Professional Documents
Culture Documents
فتاوى الشيخ القنوبي حفظه الله
فتاوى الشيخ القنوبي حفظه الله
ص الموضوع
20 *فتاوى صلة الجماعة
21 س :هل تجوز صلة المتنفل بالمفترض ،وصلة المفترض بالمتنفل ؟
وهل صحيح أن معاذ ابن جبل رضي ال عنه كان يصلي مع رسول ال صلى ال عليه وسلم صلة
العشاء ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلة أي هو متنفل وهم مفترضون ؟
21 س :إذا سهى المام في قراءة القرآن وبدّل آية رحمة بآية عذاب أو العكس مثل قال" :إن البرار لفي
جحيم أو قال" :إن الفجار لفي نعيم " .فما حكم صلته وصلة من خلفه ؟
21 س :إمام وقف أو سكن بعد قوله تعالى" :ويل للمصلين " ما حكم صلته ؟
22 س :إن دخل رجل المسجد وكبر تكبيرة الحرام ولمّا جلس سلم المام ولم يصل معه شيئا .فماذا
يصنع ؟
22 ل وجذب شخصا على يمين الصف وشماله ؟
س :جاء رجل ووجد الصف مكتم ً
22 س :من وجد الجماعة في التشهد الثاني ؟
23 س :إذا كان المأموم مقيم والمام مسافر ؟
23 س :إمام سهى في صلة المغرب وسلم بعد التشهد الول ولم يسبح أحد من المأمومين له فبعضهم
ل من المام والمأمومين ؟
سلم وبعضهم لم يسلم وبعضهم تكلم فما حكم صلة ك ً
23 س :إمام عوض الفاتحة قرأ التشهد سهو أو بعد السجود انتبه لذلك ؟
24 س :إذا انتقضت صلة الشخص الذي يصلي سترة خلف المام هل تنقض صلة الصف الول ؟
24 س :إذا قام المام بعد الركعة الثانية ولم تجلس للتشهد وسبح له المأمومون ؟
24 س :من صلى نافلة خلف من يصلي فريضة المغرب كيف يصنع ؟
24 س :صلى إمام وعن يمينه شخص كما هو السنة وجاء بعد ذلك شخص أخر وتجهله بالسنة وقف عن
يمين ذلك المأموم فهل للمام أن يتقدم أو أن يقوم بتأخير المأمومين أو أن يقوم المأموم الول
بالتأخير ويؤخر ذلك الشخص معه .
25 س :إمام أسر في صلة جهرية وتذكر في نصفها ؟
25 س :شخص أمّ ناسا ويقوم بأعمال كمثل النذر للقبور .فهل تجوز الصلة خلفه ؟
25 س:مأموم دخل المسجد وكبر للحرام واستعاذ وبمجرد انتهائه من الستعاذة انتهى المام من قراءته
الفاتحة
25 س :إمام يصلي قائما ثم إنه أصابه المرض واضطر للجلوس وجلس فهل أيضا يجلس المأموم
ويصلون خلفه جلوسا أم أنهم يواصلون الصلة على حالهم السابق أي أنهم يصلون قياما
26 س :الصبي الذي ل يفقه أمور الصلة هل إذا كان في وسط الصف يكون قاطعا للصف أو الصلة؟
2
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
3
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
43 س :إذا كان المام ينظر إلى شاشة أمامه فيها آيات القرآن الكريم ويقرأ منها أثناء الصلة ،هل يصح
له ذلك ؟
44 ن ذلك مشروط بأمور معيّنة ؟
س :هل للمرء أن يختار بنفسه حوزة معيّنة يعتبر حدودها وطنا له أم أ ّ
44 س :19إذا صلى المسافر صلة الظهر قصرا وسوف يصل في وقت العصر إلى بلده ،فهل يجوز له أن
يصلي الظهر والعصر جمع تقديم ؟
44 س :إنني أعيش في ولية الرستاق ومكان ولدتي وادي بني خروص بولية العوابي وعندما أذهب
إلى زيارة الهل والقارب في وادي بني خروص أصلي تماما ،فماذا عليّ ،هل أصلي تماما أم أصلي
قصرا ؟ أرجوا إفادتي أفادكم ال.
44 س :نأتي الن إلى ما يشيع على ألسنة بعض الناس يقول " :إنّ الوسائل الحديثة لم تترك في جسد
النسان موضعا للتعب فيستطيع النسان أن يقطع المسافة التي حددها العلماء للسفر بسرعة وبدون
تعب وبدون مشقة ،فلماذا اللجوء إلى القصْر الن ؟! " ؟
44 س :هناك بعض المساجد فيها قسم خاص بالنساء بعضها مفصول عن المسجد الصل وبعضها ملتصق
به ..إذا أرادت المرأة أن تصلّي بصلة المام ..فإذا كان المسجد مفصول أو المصلى مفصول ،هل
لها أن تصلي بصلة المام ؟ س :هل هناك كيفية معيّنة-مثل-يمكن أن تصوّرها لنا ؟
45 س :مسافر َوجَد الجماعة في صلة العصر في الركعة الخيرة فصلى هذه الركعة الخيرة وحَمل المام
على أنّه يصلي ركعتين بِما أنّه هو مسافر فقضى ركعتين ؟
46 س :رجل مسافر وجد جماعة يصلون صلة العصر ،وهذا الرجل لم يصل صلة الظهر .فهل يجوز له
أن يصلي معهم وينويها ظهرا ؟ وهل اتحاد صلة المأموم وصلة المام شرط لصحة الصلة ؟
46 س :رجل كان عائدا إلى بلدته من بلدة أخرى ،وقد أراد أن يصلي صلة الظهر والعصر " جمعا " ،فما
هي أقرب مسافة يمكنه أن يصلي عندها قبل وصوله إلى بلدته ؟
46 س :مأموم يصلي المغرب والمام يصلي العشاء وهو مسافر ودخل هذا المأموم يظن أن هذا المام
يصلي المغرب ثم تبين له أن المام يصلي العشاء فالمام يصلي ركعتين لنه مسافر والمأموم يصلي
ثلثا ماذا يفعل المأموم هل يقطع صلته أم أنه يواصل ؟
46 س :رجل دخل مع جماعة تصلي الظهر وهو مقيم ،فإذا دخل بنية الربع ركعات فهل يضره أن يكون
المام مسافرا ؟
46 س :مسافر نوى الجمع بين الصلتين وبعد أن فرغ من الصلة الولى لم يجمع الصلة الثانية فهل
هذه النية تؤثر على الصلة الولى ؟ وإن أراد الجمع بعد النتهاء من الصلة الولى بدون أن ينوي
نية من قبل الجمع فهل له ذلك ؟
47 س :جماعة تصلي صلتين جمعا فدخل عليهم رجل هل يدخل معهم أم ينتظر فيتبين له ما هي الصلة
التي يصلونها ؟
5
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
47 .س :رجل أراد الجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء وبعد النتهاء من الصلة الولى
تذكر فريضة منسية فماذا يفعل ؟
47 س :جماعة مسافرة أرادت الجمع بين الظهر والعصر وبعدما انتهت من صلة الظهر شرعت جماعة
أخرى بالقامة لصلة الظهر ؟
6
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
متعفنة ..في بعض الحيان بجثث مشوهة نتيجة حادث معيّن ل نستطيع أن نتعامل معها في التغسيل
ولكنّ أهلها يجبروننا على ذلك ،فهل يصح لهم ؟ وهل تغسل مثل هذه الحالت ؟
74 س :في بعض الحيان تؤتى بالجثة مغطاة في كيس فإذا فتحت خرجت منها رائحة ل تطاق ؟
74 س :هل يُرش على الكيس ماء في هذه الحالة ؟
74 س :البعض يضع تحت رأس الميت حجرة ربما كوسادة ،فهل ذلك مِن السنّة ؟
74 س:يذكر العلماء في مصنفاتهم بأنه بعد وضع الميت في لحده يُكشَف عن وجهه ،فهل ذلك مِن
السنّة ؟
75 أمر النساء أن يغسلن ابنته بالماء والسّدر ،ولكنّ أنّ النبي س :ورد في روايات عن النبي
العلماء يذكرون في غسل الميت أنه يُغسل أوّل بالماء القراح ،فمِن أين أتت هذه الزيادة ؟
75 س :ما هي الطريقة الصحيحة لغسل الميت ؟
76 س :مشروعية الفاتحة في صلة الجنازة ..بعض الروايات هكذا ذكرَتْ ،لكن هناك-أيضا-ما ورد
يُثبت مشروعية قراءة سورة بعد الفاتحة ،فهل هذا صحيح ؟
76 س :بعد الدفن ،هل تُشرع قراءة الفاتحة ؟ وإن كان ل يُشرع ،فما هو الثابت في السنّة ؟
76 س :هل مِن الضروري أن يُسنّم القبر أم يُسطّح ؟ وما هي الحكمة في وضع حجرين للذكر وثلث
حجرات للنثى ؟
78 ... س :هل الوْلى لحاضر الدفن القيام أم الجلوس ،لنّ البعض يقول :إنّ ال-تعالى-قال لنبيه:
[ سورة التوبة ،من الية ] 84 :قال :إنّ الصل في أثناء الدفن القيام وأنّ َولَ َت ُقمْ عَلَى قَبْرِهِ ...
إنما كان لعارض لجل مخالفة اليهودي الذي مرّ بهم حينئذ؛ فهل يستقيم هذا جلوس النبي
الستدلل ؟ وماذا ترون ؟ ومتى يَبدأ هذا القعود ..هل عندما يوضع في القبر أم قبل ذلك ؟
79 س :ما قولكم في امرأة أطلقت على نفسها النار ببندقية وماتت إثر الطلقة فورا والسبب يرجع بينها
وبين أهلها في عدم رضاهم عن زواجها وكلما دخلت منزل أهلها لرؤيتهم ل أحد يتحدث معها ول
يردون عليها السلم إذا سلمت عليهم ؟ وهل يُصلى على الذي قتل نفسه ؟
80 س :بالنسبة للكفن الذي كُفّنت به ..جرى دم من مجرى الطلقة ،فهل يُصلى عليها في هذه الحالة
أم يُغيّر الكفن مرة أخرى ؟
80 س :هل يحق للزوج المطالبة بما دفعه مهرا لها ؟ علما بأنّ أهلها هم السبب الرئيسي بإطلق النار
على نفسها وموتها.
80 س :هل يجب أن يكون غسل الميت كغسل الجنابة بحيث يقدم الرأس ثم الميامن قبل المياسر وهكذا ؟
80 س :هل يُمكن للمُغسّل أن يضع قفازين أو خرقة على يده طوال الغسل وليس فقط عند غسل العورة
فقط ؟
80 س :البعض يضع قطنا في فرج الميت ،فهل ورد في السنّة ما يشير إلى ذلك ؟
81 س :التكبيرات-طبعا-المعروفة هي أربع تكبيرات ،لكن وردت أحاديث تزيد على هذه التكبيرات خمس،
8
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
،وإذا كان-أيضا-بعض الحاديث ثبتت .. كحديث زيد بن أرقم كبّر خمسا ونسب ذلك إلى النبي
تصل إلى سبع ..ثمان ..تسع وهلم جرا ،ماذا يقال بعد كل تكبيرة ؟ وهل يصح أنّ آخر ما كبّر
على صلة الجنازة أربع تكبيرات ..هل هذا الحديث-أيضا-صحيح ؟ النبي
82 س :هل تغسيل الميت يُراد به النظافة أم هو تعبّد محض ؟
84 س :إذا توفيت المرأة وهي حامل وبداخلها جنين له حركة تدل على وجود حياة فيه ،فهل يُخرج أم
يُدفن معها ؟
84 س :هل كفن الميت له هيئة مخصوصة ..بأيّ طريقة تحقّقت ،فعندما يُكفّن الميت بمثل ما يلبس
في حياته من إزار و " دشداشة " و " مصر " ونحوها ؟ وهل يمكن أن تُكفّن المرأة بما تلبس من
ملبس حياتها أيضا ؟
85 س :بالنسبة للحنوط هل هو ثابت في السنة ؟
85 س :إذا توفي عدد من الشخاص وفيهم رجال ونساء ..في حال الصلة عليهم ،كيف يكون ترتيبهم ؟
85 س :المام أين يقف عندما يصلي على الرجل ..عند رأسه ..عند صدره ؟
86 س :هل يجوز أن يقف النسان على قبر الميت فيقرأ عليه القرآن ؟ وأخٌ يقول :سمع أنكم أجزتم
قراءة القرآن وإهداءه للميت.
86 ن المال لم يُقسّم كان إخوةُ أبيه-
س :توفي والده وأوصى بقراءة ختمتين في كل رمضان من ماله ،ول ّ
أو أعمامُه-يُؤجّرون على قراءة هاتين الختمتين ،والن لما آل المر إليه يقرأ بنفسه عن أبيه بدون
أن يأخذ شيئا من المال ،ما حكم ذلك المال الذي كان يُؤخذ من مال الميراث لتأجير هذه القراءة ؟ وهو
الن إذا قرأ عن أبيه ،هل يصل الجر إليه ؟
87 س :زيارة الناث-بالذات-للقبور ؟
88 س :هل زيارة قبر بعينه من بين المقبرة مشروع أم يشرع فقط زيارة المقبرة بشكل عام ويُطلَق
سلم عام على أهل المقبرة ؟
88 ..ما حكم تلقين س :أخٌ ذكر حديث أبي أمامة من أنه أمر أهله أن يُلقّنوه وأسند ذلك إلى النبي
الميت بعد الدفن ؟
89 س :عند دفن الميت وبعد النتهاء من دفنه يقوم أحد الناس بالدعاء جهرا ويُؤمّن البقية ،فهل هذا
صحيح ؟
89 س :هل في صلة الجنازة-صلة الميت-استدراك ؟ وكيف يكون إذا كان ؟
91 س :بعد النتهاء من دفن الميت مباشرة يجلس المشيّعون ويقوم أحد الشخاص بضرب الرض حول
القبر عدّة مرات وهو يقول " :ل إله إل ال ،محمد رسول ال " ويسمّونه بتوحيش القبر ،ظنّا
منهم لمنع الحيوانات المفترِسة خشية أن تصل إليه.
