يتجاوز الفرسخي فإنه يقصر الصلة ولو ل يتجاوزها‪ ،‬فهذا رأي كثي من‬
‫أهل العلم بل هو رأي أكثرهم‪ ،‬وإن كانت هنالك طائفة من أهل العلم تقول بلف ذلك؛ والفرسخان قدّرها كثي‬
‫من أهل العلم با يقرب من اثن عشر بالكيلومترات وهي القاييس العصرية‪ ،‬وإن كانت السافة ف حقيقة الواقع بي‬
‫الدينة إل ذي الليفة ل تصل إل ذلك ولكنّ ذلك قد اشتهر مع أهل العلم‪ ،‬ورأى التأخرون أنّ ذلك يؤخذ به لنه‬
‫أحوط وأيضا فإننا ل نعلم الطريق الت سلكها‪-‬النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فلعله سلك طريقا تالف هذه‬
‫الطريق الت يسلكها الناس وهي تصل إل السافة الذكورة‪ ،‬فهذا الذي ذهبوا إليه‪ ،‬إذ إنم ل يدوا ما هو أقوى منه‪،‬‬
‫بينما القوال الخرى أدلتها من الضعف بكان‪ ،‬لنا‪-‬كما قلتُ‪-‬معتمِدة على أحاديث ضعيفة جدا أو ليست برفوعة‬
‫وإما على أحاديث ل علقة لا بالوضوع كالديث الذي فيه النهي عن سفر الرأة من غي ذي مرم أو زوج؛ وال‪-‬‬
‫تعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬بما أنكم ذكرتم هذه المسافة الن وهي اثنا عشر كيلومترا تقريبا متى يبدأ النسان يحسب هذه المسافة ؟‬
‫الواب‪:‬‬
‫هذه السألة‪-‬أيضا‪-‬فيها خلف بي أهل العلم؛ والذي ذهب إليه كثي منهم أنّ النسان إذا تعدى عمران البلد فإنه‬
‫يبدأ الساب؛ وذهبت طائفة من أهل العلم إل أنه يبدأ الساب من الكان الذي استقر فيه؛ وهذا الرأي أفت به المام‬
‫الليلي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬لهل زنبار عندما امتدت عندهم مسافة البناء‪ ،‬فعندما كانت البيوت متلصقة‬
‫ويصعب وجود فاصل بي تلك البيوت فإنّ المام‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬قد رأى أنه يكن أن يُؤخذ بذا الرأي‪ ،‬إذ‬
‫إنّ النسان ل يكن أن يكون مستقرا ف هذه السافة على طولا‪ ،‬وهو رأي حسن سائغ؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬عندما يجمع صلة الظهر مع صلة العصر يقول له البعض‪ " :‬عليك أن تصلي السنّة " ويقول البعض‪ " :‬ل‪ ،‬ل‬
‫تصل السنّة‪ ،‬فذلك يكفيك "‪ ،‬فماذا تقولون ؟‬
‫الواب ‪:‬‬
‫إذا جع النسان بي الظهر والعصر أو بي الغرب والعشاء فإنه ل يأت بالسنّة الراتبة الت هي بعد الظهر وهكذا‬
‫بالنسبة إل السنّة الراتبة الت بعد الغرب وبالسنّة الراتبة الت بعد العشاء وإنا يأت بصلة الوتر‪ ،‬أما بالنسبة إل السنن‬
‫الرواتب فل ‪ ..‬ل يُؤتى با ف حالة المع ف السفر‪ ،‬وإنا اختلف العلماء ف التيان با ف حالة المع ف الوطن عند‬
‫من ييز ذلك ف أوقات الاجة؛ منهم من يقول إنه ل يؤتى با‪ ،‬ومنهم من يقول إنه يؤتى با‪ ،‬واختلفوا ف موضع‬
‫سنّة الظهر وف موضع سنّة الغرب؛ والسؤال ل يُوجه عن هذا فلذلك ل أرى الطالة بذلك؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هو الن يعمل في مسقط وكان يسكن عزبا مع بعض الخوة من غير أن يحضر أهله واستمر على ذلك فترة‬
‫والن أحضر أهله معه‪-‬ويبدو أنه مستأجر‪-‬ول يريد أن يستقر في مسقط وإنما ينوي أن يعود إلى بلده في يوم‬
‫من اليام‪ ،‬فلو طال مكثه في العمل في مسقط هل يصلي إتماما أم قصرا ؟‬
‫الواب ‪:‬‬
‫إذا كان ل ينوي الستقرار بسقط‪-‬مثل‪-‬إطلقا فإنه مسافر كما قدمنا‪ ،‬أما إذا كان هنالك احتمال قوي ‪ ..‬يكن‬
‫أن يستقر ف مسقط فإنه يصلي با وطنا با أنه قد أحضر أهله إل هنا فإذن جوابه ما ذكرناه سابقا‪ ،‬فإن كان هنالك‬
‫احتمال عنده للستقرار هنا فإنه يصلي با تاما وإل فل‪.‬‬
‫س‪ :‬حتى ولو استمر عمله عشرين سنة‪-‬مثل‪-‬وهو في مسقط ؟‬
‫الواب ‪ :‬رخص بعض أهل العلم ف أنه يصلي تاما إن كان هنالك احتمال‪ ،‬أما إن ل يكن هنالك احتمال فل أرى‬
‫ذلك ف هذا الوقت‪ ،‬وإن كانت السألة باجة إل شيء من النظر لكن الصل الصيل هو ما ذكرناه‪.‬‬

‫س‪ :‬هل يجوز للمسلم في حال الجمع بين الصلتين أن يتكلم بينهما بشيء من أمور الدنيا أو أن يأتي بالباقيات‬
‫الصالحات ؟ وما هي الحكمة من تشدد بعض العلماء في ذلك ؟‬
‫الواب ‪ :‬ال مع هو ضم صلة إل أخرى‪ ،‬فإذا ج ع الن سان ب ي الظ هر والع صر فإ نه ضم بينه ما ‪ ..‬ضم هذه إل‬
‫تلك‪ ،‬فالمع هو ضم شيء إل آخر‪ ،‬فلذلك تشدد بعض أهل العلم ف ذلك‪ ،‬وجعلوها بثابة صلة واحدة؛ ورأى‬
‫بعض أهل العلم إل أ نّ من تكلم بي الصلتي فإ نّ ذلك ل يُؤثّر على المع؛ وهذا القول هو القول الصحيح‪ ،‬الذي‬
‫ذهب إليه الكثرون من أصحابنا ولسيما من التقدمي ورجحه غي واحد من الحققي من التأخرين‪ ،‬وكما قلتُ‪:‬‬
‫هو القول الصحيح ولكن ل ينبغي للنسان أن يتكلم‪ ،‬إذ إ نّ هذه السألة فيها ما فيها من اللف‪ ،‬وأيضا كثي من‬
‫أهل العلم قالوا‪ :‬ل ينتقض المع إذا تكلم النسان ل أنه ينبغي للنسان أن يتكلم‪ ،‬فإذن إذا وقع للنسان شيء من‬
‫ذلك فل إعادة عليه‪ ،‬وجعه صحيح‪ ،‬أما أن يتعمد ذلك فذلك ما ل ينبغي اللهم إل إذا كانت هنالك ضرورة‪ ،‬كأن‬
‫‪42‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ي سأل صاحبه‪ :‬هل تر يد أن ت مع ؟ ح ت يقوم بال صلة م عه‪ ،‬أو يأ مر المام شخ صا بأن يتقدم أو يتأ خر‪ ،‬أو يأ مر‬
‫بتسوية الصفوف‪ ،‬وما شابه ذلك من المور الت تقتضيها الضرورة‪ .‬وال تعال أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬متى يبدأ المسافر في القصر إذا كان قاصدا حد السفر‪ ،‬هل بخروجه من العمران أم بخروجه من المنزل أم‬
‫بخروجه من حد السفر ؟‬
‫الواب‬
‫أنا قلتُ‪ :‬إنّ أهل العلم قد اختلفوا ف هذه السألة؛ منهم من يقول‪ :‬إنّ النسان يقصُر الصلة بجرد خروجه من‬
‫عمران بلده إذا كان ينوي أن يتجاوز الفرسخي؛ وهذا قول أكثر أصحابنا‪ ،‬بل حكى عليه بعض العلماء من السابقي‬
‫اتفاق أهل العلم ولكنه ل اتفاق على ذلك كما ذكره غي واحد من أهل العلم‪ ،‬إذ إنّ اللف موجود منذ زمان‪ ،‬فقد‬
‫ذهبت طائفة من أهل العلم إل أنّ النسان ل يقصُر الصلة إل إذا تاوز الفرسخي؛ فالقول الول هو الذي ذهب‬
‫إليه‪-‬كما قلتُ‪-‬الكثر‪ ،‬فإن أخذ بذلك فل بأس‪ ،‬والقول الثان‪-‬أيضا‪-‬له حجته‪ ،‬والترجيح بينهما ليس بالمر‬
‫السهل‪ ،‬إذ إنه ليس هنالك نص صريح يكن أن يُعتمد عليه إل ما جاء من الحاديث أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وصحبه وسلم‪-‬كان إذا خرج من الدينة قصَر الصلة‪ ،‬ولكنن ل أجد رواية صحيحة ثابتة يكن العتماد عليها‬
‫تدل على أنه قصَر قبل أن يتجاوز هذه السافة‪ ،‬فالرأيان لما من القوة ما لما‪ ،‬والمهور على القول الول‪.‬‬
‫س‪ :‬كانوا عائدين من السفر ووقفوا عند مسجد هناك لكنهم لم يحصلوا على ماء فيه للوضوء‪ ،‬في هذه الحالة هل‬
‫يتيمموا لنّ المسجد الثاني سيدخل في الميال في مسافة السفر ؟ في هذه الحالة هل يتيممون ويصلون هناك أم‬
‫يذهبون ويدخلون في الميال سواء كانوا يخافون الخروج من؟‬
‫الواب ‪:‬‬
‫أما إذا كان الوقت باقيا فلبد من أن يدخل إل الوطن ويصلي هناك ول عذر له ف التيمم إطلقا‪ ،‬فلم يُجِز أحد من‬
‫العلماء له أن يفعل ذلك‪ ،‬والجة واضحة نيّرة على أنه يب عليه أن يتوضأ وأن يصلي بعد ذلك‪ ،‬أما إذا كان ياف‬
‫من أن يرج عليه وقت الصلة الول مثل حيث إنه أخر الظهر فإذا دخل وطنه فإنه سيخرج الوقت فهذه السألة‬
‫يوجد فيها خلف بي أهل العلم؛ والقول الصحيح الراجح أنه يدخل وطنه ويتوضأ ويصلي الظهر أربعا والعصر‬
‫أربعا؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم؛ ويكون هذا المع ف الوطن لوجود الضرورة الاسة إل ذلك‪ ،‬وينبغي للنسان أن‬
‫يَحذر ف الستقبل من أن يؤخر الصلة إل مثل هذا الوقت فيكون قد أدخل نفسه بذلك ف خلف شهي بي أهل‬
‫العلم‪ ،‬على أنّ كثيا من الناس ل يعلمون أنّ النسان يوز له أن يمع ف الوطن‪ ،‬بينما هو قول مشهور‪-‬كما قلتُ‪-‬‬
‫ولكنه ل يصار إليه إل ف وقت الاجة‪ ،‬ول شك بأنّ هذا الوقت هو وقت الاجة‪ ،‬إذ إنه ل يد ماء؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما المقصود بالجمع الصوري ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال‪ ،‬كثي من الناس يسمعون بالمع الصوري ول يعرفون معناه ‪ ..‬المع الصوري هو أن يؤخر‬
‫النسان الصلة الول إل آخر وقتها بيث إنه يأت با قبل انتهاء الوقت بوقت قصي حيث إنه عندما ينتهي من تلك‬

‫‪43‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الصلة يرج الوقت ‪ ..‬يأت بالظهر مثل قبل خس دقائق أو ما يقرب من ذلك وبجرد سلمه منها يرج وقت الظهر‬
‫ويدخل وقت العصر ويصلي ف ذلك الوقت العصر‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل الغرب يصليها قبل خروج وقتها بوقت يسي‬
‫بيث إنه عندما ينتهي منها يدخل وقت العِشاء ويصلي العِشاء بعد ذلك مباشرة‪ ،‬فهذا جع ف الصورة‪ ،‬فهو ل يصل‬
‫الصلتي ف وقت إحداها‪ ،‬وإنا صلى كل صلة ف وقتها‪ ،‬فهو جع ف الصورة‪ ،‬وليس جعا حقيقيا ‪ ..‬هذا هو‬
‫المع الصوري الذي قال به من قال من أهل العلم‪ ،‬وحلوا عليه‪-‬بعض أهل العلم‪-‬الديث الصحيح الثابت عن النب‬
‫أنه جع ف الدينة من غي سحاب ول مطر ول خوف ول سفر ‪ ..‬جع فيه بي الظهر والعصر والغرب والعشاء‬
‫‪ ..‬صلى الظهر أربعا والعصر أربعا وكذلك صلى الغرب ثلثا والعشاء أربعا‪ ،‬لكنّ الصحيح أنّ هذا الديث ل يُحمل‬
‫على هذا العن‪ ،‬وإنا يُحمل على أنه جع بي الظهر والعصر ف وقت إحداها‪ ،‬وجع بي الغرب والعشاء ف وقت‬
‫إحداها‪ ،‬وهذا ليس بمع صوري بل هو جع حقيقي؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذن في هذه الحالة إذا كان الطبيب يجري عملية والعملية يتطلب منها أن تمتد فترتها إلى أن يدخل في وقت‬
‫العصر مثل‪ ،‬في هذه الحالة هل يجمع ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم له أن يؤخر الصلة الول إل الصلة الثانية ويمع بينهما ‪ ..‬يصلي الظهر أربعا والعصر أربعا ‪ ..‬طبعا‬
‫إذا كان مقيما‪ ،‬ولكنّ هذا ليس بمع صوري‪ ،‬بل هو حقيقي‪ ،‬فالمع الصوري هو ما ذكرتُه سابقا‪.‬‬
‫س‪ :‬جع حقيقي ‪ ..‬يعن أربع ركعات أربع ركعات ؟‬
‫ج‪ :‬نعم ‪ ..‬المع الصوري كل صلة تصلى ف وقتها‪ ،‬أما هذا المع يُؤتى بالصلتي معا ف وقت واحد ويُصار إليه‬
‫ف مثل هذه الالة وما شابها من الوقات‪ ،‬بل بعض العلماء يُرخّص حت أكثر من ذلك لكن بشرط ألّ يفعله‬
‫النسان إل ف الوقات النادرة‪.‬‬
‫س‪ :‬هل للمرء أن يختار بنفسه حوزة معيّنة يعتبر حدودها وطنا له أم أنّ ذلك مشروط بأمور معيّنة ؟‬
‫ج‪ :‬هذه السألة فيها خلف بي أهل العلم؛ ولكنّ الوطن‪-‬كما قلتُ‪-‬هو ما استقرت فيه النفس وارتاح إليه القلب‪،‬‬
‫فإذا استقر النسان ف مكان فهو الكان الذي يصلي فيه وطنا‪ ،‬أما أن يتخذ حوزة كبية وهو ل يستقر ف تلك‬
‫الوزة مثل ويصلي فيها وطنا فهذا الرأي ما ل أراه بل أرى أنه مالف للدليل الصحيح؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا صلى المسافر صلة الظهر قصرا وسوف يصل في وقت العصر إلى بلده‪ ،‬فهل يجوز له أن يصلي الظهر‬
‫والعصر جمع تقديم ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬يوز له ذلك‪ ،‬فإن شاء أن يمع فليجمع‪ ،‬وإن شاء أن يصلي الظهر ف وقتها فليصل وليؤخر العصر ويصليها‬
‫بعد ذلك‪-‬إن شاء ال‪-‬ف وطنه؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إنني أعيش في ولية الرستاق ومكان ولدتي وادي بني خروص بولية العوابي وعندما أذهب إلى زيارة‬
‫الهل والقارب في وادي بني خروص أصلي تماما‪ ،‬فماذا عليّ‪ ،‬هل أصلي تماما أم أصلي قصرا ؟ أرجوا إفادتي‬
‫أفادكم ال‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬قد قدمنا الواب على مثل هذا‪ ،‬وقلنا‪ :‬إنّ العبة بالستقرار والطمئنان‪ ،‬فإن كان هذا النسان قد اتذ ذلك‬
‫الوضع وطنا نعم يصلي به وطنا‪ ،‬وأما إن كان ل يتخذ ذلك وطنا كما هو الظاهر من حاله وإنا يذهب لزيارة أهله‬
‫وأقاربه فإنه ل يوز له أن يصلي وطنا‪ ،‬بل يب عليه أن يقصُر الصلة إل إذا صلى خلف إمام مقيم‪-‬كما قلنا‪-‬فإنه‬
‫يكمل لضرورة متابعته‪ ،‬والظاهر من حال هذا السائل هو هذا الثان؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬نأتي الن إلى ما يشيع على ألسنة بعض الناس يقول‪ " :‬إنّ الوسائل الحديثة لم تترك في جسد النسان‬
‫موضعا للتعب فيستطيع النسان أن يقطع المسافة التي حددها العلماء للسفر بسرعة وبدون تعب وبدون مشقة‪،‬‬
‫فلماذا اللجوء إلى القصْر الن ؟! " ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال‪ ،‬يقول ال تبارك وتعال‪ ... :‬اْليَ ْومَ َأكْ َم ْلتُ لَكُمْ دِينَكُم ‪ [ ...‬سورة الائدة‪ ،‬من الية‪:‬‬
‫‪ ] 3‬فال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عال با كان وبا سيكون‪ ،‬فهو عال بوجود هذه الوسائل ف هذا العصر ‪ ..‬أي بأنا‬
‫ستوجد ف هذا العصر ول يُخبنا ف كتابه العزيز بأنّ الكم سيتغيّر ول يأت ذلك ف سنّة رسوله صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪ ،‬فإذن العبة با دل عليه الدليل وهو أنّ من سافر تلك السافة فإنه يب عليه أن يقصر الصلة‪،‬‬
‫وسواء كانت الوسيلة هي الطائرات أو السيارات أو ما هو أسرع من ذلك ما يكن أن يوجَد ف وقت من الوقات‬
‫القادمة‪ ،‬ونظرا لعدم وجود الوقت كما أشرت فإنن أكتفي بذلك؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هناك بعض المساجد فيها قسم خاص بالنساء بعضها مفصول عن المسجد الصل وبعضها ملتصق به ‪ ..‬إذا‬
‫أرادت المرأة أن تصلّي بصلة المام ‪ ..‬فإذا كان المسجد مفصول أو المصلى مفصول‪ ،‬هل لها أن تصلي بصلة‬
‫المام ؟‬
‫ج‪ :‬هذه القضية ل يكن أن نيب عليها جوابا إجاليا‪ ،‬لنّ ذلك يتلف من مسجد إل مسجد‪ ،‬فإن كان هذا السجد‬
‫ملتصقا أو هذا الصلى ملتصقا بصلى أو بسجد الرجال فل مانع من ذلك‪ ،‬أما إذا كان هنالك فاصل فلبد من النظر‬
‫ف ذلك الفاصل حت يكن أن نكم عليه با يستحقه من جواز أو منع؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل هناك كيفية معيّنة‪-‬مثل‪-‬يمكن أن تصوّرها لنا ؟‬
‫ج‪ :‬الوْل أن ينظر الفقهاء ف كل مسجد بذاته حت يكن الكم على ذلك‪ ،‬لننا قلنا إذا كان متصل ل إشكال ف‬
‫ذلك‪ ،‬أما إذا كان منفصل فيصعب على كثي من الناس التقدير‪.‬‬
‫س‪ :‬مسافر َوجَد الجماعة في صلة العصر في الركعة الخيرة فصلى هذه الركعة الخيرة وحَمل المام على أنّه‬
‫يصلي ركعتين بِما أنّه هو مسافر فقضى ركعتين ؟‬
‫ج‪ :‬ل يَخلو المر‪:‬‬
‫إما أن تكون هنالك قرينة تدُل على أن ذلك المام كان يصلي َقصْرا أو يصلي تَمَاما‪.‬‬
‫أو ل تكون هنالك قرينة تدُل على أحد المرين‪.‬‬
‫فإن كانت هنالك قرينة تدُل على أنه يقصر فليقصر هذا الصلي ث ليسأل عنه هل أتَم ذلك المام أو َقصَر لن تلك‬
‫القرينة ليست بصرية وإنّما مرد احتمال ‪ ..‬مُجرد إشارة‪:‬‬
‫فإن قيل له إن ذلك المام قد قصر فل شيء عليه‪ .‬وإن قيل له قد أتَم فلبد من العادة‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وإن ل يد من يسأله فلبد من أن يعيد صلته ركعتي لن ال‪-‬تعال‪-‬ل يُعبد بالشك فهو ف ذمته تلك الصلة ‪..‬‬
‫مفترضة عليه فلبد من أن يَخرج من ذلك اليقي بيقي مساوٍ له‪.‬‬
‫وإن كانت هنالك قرينة تدل على أن ذلك المام قد صلى أربعا فكذلك يصلي هذا أربعا ث ليسأل‪:‬‬
‫فإن قيل له صلى أربعا فل إشكال‪.‬‬
‫وإن قيل له صلى ركعتي فليعد الصلة ‪ ..‬يصليها ركعتي‪.‬‬
‫وإن ل يد فليعد كما بينّا‪ .‬وإن ل تكن هنالك قرينة فليصل ركعتي‪:‬‬
‫صلّى ركعتي ول شيء عليه‪.‬‬ ‫صلّى ركعتي فقد َ‬ ‫فإن قيل له إن المام قد َ‬
‫وإن قيل له صلى أربعا فليعد‪ .‬وكذا إذا لَم يَجد من يسأله‪.‬‬
‫هذا إذا كان ذلك الصلي مسافرا‪ ،‬أما إذا كان مقيما فليصل أربعا‪:‬‬
‫فإن كان المام صلى أربعا فل إشكال‪.‬‬
‫وإن كان المام صلى ركعتي أو لَم يَجد من ُيبَيّن له هل صلى ركعتي أو أربعا فهنا الشكال يأت مِن جهة كيفية‬
‫القضاء لنّه إن صلى معه مثل الركعة الرابعة فكيف يقضي ؟‪:‬‬
‫فإذا كان المام مقيما فيأت أول بالركعة الول وبعد ذلك يأت بالثانية ث الثالثة وهذا أمر واضح‪.‬‬
‫وإن كان ذلك المام مسافرا فإن تلك الركعة كانت ف حق المام الثانية وهكذا ف حق هذا الأموم الذي صلى‬
‫بصلته ومعن ذلك أنه يصلي الثالثة ث الرابعة ث يرجع إل الول‪ .‬فإذن لبد مِن العادة‪.‬‬
‫والاصل أنّه إذا َتبَيّن لَه أنّه صَلّى َكصَلة إمَامه فل شيء عليه وإن لَم يَتبَيّن له المر أو علم أن المام كان يصلي على‬
‫خلف ما صلى هو فلبد من العادة على كل حال ِمنَ الحوال؛ وال الستعان‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل مسافر وجد جماعة يصلون صلة العصر ‪ ،‬وهذا الرجل لم يصل صلة الظهر‪ .‬فهل يجوز له أن يصلي‬
‫معهم وينويها ظهرا ؟ وهل اتحاد صلة المأموم وصلة المام شرط لصحة الصلة ؟‬
‫الواب ‪ /‬ل ينبغي له أن يتعمد ذلك وأما إذا دخل معه وظن أنه يصلي الظهر فقد اختلف العلماء ف صحة صلته‬
‫والقول بصحتها هو الظاهر عندي وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل كان عائدا إلى بلدته من بلدة أخرى‪ ،‬وقد أراد أن يصلي صلة الظهر والعصر " جمعا " ‪ ،‬فما هي أقرب‬
‫مسافة يمكنه أن يصلي عندها قبل وصوله إلى بلدته ؟‬
‫الواب ‪ /‬ف ذلك خلف بي العلماء قيل ليس له أن يقصر داخل الفرسخي وقيل له أن يقصر ما ل يدخل عمران‬
‫بلده بشرط أن يكون قد صلى خارج الفرسخي قصرا أما إذا كان يقصر خارجهما فليس له القصر داخل الفرسخي‬
‫وهذا هو الشهور والول قول طائفة من أهل العلم وله وجه قوي ف النظر وال أعلم‬
‫س‪ :‬مأموم يصلي المغرب والمام يصلي العشاء وهو مسافر ودخل هذا المأموم يظن أن هذا المام يصلي المغرب‬
‫ثم تبين له أن المام يصلي العشاء فالمام يصلي ركعتين لنه مسافر والمأموم يصلي ثلثا ماذا يفعل المأموم هل‬
‫يقطع صلته أم أنه يواصل ؟‬

‫‪46‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الواب ‪-:‬‬
‫لهل العلم ف هذه السألة خلف منهم من يقول إذا تبي له أن المام يصلي صلة تتلف عن الصلة الت يصليها هو‬
‫فإنه يقطع صلته ويصلي من جديد تلك الصلة الت يريد أن يؤديها ف ذلك الوقت ‪.‬‬
‫ومنهم من يقول يأت بالركعة الثالثة للمغرب لنه صلى مع المام ركعتي ول يضره ذلك وإذا أخذ بذا الرأي فل‬
‫بأس عليه ‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل دخل مع جماعة تصلي الظهر وهو مقيم‪ ،‬فإذا دخل بنية الربع ركعات فهل يضره أن يكون المام‬
‫مسافرا ؟‬
‫ج‪ :‬هو لبد من أن يدخل بنية الربع لنه مقيم سواء كان المام مسافرا أو كان مقيما فعليه أن يدخل بنية صلة‬
‫القيم أو بنية الربع وهي هي‪ ،‬بعد ذلك إذا كان المام مقيما فل إشكال ف القضاء‪ ،‬وأما إذا كان المام مسافرا فإنه‬
‫سيُكمل أوّل الركعة الثالثة والرابعة ث بعد ذلك سيقوم بقضاء ما فاته؛ وال‪-‬تعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬مسافر نوى الجمع بين الصلتين وبعد أن فرغ من الصلة الولى لم يجمع الصلة الثانية فهل هذه النية‬
‫تؤثر على الصلة الولى ؟ وإن أراد الجمع بعد النتهاء من الصلة الولى بدون أن ينوي نية من قبل الجمع فهل‬
‫له ذلك ؟‬
‫ج ‪:‬من نوى أن يمع بي الصلتي ث عندما صلى الول ترك المع فلشيء عليه وأما من أحرم على نية الفراد‬
‫ث نوى بعد ذلك أن يمع فقد ذهب المهور إل أنه ليس له أن يمع ما دام أنه ل يعزم على المع عند الحرام‬
‫للصلة الول وذهبت طائفة من أهل العلم إل أنه له أن يمع إذا نوى المع من قبل أن يرج من الصلة الول‬
‫وذهب بعضهم إل أن له أن يمع ولو خرج من الصلة الول ول شك أن القول الول هو الحوط وأما إذا جئنا‬
‫إل الترجيح فان القول الثالث هو الذي يظهر ل وذلك لدلة متعددة وأوضح تلك الدلة أنه ل يأت أن الرسول ‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ -‬أنه كان يأمر الناس بأن يمعوا الصلة الثانية إل الول أو ينووا المع بي‬
‫الصلتي عندما كان يصلي رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم بأصحابه ف مكة وف عرفه ولذلك فالقول‬
‫الثالث هو القول الراجح وإن كان القول الول هو الحوط ؛ لن فيه خروجا من عهدة اللف والروج من عهدة‬
‫اللف إذا أمكن من غي أن ينوي الخالف أن يالف سنة ثابتة عن النب ‪ -‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ -‬وإنا‬
‫مافة أن تكون تلك السنة ل تثبت ول شك أن هذا أسلم وال تعال أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬جماعة تصلي صلتين جمعا فدخل عليهم رجل هل يدخل معهم أم ينتظر فيتبين له ما هي الصلة التي‬
‫يصلونها ؟‬
‫ما دام وجد الماعة تصلي فليدخل معهم ث بعد ذلك إذا تبي له أنم يصلون صلة مالفة لصلته هو فقد اختلف‬
‫العلماء ف وجوب العادة عليه ‪.‬ذهبت طائفة من العلماء إل أنه ل إعادة عليه ولو كانت تلك الصلة مالفة لصلته‬
‫هو ‪ ,‬وذهبت طائفة أخرى إل أن عليه العادة والقول بعدم العادة أقرب إل الصواب والثان أقرب إل الحتياط ‪.‬‬
‫‪.‬س‪ :‬رجل أراد الجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء وبعد النتهاء من الصلة الولى تذكر فريضة‬
‫منسية فماذا يفعل ؟‬
‫‪47‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أما إن كان المع جع تقدي فالول أن يأت بالصلة النسية وأن يؤخر الصلة الثانية إل وقتها لكن إذا كان متاجا‬
‫للجمع مثل يشق عليه أن يقف ليصلي الصلة ف وقتها لكونه مثل كان راكبا مع بعض الناس ول يكن أن يقفوا ف‬
‫مكان آخر أو ما شابه ذلك فيأت بالصلة الثانية بعد أن يأت بالصلة النسية وهكذا ف حالة جع التأخي يأت أول‬
‫بالصلة النسية ث يأت بالصلة الت يريد أن يمعها مع الصلة الول‪.‬‬
‫س‪ :‬جماعة مسافرة أرادت الجمع بين الظهر والعصر وبعدما انتهت من صلة الظهر شرعت جماعة أخرى‬
‫بالقامة لصلة الظهر ؟‬
‫لهل العلم خلف وهو هل يصح للمسافر أن يؤخر الصلة الثانية ف المع إل وقت أكثر من الوقت الذي تستغرقه‬
‫الصلة الثانية ‪ ,‬بعض العلماء قال ‪ :‬إذا ل يدخل ف الصلة الثانية بقدار ما يصلي تلك الصلة فإن ذلك المع ل‬
‫يصح ‪ ,‬وبعض العلماء قال ‪ :‬يرخص له أن يتأخر وهذا القول لعله أقرب إل الصواب فعليه ينبغي لذه الماعة أن‬
‫تتأخر حت تنتهي الماعة الت تصلي الظهر ث بإمكانم أن يقوموا لصلة العصر وذلك التأخي ل يضرهم بشيئة ال‬
‫سبحانه وتعال ‪ .‬وال أعلم‬

‫ثالثا ‪ :‬أحكام صلة الجمعة‬


‫س‪ :‬صلة الجمعة‪ ،‬ما هي شروط وجوبها ؟‬
‫‪1‬‬
‫ج‪ :‬إنّ صلة المعة واجبة مِن الواجبات الت افترضها ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬على عباده ‪ ..‬أمر با ف كتابه العزيز‬
‫وثبت وجوبا‪-‬أيضا‪-‬بنصّ السنّة الصحيحة الثابتة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ثبوتا أوضح مِن‬
‫شس الظهية‪ ،‬وقد اتّفقت كلمة المّة على ذلك‪.‬‬
‫وما جاء عن بعض أهل العلم مِن أنا سنّة أو ما شابه ذلك مِن اللفاظ فإنم أرادوا به معنًى آخر‪ ،‬كما هو مبسوط ف‬
‫موضعه‪ ،‬ولستُ بِحاجة الن إل الطالة بِذكر ذلك‪ ،‬وإنا أتكلم على شروط وجوبا كما جاء ف السؤال‪:‬‬
‫‪-1‬فمِن جلة شروط وجوبا أنا ل تَجب إل على الذكور‪ ،‬أما النساء فإنا ل تب عليهن بِإجاع المّة كما يُفهَم‬
‫مِن كلم بعضهم‪ ،‬وعلى تقدير أنّ هنالك مَن قال بِخلف ذلك فإنّ ذلك مِمّا ل يُعتبَر به‪ ،‬فالرأة ل َتجِب عليها‬
‫المعة‪-‬أما إذا جاءت وصّلتْ المعة فإنّ صلتا صحيحة بِمشيئة ال تبارك وتعال‪-‬بل إنا ل تُسنّ ف حقّها‪-‬ف‬
‫حقيقة الواقع‪-‬إذا أردنا بالسنّة هاهنا أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قد أمرها بذلك بل يُسنّ ف‬
‫حقّها أن تصلّي ف بيتها كبقية الصلوات الخرى‪ ،‬أما إذا أردنا بالسنّة أنه يَجوز لا وأنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬قد أباح لا فذلك مِمّا ل بأس مِن إطلقه‪ ،‬فالسنّة بِمعن المر ل تُؤمَر الرأة بذلك فإذا ُوجِد ف بعض الكتب‬
‫سنّ ف حقّها أن تصلّي المعة فإنّ هذه العبارة عبارةٌ صحيحة ل غبار عليها‪ ،‬وإذا وُجد ف بعضها بأنّ‬ ‫بِأنّ الرأةَ ل يُ َ‬

‫خ ْيرٌ ّل ُكمْ إِن‬


‫سعَوْا إِلَى ِذكْ ِر الِ َو َذرُوا ا ْل َبيْ َع ذَِلكُ ْم َ‬
‫ج ُمعَ ِة فَا ْ‬
‫ن آ َمنُوا ِإذَا نُودِي لِلصّل ِة مِن يَ ْومِ ا ْل ُ‬
‫‪-1‬قال ال تعالى‪ :‬يَا َأ ّيهَا اّلذِي َ‬
‫كُنتُ ْم َتعَْلمُونَ [ سورة الجمعة‪ ،‬الية‪.] 9 :‬‬
‫‪48‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫سنّ ف‬ ‫ذلك جائزٌ ف حقّها فإنه‪-‬أيضا‪-‬ل غبار على ذلك‪ ،‬فهي تَجوز ف حقّها وتُجزيها عن صلة الظهر ولكنّها ل تُ َ‬
‫حقّها بِمعن أنه ل يُندَب ف حقّها أن تَذهب إل السجد وأن تُ َؤ ّديَ صلةَ المعة هناك وإنا يُندَب ف حقّها أن‬
‫تصلّي ف بيتها وإن كانت صلتُها مع المام تُجزيها عن صلة الظهر‪.‬‬
‫‪-2‬ومِن ذلك الرية‪ ،‬فالعبد ل َتجِب عليه صلة المعة على أكثر قول أهل العلم‪.‬‬
‫ومنهم مَن ذهب إل وجوبا عليه على الطلق‪ ،‬وهو قولٌ فيه مِن البُعد ما ل يَخفى‪.‬‬
‫ومنهم مَن فصّل فقال‪ :‬إن وافَق سَيّدُه على أن يصلّيَ المعة فإنا َتجِب عليه وإن ل يُوافِق على ذلك فل تَجب عليه‪،‬‬
‫وهو قولٌ قوي له حظّ مِن النظر‪ ،‬فل يَنبغي له أن يَتخلّف عنها إذا أباح له َسيّدُه ذلك‪.‬‬
‫‪-3‬ومِن ذلك البلوغ‪ ،‬فالصب ل تَجب عليه المعة‪ ،‬بل ول يَجب عليه شيءٌ مِن الواجبات‪ ،‬كما هو معلوم‪ ،‬بِنصّ‬
‫حديثِ رَفْعِ القلم عن الثلثة الذين معهم الصب‪ ،‬وهو حديثٌ صحيح بِمجموع طرقه بل قوّى غيْر واحدٍ مِن أهل‬
‫العلم بعضَ أفراد تلك الطرق‪ ،‬والمّة مّتفِقة على عدم وجوب المعة على الصب‪-‬كما هو معلوم‪-‬ولكنه يُؤمَر بِإتيانا‬
‫إذا بلغ سبع سني‪.‬‬
‫‪-4‬ومِن ذلك العقل‪ ،‬فالجنون ل تَجب عليه بل ليس لحد أن ُيبِيح له أن يَذهب إل السجد‪ ،‬لنه سوف يُشَوّشُ‬
‫على الصلي كما هو معلوم مِن حال الجاني‪.‬‬
‫‪-5‬ومِن ذلك السافر فالمعة ل تَجب على السافر‪ ،‬فهي واجبة على مَن كان مقيما ف مكان‪ ،‬والعلماء قد اختلفوا‬
‫ف حال السافر‪:‬‬
‫منهم مَن قال‪ :‬إنا تَجِب عليه على الطلق‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬إنه إذا بقي ف مكان للقيلولة فإنا َتجِب عليه أو كان مستقِرا ف ذلك الكان استقرارا ل يَنوي به‬
‫القامة‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬ل تَجب عليه مطلقا‪.‬‬
‫والقول بالوجوب مطلَقا ضعيف‪ ،‬والقول بوجوبا عليه إذا كان ماكثا ف مكان ول يَنوي الستقرار فيه قولٌ قوي له‬
‫وجهٌ مِن النظر وتُؤيّده بعضُ الثار فل يَنبغي لِلمسافِر الذي مَ َكثَ ف مكان أن يَتخلّف عنها‪ ،‬وقد كان الصحابة‬
‫الذين يَأتون مِن أمكنة شاسعة إل الدينة النورة يُصلّون مع النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإن كنّا ل نَقوى‬
‫على الزم بِأنا كانت واجبةً ف حقّهم ولكننا نقول‪ :‬إنّ هذه السألة ل تَخلو مِن شيءٍ مِن الشكال‪.‬‬
‫وإذا صلى هذا السافر فإ ّن صلته تُجزيه عن الظهر‪ ،‬بِنصّ السنّة الصحيحة عن النب وباتّفاق المّة‪ ،‬وإنا اللف‬
‫إذا ل يَ ْأتِها هل يَكون آثِما بِذلك أو ل ؟ ويَنبغي لِلنسان أن يُخرِج نفسَه مِن اللف ف مثل هذه القضايا الت اشتدّ‬
‫فيها الناع وليس فيها دليلٌ واضح‪ ،‬فمَن أدّاها فإنه قد أدّى الصلة ول إث عليه بِاتّفاق بِخلف مَن تَخلّف عنها‪.‬‬
‫‪-6‬ومِن ذلك أن يَسمَع نداءَها‪ ،‬فمَن كان بعيدا ل يَتمكّن مِن ساع النداء بِسبب ُبعْدِهِ ل لِمانع مِن الوانع‪-‬كصَمَمٍ‬
‫ونَحوه مِن الضوضاء ونَحو ذلك‪-‬فل َتجِب عليه‪ ،‬أما مَن كان يَسمَع ذلك أو يَتمكّن أن يَسمَع ذلك لول ذلك الانع‬
‫الذي مََنعَه مِن السماع فإنا تَجِب عليه وذلك يُقدّر‪:‬‬
‫‪49‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-1‬بِمسافة فرسخ‪.‬‬
‫‪-2‬بل ذهب بعضُ أهل العلم إل أنا َتجِب على مَن بيْنه وبيْن السجد الذي تُقام فيه مسافةُ السفر وتُقدّر بِذلك على‬
‫مذهب هؤلء العلماء بِفرسخيْن‪.‬‬
‫والقول الول هو القرب‪ ،‬والثان فيه سلمةٌ؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫هذه أهم تلك الشروط‪.1‬‬
‫ومِن ذلك شرطُ السلم ولكن هذا الشرط شرطُ صحّة‪ ،‬فهو شرطٌ ف جيع العبادات‪ ،‬فالكافر ل تص ّح منه عبادة ‪..‬‬
‫ل تصح منه الصلة ول الزكاة ول الصيام ول الج وإن كان ماطَبا بِها وعليه الث بِسبب َترْكِها ويُعاقَب على ذلك‬
‫يومَ القيامة‪ ،‬كما يَّتضِح ذلك مِن الدلة الت تَدلّ على أنّ الكفارَ مُخاطَبون بِفروع الشريعة ولكنّ هذا الشرط‪-‬كما‬
‫قلتُ‪-‬هو شرطٌ ف جيع العبادات؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪:‬بِالنسبة لِلمرأة قلتُم بِأنه يَصحّ لها أن تُصلّي الجمعة ويُسقِط ذلك عنها الفرض‪ ،‬في حال نيتها تنويها فرضا ؟‬
‫ج‪ :‬الرأة إذا خرجتْ مُحتشِمةً مُلتزِمةً بِشرْع ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬إل السجد فإنا تُجزِيها عن صلة المعة‪ ،2‬وبِمجرّد‬
‫إرادة الدخول تُصبِح فريضةً عليها‪ ،‬لنا تُجزِيها عن فريضة الظهر‪ ،‬وإل لو كانت نَ َوتْها سنّة أو نافلة أو ما شابه ذلك‬
‫فهي ل تُجزِيها ف حقيقة الواقع‪ ،‬فبِمجرّد إرادة الدخول تَنويها فريضة‪ ،‬لنا تُسقِط عنها فريضةً أخرى وهي فريضة‬
‫الظهر ‪ ..‬هذا ما يَّتضِح ل؛ والعلم عند ال‪.‬‬
‫س‪ :‬هناك بعضُ الذين ليس لديهم حظّ مِن المعرفة يَنوون صل َة الجمعة سنّة‪ ،‬فما حكم صلتهم في هذه الحالة ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانت النيةُ النيةَ الطلوبة وهي النية القلبية فل تُجزِيهم‪ ،‬لنّ صلةَ المعة فريضة بِنصّ الكتاب‪ 3‬وصحيح‬
‫السنّة‪ ،‬فمَن نوى ذلك بِقلبه ل يُجزيه‪ ،‬وأما إذا كان يَنوي صلة المعة الواجبة ولكن تَلفّظ بِلسانه بِأنا سنّة فذلك‬
‫مِمّا ل بأس به‪ ،‬لنّ هذه اللفاظ ل عبة با ‪ ..‬النب يقول‪ ( :‬إنا العمال بالنيات )‪ ،‬والنية‪-‬القصودة أو‪-‬الطلوبة‬
‫هاهنا هي القصد بالقلْب‪ ،‬أما تلك اللفاظ الت يأت با كثي مِن الناس فهي مِمّا ل دليلَ عليه‪ ،‬فالنب وصحابتُه‬
‫الكرام‪-‬رضي ال تعال عنهم‪-‬ل يَكونوا يَأتون بِشيءٍ مِن هذه اللفاظ‪ ،‬فهذه اللفاظ مُحدَثة‪ ،‬ونن وإن كنّا ل نقول‬
‫بِحرمتها ولكننا نقول‪ :‬إنه ل ينبغي الشتغال با بل ينبغي القتداء بالنب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ولو‬
‫كان ف التيان با خيْر لتى با النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولنا فيه السوة السنة؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬جماعة مسافرة مرّت على مسجد في يوم الجمعة‪ ،‬هل يُصلّون الظهر أم الجمعة ؟‬
‫ج‪ :‬السافر ل َتجِب عليه المعة على اللف الذي ذكرناه والقول بعدم وجوبا عليه هو القول الشهور‪ ،‬وعليه‬
‫فالذي ذهب إليه جهور المّة أنّ السافرين إذا مرّوا على مسجد فإنم يُصلّون الظهر وليس لم أن يُصلّوا المعة ‪..‬‬

‫ن الخطب َة شرطٌ لِصحّة الجمعة‪.‬‬ ‫ط الصحّة‪ ،‬كما َذ َك َر بِأ ّ‬ ‫ن مِن الشرو ِ‬ ‫‪-1‬فقد َنبّ َه الشيخ فيما بعدُ إلى أ ّ‬
‫‪-2‬يُنظَر مع الشيخ لعلّه قصد أن يقول‪ " :‬تُجزِيها عن صلة الظهر " بدل مِن أن يقول‪ " :‬تُجزِيها عن صلة الجمعة "‪.‬‬
‫خ ْيرٌ ّل ُكمْ إِن‬
‫سعَوْا إِلَى ِذكْ ِر الِ َو َذرُوا ا ْل َبيْ َع ذَِلكُ ْم َ‬
‫ج ُمعَ ِة فَا ْ‬
‫ن آ َمنُوا ِإذَا نُودِي لِلصّل ِة مِن يَ ْومِ ا ْل ُ‬
‫‪-3‬قال ال تعالى‪ :‬يَا َأ ّيهَا اّلذِي َ‬
‫كُنتُ ْم َتعَْلمُونَ [ سورة الجمعة‪ ،‬الية‪.] 9 :‬‬
‫‪50‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫نعم إذا َوجَدوا هنالك جاعةً ُمقِيمة فإنه يَنبغي لم أن يُصلّوا معهم المعة بل ليس لم أن يَتخلّفوا عنهم إذا دخلوا‬
‫السجد‪ ،‬أما أن يُقيموا هم المعة‪:‬‬
‫‪-1‬فليس لم ذلك على مذهب المهور‪.‬‬
‫‪-2‬وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل مشروعية ذلك‪.‬‬
‫ولكنّ القول الصحيح هو الول‪ ،‬فمَن صلّها جعةً ف الاضي فإنه يُمكِن أن يُترخّص له ف عدم العادة‪ ،‬لنه إما أن‬
‫يَكون َقلّدَ بعضَ أهل العلم الذين قالوا بِذلك والسألةُ ظنية والسائل الظنية ل يُمكِن أن يُعّنفَ فيها أحدٌ إذا كان‬
‫قاصِدا لِلصواب طالِبا لِلحق‪ ،‬وإما أن يَكونوا ل يَعلَموا بِقولِ أحدٍ ولكنّهم يَطلبون الق ووافَقوا قولً مِن أقوال أهل‬
‫العلم فيُمكِن أن يُترخّص لم ف الاضي‪ ،‬أما ف الستقبَل فل يَنبغي لم أن يُقيموا المعةَ إل إذا صلّوْها مع جاعةٍ‬
‫ُمقِيمة‪ ،‬فإذا وَجَدوا طائفةً مِن الناس يُصلّون المعةَ فيَنبغي لم‪-‬كما قلنا ألّ يَتخلّفوا عنهم ف ذلك‪.‬‬
‫وكثي مِن الناس يَسألون عن الطلبة الذين يَدرسون‪-‬أو يَعملون‪-‬ف بعض الدول الكافرة‪ ،‬هل لم أن يُصلّوا المعة ؟‬
‫والواب هو ما أشرنا إليه وهو أنه ليس لم أن يُقِيموا هم المعة ولكن إذا وَجَدوا جاعةً تُصلّي المعةَ ف ْليُصلّوا‬
‫معهم ولو كانوا ف غْيرِ بلد السلم ‪ ..‬هذا هو القول الصحيح‪ ،‬وإن كان بعضُ العلماء يَقول بِخلف ذلك؛ والعلم‬
‫عند ال تعال‪.‬‬
‫س‪ :‬المسافرون‪ ،‬هل لهم أن يَجمَعوا مع الجمعةِ العص َر ؟‬
‫ج‪ :‬ف هذه السألة خلف بيْن أهل العلم‪:‬‬
‫ذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنه ليس لِلمسافِر أن يَجمَع العصرَ مع صلةِ المعة‪ ،‬وذلك لنّ صلةَ المعة صلةٌ‬
‫مُستقِلّة بِنفسِها ول يَ ِردْ عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ما يَدلّ على جواز َجمْعِ العصرِ معها‪ ،‬ث إنّ وقتَ‬
‫المعة ل يَمتَد إل وقتِ العصرِ بل يَنتهي بِمجرد انتهاء وقتِ الظهر فليس لم على هذا الرأي أن يَجمَعوا العصرَ مع‬
‫المعةِ‪.‬‬
‫وذهب بعضُ أهل العلم‪-‬وهم الكثر‪-‬إل جواز ذلك‪.‬‬
‫فمَن شاء أن يَحتاط لِدينه وأن يَأخذ بِالحْزم وأن يُخرِج نفسَه مِن اللف فل َشكّ أنّ الوْل له ألّ يَجمَع‪ ،‬ومَن‬
‫جَمَعَ فل شيءَ عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال؛ والعلم عند ال تعال‪.‬‬
‫س‪ :‬بعضُ المسافرين مِن فرط السرعة يَدخلون المسجد ف َيجِدون وقتَ الخطبة ل يَزال طويل فيُصلّون الظهرَ ثم‬
‫يَخرُجون مِن المسجد ؟‬
‫ج‪ :‬هذا خطأٌ واضح ‪ ..‬عليهم أن يَتوبوا إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مِمّا وقعوا فيه وأن يَرجِعوا إليه وأن يَتعلّموا أمورَ‬
‫دِينِهم وألّ يَرجِعوا إل مثلِ ذلك مرّة أخرى فيَنبغي لم أن يُصلّوا مع المام صلةَ المعة‪ ،‬أما أن يَخرُج الواحد مِن‬
‫غْيرِ أن يُصلّي مع جاعةِ السلمي فهذا فيه ما فيه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ن الظهرِ مثل ولنهم‬
‫ن بعضَ المسافرين قد يَسمَعون أذا َ‬
‫س‪ :‬هل هذا الحكم شامل لِلجمعة وغيْ ِر الجمعة ؟ ل ّ‬
‫مُستعجِلون يَدخلُون ‪ ..‬يُصلّون الظه َر والعصرَ مثل ‪ ..‬يَجمَعون ثم يَخرُجون مِن المسجدِ والجماع ُة لم ُت َقمْ بَعدُ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬هذا‪-‬حقيقة‪-‬مِمّا يَنبغي أن يُشدّد فيه‪ ،‬لنّ هؤلء إما أن يَنتظِروا تلك الماعة وإما أن يَذهبوا إل مكانٍ آخر‪-‬‬
‫والساجد موجودة‪ ،‬والرض كلها مسجد بِحمد ال تبارك وتعال‪-‬ويُصلّوا هناك فالوقتُ مُمتَد بِحمد ال تبارك‬
‫وتعال‪ ،‬فإن كانوا على َعجََلةٍ مِن أمرِهم فليُواصِلوا السيْر ث بعدَ ذلك بِإمكانِهم أن يَأتوا بِالصلة ف أيّ مكان آخر؛‬
‫والعلم عند ال‪.‬‬

‫ظلّ مفتوحةً في وقتِ صلةِ الجمعة‪ ،‬ما هو الوقتُ الـمُحدّد لِهذه المحلت في أن تغلق فيه‬
‫س‪ :‬عد ٌد مِن المحلت َت َ‬
‫ت صلة الجمعة ؟‬
‫أبوابَها إذا ما حَضَرَ ْ‬
‫ج‪ :‬هو إذا نودي بِصلة المعة فإنه يُمنَع البيع والشراء‪ ،‬فليس لحد َتجِب عليه المعة أن يبيع أو أن يشتري‪ ،‬أو أن‬
‫يبيع أو أن يشتري مِمّن تَجب عليه المعة ولو كان هو ليس مِمّن تَجِب عليه المعة ‪ ..‬هذا هو الرأي الصحيح‪ ،‬لنّ‬
‫ال قد َعّلقَ ذلك بِنداء يوم المعة‪.1‬‬
‫وبعضُ العلماء ذَ َهبَ إل أنّ البيعَ والشراء يُمنَعان بِمجرّد دخولِ الوقت فإذا دَ َخلَ الوقتُ فإنه يُمنَع البيعُ والشراء‪،‬‬
‫وذلك لنه ف ذلك الوقت يَصحّ النداء وتَصحّ الصلة فإذا دَ َخلَ الوقتُ ل يَجوز البيعُ ول الشراء على حسب ما‬
‫ذكرناه‪.2‬‬
‫وبعض العلماء قال‪ :‬إنّ ذلك يُمنَع بِالذان الوّل‪.‬‬
‫والصحيح أنه يُمنَع بِالذان الثان وإن كان الفْضل لِلنسان أن يَستعِدّ لِلصلة إذا سَمع النداءَ الول اللهم إل إذا كان‬
‫مُستعِدّا مِن قبلِ ذلك فإننا ل نَقوى على الـمَنع‪ ،‬لنّ ال قَد عَلّق ذلك بِالنّداء والنّداء الرَاد هَاهُنا هُو النِدَاء الثان‬
‫لنّه هُو النداء العرُوف فِي عهْد النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أمّا النِدَاء الثان فَهُو ُمحْدَث ‪ ..‬قَد‬
‫أُ ْحدِث ف عَهْد عثمان على مَسْمَعٍ و َمرْأى مِن صحابة رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬لِ َمصْلحةٍ‬
‫رَأَوْها وَلعَلّهم‪َ-‬أْيضًا‪-‬استَنَبطُوا َذلِك مِن النّداء الول ِلصَلة الفجر؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫‪ ..‬هُنَاك مَن َيقُومُ‬ ‫ت الصّلةُ فَان َتشِرُوا فِي الَرْضِ ‪...‬‬
‫فَإِذَا قُضِيَ ِ‬ ‫س‪ :‬في الية [ ‪ ،10‬من سورة الجمعة ]‪:‬‬
‫صحّ هَذَا ؟‬
‫جمُوعَة مِن النّاس َبعْد صَلة الجمعة مُبَاشَرَة‪ ،‬هل يَ ِ‬
‫ِبقِرَاءة كِتاب مُعيّن يَتدَارَسه مَع َم ْ‬
‫ج‪ :‬أمّا إذا كَانَ هَذَا الكِتاب كِتابا عِلْمِيا كَ ُكُتبِ الفقه أو النّحو أو العقائد أو ما شابه ذَلِك فَل مَانِع مِن َذلِك‪ ،‬لنّ‬
‫خرُج فَل يَحضُر‪َ ،‬فهُو ل عَلقَة لَه ِبصَلةِ المعة‪ ،‬ولَكنّ‬ ‫حضُر َذلِك الدرس فإنه َسَيحْضر َومَن شَاء أن َي ْ‬ ‫َمنْ شَاءَ أن َي ْ‬
‫خطُب ُخ ْطبَةً ُينَبّه فِيها على َبعْضِ‬
‫بَعض الناس يَقُومُون بِالطَابَة قْبلَ صَلةِ ال َم َعةِ أو َبعْدَهَا ‪َ ..‬يقُوم الواحد ِمنْهم َي ْ‬
‫شرُوع‪ ،‬لَنه ِخلَف هَدْي النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فَمَن‬ ‫المور أو مَا شَابَه ذَلك فهذا َليْسَ بِمَ ْ‬
‫أرَاد أن يَُنبّه على بَعضِ المور ال ْطلُوبَة أو المنوعَة فلَي ْأتِ بِذلك ف ُخ ْطبَة المعة إذَا كان هُو الطِيب‪ ،‬أما إذا كَان‬

‫خ ْيرٌ ّل ُكمْ إِن‬


‫سعَوْا إِلَى ِذ ْكرِ الِ َوذَرُوا ا ْل َبيْ َع ذَِل ُكمْ َ‬
‫ج ُمعَ ِة فَا ْ‬
‫ن آ َمنُوا ِإذَا نُودِي لِلصّل ِة مِن َي ْومِ ا ْل ُ‬
‫‪-1‬قال ال ‪ :‬يَا َأ ّيهَا اّلذِي َ‬
‫كُنتُ ْم َتعَْلمُونَ [ سورة الجمعة‪ ،‬الية‪.] 9 :‬‬
‫‪-2‬أي ليس لحد َتجِب عليه الجمعة أن يبيع أو أن يشتري‪ ،‬أو أن يبيع أو أن يشتري ِممّن تَجب عليه الجمعة ولو كان هو‬
‫ليس ِممّن َتجِب عليه الجمعة‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫خ ْطبَةٍ أ ْخرَى َقبْل ُخ ْطبَة المعَة أو َبعْدَ الصّلة‪-‬أو‬


‫خصًا آخر فَ ْلَيطْلُب ِمنْه ذَلك‪ ،‬أمّا أن َيقُومَ بِالتيانِ بِ ُ‬
‫الذي َيخْطُب َش ْ‬
‫مَا شابه ذَلِك‪َ-‬فهَذَا مِمّا يَْنَبغِي أن يُنْهَى َعنْه ِلخِلفِه لِهَدْي النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫َل ُيفِيد ال ُوجُوب ؟‬ ‫‪ ...‬فَان َتشِرُوا ‪...‬‬ ‫س‪ :‬إذن في َرأْيِكم‪:‬‬
‫لطْبَة َليْس لجل هَذَا‪ ،‬وإنّما لِمخالَفة َذلِك‬
‫حنُ عندما قُ ْلنَا ِبعَدَم ا ُ‬
‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬هو لَ يَ ُدلّ على ال ُوجُوبِ إ ْطلَقًا‪ ،‬وَن ْ‬
‫لِهَدي النب ‪.‬‬
‫س‪ :‬بِالنسبة ِلفَرْضَية صَلة الجمعة على النسان‪َ ،‬ه ْل تُصْبِح فريضةً عليه ِب ُمجَرّد طُلُوعِ َفجْر َي ْومِه ِبحَيْث ل يَصِح‬
‫لَه أن ُيسَافِر في ذَلِك ال َيوْم أم له أن ُيسَافر ؟‬
‫ج‪ :‬له أن يُسافِر ولكن َليْسَ لَه أن يُسَافِر إذَا نُودِي لِصلة المعة فإذا نُودِي بِا َلذَان الثان‪-‬وهُو الذان ال ْعرُوف ف‬
‫عَهْد النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فََليْسَ لَه أن يُسَافِر ف ذَلك الوَقْت اللهُم إل إذا كان يُسَافِر إل‬
‫مَكَان آخر ُتقَام فِيه المعة وُيصَلِي المعة ُهنَاك‪ ،‬فإن كان ُيصَلّي المعة هُناك فل مَانِع مِن ذَلك‪ ،‬و‪-‬كَذلك‪-‬إذا‬
‫صرِنا هَذَا‪ُ-‬يرِيد أن يَذْهَب إل مَكَان بَعِيد وهو ِبحَاجَة إَليْه وُتقْلِع الطَائِرة‬ ‫ضرُورَة مُِلحّة ِبأَن‪-‬مثل فِي َع ْ‬ ‫كَانَت ُهنَالِك َ‬
‫ضطَر ف ِمثْل هَذِهِ الالة أن َيخْرُج َفيُبَاح لَه الرُوج ف مِثل هَذه الالة‪ ،‬أمّا َقبْل‪-‬ذَلك ‪ ..‬أيْ‬ ‫ف َذلَك الوَقْت َفهُو ُم ْ‬
‫َقبْل‪-‬النّدَاء فَل مَانِع مِن ذلك‪.‬‬
‫ضرَ الوَ ْقتُ‪.‬‬
‫وإن كان بَعض العلماء قَالَ‪ :‬إنّ ذلك يُمنَع إذا َح َ‬
‫وَبعْضُهم قَالَ‪ :‬إذَا نُودِي بِا َلذَان الوّل‪.‬‬
‫شرَاء أنّ ذلك يُمنَعُ بِالَذان الثان‪.‬‬ ‫سأَلَة البَيْع وال ِ‬
‫صحِيح‪-‬كَمَا قَد ْمنَاه فِي مَ ْ‬ ‫ولَ ِكنّ ال َ‬
‫خرُج النسان بَعْدَ ُطلُوع الشّمْس‪ ،‬وَ َهذَا فِيه مَا فِيه‪َ ،‬ذلِك لنّ ال َكرَاهَة حُكْمٌ َشرْعِيٌ ِمنَ‬ ‫َوَبعْضُ العلماء َكرّهَ أن يَ ْ‬
‫الحْكَامِ ال ْمسَة ال ْعرُوفة وليْسَ لِلنسان أن َيحْكُم ِبحُكْم َشرْعِي إل إذا كَانَ ُهنَالِك دَليل ي ُدلّ عَلَى َذلِك الكم ‪..‬‬
‫نَعَم إذَا كَانَ َيقُول قَائِل‪ " :‬إنّ ذَلِك مِن بَاب الوْل والحْسن " َف َذلِك ل َبأْسَ بِه‪ ،‬وهُنالك َفرْق بَْينَ الوْل وَبيْن‬
‫القَوْل بِالنّدب أو َبيْن القَوْل بِال َكرَاهَة‪ ،‬وبَعض الناس يََتجَ ّوزُون و َذلِك الّتجَوّزُ َليْسَ مِمّا يَنبَغِي‪َ ،‬ف َفرْق شاسِع بيْن النّدْب‬
‫وَبيْنَ الوْل‪ ،‬أو َبْينَ " ل يَنَبغِي " وَبيْن الكم بِال َكرَاهَة‪ ،‬فالكْمُ بِال َكرَاهَة ل دَليل عََليْه‪ ،‬أمّا أن َيقُولَ قَائِل‪ " :‬إنّ‬
‫النسان إذا كَان يُمِكنه أن يَتأخّر فالوْل له أن يَشهَد المعة ويَستفِيد مِن تلك الطبة الت يَأت بِها ذلك الطيب‬
‫ويَجتمِع بِالسلمي " فذلك فيه خيْر وبركة بِمشيئة ال؛ والعلم عند ال‪.‬‬
‫س‪ :‬نعود مرة أخرى إلى شروط وجوبها ذكرتُم بِأنها بِمجرّد أن يَسمع النسان النداء ‪ ..‬الن ربما يَستمِع هؤلء‬
‫النداء لكنهم يَستمِعونه عن طريق الذاعة أو عن طريق التلفزيون والمسجد يَبعُد عنهم أكثر مِن مسافة السفر‪،‬‬
‫فهل َتجِب عليهم في هذه الحالة ؟‬
‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬قد يَسمَع النسان النداءَ هاهنا مِن مكّة الكرّمة أو مِن أيّ بلدٍ آخر‪-‬وإن كان هذا الوقتُ متأخّرا ولكن ل‬
‫زال الوقتُ باقيا لكن قد يَكون ذلك ف بلدٍ مُتقدّمة‪-‬فهل يُقال له لبد مِن أن يَخرُج ؟! ل ‪ ..‬إذا كان يَسمَع ذلك‬
‫مِن غيْر هذه الواسِطة أو كان مِمّن يُمكِنه أن يَسمَع لول ذلك الانع الذي َمَنعَه مِن السماع‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ومِمّا يَنبغي أن نُنبّه إليه‪-‬أيضا‪-‬مِن الشروطِ الصحّةُ‪ ،‬فإذا كان النسانُ مريضا ل يَقوى على الروج إل المعة فمِن‬
‫العلوم أنا ل َتجِب على الريض‪ ،‬وقد نصّ الديث على ذلك إن صحّ‪ ،‬وحتّى على تقديرِ عدم صحّتِه فإنّ الريض‬
‫الذي ل يَستطيع أن يَذهب إل المعة فإنه معذور؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬الذين َتجِب عليهم لِكونهم قَريبِين مِن الجامِع الذي تُصلّى فيه الجمعة ويَسمَعون النداءَ‪-‬كذلك‪-‬‬
‫لكنّهم مع ذلك ل يَذهبون فيُصلّون الظهرَ‪ ،‬ما حكم صلتِهم ؟‬
‫ج‪ :‬صلتُهم باطلة‪ ،‬ذلك لنه َيجِب عليهم أن يَحضُروا المعةَ مع السلمي وأن يُصلّوا معهم‪ ،‬لنّ ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أَمرَهم بِالسعي إليها‪ ،1‬ولنّ الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أَمرَهم بِذلك بل وشَدّد ف ذلك غايةَ‬
‫التشدِيد حت قال‪ ( :‬لََينْتَ ِهَينّ أقوامٌ عن َودْعِهِم المُعات أو َلَيخْتِ َمنّ ال على قلوبِهم ث لَيَكُوننّ مِن الغافلي )‪ ،‬فمَن‬
‫خيْن على رأي مَن يَقول بِوجوب المعة‬ ‫سَمع النداءَ أو كان ف موضعٍ يُمكِنه أن يَسمَع النداءَ‪-‬أو كان دُونَ ال َف ْرسَ َ‬
‫عليه‪-‬فإنه َيجِب عليه أن يَذهب إليها‪ ،‬وليس له أن يَتخلّف عنها‪ ،‬وإذا تَخلّف عنها فهو آثِم ‪ ..‬عليه أن يَتوب إل ال‬
‫ولبد أنه سيُصلّي الظهرَ ف ذلك الوقتِ ولكن إذا صلها قبلَ المعةِ فإنّ صلتَه باطلة على رأي كثرةٍ كاثرة مِن أهل‬
‫العلم ‪ ..‬عليه أن يَتوب إل ربّه وأن يَقوم بِإعادة تلك الصلة ‪ ..‬إن تَمكّن بِأن يَأتِيَ بِها مع السلمي ‪ ..‬أن يُصلّيها‬
‫جعةً فذلك هو الواجب وإن ل يَتمكّن فل مَحيص مِن أن يَأتِيَ بِها ظُهرا؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم الذان في المساجد المجاوِرة لِجامِع الجمعةِ ؟‬
‫ج‪ :‬أما إذا كان يُؤذّن لِصلة الظهر فذلك ل يَصح بل هو بِدعة مِن البِدَع‪ ،‬وأما إذا كان يُنادى بِذلك لِصلةِ المعة‬
‫بِأن كان ذلك السجد مُمتلِئا ل يَتّسِع لِلمصلّي فيَضطَر بعضُ الناس أن يُقِيموا جُمعةً أخرى ولكن ذلك بعد أَخْذِ‬
‫الذنِ بِذلك فيَصحّ ذلك لجل الضرورة اللحة وإل فإنّ الصل الصيل ألّ تَتعدّد المعة ف الكان الواحد أبدًا وإنا‬
‫يُشرَع التعدّد ف حالة الضرورةِ الِلحّة وذلك بِما إذا كان ل يَتمكّن الناسُ بِأن يُصلّوا ف ذلك السجد لِكثرتِهم مثل‪.‬‬
‫وبعضُ الناس يَسأل‪ :‬هل تُصلّي الماعةُ الول الصلية أوّل ث تَأت الماعة الثانية إذا كان السجد ل َيتّسِع لا وتُقيمُ‬
‫الصلةَ بعدَ ذلك ف ذلك السجد ؟ والواب‪ :‬ل ‪ ..‬هذا هو الذي ذهب إليه جهور المّة‪ ،‬فل يُمكِن أن تَتعدّد‬
‫المعةُ ف مسجدٍ واحد‪ ،‬فمَن ل يَتمكّن‪-‬لِهذا السببِ أو لِغيْره مِن السباب كأن يَكون قد تَأخّر عن الصلة لِسببٍ‬
‫مِن السباب مِن نوم أو جاء مِن طريقٍ بعيدة أو ما شابه ذلك‪-‬فإنه ليسَ لم أن يُقِيموا المعةَ ف ذلك السجد ‪ ..‬هذا‬
‫هو الق؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬دون الفرسخي يعن قبل اثن عشر كيلومترا تقريبا ؟‬
‫ج‪ :‬بِالتقريب‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم خطبة الجمعة ؟‬

‫خ ْيرٌ ّل ُكمْ إِن‬


‫سعَوْا إِلَى ِذكْ ِر الِ َو َذرُوا ا ْل َبيْ َع ذَِلكُ ْم َ‬
‫ج ُمعَ ِة فَا ْ‬
‫ن آ َمنُوا ِإذَا نُودِي لِلصّل ِة مِن يَ ْومِ ا ْل ُ‬
‫‪-1‬قال ال تعالى‪ :‬يَا َأ ّيهَا اّلذِي َ‬
‫كُنتُ ْم َتعَْلمُونَ [ سورة الجمعة‪ ،‬الية‪.] 9 :‬‬
‫‪54‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬ال أعلم؛ خطبةُ المعة اختلَف فيها أهل العلم‪:‬‬


‫منهم مَن قال‪ :‬هي جزءٌ مِن الصلة‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬هي ش ْرطٌ لِصحّة الصلة‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬هي سنّة لِلصلة‪.‬‬
‫وعليه‪:‬‬
‫‪-1‬فمَن يَقول‪ " :‬هي جزءٌ أو ش ْطرٌ مِن الصلة " فمَن ل يَحضُر خطبةَ المعة فليس له أن يُصلّي المعة فعليه أن‬
‫يُصلّي ظُهرا‪ ،‬فمَن جاء متأخّرا ‪ ..‬مثل بعد انتهاء الطبة ولو كان قبل تكبية الحرام فليس له أن يُصلّيَ المعة‪.‬‬
‫‪-2‬ومَن قال‪ " :‬هي شرطٌ لِصحّة المعة " فإنّ مَن جاء‪:‬‬
‫‪-1‬قبل قيام المام مِن الركوع مِن الركعة الثانية على رأي‪.‬‬
‫‪-2‬أو قبل السلم مِن الصلة على رأي آخر‪-‬والولُ هو القرب إل الصواب‪-‬فإنه يُصلّي المعة ولكن إن ل يُخطَب‬
‫لِلجمعة فإنه ليس لم أن يُصلّوا المعة‪ ،‬إذ إنّ مِن شرطها أن تكون بعد خطبة‪.‬‬
‫‪-3‬ومَن قال‪ " :‬هي سنّة " فإنه يَقول‪ :‬ل يَنبغي التفريط بِالطبة ولكن إذا صَلّت الماعة مِن دون خطبة فإنّ صلتَهم‬
‫تلك صحيحة‪.‬‬
‫والقول الثان هو القول الصحيح‪ ،‬فالطبة شرطٌ لِصحّة المعة فإذا صلّت الماعة مِن غيْر خطبة فإ ّن صلتَهم تلك‬
‫تُعتبَر باطلة‪ ،‬أما مَن جاء قبل قيام المام مِن الركوع مِن الركعة الثانية فإنّ صلته تلك صحيحة‪.‬‬
‫والدليل على شرْطيتها أنّ ال َأ َمرَ بِالسعي إليها‪ 1‬والمر يُفيد الوجوب‪ ،‬فذلك دليل على وجوبِها‪ ،‬والرسول‪-‬صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬أ َمرَ بِالنصاتِ لِلخطيب ونَهى عن الكلم بل حتّى على ما هو أقل مِن الكلم كتَقليبِ‬
‫الصى‪-‬كما ثبت ذلك ف الديث الصحيح‪-‬وذلك دليل على وجوبا‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬قد واظَب عليها النب‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬طيلة حياته ول يَتركها ول مرة واحدة أو يُبيّن لِلمّة أنا ليست بِواجبة ولو كان غيْر واجبة‬
‫لَتركها ولو مرة واحدة أو ل ْفصَح بِلسانه بِأنا ل َتجِب أمَا وأنه قد واظَب عليها طِيلة حياته ول يُبيّن أنا ل تَجِب فل‬
‫مَحيص مِن القول بِوجوبا‪ ،‬فل يَجوز لِلجماعة أن تُصلّيَ المعة مِن غيْر خطبة‪ ،‬ومَن صلها قبل ذلك بِغيْر خطبة‬
‫فإنّ صلتم باطلة ‪ ..‬عليهم أن يَتوبوا إل ال وأن يُعيدوها ظُهرا اللهم إل إذا كانوا يُقلّدون مَن يَقول بِخلف ذلك‬
‫ومع ذلك فإنّ ذلك ما كان يَنبغي لم فإنّ أولئك ل يَقولوا بِالتساهل بِذلك بل قالوا‪ " :‬إنّ ذلك مِن السنن الت ل‬
‫يَنبغي تَركها " ولكن مع ذلك‪-‬على هذا الرأي‪-‬ل يُطالَبون بِإعادة الصلة ولكن ف الستقبَل ل مَحيص مِن الطبة؛‬
‫وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل لِهذه الخطبة‪-‬أيضا‪-‬شروط معيّنة ؟‬
‫ج‪ :‬هي لبد أن تَكون فيها موعظة لنّ هذا هو الصل ف الطبة‪ ،‬ولِلعلماء خلف طويل ف شروط خطبة المعة‪:‬‬

‫خ ْيرٌ ّل ُكمْ إِن‬


‫سعَوْا إِلَى ِذكْ ِر الِ َو َذرُوا ا ْل َبيْ َع ذَِلكُ ْم َ‬
‫ج ُمعَ ِة فَا ْ‬
‫ن آ َمنُوا ِإذَا نُودِي لِلصّل ِة مِن يَ ْومِ ا ْل ُ‬
‫‪-1‬قال ال تعالى‪ :‬يَا َأ ّيهَا اّلذِي َ‬
‫كُنتُ ْم َتعَْلمُونَ [ سورة الجمعة‪ ،‬الية‪.] 9 :‬‬
‫‪55‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫منهم مَن قال‪ :‬إنه ليست هنالك شروط لذه الطبة وإنا ينبغي أن يأت با يَنطبق عليه اسم " الطبة " وهي الطبة‬
‫العروفة الت فيها المر بِاليْر والدعوة إليه والوعظة السنة‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال بِاشتراط بعض الشروط‪ ،‬واختلفوا ف ذلك‪:‬‬
‫‪-1‬ومِن جلة تلك الشروط الت اشترطها بعضُ أهل العلم أن تكون الطبة مشتمِلة على حَمْدِ ال‪-‬تعال‪-‬‬
‫والثناء عليه‪ ،‬وذلك لنّ هذا هو العروف ف ُخطَبِ النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ولكنّ الصحيح أنّ هذا ل‬
‫يَصِل إل درجة الشرْطية وإن كان ل يَنبغي التهاون بِذلك بِحال مِن الحوال‪.‬‬
‫‪-2‬ومِن ذلك الصلةُ على النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهذا‪-‬أيضا‪-‬ل دليل على شرْطيته ولكن ل يَنبغي‬
‫التهاون بِذلك‪.‬‬
‫‪-3‬ومِن ذلك أن يَأت بِشيءٍ مِن القرآن الكري‪ ،‬وهذا وإن كان ل يَصل‪-‬أيضا‪-‬إل درجة الشرْطية على الصحيح‬
‫ولكن ل يَنبغي التهاون بِذلك بل كان النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬يَأت ف بعضِ ُخطَبِه بِسورة " ق "‬
‫بِأكملها ف الطبة وإن كان ل يَجتزي بِذلك كما فَهمَ بعضُ الناس‪ ،‬إذ ذلك ل يُسمّى " خطبة "‪.‬‬
‫‪-4‬ومِن ذلك المر بِالتقوى ‪ ..‬هو طبعا ل يُراد المر بِالتقوى أن يُؤْتَى بِهذا اللفظ وإنا بِما يَدلّ على ذلك‪ ،‬وعلى‬
‫كل حال لبد أن تَكون الطبة مشتمِلة على شيءٍ مِن ذلك‪.‬‬
‫‪-5‬ومِن ذلك أن تكون ف الوقت الذي تَصحّ فيه المعة‪ ،‬ولِلعلماء خلفٌ طويل ف ذلك‪ ،‬والقول الذي ذهب إليه‬
‫المهور هو أنّ وقتَ المعة هو وقتُ صلةِ الظهر ‪ ..‬أي بعد زوال الشمس‪.‬‬
‫ف طويل بيْن أهل العلم‪ ،‬وقد ذهب غيْر واحد مِن‬ ‫‪-6‬وأن يَحضُر الطبةَ العددُ الذي تَصحّ بِه المعة‪ ،‬وف ذلك خل ٌ‬
‫ح ّققِي إل أنه لبد مِن حضور اثني مع الطيب‪ ،‬وأما ماعدا ذلك فإنه ل دليل عليه‪ ،‬لنّ بعضَ ذلك مأخوذٌ مِن‬ ‫الـ ُم َ‬
‫بعض الفعال وتلك الفعال واقعةُ حال وذلك مِمّا ل يُمكِن الستناد إليه ف مثل هذه القضايا‪ ،‬وبعضُ ذلك مستنِد‬
‫إل بعض الحاديث الضعيفة والضعيف ل َو ْزنَ له ف مثل هذه القضية‪.‬‬
‫فإذن لبد أن تكون الطبة مشتمِلة على ما ذكرناه‪ ،‬أما تلك الشروط الت اشترَطها بعضُ أهل العلم فمِمّا ل دليل‬
‫عليه؛ والعلم عند ال‪.‬‬
‫س‪ :‬أثناء خطبة الجمعة قد يُخطِئ الخطيب في آية أو في حديث ‪ ..‬التصحيح عليه في وقت الخطبة‪ ،‬يَصحّ ؟‬
‫ج‪ :‬أما إذا أخطأ ف آية فإن كان يُمكِن أن يَُنبّه ف ذلك فإنه يَُنبّه إل ذلك‪.‬‬
‫وهكذا إذا أخطأ‪-‬مثل‪-‬ف حكم شرعي بِأن قال بِوجوب أمر وهو ليس بِواجب بل هو حرام مثل‪ ،‬خِلفا لِمَن ادّعى‬
‫بِأنه ل يُمكِن أن يَختلِف العلماء ف مسألة ‪ ..‬بعضهم يَقول بِوجوب أمرٍ والخر يَقول بِحرمة ذلك‪ ،‬وإنا بَعضهم‬
‫يَقول بِالوجوب وبعضهم بِالباحة أو الكراهة أو بعضهم بالتحري وبعضهم بالندب ‪ ..‬هذا خلفٌ واقِع‪ ،‬ومَن َن َظرَ ف‬
‫شيءٍ مِن كتبِ الفقه َعلِمَ أنّ هذه الدعوى ل أصل لا‪ ،‬فإذا أخطأ ف حكمٍ شرعي ‪ ..‬قال بِوجوب أمرٍ وهو ليس‬
‫بواجب أو بِحرمة شيءٍ وهو ليس بِحرام أو ما شابه ذلك مِن الحكام فإنه لبد أن ُي َردّ عليه ولكن الذي يَنبغي أن‬
‫يُنتبَه إليه أن يَكون هذا الكم مِن الحكام الـ ُمتّفق عليها‪ ،‬أما إذا كان ذلك الطيب يَأخذ بِقولٍ مِن أقوال أهل‬
‫‪56‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫العلم أو كان هو نفسُه مُجتهِدا يَقول بِوجوب ذلك المر وبعضُ العلماء يَقول بِحرمة ذلك المر‪-‬مثل‪-‬أو بِإباحته أو‬
‫بِندبيته أو كراهته أو ما شابه ذلك فإنه ليس لحد أن يَقوم وَيرُدّ على ذلك الطيب‪ ،‬لنّ ذلك الطيب هاهنا ل‬
‫يُخطِئ وإنا تَعمّدَ أن يَ ْذ ُكرَ ذلك لنه يَرى إن كان مِن أهل الرأي أو يُقَلّدُ مَن يَقول بِوجوب ذلك المر فكيف لحد‬
‫يَقوم يناقضه ف مثل تلك القضية ؟! وإل لمكَن أن يَقع ذلك ف أوقات متعدّدة بل لمكن أن تَعترِض جاعةٌ كبية ‪..‬‬
‫الطيب يَقول مثل بِوجوب هذا المر فيَقوم قائل يَ ُردّ عليه ‪ ..‬يَقول له‪ " :‬هذا حرام " لنه يَرى ذلك أو ُيقَلّدُ مَن‬
‫يَقول بِذلك وآخر يَقول‪ " :‬هذا مكروه " وما شابه ذلك ‪ ..‬ل ‪ ..‬لبد أن يَكون ذلك المر مِن المور الـ ُمّتفَق‬
‫ختََلفِ فيه بيْن أهل العلم فيَنبغي له أن يَسكُت‬
‫عليها بيْن أهل العلم‪ ،‬ومَن ل تَكن له دِراية بِالـ ُمتّ َفقِ عليه والـ ُم ْ‬
‫ويَكِل المر إل غْيرِه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫وهكذا بِالنسبة إل الحاديث ‪ ..‬قد يَأت ذلك الطيبُ‪-‬مثل‪-‬بِحديثٍ ضعيفٍ ف رأيِ بعضِ الناس وهو ليس كذلك‬
‫أو ما شابه ذلك فليس لحد أن يَقومَ ويَعترِض على ذلك‪ ،‬أو يَأت الطيب بِروايةٍ بِالعن أو يَكون ذاك الديث جاء‬
‫بِألفاظ مُتعدّدة أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل يُمكِن لحدٍ اطّلَع على لفظٍ مِن اللفاظ فيَقوم يُخطّئ ذلك الطيب لنه ل‬
‫يَأتِ بِذلك اللفظ الذي يَحفظه هو أو ما شابه ذلك‪ ،‬وإنا ذلك ف المور الت ل يُمكِن أن يَقع فيها خلفٌ ‪ ..‬كما‬
‫قلتُ أن يَكون ف حكمٍ شرعي ُمتّ َفقٍ عليه بيْن السلمي ويَكون ذلك الطيبُ زَّلتْ لِسانُه مَخافة أن يَنتشِر ذلك‬
‫الكلم‪-‬وهو ليس بِرأي ف حقيقة الواقع‪-‬بيْن الناس ويَعمَل بِه بعضهم فيَقعون بِذلك ف الـمَحظُور والعياذ بِال‬
‫تبارك وتعال‪ ،‬أو أن يُخطِئ ف كتابِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أو ما شابه ذلك‪.‬‬
‫وهكذا بِالنسبة إذا أخطأ ف وجهٍ إعراب أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل يُمكِن ال ّردّ عليه ف مثل ذلك‪ ،‬لنّ الطبةَ ل‬
‫تَتأثّر بِه و‪-‬أيضا‪-‬ل يَتأثّر بِه اعتقادٌ أو ما شابه ذلك؛ والعلم عند ل‪.‬‬
‫ت الخطبة أم يُفضّل أن يَكون بعد تسليمة المام مَ ْنعًا‬
‫ق عليها يَكونُ وق َ‬
‫س‪ :‬هذا التصحيح في القوال الـمُ ّتفَ ِ‬
‫لِلحراج مثل ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان يُعلَن ذلك ‪ ..‬بِأنّ ذلك مِن المور الت َزلّ فيها لسانُ ذلك القائل وبعدَ ذلك قد ل يَعرِف أولئك الناس‪،‬‬
‫وأما ف بعض الحيان فيُمكِن أن يَُنبّه ذلك الطيب بعدَ السلم مباشَرة ويُعلِن ذلك الطيب بِأنه قد زَّلتْ لسانُه‬
‫وأخطأَ ف السألة الفلنية ‪ ..‬مثل قال بِحرمة أمرٍ وهو ليس بِحرام أو ما شابه ذلك‪ ،‬فإذا أمكنَ ذلك فهذا ل َشكّ بِأنه‬
‫أوْل وأسْلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما هي الطريقة المناسِبة لِتنبِيه الخطيبِ في مثل هذه الحوال التي نادِرا ما تَحدُث على أيّة حال ؟ هل يَذهب‬
‫إليه لِ ُيسِرّه في أُذنه أو شيءٌ مِن هذا القبِيل ؟‬
‫ظ مناسِب‪" :‬‬
‫ج‪ :‬إذا كان‪-‬طبعا‪-‬ذلك بعد الصلة فإما أن يَكون بِذلك أو بِواسطة ورقة أو ما شابه ذلك ويَكون بِلف ٍ‬
‫لعله زلّ لسانُكم‪-‬أو َسَبقَ لسانُكم‪-‬إل كذا " أو ما شابه ذلك‪ ،‬ويُنبّهه بِأنه يَنبغي أن يَُنّبهَ الناسَ مِن قبلِ أن‬
‫يَخرُجوا مِن الصلة‪ ،‬و‪-‬بِالطبع‪-‬هذا ل يَقع إل ف حالت نادِرة؛ والعلم عند ال‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم التكاء على العصا ونحوها في الخطبة ؟‬

‫‪57‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا قال بِمسنونيته بعضُ أهل العلم‪ ،‬ولكنّ الذي يَظهر ل أنّ الحاديث الت احتَجّ بِها هؤلء ل‬
‫صحّحَ حديثا واحدا منها بعضُ أهل العلم ولكنه ل َيصِل إل‬ ‫تَصِل إل مرتبة القَبول فهي مِن الضّعف بِمكان ‪ ..‬نعم َ‬
‫تلك الرتبة فيما يَظهر ل‪ ،‬ث إنّ الظاهِر مِن حال ذلك الديث أنه قبل أن يُصنَع الـمِنب لِلنب‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وصحبه وسلم‪-‬عندما كان يَخطُب على الِذع‪ ،‬أما بعد ذلك فإنّ تلك الحاديث الت استدلّوا بِها ل تَثبت عن‬
‫النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ولكنّن أُريد أن ُأَنبّه إل أنه ل يَنبغي النكار على مَن َخ َطبَ على عصا‬
‫أو ما شابه ذلك‪.‬‬
‫َنجِد كثيًا مِن الناس إذا سَمعوا مِن بعضِ أهل العلم بِأنّ المرَ الفلن ل يَثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪ ،‬كَمِثل هذه القضية‪-‬يُبادِر بِالنكار على مَن يَصنَع ذلك‪ ،‬وهذا مِمّا ل يَستدعي النكار لنّ ذلك‪-‬‬
‫ض القضايا تكون مقصودة وهذه يَنبغي أن ُينَّبهَ عليها‬‫أيضا‪-‬ليس بِممنوع‪ ،‬فمثل هذه القضية المرُ فيها سَهل ‪ ..‬بع ُ‬
‫ولكن بِما يَتناسَب مع حال ذلك الـ ُمنَبّه ومع حال هذا الـ ُمنَبّه أيضا‪ ،‬لنّ الناس يَختلِفون ف الـمَراتِب بيْن عالِم‬
‫وجاهِل وصغي ف السّن وكبي إل غيْر ذلك‪ ،‬فلبد مِن أن يَكون ذلك يَتناسَب مع حال الـ ُمَنبّه ومع حال الـ ُمَنبّه‪.‬‬
‫أما هذه القضية ‪ ..‬إذا َخ َطبَ رجُل وكان ف يَده عصا أو ما شابه ذلك فل بأس عليه لكن بِما أنّ السنّة ل تَثبُت‬
‫بِذلك ل نقول‪ " :‬إنّ ذلك سنّة "‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬ل َشكّ أنه إذا كان النسان ل يَحتاج إل ذلك ول تَثبُت به السنّة فل‬
‫داعِي إل ذلك لكن‪-‬كما قلتُ‪-‬لو َأخَذَ النسان عصا ل يُنكَر عليه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬على اعتبار أنّ العصا في بعض الحيان جزء مِن تقاليد ‪ ...‬؟‬
‫ج‪ :‬فَالاصِل ذلك مِمّا ل مانِع منه‪ ،‬ولكن فرقٌ بيْن أن نَقول‪ " :‬هذا سنّة " أو نقول‪ " :‬ذلك مِمّا ل مانِع منه " و‪-‬‬
‫أيضا‪-‬ليس كل ما ل يَفعله النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬يُقال فيه‪ " :‬بِدعة " فالبِدعة يَنبغي أن تُضبَط‬
‫بِضابِط‪ ،‬ويُمكِن أن يَكون ذلك ف وقتٍ آخر ف غيْر هذا اليوم‪ ،‬لنّ كثيا مِن الناس إذا رَأَوْا شيْئا قالوا عنه‪" :‬‬
‫هذا بدعة " فليس كل ما ل يَفعَله النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬يَكون بِدعة‪ ،‬بل تارةً يكون‬
‫بِدعة وتارةً لَم يَستخدِمه لنّ ذلك مِن المور الت ل تَكن له حاجة إليها أو ما شابه ذلك‪ ،‬فالاصِل هذه السألة لبد‬
‫مِن أن تُضبَط وأن تُحرّر حت ل يَلتبِس المر على كثي مِن الناس الذين ل دِراية لم بِشرْع ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم الخطبة بِغيْر العربية لِلمسلمين الذين ل يَنطِقون بِها ؟‬
‫ف بيْن أهل العلم‪:‬‬
‫ج‪ :‬هذه السألة وقع فيها خل ٌ‬
‫‪-1‬منهم مَن قال‪ :‬إنّ الطبة‪-‬وأعن بِذلك خطبةَ المعة‪-‬لبد مِن أن تَكون بِالعربية‪ ،‬لنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وصحبه وسلم‪-‬وخلفاؤه الراشدون كانوا يَخطبون بِالعربية‪ ،‬فلبد أن تَكون الطبة بِالعربية ولكن يُمكِن أن تُفسّر‬
‫بعدَ ذلك بُِلغَة أولئك القوم ‪ ..‬إما أن تَكون جُملةً بعد جُملة أو أن تَكون بعد ذلك‪.‬‬
‫‪-2‬ومِن أهل العلم مَن ذَ َهبَ إل أنه ل مانِع مِن أن تَكون الطبةُ بِغيْر العربية بِشرْط أن يَقرأ القرآن بِاللغة العربية‪-‬‬
‫وهذا لبد منه ف حالة الطبة وف حالة غيها ‪ ..‬القرآن ل يُمكِن أن يُقرأ بِغيْر اللغة العربية‪ ،‬وإنا تُفسّر معانيه بِغيْر‬

‫‪58‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫اللغة العربية‪-‬وكذلك إذا أَمكَن أن يَأتِيَ بِالمدلة والصلة على النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬لنّ‬
‫الناس ولو كانوا مِن غيْر العرب غَاِلبًا مّا يَعلَمون هذه اللفاظ‪.‬‬
‫وهذا القول الثان هو القول الصحيح‪ ،‬فبِإمكانِه أن يَخطُب بِغيْر اللغة العربية ‪ ..‬نعم إذا كان هنالِك َعرَب وكان‬
‫هنالك غيْرهم ف ْليَجْمَع بيْن المرين‪ ،‬وذلك لنّ القصود مِن الطبة الوعظةُ السنة ‪ ..‬القصود منها المرُ بِالعروف‬
‫والنهيُ عن النكر والدعوةُ إل الي‪ ،‬فإذا كان هؤلء القوم الذين يَحضُرون خطبةَ المعة ل يَفقهون شيئا مِن اللغة‬
‫العربية فكيف يُمكِن أن يَستفِيدوا مِن تلك الطبة‪ ،‬فهم ل يَستفِيدون منها شيئا‪.‬‬
‫أما ما ذَ َكرَه بعضُهم مِن أنّ الطيب يَخطُب بِاللغة العربية حت يَعرِف الناسُ أَهيةَ اللغة العربية ويَقوموا ِبتَعلّمِها فهذا‬
‫ل يَقع ف كثي مِن الحيان ‪ ..‬كثي مِن أولئك الناس ل يُمكِنهم أن يَتعلّموا العربية البتّة‪.‬‬
‫وأما ما كان يَصنَعه النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬مِن الطبة بِاللغة العربية فذلك لنّ ذلك لسان أولئك القوم‬
‫‪1‬‬
‫والنب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬عرب والذين يَحضُرون خُطبتَه َع َربٌ فل يُمكِن أن يَخطُب بِغيْر اللغة العربية‬
‫‪ ..‬أوّل النب ل يَنطِق بِشيءٍ مِن اللغات غيْر العربية‪ ،‬ث حتّى لو كان المرُ كذلك لَمَا كان هنالِك داعٍ وإل‬
‫لمكَن أن يَأمُرَ بعضَ الصحابة بِأن يَقوموا بِترجَمة ألفاظه إل غيْر العربية ولكن ما كانت هنالك حاجة‪ ،‬وكذلك ف‬
‫عهد اللفاء الراشدين‪ ،‬بل ف البلد العربية إل يومنا هذا ليستْ هنالِك حاجة إل الطبة بِغيْر اللغة العربية‪ ،‬فإذن ذلك‬
‫يُناط بِالاجة ‪ ..‬إذا كانت هنالِك حاجة ل مانِع مِن الطبة بِغيْر العربية بل ذلك هو الطلوب إذا كان أولئك القوم ل‬
‫يَعرِفون العربية ‪ ..‬هذا هو الرأي الصحيح ف هذه القضية‪.‬‬
‫س‪ :‬في وقت خطبة الجمعة قد يَعطس أحدهم‪ ،‬أو يَدخل أحدهم‪-‬أيضا‪-‬فيُسلّم‪ ،‬وهناك‪-‬أيضا‪-‬الدعاء الذي يَدعو بِه‬
‫ح كل هذه الحالت ؟‬
‫‪ ..‬هل تَص ّ‬ ‫المام‪ ،‬والصلة على النبي‬
‫ج‪ :‬هذه المور فيها خلفٌ بيْن أهل العلم‪ ،‬وتَحتاج إل شيءٍ مِن التفصيل‪ ،‬والوقتُ ل يَكفي لِذلك فيما أحسب‪،‬‬
‫ولكنّن أَختصِر الكلمَ ف هذه القضايا‪ ،‬ولعلّنا نَتكلّم على ذلك ف مناسبةٍ أخرى إذا قَ ّدرَ ال ذلك‪.‬‬
‫أما الصلةُ على النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فنعم يُصلّى عليه ولكنّ الصلّي يُصلّي بِصوتٍ خافِت‬
‫حتّى ل يُشغِل غيْره‪.‬‬
‫وأما بِالنسبة إل َردّ السلم‪:‬‬
‫فمنهم مَن قال‪َ :‬يرُدّ السامعُ السلم‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬ل يَرُد‪ ،‬لنّ ذلك الذي سَلّمَ ل َحقّ له ف الرد‪.‬‬
‫ح ّققِي‪.‬‬
‫وهذا القول الذي ذَ َهبَ إليه غيْر واحدٍ مِن الـ ُم َ‬
‫وهكذا بِالنسبة إل حالةِ تَشميتِ العاطِس‪ ،‬فينبغي لِمَن عَطس على رأي مَن يَقول بِالمد أن يَحمد بِصوتٍ خافِت‪،‬‬
‫ول يَنبغي الشتغال بِال ّردّ عليه وبعدَ ذلك أن يَ ُردّ ذلك العاطِس أيضا على مَن شَمتَه‪.‬‬

‫‪-1‬أُضيفَ‪ " :‬بِغيْر اللغة العربية " لِليضاح‪.‬‬


‫‪59‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وأما بِالنسبة إل التأمي على دعاء الطيب فل مانع مِن ذلك‪ ،‬لنّ ذلك الطيب ف ذلك الوقتِ يَدعو والراد مِن‬
‫ذلك استجابة ذلك الدعاء فل مانع مِن التأمي عليه لكن لو احتاط إنسان و َخ َرجَ مِن اللف ف مثل هذه القضية‬
‫مَخافةَ الوقوعِ ف الـمَحظور فل بأس عليه بِمشيئة ال‪.‬‬
‫وهنا ُأنَّبهُ على تَحية السجد ف وقتِ الطبة فذلك مِمّا ثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فل‬
‫يَنبغي التهاون بِمثل ذلك‪ ،‬فالنسان إذا ورد حديث عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬وكان صحيحا‬
‫ثابِتا عنه عليه أن يَأخذَ بِذلك الديث‪.‬‬
‫ول يَلتفِت إل قولِ أيّ عالِم مِن العلماء خالَف ذلك لِعدم اطّلعِه عليه أو لِتأ ّولِه لَه أو ما شابه ذلك‪ ،‬فإننا مُخاطَبون‬
‫بإتباع رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬نعم علينا أن نَحترِم علماء السلمي وأن نَلتمِس لم العُذر ف مثل‬
‫هذه القضايا فإنم ل يَتعمّدوا أن يُخالِفوا حديثًا عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولكنه لعلّه ل يَبلُغهم‬
‫أو بََلغَهم مِن طريقٍ ل تَقوم بِها الجّة أو ظنّوا أنه منسوخ أو أنه خاص بِقضية مِن القضايا أو ما شابه ذلك مِن العان‬
‫العروفة‪ ،‬ففرق بيْن الحترام وبيْن اللتزام بِما َثَبتَ عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فمَن دَ َخلَ السجد ف وقتِ الطبة ف ْليُحَيّ السجد بِركعتيْن خفيفتيْن‪.‬‬
‫ولكنّ بعضَ الناس ابتدعَ فيَقومون عندما يَجلس المام بيْن الطبتيْن فيَقومون بِتأدية ركعتيْن وهذه بِدعة يَنبغي النهي‬
‫عنها‪.‬وكذلك بعضُهم عندما يَشرَع الطيبُ ف الطبة يَقوم ويُصلّي ركعتيْن وهذه بِدعة يَنبغي النهي عنها؛ والعلم‬
‫عند ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫ت الخطبة إذا كانت هناك مصلحة كأن يَأمر أحدُهم أحدًا بِإغلق الباب أو بِإطفاء‬
‫ح الكلمُ في وق ِ‬
‫س‪ :‬هل يَص ّ‬
‫المكيف أو بِإطفاء المروحة أو ما شابه ذلك ‪ ..‬مصلحة معيّنة ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانتْ هنالِك ضرورةٌ مِلحّة ف ْليَستعمِل الشارة أما أن يَتكلّم فل ‪ ..‬نعم يُمكِن لِلنسان أن يُ َكلّمَ الطيب إذا‬
‫كانت هنالِك مصلحة‪ ،‬فذلك ثاِبتٌ ف السنّة الصحيحة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ويُمكِن‪-‬أيضا‪-‬‬
‫لِلخطيب أن يُكَلّمَ بعضَ الناس‪ ،‬فإذا رأى رجُل‪-‬مثل‪-‬يَتخطّى رِقابَ الناس ويُؤذِيهم ف ْلَي ْأ ُمرْهُ بِاللوس‪ ،‬كما َأمَ َر النبُ‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬بِذلك‪ ،‬وف هذه القضية أحاديثُ متعدّدة ثابتَة عن النب صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪ ،‬ولكنّ الوقتَ كما َترَ ْونَ ل يَسمَح بِذِ ْكرِها أو ذِ ْكرِ بعضِها‪ ،‬فإذا كان النسان يُ َكلّمُ المامَ لِحاجةٍ مُِلحّة‬
‫كما َف َعلَ بعضُ الصحابة نعم‪ ،‬وكذلك بِالنسبة إل المام‪ ،‬أما بقيةُ الناس فليس لحدٍ أن يُكَلّمَ غْيرَه إل إذا كانتْ‬
‫هنالِك ضرورةٌ بِأن يُشِي إليه إشارة ‪ ..‬رأى شخصا يَتكلّم يُشي إليه إشارة أو يَلتفِت إليه التفاتة أو ما شابه ذلك‪،‬‬
‫وهكذا بِالنسبة إل القضايا الت تَكون مشابِهة لِهذه القضية‪.‬‬
‫كذلك بعضُ الناس يَقومون بِتسجيل خطبةِ المعة ‪ ..‬ل مانع مِن أن يَقوم شخصٌ بِالتسجيل بِشرْط ألّ يَشتغِل عن‬
‫الستِماع‪ ،‬أو يَضطَر لِتشغيل مكيف أو لصلح مُكبّر الصوت أو ما شابه ذلك مِمّا فيه مصلحةٌ لِلصلة أو لِبعضِ‬
‫الصلي أو ما شابه ذلك؛ والعلم عند ال تبارك وتعال‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬بعضُ المصلّين يَمدّ يَده ِلمُصلّ آخر أثناءَ الخطبة لِيُصافحَه‪ ،‬هل يُصافحه ؟‬
‫ج‪ :‬إذا تَمكّن مِن عدم مُصافحتِه فذلك هو الوْل ولكن إذا رأى هنالِك ضرورةً مِلحّة ‪ ..‬خاف‪-‬مثل‪-‬مِن أن تَتفرّق‬
‫الكلمة وأن تَقع هنالِك فرقة أو خصومة وأن يُؤ ّديَ ذلك إل ضرر فمُمكِن أن يَمدّ يَده مِن غيْر أن يَتكلّم ‪ ..‬هذا ما‬
‫ذَ َهبَ إليه بعضُ أهل العلم‪ ،‬ولَه وجهٌ؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا دخل المصلي في صلة الجمعة ووجد المام يخطب‪ ،‬فهل يصلي ركعتين تحية للمسجد أم يجلس ؟‬
‫ج‪ :‬هذه السألة اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬
‫ذهب بعض العلماء إل أنه يلس‪ ،‬وليس له أن يصلي‪ ،‬لنهي النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬عن الكلم ولو‬
‫كان ذلك من باب المر بالعروف أو النهي عن النكر ف حالة خطبة المام‪ ،‬واحتجوا‪-‬أيضا‪-‬على ذلك بديث‬
‫ولكنه ل يصح‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إل أنه يصلي‪ ،‬لمر النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬للرجل الذي دخل والنب‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬يطب فأمره النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬بالصلة وهو حديث صحيح ثابت‪،‬‬
‫وقد اعترض عليه كثي من العلماء باعتراضات كثية وقد أورد كثيا من تلك العتراضات الافظ بن حجر ف " فتح‬
‫الباري " وأجاب عنها بواب مقنع كاف لن شاء معرفة الصواب‪.‬‬
‫والذي نراه أنّ القول بشروعية ذلك هو القول الصحيح‪ ،‬لنّ هذا الديث نصّ صريح وهو مصّص لعموم النهي‪.‬‬
‫ومن الدير بالذكر أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد أمر بتحيّة السجد ونى عن اللوس قبل التيان بتحيّة‬
‫السجد‪ ،‬وهذا الديث الذي ذكرناه أيضا ‪ ..‬الذي فيه المر بتحية السجد ف وقت خطبة المعة مع نيه عن الكلم‬
‫ولو كان ذلك الكلم فيه أمر بعروف أو ني عن منكر فهذه المور جيعا تدل دللة واضحة جلية ل غبار عليها‬
‫على أنّ تية السجد من السنن الؤكّدة الت ل ينبغي لحد أن يتركها؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم رفع الصوت بالصلة على النبي عند الخطبة ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫ل داعي أن يرفع صوته بالصلة على النب بل ينطبق سراولكن ينطق بلسانه ‪ ..‬على أن طائفة من أهل العلم ل‬
‫يروون التيان ونن وإن كنا نرى التيان با على حسب ما يظهر لنا ولكن من غي أن يرفع صوته ويشوش على‬
‫الخرين ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫رابعا ‪ :‬أحكام الجنائز‬


‫س‪ :‬ما الكيفية التي يكون فيها حمل الجنازة ؟‬
‫ج‪ :‬إنن أحب‪-‬قبل كل شيء‪-‬أن أذكّر الستمع الكري بأنّ عليه أن يستعد لذا اليوم تام الستعداد‪ ،‬وعليه أن ياسِب‬
‫نفسه قبل أن يفارِق هذه الياة‪ ،‬فعليه أن ينفّذ كل ما أمره ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬به ف كتابه أو على لسان رسوله‬
‫صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وأن يتنب كل ما ناه عنه ف كتابه أو على لسان رسوله صلوات ال وسلمه عليه‪،‬‬
‫وأن يبحث ف كل مسألة من السائل الت اختلف فيها أهل العلم عن الق والصواب من أقوالم إذا تكّن من معرفة‬
‫الق والصواب وإل فعليه أن يتحرى ذلك قدر استطاعته‪ ،‬وإذا كان قد وقع ف شيء من معاصي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫بأن كان قد فرّط ف شيء من واجبات ال فلم يأت با أو أنه فعل شيئا من الحرمات فعليه أن يتخلص قبل فوات‬
‫الوان سواء كانت تلك القوق من حقوق ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أو من حقوق عباده أو من ذوات الوجهي ‪ ..‬أي من‬
‫القوق الت هي من جهةٍ ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬ومن جهةٍ للعباد‪ ،‬فإذا كان قد ترك شيئا من الصلوات أو الصيام أو‬
‫الزكاة أو ل يأت بفريضة الج فعليه أن يعيد تلك الصلوات الت فرّط فيها سواء تركها أو أنه ترك شيئا من أركانا أو‬
‫شروطها الت ل تتم إل با‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل الزكاة إذا كان ل يأت با أو أنه قد أتى با على غي الوجه الذي أمر‬
‫به الول‪-‬تبارك وتعال‪-‬فإنه عليه أن يتخلص من ذلك ‪ ..‬أي عليه أن يقوم بأداء تلك الزكاة الت فرّط فيها إل‬
‫أصحابا الذين بيّنهم ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف سورة التوبة‪ ،1‬وهكذا إذا كان قد فرّط ف شيء من العبادات ‪ ..‬من‬
‫صيام‪-‬كما قلتُ‪-‬أو أنه ل يأت بالج أو أنه قد أتى به على غي الوجه الصحيح أو أنه قد فرّط ف شيء من النذور أو‬
‫الكفارات أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إذا كان هنالك شيء من حقوق العباد ‪ ..‬إذا كان قد اغتصب شيئا من‬
‫أموال الناس أو أنه قد أخذها بوجه صحيح ولكنه بعد ذلك ل يقم بأداء قيمة تلك الشياء إل أصحابا وما شابه‬
‫ذلك‪ ،‬فإذا كان يعلم حكم ذلك ف الشرع النيف فعليه أن يقوم بتنفيذ ذلك‪ ،‬وإن كان ل يعرف ذلك فعليه أن‬
‫يسأل أهل العلم الذين يثق بدينهم وبعلمهم حت يرشدوه إل الطريق الصحيح للتخلص من هذه القوق‪.‬‬
‫ومن الدير بالذكر أنّ كثيا من الناس عندما يصابون بشيء من المراض ل يعرفون كيف يأتون بالصلة‪-‬مثل‪-‬ول‬
‫بالصيام‪ ،‬فتجد الواحد إذا أصابه مرض ول يستطع أن يأت بالصلة على الوجه العروف يترك الصلة بنية القضاء‬
‫ص منها شيئا من الشروط‪ ،‬فإنه إن ل‬ ‫مثل‪ ،‬ومنهم من يكبّر أربع تكبيات مع قدرته على التيان بالصلة ولو أنه نَقَ َ‬

‫سبِيلِ الِ وَابْنِ‬


‫‪ِ -1‬إ ّنمَا الصّ َدقَاتُ لِ ْلفُ َقرَاء وَا ْل َمسَاكِينِ وَا ْلعَامِلِينَ عََل ْيهَا وَا ْل ُمؤَلّفَ ِة قُلُو ُب ُهمْ َوفِي ال ّرقَابِ وَا ْلغَا ِرمِينَ َوفِي َ‬
‫حكِيمٌ [ الية‪.] 60 :‬‬ ‫ن الِ وَالُ عَلِيمٌ َ‬ ‫سبِيلِ َفرِيضَ ًة مّ َ‬‫ال ّ‬

‫‪62‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫يتمكن من التيان بكل الركان والشروط العروفة فلبد من أن يأت با استطاع عليه من الصلة‪ ،‬إذ إنه إذا ل يستطع‬
‫على التيان بركن أو شرط من شروط الصلة فإنّ الصلة ل تسقط بذلك‪ ،‬فإذا كان‪-‬مثل‪-‬ل يتمكن من التيان‬
‫بالوضوء فعليه أن يتيمم‪ ،‬وليس من الصعوبة أن يد التراب الذي يصح به التيمم فبإمكانه أن يطلب من بعض أهله أو‬
‫من بعض الناس الذين يقومون بزيارته بأن يأتوا له بالتراب ولو كان ف الستشفى‪-‬مثل‪-‬وعليه أن يتيمم‪ ،‬وإذا كان ل‬
‫يستطيع أن يتيمم فبإمكانه أن يصلي ‪ ..‬بل عليه ذلك ولو بغي تيمم‪ ،‬أما إن استطاع على الوضوء فل يزيه التيمم‪،‬‬
‫وإذا استطاع على التيمم ول يستطع على الوضوء أو ل يد الاء فل يزيه أن يترك الصلة بنية القضاء أو ما شابه‬
‫ذلك‪ ،‬بل لبد من أن يأت بالصلة ف وقتها الُقدّر لا شرعا‪ ،‬وكثي من الناس يهلون ذلك‪ ،‬وقد سألن كثي من‬
‫الناس عن هذه القضية وأنّ كثيا من أصحابم أو منهم عندما كانوا ف الستشفيات قد تركوا صلوات عدّة وهذا ما‬
‫ل يوز أبدا‪ ،‬فعلى الرء أن يتعلم أمور الدين‪ ،‬وعليه ألّ يفرط ف شيء من هذه الواجبات‪ ،‬فقد يوت ف مرضه ذاك‬
‫وهو قد ترك‪-‬والعياذ بال‪-‬فريضة من فرائض ال بل ركنا من أركان السلم‪ ،‬وذلك يُعدّ كبية من كبائر الذنوب ‪..‬‬
‫يوت على هذا والعياذ بال تبارك وتعال‪ ،‬وليس له أن يَسمع أحدا ف الستشفيات أو ما شابه ذلك بأنه عليه أن‬
‫يصلي أو يؤخر الصلة ول يلزمه أن يتوضأ ولو كان قادرا أو أن يتيمم ولو كان قادرا وواجدا لذلك ‪ ..‬ليس له أن‬
‫يستمع إل أولئك‪ ،‬لنّ للفتيا رجال وللطب رجال آخرين فل يكن أن تؤخذ الفتاوى من الطباء ول من غيهم إن‬
‫ل يكونوا على معرفة تامّة بشرع ال تبارك وتعال ‪ ..‬نن نسمع من كثي من الناس الذين يعملون ف الستشفيات‬
‫يقول‪ " :‬ل يلزمك كذا " أو " يوز لك كذا " أو ما شابه ذلك فهؤلء ليس لحد أن يستمع إليهم ول أن يأخذ‬
‫الفتاوى منهم‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل كثي من الهلة الذين ل يعملون ف الستشفيات مثل‪ ،‬ومن أواخر الوادث الت‬
‫حُ ّدْثتُ با ‪ ..‬بالمس حدّثن أحد الثقات بأنّ رجل أعمى ذهب إلىالج وكان لبسا لنعال ميطة فرآه بعض الناس‬
‫الذين يظنون أنم يأمرون بالعروف وينهون عن النكر ولكنه‪-‬وللسف الشديد‪-‬جاهل بكم ال تعال ‪ ..‬جاهل‬
‫بشرع ال جهل فاضحا فقال له‪ " :‬إنّ حجّك باطل " وقد نَسب هذه الفرية إل أحد علماء السلمي ‪ ..‬افترى على‬
‫ال وعلى رسوله وعلى أهل العلم‪ ،‬مع أنه ل يقل أحد من السلمي ببطلن حجه‪ ،‬وإنا اللف هل الفضل أن يلبس‬
‫نعال ليست بخيطة أو أنه ل بأس من لباس النعال الخيطة ؟ والق أنه ل بأس بذلك‪ ،‬إذ ل يأت دليل يدل على أنّ‬
‫الفضل أن يترك النعال الخيطة بل الدليل يدل على خلف ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل الحكام‪.‬‬
‫ونن نب أن ننبه إل أنه لبد من التعاون بي الفقهاء وبي القتصاديي والطباء والفلكيي وغيهم من أصحاب‬
‫العلوم ولكن ليس لحد من أصحاب الختصاصات الخرى أن يتكلم ف شرع ال ‪ ..‬القتصادي يأت با عنده من‬
‫معلومات إل الفقيه والفقيه ينبغي له أن يستفيد منها‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل الطبيب والفلكي إل غي ذلك‪ ،‬أما أن يتكلم‬
‫الفلكي ف الحكام الشرعية أو الطبيب أو صاحب القتصاد أو ما شابه ذلك من العلوم فهذا ما ل يصح‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فإذن على النسان أن يعتن بأمور دينه قبل فوات الوان ‪ ..‬قبل أن يرج من هذه الدنيا وهو مرتكب‪-‬والعياذ بال‬
‫تبارك وتعال‪-‬لشيء مِن معاصي ال الت قد‪ 1‬تلده ف نار جهنم إن ل يتب قبل الروج من هذه الدنيا إذا كانت‬
‫تلك العاصي كبية‪-‬والعياذ بال تعال‪-‬من جهنم وما يُقرّب إليها‪.‬‬
‫وعلى من ذهب لزيارة الريض ‪ ..‬عليه أن يذكّره بال تبارك وتعال‪ ،‬وأن يأمره بالتوبة إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بأسلوب‬
‫ليّن لطيف‪ ،‬وأن يسأله عن صلته كيف يأت با إذا كان‪-‬طبعا‪-‬ذلك الشخص الريض ليس من أهل الفقه ‪ ..‬إذا كان‬
‫من العوام الذين ل معرفة لم بكم شرع ال تبارك وتعال ‪ ..‬ل بأس أن يذكّره بذلك بل مطلوب منه ذلك‪ ،‬لنّ‬
‫ذلك من باب التعاون على الِبرّ والتقوى‪ ،‬ويأمره بأسلوب‪-‬كما قلتُ‪-‬لطيف طيّب بالوصية‪ ،‬لنّ الوصية للقربي‬
‫واجبة بنصّ الكتاب والسنّة الصحيحة الثابتة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ول يوجد ناسخ لا‪ ،‬وإنا‬
‫النسوخ‪-‬على رأي بعض أهل العلم‪-‬الوصيةُ للقارب الذين يرثون‪ ،‬أما للذين ل يرثون فل‪.‬‬
‫وبعض العلماء يقول‪ " :‬إنه ليس هنالك ناسخ‪ ،‬وإنا الية الت فيها الوصية للوالدين يُراد با من ل يرث من الوالدين‬
‫‪ ..‬إذا كان الوالد مشركا أو كان عبدا فإنه ل يرث ولكن له الوصية "؛ وهذا رأي قوي جدا‪ ،‬ول أريد الطالة ف‬
‫حكم هذه القضية‪ ،‬لكنن أحب‪-‬كما قلتُ‪-‬أن أنبه إل أنّ مَن زار مريضا ينبغي له أن ينبهه إل هذه المور‪ ،‬وإذا رآه‬
‫ل يدري الحكام الشرعية مكن أن يذكر له‪ " :‬هل أقسمت بشيء من ا َليْمان ول تأت با ول تكفّر عنها "‪ ،‬وهكذا‬
‫بالنسبة إل بقية العبادات ‪ ..‬من زكاة وصيام وحج ومن حقوق العباد إل غي ذلك ‪ ..‬هذا أمر مطلوب‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل السؤال الذكور وهو البحث عن كيفية حل النازة فإنّ لهل العلم خلفا ف هذه القضية‪ ،‬وهذا‬
‫اللف ليس على سبيل الوجوب ‪ ..‬أي ما هو الواجب ف كيفية المل ؟ إذ إنه ل يقل أحد من أهل العلم بوجوب‬
‫كيفية مددة من الكيفيات الت سأتعرض لا بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بعد قليل‪ ،‬وإنا اللف بي أهل العلم ف‬
‫الفضل ‪ ..‬أي ما هو الفضل مِن هذه الكيفيات ؟‬
‫وينبغي للنسان إذا وجد خلفا بي أهل العلم ف قضية من القضايا بأن وجد بعضهم يقول بكذا وبعضهم يقول بكذا‬
‫وبعضهم يقول بكذا ‪ ..‬ينبغي له أوّل أن يعرف ما هو موضع الناع بي أهل العلم ‪ ..‬هل هو ف الوجوب وعدمه أو‬
‫ف التحري وعدمه أو ف الفضل وعدم الفضل‪ ،‬لنه قد يظن أنّ هذا المر واجب ‪ ..‬أي أنّ هذا العال أو هؤلء‬
‫العلماء يقولون بوجوب هذا المر وبعضهم يقول بوجوب المر الفلن وبعضهم يقول بكذا إل غي ذلك مع أنّ‬
‫أولئك العلماء على وفاق على عدم وجوب شيء من تلك المور‪ ،‬وإنا اللف فيما بينهم ف قضية الفضل‪.‬‬
‫فإذن خلف العلماء ف مسألتنا هذه هو ف الفضل‪ ،‬وليس ف الوجوب‪.‬‬
‫اختلف أهل العلم ف هذه القضية‪:‬‬
‫‪-1‬فذهب بعضهم إل أنّ الفضل أن يَحمل النسان النازة أوّل من جهة شِمال السرير ‪ ..‬وهي الهة اليمن للميت‬
‫‪ ..‬يضع مقدمة السرير على كتفه اليمن ث يمل بعد ذلك مؤخرة السرير يضعها على كتفه اليمن ث يتحول إل‬

‫‪-1‬الظاهر أنّه مِن الوْلى حذف‪ " :‬قد "‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الانب الثان فيضع الهة اليمن من السرير‪-‬وهي الهة اليسرى من اليت‪-‬على كتفه اليسرى ث بعد ذلك يضع‬
‫الؤخرة على كتفه اليسرى‪.‬‬
‫هذا وليس كما يظنه بعض الناس من أنه يمل أوّل الهة اليمن من السرير بأن يضعها على كتفه اليسرى ‪ ..‬ليس‬
‫المر كذلك‪ ،‬لنه إذا نظرنا إل أنّ العبة بالحمول فالحمول‪-‬ف حقيقة الواقع‪-1‬ذلك اليت الذي على السرير‪،‬‬
‫والوْل بأن يُحمل أوّل من جهته اليمن ث يمل من جهته اليسرى‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل الامل فإنّ الوْل له أن يمل‬
‫أوّل على يده اليمن ث بعد ذلك على يده اليسرى‪ ،‬وليس العبة بالسرير‪ ،‬لننا ل نقصد حل السرير وإنا نمل الذي‬
‫على السرير ‪ ..‬هذا هو الراد من كلم أهل العلم عندما يقولون‪ " :‬يَحمل من الهة اليمن " أي من جهة اليت اليمن‬
‫على يد الامل اليمن‪.‬‬
‫‪-2‬وبعض العلماء يقول‪ " :‬أوّل يَحمل‪-‬أيضا‪-‬من جهة اليت اليمن ‪ ..‬أو بعبارة أخرى‪ :‬يمل السرير من الهة‬
‫اليسرى من المام ث من اللف ث يدور ‪ ..‬يمل من الانب الثان أوّل من اللف ث من المام "؛ فإذن‪-‬على هذا‬
‫الرأي‪-‬أوّل يَحمل من جهة السرير اليسرى على يده اليمن ث من الانب اللفي من الهة نفسها ث من الانب‬
‫اللفي من الهة الثانية ث من الانب المامي ‪ ..‬يدور على السرير‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬أصحاب هذين القولي يتجون برواية تُروى عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪،‬‬
‫ولكنّ هذه الرواية ل تثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لنا من جهة أب عبيدة بن عبد ال بن مسعود‬
‫وهو ل يَسمع مِن أبيه‪.‬‬
‫‪-3‬وبعض العلماء ذهب إل أنه يَحمل السرير من جهتيه ‪ ..‬يضع هذه الهة على الكتف الين وهذه على اليسر ث‬
‫يفعل ذلك‪-‬أيضا‪-‬من اللف؛ واحتجوا على ذلك برواية رواها ابن سعد والبيهقي ف " العرفة " ولكنها ل تثبت‪ ،‬بل‬
‫هي أضعف من الول‪ ،‬لنا من جهة الواقدي وهو ل يؤخذ بروايته ول كرامة‪.‬‬
‫‪-4‬وبعض العلماء ذهب إل أنّ النسان يفعل ما هو أيسر له ول يؤمر بتقدي هذا الانب ول ذلك الانب ول بأن‬
‫يَحمل من الهتي معا‪-‬ولسيما أنّ هذا الخي فيه من الشقة ما فيه‪-‬فيَحمل ما رأى بأنه اليسر‪.‬‬
‫وكثي من الناس عندما يريدون أن يَحملوا من الهة اليسرى مثل يأت من الهة اليمن ويتقدم على النازة ويمل من‬
‫الهة اليسرى وإذا أراد أن يمل من الهة اليمن تقدم من الهة اليسرى حت مر أمام النازة وحل من تلك الهة‪،‬‬
‫وهذا ل أصل له أبدا‪ .‬فإذن ما دام ل يأت دليل عن النب ثابت يدل على صفة معيّنة من صفات المل فليحمل‬
‫النسان ولينظر إل اليسر عليه وعلى بقية الذين يملون النازة؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬الواضع " بدل مِن " الواقع "‪ ،‬والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ن خلف العلماء في هذه المسألة وتعدد آرائهم إنما هو من‬


‫س‪ :‬هنا الحقيقة نؤكد على التنويه الذي ذكرتُموه مِن أ ّ‬
‫باب الفضل‪ ،‬خشية أن يفهم ذلك طلبة العلم‪-‬أو غيرهم من الناس الذين يباشرون هذه المور‪-‬على غير مراده‬
‫فيؤدي إلى اصطدام مع واقع الناس‪.‬‬
‫ج‪ :‬نعم ‪ ..‬بعض الناس يظنون بأنم يُحسنون صنعا ‪ ..‬يدون قول من أقوال أهل العلم ويشددون على عوام الناس‬
‫إذا ل يأتوا بذلك القول مع أنّ ذلك العال هو بنفسه ل يشدد ف تلك القضية ويرى بأنّ المر واسع جائز‪ ،‬حت ف‬
‫بعض السائل الت اختلف بعض أهل العلم هل هذا واجب أو ليس بواجب ؟ ‪ ..‬بعض السائل ل ينبغي التشديد فيها‪،‬‬
‫ولكن التشديد ف كثي من الالت يأت من بعض البتدئي الذين ل يطلعوا على أقوال أهل العلم ول دراية لم بفقه‬
‫اللف ف هذه القضية‪.‬‬
‫نَعم ‪ ..‬نن ل نون المر ف مالفة ما ثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ولكنّ كثيا من‬
‫الحاديث أيضا قد وقع فيها اللف بي أهل العلم ‪ ..‬بعض الحاديث ثابت ل شك فيه وبعضها متلَف فيه‪ ،‬وهكذا‬
‫بالنسبة إل القوال تتلف ‪ ..‬منها ما هو اللف فيه يسي والمر ظن ول ينبغي التشنيع والتشديد‪.‬‬
‫نعم ‪ ..‬ينبغي أن نُعلّم الناس الفضل بأسلوب لئق؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬أين يكون مُش ّيعُو الجنازة ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ أرى السئلة لديك كثية وسأضطر أن أجيب باختصار شديد على بعض هذه السئلة وإن كان‬
‫كثي منها يتاج إل شيء من التحرير لعدم ترير ذلك ف كثي من الكتب الشهورة عند طلبة العلم وعوام الناس‪.‬‬
‫شيّع‬
‫هذه السألة‪-‬على كل حال‪-‬أمرها سهل؛ أما من كان راكبا ‪ ..‬ول ينبغي للنسان عند القدرة أن يركب عندما يُ َ‬
‫النائز‪ ،‬بل ينبغي له أن يشي ‪ ..‬عندما يكون راكبا فليمش خلف النازة‪ ،‬أما عندما يكون ماشيا فل مانع من أن‬
‫يتقدم على النازة أو يتأخر عنها‪-‬يعن يشي خلفها‪-‬ول مانع من أن يشي أمامها أو عن يينها أو عن شالا‪ ،‬فالكل‬
‫جائز ثابت ف سنّة رسول ال ؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬الن الناس ابتكروا‪-‬إن صح التعبير‪-‬طريقة جديدة في حمل الجنازة فصاروا يصفون أمام الجنازة أسطرا‬
‫طويلة ثم تمر الجنازة عليهم جميعا دون أن يكون أحد خلفها وقالوا صنعوا ذلك من أجل التيسير وعدم الزحام‪،‬‬
‫فهل يصح هذا ؟‬
‫ج‪ :‬أما ألّ يكون أحد خلف النائز والكل يكون أمامها ‪ ..‬هذا مِمّا ل ينبغي ‪ ..‬ينبغي كما ثبت ف السنّة عن النب‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ 1...‬أما صفوف بسيطة جدا إذا كانت ف ذلك مصلحة مافة الذية أو ما شابه ذلك‬
‫فالمر يتلف‪ ،‬أما أن تتد الصفوف وتكون طويلة فهذا ل أصل له أبدا‪.‬‬

‫س‪ :‬في بعض الحيان تكون الصفوف طويلة تكاد تستوعب كل الحاضرين ؟‬

‫‪-1‬يبدو أنّ الشيخ لَم ُينْهِ كلمه‪.‬‬


‫‪66‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬ل داعي لذا أبدا‪.‬‬


‫على كل حال؛ أريد‪-‬أيضا‪-‬أن أنبه إل أنّ الطفل إذا كان‪-‬طبعا‪-‬صغيا ل يتاج أن يُحمل على السرير بل يُحمل ف‬
‫اليدي ‪ ..‬أنبه على هذا مافة أن يُنكر بعض الناس على من يفعل ذلك‪ ،‬لنّ كثيا مِن الناس إذا سعوا كلما مِن‬
‫بعض أهل العلم حلوه على العموم وقد يكون ذلك العال ل يريد ذلك‪.‬‬
‫فإذن الطفل الصغي ل يتاج أن يوضع على السرير ‪ ..‬يُحمل على اليدي‪ ،‬أما إذا كان الطفل كبيا فإنه يمل كغيه‬
‫من الموات على السرير‪ ،‬وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا كانت الجماعة التي تصلي على الميت قليلة‪ ،‬هل الوْلى أن يصفوا صفا واحدا أو ثلثا ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذه السألة اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬
‫صفّ الناس أوّل الصف الول فإذا امتل الصف‬ ‫‪-1‬منهم مَن قال‪ " :‬إنّ صلة النازة كغيها مِن بقية الصلوات ‪ ..‬يَ ُ‬
‫الول ف الواضع الت تتلئ فيها الصفوف ‪ ..‬إذا كان ذلك ف السجد مثل أو ف مصلى فبعد ذلك يؤمرون بإنشاء‬
‫الصف الثان وهكذا بالنسبة إل بقية الصفوف‪ ،‬أما إذا صُليت هذه الصلة ف فضاء فإنم يصفون صفا واحدا حت‬
‫يكون طويل ليس بإمكان من يصف بعد ذلك أن يستمع إل المام وبعد ذلك بإمكانم أن ينشئوا صفا ثانيا وهكذا‬
‫بالنسبة إل بقية الصفوف "؛ فهؤلء ذهبوا إل أنه ل فرق بي صلة النازة وبي غيها من الصلوات‪ ،‬لنّ الصل ف‬
‫هذه الصلة أن يُحكم عليها بكم بقية الصلوات إل فيما دل دليل على أنا تتلف فيه معها‪.‬‬
‫صفّوا هم بأنفسهم ثلثة‬
‫‪-2‬وذهب بعض أهل العلم إل أنه ينبغي للمام أن َيصُفّ الناس ثلثة صفوف أو أن َي ُ‬
‫صفّوا صفا واحدا ينبغي له أن يأمرهم بأن يصفوا ثلثة صفوف ولو كانوا ستة‬ ‫صفوف لكن إذا رأى المام بأنم َ‬
‫أشخاص مثل ‪ ..‬يصف اثنان ف الصف الول واثنان ف الثان واثنان ف الصف الثالث أما بعد ذلك فل وإنا تراعى‬
‫الصفوف الثلثة الول؛ واحتجوا على ذلك برواية تروى عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ولكنها من طريق‬
‫ابن لَهيعة وهو ضعيف ل يُؤخذ بروايته‪ ،‬ولكنهم قالوا إنا تتأيد برواية أخرى‪ ،‬ولكنها من طريق ابن إسحاق وهو‬
‫مدلّس مشهور ول أطّلع إل الن بأنه قد صرّح بالسماع فما دام المر كذلك فإننا ل نرى أنّ هذه الرواية تصل إل‬
‫درجة الثبوت‪.‬‬
‫وإذن يبقى المر على أنّ صلة النازة ف هذه القضية كغيها من الصلوات فلَيصُفوا أوّل الصف الول فإذا امتل‬
‫فلينشؤوا بعد ذلك صفا ثانيا وهكذا؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬ولدها توفي وعمره سبعة عشر عاما‪-‬قبل شهرين تقريبا‪-‬لكن عندما أُخذ إلى القبر خرج من فمه دم‪ ،‬فهل‬
‫يعني ذلك إشارة عقاب له أو المر طبيعي ؟ هي قلقة الن‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬ل يلزم أن يكون ذلك فيه إشارة عقاب ول غي ذلك‪ ،‬فلتترك المر على ما هو عليه‪ ،‬وإن كانت تستطيع‬
‫أن تفعل شيئا من الي فلتفعل ‪ ..‬ليس من باب أنه خرج من فمه دم‪ ،‬فل علقة له بذلك المر‪ ،‬لكن إذا كانت عليه‬
‫‪67‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حقوق للعباد مثل وكانت تستطيع هي أو أبوه إن كان أبوه حيا أو أحد من إخوانه أو أقاربه أو حت من سائر‬
‫السلمي أن يؤدوا تلك القوق الت عليه فليؤدوها عنه‪ ،‬وكذلك إذا كان عليه صيام فليصوموا عنه‪ ،‬كما ثبت عن‬
‫النب أنه قال‪ ( :‬مَن مات وعليه صوم صام عنه وليه )‪ ،‬وهكذا إذا كان ل يؤد فريضة الج وكان قادرا على أدائها‬
‫ولكنه فرّط ف ذلك فإذا استطاعوا فينبغي لم أن يؤدوا عنه فريضة الج‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النب ‪ ،‬وهكذا إذا‬
‫كان ل يُؤد الزكاة فليؤدوا عنه ‪ ..‬إذا كانت لديه أموال فليؤدوا القوق الت عليه من ماله‪.‬‬
‫واختلفوا ف الزكاة وف الج إذا ل يوص بما وهكذا بالنسبة إل الكفارات والنذور الت تتاج إل تكفي‪:‬‬
‫‪-1‬فبعض العلماء يقول‪ :‬إنّ الكفارات والنذور الت هي بثابة اليمي‪-‬أي الت يُكفّر عنها كفارة اليمي‪-‬فإنا تؤدى من‬
‫رأس الال‪.‬‬
‫‪-2‬وبعضهم يقول‪ :‬إنا تؤدى مِن الثلث‪.‬‬
‫وكذلك بالنسبة إل الج هل هو مِن الثلث أو مِن أصل الال ؟ وهكذا الزكاة‪.‬‬
‫وكذا إذا كان ل يوص بذلك‪ ،‬اختلفوا هل تؤدّى عنه ؟‬
‫‪-1‬منهم من يقول‪ :‬إنّ ما كان فيه حق للفقراء والساكي فلُي َؤدّ أوصى به أو ل يوص‪ ،‬وذلك كالزكاة فهي وإن‬
‫كانت عبادة ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬فإنّ فيها حقا للفقراء والساكي وهكذا بالنسبة إل كفارات اليان وكفارات النذور‬
‫بلف الج فإنه ل حق فيه للعباد‪.‬‬
‫‪-2‬وبعض العلماء يقول تؤدى عنه وإن كان ل يوص با سواء كانت زكاة أو حجا أو كانت من الكفارات؛ وهذا‬
‫هو الواضح الذي تدل عليه الدلة ولكن قبل ذلك ينبغي أن يُقنَع الورثة من باب الروج من اللف إن أمكن ذلك‪.‬‬
‫فالاصل أنه ل يكن أن يُحكم عليه بكمٍ بسبب خروج هذا الدم‪ ،‬إذ إنّ ذلك يكن أن يكون طبيعيا؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬وإذا توف ف شهر رمضان‪ ،‬هل يُكمل عنه أولياؤه ؟‬
‫ج‪ :‬هنالك أمران‪:‬‬
‫* إما أن يكون أفطر ذلك بسبب مرض وذلك الرض ل يرجو منه الشفاء فهذا كان ينبغي له أن يُطعِم عنه‪ 1‬وإذا ل‬
‫يطعِم فإنه يُطعَم عنه بعد ذلك ‪ ..‬إذا كان قد أوصى بذلك فالمر واضح‪ ،‬وإن كان ل يوص بذلك فينبغي أن يُقنَع‬
‫الورثة‪-‬إن كانوا بالغي عقلء‪-‬بذلك‪ ،‬وأما إذا كانوا بلف ذلك‪-‬أي منهم الجنون أو الصب الذي ل يصل إل سنّ‬
‫البلوغ‪-‬فالمر ل يلو من إشكال‪ ،‬ذلك لنّ هذه الكفارة ل يُتفق بي أهل العلم عليها‪:‬‬
‫‪-1‬منهم من يقول‪ :‬إنّ الريض الذي وصل إل هذا الد ليس عليه الطعام‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم من يقول‪ :‬عليه الطعام‪.‬‬
‫فأنا أقول‪ :‬إنه ينبغي لبعضهم أن يتبع عنه مافة الوقوع ف الحظور‪.‬‬

‫صدَ أن يقول‪ " :‬يُطعِم عن نفسه "‪.‬‬


‫ن الشيخ َق َ‬
‫‪-1‬الظاهر أ ّ‬
‫‪68‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫* أما إذا كان قد أفطر بسبب سفر ‪ ..‬مثل سافر ومات و‪-‬طبعا‪-‬ل يتمكن من القضاء‪-‬لنّ الشهر ل زال باقيا‪-‬أو‬
‫كان ذلك بسبب مرض يرجو منه الشفاء بسب الظاهر فإنه يُؤمر الولياء بأن يقضوا عنه‪ ،‬للحديث الذي ذكرناه‬
‫[ ص ‪] 7‬؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم مرافقة المرأة للجنازة أثناء التشييع ؟‬
‫ج‪ :‬أما إذا كانت تذهب إل أن يُصلى عليه فالمر يتلف‪ ،‬وأما إذا كانت بعد الصلة ‪ ..‬أي إل القابر فل ‪ ..‬تُنهى‬
‫عن ذلك‪ ،‬وقد اختلف العلماء ف هذا النهي هل هو للتحري أو الكراهة‪.‬‬
‫ومهما كان ل ينبغي للنسان أن يرتكب ما نى عنه الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولو كان ذلك على‬
‫سبيل الكراهة‪ ،‬إذ إنه ل يكن أن يَنهى عن شيء إل لسبب واضح من السباب‪ ،‬وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ل يُعبد‬
‫بالكروه‪.‬‬
‫فإذن النساء تُنهى‪-‬نيَ تري على رأي بعض أهل العلم‪ ،‬وني كراهة على رأي بعض أهل العلم‪-‬عن الذهاب إل‬
‫القابر‪ ،‬وإذا كانت هذه الرأة ُأمّا أو أختا أو جدة أو قريبة للميت فالنهي أشدّ‪ ،‬لنا ل تستطيع أن تصب على ذلك‪،‬‬
‫إذ إنّ الرأة معروف عنها هذا المر فلتنتهِ ولتترك متابعة ذلك‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل صلة النساء على الوتى فالمر ل يلو من أحد أمرين‪ ،‬إما أن يكون هنالك بعض الرجال الذين‬
‫يصلون على النائز أو ل‪:1‬‬
‫* فإذا ل يكن هنالك أحد مِن الرجال فإنّ النساء يُؤمرن بأن يصلي على النازة‪.‬‬
‫وقد ذكَر بعض العلماء أنّ اللف الوجود بي العلماء ف صلة الرأة على اليت إنا هو عند وجود الرجال‪ ،‬أما عند‬
‫عدم وجود الرجال فإنن يؤمرن بالصلة‪ ،‬لنّ الصلة‪-2‬على الصحيح‪-‬من فروض الكفايات‪ ،‬وإذا ل يوجد أحد من‬
‫الرجال يقوم بذا الفرض فإنّ الرأة مأمورة بذلك‪.‬‬
‫* أما إذا وُجد الرجال‪ 3‬فقد اختلف العلماء ف ذلك‪:‬‬
‫‪-1‬قيل بأنن يصلي على النائز‪.‬‬
‫‪-2‬وقيل‪ :‬ل يصلي‪.‬‬
‫‪-3‬وقيل‪ :‬إن كانت اليتة امرأة فتصلي وإن كان اليت رجل فل‪.‬‬
‫والذي يظهر ل أنه ل مانع مِن صلتن‪ ،‬وقد ثبت أنّ النساء قد صلي على النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬
‫وهكذا صلّت أمهات الؤمني على بعض الصحابة كسعد بن أب وقاص رضي ال‪-‬تعال‪-‬عنه‪ ،‬وهنالك أدلة أخرى ل‬
‫داعي لذكرها الن‪ ،‬فل مانع من صلة الرأة على اليت‪.‬‬

‫‪ "-1‬أو ل " زيادة منّا لليضاح‪.‬‬


‫‪-2‬لعلّ الحسن أن يُقال‪ " :‬هذه الصلة " لزالة الوهم‪.‬‬
‫‪-3‬لعلّ الحسن أن يُقال‪ " :‬أحد مِن الرجال "‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫هذا وقول‪ " :‬أنه إذا كان هنالك أحد من الرجال تسقط عن الرأة "‪ 1‬إذا كان من الرجال البالغي‪ ،‬أما إذا كان صبيا‬
‫فإنه ل تسقط به الصلة‪ ،‬لنّ هذه الصلة‪-‬على الصحيح‪-‬مِن فروض الكفايات وغي البالغ ل تزي منه فلبد مِن أن‬
‫تصلي النساء عليه؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما الوقات التي يُنهى فيها عن الصلة على الميت ؟‬
‫ج‪ :‬قد اختلف العلماء ف هذه القضية‪:‬‬
‫‪-1‬ذهب بعضهم إل أنه ل يُنهى عن الصلة على اليت ف أيّ وقت مِن الوقات‪.‬‬
‫وقد حكى بعض العلماء اتفاق أهل العلم على ذلك‪ ،‬وحكاية هذا التفاق ل شك أنا خاطئة‪.‬‬
‫‪-2‬وذهب بعض أهل العلم إل أنه يُنهى عن الصلة على اليت ف ثلثة أوقات‪:‬‬
‫* عند طلوع الشمس حت ترتفع بقدار قيد رمح‪.‬‬
‫* وعند استواء الشمس ف كبد السماء وذلك ف الر الشديد عند بعضهم‪ ،‬ومطلقا عند طائفة منهم‪.‬‬
‫* وعندما يغرب قرْن مِن الشمس‪-‬أي عندما يبدأ جزء مِن الشمس ف الغروب‪-‬حت تغرب الشمس تاما؛ وهذا‬
‫القول هو القول الصحيح‪ ،‬وذلك لا ثبت عن النب كما ف حديث عُقبة بن عامر‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬أنّ النب‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬نى عن دفن الموات ف هذه الوقات‪ ،‬إل أنّ بعض العلماء حل هذا النهي‬
‫على دفن الموات وقال‪ " :‬إنه ل بأس مِن الصلة ف هذه الوقات‪ ،‬وإنا ينهى عن دفن الموات فيها "‪ ،‬وهذا ليس‬
‫بشيء‪ ،‬والصحيح ف هذه القضية أنه يُنهى عن الصلة عليهم وعن دفنهم ف هذه الوقات الثلثة‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل الوقات الت تُكره فيها صلة التطوع فإنه ل يُنهى عن دفن الموات وعن الصلة عليهم فيها‪ ،‬وذلك‬
‫لنّ هذه الصلة مِن الصلوات السببية والصلوات السببية تُستثن مِن النهي‪ ،‬وذلك لنه ل شك أنه يتلف النهي إذا‬
‫كان مقصودا بالذات أو كان مِن باب الوسائل‪ ،‬وبذلك يتبي أنه ل مانع مِن الصلة ف الوقات الت تُكره فيها‬
‫الصلة وإنا يُمنع مِن الصلة على اليت ف الوقات الت يُنهى عن الصلة فيها ني تري؛ وذلك النهي على التحري‬
‫على رأي طائفة مِن أهل العلم‪-‬وهو الذي يظهر ل‪-‬وقال بعضهم أنه للكراهة؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا أردنا أن نضرب على ذلك مثال ‪ ..‬في حال اصفرار الشمس وقرب مغيبها‪ ،‬هل تصح الصلة ؟‬
‫ج‪ :‬ف ذلك خلف بي أهل العلم‪ ،‬وذلك أنم اختلفوا ف النهي ‪ ..‬هل يَبدأ وقت النهي بغروب جزء بسيط مِن‬
‫الشمس أو أنه يبدأ قبل ذلك‪:‬‬
‫‪-1‬فبعض العلماء قال‪ " :‬يبدأ النهي بغروب جزء مِن الشمس ‪ ..‬أي إذا غرب جزء قليل جدا مِن الشمس فيدخل‬
‫وقت النهي "؛ وهذا قول طائفة كبية مِن أهل العلم‪.‬‬
‫‪-2‬وبعضهم يقول بأنّ النهي قبل ذلك بوقت ‪ ..‬بوال عشر‪ 2‬أو ربع ساعة تقريبا‪.‬‬
‫والقول الول هو القول الشهور‪.‬‬

‫ن النساء ل يصلين على الجنائز "‪.‬‬


‫صدَ أن يقول‪ " :‬وقول بعض العلماء أنّه إذا وُجد أحد مِن الرجال فإ ّ‬
‫‪-1‬لعل الشيخ قَ َ‬

‫‪-2‬لعلّ الحسن أن يُقال‪ " :‬عشر دقائق "‪.‬‬


‫‪70‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬وهل يشمل ذلك لحظات الدفن أيضا ؟‬


‫ج‪ :‬على نفس اللف فيما يظهر‪ ،‬ولكنّ الديث نصّ على أنّ النهي عنه عندما تغرب الشمس‪ ،‬ويُؤخذ بظاهر‬
‫الديث إل إذا ترك أحد ذلك على جهة الحتياط فذلك ل بأس منه‪ ،‬وإل فالديث نصّ على ما ذكرناه‪.‬‬
‫س‪ :‬الناس فيما يقرؤون أنهم بعد التكبيرة الثانية في صلة الجنازة يأتون بالفاتحة والبعض يأتي بتسبيح وبغير‬
‫ذلك‪ ،‬فأيهما الصح ؟ بعد التكبيرة الثانية‪ ،‬ما الذي يأتي به النسان ؟‬
‫ج‪ :‬اختلف العلماء ف هذه السألة على عدّة أقوال‪:‬‬
‫‪-1‬ذهب بعض العلماء إل عدم مشروعية التيان بفاتة الكتاب ف صلة النازة رأسا‪ ،‬فقالوا‪ " :‬إنه ل يُشرع‬
‫للنسان أن يأت بفاتة الكتاب فيها "‪.‬‬
‫‪-2‬وذهب بعضهم إل أنه إن أتى با وقصد بذلك الدعاء فل بأس‪ ،‬أما أن يقصد با التلوة العروفة الت يُؤتى با ف‬
‫صلة الفريضة وصلوات النوافل فل‪.‬‬
‫‪-3‬وذهب بعض أهل العلم إل أنه يأت با بعد التكبية الول فقط؛ وهذا مذهب طائفة كبية مِن أهل العلم‪ ،‬وهو‬
‫الذي جاء عن إمام الذهب جابر بن زيد رحه ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫‪-4‬وذهب بعض أهل العلم إل أنه يأت بعد التكبية الول وكذا بعد التكبية الثانية بفاتة الكتاب‪:‬‬
‫‪-‬منهم مَن قال‪ :‬إنه يقتصر على الفاتة بعد التكبية الول وكذا بعد التكبية الثانية‪.‬‬
‫‪-‬ومنهم مَن قال‪ :‬إنه يأت بعد التكبية الول‪-‬طبعا‪-‬بالستعاذة وبعد ذلك بفاتة الكتاب ث يمد ال ويجده ويهلله‬
‫وبعد ذلك يكب التكبية الثانية ث يأت بفاتة الكتاب ث يمد ال ويجده ويهلله ويصلي على النب صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم؛ وهذا الذهب هو الذي رواه صاحب " الدوّنة " عن المام أب عبيدة رحه ال‪ ،‬وقد أخذَت به‬
‫طائفة مِن أصحابنا‪.‬‬
‫إل غي ذلك مِن القوال‪.‬‬
‫والصحيح عندي‪-‬ما ذهب إليه المام جابر‪ ،‬وجاعة مِن أهل العلم بل هو مذهب جهور المّة‪ ،‬وهو‪-‬أنه يأت بعد‬
‫التكبية الول بالستعاذة وفاتة الكتاب وبعد الثانية يصلي على النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬
‫والفضل أن يأت بالصلة البراهيمية الشهورة‪-‬وإن اقتصر على صلة متصَرة كأن يقول‪ " :‬اللهم صل على ممد‬
‫وعلى آله " أو " اللهم صل على ممد وعلى آل ممد " أو ما شابه ذلك مِن اللفاظ فل بأس‪ ،‬ولكنّ الفضل أن يأت‬
‫بالصلة البراهيمية كما قلتُ‪-‬ث يكب التكبية الثالثة ويدعو ويكب بعد ذلك التكبية الرابعة ويسلّم‪.1‬‬
‫سَنةً‬
‫‪َ ...‬ربّنَا آِتنَا فِي ال ّدْنيَا حَ َ‬
‫وبعضهم قال‪ :‬إنه يدعو بدعاء متصر بعد التكبية الرابعة وقبل السلم‪ ،‬كأن يقول‪:‬‬
‫سَنةً وَِقنَا عَذَابَ النّار [ سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.] 201 :‬‬
‫وَفِي ال ِخرَةِ حَ َ‬
‫فهذا القول‪-‬الذي ذكرناه‪-‬وهو أنه يأت بالفاتة مرة واحدة هو القول الصحيح‪ ،‬لرواية ابن عباس رضي ال تعال‬
‫عنهما‪.‬‬
‫‪-1‬في جواب الشيخ على السؤال ‪ 5‬مِن حلقة ليلة ‪ 12‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪6/11/2003‬م ) يَتعرّض إلى مسألة مشروعية‬
‫التوجيه في صلة الميت‪ ،‬ومسألة مشروعية الزيادة على أربع تكبيرات فيها‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وقد اختلفوا ف الفاتة هل هي فريضة بل ركن مِن أركان هذه الصلة أو إنا سنّة؛ والذي يظهر ل‪-‬وهو مذهب‬
‫طائفة كبية مِن أهل العلم‪-‬أنا فريضة وركن مِن أركان هذه الصلة‪ ،‬وذلك لديث‪ ( :‬ل صلة إل بفاتة الكتاب )‬
‫وهو حديث صحيح ‪ ..‬عند المام الربيع‪ 1‬والشيخي وغيهم‪ ،‬وحديث‪ ( :‬كل صلة ل يُقرأ فيها بفاتة الكتاب فهي‬
‫خِداجٌ فهي خِداجٌ فهي خِداجٌ ) وهو عند المام الربيع‪ 2‬وعند غيه مِن أئمة الديث‪ ،‬فقوله ف الديث الول‪ ( :‬ل‬
‫صلة إل بفاتة الكتاب ) نصّ صريح‪ ،‬وقد قلنا‪ " :3‬إنه يُحكم على صلة النائز با يُحكم به على صلة الفرائض‪-‬‬
‫أو تعطى نفس الكم الذي تعطى صلة الفريضة‪-‬إل إذا دل دليل على خلف ذلك "‪ ،‬أما ما جاء ف رواية ابن عباس‬
‫مِن النصّ على أنا سنّة أو ما شابه ذلك فكما قلتُ أكثر مِن مرة‪ " :‬إنه ل ينبغي للنسان إذا وَجد لفظ '‬
‫السنّة ' على لسان الصحابة‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهم‪-‬أن يَحكم بأنم أرادوا بذلك المر أنه مسنونٌ ‪ ..‬كلّ بل‬
‫يريدون بذلك الطريقة‪ ،‬وتارة تكون فريضة‪ ،‬وتارة تكون سنّة "‪ ،‬وقد مثّلتُ لذلك بقول السيدة عائشة‪ " :‬س ّن رسول‬
‫ال زكاة الفطر "‪.4‬‬
‫وهذا الذي ذكرتُه الن مثال ثان‪.‬‬
‫وكذلك هنالك عن ابن عباس‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬عندما ذكر صلة السافر خلف المام القيم قال‪ " :‬سنّة نبيكم‬
‫"‪ ،‬ومِن العلوم أنه لبد مِن متابعة المام ف هذه القضية‪ ،‬على الرأي الصحيح الذي عليه المهور‪ ،‬خلفا لبن حزم‬
‫ومَن تابعه‪.‬وكذلك ما جاء عن ابن مسعود‪ " :‬لتركتم سنّة نبيكم " مع أنه يريد أنا فريضة‪.‬إل غي ذلك‪.‬‬
‫وهكذا بالنسبة إل غي ذلك مِن اللفاظ‪.‬‬
‫ومِن هنا قال بعض أهل العلم عن حديث النب ف غسل يوم المعة واجب ‪ ..‬قالوا‪ " :‬ل ُيرِد به الوجوب‬
‫التحتم‪ ،‬وإنا أراد أنه سنّة مؤكدة فأطلق الواجب ول يُرد به الوجوب "‪ ،‬وهذه السألة فيها خلف شهي ل داعي‬
‫لذكره الن‪.‬‬
‫وهكذا بالنسبة إل لفظ " الكروه "‪ ،‬ففي كثي مِن الحيان ل يُراد به الكروه العلوم وإنا يراد به الحرّم‪.‬‬
‫وقد جاء ذلك‪-‬أيضا‪-‬على لسان طائفة مِن أهل العلم التقدمي؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬امرأة ِممّن يباشرون تغسيل الموات في مقبرة عامة تقول‪ :‬في بعض الحيان يأتون إلينا بجثث متعفنة ‪ ..‬في‬
‫بعض الحيان بجثث مشوهة نتيجة حادث معيّن ل نستطيع أن نتعامل معها في التغسيل ولكنّ أهلها يجبروننا على‬
‫ذلك‪ ،‬فهل يصح لهم ؟ وهل تغسل مثل هذه الحالت ؟‬

‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬كتاب الصلة ووجوبها‪ ،‬باب (‪ )38‬القراءة في الصلة‪:‬‬
‫حديث رقم ‪ :226‬قال الربيع‪ :‬عن عبادة بن الصامت قال‪ :‬صلى بنا رسول ال صلة الغداة فثقلت عليه القراءة فلما‬
‫انصرف قال‪ ( :‬لعلّكم تقْرؤون خلف إمامكمْ ؟ ) قال‪ :‬قلنا أجل‪ ،‬قال‪ ( :‬ل تَفعلوا إِل بأم القرآن فانه ل صلةَ إل بها )‪.‬‬
‫‪-2‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬كتاب الصلة ووجوبها‪ ،‬باب (‪ )38‬القراءة في الصلة‪:‬‬
‫حديث رقم ‪ :222‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول ال ‪ ( :‬مَن صلّى صَلةً لم يقرأ‬
‫فيها بأمّ القرآنِ فهي خداجٌ ) قال الربيع‪ " :‬الخداج " الناقصة وهي غير التمام‪.‬‬
‫‪-3‬في الجواب على السؤال ‪ 4‬مِن حلقة ليلة ‪ 10‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪4/11/2003‬م )‪.‬‬
‫‪-4‬تمّ ذلك في جواب الشيخ على السؤال ‪ 2‬مِن حلقة ليلة ‪ 6‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪31/10/2003‬م )‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬إذا أمكن ذلك فلبد مِن الغسل‪ ،‬أما إذا ل يكن ذلك أبدا فل شيء عليهن ف ترك الغسل‪ ،‬ذلك لنّ ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬ل يكلف نفسا إل وسعها‪ ،‬أما إذا كان بعض النساء يتقزّزن مِن ذلك أو ما شابه ذلك ويكن لغيهن أن‬
‫يقمن بتغسيل هذه الرأة الت أصابا ما أصابا بسبب هذا الادث أو ما شابه ذلك فلبد مِن التغسيل‪ ،‬فإذن العبة هل‬
‫يكن أو ل يكن‪.‬‬
‫فإن ل يكن اختلفوا ف ذلك‪:‬‬
‫‪-1‬مِن أهل العلم مَن يقول‪ :‬إنه يتيمم لذلك اليت‪-‬طبعا‪-‬كان رجل أو امرأة‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم مَن ذهب إل أنه ل يتيمم له‪ ،‬ذلك أنه ل يثبت عن النب ما يدل على مشروعية التيمم‪ ،‬ومِن العلوم أنّ‬
‫غسل اليت يُقصد به النظافة وما دام كذلك فالتيمم ليس فيه شيء مِن النظافة اللهم إل إذا كان ذلك التيمم الذي‬
‫يراد به البدل مِن الوضوء‪ ،‬أما التيمم الذي يراد به البدل مِن الغسل فل دليل عليه‪ ،‬هذا الذي يظهر ل‪.‬‬
‫وقد خرّج المام السالي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬ف معارجه ذلك على ما ذكرتُه هنا ‪ ..‬ل أقول‪ " :‬إنّ الشيخ‪-‬رحه‬
‫ال تبارك وتعال‪-‬ذهب إل ذلك " لنه ل يتعرض‪-‬حسب حافظت‪-‬إل الترجيح ف هذه القضية‪ ،‬ولكنه سوّغه بعد أن‬
‫ذكر المام الكدمي‪-‬رحه ال‪-‬بأنه ل يوجد ف الذهب ‪ ..‬سوّغه المام السالي‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬ورأى أنّ له‬
‫وجها مِن الق؛ وهو كذلك‪.‬‬
‫فإن تيمموا بقصد أن يكون ذلك عوضا عن الوضوء‪-‬لنّ الوضوء مشروع ف غسل اليت‪ ،‬وإن كان الوضوء ف‬
‫غسل الموات طبعا ل يب‪ ،‬وإنا هو سنّة‪-‬فذلك ل بأس به‪ ،‬وإن أخذوا برأي مَن يقول بالتيمم وتيمموا به بإرادة‬
‫التيمم الذي يراد به أن يكون عوضا عن الغسل فأيضا ل بأس بذلك بشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬وإن أمكن أن يصبّوا‬
‫عليه الاء‪-‬فقد قال بعض العلماء أنم يصبون عليه الاء‪-‬صبّا‪-‬طبعا‪-‬إذا كان يصل إل جسده ث بعد ذلك تزال تلك‬
‫الثياب فهذا ل شك أنه يُقدّم على التيمم‪.‬‬

‫س‪ :‬في بعض الحيان تؤتى بالجثة مغطاة في كيس فإذا فتحت خرجت منها رائحة ل تطاق ؟‬
‫‪ ...‬ل يُ َكّلفُ الُ‬ ‫[ سورة البقرة‪ ،‬من الية‪] 286 :‬‬ ‫لَ يُكَّلفُ الُ نَفْسًا إِلّ ُو ْسعَهَا ‪...‬‬ ‫ج‪ :‬هذا ل يكن‪ ،‬و‬
‫[ سورة البقرة‪ ،‬من‬ ‫‪ُ ...‬يرِيدُ الُ بِكُمُ الْيُسْر ‪...‬‬ ‫[ سورة الطلق‪ ،‬من الية‪] 7 :‬‬ ‫نَفْسًا إِل مَا آتَاهَا ‪...‬‬
‫الية‪ ... ] 185 :‬ومَا َج َعلَ عََليْكُمْ فِي الدّينِ ِمنْ َحرَج ‪ [ ...‬سورة الج‪ ،‬من الية‪ ،] 78 :‬فل يكلف ال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬بتغسيل هذا اليت الذي وصل إل هذا الد‪ ،‬فيسقط بذلك بشيئة ال؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يُرش على الكيس ماء في هذه الحالة ؟‬
‫ج‪ :‬يُرش الاء فوق الكيس ! ما الفائدة ؟! هل سيصل إل اليت ؟! لن يصل ‪ ..‬إذن ل قيمة لذا ‪ ..‬هذا فيه إتلف‬
‫للماء مِن دون فائدة‪.‬‬
‫س‪ :‬البعض يضع تحت رأس الميت حجرة ربما كوسادة‪ ،‬فهل ذلك مِن السنّة ؟‬
‫‪73‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬هذه السألة‪-‬وهي وضع شيء تت رأس اليت‪-‬اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬
‫‪-1‬منهم مَن يقول‪ :‬إنه يوضع تت رأسه لبنة صغية‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم مَن يقول‪ :‬ل يوضع تت رأسه شيء؛ وهذا القول هو الظاهر عندي‪ ،‬وإن كان ل يثبت عن النب ما‬
‫يدل على هذا ول على هذا‪ ،‬ولكنّ الراجح‪-‬كما قلتُ‪-‬هو أنه ل يوضع تتَه‪ 1‬شيء‪ ،‬وذلك لنّ هذا هو الصل‪ ،‬ومَن‬
‫قال بشروعية شيء آخر فإنه هو الذي يُطالب بالدليل‪ ،‬فعدم الدليل ف قضيتنا يكفي للستدلل به على عدم‬
‫مشروعية وضع شيء ‪ ..‬هذا الذي نراه‪.‬‬
‫س‪ :‬يذكر العلماء في مصنفاتهم بأنه بعد وضع الميت في لحده يُكشَف عن وجهه‪ ،‬فهل ذلك مِن السنّة ؟‬
‫ج‪ :‬هذه السألة اختلف فيها أهل العلم؛ ول يأت فيها شيء عن رسول ال ‪ ،‬وإنا رُوي عن عمر‪-‬رضي‬
‫ال تعال عنه‪-‬أنه أمر بأن يُؤخذ الثوب عن وجهه وأن يوضع على الرض مباشرة‪ ،‬ولكنّ هذا‪-‬أوّل‪-‬لو صحّ‪-‬طبعا‪-‬‬
‫هو مذهب صحاب وليس فيه حجة‪ ،‬إذ الجة ل تقوم إل بكتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وسنّة رسوله أو ما يرجع‬
‫إليهما بوجه مِن الوجوه العتبَرة‪ ،‬أما مذاهب الصحابة‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهم‪-‬إذا ل يتفقوا جيعا على شيء‬
‫فإنه ل يُعوّل عليها‪ ،‬على أنّ هذا المر مِن عمر‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬ل يثبت عنه‪ ،‬لنه مِن طريق مالب وهو ليس‬
‫بجة لضعفه ف الرواية‪ ،‬فذلك ل يثبت عنه رضوان ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليه‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬الذي يظهر ل أنه ل يُكشف عن وجهه‪ ،‬وذلك لنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أمر بأن يُكشف عن‬
‫رأس ووجه مَن مات وهو مرِم‪ ،‬وف ذلك دللة على أنه إذا مات النسان أنّ الصل فيه ألّ يُكشَف عن وجهه‪،‬‬
‫ولذلك أمر النب‪ -‬وعلى آله وصحبه‪-‬بألّ يُغطّى وجه الحرِم‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل رأسه‪ ،‬أما رواية الرأس فهي‬
‫صحيحة ‪ ..‬عند المام الربيع‪ 2‬وعند المام البخاري وغيها‪ ،‬وأما رواية النهي عن تغطية وجه الحرِم فهي عند المام‬
‫مسلم‪ ،‬وقد اختلف العلماء ف ثبوتا‪:‬‬
‫‪-1‬منهم مَن ذهب إل أنا شاذّة ول تثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وذهبوا إل أنه يُؤمر بكشف‬
‫الرأس ل الوجه‪ ،‬بل قالوا‪ " :‬إنّ الحرِم ل دليل على أنه يُؤمر أو‪ 3‬يُنهى عن تغطية وجهه "‪.‬‬
‫‪-2‬وبعض العلماء ذهب إل إثبات هذه الرواية‪.‬‬
‫وعلى كل حال فهي باجة إل شيء مِن البحث والنظر والتمحيص حت نَحكم بثبوتا أو بعدم ثبوتا‪ ،‬وذلك لنّ‬
‫الرواية الخرى ثابتة صحيحة فلماذا سكتوا عن هذه الزيادة والصل أنه ل يُسكت عن مثل هذه الزيادة اللهم إل إذا‬
‫كانوا أرادوا أنّ الوجه داخل ف الرأس ؟! ‪ ..‬الصل أنه ل يَدخُل ف الرأس ولكن قد يُدخَل فيه لعلّة أو لخرى‪ ،‬فنظرا‬

‫ت رأسِه " بدل مِن " تحتَه "‪.‬‬


‫‪-1‬لعل الشيخ َقصَدَ أن يقول‪ " :‬تح َ‬
‫حرِم‪:‬‬
‫‪-2‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب (‪ )4‬غسل الـ ُم ْ‬
‫حديث رقم ‪ :403‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال‪ :‬يغسل المحرم بماء وسدر‪.‬‬
‫حديث رقم ‪ :404‬ومِن طريقه أيضاً عنه قال‪ ( :‬إذا مات المحرم غسل‪ ،‬ول يكفن إل في ثوبيه اللذين أحرم فيهما‪ ،‬ول‬
‫يمس بطيب‪ ،‬ول يخمر رأسه )‪.‬‬
‫‪-3‬يُنظَر مع الشيخ لعلّه َقصَ َد حذفَ‪ " :‬يُؤمر أو "‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫لذا الحتمال نقول‪ " :‬إنه ل يكن أن نزم بشذوذ هذه الرواية "‪ ،‬والظاهر أنه يُكشَف عن وجه الحرِم وعن‬
‫رأسه‪ ،‬لنّ رواية الكشف عن الرأس يكن أن تكون شاملة للمرين معا‪.‬‬
‫وف هذا‪-‬كما قلتُ‪-‬دللة ظاهرة على أنّ غي الحرِم ل يُكشَف عن وجهه ‪ ..‬هذا ما يظهر ل؛ والعلم عند ال تعال‪.‬‬
‫أمر النساء أن يغسلن ابنته بالماء والسّدر‪ ،‬ولكنّ العلماء يذكرون‬ ‫أنّ النبي‬ ‫س‪ :‬ورد في روايات عن النبي‬
‫في غسل الميت أنه يُغسل أوّل بالماء القراح‪ ،‬فمِن أين أتت هذه الزيادة ؟‬
‫ج‪ :‬هذه الرواية صحيحة ثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وأرى أنه يُؤخذ بظاهر الديث‪ ،‬لنن ل أجد‬
‫دليل يدل على خلف هذا الظاهر‪ ،‬فيُغسل مِن أوّل مرة بالاء والسّدر؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما هي الطريقة الصحيحة لغسل الميت ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هي ل تتلف عن هيئة غسل النابة‪ ،‬فالكيفية هي الكيفية‪ ،1‬فإذا أراد مَن يقوم بتغسيل اليت أن‬
‫يُغسّل اليت فإنه أوّل يقوم بنع ثيابه الصلية‪-‬إذا كانت ثيابه تلك ل تُنع مِن قبلُ‪ ،‬وإل فإنه ينبغي عندما يُتحقق مِن‬
‫موت اليت أن تُنع عنه ثيابه الصلية ويغطى بثوب عادي‪ ،‬وإن كان ذلك ليس على طريق اللزام‪-‬وتُستر عورتُه‪-‬‬
‫طبعا‪-‬قبل نزع الثوب‪ ،‬لنه ل يكن أن تُبدى لحد‪-‬ول ينبغي أن يَحضر تغسيل النازة إل مَن كان يقوم بساعدة‬
‫ذلك الذي يقوم بتغسيل ذلك اليت‪ ،‬أما أن يأت بعض الناس ويلس مِن أجل النظر وما شابه ذلك فل إل إذا كان‬
‫هنالك مصلحة بأن يريد بعض طلبة العلم أو ما شابه ذلك أن يتعلم‪ ،‬لنّ تعلّم هذه الكيفية بالفعل أوضح مِن تعلمها‬
‫بالقول‪-‬فإذا نُزعت ثياب ذلك اليت بعد ستر عورته‪-‬والراد بالعورة ما بي الركبة والسرة‪-‬فإنه يُؤمر بأن يَرفَع اليت‬
‫إل أن يَقرب مِن حالة اللوس ول يُجلِسه لكن يكون قريبا مِن ذلك‪ ،‬ويكون ذلك بيسر وسهولة‪ ،‬ث بعد ذلك يُؤمر‬
‫بأن يَمسح على بطنه إن ل تكن امرأةً حامل‪-‬أما إذا كانت الرأة حامل فل يؤمر بذلك‪ ،‬فإن ل تكن امرأة حامل فإنه‬
‫يُؤمر بذلك‪-‬مِن أجل أن تَخرج الفضلت الت يكن أن ترج‪ ،‬ث يُغسّل الوضع الذي ترج منه النجاسة‪-‬وهو الوضع‬
‫العروف‪-‬بالاء ‪ ..‬طبعا هنا ل يُحدّد برّات‪ ،‬وإنا يُحدّد بالاجة الت تقتضيها النظافة‪ ،‬فعندما يتأكد ذلك الُغسّل بأنه‬
‫قد زالت النجاسة ول يبق منها شيء فإنه يترك تغسيل ذلك الوضع‪ ،‬ولبد مِن أن يضع على يده شيئا كخِرقة مثل‪،‬‬
‫لنه ليس له أن يُباشِر عورة اليت بيده إل إذا كان ذلك اليت صغيا‪ ،‬ومع ذلك الوْل أ ّل يباشر عورته ‪ ..‬بعد ذلك‬
‫يقوم بالوضوء للميت ‪ ..‬يُوضّئ ذلك اليت كهيئة الوضوء العروفة لكن‪-‬طبعا‪-‬ل يُدخِل شيئا مِن الاء ف فيه ‪ ..‬أوّل‬
‫ينوي تغسيل اليت ويُسمّي ال ‪ ..‬إن قال‪ " :‬بسم ال " فذلك ل بأس وإن قال‪ " :‬بسم ال الرحن الرحيم " فل‬
‫بأس‪ ،‬وقد اختار كثي مِن أهل العلم أن يَقتصر على قوله‪ " :‬بسم ال "‪-‬ولعلّنا نتكلم على ذلك ف موضع آخر‬
‫بشيئة ال تبارك وتعال‪-‬ويقوم بغسل يدي اليت ثلث مرات ‪ ..‬إن وَضع الُغسّل على يديه شيئا فذلك أفضل وإن ل‬
‫يضع شيئا فل بأس‪ ،‬أما بالنسبة إل العورة فلبد مِن أن يضع على يده شيئا كخرقة كما قلتُ ‪ ..‬يُوضّي اليت‬
‫كالوضوء العروف لكن ل يضع ماء ف فيه وإنا يأخذ بيديه شيئا مِن الاء‪-‬مرد بلل‪-‬ويُدلّك أسنانه ‪ ..‬يُنظّف أسنانه‪،‬‬

‫‪-1‬يبيّن الشيخ في جوابه على السؤال ‪ 2‬مِن حلقة ليلة ‪ 12‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪6/11/2003‬م ) حكم غسل الميت بتلك‬
‫الكيفية هل هو على اليجاب أو على الندب والستحباب‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وهكذا بالنسبة إل الستنشاق ل يأخذ شيئا مِن الاء‪ ،‬ث يأت بيئة الوضوء العروفة‪ ،‬فإذا انتهى مِن ذلك فإنه يقوم‬
‫بغسل رأسه باء وسدر ولكن ل يأخذ شيئا مِن السّدر وإنا يَخُضّ الاء بالرغوة الوجودة ف ذلك الاء ‪ ..‬هذا فيما‬
‫يتعلق برأسه وليته أي فيما يتعلق بوضع الشعر ‪ ..‬يَغسِل أوّل الشعر كله‪ ،‬ث يبتدئ بغسل اليت مِن الانب الين‬
‫كهيئة غسل النابة ‪ ..‬اليد اليمن وما يليها إل ناية الانب الين ‪ ..‬يغسل البطن مِن الانب الين أيضا‪ ،‬ث بعد‬
‫ذلك يقوم بغسل الظهر مِن الانب الين‪ ،‬ث يغسل الانب اليسر ‪ ..‬اليد وما يليها‪-‬أيضا‪-‬مِن العنق‪ ،‬وهكذا بقية‬
‫السد إل القدم‪ ،‬ويغسل الانب اليسر مِن البطن‪ ،‬ث بعد ذلك يغسل الانب اليسر مِن الظهر ‪ ..‬هذه هي الكيفية‬
‫باختصار شديد‪.‬‬
‫س‪ :‬يتجاوز مِن السرة إلى الركبة‪ ،‬لنه غسله في البداية ؟‬
‫ج‪ :‬هو‪-‬ف القيقة‪-‬ل أجد دليل بأنه أوّل لبد مِن تغسيل ما بي السرة إل الركبة بكامله‪ ،‬وإنا أوّل يَغسِل الفرجي‪،‬‬
‫فإذا كان غسل ذلك الوضع مِن قبلُ فَليس باجة إل أن يعيد ذلك مرة ثانية‪ ،‬وإل فالصل أنن ل أجد دليل يدل‬
‫على أنه يُقدّم ذلك بل يُؤخّره إل عند‪ 1‬الغسلة العروفة‪-.‬‬
‫ويَصنع‪-‬طبعا‪-‬هذا ثلث مرات أو خس مرات أو سبع مرات أو أكثر مِن ذلك إذا كانت هنالك حاجة‪ ،‬كما ثبت‬
‫ذلك ف الديث عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وف الرة الخية‪-‬طبعا‪-‬ل يكون هنالك شيء‬
‫مِن السّدر بل يكون الاء العادي ويضع معه شيئا مِن الكافور؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذن فهما غسلتان بالماء والسّدر والماء والكافور ؟‬
‫ج‪ :‬هي ثلث مرات ‪ ..‬أوّل كلّهن بالسّدر ‪ ..‬ثلث أو خس أو سبع أو حت أكثر‪ ،‬والفضل أن يكون وترا‪.‬‬
‫س‪ :‬مشروعية الفاتحة في صلة الجنازة ‪ ..‬بعض الروايات هكذا ذكرَتْ‪ ،‬لكن هناك‪-‬أيضا‪-‬ما ورد يُثبت مشروعية‬
‫قراءة سورة بعد الفاتحة‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟‬
‫ج‪ :‬أما الرواية بقراءة الفاتة فهي صحيحة كما قدّمنا [ ص ‪ ،] 3‬وأما بالنسبة إل زيادة السورة فقد جاءت عند‬
‫بعضهم ول تأت عند بقية مرّجي هذا الديث‪ ،‬فهي باجة إل شيء مِن النظر‪ ،‬فأخشى ما أخشاه أن تكون هذه‬
‫الزيادة شاذّة و‪-‬على كل حال‪-‬هي باجة إل البحث كما قلتُ؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬بعد الدفن‪ ،‬هل تُشرع قراءة الفاتحة ؟ وإن كان ل يُشرع‪ ،‬فما هو الثابت في السنّة ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا الواب يتاج إل إطالة‪ ،‬فإمّا أن تؤخّر ذلك أو أن أجيب باختصار شديد ولعله ل يكفي ف‬
‫مثل هذه السألة الت انتشر الكلم فيها كثيا؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ل ‪ ..‬إذن نؤخّره‪.2‬‬
‫‪-1‬لعلّه يُمكِن أن تُحذف‪ " :‬عند "‪.‬‬
‫‪-2‬أجاب الشيخ عن هذه المسألة في جوابه على السؤال ‪ 12‬من حلقة ليلة ‪ 12‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪6/11/2003‬م ) حيث‬
‫ن ذلك ِممّا لم يثبت عن النبي ول عن صحابته الكرام‪-‬‬ ‫قال هناك‪ " :‬وأما بالنسبة إلى ‪ ...‬قراءة القرآن على القبور فإ ّ‬
‫رضي ال تعالى تبارك وتعالى عنهم‪-‬كما نصّ على ذلك المحقّقون من أهل العلم‪.‬‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وآله وسلم‪-‬‬
‫وإنما جاءت في ذلك رواية من طريق ابن عمر‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنهما‪-‬فيها أ ّ‬
‫ن هذا الحديث ل يثبت عن‬
‫أمر بالقراءة على رأس الميت بأن يُقرأ بفاتحة الكتاب ويُقرأ بخاتمة ' البقرة ' عند رجليه‪ ،‬ولك ّ‬
‫النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لنه جاء من طريق راويين ضعيفين بل أحدهما ضعيف جدا‪ ،‬فهو حديث باطل ل‬
‫‪76‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪:‬هل مِن الضروري أن يُسنّم القبر أم يُسطّح ؟وما هي الحكمة في وضع حجرين للذكر وثلث حجرات للنثى ؟‬
‫ج‪ :‬أما بالنسبة إل تسطيح القب أو تسنيمه فالعلماء اختلفوا ف الفضل؛ والفضل التسنيم‪ ،‬هذا هو الذي يظهر ل‪،‬‬
‫وذلك لنه قد ثبت أنّ قب النب كان مُسنّما‪ ،‬أما ما جاء ف رواية أخرى مِن أنه كان بلف ذلك فإنّ هذه‬
‫الراوية ضعيفة‪ ،‬لنا جاءت مِن طريق مهول وهو عمرو بن عثمان‪ ،‬بينما الرواية الخرى صحيحة ثابتة‪ ،‬فرواية‬
‫التسطيح ل تَثبت‪ ،‬فالوْل أن يكون مُسنّما اللهم إل إذا كان‪-‬ف ديار حرب ‪ ..‬أي‪ 1-‬ف ديار الكفرة ويُخشى مِن‬
‫أن يقوم الكفرة بنبش قب ذلك السلم الذي دُفن هنالك فإنّ القب يُسوّى لجل هذه الصلحة‪ ،‬وإل فإننا نأخذ با فعله‬
‫الصحابة لقب النب وهكذا الال بالنسبة إل قبي صاحبيه رضوان ال‪-‬تعال‪-‬عليهما‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل الكمة ف وضع حجرين على قب الرجل وثلثة على قب النثى ففي القيقة مَن أراد أن يَنقُش على‬
‫حجر فلبد مِن إثبات ذلك الجر قبل النقش عليه‪ ،‬فإننا نن ل نقول بثبوت هذا عن النب ‪ ،‬فل توجد رواية ل‬
‫صحيحة ول حسنة ول ضعيفة خفيفة الضعف تدل على مشروعية هذا المر‪ ،‬وإنا الذي جاء أنّ النب قد َأمَر‬
‫بوضع حجر على قب أحد صحابته‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليهم‪-‬مِن أجل أن يَعرف النب قب ذلك الصحاب‬
‫رضوان ال عليه‪ ،‬وهذه الرواية ل بأس با على ما يظهر ل‪.‬‬
‫أما ما ذكره بعض أهل العلم‪-‬جزاهم ال تبارك وتعال خيا‪-‬مِن وجود رواية أخرى تدل على وضع الجرين وما‬
‫ذكروه مِن أنّ هذه الرواية مُثبِتة والرواية الخرى نافية‪-‬ف القيقة ليست بنافية هي يكن أن يقال ساكتة‪-‬فتُقدّم‬
‫الرواية الثبِتة ‪ ..‬نعم‪ ،‬لو ثبتت هذه الرواية فل كلم‪ ،‬ولكنّ هذه الرواية ل تثبت عن النب ‪ ،‬وقد بيّن المام‬
‫العلّمة أبو نبهان‪-‬رحه ال‪-‬بأنه ل يثبت ف ذلك شيء‪ ،‬فل يثبت عن النب شيء أبدا ف وضع حجرين ول ثلثة‬
‫ل على قب الرجل ول على قب الرأة‪ ،‬وإنا هو مِن صنيع بعض الناس وانتشر وشاع وذاع فظنّ بعض أهل العلم أنّ‬
‫ذلك مِن السنن الثابتة وليس كذلك‪ ،‬وهذا قد وقع ف كثي مِن السائل؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ولّ التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬أنا أخشى فقط ألّ يَفهم البعض الكلم على مراده‪ ،‬هل في وضعها‪-‬الن‪-‬بأس ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ نن نقول ل يثبت ف ذلك عن النب شيء إل ما ذكرتُه [ ص ‪ ] 9‬مِن قضية الجر الواحد‬
‫وأيضا لعن آخر‪ ،‬أما بالنسبة إل وضع حجرين أو ثلثة والتفريق بي الرأة والرجل فذلك ل يثبت‪.‬‬
‫ولكن كثيٌ مِن الناس يفعلون ذلك فيمكن أن ننبه الناس بأسلوب لطيف مِن غي أن يكون هنالك أخذٌ وردّ وقيل‬
‫ب بعض أهل العلم أو شتمهم كما يقع مِن بعض العوام الهلة الغمار الذين ل يفقهون شيئا‬ ‫وقال وأن يؤدي إل س ّ‬
‫مِن شرع ال تبارك وتعال‪ ،‬فالسكوت ف بعض الحيان عن بعض هذه المور الت ل تصل طبعا إل درجة التحري أو‬
‫الياب أهون مِن سبّ أهل العلم والقَدح فيهم وما شابه ذلك‪ ،‬فعندما يريد النسان أن ينبه على شيء فليكن‬

‫يُلتفت إليه‪ ،‬وقد جاء موقوفا عن ابن عمر‪-‬رضي ال تعالى عنهما‪-‬ولكن فيه راويا مجهول‪ ،‬فالراويان الضعيفان في‬
‫الرواية المرفوعة هما يحيى البَابُ ْلتِي وهو ضعيف ل يُحتج بروايته‪ ،‬والراوي الثاني هو أيوب بن ُن َهيْك ول يُحتج بروايته‬
‫بل هو أضعف من الول‪ ،‬والرواية الموقوفة مع أنها ل حجة فيها‪-‬لنها على تقدير ثبوتها هي مذهب صحابي‪-‬هي ل‬
‫تثبت عن ذلك الصحابي رضي ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنهما‪." .‬‬
‫‪-1‬يُنظَر مع الشيخ لعلّه َقصَ َد حذفَ‪-" :‬في ديار حرب ‪ ..‬أي‪."-‬‬

‫‪77‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫بأسلوب لئق ث ل يلزم أن يكون ف وقت الدفن‪ ،‬لنه قد يتدخل بعض أهل اليت ويظنون أنّ ف ذلك نَقصا ليتهم‬
‫أو ما شابه ذلك‪ ،‬وللعوام حالت غريبة؛ وال‪-‬تبارك تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذن تُترك لوعي الناس بِتقدّم الزمن ؟‬
‫‪ ،‬لكن‪-‬طبعا‪-‬ل يصل إل درجة التحري‪.‬‬ ‫ج‪ :‬نن علينا أن ننبه ونبهم بأنّ هذا ل يثبت عن النب‬
‫‪َ ...‬و َل َتقُمْ عَلَى‬ ‫س‪ :‬هل الوْلى لحاضر الدفن القيام أم الجلوس‪ ،‬لنّ البعض يقول‪ :‬إنّ ال‪-‬تعالى‪-‬قال لنبيه‪:‬‬
‫إنما كان‬ ‫ن جلوس النبي‬
‫ن الصل في أثناء الدفن القيام وأ ّ‬
‫[ سورة التوبة‪ ،‬من الية‪ ] 84 :‬قال‪ :‬إ ّ‬ ‫قَبْرِ ِه ‪...‬‬
‫لعارض لجل مخالفة اليهودي الذي م ّر بهم حينئذ؛ فهل يستقيم هذا الستدلل ؟ وماذا ترون ؟ ومتى يَبدأ هذا‬
‫القعود ‪ ..‬هل عندما يوضع في القبر أم قبل ذلك ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ السألة فيها كلم طويل عريض لهل العلم‪ ،‬ولكن الية ل يراد با هذا القيام الذي يذكره هذا‬
‫الخ السائل‪ ،‬للية معن آخر ليس هذا‪ ،‬والوقتُ ل يكفي لذلك‪.‬‬
‫وأما اللوس بعد وضع اليت ف الرض فهو ثابت عن النب ‪.‬‬
‫ولكن هل يُنهى عن اللوس قبل وضع اليت ف الرض ؟‬
‫‪-1‬فبعض العلماء يقول‪ :‬ذلك ل ينبغي‪.‬‬
‫‪-2‬وبعض العلماء يقول‪ :‬الن نُسِخ‪.‬‬
‫فالاصل ل وجوب ول تري ف القضية‪ ،‬ولكن هل الفضل اللوس أو الفضل القيام ؟ هذه السألة فيها خلف؛ ول‬
‫يكننا أن نطيل ف ذلك ف هذا الوقت؛ والعلم عند ال‪.‬‬
‫س‪ :‬ما قولكم في امرأة أطلقت على نفسها النار ببندقية وماتت إثر الطلقة فورا والسبب يرجع بينها وبين أهلها‬
‫في عدم رضاهم عن زواجها وكلما دخلت منزل أهلها لرؤيتهم ل أحد يتحدث معها ول يردون عليها السلم إذا‬
‫سلمت عليهم ؟ وهل يُصلى على الذي قتل نفسه ؟‬
‫‪1‬‬
‫ج‪ :‬إنه مهما كانت السباب ل يوز للنسان أن يقوم بقتل نفسه‪ ،‬فمن قتل نفسه متعمدا فهو خالد ف نار جهنم‬
‫والعياذ بال تبارك وتعال‪ ،‬كما دلت على ذلك النصوص الصحيحة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬
‫ي سبب من السباب‪.‬‬ ‫وسلم؛ فليس له أن يقتل نفسه ل ّ‬

‫‪-1‬لئل يُفهَم كلم الشيخ على غير مرادِه ننقل هذه الفتوى للشيخ أحمد بن حمد الخليلي‪:‬‬
‫" س ‪ :7‬عدم نطق المحتضر بالشهادتين‪ ،‬هل دليل على هلكه مثل ؟‬
‫ج‪ :‬الحكم بالهلك أمر عسير‪ ،‬فإنه ل يمكن أن يكون ذلك دليل على الحكم بهلكه ‪ ..‬ل يحكم على أحد بأنه هالك ما لم‬
‫يكن هنالك نص قطعي متواتر يدل على هلكه‪ ،‬وأنّى لنا بذلك في أحد من أهل زماننا ؟! إنما يُوكَل المر إلى ال‬
‫سبحانه‪ ،‬وال يعلم السرائر من عباده‪ ،‬بل قال العلماء بأنّ من مات وهو على معصية ظاهرة في حكم الظاهر‪-‬كأن‬
‫يموت وكأس الخمر في فيه‪ ،‬أو يموت على أيّ حالة من هذه الحوال البعيدة عن الحق‪-‬ل يُحكم بهلكه قطعا ‪ ..‬ل يقطع‬
‫أحد بأنّه من أهل النار‪ ،‬إذ لعله جُنّ ‪ ..‬تاب أوّل ثم جن وأتى ما أتى وهو في حالة الجنون ‪ ..‬مادام هنالك احتمال ل يحكم‬
‫بهلكه قطعا ‪ ..‬نعم هو في حكم الظاهر مات على عمل غير صالح ولكنّ السرائر إنما يعلمها ال تبارك وتعالى وحده‪.‬‬
‫" المصدر‪ :‬شريط " فتاوى في أحكام الجنائز " الجزء الول‪.‬‬
‫‪78‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أما بالنسبة إل فِعل أولئك الهل الذي فعلوه مع ابنتهم لكونم ل يرضوا بزواجها فل شك بأنه مالف لشرع ال‬
‫تبارك وتعال‪ ،‬فالولّ ليس له أن ينع من هو ولّ ومسؤول عنها مِن أن تتزوّج بن أرادت إن كان ذلك الشخص ل‬
‫ضلّ‬ ‫يكن عاصيا ل تبارك وتعال‪ ،‬أما إذا كان عاصيا ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬مرتكبا لكبائر من كبائر الذنوب ويَخشى أن يُ ِ‬
‫ذلك الشخص تلك الرأة فهنا لبد أن يتدخل وياول أن يُقنع تلك الرأة ومع ذلك‪-‬أيضا‪-‬ل نقول‪ " :‬إنه له أن ينعها‬
‫من الزواج بذلك الشخص " إل ف حالت نادرة جدا وذلك يكون بسؤاله لهل العلم‪ ،‬أما أن ينعها أن‬
‫تتزوج بن أرادت ولو كان‪-‬طبعا‪-‬مرتكبا لشيء من معاصي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فهذا ما ل يصح‪ ،‬فعلى هؤلء‬
‫الهل أن يتوبوا إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬قبل فوات الوان‪ ،‬فعسى ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يتجاوز عن سيئاتم‪ ،‬وإل فإنّ‬
‫الذي فعلوه‪-‬والعياذ بال تبارك وتعال‪-‬ليس من المور اليّنة‪ ،‬بل هو من معاصي ال تبارك وتعال ‪ ..‬ما ذنب تلك‬
‫الرأة إذا كانت ل تريد شخصا يريدون هم أن يزوجوها إياه وكانت ترغب ف شخص آخر مع أنّ السلم قد أحلّ‬
‫لا ذلك‪ ،‬كما نصت على ذلك النصوص الصرية ؟! فعلى كل حال هذا هو الذي ينبغي أن يَنتبه له جيع الولياء‪،‬‬
‫وهو أنه ليس لم أن يتدخلوا ف مثل هذه المور ‪ ..‬نعم‪ ،‬مكن أن يلجأوا إل النصح والتوجيه والرشاد ث يطلبوا بعد‬
‫ذلك من أهل العلم أن يُوجّهوا من أرادت أن تتزوج من ل يصلح لا بسبب معصية ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وما شابه‬
‫ذلك‪ ،‬أما أن ينعوها فليس لم ذلك‪ ،‬ومن فعل ذلك فل طاعة له ول كرامة‪ ،‬ول ينبغي أن يُلتفت إليه؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬الستعان‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل الصلة على من قتل نفسه فإنه ل يصلي عليه أهل الصلح ومن يُنظَر إليهم من أهل الفضل‪ ،‬وإنا‬
‫يصلي عليه بعض العوام‪ ،‬حت يكون ذلك رادعا لثله‪ ،‬فإنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬امتنع‪-‬كما ثبت‬
‫ذلك عنه ف الديث الصحيح‪-‬من الصلة على قاتل نفسه‪ ،‬وكذلك امتنع من الصلة على من َغلّ ف سبيل ال‪ ،‬وقد‬
‫اختلف العلماء هل ذلك مقصور على هذين الصنفي أو أنه شامل لكل من ارتكب كبية من كبائر الذنوب تساوي‬
‫ف بشاعتها هاتي العصيتي أو تزيد عليهما ؟ ول شك أنّ القول بالقياس عليهما هو القول الصحيح‪ ،‬فمن وقع ف‬
‫مثل هذه العاصي الرائم الكبية فإنه ل يصلي عليه أهل الفضل‪ ،‬وإنا يصلي عليه بعض العوام؛ وال الستعان‪.‬‬
‫س‪ :‬بالنسبة للكفن الذي ُكفّنت به ‪ ..‬جرى دم من مجرى الطلقة‪ ،‬فهل يُصلى عليها في هذه الحالة أم يُغيّر الكفن‬
‫مرة أخرى ؟‬
‫ج‪ :‬لكن إذا ُغيّر الكفن قد يكون المر كذلك ف الرة الثانية فيصلى عليها لكن قبل كل شيء ياولون بأن يضعوا‬
‫شيئا من القُطن‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬ف الوضع الذي يَخرج منه الدم‪ ،‬فإن ل يكن أن يقف ذلك الدم فل حول ول قوة‬
‫إل بال ‪ ..‬يصلون عليها ول بأس‪ ،‬أما إذا أمكن إيقاف ذلك بوضع شيء عليه فلبد من استعمال ذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يحق للزوج المطالبة بما دفعه مهرا لها ؟ علما بأنّ أهلها هم السبب الرئيسي بإطلق النار على نفسها‬
‫وموتها‪.‬‬
‫ج‪ :‬ما نستطيع أن نقول أنّ له شيئا من ذلك‪ ،‬لنا هي الت قَتلت نفسها ‪ ..‬ل تُجبَر على ذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يجب أن يكون غسل الميت كغسل الجنابة بحيث يقدم الرأس ثم الميامن قبل المياسر وهكذا ؟‬

‫‪79‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬ل‪ ،‬ليس ذلك على الياب‪ ،‬وإنا على الندب والستحباب‪ ،‬فقد أمر النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬بأن‬
‫تُقدّم اليامن‪-‬كما ثبت ذلك ف الصحيح‪-‬ولكنّ ذلك على الندب‪-‬كما قلتُ‪-‬فل ينبغي أن تُخالف هذه اليئة الثابتة‬
‫عن النب ‪ ،‬ولكن من خالف ذلك لعدم معرفته بذلك‪-‬مثل‪-‬أو لسهو وذهول أو ما شابه ذلك فل شيء عليه‬
‫بشيئة ال‪ ،‬أما أن يتعمّد النسان أن يُخالِف السنّة الثابتة فإنّ ذلك ما ل ينبغي‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يُمكن للمُغسّل أن يضع قفازين أو خرقة على يده طوال الغسل وليس فقط عند غسل العورة فقط ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬أنا قلتُ بالمس‪ 1‬بأنه يكن له ذلك‪ ،‬أما عندما يقوم بتغسيل الفرجي فلبد من ذلك‪ ،‬أما بالنسبة إل بقية‬
‫أعضاء السم فإذا فعل ذلك فذلك حسن‪ ،‬وإن كان ذلك ل يلزم‪.‬‬
‫س‪ :‬يعني القفازان‪-‬الن‪-‬تقومان مقام الخرقة ؟‬
‫ج‪ :‬الاصل يضع شيئا على يده الت يباشر با الغسل‪.‬‬
‫س‪ :‬البعض يضع قطنا في فرج الميت‪ ،‬فهل ورد في السنّة ما يشير إلى ذلك ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ ورد ف السنّة المر بتطييب اليت‪ ،‬أما أنه يوضع ف الوضع الفلن وف الوضع الفلن أو ما شابه‬
‫ذلك فتلك اجتهادات من أهل العلم‪ ،‬وقد اختلف العلماء‪:‬‬
‫‪-1‬منهم من قال‪ :‬تُطيّب الماكن الت يَسجد عليها النسان تكريا لتلك الماكن‪ ،‬أما ما عدا ذلك فل يتاج إل‬
‫تطييب‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم من يزيد على ذلك الفم والنف‪.‬‬
‫‪-3‬ومنهم من يزيد على ذلك الفرجي‪-4 .‬ومنهم يزيد على ذلك الدبر‪ .2‬وطبعا يضع ذلك‪-‬على رأي من يقول‬
‫بذلك‪-‬بي الليتي ‪ ..‬يضعه ف قطنة ويضع تلك القطنة فوق ثوب ويربط ذلك الثوب الذي هو كالُتبّان مثل‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬با أنّ ذلك ل يَرِد فل أرى داعيا ول حاجةً إل وضعه ف الفرجي‪ ،‬لنّ هذين الوضعي ينبغي‬
‫للنسان ألّ يباشرها إل ف حالة الضرورة ‪ ..‬أي ف حالة التغسيل‪ ،‬ولكن مع ذلك لو وَضع فل ينبغي أن يضع ف‬
‫الفرج بنفسه وإنا يضع بي الليتي ويُحاوِل ألّ يلمس قدر طاقته‪ ،‬ومع ذلك أرى أنه ل داعي لذلك‪ ،‬وقد نصّ بعض‬
‫العلماء على أنّ ذلك من البدع الت ينبغي اجتنابا‪ ،‬وذلك حسن؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬التكبيرات‪-‬طبعا‪-‬المعروفة هي أربع تكبيرات‪ ،‬لكن وردت أحاديث تزيد على هذه التكبيرات خمس‪ ،‬كحديث زيد‬
‫‪ ،‬وإذا كان‪-‬أيضا‪-‬بعض الحاديث ثبتت ‪ ..‬تصل إلى سبع ‪ ..‬ثمان ‪..‬‬ ‫بن أرقم كبّر خمسا ونسب ذلك إلى النبي‬
‫على صلة الجنازة أربع تكبيرات‬ ‫تسع وهلم جرا‪ ،‬ماذا يقال بعد كل تكبيرة ؟ وهل يصح أنّ آخر ما كبّر النبي‬
‫‪ ..‬هل هذا الحديث‪-‬أيضا‪-‬صحيح ؟‬
‫ج‪ :‬وردت أحاديث متعددة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ف مشروعية التكبي على اليت‪ ،‬وقد‬
‫اتفقت المة السلمية على ذلك‪ ،‬وإنا وقع بينهم اللف ف الزيادة على أربع تكبيات ‪ ..‬هل يزيد الصلي على‬
‫ذلك ف هذه الوقات ؟ فبعض العلماء ذهب إل أنّ تلك الزيادة كانت ف الاضي ث نُسخت بعد ذلك‪ ،‬لنّ‬

‫‪-1‬في الجواب على السؤال ‪.8‬‬


‫‪-2‬لو تُزاد هنا كلمة " فقط " لليضاح‪.‬‬
‫‪80‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ف أواخر أمره كبّر بأربع تكبيات؛ وذكروا بأنه قد استقر الجاع على ذلك؛‬
‫وليس المر كذلك‪ ،‬إذ إنّ اللف موجود؛ وقد قال بشروعية الزيادة طائفة كبية من أهل العلم‪ ،‬وهذا القول هو‬
‫القول الصحيح‪.‬‬
‫وينبغي للنسان عندما يد حكايات الجاع ف كثي من السائل ألّ يتسرّع بالكم على الجاع بناء على ما ذكروه‬
‫من حكاية الجاع‪ ،‬فإنن أجد ف كثي من الصنّفات‪-‬كـ " ا ُلغْنِي " وكـ " البحر " وغيها‪-‬حكاية الجاع على‬
‫كثي مِن القوال مع أنه قد اختلف العلماء ف تلك السائل على أقوال متعددة‪ ،‬ومن أعجب ما رأيتُ أنن رأيتُ بعض‬
‫العلماء قد حكى الجاع على قول من القوال وحكى غيُه الجاع على عكس ذلك تاما‪.‬‬
‫فهذه الجاعات ل ينبغي أن نتسرع ف حكايتها وف الكم بالتخطئة على من خالفها‪ ،‬وهذه السألة من ذلك القبيل‪،‬‬
‫فل إجاع ف هذه السألة أبدا‪ ،‬وإن حكاه من حكاه من أ ِجلّة أهل العلم‪ ،‬فاللف موجود‪ ،‬والصواب مع من قال‬
‫بشروعية الزيادة على الربع إل أنه ينبغي أن يكون الغلب أن يُكب النسان ف صلته على الموات بأربع تكبيات‪،‬‬
‫وأما أن يزيد ف بعض الحيان فذلك ما ل مانع منه‪.‬‬
‫فإذا صلى بمس تكبيات‪-‬مثل‪-‬فقد ذهب غي واحد من أهل العلم إل أنه يدعو بعد التكبية الثالثة بدعاء عام وبعد‬
‫التكبية الرابعة يُخصّص اليت بالدعاء إن كان ذلك اليت صالا‪ ،‬وهذا وإن ل ند نصّا صريا يدل عليه ولكنه ل‬
‫بأس به‪.‬وهكذا إذا زاد على المس فل مانع‪ ،‬لا جاء من الروايات الت تدل على الزيادة‪ ،‬كالستّ والسبع‬
‫والثمان؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬يبقى إذن ما بعد التكبيرات محصورا في الدعاء فقط ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬مصور ف الدعاء‪ ،‬لنّ هو ذلك القصود من هذه الصلة‪ ،‬ولكن لبد من التيان بالفاتة بعد التكبية الول‬
‫كما قلتُ بالمس‪ ،1‬لثبوت ذلك عن النب ‪.‬‬
‫هذا وقد اختلف العلماء ف مشروعية التوجيه‪-‬وإن كان هذا ل َيرِد ف السؤال ولكنه ل بأس مِن ذكره‪ ،‬لنّ كثيا من‬
‫الناس يسألون عنه‪:-‬‬
‫‪-1‬فمن أهل العلم من قال بشروعية التوجيه‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم من قال‪ :‬إنّ النسان ميّر ف ذلك‪.‬‬
‫وعلى آله وصحبه‪-‬ولنّ‪-‬أيضا‪-‬هذه الصلة مبنية‬ ‫‪-3‬ومنهم من قال بعدم مشروعيته‪ ،‬لنّ ذلك ل َيرِد عن النب‪-‬‬
‫على التخفيف‪.‬‬
‫وهذا القول‪-‬وهو قول من قال بعدم مشروعية التوجيه ف صلة اليت‪-‬هو الذي أراه؛ والعلم عند ال‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تغسيل الميت يُراد به النظافة أم هو تعبّد محض ؟‬
‫ج‪ :‬ل نستطيع أن نقول‪ " :‬إنه من أجل النظافة فقط "‪ ،‬بل هو للمرين معا فهو تعبد وف ذلك‪-‬أيضا‪-‬حكمة ظاهرة‬
‫وهي النظافة‪ ،‬وذلك يظهر من أمر النب بتغسيل ابنته‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬بثلث مرات أو بمس أو بسبع‪،‬‬

‫‪-1‬في الجواب على السؤال ‪.2‬‬


‫‪81‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فذلك واضح منه‪ ،‬ث‪-‬أيضا‪-‬ذلك واضح من التغسيل بالسّدر‪ ،‬وبا َل ْشنَان عند الاجة‪ ،‬ويُستعمل ف ذلك الصابون‬
‫والنظّفات العصرية ف زماننا هذا زيادة على السّدر إن كانت هنالك حاجة تدعو إل ذلك‪.‬‬
‫وقد تكون هنالك حِكم ويكون هنالك‪-‬أيضا‪-‬تعبّد ‪ ..‬تتمع‪ ،‬فمثل الغتسال ليوم المعة ‪ ..‬هنالك‬
‫حكمة‪-‬ذكرها غي واحد من أهل العلم‪-‬وهي النظافة ولكن ليس‪-‬أيضا‪-‬هي القصود الوحيد‪ ،‬بيث إذا كان النسان‬
‫نظيفا ل يقال‪ " :‬إنه ل يغتسل "‪ ،‬فقد جاء عن بعض الصحابة‪-‬رضي ال تعال عنهم‪-‬أنّ الناس كانوا ف ذلك الزمان‬
‫يعملون و‪-‬طبعا‪-‬ل تكن ف ذلك الزمان مكيّفات وما شابه ذلك فكان يَخرج ال َعرَق منهم بكثرة فتخرج من بعضهم‬
‫روائح فأمرهم النب بالغتسال‪ ،‬ولكن ذلك مستمر بيث إنه لو اغتسل شخص بالليل ف عصرنا هذا ول يَخرج‬
‫منه شيء من العرق ول شيء من الروائح الت تُكرَه فإنه ل يقال‪ " :‬إنه ل يؤمر بالغتسال " ‪ ..‬كلّ‪ ،‬بل‬
‫هو مأمور بذلك‪.‬‬
‫وهكذا بالنسبة إل مشروعية ال ّرمَل ف الطواف؛ وبالنسبة‪-‬كذلك‪-‬إل مشروعية الضطباع ف الطواف؛ فهنالك‬
‫حكمة وهنالك مشروعية أيضا‪.‬‬
‫فمن العلوم أنّ غسل اليت واجب كفائي‪ ،‬ولبد منه إذا كان الاء موجودا ويكن استعماله من ناحية الذي يقوم‬
‫بالتغسيل ومن ناحية اليت‪.‬‬
‫أما من ناحية الذي يقوم بتغسيل اليت إذا وَجد ماءً يُمكنه أن يستعمله‪ ،‬أما إذا وجد ماءً باردا جدا ول يكنه أن‬
‫يستعمله ويشى على اليت من أن تَخرج منه روائح ‪ ..‬يتعفن أو ما شابه ذلك إذا انتظر حت يد ماء صالا لذلك‬
‫ول يكن لديه شيء يُسخّن به ذلك الاء فها هنا ضرورة ف ترك الغسل‪ ،‬وهل يَتيمّم له أو ل ؟ سيأت التنبيه عليه‬
‫بشيئة ال تبارك وتعال وأما بالنسبة إل اليت ‪ ..‬إن كان هذا اليت ل يُمكن تغسيله لنه مات بسبب حريق مثل‪ ،‬أو‬
‫كان خنثى‪ ،‬أو كان امرأة ول توجد هنالك امرأة ول يوجد أحد‪-‬أيضا‪-‬من مارمها‪-‬وهذا طبعا على رأي كثي من‬
‫ك بأنّ هذا رأي قويّ ولسيما بالنسبة‬ ‫أهل العلم وهم الذين ينعون من أن تُغسّل الرأة الرجل أو الرجل الرأة‪ ،‬ول ش ّ‬
‫إل تغسيل الرجل للمرأة إل إذا على رأي من يقول إنه يصب عليها الاء صبّا‪-‬فها هنا ضرورة ف ترك تغسيل اليت‪،‬‬
‫أما إذا أمكن فلبد منه ولو كان ذلك اليت قد اغتسل قبل وفاته مباشرة‪-‬مثل‪-‬أو مات ف بر أو ف نر أو ف َفلَجٍ أو‬
‫ما شابه ذلك وليس به شيء من الوساخ ‪ ..‬فهذا أمر لبد منه‪ ،‬ولكن‪-‬أيضا‪-‬تُراعى الناحية الخرى من حيث عدد‬
‫الغسلت أو ما شابه ذلك‪ ،‬كما جاء ذلك ف الديث عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل التيمم للميت فقد قلنا‪ :1‬إنّ العلماء قد اختلفوا فيه‪:‬‬
‫‪-1‬منهم من قال‪ :‬إنه يُيمّم عند عدم وجود الاء أو عند عدم القدرة على استعماله ليّ سبب من السباب؛ وهذا‬
‫رأي طائفة كبية جدا من أهل العلم‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم من قال‪ :‬إنه ل يُيمّم‪ ،‬لنه ل يثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله سلم‪-‬ول يكن أن يقاس على بقية‬
‫الحداث الت ثبتت فيها مشروعية الغسل‪ ،‬لنّ القياس ف مثل هذه المور ما ل يكن أن يصار إليه‪.‬‬

‫‪-1‬في الجواب على السؤال ‪ 3‬من حلقة ليلة ‪ 11‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪5/11/2003‬م )‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ول شك أنّ الروجَ مِن اللف والحتياطَ أمر حسن‪ ،‬أما أن نقول‪ " :‬إنّ ذلك واجب متحتّم لوجود هذا القياس أو‬
‫ما ف معناه " فإنه ما ل يفى أنّ فيه من البعد ما فيه‪ ،‬فالحتياط مطلوب والقول بوجوب ذلك فيه ما فيه‪ ،‬وقد‬
‫أوضح ذلك المام السالي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬ف معارجه‪ ،‬فمن شاء ذلك فليجع إليه‪1‬؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا توفيت المرأة وهي حامل وبداخلها جنين له حركة تدل على وجود حياة فيه‪ ،‬فهل يُخرج أم يُدفن معها ؟‬
‫ج‪ :‬هذه السألة قد اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬
‫‪-1‬منهم من ذهب إل أنه ل بأس من َش ّق بطن هذه الرأة وإخراج ذلك الني منها‪.‬‬
‫‪-2‬بل ذلك أمر لبد منه على رأي بعضهم؛ وهو الصحيح عندي‪ ،‬فما دام الولد حيّا و ُعرِفت حياته فلبد من‬
‫إخراجه فمراعاة الي مقدّمة على مراعاة اليت وف زماننا هذا سهل‪-‬والمد ل تبارك وتعال‪-‬لوجود الستشفيات‬
‫والوسائل الوجودة فيها‪.‬‬
‫‪-3‬ومن أهل العلم من ذهب إل أنه ل يوز إخراجه بل يُنتظر إل أن يوت وتُدفن بعد ذلك وإن دفنوه قبل التحقق‬
‫من موته فإنه ل بأس بذلك؛ وهذا هو الذي رجّحه المام نور الدين‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬ف معارجه‪.‬‬
‫ولكنّ الصحيح هو القول الذي ذكرتُه [ ص ‪] 6‬؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ولعلّ الشيخ رجّح ذلك‪-‬أيضا‪-‬لعدم وجود هذه الوسائل ف هذا العصر‪ 2‬وإن كنتُ ل أقوى على أن أنسب إليه أنه‬
‫سيجيز ذلك لو كانت هذه الوسائل موجودة‪ ،‬لنّ كلمه قد ل يساعد على ذلك‪.‬‬
‫ومهما كان فالشيخ المام‪-‬رحه ال‪-‬من كبار أهل العلم ولكنه‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬علّمنا أنه إذا وُجد الدليل‬
‫فإنه يصار إل الدليل‪ ،‬ول يُؤخذ برأي من دون دليل ولو كان قائله من كبار أهل العلم‪ ،‬فرحه ال وجزاه ال‪-‬تعال‪-‬‬
‫خيا‪.‬‬
‫س‪ :‬هل كفن الميت له هيئة مخصوصة ‪ ..‬بأيّ طريقة تحقّقت‪ ،‬فعندما يُكفّن الميت بمثل ما يلبس في حياته من‬
‫إزار و " دشداشة " و " مصر " ونحوها ؟ وهل يمكن أن تُكفّن المرأة بما تلبس من ملبس حياتها أيضا ؟‬

‫‪-1‬قال الشيخ في جوابه على السؤال ‪ 3‬من حلقة ليلة ‪ 11‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪5/11/2003‬م )‪ " :‬ومنهم من ذهب إلى أنه‬
‫ل يُتيمّم له‪ ،‬ذلك أنه لم يثبت عن النبي ما يدل على مشروعية التيمم‪ ،‬ومن المعلوم أنّ غسل الميت يُقصد به النظافة‬
‫وما دام كذلك فالتيمم ليس فيه شيء من النظافة اللهم إل إذا كان ذلك التيمم الذي يراد به البدل من الوضوء‪ ،‬أما التيمم‬
‫الذي يراد به البدل من الغسل فل دليل عليه‪ ،‬هذا الذي يظهر لي‪.‬‬
‫وقد خرّج المام السالمي‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬في معارجه ذلك على ما ذكرتُه هنا ‪ ..‬ل أقول‪ ' :‬إنّ الشيخ‪-‬رحمه‬
‫ال تبارك وتعالى‪-‬ذهب إلى ذلك ' لنه لم يتعرض‪-‬حسب حافظتي‪-‬إلى الترجيح في هذه القضية‪ ،‬ولكنه سوّغه بعد‬
‫أن ذكر المام الكدمي‪-‬رحمه ال‪-‬بأنه ل يوجد في المذهب ‪ ..‬سوّغه المام السالمي‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬ورأى أنّ له‬
‫وجها من الحق؛ وهو كذلك‪.‬‬
‫فإن تيمموا بقصد أن يكون ذلك عوضا عن الوضوء‪-‬لنّ الوضوء مشروع في غسل الميت‪ ،‬وإن كان الوضوء في غسل‬
‫الموات طبعا ل يجب‪ ،‬وإنما هو سنّة‪-‬فذلك ل بأس به‪ ،‬وإن أخذوا برأي من يقول بالتيمم وتيمموا به بإرادة التيمم الذي‬
‫يراد به أن يكون عوضا عن الغسل فأيضا ل بأس بذلك بمشيئة ال تبارك وتعالى‪ ،‬وإن أمكن أن يصبّوا عليه الماء‪-‬فقد‬
‫قال بعض العلماء أنهم يصبون عليه الماء‪-‬صبّا‪-‬طبعا‪-‬إذا كان يصل إلى جسده ثم بعد ذلك تزال تلك الثياب فهذا ل شك‬
‫أنه يُقدّم على التيمم‪." .‬‬
‫صدَ أن يقول‪ " :‬لعدم وجود هذه الوسائل الموجودة‪-‬في هذا العصر‪-‬في عصره "‪.‬‬ ‫ل الشيخ قَ َ‬
‫‪-2‬لع ّ‬
‫‪83‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬على كل حال؛ يكن أن ننظر إل هذه السألة من ناحيتي ‪ ..‬من ناحية الياب ومن ناحية الفضل‪:‬‬
‫* أما من حيث الياب فيُكفّن النسان بشيء يستره‪.‬‬
‫* وأما من حيث الفضل فالعلماء قد اختلفوا ف ذلك؛ والظاهر أنّ الفضل أن يُكفّن ف ثلثة من الثياب تكون على‬
‫هيئة لفافات تتّسع للميت بطوله من جهة الرأس إل الرجلي بل تكون هنالك بقية من ناحية الرأس ومن ناحية‬
‫الرجلي ومن ناحية الرأس أطول‪ ،‬فيُكفّن أوّل ف ثوب يُلفّ عليه ث يُلفّ الثان على ذلك الول ث الثالث‪ ،‬ول ينبغي‬
‫أن يزاد على ثلثة‪.‬‬
‫أما الديث الذي فيه مشروعية الزيادة على الثلثة عند تكفي الرأة فهو حديث ضعيف ل يثبت عن النب صلى ال‬
‫ُكفّن ف ثلثة أثواب ‪ ..‬هذا الذي نعتمده ونذهب إليه ونرى أنه‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وإنا الثابت أنّ النب‬
‫الصواب؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذن ما تعارف عليه الناس من " دشداشة " وإزار وكمّ ‪ ...‬؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا رأي لبعض أهل العلم أنه يُكفّن ف مثل هذه الشياء؛ ولكن ذلك هو القرب إل الصواب‪.‬‬
‫س‪ :‬يعني المقصود الستر فقط ؟‬
‫ج‪ :‬هو الصل هذا‪ ،‬لكن الفضل أن يكون ف ثلثة أثواب على اليئة الت ذكرتُها‪.‬‬
‫س‪ :‬بالنسبة للحنوط هل هو ثابت في السنة ؟‬
‫ج‪ :‬ذلك ثابت عن النب ‪ ..‬مأمور به ‪ ..‬ف الثياب وف الواضع الت ذكرتُها سابقا [ ص ‪ .. ] 4-3‬ف مواضع‬
‫السجود‪ ،‬وعلى خلف ف بقية الواضع الخرى ‪ ..‬يوضع له ف الفم وف النف‪ ،‬وقيل‪ " :‬إنّ الكمة من ذلك من‬
‫أجل طرد الوام "‪ ،‬وكذلك‪-‬كما قلتُ‪-‬بعض العلماء يقول‪ " :‬ف القبل والدبر "؛ وبعضهم يقول‪ " :‬ف الدبر‪" 1‬؛ ول‬
‫يعجبن ذلك بالنسبة إل الفرجي‪ ،‬بل بعض العلماء نصّ على أنه بدعة من البدع‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا توفي عدد من الشخاص وفيهم رجال ونساء ‪ ..‬في حال الصلة عليهم‪ ،‬كيف يكون ترتيبهم ؟‬
‫ج‪ :‬يُقدّم أوّل الرجال ث بعد ذلك الطفال ث بعد ذلك النساء‪ ،‬ولكن اختلفوا ف الراد بذا التقدي ‪ ..‬هل هو من‬
‫جهة القبلة أي يوضع الرجال إل جهة القبلة ث بعد ذلك الطفال ث النساء وهكذا بيث يكون الرجال أقرب إل‬
‫القبلة والنساء أقرب إل المام‪ ،‬أو العكس وهو أنه يراد بالتقدي من جهة المام وهو أنّ الرجال يكونون أقرب إل‬
‫المام وبعد ذلك الطفال ث النساء وهكذا ؟ ف هذا خلف بي أهل العلم؛ والذي يُؤيّده الديث أنّ الرجال‬
‫يكونون أقرب إل جهة المام‪ ،‬فأوّل يكون الرجال إل جهة المام ث بعدهم الطفال ث النساء الكبار وبعد ذلك‬
‫الصغار‪.‬‬
‫س‪ :‬المام أين يقف عندما يصلي على الرجل ‪ ..‬عند رأسه ‪ ..‬عند صدره ؟‬
‫ج‪ :‬ف هذه السألة خلف بي أهل العلم؛ والذي يُؤيّده الدليل هو قول من قال‪ " :‬إنّ المام يقف عند رأس الرجل‬
‫وعند وسط الرأة " ‪ ..‬هذا هو الذي يدل عليه الديث الصحيح الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم؛‬

‫‪-1‬لو تُزاد هنا كلمة " فقط " لليضاح‪.‬‬


‫‪84‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وذكر بعض أهل العلم أنّ الكمة من ذلك هو أن يستر المام عجيزة الرأة عن الرجال؛ ومهما كان سواء كانت‬
‫هذه هي الكمة الت راعاها الشارِع أو ل تكن هي فإنه ينبغي لنا أن نأخذ بالديث الثابت عن النب‪-‬صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬أدركنا الكمة أو ل ندرك الكمة من ذلك؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬هل يجوز أن يقف النسان على قبر الميت فيقرأ عليه القرآن ؟ وأخٌ يقول‪ :‬سمع أنكم أجزتم قراءة القرآن‬
‫وإهداءه للميت‪.‬‬
‫ت ذلك؛ وينبغي التثبت‪ ،‬وأنا أشكر الخ السائل‪-‬جزاه ال خيا‪-‬على طرح سؤاله هذا وعلى‬ ‫ج‪ :‬ف القيقة ما قل ُ‬
‫تثبته من هذا المر؛ فأنا ذكرتُ قول لبعض أهل العلم‪ ،‬بل قلتُ ف جواب سابق‪ :1‬إنّ بعض أهل العلم حكى التفاق‬
‫على أنّ ثواب إهداء القراءة يصل إل اليت‪ ،‬وقلتُ أيضا‪ :‬إنّ بعض أهل العلم يرون خلف ذلك‪.‬‬
‫و‪-‬كما قلتُ سابقا إنه ينبغي للنسان أن يتأمل ف حكايات الجاع‪ ،‬ففي كثي من الحيان ند هذه الجاعات الت‬
‫ل خُطوم لا ول َأ ِزمّة ‪ ..‬يكي فلن الجاع وينبهر بعض الناس بذه الكاية لنم وجدوا ف كتب الصول أنه ل‬
‫يوز لحد أن يالف الجاع وأنّ الجاع حجّة من حجج الشرع‪ ،‬ونن الن ل نريد أن نتكلم ف قضية مالفة‬
‫الجاع لنّ ذلك إذا ثبت ذلك الجاع‪ ،‬وإنا نتكلم ف قضية إثبات مثل هذه الجاعات‪.‬‬
‫فهذا الجاع‪-‬مثل‪-‬ل يثبت عن أهل العلم أبدا‪ ،‬بل اللف مشهور عندهم منذ زمن طويل جدا جدا‪ ،‬فل إجاع ف‬
‫هذه القضية البتّة‪.‬‬
‫فالعلماء اختلفوا ف وصول ثواب قراءة القرآن إل اليت؛ منهم من ذهب إل أنّ ذلك ل يصل إليه‪ ،‬ومن أوصى بذلك‬
‫ل تُنفّذ وصيته‪ ،‬لنا مالِفة لشرع ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وف الديث‪ ( :‬مَن عمل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي‬
‫مردود على صاحبه ل يُقبل منه؛ ومنهم من ذهب إل أنه إذا أوصى بأن يُقرأ عليه ف السجد أو ف البيت أو ما شابه‬
‫ذلك فإنّ وصيته تُنفّذ أما إذا أوصى بأن يُقرأ عليه على قبه فإنّ وصيته ل تُنفّذ؛ ومنهم من يقول‪ :‬إنا تُنفّذ ولكنها ل‬
‫تُنفّذ عند القب وإنا ف موضع آخر‪.‬‬

‫‪-1‬كان ذلك في جواب الشيخ على السؤال ‪ 10‬مِن حلقة ليلة ‪ 8‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪2/11/2003‬م )‪ ،‬وهذا هو نصّ‬
‫السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك‪:‬‬
‫" س ‪ :10‬توفي والده وأوصى بقراءة ختمتين في كل رمضان من ماله‪ ،‬ولنّ المال لم يُقسّم كان إخوةُ أبيه‪-‬أو‬
‫أعمامُه‪-‬يُؤجّرون على قراءة هاتين الختمتين‪ ،‬والن لما آل المر إليه يقرأ بنفسه عن أبيه بدون أن يأخذ شيئا من‬
‫المال‪ ،‬ما حكم ذلك المال الذي كان يُؤخذ من مال الميراث لتأجير هذه القراءة ؟ وهو الن إذا قرأ عن أبيه‪ ،‬هل يصل‬
‫الجر إليه ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ بعض العلماء حكى التفاق على صحة القراءة عن الميت إذا كانت‪-‬طبعا‪-‬في مسجد أو في مكان آخر‬
‫في غير المقابر‪ ،‬ول اتفاق في ذلك‪ ،‬لوجود الخلف المشهور‪ ،‬ولكنّ الوقت ل يكفي للطالة كما ترى‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إلى أخذ الجرة إذا كانت من الثلث ‪ ..‬إذا كانت هي وغيرها من وصاياه من الثلث ‪ ..‬طبعا من الوصايا التي‬
‫تخرج عن َديْن ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وعن َديْن العباد وعمّا يتعلق بحقوق الميت قبل الدفن فإنه ل مانع من ذلك على هذا‬
‫الرأي‪." .‬‬
‫‪85‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ول شك أنّ القراءة على القبور من البدع الخالِفة لدي النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وأنا قلتُ‪ :1‬إنّ مَن أوصى بأن يُقرأ عليه ف السجد أو ف البيت إذا نُفذت‪-‬بناء على رأي بعض أهل العلم‪-‬لنّ ذلك‬
‫الوصي قد أخذ بقول من أقوال أهل العلم فله وجه على رأي بعض أهل العلم وإل فإنّ الظاهر أنّ القراءة ل تصل إل‬
‫ذلك‪ ،‬فمن ل يُنفذ مثل هذه الوصية ل بأس عليه‪ ،‬كما هو رأي طائفة كبية من أهل العلم‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إل السؤال الثان‪-‬وهو الول ف الترتيب‪-‬وهو عن قراءة القرآن على القبور فإنّ ذلك ما ل يثبت عن‬
‫النب ول عن صحابته الكرام‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهم‪-‬كما نصّ على ذلك الحقّقون من أهل العلم‪.‬‬
‫وإنا جاءت ف ذلك رواية من طريق ابن عمر‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهما‪-‬فيها أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم‪-‬أمر بالقراءة على رأس اليت بأن يُقرأ بفاتة الكتاب ويُقرأ باتة " البقرة " عند رجليه‪ ،‬ولكنّ هذا الديث ل‬
‫يثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لنه جاء من طريق راويي ضعيفي بل أحدها ضعيف جدا‪ ،‬فهو‬
‫حديث باطل ل يُلتفت إليه‪ ،‬وقد جاء موقوفا عن ابن عمر‪-‬رضي ال تعال عنهما‪-‬ولكن فيه راويا مهول‪ ،‬فالراويان‬
‫الضعيفان ف الرواية الرفوعة ها يي البَابُ ْلتِي وهو ضعيف ل يُحتج بروايته‪ ،‬والراوي الثان هو أيوب بن نُ َهيْك ول‬
‫يُحتج بروايته بل هو أضعف من الول‪ ،‬والرواية الوقوفة مع أنا ل حجة فيها‪-‬لنا على تقدير ثبوتا هي مذهب‬
‫صحاب‪-‬هي ل تثبت عن ذلك الصحاب رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنهما‪.‬‬
‫وجاءت‪-‬أيضا‪-‬رواية أخرى ف قراءة سورة " يس " على اليت‪ ،‬ولكنّ تلك الرواية ليست ما يُفرح به‪ ،‬لنّ ف‬
‫إسنادها راويا متروكا‪ ،‬وف إسنادها‪-‬أيضا‪-‬راويان مهولن فل يُؤخذ با ول كرامة‪.‬‬
‫وهنالك كثي من الناس يسألون عن قراءة " يس " على الموات ‪ ..‬أي قبل الوت ‪ ..‬عندما يرون أنّ اليت قريب من‬
‫الوت ف حالة الحتضار ‪ ..‬بعض العلماء يقول بشروعية قراءة " يس " عليه؛ وف القيقة ورد حديث يُروى عن‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬يدل على ذلك ولكنّ هذا الديث ف إسناده مهولن وقد أعلّه بعض أهل العلم‬
‫بالضطراب والوقف‪ ،‬فحديث ف إسناده موقوفان‪ 2‬ومع ذلك معلّ بالضطراب والوقف كيف يكن أن يُعتمد‬
‫عليه ؟! وله طريق أخرى ولكنها ليست ما يُفرح به‪ ،‬لنّ ف إسنادها كذّابا أو‪ 3‬متهما بالكذب‪ ،‬فل ينبغي أن يُؤتى‬
‫بذلك‪ ،‬وما ذكروه من الكمة ل ينبغي أن يُلتفت إليه ما دام هذا الديث ل يثبت عن النب ‪.‬‬
‫فإذن القراءة ل تثبت على الموات‪:‬‬
‫إل سلما ودعا وأدبرا‬ ‫فالصطفى‪ 4‬قد زارها وما قرا‬
‫إل أن قال رحه ال‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫وإن يقولوا خالف الثارا‬ ‫حسبك أن تتبع الختارا‬

‫‪-1‬في الجواب على السؤال ‪ 10‬مِن حلقة ليلة ‪ 8‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪2/11/2003‬م )‪ ،‬وقد نُقل نصّ السؤال مع جواب‬
‫الشيخ عليه في التعليق الموجود بحاشية الصفحة السالفة‪.‬‬
‫صدَ أن يقول‪ " :‬مجهولن " بدل مِن قوله‪ " :‬موقوفان "‪.‬‬ ‫ن الشيخ َق َ‬‫‪-2‬الظاهر أ ّ‬
‫‪-3‬يُنظَر مع الشيخ لعلّه َقصَ َد حذف‪ " :‬كذّابا أو "‪.‬‬
‫‪-4‬ورد في الطبعة التي بأيدينا‪ " :‬والمصطفى " بدل مِن " فالمصطفى "‪.‬‬
‫‪-5‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب المانة‪ ،‬باب الوقف‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فحسبنا ذلك؛ وال الستعان‪.‬‬


‫س‪ :‬زيارة الناث‪-‬بالذات‪-‬للقبور ؟‬
‫ج‪ :‬أما زيارة الرجال فل مانع منها‪ ،‬وإنا مُنع منها ف السابق ث نُسخ بعد ذلك‪ ،‬فإذا كانت من أجل التعاظ‬
‫والعتبار فل مانع من ذلك بل هي نافعة لقُساة القلوب ف كثي من الحيان‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إل زيارة النساء فإن كانت مصادفة من غي قصد بأن مرّت الرأة على القابر فإنا تُسلّم وتدعو بدعاء‬
‫متصر‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النب ‪ ،‬أما أن تذهب قاصدة إل القابر فهذا ما اختلف فيه أهل العلم‪:‬‬
‫‪-1‬منهم من ذهب إل مشروعية ذلك‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم من ذهب إل عدم الشروعية‪.‬‬
‫والشروعية مشروطة بألّ تُكثِر من ذلك وألّ يقع منها شيء من الصراخ والعويل وما شابه ذلك‪.‬‬
‫والقول بواز ذلك مع الحتراز ما ذكرتُه قول قويّ‪ ،‬لوجود بعض الحاديث الروية عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪-‬الت تدل على ذلك؛ وأرى أنّ الوقت ل يتسع لذكر شيء منها؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬مع وجود هذا اللف الشديد وعدم صراحة بعض تلك الحاديث إذا احتاطت الرأة وتركت الذهاب إل‬
‫القابر واكتفت بالدعاء لهل الصلح ف بيتها والواضع الت تكون فيها وإذا مرت من غي قصد لذلك سلّمت ودعت‬
‫بدعاء متصر فذلك فيه خي وفيه خروج من اللف وفيه احتياط وذلك مطلوب ‪ ( ..‬دع ما يَريبُك إل ما ل يَريبُك‬
‫)؛ وال الستعان‪.‬‬
‫س‪ :‬هل زيارة قبر بعينه من بين المقبرة مشروع أم يشرع فقط زيارة المقبرة بشكل عام ويُطلَق سلم عام على‬
‫أهل المقبرة ؟‬
‫ج‪ :‬هو الصل‪-‬كما قلتُ‪-‬الزيارة تكون للتعاظ والعتبار ولكن أن يزور النسان بعض القبور إذا كانت قريبة من‬
‫غي شدّ الرّحل إليها بأن يزور قبور شهداء أحد مثل ‪ ..‬الرسول ذهب لزيارتم‪ ،‬والعلماء والسلمون يذهبون إل‬
‫ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل قبور الصحابة الت ف البقيع‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل قبور بعض أهل الصلح وأهل العلم وما‬
‫شابه ذلك فذلك ما ل مانع منه؛ وال أعلم‪.‬‬
‫‪ ..‬ما حكم تلقين الميت بعد‬ ‫س‪ :‬أخٌ ذكر حديث أبي أمامة مِن أنه أمر أهله أن يُلقّنوه وأسند ذلك إلى النبي‬
‫الدفن ؟‬
‫ج‪ :‬إنّ هذا الديث الروي عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ل يثبت عنه‪ ،‬إذ إنه قد جاء من‬
‫طرق ضعيفة جدا ل تقوم با الجة‪ ،‬ولذلك نقول‪ :‬إنّ التلقي ما ل ينبغي‪ ،‬بل ينبغي أن يُنهى عنه‪ ،‬لعدم ثبوت ذلك‬
‫عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬والراد بذا التلقي النكَر البتدَع الذي ل يثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬هو التلقي الذي يكون‬
‫بعد دفن اليت‪ ،‬أما التلقي الخَر الشهور وهو أن يُلقّن النسان عند قُرب وفاته بأن يشهد ألّ إله إل ال فهو ثابت‬
‫عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فينبغي للنسان إذا حضر شخصا يوشك على الوت بأن يُلقّنه الشهادة ‪..‬‬

‫‪87‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫بأن يَشهد ألّ إله إل ال إذا أمكن‪ ،‬بأن يَذكر ذلك النسان نفسُه الَ تبارك وتعال‪ ،‬كأن يقول‪ " :‬أشهد ألّ إله إل‬
‫ال " حت يَنتبه ذلك الشخص الُحتضَر فذلك هو الطلوب‪ ،‬وإن ل ينتبه فيمكن أن يأمره بذلك ولكن لبد مِن‬
‫استعمال أسلوب لطيف حت ل يتأثر ذلك النسان‪ ،‬فلبد من أن يأت له بقدمة بسيطة ولو بعدّة كلمات ‪ ..‬هذا إذا‬
‫كان ذلك الشخص مسلما‪ ،‬أما إذا كان ذلك الشخص كافرا فإنه يُؤمر بأن ينطق بشهادة ألّ إله إل ال وأنّ ممدا‬
‫رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه سلم‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬عندما أتى‬
‫إل عمه أب طالب فأمره بأن يشهد ألّ إله إل ال‪ ،‬ولكنّ أبا طالب امتنع عن ذلك‪ ،‬وما جاء من الروايات بأنه دخل‬
‫ف السلم قبل وفاته فإنّ ذلك ل يصح‪ ،‬والثابت الصحيح بأنه ل يدخل ف السلم؛ وكذلك عندما ذهب النب‬
‫لعيادة يهودي ف الدينة أمره بأن يشهد ألّ إله إل ال وأنّ ممدا رسول ال‪ ،‬فالتلفت ذلك الغلم إل أبيه‪ ،‬فقال له‬
‫أبوه اليهودي‪ " :‬أطع أبا القاسم " فدخل ذلك البن ف السلم والمد ل تبارك وتعال؛ أما بالنسبة إل الؤمن‪-‬فكما‬
‫قلتُ‪-‬ينبغي أن يُتلطف له‪ ،‬ل ّن بعض الناس قد يضيق بذلك وقد يتنع من الشهادة‪-‬والعياذ بال تبارك وتعال‪-‬إل غي‬
‫ذلك‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ول أجد ف الروايات الروية عن النب بأن يشهد ألّ إله إل ال وأنّ ممدا رسول ال صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪ ،‬وإنا فيها أن يشهد ألّ إله إل ال‪ ،‬وذلك هو ف القيقة قد دخل ف السلم من قبلُ وإنا من أجل أن يَختم‬
‫حياته بذه الشهادة؛ نسأل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن ييتنا على السلم‪ ،‬وأن يوفقنا لكل خي‪ ،‬وأن يأخذ بأيدينا جيعا لا‬
‫يبه‪-‬تبارك وتعال‪-‬ويرضاه‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وللسف الشديد أنّ بعض أهل العلم قد أخذوا من الديث الذي جاء من طريق أب أمامة‪-‬رضي ال تبارك‬
‫وتعال عنه‪-‬والذي فيه ذِِكر " فلن بن فلنة " أنّ النسان إذا ذهب إل الج وأراد أن يلبّي فإنه يقول‪ " :‬لبيك عن‬
‫فلن بن فلنة "‪ ،‬وقد جاءت‪-‬أيضا‪-‬رواية أخرى تدل على ذلك ولكنها باطلة عاطلة؛ والق القيق بالقبول أنه‬
‫يقول‪ " :‬بن فلن " ل أن يقول‪ " :‬بن فلنة " أو يكتفي بذكر اسم ذلك الشخص‪1‬؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫‪-1‬تعرّض الشيخ مرّة أخرى لبدعة التلقين للميت‪ ،‬وذلك في جوابه على السؤال ‪ 12‬مِن حلقة ليلة ‪ 19‬رمضان‬
‫‪1424‬هـ ( ‪13/11/2003‬م )‪ ،‬وهذا هو نصّ ذلك السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك‪:‬‬
‫" س ‪ :12‬عند دفن الميت وبعد النتهاء من دفنه يقوم أحد الناس بالدعاء جهرا ويُؤمّن البقية‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟‬
‫ج‪ :‬هذا ليس بصحيح‪ ،‬بل هو بدعة من البدع‪ ،‬وينبغي للناس أن يُطبّقوا السنن الثابتة عن النبي وأن يتركوا البدع‪،‬‬
‫فالدعاء بالتثبيت للميت أمر ثابت عن النبي‪ -‬وعلى آله وصحبه‪-‬ولكن يدعو كل إنسان بمفرده‪ ،‬أما أن يقوم شخص‬
‫يدعو لذلك الميت وتقوم البقية الباقية بالتأمين فذلك بدعة من البدع‪ ،‬وخير الهدي هدي محمد صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪.‬‬
‫وهكذا بالنسبة إلى قراءة القرآن‪-‬كما بينتُ في جواب سابق [ في الجواب على السؤال ‪ 12‬مِن حلقة ليلة ‪ 12‬رمضان‬
‫ن ذلك‪-‬أيضا‪-‬لم يثبت عن النبي ‪.‬‬ ‫‪1424‬هـ ( ‪6/11/2003‬م ) ]‪-‬فإ ّ‬
‫وهكذا بالنسبة إلى تلقين الميت كما جاء في بعض الروايات الباطلة العاطلة بأن يقال لذلك الميت‪ " :‬يا فلن بن فلنة ‪...‬‬
‫" إلى آخر ذلك الحديث الباطل العاطل الركيك الذي لم يثبت عن النبي ول كرامة‪.‬‬
‫فتلك البدع ل ينبغي لحد أن يَحوم حول حماها‪ ،‬وإنما ينبغي أن نُطبّق السنن‪ ،‬وأن نأخذ بما جاء في كتاب ال أو في سنّة‬
‫رسوله صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فهذه البدعة‪-‬كما حدثني من حدثني‪-‬قد شاعت في هذه اليام ‪ ..‬يدعو إنسان ويُؤمّن الخرون‪ ،‬وهذا ينبغي أن يُنبّه الناس‬
‫على أنه ليس من السنّة‪ ،‬بل هو البدعة بعينها؛ وال المستعان‪ ،‬ونسأله أن يُوفّقنا للعمل بكتابه وبسنّة رسوله وأن نجتنب‬
‫‪88‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬هل في صلة الجنازة‪-‬صلة الميت‪-‬استدراك ؟ وكيف يكون إذا كان ؟‬


‫ج‪ :‬صلة النازة‪:‬‬
‫‪-1‬فريضة على الكفاية ‪ ..‬هذا الذي ذهب إليه جهور المّة‪ ،‬وهو الصحيح عندي‪.‬‬
‫‪-2‬وذهبت طائفة من أهل العلم إل أنا سنّة‪.‬‬
‫‪-3‬وذهبت طائفة من أهل العلم إل أنا نافلة؛ وهم يعنون أنا سنّة ولكنها ل تصل إل درجة التأكيد؛ وهذان القولن‬
‫ليسا بشيء‪.‬‬
‫والصواب فيها ما قدّمتُه‪ ،‬لدلة متعددة‪ ،‬ذكرها أهل العلم ف كتبهم‪ ،‬ول داعي لذكر ذلك‪ ،‬لنّ هذا القول مشهور‬
‫واضح جليّ‪.‬‬
‫لذلك نقول‪ " :‬إنه إذا قامت طائفة من الناس بالصلة على النازة فإنّ الفرض الكفائي يسقط بفعل تلك الماعة "؛‬
‫وقد اختلف العلماء ف عدد الماعة‪:‬‬
‫‪-1‬منهم من قال‪ :‬إنه يكفي أن يصلي عليه شخص واحد‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم من قال‪ :‬يكفي أن يصلي عليه اثنان‪.‬‬
‫‪-3‬ومنهم من قال‪ :‬ثلثة‪-4.‬ومنهم من قال‪ :‬أربعة‪.‬‬
‫وعند المكان ‪ ..‬أي عندما تكون هنالك جاعة فإنه ينبغي أن تصلي على اليت جاعة كبية على أقصى ما يكن‬
‫وألّ يُكتفى بماعة صغية لا جاء من مشروعية ذلك‪ ،‬أما عند الضرورة فإنّ للضرورة أحكاما تصها‪ ،‬فيمكن أن‬
‫يُكتفى بواحد إذا ل يوجد غيه‪ ،‬وإذا ل يوجد أحد من الرجال فإنه تصلي عليه النساء‪ ،‬وقد ذكرتُ ذلك ف جواب‬
‫سابق‪ ،1‬فل داعي للطالة بذلك مرة ثانية‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل الستدراك فإنّ النسان إذا جاء ووجد الماعة تصلي على النازة فإنه إن أراد أن يصلي معهم فإنّ‬
‫ذلك حسن‪ ،‬وإن كان ذلك ليس بلزم عليه‪ ،‬لنّ الفرض الكفائي قد سقط عنه بفعل الماعة الت تصلي على اليت‪.‬‬
‫فإذا دخل معهم فاختلفوا ف أوّل ما يأت به‪ ،‬وذلك بناء على خلفهم ‪ ..‬هل ما أدركه الأموم هو أول صلته أو هو‬
‫آخر صلته‪:‬‬
‫‪-1‬والذي نراه ونأخذ به أنّ ما أدركه الأموم مع المام‪-‬سواء كان ذلك ف الصلوات العادية أو كان ذلك ف صلة‬
‫النازة‪-‬هو آخر صلته‪ ،‬وعليه فإنه يتابع المام على فعله ذاك‪.‬‬
‫‪-2‬وذهب بعض أهل العلم إل أنّ ما أدركه الأموم هو أول صلته‪ ،‬وعليه فإنه بعد أن يكب يأت بفاتة الكتاب‬
‫وهكذا على الصفة العلومة‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل قضاء ما فاته فقد اختلف العلماء ف ذلك‪:‬‬

‫البدع؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪." .‬‬


‫‪-1‬في الجواب على السؤال ‪ 6‬مِن حلقة ليلة ‪ 10‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪4/11/2003‬م )‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-1‬ذهب بعضهم إل أنه ل قضاء عليه‪ ،‬وهذا‪-‬طبعا‪-‬ف صلة النائز ل ف الصلوات الفرائض‪ ،‬حت ل يظ ّن بعض‬
‫الناس أنه شامل للفرائض فلبد من أن ينتبه لذلك ‪ ..‬ذهب بعض العلماء إل أنه ل قضاء عليه وإنا يُسلّم بعد إمامه‪،‬‬
‫إذ إنه قد صلى على ذلك اليت جاعة من الناس ول استدراك ف هذه الصلة‪.‬‬
‫‪-2‬وذهب بعض أهل العلم إل أنه يكب من غي أن يأت بشيء من الدعية ‪ ..‬يأت بالتكبيات الت فاتته ويُسلّم ول‬
‫شيء عليه‪.‬‬
‫‪-3‬وذهب بعض أهل العلم إل أنه يستدرك ما فاته ويتصر ما أمكنه ف الدعاء؛ وهذا ل إشكال فيه على رأي‪ ،‬أما‬
‫على رأي من يقول‪ " :‬إنّ ما فاته هو أول صلته وأنّ ما أدركه هو آخرها " فلبد من أن يأت بفاتة الكتاب‪ ،‬إذ إنّ‬
‫هذا هو الفائت ول يكنه أن يقتصر على بعضها‪.‬‬
‫‪-4‬وبعضهم قال‪ :‬إن بقي اليت ف موضعه فإنه يستدرك‪ ،‬وإن ل يبق بأن حُمل فل استدراك عليه‪.‬‬
‫والذي يظهر ل أنه ل مانع من الستدراك حُمل اليت أو بقي ف مكانه‪ ،‬إذ ل يُشترط بأن يبقى اليت ف موضعه ‪..‬‬
‫نعم‪ ،‬ذلك هو الصل ولكن إذا ل يتمكن النسان من القضاء فليقض ما فاته وليختصر غاية ما أمكنه‪ ،‬وأرى هذا‬
‫القول هو القول الصحيح‪ ،‬وإن كان إذا سلّم ل نقول‪ " :‬إنه قد أخطأ "‪ ،‬لنّ هذه السألة مسألة اجتهادية وليس فيها‬
‫دليل واضح على واحد من هذه القوال‪ ،‬ث إنه قد قام بالفرض غيه من الناس فالصلة ف حقه ليست بفريضة ‪ ..‬هذا‬
‫ما ذهب إليه غي واحد من أهل العلم؛ والعلم عند ال تعال‪.‬‬
‫س‪ :‬بعد النتهاء من دفن الميت مباشرة يجلس المشيّعون ويقوم أحد الشخاص بضرب الرض حول القبر عدّة‬
‫مرات وهو يقول‪ " :‬ل إله إل ال‪ ،‬محمد رسول ال " ويسمّونه بتوحيش القبر‪ ،‬ظنّا منهم لمنع الحيوانات المفترِسة‬
‫خشية أن تصل إليه‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذا ل يثبت ف سنّة رسول ال ‪ ،‬إذ إنن ل أجد دليل ف السنّة يدل عليه؛ وهو الذي صرّح به العلمة المام‬
‫أبو نبهان رحه ال تبارك وتعال‪ ،‬ولكنّ المر كما قاله هذا المام ‪ ..‬إن كانت فيه مصلحة للميت ‪ ..‬مافة أن يأت‬
‫شيء من اليوانات الفترِسة وتقوم بنبش ذلك القب وتفترس ذلك اليت ‪ ..‬فإن كانت ف ذلك مصلحة فل مانع من‬
‫ذلك‪ ،‬أما أن يقال أنّ ذلك ثابت عن النب فهذا ما ل أصل له‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وكثي من الناس يسألون عن قضية رَشّ اليت‪ ،1‬ول بأس بالجابة على هذا السؤال لشهرة البحث عن هذه‬
‫السألة‪ ،‬ونقول‪ :‬إنه قد جاءت بعض الحاديث تدل على ذلك‪ ،‬وقد ذهب غي واحد من أهل العلم إل أنّ تلك‬
‫الحاديث يش ّد بعضها بعضا فتقوم با الجة‪ ،‬وهذا له وجه وجيه من الصواب‪.‬‬
‫ولكنّ كثيا من الناس ل يكتفون بذلك بل يقومون برشّ بعض القبور الجاوِرة له وهذا خطأ واضح فل يصح‪،‬‬
‫ولذلك قال المام نور الدين رحه ال تبارك وتعال‪:2‬‬
‫لنه به أحقّ فادْر‬ ‫‪3‬‬
‫وفضله يُردّ فوق النهر‬

‫ش الميت "‪.‬‬‫ش قبر الميت " بدل مِن قوله‪ " :‬رَ ّ‬‫صدَ أن يقول‪ " :‬رَ ّ‬ ‫ن الشيخ َق َ‬
‫‪-1‬الظاهر أ ّ‬
‫‪-2‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب الجنائز‪ ،‬باب القبر‪.‬‬
‫‪-3‬ورد في الطبعة التي بأيدينا‪ " :‬القبر " بدل مِن " النهر "‪.‬‬
‫‪90‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫" وفضله " أي الاء التبقي من رشّ قب اليت‪.‬‬


‫فإذن الصواب يُرشّ قب ذلك اليت من غي أن يُرشّ شيء من القبور الخرى؛ والعلم عند ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫س‪ :‬الميّت الذي يُغسّل‪ ،‬هل يَشعر بالم َغسّلِين ؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم‪ ،‬عِلْم ذلك عند ال تبارك وتعال‪ ،‬وليس ذلك بِبَعيد‪ ،‬لنّه َثبَت ف الحاديث بِأنّ اليت يَشعُر عندما يَأت‬
‫بعض الناس ويَمرّون عليه ويُسلّمون عليه ‪ ..‬إل غي ذلك مِن الحاديث الكثية الت تدلّ على مثل هذه المور‪،‬‬
‫والوْل أن َنرُد أمْر مثل هذه المور إل الالِق تبارك وتعال‪ ،‬وليست هنالك فائدة كبية مِن الكلم على مثل هذه‬
‫القضايا ومعرفة ما يقع ف ذلك‪ ،‬بل علينا أن نعتب بثل هذه المور‪ ،‬ونعلم يقينا بأنه سيأتينا هذا اليوم جيعا الذي‬
‫سنُغسّل فيه وسنُحمَل فيه على العناق وسنُوارَى فيه ف القبور‪ ،‬ونسأل ال السلمة ما يقع بعد ذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا أوصى الميت بأن يُدفن في بلد بعيدة‪ ،‬هل تُنفّذ وصيته ؟‬
‫ج‪ :‬هذه الوصية ليست فيها مصلحة لذلك اليت‪ ،‬وعليه نقول ل تُنفّذ؛ والعلماء اختلفوا ف هذه القضية‪:‬‬
‫‪-1‬منهم مَن قال‪ :‬إنّ ذلك حرام‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم مَن قال‪ :‬إنّ ذلك مكروه‪.‬‬
‫ومهما كان فمثل هذه الوصية ل تُنفّذ‪ ،‬إذ ليست هنالك مصلحة للميت‪ ،‬وكلّ أمر يالِف سنّة رسول ال فإنه‬
‫مردود على صاحبه‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬إذا أوصى بِأن يُدَفنَ عند قْبرِ بعضِ أهلِ الصلح‪-‬وما شابه ذلك‪-‬وكان ذلك ف مكا ٍن قريبٍ جِدّا‪-‬بِأن كان ف‬
‫القبة القريبة مِن بلدِه‪-‬فهذا قد تكون فيه مصلحة‪ ،‬أما أن يوصي هذا الشخص بأن يُدفن ف بلد بعيدة أو ما شابه‬
‫ذلك فهذه الوصية ل تُنفّذ بل تردّ على صاحبها؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬في بعض الحيان الناس ينتظرون الميت إلى أن يأتي أهله البعدون من أماكن بعيدة ويحبسون الناس فترة‬
‫طويلة‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل داعي لثل ذلك‪ ،‬بل ينبغي السراع ف تهيز اليت ودفنه‪ ،‬وينبغي‪-‬أيضا‪-‬السراع ف تنفيذ وصية اليت‬
‫ولسيما فيما يتعلق بقوق الناس‪ ،‬وكثي من الناس‪-‬وللسف الشديد‪-‬يتساهلون بذه القضية ‪ ..‬يهتمون بقسمة‬
‫الموال وما شابه ذلك ول يَلتفتون إل تنفيذ وصايا ذلك التوف‪ ،‬فينبغي السراع بذلك ولسيما فيما يتعلق بالديون‪.‬‬
‫س‪ :‬قد يوصي الميت بمبلغ لحافر القبر و ِلمُغسّله ومُكفّنه ؟‬
‫ج‪ :‬إذا أوصى لافر القب فتُنفّذ هذه الوصية‪ ،‬وأما‪-‬ف القيقة‪-‬ما يتعلق بتغسيل اليت وما شابه ذلك فل داعي لذلك؛‬
‫ومثل هذه القضية ينبغي أن يُسأل عن كل واحدة منها عند حدوثها‪ ،‬لنّ الصل ‪ ..‬هذه من القوق الت للميت فما‬
‫الداعي إل مثل ذلك ؟! نعم‪ ،‬إذا كان بعض الناس فقراء وباجة ماسّة فالمر يتلف‪ ،‬فالاصل حفر القب فيه شيء‬
‫من الشقة بلف بقية المور الخرى‪ ،‬فحفر القب تُنفّذ لِمَن حفره الوصية‪ ،1‬أما بالنسبة إل الشياء الخرى فينبغي‬
‫أن يُسأل عن كل قضية قضية‪ ،‬ول داعي لن نُجيب على العموم لا ف ذلك من الصلحة؛ وال أعلم‪.‬‬

‫‪-1‬لعلّ الحسن أن يقال‪ " :‬تُن ّفذُ الوصيةُ ِلمَن حفرَه "‪ ،‬دفعا لللتباس‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬ما كيفية إدخال الميت في القبر ؟‬


‫ج‪ :‬اختلف العلماء ف هذه السألة؛ وهذا‪-‬طبعا‪-‬خلفٌ‪-‬كما ذكرتُ ف بعض السائل‪-‬ليس ف قضية الوجوب‬
‫وعدمه‪ ،‬إذ إنه ل يَقل أحد من العلماء بوجوب إدخاله على الصفة الفلنية من الصفات الت سأذكرها بعد قليل إن‬
‫شاء ال تبارك وتعال‪ ،‬وإنا خلفهم ف الفضل وف الثابت ف سنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء ف الفضل من هذه الكيفيات الثلث‪:‬‬
‫‪-1‬منهم من قال‪ :‬يُدخل اليت من جهة القبلة ‪ ..‬يُسلّ من الهة معترِضا‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم من قال‪ :‬إنّ اليت يُدخل من جهة رأس القب ‪ ..‬يُدخل أوّل الرجلن وهكذا‪.‬‬
‫‪-3‬ومنهم من يقول‪ :‬إنه يُدخل من جهة رجلي القب ‪ ..‬يؤخذ اليت من رأسه ويُدخل‪-‬كما ذكرتُ‪-‬من جهة رجلي‬
‫القب؛ وهذا القول هو القول الصحيح؛ وال أعلم؛ فإذن يُسلّ من جهة رجلي القب ‪ ..‬هذا هو الوْل‪.‬‬
‫وجاءت رواية فيها أنّ ذلك هو السنّة‪ ،‬ومن العلوم عند الحدثي والصوليي إذا قيل‪ " :‬السنّة كذا " فياد با السنّة‬
‫الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬هذا الذي ذهب إليه جهور أهل العلم‪ ،‬وقد حكى الاكم ف "‬
‫الستدرَك " اتفاق أهل العلم عليه وليس بشيء‪ ،‬لوجود اللف ف ذلك‪ ،‬ولكنّ القول الصحيح أنه إذا جاء أنّ السنّة‬
‫كذا أو هذا السنّة أو ما شابه ذلك من اللفاظ الت فيها ذِكر " السنّة " فالراد بذلك السنّة الروية عن النب ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل هناك أولوية لرحامه في النزول إلى القبر إذا كان رجل ؟ وماذا‪-‬أيضا‪-‬إذا كان امرأة ؟‬
‫ج‪ :‬ل شك أنّ القارب أوْل‪ ،‬فالصل هكذا ولكن بشرط أن يكون من يَدخل يَعرف السنّة ف وضع اليت على‬
‫الكيفية العروفة أو على أقل تقدير بأن يَصف له بعض الاضرين الذين يَعلمون ذلك السنّةَ الثابتة ف كيفية وضع‬
‫اليت‪.‬‬
‫والاصل أنه يوز أن يقوم بإدخال اليت القارب والباعد ول فرق بي الرجال والنساء ف ذلك ‪ ..‬أعن بذلك اليت‬
‫ل من يضع اليت‪ ،‬وإل فإنّ النساء ل يَذهب إل القبة لِما ذكرناه‪-‬سابقا‪-1‬مِن ني النب صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪ ،‬وقد اختلف العلماء ف هذا النهي هل هو للتكريه أو للتحري كما قدّمنا‪ .. 2‬نعم‪ ،‬إذا كانت هنالك ضرورة‬
‫مِلحّة بأن ل يوجد أحد من الرجال فللضرورة قدرها‪.‬‬
‫فوضع اليت إذا كانت امرأة ف القب ل مانع من أن يقوم به بعض الباعد‪ ،‬كما ثبت ذلك ف سنّة رسول ال صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فقد قام بوضع ابنته‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬أبو طلحة وهو من النصار وليس هو من أقاربا‬
‫مع حضور النب ومع حضور زوجها عثمان بن عفان‪ ،‬وقد جاء ف تلك الرواية بأنّ النب طلب أن يضع ابنته‬
‫ف القب من ل يُباشِر ف تلك الليلة ‪ ..‬أي من ل يُباشِر زوجه ف تلك الليلة‪ ،‬وقد اختلف العلماء ف الكمة من ذلك‪،‬‬
‫ولم ف ذلك كلم طويل‪ ،‬ل داعي لذكره ف مثل هذا الوقت؛ والعلم عند ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫ج ُكمْ تَارَةً‬
‫مِ ْنهَا خَ َلقْنَا ُكمْ وَفِيهَا ُنعِي ُد ُكمْ َومِ ْنهَا ُنخْ ِر ُ‬ ‫س‪ :‬هناك من عندما يضع الميت في القبر يقرأ قوله تعالى‪:‬‬
‫[ سورة طه‪ ،‬الية‪ ،] 55 :‬فهل ورد شيء يُثبِت ذلك ؟‬ ‫ُأخْرَى‬

‫‪-1‬في الجواب على السؤال ‪ 13‬مِن حلقة ليلة ‪ 12‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪6/11/2003‬م )‪.‬‬
‫‪-2‬في الجواب على السؤال ‪ 6‬مِن حلقة ليلة ‪ 10‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪4/11/2003‬م )‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬هذا ل أصل له ف سنّة رسول ال ‪.‬‬


‫وليُعلَم أنه إذا قلتُ عن شيء أو قال‪-‬أيضا‪-‬غيي عن شيء‪ " :‬إنه ل أصل له ف سنّة رسول ال " فإننا ف بعض‬
‫الحيان نريد أنه ل أصل له ف الثابت من سنّة رسول ال ‪ ،‬وف بعض الحيان يُراد به أنه ل يأت من طريق أبدا‬
‫‪ ..‬أي ل يُنسب إل النب ‪.‬‬
‫وهذه الرواية من القسم الول‪ ،‬إذ إنه قد جاءت رواية‪-‬تُنسب إل النب ‪-‬بشروعية قراءة هذه الية عند وضع‬
‫اليت ف قبه ولكنّ هذه الرواية ل تَثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬لنا من طريق عبيد ال بن زَحر وهو ضعيف‬
‫جدا‪-‬كما هو معلوم‪-‬ل يُحتج بروايته‪ ،‬وف إسنادها‪-‬أيضا‪-‬ضعيفان بل ها أشدّ من ذلك فل يكن أن يُحتج بثل‬
‫هذه الرواية ‪ ..‬الراوي الثان الضعيف بل هو ضعيف جدا عليّ بن يزيد‪ ،‬وقد أخطأ المام النووي حيث قال‪" :‬‬
‫عليّ بن زيد بن جُدْعان " وليس المر كذلك‪ ،‬وإن كان عليّ هذا‪-‬أيضا‪-‬ضعيفا ولكنه ل يصل إل درجة‬
‫عليّ بن يزيد‪ ،‬والراوي الثالث هو القاسم أبو عبد الرحن‪ ،‬وقد قال ابن حبان الافظ عن هؤلء الرواة بأنم إذا رووا‬
‫خبا عن رسول ال فإنه ل يُشك أنّ هذا الب ما عملته أيديهم؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫وإنا ينبغي أن يقال‪ " :‬بسم ال‪ ،‬وعلى ملّة رسول ال "‪.1‬‬
‫أما هذه الرواية التالفة الباطلة الت فيها ذكر هذه الية فل‪.‬‬
‫قد يقول قائل‪ " :‬هذه آية قرآنية والنسان ملوق من الرض‪-‬كما هو معلوم‪-‬وبعد ذلك يوضع فيها‪-‬وهو‬
‫مشاهَد‪-‬ث إنه سيخرج منها ف يوم القيامة " ‪ ..‬نعم‪ ،‬المر كذلك وإنا هل ثبت ذلك عن رسول ال ؟ ل‪ ،‬ذلك‬
‫ل يثبت عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬هل يُمكن أن نتج برواية عبيد ال بن زَحر الذي يقول عنه‬
‫ابن حبان‪ " :‬يروي الوضوعات عن الثقات‪ ،‬وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات‪ ،‬وإذا اجتمع ف هذا السناد‬
‫خب هؤلء الثلثة ل يُشك بأنّ هذا الب ما صنعته أيديهم " ؟! ‪ ..‬هل يُمكن أن نتج بثل هذه الرواية الباطلة العاطلة‬
‫الوضوعة الخترعة الصنوعة على رسول ال ؟! ليس كل شيء هو الواقع ‪ ..‬أي كذلك ‪ ..‬يكن أن يُؤتى به‪.‬‬
‫ول بأس أن أخرج عن هذه القضية لفائدة مهمة‪ ،‬وأنا أهتم بالفوائد والحكام الشرعية ول أتقيد بالسئلة كثيا‪،‬‬
‫للّ‬
‫وهذا دليلي فيه حديث الرسول ‪ ،‬فهو عندما سئل عن حكم الوضوء باء البحر قال‪ ( :‬هو الطهور ماؤه‪ ،‬ا ِ‬

‫‪-1‬تعرّض الشيخ لهذا مرّة أخرى أثناء جوابه على السؤال ‪ 16‬من حلقة ليلة ‪ 22‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪16/11/2003‬م )‪،‬‬
‫ص ذلك السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك‪:‬‬ ‫وهذا هو ن ّ‬
‫" س ‪ :16‬البعض عندما يضعون الميت في القبر يقوم أحدهم بتمرير يده على التراب الموجود أعلى القبر وينطق‬
‫بالشهادتين‪ ،‬وكأنه يُودّعه بتلك الكلمات ؟‬
‫ج‪ :‬ال المستعان؛ هذه بدعة من البدع‪ ،‬والبدع كثيرة؛ وأنا بيّنت [ في الجواب على السؤال ‪ 10‬من هذه الحلقة‪ ،‬أعله ]‬
‫بأنّه لم يثبت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬في قضية دفن الموات شيء إل ما جاء عنه‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪-‬من أنه يقال عند وضع الميت‪ ( :‬بسم ال‪ ،‬وعلى ملّة رسول ال )‪ ،‬وكذلك ما جاء من الدعاء لذلك الميت‬
‫بالتثبيت بعد النتهاء من دفنه‪ ،‬وكل شخص‪-‬كما قلتُ [ في الجواب على السؤال ‪ 12‬من حلقة ليلة ‪ 19‬رمضان ‪1424‬هـ‬
‫( ‪13/11/2003‬م )‪ ،‬وقد نُقِلَ نصّ ذلك السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك في التعليق الموجود بحاشية الصفحة ‪ 3‬مِن‬
‫هذه الحلقة ]‪-‬يدعو بمفرده‪ ،‬من غير أن يقوم شخص بالدعاء ويؤمّن كثير من الناس على دعائه ذلك‪ ،‬فإنّ ذلك‪-‬أيضا‪-‬من‬
‫البدع؛ فينبغي النتهاء عن هذه البدع وأن نطبّق السنن الثابتة‪ ،‬وخير الهدي هدي محمد ؛ والعلم عند ال‪." .‬‬
‫‪93‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ميتته )‪ ،‬فتكلم على حكم اليتة وعلى حكم الوضوء من ماء البحر مع أنه ل يُسأل إل عن واحد منهما؛ فإذا كان ف‬
‫ذلك فائدة فل مانع من ذلك‪.‬‬
‫على كل حال؛ عندما يقول الؤذن‪ " :‬ل إله إل ال " كثي من الناس يقولون‪ " :‬حقّ ‪ ..‬ل إله إل ال " ل شك ف أنّ‬
‫" ل إله إل ال " حقّ‪ ،‬وأيّ حقّ‪ ،‬وكذلك بالنسبة إل بقية اللفاظ " ال أكب " حقّ‪ ،‬و " أشهد ألّ إله إل ال " حقّ‪،‬‬
‫و " أشهد أنّ ممدا رسول ال " حقّ‪ ،‬و " حيّ على الصلة " كذلك‪ ،‬و " حيّ على الفلح " كذلك ‪ ..‬نن علينا‬
‫أن نطبّق السّنن ونتّبِع رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولنا فيه السوة السنة‪ ،‬ل أن نبتدع ونأت ببعض‬
‫المور الخترعة الكذوبة الت صنعتها أيدي بعض الرواة الكَذَبة الذين لم أغراض ل تفى على الفطِن ف وضع مثل‬
‫هذه الحاديث ونسبتها إل رسول ال ؛ وال الستعان‪.‬‬
‫س‪ :‬البعض عندما يحمل الجنازة ينادي بصوت مسموع‪ " :‬اذكروا ال ‪ ..‬اذكر ربك يا غافل "‪ ،‬فما رأيكم ؟‬
‫ج‪ :‬هذا ل أصل له ف سنّة رسول ال ‪ ..‬نعم‪ ،‬كثي من الناس يأتون بذا‪ ،‬ومنهم من يقول‪ " :‬صلّوا على النب "‬
‫بصوت مرتفع مع أنه هو ل يصلي عليه‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬أو أكثرهم يصنع كذلك ‪ ..‬ف ذلك الوقت‪ ،‬ل‬
‫أقول‪ " :‬ل يصلي عليه مطلقا " وهكذا ‪ ..‬هذا منكر‪.‬‬
‫العلماء منهم من يقول‪ :‬إنّ الطلوب ف هذا الوقت الصّمت والعتبار والتعاظ بثل هذا الال وأن يتذكر النسان‬
‫بأنه سيصي ف يوم من اليام إل مثل هذا الال وأنّ المر لن يقف عند هذا الد بل إنه سيُسأل ف قبه وسيُحاسب‬
‫يوم القيامة وسيكون مصيه إما إل النة أو إل النار والعياذ بال‪-‬تبارك وتعال‪-‬منها وما يُقرّب إليها‪.‬‬
‫ومنهم من يقول‪ :‬ل بأس من أن يَذكر ال بصوت خافت ‪ ..‬يمع بي المرين ‪ ..‬بي التعاظ والعتبار وأخذ‬
‫الوعظة وبي ذكر ال‪-‬تبارك تعال‪-‬بصوت خافت‪.‬‬
‫أما أن ينادي هذا وهذا ‪ ..‬هذا من هنا وذاك من هناك‪ " :‬اذكروا ال " أو ما شابه ذلك فهذا ما ل أصل له ف السنّة‪،‬‬
‫بل هو من البدع الت ينبغي النتهاء عنها؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬تركّبت عند بعض الناس معلومة مفادها أنّ الباء والرحام ل يحملون جنازات أرحامهم وآبائهم وإنما يكتفون‬
‫بالمشي خلفها‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟‬
‫ج‪ :‬نعم ‪ ..‬هذا مشهور عند كثي من العوام‪ ،‬وكثي من البدع مشهورة عند العوام‪.‬‬
‫هذا ل أصل له ف سنّة رسول ال ‪ ..‬ينبغي أن يكون القارب ف مقدّمة الرّكب ‪ ..‬ل مانع من أن يَحمل القارب‬
‫وأن ينالوا ذلك الفضل العظيم الذي أخب به الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله سلم‪-‬لن حل جنازة وكان‪-‬طبعا‪-‬‬
‫يقصد بذلك وجه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول مقصود له سواه‪.‬‬
‫س‪ :‬البعض عندما يحمل الطارقة‪-‬الحاملة التي عليها الميت‪ُ -‬ي َقفّزها ثلث خطوات ثم يبدأ النطلق بها ؟‬
‫ج‪ :‬هذه بدعة‪ ،‬ل أصل لا أبدا ‪ ..‬ل تثبت عن رسول ال ول عن صحابته الكرام ول عن أهل العلم الذين اتبعوا‬
‫رسول ال واقتدَوا به ‪ ..‬هذه بدع ينبغي أن يتنبها الناس‪ ،‬وينبغي لنا جيعا أن نتعاون على البِر والتقوى وأن نأمر‬
‫بالعروف وننهى عن النكر وأن ندعو الناس بالكمة والوعظة السنة وأن نُخبهم با ثبت عن رسول ال وما ل‬

‫‪94‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫يثبت حت نقتدي بالرسول فيما ثبت عنه ونتنب ما نى عنه أو ل يثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬ومن‬
‫العلوم بأنه إذا كان الرسول يفعل بعض المور ف مثل هذه الشياء وَترَك بعض المور أنّ تلك المور الت تركها‬
‫ليست بشروعة ‪ ..‬ل يُمكن أن يقال َترَكَها الرسول ولكنه ل يَنه عنها ‪ ..‬نعم‪ ،‬وإن كان ل يَنه عنها لكنه ل‬
‫يفعلها ولو كان ف ذلك خي لفعله الرسول صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وقد أحسن المام السالي‪-‬رحه‬
‫ال تبارك وتعال‪-‬عندما ذكر قراءة القرآن على القبور عندما قال‪:1‬‬
‫إل سلما ودعا وأدبرا‬ ‫فالصطفى‪ 2‬قد زارها وما قرا‬
‫بسنّة توجد ف الأثور‬ ‫ول تكن قراءة القبور‬
‫على كل حال‪ ،‬ث قال‪:‬‬
‫‪.........................‬‬ ‫‪3‬‬
‫لو كان خيا ل يَ ُفتْ ممدا‬
‫فما فات الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬فلو كان ف ذلك خي لفعله الرسول صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪ ،‬ث قال‪:‬‬
‫وإن يقولوا خالف الثارا‬ ‫حسبك أن تتبع الختارا‬
‫والعلماء قد شددوا ف مالفة الرسول ‪ ،‬ويعجبن ما ذكره المام الحقّق العلّمة سعيد بن خلفان‪-‬رحه ال تبارك‬
‫وتعال‪-‬عندما سُئل عن قضية خالف فيها بعضُ أهل العلم سنّة ثابتة عن الرسول فقال المام الحقّق‪-‬رحه ال‪-‬ف‬
‫ذلك‪ " :‬ومِن ال َعجَب أن َأنُصّ لك عن رسول ال وأنت تُعارضن بعلماء بيضة السلم من غي دليل ول واضح‬
‫سبيل ‪ ..‬أليس هذا ف العيان نوعا مِن الذيان ؟! " والمام الليلي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬يقول‪ " :‬وقول بلف‬
‫الديث يُضرب به عرض الائط " ‪ ..‬على كل حال‪:‬‬
‫ول كلم الصطفى الوّاه‬ ‫ول تُناظِر بكتاب ال‬
‫‪4‬‬
‫ولو يكون عالا خبيا‬ ‫معناه ل تعل له نظيا‬
‫وهذا‪-‬طبعا‪-‬إذا قال به بعض أهل العلم ظنّا منهم أنّ ذلك هو الطلوب أو ما شابه ذلك‪ ،‬فكيف إذا ل يقل بذلك‬
‫أحد من علماء السلمي قاطبة‪.‬‬
‫فهذا‪-‬على كل حال‪-‬ما ينبغي أن يُنهى عنه‪ ،‬ولكنن‪-‬كما قلتُ أكثر من مرة‪-‬أنه ينبغي أن نستعمل الكمة ف مثل‬
‫هذه المور وأ ّل نتسرع ف ني الناس فإنّ الناس ف كثي من الحوال ل يتقبلون مثل هذه المور لنم شبّوا وشابوا‬

‫‪-1‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب المانة‪ ،‬باب الوقف‪.‬‬
‫‪-2‬ورد في الطبعة التي بأيدينا‪ " :‬والمصطفى " بدل من " فالمصطفى "‪.‬‬
‫‪-3‬ورد في الطبعة التي بأيدينا هكذا‪:‬‬
‫لو كان خيرا سبق المختار *** له وصحبه متى ما زاروا‬
‫‪-4‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب أصول الدين‪.‬‬
‫وورد البيتان في الطبعة التي بأيدينا هكذا‪:‬‬
‫ول نُناظِر بكتاب ال *** ول كلم المصطفى الوّاه‬
‫معناه لم نَجعل له نظيرا *** ولو يكون عالما خبيرا‬
‫‪95‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫على مثل هذه القضايا فليس من السهولة أن يَرتدِع بعض العوام عن مثل هذه المور ولسيما إذا كان من يقوم بالمر‬
‫والنهي طالبا صغيا فإنم قد ل يُصدّقونه وقد ل يقبلون منه لمر أو لخر؛ فنسأل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬التوفيق‪ ،‬وال‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬الشهيد‪ ،‬كيف يكون التعامل معه في التغسيل ؟ هل يُغسّل ؟ هل يُكفّن ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ الشهيد هو من مات ف أرض العركة ‪ ..‬إذا مات ف ذلك ول يُنقل فهذا هو الذي يُحكم عليه‬
‫بكم الشهيد ف هذه القضية؛ وإلّ فالشهداء كثيون‪ ،‬كما ورد ذلك ف سنّة رسول ال ‪ ،‬ولكنّ الراد بالشهيد‬
‫ها هنا هو الذي يُحكم عليه بذا الكم ف باب النائز‪.‬‬
‫فعلى كل حال الشهيد يُدفن ف ثيابه الت مات فيها إن كانت عليه ثياب‪-‬أما إذا سُلِب فلبد من أن يُؤتى له ببعض‬
‫الثياب‪-‬ول يُنع منه إل السلح وما شابه ذلك أما ما عدا ذلك فهو يوضع عليه‪.‬‬
‫ول يَحتاج إل تغسيل بل يُدفن على ذلك‪.‬‬
‫وقد اختلفوا ف الصلة عليه‪:‬‬
‫‪-1‬ذهب بعض أهل العلم إل أنه يُصلّى على الشهيد‪.‬‬
‫‪-2‬وذهب بعضهم إل أنه ل يُصلّى عليه‪.‬‬
‫والقول بالصلة عليه قول قوي‪ ،‬وقد دلّت عليه بعض الحاديث‪.‬‬
‫أما الحاديث الت تدل على عدم مشروعية الصلة عليه فهي نافية وغيُها مُثبِت والُثبِت مقدّم على الناف؛ وف ذلك‬
‫احتياط وسلمة للدين‪ ،‬وقد ثبت أنّ الرسول قد جاء بعد مدّة‪-‬بعد سنوات‪-‬وصلّى على شهداء أُحُد‪ ،‬وجاء ف‬
‫بعض الروايات الت قوّاها بعض أهل العلم بأنه قد صلّى عليهم‪-‬أيضا‪-‬بعد النتهاء من العركة‪ ،‬فرواية من روى‬
‫خلفَ ذلك تُحمل على أنه ل يَعلم بذلك‪.‬‬
‫وليس بغريبٍ مِن أن يَنسى بعض الصحابة‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليهم‪-‬بعض المور أو أنم ل يعلموا با أصل‪،‬‬
‫ولذلك أمثلة كثية ل يُمكن التيان با ف هذا الوقت‪.‬‬
‫فإذن يُصلّى عليه على الصحيح‪.‬‬
‫ومن العجب أنّ بعض أهل العلم قال‪ " :‬يُجمع بي الروايات الثبِتة والنافية بأنّ رواية الثبات تُحمل على ندبية الصلة‬
‫وعدم وجوبا‪ ،‬ورواية النفي تُحمل على عدم الوجوب " ‪ ..‬هذا كلم غريب ‪ ..‬لو جاء هذا ف قضية وذلك ف قضية‬
‫أخرى ‪ ..‬أي ف حادثة وذاك ف حادثة ‪ ..‬أي صلى مرّة وصلى مرّة فيمكن أن يُحمل على هذا ول يقال بالنسخ‪ ،‬أما‬
‫أن يكون ذلك ف قضية واحدة ف وقت واحد فهذا ما ل يُمكن‪ ،‬لنه إما أن يكون َفعَل أو ل يفعل‪ ،‬فكيف يقال‪" :‬‬
‫هذا ممول على كذا وهذا على كذا " ؟! نعم‪ ،‬لو أرادوا بذلك الرواية الت فيها صلى بعد سنوات ول يُثبتوا الرواية‬
‫الت صلى ف ذلك الوقت لكان لذا وجه من الصواب‪ ،‬أما أن يقال بصحة جيع الروايات الت فيها أنه صلى ف ذلك‬
‫الوقت ول يُصلّ فهذا ما ل يُمكن أن يقال به‪ ،‬فهذا خطأ واضح؛ وال أعلم‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬الحديث الذي ورد فيه أنّ الذي سار مع الجنازة إلى نهايتها أو رجع عنها له قيراط أو قيراطان من الجر‪،1‬‬
‫ما صحّته ؟ وما حكم الرجوع عن الجنازة بعدما يسير النسان معها ‪ ..‬هل يلزم أن يبقى إلى آخرها أو يمكن أنه‬
‫إذا بدا له أمر يذهب عنها ؟‬
‫ج‪ :‬هذا الديث صحيح ثابت عن النب ‪ ،‬ولذلك نقول‪ :‬إنه ينبغي العتناء بذا المر‪ ،‬وأن تُشيّع النائز حت تُدفن‬
‫ويرجع بعد ذلك السلمون‪ ،‬ويُشرع‪-‬أيضا‪-‬ف ذلك الدعاء للميت‪ ،‬أما التلقي‪-‬كما قلتُ [ ص ‪-] 2‬ل يُلقّن وإنا‬
‫يُدعى له ويُسأل له التثبيت‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إل سؤاله عن الرجوع قبل ذلك‪ 2‬فالاصل هو ل يب عليه أن يرافقهم إن ل تكن هنالك حاجة تدعو‬
‫إل ذهابه معهم كأن يكون هو البصر بذا المر ول يَعرف أحدٌ كيف يوضَع اليت أو ما شابه ذلك ‪ ..‬إن ل تكن‬
‫هنالك حاجة فل مانع مِن أن يرجع‪ ،‬ولكن ل شك بأنه سيفوته الفضل؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬أحكام صلة الخسوف والكسوف‬


‫ن خسوفا كليا للقمر سيكون في سماء هذه الدنيا وسيُرى‪-‬أيضا‪-‬مِن السلطنة‪ ،‬كيف يَ َتعَامَل‬
‫س‪ :‬أطلعنا على أ ّ‬
‫الناس مع هذَا الخسوف كما ورد في السنّة ؟‬
‫صبَحت الن مِن المور الواضحة اللية ‪ ..‬أي معرفة حُدُوث هذا‬ ‫ج‪ :‬أوّل ُأرِيد أن ُأنَبّه إل أنّ معرفة هَذِه المُور أ ْ‬
‫المر‪-‬مثل‪-‬بِأنه سيحدث ف الليلة الفلنية وف الوْقِع الفلن وهل سيكون هَذَا ال ُكسُوف للقمر كُلّيا أو يكون‬
‫جزئيا ؟ وهل يكون ف مَنطقة ُمحَدّدة مِن الَناطق أو يكون ف كل مكان ؟ وهكذا بِالنِسبة إل كُسُوف الشّمس ‪..‬‬

‫‪-1‬هذه صيغة الحديث كما ذكرها السائل‪ ،‬ويُنظَر مع الشيخ متنه عنده ما دام قد صحّحه‪ ،‬وهذا الذي وجدناه‪:‬‬
‫حتّى ُيصَلّى‬ ‫ن َمعَ ُه َ‬ ‫ح ِتسَابا َوكَا َ‬ ‫جنَازَ َة ُمسْلِمٍ إِيمَاناً وَا ْ‬
‫ن ا ّتبَ َع َ‬
‫ل الِ قَال‪ ( :‬مَ ِ‬ ‫ن رَسُو َ‬ ‫روى البخاري عن أبي هريرة ‪َ :‬أ ّ‬
‫ن ُت ْدفَنَ‪،‬‬
‫ن صَلّى عََل ْيهَا ُث ّم َرجَعَ َقبْلَ أَ ْ‬ ‫حدٍ‪َ ،‬ومَ ْ‬ ‫ط ِمثْلُ ُأ ُ‬‫ل قِيرَا ٍ‬ ‫جرِ بِقِيرَاطَيْن ‪ ..‬كُ ّ‬
‫لْ‬‫ن َدفْ ِنهَا فَِإنّه َي ْرجِ ُع مِنَ ا َ‬
‫غ مِ ْ‬
‫عََل ْيهَا َويَ ْف ُر َ‬
‫َفإِنّ ُه َي ْرجِ ُع بِقِيرَاطٍ )‪.‬‬
‫‪-2‬لعلّ الحسن أن يقال‪ " :‬قبل الدفن "‪ ،‬لليضاح‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫َهلْ َسيَكُون كُلّيا أو ُجزْئيا ؟ وأريد بِأنه سيكون كُلّيا َأيْ ف موضع مِن الواضع وإل فإنه ل يُمكن أن يَكُون كسوف‬
‫الشمس كليا ف كل مكان مِن العال‪ ،‬إذ إنّ ذلك مِن المور الت ل تُمكِن أبدا وإنا يَكون كليا ف موضع مِن الواضع‬
‫أو ف مواضع مصورة فل أريد بِموضع ف منطقة واحدة فقط وإنّما أريد ف مواضع مُحدّدة‪ ،‬فتعيي ذلك سواء كان‬
‫صرِية‪ ،‬فمَن‬ ‫ذلك بِالنسبة للشمس أو للقمر هَذا مِن المور الت ل تََتنَاف مَعَ الغَيْب‪ ،‬لنّ هَذَا يُ ْدرَك بِهَذِهِ العلوم ال َع ْ‬
‫يُشدّد ف مثل هذه المور ل معرفة له بِمثل هذه القائق‪ ،‬والنسان ينبغي له أن يَتَ َكلّم إذا أراد أن يَتَكلم فيما يُْتقِنُه َأمّا‬
‫أن يَتكلم النسان الذِي ل علقة له بِعلم الفلك‪-‬مثل‪-‬ف السائل الفلكية فهذا مِمّا ل َيصِح‪ ،‬وهكذا بالنسبة لِمَن ل‬
‫معرفة له ِبعُلوم الشرع النيف ليس له أن يتكلم ف ُعلُومِ الشرع النيف بل ذلك َمحْجُورٌ عليه‪ ،‬ومَن ل َمعْرَفَة لَه‬
‫بِالطب ليس له أن يتكلم ف القضايا الطبية‪ ،‬و َهكَذَا بالنسبة إل علوم القتصاد وغيها ‪ ..‬النسان إذا أراد أن يتكلم‬
‫فليتكلم فيما يُتقنه فيمكن أن يكون النسان عَالِما متبحّرا ف الفقه ولكن ل دراية له بعلوم الفلك فهل يُمكن بعد‬
‫ذلك أن َيقُوم ويَتَ َكلّم ف المور الفلكية ؟! َهذَا مِمّا ل يَصِح‪ ،‬فإذن الكلم ف مثل هذه القضايا‪-‬كما ذكرناه ف قضية‬
‫إمكان رؤية اللل وف عدم إمكان ذلك‪-‬هذا مِمّا ل َبأْسَ‪ ،‬وهو ليْسَ مِن الكلم ف أمور الغَيْب بل هو كلم َمبْنِي‬
‫على حقائق لَ يُمْكِن لحدٍ أن يََتجَا َهلَهَا أو أن يُنكرها‪ ،‬فلبد مِن التسليم لِ ِمثْل هذه المور‪.‬‬
‫أما بِالنسبة إلى ماذا يُشرَع في قضية حدوث الكسوف والخسوف ؟‬
‫أوّل‪ :‬الكسوف يكون للشمس ويكون للقمر ‪َ ..‬ب ْعضُهم يفرق بيْن قضية الكسوف وبي قضية السوف‪ ،‬والتفريق ل‬
‫بأس به على رأي كثي مِن أهل العلم ‪ ..‬عندما يَقول النسان‪ " :‬الكسوف " للشمس و‪ " :‬السوف " للقمر‪ ،‬أما‬
‫عندما ُيطْلِق النسان هَذَا على َهذَا وهذا على هذا فل مانع مِن أن يَقول‪ " :‬كسوف الشمس " وأن يَقول‪ " :‬كسوف‬
‫القمر "‪ ،‬ومِنهم مَن يُفرّق بيْن هذين المرين ولَهُمْ ف ذلك كلم طويل ول حاجة إليه لنه ل تتعلق به شيء مِن‬
‫الحكام الشرعية‪.‬‬
‫أمّا الذي ثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فإنه صلوات ال وسلمه عليه عندما َعلِم بِكُسوف الشمس‬
‫شرَع أن َيقُوم شخص فينادي‬ ‫َخ َرجَ‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬مُسرعا فَزعا فأمر بِأن ُينَادَى للصلة‪ ،‬والذي يُ ْ‬
‫يقول‪ " :‬الصلةُ جامعة " ‪ ..‬هكذا جاء ف بعض الروايات ‪ِ ..‬برَفْع َل ْفظِ " الصلة "‪ ،‬وجاء ف بعضِ الروايات‪" :‬‬
‫إنّ الصلةَ جَا ِمعَة "‪ ،‬ويُمكن‪-‬أيضا‪-‬أن يُقَال‪ " :‬الصلةَ جَا ِمعَة "‪َ ،‬ف َو َردَ بَِلفْظ‪ " :‬إنّ الصلةَ جَامِعَة "‪َ ،‬و َورَدَ بَِلفْظ‪:‬‬
‫" الصلةُ جَامعَة "‪ ،‬ومِن العلوم ِبأَنّ ذلك َوقَعَ َمرّة واحدة‪ ،‬والنب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أمر ِبأَحَد اللفظي‬
‫ولكن هَذَا َليْسَ مِن المور الت ُيَتعَبّد فِيها بِ ِمثْل ذلك النّص ‪ ..‬أي ل يَ ْلزَم أَن ُيقَال‪ " :‬لَبد مِن أن يَقول‪ ' :‬إنّ الصلةَ‬
‫جَامعة ' أو يَقول‪ ' :‬الصلةَ جامعة ' أو يقول‪ ' :‬الصلةُ جامعة ' " ‪ ..‬يُمْكِن أن َيقُول‪ " :‬إنّ الصلة جَا ِمعَة " أو‬
‫يَقول‪ " :‬الصلةَ جَا ِمعَة " ‪ ..‬أيْ " ال َزمُوا " أو يَقول‪ " :‬إنّ الصلةَ جَامِعَة "‪ ،‬فالمر َهيّن وإن كنا نقول‪ :‬إنه لَمْ َيثْبُت‬
‫ضيَة حدثت مَرّة واحدة‪ ،‬فإذن النداء يَكُونُ بِمِثل‬ ‫عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬إل أحدُ اللفظي‪ ،‬لنّ القَ َ‬
‫هَذَا المر‪ ،‬ول مَانِع أن يُ ْكتَفَى بِ َمرّة واحدة ول أن يُ َكرّر أكثر مِن ذلك إذا كان الناس ل يَسمعون ذلك‪ ،‬فيمكن أن‬

‫‪98‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫شرَع ف ذلك الذان بإجاع المّة السلمية‪ ،‬إذ إنّ ذلك‬ ‫يُكرّر النسان ذلك ثلث َمرَات أو أكثر مِن ذلك‪ ،‬ول يُ ْ‬
‫مِمّا لَمْ يَثبتْ عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسَلم‪.‬‬
‫هذا ‪ ..‬وهذَا التَّلفّظ‪-‬وهو قول‪ " :‬إنّ الصلة جامعة "‪َ-‬ليْسَ مِن المور الت يُتعبّد بِها‪ ،‬فهو َليْس كالذان‪ ،‬فل يُطَالب‬
‫مَن يَسمَع ذلك بِأن يُردّد ذلك خلْف مَن يَأتِي بِذلك اللفظ‪ ،‬كما أنه إذا كانت هنالك مموعة مِن الناس ف مَكَان‬
‫وَاحِد وَليْس بِالقرب ِمنْهُم أحَد أبَدًا فإنه ل يُطالَبون بِأن يَقوم واحد مِنهم بِالنّدَاء بِهَذَا اللفظ‪ ،‬لنّ هَذَا َليْسَ ِمنَ المور‬
‫الت يَُتعَبّد بِهَا كالذان‪-،‬فالذان يُطْلَب مِن النسان أن يُ َؤذّن َولَوْ كان مُنفردا‪ ،‬كما أنه إذا كانت الماعة واحدة‬
‫كانوا ف الطريق‪-‬مثل‪-‬وليس بِال ُقرْبِ مِنهم أحد فإنّهم يطالَبون بِالذان‪ ،‬كما ثبت ذلك ف الديث الصحيح عن النب‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-،‬فالاصل إذا كان هنالك أحد بِالقرب مِن السجد مِمّن يَسمَع النداء أو كان‪-‬أيضا‪-‬‬
‫سجِد ولو كان الذين يَسمَعون ذلك مِن النساء ومِمّن ل قدرة لَهُمْ على الضور إل‬ ‫ف بَادَِيةٍِ َولَوْ لَمْ يكن هنالك مَ ْ‬
‫شرَع النداء حت ُيصَلّي العَا ِجزُ الذي ل يُمْ ِكنُه أن يَذْ َهبَ إل‬ ‫السجد مِن َم ْرضَى أو كبار أو ما شابه ذلك فإنه يُ ْ‬
‫سجِد وهَكَذَا بِالنّسبة إل النّساء‪ ،‬فبعد ذلك يُصَلّون جَمَا َعةً‪-‬على الصحيح‪-‬سواء كان ذلك ف الكسوف أو‬ ‫ال ْ‬
‫ف السوف‪ ،‬أما الكسوف فقد ثبت ذلك ف سنّة النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ثبوتا ل شك فيه‪ ،‬وأما‬
‫بِالنسبة إل خسوف القمر فإنّ ذلك وإن كان لَمْ يثبت مِن السنّة‪-‬إذ إنه جاء مِن طريق ضعيفة جِدًا‪-‬ولكنه َمحْمُول‬
‫ف حقيقة الوَاقِع َعلَى الكُسُوف إذْ لَ َفرْق َبيْنَهُما‪.1‬‬
‫و َكيْفِية الصّلة قد اختلَف فيها العُلَمَاء‪ ،‬وأظُن أنّه ل بَأس مِن الطالة ف هَذه القضية ولو اسَتغْرَ ْقنَا الوَقْت لنّ السألة‬
‫ك باختصار شديد‪:‬‬ ‫صلَة اختََلفَ العَُلمَاء فِيهَا‪ ،‬وَأذْ ُكرُ ذَِل َ‬ ‫تَحتَاج إل ذِكْر ُفرُوعٍ مَُتعَ ّددَة ‪َ ..‬كيْ ِفيَة ال ّ‬
‫‪-1‬ذَ َهبَ َبعْضُ أهل العلم إل أنّ النسان يُصلّي ركعتي كالصلوات العَادِية‪-‬أيْ كصلة سنّة الفجر أو سنّة الظّهر أو‬
‫ما شابه ذلك‪-‬بِشرط أن يُطيل ف القراءة والركوع والسجود‪ ،‬و‪-‬طبعا‪-‬قول " بِشرط " ليس مِن الشروط الت‬
‫لبد مِنها وإنّما ذلك على أنّه سنّة ثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وأَقُول‪ " :‬سنّة ثابتة " ‪ ..‬أيْ الطالة‬
‫ل الكتفاء بركعتي كالسنن الت أشرتُ إليها ‪ ..‬هذا مذهب طائفة مِن أهل العلم‪.‬‬
‫‪-2‬وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنه يصلي كأحدث صلةٍ صلها مِن الفرائض‪ ،‬فإذا صلى بعد صلة الظهر فإنه‬
‫يصلي أربع ركعات كصلة الظهر‪ ،‬وإذا صلى بعد صلة الفجر فإنه يصلي ركعتي كصلة الفجر‪ ،‬وهكذا بِالنّسبة‬
‫ضعِيفة ل تقوم بِهَا حُجة‪.‬‬ ‫إل َبقِية الصلوات‪ ،‬واحتجّوا على ذلك بِرِوايةٍ َ‬

‫‪-1‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ 13‬مِن حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م )‪ " :‬قد اختلَف الناس في‬
‫ح َدثَت آي ٌة مِن اليات الخرى كالزّلْزَلَة أو‬
‫شمَلُ‪-‬أيضا‪-‬إذا َ‬
‫هذه الصلة هل هي خاصّة بِالكسوف والخسوف أو َت ْ‬
‫الصّوَاعق التي لَم تكن عَادِية وما شابه ذلك مِن المور ؟‬
‫َفمِنهم مَن قال‪ :‬هي خاصّة بِالخسوفِ والكسوف‪.‬‬
‫ومِنهم مَن قال‪ :‬هي شامِلَة لِكلّ أم ٍر َمهُول لَم يَكن مُعتادا‪.‬‬
‫ومِنهم مَن قال‪ :‬هي خاصّة بِالكسوفِ والخسوفِ والزّلزلة‪.‬‬
‫جهٌ وجيه مِن الصواب فهو الذي نراه "‪.‬‬ ‫والقول بِال ُعمُوم في مثل هذه المور له َو ْ‬
‫‪99‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫صحّ وَأثْبَت ِمنْهَا فِي سنّة النب‬