92 س :الميّت الذي يُغسّل ،هل يَشعر بالمغَسّلِين ؟
92 س :إذا أوصى الميت بأن يُدفن في بلد بعيدة ،هل تُنفّذ وصيته ؟
9
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
92 س :في بعض الحيان الناس ينتظرون الميت إلى أن يأتي أهله البعدون من أماكن بعيدة ويحبسون
الناس فترة طويلة.
92 س :قد يوصي الميت بمبلغ لحافر القبر ولِمُغسّله ومُكفّنه ؟
93 س :ما كيفية إدخال الميت في القبر ؟
93 س :هل هناك أولوية لرحامه في النزول إلى القبر إذا كان رجل ؟ وماذا-أيضا-إذا كان امرأة ؟
94 مِ ْنهَا خَ َلقْنَا ُكمْ وَفِيهَا ُنعِي ُد ُكمْ َومِ ْنهَا س :هناك من عندما يضع الميت في القبر يقرأ قوله تعالى:
[ سورة طه ،الية ،] 55 :فهل ورد شيء يُثبِت ذلك ؟ جكُمْ تَارَ ًة أُخْرَى
ُنخْ ِر ُ
94 س :البعض عندما يضعون الميت في القبر يقوم أحدهم بتمرير يده على التراب الموجود أعلى القبر
وينطق بالشهادتين ،وكأنه يُودّعه بتلك الكلمات ؟
95 س :البعض عندما يحمل الجنازة ينادي بصوت مسموع " :اذكروا ال ..اذكر ربك يا غافل " ،فما
رأيكم ؟
95 س :تركّبت عند بعض الناس معلومة مفادها أنّ الباء والرحام ل يحملون جنازات أرحامهم وآبائهم
وإنما يكتفون بالمشي خلفها ،فهل هذا صحيح ؟
96 س:البعض عندما يحمل الطارقة يُقَفّزها ثلث خطوات ثم يبدأ النطلق بها ؟
97 س :الشهيد ،كيف يكون التعامل معه في التغسيل ؟ هل يُغسّل ؟ هل يُكفّن ؟
98 س :الحديث الذي ورد فيه أنّ الذي سار مع الجنازة إلى نهايتها أو رجع عنها له قيراط أو قيراطان
من الجر ،ما صحّته ؟ وما حكم الرجوع عن الجنازة بعدما يسير النسان معها ..هل يلزم أن يبقى
إلى آخرها أو يمكن أنه إذا بدا له أمر يذهب عنها ؟
99 * فتاوى صلة الخسوف والكسوف
99 ن خسوفا كليا للقمر سيكون في سماء هذه الدنيا وسيُرى-أيضا-مِن السلطنة ،كيف س :أطلعنا على أ ّ
يَ َتعَامَل الناس مع هذَا الخسوف كما ورد في السنّة ؟
108 سادسا :أحكام صلة العيد
108 أول :أحكام متعلقة بالعيد
108 س :في لَيْلَة العيد ..هل هناك َأحْكَام شرعِية ُمعَيّنَة ينبغي على الناس أن يفعلوها أو يَصْ َنعُوهَا قَ ْب َل
الصّبَاح ؟
110 س :بالنسبة للغتسال في يوم العيد ،ما حكمه ؟ وهل يُمكن أن يكون ذلك قبل الفجر ؟
111 صوْتٍ واحد إلى أن يَصِلُوا إلى
سنّ أن يَكون التكبير جماعيا ..يعني َيخْرج الناس لِ ُيكَبّروا بِ َ
س :هل ُي َ
مصلى العيد ؟
112 ثانيا :أحكام صلة العيد
112 س :بالنسبة للخروج إلى صلة العيد ..الذهاب إلى صلة العيد مِن طريق والعودة مِن طريق آخَر ،هل
هذا مِن السنّة ؟
10
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
113 س :هل مِن السنّة أن يكون الذهاب إلى صلة العيد َمشْيا ؟ وإذا كان ذلك ،فماذا على مَن َركِب ؟
113 س :وماذا عن المرأة أيضا ..هل تَخرُج لِصلة العيد ؟
114 س :إذا لَم تَخرُج المرأة لِصلة العيد ،هل تُصلّيها في بيتها ؟
114 س :ماذا على مَن لم يصل صلة العيد ؟
115 ص في المناوبة مثل وفاتته الصلة يومَ العيد
س :كيف يَصنَع مَن فاتته صلة العيد ..كأن يكون شخ ٌ
مع الجماعة ،فهل له أن يصليها منفردا فيما بعد ؟ ومتى يكون قضاؤها ؟
116 فتاوى السنن والنوافل
116 س :الناس-ربما-مسألة السنن يتهاونون فيها ويَظنون أنّ مرتبتها صغيرة جدا ل تَرقى إلى أن
يُحافِظ عليها النسان ،ما هي قيمة السنن في السلم ؟
117 س :نودّ منكم تعريفا للسنن المؤكدة ..ما هي السنن المؤكدة ؟
119 س :أنتم تحدثتم عن سنّة الفجر وأنها مؤكّدَة ،والبعض ذهب إلى أنها واجبة ..الن بالنسبة لسنّة
الفجر ،ما حكم صلة سنّة الفجر أثناء صلة المام الفريضة ؟
122 س :ما هي السّنن الراتِبة ؟
128 س :ما هي السّنن المؤكّدة ؟
129 س :سنّة الفجر ..مَن لم يُدرِكها قبل الفريضة ،متى يأتي بها ؟
130 س :ذكرتُم في جوابٍ سابِق أنه ِممّا يُقرَأ في س ّنةِ الفجر الية الثانية والخمسين مِن سورة النعام.
131 س :هل تارك السنّة المؤكّدة يُعتبَر خسيس المنزلة ؟
131 س :ما الفرق بيْن صلة سنّة العشاء وصلة الشفع ؟
132 س :مَن عليه قضاء صلوات ،هل له أن يَشتغِل بها عن السّنن المؤكّدة والرواتب ؟
133 س :السنن الرواتب ،هل تُصلّى في البيت أم تُصلّى في المسجد ؟
134 س :سواء كانت السنن القبلية أو البعدية ؟
134 س :ويَستوِي في ذلك عندكم النهارية والليلة ؟
134 س :هل تُستثنَى المؤكّدات أم الكل يَشمَلها ؟
134 ن خيرَ صلةِ المرءِ في بيتِه إل الـمَكتوبة ) ؟
(:إّ صحّة ما يُروى عن النبي
س :ما ِ
134 س :صلة السنن في النهار أو في الليل ،هل يُسلّم بعدَ كلّ ركعتيْن ؟
136 س :ما حكمُ الصلة قبلَ صلةِ الجمعة ؟ وهل ثبتت صل ٌة بعد صلة الجمعة سواء في البيت أو في
المسجد ؟
139 ن له أن يُصلي في البيت قبل أن يصعد المنبر ؟
س :بالنسبة إلى صلة الجمعةِ الخطيبُ ،هل يُس ّ
140 س :لو نزلنا إلى واقع الناس نَجد أنّ هناك عددا مِن التصرفات يقوم بها بعضُ الناس فالبعض يدخل
11
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
والمام يَخطب فمنهم مَن يجلس ومنهم مَن يصلي والبعض يجلس فإذا سكت المام بيْن الخطبتين قام
فصلى.
141 س :أحد الشخاص قال له بعضُ الخوة " :نصلي سنّة الفجر قبل الفريضة بِخمس دقائق " ،هل هذا
الكلم صحيح ؟
142 س :سنّة السّحور ،هل الفضل أن تُصلّى في البيت أو في المسجد ؟
143 في التشهد الوّل ،هل فيه بأس ؟ س :مَن يصلي على النبي
144 س :ما حكم تكرار الفاتحة في الركعة الواحدة ؟
145 س :سَمع المشاهِدُون والمستمعون فتوى في عدم جواز تكْرارِ التحيات ،هل هذا يَشمل الصلة
في التّشهد الثاني ؟ على النبي
145 س :اللفظة الصحيحة لِلصلة البراهيمية ؟
145 س :قد يَجمع النسان الصلتين ..في هذه الحالة ،هل يأتي بِالسنَن الرواتب ؟
148 س :تَحَدّثتم عن السّنَن الرواتب في حال الجمع ولكن في حال القصر مِن غير جمع ؟
148 ب في القبر ؟
س :ما قولكم في المروي أنّ سعد بن معاذ كان ل َيسْتَبْرئ مِنَ البول ولذلك عُذّ َ
150 س :أرجو بَيَان أصل صلة التهجّد في السنّة ؟ وما مشروعيتها وحُكْمُها ؟ وهل تُؤَدّى جماعة
ويُتّخَذ ذلك عادة ؟ وما وقتها ؟ وكم عدد الركعات ؟ وكيفية أدائها ؟
150 س :مَن يُصلّي هذه النوافل قبل أن يَنام نظرا لنّ النوم في بعض الحيان قد يَثقل عليه فل
يَستطيع أن يَقوم في آخِر الليل فيصليها قبل أن ينام ..العدد الذي ذكرتُم ،هل يَحصل على نفس
الجر فيما لو صلها في نِهاية الليل ؟
150 س :ماذا يُقرأ في السنن الرواتب ؟
152 س :ما تَفسِير الحديث ( :ومَا تَقَرّبَ إليّ عَبْدي ) ...؟
152 س :هَل هناك فرقٌ بيْن سُنّةِ الشروق وسُنّةِ الضّحى أم هي صلة واحدة ؟
153 س :الوتر والشفع منهم من يصليها ثلثا دون فاصل ....؟
153 س :هل له أن يصلي السنة أرع ركعات دون فاصل ؟
153 س :ما حكم صلة التراويح ؟
154 * فتاوى القضاء والعادة للصلة
154 س :ما الفرق بين البدل والقضاء ؟ وما حكم من لم ينو قضاء ول أداء لصلته ؟
154 رجل نسي أن يصلي إحدى الصلوات ثم تذكرها وقد وجبت الصلة التي تليها .فكيف له أن يعيدها ؟
ولو أن هذه الصلة المنسية كانت صلة الظهر ،وتذكرها وقد وجبت صلة العصر والجماعة قائمة.
فكيف تكون صفة إعادة صلة الظهر في هذه الحالة ،علما بأنه ل صلة بعد صلة العصر حتى وجوب
صلة المغرب؟
154 س :من نام عن صلة أو نسيها هل يصلها قضاء أو أداء ؟
12
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
154 س :فاتته صلة الوتر وفي اليوم الثاني عندما كان يصلي مع المام صلة التراويح صلى معه الوتر
بعد التراويح ..الوتر التي فاتته وأجّل الوتر الحالية إلى آخر الليل ؟
155 س :ما حكم الذان والقامة في صلة القضاء ؟
155 فتاوى عامة في الصلة
155 س :التنكيس في القراءة في الصلة كأن يقرأ في الركعة الولى سورة الخلص ثم الركعة الثانية
وسورة متقدمة عليها كالكافرون" ...
155 س :شخص كان يصلي المغرب والعشاء ل يقرأ في الركعتين الوليتين سورة .
156 ما هو القول الراجح في الصلة الوسطى ؟
156 س:يخرج منه الدم في أغلب يومه ..إذا كان هذا الدم يخرج من فمه باستمرار ،فكيف تكون صلته ؟
156 س :سورة العلق وسورة النشقاق ،تجب فيها سجدة ؟
156 س :هل تصح صلة المام إذا قرأ سورة فيها سجدة ولم يسجد ؟
156 س :من قرأ السجدة في وقت تحرم في الصلة ؟
156 س :شخص جمع بين لفظ الصلة البراهيمية ولفظ آخر من اللفاظ التي فيها الصلة على النبي صلى
ال عليه وسلم وذلك في التشهد الخير من الصلة .
157 س :ما حكم القامة للنساء ؟
157 س :رجل يصلي منفردا وبعد أن كبّر تكبيرة الحرام سواء كان ذلك بعد ركعة أو ركعتين أو أكثر أو
أقل تذكر بأنه لم يأتِ بالقامة ؟
158 هل تجوز إقامة متنفّلٍ لصلة مفترضين ؟
158 س :من اكتفى بقراءة البسملة بعد فاتحة الكتاب مع أنه تحفظ شيئا من كتاب ال ؟
158 س :هل تلزم الكفارة لمن ترك الصلة عمدا ؟
158 س :حكم الصلة بين السواري ؟
159 عن الصلة في الطائرة :
)1هل يلزمنا البحث عن مكانٍ للوقوف ؟ أم نصلي جلوسا في مقاعدنا ؟ وإذا صلّيْنا جلوسا فهل
نُرخي أرجلنا أم نجلس جلسة التحيات ؟
)2في بعض الحيان ل نتمكن من إدراك وقت الفجر ،حيث تكون الطائرة مندفعة بسرعة نحو الشرق
،فإذا أبصرنا نور الفجر قد بدأ بالظهور لم نلبث دقائق معدودة حتى نرى الشمس قد طلعت وارتفعت .
ما العمل في هذه المسألة ؟
159 س :إنسان معوق ل يقدر أن يتوضّأ لكل صلة وفي بعض الحيان أثناء الوضوء ربما يلمس ملبسه
شيء من النجاسة ل يستطيع التحرّز منها لنه محمول على كرسي ،فماذا يصنع في مثل هذه الحالة ؟
159 ق الجماعة ليقيم هو صلة أخرى
س :عندما ل يكون الرجل مطمئنا إلى صلة المام ،هل له أن يش ّ
ويحدث بذلك بلبلة في أوساط المصلين أم ماذا عليه أن يصنع في مثل هذه الحالت ؟
13
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
14
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فهل لكم من كلمة توجهونها إلى الناس تحثهم على أهمية تحري الرؤية ؟
170 س :هل من رأى الهلل ثم قَصّر في التصال باللجنة التي أُعِدّت لستطلع الهلل يُعدّ آثما ؟
170 س :البعض يشك في نفسه من أنّ الرؤية ثبتت حقيقة إل أنّ اللجنة-مثل-لم يصلها خبرها فهو يشك
ويقول " :إنّ البلد الفلني قد صاموا فلماذا ل أصوم معهم ؟! " فيصوم استنادا على الشك الذي يوجد
في نفسه ؟
171 رابعا :أحكام الصوم المستحب والمكروه والمحرم
171 س :ما هو الصيام المحرم والمكروه والمستحب ؟
187 خامسا :ما ينقض الصوم وما ل ينقضه
187 س :البخاخ الذي يُستخدم لِضيق ال ّنفَس ؟
187 س :الحبة التي يتناولُها مريض القلب ؟
188 س :امرأة بدأت صيام ثلثة أيام بعد نية نوتها لذلك ولكنها في اليوم الثالث شعرت بشيء يخرج منها
وحسبت أنه حيض فتركت الصيام لكنه بعد ذلك اختفى وبعد ثلثة أيام جاءها مرّة أخرى ،هل يعدّ ذلك
حيضا ؟
188 س :كيف نتعامل مع المدرسات اللواتي ل يتحجبن ؟ وخاصة في رمضان.