‫وأمّا الولون َفقَد احتجوا بِبَعض الروايات ولكن تلك الروايات معارَضة ِبرَوَايَات َأ َ‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫‪َ -3‬وذَ َهبَ بعضُ أهل العِلم إل أنه يُصلي ركعتي ويأت ف كل رَ ْكعَة ِبرُكُوعَي‪.‬‬
‫خيّر إمّا َأنْ َيأْتِي ف كُل رَكعة بِرُكُوعِي أو أن يأت ف كل ركعة بِثَلثَة أو أن‬‫‪-4‬وذَ َهبَ بعض أهل العلم إل أنّه يُ َ‬
‫َيأْتِي ف كل ركعة بِأربعة أو أن يأت ف كل ركعة ِبخَمْسة‪-5 .‬وأنْ َكرَ َبعْضَهم المسة َفخَّي َر بيْن الثلثة الول‪.‬‬
‫والقول ِبأَنّه َيأْت ف كل ركعة بركوعي هو القول الصحيح‪ ،1‬وهو الذي ذهب إليه المام السالي‪-‬رحه ال تبارك‬
‫وتعال‪-‬ف َشرْح " الامع " [ ج ‪ ،1‬ص ‪ ،] 284‬وهو قول طائفة َكبِية مِن أهل العلم‪ ،‬وذلك هو الذِي تَ ُدلّ عََليْه‬
‫السنّة الصحيحة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وذلك لنّ الروايات التِي جاء فيها أنه صلّى بِثلثة‬
‫ركوعات أو بِأربعة أو بِخَمْسَة ‪ ..‬كل تِلك الروايات ل تَثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬مِنْها ما هو‬
‫ضعيف مِن جهة إسناده ومِنها ما هو شاذّ مِن جهة َمتْنِه‪ ،‬ومِن العلوم أن هَذِهِ القضية حدثت َمرّةً واحدة ف عَهْدِه‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ‪ ..‬ف اليَ ْومِ الذي مات فيه إبراهيم ابن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ 13‬مِن حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م )‪ " :‬أما كيفيةُ هذه الصلة‬
‫ل ركعة تَكون ِب ُركُوع‪-2 .‬وجاء في بعضِ الروايات ِب ُركُوعيْن‪-3 .‬‬ ‫سنّة على صفاتٍ ُمتَع ّددَة‪-1 :‬جاءتْ ك ّ‬ ‫ت في ال ّ‬ ‫فقد جاء ْ‬
‫حدَثِ صل ٍة صلّها النسان‪،‬‬ ‫وفي بعضِها بِثلثة‪-4 .‬وفي بعضِها بِأربعة‪-5 .‬وفي بعضِها بِخمسة‪-6 .‬وفي بعضِها ك ِمثْلِ َأ ْ‬
‫فإذا كان ذلك بع َد صلة المغرب فتكون الصلة كمِثل صلة المغرب أو بعدَ العِشاء كمِثل صلة العِشاء أو بعدَ الفجر‬
‫كمِثل صلة الفجر‪ ،‬أو الظهر أو العصر فهكذا‪.‬‬
‫ت في التاسِع والعشرين‬ ‫حدَث ْ‬
‫حدَثَت في عهد النبي َمرّة واحدة‪ ،‬وقد َ‬ ‫ومِن المعلوم أنّ هذه الحادثة‪-‬أي حادثة الكسوف‪َ -‬‬
‫حدَثَ في الساعةِ الثامنة‬ ‫ن ذلك َ‬ ‫مِن شوال في يوم الثنين بعدَ طلوع الشمس بِوَقت‪ ،‬وقد قرأتُ في بعضِ الكتب بأ ّ‬
‫والنصف‪.‬‬
‫وأما ما رُوي في بعضِ الروايات بِأنّ ذلك َوقَ َع في العاشِر مِن الشهر فذلك بَاطل‪ ،‬إذ ل يُمكِن أن يَقَعَ الخسوف إل عند‬
‫خ ِر يَ ْو ِم الثامِن‬
‫سرَار القمر ‪ ..‬أي في التاسِع والعشرين أو في الثلثين ويُمكِن أن يَحدثَ على ما قيل‪-‬أيضا‪-‬في أوا ِ‬ ‫ستِ ْ‬
‫اْ‬
‫والعشرين‪ ،‬أمّا في العاشِر أو التاسِع أو الثامِن أو الخامِس عشر أو ما شابه ذلك وأعني بِهذا الكسوف ل الخسوف فهذا‬
‫مِما ل يُمكن‪ ،‬أمّا الخسوف فإنّه يَقَع في ليل ِة الرابِع عشر أو الخامِس عشر‪ ،‬ولذلك نَرى أنّه ل معنى لِما يَذكُره كثي ٌر مِن‬
‫ل العلم مِن أنّه إذا اجتمَع كسوفٌ وعِيد هل تُ َقدّم صل ُة العيد أو الكسوف ؟ لنّه ل يُمكن أن يَقَ َع ذلك أبدا‪ ،‬وقول بعضِهم‬ ‫أه ِ‬
‫جعَلَ لِهذه المورِ أسبابا وهي َتقَع على حسب ما أرادَ ُه ال‬ ‫ث ما شاء فنعم ‪ ..‬يُحدِثُ ما شاء ولكن قد َ‬ ‫حدِ ُ‬ ‫ن ال قد ُي ْ‬ ‫بأ ّ‬
‫س ِتسْرَار القمر على ما ذكرتُه‪.‬‬ ‫جعَلَه مِن هذه السباب فل يُمكِن أن يَقَ َع ذلك إل عن َد ا ْ‬ ‫وما َ‬
‫ن يَكون قد صلّى صلوات ال وسلمه عليه بِهذه‬ ‫فإذن ذلك لَم يَحدُث في عه ِد النبي إل مرّة واحدَة‪ ،‬فل يُمكن أَ ْ‬
‫الكيفيّات‪ ،‬وإذا كان المر كذلك فإنّه لبد مِن أن نَبحثَ عن الراجِح مِن هذه الكيفيات‪ ،‬والرّاجِح أنّه قَد صلّى ركعتيْن‬
‫عيْن "‪.‬‬‫ل ركع ٍة ب ُركُو َ‬ ‫وصلّى ك ّ‬
‫وقال الشيخ‪-‬أيضا‪-‬عند جوابه على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 25‬رمضان ‪1425‬هـ ( ‪ 9‬نوفمبر ‪2004‬م )‪ " :‬تَكلّم بعضُ‬
‫العلماء أن لو اجتمعتْ صل ُة العيد وأرادتْ الجماعةُ أن تُصّليَ الستسقاء واجتمع مع ذلك أيضا كسوف‪ ،‬فبِماذا يَبدؤون ؟‬
‫ن الهيئة تَختلِف في هاتين‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬ل يُشرَع أن يُجمَع بيْن صل ِة العيد وبيْن صلةِ الستسقاء في وقتٍ واحد‪ ،‬ل ّ‬
‫الصلتين أو في هاتين الحالتين ‪ ..‬لكلّ واحد ٍة منهما هيئ ٌة خاصّة في السنّة فل ينبغي الجمع بينهما‪ ،‬وإذا أرادوا أن‬
‫يَستسقوا فليَستسقوا بِالدعاء كما دعا النبي في خطبة الجمعة وكذلك فليَكن في خطبة العيد‪ ،‬أما بِالنسبة إلى صلة‬
‫ن الكسوفَ ل يُمكِن أن يَق َع في هذا اليوم رأْسا‬ ‫الكسوف فهؤلءِ‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬الذين ذكروا هذا الكلم لم يَتصوّروا أ ّ‬
‫ي شهرٍ ول في‬ ‫س ِتسْرَار وذلك ل يُمكِن أن يَكون ل في اليوم الحادي مِن شوال بل ول مِن أ ّ‬ ‫ت ال ْ‬‫فهو ل يَكون إل في وق ِ‬
‫س ِتسْرَار القمر‪ ،‬فلو عَلِموا ذلك لَما‬ ‫ي شه ٍر آخَر‪ ،‬فهو ل يَكون إل في حالة ا ْ‬ ‫حجّة بل ول مِن أ ّ‬ ‫اليوم العاشِر مِن شه ِر ذي ال ِ‬
‫ذَكروا هذه المسألةَ على الطلق ‪ ..‬هذا الذي نُريد أن نُنبّه عليه "‪.‬‬
‫‪100‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ولَمْ َيتَكَرر ذلك ف حياته صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬كما ادّعى ذلك بعضُ أهل العلم و َذكَروا ِبَأنّه صلّى َمرّةً‬
‫بِرُكُوعيْن و َمرّة ِبثَلث و َمرّة بأربع وهكذا ‪ ..‬أقول‪ :‬تلك الروايات ل َتثْبُت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫بِا ْستِْثنَاء رواية الرّكُو َعيْن‪ ،‬ثُم ِإنّ تِلْك الرّوَايات ظَا ِهرَة جَِليَة ِبأَنّها حَ َدثَت ف مرّة واحدة وَليْسَت ف َمرّات مَتَعدّدة‬
‫حت نَقول‪ " :‬إنّ ذَلك قد تَكرّر ف حياة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم "‪ ،‬ومِن العْلُوم أنّه إذا كان الخرَجُ‬
‫واحدا فإنه ل يُمْكن أن َنقُول بالّتعَدّد بَل لبد مِن أن نأخذ بِالراجِح مِن تلك الروايات‪ ،‬وليس هذا مِن باب زيادات‬
‫الثّقات‪-‬كما ادّعى ذلك بعضهم‪-‬وإنّما ذلك مِن باب الحفوظ والشاذ‪ ،‬فالحفوظ تلك الروايات الت جاءتْ‬
‫بالركوعيْن ليْسَ إل‪ ،‬ومَا ذَ َكرَهُ بعضُهم مِن أنه قد وقع ذلك ف مَكّة الكرمة فَ َذلِك ل يَثبت على الصحيح‪ ،‬إذ إنّ‬
‫ذلك جاء مِن طريق ل َتقُوم بِهَا الجة‪ ،‬وقول بعضهم‪ " :‬إنه مِن الشاهَد أنه يَتكرّر ذلك‪ ،‬ففي عدّة أعْوَام ف مُدّة‬
‫أَقصَر مِن الدّة الت عاشها النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فكيف يُمكن أن ُننْكِر أن يَكُون حَ َدثَ ذَلِك ف أكثر‬
‫مِن مرّة ف خلل ثلث وعشرين َسنَة أو على أَقَل َتقْدِير ف خلل عشر سنوات الت بَقِي فيها النب ف الدينة " ‪..‬‬
‫أَقُول‪ :‬هذا كلمٌ مردود‪ ،‬لنّ هذه الصلة لَمْ تكن مشروعة ف بِدَايَة المر وإنّما ُشرِ َعتْ ف السنة الت مات فيها‬
‫إبراهيم ابن النب‪َ -‬ورَضيَ عنه‪-‬فمشروعية هذه الصلة ُمتَأَخّرة جدا وذلك لَمْ يَح ُدثْ إل مرّة واحدة بعد أن‬
‫شُرِعَت هذه الصلة فبِ َذلِك َيتََبيّن الصّوَاب ف هذه القضية وإل هذا الكلم لو كانت هذه الصلة مشروعة مِن بِدَايَة‬
‫شرَع إل ف وَ ْقتٍ ُمَتأَخّر‬
‫الجرة‪-‬مثل‪-‬كَان َمقْبُول‪ ،‬لنه مِن الستبعَد جدًا ألّ َيحْدُث ذَلِك ولكن َنظَرًا إل أنّها لَمْ تُ ْ‬
‫جِدّا فإنّ هذا الكلم َم ْردُود‪ ،‬ث إنّ َمخْرج الرّوَايَات‪-‬كما قلتُ‪ُ -‬متّحِد فل يُمكن أن نَقول بِتَ َكرّر ذِلك لِلنب صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فإذن الفضل أن يَّتبِع النسان السنّة الصحيحة الثابتة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫وأن يُصلي ركعتي وأن تَكُون هذه الصلة جاعة بِالنّسبة للرجال‪ ،‬أمّا النّساء فِإذَا َخرَ ْجنَ مِن َغيْر أن َيخْرجن‬
‫مَُتَبرّجَات ِبزِينَة ولَمْ َيخْتَِل ْطنَ بِالرّجال فل مانع مِن الصلة مَعَ الرّجال‪.‬‬
‫هذه الصّلة يأت بِهَا الصلي على ال َكيْ ِفيَة التَالِية‪:‬‬
‫‪َ-1‬بعْدَ تكبية الحرام َي ْقرَأُ سورة الفاتة‪ 1‬ث يأت بسورة طويلة ولو أمكن أن يكون ذلك كسورة البقرة فذلك هو‬
‫الثّابت ‪ ..‬ل أقول‪ " :‬الثابت أن يأت بِالسورة نفسها "‪-‬إذ إنّ الرواية ل دليل فيها على ذلك‪-‬وإنّما يأت بِمثل ذلك‬
‫القدار‪.‬‬
‫‪-2‬ث َيرْكَع وُيطِيل ف الركوع يُ َكرّر قَوْل‪ " :‬سبحان رَبّيَ العظيم " ‪ ..‬يطيل الركوع جِدّا‪.2‬‬
‫‪-3‬ثُم َيقُومُ وُيطِيل ف ِقيَامه ثُم يقرأ‪ ،‬واختلَفوا ماذا يَقرأ ف هذا الوقت ؟‬
‫مِنهم مَن قال‪ :‬يَأتِي بِفاتة الكتاب ويقرأ شيئا كثيا مِن القرآن ولكن يَكونُ أقصر مِن الذي أتى به قبل هذا الركوع‪.‬‬
‫ومِنهم مَن قال‪ :‬إنه ل يَأتِي بفاتة الكتاب بل يَشرَع ف قراءة السورة مباشَرة‪.‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ 13‬مِن حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م )‪ُ " :‬ي َكبّ ُر الحرام ثُم‬
‫يَستعيذُ‪-‬كما هو معلوم‪-‬ويَقرأُ الفاتِحة ‪." ...‬‬
‫‪-2‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ 13‬مِن حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م )‪ُ " :‬ي ْكثِر فيه مِن التسبيح‬
‫ل كثيرا في ذلك "‪.‬‬
‫ث مرات أو بِخمس أو بِعشْر بل يُطِي ُ‬ ‫ن يَكتفِي بِثل ِ‬
‫ل لأ ْ‬
‫‪101‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وليس هنالك دليل واضِح يَدلّ على واحدٍ مِن المريْن وإن كان القول بِأنه ل يأت بِفاتة الكتاب له وجه ل َبأْسَ بِه‬
‫ضحٌ ف السنّة أبدا‪.‬‬‫ولكن َليْسَ هنالك نَصّ وَا ِ‬
‫‪ُ-4‬يطِيل ف القراءة ث يَركَع وُيطِيل ف الركوع ولكن يَكون أقل مِمّا صنعه ف الركوع السابق‪.‬‬
‫‪-5‬ث يقوم ويطيل ف قيامه ويكون ذلك أقل مِن القِيَام السابق‪.‬‬
‫‪-6‬ث يسجد ويطيل ف ُسجُودِه‪.‬‬
‫‪-7‬ث يقوم ويأت بالركعة الثانية ‪ ..‬يأت بِهَا كالركعة السّابقة إل أنّ ِقرَاءَتِه تكون أقل مِن ِقرَا ِءتِه ف الرّكعة السّابِقَة‪.1‬‬
‫حثّ الناس على التّ ْوبَة إل ال‪-‬تبارك‬ ‫خَتصَرَة ُيبَيّن فِيهَا هَذَا المر وَي ُ‬
‫خ ْطبَة ُم ْ‬
‫صلَتَه‪ 2‬ث يأت بِ ُ‬
‫‪-8‬ث بعد َذلِك يَْنتَهِي مِن َ‬
‫لنّة ومَا أعدّه ال فِيها ِلعِبَادِه التقي ويَُبيّن لَهُمْ النار والعياذ بال‪-‬تبارك‪-‬مِنها ومِمّا‬ ‫وتعال‪-‬وُيبَيّن لَهُمْ ا َ‬
‫شرَع لِلنّاس‬ ‫يقرب إَليْهَا ومَا تَوَعّدَ ال‪-‬تبارك وتعال‪ِ-‬بهِ ِعبَادَه الج ِرمِي ويَدعُو الناس إل التوبة والرّجُوع إل ال‪ ،‬ويُ ْ‬
‫سّبحُوه وأن َيبْتَ ِهلُوا إليْه وأن َيتَصَدّقُوا كما ثبت ذلك ف َبعْضِ الحاديث أنّ النب‪-‬صلى ال‬ ‫أن يَ ْذ ُكرُوا ال وأن يُ َ‬
‫صلَة‬ ‫صلَة الكُسُوفِ و َهكَذَا يَكُونُ‪-‬أيضا‪-‬المر فِي َ‬ ‫صرَة ِل َ‬‫ختَ َ‬
‫صفَة ال ْ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬أ َمرَ بِال ِعتْق‪ ،‬فهذه هِيَ ال ّ‬
‫خُسُوفِ القَمَر‪.‬‬
‫وَقَد اختلَف العُلَمَاء ف القراءة َهلْ تَكُون ِسرًا أو تَكُون َج ْهرًا ؟ أيْ هَل‪َ-1 :‬يقْرأ المام جَ ْهرًا كما يَجْ َهرُ ف الركعتي‬
‫صلَة الستِسْقَاء ‪-2‬أو َأنّه يُسِر القراءة‬ ‫الولََييْن مِن الغرب والعشاء وف فريضة ال َفجْر وف صلة المعة والعِيد وف َ‬

‫ل ذلك في‬ ‫‪-1‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ 13‬مِن حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م )‪ " :‬ويَصنع مث َ‬
‫ن ذلك يَكون أقَل ‪ ..‬أي تَكون الركعة الثانية أَقصَر مِن الركعةِ الولى‪ ،‬فتَكون القراءة الولى التي هي‬ ‫الركع ِة الثانية‪ ،‬ولك ّ‬
‫قبل الركوع الوّل أ ْقصَر مِن القراءة التي تكون بعد الركوع الوّل مِن الركعة الولى ‪ ..‬هذا ما يظهر لي‪.‬‬
‫ثُم يَركَع على حسبِ ما وصفناه ويَكون ركوعه أَقصَر مِن الركوع الذي ذكرناه سابقا والثاني أَقصَر مِن الوّل كما‬
‫أشرت‪.‬‬
‫ثُم يَقوم ويَقرأُ الفاتِحةَ وسورةً أو مَجموع ًة مِن اليات أَقصَر ِممّا جاء بِه قبلَ ذلك‪ ،‬وهكذا على حسب ما وصفناه‪ ،‬فهذه‬
‫ححَه المام السالمي‪-‬رحمه ال‪-‬أو‬ ‫ل قد ذَهَبَ إليه جماع ٌة مِن أهلِ العلم‪ ،‬وص ّ‬ ‫الروايةُ هي الرواية الصحيحة‪ ،‬وهذا القو ُ‬
‫رجّحَه في شرح " الجامع " [ ج ‪ ،1‬ص ‪ ] 284‬والمعنَى واحد‪.‬‬
‫ح السناد ويَكون الـمتْن شاذّا‪ ،‬وهذا هو‬ ‫أما بَقي ُة الروايات فهي إمّا ضعيفةُ السند أو ضعيفةُ المتن‪ ،‬ومِن المعلوم أنّه قد يَصِ ّ‬
‫ت بِخلفِ هذه الرواية ل َت ْثبُت مِن‬ ‫ل تلك الروايات التي جاء ْ‬ ‫الواقِع الذي ليس له مِن دافِع في بعضِ هذه الروايات‪ ،‬فك ّ‬
‫ت أسانيدُ بعضِها‪.‬‬ ‫جهة مُتونِها وإن َث َبتَ ْ‬
‫خيّر َبيْن هذه المور فذلك ِممّا ل يَنبغِي لحدٍ أن يَقول بِه لِما‬ ‫ن النسان ُم َ‬ ‫أما ما َذ َكرَه بعضُهم مِن صِحّةِ الروايات وأ ّ‬
‫ل بِه أح ٌد ‪ ..‬هذا ما‬
‫ن ذلك ُم ّتحِد فهذا ِممّا ل يُمكِن أن يَقو َ‬
‫ذكرناه مِن أنّ القضية واحدة ‪ ..‬لو َت َع ّددَ ذلك لكان مُمكِنا أمّا وأ ّ‬
‫يَنبغِي أن يُقَال "‪.‬‬
‫‪-2‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ 13‬مِن حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م )‪ " :‬بَ ِقيَ أنّه هل يُشرَع‬
‫لِلنسانِ أن يَخطبَ خطب ًة بعد ذلك أو ل ؟ في ذلك خلف بيْن أهل العلم‪:‬‬
‫مِنهم مَن قال‪ :‬يُشرَع ذلك‪.‬‬
‫ومِنهم مَن قال بِعدم مشروعي ِة ذلك‪.‬‬
‫والذين قالوا بِمشروعي ِة الخطبة اختلَفوا‪:‬‬
‫قيل‪ :‬يَخطب خطبتيْن‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬يَخطب خطبةً واحدة‪ ،‬وهو الصحيح‪ ،‬إذْ إنّه ل يُشرَع لِلنسانِ أن يَخطب خطبتيْن إل لِلجمعة‪ ،‬أما بِالنسبة إلى‬
‫حسَن يدُلّ على مشروعي ِة الخطبتيْن‬ ‫الكسوف والخسوف والزّ ْلزَلة وما شابه ذلك ‪ ...‬فإنّه لَم َي ِر ْد حديثٌ صحيح ثابِت ول َ‬
‫"‪.‬‬
‫‪102‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫سرّ ف النهار وَيجْ َهرُ ف اللّيل ؟ هِذِهِ القوال موجودة عند أهل العلم‪،‬‬ ‫‪-3‬أو أنه يُخيّر بيْن السرار والَهْر ‪-4‬أو أنّه يُ ِ‬
‫صلَة الكُسُوف أو ف‬ ‫وَأرْ َجحُ تلك القوال ِعنْدِي ُهوَ َق ْولُ َمنْ قَال‪ " :‬إنّ المام َيجْ َهرُ بِال ِقرَاءَة سَوَاءً كان ذَلِك ف َ‬
‫صلة السوف " َوأَُفرّق َبيْنَهُمَا مِن أجل اليضاح والبيان ‪َ ..‬هذَا ُهوَ الذي يَظهَر ل مِن أقَوَال أَ ْهلِ العِلم ف ِهذِهِ‬
‫ضيَة‪ ،‬فإذن هَذِه هِي َكْيفِيَة الصلة‪.‬‬‫ال َق ِ‬
‫خسُوف ولكن قَرّر أهْل الفَلَك بِأَنّه يَقع في هَذِه‬
‫يَسأل كثير مِن النّاس‪-‬مثل‪َ -‬لوْ مَنَ َع مَانِع مِن ُرؤْيَة ال ُكسُوف أو ال ُ‬
‫الساعة َهلْ ُيشْ َرعُ لَنَا أن نَأْتِي ِبهَذِ ِه الصلة أو ل ُيشْرَع ذَلِك ؟‬
‫نَقُول‪ :‬ل يُشرَع ذلك‪ ،‬لنه أ ْمرٌ ُمعَلّق بِرؤيةِ ذلك‪ ،‬فإذا رأيناه فإنه يُشرَع ذلك ف حقّنا‪ ،‬وإن لَمْ نر ذلك فإنه ل يُشرَع‬
‫ذلك ف حقّنا كما قرّرنا ذلك‪-‬أيضا‪-‬ف قضية رؤية القمر‪.1‬‬
‫شرَع لنا أن َنصُوم وإنّمَا نَصُومُ إذا رََأيْنَاه‪ ،‬نعم ‪..‬‬ ‫فإذا قرّر‪-‬مثل‪-‬الفلك بأنه تُمكن رؤية اللل ولكننا لَمْ نَره فإنه ل يُ ْ‬
‫ل َمكَ‬
‫إذا َقرّرُوا بِأنّه ل يُمْكِن َذلِك أبَدًا وبَعدَ ذلك ادّعى بَعْضُ الناس ِبأَنّه رَآه فِإنّنَا ل َن ْقبَل ِمنْه ذَلِك وَنقُول‪ :‬إنّ َك َ‬
‫هَذَا ُمخَالِف لِهَذا العِلم الثابت التقرّر فتردّ شهادته بِذلك ف هذه القضية‪.‬‬
‫صّليْن ف البيت ف َذلِك أَ ْفضَل كَمَا هَو الال‬ ‫فإذن الصلة مشروعة ف حقّ الرجال وف حقّ النساء ‪ ..‬النساء إذا َ‬
‫بِالنسبة إل َبقِية الصلوات‪ ،‬وأمّا بِالنسبة إل الرّجَال فالفضل لَهُمْ أن يكون ذلك ف السْجد‪.‬‬
‫وهذه الصلة مِمّا اختلَف أهل العلم فيها‪:‬‬
‫‪-1‬مِنهم مَن قال‪ " :‬هي سنّة "‪ ،‬وقد حكى غي واحد مِن أهل العلم اتّفاق أهل العلم على ذلك‪.‬‬
‫‪-2‬ومِنهم مَن قال‪ :‬هي واجبة‪.‬‬
‫‪-3‬ومِنهم مَن قال‪ :‬هي مِن الواجبات على الكفايات وليست مِن الواجبات العينية؛ وهذا القول لَه َنصِيب مِن النظر‪.‬‬
‫َومَهْمَا كان فَهِي تَدُور َبيْن الواجب الكفائي وبيْن السنّة الؤكدة‪ ،‬لِحثّ النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فل‬
‫ينبغي لحد أن يَتَهَاوَن بذلك‪.‬‬
‫كما أنه ل ينبغي لحد أن يُخالف السنّة بِالختصار ف القراءة‪ ،‬وكثي مِن الناس يَتعلّلون بِأنّهم يُصلّون بِبعضِ‬
‫الضّعاف وما شابه ذلك ‪ ..‬نقول‪ :‬الضعيف والذي ل قَ ْدرَةَ لَه ل يَنْبغي له أن يُعكّر على الماعة فبِإمكانه أن يُصلّي‬
‫سنّة النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فَهَذِهِ الصلة ل يُشترَط‬ ‫هو ف بيته أو ما شابه ذلك وليَترُك الماعة تأتِي بِ ُ‬
‫فيها بِأن تَكُون ف الماعة وإنّما ل ينبغي التّخلف عن الماعة إل إذَا كَانَ هُنالِك عُذر‪ ،‬فإذن ينبغي التيان بِالسنّة‬
‫كما ثبتت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫بعضُ الناس‪-‬أيْضا‪-‬يسأل َوَيقُول‪ :‬إذا انتهى الكُسُوف أو السوف وَ َل ِزْلنَا ف الصلة‪ ،‬ماذا نفعل ؟ نقول‪َ :‬يخْتصِر‬
‫ص َفةٍ ُمخَْتصَرَة؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫خرُج مِنها بعد النتهاء مِنها بعد أن َيأْت بِهَا بِ َ‬ ‫النسان صلتَه جِدًا ث َي ْ‬

‫كذلك َيسْ َأ ُل َبعْضُ الناس‪َ :‬ل ْو وَ َقعَت هِذِ ِه القَضِيَة بعد صلة العصر مثل‪َ ،‬هلْ نُصَلِي أو ل ؟‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 16‬رمضان ‪1423‬هـ ( ‪ 22‬نوفمبر ‪2002‬م )‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫نقول‪ِ :‬هذِهِ الصلة مِن الصلوات السببية والصحيح ف الصلوات السببية أنه يُؤتَى بِهَا‪ ،‬فإذا وقع ذلك ف وقتٍ تُكرَه‬
‫الصلة فيه فإنه ل مانع مِن الصلة بل تُشرَع الصلة ف ذلك الوقت لنا مِن الصلوات السببية والصلوات السببية‬
‫ثبت ف سنّة النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬الصحيحة الثابتة عَنه بِأنّه يُ ْؤتَى بِهَا حت ف الوقات الت تُ ْكرَهُ فِيها‬
‫حرُم فِيها الصلة‪.‬‬ ‫الصلة وإنّما ل يُؤْتَى بِهَا ف الوقات التِي َت ْ‬
‫بعضُ النّاس‪-‬أْيضًا‪-‬يسأل أنه إذا َغ َربَ القَمَر أو الشمس ف حالة الكُسوف‪ ،‬هل نُصَلّي ف ذلك الوقت أو ل ؟ نقول‪:‬‬
‫جرّد غُروب الشمس أو غروب القمر فإنه ل تُشرع الصلة ولو غرب وهو ف حالة كسوف أو خسوف‪.‬‬ ‫ل‪ ،‬بِ ُم َ‬
‫فَلُينَْتبَه لِهَذِه السائل‪ ،‬وَ ُهنَالك مسائل متعدّدة تتعلّق بِهَذِهِ الصلة فإن أردت أو أراد بعضُ السائلي أن يَطرَح شيئا مِنها‬
‫فل بأس‪ ،‬ومعذرة فإنن قد نَبّ ْهتُ على مَسَائِل مَُتعَدّدة لَمْ َت ْطرَحُوهَا لظن ِبَأنّكم تريدون التنبيه عَلَيها؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تشترط فيها الجماعة بِالنّسبة للرجال ؟‬
‫شرُوط " وإنّما ذلك مِن السنن الثابتة الت ل ينبغي للنسان أنْ يَْترُكها‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل نَقول‪ " :‬إنّ ذلك مِن ال ّ‬
‫لكن مَن كَانَ يَضِيق عليه الوقوف‪-‬مثل‪-‬ويشقّ عليه‪-‬أيضا مثل‪-‬اللوس ول يستطيع فيَطلب مِن المام بِأن يُصلّي‬
‫صلةً مُختصَرة مِن أجل أن يُصلّي هو معهم ‪ ..‬نقول‪ :‬ل‪ ،‬ل ينبغي لك ذلك ‪ ..‬صلّ بِنفسِك إذا كنتَ ل تستطيع‬
‫وإل فَا ْجلِس ول مانع ما ُدمْت ل تستطيع على ال ِقيَام‪ ،‬وإل فالماعة يَنَبغِي لَهَا أن ُتطِيل كما فعل النب صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫س‪ :‬بِالنّسبة للستدراك فيها ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬الستدراك فيها مشروع‪.‬‬
‫س‪ :‬ويكون عَلَى نفس كيفية المام ؟‬
‫ج‪ :‬ويقضي على حَسْب ما فعله المام‪ ،‬فل ينبغي للمأموم أن يُخالِف إمامَه‪ ،‬فلو قدّرنا أنّ المام يأخذ بِرأيِ مَن‬
‫يَقول بِالركعتي ‪ ..‬أي أن يَأتِيَ ف كل ركعةٍ بِركوع واحد ل يَنبغي لِلمأموم إذا قَامَ َي ْقضِي َي ْأتِي ِبخِلف تِ ْلكَ الصلة‬
‫لنه يَقضي ما فعله ذلك المام َف ْليَقْضِ على حسب ما أتى به المام وإن كان الصّوَاب الذي ُنرْشِدُ إليْه بِأن يَأت ف‬
‫كل ركعة بِركوعي‪ 1‬كما ثبت ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وهناك مسألة أحبّ أن أُنبه عليها‪-‬أيضا‪-‬وهو أنّ كثيا مِن الناس‪-‬وخاصّة مِن العامّة وطبعا ل يقع إل مِن العَامّة‪-‬‬
‫سنّة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬ ‫صلَ لَه َبلْ هُو ُمخَالِف لِ ُ‬
‫يقومون بِضربِ الطبول وما شابه ذلك ‪ ..‬هذا ل َأ ْ‬
‫كما أنن ُأرِيد‪-‬أيضا‪-‬أن ُأنَبّه إل أنّه وإن ُكنّا نَ ْع ِرفُ ما هو السّبب ف وقوع الكسوف والسوف ل ينبغي لنا أن‬
‫نتهاون ف هذا المر‪ ،‬فالنب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬لَمْ يتهاون بذلك ‪َ ..‬كلّ بَل َخ َرجَ َفزِعًا َمرْعُوبًا صلوات‬
‫ال وسلمه عليه وعلى آله وصحبه وإن كَانَ ُهنَاك‪-‬مثل‪َ-‬أمْر واضح لِمثل هذه المور لكن هنالك‪-‬أيضا‪-‬أمرٌ شَرْعِي‬
‫َلبُد مِن ُمرَاعَاتِه‪ ،‬فقد َتقَع هَذِه السباب ف الكون على حسب السنّة الكَوْنية ولكن لبد‪-‬أيضا‪-‬مِن مراعاة المرِ‬
‫الشرعي فقد يكون والعياذ بال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ذلك مُق ّدمَةً ِليَ ْومِ القيامة وطبعا لبد مِن وُقُوعِ يَ ْومَ القيامة‪-‬كما هو‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬ركعتين " بدل مِن " ركوعين " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫معروف‪-‬والدلّة قد نَادَت بِأنّه َقرِيب فلبد مِن ملحظةِ هذا المر وألّ نتّخذ هذا أمرا عاديا ‪ ..‬مثل قال الفلكيون‬
‫ِبأَنّه يقع كذا وكذا و َد َرسْنَا‪-‬مثل‪-‬ف علوم الفلك بِأنّ السبب كذا وكذا فإذن َنعْتَب ذلك أ ْمرًا عَادِيًا ‪ ..‬كلّ‪ ،‬عندما‬
‫َتحْدُث هَذِه الوادث مِن كسوف أو خسوف أو مِن وُقُوعِ زلزلة أو َبرَاكِي أو ِريَاح عَاتِية أو مَا شَابَه ذلك فإنه وإن‬
‫كنا‪-‬مثل‪َ-‬نعْرِف شيئا ما عن هذه السباب لكن لبد مِن ُمرَاعَاة تلك السباب الت رَاعَاهَا النب‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪-‬ولبد مِن الوف وال َوجَل وال َفزَع مِن مِثْل هِ ِذهِ ا ُلمُور الت ل يَدْرِي النسان ما َيحْدُث لِهَذِه الرض ف‬
‫هذه الحوال وف غي هذه الحوال‪ ،‬فكثي مِن الناس الن مع تقدم هذه العُلُوم رَأَوْا هَذِه المور أمورا عادية ول‬
‫شَتغِل ِبأُمُورِه ول‬
‫يهتمّون بِها ‪َ ..‬تجِد الوَاحد يقول‪ " :‬يَحدث كَذَا ويَحدث كَذَا " و ِعنْدَما يَحدث كذا َتجِدُه مُ ْ‬
‫يُبَالِي بِمثل هَذِه ا ُلمُور ‪ ..‬الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬مَا كَانت َتخْفَى عليه هذه المور ومع ذلك‪-‬كما‬
‫قلتُ‪-‬خرج فزعا صلوات ال وسلمه عليه خَاِئفًا مِن العقوبة فعلينا أن نتّعظ وأن نعتبِر بِمثل َهذِه المور وأن نَ ِقفَ‬
‫وقفة مع الّنفْس لِمُحاسبتها ف مثل هذه الوادث وألّ َنتّخِذها أمرا عاديا عابِرا؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول العانة‬
‫والتوفيق‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬أحكام صلة العيد‬


‫أول‪ :‬أحكام متعلقة بالعيد‬
‫س‪ :‬في لَيْلَة العيد ‪ ..‬هل هناك َأحْكَام شرعِية ُمعَيّنَة ينبغي على الناس أن يفعلوها أو يَصْ َنعُوهَا قَ ْب َل الصّبَاح ؟‬
‫ج‪ :‬إنه ينبغي للمسلمي أن يُرَاقِبوا رؤية اللل وهذا ِمنْ ُفرُوضِ ال ِكفَايَة الت يَتَسَاهَل بِها كثي ِمنَ النّاس‪ ،‬ف ِمنَ العلوم‬
‫أنّ اللل تتعلق به أحكام مَُتعَ ّددَة‪ ،‬و ِمنْ أهَمّ الحكام الت نُريد أن نتكلم عنها ف هذا الشهر‪:‬‬
‫حرّم بالنصوص الصرية وبإجاع المّة السلمية قاطبة‪.‬‬ ‫‪-1‬ثبوت العيد‪ ،‬فإنّ صيام يوم العيد ُم َ‬
‫‪-2‬وكذلك صلة العيد ِمنْ ُفرُوضِ الكفايات على مذهب طائفة كبية ِمنَ السلمي‪.‬‬
‫وذهبت طائفة مِن السلمي إل أنّها ِمنْ ُفرُوضِ العيان إل َمنْ َو َردَ استِْثنَاؤُه‪.‬‬
‫‪105‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وذهب بعضهم إل أنّها ِمنَ السّنَن الؤكدة‪.‬‬


‫و‪-‬على كل‪-‬ل ينبغي لحد أن يتساهل فيها إل مَن كان له عُذْر شرعي‪.‬‬
‫فهذان الكمان ِمنْ أهم الحكام الت َتَتعَلق برؤية اللل هذا َفضْل عن بقية الحكام الخرى الت تتعلق برؤية اللل‬
‫الت تكون أيضا ف بَ ِقيّة الشهر الخرى والت يتساهل بِها الناس ف زماننا هذا‪ ،‬ف ِمنَ العلوم أن الحكام الشرعية‬
‫مَنُو َطةٌ بالشّهُور العربية وليست بالشهور الخرى الت يتعامل بِها كثي ِمنَ الناس اللهم إل ما جَازَ فيه العُ ْرفُ َكرَوَاِتبِ‬
‫ف بأنّهَا تكون على تلك الشهر فذلك مِما ل بأس به‪ ،‬أمّا ما‬ ‫العاملي أو ما شابه ذلك إذا كان هنالك اتّفاق أو ُعرْ ٌ‬
‫يََتعَّلقُ بالزكاة وما َيتَعَّل ُق بالعِ َددِ وما شابه ذلك مِن الحكام الشرعية فل يُمْكِن إل َأنْ تكون على حسب الشهور‬
‫القمرية‪ ،‬فِإ َذنْ مُراقبة رؤية اللل ف كل شهر أمر لبد منه وف بداية شهر رمضان وف نِهاَيتِه وهكذا بالنسبة إل شهر‬
‫ذي الجة يكون المر َأشَد‪ ،‬فينبغي للمسلمي إذن ف الّليَْلةِ القادمة‪-‬بِمَشِيئة ال تبارك وتعال‪-‬أن يُرَاِقبُوا ذلك و َمنْ‬
‫ثََبتَت لَ َدْيهِ الرؤية وَتأَكّدَ ِمنْ ذلك فعليه أن يتّصِل بالهات السؤُولَة حت يَنظر أهل العلم ف ثبوت ذلك ِمنْ عدم‬
‫ثُبُوتِه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫هذا بِالنسبة إل ليلة العيد وَب ِقيَت هنالك مسألةٌ قد قالَها بعض العلماء وهو أنّه ينبغي قيام هذه الّليْلَة أو َتخْصِيصُهَا‬
‫بِبَعض العبادات كِإطَالَةِ الصلة بِخلف غيها مِن الليال وقد قلتُ ف بعض الجوبة السابقة‪ 1‬بِأنّ ذلك لَم يثبت فيه‬
‫شيءٌ عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وما جاء ف ذلك فهو موضوعٌ ل َيصِح‪ ،‬وما جاء عن بعضِ‬
‫أهل العلم فإنّ أقوالم ُمفَْتقِرَة ِإلَى الدليل ول َيصِحُ َأنْ يُسَْتنَدَ ِإلَيها كدليل شرعي تقوم به الجّة ف مثل هذه القضية ‪..‬‬
‫سَتنَد شرعي ول ينبغي لَحد أن يَعمَل به ‪ ..‬نعم ِقيَامها كغيها ِمنْ بقية‬ ‫إذن قيام هذه الليلة‪-‬أعن ليلة العيد‪-‬لَيْسَ َلهُ مُ ْ‬
‫سائر ليال العام هو مطلوب شرعا كما هو ثابتٌ ف الدِلّة الدالة على مشروعية قيام الليل‪.‬‬
‫ومِن ذلك التكبي ف ليلةِ العيد وأَخُصّ بذلك عيدَ الفطر لنّ التكبي له أحكام مُختلفة ف العيدين ول أريد الطالة‬
‫بأحكام التكبي ف عيد الضحى البارك فَِإنّنَا سوف نتكلّم ف ذلك إن يَسّرَ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف ذلك الوقت ‪..‬‬
‫التكبيُ ف ليلةِ العيد مِمّا اختلَف فيه أهل العلم‪:‬‬
‫فبعضُ أهل العلم ذهب إل مشروعية التكبي بِ ُمجَرّد دخول شهر شوال أو دخول ليلة العيد سواءً كان ذلك بالرؤية‬
‫أو بِإِكْمَال رمضان ثلثي يوما ‪ ..‬هذا ذهبتْ إليه طائفة مِن أهل العلم‪.‬‬
‫شرَع ف النّهَار‪ ،‬واختلفوا ف ذلك‪:‬‬ ‫ش َرعُ ف الليل وإنّما يُ ْ‬
‫وذهبتْ طائفة مِن أهل العلم إل أنّ ذلك ل يُ ْ‬
‫شرَع بطلوع فجر العيد‪.‬‬ ‫مِنْهُمْ َمنْ قال‪ :‬إنّه يُ ْ‬
‫شرَع بطلوع شس العيد‪.‬‬ ‫ومنهم مَن قال‪ :‬إنه يُ ْ‬
‫شرَع عندما َيخْ ُرجُ النّاس إل الصلى‪ ،‬وهذا القول هو القول القرب عندي إل الصواب‪ ،‬وليس‬ ‫ومنهم مَن قال‪ :‬إنه يُ ْ‬
‫هنالك دليلٌ صحيح عن النب وإن جاءت بعض الحاديث ولكنّ ذلك قد ثبت عن طائفة مِن صحابة رسول ال‬
‫صحّ‬ ‫والظاهر أنّ مِْثلَ ذلك مِما ل ُيقَال بِ َمحْضِ الرأي وإنّما تََلقّوْهُ عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وَأ َ‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ش َرعُ عند الروج إل ُمصَلّى العِيد‪ ،‬أمّا ما عَدَا ذلك َفلَمْ يَثبت‪ ،‬فهذا القول‬ ‫الثار بل الصحيح الثابت هو ما جاء بِأنه يُ ْ‬
‫شرَع‪-‬كما قلتُ‪-‬عند الروج إل‬ ‫ش َرعُ التكبي فيها وإنّمَا يُ ْ‬ ‫الذي نراه‪ ،‬وعليه فإنّ ليلةَ العيد‪-‬أي على هذا القول‪-‬ل يُ ْ‬
‫الـمُصلى‪.‬‬
‫وقد اختلَف العلماء ف ُحكْمِ هذا التكبي‪:‬‬
‫‪-1‬منهم مَن قال‪ :‬إنّه فريضة ‪ ..‬أي َأنّه واجب ف اللّيلِ‪.‬‬
‫ستَمِر إل صلة العيد‪ ،‬ومنهم مَن قال‪ :‬إنّه ِمنْ بداية الروج إل الصلى كما‬ ‫‪-2‬و ِمنْهم مَن قال‪ :‬إنه ُسنّة‪ ،‬مِن الليل ويَ ْ‬
‫قدمنا‪.‬‬
‫شرُو ِعيِّتهِ ف عيد الفطر البارك‪.‬‬
‫‪-3‬ومنهم مَن قال بعَ َدمِ مَ ْ‬
‫حتّمَات و‪-‬أيضا‪-‬ليس ِمنَ الـمَ ْكرُوهَات أو ما‬ ‫والقول الوسط هو القول الصحيح‪ ،‬فهو ليس مِن الواجبات الـ ُمَت َ‬
‫شابه ذلك وإنّما هو ُسنّة مِن السنن ل يَنبغي التفريط فيها بِحال‪.‬‬
‫ختَِلفَة وال ُكلّ ل بأس به بِمشيئة ال‪:‬‬ ‫وكيفية هذا التّ ْكبِي لَم يَرِد فيها نَصّ صريح وإنّما ُهنَالِك للعلماء َكْيفِيّات ُم ْ‬
‫فمنهم مَن يَقول‪ :‬يُ َكبّر تكبيتي قبل التهليل يَقول‪ " :‬ال أكب ال أكب ل إله إل ال وال أكب ول المد "‪.‬‬
‫ومنهم مَن يَقول‪ :‬يُ َكبّر ثلثا سردا‪ " :‬ال أكب ال أكب ال أكب "‪.‬‬
‫خ ْطبُ سهل بِحمد ال تبارك وتعال ‪َ ..‬منْ فعل هذا فل بأس عليه و َمنْ فعل هذا فل بأس عليه والكل فيه خي‬ ‫والـ َ‬
‫بِمشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫وقد اختلَف العلماء‪-‬أيضا‪-‬ف التكبي ف العيديْن أيّهُما آكَد‪:‬‬
‫مِنْهُم مَن قال‪ :‬إنّ التكبي لعيد الفطر آكَد‪.‬‬
‫ومِنهم مَن قال بعكس ذلك‪.‬‬
‫ومِنهم مَن قال‪ :‬ها سواء‪.‬‬
‫وليس هنالك دليل واضِح ف السألة وعلى تقدير وجودِه فهو ُمحْتَمِل‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬ينبغي التيان بذلك ول‬
‫داعي‪-‬فِيمَا أرى‪-‬إل ترجيح واحد مِن هذه القوال وإنّما الطلوب الفعل ف كِ ْلتَا الالَتيْن؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬بالنسبة للغتسال في يوم العيد‪ ،‬ما حكمه ؟ وهل يُمكن أن يكون ذلك قبل الفجر ؟‬
‫ج‪ :‬الغتسال يومَ العيد وردت فيه بعضُ الحاديث الت ُترْفَعُ إل النب ول يَصِح شيءٌ مِن ذلك‪ ،‬وإنّما جاءت‬
‫سقِيم‪ ،‬فالظاهر أنّ هذا الغتسال ثابت‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬‬
‫روايات مَُتعَ ّددَة عن صحابة رسول ال منها الصحيح ومنها ال ّ‬
‫قَا َسهُ بعضُ العلماء على الغتسال ليوم المعة وهو ِقيَاسٌ ل بأس به ولكنّ القوى هو ما جاء عن الصحابة رضوان‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليهم‪ ،‬فالظاهر أنّهُم قد أخذوا ذلك عن النب صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫وقد اختلَف العلماء ف الوقت‪:‬‬
‫مِنْهم مَن قال‪ :‬يَكُون بعد طلوع الفجر‪.‬‬
‫‪107‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫صفِ الليل‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬يكون حت ف الليل ويكون ذلك بعد مُْنتَ َ‬
‫و‪-‬على كُل‪َ -‬ك ْوُنهُ بعد طلوع الفجر أمرٌ ُمتّفَق عليه ف َمنْ أمكنه ذلك فذلك هو الوْل والحوط ومَن لَم يُمْكِنه‬
‫ذلك لُِبعْدِ َبيِْتهِ‪-‬مثل‪-‬مِن ُمصَلّى العيد أو لنّ البيت الذي هو فيه فيه جاعة كبية مِن الناس وقد يكون مَ ْوضِعُ‬
‫الغتسال واحدا أو ما شابه ذلك وإذا اغتسلت الماعة ُكلّهَا ف ذلك الوقت تأ ّخرُوا جِدا أو َأّنهُ قد َتفُوتُهُم صلة‬
‫سلَ َبعْضُهُم‬ ‫العيد أو َي ْغتَسل بعضهم دون بعض أو ما شابه ذلك فهاهنا ل بأس بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪ِ -‬منْ َأنْ َيغْتَ ِ‬
‫سلُ‪-‬إذن‪-‬ثابت ول ينبغي‬ ‫ولو كان ذلك َقْبلَ طلوع الفجر ولكن ل ينبغي أن يكون ذلك قبل منتصف الليل‪ ،‬فالغُ ْ‬
‫التفريط فيه‪.‬‬
‫سنّ ُلبْسُ اللبِس السنة الميلة حت يكون السلم ف أحسن صورة وأجْمَل َهيْأَة ف هذا اليوم واسَْتثْنَى‬ ‫و‪-‬كذلك‪-‬يُ َ‬
‫بعضُ العلماء العتكف فقالوا‪ :‬الوْل أن َيخْرُج ف ثيابه الت اعتكف فيها‪ ،‬و ِمنْهُم َمنْ أخذ ذلك مِن حال الشهيد‬
‫حيث إنه يُ َك ّفنُ ف ثيابه‪ ،‬وهذا قياس باطل ل يصح‪ ،‬ذلك لنّ الشهيد يُْب َعثُ يوم القيامة بشيئة ال تبارك وتعال ‪..‬‬
‫يُْب َعثُ وَجُرحُه َيْثعَبُ دَما بسبب تلك الشهادة لَ ْونُه لَوْن الدم ورِيـحُه ريح السك وليس كذلك بالنسبة إل‬
‫العتكف‪ ،‬ثُم إ ّن ثياب العتكف لَم يكن ذلك الوسخ الذي فيها بسبب العتكاف وإنّما كان ذلك بسبب إطالة لُبْسِهَا‬
‫بذلك‪ ،‬وعلى تقدير أنّ ذلك كان بسبب عدم خروجه مِن ُمعْتَ َكفِه أو ما شابه ذلك فإنّ ذلك ل يكفي‪ ،‬ثُم إنّ السنّة‬
‫شرِ‬‫سنَ الّثيَاب وهو كان صلوات ال وسلمه عليه يَ ْعتَكِف ف العَ ْ‬ ‫الصحيحة دالّة على أنّ النب كان يَ ْلبَسُ أَحْ َ‬
‫الخية ِمنْ شَ ْهرِ رمضان‪ ،‬وإذن ل داعي لِ ِمْثلِ ذلك القياس لِمخالفته للصحيح الثابت‪.‬‬
‫سنّ الطّيبُ وهو وِإنْ كان لَم َيرِدْ َمرْفُوعا إل النب مِن طريق صحيحة ولكنه جاء عن بعض الصحابة ثُمّ‬ ‫وكذلك يُ َ‬
‫حبّ أن َيظْ َهرَ أمام الناس ف مثل هذه الـمَواطن وهو ف أحسن حال وأحسن رائحة‬ ‫إنّ النب كان ِمنْ حاله أّنهُ ُي ِ‬
‫فل ينبغي التفريط بذلك‪.‬‬
‫وكذلك بالنسبة إل السّواك بل هو مطلوب عند كل صلة كما جاء ذلك ف الديث عن النب ‪.‬‬
‫صرَ َش ْعرَ شَا ِربِه وأن‪-‬أيضا‪ُ-‬يقَصّر أظافره‪ ،‬فإن كان هو‬ ‫خ ُرجُ للعيد ينبغي له أن ُيقَ ّ‬ ‫وقال بعض العلماء‪ :‬إنّ الذي َي ْ‬
‫باجة إل ذلك فنعم أما إن ل يكن له حاجة إل ذلك ‪ ..‬أي لَمْ يكن َش ْعرُ شَارِبِه طويل ولَمْ تكن أظافره طويلة فإنه‬
‫ل علقة للعيد بذلك كما هو الال بالنسبة إل المعة‪.‬‬
‫شرَعُ لصلة العيد ‪ ..‬هذا ما َنصّت عليه طائفة ِمنْ أهل التحقيق مِن‬ ‫ش َرعُ لِصلة المعة فإنّه يُ ْ‬ ‫والاصل َأنّ ُكلّ ما يُ ْ‬
‫أهل العلم‪ ،‬وهو كلم واضح ل ُغبَارَ عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫و‪-‬كذلك‪-‬نَصّ العلماء بِأنّ الناس ينبغي لَهم أن يأتوا إل ُمصَلى العيد ولَوْ كان ذلك مِن مسافة شَاسِعَة‪ ،‬وما جاء مِن‬
‫اللف ف صلة المعة فهو كذلك ف صلة العيد‪ ،‬منهم مَن قال‪ :‬إنّ على الناس أن يَخرجوا إل السافة الت يُسْمَع‬
‫فيها الذان لسائر الصلوات‪-‬وإن لَمْ يكن لصلة العيد أذان كما هو معروف‪-‬وذلك يُقَ ّدرُ ِبفَ ْرسَخ‪ ،‬ولكنّ الناس‪-‬‬
‫للسف الشديد‪-‬يتساهلون بِهذا المر وتَجد كلّ أصحاب بلدة ُيصَلّونَ ف بلدتِهِم و‪-‬كذلك‪-‬تد كثيا مِن أهل‬
‫البادية ُيصَلّون ف باديتهم‪ ،‬وهذا ُمخَالِف لِهَدي النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ولِهَ ْديِ صحابته‪-‬رضوان ال تبارك‬
‫‪108‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وتعال عليهم‪-‬فينبغي الجتماع ِمنْ أجل وحدة الكلمة و َرصّ الصف حت يظهر السلمون وهم بِحمد ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬جاعة واحدة َفَأدْعُو ِإلَى العمل بِمِْثلِ هذه الشعية؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫صوْتٍ واحد إلى أن يَصِلُوا إلى مصلى‬
‫سنّ أن يَكون التكبير جماعيا ‪ ..‬يعني َيخْرج الناس لِ ُيكَبّروا بِ َ‬
‫س‪ :‬هل ُي َ‬
‫العيد ؟‬
‫ج‪ :‬الصل أنّ ُكلّ واحِد يُ َكّبرُ بنفسه ‪ ..‬كل واحِدٍ يُ َكّبرُ هو بنفسه ول حاجة إل أن يُكبّر شخص وَت ُردّ الـمجموعة‬
‫بَعْدَه ول َشكّ بأنّه عندما يُ َكبّر الناس جيعا سيكون بعضهم ُمَتقَدّما وبعضهم متأخّرا وقد تكون الجموعة إذا كانت‬
‫قليلة ‪ ..‬يكون صوتُها واحدا فإذن ل داعي لن يقرأ أحدهم التكبي والبَ ِقيّة ُتتَابِعُه وإنْ ُكنّا ل نقول‪ " :‬إنّ ذلك مِن‬
‫المور المنوعة " ولكننا نقول‪ :‬إنّ ذلك ل يثبت وما دام غي ثابت فالوْل أن يكون العمل على حسب ما جاء ف‬
‫ال ِدلّة الت أشرنا إليها سابقا ‪.‬وال أعلم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أحكام صلة العيد‬


‫س‪ :‬بالنسبة للخروج إلى صلة العيد ‪ ..‬الذهاب إلى صلة العيد مِن طريق والعودة مِن طريق آخَر‪ ،‬هل هذا مِن‬
‫السنّة ؟‬
‫حتَمِل‬‫خرُج ف طريق ثُم يرجع ف طريق آخَر‪ ،‬وهذا المر ُم ْ‬ ‫ج‪ :‬هذا ثبت عن النب صلوات ال وسلمه عليه ‪ ..‬كان َي ْ‬
‫هل ذلك مِن السنن القصودة للنب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أَو أنّ ذلك مِن المور الت ليست مِن السنّة وإنّما‬
‫جبِلية ؟ هذا المر مُحتمِل‪ ،‬ولكن الذي ذهب إليه أكثرهم بِأنّ هذا ِمنَ المور القصودَة‪ ،‬ولكن ما‬ ‫هي مِن المور الـ ِ‬
‫العلّة ف ذلك ؟‬
‫مِنْهُم مَن قال‪ :‬إنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬كان يَمر على الناس ومنهم الفقي فأ َحبّ صلوات ال وسلمه‬
‫عليه أنْ يتصدّق الناس الذين لديهم شيءٌ مِن الال على الفقراء يتَصَدّقُون ف ذهابِهم على الطائفة الت يَمرون عليها ف‬
‫الطريق الول ويتصدّقُون عند إيابِهم على الطائفة الت هي ف الطريق الثانِي‪.‬‬
‫و ِمنْهُم مَن قال‪ :‬إنّ ذلك مِن أجل إظهار شِعار السلمي حت يظهر ف أكثر مِن موطن عندما يَمر النب ومَن معه‬
‫مِن الصحابة الكرام رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنهم‪.‬‬
‫و ِمنْهُم َمنْ قال‪ :‬إنّ ذلك ِمنْ أجل أن يشْهَد له الطريقان ‪ ..‬يشْهَد له الطريق الول ف خروجه صلوات ال وسلمه‬
‫شهَد له الطريق الثان عند رجوعه صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬ ‫عليه لِصلة العيد وي ْ‬
‫وقيل بغي ذلك‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ويُمكن أن يكون ذلك لِهذه العان كلها أو لبعضها‪ ،‬فإنه ليس هنالك نصّ صريح يدل على واحد مِن هذه المور‬
‫ولكن مهما كان ينبغي عدم التفريط ف ذلك عندما يكون ذلك مُمْكنا‪ ،‬أما إذا كان ذلك ل يُمكن لبعض الناس‬
‫وذلك عندما يَخرجون على السيارات إذ إنّه قد ل يتيسر لم وجود طريقي يَخرجون ف واحد ويرجعون ف الطريق‬
‫الثان فل بأس عليهم بشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬ثُمّ إّننَا لو َعلِمْنا العِلّة الت خرج منها النب فعلى تقدير أنه أراد أنّ‬
‫ذلك مِن أجل أن يَمر على الفقراء أو مِن أجل السلم على أصحابه أو ما شابه ذلك فإذا كان أحد الطريقي ل يوجد‬
‫شعَار‪ ،‬ولكن‪-‬كما قلتُ‪-‬المر ف هذه‬ ‫أحد فيه ف بعض الناطق فإنّه ل حاجة لِمثل ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل ال ّ‬
‫حتَمِل وليس هنالك دليل واضح فيها وإنّما هي احتمالت‪ ،‬وما دام النب َف َعلَ ذلك ويُمكن أن يكون مِن‬ ‫القضية ُم ْ‬
‫أجل أن يشْهَد له كل واحد مِن الطريقي فالي كل الي ف إتباعه صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫هذا وقد ذهب بعضُ أهل العلم إل أنّه ُيقَاسُ على هذه القضية الذهاب إل صلة المعة وعليه فعلى قولِهم ينبغي‬
‫الذهاب ف طريق والرجوع ف طريق آخَر‪ ،‬وبعضُهم قاس عليه الصلوات المس فقال‪ " :‬عندما يَخرج النسان الذي‬
‫يريد الذهاب إل السجد ينبغي له أن يذهب ف طريق ويرجع ف طريق آخر "‪ ،‬ومنهم مَنْ َط َردَ ذَلك ف كل أعمال‬
‫الي والبِر فقال‪ " :‬إذا ذهب لزيارة قريب أو ِعيَادَ ِة مريض أو ما شابه ذلك مِنْ أعمال الي ينبغي له أن يذهب ف‬
‫طريق ويرجع ف طريق آخر "‪ ،‬ولعلّ هذا مبن على أنّ ذلك ِمنْ أجل أن يشهد له الطريقان‪ ،‬ولكن مهما كان ل‬
‫ينبغي القياس ف مثل هذه القضية ‪ ..‬ينبغي أن نَ ْقَتصِرَ على ما ورد عليه النص وبعد ذلك إن شاء النسان أن يذهب‬
‫ف طريق ويرجع ف طريق آخَر أو يرجع ف الطريق الذي ذهب فيه فل بأس فيه بالنسبة لغي العيد إل إذا كانت‬
‫هنالك مصلحة كأن يَمُر على بعض أصحابه أو ما شابه ذلك‪ ،‬وأما بالنسبة إل ذهابه صلوات ال وسلمه عليه إل‬
‫مكة الكرمة حيث إنّه دخل مِن طريق وخرج مِن طريق آخَر فعلى تقدير أنّ ذلك مِن السنن‪-‬كما ذهب إليه بعضُ‬
‫أهل العلم‪-‬فذلك‪-‬أيضا‪ُ-‬يحْمَل على هذه القضية‪ ،‬وأما بالنسبة إل رجوعه‪-‬أيضا‪ِ -‬منْ عرفة ف غي الطريق الذي‬
‫ذهب إليه فبعضُ العلماء قال‪ " :‬إنّ ذلك كان َأيْسَر عليه "‪ ،‬و‪-‬على كُل‪-‬ل ينبغي َطرْدُ القياس ف مثل هذه القضايا‬
‫سنُون وإنّما يُ ْقَتصَر على ما ثبت به الدليل ‪ ..‬هذا ما أراه؛ والعلم عند ال‬ ‫سّنيّةِ أمرٍ وهو ليس بِمَ ْ‬
‫حت يَحكم النسان ب ُ‬
‫تبارك وتعال‪.‬‬
‫س‪ :‬هل مِن السنّة أن يكون الذهاب إلى صلة العيد َمشْيا ؟ وإذا كان ذلك‪ ،‬فماذا على مَن َركِب ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬السنّة أن يَخرج النسان إل صلة العيد كما َف َعلَ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬حيثُ إنّه خرج‬
‫شقّ على النسان أن يَخرج وهو يَمشي‬ ‫يَمْشِي على َق َدمَيْه ولكن عندما يكون ذلك ُمتَيَسّرا أما إذا كان الكان بعيدا يَ ُ‬
‫فل بأس عليه بِمشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف الركوب‪ ،‬وكذلك إذا كان النسان ضعيفا أو مريضا أو ما شابه ذلك أو‬
‫شقّ عليهم الذهاب وهم يَمشون أو ل يُسَْتحْسَن منهم ذلك أو ما شابه‬ ‫أراد أن يأخذ معه بعض نساِئهِ وأولدِه الذين يَ ُ‬
‫ذلك فل بأس بِذلك بِمشيئة ال أما عندما يكون الشي ُمتَيَسّرا فل ينبغي أن ُيعْدَل إل غيه‪.‬‬
‫س‪ :‬وماذا عن المرأة أيضا ‪ ..‬هل تَخرُج لِصلة العيد ؟‬

‫‪110‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬هكذا ثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ف الديث الصحيح الثابت عنه‪ ،‬فقد َأ َمرَ‬
‫ليّض بِأن يَخرُجن إل صلة العيد مع أنّهن‬ ‫صلوات ال وسلمه عليه النساء أن يَخرُجن لصلة العيد حت أنّه أمر ا ُ‬
‫ل يُصَلّي ف ذلك الوقت ِمنْ أجْل أن يَشهَ ْدنَ دعوة الي مع السلمي وأن يُ َكبّ ْرنَ بتكبيهم‪ ،‬فالنساء ينبغي لَهن ذلك‪،‬‬
‫وقد اختلَف العلماء ف هذا الروج‪:‬‬
‫منهم مَن قال‪ :‬إنه واجب‪ .‬ومنهم مَن قال‪ :‬إنه مستحب‪ .‬ومنهم مَن قال‪ :‬إنه مباح‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬إنه مكروه ‪ ..‬قالوا‪ " :‬إنّ ذلك منسوخ "‪ ،‬ول دليل على النسخ أبدا ‪ ..‬مَن ادّعَى النّسْخ فعليه أن‬
‫يَأتِيَ بالدليل ول سبيل له إليه البتّة‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬يُستحَب ف حقّ النساء الكبيات‪ ،‬ومنهم مَن قال‪ :‬يباح لنّ‪ ،‬وهكذا بِالنسبة إل النساء اللت ل يكن‬
‫فيهنّ شيءٌ مِن المال‪ ،‬أما بالنسبة إل النساء الصغيات ولسيما الميلت فهذا مِمّا ل ينبغي‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬هذا ُمخَاِلفٌ لِنصّ الديث الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فالديث فيه الّتنْصِيص‬
‫على خروجِ الصّغار‪ ،‬فل أدري لِمَاذا يُ ْؤتَى بِمثل هذه القوال الخالِفة لِحديثِ النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪ ،‬فالقول بِالكراهة قول ل وجهَ له‪ ،‬والقول بالنسخ ل دليل عليه‪ ،‬ول ينبغي لحد أن يَ ْلتَ ِفتَ إليه‪ ،‬وهكذا بالنسبة‬
‫إل القول بالباحة أو بالتخصيص بكبيات السن ومَن كان حالُه كحالِهِن‪ ،‬فهذه القوال مِمّا ل ينبغي أن يُ ْلَت َفتَ إليها‬
‫خرُجْن بزينةٍ أو بِعطرٍ أو ما شابه ذلك والزينةُ شاملة لكل شيءٍ‬ ‫شرْط ألّ َي ْ‬
‫بل ينبغي المرُ بِذلك كما َأ َمرَ به النب بِ َ‬
‫ش ْرطِ ألّ َيخْرُ ْجنَ مَُتزَّينَات‪،‬‬ ‫سواءً كانت زينة بُِلبْسِ الثياب الفاخِرة أو بِاستعمال العطور أو ما شابه ذلك ‪ ..‬الاصل بِ َ‬
‫سنَة فهذا مِمّا ُينْهَى َعنْهُ َأشَدّ النّهي‪ ،‬فهو ُمخَاِلفٌ لِلسنّة‬ ‫أما مَن خَرجت ُمتَ َزيّنَة ُمتَ َع ّطرَة أو ما شابه ذلك أو ف حالةٍ حَ َ‬
‫خرُج الرأة‪-‬كما َأ َمرَها النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬غي ُمَتزَّينَة ولبِسَة اللباس‬ ‫مُخالَفةً صَارِخَة‪ ،‬فإما أن َت ْ‬
‫الشرعي العروف الذي جاءتْ شروطُه ف سنّة النب وأرى الوقت ل يَسمَح ل بِذِكْر تلك الشروط جَميعا فَلعَّلنَا‬
‫خرُج الرأة ِمنْ بَْيتِها وقد تلتقي‬ ‫نَذْكُرها بِمشيئة ال ف مناسبةٍ أخرى فإنّ ذلك ليس خاصّا بالعيد بَلْ هو شامل عندما َت ْ‬
‫بشخصٍ أجنب منها‪ ،‬فإذن إذا َخرَ َجتْ الرأة بلباسها الشرعي الذي يَصِحّ لَها أن َتخْ ُرجَ به عندما تَلتقي ِبأَحَد مِن‬
‫الجانب وذلك‪-‬طبعا‪-‬مع َمحَارِمها فذلك مِمّا يُ ْؤ َمرُ بِه ف السنّة سواءً كانت هذه الرأة ف حالةِ حيضٍ أو نفاس أو‬
‫كانت طاهرة لكن إذا كانت ف حالة حيض أو نفاس فإنّها ل تَشْهَد الصلة كما ثبت ذلك ف الديثِ عن النب‪-‬‬
‫صلوات ال وسلمه عليه‪-‬وإنّما تَشْ َهدُ الي ودعوةَ السلمي وُت َكبّر ِبتَ ْكبِيِهِم ‪ ..‬تُكَبّر‪-‬طبعا‪-‬ف نفسها َولَيْس‬
‫كالرجال الذين َيرْفَعُون أصواتَهُم؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا لَم تَخرُج المرأة لِصلة العيد‪ ،‬هل تُصلّيها في بيتها ؟‬
‫ج‪ :‬الصل أن ُتصَلّى صلة العيد ف جَماعةِ السلمي كما ثبت ذلك عن النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ولكن إنْ لَم‬
‫تَخرج كما هو الال عند كثي من الناس ف هذا الزمان ‪ ..‬إن صَلّت ف بيتها ركعتي‪ 1‬فل بأس بِمشيئة ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬لكن الصل أنّ الصلة تكون ف جاعة وأقصد بالصلة صلة العيد‪.‬‬

‫‪-1‬وفي ذلك تفصيل َذ َكرَه الشيخ عند جوابه على السؤال ‪.9‬‬
‫‪111‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬ماذا على مَن لم يصل صلة العيد ؟‬


‫ج‪ :‬على كل حال؛ صلة العيد‪-‬كما قلتُ هي‪:‬‬
‫‪-1‬واجبة على العيان‪ ،‬على رأي طائفة مِن أهل العلم‪ ،‬وهو قول قوي‪.‬‬
‫‪-2‬وبعضهم يَقول‪ :‬هي مِن السنن الؤكدة‪.‬‬
‫‪-3‬ومنهم مَن يَقول‪ :‬هي مِن الواجبات الكفائية‪.‬‬
‫ومهما كان ل ينبغي للنسان أن يُفرّط ف ذلك أبدا ‪ ..‬القول بالوجوب العين قول قوي جدا‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬حت على‬
‫قول مَن يَقول بِالسنّة الؤكدة فليس للمسلم أن يُفرّط ف مثل هذه المور ‪ ..‬الرسول يَخرُج إليها ويَحثّ أصحابَه‬
‫ويَأمُر حت النساء الـحُيّض أن يَخرُجن إل الصلى وإن ُكنّ ل يُصلّي ومع ذلك يُمكِن أن نُرخّص لِلقادِر ف ذلك‬
‫هذا مِمّا ل يكن أن نقول به أبدا‪ ،‬فعلى مَن وقع ف ذلك ف الاضي أن يَتوب إل ال وأن يَرجِع إليه ؛ وال ول‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫ص في المناوبة مثل وفاتته الصلة يومَ العيد مع الجماعة‪،‬‬


‫س‪ :‬كيف يَصنَع مَن فاتته صلة العيد ‪ ..‬كأن يكون شخ ٌ‬
‫فهل له أن يصليها منفردا فيما بعد ؟ ومتى يكون قضاؤها ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ صلةُ العيد وقتُها بعد وقتِ النهي العروف وذلك بعد أن ترتفع الشمس بقدار قيد رمح وقلنا‪:1‬‬
‫" إنّ ذلك يُقدّر تقريبا باثنت عشرة دقيقة أو ربع ساعة " ‪ ..‬مِن هذا الوقت يَدخل وقت صلة العيد ويَنتهي قبل‬
‫الزوال بِلحظة ‪ ..‬هذا هو وقتها‪ ،‬فالصل أن يُصلي النسان مع جاعة السلمي ولكن إن كان هنالك عذرٌ لبد منه‬
‫مِن مرض ونوه أو مِن المور الت ل يكن أن يَخرج فيها مثل كبعض الناس الذين يكونون ف الستشفيات وهنالك‬
‫ضرورة ملحة لن يبقى الطبيب ف الستشفى‪:‬‬
‫فعلى كل حال بعضُ العلماء يَقول‪ :‬إنّ النسان إذا ل يَخرج إل الصلة وجاء متأخّرا أو تأخّر لسبب مِن السباب ل‬
‫يُشرع ف حقّه أن يُصلّي صلة العيد‪ ،‬وذلك لنا تُشرَع ف جاعة السلمي وإذا ل يُصلّها ف جاعة السلمي فل‬
‫يُشرَع ف حقّه أن يَأتِيَ با‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬يُصليها كصلة العيد ‪ ..‬أي ركعتي بالتكبي العروف‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬يُصلّي ركعتي عاديتي‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬يصلي أربعا‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬يُخيّر بي ركعتي وبي أربع ركعات‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال بغي ذلك مِن القوال‪.‬‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 25‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 9‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وليس هنالك دليلٌ صريح ف هذه القضية‪ ،‬فإذا صلى ركعتي و َكبّر فيهما فل حرج عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬

‫سابعا ‪ :‬أحكام السنن والنوافل‬


‫س‪ :‬الناس‪-‬ربما‪-‬مسألة السنن يتهاونون فيها ويَظنون أنّ مرتبتها صغيرة جدا ل تَرقى إلى أن يُحافِظ عليها‬
‫النسان‪ ،‬ما هي قيمة السنن في السلم ؟‬
‫ج‪ :‬إنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬مع أنه قد َغفَر ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬له ما تَقدّم مِن ذنبه وما تَأخّر‬
‫كان يُحافِظ أشدّ الحافظة على السّنن ف ليله وناره‪ ،‬وقد أمر صلوات ال وسلمه عليه بذلك وحثّ عليه‪ ،‬وبيّن‬
‫فضْل ذلك وعلوّ منلته ف كثي مِن الحاديث الثابتة عنه صلوات ال وسلمه عليه الت جاءت عن طائفة كبية مِن‬
‫صحابته رضوان ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليهم‪.‬‬
‫فقد جاء عنه صلوات ال وسلمه عليه أنه قال‪ ( :‬مَن عادى ل وليا فقد آذنته بالرب‪ ،‬وما تَقرّب إل عبدي بشيء‬
‫أفضل مِمّا افترضتُه عليه‪ ،‬وما يزال عبدي يَتقرّب إل بالنوافل حت أحبه‪ ،‬فإن أحببتُه كنتُ سَمعَه الذي يَسمع به‪،‬‬
‫وبصرَه الذي يُبصِر به‪ ،‬ويدَه الت يَبطِش با‪ ،‬ورِجلَه الت يَمشي با‪ ،‬وإن سألن ‪ ) 1...‬إل آخر الديث‪ ،‬وهو وإن‬
‫كان قد تكلم فيه بعض العلماء إل أنه قد جاء مِن طرق أخرى يَشدّ بعضها بعضا فيَرتقي بذلك الديث إل درجة‬
‫القَبول ‪ ..‬هذا الذي نراه ف هذا الديث‪.‬وقد سأل رجل مِن الصحابة رسول ال أن يُرافِقه ف النة فقال له‬
‫صلوات ال وسلمه عليه‪ ( :‬أَ ِعنّي على ذلك بِكثرة السجود )‪.‬‬
‫وحثّ أحدَ صحابته وهو ثوبان‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليه‪-‬بكثرة السجود وبيّن له صلوات ‪ 2...‬سجدةً إل رَفع‬
‫ال له با درجة وحطّ عنه با سيئة‪.‬‬
‫وهكذا شأن النفل‪ ،‬فإنّ ال يَرفَع به الدرجات ويَحطّ به السيئات‪ ،‬وقد جاءت ف ذلك أحاديث كثية عن النب‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ول أرى حاجة بالطالة بذكرها‪.‬‬

‫‪ 1‬وقع هنا‪-‬للسف‪-‬انقطاع لخلل أثناء إرساله مِن التلفزيون‪ ،‬ويبدو أنه غير مؤثّر في جواب الشيخ ‪-‬‬
‫‪-2‬وقع هنا‪-‬للسف‪-‬انقطاع لخلل أثناء إرساله مِن التلفزيون‪ ،‬ويبدو أنه غير مؤثّر في جواب الشيخ‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫يُتمّها‬ ‫وقد جاء ف بعض الحاديث أنّ النفل يُتَمّمُ به الفرض فإن كان هنالك نَقص وقع ف بعض الفرائض فإنّ ال‬
‫يوم القيامة بالنفل‪.‬‬
‫فل ينبغي لحد أن يتهاون بالنوافل‪ ،‬ولسيما تلك الت ثبتت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وقد سُئل بعض العلماء عمّن تاون بالنوافل الراتبة الؤكّدة الت جاءت عن النب فقال‪ " :‬هو رجل سوء " وبيّن‬
‫بأنه ل يَقبَل له شهادة‪ ،‬وسُئل بعض العلماء‪-‬أيضا‪-‬عمّن يَتهاون بالسنن الؤكّدة الثابتة عن النب فذكر رضوان‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليه أنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم به وهو مات يوم مات متهاونا بذه السنن الؤكّدة عن النب‪-‬صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وأنه يُخشى عليه مِن ذلك‪ ،‬أو ما شابه هذا العن‪.1‬‬
‫فينبغي للنسان‪-‬إذن‪-‬أن يُحافِظ على تلك السنن الراتبة ويُحافِظ على تلك السنن الت كان يُحافِظ عليها النب مع‬
‫ص سنّة النب‪-‬صلى ال‬ ‫أنه‪-‬كما قلتُ قد َغفَر ال له ما تَقدّم مِن ذنبه وما تَأخّر‪ ،‬بنصّ كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وبن ّ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬الثابتة ثبوتا ل شك فيه‪.‬‬
‫وهذه السنن كثية ومتعدّدة مبثوثة ف كتب السنن‪.‬‬
‫وينبغي للنسان أن يُحافِظ عليها على حسب ما كان يُحافِظ عليها النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬هكذا‬
‫ينبغي ف السنن بل حت ف الواجبات ‪ ..‬ينبغي للنسان أن يأت با على حسب ما كان يأت با النب ‪ ..‬يأت‬
‫بالواجبات وبالسنن على حسب ما كان يأت با النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬يراعيها مِن حيث السبب‪،‬‬
‫ويراعيها مِن حيث النس‪ ،‬ويراعيها مِن حيث العدد‪ ،‬ويراعيها مِن حيث النوع‪ ،‬ويراعيها مِن حيث الزمان‪ ،‬ويراعيها‬
‫مِن حيث الكان ‪ ..‬يراعي هذه المور جيعا‪ ،‬فيأت بعباداته على حسب ما كان النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬يأت با عليه ف المور الت ذكرناها جيعا‪ ،‬وهي تتاج إل تفصيل طويل‪ ،‬فلعل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬يَمنّ علينا‬
‫بأن نتكلم على هذه المور الستة بكلم أطول مِمّا هنا ونضرب على ذلك بعض المثلة الت َيتّضِح با القام؛ وال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬الستعان‪.‬‬
‫س‪ :‬نودّ منكم تعريفا للسنن المؤكدة ‪ ..‬ما هي السنن المؤكدة‪ 2‬؟‬
‫ج‪ :‬السنن منها ما هو مؤكّد‪ ،‬ومنها ما هو راتب‪ ،‬ومنها ما هو نفل مطلَق‪.‬‬
‫ف حضره وف سفره‬ ‫أما السنن الؤكّدة‪-‬وأتكلم الن على السنن ف باب الصلة‪-‬فهي الت كانت يأت با النب‬
‫ول يَثبت عنه أنه تركها ول مرة واحدة ف حياته‪.‬‬

‫‪-1‬وقد بيّن الشيخ مراد هؤلء العلماء عند جوابه على السؤال ‪ 4‬مِن حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1425‬هـ يوافقه ‪ 28‬أكتوبر‬
‫‪2004‬م )‪.‬‬
‫طرِحَ‬
‫عدّل السؤال إذ ُ‬
‫ن الشيخ لم يتكلم عن السنن الرواتب في جوابه بل تكلم عن السنن المؤكدة فقط فإنه ُ‬ ‫‪-2‬نظرا إلى أ ّ‬
‫في الصل هكذا‪ " :‬نو ّد منكم تعريفا للسنن الرواتب ‪ ..‬ما هي السنن الرواتب ؟ "‪ ،‬مع العلم أنه تكلم عن الرواتب‪-‬بحمد‬
‫ال تعالى‪-‬عند جوابه على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 28‬أكتوبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وذلك كمثل صلة سنّة الفجر‪ ،‬فإنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ل يَتركها ل ف حضر ول ف سفر‪ ،‬حت‬
‫أنه صلوات ال وسلمه عليه عندما نام هو وصحابته الكرام‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليهم‪-‬وقاموا بعد طلـوع‬
‫الشمس أتى بسنّة الفجر ث أتى بالفريضة‪.‬‬
‫وهكذا بالنسبة إل الوتر‪ ،‬فإنه ل يَثبت عنه أنه تَركها البتّة‪.‬‬
‫حت أ ّن بعض العلماء قال بوجوب الوتر‪ ،‬ومنهم مَن قال‪-‬أيضا‪-‬بوجوب سنّة الفجر‪.‬‬
‫ولكنّ القول الصحيح ف الوتر بأنه سنّة مؤكّدة‪ ،‬ل يَصل إل مرتبة الوجوب‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل سنّة الفجر فقد نُسِب إل السن البصري بأنه قال بوجوبا وكذلك جاء عن السن بن زياد أنّ المام‬
‫أبا حنيفة يقول بوجوب ذلك وأنا أشكّ ف ذلك كثيا‪ ،‬أما بالنسبة إل المام أب حنيفة فإنّ الكثرية الكاثِرة مِن‬
‫أصحابه يَنسِبون إليه القول بأنا سنّة وليست بواجبة ‪ ..‬هذا هو الثابت عنه‪ ،‬أما بالنسبة إل السن البصري فإنه ل‬
‫يُريد بالوجوب هاهنا الواجب الذي يُرادِف الفرض‪ ،‬وإنا يُريد بذلك شِدّة التأكيد‪ ،‬وهذا يَ ِردُ كثيا ف بعض الدلة‬
‫وف كلم بعض السلف ‪ ..‬يعبّرون بالواجب ول يُريدون بالواجب الواجب الذي هو يُرادِف الفرض‪ ،‬وكما أنم‬
‫يعبّرون بالسنّة ول يريدون السنّة العروفة عند الفقهاء‪ ،‬وإنا يريدون بأنّ ذلك ثابت بِالسنّة‪ ،‬أو ما هو مشابِه لذلك‪،‬‬
‫فالصحيح عن السن البصري بِأنه يَقول‪ " :‬إنّ سنّة الفجر سنّة " ول يَقول بِوجوبِها ‪ ..‬هذا الذي ثبت عنه‪ ،‬وإنا عبّر‬
‫بِالواجب وهو ل يريد بِذلك الوجوب العروف‪.‬‬
‫ونن علينا أن نتدبر عندما نَجد شيئا مِن الصطلحات الادِثة ‪ ..‬عندما نَجد هذه الصطلحات موجودة ف كتاب ال‬
‫أو ف سنّة رسوله أو ف كلم بعض السلف مِن الصحابة والتابعي ‪ ..‬أقول‪ :‬علينا أن نتدبّر جيدا وألّ نَحمِل تلك‬
‫اليات أو تلك الحاديث أو ذلك الكلم الروي عن السلف على حسب هذه الصطلحات الت اصطلح عليها الفقهاء‬
‫أو علماء الصول‪ ،‬وذلك لنّ هذه اصطلحات متأخّرة ولولئك القوم اصطلحات أخرى‪ ،‬و‪-‬كما قلتُ‪-‬حت ف‬
‫الكتاب العزيز وف السنّة الصحيحة الثابتة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ما يُبيّن ذلك بيانا واضحا بأنه ل‬
‫[ سورة البقرة‪ ،‬من الية‪] 200 :‬‬ ‫فَِإذَا َقضَْيتُم ّمنَاسِ َككُمْ ‪...‬‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫يُراد بذلك هذه الصطلحات‪ ،‬فال‬
‫فَِإذَا ُقضَِيتِ‬ ‫فهل يُراد بالقضاء هاهنا التيان بالعبادة بعد انتهاء وقتها كما هو القرر عند الصوليي ؟! وكذلك‪:‬‬
‫الصّلةُ ‪ [ ...‬سورة المعة‪ ،‬من الية‪ .. ] 10 :‬هل يُراد القضاء هاهنا القضاء الذي هو بعن فِعل العبادة بعد‬
‫خروج وقتها الحدّد لا شرعا ؟! كلّ ‪ ..‬ل يُراد ذلك بذا‪ ،‬وكذلك جاء ف بعض الروايات‪ ( :‬إذا أُقيمت الصلة فل‬
‫تأتوها وأنتم تسعون فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا ) وف بعض الروايات‪ ( :‬فَأتِمّوا ) وقد احتج بعض العلماء‬
‫بالتام على معن واحتج بعضهم على معن‪-‬كما هو العروف ف كتب الفقه‪-‬ول ينبغي الحتجاج بثل ذلك ‪ ..‬على‬
‫أنن أقول أنّ الديث قد جاء بلفظ واحد واللفظ الثان مروي بالعن‪ ،‬وهكذا ف كثي مِن الحاديث الت تأت بألفاظ‬
‫متلِفة ل يُمكِن أن نَحتَج با على عِدّة أحكام مع أنّ القضية واحدة ‪ ..‬نعم إذا اختلفت القضايا فيُمكِن ذلك إذا ل‬
‫يُمكِن المع بينها ‪ ..‬فهذه أمور لبد مِن أن ُتتَدبّر‪ ،‬وكذلك ما جاء عن السيدة عائشة رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫عنها‪ " :‬سنّ رسول ال زكاة ال ِفطْر " ل تُريد بذلك أنا سنّة ويكن أن نتجّ بذلك ونقول‪ " :‬جاء ف بعض‬
‫‪115‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الروايات التصريح بالوجوب وف بعضها جاء التصريح بالسنّة فإذن الحاديث هاهنا متعارِضة منهم مَن يقول بالنسخ‬
‫ومنهم مَن يُرجّح "‪ ،‬إل غي ذلك ‪ ..‬كلّ‪ ،‬بل معن ذلك أنا ثبتت بالسنّة وإن كانت هي واجبة ف حقيقة ذاتا‪ ،‬إل‬
‫غي ذلك مِِن المثلة الكثية جدا جدا الت ينبغي التنبه لا‪ ،‬فإذن هكذا ‪ ..‬عندما نَجد ف كلم السلف‪-‬أيضا‪-‬الكم‬
‫بوجوب أمر والظاهِر أنّ ذلك مالِف للسنّة الصحيحة ل ينبغي أن نَتسرّع ونَنسب إليهم الخالَفة للسنّة الصحيحة‬
‫الثابتة ما أمكن أن نَحمِل ألفاظَهم على حسب ما تدل عليه تلك الدلة‪.‬‬
‫فهاهنا الدلة واضحة تدل بأنّ هذه سنّة‪ ،‬ففي حديث السيدة أم حبيبة بيّنَت بأنا مِن السنن‪ ،‬وهكذا ف حديث‬
‫السيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنها‪-‬وجاء ذلك عنها مِن أكثر مِن رواية تدل دللة صرية بِأنّ هذه مِن السنن‬
‫وليستْ مِن الواجبات‪.‬‬
‫وهكذا نَجد ف كلم كثي مِن السلف الكم بكراهة بعض المور مع أنّ تلك المور مرّمة بنصوص واضحة جلية‬
‫فهم ل يُريدون بالكراهة هاهنا الكراهة العروفة عند الفقهاء والصوليي‪ ،‬وإنا يريدون بالكراهة التحري‪ ،‬إل غي ذلك‬
‫مِن العان الت ل يتّسع القام لذكرها الن كما أنه ل يتّسع لذكر الدلة الت تدل على ما ذكرناه‪ ،‬وعسى أن نبيّن‬
‫ذلك ف مناسبة أخرى‪ ،‬فالقام يقتضي ذلك‪ ،‬لكثرة وقوع الطإ ف هذه السألة مِن بعض العلماء فضل عن غيهم‪.‬‬
‫كما أنه عند نسبة القوال إل بعض العلماء السابقي مِن الصحابة والتابعي الذين ل تُوجَد لم مؤلفات ينبغي أن نَنظُر‬
‫أوّل وقبل كل شيء ف صحّة تلك الروايات الت رُويت عن أولئك الصحابة والتابعي‪ ،‬فإننا نَجد كثيا ف كتب‬
‫اللف‪ 1‬أنّ كثيا مِن أهل العلم يَروون بعض الروايات عن بعض الصحابة أو التابعي مِن غي أن يُمحّصوا تلك‬
‫الروايات هل تلك النسبة صحيحة أو ليست بصحيحة‪ ،‬وهذا موجود ف كتب التفسي وف كتب الفقه‪ ،‬إل غي‬
‫ذلك‪ ،‬مع أنّ طائفة كبية مِن تلك القوال الت تُنسَب إل أولئك الصحابة الكرام وإل أولئك التابعي ل تَثبت عنهم‪،‬‬
‫فلبد مِن معرفة الثابت عنهم‪ ،‬فقد كُذب عليهم‪ ،‬وجاء عن بعضِهم بعضُ الروايات مِن طرق ل تقوم با الجّة‬
‫لضعف رجالا أو لتدليسهم‪ ،‬إل غي ذلك مِمّا ل تقوم به الجّة‪ ،‬فينبغي التّنبّه لذلك‪ ،‬وألّ نَنسب إل الصحابة أو‬
‫غيهم إل ما ثبت عنهم‪ ،‬وعند مَن ل يستطيع ذلك إما أن يُعرِض عن ذلك على الطلق‪ ،‬وإما أن يُبيّن ذلك بطريقة‬
‫يَظهَر منها بأنه ل يَتثبّت مِن ذلك وإنا ذَ َكرَهُ على حسب ما نُسِب إليهم؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬أنتم تحدثتم عن سنّة الفجر وأنها مؤكّدَة والبعض ذهب إلى أنها واجبة ‪ ..‬الن بالنسبة لسنّة الفجر‪ ،‬ما حكم‬
‫صلة سنّة الفجر أثناء صلة المام الفريضة ؟‬
‫ج‪ :‬نعم سنّة الفجر سنّة مؤكّدة‪ ،‬للحاديث الكثية الت دلّت على ذلك‪ ،‬وقد جاء ف فضْلها‪-‬أيضا‪-‬الكثي‬
‫الطيب مِن سنّة النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فل ينبغي لحد أن يُفرّط فيها بال مِن الحوال‪،‬‬
‫ويكفي أنّ النب قال عنها‪ ( :‬سنّةُ الفجر خي مِن الدنيا وما فيها ) ‪ ..‬هكذا ثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه‪،‬‬
‫وف هذا مِن الفضْل ما ل يَخفى على مَن أراد الفضْل‪.‬‬

‫‪-1‬لعل الشيخ قصد أن يقول‪ " :‬كتب الفقه "‪.‬‬


‫‪116‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فسنّة الفجر تُشرَع بطلوع الفجر‪ ،‬فإذا طلع الفجر فإنا تُشرع ف ذلك الوقت ‪ ..‬هذا هو الوقت الذي كان يَفعلها فيه‬
‫النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫أما مَن قال بأنا تُشرَع قبل ذلك فل دليل له‪ ،‬بل هو مصادِم للدليل أيّما مصادَمة‪ ،‬فل ينبغي لحد أن يَأخذ بذلك ‪..‬‬
‫نعم مَن أخذ بذلك ف الاضي فليستغفر ربه ول شيء عليه‪ ،‬أما بالنسبة إل الستقبل فل ينبغي لحد أن يَأخذ بذلك‬
‫مع مصادَمة ذلك‪-‬كما قلتُ‪-‬للسنّة الصحيحة الثابتة عن النب ثُبُوتا ل شك فيه‪.‬‬
‫وسنّة الفجر كان يُصليها النب ف ذلك الوقت‪ ،‬وكان يَختصِر فيها القراءة حت أنّ السيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك‬
‫وتعال عنها‪-‬كانت تشكّ هل أتى بالفاتة فيها أو ل‪ ،‬ومِن هنا قد اختلف العلماء هل يُشرَع للنسان أن يَقرَأ فيها أو‬
‫أنه ل تُشرَع فيها القراءة ؟‬
‫‪-1‬فمنهم مَن قال‪ :‬إنّه يُصليها ول يُشرَع له فيها القراءة‪ ،‬وهو قول مِن الضعف بكان‪.‬‬
‫‪-2‬وبعضهم قال‪ :‬يُشرَع أن يأت فيها بالفاتة فقط‪ ،‬وهو‪-‬أيضا‪-‬مصادِم للدليل‪ ،‬كما سيأت بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫‪-3‬ومنهم مَن قال‪ :‬إنه يُشرَع للنسان أن يَقرأ فيها الفاتة ويَقرأ فيها شيئا مِن السور القصية أو مِن اليات القصية‪،‬‬
‫وهذا هو الصحيح الثابت‪ ،‬فقد كان النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬يأت فيها بسورة الكافرون ف الركعة‬
‫الول وبسورة الخلص ف الركعة الثانية ‪ ..‬هذا ف بعض الحوال‪ ،‬وكان يأت ف بعض الحيان بقول ال تبارك‬
‫وتعال‪ :‬قُولُوا آ َمنّا ‪ .. 1 ...‬بالية [ ‪ ] 136‬الت ف سورة البقرة‪ ،‬وف الركعة الثانية كان يأت بالية الثانية‬
‫والمسي‪ 2‬ف بعض الروايات‪ 3‬وف بعض الروايات بالية الرابعة والستي‪ 4‬مِن سورة آل عمران‪ .. 5‬كان هكذا‬
‫صلوات ال وسلمه عليه يَختصر القراءة‪.‬‬
‫‪-4‬وذهب بعض أهل العلم أنه يأت فيها بسورة أو بآية ول يأت بفاتة الكتاب‪.‬‬
‫فهذه أربعة أقوال‪ ،‬أصحّها أنه يأت بفاتة الكتاب وبسورة أو آية قصية‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النب ‪ ،‬أما السورة‬
‫فأمرها واضح با ذكرناه مِن السور الت كان يأت با النب ‪ ،‬وأما بالنسبة إل الفاتة فذلك واضح مِن حديث‪:‬‬
‫( ل صلة إل بفاتة الكتاب )‪ ،‬وهو صحيح ثابت عن النب وبِحديث‪ ( :‬كل صلة ل يُقرأ فيها بفاتة الكتاب‬

‫سبَاطِ َومَا أُو ِتيَ‬‫حقَ َو َيعْقُوبَ وَال ْ‬‫سَ‬ ‫سمَاعِيلَ وَِإ ْ‬‫‪-1‬قال ال تعالى‪ :‬قُولُوا آ َمنّا بِالِ َومَا أُنزِلَ إَِل ْينَا َومَا أُنزِلَ إِلَى ِإبْرَاهِيمَ وَِإ ْ‬
‫ح ٍد ّم ْن ُهمْ َو َنحْنُ لَ ُه ُمسِْلمُونَ ‪.‬‬‫ل نُ َف ّرقُ َبيْنَ َأ َ‬
‫ن مِن ّر ّب ِهمْ َ‬ ‫ي ال ّن ِبيّو َ‬
‫مُوسَى وَعِيسَى َومَا أُو ِت َ‬
‫شهَدْ‬‫ن َنحْنُ أَنصَا ُر الِ آ َمنّا بِالِ وَا ْ‬
‫ل قَالَ ا ْلحَوَا ِريّو َ‬
‫ل مَنْ أَنصَارِي إِلَى ا ِ‬ ‫‪-2‬قال ال تعالى‪ :‬فََلمّا َأحَسّ عِيسَى ِم ْن ُهمُ ا ْل ُك ْفرَ قَا َ‬
‫ِبَأنّا ُمسِْلمُونَ ‪.‬‬
‫‪-3‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ 2‬مِن حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م )‪ " :‬المراد الية‬
‫التي في سورة آل عمران لكن بَ ِقيَ أنه يَحتاج إلى نظر هل كان الرسول يَقرأ هذه الية بِكاملِها أو أنه يَقرُأ الجزءَ‬
‫الخي َر منها ؟ حيثُ إنه جاء في الروايةِ المروية عن الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ :‬آ َمنّا ‪ .. ...‬مِن هذا إلى‬
‫ش َهدْ ِبَأنّا ُمسِْلمُونَ ‪ ..‬هذا الجزء فقط بعد فاتحة الكتاب كما هو الظا ِهرُ‬ ‫خرِ الية‪ ،‬فهل كان يَقرأُ ‪ ... :‬آ َمنّا بِالِ وَا ْ‬ ‫آِ‬
‫مِن الرواية أو أنه كان يَقرأ الية مِن أوّلها ؟ فهذا مُحتمِل "‪.‬‬
‫‪-4‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ 2‬مِن حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م )‪ " :‬الرواية الثانية‬
‫الية الرابعة والستين مِن سورة آل عمران وهذه الرواية الثانية فيما يَظهر لِي بِأنها شاذّة "‪.‬‬
‫‪-5‬قال الشيخ‪ " :‬النعام " بدل مِن " آل عمران " وهو سبق لسان نبه عليه في حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪10‬‬
‫نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فهي خداج فهي خداج فهي خداج )‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت عن النب ‪ ،‬فهي داخلة ف ضِمن بقية الصلوات‬
‫الت دلّ هذان الديثان وغيها مِن الحاديث الكثية الدالة على مشروعية قراءة الفاتة فيها‪.‬‬
‫وبقية القوال ل دليل عليها‪ ،‬ولعل الذين قالوا يأت بسورة قصية أو بآية قصية أخذوا ذلك ما ذكرتُه عن السيدة‬
‫عائشة فقالوا إذا كانت تشكّ هل أتى بفاتة الكتاب فإنه إذا أتى بذه السورة معن ذلك أنه كان يَقتصِر عليها إذْ إنه‬
‫إذا كانت تشكّ ف الفاتة فكيف يكن أن يأت بالفاتة وبسورة أو آية بعدها‪ ،‬ولكننا نَحمِل قول السيدة عائشة‪-‬‬
‫رضي ال تعال عنها‪-‬على البالَغة ف الختصار ف صلة النب لذه الصلة‪.‬‬
‫هذا وقد ذهب بعضُ العلماء إل أنه ينبغي للنسان أن يُطيل القراءة فيها ولو قرأ ف كل سورة بِجزء كامل‪ ،‬وهو قول‬
‫ت سابقا‪ :‬إنه ينبغي للنسان أن يُطبّق السنّة على حسب ما‬ ‫ضعيف مصادِم للحديث الثابت عن النب ‪ ،‬وقد قل ُ‬
‫جاء عن النب ف كِ ّميَتها وكيفيتها وعددها إل غي ذلك ما ذكرتُه‪ ،‬فإذا كان النب يَختصِر القراءة ف هذه‬
‫الصلة‪-‬على حسب ما ذَ َك َرتْه السيدة عائشة‪ ،‬الثابت عنها بالسناد الصحيح‪-‬فكيف ينبغي أن نقول‪ " :‬إنه ينبغي‬
‫للنسان أن يُطيل القراءة "‪ ،‬مع أنّ النب كان تارة يَتحدّث مع السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬إذا كانت‬
‫قائمة بعد الصلة وتارة يَضطَجع على يَمينه‪ ،‬كما ثبت ذلك عنه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬فالوقت واسع للقراءة‬
‫ومع ذلك كان يَختصِر القراءة ف هذه الصلة‪ ،‬فينبغي للنسان أن يُطبّق السنّة‪ ،‬فالي كل الي والفضْل كل الفضْل‬
‫ف متابعة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬أما الطالة فلها وقت آخر‪ ،‬وقد أحسن المام الليلي‪-‬رضوان ال‬
‫تبارك وتعال عليه‪-‬عندما ُسئِل عن مسألة عن الراجح مِن القوال فيها فبيّن رضوان ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليه السنّة ث‬
‫قال‪ " :‬وفيها الفضْل لِمَن أراد الفضْل "‪ ،‬فالفضْل ف متابعة النب ‪ ،‬وهو ف الختصار ف هذه الصلة؛ وال أعلم‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل صلتِها ف أثناء صلة المام فهذه السألة اختلف العلماء فيها‪ ،‬وتت هذه القضية مسألتان‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن يكون النسان قد َشرَع ف هذه الصلة ث أُقيمت الماعة ‪ ..‬هنا اختلف العلماء‪:‬‬
‫‪-1‬منهم مَن قال‪ :‬إنه يُواصِل الصلة إل إذا خاف أن َتفُوتَه صلة المام‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم مَن قال‪ :‬إنه يَقطَع الصلة ‪ ..‬يُسلّم ويَدخُل مع المام‪.‬‬
‫‪-3‬ومنهم مَن قال‪ :‬إنّ صلته تَبطُل ولو ل يَقطَعها بل ل حاجة إل قَطعِها‪.‬‬
‫‪-4‬ومنهم مَن قال‪ :‬إن كان يَعرِف أنه سيُدرِك الركعة الول ‪ ..‬سيُدرِك الركوع مِن الركعة الول فإنه يُواصِل‬
‫صلته‪ ،‬أما إذا كان ل يُدرِك ذلك فل‪ ،‬وذلك لديث‪ ( :‬مَن أدرك ركعة فقد أدرك الصلة )‪.‬‬
‫‪-5‬ومنهم مَن قال‪ :‬إذا كان قد صلى ركعة واحدة فإنه يُكمِل الركعة الثانية‪ ،‬أما إذا كان ل يُصلّ ركعة‪-‬وذلك يُقيّد‬
‫بالركوع‪-‬فإنه يَقطَع تلك الصلة ويَدخل مع المام‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬النب يقول ف الديث الصحيح‪ ( :‬إذا أقيمت الصلة فل صلة إل الكتوبة )‪ ،‬فإذا أقيمت‬
‫الصلة فينبغي للنسان أن يَدخُل مع الماعة وبعد ذلك يَقضي هذه الصلة بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫أما إذا كان ل يَدخُل ف الصلة مِن قبل ووَجد الماعة تُصلّي فاختلفوا‪:‬‬
‫‪-1‬منهم مَن قال‪ :‬يُمنَع مِن صلة السنّة ف هذا الوقت بل عليه أن يَدخُل مع الماعة ول يَجوز له أن يُصلي السنّة‪.‬‬
‫‪118‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-2‬ومنهم مَن قال‪ :‬يُكرَه له ذلك ولكن إذا صَلها فتُعتبَر صحيحة‪.‬‬
‫‪-3‬ومنهم مَن قال‪ :‬له أن يُصّليَها إذا كان خارج السجد أو ف موضعٍ ل تَصِحّ صلتُه فيه مع المام‪ ،‬ومنهم مَن َقيّد‬
‫ذلك بِما إذا كان ذلك خارج السجد‪.‬‬
‫‪-4‬ومنهم مَن قال‪ :‬إذا كان يُمكِن أن يُدرِك المام ف الركعة الول فله أن يُصلي‪ ،‬أما إذا كان ل يُمكِنه ذلك فل‪.‬‬
‫‪-5‬ومنهم مَن قال‪ :‬إنه إن كان سيُدرِك الركوع مِن الركعة الثانية فله أن يَدخُل‪ ،‬وإل فل‪.‬‬
‫‪-6‬ومنهم مَن قال‪ :‬ليس له أن يُصلي مع الماعة بل عليه أن يُصلّي أوّل السنّة فإن خاف أن يَفُوتَه الوقت‪-‬أي أن‬
‫يَفُوتَه وقتُ صلة الفجر‪-‬ففي هذه الالة يُصلي الفريضة‪ ،‬أما إذا أَم َكنَه أن يُصلي السنّة فليَشتغِل بالسنّة ولو فاتته‬
‫الماعة‪.‬‬
‫والصحيح‪-‬ما ذكرناه سابقا‪ ،‬وهو‪-‬أنه عليه أن يَدخُل مع المام لديث‪ ( :‬إذا أقيمت الصلة فل صلة إل الكتوبة )‬
‫‪ ..‬هذا هو الصحيح عندنا‪ ،‬وإذا ثبت الديث عن النب ‪-‬كما قلنا أكثر مِن مرة‪-‬فل ينبغي لحد أن يَقول‬
‫بِخلف ما ثبت به الديث عنه صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل قضاء السنّة بعد الفريضة أو بعد طلوع الشمس ففيه كلم‪ ،‬ولعله ل َيرِد ف السؤال فل أتعرض له‬
‫الن‪.1‬‬
‫س‪ :‬ما هي السّنن الراتِبة ؟‬
‫ج‪ :‬قد تكلمنا بالمس‪ 2‬على بعض السّنن الثابتة عن النب مِن قوله وفعله صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وبّينَا‪ 3‬أنّ مِن‬
‫السّنن الؤكّدة سنّة الفجر وسنّة الوتر‪ ،‬وهنالك‪-‬أيضا‪-‬سنن مؤكّدة أخرى‪ ،‬ولكنّها ليست مقيّدة باليوم والليلة‪ ،‬وإنا‬
‫تُفعَل لبعض السباب ‪ ..‬عندما توجد تلك السباب فإنه يُؤتى با‪ ،‬وليس كلمنا ف ذلك ف هذا الوقت‪.4‬‬
‫أمّا بالنسبة إل السّنن الراتبة فهي السّنن الت كان يُواظِب عليها النب ف حضره‪ ،‬بِخلف الؤكّدة فإنه كان‬
‫يُواظِب عليها ف السفر والضر‪.‬‬
‫و‪-‬قد قُلت‪ :5‬إنّ‪-‬النب ل يَترك سنّة الفجر والوتر ل ف سفره ول حضره‪.‬‬
‫أمّا ما يُؤخذ مِن بعضِ الروايات أنه ل يُصلّ الوتر ف ليلة جَمْع فإنه ل يُصلّها ف ذلك الوقت‪ ،‬والظاهر أنه صلها بعد‬
‫صرّحت بأنّ النب كان يُواظِب على الوتر ف أسفاره صلوات ال وسلمه‬ ‫ذلك‪ ،‬أخذا مِن الحاديث الخرى الت َ‬
‫عليه‪ ،‬وإذا وجدنا أدلة ف ظاهرها شيء مِن التعارض فإنه ينبغي أن نَجمَع بيْن شَمل تلك الدلة ونأخذ بِما اجتمَ َعتْ‬
‫عليه ‪ ..‬هذا إذا أَمكَن ذلك‪ ،‬وهذا مُمكِن‪-‬بمد ال‪-‬ف هذه القضية‪ ،‬وللطالة ف ذلك موضع آخر‪.‬‬

‫‪-1‬وقد تعرض الشيخ له‪-‬بحمد ال تعالى‪-‬عند جوابه على السؤال ‪ 3‬مِن حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 28‬أكتوبر‬
‫‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-2‬عند الجواب على السؤال ‪ 2‬مِِن حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-3‬عند الجواب على السؤال ‪ 2‬مِِن حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-4‬تكلم الشيخ عن بعضها عند الجواب على السؤال ‪ 2‬مِن هذه الحلقة [ ص ‪ ،] 7‬وتكلم‪-‬أيضا‪-‬عن بعضها عند الجواب‬
‫على السؤال ‪ 1‬مِِن حلقة ‪ 25‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 9‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-5‬عند الجواب على السؤال ‪ 2‬مِِن حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أما بالنسبة إل السّنن الرواتب فالنب كان يُواظِب عليها ف حضره‪ ،‬وقد أمر با أيضا‪ ،‬كما جاء ذلك ف حديث‬
‫السيدة أم حبيبة أم الؤمني‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنها‪-‬الذي ذك َرتْ فيه عن النب قال‪ ( :‬مَن حافظ على اثنت‬
‫عشرة ركعة ف يومه وليلته بُن له بيت ف النة ) وف بعض اللفاظ‪ ( :‬بن ال له بيتا ف النة )‪ ،‬والديث صحيح‪،‬‬
‫رواه مسلم‪ ،‬وطائفة كبية مِن أئمة الديث‪ ،‬ل أرى داعيا لذكرهم ف هذا الوقت‪ ،‬وقد جاءت الواظَبة على هذه‬
‫السّنن‪-‬أيضا‪-‬ف حديث السيدة عائشة رضي ال‪-‬تعال‪-‬عنها‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت عن النب ‪ ،‬رَ َوتْه جاعة‬
‫كبية مِن أئمة الديث‪ ،‬وكذلك جاء ذلك عن الباء بن عازب ف بعضها‪ ،‬وجاء ف بعضها‪-‬أيضا‪-‬عن ابن عمر وأب‬
‫سعيد الدري‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهما‪-‬على اختلف يسي ف عَدَد بعض الركعات‪.‬‬
‫سنّة الفجر هي ركعتان‪ ،‬و‪-‬كما قلتُ هي مِن السّنن الؤكّدة‪.‬‬
‫أما السّنن الراتبة الت هي قبل الفرائض وبعد الفرائض‪:‬‬
‫فمنها السنّة القَبْليّة الت هي قبل فريضة الظهر‪ ،‬وقد اختلفتْ الحاديث ‪ ..‬منها ما جاء أنّها أربع ركعات‪ ،‬ومنها ما‬
‫جاء أنّها ركعتان‪ ،‬فقد جاء عن السيّدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنها‪-‬أنّ النب كان يُصلي أربعا‪ ،‬وكذلك‬
‫جاء ف حديث السيّدة أم حبيبة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬وهو حديث قول أنّه َذ َكرَ منها أربعا قبل الظهر‪ ،‬وجاء ف‬
‫حديث ابن عمر وف حديث أب سعيد الدري‪-‬رضي ال تعال عنهما‪-‬وها حديثان صحيحان أنه كان يُصلي‬
‫ركعتي قبل الظهر‪ ،‬وهنالك أحاديث أخرى منها ما يدّل على هذا ومنها على ذاك‪ ،‬ولكنّ الصحيح منها ما ذكرناه‪،‬‬
‫وقد اختلفت كلمة أهل العلم ف المع بي الرواية الت فيها الربع والرواية الت فيها الركعتان‪:‬‬
‫‪-1‬فمِن العلماء مَن قال‪ :‬إنّ السيّدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنها‪-‬حكت ما شاه َدتْه وحكى ابن عمر‬
‫و‪-‬كذا‪-‬أبو سعيد‪-‬رضي ال عنهما‪-‬ما شاهداه‪ ،‬وهذا ليس بقول مستقل ف حقيقة الواقع‪ ،‬إذ إنّه يَرجع إل بعض‬
‫القوال التية بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم مَن قال‪ :‬إنّ ابن عمر‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهما‪-‬قد نسي الركعتي ا ُل ْخرََييْن‪ ،‬و َح ِف َظتْ ذلك السيّدة‬
‫عائشة رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنها‪ ،‬وليس بِعجَبٍ أن يَنسى بعض الصحابة بعض السّنن الت جاءت عن النب‬
‫ولذلك أمثلة متعدّدة ل أرى داعيا ليرادها الن ولكنّ هذا‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬خلفُ الصل ل يُصَار إليه إلّ إذا ل‬
‫يُمكِن أن يُحمَل الديث على ما رُوي عن ذلك الصحاب‪ ،‬على أنّ ابن عمر‪-‬كما قلتُ ل يتفرّد بذلك‪ ،‬فقد رواه أبو‬
‫سعيد عند المام الربيع رحه ال تبارك وتعال‪.1‬‬
‫‪-3‬ومنهم مَن قال‪ :‬إنّ مَن حكى الربع‪-‬وهي السيدة عائشة رضي ال تعال عنها وحكى ذلك أيضا غيها مِن‬
‫الصحابة‪-‬فحكى ما كان يَفعله النب ف البيت‪ ،‬بينما حكى مَن حكى أنّه كان يُصلي ركعتي ما كان يَفعله ف‬
‫السجد‪ ،‬فقد كان يُصلي ف البيت أربعا وكان يصلي ف السجد ركعتي‪.‬‬

‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب (‪ )32‬سبحة الضحى وتبردة الصلة‪:‬‬


‫حديث رقم ‪ :198‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي سعيد الخدري أنه قال‪ :‬كان رسول ال يصلي قبل الظهر‬
‫ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين وبعد صلة العشاء ركعتين وكان ل يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف‬
‫الناس ويصلي ركعتين لكن له حظ مِن الليل يصلي فيه ما شاء ال‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-4‬ومنهم مَن قال‪ :‬إنّه كان يُصلي ركعتي ف البيت وكان يصلي ركعتي ف السجد‪ ،‬فمَن حكى الربع فقد قامت‬
‫لديه الجة بالركعتي اللتي كان يُصليهما ف السجد وما شاهده ف البيت أو با شاهده ف السجد وما علم به مِن‬
‫طريق آخر أنه كان يُصليه ف البيت‪ ،‬أما مَن حكى ما شاهده ف السجد فحكى الركعتي اللتي شاهدها ول يَعلم‬
‫بالركعتي اللتي صلها ف البيت‪.‬‬
‫‪-5‬ومنهم مَن قال‪ :‬كان يُصلي تارة أربعا‪-‬وهو الغلب‪-‬وكان تارة يُصلي ركعتي‪.‬‬
‫‪-6‬ومنهم مَن قال‪ :‬كان يُصلي أربعا ويُصلي ركعتي تية السجد‪ ،‬فالسنّة القَبْليّة هي الربع‪ ،‬أما الركعتان فهما تية‬
‫السجد‪.‬‬
‫‪-7‬ومنهم مَن قال‪ :‬إنّ الربع هي‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬الصلة الت بعد زوال الشمس‪ ،‬أما السنّة القَبْليّة فهي السنّة الت‬
‫حكاها ابن عمر وأبو سعيد الدري رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنهما‪.‬‬
‫وهذه القوال يَحتاج َأنْ نَبسُط عليها الدلة وأن نَذكُر ما لا وما عليها‪ ،‬ولكنّ القام ل يَكفي لذلك‪.‬‬
‫وأرى أنّ النسان إذا كان يَتمكّن مِن الربع فل ينبغي له أن يُفرّط ف الربع‪ ،‬لنّ ذلك ثابت ل شك فيه عن النب‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإذا دخل السجد إذا كان قد صلى الربع ف البيت فإنه يُصلي ركعتي تية السجد‪،‬‬
‫أما إذا ل يكن هنالك متّسعٌ مِن الوقت ف أن يأت بالربع فإنه يُصلي ركعتي ويُجزيه ذلك بشيئة ال تبارك وتعال‪.1‬‬
‫أما بالنسبة إل السنّة البَعْ ِديَة بعد الظهر فقد ثبت مِن طريق السيّدة عائشة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬ومِن طريق ابن عمر‬
‫وعن طائفة‪-‬أيضا‪ -‬كبية مِن الصحابة أنه كان يُصلي ركعتي‪ ،‬وكذلك جاء ف الديث القول عن أم حبيبة‪-‬رضي‬
‫ال تبارك وتعال عنها‪-‬وهو حديث صحيح ثابت‪.‬‬
‫وقد جاء مِن طريق أم حبيبة‪-‬أيضا‪-‬ذِ ْكرُ الربع وهو حديث قول ولكن ف صحّة ذلك‪-‬وإن صحّحته طائفة مِن أهل‬
‫العلم‪-‬نَظرٌ عندي‪ ،‬فأخشى أن تكون هذه الرواية شاذّة مِن حيث الت وإن كان إسنادها نظيفا‪.‬‬
‫فالذي نستطيع أن نَجزم به هو الركعتان‪.‬‬
‫وقد ذهب بعض أهل العلم إل أنّ الركعتي مِن السّنن الراتبة‪ ،‬وأما ما عدا ذلك فمِن التنفّل الذي فيه خي كثي وإن ل‬
‫يكن مِن السنّة الراتبة‪.‬‬
‫ول شك بأنّ النسان ل يُمنع مِن الزيادة على الركعتي‪ ،‬إذ ل دليل هنالك على النع‪ ،‬وإنا نَحكي ما كان يَفعله النب‬
‫وما حثّ عليه‪ ،‬أما أن يَزيد النسان على ذلك مِن غي أن يَحمِل ذلك على أنّه مِن الرواتب الت أمر با النب‬
‫أو كان يَفعلها فذلك مِمّا ل إشكال فيه إن ل يكن ذلك الوقت مِن الوقات الت يُنهى عن الصلة فيها ول ني عن‬
‫الصلة ف هذا الوقت‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إل العصر فذهب بعض أهل العلم إل القول بالسنّة القَبْليّة‪ ،‬وقد جاءت ف ذلك روايات متعدّدة تُنسَب‬
‫إل النب ‪ ،‬وأقواها ما جاء مِن طريق علي بن أب طالب ومِن طريق ابن عمر‪ ،‬وقد جاء ذلك‪-‬أيضا‪-‬مِن طريق‬

‫‪-1‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 29‬أكتوبر ‪2004‬م )‪ " :‬أمّا مَا جاء عن‬
‫ن ذلك أنّه كان يُؤدّي في المسجد سنّة تحية المسجد "‪.‬‬
‫ابن عمر فيُمكِن أن يُحمَلَ ذلك على بعضِ الحوال ويُمكِن أن يَكو َ‬
‫‪121‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ميمونة أم الؤمني‪ ،‬وجاء‪-‬كذلك‪-‬مِن طريق أم حبيبة‪ ،‬وجاء ذلك‪-‬أيضا‪-‬مِن غي هذه الطرق ولكنّ هذا الديث ل‬
‫لجّيَة‪ ،‬وإن كانت طائفة مِن أهل العلم قد قَوّت رواية ابن عمر ورواية علي‪ ،1‬ولكنّهما ف‬ ‫أرى أنّه يَبلغ إل مرتبة ا ُ‬
‫نَقْدِي ل يَثبتان حت بِمجموع الطريقي‪ ،‬ولتفصيل ذلك موضِع آخَر بِمشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫وأمّا بعد العصر فإنه قد جاءت رواية‪ ،‬ولكنّ تلك الرواية ل تَثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫على أنّ هذا الوقت‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬مِمّا يُنهى عن الصلة فيه‪.2‬‬
‫وإن كانتْ طائفة مِن أهل العلم ل ترى النهي‪ ،‬منهم مَن ذهب إل أنّ ذلك منسوخ‪ ،‬إل غي ذلك‪ ،‬مِمّا ل داعي‬
‫للكلم عليه ف هذا الوقت فيما أحسب‪.3‬‬
‫والاصِل أنّه ليست هنالك سنّة قبل العصر ول بعد العصر‪.‬‬
‫إل أنّ العلماء قد اختلفوا ف السألة‪:‬‬
‫منهم مَن قال بِالسنّة ال َقبْليّة‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬ل بأس مِن التنفّل قبل العصر‪.‬‬
‫ومنهم مَن ل يَرى ذلك‪.‬‬
‫ونقول‪ :‬إنّه ل بأس مِن التنفّل ولكنه ليس بِسنّة َقبْليّة‪ ،‬وإنا هو مِن مطلَق النّفل‪ ،‬وقد ثبت عن النب أنه قال‪ ( :‬بيْن‬
‫كل أذاني صلة )‪ ،‬فهذا حديث صحيح ثابت عن النب ‪ ،‬فمَن شاء أن يُصلي ف هذا الوقت فليُصلّ أمّا الكم‬
‫بأنّ ذلك مِن السّنن ال َقبْليّة الت واظَب عليها النب أو حثّ عليها فذلك مِمّا ل يَثبت عنه صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫والقول‪-‬أيضا‪-‬بكراهة ذلك أو أنّه ل ينبغي أو ما شابه ذلك فإنه ل دليل عليه‪.‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬أبي سعيد " بدل مِن " علي " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪ - 2‬وسئل فضيلته عن التنفل بعد العصر ونصه ‪:‬‬
‫س‪ :‬حكم التنفل بعد صلة العصر ؟‬
‫الجواب‪-:‬‬
‫إن كان التنفل تنفل مطلقا فل ‪ .‬فهو منهي عن ذلك بنص الحديث أما إن كان ذلك التنفل سببيًا مثل أن يصلي سنه تحية‬
‫المسجد أو يصلي ركعتين الطواف أو يصلي على جنازة أو يصلي بدل الفريضة أو بدل سنه أو ما شابه ذلك فهذا ل‬
‫يدخل في النهي لكن إذا رأى الشمس اصفر قبيل الغروب فيتفق عن الصلة في ذلك الوقت إل فريضة العصر لذلك اليوم‬
‫فإن يأتي بها لن من أدرك ركعة من الصلة فإن قد أدرك كما جاء في الحديث عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم التنفل بين فريضة العصر والمغرب ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ل مطلقاً فهو منهي عن ذلك بنص الحديث أما إذا كان ذلك التنفل سببياً مثل أن يصلي تحية‬‫إذا كان النسان يتنفل تنف ً‬
‫المسجد أو يصلي ركعتين الطواف أو بدل فريضة أو بدل سنة أو ما شابه ذلك فهذا ل يدل في النهي ولكن إذا رأى‬
‫الشمس أصفرت قبيل الغروب فيتوقف عن الصلة في ذلك الوقت إل فريضة العصر لذلك اليوم فإنه يأتي بها لن من‬
‫أدرك ركعة من الصلة فإنه قد أدرك كما جاء في الحديث عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪.‬‬
‫‪-3‬وقد تكلم الشيخ عن ذلك‪-‬بحمد ال تعالى‪-‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬مِِن حلقة ‪ 25‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪9‬‬
‫نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪122‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫والستدلل بِأنه إذا دخل الوقت فيُنهى عن الصلة إلّ عن صلة العصر إل أن تَغرب الشمس ل دليل عليه‪ ،‬إذ إنّ‬
‫النهي يكون بعد صلة العصر‪ ،‬ل بعد دخول وقت العصر‪.‬‬
‫فإذن الصلة مِمّا ل مانع منها وهي داخلة ف هذا الوقت‪ ،‬فإذا أراد النسان أن يُصلي فليُصلّ وإذا أراد أن يَدعُوَ ففي‬
‫الدعاء بي الذان والقامة خي كثي‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النب ‪.‬‬
‫وقد حَمَل بعض أهل العلم حديث‪ ( :‬بي كل أذاني صلة ) على مَحمَل آخر ولكنه مِن البعد بكان‪ ،‬فل أرى إيرادَه‬
‫ف هذا الوقت‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إل صلة الغرب فقد ثبتت السنّة البَعْ ِديَة عن النب ‪ ..‬ثبتت مِن قوله وفعله‪ ،‬فَثبَتت ف حديث السيّدة‬
‫أم حبيبة رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنها‪ ،‬وهي ركعتان‪ ،‬وثبتت‪-‬أيضا‪-‬مِن طريق السيّدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك‬
‫وتعال عنها‪-‬ومِن طريق ابن عمر رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنهما‪.‬‬
‫وقد ذهب بعض أهل العلم إل أنّها تأت ف الرتبة الثالثة بعد الوتر وبعد سنّة الفجر‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إل أنه ل فرق بي السّنن الراتبة ف التفضيل فُي َفضّل الوتر ث سنّة الفجر وبعد ذلك هي سواء ف‬
‫التفضيل‪.‬‬
‫ومنهم مَن فضّل سنّة الغرب‪.‬‬
‫ومنهم مَن فضّل سنّة الظهر‪.‬‬
‫ومنهم مَن فضّل سنّة الظهر ال َقبْليّة على البَعْ ِديَة‪.‬‬
‫والحتجاج لكل فريق وما له وما عليه يَطول‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬إنّ النسان ل يَنبغي له أن يُفرّط ف هذه السّنن الت ثبت عن النب ِفعْلُها مع أنّه قد ُغ ِفرَ له ما تَقدّم مِن‬
‫ذنبه وما تَأخّر‪ ،‬ومع حثّه عليها وبيان الزية العظيمة لا‪ ،‬وكفى بأنّ ذلك مِن السباب الُوصِلة إل النة لِمَن حافَظ‬
‫عليها وهو الفوز الذي يسعى إليه السّاعون ويتنافس فيه التنافسون‪.‬‬
‫وقد جاء هنالك حديث يدلّ على مشروعية الستّ بعد الغرب وهو ل يَثبت بل هو موضوع‪.‬‬
‫وكذلك ما جاء مِن مشروعية الثنت عشرة قبل الظهر أو الستّ فإنّ ذلك مِمّا ل يَثبت عن النب ‪.‬‬
‫فنحن نذكر الثابت والذي ل يَثبت‪ ،‬أمّا مَن شاء أن يَزيد فذلك له أمر آخَر‪ ،‬ولكنن أقول‪:‬‬
‫بالنسبة إل السنّة ال َقبْليّة قبل الظهر فالنسان ينبغي له أن يَكتفي بِما اكتفى به النب ث يَشتغِل بالذكر والدعاء حت‬
‫يَنَال ذلك الفضل الذي بيّنه النب ف الدعاء بي الذاني‪.‬‬
‫وبالنسبة إل العِشاء فإنّه ليس هنالك سنّة َقبْليّة وإنا هنالك مض التنفّل الذي أشرنا عليه‪ ،‬فالال فيها كالال ف‬
‫صلة العصر‪.‬‬
‫وأما بعد صلة العِشاء فإنّه قد ثبتتْ ركعتان عن النب بقوله وفعله‪ ،‬فهي مِن السّنن الراتبة الت ل يَنبغي للنسان‬
‫أن يُفرّط فيها‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إل السنّة ال َقبْليّة قبل الغرب فالعلماء اختلَفوا‪:‬‬
‫‪123‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫منهم مَن شَدّد ف ذلك وقال‪ " :‬ل يَنبغي للنسان أن يُصلي ف ذلك الوقت بل ذلك مكروه "‪ ،‬وأخذوا ذلك مِن‬
‫النهي عن الصلة عند غروب الشمس‪ ،‬وظاهر كلم بعضِهم بأنّه يَمتد إل صلة الغرب‪ ،‬وليس المر كما ادّعوا‪ ،‬بل‬
‫ذلك ينتهي بتحقّق غروب الشمس تَحقّقا ل شك فيه‪.‬‬
‫ولكن ليست هنالك سنّة راتبة‪ ،‬أما مَن شاء أن يُصلي فل مانع‪ ،‬كما ذكر ذلك المام الليلي رحه ال‪ ،‬فقد سُئل عن‬
‫الصلة قبل الغرب ف السفر فقال‪ " :‬ل مانع ف السفر ول ف الضر "‪ ،‬والمر كما قاله رحه ال‪ ،‬فقد كانت طائفة‬
‫مِن الصحابة تُصلي قبل الغرب‪ ،‬كما ثبت ذلك مِن طريق أنس بن مالك‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬بل جاء ما يدلّ على‬
‫ذلك‪-‬أيضا‪-‬مِن السنّة القولية‪ ( :‬بي كل أذاني صلة ) وقال ف الثالثة‪ ( :‬لِمَن شاء ) ‪ ..‬جاء ذلك مِن طريق عبد ال‬
‫بن مغفّل‪ ،‬وكذلك جاء ما يدلّ على ذلك‪-‬أيضا‪-‬مِن طريق عقبة بن عامِر رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنه‪ ،‬فليس هنالك‬
‫دليل يدلّ على النع‪ ،‬ولكن إذا كان الناس يصلون الغرب ف أوّل وقتها فإذا دخل النسان وصلّى تية السجد ‪..‬‬
‫فمخافة وقوع حرج هنالك بي الناس وقد تَنقطِع الصفوف أو ما شابه ذلك فمِن هذا الباب يَترك كثي مِن أهل العلم‬
‫الصّلةَ ف هذا الوقت‪ ،‬ث هي ليست بسنّة راتبة‪ ،‬فيُمكن للنسان أن يَشتغِل بالذكر‪ ،‬أما بالنسبة إل سنّة تية السجد‬
‫فهي ُتصَلى ف هذا الوقت‪ ،‬كما يدلّ على ذلك الديث‪ ،‬كما سنتكلّم على ذلك‪-‬بشيئة ال‪-‬عند الكلم على سنّة‬
‫تية السجد‪.‬‬
‫هذه هي السّنن الراتبة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وهنالك‪-‬أيضا‪-‬الوتر وهو سنّة مؤكّدة‪ ،‬فهذا ل يَنبغي التفريط فيه بال‪.‬‬
‫بل قد قالت طائفة كبية مِن أهل العلم بوجوبه‪.‬‬
‫ومنهم مَن صرّح بالفرضية‪.‬‬
‫ولكنّ الصحيح أنه سنّة مؤكّدة‪.‬‬
‫ووقتُه يَبتدئ بعد صلة العشاء‪.‬‬
‫بعض العلماء قال‪ :‬يَبتدئ مِن وقت صلة العشاء ‪ ..‬أي بِغيوب الشفق الحر‪ ،‬وذكروا أنه يُمكِن للنسان أن يُصلي‬
‫الوتر حت قبل فريضة العِشاء‪ ،‬وهذا ليس بشيء‪.‬‬
‫بل وقتُه يَبتدئ بعد فريضة العِشاء‪ ،‬كما صرّحت بذلك السنّة الصحيحة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪.‬‬
‫وكذلك اختلفوا إذا صلى النسان جْع تقدي‪ ،‬هل يُصليه بعد العِشاء مباشَرة أو لبد مِن أن يَتأخّر حت يَدخل وقتُ‬
‫العِشاء ؟ والقّ أنّه يُمكِن له أن يُصليه بعد المْع مباشَرة‪.‬‬
‫وأما وقته فإنه يَنتهي بطلوع الفجر ‪ ..‬لبد مِن أن يأت به النسان قبل طلوع الفجر ‪ ..‬هذا الذي دلّت عليه السنّة‪.‬‬
‫خلفا لِمَن قال‪ :‬إنّه يُمكِن للنسان أن يُؤخّره ولو إل ما بعد طلوع الفجر بشرط أن يَأت به قبل صلة الفجر‪ ،‬فهذا‬
‫قول مالِف للسنّة الصحيحة‪.‬‬
‫ولِلمسألة فروع متعدّدة‪ ،‬أرى أن أقتصِر ف هذا الوقت على هذا؛ وال ول التوفيق‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬ما هي السّنن المؤكّدة ؟‬


‫ج‪ :‬نن قلنا سنّة الفجر والوتر ‪ ..‬هذا بالنسبة إل السّنن الت تتكرّر كل يوم‪.‬‬
‫و‪-‬كذلك‪-‬سنّة تية السجد فهي مِن السّنن الؤكّدة على الصحيح‪ ،1‬تُصلّى حت ف وقت خطبة المام‪ ،‬كما دلّ على‬
‫ذلك الديث الصحيح الثابت عن النب ‪.‬‬
‫ومِن السّنن الؤكّدة‪-‬أيضا‪-‬سنّة الكسوف‪ ،‬فهي مِن السّنن الؤكّدة‪.‬‬
‫بل بعض العلماء ذهب إل أنّها فريضة على الكفاية‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬هي فريضة على العيْن‪.‬‬
‫والقول بالفرض الكفائي له وجه وجيه‪.‬‬
‫فهذه سنن ل ينبغي لحد أن يُفرّط فيها‪.‬‬
‫س‪ :‬سنّة الفجر ‪ ..‬مَن لم يُدرِكها قبل الفريضة‪ ،‬متى يأتي بها ؟‬
‫ج‪ :‬هذه السألة اختلَف فيها العلماء ‪ ..‬مَن صلى الفريضة ول يَأت بِالسنّة‪ ،‬وذلك ل يَخلو مِن أحد أمرين اثني‪:‬‬

‫‪ - 1‬وسئل فضيلته سؤال يتعلق ببعض أحكام سنة تحية المسجد ونصه ‪:‬‬
‫س‪ :‬هل يجوز أن يصلي النسان ركعتين نفل أو فريضة قضاء عن تحية المسجد ؟‪.‬‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ثبت في الحديث عن النبي صلوات ال وسلمه عليه أنه نهى عن الجلوس في حالة دخول المسجد إل بعد التيان‬
‫بركعتين ‪.‬‬
‫وثبت أن رجلً جاء إلى المسجد والرسول يخطب للجمعة فجلس فسأله الرسول صلوات ال وسلمه عليه هل صلى‬
‫الركعتين فقال ل فأمره بأن يصلهما مع نهيه عن الكلم في ذلك الوقت ‪.‬‬
‫وفي ذلك دللة واضحة على أن هاتين الركعتين سنة مؤكدة ول ينبغي لحد أن يتركها إل إذا كان ذلك وقت تحرم فيها‬
‫الصلة ‪ .‬أما الوقات التي تحرم فيها الصلة وإنما ينهى عن التنفل المطلق وإن هاتين الركعتين يؤتى بهما فيها كبعد‬
‫صلة العصر فإنه جاء النهي عن الصلة ‪" ...‬‬
‫ولكن هل يجزي النسان بصلة فريضة حاضرة أو سنه من السنن فنعم يمكن أن يجتزي النسان بفريضة حاضرة أو‬
‫أنه يريد أن يصلي سنة الفجر أو الضحى كالسنة إني قبل الظهر فإنه تجزيه وذلك لن تحية المسجد ليس مقصودة لذاتها‬
‫‪...‬‬
‫وذهب بعض العلماء إلى أن سنة من السنن أو الفريضة تجزي عن ركعتين الطواف وليس بشى والصحيح أنها ل تجزي‬
‫عن ركعتين الطواف ‪.‬‬
‫س‪ :‬من خرج من المسجد لحاجة فهل يلزم بإعادة تحية المسجد ؟‬
‫الجواب‪-:‬‬
‫إن كان خرج من المسجد بنية الرجوع إليه فإنه إذا رجع فل يقال إنه يصلي تحية المسجد لنه ساقطة عنه إن شاء ال‬
‫تعالى وإن احطاط وأتى بها فل شك أن ذلك أحسن ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تجزي ركعة الوتر عن ركعتين تحية المسجد ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ل تجزي ركعة واحدة عن ركعتين تحية المسجد لن الحديث قال‪" :‬فيصل ركعتين قبل أن تجلس ‪ .‬وجاء في رواية‬
‫أخرى فل يجلس حتى يركع ركعتين‪ ..‬وسنة تحية المسجد من السنن المؤكدة ‪...‬‬

‫‪125‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫إما أن يأت بالفريضة ف أواخر وقتها بيث ل يَتبقّ مِن الوقت ما َيتّسِع للسنّة فهاهنا يأت با بعد طلوع الشمس‬
‫وارتفاعها بقدار قيد رُمح ‪ ..‬هذا بناءً على رأي مَن يقول بالقضاء‪ ،‬كما سيأت بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬أما إذا كان‬
‫سعًا للصلة ولكنّه صلى مع الماعة وأراد أن يأت بعد ذلك بِالسنّة فاختلف العلماء مت يأت با ؟‬ ‫الوقت متّ ِ‬
‫أوّل اختلفوا ف قضائها‪:‬‬
‫منهم مَن قال‪ :‬ل تُقضى‪ ،‬فبِما أنّه صلى فريضة الفجر فليس عليه أن يَقضيَها أو ل يُؤمر بقضائها‪-‬لنا هي ليست‬
‫سنّ له أن يَقضيَها‪ ،‬وهذا قول ضعيف جدا‪.‬‬ ‫عليه‪-‬ف واقع المر‪-‬بعن الوجوب‪-‬لكنّه ل يُ َ‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬يَقضيها بعد طلوع الشمس وارتفاعها بقدار قيد رُمح‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬بعد طلوع الشمس مباشَرة‪ ،‬وهذا بناءً على أنّ وقت النهي يَنتهي بِمجرّد تَحقّق طلوع الشمس‬
‫تَماما‪.‬‬
‫والصحيح أنّه لبد مِن أن يَنتظِر إل مقدار قيد رُمح‪ ،‬وذلك يُقدّر بِما يَقرُب مِن اثنت عشرة دقيقة أو ربع ساعة‬
‫تقريبا‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬يَقضيها بعد فريضة الفجر‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬هي ل تُقضى بعد الفريضة بل تُؤدّى‪ ،‬وإنّما تُقضى إذا أخّرها إل ما بعد طلوع الشمس‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬هو مُخيّر إمّا أن يَقضيَها بعد السنّة وإما أن يَقضيَها بعد طلوع الشمس بِمقدار قيد رُمح‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬قد رُويت ف ذلك أدلّة ‪ ..‬استدل كل فريق بأدلّة‪-‬إل أنّ القول بعدم القضاء مِن الضعف بكان‪-‬‬
‫وأرى أنّ الدلة الت استدل با كل فريق‪-‬الاصّة بذه السألة‪-‬ل تلو مِن مقال‪ ،‬فهي إل الضعف أقرب منها إل‬
‫الثبوت‪ ،‬وإن قال بثُبوت بعضٍ منها بعضُ أهل العلم‪.‬‬
‫ولكنن مع ذلك كلّه أقول‪ :‬إنا تُقضى بعد الفريضة‪ ،‬وذلك لنّه قد ثبت عن النب أنه قضى سنّة الظهر الَبعْدِيَة بعد‬
‫فريضة العصر‪ ،‬كما جاء ذلك عن السيّدة أم سلمة رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنها‪ ،‬وهو حديث صحيح‪.‬‬
‫أمّا قول بعض أهل العلم أنّ ذلك خاص به فهو ضعيف‪ ،‬إذ إنّ الصل أنّ المّة تساوي النب ف الحكام ما ل‬
‫يأت دليل يدلّ على الفرق‪.‬‬
‫واستدلل بعضهم برواية فيها أنّ أم سلمة سألته صلوات ال وسلمه عليه عن قضائها أن لو حصل لا ذلك فقال لا‪:‬‬
‫" ل " ‪ ..‬ذلك‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬ل يَثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وبِما أنه ل يَثبت ل يُمكِن أن‬
‫يُحتَ ّج به‪.‬‬
‫وقول بعضهم بأنه يَجوز القضاء بعد فريضة العصر لنه ليس بوقت ني ول يَجوز بعد فريضة الفجر ‪ ..‬ذلك مردود‪،‬‬
‫إذ ل دليل عليه‪ ،‬بل الدليل دالّ على أنه وقت للنهي‪.‬‬
‫فإذن يُؤخَذ مِن هذا الديث ومِن غيه مِن الحاديث الخرى الت تدلّ على ذلك كصلة الرجلي اللذين صليَا ف‬
‫منلما ث أتيا إل النب ول يُصليا معه فسألما‪ ( :‬ألستما بِمسلِ َميْن ؟! ) فقال له‪ " :‬بلى " فأمرها بالصلة مع‬
‫الناس‪ ،‬إل غي ذلك مِن الحاديث الكثية الدّالة على هذا العن‪ ،‬وأرى الوقت ل يكفي لذكرها كلّها ‪ ..‬هذه‬
‫‪126‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الحاديث تدلّ على مشروعية القضاء ف مثل هذه الحيان ‪ ..‬أي ف الوقات الت يُنهى عن الصلة فيها وليس النهي‬
‫فيها ني تَحري‪.‬‬
‫فيقضيها بعد فريضة الفجر وإن أَخّرها فل بأس ولكن الفضل أن يَقضيَها ف ذلك الوقت ‪ ..‬هذا ما أراه؛ والعلم عند‬
‫ال‪.‬‬
‫س‪ :‬ذكرتُم في جوابٍ سابِق‪ 1‬أنه ِممّا يُقرَأ في س ّن ِة الفجر الية الثانية والخمسين مِن سورة النعام‪.‬‬
‫ب سْبقِ اللّسان ‪ ..‬الراد الية الت ف سورة آل عمران لكن َبقِيَ أنه يَحتاج إل نظر هل‬ ‫ج‪ :‬فإذا كان ذلك فهو مِن با ِ‬
‫كان الرسول يَقرأ هذه الية بِكاملِها أو أنه يَقرأُ الزءَ الخيَ منها ؟ حيثُ إنه جاء ف الروايةِ الروية عن الرسول‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ :‬آ َمنّا ‪ .. ...‬مِن هذا إل آ ِخرِ الية‪ ،‬فهل كان يَقرأُ ‪ ... :‬آ َمنّا بِالِ‬
‫وَاشْهَدْ بَِأنّا مُسِْلمُونَ [ سورة آل عمران‪ ،‬من الية‪ ] 52 :‬هذا الزء فقط بعد فاتة الكتاب كما هو الظا ِهرُ مِن‬
‫الرواية أو أنه كان يَقرأ الية مِن أ ّولِها ؟ فهذا مُحتمِل‪.‬‬
‫فالية مِن سورةِ آل عمران وليس مِن سورةِ النعام‪.‬‬
‫وهكذا الرواية الثانية الية الرابعة والستي مِن سورة آل عمران وهذه الرواية الثانية فيما يَظهر لِي بِأنا شاذّة‪ ،‬فإذا‬
‫كنتُ قد قلتُ بِخلف ذلك فذلك مِن باب سْبقِ اللسان الذي أرجو أن يَكون َم ْعفُوّا عنه بِإذن ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫حضَر هل يَأتِي الصلّي بِالرواتِب ؟ ما ذَكَرناه‪ 3‬مِن‬ ‫وأُنبّه‪-‬أيضا‪-‬أنّ ما ذَكَرناه‪ 2‬ف مسألةِ المْع بيْن الصلتيْن ف الـ َ‬
‫أنه عند بعض أهل العلم أوّل يَأتِي ف حالة المْع بيْن الظهر والعصر ‪ ..‬يَأتِي بِراتبةِ الظّهرِ القبلِية ث راتبةِ الظّ ْهرِ البعدِية‬
‫صرِ القبلِية هذا بناء على رأي مَن يَقول بِالراتبة لِفريضة العصْر أما مَن ل يَقول بِذلك فل يَقول بِهذا‪،‬‬ ‫ث راتبةِ الع ْ‬
‫وكذلك ما ذَكَرناه‪ 4‬مِن القولِ الثان بِأنه يَأتِي أوّل بِراتبةِ الظّهر القبلِية ويُمكِن أن يُؤ ّخرَها ‪ ..‬أعن بعدَ التيان‬
‫صرِ القبلية‪ .. 5‬هذا بناءً على رأيِ مَن يَقول بِراتبةِ العصْر‪،‬‬ ‫بِالفريضتيْن معا ث يَأتِي بِراتبةِ الظّ ْهرِ البعدِية ث راتبةِ الع ْ‬
‫صلَ فيه أصحابُه إذا جَمَعَ بيْن الظهر والعصر َجمْعَ تأخي هل يَأتِي بِهما بعد‬ ‫وهكذا بِالنسبة إل القولِ الخَر الذي َف ّ‬
‫الظهر أو بعد الصلة الول ؟ هذا كلّه بناءً على رأيِ مَن يَقول بِراتبةِ العصْر القبلِية‪ ،‬وقد قلنا‪ " :6‬إنه ليستْ هنالِك‬
‫راتبة وإنا هو مُج ّردُ تَنفّل‪-‬فيه خْيرٌ كثيٌ بِمشيئةِ ال تبارك وتعال‪-‬ولكن ل يُؤتَى بِها ف حالةِ المْع "‪ ،‬فيَنبغي أن‬
‫يُنتبَه لِهذا وإن كان واضِحا فيما أَحسب إذا جُمِعَ بيْن الدروسِ جيعا‪.‬‬
‫وهكذا يَنبغي لِلنسان أن يَجمَعَ بيْن الكلم مِن أ ّولِه إل آ ِخرِه‪ ،‬ول يَنظُر إل جزئيةٍ مِن الزئيات‪ ،‬كما نَسمعُه مِن‬
‫كثيٍ مِن الناس عندما ُيرِيدُ الواحِدُ منهم أن يُصلّيَ ف موضعٍ تَماما يَنظر هل لِلنسانِ أن َيّتخِذَ أكثرَ مِن وطَن ؟ فيَنظرُ‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 3‬مِن حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م )‪ ،‬وعند الجواب على السؤال‬
‫‪ 8‬مِن حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 08‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-2‬عند الجواب على السؤال ‪ 4‬مِن حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 08‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-3‬عند الجواب على السؤال ‪ 4‬مِن حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 08‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-4‬عند الجواب على السؤال ‪ 4‬مِن حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 08‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-5‬قال الشيخ‪ " :‬البعدية " بدل مِن " القبلية " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪-6‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 28‬أكتوبر ‪2004‬م )‪ ،‬وعند الجواب على السؤال‬
‫‪ 4‬مِن حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 8‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ف هذه السألة وَيجِد أنّ العلماء قالوا‪ " :‬يَجوز لِلنسان أن َيّتخِذَ أكثرَ مِن وطَن " فيَع َملُ بِذلك ول يَنظُر مت َيصِحّ له‬
‫ذلك أو متَى يَجِب عليه فذلك ُمقَيّدٌ فلبد مِن تَقيِيدِ الكلمِ الطلَق؛ وال ول التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تارك السنّة المؤكّدة يُعتبَر خسيس المنزلة ؟‬
‫ج‪ :‬قال بذلك بعضُ أهل العلم‪.‬‬
‫ومنهم المام السالي رحه ال‪ ،‬فإنه سُئل عن تارك السّنن الؤكّدة فقال‪ " :‬ال أعلم به‪ ،‬هو مات يوم مات وهو‬
‫خسيس النلة والنة ل يدخلها خسيس "‪.‬‬
‫وقد سُئل بعض أهل العلم عمّن يَترُك الوتر فقال‪ " :‬هو رجل خسيس "‪-‬أو ما هذا معناه‪-‬وقال‪ " :‬إنه ل تُقبَل له‬
‫شهادة "‪.‬‬
‫هذا فيمن كان يُواظِب على ترك هذه السّنن ول يبال با ‪ ..‬فالقيقة هذا يدلّ على رِقّة ف الدّين إذ ل يُمكِن لحد‬
‫أن يَسمَع بفعل النب ومواظَبته على هذه السّنن الثابتة ويَسمَع‪-‬أيضا‪-‬بالفضْل العظيم الذي أعدّه ال‪-‬تبارك‬
‫صلُ هذه‬
‫وتعال‪-‬للت بذه السّنن ومع ذلك يتهاون ‪ ..‬نعم إذا تركها مرة أو مرتي‪ ،‬فنحن ل نقوى على القول بأنه َي ِ‬
‫الرتبة‪ ،‬ول أظنّ أنّ أؤلئك العلماء‪-‬أيضا‪-‬يريدون بذلك‪ ،‬وإنا يريدون مَن يُواظِب على ترك هذه السّنن‪ ،‬وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬ما الفرق بيْن صلة سنّة العشاء وصلة الشفع ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ سنّة العِشاء هي السنّة الت ذكرها النب ف السّنن الراتبة‪ ،‬ف حديث أم سلمة‪ ،‬وهي السنّة الت‬
‫كان يُواظِب عليها‪ ،‬كما جاء ذلك ف حديث ابن عمر وف حديث السيدة عائشة رضوان ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليهم‪،‬‬
‫أما ما بعد ذلك فتلك السّنن هي تنفّل‪ ،‬فينبغي للنسان أن يَتنفّل بِما كان يَتنفّل به النب ‪ ،‬والنب كان يُصلي‬
‫إحدى عشرة ركعة ‪ ..‬يُصلي الوتر ‪ ..‬يُوتِر بثلث‪ ،‬وتارة بواحدة‪ ،‬وتارة يكون الكلّ وترا‪ ،‬وله كيفيات متعدّدة‪،‬‬
‫فالوتر يكون بواحدة‪ ،‬وبثلث‪ ،‬وبمس‪ ،‬وبسبع‪ ،‬وبتسع‪ ،‬وبإحدى عشرة‪ ،‬ث لبعض هذه العداد كيفيات متعدّدة‪،‬‬
‫ولكن الوقت كما ترى ل يُساعِد ول يُساعِف على ذكر تلك الكيفيات وما الثابت منها عن النب ‪ ،‬ولكن‬
‫‪1‬‬
‫الاصل أنّ النب جاء عنه أنه كان يُصلي إحدى عشرة ركعة‪ ،‬وهذا غي تلك السنّة الت كان يُصليها بعد سنّة‬
‫العِشاء‪ ،‬وجاء ف بعض الروايات ‪ ..‬جاء ذلك مِن طريق السيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنها‪-‬ومِن طريق ابن‬
‫عباس‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهما‪-‬ومِن طريق زيد بن خالد الُهن‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنه‪-‬أنّ النب كان‬
‫يُصلي ثلثة عشرة ركعة‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬ل إشكال ف هذه الروايات‪-‬وإن استشكَله مَن ل دراية له بذا الفن‪-‬‬
‫ذلك أنّ النب كان عندما يَفتتِح صلة الليل يصلي ركعتي خفيفتي ث يصلي ركعتي طويلتي ث ركعتي طويلتي‬
‫وهكذا‪ ،‬كما هو وارد عنه‪ ،‬فالسيدة عائشة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬ف الرواية الت جاء عنها أنه كان يصلي إحدى‬
‫عشرة ركعة ل تذكر الركعتي الفيفتي وف الرواية الت ذكرت ثلث عشرة ركعة ذكرت هاتي الركعتي‪ ،‬وهكذا‬
‫ف روايات الصحابة الذين ذكروا هذه الروايات‪ ،‬فهذا ليس مِن التضارب أو التناقض‪ ،‬كما يظنّه مَن ل دراية له بذا‪،‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬سنّة " ولعله َقصَدَ أن يقول‪ " :‬فريضة " فليُنظَر مع الشيخ‪.‬‬
‫‪128‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فذلك يكون عندما تّتحِد الرواية ويّتحِد الجلس ويّتحِد الراوي ‪ ..‬عندما يّتحِد الجلس هناك يُمكِن أن يقال بذا‪،‬‬
‫ولكن الراوي تارة يُحدّث بذا وتارة بذا ‪ ..‬تارة يذكر فعل وتارة يذكر فعل آخر وتارة يذكر القصود وتارة يذكر‬
‫هو وما قبل أو ما بعد أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهذا أوْل مِن قول بعضهم بأنا َذ َك َرتْ سنّة العشاء‪ ،‬ومِن قول بعضهم بأنا‬
‫ذَ َك َرتْ سنّة الفجر ‪ ..‬الذي يَظهر ل‪-‬ما ذكرتُه‪-‬بأنا ذَ َك َرتْ الركعتي الفيفتي اللتي كان النب يَفتتِح بما قيام‬
‫الليل ‪ ..‬هذا هو الثابت عن النب ‪ ،‬وخي الدي هديه ‪ ،‬ولكن ذلك يَحتاج إل بيان كيفية أداء النب لذه‬
‫الصلة‪ ،‬وهذا أمر فرّط فيه كثي مِن الناس ف هذا الزمان ‪ ..‬نسأل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يُوفّق السلمي للعمل بسنّته‬
‫على وفق ما كان يأت با صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وقد ذكرتُ أنّ ذلك يتوقّف على معرفة ستّة أمور بالمس‪2‬؛‬
‫وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬مَن عليه قضاء صلوات‪ ،‬هل له أن يَشتغِل بها عن السّنن المؤكّدة والرواتب ؟‬
‫ج‪ :‬ل يَشتغِل عن السنن الؤكّدة والرواتب ‪ ..‬يَجمَع بي المريْن لكن ف حالة القضاء قد اختلف العلماء ف قضاء‬
‫السّنن ‪ ..‬هل يقضيها النسان أو ل يقضيها ؟ لِلعلماء ف ذلك خلف طويل‪:‬‬
‫‪-1‬منهم مَن يقول‪ :‬يقضي الوتر وحدها‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم مَن يقول‪ :‬يقضي الوتر وسنّة الفجر‪.‬‬
‫‪-3‬ومنهم مَن يقول‪ :‬يقضي سنّة الفجر ول يقضي سنّة الوتر وإنا يصلي ف النهار اثنت عشرة ركعة بدل مِن قيام‬
‫الليل والوتر‪ ،‬بناء على الرواية الت جاءت عند المام مسلم‪.‬‬
‫‪-4‬ومنهم مَن يقول‪ :‬يقضي سنّة الفجر وسنّة الوتر والسنّة ال َقبْليّة والَبعْدِيَة لصلة الظهر‪ ،‬بناء على أنّ النب قضى‬
‫السنّة البَعْ ِديَة وبناء على الرواية الت فيها أنه قضى السنّة ال َقبْليّة‪ ،‬ولكن الرواية الت فيها أنه قضى السنّة القَبْليّة ل تَثبت‬
‫عنه صلوات ال وسلمه عليه‪-‬وإن صحّحها مَن صحّحها مِن أهل العلم‪-‬فهي ضعيفة على التحقيق‪.‬‬
‫‪-5‬ومنهم مَن قال‪ :‬يقضي كل السّنن الراتبة‪.‬‬
‫وقد ثبت عن النب أنه قضى سنّة الفجر عندما نام صلوات ال وسلمه عليه هو وصحابته الكرام رضي ال‪-‬‬
‫تعال‪-‬عنهم ‪ ..‬قضى السنّة وقضى بعدها الفريضة‪ ،‬وهذا يدلّ على أنّ النسان يَقضي أوّل السنّة ث يقضي الفريضة‪،‬‬
‫خلفا لِمَن ذهب إل أنّه أوّل يقضي الفريضة ث يقضي بعد ذلك السنّة ‪ ..‬هذا قول ضعيف‪ ،‬فقضية الفورية بالفريضة‬
‫ل تستدعي أن يَترك النسان السنّة الثابتة عن النب ‪ ..‬خي الدي هديه ‪ ،‬فينبغي للنسان أن يأت بالسنّة أوّل‬
‫ث يأت بالفريضة‪.‬‬
‫والقول بقضاء كل السّنن الراتبة قول قوي‪.‬‬
‫‪-‬فإذن العلماءُ منهم مَن يقول بِقضاء الكل‪ ،‬ومنهم مَن يقول بسنّة الفجر والوتر‪ ،‬ومنهم السنّة فقط‪ ،‬ومنهم مَن‬
‫يَقول‪ :‬الوتر‪ ،‬كما ذكرتُ‪-.‬‬
‫‪-6‬ومنهم مَن يقول‪ :‬السّنن الرواتب ل تُقضى وإنا تُقضى السّنن الستقِلة كصلة العيد وسنّة الضحى ‪ ..‬هذه تُقضى‪.‬‬

‫‪-2‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬مِِن حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪129‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-7‬ومنهم مَن يقول‪ :‬تُقضى السنّة ال َقبْليّة قبل الظهر دون الَبعْدِيَة‪ ،‬وهذا عجب‪ ،‬فالَبعْدِيَة ثبت عن النب قضاؤها‪،‬‬
‫بِخلف السنّة ال َقبْليّة‪ ،‬ولعل ذلك ناشئ عن عدم تَمحيصهم للروايات عن النب ‪ ..‬وجدوا رواية فيها أنه قضى‬
‫ال َقبْليّة ول يَذكُر بأنّ ذلك خاص به ووجدوا رواية قضى السنّة الَبعْ ِديَة ولكنه سئل عن قضائها بالنسبة لغيه فقال‪" :‬‬
‫ل " فقالوا با قالوه‪ ،‬وهذا‪-‬كما قلتُ‪-‬ناشئ عن عدم التمحيص‪ ،‬فرواية قضاء ال َقبْليّة ل تَثبت‪ ،‬وخصوصية السنّة‬
‫الَبعْ ِديَة ل تَثبت عن النب ‪ ،‬فينبغي للنسان‪-‬على كل حال‪-‬أن يُمحّص ما ورد عن النب وأن يَعرِف ما ثبت‬
‫عنه ويأخذ بذلك‪ ،‬ل أن يأخد بكل ما وجد مِن الروايات مِن غي أن يَعرِف الصحيح مِن السقيم والغثّ مِن السمي‬
‫إل غي ذلك‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬صلة العيد ثبت عن النب أنه يُؤتى با ف اليوم الثان‪-‬ل أنا يُؤتى با ف ذلك اليوم‪-‬إذا فات‬
‫وقتها‪ ،‬ووقتها يَفوت بزوال الشمس ‪ ..‬هذا هو الصحيح‪ ،‬خلفا لِمَن قال بالقول الثان‪-‬وذلك للكل‪ ،‬أما لو فاتت‬
‫الشخص هل يقضيها أو ل يقضيها أو يأت بركعتي ؟ فيه خلف بيْن أهل العلم‪ ،‬ول نظر ف القول بِالقضاء‪ ،1‬لنّ‬
‫هذه مِن الصلوات الت تُصلى جاعة ‪ ..‬هذا متصَر القول ف هذه القضية؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬السنن الرواتب‪ ،‬هل تُصلّى في البيت أم تُصلّى في المسجد ؟‬
‫ج‪ :‬إنّ العلماء قد اختلَفوا ف السنن الرواتب هل الوْل أن تُصلّى ف البيت أو ف السجد ؟ مع جواز المرين جيعا‪،‬‬
‫خلفا لِمَن شَذّ وقال بِوجوبِ تأديةِ راتبةِ الغرِب ف البيت‪ ،‬فهذا‪-‬إن صحّ عن قائلِه‪-‬مِن الشذوذ بِمكان‪ ،‬فل يَنبغي أن‬
‫يُلتفتَ إليه ول أن يُع ّولَ عليه‪ ،‬وإنّما اللف ف الفضل‪:‬‬
‫‪-1‬فذهبت طائفة كبية مِن أهل العلم إل أنّ الفضل ف السنن الرواتب جيعا سواءً كانت نَهارية أو ليلية أن تُؤدّى‬
‫ف البيت‪.‬‬
‫‪-2‬وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنّ الوْل أن تُؤدّى ف السجد‪.‬‬
‫‪-3‬وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل التفصيل فقالت‪ :‬إنّ الوْل ف النوافل الليلية أن تُصلّى ف البيت بِخلف الرواتب‬
‫النهارية فالوْل فيها أن تُصلّى ف السجد‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬مِن العلوم أنّ النسان عندما َيجِد خلفا بيْن أهل العلم عليه أن يَرجِع إل كتابِ ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬وإل سنّة رسولِه‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬الصحيحة الثابتة‪.‬‬
‫ومِن العلوم أنه ليس ف هذه السألة دليلٌ مِن كتابِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وإنّما الدليلُ فيها مِن سّنةِ رسولِه ‪ ،‬فقد‬
‫جاءتْ السنّة القولية والفعلية تَدلّ دللةً صرِية واضِحة جِليّة على أنّ السنن يَنبغي أن تُؤدّى ف البيت ‪ ..‬ف السنن‬
‫الراتِبة هذا فِعله ‪ ،‬وكذلك جاء ف الحاديث القَ ْولِية عنه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬فعندما يَكونُ النسانُ مُتمكّنا‬
‫مِن أداءِ السنن الراتِبة ف بيتِه فل يَنبغي له أن يَع ِدلَ إل تَ ْأدِيتِها ف السجد‪ ،‬أمّا إذا كانت هنالك ظروفٌ تَستدعِي منه‬
‫أن يَأتِيَ بِها ف السجد فل بأس بذلك‪ ،‬وكذلك إذا كان النسان يَرجِعُ إل دُكّانٍ أو ما شابه ذلك فإذا صلّها ف‬

‫‪-1‬تكلم الشيخ في هذا عند جوابه على السؤال ‪ 9‬مِِن حلقة ‪ 28‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 12‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪130‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫موضعِه ذلك فذلك حسن‪ ،‬لنّ ذلك أقرب إل البيت‪ ،‬فإذن الوْل أن يَكونَ ذلك ف البيت؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬سواء كانت السنن القبلية أو البعدية ؟‬
‫‪ ..‬كان يُصلّي السنن ف بيتِه سواءً كانت قبلية أو كانت بعدية‪.‬‬ ‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬هذا هو الثابت مِن فِعل النب‬
‫س‪ :‬ويَستوِي في ذلك عندكم النهارية والليلة ؟‬
‫‪.‬‬ ‫ج‪ :‬أي نعم‪ ،‬ل فرْق ف ذلك‪ ،‬لنّ ذلك هو الثابت مِن سنّة النب‬
‫س‪ :‬هل تُستثنَى المؤكّدات أم الكل يَشمَلها ؟‬
‫ج‪ :‬الكل‪ ،‬فالرسولُ كان يُصلّي سنّةَ الفجر ف بيتِه وهكذا بالنسبة إل سّنةِ الغرب والفجرُ مؤكّدة والغرب راتِبة‬
‫وعلى قولٍ مؤكّدة والوّل أقربُ إل الصواب‪ ،‬والُولَى‪-‬أعن سنّةَ الفجر‪-‬قبلية والثانية بعدية‪ ،‬وكذلك بالنسبة إل‬
‫سّنةِ الظهر فقد كان‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬يُصلّيها ف بيتِه‪.‬‬
‫أمّا مَا جاء عن ابن عمر فيُمكِن أن يُح َملَ ذلك على بعضِ الحوال ويُمكِن أن يَكونَ ذلك أنّه كان يُؤدّي ف السجد‬
‫سّنةَ تية السجد؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ن خيرَ صلةِ المرءِ في بيتِه إل الـمَكتوبة ) ؟‬
‫‪(:‬إّ‬ ‫صحّة ما يُروى عن النبي‬
‫س‪ :‬ما ِ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا حديث‪ ،‬وهنالك أحاديثُ كثية جدا جدا تَدلّ على أنّ الفضل ف النوافل أن تَكونَ ف‬
‫البيت‪ ،‬وهذا هو الذي كان يَفعلُه النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬والذي َحثّ عليه أيضا‪ ،‬وفيه مِن الفوائد‬
‫الدينية ما ل يَخفى‪.‬‬
‫س‪ :‬صلة السنن في النهار أو في الليل‪ ،‬هل يُسلّم بعدَ كلّ ركعتيْن ؟‬
‫ج‪ :‬أما ف الليل فقد ثبتَ عن النب ‪-‬ف الديثِ الصحيحِ الذي جاء عنه‪-‬أنه قال‪ ( :‬صلةُ الليلِ مثن مثن ) ‪..‬‬
‫هكذا نَصّ الديثُ الثابت عن النب ‪ ،‬ولذلك نقول‪ :‬إنّ صلةَ اللّيل تَكونُ مثن مثن‪ ،‬ول معن لِما جاء عن‬
‫بعضِهم مِن أنه يُصلّي إن شاء أربعا أو ما شابه ذلك مِن غيِ فصل ‪ ..‬هذا ل داعي إليه ول يَنبغي أن يُؤ َخذَ بِه ما دام‬
‫الديثُ قد ثبتَ عن النب ‪ ..‬نعم قد جاءتْ كيفياتٌ مُتعدّدة لِصلةِ الوتْر‪ ،‬فقد جاء عن النب أنه كان يُصلّي‬
‫الوتْر ثلث عشْرة ركعة‪-‬وف الواقع هذا ال ِوتْر مع قيامِ الليل‪-‬وكان يَفصِل بيْن ك ّل ركعتيْن‪ ،‬و‪-‬هكذا‪-‬جاء أنه كان‬
‫يُصلّي إحدى عشْرة ركعة يُسلّم بعد كلّ ركعتيْن‪ ،‬وجاء ف بعضِ الروايات أنه كان يُصلّي ثَمَان ركعات وكان‬
‫يَجلِس بعدَ الركعة الثامنة ‪ ..‬يَسْرد الثمان َسرْدا ويَجلِس بعدَ الركعة الثامنة‪ ،‬وجاء‪-‬أيضا‪-‬أنه كان يُوتِر بِسبْع‬
‫ويَجلِس بعدَ السادسة‪ ،‬وجاءتْ فيها روايةٌ أخرى وهكذا‪ ،‬لكنّ الذي أَرشدَ إليه أ ّمتَه ما ذَ َكرْناه مِن الديث‪ ،‬فإذا‬
‫صَلّى شخصٌ القيام بِتلك الكيفيات الت جاءتْ عن النب وبعضُها يَحتاجُ إل شيءٍ مِن التّمحيصِ والنّظر فذلك‬
‫نعم لكن السنّة كما ذكرت‪ ،‬ث تلك الكيفيات ليس فيها اللوس بعد كل ركعتيْن ركعتيْن وإنّما َقْبلَ الخية أو فيها‬
‫سرْد‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫أما بِالنسبةِ إل صلةِ النهار فقد اختلَف أهل العلم ف ذلك‪:‬‬

‫‪131‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫منهم مَن قال‪ :‬إنّ الوْل أن يُصَلّيَ الربع مِن غيِ أن يُسلّم ‪ ..‬يَجلِس بعد الركعة الثانية ويَأتِي بِالتشهّد الوّل ث يَقومُ‬
‫إل الركعتيْن الخريَيْن‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬الوْل أن يَفصِلَ بِالسّلم‪.‬ومنهم مَن قال‪ :‬هو مُخيّر‪.‬‬
‫فإذن ف الليل يَفصِلُ بِالسّلم وذلك هو الذي َدلّ عليه الديث‪ ،‬أما التخيِي فل داعي إليه‪-‬كما ذَ َك ْرتُ‪-‬اللهم إل إذا‬
‫َأتَى بِال ِوتْر على شيءٍ مِن تلك الكيفيات الت أشرتُ إليها ولكن ليْسَ فيها أن يَجلِسَ بعد كل ركعتيْن بعد كل‬
‫ضحٌ جلِي يَدلّ‬ ‫ركعتيْن مِن غي تسلِيم‪.‬أما بِالنسبةِ إل الصلوات النهارية ففيها اللف الذكور‪ ،‬وليس هنالك دليلٌ وا ِ‬
‫على ترجيحِ واحدٍ مِن القوليْن فلذلك ذَ َهبَ مَن ذَ َهبَ مِن أهل العلم إل أنّ النسانَ مُخيّر ف ذلك‪.‬‬
‫وأقوى ما استَدلّ به الذين قالوا بِالفصْل بِالتّسلِيم كصلةِ الليل ما جاء عن السيدة أمّ هانئ‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬أنّها‬
‫ذَ َك َرتْ أنّ النب عندما صَلّى ف بيتِها ف عامِ الفتح أنه كان يُسلّمُ بعدَ كل ركعتيْن‪ ،‬وهذا الديث ف أصلِه صحيحٌ‬
‫صلِ‬ ‫ثابِت ‪ ..‬أي مِن غْيرِ ذِ ْكرِ التّسلِيم ‪ ..‬أنه صَلّى ثان ركعات هذا حديثٌ صحيحٌ ل شكّ فيه‪ ،‬وأما بِالنسبةِ إل الفَ ْ‬
‫بِالتسليم فقد ذَ َكرَ النووي ف " الجموع " وبعده الافظ ابن حجر ف " التلخيص " بِأنّ إسنادَه على شرطِ " صحيحِ‬
‫ضعْف‪ ،‬وذلك لنّه مِن طريقِ عياض بن عبد ال الفِ ْهرِي وهو‬ ‫البخاري " وليس المر كما ذَ َكرَاه بل هو حديثٌ فيه َ‬
‫مُن َكرُ الرواية ف مثلِ هذه الالة ‪ ..‬أي عندما يَتف ّردُ بِمثلِ هذه الزيادة عن غيِه‪.‬‬
‫و‪-‬أيضا‪-‬استدلّوا بِحديثِ‪ " :‬صلةُ الليلِ والنهار مثن مثن " أي بِالزيادةِ الت جاءتْ فيه‪ " :‬والنهار " إل أنّ هذه‬
‫الرواية شاذّةٌ عندي وإن ق ّوتْها جاعةٌ مِن أهل العلم كالبخاري وابن خزية وابن حبان ومَن سار على نَهجِهم ولكنّ‬
‫الصحيح أنا روايةٌ شاذّة لنّها مِن طريقِ البَارِقِي ول يَقوى على مُخالَفةِ العددِ الكبي والمّ الغفي فقد جاءتْ هذه‬
‫الرواية بِلفظِ‪ " :‬الليل " فقط مِن طريقِ أكثرَ مِن خسةَ عشر راويا لَم يَذكُروا هذه الزيادة وتَف ّردَ بِها هذا الراوي الذي‬
‫ل يُقَبلُ تَف ّردُه ف مثلِ هذه القضية ‪ ..‬نعم قد تُوبِعَ ولكن تلك التابَعات ل قيمةَ لَها‪.‬‬
‫وقد جاءتْ رواياتٌ أخرى ولكنّها مِن الضّعْف بِمكان‪ ،‬فرواياتُ الفصْل ل تَصِحّ عن النب بِحسبِ هذه السانيد‬
‫الت وَجَدْناها‪.‬وقد جاء عن ابن عمر‪-‬رضي ال تعال عنهما‪-‬وهو الراوي لِحديثِ‪ ( :‬صلةُ الليلِ مثن مثن ) الذي‬
‫جاءتْ فيه هذه الزيادة أنه كان ل يَفصِل بيْن كلّ ركعتيْن بل يَقوم بعدَ أن يَأتِيَ بِالتشهّدِ الوّل مِن غيِ سلم وهو‬
‫الراوي لِذلك الديث ونَحنُ نقول‪ :‬إنه إذا تعارَض رأيُ الراوي مع روايتِه أنه تُق ّدمُ روايتُه على الصحيحِ الراجِح‬
‫ولكن عندما يَكونُ ف إسنادِ تلك الرواية شيءٌ مِن الكلم ولسيما ف مثلِ هذه الرواية الت يَت َك ّررُ العملُ بِها فإنّ‬
‫التّرجِيحَ لِروايةِ ابن عمر الوقوفَة عليه أقربُ إل الصواب‪ ،‬فهذا هو القرب كما قلتُ‪1‬؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكمُ الصلة قبلَ صلةِ الجمعة ؟ وهل ثبتت صل ٌة بعد صلة الجمعة سواء في البيت أو في‬
‫المسجد ؟‬

‫‪-1‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 8‬نوفمبر ‪2004‬م )‪ " :‬الفضل في‬
‫ن يَ ْفصِل النسان فيها بِالسلم‪ ،‬أما بِالنسبة إلى الصلوات ال ّنهَا ِريّة فالمر مُختلَف فيه‪ ،‬وكِل المريْن جائز‬
‫صلوات الليل أ ْ‬
‫وإنّما الخلف في الفضل "‪.‬‬
‫‪132‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬أما بالنسبة إل راتبة المعة القبلية والبعدية ‪ ..‬أما البعدية ‪ ..‬والوْل كان أن أقدم القبلية ولكنن أقدم البعدية‬
‫لنّها ثابتة عن النب بلف القبلية فسيأت ما فيها‬
‫السنّة البعدية بعد صلة المعة‪-‬نعم‪-‬ثابتة‪ ،‬فقد ثبت عن النب بالسناد الصحيح الثابت أنه كان يصلي بعد‬
‫المعة ركعتي ‪ ..‬هذا حديث صحيح ثابت ل كلم فيه‪.‬‬
‫وقد جاءت روايات تدلّ على أنه كان يصلي بعدها أربعا ولكنها ل تثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وإنّما‬
‫الثابت عنه الركعتان‪ ،‬وجاءت رواية قولية عند المام مسلم فيها المر بأربع ركعات ولا ألفاظ متعدّدة منها‪" :‬‬
‫مَن كان منكم مصليا بعد المعة فليصل أربعا " ولا ألفاظ قريبة مِن هذا اللفظ‪ ،‬ولذلك اختلَف العلماء ف السنّة‬
‫الشروعة وما هو الوْل فيها‪:‬‬
‫فمنهم مَن قال‪ :‬إنه يصلي ركعتي‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬يصلي أربعا‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬يمع بي الروايتي‪:‬‬
‫منهم مَن رجّح القولية‪-‬كما قلتُ‪-‬فقال‪ " :‬يصلي أربعا‪ ،‬لنّ القول مقدّم عند التعارض "‪.‬‬
‫ومنهم مَن رجّح الفعلية لنّها أقوى مِن حيث السناد‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬يمع بينهما ‪ ..‬يصلي ركعتي ث يصلي أربعا‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬يصلي تارة ركعتي ويصلي تارة أربعا‪ ،‬فيكون قد أخذ بذه الرواية تارة وأخذ بالرواية الخرى تارة‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال بِالتفصيل فقال‪ :‬إن صلى ف السجد فإنه يصلي أربعا وإن صلى ف البيت فإنه يصلي ركعتي كما جاء‬
‫عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫و‪-‬كما قلتُ الثابت مِن فعلِه أنه كان يصلي بعد المعة ركعتي‪.‬‬
‫وما جاء أنه صلى أربعا أو ستا فإنه ل يثبت عنه‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬البتّة‪ ،‬والرواية القَ ْولِيَة فيها نظر لنا مِن‬
‫طريق سهيل بن أب صال َولَم تتّفق كلمة أهل العلم على توثيقه بل منهم الادح له ومنهم القادح فيه‪ ،‬فمنهم مَن ل‬
‫يتج بروايته ومنهم مَن يرى أنّ روايته ثابتة ولسيما ف مثل هذه المور‪ ،‬وهو ف القيقة يَحتاج إل شيء مِن النظر‬
‫ولسيما عند الـ ُمخَالَفة فهو وإن لَم تكن روايته هاهنا مُخاِلفَة ف الفعل ولكن الصل أنّ النب كان يأت‬
‫بالعمال أكثر مِن غيه وما قيل بِأنّ النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم لعله كان يُطيل الركعتي فهي أطول مِن‬
‫حيث الكيفية أو أنه نظرا لشتغاله بِالطبة وما شابه ذلك كان يَخْتصر إل الركعتي أو " هو تشريع "‪،‬‬
‫نقول‪ :‬أمّا بِالنسبة إذا قيل‪ " :‬هو تشريع " فل كلم ‪ ..‬علينا أن نُسَلّم لِما جاء عن النب ولكن ذلك حيثُ ل‬
‫يكون هنالك كلمٌ ف الرواية الروية عن النب ورواية سُهَيل فيها ما فيها مِن الكلم‪.‬‬
‫فإذا اقتصَر النسان على الركعتي الثابتتي عن النب ثبوتا ل شك فيه فذلك حَسن جَميل وإن صلى ف بعض‬
‫الحيان أربعا فإذا كانت نفسه تطمئن إل تلك الرواية فل مانع مِن ذلك وإن صلى ركعتي أوّلً ث زاد بعد ذلك‬
‫فأيضا ل بأس بِذلك بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬ولكن الذي نستطيع أن نَجْزم بثبوته هو الركعتان وما عدا ذلك فهو‬
‫‪133‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫مشكوك فيه لِما ذَ َكرْتُه مِن الكلم ف رواية سُهيل بن أب صال ففيها‪-‬حقيقة‪-‬مِن الكلم الذي ل تَطْمَئن النفس إل‬
‫قبولِ مثلِ هذه الرواية عنه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫أمّا بالنسبة إل السنّة القبلية ف يوم المعة هنالك أمران يَنبغي التفريق بينهما‪:‬‬
‫أحدها‪ُ :‬مطْلَق الصلة ‪ ..‬أي أنّ النسان إذا دخل السجد أو كان ف بيته‪-‬أيضا‪-‬أنه ينبغي له أن يُصلّي ف هذا اليوم‬
‫فنعم ذلك ثابت مِن قولِ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬مِن طريق سَلْمان‪ ،‬وقد جاء ذلك‪-‬أيضا‪-‬مِن طريق أب‬
‫هريرة وإن كان ف إسنادِه سُهيل وقد أشرنا إل ما فيه ولكنه ف هذه الرواية لَم يُخالِف بل تُؤيّ ُد روايتَه الروايةُ‬
‫السابِقة‪ ،‬وقد جاء ذلك‪-‬أيضا‪-‬مِن غي هاتي الطريقي‪ ،‬فهذا المر ثابتٌ عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫ولكن ذلك لَم ُيحَدّد بِعد ٍد معيّن مِن الركعات فليُصلّ النسان ما شاء كما جاء ذلك ف الديثِ الثابت عن النب‬
‫‪ ..‬كما جاء‪ ( :‬فَليُصل ما قُ ّدرَ له ) أو ما شابه ذلك مِن اللفاظ فهذا ثابِت‪ ،‬ول ينبغي لِلنسان أن يَتَكَاسَل ف ذلك‪،‬‬
‫فإذا جاء النسان قبل سَاعة أو قبل نصف ساعة أو أكثر أو أقل فليُصل ما شاء مِن الركعات حت لو كان ذلك ف‬
‫وقتِ الزوال فإنّ ذلك الوقت ل يُنْهَى عن الصلة فيه ف هذا اليوم فهو مستْثنَى مِن النّهْي على القول الصحيح وإن‬
‫كان فرّق بعضُهم بيْن مَن كان ف السجد ومَن كان ف غيه إل غي ذلك ولكنن ل أرى دليل على التفريق فليُصلّ‬
‫النسان ف ذلك ما شاء‪.‬‬
‫والثان‪ :‬كون ذلك سنّة قبلية كما هو الال ف سنّة الظهر القبلية أو ف السنّة البعدية أو ما شابه ذلك فهذا قد‬
‫اختلَفتْ فيه كلمة المّة‪:‬‬
‫‪-1‬ذهب بعضهم إل أنّ لِلجمعة سنّة قبلية كما هو الال ف الظهر‪.‬‬
‫سبَ إل أكثر أهل العلم‪-‬إل أنّه ليست هنالك سنّة قبلية للجمعة‪ ،‬وهذا هو الذي‬ ‫‪-2‬وذهبت طائفة مِن أهل العلم‪-‬ونُ ِ‬
‫أذهب إليه‪ ،‬إذ إنن ل َأجِد روايةً صحيحة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬تدلّ على ذلك‪ ،‬ومِن‬
‫العلوم أنّه عند اللف يَنبغي لِلنسان أن يَرجع إل الثابت مِن قول وفعل النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪ ،‬ونَحن عندما رجعنا إل السنّة فإننا وجدنا بعضَ الروايات الت تدلّ على ذلك منها ما يدلّ على الركعتي‬
‫ومنها ما يدلّ على الربع ‪ ..‬جاء ذلك مِن طريق ابن عمر وجاء ذلك مِن طريق ابن عباس ومِن طريق ابن مسعود‬
‫ومِن طريق علي بن أب طالب وكلّ ذلك ل يَصِح ‪ ..‬على كل حال؛ ل أرى داعيا لذكر ما ف تلك الروايات مِن‬
‫العَِللِ لنّ القام سيطول بِه لنّ ف بعضها أربع ِعلَل وف بعضها ثلثا وف بعضها اثنتي وذلك يَطول بِه القام ولكن‬
‫هي مِن الضّعف بِمكان‪ ،‬وقد وَجّه إلّ بعضُ الخوان سُؤال ف ذلك ولعلّي أتفرّغ لِلجابة عليه بِإطالة إن وفّق ال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬إل ذلك‪.‬‬
‫ومنهم مَن استدلّ بِحديث‪ ( :‬بَيْن كل أذاني صلة )‪ ،‬ول دليلَ ف ذلك البتّة‪ ،‬لنّ الذان الوّل لِصلة المعة حَادِث‬
‫‪ ..‬ل يَكن ف عهد النب فل يُمكن أن نستدِلّ بِهذه الرواية على ذلك وأنّ هذا هو القصود بِالذان الوّل‪ ،‬فالذان‬
‫الوّل هو الذان الثان الذي يَخطب الطيب بعدَه مبا َشرَة ‪ ..‬هذا الذان الوّل والذان الثان هي القامة فإنّ القامة‬
‫يُطلَق عليها لفظ " الذان "‪ ،‬وقيل‪ :‬إنّ ذلك على سبيل التّغْلِيب‪ ،‬فكما يُقال " العُ َمرَان " و " القَ َمرَان " إل غي ذلك‪.‬‬
‫‪134‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ومنهم مَن أَ ّولَ ذلك بِتأويل فيه بُعْد‪-‬كما أشرتُ إليه بِالمس‪-1‬فل يُمكن أن نستدِل بِهذا الديث على ذلك البتّة‪.‬‬
‫سبَة ذلك وإل فهي‬ ‫ومنهم مَن است َدلّ على ذلك بِرواية تُروى عن النب مِن طريق ابن الزبي فيها أنّه ‪ ..‬على نِ ْ‬
‫ل تَصِح كما ستأت الشارة ‪ ..‬فيها‪ " :‬مَا مِن فريضة إل وبي يديها ركعتان "‪ ،‬وهذه الرواية‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬ل‬
‫تثبت فهي مِن الروايات الت ل تثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وبيان ذلك له موضِع آخر‪.‬‬
‫ومنهم مَن است َدلّ بِأنّ النب ‪-‬كما جاء مِن طريق أب أيوب‪-‬كان يُصلي سنّة الظهر القبلية حت ف السّفر‪ ،‬فقد‬
‫جاء عن أب أيوب أنه سافر مع النب ف ثَمانية عشر سفرا‪-‬أو ما هذا معناه‪-‬وكان يُصلي قبل الظهر ركعتي‪،‬‬
‫ولكن هذه الرواية ضعيفة ل تَثبت عن النب ث على تقدير ثبوتِها‪-‬وهو بعيد جدا‪-‬فهي ف صلة الظهر‪.‬‬
‫ومنهم مَن قاس ذلك على السنّة القبلية قبل الظهر‪ ،‬وذلك فيه مِن البعد ما ل يَخفى فالفرق بينهما أوضح مِن أن‬
‫يَحتاج إل إيضاح‪.‬‬
‫ومنهم مَن أخذ ذلك مِن بعض أفعال الصحابة‪ ،‬وتلك الفعال‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬ف النفل الطلق ل ف سنّة قبلية قبل‬
‫فريضة المعة‪.‬‬
‫والاصل أنّ الصحيح عندنا أنه ليست هنالك سنّة قبلية قبل فريضة المعة‪-‬كما هو الال ف فريضة الظهر‪-‬ولكن‬
‫يَنبغي لِلنسان أن يَتنفّل ما شاء قبل فريضة المعة وقبل خُطبتها‪ ،‬لكن نَرى كثيا مِن النّاس أنّ الواحد منهم يأت‬
‫ويصلي ركعت تَحية السجد ثُم يبقى إما يقرأ أو يذكر أو يبقى جالسا هكذا وعندما يؤذن الؤذن تقوم المّة جيعا‬
‫تصلي ‪ ..‬تظنّ أنّ ذلك مِن السنن الواجبة الت لبد منها فهذا ل أصل له‪ ،‬وهذا هو الذي شدّد فيه مَن شدّد مِن أهل‬
‫العلم ووصفه بالبدعة‪ ،‬ومع ذلك نقول‪ :‬إنّه ل ينبغي التشديد ف مثل هذه القضايا فإنّ أهل العلم قد اختلَفوا ف هذه‬
‫السألة وما دامت السألة خلفية ينبغي للنسان أن يأخذ بِالرجَح وأن ُيبَيّن ذلك بالسلوب الواضِح الفِيد‪ ،‬أما أن‬
‫صفَهم بِأنّهم مِن البتدِعة أو ما شابه ذلك مع أنّهم يأخذون بِرأي مَن يَقول بِمشروعيةِ هاتي‬ ‫يَتشدّد مع الناس أو أن يَ ِ‬
‫الركعتي بل وأنّهما مِن السنن الثابتة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬ف َفرْق بيْن السائل القطعية وبي السائل‬
‫صفَه بِالتكاسل وبعدمِ‬ ‫الظنية لكن نقول‪ :‬ينبغي أن ننبه الناس أنّ مَن أراد أن يأخذ بذلك فل يََتنَطّع على غيه وأن يَ ِ‬
‫ُحبّ الي أو أنه يَُنفّر عن ذلك أو مَا شابه ذلك ‪ ..‬كلّ‪ ،‬فإن كان هو يريد ذلك فليفعل ولكن ليس له أن يتشدّد مع‬
‫غيه‪ ،‬كما أنّ الغي‪-‬أيضا‪-‬ينبغي له أن يُ َوضّح ذلك بِالسلوب الواضِح الرّزين الستنِد إل الجّة الثابتة عن النب‪-‬صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وبعد ذلك فلبد مِن أن يُفرّق بيْن السائل القطعية وبيْن السائل الظنية ‪ ..‬هذا ما َأ َودّ أن ُأَنبّه‬
‫عليه الن بِاختصار وهذا ليس خاصّا بِهذه السألة بل هو شامل لكلّ مسألة من السائل ‪ ..‬يأخذ النسان بالثابت‬
‫الصحيح عن النب وُيَنبّه النّاس عليه وبعد ذلك لبد مِن التفريق بي السائل الختلَف فيها وبي السائل الـ ُمّتفَق‬
‫عليها بي أهل العلم‪ ،‬وهذه السألة ف القيقة تتاج إل إطالة ‪ ..‬ل أقول مسألة الصلة قبل المعة ولكن مسألة‬
‫السائل اللفية والتّفريق بي السائل القطعية وبي السائل الظنية وبي‪-‬أيضا‪-‬ما ثبت بالدليل الواضح اللي الذي ل‬
‫غموض فيه مِن السائل وإن كانت ظنية وبي السائل الت ليس فيها دليل واضح ‪ ..‬إمّا فيها أ ِدلّة مُختلَف فيها بي أهل‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬مِِن حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 28‬أكتوبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪135‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫صرَة ف الواب الذي‬ ‫العلم ف ثبوتِها وعدم ثبوتِها أو ف دللتها أو ما شابه ذلك ولعلنا نشي إل ذلك ولو بإشارة مُختَ َ‬
‫قلنا لعل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬يُوفّقنا لِلكتابة عليه ف السألة الذكورة؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬يعن فيما تقولون الن لِلنسان أن يصلي النوافل قبل الطبة لكن مِن غي أن يعتب ذلك أنه مِن السنّة ؟‬
‫ج‪ :‬نقول هو سنّة لكن ليست بسنّة راتبة ‪ ..‬بِمعن أنّ النسان يُمكن أن يصلي مِن الساعة التاسعة أو قبل أو العاشرة‬
‫أو الادية عشرة إل غي ذلك ‪ ..‬هذا مشروع ‪ ..‬يُصلي ما شاء ويَذكر ما شاء َوْليَْنظُر الصْلح مِن حيث إذا كان‬
‫نشيطا لِلصلة أو كان غي نشيط أو كانت هنالك ضَ ْوضَاء و‪-‬طبعا‪-‬ل ينبغي أن تكون هنالك ضوضاء ف بيوت‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬لنا إنّما بُِنيَت لعبادته ل مِن أجل القيل والقال والخذ والرّد والكلم الذي ل قيمة له ول‬
‫داعي إليه‪.‬‬
‫لكن بالنسبة إل السنّة الرّاتبة ‪ ..‬أي عندما تزول الشمس هَل يقال هنالك سنّة ف هذا الوقت تُسمى سنّة الزوال ‪..‬‬
‫خيّر بيْن المرين ؟ نقول‪ :‬ليست هنالك سنّة على الصحيح عندنا‪.‬‬ ‫يُصلي النسان ركعتي أو يصلي أربعا أو أنه ُي َ‬
‫ن له أن يُصلي في البيت قبل أن يصعد المنبر ؟‬
‫س‪ :‬بالنسبة إلى صلة الجمعةِ الخطيبُ‪ ،‬هل يُس ّ‬
‫ج‪ :‬أما السنّة الراتبة‪-‬فكما قلتُ ليست هنالك سنّة راتبة‪.‬‬
‫وما جاء أنّ النب كان يصلي كما جاء ف حديث ابن عمر فيُجاب عنه‪ :‬إما أنه كان يصلي قبل زوال الشمس أو‬
‫أنّ ذلك ف القيقة موقوف على ابن عمر‪ ،‬فالرواية جاءت ُمطَوّلة ‪ ..‬جاءت أنّ ابن عمر‪-‬رضي ال تعال عنهما‪-‬كان‬
‫يصلي قبل المعة ث كان يصلي بعد المعة ركعتي َولَها ألفاظ متعددة وذَكر فيها أنّ ذلك هو الذي كان يفعله النب‬
‫‪:‬‬
‫فبعضُ العلماء أخذ مِن هذا أنه كان يفعل المرين معا قبل الصلة وبعد الصلة‪.‬‬
‫وبعضهم‪-‬وهو الصحيح‪-‬حَمَل ذلك على أنّ الرفوع مِن الرواية هو ما كان يفعله بعد المعة أمّا مَا قبل ذلك فهو‬
‫مِن فعل ابن عمر‪ ،‬ول شك بِأنّ هذا الصواب كما قلتُ‪.‬‬
‫والذين قالوا‪ " :‬إنه كان يَفعل قبل ذلك " قالوا‪ :‬كان يَفعل قبل زوال الشمس أمّا بعد زوال الشمس فكان يذهب‬
‫لطبة المعة‪.‬‬
‫و‪-‬أيضا‪-‬هنالك روايات استدلّ با الذين قالوا بِالشروعية‪ ،‬منها‪ :‬أنّه كان إذا خرج مِن البيت صلى ركعتي‪،‬‬
‫وهذه الرواية فيها مِن الضعف ما فيها‪ ،‬ث إنه ل دللة فيها على الطلوب‪ ،‬والسألة تتاج إل تفصيل طويل عريض ‪..‬‬
‫ل أقول‪ " :‬إنن سأطيل " ولكن سأجيب بِما يُقَدّره ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ولو على وجه الختصار بِما فيه الكفاية‬
‫بِمشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫س‪ :‬لو نزلنا إلى واقع الناس نَجد أنّ هناك عددا مِن التصرفات يقوم بها بعضُ الناس فالبعض يدخل والمام‬
‫يَخطب فمنهم مَن يجلس ومنهم مَن يصلي والبعض يجلس فإذا سكت المام بيْن الخطبتين قام فصلى‪ ،‬هل هناك ‪...‬‬
‫؟‬
‫شرَع للنسان أن يصلي أبدا ‪ ..‬هذا إذا كان ف السجد‪.‬‬
‫ج‪ :‬أما إذا شرع الطيب ف الطبة فل يُ ْ‬

‫‪136‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أمّا إذا دخل ف السجد فإنه يُشرع له أن يصلي ركعتي‪ ،‬وذلك منصوصٌ عليه ف سنّة النب وهو صحيح ثابت‪،‬‬
‫ل ينبغي لِلنسان أن ُيفَرّط فيه حت أنّ النب قطع خُطبته وَأ َمرَ ذلك الرجل الذي دَ َخلَ السجد أن يُصلي ركعتي‬
‫وأن يََتجَ ّوزَ فيهما ‪ ..‬هذا حديث صحيح ثابت عن النب ‪.‬‬
‫‪-‬وقد اعترض عليه بعضُ الذين ل يرون ذلك بِما يَ ْق ُربُ مِن عشرة اعتراضات‪ ،‬وذِكرُ تلك العتراضات مَع الرّد‬
‫عليها يطول به القام فل أرى داعيا لِذِكرها الن‪ ،‬فالديث صحيح واضح ل إشكال فيه‪.‬‬
‫وقول مَن يقول‪ " :‬إنّ النب نَهى حت عن المر بالعروف ‪ " ...‬إل آخر ذلك " وذلك واجب فكيف يقال‬
‫ضرِب له المثال فما‬ ‫بِمشروعية السنّة مع أنّها ليست بواجبة ؟! " أقول‪ :‬علينا أن نأخذ بِما جاء عن النب وألّ َن ْ‬
‫َأ َمرَنا به فعلناه وما نانا عنه تركناه أما أن نر ّد بعض الحاديث ِلعِّلةٍ نتوهّمُها أو ما شابه ذلك فهذا مِمّا ل ينبغي‪-.‬‬
‫ولكن ينبغي لِلنسان أن يتجَوّز ف هاتي الركعتي وألّ يطيل ‪ ..‬هذا هو الثابت‪.‬‬
‫أما مَن كان جالسا ف السجد فليس له أن يقوم وأن يصلي ركعتي ل ف وقت الطبة الول ول ف وقت الطبة‬
‫الثانية ول بي الطبَتيْنِ‪.‬‬
‫فنعم نرى كثيا مِن الناس يقومون بعد النتهاء مِن الطبة الول ويأتون بركعتي وهذا مُخالِف للسنّة تَمام الخالَفة‪،‬‬
‫فينبغي أن يَُنبّه الناس إل أنّ ذلك ليس مِن هدي النب بل هو مُخالِف له مُخالَفة صارِخة فعليهم أن ينتبهوا لِهذه‬
‫القضية وألّ يقعوا ف مُخالَفة صارِخة وأن َيبْتَدِعوا بدعة سيئة يَظنّون أنّهم يَأتون بِالي وأنم يُحسنون صُنعا وهم ف‬
‫حرّم عليهم ل يوز لم‪.‬‬ ‫القيقة يَأتون بِما هو ُم َ‬
‫و‪-‬حقيقة‪-‬كثي مِن الناس يريدون الي ولكنهم ل يعرفون أبواب الي كهذا الشخص الذي يقوم يصلي ف هذا‬
‫الوقت وكبعض الناس الذين يدخلون السجد ف يوم المعة ويقومون بتخطي الصفوف ويُؤذون عبادَ ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬ويَ ُمرّون أمامهم ف وقتِ الصلة‪ ،‬فقد شاهدتُ ف المعة هذه شخصا دَخل السجد وأخذ يتقدّم ويتقدّم‬
‫ويَ ُمرّ أمام الناس الذين يُصلّون السنّة ‪ ..‬مَرّ أمام جاعةٍ مِن الناس الذين يُصلّون السنّة مِن أجل أن يَجلس ف الصف‬
‫الول ‪ ..‬لشك أنّ الصلة ف الصف الول أفضل مِن غيه كما ثبت ذلك ف السنّة ولكن ليس معن ذلك أنّ‬
‫النسان يَتخطّى رِقاب الناس ويُؤذيهم ويَ ُمرّ أمامهم وَهُم يُصلّون ‪ ..‬يَقع ف مُخاَلفَات‪:‬‬
‫‪-1‬يتخطى الصفوف وهذه مالفة‪.‬‬
‫‪-2‬ويؤذي عباد ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وهذه مالفة صارخة‪.‬‬
‫‪-3‬ويَمر أمام الصلي وهذه مُخالفة صارخة ثالثة ‪ ..‬إل غي ذلك ‪ ..‬لاذا هذا ؟! إذا كان يريد أن يصلي ف الصف‬
‫الول َف ْليَتقدم وف ذلك خي كبي وإذا تأخر فليصل ف الوضع الذي يُمكنه أن يصلي فيه مِن غي أن يؤذي عباد ال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬ومِن غي أن يَمر أمام عباد ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وهم يصلون وهذا مع أنه مُخالِف لِلسنّة‪-‬أيضا‪-‬فيه إيذاء‬
‫لِعبادِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فل شك أنّ النسان إذا َمرّ أمام غيه فقد آذاه لنه ل يرغب ف ذلك وهو مأمور بِدفعِه‪،‬‬
‫فالذي يُريد الي فليأتِه مِن بابِه وإذا كان ل يَعلَم فليسأل مَن يَعلم أما أن يَصنع شيئا وهو ل يَدريه فييد أن يُحسِن‬

‫‪137‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫صُنعا ويقع ف الخالَفات الصارِخة فهذا‪-‬والعياذ بِال تبارك وتعال‪-‬ينبغي لِلمؤمِن ألّ يقع فيه بل ول يَحُوم حول‬
‫حِماه‪.‬‬
‫ض الخوة‪ " :‬نصلي سنّة الفجر قبل الفريضة بِخمس دقائق "‪ ،‬هل هذا الكلم‬
‫س‪ :‬أحد الشخاص قال له بع ُ‬
‫صحيح ؟‬
‫ج‪ :‬القضية أنه لَم يقتصر على هذا بل وصف ذلك بالوجوب‪ ،1‬و‪-‬حقيقة‪-‬ينبغي لِلنسان أن يُفرّق بيْن الواجِب‬
‫وغيه وبي الواجِب والندوب وبي الحرّم والكروه وبي هذه الحكام وبي الباح‪ ،‬فهذا مِن أهم المور ‪ ..‬مِن‬
‫صفَ الواجِب بعدم الوجوب أو َيصِفَ غي الواجِب‬ ‫المور الضرورية الت لبد مِن أن ُيفَرّق النسان بينها ألّ يَ ِ‬
‫بالوجوب إل غي ذلك مِن الحكام الشرعية‪ ،‬ولكن الوقت هاهنا ل يكفي لِتفصيلِ هذا حت َيتََنبّه الناس‪ ،‬ومِن‬
‫الضروري أن يُعَلّموا مثل هذه المور‪.‬‬
‫على كل حال؛ سنّة الفجر ليست بواجبة ولكنها مؤكّدة‪ ،‬وهي ( خيٌ مِن الدنيا وما فيها ) كما‪-‬ذكرنا‪-2‬ف‬
‫الديث‪ ،‬فل يَنبغي التّ ْفرِيط فيها وإن كانتْ ليست بواجبة‪.‬‬
‫وأمّا بِالنسبة إل وقتِها فَكما قلنا‪ 3‬بعدَ طلوعِ الفجر إل صلةِ الفجر‪ ،‬أمّا هل يُقَدّمها أو يُؤخّرها فذلك إليه‪ ،‬وقد ثبت‬
‫عن النب أنه كان يُصلي بعدَ طلوع الفجر ثُم يضطجِع أو يتحدّث مع زوجِه السيدة عائشة رضي ال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬عنها‪َ ،‬وثَبت عنه‪-‬أيضا‪-‬أنه كان يَض َطجِع بعدَ قيامِ الليل ثُم يُصلّي السنّة قبلَ فريضةِ الفجر مباشَرة ‪..‬‬
‫جاء ذلك عنه صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫أما استشكال مَن استشكل بِأنّ هذه الرواية فيها شيءٌ مِن الضطراب‪:‬‬
‫‪-1‬أما بِالنسبة إل الروايات الت جاءتْ عن بعضِ الصحابة كذا وعن بعضِهم كذا فل اضطراب أبدا‪ ،‬لنه كان تارة‬
‫يفعل كذا وتارة يفعل كذا‪.‬‬
‫‪-2‬أما الذي جاء عن صحاب واحد فهذا يَنبغي أن يُْنظَر إليه هل ُيرِيد بِه مرّة واحدة أو ُيرِيد تارة كذا وتارة كذا‪،‬‬
‫ولِذلك موضِع آخَر‪.‬‬
‫لكن الذي يَهمّنا ف هذه القضية أنه يُمكِن أن يُقدّم وأنه يُمكن أن يُؤخّر فالاصل لبد مِن أن يكون ذلك بيْن طلوعِ‬
‫الفجر وبيْن فريضةِ الفجر؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬سنّة السّحور‪ ،‬هل الفضل أن تُصلّى في البيت أو في المسجد ؟‬
‫ج‪ :‬الصل ف السنن‪-‬كما قلنا الفضل أن تُصلّى ف البيت إل إذا كانتْ هنالك حاجة لِصلتِها ف السجد أو‬
‫كانت‪-‬مثل‪-‬هنالك جَماعة وهذا الشخص ل يَحفَظ إل الّنزْر اليسِي مِن القرآن فأراد أن يُصلّي مع الناس لِتِلك الزيّة‬
‫ضلِ ما فيه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫فذلك وإل فالفضل له ولو كان يَحفَظ قلِيل أن يُصلّي ف بيتِه وف ذلك مِن الف ْ‬

‫‪-1‬والسؤال‪-‬كما َو َردَ في المكالمة‪-‬هو‪ " :‬أحد الشخاص قال‪ ' :‬ل َيجِب أن تصلى سنّة الفجر قبل الفرض إل بِخمس دقائق‬
‫‪ ..‬أي ل َيجِب صلتها قبل ربع ساعة أو عشرة دقائق‪ ،‬فهل هذا كلم صحيح ؟ ' "‪.‬‬
‫‪-2‬عند الجواب على السؤال ‪ 3‬مِِن حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-3‬عند الجواب على السؤال ‪ 3‬مِِن حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪138‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬هل الفضل كثرة الركعات أم إطالة القراءة في النوافل ؟‬


‫ج‪ :‬الفضل‪-‬على الصحيح‪-‬إطالةُ القراءة ف النوافل؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬عندما يقيم المؤذّن الصلة‪ ،‬متى يبدأ المام في القيام إلى الصلة ؟ عندما يصل المقيم إلى قوله‪ " :‬حي على‬
‫الصلة حي على الصلة " أم عندما يصل إلى قوله‪ " :‬قد قامت الصلة قد قامت الصلة " ؟‬
‫ج‪ :‬بعض العلماء قال‪ :‬يقومون‪-‬أي يقوم الأمومون‪-‬عند وصول القيم إل قوله‪ " :‬قد قامت الصلة "‪.‬‬
‫وبعضهم يقول‪ :‬يقومون عند قوله‪ " :‬حي على الصلة "‪.‬‬
‫ول أجد ف السنّة ما يدل على واحد من القولي‪ ،‬بل ذلك يتلف بسب اختلف الساجد‪ ،‬فبعض الساجد الصغية‬
‫‪ ..‬وتكون الماعة قليلة فل يتاج أن يقوم الماعة قبل وقت لنم ليسوا باجة كبية ‪..‬إل‬

‫في التشهد الوّل‪ ،‬هل فيه بأس ؟‬ ‫س‪ :‬مَن يصلي على النبي‬
‫ج‪ :‬إنّ الصّلة على النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬مِن أَ َجلّ ال ُقرُبات وأفضل الطاعات‪ ،‬وقد َأ َمرَ بِها‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف كتابه العظيم‪ ،1‬و َحثّ عليها رسوله الكري ف ُسنّتِه الصحيحة الثابتة عنه صلوات ال وسلمه‬
‫ضلَ الصلة عليه صلى ال عليه وعلى آله وسلم ولسيما ف بعضِ الواضع كما هو منصوصٌ عليه ف‬ ‫عليه‪ ،‬وَبيّن َف ْ‬
‫كتبِ السنّة الصحيحة عن النب صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وقد ألّف بعضُ العلماء بعضَ الؤلّفات ف الصلةِ على النب‬
‫وما يَتعلّق بِها مِن أحكام‪ ،‬والكلمُ على ذلك َيطُول جِدا جِدا‪ ،‬كما هو َمبْسُوطٌ ف تلك الؤلفات‪ ،‬وبعضُها‬
‫يَحتاجُ إل شيءٍ مِن التحرير‪.‬‬
‫وقد اختلَفتْ كلمةُ أهلِ العلم ف ُحكْمِ الصلة على النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬خلفا لِمَن ادّعَى‬
‫إجاعَ المّة على أحدِ القوال فيها‪.‬‬
‫وقد ذكرتُ‪-‬أكثر مِن مرّة‪-‬أنّه يَنبغي الّت َريّث والتّ َدبّر عند وجودِ حكاياتِ الجْماع ف كثيٍ مِن السائل‪ ،‬فإنّ كثيا‬
‫مِن تلك الكايات ل َتثْبُت على الصحيح عند َمنْ يتأمّل ف كتبِ أهل العلم‪ ،‬فإنّ كثيا مِن تلك الكايات ف حقيقة‬
‫الواقع باطلة‪ ،‬وقد اختلَف العلماء ف كثيٍ مِن تلك السائل على أقوالٍ متع ّددَة‪ ،‬وقد يكون القول القّ خلفا لِذلك‬
‫الجاع الزْعُوم‪.‬‬
‫والصلةُ على النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ف التشهّد الثان ثابتة ف السنّة‪ ،‬وقد قال بذلك جهور المّة‪ ،‬واختلَفوا‬
‫ف حكمها‪:‬‬
‫منهم مَن ذهب إل أنّها واجبة عليه‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ف ذلك الوضع‪.‬‬
‫ومنْهُم مَن قال بِسنيتها‪.‬‬
‫بل ذهب بعضُ أهل العلم إل أنّها ركن مِن أركان الصلة‪ ،‬فمَن لَم َي ْأتِ بِها ف التشهّد الثان فإ ّن صلته باطلة على‬
‫هذا الرأي‪ ،‬وإن كنّا ل نستطيع أن نقول بذلك‪.‬‬
‫[ سورة‬ ‫ن آ َمنُوا صَلّوا عََليْهِ َوسَّلمُوا َتسْلِيمًا‬
‫ي يَا َأ ّيهَا اّلذِي َ‬ ‫‪-1‬قال ال تعالى‪ } :‬إِ ّ‬
‫ن الَ َومَل ِئ َكتَ ُه ُيصَلّونَ عَلَى ال ّن ِب ّ‬
‫الحزاب‪ ،‬الية‪.] 56 :‬‬
‫‪139‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫واختلَفوا‪-‬أيضا‪-‬ف كيفية الصلة ف التشهد الثان‪:‬‬


‫منهم مَن قال‪ :‬إنّه يأتِي بِالصلة البراهيمية‪ ،‬ولشك بِأنّ هذا القول قولٌ واضح وهو الذي تُ َؤيّده السنّة ولكّننَا ل‬
‫نَقول بِوجوبِ ذلك وإنّما نقول‪ " :‬إنّ ذلك مِمّا ل ينبغي أن يُفرّط فيه "‪.‬‬
‫وقد نصّت كلمةُ الكثرية الكاثرة مِن أصحابنا على مشروعيةِ الصلة ف هذا الوضع‪ ،‬و ِمنْهُم مَن قال‪-‬كما قلتُ‪-‬‬
‫بِرُ ْكنِيتِها‪ ،‬ومنهم مَن قال بِوجوبِها‪ ،‬واختلَفوا ف التيان بِالصلة البراهيمية وهل هي مِن الواجبات ف هذا الوضع أو‬
‫ل‪.‬‬
‫والصحيحُ أنّ الصلةَ مشروعةٌ ف هذا الوضع‪ ،‬ولكن ُتجْزِي بأقَل ما َيْنطَلِق عليه لفظُ " الصلة " وإنْ كان ل يَنبغِي‬
‫التّفرِيط ف التيان بِالصلة البراهيمية‪ ،‬لِثبوت ذلك عن النب صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫وأما بِالنسبةِ إل التّشهد الوّل فقد اختلَف العلماء ف ذلك‪:‬‬
‫منهم مَن قال‪ :‬إنّه ل يَنبغِي لِلنسانِ أن يُصَلّي على النب ف التّشهد الوّل‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬يَأتِي بِالصلةِ البراهيمية‪.‬‬
‫صرَة عليه وعلى آله صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬ ‫ومنهم مَن قال‪ :‬يَأتِي بِصلةٍ ُمخْت َ‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬يقتصر على الصلةِ عليه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وذلك لِعدمِ وجودِ دليلٍ واضِح ف هذه السألة‪.‬‬
‫سنَ على رأي طائفةٍ كبية مِن أهل العلم ‪ ..‬هذا‬ ‫ومَن صلّى عليه صلوات ال وسلمه عليه ف التّشهد الوّل فقد أَح َ‬
‫سَننِ الت ل يَ ْفصِل النسان فِيها بِالسلم‪ ،‬أما بالنسبة إل السّنَن الت َيفْصِل فِيها بِالسلم وقد‬ ‫بِالنسبة إل الفرائضِ وال ّ‬
‫قلنا‪ 1‬إنّ الفضل ف صلوات الليل أنْ َي ْفصِل النسان فيها بِالسلم‪ ،‬أما بِالنسبة إل الصلوات النّهَا ِريّة فالمر مُختلَف‬
‫فيه‪ ،‬وكِل المريْن جائز وإنّما اللف ف الفضل‪ ،‬فإذا َفصَل فإنّه يَأتِي بِالصلة على النب ‪ ،‬لنّ الصلةَ قد انتهتْ‬
‫بِذلك‪ ،‬لِحديث‪ ( :‬تَحرِيـمُها التكبي وتَحلِيلُها التسليم )‪ ،‬وهو حديثٌ صحيح ثابت عنه صلوات ال وسلمه عليه؛‬
‫وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫في‬ ‫س‪ :‬سَمع المشاهِدُون والمستمعون فتوى في عدم جواز تكْرا ِر التحيات‪ ،2‬هل هذا يَشمل الصلة على النبي‬
‫التّشهد الثاني ؟‬
‫ج‪ :‬التّشهد الثان ‪ ..‬يَأت النسان بِالصلة عليه َمرّةً واحدة ف الثان‪.‬‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 3‬مِن حلقة ‪ 14‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 29‬أكتوبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-2‬منها فتوى الشيخ أحمد بن حمد الخليلي عند جوابه على السؤال ‪ 10‬مِن حلقة ‪ 11‬رمضان ‪1422‬هـ ( يوافقه ‪27‬‬
‫نوفمبر ‪2001‬م )‪:‬‬
‫" س‪ :‬ما حكم تكرار الفاتحة في الركعة الواحدة ؟‬
‫شرِعَتْ‪:‬‬‫ج‪ :‬مِن المور التي ل يَجوز تكرارها الفاتح ُة الشريفة‪ ،‬فهناك أمور ل يَجوز تَكرارها إنما هي بِحسب ما ُ‬
‫منها الستعاذة‪ ،‬فما يَكون لِلنسان أن ُيعِيد الستعاذة بعدَ أن يَستعِيذ‪.‬‬
‫ومنها الفاتح ُة الشريفة‪ ،‬فليس له أن يُكرّر الفاتحة‪.‬‬
‫ن"‬
‫جمَلِه‪ ،‬كما أ ّ‬
‫وكذلك قراء ُة التّشهّد ‪ ..‬إن جَلس لِلتّشهّد فإنما يَقرؤه َمرّة واحدة‪ ،‬ول يُك ّررُه ول يُكرّر شيئا مِن ُ‬
‫ل َيزِيد عن قراءتِها َمرّة‬‫الفاتحة " ل يَجوز له أن يُكرّر‪-‬أيضا‪-‬شيئا مِن آياتِها أو شيئا مِن كلماتِها‪ ،‬بل يَحرِص على أ ّ‬
‫واحدةً فحسب‪ ،‬فل يَجوز التّكرار‪ ،‬والتّكرار يُؤدّي إلى بطلنِ الصلة؛ وال‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪." .‬‬
‫‪140‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ب طائفةٍ كبية‬‫صتْ عليه كت ُ‬‫ويَنبغِي أنْ يَكون ذلك بِالتيان بِالصلة البراهيمية كما ثبت ذلك ف السنّة‪ ،‬وهو الذي َن ّ‬
‫مِن أهل العلم‪.‬‬
‫والعجب مِن طائفةٍ تَدّعِي بِأنّ ذلك لَم يَثبتْ عن النب وأنّ ذلك لَم َيقُل بِه أحدٌ مِن أهل العلم مِن أصحابِنا‬
‫صتْ على ذلك كتبُ أهل العلم وإن اختلَفوا ف هل الفضل أن يَأت بِالصلة‬ ‫السابِقي ‪ ..‬كلّ بل ذلك ثابت‪ ،‬وَن ّ‬
‫خَتصَر؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫البراهيمية أو الفضل أن يَجتزِيَ بِلفظٍ ُم ْ‬

‫س‪ :‬اللفظة الصحيحة لِلصلة البراهيمية ؟‬


‫ج‪ :‬هي جاءتْ بِألفاظٍ مُتعدّدة ‪ ..‬مِن أهل العلم مَن يرى أنّ هذه اللفاظ يُمكِن أن يَكونَ النب ذَكَر تارةً منها ف‬
‫هذه الناسبة وتارةً ف الناسبة الخرى‪ ،‬لنّها قد جاءتْ عن طائفةٍ كبية مِن أهل العلم‪ ،‬وقد ذَ َكرَ بعضُ أهلِ العلم‬
‫بِأنّ ذلك مِمّا تواتر عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫صلّ على ُمحَمدٍ وعلى آل ُمحَمّد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ف العالي وبارك‬ ‫فإذا قال مثل‪ " :‬اللهم َ‬
‫على مُحمد وعلى آل مُحمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ف العالي إنك حَميد مَجيد " أو أتى أيضا‬
‫صلّ على مُحمّد وعلى آل مُحمد كما صليت على‬ ‫بقوله‪ " :‬حَميد مَجيد " ف الوّل ‪ ..‬أي عند قوله‪ " :‬اللهم َ‬
‫إبراهيم وعلى آل إبراهيم ف العالي إنك حَميد مَجيد " فذلك حسن؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬قد يَجمع النسان الصلتين ‪ ..‬في هذه الحالة‪ ،‬هل يأتي بِالسنَن الرواتب‪ 1‬؟‬
‫ج‪ :‬المع إما أن يكون ف الضر وإما أن يكون ف السفر‪:‬‬
‫أما بالنسبة إل السفر فإنّه لَم يثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أنّه كان يأت بشيء مِن السنن‬
‫ف حالة المع وإنّما كان يأت بالوتر فقط وكذلك كان يأت بسنّة الفجر ولكن ذلك ليس ف حالة المع ل ّن فريضة‬
‫الفجر ل ُتجْمَع إل غيها ‪ ..‬هذا الذي ثبت عن النب ‪.‬‬
‫سنّة الغرب " وهل يأتِي بِها بعد‬ ‫وقد قال بعضُ أهل العلم‪ " :‬إنّ النسان الذي يَجمع ولو كان ذلك ف السفر يأت ب ُ‬
‫فريضة الغرب مباشَرة أو يأت بِها بعد فريضة العِشاء‪ ،‬ولكنّ هذا القول على كِل الحتماليْن ل دليل له ِمنْ سُنّة النب‬
‫سنّة الغرب ف حالة المع سواء كان ذلك المع جَمع تقدي أو كان ذلك المع جَمع‬ ‫فل يَنبغي لحد أن يَأت بِ ُ‬
‫تأخي ‪ ..‬هذا إذا كان ذلك ف السفر‪.‬‬
‫أما بِالنسبة إل المع ف الضر ومِن الناسب أن ُننَبّه على أنّ العلماء قد اختلَفوا ف المع ف الضر‪:‬‬
‫‪-1‬منهم مَن ل يرى ذلك‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم مَن يراه ف حالة وجود الطر وال َغيْم أو ما شابه ذلك‪.‬‬

‫عدّل السؤال إذ‬ ‫ن الشيخ لم يتكلم في جوابه عن التيان بالسنَن الرواتب عند قصر الصلة مِن غير جمع فإنه ُ‬ ‫‪-1‬نظرا إلى أ ّ‬
‫ن غير جَمع ‪ ..‬في الحالتين‪ ،‬هل يأتي بِالسنَن‬
‫ح في الصل هكذا‪ " :‬قد يَجمع النسان الصلتين وقد َي ْقصُ ُر الصلة مِ ْ‬ ‫طُرِ َ‬
‫الرواتب ؟ "‪ ،‬مع العلم أنه تكلم‪-‬بحمد ال تعالى‪-‬عن ذلك عند جوابه على السؤال ‪ 5‬مِن هذه الحلقة‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪141‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-3‬ومنهم مَن يرى أنّه يَجوز حت ف غي ذلك ولسيما ف حالت الرج‪ ،‬كما جاء عن النب ف الديث‬
‫الصحيح‪-‬الذي جاء مِن طريق ابن عباس رضي ال عنهما وقد جاء أيضا عن غيه مِن صحابةِ رسولِ ال ‪-‬أنّه‬
‫صلوات ال وسلمه عليه جَمع بيْن الظهر والعصر وبيْن الغرب والعشاء وكان ذلك ف الدينة ‪ ..‬لَم يَكن صلوات ال‬
‫وسلمه عليه مُسَافِرا وكذلك لَم يكن هنالك مطر ول َغيْم ولَم يكن هنالك خوف كما جاء ذلك ف الديث‪ " :‬مِن‬
‫غي خوف ول سفر ول سحاب ول مطر "‪ ،‬وجاء ف بعضِ الروايات ِذ ْكرُ بعضِ هذه الشياء‪ ،‬ولِلعلماء خلفٌ‬
‫صحّت هذه اللفاظ جيعا أو صحّ بعضها‪ ،‬وقد جاءت هذه الربعة جَميعا ف صحيح المام الربيع‬ ‫طويل عريض هل َ‬
‫رحه ال‪ ،1‬و‪-‬على كل حال‪-‬الديثُ نصّ صرِيح ف أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬جَمَع ف‬
‫الوطن ولَم يكن هنالك شيءٌ َيحُولُ بينه وبي أنْ يُصلي كلّ صلةٍ ف وقتها العروف‪ ،‬وقد سُئِل ابن عباس‪-‬رضي ال‬
‫حرِج ُأ ّمتَه " وهذا هو‬‫تعال عنهما وهو البحر الزاخر وهو أحدُ رواةِ هذا الديث‪-‬عن ذلك فقال‪ " :‬أَرادَ أَلّ يُ ْ‬
‫الصحيح عندنا‪-‬ل كما ذهب إليه بعضُ أهل العلم وإنْ جَلّت أَقْدَارهم و َعلَت َمنَا ِزلُهم مِن أنّ ذلك مَحمول على‬
‫المع الصوري‪-‬فالصحيح بِأنّ ذلك جائز ولكن ل يُتّخذ عادة وإنّما يكون ذلك ف حالت الرج ونَحوها‪.‬‬
‫فإذا جَمع النسان ف هذه الالة أو ف حالة وجود الطر أو ال َغيْم أو ما شابه ذلك هل يأت بِالسَّننِ الراتبة أو ل ؟ ف‬
‫ذلك خلفٌ بيْن أهلِ العلم‪:‬‬
‫منهم مَن ذهب إل أنّه ل يأت بشيء مِن السّنَن الرّاتبة‪ ،‬لنّ الديث جاء فيه أنّه جَمع بيْن الظهر والعصر وأيضا‬
‫سنَن‪.‬‬
‫جَمع بيْن الغرب والعشاء ولَم يذكر الراوي بأنّه قد أتى بِشيءٍ مِن ال ّ‬
‫سنَن‪:‬‬‫وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنّه يَأت بِالسّنن الراتبة‪ ،‬وقد اختلَفوا ف كيفيةِ التيان بِهذه ال ّ‬
‫سنّة الظهر البَعدية‪-‬‬
‫‪-1‬منهم مَن قال‪ :‬إذا جَمع بي الظهر والعصر فإنّه أوّل يأت بسنّة الظهر القبلية ث بعد ذلك يأت ب ُ‬
‫ول سنّة قبلية‪ 2‬للعصر‪-‬ثُم بعد ذلك يأت بالظهر ثُم بعد ذلك يأت بالعصر‪.‬‬
‫ومَن يَقول بِالسنّة القبلية لِلعصر يأت أوّل بالسنّة القبلية للظهر ثُم بالسّنة الَبعْدِية للظهر ثُم بالسنة القبلية للعصر‪ ،‬ولكن‬
‫قد قدمنا‪ 3‬بأنّه ليست هنالك سنّة قبلية لصلة العصر وإنّما يُصَلي النسان ما شاء ف حالة غي المْع‪.‬‬
‫سنّة العِشاء ثُم يأت‬
‫وبالنسبة إل فريضة الغرب على هذا الرأي كذلك يُقَدّم أوّل سُنّة الغرب ثُ ّم بعد ذلك يأت ب ُ‬
‫بفريضة الغرب ثُم يأت بعد ذلك بفريضة العِشاء‪.‬‬
‫هذا رأي لبعض أهل العلم‪ ،‬ولكن فيه أنّه يأت بالسنة الَبعْ ِديّة بعد الظهر قبل وقتها الـ ُمحَ ّددَة ذلك أنّ وقتها بعد‬
‫فريضة الظهر وإنّما هم قالوا بذلك فرارا مِن التيان بِها بعد صلة العصر لنّ هذا الوقت يُنهى عن الصلة فيه‪ ،‬وأما‬

‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب (‪ )43‬ال ِقرَان في الصلة‪:‬‬


‫حديث رقم ‪ :251‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن النبي صلى الظهر والعصر جميعًا والمغرب‬
‫والعشاء الخرة (‪ )1‬جميعًا في غير خوف ول سفر ول سحاب ول مطر‪ .‬ـــــــــــــــــــــ (‪ )1‬في نسخة القطب إسقاط "‬
‫الخرة "‪.‬‬
‫‪-2‬قال الشيخ‪ " :‬بعدية " بدل مِن " قبلية " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪-3‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬مِِن حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 28‬أكتوبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪142‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫بالنسبة إل السنّة الَبعْدِيّة بعد فريضة الغرب فكذلك وقتها بعد فريضة الغرب فكيف يأت بِها قبل فريضة الغرب ؟!‬
‫وسنّة العِشاء وقتها بعد فريضة العِشاء فكيف يأت بِها قبل فريضة العِشاء وقبل فريضة الغرب ؟!‬
‫‪-2‬وذهب بعضُ أهل العلم إل أنّه يأت بالسنّة الَبعْدِية بعد الظهر ‪ ..‬يأت بِها بعد فريضة العصر‪ ،‬ويأت بِسُّنتَيْ‪ :‬الغرب‬
‫الَبعْ ِديّة و ُسنّة العِشاء‪-‬أيضا‪-‬البَعْ ِديّة بعد فريضة العِشاء؛ وهذا سهل بالنسبة إل المع بيْن الغرب والعِشاء لنّه ليس‬
‫هنالك نَهي عن الصلة بعد فريضة العِشاء ولكن الشكال ف الصلة بعد صلة العصر‪.‬‬
‫‪-3‬وذهب بعضُ العلماء إل أنّه إنْ جَمَعَ جَمْعَ تقدي يَأت أوّل بِالسنّة القبلية لِصلة الظهر ثُم بعد ذلك يأت بفريضة‬
‫خيّر إمّا أنْ يأتِيَ بِالسنّة القبِْليّة َقبْل وإما أنْ‬
‫سنَن‪ ،1‬أما إذا جَمَعَ جَ ْمعَ تأخي فَ ُم َ‬
‫الظهر ث العصر ث بعد ذلك يأت بِال ّ‬
‫يأتِيَ أوّل بفريضة الظهر‪.‬‬
‫أو بفريضة العصر‪ 2‬وهذا بناء على أنّه يَجوز التقدي والتأخي بي الظهر والعصر وكذلك بي الغرب والعشاء إذا كان‬
‫المع جَمع تأخي‪ ،‬وهذا قول باطل وعن الدليل عاطل فل ينبغي أن يُلتفَت إليه ول أنْ يُعوّل عليه ‪ ..‬كيف يُمكن‬
‫‪3‬‬
‫لِلنسان أن يُقدّم فريضة العصر على فريضة الظهر أو فريضة العِشاء على فريضة الغرب إذا كان المع جع تأخي‬
‫وقولم بِأنّ الوقت وقت للصلة الثانية وُتقَدّم وتُؤَخّر لنّ الوقت وقتُهَا أما بالنسبة إل الصلة الثانية فهي بِمَثَابة‬
‫القضاء فيُمكن أنْ يق ّدمَها أو أن يُؤ ّخرَها ‪ ..‬كلمٌ هزيل ل قيمةَ له بل هو مصادِم لِما ثبت عن النب صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪ ،‬وكذلك بالنسبة إل فريضة الغرب والعشاء قالوا‪ " :‬إذا قَدّم فريضة العِشاء ف جع التأخي يُمكن أن‬
‫يصلي بعدها سنّة العِشاء " ولَهم تفاصيل ف هذا الكلم ولكنّ هذا القول قول ضعيف‪ ،‬فل يُمكن تقدي فريضة‬
‫العِشاء على فريضة الغرب كما أنّه ل يُمكن َتقْدِي فريضة العصر على فريضة الظهر إذا كان المع جَمع تأخي‪.‬‬
‫كما أنّه لَم يَثبت أنّه يُ ْؤتَى بِشيءٍ مِن الّتَنفّلت بينهما ‪ ..‬إذا قلنا بِالتيان بِشيءٍ مِن النوافل الرّاِتبَة فيكون ذلك بعد‬
‫الصلتي معا‪ ،‬أما بعد الغرب والعِشاء فالمر واضِح‪ ،‬وأما بعد فريضة الظهر والعصر فيأت بسنّة الظهر بعد صلة‬
‫العصر ويكون ذلك مِن باب القضاء وُيَتجَوّز ف القضاء ما ل ُيتَجَ ّوزُ ف الداء بِالنسبة إل النهي لِما ثبت عن النب‬

‫‪-1‬أي سنّة الظهر البعدية‪ ،‬والسنّة القبلية للعصر على رأي مَن يَقول بِالسنّة القبلية للعصر ولكن قد قدّم الشيخ بِأنّه ليست‬
‫هنالك سنّة قبلية لصلة العصر وإنّما ُيصَلي النسان ما شاء في حالة غير الجمْع‪.‬‬
‫‪-2‬قال الشيخ عند الجواب على السؤال ‪ 2‬مِن حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م )‪ " :‬وأُنبّه‪-‬أيضا‪-‬‬
‫ن ما َذكَرناه في مسأل ِة الجمْع بيْن الصلتيْن في الـحَضَر هل يَأتِي المصلّي بِالرواتِب ؟ ما َذكَرناه مِن أنه عند بعض أهل‬ ‫أّ‬
‫صرِ‬‫ظهْ ِر البعدِية ثم راتبةِ الع ْ‬
‫العلم أوّل يَأتِي في حالة الجمْع بيْن الظهر والعصر ‪ ..‬يَأتِي بِراتب ِة الظّهرِ القبلِية ثم راتب ِة ال ّ‬
‫القبلِية هذا بناء على رأي مَن يَقول بِالراتبة لِفريضة العصْر أما مَن ل يَقول بِذلك فل يَقول بِهذا‪ ،‬وكذلك ما َذكَرناه مِن‬
‫خرَها ‪ ..‬أعني بع َد التيان بِالفريضتيْن معا ثم يَأتِي بِراتبةِ‬ ‫ل الثاني بِأنه يَأتِي أوّل بِراتب ِة الظّهر القبلِية ويُمكِن أن يُؤ ّ‬
‫القو ِ‬
‫ل الخَر‬ ‫ي مَن يَقول بِراتب ِة العصْر‪ ،‬وهكذا بِالنسبة إلى القو ِ‬ ‫ظهْ ِر البعدِية ثم راتب ِة العصْرِ القبلية ‪ ..‬هذا بنا ًء على رأ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫جمْ َع تأخير هل يَأتِي بِهما بعد الظهر أو بعد الصلة الولى ؟ هذا‬ ‫جمَ َع بيْن الظهر والعصر َ‬ ‫الذي َفصّلَ فيه أصحابُه إذا َ‬
‫ت هنالِك راتبة وإنما هو مُجرّد تَنفّل‪-‬فيه خ ْيرٌ كثيرٌ‬ ‫كلّه بنا ًء على رأيِ مَن يَقول بِراتبةِ العصْر القبلِية‪ ،‬وقد قلنا‪ " :‬إنه ليس ْ‬
‫بِمشيئ ِة ال تبارك وتعالى‪-‬ولكن ل يُؤتَى بِها في حال ِة الجمْع "‪ ،‬فيَنبغي أن يُنتبَه لِهذا وإن كان واضِحا فيما أَحسب إذا‬
‫س جميعا "‪.‬‬ ‫جمِعَ بيْن الدرو ِ‬ ‫ُ‬
‫‪-3‬قال الشيخ‪ " :‬جمع تقديم " بدل مِن " جمع تأخير " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪143‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أنّه قضى سنّة الظهر‪-‬وطبعا هذا ف غي حالة المع‪-‬بعد فريضة العصر‪ ،‬فإما أنْ نقول بعدم التيان بِها وإمّا أن نقول‪:‬‬
‫" يكون ذلك بعد "‪.‬‬
‫أما أنْ نَقول‪ " :‬يُؤتَى بِها قبل " فذلك ُمخَالِف لِلظاهِر لنّه ل يُمكن أن يُقدّم شيءٌ على وقته‪ ،‬والقول بِأنّه ف جَمع‬
‫التأخي يُمكن أن تُ َوسّط‪-‬أيضا‪-‬فيه ما فيه‪ ،‬لِما َذكَرناه مِن مُخالَفتِه لِلسنّة النبوية‪.‬‬
‫فإذا أتَى بِها آتٍ فليكن ذلك بعد الفريضتَيْن معا‪ ،‬وف حالة المع بي الغرب والعشاء فالمر سهل وإذا تَرَ َكهَا ف‬
‫وَ ْقتِ المع بي الظهر والعصر فذلك حَسَن جِدا؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬يعني هو مَخيّر في التيان بِها أو ل ؟‬
‫ج‪ :‬لِعدم وجودِ دليلٍ واضِح لنّ الصل أنّه يُ ْؤتَى بِهذه الرواتب ف حالة الضر ولكنْ ف هذا الديث لَم يأتِ لا‬
‫ذِكْر فإذا رجعنا إل الصل فنقول الصل أنه يُؤْتَى بِها وإذا رجعنا إل الظاهر فإنّ الظاهر أنّه ل يُ ْؤتَى بِها فإذن ليس‬
‫هنالك دليلٌ صرِيح وإنّما هو ُمجَرّد احتمال والتيان بِها بعد صلة العِشاء ل بأس بِه أما بعد صلة العصر ففي الّنفْسِ‬
‫صرِيح أبدا‪.‬‬
‫مِن ذلك شيء والسألة ليس فيها دليل قَ ْولِي ول ِفعْلِي َ‬
‫س‪َ :‬تحَدّثتم عن السّنَن الرواتب في حال الجمع ولكن في حال القصر مِن غير جمع‪ 1‬؟‬
‫اسْمَح لِِي أوّل َأنْ أُجيب على أحد السئلة الت طرحها الخ السائل‪ 2‬أوّل لنّنِي ل أستطيع أنْ َأسْكتَ على مثلِ تلك‬
‫ض صحابةِ رسولِ ال ‪ ،‬وَأشْكُر السائل كثيا حيث إنّه أراد أنْ يََتثَبّت ِمنْ هذا الكلم‬ ‫ال ِف ْريَة الت ُتنْسَب إل بع ِ‬
‫وليس كغيه مِمّن َينْسِب إل الرسول ما ُينْسَب إل َسعْد ‪-‬وهو أ ْفضَل الصّحابة مِن النصار رضي ال تبارك‬
‫سَتبْرِئ ِمنَ البول ‪ ..‬باطل وكذب عليه‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليه‪-‬وإنْ ذَ َكرَ ذلك‬ ‫وتعال عنهم‪ِ -‬منْ أنّه كَانَ ل يَ ْ‬
‫َمنْ ذَ َكرَه ِمنْ أهل العلم ‪ ..‬هذا باطل ‪َ ..‬كذِب ل ينبغي لحدٍ أن يَلت ِفتَ إليه أبدا‪.‬‬
‫سبَ إليهم ما هم بُ َرءَاءُ مِنْه َكبَرَاءة الذئب مِمّا‬‫وقد ُكذِب على بعضِ الصحابة‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليهم‪-‬ونُ ِ‬
‫نُسب إليه وكباءة السيح مِِما نُسب إليه وإل أمّه صلوات ال وسلمه عليهما‪.‬‬
‫فهذا َكذِب ‪ ..‬دَجل ل يَنبغي لحدٍ أنْ يَلت ِفتَ إليه ‪ ..‬حَاشَاهُ رضوانُ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليه ورحْمتُه؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫مِثْل هذا‪-‬على كل حال‪-‬ل يَنبغي لحدٍ أن ُيصَدّقَه ‪ ..‬نعم النسان يَنبغي له أنْ َيتََثبّت وأن يَسألَ أهلَ العلم عن مثلِ‬
‫صرَاح فهذا مِمّا‬‫ضرَاتِه ويُشارِك أولئك الكَ َذبَة ف مثلِ هذا الكذِب ال ّ‬ ‫هذه المور‪ ،‬أما أن يَقوم بِإلقائِها ف ُدرُوسِه و ُمحَا َ‬
‫ل َيجُوز أبدا لحدٍ أنْ َيصَْنعَه‪.‬‬
‫على كل حال؛ اسَْتنَدُوا إل بعضِ الرواياتِ الباطلة العاطلة أو إل بعضِ الروايات الت ل علقة لَها بِالوضوع أبدا‪.‬‬
‫سبَ إل غيِه رضوان ال عليه ما هو مِمّا ل يَصِحّ عنه‪.‬‬ ‫وكذلك‪-‬كما قلتُ‪-‬نُ ِ‬

‫‪ُ-1‬أضِيف‪ " :‬مِن غير جمع " لِليضاح‪.‬‬


‫س َتبْرئ ِمنَ البول ولذلك‬
‫ن سعد بن معاذ كان ل َي ْ‬
‫‪-2‬والسؤال‪-‬كما َو َردَ في المكالمة‪-‬هو‪ " :‬ما قول الشيخ في المروي أ ّ‬
‫ب في القبر ؟ "‪.‬‬‫عذّ َ‬
‫ُ‬
‫‪144‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫شرَ وشَاعَ ذلك وذَاعَ وإن كان المر أ ْهوَن لنّ النسان قد يَكون َجبَانا‬ ‫سبَ إل حَسّان بِأنّه كان َجبَانا وانْتَ َ‬
‫نُ ِ‬
‫ويكون مؤمِنا صالِحا لنّ ذلك ل يََتنَافَى مع الصلح ‪ ..‬نعم َينْبَغي لِلمؤمِن أن يَكون بطَل ُشجَاعا ولكن‪-‬كما قلتُ‪-‬‬
‫ذلك ل َيتَنَافَى مع اليان ‪ ..‬ما نَسَبوه إليه ل َيصِحّ عنه أبدا‪ ،‬وإنّما جاء ف بعضِ الروايات الرّكِيكَة الت ل َتصِح‪،‬‬
‫و ِمنَ العجب أنّ حَسّانا كان يَ ُردّ على أولئك الكفرة الشرِكي بِتلك القصائِد الطنّانَة الرنّانَة ولَم ُيعَيّره أحدٌ ِمنْ أولئك‬
‫الشركي بِالبْن فَلَو كان صحيحا ل ْسَتغَلّوه غايةَ الستغللِ ‪ ..‬هذا ل َيصِح ‪ ..‬لَو كان السنا ُد صحيحا لَوَجَب أن‬
‫نَحكم ِببُطْلنِه مِن أصلِه فكيف والسناد ل َيصِحّ أبدا‪.‬‬
‫أما بِالنسبة إل السؤال الذي تفضّ ْلتُم بِطرحِه فالعلماءُ اختلَفوا ف التيان بِالسنّة الراتبة ف حالة السفر بعد اتّفاقِهم على‬
‫التيان بِالوِتر و ُسنّة ال َفجْر‪-‬على كلمٍ لَهم ف الوِتر ف ليلةِ الزدلفة والقّ أنّه يُ ْؤتَى بِه‪-‬أمّا بالنسبة إل السنن الراتبة‬
‫ال َقبْلِية والبَعْدِية ف غي صلةِ الفجر فقد اختلَف العلماء ف ذلك‪:‬‬
‫شرَع وإنّما يُشرَع لِلنسان أنْ يََتنَفّل مَا شَاءَ ِمنَ التنفّل الطْلَق‪.‬‬ ‫مِنْهم َمنْ ذهب إل أنّ ذلك ل يُ ْ‬
‫فقد ثبتَ عن النب أنّه كان َيتََنفّل ولو كان على راحلتِه‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬إنّ النسان إذا سَلَك طريقا ف و ْقِتنَا هذا ف الطائرات أو ف السيارات إذا كان ل يستطيع على القيام ل ينبغِي‬
‫له أنْ يَ ْمتَنِع عن التنفّل بل ولو كان يستطيع على القيام ف غي السنن الراتبة وأما السنن الراتبة إن كان يستطيع أن‬
‫صلّ ولو كان جالِسا‬ ‫يَقوم فل ينبغِي له أنْ يُفرّط ف ذلك‪ ،‬لكن بِالنسبةِ إل التنفّل الطلَق ل ينبغِي له أنْ يَترُك ذلك‪ ،‬ف ْلُي َ‬
‫صلّى الوِتر وهو‬‫َ‬ ‫كما ثبتَ ذلك عن النب بل إذا كان على طريقِه يُمكِن أن ُيصَلّي حت السنن الراتبة فالرسول‬
‫على راحلتِه وهو ِمنْ آكَدِ السنن حت قال بعضُ أهل العلم بِوُجُوبِه وإن كان القو ُل بعدمِ الوجوب هو القولُ الصحيح‬
‫الذي دلّت عليه السنّة الصحيحة عن النب ‪.‬‬
‫فإذن لبد أن ُن َف ّرقَ بيْن السألتَيْن ‪ ..‬بيْن النفلِ الطلَق فهو مشروع بِاتّفاقِ المّة وقد َدلّ عليه صرِيحُ السنّة وبيْن السنن‬
‫الراتِبة فهذه هي الت جاء فيها اللف بيْن أهل العلم‪:‬‬
‫‪ِ -1‬منْهُم‪-‬كما قلتُ‪َ -‬منْ قال‪ :‬إنّه ل يُ ْؤتَى بِشيءٍ منها بِاستثناء ما ا ْستَْثنَْيُتهُ سابقا‪ ،‬وحُجتُهم ف ذلك ما جاء عن ابن‬
‫عمر ف الصحيحيْن وغيها أنّ النب لَم يَكن يأتِي بِشيءٍ ِمنَ الرواتب‪.‬‬
‫‪-2‬وبعضُ العلماء ذهب إل أنّه يُؤتَى بِها؛ ويُمكِن أنْ يُستدَل لَهم بِفعلِ ابن مسعود‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنه‪-‬‬
‫حيثُ إنّه أَتى بِسُّنةِ الغرب بعد أن صلّى الغرب ف ليلةِ الزدلفة كما جاء ذلك ف " صحيح البخاري "‪.‬‬
‫وقد جاءتْ روايةٌ ِمنْ طريقِ الباء بن عازب أنّ النب كان يُصلّي ركعتيْن قبل فريضةِ الظهر ولكن هذه الرواية ل‬
‫تثبتُ عنه صلوات ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليه‪.‬‬
‫والاصل أنّ المر يَسي‪ ،‬والقولُ بِعدمِ التيان بِالرواتب عندما يَكون النسان ف السفر لعلّه هو القرب إل الصواب‬
‫‪ ..‬نعم مَنْ كان ُمقِيما ف سفرِه فإن أتى بِالرواتب فذلك خيْر لنّ النب لَم يَمْكُث الـ ُمدَد الطويلة وإنّما كانتْ‬
‫أسفاره لِمُدَد قصية ‪ِ ..‬منْها ما مكثَ فيه عشرين يوما أو ما شابه ذلك‪ ،‬فإذا مكثَ النسان مدّةً طويلة وأتى بِشيءٍ‬
‫مِن السنن الراتبة فل بأس عليه بِمشيئة ال‪ ،‬أما عندما يكون سالِكا ِلطَريق أو يكون ف أيام ِمنَى أو نَحو ذلك فالظاهِر‬
‫‪145‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أنّه ل يَأتِ بِشيءٍ ِمنَ الرواتب‪ ،‬فحديثُ ابن عمر حديثٌ صحيح وقد نَسَبَ إل النب فيه أنّه لَم يأتِ بِشيءٍ ِم َن‬
‫حتَمِل؛ وال‪-‬تبارك‬ ‫سبْها إل النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فأ ْمرُها ُم ْ‬
‫السنن الراتبة‪ ،‬أما رواية ابن مسعود فَلَم يَنْ ِ‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ح ْكمُها ؟ وهل ُتؤَدّى جماعة ويُ ّتخَذ ذلك عادة ؟‬
‫س‪ :‬أرجو بَيَان أصل صلة التهجّد في السنّة ؟ وما مشروعيتها و ُ‬
‫وما وقتها ؟ وكم عدد الركعات ؟ وكيفية أدائها ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ الذي ثبتَ عن النب أنّه كان يُصَلي ف الليل إحدى عشرة ركعة وجاء ف بعضِ الروايات أنّه‬
‫‪1‬‬
‫كان يُصَلّي ثلثة عشرة ركعة والروايتان صحيحتان ول تَعَارُض بينهما كما قدمتُ ف اللقات الاضية حيث ذكرتُ‬
‫أنّ الصحيحَ أنّ النب كان يُصلّي أوّل ركعتيْن َيفَْتتِحُ بِهِما وها ركعتان خفيفتان ثُم بعدَ ذلك يُصلّي ركعتيْن‬
‫طويلتيْن وهكذا إل َأنْ يُوِترَ بِركعةٍ واحدة‪ ،‬وقد جاءتْ لِلوِتر كيفياتٌ ُمتَعَ ّددَة يَطول القام بِذِ ْكرِها‪ ،‬فهذا الذي كان‬
‫يَفعلُه النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولكنّه كَانَ ُيطِيلُ الصلة جِدّا صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬فينبغي القتداءُ‬
‫صلّها النسانُ ف بيتِه بعد أن يُصلّيَ‬‫صّليَت جَماعةً فَل بَأس بِذلك ولكن إذَا َ‬‫بِه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬فإذا ُ‬
‫التراويح ف جَماعةِ السلمي فذلك خْيرٌ بِمشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬لنّ الصلَ ف النوافل ف غْيرِ التراويح سواء كانت‬
‫هذه النوافل راتبة أو غي راتبة أنّها تُصَلّى ف البيت؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ن النوم في بعض الحيان قد يَثقل عليه فل يَستطيع أن يَقوم في‬
‫س‪:‬مَن يُصلّي هذه النوافل قبل أن يَنام نظرا ل ّ‬
‫آخِر الليل فيصليها قبل أن ينام العدد الذي ذكرتُم‪ ،‬هل يَحصل على نفس الجر فيما لو صلها في نِهاية الليل ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ لِلثلث الخِي َمزِيّة كبية كما ثبتَ ذلك ف السنّة الصحيحة عن النب ‪ ،‬ولكن إذا كان‬
‫النسان ل يَستطيع على القيام ف ذلك الوقت ولو ف بعض الحيان لشغالِه وما شابه ذلك ف ْلَينْوِ النيةَ السنة بِأنّه إنْ‬
‫استطاع على القيامِ فسيَفعَل بِمشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فإذا كان ذلك‪-‬أي القيام‪ِ -‬منْ عادتِه ونَوَى النية الصادِقة ولكن‬
‫ضلِ العظيم بِمشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬كما جاء ذلك ف بعضِ‬ ‫مََنعَه مانع ِمنْ ذَلك فعسى أنْ يَحصُل على الف ْ‬
‫الروايات‪.‬‬
‫س‪ :‬ماذا يُقرأ في السنن الرواتب ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ أما بِالنسبةِ إل سُنّة الفجر فقد ذكرتُ ف الاضي‪ 2‬بِأنّ النب كان يَقرأُ فيها بعدَ " الفاتة "‬
‫سورة الكافرون ف الول و " الخلص " ف الثانية‪ ،‬وكان‪-‬أيضا‪-‬يَقرأُ ف بعضِ الحيان آيةً مِن سورة البقرة وهي‬
‫إل آخِر الية [ ‪ ،3] 136‬وأما بِالنسبةِ إل الركعةِ الثانية فكان يَقرأُ فيها‬ ‫قُولُوا آ َمنّا ‪...‬‬ ‫قوله تبارك وتعال‪:‬‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 5‬مِِن حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 28‬أكتوبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-2‬عند الجواب على السؤال ‪ 3‬مِن حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫سبَاطِ َومَا أُو ِتيَ مُوسَى َوعِيسَى‬
‫سحَقَ َو َيعْقُوبَ وَال ْ‬
‫سمَاعِيلَ وَِإ ْ‬
‫‪ -3‬قُولُوا آ َمنّا بِالِ َومَا أُنزِلَ إَِل ْينَا َومَا أُنزِلَ إِلَى ِإ ْبرَاهِيمَ وَِإ ْ‬
‫حدٍ ّم ْن ُهمْ َو َنحْنُ لَ ُه ُمسِْلمُونَ ‪.‬‬‫ق َبيْنَ َأ َ‬
‫ل نُ َف ّر ُ‬
‫ن مِن رّ ّب ِهمْ َ‬
‫ي ال ّن ِبيّو َ‬
‫َومَا أُو ِت َ‬
‫‪146‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الية الثانية والمسي مِن سورة آل عمران‪ ،1‬وف روايةٍ أخرى‪ :‬الرابعة والستي مِن سورة آل عمران‪ ،2‬وهل كان‬
‫حتَمِل أو أنّ إحدى الروايتي ل تَْثبُت وهذا هو الظاهِر عندي‪ ،‬فالظاهِر‬ ‫يَ ْقرَأُ هذه الية تارة والية الثانية تارة ‪ ..‬هذا ُم ْ‬
‫أنّ الرواية الت فِيها أنّه كان يَقرأُ الية الرابعة‪ 3‬والستي مِن بابِ الشّاذ وأنّ الروايةَ الول هي الرواية الصحيحة ‪ ..‬هذا‬
‫بِالنسبةِ إل ُسنّة الفَجر‪.‬‬
‫َوثَبت‪-‬أيضا‪-‬ف الوِتر‪-‬وهو وإن كان ليْس مِن السنن الرّاتبة‪-4‬أنّه إذا أَ ْوَترَ بِثَلث كان يَقرأُ ف الول بِسورة " سَبّح "‬
‫والثانية بِسورة الكافرون والثالثة بسورة الخلص‪.‬‬
‫وجاء ف بعضِ الروايات أنّه يَقرأ ف الثالثة بِـ " الخلص " و " الفلق " و " الناس " ولكن هذه الرواية فيها كلم‬
‫كما هو ل يَخفى عند الحقّقِي‪.‬‬
‫وأما بِالنسبة إل السّنن الرّاتبة الخرى فأنا لَم َأطّلِع على روايةٍ صحيحة تَ ُدلّ على غيِ ما ذكرتُه وإنّما هنالك بعضُ‬
‫الرواياتِ الت ل تَثبتُ عندي ف هذا الوقت‪.‬‬
‫كذلك بِالنسبة إل غي الرّاتبة ثبتَ عن النب أنّه كان يَقرأ ف العِيديْن ف الرّكعةِ الول بِسورةِ " سَبّح " وف الثانية‬
‫سنَّيةِ صلةِ العِيد وبعضُ العلماء يَقول‬
‫بِسورة الغاشية‪ ،‬وقلتُ‪ " :‬ف غي الرّاتِبة " هذا بناءً على رَأيِ مَن يَقول بِ ُ‬
‫بِوجوبِها وهو قولٌ قوي جدا‪.‬‬
‫وجاء ف بعضِ الروايات أنّه يُ ْقرَأُ ف العيدين بِسو َرتَيْن أُ ْخرَييْن ‪ ..‬أي تارةً وتارة ولكن ذلك الديث قد أَ َعّلهُ بعضُ‬
‫أهلِ العلم بِالرسال ولعلّه هو القرب إل الصواب‪.‬‬
‫وكذلك بِالنّسبة إل صلةِ الطّوَاف بعضُ العلماء قَال‪َ " :‬يقْرَأ ف الول ' الكافرون ' وف الثانية ' الخلص ' " بِنَاءً‬
‫صحّة الديث الوارِد بِذلك‪ ،‬وإسنادُه ضعيف على الّتحْقيق‪.‬‬ ‫على ِ‬
‫وَقَد استحبّ بعضُ العلماء بعضَ السور ف بعضِ السنن الرّاتِبة وف غيِها ولكن ذلك ل يَستنِد إل دليلٍ صحيح‬
‫وإنّما‪:‬‬
‫على بعضِ الدِلة الت ل تَثبت‪.‬‬
‫شهَدْ‬
‫ن َنحْنُ أَنصَا ُر الِ آ َمنّا بِالِ وَا ْ‬
‫ل قَالَ ا ْلحَوَا ِريّو َ‬ ‫‪-1‬قال ال تعالى‪ } :‬فََلمّا َأحَسّ عِيسَى ِم ْن ُهمُ ا ْل ُك ْفرَ قَا َ‬
‫ل مَنْ أَنصَارِي إِلَى ا ِ‬
‫ِبَأنّا ُمسِْلمُونَ ‪.‬‬
‫قال الشيخ‪ " :‬النعام " بدل مِن " آل عمران " وهو سبق لسان نبه عليه في حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪10‬‬
‫نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫وقال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ 2‬مِن حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م )‪ " :‬لكن بَ ِقيَ أنه‬
‫يَحتاج إلى نظر هل كان الرسول يَقرأ هذه الية بِكاملِها أو أنه يَقرأُ الجز َء الخيرَ منها ؟ حيثُ إنه جاء في الروايةِ‬
‫خرِ الية‪ ،‬فهل كان يَقرأُ ] ‪... :‬‬ ‫المروية عن الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ] :‬آ َمنّا ‪ .. [ ...‬مِن هذا إلى آ ِ‬
‫ش َهدْ ِبَأنّا ُمسِْلمُونَ ‪ ..‬هذا الجزء فقط بعد فاتحة الكتاب كما هو الظا ِهرُ مِن الرواية أو أنه كان يَقرأ الية مِن‬ ‫آ َمنّا بِالِ وَا ْ‬
‫أوّلها ؟ فهذا مُحتمِل "‪.‬‬
‫‪-2‬قال الشيخ‪ " :‬النعام " بدل مِن " آل عمران " وهو سبق لسان نبه عليه في حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪10‬‬
‫نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-3‬قال الشيخ‪ " :‬الثانية والستين " بدل مِن " الرابعة والستين " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫ن آ َكدِ السنن‪ ،‬حتى قال بعضُ أهل العلم‬ ‫‪-4‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ 4‬مِن هذه الحلقة‪ ،‬ص ‪ " :9‬الوِتر ‪ ...‬هو مِ ْ‬
‫ل الصحيح الذي دلّت عليه السنّة الصحيحة عن النبي "‪.‬‬ ‫ل بعدمِ الوجوب هو القو ُ‬ ‫بِ ُوجُوبِه وإن كان القو ُ‬
‫‪147‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أو على القياسِ على بعضِ الثابِت عن النب ‪ ،‬وفيه ما فيه‪.‬‬


‫أو على وجه الستحسان كمراعاةِ بعضِ الناسبات كصلةِ الستخارة قال بعضُ العلماء‪ " :‬يقرأ بعض اليات الت‬
‫تََتنَاسب مع ذلك "‪ ،‬وهكذا بِالنسبة إل صلةِ الستسقاء قال بعضُهم‪ " :‬يقرأ بعض اليات الت تتناسب مع القام "‬
‫إل غيِ ذلك مِمّا يَطولُ بِه القام جدا جدا‪.‬‬
‫وََقصْدُنا أن نَُبيّن الثابِت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولستُ ُأرِيد الن أن أَذكر هل الوْل أن يَأتِي بِتلك‬
‫السور أو بِغيِها لِعَدَم وُجُودِ الدليل ‪ ..‬لكن ما هو الوْل ؟ لِذلك كلمٌ آخَر بِمشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫ي عَبْدي ‪ ) ...‬؟‬
‫ب إل ّ‬
‫س‪ :‬ما تَفسِير الحديث ‪ ( :‬ومَا َتقَرّ َ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا الديث‪-‬أظنّ الوقتَ الن ل يَكفِي لنّ القام يَطول عليه جدا جدا‪-‬أوّل العلماء قد اختلَفوا‬
‫ف ُثبُوتِه‪:‬‬
‫‪-1‬منهم مَن قال‪ :‬إنّ هذا الديث ل يَْثبُت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإن كان يُوجَد ف "‬
‫صحيح البخاري "‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم مَن قال بِأنّ هذا الديث قد جاء مِن ُطرُق متعدّدة يَشُدّ بعضها بعضا َفَيرَْتقِي الديث بِمجموعها إل درجة‬
‫القبول ولسيما ف مثل هذا الباب‪.‬‬
‫وقد قلتُ‪ 1‬بِأنّ الديثَ قابل لِلثبوتِ بِمجموع تلك ال ّطرُق‪.‬‬
‫سطُ‬‫و‪-‬على كل حال‪-‬ذلك ف الديثِ ِكنَايَةٌ عن فضلِ مَن يَتقرّب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بالنّفل وَ ُعلُوّ منْزلتِه‪ ،‬أمّا بَ ْ‬
‫سطِ ذلك‪ ،‬فلعلّنا نَتكلّم عليه ف مناسبةٍ‬ ‫ذلك فقد تَكلّم عليه غيُ واحدٍ مِن أهلِ العلم‪ ،‬وأرى أنّ القام ل يَ ْكفِي ِلبَ ْ‬
‫أخرى ف هذه الدروس بِمشيئة ال تعال‪.2‬‬
‫س‪ :‬هَل هناك فرقٌ بيْن سُ ّنةِ الشروق وسُ ّنةِ الضّحى أم هي صلة واحدة ؟‬
‫شرُوق عند الناس وإذا أ ّخرَها سُمّيت‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ هي صلةٌ واحدة‪ ،‬وإنّما إذا قدّمها النسان سُ ّميَت بِال ّ‬
‫بِصلة الضحى‪.‬ووقتُ هذه الصلة بعدَ أن َترَْتفِع الشمس بِمقدارِ قيد ُرمْح إل زوال الشمس‪ ،‬وبعضُ العلماء يَقول‬
‫إل مَا قبل الزوال‪ ،‬والمرُ قريب لنّ العن واحد أنّه لبد مِن أن يَنتهي منها قبلَ زوالِ الشمس وهذا بناء على أنّ‬
‫ضحْوَة ال ُكبْرَى‪ ،‬ولكن القول الول هو القول‬ ‫وقتَ النهي يَدخل بِزوالِ الشمس‪ ،‬ومنهم مَن يَقول إنّه يَدخل بال ّ‬
‫شتَدّ الرارة وذلك مِن نِهاية الرّبع الوّل‬
‫الصحيح‪ ،‬فإذن وقتُها ما ذكرتُه ولكن بَقِيَ أنّ الفضل أن يَأتِي بِها عندما تَ ْ‬
‫مِن النّهار فصاعدا ‪ ..‬هذا هُو الفضل لِمَن يَتَ َمكّن‪ ،‬أمّا مَن لَم يَتمكّن فالمر يَسِي بِمشيئة ال تبارك وتعال ‪ ..‬هذا‬
‫ث قال‪ " :‬جاء عنه‬ ‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م ) حي ُ‬
‫صلوات ال وسلمه عليه أنه قال‪ ( :‬مَن عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب‪ ،‬وما تَقرّب إلي عبدي بشيء أفضل ِممّا‬
‫ت سَمعَه الذي يَسمع به‪ ،‬وبصرَه الذي‬
‫افترضتُه عليه‪ ،‬وما يزال عبدي يَتقرّب إلي بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإن أحببتُه كن ُ‬
‫يُبصِر به‪ ،‬ويدَه التي يَبطِش بها‪ ،‬ورِجلَه التي يَمشي بها‪ ،‬وإن سألني ‪ ) ...‬إلى آخر الحديث‪ ،‬وهو وإن كان قد تكلم فيه‬
‫بعض العلماء إل أنه قد جاء مِن طرق أخرى يَشدّ بعضها بعضا فيَرتقي بذلك الحديث إلى درجة القَبول ‪ ..‬هذا الذي نراه‬
‫في هذا الحديث "‪.‬‬
‫‪-2‬وقد تمّ ذلك‪-‬بحمد ال تعالى‪-‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 10‬نوفمبر‬
‫‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪148‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وقد َو َر َدتْ أحاديث كثية عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬على فضْل هذه الصلة ‪ ..‬أمر بِها بعض أصحابِه‬
‫رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليهم‪ ،‬ول يَنبغِي لِلنّاسِ أن ُيفَ ّرطُوا فيها َولَو ف بعضِ الحيان على أََقلّ تَقدِير‪.‬‬

‫س‪ :‬الوتر والشفع منهم مَن يُصلّيها ثلثا بِدون فاصل ومنهم مَن يُصَلّي ركعتيْن ويُصَلّي بعدها ركعة‪ ،‬فهل كل ذلك‬
‫جائز أم هناك الفضل ؟‬
‫ج‪ :‬الفضل أن ُيصَلّيَ النسان ركعتي ويُسَلّم ث ُيصَلّي ركعةً ثالثة ‪ ..‬أي بعد التسليم‪.‬‬
‫صلَ بِالتسليم‪.‬‬
‫وبعض العلماء يقول‪ :‬يُصَلّي ثلث ركعات مِن غيْر أن يَ ْف ِ‬
‫وبعضهم‪-‬أيضا‪-‬يَأت بِكيفيةٍ ثالثة وهو أن يُصَلّ َي ثلثا مِن غيْر أن يَجلسَ بعد الركعة الثانية ‪ ..‬يَقوم بعد الركعة الثانية‬
‫كما يقوم بعد الركعة الول ويَأت بِالركعة الثالثة ويَقرأ بعد ذلك التشهّد ويُسَلّم‪.‬‬
‫والوّل أفضل؛ وال أعلم‪.‬‬
‫ي السنّة أربع ركعات بدون فاصل ؟‬
‫س‪ :‬هل له أن يُصَلّ َ‬
‫‪ ،‬فإذن‬ ‫ج‪ :‬أمّا ف الليل فالسنّة أن َي ْفصِلَ بِالسلم‪ " :‬صلةُ الليل مثن مثن " وهو حديث صحيح ثابت عن النب‬
‫ف الليل لبد مِن الفصل‪ ،‬لنّ هذا هو الثابت‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل النهار فاختلف العلماء ف الفضل‪:‬‬
‫صلَ النسان ‪ ..‬أي يُسَلّم بعدَ الركعتي الُوَليَيْن ث يَأت بِركعتيْن وهكذا‪.‬‬
‫ضلُ أن يَ ْف ِ‬
‫منهم مَن يُ َف ّ‬
‫ومنهم مَن يَقول‪ :‬إنّ الفضل الوصْل ‪ ..‬أي يَأت بِأربع ركعات متتابِعات كفريضة الظهر والعصر والعِشاء‪.1‬‬
‫والكلم ف الفضل‪ ،‬ولِك ّل فريقٍ أدلة‪ ،‬ل أُطيل القام بِذِ ْكرِها‪ ،‬فمَن شاء أتى بذا أو بذا‪ ،‬والشهور عند كثي مِن أهل‬
‫العلم الوصْل‪.‬‬
‫(‪ )6‬حكم صلة سنة المغرب مع من يصلي فريضة المغرب ‪:‬‬
‫س‪ :‬جماعة تصلي المغرب فدخل معهم رجل يصلي سنة المغرب فصلها ثلث ‪ ،‬فما حكمه ؟‬
‫ج‪ :‬أقول ‪ :‬سنة المغرب ركعتان ‪ ،‬والولى لهذا الشخص أن يعيد سنة المغرب لنها سنة مؤكدة ‪ ،‬وقد اختلف العلماء‬
‫في جواز صلة السنة خلف من يصلي المغرب ‪ ،‬فذهبت طائفة إلى المنع من ذلك ‪ ،‬نظرا إلى أن السنة ل يمكن‬
‫تأديتها بثلث ركعات إذ لم يثبت ذلك عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وذهبت طائفة إلى الجواز وقالوا عليه أن‬
‫يسكت عند قراءة المام للتشهد الثاني ثم يأتي بركعة رابعة ‪ ،‬وذهبت طائفة إلى أنه يصلي معه ركعتين ثم ينتظر‬
‫المام ثم يسلم عندما يسلم المام ‪ ،‬وأجاز آخرون له أن يسلم قبل سلم المام ‪ ،‬وذهبت طائفة من العلماء إلى جواز‬
‫التنفل بثلث ركعات وهذا القول صائب بالنظر إلى من يصلي خلف من يصلي المغرب ‪ ،‬أما بالنظر إلى سنة‬
‫المغرب فليس له أن يصليها خلف من يصلي المغرب وذلك لنها سنة مؤكدة وهي ركعتان ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬

‫(‪ )7‬حكم التنفل بعد صلة الوتر ‪:‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬والمغرب " بدل مِن " والعِشاء " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬ما حكم التنفل بعد صلة الوتر ؟‬


‫ج‪ :‬اختلف العلماء في التنفل بعد صلة الوتر ‪ ،‬فذهب الكثر إلى كراهية ذلك ‪ ،‬وهو الذي نص عليه أكثر أصحابنا‬
‫كما ذكر العلمة أبو نبهان‪ -‬رحمه ال تعالى‪ ،-‬وذهبت طائفة أخرى إلى القول بجوازه ‪ ،‬وذهب بعض المحققين‬
‫بالقول بالمنع وهو الذي يقتضيه كلم نور الدين‪ -‬رحمه ال تعالى‪ -‬في "جوهره" فإنه بعد ما تكلم على الوقات التي‬
‫تكره الصلة فيها قال‪:‬‬
‫وبعضهم لم ير هذا حجرا‬ ‫كذاك بعد أن تصلي الوترا‬

‫فل أرى الجواز عند المنع‬ ‫والمصطفى أدرى بحكم الشرع‬

‫يصلي ما يشاء ويوترن‬ ‫فمن أراد يتنفلن‬

‫وذلك من فعل ختام الرسل‬ ‫ويجعل الوتر ختام العمل‬

‫ما ظهر الصواب والبطلن‬ ‫صلى عليه ربنا المنان‬

‫وذلك أن ثبت في الصحيحين وغيرهما أن الرسول صلى ال عليه وسلم قال‪( :‬اجعلوا آخر صلتكم وترا) ولكن‬
‫جاءت رواية أخرى أن النبي صلى ال عليه وسلم صلى ركعتين جالسا بعدما أوتر ‪ ،‬وهذه الرواية أول قد اختلف‬
‫فيها من جهة إسنادها " هل صحيحة أو ضعيفة ؟ ثم هذا النهي عام وتلك الرواية خاصة بالنبي صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬وهناك أيضا هل المخاطب داخل عموم خطابه أو ل ؟ فينبغي ترك التنفل بعد صلة الوتر بغض النظر عن‬
‫القول بحرمة ذلك أو كراهيته ‪ ،‬فإن ال سبحانه وتعالى ل يعبد بالمكروه‪ ،‬وإن قيل بجواز مكروه ‪ ،‬وهذا كله إذا لم‬
‫يرقد النسان بعد الوتر ‪ ،‬أما إذا رقد ولو قليل فل مانع من ذلك ‪.‬‬

‫س‪ :‬ما حكم صلة التراويح ؟‬


‫ج‪ :‬على كل حال؛ هي سنّة مِن السنن الثابتة عن النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقد َحثّ النب‪-‬صلوات ال وسلمه‬
‫عليه‪-‬على قيام شهر رمضان البارك‪ ( :‬مَن قام رمضان إيانا واحتسابا ُغ ِفرَ له ما تقدّم مِن ذنبه )‪ ،‬والديث صحيح‬
‫ثابت عنه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وقد صَلّى‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ف مسجده الشريف وصلّت خلفه جاعة‬
‫كبية مِن الؤمني ثُم امتنع‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬عن الروج إليهم لمرٍ وقع اللف فيه‪:‬‬
‫ذهب بعضهم إل أنّ ذلك خشية أن يُفتَ َرضَ عليهم‪ ،‬كما جاء ذلك ف حديث السيدة عائشة رضي ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬عنها‪.‬وبعضهم اعترض على ذلك‪.‬‬
‫وف ذلك كلمٌ طويل عريض‪ ،‬والاصل أ ّن القيام أمر مّتفَق عليه‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وكذلك ينبغِي أن يَكون ف الماعة‪ ،‬وذلك لنّ النب‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬صلى بِه أوّل وإنا تركه ل ْمرٍ رآه‬
‫صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬ث إنّ السلمي قد اجتمعوا ف خلفةِ عمر بن الطاب‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنه‪-‬وصلوا‬
‫جَمَاعة‪ ،‬فل ينبغي التفريط فيه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫ثامنا ‪ :‬أحكام القضاء والعادة‬


‫س‪ :‬ما الفرق بين البدل والقضاء ؟ وما حكم من لم ينو قضاء ول أداء لصلته ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫البدل ‪ :‬هو إعادة تلك العبادة ‪.‬‬
‫‪-‬أما القضاء ‪ :‬فهو إعادة تلك العبادة بعد خروج وقتها القرر لا شرعا فالقضاء يكون بعد خروج الوقت فمثلً‬
‫للظهر وقت فإذا خرج الوقت وأتى با النسان بعد خروج الوقت فإن ذلك يُعد قضاء سواء أداها أولً ولكن على‬
‫وجه ل تصح به بأن يكون أداها بغي طهارة ف موضع ل تصح الصلة فيه أو ما شابه ذلك وهو طبعا قادر على أن‬
‫يأت با بالطهارة وف موضع تصح فيه الصلة أما إذا كان غي قادر ف ذلك الوقت إل أن يأت با ف ذلك الوقت فإنه‬
‫ل يشرع ف حقه القضاء كذلك أن لو كان ناسيا لا أو كان نائما عنها أو كان متعمدا لتركها وأنن با بعد خروج‬
‫الوقت القرر لا شرعا فإن ذلك يسمى قضاء ‪.‬‬
‫‪ -‬وأما البدل فالظاهر أنه العادة أي التيان بذلك العقل مرة ثانية ويستعمل أيضا أن يأت النسان بشيء عوض عن‬
‫آخر ‪ ..‬أما إن أتى بصلة ف غي وقتها ول ينو أن ذلك قضاء لتلك الصلة فالذي يظهر ل ف هذا الوقت أن صلته‬
‫صحيحة وإن كان كثيا من أهل العلم يذكرون من انه لبد من أن يعي الصلي تلك العبادة قضاء أو أداء ‪ ..‬ولكن‬
‫ف الغالب أن النسان يكون مستحضرا إما أن تكون تلك الصلة ف وقتها ‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل نسي أن يصلي إحدى الصلوات ثم تذكرها وقد وجبت الصلة التي تليها ‪ .‬فكيف له أن يعيدها ؟‬
‫ولو أن هذه الصلة المنسية كانت صلة الظهر‪ ،‬وتذكرها وقد وجبت صلة العصر والجماعة قائمة‪ .‬فكيف تكون‬
‫صفة إعادة صلة الظهر في هذه الحالة‪ ،‬علما بأنه ل صلة بعد صلة العصر حتى وجوب صلة المغرب؟‬
‫الواب ‪ /‬يصلي أول الظهر ث يستدرك مع الماعة إن أمكن هذا إذا تذكرها قبل العصر وأما إذا تذكرها بعد العصر‬
‫فليصلها ف ذلك الوقت والقضاء ل يدخل ف النهي وال تعال أعلم‬
‫س‪ :‬من نام عن صلة أو نسيها هل يصلها قضاء أو أداء ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫ثبت ف الديث أنه صلوات ال وسلمه عليه قال‪" :‬من نام عن صلة أو نسيها فليصلها مت ذكرها فذلك وقتها "‪.‬‬
‫فظاهر هذا الديث يدل أن ذلك الوقت وقت لدائها وليس وقتا لقضائها وهو قول أكثر أهل العلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬فاتته صلة الوتر وفي اليوم الثاني عندما كان يصلي مع المام صلة التراويح صلى معه الوتر بعد التراويح‬
‫‪ ..‬الوتر التي فاتته وأجّل الوتر الحالية إلى آخر الليل ؟‬
‫‪151‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬ل شيء عليه‪.‬‬


‫أوّل‪-‬وقبل كل شيء‪-‬اختلف العلماء فيمن نسي الوتر‪ ،‬هل يشرع له أن يقوم بقضائه أو ل ؟‬
‫فذهب بعض العلماء إل أنه يشرع له القضاء‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إل أنه ل يشرع له القضاء‪.‬‬
‫والقول الول أحوط وأسلم‪ ,‬وما فعله هذا الشخص ل شيء فيه عليه إن شاء ال تعال؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم الذان والقامة في صلة القضاء ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫ل شك أن الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم عندما نام هو وصحابته الكرام رضوان ال تعال عليهم أمر مؤذنه‬
‫بأن يؤذن وأمره بالقامة فأقام لتلك الصلة وصلوا بإذان وإقامة وما دامت السنة قد وردت بذلك فعلينا أن تلتزم سنة‬
‫النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم نعم النسان إذا كان بفرده وقد ترك صلوات كثية أو ما شابه ذلك فيقيم لكل‬
‫صلة ول داعي أن يؤذن لكل صلة ‪.‬‬
‫س‪ :‬فيمن فاتتة صلة وحضرت الصلة المكتوبة فهل له أن يصليها بين الذان والقائمة ؟‬
‫ج‪ :‬نعم يصليها في ذلك الوقت وليس له أن يؤخرها حتى يأتي للصلة الحاضرة بل لبد أن يقّدم الصلة الفائتة إل‬
‫ل إذا تذكر صلة العشاء في وقت صلة الفجر ولم‬
‫في حالة واحدة وهي إذا ما خاف أن تفوته الصلة الحاضرة مث ً‬
‫يبق لوقت الفجر ما يتسع لصلة العشاء وصلة الفجر بل يتسع لحدى الصلتين فإنه في هذه الحالة يقدّم الصلة‬
‫الحاضرة ويقضي الصلة الفائتة بعد طلوع الشمس وبالتحديد بعد أن ترتفع قليلً أما إذا كان هنالك وقت يتسع‬
‫ل بالصلة الفائتة وبعد ذلك يأتي بالصلة الحاضرة وال تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬
‫للصلتين معاَ فإنه يأتي أو ً‬

‫تاسعا ‪:‬فتاوى عامة في الصلة‬


‫س‪ :‬التنكيس في القراءة في الصلة كأن يقرأ في الركعة الولى سورة الخلص ثم الركعة الثانية وسورة متقدمة‬
‫عليها كالكافرون‪" ...‬‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫هذه السألة من حيث الواز جائز ‪ ..‬ولكن اختلف العلماء فيها من حيث الكراهه أو من حيث الول ذهبت‬
‫طائفة من أهل العلم إل أنه ل شيء عليه ف ذلك ‪ .‬وذهبت طائفة من اهل العلم إل القول بأن ذلك من الكروهات‬
‫والذين رأوا بالواز احتجوا ببعض الروايات ولكن الخرين لعلهم ل يروا تلك الروايات أو أنم حولا قبل ترتيب‬
‫القرآن ول شك أن الروج من اللف أول ‪.‬‬
‫وأيضا المام قد قدمته الماعة واختارته لهم أمور دينها فينبغي له أن ل يوقع البلبله والشك ف قلوب بعض أولئك‬
‫الذين يصلون خلفه أما من حيث الواز والقول بعدم الكراهه فل نرى كراهة ف ذلك ‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ولكن أيضا ل ينبغي أن يكثر من ذلك على أن بعض العلماء ل يرى هذا من باب التنكيس وإنا يرى التنكيس أن‬
‫يقرأ ف الركعة الول جزءا من السورة ث يقرأ ف الثانية جزءا متقدما على ذلك كأن يقرأ ف الول " آمن الرسول‬
‫با أنزل إليه ويقرأ ف الركعة الثانية مثلً "آية الكرسي" ‪.‬‬
‫وبعض العلماء يرى التنكيس أن يقرأ ف الركعة لواحدة سورتي تكون متأخرة والثانية متقدمة كأن يقرأ الخلص ث‬
‫يقرأ آية الكرسي أو يقرأ سورة الكافرون مثلً ‪.‬‬
‫ولكن المر الول من هذين المرين أشد هو أن يقرأ أولً آية من السورة ث يقرأ ف الركعة الثانية آية متقدمة عليها‬
‫وإن كان طبعا ذلك ل يفضي إل القول بالرمة ‪.‬‬
‫س‪ :‬شخص كان يصلي المغرب والعشاء ل يقرأ في الركعتين الوليتين سورة ‪.‬‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫صلته الاضية صحيحة ‪..‬لن طائفة من أهل العلم يقولون بعدم وجوب القراءة الزائدة علي الفاتة‬
‫س‪ :‬ما هو القول الراجح في الصلة الوسطى ؟‬
‫الواب ‪ /‬القول الراجح فيها أنا صلة العصر ‪ ،‬والدلة على ذلك كثية ل تتسع هذه العجالة لبسطها‪ .‬وال تعال‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬يخرج منه الدم في أغلب يومه ‪ ..‬إذا كان هذا الدم يخرج من فمه باستمرار‪ ،‬فكيف تكون صلته ؟‬
‫ج‪ :‬ليس له أن يبتلع شيئا من ذلك الدم‪ ،‬بل عليه أن يقوم بإخراجه ولو كان ف الصلة بأن يعل شيئا من الوان عن‬
‫شاله ‪ ..‬أي عن يده الشمال ويبصق ذلك من غي أن يرج صوتا؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل له أن يأخذ منديل ليبصق فيه إذا كان يصلي في المسجد مثل ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ,‬له ذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬سورة العلق وسورة النشقاق‪ ،‬تب فيها سجدة ؟‬
‫ج‪ :‬ف ذلك خلف بي أهل العلم؛ والقول الصحيح الراجح أنما تشرع فيهما السجدة‪ ،‬لدلة متعددّة من سنّة‬
‫رسول ال صلى ال وسلم وبارك عليه‪ ،‬وقد ذكرتُ تلك الدلة ف جواب مكتوب‪ ،‬وبإمكان الخ السائل وغيه أن‬
‫يطّلع عليه‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إل تكرار الية أو السورة من أجل الفظ فقد قدمنا أنه يكن أن يكتفي بالسجود ف الرة الول؛ وال‪-‬‬
‫تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تصح صلة المام إذا قرأ سورة فيها سجدة ولم يسجد ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫اختلف أهل العلم ف المام إذا قرأ سجدة هل يسجد لا وهو ف الصلة ‪.‬‬
‫ذهب بعضهم أنه ل يأت بالسجدة بل يؤخره إل أن يسلم سواء ف فريضة أو نافلة ‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وذهب طائفة من أهل العلم إل إنه يأت بسجود التلوة ف ذلك الوقت أي ف الصلة كانت الصلة فريضة أو نافلة‬
‫وهذا القول هو القول الصحيح لنه هو الذي دلت عليه السنة فالصحيح أن يأت بسجود التلوة سواء كانت الصلة‬
‫فريضة أو نافلة ولكن من تركه نسيانا أو جهلً أو حت تركه وهو يعرف الكم فل شيء عليه لن السجود ليس‬
‫بواجب على الصحيح وما دام المر كذلك فل شيء عليه ‪.‬‬
‫س‪ :‬من قرأ السجدة في وقت تحرم في الصلة ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫ل يسجد ف ذلك الوقت‬
‫س‪ :‬شخص جمع بين لفظ الصلة البراهيمية ولفظ آخر من اللفاظ التي فيها الصلة على النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم وذلك في التشهد الخير من الصلة ‪.‬‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫ل ينبغي لحد أن يأت بألفاظ متعددة يأت بلفظ واحد له وهو الصلة بالبراهيمية فإن هذا أفضل‪ .‬بعض العلماء يأت‬
‫بصلة متصرة كان يقول مثل صلى ال عليه وسلم بعد أن يذكر النب صلوات ال وسلمه عليه وبعضهم يتار أن‬
‫يأت بالصلة البراهيمية ول شك أن الفضل أن يأت بالصلة البراهيمية ‪ ،‬لن ذلك هو الثابت فقد سأل النب صلى‬
‫ال عليه وسلم قيل له ‪ :‬إن ال أمرنا أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك بعد أن قيل له فأجابم بصلة البراهيمية‬
‫الشهية كما ذكرنا فالفضل والول أن يأت النسان ف التشهد الثان من صلته ف الصلة البراهيمية كما ثبتت‬
‫عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ول ينبغي له أن يزيد شيئا من اللفاظ الخرى من الصلة لنه يكفي‬
‫للنسان أن يأت بالصلة مرة واحدة ف التشهد الخي ول ينبغي له أن يزيد وال تبارك وتعال أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم القامة للنساء ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫أنا ما وجدت دليل يكن أن أعتمد عليه ولكن العلماء اختلفوا منهم من يقول الرأة ل تشرع ف حقها القامة ومنهم‬
‫من يقول تقيم فهي كالرجل إل ما دل الدليل على عدم مشروعية ف حقها والدليل دل على أنّ الرأة ل تهر بالقامة‬
‫كما يهر الرجل عندما يقيم للجماعة أما القامة فإنا تأت با إذ ل يأتِ دليل يدل على عدم مشروعيتها ف حقها ‪.‬‬
‫وبعضهم يقول تقيم ولكن ل تأت بقول حي على الصلة حي على الفلح قد قامت الصلة لنّ هذا نداء للصلة‬
‫وليست من اللفاظ الت يتعبد بذكرها‪ ..‬وإذا أتت با الراة فل حرج عليها على رأي بعض أهل العلم ‪.‬‬
‫قضية قد قامت الصلة ف القامة بعضهم يقول قد قامت الصلة وأدامها واستدلوا على ذلك بديث مروي عن النب‬
‫صلى ال عليه وعلى وآله وسلم ولكنه حديث ضعيف على الصحيح بل بعض العلماء قال ل تشرع متابعة القيم ‪..‬‬
‫ل صحيحا ثابتا يدل على متابعة القيم ولكن بعض العلماء يأخذ ذلك من متابعة الذان من‬ ‫وف القيقة ل أجد دلي ً‬
‫باب "بي كل أذاني صلة " فيجعل القامة أذانا ثانيا كما ف هذه الرواية ‪ ..‬فالاصل على رأي من يقول بالتابعة ل‬

‫‪154‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫يقول أقامها ال وأدامها يكن أن يقول ل حول ول قوة إل بال وبعضهم يقول يتابع على حسب ما يقول ذلك القيم‬
‫‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل يصلي منفردا وبعد أن كبّر تكبيرة الحرام سواء كان ذلك بعد ركعة أو ركعتين أو أكثر أو أقل تذكر بأنه‬
‫لم يأتِ بالقامة ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫إذا كان هناك عذر فأقام النسان وصلى منفردا ونسى القامة كما قلت أو نسيتها الماعة أيضا ل يأتِ با أحد‬
‫منهم ث تذكروا بعد ذلك أي بعد تكبية الحرام فإنه ل شيء عليه بشيئة ال تبارك وتعال ‪ ..‬وصلتم تلك الت أتوا‬
‫با من غي إقامة صحيحة ول يشرع ف حقهم سجود السهو على الصحيح الراجح ‪.‬‬

‫س‪ :‬هل تجوز إقامة متنفّلٍ لصلة مفترضين ؟‬


‫الواب ‪ /‬ل لنّ التنفل ل تشرع ف حقه القامة على الشهور وتوز إمامة التنفل على الصحيح بالفترضي كما دل‬
‫عليه الديث ‪.‬‬
‫حسبك أن تتبع الختارا وإن يقولوا خالف الثارا‬
‫تعبدا علينا المتثال ومالنا التنقي والدال‬
‫س‪ :‬من اكتفى بقراءة البسملة بعد فاتحة الكتاب مع أنه تحفظ شيئا من كتاب ال ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫ل ينبغي ذلك ‪ .‬ما وجدنا عن النب صلى عليه وعلى آله وسلم أنه اكتفى بذلك ول عن الصحابة ولعن غيهم أنم‬
‫اكتفوا بذلك فما الداعي إل ذلك نعم صلته صحيحة ولكن ف الستقبل ل ينبغي له أن يصنع ‪ ,‬كذلك قد يقول‬
‫قائل ‪:‬إن البسملة من القرآن‬
‫والواب ‪:‬حقا هي من سورة النمل فهي من القرآن – باتفاق‪ -‬المة و أما بقية السور الت كتبت قبلها فهي آية أو‬
‫جزء أية على اللف ‪ .‬أما من قال بلف ذلك فقوله باطل الاصل إنا من القرآن ف كل سورة كتبت قبلها هذا‬
‫هو الصواب الذي تدل عليه الدلة ول ينبغي أن يقال بلف وإن قيل بلف طبعا ‪ .‬ولكن كما قلت مع ذلك ل‬
‫ينبغي للنسان أن يكتفي بذلك ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تلزم الكفارة لمن ترك الصلة عمدا ؟‬
‫الواب ‪ -:‬خلف بي أهل العلم‬
‫ظاهر أكثر الصحاب أنم يوجبون الكفارة على كل من تركها عمدا‬
‫وذهبت طائفة من أهل العلم وهو قول لبعض أصحابنا وقواه نور الدين أنا ل تلزم وهذا القول هو الصحيح‬
‫واختلف القائلون بالكفارة ف مقدارها ‪:‬‬
‫‪155‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فقيل – يكفر كفارة واحدة ‪.‬وقيل – بعدد تلك الصلوات ‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫وقيل – يكفر عن كل صلة فجر كفارة وعن كل صلة ظهر كفارة و‪ .....‬ال ‪.‬‬
‫س‪ :‬حكم الصلة بين السواري ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫هذه السألة فيها خلف بي أهل العلم والذي عليه الفتوى هو أنه إذا أمكن النسان أن يصلي بي السواري وهذا ف‬
‫الماعة قالوا ل ينبغي لحد وهذا عندما يكون السجد متسعا ‪..‬‬
‫أما ف الوقات الت تضيق فيها الصفوف فل مانع ‪.‬‬

‫س‪ :‬عن الصلة في الطائرة ‪:‬‬


‫س ‪ :1‬هل يلزمنا البحث عن مكانٍ للوقوف ؟ أم نصلي جلوسا في مقاعدنا ؟ وإذا صلّيْنا جلوسا فهل نُرخي أرجلنا‬
‫أم نجلس جلسة التحيات ؟‬
‫الواب ‪ /‬إذا أمكنكم أن تدوا مكانا تصلون فيه الصلة على كيفيتها الطلوبة من قيام وركوع وسجود وقعود فذلك‬
‫هو الواجب إذ ل يصار إل اللوس إل عند تعذر القيام واللوس على هيئة التشهد بدون نصب الرجل اليمن ف غي‬
‫اللوس للتشهد إذا أمكن هو الطلوب وإل فصلوا كيفما استطعتم وال أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :2‬في بعض الحيان ل نتمكن من إدراك وقت الفجر ‪ ،‬حيث تكون الطائرة مندفعة بسرعة نحو الشرق ‪ ،‬فإذا‬
‫أبصرنا نور الفجر قد بدأ بالظهور لم نلبث دقائق معدودة حتى نرى الشمس قد طلعت وارتفعت ‪ .‬ما العمل في هذه‬
‫المسألة ؟‬
‫الواب ‪ /‬توضأوا قبل دخول الوقت ث اشرعوا ف الصلة بعد طلوع الفجر مباشرة ول يضركم ولو طلعت عليكم‬
‫الشمس وأنتم ف الصلة بشرط أن تقرؤوا أقل ما يكن من القرآن ما يتم به العن وال أعلم‬
‫س‪ :‬إنسان معوق ل يقدر أن يتوضّأ لكل صلة وفي بعض الحيان أثناء الوضوء ربما يلمس ملبسه شيء من‬
‫النجاسة ل يستطيع التحرّز منها لنه محمول على كرسي‪ ،‬فماذا يصنع في مثل هذه الحالة ؟‬
‫ج‪ :‬الطهارة شرط لصحة الصلة والصلة ل تصح إل بطهارة ‪ ..‬بناء على هذا الكلم‪-‬الذي ذكرتُه‪-‬وهو متفق عليه‬
‫بي أهل العلم لدلة متعددة من سنّة رسول ال صلى ال وسلم عليه ‪ ..‬نعم‪ ،‬من كان ل يستطيع أن يافظ على‬
‫الطهارة فإنّ عليه أن يأت بالصلة ولو كان ذلك بغي طهارة تامة أو بغي طهارة أصل إذا كان ل يد الاء ول يد‬
‫التراب أو ل يستطيع أن يستعملهما ول يد من يعاونه على ذلك‪ ،‬فهذا الرجل إذا كان يتمكن من الطهارة فلبد له‬
‫من الطهارة‪ ،‬ول تصح صلته إل بذلك‪ ،‬والطهارة لبد من أن يافظ عليها ف جسده وف ثوبه‪ ،‬ويكنه أن يربط شيئا‬
‫على إحليله من مثل قطن أو ما شابه ذلك على أنا توجد بعض الوسائل ف هذا العصر ‪ ..‬بإمكانه أن يستعمل ذلك‪،‬‬
‫والاصل إذا أمكنه أن يستعمل شيئا من المور الت يكن أن ل تصيبه النجاسة إذا استعملها فلبد من ذلك‪ ،‬وإذا‬

‫‪ - 1‬الظاهر أنه يكفر خمس كفارات إذا كان تاركا لخمس صلوات وإن اختلفت أعداد كل صلة ‪.‬‬
‫‪156‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫تعذر عليه ذلك فعليه أن يتقي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬قدر استطاعته ول يكلف ال نفسا إل وسعها‪ ،‬ولكن كثي من الناس‬
‫يتساهلون بثل هذه الجّة فعلى النسان أن يستفت نفسه فإذا كان يستطيع فلبد من ذلك؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ق الجماعة ليقيم هو صلة أخرى ويحدث بذلك‬
‫س‪ :‬عندما ل يكون الرجل مطمئنا إلى صلة المام‪ ،‬هل له أن يش ّ‬
‫بلبلة في أوساط المصلين أم ماذا عليه أن يصنع في مثل هذه الحالت ؟‬
‫ج‪ :‬ل‪ ,‬ليس له أن يشقّ عصا الماعة فذلك ما ني عنه بل عليه أن يصلي خلف ذلك المام ولو كان ذلك المام‬
‫فاجرا اللهم إل إذا كان ذلك المام يأت ف صلته با يفسدها فإنّ من صلى خلفه عليه أن يعيد الصلة‪ ،‬والسألة الت‬
‫سأل عنها داخلة ف ضمن هذه السألة على رأي غي واحد من أهل العلم؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬هل تجوز الصلة بالنظّارة ؟‬


‫الواب ‪ /‬ل مانع من ذلك إذا كانت ل تشغله وليست من النك والشبه ونوها وال أعلم‬
‫س‪ :‬رجل صلى إحدى الصلوات ثم تبين له بعد ذلك أن بثوبه آثار بقية نجاسة ولكنها ليست رطبة‪ .‬فهل عليه‬
‫إعادة تلك الصلة ‪ ،‬علما بأن هذا الثوب قد تم غسله ؟‬
‫الواب ‪ /‬إن كان صلى بتلك النجاسة قبل أن يتم غسلها تاما فعليه العادة وأما إن كان الثوب قد غسل وزالت‬
‫النجاسة منه ول يبق منها إل الثر الذي ل تكن إزالته مهما بولغ ف الغسل ففي هذه الالة ل إعادة عليه وال أعلم‬
‫س‪ :‬رجل قام بغسل جنابة كانت في ثوبه‪ ،‬فهل يجب عليه أن يغتسل بعد ذلك غسله من الجنابة ؟ وإن كان صائما‬
‫فهل يجب عليه شيء ؟‬
‫الواب ‪ /‬ل يب عليه الغسل بذلك ول شيء عليه ف صيامه ولكن يب عليه أن يعيد للوضوء إن كان متوضئا وأراد‬
‫الصلة وال أعلم‬
‫س‪ :‬من قرأ الفاتحة في موضع التشهد ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫من قرأ الفاتة ف موضع التشهد فإنه يأت بالتشهد ويسجد للسهو أما إذا نسي ذلك فإن كان التشهد الول وقام‬
‫وانتصب قائما فل شيء عليه ويسجد للسهو وأما إذا ل يقف وقوفا تاما فإنه يرجع للتشهد أما إذا كان التشهد هو‬
‫التشهد الثان فإنه لبد أن يرجع إليه ويسلم مرة ثانية بل ذلك التسليم السابق ل يكن التسليم القصود وليسجد‬
‫للسهو ‪.‬‬
‫س‪ :‬حكم الستعاذة في الصلة ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫لعل القول بأنا سنة أقرب إل الصواب والقول بالوجوب له وجه قوي ولكنه ل يصل إل درجة الركنية‪.‬‬
‫س‪ :‬ما الفرق بين الستعاذة والبسملة في الصلة ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬

‫‪157‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أما الستعاذة فإنه يسر با على الطلق ‪ ..‬ولكن بعض العلماء شدد إن اسعها أذنيه بطلت صلته وليس المر‬
‫كذلك ‪.‬‬
‫ولكن ينهى عن الهر با ولكن بشرط أن ينطق با بلسانه ل مرد مكيّف فالتكييف بلسانه ل يكفيه ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يجوز أن تصلى النافلة جلوسا ؟‬
‫الواب ‪ :‬من حيث الواز فجائز ولكن السنن الؤكدة أو الراتبة ل ينبغي للنسان أن يأت با جلوسا ‪.‬‬

‫ت بالفاتحة وهو في السجود فما حكم صلته ؟‬


‫س‪ :‬شخص شك في صلته أنه لم يأ ِ‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫إذا كان قد تاوز ذلك الركن فل يلتفت إل مثل هذه الشكوك فمثلً شك ف الفاتة وهو جالس أو ساجد أو ف‬
‫الركعة الثانية أو ما شابه ذلك ‪.‬‬
‫أما إذا كان قبل أن يركع كان لبد من أن يرجع إل ذلك إل إذا ترجح لديه بأنه قد أتى بالفاتة ‪.‬‬
‫فالاصل إذا كان قد تاوز ذلك الوضع قد ركع مثل أو سجد أو ف الركعة الثانية فل يلتفت إل تلك الشكوك أما‬
‫إذا كان يريد أن يركع وشك هل أتى بالفاتة ف تلك الركعة أول فلينظر ف أمره فإن تيقن بعد ذلك أنه أتى بذلك‬
‫فل شيء عليه وكذا إن ترجح لديه أنه أتى بذلك ويكتفي بسجود السهو ف حالة الترجح أما إذا ل يتيقن ول يترجح‬
‫لديه أنه أتى بذلك وبقي على شك فلبد من أن يأت بالفاتة ف هذه الالة أما إذا تاوز ذلك كان ل يلتفت إل‬
‫الشكوك ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم مدافعة الشخص الريح وهو في الصلة ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫ما عليه باس ما ل يرج ذلك الريح منه ويتيقن بأنه قد خرج ‪.‬‬
‫س‪ :‬شخص نسي التشهد الول وانتصب قائما واطمئن قائما ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫متلف فيمن نسي التشهد الول فقيل إنه لبد من الرجوع إليه ولو اطمئن ف وقوفه بل ولو قرأ الفاتة وما بعدها فإن‬
‫ل يرجع فإن صلته باطله على هذا الرأي ‪.‬‬
‫وذهبت طائفة من أهل العلم إل أن من نسي التشهد فإن كان ل يطمئن قائما فإنه يرجع إليه أما إذا أطمئن فل يرجع‬
‫إليه واستدلوا بذلك بالديث الروي عن الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬ول شك أن هذا القول هو القول‬
‫الصحيح ولكن إذا رجع آخذا برأي من آراء أهل العلم أو كان جاهلً أو صادف قولً فل شيء عليه ‪.‬‬
‫ت به بعد ذلك تلك الفريضة التي سها فيها ؟‬
‫س‪ :‬من نسى سجود السهو لم يأ ِ‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫‪158‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫من نسى سجود السهو ل يأتِ به بعد تلك الفريضة الت سها فيها فبعض العلماء يقول إنه يأت به بعد صلة ثانية أي‬
‫فريضة ثانية وبعضهم يقول ‪ :‬ولو بعد نافلة ‪.‬‬
‫وبعضهم يقول ‪ :‬يكن أن يأت به حت ف الوقت الذي يذكر فيه من غي أن يكون ذلك بعد فريضة ول بعد نافلة‬
‫وهذا القول وهو أنه يأت به ف أي وقت يذكر أنه سهى فيه إل إذا كان ذلك الوقت ما ترم فيه الصلة هو القول‬
‫الصحيح إذ ل دليل يعي أنه لبد من التيان بذلك السجود بعد فريضة أو بعد نافلة ‪ .‬وما دام ل يوجد دليل يدل‬
‫على ذلك فالصل أن يأت به النسان ف ذلك الوقت‪.‬‬

‫س‪ :‬التفكير خارج الصلة هل ينقض الصلة ؟‬


‫الواب ‪-:‬‬
‫فيه اختلف ‪ ..‬بعض العلماء يقول إذا كان النسان أتى بأفعال الصلة وأقوالا ولكنه ل يكن حاضر الذهن فإن‬
‫صلته صحيحة ول يب عليه القضاء ولو أنه ل يستحضر شيئا منها ولكنه أتى بأقوالا اللزمة وبأفعالا وهذا هو‬
‫الذي رجحه القطب رحه ال تعال‬
‫وقيل إن سها عن أكثرها أي ل يضر قلبه ف أكثرها فإنه عليه أن يعيد تلك الصلة وأما إن سها عن القل فل يلزمه‬
‫ذلك‬
‫وقيل إن سها ف ركعة كاملة أي ل يكن قلبه حاضرا ف ركعة كاملة فعليه العادة وإن كان أقل من ذلك فل‬
‫وإذا أخذ با رجحه القطب رحه ال تعال ول ُيعِد فقد أخذ بقول له وجه وجيه ‪.‬‬
‫س‪ :‬شخص سهى في صلته أثناء التشهد الخير ووجد نفسه أنه يقرأ التحيات ووجد نفسه أنه يقرأ الفاتحة ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫عندما ينتبه يترك الفاتة ويقرأ التشهد أما إذا كان ل يقرأ شيئا منه فإنه يبتدئ التشهد من أوله أما إذا كان ابتدأ أولً‬
‫ف التشهد ث انتقل منه إل الفاتة فإنه يكمل من الوضع الذي انتقل منه إل الفاتة ويواصل من هناك التشهد ‪ .‬وال‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا قرأ الفاتحة ولم ينتبه وسلم ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫نقول له يأت بالتشهد ويسلم بعد ذلك ويسجد للسهو هذا إذا كان ل يتكلم بكلم خارج عن الصلة أما إذا انرف‬
‫أو تكلم ففيه اللف الذكور ‪..‬وأما إذا ل ينحرف ول يتكلم أو تكلم بكلم أدعية أو ما شابه ذلك أخروية وما‬
‫يتعلق بذلك فإنه يأت بالتشهد ويسلم مرة ثانية ويسجد للسهو ‪ .‬الاصل إذا تكلم بكلم من جنس الدعية الت يدعى‬
‫با بعد التشهد فإنه يأت بالتشهد ويسلم ويسجد للسهو وإذا انرف أو تكلم بكلم دنيوي فبحسب اللف الذي‬
‫ذكرناه سابقا هل يأت بالتشهد ويسلم ويسجد للسهو أو أنه يعيد الصلة من أولا هذا على القول بوجوب التشهد‬
‫كما هو الشهور ‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪ -‬في هذه المسألة هل يسجد قبل السلم أم بعده ؟‬


‫الواب ‪-:‬‬
‫بعد السلم‬
‫س‪ :‬من نسى السجدة من الركعة الولى وتذكرها في الركعة الثانية ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫من نسى ذلك فإنه يرجع إل تلك السجدة ويأت با وبا بعدها على رأي كثي من أهل العلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬هل ثبت في السنة رفع اليدين في الدعاء ومسج الوجه بعد الدعاء أو السلم ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ثبت عن النب صلى ال عليه وسلم أنه كان يرفع يديه وأما السح للوجه بعد الدعاء فوردت عدة‬
‫أحاديث تدل على السح وقد قال من قال ‪:‬إنا بجموعها الكلي تصل إل مرتبة السن ومنهم من قال ‪ :‬من الضعف‬
‫بكان فل تصل إل مرتبة السن وهذا القول وهو أن هذا الديث ضعيف هو القول الصحيح ولذا نرى عدم مسح‬
‫الوجه بعد الدعاء أما حديث مسح الوجه بعد السلم فالديث موضوع ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫س‪ :‬صلة الظهر متى تنتهي بالتحديد ؟‬
‫ج‪ :‬يعن‪ :‬مت ينتهي وقت الظهر ؟‬
‫س‪ :‬نعم وقت الظهر‪.‬‬
‫ج‪ :‬ينتهي وقت الظهر إذا صار ظل كل شيء مثله بعد القدر الذي زالت عليه الشمس‪ ،‬فإذا صار ظل كل شيء مثله‬
‫بعد القدر الذي زالت عليه الشمس فإنه ينتهي هنالك وقت الظهر ويدخل وقت العصر؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه نصه ‪:‬‬


‫س‪ :‬طالبهة فهي المدرسهة وفهي كثيهر مهن الحيان تخرج فهي وقهت متأخهر تخشهى معهه أن يفوتهها وقهت صهلة الظههر كأن‬
‫ن وقت صلة الظهر قد فات‪،‬‬ ‫تخرج في الثانية والنصف أو ما بعد ذلك ‪ ..‬على تقدير أنها خرجت في وقت تظن فيه أ ّ‬
‫فماذا تصنع في هذه الحالة ؟‬
‫ج‪ :‬قـد أجبتُـ على هذه المسـألة بالمـس وذكرتُـ أنّـ وقـت الظهـر يمتـد إلى أبعـد ممـا ذكرَتـه السـائلة إذ إنهـا ذكرَت‪-‬على‬
‫حسب ظني‪-‬الساعة الثانية ‪ ..‬قل تُ‪ :‬إنه يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك‪ ،‬وعلى هذه السائلة أن تَضبِط الوقات فإذا كان حقّا‬
‫قد خرج وقت الظهر فبإمكانها في حالة الضرورة القصوى أن تجمع بين الظهر والعصر ‪ ..‬تصلي الظهر أربع ركعات‬
‫والعصـر أربـع ركعات إذا كان ذلك فـي وطنهـا‪ ،‬أمـا إذا كان ذلك فـي السـفر فإنّـ المـر سـهل‪ ،‬إذ إنّـ الجمـع بيـن الصـلتين‬
‫جائز‪ ،‬وإن كان ل ينبغـي للنسان أن يعتاد على ذلك‪ ،‬ولكنـه في مثل هذه الضرورات فل بأس به‪ ،‬بـل الجمع فـي الصـل‬
‫جائز‪ ،‬وإن كان الفراد هو الفضل لمن مكث في مكان‪ ،‬وإنما الجمع أفضل أن يؤتى به في حالة السير‪ ،‬فإذا بقي زمن‬
‫مـن وقـت الظهـر فليـس لهـا أن تجمـع بيـن الصـلتين‪ ،‬إذ إنّـ ذلك ل يصـار إليـه إل فـي حالت الحاجـة‪ ،‬وقولي‪ " :‬ليـس لهـا‬
‫ذلك " ل أريـد بـه المنـع إطلقـا‪ ،‬وإنمـا أريـد أنّـ ذلك ل ينبغـي‪ ،‬إذ ل ينبغـي للنسـان أن يجمـع فـي الوطـن بيـن الصـلتين‬
‫بشكـل معتاد وإنمـا يفعـل ذلك فـي حالة الضرورة والحرج‪ ،‬إذ إنّـ النـبي‪-‬صـلى ال عليـه وعلى آله وسـلم‪-‬لم يواظـب عليـه‪،‬‬
‫ن ذلك يصار إليه فـي مثل هذه الوقات‪ ،‬فإذن لبد من ضبـط الوقت‪ ،‬وهو فـي‬ ‫وإنما فعله فـي أوقات نادرة‪ ،‬وذلك ليـبيّن أ ّ‬
‫الغالب يَ سِير‪ ،‬ومن لم يستطع ذلك فبإمكانه أن يسأل من له معرفة بالوقات‪ ،‬ومن المعلوم أنه بمجرد انتهاء وقت الظهر‬
‫يدخل وقت العصر‪ ،‬وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل هناك علمات محددة يستطيع النسان أن يعرف بها أنّ وقت الظهر قد انتهى ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬أما من يعرف الوقات بقياس الظل فالمر سهل‪ ،‬أما من لم يعرف ذلك فبإمكانه أن يلجأ إلى التقويم؛ وال أعلم‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬هل هناك حديث بين مدة الوقت بين أذان المغرب والقامة لصلة المغرب ؟‬
‫ج‪ :‬ثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم في عدة أحاديث وهي صحيحة ثابتة عنه –عليه الصلة والسلم‪ -‬أنه إذا‬
‫غربت الشمس وتحقق غروبها فإن وقت المغرب يبتدئ ‪ ،‬ولم يأت دليل يقدر الفرق بين أذان المغرب وصلة‬
‫المغرب ‪ ،‬وقد شدد كثير من العلماء في تضييق وقت المغرب حتى إن كثيرا منهم قالوا ‪ :‬ل يصح التنفل بين أذان‬
‫المغرب وصلة المغرب وذلك لضيق الوقت ‪ ،‬واحتجوا على ذلك برواية رواها المام البيهقي في سننه الكبرى وهو‬
‫الحديث الذي رواه الشيخان ورواه أرباب السنن وأحمد وآخرون وهو (بين كل أذانين صلة ) وزاد البيهقي (إل‬
‫المغرب) فقد أخذوا من هذا إن وقت المغرب قصير ولذلك جاء النهي عن الصلة أي صلة النفل بين الذان‬
‫والقامة إل أن هذه الرواية رواية منكرة لم تثبت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم البته ‪ ،‬ولذلك أجاز العلماء‬
‫المحققون الصلة بين أذان المغرب وبين الصلة ‪ ،‬كما هو مذهب المام الخليلي – رضوان ال تعالى‪ -‬عليه كما‬
‫جاء ذلك في أجوبته ‪ ،‬فإنه – رحمه ال تعالى‪ -‬سُئل عن المسافر ‪ :‬هل له أن يصلي عند دخول المسجد ؟ فقال له‬
‫ذلك سواء كان في السفر أو الحضر ‪ ،‬وهذا الكلم معنى كلمه وليس هو اللفظ الذي ذكره – رحمه ال تعالى‪. -‬‬
‫فإذن ل يوجد حديث عن النبي صلى ال عليه وسلم يعين مقدار الوقت بين الذان والقامة ‪ ،‬وإنما ينبغي‬
‫التعجيل ‪ ،‬وإذا وجدت هناك مصلحة في التأخير كانتظار بعض الجماعة أو ما شابه ذلك فل بأس من التأخير ما لم‬
‫يطل ‪.‬‬
‫س‪ :‬فيمن كان يصلي صلة العصر وأكمل الصلة في التشهد الخير قبل التسليم أحدث ما حكم صلته ؟‬
‫ج‪ :‬هذه المسألة فيها خلف بين أهل العلم لو أن إنسانا أحدث بعد التشهد الول وقبل التسليم ‪.‬‬
‫ذهبت طائفة من أهل العلم إلى صحة صلته واحتجوا على ذلك بالحديث المروي عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم ولكّن ذلك الحديث ليس بصحيح هو ضعيف ل تقوم به الحجة والصحيح أن من أحدث قبل أن يُسلم‬
‫فإن صلته باطلة لن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم " تحريمها التكبير وتحليلها التسليم " فهو دليل واضح‬
‫وحجة نيّرة ولم يعارضه معارض معتبر فهو يدل كما قلت على أنه لبد من التسليم فصلة هذا المصلي تعتبر باطلة‬
‫وعليه أن يعيد صلته وإذا كان قد قات الوقت فعليه مع العادة التوبة إلى ال تبارك وتعالى وال تبارك وتعالى أعلم‬
‫‪.‬‬
‫س‪ :‬شخص صلى وراء إمام ولكنه كررّ آية أو آيتين من الفاتحة ؟‬
‫ج‪ :‬أما إذا كان هذا المام متعمدا لتكرار الفاتحة فإن صلته تبطل عند جمهور العلماء وذلك أن جمهور العلماء‬
‫ذهبوا إلى أن من كرر الفاتحة أو آية من آياتها أو جملة من جملها إذا لم يكن ذلك لمصلحة الصلة بأن تكون‬
‫تصحيحا للقراءة فإن صلته باطلة فعلى هذا الرأي فإن صلة هذا المام باطلة وببطلن صلته تبطل صلة‬
‫المأمومين الذين يصلون خلفه هذا هو مذهب طائفة من أهل العلم أما إذا كان ذلك المام ناسيا يظن أنه لم يأت بالية‬
‫أو باليتين على حسب ما فعل فإنه معذور وذلك لن الصلة تنقض بالتكرار في حالة العمد كما قال المام نور‬
‫الدين السالمي رحمه ال تعالى ‪.‬‬
‫وللتحيات بمعنى العمد‬ ‫ومنعوا تكراره للحمد‬

‫‪161‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وعذروا الناسي هناك فاعذر‬ ‫ونقضوا صلة ذا المرر‬

‫فمن أتى بآية أو بأكثر من ذلك من الفاتحة من طريق النسيان فإن صلته صحيحة وكذا بالنسبة إلى صلة من صلى‬
‫خلفه من معرفة السبب الذي دعا هذا المام إلى تكرار هاتين اليتين هل كان بسبب النسيان ولعل هذا هو القرب أو‬
‫كان عمداُ ول أظن أن ذلك يقع من أحد فل بد أن يسألوا هذا المام وبالتالي يطبقوا ما ذكرناه في الجواب أما إذا‬
‫كررّ النسان جملة من الفاتحة من أجل إصلح القراءة فإن ذلك ل بأس به بل في بعض الحالت يكون واجبا وال‬
‫تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬رجل يصلي بالناس صلة القيام وبعد الركعتين نسى أن يُسلم فنّبه وهو قائم فرجع وسلم ؟‬
‫ج‪ :‬نعم قد أحسن صنعا لن من نسى السلم في مثل هذه القضية لبد أن يرجع لن صلة الليل مثنى مثنى هكذا‬
‫ورد في الحديث عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ومعنى مثنى مثنى أنه يُفضل بين الركعتين الوليين‬
‫والخريين بالسلم هذا هو الفهم الصحيح للحديث أما قول بعض أهل العلم بأن معنى مثنى مثنى أن يجلس بعد‬
‫الركعة الثانية ولو لم يكن هنالك سلم أو أنه ل يشرع أن يأتي بالسلم فهذا فهم خاطئ وكذلك احتجاج بعضهم‬
‫ببعض الحاديث التي فيها أنه صلى أربعا أربعا ً أيضا ل ينبغي أن يؤخذ به بل الحديث نص صريح في أن المراد‬
‫مثنى مثنى أنه يفصل بين الركعتين الوليين والخريين بالسلم وعليه من نسي السلم فإنه يؤمر بأن يرجع إليه وأن‬
‫يسلم وبعد ذلك يقوم للركعتين الخريين وهذه المسألة تختلف عمن نسي التشهد الول في الفريضة ولم يتذكر إل بعد‬
‫أن انتصب قائما ً فإنه يؤمر بإتمام صلته وبعد ذلك يسجد للسهو قبل أن يسلم كما ثبت في الحديث عن عبدال بن‬
‫بحينه في الصحيحين وفي غيرهما وقد جاء في رواية من طريق المغيرة وقد جاءت من طريقتين يشردّ أحدهما‬
‫الخر ويرتقي الحديث بهما إلى درجة الحسن إلى أنه يدل على أنه من لم ينتصب عليه أن يرجع فمن انتصب فل‬
‫يرجع وهذا التفصيل لبد من الخذ به نظرا إلى ثبوت هذا الحديث ويكون حديث ابن بحينه محمول على من‬
‫انتصب قائما ول سيما أنه فعل والفعل ل يعم وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫(‪ )5‬حكم المرور أما المصلي ‪:‬‬


‫س‪ :‬ما حكم المرور أما المصلي ؟‬
‫ج‪ :‬ثبت النهي عن ذلك في صحيح الربيع‪ -‬رحمه ال تعالى‪ -‬وعند الشيخين وغيرهما من أئمة السنن والمسانيد ‪،‬‬
‫حكم ذلك أنه محرم ول يجوز لحد أن يفعل ذلك ‪ ،‬وإنما اختلف العلماء في حكم صلة من مر أمامه أحد ‪ ،‬فذهب‬
‫بعض العلماء إلى أن صلته منتقضة وهو الذي ذهب إليه جمهور أصحابنا – رضوان ال تعالى عليهم ‪ ، -‬وذهب‬
‫طائفة من العلماء إلى أن صلته صحيحة وهو الذي ذهب إليه الام ابن محبوب والمام الربيع والشيخ هاشم بن‬
‫غيلن وذهب إليه الشيخ الصالح‪ -‬رحمه ال ‪ ، -‬ولعل هذا القول أقرب القولين إلى الصواب ‪ ،‬أما ما يروى من أن‬
‫الصلة ليست بحبل ممدود فهذا ليس بحديث على الصحيح ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم الصلة على النبي صلى ال عليه وسلم أثناء السجود ؟‬

‫‪162‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬نعم لم يأت حديث ثابت صحيح يدل على مشروعية ذلك ولكن إذا كان ذلك في سجود خارج الصلة فكان‬
‫النسان يدعوا في سجوده وأتى بالصلة على النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم فل شيء عليه وكذلك إذا كان في‬
‫سجود النفل ذلك أيضا مما ل مانع منه وإن كنتُ لم أجد حديثا يدل على مشروعية ذلك في سجود النفل أما في‬
‫الفرائض فل إذ أن هذا لم يرد عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم على أن كثيرا من الدعية التي وردت عن‬
‫النبي صلى ال عليه وعلى أله وسلم كثير منها في النوافل وأن كان جاء على أنه في الفرائض فإن العلماء قد‬
‫اختلفوا في ذلك هل هو باق أو أنه منسوخ ولشك أن من صلى ولم يأت في سجوده في الصلة أي في صلة‬
‫الفريضة إلى بالمتفق عليه فإن ذلك أولى لن صلته صحيحة باتفاق العلماء بخلف من أتى في صلته ببعض‬
‫اللفاظ التي اختلف العلماء في التيان بها في الصلة مع احتمال نسخها أو نسخ بعضها وال تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تجوز الصلة في الطابق الثاني في المسجد الحرام إذا كان الطابق الول غير ممتلئ لعله يقصد الدور‬
‫الرضي ‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا تمكن النسان من الصلة في الطابق الول أو في الدور الرضي فذلك هو الولى ولكنه إذا صلى في‬
‫الطابق الول أو في الثاني فصلته تعتبر صحيحة بمشيئة ال تعالى ولكنه كما قلت إذا تمكن من الصلة حول الكعبة‬
‫في ذلك المكان فهذا هو الولى وال تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أول ‪ :‬كيفية استقبال الشهر الكريم‬


‫س‪ :‬تسأل عن الحدود التي يسلكها المسلم في رمضان في مشاهدة التلفاز‪.‬‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ ينبغي ف السؤال أن يُسأَل عن الدود الت ينبغي للمسلم أن يسلكها ف كل وقت من الوقات‪،‬‬
‫وذلك لنّ النسان يب عليه أن يطيع موله‪-‬سبحانه وتعال‪-‬ف أيّ وقت من الوقات ويب عليه أن يبتعد عن ما‬
‫نى عنه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف كتابه أو على لسان رسوله‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬ف أيّ وقت من الوقات ‪ ..‬نعم‬
‫كما أنّ السنات تُضاعَف ف شهر رمضان فإنّ السيئاتأيضا تكون أعظم ف هذا الشهر الكري‪ ،‬ولكن ليس معن ذلك‬
‫أنه يُباح للنسان أن يَنظر أو أن يَستمع إل ما حرّمه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف غي شهر رمضان وأنه يُمنع من ذلك ف‬
‫هذا الشهر فقط‪ ،‬وكذلك كثي من الناس يسألون عن صحة صيامهم إذا فعلوا شيئا من الحرمات ‪ ..‬هل الصيام‬
‫صحيح أو فاسد ؟ وطبعا جدير بالسلم أن يَبحث عن صحة صيامه وفساده ولكن أيضا يَجدُر به أن يَبحث عن‬
‫اللل والرام فيبتعد عن ما حرّمه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ولو كان ذلك ل يَنقض الصيام‪ ،‬فهل إذا قيل له‪ " :‬إنّ صيامه‬
‫صحيح " يكن أن يَرتكب تلك العصية ؟! فلماذا هو يبحث عن صحة صيامه ؟! أليس من أجل أن يتثل أمر ال‪-‬‬
‫سبحانه وتعال‪-‬ومن أجل أن يفوز ف يوم القيامة بدخول النة ؟! وإذا كان المر كذلك فكذلك العاصي إذا كانت‬
‫كبية من كبائر الذنوب فإنا‪-‬والعياذ بال تبارك وتعال‪-‬تُخلّد صاحبها ف نار جهنم إذا كان ل يتب إل ال‪-‬تبارك‬

‫‪164‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وتعال‪-‬منها‪ ،‬فإذن ينبغي للنسان أن يسأل عن الحرمات‪-‬ماذا يَحرم عليه وماذا يوز له‪-‬سواء كان ذلك ف هذا‬
‫الشهر الكري أو ف غيه‪ ،‬وأن يبتعد عن كل معصية سواء كان ذلك ف هذا الشهر أو ف غيه وسواء كانت تنقض‬
‫الصيام أو كانت ل تنقضه‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل ما يوز لا ولغيها طبعا أن يستمعوا إليه وأن ينظروا إليه ف مثل هذه اللت فإنّ هذه اللة ف حقيقة‬
‫الواقع ل تلّل حراما ول ترّم حلل‪ ،‬فما جاز للنسان أن يَنظر إليه ف غي هذه اللة فيجوز له أن ينظر إليه ف هذه‬
‫اللة‪ ،‬وما جاز له أن يَستمع إليه ف غي هذه اللة فإنه يوز له أن يستمع إليه ف مثل هذه اللت‪ ،‬وما ل يَجز فإنه‬
‫ل يوز له أن يستمع إليه إذا ُعرِض ف هذه اللت‪ ،‬فالصور الحرّمة والغان الحرّمة وما شابه ذلك ‪ ..‬كل هذه‬
‫المور ل يوز الستماع إليها أو النظر إليها ف غي هذه اللة‪ ،‬وكذلك يقال ف مثل هذه اللة ‪ ..‬هذا باختصار‬
‫شديد؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أحكام وقت المساك و نية الصوم‬


‫س‪ :‬هل الصائم يعقد النية قبل الصيام كأن ينوي أن يصوم ثلثين يوما‪-‬مثل‪-‬أم أنّ لكل يوم نيته ؟‬
‫ج‪ :‬أوّل‪ :‬النية العتبة هي النية القلبية‪ ،‬وليس باجة إل التلفظ بنحو‪ " :‬اللهم نويت أن أصوم " أو ما شابه ذلك ما‬
‫يذكره كثي من الناس وإن كان موجودا ف بعض الكتب فإنّ ذلك ما ل أصل له ف سنّة رسول ال صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ول يكن‪-‬أيضا‪-‬معهودا عند السلف رضوان ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليهم‪ ،‬وإنا النية العتبة‬
‫هي النية القلبية كما قلتُ‪.‬‬
‫ث إنّ العلماء قد اختلفوا ف شهر رمضان هل كل يوم فريضة مستقلة بذاتا أم أنّ الشهر كله فريضة واحدة ؟ والقول‬
‫بأنّ كل يوم فريضة مستقلة بذاتا هو القول الصحيح‪ ،‬لدلة متعدّدة‪.‬‬
‫وبناء على هذا اللف اختلف العلماء ف وجوب تديد النية لكل يوم‪:‬‬
‫فمن قال بأنّ رمضان فريضة واحدة قال‪ :‬تزي النية الواحدة‪.‬‬
‫ومن قال بأنه فرائض متعدّدة اختلفوا ف ذلك‪:‬‬
‫فذهب بعضهم إل أنه لبد من النية لصيام كل يوم‪.‬‬
‫وذهبت طائفة منهم إل أنّ ذلك ل يشترط‪ ،‬بل إذا نوى النسان أن يصوم شهر رمضان ف الليلة الول فإنّ ذلك‬
‫يزيه اللهم إل إذا أفطر بسبب عذر شرعي‪-‬كمرض أو سفر أو ما شابه ذلك من العذار الت تبيح ترك الصيام‪-‬فإنه‬
‫ف هذه الالة عند من يريد أن يصوم مرة أخرى فإنه يطالب بالنية ف ذلك الوقت؛ وهذا القول هو القول الصحيح؛‬
‫فمن نوى أن يصوم ف الليلة الول ‪ ..‬نوى أن يصوم شهر رمضان فإنّ ذلك يزيه إل أنه إذا أفطر فإنه يطالب‬
‫‪165‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫بالتيان بالنية مرة أخرى ‪ ..‬هذا ما يظهر ل؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬


‫صحَت للسحور والذان يؤذّن فلكي تدرك نفسها قامت بتناول وجبة السحور والذان يؤذّن‪ ،‬فماذا عليها‬
‫س‪ :‬أسرة َ‬
‫؟‬
‫ج‪ :‬ال الستعان؛ إذا كان الؤذّن يؤذّن بعد طلوع الفجر فإنه ل يوز لحد أن يأكل بعد ذلك‪ ،‬وذلك لنّ ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬حدّد وقت الصوم بطلوع الفجر‪ ،‬وهكذا جاء ف السنّة الصحيحة الثابتة عن النب صلى ال وسلم وبارك عليه‬
‫وعلى آله وصحبه‪ ،‬فإذا طلع الفجر فل يوز لحد أن يأكل أو يشرب أو أن يستعمل شيئا من الفطّرات العلومة‪.‬‬
‫نعم جاء حديث مرويّ عن رسول ال‪-‬صلى ال وسلم وبارك عليه‪-‬أنّ من كان ف يده شيء من الطعام‪-‬أو الشراب‬
‫بالطبع‪-‬فإنّ له أن يأكل‪ ،‬ولكن هذا الديث وإن جاء من طرق متعدّدة وادعى بعضهم أنه يصل إل درجة السن أو‬
‫الصحيح بجموع تلك الطرق فإنه ف حقيقة الواقع معارِض لكتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ولسنّة رسوله‪-‬صلى ال وسلم‬
‫وبارك عليه‪-‬الصحيحة الثابتة ثبوتا أوضح من شس الظهية‪ ،‬وما كان معارِضا لكتاب ال ولسنّة رسوله‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬فإنه لبد من أن يُحكم ببطلنه وأنه ل يثبت عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫بال من الحوال اللهم إل إذا كان ذلك الدليل سابقا على نزول الكتاب أو السنّة الصحيحة‪ ،‬وهذا الديث ليس من‬
‫ذلك القبيل فهو ف حقيقة الواقع حديث باطل ل يصح ول عبة بتعدد طرقه‪ ،‬وكثي من الحدثي من التأخرين‬
‫يكمون بصحة بعض الحاديث نظرا إل وجود بعض الطرق لذلك الديث ولكن ف حقيقة الواقع لبد من أن ينظر‬
‫إل بقية الشروط الشترطة لصحة الديث ومن أهم تلك الشروط عدم الشذوذ وعدم العلّة الت تقدح ف صحة ذلك‬
‫الديث الروي‪ ،‬وإذا كان يُحكم بشذوذ الديث وعدم ثبوته بجرد مالفة الراوي ولو كان ثقة لن هو أوثق منه‬
‫فلبد من أن يُحكم بكذبه إذا خالف الكتاب العزيز وخالف السنّة الصحيحة الثابتة الشهورة بل الت تكاد تصل إل‬
‫حدّ التواتر‪ ،‬ول حاجة للبحث ف تواترها وعدم ذلك لنّ دللة القرآن واضحة جليّة وإن كنتُ ل أقول بالطلق ف‬
‫القضية الت ذكرتُها سابقا وهي أنّ الديث إذا خالف راويه الثقة لن هو أوثق منه أنه يُحكم بشذوذ رواية الثقة ‪ ..‬ل‬
‫أقول بالطلق ف ذلك‪ ،‬ولذلك موضع آخر إن شاء ال تبارك وتعال‪ ،‬ولكن الذي يعنين ف هذه القضية أنّ هذا‬
‫الديث يُحكم ببطلنه وعدم ثبوته عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولو جاء من سبع أو من ثان‬
‫طرق‪ ،‬فإنّ تلك الطرق ل عبة با مع هذه الخالفة الصرية الواضحة الليّة الت ل تفى ‪ ..‬نعم يكن أن يقال بعذر‬
‫من أكل أو شرب وف يده الطعام أو الشراب ف حالة ساع الذان ‪ ..‬يكن أن يقال بعذره من الكفارة‪ ،‬وذلك لنّ‬
‫الكفارات تُدرأ كالدود بالشبهات على الرأي الصحيح‪ ،‬فمن وقع ف ذلك وكان يعرف هذا المر فإنه ل يكم عليه‬
‫بالكفارة وإنا يقال بوجوب التوبة عليه ووجوب القضاء عليه‪-‬أيضا‪-‬فهؤلء ل أظن أنم يعرفون هذا الديث أو أنم‬
‫سعوا به وإنا هو التهور بعينه‪ ،‬فإذا كانوا ل يعتمدوا على مثل هذا الديث الواهي الباطل فلبد من القول بوجوب‬
‫التوبة والكفارة مع القضاء عليهم‪ ،‬وأما إذا كانوا يتجون بثل هذه الشبهة فإنه يكن أن يقال‪ :‬إ ّن شبهة الهل مع‬
‫العتماد على هذا الديث الوضوع الواهي تدرأ عنهم الكفارة؛ وهذا الذي يكن أن أقوله باختصار‪ ،‬وإذا كانوا‬
‫يريدون أن يوضحوا هذا السؤال فبإمكانم أن يتصلوا مرة أخرى وسنجيب عليه على حسب التفصيل الذي يفصلونه‬
‫‪166‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ف سؤالم؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪" ,‬وجواب منصبّ على تقدير أنّ الؤذّن قد أذّن بعد طلوع الفجر ‪ ..‬أي عند‬
‫انشقاق الفجر‪ ،‬وأما إذا كان قد قدّم الذان فل عبة بذلك‪ ،‬إذ إنّ العبة بطلوع الفجر ل بالذان‪ ،‬ولكن الصل ف‬
‫الؤذّني أنم ل يؤذّنون إل بعد طلوع الفجر ‪ ..‬أي عند طلوع الفجر ولسيما ف شهر رمضان ث إنه يكن أن يعتمد‬
‫على التقاوي‪ ،‬والعتمد عليه هو طلوع الفجر ل تلك الفترة الت تقدّم على الفجر فإنه ف التقوي هنالك فترة قبل طلوع‬
‫الفجر يقال بأنا فترة إمساك أو ما شابه ذلك ول أصل لذلك ف سنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬بل‬
‫ينبغي للنسان إذا أراد أن يأكل أو أن يشرب أن يأكل وأن يشرب حت يطلع الفجر‪ ،‬ول عبة بتلك الفترة الت تذكر‬
‫ف التقاوي‪ ،‬إذ إنا مالفة لدي النب صلى ال وسلم وبارك عليه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يمكن أن تُعتبَر كاحتياط ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان التقوي صحيحا الذي فيه ذكر طلوع الفجر فل عبة بثل هذا الحتياط‪ ،‬لنّ الرسول‪-‬صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬حثّنا على تأخي السحور ‪ ..‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى كان بلل‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬يقدّم‬
‫الذان حت يقوم الناس من أجل السحور‪ ،‬ث إنّ ابن أمّ مكتوم‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬كان يؤذّن بعد طلوع الفجر ‪..‬‬
‫أي عند تقق طلوع الفجر أو بجرد طلوع الفجر ‪ ..‬أذكر هذه العبارات حت ل يلتبس المر على بعض الناس‪ ،‬فما‬
‫قال لم الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬احتاطوا بجرد أذان بلل أو ما شابه ذلك ‪ ..‬كل‪ ,‬والي كل‬
‫الي‪-‬كما قلتُ‪-‬ف اتباع هدي النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وبناسبة ذكر الديث السابق الذي صحّحه من صحّحه فإنن أحثّ الناس على عدم التعجّل ف اتباع تصحيحات‬
‫كثي من الناس وتسيناتم‪ ،‬فإنّ كثيا من الناس ل ينظرون إل متون الحاديث وإنا يكتفون بالسانيد؛ كما أنن‪-‬‬
‫أيضا‪-‬أحثّ أولئك الذين يتعجّلون ف ردّ الحاديث بجرد مالفتها لبعض اليات أو لبعض الحاديث بسب‬
‫زعمهم‪ ،‬وأتوا بسبب عدم فقههم ف كتاب ال تعال وف سنّة رسوله صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فليس كل‬
‫حديث يظهر ف بداية المر أنه مالف لكتاب ال أو لسنّة رسوله صلى ال عليه وعلى آله وسلم يكم بكذبه ووضعه‬
‫‪ ..‬كل‪ ،‬بل لبد من النظر ف ذلك جيدا‪ ،‬ول يتمكن من ذلك إل الراسخون ف العلم‪ ،‬فتكذيب حديث ثابت عن‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ليس بالمر اليّن‪ ،‬والكم بثبوت حديث عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪-‬وهو ل يثبت عنه ليس بالمر السهل‪ ،‬فهذه المور لبد من أن يكم فيها أولئك الراسخون ف علم‬
‫الصول وف علم الديث مع معرفة كبية بعلم الفقه بعد التأنّي والتمحيص والبحث‪ ،‬وكثي من الناس‪-‬كما قلتُ‪-‬‬
‫أخذوا يفرّطون ف مثل هذه المور ويكمون بعجلة شديدة ‪ ..‬يكمون بثبوت الحاديث وبعضهم بعدم ثبوتا من‬
‫غي التروّي والنظر والتمحيص‪ ،‬وكثي منهم هّتهم تقيق الكتب ويستعجلون ف ذلك كثيا جدا ويكمون بثبوت أو‬
‫بعدم ثبوت بعض الحاديث مع أنّ الواقع بلف ذلك‪ ،‬فحديث رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ليس‬
‫بالمر السهل ‪ ..‬يُحكم بصحته أو بثبوته مع أنه قد يكون بلف ذلك ‪ ..‬نعم التصحيح والتضعيف حكم ظن‪،‬‬
‫ومهما فعل النسان لبد من أن يقع ف بعض أحكامه الطأ ولكن نسبة الطأ تتلف بي خطأ العال الذي يكم‬
‫بجة نيّرة وبي خطإ بعض الناس كما هو معلوم‪ ،‬ول أريد أن أطيل ف هذه القضية فإنّ ذلك ما ل تتسع له هذه‬
‫‪167‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫العجالة‪ ،‬وله وقت آخر بشيئة ال تبارك وتعال؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬


‫س‪ :‬السحور في الساعة ‪ ( :‬ل تزال الثانية عشر ليل‪ ،‬هل يتنافى ذلك مع الخيرية التي قال عنها النبي أمّتي‬
‫بخير ما أخّروا السحور وعجّلوا الفطور ) ‪ ..‬عندما يتسحر النسان في الساعة الثانية عشر ليل ؟‬
‫ج‪ :‬ل‪ ,‬هذا المر مالف لدي النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ,‬فهدي النب‪-‬صلى ال وسلم وبارك عليه‪-‬هو‬
‫تأخي السحور وتقدي الفطور‪ ،‬وكثي من الناس يظنون أنّ الفضل ف تأخي الفطور وف تقريب السحور‪ ،‬والواقع أنّ‬
‫الفضل ف فعل ما أمر به النب صلى ال وسلم وبارك عليه‪ ،‬فالرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد حثّ على‬
‫تأخي السحور وعلى تقدي الفطور‪ ،‬وكان يواظب هو‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬على ذلك‪ ،‬فل ينبغي لحد‬
‫أن يؤخّر الفطور ول أن يقدّم السحور‪ ،‬وليعلم علما يقينيّا بأنه ل فضل له ف ذلك‪ ،‬وإنا الفضل كل الفضل ف فعل‬
‫ما أمر به النب صلى ال وسلم عليه وعلى آله وصحبه‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬ما يثبت به الصوم‬


‫س‪ :‬بعد أيام قليلة سيتحرى الناس رؤية هلل شهر رمضان المبارك ويستنفرون في ذلك كل جهودهم‪ ،‬فهل لكم‬
‫من كلمة توجهونها إلى الناس تحثهم على أهمية تحري الرؤية ؟‬
‫ج‪ :‬إنه ما ل يفى أنّ الشهور العربية تترتب عليها أحكام متعددة ف شرع ال تبارك وتعال‪ ،‬بعضها يتعلق بالزكاة‬
‫وبعضها يتعلق بالصيام وكذا بالج والبيوع وشؤون السرة وما شابه ذلك‪ ،‬وقد قصّر كثي من الناس ف زماننا هذا‬
‫فإنم ل يهتمون بسألة تري اللل‪ ،‬بل يتكل كل واحد على غيه من غي أن ينظر ف الليلة الت يُتوقّع بأن يُرى فيها‬
‫اللل‪ ،‬والذي ينبغي ف هذه القضية أن يَنظر الناس ولسيما من يكنه أن يرى اللل ف تلك الليلة بل فرق بي شهر‬
‫رمضان وغيه من بقية الشهور‪ ،‬وذلك لنّ أحكاما كثية تتعلق بذلك كما قلتُ‪ ،‬ول بأس من التذكي ببعضها نظرا‬
‫إل أنّ كثيا من الناس يَجهلون كثيا من هذه الحكام‪.‬‬
‫فمن جلة هذه الحكام صيام شهر رمضان البارك‪ ،‬وذلك لنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬قد علّق الصيام على رؤية اللل أو‬
‫على إكمال شعبان ثلثي يوما‪ ،‬فإذا قصّر الناس ف مسألة ترائي اللل فإنه قد تثبت الرؤية ول يَرى الللَ أحدٌ وف‬
‫ذلك خطر عظيم ل يفى على أحد‪.‬‬
‫وكذلك يتعلق بذلك عيد الفطر البارك‪.‬‬
‫ويتعلق بذلك صلة العيد فإنا واجبة على رأي بعض أهل العلم على العيان‪ ،‬وواجبة على الكفاية على رأي طائفة‬
‫منهم‪ ،‬وسنّة مؤكّدة على رأي طائفة من أهل العلم‪ ،‬ول شك أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬قد واظب عليها بعد أن‬
‫شُرِعت طيلة حياته‪ ،‬وواظب عليها السلمون ف عصره وبعد ذلك‪ ،‬ول ينبغي لحد أن يُفرّط ف أمرها‪.‬‬
‫وهكذا بالنسبة إل شهر الج فإنه تُشرَع ف اليوم العاشر صلة عيد الضحى البارك‪.‬‬
‫وكذلك يَحرم صيام يومي العيدين‪ ،‬أي صيام عيد الفطر البارك وصيام عيد الضحى البارك‪.‬‬
‫وكذلك يَحرم صيام أيام التشريق أو يُكره على خلف بي أهل العلم ف هذه القضية‪ ،‬والكثرون على الكراهة‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وكذلك يَحرم صيام يوم الشك على أصحّ القوال وأرجحها‪.‬‬


‫ف بعرَفة‪ ،‬فإنه يكون ف اليوم التاسع من ذي الجة‪ ،‬ول يصح‬ ‫وكذلك من الحكام الهمّة الت تتعلق بذلك الوقو ُ‬
‫تقديه على ذلك‪ ،‬كما أنه ل يصح تأخيه أيضا‪.‬‬
‫وكذلك ما جاء من فضل اليام العشْر‪-‬أي التسع الول مع اليوم العاشر‪-‬من ذي الجة‪ ،‬وذلك لنّ العمل ف هذه‬
‫اليام أفضل من غيها من سائر العام‪ ،‬كما ثبت ذلك ف الديث عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فإنه‬
‫يُشرَع للنسان أن يُكثر ف هذه العشر باستثناء العاشر طبعا ف الصيام ‪ ..‬أن يكثر من الصيام ومن العمال الصالة‪،‬‬
‫أما الصيام فهو مصوص بالتسع الول وخاصة ف اليوم التاسع من ذي الجة‪ ،‬وأما بالنسبة للعمال الصالة فإنه‬
‫ينبغي الكثار ف العشْر جيعا‪.‬‬
‫وكذلك بالنسبة إل الزكاة‪ ،‬فإنّ النسان يُؤقّت لمواله يوما مدّدا وقد يزيد الال ف ذلك اليوم وقد يَنقص فإذا ل‬
‫يُعرَف اليوم القيقي للشهر فقد يَزيد الال ف اليوم الذي تب فيه الزكاة أو يَنقص الال وهو ل يَعرف ذلك ث ل‬
‫يؤدي الواجب الشرعي عليه ف مسألة الزكاة‪.‬‬
‫وكذلك بالنسبة إل كثي من الحكام التعلّقة بالعِدَدِ‪ ،‬وذلك كعِدّة الرأة الت تُوف زوجها‪ ،‬فإنّ التوف عنها زوجها‬
‫تعتدّ أربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت غي حامل‪ ،‬وإذا وقع خلل ف الشهر فإنا قد تزيد وقد تنقص وقد يتزوجها‬
‫ضنَ لِ ِكَبرِ سِنّها‬
‫زوج وهي ل زالت ف العِدّة‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل عِدّة الطلّقة إذا كانت غي بالغة أو كانت من ل َيحِ ْ‬
‫أو لغي ذلك من المور البيّنة ف الفقه‪.‬‬
‫وهكذا بالنسبة إل الظّهار واليلء‪ ،‬إل غي ذلك من الحكام الت يطول القام بذكرها‪.‬‬
‫فهذه الحكام‪-‬وغيُها كثي‪-‬تتعلق بالشهر القمرية فينبغي لذلك ولغيه أن يُنتبه لذه القضية‪ ،‬وألّ ُيقَصّر ف مثل هذه‬
‫السألة‪.‬‬
‫وكثي من الناس يَعتنون بشهر رمضان وبشهر شوال ولكنهم ل يَعتنون ببقية الشهر وقد يقع الطأ ف شهر رجب‬
‫مثل أو ف شهر شعبان وبسبب ذلك الطأ يقع الطأ ف شهر رمضان‪ ،‬فإنه قد يقع خطأ مثل ف شهر شعبان ‪ُ ..‬يعَد‬
‫حنْ بعدُ والمر بعكس‬ ‫بأنه قد دخل قبل أو بعد ث ل يُر اللل أو ل ينظر الناس إل اللل ظنا منهم بأنّ الوقت ل يَ ِ‬
‫ذلك‪ ،‬فإذن لبد من الهتمام بثل هذه السائل؛ ونسأل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يُوفّق الميع لا فيه الي‪.‬‬
‫س‪ :‬هل من رأى الهلل ثم قَصّر في التصال باللجنة التي أُعِدّت لستطلع الهلل يُعدّ آثما ؟‬
‫ج‪ :‬إذا رأى اللل وتأكّد من ذلك فلبد من أن َيتّصل باللجنة‪ ,‬وإن كان ل يكنه ذلك فلبد من أن يَتّصل بالقاضي‬
‫الذي ف منطقته بل ذلك أول‪ ،‬لنّ اللجنة قد ل تعرف عن ذلك الشخص هل هو من العدول الذين يُقبل قولم ف‬
‫ذلك أو ليس من أولئك‪ ,‬فإذا تأخّر عن ذلك مع قدرته على ذلك فإنه آث والعياذ بال تبارك وتعال؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ن الرؤية ثبتت حقيقة إل أنّ اللجنة‪-‬مثل‪-‬لم يصلها خبرها فهو يشك ويقول‪" :‬‬
‫س ‪ :4‬البعض يشك في نفسه من أ ّ‬
‫إنّ البلد الفلني قد صاموا فلماذا ل أصوم معهم ؟! " فيصوم استنادا على الشك الذي يوجد في نفسه ؟‬

‫‪169‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬على كل حال؛ إذا كانت قد ثبتت الرؤية‪-‬قد رأى هو نفسه اللل أو قد رآه من يثق بدينه ‪ ..‬أي من تُعتبَر‬
‫رؤيته شرعا‪-‬فنعم يب عليه هو وعلى غيه أن يصوم‪.‬‬
‫ولكن هنالك نقطة مهمّة لبد من التنبيه عليها‪-‬وقد أطلتُ الكلم عليها ف العام الاضي (‪ )2‬ولذلك ل أرى داعيا من‬
‫الطالة عليها ف هذه الليلة‪-‬وهي قضية اختلف الطالع‪ ,‬فقد تثبت الرؤية ف بعض البلدان بشهادة شهود معتبَرين‬
‫شرعا ولكن تلك البلدة أو تلك القرية تتلف مطالعها عن بلدنا هذه فنحن ل نقدح ف صيامهم ونقول على من‬
‫كان ف ذلك الكان إذا كانت الرؤية قد ثبتت حقّا وصدقا يب عليهم الصيام‪ ,‬أما من تتلف مطالعه عن مطالعهم‬
‫فليس له أن يصوم بصيامهم‪ ،‬وقد جاء ف الديث عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ما يدل على ذلك‪ ،‬وقد‬
‫أطلتُ ف ذلك ف العام الاضي ول أرى داعيا الن من الطالة‪ ،‬فإذن هذا هو صيام الشكّ (‪ )3‬الذي تكلّمنا فيه‬
‫سابقا‪ ،‬وليس له أن يصوم بصيام قرية أو بلدة بعيدة تتلف مطالعها عن مطالع بلده‪ ،‬وإل فإنه يكون قد صام الصوم‬
‫النهي عنه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذن فل داعي لمثل هذا الشك ؟‬
‫ج‪ :‬أي نعم‪ ،‬ل داعي لثل ذلك‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬أحكام الصوم المستحب والمكروه والمحرم‬
‫س‪ :‬ما هو الصيام المحرم والمكروه والمستحب ؟‬
‫ج‪ :‬قد رُويت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أحاديث كثية تدل على ندبية صيام بعض اليام‬
‫وعلى تري وكراهة صيام بعض اليام الخرى‪ ،‬والقام ل يَسمح بأن أذكر تلك الحاديث الت رُويت عن النب صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم ‪ 1...‬بأنّ الوقت ل يَسمح بذلك كما أشرتُ‪.‬‬
‫‪ )1‬الصوم الثابت عن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫‪2‬‬
‫* صيام ستة أيام من شوال‬
‫‪-1‬وقع هنا‪-‬للسف‪-‬انقطاع في الشريط لخلل أثناء تسجيله من التلفزيون‪ ،‬ويبدو أنه غير مؤثّر في جواب الشيخ‪.‬‬
‫‪ - 2‬وسئل فضيلته عن بعض أحكام صيام اليام الستة وهي كالتالي ‪:‬‬
‫صحّ تفرِيقُها ؟‬
‫شوّال‪ ،‬هل يَلْزَم أن تَكون هذه اليام مُتَتَابِعة أو أنّه ي ِ‬ ‫س ‪ :1‬صِيَام سِتّة أيام مِن َ‬
‫سنّة ال ّنبِي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وقد نَصّ على ثبوت هذه‬ ‫ن صِيامَ سِت ِة أيّا ٍم مِن شوال ثبت في ُ‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫ححَت الحديثَ الوارِد عن النبي في ذلك جماع ٌة كبيرة مِن أهل العلم‪،‬‬ ‫سنّة طائف ٌة كبيرة جدا مِن العلماء‪ ،‬وقد ص ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شكّ أنّه صحيح ثابت‬ ‫جمْهور المّة‪ ،‬والحديثُ الوارِد بِذلك ل َ‬ ‫شرْتُ‪-‬هو مذهبُ ُ‬ ‫ل بِمشروعي ِة صيام هذه اليام‪َ -‬كمَا أ َ‬ ‫والقو ُ‬
‫عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫ن هذا الحديثَ ل َيصِح عن النبي وذكر كلما ل قيمة له‪ ،‬وقد توَلّى الردّ عليه العلّمة الحافظ‬ ‫حيَة بِأ ّ‬
‫وقد ذَكر ابن ِد ْ‬
‫ت قد وقعتْ له‬
‫العَلئي وذكر أغلب الحاديث التي جاءت عن النبي في ذلك وقد َأجَادَ في أغلب ما َذكَره وإن كان ْ‬
‫غبَارَ‬
‫ث ما يَتعلّق بِهذه القضية ‪ ..‬أي مِن حيث الصيام صحيحٌ ل ُ‬ ‫بعضُ الخطاء في ذلك ولكنّ جوابَه في الجملة مِن حي ُ‬
‫ت لنا مناقشاتٌ حول ذلك في بعضِ المور الخرى التي ل َت َتعَلّق بِهذه الجزئية‪.‬‬ ‫عليه وإن كان ْ‬
‫سنّة‪ ،‬ول ينبغي لحد يَ ْقدِر على ذلك أن يُفرّط فيه‪ ،‬لِما جاء مِن الجر العظيم‬ ‫ص ال ّ‬ ‫ع ِبنَ ّ‬
‫شرُو ٌ‬‫فإذن صيامُ هذه اليام َم ْ‬
‫والثواب الجزيل في صيامِ هذه اليام‪.‬‬
‫والحديثُ لَم َي َت َعرّض ل َتتَابع هذه اليام وِل َعدَم تتابعها وإنّما جاء بِمشروعي ِة صيامِ هذه اليام‪ ،‬و‪-‬كما أشرتُ‪-‬جُمهور المّة‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫ن ذلك ل يَنبغِي‪ ،‬ولَم يَأتوا بِشي ٍء يُمكن العتمادُ عليه‪ ،‬وإنّما لَم يَثبُت لديهم هذا الحديث‪،‬‬ ‫وبعضُ العلماء ذهب إلى أ ّ‬
‫طرُق الصحيحة‪ ،‬ونظرا لِذلك قالوا بِما قالوه‪.‬‬ ‫ِلكَ ْونِهم لَم َيطّلِعوا على ال ّ‬
‫‪170‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬المر بصيام ستة أيام مِن شوال‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت عن النب‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وقد قَدح بعض العلماء فيه ولكنّ ذلك ليس بشيء‪ ،‬إذ إنم ل يأتوا بعلة تَقدح ف صحّة هذا الديث‪ ،‬فهو حديث‬
‫ثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وبذلك يَتبيّن بأنّ كراهةَ من كَرهَ صيام هذه اليام سواء كان ذلك بعد‬
‫العيد مباشرة أو كان ف أثناء الشهر ولو كان متأخرا ليس بشيء‪.‬‬

‫ل ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫سنّة رسو ِ‬ ‫ط ِب ُ‬


‫ي مِن العلم ل يُمكنه أن ُيحِي َ‬ ‫ن النسان مهما أُو ِت َ‬ ‫ن مَرّة أ ّ‬‫وذكرنا أكثر ِم ْ‬
‫عِ ْلمًا‪ ،‬فما مِن عالِم مِن العلماء إل وقد خَ ِفيَت عَليه بعضُ السنن‪ ،‬ومَن قامتْ عليه الحجة بِذلك فل يَنبغِي له أن يَ ْلتَفِت إلى‬
‫ت م ْنزِل ُة قائله بل ذلك القائل الذي قال بِخلف تلك السنّة َنعَْلمُ ِمنْ حاله بِأنّهُ لَو اطّلَع على‬ ‫ل يُخالِف السنّة وإن جَلَّ ْ‬ ‫أيّ قَوْ ٍ‬
‫ع الناس أخذًا بِذلك‪.‬‬ ‫تلك السنّة ِمنْ طريقٍ تَقومُ بِها الحجّة َلكَان مِن أسر ِ‬
‫ن ذلك ل يَنبغِي إذا كان ذلك ُمتّصِل بِشه ِر رمضان أما إذا صام بع َد ُمدّة في شهر شوال‬ ‫ض العلماء إنّما قال بِأ ّ‬ ‫ن بع َ‬ ‫على أ ّ‬
‫فل بأس بِذلك‪.‬‬
‫ن صيام هذه‬ ‫ل بين رمضان و َبيْ َ‬ ‫والصحيح‪-‬كما قلنا‪-‬أنّه ل مانع مِن أن يَصو َم تلك اليام ولو بعدَ العِيد مباشَرة لنه قد َفصَ َ‬
‫ح ّمدِية على صاحبها وآله أفضل‬ ‫ص السنّة الـ ُم َ‬
‫ع بِإجْمَاع المّة السلمية ونَ ّ‬ ‫ن صيامَه َم ْمنُو ٌ‬ ‫الستّة اليام ِبيَ ْومِ ال ِفطْر‪ ،‬فإ ّ‬
‫الصلة والسلم‪.‬‬
‫خرَجْنا منه بِحم ِد ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بِ ِفطْر يومِ العِيد‪ ،‬فل اتّصال بيْن هذه‬ ‫َفإِذَن ما رَاعَاهُ أولئك العلماء في هذه القضي ِة َ‬
‫اليام وبيْن شهرِ رمضان المبارك‪.‬‬
‫سنّة لَم تُ َفصّل في ذلك‪ ،‬وما دامتْ لَم تُفصّل في ذلك فلِلنسانِ أن ُيتَابِعَ بيْن‬ ‫ت ال ّ‬‫ن ناحية ال ّتتَابُع وعدم ال ّتتَابُع فكما قل ُ‬ ‫أما ِم ْ‬
‫ن َيصُوم يوما ويُ ْفطِر يو َميْن أو ثلثة أو أربعة أو أن يَصوم‬ ‫طرَ يوما أو أَ ْ‬ ‫هذه اليام وله‪-‬أيضا‪-‬أن يصُومَ يوما وأن يُ ْف ِ‬
‫ن باب المسابقَة إلى ال َفضْل والخيْر‪،‬‬ ‫ن تابع فذلك خيْر لنّه ِم ْ‬ ‫يو َميْن أو ثلثة ثُم يُ ْفطِر يوما أو يو َميْن أو ما شابه ذلك ‪ ..‬إِ ْ‬
‫سيَعِيشُ في هذه الدنيا الفانِية‪ ،‬ولكن إن أراد أن يُ َؤخّر فل بأس عليه‬ ‫ن حياتِه شيئا فل يَدرِي إلى متى َ‬ ‫ن ل يَملِك مِ ْ‬ ‫والنسا ُ‬
‫بِمشيئة ال تبارك وتعالى ‪ ..‬المهم أن يَصومَ هذه اليام في هذا الشهر وله الجرُ والثواب بِمشيئة ال تبارك وتعالى‪.‬‬
‫سنَة وأظُنّ أنّ طائف ًة مِن‬‫ن ال ّ‬‫ض اليام مِ َ‬ ‫ن م َت َعدّدَة في مشروعي ِة صيا ِم بع ِ‬ ‫سنَ ٌ‬
‫ت ُ‬ ‫وقد َذ َك ْرنَا أكثر مِن َمرّة أنه قد ثبت ْ‬
‫ع صيامُها‪ ،‬فيَنبغي لِلنسان ألّ‬ ‫شرَ ُ‬‫ع َرفُوا مِن خللِها تلك اليام التي ُي ْ‬ ‫المستمعِين الفاضل قد استمَعوا إلى تلك الجوبة و َ‬
‫يُفرّط في الصيامِ المندوب الذي كان يَأتِي بِه النبي أو أنه حَثّ عليه أو بيّن فضلَه وعظي َم منزلتِه؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :2‬مَن كانت عليه أيام قضاء وقد تكون ستّة أيام فيُرِيد أن يَصومَ هذه الستّة اليام و‪-‬أيضا‪-‬يَنوي معها‬
‫صيام الستّة مِن شوال ؟‬
‫ج‪ :‬يعني هل يَصوم ستّة أيام فقط وتكون قضاءً وفي الوقت نفسه تكون نفل ؟‬
‫س‪ :‬نعم‪.‬‬
‫ستّة أيام إنْ كانت عليه ستّة أيام أو سبعة أو خَمسة أو‬ ‫ن أراد أن يَصوم الكُل فَ ْل َيصُمْ الفريضة ِ‬ ‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬هذا ل ُي ْمكِن‪ ،‬إ ْ‬
‫جزِيهِ عن‬ ‫ن َيجْمع بينهما في ِنيّةٍ واحدة بِحيث تَكون هذه اليام ُت ْ‬ ‫ليّام التي عليه ويَصوم ستّة أيام مِنْ شوال‪ ،‬أمّا أ ْ‬ ‫حسْبِ ا َ‬ ‫ِب َ‬
‫جزِيه عن الستّة اليام المشروع صيامها فهذا ِممّا ل يَصِح‪.‬‬ ‫قضا ِء شه ِر رمضان و ُت ْ‬
‫شرَع لذاتِها ‪ ..‬مثل لَ ْو أراد النسان أن يُصلّي ركعتين و َي ْنوِي ِبهِما الضّحَى مثل َدخَلَ‬ ‫ض المور التي ل ُت ْ‬ ‫إنّما ذلك في بع ِ‬
‫ن تَحي َة المسجد ليستْ مَ ْقصُودَة لِذاتِها وإنّما المهم‬ ‫المسجد وصَلّى رَكع َتيْن فتُجزيه هاتَان الركعتان عن تَحية المسجد‪ ،‬ل ّ‬
‫سنّة أو ما شابه ذلك فل بأس بعد ذلك مِن‬ ‫ي بِركعتيْن فإذا صلّى فريضة أو نافلة أو ُ‬ ‫ل يَجلِس النسان إل بعدَ أن يَأ ِت َ‬ ‫أّ‬
‫ش ِرعَ في حَقّه بِمشيئة ال تبارك وتعالى‪ ،‬وكذلك لو أتى بِأكثر مِن ركعتين ‪ ..‬لو‬ ‫الجلوس ول شيءَ عليه ويَكون قد أدّى ما ُ‬
‫أتى بِأربع ركعات ‪ ..‬مثل صَلّى فريض َة العشاء أو فريض َة الظهر أو العصر أو ما شابه ذلك قبلَ أن َيجْلِس فل بأس‬
‫ي مَن يَقول بِال ّتنَفّل بِالركعة الواحدة ونَحن ل نرى ذلك أبدا وإنّما‬ ‫عليه‪ ،‬وإنّما ل ُيجْزِيهِ أن لو صَلّى ركعةً واحدة على رأ ِ‬
‫ن َي َتنَفّل بِركعةٍ واحدة فهذا ِممّا لَم َيرِد‬ ‫ن يُو ِترَ بِركعةٍ واحدة أما أ ْ‬ ‫ل تقدير ‪ ..‬نعم ُي ْمكِنُ أ ْ‬ ‫ي ركعتيْن على أق ّ‬ ‫ل ُبدّ مِن أن يُصلّ َ‬
‫ن قال مِنْ أهل العلم‪ ،‬فإنّ أقواَلهُم تلك تَ ْفتَ ِق ُر إلى الدليل ول ُي ْمكِن أن ُت ْنصَبَ دليل ُي ْع َتمَدُ عليه؛ وال‬ ‫سنّة وإن قال بِه مَ ْ‬ ‫في ال ّ‬
‫‪171‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ومَن شاء أن يصوم هذه اليام متفرّقة فله ومَن شاء أن يصومها متتابِعة فله‪ ،‬إذ إنه ل يَثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ما يدل على أنه لبد مِن تتابُعها‪ ،‬والديث الذي جاء عنه الذي يدل على تتابعها ل يثبت‬
‫عنه لضعف إسناده‪.‬‬
‫* صيام يوم عرفة‬
‫وكذلك ثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬المر بصيام يوم َعرَفَة‪-‬وبيّن صلى ال عليه وعلى آله وسلم‬
‫فضلَه وأنه يُ َك ّفرُ سنتي سنة قبله وسنة بعده‪-‬وهذا خاص بِمَن ل يكن واقفا بعَرَفَة‪ ،‬وأما مَن كان وافقا ب َعرَفَة فإنه ل‬
‫يُشرَع له الصيام‪ ،‬لنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ل يَصم ذلك اليوم عندما كان واقفا بعَرَفَة‪.‬‬
‫وقد جاء عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬حديث يدل على النهي عن صيامه لِمَن كان واقفا بعَرَفَة ولكنّ‬
‫ذلك الديث ل يَصح عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لنّ ف إسناده مهول‪ ،‬فالنهي عن صيامه ل يَصح‬
‫ولكنّ النسان ينبغي له أن يَقتدي بالنب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫وجاء حديث فيه المر بصيام آخر يوم مِن ذي الجة وأول يوم‪ 1‬مِن شهر الحرم ولكنّ هذا الديث ل يَثبت عن‬
‫النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فهو حديث موضوع‪ ،‬وقد َذكَر ذلك الوضّاع بأنّ هذا الصيام‪ 2‬يُ َكفّرُ خسي‬
‫سنة وهو‪-‬كما قلتُ‪-‬باطل ل يَثبت ‪..‬‬
‫* صيام شهر المحرم‬

‫ولي التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬مَن أراد أن يَصوم هذه الستّة و ُيوَزّعها على الثنين والخميس واليام البِيض‪ ،‬هل له ذلك بِهذه النية ؟‬
‫ن يَصوم ستّة أيام ‪ ..‬يَصوم‪-‬مثل‪َ -‬ي ْومَ الثنين والخميس أو يَصوم الثالث عشر والرابع عشر‬ ‫ج‪ :‬ل مَانِع ‪ُ ..‬م ْمكِن أ ْ‬
‫والخامس عشر ‪ ..‬ل مانع مِن ذلك بِمشيئ ِة ال تبارك وتعالى‪.‬‬
‫س ‪ :4‬هل يُقدّم القضاء أو ال ّنفْل بِالنسبة لِلستّة أيام مِن شوال ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ ذهب بعضُ أهل العلم إلى أنّ النسان إذا أراد الفضْل الوارد في صيا ِم هذه الست فإنّه أ ّولً عليه أنْ‬
‫ض ل َيصْ ُدقُ في حَقّه أنّه صام رمضان والحديث يقول‪:‬‬ ‫يَقضِي رمضان ‪ ..‬طبعا إن كان عليه هنالك قضاء‪ ،‬لنّه إن لَم يقْ ِ‬
‫ن شه ِر رمضان ل َيصْ ُدقُ عليه هذا الحديث‬ ‫ض اليام ِم ْ‬
‫ض بع َ‬ ‫ت مِن شوال ) فمَن لَم يَقْ ِ‬ ‫( مَن صام رمضان ثُم أ ْت َبعَ ُه بِس ّ‬
‫عند هؤلء العلماء الذين قالوا بِهذا الرأي‪.‬‬
‫طرَها في شهرِ‬ ‫ض اليام قد َأ ْف َ‬ ‫ل على ذلك ِبمَشيئة ال‪-‬تعالى‪-‬وَل ْو كانت هنالك بع ُ‬ ‫ن أهل العلم إلى أنّه َيحْصُ ُ‬ ‫وذهبت طائفة مِ ْ‬
‫رمضان ولَم يَ ُق ْم بِقضائها َبعْد‪ ،‬ذلك لنّه ثبت مِن طريقِ السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعالى عنها‪-‬أنّها كانت تقضِي ما عليها‬
‫ن المسْ َت ْبعَد جِدا أن َتتْرك‬‫ب هذا الشهر‪ ،‬وقالوا‪ِ " :‬م َ‬ ‫ن النبي كان يَصوم أغْلَ َ‬ ‫مِن شهرِ رمضان في شهرِ شعبان ل ّ‬
‫السيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنها‪-‬صيامَ النفل في هذه المدّة بِحيث إنّها ل تَصوم إل شهر رمضان فقط مع أنّها‬
‫سَمعتْ الفضل العظيم مِن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬في صيامِ هذه اليام وفي غيرها مِن اليام التي َو َردَ‬
‫خ َذ بِأم ٍر ُمتّفَق عليه بيْن أهل‬ ‫ن أخذ بِالرأيِ الوّل فإنّه َأ َ‬‫ن هذا الرأيَ رأيٌ وجيه ولكن مَ ْ‬ ‫شكّ بِأ ّ‬‫الفضل في صيامها "‪ ،‬ول َ‬
‫ن هذا القول مِن‬ ‫ن الحتمال ما فيه‪ ،‬فإ ّننَا وإن كنّا َنرَى أ ّ‬ ‫ث بِاتّفاقهم جَميعا بينما هذا المر فيه ِم َ‬ ‫العلم و َيصْ ُدقُ عليه الحدي ُ‬
‫ن نَ ْقطَعَ بِه لِ ُورُو ِد الحتمال كما ل يَخفى؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬ ‫القوّة بِمكان ولك ّننَا ل نستطيع َأ ْ‬
‫س ‪ :5‬مَن لم يَصم الست مِن شوال إلى هذا الوقت [ ‪ 8‬شوال ]‪ ،‬هل له أن يصوم ؟‬
‫ج‪ :‬نعم له أن يصوم‪ ،‬لنّ الوقت ل زال باقيا؛ وال‪-‬تعالى‪-‬أعلم‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬صوم " بدل مِن " يوم " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫‪-2‬قال الشيخ‪ " :‬الحديث " بدل مِن " الصيام " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫‪172‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫نعم ثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬المر بصيام شهر الحرم‪ ،‬فالديث الدال على صيام شهر الحرم‬
‫ثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ويَدخل اليومُ الول ف ضِمن هذا الفضْل الذي ثبت عن النب صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ل بدللة ذلك الديث الوضوع‪.‬‬
‫* صيام يوم عاشوراء‬
‫وأفضل الصيام ف شهر الحرم هو صوم اليوم العاشر‪ ،‬وهو العروف بصوم يوم عاشوراء‪ ،‬فقد ثبت عن النب‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه كان يَصومه بل ثبت عنه أنه أمر بصيامه وأنه يُ َك ّفرُ سنة قبله‪.‬‬
‫والفضل أن يصومه مع اليوم التاسع وإن اقتصر عليه فله ثوابه بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫وقد جاء حديث ف النهي عن صيامه مفرَدا والمر بصيامه مع يومٍ قبله أو مع يومٍ بعده ولكنّ ذلك الديث ل يَثبت‬
‫عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لنّ ف إسناده ضعيفا ومهول‪ ،‬فقول مَن قال بأنّ الكمل بأن يَصومه‬
‫النسان مع يومٍ قبله ومع يومٍ بعده ل أجد ما يدل عليه‪.‬‬
‫وإنا ثبت الديث بفضْل صيامه مع يومٍ قبله وثبت‪-‬أيضا‪-‬المر بصيامه مفرَدا‪.‬‬
‫وقد جاء ف رواية أنّ يومَ عاشوراء هو اليوم التاسع ولكنّه حديث ضعيف بل باطل ل يَثبت عن النب صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫* صيام أغلب شعبان‬

‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه له نصه كالتالي ‪:‬‬


‫س ‪ :1‬ما حكم صيام شهر شعبان ؟‬
‫ج‪ :‬قد ثبت عن النبي ثبوتا أوضحَ مِن شمس الظهيرة أنه كان يَصوم في شهر شعبان‪ ،‬وشهر ُة ذلك تُغني عن الطالةِ‬
‫ب الذي كان يَدعو النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى‬ ‫ِب ِذكْ ِر مَن رواه‪ ،‬وقد نَصّتْ على ذلك كلمةُ أهل العلم وإن اختلفوا في السب ِ‬
‫ج ْد حديثا صحيحا ثابتا يَدلّ على واح ٍد مِن تلك‬ ‫ل متعدّدة ولم َأ ِ‬
‫آله وصحبه وسلم‪-‬لِصيامِ هذا الشهر‪ ،‬ولهم في ذلك أقوا ٌ‬
‫ت مِن ورائه فائد ٌة كبيرة‪،‬‬ ‫ل بِه المقام‪ ،‬وليس ْ‬‫القوال‪ ،‬و ِذ ْك ُر تلكَ الحاديث التي استدلّ بِها القائلون على تلك القوال يَطو ُ‬
‫ت منها شيء وإن ادّعى بعضهم ثبوتَ واحدٍ مِن تلك الحاديث‪.‬‬ ‫إذ إنها‪-‬كما قلتُ‪-‬ل يَثب ُ‬
‫ل شهر‬ ‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬كان يَشتغِلُ عن صيامِ ثلث ِة أيامٍ مِن ك ّ‬ ‫فبعضُ العلماء ذهب إلى أ ّ‬
‫بِالجهادِ أو بِغ ْيرِه وكان يَجمَ ُع تلكَ اليام فيَصومُها صلوات ال وسلمه عليه في شه ِر شعبان‪ ،‬وعلى هذا مَن لم يَشتغِل‬
‫ث ضعيف‪-‬كما أشرتُ‪-‬فل يُمكن أن‬ ‫عن تلك اليام فإنه ل ُيسَنّ في حقّه أن يَصومَ هذا الشهر‪ ،‬ولكن هذا مبني على حدي ٍ‬
‫يُعتمَدَ عليه‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إنه صلوات ال وسلمه عليه كان يَصومُ في هذا الشهر أكث َر مِن غ ْيرِه مراعاةً لزواجه‪-‬رضوان ال عليهن‪-‬إذ‬
‫س هذا تماما‪.‬‬
‫صمْنَ في هذا الشهر قضا َء شه ِر رمضان‪ ،‬والواق ُع يَدلّ على عك ِ‬ ‫ن َي ُ‬‫إنّهن كُ ّ‬
‫ل ِذ ْكرُه‪ ،‬ول دليل على ذلك‪.‬‬
‫وقيل بغيْرِ هذه القوال ِممّا يَطو ُ‬
‫صمْه صلوات ال وسلمه عليه‬ ‫ن صيا َم هذا الشه ِر سنّة عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولم َي ُ‬ ‫والظاهرُ لي بِأ ّ‬
‫ن ذلك ليس مِن السنَن المقصودة عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬وإنما يَصومُه مَن‬ ‫مراعا ًة لمرٍ آخَر حتى يُقال إ ّ‬
‫َوقَعَ له كما َوقَعَ لِلنبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أما مَن لم يَقَعْ له َكمِثلِ ما َوقَعَ لِلنبي فإنه يَبقى كبقيةِ‬
‫ن ذلك مشروعٌ في هذا الشهر‪ ،‬وتلكَ القوال التي قالوها ل دليلَ على شيءٍ منها على أنّ‬ ‫الشهر الخرى ‪ ..‬الصحيح أ ّ‬
‫ن ذلك مقصودٌ منه صلوات ال وسلمه عليه وأنه سنّة ثابتة عنه‪.‬‬ ‫بعضَها يَدلّ على أ ّ‬
‫والحاصل أنه ل يَنبغي التفريطُ في صيا ِم هذا الشهر وأنه سنّة ثابتة عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ول يَلزمنا‬
‫ن ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬يَجعلُ‬ ‫خصّ ُه النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أكثرَ مِن غ ْيرِه مِن بقي ِة الشهور فإ ّ‬ ‫أن نعرف لماذا َ‬
‫ل ال وإن لم‬ ‫الفضْل في ما شاءه مِن الشهورِ واليام والليالي فإذا اطّلعْنا على الحكمة فبِها وإلّ فعلينا أن َن ّتبِعَ رسو َ‬
‫ع مِن أجْلِها ذلك الصيام أو تلك الصلة أو تلك العبادة التي كان َي َت َع ّبدُ بِها النبي‪-‬صلوات ال وسلمه‬ ‫َنعْلَم الحكمة التي شُ ِر َ‬
‫عليه‪-‬أو أنه َأ َمرَنا بِها‪.‬‬
‫‪173‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه كان يَصوم شهر شعبان ‪ ..‬جاء ف بعض الروايات أنه كان يصوم‬
‫شهر شعبان‪ ،‬وجاء ف بعضها ما يدل أنه كان يصوم أغلب شعبان‪ ،‬وهذه الرواية هي الرواية الصحيحة‪ ،‬لِما ثبت مِن‬
‫النهي عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬عن تَقدّم رمضان بِصوم يوم أو يومي‪ ،‬فالرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪-‬كان يُواظِب على صيام أغلب شعبان‪ ،‬والرواية الخرى ممولة على الغالِب‪.‬‬
‫وجاءت رواية فيها المر بصيام الامس عشر مِن شعبان ولكنّ هذه الرواية باطلة ل تصح عن النب صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وجاء ف رواية أخرى أنه صلى ال عليه وعلى آله وسلم نى عن صيام النصف مِن شعبان‪-‬وقد حَمَلها بعض العلماء‬
‫شقّ عليه ذلك‪ ،‬وحلها بعض‬ ‫على اليوم الامس عشر‪ ،‬وحلها بعضهم على النصف الثان مِن شعبان لِمَن كان يَ ُ‬
‫العلماء على مَن ابتدأ الصوم مِن منتصف شهر شعبان وهذا بناء على ثبوت هذه الرواية كما ذهب إل ذلك بعض‬
‫العلماء‪-‬ولكنّ هذه الرواية ل تَثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬على الصحيح‪-‬كما هو مذهب جاعة‬
‫‪1‬‬
‫كبية مِن أهل العلم‪.‬‬

‫ن النبي كان يَصو ُم شه َر شعبان كلّه‪ ،‬وجاءَ في‬ ‫ث مِن طريقِ السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعالى عنها‪-‬أ ّ‬ ‫وقد جا َء في الحدي ِ‬
‫ل قليل منه "‪ ،‬وقد اختلَف العلماء في ذلك‪:‬‬ ‫ن كلّه إ ّ‬
‫بعضها‪ " :‬كان يَصو ُم شهرَ شعبا َ‬
‫‪-1‬منهم مَن ذهب إلى أنه صلوات ال وسلمه عليه كان في بعض السنوات يَصومُ شهرَ شعبان كلّه وكان في بعضها‬
‫يَصومُ بعضَه‪ ،‬فتُحمَل الرواية التي فيها أنه كان يَصو ُم بعضَه على بعضِ السنوات وتُحمَل الخرى على السنوات‬
‫الخرى‪.‬‬
‫ض شعبان ثم بع َد ذلك كان يَصو ُم الشه َر كلّه‪،‬‬‫‪-2‬وذهب بعضهم إلى أنه كان صلوات ال وسلمه عليه يَصومُ أوّل بع َ‬
‫وتُحمَل الرواياتُ‪-‬أيضا‪-‬على هذا‪.‬‬
‫‪-3‬وذهب بعضهم إلى أنه صلوات ال وسلمه عليه كان يَصو ُم مِن أوّل الشهر في بعض الحيان وكان يَصومُ في‬
‫ص وقتا مِن هذا الشهر بل كان‬ ‫منتصفِ الشهر وكان يَصومُ في أواخِر الشهر فما كان صلوات ال وسلمه عليه يَخ ّ‬
‫يَصومُ تار ًة في أوّله وتار ًة في وسطِه وتار ًة في أواخرِ الشهر‪ ،‬وعلى ذلك تُحمَل الروايات‪.‬‬
‫ب الشهر‪ ،‬وإطلقُ الكل على الغلب مِن بابِ‬ ‫‪-4‬وذهب بعضهم إلى أنه‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬كان يَصومُ أغل َ‬
‫ت هذا‬‫ق السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعالى عنها‪-‬التي رَوَ ْ‬ ‫ت مِن طري ِ‬‫المجاز؛ وهذا هو الرأي الذي أذهبُ إليه‪ ،‬فإنه قد ثب َ‬
‫الحديث أنه ما استكملَ صيامَ شهرٍ قطّ إلّ شهرَ رمضان‪ ،‬وفي هذا دللةٌ واضحة على أنه صلوات ال وسلمه عليه‬
‫ب الشهرِ‪ ،‬وتقري ُر ذلك يَطول وفي هذا كفايةٌ إن شاء ال تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫ما كان يَصو ُم الشهرَ كلّه وإنما كان يَصومُ أغل َ‬
‫‪ - 1‬وقد سئل فضيلته عن حكم صيام النصف من شعبان في أسئلة أخرى منها ‪:‬‬
‫س ‪ :8‬ذكرتم في حلقة ماضية حديثا ورد في النهي عن صيام ما بعد النصف من شعبان ‪ ..‬الرجاء توضيح جوابكم‬
‫أكثر‪.‬‬
‫ج‪ :‬نعم قلتُ‪ :‬إنه قد ورد في ذلك حديث مروي عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬ونحن نعلم أنّ ما روي عن النبي‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم‪-‬منه الصحيح ومنه الحسن ومنه الضعيف‪ ،‬أو بعبارة أخرى منه الصحيح المقبول ومنه الباطل‬
‫المردود‪ ،‬وهذا الحديث‪-‬الذي تشير أنت إليه الن وذكرناه في تلك الليلة‪-‬حديث ل يثبت عن النبي صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وصحبه وسلم‪ ،‬ومادام هذا الحديث غير ثابت عنه‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬فإنه ل يترتب عليه شيء من الحكام‬
‫الشرعية‪ ،‬وقد ثبت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬ما يخالف ذلك‪ ،‬حيث إنه قد ثبت عنه‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬أنه‬
‫كان يصوم شهر شعبان أو‪-‬كما في بعض الروايات‪-‬كان يصوم أغلبه‪ ،‬فإذن ينبغي للنسان أن يُكثِر من الصيام في شهر‬
‫شعبان ولو كان ذلك بعد الخامس عشر منه‪-‬ول ينبغي له أن يلتفت إلى ذلك الحديث الباطل المنكَر الذي ل يثبت عن‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم‪-‬وإنما يتوقف عن الصيام إذا بقي يوم أو يومان من شهر شعبان إل إذا كان يصوم قضاء أو‬
‫كفارة أو نذرا أو كان يصوم صياما قد اعتاد أن يصومه؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :5‬هناك من سمع أو قرأ بأنّه ورد نهي عن الصيام بعد نصف شهر شعبان‪ ،‬فهل يُنهى عن الصيام بعد نصف شهر‬
‫شعبان ؟‬
‫‪174‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫* حكم صيام يوم التروية والعشر الول من ذي الجة‬


‫وجاءت رواية عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فيها فضْل صيامِ يومِ التروية‪ ،‬ول يَثبت عن النب‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه صامه ف الج‪ ،‬أما بالنسبة إل غي الج فجاءت بعض الروايات أنّ النب‪-‬صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬كان يَصوم العشْر ولكنّ الرواية الصحيحة فيها أنه صلى ال عليه وعلى آله وسلم ل يَكن يَصوم‬
‫ذلك ‪ ..‬نعم جاء أنّ العمل الصال ف العشْر أفضل مِن غيها‪ ،‬وأما رواية يوم التروية فإنا رواية باطلة ل تَثبت عن‬
‫النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لنّ ف إسنادها كذابا وف إسنادها‪-‬أيضا‪-‬مهول ولكنّ المْل على ذلك‬
‫الكذاب الذي هو الكلب الشهور بالكذب‪.‬‬
‫* حكم صيام يوم النيوز‬
‫وجاء‪-‬أيضا‪-‬المر بصيام يوم النيوز وأنه يَعدل سنتي وهي رواية باطلة‪ ،‬جاءت مِن طريق وف إسنادها ماهيل‪ ،‬ومِن‬
‫سرَة‪ ،‬فال ّق بأنّ ذلك ل يَثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله‬
‫طريق أخرى وف إسنادها كذاب وهو سعيد بن َميْ َ‬
‫وسلم‪.‬‬

‫ج‪ :‬نعم رُوي حديث عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فيه النهي عن صيام النفل إذا انتصف شهر شعبان ‪..‬‬
‫روى هذا الحديث جماعة من أئمة الحديث‪ ،‬منهم عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي في " الكبرى " وأبو داود‬
‫عدِي في " الكامل "‪ ،‬وقد‬ ‫والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن حبان و َتمّام في فوائده والعُ َقيْلي في " الضعفاء " وابن َ‬
‫اختلف العلماء في ثبوت هذا الحديث‪:‬‬
‫منهم من قال بثبوته‪ ،‬وممن حكم بثبوته الترمذي وابن حبان والحاكم والطحاوي في " شرح معاني الثار " وابن عبد‬
‫البر وابن حزم وابن عساكر‪ ،‬وجماعة‪.‬‬
‫ومنهم من حكم بنُكارَته أو شُذوذِه‪ ،‬وممن صنع ذلك عبد الرحمن بن مهدي وابن معين وأحمد وأبو ُزرْعَة الرّازي وابن‬
‫ن هذا الحديث شاذّ على أحسن الحوال‪ ،‬ل يثبت عن رسول ال صلى ال‬ ‫َرجَب‪ ،‬وجماعة؛ وهو الذي أذهب إليه‪ ،‬فأرى أ ّ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لمعارضته لما ثبت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪-‬من طريق صحيح ثابت ل خلف بين أهل‬
‫العلم في ثبوته‪-‬من أنه صلى ال عليه وعلى آله وسلم كان يصوم شهر شعبان أو كان يصوم أكثر شهر شعبان‪ ،‬فصلوات‬
‫ال وسلمه عليه كان يصوم أكثر شهر شعبان‪.‬‬
‫والذين قالوا بثبوت هذا الحديث اختلفوا في معناه‪:‬‬
‫منهم من ذهب إلى أنه يُنهى عن صيام اليوم السادس عشر فقط‪ ،‬وهذا هو الذي ذهب إليه ابن حزم‪.‬‬
‫ن هذا النهي ينطبق على من صامه من أجل مراعاة رمضان‪.‬‬ ‫ومنهم من ذهب إلى أ ّ‬
‫ن ذلك ينطبق على من كان يُضعِفه الصيام عن صيام شهر رمضان‪.‬‬ ‫ومنهم من ذهب إلى أ ّ‬
‫ن الحديث‪-‬كما قلتُ‪-‬ل يثبت عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فهو من طريق ضعيفة‪ ،‬تكلم بعض أهل‬ ‫ولك ّ‬
‫ن ذلك الراوي مختلَف فيه بين أهل العلم‪ ،‬وثانيا أنّ صحة‬ ‫العلم فيها‪ ،‬وتقوية راويها في حقيقة الواقع ل تفيد‪ ،‬أوّل أ ّ‬
‫السناد‪-‬على تقدير صحة السناد‪-‬ل تكفي للحكم على الحديث بالثبوت بل لبد من توافر بعض الشروط الخرى ومن‬
‫جملتها عدم الشذوذ والعِلّة‪ ،‬والحديث ها هنا شاذّ ُمعَلّ‪ ،‬لمخالفته للصحيح الثابت من فِعل رسول ال صلوات ال وسلمه‬
‫ن ذلك الراوي فيه كلم كما قلتُ‪.‬‬ ‫عليه‪ ،‬على أ ّ‬
‫فإذن ل مانع من الصيام في هذا الشهر‪ ،‬بل ينبغي للنسان أن يصوم فيه اقتداء بالنبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫ولما فيه من الفضل‪ ،‬ول شك أنّ ما يفعله الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فيه خير كثير‪ ،‬و‪ (( :‬لَ َق ْد كَانَ َل ُكمْ فِي‬
‫سنَة )) [ سورة الحزاب‪ ،‬من الية‪ .. ] 21 :‬نعم من كان يُضعِفه الصيام عن شهر رمضان فيظن أنه‬ ‫حَ‬
‫ل الِ ُأسْ َو ٌة َ‬
‫رَسُو ِ‬
‫إذا صام هذا الشهر يمكن أن يَضعُف عن صيام شهر رمضان وربما يضطر إلى الفطار فإنه ل ينبغي له الكثار من‬
‫الصيام في هذا الشهر مراعا ًة لشهر رمضان‪ ،‬لنّ الصيام فيه واجب بخلف هذا‪ ،‬والنسان طبيب نفسه في مثل هذه‬
‫المور؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫* صيام يومي الثنين والخميس‬


‫وجاء‪-‬أيضا‪-‬أ ّن النب كان يَصوم يوم الثني ويوم الميس والرواية بذلك ثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وجاءت رواية أخرى فيها أنه صلى ال عليه وعلى آله وسلم كان يصوم السبت والحد والثني مِن شهر وكان يصوم‬
‫الثلثاء والربعاء والميس مِن الشهر الذي يليه ولكنّ هذه الرواية ل تَثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬بل‬
‫الثابت أنه كان يَصوم الثني والميس‪.‬‬
‫وجاءت هنالك روايات تدل على صيام بعض اليام ولكنّ ذلك ل يَثبت‪ ،‬فالثابت هو ما ذكرتُه على حسب ما يَحضرن‬
‫الن‪.‬‬
‫* صيام أيام البيض‬
‫والصيام‪-‬أيضا‪-‬الذي أمر به النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬صيام ثلثة أيام مِن كل شهر وهي أيام الليال البيض وهي‬
‫الثالث عشر والرابع عشر والامس عشر مِن كل شهر إل الثالث عشر مِن شهر ذي الجة فإنّ ذلك مكروه‪ ،‬لثبوت النهي‬
‫عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬عن صيام أيام التشريق‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الصيام الحرم‬
‫‪)1‬صيام يوم العيدين‬
‫وأما الصيام الحرم فهو صيام يوم العيدين باتفاق أهل العلم‪ ،‬وقد ثبت النهي بذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ )2‬صيام يوم الشك‬

‫‪ - 1‬جاءت أسئلة مشابهة تبين حكم صيام يوم الشك من ذلك ‪:‬‬
‫س‪ :‬ربما توجد لدى بعض الناس درجة من الشك في ثبوت الهلل أو عدمه فيكلّف نفسه صوم ذلك اليوم اعتقادا على‬
‫أنه يُفرَض عليه أن يصومه ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا خطأ كبير‪ ,‬ل ينبغي للنسان أن يَلتفت إلى الشكوك‪ ،‬والرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد‬
‫قطع المر في هذه المسألة‪ ،‬وقد جاء عن عمّار‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنه‪-‬أنه قال‪ " :‬من صام يوم الشك فقد عصى‬
‫أبا القاسم " صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وهو حديث صحيح‪ ،‬روته جماعة من أئمة الحديث‪ ،‬فقد رواه‬
‫النسائي وأبو داود والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان والطحاوي في " شرح المعاني "‪ ،‬ورواه‪-‬‬
‫أيضا‪-‬الدارقطني والحاكم والبيهقي‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت كما قلتُ‪ ،‬وهو وإن كان موقوفا في الظاهر لكنه في حكم‬
‫ص هذا الحديث الثابت؛ وقد جاء في الربيع‬ ‫المرفوع؛ فمن صام هذا اليوم فهو عاص ل‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولرسوله بن ّ‬
‫مرسَل النهي عن صوم يوم الشك؛ وقد جاء‪-‬أيضا‪-‬في الحديث عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ( :‬ل تَ َقدّموا‬
‫رمضان بصوم يوم أو يومين )‪ ،‬والحديث صحيح ثابت‪ ،‬فقد رواه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود والترمذي‬
‫والدارمي وابن ماجة والشافعي في مسنده وابن أبي شيبة وعبد الرزاق وابن حبان والبيهقي‪ ،‬وجماعة‪ ،‬فهذا الحديث فيه‬
‫نهي عن تقدّم رمضان بصوم يوم أو يومين إل من كان يصوم صياما واجبا عليه‪-‬كصوم كفارة أو صوم قضاء لشهر‬
‫رمضان المبارك أو صوم نذر‪-‬أو كان يصادف ذلك صوما مندوبا‪-‬كأن يكون يصوم يوما ويفطر يوما فصادف ذلك اليومُ‬
‫اليو َم الذي يصوم فيه أو كان يصوم يوم الثنين أو يوم الخميس لثبوت سنّة في فضل صيامهما فصادف ذلك اليومُ يومَ‬
‫ص الحديث الصحيح‪ ،‬وهو الذي ذهبت إليه طائفة‬ ‫الخميس أو يومَ الثنين‪-‬فإنه يصوم ذلك‪ ،‬ول يكون داخل في النهي بن ّ‬
‫من أهل العلم‪ ,‬فالحديث نصّ في النهي والصل في النهي أن يُحمَل على التحريم‪ ،‬كما ذهب إلى ذلك جمهور المّة‪،‬‬
‫لدلة متعددة مبسوطة في موضعها؛ وكذلك جاء من طريق أبي سعيد الخذري‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬عند المام الحافظ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬قال‪ ( :‬ل تصوموا حتى تروا الهلل ول‬ ‫الحجّة الربيع بن حبيب رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬أ ّ‬
‫تفطروا حتى تروه )‪ ،‬فالحديث فيه نهي عن الصيام حتى تثبت الرؤية والنهي‪-‬كما قلتُ‪-‬يدل على التحريم؛ وقد جاء‪-‬‬
‫أيضا‪-‬مثل ذلك من طريق ابن عمر‪-‬رضي ال تعالى عنهما‪-‬ومن طريق أبي هريرة‪ ،‬عند البخاري ومسلم‪ ،‬فقد جاء عند‬
‫المام البخاري من طريق ابن عمر رضي ال تعالى عنهما‪ ( :‬فإن غمّ عليكم فأكملوا ال ِعدّة ثلثين ) وجاء عند مسلم‪:‬‬
‫عدّة شعبان ثلثين )‬ ‫( فاقدُروا له ثلثين )‪ ،‬وجاء من طريق أبي هريرة عند المام البخاري‪ ( :‬فإن غبي عليكم فأكملوا ِ‬
‫وجاء عند مسلم ( فإن غمّي عليكم فأكملوا ثلثين )‪ ،‬إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي يطول بها المقام‪ ،‬ففيها دللة‬
‫واضحة‪ ،‬لنّ في بعضها النهي عن الصيام والنهي يدل على التحريم‪ ،‬وفي بعضها المر بإكمال شعبان ثلثين والمر‬
‫‪176‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وكذلك صوم يوم الشك على مذهب طائفة مِن أهل العلم‪ ،‬وقد جاء النهي عن ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪ ،‬وقد اختلف العلماء ف صوم يوم الشك بعد اتفاقهم على تري صيام يومي العيد ‪ ..‬أي عيد الفطر وعيد‬
‫الضحى‪:‬‬
‫فذهبت طائفة إل تري صيام يوم الشك‪ .‬وذهبت طائفة إل كراهة صيامه‪.‬‬
‫وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل استحباب صيامه‪ .‬وذهبت أخرى إل التخيي ف صيامه‪.‬‬
‫‪-‬وهنالك مذاهب كثية أخرى ف صيام يوم الشك‪-‬‬

‫يدل على الوجوب ما لم تصرفه قرينة ول قرينة هاهنا‪ ،‬ولذلك نرى أنّ قول من قال بتحريم صيام يوم الشك ‪ ..‬نرى أنّ‬
‫هذا القول هو القول الصحيح‪ ،‬وهو الذي ذهبت إليه طائفة كبيرة من أهل العلم‪.‬‬
‫ن ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ل يُتقرّب‬ ‫وإن كان بعض العلماء ذهب إلى كراهة ذلك ومع ذلك‪-‬أيضا‪-‬ل ينبغي لحد أن يصومه‪ ،‬ل ّ‬
‫إليه بالمكروه‪.‬‬
‫ص السنّة‪.‬‬
‫ومنهم من ذهب إلى إباحة ذلك؛ وذلك مخالِف لن ّ‬
‫ومنهم من قال بندبية صيام ذلك‪.‬‬
‫ومنهم من قال بوجوبه قطعا‪.‬‬
‫ومنهم من قال بوجوبه ظنّا‪.‬‬
‫ومنهم من قال بوجوبه على طريق الحتياط‪.‬‬
‫ومنهم من قال بغير ذلك من القوال الساقطة التي ل داعي إلى ذكرها‬
‫غبِي‬ ‫غمّ أو َ‬
‫هذا إذا كان في السماء غيم أو َقتَر ‪ ..‬أي كان هنالك سحاب أو غبار يمنعان من رؤية الهلل‪ ،‬والحقّ أنه إذا ُ‬
‫ولم تُمكِن رؤيته بسبب السحاب أو الغبار أو ما شابه ذلك من الموانع أنه ل يُصام‪ ،‬للنصوص الصحيحة الثابتة‪.‬‬
‫ن معنى ذلك " اقدروا ثلثين "‪ ،‬كما جاء في الروايات‬ ‫وأما ما جاء في بعض الروايات من قوله‪ ( :‬فاقدُروا ) فإ ّ‬
‫ن المجمل ُيرَ ّد إلى المبيّن‪ ،‬على أنه حتى لو لم تأت هذه‬ ‫المصرّحة ‪ ..‬إذا جاءت رواية مجملة وأخرى مصرّحة بذلك فإ ّ‬
‫الرواية المصرّحة بذلك فإنه لبد من أن يُحمَل على ذلك‪ ،‬ولِبسط ذلك موضع آخر‪ ,‬فالحق الحقيق بالقبول أنّ صيام يوم‬
‫الشك حرام‪ ،‬ويليه في القوّة قول من قال بالكراهة وال‪-‬تبارك وتعالى كما قلتُ‪-‬ل يُعبَد بالمكروه‪ ،‬فل ينبغي لحد أن‬
‫يَحتاط أمثال هذه الحتياطات الباطلة المخالِفة لسنّة رسول ال‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬الواضحة وضوحا أوضح من شمس‬
‫الظهيرة‪.‬‬
‫ونحن نرى أنّ الرسول‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬يَقطع على أهل الشكوك شكوكهم في كثير من الحوال‪ ،‬فقد ثبت في السنّة‬
‫ن أنه قد خرج منه ريح أنه ل يَخرج من صلته تلك إل إذا تيقّن ذلك بأن شمّ رائحة ذلك الريح أو‬ ‫أنّ من كان يصلي وظ ّ‬
‫سمع صوته‪ ،‬أما إذا كان المر بخلف ذلك فل‪ ،‬فمثل هذه الشكوك التي َيدّعي كثير من الناس بأنها احتياطات هي من‬
‫باب الحتياطات الباردة‪ ،‬فالحتياط عندما تتعادل الدلة ‪ ..‬هنالك يمكن للنسان أن يحتاط‪ ،‬أما إذا كانت الدلة واضحة‬
‫كوضوح الشمس في الظهيرة فل ينبغي أن يُلتفَت إلى ذلك‪.‬‬
‫ومن المعلوم أننا نجد كثيرا من القوال تُنسَب إلى بعض الئمة وفي حقيقة الواقع تلك القوال ل تثبت عن أولئك الئمة‪،‬‬
‫ن الفيصل في مثل هذه‬ ‫ن ما ثبت عنهم أو عن غيرهم فإ ّ‬ ‫لنها جاءت من بعض الطرق التي ل تصلح للستشهاد بها‪ ,‬ثم إ ّ‬
‫القضايا الحجّة‪ ،‬والحجّة ل تكون إل من كتاب ال أو من سنّة رسوله‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬الصحيحة الثابتة عنه أو ما‬
‫يَرجع إليهما بوجه من الوجوه المعتبَرة‪ ،‬أما أقوال أهل العلم وإن جَلّت منازلهم فإنها يُحتَج لها ول يُحتَج بها‪ ،‬وإن كان‬
‫ذلك ل يعني القدح في أهل العلم‪ ،‬فينبغي للنسان أن يُبجّل أولئك العلماء وأن يَبحث لهم عن احتمال ولو كان أوهى من‬
‫خيوط العنكبوت‪ ،‬إذ ل يُمكن لعالم من العلماء أن يُخالِف سنّة صحيحة ثابتة عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫بالهوى‪ ،‬وإنما قد يُخالِف ذلك لعدم ثبوت تلك السنّة عنده أو لعدم إطلعه عليها أو ما شابه ذلك‪ ،‬فنبحث له عن العذر في‬
‫تلك المخالَفة ولكن ل يجوز لنا أن نُتابِعه على ذلك القول؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬متى بالتحديد يوم الشك ؟ هل التاسع والعشرون من شعبان أم يوم ثلثين من شعبان‪ ،‬حتى يتجنب الناس‬
‫صومه ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ بالنسبة إلى يوم الشك هو يوم الثلثين من شعبان إذا لم تثبت ‪ ..‬إن لم تثبت الرؤية فذلك اليوم هو يوم‬
‫الشك‪ ،‬أما بالنسبة إلى يوم التاسع والعشرين فهو ليس بيوم شك‪ ،‬لنه من شعبان‪ ،‬كما هو واضح‪ ،‬ولكن‪-‬كما قلتُ‪-‬جاء في‬
‫‪177‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ومِن العلماء مَن قال بوجوب صيامه ف حالة الغيم‪ .‬ومنهم مَن قال باستحباب صيامه ف حالة الغيم‪.‬‬
‫والصواب أنه منهي عن صيامه سواء كان ذلك ف غيم أو كان ذلك ف غيه‪.‬‬

‫‪ )3‬صيام أيام التشريق‬


‫ومِن اليام الت ثبت النهي عن صيامها أيام التشريق‪ ،‬وقد اختلف العلماء ف هذا النهي‪:‬‬
‫حلته طائفة على التحري‪ .‬وحلته طائفة أخرى على الكراهة‪.‬‬

‫الحديث عن النبي‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬أنه قال‪ ( :‬ل تَ َقدّموا رمضان بصوم يوم أو يومين ) إل‪-‬طبعا‪-‬من كان يصوم‬
‫صياما واجبا عليه أو صادف ذلك عادة كمن كان يصوم يوما ويفطر يوما أو‪-‬أيضا‪-‬صادف ذلك يوم الثنين أو يوم‬
‫الخميس وكان من عادته يصوم ذلك اليوم أما أن يصومه على جهة الحتياط أو ل فذلك مما يُنهى عنه‪ ،‬فإذن يوم الشك‬
‫هو يوم الثلثين من شعبان ولكن النهي ثبت عن تَقدّم رمضان بصيام يوم أو يومين كما في الحديث؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬نظرا لنّ الناس في هذا السبوع سيستقبلون شهر رمضان الكريم بإذن ال‪-‬سبحانه وتعالى‪-‬والكل متلهف‬
‫لستقباله يسأل الكثيرون عن صيام يوم الشك إذا ما صادف مثل ذلك اليوم‪ ،‬ما حكمه ؟‬
‫ن العلماء قد اختلفوا في صوم يوم الشك‪ ،‬ولهم في ذلك أقوال متعددة‪:‬‬ ‫ج‪ :‬إ ّ‬
‫ذهب بعض العلماء إلى تحريم صومه‪ ،‬لنهي النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬عن ذلك‪ ،‬فقد روى المام الحافظ الحجة‬
‫ن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬نهى عن صيام يوم‬ ‫من طريق أبي عبيدة عن جابر بن زيد‪-‬رضي ال تعالى عنهم‪-‬أ ّ‬
‫الشك‪ ،‬وروى الربعة وغيرهم عن عمار بن ياسر‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنه‪-‬قال‪ " :‬من صام اليوم الذي ُيشَك فيه‬
‫فقد عصى أبا القاسم " صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فالحديث الول فيه نهي النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬‬
‫عن ذلك‪ ،‬وحقيقة النهي أنه يدل على التحريم ما لم تصرفه قرينة‪ ،‬كما هو مذهب جمهور المّة‪ ،‬والحديث الثاني الذي‬
‫جاء من طريق عمار بن ياسر‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬نسب فيه‪-‬رضوان ال تعالى عليه‪-‬من صام يوم الشك إلى معصية‬
‫رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وذلك ل يكون إل بارتكاب محجور‪.‬‬
‫وذهبت طائفة من أهل العلم إلى القول بكراهة ذلك‪.‬‬
‫وذكرت طائفة من أهل العلم أنه يُنهى عن صيامه من غير أن يصرحوا بتحريم أو كراهة‪ ،‬وهذا هو الذي يسلكه كثير‬
‫من السلف فإنهم عندما يجدون نهيا عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬يجتنبون ذلك الذي نهى عنه صلوات ال‬
‫وسلمه عليه ويذكرون أنه منهي عنه من غير أن يصرحوا بتحريم أو كراهة مخافة الوقوع في المحظور‪ ،‬ثم إنه من‬
‫ن ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ل يُعبَد بما نهى عنه أو نهى عنه رسوله صلوات ال وسلمه‬ ‫المعلوم المتقرر عند العلماء قاطبة أ ّ‬
‫عليه‪ ،‬فل ينبغي لحد أن يَعبُد ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بشيء قد ُنهِي عنه سواء كان ذلك على طريق التحريم أو طريق‬
‫الكراهة‪ ،‬ولكن الناس في هذا الزمان وللسف الشديد يَسألون من أول وهلة هل هذا النهي للتحريم أو هو للكراهة ؟ ‪..‬‬
‫وأعني بهم البعض ول أريد الكل ‪ ..‬أقول‪ :‬ل يبالي كثير من الناس بارتكاب المكروهات‪ ،‬ونحن وإن كنا نفرّق بين‬
‫الواجب والمندوب ونفرّق بين الحرام والمكروه إل أننا نقول إنه ل ينبغي للنسان أن يفرّط في المندوبات كما أنه ل‬
‫ينبغي لحد أن يرتكب شيئا نهى عنه ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أو نهى عنه رسوله صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬ولذلك قلتُ‪ :‬إنّ‬
‫السلف كانوا يَحكمون بالنهي في كثير من المور ويزجرون عن ذلك ولو كان ذلك النهي للكراهة ل غير‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إلى التخيير بين صيامه وبين إفطاره‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى القول بندبية ذلك‪.‬‬
‫وهذان القولن من الضعف بمكان إذ إنّ أقل أحوال النهي أن يُحمَل على الكراهة‪ ،‬أما أن يقال بإباحة شيء أو بالتخيير‬
‫ن ذلك‬‫بينه وبين غيره مع أنه قد نُهي عنه فهذا مما ل ينبغي أن يُلتفَت إليه‪ ،‬على أنه يُمكِن أن يُحمَل ما ُذكِر عن هؤلء بأ ّ‬
‫ن كثيرا من الناس عندما يَجدون كلما‬ ‫ن ذلك على مطلق القوال‪ ،‬ولك ّ‬ ‫محمول في حالة ثانية سيأتي الكلم عليها ل أ ّ‬
‫مطلقا يَحملون ذلك الكلم على الطلق مع أنه يُراد به التقييد‪ ،‬وهكذا في حالة العموم وفي حالة الخصوص‪ ،‬ويلتبِس‬
‫المر بعد ذلك على كثير من الناس فل يُفرّقون بين العام وبين الخاص وبين المطلق والمقيّد في مثل هذه المور‪ ،‬وإل ل‬
‫يمكن أن يقول أحد بندبية مثل هذا المر أو بالتخيير بينه وبين غيره مع أنه منهي عنه كما ذكرنا‪.‬وهذا كله إذا لم يكن‬
‫هنالك غيم أو قَتَر‪.‬‬
‫‪178‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫والقول بالكراهة هو الذي ذهب إليه الكثرون ولكن ل ينبغي لحد أن يَصوم ذلك حت على القول بالكراهة‪ ،‬وهذا‬
‫أمر واضح ‪ ..‬نعم ثبت خلف بي أهل العلم ف صيام أيام التشريق بالنسبة لِمَن ل يَجد الدي أي بالنسبة للمتمتع‬
‫والقارن على قول مَن يقول بأنّ القارن عليه هدي ‪ ..‬اختلف العلماء ف هل يُشرَع لما الصيام ف هذه اليام أو ل ؟‬
‫ذهبت طائفة إل مشروعية ذلك‪ ،‬واحتجوا برواية مروية عن السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬وهي متمِلةٌ للرفع‬
‫وللوقف‪ ،‬وقد جاء مِن طريق أخرى التنصيص على أنا مرفوعة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولكنّ هذه‬

‫وأما في حالة وجود غيم أو في حالة وجود شيء يَمنع من رؤية الهلل‪-‬كالغبار الشديد أو ما شابه ذلك‪-‬فإنّ بعض أهل‬
‫العلم ذهبوا أيضا إلى تحريم صيامه‪ ،‬لما ذكرناه من النهي ولما سيأتي ذكره بمشيئة ال تبارك وتعالى‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى الكراهة أيضا‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى القول بالنهي من غير تصريح بتحريم أو كراهة‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى التخيير‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى الباحة‪.‬‬
‫وهي القوال التي ذكرناها سابقا‪.‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم إلى القول بوجوب صومه؛ وهو مروي عن المام أحمد كما نص على ذلك غير واحد من‬
‫أتباعه‪ ،‬وذهب إليه أكثر أصحابه من المتقدمين‪ ،‬وذهبت إلى ذلك‪-‬أيضا‪-‬طائفة من المتأخرين من الحنابلة؛ واختلفوا هل‬
‫هذا الوجوب على طريق الجزم أو على طريق الحتمال‪:‬‬
‫ذهب بعضهم إلى أنه يُجزَم بوجوب صيامه‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى الظن وعدم الجزم‪.‬‬
‫ن ذلك ل يَثبُت عن المام أحمد ‪ ..‬أعني القول‬ ‫و َذكَر ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الهادي وصاحب " الفروع " أ ّ‬
‫بوجوب صيامه على طريق الجزم‪ ،‬بل بعضهم ذهب أيضا إلى عدم ثبوت ذلك عنه حتى على طريق الظن‪.‬‬
‫وهذا القول رواه جماعة عن طائفة كبيرة من الصحابة والتابعين‪ ،‬ول يصح ذلك عن أحد من صحابة رسول ال صلوات‬
‫ال وسلمه عليه‪ ،‬كما أنني لم أجد ذلك ثابتا عن أحد من التابعين رضوان ال‪-‬تعالى‪-‬عليهم‪ ،‬وإنما جاءت روايات متعددة‬
‫عن الصحابة تدل على شيء من ذلك ولكنّ أغلب تلك الروايات ل يَثبُت عن أحد من أولئك الصحابة الذين روي عنهم‪.‬‬
‫ن كثيرا من الناس يتساهلون في نسبة‬ ‫ومن المعروف أنه لبد من معرفة السانيد حتى فيما نسب إلى الصحابة‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن كثيرا من القوال التي تُنسَب إليهم ل تَثبُت عن كثير منهم‬ ‫القوال إلى هؤلء الصحابة‪-‬رضوان ال تعالى عليهم‪-‬مع أ ّ‬
‫سواء كان ذلك في هذه المسألة أو في غيرها فلبد من التثبت في مثل هذه القضايا‬
‫نعم جاء عن بعض الصحابة‪-‬رضوان ال تعالى عليهم‪-‬أنه كان يصوم‪ ،‬ولكن ل يمكن أن يُحمَل ذلك على طريق‬
‫الوجوب‪ ،‬بل القرائن تدل على خلف ذلك‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى أنه إن صامه المام وأمر به فإنه يُصام وإل فل‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى أنه يصومه الخاصة دون غيرهم والمراد بالخاصة من يتمكن من المحافظة على نيته ‪ ..‬أي يجزم‬
‫بالنية ول يتردد في ذلك أما من يتردد في النية فل‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى أنه يصومه المفتي والقاضي ويمكن أن يحمل ذلك‪-‬أيضا‪-‬على غيرهم من أهل العلم؛ ول دليل على‬
‫هذا بل هو من الضعف بمكان‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى أنه يُصام إلى أن تأتي الخبار ‪ ..‬أي يصومه الناس حتى يأتي الناس من كل مكان لحتمال أن يكون‬
‫أحد من تلك الطراف قد رآه؛ وهذا ل حاجة إليه في هذا الزمان مع توفر الوسائل مع ضعف هذا القول‪.‬‬
‫والقول الصواب في هذه القضية أنه ل يمكن أن يقال بندبيته ول بالتخيير بينه وبين غيره فضل من أن يقال بوجوب ذلك‬
‫على سبيل الظن أو سبيل اليقين‪ ،‬إذ ليس هنالك دليل يدل على ندبية ذلك أو التخيير بينه وبين غيره‪-‬كما قلتُ‪-‬فضل عن‬
‫الوجوب‪ ،‬بل الذي ينبغي أن يُجزَم به هو القول بالنهي عن صيامه‪ ،‬ويَحتاج إلى شيء من النظر الجزم بالتحريم أو‬
‫ن السلمة هي في اتباع أولئك السلف الذين نهوا عن صيامه‪ ،‬كما‬ ‫بالكراهة‪ ،‬وإن كان القول بالتحريم هو الصوب‪ ،‬ولك ّ‬
‫جاء ذلك عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬من غير أن نتعرّض لجزم بهذا أو بهذا ‪ ..‬نعم الرواية المروية عن‬
‫ن أهل العلم اختلفوا فيها هل هي مرفوعة أو موقوفة‪،‬‬ ‫عمّار‪-‬رضوان ال تبارك وتعالى عليه‪-‬تدل على التحريم إل أ ّ‬
‫‪179‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الرواية الت هي نصّ ف الرفع ل تَثبت‪ ،‬لنا جاءت مِن طريق ل تَصح‪ ،‬وإنا الصحيحة هي الرواية الول ولكنها‬
‫متمِلة للرفع وللوقف‪ ،‬ولِمناقشة ذلك موضع آخر بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫* صيام يوم الجمعة‬
‫ومِن الصيام الكروه صيام يوم المعة وهذه الكراهة مقيّدة بِمَن ل يصم قبله يوما ول بعده يوما‪-‬كما جاء ذلك ف‬
‫الديث الصحيح الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أما مَن صام قبله يوما أو صام بعده يوما‬
‫فل كراهة ف ذلك‪.‬وقد اختلف العلماء ف صيام يوم المعة إذا صادف يوم عرفة أو يوم عاشوراء مثل‪:‬‬
‫ذهبت طائفة مِن أهل العلم إل مشروعية صيامه‪ ،‬لجل أنه يوم عرفة أو لجل أنه يوم عاشوراء‪.‬‬
‫ولفظها على الصحيح موقوف ولكنها محمولة على الرفع إل أنها محتمِلة للكراهة وإن كان احتمال فيه شيء من النظر‬
‫وذلك لحتمال أن يكون عمّار‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬سمِع النهي من النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ولم يسمَع التحريم‬
‫ن التحريم هو‬ ‫فحمَله على التحريم مع احتمال الكراهة‪ ،‬والقول بالتحريم‪-‬كما قلتُ‪-‬هو القوى‪ ،‬وذلك لهذه الرواية‪ ،‬ول ّ‬
‫ن هنالك روايات فيها النهي من غير هاتين الروايتين اللتين ذكرتُهما‪ ،‬فمن ذلك أنّ النبي‪-‬صلوات‬ ‫الصل في النهي‪ ،‬ثم إ ّ‬
‫ال وسلمه عليه‪-‬نهى عن تقدم شهر رمضان بصوم يوم ول يومين‪ ،‬ومنها أيضا ‪ ..‬نهى صلى ال عليه وعلى آله وسلم‬
‫عن الصيام حتى تثبت الرؤية أو يكتمل العَدد‪ ،‬فهذه الدلة تدل على أنه ل يمكن أن يقال بالباحة فضل من أن يقال‬
‫بالندب وفضل من أن يقال بالوجوب‪.‬‬
‫أما ما استدل به الذين قالوا بالوجوب فهو ل دليل فيه‪ ،‬وذلك أنهم استدلوا ببعض الروايات المحتمِلة ومن المعلوم أنه ل‬
‫يصار إلى مثل هذه الحتمالت مع وجود أدلة صريحة واضحة كل الوضوح تدل على خلف ذلك‪ ،‬فالمتشابه لبد من‬
‫أن يُحمَل على المحكَم‪ ،‬والمجمَل لبد من أن يحمل على المبيّن‪ ،‬ول يمكن بحال من الحوال أن يُعارَض بين مجمل‬
‫وبين مبيّن ول بين متشابه ول بين محكم‪ ،‬فالنبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬قد نهى عن تقدم شهر رمضان بيوم أو‬
‫يومين‪ ،‬كما ثبت ذلك عنه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وأيضا قال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ( :‬الشهر تسع وعشرون‬
‫ليلة ) وبيّن بعد ذلك‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬أنه إذا لم تثبت رؤية الهلل أنه لبد من إكمال الشهر فقال‪ ( :‬فأتموا‬
‫غمّ عليكم‬ ‫ثلثين )‪ ،‬كما جاء ذلك عند البخاري من طريق ابن عمر رضي ال تعالى عنه‪ ( :‬فل تصوموا حتى تروه فإن ُ‬
‫فأتموا ثلثين )‪ ،‬فهذه الرواية صريحة كل الصراحة في أنه إذا لم تثبت الرؤية أنه لبد من إتمام الثلثين‪ ،‬وحمْلُ من‬
‫حمَلها على هلل شوال فيه ما فيه كما هو ظاهر‪ ،‬فالرواية شاملة لكل شهر من الشهور‪ ،‬ثم إنه لبد من أن يقال بدخول‬
‫هلل شهر رمضان من طريق الوْلى فإنه قال‪ ( :‬فل تصوموا حتى تروه ) ‪ ..‬أي حتى تروا هلل شهر رمضان‪،‬‬
‫وكذلك جاء من طريق أبي هريرة عند البخاري‪ ( :‬صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غ ّم عليكم فأكملوا شعبان‬
‫ن التصريح بشعبان مُدرَج على الصحيح‪ ،‬كما ذهب‬ ‫ثلثين ) والرواية صحيحة إل ما جاء فيها من ذكر " شعبان " فإ ّ‬
‫إلى ذلك ابن الجوزي‪ ،‬وهو الذي ذهب إليه‪-‬أيضا‪-‬الحافظ ابن حجر‪ ،‬وذكر السماعيلي بأنه محتمِل‪ ،‬وهذا هو الصواب‬
‫إل أنّ القرائن تدل على ذلك أو على أقل تقدير تدل على أنه شامل لكل شهر‪ ،‬كما جاء ذلك في رواية عند المام مسلم‪،‬‬
‫وكذلك جاء من طريق السيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنها‪-‬أنّ الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬كان‬
‫يتحرى هلل شهر شعبان أكثر من تحريه لغيره فإن رأى هلل رمضان وإل أكمل العدّة‪ ،‬والحديث صحيح‪ ،‬كما نصّ‬
‫على ذلك غير واحد من أهل العلم‪ ،‬منهم الدارقطني والنووي وابن عبد الهادي والحافظ ابن حجر‪ ،‬وقد رواه أبو داوود‬
‫والنسائي في " الكبرى " وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬وكذلك جاء من طريق ابن عباس‪-‬‬
‫رضي ال تبارك وتعالى عنهما‪-‬عند جماعة من أئمة الحديث‪ ،‬منهم النسائي وأبو داوود وأحمد وابن أبي شيبة وعبد‬
‫الرزاق وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم‪ ،‬وكذلك رواه أحمد‪ ،‬ورواه الشافعي‪ ،‬ورواه طائفة أخرى من‬
‫أئمة الحديث‪ ،‬ورواه مالك إل أنه منقطع عنده‪ ،‬وقد أعلّه بعضهم برواية سِماك عن عِكرمة فإنها رواية ضعيفة‪ ،‬ولكنه لم‬
‫يَنفرد بذلك‪ ،‬إذ إنه قد توبِع‪ ،‬وكذلك ل ُيعَل بعدم اتصال السناد عند مالك فإنه متصل عند غيره‪ ،‬فرواية ابن عباس‪-‬‬
‫رضي ال تعالى عنهما‪-‬تدل دللة واضحة أنه لبد من إكمال الشهر‪ ( :‬صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم‬
‫فأتموا ثلثين ول تستقبلوا الشهر استقبال ) وقد جاء ذلك‪-‬أيضا‪-‬من طريق حذيفة رضي ال‪-‬تعالى‪-‬عنه‪ ،‬وقد صحح ذلك‬
‫النووي وغيره‪ ،‬وهي رواية صحيحة‪ ،‬ول عبرة بإعلل ابن الجوزي لها‪ ،‬فإنه قد أخطأ الصواب‪ ،‬وعلى كل حال‬
‫الروايات في ذلك كثيرة ويشد بعضها بعضا‪.‬‬
‫ن المام‬‫أما ما ذكره من قال بالوجوب من رواية‪ ( :‬فاقدُروا له ) فإنّ هذه الرواية ل دليل فيها على ما ذهبوا إليه‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫مسلما قد بيّن في روايته من أنّ الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬قال‪ ( :‬اقدروا له ثلثين ) فالرواية وإن كانت‬
‫‪180‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل كراهته‪ ،‬لجل النهي عن صيام يوم المعة‪.‬‬
‫والفضل للنسان أن يصوم يوما قبل يوم عاشوراء‪-‬وهو التاسع‪-‬وإن ل يفعل ذلك فينبغي له أن يصوم الادي عشر‬
‫لجل الروج مِن هذا اللف وكذلك أن يصوم اليوم الثامن مِن شهر ذي الجة لجل الروج مِن هذا اللف‬
‫ولكن مَن ل يصم ذلك ولسيما بالنسبة إل يوم عرفة إذا فاته ذلك مثل هل يُشرَع له أن يصوم أو ل ؟ ف ذلك‬
‫خلف بي أهل العلم‪ ،‬والذي يَظهر ل أنّ صيامه مشروع ‪ ..‬هذا هو الصواب‪ ،‬وتقرير ذلك يَحتاج إل وقت ولعلنا‬
‫نتكلم على ذلك ف مناسبة أخرى بشيئة ال لنه سيُصادِف على احتمال قوي ف هذه السنة ‪ ..‬يوم عرفة سيُصادِف‬
‫يوم المعة فلعلنا نتعرض لذلك بشيئة ال قبل هذا اليوم‪ ،‬ولكنّ الصحيح‪-‬كما قلتُ‪-‬هو قول مَن قال بصيامه‪،‬‬
‫والستحَب بأن يُخرِج النسان نفسه مِن مثل هذه اللفات ولسيما مع قوة تعارض الدلة فيها‪.‬‬
‫* صيام يوم السبت‬
‫وجاء حديث عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فيه النهي عن صيام يوم السبت وقد ذهب بعض الناس إل‬
‫كراهة ذلك بل شدّد بعضهم فقال بتحري صيامه وهذا ليس بشيء فالديث ل يصح عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪-‬على الصحيح‪ ،‬وذهب بعضهم إل أنه منسوخ‪ ،‬والقول بعدم صحته هو الصحيح‪ ،‬ول عبة بقوة السانيد‬
‫مع نكارة الت وهي نكارة واضحة‪.‬‬
‫* صيام بعض أيام السبوع غير الثنين والخميس‬
‫وجاءت أحاديث فيها النهي عن صيام بعض أيام السبوع أو فيها المر بصيام بعض أيام السبوع الخرى وكل ذلك‬
‫ل يَثبت إل ما ذكرتُه سابقا مِن فعل النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ف صيام يوم الثني ويوم الميس وأنّ‬
‫ذلك مطلوب‪ ،‬وأما بالنسبة إل بقية اليام باستثناء يوم المعة فللنسان أن يصوم إن شاء وأن يُفطِر إن شاء‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫* صيام شهر رجب‬
‫محتملة إل أنّ هذه الرواية عند المام مسلم تُصرّح بالمراد‪ ،‬ثم إنّ هذه الرواية تتفق مع بقية الروايات الخرى‪ ،‬وهي من‬
‫المحكَم بخلف بقية الروايات فإنها من المجمَل المتشابه‪ ،‬فلبد من ردّ تلك الروايات إلى هذه الرواية‪ ،‬ولبد من الخذ‬
‫ن النبي صلى ال عليه وعلى‬ ‫بهذه الروايات المحكَمة‪ ،‬وبذلك تتفق الروايات وتَسلَم من الضطراب‪ ،‬ومن المعلوم من أ ّ‬
‫آله وسلم قد صرّح بلفظ واحد ولم يصرّح بكل هذه اللفاظ فل يمكن أن تُحمَل هذه الرواية على كذا وهذه الرواية على‬
‫كذا‪ ،‬كما حاول بعض العلماء من حمل رواية‪ ( :‬فاقدروا ) على من كان له علم بالفلَك بخلف من لم يكن عالما بذلك‪ ،‬فل‬
‫يمكن أن تحمل هذه الروايات على ذلك‪ ،‬لن مَخرَجها متحِد وإذا اتحد المخرج فلبد من أن يكون النبي صلوات ال‬
‫وسلمه عليه قد نطق بلفظ واحد وبقية اللفاظ تكون من باب الرواية بالمعنى فيبحث عن اللفظ الذي قاله النبي‪-‬صلوات‬
‫ن المراد برواية‪ ( :‬فاقدروا ) " اجعلوا شهر شعبان ثلثين‬‫ال وسلمه عليه‪-‬أو تتفق المعاني عليه ويؤخذ به‪ ،‬وقد رأيتم بأ ّ‬
‫"‪ ،‬وهذه الرواية تتفق مع بقية الروايات الخرى‪.‬‬
‫ويتبيّن أنّ القول الصواب هو قول من قال بالنهي عن صيام يوم الشك‪.‬‬
‫أما من قال بأنه يصومه من كان يتمكن من العزم الكيد‪ ،‬فهذا ل دليل عليه‪ ،‬بل الصواب أنّ من صامه بنية رمضان فإنه‬
‫ل ينفعه ذلك‪ ،‬ويجب عليه أن يقوم بعد ذلك بإعادته بل عليه أن يتوب إلى ال تبارك وتعالى‪ ،‬لنه وافق ما نهى عنه النبي‬
‫صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وهذه المسألة تحتاج إلى بسط كثير جدا‪-‬فإنّ طائفة من أهل العلم قد أفردوها بكتب متعددة‪-‬‬
‫وذلك ل يمكن في مثل هذه الوقات المختصرة؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ - 1‬وسئل فضيلته عن صيام شهر رجب في أسئلة أخرى نصها كالتالي ‪:‬‬
‫‪181‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وكذلك جاءت أحاديث كثية جدا فيها بيان فضْل صيام شهر رجب ولكنّ تلك الحاديث ل تَثبت عن النب صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬كما بيّن ذلك جاعة كبية مِن أهل العلم‪ ،‬وف ذلك يقول المام نور الدين‪-‬رحه ال‬
‫تعال‪-‬ف "جوهر النظام"‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫وبعضهم بِوضعها يُنادي‬ ‫لكنها‪-‬يعن تلك الحاديث‪-‬ضعيفة السناد‬
‫فالحاديث الدالة على مشروعية صيام شهر رجب ل يَثبت منها شيء عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فمَن‬
‫صام هذا الشهر فهو كغيه‪ ،‬للنسان أن يصوم مِن غي أن يَعتقِد أ ّن صيامه ثابت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬

‫س‪ :‬نحن الن في شهر رجب والناس‪-‬في الحقيقة‪-‬علق في أذهانهم أنّ شهر رجب شهر يستحب صيامه‬
‫وتستحب‪-‬أيضا‪-‬العمرة فيه ولذلك نجد كثيرا من الناس يصومون هذا الشهر ويذهبون‪-‬كذلك‪-‬إلى العمرة ليس جزافا‬
‫وإنما تبركا بهذا الشهر الكريم‪ ،‬فهل وردت أحاديث تؤكد استحباب الصيام والعمال الصالحة في رجب ؟‬
‫ج‪ :‬إنه لم يثبت عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬شيء من الحاديث في مشروعية صيام رجب‪،‬‬
‫وقد وردت أحاديث كثيرة جدا تدل على مشروعية ذلك ولكنها ل تثبت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬كما بيّن‬
‫ن الحاديث التي تروى عن النبي‪-‬‬ ‫ذلك صَيارِفة هذا العلم ونُقّاده‪ ،‬إذ إنه من المعلوم المتفق عليه بين العلماء قاطبة أ ّ‬
‫صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ليست جميعا صحيحة ثابتة‪ ،‬وإنما منها الصحيح‪ ،‬ومنها الضعيف‪ ،‬ومنها‪-‬أيضا‪-‬الحسن؛‬
‫وبعض العلماء يجعلونها تنقسم إلى قسمين إلى صحيح وضعيف‪ ،‬فيَدخل الحسن في دائرة الضعيف؛ ول إشكال في ذلك‪،‬‬
‫ن المشهور‬ ‫ن الحديث منه ما يحتج به ومنه ما ل يحتج به‪ ،‬ومثل هذه المور ل مشاحة فيها‪ ،‬إل أ ّ‬ ‫لنّ مقصود هؤلء أ ّ‬
‫ن الحاديث تنقسم إلى القسام الثلثة المذكورة‪.‬‬ ‫الذي اصطلح عليه الجمهور هو أ ّ‬
‫والحاديث التي وردت في صيام رجب ل تصل إلى درجة المقبول‪ ،‬بل هي من باب الضعيف بل هي من باب الضعيف‬
‫الذي اشتدّ ضعفه‪ ،‬فأغلبها موضوع مُخترَع مصنوع‪ ،‬ومنها الضعيف جدا؛ وقد تكلم على ذلك العلماء كثيرا‪ ،‬ولستُ‬
‫بحاجة إلى ذكر شيء من ذلك‪ ،‬وقد نصّ على ذلك المام نور الدين‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬في " جوهر النظام "‪،‬‬
‫حيث قال‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬عن هذه الحاديث‪:‬‬
‫لكنها ضعيفة السنادوبعضهم بِوضعها يُنادينعم‪ ،‬قوّى بعض العلماء حديثا ورد في فضل صيام الشهر الحرم‪-‬ورجب‬
‫ن في إسناده مجهول‪ ،‬وما كان‬ ‫ن ذلك الحديث‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬ل يثبت‪-‬أيضا‪-‬عند التحقيق‪ ،‬ل ّ‬ ‫منها كما هو معلوم‪-‬ولك ّ‬
‫كذلك ل يمكن أن يُحكَم بثبوته عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫فإذن تلك الحاديث هي من باب الضعيف الذي ل يمكن أن يرتقي إلى درجة الحجية حتى بمجموع طرقه‪.‬‬
‫ومن هنا نقول‪ :‬إنه ل ينبغي لحد أن يصوم هذا الشهر إذا كان يعتقد بأنه ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وأما‬
‫أن يصومه‪-‬أو أن يصوم شيئا منه‪-‬لعموم فضل الصيام فذلك مما ل إشكال فيه‪.‬‬
‫فهناك إذن أمران‪:‬‬
‫المر الذي يُنهى عنه هو أن يعتقد بعض الناس بأنه ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أن يفعل ذلك بعض الناس بنية الحصول على فضل الصيام‪ ،‬لنّ للصيام فضل سواء كان في رجب أو كان في‬
‫غيره ‪ ..‬نعم هو أفضل في بعض الشهور الخرى‪ ،‬فالفضل أن يصوم النسان في شهر شعبان إلى غير ذلك من اليام‪-‬‬
‫التي سنتكلم عليها في مناسبة أخرى‪ ،‬وقد تكلمنا عليها في العام الماضي أيضا‪-‬ولكن بمناسبة قدوم شهر شعبان الذي هو‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬كان يصوم أغلب هذا الشهر‪ ،‬وجاء في بعض‬ ‫يلي هذا الشهر‪ ،‬فإ ّ‬
‫الروايات أنه كان يصوم الشهر كله ولكنّ هذه الرواية الثانية محمولة على الغلب‪ ،‬فالفضل أن يصوم النسان شعبان‪،‬‬
‫وإن شاء أن يصوم شيئا من شهر رجب من غير أن يعتقد بأنه ثابت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬
‫فل إشكال‪.‬‬
‫فإذن الذي يُنبّه عليه أهل العلم هو عدم اعتقاد ثبوت صيام هذا الشهر عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬إذ إنه‪-‬كما‬
‫قدمتُ‪-‬لم يثبت عنه حديث قولي ول فعلي‪.‬‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد أُسرِي‬ ‫هذا وقد استحب بعض العلماء صيام اليوم السابع والعشرين لظنّهم بأ ّ‬
‫به في ليلة السابع والعشرين‪ ،‬ونحن نقطع بالسراء لنصّ ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬على ذلك في سورة السراء‪ ،‬وكذلك أشار‬
‫القرآن الكريم إشارة واضحة جلية إلى المعراج في سورة النجم‪ ،‬وهنالك أحاديث كثيرة جدا جدا تدل على ذلك‪ ،‬فنحن‬
‫وإن قطعنا بالسراء ولكننا ل يمكن أن نقطع بأنه قد وقع في هذه الليلة؛ والعلماء قد اختلفوا كثيرا في الليلة وفي الشهر‬
‫‪182‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وسلم‪-‬وله أن يفطر ‪ ..‬نعم مَن كان ل يستطيع أن يصوم شهر رجب وشهر شعبان مثل فينبغي له أن يُقدّم شهر‬
‫شعبان لثبوت ذلك عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وليَترُك صيام شهر رجب‪ ،‬لنّ ذلك ل يَثبت عن‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬بل ل ينبغي لحد أن يصوم شهر رجب بأكمله لِما جاء مِن النهي عن صيام‬
‫ذلك‪.‬‬
‫* صيام يوم السراء والمعراج ويوم مولد النبي الكريم‬
‫وكثي مِن الناس يَسأل عن صيام السابع والعشرين مِن شهر رجب وعن صيام الثان عشر مِن شهر ربيع الول لنّ‬
‫الول فيه السراء والعراج والثان يُصادِف مولد النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪:‬‬

‫وفي السّنة التي وقع فيها السراء والمعراج‪ ،‬على أنه لو كان قد وقع في هذه الليلة فإنه ل دليل يدل على مشروعية‬
‫الصيام في اليوم الذي يليها‪ ،‬إذ لم يثبت ذلك عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬بل ولم يثبت عن أحد من صحابته‬
‫رضوان ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليهم‪.‬‬
‫ن ذلك ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬ ‫ل يصام ذلك اليوم مخافة أن يعتقد بعض العوام بأ ّ‬ ‫فإذن الفضل أ ّ‬
‫فكثير من المور قد فعلها بعض العلماء على جهة الستحباب وفعلها بعض العلماء من غير قصدٍ لن تكون موافَقة‬
‫ن بعض الجهلة ظنّوا بعد ذلك بأنّ هذه المور ثابتة عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬ ‫لمناسبة من المناسبات ولك ّ‬
‫وصحبه وسلم‪-‬لفعل بعض أهل العلم لها أو لسكوت أهل العلم عن بعض الذين يفعلون ذلك‪.‬‬
‫فإذن خلصة ما في المر أنه لم يرد حديث ثابت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬في صوم شهر رجب‪ ،‬فمن صامه‬
‫ل شيء عليه بشرط ألّ يعتقد أنه ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬أما أهل العلم فإن امتنعوا لفترة من الزمن‬
‫ن ذلك ثابت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬وفعلوا ذلك في الشهر التي‬ ‫عن ذلك مخافة أن يَعتقد بعض العوام بأ ّ‬
‫ثبت صيامها أو صيام بعض أيامها فذلك حسن وإن بيّنوا ذلك وصاموا بعض اليام من غير أن يعتقدوا؛ وهذا معلوم‪ ،‬إذ‬
‫ل يمكن أن يعتقد عالِم بثبوت شيء من هذه الحاديث ‪ ..‬نعم نقَلَها بعض الفقهاء في كتبهم ولكنهم لم يشترطوا أن يَرووا‬
‫فيها الثابت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬بل يروون فيها ما صح وما لم يصح ول شك أنّ الفضل أن يَقتصر‬
‫العالِم عند كلمه عن المسائل الشرعية على الحاديث الثابتة عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬وذلك‪-‬بالطبع‪-‬بحسب‬
‫ن أنظار أهل العلم تختلف في ثبوت بعض الحاديث‪ ،‬فبعض العلماء يرى أنها ثابتة عن النبي صلوات ال‬ ‫ظنّه‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫وسلمه عليه‪ ،‬وبعض العلماء يرى أنها لم تثبت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه؛ ول ينبغي لحد أن يُعنّف أحدا إذا‬
‫ن الحديث الفلني ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وإن كان ذلك الشخص أو أولئك الشخاص ل يرون‬ ‫ظنّ أ ّ‬
‫ثبوت ذلك‪ ،‬لنّ هذه المسائل من المسائل الظنية‪ ،‬والمسائل الظنية ل يمكن أن يُعنّف فيها أحد‪ ،‬لنه ل يمكن أن يَقطع‬
‫أحد بثبوت ما يراه أو بضعف ما يراه‪ ،‬فما من حديث إذا لم يصل إلى درجة المقطوع به أي بثبوته أو بعدم ثبوته إل‬
‫ن النسان متعبّد بحسب ظنّه‪ ،‬فإذا‬ ‫ويمكن أن يَتطرق إليه الضعف كما أنه يمكن أن يَتطرق إليه احتمال الصحة‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن هذا الحديث ثابت أخذ به في المور الظنية‪ ،‬أما بالنسبة إلى المور القطعية فتلك لها أمر آخر‪ ،‬إذ إنه ل يمكن أن‬ ‫ظنّ أ ّ‬
‫يَعتقد النسان أمرا من المور إل بدليل اجتمع فيه قطعية المتن وقطعية الثبوت‪ ،‬أما إذا تَخلّف واحد من المرين فل‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إلى العمرة فقد جاء في فضلها‪-‬أيضا‪-‬أحاديث عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وأما أنها في‬
‫ن النبي‪-‬‬‫شهر رجب بالخصوص فلم يثبت في ذلك شيء‪ ،‬وما جاء عن ابن عمر‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنهما‪-‬مِن أ ّ‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قد اعتمر في شهر رجب فذلك وَهْم منه رضوان ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليه‪ ،‬وقد‬
‫ردّته عليه السيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنها‪-‬وذكرَت بأنّ ابن عمر‪-‬رضي ال تعالى عنهما‪-‬قد اعتمر مع‬
‫النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬في كل عمراته التي اعتمرها‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ولم يكن شيء من ذلك في‬
‫ن ذلك‬‫شهر رجب؛ وكذلك لم يأت شيء في فضل ذلك من الحاديث القولية؛ فمن اعتمر في ذلك من غير أن يَعتقد بأ ّ‬
‫ثابت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فل شيء عليه‪ ،‬أما أن يعتقد ثبوت ذلك فهذا مما ل ينبغي؛ وال‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬الن ربما بدأ عدد من الناس صيام شهر رجب ويعتقدون في حال صيامهم أنّ فيه فضل كبيرا وأجرا‬
‫عظيما نظرا للحاديث التي قرؤوها‪ ،‬في هذه الحالة الن بعد أن علِموا الحكم هل يلزمهم إتمام النية التي بنوا عليها‬
‫صيامهم أم عليهم أن يتوقّفوا نظرا لنهم بنوا نيتهم هذه على أحاديث ضعيفة ؟‬
‫ج‪ :‬هنالك أمران‪:‬‬
‫‪183‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وقبل كل شيء أريد أن أبيّن أنه ل يأت دليل يدل على أنّ ليلة السراء كانت ليلة السابع والعشرين مِن شهر رجب‬
‫ول أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ُ -‬ولِدَ ف اليوم الثان عشر مِن شهر ربيع الول‪ ،‬وقد اختلف‬
‫العلماء اختلفا كثيا ف هاتي القضيتي ول يأت أحد بدليل يكن التعويل عليه‪ ،‬فأول هذا ل يَثبت ‪ ..‬أي ل دليل‬
‫على أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ُ-‬أ ْس ِريَ به ف ليلة السابع والعشرين مِن رجب ول على أنه ولد ف اليوم‬
‫الثان عشر مِن ربيع الول‪ ،‬ث إنه ل يَثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ول عن أحد مِن صحابته أنم‬
‫كانوا يصومون ذلك‪ ،‬فالفضل تركُ ذلك مافةَ أن يَعتقِد بعض الناس بعد مدة مِن الزمن بأنّ ذلك ثابت عن النب‬

‫الول‪ :‬أن يكون بعض الناس قد َنذَر ذلك أي نذر أن يصوم شهر رجب أو عددا من اليام من هذا الشهر‪ ،‬وعلى هذا أن‬
‫يُكمِل تلك اليام ‪ ..‬أي لبد من أن يقوم بصيام هذه اليام‪ ،‬لنه يجب على النسان أن يقوم بوفاء النذر إذا لم يكن ذلك‬
‫النذر في معصية ال تبارك تعالى ‪ ..‬هذا إذا كان مستطيعا عليه‪ ،‬فما دام مستطيعا على الوفاء به ولم يكن هذا النذر نذرَ‬
‫معصية فيجب عليه أن يقوم بإتمام ذلك‪.‬‬
‫وأما إذا كان ذلك لم يكن من هذا الباب وإنما نوى النسان ذلك فل يجب عليه أن يقوم بإكمال ذلك‪ ،‬فإن شاء أن يصوم‬
‫ن هذا ثابت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬في هذا الشهر‬ ‫فالصيام فيه خير كثير ولكن‪-‬كما قلتُ‪-‬من غير أن يَعتقد بأ ّ‬
‫بخصوصه؛ فالنسان إذا أراد أن يصوم عددا من اليام من هذا الشهر فل إشكال فالصيام فيه خير كثير‪ ،‬ولكنه إذا كان‬
‫ل يستطيع أن يصوم إل في هذا الشهر‪-‬مثل‪-‬وسيفطر شهر شعبان فنقول له‪ :‬إنّ الفضل له أن يفطر في هذه اليام وأن‬
‫يصوم ما أراد في شهر شعبان‪ ،‬لثبوت ذلك عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪:‬‬
‫والمصطفى أكثرُ ما يصومفي شهر شعبان وذَا معلومكما ثبت ذلك في السنّة عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬فنحن‪-‬‬
‫كما قلتُ‪-‬ل نمنع من صيام هذا الشهر‪ ،‬وإنما نقول‪ :‬إنه لم يثبت شيء فيه‪ ،‬فمن صام فليصم على أنه كغيره من سائر‬
‫الشهر التي لم يثبت فيها شيء من الفضل بعينها وإنما ثبت فضل الصيام في الجملة‪.‬‬
‫ومن لم يستطع إل أن يصوم أياما قليلة فليصم تلك اليام التي ثبت الفضل فيها‪ ،‬أما من استطاع أن يصوم أكثر من ذلك‬
‫فإن شاء أن يصوم في هذا الشهر فليصم وإن شاء أن يصوم في غيره فليفعل؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬إذا كان الذي يصلي بهم الجماعة ممن يرون صيام رجب ويصرون على ذلك‪ ،‬فهل تجوز الصلة خلفه ؟‬
‫ن النسان‪-‬‬ ‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬تجوز الصلة خلفه‪ ،‬فهو لم يرتكب أمرا محجورا ‪ ..‬أي لم يرتكب أمرا مُحرّما ‪ ..‬غاية ما في المر أ ّ‬
‫كما قلنا‪-‬ينبغي له أن يعرف ما ثبت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬وما لم يثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وأن‬
‫ن الصيام مندوب في الجملة إن لم يخالف دليل‬ ‫يُطبّق الثابت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم؛ ونحن ذكرنا بأ ّ‬
‫ثابتا في سنّة النبي صلوات ال وسلمه عليه ‪ ..‬أي عندما نستثني تلك اليام التي ثبت النهي عن النبي‪-‬صلوات ال‬
‫وسلمه عليه‪-‬عن صيامها سواء كان ذلك النهي يقتضي التحريم أو أنه كان يقتضي الكراهة؛ وأما شهر رجب فإنه لم‬
‫ن النسان ل ينبغي له إذا كان مشهورا بين‬ ‫يثبت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬أنه نهى عن صيامه؛ وإنما قلنا‪ :‬إ ّ‬
‫الناس أن يُظهِر ذلك مخافة أن يَعتقد العوام بأنّ ذلك ثابت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬فيعتقد الواحد ما لم‬
‫يثبت بأنه ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬فهذا الشخص لم يرتكب حراما وإنما‪-‬اعتقد هذا العتقاد على أنني‬
‫ل أظن بأنه اعتقد اعتقادا جازما وإنما‪-‬ظنّ على أنه قد قوّى بعض العلماء حديثا جاء عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه‬
‫عليه‪-‬في صيام الشهر الحرم وذكروا بأنّ هذا الحديث يصل إلى درجة الحَسَن ‪ ..‬فإذا كان هذا الشخص يقلّد أولئك‬
‫الذين يقولون بثبوت هذا الحديث عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬ونحن وإن كنّا نُضعّفه ولكنّ ذلك ل يصل إلى‬
‫درجة القطع بل هو من باب التّضعيف الظني‪ ،‬لنه ل يمكن لحد أن يَقطع بِكذِب حديث إلّ إذا خالف دليل قاطعا ولم‬
‫يمكن أن يُجمع بينه وبين ذلك الدليل القاطع بوجه من وجوه الجمع المعلومة‪-‬فإذن هذا النسان نقول له بأنه لم يثبت عن‬
‫النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬شيء في ذلك‪ ،‬وأنّ الفضل له أن يصوم تلك اليام التي ثبت الفضل في صيامها‬
‫بنصوص صريحة ثابتة عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وإن شاء بعد ذلك أن يصوم شيئا من رجب أو من غيره‬
‫من الشهر التي لم يَرد فيها فضل عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬من حيث الخصوص استنادا إلى بعض‬
‫العمومات الدالة على فضل الصيام في الجملة فل شيء عليه بمشيئة ال تبارك وتعالى‪.‬‬
‫والبدعة‪-‬على القول الصحيح‪-‬تنقسم إلى أقسام‪ ،‬فليست كلها محرّمة‪ ،‬وما يدعيه كثير من الناس مِن أنّ كل ما لم يَرِد‬
‫عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه أو ما شابه ذلك‪-‬مِن المور التي يَحرم فعلها فهذا مما لم يصح‪ ،‬فنحن إذا نظرنا إلى‬
‫‪184‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وقد بيّنتُ كثيا مِن اليام الت كان يصومها النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أو‬
‫أنه أمر بصيامها أو أنه بيّن فضْل صيامها فليُواظِب النسان على ذلك فإنّ ف ذلك خيا كثيا‪ ،‬وإن كانت لديه قدرة‬
‫على الصيام فليصم يوما وليفطر يوما‪ ،‬كما كان نب ال‪-‬تعال‪-‬داؤود‪-‬عليه الصلة والسلم وعلى نبينا‪-‬يصوم‪ ،‬فمَن‬
‫كانت له قوة فليصم ذلك‪ ،‬أما أن يأت بأمر ل يَثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ويُخشى بأن يَعتقِد‬
‫الناس بفعله بأنه ثابت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فهذا ما ل ينبغي‪.‬‬
‫لرُم ولكنّ ف إسناده مهول فهو ل يثبت عن النب صلى ال عليه وعلى‬ ‫وكذلك جاء حديث فيه فضْل صيام الشهر ا ُ‬
‫آله وسلم ‪ ..‬نعم ثبت المر بصيام شهر الحرم كما ذكرتُ‬
‫وكذلك جاء حديث فيه فضْل صيام الميس والمعة مِن كل شهر مرم وأنّ صيام ذلك يَعدل عبادة تسعمائة سنة‬
‫ولكنّ هذا باطل موضوع ومترع مصنوع كما هو ظاهر مِن متنه وف إسناده كذاب؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪،‬‬
‫وأكتفي بالقتصار على ما ذكرتُه هنا ولعلّ شيئا فاتن مِن ذلك لكن هذا ما يَحضرن الن؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬أحكام نواقض الصيام‬
‫س‪ :‬ما حكم أخذ الدم من الصائم وكذلك أعطاؤه هو لشخص آخر ؟‬
‫ج‪ :‬إن أخذ الدم من النسان وهو صائم أسواء كان ذلك للفحص أو لغيره مما اختلف فيه أهل العلم وذلك بناء على‬
‫اختلفهم في الحاديث الواردة عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم في الحجامة فإن طائفة كبيرة من أهل العلم‬
‫قالوا بإفطار الحاجم والمحجوم واستدلوا على ذلك بأدلة متعددة مروية عن النبي صلوات ال وسلمه عليه حتى‬
‫أدّعى بعض أهل العلم أنها بلغت مبلغ التواتر وإن كان بعضهم أدّعى أنّ ذلك لم يثبت عن الرسول صلوات ال‬
‫وسلمه عليه لضعف تلك الروايات والصواب إن تلك الروايات ثابتة عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‬

‫السنّة فإننا نجد الدلة واضحة تدل على فعل بعض المور وإن لم يأمر بها النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬أو أنه لم‬
‫يفعلها‪ ،‬فهنالك أحاديث كنتُ أود أن أنبه عليها ولكنّ الوقت ل يُسعِف لذلك‪-‬كما يشير إلى ذلك الخ حفظه ال تبارك‬
‫وتعالى‪-‬فأرجئ ذلك إلى مناسبة أخرى‪-‬بمشيئة ال تبارك وتعالى‪-‬وقد علّقتُ بتعليق حسن على ذلك في مقدمة الجزء‬
‫الثالث من " الطوفان "‪ ،‬فمن شاء ذلك فليرجع إليه‪ ،‬وهذا الذي ذكرتُه هو الذي ذهب إليه جمهور المّة‪ ،‬كما ذكرتُ‬
‫ذلك في الموضع المشار إليه؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬شهر رجب‪ ،‬هل يصل صيامه إلى حد الكراهة ؟‬
‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬ل يصل إلى حد الكراهة ‪ ..‬من أراد أن يَحكم بوجوب أمر أو بحرمته أو كراهته أو ما شابه ذلك من الحكام‬
‫فلبد من أن يَستنِد إلى آية قرآنية أو حديث ثابت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أو ما يرجع إليهما‬
‫بوجه من وجوه الدللة المعروفة؛ وليس هنالك حديث يدل على كراهة ذلك‪ ،‬بل العكس الدلة تدل على فضل الصيام في‬
‫الجملة وإنما‪-‬قلنا‪-‬يُشدّد على العتقاد بثبوت ذلك‪ ،‬إذ إنّ بعض العوام يعتقدون ثبوت بعض المور‪ ،‬بل يصل المر‬
‫ببعضهم إلى أن يعتقد وجوب أمر من المور وهو ل يصل إلى ذلك‪ ،‬فهذا الذي نُنبّه عليه ونُشدّد فيه‪ ،‬أما أن يصوم‬
‫النسان في شهر رجب أو في غيره فهذا مما ل يمكن أن يقال بحرمته ول بكراهته ول أن يُشدّد فيه بل يُنبّه ذلك‬
‫الشخص بأنّ هذا الصيام فيه خير كثير ولكن اِعرف ما هو الذي ثبت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وما لم‬
‫يثبت‪ ،‬ثم نُبيّن للناس ما هي اليام التي ثبت صيامها وأنه ينبغي للنسان أن يُقدّمها على غيرها إذا كان يريد أن‬
‫يَقتصِر على أيام معدودة‪ ،‬وبعد ذلك إن شاء أن يصوم بعد ذلك فل بأس بشرط ألّ يَعتقد أنّ ذلك ثابت؛ وال ولي‬
‫التوفيق‬

‫‪-1‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الصوم‪ ،‬باب‪ :‬أقسام الصوم إلى واجب‬
‫وغيره‪ ،‬فصل‪ :‬الصوم المستحب‪.‬‬
‫‪185‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ولكنها منسوخة ول أرى أن أطيل المقام بذكر تلك الروايات ومالها وما عليها وذكر الروايات الناسخة لها ولكننّى‬
‫أرى أن هذا الرأي وهو القول بالنسخ هو الذي ينبغي أن يؤخذ به لنه هو الذي يؤيده الحديث الثابت عن النبي‬
‫صلوات ال وسلمه عليه وفيه دللة واضحة على النسخ وذهب بعضهم إلى أن الحجامة تفطر الصائم وأما أخذ الدم‬
‫للفحص أو نحو ذلك فل وذلك أن ذلك قليل جدا ولن الضرورة تقتضيه وهذا فيه نظر أن لو قلنا أن الحجامة تنقض‬
‫الصيام وذلك لنه ل فرق بين المرين إل إذا قيل إنه بالنسبة إلى الحجامة يُحكم بالنقص لن المريض يضعف بذلك‬
‫ن هذه العلة عليلة إذ إنه ل مدخل للضعف وغيره فإذا تمكن النسان من مواصلة صيامه فإن صيامه يعتبر‬
‫ولك ّ‬
‫صحيحا ولو أصابه شيء من الضعف إذن إما أن نقول بالنقض مطلقا أو ل نقول بالنقض وبما أنه ل حاجة إلى‬
‫القول بأن ذلك ل يقال عليه أنه ناقض لجل الضرورة إذ إن من اضطر إلى ذلك لو كان ذلك ناقضا لقيل إنه له أن‬
‫يفطر ثم بعد ذلك يقوم بقضاء ذلك اليوم أما أن يقال إنها ل تفطر لجل الضرورة فهذا كلم غريب جدا وقد علمتم‬
‫بأن الرأي الراجح لدي هو أن الحجامة ل تفطر الصائم وعليه كذلك أقول إن من أخذ الدم ل يفطر الصائم نعم من‬
‫استطاع أن يحتاط لمر دينه وأن يخرج نفسه من الخلف فإن ذلك أولى أما الجواز فقد علمتم القول الراجح في هذه‬
‫المسألة وأما بالنسبة إلى أعطاء الصائم الدم فإن ذلك ناقض فإذا وُضع دم لنسان بأن كان مضطرا إلى ذلك فإن ذلك‬
‫ينقض الصيام ولبد له من القضاء ولكنه يباح ذلك إذا كان مضطرا إليه لنه مريض والمريض له أن يفطر كما هو‬
‫معلوم من الدلة على ذلك فيباح له الفطار من أجل هذه العلة ‪.‬‬

‫س‪ :‬حكم الريق والبلغم هل يفطرا ؟‬


‫ج‪ :‬أما الريق فل يفطر نعم ل ينبغي للنسان أن يجمعه في فيه وإن كان بعض العلماء قد نص وإن جمعه فل شيء‬
‫عليه في ذلك ولكن كما ذكرت ل ينبغي ذلك أما النقض فالريق ل ينقض وأما بالنسبة إلى النخامة فإن استطاع‬
‫النسان أن يخرجها وتهاون بذلك فإنها تنقض الصيام وعليه التوبة وعليه العادة أما إذا لم يستطع أن يقوم بإخراجها‬
‫فل يكلف فوق طاقته وأريد بالستطاعة أن ل يتمكن النسان من ذلك بأن تغلبه النخامة فتدخل في حلقه وإلى جوفه‬
‫أما إذا كان ذلك من باب الستحياء أو كان ذلك في الصلة مثل أو ما شابه ذلك فذلك مما ل يصح بإمكانه في‬
‫الصلة أن يقوم بإخراجها مثل بورق أو حتى في ثوبه في حالت الضرورة لنها ناقضة للصلة وناقضة للصيام أما‬
‫إذا لم يتمكن رأسا بأن غلبته ولم يستطع أن يخرجها فذلك ضرورة وال تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬ماذا على الصائم إذا تقيأ من غير عمد في نهار رمضان ؟‬
‫ج‪ :‬إذا تقيأ من غير أن يتسبب في ذلك ولم يقم بإرجاع شيء من ذلك القيء إلى جوفه فإن صيامه صحيح نعم إذا‬
‫رجع شيء من ذلك القيء إلى الجوف غلبة أي لم يستطع النسان أن يمسكه فإن صيامه أيضا أما إذا تسبب النسان‬
‫في القيء فإن صيامه باطل وعليه أن يتوب إلى ال تبارك وتعالى وأن يعيد ذلك اليوم وذلك مثل إذا أحسّ النسان‬
‫بغثيان وأخرج ذلك بطريق العمد فإنه يفطر بذلك وعليه أن يتوب إلى ال تعالى وفطره هذا ل يسوغ له أن يستمر‬
‫على الفطار بل لبد له أن يمسك اللهم إل إذا كان ذلك بسبب المرض إذا كان تقيأ بسبب المرض واضطر إلى ذلك‬
‫فإنه ل بأس بذلك وإذا شاء أن يمكث بعد ذلك على إفطاره بسبب مرضه فذلك أيضا ل بأس لنه أفطر بسبب‬
‫المرض ولكن عليه بعد ذلك أن يعيد ذلك اليوم كما قلت ‪ .‬وال تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬البخاخ الذي يُستخدم لِضيق ال ّنفَس ؟‬


‫ج‪ :‬البخاخ اختلَفت فيه كلمة أهل العلم من العاصرين‪ ،‬أما التقدمون فل كلم لَهم فيه إذ إنه ل يكن موجودا ف‬
‫تلك العصور‪ ،‬أما العاصرون ف وقتنا هذا فقد اختلَفوا ف ذلك‪:‬‬
‫منهم مَن ذهب إل أنه يُفطّر ومَن استعملَه ف نَهار شهر رمضان وهو صائم فإنّ صيامَه يَفسُد بِذلك وعليه أن يُعِيد‬
‫ذلك الصيام إذا كان يستطيع على العادة أما إذا كان ل يستطيع فإنه يُطعم عن كل يوم مسكينا‪.‬‬
‫ومنهم من ذهب إل أنه ل يُفطّر‪ ،‬فل يضر ذلك من صنعه فصيامه يكون صحيحا بإذن ال على رأي هؤلء‪.‬‬
‫ومنهم من توسّط فذهب إل أنه يواصل صيامه ومع ذلك يُطعم مسكينا‪ ،‬ول شك بأن هذا أحوط وأسلم لن الزم‬
‫ف هذه القضية ليس بالمر اليسي والقول بأن هذا الشيء يفطّر أو أنه ل يفطّر أو أنه حرام أو أنه حلل ‪ ..‬واجب أو‬
‫مندوب أو ما شابه ذلك ‪ ..‬لبد للنسان أن يكون لديه دليل يصلح للستدلل حت يقول بِ ُمقَْتضَاه‪ ،‬وهذه القضية‬
‫من المور الت فيها شيء من الشتباه‪ ،‬فلذلك ذهب من ذهب من أهل العلم إل التوقف ف هذه القضية والقول‬
‫بالحتياط فيها‪ ،‬فالسلمة أن يواصل صيامه وأن يطعم مسكينا إذا استعمله‪ ،‬أما إذا كان يستطيع أن يتفاداه لن‬
‫الاجة تتلف تارة يكون مضطرا إليه وتارة ل يكون مضطرا إليه ‪ ..‬تكون به حاجة ولكن يُمكنه أن يتركه لوقت‬
‫الفطار فل شك أنه ل ينبغي له أن يستعمله احتياطا للدّين وخروجا من خلف أهل العلم ‪ ..‬نعم إذا كان يَحتاج إليه‬
‫ف أيام قليلة جدا فل شك أنه إذا أعاد تلك اليام واحتاط لمر دينه فهو أول له وأسلم‪ ،‬وعليه إذا قضى تلك اليام‬
‫فإنه ل إطعام عليه كما هو واضح؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫س‪ :‬الحبة التي يتناولُها مريض القلب ؟‬
‫ج‪ :‬ف القيقة هذه تكلم فيها غي واحد ومنهم من يشدّد ف ذلك ومنهم من ل يشدّد ف أمرها‪ ،‬وأرى بأنّها بِحاجة‬
‫إل دراسة فنظرة إل ميسرة‪.‬‬

‫س‪ :‬امرأة بدأت صيام ثلثة أيام بعد نية نوتها لذلك ولكنها في اليوم الثالث شعرت بشيء يخرج منها وحسبت أنه‬
‫حيض فتركت الصيام لكنه بعد ذلك اختفى وبعد ثلثة أيام جاءها مرّة أخرى‪ ،‬هل يعدّ ذلك حيضا ؟‬
‫ج‪ :‬ل‪ ,‬ذلك التقدّم ليس من اليض‪ ،‬وبا أنه جاء واستمرّت عدّة أيام بعد ذلك جاء اليض هذا ليس من اليض‬
‫وإن كنتُ أودّ من هذه الرأة بأن تصف ذلك الدم الذي جاءها من قبل فإنّ للعلماء خلفا ف هذه القضية فلو وصفت‬
‫ذلك الدم لكان ذلك أول‪ ،‬أما الذي عليه الكثر فإنّ ذلك ليس من اليض ف شيء ‪ ..‬أعن الدّم التقدّم‪.‬‬

‫‪ - 1‬السؤال كما ورد في المكالمة‪ " :‬الحبة التي يعطيها الطبيب لمريض القلب يضعها مع الضرورة تَحت اللسان هل هي‬
‫جائزة أم ل ؟‬

‫‪187‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬هي أفطرت إذن لهذا الشيء‪ ،‬فهل تقضي ذلك اليوم ؟‬
‫ج‪ :‬أفطرته ‪ ..‬إذا كان ذلك من رمضان ‪ ..‬نعم عليها القضاء وعليها أن تتوب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬إن أكلت بعد‬
‫أن توقّف ولكن الظاهر أنا أفطرت وهي تظن أنّ ذلك حيض وبا أنا فعلت ذلك فل شيء عليها بشيئة ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬ولكن‪-‬كما قلتُ‪-‬كنتُ أودّ منها وينبغي إن أمكنها أن تتّصل ولو ف غي هذه اللسة حت تصف ذلك الدم‪.‬‬
‫ن صيامها لم يكن في رمضان ؟‬
‫س‪ :‬هي حددت أ ّ‬
‫ج‪ :‬إذا كان ذلك ف غي رمضان ول يكن نذرا ول كفارة يي ول قضاء لرمضان فل شيء عليها‪ ،‬لنّ من دخل ف‬
‫صوم نفل فالصحيح أنه ل يب عليه قضاؤه ولو أفطر من دون عذر‪ ،‬فكيف وهي قد أفطرت وتظنّ أنا حائض‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف نتعامل مع المدرسات اللواتي ل يتحجبن ؟ وخاصة في رمضان‪.‬‬
‫ج‪ :‬ال الستعان؛ يب على النسان أن يَجتنب معاصي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف رمضان وف غي رمضان‪ ،‬فإنّ غضّ‬
‫البصر مأمور به ف رمضان وف غي رمضان‪ ،‬نعم العاصي تتضاعف ف مثل هذا الشهر الكري كما أنّ السنات‬
‫ض بصره سواء كان طالبا أو كان غي طالب وسواء كانت تلك الرأة تدرسه أو‬ ‫تُضاعف فيه‪ ،‬فعلى النسان أن يَغ ّ‬
‫ل‪ ،‬فعلى هذا الطالب وغيه أن يَغضّ بصره ف هذا الشهر الكري وف غيه وألّ يَنظر إل مثل هذه الرأة الت ابتُلي‬
‫بالدراسة معها؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬الستعان‪.‬‬
‫س‪ :‬امرأة تغتسل من الحيض في رمضان الكريم وأذّن عليها أذان الفجر وهي ل تزال تغتسل‪ ،‬كيف يكون صيامها‬
‫في تلك الحالة ‪ ..‬هل تنوي مباشرة أو ماذا تصنع ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ,‬تنوي الصوم من ذلك الوقت‪ ،‬وليس لا أن تؤخّر‪ ،‬فهذا التأخي ل يصحّ أبدا‪ ،‬فإن كانت نوت من ذلك‬
‫الوقت فصيامها صحيح‪.‬‬
‫س‪ :‬حتى ولو لم تكمل الغسل ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانت قد أخّرت ذلك لعذر فل شيء عليها‪ ،‬بأن طهرت ف ذلك الوقت أو كانت نائمة وتظنّ أنا ستقوم من‬
‫قبل ث أخذها النوم ول تدر إل قبيل طلوع الفجر‪ ،‬ولكن القضية هي أنّ الؤذّن إذا كان قد أخذ ف الذان والفجر قد‬
‫طلع وهي ل تنو ففي السألة ماطرة شديدة‪ ،‬فينبغي لا أن تقضي ذلك اليوم بل إنّ ذلك يكن أن يقال بوجوبه ‪ ..‬أي‬
‫بوجوب القضاء عليها‪ ،‬لنه قد مضى وقت من طلوع الفجر ول تكن هي ناوية للصوم‪ ،‬فأرى أنه عليها أن تتوب إل‬
‫ال‪-‬تعال‪-‬وأن تقضي ذلك اليوم بسبب عدم نيتها؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬جدتها كبيرة في السن وتحتاج في تغيير ملبسها إلى أن تستعين ببعض الشخاص سواء كانوا ذكورا أم‬
‫إناثا‪ ،‬فهل يؤثر ذلك على صيامهم عندما يبدلون لها ملبسها ؟‬
‫ج‪ :‬أما الذكور فليس لم أن يصنعوا لا ذلك‪.‬‬
‫وأما الناث فنظرا لوجود الضرورة فإنه يوز لنّ ذلك ف حالة الصيام وف غي حالة الصيام بشرط أ ّل ينظرن إل‬
‫العورة وألّ يلمسن العورة‪-‬أيضا‪-‬إل بوجود حائل‪ ،‬فمع وجود الائل ومع عدم النظر فإنّ ذلك يوز لذه الضرورة؛‬
‫وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س بطعم ذلك الدهن في فمه وهو صائم‪ ،‬هل يؤثر‬
‫س‪ :‬إذا كان الشخص يتوضأ وفي يده دهن وعند المضمضة أح ّ‬
‫‪188‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ذلك على صيامه ؟‬


‫ج‪ :‬ل يؤثر ذلك على الصيام إذا كان ل يبتلع شيئا من ذلك ف جوفه؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :9‬كثير من النساء يسألن عن استخدام الدهن وما يسمى بـ " الكْريم " أثناء الصيام‪ ،‬فهل يضر صيامهن ؟‬
‫ج‪ :‬ل‪ ,‬ل يضر ذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬شخص توضأ للصلة وبقي في فمه ريق اختلط بماء الوضوء‪ ,‬ماذا يصنع بذلك الريق ؟ هل له أن يبلعه ؟‬
‫ج‪ :‬أما الريق فل يضر‪ ،‬وأما إذا كان متلطا بشيء آخر‪-‬كالاء أو الدم‪-‬فإنه لبد من أن يرج ذلك حت ل يبقى‬
‫شيء من الاء ف فمه؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم استخدام العطور النفاثَة بالنسبة للصائم ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان يصل شيء منها إل الوف بواسطة الفم أو النف فليس له ذلك‪ ،‬أما إذا كان ل يصل شَيْء مِن ذلك‬
‫فَلَه ذلك‪ ،‬وكذا يقال ف البخور أيضا‪ ،‬فإذن ينبغي أن َيحْذَر من أن يصل شيء من ذلك البخور أو من تلك العطور‬
‫إل جوفه بواسطة النف‪-‬كما قلت‪-‬أو بواسطة الفم؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬شخص استيقظ في نهار رمضان وهو على جنابة‪ ،‬فإذا سارع بالغتسال هل له أن يكمل الصيام ؟ وإذا لم‬
‫يغتسل ‪ ..‬أهمل الغتسال ؟‬
‫ج‪ :‬أما إذا سارع فصيامه صحيح‪ ،‬وأما إذا ل يسارع فعليه أن يتوب إل ربه وأن يقوم بقضاء ذلك اليوم الذي وقع‬
‫منه هذا المر فيه؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬مداعبة الرجل لمرأته في نهار رمضان والحديث معها بكلم الحب والعطف وما شابه ذلك‪ ،‬هل يضر ذلك‬
‫الصيام ؟‬
‫ج‪ :‬ثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه كان يقبّل أزواجه وهو صائم‪ ،‬فإذا كان النسان ل يشى على‬
‫نفسه فل مانع من ذلك‪ ،‬أما إذا كان يشى على نفسه من التقبيل أو من مثل هذه الكلمات من أن يتسبّب ذلك ف‬
‫النزال أو ف النتصاب الذي يكون سببا ف النزال أو ف المذاء على أقل تقدير ‪ ..‬أي بأن تتحرك شهوته إذا داعب‬
‫أو تكلم بثل هذه الكلمات فهذه المور على النسان أن يبتعد عنها‪.‬‬
‫(‪ )11‬حكم الستياك بالمعجون في نهار رمضان ‪:‬‬
‫س‪ :‬ما حكم الستياك بالمعجون المعروف في نهار رمضان ؟ وإذا كان بالفرشاة وحدها فما الحكم ؟‬
‫ج‪ :‬اختلف العلماء في السواك بالراك للصائم ‪ ،‬فقال قوم بجوازه ‪ ،‬وقال آخرون بالمنع من ذلك ‪ ،‬وقال آخرون‬
‫باستحبابه ‪ ،‬وفصل آخرون بين اليابس والرطب ‪ ،‬فقالوا بالمنع بالنسبة للرطب ‪ ،‬والجواز لليابس‪ ،‬وفرق آخرون بين‬
‫النصف الول من النهار وبين النصف الثاني من النهار ‪ ،‬فقالوا بالجواز في الول والمنع في الثاني ‪ ،‬والقول‬
‫الراجح الجواز لدلة ل أظن هنالك حاجة لذكرها الن ‪.‬‬
‫وأما بالنسبة للمعاجين فالحسن والولى والفضل – إن لم نقل بالمنع‪ -‬الترك ‪ ،‬وذلك لنها سريعة الذوبان‬
‫فيخشى على هذا الصائم من أل يتمكن من أن يحفظ من دخوله شيء من هذا المعجون إلى داخل جوفه ‪ ،‬وبالتالي‬

‫‪189‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫في ذلك مخاطرة ‪ ،‬فيجب ترك ذلك أو ينبغي ترك ذلك ‪ ،‬وأما بالنسبة للفرشاة من غير معجون فل مانع من ذلك ‪،‬‬
‫وال أعلم ‪.‬‬

‫(‪ )12‬حكم صوم من لعن أخاه المسلم ‪:‬‬


‫س‪ :‬ما حكم من لعن أخاه المسلم في نهار رمضان بدون عذر ‪ ،‬هل يبطل صومه ؟ وماذا عليه ؟‬
‫ج‪ :‬إذا لعن المسلم المسلم سواء في شهر رمضان أو في غير فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب والعياذ بال ‪،‬‬
‫وذلك لن المؤمن ليس بلعّان ول شتّام كما ثبت ذلك في الحاديث الصحيحة الثابتة عنه صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فل‬
‫يجوز لحد أن يشتم أو يلعن أو يحتقر أخاه المسلم بنص الكتاب وبنص السنة الصحيحة وبإجماع المة المحمدية ‪،‬‬
‫لكن إذا كان في الصوم فإن المر يشتد ويمكن أن يقال بأن صومه منهدم ‪ ،‬فيجب عليه أن يتوب إلى ال سبحانه‬
‫وتعالى وأن يعيد ذلك اليوم ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬أحكام القضاء والكفارة‬


‫س‪ :‬هل أيامُ القضا ِء لَها مِن الثوابِ ما لِشهرِ رمضان ؟ فالمرأة‪-‬مثل‪-‬التي تَعترِضُها دور ُتهَا الشهرية في رمضان‬
‫ثُم تَقضِي هذه اليام ‪ ..‬مِن حيثُ الفضل والجر والثواب‪ ،‬هل حكمُها كحكمِ رمضان ؟‬
‫حرُم عليه وتارةً َيجُوز له‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ نَحن َنعْلَمُ أ ّن الصيام ف شهرِ رمضان تارةً َيجِب على النسان وتارةً َي ْ‬
‫الصيام وَيجُوز له الفطار وتارةً يَكون الفضل هذا وتارة يَكون ذاك‪.‬‬
‫أما الواجِب فإنّه على مَن كان ف وطنِه وليس له عذرٌ شرعي يُسَوّغ له الفطار فهذا َيحْ ُرمُ ف حقّه تركُ الصيام‬
‫حرُم ف حقّه الفطار كما هو واضِح‪ ،‬وإذا أفطر‪-‬والعياذ بال تبارك وتعال‪-‬ف حَضرِه مِن غي عذرٍ شرعي فإنه‬ ‫وَي ْ‬
‫َيجِب عليه‪:‬‬
‫أن يَتوب إل ربه وأن يرجع إليه قبل فوات الوان‪.‬‬
‫وأن يَ ْقضِيَ تلك اليام الت أفطرها‪.‬‬
‫وإن كان أفطر بِالوطء فإنّ عليه أن يكفّر كفارة مغلظة وهي‪:‬‬
‫أن َي ْعتِ َق رقبة مؤمنة ولبد ِم ْن شرط اليـمَان على الصحيح الراجح عندنا‪.‬‬
‫وإن لَم يستطع ‪ ..‬أي لَم يَجد رقبة يَقوم بِ ِعْتقِهَا فإنه َيجِب عليه أن يَصوم شهرين متتاب َعيْن‪.‬‬
‫فإن لَم يستطع فعليه أن يُطعم ستي مسكينا على الترتيب‪-‬على الصحيح‪-‬ل على التخيِي‪ ،‬لنّ هذا هو الذي جاء عن‬
‫النب ‪.‬والرواية الت جاءتْ بِالتخيي فإنّها مِن باب الرواية بالعن‪ ،‬بينما الروايةُ الخرى هي الواضِحة الت ينبغي‬
‫العتمادُ عليها بل ول َيصِحّ العدول عنها‪ ،‬ول ُأرِيدُ بِقولِي‪ " :‬ل يَصِحّ العدول عنها " أنه ل يُوجَد ف ذلك‬
‫اللف أو أّننَا َنجْعَل السألةَ مِن بابِ مسائلِ الدّين ‪ ..‬كلّ‪ ،‬السألة مِن مسائلِ الرأي واللفُ فيها موجودٌ مِن عصرٍ‬
‫بعيد‪ ،‬ولكّننِي ُأرِيدُ بِذلك الراجِح الذي ثبتَ عن النب ‪.‬‬
‫أما إذا كان الفطارُ بِغيِ الوطءِ فلِلعلماءِ خلفٌ ف وجوبِ الكفارة أما البَدَل والتوبة فلبُدّ مِنهما‪:‬‬
‫‪190‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-1‬قيل بوجوب الكفارة عليه‪ ،‬لنتهاك ُحرْ َمةِ هذا الشهرِ البارك‪.‬‬
‫‪-2‬وقيل بعدم وجوب الكفارة عليه‪.‬‬
‫والقولُ الوّل ل َشكّ أنّه قولٌ قوي وهو أحوط وأسلم‪.‬‬
‫ح ُرمُ عليهما الصيام وَيجِب عليهما‬ ‫والالة الت َيحْ ُرمُ فيها الصيام على الرأةِ‪ :‬ف حالةِ الّنفَاس وف حالة اليض‪ ،‬فَي ْ‬
‫القضاءُ بِإجاعِ المّة وِبنَصّ السنّة الصحيحةِ الثابتة عن النب ‪ ،‬فل َيجُوزُ لِلحائضِ أن تَصُوم وكذلك بالنسبةِ إل‬
‫النفساء وكذلك ل َيجُوز لَهما التيانُ بِالصلةِ ولكن الفرقُ أنّهُما ل تُ ْؤ َمرَانِ بِقضاءِ الصلةِ ِبخِلف الصوم كما ثبتَ‬
‫ذلك ف السنّة عن النب بل وليس لَهما أن َيقُومَا ِبقَضَاءِ الصلة‪ ،‬وذلك ِمنَ المنوعات‪ ،‬لنّ ذلك ُمخَالِف لِهَ ْديِ‬
‫النب ‪.‬‬
‫أما الذي يَجُوز له الفطار فالريض والسافر و‪-‬كذلك‪-‬الشيخ الكبي والرأة العجوز و‪-‬كذلك‪-‬الرأة الامل‬
‫سيْهِمَا أو على ول َديْهِمَا أو على الكُل‪َ ،‬ففِي هذه الالت يَجوز الفطار بل قد َيجِب‬ ‫والرأة ا ُل ْرضِع إذا خافتا على نَفْ َ‬
‫ف بعضِ الالت‪ ،‬فالريض إذا ا ْشتَدّ به الرض وخاف على نَفْسِه فليس له هَا ُهنَا الصيام بل عليه أن يُ ْفطِر‪ ،‬وهكذا‬
‫السافر إذا َشقّ عليه ذلك وخاف مِن اللك أو مِمّا ُيقَ ّربُه مِن اللك فكذلك ليس له أن يَصُوم‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل‬
‫الَبقِيّة الباقية الت ذكرناها سابقا‪ ،‬ولِلعلماء ف ذلك تفصيلتٌ ل داعي لِ ِذ ْكرِها الن‪.‬‬
‫جبُ عليهم القضاء‪ ،‬فالسافر والريض الذي يُمْ ِكُنهُ القضاءُ وهكذا‬ ‫أما بِالنسبةِ إل القضاء فكما قلنا بعضُ الناس َي ِ‬
‫بالنسبة إل الامل والرضع على الصحيح الراجح فيهما ‪ ..‬أعن ف الامل والرضع ‪ ..‬هؤلء يَجِب عليهم القضاء‪.‬‬
‫ول شك بِأنّ لِرمضان مَ ِزيّة عظيمة ولكن‪-‬أيضا‪-‬بِمشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف حالةِ القضاءِ َينَالُون ال َفضْل العظيم‪،‬‬
‫لنّهم أفطروا ف رمضان ِإمّا بسبب يُوجِب عليهم ذلك أو بسبب ُيبِيحُ لَهم ذلك‪ ،‬ول يُمكن َأنْ نقول‪ " :‬إنّ صيامهم‬
‫أقَل مِن صيام شهر رمضان " وإن كنتُ ل أُحِب الوضَ ف مثلِ هذه القضايا ‪ ..‬الذي نُرِيد أن نُْثبِتَه بِأنّ هؤلء‬
‫مشروعٌ لَهم الفطار إمّا على طريقِ اليـجاب أو على طريقِ النّدْب ويَجب عليهم القضاء فل داعي لِتطويلِ هذه‬
‫السألة بِأنّ هذا أفضل أو ليس بِأفضل ‪ ..‬نعم هل الفضل لِلمسافِر ‪-1‬أن ُي ْفطِر ‪-2‬أو الفضل له أن يَصوم ف شهر‬
‫رمضان ؟ هذا فيه خلفٌ كبي بيْن أهل العلم ‪-3 ..‬أو ال ْفضَل اليسر ف َحقّه ؟ ول َشكّ بِأنّ هذا الرأي رَْأيٌ‬
‫حصُل على‬ ‫وَجِيه‪ ،‬فإن كان اليْسَر ف حقّه الصيام فل َشكّ أنّ الوْل له الصيام وإن كان اليْسَر ف حقّه ال ِفطْر وقد َي ْ‬
‫شقّةِ‪َ ،‬فِإنْ َأمْ َكَنهُ‬
‫شقّة البَسِيطَة أو السّهْلَة أو ما شابه ذلك‪ ،‬إذ لبد مِن مِْثلِ هذه الـ َم َ‬ ‫شقّة ‪ ..‬وطبعا ليست بِالـمَ َ‬ ‫مَ َ‬
‫ِمنْ َغْيرِ مشقّةٍ كبية فالفضل له الصيام ِمنْ نواحٍ ُمَتعَ ّددَة؛ وال ول التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬قد يَكون أَفط َر في أوّل رمضان أو في وسطه أو في آخِره‪ ،‬فهل في القضاء يَلْزمُه أن يَصومَ ما أَفطرَه مُ َتفَرّقا‬
‫أن يَصومَه مُتتابِعا ؟‬
‫ج‪ :‬مسألةُ َتتَابُعِ القضاءِ مُختَلفٌ فيها بيْن أهلِ العلم منذ زمنٍ بعيد‪:‬‬
‫ستَطِع على ذلك‪.‬‬
‫مِن العلماء مَن ذهب إل وجوبِ التّتَابعِ ف القضاءِ إل َمنْ َشقّ عليه ولَم يَ ْ‬

‫‪191‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وبعضُ العلماء ذهب إل أنه َيجُوز ف القضاء ال َفصْل ‪َ ..‬يجُوز لِلنسان أن يصومَ يوما وأن يُف ِطرَ يوما وهكذا ‪ ..‬الهم‬
‫أن يُكْ ِملَ العِدّة الت عليه ول ينظر إل التتابع وإل عدمه‪ ،‬فإذا كان إنسانٌ قد أَف َطرَ ستّة أيام أو سبعة أيام الهم أن‬
‫يَقضِي تلك اليام سواء أتى بِها متتابِعة أو أنه أتى بِبعضِها ثُم أَفطَر ثُم أتى بِالبقيةِ الباقية وهكذا ‪ ..‬الاصل الهم أن‬
‫ُيحْصِي العِدّة‪.‬‬
‫وقد ا ْستَدَلّ ك ّل فريقٍ بِأ ِدلّة‪ ،‬وليس هنالك دليلٌ واضِح ف هذه القضية‪ ،‬إذ إنّ كلّ ما اسْتَدَل بِه َمنْ قال بِوجوبِ‬
‫الّتتَابع وبعدم وجوبِ ذلك مِن الديث الروي عن النب ل َيثُْبتُ عنه صلوات ال وسلمه عليه على التحقيق‪،‬‬
‫وبيان ذلك َيتّسِع بِه القال‪.‬‬
‫سبُ إل السيدةِ عائشة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬وقد نُسَِبتْ إل غيِها‪،‬‬ ‫واست َدلّ القائلون بِالتّتَابع‪-‬أيضا‪-‬بِقراءةٍ شَاذّةٍ تُنْ َ‬
‫ختْ وما‬ ‫ولكن الحتِكام بِالقراءاتِ الشاذّة َلنَا فيه َنظَرٌ ل دَاعِي لِ ِذ ْكرِه الن‪ ،‬ث إنّ تلك القراءةَ على تَقْدِيرِهَا قد نُس َ‬
‫دامتْ منسوخة فإنّ الصلَ أنّ الكمَ ُينْسَخُ بِنَسْخِ الّلفْظ إل إذا َدلّ دليلٌ على بقاءِ الكم بعدَ نَسْخِ الصلِ‪ ،‬وليس‬
‫لدينا ذلك الدليلُ ف هذه القضية‪.‬‬
‫وقَاسُوا ذلك‪-‬أيضا‪-‬على صيامِ شه ِر رمضان البارَك فإنّه ُمتَتَابِع‪ ،‬وهذا القياس فيه ما فيه كما ل يَخْفى‪ ،‬ذلك أنّ‬
‫رمضان َيجِب التتابُع فيه ل ل ْجلِ وجوبِ التتابُع نفسِه ولكن لنّ رمضان َيجِب صيامُه ِمنْ أ ّولِه إل آ ِخرِه إل لِعذرٍ‬
‫شرعي كما هو معلوم ‪ ..‬ذلك لمرٍ آخَر وليس ل ْجلِ الّتتَابع ذَاتِه‪ ،‬فإذن هذا القياس فيه ما فيه‪.‬‬
‫خرِج نفسَه مِن اللفِ ف هذه القضية‪ ،‬ولكن لو جاءنا شخصٌ‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬ل َشكّ أنّ النسان الوْل لَه أن ُي ْ‬
‫وقال بِأنّه َقضَى ما عليه ِمنْ شه ِر رمضان ولكنّه لَم ُيتَابِع َبيْن القضاء سَوَاء أَف َطرَ بعضَ اليام ف أ ّولِ الشهر والبعض‬
‫الخَر ف َو َسطِه أو ف نِهايتِه أو ما شابه ذلك أو أنه َأ ْفطَرَهَا ف وَ ْقتٍ واحِد فإننا نقول له‪ " :‬على الصحيح عندنا إنّ‬
‫صيامَك صحيح " ولكن الروج مِن اللف‪-‬كما قلتُ‪-‬ف هذه السألةِ حسنٌ جِدا‪ ،‬ث إنّ ف ذلك ُمبَادَرَة ِل ِف ْعلِ‬
‫اليْر‪ ،‬والنسان ل يَدرِي مت يَأتِيه الوت‪ ،‬فما مِن لَحظةٍ ِمنْ لظاتِ حياتِه إل ويُ ْمكِن أن يُفَا ِجئَه الوت‪ ،‬فإذا با َدرَ‬
‫بِالتيانِ بِهذه اليام فإنّه قد أدّى ما عليهِ بِحمدِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وإن كنّا ل نستطِيع أن ُنضَيّق عليه‪ ،‬لنّنَا لو قلنا‬
‫بِوجوبِ الفورية لَقلنا‪ " :‬إنّ النسان يَجِب عليه أن يَصوم ف اليوم الثان مِن شهرِ شوال وأن يَ ْقضِيَ ما عليه إل إذا‬
‫كان هنالك عذرٌ يَ ْمنَ ُعهُ مِن الصيام أو ُيبِيحُ له‪-‬على أق ّل تقدير‪-‬الفطار "‪.‬‬
‫فإذن خلصةُ ما ف السألةِ‪ :‬العلماءُ اختلَفوا ف هذه السألةِ على ثلثةِ أقوال‪:‬‬
‫‪-1‬منهم مَن قال‪ :‬يَجب التتابع وهو شرطٌ ف ذلك‪ ،‬فمَن كانت عليه‪-‬مثل‪-‬خسةُ أيام وصام يوميْن ثُمّ أَفطَر لِغيْرِ‬
‫عذرٍ شرعي يُبِيحُ له ذلك فإنّه يُطاَلبُ بِإعادةِ المسةِ اليّام معًا‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم مَن قال‪ :‬هو واجب ولكنه ليس بِشرْط‪ ،‬فإذا أَفطَر يَكون آثِما ولكن صيامُه الاضي صحيح‪ ،‬فعليه ف هذا‬
‫الثال أن يَأتِي بِالثلثة الباقية وليس عليه أن ُيعِيدَ اليوميْن الاضييْن ولكنه آثِم َيجِب عليه أن يَتوب إل ال‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-3‬وبعضُ العلماء ذهب إل أنه ل يُحْكَم بِإثْمِه وليس عليه أن ُيعِيدَ ما مضى مِن اليام بل عليه أن يَأتِي بِالبقيةِ الباقية‬
‫سنُون له أن يُتابِع بيْن اليام ُخرُوجا مِن عُهْ َدةِ اللف و‪-‬أيضا‪-‬لنّ ف ذلك مبادَرة إل اليْر‬ ‫ولكنه مع ذلك يَسَْتحْ ِ‬
‫خفَى‪.‬‬ ‫ومسارَعة إليه وف ذلك ِمنَ الفضْل ما ل َي ْ‬
‫صيَامِهِم الاضي أن‬ ‫حثّ الناس على الّتتَابُع خروجا مِن عهدةِ اللف ومع ذلك ل نَقْوَى على القولِ بِإبْطَالِ ِ‬ ‫فنحن نَ ُ‬
‫لَوْ َقضَوا على سبيلِ التفريق لننا ل نَمِْلكُ الدليلَ الذي يَ ُدلّ على وجوبِ التّتَابُع ف ذلك‪ ،‬ثُم إنّ هذا ف مَن كان قادِرا‬
‫شقّ عليه فل بأس عليه بِمشيئة ال ول حرج‪ ،‬وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫أما مَن كان ل َيقْدِر على ذلك أو يَ ُ‬
‫ت إلى العِنَايَة وبقيتْ‬
‫ت خمسة عشر يوما فقط ثُم مرضتْ فأفطرتْ يوميْن معهم في الم ْنزِل ثُم ُنقِلَ ْ‬
‫س‪ :‬والدتُه صام ْ‬
‫على إفطارِها حتى اليوم التاسع والعشرين توفيتْ ظهرا‪ ،‬ما هي اليام التي يَلْ َزمُ قَضَاؤُهَا عَنْها ؟‬
‫ج‪ :‬ل شيءَ عليها ول عليهم بِمشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل أجرى عملية قلب ول يستطيع الصيام الن ولكن ينتظر الشفاء ؟‬
‫ج‪ :‬أوّل‪ :‬نتمن له الشفاء العاجل ‪ ...‬ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬له ذلك ولغيه مِن عبادِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬السلمي‪.‬‬
‫وثانيا‪ :‬نعم له أن يفطر ويقضي بعد ذلك ما دام يستطيع القضاء وليس له أن يكتفي بالطعام ‪ ..‬بل ل إطعام عليه‬
‫فالن يفطر ول بأس عليه والمد ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬وبعد ذلك عندما يرى من نفسه أنّه يستطيع أن يقوم بقضاء تلك‬
‫اليام فلي ْقضِهَا؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬مَن كانت عليه أيام قضاء أو كان عليه يوم واحد‪ ،‬هل له أن يصوم يوم الثلثين مِن شعبان ؟‬
‫ج‪ :‬حقيقة ‪ ..‬ينبغي لِلنسان أن يبادر إل الي وأن يسارع إليه ومن العجب أن يترك العبد القضاء لدة طويلة من‬
‫الزمن إل أن يصل إل اليوم الثلثي من شهر شعبان ول يدري هل سيكون حقا ذلك اليوم هو هذا أو أن هذا اليوم‬
‫سيكون من شهر رمضان فيأت يسأل الواحد ف اليوم التاسع والعشرين‪-‬مثل‪-‬هل أصوم غدا ‪ ..‬أي أفطرت يوما هل‬
‫أصوم غدا أو ل ؟! طيب إذا كان اليوم الت من شهر رمضان فماذا عسى أن تصنع ؟! نعم إذا كان قد نسي ذلك‬
‫ول يتذكر إل ف ذلك اليوم أو ف تلك الليلة فالمر يَختلف أما أن يتعمد أن يترك ذلك حت ذلك الوقت فهذا ل‬
‫ينبغي لِمن يَخاف ال تبارك وتعال‪ ،‬أما الصيام ف هذا اليوم بنية القضاء فل مانع منه إذ إن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪-‬إنا نى عن التطوع الطلق أو مَخافة أن يريد الذي يصوم ف ذلك اليوم أن يَحتاط بزعمه لشهر رمضان أو‬
‫ما شابه ذلك َفنُهِي عن الصيام ف ذلك الوقت ‪..‬نَهى الرسول‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬عن تقدم شهر رمضان بيوم أو‬
‫يومي‪ ،‬أمّا من كان يصوم قضاء أو كان يصوم كفارة مغلظة أو مُرسلة أو كان يصوم نذرا أو كان قد َتعَوّد أن يصوم‬
‫ف يوم من اليام كيوم الميس أو يوم الثني أو ما شابه ذلك وصادف ذلك اليوم يوم الثلثي أو يوم الشك فصامه‬
‫بنية صيام القضاء أو بنية صيام الكفارة أو النذر أو بنية صيام يوم مسنون قد اعتاد على صيامه فل مانع من ذلك كما‬
‫ثبت ذلك ف الديث عن النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإنّما ننهى‪-‬كما قلت‪-‬عن الخاطرة بِحيث إن النسان ل‬
‫يدري هل سيدخل شهر رمضان أو ل يدخل ف ذلك اليوم فإن دخل شهر رمضان فإنه لن يتمكّن من التيان بصوم‬
‫البَدَل وإن لَم يدخل ففي هذه الالة سيصوم اليوم الذي لَم يأت به من قبل‪.‬وكذلك أريد أن أنبه إل أن من يريد أن‬

‫‪193‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫يصوم كفارة مغلظة ‪ ..‬مثل بسبب قتله لِمؤمن خطأ أو بسبب ظهار أو بسبب انتهاك لِحرمة صوم شهر رمضان‬
‫البارك فإنه ينبغي له إذا أراد أن يصوم ف شهر شوال وذي القعدة ينبغي له أن يصوم بعد عيد رمضان مباشرة ‪ ..‬ف‬
‫اليوم الثان أو الثالث أو الرابع أو ما شابه ذلك من شهر شوال مَخافة أن يأت العيد‪-‬أعنِي عيد الج‪-‬ولَم َيتَمَكّن هو‬
‫من إتْمام صيام الكفارة‪ ،‬فمثل إذا شرع ف الصيام ف اليوم العاشر أو الادي عشر أو الثان عشر أو بعد ذلك وقد‬
‫يَحدث حت لو شرع ف صيام التاسع من شهر شوال لنّه ف هذه الالة قد يُخاطر ‪ ..‬ل يدري هل سيكون شهر‬
‫شوال ثلثي يوما أو ل فينبغي أن يصوم قبل ذلك لنه إذا أتى العيد ولَم يُكمل الشهرين فماذا عسى أن يصنع ؟‬
‫صيام يوم العيد ل يَجوز بِحال من الحوال‪ ،‬فمعن ذلك أنّه سيفطر ولبد فهل بعد ذلك سيقضي الشهرين معا وقد‬
‫يكون صام شهرا وخسة وعشرين يوما أو أنه سيواصل ؟ من العروف أن لهل العلم ف ذلك اختلفا‪ ،‬والقول الذي‬
‫ذهبت إليه طائفة من الحققي وهو الصحيح أنّه ينهدم صومه لنه خاطر بنفسه متعمدا وليس كالريض الذي اضطر‬
‫للفطار ول حول له ول قوة على إتْمام الصيام فذلك يُرخص له ف الفطار وبعد ذلك يواصل بعد أن يَمن ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬عليه بالشفاء أما هذا قد خاطر هو نفسه بذلك وعليه أن يعيد الصيام من أوله‪ ،‬فينبغي النتباه لذلك لن كثيا‬
‫من الناس يأتون ف أيام العشر من ذي الجة يسألون " ماذا نصنع ف اليوم العاشر ؟ " بل و " ماذا نصنع ف الادي‬
‫عشر والثان عشر والثالث عشر ؟ " والواب بأن من صنع ذلك عليه أن يأت بالصيام من أوله لن صيامه قد انْهَدَم‬
‫هذا هو الرأي الذي عليه غي واحد من الحققي وهو الصحيح عندي؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬امرأة كانت مريضة في شهر رمضان الكريم بالشلل النصفي وتركت من صيامه ستة عشر يوما وبعد مرور‬
‫سنين تقول هي أنها لم تقض تلك اليام ويقول أبناؤها بأنها قضت تلك اليام فصارت في خلف مع أبنائها هم‬
‫يقولون بأنك قد قضيت وهي تقول بأنني لم أقض ‪ ..‬متشككة‪ ،‬فماذا تصنع في هذه الحالة ؟‬
‫ج‪ :‬الصل أنّ النسان ماطَب بنفسه فإذا كان يَذْكُر أنه ل يصم فإنه لبد من أن يصوم ذلك إذا كان يتمكن من‬
‫الصيام أو يفتدي إذا كان يتمكن من الفدية‪ ،‬فإذا كانت هذه الرأة متيقّنة بأنا ل تصم تلك اليام فلبد من القضاء‬
‫إذا كانت تتمكن من القضاء أو لبد من الطعام إذا كانت تتمكن من الطعام‪ ،‬وأولئك الولد يكن أنم رأوها‬
‫صائمة وهي قد صامت نفل أو ما شابه ذلك فإن كانت هي متيقّنة من نفسها فلبد من ذلك ‪ ..‬نعم إذا كانت‬
‫ذاكرتا ضعيفة والولد متيقّنون بأنا قد صامت الفريضة بأن كانت أخبتم ل أنم شاهدوها صائمة أو أنا أخبتم‬
‫بأنا صائمة أو ما شابه ذلك ‪ ..‬أقول‪ :‬إن كانت ذاكرتا ضعيفة والولد متيقّنون من ذلك بأنا صامت القضاء ل أنا‬
‫كانت مرد صائمة فإنّ ذلك يزيها بشيئة ال‪ ،‬فالعبة من تيقّنها وذاكرتا؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا كان المسلم ل يستطيع الصوم بسبب مرض ول يستطيع القضاء في وقت لحق‪ ،‬فهل عليه الكفارة عن كل‬
‫يوم ؟ وما حكم إخراج هذه الكفارة‪ ،‬هل تخرج يوميا أم يجزيه أن يخرجها في بداية الشهر دفعة واحدة بشراء‬
‫مؤونة رمضان لسرة فقيرة أو عدد من السر ؟‬
‫ج‪ :‬من ل يستطع الصيام ول يستطع القضاء أو كان ف ظنه أنه ل يستطيع أن يقوم بالقضاء بعدُ بأن كان مريضا‬
‫مرضا ل يرجو الشفاء منه بسب الظاهر فإنّ عليه أن يُطعِم عن كل يوم مسكينا‪ ،‬والصل أنّ النسان يطعم لذلك‬

‫‪194‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫اليوم ‪ ..‬أي يطعم عن كل يوم أو أنه يؤخر حت ينتهي الشهر‪ ،‬والفضل أن يُقدّم فيطعم عن اليوم الفلن ولكن قد‬
‫تكون هنالك مشقة بأن يطعم عن كل يوم يوم أي أن يقوم بالطعام عن اليوم الول فيه والثان وهكذا‪ ،‬فبإمكانه أن‬
‫يطعم عن كل عشرة أيام ف وقت واحد أو عن الشهر ف وقت واحد‪ ،‬ولكنّ النسان ل يدري إل مت يبقى ف هذه‬
‫الياة والصل أنه بعد موته ل يُكلّف بشيء فهو ل يدري هل سيبلغ إل ناية رمضان ويب عليه ف ذلك الال أن‬
‫يطعم عن الشهر كله أو ل‪ ،‬ث إنّ الصل ف الوجوب أن يكون بعد كل يوم‪ ،‬ل أن يطعم النسان ف بداية الشهر‪،‬‬
‫لنّ اليوم الثان ل يب عليه بعد‪ ،‬وإنا وجب عليه الطعام عن اليوم الول وهكذا‪ ،‬فإذا أخرج قبل اليوم الثان مثل‬
‫فإنه يكون قد أخرج قبل وجوب الطعام عن ذلك اليوم عليه‪ ،‬فالصل أنه يؤخر‪ ،‬إما أن يطعم عن كل يوم أو عن‬
‫كل عشرة أو خسة أو أن يطعم ف ناية الشهر ولكن لبد من أن يَذكر ذلك ف وصيته إذا كان ل يطعم عن اليام‬
‫الاضية‪ ،‬مافة أن يَفجأه الوت ويظن الناس أنه قد أطعم‪ ،‬فإذا وجدوا ذلك ف وصيته فإنم سيعلمون بأنه ل يطعم عن‬
‫اليام الاضية وسينفذون عنه ذلك بشيئة ال؛ وال أعلم‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫س‪ :‬امرأة لَم تقض ما أفطرت من رمضان الماضي حتى دخل رمضان الحاضر‪ ،‬ماذا يلزمها ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال من لَم يقض شيئا من شهر رمضان البارك سواء كان الشهر كله أو لَم يقْضِ بعض اليام الت‬
‫أفطرها بسبب يبيح له ذلك كالرض أو السفر أو كانت الرأة حامل ويشُق عليها الصيام أو كانت مرضعة ويشق‬
‫عليها الصيام ‪ ..‬كانت ترضع طفلها‪-‬مثل‪-‬ويشُق عليها ذلك أو ي َؤثّر على طفلها أو أن ذلك وقع‪-‬والعياذ بال تبارك‬
‫وتعال‪-‬بسبب انتهاك لِحرمة هذا الشهر عليه أن يقضي إذا استطاع قبل أن يدخل شهر رمضان من السّنة الت تلي‬
‫تلك السنة الت أفطر فيها‪ ،‬وإذا لَم يقض فل يَخلو من أحد أمرين اثَنيْن‪:‬‬
‫‪-1‬إما أن يكون معذورا بأن كان مريضا أو ما شابه ذلك ِمنَ العذار الت ُتبِيح لَه أن يؤخّر ذلك‪.‬‬
‫‪-2‬أو يكون ُمنْتَهِكا‪.‬‬

‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه لفضيلته نصه ‪:‬‬


‫س‪ :‬شخص أخر قضاء رمضاء حتى دخل رمضان من السنة المقبلة ماذا عليه ؟‬
‫الجواب ‪-:‬‬
‫ل نقول ‪ -‬أن هذا النسان ل يخلوا من أحد أمرين في تأخيره أما أن يكون أخره بسبب عذر مثل نسيان أفطر يوما من‬ ‫أو ً‬
‫رمضان بسبب عذر ثم لم يتذكر ذلك حتى دخل رمضان من السنة التية فهذا إنسان ناسي ول يكلف ال الناسي حتى‬
‫يتذكر فهو معذور بمشيئة ال تبارك وتعالى وعليه أن يقضي ذلك بعد أن ينتهي من صيام رمضان وينتهي يوم العيد ‪.‬‬
‫أو يكون معذوراً بعذر شرعي من مرض أو سفر يكون في سفره حتى دخل رمضان أو يكون مريضاً حتى دخل‬
‫رمضان‪ ،‬ولم يتمكن من قضاء الحاصل أن يكون معذور بعذر شرعي مقبول‪ ،‬أو يكون ليس له عذر وإنما التهاون‬
‫والهمال‪ ،‬فإذا كان معذورًا فقد بينت لكم حكمه‪ ،‬وإن كان متهاونًا متساهلً في أمره فعليه أن يتوب إلى ربه وأن يرجع‬
‫إلى ال سبحانه وتعالى وعليه أيضاً أن يقضي ذلك اليوم الذي تركه ‪.‬‬
‫ثم أن أهل العلم بعد ذلك أي بعد التوبة والقضاء‪ ،‬اختلفوا فيما يلزمه‪ ،‬بعضهم قال ل يلزمه شيء إل ما ذكرناه من التوبة‬
‫وقضاء ذلك اليوم وهذا القول هو القول الصحيح عندي إذ لم أجد دليلً يدل على وجوب الكفارة عليه وذهبت طائفة من‬
‫أهل العلم إلى أنه عليه زيادة على التوبة والقضاء أن يطعم مسكيناً إن كان فرط في يوم يطعم مسكينًا أو فرط في يومين‬
‫يطعم مسكينين وهكذا وقلتُ القول الول هو الصحيح ولكن إذا أطعم هو اطعام وشيء بسيط وهو احتياط بل هو خروج‬
‫من الخلف ‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فإن كان معذورا بأن كان مريضا أو نسي ذلك أو ما شابه ذلك فل عليه إل القضاء عندما يستطيع عليه‪ ،‬أمّا إذا كان‬
‫منتهكا فإنه عليه أن يتوب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وعليه القضاء واختلفوا ف وجوب الكفارة‪:‬‬
‫منهم من قال عليه أن يكفّر وذلك بأن يطعم مسكينا زيادة على القضاء ‪ ..‬بعض الناس يظنون أنه يكتفي بالطعام‬
‫وليس المر كذلك ‪ ..‬لبد من القضاء وإنّما اللف ف الطعام‪.‬‬
‫وبعض العلماء قال ل إطعام عليه‪.‬‬
‫ومن حيث التّرجيح الراجح عدم وجوب الطعام مع القضاء وأن القضاء يُجزي مع التوبة إل ال تبارك وتعال‪ ،‬ول‬
‫شك أن الحتياط ف الطعام لن من أطعم فقد احتاط وخرج من خلف أهل العلم ولكن من لَم يُطعم ل شيء عليه‬
‫فالصيام مع التوبة يُجزيه ‪ ..‬هذا إذا كان لَم ينتهك الصيام‪ ،‬أما إذا أفطر متعمدا من غي عذر فتجب عليه الكفارة مع‬
‫القضاء كما هو مبسوط ف موضعه‪.‬‬
‫هذا وأما بالنسبة إل الصلوات إذا ترك إنسان صلوات كثية جدا‪-‬مثل‪-‬ول يقضها فالديث الذي رُوي عن‬
‫الرسول‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬بأنه يقضي تلك الصلوات ف آخر جعة من شهر رمضان فهو حديث باطل موضوع‬
‫عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ومن قرأ لفظه‪-‬وسنتكلم عليه ف مناسبة قادمة بشيئة ال عندما يكون‬
‫الوقت قريبا مِن ذلك اليوم‪-‬فإنه ينادي عليه بالوضع مهما كان هذا الشخص جاهل بأحكام شرع ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬وإنا الناس يسألون عنه لنّهم وجدوا جزءا منه ف بعض الكتب ولكنهم لو وجدوه بتمامه لعرفوا أنه موضوع‬
‫حقا‪1‬؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬شخص عمل كبيرةً في نَهارِ رمضان وهو في خارِج الوطن ‪ ..‬في سفرِه‪ ،‬هل َتجِب عليه الكفارة كالذي في‬
‫داخِل وطنِه ؟‬
‫ج‪ :‬هل هو كان صائِما ف ذلك الوقت ؟‬
‫س‪ :‬يبدو هذا مِن سؤالِه‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل أدري ماذا يُرِيد بِالكبية ‪ ..‬إن كانتْ هذه الكبية‪-‬مثل‪-‬قد زَنَى‪-‬والعياذ بال تبارك وتعال‪-‬أو أنه‪-‬أيضا‪-‬‬
‫طءُ وإن كان جائِزا حلل إذا َوطِئَ النسان زَ ْوجَه أو ُسرّّيَتهُ ولكن ف وقتِ الصيام‬ ‫َوطِئَ زَوْ َجتَه ف نَهَارِ َرمَضان فال َو ْ‬
‫‪ ..‬إذا كانا صائ َمْينِ فَ َذلِك ِمنَ َكبَائِر الذنوب أو َأ َكلَ أو شَربَ كذلك‪ ،‬أما بِالنسبةِ إل غيِ ذلك مِن الكبائِر الت قد‬
‫يَقَع فيها النسان‪-‬نَسألُ ال السلمةَ مِن ذلك‪-‬مثل الغيبة والنميمة والكذب وما شابه ذلك فهذه‪-‬على الصحيح‬
‫طءِ‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬تَجب الكفارة ف الستمناءِ على رأيِ‬ ‫عندنا‪-‬ل َتجِب فيها الكفارة‪ ،‬وإنا َتجِبُ الكفارة ف ال َو ْ‬
‫الكثريةِ الكاثرة مِن أهلِ العلم‪ ،‬وكذلك تَجب‪-‬على رأيِ كثيٍ مِن أهل العلم‪-‬ف الكلِ والشربِ ‪ ..‬هذا بِالنسبة إل‬

‫ت في كتيب ' فائدة‪ :‬عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه‬


‫‪ )1( - 1‬وهذا جوابا للسؤال الذي قال فيه صاحبه في المكالمة‪ [ :‬قرأ ُ‬
‫صهَا فليقم في آخر جمعة من رمضان وليصل أربع ركعات بتشهد واحد‬ ‫ح ِ‬‫وسلم‪-‬أنه قال‪ " :‬مَن فاته صلة في عمره ولم ُي ْ‬
‫"‪ ،‬فما صحة هذا الكلم ؟ '‬

‫‪196‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫َمنْ كان ف وطنه‪ ،‬أما بِالنسبةِ إل السافِر فلِلعلماءِ خلفٌ هل َتجِب عليهِ الكفارةُ أو ل تَجِب عليه الكفارةُ إذا عَمل‬
‫ما َيتَنَافَى مع الصيامِ مِما َتجِب فيه الكفارةُ أن لو كان ف وطنه ؟‬
‫قيل‪ :‬ل َتجِب عليه الكفارةُ‪ ،‬نظرا إل أنه يَجوز له ف الصلِ أن يُفطِر‪.‬‬
‫وقيل‪َ :‬تجِب عليه الكفارةُ‪ ،‬لنه قد الت َزمَ بِالصيامِ وما دام قد اختارَ أن يُصبِحَ صائما فعليهِ أن يَلتزِم بِما الت َزمَ بِه‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬أنا ل أقوى على القولِ بِإيـجَابِ الكفارة ولكّننِي أقولُ‪ :‬عليه أن يَتوبَ إل الِ‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫اللهم إل إذا كان نَوَى الفطارَ بِذلك فالسافِر له أن ُيفْطِر بِذلك اللهم إل إذا كانتْ تلك الزوجة مُوَاطِنَة ف ذلك‬
‫الكان فليس له أن َي َطأَهَا لنا مِمّن يَجب‪ 1‬عليه الصيام أما إذا كانتْ مسافِرة مثله أو كانت ُم ْفطِرَة بِ ُم ْف ِطرٍ مُسَ ّوغٍ لَها‬
‫ي الرا ِجحِ عندِي؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫الفطار فل بأسَ بِذلك والاصل هو ل كفارةَ عليهِ على الرأ ِ‬

‫سابعا ‪ :‬أحكام السفر بالنسبة للصيام‬


‫س‪ :‬مَن أراد أن يسافر وأراد أن يصبح مفطرا في هذا السفر‪ ،‬هل يلزم أن يَخرج من وطنه قبل أن يطلع عليه‬
‫الفجر في وطنه ؟‬
‫ج‪ :‬هذه السألة فيها كلم طويل‪ ،‬أما مِن بيته فلبد وإنّما الروج من حدود الوطن أو مِن أميال الوطن ففيه خلف‬
‫خرِج نفسه مِن دائرة خلف أهل العلم ولسيما عندما‬ ‫بي أهل العلم‪ ،‬ول شك أن الحوط والسلم للنسان َأنْ ُي ْ‬
‫يكون ال ّدلِيل ف ذلك مِن المور الختلف فيها بي أهل العلم هل هو صحيح أو سقيم أو عندما تكون الدللة قد‬
‫اختلف العلماء فيها هل يصِح العتماد عليها أو ل ؟‪ ،‬فهذه السالة فيها خلف بي أهل العلم‪:‬‬
‫منهم من يقول إنه لبد من أن يَخرج من أميال الوطن‪.‬‬
‫ومنهم من ُيرَخّصُ إذا خرج من عمران البلد‪.‬‬
‫فإذا أخذ بالثان فل حرج عليه‪-‬بِمشيئة ال تبارك وتعال‪-‬على رأي طائفة كبية جدا من أهل العلم ولكن إذا احتاط‬
‫فل شك أنّ فيه سلمة‪.‬‬
‫س‪ :‬ولكن إذا كان سفره في منتصف النهار ‪ ..‬إذا خرج ماذا يصنع خارج الوطن إلى منتصف النهار مِن قبل زوال‬
‫الشمس ؟‬
‫ج‪ :‬ما دام كذلك هذا يصوم ف هذا اليوم ‪ ..‬هل يُمكن أن يصبح مفطرا ف بيته ؟! ‪ ..‬هذا مِما ل يَسُوغ‪ ،‬لكن إذا‬
‫اضطر بعد ذلك للفطار عندما يَخرج فالمر يَختلف‪:‬‬
‫بعض العلماء يقول من أصبح صائما ف بيته فليس له أن يفطر بعد ذلك ف السفر اللهم إل إذا شَقّ عليه جدا بأن‬
‫أصبح كالريض فهنالك ُي ْفطِر ِلعِلّة أخرى ‪ ..‬إذا بَلَغ به الال إل هذا الال أما إذا لَم يبلغ به المر إل ذلك الد‬
‫فليس له أن يفطر بسبب السفر‪.‬‬
‫ومنهم من ُيرَخّص ف ذلك‪.‬‬
‫ول شك أن الحتياط ف الخذ بالقول الول وإن ُكنّا ل نقوى على الزم بترجيح ذلك‪.‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬ل يجب " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪197‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬نحن طلبة نقيم خارج السلطنة وسوف يطل علينا شهر رمضان المبارك ونحن حيث نقيم ونود السؤال فيما‬
‫لو صام أهل هذا البلد يوم الثلثاء وتأخر الصوم في عُمان إلى يوم الربعاء وكان يراودنا شك في أنّ الشهر قد‬
‫ثبت برؤية شرعية في البلد الذي نقيم فيه علما بأنهم إذا صاموا يوم الثلثاء فإنّ شعبان عندهم سيكون تسعة‬
‫وعشرين يوما‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا ثبتت الرؤية ف تلك البلد فإنم يؤمرون بالصيام إن شاؤوا لنم هم ف حالة السفر والصيام ل يب على‬
‫السافر ‪ ..‬يوز له الصيام ويوز له أن يُؤخّر حت يَرجع إل بلده‪ ،‬فإن ثبتت الرؤية ف تلك البلد فإنه لم أن يصوموا‬
‫ولم أن يفطروا بسبب سفرهم‪ ،‬أما إذا كانت تلك البلد ل تَعتب الرؤية أو أنا تتساهل ف ذلك فإنه ل عبة با‬
‫عندهم‪ ،‬إذ العبة بالرؤية‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النب صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬فمن يتساهل ف أمر الرؤية ل يؤخذ‬
‫بكلمه‪ ،‬فإذن العبة بالثبوت أو عدمه؛ وال أعلم‪.‬‬
‫رجل أراد السفر في شهر رمضان وبيّت النية على أنه إذا طلع عليه الفجر وهو في وطنه يصبح صائما وإن خرج‬
‫من وطنه قبل طلوع الفجر يصبح مفطرا فخرج من وطنه بعد طلوع الفجر ماذا يلزمه ؟‬
‫الواب ‪ /‬إذا خرج من وطنه وهو صائم وأت صيامه على ذلك فل شيء عليه وأما إذا أفطر بعد خروجه فعليه قضاء‬
‫ذلك اليوم وف وجوب الكفارة خلف بي العلماء والراجح عدم الوجوب وألزمه بعضهم التوبة وينبغي له أن يتوب‬
‫إل ربه تبارك وتعال إن ل يكن على طريق الوجوب فعلى طريق الندب وال أعلم‬
‫ثامنا ‪ :‬أحكام المرض المبيح للفطار‬
‫‪1‬‬
‫س‪ :‬ما ُهوَ ضَابِط المرض الذي ُي ْمكِن أن ُيفْطِر الصائم بسببه ؟‬
‫ج‪ :‬للعلماء ف هذه السألة خلف شهي طويل عريض‪:‬‬
‫ومنهم من ش ّددَ ف ذلك جدا‪.‬‬
‫ومنهم مَن تَسَا َهلَ ف ذلك جدا‪.‬‬
‫شقّة إذا صام وُيصِيبُه بسبَبِ ذلك الضرر أو‬
‫والوسط هو الذي ينبغي أن يُسَلكَ فإذا كان الريض يَجد ف نفسه مَ َ‬
‫يَخشى أن يتأخّر شِفاؤه من مرض أصابه أو ما شابه ذلك فلَه أن يفطر‪ ،‬وأما إذا كان ل يتأثّر بذلك فليس له أن‬
‫يفطر‪ ،‬أما التشدّد والتعنّت الذي ذَ َكرَه بعضهم فهذا مِمّا ل ينبغي أن يُصار إليه‪ ،‬فإذن ينظر النسان ف أمره فإن وَجَد‬
‫شقّة و َعنَتا ف الصيام أو أخبه الطبيب الذي يَِثقُ به بسبب َم ْعرِفَته لذلك الداء ولو كان كافرا على رأي بعض أهل‬
‫مَ‬

‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه نصه كالتالي ‪:‬‬


‫س‪ :‬ما حد المرض الذي يبيح الفطار ؟‬
‫ج‪ :‬اختلف العلماء اختلفا كثيرا في المرض الذي يبيح الفطار‪:‬‬
‫فمنهم من شدد في ذلك كثيرا‪.‬‬
‫ومنهم من تساهل فيه كثيرا‪.‬‬
‫والصواب الوسط فمن كان يضره الصيام ‪ ..‬ل يتمكن من الصيام ‪ ..‬يتسبب له في ضرر ‪ ..‬في عدم الشفاء من ذلك‬
‫المرض أو في بطئ الشفاء من ذلك المرض فله أن يفطر‪ ،‬أما من كان ل يضره الصيام ول يؤثر عليه كثيرا فإنه يؤمر‬
‫بالصيام‪ ،‬فإذن العبرة بالضرر؛ وال‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حَتجّون على ذلك بِما وقع للنب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وصاحبه أب بكر الصديق‪-‬رضي ال تبارك‬ ‫العلم وَي ْ‬
‫وتعال عنه‪-‬عندما خرجا مِن مكة الكرمة إل الدينة النورة ف هجرتِهما الشريفة فإن الذي كان َدلِيل للطريق كان‬
‫كافرا ولكنه لَم يكن ُمتّهَما على السلم‪ ،‬فإذا كان النسان ل يَجد مسلما يثق به وَوَجَد كافرا واط َمَأنّ إليه ول‬
‫يَخش منه الغش فله أن يأخذ بكلمه فإذا كان يُ ْمكِن أن َيطُولَ الرض أو يزيد أو ما شابه ذلك إذا صام فله أن يفطر‬
‫أيضا؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬ما قولكم في المريض بمرض فقر الدم الشديد ويحتاج إلى نقل دم شهريا وصادف نقل الدم شهر رمضان‪،‬‬
‫فهل نقل الدم إلى المريض يُفطّره ؟‬
‫ج‪ :‬نعم يُفطّر‪ ،‬فإذا كان يستطيع أن يبقى إل الليل ويُنقَل إليه الدم ف الليل فذلك هو الطلوب‪ ،‬وإن كان مضطرا ول‬
‫يكن أن يُنقَل إليه الدم إل ف النهار‪-‬لسبب أو لخر‪-‬فإن كان ف سفر فل حرج عليه‪ ،‬وإن كان ف الوطن فإذا كان‬
‫مضطرا‪-‬كما قلتُ‪-‬فإنه يباح له ذلك لجل الضرورة وعليه أن يُبدِل ذلك بعد شهر رمضان؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬عنده ولد عمره سبعة عشر عاما لكنه مصاب بمرض فقر الدم‪-‬شفاه ال‪-‬ولعل هذا المرض يحتاج إلى علج‬
‫مستمر‪ ،‬كيف يكون صيامه في هذه الحالة ؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم؛ إذا كان يستطيع أن يصوم ف هذا الوقت أو أن يقوم بقضاء ذلك ولو بعد سنوات فل يعذر من الصيام‪،‬‬
‫وأما إذا كان ل يكنه أن يصوم ف هذا الوقت ول أن يقوم بقضاء ذلك بعد مدة ولو بعد سنوات فعليه أن يطعم عن‬
‫كل يوم مسكينا إذا كان يقدر على ذلك وإل سقط عنه التكليف بالصيام وبالطعام؛ وال أعلم‪.‬‬
‫تاسعا ‪:‬أحكام عامة‬
‫س‪ :‬الحديث النّاهِي للمَرأة عن الصيام بدون إِذْن زوجها هل يشمل ما تقْضِيه المرأة من الواجبات ؟‬
‫ج‪ :‬هو ف حقيقة الواقع هذا ف الّنفْل وليس ف الفرائض‪ ،‬لكن مع ذلك ينبغي للمرأة أن تسأل زوجها أو أن ُتخْبِر‬
‫زوجها وتستشيه ف وقت القضاء فقد يكون الزوج مضطرا إل عدم صِيام زوجته ‪ ..‬مثل إذا أرادت أن تقضي ف‬
‫شوال أو ما شابه ذلك‪ ،‬فإذا أمكنها أن تقضي ف وقت يصوم فيه زوجها شيئا مِن القضاء أو من النّفل أو ما شابه‬
‫ذلك فذلك هو الول كما كانت أمهات الؤمني َيصَْنعْن فقد كن يقضي ما أفطرنه من شهر رمضان ف شهر شعبان‬
‫عندما كان يَتَنفّل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وعلى أقل حال ينبغي لَها أن تستأذنه ف ذلك ‪ ..‬من حيث‬
‫الوجوب هو واجب وليس لَه أن يعارضها ف ذلك وإنّما القضية ف التوقيت مت تقضي فالمر مُ َوسّع فيه فلتَقْضِ‬
‫عندما يكون الوقت مناسبا لزوجها‪ ،‬ول شك أنّ الزوج يقوم بالتنَفل ف بعض الحيان إذا كان فيه شيء ِمنَ الي ول‬
‫يترك العام يَمُر عليه هكذا مِن غي أن يصوم شيئا من اليام الفاضلة الت كان يصوم فيها النب‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫أو أنّه حثّ على صيامها وبيّن الفضل العظيم الذي يَحصل عليه من يصوم تلك اليام؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أما بالنسبة إل النذر والكفارة أو ما شابه ذلك فليس للزوج أن َيعْتَرض عليها ولكنن أريد أن أنبه إل أنه ل ينبغي‬
‫للنسان أن يقوم بالنذر ُكلّما أراد أن يَحصل له شيء ‪ ..‬هذا النذر َمنْهِي عنه إذا كان يُعَلّق ‪ " ..‬اللهم إذا حصل ل‬
‫كذا " أو " وقع ل كذا " مثل " تَوظّف " أو " حصل ابن على وظيفة " أو " تزوّج " أو " ُشفِيَ من كذا " هذا‬
‫النذر ل ينبغي أبدا بل هو مَنْهِي عنه‪ ،‬لكن لو نذره شخص فإنه يَجب عليه فإن كان ُمقَيّدا بوقت فليس للزوج أن‬
‫يَ ْعَترِض أبدا وإن كان غي مقَيّد فينبغي أن يكون شيء هنالك من التفاهم على الوقت الذي يقع فيه الصيام‪ ،‬ول شك‬
‫بأنّ البيوت الت ُتبْنَى على التفاهم ف هذه القضية وف غيها مِن القضايا تعيش عيشة َهنِيّة مستقرة بِخلف ما عندما‬
‫يكون هنالك تَ َوتّر وشقاق وخلف ف بعض القضايا ‪ ..‬قد تكون الزوجة هي الحقة ولكن قد يتنازل النسان ف‬
‫بعض المور إن لَم تَكن هنُالك معصية ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬أمّا عندما تكون معصية فل طاعة لِمخلوق ف معصية ال؛‬
‫وال أعلم وصلى ال وسلم على نبينا مُحمد وعلى آله وصحبه‪.‬‬
‫س‪ :‬الطفال الذين يرغبون في الصيام‪ ،‬ما هو سن التكليف الشرعي ؟ ومِن متى يُمكن أو يُعوّد هؤلء الطفال ؟‬
‫ج‪ :‬أما التكليف فل يكلّفون بذلك إذ إن قَلَمَ التكليف مرفوع عنهم بنص الديث الثابت عن النب صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فَ َمتَى بَلَغَ النسان فهو يُكلف ف ذلك الوقت إذا كان عاقل‪ ،‬أما قبل ذلك فهو ل يُكلّف‬
‫بشيء مِن الحكام الشرعية ‪ ..‬هذا إذا قُ ْلنَا إن التكليف خاص بالواجب أو قلنا هو يدخل فيه الندوب وقلنا إن‬
‫الصيام ل يُندَب ف حقهم‪ ،‬وف الكل كلم طويل عريض‪ ،‬لكن الذي نقوله‪ :‬ل وجوب عليهم باتفاق المة قاطبة‪ ،‬أما‬
‫مت ينبغي أن يُعوّد الطفل على ذلك فقد جاء حديث عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬يُحدّد الوقت‬
‫الذي يُعلم فيه الطفال الصلة‪ ( :‬علموه لسبع واضربوهم لعشر ) وهذا الديث قد اختلف العلماء ف حكمه‪:‬‬
‫منهم من ذهب إل أنه ضعيف وعليه فإنه ل يُمكن العتماد عليه ل ف الصلة ول ف غيها‪.‬‬
‫سنَه بِمجموع طرقه وهو الذي سلكته طائفة كبية جدا من أهل العلم‪ ،‬وعليه فإن الطفل ينبغي أن يُؤمر‬ ‫ومنهم من َح ّ‬
‫بالصلة لسبع‪ ،‬أما بالنسبة إل الصيام فإذا كان يستطيع عليه إذا كان ف هذا العمر فحسن أن يُعلّم ذلك فيه أما إذا‬
‫كان ل يَقوى عليه ‪ ..‬لن الطفال يتلفون ‪ ..‬تتلف ُبنَْيةُ الطفل منهم من يقوى على الصيام ف ذلك الوقت ومنهم‬
‫ل يقوى عليه وأيضا الزمان يتلف فقد يكون الصيام ف وقت الشتاء والمر فيه يسي وقد يكون ف وقت الصيف‬
‫والر فيه شديد والنهار أيضا طويل ول يقوى عليه وأيضا يتلف من حيث الكان فقد تكون سبل الراحة متوفرة‬
‫لذلك الطفل فل ُيعَانِي مشقة من الصيام وقد يكون المر بلف ذلك ويُعانِي مشقة وعنتا إذا صام فل ينبغي أن‬
‫يُشدّد على أولئك الطفال الذين ل َيقْوَوْن عليه‪ ،‬فالاصل أنّه ينبغي لول أمر الطفل أن يَنظر ف أمره فإن رآه يستطيع‬
‫على ذلك من غي مشقة عليه فيأمره بذلك‪ ،‬وإن رأى أنه ل يقوى عليه فإنه ل يُكلفه على ذلك‪ ،‬فإذا كان ل يستطيع‬
‫سبْع‪-‬مثل‪-‬فيمكن أن يأمره بَعد ذلك ف السّنة العاشرة أو ما شابه ذلك‪ ،‬والاصل أنه ينبغي له أن يُ َدرّبه قبل‬ ‫ف سن ال ّ‬
‫سن البلوغ ‪ ..‬ف العاشرة أو ما شابه ذلك حت يتعوّد عليه لنه إذا تعوّد عليه كان سهل عليه أن يصوم بعد ذلك أما‬
‫إذا لَم يصم قبل البلوغ فقد ينفر من ذلك كما هو الال عند بعض الناس‪ ،‬فإذن هذا المر يتعلق بول المر ‪ ..‬ينظر‬
‫ف حال أولئك الطفال الذين معه فقد يأمر هذا ف هذا السن وقد يأمر ذلك ف السن الفلن‪ ،‬وغالبا ما يكون أبناء‬
‫‪200‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫العشر قادرين على الصيام‪ ،‬على أنه إذا شرع الصب ف الصيام ولَم يستطع أن يُكمل الصيام فل يُكلف بإكمال صيام‬
‫الشهر بل ول يكلف بإكمال ذلك اليوم الذي شرع ف صيامه إذا رأى مشقة فليأكل ول شيء عليه؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫عاشرا ‪ :‬أحكام خاصة بليلة القدر‬
‫س‪ :‬ليلة القَدْر‪ ،‬هل هي مِن غروب الشمس أو أنها ‪ ...‬؟‬
‫[ سورة القَدْر‪ ،‬الية‪ ] 5 :‬فالمر‬ ‫جرِ‬
‫سَلمٌ هِيَ َحتّى َمطْلَعِ اْلفَ ْ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬يَقول‪:‬‬
‫واضح بِالنسبة إل النهاية‪ ،‬ولكن بِالنسبة إل البداية فيه شيءٌ مِن الغموض ولكن عندما قال‪ :‬هِيَ فيمكن أن‬
‫تكون مِن بداية الليل‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬ينبغي لِلنسان أن يَقوم تلك الليلة وأن يُكثِر مِن ذِكْر ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫ومِن البتهالِ إليه بِقلبٍ خاشِع مع عملٍ صال و‪-‬طبعا‪-‬ذلك ل يُمكِن أن يَتحقّق منه النسان إذا قام ليلةً مدّدة‬
‫صةً ف الوتا ِر منه أما أن نَجزِم بأنا مِن أولِ‬
‫وإنا يَقوم سائرَ الشهر وهي الغلب أن تكون ف العشْر الواخِر وخا ّ‬
‫الليل ليس عندنا ذلك الدليل الواضح ولكن قوله‪ِ :‬هيَ يكن أن يَكون مِن بداية الليلة و‪-‬كما قلتُ‪-‬ينبغي‬
‫لِلنسان أن يُكثِر مِن ذِكر ال ومِن قيامِ هذه الليلة وهي َن ُظ ّن ظنّا قويا‪-‬كما جاء ف الديثِ عن النب ‪-‬بِأنا ف‬
‫صةً ف الوتارِ منها؛ وال ول التوفيق‪.‬‬ ‫العشرِ الواخِر وخا ّ‬
‫س‪ :‬ذكرتُم أنّه تستدرك ليلة القَدْر في أوتار الشهر الكريم‪ ،‬فهل أوتار العشر اليام الخيرة أو أوتار الشهر كاملة ؟‬
‫ج‪ :‬أوتار العشْر الخيَة‪.‬‬
‫س‪ :‬العشْر الخيَة فقط ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪.‬‬
‫ن الوتار تَختلِف ‪ ..‬قد‬
‫س‪ :‬ليل ُة القَدْر‪ ،‬هل هي ليلة واحدة تَدور حول العالَم وهنا يَظهَر إشكال لديه في مسألةِ أ ّ‬
‫يَكون هذه الليلة وِتر في بلد بينما هي ليست كذلك في بلد آخَر ؟‬
‫ج‪ :‬عل كل حال؛ يُمكِن أن تَتعدّد بِتعدّد البلدان وفضلُ ال عظيم ‪ ..‬نَحن نَعلَم أنّ القرآن َنزَل ف ليلةِ القَدْر‬
‫وتلك ليلةٌ واحِدَة وليستْ بِليال متعدّدة ‪ ..‬هي ليلةٌ واحِدَة ولكن نظرا لختلفِ اليومِ أو الليلةِ مِن بلدٍ إل بلدٍ‬
‫أخرى‪-‬كما هو ثابت ل شك فيه‪-‬فإنّ ذلك يُمكِن أن يَتعدّد بِتعدّدِ البلدان ويُمكِن أمرٌ آخَر فالاصِل أن نَجزِم بِذلك‬
‫جزما مِمّا ل نقوى عليه لننا نَعلَم بِأنّ القرآن َنزَل على النب ف ليلةِ القَدْر وهي ليلةٌ واحِدَة وليستْ ف الوضِع‬
‫الفلن متقدّمة عن تلك الليلة ف ذلك الوضع أو هي متأخّرة عن ذلك الوضِع‪ ،‬فالاصِل الفضْل عظيم ولَيقُم النسان‬
‫هذه الليال‪-‬كما قلنا‪-‬وعسى ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يُوّفقَه لِهذه الليلة‪ ،‬و‪-‬حقيقة‪-‬الزم بِأنا متعدّدة َج َزمَ بِِه بعضُ‬
‫أهل العلم وأرى السلمة أن نَ ِكلَ أمرَ ذلك إل ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تَختصّ هذه الليلة ‪ ..‬ليلة السابع والعشرين مِن رمضان بِشي ٍء مِن الحكام أو النوافل أو السّنَن بِحيث‬
‫تُميّز عن غيرِها ؟‬
‫ج‪ :‬إنّ هذه الليلة الباركَة مِن ليال شه ِر رمضان البارَك‪ ،‬وقد ثبتَ عن النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه وعلى آله‬
‫ضلِ قيامِ هذا الشهرِ البارَك‪ ،‬فقد قال صلوات ال وسلمه عليه‪ ( :‬مَن قام رمضان إيانا‬
‫وصحبه وسلم‪-‬ما يَدلّ على ف ْ‬
‫‪201‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ضلِ هذا الشهرِ الكري‪-‬ف‬ ‫واحتسابا ُغفِرَ له ما تَقدّم مِن ذنبِه )‪ ،‬وجاء عنه صلوات ال وسلمه عليه ما يَدلّ على ف ْ‬
‫غيِ هذا الديثِ‪-‬الكثيُ الطيّب‪ ،‬فهذه الليلة ليلةٌ مِن هذا الشهرِ البارَك الذي يُؤمَر بِقيامِه‪ ،‬كما أنا ليلةٌ مِن ليال‬
‫العشْر الخيَة مِن شه ِر رمضان وهي أفضلُ مِن سائ ِر ليالِي هذا الشهرِ البارَك‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬هي مِن أوْتارِ هذه العشْر‪.‬‬
‫والرسولُ كان يَقومُ الليل ف سائرِ العام حت تَتفطّر َق َدمَاه‪ ،‬وتَسَألُه السيدةُ عائشة‪-‬زو ُجهُ الكرِية رضي ال تعال‬
‫عنها‪-‬عن ذلك مع أنه قدْ ُغ ِفرَ لَه صلوات ال وسلمه عليه ما تَقدّمَ مِن ذنبِه وما تَأخّر فيَقول‪ ( :‬أفل أكونُ عبْدا‬
‫شكورا ؟! )‪ ،‬وكان َيخُصّ هذا الشهر‪-‬أيضا‪-‬بِأكثرَ مِن غيِه مِن العبادات‪ ،‬كما أنه صلوات ال وسلمه عليه كان‬
‫شرِ الواخِر مِن أجْل أن‬ ‫شرِ الواخِر أكثر مِن غيها‪ ،‬وكان يَعتكِف صلوات ال وسلمه عليه ف هذه الع ْ‬ ‫يَقومُ ف الع ْ‬
‫يَتفرّغ لِلعبادة ومِن أجْل أن يُصادِفَ تلك الليلة العظيمة الت ذَ َكرَها ال ف كتابِه العزيز ف موضعي‪ 1‬بل وردتْ‬
‫سورة بِكاملها فيها وهي قوله تبارك وتعال‪ِ :‬إنّا أَن َزلْنَاهُ فِي َليَْلةِ القَدْر [ سورة القَدْر‪ ،‬الية‪ ] 1 :‬إل آخِر‬
‫شرِ الواخِر ولكن ليلة القَدْر ليستْ بِمنحصِرة‬ ‫السورة‪ ،2‬فهذه الليلة مَظنّة لن تَكونَ فيها ليلةُ القَدْر لنا مِن َأوْتارِ الع ْ‬
‫ف هذه الليلة ‪ ..‬يُمكِن أن تَكونَ فيها ويُمكِن أن تَكونَ ف غيِها مِن سائرِ الليال العشْر ولسيما ف أوْتارِها‪ ،‬فل‬
‫يُمكِن أن يَجزِم أحدٌ بِأنا ف هذه السنَة ف هذه الليلة أو أنا ف سائر العوام ف هذه الليلة‪ ،‬إذ ل دليلَ يَخصّ هذه‬
‫الليلة دون غيِها‪ ،‬وما َورَدَ ف ذلك ففيه مِن النظر ما فيه‪ ،‬فهي كغيِها مُحتمِلَة‪ ،‬أما أن نَجزِم بِذلك‪-‬كما يَجزِم‬
‫الكثرةُ الكاثِرة مِن العوام‪-‬فهذا مِمّا ل يَنبغِي‪ ،‬لنّ ال ْمرَ مُحتمِل وما دام ال ْمرُ مُحتمِل وليس عليه دليلٌ واضِحٌ ل‬
‫غموضَ فيه فليس لحدٍ أن يَجزِم بِذلك ولكن يَنبغي لِلنسانِ أن يُكِثرَ مِن قيامِ الليل ولسيما ف شه ِر رمضان البارَك‬
‫ولسيما ف العشْرِ الواخِر ولسيما ف الوتا ِر منه‪.‬‬
‫صةٍ بِها فإنّ ذلك ل يَثبتُ عن النب ‪ ،‬وإن رواه مَن رواه فتلك‬ ‫أما ما جاء مِن تَخصِيصِ هذه الليلة بِصلةٍ خا ّ‬
‫الرواية مِن الضّعفِ بِمكان بل هي مِن الرواياتِ الوضوعاتِ الصنوعاتِ‪ ،‬فإذن هنالك فرقٌ بيْن إحياءِ هذه الليلة‬
‫كغيِها مِن ليال شهرِ رمضان وخاصّة ف هذه الليال البارَكة وهي الليالِي العشْر وخاصّة الوتار‪-‬كما قلتُ‪-‬وبيْن أن‬
‫نُخصّص هذه الليلة بِعبادةٍ خاصّة مِن دون غيِها مِن سائرِ هذه الليال ‪ ..‬يَنبغي أن يُتفطّن لِهذا جيدا‪.‬‬
‫و‪-‬كذلك‪-‬ما جاء مِن تَخصِيص بعضِ الليال مِن سائرِ العام بِبعضِ الصلوات فذلك ل يَثبتْ عن النب صلى ال عليه‬
‫ت متعدّدة كثية ف ليال متعدّدة مِن سائرِ العام‪-‬وسنُنبّه عليها ف مناسبةٍ‬ ‫وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وقد جاءتْ صلوا ٌ‬
‫أخرى بِمشيئة ال تعال‪-‬لكنّ تلك الروايات ل تَثبت‪.‬‬
‫حكِيمٍ ‪َ ‬أ ْمرًا مّنْ‬‫ق كُلّ َأ ْمرٍ َ‬‫‪-1‬قال ال تعالى‪ :‬حم ‪ ‬وَا ْل ِكتَابِ ا ْل ُمبِينِ ‪ِ ‬إنّا أَنزَ ْلنَا ُه فِي َليْلَ ٍة ّمبَارَكَةٍ ِإنّا ُكنّا مُن ِذرِينَ ‪ ‬فِيهَا يُ ْفرَ ُ‬
‫سمِيعُ ا ْلعَلِيمُ [ سورة الدخان‪ ،‬اليات‪.] 6-1 :‬‬ ‫عِن ِدنَا ِإنّا ُكنّا مُ ْرسِلِينَ ‪َ ‬رحْمَ ًة مّن ّربّكَ ِإنّهُ ُه َو ال ّ‬
‫وقال الشيخ عند الجواب على السؤال ‪ 9‬مِن حلقة ‪ 27‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م )‪ " :‬هذه الليلة فيها‬
‫فضلٌ عظيم كما جاء ذلك في القرآن الكريم ‪ ..‬وصفها ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بِأنّها ليلة مباركة وهي ليلة القدر‪-‬خلفا لِمن‬
‫يَزعم بِأنّها ليلة الخامس عشر مِن شعبان‪-‬وأيضا أُنزِل في هذه الليلة‪-‬وهي ليلة القدر‪-‬سورة ِبكَامِِلهَا وقال تَ ْفخِيما لِشأنِها‪:‬‬
‫ل ِئكَةُ وَالرّوحُ‬‫شهْرٍ ‪َ ‬تنَزّلُ ا ْلمَ َ‬
‫ف َ‬‫خيْ ٌر مّنْ أَ ْل ِ‬‫َومَا َأ ْدرَاكَ مَا َليْلَةُ الْ َق ْدرِ [ سورة القدر‪ ،‬الية‪ ] 2 :‬ثم قال‪َ :‬ليْلَةُ الْ َق ْد ِر َ‬
‫فِيهَا ‪ [ ...‬سورة القدر‪ ،‬الية‪ 3 :‬ومِن الية‪." ] 4 :‬‬
‫ح فِيهَا ِبِإذْنِ‬‫شهْرٍ ‪َ ‬تنَزّلُ ا ْلمَل ِئكَةُ وَالرّو ُ‬ ‫ف َ‬‫خيْ ٌر مّنْ أَ ْل ِ‬ ‫‪ِ -2‬إنّا أَنزَ ْلنَا ُه فِي َليْلَةِ الْ َق ْدرِ ‪َ ‬ومَا َأ ْدرَاكَ مَا َليْلَةُ الْ َق ْدرِ ‪َ ‬ليْلَةُ الْ َق ْد ِر َ‬
‫جرِ [ سورة القدر ]‪.‬‬ ‫حتّى َمطْلَعِ الْ َف ْ‬‫ي َ‬‫َربّهِم مّن كُلّ َأ ْمرٍ ‪ ‬سَلمٌ ِه َ‬
‫‪202‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ومِن أشهرِ ما اشتهَر عند العوام‪:‬‬


‫‪-1‬ما جاء مِن قيا ِم ليلتَي العيد ‪ ..‬أي ليلةِ عيدِ شهرِ رمضان البارَك وهي الليلةُ الول مِن شهر شوال والليلة العاشِرة‬
‫مِن شهرِ ذي الجّة وهي ليلةُ العِيد فذلك ل يَثبتْ فيه شيءٌ عن النب ‪ ،‬فهما كغيِها مِن سائرِ ليالِي العام ‪ ..‬مَن‬
‫كان مُعتادا على العبادة ف ليالِي العام فيَصنَع فيهما ما يَصنَع ف غيِها‪-‬ولبد لِلمسلِم أن يَعتادَ على العبادةِ ف ليالِي‬
‫العام وإن كان يَخصّ بعضَ الليال كليالِي شه ِر رمضان البارَك بِالعبادةِ أكثرَ مِن غيِها‪-‬أما مَن ل يَكن كذلك فل‬
‫يَنبغي لَه أن يَخصّ هاتيْن الليلتيْن بِشيءٍ مِن العباداتِ دون غيِها‪ ،‬وما جاء ف تَخصيصِهما بِشيء فذلك ل يَثبتْ عن‬
‫النب ‪ ،‬وما جاء عن بعضِ العلماء فذلك مِمّا ل ُحجّة فيه‪.‬‬
‫‪-2‬وكذلك ما جاء ف أ ّولِ جعةٍ مِن ليالِي شهرِ رجب وهي ما تُعرَف بِصلةِ الرغائِب فالديثُ الوارِد ف ذلك‬
‫موضوعٌ ل يَثبتْ عن النب بِحالٍ‪ ،‬ول يَنبغي العتناءُ بِها‪ ،‬فهذه الصلة مِن الصلواتِ البتدَعة الت يَنبغي التحذيرُ‬
‫منها‪ ،‬ل التيان بِها‪.‬‬
‫ضلِ هذه الصلة ول ف‬ ‫‪-3‬و هكذا ما جاء مِن الصلةِ ف الليلة الامسة عشرة مِن شهرِ شعبان فإنه ل يَثبتْ ف ف ْ‬
‫ضلِ هذه الليلة شيءٌ عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫ف ْ‬
‫‪-4‬وهكذا بِالنسبةِ إل ساِئرِ ليالِي العام ل يَثبتْ فيها شيءٌ عن النب ‪.‬‬
‫ب ربّهم وبِسنّة نبيّهم صلوات ال وسلمه‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬يَنبغِي لِلناس أن يَتفقّهوا ف أُمورِ دِينِهم وأن َيعَْتنُوا بِكتا ِ‬
‫عليه ‪ ..‬أن َيعَْتنُوا بِكتابِ ربّهم تلوةً وحفظا وفهما لِمعانِيه و‪-‬كذلك‪-‬أن يَ ْعتَنُوا بِسّنةِ نبيّهم حفظا لَها وتَميِيزا‬
‫بيْن صحيحِها وسقيمِها و َغثّها وسَمِينِها ول شك أنّ كلّ ما جاء عن النب صحيح وإنا نَقصد بِالصحيحِ‬
‫سبَ إليه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬بِأن يَتفقّهوا ف سُّنتِه صلوات ال وسلمه عليه وأن‬ ‫والضعيف ما نُ ِ‬
‫يَعمَلوا بِما جاء فيها ‪ ..‬ما كان واجِبا أو مندوبا وألّ يُفرّطوا ف شيءٍ مِن ذلك ق ْدرَ استطاعتِهم‪ ،‬ويَنبغِي لِطلبةِ العلم‬
‫أن يَكونوا ف مُقدّمة الرّكْب ‪ ..‬أن يَعتنُوا بِكلّ ما جاء ف كتابِ ال وف ُسّنةِ رسولِه‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫عمل وتَبليغا لِلناس بِالسلوبِ السنِ اللئق مِن غيِ تَنفِيٍ أو تَشدّد أو تَعنيفٍ لِغيِهم وما شابه ذلك إذا َوجَدوا أحدًا‬
‫يُخالِف حديثا ثابتا عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وقد ذكرنا أكثر مِن مرّة أنّ السلَف‪-‬رضوان ال‬
‫تبارك وتعال عليهم‪-‬يَعتنون بِالسنن الثابتة عن النب َأيّما عِناية‪ ،‬فالصحابة‪-‬وهم سادَة السلَف‪-‬إذا سعوا شيئا عن‬
‫النب تَسابَقوا ف تطبيقِه وف تبليغِه ‪ ..‬ما كانوا يُبادِرون بِالسؤال‪ " :‬هل هذا واجِب فنأتِي بِه أو سنّة فنتهاون بِها ؟‬
‫سنَن‪ ،‬وطلبةُ العلم‬ ‫" ‪ ..‬كلّ‪ ،‬وإن كانوا يُفرّقون بيْن الواجِب والندوب بِال ّطبْع لكن ما كانوا يَتساهلُون بِال ّ‬
‫يَنبغي لَهم أن يَكونوا‪-‬كما قلتُ‪-‬ف القدّمة‪ ،‬فما يَذكرُه العلماء مِن أنّ العلم أفضلُ مِن غيِه ل يَقصِدون بِذلك أن‬
‫يَتسا َهلَ الطلبةُ أو غيُهم بِالسّنَن الثابِتة عن النب ‪ ،‬فهذا النب ‪-‬الذي َغ َفرَ ال له ما تَقدّم مِن ذنبِه وما تَأخّر‬
‫وقد كان مُشتغِل بِتبليغِ دعوةِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف الرض وكان يُجاهِدُ ف سبيل ال ‪-‬كان يَقوم الليل حتّى‬
‫صحّتِه وف مرضِه ف ليلِه ونارِه كما ثبت‬ ‫ضرِه وف سَ َفرِه ف ِ‬ ‫تَتفطّر قدماه الشرِيفتان وكان يُوا ِظبُ على النوافِل ف َح َ‬
‫عنه ذلك صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وهكذا ثبتَ عن صحابتِه الكرام‪ ،‬فالعلم مِن أفضلِ العمال بعدَ فرائضِ ال‪-‬‬
‫‪203‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫تبارك وتعال‪-‬ولكن لبد مِن أن يَكونَ معه التيان بِالنوافل مِن صلةٍ وصيامٍ وصدقةٍ إل غْيرِ ذلك مِمّا جاء ف كتابِ‬
‫ال الثّ عليه أو ف سّنةِ رسولِه صلوات ال وسلمه عليه ‪ ..‬لبد مِن أن نَفهَمَ هذا‪ ،‬أما أن يَشت ِغلَ الطالِب‬
‫بِالقراءةِ ف الكتب ويُهمِل النوافِل فهذا مِمّا ل يَفعلْه أحدٌ مِن أهلِ العلم مِن الصالِحي‪ ،‬وهكذا ما أرادُوه عندما ذَ َكرُوا‬
‫ضلِ العلم وتَقدِيه على غْيرِه ‪ ..‬لبد مِن التَّنّبهِ لِهذا‪ ،‬ويَكفِي أنه قد جاء عن النب ما جاء كما‬ ‫ما ذَ َكرُوه مِن ف ْ‬
‫ذكرنا ذلك ف مقدّمة هذه الدروس‪.1‬‬
‫وقد سألن أحدُ السائلي‪ 2‬عن الديثِ الثابتِ عن النب على حسب ما قرّره بعضُ أهل العلم‪ 3‬أنه صلى ال عليه‬
‫سنَن‪ ( :‬ل يَزال عبدي يَتق ّربُ إلَيّ بِالنوافِل حت أُ ِحبّه فإن أَ ْحَببْتُه كنتُ‬
‫وعلى آله وسلم ذَكَر فيمَن يُحاِفظُ على ال ّ‬
‫سَ ْمعَه الذي يَسْمَعُ بِه ) إل آ ِخرِ الديثِ الروي عن النب ‪ ..‬سألن عن معن هذا الديث وكنتُ َأ ُظنّ الوقتَ قد‬
‫انتَهى ف تلك الليلة فوعدتُه بِأن أُجِيبَ ف مناسبةٍ أخرى ولكن كنتُ ُأرِيدُ أن ُأطِيلَ ف ذلك ولكن السئلة الكثية الت‬
‫صرٍ عن هذا الديث وهو فيه كفاية بِمشيئةِ ال تبارك‬ ‫تَتعلّق بِهذا الشهرِ الكري كما نرى فأَكتفِي بِجوابٍ مُخت َ‬
‫وتعال‪:‬‬
‫فالعلماء قد اختلَفوا ف هذا الديث‪:‬‬
‫صلَ إل هذه الرتبةِ العالية فإنه يُراِقبُ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف كلّ دقيقةٍ وجليلة وف كلّ‬ ‫‪-1‬منهم مَن قال‪ :‬إنّ مَن َو َ‬
‫صغيةٍ وكبية فهو ل يَستمِع إل إل ما يُرضِي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول يَنظُر إل إل ما يُرضِي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول‬
‫يَْبطِشُ إل بِما يُرضِي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول يَمشِي إل إل ما يُرضِي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وهكذا ف بقيةِ الوارِح فهو‬
‫ل يَن ِطقُ إل بِما يُرضِي ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫صلَ إل هذه الرتبةِ العالية فإنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬يُوّفقُه ويَأخُذ بِيَدِه فيُوَّفقُه لن‬ ‫‪-2‬وبعضُ أهلِ العلم قال‪ :‬إنّ مَن َو َ‬
‫يَستمِع إل ما يُرضِيه ول يَلت ِفتُ إل غيِه وهكذا بِالنسبةِ إل بقيةِ الشياءِ الذكورةِ ف الديث؛ ول شك بِأنّ هذا‬
‫هو القرب إل الصواب‪ ،‬ول َأ ُظنّ أنّ أصحابَ القول الوّل إل أنم يَرمون إل هذا العن‪.‬‬
‫فمَن وَا َظبَ على هذه النوافِل‪-‬فالرّسولُ قال‪ ( :‬ل يَزال ) ول َيقُل‪ " :‬إذا َفعَل " أو ما شابه ذلك فمعن ذلك أنه‬
‫صلُ بِمشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬إل هذه النلةِ العاليةِ الرفيعةِ الت يَنبغِي لِكلّ مسلِمٍ أن‬ ‫يُواظِب على هذه النوافل‪-‬فإنه َي ِ‬
‫يَسعى إليها ق ْدرَ طاقتِه‪.‬‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-2‬السؤال ‪ 9‬مِن حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 08‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-3‬قال الشيخ عند الجواب على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 27‬أكتوبر ‪2004‬م )‪ " :‬جاء عنه‬
‫صلوات ال وسلمه عليه أنه قال‪ ( :‬مَن عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب‪ ،‬وما تَقرّب إلي عبدي بشيء أفضل ِممّا‬
‫ت سَمعَه الذي يَسمع به‪ ،‬وبصرَه الذي‬
‫افترضتُه عليه‪ ،‬وما يزال عبدي يَتقرّب إلي بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإن أحببتُه كن ُ‬
‫يُبصِر به‪ ،‬ويدَه التي يَبطِش بها‪ ،‬ورِجلَه التي يَمشي بها‪ ،‬وإن سألني ‪ ) ...‬إلى آخر الحديث‪ ،‬وهو وإن كان قد تكلم فيه‬
‫بعض العلماء إل أنه قد جاء مِن طرق أخرى يَشدّ بعضها بعضا فيَرتقي بذلك الحديث إلى درجة القَبول ‪ ..‬هذا الذي نراه‬
‫في هذا الحديث "‪.‬‬
‫‪204‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فنسألُ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يُوّفقَنا وأن يُوَّفقَ سائرَ السلِمي لِلعملِ بِما يُرضِيه وأن يَأخذَ بِأيدِيهم لِما يُحبّه تبارك‬
‫وتعال‪ ،‬وإذا عَملَ السلِمون بِما ف كتابِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وف سّنةِ رسولِه بعد معرفةِ الثابتِ الصحيحِ منها مِن‬
‫ث النبوية ول يَلتفِتوا إل قولِ أيّ أحدٍ بعد‬ ‫غيِه وَنظَروا ف كلمِ أهلِ العلم على معان الياتِ القرآنية والحادي ِ‬
‫ذلك‪-‬مع إجللِهم واحترامِهم لهلِ العلم‪-‬فإنم ف ذلك اليوم بِمشيئةِ ال سيَعرِفون مَ ِنلَتهم بيْن المم ل على‬
‫حسبِ هذا الال الذي نُشاهِدُ عليه السلِمي حيثُ إنّهم‪-‬ولِلسفِ الشديد‪-‬صارُوا ف مُؤ ّخرَةِ الرّكْب وما ذلك إل‬
‫لهالِهم لِكتابِ ربّهم وسّنةِ نبيّهم صلوات ال وسلمه عليه ‪ ..‬نَسألُه سبحانه أن يُوّفقَنا لِلعملِ بِالكتابِ والسنّة وأن‬
‫يَأخذَ بِأيدِينا لِما يُحبّه تبارك وتعال ويَرضاه؛ وال ول التوفيق‪.‬‬
‫ت له ؟‬
‫س‪ :‬ما هو الراجِح في علماتِ ليلةِ القدر ؟ وهل يَجوز إخبار الصحاب بِهذا إذا تَبيّنَ ْ‬
‫ج‪ :‬أما الخبار فل مانع لكن‪-‬ف القيقة‪-‬تأتينا الخبار ف يومِ العِيد أو بعدَه متضا ِربَة متناِقضَة ‪ ..‬تَصِل ف بع ِ‬
‫ض‬
‫الحيان إل خسةِ أخبار منهم مَن يَقول كانتْ ف الليلة الفلنية ومنهم مَن يَقول كانتْ ف الليلة الفلنية ومنهم مَن‬
‫يَقول كانتْ ف الليلة الفلنية ث لِماذا النسان يَقوم بِالخبار ؟! فإذا كان يَخشى على نفسِه أن َيقَعَ ف شيءٍ مِن‬
‫الغرور أو ما شابه ذلك بِأنّ له منلة أو ما شابه ذلك ففي القيقة ف هذا ما فيه ول شك بِأنه عليه أن يَبتعِد منه‪ ،‬أما‬
‫إذا كان يُخبِر أصحابَه وهو واثِق مِن نفسِه بِأنه لن َيقَعَ ف شيءٍ مِن ذلك فهذا ل بأس ‪ ..‬قد أخبَر بِه بعضُ أهلِ العلم‬
‫لكن‪-‬كما قلتُ‪-‬بعضُ الناس يَظنّ ظنا بِأنّ هذه الليلة هي ليلة القدر أو ما شابه ذلك وليس المر كذلك إذ ل يُمكِن‬
‫أن تَأتِي ف سنةٍ واحدة ف موضعٍ واحد‪-‬أي ف منطقة واحدة‪-‬أكثر مِن مرّة ‪ ..‬يعن ل يُمكِن أن تَكونَ ف هذه الليلة‬
‫وف الليلة الثانية ف هذه النطقة أما أن يَكونَ ذلك بِاعتبار مناطق فكما أشرتُ إليه بِالمس‪ 1‬السلمة ف التوقّف ‪..‬‬
‫للعلماء كلمٌ طويل عريض عند اختلف الناطق ‪ ..‬مثل تَكون هذه الليلة ليلة كذا ف النطقة الفلنية وتكون ليلة كذا‬
‫ف النطقة الفلنية ‪ ..‬هل تَكون مثل ليلة القدر ف هذه النطقة هذه الليلة وتكون غدا ف النطقة‪ 2‬الفلنية أو تكون ف‬
‫ليلة واحدة وعليه تكون عند بعضهم شفعا وعند بعضهم وترا ؟ بعضهم يَقول بِهذا بل بعضهم يَقول‪ " :‬هي ف ليلة‬
‫واحدة على حسب الكان الذي نزل فيه الوحي على النب وهو مكة الكرمة "‪ ،‬وعند غيهم يَكون ذلك هو‬
‫وقت الجابة حت لو كان ذلك ف النهار ف بعضِ الماكن البعيدة الت يَكون وقت الليل ف مكة الكرمة عندهم‬
‫نارا‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬السألة فيها مِن الكلم ما فيها‪ ،‬ونن قلنا‪ :3‬إنّ النسان يَنبغِي له أن يُواظِب على قيامِ شهر‬
‫رمضان ولسيما ف العشرِ الواخِر على أنّ العلماء قد اختلَفوا مت الوتر ‪ ..‬هل يَكون ف ليلةِ الادي والعشرين‬
‫والثالث والعشرين والامس والعشرين وهكذا أو يَختلِف بِحسب الختلف بيْن الشهور إذا كان الشهر تسعة‬
‫وعشرين ليلة أو كان ثلثي ليلة ؟ ف ذلك كلمٌ طويل عريض‪ ،‬وبعضُ هذه القوال ليس لا دليل قوي يُمكِن‬
‫العتماد عليه فالسّلمة ف عدمِ الوْض ف ذلك وأن نَ ِكلَ المْر إل ال تبارك وتعال ‪ ..‬نَحن نَجزِم بِليلةِ القدْر‬
‫ونُرجّح‪-‬على حسبِ ما يَظهَر لَنا‪-‬بِأنّها ف شهرِ رمضان البارَك وأنّها ف العشرِ الواخِر منه ولسيما الوتار كما جاء‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 9‬مِن حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-2‬قال الشيخ‪ " :‬الليلة " بدل مِن " المنطقة " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪-3‬عند الجواب على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪205‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ف بعضِ الروايات الصحيحة عن النب ولكنّها ليستْ مِن بابِ القطوعِ بِه فل نَقطَع ُع ْذرَ مَن خالَف ذلك ول‬
‫نَعتقِد ذلك وإنا نَظنّ ظنا‪ ،‬فإذن يَنبغي لَنا هذا وهو أن نُواظِب على القيامِ مع الحتساب كما جاءَ ف الديث‪ ( :‬قام‬
‫رمضان ) والرواية الخرى‪ ( :‬ليلة القدر إيانا واحتسابا ) ‪ ..‬نَفعَل ذلك ونَرجو ال‪-‬تبارك وتعال‪ِ -‬منْ أن يُوّفقَنا‬
‫لِلجْر والثواب على َأنّ‪-‬أيضا‪-‬العلماء اختلَفوا هل يَحصُل على هذا الثواب مَن عَلِمَ بِهذه الليلة أو أنه يَحصُل على‬
‫ذلك َمنْ قام هذه الليلة سواء ظهرتْ له شيءٌ مِن العلمات أو لَم يَظهَر له شيءٌ مِن ذلك ؟ هذا خلفٌ طويل عريض‬
‫ولذلك ل أرى داعيا لِلبحثِ ف بعضِ هذه القضايا الت ليس لَها دليل قاطِع كما أشرتُ ف قضية هل يَكون ف النطقة‬
‫الفلنية ف ليلة كذا أو ف ليلة كذا أو ما شابه ذلك ؟ فقلنا‪ :‬هذا السلمةُ ف عدمِ الّتطَرق إليه وأن نَ ِكلَ أمرَ ذلك إل‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪ ،‬وقد أشرتُ إل ذلك إشارة بِالمس‪-1‬ولكن مهما كان هذه الليلة فيها فضلٌ عظيم كما جاء ذلك‬
‫ف القرآن الكري ‪ ..‬وصفها ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بِأنّها ليلة مباركة وهي ليلة القدر‪-‬خلفا لِمن يَزعم بِأنّها ليلة الامس‬
‫َومَا َأ ْدرَاكَ مَا‬ ‫عشر مِن شعبان‪-‬وأيضا أُنزِل ف هذه الليلة‪-‬وهي ليلة القدر‪-‬سورة بِكَا ِملِهَا‪ 2‬وقال َت ْفخِيما لِشأنِها‪:‬‬
‫لَيَْلةُ اْلقَ ْدرِ [ سورة القدر‪ ،‬الية‪ ] 2 :‬ث قال‪َ :‬ليَْلةُ اْلقَدْرِ َخيْرٌ ّمنْ َألْفِ شَ ْهرٍ ‪َ ‬تنَ ّزلُ الْمَلَائِ َكةُ وَالرّوحُ فِيهَا ‪...‬‬
‫[ سورة القدر‪ ،‬الية‪ 3 :‬ومِن الية‪ .. ] 4 :‬على كل حال أيضا؛ أطال بعضُ العلماء الكلمَ على الروح والرادِ‬
‫بِالروح ول أرى داعِيا ِلتَطْوِيل الكلم بِذلك ما دام ليس هنالك دليلٌ قاطِع على تلك القوال ‪ ..‬قد يَ ُظنّ النسان‬
‫بعضَ المور لكن أن َيجْزِم بِذلك ففيه ِمنَ الصعوبة ما فيه‪ ،‬ثُمّ ال قال‪ ... :‬هِيَ َحتّى َمطْلَعِ اْل َفجْرِ [ سورة‬
‫حصُل على هذا الثواب على‬ ‫القدر‪ ،‬من الية‪ ،] 5 :‬فهي‪-‬والمد ل تبارك وتعال‪-‬إذا قام النسان َليْلَة مِن الليل َسيَ ْ‬
‫الرأيِ الراجِح بِأنه رآها أو لَم يرها‪-‬أي رأى شيئا مِن علماتِها أو ل يَ َر شيئا مِن تلك العلمات‪-‬ما دام قام هذه الليلة‬
‫إيـمَانا واحتسابا حت أنّ بعضَ العلماء قال‪ " :‬مَن صلّى الغرب والعشاء ف هذه الليلة فقد يَحصُل على هذا الثواب‬
‫" ولكن‪-‬حقيقة‪-‬ف هذا الكلم ما فيه‪ ،‬ذلك لنّ السلِم لبد ِمنْ َأنْ يُؤدّي هاتيْن الصلتيْن ومعن ذلك أنه أتى بِهذا‬
‫سبِ ما هو مطلوبٌ شرعا‪ ،‬ونقول‪ :‬الؤمن‬ ‫القيام إن كان هذا هو القصود‪ ،‬وقد يَقولون بِأنه إذا أتى بِهما على حَ ْ‬
‫مطالَب بِذلك‪ ،‬فنحن ل نَقوى على هذا القول ولكن نَقول بِأنّ الظاهِر أنه لبد مِن القيام العروف ول أَقصِد بِالقيام‬
‫حتَسِب لِلثوابِ مِن عندِ ال تبارك‬ ‫العروف هو التراويح أو ما شابه ذلك ‪َ ..‬كلّ وإنّما قيام هذه الليلة ومِن مؤمِن ُم ْ‬
‫وتعال‪.‬‬
‫وعلى كل حال؛ الوقاتُ تارةً يَكون الوقتُ بِكاملِه وهذا هو الظاهِر مِن الية القرآنية وتارةً تَكون ساعة الجابة‬
‫قصية ف وقتٍ مُحدّد وتارةً يَكون الوقتُ طويل وإن لَم يَكن اليوم كامِل‪ ،‬فليلةُ القدرِ الظاهِر أنّها مِن أ ّولِها إل‬
‫آ ِخرِها‪ ،‬أما آخِر الليلة فالمر واضِح وأما مِن أ ّولِها فذلك هو الظاهِر لنه قال‪َ :‬ليَْلةُ اْلقَدْرِ بِالنسبة إل بع ِ‬
‫ض‬
‫الوقات يَكون الوقتُ قصِيا كالساعة الت فيها الجابةُ ف يومِ المعة والبعضُ يَكون َوسَطا كيومِ َعرَفَة فإنه يَكون‬
‫مِن زوالِ الشمس على الرأي الراجِح الذي يَ ُدلّ لَهُ الدليل وعليه‪-‬أيضا‪-‬جهور المّة‪.‬‬
‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 9‬مِن حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫ح فِيهَا ِبِإذْنِ‬
‫شهْرٍ ‪َ ‬تنَزّلُ ا ْلمَل ِئكَةُ وَالرّو ُ‬
‫ف َ‬
‫خيْ ٌر مّنْ أَ ْل ِ‬
‫‪ِ -2‬إنّا أَنزَ ْلنَا ُه فِي َليْلَةِ الْ َق ْدرِ ‪َ ‬ومَا َأ ْدرَاكَ مَا َليْلَةُ الْ َق ْدرِ ‪َ ‬ليْلَةُ الْ َق ْد ِر َ‬
‫جرِ [ سورة القدر ]‪.‬‬ ‫حتّى َمطْلَعِ الْ َف ْ‬‫ي َ‬‫َربّهِم مّن كُلّ َأ ْمرٍ ‪ ‬سَلمٌ ِه َ‬
‫‪206‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أما العلمات فقد َذ َكرُوا لِذلك علماتٍ ُمتَعَ ّددَة منها ما يَكونُ بعدَ وقتِها ‪ ..‬أي بعدَ طلوع الشمس‪ ،‬ومنها ما يَكونُ‬
‫ف الليل‪.‬‬
‫وأما ما يَذ ُكرُه كثيٌ مِن العوام بِأنّ بعضَ الخلوقات َتنْقَلِب رأسا على َعقِب َف ُعرُوقُ الشجار تَكونُ العلى والطراف‬
‫تَكون ف السفل وأنّ النسان لو أَخَذَ شيئا مِن شجرة يََتحَوّل إل ذَهَب ‪ ..‬إل غيِ ذلك فهذا باطِل و ُهرَاء ل قيمةَ‬
‫لَه‪.‬‬
‫ولكن‪-‬على كل حال‪-‬بعضُ العلماء يَقول‪ :‬تَكون تلك الليلة َوسَطا ليس فيها شيءٌ مِن البَرْد ول مِِن الـحَر وقد‬
‫شعُرُ النسان فيها بِشيءٍ مِن السكينة وهكذا ما ُيرَى ف صبيحةِ ذلك اليوم مِن الشمس بِأنه ليس لَها ُشعَاعٌ قوِي ‪..‬‬ ‫يَ ْ‬
‫شعُر‬‫إل غي ذلك ِمنَ العلمات الت يَحتاج أن نَذ ُكرَها ونَذ ُكرَ ما لَها وما عليها ولكن‪-‬على كل حال‪-‬النسانُ قد يَ ْ‬
‫بِشيءٍ مِن الطمأنينة والراحة وذلك ظا ِهرٌ مِن حديثِ السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬عندما سألتْ الرسول‬
‫بِماذا تَدعو إذا هي رأتْ ليلة القدر‪ ،‬فمعن ذلك بِأنّ النسان ُيحِسّ بِشيءٍ وإل كيف َترَاها السيدة عائشة‪-‬رضي ال‬
‫تبارك وتعال عنها‪-‬ول تُحس بِشيءٍ ؟! قد يَشعُر بِذلك ف َمنَامِه وقد يَشعُر بِذلك ف َيقَ َظتِه وقد ل يَشعُر‪-‬كما قلتُ‬
‫ويَنالُ الثواب الزيل‪ ،‬و‪-‬على ُكلٍ‪-‬أَرشَدَ النب السيدة عائشة لن تَدْ ُعوَ بِقوله‪ ( :‬اللهم إنّك َعفُوٌ ُتحِب العَفْوَ‬
‫فَا ْعفُ َعنّي ) ف ْليُكثِر النسانُ مِن هذا الدعاء ف هذه الليال البارَكة َش َعرَ بِذلك أو لَم يَشعُر وْليُ ْكثِر‪-‬‬
‫أيضا‪ِ -‬منْ قولِ‪ " :‬ربنا آتِنا ف الدنيا حسنة وف الخِرة حسنة وقِنا عذابَ النار "‪ ،‬فالرسول كان يُ ْكثِر مِن هذا‬
‫الدعاء‪ ،‬وكذلك‪ " :‬اللهم إنّي أَسألُك العفوَ والعافية ف الدنيا والخِرة "‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬يُكْثِر من دُعَاءِ يونس الذي‬
‫جاءَ ف القرآن الكري‪ ... :‬ل ِإَلهَ إِل أَنتَ سُْبحَاَنكَ ِإنّي كُنتُ ِمنَ الظّالِمِيَ [ سورة النبياء‪ ،‬من الية‪] 87 :‬‬
‫‪ ..‬إل غيِ ذلك مِن الدعية‪ ،‬وليُ ْكثِر مِنَ الدعاءِ بِالّنصْرِ لِلسلمِ والسلِمي؛ نَسألُ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يُوَّفقَ‬
‫صرَ السلمَ َنصْرا مُ َؤزّرا وما ذلك عليه بِعزيز؛ وال أعلم‪.‬‬
‫السلِمي جيعا لِما فيه اليْر وأن َينْ ُ‬

‫الحادي عشر ‪ :‬أحكام العتكاف‬


‫س‪ :‬ما حكم العتكاف ؟‬
‫ج‪ :‬إنّ العتكاف سنّة ثابتة عن النب صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬فقد ورد عنه‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه‬
‫كان يَعتكِف ف العشر الواخر من شهر رمضان البارك‪ ،‬كما أنه اعتكف‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ف بعض‬
‫الحيان ف العشرين الخية من شهر رمضان أيضا‪ ،‬وقد ثبت‪-‬أيضا‪-‬عن بعض الصحابة‪-‬رضوان ال تبارك وتعال‬
‫عليهم‪-‬أنم اعتكفوا مع النب صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬كما جاء ذلك ف حديث أب سعيد الدري‪-‬رضي ال‬
‫تعال عنه‪-‬عند البخاري وعند غيه‪ ،‬وثبت‪-‬أيضا‪-‬عن أمهات الؤمني‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهن‪-‬أننّ‬

‫‪207‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫اعتكفن بعد وفاة النب صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬كما أنّ بعضهنّ َشرَع ف العتكاف مع النب صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪ ،‬وف هذا دللة واضحة وحجّة نيّرة على مشروعية العتكاف‪ ،‬وأنه سنّة ثابتة عن النب صلوات ال وسلمه‬
‫‪ ...‬وَلَ تُبَا ِشرُو ُهنّ َوأَنتُمْ عَا ِكفُونَ فِي‬ ‫‪:‬‬ ‫عليه‪ ،‬بل مشروعيته أيضا تؤخذ من كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف قوله‬
‫ف قوله لعبده وخليله‬ ‫[ سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ ،] 187 :‬و‪-‬كذلك‪-‬يُؤخذ ذلك من قوله‬ ‫الْمَسَاجِد ‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫سجُو ِد‬
‫ورسوله إبراهيم ‪ ... :‬وَعَ ِه ْدنَا ِإلَى ِإْبرَاهِيمَ وَِإسْمَاعِيلَ أَن طَ ّهرَا َبيْتِيَ لِلطّائِفِيَ وَاْلعَا ِكفِيَ وَالرّكّعِ ال ّ‬
‫[ سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ ،] 125 :‬وهذا أمر مّتفَق عليه بي المّة السلمية قاطبة‪ ،‬وقد حكى التفاق‪-‬أو الجاع‪-‬‬
‫على ذلك غيُ واحد من التقدّمي والتأخّرين‪ ،‬ل داعي لذِكر أسائهم‪.‬‬
‫وما رُوي عن المام مالك أنه قال بكراهة ذلك فل أظنّه يصحّ عنه إل إذا ُقيّد ذلك ِب َقيْد من القيود‪ ،‬أو كما قيل بأنّه‬
‫يُحمَل على صفة من الصفات‪ ،‬كما ذَكر ذلك الافظ ابن حجر وغيه‪ ،‬وقد ذَكر بعض العلماء مَحامِل لذلك وأكثرُ‬
‫تلك الحامل مردود‪ ،‬ول أرى فائدة من ذِكر ذلك ما دام العتكاف ثابتا ثبوتا ل شك فيه‪ ،‬ول أظنّ أنّ ذلك‪-‬كما‬
‫قلتُ‪-‬يُخالِف ف ذلك إل إذا كان ذلك لَحمَل من الحامِل ومع ذلك فيه ما فيه‪.‬‬
‫هذا بالنسبة إل شهر رمضان البارك‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إل أنّه سنّة ف العَشر الواخر من رمضان وأما ف غي ذلك فليس بسنّة وإنا هو جائز‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إنه ف شهر رمضان سنّة‪-‬كما قلتُ وف غيه جائز‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إنه سنّة مطلقا ف شهر رمضان وف غي رمضان‪.‬‬
‫ولشك أنّ القول بسنيّة ذلك هو القول القويّ‪ ،‬وإن كان ف رمضان أفضلُ وآكَد‪ ،‬لِمواظبة النب‪-‬صلوات ال‬
‫وسلمه عليه‪-‬وكثي من صحابته رضوان ال‪-‬تعال‪-‬عليهم‪.‬‬
‫وما قيل‪ " :‬إنه ل يَعتكِف أحد من الصحابة " مردود‪ ،‬لِما ذكرتُه ولغي ذلك من الروايات الكثية الروية عن صحابة‬
‫رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫وينبغي للنسان مِن قبلِ أن يُطلِق على بعض المور بأنا ل تَثبت عن النب أو عن غيه ما رُوي ذلك عنهم يَنبغي‬
‫له أن يَتحرّز وأن يَبحَث أش ّد البحث وألّ يُطلِق الكلم على عَوا ِهنِه فيذكر بأنّ الشيء الفلن ل َيرِد عن الصحاب‬
‫الفلن أو عن أحد من الصحابة مع أنّ ذلك مذكور ف كتب كثية‪ ،‬وقد ذكرتُ أنّ ذلك مروي عن بعض الصحابة‬
‫ف الصحيحي وف غيها من كتب الرواية‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إل أنه مشروع إلّ ف حقّ الرأة الشابّة؛ وهذا‪-‬أيضا‪-‬ليس بشيء‪.‬‬
‫فالقول الصحيح هو قول من قال إنّ ذلك مسنون ولسيما ف شهر رمضان البارك وأنّ الفضل أن يُحافَظ عليه ف‬
‫العشر الخية من رمضان ومن أمكنه‪-‬أيضا‪-‬أن يَعتكِف ف العشرين الخية منه فذلك حسن؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫ط ّهرْ َب ْي ِتيَ لِلطّائِفِي َ‬
‫ن‬ ‫‪-1‬الظاهر أنّ الشيخ قصد أن يأتي بهذه الية بدل من الية التي أتى بها في التسجيل وهي‪َ ... :‬و َ‬
‫سجُودِ [ سورة الحج‪ ،‬من الية‪ ] 26 :‬مع ملحظة أنّ الشيخ وقع له سبق لسان في قراءتها‪ ،‬إذ‬ ‫وَالْقَا ِئمِينَ وَال ّركّعِ ال ّ‬
‫سجُو ِد "‪.‬‬
‫ط ّهرْ َب ْي ِتيَ لِلطّائِفِينَ والعاكفين وَال ّركّعِ ال ّ‬
‫قرأها‪َ ... " :‬و َ‬
‫‪208‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬هل لهذا العتكاف شروط معيّنة ؟‬


‫ج‪ :‬أوّل‪ :‬كثي من الناس يَسألون عن فضل العتكاف‪ ،‬وأنا أريد أن أنبّه إل أنه ل َيرِد حديث صحيح ثابت عن‬
‫النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬يدل على فضل العتكاف‪ ،‬فكل ما روي من الحاديث القولية ففيها ما فيها من‬
‫كلم‪ ،‬وإنا الثابت ف ذلك فعل النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ومواظبته عليه ف العشر الخية‪ ،‬حت أنه صلوات‬
‫ال وسلمه عليه جاء عنه أنه كان إذا ل يَتمكن من العتكاف ف العشر الخية ‪ ..‬أنه كان يَعتكِف العشرين الخية‬
‫من شهر رمضان من السنة التية‪ ،‬وكذلك عندما خرج من العتكاف عندما دخلت أزواجه‪-‬صلوات ال وسلمه‬
‫عليه‪ ،‬ورضوان ال عليهن‪-‬ف العتكاف ‪ ..‬عندما خرج ف العشر الخية من رمضان قضى ذلك‪ ،‬وإن كان ذلك‬
‫القضاء‪-‬على مذهب طائفة كبية من أهل العلم‪ ،‬وهو الظاهر عندي‪-‬ليس على طريق الوجوب‪ ،‬وإنا هو على طريق‬
‫الستحباب‪.‬‬
‫أقول‪ :‬ف فعله صلوات ال وسلمه عليه ما يدل على فضل العتكاف‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬من العلوم أنّ لِلعشر الخية من‬
‫شهر رمضان من الفضل ما لا‪ ،‬ولذكر ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وتلوة القرآن من الفضل ما ل يفى‪ ،‬كما جاء ذلك ف‬
‫الحاديث الصحيحة الثابتة عن النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ثبوتا ل شك فيه‪ ،‬ومن العلوم أنّ أكثر ما يُحافِظ‬
‫عليه العتكِف هو الذكار مع قراءة كتاب ال تبارك وتعال‪ ،‬فمن كانت له القدرة فل ينبغي له أن يُفرّط ف ذلك‪،‬‬
‫ول يَغترّ بقول كثي من أهل العلم بأنّ ذلك ل يَثبُت عن الصحابة‪ ،‬فقد قدّمنا بأنّه ثابت عن الصحابة‪ ،‬بل هو ثابت‬
‫عن سيّد الصحابة وسيّد كل اللق صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وكذلك ل ينبغي له أن يَغترّ با ذكره أهل العلم مِن أنه‬
‫ل يَأت حديث صحيح ف فضل العتكاف‪ ،‬فإنّ معن ذلك بأنه ل يَأت حديث قول‪ ،‬وينبغي لِلنسان أن يَعلم‬
‫اصطلحات أهل العلم عندما يد عبارة أو كلما لبعضهم أو لم جيعا ‪ ..‬لبد مِن أن يَعرِف ذلك الصطلح الذي‬
‫يَ ْعنُونَه‪ ،‬وإل فل يُمكن أن يقال بعدم فضل العتكاف مع مواظبة رسول ال صلوات ال وسلمه عليه كما ذكرتُ‬
‫وأما شروطه فله شروط متعدّدة‪ ،‬منها ما هو متّفَق عليه بي أهل العلم‪ ،‬ومنها ما هو متلَف فيه‪.‬‬
‫صحّة‪ ،‬وهو شرطٌ ف كل العبادات‪ ،‬وإذا وجدنا اشتراط السلم‬ ‫فمن تلك الشروط‪ :‬السلم‪ ،‬وهذا الشرط شرطُ ِ‬
‫فمعن ذلك أنه ل يَصحّ من الكافر شيء من العبادات رأسا‪ ،‬فإذا قيل باشتراط ذلك ف بعض العبادات الواجبة‪-‬‬
‫كالج والصلة والصيام والزكاة‪-‬فمعن ذلك أنّ ذلك ل يَصحّ‪ ،‬ل أنه ل يُخاطَب بذلك‪ ،‬بل هو ماطَب بذلك‪ ،‬على‬
‫أصحّ القوال وأشهرها‪ ،‬وهو الذي تدلّ له الدلة الكثية من كتاب ال تبارك وتعال‪ ،‬والعتكاف وإن ل يكن واجبا‬
‫ولكنه أيضا ل يَصحّ إلّ من مسلم‪ ،‬فلو اعتكف كافر فذلك ل يَصح‪ ،‬بل لبد من أن يَدخل أوّل ف السلم وأن‬
‫يَلتزم بشرع ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وبعد ذلك إن شاء أن يَعتكف فليعتكف‪ ،‬فهذا هو القصود من شرط السلم عندما‬
‫يَذكره العلماء ولسيما ف المور الواجبة‪.‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬العقل‪ ،‬فل يَصحّ العتكاف مِن منون ول مِن سَكران ول مِن مُغمَى عليه‪ ،‬فلو اعتكف منون أو سكران‬
‫أو مغمى عليه فل ثواب له‪ ،‬بل ل يَصح ذلك منه‪.‬‬
‫نعم إذا دخل شخص ف العتكاف وأصابه الغماء بعد ذلك بعد أن طلع الفجر‪:‬‬
‫‪209‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-1‬فإنّ طائفة من أهل العلم يَقولون‪ " :‬إنّ اعتكافه لذلك اليوم صحيح "‪.‬‬
‫‪-2‬وإن كان بعضهم يَرى خلف ذلك‪.‬‬
‫ولكنّ القول الول قالت به طائفة كبية من أهل العلم‪ ،‬وله وجه قوي ف النظر‪.‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬التمييز‪ ،‬فالصب إذا كان غَي ميّز فإنه ل يَص ّح منه‪ ،‬والتمييز بالنسبة إل الصبيان يَختلِف من طفل إل‬
‫طفل‪ ،‬فل يُمكن أن يُحدّ ذلك بسنة معيّنة‪ ،‬وإنا ذلك يَدور على من كان يَفهم الطاب ويَستطيع الواب ويَفقه معن‬
‫ذلك فتَصحّ منه النية‪ ،‬فمَن كان كذلك فهو الذي يَص ّح منه‪ ،‬وهو الذي يُقال عنه بأنه ميّز‪.‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬النية‪ ،‬إذ ل يَصحّ عمل من العمال إل بنيّة إذا كان ذلك العمل يَتعلّق بثل هذه العبادات‪ ،‬نعم إذا كان‬
‫ذلك يَتعلّق بطهارة‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬وكانت الطهارة لثوب وليست لسد فإنّ تلك النجاسة تَزول ولو ل تكن‬
‫هنالك نية على أصحّ القوال وأشهرها‪ ،‬أما مثل هذه العبادات فلبد لا من النية‪ ،‬فالنية‪-‬إذن‪-‬شرط لصحّة‬
‫العتكاف‪.‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬الصوم‪ ،‬فإ ّن طائفة كبية من أهل العلم ذهبت إل أنّ الصيام شرط ف صحّة العتكاف‪ ،‬وأنّ اعتكاف من‬
‫ل َيصُم ليس بصحيح بل ل ينبغي أن يُسمّى ذلك اعتكافا؛ وهذا هو قول طائفة‪-‬كما قلتُ‪-‬من أهل العلم‪ ،‬وهو‬
‫مروي عن طائفة من الصحابة رضوان ال‪-‬تعال‪-‬عليهم‪ ،‬فقد روي عن السيدة عائشة‪ ،‬وروي عن ابن عمر وابن‬
‫عباس رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنهم‪ ،‬وهو مذهب أصحابنا وإن كان هنالك ما يُفهَم من كلم بعضهم بأنه قد ذهب‬
‫بعض الصحاب إل عدم اشتراط ذلك ولكنّ القول الشهور النصور عندهم هو اشتراط الصوم لصحّة العتكاف‪،1‬‬
‫وهو قول المام مالك‪ ،‬وعليه جهور أصحابه‪ ،‬وخالف منهم ابن لُبابة‪ ،‬فقال بعدم اشتراط الصيام ف العتكاف‪ ،‬وهو‬
‫قول بعض الشافعية‪ ،‬وهو رواية عن المام أحد وعن إسحاق‪ ،‬ورَجّح ذلك ابن تيمية وابن القيم من التأخّرين‪ ،‬وهو‬
‫قول الثوري والليث والسن بن حي‪.‬‬
‫نعم ذكرنا أنّ طائفة كبية من أهل العلم ذهبت إل اشتراط الصيام ف العتكاف وأنّ العتكاف ل يَصحّ إل به‪،‬‬
‫وذكرنا مموعة من أولئك العلماء العلم الذين ذهبوا إل اشتراط ذلك‪ ،‬وهنالك بقية أخرى ل بأس بذكر طائفة‬
‫منهم‪ ،‬فمِمّن ذهب إل ذلك من أهل العلم النّخعي والشّعب‪ ،‬وذهب إل ذلك نافع والقاسم بن ممد والوزاعي‬
‫والزهري‪ ،‬وطائفة من التابعي‪ ،‬وقيل‪ " :‬إنه الذهب القدي للمام الشافعي "‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬ذهبت إل ذلك النفية ف‬
‫الصوم‪ 2‬الواجب‪ ،‬ويُفهَم من بعضهم‪-‬أيضا‪-‬أنّ طائفة منهم يَشترِطون ذلك حت ف غي الصوم‪ 3‬الواجب‪ ،‬فهذه جاعة‬
‫ع بعد ذلك بِأنّ مذهبا معيّنا هو الذي يَشترِط الصيام‬‫كبية جدا من ذهبوا إل اشترط الصيام‪ ،‬فل يُمكن أن يَدّعي م ّد ٍ‬
‫بلف بقية المّة‪ ،‬فهذه جاعة كبية من المّة السلمية من الصحابة والتابعي ومن أتباع الذاهب الخرى قد‬
‫ذهبت إل ذلك‪ ،‬ولذا الرأي أدلة كثية جدا‪ ،‬ولكنّ الوقت أرى أنه ل يَسمَح بذلك‪ ،‬ويكفي من ذلك أنّ النب‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ل يَعتكِف إلّ ف العشر الواخر من رمضان وهو ل شكّ ول ريب بأنه كان صائما‪،‬‬
‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬اشتراط العتكاف " بدل من " اشتراط الصوم في صحة العتكاف " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫‪-2‬لعل الشيخ قصد أن يقول‪ " :‬العتكاف " بدل من " الصوم "‪ ،‬فليُتأمّل‪.‬‬
‫‪-3‬لعل الشيخ قصد أن يقول‪ " :‬العتكاف " بدل من " الصوم "‪ ،‬فليُتأمّل‪.‬‬
‫‪210‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أما ما جاء مِن اعتكافه بعد ذلك فإننا وإن كنّا ل نقوى على الزم بأنه قد صام إل أنه أيضا ليس هنالك دليل آخر‬
‫يَدلّ على عدم صيامه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬والروايات متلِفة ‪ ..‬جاء ف بعض الروايات أنه اعتكف ف العشر‬
‫الوائل‪ ،‬وف بعضها أنه اعتكف ف الواخر‪ ،‬وف بعضها بأنه اعتكف ف رمضان من غي أن تُحدّد الرواية بأنّ ذلك‬
‫جاء ف الول أو ف الخر‪ ،‬فمع هذا الحتمال ل يُمكِن أن يَحتج بذلك مُحتَج على عدم شرطية الصيام ف‬
‫العتكاف‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬ند الول‪-‬تبارك وتعال‪-‬قد ذَكر العتكاف ف معرض ذِكره للصيام‪ 1‬وف ذلك إشارة واضحة‬
‫إل أنّ العتكاف ل يكون إل بالصيام‪ ،‬ومِن العلوم أنه ل يأت دليل واحد يدل على عدم اشتراط الصيام‪ ،‬وكل ما‬
‫روي من الحاديث الت فيها مشروعية ذلك من دون الصيام أحاديث ل تَثبت عن النب صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫هذا ومن الشروط الت لبد منها ف العتكاف‪ :‬أن يكون العتكِف طاهرا من الدث الكب‪ ،‬فل يَصحّ العتكاف مِن‬
‫النب ول مِن الائض ول مِن النفساء ‪ ..‬هذا هو القول الشهور عند المّة السلمية‪ ،‬وهو الق الذي ل ريب فيه‬
‫‪ ..‬نعم إذا كان النسان معتكِفا وأصابته جنابة فإنه يُؤمَر بالغتسال مباشَرة ول يُؤثّر ذلك ف اعتكافه ول ف صيامه‪.‬‬
‫والدليل على اشتراط ذلك أنّ العتكاف ل يكون إل ف السجد والنب والائض والنفساء كلهم منهيون عن دخول‬
‫السجد‪-‬وعند بعضهم مَنهيون عن الكث فيه‪-‬ومن العلوم بأنّ من أهم الشروط ف العتكاف هو أن يكون ف‬
‫مسجد من الساجد‪ ،‬كما سيأت بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫وكذلك‪-‬أيضا‪-‬قد رجّحنا أنّ العتكاف ل يكون إل بالصيام ومِن العلوم التقرّر أنّ الصيام ل يَصح مع اليض‬
‫والنفاس بل الائض والنفساء يَحرم عليهما الصيام كما هو معلوم‪.‬‬
‫أما النب فقد اختلف العلماء ف صيامه ‪ ..‬أي هل يصح الصيام مع النابة أو ل ؟ والقول الصحيح الذي يَدل له‬
‫الديث الصحيح الثابت عن النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬أنّ من أصبح جنبا أصبح مفطرا‪ ،‬كما جاء ذلك عند‬
‫المام الربيع رحه ال‪ ،‬وجاء عند غيه من أئمة الحدثي‪.‬‬
‫وأما ما جاء مِن أنه صلوات ال وسلمه عليه أصبح وهو جنب وهو صائم فذلك الديث يُعارِضه هذا الديث وإذا‬
‫تعارض حديثان أحدها يقتضي التحري والثان يقتضي الباحة فإنه يُقدّم الدليل الذي يَدل على التحري على الدليل‬
‫الدال على الباحة‪ ،‬فالظاهر أنّ فعله صلوات ال وسلمه عليه كان متقدّما على حديثه الذي جاء فيه أنّ من أصبح‬
‫جنبا أصبح مفطرا‪.‬‬
‫والقول بأنّ ذلك على الستحباب مردود لنّ الديث يَدل دللة واضحة ل غموض فيها بأنّ من أصبح جنبا أصبح‬
‫مفطرا‪ 2‬ول يكن أن يُؤخذ من ذلك أنّ ذلك على الستحباب‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬لنه نصّ صريح على أنه أصبح‬
‫مفطرا‪.‬‬