188 س :امرأة تغتسل من الحيض في رمضان الكريم وأذّن عليها أذان الفجر وهي ل تزال تغتسل ،كيف
يكون صيامها في تلك الحالة ..هل تنوي مباشرة أو ماذا تصنع ؟
189 س :جدتها كبيرة في السن وتحتاج في تغيير ملبسها إلى أن تستعين ببعض الشخاص سواء كانوا
ذكورا أم إناثا ،فهل يؤثر ذلك على صيامهم عندما يبدلون لها ملبسها ؟
189 س بطعم ذلك الدهن في فمه وهو
س :إذا كان الشخص يتوضأ وفي يده دهن وعند المضمضة أح ّ
صائم ،هل يؤثر ذلك على صيامه ؟
189 س :كثير من النساء يسألن عن استخدام الدهن وما يسمى بـ " الكْريم " أثناء الصيام ،فهل يضر
صيامهن ؟
189 س :شخص توضأ للصلة وبقي في فمه ريق اختلط بماء الوضوء ,ماذا يصنع بذلك الريق ؟ هل له أن
يبلعه ؟
189 س :ما حكم استخدام العطور النفاثَة بالنسبة للصائم ؟
189 س :شخص استيقظ في نهار رمضان وهو على جنابة ،فإذا سارع بالغتسال هل له أن يكمل الصيام ؟
وإذا لم يغتسل ..أهمل الغتسال ؟
189 س :مداعبة الرجل لمرأته في نهار رمضان والحديث معها بكلم الحب والعطف وما شابه ذلك ،هل
يضر ذلك الصيام ؟
190 أحكام القضاء والكفارة
190 ب ما لِشهرِ رمضان ؟ فالمرأة-مثل-التي تَعترِضُها دور ُتهَا الشهرية
س :هل أيامُ القضا ِء لَها مِن الثوا ِ
15
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
16
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
199 س :عنده ولد عمره سبعة عشر عاما لكنه مصاب بمرض فقر الدم-شفاه ال-ولعل هذا المرض
يحتاج إلى علج مستمر ،كيف يكون صيامه في هذه الحالة ؟
199 تاسعا :أحكام عامة
199 س :الحديث الناهي للمرأة عن الصيام بدون إذن زوجها ...؟
200 س :الطفال الذين برغبون في الصيام ..؟
201 عاشرا :فتاوى ليلة القدر
201 س :ليلة القَدْر ،هل هي مِن غروب الشمس أو أنها ...؟
201 س :ذكرتُم أنّه تستدرك ليلة القَدْر في أوتار الشهر الكريم ،فهل أوتار العشر اليام الخيرة أو أوتار
الشهر كاملة ؟
201 ن الوتار
س :ليل ُة القَدْر ،هل هي ليلة واحدة تَدور حول العالَم وهنا يَظهَر إشكال لديه في مسألةِ أ ّ
تَختلِف ..قد يَكون هذه الليلة وِتر في بلد بينما هي ليست كذلك في بلد آخَر ؟
201 س :هل تَختصّ هذه الليلة ..ليلة السابع والعشرين مِن رمضان بِشي ٍء مِن الحكام أو النوافل أو
السّنَن بِحيث تُميّز عن غيرِها ؟
ت له ؟
س :ما هو الراجِح في علماتِ ليلةِ القدر ؟ وهل يَجوز إخبار الصحاب بِهذا إذا تَبيّنَ ْ
عاشرا :فتاوى عامة في الصيام
س :الحديث النّاهِي للمَرأة عن الصيام بدون إِذْن زوجها هل يشمل ما تقْضِيه المرأة من الواجبات ؟
س :الطفال الذين يرغبون في الصيام ،ما هو سن التكليف الشرعي ؟ ومِن متى يُمكن أو يُعوّد هؤلء
الطفال ؟
208 الحادي عشر :فتاوى العتكاف
208 س :ما حكم العتكاف ؟
س :هل لهذا العتكاف شروط معيّنة ؟
س :رجل مريض بالشلل أو ل يستطيع أن يَعتكف في المسجد ،فهل له أن يَعتكف في بيته ؟ وهل
للمرأة-أيضا-أن تَعتكف في بيتها دون المسجد ؟
س :هل يصح العتكاف في مصلّى صغير ل تُقام فيه الصلوات الخمس ؟
س :هل يُستحبّ للناس أن يَعتكفوا جماعيا ؟
ثالثا :فتاوى الزكاة
زكاة النقدين
زكاة الجمعيات
زكاة الدين
17
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
زكاة الفطر
ملخص عام لحكام زكاة الفطر
سَ :نوَدّ-في البداية-أن ُت ْعطُونَا نُبذ ًة ُمخْتَصَرَة عن زكاةِ الفطْر.
ثانيا :وقت وجوبها
س :هل يَجوز تعجيل زكاة الفطر خاصّة إذا كان يَصعب عليه أن َيجِد الفقير في وقت الخراج ؟ فإن
قيل بِجواز ذلك ،هل يُشترَط أن يَبقى متحرّيا حالة الفقير إلى حين صل ِة العِيد ؟ قد يَكون يَرِث أو يَنال
مال فيَنتقِل مِن الفقر إلى الغنى وهذا فيه عليه نوع مِن المشقّة.
س :هل يَجوز أن ُيقَدّم الم سلم زكا َة الفِطْر ق بل موعد ها ؟ خا صة وأ نه يرا عي هذه اليام الفقراء نظرا
لنهم يريدون أن يَشتروا حاجات لبنائهم إذا كان يَتحصّلون عليها نقدا.
س :رجل أخذ بِالقول المشهور وهو إخراجُها بعدَ فجر العِيد ولكن أخرَجها فلم يَتمكّن مِن إيصالها إلى
الفقير وإنما ظلّت مَحجوز ًة في بيته وصلّى صلة العِيد ثم عاد إليها ؟
ت صلة العيد ؟
س :إذا أعطى أحدٌ غيرَه لِيَد َفعَ عنه فتَأخّر المعطى حتى صُلّيَ ْ
س :يُخرِج زكاة الفطر لكنه لم َيجِد لها-مثل-في ذلك الوقت فقيرا أو كان مشغول ..أَحرزَها ثم صلى
صحّ له ذلك ؟
العيد وبعد ذلك أَخرجها ،أَيَ ِ
س :لم يَعلَم عن زكا ِة الفطْر مِن قبل ولم يُؤدّها مِن قبل ،هل يَلزمه قضاء ؟
ثالثا :المقدار المخرج
س :كم هو الوزن في زكاة الفطر ؟
س :وهذا خاص بِالرز ؟
سِ :ممّا يُستخدَم في بلدِنا وفي بعضِ البلدان الطحِين ،هل حكمُه كحُ ْكمِ الرْز في الـمقدار ..صاع
يَزِيد أو يَنقُص ؟
س :لو أنّه استخدَم الكيلوجرامات ،كم يُساوِي الصاع بِالكيلو ؟
ح المطحون ؟
س :ما حكم إخراجِ الزكاة بِالقم ِ
ج القيمة بَدَل مِن هذه النواع التي َذكَرْ ُتمُوها [ ص ] 6-5
س :هناك سؤال يَ َتكَرّ ُر دائما ..عن إِخرا ِ
على اعتبار أنّه المقصُود بِها إِغْنَاء الفقِير في ذلك اليوم ،فهل َتقُو ُم القيمة مقام هذه النواع ؟
س :استنتج مِن خلل أجوبتكم القول بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا ويقول بأنهم يعملون بذلك منذ
سنوات ،فهل يَكون آثِما إن أخرج زكاة الفطر نقدا ؟
ج القيمة نظرا لنهم يَروْن أنّ مصلحة الفقير في هذا الوقت
س :وإن كان الناس يَتشجّعون لخرا ِ
حاجته إلى النقد ؟
18
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :اللحوم بِأنواعها ،هل تُعتبَر مِن غالِب ما يُقتات فيَصحّ إخراجُها زكاة لِلفِطر ؟
رابعا :على من تجب ؟
س :هل تُشرَع فقط على الغنِي أو على كلّ قادِر ؟
س :إخراجها حتى عن الطفال وحتى عن الرضّع ،هل تشمَلهم ؟
س :أيضا الشغالت المسلمات الموجودات في البيوت ،هل يُخرِج عنهنّ صاحب البيت ؟
س :بالنسبة للزوجة أيضا ؟
س :هل يُخرِج المسافِر زكاةَ الفطر في سفرِه أو يَ ْأمُر بِإخراجِها في وطنِه ؟
ع ْولَ السرة بِأكملها بِما فيهم ولدَه وزوجتَه ،في هذه الحالة
س :مَن تزوّج في بيت أبيه ويَتولّى الب َ
مَن الذي يُخرِج زكاةَ ال ِفطْر ؟
س :أَرمَلَة عندَها مجموعة مِن الطفال ل عا ِئلَ لَهم سِواها ،هل تُخرِج عنهم زكا َة ال ِفطْر ؟
خامسا :لمن تخرج ؟
س :تَحدّثْتُم عن الفقير الذي َتجِب عليه الزكاة أو ل َتجِبُ ،نرِيدُ منكم أن تُحدّثُونا الن عن الفقِير الذي
تُدفَ ُع إليه الزكاة على اعتبار أنّ عددا مِن الناس قد يَكون لد ْيهِم راتب محترم لكن عَدَد الذين َيعُولُونَهم
كثِيرُون أو ل يَس َتطِيعُون أن يُوفوا مُتطلّبَات الحياة ،فهل هؤلء ُفقَراء ؟
ي مَقصورَة على الفقراء والمساكين أو أنّها تُعطى في مصارِفِ زكا ِة المال ؟
س :هل ه َ
رس :زكا ُة ال ِفطْر ،هل تُعطى لِشخصٍ واحد ؟
س :هل يُمكِن أن تُدفَع إلى أسرة واحدة أم لبد مِن حساب عدد أفرادها ؟
س :هل يَجوز إعطا ُء زكاة الفطر لِلوالدة أو الشغّالة ؟
سادسا :أحكام عامة في زكاة الفطر
س :إذا أَخرَجَ النسانُ زكاةَ ال ِفطْر عن أحدٍ قبل أن يُخبِرَه ثم أَخبَرَه بع َد أن دَ َف َع الزكاة ،هل تَبْ َرأُ ِذ ّمةُ
ذلك الـمُخرَج عنه ؟ علما بِأنه لَم يَ ْن ِو تلك العبادة.
س :هناك مَجموعةٌ مِن المتبرّعِين هيّؤوا أنفسَهم لِجمْعِ الموال مِن الناس قُبَ ْي َل العِيد مِن أجْلِ أن
يَشتَرُوا بِها أرْزا يُوزّعونَه على الفقراء ،فهل يُجزِي هذا النسان أن يُعطِيَهم ذلك المبلَغ حتى َيقُومُوا
عنه بِتوزيعِ هذه الزكاة وهم ثِقات كما يَقول ؟
فتاوى عامة في الزكاة
س :إذا كان لديه مبلغ من المال ،هل ينتظر أن يحول عليه الحول حتى يزكيه ؟
س :من وجبت عليه زكاة الذهب ولم يجد ما يزكي به إل أنه كان يتصدق على أهل بيته بمبلغ في كل
شهر ،فهل عليه أن يجمع ذلك المبلغ ليزكي به ؟
س :هل يشترط للمزكي بأنه إذا أراد أن يعطي زكاته للفقير أن يخبره أن هذه زكاة ؟
س :عليها زكاةُ َذهَب وزوجُها مَدِين ،هل لها أن تُعطي زكاتَها لِزوجِها ؟
س :أَخرَجَ أكث َر مِن القدر الذي َيجِب عليه مِن الزكاة بِنِية الزكاة لنه أَخ َرجَها قبلَ أن يحسب ماله
19
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
20
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
بأس ف الشواهد وقد قواه الزيلعي والافظ ابن حجر ووهم اليثمي ف إسناده فضعفه لجل ذلك وله شاهدان
مرسلن من طريق السن البصري وأب عثمان النهدي هذا ومن الدير بالذكر أنّ هنالك أدلة أخرى تدل على
جواز إمامة التنفل بالفترضي غي ما ذكرناه هنا وقد ذكرت واحدا منها ورددت على اعتراضات من اعترض على
الستدلل بديث معاذ رضي ال عنه ف رسالة كتبتها ف بعض أحكام الستدراك ونبهت هنالك على أنّ الروج من
اللف ف هذه السألة ونوها حسن إذا أمكن الصي إليه وال ول التوفيق .
س :إذا سهى المام في قراءة القرآن وبدّل آية رحمة بآية عذاب أو العكس مثل قال" :إن البرار لفي جحيم أو
قال" :إن الفجار لفي نعيم " .فما حكم صلته وصلة من خلفه ؟
الواب :ذهب المهور إل أن صلتم جيعا فاسدة والصحيح عندي أنا صحيحة ول سيما إذا كان قد قرأ غيها
ما يتم به العن .وال أعلم .
س :إمام وقف أو سكن بعد قوله تعالى" :ويل للمصلين " ما حكم صلته ؟
الواب -:أولً ل ينبغي له ذلك ف الصلة ول ف غيها ولكن إذا وقع منه ذلك فإنه ل يؤدي إل البطلن إن شاء
ال .