‫س ُكمْ َفتَابَ عََل ْي ُكمْ‬ ‫‪ُ } -1‬أحِلّ َل ُكمْ َليْلَ َة ال ّ‬


‫صيَا ِم الرّفَثُ إِلَى ِنسَا ِئ ُكمْ ُهنّ ِلبَاسٌ ّل ُكمْ وَأَن ُتمْ ِلبَاسٌ ّل ُهنّ عَِل َم الُ َأ ّنكُ ْم كُن ُتمْ َتخْتانُونَ أَن ُف َ‬
‫لسْ َو ِد مِنَ‬‫خ ْيطِ ا َ‬ ‫ض مِنَ ا ْل َ‬
‫ل ْبيَ ُ‬‫خيْطُ ا َ‬ ‫حتّى َي َت َبيّنَ َل ُكمُ ا ْل َ‬‫ش َربُوا َ‬ ‫ب الُ َل ُكمْ َوكُلُوا وَا ْ‬
‫ن بَاشِرُو ُهنّ وَا ْب َتغُوا مَا َكتَ َ‬ ‫َوعَفَا عَن ُكمْ فَال َ‬
‫جدِ ‪ [ { ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.] 187 :‬‬ ‫ن فِي ا ْل َمسَا ِ‬
‫شرُوهُنّ وَأَن ُتمْ عَاكِفُو َ‬ ‫ل ُتبَا ِ‬
‫صيَامَ إِلَى الّليْلِ َو َ‬
‫جرِ ُثمّ َأ ِتمّوا ال ّ‬ ‫الْ َف ْ‬
‫ن من أصبح جنبا أصبح مفطرا " وذلك لليضاح أكثر‪.‬‬ ‫‪-2‬أُبدِل قول الشيخ‪ " :‬بأنّه أصبح مفطرا " بهذه العبارة " بأ ّ‬
‫‪211‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫والقول‪-‬أيضا‪-‬بأنه منسوخ‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬مالِف للواقع‪ ،‬لنّ الصل أن يكون هذا التأخّر هو الناسخ‪ ،‬ومَن ادّعى‬
‫خلف ذلك فعليه الدليل‪.‬‬
‫ولول أنّ الوقت ل يَتسع للطالة لطلتُ ف هذه القضية‪ ،‬نظرا إل أنّ كثرة كاثرة من أهل العلم يَرون خلف ذلك‪،‬‬
‫ولعلنا نيب عن ذلك ف مناسبة أخرى بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫ومن الشروط الت لبد منها ف العتكاف بل هو الشرط الساسي بل هو الركن الذي لبد منه‪ :‬الّلبْث ف السجد‪،‬‬
‫إذ ل يَصحّ العتكاف إلّ ف مسجد من الساجد؛ وقد اختلف العلماء ف السجد الذي يَصحّ فيه العتكاف‪:‬‬
‫ذهبت طائفة من أهل العلم إل أنه يَصحّ ف كل مسجد من الساجد سواء كانت تُقام فيه المعة أو ل وسواء كانت‬
‫تُقام فيه الماعة أو ل‪.‬‬
‫وذهبت طائفة من أهل العلم إل أنه ل يَصحّ إل ف السجد الذي تُقام فيه الماعة وإن كانت ل تُقام فيه المعة‪.‬‬
‫وذهبت طائفة من أهل العلم إل أنه لبد مِن أن يكون ف مسجد تُقام فيه المعة إذا كان العتكاف يَستمرّ إل يوم‬
‫المعة‪ ،‬أما من أراد أن يَعتكِف ستّة أيام وابتدأ العتكاف من ليلة السبت مثل وسيَخرُج قبل يوم المعة ‪ ..‬أي أنه‬
‫لن يَكون معتكِفا ف يوم المعة فإنه ل يُشترَط أن يكون ف مسجد تُقام فيه المعة حت على رأي هؤلء‪.‬‬
‫وذهبت طائفة قليلة جدا إل أنه ل يَصحّ إل ف أحد الساجد الثلثة ‪ ..‬أي السجد الرام أو السجد النبوي أو‬
‫السجد القصى؛ وهو قول ضعيف جدا‪ ،‬وإن احتجّ له بعضهم برواية تُروى عن حذيفة‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنه‪-‬‬
‫صلَها يُعتبَر‬
‫فإنّ تلك الرواية‪-‬على الصحيح‪-‬موقوفة‪ ،‬وليست بِمتّصلة عن النب صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬و َوصْل من َو َ‬
‫من باب الشاذّ على القول الصحيح الراجح‪ ،‬وإن احتجّ بعض التأخّرين لذا القول وحاول النتصار له فإنه ل يُوفّق‬
‫إل الصواب عندنا أي على ما نرى؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫هذا ومّا ذكرناه أنه لبد مِن أن يَكون ف السجد‪ ،‬فإذا اعتكف ف مسجد ل تُقام فيه المعة فإنه لبد مِن أن يَخرج‬
‫إل المعة‪.‬‬
‫وبعض العلماء ذهب إل أنّ ذلك ل يَصحّ كما قلتُ‪.‬‬
‫ولكنّ الرأي الصحيح أنه يَصحّ منه ذلك إذا كانت المعة تَجب عليه‪ ،‬أما إذا كانت المعة ل تَجب عليه فإنه ل‬
‫يَخرج إليها‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء ف وقت الروج إل المعة‪:‬‬
‫ذهب بعضهم إل أنه ل يَخرج إليها إل ُقَبيْل النداء لا بيث إنه عندما يَصل إل السجد يُصلي أربع ركعات وبعد‬
‫ذلك تُقام المعة وإذا انتهى من المعة ومن السنّة الَبعْدِية فإنه يَرجع إل السجد الذي يَعتكِف فيه‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إل أنه يُسنّ له بأن يَخرج من السجد الذي يَعتكِف فيه ف الوقت الفضل‪ ،‬كما جاء ف الديث عن‬
‫النب صلوات ال وسلمه عليه ‪ ..‬أي يُسنّ له البكور إل صلة المعة‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إل أنّ ذلك جائز ول يُمكن أن يُوصف بالسنّة ف حقّه‪ ،‬لنّ السنّة ف حقّه‪-‬على رأي هؤلء‪-‬أن‬
‫يَمكث ف السجد الذي يَعتكِف فيه‪.‬‬
‫‪212‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫هذا ما يتعلّق بالروج إل المعة على وجه الختصار‪.‬‬


‫ويُستثن من وقت اللّبث ف السجد ما تدعو الاجة إليه‪:‬‬
‫وذلك كقضاء حاجة النسان فإنّ هذا مُستثن باتّفاق المّة السلمية قاطبة‪ ،‬إذ ل يُمكن للنسان أن يَقضي حاجته‬
‫ف السجد‪ ،‬بل لبد مِن أن يَذهب إل مكان آخر خارج السجد ولكن إذا كانت هنالك دورات مياه بالقرب من‬
‫السجد فإنه يَقضي حاجته فيها‪ ،‬وليس له أن يذهب إل بيته على الصحيح‪ ،‬أما إذا ل يَكن هنالك مكان لقضاء‬
‫الاجة فإنه يَذهب إل بيته للضرورة‪ ،‬وإذا كان لديه بيتان أحدها أقرب من الخر فإنه ليس له أن يَذهب إل البيت‬
‫البعد‪ ،‬بل عليه أن يَقضي حاجته ف البيت القرب‪ ،‬وف هذا الزمان‪-‬بمد ال تبارك وتعال‪-‬مواضع قضاء الاجة‬
‫متوافرة بالقرب من الساجد‪.‬‬
‫وكذلك بالنسبة إل الكل‪:‬‬
‫ذهب بعض العلماء إل أنه إذا كان يَجد من يأتيه بِأكله وشرابه إل السجد فإنه ليس له أن يَذهب إل البيت‪ ،‬وهذا‬
‫هو الذي ذهب إليه المهور‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إل أنه يَجوز له ولو كان يد من يأت إليه بذلك‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إل أنه إن كان يَستحيِي بِأن يَأكل ف السجد فذلك له‪ ،‬وإل فل‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬إن وَجد مَن يَأت إليه بذلك‪ 1‬فإنه ل يُرخّص له بالروج من السجد‪ ،‬ول عبة بالستحياء هاهنا فإنه بِإمكانه‬
‫أن يَذهب إل جهة من جهات السجد ويأكل فيها‪.‬‬
‫‪ "-1‬س‪ :‬هل هناك مِن بأس في استعمال الهاتف النقّال في المسجد وخاصّة بالنسبة للمعتكِف حيث سمعنا أنّ‬
‫التصال عبارة عن معاملة مالية بين المتّصل والشركة ؟ وهل يُؤثّر على العتكاف خاصة أنّ مَن يَستعمِله‬
‫يَرغَب في التصال بِأهله لطلب الطعام وغيره من الطلبات التي قد يَحتاجها النسان في حالة اعتكافه أو وجوده‬
‫بالمسجد ؟‬
‫ج‪ :‬قبل الجابة على هذا السؤال أنا أريد أن أنبّه الإخوة المستمعين إلى ما يَجب من احترام المسجد ‪ ..‬كثيرا ما نكون‬
‫صافّين في الصلة متوجّهين إلى ال‪-‬تعالى‪-‬وإذا بِهذه الهواتف النقّالة تُزعِجنا من هنا ومن هناك وكأنّنا في مكان فيه‬
‫ضوضاء وجَلَبَة‪ ،‬وبعض هذه الهواتف فيها أصوات موسيقية وكأنما في حَلْبَة موسيقية نَسمع فيها الكثير الكثير من‬
‫الصوات الموسيقية كأننا خارج الصلة ‪ ..‬هذا أمر يُزعِج المصلّين ‪ ..‬ل ينبغي أن يَفعله الناس ‪ ..‬ما لهؤلء الناس‬
‫وهم يَأتون إلى بيوت ال‪-‬سبحانه‪-‬يَأتون بهذه الهواتف النقّالة وهي مفتوحة ويَتركونها كذلك لِتُزعِج الناس‬
‫وتَشْغَلَهُم عن الصلة ؟! مع أنّ في الصلة شُغْلً‪ ،‬لنّ صلة النسان تعني إقباله على ربّه وتَركه همومَ الدنيا‬
‫وتَركه لِجميع مشاغل النفس‪ ،‬لنّ صلته إقبال على عالَم آخر ‪ ..‬على عالَم القُدُس ‪ ..‬على مخاطبةِ ال‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬وحده‪ ،‬ولكن‪-‬مع السف الشديد‪-‬هؤلء الذين ل يُقَدِّرون للصلة قيمتها ول يَعرفون منزلتها عند ال ل‬
‫يبالون بهذا ‪ ..‬هذا أمر يَجِب أن يَتنبّهوا له‪.‬‬
‫أما إن كان مُجرّد طلب حاجة من غير أن يَتركَ الهاتف شغّال لِيُزْعِج الناس في المسجد فل مانع منه‪ ،‬أما أن يَعقِد‬
‫الصفقات مع هذا أو هذا وهو في المسجد فذلك غيرُ جائز‪ ،‬وإنما يَتحدّث في الهاتف في غير أوقات الصلة بِقدر‬
‫ضرورته فحسب‪ ،‬ول مانع مِن هذا‪ ،‬لنّ الضرورة تُقدّر بِقَدَرها‪.‬‬
‫س‪ :‬بعض الناس ربما يغفل عن إغلق هاتفه فيصيح وهو في الصلة ثم يقوم بقفله‪ ،‬هل هذه الحركة تؤثّر‬
‫على الصلة ؟‬
‫ج‪ :‬حقيقة المر؛ هذا دليل الهمال‪ ،‬ودليل عدم المبالة بِحقّ الصلة ‪ ..‬أنا قلتُ يجب أن يُقال في حقّ هؤلء بِأنهم‬
‫عليهم أن يُغلِقوا هواتفهم وعليهم أن يعيدوا صلتهم‪ ،‬لنهم مِن أوّل المر هم مهمِلون لِلواجب ‪ ..‬غيرُ مبالِين بِحقّ‬
‫الصلة‪.‬‬
‫س‪ :‬والبعض يَجعله هزّازا فعندما يأتيه اتصال يَهتزّ جزء من جسده‪ ،‬فهل هذا‪-‬أيضا‪-‬يؤثّر على الصلة ؟‬
‫‪213‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وهكذا ل يَجوز للنسان أن يَخرج إل لثل هذه الالت الضرورية القصوى‪:‬‬


‫وذلك‪-‬أيضا‪-‬كالغتسال الذي لبد منه أو الذي تَدعو إليه الضرورة‪ ،‬وأما ماعدا ذلك من الروج الذي يَخرجه‬
‫كثي من الناس وإن رَخّص فيه من رَخّص من أهل العلم فإنه يَنبغي أن يُشدّد فيه‪-‬ولستُ الن بِحاجة إل ذِكر تلك‬
‫المور‪-‬وإن كان يُمكن أن يُرخّص ف بعضها إذا كانت هنالك ضرورة ماسّة‪.‬‬
‫وذلك‪-‬مثل‪-‬كمَن مات له قريب يَلي هو الصلة عليه ودفنَه‪:‬‬
‫فإنّ بعض أهل لعلم يُرخّص ف ذلك‪.‬‬
‫وبعضهم يذهب إل أنّ اعتكافه يَفسد‪.‬‬
‫والقول بالترخيص إذا كان هو الذي يَلي ذلك ول يوجد أحد آخر يقوم بذلك فإنّ له وجها‪.‬‬
‫وكذلك بالنسبة إل زيارة الريض إذا كان قريبا له إذا كان يَمرّ عليه عند رجوعه من اغتساله أو من قضاء حاجته‬
‫فيُرخّص فيه بشرط ألّ يَجلس بل يُسلّم وهو مار ف طريقه‪ ،‬أما إذا كان ل يَخرج لقضاء حاجة ضرورية فإنه ل‬
‫يُرخّص له ف الروج من أجل ذلك‪ ،‬وكذلك إذا كان ذلك الطريق ف ناحية أخرى فإنه ل يُرخّص له ف ذلك‪ ،‬لنّ‬
‫كلّ ذلك يَتناف مع معن العتكاف‪.‬‬
‫و‪-‬كذلك‪-‬كثي من الناس يَسألون من أنم يُريدون العتكاف ولكنّهم يَخرجون إل العمل ث يَرجعون بعد الرجوع‬
‫من عملهم وهكذا بالنسبة إل طلبة العلم فإنّ بعضا منهم يريد أن يَخرج إل الدراسة ث يَرجع إل معتكَفه‪ ،‬وأقول‪ :‬إنّ‬
‫ذلك يتناف مع العتكاف‪.‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم إل أنّ النسان إذا اشترط عند اعتكافه بِأنه يَخرج لكذا ويَخرج لكذا فإنّ ذلك له‪ ،‬وأخذوا‬
‫ذلك مِن الشتراط ف الج‪ ،‬فإنّ الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬رَخّص ف مَن يَخاف ألّ يَتمكّن من إتام‬
‫مناسك الج أن يَشترط بأنه يل ف الوضع الذي ل يَتمكّن من مواصلة الج فيه‪ ،‬ولكنّ بي القضيتي فرقا شاسعا‬
‫كما ل يَخفى‪ ،‬فإنّ ذلك الشخص ل يَتمكن من مواصلة الج وأما هذا فإنه متمكّن من ذلك وإنا يَذهب لقضاء‬
‫حاجة‪.‬‬
‫نعم يُمكن أن يُرخّص ف الشتراط لن خاف مِن مرض يُداهِمه أو ما شابه ذلك فإنه يَشترط بِأنه إذا ل يَتمكّن من‬
‫العتكاف بسبب مرض أو مرض قريب أو موته بأنه سيَخرج من ذلك العتكاف‪ ،‬وهذا كله فيما يَتعلّق باعتكاف‬
‫النفل‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل العتكاف الواجب‪-‬أيضا‪-‬إذا اشترط فيه فيجري فيه ما ذكرناه مِن اللف ف الشتراط وعدمه‪،‬‬
‫ولكنّ القول بالشتراط قول ضعيف جدا إل فيما يَتعلّق با ذكرتُه من خوف مرض أو مرض قريب يقوم هو بشؤونه‬
‫أو ما شابه ذلك‪.‬هذا ومن الدير بِالذّكر أنّ مِن أهمّ المور الت يَجتنبها العتكِف مباشَرة النساء‪ ،‬فل يَجوز له وطء‬
‫النساء كما أنه‪-‬أيضا‪-‬ل يَجوز له أن يَفعل شيئا من مُقدّمات الوطء‪ ،‬فهذا أمر مهمّ‪ ،‬ول أذكره من قبلُ ف الشروط‬

‫ج‪ :‬إن كان يَشْغَله‪ ،‬ويَذهب بِفِكره عن الصلة فل ريب أنّ ذلك ممنوع شرعا‪ " .‬الشيخ أحمد بن حمد الخليلي‪،‬‬
‫برنامج " سؤال أهل الذكر " من تلفزيون سلطنة عُمان‪ ،‬حلقة ‪ 25‬رمضان ‪1423‬هـ ( ‪ 1‬ديسمبر ‪2002‬م )‪.‬‬
‫‪214‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫لنّ ذلك مِن مُفسدات العتكاف‪ ،‬ولكن نظرا إل ضيق الوقت وأنه ل يُمكن أن نُجيب عن ذلك بِجواب مُستقِل‬
‫فإنه يُمكن أن نقول‪ :‬إنّ مِن شروط ذلك ألّ يَطأ النسان ول يَفعل شيئا من مُقدّمات الوطء؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل مريض بالشلل أو ل يستطيع أن يَعتكف في المسجد‪ ،‬فهل له أن يَعتكف في بيته ؟ وهل للمرأة‪-‬أيضا‪-‬أن‬
‫تَعتكف في بيتها دون المسجد ؟‬
‫‪َ ...‬وأَنتُمْ‬ ‫ج‪ :‬أما الرجل فليس له أن يَعتكِف ف بيته‪ ،‬لنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬يقول كما قدّمنا [ ص ‪:] 1‬‬
‫عَا ِكفُونَ فِي الْمَسَاجِد ‪ [ ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ ،] 187 :‬ويقول‪ ... :‬وَعَ ِه ْدنَا ِإلَى ِإْبرَاهِي َم‬
‫سجُودِ ‪ [ 1‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ ،] 125 :‬فالرجل‬ ‫وَِإسْمَاعِيلَ أَن طَ ّهرَا بَْيتِيَ لِلطّائِفِيَ وَالْعَا ِكفِيَ وَالرّكّعِ ال ّ‬
‫ل يَجوز له بال من الحوال أن يَعتكِف ف غي الساجد‪ ،‬بِإجاع المّة السلمية قاطبة‪.‬‬
‫وأما الرأة فإنّ أهل العلم اختلفوا فيها‪:‬‬
‫ذهبت طائفة من أهل العلم إل أنّ الرأة يَجوز لا أن تَعتكِف ف مسجد بيتها ‪ ..‬أي ف الكان الذي َخصّصته للصلة‬
‫ف بيتها؛ وهذا القول هو مذهب الحناف‪ ،‬وهو قول طائفة كبية من أصحابنا رضوان ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليهم‪.‬‬
‫وذهبت طائفة من أهل العلم‪-‬وهو مذهب الكثرين‪-‬إل أنّ الرأة‪-‬أيضا‪-‬تَعتكِف ف الساجد‪ ،‬وليس لا أن تَعتكِف ف‬
‫مسجد بيتها أبدا؛ وهذا القول هو القول القوى فيما يظهر ل‪ ،‬لنه ل يُوجد هنالك دليل أبدا يَدلّ على أنّ الرأة‬
‫تَعتكِف ف بيتها‪ ،‬وقد ثبت أنّ نساء النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬قد اعتكَفن ف مسجده الشريف ف حياته وبعد‬
‫حياته ‪ ..‬شَرعن ف العتكاف ف مسجده الشريف ويَصحّ القول بِأننّ اعتكَفن ف مسجده وكذلك اعتكفن بعد ذلك‬
‫ف مسجده‪ ،‬ول يَأت دليل يَدلّ على خلف ذلك‪.‬‬
‫ل يُقال‪ " :‬إنّ هذا الحاديث تدل على مشروعية العتكاف ف الساجد‪ ،‬ول تَدلّ على أنه ل يَصحّ العتكاف ف غي‬
‫السجد "‪ ،‬لننا نقول‪ :‬إنه يُؤخذ من ذلك بالضافة إل اليتي الكريتي‪ ،‬مع ملحظة ما ذكرناه بِأنه ل يَصح حديث‬
‫قط ول دليل آخر يَدلّ على مشروعية اعتكاف الرأة ف بيتها‪.‬‬
‫أما ما استدلوا به مِن فضل صلة الرأة ف مسجد بيتها على فضل صلتا ف مسجد الماعة فذلك ف الصلة‪ ،‬ول‬
‫‪2‬‬
‫يُمكن أن يُؤخذ منه‪-‬بِحالٍ‪-‬جوازُ العتكاف بالنسبة للمرأة ف البيت؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ط ّهرْ َب ْي ِتيَ لِلطّائِفِي َ‬
‫ن‬ ‫‪-1‬الظاهر أنّ الشيخ قصد أن يأتي بهذه الية بدل من الية التي أتى بها في التسجيل وهي‪َ ... :‬و َ‬
‫سجُودِ [ سورة الحج‪ ،‬من الية‪ ] 26 :‬مع ملحظة أنّ الشيخ وقع له سبق لسان في قراءتها‪ ،‬إذ‬ ‫وَالْقَا ِئمِينَ وَال ّركّعِ ال ّ‬
‫سجُو ِد "‪.‬‬
‫ط ّهرْ َب ْي ِتيَ لِلطّائِفِينَ والعاكفين وَال ّركّعِ ال ّ‬
‫قرأها‪َ ... " :‬و َ‬
‫‪ "-2‬س‪ :‬هل يصح العتكاف في البيت في حال وجود العذر وإذا لم يكن هناك مسجد قريب ؟‬
‫ج‪ :‬أما الرجل فليس له أن يعتكف في البيت بظاهر الكتاب وصحيح السنّة وإجماع المّة السلمية قاطبة‪ ،‬لنّ ال‪-‬‬
‫ن فِي ا ْل َمسَاجِد ‪ [ ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ ] 187 :‬فالرجل ليس له أن يعتكف‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬يقول‪ ... :‬وَأَن ُتمْ عَاكِفُو َ‬
‫بحال من الحوال في بيته أو في أيّ بيت من البيوت‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إلى المرأة فقد ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه لها أن تعتكف في مسجد بيتها ‪ ..‬أي في المكان الذي‬
‫خصصته للصلة في بيتها‪.‬‬
‫وذهب جمهور المّة إلى أنه ليس لها ذلك‪ ،‬بل إذا أرادت العتكاف فلبد من أن يكون ذلك في المسجد؛ وهذا القول هو‬
‫القول الصحيح‪ ،‬إذ إنني لم أجد رواية صحيحة تدل على مشروعية العتكاف للمرأة في غير المسجد؛ وأما ما استند إليه‬
‫‪215‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬هل يصح العتكاف في مصلّى صغير ل تُقام فيه الصلوات الخمس ؟‬
‫ج‪ :‬عندما يَعتكِف النسان فإنّه يَعتكِف من أجل حصول الجر العظيم والثواب من عند ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬الذي‬
‫يَحصل عليه النسان بِاعتكافه ف السجد ومواظبته على الطاعات من صلة وصيام وذكرٍ وقراءةٍ لِكتابِ ال‬
‫‪-‬تبارك وتعال‪-‬ومِن ذلك الواظبةُ والحافظةُ على الصلة ف الماعة‪ ،‬فإذا كان هذا السجد ل تُقام فيه الماعة‪:‬‬
‫فإ ّن طائفة كبية من أهل العلم تقول‪ :‬ل يَصحّ ذلك‪.‬‬
‫وبعضهم وإن كان يقول بِصحّة ذلك ولكنّه يَرى الوْل ألّ يكون ف ذلك‪ ،‬لنّ ف ذلك مدعاة لترك صلة الماعة‪،‬‬
‫وهذا ما ل ينبغي أبدا‪ ،‬إذ إنّ صلة الماعة‪-‬على الرأي الشهي‪-‬فريضة على كل فرد من الفراد إذا كان يستطيع أن‬
‫يَسعى إليها ‪ ..‬أي ل يَمنعه من ذلك مانع من مرض أو خوف‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل الصليات فإنّ لهل العلم كلما هل تُلحَق بالساجد أو ل ؟ وهنالك طائفة كبية تقول بأنا ل تُعطى‬
‫أحكام الساجد؛ وعلى هذا الرأي ل يَصحّ العتكافُ فيها البتّة‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يُستحبّ للناس أن يَعتكفوا جماعيا ؟‬
‫ج‪ :‬ل أدري ما الراد بالعتكاف الماعي‪ ،‬فإن كان يريد السائل‪-‬أو غيه‪-‬بأن يَسأل عن طائفة مِن الناس تَعتكِف ف‬
‫السجد مع مواظبتها على الطاعات من صلة وذكر ودعاء وقراءةٍ لِكتابِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فل مانع من ذلك‪ ،‬إذ ل‬
‫يُمكِن أن يٌقال‪-‬بال من الحوال‪-‬أنّ كلّ إنسانٍ يَعتكِف ف مسجد مستقل وإذا أراد شخص آخر أن يَعتكِف فلبد‬
‫مِن أن يَعتكِف ف مسجد آخر‪ ،‬وقد قدّمنا أنّ الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قد اعتكف ف‬
‫السجد وشَرعت بعض أزواجه ف العتكاف معه‪ ،‬وأنه اعتكف هو وجاعة من أصحابه‪-‬أيضا‪-‬ف السجد‪،‬‬
‫فهذا دليل واضح على أنه يَصحّ العتكافُ مِن جاعة ف مسجد من الساجد‪ ،‬بل ولو ل يَأت ذلك فإنّ جَواز ذلك‬
‫أمر واضح‪ ،‬ل يَحتاج إل إقامة برهان؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‬

‫القائلون بذلك من الحتجاج بحديث فضل صلتها في بيتها فذلك خاص بالصلة والعتكاف حكمه يختلف عن حكم‬
‫الصلة؛ وال أعلم‪ " .‬الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي‪ ،‬برنامج " سؤال أهل الذكر " من تلفزيون سلطنة عُمان‪ ،‬حلقة ‪16‬‬
‫رمضان ‪1423‬هـ ( ‪ 22‬نوفمبر ‪2002‬م )‪.‬‬
‫‪216‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪217‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أول ‪ :‬مقدمة في باب الزكاة‬


‫س ‪ :2‬تقديـم باب الزكاة عن باب الصيام عند الفقهاء‪ ،‬تارة يقدّمون الزكاة وتارة يقدّمون الصيام وربّما العالم‬
‫ب الصيام ويقدّم في كتابٍ آخر الزكاة ؟‬
‫الواحد‪-‬وضرب هو مثال بالشيخ السالمي‪-‬يقدّم في كتا ٍ‬

‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬وقع ذلك كثيا لكثي مِن أهل العلم‪ ،‬ووقع ذلك ف كتب الفقه كما أنه وقع ف كتب الديث ووقع‪-‬أيضا‪-‬ف‬
‫فنون أخرى‪ ،‬فالمام السالي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬كما ذكر الخ السائل قَ ّد َم ف " جوهر النظام " كتاب الصيام على‬
‫كتاب الزكاة بينَمَا قدّم ف كتاب " مدارِج الكَمَال " كتاب الزكاة على كتاب الصيام‪ ،‬وف " تلقِي الصبيان " كذلك قدم‬
‫كتاب الصيام‪ ،‬ووقع ذلك لغيه‪-‬رحِمه ال تبارك وتعال‪-‬كما أشرت وكذلك وقع‪-‬أيضا‪-‬لطائفة كبية مِن أئمة الديث‪،‬‬
‫فنحن إذا جئنا إل الكتب الشهورة مِن كتب الديث فإننا نَجِد بعض ُمصَّنفِيها قدّموا كتاب الصيام على كتاب الزكاة‬
‫وبعضهم عكس ذلك كما أن بعضهم قدّم كتاب الج على كتاب الصيام‪ ،‬ومِنَ الذين قدّموا كتاب الزكاة على كتاب‬
‫الصيام المام مالك ف " الوَطّأ " وكذلك صَنَع المام مسلم ف صحيحه وكذلك صنع الترمذي ف جا ِمعِه والدارمي ف كتابه‬
‫الشهور بـ " السند " وإل فهو ُمرَتّب على كتب الفقه الشهورة وكذلك صَنَع ابن الارود وهو‪-‬أيضا‪-‬صنيع طائفة كبية‬
‫مِن الحدّثِي وإنّما اكتفيت بِهذه الكتب لنّها هي الكتب الشهورة‪ ،‬بينما قدّم المام البخاري كتاب الج على كتاب‬
‫الصيام ‪ ..‬قدّم أوّل كتاب الصلة وأعنِي بالبحث هاهنا الكتب الفقهية ‪ ..‬قدّم أوّل كتاب الصلة ث ذكر بعد ذلك كتاب‬
‫الزكاة ث بعد ذلك ذكر كتاب الج ث بعد ذلك ذكر كتاب الصيام‪ ،‬وكذلك قدّم المام أبو داود كتاب الج على كتاب‬
‫الصيام ولكنّه َأخّر كتاب الصيام كثيا فذَكَر قبله كتاب النكاح والطلق وهكذا‪ ،‬بينما بعض العلماء قدّم‪-‬أيضا‪-‬كتاب‬
‫الصيام على الزكاة ‪ ..‬صَنَع ذلك المام النسائي ف سُنَنِه الصغرى على تقدير أنّه هو الرتّب لَها كما هو مشهور عند طائفة‬
‫كبية مِن الحدّثِي مع أنّه ف " السنن الكبى " قدّم كتاب الزكاة‪ ،‬وقد قدّم كتاب الصيام‪-‬أيضا‪-‬ابن ماجة ف سننه وأخّر‬
‫كتاب الج كثيا ‪ ..‬ذَكَره بعد كثي من البواب كأبواب النكاح والطلق والبيوع وكثي مِن البواب الخرى‪ ،‬وكذلك‬
‫قدّم ابن خُزيْمَة كتاب الصيام على كتاب الزكاة‪ ،‬ونَحن إذا جئنا إل بعض العلماء الذين رتّبُوا بعض كتب الديث لِمن‬
‫سبقهم فإننا نَجد‪-‬أيضا‪-‬أنّهم قد اختلفوا ف التقدي والتأخي بي الصيام والزكاة‪ ،‬فَنجِد المام أبا يعقوب‪-‬رحه ال تبارك‬
‫وتعال‪-‬قد قدّم كتاب الصيام َعلَى كتاب الزكاة عندما رَتّب الامع الصحيح وهذا على تقدير أ ّن المام الربيع‪-‬رحه ال‬
‫ب مُسْنَدَ‬
‫تبارك وتعال‪-‬لَم يصنع ذلك مِ ْن قبل والسألة فيها كلم طويل ل حاجة إليه الن‪ ،‬وكذلك نَجِد سنْجَر عندما رَّت َ‬
‫سنَد الشافعي قدّم ِكتَاب الزكاة على كتاب الصيام‪ ،‬وكذلك نَجد ف صحيح ابن‬ ‫الشافعي لكن البَنّا عندما جاء إل ترتيب مُ ْ‬

‫‪218‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حبان كتاب الزكاة مقدّما على كتاب الصيام وهكذا‪ ،‬فإذن المر موجود عند طائفة كبية مِن َأهْ ِل العلم‪ ،‬ث إنّنَا إذا ِجئْنَا إل‬
‫ختَصر الصَال " للمام أب‬ ‫المام السالي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬نَجد أنّه ف كتاب " مدارج الكمال " قد نَ َظمَ كتاب " مُ ْ‬
‫إسحاق‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬والمام أبو إسحاق الضرمِي‪-‬رحه ال‪-‬قد قَدّم ف كتابه كتاب الزكاة على كتاب الصيام‪،‬‬
‫بينما َح ّر َر ف " جوهر النظام " ُأرْجُوزَة العلمة الصائغي‪ ،‬والصائغي قد قدّم كتاب الصيام على كتاب الزكاة فلذلك تابعهما‬
‫المام‪-‬رحِمه ال تبارك وتعال‪-‬على هذا الترتيب‪ ،‬على أنّنا نَجد أن العلماء قد قدّموا وأخّروا ف كُتُب كثية أو ف أبواب‬
‫كثية مِن كتبهم ف البيوع والنكحة وف غَْيرِها‪ ،‬فمثل نَجد كتاب البيوع مُقَدّما على كتاب النكحة ف " الدارج " والمر‬
‫بعكس ذلك ف " جوهر النظام " ونَجد أيضا المام السالي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬قد ذكر أبواب اليض والنفاس ف‬
‫الوهر بعد أبواب النكحة بينما ذَكَره ف الطهارات ف " مدارج الكمال " وكذلك بالنسبة إل كثي من البواب‪ ،‬وف كثي‬
‫من الحيان يكون العالِم مُتَابِعا لغيه بسبب اختصاره أو ترتيبه أو شرحه لكتاب غيه مِمن سبقوه‪ ،‬وكما وقع للمام‬
‫السالِمي وقع للمام القطب‪-‬رحه ال‪-‬فإنه قدّم ف " الذّهب الالص " كتاب الزكاة على كتاب الصيام لنه مُختصِر ف هذا‬
‫الكتاب لكتاب " القواعد " للشيخ إساعيل‪-‬رحه ال‪-‬والشيخ إساعيل قد قدّم كتاب الزكاة على كتاب الصيام‪ ،‬بينما ف "‬
‫الامِع الصغي " قدّم كتاب الصيام على كتاب الزكاة لنه مُختصِر ف هذا الكتاب لكتاب " الوضع " والاشية‪ ،‬وصاحِب "‬
‫الوضع " قَدْ قدّم كتاب الصيام على كتاب الزكاة وهكذا‪ ،‬فهنالك اعتبارات متع ّددَة للعلماء عندما يقدّمون كتابا على كتاب‬
‫وقد يكون ذلك هو الول وقد يكون المر بلف ذلك‪ ،‬فمن يقدّم الزكاة‪-‬مثل‪-‬على الصيام ينظر أنّ الزكاة قد ذُ ِكرَت‬
‫بعد الصلة مباشرة ف آيات كثية جدا‪ ،‬وكذلك جاء ف الديث الشهور ‪ ..‬حديث ( بُنِ َي السلم على خَمس ‪ ) ...‬ذَكَر‬
‫أول شهادة أن ل إله إل ال وأن مُحمدا رسول ال ث ذَ َكرَ الصلة ث ذَكَر بعد ذلك الزكاة‪ ،‬بْينَما الذين قدّموا الصيام على‬
‫الزكاة نظروا إل أنّ الصيام فُرض قبل الزكاة وهذا بناء على رأي مَن يرى أنّ الزكاة ُف ِرضَت بعد الجرة إل الدينة وبعد‬
‫الصيام‪ ،‬والصواب أنّها قد ُف ِرضَت قبل ذلك أي أنّها ُف ِرضَت ف مكة‪ ،‬ومنهم من نظر إل أن الصيام عبادة بدنية فذَ َكرَها بعد‬
‫كتاب الصلة الت هي عبادة بدنِية بينما الزكاة عبادة مَالية فذَكَرها بعد الصيام وهكذا‪ ،‬والذي نريد أن ُننَبه عليه أنه ينبغي‬
‫ع ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بِمعرفة كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ومعرفة كلم‬ ‫العتناء بالتفقه ف َشرْ ِ‬
‫أهل العلم فهذا هو الذي ينبغي أن ُيهْتَمّ به أما الترتيب فهو أمر تَْنسِيقِي؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬زكاة النقدين ( الذهب والفضة )‬


‫س ‪ :32‬شخص يعطي أباه جزءا من راتبه لقلة دخله ويريد إعطاء والده زكاة الذهب بنية الزكاة فهل يجوز له‬
‫ذلك ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫الب ل يعطى من الزكاة ‪ ..‬ذهب بعض العلماء إل أنه ل يعطى من الزكاة أبدا ‪.‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم إل أنه إن كان يعطيه من الزكاة لمر آخر غي النفقة فيمكن مثل إذا كانت لذلك الب ديون فإن‬
‫الولد ل يلزم بقضاء الديون فإنه يكن أن يعطيه من الزكاة ليصرفها لسد تلك الديون أما الال الذي يدفعه إليه لينفقه فل ‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إل النع مطلقا ‪.‬‬
‫والقول بالتفصيل له وجه وجيه من الصواب ‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س ‪ :33‬في ضم الذهب إلى الفضة ؟‬


‫الواب ‪-:‬‬
‫المهور أن أحدها يضم على الخر والذي يظهر ل أنه ل يضم لن ل أجد دليلً وإن كان القول بالضم احفظ ‪ ..‬واسلم‬
‫فالسلمة أن يضم النسان ولكن ل أقول على حسب ما أراد أن ذلك على سبيل اليار وإنا هو على سبيل الحتياط ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬زكاة الوراق النقدية‬

‫رابعا ‪ :‬زكاة الراتب الشهري‬

‫خامسا ‪ :‬زكاة المستغلت‬


‫‪ )1‬زكاة البيت المؤجر‬

‫‪ )2‬زكاة سيارات الجرة‬


‫سادسا‪ :‬زكاة الدين‬
‫س ‪ :10‬إذا استقرض النسان مبلغا معيّنا وحال عليه الحول وهو في يده‪ ،‬هل يزكّى منه ؟‬

‫ج‪ :‬إذا كان ذلك الال ف يده ول ينو أن يقوم بقضائه ف ذلك الوقت فهو يع ّد ملكا له لنه يكن بعد ذلك أن يقوم بقضاء‬
‫ذلك القّ الذي عليه من هذا الال الذي ف يده ويكن أن يقوم بإنفاق هذا الال ف أمور أخرى ويقوم بقضاء ذلك الق‬
‫الذي عليه من مال آخر‪ ،‬أما إذا كان ينوي أن يقوم بقضاء هذا الدين الذي عليه ف هذا الوقت فإنه ل زكاة عليه ‪ ..‬هذا هو‬
‫الذي أراه ف هذه القضية‪ ،‬وال أعلم‪ ،‬فالعبة هل سيدّه الن أو ل ؟ فإن كان سيدّه الن فهو ليس ملكا له‪ ،‬أما إن كان‬
‫سيصل إل اليوم الذي وجبت فيه الزكاة فلبد من الزكاة‪ ،‬لنه يُعتب ف حكم ماله‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬زكاة الفطر‬

‫أول ‪ :‬ملخص عام لحكام زكاة الفطر‬


‫س ‪َ :1‬نوَدّ‪-‬في البداية‪-‬أن ُت ْعطُونَا نُبذ ًة ُمخْتَصَرَة عن زكاةِ الفطْر‪.‬‬
‫ج‪ :‬إنّ زكاةَ الفطْر مِمّا اختلَف العلماء ف حُكْمِها‪:‬‬
‫‪-1‬ذهب المهور العظم إل أنا واجبة‪ ،‬حت أنّ بعضَ أه ِل العلم حكى عليه إجاعَ من يَحفظ عنه مِن أهل العلم‪.‬‬
‫‪-2‬وذهبتْ طائفةٌ قليل ٌة جدا إل أنا سّن ٌة مِن السنن الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ول شك أنّ القولَ الول هو القو ُل الصحيح الثابِت‪ ،‬وذلك لِدللةِ الديثِ الصحيحِ الثابِت عن النب ‪ ،‬فقد جاء ف‬
‫ص صرِيح واضِح جلِي ل غموضَ فيه يَدلّ‬ ‫الديث النص الصريح على وجوبا‪َ ( :‬ف َرضَ رسو ُل ال زكاةَ الفطْر )‪ ،‬فهذا ن ّ‬
‫دللةً ل شك فيها على أنّ زكا َة الفطر واجبة‪.‬‬
‫ختْ قو ٌل ضعيفٌ جدا ل يُعوّلُ عليه‪.‬‬ ‫ت واجبةً ف البداية ث بعدَ ذلك ُنسِ َ‬‫وقول مَن قال بِأنا كان ْ‬
‫َسنّ زكاةَ الفطْر ليس معناه بأنا سّن ٌة مِن السنن‪ ،‬وإنا معن ذلك أنا ثبَتتْ‬ ‫وما جاء ف بعضِ الروايات أنّ رسولَ ال‬
‫بِالسنّة‪.‬‬
‫ومِن العلوم أنه إذا جاء على لسانِ صحابةِ رسو ِل ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬لفظُ " السنّة " ل‬
‫يكن‪-‬بِحال‪-‬أن يُحمَلَ على أنه يُراد بِه السنّة الت اصطََلحَ الناس عليها‪ ،‬وإنا يُح َملُ تارةً على الوجوب وتارةً على السنّة‬
‫بِحسبِ القرائن الت تَدُ ّل على ذلك‪ ،‬وهذا مِمّا ينبغِي أن يُنتبَه إليه‪ ،‬فإ ّن كثيا مِن الصطلحات يَختلِف الناس فيها ‪..‬‬
‫يَختلِفون تار ًة مِن مكانٍ إل مكان وتار ًة مِن زمانٍ إل زمان ‪ ..‬هؤلء اصطلَحوا على أنّ هذا اللفظ يُحمَل على كذا وأولئك‬
‫حتْ عليه تلك الطائفة أو كان يَجرِي على‬ ‫اصطلَحوا على خلفِ ذلك‪ ،‬ول يُمكِن أن نَحمِ َل هذا الصطلح الذي اصطلَ َ‬
‫لسانِهم على ما ُتعُورِفَ عليه أو اص ُطلِح عليه عندَ طائف ٍة أخرى جاءتْ بعدَ ذلك أو كانتْ ف بقعةٍ أخرى مِن الرض‪،‬‬
‫ولذلك أمثلةٌ كثية جِدا يَطول القام بِذكرِها‪:‬‬
‫جدَ سجْ َدتَيْن ) ‪ ..‬يَتبادَر إل الناس ف الراد بِالسجود السجود العروف‪ ،‬ولكنّ الراد‬ ‫ض الروايات‪ ( :‬مَن سَ َ‬
‫مثل نَجِد ف بع ِ‬
‫مِن ذلك‪ " :‬صلّى ركعتيْن " ‪ ..‬أي إذا جاء مثل‪ " :‬سجد سجدتي "‪.‬‬
‫هكذا ف كث ٍي مِن الروايات‪.‬‬
‫ف طبقاتِهم‬ ‫وهكذا ينبغِي أن يَد ُرسَ طالب العلم الصطلَحات الت اصطلَح عليها الناس أو كانتْ تُطلَقُ ف زمنِهم على اختل ِ‬
‫واختلفِ أزمانِهم حت ل َيقَعَ ف الطإ الكبي‪.‬‬
‫فمثل لفظُ " الكراهة " عندَ كث ٍي مِن التق ّدمِي يُطلَقُ على " التحري "‪ ،‬فقد َيجِدُ طالِب العلم‪-‬مثل‪-‬كلما لِبعضِ أهلِ العلم‬
‫قال فيه‪ " :‬هذا المر مكروه " فيَحمِل ذلك على كراهةِ التنيه الت اصطلَح عليها التأخّرون والمْرُ بِخلفِ ذلك‪ ،‬فإذن لبد‬
‫مِن معرف ِة ذلك‪.‬‬
‫زكاةُ الفطْر إذن القولُ الصحيح أنا واجِبَة‪ ،‬واختلَف العلماء ف بعضِ المور بعدَ ذلك وإن قالوا بِالوجوبِ ف الملَة‪:‬‬
‫ب على السلِم‪ ،‬ول َتجِب على الكافر وإن وُجِدَ بيْنهم خلفٌ ف بعضِ الزئيات‬ ‫ج ُ‬‫اختلَفوا على مَن تَجِب ؟ ول شك بِأنا تَ ِ‬
‫ف الكافِر بِالفروع ‪ ..‬على رأيِ مَن يَقول‪ " :‬إ ّن الكفار مُخاطَبون بِفروعِ الشريعة " هل تُستثنَى مثلُ هذه‬ ‫‪ ..‬ف قضيةِ تكلي ِ‬
‫السألة فل يُخاطَبون بِها لِقولِه ف الديث‪ ( :‬مِن السلِمي ) أو أنم ل يَخرجُون عن ذلك وإنا الراد بِالوجوب هاهنا‬
‫الوجوب الذي تُخرَجُ بِه الزكاة عن السلِمي ل الوجوب ف حقيقة المر ؟ وفائدةُ ذلك ف العقوبةِ ال ْخ َروِية‪.‬‬
‫وكذلك ف الزوجة إذا كانتْ كتابية ‪ ..‬إذا كان رَجُل َت َزوّجَ امرأةً كتابية هل عليه أن يرج عنها أو ليس عليه أن يرج عنها‬
‫ي مَن يَقول‪ " :‬إنّ الزوج يرج عن زوجتِه مطلَقا " أو " إذا كانتْ فقِية "‪.‬‬ ‫؟ بناء على رأ ِ‬
‫ول شك أنّ القولَ الراجِح أ ّن الزوج ل َيجِب عليه أن يرج عن زوجتِه‪.‬‬
‫وحت لَو أَ َخذْنا بِالرأيِ الخَر‪-‬مثل‪-‬فإنه ل يَجِب عليه أن يُخرِج عنها إذا كانتْ كاِفرَة‪ ،‬على أنّ الصحيح عندَنا أنه ل َيجِب‬
‫عليه أن يرج عنها مطلَقا سواء كانت غنية أو كانت فقية‪.‬‬
‫‪221‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ص عب ٌد مِن الكفرة ‪ ..‬لديْه عبد ِذمّي‪-‬مثل‪-‬هل عليه أن يُخرِج عن ذلك العبد أو ل يَجِب‬ ‫ومِن ذلك العبد ‪ ..‬إذا كان لِشخ ٍ‬
‫عليه ؟ ف ذلك خلفٌ بيْن أهلِ العلم‪ ،‬والصحيح أنه ل يَجِب عليه‪.‬‬
‫ص َيعُولُ كافِرا ‪ ..‬كان ذلك الكافِر مِن أقاربِه‪-‬مثل‪-‬ويَقومُ بِعولِه هل عليه أن يُخرِج عنه‬ ‫ومِن ذلك‪-‬مثل‪-‬لو كان شخ ٌ‬
‫ي مَن يَقول‪ " :‬إ ّن مَن كان َيعُولُ شخصا عليه أن يُخرِج عنه الزكاة "‪.‬‬ ‫الزكاة أو ل َيجِب عليه ؟ بناء على رأ ِ‬
‫الصحيح أنه ل َيجِب عليه ذلك‪ ،‬على أننا‪-‬أيضا‪-‬ل نُو ِجبُ على مَن كان َيعُولُ شخصا أن يُخرِج عنه‪ ،‬كما سيأتِي بِمشيئةِ‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬إن أمكَن‪.‬‬
‫ف ِمثْلُ هذه الزئيات اختلَفوا فيها‪.‬‬
‫فإذن هي َتجِب على السلِم‪.‬‬
‫وهل عليه أن يُخرِج عن نفسِه فقط أو يَجِب عليه أن يُخرِج عن نفسِه وعمّن َيعُولُه ؟‬
‫أما بِالنسبةِ إل العبِيد فإنه َيجِب على الشخص أن يُخرِج عن عبِيدِه‪ ،‬ل ّن العبد ل يَملِك شيئا‪ ،‬فهو مالُه أن لو كان لَه مال‬
‫م ْلكٌ لِذلك الالِك ‪ ..‬هذا هو الذي ذهبَ إليه جهور المّة‪ ،‬وهو الصحيح الذي َيدُلّ عليه الديثُ الصحيح الثابِت عن النب‬
‫‪.‬‬
‫سبَ مال يُخرِجُ بِه الزكاة‬ ‫وذهب بعضُ أه ِل العلم إل أنّ على السّيدِ أن يُمكّ َن عبدَه مِن أن يَعمَ َل شيئا مِن العمال حت يَكت ِ‬
‫عن نفسِه‪ ،‬وهذا قو ٌل ضعِيفٌ جِدا‪:‬‬
‫أوّل إذا مََلكَ مال فإنه سيَكون ملْكا لِلسيّد فهو ل يَملِكه ف حقيقة الواقع‪.‬‬
‫وثانيا فإ ّن ما ل يَتِ ّم الوجوب إل بِه ل يَجِب‪ ،‬وهنالك َفرْقٌ بيْن " ما ل َيتِمّ الواجِب إل‪ 1‬بِه " وبيْن " ما ل يَتِ ّم الوجوب إل‬
‫ب أبدا‪ ،‬فمثل‬ ‫ض الزئيات‪ ،‬أما ما ل يَتِم الوجوبُ إل بِه فهو ليس بِوا ِج ٍ‬ ‫بِه "‪ ،‬فما ل يَتِ ّم الواجِب إل بِه فهو واجِب إل ف بع ِ‬
‫ف الشخص بِأن يَحصُلَ على مالٍ حت تَجِب عليه الزكاة‪.‬‬ ‫جبُ إل بِحصولِ مال بِشروطٍ معروفة فل يُكلّ ُ‬ ‫الزكاة ل تَ ِ‬
‫ت [ ص ‪ ] 3‬العلماءُ اختلَفوا فيها‪:‬‬ ‫أما بِالنسبةِ إل الزوجة فكما قل ُ‬
‫منهم مَن قال‪ :‬يَجِب على الشخص أن يرج عن زوجتِه سواء كانتْ غنيةً أو فقِية‪.‬‬
‫ج الزكاة عن نفسِها‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬ل َيجِب عليه مطلَقا بل يَجِب عليها هي نفسها أن تُخرِ َ‬
‫ب عليه وإل فل‪.‬‬ ‫ج ُ‬‫وقيل‪ :‬إذا كانتْ فقِيةً فيَ ِ‬
‫ض العلماء أن تُخرِجَ هي عن نفسِها وأن يُخرِج عنها زوجُها خُروجا مِن عه َدةِ اللف‪ ،‬وهذا مِن بابِ‬ ‫واستحبّ بع ُ‬
‫الستحباب‪ ،‬وليس مِن بابِ الياب‪.‬‬
‫والصحيحُ الراجِح أنه يَجِب على الزوجةِ أن تُخرِج عن نفسِها ول َيجِب على زوجِها‪.‬‬
‫وكذلك اختلَفوا أن لو كان الشخصُ َيعُولَ َأَبوَيْه هل عليه أن يُخرِج عنهما أو ل ؟ أما إذا كان ل يَجب عليه عولُهما فل‬
‫ج عنهما ؟ وكذلك إذا كان البُ لديه زوجات هل عليه أن يُخرِجَ عن‬ ‫يُخرِج عنهما‪ ،‬فإذا كان يَعولُهما هل عليه أن يُخرِ َ‬
‫زوجاتِ أبيه أو ل يَجِب عليه ذلك ؟ وكذلك إذا كان الد لديْه زوجات اختُلِف هل عليه أن يُخرِج عن زوج ٍة واحِ َدةٍ أو‬
‫ل ؟ إل غي ذلك مِن الفروع‪.‬‬

‫‪-1‬سقط مِن كلم الشيخ‪ " :‬إل " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج الزكاة عن نفسِه وليس عليه أن يُخرِجَ عن غْيرِه إل ما ذَ َكرْتُه عن العبد [ ص ‪3‬‬ ‫والصل أنّ ك ّل شخص يُخا َطبُ بِأن يُخرِ َ‬
‫]‪.‬‬
‫جبُ عليه أن يُخرِجَ عنهم إل ما جاء مِن اللف ف الول ِد الباِلغِي إذا كان‬ ‫وأما بِالنسبةِ إل الولد فإذا كانوا باِلغِي فل يَ ِ‬
‫يَجِب عليه َعوُْلهُم ‪ ..‬كانوا ل يَجِدون شيئا ‪ ..‬ل َي ْق َووْنَ على العمل‪ ،‬فهل عليه أن يُخرِج عنهم ؟‬
‫جبُ عليه‪.‬‬ ‫قيل‪ :‬يَ ِ‬
‫جبُ عليه‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬ل َي ِ‬
‫وبعضُ العلماء ذهب إل أنه يَجِب عليه أن يُخرِجَ عن الرأة ‪ ..‬عن بنتِه إذا كانتْ باِلغَةً ول تَت َزوّج‪.‬‬
‫جبُ على البِ أن يُخرِجَ عنه‪.‬‬ ‫والصل أنّ الشخص عندَما َيبْلُغ يُخا َطبُ بِنفسِه فل يَ ِ‬
‫أما بِالنسبةِ إل البْناء إذا كانوا غْيرَ باِلغِي‪:‬‬
‫فقيل‪َ :‬يجِب عليهم مِن ماِلهِم إن كان لَهم مال وإن كان ل مال لَهم فإنه يَجِب على البِ أن يُخرِج عنهم‪.‬‬
‫جبُ عليه مطلَقا‪.‬‬ ‫وقيل‪َ :‬ي ِ‬
‫والقولُ بِأنه يَجِب ف مالِهم إن كان لَهم مال قولٌ َقوِي جِدا‪ ،‬أما إذا لَم يَكن لَهم مال فإنّ طائف ًة كبِ َي ًة مِن أه ِل العلم ذهَبتْ‬
‫إل أنه َيجِب عليه أن يُخرِجَ عن أولدِه الصّغار‪.‬‬
‫وكذلك اختلَفوا ف الني إذا كان ف بَطْنِ ُأمّه‪:‬‬
‫ذهب‪-‬بعضُ العلماء وهم‪-‬المهور العظم إل أنه ل يَجِب عليه أن يُخرِج عنه‪.‬‬
‫وذهب بعضُهم إل استحبابِ ذلك‪.‬‬
‫وذهب بعضُهم إل وجوبِ ذلك إذا كان قدْ بََلغَ ذلك الطفل مئةً وعشرِين يوما ‪ ..‬إذا أَتَم هذه الدّة ف بَطْنِ ُأمّه فإنه يَجِب‬
‫حبّون إذا بََلغَ هذه الدّة وإن‬ ‫عليه‪ ،‬وهذا قو ٌل ضعِيفٌ جِدا‪ ،‬والستحباب‪-‬أيضا‪-‬ل دَلي َل عليه‪ ،‬وظا ِهرُ المْر أنم‪-‬أيضا‪-‬يَست ِ‬
‫كان بعضُهم يُطِلقُ الكلم فلعلّه ُيقَيّ ُد الطلقُ بِذلك‪.‬‬
‫جبُ عليه أن يُخرِج عن نفسِه وعن أولدِه الصّغار إذا كانوا ل يَملِكون شيئا مِن الال يَكفِي‬ ‫صةُ المْر أ ّن الرّجُل يَ ِ‬
‫فإذن خل َ‬
‫جبُ عليه عن عبدِه‪.‬‬ ‫لِزكاةِ الفطْر ‪ ..‬هذا الذي ذهبتْ إليه طائف ٌة كبِ َيةٌ مِن أه ِل العلْم وكذلك َي ِ‬
‫نعم اختلَفوا مَن هو الذي تَجِب عليه ؟ والذي ذهبتْ إليه طائف ٌة مِن أهلِ العلم إل أ ّن مَن مََلكَ شيئا وكان ذلك الشيءُ‬
‫ج الزكاة ول يُشترَط الغِنَى‪ ،‬والرادُ بِالغِنَى ف عبارةِ بعضِهم هو هذا ‪..‬‬ ‫فاضِل عن حاجاتِه ِلَي ْومِ العِيدِ وليلتِه فإنه عليه أن يُخرِ َ‬
‫ك مِن الال مِقدَار ما يَكفِيه لِسَ ّد حاجتِه ذلك اليوم وما زادَ على ذلك مِن غْيرِ الاجاتِ الصِْليَة فإنه يُطاَلبُ‬ ‫بِأن يَكون يَمِل ُ‬
‫ج الزكاة‪.‬‬ ‫بِإخرا ِ‬
‫ج ذلك ؟‬ ‫واختلَفوا إذا كان يَمِلكُ َأقَ ّل مِن صاع هل عليه أن يُخرِ َ‬
‫فبعضُهم ذهب إل أنه إذا كان يَملِك َأقَ ّل مِن صاع فل يَجِب عليه أن يُخرِجَ شيئا‪ ،‬لنّ الزكاة هي صاع‪.‬‬
‫ب عليه ذلك‪ ،‬وهو القو ُل الصحِيح ‪ ..‬يُخرِجُ ما عندَه ولو كان قلِيل‪.‬‬ ‫ج ُ‬‫وبعضُهم ذهب إل أنه يَ ِ‬
‫ومثلُ هذه السألة ما جاء مِن اللف فيمَن وَجَ َد ماءً قلِيل هل عليه أن يَستعمِل ذلك الاء لِلوضوء وبعدَ ذلك يََتيَمّم أو أنه‬
‫يَعدِل إل التيمم مِن َأوّ ِل َوهْلَة أو أنه يَكَتفِي بِذلك الاء ول َتيَمّ َم عليه بعدَ ذلك ؟ والصحيح أنه يََت َوضّأ بِما لَدَيْه ث بعدَ ذلك‬
‫َيتَيَمّم‪.‬‬
‫‪223‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج صاعا ‪ ..‬يُخرِج صاعا مِن بُر أو مِن شعِي أو مِن زبِيب أو مِن تَمْر أو مِن‬ ‫جبُ على كلّ شخص أن يُخرِ َ‬ ‫أما القدار‪ ،‬فإنه َي ِ‬
‫أَقِط أو مِن القوت الذي يَقتاتُ بِه الناس‪ ،‬واختلَفوا هل يُخّيرُ ف هذه الشياء أو العْبرَة بِالشائِع الذائِع ف تلكَ البلد أو العبة‬
‫بِما يَستع ِملُه ذلك الشخص‪-‬وهل العبة بِما يَستع ِملُه ف ساِئرِ العام أو ف ش ْه ِر رمضان‪-‬أو بِما يُستعمَل ف يومِ العِيد ؟ ف‬
‫ذلك خلفٌ شهِي بيْن أهلِ العلم‪.‬‬
‫ث مُحتمِل‬‫و‪-‬على ك ّل حال‪-‬ما يُقتاتُ بِه ف تلك البلد‪-‬ولسيما ف يومِ العِيد‪-‬إذا أَ ْخرَجَه النسان فذلك يَكفِي ‪ ..‬الدي ُ‬
‫لِهذه المور ولكن عندَنا ف عُمان‪-‬مثل‪-‬وف كثِ ٍي مِن بلدِ الشرق الرْز هو الذي تَسَتعْمِلُه الغاِلبِية العُظمى مِن الناس فإذا‬
‫ج الشخصُ أرْزا فإنّ ذلك يَكفِيه‪ ،‬خِلفا لِمَن مَنَ َع مِن الرْز لنه لَم يَ ْأتِ ف الصناف الت جاءتْ ف الديث‪ ،‬وذلك لنّ‬ ‫أَ ْخرَ َ‬
‫الناس قد اختلَفوا هل على النسان أن يَقَتصِر على تلك الصناف الت جاءتْ ف الديث أو أنه يَجوز أن َيزِيد عليها غيها‬
‫مِمّا كان مشابِها لَها ‪ ..‬مِمّا تُخرج منه الزكاة ؟ ف ذلك خِلفٌ شهِي‪ ،‬والظاهِر أنّ ما يُقتاتُ بِه ف البلد فهو الذي تُخرَجُ‬
‫منه زكا ُة الفطر‪ ،‬فإذا كان أهلُ البلد ل يَستعمِلُون إل الرْز لِماذا يَعدِلُ النسان إل غْيرِ ذلك ؟! فالعْب َرةُ إذن بِالقوت الذي‬
‫صرَة عن هذه القضية بِمشيئةِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وتوفيقِه‪.‬‬ ‫يُقتَاتُ بِه‪ ،‬وف السألةِ تفاصِي ُل مُتع ّددَة‪ ،‬وما ذكرتُه كافٍ لِنبْ َذ ٍة مُخَت َ‬
‫ثانيا ‪ :‬وقت وجوبها‬
‫س ‪ :3‬هل يَجوز تعجيل زكاة الفطر خاصّة إذا كان يَصعب عليه أن َيجِد الفقير في وقت الخراج ؟ فإن قيل بِجواز‬
‫ذلك‪ ،‬هل يُشترَط أن يَبقى متحرّيا حالة الفقير إلى حين صل ِة العِيد ؟ قد يَكون يَرِث أو يَنال مال فيَنتقِل مِن الفقر‬
‫إلى الغنى وهذا فيه عليه نوع مِن المشقّة‪.‬‬
‫ج‪ :‬أو مِن الياة إل الوت ‪ ..‬على كل حال؛ العلماء ف هذه السألة بيْن مُرخّص ومضيّق‪ ،‬والذي ذهبتْ إليه طائفة مِن‬
‫الح ّققِي مِن أهل العلم أنه يُمكِن التقدي بِمقدار يوم أو يومي ‪ ..‬الصل أن يُخرِج النسانُ زكاتَه بيْن طلوعِ الفجْر وصلةِ‬
‫ع الفجْر من يو ِم العِيد ولكن طائفة مِن‬‫العِيد ‪ ..‬أي ليس له أن يُؤخّر إل أن يُصلّي العِيد وينبغي أن يُخرِج الزكاة بعدَ طلو ِ‬
‫صتْ ف التقدِي يوما أو يوميْن وقد جاء ذلك عن طائف ٍة مِن صحابةِ رسولِ ال صلى ال عليه وعلى‬ ‫الح ّققِي‪-‬كما قلتُ‪-‬رَ ّخ َ‬
‫آله وسلم‪.‬‬
‫فإذا قَ ّدمَ هذا الخ أو غَيه الزكاةَ َفلُْيقَ ّدمُوهَا كما َفعَلَ أصحابُ رسولِ ال ‪ُ ..‬يقَدّموهَا يوما أو يوميْن أما ما عدا ذلك‬
‫فل يَنبغي التّرخّص بِتلك الرخص مَخافةَ الوقوع ف الحظور‪ ،‬إذ إنّه ليس هنالك دليل يَدل على جواز إخراجِها قبلَ هذا‬
‫الوقت‪.‬‬
‫ومِن العلوم أنّ زكاةَ الفطر تُدفَع إل الفقراء والساكي‪ ،‬وما دام المر كذلك فلبد مِن أن يَبقَى هذا الشخص فقيا إل‬
‫الوقتِ الذي يُشرَع فيه إخراجُ زكاةِ الفطر فلبد مِن أن يَبقى فقيا أو مسكينا وهُما يُطَلقَان بِمعن واحد ف مِثل هذه القضية‬
‫‪ ..‬لبد مِن أن يَكونَ فقيا إل ما بع َد طلوعِ الفجْر فإذا مات‪-‬مثل‪-‬أو أنه َح َدثَ له مالٌ بِوصيةٍ أو إرث أو هبة و َخرَجَ بِه‬
‫مِن حدّ الفقر إل ح ّد الغن فلبد مِن إعادةِ الزكاة إمّا بِاسترجاعِ ذلك الال ودَ ْفعِه لِغيِه مِن الفقراء أو بِإخراجِ زكاةٍ أخرى؛‬
‫وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :1‬هل يَجوز أن ُيقَدّم المسلم زكا َة ال ِفطْر قبل موعدها ؟ خاصة وأنه يراعي هذه اليام الفقراء نظرا لنهم‬
‫يريدون أن يَشتروا حاجات لبنائهم إذا كان يَتحصّلون عليها نقدا‪.‬‬
‫ج‪ :‬إنّ تقدي زكاة الفِطْر على صلة العيد أمرٌ واجب‪ ،‬ولعلّ السؤال عن تقدي زكاة الفِطْر عن طلوع فجر العيد‪.‬‬
‫‪224‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وأنا ذكرتُ بالمس‪ 1‬ول بأس مِن إعادة ذلك‪-‬لحتمال أن يكون كث ٌي مِن الناس ل يَسمعوا ذلك‪ ،‬وأعيده بِاختصار شديد‪-‬‬
‫فأقول‪:‬‬
‫إنّ زكاة الفِطْر واجبةٌ‪ ،‬على قول جهور المّة‪ ،‬وهو الرأي الصحيح‪ ،‬الذي تد ّل عليه الدلة الثابتة عن النب صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪ ،‬وما د ّل على خلف ذلك فهو إما ضعيف أو مُتََأوّلٌ إل ما يُوافِق الدلة الت أشرتُ إليها‪.‬‬
‫ع مِن الطعام‬
‫وهي صاعٌ مِن الطعام الذي يَستعمِله أهلُ تلك النطقة‪-‬الت يريد من يريد أن يُخرِج زكاة الفِطْر‪-‬فيها ‪ ..‬أي صا ٌ‬
‫الستعمَل بِتلك النطقة‪-‬والستعمَل عندنا ف عُمان أكث َر مِن غيه هو الرز‪-‬فمَن أراد أن يرج الزكاة فعليه أن يرج صاعا‬
‫مِن الطعام ‪ ..‬هذا الذي اتفَقت عليه المّة؛ واختلفوا ف إخراج القيمة‪:‬‬
‫أجاز ذلك بعض العلماء‪.‬‬
‫ومنع مِن ذلك بعضهم‪.‬‬
‫والحوط أن يُخرِج النسانُ نفسَه مِن خِلف العلماء ويأخذ بِالتفَق عليه‪.‬‬

‫والصاع مِن الرز يُساوِي كيلوين‪:‬‬


‫‪-1‬وخسي جراما‪.‬‬
‫‪-2‬وبعض العلماء يقول‪ :‬وثانية وأربعي جراما‪.‬‬
‫‪-3‬وبعضهم يقول‪ :‬أقل من ذلك‪.‬‬
‫‪-4‬وبعضهم يقول‪ :‬أكثر من ذلك بكثي‪.‬‬
‫ولكنّ العتمَد هو الوّل؛ ومَن شاء أن يَحتاط ‪ ..‬أن يَزيد على الكيلوين وخسي جراما‪-‬أو على الكيلوين والثمانية والربعي‬
‫جراما‪ ،‬على رأي مَن يقول بِذلك‪-‬فل مانع مِن ذلك‪ ،‬والحتياط حَسَن ولكنه ل يُمكن أن نقول بِوجوب ذلك‪ ،‬فالواجِب‬
‫هو ما ذكرناه‪.‬‬
‫وذكرتُ‪ 2‬بِأنا تَجب بِرؤية اللل؛ ويُعبّر بعض العلماء بِغروب الشمس مِن آخر ليل ٍة مِن شهر رمضان‪ ،‬والعن واحد‪.‬‬
‫وقال بعض العلماء‪ :‬إنا تَجب بطلوع فجر العيد‪.‬‬
‫وقيل غي ذلك مِن القوال‪ ،‬ولك ّن القولي السابقَيْن ها الشهوران‪.‬‬
‫وأما وقت إخراجِها الذي اتفَق عليه العلماء فهو مِن طلوع فجر يوم العيد إل صلة العيد ‪ ..‬أي أنه ل يُشرَع ول يَجوز‬
‫تأخيها عن ابتداء صلة العيد‪ ،‬فمَن َشرَعَ ف صلة العيد ول ُي َؤدّ زكاةَ الفِطْر فمعن ذلك أنّ الوقت قد فاتَه‪ ،‬فلبد مِن أدائها‬
‫قب َل صلة العيد‪.‬‬
‫وما جاء مِن أ ّن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬كان يُوزّع زكاة الفِطْر بعد صلةِ العيد‪ ،‬فهو حديث باطل ‪ ..‬إسناده‬
‫ضعيف‪ ،‬ومَتْنُه مالِف لِلحاديث الصحيحة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وأمّا تَقدِيها عن الوقت الذكور فقد اختلف العلماء فيه كثيا‪:‬‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال الثاني من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1422‬هـ ( ‪ 12‬ديسمبر ‪2001‬م )‪.‬‬
‫‪-2‬عند الجواب على السؤال الثاني من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1422‬هـ ( ‪ 12‬ديسمبر ‪2001‬م )‪.‬‬
‫‪225‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫والذي ذهبت إليه طائفة كبية مِن أهل العلم إل أنه ل بأس مِن تقدِيها ف ليل ِة العيد أو أن ُيقَدّمها‪-‬أيضا‪-‬‬
‫النسان يوما أو يومي‪ ،‬ول يَنبغي أن ُيقَدّمها قبل ذلك‪.‬‬
‫وإن كانت طائفة مِن العلماء تُجيز تَقدِيها‪:‬‬
‫منهم من قال‪ :‬ف العشر الواخر‪.‬‬
‫ومنهم من قال‪ :‬ف النصف الثان‪.‬‬
‫ومنهم من قال‪ :‬مِن بداية رمضان‪.‬‬
‫إل غي ذلك مِن القوال‪ ،‬ولكن ل يَنبغي لحد أن ُيقَدّمها أكثر مِن يومي قبل يوم العيد؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل أخذ بِالقول المشهور وهو إخراجُها بعدَ فجر العِيد ولكن أخرَجها فلم يَتمكّن مِن إيصالها إلى الفقير وإنما‬
‫ظلّت مَحجوز ًة في بيته وصلّى صلة العِيد ثم عاد إليها ؟‬
‫حقّها قب َل صلة العِيد‪.‬‬
‫ج‪ :‬هي تكون بعد ذلك صدقة من الصدقات‪ ،‬لنّ زكاة الفِطْر لبد مِن أن َتصِل إل مست ِ‬

‫ت صلة العيد ؟‬
‫س ‪ :5‬إذا أعطى أحدٌ غيرَه لِيَد َفعَ عنه فتَأخّر المعطى حتى صُلّيَ ْ‬
‫خرَجُ قبل صلة العيد ‪ ..‬لبد مِن أن يُؤدّي النسان الزكاة‪-‬وأعن با زكاة الفطر‪-‬قبل أن‬ ‫ج‪ :‬الصل ف زكاة العيد أنّها ُت ْ‬
‫يُصلّي العيد وليس له أن يُؤخّرها بعدَ ذلك‪-‬فهذا الذي د ّل عليه الديث عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪،‬‬
‫وقول مَن قال بأنه يكن أن ُيؤَ ّخ َرهَا إل غروب الشمس مع كراهةِ ذلك فهو قول مرفوض‪ ،‬لنه مصادِمٌ لِلحديثِ عن النب‬
‫‪-‬وهذا‪-‬طبعا‪-‬فيمَن كان ذاكِرا لذلك‪ ،‬أما مَن كان ناسيا ول يَنتبِه إل إخراجِ الزكاة فانتبَه بعدَ أن صلّى العيد أو أنه‬
‫كَلّفَ غيَه ول َيقُم ذلك الغيُ بِإخراجِ هذه الزكاة إما لِنسيانٍ أو لهْمَالٍ أو لِغيِها مِن السباب أو أنه ل يَجِد الفقي أو ما‬
‫شابه ذلك مِن العذار فإنه عليه أن يَقوم بِإخراجها ولو بع َد صلةِ العيد‪ ،‬ل ّن أمرَ الناسي واضِح‪ ،‬ومَن شابِهه مِمّن ذكرناهم‬
‫أو ل نذكرهم مَحمولون على الناسي‪ ،‬فالناسي والنائم إذا ل يَنتبِها لِلصلة ‪ ..‬النائم ل يَقم لِلصلة والناسي ل يَنتبِه لا فإنما‬
‫يَأتيان بِها عندما يَقوم النائم وعندما يَنتبِه الناسي‪ ،‬وهكذا بِالنسبة إل زكا ِة الفطر فهو معذور بِمشيئة ال ولكن ذلك الذي‬
‫وُكّلَ بِذلك إذا كان مهمِل فعليه أن يَتوبَ إل ربّه وأن يَندَم على ما فرّط مِن أمرِه وأن يَثوبَ إل رُشْدِه قبلَ فواتِ الوان أما‬
‫إذا كان ناسيا فهو معذور بِمشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫وهنا أمرٌ ُأ ِحبّ أن أُنبّه عليه وهو أنّ النسان يَنبغِي له عندما يَأمر أحدا بِإخراجِ الزكاةِ عنه‪-‬زكاة الفطر أو غيها مِن زكاة‬
‫ج أيّ شيءٍ مِمّا هو واجِب عليه أن يُوكّلَه إل مَن يرتضي دِينَه ‪ ..‬مَن يَثق بِه وليس له أن يُوكّل فلنا أو‬ ‫الموال‪-‬أو بِإخرا ِ‬
‫فلنا اللهم إل إذا تَثّبتَ بع َد ذلك مِن أنّ ذلك الواجِب قد َوصَلَ لِمَن هو له وهكذا بِالنسبة إل سائرِ الديون ‪ ..‬إذا أَرسَلَ‬
‫ت مِن أنّ ذلك الدّيْن أو ذلك الق الذي قد وَجب عليه بأيّ سبب مِن‬ ‫النسانُ مال عليه لِشخصٍ آخَر فلبد مِن أن يَتثب َ‬
‫السباب بِأنه قد َوصَلَ إل صاحبِه بل ذلك يَنبغِي حت ف حالة أن لو أرسل النسا ُن ذلك مع ثق ٍة مِن الثقات لحتمالِ‬
‫ض الشياءِ والقوق إل‬ ‫ض الناس بِأنم أرسلوا بع َ‬ ‫ض الناس‪ ،‬وأَخبنِي بع ُ‬ ‫النسيان والذهول والغفلة‪ ،‬وقد جرّبنا ذلك على بع ِ‬
‫غيِهم مِمّن هي له وَلقِيَهم ذلك الغي بع َد مدّة وسألم عن ذلك فقالوا بِأنم قد أرسلوه مِن نو عام ول َيصِل إليه والسبب‬
‫أنّ ذلك الشخص قد نسي ‪ ..‬هذا إذا أحسنّا بِه الظن ولبد مِن أن نُحسِن الظ ّن بِأهل الصلح ولكن إن كان مِن غيِ أهلِ‬
‫ت على النسانِ سواءً كانتْ‬ ‫الصلح فقد يَكون لِنسيا ٍن وقد يَكون لِغيِ ذلك‪ ،‬فإذن لبد مِن التثبت ف هذه القوق الت وَجََب ْ‬
‫‪226‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫بِأمرٍ مِن عندِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أو بِقضا ِء دَيْن ولشك بِأ ّن قضاءَ الدّيْن‪-‬أيضا‪-‬بِأمرِ ال ولكن ذلك لختلفِ السباب ‪..‬‬
‫لبد مِن التثبّت بِوصولِ ذلك الق إل أصحابِه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :10‬يُخرِج زكاة الفطر لكنه لم َيجِد لها‪-‬مثل‪-‬في ذلك الوقت فقيرا أو كان مشغول ‪ ..‬أَحرزَها ثم صلى العيد‬
‫صحّ له ذلك ؟‬
‫وبعد ذلك أَخرجها‪ ،‬أَيَ ِ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ أَختصِر الكلم ف هذه القضية‪ ،‬وأقول‪:‬‬
‫قد قلتُ أكث َر مِن مرة‪ :‬إنّ زكاة الفطر واجبة ‪ ..‬مِن الواجبات الت ل ينبغي لِلنسان أن يُفرّطَ فيها بِحال‪ ،‬وهي تَجِب‪-‬على‬
‫الصحيح‪-‬حت على الفقي إذا كان يَجِد ما يَكفيه ويَكفي مَن يَقوم بِعولِه ف ذلك اليوم فإذا َوجَدَ ذلك ووَجَدَ مقدارا يَزيد‬
‫على ذلك فإ ّن عليه أن يُخرِج الزكاة ‪ ..‬هذا هو الصحيح‪.‬‬
‫ومقدارُ زكاةِ ال ِفطْر صاع مِن النواع الت َو َر َدتْ عن النب ول دليلَ‪-‬على الصحيح‪-‬لِمن قال‪ :‬إ ّن بعضَها يُخرَج منه‬
‫ع مِن تلك النواع‪ ،‬وقلنا‪:1‬‬ ‫ف صاع‪ ،‬على حسب التفصيل الذي ذكروه ‪ ..‬الصوابُ أنّها صاع مِن أيّ نو ٍ‬ ‫صاع وبعضها نص ُ‬
‫إنه‪-‬على الصحيح‪-‬يُحمَل عليها ما كان مشابِها كالرز ف هذه البلدان الشرِقية‪.‬‬
‫الفطرة تُخرَج ف الصل بع َد صلةِ الفجر وقب َل صلةِ العيد ‪ ..‬هذا هو الصل ولكن يَجوز أن تُقدّم لِيوم أو يومي‪ ،‬كما كان‬
‫الصحابة‪-‬رضي ال تعال عنهم‪-‬يَفعلون‪ ،‬والظاهِر أنم قد أخذوا ذلك عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬
‫فمَن كان يَخشى ألّ يَستطيع أن يَقوم بِإخراجِها قبل صلةِ العيد وبعدَ طلوع الفجر ‪ ..‬الصل‪-‬كما قلنا‪-‬بعدَ طلوعِ الفجر‬
‫‪ ..‬مَن ل يَستطيع ف هذا الوقت بيْن طلوع الفجر وصلةِ العيد إذا كان يَعرِف مِن نفسِه ذلك فليَقم بِإخراجِها قبلَ العيد بِيومٍ‬
‫أو يومي لكن لو قَ ّدرْنا أ ّن هنالك إنسانا كان يَظنّ أنه يَتمكّن مِن إخراجها قبل يوم العيد ث مثل أخذ زكاته إل الفقي ودقّ‬
‫عليه الباب ثلث مرات ول يستجب له أحد‪-‬والدقّ يكون ثلث مرات ل على حسب ما يَصنعه كثي مِن الناس ولسيما ف‬
‫هذه اليام يَدقون الرس عدّة مرات يُؤذُون الخَرين فهذا على كل حال مالِف لِكتاب ال ولسنّة رسوله ‪-‬فإذا كان لَم‬
‫يَفتح له أحد ول يَعرِف أحدا مِن الفقراء ف تلك النطقة فليَقم بِعزلِها وهو معذور بِمشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف ذلك‪ ،‬أما إذا‬
‫كان يستطيع أن يَقوم بإيصالا إل الفقراء ولكن‪-‬مثل‪-‬يترك ذلك لِسبب أو لخر مع قدرتِه على ذلك فذلك مِمّا ل َيصِحّ‬
‫له‪.‬‬
‫س ‪ :6‬لم يَعلَم عن زكا ِة الفطْر مِن قبل ولم يُؤدّها مِن قبل‪ ،‬هل يَلزمه قضاء ؟‬
‫ج‪ :‬أما مِن حيثُ اللزام فل أقوى عليه ولكن مِن حيثُ الحتياط والسلمة فإن تَصدّق بِذلك فذلك فيه خْيرٌ بِمشيئ ِة ال‬
‫تبارك وتعال‪ ،‬لنّ الزكاةَ الص ُل تُؤدّى قب َل صلةِ العيد وبعدَ ذلك هي صدقة مِن الصدقات اللهم إل إذا كان َترَكَ ذلك‬
‫لِذهولٍ أو نسيان أو ل َيجِد مَن يُوصِل ذلك الق إليه لِكونِهم ف مكانٍ بعيد مثل أو ما شابه ذلك فلبد مِن أن يُوصِلَ هذا‬
‫الق بعدَ ذلك إل أصحابِه‪ ،‬أما هؤلء الذين َفرّطُوا فعليهم أن يَتوبوا إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وإن َأدّوا هذا القدار الذي كان‬
‫ع السنة السيئة فعلى رأيِ مَن يَقول‬‫عليهم أن يُؤدّوه مِن قبل ففي ذلك خيْر بِمشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وهو مِن إتْبا ِ‬
‫بِالقضاء‪-‬وهو قولٌ ل يَقل بِه الكثر‪-‬فذلك واضِح وعلى رأيِ الَكثرِين هو ليس مِن بابِ القضاء ولكن مِن بابِ التصدّق‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 4‬مِن حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م ) وعند الجواب على السؤال‬
‫‪ 2‬مِن حلقة ‪ 27‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 11‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪227‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وقد يُحمَل الاهِل على الناسِي فيَكون عليه ذلك‪ ،‬والاصِل مِن حيثُ الوجوب ل أقوى عليه ولكن ف إخراجِ ذلك خْيرٌ‬
‫ولكن التوبة لبد منها؛ وال أعلم‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬المقدار المخرج‬


‫س ‪ :5‬كم هو الوزن في زكاة الفطر ؟‬
‫ج‪ :‬قلنا‪ 2‬بِأنّ الصاع كيل والكيلوغرامات الستعمَلَة ف عصرِنا هذا وزن و‪-‬حقيقة‪-‬هنالك شيء مِن الصعوبة ف التقدير‬
‫بِالوزن ولسيما إذا نظرْنا إل اختلفِ البوب وأيضا التمور منها الثقيل ومنها الفيف ولكن‪-‬على كل حال‪ُ-‬تقَدّر كث ٌي مِن‬
‫تلك البوب‪-‬كالرز الذي يُستخدَم غالِبا ف الكفارات وف زكاةِ الفطر‪-‬بِاثني مِن الكيلوغرامات وثانية وأربعي غراما ‪..‬‬
‫ع مِن أنواعِ التمور والبوب ولكن غالِبا ما نُخرجُه‬
‫يُقدّر بِهذا التقدير ولكن‪-‬كما قلتُ‪-‬هذا ل يُمكِن أن نُقدّر بِه كلّ نو ٍ‬
‫مِن الرز وما شابَهه ُيقَ ّدرُ بِهذا وإذا زاد النسان واحتاط ولسيما ف زكاةِ الفطْر فذلك حسنٌ جيل لكن هذا الذي ُنقَ ّدرُ‬
‫بِه؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬وهذا خاص بِالرز ؟‬
‫ج‪ :‬نعم وبعضُ البوب‪-‬أيضا‪-‬تَكون بِهذا القدار‪.‬‬
‫س ‪ِ :2‬ممّا يُستخدَم في بلدِنا وفي بعضِ البلدان الطحِين‪ ،‬هل حكمُه كحُ ْكمِ الرْز في الـمقدار ‪ ..‬صاع يَزِيد أو‬
‫يَنقُص ؟‬
‫ع مِن الطعام ‪ ..‬هذا الذي ذهبتْ إليه طائف ٌة كبِيةٌ مِن أه ِل العلم مِن غْيرِ فرْقٍ‬ ‫ج‪ :‬قدمتُ [ ص ‪ ] 5‬أنّ زكاةَ الفِطْر هي صا ٌ‬
‫ع الطعام‪ ،‬ول شك أنّ هذا هو القو ُل الصحيح‪.‬‬ ‫بيْن ساِئرِ أنوا ِ‬
‫ف صاع‪ ،‬وهذا قو ٌل ضعِيف‪ ،‬والصوابُ هو القولُ الول‪.‬‬ ‫جبُ صاع إل مِن البُر فإنه نص ُ‬ ‫وذهب بعضُهم إل أنّه يَ ِ‬
‫الطّحِي ‪ ..‬إذا اشَترَى الشخصُ َحبّا فيَشَترِي صاعا ‪ ..‬إذا اشَترَى أوّل حبّا ث قام بِطحْنِه يَشَترِي صاعا مِن البُر ويُجزِيه ذلك‪،‬‬
‫ج صاعا مِن الطحِي‪ ،‬وذلك ل ّن الب إذا طُحِن يَكون مِقدار الصاع مِن الـحَب‬ ‫لكن إذا أَخَذَ طحِينا فل يُجزِي أن يُخرِ َ‬
‫حنِه ث قام بِكيْلِ ذلك‬ ‫ع مِن البُر وقامَ بِط ْ‬ ‫جرّب ‪ ..‬إذا أَتَى النسانُ بِصا ٍ‬
‫أكثر مِن الصاع مِن الطحِي‪ ،‬ومَن شاء ذلك فليُ َ‬
‫الطحِي فإنه سيَجِدُ ذلك الطحِي يُساوِي أكث َر مِن صاع‪ ،‬ومعن ذلك أنّه لبد مِن أن َيزِيدَ على الصاع إذا أَ ْخرَجَ طحِينا‪،‬‬
‫وقد ق ّدرَ بعضُ أهلِ العلم أنّ الصاع مِن الطحِي يُساوِي صاعا إل سُدُسًا مِن البُر‪ ،‬وإذا كان هذا الكلم ثابِتا فمعن ذلك أنه‬
‫لبد مِن أن َيزِيدَ القدار العروف‪ ،‬فإذن الصاعُ مِن الطحِي ل يَكفِي‪ ،‬لنه ل يُساوِي الصاع مِن الب‪ ،‬فلبد مِن أن َي ْعرِف‬
‫كم يُساوِي الصاع مِن الب مِن الطحِي فـ‪:‬‬
‫يَكِيلُ الطحِي ث َيزِي ُد عليه‪.‬‬
‫أو هنا يَستعمِل الوزن ‪ ..‬يَأتِي بِإناء ‪ ..‬يُساوِي ذلك الناء صاعا مِن البُر ث َيزِن ذلك ث بعدَ ذلك َيقُومُ بِوزْنِ الطحِي‪.‬‬
‫ع مِن الطحِي‪ ،‬بل لبد مِن الزيادَة عليه حت يُساوِي الصاع مِن الب ‪َ ..‬ك ّررْتُ هذا ل ّن كثيا مِن‬ ‫فإذن ل يَكفِي الصا ُ‬
‫ع مِن الطحِي بِالكيْل وذلك ل يُجزِي‪ ،‬أُ َك ّررُ م ّرةً ثانِية وثالِثة مَخافةَ الوقوعِ ف الطإ‬ ‫ج صا ٍ‬ ‫الناس يُخطِؤون ‪َ ..‬يقُومُون بِإخرا ِ‬

‫‪-2‬عند الجواب على السؤال ‪ 8‬مِن حلقة ‪ 25‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 9‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪228‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ع مِن الطحي مِقدارا‬


‫الذي يُؤدّي إل الحظُور ‪ ..‬إل عدمِ إخراجِ الزكاة على ما هو مطلُوب‪ ،‬فلبد مِن أن َيزِيدَ على الصا ِ‬
‫مِن الطحِي حت يُساوِي الب‪.‬‬
‫س‪ :‬لو أنّه استخدَم الكيلوجرامات‪ ،‬كم يُساوِي الصاع بِالكيلو ؟‬
‫ج‪ :‬أما الصاع مِن البُر اليّد فهو يُساوِي ‪ ..‬الصاع يُساوِي كيلووين وثَمانية وأربعي جراما أو خسي جراما ‪ ..‬ال ْمرُ يَسِي‪،‬‬
‫فهذا الذي يُساوِيه لكن ل يَكفِي هذا ف الطحِي ‪ ..‬مثل لو قام شخص َو َوزَن كِيلُووين وثَمانية وأربعي جراما أو خسي‬
‫جراما ل يَكفِي هذا ‪ ..‬لبد مِن الزيادة و‪:‬‬
‫ض الذين َيقُومُون بِالطحْن ‪ ..‬يَعرِفُون القدار‪.‬‬
‫قد يَسأَل بع َ‬
‫أو َيزِي ُد مِقدارا ل يَشُك فيه بِأنه قد َوصَل‪.‬‬
‫وقد ذكرتُ أنّ بعضَ العلماء قالوا بِأنه يُساوِي صاعا إل سُدُسا‪ ،‬ول أَدرِي هل قاسَ ذلك أو هو مُجرّد تَقدِير‪ ،‬فلبد إما مِن‬
‫الحتياط أو مِن قياسِ ذلك حت يََتثَبّت الشخص مِن هذه القضية‪.‬‬
‫على أ ّن العلماء قد اختلَفوا ف الطحِي هل يَجوز إِخراجُه أو ل يَجوز ؟‬
‫منهم مَن مََنعَ ذلك على الطلق‪ ،‬فقال‪ :‬ل يَجوز إِخراج الطحِي‪ ،‬ل ّن الب يُستعمَل ف أشياء قد ل يُستخدَم لَها الطحِي‪،‬‬
‫ث يُمكِن‪-‬أيضا‪-‬الب ‪ ..‬ادّخارُه لِفْترَة أ ْطوَل‪.‬‬
‫ومنهم مَن ذهب إل أنه يَجوز إِخراجُه مع الاجَة‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال بِجوازِ ذلك مطلَقا ولسيما ف هذا الزمان لنّ الطّحْن الن يَصعُب ‪ ..‬يَصعُب لِلنسان إذا أََتْيتَ لَه ِبحَب‬
‫َيقُومُ بعدَ ذلك بِطحْنِ ذلك‪ ،‬بِخلفِ الاضي‪ ،‬فإنّ كلّ أهل بيْت لديْهم آلَة َتقُومُ بِالطّحْن فَيقُومُون بِ َطحْنِ ذلك ف وقتٍ‬
‫يَسِي‪ ،‬أما الن فالغالبِية العظمى السا ِحقَة مِن الناس ل يَملِكون ما َيقُومُون بِ َطحْنِ الب فيَص ُعبُ عليهم ذلك أيّما صعوبَة‪،‬‬
‫فاليُسْر الن يَقتضِي ذلك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫س ‪ :6‬ما حكم إخراجِ الزكاة بِالقمحِ المطحون ؟‬
‫ج‪ :‬حقيقة؛ ل نرى مانعا ما دام ل يَتأثّر بِذلك ‪ ..‬نعم هو عندما يَكون مطحونا وتَطول الدّة قد يَتأثّر بِالدّود وما شابه ذلك‬
‫ستَخ َدمُ ف اليامِ الول فما دام المر كذلك فل مانع إن شاء ال تبارك وتعال‪.‬‬ ‫ولكن الصل أنه يُ ْ‬
‫ج القيمة بَدَل مِن هذه النواع التي َذكَرْ ُتمُوها [ ص ‪] 6-5‬‬
‫س ‪ :5‬هناك سؤال يَ َتكَرّ ُر دائما ‪ ..‬عن إِخرا ِ‬
‫على اعتبار أنّه المقصُود بِها إِغْنَاء الفقِير في ذلك اليوم‪ ،‬فهل َتقُو ُم القيمة مقام هذه النواع ؟‬
‫ف موجودٌ فيها‪:‬‬
‫ج‪ :‬على ك ّل حال؛ هذه السألة ل تَخلُو مِن اللف ‪ ..‬الل ُ‬
‫ض العلماء ل يُجِيز إِ ْخرَاج القيمة على الطلق‪.‬‬
‫بع ُ‬
‫ومنهم مَن يُجِيز ذلك على الطلق‪.‬‬

‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه نصه ‪:‬‬


‫س‪ :‬وبِالنسبة لِلحبوب‪ ،‬هل يَصِحّ إِخراجُها مَطحونَ ًة كَالطّحين أو الدّقيق المعروف عندنا ؟‬
‫حنَتْ قد تَتأثّر بِذلك أما‬
‫طِ‬‫ن فائدة في ادّخار بعضِ الحبوب لكن إذا ُ‬ ‫ن قد تَكو ُ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ إذا كان ذلك ل يُؤ ّثرُ فيها ل ّ‬
‫إذا كانت لم تَتأثّر بِذلك فل مانِع مِن ذلك‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ومنهم مَن يُجِيز ذلك مع الكراهة‪.‬‬


‫ول يَنبغِي لِلنسان أن َيعْبُ َد رَبّه بِأ ْمرٍ مكروه ‪ ..‬يَفعَل شيئا مكروها ‪ ..‬ل يَنبغِي أن َي ْفعَلَ ذلك‪.‬‬
‫ومنهم مَن يُجِيز ذلك ف حالةِ الضطرار دون حالةِ الختيار وذلك بِما إذا ل َيجِد أحدا يَقبَل منه ذلك‪.‬‬
‫ول شك أنّ الذين يَمَنعُون إذا َوصَلَ بِهم المْر إل هذا الد ل شك أنم جيعا أو الغلبية منهم سيََتسَاهَلُون ف ذلك‪ ،‬ولكن‬
‫هذا إذا ل يَجِد مَن يَقبَل عنه ذلك‪ ،‬ونَحنُ إل الن ل نَسمَع بِهذا ‪ ..‬لَم َنسْمَع بِأنّ أحدا ل يَقَبلُ ذلك‪ ،‬وإذا قَ ّدرْنا أنّ شخصا‬
‫أو شخصيْن أو ثلثة مثل ل يَقبَلُون ذلك فإ ّن كثرةً كاِثرَة مِن الفقراء يَقَبلُون ذلك ‪ ..‬ما دام الرسو ُل َأ َمرَ بِذلك لِماذا‬
‫ج مِن‬
‫يُخالِفُ النسان ذلك ويَترُك أمرا واضحا جليا ؟! مِن العلوم أنه لو أَ ْخرَجَ ما حَ ّددَه الرسو ُل فإنه يَكون قد َخرَ َ‬
‫ج مِن ذلك بِذلك النّص الصرِيح‪ ،‬ومَن‬ ‫ص الصرِيحَ الثابِت عن النب و َخرَ َ‬ ‫التكلِيف بِأ ْم ٍر مُجمَعٍ عليه وقبلَ ذلك قد امَْتثَلَ النّ ّ‬
‫ج ما ف معن ذلك فإنه قد أَ ْخرَجَ ما يُستنبَط مِن الديثِ استنباطا واضِحا جلِيا وقد قالتْ بِذلك الغلبِي ُة السا ِحقَة مِن‬ ‫أَ ْخرَ َ‬
‫ض فيه ول شُبهَة‬ ‫ج القيمة فهو على رأيٍ مِن أه ِل العلم فلِماذا يَترُ ُك ال ْمرَ الواضِ َح اللِي الذي ل غُمُو َ‬ ‫أهلِ العلم‪ ،‬أما مَن أَ ْخرَ َ‬
‫ويَ ْلجَأُ إل أ ْمرٍ مُختَلَفٍ فيه ‪ ..‬الكث ُر على خلفِه والحاديثُ ل تُساعِدُ عليه ؟! فال ْسلَمُ والوْلَى أن يُخرِجَ الصْل ول يَعدِل‬
‫إل القيمة إل إذا لَم َيجِد مَن يَقبَ ُل منه ذلك ول شك بِأنه سيَجِد؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :2‬استنتج مِن خلل أجوبتكم القول بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا ويقول بأنهم يعملون بذلك منذ سنوات‪ ،‬فهل‬
‫يَكون آثِما إن أخرج زكاة الفطر نقدا ؟‬
‫ج‪ :‬أما الكم ِبتَأْثِيمِه فل نقوى عليه‪ ،‬لنه ليس ف السألة دليل قاطع ل على الواز ول على عدم الواز وإنّما ف السألة أ ّن‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أمر بِإخراجها كما جاء ذلك ف الصحاح والسنن والسانيد وغيها مِن كتب الديث‬
‫‪ ..‬أمر بإخراجها مِن أصناف معروفة مِن البوب وقلنا‪ 1‬إنه يُحمَل ما كان مشابِها لَها عليها كالرز مثل‪ ،‬وأنا ل أقل ف يوم‬
‫مِن اليام على حسب ما أذكر بواز إخراج القيمة عن زكاة الفطر إل إذا كانت هنالك ضرورة مُِلحّة بِأن لَم يَجِد النسان‬
‫مَن يَقبَل منه شيئا مِن البوب فإنه ف مثل هذه الالة يَدفَع إليه القيمة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫أما إذا كان استنتجه‪-‬مثل‪-‬مِمّا ذكرتُه بِالمس‪ 2‬مِن الكلم ف قضية إخراج اللحوم مثل فأنا ل أجزم بذلك أبدا وإنا قلتُ‬
‫إنّ السألة بِحاجة إل شي ٍء مِن النظر والتمحيص‪ ،‬ومِن العلوم أنه قد ذهب بعضُ أهل العلم إل جواز إخراج اللحوم ف زكاة‬
‫الفطر ولكن مِن العلوم بأ ّن اللحم يوزَن ول يُكال وزكاة الفطر جاءتْ ف البوب الت تُكال ث هي مذكورة ف تلك‬
‫البوب وهنالك فرق بيْن اللحوم والبوب ‪ ..‬نعم يكن أن نَقول بِجواز إخراج اللحوم ف بعضِ الناطِق الت َيغِْلبُ على‬
‫أهلها أك ُل اللحوم وذلك كالناطق الت بِالقرب مِن القطب الشمال وما شابه ذلك أمّا عند وجود مَن يَأخذ البوب فل‬
‫يَنبغِي العدول عن ذلك‪ ،‬ذلك أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ذَ َكرَ زكاةَ الفطر بِأنا تَكون ف هذه الشياء ومِن‬
‫العلوم بِأنّ الذهب والفضة كانا موجوديْن ف عصرِ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ول يَذكُر بِأنه يُمكِن أن‬
‫تُخرَج الزكاة مِن الذهب والفضة‪ ،4‬و‪-‬على كل حال‪-‬اللف بيْن المّة موجود ف إخراج زكاة الفطر بِالقيمة كالدناني‬
‫والدراهم والريالت وما شابها مِن العملت الالية كما أنه موجود عندهم ف إخراج أصول هذه الشياء وهي الذهب‬

‫‪-1‬عند الجواب على السؤال ‪ 4‬مِن حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-2‬عند الجواب على السؤال ‪ 4‬مِن حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-3‬عند الجواب على السؤال ‪ 4‬مِن حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ( يوافقه ‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م )‪.‬‬
‫‪-4‬قال الشيخ‪ " :‬الحبوب " بدل مِن " الذهب والفضة " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪230‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫والفضة‪ ،‬فل نقوى على الكم بِتَأثيم مَن َفعَ َل شيئا مِن ذلك ولكننا نَقول إنّ زكاة الفطر واجبة بِنصّ السنّة الصحيحة الثابتة‬
‫عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وينبغي لِلنسان أن يَخرُج مِن الواجِب بِاليقي فإذا َدفَعَ شيئا مِن هذه البوب فهو‬
‫ج مِن هذا التكليف وإذا دَفَعَ القيمة فهو على َأمْر مُحَْتمِل فلماذا ل يَخرُج النسان بِاليقي الواضِح اللي الذي ل‬ ‫قد َخرَ َ‬
‫غموض فيه ول شبهة ؟! أما إذا تَعذّر ذلك أو كان قريبا مِن الـمَُتعَذّر بِأن لَم يَجِد أحدا‪ 1‬يَقبَل منه ذلك فلِلضرورة‬
‫أحكامها الاصّة ففي هذه الالة يُمكِن أن يَدفَع القيمة‪.‬‬
‫وبِالنسبة إل الاضي فل شي َء عليه‪-‬بِمشيئة ال تبارك وتعال‪-‬لنه َأخَذَ بِقو ٍل مِن أقوالِ أهلِ العلم أو أنه على أقل تقدير‬
‫صادف قول مِن أقوال أهل العلم إن كان ل يَعلَم بِذلك‪ ،‬أما ف الستقبل فالسْلم والحْوط لَه ولِغيه أن يَدفَعوا شيئا مِن‬
‫البوب الوارِدة ف السنّة عن النب أو ما كان مشابِها لَها ف معناها مِما يَكثُر استعمالُه ف تلك البلد؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫ج القيمة نظرا لنهم يَروْن أنّ مصلحة الفقير في هذا الوقت حاجته‬
‫س‪ :‬وإن كان الناس يَتشجّعون لخرا ِ‬
‫إلى النقد ؟‬
‫ج‪ :‬لكن هنالك عبادة ‪ ..‬على النسان أن يَلتزِم بِهذه العبادة وبعدَ ذلك إن شاء أن يَتبّع بِزيادة فذلك فيه خْيرٌ كثي بِمشيئة‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أما الواجبات فعلى النسان أن يَلتزِم بِها على حسب ما جاءتْ‪.‬‬

‫س ‪ :4‬اللحوم بِأنواعها‪ ،‬هل تُعتبَر مِن غالِب ما يُقتات فيَصحّ إخراجُها زكاة لِلفِطر ؟‬
‫ج‪ :‬ف القيقة؛ هذه السألة تَحتاج إل شي ٍء مِن النظر والتمحيص‪ ،‬والعلماءُ ف هذه القضايا بيْن مُرخّص ومُشدّد ‪..‬‬
‫‪-1‬بيْن مَن يَقول بِأنه لبد مِن إخراجِ شي ٍء مِن أنواع البوب‪-2 ،‬بل بعضُهم يَقتصِر على ما جاء ف الروايةِ عن النب ‪،‬‬
‫‪-3‬وبعضُهم يَحمِل عليها ما ف معناها‪-4 ،‬ومنهم مَن يَترخّص فيما هو أبع ُد مِن ذلك‪ ،‬فعلى رأيِ الـمُر ّخصِي يُمكِن‬
‫ذلك‪ ،‬ولكن على رأي مَن يَقول‪ " :‬إنه لبد مِن التزامِ النصّ الثابت عن النب وف ما جاء ف معناه مِمّا يُمكِن أن يُحمَل‬
‫عليه " فإنه ل ُيجِيز ذلك‪ ،‬وأرى‪-‬حت نَتأمّلَ ف هذه القضية تأمل واضِحا‪-‬أن يُقتصَر على تلك النواع الت جاءتْ عن النب‬
‫وما هو ف معناها كالبوب مثل اللهم إل ف بعضِ البلد الت ل يُوجَد فيها ذلك وذلك مِن أندر النادرات فالُرز مثل‬
‫وإن كان ل يَأتِ ف الديثِ عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولكن لبد مِن أن يُحمَل على ذلك لنه هو القوتُ‬
‫الغالِب ف بلدنا وكث ٍي مِن البلدان الشابِهة لَها أما ما عدا ذلك فحت نَتأمّلَ ف ذلك ل نَقوى على التّرخِيص وإن َتوَسّعَ‬
‫بعضُ أه ِل العلم ف بعضِ المورِ الخرى وأقول‪ :‬السألة مُحْتاجَة إل شيءٍ مِن النظر‪-‬كما قلتُ سابِقا‪-‬وسنَن ُظرُ فيها قريبا‬
‫بِمشيئةِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬لنّ الاجة تَدعو إليها ولكن حت ذلك أرى القتصار على تلك النواع وما جاء ف معناها حت‬
‫ج النسان مِن عُهدةِ التكليف بِأ ْمرٍ واضِ ٍح جلِي ل يَحتمِل احتمال آخَر ل ّن الزكاةَ واجِبة ولبد مِن أن يُؤدّيَ هذا‬
‫يَخرُ َ‬
‫الواجِب على أ ْمرٍ ل يَحتمِل الشك؛ وال أعلم‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬على من تجب ؟‬


‫‪2‬‬
‫س‪ :‬هل تُشرَع فقط على الغنِي أو على كلّ قادِر ؟‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬يقل أحد " بدل مِن " يجد أحدا " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪ - 2‬وفي سؤال مشابه نصه ‪:‬‬
‫‪231‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬ف هذه السألة خلفٌ بيْن أهلِ العلم‪:‬‬


‫‪-1‬منهم مَن يَقول‪ :‬ل َتجِب إل على الغنِي‪.‬‬
‫ف بينهم ف ذلك‪.‬‬ ‫‪-2‬ومنهم مَن يَقول‪ " :‬تَجِب على الغنِي والفقي " على خل ٍ‬
‫والذي نَراه أنّها تَجِب على الغنِي والفقي إذا كان ذلك الفقي يَجِد ما يَسُ ّد حاجتَه وحاجة مَن يَقوم ِب َعوْلِه وَبقَِيتْ بقي ٌة زائدة‬
‫ص ذلك‪ ،‬وقياسُ ذلك على بعضِ‬ ‫على ذلك فإنه لبد مِن أن يُخرِجَ زكاةَ الفِطْر‪ ،‬لنّ الدليلَ عام وليس هنالك دليلٌ يُخصّ ُ‬
‫أصنافِ الزكاة فهو قياسٌ ل َيصِح لنه مصا ِدمٌ لِلدليل وكلّ قياسٍ يُصادِم الدليل ل عب َة به‪.‬‬

‫س‪ :‬إخراجها حتى عن الطفال وحتى عن الرضّع‪ ،‬هل تشمَلهم ؟‬


‫ج‪ :‬نعم‪ ,‬يَجب على النسان أن يُخرِج ذلك عن نفسه وعن كل مَن َيعُولُه حت أ ّن العلماء اختلفوا ف مَن وُلِدَ قبلَ طلوع‬
‫فجر يوم العيد وبعد غروب شس اليوم الخي مِن رمضان‪:‬‬
‫فمَن رأى أنّ زكاة الفِطْر تَجب بِغروب الشمس مِن اليوم الخي مِن رمضان‪-‬أو كما يُعبّر عنه بعضهم‪ :‬بِحلول ليلة العيد أو‬
‫بِرؤية هلل العيد‪-‬قال‪ :‬ل يَجب‪ 1‬على النسان أن يُخرِج عن ذلك الطفل زكاةَ الفِطْر‪.‬‬
‫مَن قال‪ " :‬إنا تَجب بِطلوع الفجر " قال‪ :‬يَجب عليه‪.‬‬
‫ومَن قال بِأنا تَجب بِغروب الشمس وهذا الطفل قد وُلِدَ بعدَ ذلك فل يَجب عليه أن يُخرِج عنه الزكاة‪ ،‬لنّ الزكاة قد‬
‫وَجََبتْ قبلَ أن يُولَد‪ ،‬فهو وُلِدَ بع َد غروب الشمس‪ ،‬وأما على القول الخر فنعم‪ ،‬لنّه ُولِدَ قبلَ طلوع الفجر‪ ،‬فهذا دليل‬
‫واضح‪ ،‬والدليل هو الديث الثابت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬بِأنا تب على الصغي والكبي ‪ ...‬إل آخر‬
‫الديث‪ ،‬وهو حديث مشهور صحيح معروف‪ ،‬فمَن وُلِدَ قب َل غروب الشمس تَجب الزكاة عنه‪ ،‬ومَن وُلِدَ بعدَ ذلك فعلى‬
‫اللف الذي ذكرتُه‪ ،‬فمَن يقول تَجب بغروب الشمس فل يَجب الخراج‪ ،‬ومَن يقول بِأنا تَجب بطلوع الفجر فيَجب‬
‫الخراج على مذهبه؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬أيضا الشغالت المسلمات الموجودات في البيوت‪ ،‬هل يُخرِج عنهنّ صاحب البيت ؟‬

‫س‪ :‬هل هي تَجب على الفقير والغني أم على الغني فقط ؟ وما هو تَعريفه ؟‬
‫ج‪ :‬لِلعلماء في ذلك خلف كثير ‪ ..‬على مَن تجب ؟ هل تَجب على الغني فقط أو أنها تَجب أيضا على الفقير ؟ بِشرْط أن‬
‫يَكون عنده شيـء مِن المال يَسُـ ّد حاجتَه فـي ذلك اليوم وفـي تلك اليام التـي يَحتاج فيهـا إلى المال‪ ،‬إذ ل يُمكـن أن يُقال إنـه‬
‫ُيشْرَعُـ فـي حقّهـ أن يُخرِج الزكاة ثـم يَجلس بعـد ذلك‪-‬فـي ذلك اليوم أو فـي اليام القليلة التـي بعده‪-‬يَتضَ ّو ُر جوعـا هـو‬
‫ومَن َيعُولُه‪ ،‬بل المرا ُد بِالفقير الذي تَلزمه الزكاة‪-‬على رأي مَن يقول بذلك‪-‬هو مَن يَملك شيئا مِن المال يَكفي لِحاجته‬
‫وحاجة من َيعُولُه‪ ،‬وهذا رأي حسن وفيه احتياط؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :11‬فقيرة‪ ،‬هل تَلزَمها زكاة الفطر ؟‬
‫ج‪ :‬قلنا‪ :‬لِلعلماءِ خلفٌ في وجوبِ الزكاة على الفقير إذا كان َيجِ ُد ما َيسُ ّد حاجتَه في ذلك اليوم‪:‬‬
‫ض العلماء قال‪ :‬هي َتجِب على ال َغنِي ول َتجِب على الفقير‪ ،‬ومعروف الفرْق بيْن الغني والفقير‪.‬‬ ‫‪-1‬بع ُ‬
‫سدّ حاجتَه في ذلك اليوم فل َتجِب عليه الزكاة أما الفقير الذي َيجِد ما َيسُدّ‬ ‫ض العلماء قال‪ :‬الفقير الذي ل َيجِد ما َي ُ‬
‫‪-2‬وبع ُ‬
‫خرِج الزكاة؛ وهذا هو القرب إلى الصواب‪.‬‬ ‫حاجتَه في ذلك اليوم ولديْه زيادة مِن الـمَال فعليه أن ُي ْ‬

‫‪-1‬سقط مِن كلم الشيخ‪ " :‬ل "‪ ،‬وهو سهو منه تبيّن بِما أورده بعد‪.‬‬
‫‪232‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬ل‪ ،‬ل تَجب‪ ،‬لنّما يَجب على النسان أن يُخرِج عن العبْد‪ ,‬وهذه ليست ِبعَبْ َد ٍة مَمْلوكَة وإنا تَعمل عنده بِ ُمرَتّب؛ وال‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬بالنسبة للزوجة أيضا ؟‬
‫ج‪ :‬ف الزوجة خِلف‪:‬‬
‫ذهبت طائفة مِن العلماء إل أنّ على الزوجة أن تُخرِج عن نفسها إذا كانت تَملِك مال‪.‬‬
‫وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنّ على الزوج أن يُخرِج عنها‪.‬‬
‫وف كلّ خ ٌي بِمشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫واستحبّ بعض العلماء الحتياطَ بِأن يُخرِج الزوج عنها وتُخرِج هي عن نفسها؛ ولك ّن هذا ل يَخرُج عن الحتياط‪ ،‬إذ ل‬
‫يُمكن أن نقول بِوجوب الزكاة عنها مرتي‪ ،‬فإن أخرَ َجتْ عن نفسها فل حرج‪ ،‬وإن أَخرَج عنها الزوج‪-‬على القول الخر‪-‬‬
‫فل حرج بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫س ‪ :1‬هل يُخرِج المسافِر زكاةَ الفطر في سفرِه أو يَ ْأمُر بِإخراجِها في وطنِه ؟‬
‫ج‪ :‬إنه مِمّا ل يَخفى‪-‬إن شاء ال تبارك وتعال‪-‬أنّ زكاةَ الفطر فريضة كما جاء ذلك ف الديثِ الثابت عن النب‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فعليه ل يَجوز لحدٍ أن يتهاون بِها‪ ،‬وهي واجب ٌة على السافِر كما أنّها واجبة على مَن كان‬
‫ف وطنِه‪ ،‬والسافِر إن كان َيجِد ف سفرِه من يَدفَع إليه زكاة الفطر فإنه يؤمر بإخراجها ف سفره وذلك لنا ُمعَلّقة به وهو‬
‫ف ذلك الوقت ف السفر وهكذا بالنسبة إل الضاحي فإن السافر ُيضَحّي ف الوضع الذي هو فيه أما إذا كان ل يَجد أحدا‬
‫ف سفره يدفع إليه الزكاة بأن كان ف مكان ل يوجد فيه أحد من الفقراء أو كان ل يعرف هو ف ذلك الكان أحدا من‬
‫الفقراء ول يَجد أحدا من يثق به حت يستعي به على معرفة الفقراء الوجودين ف تلك النطقة أو ما هو قريب منها من‬
‫الناطق فإنه ف هذه الالة ُيوَكّل غيه مِمن يثق به من أهل بلده لن يدفعها ف بلده وهو معذور‪-‬إن شاء ال تبارك وتعال‪-‬ف‬
‫ذلك؛ وال أعلم‪.‬‬

‫ع ْولَ السرة بِأكملها بِما فيهم ولدَه وزوجتَه‪ ،‬في هذه الحالة مَن الذي‬
‫س ‪ :3‬مَن تزوّج في بيت أبيه ويَتولّى الب َ‬
‫يُخرِج زكاةَ ال ِفطْر ؟‬
‫ج‪ :‬أما إذا كان هذا الولد يَملِك مال فإ ّن عليه أن يُخرِج عنه وعن زوجتِه وعن أولدِه‪ ،‬وذهبت طائفة مِن العلماء إل أ ّن‬
‫الزوجةَ تُخرِج عن نفسها كما ذكرتُ [ ص ‪ ،] 3‬وبالتال هو الذي يَلزَمه أن يُخرِج عن نفسِه وعن أولدِه وعن زوجِه على‬
‫رأي مَن يقول‪ " :‬إنّ الزوج يُخرِج عن زوجه "؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :3‬أَرمَلَة عندَها مجموعة مِن الطفال ل عا ِئلَ لَهم سِواها‪ ،‬هل تُخرِج عنهم زكا َة ال ِفطْر ؟‬
‫ج‪ :‬اختلَف العلماء ف الم هل عليها أن تُخرِج عن أطفالِها إذا كانتْ َتقُوم بِعولِهم وليس هنالك لَهم عائِل أو ل ؟‬
‫جبُ عليها لنا َتعُولَهم ف سائرِ اليام وهذا داخِ ٌل ف جلةِ ال َعوْل‪.‬‬ ‫مِن العلماء مَن ذهب إل أنه يَ ِ‬
‫جبُ على الم‪.‬‬ ‫ض العلماء إل أنه ل يَ ِ‬
‫وذهب بع ُ‬
‫وهذا كلّه إذا كان أولئك الطفال ل يَملِكون ما يُخرِجون بِه ما َيجِب مِن زكاةِ الفطْر‪ ،‬أما إذا كانوا يَملِكون شيئا فتُخرِج‬
‫على رأيِ طائف ٍة مِن أهل العلم ذلك مِن مالِهم‪ ،‬وهذا هو العروف ف الذهب بِأنا تُخرَج‪-‬أعن زكا َة الفطْر‪-‬مِن أموالِ اليتام‬
‫‪233‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫كساِئرِ الزكاة‪ ،‬وإن كان بعضُ العلماء يَقول بِعدمِ وجوبِ ذلك ف مالِهم لنم مرفوعٌ عنهم قَلَ ُم التكلِيف لك ّن كثرةً‬
‫كاِثرَة مِن أهلِ العلم تُفرّق بيْن الال وغيِه فيُوجِبون الزكاة ويُوجِبون‪-‬أيضا‪-‬زكاةَ الفطْر ف ما ِل الطفل‪ ،‬فإذا كان‬
‫لديْهم مال فعلى رأيِ كثِ ِيٍ مِن أهلِ العلم تُخرِج مِن مالِهم‪ ،‬أما إذا لَم يَكن لديْهم مال فعلى اللفِ بيْن أهلِ العلم ‪ ..‬إن‬
‫أَ ْخرَ َجتْ فذلك َحسَن أما الياب فالقولُ بِه فيه شي ٌء مِن الصعوبة وإن احتاطتْ وأَ ْخرَ َجتْ ذلك وكان ل يَشُ ّق عليها فذلك‬
‫حَسَن‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬لمن تخرج ؟‬
‫س ‪ :6‬تَحدّثْتُم [ ص ‪ ] 5‬عن الفقير الذي َتجِب عليه الزكاة أو ل َتجِب‪ ،‬نُرِي ُد منكم أن تُحدّثُونا الن عن الفقِير الذي‬
‫تُدفَ ُع إليه الزكاة على اعتبار أنّ عددا مِن الناس قد يَكون لد ْيهِم راتب محترم لكن عَدَد الذين َيعُولُونَهم كثِيرُون أو‬
‫‪1‬‬
‫ل يَس َتطِيعُون أن يُوفوا مُتطلّبَات الحياة‪ ،‬فهل هؤلء ُفقَراء ؟‬
‫ج‪ :‬على ك ّل حال؛ زكا ُة الفطْر‪:‬‬
‫صرَفُ إليه زكاةُ الال‪-‬وهم الصنافُ الثمانية الذين حَ ّددَْتهُم اليةُ القرآنية‪-2‬بل‬ ‫صرَف إل مَن ُت ْ‬ ‫ض العلماء ذهب إل أنا ُت ْ‬ ‫بع ُ‬
‫منهم مَن َأ ْو َجبَ أن ُتقْسَمَ بيْن تلك الصناف‪.‬‬
‫ومِن العلماء مَن ذهب إل أنا تُدفَع إل ال ُفقَراءِ والساكِي فقط؛ وهذا هو القولُ الصحِيح‪ ،‬ومعن ذلك أنا ل يَجُوز دَفعُها‬
‫إل إل ال ُفقَراءِ والساكِي‪.‬‬
‫وبعضُ الناس َيظُنّون أنّ ال َفقِي أو السكِي مَن ل يَجِد شيئا‪ ،‬وال ْمرُ بِع ْكسِ ذلك ‪ ..‬مَن كان ما لديْه ل يَكفِيه لِسَدّ حاجتِه‬
‫وحاج ِة مَن َيقُومُ ِب َعوْلِه فلَه أن يَأخُ َذ مِن الزكاة وتُ ْدفَع إليه سواء كانتْ هذه الزكاة زكاةَ مال أو كانتْ زكا َة فطْر‪ ،‬ول يُضيّقُ‬
‫على الناس‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬مَن ل يَجِدُ قوتَ سََنتِه‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال بِخلفِ ذلك‪.‬‬
‫فشخص‪-‬مثل‪-‬يََتقَاضَى مُرتّبا يُسَاوِي مئ َة رِيال ولكنّ ذلك ل يَكفِيه لِسَ ّد حاجتِه تُدفَع لَه الزكاة‪ ،‬بل شخص لَ َديْه ُأ ْسرَة‬
‫كبِيَة يَحصُل على ثلثائة رِيال‪-‬مثل‪-‬أو أَكثَر وذلك ل يَكفِيه لِسَ ّد حاجتِه تُدفَع لَه الزكاة ‪ ..‬ذلك يَختلِف بِاختلفِ الناس‬
‫وبِاختلفِ أحوال مَن َيعُولُون وف َأيّ من ِطقَ ٍة مِن الناطِق‪-‬مثل‪-‬وما يَحتاجُون إليه ‪ ..‬إذن العبةُ هل يَكفِيهِم ما لَدَْيهِم ِلسَدّ‬

‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه نصه ‪:‬‬


‫سدّ قو تَ‬
‫س‪ :‬مَن هو الفقير الذي يُمكن أن يُعطِيه النسان الزكاة‪ ،‬إذ إنه ل يوجَد فقير في هذا الزمان ل َيجِد ما يَ ُ‬
‫ذلك اليوم ؟‬
‫ت ذلك‬
‫سدّ قو َ‬ ‫ف كثير مِن الفقهاء الفقير بِهذا التعريف ولكنه ل يَلزم أن يكون الفقير في واقع المر ل َيجِد ما يَ ُ‬ ‫عرّ َ‬
‫ج‪ :‬نعم َ‬
‫اليوم‪ ،‬بَل يُت َرخّص فيما هو أوسع مِن ذلك‪ ،‬فيَنظُر النسان إلى الفقراء فيعطي مَن هو أشد حاجة مِن غيره‪ ،‬فإذا َوجَد مَن‬
‫حدّ الفقير‪-‬وإن لم‬ ‫ق العلماء على أنه داخِل في َ‬ ‫ن هذا أوْلى مِن غيره‪-‬لِحاجته ولتفا ِ‬‫ت ذلك اليوم ل شك أ ّ‬ ‫ل َيجِد قو َ‬
‫سدّه حتى أكث َر مِن ذلك؛‬ ‫ت شهرِه؛ وبعض العلماء يقول‪ :‬ما َيجِد ما يَ ُ‬ ‫َيجِد مَن هو في هذا الحدّ فيعطيها مَن ل يَجد مثل قو َ‬
‫فل يُق َتصَر في زكاةِ ال ِفطْر وكذا في الزكاة على مَن ل يَجد ما َيسُ ّد حاجتَه في ذلك اليوم‪ ،‬بل هي أوسع مِن ذلك‪.‬‬

‫سبِيلِ‬ ‫‪-2‬قال ال تعالى‪ِ } :‬إ ّنمَا ال ّ‬


‫صدَقَاتُ لِلْفُ َقرَاء وَا ْل َمسَاكِينِ وَا ْلعَامِلِينَ عََل ْيهَا وَا ْلمُؤَلّ َف ِة قُلُو ُب ُهمْ َوفِي ال ّرقَابِ وَا ْلغَا ِرمِينَ َوفِي َ‬
‫حكِيمٌ [ سورة التوبة‪ ،‬الية‪.] 60 :‬‬ ‫ن الِ وَالُ عَلِي ٌم َ‬ ‫ل فَرِيضَ ًة مّ َ‬
‫سبِي ِ‬
‫ن ال ّ‬
‫الِ وَابْ ِ‬

‫‪234‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حاجتِهم وحاج ِة مَن َيعُولُونَه أو ل ‪ ..‬ال ْمرُ ل يَضيق‪ ،‬وإنا السبَب الذي يُ ْلجِئ كثِيا مِن الناس إل السؤال عن هذه السألة‬
‫شكَال وأنم ل يَجِدُون ُفقَراء هو ظَّنهُم أنّ الفقِي مَن ل يَملِك شيئا وهكذا بِالنسبةِ إل الساكِي ‪ ..‬ال‪-‬تعال‪-‬‬ ‫وإل السْتِ ْ‬
‫[ سورة الكهف‪ ،‬من الية‪ .. ] 79 :‬هم يَملِكُون سفِينَة ولكن ذلك ل‬ ‫ي ‪...‬‬
‫سفِيَنةُ فَكَاَنتْ ِلمَسَا ِك َ‬
‫َأمّا ال ّ‬ ‫يَقول‪:‬‬
‫يَكفِيهِم‬
‫ي مَقصورَة على الفقراء والمساكين أو أنّها تُعطى في مصارِفِ زكا ِة المال ؟‬
‫س‪ :‬هل ه َ‬
‫ج‪ :‬ل‪ ،‬هي تُدفَع إل الفقراء والساكي‪.‬‬
‫ومَن قال بِخلفِ ذلك فقولُه مُخالِفٌ لِلحديث الثابت عن النب ‪ ..‬الزكاةُ العروفة تُدفَعُ إل الصنافِ الثمانية وأما‬
‫بِالنسبةِ إل زكا ِة الفِطْر فل تُدفَعُ إل إل الصنفيْن الذكورَيْن ف الديثِ عن النب ‪.‬‬
‫رس ‪ :4‬زكا ُة ال ِفطْر‪ ،‬هل تُعطى لِشخصٍ واحد ؟‬
‫ص واحد إذا كان ل يَخرُج بِذلك عن حدّ الفقر إل حدّ الغن ولكن إذا كانت هنالك جاع ٌة‬ ‫ج‪ :‬نعم يَجوز أن تُعطى لِشخ ٍ‬
‫تَحتاج إل الزكاة فل يَنبغي أن ُيعْطِيَ هذا النسان زكاتَه لِشخصٍ واحد وَيْترُكَ البقية الباقية أما إذا كان بعضُ الناس ُيعْطِي‬
‫هذه الجموعة والبقية الخرى ُتعْطِي الجموعة الخرى‪-‬وما شابه ذلك‪-‬فل حرج ولو أعطاها لِشخصٍ واحد إذا كان ل‬
‫يَخرُج‪-‬كما قلتُ‪-‬عن حدّ الفقر إل ح ّد الغن‪.‬‬
‫س ‪ :11‬هل يُمكِن أن تُدفَع إلى أسرة واحدة أم لبد مِن حساب عدد أفرادها ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانت تلك السرة ل تَخرج بذلك مِن حدّ الفقر إل الغن فل مانع مِن ذلك ‪ ..‬هذه ليست كالكفارات ‪..‬‬
‫الكفاراتُ لبد فيها مِن العَدَد ‪ ..‬الرسلة تُدفَع إل عشرة‪ ،‬والغلظة إل سِتّي‪ ،‬ول يُمكِن أن تُدفَع الرسلة إل َأقَ ّل مِن عشرة‬
‫ول إل أكثر مِن عشرة‪ ،‬والغلظة ل يكن أن تُدفَع إل أقل مِن سِتّي ول إل أكثر مِن ستي ‪ ..‬زكاةُ الفطر يكن أن تَدفع‬
‫جاعة لِشخصٍ أو لِبيتٍ واحد كما أنه يكن النسان أن يُفرّقَ الصاع الواحد على شخصي ‪ ..‬هذه ل تُحَد‪ ،‬وإنا الدّ ف‬
‫ت واحد وهنالك‬ ‫ذلك أ ّل يَخرُج ذلك الشخص مِن ح ّد الفقر إل الغن ‪ ..‬نعم ل يكن لماعةٍ كبية مِن الناس تَدفَع إل بي ٍ‬
‫ض ّورُ أصحابُها جوعا ‪ ..‬لبد مِن النظر ف هذه القضية‪ ،‬وهذا والمد ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬يَسِي؛ وال‪-‬تبارك‬ ‫بقيةُ البيوت يَت َ‬
‫وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫و‪-‬قبل أن أُْنهِيَ الواب‪-‬أُريد أن أَُنبّه إل أنّ زكاةَ الفطر تُدفَع إل الفقراء والساكي‪ ،‬ول يَجوز دفعُها إل الغنياء‪.‬‬
‫فما نُشاهِده مِن كث ٍي مِن الناس يَقومون بِتوزيعِها على طائفةٍ كبية مِن الناس مِن أهلِ البلد مِن غيِ أن يُفرّقوا بيْن غن وفقي‬
‫هذا ل َيصِح أبدا؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬

‫س ‪ :10‬هل يَجوز إعطاءُ زكاة الفطر لِلوالدة أو الشغّالة ؟‬


‫ض البلدان‬
‫ج‪ :‬أما الشغّالة إن كانت فقية ويَعلَم بأنا فقية حقّا وليست مرد دعوى لنّ بعضَ العمال الذين يَعمَلون ف بع ِ‬
‫الخرى ل يَعلَم النسان بِأنم مِن الفقراء ‪ ..‬هم مِن الغنياء ف بلدانِهم وهذا أمرٌ موجود وبعضُهم حقّا مِن الفقراء فإن كان‬
‫هو يَثِق بِأنا فقية حقّا وسواءً كان هذا العامل رجل أو امرأة فنعم يَجوز أن تُدفَع إليه الزكاة إذا كان مِن السلِمي أما إذا‬
‫كان مِن الكافرِين فل ث ل‪ ،‬لنا حقّ لِلمسلِمي وليستْ للكافرِين اللهم إل إذا ل يُوجَد السلم أبدا فذلك أمرٌ‬

‫‪235‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫آخَر ولكن‪-‬طبعا‪-‬هم موجودون فل داعي إل الكلم بِأنم إذا ل يُوجَدوا تُدفَع إل أهلِ ال ّذمّة فما داموا موجودِين فلتُدفَع‬
‫إل فقراءِ السلِمي ول يُجزِي أن تُدفَع إل غيِهم‪.‬‬
‫أما بِالنسبةِ إل الوالدَيْن‪:‬‬
‫‪-1‬فبعضُ العلماء يُشدّد ف دف ِع الزكاة إليهما سواءً كانت هذه الزكاة زكاةَ أموال أو كانت زكاةَ الفِطر‪.‬‬
‫ض العلماء يَقول‪ :‬إن كان هذا الشخص ل يَجِب عليه أن يَعولَ والديه فإنه له أن يَدفَعَ إليهما الزكاة وأما إذا كان‬ ‫‪-2‬وبع ُ‬
‫يَجِب عليه أن يَقوم بِعولِهما فل َيصِحّ له ذلك‪ ،‬وبقي مت يَجِب عليه ؟ هل إذا حُكِم عليه بذلك أو أنه إذا كان ليس معهما‬
‫ما يَكفي لِسَ ّد حاجتِهما ولو ل يُحكَم عليه بِذلك ؟ وهذا هو الصحيح عندي ولكن بِشرط أأأقغأن يَكون واجِدا لِما يَسدّ‬
‫حاجتَه ويَس ّد حاج َة والِديْه أما إذا كان هو فقيا ل يَجِد إل ما يَكفِيه لِسدّ حاجتِه فإنه ل َيجِب عليه ف هذه الالة أن يُنفِق‬
‫ت عليه الزكاة مثل فإنه يَدفَع ذلك إليهما أو إل أحدها‪.‬‬ ‫على والِديْه لِعدم وجودِ ذلك وعليه لو وَجََب ْ‬
‫ض العلماء يَقول‪ :‬إن كانتْ هذه الزكاة فيما يَتعلّق بِما ها متاجان إليه أمسّ الاجة كالطعام واللباس فل يَجوز له‬ ‫‪-3‬وبع ُ‬
‫ض المور الت ل َيجِب عليه‬ ‫أن يَدفَع إليهما الزكاة لنّ هذا أمرٌ واجب عليه إذا كان يَستطِيع على ذلك أما إذا كان ف بع ِ‬
‫ذلك كأن تَكونَ عليهما ديون بِسبب غ ِي النفقة أو ما شابه ذلك فإنه يَجوز له ذلك؛ ول شك بأ ّن هذا صحيحٌ ل غبارَ عليه‬
‫ففي حقيق ِة الال إذا َدفَعَ زكاتَه إل غيِ والِديْه وإذا كانا يَحتاجان إل شيءٍ مِن الساعدة قام بِمساعدتِهما وعونِهما فذلك‬
‫هو الطلوب لنّ هذا‪-‬أعن الطعام الذي يَدفَعه إليهما ف زكاةِ الفطرة‪-‬ل يَستخدِمانِه ف الغالِب إل لِلكل وليس لمرٍ آخَر‬
‫فهو مِن بابِ النفقة الت تَجِب عليه‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬أن لو وجد‪ 1‬ذلك فالسْلم ف مثلِ هذه المور أن يَحتاط النسان لمر‬
‫دِينِه لنّ هذا المر واجِب عليه ولبد مِن أن يَخرُج مِن الواجِب بأمرٍ واضِح ل غبارَ عليه‬

‫سادسا‪ :‬أحكام عامة في زكاة الفطر‬


‫س ‪ :4‬إذا أَخ َرجَ النسانُ زكاةَ ال ِفطْر عن أح ٍد قبل أن يُخبِرَه ثم أَخبَرَه بعدَ أن دَفَعَ الزكاة‪ ،‬هل تَبْ َرأُ ِذ ّمةُ ذلك‬
‫الـمُخرَج عنه ؟ علما بِأنه لَم يَ ْن ِو تلك العبادة‪.‬‬
‫ج‪ :‬ف القيقة أ ّن العمال تَكون بِالنيات‪ ( :‬إنّما العمال بِالنيات وإنّما لِكلّ امرئ ما نوى ) ‪ ..‬هذا هو الصل ‪ ..‬الصل‬
‫ف ك ّل عبادة أن تكون بع َد النية‪ ،‬فهذا الشخص الذي أَخرَج عن غيِه الزكاةَ لَم يَْنوِ ذلك الغيُ بِأنّها زكاة وهي ف الصلِ‬
‫متعلّقة ِب ِذمّتِه فالسّلمة له أن يُخرِج الزكاةَ بِنفسِه سواء كان ذلك مِن ماله الصلي أو أن َيهَبَه شخصٌ آخَر ويُخرِج بعدَ ذلك‬
‫الزكاة‪.‬‬
‫والتّرخيص الذي ذَ َكرَه بعضُ العلماء ف بعضِ السائل الشابِهة لِهذه السألة ل يَنبغِي التعويلُ عليه‪ ،‬لنّ الصل أن يَكونَ‬
‫العم ُل بِنِية ‪ ..‬نعم إذا أُخِبرَ شخصٌ بِأنّه سيُخرَج عنه الزكاة ونوى هو ذلك فالمر سهل أما أن يَكون ذلك بع َد الخراج‬
‫وبعدَ أن يَتملّك ذلك الـحَب الشخص الفقي ‪ ..‬بعد ذلك يَقوم هذا الشخص بِالنية فهذا فيه مِن الرج ما فيه‪.‬‬
‫شعَر بِهذه العبادة‬
‫س‪ :‬إذن على هذا مَن يستوعب مِن البناء مسألة زكاة الفطر ولو لم يَكن بالِغا‪ ،‬هل ُي ْ‬
‫حتى يَستحضِر مثلَ هذه النية ؟‬

‫‪-1‬قال الشيخ " لم َيجِد " بدل مِن " وجد " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪236‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬ف القيقة؛ لِلعلماء كلمٌ طويل عريض حول هذه القضية‪ ،‬والصلُ أنّ كلّ شخصٍ يُخَا َطبُ بِالزكاة بِنفسِه بِاستثناء العبد‬
‫فإ ّن سيّدَه هو الذي يُخرِج عنه زكاةَ الفطر ‪ ..‬هذا هو القول الصحيح‪ ،‬كما تَدلّ لَه الروايةُ الصحيحة ف " صحيح مسلم "‬
‫خلفا لِمَن َذ َهبَ أ ّن السيد يُؤمَر بِإعطاءِ عبدِه وقتا يَعمَل فيه مِن أجْل أن يَحصُلَ على مقدا ٍر مِن الال يَشترِي بِه شيئا مِن‬
‫حصّلَ الال مِن أجْلِ أن يَدفَع‬ ‫البوب الت تُخرَج بِه الزكاة فهذا القول فيه ما فيه‪ ،‬لنّ معناه أنه يَجِب على النسان أن يُ َ‬
‫الزكاة وهذا مُخالِف لِلقواعد العروفة‪ ،‬أما بِالنسبة إل كلّ فر ٍد مِن الفراد الصلُ أن يَنوِي هو نفسُه وهو مُخا َطبٌ بِذلك‬
‫ولكن ذهبتْ طائفة مِن أهل العلم إل أ ّن النسانَ يُؤ َمرُ بِإخراجِ الزكا ِة عنه وعمّن يَعولُه كالولدِ الذين يَجِب عليه عولُهم‬
‫وهكذا بِالنسبةِ إل أصولِه مِن الباء والجداد‪ ،‬فعلى هذا أنه يَجِب عليه أن يُخرِج عنهم ‪ ..‬هو الخاطَب بِذلك وإذن هو‬
‫الذي يَنوِي ذلك ‪ ..‬نعم إذا أخبَهم بِذلك وَن َووْا ذلك فذلك حسنٌ جدا‪ ،‬أما الذين ل يَجِب عليه عولُهم فالظاهِر أنه إذا أراد‬
‫أن يَدفَع عنهم غيُهم لبد مِن أن يَقوموا بِالنية على أنّ ذلك زكاة عنهم ‪ ..‬هذا الذي يَظهر لِي؛ والعلم عند ال‪.‬‬

‫جلِ أن يَشتَرُوا بِها‬


‫س ‪ :4‬هناك مَجموعةٌ مِن المتبرّعِين هيّؤوا أنفسَهم لِجمْعِ الموال مِن الناس قُبَ ْي َل العِيد مِن أ ْ‬
‫أرْزا يُوزّعونَه على الفقراء‪ ،‬فهل يُجزِي هذا النسان أن يُعطِيَهم ذلك المبلَغ حتى َيقُومُوا عنه بِتوزيعِ هذه الزكاة‬
‫وهم ثِقات كما يَقول ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانوا مِن الثقات الذين يَثِ ُق بِهم أوّل ث يَعرِفون‪-‬أيضا‪-‬مَن يُؤدّون إليه زكاةَ الفطْر فنعم يُعطِيهم لكن يَجعلُهم وكلء‬
‫حت ل يُعطِيهِم النقود‪-‬ل ّن كثرةً كاِثرَة مِن أه ِل العلم ل ُتجِيزُ إخراجَ النقود‪-‬فهم وكلء يَشتَرون لَه الرْز أو غْيرَه مِن‬
‫ساِئرِ البوب الت تُدفَع إل الفقراء ث إذا أَعطاهم ذلك على سبِيلِ المانة‪-‬مثل‪-‬أو ما شابه ذلك ‪ ..‬مُجرّد وكلء‬
‫‪ ..‬إذا َق ّدمَها لكن يَدفَعون تلك الزكاة ف الوقتِ الشرعِي العروف‪.‬‬
‫جبُ بِه زكاةُ‬‫ت الذي تَ ِ‬
‫العلماء اختلَفوا كثِيا ف الوقتِ الذي يَجوز فيه إخراجُ زكاةِ الفطْر ‪ ..‬قبلَ كلّ شيء اختلَفوا ف الوق ِ‬
‫الفطْر‪:‬‬
‫منهم مَن قال‪ :‬إنا تَجِب بِغروبِ الشمس‪ ،‬وهذا هو الشهور ‪ ..‬بِغروبِ الشمسِ مِن آ ِخ ِر يومٍ مِن شه ِر رمضان ‪ ..‬إذا غربتْ‬
‫الشمس ودخلتْ ليلةُ العِيد فذلك الوقت هو الوقت الذي تَجِب بِه زكا ُة الفطْر‪.‬‬
‫جرِ يومِ العِيد‪.‬‬
‫جبُ بِطلوعِ ف ْ‬ ‫ومنهم مَن ذهب إل أنا تَ ِ‬
‫جبُ بِالوقتيْن معا‪.‬‬ ‫ومنهم مَن قال‪ :‬إنا تَ ِ‬
‫جبُ بِطلوعِ الشمس‪.‬‬ ‫ومنهم مَن قال‪ :‬تَ ِ‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬تب بغروب الشمس مِن آ ِخرِ يومٍ مِن رمضان وجوبًا ُموَ ّسعًا إل طلوعِ الفجْر‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال بِغْيرِ ذلك‪.‬‬
‫حيَ وقتُ الصلة‪.‬‬ ‫جبُ بِطلوعِ الفجْر إل أن َي ِ‬ ‫كقولِ مَن يَقول إنا تَ ِ‬
‫جبُ إل أن يَرتفِ َع النهار‪.‬‬ ‫وكقول مَن يَقول بِأنا تَ ِ‬
‫إل غْيرِ ذلك‪ ،‬ولكنّ القوليْن الشهورَيْن ها‪:‬‬
‫جبُ بِغروبِ شسِ آ ِخرِ يومٍ مِن رمضان "‪.‬‬ ‫‪-1‬قو ُل مَن قال‪ " :‬تَ ِ‬
‫جرِ يومِ العِيد "‪.‬‬
‫عف ْ‬ ‫جبُ بِطلو ِ‬‫‪-2‬وقو ُل مَن يَقول‪ " :‬إنا َت ِ‬
‫‪237‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫والوّلُ هو الشهور‪.‬‬
‫فهذا هو وقتُ الوجوب‪ ،‬وعليه‪:‬‬
‫جبُ بِمُج ّر ِد غروبِ الشمس "‬ ‫ي مَن يَقول‪ " :‬إنا تَ ِ‬‫مَن ُولِدَ لَه‪-‬مثل‪-‬مولودٌ بع َد غروبِ شسِ آ ِخرِ يومٍ مِن رمضان‪ :‬على رأ ِ‬
‫ج عنه الزكاة " بِخلف رأيِ مَن يَقول‪ " :‬إنا بِطلوعِ الفجر‪." 1‬‬ ‫يَقول‪َ " :‬غرَبَت الشمس وهذا ليس عليه أن يُخرِ َ‬
‫وهكذا مَن ماتَ لَه ميّت يَعولُه‪-‬على رأيِ يَقول بِذلك مطلَقا‪ ،‬أو ف بعضِ الحوال‪-‬يُفرّق بيْن القوليْن‪.‬‬
‫ي مَن‬‫جبُ نفقتُها ‪ ..‬هل بِمج ّردِ العقْدِ أو إذا زُّفتْ إليه ؟ وهذا على رأ ِ‬ ‫وهكذا لَو َت َزوّجَ امرأ ًة على حسبِ الِلف مت َت ِ‬
‫خرِج الزكاة عن زوجتِه "‪.‬‬ ‫َيقُول‪ " :‬إنّ الرّجُل يُ ْ‬
‫وهكذا لَو مََلكَ عبْدا أو َأعْتَقَ عبْدا أو باعَه‪.‬‬
‫سبِ هذا اللف‪.‬‬ ‫وهكذا ف كثِ ٍي مِن القضايا الت لَها علقَ ٌة ِبهَذه السألة على ح ْ‬
‫ف طوِي ٌل عرِيضٌ ف ذلك ‪ ..‬الوقتُ الّتفَق عليه‪-‬قبلَ كلّ شيء‪-‬هو‬ ‫ج الزكاة‪-‬أعن زكاةَ الفطْر‪-‬فلِلعلماءِ خل ٌ‬ ‫أما وقتُ إِخرا ِ‬
‫ع الفجْر مِن يو ِم العِيد إل صلةِ العِيد ‪ ..‬إذا أَ ْخرَجَها ف هذا الوقت فقَد َأدّى زكاةَ الفطْر بِاتّفاقِ العلماءِ قاطِبة‪ ،‬أما‬ ‫بعدَ طلو ِ‬
‫إذا َأدّاها قبلَ ذلك أو أَ ّخرَها عن ذلك فلِلعلماءِ خلفٌ هل يُجزِيه ذلك أو ل ؟‬
‫ي يو ٍم مِن شهرِ رمضان البارَك فيُجزِيه ذلك‪.‬‬ ‫منهم مَن قال‪ :‬يُجزِيه إذا َأ ْخرَجَها ف رمضان مِن أوّ ِل يوم ‪ ..‬إذا أَ ْخرَجَها ف أ ّ‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬إذا أَ ْخرَجَها بع َد منتصَفِ الشهر فيُجزِيه ذلك‪.‬‬
‫شرِ الواخِر يُجزِيه ذلك‪.‬‬ ‫ومنهم مَن قال‪ :‬إذا أَ ْخرَجَها ف العَ ْ‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬إذا أَ ْخرَجَها قب َل ثلث ِة أيا ٍم مِن يومِ العِيد فيُجزِيه ذلك‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬يَجوزُ تقدِيُ زكاة الفطْر يوما أو يوميْن‪ ،‬وهل هذا لِلتخيِي أو لِلتنوِيع ؟ ‪ ..‬ما معن ذلك ؟! لِلتخيي أن يُخيّر‬
‫الشخص أن يُق ّدمَها يوما أو يوميْن‪ ،‬أما لِلتنوِيع فذلك بِاعتبا ِر الشهر ‪ ..‬قد يَكونُ شهرُ رمضان تسعةً وعشرين يوما وقد‬
‫يَكو ُن ثلثي يوما فإذا كان ثلثي يوما فمعن ذلك أنه قَ ّدمَها يوما وإذا كان تسعة وعشرين َفقَ ّدمَها يوميْن‪.‬‬
‫ب شسِ آ ِخرِ يو ٍم مِن شه ِر رمضان‪.‬‬ ‫وبعضُهم ُيجِيزُ إخراجَها بع َد غرو ِ‬
‫ومنهم مَن ل يُجِيزُ ذلك إل ف وقتِها الشرعِي الذي ذَ َكرْناه ‪ ..‬الـمُّتفَق عليه‪ ،‬وهو فيما بيْن طلوعِ الفجْر إل صلةِ العِيد‪.‬‬
‫أما التأخي‪:‬‬
‫فمنهم مَن يُجِيز ف ذلك اليوم‪.‬‬
‫ومنهم مَن يُجِيز حت فيما بعد‪:‬‬
‫منهم مَن حَ ّددَه بِآ ِخرِ شهرِ شوال‪.‬‬
‫ومنهم ِبعِيدِ الضحى‪.‬‬
‫ومنهم مَن أجازه مطلَقا‪.‬‬
‫وكثي مِن هذه القاوِيل باطِلَة عاطِلَة منابِ َذةٌ لِلحاديثِ الصحِيحة ومنابِذَة لِكث ٍي مِن الدِلّة الخرى الت تُؤخَذ منها السائل‬
‫الشرعِية الت مِن ضمنِها هذه السألَة‪.‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬الشمس " بدل مِن " الفجر " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫جرِ يومِ العِيد إل صلةِ العِيد ‪ ..‬أي ف هذا الوقت فذلك هو ال ْسلَم‬ ‫عف ْ‬‫ول شك أنّ مَن استطاع أن َيقُومَ بِإخراجِها بعدَ طلو ِ‬
‫لَه ف دِينِه وال ْحوَط لَه‪ ،‬ومَن شَ ّق عليه ذلك ‪ ..‬إذا كان ل يَجِدُ فقراء ف ذلك الوقت بِأن كانوا ف مكانٍ بعِيد عنه فإذا‬
‫أَ ْخرَجَها بع َد تَحقّقِ دخولِ‪-‬شهرِ شوال ‪ ..‬أو بع َد تَحقّقِ دخولِ‪-‬ليلةِ العِيد فذلك ل بأس عليه بِمشيئة ال‪ ،‬وإذا َترَخّص فل‬
‫يَنبغِي لَه أن يََترَخّص أكثَر مِن يوم أو يوميْن على التنوِيعِ كما ذَ َكرْتُه [ ص ‪ .. ] 8‬أما قبلَ ذلك فل ينبغِي‪.‬‬
‫هذا الشخص‪-‬إذن‪-‬إذا أعطاهم الال بِمثابة المناء مثل ‪ ..‬قال لَهم بِأنم ل يَدَفعُون هذه الزكاة إل أهلِها ‪ ..‬أي ل َيقُومُون‬
‫بِإخراجِها مِن مُلكِه إل بعدَ تَحقّقِ دخو ِل الوقتِ الذي تَجوز فيه‪-‬وقد ذكرتُ الوقت‪-‬فهم أُمناء عندَه فل بأسَ‪-‬بِمشيئ ِة ال‬
‫تبارك وتعال‪-‬عليه‪ ،‬أما أن يَدَفعُوا الزكاة ف غْيرِ وقتِها فل ‪ ..‬لبد أن يُخِبرَهم‪-‬لنّ كثِيا مِن الناس يَج َهلُون‪ ،‬ومنهم مَن‬
‫َيَترَخّص بِبعضِ القوال أو ما شابه ذلك‪-‬أما أن يَدفَع هو لَهم القيمة على أنه قد أَ ْخرَجَها مِن مالِه وهم بعدَ ذلك يَتصرّفُون ‪..‬‬
‫معن ذلك هو‪-‬أوّل‪-‬أنه قد َأ ْخرَجَ القيمة ث معن ذلك‪-‬أيضا‪-‬أنه قد أَ ْخرَجَها مِن ملكِه قبل وقتِها الـمُحَ ّددِ لَها‪ ،‬فلبد مِن‬
‫شرْطِ‪-‬أيضا‪-‬أن ُيوَكّلَهم أن يَشتَروا لَه أرْزا‪ ،‬أو‬
‫أن َيتَثَبّت مِن هذه القضية‪ :‬إما أن يَدَفعَها ف الوقتِ الذي يَجُوزُ َد ْفعُها وِب َ‬
‫يَجعلَهم أُمناء ف ذلك الوقت وبعدَ ذلك يَشَترُون لَه بِمشيئةِ ال تبارك وتعال‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬أحكام عامة في الزكاة‬


‫س‪ :‬امرأة تتصدق بما عندها لقاربها وللفقراء وتعطي السائل ول تحمل صفة البخل إل أنها ل تؤمن بالزكاة لنها‬
‫ترى أنّ ما تتصدق به ما هو إل زكاة وعندما نقول لها هنالك فرق بينهما تقول أستحي أن أقول للناس هذه زكاة‬
‫والن تقول تطلب من فضيلتكم بأن توضحوا لهذه المرأة الفرق بين الصدقة والزكاة وهل يشترط أن يقال للمعطي‬
‫هذه زكاة ؟‬
‫ج‪ :‬إن الزكاة فريضة من فرائض السلم بل هي ركن كم أركانه العظام كما صح ذلك في الحديث عن النبي صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم وقد نصت اليات القرآنية والحاديث النبوية على وجوبها وأجمعت المة السلمية على‬
‫ن الجماعات في مثل هذه القضايا هي أمور ضرورية أي أنه لبد من أن تجمع المة‬
‫ذلك هذا ومن الجدير بالذكر أ ّ‬
‫على مثل هذه المور ول ينبغي للنسان أن يشتغل بالبحث عن أقوال الناس في مسألة نصت اليات القرآنية‬
‫والحاديث النبوية الصحيحة الثابتة على وجوبها أو على حرمتها أو ما شابه ذلك من الحكام لن الجماع ضروري‬
‫في مثل هذه القضايا فما يذكره بعضهم من إن العلماء يذكرون الجماعات في مثل هذه القضايا هل يعني ذلك أنهم‬
‫بحثوا عن كل رأي من أقوال الناس حتى وجدوا أن كل فرد من أفراد العلماء قد أجمع عليها ل قيمة له ‪ ،‬ذلك لنها‬
‫أي هذه المسائل ليست بحاجة إلى البحث عن أقوال الرجال فيها لن الجماع ضروري فيها كما قلت ولو أن شخصا‬
‫قال بخلف ذلك فإنه يكون كافرا والعياذ بال تبارك وتعالى لنه أنكر أمرا معلوما من الدين بالضرورة فمن أنكر‬
‫أمرا وهو معلوم من الدين بالضرورة كمثل هذه القضية فهو خارج عن السلم ول حاجة للبحث عن قوله بل يجب‬
‫عليه أن يرجع إلى السلم وإل حكم عليه بأحكام المرتدين ولذلك أرى أن هذه الكلمة التي ذكرتها السائلة نم أن هذه‬
‫ن فلنا أو فلنه ل تؤمن‬
‫المرأة ل تؤمن بفرض الزكاة أرى أن هذه الكلمة من الخطورة بمكان فل ينبغي التسرع بأ ّ‬
‫بفرض الزكاة فذلك أمر خطير لنه يقتضي أن ذلك النسان قد خرج من خطيرة السلم إلى الشرك لنه أنكر أمرا‬
‫معلوما من الدين بالضرورة كما قلن فالزكاة والصيام والحج والصلة من المور المعلومة من الدين بالضرورة ومن‬
‫‪239‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أنكرها كافر كما قلت فهذه المرأة ل أظنها تنكر فرض الزكاة وإنما تستحي من ذكر أن هذا المال الذي تخرجه بأنه‬
‫زكاة وعلى ذلك فأظنها أنها ل تنوي الزكاة وإذا كانت تنوي بذلك الزكاة فالمر سهل فتقول إن الصدقة شاملة للزكاة‬
‫ولغيرها لن الصدقة تارة تكون واجبة وتارة تكون مندوبة والواجبة منها تُخص بأسم الزكاة فعلى هذه المرأة التي‬
‫تحسن إلى المحتاجين من الفقراء وغيرهم وتحسن إلى أقاربها عليها أولً أن تهتم بفرض الزكاة لن الزكاة من‬
‫المور الواجبة بينما ذلك الحسان تارة يكون واجبا وتارة يكون مندوبا ول ينبغي لحد أن يقدم المندوبات على‬
‫المفروضات ول يمكن أن يقال بأن تلك المندوبات تقوم مقام الفرائض التي افترضها ال تبارك وتعالى وعليه فإن‬
‫كانت هذه المرأة عندما تخرج هذا المال تنوي به الزكاة ولكنها ل تسميها باسمها أو ل تذكر ذلك ولكنها تنوي ذلك‬
‫وتخرج ذلك بحسب المقدار الذي حدّده الشارع وتعطي ذلك المال للفقراء والمساكين أي الذين تجب لهم الزكاة فل‬
‫ل واحدا عند‬
‫إشكال في القضية أما إذا كانت تكتفي بهذه الصدقات وهذه التبرعات عنلزكاة فإن ذلك ل يجزيها قو ً‬
‫علماء المسلمين وعليها أن تتوب إلى ال تعالى وان تخرج الزكاة بنيتها وبمقدارها إلى أهلها المخصوصين عن‬
‫الماضي وتسلك هذا المسلك أيضا في المستقل وأما بالنسبة إلى إخبار الفقراء بأن هذا المر زكاة فإذا كان النسان‬
‫ن هذا النسان من الفقراء في ذلك الوقت الذي يعطيه ذلك المبلغ الذي هو المقدار الشرعي الذي افترضه‬
‫متأكدا بأ ّ‬
‫ال تبارك وتعالى فإنه ل يلزمه بأن يخبره بذلك ولكن ذلك مطلوب من جهة أن بعض الناس ل يريدون أن يأخذ‬
‫والزكاة يتورعون عن ذلك نعم إذا عرف أن ذلك النسان من الفقراء وعرف بأنه يأخذ الزكاة فل حرج في عدم‬
‫أخباره وإن كان الفضل بأن يخبره مخافة أن يكون قد استغنى عن الزكاة ولكن كما قلت إذا كان هنالك احتمال بأنه‬
‫استغنى عن فرض الزكاة فلبد من البحث عن ذلك وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬هل يعطى طالب العلم من الزكاة إذا كان قادرا على الزكاة فيما لو ترك العلم ‪.‬‬
‫ج‪ :‬نعم تدفع الزكاة لطالب العلم الشرعي إذا كان فقيرا ل يجد ما يسدّ به حاجته من يقوم بمؤونته وذلك لنه فقير‬
‫ل ولنه في جهاد حيث إنه يطلب العلم الشرعي الذي ينبغي لكل إنسان إذا كان قادرا عليه أل يفرط فيه ولو كان‬
‫أو ً‬
‫هذا الطالب أن لو ترك هذا العلم أو تشاغل عنه يستطيع أن يكسب المال الذي يسدّ حاجته وحاجة من يقوم بمؤونته‬
‫ولهذا الطالب أيضا أن يشتري الكنز الضرورية التي يحتاج إليها من الزكاة ل أن يشتري كتبا تزيد على حاجته‬
‫فمثلً بعض طلبة العلم الصغار يحتاجون إلى كتاب بهجة النوار وتلقين الصبيان والوضع والدلئل أو يحتاجون إلى‬
‫أكثر من ذلك من الكتب ولكنهم ل يحتاجون إلى بعض الكتب الكثيرة الكبيرة كشرح النيل أو المعارج أو فتح الباري‬
‫ذلك لنهم ل يستطيعون استيعاب ما في هذه الكتب فهم يشترون من الزكاة ما يحتاجون إليه وأما ما كان فوق‬
‫حاجتهم فليس لهم أن يشتروا ما يؤسسون به مكتبة وكذلك من كان أكبر من هؤلء الطلبة له أن يشتري ما يحتاج‬
‫إليه من الكتب ولو كانت أكبر من هذه الكتب التي ذكرناها فبإمكانه أن يشتري مثل جوهر النظام للمام السالمي‬
‫رحمه ال وأن يشتري شرح الجامع والمعارج وإذا كان يحتاج إلى فتح الباري أو إلى غير هذه الكتب التي يحصل‬
‫منها العلم الشريف وأريد بالطالب الذي تدفع له الزكاة الطالب المجدّ المجتهد لطلب العلم أما أولئك الذين يتكاسلون‬
‫في طلب العلم وإنما يتظاهرون بالطالب يذهبون إلى الشيخ الفلني أو إلى الشيخ الفلني من أجل طلب العلم على‬
‫حسب زعمهم ولكنهم في حقيقة الواقع ل يجدون في ذلك إذا اشتغل الشيخ بالفتوى ل يستمعون إلى الشيخ إل بالقليل‬
‫النادر وإذا شتغل بشرح شيء من الكتب يفكرون في أمور خارجة عن ذلك الدرس فهم ل يستوعبون منه إل النزر‬
‫‪240‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫اليسير فأمثال هؤلء الذين ل يجّدون في الطلب ول يجتهدون في تحصيل العلم فأمثال هؤلء ل تدفع لهم الزكاة إذا‬
‫كانوا قادرين على العمل وإنما تدفع كما قلت للذين يجتهدون ويجدون في طلب العلم في الليل ولكنها وذلك لن هذا‬
‫من الجهاد الذي سيعلون به بمشيئة ال تعالى كلمة ال تبارك وتعالى حيث أنهم بعد ذلك سيقومون بتبليغ هذا العلم‬
‫إلى عباد ال سبحانه وتعالى وسينقذونهم من الجهل الذي هم فيه وسيبينون لهم الواجب والمندوب والحرام والمكروه‬
‫إلى غير ذلك من الحكام الشرعية بل إذا احتاج الطالب المجدّ المجتهد إلى الزواج من الزكاة فل مانع من ذلك‬
‫بشرط أن ل يكون هنالك تبذير للمال ول أن تكون هنالك مغالة في الصداق أو ما شابه ذلك مما يتعلق بتجهيز‬
‫المرأة إلى غير ذلك من المور إن لم يكن هنالك شيء من المغالة فإن لم يكن هنالك تبذير ول إسراف وكان‬
‫محتاجا للزواج ولن يشغله ذلك الزواج عن طلب العلم وللجد والجتهاد فيه فل مانع من ذلك وال تعالى ولي التوفيق‬
‫‪.‬‬

‫س‪ :‬هل توجد زكاة في الراتب الشهري ؟‬


‫ج‪ :‬الراتب الشهري ل تجب فيه الزكاة إذا كان ذلك الشخص الذي يتقاضاه ينفقه في ذلك الشهر أو بعده مباشرة‬
‫بمعنى أنه ل يحول عليه الحول بعد أن بلغ النصاب فإذا كان النسان الذي يتقاضى ذلك الراتب كما قلتُ يقوم بنفقته‬
‫على نفسه أو يتصدق به أو ما شابه ذلك من المور ول يبقى معه منه شيء أو ل يبقى معه إل القليل فإنه ل تجب‬
‫عليه الزكاة وأريد بالقليل هو ذلك القليل الذي ل يصل النصاب أما إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول سواء كان‬
‫ن ذلك الشخص يملك غيره من الموال بحيث إنه إذا جمع ذلك الراتب وذلك المبلغ الذي‬
‫بمفرده أو كان قليل ولك ّ‬
‫تبقى من الراتب إلى ذلك المال الذي يملكه من غير الراتب فإنه يبلغ النصاب فتجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول‬
‫فالنسان مثل إذا ملك في هذا الشهر مائه ر زادت على حاجته وملك في الشهر الثاني كذالك مائه أخرى فإنه‬
‫ينتظر متى يبلغ النصاب وقد ذكرنا أكثر من مرة أن الريالن ل يمكن أن نحدد لها نصاب إل بالنظر إلى قيمة‬
‫الذهب فإنها إذا بلغت قيمة عشرين مثقالً من الذهب فإنها تجب فيها الزكاة إذا حال عليها الحول فإذا ملك النسان‬
‫مقدار ما يساوي عشرين مثقالً من الذهب وحال عليها الحول القمري فإنه يجب عليه أن يخرج من الزكاة أما إذا لم‬
‫يحُل عليه الحول فل زكاة فيه إل كما قلت إذا كان هناك شيء من المال الخر الذي يملكه النسان سواء كان من‬
‫الريالت أو من الذهب فإنه ينظر إلى الكل بعد أن يحول عليه الحول وبعد أن يحول الحول بعد أن ملك النصاب‬
‫ل يملك النصاب من الريالت في شهر رمضان ثم يتقاضى في‬
‫يزكي ذلك بقيت هنالك قضية هي أن النسان مث ً‬
‫الشهر الذي يليه راتبا ثم يتقاضى في الشهر الذي يليه راتبا وهكذا إلى أن يحول عليه الحول في رمضان فكيف‬
‫يزكي ؟ حال عليه الحول على الراتب الذي يتقاضاه في رمضان بينما الحول لم يمض علي بقية الرواتب الخرى‬
‫فهنا بإمكانه أن يقوم بزكاة ذلك المال الذي ملكه في شهر رمضان وهكذا بعد ذلك يزكي عن بقية المال الذي يليه‬
‫يزكي عن شوال وذي القعدة وهكذا ويمكنه وهو السلم له بأن يقوم بإخراج الزكاة جميعها في شهر رمضان ويكون‬
‫ذلك من باب تقديم الزكاة على وقتها وهو المعروف بالتعجيل في الزكاة وذلك جائز بنص السنة الصحيحة الثابتة‬
‫عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪.‬‬
‫وأريد بالتقديم تقديم زكاة الشهور الخرى أما بالنسبة إلى الذي بلغ في رمضان فإن ذلك ليس من التعجيل في شيء‬
‫هذا الذي ذهب إليه غير واحد من أهل العلم والحوط والسلم أن يقدم لن ذلك أيسر وأسهل من أن يقوم زكاة كل‬
‫‪241‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫شهر بمفرده ولكن إذا قام بإخراج زكاة كل شهر بمفرده فذلك جائز في مثل هذه الصورة عند كثير من أهل العلم‬
‫بخلف بعض الصور الخر كمن ملك مثل أربعين شاة سائمة وكانت لها أولد وبلغت مثل مائة وواحد وعشرين‬
‫من الغنم فإنه يزكي عن الكل فيزكي عن المائة والواحد والعشرين ذلك لن ذلك من النتائج ولو لم يحل الحول على‬
‫تلك الماشية الصغيرة لنها تابعة لصلها وهكذا بالنسبة إلى التجارة لو أن إنسانا حال الحول على تجارته وهنالك‬
‫الفائدة التي يستفيدها من الزكاة لم يحل عليها الحول مثل المال الصلي قيمته بحسب ما اشتراه تساوي ‪ 500‬ر‬
‫ولكنه عندما يبيع ذلك المال سيأتي بقيمة أكثر عن ‪ 500‬ر فتلك الزيادة هي فائدة لم يشتريها بذلك المبلغ ولكنه‬
‫يزكي ذلك المال بحسب ذلك القدر الذي يبيعه به فمثل قد تكون الفائدة مائة ر فيزكي عن ‪ 600‬ر ولو لم يحل‬
‫الحول على تلك الفائدة أما هذا المال عند كثير من أهل العلم اعني الراتب فهو يختلف عن ذلك لنه لم يكن ناتجا‬
‫عن ذلك الصل وإنما هو شيء جدير لم يكتسبه من ذلك المال أما لو اكتسبه من ذلك المال لكانت زكاته تجب بزكاة‬
‫أصله على رأي كثير من أهل العلم الذي هو عليه العمل ومع ذلك فإنني أقول الحوط أن يخرج زكاته مع ماله‬
‫السابق فيكون بذلك قد عمّل الزكاة وهو قد خرج من أقوال العلماء قاطبة وهو السلم وأحوط له ثم أيضا فيه ما فيه‬
‫من المشقة أن يخرج اليوم زكاة اليوم الفلني وبعد شهر زكاة المال الفلني وبعد ذلك كذا وهكذا وال تعالى ولي‬
‫التوفيق ‪.‬‬

‫س‪ :‬كيفية زكاة سيارات الجرة ؟‬


‫ج‪ :‬سيارات الجرة نفسها ليست فيها زكاة وإنما الزكاة فيما يحصل من تلك الجارة أي من إجارة تلك السيارة فلو‬
‫أجّر إنسان سيارته بمبلغ من المال يساوي نصاب الزكاة وحال عليه الحول سواء كان بمفرده يبلغ النصاب أو مع‬
‫مال أخر من جنس ذلك المال أي من الذهب أو الريالت أو الدراهم العصرية باختلف أنواع العملت في الدول‬
‫المعروفة فإذا بلغ النصاب بمفرده أو مع مال آخر كما ذكرت وحال عليه الحول فإن الزكاة تجب في تلك الجرة‬
‫سواء أجرّ تلك السيارة أو كان هو يعمل على تلك السيارة بنقل الركاب أو بنقل البضائع أو ما شابه ذلك فإذن‬
‫السيارة نفسها ل تجب فيها الزكاة وإنما تجب في الجرة بشرط أن يحول عليها الحول بعد ملك النصاب سواء بلغ‬
‫بمفرده أو مع مال آخر من الذهب أو ما يقوم مقامه من الدراهم أو الريالت أو الدنانير وال تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬كيفية زكاة البيت المؤجر ؟‬


‫ج‪ :‬من ملك دارا أو مكانا وأجرّة على غيره فإن الزكاة ل تجب في ذلك الدكان أو تلك الدار نفسها وإنما تجب في‬
‫أجرة تلك الدار أو في أجرة ذلك الدكان إذا بلغت تلك الجرة النصاب الشرعي المعروف الذي تجب فيها الزكاة‬
‫وحال عليها الحول فإذا بلغت قيمة الجرة ما يساوي عشرين مثقالً من الذهب وحال الحول عليها أو زادت على‬
‫ذلك أو كان النسان يملك مالً آخر أي يملك شيئا من الذهب أو الدراهم أو الدنانير أو الريالت أو ما شابه ذلك من‬
‫العملت المعروفة فإنه يضم ذلك المقدار الذي حصل عليه من أجرة ذلك الدكان أو تلك الدار إلى ما عنده وإذا حال‬
‫الحول عليهما جميعا فإنه يخرج الزكاة عنهما جميعا أما إذا كان ذلك النسان يصرف ما يحصل عليه من الجرة في‬
‫ذلك الشهر أو لم يبق إلى أن حال عليه الحول فإنه ل زكاة فيه هذا هو القول الصحيح وال تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬بعض المؤجرين يتقاضى أجرة المحل الذي أجرة في السنة بمعنى أنه يطلب عليه دفعه مقدمة فهل في هذه‬
‫الحال زكاة ؟‬
‫ج‪ :‬إذا أصرف ذلك المبلغ فإنه ل زكاة فيه أو صرف أغلبه بحيث أنه نقص عنه مقدار الزكاة أل إذا كان هناك مال‬
‫آخر ضمّه إليه أو ضم هذا إلى ذلك والمعنى واحد أما إذا أبقي إلى أن حال عليه الحول ففيه زكاة ‪.‬‬

‫س‪ :‬كيف تزكى الريالت العمانية ؟ بأي قيمة ؟‬


‫ج‪ :‬الريالت فيها زكاة وهكذا بقية العملت الدولية ولكن ل يمكن أن نحدد لها نهابا ً خاصا ً بل نصابها يختلف‬
‫باختلف قيمة الذهب فنصابها يقدّر بقيمة الذهب فالذي تجب عليه الزكاة عليه أن يسأل عن قيمة الذهب فينظر في‬
‫قيمة الذهب والقيمة التي تقدّر بها الزكاة هي قيمة الذهب الحقيقية فيسأل كم قيمة عشرين مثقال وعشرون مثقال‬
‫تساوي بالتقديرات العصرية خمسة وثمانيين على الرأي الصحيح الراجح فإذا بلغت هذه الدراهم قيمة عشرين مثقال ً‬
‫ف‘ن الزكاة تجب فيها ولكن كيف يسأل ؟ النسان يسأل عن قيمة الذهب الحقيقية ل عن قيمة البيع ول عن قيمة‬
‫الشراء وذلك لنّ البائع يطلب زيادة عن القيمة الصلية لنه يريد فائدة وذالك عندما يشتري ذلك الذهب قد يشتريه‬
‫بمبلغ أقل من السعر الحقيقي إذن يبحث النسان عن القيمة الحقيقية للذهب ل عن قيمة شرائه ول عن قيمة بيعه أي‬
‫ليس عن القيمة التي يبيع بها ذلك المشتري وإنما عن قيمة الحقيقية وهي تذاع في الذاعات وفي التلفاز وقد تنشر‬
‫ن كثيرا من الناس الدين يقومون بتقدير الذهب أو‬
‫في الجرائد ومن شاري ذلك فعليه أن يسأل أحدا ً يثق بدينه ل ّ‬
‫ن غرضهم الفائدة ول يجدون فائدة إذا قدروا هذه القيمة‬
‫الفضة التي تجب فيها الزكاة ل يتفقون ال تعالى يجازفون ل ّ‬
‫بل هي مجرد مساعدة ول يعتنون بذلك وقد يؤجرهم النسان ولكنهم أيضا مع ذلك ل يهتمون لنهم ل يخافون من‬
‫عقاب ال تعالى فعلى النسان أن يبحث عن شخص يثق بدينه وصلحه ويسأل عن القيمة الحقيقية للذهب أو عليه‬
‫أن يبحث عن ذلك من الوسائل التي ذكرتها وبعد ذلك يمكنه أن يسأل العلماء حتى يقدروا له مقدار القيمة وال تبارك‬
‫وتعالى أعلم‬

‫س‪ :‬إنسان ملك ‪ 10‬آلف ر في أول رمضان واشتري بها أرضا في ذي الحجة ثم باع تلك الرض في محرم‬
‫وبقيت المبالغ فمتى تزكى ؟‬
‫ج‪ :‬من ملك مبلغا من المال في شهر رمضان ثم اشترى به أرضا أو دكانا أو أي شيء آخر الحاصل استعمل ذلك‬
‫المال في تجارة وعرض ذلك الدكان أو ذلك البيت أو تلك التجارة للبيع وباعها بعد مدة من الزمن بعد شهرين أو‬
‫بعد ثلثة أو بعد أربعة وبقيت لديه تلك الدراهم إلى شهر رمضان المبارك فإنه يخرج الزكاة في شهر رمضان‬
‫المبارك فلو ملك إنسان عشرة آلف في اليوم الواحد من شهر رمضان ثم بعد شهر واحد اشترى دارا وعرضها‬
‫للبيع وباعها مثل في شهر شوال أو في شهر ذي الحجة ثم بقي لديه ذلك المال إلى اليوم الول من شهر رمضان‬
‫فإنه يخرج الزكاة فيه إذ إن التجارة هي بمثابة المال ول فرق بينهما ولكن بشرط أن يكون عندما اشتراها أراد بها‬
‫التجارة وعرضها ‪.‬‬
‫أما إذا كان أراد بها الملك مثل لو اشترى بيتا ليسكن فيه ثم بعد مدة وجد من يريد أن يشتري ذلك البيت أو َبدَا له‬
‫أن يقوم بعرضه للبيع فإنه ل يخرج الزكاة في اليوم الول من ملكه لذلك المال وإنما يحسب من اليوم الول الذي‬

‫‪243‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫عرض فيه تلك الدار أو ذلك الدكان أو تلك الرض فيحسب من ذلك اليوم وإذا بقيت لديه تلك الدار أو بقيت لديه‬
‫قيمة تلك الدار بعد أن باعها إلى ذلك اليوم الذي عرض فيه تلك الدار إن كان قد عرضها أو إلى اليوم الذي باعها‬
‫فيه إن كان لم يقم بعرضها فإنه يزكي في ذلك اليوم وال تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬شخص جمع مالً لشراء سيارة أو بيت أو جمعة للزواج أو للحج وحال عليه الحول هل فيه زكاة ؟‬
‫ج‪ :‬نعم تجب فيه الزكاة فإن تزوج أو حج به أو اشترى منه ذلك البيت الذي يريده أو تلك السيارة قبل أن يحول‬
‫عليه الحول فل شيء فيه ولو كان ذلك قبل يوم واحد أما إذا حال عليه الحول فإنه يجب عليه أن يخرج منه الزكاة‬
‫وكان يبلغ النصاب وال تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬إنسان بنى زكاته على أصل عنده وقبل أن يحول عليه الحول استلم مبلغا يصل إلى اللف من الريالت فهل‬
‫يُدخله ضمن ذلك الصل أم ينتظر أن يحول عليه ذلك الحول على المبلغ الجديد ‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذه المسألة مسألة خلفية شهيرة ‪.‬‬
‫ذهب بعض أهل العلم إلى أنه ينظر إلى المبالغ التي لديه في اليوم الذي تجب فيه الزكاة ويخرج الزكاة عن كل ما‬
‫لدية ولو أنه حصل على مال قبل يوم واحد فإذا كان يملك مقدار ما يساوي النصاب وحال عليه الحول ثم أنه حصل‬
‫على مبلغ كبير أو صغير فإن يزكيه بعد ذلك ‪.‬‬
‫وقبل أن يحول الحول على النصاب فإن يزكيه في اليوم الذي يزكي منه ماله الصلي هذا هو رأي طائفة أهل العلم‬
‫‪.‬‬
‫ذهبت طائفة من أهل العلم إلى إنه يزكي ذلك المال في اليوم الذي حصل عليه فيه ويزكي أولً عن المال الذي كان‬
‫يملكه في اليوم الذي يبلغ فيه الحول وعندما يبلغ ذلك المال الذي حال عليه الحول فإنه يزكيه بمعنى أنه يزكيه‬
‫بمعنى أنه أولً يزكي ماله الصلي في اليوم الذي حال عليه الحول بعد أن بلغ النصاب وأما المال الذي حصل عليه‬
‫فإنه ينتظر إلى أن يحول عليه حول قمري ويزكيه في ذلك الوقت هذا هو رأي طائفة من أهل العلم ‪.‬‬
‫وذهبت بعض أهل العلم إلى إنه إذا كان ذلك المال الذي حصل عليه نتج عن المال الصلي أي استفادة بسبب المال‬
‫الصلي فإنه يزكيه مع المال الصلي وأما إذا كان حصل عليه من مكسب آخر ول علقة له بالمال الصلي فإذا‬
‫ل جديدا وهذا قول وسط وقد ذهبت إليه طائفة كبيرة من أهل العلم وإذا أخذ به هذا السائل فل بأس به‬
‫يستقبل له حو ً‬
‫إن شاء ال تبارك وتعالى وإذا أراد أن يحتاط لمر دينه وأخذ برأي من يقول إنه يزكيه بحسب زكاة المال الذي كان‬
‫يملكه أو بحسب زكاة المال الذي كان يزكيه فإنه لشك إنه أحوط وأسلم هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإنه يمكن‬
‫له أن يقدم الزكاة على وقتها على الرأي الصحيح المشهور الذي تدل له السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم وهي المسألة المعروفة عند العلماء بتعجيل الزكاة فإن تعجيلها على وقتها جائز عند طائفة‬
‫كبيرة وقد علمتُ أن السنة تدل على ذلك فإن أخذ بهذا الرأي فل شك إنه أحوط وأسلم وإن استقبل حول جديدا لذلك‬
‫المال الجديد فإنه قول مشهور قال به غير واحد من أئمة العلم فل حرج على من أخذ به وهو رأي قوي وال تعالى‬
‫أعلم ‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬هل يجوز أخراج الزكاة إلى أخي أو أختي الفقيرين وهل يجوز تجزئة الزكاة إلى أكثر من شخص ؟‬
‫ج‪ :‬نعم يجوز للنسان أن يخرج زكاته إلى أخيه أو أخته إذا كان فقيرين إذا كان ل يقوم هو بمؤونتهما أي لم يجب‬
‫عليه شرعا أن ينفق عليها وإذا كان يجب عليه شرعا أن ينفق عليه لكنهما بحاجة لشيء من الموال تخرج عما‬
‫يتعلق بالنفقة أنه ل بأس من أن يعطيهما من الزكاة لتلك المور الخارجية عن النفقة إذا كانت ل علقة لها بها وأما‬
‫بالنسبة إلى تجزئة الزكاة إلى أثنين أو ثلثة أو أكثر فل مانع من ذلك كما أنه ل مانع من أن يعطي النسان زكاته‬
‫لشخص واحد إن كان ل يخرج عن حد الفقراء إلى الغنى ولكن إذا كانت هنالك جماعة أو مجموعة من الناس تحتاج‬
‫إلى الزكاة فالولى أن يفرقها بين أولئك الناس وأن ل يقوم بإخراجها إلى شخص واحد لنه إذا أخذ كل شخص من‬
‫أولئك الناس نصيبا من تلك الزكاة هو أولى من أن يأخذها شخص واحد ول تحصل البقية الباقية على شيء هذا‬
‫ومن المعلوم أن دفع الزكاة إلى القارب أولى من دفعها إلى غيرهم إذا كانوا فقراء وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬امرأة أخرجت الزكاة عن هذه السنة على حساب الشهر الشمسية وهي تجهل الشهر القمري فأخرجته على‬
‫حساب السنة الشمسية فما حكم الزكاة ذكرت أن تملّكها للمال ل تعرف تاريخه بالهجري ‪.‬‬
‫ج‪ :‬قد قدمت أكثر من مرة أن العبادات تتعلق بالشهر الهجرية ومن ذلك الزكاة فملك النصاب يعتبر بالشهر‬
‫الهجرية فمن ملك النصاب عليه أن يعرف ذلك اليوم أو بالشهر القمرية عليه أن يعرف ذلك اليوم الذي ملك فيه‬
‫ذلك المقدار من المال بحسب الشهر القمرية فإذا حال عليه الحول وهو في يده أي لم ينقص في يوم من اليام فإنه‬
‫يجب عليه أن يخرج منه الزكاة وهكذا بالنسبة إلى كثير من العبادات من ال ِعدَد وغيرهم فإنها تتعلق بالشهر القمرية‬
‫وهذه المرأة تعتبر بمشيئة ال تبارك وتعالى زكاتها صحيحة ولكن لبد من أن تعرف ذلك بالشهر القمرية كما قلت‬
‫حيث إن السنة القمرية تنقص عن السنة الشمسية بأحد عشر يوما تقريبا وإذا كانت ل تعرف متى ملكت المال‬
‫بالنسبة إلى الشهر القمرية فإن المر يسير عليها أن ترجع إلى اليوم الذي ملكت فيه المال الذي يساوي نصاب‬
‫الزكاة وتعرفه بحسب اليام الشمسية ثم بعد ذلك عليها أن تنظر في اليوم الذي يصادف ذلك من الشهر القمرية من‬
‫السنة الماضية وذلك يسير جدا فإذا كانت هي ل تعرفه فإن عليها أن ترجع إلى التقويم وهو تقريبا صحيح في السنة‬
‫الماضية وعليها أن تسأل بعض أهل العلم عن اليوم الذي يصادفه ذلك بالنسبة إلى الشهر الشمسية فمثلً إذا كانت‬
‫قد ملكت النصاب في اليوم الحادي عشر من شهر نوفمبر من الشهر الشمسية فعليها أن تسأل عن اليوم الذي يوافق‬
‫هذا اليوم من الشهر القمرية من السنة الماضية وبذلك ستعرف بمشيئة ال تعالى اليوم الذي ملكت فيه الزكاة من‬
‫الشهر القمرية وستذكر بعد ذلك بحسب هن اليوم في السنوات الماضية وال تبارك وتعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬إذا صام إنسان في دولة تقدم الصيام فيها ثم جاء إلى دولة تأخر الصيام فيها وكان الصيام في الدولة التي‬
‫جاء إليها وتأخرت بداية رمضان فيها كان الصيام فيها ثلثين يوما ‪ .‬ما الحكم ‪.‬‬
‫ج‪ :‬اختلف العلماء في وجوب صيام ذلك اليوم أي الذي هو الحادي والثلثين بالنسبة إلى ذلك الرجل ‪.‬‬
‫ذهبت طائفة من أهل العلم وهم الكثر إلى أنه ل يجب عليه أن يصوم ذلك اليوم بل يكتفي بصيام ثلثين يوما وذلك‬
‫لن الشهر العربي ل يزيد على ثلثين يوما تارة يكون تسعة وعشرين يوما وتارة يكون ثلثين يوما ول يمكن أن‬
‫يزيد على الثلثين ‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه عليه أن يصوم ذلك اليوم وذلك لنه مخاطب بصيام شهر رمضان وذلك اليوم‬
‫ل زال من شهر رمضان بالنسبة إلى ذلك البلد الذي هو فيه ذلك الوقت فهو مخاطب بالصيام لنه في بلد لزال‬
‫فيها نهار رمضان وهذا القول هو القول الصحيح وقد استدل له بعض العلماء بحديث دللته واضحة عليه ولكنه‬
‫يحتاج إلى مزيد من النظر والتمحيص هل هو ثابت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ونظرا إلى إن ذلك ل‬
‫يؤخر في الحكم ول يتقدم أي أن ثبوت ذلك الحديث أو عدم ثبوته لن يؤخر قي الحكم في هذه المسألة على حسب‬
‫رائي ولذلك أقول أن على من صام في بلد متقدمة أن يكمل اليوم الحادي والثلثون لنه في بلد فيها هذا اليوم من‬
‫شهر رمضان وهو مخاطب بصيام شهر رمضان وشهر رمضان لم ينتهى في هذه البلد وهذا كله إذا كان قد صام‬
‫في تلك البلد وقد تحقق دخول شهر رمضان في تلك البلد أما إذا كان لم يتحقق دخول شهر رمضان في تلك البلد‬
‫وإنما هو احتمال كما يقع في كثير من البلدان وللسف الشديد فإنه ليس له أن يفطر أما إذا تحقق ففيه الخلف‬
‫المذكور أما بالنسبة إلى من صام في بلد متأخرة ثم ذهب إلى بلد تقدم الصوم وأفطر أصحاب تلك البلد قبل‬
‫أصحاب هذه البلد فلبد من أن يقضي ذلك اليوم لنه ل يمكن أن يكون الشهر جاء حال من الحوال أقل من تسعة‬
‫وعشرون يوما بل لبد من أن يصل إلى ذلك العدد أو أن يصل إلى ثلثين يوما فعليه أن يفطر في تلك البلد إذا‬
‫ثبتت فيها الرؤية أو بعبارة أخرى إذا تحقق دخول شهر شوال عليه أن يفطر وليس عليه أن يصوم لن ذلك اليوم‬
‫يكون يوم عيد وصيام يوم العيد حرام بنص السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى ال عليه وسلم وبإجماع المة‬
‫قاطبه وال تبارك وتعالى أعلم ‪..‬‬

‫س ‪ :11‬إذا كان لديه مبلغ من المال‪ ،‬هل ينتظر أن يحول عليه الحول حتى يزكيه ؟‬

‫ج‪ :‬الال ل زكاة فيه إل إذا حال عليه الول من اليوم الذي بلغ فيه النصاب ‪ ..‬أعن بالال الال الذي يشترط فيه أن يول‬
‫عليه الول‪ ،‬وسؤاله عن الدراهم على حسب ما أفهم‪ ،‬فلبد من أن يول الول على هذا الال الذي بيده من اليوم الذي بلغ‬
‫فيه النصاب اللهم إل إذا كان له مال آخر وكان يزكيه فإنه إذا حال الول على ذلك الال الذي يزكيه فإنه يزكي هذا الال‬
‫الذي حصل عليه الن مموعا إل الال الذي كان يزكيه الن ‪ ..‬هذا الذي ذهب إليه المهور وهو أنّ الال الستفاد يزكّى‬
‫بزكاة الصل؛ وال أعلم ‪.‬‬

‫س ‪ :4‬من وجبت عليه زكاة الذهب ولم يجد ما يزكي به إل أنه كان يتصدق على أهل بيته بمبلغ في كل شهر‪،‬‬
‫فهل عليه أن يجمع ذلك المبلغ ليزكي به ؟‬

‫ج‪ :‬على كل حال؛ ما دام يلك شيئا من الذهب ووجبت فيه الزكاة فهو ف حقيقة الواقع مالك لا يرجه عن الزكاة‬
‫فليخرج من الذهب الذي يلكه أو يتصرف بوسيلة أخرى فهر ف القيقة مالِك اللهم إل إذا كان يلك ذلك من قبل وكانت‬
‫الزكاة قد وجبت فيه ث إنه خرج عنه الن بوجه من الوجوه فإنه ف هذه الالة عندما يتمكن من وجود الال يب عليه أن‬
‫يُخرِج الزكاة وليتب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عن تأخيه‪ ،‬فإ ّن الزكاة يب أن تُخرَج على الفور بعد وجوبا؛ وال أعلم‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س ‪ :83‬هل يشترط للمزكي بأنه إذا أراد أن يعطي زكاته للفقير أن يخبره أن هذه زكاة ؟‬
‫الواب ‪-:‬‬
‫القول بأن ذلك شرط صعب ولكن إذا كان النسان يعرف أنه فقي فل يشترط ذلك وإذا كان مرد ظنون بعض الشخاص‬
‫يظن من الفقراء فلبد أن يبحث عنهم ‪.‬‬

‫س ‪ :7‬عليها زكاةُ َذهَب وزوجُها مَدِين‪ ،‬هل لها أن تُعطي زكاتَها لِزوجِها ؟‬
‫ج‪ :‬ف هذه السألة كلمٌ له ِل العلم؛ ول أرى مانعا مِن ذلك‪.‬‬
‫وإن كنتُ ل أرى الستدللَ بِحديثِ زينب زوجِ ابن مسعود‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهما‪-‬وذلك لنّ ذلك الديث فيما‬
‫يَظهر لِي ف الصدقةِ غي الواجبة ‪ ..‬ف صدقةِ النفل ‪ ..‬هذا ما أراه‪ ،‬وما جاء ف بعضِ الروايات مِمّا يُستفاد منه بأنه بِخلفِ‬
‫ذلك‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬فيه نظرٌ فل يُمكِن أن نَستدِل بذلك الديث لنّ ذلك الديث لِغي الزكاة الواجبة‪.‬‬
‫ولكن إذا كان هذا الزوجُ فقيا فل مانع مِن دفعِ هذه الزكاة إليه ولكن إذا َدَفعَتْ هذه الزكاة إليه فإنّ الوْل له أن‬
‫س ونو ذلك‪ ،‬فبعضُ العلماء يُشدّد ف هذا المر ‪ ..‬مثل لو دَفعتْ إليه‬ ‫يَستخدِمها ف أمرٍ ل يَعودُ على هذه الرأة بِفائدةٍ كلِبا ٍ‬
‫هذه الزكاة وذهب واشترى بِها مَلبِس لِهذه الرأة فبعضُ العلماء يُشدّد ف هذا المر مَخافةَ أن تكونَ هذه الرأة قد َقصَدَتْ‬
‫إل ذلك المر و‪-‬حقيقة‪-‬ف هذا ما فيه مِن الرَج وإن كان الصل أنّ ذلك الزوج عندما يَتملّك ذلك الال وَيصِي مِلكا له‬
‫فإنّ له أن يَتصرّف بِه فيما شاء ولكن ل شك أ ّن السلمة ف الروج مِن مثل هذا اللف وف الحتياط لِلدّين‪.‬‬
‫وعلى حسب ما أفهمُ مِن سؤالِ هذه الرأة أ ّن هذا الزوج عليه دَيْن فلتَدفع له هذا الال وليَدفعه ف دَيْنه وليشتر لَها إن شاء أن‬
‫ج مِن خلفِ أهلِ العلم ول‬ ‫يَشترِي لَها شيئا مِن اللبس مِن غي ذلك ‪ ..‬بِماله الذي ل يَأخذه مِن زكاتِها فذلك فيه خرو ٌ‬
‫شك بِأنه أسْلم وأحْوط ل ّن المرَ ل يَخلو مِن شي ٍء مِن الرج؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س ‪ :7‬أَخرَجَ أكثرَ مِن القدر الذي َيجِب عليه مِن الزكاة بِنِية الزكاة لنه أَخ َرجَها قب َل أن يحسب ماله لِمعرفة القيمة‬
‫الواجِبَة عليه‪ ،‬فما حكم ذلك ؟‬
‫ج‪ :‬ل بأس عليه بِمشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ما دام أنه قد نواه على أنه زكاة‪ ،‬فتلك زيادة ‪ ..‬الصل أنه يَنوي الزكاة ث إن‬
‫شاء أن يَتبّع لكن هو ظنّ هذا ول حرج عليه‪.‬‬
‫س ‪ :8‬عنده ثمانية آلف وحال عليها الحول ولكن لنه يَبني منزل يَترقّب ديونا آتِيَة هل باعتبار أنه‬
‫يَترقّب ‪ ...‬؟‬
‫ج الزكاة عنها إذا كان قد حال عليها الول والذي يَأت ف الستقبَل‬
‫ج‪ :‬إذا كانت الثمانية ل زالت ف يَدِه فلبد مِن أن يُخرِ َ‬
‫لِك ّل شيءٍ حكمه الاص‪.‬‬
‫س ‪ :14‬يريد أن يدفع زكاته وهو يعلم أنّ هناك صندوق متخصّص في دفع الزكوات للفقراء‪ ،‬فهل يعطي ذلك المال‬
‫للصندوق ؟‬

‫ج‪ :‬إذا كان متأكّدا ومتيقّنا تام اليقي من أنّ ذلك الصندوق يقوم بدفع الزكاة إل مستحقّيها فليدفعها إليه‪ ،‬وأما إذا كان‬

‫‪247‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫شاكّا ف ذلك فإنّ ال‪-‬تعال‪-‬ل يعبد بالشك‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الصفحة‬ ‫الوضوع‬
‫أول ‪ :‬فتاوى الج‬
‫أحكام وجوب الج والوصية به‬
‫س‪ :‬يبدو أ ّن الخت أشكل عليها بي الوصية وبي القيام بتنفيذ الصيام عن طريق الوصية‪-‬أيضا‪-‬‬
‫أو الج ‪ ..‬صحيح أنه ل وصية لوارث لكن هل عندما يوصي الوارث لوروثه أن يصوم عنه أو‬
‫أن يج عنه‪ ،‬هل له أن يج عنه أو يصوم عنه ؟‬
‫س‪ :‬رجل نذر أن يج عن والدته ولكن والدته ضعيفة ف السّن ‪ ..‬كبية تتاج إل أن يقوم‬
‫برعايتها والعناية با‪ ،‬فهل له أن يذهب ليحج عنها ويترك الهمّة على أخواته ليقمن بذلك وأخواته‬
‫ل يستطعن أن يقمن بالهمّة الت ترضي الوالدة لنا تتاج إل رجل يستطيع حلها إل دورات‬
‫الياه وغيها ؟‬

‫‪249‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬البعض يكتب وصيته فيطالِب ورثته بالصيام عنه أو كفارة شهرين أو الج‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يَجوز لِلرجُل أن يَحجّ عن والدته إذا كانت عاجزة ؟ وإذا كانت قد أصيبت بالعمى‬
‫كذلك ؟‬
‫س‪ :‬من أراد الذهاب إل الج وليس لديه مال‪ ،‬هل له أن يقوم بمع تبعات ‪ ...‬؟‬
‫س‪ :‬كانت لديه‪-‬ربا هو أو غيه‪-‬نية أن َيذْهب إل الج ولكن جاءتْه فرصة عمل‪ ،‬فما الذي‬
‫ُي َق ّدمُه ؟‬
‫حكم حج من علي دين‬
‫س‪ :‬مَن عليه دَيْن‪ ،‬هل يَذهب إل الج أم ل يَذهب ؟‬
‫س‪ :‬من أراد الج وعليه دين ربوي ؟‬
‫س‪ :‬من عليه دين وليس عنده الوفاء لكن جهة عمله تتكفل بإرجاع الق لصحابه على تقدير‬
‫وفاته ؟‬
‫س‪ :‬ما حُكم الذهاب إل الج لِمَن عليه دَيْن ؟‬
‫أحكام الجارة بالحج‬
‫س‪ :‬ما هي شروط استئجار الج ؟ وهل يصح أن يُستأجر أو أن يُحج عن غي الول وهو من ل‬
‫يكن على طاعة ؟‬
‫س‪ :‬هل يَجوز لِلنسان أن ُيؤَجّر بِحجّة وهو بِصحّة وعافية ؟‬
‫س‪ :‬امرأ ٌة كبيَة ف السن لَم تَذهَب إل الج لِظروفِها الـمَرضية لكنّها تُرسِل ف كلّ عامٍ خَمسي‬
‫ريال عُمانيا‪ ،‬فهل ُتؤْجَر على ذلك ؟ مِن أجْل أن ُت َوزّع هناك على الفقراء‪.‬‬
‫س‪ :‬مَن ل يستطيع أداء الج إما لكب سنه أو لرض أل به‪ ،‬هل الوْل له أن يؤجر ف حياته أو أن‬
‫يوصي بالج ؟ وهل هو مطالب أساسا بأن يؤجّر أو يوصي وهو على هذا الال ؟‬
‫أحكام الستعداد للذهاب للحج‬
‫س‪ :‬ماذا يَنبغي على الذي يُريد أن يَحُج إل بيت ال الرام ؟ ماذا عليه أن يَصنع كاستعداد لذه‬
‫الفريضة ؟‬
‫سدّ دُيُونَه فيما لو حدث له‬
‫س‪ :‬ذكرت بِأنّ النسان إذا كان يَملِك مِن الـمَتَاع ومِن الال مَا يَ ُ‬
‫مكروه‪-‬ل قدّر ال‪َ -‬فلَو كان يَمتلِك بَيْتَه فقط وسَيَارته‪ ،‬فهل ذلك يَكفي لكي ُيضَمّنَه الوَصِيّة ؟‬
‫س‪ :‬إذا تُوف النسان ول يَحُج مع أنه كان قادِرا على الج ف حياته‪ ،‬فما الكم ؟ وإذا قلنا‬
‫حرَم عنه مِن مكانه أم مِن مكان الذي يَستأجِر عنه ؟‬
‫بِوجوب الج عنه‪ ،‬فهل يُ ْ‬
‫أعمال الحج‬
‫حدّثُونا‪-‬باختصار‪-‬عن صفة الج ‪ ..‬ما الذي يأتيه الاج وما الذي يذره ؟‬ ‫س‪ :‬نريد منكم أن تُ َ‬

‫أول‪ :‬الحرام‬
‫‪250‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حكم ركعتي الحرام‬


‫ت؟‬
‫س‪ :‬امرأ ٌة أَ ْح َرمَتْ بِالعمرة مِن غيْر أن تُصلّي ركعتيْن‪ ،‬وإنّما لبستْ لباس الحرام ث أحرم ْ‬
‫** أنواع الحرام‬
‫س‪ :‬مَن أدّى العُمْرة مِن قبل‪ ،‬ما الذي أفضل له أن َيصَْنعَ ُه عندما يُريد أن يج ؟‬
‫سعْيٍ واحد بِنية الج والعُمرة‪-‬كما َورَد‬
‫س‪ :‬ف حال القران بِالج والعُمرة‪ ،‬هل يَكَْتفِي القارِن بِ َ‬
‫ف بعض الفتاوى‪ُ-‬ي َؤدّيه مت ما شاء َسوَاء عند طَواف القُدوم أو ُيؤَخّره عند َطوَافِ الفاضة ؟‬
‫أحكام إحرام الصبي‬
‫س‪ :‬يَأ ُخذُ بعض السلمي أَطفالم َم َعهُ ْم للعُمْرة ومِ ْنهُم الرضيع ومنهم الـمُمَيّز‪ ،‬فما هي الحكام‬
‫حرِموا لَهم وأن‬
‫الَُت َعلّقَة بِهؤلء الطفال ؟ نرجوا التَفصِيل ف هذه ال َقضِيّة ‪َ ..‬يعْنِي هَلْ لَهم أن ُي ْ‬
‫ُي َؤدّوا العُمْرة وهَكَذا الج ؟‬
‫س‪ :‬إذا ارتَ َكبَ هَذا الصّب الميّز‪-‬الذي يَستطيع أن يَفهم ما يُقال له‪-‬شَيئا مِن الحْظُورَات‪ ،‬مَن‬
‫الذِي يَتَحَمّ ُل مَا يَترتب على ذَلك ؟‬
‫أحكام قطع التلبية‬
‫حرِم الّتلِْبيَة ؟‬
‫س‪ :‬مت يَقْطَع الـمُ ْ‬
‫أحكام محظورات الحرام‬
‫س‪ :‬ما حكم مَن قَتَ َل الص ْيدَ ف الرَم مِن غي عَمْد ؟ وهل حَجّه صحيح أو ل ؟‬
‫س‪ :‬مِن العلوم أنّ الطّيب مِن المور الت يُمنَع منها الاج غي أنّ كثيا مِن النّاس قد َيلْتَبِس‬
‫عليهم المر ولَربا ُيضَّيقُون على أنفُسِهم أمورا قد وسّع ال‪-‬تعال‪-‬عليهم فيها مِن ذلك ما يَتعلق‬
‫ض الناس يَمْتَنِعون عن الستحمامِ أو السّواك طيلة أيام الحرام‪ ،‬وسؤالنا عن‬
‫بِالنّظافَة فنجِد بع َ‬
‫حرِم‪:‬‬
‫مَشروعية استخدام الواد التالية لِلمُ ْ‬
‫ض أنواع الصابون كالذي به رائحة " الديتول " أو رائحة اللّيمون أو رائحة‬
‫‪-1‬استخدام بع ِ‬
‫حرِم سوَاء غسل الْيدِي أو الستحمام‬
‫الفواكه الخرى ‪ ..‬فهل استخْدام مثل هذه النواع لِلمُ ْ‬
‫أثْنَاءَ فترة الحرام مِن المنوع ؟‬
‫أحكام الدماء‬
‫حرِم إذا ما أخطأ ف أمر مِن‬
‫س‪ :‬ذكرتُم ف حلقة ماضية س‪ :‬أنّ الدماء الت تَجب على الاج أو الُ ْ‬
‫المور أو فعل أمرا مِن المور تَحتاج إل تفصيل وليس كل ما أخطأ فيه الاج يُوجِب الدم وهناك‬
‫أمور تأت على التخيي ‪ ..‬كل هذه نريد فيها شيئا مِن التفصيل باختصار‪.‬‬
‫حرِم ؟‬
‫خيّر بَيْنَ الدّم والطعام والصّيام ف حَق مَن قَطَعَ شيئا مِن الشّجَر َوهُو مُ ْ‬
‫هَل يُ َ‬
‫ح ِرمَة بِالعُمرة أُصيبت بِجُرح ف أصبعها نتيجةَ استخدام السكي‪-‬وكانت حائضا‪-‬‬
‫س‪ :‬امرأة مُ ْ‬
‫خرَجَ منها دم ليس بِالكثي‪ ،‬فماذا عليها ؟‬
‫فَ‬
‫أحكام عامة في الحرام‬
‫‪251‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬ما حُ ْكمُ الشتِراطِ ف الحرام ؟‬


‫س‪ :‬ولكن ما فائدة هذا الشتراط ف الحرام ؟‬
‫س‪ :‬مَن خرج مِن مكة بعد أداء عمرة التمتع‪ ،‬هل يلزمه أن يدخل إليها بعد ذلك مرما بالج ؟‬
‫س ‪ :3‬ما حكم استخدام حقيبة النوم بالنسبة للمحرم ؟‬
‫ثانيا‪ :‬الطواف‬
‫أو أنه ل‬ ‫س‪ :‬هل يستحب أن يكون الطواف حول الكعبة بي الكعبة ومقام سيدنا إبراهيم‬
‫؟‬ ‫يوجد ما يعيب الطواف مِن خلف مقام سيدنا إبراهيم‬
‫س‪ :‬إذا تلّلَ شخص مِن الج أو العُمرة ث شك ف طوافه بأنه قد طاف ستّة أشواط‪ ،‬ماذا‬
‫يَجب عليه ؟‬
‫صلّى‪ ،‬هل‬
‫صلّي ونَسِيَ كم َ‬
‫س‪ :‬هل يَصحّ لِلطائف أن يَعتمِد على شخصٍ آخر ف ال َعدّ ؟ والذي ُي َ‬
‫يَعتمِد على مَن بِجَنْبِه ؟‬
‫س‪ :‬مع شدّة الزحام‪ ،‬ما حكم الطواف والسعي فوق السطح ؟‬
‫صلّي إنسان عن إنسان وإنّما قد يصوم إنسان عن آخَر‪،‬‬
‫س‪ :‬ذَكَرتُم ف أَكْثَر مِن َموْضِع بِأنّه ل ُي َ‬
‫صلّي ركعتَ ْي ال ّطوَاف وَأْنوِي أنّهما عن الشّخص الذي أَحُج عنه‬
‫لكن َهذَا السّائِل َيقُول‪ :‬كُنتُ ُأ َ‬
‫صلّيهِمَا أول ؟‬
‫ثُم رََأْيتُ أنّه ل يصلي أحد عن أحد‪ ،‬فماذا َعلَ ّي ؟ وماذا أفعل الن ؟ هل ُأ َ‬
‫ثالثا‪ :‬السعي‬
‫س‪ :‬نُشاهِد بعضَ الناس يُصلّون بعدَ السعي‪ ،‬فهل تُشرَع صلةٌ ف ذلك الوقت ؟‬
‫س‪ :‬لقد َنصّت كتب الفِقه البيّنَة لحكام الج والعمرة بِأنّ الدعاء الذي يُقال على الصفا والروة‬
‫ُي َر ّددُ هناك ثلث مرات ف كل شوط على كل منها‪ ،‬فهل ذلك على الوجوب أم الستحباب ؟‬
‫وماذا على مَن ل يَستطِع أن يَأتِيَ به على الصفة النصوص عليها ف تلك الكتب نتيجةَ الزحة‬
‫ح القتصار على ألفاظ معيّنة بِذاتا ؟‬
‫الشديدة والرتباك ؟ هل يَص ّ‬
‫س‪ :‬لقد اعتمَرتُ مع والدي وعند السّعي بدأنا بِالصفا ولكننا كُنّا َن ُعدّ ذهابنا مِن الصفا إل‬
‫الـ َمرْوة نصفَ شوْط‪ ،‬بِحيث كنّا َنعُدّ ذهابَنا مِن الصفا إل الروة ث رجوعَنا إل الصفا مرّة أخرى‬
‫شوطا واحدا بد ًل مِن كونه شوطي فقد كان الـمَجموع بِذلك خس عشر شوطا ؟‬
‫س‪ :‬ما حكم السعي بي الصفا والروة بالنسبة لجة الفراد ؟‬
‫خامسا ‪ :‬أعمال اليوم الثامن وليلة التاسع من ذي الحجة‬
‫س‪ :‬أرجو مِن شيخنا أن يُبيّن لنا حكم مَن ل يَِبتْ ليلةَ التاسِع مِن ذي الِجّة ف مِن وإنا َذ َهبَ إل‬
‫ض أهل العلم هناك‬
‫عَرفة مباشَرة مع مَن يُقيم معهم وليس له مُر ِشدٌ يَذهَب معه وقد أَ َخذَ بِفتوى بع ِ‬
‫بِأنّ الرسول بَاتَ هناك لِلستراحة وليس ذلك مِن السنّة ؟‬
‫خامسا‪ :‬أعمال اليوم التاسع من ذي الحجة ( يوم عرفة)‬

‫‪252‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬سعتُ منكم ف حلقات ماضية تَحْذيرا لِلحجاج مِن أن يَفيضوا مِن عرفات قبل تَحقّق غروب‬
‫الشمس فأيّ حركة مِن هذا النوع تُؤدّي إل الحكام الت ستذكرونَها إن شاء ال‪ ،‬ولكن كيف‬
‫ف قليل ف عَرفة ‪ ..‬هذا الديث الذي‬
‫ُت َوّفقُون بيْن هذا وبيْن الديث الذي َو َر َد فيه أنّ رجُل َو َق َ‬
‫أخرجه المام أحد ‪ ..‬هذا الرجُل يَقول‪ " :‬يا رسول ال‪ ،‬إن جِئْت مِن جَبل طَيْء أَ ْك َل َلتُ را ِحلَتِي‬
‫‪ ( :‬مَن‬ ‫ت مِن جبل إل َو َقفْت عليه‪ ،‬فهل ل مِن حج ؟ " فَقال‬
‫وأْتعَ ْبتُ نفسي‪ ،‬وال ما َترَ ْك ُ‬
‫ف معنا حت نَدفع وقد َو َقفَ ِبعَرفة قبل ذلك ليل أو نارا فقد أََتمّ حَجّه‬
‫َش ِهدَ صلتَنا هذه و َو َق َ‬
‫وقضى َتفَثَه ) فيُشِي الديث أنه حت لو َو َقفَ جز ًء قليل مِن النهار فذلك يَكْفي ؟‬
‫س‪ :‬لَحق بِيوم عَرفة ف وقتٍ متأ ّخ ٍر مِن الليل ؟‬
‫س‪ :‬ف عرفة‪ ،‬مَن اعتمد على خطبة الذياع بعد صلة الظهر والعصر جَ ْمعًا ؟‬
‫سابعا‪:‬أعمال اليوم العاشر من ذي الحجة‬
‫أول ‪ :‬قطع الوادي‬
‫س‪ :‬الناس معروفٌ أنم عندما يفيضون مِن عرفات إل مزدلفة ومِن مزدلفة إل مِن ‪ ..‬عندما‬
‫سرِعون ف وادي مُحَسّر لكن ل يَعلمون شيئا عن‬
‫يَقطعون الطريق مِن مزدلفة إل مِن يُ ْ‬
‫السراع ف هذا الوادي عندما يذهبون مِن مِن إل عرفات‪ ،‬فهل يَصنعون نفس الفعل ؟‬
‫أول ‪ :‬رمي جمرة العقبة‬
‫س‪ :‬ف أيام الج‪-‬ويَكاد يَتكرّر ف كل عام‪-‬يَحدُث زِحامٌ شديد أثناء الرمي ويُحاوِل كل واحد‬
‫مِن الناس التّوسِعة لِنفسه حت َيصِل إل الوض وبِالتال يَرمي تلك الـجَ ْمرَة‪ ،‬هل لبد مِن‬
‫وصول الصاة إل الـجَ ْمرَة أم أنا يَكفي أن تَسقُط ف الوض ؟ وبِذلك يَفهَم الناس القضية‬
‫خفّ الزحام‪.‬‬
‫ويَ ِ‬
‫ضعَت حت ل يُصيب الجاج بعضهم البعض‬
‫س‪ :‬هل يعن ذلك أنّ تلك الجارة النصوبة إنا ُو ِ‬
‫وإل فالصل الوض ؟‬
‫س‪ :‬ما حكم غسل الصى ؟ يعن هل الصى يُغسَل أم ل يُغسَل ؟‬
‫حصَيَات الت ُت ْرمَى ‪ ..‬إذا َشكّ أنه َرمَى خسا أو سِتا أو سبعا ؟‬
‫س‪ :‬الشكّ ف َع َددِ الـ َ‬
‫س‪ :‬هل مِن رخصة لِلنساء ف عدم الرمي نظرا لِلزحة ؟‬
‫س‪ :‬لعل السائل يشي إل أنه ليست السألة مِن عدم القدرة الطلقة وإنا الضعف الركب ف ذات‬
‫الرأة ؟‬
‫ثانيا‪ :‬التحلل الصغر والكبر‬
‫أول ‪ :‬التحلل الصغر‬
‫*الحلق أو التقصير‬
‫س‪ :‬الحلل بِالتَقصِي أو اللْق‪ ،‬كيف يَكون ؟‬
‫* الهدي‬
‫‪253‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج مِن‪ ،‬هل َيصِحّ لِلحاج أن يَهدِي فيه ؟‬


‫سلَخ يُوجَد خار َ‬
‫س‪ :‬هناك مَ ْ‬
‫س‪ :‬رجل فَ َق َد نقودَه فلم يَستطِع الدْي‪ ،‬فماذا يَصنع ؟‬
‫ثالثا‪ :‬طواف الفاضة‬
‫س‪ :‬بالنسبة لطواف الفاضة‪ ،‬هل يَصحّ أن يُؤجّل إل طواف الوداع ؟‬
‫ثامنا‪:‬أعمال أيام التشريق ( ‪11,12,13‬من ذي الحجة )‬
‫س‪ :‬ما حكم ا َلقِيل بِمكّة أيام مِن ؟‬
‫س‪ :‬ربا يُريد أن ُيعِيد تلك السألة الت ذكرتُموها ف حلقةٍ ماضية‪ ..‬مسألة رمي المرات ‪ ..‬هل‬
‫يُشتَرط أن ُتصِيبَ العَمود أم يَكفي أن َتقَع على الَوض ؟‬
‫س‪ :‬رجلٌ أخذ وكالة مِن جاعة مِن الجاج ف رمي الِمار وأخذ منهم الصى ث رماها ف‬
‫الشارع ول َي ْرمِ المرات ول يُخْبِرهم وهم عاجزون عن الرمي‪ ،‬فما الكم ؟‬
‫س‪ :‬واِلدِي توفّاه ال وُأرِيد أن أَ ُحجّ عنه وكما تَعلَمون عن َد َرمْيِ المار تَكون زحْمَة كبِيَة‪ ،‬هل‬
‫لِي أن ُأؤَ ّجرَ ِل َرمْيِ المار ؟ مع العلم أنّن َأدّْيتُ الج عن نفسِي‪.‬‬
‫س‪ :‬ف اليوم الادي عشر ذهب رجلٌ ِلرَمي الـجَ َمرَات وعند وصوله رَمى الـجَ ْمرَة الول‬
‫وذهب ِلرَمي الـجَ ْمرََتيْن الوسطى والكبى ومِن شدّة الزحام ف ذلك اليوم ل يَنتبِه إل الـجَ ْمرَة‬
‫الوسطى وسَها عن رَميِها حت وَصَ َل إل الـجَ ْمرَة الخية ورَماها وعند عَودتِه بِالطريق َشكّ ف‬
‫نفسِه أنه ل َي ْرمِ الـجَ ْمرَة الوسطى وبَقي على شَكّه حت اليوم التال‪-‬الثان عشر‪-‬وعند عَودتِه‬
‫صلَ تلك الـجَ ْمرَة ورَماها بِسبعِ َحصَيَات عن شَكّه لِليوم الول وذلك ف‬
‫لِلرمي ف هذا اليوم وَ َ‬
‫اليوم الثان عشر‪ ،‬فهل تَصرّفه هذا يُجزِي أم ماذا يَكون عليه ؟‬
‫س‪ :‬ذُكِر عَنْكم أنكم َشدّدتُم ف مسألةِ رَمي الرأة لِلجَ َمرَات فطَالَ ْبتُم الرأةَ أن تَرميَ بِنَفسها وألّ‬
‫ت قَادر ًة على ذلك فالبعضُ َيقُول‪ " :‬ف ذلك شي ٌء مِن التشْديد " فَنُريد أن‬
‫تُنيب غيها ما دام ْ‬
‫تُوضّحَ هذا الَمر حت يَفهم الميع الراد‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬طواف الوداع‬
‫س‪ :‬ما قولكم ف مَن َترَكَ ركعت الطواف ف طواف الوداع ؟‬
‫س‪ :‬حاجّ َترَكَ طوافَ الوداع‪ ،‬فماذا يَلزمه ؟‬
‫أحكام الحج والعمرة للمرأة‬
‫*ما يتعلق بوجوب الحج والعمرة‬
‫‪ )1‬أحكام متعلقة بشرط وجود المحرم‬
‫س‪ :‬الرأةُ‪ ،‬هل يُشترَط لِسفرِها إل الج أن يَكون ذو مَحرمٍ معها ؟‬
‫س‪ :‬ما مقدار السن بالنسبة للمحرَم إذا كان هذا الحرم ولدها ؟‬
‫س‪ :‬إذن نفهم من هذا أنه ف حالة عدم وجود الحرم ل تعتب الرأة مستطيعة ؟‬
‫س‪ :‬ف حالة وجود الحرم لكنه ل يلك الال وهي تلك الال‪ ،‬هل يب عليها أن تعطي مرمها‬
‫‪254‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الال ليحج معها ؟‬


‫س‪ :‬ما حكم ذهاب الرأة للحج رفقة مموعة من النساء بدون أن يكون عندها مرم رجل؟‬
‫س‪ :‬بِالنسبة لِزوجةِ العَم وزوجةِ الال‪ ،‬هل ها مِن الحارِم ؟‬
‫س‪ :‬مَن الذي يَصْدُق عَليه أن يَكون مَحْرَما ‪ ..‬رُبّما يَكون لحد النسَاء صب‪ ،‬هل يُمْكن‬
‫أن يَكون هو مَحْرَمها ف هذا السّفَر ؟‬
‫س‪ :‬امرأةٌ تُرِيدُ الذّهَاب إل العُمْرَة بِدُون مَحْرَم ‪ ..‬مَعَ أجَانِب ؟‬
‫حرَمًا لا إذا ما أرادت الذهاب إل الج ؟‬
‫س‪ :‬زوج أخت الرأة‪ ،‬هل يعد مَ ْ‬
‫حرَم‪،‬‬
‫ج النّفل وسبق لَها أن حجّت الفرض لكنها هذه الرة تذهب بدون مَ ْ‬
‫س‪ :‬امرأة أرادت أن تَحُ ّ‬
‫فهل عليها أن تتعجّل أم تؤخّر ؟‬
‫س‪ :‬والدتا تريد أن تَذهب إل الج ولكن ليس عندها مَحْرَم إل أنّ القاوِل يَصطحِب معه‬
‫زوجتَه مع مموعة مِن النساء‪ ،‬فهل تَذهب معهم ؟‬
‫ما يتعلق بإحرام المرأة‬
‫س‪ :‬ما طَريقَة إحرَامِ الرأة ؟ لنّ بعضَ النساء َيفْهمنَ عَلى َأنّهن َيلْبَسْنَ لباسا ُمعَيّنا وطريقة معيّنة‪،‬‬
‫هل هناك بِالفعل شي ٌء مِن هذَا ؟‬
‫ح ِرمَات هو تغطيةُ الوجه بِناء على أ ّن الفتنة هي‬
‫س‪ :‬القيقة أَصبحت الصفة الغَالبة عند الـمُ ْ‬
‫السبب ف َسدْل هذا المار‪.‬‬
‫س‪ :‬ما هو مِعْيَار الوف مِن الفتنة ؟ يَعن كَيف تَستطيع الرأة أن تُميّز هَل هِي خَائِفة مِن الفتنة ؟‬
‫هل هذا يَعتمِد عليها بِنفسِها أم َيعْتَمِد على نَظرات الخرين إليها ؟‬
‫س‪ :‬هل لِلمرأةِ أن تَغْتَسِل غُسْل الحرامِ مِن منِلِها قبلَ الروج ؟‬
‫*ما يتعلق بالحيض والنفاس‬
‫س‪ :‬إن كانت الرأة تشى أن يدركها اليض ف فترة الناسك‪ ،‬هل لا أن تتأخر عن الج أو‬
‫العمرة بسبب هذا ؟‬
‫س‪ :‬هل يَصِح لِلمرأة أن تَتَعَاطَى مَوَانِعَ الَيْض لِتُكْمِل عُمْرَتَها نَظَرا لمْتِدَادِ‬
‫أيَامِ حَيْضها زمنًا تَرْجِع فيه القَافِلة إل الوَطَن قبل طُهْرِهَا ؟‬
‫س‪ :‬الرأةُ الـمُسْتحاضة‪ ،‬كيف تُؤَدّي طواف الوداع ؟‬
‫س‪ :‬هذه الرأة الت ذهبت إل الج جاءها اليض بعد الزوال ف يوم عرفة ؟‬
‫س‪ :‬الرأة الت يُفا ِجؤُها اليض ف الج‪ ،‬ماذا تَفعل ؟‬
‫س‪ :‬الرأة الت حاضتْ وأ ّج َلتْ طواف الفاضة مع طواف الوداع ‪ ..‬جعلتْهما واحدا ؟‬
‫ص منعِها ف حالِ ذهابِهنّ إل الج أو إل‬
‫س‪ :‬اضطرابُ الدورةِ عن َد النساءِ بِسببِ استخدامِ أقرا ِ‬
‫العمرَة أو إل أيّ شيءٍ آخَر يَحتجْن فيه إل ذلك المْر‪ ،‬فهل َيصِحّ مثلُ هذا الجراء ؟ وإذا ما‬
‫‪255‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫اض َطرََبتْ الدور ُة عندَ الرأةِ بِهذ ِه الطرِيقة‪ ،‬كيف تَصنَع ؟‬


‫ما بعد الحج‬
‫س‪ :‬إذا ذَهَبَ الرّجُل إل الج ث فَعَلَ العَاصِي عند عودته إل بَلده‪ ،‬هل يَنْتَقِض حَجّه‬
‫بِمثل هذا الفِعل ؟‬
‫س‪ :‬لديه قناعة أنّ فريضة الج تَطْبَع على صاحبها ألوانا مِن الـمُثُل والخلق والقِيَم والستقامة‬
‫لكن البعض عندما يَعود مِن هناك يَتغافَل أو يَنسى مع مرور اليام فيَرتكِب شيئا مِن العاصي ‪..‬‬
‫يَطلب نصيحة بسيطة‪.‬‬
‫س‪ :‬ما معن حديث‪ ( :‬الج البور ليس له جزاء إل النة ) ؟‬
‫ثانيا ‪ :‬فتاوى العمرة‬
‫حرِم؟‬
‫س‪ :‬السافر للعمرة عَن طريق الطائرة‪ ،‬مِن أين ُي ْ‬
‫س‪ :‬مَن سافر لِمُهمة عمل إل مكة أو إل جدة ثُم أراد أن يعتمر‪ ،‬مِن أين يُحرم ؟‬
‫حرِم ؟‬
‫س‪ :‬بالنسبة للمرأة الائض إذا سافرت للعمرة‪ ،‬مِن أَيْنَ ُت ْ‬
‫س‪ :‬ما هو مُسْتَنَد مَن يَقول‪ :‬إنّهُ لَ يَصِحّ أن يَعْتَمِرَ الفَرْد أكثر مِن عُمرة ف‬
‫الزّيارَة الوَاحِدة ؟‬
‫س‪ :‬العُمرة إذا كانت الول عن نفسه والثانية لِغَيْرِه‪ ،‬هل يُعْتَبِر هَذا مِن قَبِيل التكرار ؟‬
‫س‪ :‬هَل لِلزّوْجِ طَاعَة إذا مَنَعَ زوجتَه عن الذهَاب إل العُمرة ؟‬
‫س‪ :‬طواف الوداع ف العمرة‪ ،‬هل هُوَ واجب ؟‬
‫س‪ :‬ما حك ُم مَن طاف بعدَ الجر أثْنَاءَ أدائِه العمرة ؟ هل َيعْتَد ِب َهذَا الشّوط أو ل ؟‬
‫فتاوى عامة‬
‫حكم خروج المرأة وحدها بالسيارة ‪:‬‬
‫ل؟‬
‫س‪ :‬ما رأيكم ف الرأة الت ترج من بيتها وحدها بالسيارة ‪ ،‬لزيارة أقاربا ف الستشفى مث ً‬
‫حكم سكن المرأة مع حميها ‪:‬‬
‫س‪ :‬هل يوز للمرأة أن تسكن مع حيها‪ -‬أخي زوجها‪ -‬وتأكل معه ف صحن واحد ويدخلن‬
‫من باب واحد ‪ ،‬سواء كان ذلك الخ متزوجا أم ل ؟‬
‫حكم معالجة الطبيب الجنبي للمرأة ‪:‬‬
‫س‪ :‬هل يوز للمرأة أن يعال أمراضها الت تستلزم كشف عورتا طبيب أجنب عنها كأمراض‬
‫الولدة وغيها ؟‬
‫حكم وضع المرأة ثيابها في غير بيت زوجها ‪:‬‬
‫س‪ :‬ما معن قول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬ما من امرأة تضع ثيابا ف غي بيت زوجها إل‬
‫هتكت الستر بينها وب ربا ) ؟‬
‫حكم التيان بالمعلمات وغيرهم من الجنبيات ‪:‬‬

‫‪256‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬ف الديث الذي يقول ‪( :‬ل يل لمرأة أن تسافر مسية يوم وليلة إل مع ذي مرم ) ما رأي‬
‫فضيلتكم ف الوظفات الت يأتي من دول أجنبية وحدهن للضرورة كالتعليم ؟‬
‫المواضع التي يحل للمرأة أن تبديها ‪:‬‬
‫س‪ :‬يقول ال تعال ‪( :‬ول يبدين زينتهن إل ما ظهر منها ) ما معن قوله تعال ‪( :‬إل ما ظهر‬
‫منها )؟ وما هي الزينة الت يوز إظهارها لغي الحارم ؟‬
‫حكم مصافحة النساء ‪:‬‬
‫س‪ :‬ما رأيكم ف مصافحة النساء ؟‬
‫حدود عورة النساء ‪:‬‬
‫س‪ :‬ما هي عورة النساء بالنسبة للمرأة ؟ وما هي عورتا بالنسبة إل مارمها ؟‬
‫حكم التدخين ‪:‬‬
‫س‪ :‬هل التدخي حرام أم مكروه ؟‬
‫س‪ :‬هل التدخي من الكبائر ؟‬
‫بيان مدى صحة حديث "الوا والعبوا ‪"...‬‬
‫س‪ :‬ف بعض الكتب رأينا هذا القول منسوب إل المام علي ‪ ،‬وف بعضها منسوب إل الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم والقول هو "الوا والعبوا فإن أكره أن أرى ف دينكم غلظة " ؟‬
‫حكم مشاهدة الفلم ‪:‬‬
‫س‪ :‬هل يوز مشاهدة الفلم والصارعة وغيها من التلفاز إذا ل يكن بقصد مشاهدة العورات‬
‫ولكن بقصد التسلية ؟‬
‫أدلة تحريم الغناء ‪:‬‬
‫س ‪ :‬وجدت ف أحد الكتب أن الحاديث الت وردت ف تري الغناء ضعيفة ‪ ،‬فما قولكم ف‬
‫ذلك ؟‬
‫حكم لعب الورقة ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم لعب الورقة إذا ل تكن تُلهي عن الصلة ف وقتها أو غيها من العبادات ؟‬
‫حكم حلق الحية وصبغها ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يوز حلق اللحية أو صبغها ؟‬
‫حكم تأجير المحلت لبيع المحرمات ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم السلم ف تأجي الحلت للماكن الت ترتكب فيها الحرمات كمحلت بيع‬
‫الغان والسجائر وغيها ؟‬
‫حكم دعاية البارد ومسابقات السحب ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يوز أخذ قيمة ما يسمى بالدعية الت تظهر على أغلفه الباردة للطفال والكبار على حد‬
‫سواء أو الوائز الت تصدرها الشركات إذا كان الشخص متاجا لتلك الكافأة الالية ؟ وهل من‬
‫فرق بي التعمد وغي التعمد ف أخذ الدعاية ؟‬
‫‪257‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حكم اليانصيب ‪.‬‬


‫س‪ :‬ما قولكم ف اليانصيب الذي تبزه الحلت التجارية ‪ ,‬فمثل عند شرائك من مل معي ما‬
‫قيمة ثلث ريالت يقوم الحل بإعطائك رصيدا تكتب عليه اسك وعنوانك وعلى ذلك الرصيد‬
‫رقمان ‪ :‬رقم البضاعة ف صندوق القتراع ‪ ،‬ورقم يتفظ به حت يأت أوان القتراع ‪ ،‬فإذا ما قدر‬
‫لك الظ وفزت بأحد الوائز الت يوضع ف هذا القتراع ‪ ،‬فما حكم هذا اليانصيب من هذا‬
‫النوع ؟ ل ريب أن هناك نوعا من الساهي ف البنوك ونوعا أخرى يشتري فيه ذلك الرصيد‬
‫بقيمه معينه ؟‬
‫حكم تقبل هدية النصارى‬
‫س‪ :‬مهل يوز تقبل هدية النصارى ؟‬
‫حكم الوصية لغير المسلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا أسلم مشرك من أسرة كافرة ‪ ،‬فهل يوز أن يوصي بل تركته لغي وارث مسلم ؟‬
‫حكم الصيد إذا أطلق عليه النار‬
‫س‪ :‬ما حكم الصيد إذا أطلق عليه النار فسقط ميتا ف حينه ؟‬
‫حكم التجسس على من يكيد الشر ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يوز لشخص ما أن يتجسس ف السمع على شخص يكيد له الشر ؟‬
‫حكم نقل العضاء من شخص لخر ‪.‬‬
‫س‪ :‬مسألة نقل العضاء من جسم إل آخر وكذلك الدم ‪ ،‬أخبت بعدم جواز ذلك إل ف الدم‬
‫عند الضرورة ‪ ،‬وأستفسر حول هذه السألة بعض الستفسارات منها ‪-:‬‬
‫‪ -‬هل هذه السألة ما أختص با أصحابنا أم للمخالفي فيها رأي ؟‬
‫‪ -‬إن قال قائل الضرورات تبيح الحظورات ‪ ،‬فما قولكم ف ذلك ؟‬
‫‪ -‬ما سبب النع والسلم أمرنا بب الي للخرين كما نبه لنفسنا ؟‬
‫‪ -‬سعت أحد الخالفي يتج بعدم الواز ف نقل العضاء بأن ف ذلك زيادة ف عمر النسان عن‬
‫العمر الذي قدره ال له ‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟‬
‫‪ -‬كذلك ما سبب منع نقل الدم للمساعدة ف غي الضرورة ؟‬
‫حكم التنويم المغناطيسي ‪.‬‬
‫س‪ :‬التنوي الغناطيسي هل له نصيب من الصحة ؟ وهل هو جائز ؟ وكيف يدث ؟ وما زعمه‬
‫الزرقان ف كتابه مناهل العرفان بأن هذه العملية هي أقرب صورة للوحي ‪ ،‬هل هذا صحيح ؟‬
‫علج الغضب ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم الشرع ف الغضب لتفه السباب ؟ وما هي الطريقة للتخلص منه ؟‬
‫توبة المغتاب ‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف تكون توبة الغتاب لشخص ‪ ،‬هل تكون بأن يذهب إليه ويبه بأنه إغتابه ويطلب منه‬

‫‪258‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الصفح؟‬
‫بيان معنى النسيان في الحديث الذي رواه الربيع عن القرآن ‪.‬‬
‫س‪ :‬جاء ف مسند المام الربيع ( من تعلم القرآن ث نسيه حشر يوم القيامة أجذم ) فما القصود‬
‫بالنسيان هنا ؟‬
‫حكم رد السلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل سلم على جاعة كبية ‪ ،‬فما حكم ردّهم عليه ؟‬
‫كيفية رد السلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل سلم على رجل ‪ ،‬فقال‪ " :‬السلم عليكم ورحة ال وبركاته " ‪ ،‬فهل يلزمه ردّه كامل‬
‫إلزاما واجبا ؟‬

‫‪259‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أحكام وجوب الحج والوصية به‬


‫س‪ :‬يبدو أنّ الخت أشكل عليها بي الوصية وبي القيام بتنفيذ الصيام عن طريق الوصية‪-‬أيضا‪-‬أو‬
‫الج ‪ ..‬صحيح أنه ل وصية لوارث لكن هل عندما يوصي الوارث لوروثه أن يصوم عنه أو أن يج عنه‪،‬‬
‫هل له أن يج عنه أو يصوم عنه ؟‬
‫ج‪... :‬‬
‫وأما بالنسبة إل هذه السألة وهي ما إذا أوصى رجل بج أو صيام أو ما شابه ذلك فهل لبعض ورثته أن‬
‫يقوموا بتنفيذ هذه الوصية وأن يأخذوا مقدارا من الال مقابل تنفيذ تلك الوصية ؟ فالواب‪ :‬نعم‪ ،‬لنّ هذه‬
‫الوصية ليست لذلك الوارث بسبب أنه قريب للمتوف وإنا بسبب قيامه بذا العمل الذي قام به بل الول أن‬
‫يقوم بإنفاذ هذه الوصية وأن يقوم بتأديتها أقارب التوف‪ ،‬لنّ الديث قال‪ ( :‬من مات وعليه صوم صام عنه‬
‫وليه )‪ ،‬وجاء‪-‬أيضا‪-‬ف الديث الذي فيه أنّ النب‪-‬صلى ال وسلم وبارك عليه‪-‬سع رجل يقول‪ " :‬لبّيك عن‬
‫شبمة " قال‪ ( :‬من شبمة ؟ ) قال‪ " :‬قريب ل " أو " أخ ل "‪ ،‬حت أ ّن بعض العلماء ذهب إل أنه ل تصح‬
‫العبادة من شخص بعيد لشخص بعيد عنه؛ ولذلك تعرف الخت السائلة بأنّ هذه القضية ل تدخل ضمن‬
‫الديث الثابت عن النب صلى ال وسلم عليه؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫‪260‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬رجل نذر أن يج عن والدته ولكن والدته ضعيفة ف السّن ‪ ..‬كبية تتاج إل أن يقوم برعايتها‬
‫والعناية با‪ ،‬فهل له أن يذهب ليحج عنها ويترك الهمّة على أخواته ليقمن بذلك وأخواته ل يستطعن أن‬
‫يقمن بالهمّة الت ترضي الوالدة لنا تتاج إل رجل يستطيع حلها إل دورات الياه وغيها ؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم‪ ,‬إذا كانت الخوات يستطعن أن يقمن بذه الهمّة فعليه أن يذهب لتأدية الج الذي نذر به‪ ،‬وأما‬
‫إذا كانت الخوات ل يستطعن على ذلك فهو معذور إل أن يكنه أن يقوم بتأدية هذه الفريضة ولكن الذي‬
‫أراه أنّ الغالب ل يش ّق على النساء من أن يأخذن هذه الرأة إل دورات الياه وما شابه ذلك؛ وال‪-‬تعال‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬البعض يكتب وصيته فيطالِب ورثته بالصيام عنه أو كفارة شهرين أو الج‪.‬‬
‫ج‪ :‬مَن أوصى بشيء فلبد مِن أن يُنفّذ الورثة وصيتَه ول يَجوز لم أن يَتركوا ذلك إذا كان ماله يبلغ‬
‫القدار الذي يكنهم أن ينفذوا منه تلك الوصية‪ ،‬فمَن أوصى بج أو بصيام سواء كان ذلك كفارة أو كان‬
‫غي ذلك فلبد مِن إنفاذ وصيته‪ ،‬ومِن العلوم أنّ الوصية بالج وبالكفارات والصيام إذا كان ذلك واجبا‬
‫عليه أنه يرج مِن رأس الال‪ ،‬ل مِن الثلث‪ ،‬أما إذا كان ذلك ليس واجبا عليه فإنه يَختلِف؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ج عن والدته إذا كانت عاجزة ؟ وإذا كانت قد أصيبت بالعمى‬
‫س‪ :‬هل يَجوز لِلرجُل أن يَح ّ‬
‫كذلك ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬إذا كانت عاجزة يَصحّ له أن يَحجّ عنها‪ ،‬وكذلك إذا كانت ميّتة‪ ،‬فقد ثبت عن النب‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه أجاب بذلك لِمَن سأله عن من مات أحد أوليائه ‪ ..‬جاء ف بعضها‪ " :‬رجُل "‪،‬‬
‫وف بعضها‪ " :‬امرأة "‪ ،‬وهل الكل صحيح أو البعض صحيح والبعض شاذ ؟ لِذلك موضع آخر‪ ،‬ولكن القول‬
‫بالواز هو القول الصحيح‪ ،‬لِصحّة السنّة‪.‬‬
‫ودعوى مَن ادّعى بأنا خاصّة بذلك الشخص أو بأولئك الشخاص دعوى ل تقوم عليها حجّة‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل العَمى فإن كان يُمكِن أن يَأخذها معه وتَأت بأعمال الج ‪ ..‬أي يَأخذها معه ويَقُودُهَا‬
‫عند تأدية الناسك فل يَصحّ لا الترك‪ ،‬أما إذا كانت ل تَتمكّن مِن الفعل أبدًا ففي هذه الالة يَصحّ لا‬
‫ذلك‪ ،‬فكثي مِن الناس ل يُبْصِرون ولكنّهم يُمكنُهم أن يُؤَدّوا ذلك بِمساعدة غيهم‪.‬‬
‫س‪ :‬من أراد الذهاب إل الج وليس لديه مال‪ ،‬هل له أن يقوم بمع تبعات ‪ ...‬؟‬
‫ج‪ :‬القيقة؛ ليس للنسان أن يسأل الناس ل ف الج ول ف غيه إل إذا وصل به الال إل أن يشى على‬
‫نفسه اللك يسأل شيئا يأكله وهذا بعد أن يطرق الوسائل ول يد مرجا من ذلك فهنالك حاجة ضرورية‬
‫جدا جدا فيباح له بقدار ما يسد حاجته‪ ،‬ومن العلوم أن ذلك قد ل يتاج له النسان ف حياته اللهم إل‬
‫‪261‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫لبعض الفراد النادرين‪ ،‬أما بالنسبة إل الج فليس له ذلك ول لغي الج كما أشرت‪ ،‬والمد ل والنة والفضل‬
‫أن ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ل يفترض الج إل على الستطيع من عباده فما دام هذا الشخص ل يد الستطاعة فإنه‬
‫ل يب عليه الج وإذا وجدها ف يوم من اليام فليبادر إل ذلك؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬كانت لديه‪-‬ربا هو أو غيه‪-‬نية أن َيذْهب إل الج ولكن جاءتْه فرصة عمل‪ ،‬فما الذي‬
‫ُيقَ ّدمُه ؟‬
‫ج‪ :‬ل أدري‪-‬أوّل‪-‬هل هو حجّ حجّ الفريضة أو ل‪.‬‬
‫أما إذا كانت هذه الجّة َحجّة نافلة فالمر سهْل‪.‬‬
‫وأما إذا كانت هذه الجّة َحجّة فريضة فإن كان يَخْشى على هذا العمل بِأنه إذا ذهب إل تَأْدية الج ألّ‬
‫يَحصُل بعد ذلك على هذا العمل ول يَحصُل على غيه وهو مُحتَاجٌ لِهذا العمل فبِإمكانه أن يَعمَل ويَنوي أن‬
‫ب عندما ُييَسّر ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬له‪ ،‬وعسى أن يَكُونَ ذلك ف السنَة القادمة ‪ ..‬هذا إذا مُحْتاجا لِهذا‬ ‫يَذْه َ‬
‫العمل ويَخشَى بِأن َيفُوتَه هذا العمل‪ ،‬ولكن أَظنّ َأنّه يُمْكن أن يُوقّع بِالوافَقة على العمل وأن يَشْرَع ف العمل‬
‫بعدَ رجوعِه مِن الج ‪ ..‬ل أَظ ّن أنّ هناك مانعا مِن هذا‪.‬‬
‫س‪ :‬وفترة الجازة تكفي‪.‬‬
‫ج‪ :‬نعم‪.‬‬
‫س‪ :‬ربا يكون ف القطاع الاص هناك شيء مِن التشديد‪.‬‬
‫ج‪ :‬فعلى كل حال هذا ‪ ..‬إذا كان يَخشى على ألّ يَجِد عمل وهو بِحاجة إل العمل وإذا تَ َركَ هذا العمل لن‬
‫يَجِدَ هذا العمل ول غيْرَه ف الستقبَل القريب ‪ ..‬وإل فالعمل بِيد ال تبارك وتعال ‪َ ..‬يعْن ال َت َكفّلَ‬
‫بِالرزق وهو قادِر على أن ُييَسّر له عمل كهذا العمل أو أفضل كما يَسّرَ له هذا العمل ولكن النسان يَأخذ‬
‫حتَاجا إليه ويَخشى إذا ل يَعمل فيه بِأن يَفوتَه هذا العمل ول يَحصُل على ذلك ف‬ ‫بِالسباب‪ ،‬فإذا كان مُ ْ‬
‫القريب‪-‬مثل‪-‬فيُرَخّص له ويُوصِي بِالج‪ ،‬وْليَذهَب إن شاء ال ف السنة القادمة‪.‬‬
‫حكم حج من علي دين‬
‫س‪ :‬مَن عليه َديْن‪ ،‬هل يَذهب إل الج أم ل يَذهب ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان على النسان َديْن فل يَخلو ذلك مِن أحد أمريْن‪:‬‬
‫إما أن تكون لديه أموال تَكفي لِقضاء ذلك ال ّديْن الذي عليه وتكفي أيضا لِمؤونة أهله حت يَرجع إليهم فإن‬
‫كان عليه َديْن ولديه هذه الموال الت تَكفي لِقضاء هذا ال ّديْن فإنه لبد مِن أن يَقوم أوّل بِقضاء ذلك ال ّديْن إذا‬
‫كان ذلك ال ّديْن حالّ أو ف حكم الالّ ث بعد ذلك يَذهب إل الج‪ ،‬وإن كان ُمؤَ ّجلً ف ْليُوص بِذلك وْلَيتْرُك‬

‫‪262‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ضعَه مع فلن وإما أن‬‫وصيته بِذلك الدّين إما عند شخصٍ أمي ويُخبِر ذلك الدائن بِأنه قد َوثّق له َدْينَه ووَ َ‬
‫يَضع‪-‬تلك الوثيقة أو‪-‬ذلك الصك مع صاحب الال الصلي‪.‬‬
‫أما إذا كان ل يَملك شيئا مِن الال يَكفي لِسَدّ ما عليه مِن ال ّديْن فإنه ل َيجِب عليه الج‪ ،‬لنّ الج يَجِب على‬
‫الستطِيع وهذا ل يَستطِيع سبيل إل ذلك‪ ،‬و‪-‬طبعا‪-‬ل أريد بِالموال الدراهم إذ قد يَقول شخص إنه ل يَملك‬
‫شيئا مِن الدراهم ولكنه يَملِك عقارات أو ما شابه ذلك فهي تَقوم ف مقام الدراهم‪ ،‬فالاصل هل يَملك شيئا‬
‫حرّما فلبد مِن التّخلص أوّل مِن‬ ‫سدّ ذلك ال ّديْن أو ل يَملِك شيئا ‪ ..‬هذا وإذا كان ال ّديْن مُ َ‬
‫مِن الموال تَكفي لِ َ‬
‫الرام والتوبة والرجوع إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬حت َيفِدَ بعد ذلك وقد تَ َطهّر مِن هذه القاذورات وهذا كله إذا‬
‫كان يُريد أن يَتوب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وأن يَرجِع إليه سبحانه‪ ،‬أما إذا كان ل يَهتَم بِهذه المور ول يُبال‬
‫بِها فإنه إذا قيل له‪ " :‬ل تَذهب إل الج " سيَبقى هنا وهو يَملِك الموال الت يُمكِن أن يَقوم بِقضاء تلك‬
‫الديون الت عليه وإنا يُريد أن يَشتري الرض الفلنية والعقار الفلن وما شابه ذلك فهذا‪-‬على كل حال‪-‬يُقال‬
‫له‪ " :‬اذهب إل الج " ولكنّ ال‪-‬تبارك‪-‬ل َيتَقبّ ُل منه‪ ،‬إذ إنه ل يَتقَبّل إل مِن التّقي وهو ليس بِمتّقٍ لِربّه‬
‫بل هو مُحارِب له ‪ ..‬هذا هو الكم‪ ،‬فحجّه صحيح مِن حيث الفِعْل ولك ّن ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ل يَتقبّل منه‬
‫‪ ..‬ل يَتقبّل منه الج ول يَتقبّل مِنه شيئا مِن العمال الصالة‪ ،‬ل ّن القبول يَكون مِن الصالِح ل مِن الطالِح؛‬
‫وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬من أراد الج وعليه دين ربوي ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان ربويا فعليه أن يتخلص من ذلك عليه أن يتوب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬من ماربة ال‪-‬تبارك‬
‫ل َو َرسُولِهِ ‪ [ ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ ] 279 :‬عليه أن‬
‫ب مّنَ ا ِ‬
‫وتعال‪-‬ورسوله‪َ ... :‬فأْ َذنُوا ِبحَرْ ٍ‬
‫يتوب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وأن يتخلص من هذه العاملة قبل أن يرج من هذه الدنيا إل عذاب ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬فهذا إن كان يريد أن يتوب‪ ،‬أما إذا كان ل يريد أن يتوب ف حقيقة الواقع ول أعن بذلك ما يلقلق به‬
‫كثي من الناس ألسنتهم يدعي الواحد يقول‪" :‬أريد أن أتوب" وهو ل يسلك طريق التوبة يلس السنوات‬
‫الطويلة وهو ل يتخلص من هذه العاملت فإن كان ل يريد أن يتخلص الن فليذهب لتأدية الج حت ل يمع‬
‫بي معصيتي بي معصية إقامته على ماربته ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ورسوله بأخذ هذا الال الرام أو بالتعامل بذه‬
‫‪1‬‬
‫العاملة الحرمة وبتأخي الج وإن كان هذا الج ل يتقبل منه لن ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ل يتقبل إل من التقي‬
‫وكيف يكون هذا متقيا ل وهو ملعون على لسان رسول ال مارب ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬بنص كتابه سبحانه‬
‫؟! ولكنه قد أدى هذه الفريضة بعن أنه ل يطالب با بعد ذلك مرة أخرى؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬ل يتقبل مِن التقي " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫‪263‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬من عليه دين وليس عنده الوفاء لكن جهة عمله تتكفل بإرجاع الق لصحابه على تقدير‬
‫وفاته ؟‬
‫ج‪ :‬إذا ثبت هذا حقا بأن تلك الهة تقوم بعد ذلك بتأدية هذا الال إل أصحابه وكان هذا الدين مؤجل أو‬
‫كان صاحبه يرضى بالتأخي فل بأس بذلك بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أما إذا كان هذا الدين حال فلبد من أن‬
‫يدفع الال إل صاحبه إل إذا أذن له بذلك‪ ،‬ث أيضا ل ينبغي للناس أن يرجوا غيهم تد الواحد يذهب إل‬
‫غيه "يا فلن أنا أريد الج وأريد منك أن تؤخرن" أو ما شابه ذلك فكثي من الناس على كل حال سيقولون‬
‫لذا السائل "اذهب إل الج" لكن هل هم راضون بذلك حقا ؟ قد يقول قائل العبة با ذكروه وال أعلم با‬
‫صدورهم نقول له لبد من النظر والتأمل ف هذا المر فقد يقول لك النسان بلسانه وهو ل يرضى بذلك‪،‬‬
‫الصل أن تؤدي هذا الال إل صاحبه ول تذهب إل الج إل بعد أن تؤدي ما عليك لكن إذا كنت واثقا من‬
‫صاحبك مطمئنا إليه تام الطمئنان كما يعرف عند أهل العلم بالتعارف أو ما شابه ذلك فل بأس بذا بشيئة‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أما إذا كان المر بلف ذلك فل‪ ،‬وكثي من الناس يدعون بأن هذا من المور الت‬
‫يتعارفون عليها أو بأنه واثق من أمر صاحبه ولكن المر بعكس ذلك يتساهلون ف هذه المور يدّعون أن‬
‫هنالك عُرفا بينهم ف هذه القضايا وف غيها من القضايا وليس هنالك عرف ف حقيقة الواقع‪ ،‬إذن لبد من أن‬
‫يكون واثقا من ذلك تام الثقة أما إذا كان مرد ظن وتمي أو ما شابه ذلك فهذا ما ل يُلتفت إليه‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حُكم الذهاب إل الج لِمَن عليه َديْن ؟‬
‫حلّل‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل يَخلو ذلك مِن أَحَد أمريْن اثني‪ :‬إما أن يَكون هذا ال ّديْن ُمحَرّما‪ ،‬وإما أن يَكون هذا ال ّديْن مُ َ‬
‫حرّما فليس لَه أن يَذهَب إل تأدي ِة الج إل بعدَ أن يَت َطهّر مِن هذه العصية الت وَقَ َع فيها وَيتُوبَ توبةً‬ ‫فإن كان مُ َ‬
‫نصوحا إل ربّه تبارك وتعال ‪ ..‬هذا إذا كان يُرِي ُد أن يَتُوب‪ ،‬أما إذا كان ل يُرِيدُ أن يَتوب ف حقيقة الواقع ‪..‬‬
‫وعلمةُ الذي يُرِيدُ أن َيتُوب أن َيبْذُل الغالِي والرخِيص ف سبِي ِل التوبةِ والرجوعِ إل ال تبارك وتعال‪ ،‬أما إذا‬
‫كان يُرِي ُد أن يَشترِي العِمَارَات ويَشترِي الراضي أو ما شابه ذلك ويَُلقْلِ ُق بِلسانِه يَقول‪ " :‬أُرِيدُ أن َأتُوب "‬
‫صيََتيْن ‪ ..‬معصي ِة الوقوعِ ف مَحظُورِ‬ ‫فهذا ف واقِ ِع المْر ل يُرِيدُ أن َيتُوب فليَذ َهبْ إل الج لِئل يَجْمَعَ بيْن مع ِ‬
‫س مِن الّتقِي وأنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬ ‫ال ّديْنِ الـمُحرّم ومَحظو ِر عدمِ تأ ِدَي ِة الج ولكن ِلَيعْلَم عِلْ َم اليقِي بِأنّه لْي َ‬
‫ب بِها إذا تاب‪-‬مثل‪-‬ف الستقبَل‪.‬‬ ‫ث إنه ل يُطاَل ُ‬ ‫جتُه صحِيحة بِحي ُ‬ ‫ل يََت َقبّلُ إل مِن الّتقِي وإنّما تَكون َح ّ‬
‫خلُو‪ :‬إما أن يَكون ُموَقّتا ِبوَقت‪ ،‬وإما أن يَكون ف ُحكْ ِم الوقّت‪ ،‬وإما أن يَكون‬ ‫أما ال ّديْن إذا كان مُحَلّل فل يَ ْ‬
‫ُمؤَجّل‪.‬‬
‫فإن كان مُوقّتا بِوقت فلبد مِن أن يَقضِي ذلك الدّين‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ت مِن الوقات‪-‬فلبد مِن أن يَقضِي‬ ‫وهكذا بِالنسبةِ إل ال ّديْن الذي هو ف ُحكْ ِم الوقّت‪-‬أي الذي لَم ُي َقيّد بِوق ٍ‬
‫ضعَه مع شخصٍ على سبِي ِل المانة بِحيثُ يَدَْفعُه إل صاحبِه‪.‬‬ ‫ذلك إل إذا وَ َ‬
‫حذُورٌ أو‬ ‫ج ُد ما يُمكِن أن يُقضَى بِه ذلك ال ّديْن عنه َأنْ لو أَصابَه مَ ْ‬ ‫وأما الدّين الؤجّل فل إشكال فيه إذا كان يَ ِ‬
‫مَا شابه ذلك ‪ ..‬مثل إنسانٌ عليه ألفُ ريال لِشخص وهو يَملِك مقدار ما يُساوِي ذلك اللف ف ْلُي َوثّق ذلك‬
‫ي يَثِ ُق بِه‬
‫ضعُه مع َأمِ ٍ‬
‫ي عَدْل وَيضَع ذلك الصك مع صاحبِ الق أو َي َ‬ ‫الدّين بِصَك شرعِي يُشهِ ُد عليه شاهِدَ ْ‬
‫ب الق بِأنّه قد وَضَ َع الصك الذي ُيثِْبتُ لَه ذلك الق مع فلن بن فلن الفلن أو ما شابه ذلك‪،‬‬ ‫خبِر صاح َ‬ ‫وْليُ ْ‬
‫لنّ كثيا مِن الناس‪-‬ولِلسَف‪-‬يُؤمَرُون بِأن ُيؤَدّوا بعضَ المانات إل أَصحابِها ث َيَتأَخّرُون ف ذلك وقد‬
‫ب الق يَسأَل مَن عليه‬ ‫يَمضِي العام أو أَكثَر مِن ذلك ول يُوصِلُون تلك القوق إل أصحابِها ث يَأتِي صاح ُ‬
‫الق ويُخِبرُه بِأنّه قد أَرسَلَه منذُ فترةٍ مِن الزمان مع شخص ولَم ُيؤَدّ ذلك الشخص ولِلسَف الشديد‪ ،‬ومِ ْن هنا‬
‫َنقُول إ ّن مَن أَرسَلَ حقّا لِشخصٍ مع شخصٍ آخَر أنّه لبد مِن أن يَسأَل ذلك الذي لَه الق هل وَصَلَه ذلك‬
‫ط أو ما شابه ذلك؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬ ‫الق الذي لَه أو لَم َيصِلْه مَخاَفةَ النسيان أو التفرِي ِ‬

‫أحكام الجارة بالحج‬


‫س‪ :‬ما هي شروط استئجار الج ؟ وهل يصح أن يُستأجر أو أن يُحج عن غي الول وهو من ل‬
‫يكن على طاعة ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ النابة ف الج ثابتة ف سنة النب ثبوتا ل شك فيه‪ ،‬فقد جاء ذلك من عدة طرق عن‬
‫النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ودعوى من ادعى بأن ذلك خاص بأولئك أو ما شابه ذلك ما ذكره بعض‬
‫أهل العلم مردود على صاحبه ول داعي للطالة بالجوبة الت أجيب با عن ذلك‪ ،‬فالنابة إذن ثابتة ل إشكال‬
‫فيها فمن كان عاجزا بسبب مرض أو كب سن ول يستطيع أن يذهب ف الال ول ف الستقبل إل الج‬
‫بسب الظاهر فإن له بل عليه أن ينيب غيه لتأدية فريضة الج عنه سواء كان ذلك بسبب مرض ل يرجى‬
‫الشفاء منه بسب الظاهر أو بسبب كب السن‪ ،‬أما إذا كان يرجو الشفاء من ذلك الرض فل‪ ،‬وهكذا بالنسبة‬
‫إذا أوصى شخص بالج عنه وقد مات فإنه يؤدى عنه ذلك الج هذا ل إشكال فيه‪ ،‬أما بالنسبة إل هل‬
‫للنسان أن يذهب بتأدية الج عن شخص ل يتوله ؟ هنالك أمران الول أن بعض أهل العلم ينع من ذلك‬
‫وبعضهم ييز ذلك‪ ،‬والقول بواز ذلك بشرط أن ل يدعو له هو القرب إل الصواب فليس له أن يصه بدعاء‬
‫وإنا يدعو لعموم السلمي فإن كان ذلك الشخص داخل ف عموم السلمي بأن تاب وأناب إل ربه‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬ول يعلم هو بتوبته فإنه يكون داخل ف ذلك العموم وإن كان بلف ذلك فإنه ل يدع له بي‬
‫الخرة‪ ،‬نعم إذا كان ذلك الشخص حيا فيمكن أن يدعو له بالداية إل الطريق الستقيم لنه بالمكان أن‬
‫يرجع إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أما اليت فقد انتهى أمره ول يكن أن يهتدي بعد انتقاله من هذه الياة الدنيا‪،‬‬
‫‪265‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫لكن بقي أن النسان قد يكون ل يتول شخصا لنه ل تقم عليه الجة بولية ذلك الشخص فإذا ذهب لتأدية‬
‫الج عنه فإنه لن يدعو له على سبيل الستقلل ويكون ذلك الشخص ف حقيقة الواقع من أهل الصلح ولكن‬
‫هو ل تقم عليه الجة فمثل هذا ل ينبغي أن يذهب هذا الشخص أن يج عنه إل إذا أخبه أو ما شابه ذلك‬
‫ولكن قد يكون ف الخبار شيء من المور الت ستعقب ذلك ما ينبغي أن ل يقع فيه النسان فإنه إذا قال له‪:‬‬
‫"لن أدعو لك" أو "أنا ل أدري بالك" أو ما شابه ذلك فإنه ما لشك فيه بأنه سيقع ف نفس ذلك الشخص‬
‫من هذا النسان‪ ،‬نعم إذا دعاه إل التوبة إل ال والرجوع إليه أو ما شابه ذلك وتاب ورجع إليه‬
‫وثبتت وليته فالمر ل إشكال فيه‪ ،‬فإذن من حيث الواز هنالك شيء لكن‪-‬كما قلت‪-‬يكن أن نقول بواز‬
‫ذلك ولكن بقي ما ذكرناه من اللحظة الت لبد من اعتبارها‪ ،‬بقي هناك أن كثيا من الناس يهتمون بمع‬
‫حطام الدنيا الفانية فتجد الواحد منهم يذهب يبحث عن شخص يج عنه ويراعي البلغ‪ ،‬إذا كان هذا البلغ‬
‫أكثر من غيه فإنه يج عن ذلك الشخص ولو كان ذلك من أعصى العصاة أما إذا وجد رجل صالا ول يبذل‬
‫له ما يريد من الال فإنه لن يلتفت إليه مثل هذا ف حقيقة الواقع ل يكن أن نقول إنه يوز له أن يج عن غيه‪،‬‬
‫ذلك لن النسان ينبغي له عندما يذهب أن يج عن غيه أن ينوي بذلك أن يصل إل تلك البقاع وأن يدعو‬
‫له ولعموم السلمي ولذلك الشخص الذي يج عنه إن كان من أهل الصلح وكذلك أن يعي ذلك الشخص‬
‫على طاعة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أما أن يكون قصده أن يمع هذا الطام الفان فهذا ما ل يقل به أحد من أهل‬
‫العلم؛ والعلم عند ال‪.‬‬

‫س‪ :‬هل يَجوز لِلنسان أن ُي َؤجّر بِحجّة وهو بِصحّة وعافية ؟‬


‫ج‪ :‬ل‪ ،‬ل يَجوز له ذلك أبدا‪ ،‬بل ول يَجوز له أن يَنتظِر حت يُصبح شيخا ل يَتمكّن مِن تأدية ذلك‪ ،‬بل‬
‫عليه أن يَذهب الن ما دام واجِدا لِلمال وهو يَستطيع على تأدية الج‪ ،‬ول يَجوز له أن يَتأخّر‪ ،‬كما‬
‫يَفعله كثي مِن الناس‪:‬‬
‫وأنه كَالدّيْنِ يَزعمون‬ ‫وأغلبُ الناس يُؤخّرون‬
‫بِزُخْرُف القول مُخادِعون‬ ‫وهم لَعَمْرُ ال مَغرورون‬
‫يَبقى يَنتظِر الواحد سنة ث سنة ث ثالثة ويَدّعي بأنّ أهل العلم قالوا‪ " :‬يَجوز التأخي ف الج " ‪ ..‬ما أراد‬
‫أهل العلم هذا المر‪ ،‬وكثي مِن الناس شَاهدناهم يَمْكثون السني الكثية ويَمْلِكُون الموال الطائلة وهم‬
‫ف صحّة تامّة يقول‪ " :‬سأذهب بعد مدّة مِن الزمان " ث بعد ذلك ل يَتمكّن ث يَأتيه الوت ‪ ..‬فأخشى‬
‫على هذا مِن اللك والعياذ بال تعال‪.‬‬
‫س‪ :‬امرأةٌ كبيَة ف السن لَم تَذهَب إل الج لِظروفِها الـمَرضية لكنّها تُرسِل ف كلّ عا ٍم خَمسي‬
‫ريال عُمانيا‪ ،‬فهل ُتؤْجَر على ذلك ؟ مِن أجْل أن ُتوَزّع هناك على الفقراء‪.‬‬
‫‪266‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬على كل حال؛ نَحن نَدعو الناس ‪ ..‬نَدعُوهم أن يَسألوا أهلَ العلم ف مثلِ هذه القضايا مِن قب ِل أن يَفعَلوا‬
‫ض المور الت قد تَكون مُخالِفة لِلشرع أو قد يَكون الوْلَى بِخلفِ ما فَعَلوه‪ ،‬وقد قالَ أه ُل العلم‪:‬‬
‫بع َ‬
‫ل َخيْ َر فيها إنّها َلبَلَهُ‬ ‫س بِها َت َفقّهُ‬
‫عِبَا َدةٌ َلْي َ‬
‫ج ِة عنها‪ ،‬و‪-‬‬ ‫فكان الوْلَى لِهذه الرأةِ أن تَج َمعَ هذه الموال وبعدَ ذلك تَقوم بِإِيـجَا ِر مَن يَقوم بِتأديةِ هذه ال ّ‬
‫حتَاجِي إليها فل مانِع‬ ‫على كلّ حال‪-‬وجو ُه اليْ ِر والبِر كثية‪ ،‬فإن كانتْ هذه الموال ُتوَزّع هناك على الـمُ ْ‬
‫ب ف ُهنَالِك وُجُوه ف هذه‬ ‫ف ذلك وف ذلك خيْر بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬وإن كانتْ ُتوَزّع على مَن هَبّ ودَ ّ‬
‫ض الكتب أو بعضُ الشرطة أو ما شابه‬ ‫البلد َأوْلَى ‪ ..‬مِن نَشْ ِر عِلم ‪ ..‬يُعانُ بِها بعضُ الفقراء أو تُ ْطبَ ُع بِها بع ُ‬
‫جمّع هذه الدراهم مِن أجْلِ أن َتصِل إل مبلغٍ مِن‬ ‫ذلك ‪ ..‬نَحن ل نقو ُل طبعا‪ " :‬إنّ هذه الرأة َيجِب عليها أن تُ َ‬
‫ت غي مستطِيعة ف هذا الوقت وتَملِك مبلغا‬ ‫الال ثُم بعدَ ذلك َتقُوم بِتأجِي مَن يَقوم بِتأدِيةِ الج " لنّها ما دام ْ‬
‫جتَمِع‬
‫مِن الال فل يَلزَمها أن تَترُك هذا الال إل مَا بع َد سِت سنوات أو عشر سنوات أو ما شابه ذلك حت تَ ْ‬
‫إليها هذه الموال الت تَصِل إل أُجْ َرةِ الج‪ ،‬فإمّا أن تَجْمَع إذا شاءَتْ أو أن تَقو َم بِتأ ِدَيةِ ذلك إل أَحْسَنِ وجهٍ‬
‫ض الموال إل مكة الكرمة ولكن‬ ‫مِ ْن وُجوهِ البِر والصلح‪ ،‬لنّنَا نُشاهِد كثيا مِن الناس يَقومون بِإِرسا ِل بع ِ‬
‫كثيا مِن الناس الذين يَقومون بِتوزيعِ تلك الموال ل َيعْرِفُون الوجوهَ الصحيحة الت ُتوَزّع فيَقومون بِإِعطاءِ‬
‫حثَ عن‬ ‫فلن أو فلن أو ما شابه ذلك ‪ ..‬طبعا ذلك النفاق ل يَكونُ َحرَاما ولكن النسان ينبغِي لَه أن يَب َ‬
‫أَحْسَ ِن الوجوهِ وأوْلهَا؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬مَن ل يستطيع أداء الج إما لكب سنه أو لرض أل به‪ ،‬هل الوْل له أن يؤجر ف حياته أو أن‬
‫يوصي بالج ؟ وهل هو مطالب أساسا بأن يؤجّر أو يوصي وهو على هذا الال ؟‬
‫ج‪ :‬أما إذا كان قد وجب عليه الج من قبل وفرّط فيه فإنه ل شك بأنه يب عليه أن يؤجّر ف الوقت‬
‫الاضر‪-‬أي ف وقت حياته‪-‬أو أن يوصي بذلك‪ ،‬أما إذا ل يكن واجبا عليه من قبل فإن لهل العلم خلفا‪،‬‬
‫وقد ذهبت طائفة من أهل العلم إل أن النسان إذا كان واجدا للمال ول يكن قادرا ف يوم من اليام أن‬
‫يذهب إل الج أنه ل يلزمه أن يؤجّر أو أن يوصي بالج وذلك لن من شرط ذلك أن يكون قادرا على‬
‫الذهاب إل تلك الماكن القدسة ول يكفي أن يكون واجدا للمال‪ ،‬وذهبت طائفة من أهل العلم إل أن ذلك‬
‫يب عليه واستدلوا بظواهر الحاديث فعلى هذا الرأي الثان من كان واجدا للمال ولو ل يكن مستطيعا ف‬
‫وقت من الوقات على الذهاب إل الج أو كان قادرا على الذهاب‪-‬على الركوب مثل أو ما شابه ذلك‪-‬‬
‫ولكنه ل يكن ف ذلك الوقت واجدا للمال ول يد الال إل بعد أن صار عاجزا عن الذهاب فإنه يب عليه‬
‫الج على هذا الرأي‪ ،‬ول شك بأن هذا الذي تؤيده ظواهر النصوص وإن كانت ليست بصرية ف ذلك‬
‫ومهما كان فهذا القول أحوط وأسلم‪ ،‬فل ينبغي للنسان الذي منّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليه بالال الطيب‬

‫‪267‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫اللل أن يفرّط ف ذلك لن ف مثل هذه السائل الت يشتد فيها اللف ولسيما عندما تكون الدلة أقرب ما‬
‫تكون إل ذلك الرأي فأن النسان ل ينبغي أن يفرّط فيه‪ ،‬أما من حيث هل الفضل للنسان أن يؤجر ف حياته‬
‫إذا كان يعرف من نفسه أنه ل يستطيع أن يذهب أبدا إما لكب سنه أو لنه آيس من الشفاء بسب الظاهر ‪..‬‬
‫هل الفضل له أن يؤجّر ف حياته أو أن يوصي بذلك ؟ لشك أن الفضل له أن يؤجّر ف حياته ذلك‪ ،‬بل‬
‫الفضل للنسان أن يؤدي ما عليه من جيع القوق ف حياته وإنا يؤخر الوصية للقارب الذين ل يرثونه فإن‬
‫الوصية للقارب ل يكن أن يؤديها النسان ف حياته بل لبد من أن تنفّذ بعد وفاته‪ ،‬أما ما عليه من كفارات‬
‫أو ديون أو ما يريد أن يتبع به أو ما شابه ذلك فإن الول أن يأت به ف حياته‪ ،‬ذلك لن النسان ل يدري‬
‫ماذا عسى أن يعرض للورثة أو للوصي أو ما شابه ذلك وهل سيؤدون ذلك على الطريق الطلوب أو ل ث‬
‫النسان أيضا ل يضمن أن يبقى معه الال إل أن يوت فقد يضيع منه أو قد تصيبه جائحة أو ما شابه ذلك ث‬
‫إن النسان لشك أنه إذا أداه ف حياته ‪ ..‬ل شك أن هنالك فرقا بينما إذا أداه ف حياته أو أداه بعد ذلك لن‬
‫النسان قد ل يبال بالال بعد وفاته أما ف هذه الياة يكون حريصا عليه غاية الرص فإذا أداه ف حياته فل‬
‫شك أنه أول من جيع هذه الوجوه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫أحكام الستعداد للذهاب للحج‬


‫س‪ :‬ماذا يَنبغي على الذي يُريد أن يَحُج إل بيت ال الرام ؟ ماذا عليه أن يَصنع كاستعداد لذه‬
‫الفريضة ؟‬
‫ج‪ :‬إنّ الج فريضة مِن فرائض السلم بل هو رُكن مِن أركانه‪ ،‬والدلّة على وجوبه متعدّدة مِن كتاب ال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬ومِن سنّة رسوله صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وقد أجعت على ذلك المّة السلمية بل هو مِن‬
‫المور العلومة مِن الدّين بالضرورة لعامّة السلمي‪ ،‬ولذلك ل أرى حاجة للطالة بذِكر تلك الدلة‪.‬‬
‫والج يَجب على الفور على القول الصحيح الراجح‪ ،‬وهو الذي ذهب إليه ابن بركة والشيخ إساعيل‪ ،‬وهو‬
‫الذي يُفهَم مِن كلم المام نور الدين السالي‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنه‪-‬ف " جوهر النظام "‪ ،‬وهو الذي‬
‫تُؤيّده الدلّة‪ ،‬على أ ّن النسان ل يَدري مت يَأتيه الوت فما مِن لظة مِن لظات حياته إلّ ويكن أن يَموت‬
‫فيها وإذا كان المر كذلك وكان الج واجِبا‪-‬كما أشرنا إل ذلك مِن قبلُ‪-‬على الستطيع عليه فإنه ليس لحد‬
‫وجد الستطاعة أن يَتأخّر عن الج بل يَجب عليه أن يُبادِر إل ذلك فورا‪ ،‬فمَن وجَد الستطاعة عليه أن‬
‫يَستعِدّ لذلك وأن يَقوم بتأدية هذه الفريضة العظيمة الت أوجبها ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬على الستطيع مِن عبادِه‪،‬‬
‫‪268‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫والت جاءت الحاديث الصحيحة الثابتة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬الت تدلّ على عظيم‬
‫فضْلها‪.‬‬
‫فمَن أراد أن يَقوم بأداء هذه الشعية السلمية العظيمة وأن يُؤدّيَ هذه الفريضة الت افترضها ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬عليه فعليه أوّلً أن يتخلّص مِن الديون الت عليه إذا كانت حاضِرة‪ ،‬وإن ل تَكن حاضِرة فعليه أن يَقوم‬
‫بتوثيق تلك الديون الت عليه‪ ،‬وذلك بأن يَكتب ذلك عند كاتب ِثقَةٍ صالِح يُؤخذ بكتابته وأن يُشهِد شاهديْن‬
‫عَدَْليْن على ذلك ث بعد ذلك يَقوم بوضْع ذلك الصكّ الشرعي إما عند صاحب القّ‪-‬وهو ا َلوْل‪-‬أو أن يَضع‬
‫صفَه‬‫ذلك مع ثقة أمي ث يُخبِر صاحب القّ بأنه قد وضَع الصكّ الذي وثّق به ماله مع فلن بن فلن وأن َي ِ‬
‫بصفة ل تَخفى على صاحب ذلك الق ‪ ..‬هذا بالنسبة إل حقوق العباد الت عليه ‪ ..‬نعم إذا كانت تلك‬
‫القوق حاضِرة وسَمَحَ له مَن له ذلك الال بأن يُسافِر وبعد ذلك يَقوم بتأدية ذلك ال ّق إليه وكان هو يَملِك‬
‫ذلك الال الذي يُساوِي ما عليه مِن القوق فإنه ل مانع مِن ذلك لكن ل يَنبغي له أن يَقوم بطالبة الناس أن‬
‫يَسمحوا له بذلك‪.‬‬
‫فإذن إذا كانت عليه حقوق فلبد مِن أن يَكون يَملِك مِن الال ما يُساوي تلك القوق الت عليه ولبد مِن أن‬
‫يُوثّق ما عليه مِن مال‪.‬‬
‫صيّتَه‪ ،‬بل الوصية وتوثيق القوق مِن المور الت لبد منها سواءً أراد النسان الج‬ ‫ث عليه‪-‬أيضا‪-‬أن يَكتُب و ِ‬
‫أو ل يُرِد وسواءً كان ذلك ف وقت الج أو ل‪ ،‬وذلك لِما ذكرناه مِن أنّ النسان ل يَملك مت يأتيه الوت‬
‫فل يَدري مت يأتيه ومت يَعرِض له وقد تَضيع حقوق الناس بوته وعدم عِلم ورثتِه أو بتساهلِهم أو تساهلِ‬
‫بعضِهم بتأدية ما عليه مِن القوق‪ ،‬والديث قد نصّ‪-‬وهو صحيح ثابت‪-‬على أ ّن النسان لبد مِن أن يَقوم‬
‫بكتابة وصيتِه وأنه ل يَجوز له أن يَبيت ثلث ليال إل ووصيتُه مكتوبة‪ ،‬أو ما هذا معناه‪ ،‬وهو حديث صحيح‬
‫ثابت‪ ،‬وذكرناه بعناه ل بلفظه‪.‬‬
‫و‪-‬كذلك‪-‬عليه أن يُهّيئَ مِن الال ما يَكفيه لِسدّ حاجتِه مِن الوقت الذي يَخرُج فيه مِن بلدِه إل أن يَرجِع إل‬
‫بلدِه ويَأخ ُذ مقدارا مِن الال يَكفيه لس ّد بعض المور الت قد تَعرِض له مِن مرض أو مِن وجوب فِديةٍ أو جزاءٍ‪،‬‬
‫لنّ النسان قد يَقع ف بعض المور الت يَجب عليه بسببها الفِدية أو يَجب عليه بسببها الزاء‪ ،‬وهي أمور‬
‫سيأت توضيحها ف مناسبة أخرى بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫و‪-‬كذلك‪-‬عليه أن يَقوم بتعلّم أمو ِر الج‪ ،‬لنّ كثيا مِن الناس‪-‬وللسف الشديد‪-‬يَذهبون لتأدية هذه الفريضة‬
‫وهم ل يَعرِفون عن كيفية أدائها شيئا ‪ ..‬منهم مَن يَعتمِد على أنه سيُرافِق فلنا أو فلنا أو أنه سيَبحث عن‬
‫مُ َطوّفٍ أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهذا أمر ل يَنبغي‪ ،‬ولستُ أريد بالتعلّم أن يَتعلّم النسان الدقائِق الفقهية الت ذكرها‬
‫العلماء ف كتبهم‪ ،‬فإنّ هذا المر مِمّا ل يَقوى عليه إل قلّة قليلة مِن الناس‪ ،‬وإنا أريد أن يَتعلّم النسان أهمّ‬

‫‪269‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الناسك‪ ،‬وهي أمور سهلة بشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬فلبد مِن أن يَعرِف مِن أين يُحرِم‪ ،‬وما هو الذي يَجوز له‬
‫ف الحرام وما هو الذي ل يَجوز له ف الحرام‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬لبد مِن أن يَعرِف كيف يَقوم بتأدية الج ‪ ..‬مِن‬
‫إحرام وطواف وسعي وإحلل بِالنسبة إل العمرة‪ ،‬وكَذلك بالنسبة إل الج ‪ ..‬يُضاف إل ذلك الوُقوف ِبعَرَفَة‬
‫والبيت بالزْدَلفَة مَعَ الدّعاء ف ذلك ا َلوْضع الشريف‪ ،‬والـ َمبِيت بِمن مع الرمي‪ ،‬والذّبح بِالنسبة للمتمتّع‬
‫والقَارِن ‪ ..‬أي ذبح الدي واللق‪ ،‬إل غي ذلك مِن المور‪ ،‬وهِيَ ُأمُور يَسِية سَهلة‪ ،‬وقد كَتب فِيها كثي مِن‬
‫أهل العلم بعضَ الؤلّفات‪ ،‬ومِن الؤلّفات الفِيدة الختصَرة الت َكتَبها العلماء‪-‬جَزاهم ال تبارك وتعال خيا‪-‬‬
‫لل ُمْبتَدئي الكِتاب العْروف الـمُنتشِر الشهور بِكتاب " تَلقِي الصبيان "‪ ،‬فإنّ الشيخ المام السالي‪-‬رحه ال‬
‫تبارك وتعال‪-‬ذَ َكرَ أمورا مهِمّة بالنسبة إل الج ف هذا الكِتاب‪ ،‬ول يَنبغي للنسان أن يَشتغِل ِبتِلك الذكار‬
‫الت ذَ َكرَها كَثي مِن أهل العلم وبعضها موجود ف " تلقي الصبيان " ‪ ..‬نعم إذا كان َيحْفظها فهي حسنَة‬
‫جِدا‪ ،‬أما أن يَشتغِل ِب َفتْح كتاب أو بِمتاَبعَة فلن أو فلن ول يَخشَعُ ف ُدعَائه‪-‬وما شابه ذلك‪-‬فهذا مِمّا ل‬
‫يَنبغي‪ ،‬بَل يَنبغي أن يَأتِي بِالدْعية الت يَحفظها ويَكون عند التيان ِبهَا خَا ِشعًا ل تبارك وتعال‪َ ،‬أمّا ما عدا‬
‫ذلك فل يَنبغي له أن يَتكلّف ذلك ‪ ..‬كثي مِن الناس َيهْتَمّون ببعض الزئيات البَسيطة ولكنهم ل يَدرون شيئا‬
‫عن المور الهمّة الت تترتّب على ذلك‪ ،‬فإذن َتعَلّّم السَائل التعلّقة بِالج مِن َقبْلِ الذهاب إل الج مِن المور‬
‫جهَلون حت المور البَسيطة كالتلبية‪ ،‬فكثي‬ ‫الهمّة الت ل يَنبغي الّتفْرِيط فيها ‪ ..‬وكثي مِن الناس‪-‬كما قلتُ‪-‬يَ ْ‬
‫مِن الناس‪-‬وخَاصّة مِن الكبار ومِن النساء‪-‬ل يَعرِفون التَلْبية‪ ،‬وإنا يَذهبون إل الج فإذا رَكِبوا ف السيارة‪-‬‬
‫مثل‪-‬قَام واحد مِن الناس ِبقِراءة تلك التّلبية وهم ُيتَابِعونه عليها ونظرا لعاميتهم قد تَفوتُهم بعضُ الكلمات مِن‬
‫التلبية ول يَأتون بِها على وجهها الصحيح الشْرُوع الثابت عن النب صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫كذلك هنالك ُأمُور ‪ ..‬بِأن يُودّع النسانُ أقارِبه‪ ،‬وبأن يُؤدّي ما عليه مِن كفارات ونُذُور أو ما شابه ذَلك أو‬
‫يَقوم ِبتَوْثيق ذلك‪ ،‬فَهذا مِن المور الت تَدخل ف ضِمْن الوصية فالوْل للنسان أن ُي َكفّر مَا عَليه من أيْمان‬
‫سواء كانت عَن تَرك صيام أو كان بِسبب ِحْنثِهِ ف بَعض اليْمَان مثل‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬إذا كان قد أفْطر شيْئا مِن‬
‫ب عليه صو ٌم بسبب نذْر أو بِغي ذلك مِن المور فلبد مِن أن يَقوم ِبتَأدِية ذلك‪ ،‬مافة أن‬ ‫شهر رمضان أو وَ َج َ‬
‫يُصيبه حادثٌ‪-‬ل قدّر ال تبارك وتعال‪-‬عند تَأْ ِدَيتِه للحج‪ ،‬ول يَنبَغي للناس أن يَخافوا مِن تَأْدية الناسك بِذِكْرِنا‬
‫ض الناس يَخافون مِن تأدية‬ ‫لِهذا الكلم أو بِذِكْ ِر بَعض الناس لِذلك‪ ،‬فالج َسهْل بِمشيئة ال‪ ،‬لنن أعرِف بع َ‬
‫الج ِلمَا يَسمعونه مِن زِحام‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬عند تأدية الناسك وخاصة عند الرمي‪ ،‬فهذه أمور َسهَْل ٌة يَسِيَةٌ‬
‫ج َهلُون ذَلك ‪ ..‬يَظنّون بأنه لبد مِن تأدية النّسُكِ الفُلن ف الوقت الفلن‬ ‫ف حقيقة الواقع‪ ،‬وإنّما الناس يَ ْ‬
‫شقّة أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل ‪ ..‬مثل الرّمي‪-‬بِحمد ال‬ ‫ض الّتعَب أو ُتصِيبُهم مَ َ‬
‫س ويُصيُبهُم بَع ُ‬‫فيُزاحِمون النا َ‬
‫تبارك وتعال‪-‬ف اليوم العاشر يَبدأ مِن طُلُوع الشمس على َقوْل كثرة كَاثِ َر ٍة مِن أهل العلم بَلْ ل يَقل أحد بِأنه‬

‫‪270‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫يَبدأ بَعد طُلُوع الشمس وإنّما الِلف هَل يَجوز قبْل طُلوع الشمس أو ل ؟ أمّا إذا طلعت الشمس َفهُو‬
‫مَشروع باتّفاق المّة السلمية قاطبة‪ ،‬ويَمت ّد الوقت‪-‬عند طائفة مِن أهل العلم‪-‬إل منتصَف النهار ‪ ..‬كثي مِن‬
‫الناس لبد عندما يَأتون إل موضِع الرمي لبد مِن أن يَقوموا بتأدِية ذلك النّسُك ف ذلك الوقت ول معن‬
‫شقّة بإمكانه أن َيتَ َرّيثَ ساعة أو ساعتي أو أكثر‪ ،‬بل ذهب بعض العلماء إل أنّ‬ ‫لذلك‪ ،‬فإذا وَ َج َد النسان مَ َ‬
‫الوَقْت يَمتدّ إل غروب الشمس‪ ،‬وبعضهم إل طلوع الفجر‪ ،‬ونن وإن كنّا نقول‪ :‬إنّ الوْل أ ّل يُؤخّ َر النسان‬
‫شقّة ولو بَسِيطة مُمكِن أن يَتأخّر إل غروب‬ ‫لِغي الشقّة إل ما بعد منتصَف النهار وإن كانت هنالك مَ َ‬
‫الشمس‪ ،‬أمّا ما عدا ذلك ‪ ..‬أي عند عدم وجود الشقّة الشديدة فل يَنبغي له أن يتأخّر عن ذلك‪ ،‬وهكذا‬
‫بالنسبة إل الرمي ف اليوم الثان ‪ ..‬أي ف اليوم الادي عشر وكذا ف اليوم الثان عشر وف اليوم الثالث عشر‬
‫لِمن أراد أن َيتَأَجّل ‪ ..‬أي أراد أن يَ ْمكُث ذلك اليوم فهو يَبدأ بِمنتصَف النهار ويَمتَدّ إل غروب الشمس بل‬
‫لليوم الادي عشر والثان عشر ‪ ..‬لِمن ل يَستطِع يَمتدّ إل مَا هو أبعد مِن ذلك‪ ،‬و َشرْحُ ذلك ف موضعه‬
‫بشيئة ال‪ ،‬وإنّما نُريد أن ُنَبيّن للناس بأنّ المر يَسي‪ ،‬وبأنه ل يَنبغي لم أن يَتزاحَموا ف وقت‪-‬مثل عند‬
‫منتصف النهار‪-‬ويَتركون الوقتَ المت ّد الطويل ويُتعِبون أنفسهم و‪-‬كذلك‪-‬يُتعبون َغيْرَهم‪ ،‬فهذا مِن المور الت‬
‫ل تَنَبغِي‪.‬‬
‫فهذا مِِن المور الت يَنبغي للنسان أن يَعرِفها عندما يَذهب إل تأدية الج‪ ،‬ومِن أهَمّها‪-‬كما قلتُ‪-‬أن يَعرِف‬
‫مناسك الج‪ ،‬وأن يُوثّق ما عليه مِن ديون‪ ،‬وأن يَقوم بالّتوْبَة والنابة إل ال‪ ،‬وذلك بِأن َيفِدَ إل ربه‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬وقد تَخلّص مِن كل ما عليه مِن حقوق ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وحقوق عبادِه وتاب وأناب إليه وإذا كانت‬
‫حهُم بَل َلْيسَ للمسلم أن يَهجُر أخاه‬‫بينه خصومات وبي غيه مِن عبادِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬لبد مِن أن ُيصَالِ َ‬
‫ث يَلتقيان يُعرِض هذا ويُعرِض هذا عن صاحبه‪ ،‬كما ثبت ذلك ف الديث عن النب صلوات ال‬ ‫فوق ثل ٍ‬
‫وسلمه عليه‪.‬‬
‫ي بِكيفية الج مِن الوقْت الذي يَخرج مِن بيته ‪ ..‬فيه مَاذَا يَصنع‬ ‫وهنالك أمور أخرى تَتعلّق بِهذا الوضوع ‪ ..‬أ ْ‬
‫إل أن يَرجع إل بَيْته مِن أذكار إل غي ذَلك‪ ،‬سنُؤجّل الكلم عليها إل مناسبة أخرى‪ ،‬وعسى أن يكون ذلك‬
‫ف اليام القريبة إن شاء ال تعال‪.‬‬
‫س ّد دُيُونَه فيما لو حدث له‬
‫س‪ :‬ذكرت بِأ ّن النسان إذا كان يَملِك مِن الـمَتَاع ومِن الال مَا َي ُ‬
‫مكروه‪-‬ل قدّر ال‪-‬فَلَو كان يَمتلِك بَيْتَه فقط وسَيَارته‪ ،‬فهل ذلك يَكفي لكي يُضَمّنَه الوَصِيّة ؟‬
‫ي موضع سيسكنون ؟! ل ‪..‬‬ ‫ج‪ :‬هذه َأمُور ضرورية‪ ،‬فل يُمكن أن يَقوم أولدُه بَِبيْع َبْيتِهم وبعد ذلك ف أ ّ‬
‫وإنّما إذا كان ذلك يَفضُل عن حاجته وحاجة أولدِه الضرورية‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬هذا ف ديون اللل‪ ،‬أمّا ف المور‬
‫الح ّرمَة فعلى النسان أن يَتخلّص مِنْها ولو باع الغَالِي والرّخِيص ‪ ..‬فهذا ف المور اللل‪ ،‬أمّا ف المور‬

‫‪271‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الح ّرمَة لبد مِن أن يَتخلّص وليس له أن َيتَأَجّل ‪ ..‬نعم إذا كان ل يَهمّه بأن يَبقى على معصية ال‪-‬تعال‪-‬‬
‫فنقول له‪ " :‬اذهب إل الج ولكنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ل يَتقبّل إل مِن التقي "‪ ،‬أمّا أن يُقال لَه بأن يَترُك الج‬
‫ويَبقى على معصيته فهذا مِمّا ل يَصح‪ ،‬فإذا وجد الناس ف قول بعض أهل العلم بأنّ " مَن كانت عليه ديون‬
‫م ّرمَة ليس له أن يَذهب إل الج بل عليه أن يَتخلّص ويَتوب " ‪ ..‬يُريدُون ذلك إذا كان هَذَا الشخص يُريد‬
‫حقّا أن يَتخلّص‪ ،‬أمّا بعض الناس يَملِكون بعض الراضي أو بعض العقارات أو ما شابه ذلك مِن المور‬
‫ويَقولون‪ " :‬نَحْن نريد أن نتخلّص ولكن ل يُمكن أن نَبيع هذه بل نَتأجّل حت نَجِد ثنا كبيا أو نَبن عليها‬
‫وبعد ذلك َنقُوم ِببَْيعِها " أو ما شابه ذلك فهؤلء‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬ل يُريدون أن يَتخلّصوا فعليهم أن يَذهبوا‬
‫إل الج لئل يَجمعوا بي معصيتي ‪ ..‬معصية تَ ْر ِك الج ومعصية البقاء على الرام؛ وال الستعان‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا تُوف النسان ول يَحُج مع أنه كان قادِرا على الج ف حياته‪ ،‬فما الكم ؟ وإذا قلنا‬
‫حرَم عنه مِن مكانه أم مِن مكان الذي يَستأجِر عنه ؟‬
‫بِوجوب الج عنه‪ ،‬فهل يُ ْ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ مَن وَجَدَ الستطاعة على الج فإنه يَجِب عليه أن يَذهب إل ذلك فوْرا على مذهب‬
‫ض أهل العلم إل جهور المّة‪:‬‬ ‫سبَه بع ُ‬
‫ي مِن أهل العلم‪ ،‬وقد نَ َ‬
‫ح ّققِ َ‬
‫الـمُ َ‬
‫‪1‬‬
‫بِال َفوْرِ أَن ُيعَجّلَن إليه‬ ‫مَن وَجَ َد استطاعةً عليه‬
‫ولكنّ الناسَ كما قال هذا الشيخ‪-‬أعن المام السالي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪:‬‬
‫وأنه كَال ّديْ ِن يَ ْزعُمُون‬ ‫وأكث ُر الناس يُؤخّرون‬
‫‪2‬‬
‫بِ ُزخْرُف ال َقوْ ِل مُخَا ِدعُون‬ ‫وهُم َلعَمْرُ ال َمغْرُورُون‬
‫سوّفُ ‪ ..‬ل يَذهب ف هذه السنة ول ف الت تَليها‬ ‫فتجد الواحد منهم يَجِد الال وهو ف صحة تامّة ولكنه يُ َ‬
‫ويَ ْمكُثُ عشرات السني وهو ل يَذهب وإذا سُئل فيقول إنه سيَذهب‪ ،‬والج ليس على الفور‪ ،‬أو ما شابه‬
‫ذلك مِن الُرافات‪ ،‬والذين قالوا‪ " :‬إنه على التراخي " ما أرادوا بِذلك هذا العن الذي يُعبّر عنه هؤلء الهلة‬
‫سوّف‬‫بِهذا الكلم‪ ،‬فينبغي لِلنسان بل يَجِب عليه إذا وَجَ َد الستطاعة أن يَذهب إل الج فوْرا وليس له أن يُ َ‬
‫ف ذلك أبدًا وْلَيتّقِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فهو ل يَعلم إل مت سيَبقى ف هذه الياة فربا يُفاجِؤه الوت ول يَأتِ‬
‫ضلً‬
‫العامُ القادمُ الذي يَزعم بِأنه سيَذهب فيه إل الج فما مِن أح ٍد ِمنّا يَملِك بِأنه سيَبقى لَحظ ًة مِن اللحظات ف ْ‬
‫مِن أن يَزعُم بِأنه يَبقى إل السنة القادمة أو الت تَليها أو ما شابه ذلك‪.‬‬
‫ت تَجِد مَن‬
‫وأنا قلتُ ف بعض الفتاوى‪ :‬إنّ الرأة إذا منعها زوجُها مِن الج فل طاعةَ له ف ذلك إذا كان ْ‬
‫يُرافِقها مِن مَحارِمها‪ ،‬وهكذا بِالنسبة إل الوَلَدِ إذا مََنعَه أبوه أو أمه أو كِلها عن الج‪-‬وأعن بِذلك طبعا‬