س :إن دخل رجل المسجد وكبر تكبيرة الحرام ولمّا جلس سلم المام ولم يقرأ معه شيئا .فماذا يصنع ؟
الواب -:
أولً ل يلوا هذا الأموم أو هذا الذي دخل إما أن يكون مسافرا أو مقيما وكذلك المام إما أن يكون مسافرا أو
مقيما فإن كانت صلة الأموم وصلة المام متحدة بأن كان كل منهما يصلي سفرا أو كان كل منهما يصلي
حضرا فيكمل هذا الأموم صلته ول شيء عليه اللهم إل إذا أقيمت جاعة فإنه يقطع صلته ويصلي مع تلك الماعة
.أما إذا ل تقم جاعة فإنه يكمل صلته ول شيء عليه
وإما إذا كان المام يصلي حضرا وكان هذا الذي دخل يصلي قصرا فإنه نوى أن يصلي أربعا أو نوى أن يصلي
بصلة ذلك المام ففي هذا الال لبد من أن يقوم ويكب تكبية الحرام بل الول أن يقيم للصلة وأن يوجه وأن
يكب للحرام لن فعله هذا سيخالف ما نواه .وال تعال أعلم .
س :جاء رجل ووجد الصف مكتملً وجذب شخصا على يمين الصف وشماله ؟
الواب -:
صلة الرجلي باطلة لن الشرط أن يوسطوا المام .وال تعال أعلم
س :من وجد الجماعة في التشهد الثاني ؟
الواب -:
اختلف العلماء ف ذلك .
22
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
بعض العلماء يقول ل يدخل مع المام بل ينتظر حت يد جاعة أو يصلي هو بفرده .
وذهبت طائفة إل أنه يدخل لنه قد أدرك الماعة والديث يقول "ما أدركتم فصلوا" وهذا قد أدرك شيئا من تلك
الماعة ولكن الولي يقيدون ذلك بديث "من أدرك ركعة فقد أدرك الصلة" .فقالوا هذا الطلق الذي فيه
يقول " :فما أدركتم فصلوا" مقيد " من أدرك ركعة ف الصلة فقد أدرك أو من أدرك ركعة ف الصلة فقد أدرك
الصلة" .
وبعض العلماء يقول إن المعة لبد من أن يدرك الركوع من الركعة الثانية فإن ل يدرك تلك الركعة فإنه يصلي
ظهرا أما بالنسبة إل الصلوات الخرى فإنه إذا أدرك ولو جزءا بسيطا فإنه يكون مدركا لتلك الصلة .
لشك أن السلم أن من ل يدرك الركعة الخية ووجد جاعة أخرى فإنه يقطع تلك الصلة الت دخلها ف التشهد
الخي أو ف السجود أما من ل يد جاعة ثانية فذلك ل يؤثر عليه بل يواصل صلته هذا إذا كانت صلة الأموم
متحدة مع صلة المام ..
أما إذا كانت صلة الأموم تتلف عن صلة المام كأن يصلي ركعتي فإنه لبد من أن يعيد الصلة من أولا ذلك
لنه عندما دخل كان ناويا بأن يصلي أربعا أو كان ناويا أن يصلي بصلة المام وهنا ل يدرك صلة المام فعليه أن
يعيد الصلة من أولا .
فإذن -:إذا وجد الماعة فيقطع الصلة الت دخل فيها ف التشهد الخي أو ف السجود ويدخل مع الماعة الديدة
وإن ل يأت جاعة جديدة فإنه يكمل صلته إل إذا اختلفت صلته عن صلة المام فإنه يعيد الصلة من أولا أي
ينوي ويكب إل آخره .وال تعال أعلم .
س :إذا كان المأموم مقيم والمام مسافر ؟
الواب -:
الحوط أن يعيد الصلة من أولا .
س :إمام سهى في صلة المغرب وسلم بعد التشهد الول ولم يسبح أحد من المأمومين له فبعضهم سلم وبعضهم
لم يسلم وبعضهم تكلم فما حكم صلة كل من المام والمأمومين ؟
الواب -:
أما الذي ل يتكلم وانتبه بعد ذلك وواصلوا صلتم فصلتم صحيحة مثل :انتبه واحد ونبه المام أو انتبه المام
نفسه وواصل الاصل ل ير كلم ول التفات ويكون السكوت خفيفا ليس طويل فهؤلء ل إشكال ف صلتم
بشرط أن يكونوا قد سلموا سهوا أما إن كانوا على يقي بأن المام أخطأ ومع ذلك سلموا فصلة من سلم وهو
متيقن بطأ المام صلته باطلة وعليه أن يتوب إل ال ويعيد صلته .
أما بالنسبة إل من تكلم فهذه فيها أخذ ورد تتاج نظر وتأمل حت نتأمل وننظر جيدا ف الديث الوارد لن العلماء
فيه كلم كثي ولبد من التأمل فيه فإذا احتاطوا وأعادوا صلتم حت يتبي المر فحسن إن شاء ال .
-هل يسجد في هذه الحالة قبل السلم أم بعد السلم ؟
23
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :إذا انتقضت صلة الشخص الذي يصلي سترة خلف المام هل تنتقض صلة الصف الول ؟
الواب -:
أما إذا شاركه ف السترة أحد مثل اشترك اثنان ف السترة وانتقضت صلة أحدها فل بأس على من يصلي خلف
المام أما إذا كان ل يشاركه أحد بأن كان قد أخذ قفوة المام تاما ففي السألة خلف بي أهل العلم هل ينقض
صلة من يصلي ف ذلك الصف تد القوال ف العقد الثمي .وال تعال أعلم .
س :إذا قام المام بعد الركعة الثانية ولم يجلس للتشهد وسبح له المأمومون ؟
الواب -:
ذهبت طائفة من أهل العلم إل أنه يب عليه أن يرجع فإن ل يرجع فإن صلته فاسدة وهذا الرأي هو الذي كان
يذهب إليه المام نور الدين رحه ال تبارك وتعال وذهبت طائفة من أهل العلم إل أنه إن كان قد أطمئن ف وقوفه
فل يرجع أما إذا كان ل يطمئن بأن كان ف بداية قيامه أي ل ينتصب قائما فإنه يرجع وهذا الرأي هو الرأي
الصحيح وهو الذي ذهب إليه المام الليلي رحه ال فقد أجاب با يقتضي ذلك إن صح الديث ووقع له هو رحه
ال ول يرجع مع أنه قد نبه إل ذلك وسجد للسهو وهو الذي يدل له الديث كما قلت ويسجد للسهو ف هذه
الالة بعد السلم على الصحيح .
س :من صلى نافلة خلف من يصلي فريضة المغرب كيف يصنع ؟
الواب -:
24
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
نن نعرف أن من صلى نافلة خلف من يصلي فريضة ثنائية أو رباعية فالمر سهل يتابعه ف الثنائية أو ف الرباعية ول
أشكال ف المر .
بقي كيف يصلي لو كان المام يصلي صلة ثلثية كفريضة الغرب وكالوتر أيضا ثلث ركعات ؟.
منهم من يقول يصلي ثلث ركعات .
ومنهم من يقول أنه يتبع ذلك بركعة رابعة عندما يلس المام التشهد الثان يلس الأموم صامتا ل يأت بشيء ث يأت
بالركعة الرابعة ويفعل كما يفعل القيم أن لو صلى خلف إمام مسافر ..
وهناك قول ثالث أنه ل يصح أن يصلي خلفه أبدا.
وهناك قول رابع وهو أنه يصلي ركعتي وينهي صلته وهذا أضعف تلك القوال كذلك القول بالنع فيه ضعف فيبقى
أقوى القوال إما أن يزيد ركعة أو يصلي خلفه ثلثا وإن زاد ركعة فحسن بشيئة ال تبارك وتعال .وال تعال أعلم
س :صلى إمام وعن يمينه شخص كما هو السنة وجاء بعد ذلك شخص آخر ولجهله بالسنة وقف عن يمين ذلك
المأموم فهل للمام أن يتقدم أو أن يقوم بتأخير المأمومَين أو أن يقوم المأموم الول بالتأخر ويؤخر ذلك الشخص
معه ؟.
الواب -:
نعم للمام أن يقوم بدفع الشخصي خلفه كما فعل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم وللمأموم الول أن يتأخر
وأن يقوم بذب ذلك الشخص معه أيضا فهذا ل يضر إن شاء ال تبارك وتعال أما أن يتقدم المام فهذا ما ل ينبغي
إل إذا كان الكان ل يتسع للمأموم ولكن لو وقع ف الاضي فل شيء عليه لكن المام ل ينبغي أن يتقدم لنه هو
التبوع .وال تعال أعلم .
س :إمام أسر في صلة جهرية وتذكر في نصفها ؟
الواب -:
يهر من ذلك الوضع الذي انتبه فيه .وال تعال أعلم .
س :شخص أمّ ناسا ويقوم بأعمال كمثل النذر للقبور .فهل تجوز الصلة خلفه ؟
الواب -:
على كل حال من يقوم بالنذر للقبور أو للشجار أو للحجار أو للمساجد أو لي شيء من تلك الشياء ل يلو من
أحد أمرين أثني إما أن يعتقد بأن هذه الشياء تنفع وتضر بنفسها وهذا والعياذ بال أمره خطي وللشيخ صال جواب
طويل هناك فارجع إليه ففيه فائدة بشيئة ال تبارك وتعال
وإما أن يكون يعتقد بأن ال تعال هو الضار النافع ولكنه يعتقد بأنه هناك جاعة من الن أو ما شابه ذلك يدفع لم
تلك الذبائح أو تلك الأكولت من باب اتقاء شرهم أو ما شابه ذلك لشك بأن هذا ل يصح ولكن ل يكن أن
25
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
نكم عليهم بالروج من السلم إل حضية الشرك بل نبي له أنّ هذا المر ل يوز ول يصح وأنه يب عليه أن
يرجع إل ربه ويتوب إليه ما وقع فيه فإذا كان من القسم الول فهو خارج من السلم والعياذ بال تبارك وتعال ول
شك بأنه ل يصلى خلفه ول يكم عليه بشيء من أحكام السلمي أما إذا كان من القسم الثان فهو فاجر إن ل
يرجع إل ربه وقد علمت حكمه .وال تعال أعلم .
س :مأموم دخل المسجد وكبر للحرام واستعاذ وبمجرد انتهائه من الستعاذة انتهى المام من قراءته الفاتحة
فماذا يصنع ؟
الواب-:
الذي نأخذه به أنه يؤجل الفاتة ويقضيها بعد ذلك .وال تعال أعلم .
س :إمام يصلي قائما ثم إنه أصابه المرض واضطر للجلوس وجلس فهل أيضا يجلس المأمومون ويصلون خلفه
جلوسا أم أنهم يواصلون الصلة على حالهم السابق أي أنهم يصلون قياما ؟
الواب :الصحيح أنم يصلون قياما .وال تعال أعلم .
س :الصبي الذي ل يفقه أمور الصلة هل إذا كان في وسط الصف يكون قاطعا للصف أو الصلة؟
الواب -:
على كل حال إذا كان الصب يصلي فهذا ل يضر أن يكون ف وسط الصفوف .
وأما إن كان الصب ل يصلي أبدا مرد أنه يقف جنب أبيه أو ما شابه ذلك الاصل ل يأت بالصلة فالصل أنه ل
يصف مع الصلي بل ينهى عن ذلك لكن لو وقع ذلك فل نقوى على القول إنه يقطع الصلة لنه سد تلك الفرجة
ول يقف الشيطان والعياذ بال فيها فهو ليس أشد من السارية الوجودة ف السجد .وال تعال أعلم .
س :هل للمرأة أن تؤم بالنساء ؟
خلف بي أهل العلم
بعضهم قال :ل تؤم بالنساء إطلقا ل فريضة ول نافلة
وقيل :تؤم ف النافلة دون الفريضة
وقيل :تؤم ف النافلة والفريضة .وهذا القول عليه أبو ممد وأبو اسحاق ورجحه قطب الئمة وهو الصحيح عندي
,ولكن أقول مع ذلك ل يتخذوا ذلك عادة فالصل أن تصلي مفردة .وال تعال أعلم .
س :إذا أراد الرجل أن يصلي بزوجته في البيت فهل له أن يصلي بها الفرض وإذا كان له ذلك فأين تكون في
اليسار أم في اليمين ؟
ج :أما الفرض فالصل أن يُصلى ف السجد إل إذا كان النسان معذورا بعذر شرعي فإذا كان معذورا بعذر شرعي
له أن يصلي بزوجته أو بغيها من هم ف البيت وقد اختلف العلماء ف الوضع الذي تقف فيه الرأة ذهب بعضهم إل
أنا تقف منه ف جهة الشمال حت تكون مالفة لوقوف الرجل ث إنه يكن أن يأت رجل فيقف عن يي المام وتتأخر
تلك الرآة إل اللف ول تتغي من الهة الت كانت واقفة فيها .
26
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وذهب بعض العلماء إل أنا تقف خلف المام وذلك لا ثبت ف الديث عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه
وسلم من طريق أنس رضي ال تعال عنه عند الربيع وغيه من أئمة الحدثي أن أنسا رضي ال تعال عنه وذلك
الرجل الذي كان معه وقف خلف النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ووقفت الرأة خلفها ول يأت أنا
وقفت عن شال المام أي ف الهة الشمالية ول جهة اليسار ول ف جهة اليمي وإنا وقفت خلف المام على
حسب ما يفهم من الرواية وأرى أن هذا الرأي وهو أنا تقف خلف المام هو الرأي الصوب ول يقال بأنه معارض
للحاديث الت فيها النهي أن يقف الشخص خلف المام منفردا ول الحاديث الت فيها أن ابن عباس رضي ال عنه
صف عن شال النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ث حوله عن جهة اليمي وكذا بالنسبة إل الرجل الذي
كان يصلي إل غي ذلك فهذه الحاديث ل تعارض فيها لن هذه القضية تتص بالرأة وتلك القضايا تتص بالرجال
1
ول يكن أن يقاس هذا الكم على الكم الخر بينهما وصلى ال على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه وسلم .