‫‪-1‬المام نور الدين السالي‪ ،‬جوهر النظام ف علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الج‪ ،‬باب‪ :‬النيابة ف الج‪.‬‬
‫‪-2‬المام نور الدين السالي‪ ،‬جوهر النظام ف علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الج‪ ،‬باب‪ :‬النيابة ف الج‪.‬‬
‫‪272‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫جةَ الفريضَة‪-‬فليس له أن يَسمَعَ لَهما فل طاعة لَهما ول كرامة‪ ،‬لنّ الطاعة تَكون ف الـمَعروف وهذا‬ ‫حّ‬
‫النهي منهما أو مِن أحدِها ليسَ ف العروف بل هو نَهي عن طاعة ال ‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل مَن مات ول يَأت بِفريضة الج مع أنه قادِر على التيان بِها فعلى كل حال أمرُه إل ربّه تبارك‬
‫وتعال‪.‬‬
‫فإن كان قد أوصى بِذلك فلبد مِن تنفيذ وصيته‪ ،‬وقد اختلف العلماء ف هذه الوصية هل تكون مِن رأس الال‬
‫أو مِن الثلث ؟‬
‫فذهب بعضهم إل أنا تكون مِن رأسِ الال‪ ،‬وهذا القول هو القول الصحيح عندي‪ ،‬لِحديث‪ ( :‬ف َديْنُ ال أَحَقّ‬
‫أن ُي ْقضَى ) وما شابه ذلك‪.‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم إل أنا تكون مِن الثلث‪.‬‬
‫ت الوصايا الواجبة الثلث ول يَبقى منه بقية هل تُخرَج عنه الزكاة‪ 1‬أو ل ؟ وهذا على‬ ‫وفائدةُ ذلك إذا اسَتغْرََق ْ‬
‫ق العباد تُقدّم على حقوق ال تبارك وتعال "‪ ،‬وهو أحد القوال ف السألة‪.‬‬ ‫رأي مَن يَقول‪ " :‬إ ّن حقو َ‬
‫وبعض العلماء يقول‪ :‬إ ّن حقوقَ ال تُقدّم‪ ،‬وذلك لِحديث‪ ( :‬ف َديْنُ ال أَ َحقّ أن ُي ْقضَى )‪.‬‬
‫ص بيْنها‪.‬‬
‫ص ُ‬
‫وبعض العلماء يقول‪ :‬إنه يُحا َ‬
‫وال ّق أنّ َديْ َن العباد ُيقَدّم‪ ،‬وذلك لنه مبن على الـمُشَاحّة‪ ،‬أما ديونُ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫غَِنيّ عنها ‪ ..‬وإن كانت واجبة لكن ل يُمكِن أن ُتقَدّم على ديو ِن العباد‪ ،‬وحديثُ‪ ( :‬ف َديْنُ ال أَحَقّ أن‬
‫ُيقْضَى ) ل يُرا ُد بِه أنه ُيقَ ّدمُ على َديْ ِن العباد‪ ،‬وإنا يُرا ُد مِن ذلك الوجوب ‪ ..‬أي أنه لبد منه‪-‬طبعا‪-‬وذلك إذا‬
‫َأمْكَن‪.‬‬
‫ق ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬سواء كانت حَجّا أو غيْرَه تُخرَج مِن أصل الال‪ ،‬فما دام الال‬ ‫ونَحن قد قُلنا‪ :‬إ ّن حقو َ‬
‫َيفِي بِذلك فلبد مِن إخراج ذلك‪ ،‬أما إذا ل يَكن هنالِك شيء مِن الال بعدَ أدا ِء حقوقِ العباد‪-‬فل حول ول‬
‫قوة إل بِال‪-‬فيَنبغي لقاربه أن يَحُجّوا عنه‪.‬‬
‫أما إذا كان ل يُوصِ بِذلك فإ ّن أهل العلم قد اختلفوا ف ذلك‪:‬‬
‫ص بِذلك‪.‬‬ ‫والذي عليه جهور أصحابنا هو أنه ل تُخرَج عنه الجّة‪ ،‬لنه ل يُو ِ‬
‫وذهب بعضُ التأخّرين إل أنه تُخرَج عنه‪ ،‬لِلحديث الذي ذَكَ ْرنَاه‪.‬‬
‫ث مُحتمِل‪ ،‬وأنا أقول‪ :‬إنه‬ ‫وهذه السألةُ‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬ليس فيها دلي ٌل واضِح على أح ِد المْ َريْن والدي ُ‬
‫حثّ الورثة إما أن يَذهبوا لداء ال ّج عنه أو أن يُخرِجوا ذلك مِن مالِه والال فَانٍ وكما مات هو عنه‬ ‫يَنبغي أن ُي َ‬
‫فإنم سيَموتون عن ذلك ‪ ..‬بَقي إذا كان ف الورثة بعضُ الصّغار الذين ل َيصِلوا إل مرتبة التكليف فيُمكِن أن‬

‫‪-1‬لعل الشيخ قصد أن يقول‪ " :‬يُؤدّى عنه الج " بدل مِن " تُخرَج عنه الزكاة "‪.‬‬
‫‪273‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حّثهِم على ذلك فإن ل يَرْضَوا بِذلك فإنّ لنا كلما ف ذلك بِمشيئة ال‪،‬‬‫ُينْتَظَر هؤلء ويَقوم بعض أهل العلم بِ َ‬
‫ب هذا‪ ،‬لِعدم وجودِ دليلٍ صريحٍ ف السألة وهذا الديث الذي ذَكَ ْرنَاه مُحتمِل؛ وسأتكلّم‬‫ح ّ‬
‫أما الن فإننا نُ ِ‬
‫على هذه السألة بِتوسّع ف الدروس القادمة بِمشيئة ال‪.‬‬

‫أعمال الحج‬
‫ح ّدثُونا‪-‬باختصار‪-‬عن صفة الج ‪ ..‬ما الذي يأتيه الاج وما الذي يذره ؟‬
‫س‪ :‬نريد منكم أن تُ َ‬
‫ج‪ :‬إنه ل يَخفى على أحَد أ ّن الجّ مِن أَفْضَل الطاعات وَأعْظَم القُرُبات الت َيَتقَرّب بِها النسان إل ربه تبارك‬
‫وتعال‪ ،‬ولذلك يَجب أن تَكون وِفْ َق سنّة رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬الت ثبتتْ عنه‪،‬‬
‫فالرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬حَ ّج وَبيّن للناس كيفية الج ِبفِعله وَبيّن بعضَ المور التعلّقة‬
‫بِذلك بِقولِ ِه وَبعْد أن َفعَل تلك الناسك قال‪ ( :‬خذوا عن مناسِككم‪َ ،‬لعَلّي ل ألقاكم بعد عامي هذا )‪ ،‬وقد‬
‫اتّفقتْ المّة ف كثي مِن تلك المور‪ ،‬واختلفتْ ف بعض المور هل هي ثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى‬
‫ت فيه الكَلِمَة فإنه يَنبغي‬
‫آله وصحبه وسلم‪ ،‬فما اتّفقتْ عليه المّة السلمية فل إشكال فيه‪ ،‬وما اختلف ْ‬
‫لِلنسان أن يَأخذ بِما ثبتَ عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫صفَة الج يَطول‪ ،‬وقد أَفْرَ َد ُه كثي مِن أهل العلم بِمؤلّفات مُ َطوّلَة وبَحثوه ف كتبٍ أُّلفَت ف التفسي‬ ‫والكلم ف ِ‬
‫خصَ ذلك بِتلخيصٍ شديد بِكلمٍ متصَر‪.‬‬ ‫أو ف شروح الحاديث أو ف غي ذلك مِن المور‪ ،‬ول بأس أن أَُل ّ‬
‫ب بل هو ركن مِن أركان السلم‪ ،‬وأنه ل يَنبغي لِلنسان إذا استطاع سبيل إل‬ ‫ومِن نَافِلَة القول أنّ الج واج ٌ‬
‫ذلك أن ُيؤَخّرَه بَعْد وجوبه عليه‪ ،‬لنه ل يَدري ماذا سيَحدث له ف الستقبل‪ ،‬فقد يَأتيه الوت ول يَتمكّن مِن‬
‫تأدية هذا الفرْض وقد يَمرض ول يَتمكّن مِن ذلك أيضا‪ ،‬وقد تَذهب أمواله فل يَتمكّن مِن تأدية هذا الركن‬
‫العظيم‪ ،‬فلذلك إذا وَجد استطاعةً عليه فليس له أن يَتأخّر عن ذلك‪ ،‬كما يَفعله كثي مِن الناس وللسف‬
‫الشديد‪.‬‬
‫حجّه وِبعُمرته وج َه ال تبارك وتعال ‪ ..‬ل يَقصد بذلك ريا ًء ول سُمعةً‪،‬‬ ‫ومِن أه ّم المور أن َي ْقصِدَ النسان بِ َ‬
‫فكثي مِن الناس يَرغبون ف أن يُقال‪ " :‬إنّ فلنا ذَهب إل الج " أو ما شابه ذلك ويَ ْزعُمُون بِأنم يَقصِدون‬
‫ي النسان نيةً صحيحةً ل‬ ‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬والدار الخرة وف الواقع ذلك مِمّا ل يَصح‪ ،‬بل لبد مِن أن ينوِ َ‬
‫يَشوبُها َشوْبُ رياءٍ أو سُمعةٍ‪ ،‬وَبعْد ذلك ُي َهّيئُ ما يسّره ال‪-‬تعال‪-‬له مِن الرزق اللل فيَذهب به إل تأدية‬
‫الج‪ ،‬وقد تكلمنا على بعض الشروط التعلّقة بذلك‪ ،‬ول أريد أن أطيل الكلم بذلك ف هذا الوقت‪ ،‬وإنا‬
‫أريد أن أتكلم على ما يَفعله النسان مِن الوقت الذي يَخرُج فيه مِن بيته إل أن يَقوم بِتأدية هذا الركن‬
‫العظيم‪.‬‬

‫‪274‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فإذا أراد النسان الروج إل الج فَلْيُوَدّع أهلَه وأقاربه وليُخْلِص النية إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بعد توبةٍ‬
‫صادقةٍ إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وتأديةٍ للحقوق الت عليه وتَوْثِيق ما ل يُؤَدّه مِن القوق بصكّ شرْعِيّ‬
‫مع شهادة شهودٍ عُدولٍ ولْيَضعه مع أمي أو مع صاحب الق وإذا وضعه مع أمي فلبد مِن أن يُخبِر‬
‫صاحبَ الق بِذلك‪ ،‬ث لِيَخرُج إل مكّة الكرّمة‪-‬شَرّفها ال تبارك وتعال‪-‬وينبغي له أن يَبحث عن‬
‫أصحابٍ صالي يُعينهم ويُعينونه على طاعة ال تبارك وتعال‪ ،‬فإذا بَلَغ واحداً مِن الواقيت ‪ ..‬والواقيت‬
‫خسة‪:‬‬
‫‪-1‬ذو الُلَيْفَة لهل الدينة ولِمَن مَرّ با‪.‬‬
‫‪-2‬وذاتُ عِرْق لهل العراق ومَن كان ف ناحيتهم‪.‬‬
‫‪-3‬والُحْفَة لهل الشام ومَن جاء على طريقهم‪.‬‬
‫‪-4‬وقَرْنُ الَنَازِل لِمَن جاء مِن نَجْد‪.‬‬
‫‪-5‬ويَلَمْلَم لِمَن جاء مِن اليَمَن أو مَن كان طريقه عليها‪.‬‬
‫فمَن كان مِن أهل هذه البلدان أو كان طريقُه على ذلك اليقات فلْيُحرِم مِن هذه الواقيت‪ ،‬ول ينبغي له‬
‫أن يُحرِم قبلها‪ ،‬إذ إنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ل يُحرِم قبل ذلك‪ ،‬فقد أحرم مِن اليقات ف‬
‫حجّة الوداع‪ ،‬وأَحرَم كذلك ف العُمرة الت صَدّه عنها كفار قريش‪ ،‬وكذلك ف العُمرة الت قضى با تلك‬
‫العُمرة الت صُ ّد عنها‪ ،‬بل وقّت ذلك بقوله صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ولو كان هنالك فضْل‪-‬‬
‫أي ف التقدم على ذلك‪-‬لَفَعَلَه النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أو لصَرّح بذلك‪ ،‬أمّا وأنه ل‬
‫يَفعل شيئا مِن ذلك ول يُصَرّح بشيء منه فل ينبغي لحد أن يقول بأنّ ذلك أفضل‪ ،‬وأما الواز فل‬
‫إشكال فيه‪.‬‬
‫وما جاء مِن الحاديث مِن أنّ الفضل أنْ يتقدّم النسان على اليقات فذلك مِمّا ل يَصح عن النب‬
‫صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وفِعل الناس ل حُجّة فيه ‪ ..‬هذا إذا صح عن أحد مِن الصحابة أو غيهم‪،‬‬
‫ولستُ أريد أن أطيل الكلم على صحّة وعدم ثبوت تلك الروايات الت رُويت عن بعضهم‪.‬‬
‫فإذا وَصَل إل اليقات وكان يُريد حجّا أو عُمرة فإنه يُحرِم مِن ذلك‪.‬‬
‫والعُمرة تكون ف سائر السنة إل ما استُثن مِن اليام الت يكون النسان فيها ف الج‪ ،‬فل يكن أن يَعتمِر‬
‫ف اليوم العاشر أو ف اليوم الادي عشر أو ف اليوم الثان عشر وكذلك قبل أن يَنتهي مِن الرمي ف اليوم‬
‫الثالث عشر لِمَ ن تأخّر‪.‬‬
‫أما الج فإنه ل يكون إل ف أشهر الج وأشهر الج معلومة فهو يكون ف شوال وف ذو القعدة وف اليام‬
‫الول مِن شهر ذي الجّة‪.‬‬

‫‪275‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أما بالنسبة إل بقية شهر ذي الجّة فإنه وإن قال مَن قال مِن أهل العلم بأنه مِن أشهر الج لكنهم ل‬
‫يريدون بذلك أنّ الحرام يَصح فيه‪ ،‬إذ إنّ مَن ل يَقف بعرفة قبل طلوع الفجر مِن اليوم العاشر مِن شهر‬
‫ذي الجّة ‪ ..‬أي قبل طلوع فجر ليلة اليوم العاشر منه فإنه ل حج له باتفاق العلماء قاطبة وبنصّ الديث‬
‫قبلَ ذلك ‪ ..‬أي بنصّ الديث الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫فإذا جاء إل اليقات فإنه ينبغي له أن يَغتسِل‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪ ،‬فقد اغتسَل وأمرَ بالغتسال بل حت أنّ الائض والنفساء تَغتسِلن‪ ،‬فقد ثبت عن النب‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه أمرَ زوجَ أب بكر‪-‬أمّ ممد بن أب بكر‪-‬بأن تَغتسِل مع أنا نفساء‪ ،‬فمَن كان‬
‫يستطيع على الغُسل فيُشرَع له الغُسل‪ ،‬وهو وإن ل يكن واجبا ولكنه سنّة ثابتة عن النب فل ينبغي‬
‫التفريط فيها‪ ،‬أما مَن كان مريضا ل يقوى على الغُسل لِ شدّة البد‪-‬مثل‪-‬أو ل يَجِد ماءً‪-‬والمد ل الن‬
‫موجود بالنسبة لِمَن مَرّ على الواقيت‪-‬فإنه ل بأس عليه بِترك الغتسال‪ ،‬إذ ل قدرة له عليه‪ ،‬ول يُشرَع‬
‫ف حقّه التيمم على القول الصحيح الراجح‪ ،‬لنه ل يَرِد حديثٌ عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫يَدلّ على التيمم‪ ،‬ول يكن قياسُه على التيمّم لِلوضوء للصلة ولغسل النابة ‪ ..‬نعم إذا كان ل يَقوى على‬
‫الوضوء وأراد أن يُصلّي فإنه يَتيمّم لِلصلة ل لرادة الحرام‪ ،‬فإذا اغتسَل وتوضّأ فإن كان الوقتُ وقت‬
‫فريضة فإنه يُصلّي الفريضة ويُحرِم بعد ذلك كما سيأت إن شاء ال‪ ،‬أما إذا ل يَكن الوقتُ وقت فريضة أو‬
‫قد صلّى قبل ذلك فاختلف أهل العلم هل يُصلّي نافلةً ويُحرِم بعدها ؟ ول يَثبت عن النب ما يَدلّ‬
‫على ذلك‪ ،‬إل أنه إذا دخل السجد فإنه يُصلّي ركعت التحية ويُحرِم بعد ذلك‪-‬كما سيأت بشيئة ال تبارك‬
‫وتعال‪-‬أو كان الوقتُ وقت الضحى وكان يُصلّيها مُطلَقا أو ف بعض الحيان‪-‬أعن يُصلّي سنّة‬
‫الضحى‪-‬فإنه يُحرِم بعدها أو أراد أن يُصلّي ركعت السنّة الت تُصلّى بعدَ الوضوء فإنه يُحرِم بعدَ ذلك‬
‫كما سيأت بشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬أما أن يُخصّصَ ركعتي لِلحرام فالصحيح أنه ل يَثبت ف ذلك شيءٌ‬
‫عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وما دام ل يَثبت شيءٌ ف ذلك فل يُمكِن أن نقول بشروعية‬
‫شيءٍ ول نلك دليل يَدلّ عليه‪ ،‬فإذا صلى‪-‬إذا أراد الصلة‪-‬فإنه يُحرِم‪-‬ف ذلك الوقت على رأي بعض أهل‬
‫العلم‪ ،‬وف رأي بعض أهل العلم أنه يُحرِم‪-‬إذا رَكب راحلته‪ ،‬وهذا هو الذي دَلّ عليه الديث الصحيح‬
‫الذي ثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫وأما بعد الصلة فإنه قد ورد حديثٌ عن ابن عباس وقوّاه بعض الناس ولكنه ل يَثبت عن النب مِن جهة‬
‫السناد‪.‬‬
‫وهذا اللف إنا هو ف الفضل‪ ،‬وأما مِن حيث الواز فالمر جائز ول إشكال فيه‪.‬‬

‫‪276‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫والحرام يَكون بِلبْس ثوبَي الحرام بالنسبة لِلرجُل ‪ ..‬يَلبس إزارًا ساترًا ولبد مِن أن يكون ساترا‬
‫لِعورته‪.‬‬
‫وكثي مِن الناس‪-‬هدان ال تعال وإياهم‪-‬يُخرِجُون ما هو أسفل مِن السرة مع أنّ ما بيْن السرة والركبة‬
‫عورة‪-‬وهذا الكلم بالنسبة إل الرجل‪ ،‬وسيأت ما يتعلّق بالرأة بِمشيئة ال تعال‪-‬فهذا أمر ل يَصح ‪ ..‬لبد‬
‫مِن أن يَستر ما بيْن السرة والركبة‪ ،‬وإنا اللف ف السرة نفسها وف الركبتي ‪ ..‬نعم يُوجَد خلفٌ ف ما‬
‫هو أعلى مِن الركبتي ولكنّ الصحيح ما ذكرناه‪ ،‬أما ما هو أسفل مِن السرة فل يكن أن يُرَخّص فيه‪،‬‬
‫فلبد مِن أن يَنتبِه النسان‪.‬‬
‫ويَلبس‪-‬أيضا‪-‬رِداءً‪ ،‬ويَنوي الحرام وذلك يكون إما أن يُحرِم‪:‬‬
‫‪-1‬بِحج مُفْرد‪.‬‬
‫‪-2‬أو بعُمرة ث بعدَ ذلك يُحرِم بالج عندما يَنتهي مِن العُمرة كما سيأت إن شاء ال‪.‬‬
‫‪-3‬أو يَجمَع بيْن العمرة والج‪.‬‬
‫فالمور ثلثة‪ :‬إِفراد‪ ،‬وقِران‪ ،‬وتَمتّع‪.‬‬
‫فالفراد هو أن يُحرِم بالج‪ ،‬فإذا أتى مكّة الكرّمة طاف لِلقدوم وسَعى بيْن الصفا والروة ث يَبقى على‬
‫إحرامه حت يَنتهي مِن رمي جرة العقبة وف ذلك يُحِلّ ‪ ..‬أي ف اليوم العاشر‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إل التمتّع فإنه يُحرِم أوّل بعُمرة‪ ،‬فإذا أتى مكّة الكرّمة طاف بالبيت وسعى بيْن الصفا‬
‫والروة وأحَلّ مِن إحرامه‪.‬‬
‫وصِفَة الطواف أن يَبتدِئَ الطواف مِن ركن الجَر ‪ ..‬يُقابِل الجَر ويَنوي الطواف ويَطوف سبعة‬
‫أشواط ويُرْمِل ف طوافه ف الثلثة الشواط الول وكذلك يَضْطَبِع ولكنّ الضْطِبَاع‪-‬على الصحيح‪-‬‬
‫يَكون ف الشواط السبعة كلّها‪ ،‬كما ثبت ذلك ف السنّة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وذلك‬
‫بِأن يَجعل وسَط الثوب تَحت إِبْطه اليْمن ويَجعل طَرفَي الرّداء على يَده اليُسرى‪ ،‬فإذا انتهى مِن‬
‫الطواف فعليه أن يُرجِع ثَوب الحرام على ما كان عليه حت يُؤدّي الركعتي وقد سَتَرَ عاتِقَه‪ ،‬فإنّ‬
‫ذلك أمر لبد منه‪ ،‬كما ثبت ذلك مِن أمر النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬والجَر إن تَمكّن‬
‫مِن تقبيله فإنه يُقَبّلُه وإن ل يَتمكّن مِن تقبيله فإنه يَلمسُه بيدِه اليُمن ويُقَبّل بعدَ ذلك يدَه اليُمن‬
‫فإن ل يَتمكّن وكان ف يدِه عصا‪-‬وهو صعبٌ ف هذا الزمان‪-‬فإنه يَلمسه بعصاه فإن ل يَتمكّن أشار إليه‬
‫بيدِه وإذا أشار فل يُقَبّل يدَه‪ ،‬وأما بالنسبة إل الرّكن اليَمان فإنه يَلمسه بيدِه إن تَمكّن ول يُقبّلها‬
‫وأما إذا ل يَتمكّن فإنه ل يُشي إليه‪ ،‬لِعدم ثبوت ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة إل الرّكْني الشامِيي وها الرّكن العراقي والشامي فإنه ل يُقَبّلهما ول يَلمسهما بيدِه ول يُشي‬

‫‪277‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫إليهما‪ ،‬لعدم ثبوت ذلك عن النب صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وعند مقابلة الجَر يُكبّر ‪ ..‬يقول‪ " :‬ال أكب‬
‫"‪.‬‬
‫واستحب بعض العلماء أن يَقول‪ " :‬بسم ال ‪ ..‬ال أكب "‪ ،‬وذلك ل يَثبت ف حديثٍ مرفوع‪ ،‬وإنا الثابت‬
‫التكبي ‪ ..‬نعم ثبتت التسمية عن ابن عمر رضي ال‪-‬تعال‪-‬عنهما‪ ،‬أما الديث الرفوع فهو ما ذكرتُه‪.‬‬
‫وعند طوافه يَدعو بِما تيَسّر له‪ ،‬وإذا دعا بشيءٍ مِن كتاب ال ‪ ..‬أي مِن اليات الت جاء فيها الدعاء أو‬
‫بشيءٍ مِن الثابت عن النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬فذلك أفضل‪ ،‬أما أن يَشغِل بترديد الدعية والذكار‬
‫خلْف مُطَوّف ول يَفْقَه شيئا مِن تلك الذكار أو تلك الدعية فهذا مِمّا ل يَنبغي لحد أن يشتَغِل به‪،‬‬
‫ولْيَحْذَر النسان مِن مزاحة النساء ومِن لَمْسِهِن فإنّ ذلك مِمّا يُنهَى عنه النهي الشديد‪ ،‬فإذا انتهى‬
‫مِن الطواف‪-‬كما ذكرتُ‪-‬فَلْيُصَلّ ركعتي خَلْف القَام وإن ل يَتمكّن خَلْفه مباشَرة‪-‬وف ذلك‬
‫صعوبة شديدة ولسيما ف أيام الج‪-‬فإنه يُصلّي ف بُقْعة بعيدة عنه ولْيَجعله أمامه وإن ل يَتمكّن مِن‬
‫ذلك فَلْيُصَلّ ف أيّ مكانٍ مِن البيت ولو ل يَكن خلْف القَام‪ ،‬ث بعدَ أن يُصلّي يَأت إل الجَر‬
‫ويَدعو ث يَتَوجّه بعدَ ذلك إل الصفا ولْيَسْعَ بيْن الصفا والروة سبعةَ أشواط ‪ ..‬مِن الصفا إل الروة‬
‫يَعُدّه شوطا وهكذا مِن الروة إل الصفا‪ ،‬ولبد مِن أن تكون البداية مِن الصفا وأن تكون النهاية بالروة‪،‬‬
‫فلبد مِن أن يَنتبِه النسانُ لِذلك‪ ،‬وَلْيَذكُر موله‪-‬تبارك وتعال‪-‬وهو مُستقبِلا لِ لبيت ف حالة صعوده‬
‫على الصفا والروة يقول‪ " :‬ال أكب‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ل إله إل ال‪ ،‬وحده ل شريك له‪ ،‬له اللك وله‬
‫المد وهو على كل شيء قدير‪ ،‬ل إله إل ال وحده‪ ،‬أَنْجزَ وعْدَه ونَصَرَ عبْدَه وهَزَمَ الحزابَ‬
‫وحْدَه " ويَدعو بعد ذلك ث يَأت بالذّكر السابق ويَدعو بعد ذلك ث يَأت بعد ذلك بالذّكر السابق‪ ،‬فإذا‬
‫انتهى مِن ذلك أحَلّ بِاللْق أو التقصي‪ ،‬واللْق أفْضل إل ف حالة أن يَكون أراد الحلل مِن عُمرته ف‬
‫العشْر فِلقُرب الحرام بالج فإنّ الفضل له أن يُقَصّر حت يَتمكّن مِن اللْق عند إحلله مِن الج‪ ،‬وقد‬
‫أَمَرَ النب بالتقصي ف هذه الالة‪ ،‬وذلك لجل أن يَبقى شعرُه طويل حت يَتمكّن مِن حلْقه‪-‬كما‬
‫قلتُ‪-‬عند الحلل مِن الج‪.‬‬
‫والنوع الثالث‪ :‬القِرَان‪ ،‬وذلك بأن يُحرِم بالعمرة والج معاً‪ ،‬فإذا فَعل ذلك فإنه عندما يَأت البيت يَطوف‬
‫طواف القدوم ويَسعى ويَبقى على إحرامه حت اليوم الثامن‪ 1‬ويَتوجه بعدَ ذلك إل مِن ويَبقى على‬
‫إحرامه‪-‬كما قلتُ‪-‬حت يَرمِيَ جرة العقبة ويَذبح هدْيه‪ ،‬فإذا ذَبح الدْي فإنه يُحِل بالتَقصي أو باللْق‪،‬‬
‫واللْق أفضل‪ ،‬لنّ الرسول يقول‪ ( :‬رَحِمَ ال الحلّقِي ) ‪ ..‬قال ذلك ثلث مرات وف الرابعة قال‪( :‬‬
‫والقصّرِين )‪.‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬الثامن عشر " وهو سبق لسان‪.‬‬


‫‪278‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وبذلك تُلحِظون أنّ الفَرْق بَيْن القِرَان والِفْرَاد هو أنّ القارِن يَذبح الدْي بِخلف الفرِد فإنه ل‬
‫هدْي عليه إجاعا‪ ،‬أما القارِن فإنّ عليه الدْي على مذهب جهور المّة‪.‬‬
‫وسيأت الكلم بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬على أفعال الج على الثلثة النواع‪.‬‬
‫وف حالة التلبية يقول‪َ " :‬لبّيْكَ اللهم َلّبيْكَ‪َ ،‬لبّيْكَ ل شريك لكَ َلبّيْكَ‪ ،‬إنّ المد والنعمة لكَ‪ ،‬ل شريكَ‬
‫لكَ "‪:‬‬
‫ك ب ِحجّة " أو " َلّبيْكَ حج ّا " أو " َلبّيْكَ حجّة "‪.‬‬
‫وإذا كان مُفْرِدا قال‪َ " :‬لبّيْ َ‬
‫ك بع ُمرة " أو " َلّبيْكَ ع ُمرة " أو ما شابه ذلك‪.‬‬‫وإذا كان مُتَمَتّعا قال‪َ " :‬لبّيْ َ‬
‫ك ع ُمرة وحجّا "‪ ،‬ويكن أن يُقَدّم العُمرة‬ ‫ك بع ُمرة وحجّة " أو قال‪َ " :‬لبّيْ َ‬‫وإن كان قَارِنا قال‪َ " :‬لبّيْ َ‬
‫على الج‪ ،‬ويكن أن يُؤَخّر‪ ،‬واستحبّ كثي مِن أهل العلم أن يُقَدّم العُمرة على الجّة‪ ،‬وهذا مِن باب‬
‫الستحباب‪-‬على رأيهم‪-‬ل مِن حيث الوجوب‪ ،‬والفضل ألّ يَزيدَ النسانُ على تلبية النب صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪ ،‬وأما مِن حيث الواز فإنّ ذلك جائز‪ ،‬إذ إنّ بعض الصحابة كانوا يَزيدون على مسمعٍ‬
‫ومرأى مِن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ول يُنْكِر عليهم‪ ،‬ولكنّ الفضْل ف التزام التلبية‬
‫الت كان يَأت با النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ويَنبغي لِلنسان أن يُكْثِر مِن التلبية وأن‬
‫يَرْفَع با الصوت إذا كان رجُل‪ ،‬أما الرأة فإنا تُسِرّ ول تُسْمِع الرجالَ الجانب‪ ،‬ويُكْثِر مِن التلبية‪-‬‬
‫كما قلتُ‪-‬ولسيما عند إِقبالِ الليل أو النهار أو إذا صَعَدَ َشرَفًا أو نَزَلَ أو ما شابه ذلك ‪ ..‬أي ف حالة‬
‫تَغيّر الحوال‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬يَنبغي أن يُكْثِر منها وأن يَرْفَع با الصوت‪ ،‬كما فَعل أصحاب النب‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫ف اليوم الثامن يُحرِم التَمتّع بالج‪-‬وهذا على الستحباب وإل فإنه يَجوز الحرام للمُتَمَتّع قبل ذلك‪-‬‬
‫ويَكون ذلك مِن أَيّ موضعٍ مِن الَرَم‪ ،‬والنب أَحرَم مِن الَوْضِع الذي أَقام فيه‪ ،‬ول يَنبغي‬
‫لِلنسان أن يَذهب إل " مسجد النّ " أو إل " البيت الرام " أو ما شابه ذلك‪ ،‬لِعدم ثبوت ذلك عن النب‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬والظاهر أنّ العلماء عندما قالوا‪ :‬أَحرَم النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫مِن الوضع الذي مَكَثَ فيه ‪ ..‬أي أنّ أصحابه على مسمعٍ ومرأى فعلوا ذلك‪ ،‬وإل فهو كان قَارِناً ول‬
‫يُحِل مِن إِحرامِه‪ ،‬فلم يُحرِم ف ذلك اليوم إحراما جديدا‪ ،‬فيَنبغي أن يُتفَطّن لِذلك‪.‬‬
‫هذا ومِن الدير بالذّكر أنّ أهل العلم قد اختلفوا ف الفضل مِن المور الثلثة‪ ،‬والصحيح عندنا أنّ الفضل‬
‫التّمَتّع إل لِمن ساق الدْي فإنّ الفضل له أن يُقْرِن بيْن الج والعُمرة ‪ ..‬بقي الكلم هل الفضل أن‬
‫يَتمتّع النسان أو أن يَسوق الدْي وأن يُقْرِن بينهما ؟ والثان هو الصحيح‪ ،‬لِفعل النب ‪.‬‬

‫‪279‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫كما قلتُ إنّ الفضل القِرَان لِمَن ساق الدْي والتّمَتّع لِمَن ل يَسُق الدْي‪ ،‬وبقي اللف هل الفضل‬
‫للنسان أن يَسوق الدْي ويكون قارِنا بيْن حجّه وعُمرته أو الفضل له أن يَتمتّع ؟ والول هو الصحيح‪،‬‬
‫لفعل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فال اختار لنبيه ذلك ول يكن لِيَختار له إل الفضل‪ ،‬وأما تَمنّي‬
‫النب لِلتمتع فإنه إنا تَمَنّى ذلك لِمَ ا رأى مِن حُبّ أصحابه‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليهم‪-‬للبقاء‬
‫على الحرام فتمنّى حت يُوافِقَ أصحابَه‪ ،‬وقد كان يَترُك العملَ الفضل لأجل موافَقة أصحابِه‬
‫رضوان ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليهم‪ ،‬وتَحرير ذلك يَحتاج إل بَحثٍ مُطَوّل‪ ،‬وموضعه آخر بشيئة ال تعال‪.‬‬
‫فإذا ذَهَب الناس ف اليوم الثامن إل مِن فإنم يُصلّون الصلوات المس هناك‪ ،‬وبعد ذلك يَخْرُجُون بَعْد‬
‫طلوع الشمس‪ ،‬ومَن خَرج قَبْل ذلك فل شي عليه ولكنّ السنّة أن يَخرُجوا بعد طلوع الشمس‬
‫ويَتوجّهون إل عرفة ‪ ..‬لو أَمكَن البقاء بنَمِرَة فذلك هو الذي فَعله النب ‪ ،‬ولكنّ هذا الزمان فيه مِن‬
‫الصعوبة ما فيه لِكثرة الجاج‪ ،‬فيَبْقَوْنَ هنالك على ذِكْر ال تبارك وتعال ‪ ..‬مَن شاء أن يُكَبّر‬
‫فلْيُكبّر ومَن شاء أن يُلَبّي فلْيُلَبّ‪ ،‬ويَنبغي لم أن يُكثِروا مِن الدعاء والذّكْر ما استطاعوا ولْيَتركوا‬
‫كلم الدنيا‪ ،‬وإذا زالت الشمس فيَنبغي لم مباشَرة أن يُصَلّوا الظهر والعصر ‪ ..‬يَقوم المام خطيبا‬
‫ولْيَخطب خطبة متصَرة ث بَعْد ذلك يَقومون بِتأدية الصلتي جَمْعا ‪ ..‬يَقْصُرُون الظهر ركعتي‬
‫وكذلك العصر‪ .. 1‬يَجمعونَهما جَمْع تقدي‪ ،‬ويُؤَذّن الؤَذّنُ أذانا واحدا ويُقيم إِقامتي‪ ،‬فإذا صَلّوا‬
‫فليَذْكروا ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ولْيُكثِروا مِن الدعاء ويُكثِروا مِن قول‪ " :‬ل إله إل ال وحده ل شريك له‪،‬‬
‫له اللك وله المد وهو على كل شيء قدير "‪ ،‬ولْيُكثِروا بِما شاؤوا مِن الدعاء ولسيما مِن الدعية الت‬
‫وَرَدَت ف كتاب ال أو صَحّت عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فإنّ هذا الوقت مِن أفضل‬
‫الوقات فل يَنبغي للنسان أن يُفَرّطَ فيه بِنوْم أو بِكلم أو ما شابه ذلك‪ ،‬ولْيَبْقَوا على ذلك حت‬
‫يَتحقّقوا مِن غروب الشمس تَحقّقا ل لَبْس فيه‪ ،‬وليس لحد أن يَخرُج قَبْل ذلك‪ ،‬لنّ النب نى‬
‫عن ذلك‪ ،‬ولنه بَقِي ف عامِه ذلك حت تَحقّق غروب الشمس تَحقّقا ل لَبْسَ فيه ول غُموض وبَعْد‬
‫ذلك أَفاض وقال‪ ( :‬خذوا عن مناسِككم )‪.‬‬
‫ولِلسف نَجد كثيا مِن الناس يَخرُجون قَبْل ذلك‪ ،‬وهذا مِمّا يُخالِف السنّة الصحيحة الثابتة عن النب‬
‫مالَفة صارِخة‪ ،‬ول يَنبغي لِلنسان الذي ذَهب إل تلك الواطن القدّسة أن يُخالِف هذه الخالَفة‬
‫والعياذ بال‪-‬تعال‪-‬مِن ذلك‪.‬‬

‫‪-1‬يبدو أنّ هذا القصْر خاص بالسافِر‪.‬‬


‫‪280‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ث لِيَذهبوا إل الُزدَلفَة ولْيَبِيتُوا ليْلتَهم بِها ولْيَجمَعوا بيْن الغرب والعِشاء ‪ ..‬يُصَلّون الغرب ثلثا‬
‫والعشاء ركعتي‪- 2‬وطبعا هذا لِلمسافِر‪-‬ويكون ذلك بأذان وإقامتي على الصحيح الذي دَلّ عليه الديث‬
‫الصحيح‪ ،‬فإذا قاموا ف الصباح فلْيُصَلّوا صلة الفجْر ف أوّل وقتها ث لِيَذْكروا ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬هناك‬
‫ذِكْرا كثيا ولْيَبْتَهِلوا إليه ولْيُكْثِروا مِن السؤال مع تَضَرّعٍ وخُشُوعٍ إليه ‪ ،‬ث لِيَخرُجوا بَعْد‬
‫ذلك قَبْل طلوع الشمس‪ ،‬وإذا مَرّوا بِوادي مُحَسّر إِن أَمْكَنَهُم أن يُسْرِعوا السيْر فذلك هو‬
‫الطلوب‪ ،‬وإن ل يَتمكّنوا مِن ذلك فل حَرَجَ‪-‬بِمشيئة ال تبارك وتعال‪-‬مع شدّة هذا الزحام الذي نراه‬
‫الن‪.‬‬
‫وأقول‪ " :‬شدّة الزحام " ‪ ..‬ل أريد أن يَتَخَوّف الناس مِن ذلك‪ ،‬وإنا أَذْكُر أنّ ذلك هو الواقع ولكنّ‬
‫المر يَسي بشيئة ال تبارك وتعال ‪ ..‬يَرى الناسَ أفواجا ولكنه يَمرّ بِسهولة ويُسر ول يَجِد مشقّة ف‬
‫ذلك‪ ،‬ومَن ذهب إل تلك الواطن عَرَف ذلك حقّ العرفة‪ ،‬فل يَنبغي لحد أن يَتَخَوّف مِن ذلك فالمر‬
‫أَيْسَر مِمّا يَتصوّره كثي مِن الناس‪.‬‬
‫ومَن ل يَتمكّن مِن ماوزة الوادي إل بعد طلوع الشمس لِزحام أو ما شابه ذلك فل شيء عليه على الرأي‬
‫الصحيح الراجح‪.‬‬
‫وأَلْزَمَه بعضُ العلماء الدم‪ ،‬ول يَجب عليه‪ ،‬لِعدم وجود دليلٍ على ذلك ‪ ..‬هذا هو الصحيح عندي‪.‬‬
‫فإذا وصلوا إل مِن فَلْيَرْموا بِها الَمْرَة بِشرْط أن يَكون ذلك بعد طلوع الشمس‪-‬كما هو مذهب‬
‫كثي مِن أهل العلم‪-‬وهو الذي يُؤْخَذُ مِن حديث ابن عباس رضوان ال‪-‬تعال‪-‬عليهما‪.‬‬
‫الضّعَفَةُ يُمكِنهم أن يَخرُجوا مِن الزدَلَفة بعد غروب القمَر مِن ليلة العاشِر ولكن لِيَنتظِروا الرمي‬
‫حت تَطلع الشمس‪ ،‬وأما القادِر فليس له أن يَخرُج إل بعد صلة الفجْر‪ ،‬كما فَعل النب ‪ ،‬والرمي ف‬
‫هذا اليوم يكون لِجمْرة العقَبة فقط‪ ،‬فلْيَرْمِها النسان بِسبع حَجَرات وليُكَبّر مع كل رَمية ولْيَقْطَع‬
‫التلبية عند إرادة الرمي ‪ ..‬هذا هو القول الصحيح الثابت الذي دلّت عليه السنّة الصحيحة‪ ،‬ث بَعْد الرّمْي‬
‫ل يُشْرَع الدعاء ف هذا المَوطِن‪ ،‬بل يَذهب الناس إل الذبح بالنسبة إل مَن كان قارِنا أو كان متمتّعا ‪..‬‬
‫فليَذْبَحوا الدْي ولْيَكن قد بَلَغ السّن وسَلِم مِن العيوب‪ ،‬ول يُمكن أن أُطيل بِأكثر مِن ذلك ف هذا‬
‫الوقت‪ ،‬فإذا ذَبَحوا فيُشْرَع ف هذا الوقت اللْق والتقصي لِلرجال‪ ،‬واللْق أفضل‪ ،‬وأما النساء فإنن‬
‫يُقصّرن بِمقدار أنْمُلَة‪ ،‬وبَعْد ذلك مَن شاء أن يَطوف فلْيَذهب إل الطواف وليَطُف بِالبيت على‬
‫الصفة الت ذكرناها إل أنه ل يُشرع فيه الضْطِبَاع ول الرّمَل على حسب ما ذكرنا بل يَطوف طوافا‬
‫عاديا‪ ،‬وبعد ذلك بالنسبة إل الُتَمَتّع فإنّ عليه أن يَسْعى‪ ،‬كما هو مذهب جهور المّة الذي دَلّ عليه‬

‫‪-2‬قال الشيخ‪ " :‬ثلثا " بدل من " ركعتي "‪ ،‬وهو سبق لسان نبّه عليه فيما بعد‪.‬‬
‫‪281‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫صحيح السنّة‪ ،‬وأما القَارِن والُفْرِد فإن كانا قد سعيا مِن قَبْل فل سعي عليهما‪ ،‬أما إذا كانا ل يَسعيا‬
‫مِن قَبْل‪-‬لِعدم تَمكّنهما مِن ذلك أو أنما شاءَا تأخيَ ذلك‪ ،‬إذ إنّ التأخي جائز وإن كان التقدي‬
‫أفضل‪-‬فعليهما‪-‬أيضا‪-‬السعي‪ ،‬وإذا فعلوا ذلك فإنم يَرجِعون إل مِن مباشَرة ولْيَرموا المرات الثلث ف‬
‫اليوم الثان والثالث‪ ،‬فمَن أراد أن يَتَعجّل فلْيَتَعجّل بعد الرمي مِن اليوم الثالث وهو الثان بالنسبة إل أيام‬
‫التشريق‪ ،‬ومَن شاء أن يَمكث الثالث‪-‬وهو اليوم الرابع مِن أيام الرّمي كُلّها‪-‬فليَمْكُث‪ ،‬والرمي يكون ف‬
‫هذه اليام بَعْد زوال الشمس‪ ،‬ول يُجْزِي قَبْلها‪.‬‬
‫وما يَفعله كثي مِن الناس مِن التَقَدّم على ذلك فهو مالِف للسنّة الصحيحة الثابتة‪ ،‬ول يُجزِيهم أنم‬
‫يُقلّدون فلنا أو فلنا‪ ،‬فالعبة بالصحيح الثابت‪ ،‬كما نصّ على ذلك أهل العلم بل هو الذي نصّت عليه‬
‫الدلة‪ ،‬ويُعجبن كلم المام السالي‪-‬رحه ال‪-‬حيث يقول‪:‬‬
‫ونحن نحكي بَعْده خلفا‬ ‫المصطفى يَعتبِر الوصاف‬
‫فيه عن المختار نصّ أُسند‬ ‫ل نَقبَل الخلف فيما ورد‬
‫فإذا وَرد حديث عن النب وصَحّ فل شيء إل التسليم‪ ،‬ولْنَترك بقية القوال‪ ،‬فإذا انتهوا مِن ذلك‬
‫فلْيَبْقوا بمكة ما شاءوا وإذا أرادوا النصراف منها فليَنصرِفوا ولكن بعد أن يَطوفوا طواف الوداع ولْيكن‬
‫ذلك هو الِتَام‪ ،‬وتُعْذَر مِنه الائض والنفساء ومَن ل يَتمكّن لِشِدّة الرض الذي ل يُمكن مَعَه أن‬
‫يَطوف بنفسه أو مَحمول‪ ،‬أما إذا أمكن أن يَطوف ولو مَحمول فل يُعذَر مِن ذلك‪ ،‬والائض تُعذَر مِن‬
‫هذا الطواف أما مِن طواف الج وطواف العُمرة فل تُعذَر‪ ،‬فلبد أن تُؤَخّر ذلك حت تَطهُر وتَغتسِل‬
‫ولْتَطُف بَعْد ذلك‪.‬‬
‫هذا متَصَرٌ فيما يَتعلّق بِصفة الج‪ ،‬وهنالك أحكام كثية تركتُها لِضيق الوقت واختصرتُ الكلم ف‬
‫بعضها؛ وال ول التوفيق‪.‬‬

‫أول‪ :‬الحرام‬
‫حكم ركعتي الحرام‬
‫ت لباس الحرام ث أحرمتْ ؟‬
‫ت بِالعمرة مِن غيْر أن تُصلّي ركعتيْن‪ ،‬وإنّما لبس ْ‬
‫س‪ :‬امرأةٌ َأ ْحرَمَ ْ‬
‫ج‪ :‬ل َيقُل أح ٌد مِن أهل العلم بِوجُوبِ هاتيْن الركعتي‪ ،‬وإنا الِلف بيْن أهل العلم ف مشروعيتهما ‪ ..‬أي أنّ‬
‫النسان إذا ل يُحْرِم بعد فريضة هل يُشْرَع له أن ُيصَّليَ ركعتيْن لِلحرام أو ل ؟‬
‫َذهَب بعضهم إل أنه ل يُشْرع له ذلك‪ ،‬إذ إنّه ل يَأتِ دليل يَدُل على ذلك‪ ،‬فإن أراد الحرام بعد فريضة‬
‫ت ليس وقت فريضة فإذا كان يَص ّح فيه التنفّل فيُمكن أن ُيصَلّي ركعتيْن بعد‬ ‫حرِم بعدَها‪ ،‬وإن كان الوَقْ ُ‬
‫ف ْليُ ْ‬

‫‪282‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وُضُوئِه ِبنِية ركعتَي الوضوء‪ ،‬أو كان الوقت وقت صلة الضحى فليُصَ ّل صلة الضحى‪ ،‬وهكذا إذا أراد أن‬
‫ص ًة بِالحرام فإنه‪-‬عند هذه الطائفة مِن أهل العلم‪-‬ل يُشرَع له ذلك‪.‬‬ ‫َيتََنفّل‪ ،‬أمّا أن ُيصَلّي صلةً خا ّ‬
‫ت طائِفة مِن أهل العلم إل مشروعية ذلك‪.‬‬ ‫وذَهب ْ‬
‫ل يَد ّل على مشروعية هذه الصلة ولكن‪-‬كما قلتُ‪-‬إذا دخل النسان‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬أنَا لَم أَجِد دلي ً‬
‫حرِم بعد ذلك ‪ ..‬أي بعد أن يَركَب ف سيارته‪ ،‬وإذا أراد أن ُيصَّليَ بعد الوضوء أو‬ ‫السجد ف ْليَرْكَع ركعتيْن وْليُ ْ‬
‫أراد أن ُيصَّل َي صلة الضحى أو شيئا مِن النّوافل الت اعْتاد عليها وكان ذلك الوقت‪-‬طبعا‪-‬مِمّا ل يُنهَى عن‬
‫ت ُيْنهَى عن الصلة فيه‪-‬فإذا صلى فل بأس‬ ‫الصلة فيه‪-‬ول يُمْكن طبعا لِلنسان أن َيعْتَاد على الصلة ف وق ٍ‬
‫بذلك بِمشيئة ال؛ والعلم عند ال‪.‬‬

‫** أنواع الحرام‬


‫س‪ :‬مَن أدّى العُمْرة مِن قبل‪ ،‬ما الذي أفضل له أن يَصَْنعَ ُه عندما يُريد أن يج ؟‬
‫ج‪ :‬هو ميّر‪:‬‬
‫حلّ إل أن‬ ‫‪-1‬إن شاء أن َيتَمتّع فلَيتَمتّع ‪ ..‬أي أن ُيحْرِم ِبعُمرة أوّل ويَطوف ويَسعى لَها ث يُ َقصّر ويَبقى مُ ِ‬
‫يُحْرِم ف اليَوم الثامن مِن ذي الجة‪ ،‬وعليه هدْي‪-‬طبعا‪-‬ف هذه الالة‪ ،‬والصحيح أنه ل مانع مِن أن يَتَمتّع‬
‫النسان ِبعُمرة النّفل إل الفريضة ‪ ..‬هذا ما ذهب إليه المهور‪ ،‬وهو واضِح‪.‬‬
‫‪-2‬وله‪-‬أيضا‪-‬أن يَكون قارِنا ‪ ..‬أن ُيقْرن بيْن الج والعمرة‪ ،‬ول مانع‪-‬أيضا‪-‬مِن أن تكون العُمرة عُمرة نفل‬
‫ويكون الج حج فريضة‪ ،‬وعليه‪-‬أيضا‪-‬الدْي عند أكثر أهل العلم ف هذه القضية‪.‬‬
‫‪-3‬وبيْن‪-‬أيضا‪-‬أن يُفرِد الج‪ ،‬ول هدْي عليه إذا أفرد‪.‬‬
‫الفْضل ما هو ؟ الفْضل ل شك التّمتع‪.‬‬

‫س‪ :‬ف حال القران بِالج والعُمرة‪ ،‬هل َيكْتَفِي القارِن ِبسَ ْعيٍ واحد بِنية الج والعُمرة‪-‬كما وَرَد‬
‫ف بعض الفتاوى‪-‬يُ َؤدّيه مت ما شاء َسوَاء عند طَواف القُدوم أو ُيؤَخّره عند َطوَافِ الفاضة ؟‬
‫ج‪ :‬اختَلفَ العلماء ف القَارِن هل َيجِب عليه أن يَطُوف طوافَيْن وأن يَسْعى َس ْعَييْن أو َأنّه َيكْتَفي بِطوافٍ واحد‬
‫وسعيٍ واحد ؟‬
‫ف طوَاَفيْن وسَعَييْن اللهم إل إذا جاءَ‬ ‫والصحيح عندي أنه يَكفِيهِ ِطوافٌ وسَعيٌ واحد بل ل يُشرَع لَه أن يَطو َ‬
‫ف القُدوم ويَسعى وهذا السعي يَكون لِحجّه وعُمرتِه ث بعد‬ ‫أوّل إل مكّة الكرّمة فإنه يُشرَع له أن يَطُوف طَوا َ‬
‫أن يَنتَهي مِن عَرفة ومِن الزدلفة ومِن رمي المْرَة والذبْ ِح واللْقِ أو التَقصيِ إذا كان رجُل‪-‬والتَقصيِ إذا‬
‫كانت امرأة‪-‬فإنه لبد مِن أن يَذهب ويَأت بِطواف الزيارة‪ ،‬وذلك الطواف الذي أتى بِه مِن قبل ل يْزِيه‬
‫‪283‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حجّته لنه لِلقُدوم ‪ ..‬أي أنه يُشرَع لِمَن أتَى إل مكّة وهو َيْنوِي الج أو َينْوي أن يَكُون قارِنا َبيْن الج‬ ‫لِ َ‬
‫والعُمْرة‪ ،‬أما إذا كان يُريد العُمرة فإنه يَطُوف طَواف العُمرة وذلك يُجزِيه عن طواف القُدُوم ‪ ..‬فإذن إذا أتى‬
‫ف طوافَ القُدُوم‪ ،‬وهذا الطواف‪:‬‬ ‫إل مكّة الـمُكرّمة وكان قارنًا فَ ْليَطُ ْ‬
‫‪-1‬سنّة عند جُمهور المّة مَن تَركه ل شيء عليه إل أنه تَ َر َك ال َفضْلَ‪ ،‬ول يَنبغي لِلنسان أن َيتْ ُر َك مَا ثَبتَ عن‬
‫رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬إل إذا كان مَريضًا أو مَا شَابَه ذلك‪.‬‬
‫‪-2‬و َذهَبت الـمَالكِية إل أنّه وَاجِب وأوجبوا على مَن تَرَكَه الدّم‪.‬‬
‫والصحيح القَول الول‪.‬‬
‫سعَى ف ذلك الو ْقتِ وذلك السعي يَكُونُ‪-‬كما قلتُ‪-‬لِلحج والعُمرة ث عِنْدَما َيْنتَهِي‬ ‫وإذا طَاف لِلقُدوم فإنه يَ ْ‬
‫مِن الوُقُوف بِعرفة والـمَبيت بِالـ ُمزْدلفة والرّمي والذّبح أو النّحْر‪ ،‬واللْق أو التّقصِي على ما َفصّ ْلتُ‪ 1‬فإنّه‬
‫جزِيه عن طَوَاف الزّيارة؛‬ ‫لبد مِن أن يَأِت َي ويَطُوف طوافَ الزيارة‪ ،‬فالطواف السابق‪-‬إذن‪-‬لَ ْم َيقُلْ أح ٌد أنه يُ ْ‬
‫وال أعلم‪.‬‬
‫سعْي ؟‬
‫جزِيه ال ّ‬
‫س‪ :‬ولكن يُ ْ‬
‫ف طواف القُدُوم وسَعى ث عندما رَ َجعَ صلوات ال وسلمه عليه َبعْد‬ ‫سعْي نعم‪ ،‬لنّ الرسول طَا َ‬ ‫ج‪ :‬ال ّ‬
‫الذّبح والَلق طَاف لِلزيارة ول يَسْعَ‪ ،‬وَلنَا فِيه أُسوة حَسنَة‪.‬‬
‫س‪ :‬هَل يَصْدق هذا‪-‬أيْضًا‪-‬على الـمُفرد ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬الـ ُمفْرِد كذلك إذا جاء وَطَاف أوّل طواف القُدُوم و َسعَى فإنه بعد الرّمي والتقصي أو اللق فإنه‬
‫ت َمكّة أبَدًا بِأن أتى إل مِن‬
‫يَأتِي ويَطوف وقد سَعى مِن قبل وذلك السّعي هو سعي الج‪ ،‬أما إذا كان ل يَأ ِ‬
‫أو إل عَرَفة مباشَرة أو أنّه أتى إل َمكّة ولكنه ل يَطُف ول يَسْ َع فلبد هَاهُنَا مِن الطواف والسعي بل الطّواف‬
‫َلبُ ّد مِنه على كل حال؛ وال أعلم‪.‬‬

‫أحكام إحرام الصبي‬


‫س‪ :‬يَأ ُخذُ بعض السلمي أَطفالم َمعَ ُه ْم للعُمْرة ومِ ْنهُم الرضيع ومنهم الـمُمَيّز‪ ،‬فما هي الحكام‬
‫حرِموا لَهم وأن ُي َؤدّوا‬
‫الُتَعَ ّلقَة بِهؤلء الطفال ؟ نرجوا التَفصِيل ف هذه القَضِيّة ‪َ ..‬يعْنِي َه ْل لَهم أن يُ ْ‬
‫العُمْرة و َهكَذا الج ؟‬
‫ج‪ :‬أما الطفل إذا كان صَغِيا جدا فهذا ف الوَاقِع قد تَكُون هنالك مشكلة ف الحرَامِ لَه‪ ،‬أمَا إذا كَان‬
‫هَذَا الطفل يُمَيّز ولَو قليل فقد ثَبت ف السنّة الصحيحة الثابتة‪-‬مِن عِدّة طُرُقٍ‪-‬عن النب‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬مِنْهَا مِن قَوْله ومِنْها مِن إقراره‪:‬‬
‫‪-1‬أي‪ :‬واللْقِ أو التَقص ِي إذا كان رجُل‪ ،‬والتَقص ِي إذا كانت امرأة‪.‬‬
‫‪284‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فقد سَألتْه امرأة‪ " :‬هَل لِهذا حج ؟ "‪-‬أي لِصب مَعَها رفعَتْهُ‪-‬فَقَال لا ‪ ( :‬نعم ولَكِ أجر )‪.‬‬
‫وذَهَب طَائِفَة مِنَ الصّحَابة‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليهم‪-‬مَعَ رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪-‬إل الج وَهُم ل يَصِلوا إل مَرْتبة البُلُوغ وأَقَرّهُم رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬على ذلك‪.‬‬
‫نعم ‪ ..‬هُمْ يُطالَبون بَعد ذلك بِفريضة الج ويُطالَبُون بِالعُمرة على القول بِوجُوبِها‪ ،‬أو يُطَالبُونَ‬
‫بِها حت عَلى القَوْل بِأَنّها سنّة وإنّما تَختلِف الدرجة‪.‬‬
‫فإذا كان هَذا الصبِي يُحافِظ على طَهَارَتِه على أَقَلّ تَقْدِير أو يُمْكن أنْ يُسأَل أو ما شابه ذلك فل‬
‫يَنبغي أن يُحْرَم مِن ذلك‪ ،‬ففي ذلك فَضْلٌ عظيم لِذلك الصّب بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬وف ذلك‬
‫أَجْر وثَوَاب بِمشيئة ال لِمَن أحْرَمَ لِذَلِك الطّفْل إذا كان قَاصِدًا بِذلك وَجْهَ ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫أما إِذا كَانَ صَغِيا جدًا جدًا فَهَذَا قد تَكُونَ فِي الحْرَام لَه مُشْكِلة؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ب هَذا الصّب الميّز‪-‬الذي يَستطيع أن يَفهم ما يُقال له‪-‬شَيئا مِن الحْظُورَات‪ ،‬مَن‬
‫س‪ :‬إذا ارتَكَ َ‬
‫الذِي يَتَحَ ّم ُل مَا يَترتب على ذَلك ؟‬
‫ج‪ :‬ف هذه السألة خِلفٌ بَيْن أهل العلم‪:‬‬
‫‪-1‬منْهم مَن يَقُول‪ :‬إنّه لَ شَيءَ عليه ول على مَن أَحْرَمَ له‪ ،‬فذلك مَعْفُوٌ عَنه بِمشيئة ال تبارك‬
‫وتعال‪.‬‬
‫‪-2‬ومِنْهُم مَن يَقول‪ :‬يُخاطب بِه مَن أحْرَم له‪.‬‬
‫والقول الثان مَشهور‪ ،‬والقَوْل الول قد قَالت به طَائَفة مِن أهل العلم وله وَجْه وَجِيه؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫أحكام قطع التلبية‬
‫حرِم التّلْبِيَة ؟‬
‫س‪ :‬مت َيقْطَع الـمُ ْ‬
‫ج‪ :‬أما إذَا كَان مُحْرِما بِالج فإنه يَقْطَعُ التَلْبِيَة إذا أرَادَ أن يَرمي جَمْرَة العَقَبَة ‪ ..‬أي عند إرادة‬
‫رَمي أوّل حَصَاة على الصحيح‪.‬‬
‫وذَهَب بَعضهم أنّه يَتْرُك التلبية بِانتِهائه مِن رمي جَمْرَة العَقَبَة أيْ بَعد الرّمي بِالِجَارَة‬
‫السَابعة‪ ،‬واستدلوا على ذلك بِرواية صرية عِندَ ابن خُزَيْمة‪ ،‬ولكن تلك الرواية فيمَا يَظْهَرُ لِي‬
‫شَاذّة‪ ،‬ذلك لنّ النسان يُؤْمَر عنْد الرّمْي بِذِكْرٍ آخر وَهُوَ التّكْبِي فَكَيْف لَه أنْ يَجْمَع بَيْن‬
‫التَكبي وبيْن التَلبية ؟!‬

‫‪285‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فإذن يَنْتَهِي مِنَ التَلْبِيَة بِمُجرّد إرادة الرّمي‪ ،‬فإذا أراد أن يَرْمِي بِالجارة الول فَيَترك ف ذلك‬
‫الوَقْت التَلْبِيَة ‪ ..‬هذا هُو القَوْل الصحيح‪ ،‬الذِي يَدل له الديث الصحيح عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪-‬وإل فإنّ هُنَاكَ أقْوَالً مُتعدّدة ف وَقْت النتِهاء مِن التَلْبِية ف الج‪ ،‬ول أُطِيلُ القام‬
‫بِذكر تِلك القْوَال ومَا لَها مِن حُجَجَ فإنّها وإن اعتَمَدَ أَصْحَابُهَا على بعض الدلة ولكِنها‬
‫مُخَالِفة لِهذا الديث الصحيح الصَرِيحِ الدال على ذلك وهُو حديث ثَابِت ل شَك ف ثُبُوتِه؛ وال‬
‫أعلم‪.‬‬
‫أمَا بِالنّسبة إل العُمرَة فإنه ل يَأْتِ حَديثٌ صحيح صَرِيح عن النب يَدلّ على وقت النتِهَاءِ‬
‫مِن التَلْبِية‪ ،‬ولِذلك كَثُرَ فيها اللف بيْن أهل العلم‪ ،‬وقد جاءت أحاديثُ عِدّة تدلّ على أنّ العتمِر‬
‫يَنتهي مِن التّلْبِيَةِ عِنْدَ إرادة الطَوَاف ولكنّ تِلْك الحاديث ل تَثْبُتُ عن النب صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪.‬‬
‫وذَهَبَ بَعْضُ أهل العلم إل أنّ الفاقيّ ‪ ..‬أيْ الذي جَاءَ مِن مكانٍ بَعيد وأحْرَمَ مِن الـمِيقَات‬
‫أو مِن دُونِه فإنه يَتْرُك التَلْبِيةَ عِنْد الوُصول إل الـحَرَم ‪ ..‬أيْ عِنْد الوُصول إل أدن الـحَرَم‪،‬‬
‫واحتجّوا على ذلك بِروايةٍ عن ابن عمر رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنهما‪ ،‬وهذا القول قول قوي؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫أما مَن أحْرَمَ مِنَ " التَنْعِيمِ " أو نَحْوِه فإنّه يَتْرك التَلْبِية على رأَيِ هَؤُلَءِ عِنْدما يَكُونُ قريبا‬
‫مِن السجد الرَام؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫وَهُنَا أريد أن أنبّه على مسألة مُهِمّة جِدا وهي أنّ كَثيا مِن الناس يَذهبون إل تأْدِية الج والعُمرة‬
‫وهُمْ ل يَعْلَمون عن أحكَامِهما شيئا ‪ ..‬يَسمعون أَنّ الناس يَذْهُبُونَ إل الج والعُمْرة ويَذهبون إل‬
‫ذلك‪ ،‬ول شك أنّ ف الذهاب إل تِلك البِقاع فضْل عظيما بل الذّهاب لِتَأدِيَة الج مِن المور الوَاجبة‬
‫التحتّمة‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬قد ذَهَبَت طائفة كَبِيَة مِن أهل العلم إل وُجُوبِ العُمْرة‪ ،‬وهُوَ قَوْلٌ له أدَلّتُه‬
‫الت تُؤيّده فَلَ يَنْبَغِي لِلنسان أن يُفَرّط فيها‪ ،‬والج وَاجِبٌ على الفَوْر على مَن وَجَد الستطاعة‬
‫إِليْه‪-‬كَما هَو رأي جاعة مِن أهل العلم‪-‬وهُو الذي تُؤَيّدُه الدِلة؛ لكنّ كَثيا مِن الناس‪-‬كما قلتُ‪-‬‬
‫يَذهبون ول يَعْرِفون عَن أَحكَامِ الج والعُمرَة شَيئا‪.‬‬
‫والمر الذي أُرِيدُ أُنبّه عليه ف هذا الوَقْت‪ :‬أنّ كثيا مِن النّاس يَصِلُون إل مَكّة الكَرّمَة شَرّفَهَا‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مِن غَيْرِ إِحَرَام‪ ،‬وَقَد التَقَيْتُ بِبَعضٍ منهم أتى إل مكّة الكرّمة مِن غيْر إحرام‬
‫ويُريد أن يَخرُج بَعد ذلك إل " التَنعيم " يَقول‪ " :‬عندما أصل إل مكّة وأَقُوم بِإنزال المتعة‪-‬ومَا شابه‬
‫ذلك‪-‬سأذهب إل ' التَنْعيم ' وأُحْرِم مِنْ هُناك " وهذا خَطأ جَسِيم ‪ ..‬مُخالِف لِسنّة رسول ال‬

‫‪286‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ولجَاع المّة الحمدية قَاطِبة‪ ،‬فإنّ مَن ذَهَبَ إل مكّة الكرّمة شَرفها ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وهو يُريد‬
‫حجّا أو عُمرة ليس له أن يَتَجاوز الـمِيقَات إذا كَان مِن خَارِج اليقَات إل وَهُو مُحْرِم‪ ،‬بِنَصّ‬
‫الحاديث الثابتة وإجاع المّة‪-‬كما قلتُ‪-‬ومَن جَاوَزَ ذلك فَقَد تَعَدّى حدودَ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫وعَلَيه أن يَتُوبُ إل رَبّه وأن يَرْجع مرّة أُخرَى إل الـمِيقات وأن يُحْرِمُ مِن ذلك الكان‪ ،‬أما مَن‬
‫كَان دُون الـمِيقات فإنه يُحْرِمُ مِنَ الكان الذي فِيه إل إذَا كَان مِن أهْلِ‪ 1‬الرَمِ فإنه لبد مِن أن‬
‫يَخرُج إل الـحِل ‪ ..‬إل أيّ مَوْضع مِن الوَاضِع مِنْه‪ ،‬واختَلفوا ف الفْضل‪ ،‬ول أريد أن أطِيلَ‬
‫بِذلك‪ ،‬والَاصل أَنّه لَيْس لحَد أن يَتَجَاوَزَ اليقات إذا كان يُريد حَجّا أوْ عُمرة وإنّما العلماء‬
‫اختلفوا فِيمن لم يُرِد الج ول العُمرة ول يَكُن مِن الُتَرَدّدِين على مَكّة الكرّمة هَل لَه أن‬
‫يَتَجَاوزَ اليقات مِن غَيْر إِحرام ؟ ونَحنُ نَقُولُ‪ :‬إنّ القَوْل الصحيح أنّ مَن ل يُرِد الج ول العُمرة‬
‫لَه أن يَتجاوز اليقات مِن غَيْر إحرَام‪ ،‬بِنَصّ الديث الثابت عن النب ‪ ،‬وإذا ثَبَتَ الديث فَل‬
‫كَلم‪:‬‬
‫ونَحن نَحكي بَعده خِلفا‬ ‫الصطفى يَعتبِر الوصَاف‬
‫فيه عن الختار نصّ أُسنِد‬ ‫ل نقبل اللف فيما وَرد‬
‫وأما مَن أراد الج أو العمرة فَل‪ ،‬ومَن أخطأ بِجهله ودخل إل مكّة الكرمة مِن غي إحرام فإنه يُؤمَر بِأن‬
‫يَرجِع إل اليقات الذي جَاء منه‪ ،‬ل إل مِيقات آخر ولَ إل أَدْن الِل أو أيّ مَوْضع مِن مَوَاضع‬
‫الِل ‪ ..‬كَلّ بل يُؤمَر بِأن يَرجِع إل اليقَات الذَي جَاء مِنه وأن يُحرِم مِن ذَلك الكان ويَتُوبَ‬
‫إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬إل إذا كَان الوَقْتُ ضَيّقا بِأن كان يَخشى مِن فَوَات الج فَإنه يُحْرِم مِن‬
‫الوْضِع الذِي هُو فيه ويُؤمَرُ بِالتوبة وبِأن يَذبَح ذَبيحةً لِفُقَرَاءِ الرَم؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫كذلك بَعْض الناس يُحْرِمُون لِلعُمرة مِن الَرم وهذا خطأ ‪ ..‬لَم يَقُل أحدٌ مِن العلماء التقدّمي‪" :‬‬
‫إنّ النسان يُمْكِن أن يُحْرِم مِن الَرِم وأن يُؤدّي العمرة ويَكون مُوَافِقًا لِلصّواب " بل أجْمَعُوا‬
‫على خِلف ذلك وإن خَالَف بعض التأخّرين‪ ،‬وإنا اختلَفوا هَل تِلك العُمرة‪:‬‬
‫‪-1‬تَكون صحيحة ويُؤمَرُ بِالفِدية‪.‬‬
‫‪-2‬أو أنّها ل تَكُونُ صَحيحة بَلْ يُؤمَرُ بِالُروج إل الِل وإن كان قد طَاف وسَعَى مِن قَبْل ؟‬
‫وهَذَا القَوْلُ هُو القَوْلُ الصحيح‪ ،‬أما أَن يَكْتَفِي بِالحْرَامِ مِن الَرَم فَقط مِن غَيْر أن يَخرُج‬
‫ويَظُنّ بِأنّ ذلك مُوَافق لِلسنّة أو أنّه مأمُورٌ بِه فَهَذا مِمّا ل يَقُل بِه أحدٌ مِن العلماء التقدّمي‪-‬‬
‫كما قلتُ‪-‬بل أجعوا على خِلف ذلك‪.‬‬

‫‪-1‬يُنظَر مع الشيخ لعلّه قصد أن يقول‪ " :‬إذَا كَان ف ال َرمِ " بدل مِن قوله‪ " :‬إذَا كَان مِن أهْلِ الرَمِ "‪.‬‬
‫‪287‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فينبغي أن يُنتبَه لِمثل هذه المُور‪ ،‬وأن يَقرَأَ النسانُ ولو مُختصَرا مِن الختصَرات إن كان يَسْتطيع‬
‫على القَراءة‪ ،‬وأنْ يَسأَل أهل العلم عن أحْكَامِ شَرْع ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف هذه القضية وف غيها‪ ،‬وليس‬
‫له أن يَتَقدّم على شَيءٍ بِغَيْر عِلم فإنّ ذلك‪-‬والعياذ بِال تبارك وتعال‪-‬قد يُوقِعُه ف بَعضِ المور‬
‫الخَالِفة لِشَرْع ال بَلْ التْيَانُ بِأمر مِن المور ول يَعرِف النسانُ حُكْمَه ‪ ..‬هذا المرُ نَفْسُه‬
‫مِمّا ل يَنبغي لحد أن يَذهبَ إليه وإن اختلَف العلماء ف هلكه ف التّقَدّم مِن غَيْر عِلم إذا صَادَفَ‬
‫الق‪ ،‬أما إذا ل يُصادِف الق فإنه ل يَقُل أَحَدٌ بِسَلَمتِه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫أحكام محظورات الحرام‬


‫س‪ :‬ما حكم مَن قََت َل الص ْيدَ ف الرَم مِن غي عَمْد ؟ وهل حَجّه صحيح أو ل ؟‬
‫ج‪َ :‬قتْ ُل الصيْدِ لِلْ ُمحْرِم سواءً كان ف الـحِلّ أو ف الرَم وهكذا بِالنسبة إل َقتْ ِل الصيْد ف الرَم ‪ ..‬الصيْ ُد‬
‫حرِم‪ ،‬فليس لِلنسان أن‬ ‫لِلْ ُمحْرِم حرام ف الـحِل وف الرَم‪ ،‬والصيْد ف الرَم حرام على الـمُحِل والـمُ ْ‬
‫حلّ‪ ،‬كما أنه ليس لِلْ ُمحْرِم أن يصيد ولو كان مِن الـحِل ‪ ..‬هذا أم ٌر يَنبغي أن‬ ‫يصيد مِن الرَم ولو كان مُ ِ‬
‫ُينَْتبَهَ إليه‪ ،‬لنّ بعضَ الناس ل ُيفَ ّرقُ بيْن المْريْن وقد َيقَعُ ف خطإٍ ف هذه السألة‪ ،‬فتَعمّد ذلك حرام ومعصيةٌ‬
‫مِن معاصي ال بل كبيةٌ مِن كبائر الذنوب‪ ،‬فمَن َفعَلَ ذلك فعليه أن يَتوب إل ربّه وأن يَرجِع إليه‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬وأن ُيؤَدّيَ ما عليه‪ ،‬وبِما أنّ السائل ل يَسأل عن ذلك لنه بِحمد ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ل يَتعمّد ذلك فل‬
‫حاجة لِلكلم عليه ولسيما أنن قد تَكَلّ ْمتُ على ذلك بِالمس‪.1‬‬
‫ب عليه‪ ،‬لنه ل يَتعمّد ذلك‪ ،‬وذلك‪-‬طبعا‪-‬ل ُيؤَثّرُ ف َحجّه ول ف عُمرته‬ ‫وأما بِالنسبة إل الخطئ فإنه ل َذْن َ‬
‫أن لو كان معتمِرا‪-‬بل حت الـ ُمَتعَمّد ل تَفسُد حَجّته أو عُمرته بِذلك على ما ذهب إليه جهور المّة‪-‬وأما‬
‫بِالنسبة إل وجوبِ الزاء على هذا السائل‪-‬الذي وَقَ َع ما وََق َع منه على سبيل الطإِ‪-‬فقد اختلَف العلماء فيه‪:‬‬
‫ذهبت طائفة مِن أهل العلم‪-‬وهو مذهب جهورهم‪-‬إل أنه عليه الزاء‪.‬‬
‫وذهبت طائفة مِن أهل العلم‪-‬ورَجّحَه قطبُ الئمة رحه ال تبارك تعال ف " الامع الصغي " كما ذكرتُ‬
‫ذلك ف " قُرّة العَْيَنيْن "‪ ،2‬وهو أيضا مذهب جاع ٍة مِن أهل العلم‪-‬إل أنه ل جزاء عليه‪ ،‬وهذا القول هو القول‬
‫الصحيح عندي‪ ،‬فإن شاء أن يَأخذ بِهذا الرأي‪-‬وهو مبن على أصلٍ أصيل‪-‬فل حرج عليه بِمشيئة ال تبارك‬
‫حكُمَ ف هذه القضية َحكَمَان‬ ‫وتعال‪ ،‬وإن شاء أن يَحتاط وأن يَخرُج مِن اللف ف هذه السألة فلبد مِن أن يَ ْ‬

‫‪-1‬عند الواب على السؤال ‪ 1‬من حلقة ‪ 15‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪10/11/2003‬م )‪.‬‬
‫‪-2‬كتاب " قرّة العينَيْن ف صلة المعة بِخطبتي " ص ‪ ،47‬وهذا ما ذكره الشيخ فيه‪ ' :‬اختار‪-‬رحه ال تعال‪-‬ف " الامع الصغي " أنه ل‬
‫جزاء على مَن قتل الصيد ناسيا‪ ،‬واختار ف بقية كتبه وجوب الزاء على العامِد والناسي‪ ،‬قلتُ‪ :‬والقول بِعدم وجوب الزاء على الناسي هو‬
‫الصحيح‪ ،‬لِعدم الدليل الدال على الفدية‪ ،‬والصل عدم ذلك؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.' .‬‬
‫‪288‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حكُ َم فيها‬
‫حكْم‪ ،‬ول تَكفي فيها الفُْتيَا‪ ،‬فلبد مِن أن يَ ْ‬
‫عَدْلَن‪ ،‬إذ إ ّن مسائل الزاء ف الصيْد لبد فيها مِن الـ ُ‬
‫َحكَمَان عَدْلَن إل أنّ العلماء قد اختلفوا هل ذلك على الطلق أو ف ما ل يَأتِ فيه حكمٌ عن صحابة رسول‬
‫ال ؟‬
‫َحكَمَا بِه على بعضِ‬ ‫فذهب بعضهم إل أنه إذا ُوجِدَ ف تلك القضية ُحكْمٌ لثنيْن مِن صحابة رسول ال‬
‫الناس الذين وَقَ َع منهم مثلُ الذي وَقَ َع فيه هذا النسان فيَكفيه أن يَأخذ بِذلك الكم‪.‬‬
‫حكْم ف تلك القضية مَرّة أخرى‪.‬‬‫وذهب بعضُ العلماء إل أنه لبد مِن الـ ُ‬
‫حثَ عن‬ ‫ت أنّ هذا الشخص ل بأس عليه بِمشيئة ال ولكن إن شاء الحتياط فلبد مِن أن َيبْ َ‬ ‫وأنا قد ذكر ُ‬
‫حكُما له ف هذه القضية‪.‬‬ ‫َحكَ َميْن عَدَْليْن حت يَ ْ‬
‫حكُمَا له بِالزاء ؟‬
‫س‪ :‬يَ ْ‬
‫ج‪ :‬نعم ‪ ..‬يَحكما عليه بِالزاء ف هذه القضية‪ ،‬ل ّن هذه القضية تَحتاج إل ُحكْمٍ‪ ،‬بِنصّ الكتاب العزيز‪.‬‬

‫س‪ :‬وهم يُبَيّنُون له معن الزاء ؟‬


‫ج‪ :‬ما هو الذي يَلزمه لكن‪-‬كما قلتُ‪-‬نَحن نَعتمِد الرأي الخر وهو أنه ل شيءَ على الخطِئ ولكن الرأي‬
‫الثان هو مذهب المهور ومَن احتاط وأخذ بِه فل شك أ ّن فيه سلمة‪.‬‬
‫س‪ :‬مِن العلوم أ ّن الطّيب مِن المور الت يُمنَع منها الاج غي أنّ كثيا مِن النّاس قد يَلْتَبِس عليهم‬
‫المر ولَربا يُضَّيقُون على أن ُفسِهم أمورا قد وسّع ال‪-‬تعال‪-‬عليهم فيها مِن ذلك ما يَتعلق بِالنّظافَة فنجِد‬
‫بعضَ الناس يَمْتَنِعون عن الستحما ِم أو السّواك طيلة أيام الحرام‪ ،‬وسؤالنا عن مَشروعية استخدام الواد‬
‫حرِم‪:‬‬
‫التالية لِل ُم ْ‬
‫‪-1‬استخدام بعضِ أنواع الصابون كالذي به رائحة " الديتول " أو رائحة اللّيمون أو رائحة الفواكه‬
‫حرِم سوَاء غسل اليْدِي أو الستحمام أثْنَا َء فترة الحرام‬
‫الخرى ‪ ..‬فهل استخْدام مثل هذه النواع لِل ُم ْ‬
‫مِن المنوع ؟‬
‫ج‪ :‬ل‪ ،‬هذا ليس مِن المنوع‪ ،‬فهذه الشياء ل مانع لِلنسان مِن الستحمام بِها أو مِن غسل اليدين أو ما شابه‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وهكذا بِالنسبة إل السواك ل مانع منه‪ ،‬سواء كان ذلك بالراك أو كان ذلك بِالعاجي العصرية‪-‬وقد حَكى‬
‫ض أهل العلم الجاعَ على ذلك‪-‬ول بأس عليه حت لو َخرَج د ٌم مِن لثّته‪-‬مثل‪-‬أو ما شابه ذلك ‪ ..‬هذا ل‬ ‫بع ُ‬
‫مانع منه بل السواك مطلوب ‪ ..‬الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬يقول‪ ( :‬لولَ أن َأشُ ّق على أمّت‬

‫‪289‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫َلمَ ْرتُهم بِالسواك عند كل صلة ) وف بعض الروايات‪ ( :‬عند كل وضوء ) وف بعضها المع بينهما‪ ،‬فحت لو‬
‫خَرج دم مِن اللثّة‪-‬مثل‪-‬ل مَانع مِن ذلك لكن إن كان ذلك بَعد وُضوء ف ْليُعِدْ وضوءَه لنّ الدم نَاِقضٌ لِلوضوء‬
‫عند أكثر أهل العلم‪.‬‬
‫ت فيه رائحة أو فيه شيءٌ مِن الروائح الت ليستْ مِن العِطْر ف‬ ‫وهكذا بِالنسبة إل الصابون العادي الذي ليس ْ‬
‫شيءٍ كالشياء الت وَرَدَ ذِكْرُها ف السؤال‪.‬‬
‫فل يَنبغي لِلنسان أن يُشَدّدَ على نَفسِه وأن يُ ْلزِم َنفْسَه بِما ل يُلْ ِزمْه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بِه‪ ،‬فما الداعي أن يَبقى‬
‫النسان ل يَستَخدم السّواك وَيتْرُك السنّة الثابتة الصحيحة عن النب بَدعوى َخوْف الـمَحذور مع أنه ل‬
‫مَحذور ف ذلك أبدا ؟! وال أعلم‪.‬‬

‫س‪-2 :‬معن ذلك أ ّن اسْتِخدام العاجي الت بِها رائحة ل بأس ؟‬


‫ت بِرائحة عِطْر ف واقع المر فل مانع منها‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذه الرائحة ليس ْ‬
‫س‪-3 :‬استخدَام الدِهان كالكريات مثل زيت الزيتون وزيت النَارْجيل والبة السوْادء أيضا‪.‬‬
‫ج‪ :‬هو‪-‬حقيقة‪-‬ل دَاعي لِمثل هذه المُور ف أيام الج ‪ ..‬ل داعي إل مِثْل هذه المور لنّ ذلك ل َيثْبتْ عن‬
‫النب ‪ ..‬النب استخ َدمَ ذلك ف الدينة عندما أراد أن يَخرُج إل ذي الَُلْيفَة وهو ف طريقه إل َم ّكةَ‪ ،‬أما‬
‫ف أيام الحرام ل يَسْتخدم النب ذلك‪ ،‬ولنا فيه أسوة حسنة‪.‬‬

‫** أحكام الدماء‬


‫حرِم إذا ما أخطأ ف أمر مِن‬
‫س‪ :‬ذكرتُم ف حلقة ماضية أ ّن الدماء الت تَجب على الاج أو الُ ْ‬
‫‪1‬‬

‫المور أو فعل أمرا مِن المور تَحتاج إل تفصيل وليس كل ما أخطأ فيه الاج يُوجِب الدم وهناك أمور‬
‫تأت على التخيي ‪ ..‬كل هذه نريد فيها شيئا مِن التفصيل باختصار‪.‬‬
‫ج‪... :‬‬
‫أما بالنسبة إل السألة الت طُ ِرحَت الن فإنا‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬تَحتاج إل كلم طويل جدا جدا‪ ،‬وسأتكلم‬
‫على شيء منها بشيئة ال ف الدروس القادمة‪ ،‬ولكن ل بأس مِن الكلم على جزئية واحدة وهي الدماء الت‬
‫ث له شيء ف الج أو وقع منه شيء أو ما شابه ذلك ‪ ..‬مت تَجب على التخيي ؟ ومت‬ ‫تَجب على مَن حَدَ َ‬
‫تَجب على الترتيب ؟‬

‫‪-1‬عند الواب على السؤال ‪ 6‬مِن حلقة ‪ 8‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪3/11/2003‬م )‪.‬‬
‫‪290‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫نَحن نَعلم أنّ العلماء قد اختلفوا ف كثي مِن هذه الدماء هل تَجِب أو ل َتجِب مع اتّفاقهم على وجوب‬
‫بعضها‪ ،‬لِوجود نصوص صرية دالّة عليها‪.‬‬
‫فالدماء الت اتّفقت المّة على وجوبا هي‪:‬‬
‫‪-1‬هدْي التَ َمتّع‪ ،‬فمَن تَ َمتّع بِالعُمرة إل الج فإنه يَجِب عليه الدْي إن كان واجِدا لِذلك بِشروطٍ معروفة َتصِل‬
‫ف كثي بيْن أهل العلم ف هذه الشروط‪ ،‬وسأَُبّينُها أو ُأبَيّنُ أَكثَرَها بِمشيئة ال ف‬ ‫إل عشرة أو تَزيد على خل ٍ‬
‫ت فيه تلك الشروط يَجِب عليه الدْي بِاتّفاق المّة‪ ،‬وذلك لنّ هذا الدْي‬ ‫الدروس القادمة‪ ،‬فا ُلتَ َمتّع إذا تَوافَرَ ْ‬
‫ف بيْن السلمي‪ ،‬فمَن وَجَدَ الدْي فعليه‬ ‫منصوص عليه ف كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فل يُمكِن أن يَقع فيه خل ٌ‬
‫الدْي‪ ،‬ومَن ل يَجِد فعليه أن يَصوم عشرة أيام ‪ ..‬يَصوم ثلث َة أيام ف الج ويَصوم البقية الَتَبقّيَة‪-‬وهي سبعة‪-‬‬
‫إذا رجع إل بلده‪ 1‬على تفصيلٍ ف وقت الصيام ف الج‪ ،‬ول داعي لِذِكْر ذلك‪ ،‬لنه يَطول به القام جدا‪،‬‬
‫لِوجود اللف ولِلخلف‪-‬أيضا‪-‬ف بعض الدلة الواردة ف السألة‪ ،‬وسوف أتكلم عليها بشيئة ال ف الدروس‬
‫القادمة‪ ،‬فهذا الدم ُمتّفَ ٌق عليه بيْن أهل العلم‪ ،‬وإنا اختلفوا ف القارِن هل عليه هدْي أو ل ؟‬
‫فالذي ذهب إليه جهور المّة‪-‬وكاد بعض العلماء يَحكي عليه التفاق‪-‬أنه يَجِب عليه الدْي‪.‬‬
‫وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل عدم وجوب الدْي عليه‪.‬‬
‫ول شك أ ّن القول بوجوب الدْي أحْوط وأسْلم‪ ،‬وسأَبيّنُ دليله‪-‬أيضا‪-‬بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف وقتٍ‬
‫لحِق‪ ،‬والكلم ف هذا الدْي كالكلم ف هدْي التمتّع مِن حيث إنه ُيقَ ّد ُم الدْي‪ ،‬وليس لحد أن يَصوم إل إذا‬
‫ل يَجِد الدْي‪.‬‬
‫‪-2‬والدم الثان هو فِدية مَن حَلَقَ رأسَه‪ ،‬فمَن َحلَقَ رأسَه لِوجود عذ ٍر فإنه يَجِب عليه الدْي وهذا الدْي على‬
‫التخيي فإما أن يَذب َح النسانُ شا ًة وإما أن يَصوم ثلثةَ أيام وإما أن يُطعِم سّتةَ مساكي ‪ ..‬يُعطي كل مسكي‬
‫ع سواء كان مِن البُر أو الرز أو ما شابه ذلك مِن البوب‪ ،‬خلفا ِلمَن قال‪ :‬إنه يَدفَع مِن البُر ُربْعَ‬ ‫نصفَ صا ٍ‬
‫صاع وهو العروف بِالـمُد‪ ،‬فهذا قولٌ ضعيف‪ ،‬مالِف لِلحديث الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪ ،‬فالنسان مُخيّر ف هذه الفِدية‪.‬‬
‫حرِم عَنْ ِفعْلها‪ ،‬وذلك كلباس الَخِيط‬ ‫وقد أَلْحَقَ جهور المّة ِبفِدية الرأس ما شابه ذلك مِن المور الت ُينْهَى الُ ْ‬
‫‪ ..‬يعبّرون بالَخِيط ول ف ذلك نظرٌ‪-‬سأُبيّنه قريبا بشيئة ال تبارك وتعال‪-‬وكاستعمال الطِيب وكقصّ الظافر‬
‫وما شابه ذلك مِن المور الت وَ َر َد فيها النهي‪:‬‬

‫ج ْد َفصِيَامُ ثَلثَةِ أَيّا ٍم فِي اْلحَ ّج َوسَْبعَةٍ إِذَا‬


‫‪ ...‬فَإِذَا َأمِنُتمْ َفمَن َتمَّتعَ بِاْل ُعمْرَةِ ِإلَى اْلحَ ّج َفمَا اسْتَْيسَ َر مِنَ اْل َهدْيِ َفمَن ّلمْ َي ِ‬ ‫‪-1‬قال ال تعال‪:‬‬
‫[ سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.] 196 :‬‬ ‫سجِدِ اْلحَرَامِ ‪...‬‬
‫ك ِلمَن ّلمْ َيكُنْ َأ ْهلُهُ حَاضِرِي اْل َم ْ‬
‫رَ َجعْتُ ْم ِتلْكَ َعشَرَةٌ كَا ِملَةٌ َذلِ َ‬
‫‪291‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ص الكتاب‪ 1‬والسنّة على ذلك‪.‬‬ ‫فإن كانت هذه على سبيل العُذْر فهي على التخيي‪ ،‬بِاتّفاق أهل العلم‪ ،‬لِن ّ‬
‫أما إذا كانت على سبيل العمْد مِن غيْرِ عُذْرٍ شرعي فقد اختلف العلماء ف ذلك‪:‬‬
‫ذهب بعضهم إل أنا على التخيي‪ ،‬وذلك لنّ الدليل الذي دلّ على ذلك هو الدليل السابق‪ ،‬فإذن هي على‬
‫التخيي‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إل أنا على الترتيب‪ ،‬فمَن َوجَدَ الدم فليس له أن َيعْدِلَ إل غيه‪ ،‬وذلك لنّ هذا قد تَعمّد‬
‫وَفعَلَ ذلك مِن غيْ ِر عُذْرٍ شرعي فلبد مِن أن يُشَدّ َد عليه‪ ،‬كمَن َقتَلَ عمْدا‪ ،‬فإنه يُشَدّدُ عليه ف الكفارة مِن‬
‫نَا ِحَيتَيْن‪ ،‬كما هو معلوم ف ذلك الباب‪.‬‬
‫ق بينهما‪ ،‬إذ ل يَأتِ دليل يَد ّل على التفريق‪ ،‬والقياس على الكفارات وما شابه‬ ‫والذي أراه أنه ل يُمكِن أن ُيفَ ّر َ‬
‫ذلك ل يُمكِن أن يُصار إليه ف مثل هذه القضية‪ ،‬وبيان ذلك ف غي هذا الوضع بِمشيئة ال تبارك وتعال‪،‬‬
‫خيّر بيْن هذه الشياء بل وليس له أن يَفتدِي بِواحدٍ‬ ‫ويُسَْتْثنَى مِن هذا المر مَن َو ِطئَ زوجتَه ف الج فإنه ل يُ َ‬
‫مِن الثلثة الذكورة وإنا عليه أن يَذبح بَ َدنَة على تفصيل بيْن العلماء ف ذلك إذا كان ذلك َقبْل التحلّلِ الصغر‬
‫أو مطلقا‪:‬‬
‫حلّلِ الصغر‪.‬‬‫فمنهم مَن يقول‪ :‬ذلك يكون َقبْ َل التَ َ‬
‫وبعضهم يقول‪ :‬ذلك مطلقا‪.‬‬
‫وبيان ذلك‪-‬أيضا‪-‬ليس ف هذا الوضِع‪ ،‬وهذا قد ذهب إليه كثي مِن أهل العلم‪ ،‬وإن كان الدليل عليه ليس‬
‫قطعيا‪.‬‬
‫‪-3‬ومِن ذلك جزا ُء الصيد‪ ،‬فإنه منصوص عليه بنَصّ قاط ٍع مِن كتاب ال تبارك وتعال‪ ،2‬وهو على التخيي‪ ،‬إما‬
‫أن يَذبح النسان ذبيح ًة تُساوي ذلك الصيد الذي صَادَه‪ ،‬وذلك معلوم ف كتب الفقه‪ ،‬وإما أن ُيقَ ّومَ ذلك‬
‫بالدراهم ث يَشتري بِقيمة تلك الدراهم طعاما ويَدفع لكل مسكي نصف صاع مِن ذلك الطعام‪ ،‬وإما أن يَصوم‬
‫بِمقدار يوم بِمقابل إطعامِ مسكي فإذا كان الطعام يُساوي طعا َم ثلثي مسكينا فعليه أن يَصوم ثلثي يوما أو‬
‫كان ذلك أكثر فعليه أن يَصوم بعدد ذلك وهكذا إذا كان أقل وليس له أن يَدفع قيمة الطعام بل عليه أن ُي َقوّمَ‬

‫ص َدقَةٍ َأوْ‬
‫حلّهُ َفمَن كَانَ مِنكُم مّرِيضا َأ ْو بِ ِه أَذًى مّن رّْأسِ ِه َففِدْيَ ٌة مّن صِيَامٍ َأوْ َ‬ ‫‪-1‬قال ال تعال‪ ... } :‬وَ َل َت ْ‬
‫حلِقُوا ُرؤُو َس ُكمْ حَتّى َيْبلُغَ اْل َهدْيُ َم ِ‬
‫ُنسُكٍ ‪ [ { ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.] 196 :‬‬
‫‪-2‬قال ال تعال‪ } :‬يَا أَّيهَا اّلذِي َن آمَنُوا َل َتقُْتلُوا الصّْي َد وَأَنُتمْ حُ ُرمٌ َومَن قََتلَهُ مِنكُم مَّت َع ّمدًا َفجَزَا ٌء مّثْلُ مَا قَتَ َل مِنَ الّن َعمِ َي ْ‬
‫ح ُك ُم بِهِ َذوَا َعدْ ٍل‬
‫ل مِنْهُ وَالُ عَزِيزٌ‬ ‫ق وَبَا َل َأمْرِهِ َعفَا الُ َعمّا َسلَف وَمَنْ عَا َد فَيَنَت ِقمُ ا ُ‬ ‫مّنكُمْ َهدْيًا بَاِلغَ اْلكَعْبَةِ َأوْ َكفّارَةٌ َطعَامُ َمسَا ِكيَ أَو َعدْلُ َذلِكَ صِيَامًا لَّيذُو َ‬
‫ذُو انِْتقَامٍ [ سورة الائدة‪ ،‬الية‪.] 95 :‬‬
‫‪292‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ذلك بالدراهم ث يشتري بذلك طعاما ويَدفعه وليس له أن يَدفع القيمة‪ ،‬وف هذه السألة تفاصيل كثية‪ ،‬ل‬
‫أريد أن أبيّنها الن‪.1‬‬
‫حصَر‪ ،‬فمَن أُ ْحصِرَ عن الج أو العُمرة فعليه الدْي ‪ ..‬عليه أن يَذبح ذبيحة‪ ،2‬واختلفوا‬ ‫‪-4‬ومِن ذلك هدْي الُ ْ‬
‫إذا ل يَستطع على الدْي هل يَجب عليه الصيام ؟‬
‫فذهب كثي مِن أهل العلم إل أنه َيجِب عليه الصيام ‪ ..‬عليه أن يَصوم عشرة أيام‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إل أنه ل َيجِب عليه صيام‪ ،‬وذلك أنه ل يُوجَد دليل صريح يَدُلّ على ذلك‪ ،‬وإنا قال مَن قال‬
‫مِن أهل العلم بِذلك اعتمادا على القياس على هدْي التمتّع‪.‬‬
‫وهذا القياس فيه نظر‪ ،‬فالصحيح عندي أنه ل يَجب عليه الصيام‪ ،‬فإن ل يَجِد الدْي فل شيء عليه‪-‬بشيئة‬
‫ال‪-‬وهذا إذا ل يَشترِط‪ ،‬أما إذا اشترَط فل هدْي عليه على الصحيح‪.‬‬
‫خلفا لِمَن قال‪ " :‬إنّ الشتراط منسوخ "‪ ،‬ولِمَن قال‪ " :‬إ ّن الشتراط ل يَكفي ف عدم وجوب الدْي "‪،‬‬
‫فهذان القولن ضعيفان على التحقيق‪ ،‬وأوُّلهُمَا أضعف مِن الثان‪ ،‬لنه ل يُوجَد هنالك ناسخ لِهذا الديث‬
‫البتّة‪ ،‬وهو حديثٌ‪-‬أعن حديث " الشتراط " حديث‪-‬صحيح ثابت‪.‬‬
‫فهذه الدماء ُمّتفَ ٌق عليها‪ ،‬لِنصوص صرية مِن الكتاب عليها‪ ،‬وهي على حسب ما َبيّْنتُ‪ ،‬ولكنْ‪َ-‬نعَمْ‪-‬يُوجَد‬
‫خلفٌ ف فِدية الذى‪ ،‬فالتّفَق عليه هو فِدية اللْق ِلمَن كان معذورا ‪ ..‬أي اضطُر إل ذلك فهو مّتفَق عليه‪،‬‬
‫ح َق ٌة بِذلك على خلف بيْن أهل العلم ف ذلك‪.‬‬ ‫أما البقية فهي ُملْ َ‬
‫وبقي الكلم ف الخطِئ‪:‬‬
‫فمنهم مَن يقول‪ :‬عليه الفِدية‪.‬‬
‫ومنهم مَن يقول‪ :‬ل فدية عليه‪ ،‬وهو الصحيح عندي‪.‬‬
‫ق بيْن بعض المور فيُوجِب الفِدية فيها ول يُوجِب الفِدية ف البعض الخر‪ ،‬فلباس الثياب‬ ‫ومنهم مَن ُيفَ ّر ُ‬
‫المنوعة والعطر وما شابه ذلك ‪ ..‬هذه المور ل فِدية فيها ‪ ..‬أعن على الناسي ومَن كان ف حكمه‪ ،‬وأما‬
‫بعض المور الت فيها إتلف أو ما شابه التلف ‪ ..‬التلف‪ :‬مثل كتقليم الظافر أو كجذْب الشعر أو حلْق‬
‫الشعر أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ف ذلك إتلف‪ ،‬وما شابه التلف‪ :‬الوطء‪ ،‬فإنه وإن ل يكن إتلفا فهو بيْنه وبيْن‬
‫التلف مشابَهة‪ ،‬كما ل يَخفى‪ ،‬كما هو ُمبَيّن ف هذا الباب‪.‬‬
‫وبقي اللف ف الاهل‪:‬‬
‫بعضهم يُوجِب عليه الفِدية‪.‬‬

‫‪-1‬وقد بيّن الشيخ تفاصيل أخرى ف هذه السألة عند الواب على السؤال ‪ 5‬مِن حلقة ‪ 16‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪11/11/2003‬م )‪.‬‬
‫[ سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.] 196 :‬‬ ‫ل فَِإنْ أُ ْحصِرُْتمْ َفمَا اسْتَْيسَ َر مِنَ اْل َهدْيِ ‪...‬‬
‫وَأَِتمّوا اْلحَ ّج وَاْلعُمْرَ َة ِ‬ ‫‪-2‬قال ال تعال‪:‬‬
‫‪293‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وبعضهم ل يُوجِبها‪.‬‬
‫وبعضهم ُيفَصّل بيْن ما فيه إتلف وما شابه التلف وبيْن ما ل يكن فيه ذلك كما قدمتُ‪.‬‬
‫والاهل الذي ل ُيفَرّط ف أحكام شرع ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬الصحيح ل فِدية عليه‪ ،‬وسأقيم الدليل على ذلك‬
‫بشيئة ال ف الدروس القادمة‪.‬‬
‫بقي هنالك مَن َفعَ َل شيئا مِن المور التعلّقة بِالج ول َتَتعَلّق بِالسد‪ ،‬كمَن قَ ّد َم شيئا على شيء أو تَ َركَ ِشيئا‬
‫مِن الواجبات أو ما شابه ذلك‪ ،‬وذلك‪-‬مثل‪-‬كمَن جَاوَزَ اليقات ول يُحرِم ول يَرجع إليه أو رَجَعَ على رأي‬
‫بعض أهل العلم‪ ،‬أو تَ َر َك شيئا مِن الرمي على خلف طويل ف ذلك‪ ،‬وما شابه هذه المور‪ ،‬فهل تكون هذه‬
‫على التخيي أو تكون على الترتيب ؟‬
‫أوّل‪ :‬أنا ل أَجِد دليل يَدُلّ على إِياب الدماء ف هذه المور مِن سنّة رسول ال ‪ ،‬والديث الدال على‬
‫ذلك حديث ل يَصح عن النب ‪ ،‬وإنا تُوجَد ف ذلك رواية عن ابن عباس‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬وقد‬
‫اختلف العلماء هل هي ممولة على الرفع معنًى وإن كانت موقوفة ف اللفظ‪:‬‬
‫فذهب بعضهم إل ذلك‪.‬‬
‫ت مِن ذلك الباب‪.‬‬ ‫وذهب بعضهم إل أنّ السأل َة اجتهادية وليس ْ‬
‫والمر مُحتمِل‪ ،‬وعلى القول بِإياب الدماء ف هذه السائل‪-‬كما هو مذهب المهور على تفصيل فيها‪-‬فهي‬
‫على الترتيب‪ ،‬أوّل يَجِب على النسان أن يَذْبح َدمًا فإن ل يَست ِطعْ على ذلك هل عليه شيء أو ل يقال‪" :‬‬
‫يَجِب‪ 1‬عليه شيء " ؟‬
‫منهم مَن يَذكر هذا ول يُوجِب عليه شيئا بعد ذلك‪.‬‬
‫ويُؤخَذ مِن كلم بعضهم أنه عليه أن يَصوم عشرة أيام‪.‬‬
‫والصيام ل نراه أبدا‪ ،‬والدم نَحكم به إذا حكَمنا به ف بعض السائل القليلة النادِرة جدا‪.‬‬
‫ف كثي مِن الناس ف إِياب الدماء على عباد ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بِما ل يُوجِبه عليهم الول تبارك‬ ‫وقد َأسْرَ َ‬
‫وتعال ‪ " ..‬مَن َفعَ َل كذا عليه دم " ‪ ..‬ل يَذكرون التخيي فيما فيه التخيي‪ ،‬ويُو ِجبُون ف كثي مِن المور الت‬
‫ل يَأتِ عليها دليل‪ ،‬وف أكثرِها ل يَقل به أحد مِن علماء السلمي أو قال به قِلّة قليلة مِن أهل العلم‪ ،‬وأنا‪-‬‬
‫حقيقة كما قلتُ‪-‬ل أَجِد دليل على ذلك‪ ،‬وإنا‪-‬كما قلتُ‪-‬أَخذوه مِن كلم ابن عباس وهو مُحت ِملٌ لِلمْريْن‬
‫ض المور فإنه أُ ْحصِر‬ ‫وجانب الجتهاد أقوى‪ ،‬وقد يُؤخَذ ذلك‪-‬أيضا‪-‬مِن باب الِ ْحصَار خاصّة ف مَن تَ َركَ بع َ‬
‫عنها إذا كان ذلك لِسبب مِن السباب فقد يُؤخَذ ذلك مِن الِ ْحصَار ويُقال‪ " :‬عليه بِالدم " ولكن‪-‬كما‬
‫قلتُ‪-‬ذلك ف أمور بسيطة جدا‪ ،‬سأَُفصّلُ الكلم عليها بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف الدروس القادمة‪ ،‬فليتّقِ ال‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬ل يب " ويبدو أنّ " ل " هنا زائدة‪.‬‬
‫‪294‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أولئك الذين يُوجِبون كثيا مِن الدماء على عباد ال ول دليل لم على ذلك‪ ،‬بل كثي مِن تلك المور ل‬
‫يَقل با أحد مِن علماء السلمي أو شذّ مَن قال بذلك‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬لِيتّقوا ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف تلك المور الت‬
‫خيّرُون عباد ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فيها مع أنه قد وَ َر َد فيها التخيي مع أ ّن التخيي أسْهل بِكثي ‪ ..‬هذا ل َيجِد‬ ‫ل يُ َ‬
‫ما يَشتري به شا ًة ‪ ..‬مثل قيمةُ الشاة تُساوي ثلثائة ريال سعودي أو أكثر وهو ل يَجِد ذلك ومِن السْهل‬
‫عليه أن يَصو َم ثلثة أيام أو أن يُطعِم سّت ًة مِن الساكي أو يَجِد الال ولكنه ل يَعرف الساكي فيَخشى أن‬
‫يَضعها ف غي الوضع الصحيح بينما إذا صام ‪ ..‬ذلك أسْهل عليه مِن حيث إنه ل قيمة عليه ومِن حيث إنه‬
‫يَعلم بِأنه قد أدّى ما َأوْ َجبَه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليه‪ ،‬فعلينا‪-‬إذن‪-‬أن َن ْفعَ َل بِحسب ما دَلّ عليه الدليل إن وُجِد‬
‫هنالك دليل‪ ،‬وما ل يُوجَد فيه دليل فإذا قال به بعض العلماء فل بأس مِن تقليدِهم بِالنسبة لِمَن ل قدرة له‪ ،‬أما‬
‫إذا أفت علماء السلمي الذين يُوثَق بم وَبّينُوا أنه ل دليل على ذلك وأ ّن النسان ل يُمكِن أن يُكَلّفَ بِذلك‬
‫جهّال أن ُيكَّلفُوا عبادَ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بِما‬ ‫اللهم إل إذا أراد أن يَأت بِذلك على سبيل الحتياط فل يَنبغي لِل ُ‬
‫ل َي ْأمُرْهم بِه الول تبارك وتعال‪.‬‬
‫هذا وهنالك بعض المور الت تَحتاج إل تنبيه فل يُمكِن أن تُؤخَذ مِن هذا الواب الجال‪ ،‬لنّ بعض‬
‫المور‪-‬أيضا‪-‬ل فِدية فيها على مذهب جهور السلمي‪ ،‬وذلك َكعَقْدِ النكاح لِلْ ُمحْرِم فإنّ العلماء قد اختلفوا‬
‫هل يَجوز له أن َي ْعقِ َد النكاح أو ل يَجوز له‪ ،‬وعلى القول بِعدم الواز فإنّ المهور ل يَ َر ْو َن عليه الفِدية‪ ،‬فل‬
‫يُمكن‪-‬أيضا‪-‬أن نُوجِب عليه الفِدية‪.‬‬
‫ص شيئا لَم يُو ِجبْه عليه الول ول‬ ‫ض أهل العلم قالوا‪ :‬إ ّن مَن َأوْ َجبَ على شخ ٍ‬ ‫هذا ومِن الدير بِالذّكر أ ّن بع َ‬
‫َيقْتَ ِد بِأح ٍد مِن علماء السلمي وهو يَتظاهر بِأنه مِن أهل العلم وهو ليس ف العِي ول ف الّنفِي أنه يَجِب عليه أن‬
‫لهّال الذين ظنّوا فيه بِأنه مِن أهل العلم وهو ليس مِن ذلك الباب‪ ،‬وهو قولٌ‬ ‫سا ُ‬ ‫ض النا ِ‬
‫يَقوم ِبغُ ْرمِ ما أفت بِه بع َ‬
‫ع أولئك الهال الذي يُفتُون‬ ‫حكَ ْمتُ عليه بِذلك وأَلْ َز ْمتُهُ أن ُيَنفّذَ ذلك حت يَ ْرتَ ِد َ‬‫سائغ قوي‪ ،‬ولو كنتُ قاضيا َل َ‬
‫عبادَ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بِغي علم‪.‬‬
‫أما أولئك الهلة الذين ل دِراية لم بِشيء مِن العلم ول يَتظاهَروا بِذلك وهم معروفون بِذلك فإذا أَ ْفَتوْا بِشيءٍ‬
‫ض نفسَه لِمِثل‬ ‫حكُ َم عليهم ِبغُ ْرمِ ذلك‪ ،‬وذلك لنم ل ُيعْرفُ عنهم العلم‪ ،‬فمَن سألم فقد عَ ّر َ‬ ‫فل يُمكِن أن نَ ْ‬
‫هذه المور‪ ،‬وقد ذَ َك َر المام السالي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬ف باب أصول الفقه مِن " جوهر النظام " القولَ‬
‫الذي قال به بعض أهل العلم بِوجوب الغُ ْر ِم على مَن أفت بِغيْر علم وهو يَتظاهر أنه مِن أهل العلم‪ ،‬فمَن شاء‬
‫ذلك ف ْليَرْجِع إليه‪:1‬‬
‫‪-1‬هذا ما قاله المام نور الدين السالي ف باب‪ :‬أصول الفقه‪ ،‬مِن كتابه " جوهر النظام "‪:‬‬
‫ي ثلثًا أََتمّاوإنا‬
‫ف ما يَقصدُ ف جَنانِهمثالُه أن ُيعْطِيَنّ المّامع البن َ‬
‫وزلّة العالِم ف فتواهرفوعةٌ عنه وما أوْلهوذاك أن يَخرُج مِن لسانِهخل ُ‬
‫الضما ُن لِلذي عَملبِقوله إذ لِلخطا منه قَبلوجاه ٌل أفت فليس َيغْرُمإن خالَف ال ّق ولكن يَأثَملنه يُعرَف بِالهل فقطوإنا يَضمَن ف ذاك‬
‫‪295‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪.........................‬‬ ‫وجاهل أفت فليس َيغْرُم‬


‫إل أن قال الشيخ‪:‬‬
‫وإنا يَضمَن ف ذاك الوسط‬ ‫‪...................‬‬
‫بِحاله وإنه لَجاهل‬ ‫لنه غَرّ الذي يُسائِل‬
‫ي أهل العلم وهو ليس منهم فالاهل قد اغتَرّ به ‪ ..‬مأمور بِالسؤال‬ ‫‪ ..‬هو جاهل ولكنه غَ ّر غيْرَه ‪َ ..‬يتَ َزيّى بِز ّ‬
‫سأَ َل وأفتاه هذا الاهل فمِن حقّه أن يُطالِب بِحقّه‪ ،‬وأنا أنصح الناس جيعا بأ ّل يَسألوا إل مَن يَثقون بِعلمه‬ ‫فَ‬
‫ودينه‪ ،‬لنم مأمورون بِسؤال أهل الذّكْر ولنم مأمورون ِبرَ ّد السائل إل كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وسنّة‬
‫رسوله‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وبِما أنم ل يَستطيعون ذلك فإنم يَرُدّون ذلك إل أهل العلم الذين‬
‫ت بِشيءٍ كبي‪ ،‬ل ّن السألة طويلة‪،‬‬ ‫يَستْنبِطون ذلك مِن الكتاب والسنّة؛ ومعذرة على هذه الطالة مع أنن ل آ ِ‬
‫وعسى أن تكون ف ذلك فائدة؛ وال أعلم‪.‬‬
‫سبَ ذلك‬ ‫ك باطل " ونَ َ‬
‫وما مسألة ذلك الاهل الذي قال لِرجل أعمى لبس نِعال مَخيطة ‪ ..‬قال له‪ " :‬إنّ حَجّ َ‬
‫إل بعضِ علماء السلمي‪ ،‬وذلك كل ٌم باطل ل يَقل بِه أحد مِن علماء السلمي البتّة وإنا الكلم هل الفضل‬
‫أن يلبس هذه أو تلك ؟ ول دليل‪-‬أيضا‪-‬حت على تفضيل أن يلبس غي الـمَخيطة‪-‬أعن النعال‪-‬بل الدليل قد‬
‫دَلّ على جواز ذلك‪ ،‬فهذا الاهل الغِر قد قال‪ " :‬إنّ حَج ذلك السكي باطل " فإنّا ل وإنّا إليه راجعون‪.‬‬
‫حرِم ؟‬
‫س‪ :‬هَل يُخَيّر بَ ْينَ الدّم والطعام والصّيام ف حَق مَن قَطَ َع شيئا مِن الشّجَر َوهُو مُ ْ‬
‫ج‪ :‬إنّه لَم َيأْتِ دَليلٌ ف كتابِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول ف ُسّنةِ رسولِه‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬يَدُ ّل عَلَى‬
‫أنّ الـمُحرِم ل يَجوز لَه أن يَقطَع شيئا مِن الشجر أو ما شابه ذلك ‪ ..‬أي مِمّا َيتَعلّق بِالشجر‪ ،‬ول َيقُل‬
‫بِذلك‪-‬أيضا‪-‬أح ٌد مِن علماءِ السلِمِي‪ ،‬وإنّما هذا هو مُجرّد ظ ّن مِن بعضِ ال َعوَام‪ ،‬فإذن الـمُحرِم ل يُمنَع مِن‬
‫شيءٍ مِن ذلك وإنّما يُمنَعُ النسانُ مِن َقطْ ِع أو قَلْعِ أو مَا شابه ذلك مِن المور مِمّا َيتَعَلّ ُق بِشجَرِ الرَم سواء‬
‫خصُ ُمحْرِما أو كان ُمحِل‪ ،‬فإذن الـمَ ْمنُوع هو شَجَرُ الرَم ول فَ ْرقَ ف ذلك َبيْن الـمُحرِم‬ ‫كان ذلك الشّ ْ‬
‫والـمُحِل‪ ،‬وعليه فإن قَطْعَ شخصٌ ُمحِل أو مُحرِم شجرا مِن غيْرِ الرَم كعرفة‪-‬مثل‪-‬فَل شيءَ عليه بناء على‬
‫ف مَن خَالَف فِي ذلك‪.‬‬ ‫ستْ مِن الرَم كما هُو قولُ جهورِ المّة ول عبْ َر َة بِخِل ِ‬ ‫أ ّن عَرَفَة َليْ َ‬
‫ص السّن ِة الصحيحة الثابِتة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫أمّا بِالنّسبَة إل شَجَرِ الرم فإنّه مَ ْمنُوعٌ ِبَن ّ‬
‫ع المّة إ ّل ما وَرَ َد استثناؤه‪.‬‬ ‫وبِإجْما ِ‬
‫حرِما ؟ فإ ّن العُلَماء قَد‬
‫جرِ الرَم سواء كان ُمحِل أو مُ ْ‬ ‫جبُ على مَن قَ َط َع شيئا مِن شَ َ‬ ‫سبَة إل مَاذَا يَ ِ‬ ‫وأمّا بِالنّ ْ‬
‫اختَلفُوا ف ذلك‪:‬‬

‫الوسطلنه غَ ّر الذي يُسائِلبِحاله وإنه لَجاهلول ضمان إن يَكن ل يَخ ُرجِن قولِ كلّ العلماءِ الـحُججِ‬
‫‪296‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ي مِن حيثُ الزاء أو الفِ ْديَة أو ما شابه ذلك‪-‬وإنّما يَجِب عليه أن‬ ‫‪-1‬مِنهم مَن ذهبَ إل أنّه ل شيءَ عليه‪-‬أ ْ‬
‫يَتوبَ إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬لنّه ارت َكبَ مَا حَ َظ َرهُ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليه‪ ،‬وهذا القول قالتْ بِه طائفة مِن‬
‫أهلِ العلم‪.‬‬
‫‪-2‬وذهبَ جُمهو ُر المّة إل أنّه يَجِب عليه الزاء إل أنّهم اختلَفوا ف ذلك‪:‬‬
‫صيْدِ الرَم‪-‬وقد تكلّمنا على ذلك‪-‬وعليه فإنه لبد مِن ُحكُومَة ف ذلك‪.‬‬ ‫منهم مَن ذهب إل أنّ حكمه كحمِ َ‬
‫صيْدِ الرَم وَقَال‪ " :‬إنّه تَجِب فيه القِيمة "‪.‬‬
‫ومنهم مَن َفرّق بيْنه وبيْن َ‬
‫ومنهم مَن قَال بِخلفِ ذلك‪.‬‬
‫ث الزاء أو الفِدية وإنّما عليه التّوَبةُ إل ال‬
‫والذي يَظهَر لِي ف هذه القضية أنّه ل يَجِب عليه شي ٌء مِن حي ُ‬
‫تبارك وتعال‪ ،‬وذلك لنّه لَم يَأتِ دَلي ٌل مِن كتابِ ال ول مِن سّنةِ رسولِه‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫جمِع المّة على ذلك‪ ،‬ومِن العلومِ أ ّن أموالَ السلِمِي َم ْعصُومَة بِعصم ِة السلمِ لَها فَل‬‫الصحيحة الثابِتة ولَم تُ ْ‬
‫ت بعضُ الرواياتِ‬ ‫يُمكِن أن نُوجِب شيئا على أحد إل بِدلِيلٍ ش ْرعِي‪ ،‬ونَح ُن ل نَملِكُ دَلِيل ف ذلك وإنّما جاء ْ‬
‫عن بعضِ صحابةِ رسولِ ال وعلى تقدِي ِر ثبوتِ تلك الرّوايات فإنّه ل حُجّة فيها‪ ،‬إذ إنّ مذهب الصحاب‬
‫حجّة على القولِ الراجِح الصحيح‪ ،‬فإذن الصحيحُ‪-‬كما قلتُ‪-‬هو أنّه ل جزا َء على مَن قَ َط َع شيئا مِن‬ ‫ليس بِ ُ‬
‫شَجَرِ الرَم وإنّما عليه التّوبة والنَابَة إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وإن فعل شيئا مِن اليْرِ فإنّ ذلك حَسَن‪ ،‬أمّا‬
‫الوجوب فل وجوب؛ وال أعلم‪.‬‬

‫ح ِرمَة بِالعُمرة أُصيبت بِجُرح ف أصبعها نتيجةَ استخدام السكي‪-‬وكانت حائضا‪-‬‬


‫س‪ :‬امرأة مُ ْ‬
‫ج منها دم ليس بِالكثي‪ ،‬فماذا عليها ؟‬
‫خرَ َ‬
‫فَ‬
‫ج منه دم‬
‫ج‪ :‬اشتهر عند كثي مِن الناس‪ " :‬ف الدم دم " وهذه قاعدة ليست بِصحيحة‪ ،‬أي أنّ النسان إذا خَ َر َ‬
‫ج منه دم فهل يُقال‬ ‫ف الج فعليه دم ‪ ..‬هذه القاعدة ليست بِصحيحة ‪ ..‬مثل لو كان النسان يَتسوّك وخَ َر َ‬
‫عليه دم ؟ ل دم عليه بِإجاع المّة السلمية قاطبة‪ ،‬على ما حكاه غيْرُ واح ٍد مِن أهل العلم‪ ،‬ولذلك ل ينبغي‬
‫لِلنسان أن يَترك السواك بعد ثبوت السنّة الصحيحة الثابتة عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫الدالة على فضْله‪ ( :‬لول أن َأشُقّ على ُأمّت َلمَ ْرتُهم بِالسواك عند كل صلة )‪ ،‬وف بعض الروايات‪ ( :‬عند كل‬
‫وضوء )‪ ،‬وف بعضها جاء المْع بينهما‪ ،‬فل يَنبغي لِلنسان أن يَتْ ُر َك السواك مَخافة‪-‬مثل‪-‬أن يَخرُج منه دم‬
‫ولسيما إذا كان مِن عادته أنه يَخرُج منه الدم ‪ ..‬هذا‪-‬على كل حال‪-‬مِن الحتياطات البارِدة ‪ ..‬يَنبغي‬
‫لِلنسان أن يُ َطبّ َق السنّة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪:‬‬
‫ول كلم الصطفى الوّاه‬ ‫ول تُناظِر بِكتاب ال‬
‫‪297‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ولو يَكون عالِما خبيا‬ ‫جعَل له نظيا‬


‫معناه ل تَ ْ‬
‫خرُجَ‬‫فعلى كل حال هذه الرأة الت كانت تَقطَع بِهذا السكي شيئا‪-‬مثل‪-‬ما كانت تُرِيد أن َتقْطَ َع يَدَها أو أن يَ ْ‬
‫منها الدم أو ما شابه ذلك فل حرج عليها بِمشيئة ال تبارك وتعال ولكن ِلتَحْذَر مِن خروج الدم ف الطواف‪،‬‬
‫وهكذا بِالنسبة إل قضية اليض ‪ ..‬الائض ليس لَها أن تَطوف بِالبيت‪ ،‬وإنا الكلم ف السعي ‪ ..‬هل لا أن‬
‫تَسعى أو ل ؟ السعي قد أجْمعت المّة أنه ل بأس على الائض منه ‪ ..‬أي ل بأس على الائض أن تسعى وإنا‬
‫الفْضل أن يَكون النسان على طهارة والائض‪-‬طبعا‪-‬ل يُمكِنها أن تَكون على طهارة‪ ،‬وإنا الكلم ف وقتنا‬
‫هذا هل السعى مِن السجد أو ل ؟ لنّ الائض والنب و‪-‬طبعا هكذا‪-‬النفساء ليس لم أن يَدخُلوا السجد‬
‫‪ ..‬هل السعى الن مِن السجد ؟ فإن كان مِن السجد فليس لِلحائض أن تَدخُل وتَسعى لِلنهي عن دخولا‬
‫السجد‪ ،‬ل لجل أنّ اليض ل يَص ّح معه السعي‪ ،‬والذي يظهر ل أنّ السعى ليس مِن السجد فل بأس عليها‪-‬‬
‫ليّض‪-‬ف قضية السعي‪ ،‬فإذن تَنتظِر حت يَنتهي هذا اليض وتَ ْطهُرَ منه وَتتَ َطهّر ‪ ..‬أي‬‫أو على غيها مِن ا ُ‬
‫تَغتسِل مِن اليض ولُتطف بعد ذلك‪ ،‬وكذلك بِالنسبة إل الدم إذا كان يَخرج مِن ذلك الرح الذي أصابا‬
‫لبد مِن أن تُزيل ذلك الدم وتُعيد الوضوء‪ ،‬ول تَطوف إل وهي طاهرة‪ ،‬أما إذا كان ذلك قبل الطواف بِفترة‬
‫أو ما شابه ذلك فأمره بيّن لنا ستتوضّأ بعد ذلك بِمشيئة ال‪.‬‬

‫أحكام عامة في الحرام‬


‫ط ف الحرام ؟‬
‫س‪ :‬ما ُحكْمُ الشتِرا ِ‬
‫ج‪ :‬إ ّن هذه السألة قد اختلَف العلما ُء فيها‪.‬‬
‫ف بيْن علماءِ السلِمِي ف مسألةٍ مِن السائل فإنه يَنبغِي لِلعالِم أن يَر ِجعَ إل كتابِ‬
‫ومِن العلوم أنه إذا وُ ِجدَ خل ٌ‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وإل سّنةِ رسولِ ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أو ما يَرجِع إليهما بِوج ٍه مِن وجوهِ‬
‫الجّية حت يَتبَيّنَ لَه ما هو الراجِح ف تلك القضية‪.‬‬
‫وقد َنصّ الحقّقون مِن أه ِل العلم أنه ليس لح ٍد أن يُخالِفَ ما جاء ف كتابِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وسنّةِ رسولِه‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ولو قال بِخلفِ ذلك مَن قال مِن العلما ِء الكِبار‪.‬‬
‫وقد أَحْسَ َن المام السالي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬حيثُ قال‪:‬‬
‫ول كل ِم الصطفى الوّاه‬ ‫ول ُتنَاظِر بِكتاب ال‬
‫ولو يَكون عالِما خبيا‬ ‫معناه ل تَجعل له نظيا‬
‫وأَحْسَ َن حيثُ قال ف قضي ٍة مِن القضايا‪:‬‬
‫ونن نَحكي بعدَه خِلفا‬ ‫الصطفى يَعتبِر الوصاف‬
‫فيه عن الختار نصّ ُأسْنِدَ‬ ‫ل نَقبَل اللفَ فيما وَ َردَ‬
‫‪298‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وقال‪:‬‬
‫ف الثار‬
‫وإن يَقولُوا خالَ َ‬ ‫حسبُك أن تَّتبِعَ الختار‬
‫ف قول‬ ‫ض عليه حيثُ خالَ َ‬ ‫وأَحْسَ َن المام سعيد بن خلفان‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬حيثُ قال لِسائلٍ اعتَ َر َ‬
‫جبِ أن َأنُصّ لَك عن رسولِ‬ ‫مشهورا عن َد العلما ِء السابِقِي ‪ ..‬فقالَ لَه المام رحه ال تبارك وتعال‪ " :‬ومِن العَ َ‬
‫ضةِ السلم بِغيْرِ دلي ٍل ول واضِ ِح سبِيل‪ ،‬أََليْس هذا ف العيَانِ مِن ال َذيَان "‪.‬‬
‫ضنِي بِعلما ِء بْي َ‬
‫ت تُعارِ ُ‬
‫ال وأن َ‬
‫ب بِه عرض الائط‬ ‫وأَحْسَ َن المام الليلي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬حيثُ قال‪ " :‬وقو ٌل ِبخِلفِ الدِيث يُضرَ ُ‬
‫"‪ ،‬وقال‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليه‪-‬ف قضي ٍة مِن القضايا‪ " :‬وما مِن عالِم إل ف قولِه القبو ُل والردود ما‬
‫خل رسولَ ال ‪ " ...‬إل آ ِخ ِر كلمِه رحه ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫ولِلعلماءِ ف ذلك نُصوصٌ كثِ َيةٌ ف هذا القام‪ ،‬ل حا َجةَ لِلطالةِ بِها ف هذا الوقت‪.‬‬
‫ونَحن إذا نَظَرْنا إل قضي ِة الشتراط فإننا نَجِد العلماءَ قد اختلَفوا ف هذه القضية‪:‬‬
‫منهم مَن قال بِمشروعيةِ ذلك‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال بِعدمِ مشروعيتِه‪.‬‬
‫وإذا َأْتيْنا إل معرفةِ الراجِ ِح مِن هذيْن القوليْن فل شك أنّ القولَ بِمشروعي ِة الشتراطِ ف الحرامِ هو القولُ‬
‫الصحِيح‪ ،‬وذلك لِما جاء ف الديثِ عن السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬أنّ الرسولَ‪-‬صلى ال عليه‬
‫ضبَاعَة بنةِ الزبيْر ‪ ..‬ابنةِ عمّه ‪ ( :‬حُجّي واشتَ ِرطِي )‪ ،‬وذلك بِأن تَقول‪" :‬‬ ‫وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قال ِل ُ‬
‫سَتنِي " عندَما تُرِيدُ الحرام‪ ،‬وهذا الديثُ حديثٌ صحِي ٌح ثاِبتٌ عنه ‪ ..‬رواه المام‬ ‫مَحِلّي حيثُ َحبَ ْ‬
‫البخاري والمام مسلم‪ ،‬ورواه‪-‬أيضا‪-‬النسائي وابن خزية وابن حبان وابن الارود‪ ،‬ورواه أحد وإسحاق‬
‫والطبان ف " الكبي " والطحاوي ف " الشكِل " والدارقطن والبيهقي والبغوي‪ ،‬وهو حديثٌ صحِي ٌح ثابِت‪.‬‬
‫ول عبةَ بِإِعل ِل الَصِيِليّ لَه‪ ،‬والَصِيِليّ هذا فيما يَظهَر أنه ُمتَسَ ّرعٌ ف إِعل ِل بعضِ الحاديث بل ليستْ لَه‬
‫تلك الدرايَة بِمعرفةِ أئم ِة الديث فضل عن الروا ِة العا ِديِي‪ ،‬ويَكفِي ف التدلِيلِ على ذلك أنه َحكَ َم بِجَهالةِ‬
‫الما ِم الشهِي البلِ الراسِي جابرِ بن زيد‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬الذي َوّثقَه كِبا ُر الصحابة فضْل عن أئمةِ‬
‫الديث‪.‬‬
‫ث إنه ذَكَ َر أنّ هذا الديث َتفَرّ َد بِه َمعْمَر عن ال ّزهْرِي كما َنقَلَ ذلك عن‬
‫ب مِن القاضي عِياض حي ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫والعَ َ‬
‫الما ِم النسائي‪ ،‬والنسائي‪-‬فيما يَظهَر‪-‬لَم يُرِد بِذلك إِعل َل الدِيث‪ ،‬وذلك ل ّن هذا الديث قد جاء مِن غيْرِ‬
‫طرِي ِق َمعْمَر عن ال ّزهْرِي‪ ،‬وِب َغضّ النظَرِ عن هذه الروايَة‪-‬فإّننِي لستُ أُرِي ُد أن أُطِي َل القال بِالكلمِ عليها‪ ،‬وإل‬
‫فإنّ لَنا مقال معرُوفا ف ذلك‪-‬فإنّ هذا الديث قد جاء مِن طُ ُرقٍ أخرى عن الراوي عن السيد ِة عائشة رضي‬

‫‪299‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنها‪ ،‬وجاء عن غيْرِها مِن صحابةِ رسولِ ال ‪ ،‬فلَو سُلّمَ جدَل بِإِعللِ هذه الرواية الت‬
‫ت مِن غيْرِ هذه الطرِيق‪.‬‬ ‫ذَ َكرَها القاضِي عِياض‪-‬مثل‪-‬فإنّه ل َيضُرّ ذلك ما دام الديثُ قد َثبَ َ‬
‫والديثُ قد جاء‪-‬أيضا‪-‬مِن طرِي ِق اب ِن عباس رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنهما‪ ،‬رواه مسلم وأبو عوانة والنسائي‬
‫والترمذي والدارمي وابن ماجة‪ ،‬ورواه أحد وإسحاق وابن حبان وابن الارود والطبان ف " الكبي "‬
‫والطحاوي ف " شرح مشكل الثار "‪ ،‬ورواه ابن عَدِي وأبو يعلى وأبو نعيم ف " اللية " وأبو علي الطوسي‬
‫خرَجِه على الترمذي‪ ،‬وهو حديثٌ صحِي ٌح ثابِت عنه صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬ ‫ستَ ْ‬
‫ف مُ ْ‬
‫وقد جاء لِهذيْن الطرِيقيْن شواهِ ُد مِن طُ ُرقٍ أخرى عن صحابةِ رسولِ ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪ ،‬فقد جاء ذلك مِن طرِيقِ أم سلمة ومِن طرِيقِ جابر بن عبد ال‪ ،‬وذَ َك َر الترمذي بِأنه جاء مِن طرِيقِ‬
‫ت قيْس ج ّد ِة ابن الزبي‪ ،‬وجاء عن غيْ ِر هؤلءِ مِن صحابةِ رسولِ ال‬ ‫أساء‪ ،‬وجاء‪-‬أيضا‪-‬مِن طرِي ِق ُسعْدَة بن ِ‬
‫حتْ الرواية فقدْ جاء عن ُذ َؤيْب السلمي‪ ،‬ولستُ أُرِيدُ أن ُأطِيلَ‬ ‫صّ‬‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬إنْ َ‬
‫حةِ هذه الروايات‪ ،‬فإنّ بعضَها حَسَن وبعضُها صالِحٌ لِلستشها ِد بِذلك‪ ،‬وعلى تقدِي ِر عدمِ‬ ‫صّ‬‫الكلم على ِ‬
‫ذلك‪-‬إذا تَشَدّ َد مُتشدّدٌ ف بعضِها‪-‬فإنّ الطريقيْن الساب َقيْنِ صحِيحا ِن ثابِتانِ عن رسولِ ال صلى ال عليه وعلى‬
‫ض كثِ ٌي مِن الناسِ على هذه الحادِيث‪:‬‬ ‫آله وصحبه وسلم‪ ،‬وقد اعتَ َر َ‬
‫ض بِأنا ضعِيفة‪ ،‬وقد َتقَ ّد َم الكلمُ على ذلك‪ ،‬فل حا َجةَ لعا َدتِه‪.‬‬ ‫منهم مَن اعتَ َر َ‬
‫ص بِالعمر ِة وليس ف الج‪ ،‬والديثُ يُنادِي بِأعلى صوت ويَصرُخ بِأقوى ُحجّة‬ ‫ومنهم مَن ا ّدعَى بِأنّ ذلك خا ّ‬
‫ت شِعرِي ما الف ْرقُ بيْن الج والعمرةِ ف هذا ؟! فما صَحّ ف العمر ِة فإنه يَصِحّ‬ ‫بِأنّ الديثَ وا ِردٌ ف الج‪ ،‬ث ليْ َ‬
‫ق بينهما وليس هنالِك دَلِي ٌل البتّة‪ ،‬ومَن ا ّدعَى خِلفَ ذلك فعليه الدلِيل ول‬ ‫ف الج إل إذا دَلّ دلِيلٌ على الف ْر ِ‬
‫سبِي َل إليه‪.‬‬
‫صفَه المام النووي‪ ،‬وهو َحقِيقٌ بِذلك‪.‬‬ ‫ضبَاعَة‪ ،‬وهذا باطِلٌ كما وَ َ‬‫وا ّدعَى بعضُهم بِأنّه خاصّ ِب ُ‬
‫ت فيُحمَل الديثُ على ذلك‪ ،‬وهو قولٌ كَلِيلٌ ودَلِيلُه عَلِيل فل يَنبغِي أن‬ ‫ومنهم مَن ا ّدعَى بِأنّ ذلك إذا ماتَ ْ‬
‫ت إليه ول أن ُي َعوّلَ عليه‪.‬‬ ‫يُلَتفَ َ‬
‫جةِ الوداع ول يَأْتِ‬ ‫وا ّدعَى بعضُهم بِأنه منسوخ‪ ،‬وهو كل ٌم باطِل وعن الدلِي ِل عاطِل‪ ،‬فهذا الديثُ كان ف حَ ّ‬
‫حدِيثٌ آخَر يَدُلّ على خِلفِ ذلك‪.‬‬
‫وا ّدعَى بعضُهم‪-‬كالطحاوي ف " شرح الشكل "‪-‬بِأنه مُخَالِفٌ لِلجاع‪ ،‬وهو كلمٌ عجِيب غرِيب‪ ،‬فإنّ‬
‫ي القو ُل بِالشتراط عن طائف ٍة كبِيةٍ‬ ‫العلماءَ قد اختلَفوا‪-‬مِن قب ِل أن يُولَدَ الطحاوي‪-‬ف هذه القضية‪ ،‬وقد ُروِ َ‬
‫مِن صحابةِ رسولِ ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإن كان لَم َيصِح عنهم َجمِيعا‪ ،‬فقد رُويَ ذلك عن‬
‫عمر وعن عثمان وعلي وابن مسعود وعمّار وعائشة وأم سلمة‪ ،‬وإن كان‪-‬كما قلتُ‪-‬ل َيصِحّ عنهم جيعا‪،‬‬

‫‪300‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ع بِأ ّن العلماء قد أَ ْج َمعُوا على خِلفِه ول‬ ‫وقالتْ بِه طائف ٌة كبِي ٌة مِن أه ِل العلم‪ ،‬فكيف يَ ّدعِي بعدَ ذلك مُ ّد ٍ‬
‫يَجُوزُ لحدٍ أن يُخالِفَ الجاع ؟!‬
‫ع بِأنّ هذه‬ ‫ونَح ُن عندَما نَن ُظرُ ف كتبِ الفقْه وكتبِ الصول فإننا نَجِ ُد كثِيا مِن َدعَاوَى الجاع ‪ ..‬يَ ّدعِي مُ ّد ٍ‬
‫القضية قد أَجْ َمعُوا عليها وقد يَكونُ جُمهو ُر المّة على خِلفِ ذلك‪ ،‬وسَمِعتُ أَحَ َد الناس يَذ ُك ُر مسألةً وذَ َكرَ‬
‫فيها قول وا ّدعَى بِأنّ هذا القو َل مُجمَ ٌع عليه وأنا قدْ رأيتُ ف السألةِ عشرة أقوال مِن غيْ ِر أن أبْحثَ عن ذلك‪،‬‬
‫ع على عكسِ ذلك القول تَماما‪ ،‬فل يَنبغِي‬ ‫ض القضايا وحكى بعضُهم الجا َ‬ ‫وبعضُهم حكى الجاعَ ف بع ِ‬
‫ب هذه الكايات الت يَحكِيها بعضُ أهلِ العلم مِن غيْرِ أن َيَتثَّبتُوا ف ذلك‪ ،‬ولنا كل ٌم طوِيل‬ ‫لح ٍد أن يَ ْرهَ َ‬
‫عرِيضٌ ف الجاع الذي هو ُحجّة‪ ،‬ل ُأطِي ُل بِه القام‪.‬‬
‫وبعضُهم احتَجّ على عدمِ مشروعيةِ ذلك بِما ثبتَ عن ابن عمر‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهما‪-‬حيثُ قال‪" :‬‬
‫حسبُكم ُسنّة َنِبيّكُم " ‪ ..‬معناه أنّ النب ل يَشترِط‪ ،‬وهذا غرِيب‪ ،‬فمِن العلوم أنه ما مِن عالِم‪-‬وإن بَلَغَ‬
‫السماء وناطَ َح الوزاء‪-‬إل وقد خَفَيتْ عليه بعضُ أحادِيثِ النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فإذا‬
‫كان ابن عمر لَم يَعلَم بِذلك وقد عَلِمَ بِه طائفةٌ مِن صحابةِ رسولِ ال فهل يُمكِن أن نَرُدّ بعدَ ذلك الرواية‬
‫حتَ ّج بِه‪.‬‬‫ض الصحابة لَم يَسْمَع بِذلك ؟! هذا مِمّا ل يُمكِن أن ُي ْ‬ ‫الت ثبتتْ عن أولئك بِ َد ْعوَى أنّ بع َ‬
‫وأما عد ُم اشتراطِ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فل يَدُلّ ذلك على بطلنِ الشتراط‪ ،‬لنه إذا‬
‫وُجِدَتْ أدِلةٌ مُتعدّدة ف قضي ٍة مِن القضايا فإنه يَنبغِي أن يُجْمَ َع بيْن تلك الدِلة‪ ،‬ويُنظَر تارة يُمكِن أن يُجمَعَ‬
‫بينها على أنّ هذا مسنون وهذا جائز أو أنّ هذا لِبيا ِن الواز أو هذا ِلعِلّة أو هذا يُحمَل على كذا مِن‬
‫الـمَحَامِل إل غيْرِ ذلك‪ ،‬فالنب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬لَم يَكن يَعلَم بِأنّ قريشا سَتصُدّه عن الرَم‬
‫جةِ الوداع فإنه لَم يَكن بِحاجةٍ صلوات ال وسلمه عليه إل ذلك‪.‬‬ ‫حت يَشتَرِط‪ ،‬وأما ف َح ّ‬
‫وعلى كل حال؛ فإ ّن مَجالَ القو ِل يَطُولُ ف هذه القضية‪ ،‬وأَرَى أن أَكَتفِ َي بِهذا الختصَر‪ ،‬ولنا عودَة إل ذلك‬
‫ف مناسبةٍ أخرى بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬لنّ ف هذا المر مِن التيسِ ِي ما ل يَخفَى‪ ،‬فإ ّن كثيا مِن الناسِ قد‬
‫ع بِأ ّن العلماء‬ ‫يَحتاجُون إليه فلِماذا يُمَنعُو َن منه بِ َدعْوى أ ّن بعضَ الناس يَقول بِخِلفِ ذلك ؟! وقد يَ ّدعِي مُ ّد ٍ‬
‫صعُبُ‬ ‫قد اختلَفوا ف هذه القضية فال ْحوَط تَ ْركُ ذلك‪ ،‬وأقول‪ :‬إ ّن الحتياط ُيصَارُ إليه عندَما َتتَعا َرضُ الدِلّة وَي ْ‬
‫حةً لِكلّ ذِي َعيْنيْن‬ ‫س طاِل َعةً واضِ َ‬
‫الترجِيح وقد يُمكِنُ الترجِيح ولكن ذلك بِأمْ ٍر مُحتمِل‪ ،‬أما عندَما تَكونُ الشم ُ‬
‫ج إليها النسان ف مِثلِ هذه القضية بل السنَن‬ ‫فل يَنبغِي أن ُتتْ َر َك السنَن الثابِتة عن النب ولسيما عندَما يَحتا ُ‬
‫الت ل تُفعَل ‪ ..‬ف وقتِ الاجَة ل يَنبغِي أن ُتتْرَك ِلمَقولَ ِة قائِ ٍل بِخِلفِ ذلك لِعدمِ إِطّلعِه عليها أو لطّلعِه‬
‫ت بِها الـحُجّة‪.‬‬‫عليها مِن طرِي ٍق ل َتْثبُ ُ‬

‫‪301‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫؛‬ ‫ث عَلّقَ ذلك على ثبوتِ هذا الديث‪ ،‬والديثُ قد َثبَتَ وصَحّ عن النب‬
‫وقد أَحْسَ َن المام الشافعي حي ُ‬
‫والعلمُ عندَ ال تعال‪.‬‬
‫س‪ :‬ولكن ما فائدة هذا الشتراط ف الحرام ؟‬
‫ج‪ :‬العلماء قد اختلَفوا ف ذلك‪ ،‬منهم مَن قال‪ :‬إنّ هذا ل فائدة لَه وإنا هو لفظٌ يَُت َعبّ ُد بِه كغيْرِه مِن اللفاظ‬
‫الت ُيتَ َعبّ ُد بِها‪ ،‬وهذا كلمٌ غرِيب ‪ ..‬قولٌ علِيل ل قيمةَ لَه وحكايتُه ُت ْغنِي عن ذِ ْكرِه‪ ،‬فإنّ ضُباعةَ‪-‬رضي ال‬
‫تعال عنها‪-‬قد ذَكَرَتْ لِلنب أنا تُرِيدُ الج‪-‬وف بعضِ الروايات أنّ النب ا ْقتَرَحَ لَها ذلك وأَ ْخبَ َرتْه بِأنا‬
‫مرِيضة‪-‬فذَ َكرَ لَها النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‪-‬ذلك‪ ،‬فإذا كان ل فائدةَ لَه فما قيمة أن تأتِ َي بِه‬
‫ضُباعة ؟! فهذا كلمٌ غرِيبٌ ل قيمةَ لَه‪ ،‬وإنّما الصوابُ أنّ لِذلك فائد ًة سأبَّينُها بعدَ قلي ٍل بِمشيئةِ ال تبارك‬
‫وتعال‪.‬‬
‫مِن العلو ِم أنّ مَن أَ ْح َرمَ وصُدّ عن ذلك بِع ُدوّ أو لَم َيتَ َمكّن مِن ِفعْلِ ذلك بِسببِ مرضٍ أو نَحوِه وتَعَذّر عليه‬
‫الوصولُ إل الرَم وتأدِيةِ العمرةِ أو َتعَذّ َر عليه أن يَأتِ َي بِالج ف وقتِه ‪ ..‬أما تأدِيةُ الج ف وقتِه ففيها كلمٌ‬
‫طوِيلٌ‪ ،‬ل َأتَع ّرضُ لَه ف هذا الوقت‪ ،‬وإنا َأَتعَ ّرضُ ِلمَن لَم َيتَ َمكّن مِن ذلك َرْأسًا ‪ ..‬قد اختلَفَ العلماءُ فيه‪:‬‬
‫ِمنْهُم مَن َذ َهبَ إل أنه إذا لَم َيتَ َمكّن مِن ذلك أبدا فعليه أن يَ ْذبَحَ َذبِيحةً كما هو ظاهِ ُر كتابِ ال تبارك‬
‫ص ْرتُمْ فَمَا ا ْستَيْسَ َر مِنَ الْهَدْيِ ‪ [ { ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪:] 196 :‬‬ ‫وتعال‪ ... } :‬فَِإنْ أُ ْح ِ‬
‫وإذا كان ساِئقًا لِلهدْي فإ ّن المْ َر مّتفَ ٌق عليه بيْن العلماء‪.‬‬
‫أما إذا كان لَم يَسُق الدْي فإ ّن العلماءَ قد اختلَفوا ف ذلك‪:‬‬
‫منهم مَن قال‪ :‬ل هدْيَ عليه ف هذه الالة‪ ،‬وهو قو ٌل مُخالِفٌ لِظاهِرِ الكتابِ العزيز‪.‬‬
‫ي بِها‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬عليه أن يَشترِيَ ذلك‪ ،‬وهذا هو الق ‪ ..‬هذا إذا كان واجِدا لِلقِيمة الت يُمكِن أن يَشتَرِ َ‬
‫الدْي فإن كان لَم يَجِد فقد اختلَف العلماء ف ذلك‪:‬‬
‫ج ْد الدْي‪.1‬‬ ‫منهم مَن قال‪ :‬عليه أن يَصو َم عشرة أيام كحا ِل مَن لَم يَ ِ‬
‫ومنهم مَن ذَهَبَ إل أنه ل شيءَ عليه‪.‬‬
‫ومنهم مَن ذَهَبَ إل أنه ل شيءَ عليه ف ذلك الوقت وعندَما َيَتيَسّرُ لَه الدْي فإنه يَهدِي‪.‬‬
‫ومنهم مَن َذهَبَ إل أنه يَصو ُم ثلث َة أيام‪.‬‬

‫ي َمحِلّ ُه َفمَنْ كَانَ مِْن ُكمْ مَرِيضا َأ ْو بِ ِه‬ ‫حِلقُوا ُرؤُو َس ُكمْ حَتّى يَْبُلغَ اْل َهدْ ُ‬ ‫ل فَِإنْ أُ ْحصِرُْت ْم َفمَا اسْتَْيسَرَ مِنَ اْل َهدْيِ وَل َت ْ‬ ‫‪ } -1‬وَأَِتمّوا اْلحَ ّج وَالْ ُعمْرَةَ ِ‬
‫ج ْد َفصِيَامُ ثَلثَةِ أَيّامٍ‬‫ك فَإِذَا َأمِنُْتمْ َفمَ ْن َتمَّتعَ بِاْل ُعمْرَةِ ِإلَى اْلحَ ّج َفمَا اسْتَْيسَ َر مِنَ اْل َهدْيِ َفمَ ْن َلمْ َي ِ‬
‫ص َدقَةٍ َأ ْو ُنسُ ٍ‬
‫ى مِنْ رَْأسِ ِه َف ِفدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ َأوْ َ‬
‫أَذ ً‬
‫ب‬
‫ل َشدِيدُ اْلعِقَا ِ‬ ‫ل وَا ْعَلمُوا َأنّ ا َ‬ ‫جدِ اْلحَرَامِ وَاّتقُوا ا َ‬ ‫سِ‬‫ك َعشَرَةٌ كَامِلَةٌ َذلِكَ ِلمَ ْن لَ ْم َيكُنْ أَ ْهلُهُ حَاضِرِي اْل َم ْ‬ ‫فِي اْلحَ ّج َوسَْبعَةٍ إِذَا رَ َجعُْتمْ ِتلْ َ‬
‫[ سورة البقرة‪ ،‬الية‪.] 196 :‬‬
‫‪302‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫جدُ الطعام‬ ‫ومنهم مَن قال‪ :‬إنه يُق ّومُ الذبيح َة بِالطعام ث يُخرِجُ بعدَ ذلك طعاما‪-‬والواقِع أنّه إذا َق ّومَها وكان يَ ِ‬
‫فهو يَستطِيعُ أن يَشترِيَ ذبيحة وإنا يَكونُ ذلك إذا كان ل يَجِ ُد ما يَشترِيه ففي مثل تلك الالة ُيقَالُ ذلك‪-‬أما‬
‫إذا كان ل يَستطِيعُ على شراءِ الطعام فإنه يُقوّم ذلك ‪َ ..‬يصُومُ عن ك ّل مُد‪ ،‬وهذا فيه مِن الشقّة ما فيه‪ ،‬فإنّ‬
‫ذلك يَقتضِي أن يَصو َم ستّ مئة يوم أو أكثَر‪ ،‬ل ّن الذبيحة تُقارِب ثلثِي رِيال‪-‬مثل‪-‬أو ما شابه ذلك فإذا‬
‫قدّرَها بِا َلمْداد فل شك بِأنه يَصِلُ إل عَد ٍد كبِي ومعن ذلك أنه يَصومُ عن ك ّل ُم ّد يوما ففي هذا مِن الشقّة ما‬
‫فيه‪ ،‬والدّينُ َأيْسَ ُر مِن ذلك‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬ل يُطعِم وإنا يَصو ُم مِن أوّ ِل وهْلَة‪.‬‬
‫ب إل غيْرِ ذلك مِن الراء‪.‬‬ ‫ومنهم مَن َذهَ َ‬
‫و‪-‬على كلّ حال‪-‬هذه القوال ل دلي َل عليها‪ ،‬فإذا كان لَم يَجِد هدْيا فإنه ليسَ ف كتابِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫ول ف سّنةِ رسولِه ما يَدُلّ على أنه يَصنَع شيئا مِن تلك القوال الت ذَ َكرْناها‪ ،‬وإنّما عليه أن يَحلِق أو ُيقَصّر‬
‫وإن تَمكّنَ بعدَ ذلك مِن الدْي ففي ذلك خي‪.‬‬
‫على أ ّن أقوى تلك القوال الت قِيَلتْ بعدَما ذَكَرْناه قو ُل مَن قال بِأنه يَصومُ عشرة أيام‪ ،‬ولكن فيه ما فيه‪ ،‬فل‬
‫يُمكِن أن نَحكُ َم بِه‪ ، ،‬فليس لحدٍ أن يُل ِزمَ عبادَ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بِما لَم يُلزِمهُم الشارِع بِه وإنا يُمكِن أن‬
‫ج مِن الِلف إن َأمْكَ َن وإن كان ل‬ ‫يَذْكُرَ ذلك لِمَن شاء أن يَأخُ َذ بِه مِن باب الحتياط ف الدّين والرو ِ‬
‫يُمكِن أن يَخرُج بِذلك مِن الِلف لِكثرةِ ما ذَ َكرْناه ف هذه السألة‪.‬‬
‫حلِ َق أو ُيقَصّر‪-2 .‬وقيل‪ :‬ل يَل َزمُه أن يَحْلِ َق أو يُقصّر بل يَذبَح إن وَجَد‬ ‫و‪-1 :‬كذلك عليه بع َد أن يَذبَح أن يَ ْ‬
‫وَإل فل شيءَ عليه‪-‬أو عليه ما ذَكَرْناه مِن تلك القوال‪-‬وهو قولٌ ضعِيفٌ جِدا‪ُ ،‬مخَالِفٌ لِظاهِ ِر الكتابِ العزيز‪،‬‬
‫وكذلك هو مُخالِفٌ لِلسّن ِة الصحِيحةِ الثابِتة عن النب ‪ ،‬حيثُ إنه صلوات ال وسلمه عليه َحلَ َق وَأمَرَ‬
‫أصحابَه بِاللْ ِق أو التقصِيِ و َحثّ على اللقِ ودعا لِلحاِلقِي أوّل ثلثا ث بعدَ ذلك لِلم َقصّرِين‪ ،‬فإذن هذا ثاِبتٌ‬
‫ص السّنةِ الصحِيحةِ عن النب ‪.‬‬ ‫بِظاهِ ِر الكتاب ون ّ‬
‫ح ّل بِذلك مِن غ ْيرِ أن‬
‫إذا علِمنا ذلك فمَن اشترَطَ ف إِحرامِه إن لَم يَتمكّن مِن تأدِي ِة حَجّه أو عُمرتِه فإنه يَ ِ‬
‫ج إل هدْي‪ ،‬فهذه إذن فائد ُة الشتراط‪-1‬خِلفا لِمَن َزعَ َم أنه ل فائدةَ لِذلك‪-‬وإنّما هنالِك ف ْرقٌ ف‬
‫يَحتا َ‬
‫س سيَحِ ّل مِن إِحرامِه‪ ،‬فإن قال‪... " :‬‬‫ستَنِي " أو ذَكَ َر بِأنه إذا ُحِب َ‬
‫الصيغة ‪ ..‬إذا قال‪ " :‬ف َمحِلّي حيثُ َحبَ ْ‬
‫مَحِلّي ‪ " ...‬فبِمج ّردِ عدم قدرتِه على إِتامِ ما أَح َر َم بِه فإنه يَكونُ حَلل بِذلك‪ ،‬وإذا عَلّقَ ذلك بِإرادتِه لِلحلل‬
‫فمعنَى ذلك أنه لبد مِن أن يَنوِيَ ذلك‪.‬‬
‫فإذن‪:‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬الدي " بدل مِن " الشتراط " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪303‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ي الحلل ويَذبَح ما استطاع ويَحلِق أو ُي َقصّر‪.‬‬ ‫مَن لَم يَشترِط عليه أن يَنوْ َ‬
‫سَتنِي " ل شيءَ عليه‪.‬‬‫حلّي حيثُ َحبَ ْ‬ ‫ومَن قال‪ " :‬مَ ِ‬
‫ومَن عَلّقَ ذلك بِأنه سيَفعَلُ ذلك فهو إذا َنوَى الِحلل فإنه يَكون بِذلك حلل‪.‬‬
‫هذه هي فائدةُ الشتراط‪.‬‬
‫هذا وقد اختلَفَ العلماءُ ف حك ِم الشتِراط‪:‬‬
‫منهم مَن قال‪ :‬هو واجِب‪ ،‬وهذا قولُ الظاهِرِية الذين يَأخُذُون بِظاهِرِ اللفاظ‪ ،‬وَليَْتهُم يَأخذُون بِظا ِه ِر اللفاظ‬
‫ض العلماء ذَكَر أنه قد بَلَ َغ عَ َددُ‬
‫بعدَ أن يَنظُرُوا إل الدِّلةِ جيعا‪ ،‬فإنّ النب والمهو َر العظَم‪-‬حت أنّ بع َ‬
‫ت اللوف‪-‬لَم يَشترِطوا‬ ‫الجّاج ف تلك السنة إل مئة ألف‪ ،‬ونَحن ل نُرِيد أن ُنقَدّر العَدَد ولكنهم كانوا بِعشرا ِ‬
‫لِعدمِ حاجتِهم إل ذلك‪ ،‬فهل يُمكِن أن يُقال بِوجوبِ ذلك أو أنّه لَم يَرِد عنهم ذلك ؟! هذا ما ل يُمكِن أن‬
‫يُقالَ بِه‪.‬‬
‫حبّة‪.‬‬
‫ومِن العلماء مَن قال‪ :‬هو سنّة مست َ‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬هو جائِز وليس بِمستحَب إل لِمَن كان مُحتاجا إليه‪ ،‬وهم وإن كانوا لَم يَذكُروا هذا الشرط‬
‫ولكن لبد منه‪.‬‬
‫سنّة ف َحقّه‪ ،‬وهذا هو‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬هو سنّة لِمَن كان مُحتاجا إليه وأما مَن لَم يَكن مُحتاجا إليه فهو ليس بِ ُ‬
‫وإنا‬ ‫لَم يَكن مُحتاجا إل ذلك فلَم يَشترِط‪ ،‬وهكذا بِالنسبةِ إل الصحاب ِة الكِرام‬ ‫الصحِيحُ عندِي‪ ،‬فالنب‬
‫كانَتْ ضُباعَة هي الـمُحتاجَة إليه فأَ ْرشَدَها النب صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫ي مَن يَقول بِعد ِم ُسنّية ذلك إل لِمَن كان مُحتاجا إليه‪ ،‬فما ُحكْ ُم مَن اشترَطَ ولَم يَكن مُحتاجا‬ ‫َبقِيَ على رأ ِ‬
‫إليه ث احتاجَ بعدَ ذلك إليه ‪ ..‬هل يَستفِي ُد مِن ذلك أو ل ؟‬
‫قيل‪ :‬ل فائدة له مِن ذلك‪ ،‬لنّ هذا مُخالِفٌ لِسّنةِ النب ‪-‬أعن الشتراطَ مع عد ِم الاجةِ إليه‪-‬فعندَما يَحتاجُ‬
‫إل التّحلّل فلبد مِن أن يَنوِيَ ذلك وأن يَذبَح إن كان معه الدي أو كان معه ما يَشترِي بِه الدْي ويَحلِق أو‬
‫يُقصّر‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬يَنفعُه ذلك‪.‬‬
‫وبِذِكْ ِر الشتراط َتنْحَ ّل كثِ ٌي مِن السائِل‪:‬‬
‫كثِيٌ مِن النساء يَذهَبْنَ ف مُ ّدةٍ َوجِي َزةٍ لِتأدِيةِ العمرةِ‪-‬مثل‪-‬ويُمكِن أن يَأتِيَها اليض ف تلك الدّة وهي تَعرِفُ‬
‫مِن نفسِها بِأنّها لَن َتتَ َمكّن مِن البَقَاءِ ف مكة الكرمة إذا َأتَاهَا اليض فتَضطَرّ إل الرجوعِ بِسببِ أنّ ر ْف َقتَها ل‬
‫تُسَاعِ ُفهَا على البقاءِ ف تلك البقاع فهنا يُمكِن أن تَشترِط ذلك‪ ،‬وعليه إذا اشت َرطَتْ ولَم تَت َمكّن مِن ذلك فلَها‬
‫الحللُ بِذلك‪.‬‬

‫‪304‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ت ُتصِيبُ ُه بعضُ المراض ‪ ..‬مثل ف موسِ ِم الشتاء أو ما شابه ذلك أو تُؤثّ ُر عليه السْفار يُ ْم ِكنُه‬ ‫وهكذا مَن كان ْ‬
‫أن يَشترِط ويَكون مُستفِيدا مِن ذلك‪.‬‬
‫ولِلسف أنّ كثِيا مِن النساء يَذ َهبْنَ إل تأدِيةِ العمر ِة أو الج وتَأتِيهِنّ العادة الشهرِية العروفَة وبعدَ ذلك ل‬
‫ب وتَسعَى‪ ،‬لنّها قَد سَ ِم َعتْ بِأنّ‬ ‫يَعرِفْن ماذا َيصَْنعْن فتَرجِع الواحِدة بِإِحرامِها وهي تَظُ ّن أنّها قد أَ َحّلتْ ‪ ..‬تَذهَ ُ‬
‫الرأة إذا أتاها اليض ل تَطُوف فتَظُن أنّ الطواف يَسقُطُ َعْنهَا‪ ،‬وقد تَسمَع بِالديثِ الذي فيه أنّ النب‪-‬صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪َ-‬أ ْسقَطَ الطواف عن إِحدَى أَزواجِه عندَما أتاها اليض ولكنّ ذلك ف طوافِ‬
‫الوداع وليس ف طوافِ العمرة أو ف طوافِ الزيارة أو الفاضة‪-‬الذي هو طوافُ الج‪-‬فهذا رُكن ‪ ..‬أعن‬
‫طوافَ الزيارة وكذلك بِالنسبة إل طوافِ العمرة فهما ل يَسقُطانِ بِحيضٍ ول غيْرِه ولكن يُؤجّلنِ حت تَطهُر‬
‫الرأة وتَتَ َطهّر وف تلك الالة تَطوفُ ث بعدَ ذلك تَسعَى ‪ ..‬فتَذهَب وتَسعَى وُتقَصّر وتَرجِع بعدَ ذلك وهي‬
‫ب ما سَمعت‪ ،‬وقد سألنِي عن ذلك غيْ ُر واحِد‪-‬فهذا مِمّا ل َيصِح ‪ ..‬إذا‬ ‫مُحْ ِرمَة‪-‬وقد وَقَ َع كثِيا هذا على حس ِ‬
‫ف ث تَسعَى‪ ،‬فالطوافُ رك ٌن مِن أركانِ‬ ‫وَصََلتْ لبد مِن أن تَبقَى هناك حت تَطهُر وَتتَ َطهّر وبعدَ ذلك تَطو ُ‬
‫العمرة بل هو ركنُها العظَم‪ ،‬وكذلك هو رك ٌن مِن أركا ِن الج‪-‬أعن طوافَ الزيارة‪-‬ل يَسقُطانِ أبدا‪ ،‬وإنا‬
‫يَسقُطُ طوافُ القدوم لِلحاج وطوافُ الوداع لِلمرأةِ الاجّة أيضا‪ ،‬أمّا مَا عدا ذلك فل‪ ،‬فيَنبغِي أن يُنتَبَهَ لِذلك‬
‫جيّدا‪.‬‬
‫جبُ عليه وما هو الذي‬ ‫وأن يَتعلّم الواحِد قب َل أن يَذهَب إل تلك البِقاع ما هو الذي يَجوزُ لَه وما هو الذي َي ِ‬
‫يَحْرُم عليه وما هو الذي ُيكْرَه ف َحقّه وما هو الذي يُباحُ لَه‪.‬‬
‫و‪-‬كذلك‪-‬بعضُ الهل ِة الغْمار يُفتُون ‪ ..‬بعضُ الناس عندَما تأتِي ِه الرأة‪ " :‬أنا َأتَْتنِي الدورَة ‪ ..‬ماذا أَصنَع ؟ "‪:‬‬
‫" اسْعَي وَقصّرِي "‪ ،‬مِن َأيْن لَك ذلك ؟! لِماذا َتَت َقوّلُ على ال بِغيْ ِر عِلم ؟! فلَيتّقِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مَن ل‬
‫يَعرِفُ ش ْرعَ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ث بعدَ ذلك َيتَ َقوّ ُل عليه سبحانه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫ومِن السائِلِ الت ُأَنبّهُ عليها‪-‬وتَقَعُ لِبعضِ الناس ف بعضِ الحيان‪-‬أنّ الوضوءَ قد يَنتقِض بِخروجِ رِي ٍح أو ما‬
‫شابه ذلك ويَستحيِي ذلك الطائف ولسيما إذا كانتْ امرأة ‪ ..‬تَستحِي أن تَقول بِأنا قد انَت َقضَ وضوؤها‪-‬ومع‬
‫ت مِن غيْرِ مَح َر ٍم منها أو زوجِها‬ ‫أ ّن الوضوء قد يَنتقِض بِهذا أو غيْرِه مِن النواقِض‪-‬ولسيما إذا كانتْ قد ذهَب ْ‬
‫ط مِن‬ ‫ف مِن ش ْرطِه الطهارة‪ ،‬فهي شر ٌ‬ ‫ف وهي على إِحرامِها فتَرتكِب الـمَحذُور‪ ،‬فالطوا ُ‬ ‫فتَرجِع وهي لَم تَطُ ْ‬
‫ضتْ لبد مِن الوضوء وإعادة الطواف بعدَ ذلك ‪..‬‬ ‫حتِه‪ ،‬فإذا انَتقَض فل يَجو ُز إل بِطهارة‪ ،‬وإذا انَتقَ َ‬ ‫صّ‬ ‫شروطِ ِ‬
‫هذا أمرٌ لبد منه‪ ،‬ول عبْ َر َة بِالياء ‪ ..‬هذا الياء ل خْي َر فيه ‪ ..‬الياءُ الذي فيه اليْر هو الذي يُوافِقُ شرعَ ال‬
‫تبارك وتعال‪ ،‬أما هذا فهو باطِلٌ وَزُور ‪ ..‬مُنكَ ٌر مِن النكَرَات يُؤدّي إل الوقوعِ ف معصيةِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬

‫‪305‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ح َر ٍم منها‪ ،‬ل مع أَجنبِي‬


‫على أنّ الرأة عندَما تُرِيدُ أن تَذهَب إل حَ ّج أو عُمرَة فلتَذهَب مع زوجِها أو مع مَ ْ‬
‫عنها؛ وال ول التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬مَن خرج مِن مكة بعد أداء عمرة التمتع‪ ،‬هل يلزمه أن يدخل إليها بعد ذلك مرما بالج ؟‬
‫ج‪ :‬قد اختلفت كلمة أهل العلم فيمن أراد أن يدخل إل مكة الكرمة ول يكن يريد ف ذلك الوقت حجا ول‬
‫عمرة هل يب عليه أن يدخلها بإحرام أو أنه يوز له أن يدخلها بغي إحرام‪ ،‬وقد استدل كل فريق بأدلة‬
‫متعددة وقد ذكرنا ذلك ف مناسبات سابقة فل داعي لعادتا مرة ثانية والقول الصحيح الذي تشهد له الدلة‬
‫الصحيحة الثابتة أن النسان إذا كان يريد أن يدخل إل مكة الكرمة ول يريد حجا ول عمرة أنه ل يلزمه‬
‫الحرام‪ ،‬وذلك لن الديث الذي جاء من طريق بن عباس‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهما‪-‬نص صريح ول‬
‫يعارضه معارض معتب فكل ما استدل به من قال بلف هذا الرأي ل تقوم به الجة لضعفه وعدم ثبوته عن‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬وما جاء عن غيه‪-‬صلوات ال عليه وسلمه عليه‪-‬فإنه ل تقوم‬
‫به الجة إذ ل تقوم الجة إل بكتاب ال وبسنة رسوله‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أو ما يرجع‬
‫إليهما بوجه من وجوه الجية العروفة عند أهل العلم‪ ،‬وأيضا فإن من قد أدى فريضة الج من قبل وقد أدى‬
‫العمرة الواجبة على القول بوجوبا فإنه إن ألزمناه أن يدخل بإحرام فإما أن نلزمه بعمرة أو بجة أو أن نلزمه‬
‫أن يدخل بإحرام ويطوف أو يدخل بإحرام ث بعد ذلك يقوم بلع إحرامه‪ ،‬ول دليل على شيء من هذه المور‬
‫لن الطواف يصح من دون إحرام ث إنه أيضا ليس بواجب أي ل يب مستقل من دون أن يكون لج أو‬
‫عمرة ومرد الدخول ل يتاج إل إحرام‪ ،‬فإذن القول الصحيح هو عدم وجوب الحرام لن أراد أن يدخل‬
‫مكة الكرمة ول يكن يريد ف ذلك الوقت حجا ول عمرة‪ ،‬نعم من ل يج من قبل وكان ذلك الوقت وقتا‬
‫للحج فإنه عليه أن يدخل بإحرام للحج اللهم إل إذا كانت هنالك ظروف تنعه من الج ف تلك السنة ويريد‬
‫أن يرجع‪-‬مثل‪-‬فالمر يتلف‪ ،‬وكذلك من ل يؤد العمرة الواجبة على القول بوجوبا أو العمرة السنونة فإنه ل‬
‫ينبغي له أن يفرّط ويدخل من غي إحرام ث إنه إن كان أيضا ل يشق عليه وإن كان قد أدى من قبل الج‬
‫والعمرة فإنه إذا دخل بعمرة فإن ف ذلك من الفضل ما ل يفى فل ينبغي لطالب الي والفضل أن يفرّط فيه‬
‫أما الوجوب فشيء آخر‪ ،‬أما من دخل أوّل بعمرة التمتع‪-‬مثل‪-‬وأدى العمرة ث إنه رجع إل الدينة النورة‬
‫لقصد إحضار أصحابه أو لي أمر من المور أو ذهب إل جدة‪-‬والدينة خارج اليقات وجدة داخلة ف‬
‫اليقات‪-‬أو ذهب إل أي موضع من الواضع أو ذهب لعرفة أو لغي ذلك من الواضع وأراد أن يرجع إل الكان‬
‫الذي قد استقر فيه من قبل فإنه ل يلزمه أن يدخل بالج ف ذلك الوقت‪ ،‬لنه وإن كان يريد أن يج ف تلك‬
‫السنة ولكنه ل يريد أن ينشئ الج ف ذلك الوقت بل هو راجع إل موضعه الذي هو فيه ذهب لحضار‬
‫حاجة أو للنظر ف أي أمر من المور أو ما شابه ذلك‪ ،‬فالذي عندي أنه ل يلزمه الحرام ف ذلك الوقت وهذا‬

‫‪306‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ل شك بأن فيه من الرفق ما ل يفى والدين بمد ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬يسر‪ ،‬فينبغي أن ييسر على عباد ال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬ف المور الت ل تصادم دليل من الدلة الشرعية أما إذا كان ذلك مصادما لدليل فإنه ل يكن أن‬
‫يدعى بأن فيه تيسيا إذ ل يكن لحد أن يالف الدليل ولو كان يظهر للنسان أن فيما يالفه ‪ ..‬أن فيه اليسر‬
‫أو ما شابه ذلك فالعبة با دل عليه الدليل‪ ،‬فإذن من ذهب إل الدينة أو إل جدة أو إل عرفة أو إل أي‬
‫موضع من الواضع وكان قصده أن يرجع إل الوطن الذي كان مستقرا فيه أو ما شابه ذلك ول يرد أن ينشئ‬
‫الج ف ذلك الوقت بأن رجع ف اليوم الثالث أو الرابع أو الامس أو السادس وهو يريد أن يرم بالج ف‬
‫اليوم الثامن فل يلزمه الحرام هذا ما أراه والعلم عند ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم استخدام حقيبة النوم بالنسبة للمحرم ؟‬
‫ج‪ :‬هي ليست من اللباس ف شيء فل نرى مانعا من استخدامها ‪ ..‬هذا مِن حيث الواز وعدمه‪ ،‬وأما مِن‬
‫حيث الحتياط فإن احتاط النسان ول يستخدمها إل على طريق بأن قام بوضعها عليه أو ما شابه ذلك فذلك‬
‫أحوط لكن من حيث النع فل نقوى عليه لكن بشرط أ ّل يضع ذلك على رأسه لنّ إحرام الرجل يكون ف‬
‫رأسه ‪ ..‬نعم إذا اضطر الرجل لتغطية رأسه اضطرارا بأن كان يشى من البد الشديد أو ما شابه ذلك فلبد‬
‫من الفدية هاهنا‪ ،‬أما إذا ل يضطر فل ولو قال شخص مثل‪ " :‬أنا ل بأس سأعمل الفدية ‪ ..‬أصوم ثلثة أيام أو‬
‫أطعم ستة مساكي أو أذبح ذبيحة‪-‬وطبعا الطعام والذبح يكونان لفقراء الرم‪-‬فهذا أمر يسي " نقول له‪:‬‬
‫هذا‪-‬أوّل وقبل كل شيء‪-‬منوع ‪ ..‬ليس لك ذلك وإنا يكون ذلك ف حالة الضرورة ‪ ..‬عندما ل يستطيع‬
‫النسان مِن شدّة البد إل بأن يضع شيئا على رأسه فهنا هذه ضرورة وف هذه الالة نقول له‪ " :‬اصنع ذلك‬
‫وافتد "‪ ،‬أما إذا كان يستطيع أو قد يد شيئا مِن الشقة اليسية أو ما شابه ذلك فليس له ذلك‪ ،‬والاصل إذا‬
‫غطى رأسه لضرورة لبد منها فلبد له من أن يفتدي أما إذا ل يكن مضطرا فليس له ذلك أبدا‪ ،‬وهكذا الرأة‬
‫ليس لا أن تغطي وجهها أما ما عدا ذلك فل مانع مِن ذلك ‪ ..‬هذا ما يظهر ل‪ ،‬والعلم عند ال تعال‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الطواف‬
‫أو أنه ل‬ ‫س‪ :‬هل يستحب أن يكون الطواف حول الكعبة بي الكعبة ومقام سيدنا إبراهيم‬
‫؟‬ ‫يوجد ما يعيب الطواف مِن خلف مقام سيدنا إبراهيم‬
‫ج‪ :‬كلما كان الطائف أقرب إل الكعبة فإنّ ذلك أفضل إذا كان ل يؤذي غيه ول يؤذيه غيه‪ ،‬أما إذا تأذى‬
‫بذلك وأذهبَ ذلك الشوع فإنّ الوْل له أن يطوف أبعد مِن ذلك‪ ،‬فإذن إذا كان ل يؤذي غيه ول يتأذى‬
‫هو فالفضل له أن يطوف بالقرب مِن الكعبة فكلما قرب مِن الكعبة فإنّ ذلك أوْل‪ ،‬أما إذا كان بلف ذلك‬
‫فإنه ل ينبغي لحد أن يؤذي غيه بل ذلك ل يصح؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫‪307‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬إذا تلّلَ شخص مِن الج أو العُمرة ث شك ف طوافه بأنه قد طاف ستّة أشواط‪ ،‬ماذا‬
‫يَجب عليه ؟‬
‫ج‪ :‬إذا انتهى النسان مِن الطواف فل يَلتفِت بعد ذلك إل الشكوك‪ ،‬فكيف إذا كان قد انتهى مِن السعي‬
‫ومِن اللْق أو ما شابه ذلك ؟! فهذا شك ل عبة به ‪ ..‬نعم إذا شك وهو ف الطواف فهاهنا يَبن على القل‬
‫‪ ..‬إذا شك هل طاف ستّة أو سبعة فليَعتبِرها ستّة ويأتي بالشوط السابع‪ ،‬وإذا شك بيْن الخمسة والستّة‬
‫فليَعتبِرها خسة ‪ ..‬هذا إذا ل يَترجّح لديه شيء‪ ،‬أما بعد أن يَنتهي مِن الطواف فل شيء عليه بشيئة ال‪.‬‬
‫سيَ كم صَلّى‪ ،‬هل‬
‫ص آخر ف ال َعدّ ؟ والذي يُصَلّي وَن ِ‬
‫ح لِلطائف أن يَعتمِد على شخ ٍ‬
‫س‪ :‬هل يَص ّ‬
‫يَعتمِد على مَن بِجَنْبِه ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ النسان لبد مِن أن يَعتمِد على نفسه ‪ ..‬هذا هو الصل‪ ،‬لنه قد يُخطِئ ذلك الشخص‬
‫الذي اعتمَد هو عليه‪ ،‬فلماذا ل يَعتمِد على نفسه ويَعتمِد على غيه ؟! إذا كان قد وَقَعَ لِهذا النسان مِن قبل‬
‫ت نفسُه إل ِفعْلِ صاحبِه وهو ل يُفارِقه أبدا فإنه يُمكِن أن يُر ّخصَ له ف الاضي‪ ،‬أما ف الستقبَل‬ ‫واطمأنّ ْ‬
‫فليَعتمِد على نفسه‪ ،‬ول يَعتمِد على غيه‪.‬‬
‫أما بِالنسبة إل الصلة فالكلم فيها كالكلم ف الج ‪ ..‬الصل ف النسان أن يَعتمِد على نفسِه ولكن إذا وَقَعَ‬
‫جعَل ذلك مِن باب الـ ُمرَجّحَات ف الج وف الصلة‪،‬‬ ‫منه خطأٌ‪-‬مثل‪-‬واطمأّنتْ نفسُه إل ِفعْلِ صاحبِه فإذن يَ ْ‬
‫ومِن العلوم أ ّن النسان إذا تَرَجّحَ لديه أح ُد الانبي فإنه يَأخذ بِما تَ َرجّحَ له‪ ،‬فإذن يَكون ِفعْلُ ذلك الشخصِ‬
‫الذي معه مِن الـ ُمرَجّحَات ل أنه يَعتمِد عليه فإن ل يُعارِضه معارِض ف طواف الج أو العُمرة أو ف الطواف‬
‫جعَل ذلك مِن الـمُ َرجّحَات ولكن ف الستقبَل يَنبغي له أن‬ ‫مطلَقا ول ف الصلة فيُمكِن‪-‬كما قلتُ‪-‬أن يَ ْ‬
‫يَعتمِد على نفسِه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬مع شدّة الزحام‪ ،‬ما حكم الطواف والسعي فوق السطح ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ لِلعلماء ف هذه القضية خلف‪:‬‬
‫ف عليه‬
‫منهم مَن يُشَدّد ف ذلك وَيقُولُ‪ :‬إ ّن الطواف ل َيصِح‪ ،‬وذلك لنه ل يُحاذِي شيئا مِن البيت‪ ،‬فَمَ ْن طَا َ‬
‫أن ُيعِيد ذلك ال َطوَاف‪ ،‬وإذا َرجَعَ إل بَلَده فلبد مِن أن ُيعِيد ذلك وأن ُيعِيد السعيَ معه‪ ،‬لنه سعى قبل‬
‫الطواف الشّ ْرعِي الـ ُم ْعتَب‪.‬‬
‫وَذَهب أ ْكثَر أهل العلم إل أَن طَوافَه ذلك صحيح‪ ،‬وذلك لنه وإن كان ل يُحَاذِي شيئا مِن البيت ولكنه‬
‫يُحَاذِي َهوَا َء الكعبة والكُل ‪ ..‬ال َكعْبة مِن أصْلِها إل السّمَاء ُتعْطَى َن ْفسَ الُكم‪.‬‬

‫‪308‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وأقول‪ :‬إ ّن مَن وَقَع ف الـمَاضي فل شي َء عليه‪ ،‬وأما ف الـمُسَتقْبَل فالحْوط لِلنسان أن يَحتاط لمر دِينه‪،‬‬
‫خرِج َنفْسَه مِن اللف ف مثل هذه الـمَسأَلة؛ والعِلم عند ال‪.‬‬ ‫وأن يُ ْ‬
‫أما السعي فأَمرُه أسْهل‪.‬‬
‫س‪ :‬ذَكَرتُم ف أَكْثَر مِن َموْضِع بِأنّه ل يُصَلّي إنسان عن إنسان وإنّما قد يصوم إنسان عن آخَر‪،‬‬
‫ت أُصَلّي ركعَتيْ ال ّطوَاف وَأنْوِي أنّهما عن الشّخص الذي َأحُج عنه ثُم َرَأيْتُ‬
‫لكن هَذَا السّائِل َيقُول‪ :‬كُن ُ‬
‫أنّه ل يصلي أحد عن أحد‪ ،‬فماذا عَ َل ّي ؟ وماذا أفعل الن ؟ هل أُصَلّيهِمَا أول ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬قَد ذكَ ْرنَا‪-‬وذَ َك َر غينا‪-‬أنّه ل يصلي أحد عن أحد‪ ،‬وقد َحكَى بعض العُلماء اتفاق أهل العلم على‬
‫ذَلك ‪...‬‬
‫أمّا بالنّسبة إل الصّلة فقد قُلت إنّه ل ُيصَلّي أحد عن أحد إذا كان ذلك استقلل‪ ،‬أمّا إذا كانت تلك الصلة‬
‫تَابِعَة لمر آخرَ ‪ ..‬دَا ِخلَة ف ذلك المر فإنّ المر يَختلف ف هذه القضية‪ ،‬وذلك لنّه يُشْرَع َتبَعا مَا ل يُشْرَع‬
‫استقلل كما هو ُمقَرّ ٌر عند الفقهاء‪ ،‬وهي قَاعِدة فقهية مشهورة تدخل تَحتها مسائل ُمتَعَدّدة‪ ،‬فالصّلة إذا‬
‫كانت مستقلّة ل يُمْكن أن َيقُوم أحد بِقضاء فريضة مِن الصلوات كالظهر أو العصر أو الغرب أو ما شابه ذلك‬
‫عن شخص آخر‪ ،‬كما أنّه ل يُمكن أن َيَتَنفّل عنه ‪ ..‬أن يصلي ركعتي نافلة َوَينْوي أنّهما عن فلن أو فلنة أو‬
‫ما شابه ذلك ‪ ..‬هذا أمر ُمتّفق عليه كما حكاه غي واحد‪ ،‬ومَا ُروِي عن بعض الَتقَدّمي مِمّا يُخالِف ذلك‬
‫فلعَلّه ل َيصِ ّح عنه‪ ،‬وإن صَ ّح عنه فإنّه ل دليل لَه على ذلك‪.‬‬
‫أمّا بالنسبة إل صلة الطواف ‪ ..‬أو إل ُسنّة ال ّطوَاف‪-‬ل ّن الصحيح أنّها سنّة‪-‬فالمر جَائِز باّتفَاق أهل العلم‪،‬‬
‫وذلك لنّ هذه دَاخِلَة ف الج أو دَا ِخلَة ف العُمْرَة إذا كان ذلك الشّخص َيعْتَمِر عن شخص آخر ‪ ..‬فهي‬
‫تَابِعَة لعمال الج أو تَاِبعَة لعمال العمرة‪ ،‬وعليه فما َفعَلَه هَذَا الشّخص فعل صحيح‪ ،‬وف الستقبل ينبغي له‬
‫إن شاء أن َي ْعتَمِر أو أن يقوم بأداء الج عن غيه فإنه يفعل ذلك أيضا‪.‬‬
‫حتَها مَسَائل متعدّدَة‪ ،‬مِن ذلك‬ ‫وكما قلت هذه السألة وهي أنّه يُشرع بالتَّب ِعيَة ما ل يُشْرَع استقلل تندرج تَ ْ‬
‫مثل‪:‬‬
‫‪...‬‬
‫َومِن السائل الهمة‪-‬أيضا‪-‬أنّ النسان إذا أ ْح َرمَ بعمرة فإنّه ل يَجُوز له أن يَحْلِق أو أن َيقُصّ رأسه إل بعد‬
‫ي الج والعمرة وهو ما ُيعْرَف عند العلماء بالقران ‪ ..‬إذا َقرَن بي الج‬ ‫الطواف والسّعي ولكن إذَا جَمَعَ بَ َ‬
‫والعمرة فإنه يُشْ َرعُ لَه اللق أو التّ ْقصِي‪-‬واللق أفضل‪-‬بعد َرمْيِ المرة قبل أن يطوف وقبل أن يسعى‪ ،‬فذلك‬
‫شرِع للعمرة‪-‬‬ ‫لتََب ِعيّة العمرة للحج لنّ الذي ُيفْرِد الج‪-‬مثل‪-‬يُشْرَع له اللق أو التّقصي ف ذلك الوقت ف ُ‬
‫أيضا‪-‬لجل تبعيتها للحج وهذَا أَمر ُمهِم‪ ،‬وقد قَال بعض العُلَماء‪ :‬إنّه ليس له أن يَحلق أو أن ُيقَصّر إل بعد أن‬

‫‪309‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ف طواف القُدُوم ولَم يَسْع أو َحتَى إذا طَاف َطوَاف‬ ‫يطوف ويسعى‪ ،‬واختُلِفَ ف هذا هل ذلك إذا كان لَم يَطُ ْ‬
‫القُدُوم ‪ ..‬الول‪-‬مثل‪-‬إذا جَاء إل مكة ُمَتأَخّرا أو لَم يطف ولَم يسع لسبب مِن السباب أو حت تَرَك ذلك‬
‫متعمّدا‪-‬فإنّه جَائز على الصحيح وإن كان خلف الفضل‪-‬أو جاء ُمتَأخّرا إل عرفة فهو لَم يطف طواف‬
‫القدوم ولَم يسع‪ ،‬أو طاف طواف القُدُوم ولَم يسع ولكنّه لَم يطف طواف الرّكن ؟ فالصحيح ف الالَتيْ ِن معا‬
‫أنّه يَجوز له أن يَحلق أو ُي َقصّر‪-‬خلفا لِمن قال بِخلف ذَلك ف السألتي َمعًا أو ف إحداهُمَا‪-‬وذلك ظاهر مِن‬
‫فعل النب فإنّه حََلقَ‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬بَعد أن َرمَى‪ ،‬وأيضا َتعَطّر بعد أن َرمَى مَ َع أنّه لَم يطُف‬
‫طواف الرّكن وقد عطّ َرتْهُ السّيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنها‪-‬وهي لَم تَطُف وَلَم تَسْعَ‪ ،‬فذلك دليل‬
‫على السألتي معًا‪ ،‬فإذن يَختلف الكم ف هاَتيْن القضّيتَيْن‪ ،‬وهنالك مسائل أخرى ل داعِي لذكرها الن‪.‬‬
‫فلبُد مِن أن ُينَْتبَه لِمِثل هذه السائل‪ ،‬وإذا سَمِع النسان كَلما ف مسألة ليس له أن يَحكم به على بعض‬
‫السائل وإن رأى بأنّها قريبة مِن تلك السألة‪ ،‬وهو معن ما ذكره بعض أهل العلم أن النسان إذا كان ضعيفا‬
‫ف العلم ليس له أن َيقِيس مسألة على مسألة ولو َرأَى بأنّهما قد تَشَابَهتا مِن كل الوُجوه ‪ ..‬أي على حسب‬
‫ختَلف هذه السألة عَن تلك‬ ‫ظَنّه هو لنه قد تكون هنالك بعض المور الت لَم يلحظها هو وف واقع المر تَ ْ‬
‫السألة‪ ،‬والسألة أمَامَنَا فهذا الشّخص‪-‬مثل‪-‬سَمِع أو رأى ف بعض الكتب‪-‬أيضا‪-‬بأنه ل يصلي أحد عن أحد‬
‫فظ ّن بأن ذلك ينْ َطبِق على هذه السألة وذلك ل ينْ َطبِق عليها ف حقيقة الواقع‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬السعي‬
‫س‪ :‬نُشاهِد بعضَ الناس يُصلّون بعدَ السعي‪ ،‬فهل تُشرَع صلةٌ ف ذلك الوقت ؟‬
‫ت شيءٍ ف ذلك عن النب صلى ال‬ ‫ج‪ :‬إنّ الذي عليه جهو ُر المّة أنه ل تُش َرعُ صلةٌ بع َد السعي‪ ،‬لِعدمِ ثبو ِ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهذا القول هو القولُ الصحيح‪.‬‬
‫ت طائفةٌ قليلةٌ جدا مِن العلماء إل مشروعي ِة التيانِ بِركعتيْن بع َد السعي‪ ،‬وقد احتَجّ لذلك العلّمةُ‬ ‫وذهب ْ‬
‫الكمالُ بن المام بِحديثٍ مروي عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وذَكَ َر فيه العلّم ُة الكمال بِأنه‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم كان يُصلّي بع َد سعيِه‪ ،‬ولكنّ هذه الرواية لَم تَثبتْ عن رسولِ ال صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪ ،‬بل ل يَ ْروِها ابنُ ماجة بِهذا اللفظ وإنا رواها بِلفظ‪ " :‬بعدَ سبع " ‪ ..‬أي بع َد سبعةِ أشواط‪،‬‬
‫ف بِالبيت‪.‬‬
‫وذلك يعن أنّ ذلك بع َد النتهاءِ مِن الطوا ِ‬
‫فهاتان الركعتان بعدَ الطواف‪ ،‬وليستا بع َد السعي؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬لقد نَصّت كتب الفِقه البيّنَة لحكام الج والعمرة بِأ ّن الدعاء الذي يُقال على الصفا والروة‬
‫ُيرَ ّد ُد هناك ثلث مرات ف كل شوط على كل منها‪ ،‬فهل ذلك على الوجوب أم الستحباب ؟ وماذا على‬

‫‪310‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫مَن ل يَستطِع أن يَأِتيَ به على الصفة النصوص عليها ف تلك الكتب نتيج َة الزحة الشديدة والرتباك ؟ هل‬
‫ح القتصار على ألفاظ معيّنة بِذاتا ؟‬
‫يَص ّ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ ما كل ما ورد ف الكتب الفقهية ثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهذا‬
‫الدعاء وكذا الذّكْر الوارد عن النب ليس واجبا وإنا هو مندوب‪ ،‬ويَنبغي لِلنسان أن يَعتِنيَ بِالندوبات إذا‬
‫استطاع سبيل إل ذلك لكن بِشرْط أن ل ُيؤْذِي أحدا مِن عباد ال تبارك وتعال‪ ،‬فعندما تكون هنالك زحة‬
‫ت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬ ‫شديدة خاصّة ف أيام الج فيَنبغي أن يَقتصِر على القليل ويَأتِي بِما ثََب َ‬
‫وصحبه وسلم‪-‬ويَأتِي بِدعاءٍ جامع مِن غيْر أن يُطِيل حت ل ُيؤْذِي عبادَ ال تبارك وتعال‪ ،‬فعندما تكون هنالك‬
‫سعة يَأتِي بِالذّكْر الوارد عن النب ث يَدعو ث يَأتِي بِالذّكْر ث يَدعو ث يَأتِي بِالذّكْر وقد اختلفوا ف الدعاء‬
‫بعد الذّكْر ف الرة الثالثة هل هو مشروع أو ل ؟‬
‫مِنهم مَن قال بِمشروعية ذلك‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال بِعدم الشروعية‪.‬‬
‫ومَن قال بِالشروعية ف كل هذه القضية‪-‬طبعا كما قلتُ‪-‬إنا يَقول بِالندبية ل بِالوجوب؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬لقد اعتمَرتُ مع والدي وعند السّعي بدأنا بِالصفا ولكننا كُنّا َنعُ ّد ذهابنا مِن الصفا إل‬
‫الـ َمرْوة نصفَ شوْط‪ ،‬بِحيث كنّا َن ُعدّ ذهابَنا مِن الصفا إل الروة ث رجوعَنا إل الصفا مرّة أخرى شوطا‬
‫واحدا بد ًل مِن كونه شوطي فقد كان الـمَجموع بِذلك خس عشر شوطا ؟‬
‫ج‪ :‬هو أربعة عشر إذا كانوا اخَتتَمُوا بِالصفا إل إذا كانوا زَادُوا مرة ثانية إل الروة‪.‬‬
‫على كل حال؛ هذا رأيٌ لِبعضِ أهل العِلم وهو أنّ الشّوْط الواحد َيكُون مِن الصفا إل الصفا‪ ،‬وقال بِه الشيخ‬
‫إساعيل‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬مِن أصحابِنا ف " مناسِك الج "‪ ،‬وقالت بِه جاعةٌ مِن أهل العلم‪-‬أيضا‪-‬مِن‬
‫الشافعية وغيهم؛ ولكنه قوْلٌ ضعيفٌ جدا‪.‬‬
‫والصحيح الثابت هو أ ّن مِن الصّفا إل الروة ُيعَ ّد َشوْطا ومِن الروة إل الصّفا ُيعَ ّد شوْطا‪ ،‬فالشوط الواحد‬
‫يَكون مِن الصفا إل الروة‪.‬‬
‫وبِما أنم فعلوا ذلك ل شيء عليهم‪-‬بِمشيئة ال تبارك وتعال‪-‬ف الـماضي‪ ،‬وف الستقبَل يَْنَبغِي لَهم أن‬
‫يُ َطّبقُوا السنّة الصحيحة عن النب ‪ ،‬إذ إنّ خيْر الدْي هدْي ممد ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم السعي بي الصفا والروة بالنسبة لجة الفراد ؟‬
‫ج‪ :‬السعي لبد منه ‪ ..‬اختلف العلماء ف السعي هل هو ركن من أركان الج وكذا العمرة أو هو من‬
‫الواجبات‪ ،‬وعلى كل رأي من الرأيي ل يصح ترك ذلك على سبيل العمد وإنا الفرق بي ذلك أن لو تركه‬
‫‪311‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫النسان لسبب أو لخر هل لبد من التيان به وإل فإن حجه يعد فاسدا باطل وهكذا بالنسبة إل عمرته إن ل‬
‫يأت به ف وقت يصح التيان به فيه أو أنه يُجب بغي ذلك‪ ،‬أما أن يترك النسان ذلك فل‪ ،‬وأخشى ما أخشاه‬
‫أن يكون قد التبس المر على هذه الرأة ‪ ..‬سعَت بعضا من أهل العلم يذكر أن النسان يكن أن يأت بسعي‬
‫الج بعد طواف القدوم مباشرة وأنه إذا أتى به ف ذلك الوقت فليس عليه أن يسعى بعد طواف الزيارة‪ ،‬وهذا‬
‫حق وقد قالت به طائفة من أهل العلم وهو الذي أراه وهو الذي تؤيده الحاديث الثابتة عن النب صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فالنسان عندما يكون مفرِدا للحج إما أن يطوف طواف القدوم وبعد ذلك‬
‫يسعى ول سعي عليه بعد طواف الزيارة لنه قد أتى به من قبل‪ ،‬وإما أن يؤخر السعي ويأت به بعد طواف‬
‫الزيارة ‪ ..‬هذا ل إشكال فيه‪ ،‬بقي ما هو الفضل ؟ قد يقول قائل‪ :‬الفضل أن يؤخر النسان السعي إل ما بعد‬
‫طواف الزيارة‪ ،‬ذلك لنه يكون صحيحا بإجاع الكل بينما إذا قدمه يكون قد دخل ف خلف أهل العلم لنّ‬
‫بعض العلماء يقول‪ " :‬إنه ل يقدم النسان السعي على طواف الزيارة " ‪ ..‬بقي هل يكن أن نقول بتفضيل هذا‬
‫خروجا من عهدة اللف قد يقول بذلك بعض أهل العلم وقد ل يقال بذلك بل يقال الفضل أن يأت النسان‬
‫با ثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم وصحابته‪-‬ونن نعلم أن النب على الصحيح كان قارنا‬
‫فهو عندما أتى بالسعي بعد طواف القدوم كان قارنا ولكن إذنه لصحابته‪-‬رضوان ال تبارك وتعال‬
‫عليهم‪-‬بأن يأتوا بذلك بعد طواف القدوم هو الجة بل ذلك كان شائعا عندهم رضوان ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫عليهم‪ ،‬فأرى أن الفضل أن يلتزم النسان بالسنّة الثابتة عن النب وإنا يلجأ إل الروج من اللف عندما‬
‫يكون ف المر شيء من اللتباس‪ ،‬أما عندما تكون السنّة واضحة جلية ل غموض فيها فل ينبغي أن يراعي‬
‫اللف ويترك السنّة الثابتة عن النب فإذن السعي لبد منه‪ ،‬فأخشى ما أخشاه‪-‬كما قلتُ‪-‬أن يكون المر‬
‫ت بعض ذلك ف بعض الناسبات ‪ ..‬مِن‬ ‫قد التبس على هذه الرأة‪ ،‬لنن سعتُ شبيها بذه السألة وقد ذكر ُ‬
‫ذلك أنّ بعض النساء ك ّن يأتي بتكبية الحرام عند الدخول ف الصلة ول شك بأن تكبية الحرام ركن من‬
‫أركان الصلة الت ل تصح الصلة إل با‪ ،‬فسم َعتْ بعض النساء أنّ الرأة ل تأت بالقامة فظنت بأنا ل تأت‬
‫بتكبية الحرام أيضا‪ ،‬ولعل بعض الناس يريد أن يبسّط المر للنساء فيقول‪ " :‬ل تأت بالتكبي " ويقصد بذلك‬
‫التكبي الذي هو ف القامة ‪ " ..‬ل تأت بتكبي القامة " أي بالتكبي وما بعده فظنّت بعض النساء أنا ل تأت‬
‫بتكبية الحرام فتركتْ بعض النساء تكبية الحرام لدة طويلة بذا السبب‪ ،‬وهذا فيه مِن الطورة ما فيه كما‬
‫ل يفى لن صلة من ل يأت بتكبية الحرام باطلة ل تصح‪ ،‬وكذلك بعض النساء سعن أن الائض ل‬
‫تطوف بالبيت وحقا الائض ل تطوف بالبيت ذلك لن الطواف بالبيت من شرطه الطهارة فمن ل يكن‬
‫طاهرا وكان قادرا على الطهارة فل يصح منه الطواف‪ ،‬وقَول‪ " :‬إذا كان قادرا على الطهارة " أريد أن أخرج‬
‫بذلك من كان مبتلى بسلس البول أو ما شابه ذلك ‪ ..‬أي ل يستطيع أن يكون على طهارة فهذا مبتلى عليه أن‬

‫‪312‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ياول قدر طاقته وأن يضع شيئا على موضع خروج البول ث يتوضأ ويطوف وهو معذور ف ذلك بشيئة ال‪،‬‬
‫أما الائض فإنا تستطيع أن تنتظر حت تطهر وبعد ذلك تطوف‪ ،‬عندما سعَت بعض النساء أن الائض ل‬
‫تطوف جاءت وسعت ث قصرت وظنت بأن عمرتا قد انتهت أو أن حجها قد انتهى لن الائض ل تطوف‪،‬‬
‫ول شك بأن هذا ل يصح لن الطواف ركن من أركان العمرة وكذلك بالنسبة إل طواف الزيارة‪ ،‬نعم طواف‬
‫الوداع تعذر منه الائض على القول الصحيح الذي تدل له السنة فإذا كانت الائض قد أتت بطواف الزيارة‬
‫واستمر با اليض إل أن أرادت أن ترج من مكة الكرمة فإنا تعذر من طواف الوداع ول يب عليها دم‬
‫هذا هو القول الصحيح الذي تنص عليه السنة الصحيحة الثابتة عن النب ‪ ،‬فإذن النسان ف هذه المور‬
‫وف غيها من المور الشرعية لبد أن يكون متيقنا ف أمره فإذا كان ل يدري ‪ ..‬يظن أن هذا يصح بدون كذا‬
‫أو بكذا أو ما شابه ذلك فلبد من أن يسأل عن حكم تلك القضية وليس له أن يفعل أو أن يترك ما ل يدري‬
‫حكمه الشرعي‪ ،‬أؤكد على قضايا الج وعلى غيها من القضايا الشرعية لن كثيا من الناس يرجعون وهو ل‬
‫يؤدوا فريضة الج‪ ،‬وف السبوع الاضي سألن بعض بأن امرأة ل تأت إل الن بطواف الزيارة للحج من السنة‬
‫الاضية وأن أخرى قد فسد طوافها بسبب انتقاض وضوئها ف الطواف ورجعت الول وكذا الثانية والول ل‬
‫تأت بالعمرة والثانية ل تأت بطواف الزيارة الذي هو ركن من أركان الج‪ ،‬فمن كان واقعا ف هذه المور أو‬
‫ف ما شابها عليه أن يسأل عن الاضي ماذا عليه ؟ وعليه ألّ يأت ف الستقبل إل با يعرف حكمه‪.‬‬
‫من هنا أيضا أعذرن أريد أن أنبه على قضايا البوب الت تستعملها النساء لنع العادة الشهرية‪ ،‬ل شك أن أهل‬
‫العلم قد اختلفوا ف استخدام موانع اليض بقصد الطواف‪ ،‬فمن أهل العلم من ينع من ذلك على الطلق‬
‫ويقول إنه ل يصح استعمال ذلك ومن استعملت ذلك فليس لا أن تطوف ف وقت عادتا‪ ،‬ومنهم من ذهب‬
‫إل مشروعية ذلك مطلقا سواء خرج اليض أو ل يرج‪ ،‬ومنهم من ذهب إل التفصيل فقال إن استعملته قبل‬
‫خروج اليض ول يأت اليض فل بأس‪ ،‬أما إن استعملته بعد أن خرج اليض فليس لا ذلك‪ ،‬هذه القوال‬
‫موجودة ومن حيث الراجح بغض النظر عن الحوال الت تعتري ذلك فإنه إذا انقطع اليض سواء استعملت‬
‫هذه الوانع قبل خروج اليض أو بعد خروجه فإن الطواف يصح‪ ،‬لكن‪-‬طبعا‪-‬بعد خروجه‪-‬بعد الغتسال من‬
‫ذلك‪-‬الطواف يصح لنا ف تلك الال طاهرة ‪ ..‬لا وعليها أحكام الرأة الطاهرة من حيث الصلة والصيام‬
‫والج والطواف وقراءة القرآن والعاشرة الزوجية وما شابه ذلك من المور الت لا تعلق باليض والطهارة‪،‬‬
‫لكن بقي أن هذه البوب أو هذه الوانع قد تقطع اليض ف ذلك الوقت ولكنه بعد ذلك يأت بعد فترة وجيزة‬
‫ويستمر الدم مدة طويلة فل تدري هل ذلك الدم هو دم حيض أو هو دم استحاضة وقد ينقطع وتؤدي الج‬
‫تأت بالطواف وتنتهي من ذلك ولكن عندما ترجع تفاجأ بأن هذا الدم ل يأت على الوجه السابق ‪ ..‬تستمر‬
‫مدة طويلة يستمر با الدم ول تدري هل هو دم حيض أو استحاضة‪ ،‬وبعض النساء اللت استعملت هذه‬

‫‪313‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الدوية لزالت تعان من ذلك من السنة الاضية ول تدري هل هذه الدماء الت ترج منها هي دم حيض‪-‬‬
‫وتتعلق به ما يتعلق من السائل الشرعية‪-‬أو هو استحاضة ‪ ..‬ل تدري هل تصلي أو ل تصلي وهكذا بالنسبة‬
‫إل الصيام أو ما شابه ذلك‪ ،‬وقد قال العلماء قديا إن مسائل اليض بر ل ساحل له فماذا عسى أن يقال بعد‬
‫استعمال هذه الوانع ؟!‪ ،‬فأرى للمرأة أن تترك هذه الوانع وأن تتأخر ‪ ..‬تطلب من مرمها أو زوجها أن يتأخر‬
‫معها وبعد ذلك تأت بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بعد أن تطهر بطائرة أو تأت بالنقل البي وهو يسي وقيمته‬
‫يسية بمد ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وإن كانت ل تقوى على ذلك ف هذه السنة مثل فلتتأخر إل السنة القادمة‬
‫بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مافة أن تقع ف الحظور الذي أشرنا إليه‪ ،‬وقد تقول بعض النساء‪ " :‬إن بعض النساء‬
‫قد استعملن ذلك ول يتأثرن بذلك " ‪ ..‬حقا وقع ذلك لبعض النساء ولكن ل تدري هذه الرأة ماذا عسى أن‬
‫يقع لا ‪ ..‬هل سيقع لا كما وقع للسابقات أو للخيات اللت استعملن ذلك ول يتأثرن بذلك‪ ،‬وقد تستعمل‬
‫الرأة هذه الرة ول تتأثر بذلك وتستعمله مرة أخرى وتتأثر بذلك‪ ،‬ومع أن بعض النساء اللت تأثرن بذلك قد‬
‫استشرن بعض الطبيبات ولكن مع ذلك ل جدوى من ذلك ‪ ..‬وقع الضرر والعياذ بال تبارك وتعال ‪ ..‬فحذار‬
‫حذار مِن الوقوع ف هذه الورطات الت قد ل تَجِد الرأة مرجا منها بعد ذلك‪ ،‬و‪-‬حقيقة‪-‬أمر الصلة ليس‬
‫بالمر الي وهكذا بالنسبة إل غيها من العبادات من صيام وغيه؛ فأدعو ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يوفق الميع‬
‫لا فيه الي‪ ،‬والعلم عند ال تعال‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أعمال اليوم الثامن وليلة التاسع من ذي الحجة‬


‫ب إل‬
‫ت ليل َة التاسِع مِن ذي الِجّة ف مِن وإنا َذهَ َ‬
‫س‪ :‬أرجو مِن شيخنا أن يُبيّن لنا حكم مَن ل يَبِ ْ‬
‫ض أهل العلم هناك بِأنّ‬
‫عَرفة مباشَرة مع مَن يُقيم معهم وليس له مُر ِشدٌ يَذهَب معه وقد أَ َخ َذ بِفتوى بع ِ‬
‫بَاتَ هناك لِلستراحة وليس ذلك مِن السنّة ؟‬ ‫الرسول‬
‫ج مِن مكّة الكرّمة ف اليوم الثامِن‪ ،‬وَب ِقيَ‬ ‫ت بِالمس‪ 1‬أ ّن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪َ -‬خرَ َ‬‫ج‪ :‬أنا ذكر ُ‬
‫ت عنه صلوات ال‬ ‫بِمِن إل طلوع الشمس مِن اليوم التاسِع ‪ ..‬صَلّى الصلوات المس ف مِن‪ ،‬وهذا ثاب ٌ‬
‫ي بِرسول ال صلى‬ ‫وسلمه عليه‪ ،‬كما جاء ذلك ف الحاديث الصحيحة الروية عنه‪ ،‬ويَنبغي لِلنسان أن َي ْقتَدِ َ‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وليس هنالِك دليل يَدُ ّل أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬إنا َفعَلَ ذلك مِن‬
‫أجل الستراحة‪.‬‬
‫ض الناس على ذلك بِأ ّن مَن جاء مِن مكان بعيد ووَصَلَ إل عَرفة ف اليوم التاسِع ل‬ ‫وإنا يُمكِن أن يَحت ّج بع ُ‬
‫شيءَ عليه‪ ،‬وهذا كلم صحيح ل غبار عليه‪ ،‬وقد دلّ على ذلك الديث الصحيح الثابت عن النب‪-‬صلى ال‬
‫ف با قبل طلوع‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬بل مَن جاء ف ليل ِة العاشِر قبل طلوع فجْر اليوم العاشِر إل عرفة ووَقَ َ‬
‫‪-1‬عند الواب على السؤال ‪ 1‬من حلقة ‪ 16‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪11/11/2003‬م )‪.‬‬
‫‪314‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الفجر فإنّ َحجّه صحيح ول شيءَ عليه‪ ،‬فهل يُمكِن أن يَقول قائل إذا استنَدَ إل مثل هذا الديث‪ " :‬إنّ‬
‫ي وقتٍ‬ ‫ف بِعرفة ف النهار ليس بِسنّة وإنا هو مستحَب‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬والهِم أن يَأت النسان ف أ ّ‬ ‫الوقو َ‬
‫ستَدِ ّل بِذلك‪-‬أيضا‪-‬على أنّ البِيت بِالزدلفة ليس مِن‬‫قبل طلوع الفجْر مِن اليوم العاشِر " ؟! وهل يُمكِن أن يَ ْ‬
‫ل ل يُمكِن أن‬ ‫السنّة وإنا هو مُجَرّ ُد استراحة وإنا الشروع هو الدعاء ف اليوم العاشِر أو ما شابه ذلك ؟! ك ّ‬
‫ستَدِل بِذلك أحدٌ‪.‬‬‫يَ ْ‬
‫نَحن نَقول‪ :‬إنّ البِيت ف ليلة التاسِع ل يُمكِن أن ُيقَارَن بِليلة الادي عشر والثان عشر ولكن مع ذلك ل‬
‫يَنبغي لحدٍ أن يُفرّط فيه إذا استطاع إل ذلك‪ ،‬فإ ّن لنا ف رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ُ-‬أ ْسوَة‬
‫حسنة‪ ،‬أما مَن ل َيتَ َمكّن لِسببٍ أو لخر كالسائل‪-‬مثل‪-‬إذا كان ل يَعرِف الطّرُق ‪ ..‬فإذا كان ل يَتمكّن إل‬
‫بِأن يُرافِق مَن يَبيت ليل َة التاسِع ف عَرفة فل شي َء عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬أما مَن وَجَدَ مَن يَدُلّه على‬
‫الطريق فيَنبغي له أ ّل ُيفَرّطَ ف البِيت ف ليلة التاسِع ف مِن؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬أعمال اليوم التاسع من ذي الحجة ( يوم عرفة)‬


‫ت منكم ف حلقات ماضية‪ 1‬تَحْذيرا لِلحجاج مِن أن يَفيضوا مِن عرفات قبل تَحقّق غروب‬
‫س‪ :‬سع ُ‬
‫ي حركة مِن هذا النوع تُؤدّي إل الحكام الت ستذكرونَها إن شاء ال‪ ،‬ولكن كيف ُت َوفّقُون‬
‫الشمس فأ ّ‬
‫بيْن هذا وبيْن الديث الذي وَ َر َد فيه أنّ رجُل َوقَفَ قليل ف عَرفة ‪ ..‬هذا الديث الذي أخرجه المام‬
‫ت نفسي‪ ،‬وال ما‬
‫ت راحِلَتِي وأْتعَبْ ُ‬
‫أحد ‪ ..‬هذا الرجُل يَقول‪ " :‬يا رسول ال‪ ،‬إن جِئْت مِن جَبل َطيْء أَكْلَلَ ُ‬
‫ف معنا حت‬
‫‪ ( :‬مَن َش ِهدَ صلتَنا هذه و َوقَ َ‬ ‫ت مِن جبل إل َوقَفْت عليه‪ ،‬فهل ل مِن حج ؟ " فَقال‬
‫َترَكْ ُ‬
‫ف ِبعَرفة قبل ذلك ليل أو نارا فقد َأتَ ّم حَجّه وقضى َتفَثَه ) فُيشِي الديث أنه حت لو َوقَفَ‬
‫نَدفع وقد َوقَ َ‬
‫جز ًء قليل مِن النهار فذلك َيكْفي ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا الديث حديثٌ صحيح‪ ،‬وقد رواه أكثر مِن عشرين عالِما مِن أئمة الديث‪ ،‬ل أرى‬
‫داعيا لِلطالة بِذِ ْكرِهم الن‪.‬‬
‫وهذا الديثُ فيه شيءٌ مِن العموم ‪ ..‬ظاهر هذا الديث أنّ النسان إذا وَقف مِن صباح اليوم التاسِع ولو‬
‫ف ل يَكون إل بعد زوال الشمس مِن‬ ‫وَقَفَ جز ًء بَسِيطا فإنّ ذلك يُجزيه‪ ،‬بيْنما جُمهور المّة قالوا‪ :‬إنّ الوقو َ‬
‫الَيوْم التاسِع مِن ذي الجّة‪.‬‬
‫خِلفا لكثر النابلة حيث ذَهبوا إل أنه يَكون قبل ذلك بِظاهر هذا الديث ‪ ..‬أي يَكون مِن أوّل اليَوم‪.‬‬

‫‪-1‬عند الواب على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 9‬ذو القعدة ‪1423‬هـ ( ‪12/1/2003‬م )‪.‬‬
‫‪315‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫صصٌ‪-‬أو ُمَبيّنٌ‪-‬بِفعل النب‬ ‫خّ‬‫ول شَك أنّ الذي ذهب إليه المهور هو الصحيح‪ ،‬وذلك لنّ ذلك الديث مُ َ‬
‫خصّص‬ ‫ف إل بعد زوال الشمس‪ ،‬وكذلك هو مُ َ‬ ‫‪ ،‬حيث إنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ل َيقِ ْ‬
‫بِشيءٍ آخر وهو أنّ الج ل يَكون تامّا إل بِطواف الفاضة مع أ ّن ظَاهِر هذا الديث َيقُول‪ ( :‬ال ّج عَرفة )‬
‫وبعد ذلك قال‪ ( :‬فقد تَمّ حجّه وقضى َتفَثَه ) مع أنّ الج‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬ل َيكُون تامّا بِذلك بل لبد مِن‬
‫طواف الزيارة‪ ،‬إذ إنه ركن مِن أركان الج‪ ،‬بل ذهبتْ طائفة كبية مِن أهل العلم إل عدم تَمامه إل بِالسعي‪،‬‬
‫لنه عند هذه الطائفة مِن أهل العلم مِن أركان الج أيضا‪.‬‬
‫هذا الديث عند مَن قال بِفساد الج بِالنسبة ِلمَن ل َيقِفْ إل غُروب الشمس وتَحقّق غُروبِها ودُخولِ جزءٍ‬
‫مِن الليل ‪ ..‬يَقولون‪ :‬إ ّن الديث السابق ُمَبيّن ِبفِعل النب ‪ ،‬حيث إنّ النب وَقَفَ إل أن غَربت الشمس‬
‫وتَحقّق غروبُها ودَخَلَ جز ٌء مِن الليل‪ ،‬لِذلك ذهبوا إل أنّ مَن ل َيقِفْ إل هذا الوقت فإنّ حجّه باطل‪.‬‬
‫وف السألة خلف معروف ولكن‪-‬على كل حال‪-‬أجعت المّة السلمية عن بَكرة أبيها على أنّ النب‪-‬صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬وَقَفَ إل أن غَ َربَت الشمس ودَخَلَ جز ٌء مِن الليل وقال‪ ( :‬خُذُوا عنّي‬
‫مناسِككم لَعلّي ل أَْلقَاكم بعد عامي هذا )‪ ،‬وقد بيّن صلى ال عليه وعلى آله وسلم أ ّن هَ ْديَه صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم وهدْيَ الـمُسْلمِي مُخالِفٌ لِهدْي أهل الشرك حيث إنّ أهلَ الشرك يَخرُجون مِن عَرفة قبل‬
‫غُروب الشمس ‪ ..‬عندما تكون الشمس على رؤوس البال كأنّها عَمائم الرجال‪ ،‬فيَنبغي لِلنسان أن يَقتدِيَ‬
‫بِرسول ال وأن يَهتدِي بِهدْيه وأن يَسِي على طريقِه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وأن يَحذَر كل الذَر مِن‬
‫الوُقوع ف ُمخَالَفة سنّة رسول ال و ُموَافقَة هَدْي الشركي فحذَار ‪ 1...‬الشركي‪ ،‬فنأخذ بِهذا المر‬
‫الواضِح الَلِي‪.‬‬
‫أما فسا ُد الج ففيه ما فيه مِن الكلم لهل العلم‪.‬‬
‫ت متأخّ ٍر مِن الليل ؟‬
‫س‪ :‬لَحق بِيوم عَرفة ف وق ٍ‬
‫ج‪ :‬ما دام قد جاء ف الليل ‪ ..‬أي جاء إل عَرفة قبل طلوع الفجر وأدرك شيئا مِن الليل ف ذلك الوقف فإنه ل‬
‫ص السنّة الصحيحة الثابتة عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬ ‫حرج عليه‪ ،‬بِن ّ‬
‫ي يُخالِف ذلك‪ ،‬وإذا جاء نر ال بَطل نر معقل؛ وال أعلم‪.‬‬
‫ول ِعبْر َة بِرأ ٍ‬
‫س‪ :‬ف عرفة‪ ،‬مَن اعتمد على خطبة الذياع بعد صلة الظهر والعصر جَ ْمعًا ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ من العروف أن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قد خطب ف يوم عرفة بعد‬
‫أن زالت الشمس ‪ ..‬خطب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬خطبة واحدة وما جاء أنه خطب خطبتي فإنه ل‬
‫يصح‪ ،‬وقياس ذلك على خطبت المعة أيضا ل يصح‪ ،‬لن هذا القياس فاسد العتبار لنه مصادم للنص‬

‫‪-1‬وقع هنا‪-‬للسف‪-‬انقطاع ف الشريط للل أثناء تسجيله مِن التلفزيون‪ ،‬ويبدو أنه غي مؤثّر ف جواب الشيخ‪.‬‬
‫‪316‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الصحيح الثابت من فعل النب من أنه خطب خطبة واحدة‪ ،‬وكما قلت إن ما ذُكر من أنه خطب خطبتي‬
‫فإن ذلك ل يصح من حيث إسناده فل يكن التعويل عليه حت ولو ل يعارضه معارض فكيف وقد عارضه‬
‫الديث الصحيح الثابت اللي الذي ل غموض ف دللته ول اعتراض عليه أيضا من حيث إسناده ‪ ..‬خطب‬
‫النب خطبة واحدة وأيضا الناس استمعت إل خطبة النب وهذا الزمان طبعا ل يتيسّر أن تكون هنالك‬
‫خطبة واحدة ف عرفات وقد اختلف الناس منهم من قال تكفي خطبة واحدة والبقية تصلي من غي خطبة‪،‬‬
‫ومنهم من يأخذ بأن يطب خطيب لكل مموعة‪ ،‬وهذا هو الذي يري عليه العمل لكن لو أن جاعة‪-‬مثل‪-‬‬
‫أخذت بطبة الطيب الت استم َعتْ إليها بواسطة مكبات الصوت وصلت من غي خطبة ف الاضي فل شيء‬
‫عليهم بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬

‫سادسا‪:‬أعمال اليوم العاشر من ذي الحجة‬


‫أول ‪ :‬قطع الوادي‬
‫س‪ :‬الناس معروفٌ أنم عندما يفيضون مِن عرفات إل مزدلفة ومِن مزدلفة إل مِن ‪ ..‬عندما‬
‫حسّر لكن ل يَعلمون شيئا عن السراع ف هذا‬
‫سرِعون ف وادي مُ َ‬
‫يَقطعون الطريق مِن مزدلفة إل مِن ُي ْ‬
‫الوادي عندما يذهبون مِن مِن إل عرفات‪ ،‬فهل يَصنعون نفس الفعل ؟‬
‫ج‪ :‬أنا ل أَجِد روايةً عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬تَدُ ّل على مشروعية السراع أو عدم‬
‫السراع عند الذهاب إل عرفات ف هذا الوادي‪.‬‬
‫وأما عندما يَرجِع الاج مِن عرفة وبعد ذلك مِن الزدلفة إل مِن فإنّ السراعَ ف هذا الوادي عن النب‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ثابت صحيح ل شك فيه‪.‬‬
‫وإذا أردنا أن نَعرِف الكم ف السألة الول ‪ ..‬أي ف مشروعية السراع وعدمه عند الذهاب إل عرفات‬
‫فإنه ينبغي لنا أن َنعْرِف الكمة من إسراع النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ف هذا الوادي‪ ،‬وقد‬
‫ذَكَر العلماء ف ذلك عدّة أمور‪:‬‬
‫مِنهم مَن قال‪ :‬إنا َفعَل ذلك النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬لنّ هذا الوادي مأوى الشياطي فأَسْرَعَ‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬خشيةَ الكَوْنِ ف هذا الوادي‪ ،‬ول أَجِد لم دليل على هذا الكلم‬
‫ولعلهم يَستدِلّون بِحادِثة نَوْمِ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬وصحابتِه الكرام ف الوادي‬
‫إل أن طََلعَت الشمس ث أخبهم النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬بأنّ ف هذا الوادي شيطانا وأَمَرَهم‬
‫بِالروجِ منه والصلةِ بعدَ ذلك فخرجوا‪-‬رضوان ال تعال عليهم‪-‬مع النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬وصَلّوا فريضةَ الفجر بعدَ طلوع الشمس بعدَ الروج مِن ذلك الوادي‪ ،‬ول دليل ف هذا‪ ،‬وذلك‬
‫ت فيه ونام هو وصحابته‪ ،‬وأيضا عندما أمَ َرهُمْ بِالروج ل‬
‫لنّ النب ل يُسْرِع ف هذا الوادي بل بَا َ‬
‫‪317‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫يَأمُرهم بِالسراع ول يَثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه أنه َأسْ َرعَ عند خروجه منه فإذن ل دللةَ ف هذا‬
‫الدليل الذي استنبطَ منه بعضُ أهل العلم هذا الستنباط‪.‬‬
‫ع عند خروجه مِن هذا‬ ‫وذهب بعضُ أهل العلم إل أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬إنا َأسْ َر َ‬
‫الوادي لنّ النصارى كانوا يَقفون فيه‪ ،‬وأنا ل أَجِد روايةً صحيحةً ول حسنةً بل حت ول ضعيفة ُتنْسَبُ‬
‫إل النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬تدُلّ على ذلك‪ ،‬وإنا رُوي ذلك عن عمر‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬أنه‬
‫عندما مَرّ بِهذا الوادي ذَكَرَ كلما مِنه‪:‬‬
‫ن النصارى دِينُها‬ ‫مخالِفًا دِي َ‬ ‫‪........................‬‬
‫فقالوا إنّ النب َأسْ َرعَ مِن أجل ذلك‪ ،‬وهذا كلم مردود‪ ،‬وذلك لنه تَكفي ف الخالَفة ألّ يَقف النب‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ف هذا الوقف وهو ل يَقف ف هذا الوادي وإنا وَقَفَ بِعرفة‪ ،‬كما هو‬
‫معلوم وقد أجعت عليه المّة‪ ،‬وأيضا ل يَْثبُت عن النصارى أنم كانوا يَ ِقفُون ف هذا الكان ول أنم كانوا‬
‫يَحُجّون‪ ،‬فهذا ل دليل فيه البتة على ما ذَكَروه‪.‬‬
‫ومنهم مَن ذَهَبَ إل أنّ النب إنا أس َرعَ ف ذلك الوادي مِن أجل مالفة الكفار لنم كانوا يَتفاخرون‬
‫فيه بآبائهم‪ ،‬وهذا ل دليل فيه‪ ،‬وذلك لنه ل يَْثبُت‪-‬أوّل وقبل كل شيء‪-‬عن الكفار أنم كانوا يَتفاخَرون‬
‫بِآبائهم ف هذا الوادي‪ ،‬وإنا كان يَقع مِنهم ذلك ف مِن ‪ ..‬قيل‪ :‬عند جَمْرة العَقَبَة‪ ،‬وقيل‪ :‬ف مِن‪ ،‬ول‬
‫يَثبت عنهم أنم كانوا يَتفاخرون ف هذا الوادي‪ ،‬ث إنه لو كان المر كذلك‪-‬أي لو كانوا يَتفاخرون ف هذا‬
‫الوادي‪-‬لَمَا كان ف ذلك دليل ‪ ،‬لنه يَكفي ف الخالفة ألّ يَقع مِن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫ومِن السلمي ذلك‪.‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم إل أنه إنا أس َرعَ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ف هذا الوادي لنه وَقَعَ فيه‬
‫العذاب على أصحاب الفيل إذ إ ّن الفيلَ وَقَفَ ف هذا الوادي على حسب ما يَ ّدعِيه هؤلء‪ ،‬وليس المر‬
‫كذلك‪ ،‬لنّ الفيلَ ل يَقف ف هذا الوادي وإنا وَقَفَ ف وادي الـ ُمغَمّس وذلك بِالقُرب مِن عرفات‬
‫على طريق الطائف ‪ ..‬هذا هو الثابت عن العَرب ف أخبارِهم وف شِعْرِهِم‪ ،‬ول تَأتِ روايةٌ واحدة تَدلّ‬
‫على أنه وقع ف هذا الوادي‪ ،‬وذلك‪-‬أيضا‪-‬مستبعدٌ جدا لنّ هذا الوادي مِن الرَم والعقوبةُ نَزَلَت عليهم‬
‫قبل دخولِهم الرَم‪ ،‬ولكن ذلك ل يَمنع مِن أنه قد وقعتْ عقوبة مِن الول‪-‬تبارك وتعال‪-‬على بعض الناس‬
‫ف هذا الوادي وإن كنّا ل نَجِد دليل يُحدّ ُد نوعَ هذه العقوبة‪ ،‬وقد قيل‪ :‬إنه وقع ذلك على رجل صَادَ‬
‫صيْدا ف هذا الوادي فوَقعتْ عليه نارٌ فأحرقتْه‪ ،‬ويُمكِن‪-‬أيضا‪-‬أن يَكون بعضُ أصحابِ الفيل قد‬
‫َتقَ ّدمُوا على الفيل وعلى سائر اليش‪-‬على أنن أيضا ل أستطيع الزم بذلك ‪ ..‬وأظن أنّ ذلك ل يَقع‪-‬أما‬
‫المهور العظم والفيل فإنم ل يَصِلُوا إل هذا الكان‪ ،‬والاصل أنّ الذي نَظنّه أنه وَقَعَ ف هذا الوادي‬

‫‪318‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫عندما مَرّ بِدار‬ ‫عذابٌ على بعضِ الناس ول يَلزَم أن ُنعَيّنَ ذلك‪ ،‬ونَستشهِد على ذلك بِإسراعِ النب‬
‫ثَمود‪ ،‬فقد أَسرعَ الرسولُ‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ف ذلك الكان‪.‬‬
‫وإذا كان المر كذلك فإننا نقول بِمشروعية السراع‪-‬عند الرور على هذا الوادي ‪ ..‬أي‪-‬ف هذا الوادي عند‬
‫الروج مِن مِن إل عرفات بل حت إذا مَرّ النسان به ف أيّ وقت مِن الوقات ولو ل يَكن ذلك ف الج‬
‫ع فيه الِسراع‪.‬‬
‫فيُشْ َر ُ‬
‫ستَدَ ّل به على عدم الشروعية‪،‬‬‫ع فيه عندما ذهبَ إل عرفة ل يُمكن أن يُ ْ‬‫وعدمُ ذِكْر أنّ النب أَس َر َ‬
‫وذلك لنه قد ل يُذْكَر بعضُ أفعالِ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ول يَلْزَم أن يُذْكَر كل ما وقع مِنَ‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإنا الذي ُيْنقَلُ عنه‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ما فيه شَ ْرعٌ لِلمّة‬
‫وقد يكون ذلك بالعبارة وقد يكون بالشارة‪ ،‬وهاهنا تكفي الشارة‪ ،‬لنّ إسراعَه عندما رَجَعَ مِن عرفة‬
‫ومِن الزدلفة إل مِن يَكفي لِلشارة إل مشروعية هذا السراع‪ ،‬ومَن نَظَرَ ف حَجّة الوداع فإنه يَجِد ف‬
‫بعض الحاديث يُذْكَر كذا ول يُذْكَر كذا وهكذا‪.‬‬
‫هذا ومِن الدير بِالذّكْر أنّ العلماء قد اختلفوا ف هذا الوادي هل هو مِن مِن أو هو مِن الزدلفة ؟ وقد‬
‫جاءتْ بعضُ الدلة تَدلّ على هذا‪ ،‬وجاءتْ بعضُ الدلة تَدلّ على ذاك‪ ،‬وجاءتْ بعضُ الدلة تَدلّ‬
‫على أنه ليس مِن مِن وليس مِن الزدلفة‪ ،‬وأقوى ما جاء حديثٌ عند المام مسلم فيه التصريح بِأنه مِن‬
‫مِن حيث جاء فيه‪ " :‬وهو مِن مِن " ولكنّ هذه الرواية ضعيفةٌ عندي ولو كانت ف صحيح مسلم‪ ،‬والذي‬
‫يَظهر ل بأنه ليس مِن مِن وليس مِن الزدلفة‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬سواء كان مِن مِن أو كان مِن الزدلفة أو ل يَكن مِن هذه ول مِن تلك فإنه ليس لحد‬
‫أن يَبيت فيه ف ليلة الزدلفة على رأي مَن يَقول إنه مِن الزدلفة ول على أن يُقيم فيه ليلة التاسع وليال‬
‫التشريق اعتبارا على أنه مِن مِن على رأي مَن يَقول إنه مِن من‪ ،‬فعلى كل حال ل يُشرَع الكث فيه‬
‫والبقاء فيه سواء قلنا إنه مِن هذه أو مِن تلك أو أنه مستقِل‪.‬‬
‫وهكذا اختلفوا ف عُرنَة هل هي مِن عرفة أو ليست مِن عرفة ؟‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬أيضا ل يَجوز الوقوف با على أنا مِن عرفة سواء قلنا إنا مِن عرفة أو ل نَقُل ذلك‪.‬‬
‫وتَحقيق ذلك ف السألتي معًا يَحتاج إل إطالة ل تَتّسِع لا هذه العجالة وإن كانت هي جديرة بِذلك‬
‫ولكنّ الكم هو ما ذكرناه‪.‬‬
‫هذا ومِن الدير بِالذّكْر‪-‬أيضا‪-‬أنّ وادي مُحَسّر مِن الرَم‪.‬‬
‫خلفا لِمَا ذَهَبَ إليه ابن حزم حيث شَذّ وزَعَم أنه ليس مِن الرَم وإنا هو مِن الـحِل‪ ،‬وكذلك‬
‫شذّ حيث زَعَم أنّ عُرنة ليست مِن الـحِل وأنا مِن الرَم‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فالقّ القيقُ بِالقبول أنّ هذا الوادي مِن الرَم وعُرنة مِن الـحِل‪.‬‬
‫وكذلك قد أخطأ خطأً بيّنا مَن زَعَم أنّ عرفة ليست مِن الـحِل وأنا مِن الرَم‪ ،‬والقّ أنا مِن‬
‫الـحِل‪ ،‬وعليه فيَجوز الصيد مِن عرفة ومِن عُرنة‪-‬وكذلك بِالنسبة إل قطْع الشجار فإنّ ذلك ل مانع‬
‫منه‪-‬وإنا يُمنَع مِن ذلك الـمُحْرِم فليْس له أن يَصطاد‪ ،‬وأما الشجر فل مانع مِن ذلك ف الـحِل سواء‬
‫كان معتمِرا أو كان حاجّا‪ ،‬فإذن عَرفة مِن الـحِل‪ ،‬وإنا يُمنَع الـمُحْرِم مِن الصيد لجل أنّ‬
‫الـمُحْرِم يُمنَع مِن ذلك ولو كان ف الـحِل‪ ،‬كما هو معروف ‪ ..‬هذا ما يَظهر ل ف هذه السألة‪.‬‬
‫هذا وكثي مِن الناس يَسألون عمّن ل يَستطِع أن يَقطَع وادي مُحَسّر قبل طلوع الشمس لِوجود زحة أو ما‬
‫شابه ذلك‪ ،‬هل عليه دم ؟ والواب‪ :‬أنّ كثيا مِن أهل العلم قالوا‪ :‬يَجِب على مَن ل يَستطِع أن يَقطَع وادي‬
‫مُحَسّر الدم‪ ,‬وال ّق أنه ل يَجِب عليه بل ل أَستطِيع أن أُوجِب عليه الدم وإن كان قد تَأخّر بِغيْر عذر وإنا‬
‫أقول إنه ل يَنبغي لحد أن يَتأخّر‪ ،‬وذلك لنه ل َيرِد دليل يَد ّل على أ ّن مَن ل يَخرُج منه قبل طلوع الشمس‬
‫أَنه يَجِب عليه دم‪ ،‬والصل ف أموال السلمي بِأنا معصومة بِعصمة السلم لا وأنه ل يَجوز لحدٍ أن يُوجِب‬
‫شيئا على أح ٍد بِغيْر دليل‪ ،‬ولِذلك يَنبغي التريّث ف هذه المور ‪ ..‬نعم هذه السألة فيها خلف مشهور‪-‬كما‬
‫ذكرتُ‪-‬ولكننا نَجِد كثيا مِن الناس يُوجِبون الدماء على عباد ال ولو ل يَقل به أحد مِن أهل العلم‪ ،‬كما‬
‫اشتهر عند الكثي‪ " :‬ف الدم دم " ‪ ..‬إذا خرج مِن إنسان دم أوجبوا عليه دما‪ ،‬وكذلك ف كثي مِن المور‬
‫يَجِب التخيي بيْن الدم وبيْن الطعام وبيْن الصيام ولك ّن كثيا مِن الناس ل يُخيّرون عبادَ ال وإنا يُوجِبون‬
‫عليهم الدماء ‪ ..‬هذا إنسان فعل كذا ؟ عليكَ دم ‪ ..‬إنسان تَعطّر مثل ؟ عليكَ دم ‪ ..‬إنسان َقلّم شيئا مِن‬
‫أظافره ؟ عليك دم ‪ ..‬يَنبغي أن يُقال لِعباد ال بِالتخيي كما خّيرَهم ال تبارك وتعال‪ ،‬وأ ّل نُلزِم عباد ال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬بِما ل يُلزِمهم به الول تبارك وتعال‪ ،‬على أنه يَنبغي أن نَبحث هل َفعَلَ هذا وهو مطئ أو هو‬
‫جاهل أو هو متعمّد ويَعرِف الكم‪ ،‬وهذه السألة‪-‬طبعا‪-‬تَحتاج إل كلم‪ ،‬وذلك ف أجوبة أخرى بشيئة ال‬
‫تبارك وتعال‪ ،‬وإنا أردتُ أن أُنبّه الناس أنه ل يَنبغي أن نُلزِم العباد بِما ل يَلزَمهم‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬إذا كان هنالك‬
‫خيّر الناس وألّ نُوجِب عليهم أمرا واحدا؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫تَخيي ف بعض المور يَنبغي أن نُ َ‬

‫ثانيا‪ :‬رمي جمرة العقبة‬


‫س‪ :‬ف أيام الج‪-‬ويَكاد يَتكرّر ف كل عام‪-‬يَحدُث زِحا ٌم شديد أثناء الرمي ويُحاوِل كل واحد مِن‬
‫الناس التّوسِعة لِنفسه حت يَصِل إل الوض وبِالتال يَرمي تلك الـجَ ْمرَة‪ ،‬هل لبد مِن وصول الصاة إل‬
‫ف الزحام‪.‬‬
‫الـجَ ْمرَة أم أنا يَكفي أن تَسقُط ف الوض ؟ وبِذلك يَفهَم الناس القضية ويَخِ ّ‬
‫ي غيْرَه ل ف‬
‫ج‪ :‬إنه يَنبغي أن يَنتبِه السلم أنه يَنبغي له كما يُراعِي نفسَه أن يُرا ِعيَ غيه‪ ،‬فليس له أن يُؤذِ َ‬
‫الطواف ول ف السعي ول عند رمي الِمار‪ ،‬فإيذاء السلمي مِمّا ل يَصح‪.‬‬
‫‪320‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وهذا أمرٌ‪-‬ولِلسف الشديد‪-‬ل يَنتبِه إليه كث ٌي مِن الناس‪ ،‬فتَرى الناسَ ف حالة الطواف أو السعي أو ف الرمي‬
‫يَهتَ ّم الواحِد منهم بِنفسِه وبِمَن يُرافِقه ول يَنظُر إل بقية السلمي‪ ،‬فقد ُيؤْذِي أحدا‪-‬وقد يَفعَل ما يَفعَل‪-‬ول‬
‫يَلتفِت إل ذلك الشخص‪ ،‬بينما هذا ل يَجوز‪ ،‬لدلّة معلومةٍ ف مواضعها‪.‬‬
‫أما بِالنسبة إل الرمي فإنّ الرمي مِن مناسِك الج‪ ،‬بِاتّفاق جيع المّة السلمية‪ ،‬وذلك لنّ النب‪-‬صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪َ-‬أمَرَ بِه وَفعَلَه وقال‪ ( :‬خذوا عنّي مناسِككم )‪ ،‬كما ثَبت ذلك ف الحاديث‬
‫الصحيحة الثابتة‪.‬‬
‫ولِلسف لقد تَهاون كث ٌي مِن الناس بِالرمي‪ ،‬فتَرى هذا ل يَذهب لِلرمي بل يُنيب غيْرَه مع قُدرتِه على ذلك وقد‬
‫يَ ْزعُم أنه ل يَستطيع أن يَذهب إل الرمي عند منتصف النهار‪ ،‬أو ما شابه ذلك‪ ،‬كأنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬قد‬
‫ت واسعٌ‬
‫ضيّق هذه القضية وَأوْ َجبَ على الناس أن يَ ْرمُوا ف ذلك الوقت ! مع أ ّن المرَ ليسَ كذلك‪ ،‬إذ إ ّن الوق َ‬ ‫َ‬
‫بِحمد ال تبارك وتعال‪ ،‬وقد نَتكلّم عليه ف وقت آخر إن شاء ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫أما بِالنسبة إل هذا السؤال الذي تفضّلتُم بِطرحه فالواب عليه‪ :‬أنه ل يُشترَط أن ُتصِيب تلك الجارةُ الت‬
‫يَرميها ذلك الشخص ‪ ..‬أن ُتصِيب تلك الجارةَ النصوبة وإنا الشرط ف الرمي أن تَدْخُل ف ذلك الوض‪،‬‬
‫فإذا أصابت الوض فإنّ الرمي بِذلك يُجزِي بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬إذ إنّ ذلك البناء حادِثٌ ل يَكن‬
‫ج ٍز بِحمد ال‬
‫موجودًا مِن قبل وإنا هو دليلٌ على مكان الرمي‪ ،‬فإذا وقعت الجارة ف الوض فإنّ ذلك مُ ْ‬
‫تبارك وتعال؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ضعَت حت ل يُصيب الجاج بعضهم البعض‬
‫س‪ :‬هل يعن ذلك أ ّن تلك الجارة النصوبة إنا وُ ِ‬
‫وإل فالصل الوض ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ الصل هو الوضُ ‪ ..‬تلك علمة ‪ ..‬الصل ف ذلك الوضِع‪ ،‬فإذا وصلت ذلك الوضِع‬
‫فإنّ ذلك كافٍ؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم غسل الصى ؟ يعن هل الصى يُغسَل أم ل يُغسَل ؟‬
‫ج‪ :‬هذه السألة اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬
‫‪-1‬منهم مَن قال بِمشروعية الغُسل‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم مَن ل يَرى ذلك‪.‬‬
‫ث يَدلّ على مشروعية‬‫والقول الثان‪-‬وهو قول مَن يَقول بِعدم الشروعية‪-‬هو القول الصحيح‪ ،‬لنه ل يَأت حدي ٌ‬
‫ذلك بل دَلّ ِفعْلُ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‪-‬على عدم الشروعية‪ ،‬إذ إنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وصحبه وسلم‪َ -‬رمَى مِن غَيْر أن يَقوم بِغسل ذلك‪ ،‬كما هو ثابتٌ ف السنّة الصحيحة الثابتة عن النب ‪،‬‬
‫وما دام المر كذلك فل يَنبغي لنا أن نَقول بِمشروعية ذلك‪ ،‬لِعدم ثبوته ‪ ..‬هذا هو الذي أراه؛ والعلم عند ال‪.‬‬

‫‪321‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ك أنه َرمَى خسا أو سِتا أو سبعا ؟‬


‫س‪ :‬الشكّ ف َع َددِ الـحَصَيَات الت ُترْمَى ‪ ..‬إذا شَ ّ‬
‫ج‪ :‬ذلك ل يَخلو من أحد أمرين‪:‬‬
‫إما أن يَأتيَه هذا الشك بعد أن انتهى مِن الرمي فإذا كان كذلك فإنه ل يَلتفِت إل هذا الشك‪.‬‬
‫أما إذا جاءَه ذلك وهو يَرمي ‪ ..‬ل يَدْرِ‪-‬مثل‪-‬هل هذه الرمية هي الثالثة أو الرابعة‪:‬‬
‫ك هل هذه الثالثة أو الرابعة ؟ فإنه يَعتبِر أنّ تلك الرمية‬‫فإن ل َيتَرَجّحَ لديه شي ٌء فإنه يَبن على القل ‪ ..‬إن ش ّ‬
‫هي الثالثة‪ ،‬وإن شك بيْن الرابعة والامسة فليَعتبِر أنا الرابعة‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫أما إذا ترجّحَ لديه شي ٌء فإنه يَأخذ بِالراجِح‪ ،‬كما يَكون ذلك ف عَدَدِ ركعات الصلة‪ ،‬وهكذا يكونُ ذلك ف‬
‫عَدَ ِد الشواط عند الطواف بِالبيت؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل مِن رخصة لِلنساء ف عدم الرمي نظرا لِلزحة ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كنّ ل يستطعن على الرمي نعم لن رخصة بل وللرجال رخصة ‪ ..‬مَن كان ل يستطيع على الرمي‬
‫لرض أو كب سنّ أو ضعف أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل يستطيع على الرمي فإنه ُينِيب غيه وهو معذور بشيئة ال‬
‫تبارك وتعال‪ ،‬أما مَن كان قادرا على الرمي سواء كان رجل أو امرأة فإنه ل يُعذر مِن الرمي لنه نُسُك مِن‬
‫مناسِك الج‪ ،‬وقد فرّط الناس فيه كثيا ف الزمنة التأخرة ‪ ..‬ند كثيا مِن الناس حت مِن الرجال الذين‬
‫يستطيعون على الرمي يَتركون ذلك ويُنيبون غيهم لنّ النابة صارت أمرا عاديا وهذا مِمّا ل يَصح‪ ،‬فالرأة إذا‬
‫كانت مريضة أو كبية أو عاجزة بِأيّ عجز أو كانت ف حالة َحمْل أو ما شابه ذلك ‪ ..‬الاصل إذا كانت ل‬
‫تستطيع على الرمي فإنا تُعذر وْلُتنِب غيها‪ ،‬أما إذا كانت قادرة فل تُعذَر مِن ذلك‪ ،‬وقول‪ " :‬قادرة " ل‬
‫يشترط أن تكون قادرة ف الوقت الفلن فإذا كانت ل تقدر‪-‬مثل‪-‬ف صباح العاشِر فلتذهب ف وقت العصر‬
‫أو حت بعد الغرب أو حت بعد العشاء ‪ ..‬مَن كان يستطيع على الرمي ف النهار ل يَنبغي له أن يُفرّط ف ذلك‪،‬‬
‫أما مَن كان ل يستطيع على الرمي إل ف الليل فيجوز له ذلك وليس له أن ينيب غيه‪ ،‬وكذلك مَن ل يستطع‬
‫على الرمي بعد الزوال ف أيام التشريق‪ 1‬وقبل غروب الشمس فبإمكانه أن يرمي بعد غروب الشمس‪ ،‬ومن ل‬
‫يستطع ف ذلك اليوم فبإمكانه أن يرمي ف اليوم الذي يليه‪ ،‬أما أن يتعذر ببعض العذار الواهية الت ل تفى‬
‫على الذي ل تفى عليه خافية فذلك ما ل يصح وليخش عقوبة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫كثي مِن الناس تاونوا بذه الشعية ولكن‪-‬والمد ل‪-‬انتبهتْ طائفة مِن الناس لِذلك لكن ل زالت طائفة‬
‫تُعارِض بذلك بدعوى أنّ فلنا قد أفت بكذا أو ما شابه ذلك‪ ،‬ونن إذا جئنا إل السنّة الصحيحة الت هي‬
‫الفيْصل ‪ ..‬الفيْصل الكتاب والسنّة ولك ّن الكتاب أشار إل هذه القضية والسنّة وضحت أيّما إيضاح فإنا تَدلّ‬
‫دللة صرية واضحة ل غموض فيها أنّ الرأة ترمي فهي تنادي بأعلى وتصرخ بأقوى حجّة أنّ نساء النب‪-‬‬

‫‪-1‬باستثناء اليوم الثالث عشر كما سيأت لحقا‪.‬‬


‫‪322‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وغيهن مِن نساء السلمي قد رمي‪ ،‬وأما ما جاء ف بعض الروايات ( ورمينا‬
‫عن النساء ) فتلك رواية باطلة عاطلة فاسدة كاسدة معارضة لِلصحيح الثابت مِن سنّة النب فهي مِن‬
‫الضّعف مِن حيث السناد بكان‪ ،‬أما مِن حيث الت فباطلة ل يكن التعويل عليها ‪ ..‬أحاديث تنادي‪-‬كما‬
‫قلتُ‪-‬برمي النساء‪ ،‬وهكذا العلماء مِن عهد الصحابة إل يومنا هذا يُصرّحون بذا وهو أنّ الرأة عندما تكون‬
‫قادرة على الرمي فلبد مِن أن ترمي هي نفسها؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬لعل السائل يشي إل أنه ليست السألة مِن عدم القدرة الطلقة وإنا الضعف الركب ف ذات‬
‫الرأة ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ نن شاهدنا كثيا مِن النساء يرمي ومعن ذلك أنّ ذلك مِن المور الت تستطيع عليها‬
‫النساء‪ ،‬أما أن يَحتج بعض الناس‪-‬مثل‪-‬بأنه قد أسقط امرأة أو ما شابه ذلك فقد يَحتج أيضا غيه ويقول إنّ‬
‫طائفة مِن الرجال قد ماتوا ف بعض السنوات فهل معن ذلك أنّ الرجال ل يرمون ؟!‬
‫لكن مِن المور الت يؤسف لا أ ّن كثيا مِن الناس يَظنّون أ ّن الشيطان عند المرات والمر بعكس ذلك إنا‬
‫هذا أُقيم مِن أجل ذكر ال تبارك وتعال ‪ ..‬الرمي كغيه مِن بقية الناسك وليس لنّ هنالك شيطانا يُقيم ف‬
‫تلك الواطن ولذلك َتجِد كثيا مِن الناس مِن الهلة الغمار يَذهبون وهم ف أش ّد الغيْظ على الشيطان مِن‬
‫أجل أن يرموه بِحسب زعمهم ولذلك تَجد الواحد‪ " :‬رميت الشيطان " أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهذا‪-‬على كل‬
‫حال‪-‬كلم ل أساس له مِن الصحة ‪ ..‬هذه خرافة ‪ ..‬نعم النسان يغيظ الشيطان ف كل عبادة مِن العبادات ‪..‬‬
‫إذا صلى وإذا صام وإذا حج أو أتى بِأيّ ركن أو شرط مِن هذه العبادات أو مِن غيها مِن طاعة ال هو يغيظ‬
‫الشيطان لكن أن يغيظه ف هذه فهذا كلم فارغ ل قيمة له ‪ ..‬على كل حال يذهبون بذه النية ولذلك تَجِد‬
‫الواحد مستعدّا لِلزحام أو ما شابه ذلك ‪ ..‬لو أتوا بِهذه الناسك على حسب ما هو مشروع لكان المر يسيا‬
‫بمد ال‪.‬‬
‫ث إنّ كثيا مِن الناس يذهب الواحد ف الوقت الفلن ولبد مِن أن يرمي ف ذلك الوقت لكن ل بأس إذا‬
‫ذهب ف الوقت الفلن ول يَجد زحاما فليم‪ ،‬وإذا وجد زحة مِن الناس فليتأخّر ولو لدة ساعة أو أكثر ‪..‬‬
‫يَبحث عن مكان آمن وليجلس فيه هو ومن معه مِن الرجال والنساء وعندما يكون المر يسيا بمد ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬فل بأس بذلك‪.‬‬
‫بعض الناس يشوّشون ويقولون‪-‬مثل‪-‬إنّ العال الفلن أو العال الفلن قد قالوا‪ " :‬إنّ الرمي يكون بعد الزوال‬
‫" وكأ ّن هؤلء العلماء يصرون ذلك ف تلك الساعة ولذلك هم يطلبون الرخصة بِأن يكون الرمي ف وقت‬
‫الضحى أو ما شابه ذلك ‪ ..‬على كل حال العال ل يَملك بأن يَقول‪ :‬يُرخص ف كذا أو ما كذا أو ف كذا ‪..‬‬
‫إنا هو يعتمد على الدليل‪ ،‬فما دل الدليل عليه ذهب إليه وما دل الدليل على خلفه ذهب إليه ‪ ..‬نعم بعض‬

‫‪323‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الحيان تكون هنالك احتياطات فالحتياط إن ل تكن مشقة قد يأخذ به النسان وقد يتركه إن كانت هنالك‬
‫مشقة بل قد يتركه النسان حت لغي مشقة‪ ،‬أما هنا المر واضح ‪ ..‬النب رمى ف ذلك الوقت ول يثبت‬
‫عنه أنه رمى قبل ذلك ول أنه أذن لحد مِن أصحابه فكيف يكن للنسان أن يأذن بعد ذلك ؟! أما أن يبحث‬
‫وينقّر ف الكتب حت يَجد واحدا مِن العلماء زلّ وأخطأ ف مسألة مِن السائل وذهب إل خلف السنّة فهذا‬
‫مِمّا ل ينبغي أن يُلتفت إليه بل يُلتمس العذر لِذلك العالِم ول يُتابَع على خطئه ‪ ..‬هذا ما يقول به العلماء‬
‫الربانيون‪ ،‬فالمر‪-‬كما قلتُ‪-‬ليس مصورا ف وقت الزوال فليم النسان بعد زوال الشمس ف اليوم الادي‬
‫عشر والثان عشر والثالث عشر إل غروب الشمس وف اليوم الادي والثان عشر لنّ الثالث عشر ل يكن‬
‫الرمي بعد غروب الشمس ‪ ..‬بإمكانه ف الادي عشر والثان عشر أن يرمي ف الليل إن ل يتمكن حت أن‬
‫يرمي ف الليل فليم ف اليوم الثان‪ ،‬وف هذا مِن اليُسر والسهولة ما هو واضح ‪ ..‬هو أيسر مِن قول بعض‬
‫العلماء الذين قالوا يكن الرمي قبل الزوال ولكنه ينتهي بغروب الشمس ‪ ..‬هذا أيسر مِن ذلك بكثي‪ ،‬ث إنّ‬
‫العبادة يكن أن تُقضى بعد وقتها ولكن ل يكن أن تُقدّم عن وقتها إل بدليل على أنن ل أقول إنّ ذلك مِن‬
‫باب القضاء لنّ النب أذن للرعاة بأن يؤخروا ول يكن أن يأذن لم بالقضاء وإنا ذلك يكون أداء لكن ل‬
‫ينبغي الترخص ف الرمي ف الليل أو ف اليوم الثان إل عند وجود الاجة‪.‬‬
‫وهنا‪-‬أيضا‪-‬أريد أن أنبّه إل أمر مهِم ‪ ..‬بعض الناس يظنون أنّ الزوال يكون بالساعة الثانية عشر‪ ،‬فهم يذهبون‬
‫وينظرون إل الساعة الثانية عشر عندما تصل الساعة إل ذلك قاموا بالرمي يظنون أنّ ذلك وقت الرمي هكذا‬
‫‪ ..‬هذا خطأ ‪ ..‬نن نشاهد ف بلدنا هاهنا تزول الشمس ويي وقت الظهر ف بعض الحيان قبل الساعة‬
‫الثانية عشر وف بعض الحيان بعد الثانية عشر وف بعض الحيان قد يكون ف الثانية عشر فإذن العبة بزوال‬
‫الشمس ل بالساعة الثانية عشر ‪ ..‬يأتينا بعض الناس ف أيام الج يقول‪ " :‬أنا رميت ف الساعة الثانية عشر "‬
‫ويظن أنّ ذلك هو الوقت فإذن ل يكن أن نقول ذلك يكون ف الساعة الفلنية ‪ ..‬ذلك يتلف باختلف‬
‫الوقات ‪ ..‬قد يكون ف بعض الشهر ف الساعة الفلنية ويكون ف بعض الشهر ف الساعة الفلنية بل ف‬
‫بعض اليام ف الساعة الفلنية وف بعض اليام ف الساعة الفلنية‪.‬‬
‫هذا وأدعو ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يأخذ الناس بكتاب ربم وبسنّة نبيهم ‪ ..‬أدعوهم جيعا للخذ بكتاب ربم‬
‫وسنّة نبيهم ف أمر الج وف غيه مِن أمور العبادات والعاملت وف غيها مِمّا له علقة بِشرع ال تبارك‬
‫وتعال؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪ ،‬وهو أعلم بكل شيء‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬التحلل الصغر والكبر‬


‫أول ‪ :‬التحلل الصغر‬
‫*الحلق أو التقصير‬

‫‪324‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬الحلل بِالتَقصِي أو اللْق‪ ،‬كيف يَكون ؟‬


‫ج‪ :‬الحلل يَكون بِاللق ويكون‪-‬كذلك‪-‬بِالتقصي‪ ،‬فالنسان الـمُحْرِم بِالج أو العُمرة أو بِهما مَعًا‬
‫إما أن يُحِل بِحلْق رَأسِه كله أو بِتقصِي رأسِه كله‪ ،‬ولَيْسَ له أن يَأخُذَ مِن هنا ومِن هنَا‪ ،‬كما‬
‫يَصنَع كثي مِن الناس يُقصّر شيئا قليل مِن الهة الفلنية مِن رأسه ويُقصّر شيئا آخر مِن الِهة الفلنية‬
‫وهكذا ‪ ..‬ل ‪ ..‬هَذا خَطأ مُخَالِف لِسنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬لبُد مِن أن‬
‫يُقصّر الرأس كُله‪ ،‬ولَ شَك أنّ الَفضل اللْق بِنصّ السنّة الصحيحة الثَابتة عن رسول ال ‪ ،‬فإنّ‬
‫الرسول قال‪ ( :‬رَحِمَ ال الـمُحَلّقي ) قِيل‪ " :‬والـمُقصّرِين ؟ " قال‪ ( :‬رَحِمَ ال‬
‫الـمُحَلّقي ) قِيل‪ " :‬والـمُقصّرِين ؟ يا رسول ال " قال‪ ( :‬رَحِمَ ال الـمُحَلّقي ) قِيل‪" :‬‬
‫والـمُقصّرِين ؟ " قال‪ ( :‬والـمُقصّرِين )‪.‬‬
‫وجاء ف بَعْضِ الروايات‪ ( :‬رَحِمَ ال الـمُحَلّقي ) قيل‪ " :‬والـمُقصّرِين ؟ " قال‪( :‬‬
‫والـمُقصّرِين )؛ وقد سَمعْتُ عن بَعضِ الناس أنّه يَأخذُ بِالتَقْصي ويَقُول بِأنّ الفَضْلَ واحد‬
‫بِدليل هذه الرواية ول دَللة ف هَذه الرواية على ذَلك أبدًا‪ ،‬أوّل أنّ رِواية الـمُسند جاءت ف بَعْض‬
‫النّسخ بِما ذكرناه‪ 1‬وجاءت ف نسخة قَدِية بِلفظ‪ ( :‬رَحِمَ ال الـمُحَلّقي ) قِيل‪ " :‬والـمُقصّرِين‬
‫؟ يا رسول ال " قال‪ ( :‬رَحِمَ ال الـمُحَلّقي ) قِيل‪ " :‬والـمُقصّرِين ؟ " قال‪ ( :‬والـمُقصّرِين )‪،‬‬
‫فالنّسخة مُخْتَلِفة وليْس لحد أن يَدّعي بِأنّ هذه النسخة الت قال‪ ( :‬والـمُقصّرِين ) ف الرة الول‬
‫بِأَنّها هي النّسخة الصحيحة بَل لعلّ الُول هي الصحيحة لنا أقْرَبُ مَا تَكُونُ إل بَقِيَة الروايات‬
‫ث هِي أقْدَمُ مِن هَذِه النّسخة بِكثي ‪ ..‬هَذا علَى أنّه حَت عَلى الرّواية الول‪ 2‬يُمْكن أن نَقول‬
‫بِتفْضِيل الحلّقي‪ ،‬لنّ الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬خَصّهُم أولً بالذّكر فلما قِيل له‪" :‬‬
‫والـمقصّرِين ؟ "‪ ،‬قال بَعْدَ ذلك‪ ( :‬والـمُقصّرِين ) ‪ ..‬وعلى كل حال فالكُلّ جَائِز بِنَصّ‬
‫الكِتَابِ والسّنّةِ الصحيحة الثابتة عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬إل أَنّ الذِي فَعَلَه‬
‫الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬هو اللْق ث‪-‬أيضًا‪-‬هو الذِي قَدّمه ف الذّكْر سواء قُلنا إنه قال‪:‬‬
‫( ‪ ...‬الـمُحَلّقي ) ف الرة الول أو ف الثانية أو ف الثالثة إل أنّه بدأ أوّل بِالـمُحَلّقي وما قال‪( :‬‬
‫والـمُقصّرِين ) إل بَعد أن ذُكِر له ذلك صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬

‫‪-1‬أي الت قال‪ ( :‬والقصرين ) ف الرة الول أي الرواية الت جاء فيها‪ ( :‬رَحِمَ ال الـمـحَلّقي ) قيل‪ " :‬والـمُقصّرِين ؟ " قال‪( :‬‬
‫والـمُقصّرِين )‪ ،‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬حديث رقم‪.444 :‬‬
‫‪-2‬أي الت قال‪ ( :‬والقصرين ) ف الرة الول أي الرواية الت جاء فيها‪ ( :‬رَحِمَ ال الـمـحَلّقي ) قيل‪ " :‬والـمُقصّرِين ؟ " قال‪( :‬‬
‫والـمُقصّرِين )‪.‬‬
‫‪325‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫هذا‪ ،‬وقد ذَكَرَ بعضُ أهل العِلْم أَنّ الفضل أنْ يَجْمَع النسان بيْن اللْق والتقصِي ‪ ..‬يُقَصّر أوّل‬
‫ثُم يَقُوم بعد ذلك بِحلْق رأسِه‪ ،‬وهذا‪-‬ف حقيقة الوَاقع‪-‬ليْس بِشيءٍ‪ ،‬لنّ مَن قَصّرَ رأسَه أوّلً‬
‫فَقد أَحَلّ مِن حَجّه أو من عُمرتِه أو مِنْهما مَعًا إذَا كَان قد قَرَنَ بَينهما وبعد ذَلك ل يُصَادِف‬
‫ذلك التَحْلِيق مَحلا ‪ ..‬ل يُصَادِف مَحَلً بعد ذلك فَهُو إن شاء أن يَحْلِق فَلْيَحْلِق ولَ عَلقَة لَه‬
‫بِالحلل وإن شاء أن يَتْرك فلْيَتْرُك‪ ،‬فَالـمُرَاد بِاللْق الذي هو أَفْضَلُ مِن التّقْصي هو الذي ل‬
‫يَسْبقه تَقْصِي وإل مَن جَمَعَ بَيْنَهُما‪-‬أي مَن قَصّرَ أوّلً ثُم حَلَق‪-‬فهو ف حَقيقة الوَاقِع قد‬
‫أخذَ بِالتقصِي ول يَأْتِ بِاللْق؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫* الهدي‬
‫ح لِلحاج أن يَهدِي فيه ؟‬
‫س‪ :‬هناك َمسْلَخ يُوجَد خارجَ مِن‪ ،‬هل يَصِ ّ‬
‫صتْ على ذلك‬
‫ي يَجوز ف مِن وف َمكّة بل ف الرَم كلّه على مذهبِ جهورِ العلماء كما ن ّ‬ ‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬الدْ ُ‬
‫السنّة ‪ ..‬نصّت السنّة على جوازِ ذلك ف مِن وف مكة‪ ،‬وسائرُ الرَم تابِعٌ لَهما؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬رجل َف َقدَ نقودَه فلم يَستطِع الدْي‪ ،‬فماذا يَصنع ؟‬
‫ج‪ :‬قد َجعَلَ ال لِذلك بَدلً وهو أن يَصوم ثلثةَ أيام ف الج وسبع َة أيام بعد رجوعه فتلك عشرة كاملة ‪..‬‬
‫جاء ذلك ف كتاب ال تبارك وتعال‪ ،1‬فمَن َفقَدَ نقودَه ول يَجِد شيئا لِلهدي ف ْليَصُم ف الج ثلث َة أيام ‪..‬‬
‫قالوا‪ :‬إما أن يَصوم السابع والثامن والتاسع وإما أن يَصوم السادس والسابع والثامن‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬ل يَنبغي لِلنسان أن يَصوم اليوم التاسع‪ ،‬لنّ الرسول كان ُمفْ ِطرًا‪ ،‬ومِن العلوم أنّ الصيام ُي َؤثّرُ‬
‫حرّ الشديد فيَبقى ف وقت العصر ُمْنهَكًا ُمْتعَبًا ل يَستطيع أن‬‫ويَشُقّ على النسان ولسيما إذا كان ذلك ف الـ َ‬
‫يَدعو بِحسب ما يُحِب‪ ،‬فلماذا يَصوم ف هذا اليوم ؟! فإذن إما أن يَصوم السادس والسابع والثامن على رأي‬
‫طائفة مِن أهل العلم‪ ،‬والذي يُؤخَذ مِن بعض الروايات الصحيحة أنّ الصحابة‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهم‪-‬‬
‫كانوا يَصومون ف أيام التشريق‪ .. 2‬ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر ‪ ..‬هكذا جاء ف بعض‬
‫الروايات الصحيحة الروية عنهم‪ ،‬وذلك يَد ّل على مشروعية الصيام ف هذه اليام‪ ،3‬خلفا لِما ذَهب إليه كثي‬
‫مِن أهل العلم مِن أنه ل يُصام ف هذه اليام نَظرا لِلنهي الوارِد عن النب عن الصيام فيها ولكن‪-‬ف حقيقة‬
‫الواقع‪-‬ذلك النهي عام وهذه الرواية خاصّة‪ ،‬لنّ ذلك‪ 4‬فيما يَظهر كان َيقَ ُع منهم ف عهْد النب وإذا‬
‫ج ْد َفصِيَامُ ثَلثَةِ أَيّا ٍم فِي اْلحَ ّج َوسَْبعَةٍ إِذَا‬
‫‪ ...‬فَإِذَا َأمِنُتمْ َفمَن َتمَّتعَ بِاْل ُعمْرَةِ ِإلَى اْلحَ ّج َفمَا اسْتَْيسَ َر مِنَ اْل َهدْيِ َفمَن ّلمْ َي ِ‬ ‫‪-1‬قال ال تعال‪:‬‬
‫[ سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.] 196 :‬‬ ‫سجِدِ اْلحَرَامِ ‪...‬‬
‫ك ِلمَن ّلمْ َيكُنْ َأ ْهلُهُ حَاضِرِي اْل َم ْ‬
‫رَ َجعْتُ ْم ِتلْكَ َعشَرَةٌ كَا ِملَةٌ َذلِ َ‬
‫‪-2‬أي بالنسبة ِلمَن ل يَجد الدي‪.‬‬
‫‪-3‬أي بالنسبة ِلمَن ل يَجد الدي‪.‬‬
‫‪-4‬أي الصيام ف أيام التشريق ( أي ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر ) بالنسبة ِلمَن ل يَجد الدي‪.‬‬
‫‪326‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫تعارَض دليلن أحدها عام والخر خاص فإنّ الاص يَقضي على العام فيُقدّم عليه كما هو مذهب جهور‬
‫المّة؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫أما إذا كان هذا الرجل غنيا ف بلده واقترض مِن بعض الشخاص الذين معه فل بأس عليه بِأن يَقترِض إذا كان‬
‫ل مشقّة عليه‪ ،‬أما إذا كان ل يَجِد الوفاء أو يَخشى مِن عدم وجود شيءٍ مِن الدراهم يَقوم بِقضائها لصحابه‬
‫مثل أو ل يُوجَد عند أصحابه أو ما شابه ذلك‪-‬فكما ذكرتُ‪-‬أنّ ال‪-‬تعال‪-‬قد َجعَ َل لنا بَد ًل وهذا مِن باب‬
‫اليُسْر والمد ل تبارك وتعال‪ ( :‬يَسّروا ول ُتنَفّروا )؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬طواف الفاضة‬


‫س‪ :‬بالنسبة لطواف الفاضة‪ ،‬هل يَصحّ أن يُؤجّل إل طواف الوداع ؟‬
‫ج‪ :‬الرسول طاف ف النهار على الصحيح‪ ،‬وما جاء مِن أنه طاف بالليل فخطأٌ ل يَصح‪ ،‬ولعلّ الراوي‬
‫تَوَهّم ذلك مِن طوافِه لِلوداع فإنه طافه قَبْل صلة الفجر على الصحيح‪ ،‬ومَن كانت لديه القدرة‬
‫فيَنبغي له أن يَقتِدي بالنب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ومَن ل يَستطِع لِمَرض أو ما شابه‬
‫ذلك فيُمْكن أن يُؤَخّر ذلك إل اليوم الذي يُريد أن يَخرُج فيه إل بلده وليَطُف ف ذلك اليوم طواف‬
‫الفاضة وذلك يُجزِيه عن طواف الوداع بِشرط أن يكون آخر العمال ‪ ..‬نعم يُمكن أن يُرَخّص له أن‬
‫يَأت بَعْده بالسعي إن كان ل يَسْعَ مِن قَبْل‪ ،‬أما إذا كان قد سعى مِن قبل فل يَسْعَ‪ ،‬إذ إنّ السعي ل‬
‫يُشْرع إل للعُمرة والج‪ ،‬ويكن أن يكون النسان قد سعى مِن قبل ف حالتي ‪ ..‬ف حالة الفراد والقِران‪،‬‬
‫أما ف حالة التمتّع فالتمتّع لبد أن يَسْعى مرتي ‪ ..‬بعد طواف العُمرة وبعد طواف الج ‪ ..‬هذا هو مذهب‬
‫المهور‪ ،‬وهو الذي دَلّت عليه السنّة‪ ،‬خلفا لبن تيمية ومَن سار على نجه مِن أنه يُجزيه سعي واحد‪،‬‬
‫فهذا مالِف للسنّة‪.‬‬

‫سابعا ‪:‬أعمال أيام التشريق ( ‪11,12,13‬من ذي الحجة )‬


‫س‪ :‬ما حكم الَقِيل بِمكّة أيام مِن ؟‬
‫ج‪ :‬إ ّن الثابتَ ف سنّة رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أنّ رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫ج مِن مكّة الكرّمة ف اليوم الثامن مِن شهر ذي الجّة إل مِن وصَلّى بِها الظهر والعصر‬ ‫آله وسلم‪َ -‬خرَ َ‬
‫والغرب والعِشاء والفجر‪ ،‬ث بعد ذلك َذ َهبَ إل عرفة ‪ ..‬صَلّى أوّلً الظهر والعصر جَمْعا ِبنَ ِمرَة ث َذ َهبَ إل‬
‫ج منها‬ ‫صلّى الفجر و َدعَا خَ َر َ‬
‫ج منها بعد غروب الشمس ودخول الليل وباتَ بِالزدلفة‪ ،‬ث بَعد أن َ‬ ‫عَرفة‪ ،‬ث خَ َر َ‬
‫إل مِن و َرمَى َجمْرة ال َع َقبَة و َذبَح‪ ،‬ث َذ َهبَ إل مكّة الكرَمة وطاف بِها ول يَسْعَ لنه قد َسعَى مِن قبل وسَ ْعيُه‬

‫‪327‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ذلك كان كافيا له لنه كان قَارِنا بيْن حَجّه وعُمرته صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وقد جاء ف بعض الروايات أنه‬
‫صَلّى الظهر بِمكّة ث ذهب إل مِن‪ ،‬وجاء ف بعض الروايات أنه صَلّى الظهر بِمِن‪ ،‬وقد اختلف العلماء ف‬
‫هاتي الروايتي‪:‬‬
‫منهم مَن صَحّحَ رواي َة الصلة بِمِن‪.‬‬
‫ومنهم مَن َع َكسَ ذلك‪ ،‬كما ذكرتُ ذلك ف " الطوفان "‪ ،1‬فمَن شاء ذلك ف ْليَ ْرجِع إليه‪.‬‬
‫صلّى بِأصحابه َن ْفلً وصَلّوا‬‫ويُمكِن أن تكون الروايتان صحيحتي معا ويُجمع بينهما بِأنه صَلّى الظهر بِمكّة ث َ‬
‫خلْفه فريضة ويكون الطأ قد وَقَعَ ف قول الراوي‪ " :‬فريضة " وإل فإنه قد صَلّى ف الوضعي معا إل أنه صَلّى‬
‫بِمِن نافلة فتكون كل واحدة مِن الروايتي صحيحة بِاستثناء كلمة‪ " :‬الظهر " فإنا ل تَصح‪ ،‬وهذا له احتمالٌ‬
‫قوي‪ ،‬وقد جاءت أدلّة متعدّدة تَدلّ على مشروعية إمام ِة التنفّل بِالفترِض‪.‬‬
‫وف هذا دلل ٌة واضحة أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ل َيبْ َق بِمكّة ف هذه اليام بل رَجَعَ‬
‫إل مِن مباشَرة‪.‬‬
‫فما يَذْ ُكرُه كثي مِن الفقهاء مِن أنّ النسان له أن يَبقى بِمكّة الكرّمة وأنه ل بأس بذلك ‪ ..‬نقول‪ :‬هذا المر‬
‫مُخالِف لِسنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬إذ إنه بِمجرّد انتهائِه مِن طوافِه صلوات ال‬
‫وسلمه عليه‪-‬وصلةِ الظهر على تقدير ثبوتِ هذه الرواية‪َ -‬ذهَبَ إل مِن مباشَرة فمِن َأيْنَ يُمكِن أن يُقال‪" :‬‬
‫إ ّن السنّة تَدلّ على أنه ل بأس مِن البقاء بِمكّة " مع ِفعْلِ رسول ال الذي ذكرناه ؟! فينبغي لِلنسان عندما‬
‫يَنتهي مِن طواف الفاضة أو السعي إذا كان عليه السعي أن يَذهب إل مِن مباشَرة سواءً كان ذلك ف الليل أو‬
‫ف النهار ‪ ..‬هذا هو الذي دَلّت عليه السنّة الصحيحة الثابتة عن النب ثبوتًا ل شك فيه‪.‬‬
‫ول عِبة بِرأي مَن خالَف ذلك‪ ،‬فإنّ العبةَ بِالسنّة ف مثل هذه المور‪ ،‬كما هو معلوم‪.‬‬
‫هذا وما جاء ف بعض الروايات مِن أنّ النب طاف ليل أو أنه كان يَذهب ف ليال مِن ويَطوف بِالبيت فإنّ‬
‫تلك الروايات ل تَثبت عن رسول ال ‪ ،‬فهي مِن النكَارة بِمكان‪.‬‬
‫فإذن السنّة البقاء ف مِن ف هذه اليام سواءً كان ذلك ف الليل أو ف النهار بِاستثناء أداءِ الطواف والسعي ِلمَن‬
‫عليه سعي؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ربا يُريد أن ُيعِيد تلك السألة الت ذكرتُموها ف حلقةٍ ماضية‪ .. 2‬مسألة رمي المرات ‪ ..‬هل‬
‫ب العَمود أم يَكفي أن َتقَع على الَوض ؟‬
‫يُشتَرط أن تُصِي َ‬

‫‪-1‬الزء الثالث من كتاب " الطوفان الارف لكتائب البغي والعدوان "‪ ،‬الطبعة الول ( ‪1420‬هـ‪2000-‬م )‪ ،‬ص ‪.339-337‬‬
‫‪-2‬عند الواب على السؤال ‪ 1‬من حلقة ‪ 17‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪12/11/2003‬م )‪.‬‬
‫‪328‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬ل يُشتَرط‪ ،‬لنّ ذلك العَمُود حَادِث ‪ ..‬أي ل يَكُن ف بِداية المر ‪ ..‬أي ف عهد إبراهيم وإساعيل عليهما‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬وقد ا ْختَلَف العلماء هل كان موجودا ف عهد النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ؟‬
‫ذهب بعضهم إل أنه كان َموْجودا ف عهدِه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬واستَشهَدوا على ذلك ِببَْيتٍ مروي عن‬
‫أب طالب عَمّ النب ‪.‬‬
‫ضهُم إل أنه ل َيكُن َموْجُودًا‪.‬‬
‫وذهب بَع ُ‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬سواءً كان موْجودا أو ل يَكن موْجودا فإنّ الـمَشرُوع أن يَر ِم َي النسان ف الوض‪ ،‬ولَ‬
‫شتَرط بِأن يَكون ذلك ف ذلك العَمُود الشاخِص؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫يُ ْ‬
‫س‪ :‬رجلٌ أخذ وكالة مِن جاعة مِن الجاج ف رمي الِمار وأخذ منهم الصى ث رماها ف الشارع‬
‫ول َيرْ ِم المرات ول ُيخْبِرهم وهم عاجزون عن الرمي‪ ،‬فما الكم ؟‬
‫ج‪ :‬العياذ بِال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مِمّا َفعَلَه هذا الشخص ‪ ..‬لقد وَقَعَ ف معصي ٍة مِن معاصي ال تبارك وتعال‪،‬‬
‫خبِر أولئك الشخاص الذين أنابوه َو َوِثقُوا بِه وظنّوا‬ ‫وعليه أن يَتوب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مِمّا وََق َع فيه وأن يُ ْ‬
‫أنه َسُيؤَدّي عنهم ما فَرَضَه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليهم‪ ،‬وبعد ذلك عليهم أن يَسألوا عن هذه السألة الت وََقعُوا‬
‫فيها‪ ،‬لنم‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬ل َي ْأتُوا بِما شَ َرعَه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مِن الرمي‪ ،‬فلبد مِن أن يُحكَم عليهم‬
‫بِالدم‪ ،‬ولكن بَقي مَن هو الذي يَتحمّل ذلك ؟ ف هذه السألة لبد مِن أن يُنْظَر إليها‪ ،‬وإن حَاكَمُوا هذا‬
‫الشخص فلهم أن يُحاكِمُوه ف ذلك‪.‬‬

‫س‪ :‬واِلدِي توفّاه ال وأُرِيد أن أَحُجّ عنه وكما تَعلَمون عندَ َر ْميِ المار تَكون زحْمَة كبِيَة‪ ،‬هل لِي‬
‫ت الج عن نفسِي‪.‬‬
‫أن أُ َؤ ّجرَ ِل َرمْ ِي المار ؟ مع العلم أنّن َأدّيْ ُ‬
‫ج‪ :‬إن كان هَذَا الشخص يَستطِيع أن يَقوم بِالرّمي هو نفسُه فلبُد مِن أن يَرمِي هو نفسه‪ ،‬وليس لَه أن يَستَنِيبَ‬
‫غيْرَه سواء كان ذلك بِالجرَة أو بِالتّعاون مِن بعضِ أهلِ اليْر‪ ،‬أمّا إذا كان ل َي ْقوَى على ذلك فَنعَم لَه إمّا أن‬
‫يَطلب مِن غيْرِه مِن أه ِل اليْر بِأن َيَتعَاوَ َن معه ويَقوم بِالرّمي عنه بِشرط أن يَكون حاجّا ف تلك السّنَة‪ ،‬وإمّا أن‬
‫يُؤجّ َر غيْرَه‪-‬أيضا‪-‬بِش ْرطِ أن يَكون حاجّا ف تلك السنة‪.‬‬
‫حدّد ضيّق جِدا فإذا لَم‬
‫ت مُ َ‬‫ولكن يَنبغِي أن ُيْنتَبَه إل أنّ كثيا مِن الناس يَظنّون أنه لبد مِن الرّمي ف وق ٍ‬
‫ت بِالمس أنّ الرّمي ف أيامِ‬ ‫يَستطِيعوا الرّمي ف ذلك الوقت أنابوا غيْرَهم‪ ،‬وليس المْرُ كذلك‪ ،‬أنا ذكر ُ‬
‫التّشْريق‪-‬أي ف اليومِ الادِي عشر والثان عشر والثالث عشر ِلمَن َتأَخّر‪-‬يَبدَأ بِ ُمنْتصَف النهار‪ ،‬وليس لحد أن‬
‫يَرمِي قبلَ ذلك‪ ،‬وهو يَ ْمتَد إل غروبِ الشمس‪ ،‬وإذَا لَم يَستطِع النسان أن يَرمِي ف ذلك الوَقت‪-‬لِلمشقّة‬
‫مثل‪-‬فإنّه لَه أن يَرمِي حت ف الليل بَل يُمكِن لَه أن يَرمِي عن اليومِ الادِي عشر ف اليومِ الثان عشر أو ف‬
‫‪329‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ستَطِع‪ ،‬أمّا مَن استطاع فل ينبغِي لَه أن يُؤخّر‪ ،‬وهذا بِحمدِ ال‪-‬‬ ‫الثالث عشر‪ ،‬وهذه‪-‬طبعا‪-‬رُ ْخصَة لِمَن لَم يَ ْ‬
‫تبارك وتعال‪-‬فيه مِن اليُسْر ما ل يَخفى‪ ،‬أمّا إذا كان ل يَستطِيع ذلك فل‪ ،‬فَلَينْتبه الناس لِهذه القضايا‪ ،‬وأنّه‬
‫ليس لَهم أن يَستنِيبوا إل عن َد عد ِم القدرة‪ ،‬فإن لَم يستطيعوا‪-‬كما قلتُ‪-‬فيما بيْن منتصف النهار وغروبِ‬
‫الشمس فلَهم أن يَرموا حت بِالليل ولَهم حت ف اليومِ الذي يَلِيه بِش ْرطِ أن يَكون ذلك قبلَ غروبِ الشمس مِن‬
‫اليومِ الثالِث عشر‪ ،‬وهذا لَه دَلِي ٌل واضِح‪-‬ذكرتُه بِالمْس‪-‬وهو حديثٌ صحِيح ثابِت عن النب ‪ ،‬أمّا رَميُ‬
‫س عندَ طائفةٍ‬ ‫ف النهار عن َد بعضِ أه ِل العلم‪ ،‬وإل غروبِ الشم ِ‬ ‫اليومِ العاشِر فهو مِن طلوعِ الشمس إل ُمنَْتصَ ِ‬
‫أخرى‪ ،‬ومع ذلك مَن لَم َيتَ َمكّن فبِإمكانِه أن يَرمِي حت ف الليل بَل وحت ف اليومِ الادِي عشر إل آخِر ما‬
‫ط أن يَكون قبلَ غروبِ‬ ‫ذكرتُه ف الوابِ السابق ‪ ..‬أي يُمكِن أن يَكون ف الثانِي عشر أو ف الثالِث عشر بِشرْ ِ‬
‫ض العلماء قال‪ " :‬إنّ الرّميَ ف اليومِ العاشِر ف ح ّق العَجَزة مِن النّساءِ‬ ‫الشمسِ مِن اليومِ الثالِث عشر‪ ،‬بل بع ُ‬
‫ت السألةُ بِحاجة إل شيءٍ‬ ‫والطفا ِل والرضى يَبدَأ بِ ُطلُوعِ الفجْر مِن اليَو ِم العاشِر "‪ ،‬وذلك ليسَ بِبعِيد وإن كان ْ‬
‫ث فيها مَُتعَارِضة‪.‬‬
‫مِن النّظر‪ ،‬لنّ الحادِي َ‬
‫ف النهار‪َ ،‬ومَن َرمَى‬ ‫أمّا بِالنّسبةِ إل أيا ِم التّشرِيق فل يُوجَد حدِيث ثابِت أبَدًا يَ ُدلّ على جوازِ الرميِ قب َل منتص ِ‬
‫قبلَ ذلك فعليه التّوبَة إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وإذا كان الوَقتُ باقِيا فعليه أن ُيعِيدَ ذلك؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬

‫ج ْمرَة الول‬
‫س‪ :‬ف اليوم الادي عشر ذهب رجلٌ لِرَمي الـجَ َمرَات وعند وصوله رَمى الـ َ‬
‫ج ْمرَة الوسطى‬
‫ج ْم َرتَيْن الوسطى والكبى ومِن شدّة الزحام ف ذلك اليوم ل يَنتبِه إل الـ َ‬
‫وذهب ِلرَمي الـ َ‬
‫ص َل إل الـجَ ْمرَة الخية ورَماها وعند عَودتِه بِالطريق شَكّ ف نفسِه أنه ل َيرْمِ‬
‫وسَها عن رَميِها حت وَ َ‬
‫صلَ‬
‫الـجَ ْمرَة الوسطى وبَقي على َشكّه حت اليوم التال‪-‬الثان عشر‪-‬وعند عَودتِه لِلرمي ف هذا اليوم وَ َ‬
‫تلك الـجَ ْمرَة ورَماها بِسب ِع حَصَيَات عن شَكّه لِليوم الول وذلك ف اليوم الثان عشر‪ ،‬فهل تَصرّفه هذا‬
‫يُجزِي أم ماذا يَكون عليه ؟‬
‫ج‪ :‬هل رماها ف اليوم الثان عشر مرتي ‪ ..‬عن الادي عشر وعن الثان عشر ؟‬
‫س‪ :‬الظاهِر مِن كلمِه هكذا‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا كان قد رماها فل شيءَ عليه على مذهب كثي مِن أهل العلم‪.‬‬
‫أما مَن يَشترِط الترتيب ف هذه القضية فلبد مِن أن يَر ِم َي الوُسطى ث يُعيد َر ْم َي الكبى عن اليوم الادي عشر‬
‫ويَرمي بعد ذلك‪ 1‬عن اليوم الثان عشر‪.‬‬

‫‪-1‬أي المرات الثلث كلها‪.‬‬


‫‪330‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وأما مَن ل يَشترِط الترتيب فإنه ل بأس عليه لِهذا الفعل‪.‬‬


‫ص بِتلك الرخصة الت قال با مَن قال مِن أهل العلم فل حرج عليه‬
‫هذا ونظرا إل أ ّن الوقتَ قد مَضى فإذا تَرَ ّخ َ‬
‫بِمشيئة ال تبارك وتعال؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ج َمرَات فطَالَبْتُم الرأ َة أن تَرميَ بِنَفسها وألّ‬
‫س‪ :‬ذُكِر عَنْكم أنكم شَدّدتُم ف مسألةِ رَمي الرأة لِل َ‬
‫ح هذا‬
‫ض َيقُول‪ " :‬ف ذلك شي ٌء مِن التشْديد " فَنُريد أن تُوضّ َ‬
‫ت قَادرةً على ذلك فالبع ُ‬
‫تُنيب غيها ما دام ْ‬
‫الَمر حت يَفهم الميع الراد‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذا لَيس مِن التَشديد ف شيء ‪ ..‬أنا قلتُ ف كثي مِن الدروس وقُلتُ ذلك‪-‬أيضا‪-‬ف هذه الليلة‪ :‬إ ّن‬
‫النسان مُطَالَب بِأن يَعمَل بِما ف كتابِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وف سنّة رسوله‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫ت وَثبََتتْ عنه صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬ ‫ح ْ‬
‫الت صَ ّ‬
‫ومِن العلوم أنه ل يَأتِ ف كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ذِ ْكرٌ لِهذه القضية ‪ ..‬أَعن لِرمي الـمَرأة أو لِعدم رَميها‪،‬‬
‫ت بَِأعْلى صوتٍ على أنّ الرأة‬ ‫صتْ َنصّا صرِيا ونَادَ ْ‬
‫وأما بِالنسبة إل السنّة فإنّ السنّة الصحيحة الثابتة قد َن ّ‬
‫شيَخَات والجزاء وف غيها‬ ‫تَرمي‪ ،‬وهذا مَشهور ف كتب الصّحاح والسّنن والـمَسانِيد والـ َمعَاجم والـمَ ْ‬
‫مِن الكتُب الت أَلّفها العلماء ف سنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ث إنّ مَن ا ْسَتقْ َرأَ كُتبَ‬
‫أهل العلم مِن كَافّة الـمَذاهب السلمية فإنه يَجِدُ أَن أولئك العلماء قد نَصّوا على أنّ الرأة َت ْرمِي‪ ،‬ومِنهم مَن‬
‫ل يَذْكُر السألة رأسًا وإنا ذَكَر َأنّ النسَان ‪ ..‬يَعن ل يَذْكُر التَْنصِيص على الرأة َوِإنّما ذَكَر الُكم العام‪ ،‬وهو‬
‫ب غيه‪ ،‬وهذا أم ٌر مَعروفٌ عند علماء السلمي قاطبة‪.‬‬ ‫أ ّن مَن كان قَادِرًا على الرمي فإنه ليْس له أن ُينِي َ‬
‫ستَطيع أن تَرمي فلبد مِن الرمي‪ ،‬وذلك لنّ الرّمي َشعِيَة مِن َشعَائر الج كغيها مِن‬ ‫فالـمَرأة إن كانت تَ ْ‬
‫ختَلط بِالرجال ف الطواف وف السعي‪ ،‬وذلك‪-‬كذلك‪-‬يَكون‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫بقية شعائر الج‪ ،‬ومِن العلوم أنّ الرأة تَ ْ‬
‫ف الرمي‪ ،‬فإن كانت الرأة تَستطيع أن تَرمي ف وقتٍ مِن َأوْقات الرّمي الـ َمعْروفة‪-‬وسأنَبّه على ذلك بعد قليل‬
‫بِمشيئة ال تبارك وتعال‪-‬فلبد مِن ذلك‪َ ،‬أمّا إذا كانت ل تَستطيع فهي َمعْذُورة بِمشيئة ال بل كُ ّل مَن ل‬
‫يَستَطع أن يَرْمي وَلَو كان ر ُجلً إذا كان ل يَستطيع ذلك بِسبب ِكبَر السّن أو بسبب الـمَرض أو الضّعف‪،‬‬
‫أو كانت الرأة ف حالة حَمْل أو ما شابه فإنا َمعْذُورَة‪ ،‬وإنا الكلم ف القَادِر‪.‬‬
‫كثي مِن الناس عندما يَسْ َمعُون كلما لهل العلم أو يَجِدون ذلك ف شيء مِ َن الكتب أو ما شابه ذَلك لَ‬
‫َيفْ َقهُون ذلك‪.‬‬
‫عِنْدمَا يَسمَعون مثل هذه الفتوى يَ ُظنّونَ أنّ كُلّ امرأة َسوَاء كانت قَا ِد َرةً أو ليست بِقادِرةٍ لبد مِن أن تَذهب‬
‫إل ال ّرمْي‪ ،‬وهذا‪-‬طبعًا‪-‬ل َيقُل بِه أحدٌ ل ف حقّ الـمَرأة ول ف حقّ الرجُل‪ ،‬إنا العلماء اختلفوا في َمنْ ل‬
‫سقُط عنه ذلك‪ ،‬وهو قولٌ ضعيفٌ جدا‪-‬أو أنّه يُطَاَلبُ بِالدّم ؟‬ ‫ب غَيْ َرهُ‪-‬أو أنه يَ ْ‬
‫ستَطِع هل له أن ُينِي َ‬
‫يَ ْ‬