س :سمعنا منكم في دروس سالفة 1أنّ العلماء قد اختلفوا على عدّة أقوال في مَن دخل المسجد و َوجَدَ الصفّ قد
اكتمَل ماذا يَصنع ،وسؤالي حول الرأي المختار عندكم في هذه المسألة لِعموم البلوى بها ،ولم ل يكون حديث
رأى رجل وابصة بن معبد-الذي هو عند الترمذي وأحمد وحسّناه وأبي داوود وغيرهم الذي فيه أنّ النبي
ت معهم أو اجْتَ َررْتَ رجلً "-وحديث:
يُصَلّي خلف الصفّ وحدَه ف َأمَرَه أن يُعيد الصلةَ وعند غيرهم زيادةَ " :ألَ دخلْ َ
صلً في هذه المسألة أم أنّ هذه الثار
" فل صلة لِفرد خلف الصف "-عند ابن ماجة وابن حبان وأحمد-فَيْ َ
ل تَصح ؟ َألَ يُمكِن أن يُقال يا شيخنا أنّ قصّة أبي بكرة رخصة تُبذَل لِلجاهل الذي ل يَعرف الحكم في هذه المسألة
؟
-1مِن ذلك جوابه على السؤال الول مِن حلقة 8رجب 1423هـ ( 15سبتمبر 2002م ) وهذا نصّ السؤال مع جواب
الشيخ عليه:
ف الول ؟ س :ما حكم صلة المنفرِد خَلفَ الص ّ
ن الذي ُيصَلّي منفرِدا خلف الصف ل يَخلو مِن أحد أمرين: ج :إ ّ
-1إما أن َيجِد الصفوف قد امتلتْ ول َيجِد مكانا يَقف فيه في تلك الصفوف التي أمامه.
-2أو أنه ل َيجِد تلك الصفوف مُمتلِئة بل َيجِد فراغا َيتّسع له:
أما المر الثاني فإنه ليس لحد أن يُنشِئ صَفّا جديدا إذا كان َيجِد-كما قلتُُ -م ّتسَعا في واحد مِن الصفوف المامية بل عليه
ن ذلك ن ظنّا قويا بأ ّ
ظّظرَ و َ
ن صلته باطلة اللهم إل إذا َن َ س ذلك الصف ،وإذا صَلّى منفرِدا فإ ّ أن يَتقدّم ويُصلّي في نف ِ
الصف قد امتل ثم أنشأ صفا جديدا فإنه سيأتي الكلم عليه في القسم الذي يَلي هذا القسم ..هذا هو القول الذي ذهبت إليه
طائفة كبيرة مِن أهل العلم ،وهو الذي تُؤيّده السنّة وتَدلّ عليه دللةً صريحة ،وإذا ثبت عن النبي-صلوات ال وسلمه
عليه وعلى آله وصحبه-أم ٌر أو نهيٌ فإنه لبد لِلمسلم مِن أن َي ْم َتثِل ذلك الحديث ..نعم يُعذَر مَن خالَف الحديث لنه يُمكِن
ن بِأنه هو الرْجَح أو أنه اطّلَع عليه ولكنه لم يَثبتْ معه ،أما مَن اطّلَعَ على أنه لم َيطّلِع عليه أو أنه رأى دليلً يُخالِفه وظَ ّ
الحديث وثبتَ لديه أو ثبتَ عند العلماء وهو لم يَكن في درجتهم فإنه عليه أن َي ّتبِع ذلك الحديث عن النبي-صلوات ال
وسلمه عليه-مع الجزْم ِب ُعذْر أولئك العلماء الذين خالَفوه ولكن-كما قلتُ-ل َيسَعُ النسانَ أن يَأخذَ بِشي ٍء يُخالِف السنّة
الصحيحة الثابتة عن النبي صلوات ال وسلمه عليه ..نعم إذا تَرجّح لديه شيء مِن الدلة الخرى على ذلك الدليل فإنه
في هذه الحالة ل ُي َع ّد مخالِفا لِذلك الدليل ،لنه أَخذ بِدليل يَرجح على ذلك الدليل ،وكذلك ليس لِجماعة مِن الناس مِن اثنين
فصاعدا أن يُنشِؤوا صفّا جديدا إذا كان الصف المامي لم يَكتمِل بل عليهم أن يَصفّوا في ذلك الصف حتى يَمتلِئ فإذا
امتل فإنه في تلك الحالة يُؤمَرون بِأن يُنشِؤوا صفّا جديدا.
ج َد الصفوف مُمتلِئة ولم َيجِد مكانا أما القسم-الثاني أو-الول-لننا َذكَرْنا هذا القسم بأنه هو الول-فهو إذا دَخلَ إنسانٌ و َو َ
يَصفّ فيه في تلك الصفوف فإنّ أهل العلم قد اختلفوا في هذه المسألة على عدّة أقوال:
جرّل المسجد ليس له أن يُنشِئ صفّا جديدا بل عليه أن يَقوم ِب َ ن هذا الشخص الذي َدخَ َ ذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أ ّ
ف المتأخّر ويَصف هو وذلك الشخص خلْف المام مباشَرة ،واحتجّوا على ذلك بِحديث مروي شخصٍ مِن الص ّ
ن ذلك الحديث ل يَثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه وإن كان قد جاء مِن أكثر عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه-ولك ّ
ن تلك الطرُق مِن الضعف بِمكان فل تَصلُح لن تَصل إلى درجة الـحُجية ،كما هو مُ َقرّر عند أئمّة العلم. مِن طريق ل ّ
ن ذلك الشخص يَصفّ منفرِدا خلْف المام ،إذ إنه مأمور بِالدخول مع المام ومنهي وذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أ ّ
ف صفّا منفرِدا فجَ َمعُوا بيْن الحاديث التي فيها النهي عن أن يَصفّ النسان وحده وبيْن الحاديث المِرة عن أن يَص ّ
حمَلوا الحاديث الناهية على ما إذا كان في الصفوف متّسعًا َي ّتسِع لِذلك الشخص أما إذا لم بِالدخول في صلة الجماعة َ ..
ن ذلك النهي ل يُحمَل عليه ،ولهم أدلة أخرى. َي ّتسِع ذلك الصفّ لِذلك الشخص فإ ّ
وذهب بعض العلماء إلى أنه يَحتَال حتى يَصفّ عن يَمين المام ..أي َيتَقدّم َ ..يتَخطّى تلك الصفوف إن أمكنه بِحيث ل
ص آخر. يَض ّر بِأح ٍد مِن المصلين ويَصفّ عن يَمين المام ،أما إذا لم يَتمكّن مِن ذلك فإنه يَنتظِر حتى يَدخُل شخ ٌ
خ َذ بِواح ٍد مِن هذه القوال فل شيء عليه-بِمشيئة ال-تبارك وتعالى؛ وال-تبارك فالمسألة خِلفية-كما سمعتُم-ومَن َأ َ
وتعالى-أعلم.
س :إذا صفّ أحدٌ خلْف المام منفرِدا وأمضى صلتَه على هذه الصورة ثم جاء رجل آخر ..في هذه الحالة
الرجل الثاني الذي التحَق مؤخّرا ،ما حكم صلته ؟
28
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :لو كانت هذه الحاديث متّفَقا عليها مِن حيث الصحةُ ومِن حيث الدللة لكانت-نعم-قاطعةً لِلناع ،ولكن هذه
الحاديث منها ما هو متلَف فيه مِن حيث الدللة ومنها ما هو متلَف فيه مِن حيث الثبوت.
أما أحاديث الر فهي ل تَثبت عن النب بِحال بل هي ضعيفة جدا.
وأما الحاديث الخرى فمنها ما هو ثابت ،ولكنّ بعض العلماء الذين يقولون " :إنه يُنشِئ صفّا جديدا أو أنه يَتقدّم
إن أمكنه ويَقف عن يَمي المام " يقولون :تلك الحاديث ممولة على ما إذا كانت الصفوف غي مكتمِلة بِأن وَجَدَ
النسان مكانا يقف فيه أما إذا كانت تلك الصفوف مكتمِلة فإنه ليس له أن يَقوم بِجرّ أحدٍ وذلك لنّ ذلك مِن
العتداء على ذلك الشخصِ فقد يُح ِدثُ له بلبلةً وارتباكًا ول يَدري لِماذا ُجرّ ،وقد يَكون ذلك الشخص جاهل ل
ت ضيق ل يَدري ماذا يَصنع إذا َجرّه غيه وأيضا ستَبقى هنالك فرجة ف ذلك الصف إل غي ذلك مِن المور ،والوق ُ
يُمكِن أن أَُفصّل الكلم فيها ،وقد ذهب إل هذا القول جاعة مِن أهل العلم ومِن كبار التأخّرين ..ذهب إليه العلّمة
أبو نبهان وابنه الشيخ ناصر-رحهما ال تعال-ولِلشيخ ناصر ف ذلك جواب مفصّل إل أنّ الوالِد يَذهب إل أنه
يُمكِن الر ولكنه ل دليل عليه فإن َجرّ وإل فل بأس ،أما البن فل يَرى الرّ بل يرى أنه يَقف خلف الصف.
وهذه السألة تَحتاج إل جواب طويل جدا بِذِكْر أدلتهم ،وعلى كل حال فالسألة كما ترى متلَف فيها بيْن أهل
العلم وليس فيها دليل قاطع لِلناع؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
ج :أوّل َي ْن َبنِي على الخلف السابق:
ن ذلك المر الذي ن مَن َدخَلَ يَصفّ معه ،ل ّ ن ذلك جائز له " فإ ّ فعلى رأي مَن يَقول " :إنه يَصفّ منفرِدا خلْف المام وأ ّ
ل يَصفّ معه. ن مَن َدخَ ََفعَلَه صحيح ل غبار عليه وصلتُه صحيحة وعلى هذا فإ ّ
ف المتأخّر ويَصف هو وذلك الشخص جرّ شخصا مِن الص ّ وأما على رأي مَن يقول بِخلف ذلك وهو " :أنه لبد مِن أن َي ُ
ح لحد أن يَصفّ معه ن صلتَه-مع هذه الطائفة-باطلة وعليه ل يَص ّ ف منفرِدا فإ ّ
خلْف المام مباشَرة " فلم َيجُ ّر بل صَ ّ
شرَعَا في الصلة مِن جديد ..أي أَ ْلغَى ما َفعَلَه مِن قبل إذ ل قيمة له وابتدأَ الصلة ن ذلك ل يَصح و َ اللهم إل إذا بيّن له بأ ّ
ن صلتَهما صحيحة. مع مَن َدخَل فإ ّ
ن بعضَ الذين قالوا " :إنه يَصفّ خلْف المام منفرِدا " في هذه الحالة قالوا " :إنه يَتقدّم حتى هذا ومِن الجدير بِال ّذكْر أ ّ
يَلتصِق بِالصفوف وعندما يُريد أن يَركع أو يَسجد َيتَأخّر فإذا انتهى مِن الركوع والسجود تَقدّم " ،وهذا القول قولٌ
ضعيف ،لنه يَقتضي هذه الحركة التي ل دليل عليها ،فإذن إما الخذ بِرأي مَن يَقول " :إنه يَصفّ منفرِدا خلْف المام
ث الذي َو َردَ على مشروعيته-أي ن ذلك جائز له " أو الخذ بِرأي مَن يقول بالـجَر وهو وإن كان ل يَصح الحدي ُ وأ ّ
مشروعية الـجَر-فإنّ الذين قالوا بِذلك َتَأيّدوا على ذلك بِأنّ هذه الحالة حالة ضرورة والنسان منهي عن أن يَنفرِد في
خ َذ بِالـجَر فهو قول كثي ٍر مِن
صَفّ دون غيْره فأجازوا له أن َيجُر لجل هذه الضرورة وإن كان الحديث ل يَصح ،فإذا َأ َ
أهل العلم وله أيضا وجه؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س :ذكرتُم بِأنه عندما َيجُرّ َرجُلً يَذهب به مباشَرة خلْف المام ..الكثير مِن الناس ل يَصنَعون هذا إنما
َيجُرّونَه في نفس المكان الذي يَخرُج منه ثم يَصفّون معه ،في هذه الحالة ما الحكم ؟
ت بِصحيحة. ج :ل ..هذا ل يَصح ،فصلةُ هؤلء ليس ْ
س :حتى ولو كان المسجد كبيرا ؟
ف بل َيجُر مِن موض ٍع آخر لكن ليس مِن خلْف المام مباشَرة و َيصُفّ معه خلْف ج ّر مِن طرف الص ّ ج :ل يَلزَم أن َي ُ
جرّ والتّأخّر وقطْع مسافة- المام ،فل يَحتاج إلى قَطْ ِع مسافةٍ طويلة وبع َد ذلك الصف يَلتحِم ،وهذه المحذورات-وهي الـ َ
راعاها مَن قال بِأنّ لِلنسان أن يُنشِئ صفّا جديدا خلْف المام ما دام ليس هنالك دليل يَدلّ على مشروعية الـجَر مع ما
يَترتّب عليه مِن مفاسد.
ئ صفّا جديدا خلْف المام منفرِدا ؟ س :معنى ذلك أنه يُنشِ ُ
ج :هذا رأي طائفة كبيرة مِن أهل العلم.
29
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
30
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
تبارك وتعال-يُهيّئ لم الربح من حيث ل يشعرون ..ننصح أولئك بأن يسمحوا لم بذلك ،فإن تعذّر المر وكانوا
مضطرّين للعمل فعسى أن يُرخّص لم ف الصلة ف هذا الصلى ،أما إذا كان يُمكنهم أن يذهبوا إل السجد فل؛
وال أعلم.
س :بعضهم يخاف على رزقه من أن يُقطَع بسبب هذه المور ؟
ج :على كل حال؛ كما قلتُ.
س :دعاء المام جهرا وتأمين الجماعة ،هل َورَدَ في ذلك شيء ؟
ج :هذه السألة فيها خلف بي أهل العلم:
مِن أهل العلم مَن ذهب إل أنه إذا دعا المام فإنّ الأمومِي أو مَن شاء منهم يؤمّنون على دعاءِ ذلك المام إذا كان
ذلك الدعاء لمرٍ دنيوي أو كان لمرٍ أخروي إذا كان ذلك المام رَجُل صالِحا متّقِيا لِربّه تبارك وتعال ،أما إذا كان
ذلك الشخص مهول أو كان فاسِقا فإنه ل يُؤ ّمنُ على دعائِه إذا دعا بِخيْر أُخروِي لَه أو كان داخِل فيه.
وبعض العلماء ذهب إل أنّ كلّ شخص يَدعو لِنفسِه فالمام يدعو لنفسه وغيه يشتغل بالدعاء لنفسه ول يلتفت إل
التأمي.
والسألة المر فيها يسي ول ينبغي التّبْدِيع والّتضْلِيل أو الّتحَامُل على مَن قال بِهذا الرأي أو بذلك الرأي ،فإذا اشتغل
النسان بنفسه ودعا أو ذكر ال تبارك وتعال ..أتى بتلك الذكار والدعية الواردة عن النب-صلى ال عليه وعلى
آله وسلم-ولَم يشتغل بدعاء المام فذلك فيه خيْر وبركة بشيئة ال تبارك وتعال.
س :إذا كان المام مَجهول الحال هل يصح أن يؤمّن الشخص ويستحضر في نيته تَخصيص ذلك أو تعليق أمر
إجابة الدعوة أو التأمين إن كان هذا المام صالحا ؟
ج :هو-حقيقة-قضية التقدِيرات هذه فيها ما فيها لكن الصْل لو دعا النسان بِدعاء لشخص مَجهول فإنه يدعو
لِعموم السلمي فإن كان ذلك الشخص من أهل الصلح فإنه سيدخل ف عموم السلمي ..إذا طلب-مثل-شخص
من شخص أن يدعو له وهكذا ف صلة النائز-مثل-إذا كان يريد أن يصلي على شخص مَجهول فإنه يدعو بدعاء
عام ..إذا كان ذلك الشخص من أهل الصلح فإنه سيدخل ف ذلك العموم ،وكذلك لو صلى على شخص فَاسِق
فإنّه يدعو لعموم السلمي فإن ذلك الشخص الفاسق إذا كان مات على توبة صادِقة فإنه سيَدخل ف ذلك العموم ..
هذا الذي ينبغي أن يُسلَك؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :إذا كان المام ينظر إلى شاشة أمامه فيها آيات القرآن الكريم ويقرأ منها أثناء الصلة ،هل يصح له ذلك ؟
الواب :ل ،ل يصح له ذلك ،لنّ ذلك يتناف مع الشوع ،فمن اشتغل بالقراءة من شاشة أو من أوراق أو ما شابه
ذلك فل شك بأنه سيترك الركن العظم الشوع ،الذي يقول فيه النب ( :والشوع عمود الصلة ).
ال-تعال-عليهم ،ول أرى أن أطيل القام بذكر تلك الروايات مع الكلم على الصحيح والضعيف منها ،إذ إنّ ذلك
من الشهرة بكان ول عبة بالضعيف-كما هو العلوم-إل إذا كان ما يكن أن يرتقي بغيه من الروايات الثابتة،
وعلى كل حال ففي الصحيح الثابت عنهم-رضوان ال تعال عليهم-ما يغن عن الضعيف ،وقد نصّت طائفة كبية
من أهل العلم على أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-قد لزم القصر 1ف جيع أسفاره ،ومن ذكر ذلك ابن
رشد ،وذكره-أيضا-الصاص وابن قدامة وابن القيّم وقبله شيخه ابن تيمية ،وذكره كذلك ا َل ْقبِلِي والشوكان
وجاعة كبية ،وذكره من علمائنا المام السالي والشيخ اليطال وآخرون ،وف هذا ما يدل دللة واضحة على
الوجوب ،وإل لو كان المر يقتضي الواز لترك القَصر-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ولو مرة واحدة ليبيّن
لصحابه أنّ ذلك ليس على الوجوب ،أو لفصح عن ذلك بلسانه ،أما أنه قد لزم القصر ول يذكر بأنّ ذلك ليس
على الوجوب فل يكن أن يقال :إنّ ذلك ل يدل على الوجوب وإنا هو على الواز فقط؛ أما الروايات الت تدل من
جهة القول على الوجوب فهي كثية ،من ذلك
ما جاء عن السيدة عائشة-رضي ال تعال عنها-أنا قالت " :فرضت الصلة ركعتي ركعتي فأُِقرّت ف السفر وزيد
ف صلة الضر " وله ألفاظ متعيّنة ،ومثله حكمه الرفع ،وهذا الديث رواه المام الربيع-رحه ال-ورواه المام
مالك والبخاري ومسلم والنسائي وأبو داوود والدارمي والطيالسي وعبد الرزاق وأحد وابن خزية وابن حبان
والبيهقي والطحاوي وابن حزم وآخرون ،وقد اعتُرِض عليه باعتراضات ولكنها واهية وقد أجبنا عليها وأجاب عليها
غينا ول حاجة للطالة بذلك فمن شاء ذلك فليجع إليه ف موضعه فإنه سيجد بشيئة ال-تبارك وتعال-أنّ تلك
العتراضات ل تسمن ول تغن من جوع؛
ومن ذلك ما جاء عن ابن عباس رضي ال-تعال-عنهما أنه قال " :فرض ال الصلة ف الضر أربعا وف السفر
ركعتي " والديث رواه مسلم وأبو عوانة والنسائي وأبو داوود وابن ماجة وأحد وابن خزية وابن حبان وابن أب
شيبة وعبد الرزاق وابن حزم والبيهقي والطحاوي والشافعي ف " السنن الأثورة " ،وروته جاعة كبية ،ول يكن أن
يُعترَض عليه بأنه من كلم ابن عباس رضي ال-تعال-عنه ،إذ إ ّن مثل ذلك ل يكن إل أن يكون بتوقيف من النب
صلوات ال عليه وسلمه ،إذ مثل ذلك ل يكن أن يقال بالرأي ،كما أنه ل يكن أن يُعترَض عليه بأنه مالف لديث
السيدة عائشة رضي ال-تعال-عنها ،لنّ حديث ابن عباس-رضوان ال تعال عليه-يدل على ما استقر عليه المر
بينما حديث عائشة-رضي ال تبارك وتعال عنها-فيه بيان كيفية افتراض الصلة ف أول المر ..كذلك ل يكن أن
ت سابقا ف غي يعترض عليه بأنه قد جاء ف نايته " :وف الوف ركعة " لنّ هذه الزيادة شاذّة على التحقيق ،وذكر ُ
هذه الليلة بأنه يكن أن ترِد لفظة أو جلة شاذة ف حديث بينما ذلك الديث بكامله يكون صحيحا ،ولذلك أمثلة
متعدّدة؛
-1قال الشيخ " :السفر " بدل من " القصر " والظاهر أنه سبق لسان.
33
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ومن ذلك حديث عمر-رضي ال تعال عنه-أنه قال " :صلة السفر ركعتان وصلة الفطر ركعتان وصلة الضحى
ركعتان وصلة المعة ركعتان تام غي قصر " ذكر فيه بأنّ صلة السفر ركعتان وهي ليست بقصر ،ث قال " :على
لسان ممد " صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وهذا الديث روته طائفة كبية من أئمة الديث ،فقد رواه النسائي
وابن ماجة وأحد وابن حبان وابن أب شيبة وعبد الرزاق والبزار والطحاوي والبيهقي ،ورواه كذلك أبو ُنعَيْم ،وروته
طائفة إل أ ّن بعض العلماء قد أعلّه بالنقطاع ،لنه من طريق ابن أب ليلى وهو ل يسمع من عمر بن الطاب على
رأي طائفة ،ولكنّ طائفة من أهل العلم قد نصت على أنه سع منه ،وجاء ف رواية عند النسائي ف " الكبى " وعند
جرَة ،وجاء عند الطحاوي بأنه رواه ابن ماجة وابن خزية والبيهقي بأنّ عبد الرحن قد رواه من طريق كعب بن ُع ْ
عن الثقة عن عمر رضي ال-تعال-عنه ،ول إشكال ف ذلك فعلى تقدير أنّ عبد الرحن قد سع من عمر-رضي ال
جرَة ،فرواه مرة عن عمر مباشرة ورواه مرة تعال عنهما-فيمكن أنه سعه مرة منه وسعه مرة عن الثقة الذي هو ابن ُع ْ
عنه بالواسطة ،وعلى تقدير عدم ساعه من عمر-رضي ال تعال عنه-فإنه قد ذكر الواسطة عنه وكذلك الرواية الت
فيها بأنه سعه من الثقة فقد صرح بالثقة ف رواية أخرى.
نعم ،كنا نتكلم على حديث عمر رضي ال-تبارك وتعال-عنه ،وقلنا :إنّ عبد الرحن بن أب ليلى رواه ف رواية عن
عمر-رضي ال تعال عنه-مباشرة ورواه ف رواية عنه بواسطة كعب بن عجرة وف رواية عن الثقة والظاهر أنه
كعب ،وقلتُ :بأنه يكن أن يكون قد سعه من عمر على رأي طائفة كبية من أهل العلم ،وهذا هو الذي يؤخذ من
كلم الذهب وقبْلَه من كلم أب نُ َعيْم ،وكذلك ذهبت إليه طائفة من التقدمي وإن كان كثي من العلماء على
خلف ذلك ،وإذا قلنا بذا الرأي-وهو الذي يظهر-فل إشكال ف المر ،وإذا قلنا بأنه ل يَسمع منه فقد بيّن الواسطة
الذي سعه منه ،ول إشكال ف ذلك على الرأي الول ،فإنه يكن-كما قلتُ-أن يكون مرة يُحدّث عن الصل ومرة
يدث عن الفرع على أنه على تقدير عدم ثبوت الرواية الثانية فإنا تكون من باب الزيد ف متصل السانيد ،فيكون
الراوي قد أخطأ ف ذكره لكعب ،وعلى كل حال ليس هذا الوضع يكفي لتحقيق الكلم على هذا الديث ،وقد
ذكرنا ذلك ف موضعه؛
ومن ذلك-أيضا-حديث عمر-رضي ال تعال عنه-أنه قال له الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ف حديث
شهي عن القصر ( :صدقة تصدق ال با عليكم فاقبلوا صدقته ) فقوله ( :فاقبلوا صدقته ) حديث يدل على
الوجوب ،إذ إنّ أمر رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-يدل على الوجوب ،لدلة متعددة ،وهو الذي ذهب
إليه المهور ،وهذا الديث-أيضا-رواه المام مسلم ،ورواه النسائي وأبو داوود والدارمي وابن ماجة وابن خزية
وابن حبان وأحد وعبد الرزاق وابن الارود ،ورواه كذلك-أيضا-ابن جرير ،ورواه البيهقي ،ورواه النحاس ف "
الناسخ والنسوخ " وأبو نُ َعيْم وطائفة كبية من أئمة الديث؛ ومن الدلة على ذلك-أيضا-أنّ رجل قال لبن عمر
رضي ال-تعال-عنه " :يا أبا عبد الرحن إنا ند ف القرآن صلة الضر وصلة الوف ول ند صلة السفر 1؟ "
-1قال الشيخ " :القصر " بدل من " السفر " والظاهر أنه سبق لسان.