‫‪331‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-1‬مِنْهم مَنْ قَال‪ :‬مَن ل يَسْتطِع أن َي ْرمِ َي َسوَاءً كان رجل أو امرأة بِسبب مرضٍ أو ضعف أو ما شابه ذلك‬
‫شهُور عند أئمَة الـمَذاهب‪.‬‬ ‫مِن العْذَار فإنه ُينِيبُ غيْرَه‪ ،‬وهذا هو الـمَ ْ‬
‫‪-2‬ومنهم مَنْ قال‪ :‬إنه يَسْقط عنه‪ ،‬وهو قول ضَعيف جدا‪.‬‬
‫‪-3‬ومنهم مَنْ قال‪ :‬عليه دم ‪ ..‬أي عليه أن يَذْبح دمًا لِفقراء الَرَم‪.‬‬
‫والقول الوّل‪-‬وهو‪ :‬أنه ُي ْؤمَر بِأن ُينِيبُ َغيْرَه‪-‬هو القَول الـمَشهور الصحيح‪ ،‬فمَن ل يَستَطعْ فهذا حُكمُه‪ ،‬أمّا‬
‫مَن استطاع‪-‬سواء كان رجل أو امرأة‪-‬فلبد له مِن أن يَرمي‪.‬‬
‫والذي أَ ُظنّه أ ّن كثيا مِن الناس استثْقلوا هذا بسبب هذا‪.‬‬
‫ومِنْهم مَن استثقل ذلك بسبب أنه وَ َجدَ كثيا مِن الناس يُ َر ّخصُون لِلنساء ف عَدَم ال ّرمْي ف الـمَاضي‪ ،‬ول‬
‫أقول‪ " :‬إنّ العلماء َرخّصوا ف ذلك "‪ ،‬وإنّما فَعل ذلك مَن َفعَلَه مِن الناس وقد يكون َس َكتَ بعضُ العلماء عن‬
‫ذلك ظنّا منهم أنّ بعض النّساء ل يَستطِعن على الرّمي أو ما شابه ذلك مِن السباب كَما وَقَعَ مثل ذلك ف غي‬
‫هذه السألة‪ ،‬وبِسَبب ذلك استَْثقَل ذلك مَن ا ْستَثقَل ذلك مِن الناس‪.‬‬
‫ومِن الـ َمعْلُوم أ ّن الشيءَ إذا كان مالِفا لِـمَا شاهَ َدهُ ال َعوَام فإنّهم يَ َر ْونَهُ أمْرا عظيما‪ ،‬بل نَحْن نَجِد أنّ كثيا‬
‫ض المور مع أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد َأمَرَهم بِذلك‪ ،‬فعندما‬ ‫مِن الصحابة قد اسَتعْظَمُوا بع َ‬
‫جَاءَ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬إل َمكّة الكرّمة ف حجّة الوداع وَأمَرَ أصحابَه‪-‬رضوان ال تبارك‬
‫وتعال عليهم‪-‬بِال ْحلَ ِل بعد الطواف والسعي ِلمَن ل يَكن سَائقًا لِلهدي مِنهم ‪ ..‬استثقل ذَلك كثي مِن‬
‫الصحابة رضوان ال تبارك وتعال عليهم‪ ،‬وقالوا‪َ " :‬أنَ ْذ َهبُ إل عَرَفة ومَذَاكِيُنا َتقْطُرُ الـ َمنِي "‪ ،‬مَن هو الذي‬
‫أمرهم بذلك ؟! هو رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪َ ..‬أعْل ُم الناس وأتْقاهم ‪ ..‬وكذلك عندما َأمَرَ‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أصحابَه بِالِ ْحلَلِ ف عُمرة الـحُديبية ا ْسَتثْقَلَ ذَلك كَثرةٌ كَاثِرَة‬
‫مِن الصحابة‪ ،‬وَأمَرَهم النب بِالحلل فلم يَفعلوا حت غَضِب النب َأشَ ّد الغضب ول يَفعلوا ذلك إل‬
‫بَعدما َأمَرَ النب ِبنَحْر هَ ْديِه وحَلْق رأسه‪.‬‬
‫ستَْثقِلُوا ذَلك‪ ،‬ولكن النسان يَْنبَغي له أن يَجعل‬ ‫فالسببُ إذا ل َيكُن الشّيء َمأْلُوفا مع الناس فإنّه لبد مِن أَن يَ ْ‬
‫ب عَينيه كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وسنّة رسوله صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فما دَلّ الدليل عليه هو‬ ‫نصْ َ‬
‫الذي يَجِب عليه أن يَعمل بِ ُمقْتضاه‪.‬‬
‫وقد أحسن المام العلّمة سعيد بن خلفان الليلي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪ِ -‬عنْدما سأله بعضُ السائلي عن‬
‫مسألةٍ خَالَفَ فيها هذا المام‪-‬رحه ال‪-‬مَن َسَبقَه مِن أهل العلم ‪ ..‬قال له هَذا المام‪ " :‬ومِن العَجَب أن َأُنصّ‬
‫ض ِة السلم مِنْ غيْر دليل ول‬ ‫ضنِي بِعلماء َبيْ َ‬
‫لك عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وأْنتَ ُتعَارِ ُ‬
‫وَاضِح سبيل ‪ ..‬أََلْيسَ هذا ف العيَان َنوْعا مِن الـهَذيان "‪.‬‬

‫‪332‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫والمام الليلي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬قال ف مسألةٍ خَالَف فيها بعضُ أهل العلم حَدِيثًا ثَابتا عن النب‬
‫فقال المام ف الرّد على ذلك‪ " :‬وَقَو ٌل بِخلف الديث يُضرَب بِه عرْض الَائط "‪.‬‬
‫والمام السالي‪-‬رحه ال‪-‬عندما َوجَ َد بعضَ العلماء خَالَف حديثًا عن النب قال‪:‬‬
‫ونن نَحكي بعدَه خِلفا‬ ‫الصطفى يَعتبِر الوصاف‬
‫فيه عن الختار نصّ ُأسْنِدَ‬ ‫ل نَقبَل اللفَ فيما وَ َردَ‬
‫وِل َهؤُلء الَئمّة ولِغيْرهم كلمٌ طويل كثي ف هذه القَضية‪ ،‬ل دَاعي لِلطالة به‪.‬‬
‫ت مُحَدّد‪ ،‬ولِذَلك يَطْلُبون‬
‫ومِنْ جُمْلة السباب أنّ َكثِيًا مِن الناس يَ ُظنّونَ َأ ّن و ْقتَ ال ّرمْي مَحْصور ف وق ٍ‬
‫الرّخصة ف الرمي قَبل َزوَال الشمس ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر لِمَن بقي بِمِن ‪ ..‬يَظُنون‬
‫حصِر ف وقتٍ مُحدّد وهو عند َزوَال الشمس وبَعد ذلك بِقليل أو إل غُروب الشمس‪ ،‬ونَحْن‬ ‫أ ّن الوَقت ُمنْ َ‬
‫َنقُول‪ :‬إ ّن الوقتَ الّتفَق عليه بيْن أهل العلم هو‪ :‬أن يَكون وقت الرّمي ف اليام الثلثة الـمَذكورة‪ 1‬مِن زوال‬
‫الشمس إل غروبا ولكن مَن شَقّ عليه ذَلك‪-‬سواء كان رجُل أو امرأة‪-‬فإنه يُ َر ّخصُ له أن يَ ْر ِميَ حَت ف الليل‬
‫بل يُرَ ّخصُ له فيما هو َأبْعَد مِن ذلك ‪ ..‬يُمكِن أن يَرمي عن الَيوْم الادي عشر ف الثان عشر و َعنْه وعن الثان‬
‫عشر ف الثالث عشر بِشرْط أن َيكُون ذلك َقبْل غُروبِ الشمس مِن اليوم الثالث عشر‪ ،‬وذلك ل ّن السنّة قد‬
‫َنصّتْ على َأنّ ُحكْ َم أيّام التشريق ف الرّمي شيءٌ واحد‪ ،‬فقد روى المام مالك والشافعي وأحد والنسائي ف "‬
‫الصغرى " وف " الكبى " وأبو داوود والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن خزيْمة وابن حبان وابن الارود‬
‫والاكم والبيهقي ف " السنن الكبى " والبُخاري ف " التاريخ الكبي " وأبو َيعْلى ف مُسنَدِه والطبان ف "‬
‫الكبي " ويعقوب بن سفيان ف "العرفة والتاريخ" والوهري ف " مُسْند الوطإ " وابن وَهْب ف " الـمُوطإ "‬
‫و‪-‬كذلك‪-‬يَحيي بن عبد الوهاب بن مَنْدَه ف " جزء مَن عاش مئة وعشرين سنة مِن الصحابة " وابن عبد الب‬
‫ف " التمهيد " والبغوي ف " شرح السنّة " وجاعة مِن أئمة الديث أنّ رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬ر ّخصَ لِلرّعاة أن يَ ْرمُوا ف اليَوم الثان عشر عن اليوم الادي عشر والثان عشر ‪ ..‬أي أن يَرْموا ف اليوم‬
‫جةٌ‬‫العاشِر ث َيتْرُكوا الرمي ف اليوم الادي عشر ويَرْموا عنه وعن الثان عشر ف اليوم الثان عشر‪ ،‬وف ذلك ُح ّ‬
‫واضِحة ودلي ٌل ل غُمُوض فيه بأنّ ذلك يُعدّ َأدَاءً‪ ،‬إذ ل يُ ْمكِنُ لِلنب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أن يُرَخّص‬
‫لَهم أن ُيؤَخّروا الرّمي عن وقته الـمُحدّد له شرْعا ث بعد ذلك يَأتون به َبعْد خُرُوج الوقت ‪ ..‬كلّ هذا مِمّا ل‬
‫يُمكِن‪ ،‬بل ذَلك يَد ّل على أنّ ذلك الوقت كلّه ِللَدَاء فمَن ل يَستطِع أن يَرمي فيما بيْن زَوال الشمس وغروبا‬

‫‪-1‬أي ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر‪.‬‬


‫‪333‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ف الادي عشر‪-‬مثل‪َ-‬فلْيمِ ف الثان عشر‪ ،‬ومَن ل يَستطِع فلْ ْيمِ ف الثالث عشر عن الثلثة ُكلّها‪ 2‬بِشرط أن‬
‫س الثالث عشر إن كان يُريد أن يَبقى الثالث عشر ف مِن‪.‬‬ ‫يَكون ذلك قبل غُروب ش ِ‬
‫وكذلك مَن ل يَستطِع أن يَرمي ف اليوم العاشر ‪ ..‬ل يَستطِع مِن طلوع الشمس إل غروبا ف ْلَي ْرمِ ف الليل ‪..‬‬
‫أي ليلةِ الادي عشر‪.‬‬
‫وهَكَذَا فالمر فيه سعة بِحَمد ال تبارك وتعال‪ ،‬ف َمهْما كان الناس مِن الكثرة ولَكن الوقت فيه‪-‬أيضا‪-‬مِن‬
‫الطول ما ل َيخْفى وإنّما يُمنع النسان مِن أن ُيقَ ّد َم العبادة على وقتها ‪ ..‬أي يُ ْمنَ ُع مِن أن يَرمي ف الادي‬
‫عشر قبل زَوال الشمس‪ ،‬وكذلك ف الثان عشر قبل زوال الشمس إذا كان ذلك عن اليوم الثان عشر‪ ،‬وهكذا‬
‫بالنسبة إل الثالث عشر‪.‬‬
‫ستَطع فلَيرْم حت بعد ذلك وهذَا‬ ‫أما بِالنسبة إل العاشِر فالرمي مِن طُلُوع الشمس إل غُرُوبِها ومَن ل يَ ْ‬
‫لِلقوياء‪ ،‬أما بِالنسبة لِلضّعفة والنساء فإ ّن بَعضَ أهل العلم يُرخّص أن يَكون ذلك بعد طُلوع الفجر مِن اليوم‬
‫العاشِر‪ ،‬و َرخّص بَعضُهم حَت قَبل ذلك ‪ ..‬أي أن يَكون ذلك بعد أن يَخرجوا عند غُروب القمر وأن يَرموا‬
‫عندما يَصلون إل مِن‪ ،‬ولكنن ل أُ ِحبّ التَرخّص لم قبل طُلُوع الفجر‪ ،‬فإما أن يَتَرخّصوا بِالرمي بعد طُلوع‬
‫شقّة فيه بِحمد ال‪.‬‬ ‫الفجر أو أن يَنتظِروا إل طُلوع الشمس وهذا ل مَ َ‬
‫والُلصة أ ّن مَن يَستطيع أن يَرْمي هو نفسُه‪-‬سواء كان رجل أو امرأة‪-‬فليس له أن يَ ْأمُر غيه بِأن يَرمِي عنه‪،‬‬
‫وَليْس لِغيه أن يَرْمي عنه ما دام َيعْلم أَنّ ذلك الشّخص يَستطِيع أن يَرمي هو نفسُه‪ ،‬أمّا إذا كان ل يَستطيع‬
‫فَ ْلُيِنبْ َغيْره‪.‬‬
‫َبقِ َي يُمْكن أن تَقول امرأة‪ :‬أريد أن أَخرُج ف الَيوْم الثان عشر قبل غروب الشمس ول يُمْكن أن أبقى إل‬
‫الثالث عشر ول أَستَطيع أن أَ ْرمِي‪ ،‬فهل ل أن ُأنِيبَ غَيْرِي ؟ الواب‪ :‬نعم‪َ ،‬لنّها َنوَتْ أن تَخرُج قبل غروب‬
‫ص كتاب ال وسنّة رسوله‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإجاع المّة‪ ،‬وما دام‬ ‫الشمس‪ ،‬وذَلِك لَها‪ِ ،‬بنَ ّ‬
‫المر كذلك وهي ل تَسْتَطيع أن تَرْمي َف ْلتَطْلُب مِ ْن غيها أن يَرمي عنها؛ وال أعلم‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬طواف الوداع‬
‫س‪ :‬ما قولكم ف مَن َترَكَ ركعت الطواف ف طواف الوداع ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ أخطأ هذا الشخص خطأً َبّينًا‪ ،‬فما كان يَنبغي له أن َيتْ ُركَ ذلك ف ْلُيتُبْ إل ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬ويَنبغي له أن ُيصَّليَ الن ركعتيْن فعسى ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يَتجاوزَ عنه‪.‬‬

‫ف الوداع‪ ،‬فماذا يَلزمه ؟‬


‫ج َترَكَ طوا َ‬
‫س‪ :‬حا ّ‬
‫ج‪ :‬ذلك ل يَخلو مِن أحد أمرين‪:‬‬
‫‪-2‬أي أن يَرمي عن الَيوْم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر‪.‬‬
‫‪334‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-1‬إما أن يَكون معذورا وذلك كالرأة الائض والنفساء‪:‬‬


‫ت إليه طائفة مِن أهل العلم أنّ الائض معذورَة عن طواف الوداع‪ ،‬وهذا هو القول الصحيح‪،‬‬ ‫فإنّ الذي ذهب ْ‬
‫الذي تَد ّل عليه السنّة الصحيحة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وإن كان بعضُ العلماء ذهب إل أنه لبد مِن الدم على مثل هذه الرأة‪ ،‬ولكنّ هذا مُخالِف لِلحديث‪ ،‬فلعلّ‬
‫ت لنه‬ ‫ذلك العالِم ل يَطّلِع على هذا الديث‪ ،‬أو لعلّه اطّلَ َع عليه‪-‬كما رأيتُه بالنسبة إل بعضهم‪-‬وظَنّ أنه ل يَثبُ ْ‬
‫على حسب نَ َظ ِرهِ يُعارِض بعضَ الحاديث الدالة على وجوب طواف الوداع‪ ،‬ونَحن نقول‪ :‬إنه ل معارَضة بيْن‬
‫الديثيْن‪ ،‬لنّ ذلك الديث الدال على وجوب أو سنّية‪ 1‬طواف الوداع عام وهذا خاصّ والاصّ يَقضي على‬
‫العام‪ ،‬كما هو مقرّر ف أصول الفقه‪.‬‬
‫فإذن الائض معذورَة‪ ،‬بِنصّ حديث رسول ال ‪ ،‬ومثلُها ف ذلك النفساء‪ ،‬وإنا الكلم ف الريض فإن كان‬
‫الريض يُمكِن أن ُيؤَجّر على نفسه بِأن يُحمَل فلبد مِن ذلك‪ ،‬وإن كان ل يَستطِيع ذلك‪:‬‬
‫فبعض العلماء قالوا‪ :‬عليه أن يَذبح دما ول شيء عليه فوق ذلك‪.‬‬
‫وبعض العلماء ذهبوا إل أنه ل شيء عليه‪ ،‬وذلك لنه ف معن الائض‪ ،‬إذ إنه ل يَتمكّن مِن التيان بِالطواف‪،‬‬
‫فهو وإن كان يَص ّح منه الطواف ف ذلك الوقت لو كان قادِرا عليه بِخلف الائض إل أنما يَشترِكان ف عدم‬
‫القُدرة على التيان بِالطواف‪ ،‬وكما أنه بِإمكانِ الائض أن تَتأخّر حت تُ ْطهُر كذلك بِإمكانِ الريضِ أن يَتأخّر‬
‫حت يُشفى مِن مرضِه ولكنّ الشارِع قد َرخّص لَها ف ذلك فإذن ُيرَ ّخصُ لِهذا الريض على رأي هؤلء‪ ،‬وهو‬
‫ي مستقيم بِمشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬إل لِمَن شاء أن يَحتاط لِدينه‪.‬‬ ‫رأ ٌ‬
‫‪-2‬وأما إذا كان هذا الشخص قادِرا على طواف الوداع ول يَطف فإنه ُيؤْمَر عند أكثر العلماء بِالتوبة إل ال‬
‫وبِأن يَذبَح دما لِفقراء مكّة الكرّمة شرّفها ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬لبد مِن التوبةِ والد ُم هو مذهب جهور المّة‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل طواف الوداع لِلمعتمِر فإنّ العلماء قد اختلفوا فيه‪:‬‬
‫فمنهم مَن ذهب إل مشروعية ذلك‪ ،‬واستدلوا على ذلك بِفعل النب وَأمْرِه حيث إنه طاف لِلوداع ف حجّة‬
‫الوداع وَأمَرَ بذلك‪.‬‬
‫ومِن العلماء مَن ذهب إل خلف ذلك وقالوا‪ :‬إنه ل يُشرَع‪ ،‬لنه ل يَثبتْ عن النب الَمْرُ بِه ف حالة‬
‫العُمرة‪ ،‬وما جاء مِن الروايات ف ذلك فإنا ل تَثبتُ عنه صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫ضعْف إِسنادِه‪-‬وبِأنه ل يَطُف طوافَ الوداع عندما جاء‬ ‫ونَحن ُنقِ ّر بِأنه ل يَثبتْ ذلك الديث عن النب‪ِ ε -‬ل َ‬
‫ِلعُمرة القضاء ‪ ..‬أي الت قَاضَى عليها كفارَ قريش عندما َمَنعُوه مِن العُمرة الت أحَ ّل منها ف الديْبية‪-،‬وقلتُ‪:‬‬

‫‪-1‬يُرجَع إل الشيخ ليُبيّن ما الذي قصَد قولَه ف هذه السألة‪.‬‬


‫‪335‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫" قَاضَى " لنّ بعضَ الناس يَقول‪ " :‬إنه قضى بِها " وذلك لنم يَقولون‪ " :‬كانت هذه قضاءً " وف ذلك نظر‪،‬‬
‫ح ّق َقةً‪ ،‬وبَحث‬
‫لنّ كثيا مِن أهل العلم يَقولون ليست هذه قضاءً‪ ،‬لنّ تلك العُمرة الت أح ّل منها كانت ُمتَ َ‬
‫ت أنه طاف‬‫لعْرَانَة‪ ،‬فإنه ل يَثب ْ‬
‫ذلك ف الدروس القادمة بِمشيئة ال تبارك وتعال‪-،‬وكذلك بِالنسبة إل عُمرة ا ِ‬
‫طواف الوداع ول أنه َأمَ َر بِذلك مَن كان معه‪ ،‬وإن كان هذا ليس بِالصريح‪ ،‬لنه صلوات ال وسلمه عليه‬
‫جاء واعتمَر ‪ ..‬طاف وسعى وخَ َرجَ بعد ذلك مباشَرة‪ ،‬ومهما كان فإ ّن طوافَه لِلوداع ف حجّة الوداع مُتأخّر‬
‫وكانوا يَأخذون بِآخر ا َلمْ َريْن والم ُر مُحتمِل والحتياطُ ف الدّين مطلوب‪ ،‬فالفضل لِلنسان أ ّل يُفرّط ف‬
‫طواف الوداع لِلعُمرة‪ ،‬ومَن ترك ذلك ف الاضي فل شي َء عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال؛ والعلم عند ال تعال‪.‬‬

‫أحكام الحج والعمرة للمرأة‬


‫*ما يتعلق بوجوب الحج والعمرة‬
‫‪ )1‬أحكام متعلقة بشرط وجود المحرم‬
‫س‪ :‬الرأةُ‪ ،‬هل يُشترَط لِسفرِها إل الج أن يَكون ذو مَحر ٍم معها ؟‬
‫ج‪ :‬إ ّن العلماء قد اختلَفوا ف هذه السألة‪:‬‬
‫‪-1‬ذهبت طائف ٌة كبِيةٌ منهم إل أنّ الرأةَ لبد مِن أن يُراِفقَها ذو مَحرمٍ منها إذا ذهبتْ إل الج‪.‬‬
‫ث عن النب ‪ ،‬وعلى تقدِي ِر عدمِ دخولِه فإنه مِمّا يُعلَم‬ ‫والزوجُ دا ِخلٌ ف الحرَم كما ثبتَ ذلك ف الدي ِ‬
‫بِالضرورةِ أنه َيصِحّ لَها السفر معه‪ ،‬إذ إنه أوْلَى مِن بقيةِ الحارِم‪.‬‬
‫ح معهم‬ ‫ت طائف ٌة مِن أهلِ العلم إل أنّ الرأةَ يَجوز لَها أن تَذ َهبَ إل الجّ مع جاعةٍ مِن أه ِل الصل ِ‬ ‫‪-2‬وذهب ْ‬
‫نساء‪ ،‬وقال بعضهم‪ " :‬أن يَكونوا مِن أهل العلم " ‪ ..‬اشترَط أن يَكونُوا مِن أهلِ العلم‪.‬‬
‫ومِن العلوم أ ّن الفْيصَل ف هذه القضية كغيْرِها مِن بقيةِ القضايا الشرعِية هو الدليلُ الشرعِي‪ ،‬وقد َثَبتَ‪-‬عن‬
‫النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬مِن طريقِ بن عباس رضي ال تبارك وتعال عنهما‪-‬أ ّن النب نَهى الرأةَ‬
‫ي نوعٍ مِن أنواعِ السفَر إل‬ ‫عن السفَر إل مع ذِي مَحرَم منها‪ ،‬فهذا الديثُ حديثٌ صحِي ٌح ثابِت وهو يَشمل أ ّ‬
‫شَيتْ على دِينِها أو خافتْ على نفسِها‪ ،‬وذلك كما‬ ‫ما اسُتثْنِي مِن أنّ الرأة تُسافِر مع غيْر ذِي الـمَحرَم إذا خ ِ‬
‫جا َء عن بعضِ الهاجِرات أننّ هاجَ ْر َن مع غيْرِ ما ِر ِمهِ ّن مِن مكّة الك ّرمَة إل الدينة النوّرَة‪ ،‬أما ما عدا ذلك فل‬
‫ولسيما أنّ الديث قد جاء فيه أنّ رَجُل ذَكَرَ لِلنب عندَما سَمعَ هذا النهي أنه قد ا ْكتََتبَ ف غزوةِ كذا‬
‫وأنّ َزوْجَه ُترِيدُ الج فَأمَرَه النب بِأن يرج إل الج مع امرأتِه ‪ ..‬كما جاء ذلك ف الديث الصحيح‪.‬‬
‫ول شك بِأنّ القول بِأنّ الرأة ليس لَها أن تُسافِر إل الج أو العمرة إل مع زوجٍ أو مَح َر ٍم منها هو القولُ‬
‫القوي الذي يَنبغِي أن يعتمد عليه ولسيما ف هذا الزمان‪.‬‬

‫‪336‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فالرأةُ إذا كانتْ ل َتجِدُ زوْجا أو مَحرَما منها فإنا َتَتأَخّرُ عن الج حت يَمُنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليها بِأن‬
‫يُسافِ َر معها زوجُها‪-‬إن كان لَها زوج‪-‬أو ذو مَح َرمٍ منها‪ ،‬أما أن تُسافِ َر مع غيْرِ زوجِها أو مِن غيْ ِر مَحا ِرمِها‬
‫ت إليه‪-‬كما قلتُ‪-‬طائفةٌ كبِ َيةٌ مِن أهلِ العلم‪ ،‬وهذا القول‬ ‫فإنّ ذلك مِمّا ل َيصِح على هذا القول الذي ذهب ْ‬
‫هو الذي أَعتَمِدُه‪ ،‬لِما رأيناه مِن الفاسِد الت تَترتّب على سفَ ِر الرأةِ مع غيْرِ زوجِها أو مِن غيْرِ ذِي مَحا ِرمِها‪،‬‬
‫حت إذا لَم يَثُبتْ‪-‬مثل‪-‬الديث فكيف وهو حديثٌ صحِي ٌح ثابِت ل شك ف ثبوتِه عن النب صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫فإذن الرأ ُة ل تُسافِر إل مع زوجِها أو مَح َر ٍم منها مِن أقا ِربِها سواء كان ذلك بِسببِ قرابَة منها‪-‬كما أشرتُ‪-‬‬
‫أو بِسببٍ مُباح ‪ ..‬تَسافِر الرأة مع أبيها أو جدّها وإن عل ومع ابنها أو ابن ابنها أو ابن ابنتها وإن نَزَل وتُسافِر‬
‫مع أخِيها وابن أخِيها وابن أختِها وإن نَ َز َل وتُسافِر مع عمّها ومع خالِها‪ ،‬وكذلك تُسافِر مع مَن لَه علقة بِها‬
‫ت عن النب أنه قال‪ ( :‬يَحرُم مِن الرضاع ما يَحرُم مِن‬ ‫مِن الرضاع كالعلقةِ الت ذكرناها مِن النسب لِما ثب َ‬
‫النسب ) فهذا الديثُ واضِح الدللة على أنه يَحرُم مِن الرضاع ما يَحرُم مِن النسب فمَن كان كصفة من‬
‫ذكرناه سابقا كان أبا لا من الرضاع أو جدا لا من الرضاع أو ابنا لا من الرضاع أو ابنا لبنها أو لبنتها من‬
‫الرضاع أو أخا لا أو عما لا أو خال لا أو كان أيضا ابنا لخيها أو لختها من الرضاع فإنم يسافرون معها‬
‫بشرط أن يكون ذلك الرضاع ثابتا‪ ،‬أما إذا كان مشكوكا فيه بأن‪-‬مثل‪-‬أدخل ذلك الطفل ثدي تلك الرأة ف‬
‫فمه ول يعلم هل مص منها أو ل فإن هذا من المور الشتبهات فمثل هذا ل يصافح تلك الرأة وأيضا ليس لا‬
‫أن تسافر معه وهكذا بالنسبة إل كل ما يتعلق بأحكام الرضاع‪ ،‬والرضاع ل يشترط فيه العدد كما ذهب إليه‬
‫بعض أهل العلم بل الصحيح أنه إذا ثبت الرضاع ولو كان مرة واحدة فإنه يثبت به الكم وذلك لظاهر القرآن‬
‫ولظاهر الحاديث الثابتة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وما جاء مالفا لذلك فقد رددنا عليه با فيه‬
‫الكفاية بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪ ،-‬وهكذا بالنسبة إذا كان هنالك سبب من السباب الباحة شرعا وذلك كأن‬
‫تسافر الرأة مع من يرم عليها بسبب مباح شرعا‪ ،‬تسافر الرأة‪-‬مثل‪-‬مع أب زوجها أو جده سواء كان ذلك‬
‫من جهة أبيه أو من جهة أمه وإن عل أو أن تسافر مع ابن زوجها أو ابن ابنه أو ابن بِنته وإن نزل أو أن تسافر‬
‫كذلك مع زوج أمها أو زوج جدتا وإن عل وهكذا بالنسبة إل زوج بِنتها وزوج بنت بنتها وإن نزل لكن‬
‫يشترط بالنسبة إل زوج الم وزوج الدة وإن علت الدة ‪ ..‬يشترط فيه أن يكون قد دخل بالم أو دخل‬
‫بالدة وهكذا بالنسبة أن لو علت الدة‪ ،‬أما إذا كان مرد عقد فإنه ل يكون بذلك مرما منها بلف زوج‬
‫البنت أو بنت البن أو بنت البنت فإنه بجرد عقده عليها‪-‬على ابنتها‪-‬يكون مرما للم ويكون مرما للجدة‬
‫وهكذا؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما مقدار السن بالنسبة للمحرَم إذا كان هذا الحرم ولدها ؟‬

‫‪337‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬لبد أن يكون بالغا‪ ،‬وبعض العلماء يرخص إذا كان مناهزا للبلوغ بأن كان يدري بكل ما يدور حوله‪ ،‬أما‬
‫إذا كان صبيا صغيا أو ما شابه ذلك فهذا ما ل قيمة له ‪ ..‬الصل أن يكون بالغا لكن ف حالة الضرورة‬
‫القصوى إذا كان مناهزا للبلوغ بقيت سنة أو ما شابه ذلك فبعض العلماء يرخص ف ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل‬
‫عقد النكاح فإن بعض العلماء يرخص إذا كان ذلك الصب يعقل ‪ ..‬فإنه يرخص ف أن يعقد على الرأة ولكنن‬
‫ل أرى ذلك بل أقول إنه لبد من أن يكون بالغا ‪ ..‬نعم إذا كان مناهزا للبلوغ فهو يُرخص فيه على رأي‬
‫بعضهم ‪ ..‬ف حالة عقد النكاح ينبغي أن يأذن ذلك الصب ولكن لبد من إذن غيه من هو أبعد منه أو من‬
‫إذن الاكم معه‪ ،‬أما ما يُرخص فيه بعض أهل العلم ما هو أقل من ذلك فل نراه لن العلة معلومة من هذا‬
‫وليس مرد أن يكون ذكرا وإنا أن يكون يعرف ما يدور حوله ويعرف ما يضُر تلك الرأة الت هو مرم منها‬
‫وما ينفعها وما شابه ذلك‪ ،‬أما أن يكون مرد ذكر فهذا ما ل ينبغي أن يعتمد عليه وإن قال به من قال‪ ،‬وف‬
‫القيقة‪-‬كما أشرت من قبل‪-‬مَن نظر إل بعض الفاسد الت تقع وعلم بذلك فإنه لبد من أن يشدد ف قضية‬
‫الج والعمرة مع غي الزوج ومع غي الحرم‪ ،‬ث إن الرأة باجة إل من يأخذ بيدها عندما تطوف وعندما‬
‫تسعى ولسيما ف حالة الزحام‪ ،‬وقد سعنا أن بعض النساء يسكن ف رجال أجانب منها وقد يسك ذلك‬
‫الجنب بيدها ويطوف با وقد تنشأ بعد ذلك علقات بينه وبينها لنا ترى أنه قد صنع لا معروفا ولبد من‬
‫أن تكافئه باتصال أو مكالة أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهذا‪-‬على كل حال‪-‬ما ل يصح ‪ ..‬نعم لو وقعت امرأة فلبد‬
‫من أن يملها النسان حت تقوم على رجليها أما أن تتعمد الرأة أن تذهب مع أجنب منها فهذا ما ل يصح‬
‫أبدا ‪ ..‬هذا ما أراه؛ والعلم عند ال‪.‬‬
‫س‪ :‬إذن نفهم من هذا أنه ف حالة عدم وجود الحرم ل تعتب الرأة مستطيعة ؟‬
‫ج‪ :‬نعم ‪ ..‬تتأخر الرأة حت تد زوجا أو مرما‪ ،‬لكن إذا ل تد أبدا بعد ذلك هل يب عليها أن تأمر غيها‬
‫أن يج عنها أو أن توصي بذلك ؟ ف ذلك خلف بي أهل العلم‪ ،‬ول شك أن السلمة أن تؤجّر من يج‬
‫عنها إذا صارت آيسة من وجود الزوج أو الحرم أو أن توصي بذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬ف حالة وجود الحرم لكنه ل يلك الال وهي تلك الال‪ ،‬هل يب عليها أن تعطي مرمها الال‬
‫ليحج معها ؟‬
‫ج‪ :‬أما الوجوب فيحتاج إل شيء من النظر‪ ،‬ولكنن أحث ذلك الحرم بأن يرج مع تلك الرأة وأحثها هي‪-‬‬
‫أيضا‪-‬أن تعينه بشيء من الال الذي يكن أن يذهب معها إذا حصل عليه فيكون هنالك تعاون بي تلك الرأة‬
‫وبي مرمها ول شك بأنه إذا ذهب سيحصل على أجر عظيم بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬إذا كان صالا ‪ ..‬أوّل‬
‫سيؤدي الج ولو كان قد حج من قبل سيؤدي حجة نافلة وف ذلك من الفضل ما ل يفى‪ ،‬كما جاء عن‬
‫النب ‪ ( :‬والج البور ليس له جزاء إل النة )‪ ،‬وجاء عنه أيضا‪ ( :‬من حج ول يرفث ول يفسق رجع من‬

‫‪338‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ذنوبه كيوم ولدته أمه )‪ ،‬إل غي ذلك من الحاديث الدالة على فضل الج وعظم منلته والجر العظيم‬
‫والثواب الكبي الذي يصل عليه من أداه طاعة ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬وامتثال لمره وكان بارا ف حجه ذلك‬
‫ل يرتكب معصية من معاصي ال تبارك وتعال‪ ،‬فإذن ل ينبغي له أن يفرط ف إعانة هذه الرأة على طاعة ال‬
‫وسيكون له الجر بشيئة ال من ناحيتي ‪ ..‬من تأديته للحج ومن إعانته لذه الرأة الت ترغب ف تأدية فريضة‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليها‪ ،‬وهي ينبغي لا ألّ تبخل بالال عليه‪ ،‬فمال هذه الدنيا ذاهب‪ ،‬فإذا أعانت هذا الرجل‬
‫الذي يذهب معها لتأدية الج ففي ذلك من الي ما ل يفى‪ ،‬أما الوجوب فيحتاج إل شيء من النظر‪ ،‬لن‬
‫القول بوجوب ذلك فيه ما فيه‪ ،‬كما ل يفى‪ ،‬فإذن‪-‬كما قلتُ‪-‬أحث الرأة الت ل تد مرما إل إذا أعانته‬
‫بشيء من الال ألّ تبخل بذلك؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫س‪ :‬ما حكم ذهاب الرأة للحج رفقة مموعة من النساء بدون أن يكون عندها مرم رجل ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ أستأذنك قبل كل شيء أن أجيب ولو بواب متصر جدا على سؤال الج السابق الذي‬
‫سألت عنه هذه الرأة لعلها تريد أن تذهب إل الج وقبل كل شيء أنبه إل أنه ينبغي للنسان أن يكون‬
‫حريصا على طلب العلم سواء كان ذلك من قراءة الكتب أو من سؤال أهل العلم أو من دروسهم أو ما شابه‬

‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه ‪ :‬س‪ :‬تريد أن تَحج حجّ الفريضة ولكن ليس لديها محرم إنما تَخرج مع نساء المسلمين‪.‬‬
‫ج‪ :‬الصل أن تذهب المرأة مع زوجها أو مع محرمها‪ ،‬لِما جاء مِن النهي عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬عن‬
‫سفر النساء مع غير المحارم‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وينبغي للزواج أن‬
‫ن في هذا التعاون ما ل يخفى مِن‬ ‫يتعاونوا مع زوجاتهم وينبغي للمحارم أن يتعاونوا مع‪-‬أيضا‪-‬أقاربهم مِن النساء‪ ،‬ل ّ‬
‫التعاون على الخير وال ِبرّ والتقوى‪ ،‬بل ذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أنه يَجب على الزوج أن يُسافِر مع زوجته لداء‬
‫فريضة الحج إذا كان ل يَجد عذرا شرعيا ول يَمنعه مِن ذلك مانع‪ ،‬وهذا القول وإن كنا ل نقول به بل نقول بعدم وجوب‬
‫ذلك عليه ولكننا نَحثّه على ذلك‪ ،‬وسيَحصل أيضا على فضْل الحج إذا كان متقيا ل تعالى‪ ،‬ول يَخفى ما في الحج مِن‬
‫فضْل‪ ،‬كما ثبت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬ذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أنه ليس للمرأة‬
‫حرَما فليس لها أن تُسافِر بل يَجب عليها أن‬
‫حرَم فإن لم تَجد زوجا أو َم ْ‬
‫أن تُسافِر إلى فريضة الحج إل مع زوج أو َم ْ‬
‫تُوصِي بذلك إل إذا تَمكّنت في يوم مِن اليام مِن فعل ذلك‪ ،‬وذهبت طائفة مِن العلماء إلى أنها يَجوز لها أن تَذهب إلى‬
‫ت رفقة مِن الناس مِن أهل الصلح معهم نساء‪ ،‬وهذا القول تَرخّص فيه كثير مِن أهل العلم‪ ،‬فإذا أَخذتْ به‬ ‫الحج إذا وَجد ْ‬
‫فل حرج ولكن ليس لها أن تُسافِر مع شخص واحد ‪ ..‬يوجَد كثير مِن الناس يَذهب الواحد ومعه مجموعة كبيرة مِن‬
‫النساء أو يذهب اثنان أو ما شابه ذلك مع مجموعة مِن النساء وهذا لم يُرخّص فيه أحد مِن أهل العلم‪ ،‬وإنما شدّدوا فيه‪،‬‬
‫وإنما رخّصوا إذا كانت مجموعة كبيرة مع نساء والكل مِن أهل الصلح ول يُخشى عليها‪ ،‬فهذا ترخيص‪ ،‬وأما الوجوب‬
‫فل يُمكِن أن نقول بالوجوب‪ ،‬ونظرا لضيق المقام فأكتفي بهذا المختصَر‪ ،‬ولعلنا نطيل في ذلك مرة أخرى‪.‬‬
‫‪339‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ذلك من الوسائل الت يصل با العلم الشرعي‪ ،‬وما نلحظه على كثي من الناس أنم ل يهتمون بطلب العلم‬
‫وإنا يهتم الواحد أن يسأل عن مسألة وقع فيها أو أنه يريد أن يأت با ف الستقبل أو ما شابه ذلك وقد ييب‬
‫بعض أهل العلم عن تلك السألة قبل ذلك بقليل أو قبل يوم أو ما شابه ذلك ول يهتم بتلك السألة ‪ ..‬يكون‬
‫مشتغل بالديث مع فلن أو فلن أو ل يطلع على تلك البامج الت تذاع فيها تلك الحاضرات أو تلك‬
‫الدروس أو تلك الجوبة أو ما شابه ذلك ويفوته خي كثي من السائل الشرعية‪ ،‬فطلب العلم فريضة على كل‬
‫مسلم وإن كنا ل نقول بأن الكل من الفرائض ولكن بعضه من الفرائض والبعض الخر من النوافل الت ل‬
‫ينبغي التفريط فيها‪.‬‬
‫بالنسبة إل هذا السؤال قد ذكرنا‪-‬ف الواب الذي مضى قبل قليل‪-‬أنّ الرأة إذا أرادت الج لبد من أن‬
‫تذهب مع زوج أو مرم منها‪ ،‬وأنه ل يصح لا أن تذهب مع مموعة من النساء معهن بعض أهل الصلح ‪..‬‬
‫هذا الذي ذهبت إليه طائفة كبية مِن أهل العلم‪ ،‬وعليه إن ل تد الرأة زوجا أو مَحرما منها ف ذلك الوقت‬
‫فلتتأخر حت تتمكن من الذهاب بعد ذلك ف سنة من السنوات القادمة بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مع زوجها إن‬
‫كان لا زوج أو مع ذي مرم منها‪ ،‬و‪-‬قلنا إنه‪-‬ينبغي أن يُنظر إذا ل تد الرأة مرما إل إذا بذلت له الال بأن‬
‫كان فقيا أو ما شابه ذلك و‪-‬قلنا إنه‪-‬ل ينبغي لا أن تفرط ف بذل الال‪ ،‬أما القول بوجوب ذلك عليها فإنه‬
‫يَحتاج إل شيء من النظر‪ ،‬وحت نتمكن من ذلك فإنن ل أقوى على الزم ف ذلك بشيء‪ ،‬لكن‪-‬كما قلتُ‪-‬‬
‫ينبغي التعاون بي الفريقي ‪ ..‬ينبغي لذه الرأة أن تبذل الال وينبغي لذلك الرجل ألّ يأخذ منها إل مقدار ما‬
‫يؤدي به الج ويرجع إل وطنه ‪ ..‬هذا الذي نعتمده لا ذكرته ف ذلك الواب‪.‬‬
‫وبعض العلماء يُرخص أن تذهب الرأة مع رجال من الثقات الصالي معهم بعض النساء من مارمهم؛ ولكن‬
‫ي وقت‬ ‫هذا القول ل ينبغي التعويل عليه‪ ،‬ولسيما ف هذا الزمان لشدة الزحام بل ول ينبغي التعويل عليه ف أ ّ‬
‫من الوقات لنه مالِف لِظاهر الديث الثابت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ونن ل نقطع العذر‬
‫ف هذه السألة ول نقول إنا من السائل القطعية ولكن نقول‪ :‬إن ذلك القول هو القول القرب للصواب‪،‬‬
‫وعلى تقدير صحة تأويل من تأوله من أهل العلم فكما قلتُ ف هذا الزمان ل ينبغي أن يؤخذ بذلك‪ ،‬لن ذلك‬
‫إذا كان ل يستدعي أن تسك الرأة بيد رجل أو يسكها رجل ويطوف با وقد تتاج إل حل أو ما شابه‬
‫ذلك ف الزمنة الغابرة فإن الزمان قد اختلف ف هذه اليام‪ ،‬وقد سعتُ أنه وقع ف العوام الاضية أ ّن بعض‬
‫النساء اللت ذهب إل الج قد ذهب للطواف مع رجال أجانب عنهن وقد أمسكت بعض النساء بيد رجل‬
‫أجنب منها فهل يكن أن نقول بواز ذلك ؟! هذا ما ل يصح ‪ ..‬نعم‪-‬كما قلتُ‪ -‬إذا كان هنالك وقع حادث‬
‫‪ ..‬وقعت امرأة فإنّ على الرجل أن يقوم بمل تلك الرأة حت تقوم‪ ،‬أما أن يتعمد ذلك أو أن تتعمد هي ذلك‬
‫من قبل فهذا ما ل يصح‪ ،‬فهذا الذي أراه وأعتمد عليه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬

‫‪340‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬بِالنسبة لِزوجةِ العَم وزوج ِة الال‪ ،‬هل ها مِن الحارِم ؟‬


‫ج‪ :‬زوج ُة الال وكذا بِالنسبةِ إل زوج ِة العَم فهما ليْستا مِن الحارِم ‪ ..‬الرا ُد بِالحارِم ه ّن مَن ل يَجوز‬
‫لِلشخصِ أن يَتز ّو َجهُنّ ف الاضِرِ ول ف الستقبَل‪ ،‬فكلّ امرأةٍ ل يَجوز له أن يَتزوّجَها ف الاضِر ‪ ..‬أي ف‬
‫ت الاضِر ول ف الستقبَل فإنه يَجوز لَه أن يُصافِحَها‪ ،‬وأما إذا كان لَه أن يَتزوّجَها ف هذا الوقت أو ف‬ ‫الوق ِ‬
‫الستقبَل فإنه ل يَجوز لَه أن يُصافِحَها بِحا ٍل مِن الحوال‪ ،‬كما قدّمنا ذلك؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬مَن الذي يَصْدُق عَليه أن يَكون مَحْرَما ‪ ..‬رُبّما يَكون لحد النسَاء صب‪ ،‬هل يُمْكن‬
‫أن يَكون هو مَحْرَمها ف هذا السّفَر ؟‬
‫ج‪ :‬أما الصّب إذا كان صَغِيا فل يُمْكِن‪ ،‬وأما إذا كان مُرَاهِقا ‪ ..‬أي كانتْ حَالُهُ تَقْرُب مِن حَالة‬
‫البُلُوغ فإنّ أهل العلم قد اختلفوا ف ذلك‪:‬‬
‫مِنْهم مَن قال‪ :‬إنّ هذا يَكْفِي لأَنْ يُرَافِق الرأةَ ف سَفَرَهَا ولسيما إذا كان هُنَالِك رِجَالٌ مِن‬
‫أَهْل الصّلح مَعُهُم نِساء‪.‬‬
‫وبعضُ العُلماء يَشْتَرِط البُلُوغ‪.‬‬
‫ول شكّ أنّ القَوْل بِاشْتِرَاط البُلُوغ قَوْل قَوِي جِدًا‪ ،‬ولكن ف مِثْل هذه الالة إذا كان الصب‬
‫مُرَاهِقًا لِلبُلُوغ وكان لَبِقًا ‪ ..‬لَه دِراية بِمثل هذه المور فل أرى بأسًا بِمشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫س‪ :‬امرأةٌ تُرِيدُ الذّهَاب إل العُمْرَة بِدُون مَحْرَم ‪ ..‬مَعَ أجَانِب ؟‬
‫ج‪ :‬قلنا نَحْنُ‪ :‬إنّ هَذِه الرأة إن كَانتْ ل تَأتِ بِالعُمْرَة الوَاجِبَة‪-‬على رأي مَن يقول بِذلك‪-‬فإنه‬
‫قد يُرَخّصُ لَهَا عَلَى رَأيِ بَعْضِ أهل العِلْم إذا كانت تَذهَبُ مع نِساء مع رِجال مِن أهْل‬
‫الصّلح‪.‬‬
‫وذَهَبَت طَائِفَة كَبِيَةٌ مِن أهل العِلم إل أنه لَيْسَ لَهَا أن تَذْهَب إل مَع زَوج أو مَحْرَمَ؛ ول‬
‫شَك بِأنّ هَذَا القَوْل أسْلم‪ ،‬فينبغي لَهَا إن كَانت ل تُؤَدّ العمرةَ الوَاجبة‪-‬على القَول بِوجوبِها‪-‬أن‬
‫تَنتَظِر حت تَجِدَ زَوجا أو ذَا مَحْرَمٍ مِنْهَا وَتُسَافِر مَعَهُ بِمَشِيئَة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وتَأْت‬
‫بِالعمرة وبِفَرِيضَة الج؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫ح َرمًا لا إذا ما أرادت الذهاب إل الج ؟‬


‫س‪ :‬زوج أخت الرأة‪ ،‬هل يعد مَ ْ‬
‫ح ْرمَة ‪ ..‬أيْ عدم َجوَاز نكاح ذلك الرّجل لَها ف ذلك‬
‫ح َرمًا لَها‪ ،‬وذلك لنّ هذه الـ ُ‬
‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬ل ُيعَ ّد مَ ْ‬
‫الوَقت ُح ْرمَة مؤقتة ولذلك لو‪:‬‬
‫‪-1‬ماتت أختها‪.‬‬

‫‪341‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-2‬أو طلقها وخرجت مِن عدتِها إذا كان الطلق َرجْعيًا‪.‬‬


‫‪-3‬أو طلقها إذا كان الطلق باتا‪.‬‬
‫ح ْرمَة‬
‫فإنه له أن يتزوجها‪ ،‬فإذن هذه الـحُ ْرمَة ُح ْرمَة مؤقتة‪ ،‬والرمة التِي تَجوز َم َعهَا ال ْلوَة أو السّفر فهي الـ ُ‬
‫ب أو ُمصَاهرة أو رَضَاع‪ ،‬أمّا إذا كانت غي ُم َؤبّدة أو كانت مؤبدة ولكن‬ ‫الؤبدة وبِشرط أن تكون بسبب نَسَ ٍ‬
‫بسبب مِن السباب الخرى غي المور الت ذكرناها فل وذلك‪-‬مثل‪-‬كحالة الّلعَان فإن مَن َلعَن الرمةُ‬
‫مؤقّتة بينه وبي تلك الرأة الت وقع بينه وبينها اللعان فل يوز له أن يتزوجها ف يوم مِن اليام ولكنه ل يَجُوز‬
‫خُلوَ ِبهَا وليس له‪-‬أيضا‪-‬أن ُيصَافِحَها‪ ،‬وهكذا بِالنّسبة إل مَن َزنَى بِها أو َزنَى بِها ابنه أَو أبوه أو مَا‬
‫لَه أن يَ ْ‬
‫شَابَه ذلك مِن المور الت وََقعَت الـحُ ْرمَة البَدِية فيها بسبب مِن السباب الارجة عِن السباب الت‬
‫ذكرناها؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫حرَم‪،‬‬
‫ج النّفل وسبق لَها أن حجّت الفرض لكنها هذه الرة تذهب بدون مَ ْ‬
‫حّ‬‫س‪ :‬امرأة أرادت أن تَ ُ‬
‫فهل عليها أن تتعجّل أم تؤخّر ؟‬
‫ج‪ :‬ما ذكرناه مِن وجوب الّتعَجّل ف َتأْدية الج فَذلِك ف حج الفريضة‪.‬‬
‫وَأمّا بِالنّسبة إل النافلة فالنسان ل يب عليه أن َيتََنفّل ف الج وإنّما ينبغي له ذلك أمّا أن يَجب عليه ذلك‬
‫فل‪.‬‬
‫والعلماء قد اختلفوا ف الرأة هَلْ َلهَا أن تذهب إل حَجّ الفريضة مع َغيْر مَحَا ِرمِها أو زوجها‪:‬‬
‫فبعض العلماء قَال‪ :‬لَيس لَها أن تذهب حت لِح ّج الفريضة إل مع زوج أو مَحْرم‪ ،‬وذلك لنهي النب‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬الرأةَ عن السّفر مع غي مَحارمها أو زوجها‪.‬‬
‫وبعض العلماء رخّص ف ذلك إذا كان الج حج فريضة بشرط أن تكون مع جلة مِن النساء معهن مَحارم مِن‬
‫أهل الصلح‪.‬‬
‫أمّا بالنسبة إل الج النّافلة فليس لَها أن تذهب إل مع زوج أو مَحْرم؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬والدتا تريد أن تَذهب إل الج ولكن ليس عندها مَحْرَم إل أنّ القاوِل يَصطحِب معه‬
‫زوجتَه مع مموعة مِن النساء‪ ،‬فهل تَذهب معهم ؟‬
‫ج‪ :‬ال الستعان‪ ،‬كثي مِن أهل العلم ذهبوا إل أنّ الرأة ل يَجوز لا أن تَذهب إل الج ول إل غيه إل مع‬
‫ج أو مَحْرَم‪ ،‬لِنهي النب عن سَفَرِها إل مع الزوج أو الـمَحْرَم‪ ،‬ورَخّصَت طائفة مِن أهل‬ ‫زو ٍ‬
‫العلم لِلمرأة إذا كانت تَذهب لِتأدية الج وكان الجّ حجّ فريضة ‪ ..‬رَخّصوا لا أن تَذهب مع نساء‬
‫معهنّ رجال مِن أهل الصلح‪ ،‬ولكن ل يَخفى ما ف شدّة الزحام ف هذا المر وضَعْفِ الرأة فقد تَحتاج‬
‫إل مساعدة ف الطواف أو ف السعي وقد تَمرَض وتَحتاج إل مَن يَقوم بشؤونا‪ ،‬وكثي مِن النساء ذَهبْنَ‬
‫‪342‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫مِن غي مَحارمِهنّ ومرضتْ منهنّ بعض النساء واحتاجتْ إل أن يَقوم الرجال بِحمْلِها أو مساعدتِها‬
‫أو أن تُمْسِك بم أو ما شابه ذلك وهم مِن غي مَحارمِها فيَقعون ف معصية ال تبارك وتعال ‪ ..‬هذا‬
‫الوقت ل يُمكن أن نُرَخّص ف مثل هذا المر فلتَنتظِر حت تَجد زوْجا أو مَحْرَما منها وهي معذورة إل‬
‫أن تَجد ذلك‪-‬بشيئة ال‪-‬وتوصي بذلك حت تَتمكّن مِن التأْدية مع الزوج أو الـمَحْرَم؛ وال أعلم‪.‬‬

‫ما يتعلق بإحرام المرأة‬


‫ض النساء َيفْهمنَ عَلى أَنّهن يَلَْبسْ َن لباسا ُمعَيّنا وطريقة معيّنة‪،‬‬
‫س‪ :‬ما طَريقَة إحرَا ِم الرأة ؟ لنّ بع َ‬
‫هل هناك بِالفعل شي ٌء مِن هذَا ؟‬
‫ج‪ :‬إنه َينَْبغِي لك ّل مَن أراد أن يَذهبَ إل َتأْ ِديَة فَرِيضَة الج أن يَكُونَ عَلَى َبيّنة مِن أمره فيمَا َيتَعَلّق بأحكام‬
‫الج سواء كان َرجُل أو امرأة حت َل يَقع ف بعض الخَالفات الشَ ْرعِية الت قَد ُتؤَدّي إل فَساد حَجّه أو تُؤدّي‬
‫إل شيءٍ مِن النّقص ف الج وإن كان ل َيصِل ذلك إل دَ َرجَة فَسَادِ الج‪.‬‬
‫الرأة تَلْبس اللَبس العَادية إل ما َسُأنَبّه عليه بعد قليل بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬وذلك لنّ السنّة النبوية‪-‬على‬
‫صاحبها وآله أفضل الصلة والسلم‪َ -‬ل َيأْتِ فيها نَهيٌ عن شيءٍ مِن اللباس بِالنسبة لِلمرأة إل أنا تُنهى أن‬
‫َتنَْتقِب‪ ،‬فالنب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬نى الرأة أن َتْنَتقِب ‪ ..‬أي أن تَ ْلبَس النّقَاب‪ ،‬وكذلك بِالنسبة‬
‫س القُفازين‪.‬‬
‫إل البُرْقُع‪ ،‬فليس لا أن تَلبس البُرْقُع وليس لا أن َتْنتَقِب وليس لا‪-‬أيْضا‪-‬أن تَ ْلَب َ‬
‫وأما بِالنسبة إل الوارب فإنّه ل مانع مِن ذلك بِالنسبة إل الرأة‪ ،‬إذ ل َيأْتِ ف ذلك ن ٌي عن النب صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬نعم ُتْنهَى الرأة أن َتتَبّج بِشيءٍ مِن ملبس الزينة وذَلك لنا تكون أمام الرجال‬
‫ي وقتٍ مِن الوقات تكون الرأة فيه أمام الرجال‬ ‫الجاَنب ولكن هَذَا الكم ليس خاصّا بِالج بل هو شامل ل ّ‬
‫الجانب أو تَ ْلَتقِي فيه بِالرجال الجَانِب‪.‬‬
‫وأما ما ذكره بعض أهل العلم مِن أنّ الرأة ُتنْهى عن عد ٍد مِن أنواع اللباس‪-‬كالرير مثل‪-‬فإنّ ذلك مِمّا ل يَرد‬
‫ف سنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫ي مسألةٍ مِن السائل فإنّ ال َفيْصَ َل َبْينَهم الكتاب والسنّة ‪..‬‬ ‫ف بيْن أهل العلم ف أ ّ‬ ‫ومِن العلوم أنه إذا وَ َردَ خِل ٌ‬
‫إذا وجدنا خِلفًا بيْن أهل العلم ف مسألة مِن الـمَسائل فلبد مِن أن َننَظر ف كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وف‬
‫سنّة رسوله‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬الصحيحة الثَابتة َعنْه‪ ،‬وما دَ ّل عليه الكتاب أو السنّة فهو‬
‫القول الصحيح الرّاجح الذِي يَنبَغِي لِلنسان ألّ يَحيد عنه أبدا‪.‬‬

‫‪343‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فإذن الرأة ف الحرَامِ تَلْبس اللبس العَادِية بِشَرْط ألّ َتتَبّج بِزينة‪ ،‬وإنا ُتنْهَى‪-‬كما قلتُ‪-‬عن لبْس النّقاب‪،‬‬
‫وكذلك البُرْقُع‪ ،‬وكذلك تُنهى عن لبس ال ُقفّازين‪ ،‬وها الشراب الذي تُدخِل فيه الـمَرأة يَديْها‪ ،‬أما بِالنسبة‬
‫إل ما عدا ذلك فل‪.‬‬
‫وهكذا بِالنسبة إل لُبس الذهب والفضّة فقد شدّد ف ذلك كثي مِن أهل العلم‪ ،‬ول أَجِد دليل يَدلّ على هذا‬
‫التَشَدّد وإنا ُتنْهى عن إِظهار ذلك لِلرّجال الجانب فذلك مَمْنوع سواء كان ذلك ف حجّ أو عُمرة أو ف‬
‫غَيْرها‪ ،‬أو بِعبارة أخرى‪ :‬سواء كانت ُمحْ ِر َمةً أو كانت مُحِّلةً ‪ ..‬هذا ما يَظهر ل؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫وأَما بِالنسبة إل سَدْ ِل الثّوب على الوَجْه إذا َمرّت الرأة بِالرجال الجانب أو مَ ّر بِها بعضُ الرجال الجانب‬
‫فالسنّة قد دَلَّت على ذَلك‪ ،‬إذ إ ّن أمهاتِ الـمؤمني‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليهن‪-‬كُ ّن يَسْدِلْن على مسمعٍ‬
‫ومرأى مِن النب إذا مَ ّر بِهنّ الرجال الجانب وهنّ مُحْ ِرمَات‪.‬‬
‫ولكن اشترَط بعضُ العلماء ألّ يَ َمسّ ذلك الثوب شيئا مِن الوجه‪.‬‬
‫ض أهل العلم‪.‬‬‫ول يَشترِط ذلك بع ُ‬
‫حتَاج إل دليل‪ ،‬ول أَجِد دليل يَدُلّ عليه؛ والعلم عند ال تبارك وتعال‪.‬‬ ‫والقول بِالشتِرَاط َي ْ‬
‫ح ِرمَات هو تغطيةُ الوجه بِناء على أنّ الفتنة هي‬
‫س‪ :‬القيقة أَصبحت الصفة الغَالبة عند الـمُ ْ‬
‫السبب ف سَدْل هذا المار‪.‬‬
‫ج‪ :‬هو ما ذكرناه ‪ ..‬النسان مُخاطَب أن يَلتزِم بِما ف كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وبِما ف سنّة رسول ال صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬والسنّة دَلّت على جَواز السّدْل عندما تَمُرّ الرأة الـمُحْرمَة بِالرجال أو يَمرّ بِها‬
‫بعضُ الرجال‪ ،‬أما ما عدا ذلك فإنا َتكْشِف وجهَها ‪ ..‬هذا الذي َثَبتَ ف السنّة الصحيحة الثابتة؛ والعلم عند‬
‫ال‪.‬‬
‫س‪ :‬لَكن ف موْسم الج الناس كَثِيُون والحتِكَا ُك بِالرجال أمرٌ وَارِد‪.‬‬
‫ج‪ :‬لَكن ل يَكون ذلك ف كل وَقْت مِن الوقات‪ ،‬وإنا يكون ذلك ف بعض الحيان‪.‬‬
‫س‪ :‬ما هو ِمعْيَار الوف مِن الفتنة ؟ يَعن كَيف تَستطيع الرأة أن تُميّز هَل هِي خَائِفة مِن الفتنة ؟‬
‫هل هذا يَعتمِد عليها بِنفسِها أم يَعْتَمِد على نَظرات الخرين إليها ؟‬
‫ج‪ :‬لبد مِن ُمرَاعَاة الَانِبي‪.‬‬
‫س‪ :‬هل لِلمرأةِ أن تَغْتَسِل غُسْل الحرامِ مِن منِلِها قبلَ الروج ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذه السألَة تَحْتَاجُ إل إطالَة‪ ،‬ولكن‪:‬‬
‫إذا كانتْ تَقْصِدُ بِمَنْزِلِها النل الذي نَزَلَتْ فيه ‪ ..‬مثل لو نَزَلَتْ ف " الدِينة " ‪ ..‬ف مدينة النب‬
‫‪ ،‬ول بأس‪-‬طبعا‪-‬مِن تَسْمِيَتِها بِالدينة النورَة ‪ ..‬إذا أرادتْ ذلك نعم لِتَغْتَسِلْ مِن هُنَاك‬
‫‪344‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وَلْتَخْرُج ولكن لِتُحْرِم مِن عندِ اليقات ‪ ..‬ل ينبغِي لَها أن تُقَدّمَ ذلك ‪ ..‬لَوْ قدّمتْ ذلك فإنّ‬
‫إحرامَها صحِيح‪-‬على الصحِيح الذي عليه المهور‪-‬ولكن ينبغِي لَهَا أن تُؤَخّرَ ذلك إل اليقات‪ ،‬كما‬
‫فَعَلَ النب صَلى ال عَليه وعلى آله وصحبه وسَلم‪ ،‬ولَم يَثبُتْ عنه ما يَدُلّ على خلفِ ذلك‪ ،‬ومَا جاء‬
‫مِمّا يُخالِفُ ذلك فإنّه ل يَثْبُت‪ ،‬وَمَوْضِعُ الطالة ف غيْرِ هَذِه الناسَبَة بِمَشِيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫أمّا إذا كانتْ تَقْصِد بِأَنّها تَغْتَسِل مِن بِلدِهَا عندَما تَذهَب وتَسْتَمِر عدّةَ أيام فهذا ل يَكْفِي‬
‫لِلتيانِ بِهذِه السنّة ‪ ..‬نعم ف وقتِنا هذا‪-‬مثل‪-‬إذا كانتْ تَخْرُج بِوَاسِطةِ الطائِرَة فإذا اغتَسَلَتْ ف‬
‫بيْتِها قبلَ خُرُوجِها مباشَرَة فل بأس‪-‬لنّها تَمُرّ على اليقات وهي ف الطائِرَة ول تَتَمَكّن مِن‬
‫الغتِسال أو تَتَمَكّن ذلك إنْ تَمَكّنتْ بِمَشَقّة‪-‬فَلْتَغْتسِل مِن بيْتِها لحرامِها وَلْتُحْرِم عندَما‬
‫تُحَاذِي اليقات؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫*ما يتعلق بالحيض والنفاس‬
‫س‪ :‬إن كانت الرأة تشى أن يدركها اليض ف فترة الناسك‪ ،‬هل لا أن تتأخر عن الج أو العمرة‬
‫بسبب هذا ؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم؛ إذا كانت تريد أن تذهب إل العمرة فإن كانت تعرف بأنه سيأتيها هذا اليض على حسب‬
‫عادتا ولبد من أن ترجع إل بلدها ف تلك الدة فل يكن أن ترِم لن ف ذلك من الصعوبة ما ل يفى قد‬
‫ترم ث ترجع إل بلدها وتبقى شهرا أو شهرين أو أكثر وهي مرمة وف هذا من الشقة ما ل يفى لكن إذا‬
‫كانت‪-‬مثل‪-‬ذهبت وتظن بأنا ستطهر قبل ذلك أو أنه لن يأتيها اليض قبل ذلك فيمكن أن تشترط فإذا‬
‫اشترطت ول تتمكن من تأدية تلك العمرة فل بأس بذلك على رأي من يقول بالشتراط ونن نقول بالشتراط‬
‫لن ذلك ثابت عن النب ودعوى أن ذلك خاص بتلك الرأة أو أنه منسوخ ما ل يُقبل‪ ،‬أما الصوصية فإنه‬
‫ما ل دليل عليها‪ ،‬والصل أن ما ثبت للواحد يثبت لغيه إل إذا دل دليل على التخصيص‪ ،‬وأما دعوى النسخ‬
‫فإنا مردودة لن ذلك من أواخر الحكام ول يأت ما ينسخه‪ ،‬ولكن بقي هل يباح ذلك لثل اليض أو ما‬
‫شابه ذلك ؟ عندما تكون هنالك ضرورة ملحة فيمكن أن نقول بذلك ولكن ل ندعو إل التساهل كثيا ف‬
‫مثل هذه القضية‪ ،‬أما بالنسبة إل الج إذا كانت الرأة تعرف بأنا لن تتمكن من التيان بالج وهي طاهرة‬
‫وطبعا الذي يشترط فيه الطهارة هو الطواف أما بالنسبة إل الوقوف والسعي إل غي ذلك من المور الخرى‬
‫كالرمي والبيت بالزدلفة والذبح وما شابه ذلك ‪ ..‬هذه المور ل تشترط فيها الطهارة وإنا الذي تشترط فيه‬
‫الطهارة هو الطواف فإذا كانت تعرف بأنا لن تتمكن من التيان بطواف الزيارة فل يكن أن تذهب إل إذا‬
‫كانت تعرف بأنا سترجع ويكن بعد ذلك أن تذهب بعد مدة ل يشق عليها ذلك فل إشكال ف ذلك أما أن‬
‫تذهب وبعد ذلك ترجع وتبقى مدة طويلة فهذا قد يشق عليها كثيا ولزوجها عليها حقوق إن كان لا زوج‬
‫‪ ..‬له حق الوطء ومن العلوم أن الرأة إذا كانت مرمة ل يكن أن توطأ بل ول ما هو أقل من ذلك حت‬
‫‪345‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫اللمس إذا كان بشهوة والتقبيل والضم وما شابه ذلك ‪ ..‬هذه المور ل تصح ف حق الُحرِم‪ ،‬فإذن العتب‬
‫الطواف فإذا كانت يكن أن تتأخر هنالك عن الرفقة والمر يسي ف هذا الزمان تأت ف طائرة أو تأت ف ناقلة‬
‫مع مرمها أو زوجها فلتتأخر وإن كانت يكن أن ترجع بعد ذلك بدة قصية فل بأس بذلك بشيئة ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أما إذا كانت ل يكنها ذلك فلتتأخر ف هذه السنة ولتذهب ف سنة أخرى بشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة إل عمرة التمتع فل إشكال ف ذلك إذا أتاها اليض فلتُدخل الج على العمرة وتكون قارنة كما‬
‫فعلت السيدة عائشة بأمر النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ‪ ..‬إذا ل تتمكن من الطواف قبل عرفة‬
‫فلتدخل الج على العمرة وتكون قارنة ولشيء ف ذلك بشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل طواف‬
‫الوداع فإنه ل يلزمها ‪ ..‬هذا أمر لبد من التنبه إليه وقد وقعت ف السنوات الاضية على حسب ما سعت ‪..‬‬
‫وكثي من السائل ف هذه القضية ولعلنا ننبه على ذلك ف مناسبة أخرى بشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬ل ّن هنالك‬
‫ت فيها بعضُ النساء مِمّا يبطل الج أو العمرة أو يؤثر فيهما أو ما شابه ذلك‪ ،‬وبيان‬
‫مِن الخالَفات الت وقع ْ‬
‫ذلك ف الناسبة الت أشرتُ إليها بشيئة ال تبارك وتعال؛ وال‪-‬تعال‪-‬ول التوفيق‪ ،‬وهو أعلم بكل شيء‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يَصِح لِلمرأة أن تَتَعَاطَى مَوَانِعَ الَيْض لِتُكْمِل عُمْرَتَها نَظَرا لمْتِدَادِ‬
‫أيَامِ حَيْضها زمنًا تَرْجِع فيه القَافِلة إل الوَطَن قبل طُهْرِهَا ؟‬
‫ج‪ :‬هنالك أمران‪:‬‬
‫‪-1‬الواز ‪ ..‬أي أَنه هل لِهذه الرأة أن تَستعمِل ذلك ؟‬
‫‪-2‬وإذا استعمَلتْ ذلك قبل نُزول الَيْض أو ف أثناءِ نُزوله وتَوَقّف اليْض عن النول‪:‬‬
‫فإنّ طائفة كبية مِن أهل العِلم تَقُول‪ " :‬إنّ ذلك مِما ل مَانِع مِنْه "‪.‬‬
‫وفرّق بعضُ أهل العلم بَيْن الَالتي ‪ ..‬بيْن ما إذا نَزل اليْض أو كان ذلك قَبل نُزوله فأجازوا ذلك ف‬
‫الالة الثانية دون الالة الول‪.‬‬
‫ونَحن نقول‪ :‬إذا انقطع اليْض ل مَانع مِن ذلك‪ ،‬ولكن هنالك قَضية أُخْرى وهي أنّ كَثيا مِن النّساء‬
‫اللت يَسْتَعْمِلن هذهِ البوب بعد ذلك ل يَتَوَقف هذا اليْض ويَسْتَمر الدّم لـمُدّة طَوِيلة جِدا‬
‫وتَارة يَنْزِل وتَارَة يَكون المر بِخِلف ذلك ول تَنْضبِط لَها عادة فَل تَدْري هَلْ هِي طاهر‬
‫فَتُؤَدّي مناسِك الج والعُمرة وتُصلي وتَصوم وهكذا بالنسبة إل بَقَية الَحْكَام الـمُتَعَلقة بقضية‬
‫اليْض أو هِيَ لَيْسَت بِطاهر وليس لا أن تُؤَدّي هذه الشياء ‪ ..‬تَبْقَى ف مُشكلة كبية جدًا‪،‬‬
‫فالسّلمة أن تَتَرُك هذه المُور وأن تَنْظُر ف أَمْرها‪ ،‬فإنّ كَثيا مِنَ النّسَاءِ لَهُنّ عَادَة ‪ ..‬تَعْرِف‬
‫مَتَى يَبْتَدِئ اليْض ومت يَنْتَهي اليض‪ ،‬فإن كانت يُمْكُنَهَا أن تُؤَدّيَ تِلك الـمَناسك قبل‬
‫نُزول اليض فَلْتَذهب ولْتَأتِ بِتلْكَ الناسِك‪ ،‬وإن كان ل يُمكنها ‪ ..‬تَعرف بِحسب عادَتا بِأنّ‬

‫‪346‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫اليض سيأتيها ف الوَقْت الفُلني ولَن تَتَمَكّن ف ذلك الوَقْت مِن تَأْدِية العُمْرة أو تَأْدية الج‬
‫لنّها لَنْ تَنْتَظِرَهَا تِلك الماعة الت هي ف رفَقَتهم فإنا تُؤمَرُ بِأن تَتَأخّر ف تلك السنَة‪،‬‬
‫وسيَجعل لَها ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فَرَجًا مِن أمرِهَا ف الـمُسْتَقْبل إن شاء ال تبارك وتعال‪ ،‬ومِن‬
‫الـمَعلوم هي ل تتأخّر مِن أجل التَأخر وإنّمَا مِن أجل هذه الضّرورة؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬الرأةُ الـمُسْتحاضة‪ ،‬كيف تُؤَدّي طواف الوداع ؟‬
‫ج‪ :‬أما الائض فقد اختلف العُلماء ف طَوَاف الوداع‪:‬‬
‫مِنْهم مَن قَال‪ :‬تُؤمَر بِأن تَتَأخّر إن أَمْكَنها ذلك وإل فَعَليها أن تَذْبح شَاةً لِفقراء الـحَرَمِ ‪..‬‬
‫والـمُرَادُ بِفقراء الرَمِ ف مِثْل هذه القَضَايَا هُم‪ :‬مَنْ يُوجَدُونَ ف الرَمِ ف ذلك الوَقْت سَوَاء‬
‫كَانوا مِن أهل الرَمِ أو كانوا مِنَ الفَاقِيي الذين قَدِموا إل الرَمِ‪.‬‬
‫وذَهبَتْ طائفة مِن أهل العِلم إل أنه ل شَيْءَ عَلَيْهَا وتَخْرُج إل إذَا طَهُرَت قبل مُفَارَقَة بُيُوتِ‬
‫مكّة فإنّها تُؤمَر بِأَن تَغتَسِل وتَرجِع وتَطُوف بِالبَيْت‪ ،‬أما إذا طَهُرَت بَعد ذَلك ولَوْ ف الَرَم‬
‫فإنّها ل تُؤْمَر بِالرّجوع ول شَيءَ علَيها‪.‬‬
‫وهذا القَوْل هُو القَول الصحيح‪ ،‬لِدللة حديثِ رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬عَلَيْه‪.‬‬
‫ولَعل الذين قَالوا بِخلف ذلك ل يَطّلِعوا على الديثِ فيُلْتَمسُ لَهُم العُذْر ول يُؤْخَذُ بِقَوْلِهم‪،‬‬
‫إذ كلّ يُؤْخَذُ مِن قَوله ويُرَد إل الصطفى صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪:‬‬
‫وإن يَقُولوا خَالف الثار‬ ‫حسبك أن تَتّبع الـمُختار‬
‫وال أعلم‪.‬‬
‫أما بِالنّسبَة إل الـمُستَحاضَة فإنّها تُؤْمَرُ بَعد حَيْضِها أَن تَغْتسِل وبعد ذلك ل تُؤمَر بِالغتسال‬
‫على الصَحِيح‪-‬لِعَدَم ثُبوت ذلك عن النب مِن وَجْهٍ يَصِلُ إل مرتبة الـحُجّية‪-‬وإنّمَا تُؤْمَر‬
‫بِغَسل مَوْضِع النجاسة وبِأن تَلْبَسَ شَيْئا يَمْنَع مِن خُرُوجِ تِلْك النّجَاسة إل شيءٍ مِن جسدها‬
‫أو إل الرْض ث تَتَوَضّأ وتَطُوفُ كما تُصلي؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬هذه الرأة الت ذهبت إل الج جاءها اليض بعد الزوال ف يوم عرفة ؟‬
‫ت وتَ َطهّرَتْ ‪ ..‬أي‬
‫ج‪ :‬ل َيضُرّها ذلك‪ ،‬لنا‪-‬على حسب كلم السائل‪-‬طافت طواف الفاضة بعدَ أن َطهُرَ ْ‬
‫ت مِن اليض وما دام المر كذلك فل علقة لِلحيض بِالوقوف بِعرفة فوقوفها‬‫بعد أن انتهى حيضها واغتسل ْ‬
‫صحيح بِمشيئة ال؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬الرأة الت يُفا ِجؤُها اليض ف الج‪ ،‬ماذا تَفعل ؟‬

‫‪347‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬ل تُشترَط الطهارة ف الج ول ف العُمرة إل ف الطواف‪ ،‬فإذا أتاها اليض فإنا ليس لَها أن تَطوف بِالبيت‬
‫بل لبد مِن أن تَنتظِر حت تَ ْطهُر مِن اليض وتَغتسِل وبعد ذلك تَطوف‪ ،‬فإن جاءت‪-‬مثل‪-‬مُعتمِرة أوّل ‪َ ..‬لبّتْ‬
‫بِالعُمرة ووَصََلتْ و َم َكثَتْ مدّة ث ل تَتمكّن مِن الطواف بِالبيت قبل التاسِع فإنا ُتؤْمَر بِأن تُ ْدخِل الج على‬
‫العُمرة فَتصِي قا ِرنَة بيْن الج والعُمرة بعد أن كانت مُعتمِرة فقط‪ ،‬وتَطوف بعد ذلك ِلعُمرتِها ولِحجّها طوافًا‬
‫جزٍ‪ ،‬كما وَقَعَ لِلسيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنها‪-‬فإنا كانت مُعتمِرة ‪ ..‬يعن كانتْ‬ ‫واحِدًا وذلك مُ ْ‬
‫ختْ الج ‪َ ..‬حوّلَت‬ ‫سَ‬‫ت أوّل بِالج ث بعد ذلك َلّبتْ بِالعُمرة ‪ ..‬أي فَ َ‬
‫ت بِالعُمرة فقط ‪ ..‬قيل‪ :‬إنا َلّب ْ‬‫َلبّ ْ‬
‫إحرامَها مِن الج إل عُمرة‪ ،‬وقيل‪ :‬إنا َلبّت مِن أول مرة بِالعُمرة‪ ،‬وف ذلك كلم طويل‪ ،‬ل داعي لِذِ ْكرِه الن‬
‫صَلتْ إل مكّة كانت تَُلبّي لِلعُمرة ولكنها ل تَتمكّن مِن الطواف فأَدْخََلتْ الج على‬ ‫‪ ..‬الهم أنا عندما وَ َ‬
‫عُمرتِها فصارتْ قارِنة وعندما َطهُرَت وتَ َطهّرَت بعد اليوم التاسع طَافَت لِحجّها وعُمرتِها طوافًا واحدا ‪..‬‬
‫فإذن هذا هو الكم‪.‬‬
‫أما إذا كان ذلك بعد وذهبَ أصحابُها ‪ ..‬أوّلً يُقال‪ :‬لبد مِن أن يَنتظِرها مَن هو مُرَافِقٌ لَها سواء كان زوْجا‬
‫أو َمحْرَما‪ ،‬ولكن إذا كانت هنالك ضرورة مُلِحّة ف الرجوع ف َر َجعُوا ف ْلتَ ْرجِع وليس لا أن تَطوف قبل أن تَ ْطهُر‬
‫وتَتَ َطهّر‪ ،‬ث بعد ذلك لبد مِن أن تَذهب إل مكّة حت تَقوم بِأداء هذا الطواف الذي هو ركن مِن أركان الج‪.‬‬
‫أما إذا كانت قد طافت طواف الج وبقي عليها طواف الوداع فإنا ُتعْذَ ُر عن طواف الوداع‪ِ ،‬بَنصّ السنّة‬
‫الصحيحة الثابتة عن النب ‪ ،‬كما جاء ذلك ف مسند الربيع‪-1‬رحه ال‪-‬وجاء عند غيه من أئمة الديث‬
‫خصّص لِلحديث العام الدّال على أنه يُؤمر النسان بِأن يَطوف طوافَ الوداع ‪ ..‬هذا الديث‬ ‫وذلك الديث مُ َ‬
‫صصٌ له والاصّ يَقضي على العام َتقَدّم أو َتأَخّر عليه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫مُخ ّ‬
‫ت طواف الفاضة مع طواف الوداع ‪ ..‬جعلتْهما واحدا ؟‬
‫ت وأجّلَ ْ‬
‫س‪ :‬الرأة الت حاض ْ‬
‫ج‪ :‬إذا حاضت الرأة أو كانت مريضة‪-‬مثل‪-‬وهكذا بالنسبة إل الرجل إذا كان مريضا أو كان كبيا ف السّن‬
‫ويَصعب عليه أن يَطوف مرتي‪-‬يطوف أوّل طواف الزيارة ث بعد ذلك يَطوف طواف الوداع‪-‬فإنه يُمكِن له‬
‫أن ُيؤَخّر طوافَ الزيارة إل الوقت الذي يُريد أن يَخرُج فيه مِن مكّة الكرّمة فيَطوف طوافًا واحدا ويَكفيه ذلك‬
‫ض الناس يَنوون بِذلك الطواف‬
‫لِلزيارة ولِلوداع‪ ،‬ولكن لبد مِن أن َيْنتَبِ َه الناس إل قضية مهمّة هنا وهي أ ّن بع َ‬
‫طواف الوداع وإذا َن َووْا بِه طوافَ الوداع مِن غيْر أن يَستحضِروا بِأنه لِلزيارة فذلك ل يُجزِيهم‪ ،‬فإذن إما أن‬

‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب (‪ )11‬ما تفعل الائض ف الج‪:‬‬


‫حديث رقم ‪ :439‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة‪-‬رضي ال عنها‪-‬قالت‪ :‬قلتُ لِرسول ال ‪ " :‬إنّ صفية بنت حيي قد حاضت‬
‫" فقال لا رسول ال ‪ ( :‬لعلها حابستنا ؟! أل تكن قد طافت معكن بالبيت ؟ ) قلتُ‪ " :‬بلى " قال‪ ( :‬فاخرجن )‪.‬‬
‫أو حديث رقم ‪ :441‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة أم الؤمني‪-‬رضي ال عنها‪-‬قالت‪ " :‬إنّ صفية بنت حيي زوج النب‬
‫حاضتْ فذكرتُ ذلك لِرسول ال فقال‪ ( :‬أحابستنا هي ؟! ) فقيل أنا أفاضتْ‪ ،‬قال‪ ( :‬فل إذن ) "‪.‬‬
‫‪348‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حضِرُوا الوداع‪ ،‬لنّ الفريضة تَسُ ّد مَسَدّ السّنة أو ما شابه ذلك‬ ‫ستَ ْ‬
‫َينْوُوا بِه طوافَ الزيارة فهذا يُجزِيهم ولو ل يَ ْ‬
‫مِن المور الت ل تَصِل ف التأكيد إل درجةِ تلك الفريضة‪ ،‬فذلك الطواف إذا نوى بِه النسان طوافَ الزيارة‬
‫فإنه يُجزِيه عن طواف الوداع‪ ،‬وإما أن َيْنوُوا الطوافيْن معا وذلك يُجزِيهم‪ ،‬أما إذا َن َووْا بِه طوافَ الوداع فذلك‬
‫ل يُجزِيهم‪ ،‬وقلتُ‪ " :‬يُجزِيهم " بناءً على قو ِل طائفة كبية مِن أهل العلم وهو الظاهر لنا‪ ،‬وإلّ فقد ذهب‬
‫ض أهل العلم إل أنّ ذلك ل يُجزِي وعليه فلبد على قولم مِن أن يَطوفوا طوافيْن ‪ ..‬لبد مِن أن يَطوفوا‬ ‫بع ُ‬
‫طوافًا لِلزيارة وآخر لِلوداع ولسيما إذا َسعَوْا بعد طوافِ الزيارة على رأي هؤلء فإنم جعلوا ذلك فاصِل‪،‬‬
‫ولكنّ الذي يَظهر ل أنّ هذا ليس بِفاصِل‪ ،‬لنن ل أَجِد روايةً صحيحة تَدُ ّل على أنّ السيدة عائشة‪-‬رضي ال‬
‫ت وطافتْ بعد‬ ‫تبارك وتعال عنها‪-‬عندما اعتمَرت مِ َن " التّنعيم " وطافتْ طوافَ العُمرة و َس َعتْ لا أنا ذهب ْ‬
‫ذلك لِلوداع ‪ ..‬ل أَجِد ما يَد ّل على ذلك‪ ،‬والظاهر أنا اكت َفتْ بِذلك عن طوافِ الوداع ولو كان ذلك ل‬
‫يُجزي لَما أَقَرّها الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬على ذلك‪ ،‬فأرى أنه ل مانع مِن الخذ بِذلك‪،‬‬
‫ف آي ًة مِن كتابِ ال ول سّنةً‬ ‫ب التيْسِي بِشرْط أ ّل نُخالِ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ولسيما أ ّن فيه تيْسِيا على كثي مِن الناس‪ ،‬ونَحن نُ ِ‬
‫عن رسولِ ال ‪ ،‬أما إذا َوجَدْنا دليلً صرِيا ل يَحتمِل احتمالً صالِحًا ِلصَرْفِه عن ذلك العن الصريح بل ل‬
‫يُمكِن أن ُيصْرَف الصرِيح عن دللته وإنا ُيصْرَف الظاهِر إذا َدلّ الدليل على صرفِه عن ذلك الظاهِر إل معن‬
‫ل يَصْ ِرفُ ذلك الدلي َل عن ظاهِره أو كان ذلك الدليلُ صرِيا فل يُمكِن أن نَقول إنّ‬ ‫آخر‪ ،‬فإذا ل نَجِد دلي ً‬
‫النسان له أن يَأخذ بِالقول الفلن مع أنّ ذلك القولَ ُمصَاِدمٌ لِذلك الديثِ الصريح ‪َ ..‬نعْذُ ُر مَن قال بِذلك‪،‬‬
‫لنه ل يَتعَمّد أن يُخالِف الديثَ الصريح ولكن لَعلّه ل يَطّلِع عليه أو ظَ ّن أنّ هنالِك صارِفا َيصْرِفُه عن دللته‬
‫ت وهو ثابِت ف حقيقة المر أو ما شابه ذلك‪.‬‬ ‫وليس المر كذلك أو ظَنّ أنه ل يَثب ْ‬
‫فكثي مِن الناس َيَت َغنّ ْونَ بِهذه العبارة‪ " :‬الدّين يُسْر " وهي ح ّق ل شَك فيه ولكن هل يُمكن أن ُنفَرّطَ ف السنن‬
‫ط النسان بعد ذلك ف الواجبات‬ ‫الثابتة عن النب أو ما شابه ذلك بِهذه الدعوى ؟! إذا قيل بذلك ربا ُيفَرّ ُ‬
‫إل غي ذلك‪ ،‬فهذا مِمّا ل يَقل بِه عالِم ‪ ..‬إنا قال العلماء‪ " :‬الدّين يُسْر " ‪ ..‬والدّين كله يُسْر عَلِمَ ذلك مَن‬
‫عَلِمَه و َج ِهلَه مَن َجهِلَه بِسبب َجهْلِه ل بِسبب أنّ المر بِخلف ذلك‪ ،‬فإذن هذه نقطةٌ لبد مِن أن ُيْنَتبَه لا‪.‬‬
‫كثي مِن الناس يَطلبون ِمنّا بِأن ُنرَخّص ف الرمي ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر قبل الزوال‬
‫ض العلماء قال بِأ ّن مَن رمى ف ذلك الوقت‬ ‫ض أهل العلم قد قال بِذلك‪ ،‬ونَحن ل نُْنكِ ُر أنّ بع َ‬ ‫بِدعوى أ ّن بع َ‬
‫أنّ ذلك يُجزِيه ولكنهم مّتفِقون‪-‬ف حقيقة المر‪-‬مع غيهم بِأنّ السنّة الثابتة عن النب هي الرمي بعد‬
‫الزوال‪ ،‬فهذا الذي َثَبتَ عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فقد روى البخاري وأبو داود والبيهقي مِن‬
‫طريق ابن عمر‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهما‪-‬أ ّن النب َرمَى بعد أن زالت الشمس‪ ،‬وقد جاء هذا‬
‫الديثُ‪-‬أيضا‪-‬مِن طريق جابر بن عبد ال رضي ال تبارك وتعال عنهما‪ ،‬رواه المام مسلم‪ ،‬ورواه المام‬

‫‪349‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫البخاري ف صحيحه تعليقًا‪ ،‬ورواه النسائي ف " الصغرى " و " الكبى "‪ ،‬ورواه أبو داوود والترمذي‬
‫والدارمي وابن ماجة‪ ،‬ورواه‪-‬أيضا‪-‬ابن خزية وابن الارود وابن حبان وابن أب شيبة‪ ،‬ورواه أبو عوانة وأبو‬
‫ُنعَيْم ف " الستخرَج على صحيح مسلم "‪ ،‬ورواه الطّوسي ف " متصَر الحكام "‪ ،‬ورواه البيهقي ف " السنن‬
‫الكبى " وف " الصغرى " وف " العرِفة " وف " دلئل النبوة "‪ ،‬ورواه الاكم ف " الستدرَك "‪ ،‬ورواه ابن‬
‫حزم ف " َحجّة الوداع "‪ ،‬وروته طائفة كبية مِن أهل العلم‪ ،‬ولما شاهدان مِن طريق السيدة عائشة ومِن‬
‫طريق ابن عباس وقد َقوّاهُمَا بعضُ أهل العلم ومهما كان فإنما صالِحان لِلستشهاد وإذا قيل بِعكس ذلك‬
‫فإننا قد أغنانا ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنهما بِالصحيح الثابت الّتفَق على ثبوته‪ ،‬فهل بعد ذلك يُمكِن أن نُرَ ّخصَ ف‬
‫الرمي قبل ذلك مع وجود هذه النصوص الصحيحة الثابتة ؟! ث إنه ل يُمكِن أن يُقال‪ " :‬إنّ ف ذلك تعسِيا "‪،‬‬
‫ذلك لننا‪-‬بِحمد ال‪-‬ل ُنلْزِم الناس بِأن يَرموا ف ذلك الوقت بل قلنا إنّ الوقت يَمت ّد مِن منتصَف النهار ‪ ..‬أي‬
‫بعد زوال الشمس مباشَرة إل غروب الشمس وهذا لِلمستطيع‪ ،‬أما مَن ل يَستطِع ووَجَدَ حَرَجا أو مشقّة فإنه‬
‫يُمكِن أن يَ ْر ِميَ ف الليل بل يُمكِن أن يَر ِميَ ف اليوم الثان‪-‬أي ف اليوم الثان عشر‪-‬عن اليوم الادي عشر‬
‫والثان عشر‪ ،‬أو ف اليوم الثالث عشر‪ ،‬فأيْن هذا العُسْر الذي يَ ْزعُمُ ُه مَن يَ ْزعُمُ ُه مِن الناس ؟! فالديث قد َثبَتَ‬
‫عن النب‪-‬صلى ال تبارك وتعال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬مِن طريق عاصِم بن عدي عند المام مالك‬
‫والشافعي وأحد والنسائي وأب داوود والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن خزية وابن حبان وابن الارود‬
‫وأب يعلى والُ َميْدِي وأحد وغيهم مِن أئمة الديث‪ ،‬وقد رواه المام الربيع‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬مِن‬
‫طريق أب عبيدة بَلغا عن النب‪ 1‬أنه رَ ّخصَ لِلرعاة بِأن يَرموا اليوم العاشِر والغداة ث يَرموا يوما عن يومي‬
‫‪ ..‬أي يَجمَعوا رمي اليومي ف يوم واحد‪ ،‬وهذا فيه دللة واضحة و ُحجّة نَيّرَة بِأنّ ذلك يكون أداءً ل قضاءً‪،‬‬
‫إذ ل يُمكِن لِلنب أن يَأمُر بِعبادة ُتؤَدّى بعد وقتها مِن غي ضرورة مُِلحّة مع أنه قد َأمَ َر بِذلك‪ ،‬فهذا دليل‬
‫على أنه أداء‪ ،‬ث إنه لو كان قضاءً‪-‬أيضا‪-‬فهذا الديث يَد ّل على أ ّن العبادة يُمكِن أن تُقضى بعد وقتها‪ ،‬وذلك‬
‫يَد ّل عليه أيضا‪ ( :‬ف َديْنُ ال أَحَ ّق بِالقضاء ) وما شابه ذلك مِن الدلة‪ ،‬أما تقدي العبادة عن وقتها مِن غي دليل‬
‫فهذا مِمّا ل يُمكِن أن يَقول بِه أحدٌ بعد ثبوت هذه السنّة الصحيحة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪ ،‬ونن نَلتمِس العذر لولئك العلماء الذين قالوا بِخلف ذلك أما أن نأخذ بِقولم فهذا مِمّا ل يَنبغي‪ ،‬ث‬
‫ليس هنالِك عُسْر بِحمد ال بل فيه يُسْر كبي جدا جدا ‪ ..‬كثي مِن أهل العلم قالوا‪ " :‬إنّ النسان ليس له أن‬
‫يَرمي بعد غروب الشمس " ونن نقول‪ :‬إنّ الدليل قد د ّل على أ ّن مَن ل يَستطِع له أن ُيؤَخّر ذلك حت إل‬

‫لِرعاة البل‬ ‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب (‪ )7‬ف عَرفة والزدلفة ومِن‪ ،‬حديث رقم ‪ :426‬أبو عبيدة قال‪ :‬رَخّص رسول ال‬
‫ف البيتوتة‪ ،‬ويَرمون يوم النحر‪ ،‬ث يَرمون بِالغداة‪ ،‬ومِن بعد الغَد يَرمون يومي ث يَرمون يوم النفْر‪.‬‬
‫‪350‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫اليوم الثالث عشر ‪ ..‬أن ُيؤَخّرَ َرمْ َي اليوم الادي عشر حت إل الثالث عشر‪ ،‬فهذه مسألةٌ يَنبغي أن ُيْنتَبَه إليها‬
‫وأن نَأخذ بِما َثبَتَ ف سنّة رسول ال ‪.‬‬
‫ص لك عن رسول ال‬ ‫جبُن ما قاله العلّمة الحقّق سعيد بن خلفان رحه ال‪ " :‬ومِن العَجب أن َأُن ّ‬ ‫ويُع ِ‬
‫وأنتَ تُعارِضن بِعلماء بيْضة السلم مِن غيْر دليل ول واضِح سبيل ‪ ..‬أليس هذا ف العيان نوعا مِن‬
‫الذيان ؟! "‪.‬‬
‫وقطب الئمة‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬قد شدّ َد أيّما تشديد فيمَن خالَف السنّة الصحيحة الثابتة عن النب صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فقد قال كلما ما معناه إن ل يَكن هذا هو اللفظ الذي ذَكَرَه القطب رحه ال‬
‫تبارك وتعال ‪ ..‬قال‪ " :‬اعلم أنه ل يَجوز لك السرار با ول تقليد كلم ' الديوان ' ف ذلك بعد قيام الجة‬
‫عليك بِما تقدم وبِما يأت إن شاء ال تبارك وتعال‪ ،‬وإن كان لِلديوان حديث ف ذلك ل نَطّلِع عليه َلوَ َجبَ‬
‫علينا العمل بِما اطَّلعْنا عليه مِن الحاديث‪ ،‬فكيف ول حديث لِلديوان ف ذلك وإنا هو مُجرّد استحسان‪ ،‬فمَن‬
‫أكب عليه بعد اطّلعه على الحاديث والجج ِخ ْفتُ عليه أ ّل يَنجو ول تَناله الشهادة لنّ ف ذلك إصرارا‬
‫وعنادا " أو ما هذا معناه‪ ,1‬فالقطب‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬قد شدّدَ فيمَن قلّد كلم صاحب " الديوان " ف‬
‫هذه القضية وقال إنه حت لو كان هنالِك حديث استدل به صاحب " الديوان " بِما أننا ل نطّلِع عليه فإنّ‬
‫الواجب علينا أن نَأخذ بِالسنّة الصحيحة‪ ،‬وأنه ل يَجوز لحد أن يُعانِد ويُخالِف السنن بعدما َثَبتَتْ‪.‬‬
‫والشيخ السالي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬قد شدّدَ ف مثل هذه القضايا أيّما تشديد‪ ،‬فيقول رحه ال تبارك‬
‫وتعال‪:‬‬
‫ونن نَحكي بعدَه خِلفا‬ ‫الصطفى يَعتبِر الوصاف‬
‫فيه عن الختار نصّ ُأسْنِدَ‬ ‫ل نَقبَل اللفَ فيما وَ َردَ‬
‫وعندما وَ َجدَ رحه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬كثيا مِن الناس يَجعلون المام هو الذي يُقيم الصلة إذا كان الؤذّن غيْر‬
‫ثِقة شَدّد ف ذلك رحه ال‪-‬تبارك تعال‪-‬أيّما تشديد فقال‪ " :‬ومثله " ‪ ..‬أي مثل الذان ‪..‬‬
‫لنا تابِعةٌ أحكامَه‬ ‫ومثله قد قِيل ف القامة‬
‫وثِ َق ًة يَشرُط فيها الَبعْضُ‬ ‫فقيل سنّة وقيل فرض‬
‫خفِي‬
‫أسرّها المام فيما يُ ْ‬ ‫فإن يَكن ليس بِهذا الوصف‬
‫إن أرى قائله قد هَذى‬ ‫ول دليل عندنا لِهذا‬
‫‪-1‬قطب الئمة الشيخ ممد بن يوسف أطفيش‪ ،‬كتاب " القنوان الدانية ف مسألة الديوان العانية "‪ ،‬ص ‪ " :14‬اعلم أنه ل يَجوز لك السرار‬
‫ت لك وبِما يأت إن شاء ال‪ ،‬ولو كان لِلديوان ف ذلك حديث ل نَ ّطلِع‬ ‫با ول تقليد كلم ' الديوان ' ف هذا مع قيام الجة عليك بِما ذكر ُ‬
‫ب علينا العمل بِما ا ّطَلعْنا عليه مِن الحاديث‪ ،‬فكيف ل حديث لِلديوان لذلك وإنا هو مُجرّد استحسان ل دليل عليه‪ ،‬فمَن أكب‬
‫عليه َلوَجَ َ‬
‫عليه وترك الحاديث والجج بعدما وصلته ِخ ْفتُ عليه أن ل يَنجو ول تَناله الشهادة ل ّن ذلك منه إصرار وعناد "‪.‬‬
‫‪351‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وهو فساد حيث ل يَ ْدرِيه‬ ‫يَظُ ّن أنّ الحتياط فيه‬


‫من بعده عن سنّة السلف‬ ‫فكان منه سبَب انصراف‬
‫إذ كان فيه ثقة سليما‬ ‫فجعلوا إمامهم مقيما‬
‫فبدّلُوا ُسنّة سَيّد الورى‬ ‫ضرَ‬
‫وََقبِلُوا الذان مِمّن َح َ‬
‫حُبنَا‬
‫فهو يُقيم وعليه صَ ْ‬ ‫إذ كان ف ُسنّتِ ِه مَن أَذّن‬
‫وهم لِلحتياط يَ ّدعُون‬ ‫حت أتى مَن جَهلوا السنون‬
‫ت بِقلب مَن ل يَعقِل‬
‫خ ْ‬
‫و َرسَ َ‬ ‫فبَدّلُوا وَليَْتهُم ما بَدّلوا‬
‫على ثبوتِها بِما قد قال‬ ‫حت ا ّدعَاها سنّة واحتال‬
‫لنه يَقول ما ل يَعلم‬ ‫حرّم‬
‫وهو َلعَمْرِي جَدَ ٌل مُ َ‬
‫حنَة‬
‫بِجهله كفى بِهذا مِ ْ‬ ‫وأنه ساعٍ ِلهَدم السنّة‬
‫إل آخر كلمه رحه ال تبارك وتعال‪.1‬‬
‫ث ثابت عن النب‬
‫والمام الليلي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬عندما وَ َج َد بعضَ العلماء قالوا بِخلف حدي ٍ‬
‫ب بِه عُرْض الائط " مع أنه قد قال بِذلك القول بعضُ مشائخه رضوان‬ ‫قال‪ " :‬وقو ٌل بِخلف الديث ُيضْرَ ُ‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليهم‪.‬‬
‫وهكذا نَجِد ُفحُولَ الرّجال إذا وَجَدوا سنّة ثابتة عن رسول ال أَخذوا بِتلك السنّة الثابتة عن رسول ال‬
‫ولو خالَفها مَن خالَفها مِن أهل العلم‪ ،‬ولِذلك الشيخ السالي‪-‬رحه ال‪-‬يقول‪:‬‬
‫ل حظّ فيه أبدا لِلنظر‬ ‫فقولم عند وجود الثر‬
‫يَنفي خِلفَه مِن النظار‬ ‫معناه ما أتى عن الختار‬
‫وعلى كل حال‪:‬‬
‫وإن يَقولوا خالَف الثار‬ ‫حسبك أن تّتبِع الختار‬
‫و‪:‬‬
‫ول كل ِم الصطفى الوّاه‬ ‫ول ُتنَاظِر بِكتاب ال‬
‫ولو يَكون عالِما خبيا‬ ‫معناه ل تَجعل له نظيا‬

‫‪-1‬المام نور الدين السالي‪ ،‬جوهر النظام ف علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الصلة‪ ،‬باب‪ :‬الذان والقامة‪ ،‬وهذا بقية كلمه رحه ال تبارك‬
‫وتعال‪:‬‬
‫صلّى عليه ربّهمشتهِر مضى عليه‬
‫لو كان سنّة كما قد زعملم َتفُتَن أسلفَنا والعلماءكيف تكون سنّة مالِفةلِما عليه العلماء السالفةوفِعله َ‬
‫صحبُهواللفاءُ الراشدون أجعإل انتهائهم عليه أجعوا‬
‫‪352‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فهذا الذي يَنبغي للنسان‪.‬‬


‫ومِن العَجب أنّ كثيا مِن الناس َيتَحَجّجُو َن بِأنه قد قال بِهذا القول ممد بن علي ‪ ..‬أي تقدي الرمي عن وقته‪،‬‬
‫وأوّل قد َأخْ َطؤُوا ‪ ..‬ممد بن علي ليس هذا هو الشهور‪ ،‬وإنا هذا هو رجل مالكي كما ذَ َكرَ ذلك ابن عبد‬
‫الب وكما ذكر ذلك ابن رشد أيضا‪ ،‬ونن‪-‬أيضا‪-‬وإن كنّا نقول‪ " :‬إنّ هذا الرجل له العذر فيما قال به "‬
‫ولكن مهما كان ل يُمكِن أن ُنقَلّدَ أحدًا بعد ثبوت السنّة الصحيحة الثابتة ثبوتا أوضح مِن شس الظهية‪،‬‬
‫وهذه السألة َسنَزِيدُها بَسْطا‪-‬بِمشيئة ال‪-‬ف الدروس القادمة‪ ،1‬فأسأل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يُوّفقَنا لِلعمل‬
‫بِالسنّة؛ وال أعلم‪.‬‬
‫ب استخدامِ أقراصِ منعِها ف حالِ ذهابِهنّ إل الج أو إل‬
‫ب الدورةِ عن َد النسا ِء بِسب ِ‬
‫س‪ :‬اضطرا ُ‬
‫ح مثلُ هذا الجراء ؟ وإذا ما اض َط َربَتْ‬
‫العمرَة أو إل أيّ شيءٍ آخَر يَحتجْن فيه إل ذلك المْر‪ ،‬فهل يَصِ ّ‬
‫الدورةُ عن َد الرأةِ بِهذهِ الطرِيقة‪ ،‬كيف تَصنَع ؟‬
‫ض العروف أو مِن إِيقافِه بعدَ خروجِه‬ ‫ج‪ :‬إنّ استعما َل البوب وما يَجرِي مراها مِمّا يَمنَع مِن خروجِ َد ِم الي ِ‬
‫‪ ..‬هذه السألَة اختلَف فيها العلماء قديا‪:‬‬
‫‪-1‬منهم مَن ذهبَ إل أنّ ذلك مَمنوع ل يَصِح سواء كان ذلك قبلَ خروجِ الدم أو كان ذلك بعدَ خروجِه‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم مَن ذهبَ إل جوازِ ذلك مطلَقا ‪ ..‬أي سواء قبلَ خروجِ الدم أو بعدَ خروجِه‪ ،‬فإذا تَوقّفَ الدم فإنّ‬
‫تلكَ الرأة َيصِحّ لَها أن تَأتِي بِما تَأتِي بِه الرأة الطاهِرَة مِن صلةٍ وصيا ٍم واعتكافٍ وقراءةٍ لِلقرآنِ الكري ولَمسٍ‬
‫ضئَة‪-‬وطوافٍ إل غيْرِ ذلك‪ ،‬وهكذا فيما يَتعلّق بِمسأل ِة الوطْء‪.‬‬ ‫ت متو ّ‬‫لِلمصحف‪-‬إذا كان ْ‬
‫‪-3‬ومنهم مَن تَوسّطَ بيْن القوليْن فقال‪ :‬إنّ ذلك جائز قبلَ خروجِ الدم أما بعدَ خروجِ الدم فإنه ليْس لِلمرأةِ أن‬
‫تَستعمِل شيئا مِن هذه الوانع‪.‬‬
‫وليْس هنالك دَلِيل صرِيح ف سّنةِ رسولِ ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬على واح ٍد مِن هذه القوالِ‬
‫الثلثة الذكورة‪ ،‬ولكن القول بِجوازِ ذلك مطلَقا وأنه إذا تَوقّفَ ذلك الدم إذا استعملتْه بعدَ خروجِ الدم فإنه‬
‫يَجِب عليها الغسل ويَجِب عليها ما يَجِب على الرأةِ الطاهِرَة ويَجوز لَها ما يَجوز لِلمرأةِ الطاهِرَة هو القول‬
‫الصحيح‪ ،‬وذلك لنّ هذا المر‪-‬أعن أمْرَ العبادات‪-‬معلّ ٌق بِوجو ِد اليْض فإذا تَوقّفَ اليْض ووُ ِجدَ ال ّطهْر فإنّ‬
‫هذه العبادات َتجِب على الرأةِ‪-‬أعن ما يَجِب منها‪-‬ويَجوز لَها ِفعْل ما يَجوز لَها مِن المورِ الائزة لِلمرأةِ‬
‫الطاهِرَة‪ ،‬فإذن ذلك يَتوقّفُ على وجودِ اليضِ والطهارةِ‪ ،‬فما يُمنَع إذا وُ ِج َد اليض فهو مَمنوعٌ ف حالةِ‬
‫جبُ على متلف الحوال ‪ ..‬أي على حسب‬ ‫جبُ ف حالةِ وجودِ الطهارة فإنه يُباحُ أو يَ ِ‬ ‫ح أو يَ ِ‬
‫اليض‪ ،‬وما يُبا ُ‬

‫‪-1‬وكان ذلك‪-‬بمد ال تعال‪-‬عند الواب على السؤال ‪ 2‬من حلقة ‪ 24‬ذو القعدة ‪1424‬هـ ( ‪18/1/2004‬م )‪ ،‬وكان ذلك أيضا‪-‬‬
‫بمد ال تعال‪-‬عند الواب على السؤال ‪ 8‬من حلقة ‪ 6‬ذو القعدة ‪1425‬هـ ( ‪19/12/2004‬م )‪.‬‬
‫‪353‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫اختلفِ تلك العبادات‪ ،‬فإذا وَجَدَت الرأةُ الطهارةَ ولَو َخرَجَ الدم فإنه يَجِب عليها الغسل ويَجِب عليها ما‬
‫يَجِب عليها مِن العبادات‪-‬كما قلتُ‪-‬ويَجوز لَها ما يَجوز مِن العبادات ‪ ..‬هذا الذي أَرَاه ف هذه السألة‪،‬‬
‫ولكن القضية ليستْ ف هذا المْر وإنا القضية ف أنّ هذه البوب وهكذا بِالنسبةِ إل البَر وما يَجرِي مراها‬
‫فيه قضية شائِكة أخرى يَجِب التنبّه لَها‪ ،‬وهو أنّ كثيا مِن النسا ِء اللتِي يَستعمِلْن هذه البوب أو هذه البَر‬
‫ضهِن ولكن بِمجرّ ِد استخدامِ هذه الوانِع فإنّ العادة تَختلِف وتَضطرِب‬ ‫كُ ّن مِن قبل ضابِطات لِمسأل ِة أيامِ حي ِ‬
‫اضطرابا كثِيا جِدا‪ ،‬فق ْد تَكون عا َدةُ الرأ ِة منحصِرَة ف ِسّتةِ أيام وقد تَكون ف سبعةِ أيام أو ثَمانية وهكذا على‬
‫ب اختلفِ النساء ولكن بِمج ّر ِد استخدامِها لِهذه البوب أو لِهذه البَر فإنّ هذه العادَة تض َطرِب‪ ،‬فتارةً‬ ‫حس ِ‬
‫تستمِر خسة عشر يوما وتارةً تستمِر شهرا وتار ًة تستمِر أكثر مِن ذلك‪ ،‬فل تَدرِي هل هذا الدم هو دم حيض‬
‫ت متعدّدَة ل‬ ‫أو هو استحاضة ومت يَكون حيضا ومت يَكون استحاضة‪ ،‬ويَترتّب على ذلك إشكالت ف عبادا ٍ‬
‫تَدرِي هذه الرأة تَأتِي بِتلك العبادات أو ل تَأتِي بِها‪ ،‬فالصلةُ وا ِجبَة على الرأة ف حالةِ الطهارة وهي مُح ّرمَة‬
‫ف حالةِ اليض‪ ،‬والصيام وأعن بِالصيام صيام شهر رمضان‪ ،‬وهكذا بِالنسبةِ إل الصيام الواجِب إذا كان صيام‬
‫كفارة وكانت مدّدة ف ذلك الوقت‪ ،‬وهكذا بِالنسبةِ إل صيا ِم النذر‪ ،‬فيَكون واجِبا ف حالةِ الطهارة وتكون‬
‫ف فإنّ الائِض ل يَجوز لَها أن تَطوف بِالبيْت‪،‬‬ ‫مَمنوعة مِن ذلك ف حال ِة اليض‪ ،‬وهكذا بِالنسبةِ إل الطوا ِ‬
‫وليس لَها عندَ أكثرِ أهلِ العلم أن تَدخُل السجد‪ ،‬وهكذا بِالنسبةِ إل قراءةِ القرآن‪ ،‬وهكذا بِالنسبةِ إل معاشرةِ‬
‫الزوجِ لَها‪ ،‬فهذه السألة يُمكِن أن يُقا َل بِالتشدِيد فيها مِن هذه الناحية‪ ،‬وأنا قد جا َءْتنِي أسئلة كثِيَة جِدا ف‬
‫حَ ّج هذه السنة وف غيْرِها وف غيْ ِر هذا الوسِم البارَك‪ ،‬وحت هذه اليام كثِ ٌي مِن النساء اللتِي اسَتعْمَلْن هذه‬
‫ت عليه ف السابِق‪ ،‬وهذه مسألَة مشكِلَة يَنبغِي التنبّه‬ ‫ت العادَة لَم تَستقِر كما كان ْ‬
‫البوب ف أيامِ الج ل زال ْ‬
‫لَها‪ ،‬فأنا ل أَنصَح بِاستخدامِ هذه البوب ول بِاستخدامِ هذه البَر ول بِاستخدا ِم شيءٍ مِن هذه الشياء الت‬
‫ج اليض ل لِلسببِ الذي َورَدَ ف السؤال وإنا لِهذا السببِ الذي ذَ َك ْرتُه‪ ،‬ومِن العلوم أنّ عادةَ‬ ‫تَمنَع مِن خرو ِ‬
‫أغلبِ النساء تَكون ِستّة أيام أو سبعة وقد َتصِل إل العشرَة وقد تَتَجاوَز ذلك بِقلِيل على الصحيح الراجِح‪،‬‬
‫فبِإمكانِ هذه الرأة الت تُرِيد أن تَذهَبَ إل الج ‪ ..‬بِإمكانا أن َتتَأخّر ف مكة الكرّمة حت يَنتهِي وقت اليض‬
‫وتَغتسِل وتَأتِي بعدَ ذلك بِالطوافِ الواجِب إذا كان ذلك الطوافُ ركنا مِن أركان الج أو مِن أركان العمرة‪،‬‬
‫ف القدوم فإنّها معذورَة مِن ذلك‪ ،‬وهكذا بِالنسبةِ إل طوافِ الوداع فإنّها معذورَة مِن‬ ‫وأما بِالنسبةِ إل طوا ِ‬
‫ذلك على الصحيحِ كما دَّلتْ على ذلك السنّة الصحيحة الثابِتة‪ ،‬وإذا قدر بِأنا أح َر َمتْ مثل بِالعمرَة ث ل‬
‫َتتَمَكّن مِن التيا ِن بِها قب َل يومِ عرفة فإنا تردِف عليها الج فتَكون قا ِرنَة بعدَ أن كانتْ متَ َمّتعَة‪ ،‬كما وَقَعَ ذلك‬
‫ت فبِإمكانِها أن تَرجِع إل بلدِها ث بعدَ ذلك‬ ‫لِلسيدة عائشة رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنها‪ ،‬على أنا لو اضْ َطرّ ْ‬
‫تَذهَب إل تَأ ِدَيةِ الطواف والسعي الذي بَعدَه‪ ،‬أما أن تَستخ ِد َم هذه البوب مِن أجْ ِل أن تَأتِي بِالطواف وهي ف‬

‫‪354‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ف ول تَدرِي هل تُصلّي أو ل تُصلّي وهكذا‬ ‫حال ِة طهارة ث بعدَ ذلك َيقَع الحظُور فل تَستطِيع أن تَأتِي بِالطوا ِ‬
‫بِالنسب ِة إل بقيةِ العبادات الت لَها عَلقة بِهذا المْر فإّننِي ل أَنصَح بِذلك بل أقول‪ " :‬إنه ل ينبغِي ذلك "‪.‬‬
‫وأما بِالنسبةِ إل مَن وَقَعَ لَه ذلك ف الاضِي فإننا نَقول‪ :‬إنّ كلّ امرأ ٍة يَنبغِي لَها أن تَسأ َل عن الالةِ الت وََق َعتْ‬
‫فيها‪ ،‬وأن تَصِفَ له ِل العلم نوعَ الد ِم و َشكْلَه وكم استَمَر وما شابه ذلك مِن المور الت ستوجّه إليها السئلة‬
‫فيها حت يُمكِن أن نَحكُم أو يَحكُم غيْرُنا مِن أهلِ العلم على هذه الالة هل هي حيْض أو استحاضة؛ وال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫ما بعد الحج‬
‫س‪ :‬إذا ذَهَبَ الرّجُل إل الج ث فَعَلَ العَاصِي عند عودته إل بَلده‪ ،‬هل يَنْتَقِض حَجّه‬
‫بِمثل هذا الفِعل ؟‬
‫ج‪ :‬حجّه صحيح إن كان ل يَأْتِ بِما يُنَافي ذَلك ف وَقْتِ حَجّه‪ ،‬وأما فِعْلُه لِلمَعَاصِي بعد ذلك‬
‫فَعَلَيْه أن يَتوب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مِن ذلك ‪ ..‬على النسان ألاّ يَفْعَلَ شَيئا مِن مَعاصي ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬وإذَا أغْوَاه الشيطان‪-‬والعياذ بال تبارك وتعال‪-‬وفَعَل شَيْئًا مِنْ مَعَاصِي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فإنه‬
‫يُؤمَرُ بِالتوبة إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬تَوْبَةً نَصُوحًا‪ ،‬وإذا تاب وأناب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فإنّ ال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬قد بَيّن‪-‬كَمَا قَد ثَبت ف الديث‪-‬بِأنّ مَن أتى شَيْئا مِن العاصي ث تَاب إل ال‬
‫وَرَجَعَ إلَيْه أنّهُ يُجَدّد له ذلك العمل‪-‬ذكرتُ معن الديث ل النص‪-‬فهذا الرّجُل فِعْلُه لِتَلْك‬
‫العاصي ل يُؤَثّر على حَجّه السابق ولكن مع ذلك يُؤْمَر بِالتوبة‪-‬كما قلتُ‪-‬وعَلَيْه أن يَتَخَلّصَ مِن‬
‫كُل مَا وَقَعَ فِيه إن كانت هنالك شيء مِن حُقوق العِباد ‪ ..‬إذا اغتَصَبَ‪-‬مثلً‪-‬امرأةً‪-‬والعياذ ال‬
‫تبارك تعال‪-‬وزنى بِها أو زَنى بِصَبِية أو أتى امرَأَة وَهِي نَائِمَة أو عبدة أو مَجْنُونَة أو مَا شابه‬
‫ذَلِك‪ ،‬وهَكَذَا إذَا كان قَدْ أَخَذ شَيْئًا مِن أمْوَالِ الناس مِن غَيْرِ رِضَاهُم‬
‫عَلَيْهِ أن يَتَخَلّصَ ‪ ..‬والاصِل أَنّه لبُد مِن أن يَتَخَلّصَ مِن حُقوق العِباد‪ ،‬وكذلك إذا كان‬
‫قَدْ فَرّط ف شَيْءٍ مِن صلة أو صِيَام أو ما شابه ذلك‪-‬وأَعْنِي بِالصلة والصيام الصلةَ الواجبة‬
‫والصيامَ الواجب‪-‬فلبد مِنَ التّوْبَة إل ال ومِن قَضَاءِ ذَلك‪ ،‬وإذا كان قَدْ وَطِئ زَوْجَتَهُ أو زَنَى‬
‫ف نَهَارِ رمضان‪-‬والعياذ بال تبارك وتعال‪-‬فلبُد مِن الكفارة ‪ ..‬والاصل أنّ مَا فَعَلَهُ مِن العَاصِي ل‬
‫يُؤَثّر على حَجّه السَابق ولكنه يُؤمَر بِالتوْبة إل ال والتَخَلّص مِن كُل ما وَقَعَ فِيه إذا كَانَ‬
‫هُنَالِكَ شيءٌ يَجِبُ التخَلّصُ مِنْهُ؛ وال أعلم‪.‬‬

‫‪355‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬لديه قناعة أ ّن فريضة الج تَطْبَع على صاحبها ألوانا مِن الـمُثُل والخلق والقِيَم والستقامة‬
‫لكن البعض عندما يَعود مِن هناك يَتغافَل أو يَنسى مع مرور اليام فيَرتكِب شيئا مِن العاصي ‪ ..‬يَطلب‬
‫نصيحة بسيطة‪.‬‬
‫ج‪ :‬نَأمُر ك ّل إنسان بِأن َيتّقي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وأن يُحاسِب نفسَه قبل أن يُحاسِبها ال سواءً كان قد أدّى‬
‫ت بِها مِن قبل َفَنْنصَحُه بِأن يُبادِر إل ذلك وألّ‬ ‫فريضة الج مِن قبل أو ل َيقُم بِتأدِيتها ولكن إذا كان ل َيأْ ِ‬
‫شيْ ٍء مِن‬‫سوّفَ مَخافَة أن ُيفَاجِئه الوت مِن قبلِ أن يَأتِ َي بِهذه الفريضة‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬ليس لِلنسان أن َيأِْتيَ بِ َ‬ ‫يُ َ‬
‫معاصي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بِدعوى أنه سيَتوب بعد مدّة مِن الزمن ‪ ..‬أوّل معاصي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ليس‬
‫لِلنسان أن َي ْفعَلَها سواءً أراد أن يَتوب أو ل يُرِد وإنْ كان إذا أراد التوبة هو أسهل مِن غيه ولكن العصية‬
‫معصية وإنا الكلم ف قضية الصرار وعَدمه‪ ،‬وإل فالعصية معصية ليس لِلنسان أن َيقْ َربَها أبدًا وليس له أن‬
‫يَحوم حول حِماها ‪ ..‬كذلك النسان ل يَملِك مِن أمرِه شيئا ‪ ..‬قد َي ْأتِيه الـمَوت الن وهو ل َيتُب إل ال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬وتَكون العاقبة وَخِيمَة والعياذ بال‪ ،‬فعلى َهؤُلء أن يَّتقُوا ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وأن َيتُوبُوا إليه‬
‫قبل َفوَات الوان‪.‬‬
‫أما بِالنسبة إل ُسؤَاله‪ :‬هل يَكون حَجّهم فاسدًا ويَجِب عليْهم أن يَأتوا بِحَجّة أخرى ؟ فالواب‪ :‬ل إل إذا‬
‫َخرَجوا عن السلم‪ ،‬فإذا خَرَجُوا عن السلم يَجب عليهم أن يَحُجّوا َحجّا جديدًا على قول طائفة كبية مِن‬
‫أهل العلم‪ ،‬لنّ ذلك السلم لبد له مِن الج لنّ الج رُكْ ٌن مِن أركان السلم وهذا إسلمٌ جديد فهو وإن‬
‫ط مِن شروط السلم وهو ل َيأْتِ بِالج ف إسلمه‬ ‫كانت تَر ِج ُع إليه تلك العمال الصالة ولكن الج شرْ ٌ‬
‫ف طويل بِإمكانِه أن يَرجِع ف ذلك إل " شرح الامع الصحيح "‪ 1‬أو إل غيه مِن‬ ‫هذا‪ ،‬والسأل ُة فيها خِل ٌ‬
‫كتب أهل العلم‪ ،‬فإنّ الوقت الن ل يَكفي لِبيان ذلك‪.‬‬
‫جتِه تلك إذا كانت تلك‬ ‫وأما حديثُ‪ ( :‬مَن حَجّ فلم يَرْفث ول َيفْسق رَ َج َع كيوم ول َدتْه أمّه ) أي رجع مِن حَ ّ‬
‫الجّة صحيح ًة ثابتة ‪ ..‬أي على وِفْقِ ما ش َر َعهَا ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فذلك الديثُ صحيح ثَابت عن النب ‪:‬‬
‫( مَن حجّ فلم َيرُْفثْ ول َيفْسُقْ َرجَ َع مِن ذنوبه كيوْم ول َدتْه أمّهُ ) وأيضا‪ ( :‬العُمرة إل العُمرة كفّارةٌ ِلمَا بيْنهما‬
‫والج الـ َمبْرُور ليس له جَزاءٌ إل النّة )‪ ،‬إل غي ذلك مِن الحاديث الصحيحة الدالّة على هذا المر‪ ،‬ولكن‬
‫ليس ف ذلك أ ّن مَن حَجّ وعَمل شيْئا بعد ذلك مِن معاصي ال أنه يَجب عليه أن يُعيد الج؛ وال‪-‬تعال‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما معن حديث‪ ( :‬الج البور ليس له جزاء إل النة ) ؟‬

‫‪-1‬شرح " الامع الصحيح‪ ،‬مسند المام الربيع بن حبيب " للمام نور الدين السالي‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.103‬‬
‫‪356‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬على كل حال؛ لهل العلم ف ذلك خلف طويل ‪ ..‬أي اختلف العلماء ف معناه‪ ،‬ونَرجوا أنّ مَن كانت‬
‫شْبهَا َشوْبُ ِريَاء أو سُ ْمعَة وأتَى با على وِفْ ِق ما شَرعه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫َحجّته خالصة ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬ل يَ ُ‬
‫أن تكون هذه الجّة مِن الجّ الـمَبور الذي َيصْدُق على صَاحبه ما جاء ف الديث الصحيح الثابت ولكن‬
‫صةً ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬وأن يَكون النسان تَائِبا راجعا إليه ؛ وال أعلم‪.‬‬ ‫لبد‪-‬كما قلتُ‪-‬أن تَكون خَال َ‬

‫‪357‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫حرِم ؟‬
‫س‪ :‬السافر للعمرة عَن طريق الطائرة‪ ،‬مِن أين يُ ْ‬

‫‪ - 1‬وفي سؤال مشابه ‪ :‬س‪ :‬مَن أراد الذهاب إلى العمرة بِالطائرة‪ ،‬مِن أين يُحرِم ؟‬
‫ج‪ :‬يُحرِم عندَما ُيحَاذِي الميقات ‪ ..‬يَستعِد مِن قبل ‪ ..‬إما أن يَلبَس ثيابَه في بيتِه أو في المطار أو أن يَقوم بِلبْسها عندَما‬
‫ن الطائرة تَمر مسرِعة على الميقات‬ ‫يَكون قرِيبا مِن الـمَطار ثم عندَما يُحاذِي الميقات ويَنبغِي لَه أن يَت َقدّم ذلك بِقليل‪ ،‬ل ّ‬
‫ن بِالتلبية مِن أعلى الميقات ويَتجَاوَز ذلك‪ ،‬فيستعِد مِن قبل ثم بعد ذلك عندما يكون قريبا مِن‬ ‫فَقَد ل يَتمكّن مِن التيا ِ‬
‫الميقات ينوي بقلبه العمرة ويسمي‪-‬أيضا‪-‬ذلك في تلبيته ‪ ..‬يقول‪ " :‬لبيك عمرة " ويلبي التلبية المعروفة‪ ،‬وليس لَه أن‬
‫يُؤخّر ذلك إلى مطار " جدة " مثل‪ ،‬كما أنه ليس لَه أن يَرجِع بعدَ ذلك إلى الميقات ‪ ..‬لبد مِن أن ُيحْرِم مِن قبل‪ ،‬وليس لَه‬
‫أن يَتأخّر إلى أن َيصِلَ إلى الميقات ‪ ..‬نعم لَو أنّ جاهل َوقَعَ َو َوصَلَ إلى الميقات وهو لَم يُحرِم فإنّ عليه أن يَتوب إلى‬
‫ربه وأن يَرجِع إلى الميقات الذي َمرّ عليه ويُحرِم مِن هناك‪ ،‬أما مَن كان يَعرِف الحكم فليس لَه أن يَتجا َوزَ ذلك أبدا‪.‬‬
‫س ثِيابه‬
‫ض الناس يَقول‪ " :‬في ذلك َمشَقّة " أو ما شابه ذلك‪ ،‬ول َمشَقّة في ذلك والحمد ل ‪ ..‬بِإمكانِه‪-‬كما قلتُ‪-‬أن يَ ْلبَ َ‬ ‫وبع ُ‬
‫س في دَ ْورَة المياه في الطّا ِئرَة أو حتى مِن مكانه بِشرطِ ألّ َيرَاه عندَما يَخلَعُ إِزارَه‬ ‫مِن بيتِه أو مِن المطار أو ُي ْمكِن أن يَلب َ‬
‫‪ ..‬أو بِعبار ٍة أخرى ل يَرَى عورتَه أح ٌد مِن الناس ويُحرِم ول مشقّة في ذلك‪ ،‬أما بِالنسب ِة إلى الصلة فل بأس عليه إن‬
‫ن العلماء قد اختلَفوا هل هنالِك صل ٌة مشروعَة لِلحرام‪:‬‬ ‫َترَكَ الصلة ولَم ُيصَلّ لِلحرام على أ ّ‬
‫ت صلة فريضة فل ُيحْرِم بعدَ الصلة‪.‬‬ ‫حضَرَ ْ‬ ‫ت هنالِك صلةٌ لِلحرام ‪ ..‬مَن أرادَ أن يُحرِم فإن َ‬ ‫ذهب بعضُهم إلى أنّه ليس ْ‬
‫ت ذلك مِن طرِيقِ ابن عمر رضي ال‪-‬تعالى‪-‬عنهما‪.‬‬ ‫والصوابُ أن يُحرِ َم بعدَ أن يَستوِي على راحلتِه‪ ،‬كما ثب َ‬
‫ث ل َيصِح‪ ،‬فالعمدَ ُة ما جاء مِن طرِيقِ ابن عمر‪.‬‬ ‫ن النبي أَحرَ َم بعدَ الصلة فهو حدي ٌ‬ ‫أما الحديثُ الوارِد أ ّ‬
‫ل المسجد فليُصل ركعتيْن أو إذا أَرادَ أن يُصلي صل َة الضحى إن كان الوقتُ وقت صلة الضحى أو أَرادَ‬ ‫وكذلك إن َدخَ َ‬
‫ت هنالك صلة خاصّة بِالحرامِ‬ ‫أن يُصلي بعدَ الوضوء أو ما شابه ذلك‪ ،‬أما أن تَكون هنالِك صل ٌة خاصّة بِالحرام فليس ْ‬
‫على الرأيِ الصحيح‪.‬‬
‫ل بِمشروعيةِ الصلةِ لِلحرام‪.‬‬ ‫وذهب بعضُهم إلى القو ِ‬
‫ت " ذِي الحليفة "‬ ‫وفرّق بعضُهم بيْن ميقاتِ " ذي الحليفة " وبيْن غيرِه فقال بِمشروعيةِ الصلةِ ِلمَن أَح َرمَ مِن ميقا ِ‬
‫بِخلف مَن أَح َرمَ مِن غيرِ ذلك‪.‬‬
‫ن الطائرة؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ول دليلَ على التفريق بل ول دليلَ على القول ِبسُنية صلة خاصّة لِلحرام‪ ،‬ف ْليُحرِم مِ َ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫‪358‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬على كل حال؛ النسان ينبغي لَه َأنْ يتعَلّمَ أمور دينه فإذا أراد أن يذهب إل أداء الج أو إل أداء العمرة‪-‬‬
‫مثل‪-‬فلبُ ّد مِن أن يَتعَلم السائل الهمة الت تتعلق بالج أو بالعمرة أو بِهما معا حت يأت بتلك العبادة الت‬
‫وَ َجبَت عليه أو الت تُسَنّ ف حقه ‪ ..‬يأت بِها على الوجه الصحيح الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫ت مواقيت للحج والعمرة‪ ،‬ول يَجوز ِلمَن أراد‬ ‫مِن العلوم أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬وَّق َ‬
‫حرِم‪ ،‬أمّا‬‫أن يذهب إل مكة الكرمة لداء الج أو العمرة أو لدائهما معا أن يتجاوز تلك الواضع إل وهو مُ ْ‬
‫إذا كان ل يريد حجا ول عمرة فل يَجب عليه الحرام على القول الصحيح الراجح‪ ،‬وإن كان النسان ل‬
‫ينبغي لَه أن يذهب إل تلك البقاع إل ويأت بعمرة لكن إذا كانت هنالك ظروف أو يَجد مشقة أو ما شابه‬
‫ذلك فإنّ المر فيه سعَة بِحمد ال تبارك وتعال‪ ،‬فإذا كان يريد الج أو العمرة ليس له أن يتجاوز الواقيت إل‬
‫س الظهية‪:‬‬‫حرِم ‪ ..‬هذا ثابت بنصّ السنّة الصحيحة الثابتة عن النب ثبوتا أوضح مِن شَ ْم ِ‬ ‫وهو مُ ْ‬
‫ك البَر فالمر واضح إذا َمرّ على تلك الواقيت‪:‬‬
‫سلُ ُ‬
‫فإذا كان يَ ْ‬
‫إذا مَرّ على ذي الليفة‪-‬مثل‪-‬إذا جاء مِن طريق " الدينة " ‪ ..‬وينبغي أن نسمي هذا الوضع بـ " ذي الَُليْفَة‬
‫" كما سَمّاه النب وهو يُسَمّى بذلك‪-‬أيضا‪-‬حت قبل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وقد شاع عند‬
‫الناس أنّه يسمى الن بأبيار علي ويروي بعض الناس أ ّن عليا قد قاتل الن بذلك الوضع فلذلك سُمّي بذلك‪،‬‬
‫ختَرَع مَصنوع ل يثبت أبدا‪ ،‬فل ينبغي َلنَا أن نُسَمّي ذلك الوضع بِهذه الرواية الوضوعة‬ ‫وهذا كلم موضوع مُ ْ‬
‫الخترعة الصنوعة بل ينبغي َلنَا أن نُحَارب مثل هذه التسميات‪ ،‬لنّها مكذوبة ‪ ..‬نعم إذا اضطُر النسان‬
‫اضطرارا إل ذِ ْكرِ ذلك كأن يسأله سائل‪ " :‬مِن أين أُ ْحرِم ؟ " فإذا قال له‪ " :‬مِن ' ذي الليفة ' " ل يعرف‬
‫ذلك لكن إذا قال له‪ " :‬مِن ' أبيار علي ' " عَ َرفَ ذلك فللضرورة أحكامها الاصة وينبغي له أن يُعلّمه‬

‫ن إلى مكة المكرمة وهم ُمحِلّون ثم بعدَ ذلك يَذهَبون إلى " التنعيم " لِلحرام‪ ،‬وفي‬ ‫ن كثيرا مِن الناس‪-‬ولِلسف‪-‬يَأتُو َ‬ ‫على أ ّ‬
‫ل إلى مكة المكرمة ولَم يُحرِم عليه أن يَتوب‬ ‫هذا مُخالَفة صا ِرخَة لِسنّة النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فمَن َوصَ َ‬
‫ت أ ْبعَد مِن ذلك الميقات على رأي‬ ‫ط مِن أمرِه وأن يَرجِع إلى الميقات الذي جاء منه‪-‬أو ميقا ٍ‬ ‫إلى ربه وأن يَندَم على ما َفرّ َ‬
‫بعضهم‪-‬فإذا جاء مِن " ذي الحليفة " لبد مِنْ أن يَرجِع إلى " ذي الحليفة " وإذا جاء مِن ميقات " نَجد " وهو المعروف‬
‫بِالسيل فليَرجِع إليه وهكذا بِالنسبة إلى بَ ِقيّة المواقيت‪.‬‬
‫ل يَذهَب وهو ل يَدرِي عن العمرة شيئا ‪ ..‬ل يَدرِي كيف يَطوف وكيف يَسعَى ومِن‬ ‫فيَنبغِي لِلنسان أن يَتعلّم أُمورَ دِينِه وأ ّ‬
‫سكِ الحج‪،‬‬
‫ن يُحرِم أو ما شابه ذلك‪ ،‬وإن كان لَم يَذهَب مِن قبل البتّة فيَنبغِي لَه أن يَذهَب مع شخصٍ لَه معرِفة بِمنا ِ‬ ‫َأيْ َ‬
‫ومعرِفةُ هذه المناسِك متيَسّرة والحمد ل‪ ،‬وهنالك كتب ومطْ ِويَات وأشرطة يُمكِن لِلنسان أن يَستعِين بِها على معرِفةِ‬
‫ل العلم‪.‬‬
‫جدْه فيها أو ما لَم يَف َهمْه فعليه أن يَسأَلَ أه َ‬‫سكِه‪ ،‬وما لَم َي ِ‬‫منا ِ‬
‫والحاصِل أنه ليس لحدٍ أن يَتجا َوزَ الميقات إذا كان ُيرِي ُد حجّا أو عمرة ولو أَرادَ أن يَبقَى‪-‬مثل‪-‬مدّة في " جدة " أو في‬
‫ض المآرِب فإن‬‫غيرِها مِن المناطِق اللهم إل إذا كان مُتردّدا في الرادة ‪ ..‬مثل يَقول‪ " :‬سأذهَب إلى ' جدة ' لِقضا ِء بع ِ‬
‫ت وقتا فسأذهَب إلى ' مكة ' وإن لَم َأجِد وقتا فلَن أَذهَب " ففي هذه الحالة يَذهَب إلى " جدة "‬ ‫َتمَكنتُ بع َد ذلك ووجد ُ‬
‫ويَقضِي مآ ِربَه وحوا ِئجَه وبع َد ذلك إذا أَرادَ أن يَذهَب إلى " مكة " لِتأ ِديَةِ عمرة‪-‬مثل‪-‬فليُحرِم مِن ذلك المكان الذي بَقِي‬
‫فيه وهو " جدة " على المثال الذي ذكرناه؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫‪359‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫بِالتسمية الصحيحة‪ ،‬فإذا كان مِن أهل " الدينة " أو مَ ّر بالدينة‪-‬أي إذا جاء مِن جهة أخرى و َم ّر بالدينة‪-‬فإنه‬
‫حرِم إذا كَانَ يريد الج أو العمرة أو‬ ‫يُحْرِم مِنْ " ذي الليفة "‪ ،‬وليس له أن يتجاوز ذلك الكان إل وهو مُ ْ‬
‫كان يريد أن يأت بالج والعمرة معا‪.‬‬
‫وإذا كان مِن أهل " الشام " وتلك الهات الت يأت أهلها‪-‬أيضا‪-‬مِن جهة " الشام " فإنّهم يُحرمون مِن "‬
‫ح ِرمُون مِن " رَابغ " لنّ "‬
‫حفَة " وهي اليقات الصلي لكن كان لِمدّة طويلة مِن الزمن ‪ ..‬كان الناس يُ ْ‬ ‫الُ ْ‬
‫ض الكتابات وف ذلك الوضع مسجد‬ ‫الحفة " كانت خَرَابا ولكنها عُمّرَت الن على حَسْب ما رأيتُ ف بع ِ‬
‫فينبغي الرجوع إل الصل‪ ،‬لنّه هو الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ‪ ..‬نعم إذا جاء‬
‫أهل " الشام " ومَنْ كان على جهتهم إل " الدينة " فإنّهم يُحرِمون مِن " ذي الليفة "‪.‬‬
‫كذلك الذين يأتون مِن جهة " العراق " الصل يُحرمون مِن " ذات عرق " ولكنه الن ل يَمُر على ذلك‬
‫الوضع طريق أبدا فل يُمكن الرور بالسيارات على ذلك الوضع وإنّما يَمُرّ أهل " العراق " ومَن يأت مِن‬
‫ناحيتهم ‪ ..‬إمّا أنّهم يَمُرّون على " الدينة " فيُحرمون مِن " ذي الليفة " أو أّنهُم يَمرون على " الرياض "‬
‫ح ِرمُون مِن " قَرْن " ‪ ..‬فإذا أتوا مِن تلك الهة أحرموا مِن " السيل "‪.‬‬ ‫ونواحيها فل يأتون على " السيل " ويُ ْ‬
‫ح ِرمُون مِن " السيل " ‪ ..‬مِن " قرن‬ ‫كذلك بالنسبة إل أهل " نَجد " وإل أهل " نَجد اليمن" أيضا فإنّهم يُ ْ‬
‫النازل "‪.‬‬
‫وَأمّا بالنسبة إل أهل " اليمن " فإنّهم يُحرمون من " يََلمْلَم "‪.‬‬
‫ومَنْ لَم يأت على تلك الواضع‪-‬الن الناس تقريبا يأتون على تلك الواضع‪-‬ينظرون إل أقرب ميقات‬
‫ويُحْ ِرمُون مِن ُمحَاذَاته ‪ ..‬إذا كانوا أقرب إل " ذي الليفة " فإنّهم ُيحْ ِرمُون مِن ُمحَاذَاة ذلك وإذا كانوا أقرب‬
‫مِن " ذات عرق " فإنّهم يُحرمون مِن مُحاذاة " ذات عرق " وهكذا بالنسبة إل بقية الواقيت‪.‬‬
‫حرِم مِن جهة اليقات الذي يَمر مُحاذيا له‪.‬‬ ‫وهكذا بالنسبة إل مَن جاء ف باخرة ف البحر فإنه يُ ْ‬
‫وأما الذين يأتون على الطائرات فل شك أ ّن الغَالبية العظمى يَمُرّون عَلَى الواقيت ‪ ..‬يَ ُمرّون أَعلها فإذن‬
‫يُحْرِمُون مِنَ الوضع الذي يَمرون أعلى منه مِن اليقات‪ ،‬وإذا كانوا ل يَمرون مِن أعلى اليقات مباشَرة فإنّهم‬
‫يُحرمون مِن مُحاذاة ذلك لكن مِنَ العروف أنّ الطائرة تسي بسرعة كبية جدا فإذا أخذ النسان يستَعِد مِن‬
‫أعلى اليقات فإنه سيتجاوز ذلك وذلك مِمّا ل يَجوز‪ ،‬فإذن لبد مِن أن يستعِد قبلَ ذلك ‪ ..‬إذا كان يريد أن‬
‫يتوضّأ أو ما شابه ذلك فليستعد قبل ويلبس ملبسه فعندما يكون ُقَبيْلَ ذلك الوضع ينوي الحرام‪-‬وأريد بالنية‬
‫هاهنا النية القلبية‪-‬ويقول‪ " :‬لبيك عمرة " ثُم يأت بِالتلبية ‪ ..‬ل يتجاوز اليقات إل وقد َلبّى ‪ ..‬هذا لبد منه‪،‬‬
‫لنّ النسان لبد مِن أن يأت مِن أعلى اليقات أو يأت‪-‬أيضا‪-‬ف جهة أخرى مُحاذية لذلك ‪ ..‬نعم إذا جاء مِن‬
‫الهة الغربية ‪ ..‬مِنْ غرب جدّة مباشَرة فإنّه ف هذه الالة ل يَمر على ميقات بناء على رأي كثرة كاثرة مِنْ‬

‫‪360‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أهل العلم بِأنّ الواقيت ل تُحِيط بِالرم تَماما ‪ ..‬أي أنّ ذلك الوضع ل يكون مُحَاذِيا لشيء مِن الواقيت وهذا‬
‫هو الظاهر ل إل الن‪ ،‬ف ِم ْن تلك الهة ‪ ..‬الذين يَأتون ف البواخر مِن تلك الهة أو الذين يأتون ف الطائرات‬
‫ضيّقة جدا جدا‬ ‫مِن تلك الهة ل يَمرون بِميقات َفبِإِمكان هؤلء أن يؤَخّروا إل " جدّة " ولكن هي مَنْ ِطقَة َ‬
‫فا َلوْلَى لَهم أن يُحْ ِرمُوا عندما يُحَاذُون اليقات الذي يكون أَقْرَب إليهم‪ ،‬وهم إما أن يُحاذوا " السيل " وإما‬
‫أن يُحاذوا ذا الليفة أو‪ 1‬الحفة‪ ،‬لكن لَو أتوا مِن تلك الهة وهي جهة صغية جدا جدا فبالمكان‪ ،‬لكن معنا‬
‫ف الهة الشرقية وهكذا بالنسبة إل أهل الهة الشمالية والنوبية وبعض الجزاء مِن الهة الغربية لبُد مِن أن‬
‫يُحَاذوا ميقاتا مِن الواقيت فلبد مِن الحرام مِن ذلك الكان ول يَجوز لَهم أن ُيؤَخّرُوا ذلك‪.‬‬
‫ي بِخلف ذلك وهو أنّه‪ " :‬بِإ ْمكَان الناس أن ُيؤَخّروا ذلك إل الوصول إل‬ ‫وقد انتشَر عن َد بعض الناس رأ ٌ‬
‫الطَار وذلك لنّ الذي يَمُر مِن أعلى اليقات ل يكون مَارا على ميقات ول مُحاذيا له "‪ ،‬وهذا القول مِن‬
‫البطلن بِمكان‪ ،‬وتقريره يَحتاج إل إطالة‪ ،‬وربّما يكون ذلك ف وقت آخر بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫فال ّق القيق بِالقبول أنه ليس لحد أن ُيؤَخّر ذلك فعليه أن يستعِد مِن قبل ويسأل أهل الطائرة ويُحْرِم مِن‬
‫خبِر فليحْرِم مِن قبل نصف ساعة تقريبا‪،‬‬ ‫ذلك الوضع ‪َ ..‬يتَقَدّم قليل مَخَافَة أن يتجاوز اليقات وإن لَم يُخْبه مُ ْ‬
‫فل بأس مِن الحرام قبل اليقات لجل الضرورة‪َ ،‬أمّا ف حالة عدم الضرورة فل ينبغي لحد أن يَتقَدّم على‬
‫ذلك‪ ،‬ل ّن النب لَم يُحْرِم قبل اليقات وأمر بالحرام مِ ْن تلك الواقيت ولنا فيه‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬‬
‫السوة السنة؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬مَن سافر لِمُهمة عمل إل مكة أو إل جدة ثُم أراد أن يعتمر‪ ،‬مِن أين يُحرم ؟‬
‫ج‪ :‬ل يَخلو من أحد أمرين‪:‬‬
‫إما َأ ْن يُريد أن يعتمر ‪ ..‬عندما خرج من بلده كان قَاصِدا لن يعتمر وهذا لبد من أن يُحرم مِن عند اليقات‬
‫‪ ..‬لبد من أن يُحرم من اليقات‪.‬‬
‫وإما أن يريد أن يذهب إل ذلك الؤتَمَر أو إل ذلك العمل ولكن إذا بقي هنالك وقت ‪ ..‬إذا بقي ُمتّسَع مِن‬
‫الوقت وحصلت له فرصة فإنّه سيذهب لتأدية العمرة وإن لَم يبق شيء من الوقت فإنه سيجع إل بلده‪ ،‬فهذا‬
‫حرِم مِن ذلك الوضع إذا‬ ‫لَم يعزم على العمرة فيذهب ويقضي مآربه وبعد ذلك إن أراد أن يُحرِم بالعمرة فإنّه يُ ْ‬
‫كان من الِل أما إذا كان ف الرم فلبد من أن يَخرج مِن الرم ‪ ..‬إذا كان يريد أن يُحرم بعمرة لبد من أن‬
‫يَخرج من الرم إل الل ويُحرم من الل‪ ،‬أما إذا كان‪-‬مثل‪-‬يذهب إل جدة أو إل أي مكان آخر داخل‬
‫الواقيت وخارج من الرم فإنّه يقضي مآربه وبعد ذلك إنْ أراد أن يعتمر فليحرم من ذلك الوضع الذي هو‬

‫‪-1‬الظاهر أنّ الشيخ سحب مِن كلمه‪ " :‬ذا الليفة أو "‪.‬‬
‫‪361‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فيه‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل الذين يعيشون ف تلك الواطن أي الذين يعيشون بَيْ َن اليقات وبي الرم فإنّهم‬
‫يُحرِمون من ذلك الكان‪.‬‬
‫حرِم ؟‬
‫س‪ :‬بالنسبة للمرأة الائض إذا سافرت للعمرة‪ ،‬مِن َأْينَ تُ ْ‬
‫ج‪ :‬إذا كانت هذه الرأة تُرِيد العمرة ولكن َأتَاهَا اليض َقبْلَ أن َتصِل إل اليقات وهي لزالت مُرِي َدةً للعمرة‬
‫فلبد مِن أن تُحرم مِن ذلك الوضع لتغتسل كما أمر النب أسْمَاء بأن تغتسل وهي نُفساء والائض ف‬
‫ُحكْ ِم النفساء وَتصِل إل مكة الكرمة وَتْنتَظِر حت ت ْطهُ َر وَتتَ َطهّر فإذا َطهُرَت وت َطهّرَت فإنّها تأت بعد ذلك‬
‫بِمَناسك العمرة ‪ ..‬تطوف وتسعى وُتقَصّر‪ ،‬أما إذا كان عندما َأتَاهَا اليض َنوَت أن تُ ْلغِي العمرة ف تلك‬
‫السّفْرَة بسبب ارتباط تلك الَمْلَة الت هي فيها ‪ ..‬مثل كان ذلك الـ َمحْرَم أو الزوج الذي يُرافقها ل يُمكنه‬
‫حرِم بِها مِن َقبْل‬‫أن ينتظرها حت تطهر وتغتسل وُتكْمِل َبقِيّة مناسك العمرة فهاهنا تُ ْلغِي تلك العمرة‪ ،‬هي لَم تُ ْ‬
‫حرِم على حَسب السؤال ‪ ..‬لتترك ِنيّة العمرة‬ ‫‪ ..‬لو كانت أحرمت بِها من قبل فالمر يَختلف لكنها لَم تُ ْ‬
‫ولتذهب مع أصحابِها وبعد ذلك تَ ْرجِع وتعتمر مرة أخرى بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬لكن‪-‬مثل‪-‬لو َطهُرَت‬
‫حرِم مِن هناك وتؤدي مناسك‬ ‫واغتسلت قبل َأنْ ترجع إل بلدها فإنّها ف هذه الالة تذهب إل الّتْنعِيم وتُ ْ‬
‫العمرة‪ ،‬قد تكون عادة الرأة‪-‬مثل‪-‬ستة أيام وَيعْرِفُ ذلك الـ َمحْرَم أو ذلك الزوج الرافق لتلك الرأة أنّه لَن‬
‫يتمكن لن يبقى ِل َهذِه الدة َف ُه َو يريد أن يَخرج مِن مكة الكرمة بعد ثلثة أيام‪-‬مثل‪َ-‬فهَذه الرأة تذهب هكذا‬
‫إل مكة الكرمة من غي إحرام لكن لو قَدّ ْرنَا أنّها طهُرَت بعد ثَلثَة أيام أو َطهُرَت بعد يومي بناء على أنّ‬
‫شتَرَط أن تَمكُث الرأة لِمُدة ثلثة أيام َفصَاعِدا كما هو الصحيح الراجح ‪ ..‬وهذا وإن كان ُمخَالِفا‬ ‫اليض ل يُ ْ‬
‫للمشهور‪َ -‬طبْعا‪-‬ف قضية مُدّة اليض لكنّه هو الذي أَرَاه وهو مذهب طائفة كبية مِ ْن أهل العلم ‪ ..‬إذا‬
‫َطهُرَت بعد ثلثة أيام‪-‬مثل‪-‬فتغتسل وتذهب وتُحرم من التنعيم ول تؤمر هاهنا بأن ترجع إل اليقات لنا‬
‫عندما تاوزت اليقات ما كانت تنوي العمرة‪ ،‬وكذلك‪-‬مثل‪-‬لو أراد بعد ذلك ذلك الزوج أو ذلك الحرم أن‬
‫يتأخر قال‪ " :‬ل بأس أبقى لِمدة ستة أيام أو أكثر " مثل فلتصنع ما ذكرناه‪ ،‬أما ما تفعله بعض النساء بأنّها‬
‫تتجاوز اليقات من غي إحرام وهي تنوي العمرة وتصل إل مكة الكرمة وتبقى هناك حت تطهر وتغتسل ثُم‬
‫بعد ذلك تذهب إل التنعيم فهذا مِما ل يصح أبدا‪ ،‬ف هذه الالة عليها أن تتوب إل ال وأن تندم على ما‬
‫فرّطت من أمرها وأن ترجع إل ذلك اليقات‪:‬‬
‫بعض العلماء يقول لبد مِن أن ترجع إل ذلك اليقات الذي َمرّت عليه ولَم تُحرم منه وهي تريد الج أو‬
‫العمرة‪.‬‬
‫وبعض العلماء يقول ل يلزم أن ترجع إل ذلك اليقات بل ترجع إل أي ميقات من الواقيت‪.‬‬

‫‪362‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫والواقيت هي المس السابقة وليس الّتْنعِيم من تلك الواقيت كما يظنه بعض الناس ‪..‬إذا كانت َمرّت على‬
‫ذي الليفة‪-‬مثل‪-‬على الرأي الول لبد من أن ترجع إل ذي الليفة ول يَجوز لَها أن تذهب‪-‬مثل‪-‬إل السيل‬
‫حفَة‪-‬مثل‪-‬فلبد‬ ‫حفَة أو إل يلملم ‪ ..‬لبد من أن ترجع إل ذي الليفة‪ ،‬وإذا كانت مَرّت على الُ ْ‬ ‫أو إل الُ ْ‬
‫حفَة أو إل أبعد منه إل ذي الليفة‪ ،‬كذلك إذا َمرّت على السيل لبد مِنْ أن ترجع إل‬ ‫من أن ترجع إل الُ ْ‬
‫السيل أو إل ميقات أبعد إل ذي الليفة أو الحفة أو يلملم‪-‬مثل‪-‬أمّا أن ترجع إل ميقات أقرب فعلى هذا‬
‫الرأي ل ‪ ..‬إذا مَرّت على ذي الليفة ل يُجزيها أن تُحرم من أي ميقات آخر وإذا َمرّت على الحفة فإنه‬
‫يُجزيها أن تُحرم من الحفة أو من ذي الليفة أما من يلملم الذي هو أقرب من الحفة أو من السيل الذي‬
‫أقرب من الحفة فل‪ ،‬وذهب بعض أهل العلم إل أنّها يُجزيها أن تُحرم من أي ميقات من الواقيت ولبد من‬
‫أن تُحرم من واحد من الواقيت ل أن تذهب إل التنعيم أو ما شابه ذلك من مواضع الِل كما يتصوره بعض‬
‫الناس‪ ،‬ومع ذلك عليها التوبة إل ال وبعض العلماء يُلْ ِزمُها مع ذلك أن تفتدي ولكن إذا رجعت إل اليقات‬
‫جوّزا وإل الصل‬ ‫وتابت وأنابت إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فقد يُرَ ّخصُ لَها ف عدم الدم‪ ،‬وعَبّرْتُ بالفدية هاهنا تَ َ‬
‫أن ل ُي َعبّر بالفدية لن الفدية على التخيي وهذا ل تَخيي فيه فلبد من الدم على رأي من يقول بذلك‪.‬‬
‫فإذن خلصة ما ذكرناه إذا كانت هذه الرأة تُرِيد أن تعتمر أو تريد الج فلبد من أن تُحْرِم من اليقات وإذا‬
‫كانت قد أَْلغَت ذلك لظروفها فهنا تذهب إل مكة بدون إحرام فإذا قدّر ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وقضى بأن‬
‫انتظرت تلك الماعة الت هي فيها أو طَهُرَت هي قبل اليعاد العروف فإنّها تذهب إل أيّ موضع من مواضع‬
‫الِحل وتُحرم من هناك‪ ،‬كذلك الائض إذا أتت وهي حائض وهي ُمحْرِمة ليس لَها أن تطوف بالبيت ‪ ..‬إذا‬
‫كانت ف وقت الج تذهب إل ِمنَى وإل عرفة وإل َجمْع ولكن ليس لَها أن تطوف بالبيت تنتظر وكذلك ل‬
‫تسعى إن كانت لَم تطف لن السعي يكون بعد الطواف أما إذا أتاها‪-‬مثل‪-‬اليض بعد الطواف ‪ ..‬طافت‬
‫بالبيت وأتاها اليض بعد الطواف إذا كانت صَلّت الركعتي فل إشكال تذهب وتسعى لن السعى على‬
‫الصحيح ليس من البيت وإن كان يظهر لول وهلة بأنه من البيت ولكنه ل ُيبْ َن مِ َن البيت والعبة بالّتأْسِيس‪،‬‬
‫شتَرط ف السعي وما جاء عن بعضهم من اشتراط ذلك ل‬ ‫فَ ْلتَسْ َع وإن كانت على غي طهارة لن الطهارة ل تُ ْ‬
‫شتَرِط ذلك‬ ‫يصح‪ ،‬والرواية الت جاءت ف ُموَطّأ مالك من رواية يَحي ليست بصحيحة فبقية الروايات ل تَ ْ‬
‫فهذه الرواية مِما شَ ّذ به يَحي فل ُي ْقبَل ذلك الشّذُوذ منه‪ ،‬فلتَسْ َع ول شيء عليها وإن كانت لَم تأت بالركعتي‬
‫ف ْلُتأَخّر الركعتي تيسيا عليها وتأت بذلك بعد ذلك بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬أمّا إذا كانت ل تَ ُطفْ فلتنتظر‬
‫وبعض النساء سَمعن بأن الائض ل تطوف فَأتَيْ َن و َس َعيْن وأَْلغَت تلك النساء الطواف لن الائض ل َطوَاف‬
‫عليها ف اعتقادها ‪ ..‬هكذا َحمَلَت ( َغيْرَ أن ل تَطُوفِي ) وهذا َخطَأ فاضح ‪ ..‬طواف العمرة وطواف الج‬
‫ركن من الركان الت ل َيجُوز تَرْكُها وإنّما ُتعْذَر الائض من طواف الوَدَاع فقط أمّا طواف الفاضة‪-‬أُكَرّر‪-‬‬

‫‪363‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وطواف العمرة رُ ْكنَان ‪ ..‬طواف العمرة رُكن من أركان العمرة وطواف الفاضة الذي هو طواف الزيارة ركن‬
‫مِن أركان الج فل ُتعْذَر الائض من ذلك فلبد من الَتنَبّهِ لِهذا المر؛ وال ول التوفيق‪.‬‬

‫س‪ :‬ما هو مُسْتَنَد مَن يَقول‪ :‬إنّهُ لَ يَصِحّ أن يَعْتَمِرَ الفَرْد أكثر مِن عُمرة ف الزّيارَة‬
‫الوَاحِدة ؟‬
‫ج‪ :‬مُسْتند هَؤلء أنّه لَم يَثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنّه اعْتَمَر ف سَفَرٍ وَاحد مِن‬
‫أسْفارِه أكثر مِن مَرّة مع حِرصه على الَي‪ ،‬ول يَثْبت‪-‬كذلك‪-‬عن أحد مِن صحابته‪-‬رضوان ال تبارك‬
‫وتعال عليهم‪-‬بِأنّهم قد اعتَمَروا ف حَيَاتِه‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬أكْثَر مِن عُمرة واحدة ف سفر‬
‫واحد مِن أسْفَارِهِم‪ ،‬وإنّما أَذِنَ النّب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬لِلسيّدة عائشة‪-‬رضي‬
‫ال تبارك وتعال عنها‪-‬بِأن تَعْتَمِر بَعد أن قَرَنَتْ ‪ ..‬فإنه تَطْيِيبًا لِنَفسها أذِنَ لَها بِأَن تَعْتَمِر مِن‬
‫" التَنْعيم " وأَمَرَ أخاها عبد الرحن بِأن يُرَافِقها ‪ ..‬ولَم يَرِد دَليل صحيح سالِم مِن كُل اعتراض‬
‫بِاعتمار عبد الرحن‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنه وعن أَبِيه‪-‬مَع السيّدَة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعال‬
‫عنها‪-‬والمرُ مُحْتَمِل ‪ ..‬هُنَالِك رواية تَدُل عَلَى أنه اعْتَمَرَ‪ ،‬ولعلّ هذا الأقرَب إل الصواب ولكن‬
‫ذلك لِمرافقتِه لِلسيدة عائشة على أننا ل نستطيع أن نَقول‪ " :‬إنّه قد اعْتَمر "‪ ،‬أما الرسول‪-‬صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬وصحابتُه‪-‬كما قلتُ‪-‬ل يَعتمِر أحَدٌ ِمنْهم أكثر مِن مرة واحدة‪.‬‬
‫وبعضُ العلماء يَقُولُ بِمَشْرُوعية العتمار ف السّفر الوَاحد أكثر مِن مرة‪.‬‬
‫ونَحْن نَقُول بِالواز مِن حَيْث الواز لِما ذكرناه مِن هذا الدليل وإنّمَا الكلم ف الفَضل ‪ ..‬هَل‬
‫الأَفضَل للنسان أَن يُكْثِرَ مِنَ التيَانِ بِالعُمْرَات أو أن يُكثِر مِنَ الطَوَاف مِن غَيْرِ أن يَعْتَمِرَ‬
‫إل مَرّةً وَاحِدَة ف السّفر الوَاحد كمَا ثَبت ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ؟ اللهم إل إذا‬
‫بَقِي مُدّة طويلة ف مَكّة الـمُكَرمة فالمر يَختلِف‪ ،‬أما أن يَذْهب النسان لِعدة أيَام فالفضل‪-‬على‬
‫حَسب مَا نَرَى‪-‬أن يُكْثِر مِن الطوَاف ومِن ذِكر ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مِن غَي أن يَأت بِأكثر مِن تِلك‬
‫العُمرة الت دَخَل بِهَا مَكّة الكرمة لِما ذكرناه‪.‬‬
‫ول يُمْكن أن يُعْتَرَضَ علينا بِما ذَكرناه سَابِقًا مِن حَديث النّبِي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪( :‬‬
‫العُمْرة إل العُمرة كَفّارة لِما بَيْنَهُمَا )‪ ،‬لنّ الذي قال ذلك هُو الذِي ل يَعتَمِر ول يَأمُر‬
‫صحابتَه‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليهم‪-‬بِذَلك وإنّما أَذِنَ لِلسيّدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك و تعال‬
‫عنها‪-‬لِظَرْف خَاصّ بِها كما قدّمناه‪ ،‬والـمَجال ل يَتّسِع لِلطالة؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬العُمرة إذا كانت الول عن نفسه والثانية لِغَيْرِه‪ ،‬هل يُعْتَبِر هَذا مِن قَبِيل التكرار ؟‬

‫‪364‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬نَحن نَقول‪ :‬ل مَانِع مِن التِكْرَارِ مِن حيث الوَاز وإنّما مِن حيث الفضْل ‪ ..‬أما إذا كان‬
‫الشّخْص يَعْتَمِر عن أبيه وأبوه ل يَعْتَمِر مِنْ قَبْل أو عن أمّه وأمّه ل تَعتمِر مِن قبل ولَ‬
‫يَسْتَطِيعَان الذّهاب إل العُمْرة لِـمَرَض‪-‬مثل‪-‬ل يُرجَى مِنْهُ الشّفاء بِحَسْبِ الظّاهِر وهَكَذَا‬
‫بِالنّسبة إل أقَارِبِهمَا فذلك مِمّا ل مَانع مِنْه بِمشيئة ال‪-‬تبارك تعال‪-‬بل ذلك مِن باب التعاون على‬
‫البِر والتّقوَى؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هَل لِلزّوْجِ طَاعَة إذا مَنَعَ زوجتَه عن الذهَاب إل العُمرة ؟‬
‫ج‪ :‬أما إذا مَنَعَهَا عن فَرِيضَة الج وكانت تُريد أن تَذهب مع مَحْرَمٍ لَها فل طاعة له ول كَرامة‪،‬‬
‫لنه يَمْنَعُهَا عن أمْرٍ وَاجِبٍ مُتَحَتّم عَلَيْها‪ ،‬إذ إنّ الجّ واجبٌ بِنَصّ كتابِ ال وسنّة رسوله‬
‫صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬ث هو على الفَوْرِ على الصَحِيحِ كما قلنا‪ ..‬فإِذَا كَانَت سَتَذْهَبُ مَعَ‬
‫مَحْرَمٍ مِنْهَا ومَنَعَهَا مِن ذلك فَيَنبغي لَها أنْ تُحَاوِل بِأن تُقْنِعَهُ بِالـمُوَافَقَة على الذّهَابِ‬
‫وَإذَا لَم يُوَافِق عَلَى ذَلِك فَل طَاعَةَ لَهُ ولَ كَرَامَة‪ ،‬إذْ لَ طَاعَة لِعَبْد ف معْصِيَة ال تبارك‬
‫وتعال‪ ،‬فَنَقُول لِهذا الزوج بَدَل مِن أن يَمْنَعَ زوْجَتَه عَن التيان بِفَرِيضة الج أو بِالعُمرة أنّه‬
‫عَليْه أن يَتُوب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ويَنْبَغي له أن يُرَافِقها مِن أجل تَأدِيَة فَرْض ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫عليه إن كَان قادِرا على ذلك‪ ،‬وإن كان قَدْ أَدّى الفَرِيضَة وهو يَْقدِرُ على الذهَاب‪-‬أيضا‪-‬يَنبَغي له‬
‫أن يَذهب إل تِلك البِقاع القَدّسة ويَأْت بِالعُمرة وبِالج‪ ،‬وقد سَبَق فَضْل مَن حَج أو اعتمَر إذا‬
‫كان يُريد بِذلك وَجَه ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫أما بِالنسبة إل العُمْرة فإن كانت لَ تَذْهب مَع مَحْرَم مِنْهَا‪-‬فكما قلتُ يَنْبَغِي لَهَا أَن تؤَخّرَ‬
‫ذَلِك حَتّى تَجِد مَحْرَمًا مِنْها وتَذْهَب وتُؤَدِي الج والعُمرَة مَعًا‪ ،‬ث‪-‬أيضا‪-‬العُمْرة فيها‬
‫خِلَفٌ بَيْنَ أهل العِلم كما قدمناه‪ ،‬فإذَا تَأَخّرت قليل ث ذَهَبتْ لِتَأدِيَة فَريضةِ الج‬
‫وتَأْدِيَة العُمرة بعد ذلك مع مَحْرَمٍ مِنْهَا وتَدعو‪-‬ونَحن نَدعو معها‪-‬بِأن يَهدِيَ ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬هذا الرّجُل‪-‬وغَيْرَه مِن الناس وأن يَهْدِيَنَا جَميعا إل طاعة ال تبارك وتعال‪-‬فلعلّه يَقُومُ‬
‫بِمُرَافقَتها أو يَأذَنُ لَها أو تَجِد مَحْرَمًا مِنْهَا وتُرَافِقه‪.‬‬
‫و‪-‬كما قلتُ‪-‬ف الج لَ طَاعَة لَه أبَدا‪ ،‬أما العُمرة فعلى ما فيها مِن كلم‪ ،‬وبِإمْكَانِها‪-‬أيْضا‪-‬أن‬
‫تُؤَخّر وَلَوْ لِعِدّةِ شهور ث تَذهَب ف هذه السنَة بِمشيئة ال لِتَأدِيَة المْرَيْنِ مَعًا وافَق هَذَا‬
‫الزّوج أو ل يَوَافِق ولكن تَذْهب مع مَحْرَم مِنْها؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪ :‬طواف الوداع ف العمرة‪ ،‬هل هُوَ واجب ؟‬

‫‪365‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬اختلَف العلماء ف طواف الوداع للعمرة‪:‬‬


‫ذهبت طائفة مِنْ أَهْلِ العلم إل أنّه ل يُشْرَع طوافٌ للوداع بالنسبة للعمرة وإنّما هو خاص بالجّ‬
‫لِ غَيْرِ الـمَكّي‪ ،‬وذَلِكَ لنّه لَمْ يَثْبُت عن النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه وعلى آله وصحبه‪-‬أنّه‬
‫طاف للوَدَاع بَعْدَمَا اعْتَمَرَ‪.‬‬
‫وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنّه يُشْرَع ف حَقّ العتَمِر أن يطوف للوداع‪ ،‬وذلك لنّ النب‪-‬صلوات‬
‫ال وسلمه عليه وعلى آله وصحبه‪-‬قَد طَافَ للوداع بعد الج وأَمَرَ الناس بأن يَجْعَلوا طواف الوداع‬
‫آخِر العَهْد بالبيت شَرّفَه ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫واحْتَجّ بعض العلماء على ذلك‪-‬أيضا‪-‬برواية تُرْوَى عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬
‫تدُلّ على مشروعية طواف الوَدَاع للمُعْتَمِر ولكن تلك الرواية ل تثبت مِنْ حيث إسنادها‪.‬‬
‫فالتعويل على هذا المر الذي ذَكَرْنَاه مِن طواف النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وذلك أنّ‬
‫هذا هو آخر العَهْدين‪ ،‬فَعَدَم طَوَاف النّبِي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬للوَدَاعِ للعمرة مُتَقَدّم على‬
‫طوافه للوداع للحج‪ ،‬وهذا الطواف‪-‬كما هو معلوم‪-‬ل عَلقةَ له بالج‪ ،‬ولِذَلِك ل يُؤْمَر بِهِ الـمَكّيّ‬
‫بل ل يُشْرَعُ ف حقّه أبدا‪ ،‬وما دَامَ المر كذلك فهو مَشْرُوعٌ لوداع البيت شَرّفَه ال تبارك وتعال‪،‬‬
‫ول فَرْقَ ف ذلك بي الاجّ والعْتَمِر‪ ،‬فعَدَم فِعْل النب‪-‬صلوات ال عليه وسلمه‪-‬له ف طواف العمرة‬
‫الظاهر أنّه لَم يكن مَشْرُوعا ف ذلك الزمان فلذلك تَرَكَه‪ ،‬وف ذلك الزّمَان كانت تُشْرَع العِبَادَات‬
‫وتكون بَعد مُدّة قصية مِنَ الزّمَن ف بعض الحيان بل قَد تكون هنالك لَحَظَات بي مشرُوعِيّة‬
‫حُكْمٍ وحُكْمٍ آخر‪ ،‬والذي يظهر لَنَا‪-‬لِذَلك‪-‬هَو أَنّ طَوَافَ الوَدَاع مشْرُوعٌ للحج والعمرة‪ ،‬إل‬
‫أَنّه ف الج مُتّفَقٌ عليه لِغَيْرِ الائض والنفساء‪ ،‬واختلَف العلماء ف الريض الذي ل يستطيع الطواف‬
‫سواء بِنَفْسِه أو أن يطوف به غيه هل يَجب عليه الدّم أو ل يَجب عليه ؟ والصحيح بأنّهُ يُعْذَرُ كما‬
‫تُعْذَرُ الائض والنفساء‪ ،‬أما مَنْ عَدَا ذَلك فإنّهُمْ ل يُعْذَرُون عن طواف الوداع‪ ،‬وإن اخْتُلِفَ ف‬
‫وُجُوبِ الدّم عليهم‪ ،‬والَكْثَرُ على وُجُوبِه‪ ،‬وأما بالنّسْبَة إل العُمْرَة مُخْتَلَف فيه‪ ،‬ول شك بأنّ‬
‫الخْتَلَفَ فيه ل يَصِل إل درجة التّفَق عليه فإذَا تَرَكَه بعض الناس ظَنّا بأنّه ل يُشْرَع فل شيء عليه‬
‫بِمَشِيئَة ال تبارك وتعال‪ ،‬ولَكِنْ بَعْدَ أن يَعْرِفَ الكم فإنّه ل ينبغي لَه أن يتهاون بذلك وإن كنتُ‬
‫ل أَقْوَى على أَنْ أُلْزِمَهُ الدّم؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حك ُم مَن طاف بعدَ الجر أثْنَا َء أدائِه العمرة ؟ هل َيعْتَد ِبهَذَا الشّوط أو ل ؟‬

‫‪366‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬إنّه مِمّا ل يَخفى أ ّن طواف العمرة وطواف الزيارة بالنسبة إل الج ركن مِنَ الركان الت ل َتصِح العمرة‬
‫ول الج إل بِها‪ ،‬وعليه فلبد مِن العتناء بأمره‪ ،‬وكثي مِن الناس يُفرّطون ف كثيٍ مِن المورِ التعلّقةِ به‪ ،‬ومِن‬
‫العلوم أنّه يَندرِج تَحت الطواف َكثِي مِن الحكام‪:‬‬
‫ط فيها يَكون طوافُه باطِل‪.‬‬ ‫حةِ الطواف بِحيثُ إنّ مَن فَرّ َ‬ ‫ط مِنْ شروطِ صِ ّ‬ ‫ِمنْهَا مَا هو شَر ٌ‬
‫ومِْنهَا ما هو ُسنّة مِن السنن الت ل يَنبغِي التفرِيطُ فيها‪ ،‬لِثبوتِ ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫ف بِمعرفةِ شروطِه وواجباتِه وسَُننِه ومستحبّاتِه‪.‬‬ ‫فإذن لبد مِن العتناءِ بِمَعرفةِ أحكامِ الطوا ِ‬
‫وكث ٌي مِن الناسِ‪-‬كما قلتُ‪-‬ل يَعتَنونَ بِمعرفةِ ذلك‪ ،‬فتَرَى كثيا مِن العوام يَذهبُون لِتأديةِ فريض ِة الج أو لِتأديةِ‬
‫العمرة وهم ل يَعرفُون عن أحكا ِم الطواف شيئا ‪ ..‬منهم مَن يَسمَع بِالطواف ومنهم حت مَن لَم يَسمَع بِه‬
‫ف بِماذا يَأتِي ف حَجّه وف عُمرتِه‪ ،‬فلبد لِلنسا ِن عندَما ُيرِيدُ أن يَذ َهبَ‬ ‫وإنّما يَسْمَع بِالج أو العمرة ول يَعرِ ُ‬
‫لِتأدي ِة الج أو العمرة أن يَتعلّمَ َأهَ ّم المورِ الت تَتعلّ ُق بِهما حت يُؤدّي تلك العبادة‪-‬الت شَ َرعَها ال تبارك‬
‫وتعال‪-‬على بصي ٍة مِن أَمرِه‪.‬‬
‫والطوافُ‪-‬كما قلتُ‪-‬مِن َأهَمّ الهمات ف الج وكذلك ف العُمرة‪ ،‬فهو رك ٌن مِن الَرْكَان بِالشّ ْرطِ الذي‬
‫ذكرتُه‪ ،‬وعليه فلبد مِنْ أَن يُرا ِعيَ ما يَتعلّق بِه ولسيما الشروط والواجبات‪.‬‬
‫ف مِن مَوضِع وينتهي إليه‪ ،‬والطواف يْبتَدِئ مِن ركن الجَر‬ ‫الطوافُ لَه بِدايةٌ وِنهَاية‪ ،‬فلبد مِن أن يَبتدِئ الطائ ُ‬
‫ث ُيقَابِلُ الجَر فإن تَمكّ َن مِن تَقبِيلِه قبّلَه وإن لَم‬
‫‪ ..‬عندَما يَأتِي مَن يُرِيدُ أن يَطوف يَأتِي إل رُكن الجَر بِحي ُ‬
‫َيتَمَكّن مِن ذلك فإنه يَلْمَس الجَر بِيَدِه اليمن ل بِاليَ َديْنِ معا فإن لَم َيتَ َمكّن مِن ذلك َأشَا َر إليه ول يُقبّل يَدَه‬
‫الت َأشَا َر بِها وإنّما يقبّل يَدَه الت صَاَف َح بِها الجَر ‪ ..‬أي إذا تَمكّ َن مِن مصافحةِ الجَر أو مِن وَضْ ِع يَدِه على‬
‫ف مِن موضعٍ بعدَ الجَر‪ ،‬فإنه إذا ابتدَأ مِن‬ ‫الجر‪ ،‬ومِن ذلك الوضِع يَبتدِئ الطواف‪ ،‬وليس لَه أن يَبتدِئ الطوا َ‬
‫بعدِ الجَر فإنّ ذلك الشوط الذي ابتدَأ بِه مِن ذلك الوضع يَكون باطِل ل عبةَ بِه‪ ،‬وعليه لَو وَقَعَ شخصٌ ف‬
‫ذلك ثُم انتَبَه أو نُبّهَ إل صنِيعِه ذاك فإ ّن عليه أن يُ ْل ِغيَ ذلك الشوط وألّ يَعتبِر بِه أبدا وَيعْتَد بِالشوط الذي يَلِيه‬
‫وهُو الشوط الذي يَبتدِئ فيه الطواف مِن مُقابِلِ الجَر كما قدّمنا‪ ،‬ويَطُوف سبعة َأ ْشوَاط وينتهي ف ذلك‬
‫صتْ ولو جزئية صغية‬ ‫الوضِع الذي اْبتَ َدأَ منه‪ ،‬ومِنَ العلوم أنّه لبد مِن أن يُكْمِ َل الشواط السبعة تَمَاما فإذا ن َق َ‬
‫مِن ذلك فإ ّن طوافَه ذلك ل يُعتبَر صحِيحا‪.‬‬
‫ط َيقِفُ الناس عليه وذلك الط مقابِلٌ لِلحجَر تَمَاما وفيه مِن اليُسْرِ‬ ‫وكان منذُ فتر ٍة قصِي ٍة مِن الزمن هنالِك خ ّ‬
‫على كث ٍي مِن الناس ما ل يَخفَى‪ ،‬لكن ذلك الط ل يَخفى أنّه لَم َيكُن‪-‬كما قلتُ بِالمس‪-‬موجودا ف عهدِ‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ول ف القُرُونِ الت تََلتْ ذلك وإنّما وُضِعَ منذُ فترةٍ َقصِيَ ٍة مِن‬

‫‪367‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ف عندَما قَابَلَ الجَر ‪ ..‬وَقَفَ ف ُمقَابِلِ الجَر وطافَ مِن هناك‬ ‫ف أ ّن النب طَا َ‬ ‫الزمن ثُم أُزِيل‪ ،‬ومِن العرو ِ‬
‫وطافَ معه صحابتُه الكِرام وكانتْ ُأمّة كبِيَة جِدا مِن الناس‪ ،‬وف ذلك مِن اليُسْ ِر والسهولَ ِة ما ل يَخفَى‪،‬‬
‫فالتّشَدّ ُد والتّنَطّع مِمّا ل يَنبغِي‪.‬‬
‫شكُوك‪ ،‬فمِن‬ ‫فعندما يُقابِل مَن يُرِيدُ الطوافَ الجَر فليَبتدِئ مِن هناك وْلَيتْرُك التّشَدّد والتنَطّع والوساوِس وال ُ‬
‫ف مِن ذلك الوضِع‬ ‫س مِن أجل أن يقِفُوا عليه جَميعا وإنّما شَرَع ف الطوا ِ‬ ‫العلوم أنّ النب لَم َيضَعْ خَطا لِلنا ِ‬
‫جتِه‪ ( :‬لَتأْخُذُوا عنّي منا ِس َككُم ) وطاف معه الصحابةُ الكِرام وهكذا ف ُعهُودِهم‪-‬رضوان ال تعال‬ ‫وبيّنَ ف َح ّ‬
‫عليهم‪-‬وف عهو ِد التابعي ومَن جاء بعدَهم‪.‬‬
‫فلُيقَدّر مَن يُرِيدُ الطواف أنه َيقِفُ ف مقابِلِ الجَر ‪َ ..‬يتَحَرّى ذلك ويَطُوف مِن ذلك الوضِع ويَنتهِي‪-‬أيضا‪-‬ف‬
‫الوضِع الذي ابتدأَ فيه بِحيثُ‪-‬كما قلتُ‪-‬ل َيصِح لَه أن يَت ُر َك شيئا مِن ذلك‪ ،‬لنّه لَو تَ َر َك شيئا مِن ذلك فإنّ‬
‫ع مِنه البدايَة ‪ ..‬ظَنّ‪-‬مثل‪-‬أنّ البداي َة تُشرَع‬
‫َطوَافَه ذلك يَكون بَاطِل‪ ،‬أما إذا ابتدأَ‪-‬مثل‪-‬قَبل الوضِعِ الذي تُشْ َر ُ‬
‫مِن هناك ث تَبيّن لَه أ ّن المْ َر بِخلفِ ذلك فذلك ل َيضُرّه ف ذلك لكن لبد مِن أن يَنتهِي ف الوضِع العروف‬
‫الذي حدّ ْدتُه مِن قبل‪ ،‬وليس لَه أن يَنتهِي ف الوضِع الذي ابتدأَ منه ف هذا الطواف‪ ،‬لنّه ابتدَأ مِن موضعٍ‬
‫يُخالِف الوضِ َع الصحِيح وما دام لَم يَبتدِئ مِن الوضِعِ الصحِيح الذي هو مُتقَ ّد ٌم على موضِعِ الطواف فلبد مِن‬
‫أن يَنت ِهيَ ف الوضِ ِع الصحِيح؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫‪368‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حكم خروج المرأة وحدها بالسيارة ‪:‬‬


‫س‪ :‬ما رأيكم ف الرأة الت ترج من بيتها وحدها بالسيارة ‪ ،‬لزيارة أقاربا ف الستشفى مثلً ؟‬
‫ج‪ :‬يب عليها أن تذهب مع زوجها أو مع ذي مرم وليس لا أن تذهب بنفسها وال أعلم ‪.‬‬

‫حكم سكن المرأة مع حميها ‪:‬‬


‫س‪ :‬هل يوز للمرأة أن تسكن مع حيها‪ -‬أخي زوجها‪ -‬وتأكل معه ف صحن واحد ويدخلن من باب‬
‫واحد ‪ ،‬سواء كان ذلك الخ متزوجا أم ل ؟‬
‫ج‪ :‬ل يوز لا ذلك ‪ ،‬والديث نص بأن المو الوت كما هو ثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم ‪ ،‬فل يوز لا قطعا ‪ ،‬وهو حرام عليه بنص سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬

‫حكم معالجة الطبيب الجنبي للمرأة ‪:‬‬


‫س‪ :‬هل يوز للمرأة أن يعال أمراضها الت تستلزم كشف عورتا طبيب أجنب عنها كأمراض الولدة‬
‫وغيها ؟‬
‫ج‪ :‬الصل أن تعال الرأة الرأة ‪ ،‬ولكن إن ل يوجد ذلك فل بأس ف حالة الضرورة القصوى بشرط أن يكون‬
‫الزوج حاضرا أو إحدى قريباتا ‪ ،‬ولكن ينبغي أن يكون هو الزوج إل إذا تعذر ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬

‫حكم وضع المرأة ثيابها في غير بيت زوجها ‪:‬‬

‫‪369‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬ما معن قول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬ما من امرأة تضع ثيابا ف غي بيت زوجها إل هتكت‬
‫الستر بينها وب ربا ) ؟‬
‫ج‪ :‬معن ذلك أنه ل يوز لمرأة أن تضع ثيابا ف غي بيت زوجها ‪ ،‬أما بقية خارج البيوت فهذا متفق عليه‬
‫وظاهر حلي أنه ل يوز لمرأة أن تضع ثيابا خارج البيت ‪ ،‬أما كونا تضع ف بيت آخر وهي مستترة فلم‬
‫يُسبق الديث لحد لذلك ‪ ،‬وليس الراد قضية خلع الثياب أو غي ذلك ف غي بيت زوجها كما هو قد يتبادر‬
‫إل الذهان مباشرة ‪ ،‬وإنا الراد بوضع الثوب الوضع القيقي الذي ل يصح لحد أن يطلع عليه إل الزوج ‪،‬‬
‫هذا الراد وليس معناه‪ -‬كما قد يتبادر على بعض الذهان‪ -‬ل يوز وضع الثوب البتة ‪ ،‬وإنا الراد الثوب الذي‬
‫ل يوز لحد أن يطلع عليه غي الزوج ‪ ،‬وليس معن وضع الثوب خلع الثوب وتركه ل وإنا وضع الثوب‬
‫الذي ل يصح لحد أن يراها ف تلك الالة إل الزوج كالنكشاف أو نو ذلك ‪.‬‬

‫حكم التيان بالمعلمات وغيرهم من الجنبيات ‪:‬‬


‫س‪ :‬ف الديث الذي يقول ‪( :‬ل يل لمرأة أن تسافر مسية يوم وليلة إل مع ذي مرم ) ما رأي‬
‫فضيلتكم ف الوظفات الت يأتي من دول أجنبية وحدهن للضرورة كالتعليم ؟‬
‫ج‪ :‬ورد هذا الديث من طرق متعددة وبألفاظ متلفة ‪ ،‬فورد بلفظ ( ل يل لمرأة أن تسافر يوم وليلة) وف‬
‫بعضها (يومي) وبعضها (ثلثة أيام) وبعضها (بريدا) إل غي ذلك من الروايات ‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت ‪،‬‬
‫أما بالنسبة إل سفر الرأة مع غي ذي مرم أو زوج فإنه ل يوز ذلك قطعا بنص هذا الديث وبغيه من‬
‫النصوص ‪ ،‬والعجب من أولئك الذين يأتون بنساء أجنبيات إل هذه البلد أو غيها من بلد السلمي وبعضهن‬
‫لسن على السلم فهذا ل يوز ‪ ،‬أي ل يوز لحد أن يأت بامرأة من غي ذي مرم بنص هذا الديث وبغيه‬
‫‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل النساء الشركات فليس لحد أن يأت بأحد منهن إل بلد السلم ول سيما الزيرة العربية‬
‫‪ ،‬بل ل يوز له بأن يأت بأحد من الرجال ‪ ،‬إذ الديث قد صح بأنه (ل يتمع دينان ف جزيرة العرب ) ‪،‬‬
‫فيجب علينا أن نتنبه لذه القضية وننبه عليها ‪.‬‬
‫فهي أول أنه ل يوز لحد أن يأت بشرك إل جزيرة العرب ‪ ،‬وأنه ل يوز لحد أن يأت بامرأة مع غي‬
‫ذي مرم منها بنص هذا الديث وبغيه من النصوص الصحيحة الثابتة عنه عليه أفضل الصلة والسلم ‪.‬‬

‫المواضع التي يحل للمرأة أن تبديها ‪:‬‬


‫س‪ :‬يقول ال تعال ‪( :‬ول يبدين زينتهن إل ما ظهر منها ) ما معن قوله تعال ‪( :‬إل ما ظهر منها )؟ وما‬
‫هي الزينة الت يوز إظهارها لغي الحارم ؟‬

‫‪370‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬هذه السألة متلف فيها بي العلماء ‪ .‬فقد ذهب أصحابنا والمهور وهو رواية عن أحد إل أنه يباح‬
‫للمرأة أن تظهر وجهها وكفيها وباطن قدميها ‪ ،‬وذهب أحد ف رواية وعليه جل أصحابه إل أن ذلك مجور‬
‫‪ .‬وهذه السالة تعارضت فيها الدلة ويكن أن نتكلم عن ذلك ف وقت آخر لن الوقت قصي الن والدلة‬
‫تستغرق وقت طويل ‪ ،‬ونن نذهب أول إل ترجيح قول المهور وهو أن الوجه والكفان وباطن القدمي‬
‫ليست من العورة ‪ ،‬ولكن نقول أن الرأة إذا استطاعت أن تستر وجهها وكفيها فعليها أو ينبغي لا ذلك لهلة‬
‫مروية عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ولفعل كثي من الصحابيات‪ -‬رضوان ال تعال عليهن ‪ ، -‬وإذا‬
‫كان ذلك ف تلك العصور فكيف بذلك ف عصرنا هذا ‪ ،‬أما قضية ذكر الدلة والواب عن أدلة الخالفي أو‬
‫أدلة النابلة حت يرتدعوا عن تشددهم على الخالفي لم ف هذه السألة ونبذهم باللقاب القبيحة فل بد من‬
‫الكلم عليه حت يظهر الق جليا ‪ ،‬وبعد ذلك فل مانع من العمل بالحتياط بل هو مطلوب ف الدين وقد‬
‫دلت عليه سنة سيد الرسلي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه أجعي ‪.‬‬

‫حكم مصافحة النساء ‪:‬‬


‫س‪ :‬ما رأيكم ف مصافحة النساء ؟‬
‫ج‪ :‬مصافحة النساء مرم بنص سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم فإن رسول ال صلى ال عليه وسلم ل‬
‫يصافح امرأة أجنبية ‪ ،‬كما ثبت ذلك عند جاعة من أئمة الديث من طريق السيدة الطاهرة عائشة‪ -‬رضى ال‬
‫عنها‪ -‬فإنه قال صلى ال عليه وسلم‪( :‬ل أصافح النساء) وقد جاء النهي عن ذلك من طرق متعددة عن صحابة‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فالصافحة مرمة بالسنة الثابتة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ول يوز‬
‫لحد أن يصافح امرأة ‪ ،‬فقد ثبت عن الروسل صلى ال عليه وسلم أنه قال‪( :‬لن يطعن أحدكم بسمار ف‬
‫رأسه خي له من أن يس امرأة ل تل له ) والديث رواه ابن حزم ورواه الطبان قال ف "الكبي " ‪ :‬قال‬
‫اليثمي رجاله رجال الصحيح ‪ ،‬وقال النذري ف " الترغيب والترهيب" ‪ :‬رجاله تقات رجال الصحيح ‪ ،‬وإذا‬
‫كان هذا الديث صحيح كما رأيتم فل يوز لحد أن يالف السنة الثابتة ‪ ،‬وقد علمتم العقوبة ‪ ،‬وهذه‬
‫العقوبة ل تكون إل على كبية من كبائر الذنوب ‪ ،‬وال سبحانه وتعال أعلم ‪.‬‬

‫حدود عورة النساء ‪:‬‬


‫س‪ :‬ما هي عورة النساء بالنسبة للمرأة ؟ وما هي عورتا بالنسبة إل مارمها ؟‬
‫ج‪ :‬عورتا الرأة للمرأة وعورتا لحارمها وبالنسبة لحارمها فهي كعورة الرجل بالنسبة للرجل أي ما بي‬
‫السرة والركبتي ‪ ،‬هذا بالنسبة للمرأة الؤمنة وأما بالنسبة للمرأة الشركة أو الفاسقة فإن الرأة ل يوز أن‬
‫تنكشف أمامها البتة ‪.‬‬

‫‪371‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حكم التدخين ‪:‬‬


‫س‪ :‬هل التدخي حرام أم مكروه ؟‬
‫ج‪ :‬التدخي مرم وقد اتفق أصحابنا على ذلك واتفق عليه جهور المة وإنا اختلفوا ف وجوب الد فذهب‬
‫بعض العلماء إل إن الدخن يد على شارب المر ‪ ،‬وذهب بعض العلماء إل أنه يؤدب ‪ ،‬واختلفوا ف ذلك ‪،‬‬
‫من قائل بأنه يلد أقل من ثاني ‪ ،‬وقائل بأنه يلد بتسعة وثلثون سوطا ‪ ،‬ومن قائل بغي ذلك ‪.‬‬
‫وأما أنه ليس برام فلم يقل بذلك أحد من أصحابنا ول من جهور المة ‪ ،‬ومن قال بكراهية التدخي فقد‬
‫عارض النقول والعقول ‪ ،‬فإن ال سبحانه وتعال قد نى عن الضرار بالنفس ‪ ،‬وحرم قتل النفس ‪ ،‬وف‬
‫التدخي إضرار كثية جدا كما أوضحها الطباء بل قد أوضحها الفقهاء – جزاهم ال خيا – من قبل وجود‬
‫هؤلء الطباء ‪،‬فقد ذكروا ف مؤلفاتم بأن للتدخي علل كثية ‪ ،‬وقد أوصلها بعظيم إل مائه وعشرون علة ‪.‬‬
‫وأيضا ف التدخي إسراف بالال وإسراف الال ف غي مشروع حرام بنص سنة رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬كما يدل على ذلك الديث الروي عن رسول ال صلى ال عليه وسلم الذي فيه النهى عن إضاعة‬
‫الال ‪ ،‬وهذا إضاعة الال ‪ ،‬وأيضا ف التدخي إضرار بالؤمني ‪ ،‬وذلك لن الؤمني يتأذون بذه الرائحة ‪،‬‬
‫والضرار بالؤمني حرام ‪ ،‬وال سبحانه وتعال أعلم ‪.‬‬

‫س‪ :‬هل التدخي من الكبائر ؟‬


‫ج ‪ :‬التدخي حرام وقد استبدل العلماء على تريه بوجوه متعددة ومن مات على ذلك‪ -‬والعياذ بال‪ -‬من غي‬
‫توبة فهو حكمه حكم من ارتكب كبية وهو خالد ملد ف النار ملد ف النار ‪ ،‬كما أوضح العلماء ذلك‪-‬‬
‫جزاكم ال خيا – ف باب الكلم على حكم مرتكب الكبية ‪ ،‬وقد أوضح ذلك كل من المام نور الدين‪-‬‬
‫رحه ال ‪ -‬ف "مشارقه " وشيخنا‪ -‬حفظه ال تعال ف تعليقاته على "الشارق" وف "الق الدامغ" ‪ ،‬إل إنه ل‬
‫يكن أن يُقطع بذلك ف شخص من الشخاص لحتمال أن يكون قد تاب قبل موته ولو بلحظة واحدة ‪،‬‬
‫ولكن الكم العام فيمن ارتكب هذه العصية إنه مرتكب لكبية وحكمه حكم مرتكب الكبية والعياذ بال ‪.‬‬

‫بيان مدى صحة حديث "الوا والعبوا ‪"...‬‬


‫س‪ :‬ف بعض الكتب رأينا هذا القول منسوب إل المام علي ‪ ،‬وف بعضها منسوب إل الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم والقول هو "الوا والعبوا فإن أكره أن أرى ف دينكم غلظة " ؟‬

‫‪372‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬أقول ‪ :‬ل يأمر الرسول صلى ال عليه وسلم ف يوم من اليام ول علي ابن أب طالب باللهو والعب ‪،‬‬
‫فأمثال هذه الحاديث ل يكن أن تنسب إل الرسول صلى ال عليه وسلم ول يكن أن تنسب إل أصحاب من‬
‫صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فهو ليس بصحيح ل عن الرسول صلى ال عليه وسلم ول عن علي‬
‫ول عن أحد من صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬

‫حكم مشاهدة الفلم ‪:‬‬


‫س‪ :‬هل يوز مشاهدة الفلم والصارعة وغيها من التلفاز إذا ل يكن بقصد مشاهدة العورات ولكن‬
‫بقصد التسلية ؟‬
‫ج‪ :‬النظر إل شيء من الفلم الليعة والفلم الائعة ل يوز ‪ ،‬وذلك لن الرسول قد لعن الناظر والنظور‬
‫إليه ‪ ،‬ل فرق ف النظور بي ما إذا كان ف صورته ظاهرة أو كان منقول بشيء من هذا اللت السية ‪ ،‬فهذا‬
‫حرام بنص السنة الروية عن الرسول صلى ال عله وسلم ‪.‬‬

‫أدلة تحريم الغناء ‪:‬‬


‫س ‪ :‬وجدت ف أحد الكتب أن الحاديث الت وردت ف تري الغناء ضعيفة ‪ ،‬فما قولكم ف ذلك ؟‬
‫ج ‪ :‬ذكر ذلك المام الغزال ف كتاب مؤخرا ‪ ،‬وقد رد عليه طائفة من العلماء ‪ ،‬والغزال ليس من أئمة‬
‫الديث حت يصحح أو يضعف ‪ ،‬والعجب بأن هذا الزمان قد ابتُلي بماعة من الناس الذين ل يدرسوا‬
‫مصطلح الديث ول يتعبوا أنفسهم بقراءة كتب الصحاح والسنن ث بعد ذلك أخذوا يصححون ويضعفون‬
‫على حسب ما تليه علييهم عقولم القاصرة ‪ ،‬أو أنم يقلدون بعض من ل يتعمق ف هذه العلوم ‪ ،‬والغزال‬
‫مقلد ف هذا لبن حزم ف كتابه "الُحلى" ‪ ،‬وابن حزم فيه قصور ف النظر والتابعة والشواهد ‪ ،‬وإنا ينظر ف‬
‫إسناد الديث ويضعفه لدن علة ‪ ،‬وإل فالحاديث الُحرمة للغناء رُويت من طرق متعددة عن صحابة رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم منها الصحيح ومنها السن ومنها والضعيف الذي يشده الصحيح أو السحن ‪ ،‬وقد‬
‫رُويت من طرق متعددة منها عن علي ابن أب طالب وعن السيدة عائشة‪ -‬رضي ال تعال عنها – وعن ابن‬
‫عباس وعبدال ابن عمر وابن العاص وابن أمامة الباهلي وسهل بن سعد الساعدي وغيهم من صحابة رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وأقوى تلك الحاديث حديث أب مالك الشعري‪ -‬رضي ال تعال عنه‪ -‬الذي‬
‫رواه المام البخاري جازما بصحته ورواه الطبان وأبو داود وابن ماجه بلفظ ( ليأتي رجال من أمت‬
‫يستحلون الر والرير والمر والعازف ) هذا أقرب شيء إل لفظ أب داود ‪ ،‬وقد أطال العلمة ابن القيم ف‬
‫عدة كتب من كتبه ف النتصار لذا الذهب وبيان صحة الحاديث الروية عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ف هذا الوضع ‪ ،‬كما أطال ف ذلك العلمة الافظ ابن حجر ف " فتح الباري" شرحه على صحيح البخاري ‪.‬‬

‫‪373‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ول يأت من قال بلية استماع الغان‪ -‬كالغزال‪ -‬بشيء يستحق الناقشة ‪ ،‬وقوله بأن تلك الحاديث ل‬
‫تثبت فقد ثبتت عند من هو أكثر منلة منه ‪ ،‬وعلى كل فالعال له هفوات فقد يطئ وقد يصيب ‪ ،‬وال‬
‫سبحانه وتعال قد أمرنا بطاعته وطاعة رسوله صلى ال عليه وسلم ول يأمرنا بطاعة أحد من الناس ‪ ،‬وال‬
‫سبحانه وتعال أعلم ‪.‬‬

‫حكم لعب الورقة ‪.‬‬


‫س‪ :‬ما حكم لعب الورقة إذا ل تكن تُلهي عن الصلة ف وقتها أو غيها من العبادات ؟‬
‫ج‪ :‬أقول ‪ :‬الورقة هذه شُغل شاغل ‪ ،‬شُغل عن عبادة ال وعن طلب العلم ولكن يقال ف حكمها أنا مباحة ما‬
‫ل تشغل عن عبادة ال سبحانه وتعال كالصلوات والماعات وقراءة القرآن والذكار وطلب العلم ‪ ،‬ول يكن‬
‫هناك شيء من السب أو الشتم أو التنابز باللقاب ‪ ،‬وعلى كل حال فالورقة ل تلوا من شيء من ذلك ‪،‬‬
‫وهكذا بقية المور الت تشبه هذه الورقة ‪ ،‬ولكن إذا ل يصل شيء من ذلك فنقول بكراهيتها ‪ ،‬أما بالتحري‬
‫فل نستطيع أن نقول بذلك لعدم الدليل ‪ ،‬ولكن نقول بالشروط التقدمة وهي عدم التساب أو التشائم أو‬
‫التنابز باللقاب أو شيء من الرهان أو شغل عن عبادة ال سبحانه وتعال ‪ ،‬أما إذا كان شيء من ذلك فهي‬
‫مرمة ‪.‬‬

‫حكم حلق الحية وصبغها ‪.‬‬


‫س‪ :‬هل يوز حلق اللحية أو صبغها ؟‬
‫ج‪ :‬حلق اللحية أو قصها ل يوز بال من الحوال ‪ ،‬وقد ثبت النهي الصريح ف ذلك عن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم من عدة طرق ‪ :‬من طريق أب هريرة وأب سعيد وابن عمر وابن عباس وغيهم من صحابة رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬منها عند المام الربيع‪ -‬رحه ال تعال‪ -‬ومنها عند الشيخي وأصحاب السنن‬
‫الربع وأحد وغيهم ‪ ،‬منها فيها أمر بتوفي اللحية ‪ ،‬والغلب ف إعفائها ‪ ،‬منها فيها النهي عن أخذ شيء من‬
‫اللحية ‪ ،‬والمر للوجوب بدليل قوله تعال ‪ ( :‬فليحذر الذين يالفون عن أمره أن تصيبهم فتنه أو عذاب‬
‫أل ) ‪ ،‬والنهي للتحري ‪ ،‬وقد اتفق هاهنا المر والنهي فهما دليلن ‪ ،‬وزيدوا على ذلك النهي عن التشبه‬
‫بالنساء ‪ ،‬ول شك أن الالق متشبه بالرأة ‪ ،‬والتشبه بالنساء حرام بنص حديث رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ( :‬لعن ال التشبهي من الرجال بالنساء ‪ )...‬إل آخره ن وفوق ذلك فيه تشبه بأعداء ال ‪ ،‬وقد نى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم عن التشبه بم ‪ ،‬بل جعل التشبه بم منهم ‪ ،‬كما جاء ف الديث الذي فيه‬
‫‪374‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫( من تشبه بقوم فهو منهم ) والديث رواه أبو داود وابن أب شيبه وعبد الرزاق ورواه جع من أئمة الديث ‪،‬‬
‫قال العراقي ف تريج " الحياء" بأن إسناده جيد ‪ ،‬وقال الافظ ‪ :‬إنه حسن ‪ ،‬وصححه جع من أئمة‬
‫الديث ‪ ،‬وحسنه آخرون ‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت ‪ ،‬وفوق ذلك فإن ال سبحانه وتعال قد أشار ف‬
‫الكتاب العزيز إل النهي عن ذلك ‪.‬‬
‫فمن حلق ليته أو قصر شيئا منها فهو مرتكب لحرم والعياذ بال تبارك وتعال من ذلك ‪ ،‬ول يصح‬
‫الستناد بالخذ من اللحية إل الديث الروي‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يأخذ من ليته ‪ ،‬وهو‬
‫حديث رواه الترمذي وقال ‪ :‬غريب ‪ ،‬أي ضعيف ‪ ،‬وذلك لن الترمذي يستعمل كلمة "غريب" على ثلثة‬
‫معان منها‪ :‬أنه يريد با الضعيف ‪ ،‬فقال ‪ :‬بأنه غريب هاهنا أي ضعيف ‪ ،‬وهو ف حقيقة الواقع موضوع ‪ ،‬وقد‬
‫قصر الترمذي ف اكتفائه بالتضعيف ‪ ،‬وإن كان الضعيف أيضا يشمل الوضوع ‪ ،‬وذلك لن الضعيف على‬
‫سبعي نوعا من النواع منها الضعيف ‪.‬‬
‫وهذا الديث موضوع لنه من طريق عمر بن ميمون وهو كذاب وضّاع ‪ ،‬ول يكن أن تترك تلك‬
‫الحاديث الصحيحة الصرية الثابتة بثل رواية هذا الكذاب وال الستعان ‪.‬‬
‫وصبغ اللحية إذا كان بغي السواد فهو جائز ‪ ،‬وأما بالسواد فل يوز ‪ ،‬وقد ثبت النهي ف أحاديث عن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم وجاء ف بعضها‪ -‬وحسنه بعض العلماء‪ ( -‬من صبغ بسواد سود ال وجهه يوم‬
‫القيامة) والديث ف النهي ‪ ،‬من ذلك منها ف البخاري ومسلم ‪ ،‬ومنها ف غيها ‪ ،‬فل يوز بالسواد وأما ما‬
‫عدا ذلك فل مانع منه ‪.‬‬

‫حكم تأجير المحلت لبيع المحرمات ‪.‬‬


‫س‪ :‬ما حكم السلم ف تأجي الحلت للماكن الت ترتكب فيها الحرمات كمحلت بيع الغان‬
‫والسجائر وغيها ؟‬
‫ج‪ :‬الق القيق بالقبول أنه ل يوز لحد أن يؤجر بيته لحد يعلم منه أنه يتعامل فيه بشيء من العاصي ‪،‬‬
‫وذلك كبيع التدخي أو كبيع الشرطة الت فيها الغان والزامي الشيطانية أو نو ذلك ‪ ،‬وأما إذا كانت‬
‫مشتركة تبيع ذا وذاك ول يبه عند البيع قد يكون المر أهون من ذلك ‪ ،‬لكن إذا استطاع وعلم من قبل فإنه‬
‫ل يوز أن يعينه على معصية ‪ ،‬وهكذا الشأن ف الماكن الربوية أو نو ذلك ‪ ،‬وقول من يقول بلف بذلك‬
‫قول باطل ل دليل عليه ‪ ،‬وذلك لن هذا من باب التعاون على الفساد ‪ ،‬والتعاون على الفساد ل يوز بال‬
‫من الحوال ‪.‬‬
‫حكم دعاية البارد ومسابقات السحب ‪.‬‬

‫‪375‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬هل يوز أخذ قيمة ما يسمى بالدعية الت تظهر على أغلفه الباردة للطفال والكبار على حد سواء أو‬
‫الوائز الت تصدرها الشركات إذا كان الشخص متاجا لتلك الكافأة الالية ؟ وهل من فرق بي التعمد‬
‫وغي التعمد ف أخذ الدعاية ؟‬
‫ج‪ :‬أما القاصد فل توز له قطعا ‪ ،‬وأما الذي ل يقصد ففي ذلك خلف ‪ ،‬والذي نراه عدم الوائز ‪ ،‬وال‬
‫أعلم ‪.‬‬

‫حكم اليانصيب ‪.‬‬


‫س‪ :‬ما قولكم ف اليانصيب الذي تبزه الحلت التجارية ‪ ,‬فمثل عند شرائك من مل معي ما قيمة ثلث‬
‫ريالت يقوم الحل بإعطائك رصيدا تكتب عليه اسك وعنوانك وعلى ذلك الرصيد رقمان ‪ :‬رقم البضاعة‬
‫ف صندوق القتراع ‪ ،‬ورقم يتفظ به حت يأت أوان القتراع ‪ ،‬فإذا ما قدر لك الظ وفزت بأحد الوائز‬
‫الت يوضع ف هذا القتراع ‪ ،‬فما حكم هذا اليانصيب من هذا النوع ؟ ل ريب أن هناك نوعا من‬
‫الساهي ف البنوك ونوعا أخرى يشتري فيه ذلك الرصيد بقيمه معينه ؟‬
‫ج ‪:‬هذه السألة كالسألة السابقة ‪ ،‬قلنا بأن ذالك ل يوز ‪ ،‬هذا الذي نراه دفعا للمفاسد ‪ ،‬كما ذهب إليه‬
‫الحققون من العلماء ‪ ،‬ال أعلم ‪.‬‬

‫حكم تقبل هدية النصارى‬


‫س‪ :‬مهل يوز تقبل هدية النصارى ؟‬
‫ج‪ :‬هدية النصران يوز تقبلها لكن بشرط أل تكون هناك له عزة أو هيبة أو احترام أو غي ذلك ‪ ،‬وقد تقبل‬
‫بعض السلمي بعض الدايا من علماء ومن غيهم ‪.‬‬

‫حكم الوصية لغير المسلم ‪.‬‬


‫س‪ :‬إذا أسلم مشرك من أسرة كافرة ‪ ،‬فهل يوز أن يوصي بل تركته لغي وارث مسلم ؟‬
‫ج‪ :‬إذا لك يكن له أحد من الورثة فإنه يوز له أن يوصي ولو باله كله ‪ ،‬وأما إذا كان له أحد من الورثة فل‬
‫يوز له أن يوصي بأكثر من الثلث بإتفاقهم ‪.‬‬
‫بأن الشرك ل يرث السلم باتفاق الميع ‪ ،‬وإنا اللف ف السلم هل يرث الشرك أو ل ؟‬
‫والذي عليه جهور المة ودل له الثابت عن الرسول صلى ال عليه وسلم أنه يرث مسلم مشركا ‪ ،‬وعليه ف‬
‫مثل هذه الالة يوز له أن يوصي بالل أو الكل ‪ ،‬ال أعلم ‪.‬‬
‫أما أن يوصي للمشرك بكل ماله فل يوز ول يله ‪ ،‬وأما أن يوصي بنصفه فل بأس ‪ ،‬لكن الوصية لشركة‬
‫ل نقول بأنا ل توز ‪ ،‬فقد ثبت عن السلف بل ثبت عن شيء من الروايات عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫‪376‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وسلم ما يكن أن يستفاد من ذلك ‪ ،‬وإنا نقول بأنه ل يستحسن أن بوصي بالكل أو بالل لغي السلمي ‪,‬أما‬
‫جوائز الوصية للمشرك إذا ل يكن حربا للمسلمي فقد جوزه كثي من العلماء ‪ ,‬ول سيما إذا كانت هناك‬
‫مصلحه لعليم يدخلون ف السلم أو نو ذلك ‪.‬‬
‫حكم الصيد إذا أطلق عليه النار‬
‫س‪ :‬ما حكم الصيد إذا أطلق عليه النار فسقط ميتا ف حينه ؟‬
‫ج‪ :‬هذه السألة ذهب المهور إل أنه ل يوز أكل الصيد الذي أطلق عليه النار بذه البنادق ولو ذكر اسم ال‬
‫سبحانه وتعال عليها ‪ ،‬وهذا هو الراجح عندهم ‪ ،‬وإن ذهبت طائفة من العلماء لسيما من التأخرين إل جواز‬
‫ذلك ‪ ،‬ولكن القول الول هو أقوى القولي ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬إذا كانوا يدعون سبعي بابا من الرام مافة أن يقعوا ف الرام ‪ ،‬فما بالك بالرام نفسه ‪.‬‬

‫حكم التجسس على من يكيد الشر ‪.‬‬


‫س‪ :‬هل يوز لشخص ما أن يتجسس ف السمع على شخص يكيد له الشر ؟‬
‫ج‪ :‬الصل ‪ :‬التجسس منوع ‪ ،‬حرم ال الغيبة بالنسبة للمسلمي ‪ ،‬فل يوز لؤمن أن يغتاب مؤمنا ‪ ،‬وأما‬
‫التجسس فهو حرام ولكن استثن بعض العلماء بعض الالت ‪ ،‬وهذه الالة منها ‪ ،‬فل بأس عليه من التجسس‬
‫‪ ،‬بل قد يب عليه إن خاف منه شرا أو خاف على بعض السلمي ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬

‫حكم نقل العضاء من شخص لخر ‪.‬‬


‫س‪ :‬مسألة نقل العضاء من جسم إل آخر وكذلك الدم ‪ ،‬أخبت بعدم جواز ذلك إل ف الدم عند‬
‫الضرورة ‪ ،‬وأستفسر حول هذه السألة بعض الستفسارات منها ‪-:‬‬
‫‪ -‬هل هذه السألة ما أختص با أصحابنا أم للمخالفي فيها رأي ؟‬
‫‪ -‬إن قال قائل الضرورات تبيح الحظورات ‪ ،‬فما قولكم ف ذلك ؟‬
‫‪ -‬ما سبب النع والسلم أمرنا بب الي للخرين كما نبه لنفسنا ؟‬
‫‪ -‬سعت أحد الخالفي يتج بعدم الواز ف نقل العضاء بأن ف ذلك زيادة ف عمر النسان عن العمر‬
‫الذي قدره ال له ‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟‬
‫‪ -‬كذلك ما سبب منع نقل الدم للمساعدة ف غي الضرورة ؟‬
‫أفيدونا ولكم الجر والثواب ‪.‬‬
‫ج‪ :‬نقل العضاء ل يوز على الرأي الراجح ‪ ،‬وهو مذهب المهور ‪ ،‬وقد قال به طائفة كبية من أصحاب‬
‫الذاهب الخرى ‪ ،‬والدلة على ذلك كثية جدا ‪ ،‬أهها أن النسان ل يلك التصرف ف أعضائه إذ ل يأذن له‬

‫‪377‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الشارع بذلك ‪ ،‬وأما الدم فالصحيح الواز عند الاجة لدلة كثية ‪ ،‬والفرق بينه وبي العضاء واضح جلي‬
‫من وجوه متعددة ‪.‬‬
‫وما ذكرتوه من الدلة ل يُقاوم ما ذكر الانعون ‪ ،‬وهذه العجالة ل تكفي لذكر كل الدلة الت استدل با‬
‫الانعون وهدم ما استدل به الجوزون ‪ ،‬ولعل ال ييسر ذلك ف وقت قريب ‪.‬‬
‫وأما احتجاج الخالف فليس بصحيح ‪ ،‬هذا وقد جوز بعض العلماء نقل العضاء مع شروط اشترطوها ‪،‬‬
‫ونن وإن كنا ل نوز ذلك إل إننا نقول ‪ :‬إن من عمل بذلك وأخذ بقول من أقوال السلمي فل حرج عليه‬
‫إن شاء ال ‪ ،‬ولكن بشرطي ‪-:‬‬
‫عند الضرورة القصوى ‪ ،‬بيث ل يكن العلج إل بذلك ‪ ..‬ف نقل الكلية فقط ‪ ،‬نعم له أدلة ‪.‬‬

‫حكم التنويم المغناطيسي ‪.‬‬


‫س‪ :‬التنوي الغناطيسي هل له نصيب من الصحة ؟ وهل هو جائز ؟ وكيف يدث ؟ وما زعمه الزرقان ف‬
‫كتابه مناهل العرفان بأن هذه العملية هي أقرب صورة للوحي ‪ ،‬هل هذا صحيح ؟‬
‫ج‪ :‬التنوي الغناطيسي نوعان ‪ :‬النوع الول هو ما يعرف عندهم بالياء الطب ‪ ،‬وهو معروف بالطب النفسي‬
‫وله حقائق ومعلومات ثابتة وطرق عملية مددة ‪ ،‬وقد استعمل ف علج كثي من المراض كالرق والوساوس‬
‫وغيها ‪.‬‬
‫والنوع الثان ‪ :‬هو التنوي السرحي ‪ ،‬الذي يقوم به بعض الدجالي أو السحرة ‪ ،‬وقد ساعدهم بعض الن على‬
‫ذلك ‪ ،‬وهذا النوع دجل وشعوذة وهو غي جائز ‪ ،‬والزرقان إن أراد بقوله الذكور أن هذا المر خارق‬
‫للعادة ‪ ،‬كما هو الشأن ف العجزة ‪ ،‬فله وجه كما هو مبي ف مله ‪ ،‬وإل فهو باطل ل وجه له ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫علج الغضب ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم الشرع ف الغضب لتفه السباب ؟ وما هي الطريقة للتخلص منه ؟‬
‫ج‪ :‬يلص منه بالستعاذة من الشيطان ‪ ،‬لن هذا الشيطان هو الذي يسبب ذلك ‪ ،‬وقد جاء ف بعض الروايات‬
‫أن الذي يغضب عليه أن يستحم ‪ ،‬لن للماء خصوصية ف تدئة الغضب ‪ ،‬وعلى كل يب الستعاذة من‬
‫الشيطان واللجوء إل بعض الذكار الواردة عن الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬والواظبة على قراءة القرآن ‪.‬‬
‫توبة المغتاب ‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف تكون توبة الغتاب لشخص ‪ ،‬هل تكون بأن يذهب إليه ويبه بأنه إغتابه ويطلب منه الصفح؟‬
‫ج‪ :‬ف ذلك خلف بي العلماء ‪ ،‬ذهب أكثر العلماء إل أنه عليه أن يتوب إل ال تبارك وتعال وليس عليه أن‬
‫يذهب إل ذلك الشخص فيخبه بأنه قد اغتابه ويطلب أن يسامه ف ذلك وذهبت طائفة من العلماء إل أنه‬

‫‪378‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫يب عليه أن يذهب إليه ‪ ،‬والقول الول لعله هو القول الصحيح ولسيما إذا خلف من ذلك الفتنة ‪ ،‬وال‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫بيان معنى النسيان في الحديث الذي رواه الربيع عن القرآن ‪.‬‬
‫س‪ :‬جاء ف مسند المام الربيع ( من تعلم القرآن ث نسيه حشر يوم القيامة أجذم ) فما القصود بالنسيان‬
‫هنا ؟‬
‫ج‪ :‬اختلف العلماء ف هذا النسيان ‪ ،‬فقيل بالنسيان نسيان التلوة ‪ ،‬وقيل النسيان ترك العمل بالكتاب العزيز ‪،‬‬
‫لكن هذا ل يساعفة اللفظ ‪ ،‬وقيل النسيان هو إذا تعمد أن يترك الكتاب ‪ ،‬وقيل نسيان الترك وليس نسيان‬
‫اللفظ ‪ ،‬وال سبحانه وتعال أعلم ‪ ،‬وتدون ذلك ف شرح المام السالي‪ -‬رحه ال ‪.-‬‬

‫حكم رد السلم ‪.‬‬


‫س‪ :‬رجل سلم على جاعة كبية ‪ ،‬فما حكم ردّهم عليه ؟‬
‫ج‪ :‬اختلفوا ف رد السلم ‪ ،‬هل هو فريضة على العيان أم هو فريضة على الكفاية ‪ ،‬فإذا قلنا بالقول الول فإنه‬
‫يب أن يردّوا عليه جيعا ‪ ،‬وإن قلنا بالقول الثان فإنه يكن أن يتزأ البعض بالبعض الخر‪ ،‬وال اعلم ‪.‬‬

‫كيفية رد السلم ‪.‬‬


‫س‪ :‬رجل سلم على رجل ‪ ،‬فقال‪ " :‬السلم عليكم ورحة ال وبركاته " ‪ ،‬فهل يلزمه ردّه كامل إلزاما‬
‫واجبا ؟‬
‫ج‪ :‬نعم يلزمه ذلك على قول من يقول بوجوب رد السلم أي أن رد السلم فرض واجب ‪ ،‬كما هو قول‬
‫جهور العلماء ‪ ,‬بل يوز له أن يزيد على ذلك قوله "ومغفرته" فإنا قد جازت ف رواية ‪ ,‬وهي وإن كانت‬
‫ضعيفة إل أن ظاهر القرآن يؤيد جواز الزيادة ‪ ,‬وإن كنا بمد ال ل نقول بواز الحتجاج بشيء من‬
‫الحاديث الضعيفة ‪ ,‬ل ف المور العتقادية ول المور الفقهية ‪ ,‬بالطبع فهذا متفق عليه إل ما ذهب إليه بعض‬
‫الضعفاء من الحتجاج ببعض الحاديث الضعيفة ف بعض السائل الفقهية ‪ ,‬بل ومع ذلك نقول ل يوز لحد‬
‫أن ينسب شيئا من الحاديث إل الرسول صلى ال عليه وسلم وهو ل يعلم بأنا صحيحة ‪ ،‬ولو كان ذلك ف‬
‫شيء من الوعظ أبدا ‪ ,‬كما ذكرنا ذلك ف العام الاضي ‪ ،‬وعسى أن نتكلم على ذلك ف مناسبة أخرى ‪ ،‬فإن‬
‫كثيا ً من الوعاظ وللسف الشديد الحزن ينسبون إل الرسول صلى ال عليه وسلم ما ل يثبت عنه بدعوى‬
‫أن هذا ف الوعظ والرشاد وليس ف أمر تعبدي ‪ ,‬ونن نطالبهم بدليل إذا كانوا يدون ‪ ,‬ذلك بأنم باجة إل‬
‫ذلك ‪ ,‬ولكن ما أظنهم سيجدون شيئا من الدلة ‪ ,‬بل الدلة قاضية بأنه ل يوز لحد أن ينسب شيئا إل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ,‬وما أشبه هؤلء بأولئك الوعاظ الذين كانوا ينسبون إل رسول ال صلى ال‬

‫‪379‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫عليه وسلم ما ل يقله ويضعون عليه الحاديث ويقولون ‪ :‬نن ل نكذب عليه بل نكذب له ‪ ،‬فالفريقان‬
‫متشابان‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬


‫هذا جامع أول لفتاوى الشيخ سعيد بن مبوك القنوب ف أحكام الج والعمرة وما يتعلق بما‬
‫مِمّا تكنا مِن الصول عليه مِن حلقات برنامج " سؤال أهل الذكر " مِن تلفزيون سلطنة عُمان‬

‫ض الناس يُصلّون بعدَ السعي‪ ،‬فهل تُشرَع صلةٌ ف ذلك الوقت ؟‬ ‫س ‪ :1‬نُشاهِد بع َ‬
‫ت شيءٍ ف ذلك عن النب صلى ال‬
‫ج‪ :‬إنّ الذي عليه جهو ُر المّة أنه ل تُش َرعُ صلةٌ بع َد السعي‪ ،‬لِعدمِ ثبو ِ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهذا القول هو القولُ الصحيح‪.‬‬

‫‪380‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ت طائفةٌ قليلةٌ جدا مِن العلماء إل مشروعي ِة التيانِ بِركعتيْن بع َد السعي‪ ،‬وقد احتَجّ لذلك العلّمةُ‬ ‫وذهب ْ‬
‫الكمالُ بن المام بِحديثٍ مروي عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وذَكَ َر فيه العلّم ُة الكمال بِأنه‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم كان يُصلّي بع َد سعيِه‪ ،‬ولكنّ هذه الرواية لَم تَثبتْ عن رسولِ ال صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪ ،‬بل ل يَ ْروِها ابنُ ماجة بِهذا اللفظ وإنا رواها بِلفظ‪ " :‬بعدَ سبع " ‪ ..‬أي بع َد سبعةِ أشواط‪،‬‬
‫ف بِالبيت‪.‬‬
‫وذلك يعن أنّ ذلك بع َد النتهاءِ مِن الطوا ِ‬
‫فهاتان الركعتان بعدَ الطواف‪ ،‬وليستا بع َد السعي؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :2‬ما حك ُم صو ِم يومِ عرفة لِمَن كان واقِفا بِها ؟‬
‫ج‪ :‬صو ُم يومِ عرفة ِلمَن ل يَكن واقفا بِها ول يَكن ذلك ف يومٍ يُنهى عن الصيا ِم فيه‪ .. 1‬أي كأن يَكون‬
‫مصادِفا لِيومِ المعة ‪ ..‬فإنه مشروعٌ بِالنصّ الثابِت عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وقد أَجعتْ‬
‫ف بيْن العلماء فيما يَتعلّ ُق بِصيا ِم يومِ عرفة ف أمريْن‬
‫على مسنونيةِ ذلك ال ّم ُة السلمية قاطبة‪ ،‬وإنا وََق َع الل ُ‬
‫اثنيْن‪:‬‬
‫أوّلُهما‪ :‬إذا صادَف ذلك يوما منهيا عن صيامِه كيومِ المعة مثل فإنّ العلماء ف هذه الالة قد اختلَفوا ف‬
‫الصيام لِهذا اليوم‪:‬‬
‫ت طائفةٌ منهم إل عدمِ مشروعي ِة الصيام‪ ،‬وذلك لِما ثبتَ عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه‬ ‫فذهب ْ‬
‫نَهى عن الصيامِ ف يومِ المعة إل لِمَن صام يوما قبلَه أو بعدَه‪ ،‬وهو حديثٌ صحي ٌح ثابِت عن النب صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪َ ،‬ر َوتْه طائفةٌ كبية مِن أئم ِة الديث‪ ،‬والنهيُ يُقدّم على المْر ‪ ..‬أي إذا تَعارَض دليلن‬
‫أحدُها يَد ّل على النهْيِ عن أمْر والخَر يَد ّل على المْ ِر بِه فإ ّن النه َي مُقدّم على المْر ولو كان ذلك النهي عنه‬
‫مكروها إذا كان الأمور بِه مندوبا‪.‬‬
‫ت طائف ٌة مِن العلماء إل القو ِل بِمشروعيةِ ذلك‪ ،‬وذلك نظرا إل أنّ الصائمَ لَم يَقصِد بِصومِه يومَ المعة‬ ‫وذهب ْ‬
‫وإنا َقصَ َد بِصومِه يومَ عرفة‪ ،‬وهذا القو ُل هو القولُ الصحيح‪ ،‬وذلك ل ّن النهيَ مُقيّ ٌد ِبعِلّة وهي وإن ل تَكن‬
‫ص بِهذا الديث الثابِت عن رسولِ‬ ‫خ ّ‬‫منصوصة ولكنها مستنبطَة وإذا كان المْرُ كذلك فإنّ ذلك الديث يُ َ‬
‫ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬إل أنه يَنبغِي الروج مِن اللف‪ ،‬فالَ ْفضَل ِلمَن أَرادَ أن يَصومَ ذلك أن‬
‫يَصو َم يوما قبلَه بِأن يَصومَ يَومَ الميس‪ ،‬ول شك أ ّن يو َم الميس قد ثبَتتْ بِصيامِه السّنةُ الصحيحة الثابِتة عن‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولسيما أنّ ذلك ف اليا ِم العشْر والعمل فيها أَ ْفضَل مِن غيِها كما ثبتَ‬
‫ذلك عن رسولِ ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫هذا وأمّا المْرُ الثان وهو‪ :‬صيامُ يومِ عرفة لِمَن كان واقِفا بِعرفة فإنه قد اختلَف فيه العلماء أيضا‪:‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬عنه " بدل مِن " فيه " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪381‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ب الصوم‪ ،‬أما إذا‬ ‫ذهبتْ طائفةٌ مِن العلماء إل أنّ ذلك يُكرَه لِمَن يُشغِله ذلك عن الدعاء بِأن يَكون مُرهَقا بِسب ِ‬
‫ل يَكن ذلك فإنه يَنبغِي لَه أن يَصوم بل إنّ ذلك يُش َرعُ ف حقّه‪.‬‬
‫وذهبت طائف ٌة مِن العلماء إل النهيِ عن ذلك‪ ،‬وذلك لنه ثبتَ عن رسولِ ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫جتِه‪.‬‬‫وسلم‪-‬أنه أَفْ َطرَ ف ذلك اليوم ف حَ ّ‬
‫جتْ طائفةٌ مِن العلماء على النهيِ عن ذلك بِما َر َوتْه طائفةٌ مِن أئم ِة الديثِ‪-‬كالنسائي ف " السنن‬ ‫واحتَ ّ‬
‫الكبى " وأب داود وابن ماجة والاكم ف " الستدرَك " وأب إسحاق الرب ف " غريب الديث "‬
‫والطحاوي ف " شرح معان الثار " وأب نعيم ف " حِلية الولياء " والطيب البغدادي ف " تاريخ بغداد‬
‫"‪-‬مِن أنّ الرسولَ‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬نَهى عن صيامِ عرفة لِمَن كان واقِفا بِعرفة‪ ،‬إل أنّ هذا‬
‫الديث ل يَثبتْ عن رسولِ ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لنه مِن طريقِ مهدي الـهَجْرِي وهو‬
‫مَجهول‪ ،‬وقد جا َء مِن طريقٍ أخرى ولكنها وا ِهيَة بِ َمرّة‪ ،‬لنا مِن طريقِ إبراهيم بن ممد بن أب يي ا َلسْلَمِي‬
‫وهو واهٍ بِ َمرّة فل يُؤخَ ُذ ِبرِوايتِه‪.‬‬
‫فإذن العُم َدةُ الفع ُل الثابِت عن رسولِ ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫س؟‪ :‬بِالنسبة لِزوج ِة العَم وزوجةِ الال‪ ،‬هل ها مِن الحارِم ؟‬
‫ج‪ :‬زوج ُة الال وكذا بِالنسبةِ إل زوج ِة العَم فهما ليْستا مِن الحارِم ‪ ..‬الرا ُد بِالحارِم ه ّن مَن ل يَجوز‬
‫لِلشخصِ أن يَتز ّو َجهُنّ ف الاضِرِ ول ف الستقبَل‪ ،‬فكلّ امرأةٍ ل يَجوز له أن يَتزوّجَها ف الاضِر ‪ ..‬أي ف‬
‫ت الاضِر ول ف الستقبَل فإنه يَجوز لَه أن يُصافِحَها‪ ،‬وأما إذا كان لَه أن يَتزوّجَها ف هذا الوقت أو ف‬ ‫الوق ِ‬
‫الستقبَل فإنه ل يَجوز لَه أن يُصافِحَها بِحا ٍل مِن الحوال‪ ،‬كما قدّمنا ذلك؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ج مِن‪ ،‬هل يَصِحّ لِلحاج أن يَهدِي فيه ؟‬ ‫س؟‪ :‬هناك مَسْلَخ يُوجَد خار َ‬
‫صتْ على ذلك‬ ‫ي يَجوز ف مِن وف َمكّة بل ف الرَم كلّه على مذهبِ جهورِ العلماء كما ن ّ‬ ‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬الدْ ُ‬
‫السنّة ‪ ..‬نصّت السنّة على جوازِ ذلك ف مِن وف مكة‪ ،‬وسائرُ الرَم تابِعٌ لَهما؛ وال أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ل نتمكن مِن ضبط تاريها كان موضوعها عن‪ :‬مناسك الج‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عام ‪1422‬هـ‬

‫س ‪... :4‬‬

‫‪382‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬إذا كان ذلك النسان يستطيع أن يذهب بنفسه فإنه ل يوز لحد أن يعتمر أو يج عنه‪ ،‬وإنا تكون النيابة‬
‫عن الريض الذي ل يستطيع ف الال ول ف الستقبل على حسب الظاهر أو عن اليت‪ ،‬فمثل هذين ها اللذان‬
‫يصح العتمار أو الج عنهما؛ وال أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 5‬رمضان ‪1422‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪21/11/2001‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :2‬يبدو أنّ الخت أشكل عليها بي الوصية وبي القيام بتنفيذ الصيام عن طريق الوصية‪-‬أيضا‪-‬أو‬
‫الج ‪ ..‬صحيح أنه ل وصية لوارث لكن هل عندما يوصي الوارث لوروثه أن يصوم عنه أو أن يج عنه‪ ،‬هل‬
‫له أن يج عنه أو يصوم عنه ؟‬
‫ج‪... :‬‬
‫وأما بالنسبة إل هذه السألة وهي ما إذا أوصى رجل بج أو صيام أو ما شابه ذلك فهل لبعض ورثته أن‬
‫يقوموا بتنفيذ هذه الوصية وأن يأخذوا مقدارا من الال مقابل تنفيذ تلك الوصية ؟ فالواب‪ :‬نعم‪ ،‬لنّ هذه‬
‫الوصية ليست لذلك الوارث بسبب أنه قريب للمتوف وإنا بسبب قيامه بذا العمل الذي قام به بل الول أن‬
‫يقوم بإنفاذ هذه الوصية وأن يقوم بتأديتها أقارب التوف‪ ،‬لنّ الديث قال‪ ( :‬من مات وعليه صوم صام عنه‬
‫وليه )‪ ،‬وجاء‪-‬أيضا‪-‬ف الديث الذي فيه أنّ النب‪-‬صلى ال وسلم وبارك عليه‪-‬سع رجل يقول‪ " :‬لبّيك عن‬
‫شبمة " قال‪ ( :‬من شبمة ؟ ) قال‪ " :‬قريب ل " أو " أخ ل "‪ ،‬حت أ ّن بعض العلماء ذهب إل أنه ل تصح‬
‫العبادة من شخص بعيد لشخص بعيد عنه؛ ولذلك تعرف الخت السائلة بأنّ هذه القضية ل تدخل ضمن‬
‫الديث الثابت عن النب صلى ال وسلم عليه؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :14‬رجل نذر أن يج عن والدته ولكن والدته ضعيفة ف السّن ‪ ..‬كبية تتاج إل أن يقوم‬
‫برعايتها والعناية با‪ ،‬فهل له أن يذهب ليحج عنها ويترك الهمّة على أخواته ليقمن بذلك وأخواته ل يستطعن‬
‫أن يقمن بالهمّة الت ترضي الوالدة لنا تتاج إل رجل يستطيع حلها إل دورات الياه وغيها ؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم‪ ,‬إذا كانت الخوات يستطعن أن يقمن بذه الهمّة فعليه أن يذهب لتأدية الج الذي نذر به‪ ،‬وأما‬
‫إذا كانت الخوات ل يستطعن على ذلك فهو معذور إل أن يكنه أن يقوم بتأدية هذه الفريضة ولكن الذي‬
‫أراه أنّ الغالب ل يش ّق على النساء من أن يأخذن هذه الرأة إل دورات الياه وما شابه ذلك؛ وال‪-‬تعال‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 6‬رمضان ‪1422‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪22/11/2001‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪... :9‬‬

‫‪383‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ ... :‬حقوق ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬كالزكاة والكفارات والج فإ ّن طائفة من أهل العلم يقولون‪ :‬إ ّن مثل هذه‬
‫المور ترج من رأس الال وليس من الثلث؛ وهذا رأي وجيه جدا ‪...‬‬
‫مِن حلقة ‪ 7‬رمضان ‪1422‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪23/11/2001‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪... :1‬‬
‫ج‪ ... :‬فالزكاة والصيام والج والصّلة مِن المور العلومة مِن الدّين بالضرورة ومَنْ َأنْكَ َرهَا كَافر ‪...‬‬
‫س ‪... :6‬‬
‫ج‪ ... :‬وأريد أن ُأنَبّه على مسألة مهمّة وهي أ ّن كثيا مِ َن النّسَاء يَ ْذ َهبْنَ إل الج أو العمرة مِن غي أن‬
‫ك أنّ ذلك ل يصِحّ ‪ ..‬نعم ر ّخصَ بعض العلماء ف ذلك لداء الفريضة‪-‬أي‬ ‫ُيصَا ِحبَهُ ّن َمحْرَم أو َزوْج ول شَ ّ‬
‫شرْطِ أن يكون هنالك رجال مِن الثقَاة ومعهم نساء مِن مَحَا ِرمِهم‪ ،‬أمّا أن تذهب امرأة مع‬ ‫حجّة الفريضة‪-‬ب َ‬ ‫لِ َ‬
‫رجل أجَنبِي ول يوجد لَها مَحْرَم أو هذا الرجل ليس مِن أهل الصلح أو ليست َمعَهُ إل امرأة أو امرأتان أو ما‬
‫شابه ذلك مِمّن يُمكن أن يقع بينهم الّتوَاطُؤ وتقع هنالك معصية مِن معاصي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فهذا مِمّا لَم‬
‫ص فيه‪ ،‬فهذه المور ينبغي أن ُيتََنبّهَ‬ ‫يقل به أح ٌد مِن العلماء‪ ،‬وكذلك بالنسبة إل حج النافلة فل ينبغي أن يُتر ّخ َ‬
‫إليها‪.‬‬
‫والنسان إذا كان يريد أن يقوم بالتيان بطاعة مِن طاعات ال تبارك وتعال ‪ ..‬أن يأت بفريضة مِنْ فرائض ال‬
‫سنّة مِن السّنَن الت ثبتت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فإنّه ينبغي له أن يأت ِبهَا على الوجه‬ ‫أو ب ُ‬
‫الصحيح‪ ،‬وأ ّل يذهب إل تأدية الج‪-‬سواء كان فريضة أو نافِلَة‪-‬وهو عَاصٍ ل تبارك وتعال ‪ ..‬مُخالِف لمره‬
‫ولمر رسوله صلى ال وسلم وبارك عليه‪ ،‬فعلى النساء ألّ يذهب إل مع مَحارمهنّ أو مع أزواجهنّ‪ ،‬وعلى‬
‫حرَم فهذا‬ ‫الرجال أن يتعاونوا مع مَحَا ِرمِهم وأن يُرافقُوهُنّ لتأدية ما َو َجبَ عليهنّ‪ ،‬أما أن تذهب الرأة مع غي مَ ْ‬
‫مِمّا ينبغي أن ُيتَشَدّد فِيه؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1422‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪28/11/2001‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪... :9‬‬
‫ج‪ ... :‬الذي وَرَد عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه َأمَر‪-‬وهذا امتِثال لمْرِ ال تعال‪-‬النساء عند‬
‫تَحَلِّلهِ ّن مِن الج بِأن يُقصرن شعر رؤو ِسهِن‪ ،‬وذلك ق ْد ٌر يَسِيٌ جِدّا‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫مِن حلقة ‪ 19‬رمضان ‪1422‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪5/12/2001‬م‬

‫‪384‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪... :3‬‬
‫ج‪ ... :‬وهذا َينْ َطبِقُ على الج تَماما‪ ،‬فإنّ القول الصحيح هو َقوْل مَن يَقول إنّه َيجِب على الفَور‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫بِالفَوْرِ أَن ُيعَجّلَن إليه‬ ‫مَن وَ َج َد استطاع ًة عليه‬
‫فمَن استطاع الج عليه أن ُيؤَدي هذه الفريضة على الفور‪ ،‬وليس له أن يؤخّر بدعوى أنه يَجوز التأخي‪.‬‬
‫حتَج ببعض الحاديث الت لَم تثبت عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫وبعضهم يُوصِي ويَ ْ‬
‫كحديث‪ " :‬يدخل بالجة الواحدة ثلثة " وما شابه ذلك‪ ،‬فهذه أحاديث ل تثبت عن َرسُولِ ال صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وال‪-‬تعال‪-‬قد حَذّ َرنَا عن التّمَادي‪َ ... } :‬وأَ ْن عَسَى‪ 2‬أَن يَكُونَ َق ِد اقْتَرَبَ أَجَُلهُمْ ‪...‬‬
‫{ [ سورة العراف‪ ،‬من الية‪ ،] 185 :‬فالتأخي مِمّا ل يَصح‪ ،‬فمَن استطاع عليه أن ُيؤَدّي هذه العبادة‪-‬الت‬
‫هي رُكن مِن أركان السلم‪-‬على ال َفوْر‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 20‬رمضان ‪1422‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪6/12/2001‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪... :1‬‬
‫ج‪... :‬‬
‫خطَب فيهما بِخطبةٍ واحدة أو يُخطب فيهما بِخُطبَتيْن ؟ فهذا‬ ‫وأمّا بِالنسبة إل خُ ْطَب ِة العيد و ُخطْبةِ عرفة هل يُ ْ‬
‫قد اختلَف فيه أهل العلم‪:‬‬
‫ت طائفة كبية ِمنْهم إل أنّه يُخطب ف كل واحد ٍة منهما بِخُطبةٍ واحدة‪ ،‬وذلك لنّ الرواياتِ‬ ‫‪-1‬ذهب ْ‬
‫صتْ على أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬ ‫الصحيحة الت جاءتْ عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬ن ّ‬
‫وسلم‪-‬كان يَخطُب خطبةً واحدة‪.‬‬
‫‪-2‬وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل القولِ بِمشروعية الطبََتيْ ِن واللوس َبْيَنهُمَا‪.‬‬
‫‪-3‬وذهب بعضُهم إل مشروعيةِ الطبتيْن وعدم اللوس‪.‬‬
‫واستدلّ القائلون بِالطبتيْن بِحديَثيْن‪ :‬جاء أحدها ف صل ِة العيد وله شاهد أيضا‪ ،‬وجاء أحدها ف خُ ْطَبةِ‬
‫عَرَفة‪:‬‬
‫‪...‬‬

‫‪-1‬المام نور الدين السالي‪ ،‬جوهر النظام ف علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الج‪ ،‬باب‪ :‬النيابة ف الج‪.‬‬
‫‪-2‬قال الشيخ‪ " :‬وعسى " وهو سبق لسان إن كان الشيخ قصد الية‪.‬‬
‫‪385‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وأمّا بِالنسبة إل خُ ْطبَة عَرَفة فإنّه قد جاءتْ رواي ٌة فيها‪-‬أيضا‪-‬أ ّن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬خَ َط َ‬
‫ب‬
‫خُ ْطبَتيْن‪ ،‬ولكن هذه الرواية ل َتصِح لنّها قد رواها المام الشافعي و َعنْه المام البيهقي ف " السنن الكبى "‬
‫ض العلماء فقال‪ " :‬إنّ إبراهيم بن ممد بن‬ ‫مِن طريق إبراهيم بن ممد بن أب يَحي وغيه وقد َقوّى أمْرَها بع ُ‬
‫أب يَحي وإن كان متروكا لكنه لَم َيتَفَرّد إذ تابعه ذلك الشخص " ولكن ذلك الشخص كما ترون ُمبْهَم‬
‫فيُمكن أن يكون ِثقَة ويُمكن أن يكون ضعيفا ويُمْكن أن يكون مَجهول ومادام المر كذلك فل يُمكن أن‬
‫يُعتمَد على روايتِه والظاهِر أنّه ضعيف وذلك لنّ هذه الرواية قد خاَلفَتْ الرواي َة الصحيحة الثابتَة عن النب‬
‫صلى ال عيه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫هذا وبِمناسبة ذِكْ ِرنَا لِخطبة عرفة‪:‬‬
‫‪-1‬فإنه قد َروَى أبو داود أنّ النبِي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪َ -‬خطَب على ِمْنبَر‪ ،‬وهذه الرواية ل َتصِح‬
‫جهُول‪ ،‬ثُم إنّها مُخَالِفة لِلرواي ِة الصحيحة الثابتة عن النب‪-‬صلى ال عليه‬‫فقد رواها أبو داود وف إسنادِه مَ ْ‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬أنّه خطب وهو على َظهْر نَاَقتِه‪ ،‬فمثل هذه الرواية‪-‬أيضا‪-‬ل ُي ْعتَمَد عليها‪ ،‬فمَنْ خَطَب ل‬
‫يَنبغي أن َيخْطُب على ِمْنبَر أو ما شابه ذلك بل يَخْطُب واقِفا مِ ْن غيِ أن يكونَ على شيء اللهم إل إذا احتاجَ‬
‫ض الناس ل يُشاهِدُونَه فيُمكِن أ ْن ُيتَرَخّص بِفعلِ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫إل ذلك بِأن كان بع ُ‬
‫على نَاَقتِه وََلكِن ل أظ ّن أنّ الاج َة تَدعو إل مثلِ ذلك‪.‬‬
‫‪-2‬ثُ ّم إنّه قد جاء حديثٌ عن النب ‪ e‬فيه أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلّم‪َ -‬خطَب لِعرفة بعد أن صلّى‬
‫الظهر والعصر‪ ،‬وهذه الرواية رواها أحد ورواها‪-‬أيضا‪-‬أبو داود وف إسنادها ابن إسحاق وهو وإن كان‬
‫ف الثقات الذين رَووا أنّ النبي‪-‬صلى ال‬ ‫ح بِالسماع إذا لَم يُخَالِف غيَه ولكنّه هاهنا قد خاَل َ‬
‫حتَج بِه إذا صرّ َ‬
‫يُ ْ‬
‫ض بِأنَّ‬
‫ت التنبيه على هذا لنّ فيه فائدة ُمهِمّة فقد يَظُ ّن البع ُ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪َ -‬خطَب قبلَ ذلك ‪ ..‬أرد ُ‬
‫الفع َل ُمَتعَارِض أو ما شابه ذلك مع أنّه ل يُ ْمكِن أن ُيقَال ِبتَعَدّدِ مثلِ هذه الادثة لنّ النبي‪-‬صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪َ-‬ل ْم يَحُج إل مَرّة واحدة ولِذَلك لَم يَخْطُب إل مَرّة واحدة ف عرفة وهي الطبة الت كانت‬
‫ض الناس يَقولون ف مث ِل هذه المور بِأنّه يَجوز المرَان وإن كانوا لَم ُيصَرّحُوا بِه ف هذه‬ ‫قب َل الصّلة‪ ،‬لنّ بع َ‬
‫وإنّما صرّحوا بِه ف مثلِ ذلك ‪...‬‬
‫س ‪... :5‬‬
‫ضبَاعَة حيث إنه أجاز لا أن تَشترِط أن‬ ‫ج‪ ... :‬ثبت عن الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬مِن حديث ُ‬
‫تَخرُج مِن الحرام ف الوضع الذي تَضطَر إل الروج فيه ‪...‬‬
‫مِن حلقة ‪ 24‬رمضان ‪1422‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪10/12/2001‬م‬

‫‪386‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪... :1‬‬
‫ج‪... :‬‬
‫وجاءت رواية عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فيها فضْل صيا ِم يومِ التروية‪ ،‬ول يَثبت عن النب‪-‬صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه صامه ف الج‪ ،‬أما بالنسبة إل غي الج فجاءت بعض الروايات أ ّن النب‪-‬صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬كان يَصوم العشْر ولك ّن الرواية الصحيحة فيها أنه صلى ال عليه وعلى آله وسلم ل‬
‫يَكن يَصوم ذلك ‪ ..‬نعم جاء أنّ العمل الصال ف العشْر أفضل مِن غيها‪ ،‬وأما رواية يوم التروية فإنا رواية‬
‫باطلة ل تَثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لنّ ف إسنادها كذابا وف إسنادها‪-‬أيضا‪-‬مهول‬
‫ولكنّ المْل على ذلك الكذاب الذي هو الكلب الشهور بالكذب‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫والصيام‪-‬أيضا‪-‬الذي أمر به النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ونسيتُ أن أذكره سابقا‪-‬صيام ثلثة أيام مِن‬
‫كل شهر وهي أيام الليال البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والامس عشر مِن كل شهر إل الثالث عشر‬
‫مِن شهر ذي الجة فإنّ ذلك مكروه‪ ،‬لثبوت النهي عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬عن صيام أيام‬
‫التشريق‪.‬‬
‫ومِن اليام الت ثبت النهي عن صيامها أيام التشريق‪.‬‬
‫‪ ...‬قد ثبت النهي عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬عن صيامها‪ ،‬وقد اختلف العلماء ف هذا‬
‫النهي‪:‬‬
‫حلته طائفة على التحري‪.‬‬
‫وحلته طائفة أخرى على الكراهة‪.‬‬
‫والقول بالكراهة هو الذي ذهب إليه الكثرون ولكن ل ينبغي لحد أن يَصوم ذلك حت على القول بالكراهة‪،‬‬
‫وهذا أمر واضح ‪ ..‬نعم ثبت خلف بي أهل العلم ف صيام أيام التشريق بالنسبة لِمَن ل يَجد الدي أي‬
‫بالنسبة للمتمتع والقارن على قول مَن يقول بأ ّن القارن عليه هدي ‪ ..‬اختلف العلماء ف هل يُشرَع لما الصيام‬
‫ف هذه اليام أو ل ؟‬
‫ذهبت طائفة إل مشروعية ذلك‪ ،‬واحتجوا برواية مروية عن السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬وهي متمِلةٌ‬
‫للرفع وللوقف‪ ،‬وقد جاء مِن طريق أخرى التنصيص على أنا مرفوعة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬ولكنّ هذه الرواية الت هي نصّ ف الرفع ل تَثبت‪ ،‬لنا جاءت مِن طريق ل تَصح‪ ،‬وإنا الصحيحة هي‬
‫الرواية الول ولكنها متمِلة للرفع وللوقف‪ ،‬ولِمناقشة ذلك موضع آخر بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬

‫‪387‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ومِن الصيام الكروه صيام يوم المعة وهذه الكراهة مقيّدة بِمَن ل يصم قبله يوما ول بعده يوما‪-‬كما جاء‬
‫ذلك ف الديث الصحيح الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أما مَن صام قبله يوما أو‬
‫صام بعده يوما فل كراهة ف ذلك‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء ف صيام يوم المعة إذا صادف يوم عرفة أو يوم عاشوراء مثل‪:‬‬
‫ذهبت طائفة مِن أهل العلم إل مشروعية صيامه‪ ،‬لجل أنه يوم عرفة أو لجل أنه يوم عاشوراء‪.‬‬
‫وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل كراهته‪ ،‬لجل النهي عن صيام يوم المعة‪.‬‬
‫والفضل للنسان ‪ ...‬أن يصوم اليوم الثامن مِن شهر ذي الجة لجل الروج مِن هذا اللف ولكن مَن ل‬
‫يصم ذلك ولسيما بالنسبة إل يوم عرفة إذا فاته ذلك مثل هل يُشرَع له أن يصوم أو ل ؟ ف ذلك خلف بي‬
‫أهل العلم‪ ،‬والذي يَظهر ل أنّ صيامه مشروع ‪ ..‬هذا هو الصواب‪ ،‬وتقرير ذلك يَحتاج إل وقت ولعلنا نتكلم‬
‫على ذلك ف مناسبة أخرى بشيئة ال لنه سيُصادِف على احتمال قوي ف هذه السنة ‪ ..‬يوم عرفة سيُصادِف‬
‫يوم المعة فلعلنا نتعرض لذلك بشيئة ال قبل هذا اليوم‪ ،‬ولك ّن الصحيح‪-‬كما قلتُ‪-‬هو قول مَن قال بصيامه‪،‬‬
‫والستحَب بأن يُخرِج النسان نفسه مِن مثل هذه اللفات ولسيما مع قوة تعارض الدلة فيها‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫س ‪ :4‬تريد أن تَحج ح ّج الفريضة ولكن ليس لديها مرم إنا تَخرج مع نساء السلمي‪.‬‬
‫ج‪ :‬الصل أن تذهب الرأة مع زوجها أو مع مرمها‪ ،‬لِما جاء مِن النهي عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬عن سفر النساء مع غي الحارم‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬
‫وينبغي للزواج أن يتعاونوا مع زوجاتم وينبغي للمحارم أن يتعاونوا مع‪-‬أيضا‪-‬أقاربم مِن النساء‪ ،‬لنّ ف هذا‬
‫التعاون ما ل يفى مِن التعاون على الي والبِ ّر والتقوى‪ ،‬بل ذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنه يَجب على‬
‫الزوج أن يُسافِر مع زوجته لداء فريضة الج إذا كان ل يَجد عذرا شرعيا ول يَمنعه مِن ذلك مانع‪ ،‬وهذا‬
‫القول وإن كنا ل نقول به بل نقول بعدم وجوب ذلك عليه ولكننا نَحثّه على ذلك‪ ،‬وسيَحصل أيضا على‬
‫فضْل الج إذا كان متقيا ل تعال‪ ،‬ول يَخفى ما ف الج مِن فضْل‪ ،‬كما ثبت عن النب صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬ذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنه ليس للمرأة أن تُسافِر إل فريضة الج إل مع‬
‫حرَم فإن ل تَجد زوجا أو َمحْرَما فليس لا أن تُسافِر بل يَجب عليها أن تُوصِي بذلك إل إذا تَمكّنت‬
‫زوج أو مَ ْ‬
‫ف يوم مِن اليام مِن فعل ذلك‪ ،‬وذهبت طائفة مِن العلماء إل أنا يَجوز لا أن تَذهب إل الج إذا وَجدتْ‬
‫ت به فل‬ ‫رفقة مِن الناس مِن أهل الصلح معهم نساء‪ ،‬وهذا القول تَرخّص فيه كثي مِن أهل العلم‪ ،‬فإذا أَخذ ْ‬
‫حرج ولكن ليس لا أن تُسافِر مع شخص واحد ‪ ..‬يوجَد كثي مِن الناس يَذهب الواحد ومعه مموعة كبية‬
‫مِن النساء أو يذهب اثنان أو ما شابه ذلك مع مموعة مِن النساء وهذا ل يُرخّص فيه أحد مِن أهل العلم‪ ،‬وإنا‬

‫‪388‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫شدّدوا فيه‪ ،‬وإنا رخّصوا إذا كانت مموعة كبية مع نساء والكل مِن أهل الصلح ول يُخشى عليها‪ ،‬فهذا‬
‫ترخيص‪ ،‬وأما الوجوب فل يُمكِن أن نقول بالوجوب‪ ،‬ونظرا لضيق القام فأكتفي بذا الختصَر‪ ،‬ولعلنا نطيل‬
‫ف ذلك مرة أخرى‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪23/12/2001‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عام ‪1423‬هـ‬

‫س ‪ :16‬طواف الوداع ف العمرة‪ ،‬هل هُوَ واجب ؟‬


‫ج‪ :‬اختلَف العلماء ف طواف الوداع للعمرة‪:‬‬
‫ذهبت طائفة مِنْ أَهْلِ العلم إل أنّه ل يُشْرَع طوافٌ للوداع بالنسبة للعمرة وإنّما هو خاص بالجّ‬
‫لِ غَيْرِ الـمَكّي‪ ،‬وذَلِكَ لنّه لَمْ يَثْبُت عن النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه وعلى آله وصحبه‪-‬أنّه‬
‫طاف للوَدَاع بَعْدَمَا اعْتَمَرَ‪.‬‬
‫وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنّه يُشْرَع ف حَقّ العتَمِر أن يطوف للوداع‪ ،‬وذلك لنّ النب‪-‬صلوات‬
‫ال وسلمه عليه وعلى آله وصحبه‪-‬قَد طَافَ للوداع بعد الج وأَمَرَ الناس بأن يَجْعَلوا طواف الوداع‬
‫آخِر العَهْد بالبيت شَرّفَه ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫واحْتَجّ بعض العلماء على ذلك‪-‬أيضا‪-‬برواية تُرْوَى عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬
‫تدُلّ على مشروعية طواف الوَدَاع للمُعْتَمِر ولكن تلك الرواية ل تثبت مِنْ حيث إسنادها‪.‬‬
‫فالتعويل على هذا المر الذي ذَكَرْنَاه مِن طواف النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وذلك أنّ‬
‫هذا هو آخر العَهْدين‪ ،‬فَعَدَم طَوَاف النّبِي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬للوَدَاعِ للعمرة مُتَقَدّم على‬
‫طوافه للوداع للحج‪ ،‬وهذا الطواف‪-‬كما هو معلوم‪-‬ل عَلقةَ له بالج‪ ،‬ولِذَلِك ل يُؤْمَر بِهِ الـمَكّيّ‬
‫بل ل يُشْرَعُ ف حقّه أبدا‪ ،‬وما دَامَ المر كذلك فهو مَشْرُوعٌ لوداع البيت شَرّفَه ال تبارك وتعال‪،‬‬
‫ول فَرْقَ ف ذلك بي الاجّ والعْتَمِر‪ ،‬فعَدَم فِعْل النب‪-‬صلوات ال عليه وسلمه‪-‬له ف طواف العمرة‬
‫الظاهر أنّه لَم يكن مَشْرُوعا ف ذلك الزمان فلذلك تَرَكَه‪ ،‬وف ذلك الزّمَان كانت تُشْرَع العِبَادَات‬
‫وتكون بَعد مُدّة قصية مِنَ الزّمَن ف بعض الحيان بل قَد تكون هنالك لَحَظَات بي مشرُوعِيّة‬
‫حُكْمٍ وحُكْمٍ آخر‪ ،‬والذي يظهر لَنَا‪-‬لِذَلك‪-‬هَو أَنّ طَوَافَ الوَدَاع مشْرُوعٌ للحج والعمرة‪ ،‬إل‬
‫أَنّه ف الج مُتّفَقٌ عليه لِغَيْرِ الائض والنفساء‪ ،‬واختلَف العلماء ف الريض الذي ل يستطيع الطواف‬
‫سواء بِنَفْسِه أو أن يطوف به غيه هل يَجب عليه الدّم أو ل يَجب عليه ؟ والصحيح بأنّهُ يُعْذَرُ كما‬

‫‪389‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫تُعْذَرُ الائض والنفساء‪ ،‬أما مَنْ عَدَا ذَلك فإنّهُمْ ل يُعْذَرُون عن طواف الوداع‪ ،‬وإن اخْتُلِفَ ف‬
‫وُجُوبِ الدّم عليهم‪ ،‬والَكْثَرُ على وُجُوبِه‪ ،‬وأما بالنّسْبَة إل العُمْرَة مُخْتَلَف فيه‪ ،‬ول شك بأنّ‬
‫الخْتَلَفَ فيه ل يَصِل إل درجة التّفَق عليه فإذَا تَرَكَه بعض الناس ظَنّا بأنّه ل يُشْرَع فل شيء عليه‬
‫بِمَشِيئَة ال تبارك وتعال‪ ،‬ولَكِنْ بَعْدَ أن يَعْرِفَ الكم فإنّه ل ينبغي لَه أن يتهاون بذلك وإن كنتُ‬
‫ل أَقْوَى على أَنْ أُلْزِمَهُ الدّم؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 24‬جادى الول ‪1423‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪4/8/2002‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪... :1‬‬
‫ج‪... :‬‬
‫وأما بالنسبة إل العمرة فقد جاء ف فضلها‪-‬أيضا‪-‬أحاديث عن النب صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وأما أنّها ف‬
‫شهر رجب بالصوص فلم يثبت ف ذلك شيء‪ ،‬وما جاء عن ابن عمر‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهما‪-‬مِن أنّ‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قد اعتمر ف شهر رجب فذلك وَهْم مِنه رضوان ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬عليه‪ ،‬وقد رَدّته عليه السيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنها‪-‬وذكرَت بأ ّن ابن عمر‪-‬رضي ال‬
‫تعال عنهما‪-‬قد اعتمر مع النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ف كل عمراته الت اعتمرها‪-‬صلوات ال‬
‫وسلمه عليه‪-‬ول يكن شيء مِن ذلك ف شهر رجب؛ وكذلك ل يأت شيء ف فضل ذلك مِن الحاديث‬
‫القولية؛ فَمن اعتمر ف ذلك مِن غي أن يَعتقد بأنّ ذلك ثابت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪-‬فل شيء عليه‪ ،‬أما أن يعتقد ثبوت ذلك فهذا مِما ل ينبغي؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 15‬رجب ‪1423‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪22/9/2002‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪... :15‬‬
‫ج‪ ... :‬ل يثبت عن النب صلوات ال وسلمه عليه ول عن صحابته الكرام بأنم كانوا يتلفظون بشيء من هذه‬
‫النيات ‪ ..‬ل يثبت أنم كانوا يتلفظون بنية للصلة أو بنية للصيام أو بنية للحج ‪ ..‬نعم يُلَبون بذكر الج‬
‫والعمرة‪ ،‬أما أن يقول الواحد‪ " :‬اللهم إن نويت الج فيسره ل وتقبله من " أو ما شابه ذلك من اللفاظ فل‬
‫‪...‬‬
‫مِن حلقة ‪ 1‬رمضان ‪1423‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪7/11/2002‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪390‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س ‪ :9‬توف أحد الشخاص وأوصى بِحَجّة وصيام شهرين لكفارة كانت عليه وعنده ولد وابنتان‪،‬‬
‫فإذا جاز الصيام عنه فهل يوز أن يزئ الشهرين على البناء ؟‬
‫ج‪ :‬لبد مِن إنفاذ هذه الوصية‪:‬‬
‫فعلى الوصي أن يقوم بالج عن ذلك الشخص أو بتأجي غيه وينبغي أن يكون الذي يقوم بتأدية هذه‬
‫الـحَجّة قريبا مِن ذلك التوف فإنّ ذلك أوْل‪ ،‬بل ذهب بعض العلماء إل أنه ل ينوب عن التوف أو العاجز‬
‫إل القريب‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫س ‪ :14‬البعض يكتب وصيته فيطالِب ورثته بالصيام عنه أو كفارة شهرين أو الج‪.‬‬
‫ج‪ :‬مَن أوصى بشيء فلبد مِن أن يُنفّذ الورثة وصيتَه ول يَجوز لم أن يَتركوا ذلك إذا كان ماله يبلغ‬
‫القدار الذي يكنهم أن ينفذوا منه تلك الوصية‪ ،‬فمَن أوصى بج أو بصيام سواء كان ذلك كفارة أو كان‬
‫غي ذلك فلبد مِن إنفاذ وصيته‪ ،‬ومِن العلوم أنّ الوصية بالج وبالكفارات والصيام إذا كان ذلك واجبا‬
‫عليه أنه يرج مِن رأس الال‪ ،‬ل مِن الثلث‪ ،‬أما إذا كان ذلك ليس واجبا عليه فإنه يَختلِف؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 7‬رمضان ‪1423‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪13/11/2002‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :6‬شخص جَمَع مال لشراء سيارة أو َبيْت أو َج َمعَه للزواج أو الج وحال عليه الول‪ ،‬هل فيه‬
‫الزكاة ؟‬
‫ج‪ :‬نعم ‪ ..‬تَجب فيه الزكاة‪ ،‬فإن تَ َزوّج أو ح ّج به أو اشترى به ذلك البيت الذي يُرِيده أو تلك السيارة قبل‬
‫أن يَحُول عليه الول فل شيء فيه ولو كان ذلك قبل َي ْومٍ واحد‪ ،‬أمّا إذا حَا َل عليه الول فإنّه يَجب عليه أن‬
‫ج ِمنْهُ الزّكَاة إذا كان َيبُْل ُغ الّنصَاب؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫يُخْ ِر َ‬
‫مِن حلقة ‪ 9‬رمضان ‪1423‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪15/11/2002‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪... :2‬‬
‫ج‪ ... :‬فمن تلك الشروط‪ :‬السلم‪ ،‬وهذا الشرط شرطُ صِحّة‪ ،‬وهو شرطٌ ف كل العبادات‪ ،‬وإذا وجدنا‬
‫اشتراط السلم فمعن ذلك أنه ل يَصحّ من الكافر شيء من العبادات رأسا‪ ،‬فإذا قيل باشتراط ذلك ف بعض‬
‫العبادات الواجبة‪-‬كالج والصلة والصيام والزكاة‪-‬فمعن ذلك أنّ ذلك ل يَصحّ‪ ،‬ل أنه ل يُخاطَب بذلك‪ ،‬بل‬

‫‪391‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫هو ماطَب بذلك‪ ،‬على أص ّح القوال وأشهرها‪ ،‬وهو الذي تدلّ له الدلة الكثية من كتاب ال تبارك وتعال‪،‬‬
‫‪...‬‬
‫‪ ...‬الشتراط ف الج‪ ،‬فإنّ الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬رَخّص ف مَن يَخاف ألّ يَتمكّن من إتام‬
‫مناسك الج أن يَشترط بأنه يل ف الوضع الذي ل يَتمكّن من مواصلة الج فيه‪... ،‬‬
‫مِن حلقة ‪ 10‬رمضان ‪1423‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪16/11/2002‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :2‬هل توز الصلة ف الطابق الثان بالسجد الرام إذا كان الطابق الول غي متلئ ؟ لعله يقصد‬
‫الدور الرضي والطابق الول القصود به الثان كما يبدو‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا تكن النسان مِن الصلة ف الطابق الول أو ف الدور الرضي فذلك هو الوْل‪ ،‬ولكنه إذا صلى ف‬
‫الطابق الول أو ف الثان فصلته تعتبَر صحيحة بشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬ولكنه‪-‬كما قلتُ‪-‬إذا تكن مِن‬
‫الصلة حول الكعبة ف ذلك الكان فهذا هو الوْل؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :12‬هل يستحب أن يكون الطواف حول الكعبة بي الكعبة ومقام سيدنا إبراهيم ‪ u‬أو أنه ل‬
‫يوجد ما يعيب الطواف مِن خلف مقام سيدنا إبراهيم ‪ u‬؟‬
‫ج‪ :‬كلما كان الطائف أقرب إل الكعبة فإنّ ذلك أفضل إذا كان ل يؤذي غيه ول يؤذيه غيه‪ ،‬أما إذا تأذى‬
‫بذلك وأذهبَ ذلك الشوع فإنّ الوْل له أن يطوف أبعد مِن ذلك‪ ،‬فإذن إذا كان ل يؤذي غيه ول يتأذى‬
‫هو فالفضل له أن يطوف بالقرب مِن الكعبة فكلما قرب مِن الكعبة فإنّ ذلك أوْل‪ ،‬أما إذا كان بلف ذلك‬
‫فإنه ل ينبغي لحد أن يؤذي غيه بل ذلك ل يصح؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 11‬رمضان ‪1423‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪17/11/2002‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :3‬شخص َذهَب إل الج وتَاب إل ال توبة ل رَ ْجعَة فيها‪ ،‬فهل يغفر ال‪-‬تعال‪-‬له كل ُذنُوبه ؟‬
‫وبالنسبة إذا كان هذا الشخص أَخَذ حُقوق نَاس مِن دُون أن َيعْلَمُوا‪ ،‬فهل يغفر ال‪-‬تعال‪-‬له هذا الذّنب الذي‬
‫اقترفه ؟ وماذا يفعل إذا لَم يكن َل َديْهِ الال الذي أَخَذَه مِن الناس لكي يُرْ ِجعَه‪ ،‬فما حكم هذا الشخص ؟‬
‫ج‪ :‬الج جاء فيه َفضْ ٌل عظيم بأحاديث كثية ثابتة عن النب صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬ولكن ليس مَعنَى ذلك‬
‫حبَط عنه تلك الكبائر بالج‪ ،‬بل لبُد مِن التوبة إل ال‪-‬تبارك‬ ‫بأ ّن مَن ارتكب كبية مِن كبائر الذنوب أنّه تُ ْ‬
‫وتعال‪-‬ف الكبائر‪ ،‬وإنّما ذلك ف الصغائر ‪ ..‬هذا هو الذي عليه المهور‪.‬‬
‫َأمّا بالنسبة إل حُقوق الناس فعلى كل حال لبد مِن أدائِها إليهم إل إذا عَفوا عنه وعَذَرُوه مِن ُحقُوِقهِم‪ ،‬وإذا‬
‫صّيتِه‪ ،‬وإذا ذهب إليهم وا ْعتَذَر عن‬
‫كان ل يَجِد ذلك الن ف هَذَا الوقت فإنّه بإمكانه أن يكتُب ذلك ف وَ ِ‬

‫‪392‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حقوقهم‪ 1‬وعَذَرُوه ف ذلك ول ِسيّمَا مع هذه الضرورة‪ ،‬وإل ل ينبغي له أن َي ْعتَذِر وإنّما يَتوب إل ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬ويُرجِع تلك القوق إليهم ‪ ..‬نعم يَعتَذِر عن أَ ْخذِه لِحقُوقهم أمّا أنْ يَطلب مِنهم السامَحَة فل ينبغي له‬
‫جَئهُم إل ذلك إل إذا عَذَرُوه؛ وال أعلم‪.‬‬
‫أ ْن يُ ْل ِ‬
‫مِن حلقة ‪ 13‬رمضان ‪1423‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪19/11/2002‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :1‬ماذا يَنبغي على الذي يُريد أن َيحُج إل بيت ال الرام ؟ ماذا عليه أن يَصنع كاستعداد لذه‬
‫الفريضة ؟‬
‫ج‪ :‬إنّ الج فريضة مِن فرائض السلم بل هو رُكن مِن أركانه‪ ،‬والدلّة على وجوبه متعدّدة مِن كتاب ال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬ومِن سنّة رسوله صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وقد أجعت على ذلك المّة السلمية بل هو مِن‬
‫المور العلومة مِن الدّين بالضرورة لعامّة السلمي‪ ،‬ولذلك ل أرى حاجة للطالة بذِكر تلك الدلة‪.‬‬
‫والج يَجب على الفور على القول الصحيح الراجح‪ ،‬وهو الذي ذهب إليه ابن بركة والشيخ إساعيل‪ ،‬وهو‬
‫الذي يُفهَم مِن كلم المام نور الدين السالي‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنه‪-‬ف " جوهر النظام "‪ ،‬وهو الذي‬
‫تُؤيّده الدلّة‪ ،‬على أ ّن النسان ل يَدري مت يَأتيه الوت فما مِن لظة مِن لظات حياته إلّ ويكن أن يَموت‬
‫فيها وإذا كان المر كذلك وكان الج واجِبا‪-‬كما أشرنا إل ذلك مِن قبلُ‪-‬على الستطيع عليه فإنه ليس لحد‬
‫وجد الستطاعة أن يَتأخّر عن الج بل يَجب عليه أن يُبادِر إل ذلك فورا‪ ،‬فمَن وجَد الستطاعة عليه أن‬
‫يَستعِدّ لذلك وأن يَقوم بتأدية هذه الفريضة العظيمة الت أوجبها ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬على الستطيع مِن عبادِه‪،‬‬
‫والت جاءت الحاديث الصحيحة الثابتة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬الت تدلّ على عظيم‬
‫فضْلها‪.‬‬
‫فمَن أراد أن يَقوم بأداء هذه الشعية السلمية العظيمة وأن يُؤدّيَ هذه الفريضة الت افترضها ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬عليه فعليه أوّلً أن يتخلّص مِن الديون الت عليه إذا كانت حاضِرة‪ ،‬وإن ل تَكن حاضِرة فعليه أن يَقوم‬
‫بتوثيق تلك الديون الت عليه‪ ،‬وذلك بأن يَكتب ذلك عند كاتب ِثقَةٍ صالِح يُؤخذ بكتابته وأن يُشهِد شاهديْن‬
‫عَدَْليْن على ذلك ث بعد ذلك يَقوم بوضْع ذلك الصكّ الشرعي إما عند صاحب القّ‪-‬وهو ا َلوْل‪-‬أو أن يَضع‬
‫صفَه‬‫ذلك مع ثقة أمي ث يُخبِر صاحب القّ بأنه قد وضَع الصكّ الذي وثّق به ماله مع فلن بن فلن وأن َي ِ‬
‫بصفة ل تَخفى على صاحب ذلك الق ‪ ..‬هذا بالنسبة إل حقوق العباد الت عليه ‪ ..‬نعم إذا كانت تلك‬
‫القوق حاضِرة وسَمَحَ له مَن له ذلك الال بأن يُسافِر وبعد ذلك يَقوم بتأدية ذلك ال ّق إليه وكان هو يَملِك‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬حقوقه " بدل من " حقوقهم " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪393‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ذلك الال الذي يُساوِي ما عليه مِن القوق فإنه ل مانع مِن ذلك لكن ل يَنبغي له أن يَقوم بطالبة الناس أن‬
‫يَسمحوا له بذلك‪.‬‬
‫فإذن إذا كانت عليه حقوق فلبد مِن أن يَكون يَملِك مِن الال ما يُساوي تلك القوق الت عليه ولبد مِن أن‬
‫يُوثّق ما عليه مِن مال‪.‬‬
‫صيّتَه‪ ،‬بل الوصية وتوثيق القوق مِن المور الت لبد منها سواءً أراد النسان الج‬ ‫ث عليه‪-‬أيضا‪-‬أن يَكتُب و ِ‬
‫أو ل يُرِد وسواءً كان ذلك ف وقت الج أو ل‪ ،‬وذلك لِما ذكرناه مِن أنّ النسان ل يَملك مت يأتيه الوت‬
‫فل يَدري مت يأتيه ومت يَعرِض له وقد تَضيع حقوق الناس بوته وعدم عِلم ورثتِه أو بتساهلِهم أو تساهلِ‬
‫بعضِهم بتأدية ما عليه مِن القوق‪ ،‬والديث قد نصّ‪-‬وهو صحيح ثابت‪-‬على أ ّن النسان لبد مِن أن يَقوم‬
‫بكتابة وصيتِه وأنه ل يَجوز له أن يَبيت ثلث ليال إل ووصيتُه مكتوبة‪ ،‬أو ما هذا معناه‪ ،‬وهو حديث صحيح‬
‫ثابت‪ ،‬وذكرناه بعناه ل بلفظه‪.‬‬
‫و‪-‬كذلك‪-‬عليه أن يُهّيئَ مِن الال ما يَكفيه لِسدّ حاجتِه مِن الوقت الذي يَخرُج فيه مِن بلدِه إل أن يَرجِع إل‬
‫بلدِه ويَأخ ُذ مقدارا مِن الال يَكفيه لس ّد بعض المور الت قد تَعرِض له مِن مرض أو مِن وجوب فِديةٍ أو جزاءٍ‪،‬‬
‫لنّ النسان قد يَقع ف بعض المور الت يَجب عليه بسببها الفِدية أو يَجب عليه بسببها الزاء‪ ،‬وهي أمور‬
‫سيأت توضيحها ف مناسبة أخرى بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫و‪-‬كذلك‪-‬عليه أن يَقوم بتعلّم أمو ِر الج‪ ،‬لنّ كثيا مِن الناس‪-‬وللسف الشديد‪-‬يَذهبون لتأدية هذه الفريضة‬
‫وهم ل يَعرِفون عن كيفية أدائها شيئا ‪ ..‬منهم مَن يَعتمِد على أنه سيُرافِق فلنا أو فلنا أو أنه سيَبحث عن‬
‫مُ َطوّفٍ أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهذا أمر ل يَنبغي‪ ،‬ولستُ أريد بالتعلّم أن يَتعلّم النسان الدقائِق الفقهية الت ذكرها‬
‫العلماء ف كتبهم‪ ،‬فإنّ هذا المر مِمّا ل يَقوى عليه إل قلّة قليلة مِن الناس‪ ،‬وإنا أريد أن يَتعلّم النسان أهمّ‬
‫الناسك‪ ،‬وهي أمور سهلة بشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬فلبد مِن أن يَعرِف مِن أين يُحرِم‪ ،‬وما هو الذي يَجوز له‬
‫ف الحرام وما هو الذي ل يَجوز له ف الحرام‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬لبد مِن أن يَعرِف كيف يَقوم بتأدية الج ‪ ..‬مِن‬
‫إحرام وطواف وسعي وإحلل بِالنسبة إل العمرة‪ ،‬وكَذلك بالنسبة إل الج ‪ ..‬يُضاف إل ذلك الوُقوف ِبعَرَفَة‬
‫والبيت بالزْدَلفَة مَعَ الدّعاء ف ذلك ا َلوْضع الشريف‪ ،‬والـ َمبِيت بِمن مع الرمي‪ ،‬والذّبح بِالنسبة للمتمتّع‬
‫والقَارِن ‪ ..‬أي ذبح الدي واللق‪ ،‬إل غي ذلك مِن المور‪ ،‬وهِيَ ُأمُور يَسِية سَهلة‪ ،‬وقد كَتب فِيها كثي مِن‬
‫أهل العلم بعضَ الؤلّفات‪ ،‬ومِن الؤلّفات الفِيدة الختصَرة الت َكتَبها العلماء‪-‬جَزاهم ال تبارك وتعال خيا‪-‬‬
‫لل ُمْبتَدئي الكِتاب العْروف الـمُنتشِر الشهور بِكتاب " تَلقِي الصبيان "‪ ،‬فإنّ الشيخ المام السالي‪-‬رحه ال‬
‫تبارك وتعال‪-‬ذَ َكرَ أمورا مهِمّة بالنسبة إل الج ف هذا الكِتاب‪ ،‬ول يَنبغي للنسان أن يَشتغِل ِبتِلك الذكار‬
‫الت ذَ َكرَها كَثي مِن أهل العلم وبعضها موجود ف " تلقي الصبيان " ‪ ..‬نعم إذا كان َيحْفظها فهي حسنَة‬

‫‪394‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫جِدا‪ ،‬أما أن يَشتغِل ِب َفتْح كتاب أو بِمتاَبعَة فلن أو فلن ول يَخشَعُ ف ُدعَائه‪-‬وما شابه ذلك‪-‬فهذا مِمّا ل‬
‫يَنبغي‪ ،‬بَل يَنبغي أن يَأتِي بِالدْعية الت يَحفظها ويَكون عند التيان ِبهَا خَا ِشعًا ل تبارك وتعال‪َ ،‬أمّا ما عدا‬
‫ذلك فل يَنبغي له أن يَتكلّف ذلك ‪ ..‬كثي مِن الناس َيهْتَمّون ببعض الزئيات البَسيطة ولكنهم ل يَدرون شيئا‬
‫عن المور الهمّة الت تترتّب على ذلك‪ ،‬فإذن َتعَلّّم السَائل التعلّقة بِالج مِن َقبْلِ الذهاب إل الج مِن المور‬
‫جهَلون حت المور البَسيطة كالتلبية‪ ،‬فكثي‬ ‫الهمّة الت ل يَنبغي الّتفْرِيط فيها ‪ ..‬وكثي مِن الناس‪-‬كما قلتُ‪-‬يَ ْ‬
‫مِن الناس‪-‬وخَاصّة مِن الكبار ومِن النساء‪-‬ل يَعرِفون التَلْبية‪ ،‬وإنا يَذهبون إل الج فإذا رَكِبوا ف السيارة‪-‬‬
‫مثل‪-‬قَام واحد مِن الناس ِبقِراءة تلك التّلبية وهم ُيتَابِعونه عليها ونظرا لعاميتهم قد تَفوتُهم بعضُ الكلمات مِن‬
‫التلبية ول يَأتون بِها على وجهها الصحيح الشْرُوع الثابت عن النب صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫كذلك هنالك ُأمُور ‪ ..‬بِأن يُودّع النسانُ أقارِبه‪ ،‬وبأن يُؤدّي ما عليه مِن كفارات ونُذُور أو ما شابه ذَلك أو‬
‫يَقوم ِبتَوْثيق ذلك‪ ،‬فَهذا مِن المور الت تَدخل ف ضِمْن الوصية فالوْل للنسان أن ُي َكفّر مَا عَليه من أيْمان‬
‫سواء كانت عَن تَرك صيام أو كان بِسبب ِحْنثِهِ ف بَعض اليْمَان مثل‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬إذا كان قد أفْطر شيْئا مِن‬
‫ب عليه صو ٌم بسبب نذْر أو بِغي ذلك مِن المور فلبد مِن أن يَقوم ِبتَأدِية ذلك‪ ،‬مافة أن‬ ‫شهر رمضان أو وَ َج َ‬
‫يُصيبه حادثٌ‪-‬ل قدّر ال تبارك وتعال‪-‬عند تَأْ ِدَيتِه للحج‪ ،‬ول يَنبَغي للناس أن يَخافوا مِن تَأْدية الناسك بِذِكْرِنا‬
‫ض الناس يَخافون مِن تأدية‬ ‫لِهذا الكلم أو بِذِكْ ِر بَعض الناس لِذلك‪ ،‬فالج َسهْل بِمشيئة ال‪ ،‬لنن أعرِف بع َ‬
‫الج ِلمَا يَسمعونه مِن زِحام‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬عند تأدية الناسك وخاصة عند الرمي‪ ،‬فهذه أمور َسهَْل ٌة يَسِيَةٌ‬
‫ج َهلُون ذَلك ‪ ..‬يَظنّون بأنه لبد مِن تأدية النّسُكِ الفُلن ف الوقت الفلن‬ ‫ف حقيقة الواقع‪ ،‬وإنّما الناس يَ ْ‬
‫شقّة أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل ‪ ..‬مثل الرّمي‪-‬بِحمد ال‬ ‫ض الّتعَب أو ُتصِيبُهم مَ َ‬
‫س ويُصيُبهُم بَع ُ‬‫فيُزاحِمون النا َ‬
‫تبارك وتعال‪-‬ف اليوم العاشر يَبدأ مِن طُلُوع الشمس على َقوْل كثرة كَاثِ َر ٍة مِن أهل العلم بَلْ ل يَقل أحد بِأنه‬
‫يَبدأ بَعد طُلُوع الشمس وإنّما الِلف هَل يَجوز قبْل طُلوع الشمس أو ل ؟ أمّا إذا طلعت الشمس َفهُو‬
‫مَشروع باتّفاق المّة السلمية قاطبة‪ ،‬ويَمت ّد الوقت‪-‬عند طائفة مِن أهل العلم‪-‬إل منتصَف النهار ‪ ..‬كثي مِن‬
‫الناس لبد عندما يَأتون إل موضِع الرمي لبد مِن أن يَقوموا بتأدِية ذلك النّسُك ف ذلك الوقت ول معن‬
‫شقّة بإمكانه أن َيتَ َرّيثَ ساعة أو ساعتي أو أكثر‪ ،‬بل ذهب بعض العلماء إل أنّ‬ ‫لذلك‪ ،‬فإذا وَ َج َد النسان مَ َ‬
‫الوَقْت يَمتدّ إل غروب الشمس‪ ،‬وبعضهم إل طلوع الفجر‪ ،‬ونن وإن كنّا نقول‪ :‬إنّ الوْل أ ّل يُؤخّ َر النسان‬
‫شقّة ولو بَسِيطة مُمكِن أن يَتأخّر إل غروب‬ ‫لِغي الشقّة إل ما بعد منتصَف النهار وإن كانت هنالك مَ َ‬
‫الشمس‪ ،‬أمّا ما عدا ذلك ‪ ..‬أي عند عدم وجود الشقّة الشديدة فل يَنبغي له أن يتأخّر عن ذلك‪ ،‬وهكذا‬
‫بالنسبة إل الرمي ف اليوم الثان ‪ ..‬أي ف اليوم الادي عشر وكذا ف اليوم الثان عشر وف اليوم الثالث عشر‬
‫لِمن أراد أن َيتَأَجّل ‪ ..‬أي أراد أن يَ ْمكُث ذلك اليوم فهو يَبدأ بِمنتصَف النهار ويَمتَدّ إل غروب الشمس بل‬

‫‪395‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫لليوم الادي عشر والثان عشر ‪ ..‬لِمن ل يَستطِع يَمتدّ إل مَا هو أبعد مِن ذلك‪ ،‬و َشرْحُ ذلك ف موضعه‬
‫بشيئة ال‪ ،‬وإنّما نُريد أن ُنَبيّن للناس بأنّ المر يَسي‪ ،‬وبأنه ل يَنبغي لم أن يَتزاحَموا ف وقت‪-‬مثل عند‬
‫منتصف النهار‪-‬ويَتركون الوقتَ المت ّد الطويل ويُتعِبون أنفسهم و‪-‬كذلك‪-‬يُتعبون َغيْرَهم‪ ،‬فهذا مِن المور الت‬
‫ل تَنَبغِي‪.‬‬
‫فهذا مِِن المور الت يَنبغي للنسان أن يَعرِفها عندما يَذهب إل تأدية الج‪ ،‬ومِن أهَمّها‪-‬كما قلتُ‪-‬أن يَعرِف‬
‫مناسك الج‪ ،‬وأن يُوثّق ما عليه مِن ديون‪ ،‬وأن يَقوم بالّتوْبَة والنابة إل ال‪ ،‬وذلك بِأن َيفِدَ إل ربه‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬وقد تَخلّص مِن كل ما عليه مِن حقوق ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وحقوق عبادِه وتاب وأناب إليه وإذا كانت‬
‫حهُم بَل َلْيسَ للمسلم أن يَهجُر أخاه‬ ‫بينه خصومات وبي غيه مِن عبادِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬لبد مِن أن ُيصَالِ َ‬
‫ث يَلتقيان يُعرِض هذا ويُعرِض هذا عن صاحبه‪ ،‬كما ثبت ذلك ف الديث عن النب صلوات ال‬ ‫فوق ثل ٍ‬
‫وسلمه عليه‪.‬‬
‫ي بِكيفية الج مِن الوقْت الذي يَخرج مِن بيته ‪ ..‬فيه مَاذَا يَصنع‬ ‫وهنالك أمور أخرى تَتعلّق بِهذا الوضوع ‪ ..‬أ ْ‬
‫إل أن يَرجع إل بَيْته مِن أذكار إل غي ذَلك‪ ،‬سنُؤجّل الكلم عليها إل مناسبة أخرى‪ ،‬وعسى أن يكون ذلك‬
‫ف اليام القريبة إن شاء ال تعال‪.‬‬
‫س ‪ :2‬ذكرت بِأ ّن النسان إذا كان يَملِك مِن الـ َمتَاع ومِن الال مَا يَسُدّ ُديُونَه فيما لو حدث له‬
‫مكروه‪-‬ل قدّر ال‪َ-‬فلَو كان يَمتلِك َبْيتَه فقط و َسيَارته‪ ،‬فهل ذلك يَكفي لكي ُيضَ ّمنَه الوَصِيّة ؟‬
‫ي موضع سيسكنون ؟! ل ‪..‬‬ ‫ج‪ :‬هذه َأمُور ضرورية‪ ،‬فل يُمكن أن يَقوم أولدُه بَِبيْع َبْيتِهم وبعد ذلك ف أ ّ‬
‫وإنّما إذا كان ذلك يَفضُل عن حاجته وحاجة أولدِه الضرورية‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬هذا ف ديون اللل‪ ،‬أمّا ف المور‬
‫الح ّرمَة فعلى النسان أن يَتخلّص مِنْها ولو باع الغَالِي والرّخِيص ‪ ..‬فهذا ف المور اللل‪ ،‬أمّا ف المور‬
‫الح ّرمَة لبد مِن أن يَتخلّص وليس له أن َيتَأَجّل ‪ ..‬نعم إذا كان ل يَهمّه بأن يَبقى على معصية ال‪-‬تعال‪-‬‬
‫فنقول له‪ " :‬اذهب إل الج ولكنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ل يَتقبّل إل مِن التقي "‪ ،‬أمّا أن يُقال لَه بأن يَترُك الج‬
‫ويَبقى على معصيته فهذا مِمّا ل يَصح‪ ،‬فإذا وجد الناس ف قول بعض أهل العلم بأنّ " مَن كانت عليه ديون‬
‫م ّرمَة ليس له أن يَذهب إل الج بل عليه أن يَتخلّص ويَتوب " ‪ ..‬يُريدُون ذلك إذا كان هَذَا الشخص يُريد‬
‫حقّا أن يَتخلّص‪ ،‬أمّا بعض الناس يَملِكون بعض الراضي أو بعض العقارات أو ما شابه ذلك مِن المور‬
‫ويَقولون‪ " :‬نَحْن نريد أن نتخلّص ولكن ل يُمكن أن نَبيع هذه بل نَتأجّل حت نَجِد ثنا كبيا أو نَبن عليها‬
‫وبعد ذلك َنقُوم ِببَْيعِها " أو ما شابه ذلك فهؤلء‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬ل يُريدون أن يَتخلّصوا فعليهم أن يَذهبوا‬
‫إل الج لئل يَجمعوا بي معصيتي ‪ ..‬معصية تَ ْر ِك الج ومعصية البقاء على الرام؛ وال الستعان‪.‬‬
‫ح َرمًا لا إذا ما أرادت الذهاب إل الج ؟‬ ‫س ‪ :9‬زوج أخت الرأة‪ ،‬هل يعد مَ ْ‬

‫‪396‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ح ْرمَة ‪ ..‬أيْ عدم َجوَاز نكاح ذلك الرّجل لَها ف ذلك‬ ‫ح َرمًا لَها‪ ،‬وذلك لنّ هذه الـ ُ‬
‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬ل ُيعَ ّد مَ ْ‬
‫الوَقت ُح ْرمَة مؤقتة ولذلك لو‪:‬‬
‫‪-1‬ماتت أختها‪.‬‬
‫‪-2‬أو طلقها وخرجت مِن عدتِها إذا كان الطلق َرجْعيًا‪.‬‬
‫‪-3‬أو طلقها إذا كان الطلق باتا‪.‬‬
‫ح ْرمَة‬
‫فإنه له أن يتزوجها‪ ،‬فإذن هذه الـحُ ْرمَة ُح ْرمَة مؤقتة‪ ،‬والرمة التِي تَجوز َم َعهَا ال ْلوَة أو السّفر فهي الـ ُ‬
‫ب أو ُمصَاهرة أو رَضَاع‪ ،‬أمّا إذا كانت غي ُم َؤبّدة أو كانت مؤبدة ولكن‬ ‫الؤبدة وبِشرط أن تكون بسبب نَسَ ٍ‬
‫بسبب مِن السباب الخرى غي المور الت ذكرناها فل وذلك‪-‬مثل‪-‬كحالة الّلعَان فإن مَن َلعَن الرمةُ‬
‫مؤقّتة بينه وبي تلك الرأة الت وقع بينه وبينها اللعان فل يوز له أن يتزوجها ف يوم مِن اليام ولكنه ل يَجُوز‬
‫خُلوَ ِبهَا وليس له‪-‬أيضا‪-‬أن ُيصَافِحَها‪ ،‬وهكذا بِالنّسبة إل مَن َزنَى بِها أو َزنَى بِها ابنه أَو أبوه أو مَا‬ ‫لَه أن يَ ْ‬
‫شَابَه ذلك مِن المور الت وََقعَت الـحُ ْرمَة البَدِية فيها بسبب مِن السباب الارجة عِن السباب الت‬
‫ذكرناها؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ح ّج النّفل وسبق لَها أن حجّت الفرض لكنها هذه الرة تذهب بدون مَحْرَم‪،‬‬ ‫س ‪ :11‬امرأة أرادت أن تَ ُ‬
‫فهل عليها أن تتعجّل أم تؤخّر ؟‬
‫ج‪ :‬ما ذكرناه مِن وجوب الّتعَجّل ف َتأْدية الج فَذلِك ف حج الفريضة‪.‬‬
‫وَأمّا بِالنّسبة إل النافلة فالنسان ل يب عليه أن َيتََنفّل ف الج وإنّما ينبغي له ذلك أمّا أن يَجب عليه ذلك‬
‫فل‪.‬‬
‫والعلماء قد اختلفوا ف الرأة هَلْ َلهَا أن تذهب إل حَجّ الفريضة مع َغيْر مَحَا ِرمِها أو زوجها‪:‬‬
‫فبعض العلماء قَال‪ :‬لَيس لَها أن تذهب حت لِح ّج الفريضة إل مع زوج أو مَحْرم‪ ،‬وذلك لنهي النب‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬الرأةَ عن السّفر مع غي مَحارمها أو زوجها‪.‬‬
‫وبعض العلماء رخّص ف ذلك إذا كان الج حج فريضة بشرط أن تكون مع جلة مِن النساء معهن مَحارم مِن‬
‫أهل الصلح‪.‬‬
‫أمّا بالنسبة إل الج النّافلة فليس لَها أن تذهب إل مع زوج أو مَحْرم؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 17‬شوال ‪1423‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪22/12/2002‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :1‬نريد منكم أن تُحَ ّدثُونا‪-‬باختصار‪-‬عن صفة الج ‪ ..‬ما الذي يأتيه الاج وما الذي يذره ؟‬