34
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فقال " :يا هذا-كما هو ف رواية-إنّ ال قد بعث إلينا ممدا ول نعلم شيئا فإنا نفعل ما رأيناه يفعل " وقد جاء بغي
هذا اللفظ ،وقد رواه الربيع رحه ال ،ورواه مالك وأحد وابن خزية وابن حبان والاكم ،وهو حديث صحيح،
فهذا-أيضا-يؤخذ منه الوجوب؛
وهنالك أدلة أخرى ل داعي للطالة با ،فهذه الحاديث وغيها كثي تدل دللة واضحة على الوجوب ،ول ُيجِب
عنها أحد إل باعتراضات أوهى من نسج العنكبوت ،وقد ذكرناها مشفوعة بأجوبتها ف غي ما كتاب فمن شاء ذلك
فليجع إل " الرأي العتب " وإن كان متصرا بالنسبة إل أصله؛ وأما الذين قالوا بعدم الوجوب فإنم استندوا إل
صلَة [ ...سورة النساء ،من الية ،] 101 :ول صرُوا ِمنَ ال ّ
الية القرآنية ... :فََليْسَ عََليْكُمْ ُجنَاحٌ أَن تَ ْق ُ
دللة ف الية ،لنا على رأي كثي من أهل العلم ليست ف صلة السفر ،وإنا هي ف صلة الوف ،وهو الذي
يؤخذ من قول ابن عمر وسائِله " :إنا ند صلة الضر وصلة الوف " هكذا قال السائل وأقره ابن عمر ..قال
السائل " :ند ذلك ف القرآن ول ند صلة السفر " وأقره على ذلك ابن عمر ،وهذا الرأي هو الذي رجحه ابن
جرير ،فإذن الية ل تتعرض لقصر السفر رأسا ،وعلى تقدير أنا ف قصر السفر-كما هو رأي جاعة-أو ف القصرين
معا فإنّ نفي الناح ل يؤخذ منه عدم الوجوب ،إذ إنه تارة يدل على هذا وتارة يدل على ذاك ،ومثل هذه الية ما
جاء ف السعي بي الصفا والروة ،فإنه-أيضا-نُفِيَ الناح مع أنّ الصحيح الراجح أنّ السعي بي الصفا والروة
واجب ،والدلة الت ذكرناها من السنّة تدل على أنّ نفي الناح ل يراد به هاهنا نفي الوجوب؛ واستدلوا-أيضا-
برواية أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-كان يقصر ف السفر ويتم ،وهذه الرواية ليست بشيء ،لنا من
طريق السيدة عائشة رواها عنها عطاء بن أب رباح وروايته ل تصح من طريق السيدة عائشة رضي ال-تعال-عنها،
كما ذكر ذلك غي واحد من أئمة التحقيق ،وقد جاء عنه من أربع طرق إحداها من طريق ابن وثاب وهو مهول،
والثانية من طريق الغية بن زياد وهو ضعيف ،والثالثة من طريق طلحة بن عمرو وهو ضعيف ،وجاء-أيضا-من
طريق رابعة ولكنها-أيضا-ضعيفة ،فهذا الديث ل يُعتمد عليه ،وكذلك ما جاء من أنه أقر السيدة عائشة على التام
ليس بشيء ،لنّ ف إسناده راويا ضعيفا وهو العلء بن عبد الرحن ،ث إنّ السيدة عائشة ل تكن معه ف سفر فتح
مكة فكيف يقال بأنا أتّت بلف فعل النب وهي ل تكن مسافرة معه ف ذلك السفر ؟! وكذلك ما جاء أنّ
الصحابة كانوا يسافرون مع النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وكان منهم من يصوم ومنهم من يفطر ..منهم
الصائم ومنهم الفطر ومنهم الذي يقصر ومنهم الذي يكمل الصلة ،هذا معناه ..هذا الديث رواه البيهقي وليس
بشيء ،لنه من طريق زيد العَمّي ول يؤخذ بروايته ،والراوي عنه ضعيف-أيضا-فمثله ل يُفرَح به ،وكذلك ما جاء
أنّ النب أت ف الوف ،فهذه الرواية مُقَتطَعة من رواية أخرى ،فالصحيح أنه صلى ركعتي ث سلم ث صلى بطائفة
أخرى ركعتي فكان متنفل؛ فهذه أقوى ما استند إليه القائلون بالواز وهي كما ترون ل تَثبت عن النب-صلوات ال
وسلمه عليه-وإذا كان المر كذلك فإنّ القول بالوجوب هو القول الراجح ،فل ينبغي لحد أن يتركه ،ث-
كما ذكرتُ هو مذهب أكثر الصحابة ،بل مذهب الصحابة قاطبة على رأي أكثرهم ،وهو الذي ذهب إليه التابعون
35
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وأبو بكر وعمر " ونسبه ومن تبعهم بإحسان أو أكثرهم ،ولذلك قال الترمذي " :العمل على ما كان عليه النب
البغوي إل أكثر العلماء ،ونسبه الطاب إل أكثر أهل العلم؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :ما حكم من كان يُتمّ في السفر مستنِدا في ذلك إلى قول أحد مشائخه الذين يثق فيهم وهو أنهم يقولون " :من
كان يملك مسكنا في السفر وكان يطيل المكث فيه فعليه التمام ولو لم ينو الستقرار فيه " ثم تبيّن له بعد ذلك أنّ
الراجح هو ما ذهبتم إليه ؟ وهل يجب عليه قضاء الصلوات التي صلّها تماما عمل بقول شيخه ؟ وما حكم هذا
الشخص إن كان يصلي بالناس في تلك الفترة ؟
الواب :
:نعم ،الصحيح هو وجوب القصر كما ذكرنا ,إل أنّ السألة ليست فيها أدلة قاطعة ،فالسألة ل ترج عن دائرة
الظن ،وإن كان الصحيح الذي تدل له السنّة هو ما ذكرناه ،وإذا كان النسان يأخذ من قبلُ برأي من آراء أهل العلم
ويظن أنّ ذلك الرأي هو الصواب فإننا ل نقوى على أن نُلزمه البدل ،لنّ هذه السألة-كما قلتُ-ل ترج عن دائرة
الظن ،أما إذا كان ذلك الرجل الذي يَستند إل كلمه ليس من أهل العلم وإنا يتظاهر بالعلم وليس المر كذلك
فهذا الشخص قد قصّر ف حقيقة الواقع ف طلب الق ول يطلب ذلك من أهله فعليه أن يتوب إل ال وأن يعيد تلك
الصلوات الت أتها وهو مسافر ،ث إنّ العلماء-كما قلتُ-منهم من يقول بوجوب القصر ،ومنهم من يقول بالتخيي
ولكن لدة معيّنة ،ومنهم من يقول-أيضا-بالواز مهما مكث النسان من السفر ،أما أن يقصُر النسان ف مكان
وهو ل يستقر فيه وإنا لنه بن فيه بيتا أو ما شابه ذلك فهذا أمر عجيب ،فهو ل ينو الستيطان ،فل أدري هذا
الشيخ الذي يذكره هل يأخذ برأي من يقول بالوجوب وأنّ النسان لبد من أن يقصر مهما مكث من الزمن إل أنه
يهل تطبيق ذلك على هذه القضية ولذلك أفت بأنّ من مكث ف مكان وهو ل ينو الستقرار لكونه قد ملك بيتا أو
ما شابه ذلك ،فإن كان المر كذلك فهذا خطأ ف حقيقة الواقع وعليه أن يتوب إل ال ،وعلى ذلك الذي أخذ برأيه
أن يتوب إل ال-تبارك وتعال-وأن يعيد تلك الصلوات ،أما إذا كان ذلك الشيخ يأخذ برأي من يقول بالواز إما
اجتهادا وإما تقليدا لن يقول بذلك ويظن أنّ ذلك هو الصحيح وأفت من أفتاه بذلك فل نقوى على أن نلزمه
العادة ،بل نأمره بتطبيق الصواب ف الستقبل؛ وال أعلم.
س :كانوا مسافرين مع جماعة وأثناء الوضوء دخلت فرقة منهم في المسجد فوجدت جماعة تصلي ،في هذه
الحالة هل يدخلون فيصلون معهم أم ينتظرون أصحابهم ليصلوا جمعا ؟ ثم إنّ الذين دخلوا إلى المسجد ل يدرون
عن تلك الجماعة هل تصلي قصرا أم تصلي وطنا.
الواب :
أما إذا كانت تلك الماعة تصلي تلك الصلة الت تريد هذه الماعة أن تقوم بأدائها فإنّ عليهم أن يدخلوا معهم
وليس لم أن ينتظروا أصحابم ،فإن جاء أصحابم وأمكنهم أن يدخلوا ف تلك الماعة فعليهم-أيضا-أن يدخلوا
36
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فيها ،وإن ل يتمكّنوا من ذلك فبإمكانم أن يقيموا جاعة أخرى ،لنم ل يريدوا معارضة الماعة الول أو ما شابه
ذلك وإنا تأخروا لسبب من السباب ،بل لو تأخروا من قبلُ وفرّطوا ف ذلك فإنّ عليهم أن يتوبوا إل ال وأن يقيموا
صلة الماعة ،ل كما قال بعضهم أنه ليس لم أن يقيموا جاعة ثانية ،هذا إذا كانت تلك الصلة هي الصلة 1الت
تريد تلك الماعة أن تقوم بأدائها وذلك تارة يكون واضحا جليا وتارة يُفهم بالقرائن وتارة ل يكن النسان أن
يفهم ذلك ،فإذا كان الوقت وقت تلك الصلة ..مثل كان ذلك الوقت وقت صلة العصر فالظاهر أنّ تلك الماعة
تصلي العصر وعليه هؤلء إما أن يصلوا معهم نافلة ،وهذا هو الفضل ،لمر النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
بذلك ،بل ل ينبغي لم أن يتأخروا إل إذا كانت تلك الماعة ليست الماعة الصلية بل كانت جاعة ثانية أو ثالثة
فإنّ ذلك ل يدخل ف أمر النب اللهم إل إذا صلوا معهم تيّة السجد ،فإنّ من دخل السجد يؤمر بتأدية ركعت
تية السجد قبل أن يلس إل إذا أراد أن يصلي الفريضة ففي هذه الالة بإمكانم أن ينتظروا أصحابم ويقوموا بتأدية
تلك الصلة معهم؛ وال أعلم.
س :من يسافر من بلده إلى بلد آخر وبعد فترة يترك السفر فيصلي إتماما ظنا منه أنّ بلد المسلمين تعتبر وطنا
له أينما حلّ فيها ،فهل يصح هذا ؟
الواب :
هذا الشخص قد أخطأ الصواب فبلد السلمي وإن كانت بشيئة ال-تبارك وتعال-واحدة ولكنّ ما نشاهده من
حدود تفصل بي الدول ،وف كثي من الدول لبد من موافقة تلك الدولة على الدخول ف الدولة الثانية ومن إقامة
مدة معيّنة وإذا أراد أن يبقى مدة أخرى لبد من أن يطلب الذن أو ما شابه ذلك ث إنه قد يأت لدراسة ويكث كذا
كذا سنة من السنوات أو يأت لعمل وهو يقصد أن يبقى مدة معيّنة من الزمن فهذا ف حقيقة الواقع ل يستقر ف هذه
البلد الت ذهب إليها ..ف أيّ بلد من البلد ..هو ل يستقر ف تلك البلد ،وإنا جاء-كما قلتُ-لطلب علم أو
طلب معيشة أو ما شابه ذلك من المور فهذا ف واقع المر ل ينطبق عليه الستقرار العروف ،فمن أراد أن يكمل
الصلة لبد من أن تكون نفسه قد اطمأنت ف ذلك الكان وارتاح فيه وأراد أن يستقر فيه ،أما أن يكون ارتاح لهله
أو ارتاح من أجل طلب العاش أو ما شابه ذلك فهذه وإن كانت راحة نفسية ولكنها ليست هي الراحة أو ليس هو
الطمئنان الذي يوجب التام ف الصلة ،فالناس يهلون بي الطمئنان والستقرار الذي يوجب التام وبي
الستقرار والودة مع أصحابم وأصدقائهم وما شابه ذلك فهذا المر يتلف عن ذلك المر كما هو واضح جليّ ل
يفى ،فالنسان الذي استقر ف ذلك الكان وأراد أن يعيش فيه وهو مطمئن فيه ويعرف بأنه ل يكن أن يَخرج منه
بأمر من دولة ول بغي ذلك إل إذا كان هنالك ظرف حادث أو ظرف سيطرأ له ف الستقبل فإنّ النسان ل يدري
ماذا سيأت عليه ف الستقبل ،أما أن يكون يعرف ف قرارة نفسه بأنه لن يبقى ف هذا الكان فهذا يادل وياري
بالباطل ،وهو ف حقيقة الواقع ل يكمل الصلة إل من أجل الصول على دراهم معدودة ويُفرّط ف أمر دينه ويُؤثّر
-1قال الشيخ " :الجماعة هي الجماعة " بدل من " الصلة هي الصلة " والظاهر أنه سبق لسان.
37
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
على من يصلي خلفه ،فعلى هؤلء أن يعلموا ذلك يقينا وأنه ل يوز لم التام بال من الحوال؛ هذا وال-تعال-
أعلم؛ وعلى كل حال ،هذا ل يوجب تفريق السلمي أو ما شابه ذلك ..كلّ ،فل يكن أن يُروّج لذلك بثل هذا
الراء التافه ،فما يمع بي السلمي أكب من هذا بكثي ولكن للصلة من الحكام ما ل يفى ما ل يوز لحد أن
يُفرّط فيه .وال تعال أعلم
س :سائلة تسأل :في بعض الحيان تكون في الدراسة والوقت يتأخر بها إلى الساعة الثانية ،فهل تَجمع صلة
الظهر مع صلة العصر جمعا صوريا ؟
الواب :
على كل حال ،وقت الظهر ل زال باقيا ف الساعة الثانية بل يتد إل ما هو أبعد من ذلك حت قبيل وقت دخول
العصر ،ل ّن بجرد خروج وقت الظهر يدخل وقت العصر ،وهنالك وقت طويل بي هذا الوقت وبي دخول العصر،
فبإمكانا أن تصلي ف الثانية بل وف الثانية والنصف الظهرَ ،ول زال الوقت.
س :نريدكم أن تحدثونا عن تعريف الوطن الذي يستقر فيه النسان ،كما نريدكم أن تعرّفوا لنا كذلك معنى
ن النسان إذا اطمأن ووصل إلى الدرجة التي تحدّثونا عنها-بعد قليل-يكون بذلك
الستقرار والطمئنان بحيث إ ّ
موطّنا ،كما-أيضا-نريدكم أن تحدّثونا عن عدد الوطان التي يجوز للنسان أن يتخذها.