‫‪397‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬إنه ل يَخفى على أحَد أ ّن الجّ مِن أَفْضَل الطاعات وَأعْظَم القُرُبات الت َيَتقَرّب بِها النسان إل ربه تبارك‬
‫وتعال‪ ،‬ولذلك يَجب أن تَكون وِفْ َق سنّة رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬الت ثبتتْ عنه‪،‬‬
‫فالرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬حَ ّج وَبيّن للناس كيفية الج ِبفِعله وَبيّن بعضَ المور التعلّقة‬
‫بِذلك بِقولِ ِه وَبعْد أن َفعَل تلك الناسك قال‪ ( :‬خذوا عن مناسِككم‪َ ،‬لعَلّي ل ألقاكم بعد عامي هذا )‪ ،‬وقد‬
‫اتّفقتْ المّة ف كثي مِن تلك المور‪ ،‬واختلفتْ ف بعض المور هل هي ثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى‬
‫ت فيه الكَلِمَة فإنه يَنبغي‬
‫آله وصحبه وسلم‪ ،‬فما اتّفقتْ عليه المّة السلمية فل إشكال فيه‪ ،‬وما اختلف ْ‬
‫لِلنسان أن يَأخذ بِما ثبتَ عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫صفَة الج يَطول‪ ،‬وقد أَفْرَ َد ُه كثي مِن أهل العلم بِمؤلّفات مُ َطوّلَة وبَحثوه ف كتبٍ أُّلفَت ف التفسي‬ ‫والكلم ف ِ‬
‫خصَ ذلك بِتلخيصٍ شديد بِكلمٍ متصَر‪.‬‬ ‫أو ف شروح الحاديث أو ف غي ذلك مِن المور‪ ،‬ول بأس أن أَُل ّ‬
‫ب بل هو ركن مِن أركان السلم‪ ،‬وأنه ل يَنبغي لِلنسان إذا استطاع سبيل إل‬ ‫ومِن نَافِلَة القول أنّ الج واج ٌ‬
‫ذلك أن ُيؤَخّرَه بَعْد وجوبه عليه‪ ،‬لنه ل يَدري ماذا سيَحدث له ف الستقبل‪ ،‬فقد يَأتيه الوت ول يَتمكّن مِن‬
‫تأدية هذا الفرْض وقد يَمرض ول يَتمكّن مِن ذلك أيضا‪ ،‬وقد تَذهب أمواله فل يَتمكّن مِن تأدية هذا الركن‬
‫العظيم‪ ،‬فلذلك إذا وَجد استطاعةً عليه فليس له أن يَتأخّر عن ذلك‪ ،‬كما يَفعله كثي مِن الناس وللسف‬
‫الشديد‪.‬‬
‫حجّه وِبعُمرته وج َه ال تبارك وتعال ‪ ..‬ل يَقصد بذلك ريا ًء ول سُمعةً‪،‬‬ ‫ومِن أه ّم المور أن َي ْقصِدَ النسان بِ َ‬
‫فكثي مِن الناس يَرغبون ف أن يُقال‪ " :‬إنّ فلنا ذَهب إل الج " أو ما شابه ذلك ويَ ْزعُمُون بِأنم يَقصِدون‬
‫ي النسان نيةً صحيحةً ل‬ ‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬والدار الخرة وف الواقع ذلك مِمّا ل يَصح‪ ،‬بل لبد مِن أن ينوِ َ‬
‫يَشوبُها َشوْبُ رياءٍ أو سُمعةٍ‪ ،‬وَبعْد ذلك ُي َهّيئُ ما يسّره ال‪-‬تعال‪-‬له مِن الرزق اللل فيَذهب به إل تأدية‬
‫الج‪ ،‬وقد تكلمنا‪ 1‬على بعض الشروط التعلّقة بذلك‪ ،‬ول أريد أن أطيل الكلم بذلك ف هذا الوقت‪ ،‬وإنا‬
‫أريد أن أتكلم على ما يَفعله النسان مِن الوقت الذي يَخرُج فيه مِن بيته إل أن يَقوم بِتأدية هذا الركن‬
‫العظيم‪.‬‬
‫فإذا أراد النسان الروج إل الج فَلْيُوَدّع أهلَه وأقاربه وليُخْلِص النية إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بعد توبةٍ‬
‫صادقةٍ إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وتأديةٍ للحقوق الت عليه وتَوْثِيق ما ل يُؤَدّه مِن القوق بصكّ شرْعِيّ‬
‫مع شهادة شهودٍ عُدولٍ ولْيَضعه مع أمي أو مع صاحب الق وإذا وضعه مع أمي فلبد مِن أن يُخبِر‬
‫صاحبَ الق بِذلك‪ ،‬ث لِيَخرُج إل مكّة الكرّمة‪-‬شَرّفها ال تبارك وتعال‪-‬وينبغي له أن يَبحث عن‬

‫‪-1‬عند الواب على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 17‬شوال ‪1423‬هـ ( ‪22/12/2002‬م )‪.‬‬
‫‪398‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أصحابٍ صالي يُعينهم ويُعينونه على طاعة ال تبارك وتعال‪ ،‬فإذا بَلَغ واحداً مِن الواقيت ‪ ..‬والواقيت‬
‫خسة‪:‬‬
‫‪-1‬ذو الُلَيْفَة لهل الدينة ولِمَن مَرّ با‪.‬‬
‫‪-2‬وذاتُ عِرْق لهل العراق ومَن كان ف ناحيتهم‪.‬‬
‫‪-3‬والُحْفَة لهل الشام ومَن جاء على طريقهم‪.‬‬
‫‪-4‬وقَرْنُ الَنَازِل لِمَن جاء مِن نَجْد‪.‬‬
‫‪-5‬ويَلَمْلَم لِمَن جاء مِن اليَمَن أو مَن كان طريقه عليها‪.‬‬
‫فمَن كان مِن أهل هذه البلدان أو كان طريقُه على ذلك اليقات فلْيُحرِم مِن هذه الواقيت‪ ،‬ول ينبغي له‬
‫أن يُحرِم قبلها‪ ،‬إذ إنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ل يُحرِم قبل ذلك‪ ،‬فقد أحرم مِن اليقات ف‬
‫حجّة الوداع‪ ،‬وأَحرَم كذلك ف العُمرة الت صَدّه عنها كفار قريش‪ ،‬وكذلك ف العُمرة الت قضى با تلك‬
‫العُمرة الت صُ ّد عنها‪ ،‬بل وقّت ذلك بقوله صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ولو كان هنالك فضْل‪-‬‬
‫أي ف التقدم على ذلك‪-‬لَفَعَلَه النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أو لصَرّح بذلك‪ ،‬أمّا وأنه ل‬
‫يَفعل شيئا مِن ذلك ول يُصَرّح بشيء منه فل ينبغي لحد أن يقول بأنّ ذلك أفضل‪ ،‬وأما الواز فل‬
‫إشكال فيه‪.‬‬
‫وما جاء مِن الحاديث مِن أنّ الفضل أنْ يتقدّم النسان على اليقات فذلك مِمّا ل يَصح عن النب‬
‫صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وفِعل الناس ل حُجّة فيه ‪ ..‬هذا إذا صح عن أحد مِن الصحابة أو غيهم‪،‬‬
‫ولستُ أريد أن أطيل الكلم على صحّة وعدم ثبوت تلك الروايات الت رُويت عن بعضهم‪.‬‬
‫فإذا وَصَل إل اليقات وكان يُريد حجّا أو عُمرة فإنه يُحرِم مِن ذلك‪.‬‬
‫والعُمرة تكون ف سائر السنة إل ما استُثن مِن اليام الت يكون النسان فيها ف الج‪ ،‬فل يكن أن يَعتمِر‬
‫ف اليوم العاشر أو ف اليوم الادي عشر أو ف اليوم الثان عشر وكذلك قبل أن يَنتهي مِن الرمي ف اليوم‬
‫الثالث عشر لِمَ ن تأخّر‪.‬‬
‫أما الج فإنه ل يكون إل ف أشهر الج وأشهر الج معلومة فهو يكون ف شوال وف ذو القعدة وف اليام‬
‫الول مِن شهر ذي الجّة‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل بقية شهر ذي الجّة فإنه وإن قال مَن قال مِن أهل العلم بأنه مِن أشهر الج لكنهم ل‬
‫يريدون بذلك أنّ الحرام يَصح فيه‪ ،‬إذ إنّ مَن ل يَقف بعرفة قبل طلوع الفجر مِن اليوم العاشر مِن شهر‬
‫ذي الجّة ‪ ..‬أي قبل طلوع فجر ليلة اليوم العاشر منه فإنه ل حج له باتفاق العلماء قاطبة وبنصّ الديث‬
‫قبلَ ذلك ‪ ..‬أي بنصّ الديث الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬

‫‪399‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فإذا جاء إل اليقات فإنه ينبغي له أن يَغتسِل‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪ ،‬فقد اغتسَل وأمرَ بالغتسال بل حت أنّ الائض والنفساء تَغتسِلن‪ ،‬فقد ثبت عن النب‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه أمرَ زوجَ أب بكر‪-‬أمّ ممد بن أب بكر‪-‬بأن تَغتسِل مع أنا نفساء‪ ،‬فمَن كان‬
‫يستطيع على الغُسل فيُشرَع له الغُسل‪ ،‬وهو وإن ل يكن واجبا ولكنه سنّة ثابتة عن النب ‪ ε‬فل ينبغي‬
‫التفريط فيها‪ ،‬أما مَن كان مريضا ل يقوى على الغُسل لِ شدّة البد‪-‬مثل‪-‬أو ل يَجِد ماءً‪-‬والمد ل الن‬
‫موجود بالنسبة لِمَن مَرّ على الواقيت‪-‬فإنه ل بأس عليه بِترك الغتسال‪ ،‬إذ ل قدرة له عليه‪ ،‬ول يُشرَع‬
‫ف حقّه التيمم على القول الصحيح الراجح‪ ،‬لنه ل يَرِد حديثٌ عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫يَدلّ على التيمم‪ ،‬ول يكن قياسُه على التيمّم لِلوضوء للصلة ولغسل النابة ‪ ..‬نعم إذا كان ل يَقوى على‬
‫الوضوء وأراد أن يُصلّي فإنه يَتيمّم لِلصلة ل لرادة الحرام‪ ،‬فإذا اغتسَل وتوضّأ فإن كان الوقتُ وقت‬
‫فريضة فإنه يُصلّي الفريضة ويُحرِم بعد ذلك كما سيأت إن شاء ال‪ ،‬أما إذا ل يَكن الوقتُ وقت فريضة أو‬
‫قد صلّى قبل ذلك فاختلف أهل العلم هل يُصلّي نافلةً ويُحرِم بعدها ؟ ول يَثبت عن النب ‪ ε‬ما يَدلّ‬
‫على ذلك‪ ،‬إل أنه إذا دخل السجد فإنه يُصلّي ركعت التحية ويُحرِم بعد ذلك‪-‬كما سيأت بشيئة ال تبارك‬
‫وتعال‪-‬أو كان الوقتُ وقت الضحى وكان يُصلّيها مُطلَقا أو ف بعض الحيان‪-‬أعن يُصلّي سنّة‬
‫الضحى‪-‬فإنه يُحرِم بعدها أو أراد أن يُصلّي ركعت السنّة الت تُصلّى بعدَ الوضوء فإنه يُحرِم بعدَ ذلك‬
‫كما سيأت بشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬أما أن يُخصّصَ ركعتي لِلحرام فالصحيح أنه ل يَثبت ف ذلك شيءٌ‬
‫عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وما دام ل يَثبت شيءٌ ف ذلك فل يُمكِن أن نقول بشروعية‬
‫شيءٍ ول نلك دليل يَدلّ عليه‪ ،‬فإذا صلى‪-‬إذا أراد الصلة‪-‬فإنه يُحرِم‪-‬ف ذلك الوقت على رأي بعض أهل‬
‫العلم‪ ،‬وف رأي بعض أهل العلم أنه يُحرِم‪-‬إذا رَكب راحلته‪ ،‬وهذا هو الذي دَلّ عليه الديث الصحيح‬
‫الذي ثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫وأما بعد الصلة فإنه قد ورد حديثٌ عن ابن عباس وقوّاه بعض الناس ولكنه ل يَثبت عن النب ‪ ε‬مِن جهة‬
‫السناد‪.‬‬
‫وهذا اللف إنا هو ف الفضل‪ ،‬وأما مِن حيث الواز فالمر جائز ول إشكال فيه‪.‬‬
‫والحرام يَكون بِلبْس ثوبَي الحرام بالنسبة لِلرجُل ‪ ..‬يَلبس إزارًا ساترًا ولبد مِن أن يكون ساترا‬
‫لِعورته‪.‬‬
‫وكثي مِن الناس‪-‬هدان ال تعال وإياهم‪-‬يُخرِجُون ما هو أسفل مِن السرة مع أنّ ما بيْن السرة والركبة‬
‫عورة‪-‬وهذا الكلم بالنسبة إل الرجل‪ ،‬وسيأت ما يتعلّق بالرأة بِمشيئة ال تعال‪-1‬فهذا أمر ل يَصح ‪ ..‬لبد‬

‫‪-1‬لقد تكلّم الشيخ عمّا يتعلّق بِالرأة عند جوابه على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 24‬ذو القعدة ‪1424‬هـ ( ‪18/1/2004‬م )‪.‬‬
‫‪400‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫مِن أن يَستر ما بيْن السرة والركبة‪ ،‬وإنا اللف ف السرة نفسها وف الركبتي ‪ ..‬نعم يُوجَد خلفٌ ف ما‬
‫هو أعلى مِن الركبتي ولكنّ الصحيح ما ذكرناه‪ ،‬أما ما هو أسفل مِن السرة فل يكن أن يُرَخّص فيه‪،‬‬
‫فلبد مِن أن يَنتبِه النسان‪.‬‬
‫ويَلبس‪-‬أيضا‪-‬رِداءً‪ ،‬ويَنوي الحرام وذلك يكون إما أن يُحرِم‪:‬‬
‫‪-1‬بِحج مُفْرد‪.‬‬
‫‪-2‬أو بعُمرة ث بعدَ ذلك يُحرِم بالج عندما يَنتهي مِن العُمرة كما سيأت إن شاء ال‪.‬‬
‫‪-3‬أو يَجمَع بيْن العمرة والج‪.‬‬
‫فالمور ثلثة‪ :‬إِفراد‪ ،‬وقِران‪ ،‬وتَمتّع‪.‬‬
‫فالفراد هو أن يُحرِم بالج‪ ،‬فإذا أتى مكّة الكرّمة طاف لِلقدوم وسَعى بيْن الصفا والروة ث يَبقى على‬
‫إحرامه حت يَنتهي مِن رمي جرة العقبة وف ذلك يُحِلّ ‪ ..‬أي ف اليوم العاشر‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إل التمتّع فإنه يُحرِم أوّل بعُمرة‪ ،‬فإذا أتى مكّة الكرّمة طاف بالبيت وسعى بيْن الصفا‬
‫والروة وأحَلّ مِن إحرامه‪.‬‬
‫وصِفَة الطواف أن يَبتدِئَ الطواف مِن ركن الجَر ‪ ..‬يُقابِل الجَر ويَنوي الطواف ويَطوف سبعة‬
‫أشواط ويُرْمِل ف طوافه ف الثلثة الشواط الول وكذلك يَضْطَبِع ولكنّ الضْطِبَاع‪-‬على الصحيح‪-‬‬
‫يَكون ف الشواط السبعة كلّها‪ ،‬كما ثبت ذلك ف السنّة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وذلك‬
‫بِأن يَجعل وسَط الثوب تَحت إِبْطه اليْمن ويَجعل طَرفَي الرّداء على يَده اليُسرى‪ ،‬فإذا انتهى مِن‬
‫الطواف فعليه أن يُرجِع ثَوب الحرام على ما كان عليه حت يُؤدّي الركعتي وقد سَتَرَ عاتِقَه‪ ،‬فإنّ‬
‫ذلك أمر لبد منه‪ ،‬كما ثبت ذلك مِن أمر النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬والجَر إن تَمكّن‬
‫مِن تقبيله فإنه يُقَبّلُه وإن ل يَتمكّن مِن تقبيله فإنه يَلمسُه بيدِه اليُمن ويُقَبّل بعدَ ذلك يدَه اليُمن‬
‫فإن ل يَتمكّن وكان ف يدِه عصا‪-‬وهو صعبٌ ف هذا الزمان‪-‬فإنه يَلمسه بعصاه فإن ل يَتمكّن أشار إليه‬
‫بيدِه وإذا أشار فل يُقَبّل يدَه‪ ،‬وأما بالنسبة إل الرّكن اليَمان فإنه يَلمسه بيدِه إن تَمكّن ول يُقبّلها‬
‫وأما إذا ل يَتمكّن فإنه ل يُشي إليه‪ ،‬لِعدم ثبوت ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة إل الرّكْني الشامِيي وها الرّكن العراقي والشامي فإنه ل يُقَبّلهما ول يَلمسهما بيدِه ول يُشي‬
‫إليهما‪ ،‬لعدم ثبوت ذلك عن النب صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وعند مقابلة الجَر يُكبّر ‪ ..‬يقول‪ " :‬ال أكب‬
‫"‪.‬‬
‫واستحب بعض العلماء أن يَقول‪ " :‬بسم ال ‪ ..‬ال أكب "‪ ،‬وذلك ل يَثبت ف حديثٍ مرفوع‪ ،‬وإنا الثابت‬
‫التكبي ‪ ..‬نعم ثبتت التسمية عن ابن عمر رضي ال‪-‬تعال‪-‬عنهما‪ ،‬أما الديث الرفوع فهو ما ذكرتُه‪.‬‬

‫‪401‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وعند طوافه يَدعو بِما تيَسّر له‪ ،‬وإذا دعا بشيءٍ مِن كتاب ال ‪ ..‬أي مِن اليات الت جاء فيها الدعاء أو‬
‫بشيءٍ مِن الثابت عن النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬فذلك أفضل‪ ،‬أما أن يَشغِل بترديد الدعية والذكار‬
‫خلْف مُطَوّف ول يَفْقَه شيئا مِن تلك الذكار أو تلك الدعية فهذا مِمّا ل يَنبغي لحد أن يشتَغِل به‪،‬‬
‫ولْيَحْذَر النسان مِن مزاحة النساء ومِن لَمْسِهِن فإنّ ذلك مِمّا يُنهَى عنه النهي الشديد‪ ،‬فإذا انتهى‬
‫مِن الطواف‪-‬كما ذكرتُ‪-‬فَلْيُصَلّ ركعتي خَلْف القَام وإن ل يَتمكّن خَلْفه مباشَرة‪-‬وف ذلك‬
‫صعوبة شديدة ولسيما ف أيام الج‪-‬فإنه يُصلّي ف بُقْعة بعيدة عنه ولْيَجعله أمامه وإن ل يَتمكّن مِن‬
‫ذلك فَلْيُصَلّ ف أيّ مكانٍ مِن البيت ولو ل يَكن خلْف القَام‪ ،‬ث بعدَ أن يُصلّي يَأت إل الجَر‬
‫ويَدعو ث يَتَوجّه بعدَ ذلك إل الصفا ولْيَسْعَ بيْن الصفا والروة سبعةَ أشواط ‪ ..‬مِن الصفا إل الروة‬
‫يَعُدّه شوطا وهكذا مِن الروة إل الصفا‪ ،‬ولبد مِن أن تكون البداية مِن الصفا وأن تكون النهاية بالروة‪،‬‬
‫فلبد مِن أن يَنتبِه النسانُ لِذلك‪ ،‬وَلْيَذكُر موله‪-‬تبارك وتعال‪-‬وهو مُستقبِلا لِلبيت ف حالة صعوده‬
‫على الصفا والروة يقول‪ " :‬ال أكب‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ل إله إل ال‪ ،‬وحده ل شريك له‪ ،‬له اللك وله‬
‫المد وهو على كل شيء قدير‪ ،‬ل إله إل ال وحده‪ ،‬أَنْجزَ وعْدَه ونَصَرَ عبْدَه وهَزَمَ الحزابَ‬
‫وحْدَه " ويَدعو بعد ذلك ث يَأت بالذّكر السابق ويَدعو بعد ذلك ث يَأت بعد ذلك بالذّكر السابق‪ ،‬فإذا‬
‫انتهى مِن ذلك أحَلّ بِاللْق أو التقصي‪ ،‬واللْق أفْضل إل ف حالة أن يَكون أراد الحلل مِن عُمرته ف‬
‫العشْر فِلقُرب الحرام بالج فإنّ الفضل له أن يُقَصّر حت يَتمكّن مِن اللْق عند إحلله مِن الج‪ ،‬وقد‬
‫أَمَرَ النب ‪ e‬بالتقصي ف هذه الالة‪ ،‬وذلك لجل أن يَبقى شعرُه طويل حت يَتمكّن مِن حلْقه‪-‬كما‬
‫قلتُ‪-‬عند الحلل مِن الج‪.‬‬
‫والنوع الثالث‪ :‬القِرَان‪ ،‬وذلك بأن يُحرِم بالعمرة والج معاً‪ ،‬فإذا فَعل ذلك فإنه عندما يَأت البيت يَطوف‬
‫طواف القدوم ويَسعى ويَبقى على إحرامه حت اليوم الثامن‪ 1‬ويَتوجه بعدَ ذلك إل مِن ويَبقى على‬
‫إحرامه‪-‬كما قلتُ‪-‬حت يَرمِيَ جرة العقبة ويَذبح هدْيه‪ ،‬فإذا ذَبح الدْي فإنه يُحِل بالتَقصي أو باللْق‪،‬‬
‫واللْق أفضل‪ ،‬لنّ الرسول ‪ e‬يقول‪ ( :‬رَحِمَ ال الحلّقِي ) ‪ ..‬قال ذلك ثلث مرات وف الرابعة قال‪( :‬‬
‫والقصّرِين )‪.‬‬
‫وبذلك تُلحِظون أنّ الفَرْق بَيْن القِرَان والِفْرَاد هو أنّ القارِن يَذبح الدْي بِخلف الفرِد فإنه ل‬
‫هدْي عليه إجاعا‪ ،‬أما القارِن فإنّ عليه الدْي على مذهب جهور المّة‪.‬‬
‫وسيأت الكلم بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬على أفعال الج على الثلثة النواع‪.‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬الثامن عشر " وهو سبق لسان‪.‬‬


‫‪402‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وف حالة التلبية يقول‪َ " :‬لبّيْكَ اللهم َلّبيْكَ‪َ ،‬لبّيْكَ ل شريك لكَ َلبّيْكَ‪ ،‬إنّ المد والنعمة لكَ‪ ،‬ل شريكَ‬
‫لكَ "‪:‬‬
‫ك ب ِحجّة " أو " َلّبيْكَ حج ّا " أو " َلبّيْكَ حجّة "‪.‬‬
‫وإذا كان مُفْرِدا قال‪َ " :‬لبّيْ َ‬
‫ك بع ُمرة " أو " َلّبيْكَ ع ُمرة " أو ما شابه ذلك‪.‬‬‫وإذا كان مُتَمَتّعا قال‪َ " :‬لبّيْ َ‬
‫ك ع ُمرة وحجّا "‪ ،‬ويكن أن يُقَدّم العُمرة‬ ‫ك بع ُمرة وحجّة " أو قال‪َ " :‬لبّيْ َ‬‫وإن كان قَارِنا قال‪َ " :‬لبّيْ َ‬
‫على الج‪ ،‬ويكن أن يُؤَخّر‪ ،‬واستحبّ كثي مِن أهل العلم أن يُقَدّم العُمرة على الجّة‪ ،‬وهذا مِن باب‬
‫الستحباب‪-‬على رأيهم‪-‬ل مِن حيث الوجوب‪ ،‬والفضل ألّ يَزيدَ النسانُ على تلبية النب صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪ ،‬وأما مِن حيث الواز فإنّ ذلك جائز‪ ،‬إذ إنّ بعض الصحابة كانوا يَزيدون على مسمعٍ‬
‫ومرأى مِن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ول يُنْكِر عليهم‪ ،‬ولكنّ الفضْل ف التزام التلبية‬
‫الت كان يَأت با النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ويَنبغي لِلنسان أن يُكْثِر مِن التلبية وأن‬
‫يَرْفَع با الصوت إذا كان رجُل‪ ،‬أما الرأة فإنا تُسِرّ ول تُسْمِع الرجالَ الجانب‪ ،‬ويُكْثِر مِن التلبية‪-‬‬
‫كما قلتُ‪-‬ولسيما عند إِقبالِ الليل أو النهار أو إذا صَعَدَ َشرَفًا أو نَزَلَ أو ما شابه ذلك ‪ ..‬أي ف حالة‬
‫تَغيّر الحوال‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬يَنبغي أن يُكْثِر منها وأن يَرْفَع با الصوت‪ ،‬كما فَعل أصحاب النب‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫ف اليوم الثامن يُحرِم التَمتّع بالج‪-‬وهذا على الستحباب وإل فإنه يَجوز الحرام للمُتَمَتّع قبل ذلك‪-‬‬
‫ويَكون ذلك مِن أَيّ موضعٍ مِن الَرَم‪ ،‬والنب ‪ ε‬أَحرَم مِن الَوْضِع الذي أَقام فيه‪ ،‬ول يَنبغي‬
‫لِلنسان أن يَذهب إل " مسجد النّ " أو إل " البيت الرام " أو ما شابه ذلك‪ ،‬لِعدم ثبوت ذلك عن النب‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬والظاهر أنّ العلماء عندما قالوا‪ :‬أَحرَم النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫مِن الوضع الذي مَكَثَ فيه ‪ ..‬أي أنّ أصحابه على مسمعٍ ومرأى فعلوا ذلك‪ ،‬وإل فهو كان قَارِناً ول‬
‫يُحِل مِن إِحرامِه‪ ،‬فلم يُحرِم ف ذلك اليوم إحراما جديدا‪ ،‬فيَنبغي أن يُتفَطّن لِذلك‪.‬‬
‫هذا ومِن الدير بالذّكر أنّ أهل العلم قد اختلفوا ف الفضل مِن المور الثلثة‪ ،‬والصحيح عندنا أنّ الفضل‬
‫التّمَتّع إل لِمن ساق الدْي فإنّ الفضل له أن يُقْرِن بيْن الج والعُمرة ‪ ..‬بقي الكلم هل الفضل أن‬
‫يَتمتّع النسان أو أن يَسوق الدْي وأن يُقْرِن بينهما ؟ والثان هو الصحيح‪ ،‬لِفعل النب ‪. ε‬‬
‫كما قلتُ إنّ الفضل القِرَان لِمَن ساق الدْي والتّمَتّع لِمَن ل يَسُق الدْي‪ ،‬وبقي اللف هل الفضل‬
‫للنسان أن يَسوق الدْي ويكون قارِنا بيْن حجّه وعُمرته أو الفضل له أن يَتمتّع ؟ والول هو الصحيح‪،‬‬
‫لفعل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فال اختار لنبيه ذلك ول يكن لِيَختار له إل الفضل‪ ،‬وأما تَمنّي‬
‫النب ‪ ε‬لِلتمتع فإنه إنا تَمَنّى ذلك لِمَ ا رأى مِن حُبّ أصحابه‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليهم‪-‬للبقاء‬

‫‪403‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫على الحرام فتمنّى حت يُوافِقَ أصحابَه‪ ،‬وقد كان ‪ e‬يَترُك العملَ الفضل لأجل موافَقة أصحابِه‬
‫رضوان ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليهم‪ ،‬وتَحرير ذلك يَحتاج إل بَحثٍ مُطَوّل‪ ،‬وموضعه آخر بشيئة ال تعال‪.‬‬
‫فإذا ذَهَب الناس ف اليوم الثامن إل مِن فإنم يُصلّون الصلوات المس هناك‪ ،‬وبعد ذلك يَخْرُجُون بَعْد‬
‫طلوع الشمس‪ ،‬ومَن خَرج قَبْل ذلك فل شي عليه ولكنّ السنّة أن يَخرُجوا بعد طلوع الشمس‬
‫ويَتوجّهون إل عرفة ‪ ..‬لو أَمكَن البقاء بنَمِرَة فذلك هو الذي فَعله النب ‪ ، e‬ولكنّ هذا الزمان فيه مِن‬
‫الصعوبة ما فيه لِكثرة الجاج‪ ،‬فيَبْقَوْنَ هنالك على ذِكْر ال تبارك وتعال ‪ ..‬مَن شاء أن يُكَبّر‬
‫فلْيُكبّر ومَن شاء أن يُلَبّي فلْيُلَبّ‪ ،‬ويَنبغي لم أن يُكثِروا مِن الدعاء والذّكْر ما استطاعوا ولْيَتركوا‬
‫كلم الدنيا‪ ،‬وإذا زالت الشمس فيَنبغي لم مباشَرة أن يُصَلّوا الظهر والعصر ‪ ..‬يَقوم المام خطيبا‬
‫ولْيَخطب خطبة متصَرة ث بَعْد ذلك يَقومون بِتأدية الصلتي جَمْعا ‪ ..‬يَقْصُرُون الظهر ركعتي‬
‫وكذلك العصر‪ .. 1‬يَجمعونَهما جَمْع تقدي‪ ،‬ويُؤَذّن الؤَذّنُ أذانا واحدا ويُقيم إِقامتي‪ ،‬فإذا صَلّوا‬
‫فليَذْكروا ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ولْيُكثِروا مِن الدعاء ويُكثِروا مِن قول‪ " :‬ل إله إل ال وحده ل شريك له‪،‬‬
‫له اللك وله المد وهو على كل شيء قدير "‪ ،‬ولْيُكثِروا بِما شاؤوا مِن الدعاء ولسيما مِن الدعية الت‬
‫وَرَدَت ف كتاب ال أو صَحّت عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فإنّ هذا الوقت مِن أفضل‬
‫الوقات فل يَنبغي للنسان أن يُفَرّطَ فيه بِنوْم أو بِكلم أو ما شابه ذلك‪ ،‬ولْيَبْقَوا على ذلك حت‬
‫يَتحقّقوا مِن غروب الشمس تَحقّقا ل لَبْس فيه‪ ،‬وليس لحد أن يَخرُج قَبْل ذلك‪ ،‬لنّ النب ‪ e‬نى‬
‫عن ذلك‪ ،‬ولنه بَقِي ف عامِه ذلك حت تَحقّق غروب الشمس تَحقّقا ل لَبْسَ فيه ول غُموض وبَعْد‬
‫ذلك أَفاض وقال‪ ( :‬خذوا عن مناسِككم )‪.‬‬
‫ولِلسف نَجد كثيا مِن الناس يَخرُجون قَبْل ذلك‪ ،‬وهذا مِمّا يُخالِف السنّة الصحيحة الثابتة عن النب‬
‫‪ e‬مالَفة صارِخة‪ ،‬ول يَنبغي لِلنسان الذي ذَهب إل تلك الواطن القدّسة أن يُخالِف هذه الخالَفة‬
‫والعياذ بال‪-‬تعال‪-‬مِن ذلك‪.‬‬
‫ث لِيَذهبوا إل الُزدَلفَة ولْيَبِيتُوا ليْلتَهم بِها ولْيَجمَعوا بيْن الغرب والعِشاء ‪ ..‬يُصَلّون الغرب ثلثا‬
‫والعشاء ركعتي‪- 2‬وطبعا هذا لِلمسافِر‪-‬ويكون ذلك بأذان وإقامتي على الصحيح الذي دَلّ عليه الديث‬
‫الصحيح‪ ،‬فإذا قاموا ف الصباح فلْيُصَلّوا صلة الفجْر ف أوّل وقتها ث لِيَذْكروا ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬هناك‬
‫ذِكْرا كثيا ولْيَبْتَهِلوا إليه ولْيُكْثِروا مِن السؤال مع تَضَرّعٍ وخُشُوعٍ إليه ‪ ، I‬ث لِيَخرُجوا بَعْد‬
‫ذلك قَبْل طلوع الشمس‪ ،‬وإذا مَرّوا بِوادي مُحَسّر إِن أَمْكَنَهُم أن يُسْرِعوا السيْر فذلك هو‬

‫‪-1‬يبدو أنّ هذا القصْر خاص بالسافِر‪.‬‬


‫‪-2‬قال الشيخ‪ " :‬ثلثا " بدل من " ركعتي "‪ ،‬وهو سبق لسان نبّه عليه فيما بعد‪.‬‬
‫‪404‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الطلوب‪ ،‬وإن ل يَتمكّنوا مِن ذلك فل حَرَجَ‪-‬بِمشيئة ال تبارك وتعال‪-‬مع شدّة هذا الزحام الذي نراه‬
‫الن‪.‬‬
‫وأقول‪ " :‬شدّة الزحام " ‪ ..‬ل أريد أن يَتَخَوّف الناس مِن ذلك‪ ،‬وإنا أَذْكُر أنّ ذلك هو الواقع ولكنّ‬
‫المر يَسي بشيئة ال تبارك وتعال ‪ ..‬يَرى الناسَ أفواجا ولكنه يَمرّ بِسهولة ويُسر ول يَجِد مشقّة ف‬
‫ذلك‪ ،‬ومَن ذهب إل تلك الواطن عَرَف ذلك حقّ العرفة‪ ،‬فل يَنبغي لحد أن يَتَخَوّف مِن ذلك فالمر‬
‫أَيْسَر مِمّا يَتصوّره كثي مِن الناس‪.‬‬
‫ومَن ل يَتمكّن مِن ماوزة الوادي إل بعد طلوع الشمس لِزحام أو ما شابه ذلك فل شيء عليه على الرأي‬
‫الصحيح الراجح‪.‬‬
‫وأَلْزَمَه بعضُ العلماء الدم‪ ،‬ول يَجب عليه‪ ،‬لِعدم وجود دليلٍ على ذلك ‪ ..‬هذا هو الصحيح عندي‪.‬‬
‫فإذا وصلوا إل مِن فَلْيَرْموا بِها الَمْرَة بِشرْط أن يَكون ذلك بعد طلوع الشمس‪-‬كما هو مذهب‬
‫كثي مِن أهل العلم‪-‬وهو الذي يُؤْخَذُ مِن حديث ابن عباس رضوان ال‪-‬تعال‪-‬عليهما‪.‬‬
‫الضّعَفَةُ يُمكِنهم أن يَخرُجوا مِن الزدَلَفة بعد غروب القمَر مِن ليلة العاشِر ولكن لِيَنتظِروا الرمي‬
‫حت تَطلع الشمس‪ ،‬وأما القادِر فليس له أن يَخرُج إل بعد صلة الفجْر‪ ،‬كما فَعل النب ‪ ، ε‬والرمي ف‬
‫هذا اليوم يكون لِجمْرة العقَبة فقط‪ ،‬فلْيَرْمِها النسان بِسبع حَجَرات وليُكَبّر مع كل رَمية ولْيَقْطَع‬
‫التلبية عند إرادة الرمي ‪ ..‬هذا هو القول الصحيح الثابت الذي دلّت عليه السنّة الصحيحة‪ ،‬ث بَعْد الرّمْي‬
‫ل يُشْرَع الدعاء ف هذا المَوطِن‪ ،‬بل يَذهب الناس إل الذبح بالنسبة إل مَن كان قارِنا أو كان متمتّعا ‪..‬‬
‫فليَذْبَحوا الدْي ولْيَكن قد بَلَغ السّن وسَلِم مِن العيوب‪ ،‬ول يُمكن أن أُطيل بِأكثر مِن ذلك ف هذا‬
‫الوقت‪ ،‬فإذا ذَبَحوا فيُشْرَع ف هذا الوقت اللْق والتقصي لِلرجال‪ ،‬واللْق أفضل‪ ،‬وأما النساء فإنن‬
‫يُقصّرن بِمقدار أنْمُلَة‪ ،‬وبَعْد ذلك مَن شاء أن يَطوف فلْيَذهب إل الطواف وليَطُف بِالبيت على‬
‫الصفة الت ذكرناها إل أنه ل يُشرع فيه الضْطِبَاع ول الرّمَل على حسب ما ذكرنا بل يَطوف طوافا‬
‫عاديا‪ ،‬وبعد ذلك بالنسبة إل الُتَمَتّع فإنّ عليه أن يَسْعى‪ ،‬كما هو مذهب جهور المّة الذي دَلّ عليه‬
‫صحيح السنّة‪ ،‬وأما القَارِن والُفْرِد فإن كانا قد سعيا مِن قَبْل فل سعي عليهما‪ ،‬أما إذا كانا ل يَسعيا‬
‫مِن قَبْل‪-‬لِعدم تَمكّنهما مِن ذلك أو أنما شاءَا تأخيَ ذلك‪ ،‬إذ إنّ التأخي جائز وإن كان التقدي‬
‫أفضل‪-‬فعليهما‪-‬أيضا‪-‬السعي‪ ،‬وإذا فعلوا ذلك فإنم يَرجِعون إل مِن مباشَرة ولْيَرموا المرات الثلث ف‬
‫اليوم الثان والثالث‪ ،‬فمَن أراد أن يَتَعجّل فلْيَتَعجّل بعد الرمي مِن اليوم الثالث وهو الثان بالنسبة إل أيام‬
‫التشريق‪ ،‬ومَن شاء أن يَمكث الثالث‪-‬وهو اليوم الرابع مِن أيام الرّمي كُلّها‪-‬فليَمْكُث‪ ،‬والرمي يكون ف‬
‫هذه اليام بَعْد زوال الشمس‪ ،‬ول يُجْزِي قَبْلها‪.‬‬

‫‪405‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وما يَفعله كثي مِن الناس مِن التَقَدّم على ذلك فهو مالِف للسنّة الصحيحة الثابتة‪ ،‬ول يُجزِيهم أنم‬
‫يُقلّدون فلنا أو فلنا‪ ،‬فالعبة بالصحيح الثابت‪ ،‬كما نصّ على ذلك أهل العلم بل هو الذي نصّت عليه‬
‫الدلة‪ ،‬ويُعجبن كلم المام السالي‪-‬رحه ال‪-‬حيث يقول‪:‬‬
‫ونحن نحكي بَعْده خلفا‬ ‫المصطفى يَعتبِر الوصاف‬
‫فيه عن المختار نصّ أُسند‬ ‫ل نَقبَل الخلف فيما ورد‬
‫فإذا وَرد حديث عن النب ‪ e‬وصَحّ فل شيء إل التسليم‪ ،‬ولْنَترك بقية القوال‪ ،‬فإذا انتهوا مِن ذلك‬
‫فلْيَبْقوا بمكة ما شاءوا وإذا أرادوا النصراف منها فليَنصرِفوا ولكن بعد أن يَطوفوا طواف الوداع ولْيكن‬
‫ذلك هو الِتَام‪ ،‬وتُعْذَر مِنه الائض والنفساء ومَن ل يَتمكّن لِشِدّة الرض الذي ل يُمكن مَعَه أن‬
‫يَطوف بنفسه أو مَحمول‪ ،‬أما إذا أمكن أن يَطوف ولو مَحمول فل يُعذَر مِن ذلك‪ ،‬والائض تُعذَر مِن‬
‫هذا الطواف أما مِن طواف الج وطواف العُمرة فل تُعذَر‪ ،‬فلبد أن تُؤَخّر ذلك حت تَطهُر وتَغتسِل‬
‫ولْتَطُف بَعْد ذلك‪.‬‬
‫هذا متَصَرٌ فيما يَتعلّق بِصفة الج‪ ،‬وهنالك أحكام كثية تركتُها لِضيق الوقت واختصرتُ الكلم ف‬
‫بعضها؛ وال ول التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬لعله مِن سبق اللسان ذكرتُم أ ّن الاج يُصلّي ف مزدلفة الغرب ثلثا والعِشاء ثلثا ؟‬
‫ج‪ :‬الغرب ثلثا والعشاء ركعتي‪ ،‬إذ ل يَرِد حديث بأنا تُصلّى ثلثا ل ف حضر ول ف سفر‪ ،‬والمّة‬
‫مُجمِعة على الربع ف الضر‪ ،‬وذهب جهور المّة إل أنّ السافر يَأت با ركعتي ‪ ..‬ف القصر الصحيحُ‬
‫الوجوب‪ ،‬أما أن يُصلّيها النسان ثلثا فل شك أنّ هذا مِن باب سبق اللسان إن كان قلنا ذلك‪ ،‬إذ ل يَقل‬
‫بذلك أحد ول يُمكن أن يقول به أحد‪-‬أيضا‪-‬إل يوم القيامة؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :2‬امرأة أَحْرَمَت بالعُمرة لكنّها عندما وصلَتْ مكة جاءها اليض فمكثتْ ف السكن‬
‫وامتشطتْ وتطيبتْ ووضعتْ النقاب ولَمّا طَهُرت ذهبت وصَلّت ف الرَم الشريف لكنها ل تُؤَدّ‬
‫الناسك فقيل لا ف ذلك فذهبتْ إل " التنعيم " وأَحْرَمت مرة أخرى‪ ،‬ماذا عليها ؟‬
‫ج‪ :‬سبب هذا الهل الفاضح ‪ ..‬قلنا نن ف مرة سابقة‪ :1‬إنّ النسان إذا أراد أن يَذهب إل الج أو العُمرة‬
‫بل إذا أراد أن يَأت بشيء مِن العبادات لبد مِن أن يَتعلّم ذلك‪ ،‬فلقد أخطأت هذه الرأة خطأ عظيما ‪..‬‬
‫عليها أن تتوب إل ال‪-‬تبارك تعال‪-‬وإحرامُها السابق كان باقيا وعليها مع ذلك أن تَفْتَدِيَ بذَبح شاة‬
‫ويكون ذلك ف الرَم ‪ ..‬يُعْطى فقراء الرَم ‪ ..‬أي الذين يُوجَدون ف الرَم ف وقت ذَبْح هذه الشاة ‪..‬‬
‫هذه رخصة لا‪.‬‬
‫س ‪ :3‬بالنسبة لطواف الفاضة‪ ،‬هل يَصحّ أن يُؤجّل إل طواف الوداع ؟‬
‫‪-1‬عند الواب على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 17‬شوال ‪1423‬هـ ( ‪22/12/2002‬م )‪.‬‬
‫‪406‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬الرسول ‪ ε‬طاف ف النهار على الصحيح‪ ،‬وما جاء مِن أنه طاف بالليل فخطأٌ ل يَصح‪ ،‬ولعلّ الراوي‬
‫تَوَهّم ذلك مِن طوافِه ‪ ε‬لِلوداع فإنه طافه قَبْل صلة الفجر على الصحيح‪ ،‬ومَن كانت لديه القدرة‬
‫فيَنبغي له أن يَقتِدي بالنب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ومَن ل يَستطِع لِمَرض أو ما شابه‬
‫ذلك فيُمْكن أن يُؤَخّر ذلك إل اليوم الذي يُريد أن يَخرُج فيه إل بلده وليَطُف ف ذلك اليوم طواف‬
‫الفاضة وذلك يُجزِيه عن طواف الوداع بِشرط أن يكون آخر العمال ‪ ..‬نعم يُمكن أن يُرَخّص له أن‬
‫يَأت بَعْده بالسعي إن كان ل يَسْعَ مِن قَبْل‪ ،‬أما إذا كان قد سعى مِن قبل فل يَسْعَ‪ ،‬إذ إنّ السعي ل‬
‫يُشْرع إل للعُمرة والج‪ ،‬ويكن أن يكون النسان قد سعى مِن قبل ف حالتي ‪ ..‬ف حالة الفراد والقِران‪،‬‬
‫أما ف حالة التمتّع فالتمتّع لبد أن يَسْعى مرتي ‪ ..‬بعد طواف العُمرة وبعد طواف الج ‪ ..‬هذا هو مذهب‬
‫المهور‪ ،‬وهو الذي دَلّت عليه السنّة‪ ،‬خلفا لبن تيمية ومَن سار على نجه مِن أنه يُجزيه سعي واحد‪،‬‬
‫فهذا مالِف للسنّة‪.‬‬
‫س ‪ :4‬البعض عند انتهائه مِن الطواف ف الشوط السابع يَأخذون بِالتدرج لِلخروج مِن الطواف قبل‬
‫انتهائهم منه‪ ،‬هل عليهم حرج وخصوصا الزحام يكون كثيا ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانوا ل يَنووا الروج مِن الطواف فهم ف الطواف‪ ،‬أما إذا نَوَوْا الروج فل‪ ،‬فإذن إذا كانوا بنية‬
‫الطواف فل حرج بشيئة ال‪ ،‬أما إذا نَوَوْا الروج فذلك ل يَصح‪.‬‬
‫س ‪ :5‬هل يَجوز لِلرجُل أن يَحجّ عن والدته إذا كانت عاجزة ؟ وإذا كانت قد أصيبت بالعمى‬
‫كذلك ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬إذا كانت عاجزة يَصحّ له أن يَحجّ عنها‪ ،‬وكذلك إذا كانت ميّتة‪ ،‬فقد ثبت عن النب‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنه أجاب بذلك لِمَن سأله عن من مات أحد أوليائه ‪ ..‬جاء ف بعضها‪ " :‬رجُل "‪،‬‬
‫وف بعضها‪ " :‬امرأة "‪ ،‬وهل الكل صحيح أو البعض صحيح والبعض شاذ ؟ لِذلك موضع آخر‪ ،‬ولكن القول‬
‫بالواز هو القول الصحيح‪ ،‬لِصحّة السنّة‪.‬‬
‫ودعوى مَن ادّعى بأنا خاصّة بذلك الشخص أو بأولئك الشخاص دعوى ل تقوم عليها حجّة‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل العَمى فإن كان يُمكِن أن يَأخذها معه وتَأت بأعمال الج ‪ ..‬أي يَأخذها معه ويَقُودُهَا‬
‫عند تأدية الناسك فل يَصحّ لا الترك‪ ،‬أما إذا كانت ل تَتمكّن مِن الفعل أبدًا ففي هذه الالة يَصحّ لا‬
‫ذلك‪ ،‬فكثي مِن الناس ل يُبْصِرون ولكنّهم يُمكنُهم أن يُؤَدّوا ذلك بِمساعدة غيهم‪.‬‬
‫س ‪ :6‬والدتا تريد أن تَذهب إل الج ولكن ليس عندها مَحْرَم إل أنّ القاوِل يَصطحِب معه‬
‫زوجتَه مع مموعة مِن النساء‪ ،‬فهل تَذهب معهم ؟‬

‫‪407‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬ال الستعان‪ ،‬كثي مِن أهل العلم ذهبوا إل أنّ الرأة ل يَجوز لا أن تَذهب إل الج ول إل غيه إل مع‬
‫ج أو مَحْرَم‪ ،‬لِنهي النب ‪ e‬عن سَفَرِها إل مع الزوج أو الـمَحْرَم‪ ،‬ورَخّصَت طائفة مِن أهل‬ ‫زو ٍ‬
‫العلم لِلمرأة إذا كانت تَذهب لِتأدية الج وكان الجّ حجّ فريضة ‪ ..‬رَخّصوا لا أن تَذهب مع نساء‬
‫معهنّ رجال مِن أهل الصلح‪ ،‬ولكن ل يَخفى ما ف شدّة الزحام ف هذا المر وضَعْفِ الرأة فقد تَحتاج‬
‫إل مساعدة ف الطواف أو ف السعي وقد تَمرَض وتَحتاج إل مَن يَقوم بشؤونا‪ ،‬وكثي مِن النساء ذَهبْنَ‬
‫مِن غي مَحارمِهنّ ومرضتْ منهنّ بعض النساء واحتاجتْ إل أن يَقوم الرجال بِحمْلِها أو مساعدتِها‬
‫أو أن تُمْسِك بم أو ما شابه ذلك وهم مِن غي مَحارمِها فيَقعون ف معصية ال تبارك وتعال ‪ ..‬هذا‬
‫الوقت ل يُمكن أن نُرَخّص ف مثل هذا المر فلتَنتظِر حت تَجد زوْجا أو مَحْرَما منها وهي معذورة إل‬
‫أن تَجد ذلك‪-‬بشيئة ال‪-‬وتوصي بذلك حت تَتمكّن مِن التأْدية مع الزوج أو الـمَحْرَم؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :7‬إذا تلّلَ شخص مِن الج أو العُمرة ث شك ف طوافه بأنه قد طاف ستّة أشواط‪ ،‬ماذا‬
‫يَجب عليه ؟‬
‫ج‪ :‬إذا انتهى النسان مِن الطواف فل يَلتفِت بعد ذلك إل الشكوك‪ ،‬فكيف إذا كان قد انتهى مِن السعي‬
‫ومِن اللْق أو ما شابه ذلك ؟! فهذا شك ل عبة به ‪ ..‬نعم إذا شك وهو ف الطواف فهاهنا يَبن على القل‬
‫‪ ..‬إذا شك هل طاف ستّة أو سبعة فليَعتبِرها ستّة ويأتي بالشوط السابع‪ ،‬وإذا شك بيْن الخمسة والستّة‬
‫فليَعتبِرها خسة ‪ ..‬هذا إذا ل يَترجّح لديه شيء‪ ،‬أما بعد أن يَنتهي مِن الطواف فل شيء عليه بشيئة ال‪.‬‬
‫س ‪ :8‬هل يَجوز لِلنسان أن يُؤَجّر بِحجّة وهو بِصحّة وعافية ؟‬
‫ج‪ :‬ل‪ ،‬ل يَجوز له ذلك أبدا‪ ،‬بل ول يَجوز له أن يَنتظِر حت يُصبح شيخا ل يَتمكّن مِن تأدية ذلك‪ ،‬بل‬
‫عليه أن يَذهب الن ما دام واجِدا لِلمال وهو يَستطيع على تأدية الج‪ ،‬ول يَجوز له أن يَتأخّر‪ ،‬كما‬
‫يَفعله كثي مِن الناس‪:‬‬
‫وأنه كَالدّيْنِ يَزعمون‬ ‫وأغلبُ الناس يُؤخّرون‬
‫بِزُخْرُف القول مُخادِعون‬ ‫وهم لَعَمْرُ ال مَغرورون‬
‫يَبقى يَنتظِر الواحد سنة ث سنة ث ثالثة ويَدّعي بأنّ أهل العلم قالوا‪ " :‬يَجوز التأخي ف الج " ‪ ..‬ما أراد‬
‫أهل العلم هذا المر‪ ،‬وكثي مِن الناس شَاهدناهم يَمْكثون السني الكثية ويَمْلِكُون الموال الطائلة وهم‬
‫ف صحّة تامّة يقول‪ " :‬سأذهب بعد مدّة مِن الزمان " ث بعد ذلك ل يَتمكّن ث يَأتيه الوت ‪ ..‬فأخشى‬
‫على هذا مِن اللك والعياذ بال تعال‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 9‬ذو القعدة ‪1423‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪12/1/2003‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪408‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س ‪ :14‬امرأ ٌة كبيَة ف السن لَم تَذهَب إل الج لِظروفِها الـمَرضية لكنّها تُرسِل ف ك ّل عامٍ خَمسي‬
‫ريال عُمانيا‪ ،‬فهل ُتؤْجَر على ذلك ؟ مِن أجْل أن ُتوَزّع هناك على الفقراء‪.‬‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ نَحن نَدعو الناس ‪ ..‬نَدعُوهم أن يَسألوا أهلَ العلم ف مثلِ هذه القضايا مِن قب ِل أن يَفعَلوا‬
‫ض المور الت قد تَكون مُخالِفة لِلشرع أو قد يَكون الوْلَى بِخلفِ ما فَعَلوه‪ ،‬وقد قالَ أه ُل العلم‪:‬‬ ‫بع َ‬
‫ل َخْي َر فيها إنّها َلبَلَهُ‬ ‫س بِها َت َفقّهُ‬
‫عِبَا َدةٌ َلْي َ‬
‫ج ِة عنها‪ ،‬و‪-‬‬ ‫فكان الوْلَى لِهذه الرأةِ أن تَج َمعَ هذه الموال وبعدَ ذلك تَقوم بِإِيـجَا ِر مَن يَقوم بِتأديةِ هذه ال ّ‬
‫حتَاجِي إليها فل مانِع‬ ‫على كلّ حال‪-‬وجو ُه اليْ ِر والبِر كثية‪ ،‬فإن كانتْ هذه الموال ُتوَزّع هناك على الـمُ ْ‬
‫ب ف ُهنَالِك وُجُوه ف هذه‬ ‫ف ذلك وف ذلك خيْر بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬وإن كانتْ ُتوَزّع على مَن هَبّ ودَ ّ‬
‫ض الكتب أو بعضُ الشرطة أو ما شابه‬ ‫البلد َأوْلَى ‪ ..‬مِن نَشْ ِر عِلم ‪ ..‬يُعانُ بِها بعضُ الفقراء أو تُ ْطبَ ُع بِها بع ُ‬
‫جمّع هذه الدراهم مِن أجْلِ أن َتصِل إل مبلغٍ مِن‬ ‫ذلك ‪ ..‬نَحن ل نقو ُل طبعا‪ " :‬إنّ هذه الرأة َيجِب عليها أن تُ َ‬
‫ت غي مستطِيعة ف هذا الوقت وتَملِك مبلغا‬ ‫الال ثُم بعدَ ذلك َتقُوم بِتأجِي مَن يَقوم بِتأدِيةِ الج " لنّها ما دام ْ‬
‫جتَمِع‬
‫مِن الال فل يَلزَمها أن تَترُك هذا الال إل مَا بع َد سِت سنوات أو عشر سنوات أو ما شابه ذلك حت تَ ْ‬
‫إليها هذه الموال الت تَصِل إل أُجْ َرةِ الج‪ ،‬فإمّا أن تَجْمَع إذا شاءَتْ أو أن تَقو َم بِتأ ِدَيةِ ذلك إل أَحْسَنِ وجهٍ‬
‫ض الموال إل مكة الكرمة ولكن‬ ‫مِ ْن وُجوهِ البِر والصلح‪ ،‬لنّنَا نُشاهِد كثيا مِن الناس يَقومون بِإِرسا ِل بع ِ‬
‫كثيا مِن الناس الذين يَقومون بِتوزيعِ تلك الموال ل َيعْرِفُون الوجوهَ الصحيحة الت ُتوَزّع فيَقومون بِإِعطاءِ‬
‫حثَ عن‬ ‫فلن أو فلن أو ما شابه ذلك ‪ ..‬طبعا ذلك النفاق ل يَكونُ َحرَاما ولكن النسان ينبغِي لَه أن يَب َ‬
‫أَحْسَ ِن الوجوهِ وأوْلهَا؛ وال أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 29‬ذو الجة ‪1423‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪2/3/2003‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عام ‪1424‬هـ‬

‫س ‪ :7‬قالت‪ " :‬عندما يَجِد والِدِي عَمَل سَأصوم له "‪ ،‬وعندما وَجَدَ والدها عَمَلً لَم تصم‬
‫له‪ ،‬حيث أنّها قَالَت ذلك قَوْل دُون أن تَحْلِف‪ ،‬فماذا عليها ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانت نَذَرَت ذلك فلبد مِن أن تقوم بالوَفَاء بنَذْرِها إذا كانت تستطيع على الوفاء به‪ ،‬والنّذر‬
‫ل يَحتاج إل حَلف بل ل يَحتَاج أن يُقْسِم النسان بال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ذلك قَسَم‬
‫وأمّا النّذر فهو ل يَحْتَاج إل ذلك‪ ،‬فإن نَذَر فَلَبد مِن أن يقوم بالوفاء بالنّذر وليس له أن يُفَرّط فيه‬
‫‪ ..‬ماذا قالت ؟‬

‫‪409‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪... :‬‬
‫ج‪ ... :‬الَصل ف النّذر أن يصوم النسان وأن يصلّي وأن يقوم بأَدَاء الج أو العمرة أو ما شابه ذلك ل‬
‫تبارك وتعال‪ ،‬فإذا ذَكَرَ ذَلِك أو لَم يَذْكُرْهُ فإنّه هو الـمُتَعَيّن الذي يقع مِن السلم‪ ،‬ول يُمكن أن‬
‫يكون السلم يَقْصِد غي ذلك إل إذَا كان منحرفا عن دِينِه ‪...‬‬
‫س ‪... :12‬‬
‫ج‪ ... :‬النية العتَبَرَة هي النية القلبية فإذا أراد النسان أن يقوم بشيء مِن المور التِي تُشْتَرَط فيها النّية‬
‫أن ينوي ذلك بقَلبه ‪ ..‬إذا أراد الصلة ينوي ذلك بقلبه‪ ،‬وإذا أراد أن يُخرج الزكاة ينوي ذلك بِقلْبه ‪..‬‬
‫وهكذا بالنّسبة إل بَقِيَة العبادات ‪ ..‬نعم ف الج لبُد مِن أن يقول ف حَجّه‪ " :‬لبيك حَجّة " أو " لبيك‬
‫عمرة " أو ما شابه ذلك ل أن يقول‪ " :‬اللّهم إن نويت الج " فهذا مِمّا لَم يَرِد عن النّب ‪ .. ε‬نعم‬
‫اختلف العلماء ف جواز ذلك‪:‬‬
‫منهم ذَهَب إل أن ل بأس على النسان أن يقول‪ " :‬اللهم إنِي نويت أن أصلي فريضة الظّهر " أو " فريضة‬
‫العصر " أو " أن أحج " أو " أن أفعل كذا " وهكذا بالنّسبة إل عِدّة الرأة التِي تُوُفّي زوجها أن تَذكُر‬
‫ذلك هي بلسانِها‪.‬‬
‫ومنهم مَن ذَهَب إل أنّ ذلك بدعة وأنّه ل يَجوز‪.‬‬
‫ول شك أنّ هذا بدعة ‪ ..‬بِمعنَى أنّه لَم يثبت عن النب ‪ ε‬ولكن ل نقول‪ :‬إنّ ذلك حرام‪ ،‬لنّه ليست كل‬
‫البِدع مُحَرّمة‪ ،‬بل البِدع تَخْتَلف والكلم على ذلك يَطُول‪ ،‬ونَحن نقول‪ :‬إنّه ل ينبغي لِلنسان أن‬
‫يأت بِشيء مِن هذه اللفاظ‪ ،‬ولكن إذا أتَى بشيء مِن هذه اللفاظ ل نقول إنّه ارتكب مُحَرّما ولكن‬
‫نقول‪ :‬الفضل التّرك‪ ،‬أمّا أنْ يقوم رجل أجنب‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬بقراءة هذا اللّفْظ وتقوم تلك الرأة‬
‫بِمتَابَعَتِه فهذا مِمّا ل يصح‪ ،‬على أنّ العلماء قد اختلفوا ف العِدّة هل تَفْتَقِر إل نِيّة‪-‬والراد بالنية‬
‫هاهنا النية القلبِية كما ذكرت‪-‬أو أنّها ل تفتقر إل النية‪:‬‬
‫وقد ذهب أكثر العلماء إل أنّها ل تفتقر إل النّية‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء‪-‬وهو الذي ذَهَب إليه ابن بركة وصحّحَه المام نور الدين رحه ال تبارك وتعال‪-‬إل‬
‫أنّها تفتَقِر إل النية‪ ،‬فإذا قُلنا بِهذا القول‪-‬وهو قول قَوِي‪-‬فإن الراد بالنّية‪-‬كما قلتُ‪-‬هي النية القلبية‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫مِن حلقة ‪ 13‬جادى الول ‪1424‬هـ‪ُ ،‬يوَافقه ‪13/7/2003‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪410‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س ‪ :1‬هَل يَلْزَم الرأة الذّهاب إل العُمرة الفَرْض إذا وَجَدت رفقَة فيها رجال ونساء أُمَنَاء‬
‫وليْس لَدَيْهَا مَحْرَم ؟‬
‫ج‪ :‬إ ّن العُلَمَاءَ قَد اختلَفُوا ف حُكْم العُمرة‪:‬‬
‫مِنْهُم مَن ذَهَبَ إل أنّها وَاجِبَة‪ ،‬وقد استدَلّوا على ذلك بِأدلّة متَعَدّدة مِن سنّة رسول ال‪-‬صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬إل أنّ العُلمَاء قد اخْتَلَفوا ف ثُبوت هذه الحاديث‪ ،‬مِنْهُم مَنْ قال بِثُبُوتا‪،‬‬
‫ومِنْهُم مَن قال بثبوت بعضها‪ ،‬ومِنْهم مَن قال بِعدم ثُبُوت شيء مِنْها‪.‬‬
‫وذَهَبَتْ طائفة مِن أهل العلم إل عَدَم وُجُوبِ العُمْرة‪ ،‬وإنّما هِي سنّة مِن السنن وثَبَت فيها‬
‫الفضل العظيم فل يَنْبَغي لِلنسان أن يُفرّط فيها وإن كان ذلك ل يَصِل إل درجة الوجوب‪ ،‬وأَجَابُوا‬
‫عن تِلك الحاديث بِأنّها مِنْها مَا ل يَثْبُتُ عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسَلم‪-‬ومنها ما ل‬
‫دللة فيه على الطلوب‪.‬‬
‫و‪-‬مَهْمَا كان‪-‬اللف مَوْجود ف السألة‪ ،‬وتَحْقيق القّ فيها يَحتاج إل إطالة‪ ،‬لنّ جيع تلك الدلة ل‬
‫تَخْلُو مِن كَلم مِن جهة الثّبوت ومِن جِهة الدللة أيضا‪.‬‬
‫وَ‪-‬مَهْمَا كان‪-‬حت على رأي مَن يَقُولُ بِوجُوبِها هِي ل تَصل إل درجة وُجوب الج‪ ،‬ذَلك لنّ‬
‫الج ركن مِن أرْكان السلم بِنَصّ سنّة رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ث هُو وَاجب‬
‫بِنَصّ كتاب ال وبِنصّ سنّة رسوله صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وقد اتّفَقَت المّة السلمية عَلى‬
‫وُجُوبه‪ ،‬وهو مِن المُور الضرورية الـمَعلومة عند الـمُسلمي‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء ف جَوَاز سَفَر الرأة مع جَمَاعة مِن الثّقات أَهْل الصّلح مَعَهُم نِساء‪:‬‬
‫مِنْهم مَن ذَهب إل جَوَازِ ذَلك‪ ،‬واستَدَلّوا بِبعض الدلة‪.‬‬
‫ومِنْهم مَن قال‪ :‬إنّ ذلك ل يَجوز لا‪ ،‬لِنهي النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬الرأةَ أن تُسَافِر إل مع‬
‫زَوج أو مَحْرَم‪ ،‬كما ثبت ذلك ف سنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وإذا كان المْر كَذلك ‪ ..‬أعن ف الج فإنّ الِلف ف العُمرة أشَد‪ ،‬ذلك لنا ل تَصل إل دَرجة‬
‫الـمُتّفَقِ عليْه ف الفَرضية‪ ،‬بَل هِي مُختلف فيها‪-‬كما ذكرتُ‪-‬والقَول بِوُجُوبِها ليْس بِذلك‬
‫القَوِي وإنْ كَان مُحْتَمِل ‪ ..‬يَعنِي تَرْجيحُ هذا القَوْل ليْس مِن السّهُولَة‪-‬بِمكان‪-‬أن يَجزم به‬
‫النسان وإن كان له وجه وجيه‪ ،‬وإذا كان المر كَذلك فإنّن أَقُول‪ :‬إنّهُ يَنْبغي لذه الرأة أن تَتَأخّر‬
‫حت تَجِد زوْجا أو مَحْرَما منها وتَذْهب معه لِتَأْدية فريضة الج وتَأْدِية العُمرة‪ ،‬لنّ النسان يُمكن‬
‫أن يَقُومَ بِأدَاء فريضة الج وأداء العُمرة ف سفر واحد‪:‬‬

‫‪411‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-1‬إما أن يَتَمَتّع بيْنهما كما هُو الفْضل ‪ ..‬يُحْرم أوّلً بِالعُمرة ويَأتِي بِها ث يُحِل مِنْها ث بعد‬
‫ذلك يُحْرم بِفريضة الج‪ ،‬كما هو معلوم ف كتب الناسِك‪.‬‬
‫‪-2‬وإما أن تُقْرِن بيْن الج والعُمرة ‪ ..‬تُحرِم بِهما إحراما واحدا‪.‬‬
‫والول ل شَك أَفضل لِمَن ل يَسُق الدْي‪ ،‬فهي ف هذه الالة إذا ذَهَبَتْ مع رجال ثِقات معهُم نِساء‬
‫لَنْ تُؤدّي فريضة الج ولبد مِن أن تُسَافِر مرة أخرى فإذن بِإمكانِها أن تَتأخّر إل ذلك الوقت‬
‫وتُسافِر‪-‬كما قلتُ‪-‬مع زوْج أو مَحْرَم بِمشيئَة ال‪.‬‬
‫ويَنبغِي لِلزواج ولِلمَحَارِم أن يَذْهَبُوا مع مَحَارِمِهِم مِن باب العَانة على البِرّ والتّقوى‪ ،‬وهم‪-‬‬
‫أيْضَا بِمَشيئة ال تبارك وتعال‪-‬سيَقُومُون بِتَأْدِية فَرِيضة الج والعُمْرة إذا كَانوا ل يَأْتُوا بِهَما‬
‫مِن قَبْل أو أنّهم سَيتَنَفّلون بِذلك وف ذلك فَضل عَظيم‪ ،‬كما ثَبت ذلك ف سنّة رسول ال صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ويَكْفي مِن ذلك أنّ النب ‪ e‬قَال‪ ( :‬العُمْرَة إل العُمْرة كَفارَة لِما بَيْنهما‪،‬‬
‫والَج الـمَبور ليْس له جَزاء إل النة )‪ ،‬وكَفَى بِهَذا فضْل لِمَن يُرِيد الفَضْل؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :2‬مَن الذي يَصْدُق عَليه أن يَكون مَحْرَما ‪ ..‬رُبّما يَكون لحد النسَاء صب‪ ،‬هل يُمْكن‬
‫أن يَكون هو مَحْرَمها ف هذا السّفَر ؟‬
‫ج‪ :‬أما الصّب إذا كان صَغِيا فل يُمْكِن‪ ،‬وأما إذا كان مُرَاهِقا ‪ ..‬أي كانتْ حَالُهُ تَقْرُب مِن حَالة‬
‫البُلُوغ فإنّ أهل العلم قد اختلفوا ف ذلك‪:‬‬
‫مِنْهم مَن قال‪ :‬إنّ هذا يَكْفِي لأَنْ يُرَافِق الرأةَ ف سَفَرَهَا ولسيما إذا كان هُنَالِك رِجَالٌ مِن‬
‫أَهْل الصّلح مَعُهُم نِساء‪.‬‬
‫وبعضُ العُلماء يَشْتَرِط البُلُوغ‪.‬‬
‫ول شكّ أنّ القَوْل بِاشْتِرَاط البُلُوغ قَوْل قَوِي جِدًا‪ ،‬ولكن ف مِثْل هذه الالة إذا كان الصب‬
‫مُرَاهِقًا لِلبُلُوغ وكان لَبِقًا ‪ ..‬لَه دِراية بِمثل هذه المور فل أرى بأسًا بِمشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫س ‪ :3‬هل يَصِح لِلمرأة أن تَتَعَاطَى مَوَانِعَ الَيْض لِتُكْمِل عُمْرَتَها نَظَرا لمْتِدَادِ أيَامِ‬
‫حَيْضها زمنًا تَرْجِع فيه القَافِلة إل الوَطَن قبل طُهْرِهَا ؟‬
‫ج‪ :‬هنالك أمران‪:‬‬
‫‪-1‬الواز ‪ ..‬أي أَنه هل لِهذه الرأة أن تَستعمِل ذلك ؟‬
‫‪-2‬وإذا استعمَلتْ ذلك قبل نُزول الَيْض أو ف أثناءِ نُزوله وتَوَقّف اليْض عن النول‪:‬‬
‫فإنّ طائفة كبية مِن أهل العِلم تَقُول‪ " :‬إنّ ذلك مِما ل مَانِع مِنْه "‪.‬‬

‫‪412‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وفرّق بعضُ أهل العلم بَيْن الَالتي ‪ ..‬بيْن ما إذا نَزل اليْض أو كان ذلك قَبل نُزوله فأجازوا ذلك ف‬
‫الالة الثانية دون الالة الول‪.‬‬
‫ونَحن نقول‪ :‬إذا انقطع اليْض ل مَانع مِن ذلك‪ ،‬ولكن هنالك قَضية أُخْرى وهي أنّ كَثيا مِن النّساء‬
‫اللت يَسْتَعْمِلن هذهِ البوب بعد ذلك ل يَتَوَقف هذا اليْض ويَسْتَمر الدّم لـمُدّة طَوِيلة جِدا‬
‫وتَارة يَنْزِل وتَارَة يَكون المر بِخِلف ذلك ول تَنْضبِط لَها عادة فَل تَدْري هَلْ هِي طاهر‬
‫فَتُؤَدّي مناسِك الج والعُمرة وتُصلي وتَصوم وهكذا بالنسبة إل بَقَية الَحْكَام الـمُتَعَلقة بقضية‬
‫اليْض أو هِيَ لَيْسَت بِطاهر وليس لا أن تُؤَدّي هذه الشياء ‪ ..‬تَبْقَى ف مُشكلة كبية جدًا‪،‬‬
‫فالسّلمة أن تَتَرُك هذه المُور وأن تَنْظُر ف أَمْرها‪ ،‬فإنّ كَثيا مِنَ النّسَاءِ لَهُنّ عَادَة ‪ ..‬تَعْرِف‬
‫مَتَى يَبْتَدِئ اليْض ومت يَنْتَهي اليض‪ ،‬فإن كانت يُمْكُنَهَا أن تُؤَدّيَ تِلك الـمَناسك قبل‬
‫نُزول اليض فَلْتَذهب ولْتَأتِ بِتلْكَ الناسِك‪ ،‬وإن كان ل يُمكنها ‪ ..‬تَعرف بِحسب عادَتا بِأنّ‬
‫اليض سيأتيها ف الوَقْت الفُلني ولَن تَتَمَكّن ف ذلك الوَقْت مِن تَأْدِية العُمْرة أو تَأْدية الج‬
‫لنّها لَنْ تَنْتَظِرَهَا تِلك الماعة الت هي ف رفَقَتهم فإنا تُؤمَرُ بِأن تَتَأخّر ف تلك السنَة‪،‬‬
‫وسيَجعل لَها ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فَرَجًا مِن أمرِهَا ف الـمُسْتَقْبل إن شاء ال تبارك وتعال‪ ،‬ومِن‬
‫الـمَعلوم هي ل تتأخّر مِن أجل التَأخر وإنّمَا مِن أجل هذه الضّرورة؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :4‬يَأخُ ُذ بعض السلمي أَطفالم َم َعهُمْ للعُمْرة ومِْنهُم الرضيع ومنهم الـمُ َميّز‪ ،‬فما هي الحكام‬
‫حرِموا لَهم وأن ُيؤَدّوا العُمْرة‬
‫ا ُلَتعَّلقَة بِهؤلء الطفال ؟ نرجوا التَفصِيل ف هذه ال َقضِيّة ‪َ ..‬يعْنِي هَلْ لَهم أن يُ ْ‬
‫وهَكَذا الج ؟‬
‫ج‪ :‬أما الطفل إذا كان صَغِيا جدا فهذا ف الوَاقِع قد تَكُون هنالك مشكلة ف الحرَامِ لَه‪ ،‬أمَا إذا كَان‬
‫هَذَا الطفل يُمَيّز ولَو قليل فقد ثَبت ف السنّة الصحيحة الثابتة‪-‬مِن عِدّة طُرُقٍ‪-‬عن النب‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬مِنْهَا مِن قَوْله ومِنْها مِن إقراره‪:‬‬
‫فقد سَألتْه امرأة‪ " :‬هَل لِهذا حج ؟ "‪-‬أي لِصب مَعَها رفعَتْهُ‪-‬فَقَال لا ‪ ( : ε‬نعم ولَكِ أجر )‪.‬‬
‫وذَهَب طَائِفَة مِنَ الصّحَابة‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليهم‪-‬مَعَ رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪-‬إل الج وَهُم ل يَصِلوا إل مَرْتبة البُلُوغ وأَقَرّهُم رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬على ذلك‪.‬‬
‫نعم ‪ ..‬هُمْ يُطالَبون بَعد ذلك بِفريضة الج ويُطالَبُون بِالعُمرة على القول بِوجُوبِها‪ ،‬أو يُطَالبُونَ‬
‫بِها حت عَلى القَوْل بِأَنّها سنّة وإنّما تَختلِف الدرجة‪.‬‬

‫‪413‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فإذا كان هَذا الصبِي يُحافِظ على طَهَارَتِه على أَقَلّ تَقْدِير أو يُمْكن أنْ يُسأَل أو ما شابه ذلك فل‬
‫يَنبغي أن يُحْرَم مِن ذلك‪ ،‬ففي ذلك فَضْلٌ عظيم لِذلك الصّب بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬وف ذلك‬
‫أَجْر وثَوَاب بِمشيئة ال لِمَن أحْرَمَ لِذَلِك الطّفْل إذا كان قَاصِدًا بِذلك وَجْهَ ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫أما إِذا كَانَ صَغِيا جدًا جدًا فَهَذَا قد تَكُونَ فِي الحْرَام لَه مُشْكِلة؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا ارتَكَبَ هَذا الصّب الميّز‪-‬الذي يَستطيع أن يَفهم ما يُقال له‪-‬شَيئا مِن الحْظُورَات‪ ،‬مَن‬
‫الذِي يَتَحَمّلُ مَا يَترتب على ذَلك ؟‬
‫ج‪ :‬ف هذه السألة خِلفٌ بَيْن أهل العلم‪:‬‬
‫‪-1‬منْهم مَن يَقُول‪ :‬إنّه لَ شَيءَ عليه ول على مَن أَحْرَمَ له‪ ،‬فذلك مَعْفُوٌ عَنه بِمشيئة ال تبارك‬
‫وتعال‪.‬‬
‫‪-2‬ومِنْهُم مَن يَقول‪ :‬يُخاطب بِه مَن أحْرَم له‪.‬‬
‫والقول الثان مَشهور‪ ،‬والقَوْل الول قد قَالت به طَائَفة مِن أهل العلم وله وَجْه وَجِيه؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :5‬الرأةُ الـمُسْتحاضة‪ ،‬كيف تُؤَدّي طواف الوداع ؟‬
‫ج‪ :‬أما الائض فقد اختلف العُلماء ف طَوَاف الوداع‪:‬‬
‫مِنْهم مَن قَال‪ :‬تُؤمَر بِأن تَتَأخّر إن أَمْكَنها ذلك وإل فَعَليها أن تَذْبح شَاةً لِفقراء الـحَرَمِ ‪..‬‬
‫والـمُرَادُ بِفقراء الرَمِ ف مِثْل هذه القَضَايَا هُم‪ :‬مَنْ يُوجَدُونَ ف الرَمِ ف ذلك الوَقْت سَوَاء‬
‫كَانوا مِن أهل الرَمِ أو كانوا مِنَ الفَاقِيي الذين قَدِموا إل الرَمِ‪.‬‬
‫وذَهبَتْ طائفة مِن أهل العِلم إل أنه ل شَيْءَ عَلَيْهَا وتَخْرُج إل إذَا طَهُرَت قبل مُفَارَقَة بُيُوتِ‬
‫مكّة فإنّها تُؤمَر بِأَن تَغتَسِل وتَرجِع وتَطُوف بِالبَيْت‪ ،‬أما إذا طَهُرَت بَعد ذَلك ولَوْ ف الَرَم‬
‫فإنّها ل تُؤْمَر بِالرّجوع ول شَيءَ علَيها‪.‬‬
‫وهذا القَوْل هُو القَول الصحيح‪ ،‬لِدللة حديثِ رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬عَلَيْه‪.‬‬
‫ولَعل الذين قَالوا بِخلف ذلك ل يَطّلِعوا على الديثِ فيُلْتَمسُ لَهُم العُذْر ول يُؤْخَذُ بِقَوْلِهم‪،‬‬
‫إذ كلّ يُؤْخَذُ مِن قَوله ويُرَد إل الصطفى صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪:‬‬
‫وإن يَقُولوا خَالف الثار‬ ‫حسبك أن تَتّبع الـمُختار‬
‫وال أعلم‪.‬‬
‫أما بِالنّسبَة إل الـمُستَحاضَة فإنّها تُؤْمَرُ بَعد حَيْضِها أَن تَغْتسِل وبعد ذلك ل تُؤمَر بِالغتسال‬
‫على الصَحِيح‪-‬لِعَدَم ثُبوت ذلك عن النب ‪ e‬مِن وَجْهٍ يَصِلُ إل مرتبة الـحُجّية‪-‬وإنّمَا تُؤْمَر‬

‫‪414‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫بِغَسل مَوْضِع النجاسة وبِأن تَلْبَسَ شَيْئا يَمْنَع مِن خُرُوجِ تِلْك النّجَاسة إل شيءٍ مِن جسدها‬
‫أو إل الرْض ث تَتَوَضّأ وتَطُوفُ كما تُصلي؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :6‬أنا شاب ذهبتُ إلى الديار القدّسة لداء العُمرة وبعد أن أنيتُ أداءَها شككت ف أنا غي‬
‫ي شيء يَتناف مع أعمالها ‪ ..‬المد ل جيع الركان كانت صحيحة ولكن لوصول‬ ‫مقبولة ولكن ل أفعل أ ّ‬
‫أول مرة إل الديار القدسة حدث ل حرج كبي وارتباك شديد أثناء الطواف ؟‬
‫ج‪ :‬أما القَبُول فيَعْلَمه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول عِلْم لنا نَحن ول لِغَيِْرِنا بِذلك‪-‬وإنّمَا يَتَكَلّم أهْل‬
‫العِلْم على الصّحَة‪-‬ولكن الَصْل مَن أتَى بِشيءٍ مِن الَعمال الصَالة على الوَجْهِ الصحيح وكان‬
‫مُتّقِيًا لِربّه‪-‬تبارك وتعال‪-‬أنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬يَتَقَبّل مِنْه‪ ،‬إذْ إنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬إنّما يَتقبّل مِن‬
‫التّقي‪ ،‬فَمَن كان متّقيًا فإنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬قد وَعَدَ بِقبُولِ أعمَاله الصّالة‪ ،‬ومَن لَم يَكُن‬
‫كَذَلِك فالمْر بِخِلف ذلك‪.‬‬
‫وأما بِالنسبة إل صِحّة عُمرته فإن كان قد أتَى بِها بِحسب مَا هِي مشروعة عليه ‪ ..‬أَتَى بِها بِأرْكانا‬
‫وشُروطها فإنّها صَحَيحة بِمشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول يَلْتَفِت إل هذه الشُكُوك والوَسَاوِس؛ وال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :7‬ما هو مُسْتَنَد مَن يَقول‪ :‬إنّهُ لَ يَصِحّ أن يَعْتَمِرَ الفَرْد أكثر مِن عُمرة ف الزّيارَة‬
‫الوَاحِدة ؟‬
‫ج‪ :‬مُسْتند هَؤلء أنّه لَم يَثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أنّه اعْتَمَر ف سَفَرٍ وَاحد مِن‬
‫أسْفارِه أكثر مِن مَرّة مع حِرصه على الَي‪ ،‬ول يَثْبت‪-‬كذلك‪-‬عن أحد مِن صحابته‪-‬رضوان ال تبارك‬
‫وتعال عليهم‪-‬بِأنّهم قد اعتَمَروا ف حَيَاتِه‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬أكْثَر مِن عُمرة واحدة ف سفر‬
‫واحد مِن أسْفَارِهِم‪ ،‬وإنّما أَذِنَ النّب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬لِلسيّدة عائشة‪-‬رضي‬
‫ال تبارك وتعال عنها‪-‬بِأن تَعْتَمِر بَعد أن قَرَنَتْ ‪ ..‬فإنه تَطْيِيبًا لِنَفسها أذِنَ لَها بِأَن تَعْتَمِر مِن‬
‫" التَنْعيم " وأَمَرَ أخاها عبد الرحن بِأن يُرَافِقها ‪ ..‬ولَم يَرِد دَليل صحيح سالِم مِن كُل اعتراض‬
‫بِاعتمار عبد الرحن‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنه وعن أَبِيه‪-‬مَع السيّدَة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعال‬
‫عنها‪-‬والمرُ مُحْتَمِل ‪ ..‬هُنَالِك رواية تَدُل عَلَى أنه اعْتَمَرَ‪ ،‬ولعلّ هذا الأقرَب إل الصواب ولكن‬
‫ذلك لِمرافقتِه لِلسيدة عائشة على أننا ل نستطيع أن نَقول‪ " :‬إنّه قد اعْتَمر "‪ ،‬أما الرسول‪-‬صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬وصحابتُه‪-‬كما قلتُ‪-‬ل يَعتمِر أحَدٌ ِمنْهم أكثر مِن مرة واحدة‪.‬‬
‫وبعضُ العلماء يَقُولُ بِمَشْرُوعية العتمار ف السّفر الوَاحد أكثر مِن مرة‪.‬‬

‫‪415‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ونَحْن نَقُول بِالواز مِن حَيْث الواز لِما ذكرناه مِن هذا الدليل وإنّمَا الكلم ف الفَضل ‪ ..‬هَل‬
‫الأَفضَل للنسان أَن يُكْثِرَ مِنَ التيَانِ بِالعُمْرَات أو أن يُكثِر مِنَ الطَوَاف مِن غَيْرِ أن يَعْتَمِرَ‬
‫إل مَرّةً وَاحِدَة ف السّفر الوَاحد كمَا ثَبت ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ؟ اللهم إل إذا‬
‫بَقِي مُدّة طويلة ف مَكّة الـمُكَرمة فالمر يَختلِف‪ ،‬أما أن يَذْهب النسان لِعدة أيَام فالفضل‪-‬على‬
‫حَسب مَا نَرَى‪-‬أن يُكْثِر مِن الطوَاف ومِن ذِكر ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مِن غَي أن يَأت بِأكثر مِن تِلك‬
‫العُمرة الت دَخَل بِهَا مَكّة الكرمة لِما ذكرناه‪.‬‬
‫ول يُمْكن أن يُعْتَرَضَ علينا بِما ذَكرناه سَابِقًا مِن حَديث النّبِي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪( :‬‬
‫العُمْرة إل العُمرة كَفّارة لِما بَيْنَهُمَا )‪ ،‬لنّ الذي قال ذلك هُو الذِي ل يَعتَمِر ول يَأمُر‬
‫صحابتَه‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليهم‪-‬بِذَلك وإنّما أَذِنَ لِلسيّدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك و تعال‬
‫عنها‪-‬لِظَرْف خَاصّ بِها كما قدّمناه‪ ،‬والـمَجال ل يَتّسِع لِلطالة؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :8‬امرأةٌ تُرِيدُ الذّهَاب إل العُمْرَة بِدُون مَحْرَم ‪ ..‬مَعَ أجَانِب ؟‬
‫ج‪ :‬قلنا نَحْنُ‪ :‬إنّ هَذِه الرأة إن كَانتْ ل تَأتِ بِالعُمْرَة الوَاجِبَة‪-‬على رأي مَن يقول بِذلك‪-‬فإنه‬
‫قد يُرَخّصُ لَهَا عَلَى رَأيِ بَعْضِ أهل العِلْم إذا كانت تَذهَبُ مع نِساء مع رِجال مِن أهْل‬
‫الصّلح‪.‬‬
‫وذَهَبَت طَائِفَة كَبِيَةٌ مِن أهل العِلم إل أنه لَيْسَ لَهَا أن تَذْهَب إل مَع زَوج أو مَحْرَمَ؛ ول‬
‫شَك بِأنّ هَذَا القَوْل أسْلم‪ ،‬فينبغي لَهَا إن كَانت ل تُؤَدّ العمرةَ الوَاجبة‪-‬على القَول بِوجوبِها‪-‬أن‬
‫تَنتَظِر حت تَجِدَ زَوجا أو ذَا مَحْرَمٍ مِنْهَا وَتُسَافِر مَعَهُ بِمَشِيئَة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وتَأْت‬
‫بِالعمرة وبِفَرِيضَة الج؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :9‬الحلل بِالتَقصِي أو اللْق‪ ،‬كيف يَكون ؟‬
‫ج‪ :‬الحلل يَكون بِاللق ويكون‪-‬كذلك‪-‬بِالتقصي‪ ،‬فالنسان الـمُحْرِم بِالج أو العُمرة أو بِهما مَعًا‬
‫إما أن يُحِل بِحلْق رَأسِه كله أو بِتقصِي رأسِه كله‪ ،‬ولَيْسَ له أن يَأخُذَ مِن هنا ومِن هنَا‪ ،‬كما‬
‫يَصنَع كثي مِن الناس يُقصّر شيئا قليل مِن الهة الفلنية مِن رأسه ويُقصّر شيئا آخر مِن الِهة الفلنية‬
‫وهكذا ‪ ..‬ل ‪ ..‬هَذا خَطأ مُخَالِف لِسنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬لبُد مِن أن‬
‫يُقصّر الرأس كُله‪ ،‬ولَ شَك أنّ الَفضل اللْق بِنصّ السنّة الصحيحة الثَابتة عن رسول ال ‪ ، ε‬فإنّ‬
‫الرسول ‪ ε‬قال‪ ( :‬رَحِمَ ال الـمُحَلّقي ) قِيل‪ " :‬والـمُقصّرِين ؟ " قال‪ ( :‬رَحِمَ ال الـمُحَلّقي‬
‫) قِيل‪ " :‬والـمُقصّرِين ؟ يا رسول ال " قال‪ ( :‬رَحِمَ ال الـمُحَلّقي ) قِيل‪ " :‬والـمُقصّرِين ؟ "‬
‫قال‪ ( :‬والـمُقصّرِين )‪.‬‬

‫‪416‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وجاء ف بَعْضِ الروايات‪ ( :‬رَحِمَ ال الـمُحَلّقي ) قيل‪ " :‬والـمُقصّرِين ؟ " قال‪( :‬‬
‫والـمُقصّرِين )؛ وقد سَمعْتُ عن بَعضِ الناس أنّه يَأخذُ بِالتَقْصي ويَقُول بِأنّ الفَضْلَ واحد‬
‫بِدليل هذه الرواية ول دَللة ف هَذه الرواية على ذَلك أبدًا‪ ،‬أوّل أنّ رِواية الـمُسند جاءت ف بَعْض‬
‫النّسخ بِما ذكرناه‪ 1‬وجاءت ف نسخة قَدِية بِلفظ‪ ( :‬رَحِمَ ال الـمُحَلّقي ) قِيل‪ " :‬والـمُقصّرِين‬
‫؟ يا رسول ال " قال‪ ( :‬رَحِمَ ال الـمُحَلّقي ) قِيل‪ " :‬والـمُقصّرِين ؟ " قال‪ ( :‬والـمُقصّرِين )‪،‬‬
‫فالنّسخة مُخْتَلِفة وليْس لحد أن يَدّعي بِأنّ هذه النسخة الت قال‪ ( :‬والـمُقصّرِين ) ف الرة الول‬
‫بِأَنّها هي النّسخة الصحيحة بَل لعلّ الُول هي الصحيحة لنا أقْرَبُ مَا تَكُونُ إل بَقِيَة الروايات‬
‫ث هِي أقْدَمُ مِن هَذِه النّسخة بِكثي ‪ ..‬هَذا علَى أنّه حَت عَلى الرّواية الول‪ 2‬يُمْكن أن نَقول‬
‫بِتفْضِيل الحلّقي‪ ،‬لنّ الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬خَصّهُم أولً بالذّكر فلما قِيل له‪" :‬‬
‫والـمقصّرِين ؟ "‪ ،‬قال بَعْدَ ذلك‪ ( :‬والـمُقصّرِين ) ‪ ..‬وعلى كل حال فالكُلّ جَائِز بِنَصّ‬
‫الكِتَابِ والسّنّةِ الصحيحة الثابتة عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬إل أَنّ الذِي فَعَلَه‬
‫الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬هو اللْق ث‪-‬أيضًا‪-‬هو الذِي قَدّمه ف الذّكْر سواء قُلنا إنه قال‪:‬‬
‫( ‪ ...‬الـمُحَلّقي ) ف الرة الول أو ف الثانية أو ف الثالثة إل أنّه بدأ أوّل بِالـمُحَلّقي وما قال‪( :‬‬
‫والـمُقصّرِين ) إل بَعد أن ذُكِر له ذلك صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد ذَكَرَ بعضُ أهل العِلْم أَنّ الفضل أنْ يَجْمَع النسان بيْن اللْق والتقصِي ‪ ..‬يُقَصّر أوّل‬
‫ثُم يَقُوم بعد ذلك بِحلْق رأسِه‪ ،‬وهذا‪-‬ف حقيقة الوَاقع‪-‬ليْس بِشيءٍ‪ ،‬لنّ مَن قَصّرَ رأسَه أوّلً‬
‫فَقد أَحَلّ مِن حَجّه أو من عُمرتِه أو مِنْهما مَعًا إذَا كَان قد قَرَنَ بَينهما وبعد ذَلك ل يُصَادِف‬
‫ذلك التَحْلِيق مَحلا ‪ ..‬ل يُصَادِف مَحَلً بعد ذلك فَهُو إن شاء أن يَحْلِق فَلْيَحْلِق ولَ عَلقَة لَه‬
‫بِالحلل وإن شاء أن يَتْرك فلْيَتْرُك‪ ،‬فَالـمُرَاد بِاللْق الذي هو أَفْضَلُ مِن التّقْصي هو الذي ل‬
‫يَسْبقه تَقْصِي وإل مَن جَمَعَ بَيْنَهُما‪-‬أي مَن قَصّرَ أوّلً ثُم حَلَق‪-‬فهو ف حَقيقة الوَاقِع قد‬
‫أخذَ بِالتقصِي ول يَأْتِ بِاللْق؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :10‬الرأة إذا كرّرت العُمرة‪ ،‬هل تُحلّل بِتَقْصي شَعْرِها ف كل مرة ؟‬
‫ج‪ :‬نَعَم لبد مِن التّقصي لكن‪-‬كما قلتُ‪-‬أنّ الفَضْل ف الكْتِفَاء بِعُمرةٍ واحدةٍ ف السّفْرَةِ‬
‫الوَاحدة ولسيما لِلنساء‪.‬‬

‫‪-1‬أي الت قال‪ ( :‬والقصرين ) ف الرة الول أي الرواية الت جاء فيها‪ ( :‬رَحِمَ ال الـمـحَلّقي ) قيل‪ " :‬والـمُقصّرِين ؟ " قال‪( :‬‬
‫والـمُقصّرِين )‪ ،‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬حديث رقم‪.444 :‬‬
‫‪-2‬أي الت قال‪ ( :‬والقصرين ) ف الرة الول أي الرواية الت جاء فيها‪ ( :‬رَحِمَ ال الـمـحَلّقي ) قيل‪ " :‬والـمُقصّرِين ؟ " قال‪( :‬‬
‫والـمُقصّرِين )‪.‬‬
‫‪417‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س ‪ :11‬العُمرة إذا كانت الول عن نفسه والثانية لِغَيْرِه‪ ،‬هل يُعْتَبِر هَذا مِن قَبِيل التكرار ؟‬
‫ج‪ :‬نَحن نَقول‪ :‬ل مَانِع مِن التِكْرَارِ مِن حيث الوَاز وإنّما مِن حيث الفضْل ‪ ..‬أما إذا كان‬
‫الشّخْص يَعْتَمِر عن أبيه وأبوه ل يَعْتَمِر مِنْ قَبْل أو عن أمّه وأمّه ل تَعتمِر مِن قبل ولَ‬
‫يَسْتَطِيعَان الذّهاب إل العُمْرة لِـمَرَض‪-‬مثل‪-‬ل يُرجَى مِنْهُ الشّفاء بِحَسْبِ الظّاهِر وهَكَذَا‬
‫بِالنّسبة إل أقَارِبِهمَا فذلك مِمّا ل مَانع مِنْه بِمشيئة ال‪-‬تبارك تعال‪-‬بل ذلك مِن باب التعاون على‬
‫البِر والتّقوَى؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :12‬مت يَقْطَع الـمُحْرِم التّلْبِيَة ؟‬
‫ج‪ :‬أما إذَا كَان مُحْرِما بِالج فإنه يَقْطَعُ التَلْبِيَة إذا أرَادَ أن يَرمي جَمْرَة العَقَبَة ‪ ..‬أي عند إرادة‬
‫رَمي أوّل حَصَاة على الصحيح‪.‬‬
‫وذَهَب بَعضهم أنّه يَتْرُك التلبية بِانتِهائه مِن رمي جَمْرَة العَقَبَة أيْ بَعد الرّمي بِالِجَارَة‬
‫السَابعة‪ ،‬واستدلوا على ذلك بِرواية صرية عِندَ ابن خُزَيْمة‪ ،‬ولكن تلك الرواية فيمَا يَظْهَرُ لِي‬
‫شَاذّة‪ ،‬ذلك لنّ النسان يُؤْمَر عنْد الرّمْي بِذِكْرٍ آخر وَهُوَ التّكْبِي فَكَيْف لَه أنْ يَجْمَع بَيْن‬
‫التَكبي وبيْن التَلبية ؟!‬
‫فإذن يَنْتَهِي مِنَ التَلْبِيَة بِمُجرّد إرادة الرّمي‪ ،‬فإذا أراد أن يَرْمِي بِالجارة الول فَيَترك ف ذلك‬
‫الوَقْت التَلْبِيَة ‪ ..‬هذا هُو القَوْل الصحيح‪ ،‬الذِي يَدل له الديث الصحيح عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪-‬وإل فإنّ هُنَاكَ أقْوَالً مُتعدّدة ف وَقْت النتِهاء مِن التَلْبِية ف الج‪ ،‬ول أُطِيلُ القام‬
‫بِذكر تِلك القْوَال ومَا لَها مِن حُجَجَ فإنّها وإن اعتَمَدَ أَصْحَابُهَا على بعض الدلة ولكِنها‬
‫مُخَالِفة لِهذا الديث الصحيح الصَرِيحِ الدال على ذلك وهُو حديث ثَابِت ل شَك ف ثُبُوتِه؛ وال‬
‫أعلم‪.‬‬
‫أمَا بِالنّسبة إل العُمرَة فإنه ل يَأْتِ حَديثٌ صحيح صَرِيح عن النب ‪ e‬يَدلّ على وقت النتِهَاءِ مِن‬
‫التَلْبِية‪ ،‬ولِذلك كَثُرَ فيها اللف بيْن أهل العلم‪ ،‬وقد جاءت أحاديثُ عِدّة تدلّ على أنّ العتمِر‬
‫يَنتهي مِن التّلْبِيَةِ عِنْدَ إرادة الطَوَاف ولكنّ تِلْك الحاديث ل تَثْبُتُ عن النب صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪.‬‬
‫وذَهَبَ بَعْضُ أهل العلم إل أنّ الفاقيّ ‪ ..‬أيْ الذي جَاءَ مِن مكانٍ بَعيد وأحْرَمَ مِن الـمِيقَات‬
‫أو مِن دُونِه فإنه يَتْرُك التَلْبِيةَ عِنْد الوُصول إل الـحَرَم ‪ ..‬أيْ عِنْد الوُصول إل أدن الـحَرَم‪،‬‬
‫واحتجّوا على ذلك بِروايةٍ عن ابن عمر رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنهما‪ ،‬وهذا القول قول قوي؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫‪418‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أما مَن أحْرَمَ مِنَ " التَنْعِيمِ " أو نَحْوِه فإنّه يَتْرك التَلْبِية على رأَيِ هَؤُلَءِ عِنْدما يَكُونُ قريبا‬
‫مِن السجد الرَام؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫وَهُنَا أريد أن أنبّه على مسألة مُهِمّة جِدا وهي أنّ كَثيا مِن الناس يَذهبون إل تأْدِية الج والعُمرة‬
‫وهُمْ ل يَعْلَمون عن أحكَامِهما شيئا ‪ ..‬يَسمعون أَنّ الناس يَذْهُبُونَ إل الج والعُمْرة ويَذهبون إل‬
‫ذلك‪ ،‬ول شك أنّ ف الذهاب إل تِلك البِقاع فضْل عظيما بل الذّهاب لِتَأدِيَة الج مِن المور الوَاجبة‬
‫التحتّمة‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬قد ذَهَبَت طائفة كَبِيَة مِن أهل العلم إل وُجُوبِ العُمْرة‪ ،‬وهُوَ قَوْلٌ له أدَلّتُه‬
‫الت تُؤيّده فَلَ يَنْبَغِي لِلنسان أن يُفَرّط فيها‪ ،‬والج وَاجِبٌ على الفَوْر على مَن وَجَد الستطاعة‬
‫إِليْه‪-‬كَما هَو رأي جاعة مِن أهل العلم‪-‬وهُو الذي تُؤَيّدُه الدِلة؛ لكنّ كَثيا مِن الناس‪-‬كما قلتُ‪-‬‬
‫يَذهبون ول يَعْرِفون عَن أَحكَامِ الج والعُمرَة شَيئا‪.‬‬
‫والمر الذي أُرِيدُ أُنبّه عليه ف هذا الوَقْت‪ :‬أنّ كثيا مِن النّاس يَصِلُون إل مَكّة الكَرّمَة شَرّفَهَا‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مِن غَيْرِ إِحَرَام‪ ،‬وَقَد التَقَيْتُ بِبَعضٍ منهم أتى إل مكّة الكرّمة مِن غيْر إحرام‬
‫ويُريد أن يَخرُج بَعد ذلك إل " التَنعيم " يَقول‪ " :‬عندما أصل إل مكّة وأَقُوم بِإنزال المتعة‪-‬ومَا شابه‬
‫ذلك‪-‬سأذهب إل ' التَنْعيم ' وأُحْرِم مِنْ هُناك " وهذا خَطأ جَسِيم ‪ ..‬مُخالِف لِسنّة رسول ال ‪ε‬‬
‫ولجَاع المّة الحمدية قَاطِبة‪ ،‬فإنّ مَن ذَهَبَ إل مكّة الكرّمة شَرفها ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وهو يُريد‬
‫حجّا أو عُمرة ليس له أن يَتَجاوز الـمِيقَات إذا كَان مِن خَارِج اليقَات إل وَهُو مُحْرِم‪ ،‬بِنَصّ‬
‫الحاديث الثابتة وإجاع المّة‪-‬كما قلتُ‪-‬ومَن جَاوَزَ ذلك فَقَد تَعَدّى حدودَ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫وعَلَيه أن يَتُوبُ إل رَبّه وأن يَرْجع مرّة أُخرَى إل الـمِيقات وأن يُحْرِمُ مِن ذلك الكان‪ ،‬أما مَن‬
‫كَان دُون الـمِيقات فإنه يُحْرِمُ مِنَ الكان الذي فِيه إل إذَا كَان مِن أهْلِ‪ 1‬الرَمِ فإنه لبد مِن أن‬
‫يَخرُج إل الـحِل ‪ ..‬إل أيّ مَوْضع مِن الوَاضِع مِنْه‪ ،‬واختَلفوا ف الفْضل‪ ،‬ول أريد أن أطِيلَ‬
‫بِذلك‪ ،‬والَاصل أَنّه لَيْس لحَد أن يَتَجَاوَزَ اليقات إذا كان يُريد حَجّا أوْ عُمرة وإنّما العلماء‬
‫اختلفوا فِيمن لم يُرِد الج ول العُمرة ول يَكُن مِن الُتَرَدّدِين على مَكّة الكرّمة هَل لَه أن‬
‫يَتَجَاوزَ اليقات مِن غَيْر إِحرام ؟ ونَحنُ نَقُولُ‪ :‬إنّ القَوْل الصحيح أنّ مَن ل يُرِد الج ول العُمرة‬
‫لَه أن يَتجاوز اليقات مِن غَيْر إحرَام‪ ،‬بِنَصّ الديث الثابت عن النب ‪ ، ε‬وإذا ثَبَتَ الديث فَل‬
‫كَلم‪:‬‬
‫ونَحن نَحكي بَعده خِلفا‬ ‫الصطفى يَعتبِر الوصَاف‬
‫فيه عن الختار نصّ أُسنِد‬ ‫ل نقبل اللف فيما وَرد‬

‫‪-1‬يُنظَر مع الشيخ لعلّه قصد أن يقول‪ " :‬إذَا كَان ف ال َرمِ " بدل مِن قوله‪ " :‬إذَا كَان مِن أهْلِ الرَمِ "‪.‬‬
‫‪419‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وأما مَن أراد الج أو العمرة فَل‪ ،‬ومَن أخطأ بِجهله ودخل إل مكّة الكرمة مِن غي إحرام فإنه يُؤمَر بِأن‬
‫يَرجِع إل اليقات الذي جَاء منه‪ ،‬ل إل مِيقات آخر ولَ إل أَدْن الِل أو أيّ مَوْضع مِن مَوَاضع‬
‫الِل ‪ ..‬كَلّ بل يُؤمَر بِأن يَرجِع إل اليقَات الذَي جَاء مِنه وأن يُحرِم مِن ذَلك الكان ويَتُوبَ‬
‫إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬إل إذا كَان الوَقْتُ ضَيّقا بِأن كان يَخشى مِن فَوَات الج فَإنه يُحْرِم مِن‬
‫الوْضِع الذِي هُو فيه ويُؤمَرُ بِالتوبة وبِأن يَذبَح ذَبيحةً لِفُقَرَاءِ الرَم؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫كذلك بَعْض الناس يُحْرِمُون لِلعُمرة مِن الَرم وهذا خطأ ‪ ..‬لَم يَقُل أحدٌ مِن العلماء التقدّمي‪" :‬‬
‫إنّ النسان يُمْكِن أن يُحْرِم مِن الَرِم وأن يُؤدّي العمرة ويَكون مُوَافِقًا لِلصّواب " بل أجْمَعُوا‬
‫على خِلف ذلك وإن خَالَف بعض التأخّرين‪ ،‬وإنا اختلَفوا هَل تِلك العُمرة‪:‬‬
‫‪-1‬تَكون صحيحة ويُؤمَرُ بِالفِدية‪.‬‬
‫‪-2‬أو أنّها ل تَكُونُ صَحيحة بَلْ يُؤمَرُ بِالُروج إل الِل وإن كان قد طَاف وسَعَى مِن قَبْل ؟‬
‫وهَذَا القَوْلُ هُو القَوْلُ الصحيح‪ ،‬أما أَن يَكْتَفِي بِالحْرَامِ مِن الَرَم فَقط مِن غَيْر أن يَخرُج‬
‫ويَظُنّ بِأنّ ذلك مُوَافق لِلسنّة أو أنّه مأمُورٌ بِه فَهَذا مِمّا ل يَقُل بِه أحدٌ مِن العلماء التقدّمي‪-‬‬
‫كما قلتُ‪-‬بل أجعوا على خِلف ذلك‪.‬‬
‫فينبغي أن يُنتبَه لِمثل هذه المُور‪ ،‬وأن يَقرَأَ النسانُ ولو مُختصَرا مِن الختصَرات إن كان يَسْتطيع‬
‫على القَراءة‪ ،‬وأنْ يَسأَل أهل العلم عن أحْكَامِ شَرْع ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف هذه القضية وف غيها‪ ،‬وليس‬
‫له أن يَتَقدّم على شَيءٍ بِغَيْر عِلم فإنّ ذلك‪-‬والعياذ بِال تبارك وتعال‪-‬قد يُوقِعُه ف بَعضِ المور‬
‫الخَالِفة لِشَرْع ال بَلْ التْيَانُ بِأمر مِن المور ول يَعرِف النسانُ حُكْمَه ‪ ..‬هذا المرُ نَفْسُه‬
‫مِمّا ل يَنبغي لحد أن يَذهبَ إليه وإن اختلَف العلماء ف هلكه ف التّقَدّم مِن غَيْر عِلم إذا صَادَفَ‬
‫الق‪ ،‬أما إذا ل يُصادِف الق فإنه ل يَقُل أَحَدٌ بِسَلَمتِه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :13‬إذا ذَهَبَ الرّجُل إل الج ث فَعَلَ العَاصِي عند عودته إل بَلده‪ ،‬هل يَنْتَقِض حَجّه‬
‫بِمثل هذا الفِعل ؟‬
‫ج‪ :‬حجّه صحيح إن كان ل يَأْتِ بِما يُنَافي ذَلك ف وَقْتِ حَجّه‪ ،‬وأما فِعْلُه لِلمَعَاصِي بعد ذلك‬
‫فَعَلَيْه أن يَتوب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مِن ذلك ‪ ..‬على النسان ألاّ يَفْعَلَ شَيئا مِن مَعاصي ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬وإذَا أغْوَاه الشيطان‪-‬والعياذ بال تبارك وتعال‪-‬وفَعَل شَيْئًا مِنْ مَعَاصِي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فإنه‬
‫يُؤمَرُ بِالتوبة إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬تَوْبَةً نَصُوحًا‪ ،‬وإذا تاب وأناب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فإنّ ال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬قد بَيّن‪-‬كَمَا قَد ثَبت ف الديث‪-‬بِأنّ مَن أتى شَيْئا مِن العاصي ث تَاب إل ال ‪I‬‬
‫وَرَجَعَ إلَيْه أنّهُ يُجَدّد له ذلك العمل‪-‬ذكرتُ معن الديث ل النص‪-‬فهذا الرّجُل فِعْلُه لِتَلْك‬

‫‪420‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫العاصي ل يُؤَثّر على حَجّه السابق ولكن مع ذلك يُؤْمَر بِالتوبة‪-‬كما قلتُ‪-‬وعَلَيْه أن يَتَخَلّصَ مِن‬
‫كُل مَا وَقَعَ فِيه إن كانت هنالك شيء مِن حُقوق العِباد ‪ ..‬إذا اغتَصَبَ‪-‬مثلً‪-‬امرأةً‪-‬والعياذ ال‬
‫تبارك تعال‪-‬وزنى بِها أو زَنى بِصَبِية أو أتى امرَأَة وَهِي نَائِمَة أو عبدة أو مَجْنُونَة أو مَا شابه‬
‫ذَلِك‪ ،‬وهَكَذَا إذَا كان قَدْ أَخَذ شَيْئًا مِن أمْوَالِ الناس مِن غَيْرِ رِضَاهُم‬
‫عَلَيْهِ أن يَتَخَلّصَ ‪ ..‬والاصِل أَنّه لبُد مِن أن يَتَخَلّصَ مِن حُقوق العِباد‪ ،‬وكذلك إذا كان‬
‫قَدْ فَرّط ف شَيْءٍ مِن صلة أو صِيَام أو ما شابه ذلك‪-‬وأَعْنِي بِالصلة والصيام الصلةَ الواجبة‬
‫والصيامَ الواجب‪-‬فلبد مِنَ التّوْبَة إل ال ومِن قَضَاءِ ذَلك‪ ،‬وإذا كان قَدْ وَطِئ زَوْجَتَهُ أو زَنَى‬
‫ف نَهَارِ رمضان‪-‬والعياذ بال تبارك وتعال‪-‬فلبُد مِن الكفارة ‪ ..‬والاصل أنّ مَا فَعَلَهُ مِن العَاصِي ل‬
‫يُؤَثّر على حَجّه السَابق ولكنه يُؤمَر بِالتوْبة إل ال والتَخَلّص مِن كُل ما وَقَعَ فِيه إذا كَانَ‬
‫هُنَالِكَ شيءٌ يَجِبُ التخَلّصُ مِنْهُ؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :14‬هَل لِلزّوْجِ طَاعَة إذا مَنَعَ زوجتَه عن الذهَاب إل العُمرة ؟‬
‫ج‪ :‬أما إذا مَنَعَهَا عن فَرِيضَة الج وكانت تُريد أن تَذهب مع مَحْرَمٍ لَها فل طاعة له ول كَرامة‪،‬‬
‫لنه يَمْنَعُهَا عن أمْرٍ وَاجِبٍ مُتَحَتّم عَلَيْها‪ ،‬إذ إنّ الجّ واجبٌ بِنَصّ كتابِ ال وسنّة رسوله‬
‫صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬ث هو على الفَوْرِ على الصَحِيحِ كما قلنا ‪ ..‬فإِذَا كَانَت سَتَذْهَبُ مَعَ‬
‫مَحْرَمٍ مِنْهَا ومَنَعَهَا مِن ذلك فَيَنبغي لَها أنْ تُحَاوِل بِأن تُقْنِعَهُ بِالـمُوَافَقَة على الذّهَابِ‬
‫وَإذَا لَم يُوَافِق عَلَى ذَلِك فَل طَاعَةَ لَهُ ولَ كَرَامَة‪ ،‬إذْ لَ طَاعَة لِعَبْد ف معْصِيَة ال تبارك‬
‫وتعال‪ ،‬فَنَقُول لِهذا الزوج بَدَل مِن أن يَمْنَعَ زوْجَتَه عَن التيان بِفَرِيضة الج أو بِالعُمرة أنّه‬
‫عَليْه أن يَتُوب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ويَنْبَغي له أن يُرَافِقها مِن أجل تَأدِيَة فَرْض ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫عليه إن كَان قادِرا على ذلك‪ ،‬وإن كان قَدْ أَدّى الفَرِيضَة وهو يَْقدِرُ على الذهَاب‪-‬أيضا‪-‬يَنبَغي له‬
‫أن يَذهب إل تِلك البِقاع القَدّسة ويَأْت بِالعُمرة وبِالج‪ ،‬وقد سَبَق فَضْل مَن حَج أو اعتمَر إذا‬
‫كان يُريد بِذلك وَجَه ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫أما بِالنسبة إل العُمْرة فإن كانت لَ تَذْهب مَع مَحْرَم مِنْهَا‪-‬فكما قلتُ‪-‬يَنْبَغِي لَهَا أَن تؤَخّرَ‬
‫ذَلِك حَتّى تَجِد مَحْرَمًا مِنْها وتَذْهَب وتُؤَدِي الج والعُمرَة مَعًا‪ ،‬ث‪-‬أيضا‪-‬العُمْرة فيها‬
‫خِلَفٌ بَيْنَ أهل العِلم كما قدمناه‪ ،‬فإذَا تَأَخّرت قليل ث ذَهَبتْ لِتَأدِيَة فَريضةِ الج وتَأْدِيَة‬
‫العُمرة بعد ذلك مع مَحْرَمٍ مِنْهَا وتَدعو‪-‬ونَحن نَدعو معها‪-‬بِأن يَهدِيَ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬هذا‬
‫الرّجُل‪-‬وغَيْرَه مِن الناس وأن يَهْدِيَنَا جَميعا إل طاعة ال تبارك وتعال‪-‬فلعلّه يَقُومُ بِمُرَافقَتها أو‬
‫يَأذَنُ لَها أو تَجِد مَحْرَمًا مِنْهَا وتُرَافِقه‪.‬‬

‫‪421‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫و‪-‬كما قلتُ‪-‬ف الج لَ طَاعَة لَه أبَدا‪ ،‬أما العُمرة فعلى ما فيها مِن كلم‪ ،‬وبِإمْكَانِها‪-‬أيْضا‪-‬أن‬
‫تُؤَخّر وَلَوْ لِعِدّةِ شهور ث تَذهَب ف هذه السنَة بِمشيئة ال لِتَأدِيَة المْرَيْنِ مَعًا وافَق هَذَا‬
‫الزّوج أو ل يَوَافِق ولكن تَذْهب مع مَحْرَم مِنْها؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :15‬الذكار الواردة ف كتاب " تَلْقِي الصبيَان "‪ ،‬هل هي ثَابتة عن النب ‪ ε‬؟ هل يُؤتَى بِها‬
‫أو ل ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ يَنبَغي لِلنسان أن يَذْكُرَ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ذِكْرًا كثيا‪ ،‬ويَنبغي له أن يُكْثر مِن‬
‫ذلك ف الجّ وف العُمرة بل ف كل وقتٍ مِن أوقاتِه ولسيما ف الوقات الت ثَبَتَ أنّ النب ‪ ε‬كان‬
‫يَذْكُرُ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فِيها أو أنّه كان يَأْمُرُ بِالذّكْرِ فيها ‪ ..‬فعلى النسان أن يُحَاوِل بِأن‬
‫يَذْكُرَ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف كُل وَقْتٍ وأن يُكثِر مِن الدعاء ومِن الستغفار‪.‬‬
‫وأما بِالنسبة إل الذكار ف الج والعُمرة فإنّ الثابت عن النب ‪ ε‬التَلْبِية‪ ،‬فإنّها ثابتة عنه صلوات ال‬
‫وسلمه عليه‪ ،‬وثابت عنه‪-‬أيضا على رأي كثي مِن أهل العلم‪-‬أنه كَان يَقُولُ فيما بيْن الركنيْن ‪ ..‬بيْن‬
‫الركن اليَمَان والـحَجَر‪ ( :‬ربنا آتنا ف الدنيا حسنة وف الخرة حسنة وقنا عذاب النار )‪ ،‬فهذا قد قال‬
‫بِثُبُوته جَمْعٌ مِن أهل العلم‪ ،‬وإسناده ل بأس به ‪ ..‬يُمكِن أن يُحسّن على رَأي كثي مِن أهل العلم‪ ،‬ث‬
‫إنّ هذا الدعاء ف كتاب ال‪-1‬تبارك وتعال‪-‬وكَان يُكْثِر مِنْه النب ‪ ε‬كثيا‪ ،‬وإذا دَخل النسان النّة‬
‫فإنّ ذَلك هو أعظم شيءٍ يَطلبُه النسان‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬يَسْأَل‪ " :‬اللهم إن أسألُك العَفْوَ والعَافِيَة ف الدّنيا‬
‫والخرة‪ ،‬اللهم أعَنّي على ذِكْرِك وشُكِرِك وحُسِن عِبادَتِك " ويَأْت بِـ‪ " :‬سُبحان ال‪ ،‬والمد‬
‫ل‪ ،‬ول إله إل ال‪ ،‬وال أكب " ويأت بِـ‪ " :‬ل حوْل ول قَوّة إل بِال العلي العظيم " وبِـ " ل إله إل ال‬
‫وحْدَهُ ل شريك‪ ،‬له الـمُلك وله الـحَمد‪ ،‬يُحْيي ويُميت‪ ،‬وهو على كل شيءٍ قدير " وبِما شابه‬
‫ذلك مِن الذكار والدعية التِي جاءتْ ف كتابِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أو ف سنّة رسوله‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪-‬وبِإمكانه‪-‬أيضا‪-‬أن يَأتِي بِبَعض الدعية الخرى ولكن ما جاء ف الكتاب العزيز سَواء أَمَرَ‬
‫ال بِه عِبَاده أو أنه ذَكَرَهُ عَن بَعْضِ عِبَادِه الصالي مِن النبياء أو غَيْرِهم‪ ،‬أو كان يَأت بِه النب‬
‫‪ ε‬كما هُو ثَابِتٌ ف سنّتِه أو أَمَرَ به‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬فإنّ ذلك ل شَك بِأنه أَفْضَل مِن‬
‫غيه‪ ،‬فإذا كان الإنسان ل يَحفظ ذَلك فَل يُوجَد فيما أحسب إنسان ل يَحفظ‪َ ... } :‬رّبنَا آِتنَا فِي ال ّدْنيَا‬
‫سَن ًة وَِقنَا عَذَابَ النّارِ { [ سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ ] 201 :‬أو على أقل تَقْدير‪ " :‬اللهم‬
‫سَن ًة وَفِي الخِ َرةِ حَ َ‬
‫حَ َ‬

‫لٍ‬
‫ق‬ ‫س مَن َيقُو ُل رَبّنَا آتِنَا فِي الدّنْيَا َومَا لَهُ فِي الخِرَ ِة مِنْ خَ َ‬
‫‪ }-1‬فَإِذَا قَضَيْتُم مّنَا ِس َككُ ْم فَاذْكُرُوا الَ َكذِكْ ِر ُكمْ آبَاء ُكمْ َأوْ َأ َشدّ ذِكْرًا َفمِنَ النّا ِ‬
‫حسَابِ‬‫ب مّمّا َكسَبُوا وَاللّ ُه سَرِيعُ اْل ِ‬
‫‪ %‬ومِْنهُم مّن َيقُو ُل رَبّنَا آتِنَا فِي الدّنْيَا َحسَنَةً َوفِي الخِرَةِ َحسَنَةً َوقِنَا َعذَابَ النّا ِر ‪ %‬أُولَـِئكَ َل ُهمْ َنصِي ٌ‬
‫{ [ سورة البقرة‪ ،‬اليات‪.] 202-200 :‬‬
‫‪422‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أدخِلْنِي النّة " أو ما شابه ذلك ‪ ..‬لَ يَنْبَغِي لِلنسان أنْ يَشْتغِل بِبَعض الكتب ‪ ..‬يَقْرَأُ مِن‬
‫الكتاب‪ ،‬أو يُتَابِع شَخْصًا‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬ذلك يُشَوّشُ على الناس ويُذهِب بِالشوع عن ذلك‬
‫النسان وعن غيه ‪ ..‬إذا كان هُوَ يَحْفظ تلك الدعية الت ف التَلْقي‪ 1‬فل بأس أنْ يَأت بِتلك الدعية‪،‬‬
‫وإن كان ل يَحفظ ذلك فَلْيَأتِ بِما ذكرناه أو بِشيء مِما ذكرناه‪ ،‬أما أن يَقْرَأ مِن كتاب ويُؤْذِي‬
‫غَيْرَه ويُذْهِب بِالشُوع عن نفسه وتَكُون هُنَالكَ بَلْبَلة وتشويش على الناس فهذا مِمّا ل ينبغي ‪..‬‬
‫كذلك بعض الناس يَأت بِدعاء ويَجهَر ويَرفَع به الصّوْت والناس يُتَابِعُونه على ذلك وهُم كَثي مِنْهم‬
‫ل يَفْقَهُون شيئا مِن ذلك أبَدًا بَل يُرَدّدُون ذلك الكلم ويَسْمَعَهُم النسان يُخطؤُونَ ف بعضِ‬
‫اللفاظ لَنّهم ل يَحْفظوا تلك اللفاظ ومِنْهُم مَن ل يَستَطِيع أن يَأتِيَ بِبَعضِ تِلك اللفاظ‬
‫لِغَرَابَته عَليه لِكونه مِن العَوَامِ مثل‪ ،‬وهو‪-‬أيضا‪-‬ل يَخْشَع ف تلك الوقات لنّ كُلّ هَمّه‬
‫مُنْصَبٌ على الستماع إل ذلك الشخص‪ ،‬فهذا مِمّا ل يَنبَغي أبدا بل يَنبغي لِل نسان أن يَذكُر بِما‬
‫يَحْفظه وأن يَدعو بِما يَحفظه ولو أن يَقُول‪ " :‬سبحان ال‪ ،‬والمد ل‪ ،‬ول إله إل ال‪ ،‬وال أكب " و‪} :‬‬
‫سَنةً وَِقنَا عَذَابَ النّارِ { ؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫سَن ًة وَفِي ال ِخ َرةِ حَ َ‬
‫‪َ ...‬رّبنَا آِتنَا فِي ال ّدنْيَا حَ َ‬
‫مِن حلقة ‪ 11‬جادى الثانية ‪1424‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪10/8/2003‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪... :2‬‬
‫ج‪... :‬‬
‫فإن كانت قد أطلقت النّذر ‪ ..‬أي نذرت بِأن تقوم بزيارة مكة الكرمة لتأدِيَة الج والعمرة فإنه عندما‬
‫تتمكن مِن الذهاب إل ذلك الكان فإنّها لبد مِن أن تقوم بتأدية هَذَا النّذر الذي أَلْزَمَت به نفسها‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫فإذن هذه الرأة إن كانت قد أطلقت فإنّها عندما تَتَمَكّن تُؤمَر بالذهاب لتأدية الج‪ ،‬والعمرة إذا كانت‬
‫قد نَذرت بعمرة أيضا ‪ ..‬بِحسب نذرها‪ ،‬وإذا كانت لَم تَحج حَجّة الفريضة فلبد‪-‬أيضا‪-‬مِن أن تقوم‬
‫حجّة الت نذرت با‪.‬‬ ‫أوّل بتأدية حَجّة الفريضة ث بعد ذلك تقوم بتأدية الـ َ‬
‫‪...‬‬
‫مِن حلقة ‪ 9‬شعبان ‪1424‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪5/10/2003‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪-1‬هو كتاب " تلقي الصبيان مَا يلزم النسان " للشيخ نور الدين عبد ال بن حيد السالي‪.‬‬
‫‪423‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س ‪ :5‬المدُ ل وفّقنِي رَبّي لِلذهاب إل العمرَة ولكن حَدَثَ أمرٌ يُشكّكُنِي ف صِحّة‬
‫العمرَة حيثُ ف طرِيقِنا إل الرم الكي بعدَ إحرامِنا بكيْتُ وأَدّى بُكائِي إل خروجِ زُكام الذي‬
‫نَزَلَ معَه بعضُ الدم‪ ،‬فأرجو أن تُفِيدُونِي ف ذلك‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا كان تَوضّأَ بعدَ خروجِ هذا الدم فإنه ل شيءَ عليه‪ ،‬لنه لَم يَتسبّب ف ذلك‪.‬‬
‫وأما ما يُشيعه كثي مِن الناس مِن قولم‪ " :‬ف الدم دم " فذلك ل أصْلَ لَه ف سنّة رسولِ ال‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فإن كان قَد تَوضّأَ بعدَ خروجِ ذلك الدم فعمرتُه صحيحة بِمشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫أما إن كان طاف ول يَتوضّأ فذلك يَحتاج إل شيءٍ مِن التفصيل وبِإمكانِه أن يَذكُر ذلك إن كان قد‬
‫طاف ول يَتوضّأ؛ وال أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 23‬شعبان ‪1424‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪19/10/2003‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :1‬ذَكَرتُم ف أَ ْكثَر مِن َموْضِع بِأنّه ل ُيصَلّي إنسان عن إنسان وإنّما قد يصوم إنسان عن آخَر‪ ،‬لكن‬
‫ت أنّه ل‬
‫هَذَا السّائِل َيقُول‪ :‬كُنتُ أُصَلّي ركعتَيْ ال ّطوَاف وَأْنوِي أنّهما عن الشّخص الذي أَحُج عنه ثُم َرَأيْ ُ‬
‫يصلي أحد عن أحد‪ ،‬فماذا عََليّ ؟ وماذا أفعل الن ؟ هل أُصَلّيهِمَا أول ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬قَد ذكَ ْرنَا‪-‬وذَ َك َر غينا‪-‬أنّه ل يصلي أحد عن أحد‪ ،‬وقد َحكَى بعض العُلماء اتفاق أهل العلم على‬
‫ذَلك ‪...‬‬
‫أمّا بالنّسبة إل الصّلة فقد قُلت إنّه ل ُيصَلّي أحد عن أحد إذا كان ذلك استقلل‪ ،‬أمّا إذا كانت تلك الصلة‬
‫تَابِعَة لمر آخرَ ‪ ..‬دَا ِخلَة ف ذلك المر فإنّ المر يَختلف ف هذه القضية‪ ،‬وذلك لنّه يُشْرَع َتبَعا مَا ل يُشْرَع‬
‫استقلل كما هو ُمقَرّ ٌر عند الفقهاء‪ ،‬وهي قَاعِدة فقهية مشهورة تدخل تَحتها مسائل ُمتَعَدّدة‪ ،‬فالصّلة إذا‬
‫كانت مستقلّة ل يُمْكن أن َيقُوم أحد بِقضاء فريضة مِن الصلوات كالظهر أو العصر أو الغرب أو ما شابه ذلك‬
‫عن شخص آخر‪ ،‬كما أنّه ل يُمكن أن َيَتَنفّل عنه ‪ ..‬أن يصلي ركعتي نافلة َوَينْوي أنّهما عن فلن أو فلنة أو‬
‫ما شابه ذلك ‪ ..‬هذا أمر ُمتّفق عليه كما حكاه غي واحد‪ ،‬ومَا ُروِي عن بعض الَتقَدّمي مِمّا يُخالِف ذلك‬
‫فلعَلّه ل َيصِ ّح عنه‪ ،‬وإن صَ ّح عنه فإنّه ل دليل لَه على ذلك‪.‬‬
‫أمّا بالنسبة إل صلة الطواف ‪ ..‬أو إل ُسنّة ال ّطوَاف‪-‬ل ّن الصحيح أنّها سنّة‪-‬فالمر جَائِز باّتفَاق أهل العلم‪،‬‬
‫وذلك لنّ هذه دَاخِلَة ف الج أو دَا ِخلَة ف العُمْرَة إذا كان ذلك الشّخص َيعْتَمِر عن شخص آخر ‪ ..‬فهي‬
‫تَابِعَة لعمال الج أو تَاِبعَة لعمال العمرة‪ ،‬وعليه فما َفعَلَه هَذَا الشّخص فعل صحيح‪ ،‬وف الستقبل ينبغي له‬
‫إن شاء أن َي ْعتَمِر أو أن يقوم بأداء الج عن غيه فإنه يفعل ذلك أيضا‪.‬‬

‫‪424‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حتَها مَسَائل متعدّدَة‪ ،‬مِن ذلك‬


‫وكما قلت هذه السألة وهي أنّه يُشرع بالتَّب ِعيَة ما ل يُشْرَع استقلل تندرج تَ ْ‬
‫مثل‪:‬‬
‫‪...‬‬
‫َومِن السائل الهمة‪-‬أيضا‪-‬أنّ النسان إذا أ ْح َرمَ بعمرة فإنّه ل يَجُوز له أن يَحْلِق أو أن َيقُصّ رأسه إل بعد‬
‫ي الج والعمرة وهو ما ُيعْرَف عند العلماء بالقران ‪ ..‬إذا َقرَن بي الج‬ ‫الطواف والسّعي ولكن إذَا جَمَعَ بَ َ‬
‫والعمرة فإنه يُشْ َرعُ لَه اللق أو التّ ْقصِي‪-‬واللق أفضل‪-‬بعد َرمْيِ المرة قبل أن يطوف وقبل أن يسعى‪ ،‬فذلك‬
‫شرِع للعمرة‪-‬‬ ‫لتََب ِعيّة العمرة للحج لنّ الذي ُيفْرِد الج‪-‬مثل‪-‬يُشْرَع له اللق أو التّقصي ف ذلك الوقت ف ُ‬
‫أيضا‪-‬لجل تبعيتها للحج وهذَا أَمر ُمهِم‪ ،‬وقد قَال بعض العُلَماء‪ :‬إنّه ليس له أن يَحلق أو أن ُيقَصّر إل بعد أن‬
‫ف طواف القُدُوم ولَم يَسْع أو َحتَى إذا طَاف َطوَاف‬‫يطوف ويسعى‪ ،‬واختُلِفَ ف هذا هل ذلك إذا كان لَم يَطُ ْ‬
‫القُدُوم ‪ ..‬الول‪-‬مثل‪-‬إذا جَاء إل مكة ُمَتأَخّرا أو لَم يطف ولَم يسع لسبب مِن السباب أو حت تَرَك ذلك‬
‫متعمّدا‪-‬فإنّه جَائز على الصحيح وإن كان خلف الفضل‪-‬أو جاء ُمتَأخّرا إل عرفة فهو لَم يطف طواف‬
‫القدوم ولَم يسع‪ ،‬أو طاف طواف القُدُوم ولَم يسع ولكنّه لَم يطف طواف الرّكن ؟ فالصحيح ف الالَتيْ ِن معا‬
‫أنّه يَجوز له أن يَحلق أو ُي َقصّر‪-‬خلفا لِمن قال بِخلف ذَلك ف السألتي َمعًا أو ف إحداهُمَا‪-‬وذلك ظاهر مِن‬
‫فعل النب ‪ e‬فإنّه حََلقَ‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬بَعد أن َرمَى‪ ،‬وأيضا َتعَطّر بعد أن َرمَى مَ َع أنّه لَم يطُف‬
‫طواف الرّكن وقد عطّ َرتْهُ السّيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنها‪-‬وهي لَم تَطُف وَلَم تَسْعَ‪ ،‬فذلك دليل‬
‫على السألتي معًا‪ ،‬فإذن يَختلف الكم ف هاَتيْن القضّيتَيْن‪ ،‬وهنالك مسائل أخرى ل داعِي لذكرها الن‪.‬‬
‫فلبُد مِن أن ُينَْتبَه لِمِثل هذه السائل‪ ،‬وإذا سَمِع النسان كَلما ف مسألة ليس له أن يَحكم به على بعض‬
‫السائل وإن رأى بأنّها قريبة مِن تلك السألة‪ ،‬وهو معن ما ذكره بعض أهل العلم أن النسان إذا كان ضعيفا‬
‫ف العلم ليس له أن َيقِيس مسألة على مسألة ولو َرأَى بأنّهما قد تَشَابَهتا مِن كل الوُجوه ‪ ..‬أي على حسب‬
‫ختَلف هذه السألة عَن تلك‬ ‫ظَنّه هو لنه قد تكون هنالك بعض المور الت لَم يلحظها هو وف واقع المر تَ ْ‬
‫السألة‪ ،‬والسألة أمَامَنَا فهذا الشّخص‪-‬مثل‪-‬سَمِع أو رأى ف بعض الكتب‪-‬أيضا‪-‬بأنه ل يصلي أحد عن أحد‬
‫فظ ّن بأن ذلك ينْ َطبِق على هذه السألة وذلك ل ينْ َطبِق عليها ف حقيقة الواقع‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫ومِن ذلك ‪ ..‬أو لَ داعي إل الطالة فالسائل متعددة ولكّننِي أردت أن ُأَنبّه الطلبة إل مِثل هذه السائل الهمة‬
‫جدا التِي يقع فيها الطأ كثيا؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س ‪... :2‬‬

‫‪425‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬أوّل أقول إنّه على هؤلء القاولِي أن َيتّقوا ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف أنفسهم‪َ ،‬فقَد جَاءْتنِي أخبار كثيا جِدا‬
‫جدًا عن كثي مِن أمثال هؤلء‪ ،‬وعن كثيٍ‪-‬أيضا‪-‬مِن القاولِي الذين يَ ْذ َهبُون إل الج َوهُم ل َيّتقُون ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬ف أنفسهم ول ف أولئك الذين يذهبون َم َعهُم‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫كذلك بالنسبة إل أولئك الذين يأخذون الجاج إل َمكّة الكرمة وإل النَاسِك فإنّهم َيتَجَاوزون حدود ال‬
‫تبارك وتعال ‪ ..‬يَس َمعُون أهل العلم وطلبة العلم ُيَنّبهُون كثيا بأنّه ل يُشْرَع الروج مِن عرفة‪-‬مثل‪-‬إل ف‬
‫الوَقت الفلن َوَأنّه‪َ -‬كذَلِك‪-‬ل يُشْرَع مِن الزْدَلفة إل ف الوقت الفلن َومَا شابه ذلك مِ َن المور الـ ُمَتعَّلقَة‬
‫بالـ َمنَاسِك ومع ذلك يذهبون ف غي تلك الوقات ويأخذون الجاج الضّ َعفَة َمعَهُم وأعنِي بالضّ َعفَة ‪..‬‬
‫ستَغِلّون أولئك الذين ل َيعْرِفُون الم ِكنَة مِن أمثال النساء والعجزة أو مَا شابه ذلك‪ ،‬وهَذَا ف حقيقة الوَاقِع مِمّا‬ ‫يَ ْ‬
‫ل يَصِحّ لَهم ول يَجوز‪ ،‬ولبُد مِن مُعاقبة َأمْثََال هؤلء مِمّن يَمْلِك عُقُوَبتَهُم؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫شَتكُون مِن أنّ الجاج الذين َم َعهُم هُم الذِين ُيعَجّلُونَهم ؟‬‫س‪ :‬لكن بعض ُمقَاوِلِي الجاج يَ ْ‬
‫ج‪ :‬ل عبة بِذلك‪ ،‬إذا طلب ِمنْهم الجاج بأن يَخْرُجوا ف الوَقْت الذي ل يَص ّح فيه الروج فل سَمْع لَهم ول‬
‫طاعة‪-‬وكذلك ل سَمْع ول طاعة ول كَرَامة ِلمِثل هؤلء القاوِلِي إذا خَاَلفُوا شَ ْرعَ ال تبارك وتعال‪-‬فمَن شاء‬
‫جلِس فَ ْليَجْلس إذا كان ذلك مُخَالِفا لِشَ ْرعِ ال تبارك وتعال‪ ،‬فإذَن ال ِعبْرَة‬ ‫أن يذهب فَليذهب‪َ ،‬ومَ َن شَاءَ أن يَ ْ‬
‫ب بِه ف‬ ‫ت عَن النب ‪ ،ε‬وف الديث‪ ( :‬مَن عَمِل عمل َلْيسَ عليه أمْ ُرنَا فهو رَد ) أ ْ‬
‫ي مَرْدُو ٌد عََليْه مَضْرُو ٌ‬ ‫بِمَا َثبَ َ‬
‫ض الناس أن يَخرجوا ف غي الوَقت الذي َثبَتَ ف سنّة رسول ال ‪ ε‬فليس‬
‫ب ِمنْهُم أحَد أو َب ْع ُ‬
‫وَ ْجهِه‪ ،‬فإذا طََل َ‬
‫لَهم أن يَ ْلَت ِفتُوا إليه ول ُيعَدّ ذلك ُمخِل بالشرط الذي اتفقوا عليه عندما خرجوا‪-‬مثل‪-‬مِن عُمان أو ما شابه‬
‫ذلك وََل ْو اشترطوا‪-‬مثل‪-‬عليهم لن ذلك الشّرْط ُمخَالِف لسنّة رسول ال ‪ ،ε‬والنسان إذا اشترط أَلْ َ‬
‫ف شَرْط‬
‫أو أكثر إذا كان ذلك مُخَالِفا لشَرع ال فل يَجوز َتنْفِيذ ذلك الشّرط؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س ‪... :8‬‬
‫ج‪َ ... :‬يصِح النّكاح ف َر َمضَان وَفِي َغيْر رمضان إل ف حالة الحرام بالج أو العمرة‪ ،‬فِي حالة الحرام‬
‫بالج أو العمرة فل َيصِ ّح النّكاح‪-‬على ال َقوْ ِل الصّحِيحِ الرّاجح‪-‬لنهي النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬عن‬
‫ذلك أمّا مَا عَدَا ذلك فهو صحيح‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 7‬رمضان ‪1424‬هـ يوافقه ‪2/11/2003‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪426‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س ‪ :6‬الناس معروفٌ أنم عندما يفيضون مِن عرفات إل مزدلفة ومِن مزدلفة إل مِن ‪ ..‬عندما‬
‫يَقطعون الطريق مِن مزدلفة إل مِن يُسْرِعون ف وادي مُحَسّر لكن ل يَعلمون شيئا عن السراع ف هذا‬
‫الوادي عندما يذهبون مِن مِن إل عرفات‪ ،‬فهل يَصنعون نفس الفعل ؟‬
‫ج‪ :‬أنا ل أَجِد روايةً عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬تَدُ ّل على مشروعية السراع أو عدم‬
‫السراع عند الذهاب إل عرفات ف هذا الوادي‪.‬‬
‫وأما عندما يَرجِع الاج مِن عرفة وبعد ذلك مِن الزدلفة إل مِن فإنّ السراعَ ف هذا الوادي عن النب‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ثابت صحيح ل شك فيه‪.‬‬
‫وإذا أردنا أن نَعرِف الكم ف السألة الول ‪ ..‬أي ف مشروعية السراع وعدمه عند الذهاب إل عرفات‬
‫فإنه ينبغي لنا أن َنعْرِف الكمة من إسراع النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ف هذا الوادي‪ ،‬وقد‬
‫ذَكَر العلماء ف ذلك عدّة أمور‪:‬‬
‫مِنهم مَن قال‪ :‬إنا َفعَل ذلك النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬لنّ هذا الوادي مأوى الشياطي فأَسْرَعَ‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬خشيةَ الكَوْنِ ف هذا الوادي‪ ،‬ول أَجِد لم دليل على هذا الكلم‬
‫ولعلهم يَستدِلّون بِحادِثة نَوْمِ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬وصحابتِه الكرام ف الوادي‬
‫إل أن طََلعَت الشمس ث أخبهم النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬بأنّ ف هذا الوادي شيطانا وأَمَرَهم‬
‫بِالروجِ منه والصلةِ بعدَ ذلك فخرجوا‪-‬رضوان ال تعال عليهم‪-‬مع النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬وصَلّوا فريضةَ الفجر بعدَ طلوع الشمس بعدَ الروج مِن ذلك الوادي‪ ،‬ول دليل ف هذا‪ ،‬وذلك‬
‫ت فيه ونام هو وصحابته‪ ،‬وأيضا عندما أمَ َرهُمْ بِالروج ل‬
‫لنّ النب ‪ e‬ل يُسْرِع ف هذا الوادي بل بَا َ‬
‫يَأمُرهم بِالسراع ول يَثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه أنه َأسْ َرعَ عند خروجه منه فإذن ل دللةَ ف هذا‬
‫الدليل الذي استنبطَ منه بعضُ أهل العلم هذا الستنباط‪.‬‬
‫ع عند خروجه مِن هذا‬ ‫وذهب بعضُ أهل العلم إل أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬إنا َأسْ َر َ‬
‫سبُ‬ ‫الوادي لنّ النصارى كانوا يَقفون فيه‪ ،‬وأنا ل أَجِد روايةً صحيحةً ول حسنةً بل حت ول ضعيفة تُنْ َ‬
‫إل النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬تدُلّ على ذلك‪ ،‬وإنا رُوي ذلك عن عمر‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬أنه‬
‫عندما مَرّ بِهذا الوادي ذَكَرَ كلما مِنه‪:‬‬
‫ن النصارى دِينُها‬ ‫مخالِفًا دِي َ‬ ‫‪........................‬‬
‫فقالوا إنّ النب ‪َ e‬أسْ َرعَ مِن أجل ذلك‪ ،‬وهذا كلم مردود‪ ،‬وذلك لنه تَكفي ف الخالَفة ألّ يَقف النب‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ف هذا الوقف وهو ل يَقف ف هذا الوادي وإنا وَقَفَ بِعرفة‪ ،‬كما هو‬

‫‪427‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫معلوم وقد أجعت عليه المّة‪ ،‬وأيضا ل يَْثبُت عن النصارى أنم كانوا يَ ِقفُون ف هذا الكان ول أنم كانوا‬
‫يَحُجّون‪ ،‬فهذا ل دليل فيه البتة على ما ذَكَروه‪.‬‬
‫ومنهم مَن ذَهَبَ إل أنّ النب ‪ ε‬إنا أس َرعَ ف ذلك الوادي مِن أجل مالفة الكفار لنم كانوا يَتفاخرون‬
‫فيه بآبائهم‪ ،‬وهذا ل دليل فيه‪ ،‬وذلك لنه ل يَْثبُت‪-‬أوّل وقبل كل شيء‪-‬عن الكفار أنم كانوا يَتفاخَرون‬
‫بِآبائهم ف هذا الوادي‪ ،‬وإنا كان يَقع مِنهم ذلك ف مِن ‪ ..‬قيل‪ :‬عند جَمْرة العَقَبَة‪ ،‬وقيل‪ :‬ف مِن‪ ،‬ول‬
‫يَثبت عنهم أنم كانوا يَتفاخرون ف هذا الوادي‪ ،‬ث إنه لو كان المر كذلك‪-‬أي لو كانوا يَتفاخرون ف هذا‬
‫الوادي‪-‬لَمَا كان ف ذلك دليل ‪ ،‬لنه يَكفي ف الخالفة ألّ يَقع مِن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫ومِن السلمي ذلك‪.‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم إل أنه إنا أس َرعَ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ف هذا الوادي لنه وَقَعَ فيه‬
‫العذاب على أصحاب الفيل إذ إ ّن الفيلَ وَقَفَ ف هذا الوادي على حسب ما يَ ّدعِيه هؤلء‪ ،‬وليس المر‬
‫كذلك‪ ،‬لنّ الفيلَ ل يَقف ف هذا الوادي وإنا وَقَفَ ف وادي الـ ُمغَمّس وذلك بِالقُرب مِن عرفات‬
‫على طريق الطائف ‪ ..‬هذا هو الثابت عن العَرب ف أخبارِهم وف شِعْرِهِم‪ ،‬ول تَأتِ روايةٌ واحدة تَدلّ‬
‫على أنه وقع ف هذا الوادي‪ ،‬وذلك‪-‬أيضا‪-‬مستبعدٌ جدا لنّ هذا الوادي مِن الرَم والعقوبةُ نَزَلَت عليهم‬
‫قبل دخولِهم الرَم‪ ،‬ولكن ذلك ل يَمنع مِن أنه قد وقعتْ عقوبة مِن الول‪-‬تبارك وتعال‪-‬على بعض الناس‬
‫ف هذا الوادي وإن كنّا ل نَجِد دليل يُحدّ ُد نوعَ هذه العقوبة‪ ،‬وقد قيل‪ :‬إنه وقع ذلك على رجل صَادَ‬
‫صيْدا ف هذا الوادي فوَقعتْ عليه نارٌ فأحرقتْه‪ ،‬ويُمكِن‪-‬أيضا‪-‬أن يَكون بعضُ أصحابِ الفيل قد‬
‫َتقَ ّدمُوا على الفيل وعلى سائر اليش‪-‬على أنن أيضا ل أستطيع الزم بذلك ‪ ..‬وأظن أنّ ذلك ل يَقع‪-‬أما‬
‫المهور العظم والفيل فإنم ل يَصِلُوا إل هذا الكان‪ ،‬والاصل أنّ الذي نَظنّه أنه وَقَعَ ف هذا الوادي‬
‫عذابٌ على بعضِ الناس ول يَلزَم أن ُنعَيّنَ ذلك‪ ،‬ونَستشهِد على ذلك بِإسراعِ النب ‪ ε‬عندما مَرّ بِدار‬
‫ثَمود‪ ،‬فقد أَسرعَ الرسولُ‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ف ذلك الكان‪.‬‬
‫وإذا كان المر كذلك فإننا نقول بِمشروعية السراع‪-‬عند الرور على هذا الوادي ‪ ..‬أي‪-‬ف هذا الوادي عند‬
‫الروج مِن مِن إل عرفات بل حت إذا مَرّ النسان به ف أيّ وقت مِن الوقات ولو ل يَكن ذلك ف الج‬
‫ع فيه الِسراع‪.‬‬
‫فيُشْ َر ُ‬
‫ستَدَ ّل به على عدم الشروعية‪،‬‬ ‫وعدمُ ذِكْر أنّ النب ‪ ε‬أَس َر َ‬
‫ع فيه عندما ذهبَ إل عرفة ل يُمكن أن يُ ْ‬
‫وذلك لنه قد ل يُذْكَر بعضُ أفعالِ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ول يَلْزَم أن يُذْكَر كل ما وقع مِنَ‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإنا الذي ُيْنقَلُ عنه‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ما فيه شَ ْرعٌ لِلمّة‬
‫وقد يكون ذلك بالعبارة وقد يكون بالشارة‪ ،‬وهاهنا تكفي الشارة‪ ،‬لنّ إسراعَه ‪ ε‬عندما رَجَعَ مِن عرفة‬

‫‪428‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ومِن الزدلفة إل مِن يَكفي لِلشارة إل مشروعية هذا السراع‪ ،‬ومَن نَظَرَ ف حَجّة الوداع فإنه يَجِد ف‬
‫بعض الحاديث يُذْكَر كذا ول يُذْكَر كذا وهكذا‪.‬‬
‫هذا ومِن الدير بِالذّكْر أنّ العلماء قد اختلفوا ف هذا الوادي هل هو مِن مِن أو هو مِن الزدلفة ؟ وقد‬
‫جاءتْ بعضُ الدلة تَدلّ على هذا‪ ،‬وجاءتْ بعضُ الدلة تَدلّ على ذاك‪ ،‬وجاءتْ بعضُ الدلة تَدلّ‬
‫على أنه ليس مِن مِن وليس مِن الزدلفة‪ ،‬وأقوى ما جاء حديثٌ عند المام مسلم فيه التصريح بِأنه مِن‬
‫مِن حيث جاء فيه‪ " :‬وهو مِن مِن " ولكنّ هذه الرواية ضعيفةٌ عندي ولو كانت ف صحيح مسلم‪ ،‬والذي‬
‫يَظهر ل بأنه ليس مِن مِن وليس مِن الزدلفة‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬سواء كان مِن مِن أو كان مِن الزدلفة أو ل يَكن مِن هذه ول مِن تلك فإنه ليس لحد‬
‫أن يَبيت فيه ف ليلة الزدلفة على رأي مَن يَقول إنه مِن الزدلفة ول على أن يُقيم فيه ليلة التاسع وليال‬
‫التشريق اعتبارا على أنه مِن مِن على رأي مَن يَقول إنه مِن من‪ ،‬فعلى كل حال ل يُشرَع الكث فيه‬
‫والبقاء فيه سواء قلنا إنه مِن هذه أو مِن تلك أو أنه مستقِل‪.‬‬
‫وهكذا اختلفوا ف عُرنَة هل هي مِن عرفة أو ليست مِن عرفة ؟‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬أيضا ل يَجوز الوقوف با على أنا مِن عرفة سواء قلنا إنا مِن عرفة أو ل نَقُل ذلك‪.‬‬
‫وتَحقيق ذلك ف السألتي معًا يَحتاج إل إطالة ل تَتّسِع لا هذه العجالة وإن كانت هي جديرة بِذلك‬
‫ولكنّ الكم هو ما ذكرناه‪.‬‬
‫هذا ومِن الدير بِالذّكْر‪-‬أيضا‪-‬أنّ وادي مُحَسّر مِن الرَم‪.‬‬
‫خلفا لِمَا ذَهَبَ إليه ابن حزم حيث شَذّ وزَعَم أنه ليس مِن الرَم وإنا هو مِن الـحِل‪ ،‬وكذلك‬
‫شذّ حيث زَعَم أنّ عُرنة ليست مِن الـحِل وأنا مِن الرَم‪.‬‬
‫فالقّ القيقُ بِالقبول أنّ هذا الوادي مِن الرَم وعُرنة مِن الـحِل‪.‬‬
‫وكذلك قد أخطأ خطأً بيّنا مَن زَعَم أنّ عرفة ليست مِن الـحِل وأنا مِن الرَم‪ ،‬والقّ أنا مِن‬
‫الـحِل‪ ،‬وعليه فيَجوز الصيد مِن عرفة ومِن عُرنة‪-‬وكذلك بِالنسبة إل قطْع الشجار فإنّ ذلك ل مانع‬
‫منه‪-‬وإنا يُمنَع مِن ذلك الـمُحْرِم فليْس له أن يَصطاد‪ ،‬وأما الشجر فل مانع مِن ذلك ف الـحِل سواء‬
‫كان معتمِرا أو كان حاجّا‪ ،‬فإذن عَرفة مِن الـحِل‪ ،‬وإنا يُمنَع الـمُحْرِم مِن الصيد لجل أنّ‬
‫الـمُحْرِم يُمنَع مِن ذلك ولو كان ف الـحِل‪ ،‬كما هو معروف ‪ ..‬هذا ما يَظهر ل ف هذه السألة‪.‬‬
‫هذا وكثي مِن الناس يَسألون عمّن ل يَستطِع أن يَقطَع وادي مُحَسّر قبل طلوع الشمس لِوجود زحة أو ما‬
‫شابه ذلك‪ ،‬هل عليه دم ؟ والواب‪ :‬أنّ كثيا مِن أهل العلم قالوا‪ :‬يَجِب على مَن ل يَستطِع أن يَقطَع وادي‬
‫مُحَسّر الدم‪ ,‬وال ّق أنه ل يَجِب عليه بل ل أَستطِيع أن أُوجِب عليه الدم وإن كان قد تَأخّر بِغيْر عذر وإنا‬

‫‪429‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أقول إنه ل يَنبغي لحد أن يَتأخّر‪ ،‬وذلك لنه ل َيرِد دليل يَد ّل على أ ّن مَن ل يَخرُج منه قبل طلوع الشمس‬
‫أَنه يَجِب عليه دم‪ ،‬والصل ف أموال السلمي بِأنا معصومة بِعصمة السلم لا وأنه ل يَجوز لحدٍ أن يُوجِب‬
‫شيئا على أح ٍد بِغيْر دليل‪ ،‬ولِذلك يَنبغي التريّث ف هذه المور ‪ ..‬نعم هذه السألة فيها خلف مشهور‪-‬كما‬
‫ذكرتُ‪-‬ولكننا نَجِد كثيا مِن الناس يُوجِبون الدماء على عباد ال ولو ل يَقل به أحد مِن أهل العلم‪ ،‬كما‬
‫اشتهر عند الكثي‪ " :‬ف الدم دم " ‪ ..‬إذا خرج مِن إنسان دم أوجبوا عليه دما‪ ،‬وكذلك ف كثي مِن المور‬
‫يَجِب التخيي بيْن الدم وبيْن الطعام وبيْن الصيام ولك ّن كثيا مِن الناس ل يُخيّرون عبادَ ال وإنا يُوجِبون‬
‫عليهم الدماء ‪ ..‬هذا إنسان فعل كذا ؟ عليكَ دم ‪ ..‬إنسان تَعطّر مثل ؟ عليكَ دم ‪ ..‬إنسان َقلّم شيئا مِن‬
‫أظافره ؟ عليك دم ‪ ..‬يَنبغي أن يُقال لِعباد ال ‪ I‬بِالتخيي كما خّيرَهم ال تبارك وتعال‪ ،‬وأ ّل نُلزِم عباد ال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬بِما ل يُلزِمهم به الول تبارك وتعال‪ ،‬على أنه يَنبغي أن نَبحث هل َفعَلَ هذا وهو مطئ أو هو‬
‫جاهل أو هو متعمّد ويَعرِف الكم‪ ،‬وهذه السألة‪-‬طبعا‪-‬تَحتاج إل كلم‪ ،‬وذلك ف أجوبة أخرى بشيئة ال‬
‫تبارك وتعال‪ ،‬وإنا أردتُ أن أُنبّه الناس أنه ل يَنبغي أن نُلزِم العباد بِما ل يَلزَمهم‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬إذا كان هنالك‬
‫خيّر الناس وألّ نُوجِب عليهم أمرا واحدا؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫تَخيي ف بعض المور يَنبغي أن نُ َ‬
‫مِن حلقة ‪ 8‬رمضان ‪1424‬هـ يوافقه ‪3/11/2003‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪... :1‬‬
‫ج‪ ... :‬وإذا كان قد وقع ف شيء من معاصي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بأن كان قد فرّط ف شيء من واجبات ال‬
‫فلم يأت با أو أنه فعل شيئا من الحرمات فعليه أن يتخلص قبل فوات الوان سواء كانت تلك القوق من‬
‫حقوق ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أو من حقوق عباده أو من ذوات الوجهي ‪ ..‬أي من القوق الت هي من جهةٍ ل‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬ومن جهةٍ للعباد‪ ،‬فإذا كان قد ترك شيئا من الصلوات أو الصيام أو الزكاة أو ل يأت بفريضة‬
‫الج فعليه أن يعيد تلك الصلوات الت فرّط فيها سواء تركها أو أنه ترك شيئا من أركانا أو شروطها الت ل‬
‫تتم إل با‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل الزكاة إذا كان ل يأت با أو أنه قد أتى با على غي الوجه الذي أمر به‬
‫المول‪-‬تبارك وتعال‪-‬فإنه عليه أن يتخلص من ذلك ‪ ..‬أي عليه أن يقوم بأداء تلك الزكاة الت فرّط فيها إل‬
‫أصحابا الذين بيّنهم ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف سورة التوبة‪ ،1‬وهكذا إذا كان قد فرّط ف شيء من العبادات ‪..‬‬
‫من صيام‪-‬كما قلتُ‪-‬أو أنه ل يأت بالج أو أنه قد أتى به على غي الوجه الصحيح أو أنه قد فرّط ف شيء‬
‫من النذور أو الكفارات أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إذا كان هنالك شيء من حقوق العباد ‪ ..‬إذا كان قد‬

‫ل وَالُ‬
‫ل وَابْ ِن السّبِي ِل فَرِيضَةً مّنَ ا ِ‬
‫ي َوفِي سَبِيلِ ا ِ‬
‫ب وَالْغَا ِرمِ َ‬
‫ي وَاْلعَامِِليَ َعلَْيهَا وَاْل ُم َؤلّفَ ِة ُقلُوُب ُهمْ َوفِي ال ّرقَا ِ‬
‫ت لِ ْل ُفقَرَاء وَاْلمَسَا ِك ِ‬
‫ص َدقَا ُ‬
‫‪ ]-1‬إِّنمَا ال ّ‬
‫َعلِيمٌ َحكِيمٌ [ [ الية‪.] 60 :‬‬
‫‪430‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫اغتصب شيئا من أموال الناس أو أنه قد أخذها بوجه صحيح ولكنه بعد ذلك ل يقم بأداء قيمة تلك الشياء‬
‫إل أصحابا وما شابه ذلك‪ ،‬فإذا كان يعلم حكم ذلك ف الشرع النيف فعليه أن يقوم بتنفيذ ذلك‪ ،‬وإن كان‬
‫ل يعرف ذلك فعليه أن يسأل أهل العلم الذين يثق بدينهم وبعلمهم حت يرشدوه إل الطريق الصحيح للتخلص‬
‫من هذه القوق‪... .‬‬
‫‪ ...‬بالمس حدّثن أحد الثقات بأنّ رجل أعمى ذهب إل الج وكان لبسا لنعال ميطة فرآه بعض الناس‬
‫الذين يظنون أنم يأمرون بالعروف وينهون عن النكر ولكنه‪-‬وللسف الشديد‪-‬جاهل بحكم ال تعال ‪..‬‬
‫جاهل بشرع ال جهل فاضحا فقال له‪ " :‬إنّ حجّك باطل " وقد نَسب هذه الفرية إل أحد علماء السلمي ‪..‬‬
‫افترى على ال وعلى رسوله وعلى أهل العلم‪ ،‬مع أنه ل يقل أحد من السلمي ببطلن حجه‪ ،‬وإنا اللف هل‬
‫الفضل أن يلبس نعال ليست بخيطة أو أنه ل بأس من لباس النعال الخيطة ؟ والق أنه ل بأس بذلك‪ ،‬إذ ل‬
‫يأت دليل يدل على أ ّن الفضل أن يترك النعال الخيطة بل الدليل يدل على خلف ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل‬
‫الحكام‪... .‬‬
‫‪...‬‬
‫لكنن أحب‪-‬كما قلتُ‪-‬أن أنبه إل أنّ مَن زار مريضا ينبغي له أن ينبهه إل هذه المور‪ ،‬وإذا رآه ل يدري‬
‫الحكام الشرعية مكن أن يذكر له‪ " :‬هل أقسمت بشيء من الَيْمان ول تأت با ول تكفّر عنها "‪ ،‬وهكذا‬
‫بالنسبة إل بقية العبادات ‪ ..‬من زكاة وصيام وحج ومن حقوق العباد إل غي ذلك ‪ ..‬هذا أمر مطلوب‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫س ‪ :5‬ولدها توف وعمره سبعة عشر عاما‪-‬قبل شهرين تقريبا‪-‬لكن عندما أُخذ إل القب خرج من‬
‫فمه دم‪ ،‬فهل يعن ذلك إشارة عقاب له أو المر طبيعي ؟ هي قلقة الن‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬ل يلزم أن يكون ذلك فيه إشارة عقاب ول غي ذلك‪ ،‬فلتترك المر على ما هو عليه‪ ،‬وإن كانت‬
‫تستطيع أن تفعل شيئا من الي فلتفعل ‪ ..‬ليس من باب أنه خرج من فمه دم‪ ،‬فل علقة له بذلك المر‪ ،‬لكن‬
‫إذا كانت عليه حقوق للعباد مثل وكانت تستطيع هي أو أبوه إن كان أبوه حيا أو أحد من إخوانه أو أقاربه أو‬
‫حت من سائر السلمي أن يؤدوا تلك القوق الت عليه فليؤدوها عنه‪ ،‬وكذلك إذا كان عليه صيام فليصوموا‬
‫عنه‪ ،‬كما ثبت عن النب ‪ ε‬أنه قال‪ ( :‬مَن مات وعليه صوم صام عنه وليه )‪ ،‬وهكذا إذا كان ل يؤد فريضة‬
‫الج وكان قادرا على أدائها ولكنه فرّط ف ذلك فإذا استطاعوا فينبغي لم أن يؤدوا عنه فريضة الج‪ ،‬كما‬
‫ثبت ذلك عن النب ‪ ، ε‬وهكذا إذا كان ل يُؤد الزكاة فليؤدوا عنه ‪ ..‬إذا كانت لديه أموال فليؤدوا القوق‬
‫الت عليه من ماله‪.‬‬
‫واختلفوا ف الزكاة وف الج إذا ل يوص بما وهكذا بالنسبة إل الكفارات والنذور الت تتاج إل تكفي‪:‬‬

‫‪431‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-1‬فبعض العلماء يقول‪ :‬إنّ الكفارات والنذور الت هي بثابة اليمي‪-‬أي الت يُكفّر عنها كفارة اليمي‪-‬فإنا‬
‫تؤدى من رأس الال‪.‬‬
‫‪-2‬وبعضهم يقول‪ :‬إنا تؤدى مِن الثلث‪.‬‬
‫وكذلك بالنسبة إل الج هل هو مِن الثلث أو مِن أصل الال ؟‬
‫وهكذا الزكاة‪.‬‬
‫وكذا إذا كان ل يوص بذلك‪ ،‬اختلفوا هل تؤدّى عنه ؟‬
‫‪-1‬منهم من يقول‪ :‬إنّ ما كان فيه حق للفقراء والساكي فليُؤَدّ أوصى به أو ل يوص‪ ،‬وذلك كالزكاة فهي‬
‫وإن كانت عبادة ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬فإنّ فيها حقا للفقراء والساكي وهكذا بالنسبة إل كفارات اليان‬
‫وكفارات النذور بلف الج فإنه ل حق فيه للعباد‪.‬‬
‫‪-2‬وبعض العلماء يقول تؤدى عنه وإن كان ل يوص با سواء كانت زكاة أو حجا أو كانت من الكفارات؛‬
‫وهذا هو الواضح الذي تدل عليه الدلة ولكن قبل ذلك ينبغي أن يُقنَع الورثة من باب الروج من اللف إن‬
‫أمكن ذلك‪.‬‬
‫فالاصل أنه ل يكن أن يُحكم عليه بكمٍ بسبب خروج هذا الدم‪ ،‬إذ إنّ ذلك يكن أن يكون طبيعيا؛‬
‫وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 9‬رمضان ‪1424‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪4/11/2003‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪... :1‬‬
‫‪ ...‬وللسف الشديد أنّ بعض أهل العلم قد أخذوا من الديث الذي جاء من طريق أب أمامة‪-‬رضي ال‬
‫تبارك وتعال عنه‪-‬والذي فيه ذِكر " فلن بن فلنة " أنّ النسان إذا ذهب إل الج وأراد أن يلبّي فإنه‬
‫يقول‪ " :‬لبيك عن فلن بن فلنة "‪ ،‬وقد جاءت‪-‬أيضا‪-‬رواية أخرى تدل على ذلك ولكنها باطلة عاطلة؛‬
‫والق القيق بالقبول أنه يقول‪ " :‬بن فلن " ل أن يقول‪ " :‬بن فلنة " أو يكتفي بذكر اسم ذلك الشخص؛‬
‫وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 12‬رمضان ‪1424‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪7/11/2003‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪432‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حرِم إذا ما أخطأ ف أمر مِن‬ ‫س ‪ :1‬ذكرتُم ف حلقة ماضية‪ 1‬أنّ الدماء الت تَجب على الاج أو الُ ْ‬
‫المور أو فعل أمرا مِن المور تَحتاج إل تفصيل وليس كل ما أخطأ فيه الاج يُوجِب الدم وهناك أمور تأت‬
‫على التخيي ‪ ..‬كل هذه نريد فيها شيئا مِن التفصيل باختصار‪.‬‬
‫ج‪... :‬‬
‫أما بالنسبة إل السألة الت طُ ِرحَت الن فإنا‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬تَحتاج إل كلم طويل جدا جدا‪ ،‬وسأتكلم‬
‫على شيء منها بشيئة ال ف الدروس القادمة‪ ،‬ولكن ل بأس مِن الكلم على جزئية واحدة وهي الدماء الت‬
‫ث له شيء ف الج أو وقع منه شيء أو ما شابه ذلك ‪ ..‬مت تَجب على التخيي ؟ ومت‬ ‫تَجب على مَن حَدَ َ‬
‫تَجب على الترتيب ؟‬
‫نَحن نَعلم أنّ العلماء قد اختلفوا ف كثي مِن هذه الدماء هل تَجِب أو ل َتجِب مع اتّفاقهم على وجوب‬
‫بعضها‪ ،‬لِوجود نصوص صرية دالّة عليها‪.‬‬
‫فالدماء الت اتّفقت المّة على وجوبا هي‪:‬‬
‫‪-1‬هدْي التَ َمتّع‪ ،‬فمَن تَ َمتّع بِالعُمرة إل الج فإنه يَجِب عليه الدْي إن كان واجِدا لِذلك بِشروطٍ معروفة َتصِل‬
‫ف كثي بيْن أهل العلم ف هذه الشروط‪ ،‬وسأَُبّينُها أو ُأبَيّنُ أَكثَرَها بِمشيئة ال ف‬ ‫إل عشرة أو تَزيد على خل ٍ‬
‫ت فيه تلك الشروط يَجِب عليه الدْي بِاتّفاق المّة‪ ،‬وذلك لنّ هذا الدْي‬ ‫الدروس القادمة‪ ،‬فا ُلتَ َمتّع إذا تَوافَرَ ْ‬
‫ف بيْن السلمي‪ ،‬فمَن وَجَدَ الدْي فعليه‬ ‫منصوص عليه ف كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فل يُمكِن أن يَقع فيه خل ٌ‬
‫الدْي‪ ،‬ومَن ل يَجِد فعليه أن يَصوم عشرة أيام ‪ ..‬يَصوم ثلث َة أيام ف الج ويَصوم البقية الَتَبقّيَة‪-‬وهي سبعة‪-‬‬
‫إذا رجع إل بلده‪ 2‬على تفصيلٍ ف وقت الصيام ف الج‪ ،‬ول داعي لِذِكْر ذلك‪ ،‬لنه يَطول به القام جدا‪،‬‬
‫لِوجود اللف ولِلخلف‪-‬أيضا‪-‬ف بعض الدلة الواردة ف السألة‪ ،‬وسوف أتكلم عليها بشيئة ال ف الدروس‬
‫القادمة‪ ،‬فهذا الدم ُمتّفَ ٌق عليه بيْن أهل العلم‪ ،‬وإنا اختلفوا ف القارِن هل عليه هدْي أو ل ؟‬
‫فالذي ذهب إليه جهور المّة‪-‬وكاد بعض العلماء يَحكي عليه التفاق‪-‬أنه يَجِب عليه الدْي‪.‬‬
‫وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل عدم وجوب الدْي عليه‪.‬‬
‫ول شك أ ّن القول بوجوب الدْي أحْوط وأسْلم‪ ،‬وسأَبيّنُ دليله‪-‬أيضا‪-‬بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف وقتٍ‬
‫لحِق‪ ،‬والكلم ف هذا الدْي كالكلم ف هدْي التمتّع مِن حيث إنه ُيقَ ّد ُم الدْي‪ ،‬وليس لحد أن يَصوم إل إذا‬
‫ل يَجِد الدْي‪.‬‬

‫‪-1‬عند الواب على السؤال ‪ 6‬مِن حلقة ‪ 8‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪3/11/2003‬م )‪.‬‬
‫ج ْد َفصِيَامُ ثَلثَةِ أَيّا ٍم فِي اْلحَ ّج َوسَْبعَةٍ إِذَا‬
‫‪-2‬قال ال تعال‪ ... } :‬فَإِذَا َأمِنُتمْ َفمَن َتمَّتعَ بِاْل ُعمْرَةِ ِإلَى اْلحَ ّج َفمَا اسْتَْيسَ َر مِنَ اْل َهدْيِ َفمَن ّلمْ َي ِ‬
‫سجِدِ اْلحَرَامِ ‪ [ { ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.] 196 :‬‬ ‫ك ِلمَن ّلمْ َيكُنْ َأ ْهلُهُ حَاضِرِي اْل َم ْ‬ ‫رَ َجعْتُ ْم ِتلْكَ َعشَرَةٌ كَا ِملَةٌ َذلِ َ‬
‫‪433‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-2‬والدم الثان هو فِدية مَن حَلَقَ رأسَه‪ ،‬فمَن َحلَقَ رأسَه لِوجود عذ ٍر فإنه يَجِب عليه الدْي وهذا الدْي على‬
‫التخيي فإما أن يَذب َح النسانُ شا ًة وإما أن يَصوم ثلثةَ أيام وإما أن يُطعِم سّتةَ مساكي ‪ ..‬يُعطي كل مسكي‬
‫ع سواء كان مِن البُر أو الرز أو ما شابه ذلك مِن البوب‪ ،‬خلفا ِلمَن قال‪ :‬إنه يَدفَع مِن البُر ُربْعَ‬ ‫نصفَ صا ٍ‬
‫صاع وهو العروف بِالـمُد‪ ،‬فهذا قولٌ ضعيف‪ ،‬مالِف لِلحديث الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪ ،‬فالنسان مُخيّر ف هذه الفِدية‪.‬‬
‫حرِم عَنْ ِفعْلها‪ ،‬وذلك كلباس الَخِيط‬ ‫وقد أَلْحَقَ جهور المّة ِبفِدية الرأس ما شابه ذلك مِن المور الت ُينْهَى الُ ْ‬
‫‪ ..‬يعبّرون بالَخِيط ول ف ذلك نظرٌ‪-‬سأُبيّنه قريبا بشيئة ال تبارك وتعال‪-‬وكاستعمال الطِيب وكقصّ الظافر‬
‫وما شابه ذلك مِن المور الت وَ َر َد فيها النهي‪:‬‬
‫ص الكتاب‪ 1‬والسنّة على ذلك‪.‬‬ ‫فإن كانت هذه على سبيل العُذْر فهي على التخيي‪ ،‬بِاتّفاق أهل العلم‪ ،‬لِن ّ‬
‫أما إذا كانت على سبيل العمْد مِن غيْرِ عُذْرٍ شرعي فقد اختلف العلماء ف ذلك‪:‬‬
‫ذهب بعضهم إل أنا على التخيي‪ ،‬وذلك لنّ الدليل الذي دلّ على ذلك هو الدليل السابق‪ ،‬فإذن هي على‬
‫التخيي‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إل أنا على الترتيب‪ ،‬فمَن َوجَدَ الدم فليس له أن َيعْدِلَ إل غيه‪ ،‬وذلك لنّ هذا قد تَعمّد‬
‫وَفعَلَ ذلك مِن غيْ ِر عُذْرٍ شرعي فلبد مِن أن يُشَدّ َد عليه‪ ،‬كمَن َقتَلَ عمْدا‪ ،‬فإنه يُشَدّدُ عليه ف الكفارة مِن‬
‫نَا ِحَيتَيْن‪ ،‬كما هو معلوم ف ذلك الباب‪.‬‬
‫ق بينهما‪ ،‬إذ ل يَأتِ دليل يَد ّل على التفريق‪ ،‬والقياس على الكفارات وما شابه‬ ‫والذي أراه أنه ل يُمكِن أن ُيفَ ّر َ‬
‫ذلك ل يُمكِن أن يُصار إليه ف مثل هذه القضية‪ ،‬وبيان ذلك ف غي هذا الوضع بِمشيئة ال تبارك وتعال‪،‬‬
‫خيّر بيْن هذه الشياء بل وليس له أن يَفتدِي بِواحدٍ‬ ‫ويُسَْتْثنَى مِن هذا المر مَن َو ِطئَ زوجتَه ف الج فإنه ل يُ َ‬
‫مِن الثلثة الذكورة وإنا عليه أن يَذبح بَ َدنَة على تفصيل بيْن العلماء ف ذلك إذا كان ذلك َقبْل التحلّلِ الصغر‬
‫أو مطلقا‪:‬‬
‫حلّلِ الصغر‪.‬‬
‫فمنهم مَن يقول‪ :‬ذلك يكون َقبْ َل التَ َ‬
‫وبعضهم يقول‪ :‬ذلك مطلقا‪.‬‬
‫وبيان ذلك‪-‬أيضا‪-‬ليس ف هذا الوضِع‪ ،‬وهذا قد ذهب إليه كثي مِن أهل العلم‪ ،‬وإن كان الدليل عليه ليس‬
‫قطعيا‪.‬‬

‫ص َدقَةٍ َأوْ‬
‫حلّهُ َفمَن كَانَ مِنكُم مّرِيضا َأ ْو بِ ِه أَذًى مّن رّْأسِ ِه َففِدْيَ ٌة مّن صِيَامٍ َأوْ َ‬
‫حلِقُوا ُرؤُو َس ُكمْ حَتّى َيْبلُغَ اْل َهدْيُ َم ِ‬
‫‪-1‬قال ال تعال‪ ... } :‬وَ َل َت ْ‬
‫ُنسُكٍ ‪ [ { ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.] 196 :‬‬
‫‪434‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-3‬ومِن ذلك جزا ُء الصيد‪ ،‬فإنه منصوص عليه بنَصّ قاط ٍع مِن كتاب ال تبارك وتعال‪ ،1‬وهو على التخيي‪ ،‬إما‬
‫أن يَذبح النسان ذبيح ًة تُساوي ذلك الصيد الذي صَادَه‪ ،‬وذلك معلوم ف كتب الفقه‪ ،‬وإما أن ُيقَ ّومَ ذلك‬
‫بالدراهم ث يَشتري بِقيمة تلك الدراهم طعاما ويَدفع لكل مسكي نصف صاع مِن ذلك الطعام‪ ،‬وإما أن يَصوم‬
‫بِمقدار يوم بِمقابل إطعامِ مسكي فإذا كان الطعام يُساوي طعا َم ثلثي مسكينا فعليه أن يَصوم ثلثي يوما أو‬
‫كان ذلك أكثر فعليه أن يَصوم بعدد ذلك وهكذا إذا كان أقل وليس له أن يَدفع قيمة الطعام بل عليه أن ُي َقوّمَ‬
‫ذلك بالدراهم ث يشتري بذلك طعاما ويَدفعه وليس له أن يَدفع القيمة‪ ،‬وف هذه السألة تفاصيل كثية‪ ،‬ل‬
‫أريد أن أبيّنها الن‪.2‬‬
‫حصَر‪ ،‬فمَن أُ ْحصِرَ عن الج أو العُمرة فعليه الدْي ‪ ..‬عليه أن يَذبح ذبيحة‪ ،3‬واختلفوا‬ ‫‪-4‬ومِن ذلك هدْي الُ ْ‬
‫إذا ل يَستطع على الدْي هل يَجب عليه الصيام ؟‬
‫فذهب كثي مِن أهل العلم إل أنه َيجِب عليه الصيام ‪ ..‬عليه أن يَصوم عشرة أيام‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إل أنه ل َيجِب عليه صيام‪ ،‬وذلك أنه ل يُوجَد دليل صريح يَدُلّ على ذلك‪ ،‬وإنا قال مَن قال‬
‫مِن أهل العلم بِذلك اعتمادا على القياس على هدْي التمتّع‪.‬‬
‫وهذا القياس فيه نظر‪ ،‬فالصحيح عندي أنه ل يَجب عليه الصيام‪ ،‬فإن ل يَجِد الدْي فل شيء عليه‪-‬بشيئة‬
‫ال‪-‬وهذا إذا ل يَشترِط‪ ،‬أما إذا اشترَط فل هدْي عليه على الصحيح‪.‬‬
‫خلفا لِمَن قال‪ " :‬إنّ الشتراط منسوخ "‪ ،‬ولِمَن قال‪ " :‬إ ّن الشتراط ل يَكفي ف عدم وجوب الدْي "‪،‬‬
‫فهذان القولن ضعيفان على التحقيق‪ ،‬وأوُّلهُمَا أضعف مِن الثان‪ ،‬لنه ل يُوجَد هنالك ناسخ لِهذا الديث‬
‫البتّة‪ ،‬وهو حديثٌ‪-‬أعن حديث " الشتراط " حديث‪-‬صحيح ثابت‪.‬‬
‫فهذه الدماء ُمّتفَ ٌق عليها‪ ،‬لِنصوص صرية مِن الكتاب عليها‪ ،‬وهي على حسب ما َبيّْنتُ‪ ،‬ولكنْ‪َ-‬نعَمْ‪-‬يُوجَد‬
‫خلفٌ ف فِدية الذى‪ ،‬فالتّفَق عليه هو فِدية اللْق ِلمَن كان معذورا ‪ ..‬أي اضطُر إل ذلك فهو مّتفَق عليه‪،‬‬
‫ح َق ٌة بِذلك على خلف بيْن أهل العلم ف ذلك‪.‬‬ ‫أما البقية فهي ُملْ َ‬
‫وبقي الكلم ف الخطِئ‪:‬‬
‫فمنهم مَن يقول‪ :‬عليه الفِدية‪.‬‬
‫ومنهم مَن يقول‪ :‬ل فدية عليه‪ ،‬وهو الصحيح عندي‪.‬‬

‫ح ُك ُم بِهِ َذوَا َعدْ ٍل مّنكُمْ‬


‫‪-1‬قال ال تعال‪ } :‬يَا أَّيهَا اّلذِي َن آمَنُوا َل َتقُْتلُوا الصّْي َد وَأَنُتمْ حُ ُرمٌ َومَن قََتلَهُ مِنكُم مَّت َع ّمدًا َفجَزَا ٌء مّثْلُ مَا قَتَ َل مِنَ الّن َعمِ َي ْ‬
‫ل مِنْهُ وَالُ عَزِيزٌ ذُو‬ ‫ل َعمّا َسلَف َومَنْ عَا َد فَيَنَت ِقمُ ا ُ‬ ‫ق وَبَا َل َأمْرِهِ َعفَا ا ُ‬‫َهدْيًا بَاِلغَ اْل َكعْبَةِ َأوْ َكفّارَةٌ َطعَامُ َمسَا ِكيَ أَو َعدْلُ َذلِكَ صِيَامًا لَّيذُو َ‬
‫انِْتقَا ٍم { [ سورة الائدة‪ ،‬الية‪.] 95 :‬‬
‫‪-2‬وقد بيّن الشيخ تفاصيل أخرى ف هذه السألة عند الواب على السؤال ‪ 5‬مِن حلقة ‪ 16‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪11/11/2003‬م )‪.‬‬
‫ل فَِإنْ أُ ْحصِرُْتمْ َفمَا اسْتَْيسَ َر مِنَ اْل َهدْيِ ‪ [ { ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.] 196 :‬‬ ‫‪-3‬قال ال تعال‪ } :‬وَأَِتمّوا اْلحَ ّج وَاْلعُمْرَ َة ِ‬
‫‪435‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ق بيْن بعض المور فيُوجِب الفِدية فيها ول يُوجِب الفِدية ف البعض الخر‪ ،‬فلباس الثياب‬ ‫ومنهم مَن ُيفَ ّر ُ‬
‫المنوعة والعطر وما شابه ذلك ‪ ..‬هذه المور ل فِدية فيها ‪ ..‬أعن على الناسي ومَن كان ف حكمه‪ ،‬وأما‬
‫بعض المور الت فيها إتلف أو ما شابه التلف ‪ ..‬التلف‪ :‬مثل كتقليم الظافر أو كجذْب الشعر أو حلْق‬
‫الشعر أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ف ذلك إتلف‪ ،‬وما شابه التلف‪ :‬الوطء‪ ،‬فإنه وإن ل يكن إتلفا فهو بيْنه وبيْن‬
‫التلف مشابَهة‪ ،‬كما ل يَخفى‪ ،‬كما هو ُمبَيّن ف هذا الباب‪.‬‬
‫وبقي اللف ف الاهل‪:‬‬
‫بعضهم يُوجِب عليه الفِدية‪.‬‬
‫وبعضهم ل يُوجِبها‪.‬‬
‫وبعضهم ُيفَصّل بيْن ما فيه إتلف وما شابه التلف وبيْن ما ل يكن فيه ذلك كما قدمتُ‪.‬‬
‫والاهل الذي ل ُيفَرّط ف أحكام شرع ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬الصحيح ل فِدية عليه‪ ،‬وسأقيم الدليل على ذلك‬
‫بشيئة ال ف الدروس القادمة‪.‬‬
‫بقي هنالك مَن َفعَ َل شيئا مِن المور التعلّقة بِالج ول َتَتعَلّق بِالسد‪ ،‬كمَن قَ ّد َم شيئا على شيء أو تَ َركَ ِشيئا‬
‫مِن الواجبات أو ما شابه ذلك‪ ،‬وذلك‪-‬مثل‪-‬كمَن جَاوَزَ اليقات ول يُحرِم ول يَرجع إليه أو رَجَعَ على رأي‬
‫بعض أهل العلم‪ ،‬أو تَ َر َك شيئا مِن الرمي على خلف طويل ف ذلك‪ ،‬وما شابه هذه المور‪ ،‬فهل تكون هذه‬
‫على التخيي أو تكون على الترتيب ؟‬
‫أوّل‪ :‬أنا ل أَجِد دليل يَدُلّ على إِياب الدماء ف هذه المور مِن سنّة رسول ال ‪ ، e‬والديث الدال على‬
‫ذلك حديث ل يَصح عن النب ‪ ، e‬وإنا تُوجَد ف ذلك رواية عن ابن عباس‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬وقد اختلف‬
‫العلماء هل هي ممولة على الرفع معنًى وإن كانت موقوفة ف اللفظ‪:‬‬
‫فذهب بعضهم إل ذلك‪.‬‬
‫ت مِن ذلك الباب‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إل أنّ السأل َة اجتهادية وليس ْ‬
‫والمر مُحتمِل‪ ،‬وعلى القول بِإياب الدماء ف هذه السائل‪-‬كما هو مذهب المهور على تفصيل فيها‪-‬فهي‬
‫على الترتيب‪ ،‬أوّل يَجِب على النسان أن يَذْبح َدمًا فإن ل يَست ِطعْ على ذلك هل عليه شيء أو ل يقال‪" :‬‬
‫يَجِب‪ 1‬عليه شيء " ؟‬
‫منهم مَن يَذكر هذا ول يُوجِب عليه شيئا بعد ذلك‪.‬‬
‫ويُؤخَذ مِن كلم بعضهم أنه عليه أن يَصوم عشرة أيام‪.‬‬
‫والصيام ل نراه أبدا‪ ،‬والدم نَحكم به إذا حكَمنا به ف بعض السائل القليلة النادِرة جدا‪.‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬ل يب " ويبدو أنّ " ل " هنا زائدة‪.‬‬
‫‪436‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ف كثي مِن الناس ف إِياب الدماء على عباد ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بِما ل يُوجِبه عليهم الول تبارك‬ ‫وقد َأسْرَ َ‬
‫وتعال ‪ " ..‬مَن َفعَ َل كذا عليه دم " ‪ ..‬ل يَذكرون التخيي فيما فيه التخيي‪ ،‬ويُو ِجبُون ف كثي مِن المور الت‬
‫ل يَأتِ عليها دليل‪ ،‬وف أكثرِها ل يَقل به أحد مِن علماء السلمي أو قال به قِلّة قليلة مِن أهل العلم‪ ،‬وأنا‪-‬‬
‫حقيقة كما قلتُ‪-‬ل أَجِد دليل على ذلك‪ ،‬وإنا‪-‬كما قلتُ‪-‬أَخذوه مِن كلم ابن عباس وهو مُحت ِملٌ لِلمْريْن‬
‫ض المور فإنه أُ ْحصِر‬ ‫وجانب الجتهاد أقوى‪ ،‬وقد يُؤخَذ ذلك‪-‬أيضا‪-‬مِن باب الِ ْحصَار خاصّة ف مَن تَ َركَ بع َ‬
‫عنها إذا كان ذلك لِسبب مِن السباب فقد يُؤخَذ ذلك مِن الِ ْحصَار ويُقال‪ " :‬عليه بِالدم " ولكن‪-‬كما‬
‫قلتُ‪-‬ذلك ف أمور بسيطة جدا‪ ،‬سأَُفصّلُ الكلم عليها بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف الدروس القادمة‪ ،‬فليتّقِ ال‬
‫أولئك الذين يُوجِبون كثيا مِن الدماء على عباد ال ‪ Ι‬ول دليل لم على ذلك‪ ،‬بل كثي مِن تلك المور ل يَقل‬
‫با أحد مِن علماء السلمي أو ش ّذ مَن قال بذلك‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬لِيتّقوا ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف تلك المور الت ل‬
‫خيّرُون عباد ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فيها مع أنه قد وَ َر َد فيها التخيي مع أنّ التخيي أسْهل بِكثي ‪ ..‬هذا ل َيجِد ما‬ ‫يُ َ‬
‫يَشتري به شا ًة ‪ ..‬مثل قيمةُ الشاة تُساوي ثلثائة ريال سعودي أو أكثر وهو ل يَجِد ذلك ومِن السْهل عليه‬
‫أن يَصو َم ثلثة أيام أو أن يُطعِم سّت ًة مِن الساكي أو يَجِد الال ولكنه ل يَعرف الساكي فيَخشى أن يَضعها ف‬
‫غي الوضع الصحيح بينما إذا صام ‪ ..‬ذلك أسْهل عليه مِن حيث إنه ل قيمة عليه ومِن حيث إنه يَعلم بِأنه قد‬
‫أدّى ما َأوْ َجبَه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليه‪ ،‬فعلينا‪-‬إذن‪-‬أن َنفْعَ َل بِحسب ما َد ّل عليه الدليل إن وُجِد هنالك دليل‪،‬‬
‫وما ل يُوجَد فيه دليل فإذا قال به بعض العلماء فل بأس مِن تقليدِهم بِالنسبة لِمَن ل قدرة له‪ ،‬أما إذا أفت علماء‬
‫ف بِذلك اللهم إل إذا أراد‬ ‫السلمي الذين يُوثَق بم وَبّينُوا أنه ل دليل على ذلك وأ ّن النسان ل يُمكِن أن ُيكَلّ َ‬
‫جهّال أن ُيكَّلفُوا عبادَ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بِما ل َي ْأمُرْهم بِه الول‬ ‫أن يَأت بِذلك على سبيل الحتياط فل يَنبغي لِل ُ‬
‫تبارك وتعال‪.‬‬
‫هذا وهنالك بعض المور الت تَحتاج إل تنبيه فل يُمكِن أن تُؤخَذ مِن هذا الواب الجال‪ ،‬لنّ بعض‬
‫المور‪-‬أيضا‪-‬ل فِدية فيها على مذهب جهور السلمي‪ ،‬وذلك َكعَقْدِ النكاح لِلْ ُمحْرِم فإنّ العلماء قد اختلفوا‬
‫هل يَجوز له أن َي ْعقِ َد النكاح أو ل يَجوز له‪ ،‬وعلى القول بِعدم الواز فإنّ المهور ل يَ َر ْو َن عليه الفِدية‪ ،‬فل‬
‫يُمكن‪-‬أيضا‪-‬أن نُوجِب عليه الفِدية‪.‬‬
‫ص شيئا لَم يُو ِجبْه عليه الول ول‬ ‫ض أهل العلم قالوا‪ :‬إ ّن مَن َأوْ َجبَ على شخ ٍ‬ ‫هذا ومِن الدير بِالذّكر أ ّن بع َ‬
‫َيقْتَ ِد بِأح ٍد مِن علماء السلمي وهو يَتظاهر بِأنه مِن أهل العلم وهو ليس ف العِي ول ف الّنفِي أنه يَجِب عليه أن‬
‫لهّال الذين ظنّوا فيه بِأنه مِن أهل العلم وهو ليس مِن ذلك الباب‪ ،‬وهو قولٌ‬ ‫سا ُ‬‫ض النا ِ‬
‫يَقوم ِبغُ ْرمِ ما أفت بِه بع َ‬
‫ع أولئك الهال الذي يُفتُون‬ ‫حكَ ْمتُ عليه بِذلك وأَلْ َز ْمتُهُ أن ُيَنفّذَ ذلك حت يَ ْرتَ ِد َ‬‫سائغ قوي‪ ،‬ولو كنتُ قاضيا َل َ‬
‫عبادَ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بِغي علم‪.‬‬

‫‪437‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫أما أولئك الهلة الذين ل دِراية لم بِشيء مِن العلم ول يَتظاهَروا بِذلك وهم معروفون بِذلك فإذا أَ ْفَتوْا بِشيءٍ‬
‫ض نفسَه لِمِثل‬ ‫حكُ َم عليهم ِبغُ ْرمِ ذلك‪ ،‬وذلك لنم ل ُيعْرفُ عنهم العلم‪ ،‬فمَن سألم فقد عَ ّر َ‬
‫فل يُمكِن أن نَ ْ‬
‫هذه المور‪ ،‬وقد ذَ َك َر المام السالي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬ف باب أصول الفقه مِن " جوهر النظام " القولَ‬
‫الذي قال به بعض أهل العلم بِوجوب الغُ ْر ِم على مَن أفت بِغيْر علم وهو يَتظاهر أنه مِن أهل العلم‪ ،‬فمَن شاء‬
‫ذلك ف ْليَرْجِع إليه‪:1‬‬
‫‪.........................‬‬ ‫وجاهل أفت فليس َيغْرُم‬
‫إل أن قال الشيخ‪:‬‬
‫وإنا يَضمَن ف ذاك الوسط‬ ‫‪...................‬‬
‫بِحاله وإنه لَجاهل‬ ‫لنه غَرّ الذي يُسائِل‬
‫ي أهل العلم وهو ليس منهم فالاهل قد اغتَرّ به ‪ ..‬مأمور بِالسؤال‬ ‫‪ ..‬هو جاهل ولكنه غَ ّر غيْرَه ‪َ ..‬يتَ َزيّى بِز ّ‬
‫سأَ َل وأفتاه هذا الاهل فمِن حقّه أن يُطالِب بِحقّه‪ ،‬وأنا أنصح الناس جيعا بأ ّل يَسألوا إل مَن يَثقون بِعلمه‬ ‫فَ‬
‫ودينه‪ ،‬لنم مأمورون بِسؤال أهل الذّكْر ولنم مأمورون ِبرَ ّد السائل إل كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وسنّة‬
‫رسوله‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وبِما أنم ل يَستطيعون ذلك فإنم يَرُدّون ذلك إل أهل العلم الذين‬
‫ت بِشيءٍ كبي‪ ،‬ل ّن السألة طويلة‪،‬‬ ‫يَستْنبِطون ذلك مِن الكتاب والسنّة؛ ومعذرة على هذه الطالة مع أنن ل آ ِ‬
‫وعسى أن تكون ف ذلك فائدة؛ وال أعلم‪.‬‬
‫سبَ ذلك‬ ‫ك باطل " ونَ َ‬‫وما مسألة ذلك الاهل الذي قال لِرجل أعمى لبس نِعال مَخيطة ‪ ..‬قال له‪ " :‬إنّ حَجّ َ‬
‫إل بعضِ علماء السلمي‪ ،‬وذلك كل ٌم باطل ل يَقل بِه أحد مِن علماء السلمي البتّة وإنا الكلم هل الفضل‬
‫أن يلبس هذه أو تلك ؟ ول دليل‪-‬أيضا‪-‬حت على تفضيل أن يلبس غي الـمَخيطة‪-‬أعن النعال‪-‬بل الدليل قد‬
‫دَلّ على جواز ذلك‪ ،‬فهذا الاهل الغِر قد قال‪ " :‬إنّ حَج ذلك السكي باطل " فإنّا ل وإنّا إليه راجعون‪.‬‬
‫س ‪ :4‬هذه الرأة الت ذهبت إل الج جاءها اليض بعد الزوال ف يوم عرفة ؟‬
‫ت وتَ َطهّرَتْ ‪ ..‬أي‬
‫ج‪ :‬ل َيضُرّها ذلك‪ ،‬لنا‪-‬على حسب كلم السائل‪-‬طافت طواف الفاضة بعدَ أن َطهُرَ ْ‬
‫ت مِن اليض وما دام المر كذلك فل علقة لِلحيض بِالوقوف بِعرفة فوقوفها‬ ‫بعد أن انتهى حيضها واغتسل ْ‬
‫صحيح بِمشيئة ال؛ وال أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 15‬رمضان ‪1424‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪10/11/2003‬م‬
‫‪-1‬هذا ما قاله المام نور الدين السالي ف باب‪ :‬أصول الفقه‪ ،‬مِن كتابه " جوهر النظام "‪:‬‬
‫ي ثلثًا أََتمّاوإنا‬
‫ف ما يَقصدُ ف جَنانِهمثالُه أن ُيعْطِيَنّ المّامع البن َ‬
‫وزلّة العالِم ف فتواهرفوعةٌ عنه وما أوْلهوذاك أن يَخرُج مِن لسانِهخل ُ‬
‫الضما ُن لِلذي عَملبِقوله إذ لِلخطا منه قَبلوجاه ٌل أفت فليس َيغْرُمإن خالَف ال ّق ولكن يَأثَملنه يُعرَف بِالهل فقطوإنا يَضمَن ف ذاك‬
‫الوسطلنه غَ ّر الذي يُسائِلبِحاله وإنه لَجاهلول ضمان إن يَكن ل يَخ ُرجِن قولِ كلّ العلماءِ الـحُججِ‬
‫‪438‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :1‬ما حكم الَقِيل بِمكّة أيام مِن ؟‬
‫ج‪ :‬إ ّن الثابتَ ف سنّة رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أنّ رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫ج مِن مكّة الكرّمة ف اليوم الثامن مِن شهر ذي الجّة إل مِن وصَلّى بِها الظهر والعصر‬ ‫آله وسلم‪َ -‬خرَ َ‬
‫والغرب والعِشاء والفجر‪ ،‬ث بعد ذلك َذ َهبَ إل عرفة ‪ ..‬صَلّى أوّلً الظهر والعصر جَمْعا ِبنَ ِمرَة ث َذ َهبَ إل‬
‫ج منها‬ ‫صلّى الفجر و َدعَا خَ َر َ‬
‫ج منها بعد غروب الشمس ودخول الليل وباتَ بِالزدلفة‪ ،‬ث بَعد أن َ‬ ‫عَرفة‪ ،‬ث خَ َر َ‬
‫إل مِن و َرمَى َجمْرة ال َع َقبَة و َذبَح‪ ،‬ث َذ َهبَ إل مكّة الكرَمة وطاف بِها ول يَسْعَ لنه قد َسعَى مِن قبل وسَ ْعيُه‬
‫ذلك كان كافيا له لنه كان قَارِنا بيْن حَجّه وعُمرته صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وقد جاء ف بعض الروايات أنه‬
‫صَلّى الظهر بِمكّة ث ذهب إل مِن‪ ،‬وجاء ف بعض الروايات أنه صَلّى الظهر بِمِن‪ ،‬وقد اختلف العلماء ف‬
‫هاتي الروايتي‪:‬‬
‫منهم مَن صَحّحَ رواي َة الصلة بِمِن‪.‬‬
‫ومنهم مَن َع َكسَ ذلك‪ ،‬كما ذكرتُ ذلك ف " الطوفان "‪ ،1‬فمَن شاء ذلك ف ْليَ ْرجِع إليه‪.‬‬
‫صلّى بِأصحابه َن ْفلً وصَلّوا‬ ‫ويُمكِن أن تكون الروايتان صحيحتي معا ويُجمع بينهما بِأنه صَلّى الظهر بِمكّة ث َ‬
‫خلْفه فريضة ويكون الطأ قد وَقَعَ ف قول الراوي‪ " :‬فريضة " وإل فإنه قد صَلّى ف الوضعي معا إل أنه صَلّى‬
‫بِمِن نافلة فتكون كل واحدة مِن الروايتي صحيحة بِاستثناء كلمة‪ " :‬الظهر " فإنا ل تَصح‪ ،‬وهذا له احتمالٌ‬
‫قوي‪ ،‬وقد جاءت أدلّة متعدّدة تَدلّ على مشروعية إمام ِة التنفّل بِالفترِض‪.‬‬
‫وف هذا دلل ٌة واضحة أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ل َيبْ َق بِمكّة ف هذه اليام بل رَجَعَ‬
‫إل مِن مباشَرة‪.‬‬
‫فما يَذْ ُكرُه كثي مِن الفقهاء مِن أنّ النسان له أن يَبقى بِمكّة الكرّمة وأنه ل بأس بذلك ‪ ..‬نقول‪ :‬هذا المر‬
‫مُخالِف لِسنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬إذ إنه بِمجرّد انتهائِه مِن طوافِه صلوات ال‬
‫وسلمه عليه‪-‬وصلةِ الظهر على تقدير ثبوتِ هذه الرواية‪َ -‬ذهَبَ إل مِن مباشَرة فمِن َأيْنَ يُمكِن أن يُقال‪" :‬‬
‫إ ّن السنّة تَدلّ على أنه ل بأس مِن البقاء بِمكّة " مع ِفعْلِ رسول ال ‪ e‬الذي ذكرناه ؟! فينبغي لِلنسان عندما‬
‫يَنتهي مِن طواف الفاضة أو السعي إذا كان عليه السعي أن يَذهب إل مِن مباشَرة سواءً كان ذلك ف الليل أو‬
‫ف النهار ‪ ..‬هذا هو الذي دَلّت عليه السنّة الصحيحة الثابتة عن النب ‪ e‬ثبوتًا ل شك فيه‪.‬‬
‫ول عِبة بِرأي مَن خالَف ذلك‪ ،‬فإنّ العبةَ بِالسنّة ف مثل هذه المور‪ ،‬كما هو معلوم‪.‬‬

‫‪-1‬الزء الثالث من كتاب " الطوفان الارف لكتائب البغي والعدوان "‪ ،‬الطبعة الول ( ‪1420‬هـ‪2000-‬م )‪ ،‬ص ‪.339-337‬‬
‫‪439‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫هذا وما جاء ف بعض الروايات مِن أنّ النب ‪ ε‬طاف ليل أو أنه كان يَذهب ف ليال مِن ويَطوف بِالبيت فإنّ‬
‫تلك الروايات ل تَثبت عن رسول ال ‪ ، ε‬فهي مِن النكَارة بِمكان‪.‬‬
‫فإذن السنّة البقاء ف مِن ف هذه اليام سواءً كان ذلك ف الليل أو ف النهار بِاستثناء أداءِ الطواف والسعي ِلمَن‬
‫عليه سعي؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :2‬ف هذه اليام ربا لِكثرة الزحام وكثرة السيارات قد ل َيجِد الاج طريقا مُمهّدا إل مكة ومِن‬
‫مكة إل مِن فيَذهب لِطواف الفاضة ويَعود ف وقت مُتأخّر ‪ ..‬يَعن قبل الفجر بِساعة أو ساعتي يَعود إل مِن‪،‬‬
‫هل عليه بأس ؟‬
‫ف نفسًا إل وسعها‪} :‬‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذه ضرورة والضرور ُة ُتقَدّ ُر ِبقَدرِها‪ ،‬وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ل يُكَلّ ُ‬
‫ل َنفْسًا إِل مَا آتَاهَا ‪ [ { ...‬سورة الطلق‪ ،‬من الية‪ .. ] 7 :‬ما جعل عليكم ف الدين مِن‬ ‫‪ ...‬ل يُكَلّفُ ا ُ‬
‫حرج ‪ ..‬يريد بكم اليُسْر‪ ،‬فالدّين بِحمد ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬يُسْر لكن‪-‬طبعا‪-‬هذا ل يَقتضي أن نُخالِف السنن‬
‫الثابتة‪ ،‬ل ّن اليُسْر ف اتباع هذه السنن‪.‬‬
‫فمَن َذ َهبَ لداء طواف الفاضة وتَأخّر ف الطريق إل مكّة أو ف الطريق إل مِن أو ف الالتي معا فإنه ل بأس‬
‫عليه‪-‬بِمشيئة ال‪-‬ول شيء عليه ولو كان ذلك ف الليل‪ ،‬إذ إنه ل طاقة له فوق ذلك‪ ،‬وإنا ُينْهى النسان عن‬
‫التأخّر بِمكّة مع قدرتِه ووجودِ الراحلة ف ذهابِه إل مِن ‪ ..‬هذا هو الذي يُنهى عنه‪.‬‬
‫حجّجُون بِبعض الفتاوى الت ل‬ ‫و‪-‬كذلك‪-‬بَلغن أ ّن كثيا مِن الناس يَخرُجون ف الليل مِن أجل البقاء بِمكّة ويَتَ َ‬
‫ض أهل العلم‬
‫َيفْ َقهُوهَا‪ ،‬فلبد لِلنسان مِن أن يَ ْفقَ َه الفتاوى‪ ،‬فإنّ كثيا مِن الناس يَأتون بِفتاوى إل بع ِ‬
‫ويَذْكُرُون فيها كثيا مِن المور وأولئك العلماء يفْتُون بِمقدار تلك المور ث يَأت بعضُ الناس ويُعَمّمُون تلك‬
‫الفتاوى ول َي ْف َقهُونَ الرا َد منها‪ ،‬فإذن السنّة الصحيحة عن الرسول ‪ ε‬أ ّن النسان يَبقى بِمِن ف هذه الليال‬
‫وف اليام‪-‬أيضا‪-‬بِاستثناء ذهابِه إل الطواف‪-‬كما قلتُ‪-‬وُيعْذَر‪-‬أيضا‪-‬إن تَأخّر ف الطريق سواءً كان ذلك ف‬
‫الذهاب أو الياب‪ ،‬لنّ ذلك مِن الضرورات‪ ،‬أما أن يَْبقَى ف مكّة مع وجود الراحِلة ومع عَ َد ِم الشقّة‬
‫الـمُِلحّة فهذا ِممّا ل يُمكِن أن يُباح بِحال ‪ ..‬ل أريد‪-‬طبعا‪-‬بِالباحة هنا الباحة الت تُقابِل التحري أو‬
‫الوجوب أو ما شابه ذلك‪ ،‬وإنا ُأَبيّ ُن السّن َة الثابتة‪ ،‬و‪:‬‬
‫وإن يَقولوا خالَف الثار‬ ‫حسبُك أن َتّتبِع الختارَ‬
‫ت تُعارِضُن بِعلما ِء بيضةِ السلم مِن غيْر دليلٍ ول واض ِح‬‫ك عن رسول ال ‪ ε‬وأن َ‬‫جبِ أن َأُنصّ ل َ‬
‫" ومِن العَ َ‬
‫سبيل ‪ ..‬أََلْيسَ هذا ف العيان نوعا مِن الذيان " ‪ ..‬هكذا قال الحقّقون مِن أهل العلم‪ ،‬وقالوا أيضا‪ " :‬وقولٌ‬
‫ض الفتاوى ل َيفْ َق ُههَا الناس ويَأتون بِبعض‬
‫بِخلف الديث ُيضْرَب به عُرْض الائط "‪ ،‬و‪-‬كما قلتُ‪-‬بع ُ‬
‫المور الت ل َي ْفهَمُوهَا بينما أولئك العلماء أو ذلك العال ما أراد ذلك أبدا؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫‪440‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫س‪ :‬بعض الخوة ف سنة مِن السنوات ذهبوا إل الج فلم يَجِدوا مكانا َيبِيتون فيه ف مِن بِسبب كثرة‬
‫الزحة والخيم أصبح مزحوما ‪ ..‬يبيتون ف مكّة وقبل الفجر بِساعة أو ساعتي يأتون إل مِن‪ ،‬فهل يُجزيهم‬
‫ذلك ؟‬
‫ض الفتاوى ‪ ..‬أنّ أولئك العلماء عندما ُأِتيَ لم بِمثل هذه المور رخّصوا ف ذلك‬ ‫ت بِهذا إل بع ِ‬
‫ج‪ :‬أنا أشر ُ‬
‫ض الناس عندما وَجَدُوا هذه الفتوى عَمّمُوها فأخذوا‬ ‫لنّ هذا مِن باب الضرورات وهذا ل مانع منه‪ ،‬لك ّن بع َ‬
‫يَخْ ُرجُون إل مكّة الكرّمة مع وجود الكان الذي يُ ْم ِكنُهم أن َيبْقوا فيه‪ ،‬فَفتوى أولئك العلماء صحيحة ل شك‬
‫فيها وإنا الكلم ماذا يُراد بِمثل تلك الفتوى ؟ فإذن عند الضرورة ل مانع مِن ذلك ‪ ..‬إذا ل يَجد النسان‬
‫مكانا يَمكث فيه‪ ،‬أما إذا وَجَ َد مكانا َيْبقَى فيه فهذا مِمّا ل يُمكِن أن يُ َر ّخصَ له؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬سعتُك ف اللقة الاضية‪ 1‬تَذْكُر أنّ لك نَظَرًا ف تعبي العلماء عند ذِكْ ِرهِم منهيات الحرام ‪..‬‬
‫يَقولون‪ " :‬لبس الخيط "‪ ،‬فما هو هذا النظر ؟‬
‫ت عنها ف العام الاضي‪ ،‬وتكلمتُ عليها بِكلمٍِ‬ ‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذه السألة تَحتاج إل إطالة‪ ،‬وقد أجب ُ‬
‫طويل‪ ،‬ومِن الحسن أن أتكلّم عليها بِمشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف الدروس القادمة‪ ،‬ل ّن مثل هذا السؤال‬
‫يَحتاج إل إطالة‪ ،‬وذلك ل يَتناسَب مع مثلِ هذه العجالة‪.‬‬
‫ج تَ َركَ طوافَ الوداع‪ ،‬فماذا يَلزمه ؟‬
‫س ‪ :3‬حا ّ‬
‫ج‪ :‬ذلك ل يَخلو مِن أحد أمرين‪:‬‬
‫‪-1‬إما أن يَكون معذورا وذلك كالرأة الائض والنفساء‪:‬‬
‫ت إليه طائفة مِن أهل العلم أنّ الائض معذورَة عن طواف الوداع‪ ،‬وهذا هو القول الصحيح‪،‬‬ ‫فإنّ الذي ذهب ْ‬
‫الذي تَد ّل عليه السنّة الصحيحة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وإن كان بعضُ العلماء ذهب إل أنه لبد مِن الدم على مثل هذه الرأة‪ ،‬ولكنّ هذا مُخالِف لِلحديث‪ ،‬فلعلّ‬
‫ت لنه‬ ‫ذلك العالِم ل يَطّلِع على هذا الديث‪ ،‬أو لعلّه اطّلَ َع عليه‪-‬كما رأيتُه بالنسبة إل بعضهم‪-‬وظَنّ أنه ل يَثبُ ْ‬
‫على حسب نَ َظ ِرهِ يُعارِض بعضَ الحاديث الدالة على وجوب طواف الوداع‪ ،‬ونَحن نقول‪ :‬إنه ل معارَضة بيْن‬
‫الديثيْن‪ ،‬لنّ ذلك الديث الدال على وجوب أو سنّية‪ 2‬طواف الوداع عام وهذا خاصّ والاصّ يَقضي على‬
‫العام‪ ،‬كما هو مقرّر ف أصول الفقه‪.‬‬
‫فإذن الائض معذورَة‪ ،‬بِنصّ حديث رسول ال ‪ ، e‬ومثلُها ف ذلك النفساء‪ ،‬وإنا الكلم ف الريض فإن كان‬
‫الريض يُمكِن أن ُيؤَجّر على نفسه بِأن يُحمَل فلبد مِن ذلك‪ ،‬وإن كان ل يَستطِيع ذلك‪:‬‬

‫‪-1‬عند الواب على السؤال ‪ 1‬من حلقة ‪ 15‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪10/11/2003‬م )‪.‬‬
‫‪-2‬يُرجَع إل الشيخ ليُبيّن ما الذي قصَد قولَه ف هذه السألة‪.‬‬
‫‪441‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فبعض العلماء قالوا‪ :‬عليه أن يَذبح دما ول شيء عليه فوق ذلك‪.‬‬
‫وبعض العلماء ذهبوا إل أنه ل شيء عليه‪ ،‬وذلك لنه ف معن الائض‪ ،‬إذ إنه ل يَتمكّن مِن التيان بِالطواف‪،‬‬
‫فهو وإن كان يَص ّح منه الطواف ف ذلك الوقت لو كان قادِرا عليه بِخلف الائض إل أنما يَشترِكان ف عدم‬
‫القُدرة على التيان بِالطواف‪ ،‬وكما أنه بِإمكانِ الائض أن تَتأخّر حت تُ ْطهُر كذلك بِإمكانِ الريضِ أن يَتأخّر‬
‫حت يُشفى مِن مرضِه ولكنّ الشارِع قد َرخّص لَها ف ذلك فإذن ُيرَ ّخصُ لِهذا الريض على رأي هؤلء‪ ،‬وهو‬
‫ي مستقيم بِمشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬إل لِمَن شاء أن يَحتاط لِدينه‪.‬‬ ‫رأ ٌ‬
‫‪-2‬وأما إذا كان هذا الشخص قادِرا على طواف الوداع ول يَطف فإنه ُيؤْمَر عند أكثر العلماء بِالتوبة إل ال‬
‫وبِأن يَذبَح دما لِفقراء مكّة الكرّمة شرّفها ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬لبد مِن التوبةِ والد ُم هو مذهب جهور المّة‪.‬‬
‫أما بالنسبة إل طواف الوداع لِلمعتمِر فإنّ العلماء قد اختلفوا فيه‪:‬‬
‫فمنهم مَن ذهب إل مشروعية ذلك‪ ،‬واستدلوا على ذلك بِفعل النب ‪ ε‬وَأمْرِه حيث إنه طاف لِلوداع ف حجّة‬
‫الوداع وَأمَرَ بذلك‪.‬‬
‫ومِن العلماء مَن ذهب إل خلف ذلك وقالوا‪ :‬إنه ل يُشرَع‪ ،‬لنه ل يَثبتْ عن النب ‪ ε‬الَمْرُ بِه ف حالة‬
‫العُمرة‪ ،‬وما جاء مِن الروايات ف ذلك فإنا ل تَثبتُ عنه صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫ضعْف إِسنادِه‪-‬وبِأنه ل يَطُف طوافَ الوداع عندما جاء‬ ‫ونَحن ُنقِ ّر بِأنه ل يَثبتْ ذلك الديث عن النب‪ِ ε -‬ل َ‬
‫ِلعُمرة القضاء ‪ ..‬أي الت قَاضَى عليها كفارَ قريش عندما َمَنعُوه مِن العُمرة الت أحَ ّل منها ف الديْبية‪-،‬وقلتُ‪:‬‬
‫" قَاضَى " لنّ بعضَ الناس يَقول‪ " :‬إنه قضى بِها " وذلك لنم يَقولون‪ " :‬كانت هذه قضاءً " وف ذلك نظر‪،‬‬
‫ح ّق َقةً‪ ،‬وبَحث‬
‫لنّ كثيا مِن أهل العلم يَقولون ليست هذه قضاءً‪ ،‬لنّ تلك العُمرة الت أح ّل منها كانت ُمتَ َ‬
‫ت أنه طاف‬ ‫لعْرَانَة‪ ،‬فإنه ل يَثب ْ‬
‫ذلك ف الدروس القادمة بِمشيئة ال تبارك وتعال‪-،‬وكذلك بِالنسبة إل عُمرة ا ِ‬
‫طواف الوداع ول أنه َأمَ َر بِذلك مَن كان معه‪ ،‬وإن كان هذا ليس بِالصريح‪ ،‬لنه صلوات ال وسلمه عليه‬
‫جاء واعتمَر ‪ ..‬طاف وسعى وخَ َرجَ بعد ذلك مباشَرة‪ ،‬ومهما كان فإ ّن طوافَه لِلوداع ف حجّة الوداع مُتأخّر‬
‫وكانوا يَأخذون بِآخر ا َلمْ َريْن والم ُر مُحتمِل والحتياطُ ف الدّين مطلوب‪ ،‬فالفضل لِلنسان أ ّل يُفرّط ف‬
‫طواف الوداع لِلعُمرة‪ ،‬ومَن ترك ذلك ف الاضي فل شي َء عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال؛ والعلم عند ال تعال‪.‬‬
‫س ‪ :4‬إذا تُوف النسان ول يَحُج مع أنه كان قادِرا على الج ف حياته‪ ،‬فما الكم ؟ وإذا قلنا بِوجوب‬
‫حرَم عنه مِن مكانه أم مِن مكان الذي يَستأجِر عنه ؟‬
‫الج عنه‪ ،‬فهل يُ ْ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ مَن وَجَدَ الستطاعة على الج فإنه يَجِب عليه أن يَذهب إل ذلك فوْرا على مذهب‬
‫ض أهل العلم إل جهور المّة‪:‬‬ ‫سبَه بع ُ‬
‫ي مِن أهل العلم‪ ،‬وقد نَ َ‬
‫ح ّققِ َ‬
‫الـمُ َ‬

‫‪442‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫بِالفَوْرِ أَن ُيعَجّلَن إليه‬ ‫مَن وَجَ َد استطاعةً عليه‬
‫ولكنّ الناسَ كما قال هذا الشيخ‪-‬أعن المام السالي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪:‬‬
‫وأنه كَال ّديْ ِن يَ ْزعُمُون‬ ‫وأكث ُر الناس يُؤخّرون‬
‫‪2‬‬
‫بِزُ ْخرُف ال َقوْلِ ُمخَا ِدعُون‬ ‫وهُم َلعَمْرُ ال َمغْرُورُون‬
‫سوّفُ ‪ ..‬ل يَذهب ف هذه السنة ول ف الت تَليها‬ ‫فتجد الواحد منهم يَجِد الال وهو ف صحة تامّة ولكنه يُ َ‬
‫ويَ ْمكُثُ عشرات السني وهو ل يَذهب وإذا سُئل فيقول إنه سيَذهب‪ ،‬والج ليس على الفور‪ ،‬أو ما شابه‬
‫ذلك مِن الُرافات‪ ،‬والذين قالوا‪ " :‬إنه على التراخي " ما أرادوا بِذلك هذا العن الذي يُعبّر عنه هؤلء الهلة‬
‫سوّف‬ ‫بِهذا الكلم‪ ،‬فينبغي لِلنسان بل يَجِب عليه إذا وَجَ َد الستطاعة أن يَذهب إل الج فوْرا وليس له أن يُ َ‬
‫ف ذلك أبدًا وْلَيتّقِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فهو ل يَعلم إل مت سيَبقى ف هذه الياة فربا يُفاجِؤه الوت ول يَأتِ‬
‫ضلً‬
‫العامُ القادمُ الذي يَزعم بِأنه سيَذهب فيه إل الج فما مِن أح ٍد ِمنّا يَملِك بِأنه سيَبقى لَحظ ًة مِن اللحظات ف ْ‬
‫مِن أن يَزعُم بِأنه يَبقى إل السنة القادمة أو الت تَليها أو ما شابه ذلك‪.‬‬
‫ت تَجِد مَن‬
‫وأنا قلتُ ف بعض الفتاوى‪ :3‬إنّ الرأة إذا منعها زوجُها مِن الج فل طاعةَ له ف ذلك إذا كان ْ‬
‫يُرافِقها مِن مَحارِمها‪ ،‬وهكذا بِالنسبة إل الوَلَدِ إذا مََنعَه أبوه أو أمه أو كِلها عن الج‪-‬وأعن بِذلك طبعا‬
‫جةَ الفريضَة‪-‬فليس له أن يَسمَعَ لَهما فل طاعة لَهما ول كرامة‪ ،‬لنّ الطاعة تَكون ف الـمَعروف وهذا‬ ‫حّ‬
‫النهي منهما أو مِن أحدِها ليسَ ف العروف بل هو نَهي عن طاعة ال ‪. I‬‬
‫أما بالنسبة إل مَن مات ول يَأت بِفريضة الج مع أنه قادِر على التيان بِها فعلى كل حال أمرُه إل ربّه تبارك‬
‫وتعال‪.‬‬
‫فإن كان قد أوصى بِذلك فلبد مِن تنفيذ وصيته‪ ،‬وقد اختلف العلماء ف هذه الوصية هل تكون مِن رأس الال‬
‫أو مِن الثلث ؟‬
‫فذهب بعضهم إل أنا تكون مِن رأسِ الال‪ ،‬وهذا القول هو القول الصحيح عندي‪ ،‬لِحديث‪ ( :‬ف َديْنُ ال أَحَقّ‬
‫أن ُي ْقضَى ) وما شابه ذلك‪.‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم إل أنا تكون مِن الثلث‪.‬‬
‫ت الوصايا الواجبة الثلث ول يَبقى منه بقية هل تُخرَج عنه الزكاة‪ 4‬أو ل ؟ وهذا على‬‫وفائدةُ ذلك إذا اسَتغْرََق ْ‬
‫ق العباد تُقدّم على حقوق ال تبارك وتعال "‪ ،‬وهو أحد القوال ف السألة‪.‬‬ ‫رأي مَن يَقول‪ " :‬إ ّن حقو َ‬
‫‪-1‬المام نور الدين السالي‪ ،‬جوهر النظام ف علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الج‪ ،‬باب‪ :‬النيابة ف الج‪.‬‬
‫‪-2‬المام نور الدين السالي‪ ،‬جوهر النظام ف علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الج‪ ،‬باب‪ :‬النيابة ف الج‪.‬‬
‫‪-3‬عند الواب على السؤال ‪ 14‬من حلقة ‪ 11‬جادى الثانية ‪1424‬هـ ( ‪10/8/2003‬م )‪.‬‬
‫‪-4‬لعل الشيخ قصد أن يقول‪ " :‬يُؤدّى عنه الج " بدل مِن " تُخرَج عنه الزكاة "‪.‬‬
‫‪443‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وبعض العلماء يقول‪ :‬إ ّن حقوقَ ال تُقدّم‪ ،‬وذلك لِحديث‪ ( :‬ف َديْنُ ال أَ َحقّ أن ُي ْقضَى )‪.‬‬
‫ص بيْنها‪.‬‬
‫ص ُ‬
‫وبعض العلماء يقول‪ :‬إنه يُحا َ‬
‫وال ّق أنّ َديْ َن العباد ُيقَدّم‪ ،‬وذلك لنه مبن على الـمُشَاحّة‪ ،‬أما ديونُ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫غَِنيّ عنها ‪ ..‬وإن كانت واجبة لكن ل يُمكِن أن ُتقَدّم على ديو ِن العباد‪ ،‬وحديثُ‪ ( :‬ف َديْنُ ال أَحَقّ أن‬
‫ُيقْضَى ) ل يُرا ُد بِه أنه ُيقَ ّدمُ على َديْ ِن العباد‪ ،‬وإنا يُرا ُد مِن ذلك الوجوب ‪ ..‬أي أنه لبد منه‪-‬طبعا‪-‬وذلك إذا‬
‫َأمْكَن‪.‬‬
‫ق ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬سواء كانت حَجّا أو غيْرَه تُخرَج مِن أصل الال‪ ،‬فما دام الال‬ ‫ونَحن قد قُلنا‪ :‬إ ّن حقو َ‬
‫َيفِي بِذلك فلبد مِن إخراج ذلك‪ ،‬أما إذا ل يَكن هنالِك شيء مِن الال بعدَ أدا ِء حقوقِ العباد‪-‬فل حول ول‬
‫قوة إل بِال‪-‬فيَنبغي لقاربه أن يَحُجّوا عنه‪.‬‬
‫أما إذا كان ل يُوصِ بِذلك فإ ّن أهل العلم قد اختلفوا ف ذلك‪:‬‬
‫ص بِذلك‪.‬‬ ‫والذي عليه جهور أصحابنا هو أنه ل تُخرَج عنه الجّة‪ ،‬لنه ل يُو ِ‬
‫وذهب بعضُ التأخّرين إل أنه تُخرَج عنه‪ ،‬لِلحديث الذي ذَكَ ْرنَاه‪.‬‬
‫ث مُحتمِل‪ ،‬وأنا أقول‪ :‬إنه‬ ‫وهذه السألةُ‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬ليس فيها دلي ٌل واضِح على أح ِد المْ َريْن والدي ُ‬
‫حثّ الورثة إما أن يَذهبوا لداء ال ّج عنه أو أن يُخرِجوا ذلك مِن مالِه والال فَانٍ وكما مات هو عنه‬ ‫يَنبغي أن ُي َ‬
‫فإنم سيَموتون عن ذلك ‪ ..‬بَقي إذا كان ف الورثة بعضُ الصّغار الذين ل َيصِلوا إل مرتبة التكليف فيُمكِن أن‬
‫حّثهِم على ذلك فإن ل يَرْضَوا بِذلك فإنّ لنا كلما ف ذلك بِمشيئة ال‪،‬‬ ‫ُينْتَظَر هؤلء ويَقوم بعض أهل العلم بِ َ‬
‫ب هذا‪ ،‬لِعدم وجودِ دليلٍ صريحٍ ف السألة وهذا الديث الذي ذَكَ ْرنَاه مُحتمِل؛ وسأتكلّم‬ ‫ح ّ‬‫أما الن فإننا نُ ِ‬
‫على هذه السألة بِتوسّع ف الدروس القادمة بِمشيئة ال‪.‬‬
‫س ‪ :5‬ما حكم مَن َقتَ َل الصيْدَ ف الرَم مِن غي عَمْد ؟ وهل َحجّه صحيح أو ل ؟‬
‫ج‪َ :‬قتْ ُل الصيْدِ لِلْ ُمحْرِم سواءً كان ف الـحِلّ أو ف الرَم وهكذا بِالنسبة إل َقتْ ِل الصيْد ف الرَم ‪ ..‬الصيْدُ‬
‫حرِم‪ ،‬فليس لِلنسان أن‬ ‫لِلْ ُمحْرِم حرام ف الـحِل وف الرَم‪ ،‬والصيْد ف الرَم حرام على الـمُحِل والـمُ ْ‬
‫حلّ‪ ،‬كما أنه ليس لِلْ ُمحْرِم أن يصيد ولو كان مِن الـحِل ‪ ..‬هذا أم ٌر يَنبغي أن‬ ‫يصيد مِن الرَم ولو كان مُ ِ‬
‫ُينَْتبَهَ إليه‪ ،‬لنّ بعضَ الناس ل ُيفَ ّرقُ بيْن المْريْن وقد َيقَعُ ف خطإٍ ف هذه السألة‪ ،‬فتَعمّد ذلك حرام ومعصيةٌ‬
‫مِن معاصي ال بل كبيةٌ مِن كبائر الذنوب‪ ،‬فمَن َفعَلَ ذلك فعليه أن يَتوب إل ربّه وأن يَرجِع إليه‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬وأن ُيؤَدّيَ ما عليه‪ ،‬وبِما أنّ السائل ل يَسأل عن ذلك لنه بِحمد ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ل يَتعمّد ذلك فل‬
‫حاجة لِلكلم عليه ولسيما أنن قد تَكَلّ ْمتُ على ذلك بِالمس‪.1‬‬

‫‪-1‬عند الواب على السؤال ‪ 1‬من حلقة ‪ 15‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪10/11/2003‬م )‪.‬‬
‫‪444‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ب عليه‪ ،‬لنه ل يَتعمّد ذلك‪ ،‬وذلك‪-‬طبعا‪-‬ل ُيؤَثّرُ ف َحجّه ول ف عُمرته‬ ‫وأما بِالنسبة إل الخطئ فإنه ل َذْن َ‬
‫أن لو كان معتمِرا‪-‬بل حت الـ ُمَتعَمّد ل تَفسُد حَجّته أو عُمرته بِذلك على ما ذهب إليه جهور المّة‪-‬وأما‬
‫بِالنسبة إل وجوبِ الزاء على هذا السائل‪-‬الذي وَقَ َع ما وََق َع منه على سبيل الطإِ‪-‬فقد اختلَف العلماء فيه‪:‬‬
‫ذهبت طائفة مِن أهل العلم‪-‬وهو مذهب جهورهم‪-‬إل أنه عليه الزاء‪.‬‬
‫وذهبت طائفة مِن أهل العلم‪-‬ورَجّحَه قطبُ الئمة رحه ال تبارك تعال ف " الامع الصغي " كما ذكرتُ‬
‫ذلك ف " قُرّة العَْيَنيْن "‪ ،2‬وهو أيضا مذهب جاع ٍة مِن أهل العلم‪-‬إل أنه ل جزاء عليه‪ ،‬وهذا القول هو القول‬
‫الصحيح عندي‪ ،‬فإن شاء أن يَأخذ بِهذا الرأي‪-‬وهو مبن على أصلٍ أصيل‪-‬فل حرج عليه بِمشيئة ال تبارك‬
‫حكُمَ ف هذه القضية َحكَمَان‬ ‫وتعال‪ ،‬وإن شاء أن يَحتاط وأن يَخرُج مِن اللف ف هذه السألة فلبد مِن أن يَ ْ‬
‫حكُ َم فيها‬
‫حكْم‪ ،‬ول تَكفي فيها الفُْتيَا‪ ،‬فلبد مِن أن يَ ْ‬‫عَدْلَن‪ ،‬إذ إ ّن مسائل الزاء ف الصيْد لبد فيها مِن الـ ُ‬
‫َحكَمَان عَدْلَن إل أنّ العلماء قد اختلفوا هل ذلك على الطلق أو ف ما ل يَأتِ فيه حكمٌ عن صحابة رسول‬
‫ال ‪ ε‬؟‬
‫فذهب بعضهم إل أنه إذا ُوجِدَ ف تلك القضية ُحكْمٌ لثنيْن مِن صحابة رسول ال ‪َ ε‬حكَمَا بِه على بعضِ‬
‫الناس الذين وَقَ َع منهم مثلُ الذي وَقَ َع فيه هذا النسان فيَكفيه أن يَأخذ بِذلك الكم‪.‬‬
‫حكْم ف تلك القضية مَرّة أخرى‪.‬‬ ‫وذهب بعضُ العلماء إل أنه لبد مِن الـ ُ‬
‫حثَ عن‬ ‫ت أنّ هذا الشخص ل بأس عليه بِمشيئة ال ولكن إن شاء الحتياط فلبد مِن أن َيبْ َ‬ ‫وأنا قد ذكر ُ‬
‫حكُما له ف هذه القضية‪.‬‬‫َحكَ َميْن عَدَْليْن حت يَ ْ‬
‫حكُمَا له بِالزاء ؟‬‫س‪ :‬يَ ْ‬
‫ج‪ :‬نعم ‪ ..‬يَحكما عليه بِالزاء ف هذه القضية‪ ،‬ل ّن هذه القضية تَحتاج إل ُحكْمٍ‪ ،‬بِنصّ الكتاب العزيز‪.‬‬
‫س‪ :‬وهم يَُبّينُون له معن الزاء ؟‬
‫ج‪ :‬ما هو الذي يَلزمه لكن‪-‬كما قلتُ‪-‬نَحن نَعتمِد الرأي الخر وهو أنه ل شيءَ على الخطِئ ولكن الرأي‬
‫الثان هو مذهب المهور ومَن احتاط وأخذ بِه فل شك أ ّن فيه سلمة‪.‬‬
‫س ‪ :6‬يُريد ش ْرحًا بسيطا جدا لِلية‪ ... } :‬فَمَن تَعَجّلَ فِي َي ْو َميْنِ َفلَ إِثْ َم عََليْ ِه َومَن َتأَخّرَ فَل ِإثْ َم عََليْهِ‬
‫‪ [ { ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.] 203 :‬‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ الية على ظاهرها ‪ ..‬مِن العلوم أنّ النسان يَرمي ف اليوم العاشِر وهو يوم العِيد ‪ ..‬يَرمي‬
‫فيه جَ ْم َرةَ ال َعقَبَة‪ ،‬كما هو معلوم ثابت بِسنّة رسول ال ‪ ε‬متّفق عليه بيْن المّة‪ ،‬وف اليوم الادي عشر والثان‬
‫‪-2‬كتاب " قرّة العينَيْن ف صلة المعة بِخطبتي " ص ‪ ،47‬وهذا ما ذكره الشيخ فيه‪ ' :‬اختار‪-‬رحه ال تعال‪-‬ف " الامع الصغي " أنه ل‬
‫جزاء على مَن قتل الصيد ناسيا‪ ،‬واختار ف بقية كتبه وجوب الزاء على العامِد والناسي‪ ،‬قلتُ‪ :‬والقول بِعدم وجوب الزاء على الناسي هو‬
‫الصحيح‪ ،‬لِعدم الدليل الدال على الفدية‪ ،‬والصل عدم ذلك؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.' .‬‬
‫‪445‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫عشر يَرمي المَرات الثلث ‪ ..‬يَرمي أوّل الصغرى ث الوسطى ث الكبى‪ ،‬وبقي اليوم الثالث عشر فالنسان‬
‫خيّر فيه‪:‬‬
‫مُ َ‬
‫فيمكن أن َيَتعَجّ َل ف يوميْن ‪ ..‬أي بعدَ أن يَرمي ف اليوم الادي عشر وف اليوم الثان عشر‪ ،‬وإذا َفعَلَ ذلك فل‬
‫حرج عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫ويُمكِن أن َيتَأَخّر ‪ ..‬أي أن َيتَأَخّر ويَرمي ف اليوم الثالث عشر‪.‬‬
‫ومَن َتعَجّ َل فل إث عليه‪ ،‬ومَن تَأَخّ َر فل إث عليه‪ ،‬والرسول ‪َ e‬تأَخّرَ فرَمى ف اليام الثلث‪ ،‬ول شك أنّ مَن‬
‫تَأَخّ َر فهو أفْضل ولكن إن َتقَ ّدمَ فل حرج عليه ول إث ِبَنصّ الكتاب والسنّة وإجاع المّة؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :7‬ما قولكم ف مَن تَ َركَ ركعت الطواف ف طواف الوداع ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ أخطأ هذا الشخص خطأً َبّينًا‪ ،‬فما كان يَنبغي له أن َيتْ ُركَ ذلك ف ْلُيتُبْ إل ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬ويَنبغي له أن ُيصَّليَ الن ركعتيْن فعسى ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يَتجاوزَ عنه‪.‬‬
‫ت متأخّ ٍر مِن الليل ؟‬
‫س ‪ :8‬لَحق بِيوم عَرفة ف وق ٍ‬
‫ج‪ :‬ما دام قد جاء ف الليل ‪ ..‬أي جاء إل عَرفة قبل طلوع الفجر وأدرك شيئا مِن الليل ف ذلك الوقف فإنه ل‬
‫ص السنّة الصحيحة الثابتة عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬ ‫حرج عليه‪ ،‬بِن ّ‬
‫ي يُخالِف ذلك‪ ،‬وإذا جاء نر ال بَطل نر معقل؛ وال أعلم‪.‬‬ ‫ول ِعبْر َة بِرأ ٍ‬
‫س ‪ :9‬رجل َفقَدَ نقودَه فلم يَستطِع الدْي‪ ،‬فماذا يَصنع ؟‬
‫ج‪ :‬قد َجعَلَ ال ‪ I‬لِذلك بَدلً وهو أن يَصوم ثلثةَ أيام ف الج وسبع َة أيام بعد رجوعه فتلك عشرة كاملة ‪..‬‬
‫جاء ذلك ف كتاب ال تبارك وتعال‪ ،1‬فمَن َفقَدَ نقودَه ول يَجِد شيئا لِلهدي ف ْليَصُم ف الج ثلث َة أيام ‪..‬‬
‫قالوا‪ :‬إما أن يَصوم السابع والثامن والتاسع وإما أن يَصوم السادس والسابع والثامن‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬ل يَنبغي لِلنسان أن يَصوم اليوم التاسع‪ ،‬لنّ الرسول ‪ e‬كان ُمفْ ِطرًا‪ ،‬ومِن العلوم أنّ الصيام ُي َؤثّ ُر‬
‫حرّ الشديد فيَبقى ف وقت العصر ُمْنهَكًا ُمْتعَبًا ل يَستطيع أن‬ ‫ويَشُقّ على النسان ولسيما إذا كان ذلك ف الـ َ‬
‫يَدعو بِحسب ما يُحِب‪ ،‬فلماذا يَصوم ف هذا اليوم ؟! فإذن إما أن يَصوم السادس والسابع والثامن على رأي‬
‫طائفة مِن أهل العلم‪ ،‬والذي يُؤخَذ مِن بعض الروايات الصحيحة أنّ الصحابة‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهم‪-‬‬
‫كانوا يَصومون ف أيام التشريق‪ .. 2‬ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر ‪ ..‬هكذا جاء ف بعض‬
‫الروايات الصحيحة الروية عنهم‪ ،‬وذلك يَد ّل على مشروعية الصيام ف هذه اليام‪ ،3‬خلفا لِما ذَهب إليه كثي‬
‫ج ْد َفصِيَامُ ثَلثَةِ أَيّا ٍم فِي اْلحَ ّج َوسَْبعَةٍ إِذَا‬
‫‪-1‬قال ال تعال‪ ... } :‬فَإِذَا َأمِنُتمْ َفمَن َتمَّتعَ بِاْل ُعمْرَةِ ِإلَى اْلحَ ّج َفمَا اسْتَْيسَ َر مِنَ اْل َهدْيِ َفمَن ّلمْ َي ِ‬
‫سجِدِ اْلحَرَامِ ‪ [ { ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.] 196 :‬‬ ‫ك ِلمَن ّلمْ َيكُنْ َأ ْهلُهُ حَاضِرِي اْل َم ْ‬ ‫رَ َجعْتُ ْم ِتلْكَ َعشَرَةٌ كَا ِملَةٌ َذلِ َ‬
‫‪-2‬أي بالنسبة ِلمَن ل يَجد الدي‪.‬‬
‫‪-3‬أي بالنسبة ِلمَن ل يَجد الدي‪.‬‬
‫‪446‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫مِن أهل العلم مِن أنه ل يُصام ف هذه اليام نَظرا لِلنهي الوارِد عن النب ‪ ε‬عن الصيام فيها ولكن‪-‬ف حقيقة‬
‫الواقع‪-‬ذلك النهي عام وهذه الرواية خاصّة‪ ،‬لنّ ذلك‪ 4‬فيما يَظهر كان َيقَ ُع منهم ف عهْد النب ‪ ε‬وإذا تعارَض‬
‫دليلن أحدها عام والخر خاص فإ ّن الاص يَقضي على العام فيُقدّم عليه كما هو مذهب جهور المّة؛‬
‫وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫أما إذا كان هذا الرجل غنيا ف بلده واقترض مِن بعض الشخاص الذين معه فل بأس عليه بِأن يَقترِض إذا كان‬
‫ل مشقّة عليه‪ ،‬أما إذا كان ل يَجِد الوفاء أو يَخشى مِن عدم وجود شيءٍ مِن الدراهم يَقوم بِقضائها لصحابه‬
‫مثل أو ل يُوجَد عند أصحابه أو ما شابه ذلك‪-‬فكما ذكرتُ‪-‬أنّ ال‪-‬تعال‪-‬قد َجعَ َل لنا بَد ًل وهذا مِن باب‬
‫اليُسْر والمد ل تبارك وتعال‪ ( :‬يَسّروا ول ُتنَفّروا )؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ح ِرمَة بِالعُمرة أُصيبت بِجُرح ف أصبعها نتيج َة استخدام السكي‪-‬وكانت حائضا‪-‬‬ ‫س ‪ :10‬امرأة مُ ْ‬
‫ج منها دم ليس بِالكثي‪ ،‬فماذا عليها ؟‬‫خرَ َ‬
‫فَ‬
‫ج منه دم‬
‫ج‪ :‬اشتهر عند كثي مِن الناس‪ " :‬ف الدم دم " وهذه قاعدة ليست بِصحيحة‪ ،‬أي أنّ النسان إذا خَ َر َ‬
‫ج منه دم فهل يُقال‬ ‫ف الج فعليه دم ‪ ..‬هذه القاعدة ليست بِصحيحة ‪ ..‬مثل لو كان النسان يَتسوّك وخَ َر َ‬
‫عليه دم ؟ ل دم عليه بِإجاع المّة السلمية قاطبة‪ ،‬على ما حكاه غيْرُ واح ٍد مِن أهل العلم‪ ،‬ولذلك ل ينبغي‬
‫لِلنسان أن يَترك السواك بعد ثبوت السنّة الصحيحة الثابتة عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫الدالة على فضْله‪ ( :‬لول أن َأشُقّ على ُأمّت َلمَ ْرتُهم بِالسواك عند كل صلة )‪ ،‬وف بعض الروايات‪ ( :‬عند كل‬
‫وضوء )‪ ،‬وف بعضها جاء المْع بينهما‪ ،‬فل يَنبغي لِلنسان أن يَتْ ُر َك السواك مَخافة‪-‬مثل‪-‬أن يَخرُج منه دم‬
‫ولسيما إذا كان مِن عادته أنه يَخرُج منه الدم ‪ ..‬هذا‪-‬على كل حال‪-‬مِن الحتياطات البارِدة ‪ ..‬يَنبغي‬
‫لِلنسان أن يُ َطبّ َق السنّة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪:‬‬
‫ول كلم الصطفى الوّاه‬ ‫ول تُناظِر بِكتاب ال‬
‫ولو يَكون عالِما خبيا‬ ‫جعَل له نظيا‬
‫معناه ل تَ ْ‬
‫خرُجَ‬‫فعلى كل حال هذه الرأة الت كانت تَقطَع بِهذا السكي شيئا‪-‬مثل‪-‬ما كانت تُرِيد أن َتقْطَ َع يَدَها أو أن يَ ْ‬
‫منها الدم أو ما شابه ذلك فل حرج عليها بِمشيئة ال تبارك وتعال ولكن ِلتَحْذَر مِن خروج الدم ف الطواف‪،‬‬
‫وهكذا بِالنسبة إل قضية اليض ‪ ..‬الائض ليس لَها أن تَطوف بِالبيت‪ ،‬وإنا الكلم ف السعي ‪ ..‬هل لا أن‬
‫تَسعى أو ل ؟ السعي قد أجْمعت المّة أنه ل بأس على الائض منه ‪ ..‬أي ل بأس على الائض أن تسعى وإنا‬
‫الفْضل أن يَكون النسان على طهارة والائض‪-‬طبعا‪-‬ل يُمكِنها أن تَكون على طهارة‪ ،‬وإنا الكلم ف وقتنا‬
‫هذا هل السعى مِن السجد أو ل ؟ لنّ الائض والنب و‪-‬طبعا هكذا‪-‬النفساء ليس لم أن يَدخُلوا السجد‬

‫‪-4‬أي الصيام ف أيام التشريق ( أي ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر ) بالنسبة ِلمَن ل يَجد الدي‪.‬‬
‫‪447‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪ ..‬هل السعى الن مِن السجد ؟ فإن كان مِن السجد فليس لِلحائض أن تَدخُل وتَسعى لِلنهي عن دخولا‬
‫السجد‪ ،‬ل لجل أنّ اليض ل يَص ّح معه السعي‪ ،‬والذي يظهر ل أنّ السعى ليس مِن السجد فل بأس عليها‪-‬‬
‫ليّض‪-‬ف قضية السعي‪ ،‬فإذن تَنتظِر حت يَنتهي هذا اليض وتَ ْطهُرَ منه وَتتَ َطهّر ‪ ..‬أي‬ ‫أو على غيها مِن ا ُ‬
‫تَغتسِل مِن اليض ولُتطف بعد ذلك‪ ،‬وكذلك بِالنسبة إل الدم إذا كان يَخرج مِن ذلك الرح الذي أصابا‬
‫لبد مِن أن تُزيل ذلك الدم وتُعيد الوضوء‪ ،‬ول تَطوف إل وهي طاهرة‪ ،‬أما إذا كان ذلك قبل الطواف بِفترة‬
‫أو ما شابه ذلك فأمره بيّن لنا ستتوضّأ بعد ذلك بِمشيئة ال‪.‬‬
‫س‪ :‬ويَصح لا‪-‬إذن‪-‬مع هذا أن ُتقَدّم السعي على الطواف ؟‬
‫ج‪ :‬ل ‪ ..‬ليس لا أن ُتقَ ّدمَ السعي على الطواف ف العُمرة بِاتّفاقهم‪.‬‬
‫وف الج فيه كلم طويل سأتعرّض له ف الدروس القادِمة بشيئة ال‪.‬‬
‫سيَ كم صَلّى‪ ،‬هل‬ ‫س ‪ :11‬هل يَصحّ لِلطائف أن يَعتمِد على شخصٍ آخر ف العَدّ ؟ والذي ُيصَلّي ونَ ِ‬
‫جْنبِه ؟‬
‫يَعتمِد على مَن بِ َ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ النسان لبد مِن أن يَعتمِد على نفسه ‪ ..‬هذا هو الصل‪ ،‬لنه قد يُخطِئ ذلك الشخص‬
‫الذي اعتمَد هو عليه‪ ،‬فلماذا ل يَعتمِد على نفسه ويَعتمِد على غيه ؟! إذا كان قد وَقَعَ لِهذا النسان مِن قبل‬
‫ت نفسُه إل ِفعْلِ صاحبِه وهو ل يُفارِقه أبدا فإنه يُمكِن أن يُر ّخصَ له ف الاضي‪ ،‬أما ف الستقبَل‬ ‫واطمأنّ ْ‬
‫فليَعتمِد على نفسه‪ ،‬ول يَعتمِد على غيه‪.‬‬
‫أما بِالنسبة إل الصلة فالكلم فيها كالكلم ف الج ‪ ..‬الصل ف النسان أن يَعتمِد على نفسِه ولكن إذا وَقَعَ‬
‫جعَل ذلك مِن باب الـ ُمرَجّحَات ف الج وف الصلة‪،‬‬ ‫منه خطأٌ‪-‬مثل‪-‬واطمأّنتْ نفسُه إل ِفعْلِ صاحبِه فإذن يَ ْ‬
‫ومِن العلوم أ ّن النسان إذا تَرَجّحَ لديه أح ُد الانبي فإنه يَأخذ بِما تَ َرجّحَ له‪ ،‬فإذن يَكون ِفعْلُ ذلك الشخصِ‬
‫الذي معه مِن الـ ُمرَجّحَات ل أنه يَعتمِد عليه فإن ل يُعارِضه معارِض ف طواف الج أو العُمرة أو ف الطواف‬
‫جعَل ذلك مِن الـمُ َرجّحَات ولكن ف الستقبَل يَنبغي له أن‬ ‫مطلَقا ول ف الصلة فيُمكِن‪-‬كما قلتُ‪-‬أن يَ ْ‬
‫يَعتمِد على نفسِه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 16‬رمضان ‪1424‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪11/11/2003‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :1‬ف أيام الج‪-‬ويَكاد يَتكرّر ف كل عام‪-‬يَحدُث زِحا ٌم شديد أثناء الرمي ويُحاوِل كل واحد مِن‬
‫الناس التّوسِعة لِنفسه حت َيصِل إل الوض وبِالتال يَرمي تلك الـجَمْرَة‪ ،‬هل لبد مِن وصول الصاة إل‬
‫الـجَ ْمرَة أم أنا يَكفي أن تَسقُط ف الوض ؟ وبِذلك يَفهَم الناس القضية ويَخِفّ الزحام‪.‬‬

‫‪448‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ي غيْرَه ل ف‬ ‫ج‪ :‬إنه يَنبغي أن يَنتبِه السلم أنه يَنبغي له كما يُراعِي نفسَه أن يُرا ِعيَ غيه‪ ،‬فليس له أن يُؤذِ َ‬
‫الطواف ول ف السعي ول عند رمي الِمار‪ ،‬فإيذاء السلمي مِمّا ل يَصح‪.‬‬
‫وهذا أمرٌ‪-‬ولِلسف الشديد‪-‬ل يَنتبِه إليه كث ٌي مِن الناس‪ ،‬فتَرى الناسَ ف حالة الطواف أو السعي أو ف الرمي‬
‫يَهتَ ّم الواحِد منهم بِنفسِه وبِمَن يُرافِقه ول يَنظُر إل بقية السلمي‪ ،‬فقد ُيؤْذِي أحدا‪-‬وقد يَفعَل ما يَفعَل‪-‬ول‬
‫يَلتفِت إل ذلك الشخص‪ ،‬بينما هذا ل يَجوز‪ ،‬لدلّة معلومةٍ ف مواضعها‪.‬‬
‫أما بِالنسبة إل الرمي فإنّ الرمي مِن مناسِك الج‪ ،‬بِاتّفاق جيع المّة السلمية‪ ،‬وذلك لنّ النب‪-‬صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪َ-‬أمَرَ بِه وَفعَلَه وقال‪ ( :‬خذوا عنّي مناسِككم )‪ ،‬كما ثَبت ذلك ف الحاديث‬
‫الصحيحة الثابتة‪.‬‬
‫ولِلسف لقد تَهاون كث ٌي مِن الناس بِالرمي‪ ،‬فتَرى هذا ل يَذهب لِلرمي بل يُنيب غيْرَه مع قُدرتِه على ذلك وقد‬
‫يَ ْزعُم أنه ل يَستطيع أن يَذهب إل الرمي عند منتصف النهار‪ ،‬أو ما شابه ذلك‪ ،‬كأنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬قد‬
‫ت واسعٌ‬ ‫ضيّق هذه القضية وَأوْ َجبَ على الناس أن يَ ْرمُوا ف ذلك الوقت ! مع أ ّن المرَ ليسَ كذلك‪ ،‬إذ إ ّن الوق َ‬ ‫َ‬
‫بِحمد ال تبارك وتعال‪ ،‬وقد نَتكلّم عليه ف وقت آخر إن شاء ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫أما بِالنسبة إل هذا السؤال الذي تفضّلتُم بِطرحه فالواب عليه‪ :‬أنه ل يُشترَط أن ُتصِيب تلك الجارةُ الت‬
‫يَرميها ذلك الشخص ‪ ..‬أن ُتصِيب تلك الجارةَ النصوبة وإنا الشرط ف الرمي أن تَدْخُل ف ذلك الوض‪،‬‬
‫فإذا أصابت الوض فإنّ الرمي بِذلك يُجزِي بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬إذ إنّ ذلك البناء حادِثٌ ل يَكن‬
‫ج ٍز بِحمد ال‬ ‫موجودًا مِن قبل وإنا هو دليلٌ على مكان الرمي‪ ،‬فإذا وقعت الجارة ف الوض فإنّ ذلك مُ ْ‬
‫تبارك وتعال؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ضعَت حت ل يُصيب الجاج بعضهم البعض وإل‬ ‫س‪ :‬هل يعن ذلك أنّ تلك الجارة النصوبة إنا وُ ِ‬
‫فالصل الوض ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ الصل هو الوضُ ‪ ..‬تلك علمة ‪ ..‬الصل ف ذلك الوضِع‪ ،‬فإذا وصلت ذلك الوضِع‬
‫فإنّ ذلك كافٍ؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :2‬رجلٌ أخذ وكالة مِن جاعة مِن الجاج ف رمي الِمار وأخذ منهم الصى ث رماها ف الشارع‬
‫خبِرهم وهم عاجزون عن الرمي‪ ،‬فما الكم ؟‬ ‫ول يَ ْرمِ المرات ول يُ ْ‬
‫ج‪ :‬العياذ بِال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مِمّا َفعَلَه هذا الشخص ‪ ..‬لقد وَقَعَ ف معصي ٍة مِن معاصي ال تبارك وتعال‪،‬‬
‫خبِر أولئك الشخاص الذين أنابوه َو َوِثقُوا بِه وظنّوا‬ ‫وعليه أن يَتوب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مِمّا وََق َع فيه وأن يُ ْ‬
‫أنه َسُيؤَدّي عنهم ما فَرَضَه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليهم‪ ،‬وبعد ذلك عليهم أن يَسألوا عن هذه السألة الت وََقعُوا‬
‫فيها‪ ،‬لنم‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬ل َي ْأتُوا بِما شَ َرعَه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مِن الرمي‪ ،‬فلبد مِن أن يُحكَم عليهم‬

‫‪449‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫بِالدم‪ ،‬ولكن بَقي مَن هو الذي يَتحمّل ذلك ؟ ف هذه السألة لبد مِن أن يُنْظَر إليها‪ ،‬وإن حَاكَمُوا هذا‬
‫الشخص فلهم أن يُحاكِمُوه ف ذلك‪.‬‬
‫س ‪ :3‬ف اليوم الادي عشر ذهب رجلٌ ِلرَمي الـجَ َمرَات وعند وصوله رَمى الـجَ ْمرَة الول وذهب‬
‫لِرَمي الـجَ ْم َرتَيْن الوسطى والكبى ومِن شدّة الزحام ف ذلك اليوم ل يَنتبِه إل الـجَمْرَة الوسطى وسَها عن‬
‫رَميِها حت وَصَلَ إل الـجَ ْمرَة الخية ورَماها وعند عَودتِه بِالطريق شَكّ ف نفسِه أنه ل يَ ْرمِ الـجَ ْمرَة‬
‫الوسطى وبَقي على َشكّه حت اليوم التال‪-‬الثان عشر‪-‬وعند عَودتِه لِلرمي ف هذا اليوم وَصَلَ تلك الـجَ ْمرَة‬
‫صيَات عن َشكّه لِليوم الول وذلك ف اليوم الثان عشر‪ ،‬فهل تَصرّفه هذا يُجزِي أم ماذا يَكون‬ ‫ورَماها بِسبعِ َح َ‬
‫عليه ؟‬
‫ج‪ :‬هل رماها ف اليوم الثان عشر مرتي ‪ ..‬عن الادي عشر وعن الثان عشر ؟‬
‫س‪ :‬الظاهِر مِن كلمِه هكذا‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا كان قد رماها فل شيءَ عليه على مذهب كثي مِن أهل العلم‪.‬‬
‫أما مَن يَشترِط الترتيب ف هذه القضية فلبد مِن أن يَر ِم َي الوُسطى ث يُعيد َر ْم َي الكبى عن اليوم الادي عشر‬
‫ويَرمي بعد ذلك‪ 1‬عن اليوم الثان عشر‪.‬‬
‫وأما مَن ل يَشترِط الترتيب فإنه ل بأس عليه لِهذا الفعل‪.‬‬
‫ص بِتلك الرخصة الت قال با مَن قال مِن أهل العلم فل حرج عليه‬ ‫هذا ونظرا إل أ ّن الوقتَ قد مَضى فإذا تَرَ ّخ َ‬
‫بِمشيئة ال تبارك وتعال؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :4‬ما حكم غسل الصى ؟ يعن هل الصى يُغسَل أم ل يُغسَل ؟‬
‫ج‪ :‬هذه السألة اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬
‫‪-1‬منهم مَن قال بِمشروعية الغُسل‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم مَن ل يَرى ذلك‪.‬‬
‫ث يَدلّ على مشروعية‬ ‫والقول الثان‪-‬وهو قول مَن يَقول بِعدم الشروعية‪-‬هو القول الصحيح‪ ،‬لنه ل يَأت حدي ٌ‬
‫ذلك بل دَلّ ِفعْلُ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‪-‬على عدم الشروعية‪ ،‬إذ إنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وصحبه وسلم‪َ -‬رمَى مِن غَيْر أن يَقوم بِغسل ذلك‪ ،‬كما هو ثابتٌ ف السنّة الصحيحة الثابتة عن النب ‪، e‬‬
‫وما دام المر كذلك فل يَنبغي لنا أن نَقول بِمشروعية ذلك‪ ،‬لِعدم ثبوته ‪ ..‬هذا هو الذي أراه؛ والعلم عند ال‪.‬‬
‫ك أنه َرمَى خسا أو سِتا أو سبعا ؟‬
‫حصَيَات الت تُ ْرمَى ‪ ..‬إذا شَ ّ‬
‫س ‪ :5‬الشكّ ف عَدَ ِد الـ َ‬
‫ج‪ :‬ذلك ل يَخلو من أحد أمرين‪:‬‬

‫‪-1‬أي المرات الثلث كلها‪.‬‬


‫‪450‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫إما أن يَأتيَه هذا الشك بعد أن انتهى مِن الرمي فإذا كان كذلك فإنه ل يَلتفِت إل هذا الشك‪.‬‬
‫أما إذا جاءَه ذلك وهو يَرمي ‪ ..‬ل يَدْرِ‪-‬مثل‪-‬هل هذه الرمية هي الثالثة أو الرابعة‪:‬‬
‫ك هل هذه الثالثة أو الرابعة ؟ فإنه يَعتبِر أنّ تلك الرمية‬‫فإن ل َيتَرَجّحَ لديه شي ٌء فإنه يَبن على القل ‪ ..‬إن ش ّ‬
‫هي الثالثة‪ ،‬وإن شك بيْن الرابعة والامسة فليَعتبِر أنا الرابعة‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫أما إذا ترجّحَ لديه شي ٌء فإنه يَأخذ بِالراجِح‪ ،‬كما يَكون ذلك ف عَدَدِ ركعات الصلة‪ ،‬وهكذا يكونُ ذلك ف‬
‫عَدَ ِد الشواط عند الطواف بِالبيت؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :6‬لقد َنصّت كتب الفِقه البّينَة لحكام الج والعمرة بِأنّ الدعاء الذي يُقال على الصفا والروة‬
‫يُرَدّ ُد هناك ثلث مرات ف كل شوط على كل منها‪ ،‬فهل ذلك على الوجوب أم الستحباب ؟ وماذا على مَن‬
‫ل يَستطِع أن يَأتِيَ به على الصفة النصوص عليها ف تلك الكتب نتيجةَ الزحة الشديدة والرتباك ؟ هل يَصحّ‬
‫القتصار على ألفاظ معيّنة بِذاتا ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ ما كل ما ورد ف الكتب الفقهية ثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهذا‬
‫الدعاء وكذا الذّكْر الوارد عن النب ‪ ε‬ليس واجبا وإنا هو مندوب‪ ،‬ويَنبغي لِلنسان أن يَعتِنيَ بِالندوبات إذا‬
‫استطاع سبيل إل ذلك لكن بِشرْط أن ل ُيؤْذِي أحدا مِن عباد ال تبارك وتعال‪ ،‬فعندما تكون هنالك زحة‬
‫ت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬ ‫شديدة خاصّة ف أيام الج فيَنبغي أن يَقتصِر على القليل ويَأتِي بِما ثََب َ‬
‫وصحبه وسلم‪-‬ويَأتِي بِدعاءٍ جامع مِن غيْر أن يُطِيل حت ل ُيؤْذِي عبادَ ال تبارك وتعال‪ ،‬فعندما تكون هنالك‬
‫سعة يَأتِي بِالذّكْر الوارد عن النب ‪ ε‬ث يَدعو ث يَأتِي بِالذّكْر ث يَدعو ث يَأتِي بِالذّكْر وقد اختلفوا ف الدعاء‬
‫بعد الذّكْر ف الرة الثالثة هل هو مشروع أو ل ؟‬
‫مِنهم مَن قال بِمشروعية ذلك‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال بِعدم الشروعية‪.‬‬
‫ومَن قال بِالشروعية ف كل هذه القضية‪-‬طبعا كما قلتُ‪-‬إنا يَقول بِالندبية ل بِالوجوب؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :7‬مَن عليه َديْن‪ ،‬هل يَذهب إل الج أم ل يَذهب ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان على النسان َديْن فل يَخلو ذلك مِن أحد أمريْن‪:‬‬
‫إما أن تكون لديه أموال تَكفي لِقضاء ذلك ال ّديْن الذي عليه وتكفي أيضا لِمؤونة أهله حت يَرجع إليهم فإن‬
‫كان عليه َديْن ولديه هذه الموال الت تَكفي لِقضاء هذا ال ّديْن فإنه لبد مِن أن يَقوم أوّل بِقضاء ذلك ال ّديْن إذا‬
‫كان ذلك ال ّديْن حالّ أو ف حكم الالّ ث بعد ذلك يَذهب إل الج‪ ،‬وإن كان ُمؤَ ّجلً ف ْليُوص بِذلك وْلَيتْرُك‬

‫‪451‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ضعَه مع فلن وإما أن‬‫وصيته بِذلك الدّين إما عند شخصٍ أمي ويُخبِر ذلك الدائن بِأنه قد َوثّق له َدْينَه ووَ َ‬
‫يَضع‪-‬تلك الوثيقة أو‪-‬ذلك الصك مع صاحب الال الصلي‪.‬‬
‫أما إذا كان ل يَملك شيئا مِن الال يَكفي لِسَدّ ما عليه مِن ال ّديْن فإنه ل َيجِب عليه الج‪ ،‬لنّ الج يَجِب على‬
‫الستطِيع وهذا ل يَستطِيع سبيل إل ذلك‪ ،‬و‪-‬طبعا‪-‬ل أريد بِالموال الدراهم إذ قد يَقول شخص إنه ل يَملك‬
‫شيئا مِن الدراهم ولكنه يَملِك عقارات أو ما شابه ذلك فهي تَقوم ف مقام الدراهم‪ ،‬فالاصل هل يَملك شيئا‬
‫حرّما فلبد مِن التّخلص أوّل مِن‬ ‫سدّ ذلك ال ّديْن أو ل يَملِك شيئا ‪ ..‬هذا وإذا كان ال ّديْن مُ َ‬
‫مِن الموال تَكفي لِ َ‬
‫الرام والتوبة والرجوع إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬حت َيفِدَ بعد ذلك وقد تَ َطهّر مِن هذه القاذورات وهذا كله إذا‬
‫كان يُريد أن يَتوب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وأن يَرجِع إليه سبحانه‪ ،‬أما إذا كان ل يَهتَم بِهذه المور ول يُبال‬
‫بِها فإنه إذا قيل له‪ " :‬ل تَذهب إل الج " سيَبقى هنا وهو يَملِك الموال الت يُمكِن أن يَقوم بِقضاء تلك‬
‫الديون الت عليه وإنا يُريد أن يَشتري الرض الفلنية والعقار الفلن وما شابه ذلك فهذا‪-‬على كل حال‪-‬يُقال‬
‫له‪ " :‬اذهب إل الج " ولكنّ ال‪-‬تبارك‪-‬ل َيتَقبّ ُل منه‪ ،‬إذ إنه ‪ I‬ل يَتقَبّل إل مِن التّقي وهو ليس بِمتّقٍ لِربّه بل‬
‫هو مُحارِب له ‪ .. I‬هذا هو الكم‪ ،‬فحجّه صحيح مِن حيث الفِعْل ولك ّن ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ل يَتقبّل منه ‪..‬‬
‫ل يَتقبّل منه الج ول يَتقبّل مِنه شيئا مِن العمال الصالة‪ ،‬ل ّن القبول يَكون مِن الصالِح ل مِن الطالِح؛ وال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :8‬أرجو مِن شيخنا أن يُبيّن لنا حكم مَن ل َيبِتْ ليل َة التاسِع مِن ذي الِجّة ف مِن وإنا َذهَبَ إل‬
‫عَرفة مباشَرة مع مَن يُقيم معهم وليس له مُرشِدٌ يَذهَب معه وقد أَخَ َذ بِفتوى بعضِ أهل العلم هناك بِأنّ الرسول‬
‫‪ e‬بَاتَ هناك لِلستراحة وليس ذلك مِن السنّة ؟‬
‫ج مِن مكّة الكرّمة ف اليوم الثامِن‪ ،‬وَب ِقيَ‬ ‫ت بِالمس‪ 1‬أ ّن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪َ -‬خرَ َ‬ ‫ج‪ :‬أنا ذكر ُ‬
‫ت عنه صلوات ال‬ ‫بِمِن إل طلوع الشمس مِن اليوم التاسِع ‪ ..‬صَلّى الصلوات المس ف مِن‪ ،‬وهذا ثاب ٌ‬
‫ي بِرسول ال صلى‬ ‫وسلمه عليه‪ ،‬كما جاء ذلك ف الحاديث الصحيحة الروية عنه‪ ،‬ويَنبغي لِلنسان أن َي ْقتَدِ َ‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وليس هنالِك دليل يَدُ ّل أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬إنا َفعَلَ ذلك مِن‬
‫أجل الستراحة‪.‬‬
‫ض الناس على ذلك بِأ ّن مَن جاء مِن مكان بعيد ووَصَلَ إل عَرفة ف اليوم التاسِع ل‬ ‫وإنا يُمكِن أن يَحت ّج بع ُ‬
‫شيءَ عليه‪ ،‬وهذا كلم صحيح ل غبار عليه‪ ،‬وقد دلّ على ذلك الديث الصحيح الثابت عن النب‪-‬صلى ال‬
‫ف با قبل طلوع‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬بل مَن جاء ف ليل ِة العاشِر قبل طلوع فجْر اليوم العاشِر إل عرفة ووَقَ َ‬
‫الفجر فإنّ َحجّه صحيح ول شيءَ عليه‪ ،‬فهل يُمكِن أن يَقول قائل إذا استنَدَ إل مثل هذا الديث‪ " :‬إنّ‬

‫‪-1‬عند الواب على السؤال ‪ 1‬من حلقة ‪ 16‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪11/11/2003‬م )‪.‬‬
‫‪452‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ي وق ٍ‬
‫ت‬ ‫ف بِعرفة ف النهار ليس بِسنّة وإنا هو مستحَب‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬والهِم أن يَأت النسان ف أ ّ‬ ‫الوقو َ‬
‫ستَدِ ّل بِذلك‪-‬أيضا‪-‬على أنّ البِيت بِالزدلفة ليس مِن‬ ‫قبل طلوع الفجْر مِن اليوم العاشِر " ؟! وهل يُمكِن أن يَ ْ‬
‫ل ل يُمكِن أن‬ ‫السنّة وإنا هو مُجَرّ ُد استراحة وإنا الشروع هو الدعاء ف اليوم العاشِر أو ما شابه ذلك ؟! ك ّ‬
‫ستَدِل بِذلك أحدٌ‪.‬‬‫يَ ْ‬
‫نَحن نَقول‪ :‬إنّ البِيت ف ليلة التاسِع ل يُمكِن أن ُيقَارَن بِليلة الادي عشر والثان عشر ولكن مع ذلك ل‬
‫يَنبغي لحدٍ أن يُفرّط فيه إذا استطاع إل ذلك‪ ،‬فإ ّن لنا ف رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ُ-‬أ ْسوَة‬
‫حسنة‪ ،‬أما مَن ل َيتَ َمكّن لِسببٍ أو لخر كالسائل‪-‬مثل‪-‬إذا كان ل يَعرِف الطّرُق ‪ ..‬فإذا كان ل يَتمكّن إل‬
‫بِأن يُرافِق مَن يَبيت ليل َة التاسِع ف عَرفة فل شي َء عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬أما مَن وَجَدَ مَن يَدُلّه على‬
‫الطريق فيَنبغي له أ ّل ُيفَرّطَ ف البِيت ف ليلة التاسِع ف مِن؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :9‬الرأة الت يُفا ِجؤُها اليض ف الج‪ ،‬ماذا تَفعل ؟‬
‫ج‪ :‬ل تُشترَط الطهارة ف الج ول ف العُمرة إل ف الطواف‪ ،‬فإذا أتاها اليض فإنا ليس لَها أن تَطوف بِالبيت‬
‫بل لبد مِن أن تَنتظِر حت تَ ْطهُر مِن اليض وتَغتسِل وبعد ذلك تَطوف‪ ،‬فإن جاءت‪-‬مثل‪-‬مُعتمِرة أوّل ‪َ ..‬لبّتْ‬
‫بِالعُمرة ووَصََلتْ و َم َكثَتْ مدّة ث ل تَتمكّن مِن الطواف بِالبيت قبل التاسِع فإنا ُتؤْمَر بِأن تُ ْدخِل الج على‬
‫العُمرة فَتصِي قا ِرنَة بيْن الج والعُمرة بعد أن كانت مُعتمِرة فقط‪ ،‬وتَطوف بعد ذلك ِلعُمرتِها ولِحجّها طوافًا‬
‫جزٍ‪ ،‬كما وَقَعَ لِلسيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنها‪-‬فإنا كانت مُعتمِرة ‪ ..‬يعن كانتْ‬ ‫واحِدًا وذلك مُ ْ‬
‫ختْ الج ‪َ ..‬حوّلَت‬ ‫سَ‬‫ت أوّل بِالج ث بعد ذلك َلّبتْ بِالعُمرة ‪ ..‬أي فَ َ‬ ‫ت بِالعُمرة فقط ‪ ..‬قيل‪ :‬إنا َلّب ْ‬‫َلبّ ْ‬
‫إحرامَها مِن الج إل عُمرة‪ ،‬وقيل‪ :‬إنا َلبّت مِن أول مرة بِالعُمرة‪ ،‬وف ذلك كلم طويل‪ ،‬ل داعي لِذِ ْكرِه الن‬
‫صَلتْ إل مكّة كانت تَُلبّي لِلعُمرة ولكنها ل تَتمكّن مِن الطواف فأَدْخََلتْ الج على‬ ‫‪ ..‬الهم أنا عندما وَ َ‬
‫عُمرتِها فصارتْ قارِنة وعندما َطهُرَت وتَ َطهّرَت بعد اليوم التاسع طَافَت لِحجّها وعُمرتِها طوافًا واحدا ‪..‬‬
‫فإذن هذا هو الكم‪.‬‬
‫أما إذا كان ذلك بعد وذهبَ أصحابُها ‪ ..‬أوّلً يُقال‪ :‬لبد مِن أن يَنتظِرها مَن هو مُرَافِقٌ لَها سواء كان زوْجا‬
‫أو َمحْرَما‪ ،‬ولكن إذا كانت هنالك ضرورة مُلِحّة ف الرجوع ف َر َجعُوا ف ْلتَ ْرجِع وليس لا أن تَطوف قبل أن تَ ْطهُر‬
‫وتَتَ َطهّر‪ ،‬ث بعد ذلك لبد مِن أن تَذهب إل مكّة حت تَقوم بِأداء هذا الطواف الذي هو ركن مِن أركان الج‪.‬‬
‫أما إذا كانت قد طافت طواف الج وبقي عليها طواف الوداع فإنا ُتعْذَ ُر عن طواف الوداع‪ِ ،‬بَنصّ السنّة‬
‫الصحيحة الثابتة عن النب ‪ ، e‬كما جاء ذلك ف مسند الربيع‪-1‬رحه ال‪-‬وجاء عند غيه من أئمة الديث‬
‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب (‪ )11‬ما تفعل الائض ف الج‪:‬‬
‫حديث رقم ‪ :439‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة‪-‬رضي ال عنها‪-‬قالت‪ :‬قلتُ لِرسول ال ‪ " : e‬إنّ صفية بنت حيي قد حاضت‬
‫" فقال لا رسول ال ‪ ( : e‬لعلها حابستنا ؟! أل تكن قد طافت معكن بالبيت ؟ ) قلتُ‪ " :‬بلى " قال‪ ( :‬فاخرجن )‪.‬‬
‫‪453‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫خصّص لِلحديث العام الدّال على أنه يُؤمر النسان بِأن يَطوف طوافَ الوداع ‪ ..‬هذا الديث‬ ‫وذلك الديث مُ َ‬
‫صصٌ له والاصّ يَقضي على العام َتقَدّم أو َتأَخّر عليه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫مُخ ّ‬
‫ت طواف الفاضة مع طواف الوداع ‪ ..‬جعلتْهما واحدا ؟‬ ‫س ‪ :10‬الرأة الت حاضتْ وأجَّل ْ‬
‫ج‪ :‬إذا حاضت الرأة أو كانت مريضة‪-‬مثل‪-‬وهكذا بالنسبة إل الرجل إذا كان مريضا أو كان كبيا ف السّن‬
‫ويَصعب عليه أن يَطوف مرتي‪-‬يطوف أوّل طواف الزيارة ث بعد ذلك يَطوف طواف الوداع‪-‬فإنه يُمكِن له‬
‫أن ُيؤَخّر طوافَ الزيارة إل الوقت الذي يُريد أن يَخرُج فيه مِن مكّة الكرّمة فيَطوف طوافًا واحدا ويَكفيه ذلك‬
‫ض الناس يَنوون بِذلك الطواف‬ ‫لِلزيارة ولِلوداع‪ ،‬ولكن لبد مِن أن َيْنتَبِ َه الناس إل قضية مهمّة هنا وهي أ ّن بع َ‬
‫طواف الوداع وإذا َن َووْا بِه طوافَ الوداع مِن غيْر أن يَستحضِروا بِأنه لِلزيارة فذلك ل يُجزِيهم‪ ،‬فإذن إما أن‬
‫حضِرُوا الوداع‪ ،‬لنّ الفريضة تَسُ ّد مَسَدّ السّنة أو ما شابه ذلك‬ ‫ستَ ْ‬
‫َينْوُوا بِه طوافَ الزيارة فهذا يُجزِيهم ولو ل يَ ْ‬
‫مِن المور الت ل تَصِل ف التأكيد إل درجةِ تلك الفريضة‪ ،‬فذلك الطواف إذا نوى بِه النسان طوافَ الزيارة‬
‫فإنه يُجزِيه عن طواف الوداع‪ ،‬وإما أن َيْنوُوا الطوافيْن معا وذلك يُجزِيهم‪ ،‬أما إذا َن َووْا بِه طوافَ الوداع فذلك‬
‫ل يُجزِيهم‪ ،‬وقلتُ‪ " :‬يُجزِيهم " بناءً على قو ِل طائفة كبية مِن أهل العلم وهو الظاهر لنا‪ ،‬وإلّ فقد ذهب‬
‫ض أهل العلم إل أنّ ذلك ل يُجزِي وعليه فلبد على قولم مِن أن يَطوفوا طوافيْن ‪ ..‬لبد مِن أن يَطوفوا‬ ‫بع ُ‬
‫طوافًا لِلزيارة وآخر لِلوداع ولسيما إذا َسعَوْا بعد طوافِ الزيارة على رأي هؤلء فإنم جعلوا ذلك فاصِل‪،‬‬
‫ولكنّ الذي يَظهر ل أنّ هذا ليس بِفاصِل‪ ،‬لنن ل أَجِد روايةً صحيحة تَدُ ّل على أنّ السيدة عائشة‪-‬رضي ال‬
‫ت وطافتْ بعد‬ ‫تبارك وتعال عنها‪-‬عندما اعتمَرت مِ َن " التّنعيم " وطافتْ طوافَ العُمرة و َس َعتْ لا أنا ذهب ْ‬
‫ذلك لِلوداع ‪ ..‬ل أَجِد ما يَد ّل على ذلك‪ ،‬والظاهر أنا اكت َفتْ بِذلك عن طوافِ الوداع ولو كان ذلك ل‬
‫يُجزي لَما أَقَرّها الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬على ذلك‪ ،‬فأرى أنه ل مانع مِن الخذ بِذلك‪،‬‬
‫ف آي ًة مِن كتابِ ال ول سّنةً‬‫ب التيْسِي بِشرْط أ ّل نُخالِ َ‬
‫ح ّ‬
‫ولسيما أ ّن فيه تيْسِيا على كثي مِن الناس‪ ،‬ونَحن نُ ِ‬
‫عن رسولِ ال ‪ ، e‬أما إذا َوجَدْنا دليلً صرِيا ل يَحتمِل احتمالً صالِحًا ِلصَرْفِه عن ذلك العن الصريح بل ل‬
‫يُمكِن أن ُيصْرَف الصرِيح عن دللته وإنا ُيصْرَف الظاهِر إذا َدلّ الدليل على صرفِه عن ذلك الظاهِر إل معن‬
‫ل يَصْ ِرفُ ذلك الدلي َل عن ظاهِره أو كان ذلك الدليلُ صرِيا فل يُمكِن أن نَقول إنّ‬ ‫آخر‪ ،‬فإذا ل نَجِد دلي ً‬
‫النسان له أن يَأخذ بِالقول الفلن مع أنّ ذلك القولَ ُمصَاِدمٌ لِذلك الديثِ الصريح ‪َ ..‬نعْذُ ُر مَن قال بِذلك‪،‬‬
‫لنه ل يَتعَمّد أن يُخالِف الديثَ الصريح ولكن لَعلّه ل يَطّلِع عليه أو ظَ ّن أنّ هنالِك صارِفا َيصْرِفُه عن دللته‬
‫ت وهو ثابِت ف حقيقة المر أو ما شابه ذلك‪.‬‬ ‫وليس المر كذلك أو ظَنّ أنه ل يَثب ْ‬

‫أو حديث رقم ‪ :441‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة أم الؤمني‪-‬رضي ال عنها‪-‬قالت‪ " :‬إنّ صفية بنت حيي زوج النب ‪ e‬حاضتْ‬
‫فذكرتُ ذلك لِرسول ال ‪ e‬فقال‪ ( :‬أحابستنا هي ؟! ) فقيل أنا أفاضتْ‪ ،‬قال‪ ( :‬فل إذن ) "‪.‬‬
‫‪454‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فكثي مِن الناس َيَت َغنّ ْونَ بِهذه العبارة‪ " :‬الدّين يُسْر " وهي ح ّق ل شَك فيه ولكن هل يُمكن أن ُنفَرّطَ ف السنن‬
‫ط النسان بعد ذلك ف الواجبات‬ ‫الثابتة عن النب ‪ ε‬أو ما شابه ذلك بِهذه الدعوى ؟! إذا قيل بذلك ربا ُيفَرّ ُ‬
‫إل غي ذلك‪ ،‬فهذا مِمّا ل يَقل بِه عالِم ‪ ..‬إنا قال العلماء‪ " :‬الدّين يُسْر " ‪ ..‬والدّين كله يُسْر عَلِمَ ذلك مَن‬
‫عَلِمَه و َج ِهلَه مَن َجهِلَه بِسبب َجهْلِه ل بِسبب أنّ المر بِخلف ذلك‪ ،‬فإذن هذه نقطةٌ لبد مِن أن ُيْنَتبَه لا‪.‬‬
‫كثي مِن الناس يَطلبون ِمنّا بِأن ُنرَخّص ف الرمي ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر قبل الزوال‬
‫ض العلماء قال بِأ ّن مَن رمى ف ذلك الوقت‬ ‫ض أهل العلم قد قال بِذلك‪ ،‬ونَحن ل نُْنكِ ُر أنّ بع َ‬
‫بِدعوى أ ّن بع َ‬
‫أنّ ذلك يُجزِيه ولكنهم مّتفِقون‪-‬ف حقيقة المر‪-‬مع غيهم بِأنّ السنّة الثابتة عن النب ‪ ε‬هي الرمي بعد‬
‫الزوال‪ ،‬فهذا الذي َثَبتَ عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فقد روى البخاري وأبو داود والبيهقي مِن‬
‫طريق ابن عمر‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهما‪-‬أ ّن النب ‪َ ε‬رمَى بعد أن زالت الشمس‪ ،‬وقد جاء هذا‬
‫الديثُ‪-‬أيضا‪-‬مِن طريق جابر بن عبد ال رضي ال تبارك وتعال عنهما‪ ،‬رواه المام مسلم‪ ،‬ورواه المام‬
‫البخاري ف صحيحه تعليقًا‪ ،‬ورواه النسائي ف " الصغرى " و " الكبى "‪ ،‬ورواه أبو داوود والترمذي‬
‫والدارمي وابن ماجة‪ ،‬ورواه‪-‬أيضا‪-‬ابن خزية وابن الارود وابن حبان وابن أب شيبة‪ ،‬ورواه أبو عوانة وأبو‬
‫ُنعَيْم ف " الستخرَج على صحيح مسلم "‪ ،‬ورواه الطّوسي ف " متصَر الحكام "‪ ،‬ورواه البيهقي ف " السنن‬
‫الكبى " وف " الصغرى " وف " العرِفة " وف " دلئل النبوة "‪ ،‬ورواه الاكم ف " الستدرَك "‪ ،‬ورواه ابن‬
‫حزم ف " َحجّة الوداع "‪ ،‬وروته طائفة كبية مِن أهل العلم‪ ،‬ولما شاهدان مِن طريق السيدة عائشة ومِن‬
‫طريق ابن عباس وقد َقوّاهُمَا بعضُ أهل العلم ومهما كان فإنما صالِحان لِلستشهاد وإذا قيل بِعكس ذلك‬
‫فإننا قد أغنانا ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنهما بِالصحيح الثابت الّتفَق على ثبوته‪ ،‬فهل بعد ذلك يُمكِن أن نُرَ ّخصَ ف‬
‫الرمي قبل ذلك مع وجود هذه النصوص الصحيحة الثابتة ؟! ث إنه ل يُمكِن أن يُقال‪ " :‬إنّ ف ذلك تعسِيا "‪،‬‬
‫ذلك لننا‪-‬بِحمد ال‪-‬ل ُنلْزِم الناس بِأن يَرموا ف ذلك الوقت بل قلنا إنّ الوقت يَمت ّد مِن منتصَف النهار ‪ ..‬أي‬
‫بعد زوال الشمس مباشَرة إل غروب الشمس وهذا لِلمستطيع‪ ،‬أما مَن ل يَستطِع ووَجَدَ حَرَجا أو مشقّة فإنه‬
‫يُمكِن أن يَ ْر ِميَ ف الليل بل يُمكِن أن يَر ِميَ ف اليوم الثان‪-‬أي ف اليوم الثان عشر‪-‬عن اليوم الادي عشر‬
‫والثان عشر‪ ،‬أو ف اليوم الثالث عشر‪ ،‬فأيْن هذا العُسْر الذي يَ ْزعُمُ ُه مَن يَ ْزعُمُ ُه مِن الناس ؟! فالديث قد َثبَتَ‬
‫عن النب‪-‬صلى ال تبارك وتعال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬مِن طريق عاصِم بن عدي عند المام مالك‬
‫والشافعي وأحد والنسائي وأب داوود والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن خزية وابن حبان وابن الارود‬
‫وأب يعلى والُ َميْدِي وأحد وغيهم مِن أئمة الديث‪ ،‬وقد رواه المام الربيع‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬مِن‬

‫‪455‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫طريق أب عبيدة بَلغا عن النب‪ e 1‬أنه رَ ّخصَ لِلرعاة بِأن يَرموا اليوم العاشِر والغداة ث يَرموا يوما عن يومي‬
‫‪ ..‬أي يَجمَعوا رمي اليومي ف يوم واحد‪ ،‬وهذا فيه دللة واضحة و ُحجّة نَيّرَة بِأنّ ذلك يكون أداءً ل قضاءً‪،‬‬
‫إذ ل يُمكِن لِلنب ‪ e‬أن يَأمُر بِعبادة ُتؤَدّى بعد وقتها مِن غي ضرورة مُِلحّة مع أنه قد َأمَ َر بِذلك‪ ،‬فهذا دليل‬
‫على أنه أداء‪ ،‬ث إنه لو كان قضاءً‪-‬أيضا‪-‬فهذا الديث يَد ّل على أ ّن العبادة يُمكِن أن تُقضى بعد وقتها‪ ،‬وذلك‬
‫يَد ّل عليه أيضا‪ ( :‬ف َديْنُ ال أَحَ ّق بِالقضاء ) وما شابه ذلك مِن الدلة‪ ،‬أما تقدي العبادة عن وقتها مِن غي دليل‬
‫فهذا مِمّا ل يُمكِن أن يَقول بِه أحدٌ بعد ثبوت هذه السنّة الصحيحة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪ ،‬ونن نَلتمِس العذر لولئك العلماء الذين قالوا بِخلف ذلك أما أن نأخذ بِقولم فهذا مِمّا ل يَنبغي‪ ،‬ث‬
‫ليس هنالِك عُسْر بِحمد ال بل فيه يُسْر كبي جدا جدا ‪ ..‬كثي مِن أهل العلم قالوا‪ " :‬إنّ النسان ليس له أن‬
‫يَرمي بعد غروب الشمس " ونن نقول‪ :‬إنّ الدليل قد د ّل على أ ّن مَن ل يَستطِع له أن ُيؤَخّر ذلك حت إل‬
‫اليوم الثالث عشر ‪ ..‬أن ُيؤَخّرَ َرمْ َي اليوم الادي عشر حت إل الثالث عشر‪ ،‬فهذه مسألةٌ يَنبغي أن ُيْنتَبَه إليها‬
‫وأن نَأخذ بِما َثبَتَ ف سنّة رسول ال ‪. e‬‬
‫ص لك عن رسول ال ‪e‬‬ ‫جبُن ما قاله العلّمة الحقّق سعيد بن خلفان رحه ال‪ " :‬ومِن العَجب أن َأُن ّ‬
‫ويُع ِ‬
‫وأنتَ تُعارِضن بِعلماء بيْضة السلم مِن غيْر دليل ول واضِح سبيل ‪ ..‬أليس هذا ف العيان نوعا مِن‬
‫الذيان ؟! "‪.‬‬
‫وقطب الئمة‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬قد شدّ َد أيّما تشديد فيمَن خالَف السنّة الصحيحة الثابتة عن النب صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فقد قال كلما ما معناه إن ل يَكن هذا هو اللفظ الذي ذَكَرَه القطب رحه ال‬
‫تبارك وتعال ‪ ..‬قال‪ " :‬اعلم أنه ل يَجوز لك السرار با ول تقليد كلم ' الديوان ' ف ذلك بعد قيام الجة‬
‫عليك بِما تقدم وبِما يأت إن شاء ال تبارك وتعال‪ ،‬وإن كان لِلديوان حديث ف ذلك ل نَطّلِع عليه َلوَ َجبَ‬
‫علينا العمل بِما اطَّلعْنا عليه مِن الحاديث‪ ،‬فكيف ول حديث لِلديوان ف ذلك وإنا هو مُجرّد استحسان‪ ،‬فمَن‬
‫أكب عليه بعد اطّلعه على الحاديث والجج ِخ ْفتُ عليه أ ّل يَنجو ول تَناله الشهادة لنّ ف ذلك إصرارا‬
‫وعنادا " أو ما هذا معناه‪ ,2‬فالقطب‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬قد شدّدَ فيمَن قلّد كلم صاحب " الديوان " ف‬

‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب (‪ )7‬ف عَرفة والزدلفة ومِن‪ ،‬حديث رقم ‪ :426‬أبو عبيدة قال‪ :‬رَخّص رسول ال ‪ e‬لِرعاة البل‬
‫ف البيتوتة‪ ،‬ويَرمون يوم النحر‪ ،‬ث يَرمون بِالغداة‪ ،‬ومِن بعد الغَد يَرمون يومي ث يَرمون يوم النفْر‪.‬‬
‫‪-2‬قطب الئمة الشيخ ممد بن يوسف أطفيش‪ ،‬كتاب " القنوان الدانية ف مسألة الديوان العانية "‪ ،‬ص ‪ " :14‬اعلم أنه ل يَجوز لك السرار‬
‫ت لك وبِما يأت إن شاء ال‪ ،‬ولو كان لِلديوان ف ذلك حديث ل نَ ّطلِع‬ ‫با ول تقليد كلم ' الديوان ' ف هذا مع قيام الجة عليك بِما ذكر ُ‬
‫ب علينا العمل بِما ا ّطَلعْنا عليه مِن الحاديث‪ ،‬فكيف ل حديث لِلديوان لذلك وإنا هو مُجرّد استحسان ل دليل عليه‪ ،‬فمَن أكب‬‫عليه َلوَجَ َ‬
‫عليه وترك الحاديث والجج بعدما وصلته ِخ ْفتُ عليه أن ل يَنجو ول تَناله الشهادة ل ّن ذلك منه إصرار وعناد "‪.‬‬
‫‪456‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫هذه القضية وقال إنه حت لو كان هنالِك حديث استدل به صاحب " الديوان " بِما أننا ل نطّلِع عليه فإنّ‬
‫الواجب علينا أن نَأخذ بِالسنّة الصحيحة‪ ،‬وأنه ل يَجوز لحد أن يُعانِد ويُخالِف السنن بعدما َثَبتَتْ‪.‬‬
‫والشيخ السالي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬قد شدّدَ ف مثل هذه القضايا أيّما تشديد‪ ،‬فيقول رحه ال تبارك‬
‫وتعال‪:‬‬
‫ونن نَحكي بعدَه خِلفا‬ ‫الصطفى يَعتبِر الوصاف‬
‫فيه عن الختار نصّ ُأ ْسنِدَ‬ ‫ل نَقبَل اللفَ فيما وَرَدَ‬
‫وعندما وَ َجدَ رحه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬كثيا مِن الناس يَجعلون المام هو الذي يُقيم الصلة إذا كان الؤذّن غيْر‬
‫ثِقة شَدّد ف ذلك رحه ال‪-‬تبارك تعال‪-‬أيّما تشديد فقال‪ " :‬ومثله " ‪ ..‬أي مثل الذان ‪..‬‬
‫لنا تابِعةٌ أحكامَه‬ ‫ومثله قد قِيل ف القامة‬
‫وِث َقةً يَشرُط فيها الَب ْعضُ‬ ‫فقيل سنّة وقيل فرض‬
‫خفِي‬
‫أسرّها المام فيما يُ ْ‬ ‫فإن يَكن ليس بِهذا الوصف‬
‫إن أرى قائله قد هَذى‬ ‫ول دليل عندنا لِهذا‬
‫وهو فساد حيث ل يَدْرِيه‬ ‫يَظُ ّن أنّ الحتياط فيه‬
‫من بعده عن سنّة السلف‬ ‫فكان منه سبَب انصراف‬
‫إذ كان فيه ثقة سليما‬ ‫فجعلوا إمامهم مقيما‬
‫فبدّلُوا ُسنّة َسيّد الورى‬ ‫وََقبِلُوا الذان مِمّن َحضَرَ‬
‫حبُنَا‬
‫صْ‬‫فهو يُقيم وعليه َ‬ ‫إذ كان ف ُسنّتِ ِه مَن أَذّن‬
‫وهم لِلحتياط يَ ّدعُون‬ ‫حت أتى مَن جَهلوا السنون‬
‫ختْ بِقلب مَن ل يَعقِل‬
‫و َر َس َ‬ ‫فبَدّلُوا وَلْيَتهُم ما بَدّلوا‬
‫على ثبوتِها بِما قد قال‬ ‫حت ا ّدعَاها سنّة واحتال‬
‫لنه يَقول ما ل يَعلم‬ ‫وهو َلعَ ْمرِي جَ َد ٌل مُحَرّم‬
‫حنَة‬
‫بِجهله كفى بِهذا مِ ْ‬ ‫وأنه ساعٍ ِلهَدم السنّة‬
‫إل آخر كلمه رحه ال تبارك وتعال‪.1‬‬

‫‪-1‬المام نور الدين السالي‪ ،‬جوهر النظام ف علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب‪ :‬الصلة‪ ،‬باب‪ :‬الذان والقامة‪ ،‬وهذا بقية كلمه رحه ال تبارك‬
‫وتعال‪:‬‬
‫صلّى عليه ربّهمشتهِر مضى عليه‬
‫لو كان سنّة كما قد زعملم َتفُتَن أسلفَنا والعلماءكيف تكون سنّة مالِفةلِما عليه العلماء السالفةوفِعله َ‬
‫صحبُهواللفاءُ الراشدون أجعإل انتهائهم عليه أجعوا‬
‫‪457‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ث ثابت عن النب ‪ ε‬قال‪:‬‬


‫والمام الليلي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬عندما وَ َج َد بعضَ العلماء قالوا بِخلف حدي ٍ‬
‫ب بِه عُرْض الائط " مع أنه قد قال بِذلك القول بعضُ مشائخه رضوان ال‪-‬‬ ‫" وقو ٌل بِخلف الديث ُيضْرَ ُ‬
‫تبارك وتعال‪-‬عليهم‪.‬‬
‫وهكذا نَجِد ُفحُولَ الرّجال إذا وَجَدوا سنّة ثابتة عن رسول ال ‪ ε‬أَخذوا بِتلك السنّة الثابتة عن رسول ال ‪ε‬‬
‫ولو خالَفها مَن خالَفها مِن أهل العلم‪ ،‬ولِذلك الشيخ السالي‪-‬رحه ال‪-‬يقول‪:‬‬
‫ل حظّ فيه أبدا لِلنظر‬ ‫فقولم عند وجود الثر‬
‫يَنفي خِلفَه مِن النظار‬ ‫معناه ما أتى عن الختار‬
‫وعلى كل حال‪:‬‬
‫وإن يَقولوا خالَف الثار‬ ‫حسبك أن تّتبِع الختار‬
‫و‪:‬‬
‫ول كلمِ الصطفى الوّاه‬ ‫ول ُتنَاظِر بِكتاب ال‬
‫ولو يَكون عالِما خبيا‬ ‫معناه ل تَجعل له نظيا‬
‫فهذا الذي يَنبغي للنسان‪.‬‬
‫ومِن العَجب أنّ كثيا مِن الناس َيتَحَجّجُو َن بِأنه قد قال بِهذا القول ممد بن علي ‪ ..‬أي تقدي الرمي عن وقته‪،‬‬
‫وأوّل قد َأخْ َطؤُوا ‪ ..‬ممد بن علي ليس هذا هو الشهور‪ ،‬وإنا هذا هو رجل مالكي كما ذَ َكرَ ذلك ابن عبد‬
‫الب وكما ذكر ذلك ابن رشد أيضا‪ ،‬ونن‪-‬أيضا‪-‬وإن كنّا نقول‪ " :‬إنّ هذا الرجل له العذر فيما قال به "‬
‫ولكن مهما كان ل يُمكِن أن ُنقَلّدَ أحدًا بعد ثبوت السنّة الصحيحة الثابتة ثبوتا أوضح مِن شس الظهية‪،‬‬
‫وهذه السألة َسنَزِيدُها بَسْطا‪-‬بِمشيئة ال‪-‬ف الدروس القادمة‪ ،1‬فأسأل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يُوّفقَنا لِلعمل‬
‫بِالسنّة؛ وال أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 17‬رمضان ‪1424‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪12/11/2003‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫خيّر َبيْنَ الدّم والطعام والصّيام ف حَق مَن قَطَ َع شيئا مِن الشّجَر َوهُو مُحْرِم ؟‬
‫س ‪ :1‬هَل يُ َ‬
‫ج‪ :‬إنّه لَم َيأْتِ دَليلٌ ف كتابِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول ف ُسّنةِ رسولِه‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬يَدُ ّل عَلَى‬
‫أنّ الـمُحرِم ل يَجوز لَه أن يَقطَع شيئا مِن الشجر أو ما شابه ذلك ‪ ..‬أي مِمّا َيتَعلّق بِالشجر‪ ،‬ول َيقُل‬
‫بِذلك‪-‬أيضا‪-‬أح ٌد مِن علماءِ السلِمِي‪ ،‬وإنّما هذا هو مُجرّد ظ ّن مِن بعضِ ال َعوَام‪ ،‬فإذن الـمُحرِم ل يُمنَع مِن‬

‫‪-1‬وكان ذلك‪-‬بمد ال تعال‪-‬عند الواب على السؤال ‪ 2‬من حلقة ‪ 24‬ذو القعدة ‪1424‬هـ ( ‪18/1/2004‬م )‪ ،‬وكان ذلك أيضا‪-‬‬
‫بمد ال تعال‪-‬عند الواب على السؤال ‪ 8‬من حلقة ‪ 6‬ذو القعدة ‪1425‬هـ ( ‪19/12/2004‬م )‪.‬‬
‫‪458‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫شيءٍ مِن ذلك وإنّما يُمنَعُ النسانُ مِن َقطْ ِع أو قَلْعِ أو مَا شابه ذلك مِن المور مِمّا َيتَعَلّ ُق بِشجَرِ الرَم سواء‬
‫خصُ ُمحْرِما أو كان ُمحِل‪ ،‬فإذن الـمَ ْمنُوع هو شَجَرُ الرَم ول فَ ْرقَ ف ذلك َبيْن الـمُحرِم‬ ‫كان ذلك الشّ ْ‬
‫والـمُحِل‪ ،‬وعليه فإن قَطْعَ شخصٌ ُمحِل أو مُحرِم شجرا مِن غيْرِ الرَم كعرفة‪-‬مثل‪-‬فَل شيءَ عليه بناء على‬
‫ف مَن خَالَف فِي ذلك‪.‬‬ ‫ستْ مِن الرَم كما هُو قولُ جهورِ المّة ول عبْ َر َة بِخِل ِ‬ ‫أ ّن عَرَفَة َليْ َ‬
‫ص السّن ِة الصحيحة الثابِتة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫أمّا بِالنّسبَة إل شَجَرِ الرم فإنّه مَ ْمنُوعٌ ِبَن ّ‬
‫ع المّة إ ّل ما وَرَ َد استثناؤه‪.‬‬ ‫وبِإجْما ِ‬
‫حرِما ؟ فإ ّن العُلَماء قَد‬
‫جرِ الرَم سواء كان ُمحِل أو مُ ْ‬ ‫جبُ على مَن قَ َط َع شيئا مِن شَ َ‬ ‫سبَة إل مَاذَا يَ ِ‬ ‫وأمّا بِالنّ ْ‬
‫اختَلفُوا ف ذلك‪:‬‬
‫ي مِن حيثُ الزاء أو الفِ ْديَة أو ما شابه ذلك‪-‬وإنّما يَجِب عليه أن‬ ‫‪-1‬مِنهم مَن ذهبَ إل أنّه ل شيءَ عليه‪-‬أ ْ‬
‫يَتوبَ إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬لنّه ارت َكبَ مَا حَ َظ َرهُ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليه‪ ،‬وهذا القول قالتْ بِه طائفة مِن‬
‫أهلِ العلم‪.‬‬
‫‪-2‬وذهبَ جُمهو ُر المّة إل أنّه يَجِب عليه الزاء إل أنّهم اختلَفوا ف ذلك‪:‬‬
‫صيْدِ الرَم‪-‬وقد تكلّمنا على ذلك‪-‬وعليه فإنه لبد مِن ُحكُومَة ف ذلك‪.‬‬ ‫منهم مَن ذهب إل أنّ حكمه كحمِ َ‬
‫صيْدِ الرَم وَقَال‪ " :‬إنّه تَجِب فيه القِيمة "‪.‬‬ ‫ومنهم مَن َفرّق بيْنه وبيْن َ‬
‫ومنهم مَن قَال بِخلفِ ذلك‪.‬‬
‫والذي يَظهَر لِي ف هذه القضية أنّه ل يَجِب عليه شي ٌء مِن حيثُ الزاء أو الفِدية وإنّما عليه التّوَبةُ إل ال‬
‫تبارك وتعال‪ ،‬وذلك لنّه لَم يَأتِ دَلي ٌل مِن كتابِ ال ول مِن سّنةِ رسولِه‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫جمِع المّة على ذلك‪ ،‬ومِن العلومِ أ ّن أموالَ السلِمِي َم ْعصُومَة بِعصم ِة السلمِ لَها فَل‬ ‫الصحيحة الثابِتة ولَم تُ ْ‬
‫ت بعضُ الرواياتِ‬ ‫يُمكِن أن نُوجِب شيئا على أحد إل بِدلِيلٍ ش ْرعِي‪ ،‬ونَح ُن ل نَملِكُ دَلِيل ف ذلك وإنّما جاء ْ‬
‫عن بعضِ صحابةِ رسولِ ال ‪ e‬وعلى تقدِي ِر ثبوتِ تلك الرّوايات فإنّه ل حُجّة فيها‪ ،‬إذ إنّ مذهب الصحاب‬
‫حجّة على القولِ الراجِح الصحيح‪ ،‬فإذن الصحيحُ‪-‬كما قلتُ‪-‬هو أنّه ل جزا َء على مَن قَ َط َع شيئا مِن‬ ‫ليس بِ ُ‬
‫شَجَرِ الرَم وإنّما عليه التّوبة والنَابَة إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وإن فعل شيئا مِن اليْرِ فإنّ ذلك حَسَن‪ ،‬أمّا‬
‫الوجوب فل وجوب؛ وال أعلم‪.‬‬
‫ت مِن مبن ُمكَوّن مِن سبعة طوابق َوتُوُّفيَت وهي تبلغ مِن العُمر سَبعة عشر سنَة‬
‫س ‪ :3‬فتاة سقط ْ‬
‫وعشرة أشهر‪ ،‬ولَم َتتّضح للجهات الختصة معرفة أسباب السقوط مع العلم أ ّن الفتاة ل تُعان من أي أمراض‬
‫نفسية‪ ،‬هل يَجب أو ُيفْرَض على أهل هذه الفتاة عمل الت‪ :‬الّتصَدّق عن الفتاة‪ ،‬الصوم إذا كَا َن فاَتهَا من‬
‫السنوات الاضية كَفارات أو حَجّة ؟‬

‫‪459‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬أمّا الوُجُوب فل ُوجُوب ل يُمكن أن َنقُول‪ " :‬إنّه يَجب على شخص أن يصوم عن شخص أو أن يََتصَدّق‬
‫عنه أو أن يقوم بأداء الج عنه أو ما شابه ذلك " فل يُمكن أن يُقال‪ " :‬إنّه يَجب " وإنّما يُقَال‪ " :‬ينبغي "‪،‬‬
‫فإذا كانت هذه البنت وَاجِدَة للمال مِن َقبْل ومستطيعة للذهاب لتأدية فريضة الج ول تَحج فينبغي ِلوَ َرثَتِها أن‬
‫يَحُجّوا عنها ‪...‬‬
‫س ‪ :7‬والِدِي توفّاه ال وأُرِيد أن أَ ُح ّج عنه وكما تَعلَمون عندَ َر ْميِ المار تَكون زحْمَة كبِيَة‪ ،‬هل لِي‬
‫ت الج عن نفسِي‪.‬‬ ‫أن ُأؤَجّرَ لِ َر ْميِ المار ؟ مع العلم أنّن َأ ّديْ ُ‬
‫ج‪ :‬إن كان هَذَا الشخص يَستطِيع أن يَقوم بِالرّمي هو نفسُه فلبُد مِن أن يَرمِي هو نفسه‪ ،‬وليس لَه أن يَستَنِيبَ‬
‫غيْرَه سواء كان ذلك بِالجرَة أو بِالتّعاون مِن بعضِ أهلِ اليْر‪ ،‬أمّا إذا كان ل َي ْقوَى على ذلك فَنعَم لَه إمّا أن‬
‫يَطلب مِن غيْرِه مِن أه ِل اليْر بِأن َيَتعَاوَ َن معه ويَقوم بِالرّمي عنه بِشرط أن يَكون حاجّا ف تلك السّنَة‪ ،‬وإمّا أن‬
‫يُؤجّ َر غيْرَه‪-‬أيضا‪-‬بِش ْرطِ أن يَكون حاجّا ف تلك السنة‪.‬‬
‫حدّد ضيّق جِدا فإذا لَم‬
‫ت مُ َ‬
‫ولكن يَنبغِي أن ُيْنتَبَه إل أنّ كثيا مِن الناس يَظنّون أنه لبد مِن الرّمي ف وق ٍ‬
‫ت بِالمس أنّ الرّمي ف أيامِ‬ ‫يَستطِيعوا الرّمي ف ذلك الوقت أنابوا غيْرَهم‪ ،‬وليس المْرُ كذلك‪ ،‬أنا ذكر ُ‬
‫التّشْريق‪-‬أي ف اليومِ الادِي عشر والثان عشر والثالث عشر ِلمَن َتأَخّر‪-‬يَبدَأ بِ ُمنْتصَف النهار‪ ،‬وليس لحد أن‬
‫يَرمِي قبلَ ذلك‪ ،‬وهو يَ ْمتَد إل غروبِ الشمس‪ ،‬وإذَا لَم يَستطِع النسان أن يَرمِي ف ذلك الوَقت‪-‬لِلمشقّة‬
‫مثل‪-‬فإنّه لَه أن يَرمِي حت ف الليل بَل يُمكِن لَه أن يَرمِي عن اليومِ الادِي عشر ف اليومِ الثان عشر أو ف‬
‫ستَطِع‪ ،‬أمّا مَن استطاع فل ينبغِي لَه أن يُؤخّر‪ ،‬وهذا بِحمدِ ال‪-‬‬ ‫الثالث عشر‪ ،‬وهذه‪-‬طبعا‪-‬رُ ْخصَة لِمَن لَم يَ ْ‬
‫تبارك وتعال‪-‬فيه مِن اليُسْر ما ل يَخفى‪ ،‬أمّا إذا كان ل يَستطِيع ذلك فل‪ ،‬فَلَينْتبه الناس لِهذه القضايا‪ ،‬وأنّه‬
‫ليس لَهم أن يَستنِيبوا إل عن َد عد ِم القدرة‪ ،‬فإن لَم يستطيعوا‪-‬كما قلتُ‪-‬فيما بيْن منتصف النهار وغروبِ‬
‫الشمس فلَهم أن يَرموا حت بِالليل ولَهم حت ف اليومِ الذي يَلِيه بِش ْرطِ أن يَكون ذلك قبلَ غروبِ الشمس مِن‬
‫اليومِ الثالِث عشر‪ ،‬وهذا لَه دَلِي ٌل واضِح‪-‬ذكرتُه بِالمْس‪-‬وهو حديثٌ صحِيح ثابِت عن النب ‪ ، ε‬أمّا رَم ُي‬
‫س عندَ طائفةٍ‬ ‫ف النهار عن َد بعضِ أه ِل العلم‪ ،‬وإل غروبِ الشم ِ‬ ‫اليومِ العاشِر فهو مِن طلوعِ الشمس إل ُمنَْتصَ ِ‬
‫أخرى‪ ،‬ومع ذلك مَن لَم َيتَ َمكّن فبِإمكانِه أن يَرمِي حت ف الليل بَل وحت ف اليومِ الادِي عشر إل آخِر ما‬
‫ط أن يَكون قبلَ غروبِ‬ ‫ذكرتُه ف الوابِ السابق ‪ ..‬أي يُمكِن أن يَكون ف الثانِي عشر أو ف الثالِث عشر بِشرْ ِ‬
‫ض العلماء قال‪ " :‬إنّ الرّميَ ف اليومِ العاشِر ف ح ّق العَجَزة مِن النّساءِ‬ ‫الشمسِ مِن اليومِ الثالِث عشر‪ ،‬بل بع ُ‬
‫ت السألةُ بِحاجة إل شيءٍ‬ ‫والطفا ِل والرضى يَبدَأ بِ ُطلُوعِ الفجْر مِن اليَو ِم العاشِر "‪ ،‬وذلك ليسَ بِبعِيد وإن كان ْ‬
‫ث فيها مَُتعَارِضة‪.‬‬
‫مِن النّظر‪ ،‬لنّ الحادِي َ‬

‫‪460‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ف النهار‪َ ،‬ومَن َرمَى‬ ‫أمّا بِالنّسبةِ إل أيا ِم التّشرِيق فل يُوجَد حدِيث ثابِت أبَدًا يَ ُدلّ على جوازِ الرميِ قب َل منتص ِ‬
‫قبلَ ذلك فعليه التّوبَة إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وإذا كان الوَقتُ باقِيا فعليه أن ُيعِيدَ ذلك؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 18‬رمضان ‪1424‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪13/11/2003‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :1‬ما طَريقَة إحرَامِ الرأة ؟ لنّ بعضَ النساء َيفْهم َن عَلى َأنّهن يَ ْلبَسْ َن لباسا ُمعَيّنا وطريقة معيّنة‪ ،‬هل‬
‫هناك بِالفعل شي ٌء مِن هذَا ؟‬
‫ج‪ :‬إنه َينَْبغِي لك ّل مَن أراد أن يَذهبَ إل َتأْ ِديَة فَرِيضَة الج أن يَكُونَ عَلَى َبيّنة مِن أمره فيمَا َيتَعَلّق بأحكام‬
‫الج سواء كان َرجُل أو امرأة حت َل يَقع ف بعض الخَالفات الشَ ْرعِية الت قَد ُتؤَدّي إل فَساد حَجّه أو تُؤدّي‬
‫إل شيءٍ مِن النّقص ف الج وإن كان ل َيصِل ذلك إل دَ َرجَة فَسَادِ الج‪.‬‬
‫الرأة تَلْبس اللَبس العَادية إل ما َسُأنَبّه عليه بعد قليل بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬وذلك لنّ السنّة النبوية‪-‬على‬
‫صاحبها وآله أفضل الصلة والسلم‪َ -‬ل َيأْتِ فيها نَهيٌ عن شيءٍ مِن اللباس بِالنسبة لِلمرأة إل أنا تُنهى أن‬
‫َتنَْتقِب‪ ،‬فالنب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬نى الرأة أن َتْنَتقِب ‪ ..‬أي أن تَ ْلبَس النّقَاب‪ ،‬وكذلك بِالنسبة‬
‫س القُفازين‪.‬‬
‫إل البُرْقُع‪ ،‬فليس لا أن تَلبس البُرْقُع وليس لا أن َتْنتَقِب وليس لا‪-‬أيْضا‪-‬أن تَ ْلَب َ‬
‫وأما بِالنسبة إل الوارب فإنّه ل مانع مِن ذلك بِالنسبة إل الرأة‪ ،‬إذ ل َيأْتِ ف ذلك ن ٌي عن النب صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬نعم ُتْنهَى الرأة أن َتتَبّج بِشيءٍ مِن ملبس الزينة وذَلك لنا تكون أمام الرجال‬
‫ي وقتٍ مِن الوقات تكون الرأة فيه أمام الرجال‬ ‫الجاَنب ولكن هَذَا الكم ليس خاصّا بِالج بل هو شامل ل ّ‬
‫الجانب أو تَ ْلَتقِي فيه بِالرجال الجَانِب‪.‬‬
‫وأما ما ذكره بعض أهل العلم مِن أنّ الرأة ُتنْهى عن عد ٍد مِن أنواع اللباس‪-‬كالرير مثل‪-‬فإنّ ذلك مِمّا ل يَرد‬
‫ف سنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫ي مسألةٍ مِن السائل فإنّ ال َفيْصَ َل َبْينَهم الكتاب والسنّة ‪..‬‬ ‫ف بيْن أهل العلم ف أ ّ‬ ‫ومِن العلوم أنه إذا وَ َردَ خِل ٌ‬
‫إذا وجدنا خِلفًا بيْن أهل العلم ف مسألة مِن الـمَسائل فلبد مِن أن َننَظر ف كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وف‬
‫سنّة رسوله‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬الصحيحة الثَابتة َعنْه‪ ،‬وما دَ ّل عليه الكتاب أو السنّة فهو‬
‫القول الصحيح الرّاجح الذِي يَنبَغِي لِلنسان ألّ يَحيد عنه أبدا‪.‬‬
‫فإذن الرأة ف الحرَامِ تَلْبس اللبس العَادِية بِشَرْط ألّ َتتَبّج بِزينة‪ ،‬وإنا ُتنْهَى‪-‬كما قلتُ‪-‬عن لبْس النّقاب‪،‬‬
‫وكذلك البُرْقُع‪ ،‬وكذلك تُنهى عن لبس ال ُقفّازين‪ ،‬وها الشراب الذي تُدخِل فيه الـمَرأة يَديْها‪ ،‬أما بِالنسبة‬
‫إل ما عدا ذلك فل‪.‬‬

‫‪461‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وهكذا بِالنسبة إل لُبس الذهب والفضّة فقد شدّد ف ذلك كثي مِن أهل العلم‪ ،‬ول أَجِد دليل يَدلّ على هذا‬
‫التَشَدّد وإنا ُتنْهى عن إِظهار ذلك لِلرّجال الجانب فذلك مَمْنوع سواء كان ذلك ف حجّ أو عُمرة أو ف‬
‫غَيْرها‪ ،‬أو بِعبارة أخرى‪ :‬سواء كانت ُمحْ ِر َمةً أو كانت مُحِّلةً ‪ ..‬هذا ما يَظهر ل؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫وأَما بِالنسبة إل سَدْ ِل الثّوب على الوَجْه إذا َمرّت الرأة بِالرجال الجانب أو مَ ّر بِها بعضُ الرجال الجانب‬
‫فالسنّة قد دَلَّت على ذَلك‪ ،‬إذ إ ّن أمهاتِ الـمؤمني‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليهن‪-‬كُ ّن يَسْدِلْن على مسمعٍ‬
‫ومرأى مِن النب ‪ e‬إذا مَ ّر بِهنّ الرجال الجانب وهنّ مُحْ ِرمَات‪.‬‬
‫ولكن اشترَط بعضُ العلماء ألّ يَ َمسّ ذلك الثوب شيئا مِن الوجه‪.‬‬
‫ض أهل العلم‪.‬‬ ‫ول يَشترِط ذلك بع ُ‬
‫حتَاج إل دليل‪ ،‬ول أَجِد دليل يَدُلّ عليه؛ والعلم عند ال تبارك وتعال‪.‬‬ ‫والقول بِالشتِرَاط َي ْ‬
‫س‪ :‬القيقة أَصبحت الصفة الغَالبة عند الـ ُمحْ ِرمَات هو تغطيةُ الوجه بِناء على أنّ الفتنة هي السبب ف‬
‫سَدْل هذا المار‪.‬‬
‫ج‪ :‬هو ما ذكرناه ‪ ..‬النسان مُخاطَب أن يَلتزِم بِما ف كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وبِما ف سنّة رسول ال صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬والسنّة دَلّت على جَواز السّدْل عندما تَمُرّ الرأة الـمُحْرمَة بِالرجال أو يَمرّ بِها‬
‫بعضُ الرجال‪ ،‬أما ما عدا ذلك فإنا َتكْشِف وجهَها ‪ ..‬هذا الذي َثَبتَ ف السنّة الصحيحة الثابتة؛ والعلم عند‬
‫ال‪.‬‬
‫س‪ :‬لَكن ف موْسم الج الناس َكثِيُون والحتِكَاكُ بِالرجال أم ٌر وَارِد‪.‬‬
‫ج‪ :‬لَكن ل يَكون ذلك ف كل وَقْت مِن الوقات‪ ،‬وإنا يكون ذلك ف بعض الحيان‪.‬‬
‫س‪ :‬ما هو ِم ْعيَار الوف مِن الفتنة ؟ يَعن كَيف تَستطيع الرأة أن تُميّز هَل هِي خَائِفة مِن الفتنة ؟ هل‬
‫هذا يَعتمِد عليها بِنفسِها أم َي ْعتَمِد على نَظرات الخرين إليها ؟‬
‫ج‪ :‬لبد مِن ُمرَاعَاة الَانِبي‪.‬‬
‫جمَرَات فطَاَلْبتُم الرأةَ أن تَرم َي ِبنَفسها وألّ‬
‫س ‪ :2‬ذُكِر عَنْكم أنكم شَدّدتُم ف مسألةِ رَمي الرأة لِل َ‬
‫ض َيقُول‪ " :‬ف ذلك شي ٌء مِن التشْديد " َفنُريد أن تُوضّ َح هذا الَمر‬ ‫تُنيب غيها ما دامتْ قَادرةً على ذلك فالبع ُ‬
‫حت يَفهم الميع الراد‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذا لَيس مِن التَشديد ف شيء ‪ ..‬أنا قلتُ ف كثي مِن الدروس وقُلتُ ذلك‪-‬أيضا‪-‬ف هذه الليلة‪ :‬إنّ‬
‫النسان مُطَالَب بِأن يَعمَل بِما ف كتابِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وف سنّة رسوله‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫ت وَثبََتتْ عنه صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬ ‫ح ْ‬ ‫الت صَ ّ‬

‫‪462‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ومِن العلوم أنه ل يَأتِ ف كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ذِ ْكرٌ لِهذه القضية ‪ ..‬أَعن لِرمي الـمَرأة أو لِعدم رَميها‪،‬‬
‫ت بَِأعْلى صوتٍ على أنّ الرأة‬ ‫صتْ َنصّا صرِيا ونَادَ ْ‬ ‫وأما بِالنسبة إل السنّة فإنّ السنّة الصحيحة الثابتة قد َن ّ‬
‫شيَخَات والجزاء وف غيها‬ ‫تَرمي‪ ،‬وهذا مَشهور ف كتب الصّحاح والسّنن والـمَسانِيد والـ َمعَاجم والـمَ ْ‬
‫مِن الكتُب الت أَلّفها العلماء ف سنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ث إنّ مَن ا ْسَتقْ َرأَ كُتبَ‬
‫أهل العلم مِن كَافّة الـمَذاهب السلمية فإنه يَجِدُ أَن أولئك العلماء قد نَصّوا على أنّ الرأة َت ْرمِي‪ ،‬ومِنهم مَن‬
‫ل يَذْكُر السألة رأسًا وإنا ذَكَر َأنّ النسَان ‪ ..‬يَعن ل يَذْكُر التَْنصِيص على الرأة َوِإنّما ذَكَر الُكم العام‪ ،‬وهو‬
‫ب غيه‪ ،‬وهذا أم ٌر مَعروفٌ عند علماء السلمي قاطبة‪.‬‬ ‫أ ّن مَن كان قَادِرًا على الرمي فإنه ليْس له أن ُينِي َ‬
‫ستَطيع أن تَرمي فلبد مِن الرمي‪ ،‬وذلك لنّ الرّمي َشعِيَة مِن َشعَائر الج كغيها مِن‬ ‫فالـمَرأة إن كانت تَ ْ‬
‫ختَلط بِالرجال ف الطواف وف السعي‪ ،‬وذلك‪-‬كذلك‪-‬يَكون‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫بقية شعائر الج‪ ،‬ومِن العلوم أنّ الرأة تَ ْ‬
‫ف الرمي‪ ،‬فإن كانت الرأة تَستطيع أن تَرمي ف وقتٍ مِن َأوْقات الرّمي الـ َمعْروفة‪-‬وسأنَبّه على ذلك بعد قليل‬
‫بِمشيئة ال تبارك وتعال‪-‬فلبد مِن ذلك‪َ ،‬أمّا إذا كانت ل تَستطيع فهي َمعْذُورة بِمشيئة ال بل كُ ّل مَن ل‬
‫يَستَطع أن يَرْمي وَلَو كان ر ُجلً إذا كان ل يَستطيع ذلك بِسبب ِكبَر السّن أو بسبب الـمَرض أو الضّعف‪،‬‬
‫أو كانت الرأة ف حالة حَمْل أو ما شابه فإنا َمعْذُورَة‪ ،‬وإنا الكلم ف القَادِر‪.‬‬
‫كثي مِن الناس عندما يَسْ َمعُون كلما لهل العلم أو يَجِدون ذلك ف شيء مِ َن الكتب أو ما شابه ذَلك لَ‬
‫َيفْ َقهُون ذلك‪.‬‬
‫عِنْدمَا يَسمَعون مثل هذه الفتوى يَ ُظنّونَ أنّ كُلّ امرأة َسوَاء كانت قَا ِد َرةً أو ليست بِقادِرةٍ لبد مِن أن تَذهب‬
‫إل ال ّرمْي‪ ،‬وهذا‪-‬طبعًا‪-‬ل َيقُل بِه أحدٌ ل ف حقّ الـمَرأة ول ف حقّ الرجُل‪ ،‬إنا العلماء اختلفوا في َمنْ ل‬
‫سقُط عنه ذلك‪ ،‬وهو قولٌ ضعيفٌ جدا‪-‬أو أنّه يُطَاَلبُ بِالدّم ؟‬ ‫ب غَيْ َرهُ‪-‬أو أنه يَ ْ‬
‫ستَطِع هل له أن ُينِي َ‬
‫يَ ْ‬
‫‪-1‬مِنْهم مَنْ قَال‪ :‬مَن ل يَسْتطِع أن َي ْرمِ َي َسوَاءً كان رجل أو امرأة بِسبب مرضٍ أو ضعف أو ما شابه ذلك‬
‫شهُور عند أئمَة الـمَذاهب‪.‬‬ ‫مِن العْذَار فإنه ُينِيبُ غيْرَه‪ ،‬وهذا هو الـمَ ْ‬
‫‪-2‬ومنهم مَنْ قال‪ :‬إنه يَسْقط عنه‪ ،‬وهو قول ضَعيف جدا‪.‬‬
‫‪-3‬ومنهم مَنْ قال‪ :‬عليه دم ‪ ..‬أي عليه أن يَذْبح دمًا لِفقراء الَرَم‪.‬‬
‫والقول الوّل‪-‬وهو‪ :‬أنه ُي ْؤمَر بِأن ُينِيبُ َغيْرَه‪-‬هو القَول الـمَشهور الصحيح‪ ،‬فمَن ل يَستَطعْ فهذا حُكمُه‪ ،‬أمّا‬
‫مَن استطاع‪-‬سواء كان رجل أو امرأة‪-‬فلبد له مِن أن يَرمي‪.‬‬
‫والذي أَ ُظنّه أ ّن كثيا مِن الناس استثْقلوا هذا بسبب هذا‪.‬‬
‫ومِنْهم مَن استثقل ذلك بسبب أنه وَ َجدَ كثيا مِن الناس يُ َر ّخصُون لِلنساء ف عَدَم ال ّرمْي ف الـمَاضي‪ ،‬ول‬
‫أقول‪ " :‬إنّ العلماء َرخّصوا ف ذلك "‪ ،‬وإنّما فَعل ذلك مَن َفعَلَه مِن الناس وقد يكون َس َكتَ بعضُ العلماء عن‬

‫‪463‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ذلك ظنّا منهم أنّ بعض النّساء ل يَستطِعن على الرّمي أو ما شابه ذلك مِن السباب كَما وَقَعَ مثل ذلك ف غي‬
‫هذه السألة‪ ،‬وبِسَبب ذلك استَْثقَل ذلك مَن ا ْستَثقَل ذلك مِن الناس‪.‬‬
‫ومِن الـ َمعْلُوم أ ّن الشيءَ إذا كان مالِفا لِـمَا شاهَ َدهُ ال َعوَام فإنّهم يَ َر ْونَهُ أمْرا عظيما‪ ،‬بل نَحْن نَجِد أنّ كثيا‬
‫ض المور مع أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد َأمَرَهم بِذلك‪ ،‬فعندما‬ ‫مِن الصحابة قد اسَتعْظَمُوا بع َ‬
‫جَاءَ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬إل َمكّة الكرّمة ف حجّة الوداع وَأمَرَ أصحابَه‪-‬رضوان ال تبارك‬
‫وتعال عليهم‪-‬بِال ْحلَ ِل بعد الطواف والسعي ِلمَن ل يَكن سَائقًا لِلهدي مِنهم ‪ ..‬استثقل ذَلك كثي مِن‬
‫الصحابة رضوان ال تبارك وتعال عليهم‪ ،‬وقالوا‪َ " :‬أنَ ْذ َهبُ إل عَرَفة ومَذَاكِيُنا َتقْطُرُ الـ َمنِي "‪ ،‬مَن هو الذي‬
‫أمرهم بذلك ؟! هو رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪َ ..‬أعْل ُم الناس وأتْقاهم ‪ ..‬وكذلك عندما َأمَرَ‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أصحابَه بِالِ ْحلَلِ ف عُمرة الـحُديبية ا ْسَتثْقَلَ ذَلك كَثرةٌ كَاثِرَة‬
‫مِن الصحابة‪ ،‬وَأمَرَهم النب ‪ ε‬بِالحلل فلم يَفعلوا حت غَضِب النب ‪َ ε‬أشَ ّد الغضب ول يَفعلوا ذلك إل بَعدما‬
‫َأمَ َر النب ‪ِ ε‬بنَحْر هَ ْديِه وحَلْق رأسه‪.‬‬
‫ستَْثقِلُوا ذَلك‪ ،‬ولكن النسان يَْنبَغي له أن يَجعل‬‫فالسببُ إذا ل َيكُن الشّيء َمأْلُوفا مع الناس فإنّه لبد مِن أَن يَ ْ‬
‫ب عَينيه كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وسنّة رسوله صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فما دَلّ الدليل عليه هو‬ ‫نصْ َ‬
‫الذي يَجِب عليه أن يَعمل بِ ُمقْتضاه‪.‬‬
‫وقد أحسن المام العلّمة سعيد بن خلفان الليلي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪ِ -‬عنْدما سأله بعضُ السائلي عن‬
‫مسألةٍ خَالَفَ فيها هذا المام‪-‬رحه ال‪-‬مَن َسَبقَه مِن أهل العلم ‪ ..‬قال له هَذا المام‪ " :‬ومِن العَجَب أن َأُنصّ‬
‫ض ِة السلم مِنْ غيْر دليل ول‬
‫ضنِي بِعلماء َبيْ َ‬
‫لك عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وأْنتَ ُتعَارِ ُ‬
‫وَاضِح سبيل ‪ ..‬أََلْيسَ هذا ف العيَان َنوْعا مِن الـهَذيان "‪.‬‬
‫والمام الليلي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬قال ف مسألةٍ خَالَف فيها بعضُ أهل العلم حَدِيثًا ثَابتا عن النب ‪ε‬‬
‫فقال المام ف الرّد على ذلك‪ " :‬وَقَو ٌل بِخلف الديث يُضرَب بِه عرْض الَائط "‪.‬‬
‫والمام السالي‪-‬رحه ال‪-‬عندما َوجَ َد بعضَ العلماء خَالَف حديثًا عن النب ‪ ε‬قال‪:‬‬
‫ونن نَحكي بعدَه خِلفا‬ ‫الصطفى يَعتبِر الوصاف‬
‫فيه عن الختار نصّ ُأ ْسنِدَ‬ ‫ل نَقبَل اللفَ فيما وَرَدَ‬
‫وِل َهؤُلء الَئمّة ولِغيْرهم كلمٌ طويل كثي ف هذه القَضية‪ ،‬ل دَاعي لِلطالة به‪.‬‬
‫ت مُحَدّد‪ ،‬ولِذَلك يَطْلُبون‬
‫ومِنْ جُمْلة السباب أنّ َكثِيًا مِن الناس يَ ُظنّونَ َأ ّن و ْقتَ ال ّرمْي مَحْصور ف وق ٍ‬
‫الرّخصة ف الرمي قَبل َزوَال الشمس ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر لِمَن بقي بِمِن ‪ ..‬يَظُنون‬
‫حصِر ف وقتٍ مُحدّد وهو عند َزوَال الشمس وبَعد ذلك بِقليل أو إل غُروب الشمس‪ ،‬ونَحْن‬ ‫أ ّن الوَقت ُمنْ َ‬
‫‪464‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫َنقُول‪ :‬إ ّن الوقتَ الّتفَق عليه بيْن أهل العلم هو‪ :‬أن يَكون وقت الرّمي ف اليام الثلثة الـمَذكورة‪ 1‬مِن زوال‬
‫الشمس إل غروبا ولكن مَن شَقّ عليه ذَلك‪-‬سواء كان رجُل أو امرأة‪-‬فإنه يُ َر ّخصُ له أن يَ ْر ِميَ حَت ف الليل‬
‫بل يُرَ ّخصُ له فيما هو َأبْعَد مِن ذلك ‪ ..‬يُمكِن أن يَرمي عن الَيوْم الادي عشر ف الثان عشر و َعنْه وعن الثان‬
‫عشر ف الثالث عشر بِشرْط أن َيكُون ذلك َقبْل غُروبِ الشمس مِن اليوم الثالث عشر‪ ،‬وذلك ل ّن السنّة قد‬
‫َنصّتْ على َأنّ ُحكْ َم أيّام التشريق ف الرّمي شيءٌ واحد‪ ،‬فقد روى المام مالك والشافعي وأحد والنسائي ف "‬
‫الصغرى " وف " الكبى " وأبو داوود والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن خزيْمة وابن حبان وابن الارود‬
‫والاكم والبيهقي ف " السنن الكبى " والبُخاري ف " التاريخ الكبي " وأبو َيعْلى ف مُسنَدِه والطبان ف "‬
‫الكبي " ويعقوب بن سفيان ف "العرفة والتاريخ" والوهري ف " مُسْند الوطإ " وابن وَهْب ف " الـمُوطإ "‬
‫و‪-‬كذلك‪-‬يَحيي بن عبد الوهاب بن مَنْدَه ف " جزء مَن عاش مئة وعشرين سنة مِن الصحابة " وابن عبد الب‬
‫ف " التمهيد " والبغوي ف " شرح السنّة " وجاعة مِن أئمة الديث أنّ رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬ر ّخصَ لِلرّعاة أن يَ ْرمُوا ف اليَوم الثان عشر عن اليوم الادي عشر والثان عشر ‪ ..‬أي أن يَرْموا ف اليوم‬
‫جةٌ‬‫العاشِر ث َيتْرُكوا الرمي ف اليوم الادي عشر ويَرْموا عنه وعن الثان عشر ف اليوم الثان عشر‪ ،‬وف ذلك ُح ّ‬
‫واضِحة ودلي ٌل ل غُمُوض فيه بأنّ ذلك يُعدّ َأدَاءً‪ ،‬إذ ل يُ ْمكِنُ لِلنب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أن يُرَخّص‬
‫لَهم أن ُيؤَخّروا الرّمي عن وقته الـمُحدّد له شرْعا ث بعد ذلك يَأتون به َبعْد خُرُوج الوقت ‪ ..‬كلّ هذا مِمّا ل‬
‫يُمكِن‪ ،‬بل ذَلك يَد ّل على أنّ ذلك الوقت كلّه ِللَدَاء فمَن ل يَستطِع أن يَرمي فيما بيْن زَوال الشمس وغروبا‬
‫ف الادي عشر‪-‬مثل‪َ-‬فلْيمِ ف الثان عشر‪ ،‬ومَن ل يَستطِع فلْ ْيمِ ف الثالث عشر عن الثلثة ُكلّها‪ 2‬بِشرط أن‬
‫س الثالث عشر إن كان يُريد أن يَبقى الثالث عشر ف مِن‪.‬‬ ‫يَكون ذلك قبل غُروب ش ِ‬
‫وكذلك مَن ل يَستطِع أن يَرمي ف اليوم العاشر ‪ ..‬ل يَستطِع مِن طلوع الشمس إل غروبا ف ْلَي ْرمِ ف الليل ‪..‬‬
‫أي ليلةِ الادي عشر‪.‬‬
‫وهَكَذَا فالمر فيه سعة بِحَمد ال تبارك وتعال‪ ،‬ف َمهْما كان الناس مِن الكثرة ولَكن الوقت فيه‪-‬أيضا‪-‬مِن‬
‫الطول ما ل َيخْفى وإنّما يُمنع النسان مِن أن ُيقَ ّد َم العبادة على وقتها ‪ ..‬أي يُ ْمنَ ُع مِن أن يَرمي ف الادي‬
‫عشر قبل زَوال الشمس‪ ،‬وكذلك ف الثان عشر قبل زوال الشمس إذا كان ذلك عن اليوم الثان عشر‪ ،‬وهكذا‬
‫بالنسبة إل الثالث عشر‪.‬‬
‫ستَطع فلَيرْم حت بعد ذلك وهذَا‬ ‫أما بِالنسبة إل العاشِر فالرمي مِن طُلُوع الشمس إل غُرُوبِها ومَن ل يَ ْ‬
‫لِلقوياء‪ ،‬أما بِالنسبة لِلضّعفة والنساء فإ ّن بَعضَ أهل العلم يُرخّص أن يَكون ذلك بعد طُلوع الفجر مِن اليوم‬

‫‪-1‬أي ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر‪.‬‬


‫‪-2‬أي أن يَرمي عن الَيوْم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر‪.‬‬
‫‪465‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫العاشِر‪ ،‬و َرخّص بَعضُهم حَت قَبل ذلك ‪ ..‬أي أن يَكون ذلك بعد أن يَخرجوا عند غُروب القمر وأن يَرموا‬
‫عندما يَصلون إل مِن‪ ،‬ولكنن ل أُ ِحبّ التَرخّص لم قبل طُلُوع الفجر‪ ،‬فإما أن يَتَرخّصوا بِالرمي بعد طُلوع‬
‫شقّة فيه بِحمد ال‪.‬‬ ‫الفجر أو أن يَنتظِروا إل طُلوع الشمس وهذا ل مَ َ‬
‫والُلصة أ ّن مَن يَستطيع أن يَرْمي هو نفسُه‪-‬سواء كان رجل أو امرأة‪-‬فليس له أن يَ ْأمُر غيه بِأن يَرمِي عنه‪،‬‬
‫وَليْس لِغيه أن يَرْمي عنه ما دام َيعْلم أَنّ ذلك الشّخص يَستطِيع أن يَرمي هو نفسُه‪ ،‬أمّا إذا كان ل يَستطيع‬
‫فَ ْلُيِنبْ َغيْره‪.‬‬
‫َبقِ َي يُمْكن أن تَقول امرأة‪ :‬أريد أن أَخرُج ف الَيوْم الثان عشر قبل غروب الشمس ول يُمْكن أن أبقى إل‬
‫الثالث عشر ول أَستَطيع أن أَ ْرمِي‪ ،‬فهل ل أن ُأنِيبَ غَيْرِي ؟ الواب‪ :‬نعم‪َ ،‬لنّها َنوَتْ أن تَخرُج قبل غروب‬
‫ص كتاب ال وسنّة رسوله‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإجاع المّة‪ ،‬وما دام‬ ‫الشمس‪ ،‬وذَلِك لَها‪ِ ،‬بنَ ّ‬
‫المر كذلك وهي ل تَسْتَطيع أن تَرْمي َف ْلتَطْلُب مِ ْن غيها أن يَرمي عنها؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س ْعيٍ واحد بِنية الج والعُمرة‪-‬كما وَرَد ف‬ ‫س ‪ :3‬ف حال القران بِالج والعُمرة‪ ،‬هل يَ ْكَتفِي القارِن بِ َ‬
‫بعض الفتاوى‪ُ-‬يؤَدّيه مت ما شاء َسوَاء عند طَواف القُدوم أو ُيؤَخّره عند َطوَافِ الفاضة ؟‬
‫ج‪ :‬اختَلفَ العلماء ف القَارِن هل َيجِب عليه أن يَطُوف طوافَيْن وأن يَسْعى َس ْعَييْن أو َأنّه َيكْتَفي بِطوافٍ واحد‬
‫وسعيٍ واحد ؟‬
‫ف طوَاَفيْن وسَعَييْن اللهم إل إذا جاءَ‬ ‫والصحيح عندي أنه يَكفِيهِ ِطوافٌ وسَعيٌ واحد بل ل يُشرَع لَه أن يَطو َ‬
‫ف القُدوم ويَسعى وهذا السعي يَكون لِحجّه وعُمرتِه ث بعد‬ ‫أوّل إل مكّة الكرّمة فإنه يُشرَع له أن يَطُوف طَوا َ‬
‫أن يَنتَهي مِن عَرفة ومِن الزدلفة ومِن رمي المْرَة والذبْ ِح واللْقِ أو التَقصيِ إذا كان رجُل‪-‬والتَقصيِ إذا‬
‫كانت امرأة‪-‬فإنه لبد مِن أن يَذهب ويَأت بِطواف الزيارة‪ ،‬وذلك الطواف الذي أتى بِه مِن قبل ل يْزِيه‬
‫حجّته لنه لِلقُدوم ‪ ..‬أي أنه يُشرَع لِمَن أتَى إل مكّة وهو َيْنوِي الج أو َينْوي أن يَكُون قارِنا َبيْن الج‬ ‫لِ َ‬
‫والعُمْرة‪ ،‬أما إذا كان يُريد العُمرة فإنه يَطُوف طَواف العُمرة وذلك يُجزِيه عن طواف القُدُوم ‪ ..‬فإذن إذا أتى‬
‫ف طوافَ القُدُوم‪ ،‬وهذا الطواف‪:‬‬ ‫إل مكّة الـمُكرّمة وكان قارنًا فَ ْليَطُ ْ‬
‫‪-1‬سنّة عند جُمهور المّة مَن تَركه ل شيء عليه إل أنه تَ َر َك ال َفضْلَ‪ ،‬ول يَنبغي لِلنسان أن َيتْ ُر َك مَا ثَبتَ عن‬
‫رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬إل إذا كان مَريضًا أو مَا شَابَه ذلك‪.‬‬
‫‪-2‬و َذهَبت الـمَالكِية إل أنّه وَاجِب وأوجبوا على مَن تَرَكَه الدّم‪.‬‬
‫والصحيح القَول الول‪.‬‬

‫‪466‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫سعَى ف ذلك الو ْقتِ وذلك السعي يَكُونُ‪-‬كما قلتُ‪-‬لِلحج والعُمرة ث عِنْدَما َيْنتَهِي‬ ‫وإذا طَاف لِلقُدوم فإنه يَ ْ‬
‫مِن الوُقُوف بِعرفة والـمَبيت بِالـ ُمزْدلفة والرّمي والذّبح أو النّحْر‪ ،‬واللْق أو التّقصِي على ما َفصّ ْلتُ‪ 1‬فإنّه‬
‫جزِيه عن طَوَاف الزّيارة؛‬ ‫لبد مِن أن يَأِت َي ويَطُوف طوافَ الزيارة‪ ،‬فالطواف السابق‪-‬إذن‪-‬لَ ْم َيقُلْ أح ٌد أنه يُ ْ‬
‫وال أعلم‪.‬‬
‫سعْي ؟‬
‫س‪ :‬ولكن ُيجْزِيه ال ّ‬
‫ف طواف القُدُوم وسَعى ث عندما رَ َجعَ صلوات ال وسلمه عليه َبعْد‬ ‫سعْي نعم‪ ،‬لنّ الرسول ‪ e‬طَا َ‬ ‫ج‪ :‬ال ّ‬
‫الذّبح والَلق طَاف لِلزيارة ول يَسْعَ‪ ،‬وَلنَا فِيه أُسوة حَسنَة‪.‬‬
‫س‪ :‬هَل َيصْدق هذا‪-‬أْيضًا‪-‬على الـمُفرد ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬الـ ُمفْرِد كذلك إذا جاء وَطَاف أوّل طواف القُدُوم و َسعَى فإنه بعد الرّمي والتقصي أو اللق فإنه‬
‫ت َمكّة أبَدًا بِأن أتى إل مِن‬‫يَأتِي ويَطوف وقد سَعى مِن قبل وذلك السّعي هو سعي الج‪ ،‬أما إذا كان ل يَأ ِ‬
‫أو إل عَرَفة مباشَرة أو أنّه أتى إل َمكّة ولكنه ل يَطُف ول يَسْ َع فلبد هَاهُنَا مِن الطواف والسعي بل الطّواف‬
‫َلبُ ّد مِنه على كل حال؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :4‬مع شدّة الزحام‪ ،‬ما حكم الطواف والسعي فوق السطح ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ لِلعلماء ف هذه القضية خلف‪:‬‬
‫ف عليه‬ ‫منهم مَن يُشَدّد ف ذلك وَيقُولُ‪ :‬إ ّن الطواف ل َيصِح‪ ،‬وذلك لنه ل يُحاذِي شيئا مِن البيت‪ ،‬فَمَ ْن طَا َ‬
‫أن ُيعِيد ذلك ال َطوَاف‪ ،‬وإذا َرجَعَ إل بَلَده فلبد مِن أن ُيعِيد ذلك وأن ُيعِيد السعيَ معه‪ ،‬لنه سعى قبل‬
‫الطواف الشّ ْرعِي الـ ُم ْعتَب‪.‬‬
‫وَذَهب أ ْكثَر أهل العلم إل أَن طَوافَه ذلك صحيح‪ ،‬وذلك لنه وإن كان ل يُحَاذِي شيئا مِن البيت ولكنه‬
‫يُحَاذِي َهوَا َء الكعبة والكُل ‪ ..‬ال َكعْبة مِن أصْلِها إل السّمَاء ُتعْطَى َن ْفسَ الُكم‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬إ ّن مَن وَقَع ف الـمَاضي فل شي َء عليه‪ ،‬وأما ف الـمُسَتقْبَل فالحْوط لِلنسان أن يَحتاط لمر دِينه‪،‬‬
‫خرِج َنفْسَه مِن اللف ف مثل هذه الـمَسأَلة؛ والعِلم عند ال‪.‬‬ ‫وأن يُ ْ‬
‫أما السعي فأَمرُه أسْهل‪.‬‬
‫ت بِالعمرة مِن غيْر أن تُصلّي ركعتيْن‪ ،‬وإنّما لبستْ لباس الحرام ث أحرمتْ ؟‬ ‫س ‪ :5‬امرأةٌ أَ ْح َرمَ ْ‬
‫ج‪ :‬ل َيقُل أح ٌد مِن أهل العلم بِوجُوبِ هاتيْن الركعتي‪ ،‬وإنا الِلف بيْن أهل العلم ف مشروعيتهما ‪ ..‬أي أنّ‬
‫النسان إذا ل يُحْرِم بعد فريضة هل يُشْرَع له أن ُيصَّليَ ركعتيْن لِلحرام أو ل ؟‬

‫‪-1‬أي‪ :‬واللْقِ أو التَقص ِي إذا كان رجُل‪ ،‬والتَقص ِي إذا كانت امرأة‪.‬‬
‫‪467‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫َذهَب بعضهم إل أنه ل يُشْرع له ذلك‪ ،‬إذ إنّه ل يَأتِ دليل يَدُل على ذلك‪ ،‬فإن أراد الحرام بعد فريضة‬
‫ت ليس وقت فريضة فإذا كان يَص ّح فيه التنفّل فيُمكن أن ُيصَلّي ركعتيْن بعد‬ ‫حرِم بعدَها‪ ،‬وإن كان الوَقْ ُ‬ ‫ف ْليُ ْ‬
‫وُضُوئِه ِبنِية ركعتَي الوضوء‪ ،‬أو كان الوقت وقت صلة الضحى فليُصَ ّل صلة الضحى‪ ،‬وهكذا إذا أراد أن‬
‫ص ًة بِالحرام فإنه‪-‬عند هذه الطائفة مِن أهل العلم‪-‬ل يُشرَع له ذلك‪.‬‬ ‫َيتََنفّل‪ ،‬أمّا أن ُيصَلّي صلةً خا ّ‬
‫ت طائِفة مِن أهل العلم إل مشروعية ذلك‪.‬‬ ‫وذَهب ْ‬
‫ل يَد ّل على مشروعية هذه الصلة ولكن‪-‬كما قلتُ‪-‬إذا دخل النسان‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬أنَا لَم أَجِد دلي ً‬
‫حرِم بعد ذلك ‪ ..‬أي بعد أن يَركَب ف سيارته‪ ،‬وإذا أراد أن ُيصَّليَ بعد الوضوء أو‬ ‫السجد ف ْليَرْكَع ركعتيْن وْليُ ْ‬
‫أراد أن ُيصَّل َي صلة الضحى أو شيئا مِن النّوافل الت اعْتاد عليها وكان ذلك الوقت‪-‬طبعا‪-‬مِمّا ل يُنهَى عن‬
‫ت ُيْنهَى عن الصلة فيه‪-‬فإذا صلى فل بأس‬ ‫الصلة فيه‪-‬ول يُمْكن طبعا لِلنسان أن َيعْتَاد على الصلة ف وق ٍ‬
‫بذلك بِمشيئة ال؛ والعلم عند ال‪.‬‬
‫س ‪ :6‬مِن العلوم أنّ الطّيب مِن المور الت يُمنَع منها الاج غي أنّ كثيا مِن النّاس قد يَ ْلَتبِس عليهم‬
‫ضّيقُون على أنفُسِهم أمورا قد وسّع ال‪-‬تعال‪-‬عليهم فيها مِن ذلك ما يَتعلق بِالنّظافَة فنجِد بعضَ‬ ‫المر ولَربا ُي َ‬
‫الناس يَ ْمَتنِعون عن الستحما ِم أو السّواك طيلة أيام الحرام‪ ،‬وسؤالنا عن مَشروعية استخدام الواد التالية‬
‫لِل ُمحْرِم‪:‬‬
‫ض أنواع الصابون كالذي به رائحة " الديتول " أو رائحة اللّيمون أو رائحة الفواكه الخرى‬ ‫‪-1‬استخدام بع ِ‬
‫حرِم سوَاء غسل اليْدِي أو الستحمام أْثنَاءَ فترة الحرام مِن المنوع ؟‬ ‫‪ ..‬فهل استخْدام مثل هذه النواع لِلمُ ْ‬
‫ج‪ :‬ل‪ ،‬هذا ليس مِن المنوع‪ ،‬فهذه الشياء ل مانع لِلنسان مِن الستحمام بِها أو مِن غسل اليدين أو ما شابه‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وهكذا بِالنسبة إل السواك ل مانع منه‪ ،‬سواء كان ذلك بالراك أو كان ذلك بِالعاجي العصرية‪-‬وقد حَكى‬
‫ض أهل العلم الجاعَ على ذلك‪-‬ول بأس عليه حت لو َخرَج د ٌم مِن لثّته‪-‬مثل‪-‬أو ما شابه ذلك ‪ ..‬هذا ل‬ ‫بع ُ‬
‫مانع منه بل السواك مطلوب ‪ ..‬الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬يقول‪ ( :‬لولَ أن َأشُ ّق على أمّت‬
‫َلمَ ْرتُهم بِالسواك عند كل صلة ) وف بعض الروايات‪ ( :‬عند كل وضوء ) وف بعضها المع بينهما‪ ،‬فحت لو‬
‫خَرج دم مِن اللثّة‪-‬مثل‪-‬ل مَانع مِن ذلك لكن إن كان ذلك بَعد وُضوء ف ْليُعِدْ وضوءَه لنّ الدم نَاِقضٌ لِلوضوء‬
‫عند أكثر أهل العلم‪.‬‬
‫ت فيه رائحة أو فيه شيءٌ مِن الروائح الت ليستْ مِن العِطْر ف‬ ‫وهكذا بِالنسبة إل الصابون العادي الذي ليس ْ‬
‫شيءٍ كالشياء الت وَرَدَ ذِكْرُها ف السؤال‪.‬‬

‫‪468‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فل يَنبغي لِلنسان أن يُشَدّدَ على نَفسِه وأن يُ ْلزِم َنفْسَه بِما ل يُلْ ِزمْه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بِه‪ ،‬فما الداعي أن يَبقى‬
‫النسان ل يَستَخدم السّواك وَيتْرُك السنّة الثابتة الصحيحة عن النب ‪ ε‬بَدعوى َخوْف الـمَحذور مع أنه ل‬
‫مَحذور ف ذلك أبدا ؟! وال أعلم‪.‬‬
‫س‪-2 :‬معن ذلك أنّ ا ْستِخدام العاجي الت بِها رائحة ل بأس ؟‬
‫ت بِرائحة عِطْر ف واقع المر فل مانع منها‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذه الرائحة ليس ْ‬
‫س‪-3 :‬استخدَام الدِهان كالكريات مثل زيت الزيتون وزيت النَارْجيل والبة السوْادء أيضا‪.‬‬
‫ج‪ :‬هو‪-‬حقيقة‪-‬ل دَاعي لِمثل هذه المُور ف أيام الج ‪ ..‬ل داعي إل مِثْل هذه المور لنّ ذلك ل َيثْبتْ عن‬
‫النب ‪ .. ε‬النب ‪ ε‬استخ َدمَ ذلك ف الدينة عندما أراد أن يَخرُج إل ذي الَُلْيفَة وهو ف طريقه إل َم ّكةَ‪ ،‬أما‬
‫ف أيام الحرام ل يَسْتخدم النب ‪ ε‬ذلك‪ ،‬ولنا فيه أسوة حسنة‪.‬‬
‫صنَعَ ُه عندما يُريد أن يج ؟‬
‫س ‪ :7‬مَن أدّى العُمْرة مِن قبل‪ ،‬ما الذي أفضل له أن َي ْ‬
‫ج‪ :‬هو ميّر‪:‬‬
‫حلّ إل أن‬ ‫‪-1‬إن شاء أن َيتَمتّع فلَيتَمتّع ‪ ..‬أي أن ُيحْرِم ِبعُمرة أوّل ويَطوف ويَسعى لَها ث يُ َقصّر ويَبقى مُ ِ‬
‫يُحْرِم ف اليَوم الثامن مِن ذي الجة‪ ،‬وعليه هدْي‪-‬طبعا‪-‬ف هذه الالة‪ ،‬والصحيح أنه ل مانع مِن أن يَتَمتّع‬
‫النسان ِبعُمرة النّفل إل الفريضة ‪ ..‬هذا ما ذهب إليه المهور‪ ،‬وهو واضِح‪.‬‬
‫‪-2‬وله‪-‬أيضا‪-‬أن يَكون قارِنا ‪ ..‬أن ُيقْرن بيْن الج والعمرة‪ ،‬ول مانع‪-‬أيضا‪-‬مِن أن تكون العُمرة عُمرة نفل‬
‫ويكون الج حج فريضة‪ ،‬وعليه‪-‬أيضا‪-‬الدْي عند أكثر أهل العلم ف هذه القضية‪.‬‬
‫‪-3‬وبيْن‪-‬أيضا‪-‬أن يُفرِد الج‪ ،‬ول هدْي عليه إذا أفرد‪.‬‬
‫الفْضل ما هو ؟ الفْضل ل شك التّمتع‪.‬‬
‫س ‪ :8‬لديه قناعة أنّ فريضة الج تَ ْطبَع على صاحبها ألوانا مِن الـ ُمثُل والخلق والقِيَم والستقامة‬
‫لكن البعض عندما يَعود مِن هناك يَتغافَل أو يَنسى مع مرور اليام فيَرتكِب شيئا مِن العاصي ‪ ..‬يَطلب نصيحة‬
‫بسيطة‪.‬‬
‫ج‪ :‬نَأمُر ك ّل إنسان بِأن َيتّقي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وأن يُحاسِب نفسَه قبل أن يُحاسِبها ال سواءً كان قد أدّى‬
‫ت بِها مِن قبل َفَنْنصَحُه بِأن يُبادِر إل ذلك وألّ‬ ‫فريضة الج مِن قبل أو ل َيقُم بِتأدِيتها ولكن إذا كان ل َيأْ ِ‬
‫شيْ ٍء مِن‬
‫سوّفَ مَخافَة أن ُيفَاجِئه الوت مِن قبلِ أن يَأتِ َي بِهذه الفريضة‪ ،‬و‪-‬كذلك‪-‬ليس لِلنسان أن َيأِْتيَ بِ َ‬ ‫يُ َ‬
‫معاصي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بِدعوى أنه سيَتوب بعد مدّة مِن الزمن ‪ ..‬أوّل معاصي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ليس‬
‫لِلنسان أن َي ْفعَلَها سواءً أراد أن يَتوب أو ل يُرِد وإنْ كان إذا أراد التوبة هو أسهل مِن غيه ولكن العصية‬
‫معصية وإنا الكلم ف قضية الصرار وعَدمه‪ ،‬وإل فالعصية معصية ليس لِلنسان أن َيقْ َربَها أبدًا وليس له أن‬

‫‪469‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫يَحوم حول حِماها ‪ ..‬كذلك النسان ل يَملِك مِن أمرِه شيئا ‪ ..‬قد َي ْأتِيه الـمَوت الن وهو ل َيتُب إل ال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬وتَكون العاقبة وَخِيمَة والعياذ بال‪ ،‬فعلى َهؤُلء أن يَّتقُوا ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وأن َيتُوبُوا إليه ‪ I‬قبل‬
‫َفوَات الوان‪.‬‬
‫أما بِالنسبة إل ُسؤَاله‪ :‬هل يَكون حَجّهم فاسدًا ويَجِب عليْهم أن يَأتوا بِحَجّة أخرى ؟ فالواب‪ :‬ل إل إذا‬
‫َخرَجوا عن السلم‪ ،‬فإذا خَرَجُوا عن السلم يَجب عليهم أن يَحُجّوا َحجّا جديدًا على قول طائفة كبية مِن‬
‫أهل العلم‪ ،‬لنّ ذلك السلم لبد له مِن الج لنّ الج رُكْ ٌن مِن أركان السلم وهذا إسلمٌ جديد فهو وإن‬
‫ط مِن شروط السلم وهو ل َيأْتِ بِالج ف إسلمه‬ ‫كانت تَر ِج ُع إليه تلك العمال الصالة ولكن الج شرْ ٌ‬
‫ف طويل بِإمكانِه أن يَرجِع ف ذلك إل " شرح الامع الصحيح "‪ 1‬أو إل غيه مِن‬ ‫هذا‪ ،‬والسأل ُة فيها خِل ٌ‬
‫كتب أهل العلم‪ ،‬فإنّ الوقت الن ل يَكفي لِبيان ذلك‪.‬‬
‫جتِه تلك إذا كانت تلك‬ ‫وأما حديثُ‪ ( :‬مَن حَجّ فلم يَرْفث ول َيفْسق رَ َج َع كيوم ول َدتْه أمّه ) أي رجع مِن حَ ّ‬
‫الجّة صحيح ًة ثابتة ‪ ..‬أي على وِفْقِ ما ش َر َعهَا ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فذلك الديثُ صحيح ثَابت عن النب ‪: e‬‬
‫( مَن حجّ فلم َيرُْفثْ ول َيفْسُقْ َرجَ َع مِن ذنوبه كيوْم ول َدتْه أمّهُ ) وأيضا‪ ( :‬العُمرة إل العُمرة كفّارةٌ ِلمَا بيْنهما‬
‫والج الـ َمبْرُور ليس له جَزاءٌ إل النّة )‪ ،‬إل غي ذلك مِن الحاديث الصحيحة الدالّة على هذا المر‪ ،‬ولكن‬
‫ليس ف ذلك أ ّن مَن حَجّ وعَمل شيْئا بعد ذلك مِن معاصي ال أنه يَجب عليه أن يُعيد الج؛ وال‪-‬تعال‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :9‬ما معن حديث‪ ( :‬الج البور ليس له جزاء إل النة ) ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ لهل العلم ف ذلك خلف طويل ‪ ..‬أي اختلف العلماء ف معناه‪ ،‬ونَرجوا أنّ مَن كانت‬
‫شْبهَا َشوْبُ ِريَاء أو سُ ْمعَة وأتَى با على وِفْ ِق ما شَرعه ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬ ‫َحجّته خالصة ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬ل يَ ُ‬
‫أن تكون هذه الجّة مِن الجّ الـمَبور الذي َيصْدُق على صَاحبه ما جاء ف الديث الصحيح الثابت ولكن‬
‫صةً ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬وأن يَكون النسان تَائِبا راجعا إليه ‪ I‬؛ وال أعلم‪.‬‬‫لبد‪-‬كما قلتُ‪-‬أن تَكون خَال َ‬
‫س ‪ :10‬ربا يُريد أن ُيعِيد تلك السألة الت ذكرتُموها ف حلق ٍة ماضية‪ .. 2‬مسألة رمي المرات ‪ ..‬هل‬
‫ب العَمود أم يَكفي أن َتقَع على الَوض ؟‬
‫يُشتَرط أن ُتصِي َ‬
‫ج‪ :‬ل يُشتَرط‪ ،‬لنّ ذلك العَمُود حَادِث ‪ ..‬أي ل يَكُن ف بِداية المر ‪ ..‬أي ف عهد إبراهيم وإساعيل عليهما‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬وقد ا ْختَلَف العلماء هل كان موجودا ف عهد النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ؟‬

‫‪-1‬شرح " الامع الصحيح‪ ،‬مسند المام الربيع بن حبيب " للمام نور الدين السالي‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.103‬‬
‫‪-2‬عند الواب على السؤال ‪ 1‬من حلقة ‪ 17‬رمضان ‪1424‬هـ ( ‪12/11/2003‬م )‪.‬‬
‫‪470‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ذهب بعضهم إل أنه كان َموْجودا ف عهدِه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬واستَشهَدوا على ذلك ِببَْيتٍ مروي عن‬
‫أب طالب عَمّ النب ‪. ε‬‬
‫ضهُم إل أنه ل َيكُن َموْجُودًا‪.‬‬‫وذهب بَع ُ‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬سواءً كان موْجودا أو ل يَكن موْجودا فإنّ الـمَشرُوع أن يَر ِم َي النسان ف الوض‪ ،‬ولَ‬
‫شتَرط بِأن يَكون ذلك ف ذلك العَمُود الشاخِص؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫يُ ْ‬
‫س ‪ :11‬لقد اعتمَرتُ مع والدي وعند السّعي بدأنا بِالصفا ولكننا ُكنّا َنعُ ّد ذهابنا مِن الصفا إل‬
‫الـمَرْوة نصفَ شوْط‪ ،‬بِحيث كنّا َنعُدّ ذهابَنا مِن الصفا إل الروة ث رجوعَنا إل الصفا مرّة أخرى شوطا‬
‫واحدا بد ًل مِن كونه شوطي فقد كان الـمَجموع بِذلك خس عشر شوطا ؟‬
‫ج‪ :‬هو أربعة عشر إذا كانوا اخَتتَمُوا بِالصفا إل إذا كانوا زَادُوا مرة ثانية إل الروة‪.‬‬
‫على كل حال؛ هذا رأيٌ لِبعضِ أهل العِلم وهو أنّ الشّوْط الواحد َيكُون مِن الصفا إل الصفا‪ ،‬وقال بِه الشيخ‬
‫إساعيل‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬مِن أصحابِنا ف " مناسِك الج "‪ ،‬وقالت بِه جاعةٌ مِن أهل العلم‪-‬أيضا‪-‬مِن‬
‫الشافعية وغيهم؛ ولكنه قوْلٌ ضعيفٌ جدا‪.‬‬
‫والصحيح الثابت هو أ ّن مِن الصّفا إل الروة ُيعَ ّد َشوْطا ومِن الروة إل الصّفا ُيعَ ّد شوْطا‪ ،‬فالشوط الواحد‬
‫يَكون مِن الصفا إل الروة‪.‬‬
‫وبِما أنم فعلوا ذلك ل شيء عليهم‪-‬بِمشيئة ال تبارك وتعال‪-‬ف الـماضي‪ ،‬وف الستقبَل يَْنَبغِي لَهم أن‬
‫يُ َطّبقُوا السنّة الصحيحة عن النب ‪ ، ε‬إذ إنّ خيْر الدْي هدْي ممد ‪. ε‬‬
‫سَتغِل فريضة الج ف الدعاء على مَن ظَلَ َمهُم ؟‬ ‫ض الناس‪-‬وكما يبدو هم قِلّة جدا‪-‬يَ ْ‬ ‫س ‪ :12‬بع ُ‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ ل يَنبغي لِلمسلم أن يَكون َسبّابًا ول َلعّانَا ول فَاحِشا‪ ،‬ويَنبغي له أن يَدعو لِهؤُلَءِ الناس‬
‫بِالداية إل الطريق الستقيم‪ ،‬فالنب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬مع أنه َل ِقيَ ما َلقِ َي مِن كفار قريش مِن‬
‫صنوف الذى كان يَدعو ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بِأن يَهديَهم ‪ ..‬يَقول‪ ( :‬اللهم اه ِد قومي فإنّهم ل َيعْلَمون )‪،‬‬
‫فيَنبغي لِلنسان أن يَدعو لِذلك الشخص ف تلك الـمَواطن العظيمة بِأن َي ْهتَدِيَ إل الصراط الستقيم‪ ،‬و‪-‬على‬
‫حقّه ول يَ ِزدْ على ذلك فل نَستطيع أن نَقول‪ " :‬إ ّن عليه شيئا "‬ ‫ستَ ِ‬
‫كل حال‪-‬إذا دعا على غَيِه مِمّن ظَلَمَه بِما يَ ْ‬
‫حقّه ذلك الشّخص‪ ،‬أما أن يَدْعو عليه بِزيادة على ذلك فذلك مِمّا ل َيصِح‪ ،‬ولكن‪-‬على كل‬ ‫ستَ ِ‬
‫إذا دعا بِمَا يَ ْ‬
‫ي بِرسول ال ‪ ، ε‬وأن يَدْعوَ له بِالِداية إل الطريق الستقيم‬
‫حال‪-‬أنا ل أنْصَحُ ُه بِذلك‪ ،‬بل أَنصَحه بِأن َيقْتَدِ َ‬
‫ويَطْلُب الجْر مِن عند ال تبارك وتعال؛ وال ول التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :13‬البعض مِن الشباب عندما يَعود َيصِف مَحاسِن امرَأةٍ رآها ف الج ؟‬

‫‪471‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا ليس مِن سبيل الؤمني ‪ ..‬عليهم أن َيتّقوا ال وأن يَتوبوا إليه ‪ ، I‬وهذه قِلّة قليلة مِن‬
‫الناس‪ ،‬والناس ل يكونون جيعا على الصلح ‪ ..‬نَحن نَدعوا أولئك إل الرجوع إل ال وأن يُحاسِبوا أنفسهم‬
‫قبل أن يُحاسبها ال؛ وال ول الداية والتوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :14‬كانت لديه‪-‬ربا هو أو غيه‪-‬نية أن يَذْهب إل الج ولكن جاءتْه فرصة عمل‪ ،‬فما الذي‬
‫ُيقَ ّدمُه ؟‬
‫ج‪ :‬ل أدري‪-‬أوّل‪-‬هل هو حجّ حجّ الفريضة أو ل‪.‬‬
‫أما إذا كانت هذه الجّة َحجّة نافلة فالمر سهْل‪.‬‬
‫وأما إذا كانت هذه الجّة َحجّة فريضة فإن كان يَخْشى على هذا العمل بِأنه إذا ذهب إل تَأْدية الج ألّ‬
‫يَحصُل بعد ذلك على هذا العمل ول يَحصُل على غيه وهو مُحتَاجٌ لِهذا العمل فبِإمكانه أن يَعمَل ويَنوي أن‬
‫ب عندما ُييَسّر ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬له‪ ،‬وعسى أن يَكُونَ ذلك ف السنَة القادمة ‪ ..‬هذا إذا مُحْتاجا لِهذا‬ ‫يَذْه َ‬
‫العمل ويَخشَى بِأن َيفُوتَه هذا العمل‪ ،‬ولكن أَظنّ َأنّه يُمْكن أن يُوقّع بِالوافَقة على العمل وأن يَشْرَع ف العمل‬
‫بعدَ رجوعِه مِن الج ‪ ..‬ل أَظ ّن أنّ هناك مانعا مِن هذا‪.‬‬
‫س‪ :‬وفترة الجازة تكفي‪.‬‬
‫ج‪ :‬نعم‪.‬‬
‫س‪ :‬ربا يكون ف القطاع الاص هناك شيء مِن التشديد‪.‬‬
‫ج‪ :‬فعلى كل حال هذا ‪ ..‬إذا كان يَخشى على ألّ يَجِد عمل وهو بِحاجة إل العمل وإذا تَ َركَ هذا العمل لن‬
‫يَجِدَ هذا العمل ول غيْرَه ف الستقبَل القريب ‪ ..‬وإل فالعمل بِيد ال تبارك وتعال ‪َ ..‬يعْن ال ‪َ I‬ت َكفّ َل بِالرزق‬
‫وهو قادِر على أن ُييَسّر له عمل كهذا العمل أو أفضل كما يَسّرَ له هذا العمل ولكن النسان يَأخذ بِالسباب‪،‬‬
‫حتَاجا إليه ويَخشى إذا ل يَعمل فيه بِأن يَفوتَه هذا العمل ول يَحصُل على ذلك ف القريب‪-‬مثل‪-‬‬ ‫فإذا كان ُم ْ‬
‫فيُرَخّص له ويُوصِي بِالج‪ ،‬وْليَذهَب إن شاء ال ف السنة القادمة‪.‬‬
‫ت منكم ف حلقات ماضية‪ 1‬تَحْذيرا لِلحجاج مِن أن يَفيضوا مِن عرفات قبل تَحقّق‬ ‫س ‪ :15‬سع ُ‬
‫غروب الشمس فأيّ حركة مِن هذا النوع تُؤدّي إل الحكام الت ستذكرونَها إن شاء ال‪ ،‬ولكن كيف‬
‫ُتوَفّقُون بيْن هذا وبيْن الديث الذي وَ َر َد فيه أنّ رجُل وَقَفَ قليل ف عَرفة ‪ ..‬هذا الديث الذي أخرجه المام‬
‫أحد ‪ ..‬هذا الرجُل يَقول‪ " :‬يا رسول ال‪ ،‬إن ِجئْت مِن جَبل طَيْء أَكْلََلتُ را ِحَلتِي وأْتعَْبتُ نفسي‪ ،‬وال ما‬
‫تَرَ ْكتُ مِن جبل إل وََقفْت عليه‪ ،‬فهل ل مِن حج ؟ " فَقال ‪ ( : e‬مَن َشهِدَ صلتَنا هذه ووَقَفَ معنا حت نَدفع‬

‫‪-1‬عند الواب على السؤال ‪ 1‬مِن حلقة ‪ 9‬ذو القعدة ‪1423‬هـ ( ‪12/1/2003‬م )‪.‬‬
‫‪472‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ف ِبعَرفة قبل ذلك ليل أو نارا فقد َأتَمّ َحجّه وقضى َت َفثَه ) فيُشِي الديث أنه حت لو وَقَفَ جزءً قليل‬‫وقد وَقَ َ‬
‫مِن النهار فذلك يَكْفي ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذا الديث حديثٌ صحيح‪ ،‬وقد رواه أكثر مِن عشرين عالِما مِن أئمة الديث‪ ،‬ل أرى‬
‫داعيا لِلطالة بِذِ ْكرِهم الن‪.‬‬
‫وهذا الديثُ فيه شيءٌ مِن العموم ‪ ..‬ظاهر هذا الديث أنّ النسان إذا وَقف مِن صباح اليوم التاسِع ولو‬
‫ف ل يَكون إل بعد زوال الشمس مِن‬ ‫وَقَفَ جز ًء بَسِيطا فإنّ ذلك يُجزيه‪ ،‬بيْنما جُمهور المّة قالوا‪ :‬إنّ الوقو َ‬
‫الَيوْم التاسِع مِن ذي الجّة‪.‬‬
‫خِلفا لكثر النابلة حيث ذَهبوا إل أنه يَكون قبل ذلك بِظاهر هذا الديث ‪ ..‬أي يَكون مِن أوّل اليَوم‪.‬‬
‫صصٌ‪-‬أو ُمَبيّنٌ‪-‬بِفعل النب ‪ε‬‬‫خّ‬‫ول شَك أنّ الذي ذهب إليه المهور هو الصحيح‪ ،‬وذلك لنّ ذلك الديث مُ َ‬
‫خصّص بِشيءٍ‬ ‫ف إل بعد زوال الشمس‪ ،‬وكذلك هو مُ َ‬ ‫‪ ،‬حيث إ ّن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ل َيقِ ْ‬
‫آخر وهو أنّ الج ل يَكون تامّا إل بِطواف الفاضة مع أنّ ظَاهِر هذا الديث َيقُول‪ ( :‬ال ّج عَرفة ) وبعد‬
‫ذلك قال‪ ( :‬فقد تَمّ حجّه وقضى َت َفثَه ) مع أ ّن الج‪-‬ف حقيقة الواقع‪-‬ل َيكُون تامّا بِذلك بل لبد مِن طواف‬
‫الزيارة‪ ،‬إذ إنه ركن مِن أركان الج‪ ،‬بل ذهبتْ طائفة كبية مِن أهل العلم إل عدم تَمامه إل بِالسعي‪ ،‬لنه‬
‫عند هذه الطائفة مِن أهل العلم مِن أركان الج أيضا‪.‬‬
‫هذا الديث عند مَن قال بِفساد الج بِالنسبة ِلمَن ل َيقِفْ إل غُروب الشمس وتَحقّق غُروبِها ودُخولِ جزءٍ‬
‫مِن الليل ‪ ..‬يَقولون‪ :‬إ ّن الديث السابق ُمَبيّن ِبفِعل النب ‪ ، ε‬حيث إنّ النب ‪ ε‬وَقَفَ إل أن غَربت الشمس‬
‫وتَحقّق غروبُها ودَخَلَ جز ٌء مِن الليل‪ ،‬لِذلك ذهبوا إل أنّ مَن ل َيقِفْ إل هذا الوقت فإنّ حجّه باطل‪.‬‬
‫وف السألة خلف معروف ولكن‪-‬على كل حال‪-‬أجعت المّة السلمية عن بَكرة أبيها على أنّ النب‪-‬صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬وَقَفَ إل أن غَ َربَت الشمس ودَخَلَ جز ٌء مِن الليل وقال‪ ( :‬خُذُوا عنّي‬
‫مناسِككم لَعلّي ل أَْلقَاكم بعد عامي هذا )‪ ،‬وقد بيّن صلى ال عليه وعلى آله وسلم أ ّن هَ ْديَه صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم وهدْيَ الـمُسْلمِي مُخالِفٌ لِهدْي أهل الشرك حيث إنّ أهلَ الشرك يَخرُجون مِن عَرفة قبل‬
‫غُروب الشمس ‪ ..‬عندما تكون الشمس على رؤوس البال كأنّها عَمائم الرجال‪ ،‬فيَنبغي لِلنسان أن يَقتدِيَ‬
‫بِرسول ال ‪ ε‬وأن يَهتدِي بِهدْيه وأن يَسِي على طريقِه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وأن يَحذَر كل الذَر مِن‬
‫الوُقوع ف ُمخَالَفة سنّة رسول ال ‪ ε‬و ُموَافقَة هَدْي الشركي فحذَار ‪ 1...‬الشركي‪ ،‬فنأخذ بِهذا المر الواضِح‬
‫الَلِي‪.‬‬
‫أما فسا ُد الج ففيه ما فيه مِن الكلم لهل العلم‪.‬‬

‫‪-1‬وقع هنا‪-‬للسف‪-‬انقطاع ف الشريط للل أثناء تسجيله مِن التلفزيون‪ ،‬ويبدو أنه غي مؤثّر ف جواب الشيخ‪.‬‬
‫‪473‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫شوّق لِزيارة بَيت ال الرام ولكنّ الراتِب َب ِقيَ عنه أسبوع‬‫س ‪ :16‬حينما جاء شهرُ ذي الجة كنتُ أتَ َ‬
‫ول َيكُن معي سِوى مصاريف الشهر ولكنّ إخوان بِالعمل أصرّوا على ذهاب معهم حيث إ ّن العُمر غيْر‬
‫مضمون وقام أحدهم بِإعطائي مبلغًا مِن الال يَكفي ك ّل نفقاتِ الج‪ ،‬فهل تَنصحونَن بِذلك لنن سأسلّم هذا‬
‫الـمَبلغ مِن راتب بعد رجوعي مِن الج ؟‬
‫ج‪ :‬ل بأس ‪ ..‬إذا ل يَكن ف ذلك إِحراجٌ لِذلك الشّخص فاكُتبْ ما عَلَيك ف صَكّ شرْعي وَأ ْشهِد عليه‬
‫شَاهِدَيْ عد ٍل وَضَعْ ذلك عند صاحب الق‪ ،‬أو عند ثِ َقةٍ أمي وأَ ْخبِر صاحبَ الق بِأنك قد َوّث ْقتَ َحقّه ف‬
‫ض ْعتَه عند الشخص الفُلن‪ ،‬فيُقضَى بعد ذلك عنك مِن ذلك الرّاتِب بِمشيئة ال تبارك وتعال؛‬ ‫ك شَرعي َووَ َ‬‫صَ ّ‬
‫وال أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :17‬هل زيارة قب النب ‪ e‬واجبة مِن ضِمن سُنَ ِن الج الواجبة خاصّة إذا كان الشخص يُؤدّي‬
‫الفريضة عن الغيْر ؟ وكذلك ف حالة ضيق الوقت ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ إذا أوصى ذلك الشخص بِأن يَزور هذا الذي يَقومُ بِإنفَاذ وصيته ‪ ..‬أن يَزور الدينة وقبْرَ‬
‫الرسول ‪ e‬ف ْليُنفّذ تلك الوصية‪.‬‬
‫أما إذا كان ل يُوصِ بِذَلك فَليس عليه أن يَفعَل ذلك إل إن أراد هو نفسُه ذلك‪.‬‬
‫أما بِالنسبة إل لزوم الزيارة فليست بِلزمة‪ ،‬ولكن يَنبغي لِلنسان أن يَزُور تلك البِقاع ويُسَلّم على النب ‪e‬‬
‫وصحابتِه الكرام وإن كان ذلك ل َدخْلَ له بِالج‪.‬‬
‫أما حديث‪ " :‬مَن حَجّ ول َيزُ ْرنِ فقد جفان " فهو بَاطل‪ ،‬وكذلك بِالنسبة إل الحاديث الـمُمَاثِلة له‪.‬‬
‫فَ ْليَ ُزرْ الدينة وَقبْرَ الرسول ‪ e‬سواءً كان ف سَفر الج أو غيْرِه مت شاء؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪ ،‬وهو‬
‫أعلم بِكل شيء‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 24‬ذو القعدة ‪1424‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪18/1/2004‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عام ‪1425‬هـ‬

‫س ‪ :1‬اضطرابُ الدورةِ عن َد النساءِ بِسببِ استخدامِ أقراصِ منعِها ف حالِ ذهابِهنّ إل الج أو إل‬
‫ي شيءٍ آخَر يَحتجْن فيه إل ذلك المْر‪ ،‬فهل َيصِحّ مثلُ هذا الجراء ؟ وإذا ما اضطَ َرَبتْ الدورةُ‬ ‫العمرَة أو إل أ ّ‬
‫عن َد الرأةِ بِهذهِ الطرِيقة‪ ،‬كيف تَصنَع ؟‬
‫ض العروف أو مِن إِيقافِه بعدَ خروجِه‬‫ج‪ :‬إنّ استعما َل البوب وما يَجرِي مراها مِمّا يَمنَع مِن خروجِ َد ِم الي ِ‬
‫‪ ..‬هذه السألَة اختلَف فيها العلماء قديا‪:‬‬

‫‪474‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫‪-1‬منهم مَن ذهبَ إل أنّ ذلك مَمنوع ل يَصِح سواء كان ذلك قبلَ خروجِ الدم أو كان ذلك بعدَ خروجِه‪.‬‬
‫‪-2‬ومنهم مَن ذهبَ إل جوازِ ذلك مطلَقا ‪ ..‬أي سواء قبلَ خروجِ الدم أو بعدَ خروجِه‪ ،‬فإذا تَوقّفَ الدم فإنّ‬
‫تلكَ الرأة َيصِحّ لَها أن تَأتِي بِما تَأتِي بِه الرأة الطاهِرَة مِن صلةٍ وصيا ٍم واعتكافٍ وقراءةٍ لِلقرآنِ الكري ولَمسٍ‬
‫ضئَة‪-‬وطوافٍ إل غيْرِ ذلك‪ ،‬وهكذا فيما يَتعلّق بِمسأل ِة الوطْء‪.‬‬ ‫ت متو ّ‬‫لِلمصحف‪-‬إذا كان ْ‬
‫‪-3‬ومنهم مَن تَوسّطَ بيْن القوليْن فقال‪ :‬إنّ ذلك جائز قبلَ خروجِ الدم أما بعدَ خروجِ الدم فإنه ليْس لِلمرأةِ أن‬
‫تَستعمِل شيئا مِن هذه الوانع‪.‬‬
‫وليْس هنالك دَلِيل صرِيح ف سّنةِ رسولِ ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬على واح ٍد مِن هذه القوالِ‬
‫الثلثة الذكورة‪ ،‬ولكن القول بِجوازِ ذلك مطلَقا وأنه إذا تَوقّفَ ذلك الدم إذا استعملتْه بعدَ خروجِ الدم فإنه‬
‫يَجِب عليها الغسل ويَجِب عليها ما يَجِب على الرأةِ الطاهِرَة ويَجوز لَها ما يَجوز لِلمرأةِ الطاهِرَة هو القول‬
‫الصحيح‪ ،‬وذلك لنّ هذا المر‪-‬أعن أمْرَ العبادات‪-‬معلّ ٌق بِوجو ِد اليْض فإذا تَوقّفَ اليْض ووُ ِجدَ ال ّطهْر فإنّ‬
‫هذه العبادات َتجِب على الرأةِ‪-‬أعن ما يَجِب منها‪-‬ويَجوز لَها ِفعْل ما يَجوز لَها مِن المورِ الائزة لِلمرأةِ‬
‫الطاهِرَة‪ ،‬فإذن ذلك يَتوقّفُ على وجودِ اليضِ والطهارةِ‪ ،‬فما يُمنَع إذا وُ ِج َد اليض فهو مَمنوعٌ ف حالةِ‬
‫جبُ على متلف الحوال ‪ ..‬أي على حسب‬ ‫جبُ ف حالةِ وجودِ الطهارة فإنه يُباحُ أو يَ ِ‬ ‫ح أو يَ ِ‬
‫اليض‪ ،‬وما يُبا ُ‬
‫اختلفِ تلك العبادات‪ ،‬فإذا وَجَدَت الرأةُ الطهارةَ ولَو َخرَجَ الدم فإنه يَجِب عليها الغسل ويَجِب عليها ما‬
‫يَجِب عليها مِن العبادات‪-‬كما قلتُ‪-‬ويَجوز لَها ما يَجوز مِن العبادات ‪ ..‬هذا الذي أَرَاه ف هذه السألة‪،‬‬
‫ولكن القضية ليستْ ف هذا المْر وإنا القضية ف أنّ هذه البوب وهكذا بِالنسبةِ إل البَر وما يَجرِي مراها‬
‫فيه قضية شائِكة أخرى يَجِب التنبّه لَها‪ ،‬وهو أنّ كثيا مِن النسا ِء اللتِي يَستعمِلْن هذه البوب أو هذه البَر‬
‫ضهِن ولكن بِمجرّ ِد استخدامِ هذه الوانِع فإنّ العادة تَختلِف وتَضطرِب‬ ‫كُ ّن مِن قبل ضابِطات لِمسأل ِة أيامِ حي ِ‬
‫اضطرابا كثِيا جِدا‪ ،‬فق ْد تَكون عا َدةُ الرأ ِة منحصِرَة ف ِسّتةِ أيام وقد تَكون ف سبعةِ أيام أو ثَمانية وهكذا على‬
‫ب اختلفِ النساء ولكن بِمج ّر ِد استخدامِها لِهذه البوب أو لِهذه البَر فإنّ هذه العادَة تض َطرِب‪ ،‬فتارةً‬ ‫حس ِ‬
‫تستمِر خسة عشر يوما وتارةً تستمِر شهرا وتار ًة تستمِر أكثر مِن ذلك‪ ،‬فل تَدرِي هل هذا الدم هو دم حيض‬
‫ت متعدّدَة ل‬ ‫أو هو استحاضة ومت يَكون حيضا ومت يَكون استحاضة‪ ،‬ويَترتّب على ذلك إشكالت ف عبادا ٍ‬
‫تَدرِي هذه الرأة تَأتِي بِتلك العبادات أو ل تَأتِي بِها‪ ،‬فالصلةُ وا ِجبَة على الرأة ف حالةِ الطهارة وهي مُح ّرمَة‬
‫ف حالةِ اليض‪ ،‬والصيام وأعن بِالصيام صيام شهر رمضان‪ ،‬وهكذا بِالنسبةِ إل الصيام الواجِب إذا كان صيام‬
‫كفارة وكانت مدّدة ف ذلك الوقت‪ ،‬وهكذا بِالنسبةِ إل صيا ِم النذر‪ ،‬فيَكون واجِبا ف حالةِ الطهارة وتكون‬
‫ف فإنّ الائِض ل يَجوز لَها أن تَطوف بِالبيْت‪،‬‬ ‫مَمنوعة مِن ذلك ف حال ِة اليض‪ ،‬وهكذا بِالنسبةِ إل الطوا ِ‬
‫وليس لَها عندَ أكثرِ أهلِ العلم أن تَدخُل السجد‪ ،‬وهكذا بِالنسبةِ إل قراءةِ القرآن‪ ،‬وهكذا بِالنسبةِ إل معاشرةِ‬

‫‪475‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الزوجِ لَها‪ ،‬فهذه السألة يُمكِن أن يُقا َل بِالتشدِيد فيها مِن هذه الناحية‪ ،‬وأنا قد جا َءْتنِي أسئلة كثِيَة جِدا ف‬
‫حَ ّج هذه السنة وف غيْرِها وف غيْ ِر هذا الوسِم البارَك‪ ،‬وحت هذه اليام كثِ ٌي مِن النساء اللتِي اسَتعْمَلْن هذه‬
‫ت عليه ف السابِق‪ ،‬وهذه مسألَة مشكِلَة يَنبغِي التنبّه‬ ‫ت العادَة لَم تَستقِر كما كان ْ‬ ‫البوب ف أيامِ الج ل زال ْ‬
‫لَها‪ ،‬فأنا ل أَنصَح بِاستخدامِ هذه البوب ول بِاستخدامِ هذه البَر ول بِاستخدا ِم شيءٍ مِن هذه الشياء الت‬
‫ج اليض ل لِلسببِ الذي َورَدَ ف السؤال وإنا لِهذا السببِ الذي ذَ َك ْرتُه‪ ،‬ومِن العلوم أنّ عادةَ‬ ‫تَمنَع مِن خرو ِ‬
‫أغلبِ النساء تَكون ِستّة أيام أو سبعة وقد َتصِل إل العشرَة وقد تَتَجاوَز ذلك بِقلِيل على الصحيح الراجِح‪،‬‬
‫فبِإمكانِ هذه الرأة الت تُرِيد أن تَذهَبَ إل الج ‪ ..‬بِإمكانا أن َتتَأخّر ف مكة الكرّمة حت يَنتهِي وقت اليض‬
‫وتَغتسِل وتَأتِي بعدَ ذلك بِالطوافِ الواجِب إذا كان ذلك الطوافُ ركنا مِن أركان الج أو مِن أركان العمرة‪،‬‬
‫ف القدوم فإنّها معذورَة مِن ذلك‪ ،‬وهكذا بِالنسبةِ إل طوافِ الوداع فإنّها معذورَة مِن‬ ‫وأما بِالنسبةِ إل طوا ِ‬
‫ذلك على الصحيحِ كما دَّلتْ على ذلك السنّة الصحيحة الثابِتة‪ ،‬وإذا قدر بِأنا أح َر َمتْ مثل بِالعمرَة ث ل‬
‫َتتَمَكّن مِن التيا ِن بِها قب َل يومِ عرفة فإنا تردِف عليها الج فتَكون قا ِرنَة بعدَ أن كانتْ متَ َمّتعَة‪ ،‬كما وَقَعَ ذلك‬
‫ت فبِإمكانِها أن تَرجِع إل بلدِها ث بعدَ ذلك‬ ‫لِلسيدة عائشة رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنها‪ ،‬على أنا لو اضْ َطرّ ْ‬
‫تَذهَب إل تَأ ِدَيةِ الطواف والسعي الذي بَعدَه‪ ،‬أما أن تَستخ ِد َم هذه البوب مِن أجْ ِل أن تَأتِي بِالطواف وهي ف‬
‫ف ول تَدرِي هل تُصلّي أو ل تُصلّي وهكذا‬ ‫حال ِة طهارة ث بعدَ ذلك َيقَع الحظُور فل تَستطِيع أن تَأتِي بِالطوا ِ‬
‫بِالنسب ِة إل بقيةِ العبادات الت لَها عَلقة بِهذا المْر فإّننِي ل أَنصَح بِذلك بل أقول‪ " :‬إنه ل ينبغِي ذلك "‪.‬‬
‫وأما بِالنسبةِ إل مَن وَقَعَ لَه ذلك ف الاضِي فإننا نَقول‪ :‬إنّ كلّ امرأ ٍة يَنبغِي لَها أن تَسأ َل عن الالةِ الت وََق َعتْ‬
‫فيها‪ ،‬وأن تَصِفَ له ِل العلم نوعَ الد ِم و َشكْلَه وكم استَمَر وما شابه ذلك مِن المور الت ستوجّه إليها السئلة‬
‫فيها حت يُمكِن أن نَحكُم أو يَحكُم غيْرُنا مِن أهلِ العلم على هذه الالة هل هي حيْض أو استحاضة؛ وال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :5‬ما هي َأوْجُه بِ ّر الوال َديْن بع َد موتِهما ؟ ‪...‬‬
‫جةَ الفرِيضة فينبغِي لَه أن يَحُجّ‬
‫ج‪ ... :‬و‪-‬على كلّ حال‪-‬إن كان الوالِد أو الوالِدة أو كلها لَم يُؤدّيا حَ ّ‬
‫عنهما ‪...‬‬
‫مِن حلقة ‪ 19‬ربيع الول ‪1425‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪9/5/2004‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪... :1‬‬
‫ج‪... :‬‬

‫‪476‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ط السلم ولكن هذا الشرط شرطُ صحّة‪ ،‬فهو شرطٌ ف جيع العبادات‪ ،‬فالكافر ل تص ّح منه‬ ‫ومِن ذلك شر ُ‬
‫عبادة ‪ ..‬ل تصح منه الصلة ول الزكاة ول الصيام ول الج وإن كان ماطَبا بِها وعليه الث بِسبب تَرْكِها‬
‫ويُعاقَب على ذلك يومَ القيامة‪ ،‬كما َيّتضِح ذلك مِن الدلة الت تَدلّ على أنّ الكفا َر مُخاطَبون بِفروع الشريعة‬
‫ولكنّ هذا الشرط‪-‬كما قلتُ‪-‬هو شرطٌ ف جيع العبادات؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 23‬جادى الول ‪1425‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪11/7/2004‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪... :1‬‬
‫ج‪ ... :‬قَد يَكون صيَام الشخص صحِيحا وقد تَكون صَلتُه صحِيحة وتَكون زكاتُه صحِيحة ويَكون‬
‫حَجّه صحِيحا ولكنّه إذا كان مُتَلَبّسا بِمعصِيةٍ مِن معاصِي ال وكانتْ تلك العصِية كبِيَة مِن‬
‫كبائِرِ الذّنوب ومات مِن غيْرِ توبةٍ صادِقة إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬منها فإنه سَيَدْخُل النار‪-‬والعياذ بال‬
‫تبارك وتعال‪-‬وسيَخْلُدُ فيها بِأدِلّةٍ كَثِيَة مِن كتابِ ال ومِن سنّةِ رسولِه‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬الصحِيحة الثابِتة عنه‪ ،‬فَحَذَارِ حذارِ مِن الوُقوعِ ف معاصِي ال تبارك وتعال؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س ‪... :6‬‬
‫ج‪... :‬‬
‫نعم التَلْبِية ف الج هي ثابِتة عن النب ‪ ε‬ولكن شَتّان بيْن التلبية الثابِتة عن النب ‪ ε‬وبيْن أن يَقول‬
‫النسان‪ " :‬اللهم إنّي نَوَيْتُ أن أَحُجّ حَجّةَ الفرِيضة " أو " حَجّةَ النافِلة " أو ما شابه ذلك ‪..‬‬
‫هنالِك فَرْقٌ شاسِع بيْنهما ‪...‬‬
‫مِن حلقة ‪ 1‬رمضان ‪1425‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪16/10/2004‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :7‬هل لِلمرأةِ أن تَغْتَسِل غُسْل الحرامِ مِن منِلِها قبلَ الروج ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ هذه السألَة تَحْتَاجُ إل إطالَة‪ ،‬ولكن‪:‬‬
‫إذا كانتْ تَقْصِدُ بِمَنْزِلِها النل الذي نَزَلَتْ فيه ‪ ..‬مثل لو نَزَلَتْ ف " الدِينة " ‪ ..‬ف مدينة النب‬
‫‪ ، ε‬ول بأس‪-‬طبعا‪-‬مِن تَسْمِيَتِها بِالدينة النورَة ‪ ..‬إذا أرادتْ ذلك نعم لِتَغْتَسِلْ مِن هُنَاك‬
‫وَلْتَخْرُج ولكن لِتُحْرِم مِن عندِ اليقات ‪ ..‬ل ينبغِي لَها أن تُقَدّمَ ذلك ‪ ..‬لَوْ قدّمتْ ذلك فإنّ‬
‫إحرامَها صحِيح‪-‬على الصحِيح الذي عليه المهور‪-‬ولكن ينبغِي لَهَا أن تُؤَخّرَ ذلك إل اليقات‪ ،‬كما‬

‫‪477‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فَعَلَ النب صَلى ال عَليه وعلى آله وصحبه وسَلم‪ ،‬ولَم يَثبُتْ عنه ما يَدُلّ على خلفِ ذلك‪ ،‬ومَا جاء‬
‫مِمّا يُخالِفُ ذلك فإنّه ل يَثْبُت‪ ،‬وَمَوْضِعُ الطالة ف غيْرِ هَذِه الناسَبَة بِمَشِيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫أمّا إذا كانتْ تَقْصِد بِأَنّها تَغْتَسِل مِن بِلدِهَا عندَما تَذهَب وتَسْتَمِر عدّةَ أيام فهذا ل يَكْفِي‬
‫لِلتيانِ بِهذِه السنّة ‪ ..‬نعم ف وقتِنا هذا‪-‬مثل‪-‬إذا كانتْ تَخْرُج بِوَاسِطةِ الطائِرَة فإذا اغتَسَلَتْ ف‬
‫بيْتِها قبلَ خُرُوجِها مباشَرَة فل بأس‪-‬لنّها تَمُرّ على اليقات وهي ف الطائِرَة ول تَتَمَكّن مِن‬
‫الغتِسال أو تَتَمَكّن ذلك إنْ تَمَكّنتْ بِمَشَقّة‪-‬فَلْتَغْتسِل مِن بيْتِها لحرامِها وَلْتُحْرِم عندَما‬
‫تُحَاذِي اليقات؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 3‬رمضان ‪1425‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪18/10/2004‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :1‬الرأةُ‪ ،‬هل يُشترَط لِسفرِها إل الج أن يَكون ذو مَحر ٍم معها ؟‬
‫ج‪ :‬إ ّن العلماء قد اختلَفوا ف هذه السألة‪:‬‬
‫‪-1‬ذهبت طائف ٌة كبِيةٌ منهم إل أنّ الرأةَ لبد مِن أن يُراِفقَها ذو مَحرمٍ منها إذا ذهبتْ إل الج‪.‬‬
‫ث عن النب ‪ ، e‬وعلى تقدِي ِر عدمِ دخولِه فإنه مِمّا يُعلَم‬ ‫والزوجُ دا ِخلٌ ف الحرَم كما ثبتَ ذلك ف الدي ِ‬
‫بِالضرورةِ أنه َيصِحّ لَها السفر معه‪ ،‬إذ إنه أوْلَى مِن بقيةِ الحارِم‪.‬‬
‫ح معهم‬
‫ت طائف ٌة مِن أهلِ العلم إل أنّ الرأةَ يَجوز لَها أن تَذ َهبَ إل الجّ مع جاعةٍ مِن أه ِل الصل ِ‬ ‫‪-2‬وذهب ْ‬
‫نساء‪ ،‬وقال بعضهم‪ " :‬أن يَكونوا مِن أهل العلم " ‪ ..‬اشترَط أن يَكونُوا مِن أهلِ العلم‪.‬‬
‫ومِن العلوم أ ّن الفْيصَل ف هذه القضية كغيْرِها مِن بقيةِ القضايا الشرعِية هو الدليلُ الشرعِي‪ ،‬وقد َثَبتَ‪-‬عن‬
‫النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬مِن طريقِ بن عباس رضي ال تبارك وتعال عنهما‪-‬أ ّن النب ‪ e‬نَهى الرأةَ‬
‫ي نوعٍ مِن أنواعِ السفَر إل‬‫عن السفَر إل مع ذِي مَحرَم منها‪ ،‬فهذا الديثُ حديثٌ صحِي ٌح ثابِت وهو يَشمل أ ّ‬
‫شَيتْ على دِينِها أو خافتْ على نفسِها‪ ،‬وذلك كما‬ ‫ما اسُتثْنِي مِن أنّ الرأة تُسافِر مع غيْر ذِي الـمَحرَم إذا خ ِ‬
‫جا َء عن بعضِ الهاجِرات أننّ هاجَ ْر َن مع غيْرِ ما ِر ِمهِ ّن مِن مكّة الك ّرمَة إل الدينة النوّرَة‪ ،‬أما ما عدا ذلك فل‬
‫ولسيما أنّ الديث قد جاء فيه أنّ رَجُل ذَكَرَ لِلنب ‪ e‬عندَما سَمعَ هذا النهي أنه قد ا ْكتََتبَ ف غزوةِ كذا وأنّ‬
‫َزوْجَه تُرِي ُد الج فَأمَرَه النب ‪ e‬بِأن يرج إل الج مع امرأتِه ‪ ..‬كما جاء ذلك ف الديث الصحيح‪.‬‬
‫ول شك بِأنّ القول بِأنّ الرأة ليس لَها أن تُسافِر إل الج أو العمرة إل مع زوجٍ أو مَح َر ٍم منها هو القولُ‬
‫القوي الذي يَنبغِي أن يعتمد عليه ولسيما ف هذا الزمان‪.‬‬
‫فالرأةُ إذا كانتْ ل َتجِدُ زوْجا أو مَحرَما منها فإنا َتَتأَخّرُ عن الج حت يَمُنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليها بِأن‬
‫يُسافِ َر معها زوجُها‪-‬إن كان لَها زوج‪-‬أو ذو مَح َرمٍ منها‪ ،‬أما أن تُسافِ َر مع غيْرِ زوجِها أو مِن غيْ ِر مَحا ِرمِها‬

‫‪478‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ت إليه‪-‬كما قلتُ‪-‬طائفةٌ كبِ َيةٌ مِن أهلِ العلم‪ ،‬وهذا القول‬ ‫فإنّ ذلك مِمّا ل َيصِح على هذا القول الذي ذهب ْ‬
‫هو الذي أَعتَمِدُه‪ ،‬لِما رأيناه مِن الفاسِد الت تَترتّب على سفَ ِر الرأةِ مع غيْرِ زوجِها أو مِن غيْرِ ذِي مَحا ِرمِها‪،‬‬
‫حت إذا لَم يَثُبتْ‪-‬مثل‪-‬الديث فكيف وهو حديثٌ صحِي ٌح ثابِت ل شك ف ثبوتِه عن النب صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫فإذن الرأ ُة ل تُسافِر إل مع زوجِها أو مَح َر ٍم منها مِن أقا ِربِها سواء كان ذلك بِسببِ قرابَة منها‪-‬كما أشرتُ‪-‬‬
‫أو بِسببٍ مُباح ‪ ..‬تَسافِر الرأة مع أبيها أو جدّها وإن عل ومع ابنها أو ابن ابنها أو ابن ابنتها وإن نَزَل وتُسافِر‬
‫مع أخِيها وابن أخِيها وابن أختِها وإن نَ َز َل وتُسافِر مع عمّها ومع خالِها‪ ،‬وكذلك تُسافِر مع مَن لَه علقة بِها‬
‫ت عن النب ‪ ε‬أنه قال‪ ( :‬يَحرُم مِن الرضاع ما يَحرُم مِن‬
‫مِن الرضاع كالعلقةِ الت ذكرناها مِن النسب لِما ثب َ‬
‫النسب ) فهذا الديثُ واضِح الدللة على أنه يَحرُم مِن الرضاع ما يَحرُم مِن النسب فمَن كان كصفة من‬
‫ذكرناه سابقا كان أبا لا من الرضاع أو جدا لا من الرضاع أو ابنا لا من الرضاع أو ابنا لبنها أو لبنتها من‬
‫الرضاع أو أخا لا أو عما لا أو خال لا أو كان أيضا ابنا لخيها أو لختها من الرضاع فإنم يسافرون معها‬
‫بشرط أن يكون ذلك الرضاع ثابتا‪ ،‬أما إذا كان مشكوكا فيه بأن‪-‬مثل‪-‬أدخل ذلك الطفل ثدي تلك الرأة ف‬
‫فمه ول يعلم هل مص منها أو ل فإن هذا من المور الشتبهات فمثل هذا ل يصافح تلك الرأة وأيضا ليس لا‬
‫أن تسافر معه وهكذا بالنسبة إل كل ما يتعلق بأحكام الرضاع‪ ،‬والرضاع ل يشترط فيه العدد كما ذهب إليه‬
‫بعض أهل العلم بل الصحيح أنه إذا ثبت الرضاع ولو كان مرة واحدة فإنه يثبت به الكم وذلك لظاهر القرآن‬
‫ولظاهر الحاديث الثابتة عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وما جاء مالفا لذلك فقد رددنا عليه با فيه‬
‫الكفاية بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪ ،-‬وهكذا بالنسبة إذا كان هنالك سبب من السباب الباحة شرعا وذلك كأن‬
‫تسافر الرأة مع من يرم عليها بسبب مباح شرعا‪ ،‬تسافر الرأة‪-‬مثل‪-‬مع أب زوجها أو جده سواء كان ذلك‬
‫من جهة أبيه أو من جهة أمه وإن عل أو أن تسافر مع ابن زوجها أو ابن ابنه أو ابن بِنته وإن نزل أو أن تسافر‬
‫كذلك مع زوج أمها أو زوج جدتا وإن عل وهكذا بالنسبة إل زوج بِنتها وزوج بنت بنتها وإن نزل لكن‬
‫يشترط بالنسبة إل زوج الم وزوج الدة وإن علت الدة ‪ ..‬يشترط فيه أن يكون قد دخل بالم أو دخل‬
‫بالدة وهكذا بالنسبة أن لو علت الدة‪ ،‬أما إذا كان مرد عقد فإنه ل يكون بذلك مرما منها بلف زوج‬
‫البنت أو بنت البن أو بنت البنت فإنه بجرد عقده عليها‪-‬على ابنتها‪-‬يكون مرما للم ويكون مرما للجدة‬
‫وهكذا؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما مقدار السن بالنسبة للمحرَم إذا كان هذا الحرم ولدها ؟‬
‫ج‪ :‬لبد أن يكون بالغا‪ ،‬وبعض العلماء يرخص إذا كان مناهزا للبلوغ بأن كان يدري بكل ما يدور حوله‪ ،‬أما‬
‫إذا كان صبيا صغيا أو ما شابه ذلك فهذا ما ل قيمة له ‪ ..‬الصل أن يكون بالغا لكن ف حالة الضرورة‬

‫‪479‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫القصوى إذا كان مناهزا للبلوغ بقيت سنة أو ما شابه ذلك فبعض العلماء يرخص ف ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل‬
‫عقد النكاح فإن بعض العلماء يرخص إذا كان ذلك الصب يعقل ‪ ..‬فإنه يرخص ف أن يعقد على الرأة ولكنن‬
‫ل أرى ذلك بل أقول إنه لبد من أن يكون بالغا ‪ ..‬نعم إذا كان مناهزا للبلوغ فهو يُرخص فيه على رأي‬
‫بعضهم ‪ ..‬ف حالة عقد النكاح ينبغي أن يأذن ذلك الصب ولكن لبد من إذن غيه من هو أبعد منه أو من‬
‫إذن الاكم معه‪ ،‬أما ما يُرخص فيه بعض أهل العلم ما هو أقل من ذلك فل نراه لن العلة معلومة من هذا‬
‫وليس مرد أن يكون ذكرا وإنا أن يكون يعرف ما يدور حوله ويعرف ما يضُر تلك الرأة الت هو مرم منها‬
‫وما ينفعها وما شابه ذلك‪ ،‬أما أن يكون مرد ذكر فهذا ما ل ينبغي أن يعتمد عليه وإن قال به من قال‪ ،‬وف‬
‫القيقة‪-‬كما أشرت من قبل‪-‬مَن نظر إل بعض الفاسد الت تقع وعلم بذلك فإنه لبد من أن يشدد ف قضية‬
‫الج والعمرة مع غي الزوج ومع غي الحرم‪ ،‬ث إن الرأة باجة إل من يأخذ بيدها عندما تطوف وعندما‬
‫تسعى ولسيما ف حالة الزحام‪ ،‬وقد سعنا أن بعض النساء يسكن ف رجال أجانب منها وقد يسك ذلك‬
‫الجنب بيدها ويطوف با وقد تنشأ بعد ذلك علقات بينه وبينها لنا ترى أنه قد صنع لا معروفا ولبد من‬
‫أن تكافئه باتصال أو مكالة أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهذا‪-‬على كل حال‪-‬ما ل يصح ‪ ..‬نعم لو وقعت امرأة فلبد‬
‫من أن يملها النسان حت تقوم على رجليها أما أن تتعمد الرأة أن تذهب مع أجنب منها فهذا ما ل يصح‬
‫أبدا ‪ ..‬هذا ما أراه؛ والعلم عند ال‪.‬‬
‫س‪ :‬إذن نفهم من هذا أنه ف حالة عدم وجود الحرم ل تعتب الرأة مستطيعة ؟‬
‫ج‪ :‬نعم ‪ ..‬تتأخر الرأة حت تد زوجا أو مرما‪ ،‬لكن إذا ل تد أبدا بعد ذلك هل يب عليها أن تأمر غيها‬
‫أن يج عنها أو أن توصي بذلك ؟ ف ذلك خلف بي أهل العلم‪ ،‬ول شك أن السلمة أن تؤجّر من يج‬
‫عنها إذا صارت آيسة من وجود الزوج أو الحرم أو أن توصي بذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬ف حالة وجود الحرم لكنه ل يلك الال وهي تلك الال‪ ،‬هل يب عليها أن تعطي مرمها الال‬
‫ليحج معها ؟‬
‫ج‪ :‬أما الوجوب فيحتاج إل شيء من النظر‪ ،‬ولكنن أحث ذلك الحرم بأن يرج مع تلك الرأة وأحثها هي‪-‬‬
‫أيضا‪-‬أن تعينه بشيء من الال الذي يكن أن يذهب معها إذا حصل عليه فيكون هنالك تعاون بي تلك الرأة‬
‫وبي مرمها ول شك بأنه إذا ذهب سيحصل على أجر عظيم بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬إذا كان صالا ‪ ..‬أوّل‬
‫سيؤدي الج ولو كان قد حج من قبل سيؤدي حجة نافلة وف ذلك من الفضل ما ل يفى‪ ،‬كما جاء عن‬
‫النب ‪ ( : e‬والج البور ليس له جزاء إل النة )‪ ،‬وجاء عنه أيضا‪ ( :‬من حج ول يرفث ول يفسق رجع من‬
‫ذنوبه كيوم ولدته أمه )‪ ،‬إل غي ذلك من الحاديث الدالة على فضل الج وعظم منلته والجر العظيم‬
‫والثواب الكبي الذي يصل عليه من أداه طاعة ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬وامتثال لمره ‪ I‬وكان بارا ف حجه ذلك ل‬

‫‪480‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫يرتكب معصية من معاصي ال تبارك وتعال‪ ،‬فإذن ل ينبغي له أن يفرط ف إعانة هذه الرأة على طاعة ال‬
‫وسيكون له الجر بشيئة ال من ناحيتي ‪ ..‬من تأديته للحج ومن إعانته لذه الرأة الت ترغب ف تأدية فريضة‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليها‪ ،‬وهي ينبغي لا ألّ تبخل بالال عليه‪ ،‬فمال هذه الدنيا ذاهب‪ ،‬فإذا أعانت هذا الرجل‬
‫الذي يذهب معها لتأدية الج ففي ذلك من الي ما ل يفى‪ ،‬أما الوجوب فيحتاج إل شيء من النظر‪ ،‬لن‬
‫القول بوجوب ذلك فيه ما فيه‪ ،‬كما ل يفى‪ ،‬فإذن‪-‬كما قلتُ‪-‬أحث الرأة الت ل تد مرما إل إذا أعانته‬
‫بشيء من الال ألّ تبخل بذلك؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :2‬ما حكم ذهاب الرأة للحج رفقة مموعة من النساء بدون أن يكون عندها مرم رجل ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ أستأذنك قبل كل شيء أن أجيب ولو بواب متصر جدا على سؤال الج السابق الذي‬
‫سألت عنه هذه الرأة لعلها تريد أن تذهب إل الج وقبل كل شيء أنبه إل أنه ينبغي للنسان أن يكون‬
‫حريصا على طلب العلم سواء كان ذلك من قراءة الكتب أو من سؤال أهل العلم أو من دروسهم أو ما شابه‬
‫ذلك من الوسائل الت يصل با العلم الشرعي‪ ،‬وما نلحظه على كثي من الناس أنم ل يهتمون بطلب العلم‬
‫وإنا يهتم الواحد أن يسأل عن مسألة وقع فيها أو أنه يريد أن يأت با ف الستقبل أو ما شابه ذلك وقد ييب‬
‫بعض أهل العلم عن تلك السألة قبل ذلك بقليل أو قبل يوم أو ما شابه ذلك ول يهتم بتلك السألة ‪ ..‬يكون‬
‫مشتغل بالديث مع فلن أو فلن أو ل يطلع على تلك البامج الت تذاع فيها تلك الحاضرات أو تلك‬
‫الدروس أو تلك الجوبة أو ما شابه ذلك ويفوته خي كثي من السائل الشرعية‪ ،‬فطلب العلم فريضة على كل‬
‫مسلم وإن كنا ل نقول بأن الكل من الفرائض ولكن بعضه من الفرائض والبعض الخر من النوافل الت ل‬
‫ينبغي التفريط فيها‪.‬‬
‫بالنسبة إل هذا السؤال قد ذكرنا‪-‬ف الواب الذي مضى قبل قليل‪-‬أنّ الرأة إذا أرادت الج لبد من أن‬
‫تذهب مع زوج أو مرم منها‪ ،‬وأنه ل يصح لا أن تذهب مع مموعة من النساء معهن بعض أهل الصلح ‪..‬‬
‫هذا الذي ذهبت إليه طائفة كبية مِن أهل العلم‪ ،‬وعليه إن ل تد الرأة زوجا أو مَحرما منها ف ذلك الوقت‬
‫فلتتأخر حت تتمكن من الذهاب بعد ذلك ف سنة من السنوات القادمة بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مع زوجها إن‬
‫كان لا زوج أو مع ذي مرم منها‪ ،‬و‪-‬قلنا إنه‪-‬ينبغي أن يُنظر إذا ل تد الرأة مرما إل إذا بذلت له الال بأن‬
‫كان فقيا أو ما شابه ذلك و‪-‬قلنا إنه‪-‬ل ينبغي لا أن تفرط ف بذل الال‪ ،‬أما القول بوجوب ذلك عليها فإنه‬
‫يَحتاج إل شيء من النظر‪ ،‬وحت نتمكن من ذلك فإنن ل أقوى على الزم ف ذلك بشيء‪ ،‬لكن‪-‬كما قلتُ‪-‬‬
‫ينبغي التعاون بي الفريقي ‪ ..‬ينبغي لذه الرأة أن تبذل الال وينبغي لذلك الرجل ألّ يأخذ منها إل مقدار ما‬
‫يؤدي به الج ويرجع إل وطنه ‪ ..‬هذا الذي نعتمده لا ذكرته ف ذلك الواب‪.‬‬

‫‪481‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وبعض العلماء يُرخص أن تذهب الرأة مع رجال من الثقات الصالي معهم بعض النساء من مارمهم؛ ولكن‬
‫ي وقت‬ ‫هذا القول ل ينبغي التعويل عليه‪ ،‬ولسيما ف هذا الزمان لشدة الزحام بل ول ينبغي التعويل عليه ف أ ّ‬
‫من الوقات لنه مالِف لِظاهر الديث الثابت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ونن ل نقطع العذر‬
‫ف هذه السألة ول نقول إنا من السائل القطعية ولكن نقول‪ :‬إن ذلك القول هو القول القرب للصواب‪،‬‬
‫وعلى تقدير صحة تأويل من تأوله من أهل العلم فكما قلتُ ف هذا الزمان ل ينبغي أن يؤخذ بذلك‪ ،‬لن ذلك‬
‫إذا كان ل يستدعي أن تسك الرأة بيد رجل أو يسكها رجل ويطوف با وقد تتاج إل حل أو ما شابه‬
‫ذلك ف الزمنة الغابرة فإن الزمان قد اختلف ف هذه اليام‪ ،‬وقد سعتُ أنه وقع ف العوام الاضية أ ّن بعض‬
‫النساء اللت ذهب إل الج قد ذهب للطواف مع رجال أجانب عنهن وقد أمسكت بعض النساء بيد رجل‬
‫أجنب منها فهل يكن أن نقول بواز ذلك ؟! هذا ما ل يصح ‪ ..‬نعم‪-‬كما قلتُ‪ -‬إذا كان هنالك وقع حادث‬
‫‪ ..‬وقعت امرأة فإنّ على الرجل أن يقوم بمل تلك الرأة حت تقوم‪ ،‬أما أن يتعمد ذلك أو أن تتعمد هي ذلك‬
‫من قبل فهذا ما ل يصح‪ ،‬فهذا الذي أراه وأعتمد عليه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :5‬ما هي شروط استئجار الج ؟ وهل يصح أن يُستأجر أو أن يُحج عن غي الول وهو من ل‬
‫يكن على طاعة ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ النابة ف الج ثابتة ف سنة النب ‪ ε‬ثبوتا ل شك فيه‪ ،‬فقد جاء ذلك من عدة طرق عن‬
‫النب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ودعوى من ادعى بأن ذلك خاص بأولئك أو ما شابه ذلك ما ذكره بعض‬
‫أهل العلم مردود على صاحبه ول داعي للطالة بالجوبة الت أجيب با عن ذلك‪ ،‬فالنابة إذن ثابتة ل إشكال‬
‫فيها فمن كان عاجزا بسبب مرض أو كب سن ول يستطيع أن يذهب ف الال ول ف الستقبل إل الج‬
‫بسب الظاهر فإن له بل عليه أن ينيب غيه لتأدية فريضة الج عنه سواء كان ذلك بسبب مرض ل يرجى‬
‫الشفاء منه بسب الظاهر أو بسبب كب السن‪ ،‬أما إذا كان يرجو الشفاء من ذلك الرض فل‪ ،‬وهكذا بالنسبة‬
‫إذا أوصى شخص بالج عنه وقد مات فإنه يؤدى عنه ذلك الج هذا ل إشكال فيه‪ ،‬أما بالنسبة إل هل‬
‫للنسان أن يذهب بتأدية الج عن شخص ل يتوله ؟ هنالك أمران الول أن بعض أهل العلم ينع من ذلك‬
‫وبعضهم ييز ذلك‪ ،‬والقول بواز ذلك بشرط أن ل يدعو له هو القرب إل الصواب فليس له أن يصه بدعاء‬
‫وإنا يدعو لعموم السلمي فإن كان ذلك الشخص داخل ف عموم السلمي بأن تاب وأناب إل ربه‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬ول يعلم هو بتوبته فإنه يكون داخل ف ذلك العموم وإن كان بلف ذلك فإنه ل يدع له بي‬
‫الخرة‪ ،‬نعم إذا كان ذلك الشخص حيا فيمكن أن يدعو له بالداية إل الطريق الستقيم لنه بالمكان أن‬
‫يرجع إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أما اليت فقد انتهى أمره ول يكن أن يهتدي بعد انتقاله من هذه الياة الدنيا‪،‬‬
‫لكن بقي أن النسان قد يكون ل يتول شخصا لنه ل تقم عليه الجة بولية ذلك الشخص فإذا ذهب لتأدية‬

‫‪482‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الج عنه فإنه لن يدعو له على سبيل الستقلل ويكون ذلك الشخص ف حقيقة الواقع من أهل الصلح ولكن‬
‫هو ل تقم عليه الجة فمثل هذا ل ينبغي أن يذهب هذا الشخص أن يج عنه إل إذا أخبه أو ما شابه ذلك‬
‫ولكن قد يكون ف الخبار شيء من المور الت ستعقب ذلك ما ينبغي أن ل يقع فيه النسان فإنه إذا قال له‪:‬‬
‫"لن أدعو لك" أو "أنا ل أدري بالك" أو ما شابه ذلك فإنه ما لشك فيه بأنه سيقع ف نفس ذلك الشخص‬
‫من هذا النسان‪ ،‬نعم إذا دعاه إل التوبة إل ال والرجوع إليه ‪ I‬أو ما شابه ذلك وتاب ورجع إليه ‪ I‬وثبتت‬
‫وليته فالمر ل إشكال فيه‪ ،‬فإذن من حيث الواز هنالك شيء لكن‪-‬كما قلت‪-‬يكن أن نقول بواز ذلك‬
‫ولكن بقي ما ذكرناه من اللحظة الت لبد من اعتبارها‪ ،‬بقي هناك أن كثيا من الناس يهتمون بمع حطام‬
‫الدنيا الفانية فتجد الواحد منهم يذهب يبحث عن شخص يج عنه ويراعي البلغ‪ ،‬إذا كان هذا البلغ أكثر من‬
‫غيه فإنه يج عن ذلك الشخص ولو كان ذلك من أعصى العصاة أما إذا وجد رجل صالا ول يبذل له ما‬
‫يريد من الال فإنه لن يلتفت إليه مثل هذا ف حقيقة الواقع ل يكن أن نقول إنه يوز له أن يج عن غيه‪ ،‬ذلك‬
‫لن النسان ينبغي له عندما يذهب أن يج عن غيه أن ينوي بذلك أن يصل إل تلك البقاع وأن يدعو له‬
‫ولعموم السلمي ولذلك الشخص الذي يج عنه إن كان من أهل الصلح وكذلك أن يعي ذلك الشخص‬
‫على طاعة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أما أن يكون قصده أن يمع هذا الطام الفان فهذا ما ل يقل به أحد من أهل‬
‫العلم؛ والعلم عند ال‪.‬‬
‫س ‪ :7‬هل يَجوز لِمَن حَ ّج الفريضة على حساب الدولة أن يَحج َحجّة أخرى بنية الفريضة أيضا مِن‬
‫ماله ؟‬
‫ج‪ :‬لاذا ؟! تقول هذه الرأة الناقلة بأنه مشكوك فيه‪ .. 1‬ل أدري ما هو وجه الشك‪ ،‬فل ينبغي للنسان أن‬
‫يلتفت إل مثل هذه الشكوك والوساوس‪ ،‬فإن ل يكن هذا الال حراما فل ينبغي له أن يلتفت إل ذلك‪ ،‬كيف‬
‫يكون ذلك ؟! ل أدري مِن أيّ جهة ‪ ..‬إذا كان مِن الدولة ل شيء عليه بشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬أما إذا كان‬
‫شيئا مِن الؤسسات الحرمة أو ما شابه ذلك فإنه إذا احتاط لمر دِينِه فإنه ل شك أنه ِممّا ينبغي له أ ّل يُفرّط‬
‫فيه‪ ،‬أما أن نقول بوجوب ذلك عليه فعلى كل حال هذا مِمّا ل نقوى عليه‪ ،‬لنه أدّى تلك الفريضة‪ ،‬فإذن إن‬
‫كان هذا الال الذي ذهب به مِن مؤسسة مرمة أو ما شابه ذلك فالمر يَختلِف‪ ،‬أما إذا كان‪-‬كما تقول‪-‬مِن‬
‫الدولة فل شيء عليه وإن كان يريد بعد ذلك أن يذهب لتأدية حَجّة نافلة أو ما شابه ذلك فإنه مِمّا ل ينبغي‬
‫للنسان أن يُفرّط ف عمل الي بشرط ألّ يؤذي غيْرَه‪ ،‬فإ ّن كثيا مِن الناس‪-‬كما نشاهدهم‪-‬يذهبون إل الج‬
‫ف كل عام مِن العوام ويكون هنالك زحام شديد جدا جدا ‪ ..‬يُؤذُون غيْرَهم مِن الكبار ومِن الرضى أو ما‬

‫‪-1‬يبدو أنّ الشيخ سع " مشكوك " بدل مِن " مشغول "‪ ،‬والسؤال كما ورد ف الكالة هو‪ " :‬نظرا لنّه عندما ذهب ف الرة الول على نفقة‬
‫الدولة كان مشغول ف بعض المور فهو يود أن يعوض بأن يذهب على نفقته‪ ،‬هل يوز له أن يذهب الن مرة ثانية بنفقته وينوي فريضة ؟ "‪.‬‬
‫‪483‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫شابه ذلك‪ ،‬فإن أدّى المر إل أَذِية الخَرين فإ ّن النسان ينبغِي لَه أن يتأخّر ف تلك السنة أو ف ما شابه ذلك‬
‫ض أمورِ البِر إن كان يُرِيد اليْر وليُحسِن النية وعندما يتمكن مِن الذهاب إل الج‬ ‫ويُنفِق تلك الموال ف بع ِ‬
‫مِن غيْرِ أَذِية لغيْرِه مِن السلمي فليذهب بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫س ‪ :8‬من أراد الج وعليه دين ربوي ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان ربويا فعليه أن يتخلص من ذلك عليه أن يتوب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬من ماربة ال‪-‬تبارك‬
‫ل وَ َرسُولِهِ ‪ [ { ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ ] 279 :‬عليه أن يتوب‬
‫ب مّنَ ا ِ‬
‫حرْ ٍ‬
‫وتعال‪-‬ورسوله‪َ ... } :‬فأْ َذنُوا بِ َ‬
‫إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وأن يتخلص من هذه العاملة قبل أن يرج من هذه الدنيا إل عذاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫فهذا إن كان يريد أن يتوب‪ ،‬أما إذا كان ل يريد أن يتوب ف حقيقة الواقع ول أعن بذلك ما يلقلق به كثي‬
‫من الناس ألسنتهم يدعي الواحد يقول‪" :‬أريد أن أتوب" وهو ل يسلك طريق التوبة يلس السنوات الطويلة‬
‫وهو ل يتخلص من هذه العاملت فإن كان ل يريد أن يتخلص الن فليذهب لتأدية الج حت ل يمع بي‬
‫معصيتي بي معصية إقامته على ماربته ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ورسوله بأخذ هذا الال الرام أو بالتعامل بذه‬
‫‪2‬‬
‫العاملة الحرمة وبتأخي الج وإن كان هذا الج ل يتقبل منه لن ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ل يتقبل إل من التقي‬
‫وكيف يكون هذا متقيا ل وهو ملعون على لسان رسول ال ‪ ε‬مارب ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬بنص كتابه‬
‫سبحانه ؟! ولكنه قد أدى هذه الفريضة بعن أنه ل يطالب با بعد ذلك مرة أخرى؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :9‬من عليه دين وليس عنده الوفاء لكن جهة عمله تتكفل بإرجاع الق لصحابه على تقدير وفاته‬
‫؟‬
‫ج‪ :‬إذا ثبت هذا حقا بأن تلك الهة تقوم بعد ذلك بتأدية هذا الال إل أصحابه وكان هذا الدين مؤجل أو‬
‫كان صاحبه يرضى بالتأخي فل بأس بذلك بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أما إذا كان هذا الدين حال فلبد من أن‬
‫يدفع الال إل صاحبه إل إذا أذن له بذلك‪ ،‬ث أيضا ل ينبغي للناس أن يرجوا غيهم تد الواحد يذهب إل‬
‫غيه "يا فلن أنا أريد الج وأريد منك أن تؤخرن" أو ما شابه ذلك فكثي من الناس على كل حال سيقولون‬
‫لذا السائل "اذهب إل الج" لكن هل هم راضون بذلك حقا ؟ قد يقول قائل العبة با ذكروه وال أعلم با‬
‫صدورهم نقول له لبد من النظر والتأمل ف هذا المر فقد يقول لك النسان بلسانه وهو ل يرضى بذلك‪،‬‬
‫الصل أن تؤدي هذا الال إل صاحبه ول تذهب إل الج إل بعد أن تؤدي ما عليك لكن إذا كنت واثقا من‬
‫صاحبك مطمئنا إليه تام الطمئنان كما يعرف عند أهل العلم بالتعارف أو ما شابه ذلك فل بأس بذا بشيئة‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أما إذا كان المر بلف ذلك فل‪ ،‬وكثي من الناس يدعون بأن هذا من المور الت‬

‫‪-2‬قال الشيخ‪ " :‬ل يتقبل مِن التقي " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫‪484‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫يتعارفون عليها أو بأنه واثق من أمر صاحبه ولكن المر بعكس ذلك يتساهلون ف هذه المور يدّعون أن‬
‫هنالك عُرفا بينهم ف هذه القضايا وف غيها من القضايا وليس هنالك عرف ف حقيقة الواقع‪ ،‬إذن لبد من أن‬
‫يكون واثقا من ذلك تام الثقة أما إذا كان مرد ظن وتمي أو ما شابه ذلك فهذا ما ل يُلتفت إليه‪.‬‬
‫س ‪ :10‬على تقدير أنّ الحرم سيصاحب هذه الرأة ف سفره لكن مصاحبته لا تكون ف اللتقاء با‪-‬‬
‫مثل‪-‬ف مكة أو ف ‪ ...‬؟‬
‫ج‪ :‬لكن والطريق ؟‬
‫س‪ :‬قد يذهب هو بالطائرة وتلتقي هي به بعد أو العكس‪.‬‬
‫ج‪ :‬حقيقة هذا ما ل ينبغي التساهل فيه فلتذهب معه ف الطائرة أو ف غي الطائرة‪.‬‬
‫س ‪ :11‬إن كانت الرأة تشى أن يدركها اليض ف فترة الناسك‪ ،‬هل لا أن تتأخر عن الج أو‬
‫العمرة بسبب هذا ؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم؛ إذا كانت تريد أن تذهب إل العمرة فإن كانت تعرف بأنه سيأتيها هذا اليض على حسب‬
‫عادتا ولبد من أن ترجع إل بلدها ف تلك الدة فل يكن أن ترِم لن ف ذلك من الصعوبة ما ل يفى قد‬
‫ترم ث ترجع إل بلدها وتبقى شهرا أو شهرين أو أكثر وهي مرمة وف هذا من الشقة ما ل يفى لكن إذا‬
‫كانت‪-‬مثل‪-‬ذهبت وتظن بأنا ستطهر قبل ذلك أو أنه لن يأتيها اليض قبل ذلك فيمكن أن تشترط فإذا‬
‫اشترطت ول تتمكن من تأدية تلك العمرة فل بأس بذلك على رأي من يقول بالشتراط ونن نقول بالشتراط‬
‫لن ذلك ثابت عن النب ‪ e‬ودعوى أن ذلك خاص بتلك الرأة أو أنه منسوخ ما ل يُقبل‪ ،‬أما الصوصية فإنه‬
‫ما ل دليل عليها‪ ،‬والصل أن ما ثبت للواحد يثبت لغيه إل إذا دل دليل على التخصيص‪ ،‬وأما دعوى النسخ‬
‫فإنا مردودة لن ذلك من أواخر الحكام ول يأت ما ينسخه‪ ،‬ولكن بقي هل يباح ذلك لثل اليض أو ما‬
‫شابه ذلك ؟ عندما تكون هنالك ضرورة ملحة فيمكن أن نقول بذلك ولكن ل ندعو إل التساهل كثيا ف‬
‫مثل هذه القضية‪ ،‬أما بالنسبة إل الج إذا كانت الرأة تعرف بأنا لن تتمكن من التيان بالج وهي طاهرة‬
‫وطبعا الذي يشترط فيه الطهارة هو الطواف أما بالنسبة إل الوقوف والسعي إل غي ذلك من المور الخرى‬
‫كالرمي والبيت بالزدلفة والذبح وما شابه ذلك ‪ ..‬هذه المور ل تشترط فيها الطهارة وإنا الذي تشترط فيه‬
‫الطهارة هو الطواف فإذا كانت تعرف بأنا لن تتمكن من التيان بطواف الزيارة فل يكن أن تذهب إل إذا‬
‫كانت تعرف بأنا سترجع ويكن بعد ذلك أن تذهب بعد مدة ل يشق عليها ذلك فل إشكال ف ذلك أما أن‬
‫تذهب وبعد ذلك ترجع وتبقى مدة طويلة فهذا قد يشق عليها كثيا ولزوجها عليها حقوق إن كان لا زوج‬
‫‪ ..‬له حق الوطء ومن العلوم أن الرأة إذا كانت مرمة ل يكن أن توطأ بل ول ما هو أقل من ذلك حت‬
‫اللمس إذا كان بشهوة والتقبيل والضم وما شابه ذلك ‪ ..‬هذه المور ل تصح ف حق الُحرِم‪ ،‬فإذن العتب‬

‫‪485‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الطواف فإذا كانت يكن أن تتأخر هنالك عن الرفقة والمر يسي ف هذا الزمان تأت ف طائرة أو تأت ف ناقلة‬
‫مع مرمها أو زوجها فلتتأخر وإن كانت يكن أن ترجع بعد ذلك بدة قصية فل بأس بذلك بشيئة ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أما إذا كانت ل يكنها ذلك فلتتأخر ف هذه السنة ولتذهب ف سنة أخرى بشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة إل عمرة التمتع فل إشكال ف ذلك إذا أتاها اليض فلتُدخل الج على العمرة وتكون قارنة كما‬
‫فعلت السيدة عائشة بأمر النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ‪ ..‬إذا ل تتمكن من الطواف قبل عرفة‬
‫فلتدخل الج على العمرة وتكون قارنة ولشيء ف ذلك بشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل طواف‬
‫الوداع فإنه ل يلزمها ‪ ..‬هذا أمر لبد من التنبه إليه وقد وقعت ف السنوات الاضية على حسب ما سعت ‪..‬‬
‫وكثي من السائل ف هذه القضية ولعلنا ننبه على ذلك ف مناسبة أخرى بشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬ل ّن هنالك‬
‫ت فيها بعضُ النساء مِمّا يبطل الج أو العمرة أو يؤثر فيهما أو ما شابه ذلك‪ ،‬وبيان‬
‫مِن الخالَفات الت وقع ْ‬
‫ذلك ف الناسبة الت أشرتُ إليها بشيئة ال تبارك وتعال؛ وال‪-‬تعال‪-‬ول التوفيق‪ ،‬وهو أعلم بكل شيء‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 29‬شوال ‪1425‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪12/12/2004‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :1‬مَن خرج مِن مكة بعد أداء عمرة التمتع‪ ،‬هل يلزمه أن يدخل إليها بعد ذلك مرما بالج ؟‬
‫ج‪ :‬قد اختلفت كلمة أهل العلم فيمن أراد أن يدخل إل مكة الكرمة ول يكن يريد ف ذلك الوقت حجا ول‬
‫عمرة هل يب عليه أن يدخلها بإحرام أو أنه يوز له أن يدخلها بغي إحرام‪ ،‬وقد استدل كل فريق بأدلة‬
‫متعددة وقد ذكرنا ذلك ف مناسبات سابقة فل داعي لعادتا مرة ثانية والقول الصحيح الذي تشهد له الدلة‬
‫الصحيحة الثابتة أن النسان إذا كان يريد أن يدخل إل مكة الكرمة ول يريد حجا ول عمرة أنه ل يلزمه‬
‫الحرام‪ ،‬وذلك لن الديث الذي جاء من طريق بن عباس‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهما‪-‬نص صريح ول‬
‫يعارضه معارض معتب فكل ما استدل به من قال بلف هذا الرأي ل تقوم به الجة لضعفه وعدم ثبوته عن‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬وما جاء عن غيه‪-‬صلوات ال عليه وسلمه عليه‪-‬فإنه ل تقوم‬
‫به الجة إذ ل تقوم الجة إل بكتاب ال وبسنة رسوله‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أو ما يرجع‬
‫إليهما بوجه من وجوه الجية العروفة عند أهل العلم‪ ،‬وأيضا فإن من قد أدى فريضة الج من قبل وقد أدى‬
‫العمرة الواجبة على القول بوجوبا فإنه إن ألزمناه أن يدخل بإحرام فإما أن نلزمه بعمرة أو بجة أو أن نلزمه‬
‫أن يدخل بإحرام ويطوف أو يدخل بإحرام ث بعد ذلك يقوم بلع إحرامه‪ ،‬ول دليل على شيء من هذه المور‬
‫لن الطواف يصح من دون إحرام ث إنه أيضا ليس بواجب أي ل يب مستقل من دون أن يكون لج أو‬
‫عمرة ومرد الدخول ل يتاج إل إحرام‪ ،‬فإذن القول الصحيح هو عدم وجوب الحرام لن أراد أن يدخل‬
‫مكة الكرمة ول يكن يريد ف ذلك الوقت حجا ول عمرة‪ ،‬نعم من ل يج من قبل وكان ذلك الوقت وقتا‬

‫‪486‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫للحج فإنه عليه أن يدخل بإحرام للحج اللهم إل إذا كانت هنالك ظروف تنعه من الج ف تلك السنة ويريد‬
‫أن يرجع‪-‬مثل‪-‬فالمر يتلف‪ ،‬وكذلك من ل يؤد العمرة الواجبة على القول بوجوبا أو العمرة السنونة فإنه ل‬
‫ينبغي له أن يفرّط ويدخل من غي إحرام ث إنه إن كان أيضا ل يشق عليه وإن كان قد أدى من قبل الج‬
‫والعمرة فإنه إذا دخل بعمرة فإن ف ذلك من الفضل ما ل يفى فل ينبغي لطالب الي والفضل أن يفرّط فيه‬
‫أما الوجوب فشيء آخر‪ ،‬أما من دخل أوّل بعمرة التمتع‪-‬مثل‪-‬وأدى العمرة ث إنه رجع إل الدينة النورة‬
‫لقصد إحضار أصحابه أو لي أمر من المور أو ذهب إل جدة‪-‬والدينة خارج اليقات وجدة داخلة ف‬
‫اليقات‪-‬أو ذهب إل أي موضع من الواضع أو ذهب لعرفة أو لغي ذلك من الواضع وأراد أن يرجع إل الكان‬
‫الذي قد استقر فيه من قبل فإنه ل يلزمه أن يدخل بالج ف ذلك الوقت‪ ،‬لنه وإن كان يريد أن يج ف تلك‬
‫السنة ولكنه ل يريد أن ينشئ الج ف ذلك الوقت بل هو راجع إل موضعه الذي هو فيه ذهب لحضار‬
‫حاجة أو للنظر ف أي أمر من المور أو ما شابه ذلك‪ ،‬فالذي عندي أنه ل يلزمه الحرام ف ذلك الوقت وهذا‬
‫ل شك بأن فيه من الرفق ما ل يفى والدين بمد ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬يسر‪ ،‬فينبغي أن ييسر على عباد ال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪-‬ف المور الت ل تصادم دليل من الدلة الشرعية أما إذا كان ذلك مصادما لدليل فإنه ل يكن أن‬
‫يدعى بأن فيه تيسيا إذ ل يكن لحد أن يالف الدليل ولو كان يظهر للنسان أن فيما يالفه ‪ ..‬أن فيه اليسر‬
‫أو ما شابه ذلك فالعبة با دل عليه الدليل‪ ،‬فإذن من ذهب إل الدينة أو إل جدة أو إل عرفة أو إل أي‬
‫موضع من الواضع وكان قصده أن يرجع إل الوطن الذي كان مستقرا فيه أو ما شابه ذلك ول يرد أن ينشئ‬
‫الج ف ذلك الوقت بأن رجع ف اليوم الثالث أو الرابع أو الامس أو السادس وهو يريد أن يرم بالج ف‬
‫اليوم الثامن فل يلزمه الحرام هذا ما أراه والعلم عند ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫س ‪ :2‬مَن ل يستطيع أداء الج إما لكب سنه أو لرض أل به‪ ،‬هل الوْل له أن يؤجر ف حياته أو أن‬
‫يوصي بالج ؟ وهل هو مطالب أساسا بأن يؤجّر أو يوصي وهو على هذا الال ؟‬
‫ج‪ :‬أما إذا كان قد وجب عليه الج من قبل وفرّط فيه فإنه ل شك بأنه يب عليه أن يؤجّر ف الوقت‬
‫الاضر‪-‬أي ف وقت حياته‪-‬أو أن يوصي بذلك‪ ،‬أما إذا ل يكن واجبا عليه من قبل فإن لهل العلم خلفا‪،‬‬
‫وقد ذهبت طائفة من أهل العلم إل أن النسان إذا كان واجدا للمال ول يكن قادرا ف يوم من اليام أن‬
‫يذهب إل الج أنه ل يلزمه أن يؤجّر أو أن يوصي بالج وذلك لن من شرط ذلك أن يكون قادرا على‬
‫الذهاب إل تلك الماكن القدسة ول يكفي أن يكون واجدا للمال‪ ،‬وذهبت طائفة من أهل العلم إل أن ذلك‬
‫يب عليه واستدلوا بظواهر الحاديث فعلى هذا الرأي الثان من كان واجدا للمال ولو ل يكن مستطيعا ف‬
‫وقت من الوقات على الذهاب إل الج أو كان قادرا على الذهاب‪-‬على الركوب مثل أو ما شابه ذلك‪-‬‬
‫ولكنه ل يكن ف ذلك الوقت واجدا للمال ول يد الال إل بعد أن صار عاجزا عن الذهاب فإنه يب عليه‬

‫‪487‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الج على هذا الرأي‪ ،‬ول شك بأن هذا الذي تؤيده ظواهر النصوص وإن كانت ليست بصرية ف ذلك‬
‫ومهما كان فهذا القول أحوط وأسلم‪ ،‬فل ينبغي للنسان الذي منّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليه بالال الطيب‬
‫اللل أن يفرّط ف ذلك لن ف مثل هذه السائل الت يشتد فيها اللف ولسيما عندما تكون الدلة أقرب ما‬
‫تكون إل ذلك الرأي فأن النسان ل ينبغي أن يفرّط فيه‪ ،‬أما من حيث هل الفضل للنسان أن يؤجر ف حياته‬
‫إذا كان يعرف من نفسه أنه ل يستطيع أن يذهب أبدا إما لكب سنه أو لنه آيس من الشفاء بسب الظاهر ‪..‬‬
‫هل الفضل له أن يؤجّر ف حياته أو أن يوصي بذلك ؟ لشك أن الفضل له أن يؤجّر ف حياته ذلك‪ ،‬بل‬
‫الفضل للنسان أن يؤدي ما عليه من جيع القوق ف حياته وإنا يؤخر الوصية للقارب الذين ل يرثونه فإن‬
‫الوصية للقارب ل يكن أن يؤديها النسان ف حياته بل لبد من أن تنفّذ بعد وفاته‪ ،‬أما ما عليه من كفارات‬
‫أو ديون أو ما يريد أن يتبع به أو ما شابه ذلك فإن الول أن يأت به ف حياته‪ ،‬ذلك لن النسان ل يدري‬
‫ماذا عسى أن يعرض للورثة أو للوصي أو ما شابه ذلك وهل سيؤدون ذلك على الطريق الطلوب أو ل ث‬
‫النسان أيضا ل يضمن أن يبقى معه الال إل أن يوت فقد يضيع منه أو قد تصيبه جائحة أو ما شابه ذلك ث‬
‫إن النسان لشك أنه إذا أداه ف حياته ‪ ..‬ل شك أن هنالك فرقا بينما إذا أداه ف حياته أو أداه بعد ذلك لن‬
‫النسان قد ل يبال بالال بعد وفاته أما ف هذه الياة يكون حريصا عليه غاية الرص فإذا أداه ف حياته فل‬
‫شك أنه أول من جيع هذه الوجوه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :3‬ما حكم استخدام حقيبة النوم بالنسبة للمحرم ؟‬
‫ج‪ :‬هي ليست من اللباس ف شيء فل نرى مانعا من استخدامها ‪ ..‬هذا مِن حيث الواز وعدمه‪ ،‬وأما مِن‬
‫حيث الحتياط فإن احتاط النسان ول يستخدمها إل على طريق بأن قام بوضعها عليه أو ما شابه ذلك فذلك‬
‫أحوط لكن من حيث النع فل نقوى عليه لكن بشرط أ ّل يضع ذلك على رأسه لنّ إحرام الرجل يكون ف‬
‫رأسه ‪ ..‬نعم إذا اضطر الرجل لتغطية رأسه اضطرارا بأن كان يشى من البد الشديد أو ما شابه ذلك فلبد‬
‫من الفدية هاهنا‪ ،‬أما إذا ل يضطر فل ولو قال شخص مثل‪ " :‬أنا ل بأس سأعمل الفدية ‪ ..‬أصوم ثلثة أيام أو‬
‫أطعم ستة مساكي أو أذبح ذبيحة‪-‬وطبعا الطعام والذبح يكونان لفقراء الرم‪-‬فهذا أمر يسي " نقول له‪:‬‬
‫هذا‪-‬أوّل وقبل كل شيء‪-‬منوع ‪ ..‬ليس لك ذلك وإنا يكون ذلك ف حالة الضرورة ‪ ..‬عندما ل يستطيع‬
‫النسان مِن شدّة البد إل بأن يضع شيئا على رأسه فهنا هذه ضرورة وف هذه الالة نقول له‪ " :‬اصنع ذلك‬
‫وافتد "‪ ،‬أما إذا كان يستطيع أو قد يد شيئا مِن الشقة اليسية أو ما شابه ذلك فليس له ذلك‪ ،‬والاصل إذا‬
‫غطى رأسه لضرورة لبد منها فلبد له من أن يفتدي أما إذا ل يكن مضطرا فليس له ذلك أبدا‪ ،‬وهكذا الرأة‬
‫ليس لا أن تغطي وجهها أما ما عدا ذلك فل مانع مِن ذلك ‪ ..‬هذا ما يظهر ل‪ ،‬والعلم عند ال تعال‪.‬‬
‫س ‪ :4‬من أراد الذهاب إل الج وليس لديه مال‪ ،‬هل له أن يقوم بمع تبعات ‪ ...‬؟‬

‫‪488‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬القيقة؛ ليس للنسان أن يسأل الناس ل ف الج ول ف غيه إل إذا وصل به الال إل أن يشى على‬
‫نفسه اللك يسأل شيئا يأكله وهذا بعد أن يطرق الوسائل ول يد مرجا من ذلك فهنالك حاجة ضرورية‬
‫جدا جدا فيباح له بقدار ما يسد حاجته‪ ،‬ومن العلوم أن ذلك قد ل يتاج له النسان ف حياته اللهم إل‬
‫لبعض الفراد النادرين‪ ،‬أما بالنسبة إل الج فليس له ذلك ول لغي الج كما أشرت‪ ،‬والمد ل والنة والفضل‬
‫أن ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ل يفترض الج إل على الستطيع من عباده فما دام هذا الشخص ل يد الستطاعة فإنه‬
‫ل يب عليه الج وإذا وجدها ف يوم من اليام فليبادر إل ذلك؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :5‬ما حكم السعي بي الصفا والروة بالنسبة لجة الفراد ؟‬
‫ج‪ :‬السعي لبد منه ‪ ..‬اختلف العلماء ف السعي هل هو ركن من أركان الج وكذا العمرة أو هو من‬
‫الواجبات‪ ،‬وعلى كل رأي من الرأيي ل يصح ترك ذلك على سبيل العمد وإنا الفرق بي ذلك أن لو تركه‬
‫النسان لسبب أو لخر هل لبد من التيان به وإل فإن حجه يعد فاسدا باطل وهكذا بالنسبة إل عمرته إن ل‬
‫يأت به ف وقت يصح التيان به فيه أو أنه يُجب بغي ذلك‪ ،‬أما أن يترك النسان ذلك فل‪ ،‬وأخشى ما أخشاه‬
‫أن يكون قد التبس المر على هذه الرأة ‪ ..‬سعَت بعضا من أهل العلم يذكر أن النسان يكن أن يأت بسعي‬
‫الج بعد طواف القدوم مباشرة وأنه إذا أتى به ف ذلك الوقت فليس عليه أن يسعى بعد طواف الزيارة‪ ،‬وهذا‬
‫حق وقد قالت به طائفة من أهل العلم وهو الذي أراه وهو الذي تؤيده الحاديث الثابتة عن النب صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فالنسان عندما يكون مفرِدا للحج إما أن يطوف طواف القدوم وبعد ذلك‬
‫يسعى ول سعي عليه بعد طواف الزيارة لنه قد أتى به من قبل‪ ،‬وإما أن يؤخر السعي ويأت به بعد طواف‬
‫الزيارة ‪ ..‬هذا ل إشكال فيه‪ ،‬بقي ما هو الفضل ؟ قد يقول قائل‪ :‬الفضل أن يؤخر النسان السعي إل ما بعد‬
‫طواف الزيارة‪ ،‬ذلك لنه يكون صحيحا بإجاع الكل بينما إذا قدمه يكون قد دخل ف خلف أهل العلم لنّ‬
‫بعض العلماء يقول‪ " :‬إنه ل يقدم النسان السعي على طواف الزيارة " ‪ ..‬بقي هل يكن أن نقول بتفضيل هذا‬
‫خروجا من عهدة اللف قد يقول بذلك بعض أهل العلم وقد ل يقال بذلك بل يقال الفضل أن يأت النسان‬
‫با ثبت عن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم وصحابته‪-‬ونن نعلم أن النب ‪ ε‬على الصحيح كان قارنا‬
‫فهو عندما أتى بالسعي بعد طواف القدوم كان قارنا ولكن إذنه ‪ ε‬لصحابته‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليهم‪-‬‬
‫بأن يأتوا بذلك بعد طواف القدوم هو الجة بل ذلك كان شائعا عندهم رضوان ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عليهم‪،‬‬
‫فأرى أن الفضل أن يلتزم النسان بالسنّة الثابتة عن النب ‪ ε‬وإنا يلجأ إل الروج من اللف عندما يكون ف‬
‫المر شيء من اللتباس‪ ،‬أما عندما تكون السنّة واضحة جلية ل غموض فيها فل ينبغي أن يراعي اللف‬
‫ويترك السنّة الثابتة عن النب ‪ ε‬فإذن السعي لبد منه‪ ،‬فأخشى ما أخشاه‪-‬كما قلتُ‪-‬أن يكون المر قد التبس‬
‫ت شبيها بذه السألة وقد ذكرتُ بعض ذلك ف بعض الناسبات ‪ ..‬مِن ذلك أنّ‬‫على هذه الرأة‪ ،‬لنن سع ُ‬

‫‪489‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫بعض النساء ك ّن يأتي بتكبية الحرام عند الدخول ف الصلة ول شك بأن تكبية الحرام ركن من أركان‬
‫ت بعض النساء أنّ الرأة ل تأت بالقامة فظنت بأنا ل تأت بتكبية‬
‫الصلة الت ل تصح الصلة إل با‪ ،‬فسم َع ْ‬
‫الحرام أيضا‪ ،‬ولعل بعض الناس يريد أن يبسّط المر للنساء فيقول‪ " :‬ل تأت بالتكبي " ويقصد بذلك التكبي‬
‫الذي هو ف القامة ‪ " ..‬ل تأت بتكبي القامة " أي بالتكبي وما بعده فظنّت بعض النساء أنا ل تأت بتكبية‬
‫ت بعض النساء تكبية الحرام لدة طويلة بذا السبب‪ ،‬وهذا فيه مِن الطورة ما فيه كما ل يفى‬ ‫الحرام فترك ْ‬
‫لن صلة من ل يأت بتكبية الحرام باطلة ل تصح‪ ،‬وكذلك بعض النساء سعن أن الائض ل تطوف بالبيت‬
‫وحقا الائض ل تطوف بالبيت ذلك لن الطواف بالبيت من شرطه الطهارة فمن ل يكن طاهرا وكان قادرا‬
‫على الطهارة فل يصح منه الطواف‪ ،‬وقَول‪ " :‬إذا كان قادرا على الطهارة " أريد أن أخرج بذلك من كان‬
‫مبتلى بسلس البول أو ما شابه ذلك ‪ ..‬أي ل يستطيع أن يكون على طهارة فهذا مبتلى عليه أن ياول قدر‬
‫طاقته وأن يضع شيئا على موضع خروج البول ث يتوضأ ويطوف وهو معذور ف ذلك بشيئة ال‪ ،‬أما الائض‬
‫فإنا تستطيع أن تنتظر حت تطهر وبعد ذلك تطوف‪ ،‬عندما سعَت بعض النساء أن الائض ل تطوف جاءت‬
‫وسعت ث قصرت وظنت بأن عمرتا قد انتهت أو أن حجها قد انتهى لن الائض ل تطوف‪ ،‬ول شك بأن‬
‫هذا ل يصح لن الطواف ركن من أركان العمرة وكذلك بالنسبة إل طواف الزيارة‪ ،‬نعم طواف الوداع تعذر‬
‫منه الائض على القول الصحيح الذي تدل له السنة فإذا كانت الائض قد أتت بطواف الزيارة واستمر با‬
‫اليض إل أن أرادت أن ترج من مكة الكرمة فإنا تعذر من طواف الوداع ول يب عليها دم هذا هو القول‬
‫الصحيح الذي تنص عليه السنة الصحيحة الثابتة عن النب ‪ ، e‬فإذن النسان ف هذه المور وف غيها من‬
‫المور الشرعية لبد أن يكون متيقنا ف أمره فإذا كان ل يدري ‪ ..‬يظن أن هذا يصح بدون كذا أو بكذا أو ما‬
‫شابه ذلك فلبد من أن يسأل عن حكم تلك القضية وليس له أن يفعل أو أن يترك ما ل يدري حكمه‬
‫الشرعي‪ ،‬أؤكد على قضايا الج وعلى غيها من القضايا الشرعية لن كثيا من الناس يرجعون وهو ل يؤدوا‬
‫فريضة الج‪ ،‬وف السبوع الاضي سألن بعض بأن امرأة ل تأت إل الن بطواف الزيارة للحج من السنة‬
‫الاضية وأن أخرى قد فسد طوافها بسبب انتقاض وضوئها ف الطواف ورجعت الول وكذا الثانية والول ل‬
‫تأت بالعمرة والثانية ل تأت بطواف الزيارة الذي هو ركن من أركان الج‪ ،‬فمن كان واقعا ف هذه المور أو‬
‫ف ما شابها عليه أن يسأل عن الاضي ماذا عليه ؟ وعليه ألّ يأت ف الستقبل إل با يعرف حكمه‪.‬‬
‫من هنا أيضا أعذرن أريد أن أنبه على قضايا البوب الت تستعملها النساء لنع العادة الشهرية‪ ،‬ل شك أن أهل‬
‫العلم قد اختلفوا ف استخدام موانع اليض بقصد الطواف‪ ،‬فمن أهل العلم من ينع من ذلك على الطلق‬
‫ويقول إنه ل يصح استعمال ذلك ومن استعملت ذلك فليس لا أن تطوف ف وقت عادتا‪ ،‬ومنهم من ذهب‬
‫إل مشروعية ذلك مطلقا سواء خرج اليض أو ل يرج‪ ،‬ومنهم من ذهب إل التفصيل فقال إن استعملته قبل‬

‫‪490‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫خروج اليض ول يأت اليض فل بأس‪ ،‬أما إن استعملته بعد أن خرج اليض فليس لا ذلك‪ ،‬هذه القوال‬
‫موجودة ومن حيث الراجح بغض النظر عن الحوال الت تعتري ذلك فإنه إذا انقطع اليض سواء استعملت‬
‫هذه الوانع قبل خروج اليض أو بعد خروجه فإن الطواف يصح‪ ،‬لكن‪-‬طبعا‪-‬بعد خروجه‪-‬بعد الغتسال من‬
‫ذلك‪-‬الطواف يصح لنا ف تلك الال طاهرة ‪ ..‬لا وعليها أحكام الرأة الطاهرة من حيث الصلة والصيام‬
‫والج والطواف وقراءة القرآن والعاشرة الزوجية وما شابه ذلك من المور الت لا تعلق باليض والطهارة‪،‬‬
‫لكن بقي أن هذه البوب أو هذه الوانع قد تقطع اليض ف ذلك الوقت ولكنه بعد ذلك يأت بعد فترة وجيزة‬
‫ويستمر الدم مدة طويلة فل تدري هل ذلك الدم هو دم حيض أو هو دم استحاضة وقد ينقطع وتؤدي الج‬
‫تأت بالطواف وتنتهي من ذلك ولكن عندما ترجع تفاجأ بأن هذا الدم ل يأت على الوجه السابق ‪ ..‬تستمر‬
‫مدة طويلة يستمر با الدم ول تدري هل هو دم حيض أو استحاضة‪ ،‬وبعض النساء اللت استعملت هذه‬
‫الدوية لزالت تعان من ذلك من السنة الاضية ول تدري هل هذه الدماء الت ترج منها هي دم حيض‪-‬‬
‫وتتعلق به ما يتعلق من السائل الشرعية‪-‬أو هو استحاضة ‪ ..‬ل تدري هل تصلي أو ل تصلي وهكذا بالنسبة‬
‫إل الصيام أو ما شابه ذلك‪ ،‬وقد قال العلماء قديا إن مسائل اليض بر ل ساحل له فماذا عسى أن يقال بعد‬
‫استعمال هذه الوانع ؟!‪ ،‬فأرى للمرأة أن تترك هذه الوانع وأن تتأخر ‪ ..‬تطلب من مرمها أو زوجها أن يتأخر‬
‫معها وبعد ذلك تأت بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بعد أن تطهر بطائرة أو تأت بالنقل البي وهو يسي وقيمته‬
‫يسية بمد ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وإن كانت ل تقوى على ذلك ف هذه السنة مثل فلتتأخر إل السنة القادمة‬
‫بشيئة ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مافة أن تقع ف الحظور الذي أشرنا إليه‪ ،‬وقد تقول بعض النساء‪ " :‬إن بعض النساء‬
‫قد استعملن ذلك ول يتأثرن بذلك " ‪ ..‬حقا وقع ذلك لبعض النساء ولكن ل تدري هذه الرأة ماذا عسى أن‬
‫يقع لا ‪ ..‬هل سيقع لا كما وقع للسابقات أو للخيات اللت استعملن ذلك ول يتأثرن بذلك‪ ،‬وقد تستعمل‬
‫الرأة هذه الرة ول تتأثر بذلك وتستعمله مرة أخرى وتتأثر بذلك‪ ،‬ومع أن بعض النساء اللت تأثرن بذلك قد‬
‫استشرن بعض الطبيبات ولكن مع ذلك ل جدوى من ذلك ‪ ..‬وقع الضرر والعياذ بال تبارك وتعال ‪ ..‬فحذار‬
‫حذار مِن الوقوع ف هذه الورطات الت قد ل تَجِد الرأة مرجا منها بعد ذلك‪ ،‬و‪-‬حقيقة‪-‬أمر الصلة ليس‬
‫بالمر الي وهكذا بالنسبة إل غيها من العبادات من صيام وغيه؛ فأدعو ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يوفق الميع‬
‫لا فيه الي‪ ،‬والعلم عند ال تعال‪.‬‬
‫س ‪ :6‬هل الفضل أن يتكبد النسان الذهاب إل الج بدون أن يلتحق بالقاولي مع ما يقدمون من‬
‫عرض وتسهيلت ؟ هل الوْل أن يذهب معهم أو أن يذهب بنفسه ؟‬
‫ج‪ :‬ينظر كل إنسان ما يتعلق به لكن على كل حال لبد أن يراعي النسان أيضا غيه‪ ،‬بعض الناس يذهبون‬
‫من غي أن يتفقوا مع مقاول أو مع مموعة أو ما شابه ذلك ث يأتون بعد ذلك ول يدون مكانا يستقرون فيه‬

‫‪491‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ويقومون بإيذاء غيهم أو ما شابه ذلك يقوم الواحد بالسكن ف موضع قد خصص لغيه أو ما شابه ذلك‪،‬‬
‫فليس للنسان أن يؤذي غيه لبد من أن يرتب أموره من قبل أن يذهب لن الزمان قد اختلف هنالك فرق‬
‫شاسع كبي بي زماننا هذا الذي تذهب فيه فئات كبية جدا جدا من الناس كما هو مشاهد وبي الزمنة‬
‫الغابرة الت تذهب فيها طائفة قليلة من الناس وتكون الماكن الت يسكنها الناس ف أيام من‪-‬خاصة‪-‬واسعة‬
‫يسكن النسان ف أي موضع أراد‪ ،‬لبد‪-‬الاصل‪-‬للنسان أن يتدبر ولبد من أن يرتب أموره أما إذا كان يد‬
‫هنالك مكانا ول يؤذي غيه فالمر يتلف أما إذا كان ل يد بعد ذلك أو يعرف من نفسه بأنه لن يد إل إذا‬
‫قام وفرض نفسه هكذا على غيه وآذاه فأذية السلمي ل تصح‪.‬‬
‫س ‪ :7‬ف عرفة‪ ،‬مَن اعتمد على خطبة الذياع بعد صلة الظهر والعصر َج ْمعًا ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ من العروف أن النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قد خطب ف يوم عرفة بعد‬
‫أن زالت الشمس ‪ ..‬خطب‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬خطبة واحدة وما جاء أنه خطب خطبتي فإنه ل‬
‫يصح‪ ،‬وقياس ذلك على خطبت المعة أيضا ل يصح‪ ،‬لن هذا القياس فاسد العتبار لنه مصادم للنص‬
‫الصحيح الثابت من فعل النب ‪ ε‬من أنه خطب خطبة واحدة‪ ،‬وكما قلت إن ما ذُكر من أنه خطب خطبتي‬
‫فإن ذلك ل يصح من حيث إسناده فل يكن التعويل عليه حت ولو ل يعارضه معارض فكيف وقد عارضه‬
‫الديث الصحيح الثابت اللي الذي ل غموض ف دللته ول اعتراض عليه أيضا من حيث إسناده ‪ ..‬خطب‬
‫النب ‪ ε‬خطبة واحدة وأيضا الناس استمعت إل خطبة النب ‪ ε‬وهذا الزمان طبعا ل يتيسّر أن تكون هنالك‬
‫خطبة واحدة ف عرفات وقد اختلف الناس منهم من قال تكفي خطبة واحدة والبقية تصلي من غي خطبة‪،‬‬
‫ومنهم من يأخذ بأن يطب خطيب لكل مموعة‪ ،‬وهذا هو الذي يري عليه العمل لكن لو أن جاعة‪-‬مثل‪-‬‬
‫أخذت بطبة الطيب الت استم َعتْ إليها بواسطة مكبات الصوت وصلت من غي خطبة ف الاضي فل شيء‬
‫عليهم بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫س ‪ :8‬هل مِن رخصة لِلنساء ف عدم الرمي نظرا لِلزحة ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كنّ ل يستطعن على الرمي نعم لن رخصة بل وللرجال رخصة ‪ ..‬مَن كان ل يستطيع على الرمي‬
‫لرض أو كب سنّ أو ضعف أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل يستطيع على الرمي فإنه ُينِيب غيه وهو معذور بشيئة ال‬
‫تبارك وتعال‪ ،‬أما مَن كان قادرا على الرمي سواء كان رجل أو امرأة فإنه ل يُعذر مِن الرمي لنه نُسُك مِن‬
‫مناسِك الج‪ ،‬وقد فرّط الناس فيه كثيا ف الزمنة التأخرة ‪ ..‬ند كثيا مِن الناس حت مِن الرجال الذين‬
‫يستطيعون على الرمي يَتركون ذلك ويُنيبون غيهم لنّ النابة صارت أمرا عاديا وهذا مِمّا ل يَصح‪ ،‬فالرأة إذا‬
‫كانت مريضة أو كبية أو عاجزة بِأيّ عجز أو كانت ف حالة َحمْل أو ما شابه ذلك ‪ ..‬الاصل إذا كانت ل‬
‫تستطيع على الرمي فإنا تُعذر وْلُتنِب غيها‪ ،‬أما إذا كانت قادرة فل تُعذَر مِن ذلك‪ ،‬وقول‪ " :‬قادرة " ل‬

‫‪492‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫يشترط أن تكون قادرة ف الوقت الفلن فإذا كانت ل تقدر‪-‬مثل‪-‬ف صباح العاشِر فلتذهب ف وقت العصر‬
‫أو حت بعد الغرب أو حت بعد العشاء ‪ ..‬مَن كان يستطيع على الرمي ف النهار ل يَنبغي له أن يُفرّط ف ذلك‪،‬‬
‫أما مَن كان ل يستطيع على الرمي إل ف الليل فيجوز له ذلك وليس له أن ينيب غيه‪ ،‬وكذلك مَن ل يستطع‬
‫على الرمي بعد الزوال ف أيام التشريق‪ 1‬وقبل غروب الشمس فبإمكانه أن يرمي بعد غروب الشمس‪ ،‬ومن ل‬
‫يستطع ف ذلك اليوم فبإمكانه أن يرمي ف اليوم الذي يليه‪ ،‬أما أن يتعذر ببعض العذار الواهية الت ل تفى‬
‫على الذي ل تفى عليه خافية فذلك ما ل يصح وليخش عقوبة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫كثي مِن الناس تاونوا بذه الشعية ولكن‪-‬والمد ل‪-‬انتبهتْ طائفة مِن الناس لِذلك لكن ل زالت طائفة‬
‫تُعارِض بذلك بدعوى أنّ فلنا قد أفت بكذا أو ما شابه ذلك‪ ،‬ونن إذا جئنا إل السنّة الصحيحة الت هي‬
‫الفيْصل ‪ ..‬الفيْصل الكتاب والسنّة ولك ّن الكتاب أشار إل هذه القضية والسنّة وضحت أيّما إيضاح فإنا تَدلّ‬
‫دللة صرية واضحة ل غموض فيها أنّ الرأة ترمي فهي تنادي بأعلى وتصرخ بأقوى حجّة أنّ نساء النب‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وغيهن مِن نساء السلمي قد رمي‪ ،‬وأما ما جاء ف بعض الروايات ( ورمينا‬
‫عن النساء ) فتلك رواية باطلة عاطلة فاسدة كاسدة معارضة لِلصحيح الثابت مِن سنّة النب ‪ e‬فهي مِن‬
‫الضّعف مِن حيث السناد بكان‪ ،‬أما مِن حيث الت فباطلة ل يكن التعويل عليها ‪ ..‬أحاديث تنادي‪-‬كما‬
‫قلتُ‪-‬برمي النساء‪ ،‬وهكذا العلماء مِن عهد الصحابة إل يومنا هذا يُصرّحون بذا وهو أنّ الرأة عندما تكون‬
‫قادرة على الرمي فلبد مِن أن ترمي هي نفسها؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬لعل السائل يشي إل أنه ليست السألة مِن عدم القدرة الطلقة وإنا الضعف الركب ف ذات‬
‫الرأة ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ نن شاهدنا كثيا مِن النساء يرمي ومعن ذلك أنّ ذلك مِن المور الت تستطيع عليها‬
‫النساء‪ ،‬أما أن يَحتج بعض الناس‪-‬مثل‪-‬بأنه قد أسقط امرأة أو ما شابه ذلك فقد يَحتج أيضا غيه ويقول إنّ‬
‫طائفة مِن الرجال قد ماتوا ف بعض السنوات فهل معن ذلك أنّ الرجال ل يرمون ؟!‬
‫لكن مِن المور الت يؤسف لا أ ّن كثيا مِن الناس يَظنّون أ ّن الشيطان عند المرات والمر بعكس ذلك إنا‬
‫هذا أُقيم مِن أجل ذكر ال تبارك وتعال ‪ ..‬الرمي كغيه مِن بقية الناسك وليس لنّ هنالك شيطانا يُقيم ف‬
‫تلك الواطن ولذلك َتجِد كثيا مِن الناس مِن الهلة الغمار يَذهبون وهم ف أش ّد الغيْظ على الشيطان مِن‬
‫أجل أن يرموه بِحسب زعمهم ولذلك تَجد الواحد‪ " :‬رميت الشيطان " أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهذا‪-‬على كل‬
‫حال‪-‬كلم ل أساس له مِن الصحة ‪ ..‬هذه خرافة ‪ ..‬نعم النسان يغيظ الشيطان ف كل عبادة مِن العبادات ‪..‬‬
‫إذا صلى وإذا صام وإذا حج أو أتى بِأيّ ركن أو شرط مِن هذه العبادات أو مِن غيها مِن طاعة ال هو يغيظ‬

‫‪-1‬باستثناء اليوم الثالث عشر كما سيأت لحقا‪.‬‬


‫‪493‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الشيطان لكن أن يغيظه ف هذه فهذا كلم فارغ ل قيمة له ‪ ..‬على كل حال يذهبون بذه النية ولذلك تَجِد‬
‫الواحد مستعدّا لِلزحام أو ما شابه ذلك ‪ ..‬لو أتوا بِهذه الناسك على حسب ما هو مشروع لكان المر يسيا‬
‫بمد ال‪.‬‬
‫ث إنّ كثيا مِن الناس يذهب الواحد ف الوقت الفلن ولبد مِن أن يرمي ف ذلك الوقت لكن ل بأس إذا‬
‫ذهب ف الوقت الفلن ول يَجد زحاما فليم‪ ،‬وإذا وجد زحة مِن الناس فليتأخّر ولو لدة ساعة أو أكثر ‪..‬‬
‫يَبحث عن مكان آمن وليجلس فيه هو ومن معه مِن الرجال والنساء وعندما يكون المر يسيا بمد ال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬فل بأس بذلك‪.‬‬
‫بعض الناس يشوّشون ويقولون‪-‬مثل‪-‬إنّ العال الفلن أو العال الفلن قد قالوا‪ " :‬إنّ الرمي يكون بعد الزوال‬
‫" وكأ ّن هؤلء العلماء يصرون ذلك ف تلك الساعة ولذلك هم يطلبون الرخصة بِأن يكون الرمي ف وقت‬
‫الضحى أو ما شابه ذلك ‪ ..‬على كل حال العال ل يَملك بأن يَقول‪ :‬يُرخص ف كذا أو ما كذا أو ف كذا ‪..‬‬
‫إنا هو يعتمد على الدليل‪ ،‬فما دل الدليل عليه ذهب إليه وما دل الدليل على خلفه ذهب إليه ‪ ..‬نعم بعض‬
‫الحيان تكون هنالك احتياطات فالحتياط إن ل تكن مشقة قد يأخذ به النسان وقد يتركه إن كانت هنالك‬
‫مشقة بل قد يتركه النسان حت لغي مشقة‪ ،‬أما هنا المر واضح ‪ ..‬النب ‪ ε‬رمى ف ذلك الوقت ول يثبت‬
‫عنه أنه رمى قبل ذلك ول أنه أذن لحد مِن أصحابه فكيف يكن للنسان أن يأذن بعد ذلك ؟! أما أن يبحث‬
‫وينقّر ف الكتب حت يَجد واحدا مِن العلماء زلّ وأخطأ ف مسألة مِن السائل وذهب إل خلف السنّة فهذا‬
‫مِمّا ل ينبغي أن يُلتفت إليه بل يُلتمس العذر لِذلك العالِم ول يُتابَع على خطئه ‪ ..‬هذا ما يقول به العلماء‬
‫الربانيون‪ ،‬فالمر‪-‬كما قلتُ‪-‬ليس مصورا ف وقت الزوال فليم النسان بعد زوال الشمس ف اليوم الادي‬
‫عشر والثان عشر والثالث عشر إل غروب الشمس وف اليوم الادي والثان عشر لنّ الثالث عشر ل يكن‬
‫الرمي بعد غروب الشمس ‪ ..‬بإمكانه ف الادي عشر والثان عشر أن يرمي ف الليل إن ل يتمكن حت أن‬
‫يرمي ف الليل فليم ف اليوم الثان‪ ،‬وف هذا مِن اليُسر والسهولة ما هو واضح ‪ ..‬هو أيسر مِن قول بعض‬
‫العلماء الذين قالوا يكن الرمي قبل الزوال ولكنه ينتهي بغروب الشمس ‪ ..‬هذا أيسر مِن ذلك بكثي‪ ،‬ث إنّ‬
‫العبادة يكن أن تُقضى بعد وقتها ولكن ل يكن أن تُقدّم عن وقتها إل بدليل على أنن ل أقول إنّ ذلك مِن‬
‫باب القضاء لنّ النب ‪ ε‬أذن للرعاة بأن يؤخروا ول يكن أن يأذن لم بالقضاء وإنا ذلك يكون أداء لكن ل‬
‫ينبغي الترخص ف الرمي ف الليل أو ف اليوم الثان إل عند وجود الاجة‪.‬‬
‫وهنا‪-‬أيضا‪-‬أريد أن أنبّه إل أمر مهِم ‪ ..‬بعض الناس يظنون أنّ الزوال يكون بالساعة الثانية عشر‪ ،‬فهم يذهبون‬
‫وينظرون إل الساعة الثانية عشر عندما تصل الساعة إل ذلك قاموا بالرمي يظنون أنّ ذلك وقت الرمي هكذا‬
‫‪ ..‬هذا خطأ ‪ ..‬نن نشاهد ف بلدنا هاهنا تزول الشمس ويي وقت الظهر ف بعض الحيان قبل الساعة‬

‫‪494‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫الثانية عشر وف بعض الحيان بعد الثانية عشر وف بعض الحيان قد يكون ف الثانية عشر فإذن العبة بزوال‬
‫الشمس ل بالساعة الثانية عشر ‪ ..‬يأتينا بعض الناس ف أيام الج يقول‪ " :‬أنا رميت ف الساعة الثانية عشر "‬
‫ويظن أنّ ذلك هو الوقت فإذن ل يكن أن نقول ذلك يكون ف الساعة الفلنية ‪ ..‬ذلك يتلف باختلف‬
‫الوقات ‪ ..‬قد يكون ف بعض الشهر ف الساعة الفلنية ويكون ف بعض الشهر ف الساعة الفلنية بل ف‬
‫بعض اليام ف الساعة الفلنية وف بعض اليام ف الساعة الفلنية‪.‬‬
‫هذا وأدعو ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يأخذ الناس بكتاب ربم وبسنّة نبيهم ‪ ..‬أدعوهم جيعا للخذ بكتاب ربم‬
‫وسنّة نبيهم ف أمر الج وف غيه مِن أمور العبادات والعاملت وف غيها مِمّا له علقة بِشرع ال تبارك‬
‫وتعال؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪ ،‬وهو أعلم بكل شيء‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 6‬ذو القعدة ‪1425‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪19/12/2004‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عام ‪1426‬هـ‬

‫س ‪ :2‬السافر للعمرة عَن طريق الطائرة‪ ،‬مِن أين يُحْرِم ؟‬


‫ج‪ :‬على كل حال؛ النسان ينبغي لَه َأنْ يتعَلّمَ أمور دينه فإذا أراد أن يذهب إل أداء الج أو إل أداء العمرة‪-‬‬
‫مثل‪-‬فلبُ ّد مِن أن يَتعَلم السائل الهمة الت تتعلق بالج أو بالعمرة أو بِهما معا حت يأت بتلك العبادة الت‬
‫وَ َجبَت عليه أو الت تُسَنّ ف حقه ‪ ..‬يأت بِها على الوجه الصحيح الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫ت مواقيت للحج والعمرة‪ ،‬ول يَجوز ِلمَن أراد‬ ‫مِن العلوم أنّ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬وَّق َ‬
‫حرِم‪ ،‬أمّا‬
‫أن يذهب إل مكة الكرمة لداء الج أو العمرة أو لدائهما معا أن يتجاوز تلك الواضع إل وهو مُ ْ‬
‫إذا كان ل يريد حجا ول عمرة فل يَجب عليه الحرام على القول الصحيح الراجح‪ ،‬وإن كان النسان ل‬
‫ينبغي لَه أن يذهب إل تلك البقاع إل ويأت بعمرة لكن إذا كانت هنالك ظروف أو يَجد مشقة أو ما شابه‬
‫ذلك فإنّ المر فيه سعَة بِحمد ال تبارك وتعال‪ ،‬فإذا كان يريد الج أو العمرة ليس له أن يتجاوز الواقيت إل‬
‫س الظهية‪:‬‬
‫حرِم ‪ ..‬هذا ثابت بنصّ السنّة الصحيحة الثابتة عن النب ‪ e‬ثبوتا أوضح مِن شَ ْم ِ‬ ‫وهو مُ ْ‬
‫ك البَر فالمر واضح إذا َمرّ على تلك الواقيت‪:‬‬
‫سلُ ُ‬
‫فإذا كان يَ ْ‬
‫إذا مَرّ على ذي الليفة‪-‬مثل‪-‬إذا جاء مِن طريق " الدينة " ‪ ..‬وينبغي أن نسمي هذا الوضع بـ " ذي الَُليْفَة‬
‫" كما سَمّاه النب ‪ e‬وهو يُسَمّى بذلك‪-‬أيضا‪-‬حت قبل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وقد شاع عند‬
‫الناس أنّه يسمى الن بأبيار علي ويروي بعض الناس أ ّن عليا قد قاتل الن بذلك الوضع فلذلك سُمّي بذلك‪،‬‬

‫‪495‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ختَرَع مَصنوع ل يثبت أبدا‪ ،‬فل ينبغي َلنَا أن نُسَمّي ذلك الوضع بِهذه الرواية الوضوعة‬ ‫وهذا كلم موضوع مُ ْ‬
‫الخترعة الصنوعة بل ينبغي َلنَا أن نُحَارب مثل هذه التسميات‪ ،‬لنّها مكذوبة ‪ ..‬نعم إذا اضطُر النسان‬
‫اضطرارا إل ذِ ْكرِ ذلك كأن يسأله سائل‪ " :‬مِن أين أُ ْحرِم ؟ " فإذا قال له‪ " :‬مِن ' ذي الليفة ' " ل يعرف‬
‫ذلك لكن إذا قال له‪ " :‬مِن ' أبيار علي ' " عَ َرفَ ذلك فللضرورة أحكامها الاصة وينبغي له أن يُعلّمه‬
‫بِالتسمية الصحيحة‪ ،‬فإذا كان مِن أهل " الدينة " أو مَ ّر بالدينة‪-‬أي إذا جاء مِن جهة أخرى و َم ّر بالدينة‪-‬فإنه‬
‫حرِم إذا كَانَ يريد الج أو العمرة أو‬ ‫يُحْرِم مِنْ " ذي الليفة "‪ ،‬وليس له أن يتجاوز ذلك الكان إل وهو مُ ْ‬
‫كان يريد أن يأت بالج والعمرة معا‪.‬‬
‫وإذا كان مِن أهل " الشام " وتلك الهات الت يأت أهلها‪-‬أيضا‪-‬مِن جهة " الشام " فإنّهم يُحرمون مِن "‬
‫ح ِرمُون مِن " رَابغ " لنّ "‬
‫حفَة " وهي اليقات الصلي لكن كان لِمدّة طويلة مِن الزمن ‪ ..‬كان الناس يُ ْ‬ ‫الُ ْ‬
‫ض الكتابات وف ذلك الوضع مسجد‬ ‫الحفة " كانت خَرَابا ولكنها عُمّرَت الن على حَسْب ما رأيتُ ف بع ِ‬
‫فينبغي الرجوع إل الصل‪ ،‬لنّه هو الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ‪ ..‬نعم إذا جاء‬
‫أهل " الشام " ومَنْ كان على جهتهم إل " الدينة " فإنّهم يُحرِمون مِن " ذي الليفة "‪.‬‬
‫كذلك الذين يأتون مِن جهة " العراق " الصل يُحرمون مِن " ذات عرق " ولكنه الن ل يَمُر على ذلك‬
‫الوضع طريق أبدا فل يُمكن الرور بالسيارات على ذلك الوضع وإنّما يَمُرّ أهل " العراق " ومَن يأت مِن‬
‫ناحيتهم ‪ ..‬إمّا أنّهم يَمُرّون على " الدينة " فيُحرمون مِن " ذي الليفة " أو أّنهُم يَمرون على " الرياض "‬
‫ح ِرمُون مِن " قَرْن " ‪ ..‬فإذا أتوا مِن تلك الهة أحرموا مِن " السيل "‪.‬‬ ‫ونواحيها فل يأتون على " السيل " ويُ ْ‬
‫ح ِرمُون مِن " السيل " ‪ ..‬مِن " قرن‬ ‫كذلك بالنسبة إل أهل " نَجد " وإل أهل " نَجد اليمن" أيضا فإنّهم يُ ْ‬
‫النازل "‪.‬‬
‫وَأمّا بالنسبة إل أهل " اليمن " فإنّهم يُحرمون من " يََلمْلَم "‪.‬‬
‫ومَنْ لَم يأت على تلك الواضع‪-‬الن الناس تقريبا يأتون على تلك الواضع‪-‬ينظرون إل أقرب ميقات‬
‫ويُحْ ِرمُون مِن ُمحَاذَاته ‪ ..‬إذا كانوا أقرب إل " ذي الليفة " فإنّهم ُيحْ ِرمُون مِن ُمحَاذَاة ذلك وإذا كانوا أقرب‬
‫مِن " ذات عرق " فإنّهم يُحرمون مِن مُحاذاة " ذات عرق " وهكذا بالنسبة إل بقية الواقيت‪.‬‬
‫حرِم مِن جهة اليقات الذي يَمر مُحاذيا له‪.‬‬ ‫وهكذا بالنسبة إل مَن جاء ف باخرة ف البحر فإنه يُ ْ‬
‫وأما الذين يأتون على الطائرات فل شك أ ّن الغَالبية العظمى يَمُرّون عَلَى الواقيت ‪ ..‬يَ ُمرّون أَعلها فإذن‬
‫يُحْرِمُون مِنَ الوضع الذي يَمرون أعلى منه مِن اليقات‪ ،‬وإذا كانوا ل يَمرون مِن أعلى اليقات مباشَرة فإنّهم‬
‫يُحرمون مِن مُحاذاة ذلك لكن مِنَ العروف أنّ الطائرة تسي بسرعة كبية جدا فإذا أخذ النسان يستَعِد مِن‬
‫أعلى اليقات فإنه سيتجاوز ذلك وذلك مِمّا ل يَجوز‪ ،‬فإذن لبد مِن أن يستعِد قبلَ ذلك ‪ ..‬إذا كان يريد أن‬

‫‪496‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫يتوضّأ أو ما شابه ذلك فليستعد قبل ويلبس ملبسه فعندما يكون ُقَبيْلَ ذلك الوضع ينوي الحرام‪-‬وأريد بالنية‬
‫هاهنا النية القلبية‪-‬ويقول‪ " :‬لبيك عمرة " ثُم يأت بِالتلبية ‪ ..‬ل يتجاوز اليقات إل وقد َلبّى ‪ ..‬هذا لبد منه‪،‬‬
‫لنّ النسان لبد مِن أن يأت مِن أعلى اليقات أو يأت‪-‬أيضا‪-‬ف جهة أخرى مُحاذية لذلك ‪ ..‬نعم إذا جاء مِن‬
‫الهة الغربية ‪ ..‬مِنْ غرب جدّة مباشَرة فإنّه ف هذه الالة ل يَمر على ميقات بناء على رأي كثرة كاثرة مِنْ‬
‫أهل العلم بِأنّ الواقيت ل تُحِيط بِالرم تَماما ‪ ..‬أي أنّ ذلك الوضع ل يكون مُحَاذِيا لشيء مِن الواقيت وهذا‬
‫هو الظاهر ل إل الن‪ ،‬ف ِم ْن تلك الهة ‪ ..‬الذين يَأتون ف البواخر مِن تلك الهة أو الذين يأتون ف الطائرات‬
‫ضيّقة جدا جدا‬ ‫مِن تلك الهة ل يَمرون بِميقات َفبِإِمكان هؤلء أن يؤَخّروا إل " جدّة " ولكن هي مَنْ ِطقَة َ‬
‫فا َلوْلَى لَهم أن يُحْ ِرمُوا عندما يُحَاذُون اليقات الذي يكون أَقْرَب إليهم‪ ،‬وهم إما أن يُحاذوا " السيل " وإما‬
‫أن يُحاذوا ذا الليفة أو‪ 1‬الحفة‪ ،‬لكن لَو أتوا مِن تلك الهة وهي جهة صغية جدا جدا فبالمكان‪ ،‬لكن معنا‬
‫ف الهة الشرقية وهكذا بالنسبة إل أهل الهة الشمالية والنوبية وبعض الجزاء مِن الهة الغربية لبُد مِن أن‬
‫يُحَاذوا ميقاتا مِن الواقيت فلبد مِن الحرام مِن ذلك الكان ول يَجوز لَهم أن ُيؤَخّرُوا ذلك‪.‬‬
‫ي بِخلف ذلك وهو أنّه‪ " :‬بِإ ْمكَان الناس أن ُيؤَخّروا ذلك إل الوصول إل‬ ‫وقد انتشَر عن َد بعض الناس رأ ٌ‬
‫الطَار وذلك لنّ الذي يَمُر مِن أعلى اليقات ل يكون مَارا على ميقات ول مُحاذيا له "‪ ،‬وهذا القول مِن‬
‫البطلن بِمكان‪ ،‬وتقريره يَحتاج إل إطالة‪ ،‬وربّما يكون ذلك ف وقت آخر بشيئة ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫فال ّق القيق بِالقبول أنه ليس لحد أن ُيؤَخّر ذلك فعليه أن يستعِد مِن قبل ويسأل أهل الطائرة ويُحْرِم مِن‬
‫خبِر فليحْرِم مِن قبل نصف ساعة تقريبا‪،‬‬ ‫ذلك الوضع ‪َ ..‬يتَقَدّم قليل مَخَافَة أن يتجاوز اليقات وإن لَم يُخْبه مُ ْ‬
‫فل بأس مِن الحرام قبل اليقات لجل الضرورة‪َ ،‬أمّا ف حالة عدم الضرورة فل ينبغي لحد أن يَتقَدّم على‬
‫ذلك‪ ،‬ل ّن النب ‪ ε‬لَم يُحْرِم قبل اليقات وأمر بالحرام مِ ْن تلك الواقيت ولنا فيه‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬‬
‫السوة السنة؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :3‬مَن سافر ِلمُهمة عمل إل مكة أو إل جدة ثُم أراد أن يعتمر‪ ،‬مِن أين يُحرم ؟‬
‫ج‪ :‬ل يَخلو من أحد أمرين‪:‬‬
‫إما َأ ْن يُريد أن يعتمر ‪ ..‬عندما خرج من بلده كان قَاصِدا لن يعتمر وهذا لبد من أن يُحرم مِن عند اليقات‬
‫‪ ..‬لبد من أن يُحرم من اليقات‪.‬‬
‫وإما أن يريد أن يذهب إل ذلك الؤتَمَر أو إل ذلك العمل ولكن إذا بقي هنالك وقت ‪ ..‬إذا بقي ُمتّسَع مِن‬
‫الوقت وحصلت له فرصة فإنّه سيذهب لتأدية العمرة وإن لَم يبق شيء من الوقت فإنه سيجع إل بلده‪ ،‬فهذا‬
‫حرِم مِن ذلك الوضع إذا‬ ‫لَم يعزم على العمرة فيذهب ويقضي مآربه وبعد ذلك إن أراد أن يُحرِم بالعمرة فإنّه يُ ْ‬

‫‪-1‬الظاهر أنّ الشيخ سحب مِن كلمه‪ " :‬ذا الليفة أو "‪.‬‬
‫‪497‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫كان من الِل أما إذا كان ف الرم فلبد من أن يَخرج مِن الرم ‪ ..‬إذا كان يريد أن يُحرم بعمرة لبد من أن‬
‫يَخرج من الرم إل الل ويُحرم من الل‪ ،‬أما إذا كان‪-‬مثل‪-‬يذهب إل جدة أو إل أي مكان آخر داخل‬
‫الواقيت وخارج من الرم فإنّه يقضي مآربه وبعد ذلك إنْ أراد أن يعتمر فليحرم من ذلك الوضع الذي هو‬
‫فيه‪ ،‬وهكذا بالنسبة إل الذين يعيشون ف تلك الواطن أي الذين يعيشون بَيْ َن اليقات وبي الرم فإنّهم‬
‫يُحرِمون من ذلك الكان‪.‬‬
‫حرِم ؟‬
‫س ‪ :8‬بالنسبة للمرأة الائض إذا سافرت للعمرة‪ ،‬مِن َأيْ َن تُ ْ‬
‫ج‪ :‬إذا كانت هذه الرأة تُرِيد العمرة ولكن َأتَاهَا اليض َقبْلَ أن َتصِل إل اليقات وهي لزالت مُرِي َدةً للعمرة‬
‫فلبد مِن أن تُحرم مِن ذلك الوضع لتغتسل كما أمر النب ‪ e‬أسْمَاء بأن تغتسل وهي نُفساء والائض ف ُحكْمِ‬
‫النفساء وتَصِل إل مكة الكرمة وَتنْتَظِر حت ت ْطهُ َر وَتتَ َطهّر فإذا َطهُرَت وت َطهّرَت فإنّها تأت بعد ذلك بِمَناسك‬
‫سفْرَة بسبب‬ ‫العمرة ‪ ..‬تطوف وتسعى وُت َقصّر‪ ،‬أما إذا كان عندما أَتَاهَا اليض َنوَت أن ُت ْلغِي العمرة ف تلك ال ّ‬
‫حرَم أو الزوج الذي يُرافقها ل يُمكنه أن ينتظرها حت‬ ‫ارتباط تلك الَ ْملَة الت هي فيها ‪ ..‬مثل كان ذلك الـمَ ْ‬
‫تطهر وتغتسل وُتكْمِل َب ِقيّة مناسك العمرة فهاهنا تُ ْلغِي تلك العمرة‪ ،‬هي لَم تُحْرِم بِها مِن َقبْل ‪ ..‬لو كانت‬
‫أحرمت بِها من قبل فالمر يَختلف لكنها لَم تُحْرِم على حَسب السؤال ‪ ..‬لتترك نِيّة العمرة ولتذهب مع‬
‫أصحابِها وبعد ذلك تَرْجِع وتعتمر مرة أخرى بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬لكن‪-‬مثل‪-‬لو طَهُرَت واغتسلت قبل‬
‫حرِم مِن هناك وتؤدي مناسك العمرة‪ ،‬قد تكون‬ ‫أَ ْن ترجع إل بلدها فإنّها ف هذه الالة تذهب إل الّتْنعِيم وتُ ْ‬
‫حرَم أو ذلك الزوج الرافق لتلك الرأة أنّه لَن يتمكن لن يبقى‬ ‫عادة الرأة‪-‬مثل‪-‬ستة أيام وَيعْرِفُ ذلك الـمَ ْ‬
‫ِلهَذِه الدة َف ُهوَ يريد أن يَخرج مِن مكة الكرمة بعد ثلثة أيام‪-‬مثل‪َ-‬فهَذه الرأة تذهب هكذا إل مكة الكرمة‬
‫شتَرَط أن‬
‫من غي إحرام لكن لو قَدّ ْرنَا أنّها طهُرَت بعد ثَلثَة أيام أو طَهُرَت بعد يومي بناء على أنّ اليض ل يُ ْ‬
‫تَمكُث الرأة لِمُدة ثلثة أيام َفصَاعِدا كما هو الصحيح الراجح ‪ ..‬وهذا وإن كان مُخَالِفا للمشهور‪-‬طَبْعا‪-‬ف‬
‫قضية مُدّة اليض لكنّه هو الذي أَرَاه وهو مذهب طائفة كبية مِنْ أهل العلم ‪ ..‬إذا َطهُرَت بعد ثلثة أيام‪-‬‬
‫مثل‪-‬فتغتسل وتذهب وتُحرم من التنعيم ول تؤمر هاهنا بأن ترجع إل اليقات لنا عندما تاوزت اليقات ما‬
‫كانت تنوي العمرة‪ ،‬وكذلك‪-‬مثل‪-‬لو أراد بعد ذلك ذلك الزوج أو ذلك الحرم أن يتأخر قال‪ " :‬ل بأس‬
‫أبقى لِمدة ستة أيام أو أكثر " مثل فلتصنع ما ذكرناه‪ ،‬أما ما تفعله بعض النساء بأنّها تتجاوز اليقات من غي‬
‫إحرام وهي تنوي العمرة وتصل إل مكة الكرمة وتبقى هناك حت تطهر وتغتسل ثُم بعد ذلك تذهب إل‬
‫التنعيم فهذا مِما ل يصح أبدا‪ ،‬ف هذه الالة عليها أن تتوب إل ال وأن تندم على ما فرّطت من أمرها وأن‬
‫ترجع إل ذلك اليقات‪:‬‬

‫‪498‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫بعض العلماء يقول لبد مِن أن ترجع إل ذلك اليقات الذي َمرّت عليه ولَم تُحرم منه وهي تريد الج أو‬
‫العمرة‪.‬‬
‫وبعض العلماء يقول ل يلزم أن ترجع إل ذلك اليقات بل ترجع إل أي ميقات من الواقيت‪.‬‬
‫والواقيت هي المس السابقة وليس الّتْنعِيم من تلك الواقيت كما يظنه بعض الناس ‪..‬إذا كانت َمرّت على‬
‫ذي الليفة‪-‬مثل‪-‬على الرأي الول لبد من أن ترجع إل ذي الليفة ول يَجوز لَها أن تذهب‪-‬مثل‪-‬إل السيل‬
‫حفَة‪-‬مثل‪-‬فلبد‬ ‫حفَة أو إل يلملم ‪ ..‬لبد من أن ترجع إل ذي الليفة‪ ،‬وإذا كانت مَرّت على الُ ْ‬ ‫أو إل الُ ْ‬
‫حفَة أو إل أبعد منه إل ذي الليفة‪ ،‬كذلك إذا َمرّت على السيل لبد مِنْ أن ترجع إل‬ ‫من أن ترجع إل الُ ْ‬
‫السيل أو إل ميقات أبعد إل ذي الليفة أو الحفة أو يلملم‪-‬مثل‪-‬أمّا أن ترجع إل ميقات أقرب فعلى هذا‬
‫الرأي ل ‪ ..‬إذا مَرّت على ذي الليفة ل يُجزيها أن تُحرم من أي ميقات آخر وإذا َمرّت على الحفة فإنه‬
‫يُجزيها أن تُحرم من الحفة أو من ذي الليفة أما من يلملم الذي هو أقرب من الحفة أو من السيل الذي‬
‫أقرب من الحفة فل‪ ،‬وذهب بعض أهل العلم إل أنّها يُجزيها أن تُحرم من أي ميقات من الواقيت ولبد من‬
‫أن تُحرم من واحد من الواقيت ل أن تذهب إل التنعيم أو ما شابه ذلك من مواضع الِل كما يتصوره بعض‬
‫الناس‪ ،‬ومع ذلك عليها التوبة إل ال وبعض العلماء يُلْ ِزمُها مع ذلك أن تفتدي ولكن إذا رجعت إل اليقات‬
‫جوّزا وإل الصل‬ ‫وتابت وأنابت إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬فقد يُرَ ّخصُ لَها ف عدم الدم‪ ،‬وعَبّرْتُ بالفدية هاهنا تَ َ‬
‫أن ل ُي َعبّر بالفدية لن الفدية على التخيي وهذا ل تَخيي فيه فلبد من الدم على رأي من يقول بذلك‪.‬‬
‫فإذن خلصة ما ذكرناه إذا كانت هذه الرأة تُرِيد أن تعتمر أو تريد الج فلبد من أن تُحْرِم من اليقات وإذا‬
‫كانت قد أَْلغَت ذلك لظروفها فهنا تذهب إل مكة بدون إحرام فإذا قدّر ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وقضى بأن‬
‫انتظرت تلك الماعة الت هي فيها أو طَهُرَت هي قبل اليعاد العروف فإنّها تذهب إل أيّ موضع من مواضع‬
‫الِحل وتُحرم من هناك‪ ،‬كذلك الائض إذا أتت وهي حائض وهي ُمحْرِمة ليس لَها أن تطوف بالبيت ‪ ..‬إذا‬
‫كانت ف وقت الج تذهب إل ِمنَى وإل عرفة وإل َجمْع ولكن ليس لَها أن تطوف بالبيت تنتظر وكذلك ل‬
‫تسعى إن كانت لَم تطف لن السعي يكون بعد الطواف أما إذا أتاها‪-‬مثل‪-‬اليض بعد الطواف ‪ ..‬طافت‬
‫بالبيت وأتاها اليض بعد الطواف إذا كانت صَلّت الركعتي فل إشكال تذهب وتسعى لن السعى على‬
‫الصحيح ليس من البيت وإن كان يظهر لول وهلة بأنه من البيت ولكنه ل ُيبْ َن مِ َن البيت والعبة بالّتأْسِيس‪،‬‬
‫شتَرط ف السعي وما جاء عن بعضهم من اشتراط ذلك ل‬ ‫فَ ْلتَسْ َع وإن كانت على غي طهارة لن الطهارة ل تُ ْ‬
‫شتَرِط ذلك‬ ‫يصح‪ ،‬والرواية الت جاءت ف ُموَطّأ مالك من رواية يَحي ليست بصحيحة فبقية الروايات ل تَ ْ‬
‫فهذه الرواية مِما شَ ّذ به يَحي فل ُي ْقبَل ذلك الشّذُوذ منه‪ ،‬فلتَسْ َع ول شيء عليها وإن كانت لَم تأت بالركعتي‬
‫ف ْلُتأَخّر الركعتي تيسيا عليها وتأت بذلك بعد ذلك بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬أمّا إذا كانت ل تَ ُطفْ فلتنتظر‬

‫‪499‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وبعض النساء سَمعن بأن الائض ل تطوف فَأتَيْ َن و َس َعيْن وأَْلغَت تلك النساء الطواف لن الائض ل َطوَاف‬
‫عليها ف اعتقادها ‪ ..‬هكذا َحمَلَت ( َغيْرَ أن ل تَطُوفِي ) وهذا َخطَأ فاضح ‪ ..‬طواف العمرة وطواف الج‬
‫ركن من الركان الت ل َيجُوز تَرْكُها وإنّما ُتعْذَر الائض من طواف الوَدَاع فقط أمّا طواف الفاضة‪-‬أُكَرّر‪-‬‬
‫وطواف العمرة رُ ْكنَان ‪ ..‬طواف العمرة رُكن من أركان العمرة وطواف الفاضة الذي هو طواف الزيارة ركن‬
‫مِن أركان الج فل ُتعْذَر الائض من ذلك فلبد من الَتنَبّهِ لِهذا المر؛ وال ول التوفيق‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 26‬جادى الول ‪1426‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪3/7/2005‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :9‬مَن أراد الذهاب إل العمرة بِالطائرة‪ ،‬مِن أين يُحرِم ؟‬
‫ج‪ :‬يُحرِم عندَما يُحَاذِي اليقات ‪ ..‬يَستعِد مِن قبل ‪ ..‬إما أن يَلبَس ثيابَه ف بيتِه أو ف الطار أو أن يَقوم بِلبْسها‬
‫عندَما يَكون قرِيبا مِن الـمَطار ث عندَما يُحاذِي اليقات‪ 1‬ويَنبغِي لَه أن يَتقَدّم ذلك بِقليل‪ ،‬لنّ الطائرة تَمر‬
‫مسرِعة على اليقات‪َ 2‬فقَد ل يَتمكّن مِن التيا ِن بِالتلبية مِن أعلى اليقات ويَتجَاوَز ذلك‪ ،‬فيستعِد مِن قبل ث بعد‬
‫ذلك عندما يكون قريبا مِن اليقات ينوي بقلبه العمرة ويسمي‪-‬أيضا‪-‬ذلك ف تلبيته ‪ ..‬يقول‪ " :‬لبيك عمرة "‬
‫ويلب التلبية العروفة‪ ،‬وليس لَه أن يُؤخّر ذلك إل مطار " جدة " مثل‪ ،‬كما أنه ليس لَه أن يَرجِع بعدَ ذلك إل‬
‫حرِم مِن قبل‪ ،‬وليس لَه أن يَتأخّر إل أن َيصِلَ إل اليقات ‪ ..‬نعم لَو أ ّن جاهل وََقعَ‬ ‫اليقات ‪ ..‬لبد مِن أن يُ ْ‬
‫َووَصَلَ إل اليقات وهو لَم يُحرِم فإ ّن عليه أن يَتوب إل ربه وأن يَرجِع إل اليقات الذي مَ ّر عليه ويُحرِم مِن‬
‫هناك‪ ،‬أما مَن كان يَعرِف الكم فليس لَه أن يَتجاوَزَ ذلك أبدا‪.‬‬
‫شقّة ف ذلك والمد ل ‪ ..‬بِإمكانِه‪-‬كما قلتُ‪-‬‬ ‫شقّة " أو ما شابه ذلك‪ ،‬ول مَ َ‬ ‫ض الناس يَقول‪ " :‬ف ذلك مَ َ‬ ‫وبع ُ‬
‫س ثِيابه مِن بيتِه أو مِن الطار أو يُ ْمكِن أن يَلبسَ ف َد ْورَة الياه ف الطّائِرَة أو حت مِن مكانه بِشرطِ ألّ‬
‫أن يَ ْلَب َ‬
‫يَرَاه عندَما يَخَلعُ إِزارَه ‪ ..‬أو بِعبارةٍ أخرى ل يَرَى عورتَه أح ٌد مِن الناس ويُحرِم ول مشقّة ف ذلك‪ ،‬أما بِالنسبةِ‬
‫إل الصلة فل بأس عليه إن تَ َر َك الصلة ولَم ُيصَلّ لِلحرام على أنّ العلماء قد اختلَفوا هل هنالِك صلةٌ‬
‫مشروعَة لِلحرام‪:‬‬
‫ت صلة فريضة فليُحْرِم بعدَ‬ ‫ت هنالِك صلةٌ لِلحرام ‪ ..‬مَن أرادَ أن يُحرِم فإن َحضَرَ ْ‬ ‫ذهب بعضُهم إل أنّه ليس ْ‬
‫الصلة‪.‬‬
‫والصوابُ أن يُح ِرمَ بعدَ أن يَستوِي على راحلتِه‪ ،‬كما ثبتَ ذلك مِن طرِيقِ ابن عمر رضي ال‪-‬تعال‪-‬عنهما‪.‬‬
‫أما الديثُ الوارِد أنّ النب ‪ ε‬أَح َرمَ بعدَ الصلة فهو حدي ٌ‬
‫ث ل َيصِح‪ ،‬فالعم َد ُة ما جاء مِن طرِيقِ ابن عمر‪.‬‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬الطار " بدل من " اليقات " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪-2‬قال الشيخ‪ " :‬الطار " بدل من " اليقات " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪500‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ت وقت صلة‬ ‫وكذلك إن دَخَلَ السجد فليُصل ركعتيْن أو إذا أَرادَ أن يُصلي صلةَ الضحى إن كان الوق ُ‬
‫الضحى أو أَرادَ أن يُصلي بعدَ الوضوء أو ما شابه ذلك‪ ،‬أما أن تَكون هنالِك صلةٌ خاصّة بِالحرام فليستْ‬
‫هنالك صلة خاصّة بِالحرامِ على الرأيِ الصحيح‪.‬‬
‫وذهب بعضُهم إل القولِ بِمشروعي ِة الصلةِ لِلحرام‪.‬‬
‫وفرّق بعضُهم بيْن ميقاتِ " ذي الليفة " وبيْن غيِه فقال بِمشروعيةِ الصلةِ لِمَن أَح َر َم مِن ميقاتِ " ذِي‬
‫الليفة " بِخلف مَن أَح َر َم مِن غيِ ذلك‪.‬‬
‫ول دليلَ على التفريق بل ول دلي َل على القول بِسُنية صلة خاصّة لِلحرام‪ ،‬ف ْليُحرِم مِنَ الطائرة؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫حلّون ث بعدَ ذلك يَذهَبون إل " التنعيم "‬ ‫على أ ّن كثيا مِن الناس‪-‬ولِلسف‪-‬يَأتُونَ إل مكة الكرمة وهم مُ ِ‬
‫لِلحرام‪ ،‬وف هذا مُخالَفة صارِخَة لِسنّة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فمَن وَصَلَ إل مكة الكرمة ولَم‬
‫ط مِن أمرِه وأن يَرجِع إل اليقات الذي جاء منه‪-‬أو ميقاتٍ‬ ‫يُحرِم عليه أن يَتوب إل ربه وأن يَندَم على ما َفرّ َ‬
‫أبْعَد مِن ذلك اليقات على رأي بعضهم‪-‬فإذا جاء مِن " ذي الليفة " لبد مِ ْن أن يَرجِع إل " ذي الليفة "‬
‫وإذا جاء مِن ميقات " نَجد " وهو العروف بِالسيل فليَرجِع إليه وهكذا بِالنسبة إل َبقِيّة الواقيت‪.‬‬
‫فيَنبغِي لِلنسان أن يَتعلّم أُمورَ دِينِه وألّ يَذهَب وهو ل يَدرِي عن العمرة شيئا ‪ ..‬ل يَدرِي كيف يَطوف‬
‫وكيف يَسعَى ومِن َأيْ َن يُحرِم أو ما شابه ذلك‪ ،‬وإن كان لَم يَذهَب مِن قبل البتّة فيَنبغِي لَه أن يَذهَب مع‬
‫شخصٍ لَه معرِفة بِمناسِكِ الج‪ ،‬ومعرِفةُ هذه الناسِك متيَسّرة والمد ل‪ ،‬وهنالك كتب وم ْط ِويَات وأشرطة‬
‫يُمكِن لِلنسان أن يَستعِي بِها على معرِف ِة مناسِكِه‪ ،‬وما لَم يَجِدْه فيها أو ما لَم يَفهَمْه فعليه أن يَسأَلَ أهلَ‬
‫العلم‪.‬‬
‫والاصِل أنه ليس لحدٍ أن يَتجاوَ َز اليقات إذا كان يُرِيدُ حجّا أو عمرة ولو أَرا َد أن يَبقَى‪-‬مثل‪-‬مدّة ف " جدة‬
‫" أو ف غيِها مِن الناطِق اللهم إل إذا كان مُتردّدا ف الرادة ‪ ..‬مثل يَقول‪ " :‬سأذهَب إل ' جدة ' لِقضاءِ‬
‫ت وقتا فسأذهَب إل ' مكة ' وإن لَم أَجِد وقتا فلَن أَذهَب " ففي‬ ‫ض الآرِب فإن تَمَكنتُ بعدَ ذلك ووجد ُ‬ ‫بع ِ‬
‫هذه الالة يَذهَب إل " جدة " ويَقضِي مآ ِربَه وحوائِجَه وبعدَ ذلك إذا أَرادَ أن يَذهَب إل " مكة " لِتأ ِدَيةِ‬
‫عمرة‪-‬مثل‪-‬فليُحرِم مِن ذلك الكان الذي َبقِي فيه وهو " جدة " على الثال الذي ذكرناه؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :10‬ما حُكم الذهاب إل الج لِمَن عليه َديْن ؟‬
‫حلّل‪.‬‬ ‫ج‪ :‬ل يَخلو ذلك مِن أَحَد أمريْن اثني‪ :‬إما أن يَكون هذا ال ّديْن ُمحَرّما‪ ،‬وإما أن يَكون هذا ال ّديْن مُ َ‬

‫‪501‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫حرّما فليس لَه أن يَذهَب إل تأدي ِة الج إل بعدَ أن يَت َطهّر مِن هذه العصية الت وَقَ َع فيها وَيتُوبَ توبةً‬ ‫فإن كان مُ َ‬
‫نصوحا إل ربّه تبارك وتعال ‪ ..‬هذا إذا كان يُرِي ُد أن يَتُوب‪ ،‬أما إذا كان ل يُرِيدُ أن يَتوب ف حقيقة الواقع ‪..‬‬
‫وعلمةُ الذي يُرِيدُ أن َيتُوب أن َيبْذُل الغالِي والرخِيص ف سبِي ِل التوبةِ والرجوعِ إل ال تبارك وتعال‪ ،‬أما إذا‬
‫كان يُرِي ُد أن يَشترِي العِمَارَات ويَشترِي الراضي أو ما شابه ذلك ويَُلقْلِ ُق بِلسانِه يَقول‪ " :‬أُرِيدُ أن َأتُوب "‬
‫صيََتيْن ‪ ..‬معصي ِة الوقوعِ ف مَحظُورِ‬ ‫فهذا ف واقِ ِع المْر ل يُرِيدُ أن َيتُوب فليَذ َهبْ إل الج لِئل يَجْمَعَ بيْن مع ِ‬
‫س مِن الّتقِي وأنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬ ‫ال ّديْنِ الـمُحرّم ومَحظو ِر عدمِ تأ ِدَي ِة الج ولكن ِلَيعْلَم عِلْ َم اليقِي بِأنّه لْي َ‬
‫ب بِها إذا تاب‪-‬مثل‪-‬ف الستقبَل‪.‬‬ ‫ث إنه ل يُطاَل ُ‬ ‫جتُه صحِيحة بِحي ُ‬ ‫ل يََت َقبّلُ إل مِن الّتقِي وإنّما تَكون َح ّ‬
‫خلُو‪ :‬إما أن يَكون ُموَقّتا ِبوَقت‪ ،‬وإما أن يَكون ف ُحكْ ِم الوقّت‪ ،‬وإما أن يَكون‬ ‫أما ال ّديْن إذا كان مُحَلّل فل يَ ْ‬
‫ُمؤَجّل‪.‬‬
‫فإن كان مُوقّتا بِوقت فلبد مِن أن يَقضِي ذلك الدّين‪.‬‬
‫ت مِن الوقات‪-‬فلبد مِن أن يَقضِي‬ ‫وهكذا بِالنسبةِ إل ال ّديْن الذي هو ف ُحكْ ِم الوقّت‪-‬أي الذي لَم ُي َقيّد بِوق ٍ‬
‫ضعَه مع شخصٍ على سبِي ِل المانة بِحيثُ يَدَْفعُه إل صاحبِه‪.‬‬ ‫ذلك إل إذا وَ َ‬
‫حذُورٌ أو‬ ‫ج ُد ما يُمكِن أن يُقضَى بِه ذلك ال ّديْن عنه َأنْ لو أَصابَه مَ ْ‬ ‫وأما الدّين الؤجّل فل إشكال فيه إذا كان يَ ِ‬
‫مَا شابه ذلك ‪ ..‬مثل إنسانٌ عليه ألفُ ريال لِشخص وهو يَملِك مقدار ما يُساوِي ذلك اللف ف ْلُي َوثّق ذلك‬
‫ي يَثِ ُق بِه‬
‫ضعُه مع َأمِ ٍ‬
‫ي عَدْل وَيضَع ذلك الصك مع صاحبِ الق أو َي َ‬ ‫الدّين بِصَك شرعِي يُشهِ ُد عليه شاهِدَ ْ‬
‫ب الق بِأنّه قد وَضَ َع الصك الذي ُيثِْبتُ لَه ذلك الق مع فلن بن فلن الفلن أو ما شابه ذلك‪،‬‬ ‫خبِر صاح َ‬ ‫وْليُ ْ‬
‫لنّ كثيا مِن الناس‪-‬ولِلسَف‪-‬يُؤمَرُون بِأن ُيؤَدّوا بعضَ المانات إل أَصحابِها ث َيَتأَخّرُون ف ذلك وقد‬
‫ب الق يَسأَل مَن عليه‬ ‫يَمضِي العام أو أَكثَر مِن ذلك ول يُوصِلُون تلك القوق إل أصحابِها ث يَأتِي صاح ُ‬
‫الق ويُخِبرُه بِأنّه قد أَرسَلَه منذُ فترةٍ مِن الزمان مع شخص ولَم ُيؤَدّ ذلك الشخص ولِلسَف الشديد‪ ،‬ومِ ْن هنا‬
‫َنقُول إ ّن مَن أَرسَلَ حقّا لِشخصٍ مع شخصٍ آخَر أنّه لبد مِن أن يَسأَل ذلك الذي لَه الق هل وَصَلَه ذلك‬
‫ط أو ما شابه ذلك؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬ ‫الق الذي لَه أو لَم َيصِلْه مَخاَفةَ النسيان أو التفرِي ِ‬
‫مِن حلقة ‪ 3‬رمضان ‪1426‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪7/10/2005‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :1‬ما حك ُم مَن طاف بعدَ الجر أْثنَاءَ أدائِه العمرة ؟ هل َي ْعتَد ِبهَذَا الشّوط أو ل ؟‬
‫ج‪ :‬إنّه مِمّا ل يَخفى أ ّن طواف العمرة وطواف الزيارة بالنسبة إل الج ركن مِنَ الركان الت ل َتصِح العمرة‬
‫ول الج إل بِها‪ ،‬وعليه فلبد مِن العتناء بأمره‪ ،‬وكثي مِن الناس يُفرّطون ف كثيٍ مِن المورِ التعلّقةِ به‪ ،‬ومِن‬
‫العلوم أنّه يَندرِج تَحت الطواف َكثِي مِن الحكام‪:‬‬

‫‪502‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ط فيها يَكون طوافُه باطِل‪.‬‬ ‫حةِ الطواف بِحيثُ إنّ مَن فَرّ َ‬ ‫ط مِنْ شروطِ صِ ّ‬ ‫ِمنْهَا مَا هو شَر ٌ‬
‫ومِْنهَا ما هو ُسنّة مِن السنن الت ل يَنبغِي التفرِيطُ فيها‪ ،‬لِثبوتِ ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫ف بِمعرفةِ شروطِه وواجباتِه وسَُننِه ومستحبّاتِه‪.‬‬ ‫فإذن لبد مِن العتناءِ بِمَعرفةِ أحكامِ الطوا ِ‬
‫وكث ٌي مِن الناسِ‪-‬كما قلتُ‪-‬ل يَعتَنونَ بِمعرفةِ ذلك‪ ،‬فتَرَى كثيا مِن العوام يَذهبُون لِتأديةِ فريض ِة الج أو لِتأديةِ‬
‫العمرة وهم ل يَعرفُون عن أحكا ِم الطواف شيئا ‪ ..‬منهم مَن يَسمَع بِالطواف ومنهم حت مَن لَم يَسمَع بِه‬
‫ف بِماذا يَأتِي ف حَجّه وف عُمرتِه‪ ،‬فلبد لِلنسا ِن عندَما ُيرِيدُ أن يَذ َهبَ‬ ‫وإنّما يَسْمَع بِالج أو العمرة ول يَعرِ ُ‬
‫لِتأدي ِة الج أو العمرة أن يَتعلّمَ َأهَ ّم المورِ الت تَتعلّ ُق بِهما حت يُؤدّي تلك العبادة‪-‬الت شَ َرعَها ال تبارك‬
‫وتعال‪-‬على بصي ٍة مِن أَمرِه‪.‬‬
‫والطوافُ‪-‬كما قلتُ‪-‬مِن َأهَمّ الهمات ف الج وكذلك ف العُمرة‪ ،‬فهو رك ٌن مِن الَرْكَان بِالشّ ْرطِ الذي‬
‫ذكرتُه‪ ،‬وعليه فلبد مِنْ أَن يُرا ِعيَ ما يَتعلّق بِه ولسيما الشروط والواجبات‪.‬‬
‫ف مِن مَوضِع وينتهي إليه‪ ،‬والطواف يْبتَدِئ مِن ركن الجَر‬ ‫الطوافُ لَه بِدايةٌ وِنهَاية‪ ،‬فلبد مِن أن يَبتدِئ الطائ ُ‬
‫ث ُيقَابِلُ الجَر فإن تَمكّ َن مِن تَقبِيلِه قبّلَه وإن لَم‬
‫‪ ..‬عندَما يَأتِي مَن يُرِيدُ أن يَطوف يَأتِي إل رُكن الجَر بِحي ُ‬
‫َيتَمَكّن مِن ذلك فإنه يَلْمَس الجَر بِيَدِه اليمن ل بِاليَ َديْنِ معا فإن لَم َيتَ َمكّن مِن ذلك َأشَا َر إليه ول يُقبّل يَدَه‬
‫الت َأشَا َر بِها وإنّما يقبّل يَدَه الت صَاَف َح بِها الجَر ‪ ..‬أي إذا تَمكّ َن مِن مصافحةِ الجَر أو مِن وَضْ ِع يَدِه على‬
‫ف مِن موضعٍ بعدَ الجَر‪ ،‬فإنه إذا ابتدَأ مِن‬ ‫الجر‪ ،‬ومِن ذلك الوضِع يَبتدِئ الطواف‪ ،‬وليس لَه أن يَبتدِئ الطوا َ‬
‫بعدِ الجَر فإنّ ذلك الشوط الذي ابتدَأ بِه مِن ذلك الوضع يَكون باطِل ل عبةَ بِه‪ ،‬وعليه لَو وَقَعَ شخصٌ ف‬
‫ذلك ثُم انتَبَه أو نُبّهَ إل صنِيعِه ذاك فإ ّن عليه أن يُ ْل ِغيَ ذلك الشوط وألّ يَعتبِر بِه أبدا وَيعْتَد بِالشوط الذي يَلِيه‬
‫وهُو الشوط الذي يَبتدِئ فيه الطواف مِن مُقابِلِ الجَر كما قدّمنا‪ ،‬ويَطُوف سبعة َأ ْشوَاط وينتهي ف ذلك‬
‫صتْ ولو جزئية صغية‬ ‫الوضِع الذي اْبتَ َدأَ منه‪ ،‬ومِنَ العلوم أنّه لبد مِن أن يُكْمِ َل الشواط السبعة تَمَاما فإذا ن َق َ‬
‫مِن ذلك فإ ّن طوافَه ذلك ل يُعتبَر صحِيحا‪.‬‬
‫ط َيقِفُ الناس عليه وذلك الط مقابِلٌ لِلحجَر تَمَاما وفيه مِن اليُسْرِ‬ ‫وكان منذُ فتر ٍة قصِي ٍة مِن الزمن هنالِك خ ّ‬
‫على كث ٍي مِن الناس ما ل يَخفَى‪ ،‬لكن ذلك الط ل يَخفى أنّه لَم َيكُن‪-‬كما قلتُ بِالمس‪-‬موجودا ف عهدِ‬
‫النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ول ف القُرُونِ الت تََلتْ ذلك وإنّما وُضِعَ منذُ فترةٍ َقصِيَ ٍة مِن‬
‫ف عندَما قَابَلَ الجَر ‪ ..‬وَقَفَ ف ُمقَابِلِ الجَر وطافَ مِن هناك‬
‫ف أ ّن النب ‪ e‬طَا َ‬‫الزمن ثُم أُزِيل‪ ،‬ومِن العرو ِ‬
‫وطافَ معه صحابتُه الكِرام وكانتْ ُأمّة كبِيَة جِدا مِن الناس‪ ،‬وف ذلك مِن اليُسْ ِر والسهولَ ِة ما ل يَخفَى‪،‬‬
‫فالتّشَدّ ُد والتّنَطّع مِمّا ل يَنبغِي‪.‬‬

‫‪503‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫شكُوك‪ ،‬فمِن‬
‫فعندما يُقابِل مَن يُرِيدُ الطوافَ الجَر فليَبتدِئ مِن هناك وْلَيتْرُك التّشَدّد والتنَطّع والوساوِس وال ُ‬
‫ف مِن ذلك الوضِع‬ ‫س مِن أجل أن يقِفُوا عليه جَميعا وإنّما شَرَع ف الطوا ِ‬ ‫العلوم أنّ النب ‪ ε‬لَم َيضَعْ خَطا لِلنا ِ‬
‫جتِه‪ ( :‬لَتأْخُذُوا عنّي منا ِس َككُم ) وطاف معه الصحابةُ الكِرام وهكذا ف ُعهُودِهم‪-‬رضوان ال تعال‬ ‫وبيّنَ ف َح ّ‬
‫عليهم‪-‬وف عهو ِد التابعي ومَن جاء بعدَهم‪.‬‬
‫فلُيقَدّر مَن يُرِيدُ الطواف أنه َيقِفُ ف مقابِلِ الجَر ‪َ ..‬يتَحَرّى ذلك ويَطُوف مِن ذلك الوضِع ويَنتهِي‪-‬أيضا‪-‬ف‬
‫الوضِع الذي ابتدأَ فيه بِحيثُ‪-‬كما قلتُ‪-‬ل َيصِح لَه أن يَت ُر َك شيئا مِن ذلك‪ ،‬لنّه لَو تَ َر َك شيئا مِن ذلك فإنّ‬
‫ع مِنه البدايَة ‪ ..‬ظَنّ‪-‬مثل‪-‬أنّ البداي َة تُشرَع‬ ‫َطوَافَه ذلك يَكون بَاطِل‪ ،‬أما إذا ابتدأَ‪-‬مثل‪-‬قَبل الوضِعِ الذي تُشْ َر ُ‬
‫مِن هناك ث تَبيّن لَه أ ّن المْ َر بِخلفِ ذلك فذلك ل َيضُرّه ف ذلك لكن لبد مِن أن يَنتهِي ف الوضِع العروف‬
‫الذي حدّ ْدتُه مِن قبل‪ ،‬وليس لَه أن يَنتهِي ف الوضِع الذي ابتدأَ منه ف هذا الطواف‪ ،‬لنّه ابتدَأ مِن موضعٍ‬
‫يُخالِف الوضِ َع الصحِيح وما دام لَم يَبتدِئ مِن الوضِعِ الصحِيح الذي هو مُتقَ ّد ٌم على موضِعِ الطواف فلبد مِن‬
‫أن يَنت ِهيَ ف الوضِ ِع الصحِيح؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫س ‪ :6‬مَن اعت َم َر عن غيِه ث تَحلّ َل وأَ ْح َرمَ بِال ّج عن نفسِه ‪...‬‬
‫ج‪ :‬حقيقة؛ هذا السؤال الظاهِر عَن غيِه وفيه مُدَاخَلت ولَم يُفصّل ماذا يَسقُط عنه وماذا ل يَسقُط عنه فما‬
‫دامتْ السألة وَاِقعَة ف الاضِي فيَنبغِي لِذلك الذي وَقَعَ ف هذه القضية أن يَسأَل عنها ويُفصّل ماذا قَ ّدمَ وماذا‬
‫ت بِه‪ ،‬وإذا كان يُرِيدُ أن يَفعَل ذلك ف الستقبَل فيَنبغِي‬ ‫أَخّرَ وما الذي َأتَى بِه قبلَ أن يَطوف وما الذي لَم يَأ ِ‬
‫ض الناس‬ ‫لَه‪-‬أيضا‪-‬أن ُيوَضّح ماذا يُرِيدُ أن يَفعَل وماذا ل يُرِيد أن يَفعَل‪ ،‬لنّ كثيا مِن السئلة الت يَأتِي بِها بع ُ‬
‫ح السألة على‬ ‫عن غيْرِهم يَكون المر يَختلِف عن ذلك السؤال الذي طُرِح‪ ،‬والمرُ دِين‪ ،‬فلبد مِن أن تُط َر َ‬
‫وجهِها الصحِيح مِن غيْرِ زيادةٍ ول نقصان ول تغيِي مَخاف َة الوقوعِ ف الحظُور‪ ،‬لنّ الذي ُي ْفتِي ف واقِعِ المر‬
‫ُيفْتِي بِمقدارِ ما يَسمَع أو بِمقدارِ ما يُشاهِد إذا كان السؤال مكتوبا ويُمكِن أن يَكون الم ُر بِخلفِ ذلك ‪..‬‬
‫هو لَم يَُبيّن ماذا الذي يُرِيد أن يُق ّدمَه‪.‬‬
‫س‪ :‬هو موضِع استفسارِه بِالضبط‪ :‬هل عليه هدي إذا اعتمرَ عن غيْرِه وح ّج عن نفسِه ؟‬
‫ج‪ :‬أما الديُ نعم إذا كانتْ الشروط ُمَتوَافِرَة بِأ ْن اعت َمرَ عنه أو عن غَيْرِه ف أَشهرِ الج و َحجّ ف أَشه ِر الج‬
‫مِن تلك السنة مِ ْن غيْرِ أن يَرجِع إل وطنِه‪.‬‬
‫ت بِواضِحة‪.‬‬ ‫أما قضي ُة التقدِيـم ‪ ..‬هنالِك جزئية أخرَى ‪ ..‬قضي ُة التقدِيـم والتأخِي فليس ْ‬
‫حرِما ‪...‬‬
‫ش ّق ِة البقا ِء مُ ْ‬
‫س‪َ :‬نعَم هو ذَكَر جزئيَتيْن ‪ ..‬جزئية أنّه يريد أن يَهرب مِ ْن مَ َ‬
‫‪-1‬السؤال كما َورَدَ ف الكالة‪ " :‬شخص يذهب للحج ويريد أن يعتمر لغيه ويج لنفسه‪ ،‬فهل عليه هدي ؟ مع العلم أنه يفعل ذلك بنية‬
‫التخلّص مِن الحرام ‪ ..‬حت ل يبقى ف الحرام فترة طويلة وحت ُي َقلّل مِن أعمال الج ‪ ..‬يُقلّل مِن الدي وحت يقدّم سعي الج ‪ ..‬يعن‬
‫يعتمر لغيه بِهذه النية‪ ،‬فهل عليه إساءة بذا الفعل ؟ "‪.‬‬
‫‪504‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج‪ :‬على كل حال؛ ل يَنبغِي لِلمؤمِن أن َيتَ َمتّعَ‪-‬مثل‪-‬بِالعُمْ َرةِ إل الج مِن أَجْلِ الرَبِ عن البقاءِ على الحرامِ‬
‫ص مِن كذا‪،‬‬ ‫ب مِنْ كَذَا أو أن َيتَخَّل َ‬‫أو مِن َأجْلِ كذا أو مِن َأجْلِ كذا ول أ ْن يَفعَل كذا‪-‬مثل‪-‬مِنْ أَجْ ِل أن يَهر َ‬
‫وإنّما يَفعَل ذلك إمّا لِكونِ ذلك مِمّا أَ ْرشَدَ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬إليه أو مِمّا َفعَلَه صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم أو لنه أَ ْفضَل أو لنه َأيْسَر أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل مِن َأجْ ِل التّخَلّص ‪ ..‬هنالِك َف ْرقٌ‬
‫ص مِن كَذا وبيْن قضيةِ أ ّن هذا المر‪َ-‬أبَاحَه ال تبارك وتعال‪ ،‬أو بِعبارةٍ َأعَم‪-‬شَ َرعَه ال‪-‬‬ ‫كبِيٌ جِدا َبيْ َن التّخَّل ِ‬
‫تبارك وتعال‪-‬وفيه يُسْرٌ وسهولةٌ على العبد‪.‬‬
‫ب عليها‪.‬‬ ‫حثَ عنها ذلك السائِل نفسه حت يُمكِن أن نُجِي َ‬ ‫فالقضيةُ الت َتتَعَلّق بِذلك لبُد مِن أن يَب َ‬
‫س ‪ :7‬ذكرتُم أمس فيما َيَتعَلّ ُق بِالنية أنّ النية الجالية تُجزِي‪ ،‬فمَن دَخَلَ بِنيةِ صلةِ الظهر ل يَل َزمُه أن‬
‫‪1‬‬
‫يَستحضِر أنه ف صلةِ الظهر سيَنوِي الركوع ‪...‬‬
‫ج‪ :‬نَحن مَا قُ ْلنَا ل يَلْ َزمُه أن يَستحضِر نِية الظهر‪ ،‬وإنّما ل يَل َزمُه أن يَستحضِر أنّه الن يَنوِي الركوع أو القراءة‬
‫أو السجود أو اللوس أو ما شابه ذلك ‪ ..‬يَنوِي أنْ يُصلّي فريضة كذا ‪ ..‬فريضة الظهر أو العصر‪.‬‬
‫ض العلماء قال يُجزِيه أن يَنوِي أن يُصلّي الفريضة الاضِرَة مِ ْن غيْرِ أن يَنوِي فريضة كذا أو فريضة كذا‪،‬‬ ‫نعم بع ُ‬
‫ج نفسَه مِن اللفِ‬ ‫ومَن وَقَعَ ف ذلك فل بأس عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال أمّا ف الستقبَل فيَنبغِي لَه أن يُخرِ َ‬
‫ضةَ الظهر أو العصر أو الغرب أو ما شابه ذلك‪.‬‬ ‫ويَنوِي فَرِي َ‬
‫لكن ل يَلزَمه أن يَنوِي الركوع أو السجود أو القعود أو ما هو َأعَم مِن ذلك ‪ ..‬أن يَنوِي الركوع لِصلةِ الظهر‬
‫أو السجود لِصلةِ الظهر أو العصر أو الغرب ‪ ..‬هذا فيه مِن الشقّة ما فيه ث هو مُخالِفٌ لِلشّ ْرعِ النِيف‪.‬‬
‫وهكذا بِالنسبةِ إل الج كما قلتُ ‪ ..‬يَنوِي الج‪.‬‬
‫والكثرةُ الكاثِرَة مِن أهلِ العلم تَقول تُجزيه تلك النية مِن غيْرِ أن يُجدّ َد النية لِكلّ عملٍ مِن أعما ِل الج‬
‫كالطوافِ أنّه لِلحج أو لِلعمرة والسّعي كذلك والوقوف بِعرفة والبيت بِالزدلفة و َرمْي المار ‪ ..‬المرة الول‬
‫أو الثانية أو ‪ ..‬هكذا‪.‬‬
‫لكن هو‪-‬ف حقيق ِة الواقِع‪-‬النسا ُن مُستحضِر بِأنّه الن ف هَذَا الوضِع وبِأنه الن ُيرِيد أن يَفعَل كذا أو كذا‪،‬‬
‫لكن بَ ِقيَ هنالِك أمْرٌ آخَر ‪ ..‬كما قلتُ‪ 2‬لبُد مِن التفرِيق ‪ ..‬إذا كان يُرِيد نِية الطواف لِلحج أو لِل ُعمْرَة هذه ل‬
‫تَلزَم‪ ،‬أما نية الطواف فهذه لبد منها‪ ،‬لنّ النسان إذا كان يَمشِي أمامَه شخصٌ‪-‬مثل‪-‬وهو َيْتَبعُه ول يَدرِي‬
‫حنُ قَد شَ َرعْنا الن ف ال ّطوَاف‬ ‫مِن َأيْنَ يَبتدِئ أو ماذا يَقصِد ذلك الشّخص ثُم أَخبَرَه بعدَ ذلك‪ " :‬فلن ‪ ..‬نَ ْ‬

‫‪-1‬السؤال كما َورَدَ ف الكالة‪ " :‬ورد بالمس على أ ّن القول الوجود بعدم تديد النية ف بعض أعمال الصلة مثل الركوع والسجود ‪ ..‬يعن‬
‫نية واحدة كذلك أعمال الج نية واحدة كما ُذكِر بالمس‪ ،‬فما ردكم على مَن قال أيضا رمضان كذلك ‪ ..‬اعتبه فريضة واحدة يَحتاج نية‬
‫واحدة وشَّبهَه بالصلة وبالج مِن حيث النية ؟ "‪.‬‬
‫‪-2‬عند الواب على السؤال ‪ 2‬مِن حلقة ‪ 9‬رمضان ‪1426‬هـ ( ‪13/10/2005‬م )‪.‬‬
‫‪505‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫شوْط الثان " أو " الثالث " أو حت " الن قَ َط ْعنَا مسافة مِن الشوط الول " أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل‬ ‫وهذا ال ّ‬
‫يُجزِيه ‪ ..‬لبد مِن أن يَنوِي الطواف‪ ،‬لنه هو ما أَرَا َد عبادة أبَدا ‪ ..‬ما أَرَادَ الطواف وإنّما يَمشي يَظُن أنه‬
‫ذاهِب إل الكان الفلن أو على أَقَل تقدِير يَظُن أنه سَيَطوف بعدَ ذلك أو ما شابه ذلك‪.‬‬
‫أما بِالنسبة إل الصيام فالعلماءُ اختلَفوا فيه‪:‬‬
‫منهم مَن يَقول‪ :‬إنّ شهرَ رمضان مِن أوّلِه إل آ ِخرِه فريضة واحدة‪ ،‬وعليه َفتُجزِي نية واحدة‪.‬‬
‫ومنهم مَن يَقول‪ :‬هو فرائض ‪ ..‬ك ّل يومٍ مِن أيامِ هذا الشهر البارَك فريضة مستقِلّة بِذاتِها ‪ ..‬اليوم الول فرِيضة‬
‫مستقِلة والثان فرِيضة مستقِلة وهكذا بِالنسبةِ إل بقِي ِة اليام‪ ،‬وهذا هو القولُ الصحِيح الراجِح‪ ،‬بِدليلِ‪:‬‬
‫أ ّن السافِر ُيبَاحُ لَه أن يُفطِر يوما أو يومي أو أكثر ولو صام اليوم الول أو الثان أو العاشِر وهكذا ‪ ..‬وهكذا‬
‫بِالنسبة إل الرِيض ول َيتَأثّر صيامُهما السابِق أو اللحِق على تلك اليام الت أَفطرَا فيها‪.‬‬
‫وهكذا لَو أ ّن شخصا‪-‬والعياذ بال تبارك وتعال‪-‬انتهَكَ حُرمةَ هذا الشهر البارَك فأفْ َط َر يوما أو أكثر مُتعمّدا‬
‫فإنّ القولَ الراجِح الصحِيح ل َينْهَدِم ذلك الصيام الذي صامَه قبلَ ذلك اليوم وهكذا بِالنسبةِ إل الصيامِ الذي‬
‫يَلِي ذلك اليوم‪.‬‬
‫ت مِن هذا الشه ِر البارَك ‪ ..‬لَو‪-‬‬ ‫ب بِإعَا َدةِ تلك اليام الت َمضَ ْ‬
‫وهكذا بِالنسبةِ إل مَن دَخَلَ ف السل ِم ل يُخاطَ ُ‬
‫ص ف السلمِ ف اليو ِم العاشِر فإنّه ل يُخا َطبُ بِاليامِ الت َسبَ َقتْ على ذلك ‪ ..‬هذا القولُ‬ ‫مثل‪َ -‬دخَلَ شخ ٌ‬
‫الصحِيح‪.‬‬
‫وكذلك لَو بَلَ َغ صبِي ف اليو ِم العاشِر‪-‬مثل‪-‬فإنّه ل يُخا َطبُ بِإعاد ِة اليام الاضية على الصحيح‪.‬‬
‫بينما لو كان الشهرُ فرِيضةً واحدة ل َتتَجَزّأ لَكان الم ُر بِخلفِ ذلك‪ ،‬ولِذلك‪:‬‬
‫ذهبَ مَن ذهبَ مِن أهلِ العلم إل أ ّن مَن أَفْسَ َد يوما مِن أيامِ شهرِ رمضان البارَك فإنّ عليه أن ُيعِيدَ الشهرَ كلّه‬
‫أو الاضِي على أَقَلّ تقدِير‪ ،‬وكذلك لو بَلَغَ الصب فإنّ عليه أن ُيعِيدَ الاضِي وكذلك لو َأسَْل َم الكَافِر عليه أن‬
‫ُيعِي َد الاضِي‪ ،‬وكذلك لو بَلَغَ الصب‪.‬‬
‫ومنهم مَن ُيفَرّق بيْن الصب والكافِر‪ ،‬فيُ ْلزِم الكافِر دون الصبِي‪.‬‬
‫ع مِن الفروع الت ذكرناها‪ ،‬فمنهم مَن خَالَف ف‬ ‫إل غيْرِ ذلك مِن التفرِيعات‪ ،‬ومع ذلك لَم يَلتزِموا بِكلّ فر ٍ‬
‫بعضِ الفروع‪.‬‬
‫فإذن شهرُ رمضان فرائِض مُتعدّدَة ‪ ..‬ك ّل يومٍ منه فرِيضة مُستقِلة‪.‬‬
‫ومع ذلك فقدْ قال بعضُ أه ِل العلم الذين قالوا‪ " :‬إنّ ك ّل يومٍ فرِيضة مُستقِلة بِذاتِها " بأنه تُجْزِي فيه النية مِن‬
‫خفَى ‪ ..‬إذا نوى مِن أوّلِ الشهر فإنه تُجزيه تلك النية‬ ‫أوّلِ ليلة فإذا نوى النية وأقصِد بِالنية النية القلبية كما ل يَ ْ‬
‫ما لَم يُفطِر‪ ،‬فمثل لَو َنوَى شخصٌ أن يَصوم شهرَ رمضان ولَم يَ ْفصِل بِفطِر فإنّ تلك النية تُجزيه لِلشهر كلّه‬

‫‪506‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ب مِن السباب فإ ّن عليه أن َيْنوِي بعدَ ذلك الفطارِ عندَما يُرِي ُد أن يَصوم ‪ ..‬عليه أن يَنوِي أن‬ ‫وإذا أَف َط َر بِسب ٍ‬
‫ص بِه لِمَن وَقَعَ ف الاضي‪ ،‬أما مَن لَم َيقَع فل شك أنّ‬ ‫يَصوم‪ ،‬وهكذا ‪ ..‬هذا قولٌ موجود‪ ،‬ويُمكِن أن يتر ّخ َ‬
‫السلمة لَه أن يَنوِي ف كلّ َليْلة‪ ،‬والنيةُ َأمْرُها يَسِي َسهْل والمد ل‪.‬‬
‫حت أ ّن بعضَ أهلِ العلم قال‪ :‬لَو أنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬خاطَبَنا أن نَعمَل عمل بِدون نية لَكان ذلك مِن‬
‫ف بِما ل يُطَاق‪ ،‬لنّ النسان لَو َذ َهبَ إل مكا ِن الصلة ماذا ُيرِيد ؟! هل لبد أن يَنوِي نية ؟! هو‬ ‫التكلِي ِ‬
‫ذاهِب لِتأديةِ الصلة‪ ،‬وكذلك لَو َذ َهبَ إل الوضوءِ فهو قد َذ َهبَ و َجلَس وما شابه ذلك فماذا يُرِيد ؟! أََليْسَتْ‬
‫هي النية ؟!‬
‫قام الشخص‪-‬ما كان ف شعبان مثل يقوم للسحور‪-‬وتَسَحّر ‪ ..‬شرب أو أكل أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ماذا‬
‫يُرِيد ؟! نعم قد يَكون ف بعضِ الحيان ولكنها هي ل تَبعُد عمّا ذَكَرْناه‪.‬‬
‫ف ما يَعتقِد فيها كثِ ٌي مِن الناس‪-‬ولذلك ل تَحتاجُ إل تَلفّظ ول غيْرِه؛ وال‪-‬‬ ‫فإذن النيةُ سهل ٌة يَسِية‪-‬بِخل ِ‬
‫تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :9‬لَم ُيصَ ّل ركعتَ ْي الطواف ف العُمرَة‪ ،‬ماذا يَل َزمُه ؟‬
‫ج‪ :‬ال الستعان؛ فلَيُتبْ إل ربّه‪-‬تبارك وتعال‪-‬وْلُيصَّلهِما الن ول نَستطِيعُ أن نُل ِزمَه دَما‪ ،‬وإن قال بِه مَن قال؛‬
‫وال الستعان‪.‬‬
‫س‪ :‬يُصلّيها ف وطنِه ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 10‬رمضان ‪1426‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪14/10/2005‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ :1‬ما ُحكْ ُم الشتِراطِ ف الحرام ؟‬
‫ج‪ :‬إ ّن هذه السألة قد اختلَف العلما ُء فيها‪.‬‬
‫ف بيْن علماءِ السلِمِي ف مسألةٍ مِن السائل فإنه يَنبغِي لِلعالِم أن يَر ِجعَ إل كتابِ‬ ‫ومِن العلوم أنه إذا وُ ِجدَ خل ٌ‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وإل سّنةِ رسولِ ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أو ما يَرجِع إليهما بِوج ٍه مِن وجوهِ‬
‫الجّية حت يَتبَيّنَ لَه ما هو الراجِح ف تلك القضية‪.‬‬
‫وقد َنصّ الحقّقون مِن أه ِل العلم أنه ليس لح ٍد أن يُخالِفَ ما جاء ف كتابِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬وسنّةِ رسولِه‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ولو قال بِخلفِ ذلك مَن قال مِن العلما ِء الكِبار‪.‬‬
‫وقد أَحْسَ َن المام السالي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬حيثُ قال‪:‬‬
‫ول كلمِ الصطفى الوّاه‬ ‫ول ُتنَاظِر بِكتاب ال‬

‫‪507‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ولو يَكون عالِما خبيا‬ ‫معناه ل تَجعل له نظيا‬


‫وأَحْسَ َن حيثُ قال ف قضي ٍة مِن القضايا‪:‬‬
‫ونن نَحكي بعدَه خِلفا‬ ‫الصطفى يَعتبِر الوصاف‬
‫فيه عن الختار نصّ ُأ ْسنِدَ‬ ‫ل نَقبَل اللفَ فيما وَرَدَ‬
‫وقال‪:‬‬
‫ف الثار‬
‫وإن يَقولُوا خالَ َ‬ ‫حسبُك أن تَّتبِعَ الختار‬
‫ف قول‬
‫ض عليه حيثُ خالَ َ‬ ‫وأَحْسَ َن المام سعيد بن خلفان‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬حيثُ قال لِسائلٍ اعتَ َر َ‬
‫جبِ أن َأنُصّ لَك عن رسولِ‬
‫مشهورا عن َد العلما ِء السابِقِي ‪ ..‬فقالَ لَه المام رحه ال تبارك وتعال‪ " :‬ومِن العَ َ‬
‫ضةِ السلم بِغيْرِ دلي ٍل ول واضِ ِح سبِيل‪ ،‬أََليْس هذا ف العيَانِ مِن ال َذيَان "‪.‬‬
‫ضنِي بِعلما ِء بْي َ‬
‫ت تُعارِ ُ‬
‫ال ‪ e‬وأن َ‬
‫ب بِه عرض الائط‬ ‫وأَحْسَ َن المام الليلي‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬حيثُ قال‪ " :‬وقو ٌل ِبخِلفِ الدِيث يُضرَ ُ‬
‫"‪ ،‬وقال‪-‬رضوان ال تبارك وتعال عليه‪-‬ف قضي ٍة مِن القضايا‪ " :‬وما مِن عالِم إل ف قولِه القبو ُل والردود ما‬
‫خل رسولَ ال ‪ " ... e‬إل آ ِخ ِر كلمِه رحه ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫ولِلعلماءِ ف ذلك نُصوصٌ كثِ َيةٌ ف هذا القام‪ ،‬ل حا َجةَ لِلطالةِ بِها ف هذا الوقت‪.‬‬
‫ونَحن إذا نَظَرْنا إل قضي ِة الشتراط فإننا نَجِد العلماءَ قد اختلَفوا ف هذه القضية‪:‬‬
‫منهم مَن قال بِمشروعيةِ ذلك‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال بِعدمِ مشروعيتِه‪.‬‬
‫وإذا َأْتيْنا إل معرفةِ الراجِ ِح مِن هذيْن القوليْن فل شك أنّ القولَ بِمشروعي ِة الشتراطِ ف الحرامِ هو القولُ‬
‫الصحِيح‪ ،‬وذلك لِما جاء ف الديثِ عن السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬أنّ الرسولَ‪-‬صلى ال عليه‬
‫ضبَاعَة بنةِ الزبيْر ‪ ..‬ابنةِ عمّه ‪ ( : e‬حُجّي واشتَ ِرطِي )‪ ،‬وذلك بِأن تَقول‪" :‬‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قال ِل ُ‬
‫سَتنِي " عندَما تُرِيدُ الحرام‪ ،‬وهذا الديثُ حديثٌ صحِي ٌح ثاِبتٌ عنه ‪ .. e‬رواه المام‬ ‫مَحِلّي حيثُ َحبَ ْ‬
‫البخاري والمام مسلم‪ ،‬ورواه‪-‬أيضا‪-‬النسائي وابن خزية وابن حبان وابن الارود‪ ،‬ورواه أحد وإسحاق‬
‫والطبان ف " الكبي " والطحاوي ف " الشكِل " والدارقطن والبيهقي والبغوي‪ ،‬وهو حديثٌ صحِي ٌح ثابِت‪.‬‬
‫ول عبةَ بِإِعل ِل الَصِيِليّ لَه‪ ،‬والَصِيِليّ هذا فيما يَظهَر أنه ُمتَسَ ّرعٌ ف إِعل ِل بعضِ الحاديث بل ليستْ لَه‬
‫تلك الدرايَة بِمعرفةِ أئم ِة الديث فضل عن الروا ِة العا ِديِي‪ ،‬ويَكفِي ف التدلِيلِ على ذلك أنه َحكَ َم بِجَهالةِ‬
‫الما ِم الشهِي البلِ الراسِي جابرِ بن زيد‪-‬رحه ال تبارك وتعال‪-‬الذي َوّثقَه كِبا ُر الصحابة فضْل عن أئمةِ‬
‫الديث‪.‬‬

‫‪508‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ث إنه ذَكَ َر أنّ هذا الديث َتفَرّ َد بِه َمعْمَر عن ال ّزهْرِي كما َنقَلَ ذلك عن‬
‫ب مِن القاضي عِياض حي ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫والعَ َ‬
‫الما ِم النسائي‪ ،‬والنسائي‪-‬فيما يَظهَر‪-‬لَم يُرِد بِذلك إِعل َل الدِيث‪ ،‬وذلك ل ّن هذا الديث قد جاء مِن غيْرِ‬
‫طرِي ِق َمعْمَر عن ال ّزهْرِي‪ ،‬وِب َغضّ النظَرِ عن هذه الروايَة‪-‬فإّننِي لستُ أُرِي ُد أن أُطِي َل القال بِالكلمِ عليها‪ ،‬وإل‬
‫فإنّ لَنا مقال معرُوفا ف ذلك‪-‬فإنّ هذا الديث قد جاء مِن طُ ُرقٍ أخرى عن الراوي عن السيد ِة عائشة رضي‬
‫ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنها‪ ،‬وجاء عن غيْرِها مِن صحابةِ رسولِ ال ‪ ، ε‬فلَو سُلّمَ جدَل بِإِعللِ هذه الرواية الت‬
‫ت مِن غيْرِ هذه الطرِيق‪.‬‬ ‫ذَ َكرَها القاضِي عِياض‪-‬مثل‪-‬فإنّه ل َيضُرّ ذلك ما دام الديثُ قد َثبَ َ‬
‫والديثُ قد جاء‪-‬أيضا‪-‬مِن طرِي ِق اب ِن عباس رضي ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬عنهما‪ ،‬رواه مسلم وأبو عوانة والنسائي‬
‫والترمذي والدارمي وابن ماجة‪ ،‬ورواه أحد وإسحاق وابن حبان وابن الارود والطبان ف " الكبي "‬
‫والطحاوي ف " شرح مشكل الثار "‪ ،‬ورواه ابن عَدِي وأبو يعلى وأبو نعيم ف " اللية " وأبو علي الطوسي‬
‫خرَجِه على الترمذي‪ ،‬وهو حديثٌ صحِي ٌح ثابِت عنه صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬ ‫ستَ ْ‬
‫ف مُ ْ‬
‫وقد جاء لِهذيْن الطرِيقيْن شواهِ ُد مِن طُ ُرقٍ أخرى عن صحابةِ رسولِ ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪ ،‬فقد جاء ذلك مِن طرِيقِ أم سلمة ومِن طرِيقِ جابر بن عبد ال‪ ،‬وذَ َك َر الترمذي بِأنه جاء مِن طرِيقِ‬
‫ت قيْس ج ّد ِة ابن الزبي‪ ،‬وجاء عن غيْ ِر هؤلءِ مِن صحابةِ رسولِ ال‬ ‫أساء‪ ،‬وجاء‪-‬أيضا‪-‬مِن طرِي ِق ُسعْدَة بن ِ‬
‫حتْ الرواية فقدْ جاء عن ُذ َؤيْب السلمي‪ ،‬ولستُ أُرِيدُ أن ُأطِيلَ‬ ‫صّ‬‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬إنْ َ‬
‫حةِ هذه الروايات‪ ،‬فإنّ بعضَها حَسَن وبعضُها صالِحٌ لِلستشها ِد بِذلك‪ ،‬وعلى تقدِي ِر عدمِ‬ ‫صّ‬‫الكلم على ِ‬
‫ذلك‪-‬إذا تَشَدّ َد مُتشدّدٌ ف بعضِها‪-‬فإنّ الطريقيْن الساب َقيْنِ صحِيحا ِن ثابِتانِ عن رسولِ ال صلى ال عليه وعلى‬
‫ض كثِ ٌي مِن الناسِ على هذه الحادِيث‪:‬‬ ‫آله وصحبه وسلم‪ ،‬وقد اعتَ َر َ‬
‫ض بِأنا ضعِيفة‪ ،‬وقد َتقَ ّد َم الكلمُ على ذلك‪ ،‬فل حا َجةَ لعا َدتِه‪.‬‬ ‫منهم مَن اعتَ َر َ‬
‫ص بِالعمر ِة وليس ف الج‪ ،‬والديثُ يُنادِي بِأعلى صوت ويَصرُخ بِأقوى ُحجّة‬ ‫ومنهم مَن ا ّدعَى بِأنّ ذلك خا ّ‬
‫ت شِعرِي ما الف ْرقُ بيْن الج والعمرةِ ف هذا ؟! فما صَحّ ف العمر ِة فإنه يَصِحّ‬ ‫بِأنّ الديثَ وا ِردٌ ف الج‪ ،‬ث ليْ َ‬
‫ق بينهما وليس هنالِك دَلِي ٌل البتّة‪ ،‬ومَن ا ّدعَى خِلفَ ذلك فعليه الدلِيل ول‬ ‫ف الج إل إذا دَلّ دلِيلٌ على الف ْر ِ‬
‫سبِي َل إليه‪.‬‬
‫صفَه المام النووي‪ ،‬وهو َحقِيقٌ بِذلك‪.‬‬ ‫ضبَاعَة‪ ،‬وهذا باطِلٌ كما وَ َ‬ ‫وا ّدعَى بعضُهم بِأنّه خاصّ ِب ُ‬
‫ت فيُحمَل الديثُ على ذلك‪ ،‬وهو قولٌ كَلِيلٌ ودَلِيلُه عَلِيل فل يَنبغِي أن‬ ‫ومنهم مَن ا ّدعَى بِأنّ ذلك إذا ماتَ ْ‬
‫ت إليه ول أن ُي َعوّلَ عليه‪.‬‬ ‫يُلَتفَ َ‬
‫جةِ الوداع ول يَأْتِ‬ ‫وا ّدعَى بعضُهم بِأنه منسوخ‪ ،‬وهو كل ٌم باطِل وعن الدلِي ِل عاطِل‪ ،‬فهذا الديثُ كان ف حَ ّ‬
‫حدِيثٌ آخَر يَدُلّ على خِلفِ ذلك‪.‬‬

‫‪509‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫وا ّدعَى بعضُهم‪-‬كالطحاوي ف " شرح الشكل "‪-‬بِأنه مُخَالِفٌ لِلجاع‪ ،‬وهو كلمٌ عجِيب غرِيب‪ ،‬فإ ّن‬
‫ي القو ُل بِالشتراط عن طائف ٍة كبِيةٍ‬ ‫العلماءَ قد اختلَفوا‪-‬مِن قب ِل أن يُولَدَ الطحاوي‪-‬ف هذه القضية‪ ،‬وقد ُروِ َ‬
‫مِن صحابةِ رسولِ ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإن كان لَم َيصِح عنهم َجمِيعا‪ ،‬فقد رُويَ ذلك عن‬
‫عمر وعن عثمان وعلي وابن مسعود وعمّار وعائشة وأم سلمة‪ ،‬وإن كان‪-‬كما قلتُ‪-‬ل َيصِحّ عنهم جيعا‪،‬‬
‫ع بِأ ّن العلماء قد أَ ْج َمعُوا على خِلفِه ول‬ ‫وقالتْ بِه طائف ٌة كبِي ٌة مِن أه ِل العلم‪ ،‬فكيف يَ ّدعِي بعدَ ذلك مُ ّد ٍ‬
‫يَجُوزُ لحدٍ أن يُخالِفَ الجاع ؟!‬
‫ع بِأنّ هذه‬ ‫ونَح ُن عندَما نَن ُظرُ ف كتبِ الفقْه وكتبِ الصول فإننا نَجِ ُد كثِيا مِن َدعَاوَى الجاع ‪ ..‬يَ ّدعِي مُ ّد ٍ‬
‫القضية قد أَجْ َمعُوا عليها وقد يَكونُ جُمهو ُر المّة على خِلفِ ذلك‪ ،‬وسَمِعتُ أَحَ َد الناس يَذ ُك ُر مسألةً وذَ َكرَ‬
‫فيها قول وا ّدعَى بِأنّ هذا القو َل مُجمَ ٌع عليه وأنا قدْ رأيتُ ف السألةِ عشرة أقوال مِن غيْ ِر أن أبْحثَ عن ذلك‪،‬‬
‫ع على عكسِ ذلك القول تَماما‪ ،‬فل يَنبغِي‬ ‫ض القضايا وحكى بعضُهم الجا َ‬ ‫وبعضُهم حكى الجاعَ ف بع ِ‬
‫ب هذه الكايات الت يَحكِيها بعضُ أهلِ العلم مِن غيْرِ أن َيَتثَّبتُوا ف ذلك‪ ،‬ولنا كل ٌم طوِيل‬ ‫لح ٍد أن يَ ْرهَ َ‬
‫عرِيضٌ ف الجاع الذي هو ُحجّة‪ ،‬ل ُأطِي ُل بِه القام‪.‬‬
‫وبعضُهم احتَجّ على عدمِ مشروعيةِ ذلك بِما ثبتَ عن ابن عمر‪-‬رضي ال تبارك وتعال عنهما‪-‬حيثُ قال‪" :‬‬
‫حسبُكم ُسنّة َنِبيّكُم " ‪ ..‬معناه أنّ النب ‪ e‬ل يَشترِط‪ ،‬وهذا غرِيب‪ ،‬فمِن العلوم أنه ما مِن عالِم‪-‬وإن بَلَ َغ‬
‫السماء وناطَ َح الوزاء‪-‬إل وقد خَفَيتْ عليه بعضُ أحادِيثِ النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فإذا‬
‫كان ابن عمر لَم يَعلَم بِذلك وقد عَلِمَ بِه طائفةٌ مِن صحابةِ رسولِ ال ‪ e‬فهل يُمكِن أن نَرُدّ بعدَ ذلك الرواية‬
‫حتَ ّج بِه‪.‬‬
‫ض الصحابة لَم يَسْمَع بِذلك ؟! هذا مِمّا ل يُمكِن أن ُي ْ‬ ‫الت ثبتتْ عن أولئك بِ َد ْعوَى أنّ بع َ‬
‫وأما عد ُم اشتراطِ النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فل يَدُلّ ذلك على بطلنِ الشتراط‪ ،‬لنه إذا‬
‫وُجِدَتْ أدِلةٌ مُتعدّدة ف قضي ٍة مِن القضايا فإنه يَنبغِي أن يُجْمَ َع بيْن تلك الدِلة‪ ،‬ويُنظَر تارة يُمكِن أن يُجمَعَ‬
‫بينها على أنّ هذا مسنون وهذا جائز أو أنّ هذا لِبيا ِن الواز أو هذا ِلعِلّة أو هذا يُحمَل على كذا مِن‬
‫الـمَحَامِل إل غيْرِ ذلك‪ ،‬فالنب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬لَم يَكن يَعلَم بِأنّ قريشا سَتصُدّه عن الرَم‬
‫جةِ الوداع فإنه لَم يَكن بِحاجةٍ صلوات ال وسلمه عليه إل ذلك‪.‬‬ ‫حت يَشتَرِط‪ ،‬وأما ف َح ّ‬
‫وعلى كل حال؛ فإ ّن مَجالَ القو ِل يَطُولُ ف هذه القضية‪ ،‬وأَرَى أن أَكَتفِ َي بِهذا الختصَر‪ ،‬ولنا عودَة إل ذلك‬
‫ف مناسبةٍ أخرى بِمشيئة ال تبارك وتعال‪ ،‬لنّ ف هذا المر مِن التيسِ ِي ما ل يَخفَى‪ ،‬فإ ّن كثيا مِن الناسِ قد‬
‫ع بِأ ّن العلماء‬ ‫يَحتاجُون إليه فلِماذا يُمَنعُو َن منه بِ َدعْوى أ ّن بعضَ الناس يَقول بِخِلفِ ذلك ؟! وقد يَ ّدعِي مُ ّد ٍ‬
‫صعُبُ‬ ‫قد اختلَفوا ف هذه القضية فال ْحوَط تَ ْركُ ذلك‪ ،‬وأقول‪ :‬إ ّن الحتياط ُيصَارُ إليه عندَما َتتَعا َرضُ الدِلّة وَي ْ‬
‫حةً لِكلّ ذِي َعيْنيْن‬ ‫س طاِل َعةً واضِ َ‬
‫الترجِيح وقد يُمكِنُ الترجِيح ولكن ذلك بِأمْ ٍر مُحتمِل‪ ،‬أما عندَما تَكونُ الشم ُ‬

‫‪510‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ج إليها النسان ف مِثلِ هذه القضية بل السنَن‬‫فل يَنبغِي أن ُتتْ َر َك السنَن الثابِتة عن النب ‪ ε‬ولسيما عندَما يَحتا ُ‬
‫الت ل تُفعَل ‪ ..‬ف وقتِ الاجَة ل يَنبغِي أن ُتتْرَك ِلمَقولَ ِة قائِ ٍل بِخِلفِ ذلك لِعدمِ إِطّلعِه عليها أو لطّلعِه‬
‫ت بِها الـحُجّة‪.‬‬ ‫عليها مِن طرِي ٍق ل َتْثبُ ُ‬
‫ث عَلّقَ ذلك على ثبوتِ هذا الديث‪ ،‬والديثُ قد َثبَتَ وصَحّ عن النب ‪ ε‬؛‬ ‫وقد أَحْسَ َن المام الشافعي حي ُ‬
‫والعلمُ عندَ ال تعال‪.‬‬
‫س ‪ :2‬ولكن ما فائدة هذا الشتراط ف الحرام ؟‬
‫ج‪ :‬العلماء قد اختلَفوا ف ذلك‪ ،‬منهم مَن قال‪ :‬إنّ هذا ل فائدة لَه وإنا هو لفظٌ يَُت َعبّ ُد بِه كغيْرِه مِن اللفاظ‬
‫الت ُيتَ َعبّ ُد بِها‪ ،‬وهذا كلمٌ غرِيب ‪ ..‬قولٌ علِيل ل قيمةَ لَه وحكايتُه ُت ْغنِي عن ذِ ْكرِه‪ ،‬فإنّ ضُباعةَ‪-‬رضي ال‬
‫تعال عنها‪-‬قد ذَكَرَتْ لِلنب ‪ ε‬أنا تُرِيدُ الج‪-‬وف بعضِ الروايات أنّ النب ‪ ε‬ا ْقتَرَحَ لَها ذلك وأَ ْخبَ َرتْه بِأنا‬
‫مرِيضة‪-‬فذَ َكرَ لَها النب‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‪-‬ذلك‪ ،‬فإذا كان ل فائدةَ لَه فما قيمة أن تأتِ َي بِه‬
‫ضُباعة ؟! فهذا كلمٌ غرِيبٌ ل قيمةَ لَه‪ ،‬وإنّما الصوابُ أنّ لِذلك فائد ًة سأبَّينُها بعدَ قلي ٍل بِمشيئةِ ال تبارك‬
‫وتعال‪.‬‬
‫مِن العلو ِم أنّ مَن أَ ْح َرمَ وصُدّ عن ذلك بِع ُدوّ أو لَم َيتَ َمكّن مِن ِفعْلِ ذلك بِسببِ مرضٍ أو نَحوِه وتَعَذّر عليه‬
‫الوصولُ إل الرَم وتأدِيةِ العمرةِ أو َتعَذّ َر عليه أن يَأتِ َي بِالج ف وقتِه ‪ ..‬أما تأدِيةُ الج ف وقتِه ففيها كلمٌ‬
‫طوِيلٌ‪ ،‬ل َأتَع ّرضُ لَه ف هذا الوقت‪ ،‬وإنا َأَتعَ ّرضُ ِلمَن لَم َيتَ َمكّن مِن ذلك َرْأسًا ‪ ..‬قد اختلَفَ العلماءُ فيه‪:‬‬
‫ِمنْهُم مَن َذ َهبَ إل أنه إذا لَم َيتَ َمكّن مِن ذلك أبدا فعليه أن يَ ْذبَحَ َذبِيحةً كما هو ظاهِ ُر كتابِ ال تبارك‬
‫وتعال‪ ... } :‬فَِإنْ أُ ْحصِ ْرتُمْ َفمَا اسَْتيْسَ َر مِ َن اْلهَدْيِ ‪ [ { ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪:] 196 :‬‬
‫وإذا كان ساِئقًا لِلهدْي فإ ّن المْ َر مّتفَ ٌق عليه بيْن العلماء‪.‬‬
‫أما إذا كان لَم يَسُق الدْي فإ ّن العلماءَ قد اختلَفوا ف ذلك‪:‬‬
‫منهم مَن قال‪ :‬ل هدْيَ عليه ف هذه الالة‪ ،‬وهو قو ٌل مُخالِفٌ لِظاهِرِ الكتابِ العزيز‪.‬‬
‫ي بِها‬‫ومنهم مَن قال‪ :‬عليه أن يَشترِيَ ذلك‪ ،‬وهذا هو الق ‪ ..‬هذا إذا كان واجِدا لِلقِيمة الت يُمكِن أن يَشتَرِ َ‬
‫الدْي فإن كان لَم يَجِد فقد اختلَف العلماء ف ذلك‪:‬‬
‫ج ْد الدْي‪.1‬‬
‫منهم مَن قال‪ :‬عليه أن يَصو َم عشرة أيام كحا ِل مَن لَم يَ ِ‬
‫ومنهم مَن ذَهَبَ إل أنه ل شيءَ عليه‪.‬‬
‫ي َمحِلّ ُه َفمَنْ كَانَ مِْن ُكمْ مَرِيضا َأ ْو بِ ِه‬ ‫حِلقُوا ُرؤُو َس ُكمْ حَتّى يَْبُلغَ اْل َهدْ ُ‬ ‫ل فَِإنْ أُ ْحصِرُْت ْم َفمَا اسْتَْيسَرَ مِنَ اْل َهدْيِ وَل َت ْ‬ ‫‪ }-1‬وَأَِتمّوا اْلحَ ّج وَالْ ُعمْرَةَ ِ‬
‫ج ْد َفصِيَامُ ثَلثَةِ أَيّامٍ‬‫ك فَإِذَا َأمِنُْتمْ َفمَ ْن َتمَّتعَ بِاْل ُعمْرَةِ ِإلَى اْلحَ ّج َفمَا اسْتَْيسَ َر مِنَ اْل َهدْيِ َفمَ ْن َلمْ َي ِ‬
‫ص َدقَةٍ َأ ْو ُنسُ ٍ‬
‫ى مِنْ رَْأسِ ِه َف ِفدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ َأوْ َ‬
‫أَذ ً‬
‫ب{‬ ‫ل َشدِيدُ اْلعِقَا ِ‬ ‫ل وَا ْعَلمُوا َأنّ ا َ‬ ‫جدِ اْلحَرَامِ وَاّتقُوا ا َ‬ ‫سِ‬ ‫ك َعشَرَةٌ كَامِلَةٌ َذلِكَ ِلمَ ْن لَ ْم َيكُنْ أَ ْهلُهُ حَاضِرِي اْل َم ْ‬ ‫فِي اْلحَ ّج َوسَْبعَةٍ إِذَا رَ َجعُْتمْ ِتلْ َ‬
‫[ سورة البقرة‪ ،‬الية‪.] 196 :‬‬
‫‪511‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ومنهم مَن ذَهَبَ إل أنه ل شيءَ عليه ف ذلك الوقت وعندَما َيَتيَسّرُ لَه الدْي فإنه يَهدِي‪.‬‬
‫ومنهم مَن َذهَبَ إل أنه يَصو ُم ثلث َة أيام‪.‬‬
‫جدُ الطعام‬‫ومنهم مَن قال‪ :‬إنه يُق ّومُ الذبيح َة بِالطعام ث يُخرِجُ بعدَ ذلك طعاما‪-‬والواقِع أنّه إذا َق ّومَها وكان يَ ِ‬
‫فهو يَستطِيعُ أن يَشترِيَ ذبيحة وإنا يَكونُ ذلك إذا كان ل يَجِ ُد ما يَشترِيه ففي مثل تلك الالة ُيقَالُ ذلك‪-‬أما‬
‫إذا كان ل يَستطِيعُ على شراءِ الطعام فإنه يُقوّم ذلك ‪َ ..‬يصُومُ عن ك ّل مُد‪ ،‬وهذا فيه مِن الشقّة ما فيه‪ ،‬فإنّ‬
‫ذلك يَقتضِي أن يَصو َم ستّ مئة يوم أو أكثَر‪ ،‬ل ّن الذبيحة تُقارِب ثلثِي رِيال‪-‬مثل‪-‬أو ما شابه ذلك فإذا‬
‫قدّرَها بِا َلمْداد فل شك بِأنه يَصِلُ إل عَد ٍد كبِي ومعن ذلك أنه يَصومُ عن ك ّل ُم ّد يوما ففي هذا مِن الشقّة ما‬
‫فيه‪ ،‬والدّينُ َأيْسَ ُر مِن ذلك‪.‬‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬ل يُطعِم وإنا يَصو ُم مِن أوّ ِل وهْلَة‪.‬‬
‫ب إل غيْرِ ذلك مِن الراء‪.‬‬ ‫ومنهم مَن َذهَ َ‬
‫و‪-‬على كلّ حال‪-‬هذه القوال ل دلي َل عليها‪ ،‬فإذا كان لَم يَجِد هدْيا فإنه ليسَ ف كتابِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫ول ف سّنةِ رسولِه ‪ e‬ما يَدُلّ على أنه يَصنَع شيئا مِن تلك القوال الت ذَ َكرْناها‪ ،‬وإنّما عليه أن يَحلِق أو ُيقَصّر‬
‫وإن تَمكّنَ بعدَ ذلك مِن الدْي ففي ذلك خي‪.‬‬
‫على أ ّن أقوى تلك القوال الت قِيَلتْ بعدَما ذَكَرْناه قو ُل مَن قال بِأنه يَصومُ عشرة أيام‪ ،‬ولكن فيه ما فيه‪ ،‬فل‬
‫يُمكِن أن نَحكُ َم بِه‪ ،‬لنّ مالَ السلِم معصومٌ بِعصمةِ السلم لَه‪ ،‬فليس لحدٍ أن يُل ِزمَ عبادَ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫بِما لَم يُلزِمهُم الشارِع بِه وإنا يُمكِن أن يَذْكُرَ ذلك لِمَن شاء أن يَأخُ َذ بِه مِن باب الحتياط ف الدّين والروجِ‬
‫مِن الِلف إن َأ ْمكَ َن وإن كان ل يُمكِن أن يَخرُج بِذلك مِن الِلف لِكثرةِ ما ذَكَرْناه ف هذه السألة‪.‬‬
‫حلِ َق أو ُيقَصّر‪-2 .‬وقيل‪ :‬ل يَل َزمُه أن يَحْلِ َق أو يُقصّر بل يَذبَح إن وَجَد‬
‫و‪-1 :‬كذلك عليه بع َد أن يَذبَح أن يَ ْ‬
‫وَإل فل شيءَ عليه‪-‬أو عليه ما ذَكَرْناه مِن تلك القوال‪-‬وهو قولٌ ضعِيفٌ جِدا‪ُ ،‬مخَالِفٌ لِظاهِ ِر الكتابِ العزيز‪،‬‬
‫وكذلك هو مُخالِفٌ لِلسّن ِة الصحِيحةِ الثابِتة عن النب ‪ ، e‬حيثُ إنه صلوات ال وسلمه عليه َحلَ َق وَأمَ َر‬
‫أصحابَه بِاللْ ِق أو التقصِيِ و َحثّ على اللقِ ودعا لِلحاِلقِي أوّل ثلثا ث بعدَ ذلك لِلم َقصّرِين‪ ،‬فإذن هذا ثاِبتٌ‬
‫ص السّنةِ الصحِيحةِ عن النب ‪. e‬‬ ‫بِظاهِ ِر الكتاب ون ّ‬
‫إذا علِمنا ذلك فمَن اشت َرطَ ف إِحرامِه إن لَم يَتمكّن مِن تأدِيةِ َحجّه أو عُمرتِه فإنه يَحِ ّل بِذلك مِن غيْرِ أن‬
‫يَحتاجَ إل هدْي‪ ،‬فهذه إذن فائد ُة الشتراط‪-1‬خِلفا لِمَن َزعَ َم أنه ل فائدةَ لِذلك‪-‬وإنّما هنالِك ف ْرقٌ ف الصيغة‬
‫حلّي ‪" ...‬‬
‫ح ّل مِن إِحرامِه‪ ،‬فإن قال‪ ... " :‬مَ ِ‬ ‫سَتنِي " أو ذَكَ َر بِأنه إذا ُحِبسَ سيَ ِ‬
‫‪ ..‬إذا قال‪ " :‬فمَحِلّي حيثُ َحبَ ْ‬

‫‪-1‬قال الشيخ‪ " :‬الدي " بدل مِن " الشتراط " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫‪512‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫فبِمجرّدِ عدم قدرتِه على إِتامِ ما أَح َرمَ بِه فإنه يَكونُ حَلل بِذلك‪ ،‬وإذا عَلّقَ ذلك بِإرادتِه لِلحلل فمعنَى ذلك‬
‫أنه لبد مِن أن يَنوِيَ ذلك‪.‬‬
‫فإذن‪:‬‬
‫ي الحلل ويَذبَح ما استطاع ويَحلِق أو ُي َقصّر‪.‬‬ ‫مَن لَم يَشترِط عليه أن يَنوْ َ‬
‫سَتنِي " ل شيءَ عليه‪.‬‬ ‫حلّي حيثُ َحبَ ْ‬ ‫ومَن قال‪ " :‬مَ ِ‬
‫ومَن عَلّقَ ذلك بِأنه سيَفعَلُ ذلك فهو إذا َنوَى الِحلل فإنه يَكون بِذلك حلل‪.‬‬
‫هذه هي فائدةُ الشتراط‪.‬‬
‫هذا وقد اختلَفَ العلماءُ ف حك ِم الشتِراط‪:‬‬
‫منهم مَن قال‪ :‬هو واجِب‪ ،‬وهذا قولُ الظاهِرِية الذين يَأخُذُون بِظاهِرِ اللفاظ‪ ،‬وَليَْتهُم يَأخذُون بِظا ِه ِر اللفاظ‬
‫بعدَ أن يَنظُرُوا إل الدِّلةِ جيعا‪ ،‬فإنّ النب ‪ ε‬والمهو َر العظَم‪-‬حت أنّ بع َ‬
‫ض العلماء ذَكَر أنه قد بَلَ َغ عَ َد ُد‬
‫ت اللوف‪-‬لَم يَشترِطوا‬ ‫الجّاج ف تلك السنة إل مئة ألف‪ ،‬ونَحن ل نُرِيد أن ُنقَدّر العَدَد ولكنهم كانوا بِعشرا ِ‬
‫لِعدمِ حاجتِهم إل ذلك‪ ،‬فهل يُمكِن أن يُقال بِوجوبِ ذلك أو أنّه لَم يَرِد عنهم ذلك ؟! هذا ما ل يُمكِن أن‬
‫يُقالَ بِه‪.‬‬
‫حبّة‪.‬‬
‫ومِن العلماء مَن قال‪ :‬هو سنّة مست َ‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬هو جائِز وليس بِمستحَب إل لِمَن كان مُحتاجا إليه‪ ،‬وهم وإن كانوا لَم يَذكُروا هذا الشرط‬
‫ولكن لبد منه‪.‬‬
‫سنّة ف َحقّه‪ ،‬وهذا هو‬ ‫ومنهم مَن قال‪ :‬هو سنّة لِمَن كان مُحتاجا إليه وأما مَن لَم يَكن مُحتاجا إليه فهو ليس بِ ُ‬
‫الصحِي ُح عندِي‪ ،‬فالنب ‪ ε‬لَم يَكن مُحتاجا إل ذلك فلَم يَشترِط‪ ،‬وهكذا بِالنسبةِ إل الصحابةِ الكِرام ‪ ψ‬وإنا‬
‫كانَتْ ضُباعَة هي الـمُحتاجَة إليه فأَ ْرشَدَها النب صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫ي مَن يَقول بِعد ِم ُسنّية ذلك إل لِمَن كان مُحتاجا إليه‪ ،‬فما ُحكْ ُم مَن اشترَطَ ولَم يَكن مُحتاجا‬
‫َبقِيَ على رأ ِ‬
‫إليه ث احتاجَ بعدَ ذلك إليه ‪ ..‬هل يَستفِي ُد مِن ذلك أو ل ؟‬
‫قيل‪ :‬ل فائدة له مِن ذلك‪ ،‬لنّ هذا مُخالِفٌ لِسّنةِ النب ‪- ε‬أعن الشتراطَ مع عد ِم الاجةِ إليه‪-‬فعندَما يَحتاجُ‬
‫إل التّحلّل فلبد مِن أن يَنوِيَ ذلك وأن يَذبَح إن كان معه الدي أو كان معه ما يَشترِي بِه الدْي ويَحلِق أو‬
‫يُقصّر‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬يَنفعُه ذلك‪.‬‬
‫وبِذِكْ ِر الشتراط َتنْحَ ّل كثِ ٌي مِن السائِل‪:‬‬

‫‪513‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫كثِيٌ مِن النساء يَذهَبْنَ ف مُ ّدةٍ َوجِي َزةٍ لِتأدِيةِ العمرةِ‪-‬مثل‪-‬ويُمكِن أن يَأتِيَها اليض ف تلك الدّة وهي تَعرِ ُ‬
‫ف‬
‫مِن نفسِها بِأنّها لَن َتتَ َمكّن مِن البَقَاءِ ف مكة الكرمة إذا َأتَاهَا اليض فتَضطَرّ إل الرجوعِ بِسببِ أنّ ر ْف َقتَها ل‬
‫تُسَاعِ ُفهَا على البقاءِ ف تلك البقاع فهنا يُمكِن أن تَشترِط ذلك‪ ،‬وعليه إذا اشت َرطَتْ ولَم تَت َمكّن مِن ذلك فلَها‬
‫الحللُ بِذلك‪.‬‬
‫ت ُتصِيبُ ُه بعضُ المراض ‪ ..‬مثل ف موسِ ِم الشتاء أو ما شابه ذلك أو تُؤثّ ُر عليه السْفار يُ ْم ِكنُه‬ ‫وهكذا مَن كان ْ‬
‫أن يَشترِط ويَكون مُستفِيدا مِن ذلك‪.‬‬
‫ولِلسف أنّ كثِيا مِن النساء يَذ َهبْنَ إل تأدِيةِ العمر ِة أو الج وتَأتِيهِنّ العادة الشهرِية العروفَة وبعدَ ذلك ل‬
‫ب وتَسعَى‪ ،‬لنّها قَد سَ ِم َعتْ بِأنّ‬ ‫يَعرِفْن ماذا َيصَْنعْن فتَرجِع الواحِدة بِإِحرامِها وهي تَظُ ّن أنّها قد أَ َحّلتْ ‪ ..‬تَذهَ ُ‬
‫الرأة إذا أتاها اليض ل تَطُوف فتَظُن أنّ الطواف يَسقُطُ َعْنهَا‪ ،‬وقد تَسمَع بِالديثِ الذي فيه أنّ النب‪-‬صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪َ-‬أ ْسقَطَ الطواف عن إِحدَى أَزواجِه عندَما أتاها اليض ولكنّ ذلك ف طوافِ‬
‫الوداع وليس ف طوافِ العمرة أو ف طوافِ الزيارة أو الفاضة‪-‬الذي هو طوافُ الج‪-‬فهذا رُكن ‪ ..‬أعن‬
‫طوافَ الزيارة وكذلك بِالنسبة إل طوافِ العمرة فهما ل يَسقُطانِ بِحيضٍ ول غيْرِه ولكن يُؤجّلنِ حت تَطهُر‬
‫الرأة وتَتَ َطهّر وف تلك الالة تَطوفُ ث بعدَ ذلك تَسعَى ‪ ..‬فتَذهَب وتَسعَى وُتقَصّر وتَرجِع بعدَ ذلك وهي‬
‫ب ما سَمعت‪ ،‬وقد سألنِي عن ذلك غيْ ُر واحِد‪-‬فهذا مِمّا ل َيصِح ‪ ..‬إذا‬ ‫مُحْ ِرمَة‪-‬وقد وَقَ َع كثِيا هذا على حس ِ‬
‫ف ث تَسعَى‪ ،‬فالطوافُ رك ٌن مِن أركانِ‬ ‫وَصََلتْ لبد مِن أن تَبقَى هناك حت تَطهُر وَتتَ َطهّر وبعدَ ذلك تَطو ُ‬
‫العمرة بل هو ركنُها العظَم‪ ،‬وكذلك هو رك ٌن مِن أركا ِن الج‪-‬أعن طوافَ الزيارة‪-‬ل يَسقُطانِ أبدا‪ ،‬وإنا‬
‫يَسقُطُ طوافُ القدوم لِلحاج وطوافُ الوداع لِلمرأةِ الاجّة أيضا‪ ،‬أمّا مَا عدا ذلك فل‪ ،‬فيَنبغِي أن يُنتَبَهَ لِذلك‬
‫جيّدا‪.‬‬
‫جبُ عليه وما هو الذي‬ ‫وأن يَتعلّم الواحِد قب َل أن يَذهَب إل تلك البِقاع ما هو الذي يَجوزُ لَه وما هو الذي َي ِ‬
‫يَحْرُم عليه وما هو الذي ُيكْرَه ف َحقّه وما هو الذي يُباحُ لَه‪.‬‬
‫و‪-‬كذلك‪-‬بعضُ الهل ِة الغْمار يُفتُون ‪ ..‬بعضُ الناس عندَما تأتِي ِه الرأة‪ " :‬أنا َأتَْتنِي الدورَة ‪ ..‬ماذا أَصنَع ؟ "‪:‬‬
‫" اسْعَي وَقصّرِي "‪ ،‬مِن َأيْن لَك ذلك ؟! لِماذا َتَت َقوّلُ على ال بِغيْ ِر عِلم ؟! فلَيتّقِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مَن ل‬
‫يَعرِفُ ش ْرعَ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ث بعدَ ذلك َيتَ َقوّ ُل عليه سبحانه؛ وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ول التوفيق‪.‬‬
‫ومِن السائِلِ الت ُأَنبّهُ عليها‪-‬وتَقَعُ لِبعضِ الناس ف بعضِ الحيان‪-‬أنّ الوضوءَ قد يَنتقِض بِخروجِ رِي ٍح أو ما‬
‫شابه ذلك ويَستحيِي ذلك الطائف ولسيما إذا كانتْ امرأة ‪ ..‬تَستحِي أن تَقول بِأنا قد انَت َقضَ وضوؤها‪-‬ومع‬
‫ت مِن غيْرِ مَح َر ٍم منها أو زوجِها‬ ‫أ ّن الوضوء قد يَنتقِض بِهذا أو غيْرِه مِن النواقِض‪-‬ولسيما إذا كانتْ قد ذهَب ْ‬
‫ط مِن‬ ‫ف مِن ش ْرطِه الطهارة‪ ،‬فهي شر ٌ‬ ‫ف وهي على إِحرامِها فتَرتكِب الـمَحذُور‪ ،‬فالطوا ُ‬ ‫فتَرجِع وهي لَم تَطُ ْ‬

‫‪514‬‬
‫(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج ‪1‬‬

‫ضتْ لبد مِن الوضوء وإعادة الطواف بعدَ ذلك ‪..‬‬ ‫حتِه‪ ،‬فإذا انَتقَض فل يَجو ُز إل بِطهارة‪ ،‬وإذا انَتقَ َ‬
‫صّ‬‫شروطِ ِ‬
‫هذا أمرٌ لبد منه‪ ،‬ول عبْ َر َة بِالياء ‪ ..‬هذا الياء ل خْي َر فيه ‪ ..‬الياءُ الذي فيه اليْر هو الذي يُوافِقُ شرعَ ال‬
‫تبارك وتعال‪ ،‬أما هذا فهو باطِلٌ وَزُور ‪ ..‬مُنكَ ٌر مِن النكَرَات يُؤدّي إل الوقوعِ ف معصيةِ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬‬
‫ح َر ٍم منها‪ ،‬ل مع أَجنبِي‬
‫على أنّ الرأة عندَما تُرِيدُ أن تَذهَب إل حَ ّج أو عُمرَة فلتَذهَب مع زوجِها أو مع مَ ْ‬
‫عنها؛ وال ول التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :4‬بِالنسبة لِلطواف‪ ،‬هل َيصِح ركعتا الطواف أن ُتصَلّى أربع ركعات ؟‬
‫ج‪ :‬ها ركعتان بِنصّ فعلِ النب ‪ ، e‬وما دام ذلك هو الثابِت فليس لح ٍد أن يَزِيد على ما فعلَه النب ‪.. e‬‬
‫يُصلّي ركعتيْن وبعدَ ذلك إن شاء أن َيَتَنفّل ف ْلَيتََنفّل بِما شاء‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 17‬رمضان ‪1426‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪21/10/2005‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ت مِن السعي وعندَ الرْوة بِالذات َفقَدَتْ‬ ‫س ‪َ :9‬ذ َهَبتْ إل العُمرَة وطافتْ و َس َعتْ ولكن عندَما انتهَ ْ‬
‫ت عنهم طبْعا لكنّها لَم َتكُن تَعلَم أنه يَنبغِي أن ُي َقصّر لَها مُحِل َف َقصّرَتْ لِنفسِها‪.‬‬ ‫حَث ْ‬
‫أَهلَها وبَ َ‬
‫ج‪ :‬قولُها‪ 1‬بِأنّه يَلْزَم أن يُ َقصّرَ لَها الـ ُمحِِل‪-‬مثل‪-‬أو َي ُقصّر لَها غيْرُها ‪ ..‬ل دليلَ على اللزام ‪ ..‬نعم العلماء‬
‫لَهم كلمٌ ف ذلك‪ ،‬ولكن الصحِيح أنه يُمكِن لِلنسانِ أن يُ َقصّ َر مِن شعرِه مِن غيْرِ أن ُي َقصّرَ لَه آخَر‪ ،‬كما أنه‬
‫ص مُحرِم ‪ ..‬هذا هو الصحِيح الراجِح‪ ،‬أما إذا كان يَنبغِي ‪ ..‬فالروج مِن الِلف‬ ‫يُمكِن أن ُي َقصّر لَه شخ ٌ‬
‫ت فيها أدِلّة أو َتتَعا َرضُ فيها الدِلّة وما شابه ذلك‪ ،‬أما اللزام فل إِلزام‪.‬‬ ‫س ْ‬‫حَسَنٌ ف بعضِ السائل الت َليْ َ‬
‫ت مِن إِحرامِها فل شيءَ عليها بِمشيئةِ ال بل يُمكِن لَها ف الستقبَل أن تَصنَع ذلك م ّر ًة ثانية‬ ‫فبِما أنا قد َقصّرَ ْ‬
‫وثالثة وهكذا‪.‬‬
‫مِن حلقة ‪ 23‬رمضان ‪1426‬هـ‪ ،‬يوافقه ‪27/10/2005‬م‬

‫‪-1‬السؤال كما َورَدَ ف الكالة‪ " :‬أنا ذهبت إل العمرة واعتمرت وطفت وبعد ذلك ذهبت وسعيت لا وصلت الروة أنا فقدت أهلي أصل ولا‬
‫فقدت أهلي ما كنت أعرف أنه يلزم يقصر ل أحد فذهبت أنا وقصرت بنفسي‪ ،‬فما الكم ؟ "‪.‬‬
‫‪515‬‬

You might also like