الواب :
النسان ل يلو من أحد أمرين اثني ،إما أن يكون مُوطّنا ف ذلك الكان الذي يصلي فيه أو يكون مسافرا فيه ،فإن
كان قد اتذ ذلك الكان وطنا فإنه يب عليه التام ،ول يوز له بال من الحوال أن يقصُر الصلة فيه ،أما إذا كان
مسافرا فيه فإنه يب عليه القصر على القول الراجح-كما قدمنا ف الدرس الاضي-ول يوز له أن يصلي أربعا إل ف
حالة واحدة فقط وهي ما إذا صلى خلف إمام مقيم فإنه ف هذه الالة يب عليه أن يتابع إمامه ،ول يوز له أن
يصلي ركعتي ث ينفرد عن المام؛ أما بالنسبة إل الوضع الذي يب على النسان أن يصلي فيه وطنا فهو الكان
الذي أراد أن يستقر فيه وكان مطمئنا إل العيش فيه يريد أن يسكن فيه مدى الياة اللهم إل إذا عرَض له عارض بعد
ذلك فإنه إذا عرض له عارض ف الستقبل فإنّ لكل حادثة حكما يصها ،أما هو ف الصل فإنه يريد أن يسكن ف
ذلك الكان ولبد من أن يكون مستقرا مطمئنا مرتاحا إليه ،فإن كان مطمئنا مرتاحا ولكنه ل يريد أن يستقر فيه فهو
ف حالة الواقع مسافر ،والسافر ل يوز له التام كما ذكرنا ،وإذا كان يريد أن يكث فيه ولكنه ل يطمئن ف ذلك
الكان فكذلك ف حقيقة الواقع هو مسافر ،فإذن لبد من أن يريد أن يكث ف ذلك الكان بأن يستقر فيه ويكون
مطمئنا مرتاحا إليه ،أما إذا ل يرد الستقرار أو يريد ولكنّ هنالك مانعا ينعه من ذلك فل ،وقد ذكرنا ف الدرس
الاضي بأنّ أولئك الذين يذهبون من دولة إل دولة أخرى من أجل التعليم أو من أجل العمل فإنه ل يكنهم أن يصلوا
تاما ،ذلك لنه وإن أحبوا ذلك الكان واطمأنت نفوسهم فيه ولكنهم يعلمون علم اليقي بأنم لن يبقوا ف هذا
الكان وإنا سيستمرون فيه مدة مددة كأربع سنوات للدراسة أو يكن-أيضا-أن يستمروا مدة أطول من ذلك إذا
كانوا يعملون ف ذلك ..ف إمامة أو تعليم أو ف أيّ عمل من العمال الخرى ولكنهم متيقّنون بأنم لن يكنهم أن
38
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
يستقروا ف ذلك ،لنّ أنظمة تلك الدولة الت يعملون فيها تنعهم من الستقرار فيها اللهم إل إذا كانت تلك الدولة
توافق لم بأن يستقروا فيها على حسب شروط وهم سينفّذون ذلك فذلك مال آخر ،أما إن كانوا ل ينوون
الستقرار أو أنّ أنظمة الدولة تنعهم من ذلك-كما هو الواقع ف غالب دول العال-فل يكن أن يقال إنه يوز لم أن
يكملوا الصلة ،سواء أرادوا المامة أو ل يريدوا ذلك ،وكثي من الناس وللسف الشديد يبحثون ف الكتب عن
قضية تعدد الوطان ولكنهم ل يبحثوا قبل ذلك مت يوز للنسان أو يب على النسان أن يتخذ وطنا ثانيا أو ثالثا
أو رابعا أو أكثر من ذلك على رأي من ييز ذلك ،فإذن لبد من البحث ف السألتي ..ف عدد الوطان الت يوز
للنسان أن يستقر فيها وأن يصلي فيها صلة وطن ،وما هي المور الت لبد من توافرها ف ذلك النسان حت يتخذ
أكثر من وطن ،أما عدد الوطان فقد حدّده بعض العلماء بأربعة أوطان ،ونن ل نستطيع أن ندد ذلك بعدد معيّن
وإنا نقول إنه يوز للنسان بل يب عليه أن يصلي وطنا إذا استقر ف مكان من المكنة أو ف أكثر وأراد أن يعيش
ف تلك المكنة جيعا ،أما إذا ل يُرد ذلك أو أنه أراد ولكنه يعلم أنه لن يُترك أو ما شابه ذلك فذلك ما ل يصح؛
وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :لكن إذا أتينا إلى قضية الوطان ،متى يصح للنسان أن يتخذ ذلك المكان وطنا ،هل إذا امتلك فيه بيتا أو
امتلك فيه مزرعة أم هناك شروط أخرى ؟
الواب :
ل نستطيع أن نشترط شيئا من هذه المور ،وإنا القضية هي استقرار النفس ف ذلك الكان واطمئنانا إل السكن
فيه ،فبعض الناس قد يعيشون حياتم من أولا إل نايتها وهم يستأجرون منل أو ما شابه ذلك ،وبعض الناس
يلكون منازل حت ف دول أخرى ..أي ف غي تلك الدولة الت هم مواطنون فيها وهكذا ،فإذن العبة بالستقرار
والطمئنان؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :وهل ما يقال من أنّ النسان إذا تزوج من منطقة تعدّ له وطنا ؟
الواب:
الصل أنّ الرأة تابعة لزوجها ،فإذا تزوج إنسان امرأة هي تصي تابعة له بعد أن يقوم بنقلها ،أما بجرد العقد فل،
وإنا العبة بدخوله بتلك الرأة أو بتبعية تلك الرأة له وإن ل يدخل با ،أما ما دامت مستقرة عند أهلها ول يقم هو
بنقلها ..كما هو العادة عند كثي من الناس أنّ النسان يعقد أوّل على الرأة وتبقى هي ف بيت أهلها ول تكون تابعة له
وإنا تتبعه بعد أن يقوم بنقلها أو ما شابه ذلك على اختلف الناس فهي بعد ذلك تكون هي تابعة له ،تصلي تاما ف
الوضع الذي يصلي هو فيه تاما ،وتقصُر ف الوضع الذي يقصُر فيه هو ولو كان ذلك ف بيت أهلها الذي عاشت
فيه من قبلِ أن يتزوجها هذا الشخص ،أما أن يكون هو تابعا لا فل ..نعم ،إذا تزوج من منطقة وأراد أن يسكن ف
تلك النطقة-سواء أراد أن يتحول من منطقته السابقة أو استقر ف الكاني معا-ففي هذه الالة يصلي تاما ف
الوضعي معا أو ف ذلك الوضع ل بسبب زواجه من تلك الرأة وإنا بسبب أنه استقر ف تلك النطقة ،فإذن ليست
39
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
القضية قضية زواج من تلك الرأة ،وإنا القضية استقراره واطمئنانه هو ،وإل فالرأة هي الت تتبعه ،فإذا قام بنقلها
تصلي بصلته وطنا أو قصرا؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :وهل ما يقال-أيضا-من أنّ النسان إذا ولد في منطقة حتى ولو سافر منها بعد ذلك ل تزال وطنا له ؟
الواب:
إذا كان يسكن ف تلك النطقة وف النطقة الت انتقل إليها-أيضا-أي تارة يسكن هنا وتارة يسكن هناك ويريد أن
يعيش ف النطقتي معا فنعم ،أما إذا كان ترك تلك النطقة الول وإنا يذهب إليها لزيارة أهله وأقاربه فيمكث معهم
يوما أو يومي أو أكثر من ذلك فهو مسافر ف حقيقة الواقع ف تلك النطقة ،فإذن ليست هنالك عبة بالولدة ف
النطقة الفلنية ،ونن نعرف أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-قد وُلد بكة الكرمة وعاش فيها ما
يقارب أربعي عاما قبل نبوته ث مكث فيها ثلثة عشر عاما بعد رسالته وفُرضت عليه الصلة بكة الكرمة ث هاجر-
صلوات ال وسلمه عليه-وهكذا بالنسبة إل أصحابه الهاجرين رضي ال-تعال-عنهم ..هاجروا إل الدينة وكانوا
عندما يأتون إل مكة الكرمة يقصُرون الصلة فيها ،وإنا يصلون ف الدينة تاما ،أو ف مواضع أخرى بعد انتقال
بعضهم من الدينة عندما استقروا ف تلك الناطق ،كما استقر بعضهم ف الشام وبعضهم ف الكوفة وبعضهم ف
البصرة ،فإذن ل علقة لوضع الولدة ف التام والقصر ،فإذا انتقل النسان صار ذلك الوضع كغيه من الواضع الت
يصلي فيها قصرا؛ وال أعلم.
س :ذهب إلى مكان مجاور لبلده وشك هل ذلك المكان تعتبر مسافته وصلت حد السفر أم ل فبقي في الشك هل
يصلي إتماما أم يصلي قصرا فصلى قصرا ؟
الواب :
قد أخطأ ف هذه القضية إذا كان اعتمد على هذا الشك فقط ول يكن هنالك دليل آخر قد اعتمد عليه ،إذ إنّ من
شك ف مكان هل هو من حدود الوطن أو ل فإنه ليس له أن يقصُر فيه بل يب عليه أن يكمل الصلة ث إذا تبيّن له
بعد ذلك بأنه خارج الوطن فإنّ عليه أن يعيد الصلة ،وإن تبيّن له بأنه ف الوطن فل إعادة عليه ،أما أن يقصُر وهو ل
يقم عليه الدليل بأنه خرج من وطنه فل ،إذ الصل الوطن ول يَنتقِل عنه إل بدليل؛ وال-تعال-أعلم.
س :على أية حال ،نحن نريد أن تبيّنوا لنا المسافة التي إذا ما قطعها النسان يعتبر مسافرا ؟
الواب:
هذه السألة اختلف فيها العلماء اختلفا كثيا جدا ،وقد وصلت القوال ف ذلك إل ما يقرب من عشرين قول،
وأغلب تلك القوال قد انقرض القائلون با ،وإنا بقيت أقوال معدودة؛ والذي ذهب إليه أصحابنا-رضوان ال تعال
عليهم-أنّ مسافة القصر تُقدر بفرسخي ،واعتمدوا ف ذلك على قصر النب-صلوات ال وسلمه عليه-بذي
الَُلْيفَة حيث إنه-صلوات ال وسلمه عليه-خرج من الدينة إل ذي الليفة وصلى با ركعتي ،ورأوا بأنّ الحاديث
40
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الت اعتمد عليها القائلون بلف ذلك منها ما ل يَثبت عن النب-صلوات ال وسلمه عليه-لضعف أسانيدها ،ومنها
ما ل علقة له بذه القضية البتّة ،كاستدلل بعضهم بقضية السح على الفي أو ما شابه ذلك ،فإنّ تلك الحاديث-
أيضا-ل تَثبت عن النب صلوات ال وسلمه عليه ،وعلى تقدير ثبوت بعضها عنه-مثل-فإنا منسوخة ،وعلى تقدير
عدم نسخها-وهو بعيد جدا جدا ولكن على رأي من يقول بذلك-فإنّ تلك الحاديث ل علقة لا بذه القضية،
وإن كان قليل من الناس الذين احتجوا بثل ذلك ،ومنهم-وهم كثي-قد احتجوا من ني الرأة عن السفر من غي ذي
مرم ..ناها رسول ال أن تسافر يوما ،وف بعض الروايات :يوما وليلة ،وف بعضها :ثلثة أيام ..منهم من
استدل برواية الثلث ،ومنهم من استدل برواية اليوم والليلة ،ولكنّ هذه الحاديث ل علقة لا بالوضوع إطلقا ،ث
إنّ الديث قد ورد بألفاظ متعددة ..ورد با ذكرناه من اللفاظ ،وورد بيومي ،وورد بالنهي عن السفر مسافة َبرِيد،
وورد على الطلق ،وهي الرواية الت ينبغي أن يُعتمد عليها ،ولست الن بصدد الجابة عن تلك الروايات ،لنه أوّل
وقبل كل شيء يتاج إل إطالة وذلك ما ل يكن أن نصي إليه الن ،وثانيا لنّ هذه الحاديث ل علقة لا
بالوضوع أصل ..إذن ما ذهب إليه أصحابنا هو الذي تطمئن إليه النفس ،فمن سافر هذه السافة فإنه يقصر الصلة،
أما من سافر إل مسافة أقرب من ذلك فليس له أن يقصر الصلة اللهم إل إذا أراد أن يتجاوز الفرسخي فإنّ كثرة
كاثرة من أهل العلم قالوا إنّ من نوى أن يتجاوز الفرسخي فإنه يقصر الصلة ولو ل يتجاوزها ،فهذا رأي كثي من
أهل العلم بل هو رأي أكثرهم ،وإن كانت هنالك طائفة من أهل العلم تقول بلف ذلك؛ والفرسخان قدّرها كثي
من أهل العلم با يقرب من اثن عشر بالكيلومترات وهي القاييس العصرية ،وإن كانت السافة ف حقيقة الواقع بي
الدينة إل ذي الليفة ل تصل إل ذلك ولكنّ ذلك قد اشتهر مع أهل العلم ،ورأى التأخرون أنّ ذلك يؤخذ به لنه
أحوط وأيضا فإننا ل نعلم الطريق الت سلكها-النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم-فلعله سلك طريقا تالف هذه
الطريق الت يسلكها الناس وهي تصل إل السافة الذكورة ،فهذا الذي ذهبوا إليه ،إذ إنم ل يدوا ما هو أقوى منه،
بينما القوال الخرى أدلتها من الضعف بكان ،لنا-كما قلتُ-معتمِدة على أحاديث ضعيفة جدا أو ليست برفوعة
وإما على أحاديث ل علقة لا بالوضوع كالديث الذي فيه النهي عن سفر الرأة من غي ذي مرم أو زوج؛ وال-
تعال-أعلم.
س :بما أنكم ذكرتم هذه المسافة الن وهي اثنا عشر كيلومترا تقريبا متى يبدأ النسان يحسب هذه المسافة ؟
الواب:
هذه السألة-أيضا-فيها خلف بي أهل العلم؛ والذي ذهب إليه كثي منهم أنّ النسان إذا تعدى عمران البلد فإنه
يبدأ الساب؛ وذهبت طائفة من أهل العلم إل أنه يبدأ الساب من الكان الذي استقر فيه؛ وهذا الرأي أفت به المام
الليلي-رحه ال تبارك وتعال-لهل زنبار عندما امتدت عندهم مسافة البناء ،فعندما كانت البيوت متلصقة
ويصعب وجود فاصل بي تلك البيوت فإنّ المام-رحه ال تبارك وتعال-قد رأى أنه يكن أن يُؤخذ بذا الرأي ،إذ
إنّ النسان ل يكن أن يكون مستقرا ف هذه السافة على طولا ،وهو رأي حسن سائغ؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
41
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :عندما يجمع صلة الظهر مع صلة العصر يقول له البعض " :عليك أن تصلي السنّة " ويقول البعض " :ل ،ل
تصل السنّة ،فذلك يكفيك " ،فماذا تقولون ؟
الواب :
إذا جع النسان بي الظهر والعصر أو بي الغرب والعشاء فإنه ل يأت بالسنّة الراتبة الت هي بعد الظهر وهكذا
بالنسبة إل السنّة الراتبة الت بعد الغرب وبالسنّة الراتبة الت بعد العشاء وإنا يأت بصلة الوتر ،أما بالنسبة إل السنن
الرواتب فل ..ل يُؤتى با ف حالة المع ف السفر ،وإنا اختلف العلماء ف التيان با ف حالة المع ف الوطن عند
من ييز ذلك ف أوقات الاجة؛ منهم من يقول إنه ل يؤتى با ،ومنهم من يقول إنه يؤتى با ،واختلفوا ف موضع
سنّة الظهر وف موضع سنّة الغرب؛ والسؤال ل يُوجه عن هذا فلذلك ل أرى الطالة بذلك؛ وال-تبارك وتعال-
أعلم.
س :هو الن يعمل في مسقط وكان يسكن عزبا مع بعض الخوة من غير أن يحضر أهله واستمر على ذلك فترة
والن أحضر أهله معه-ويبدو أنه مستأجر-ول يريد أن يستقر في مسقط وإنما ينوي أن يعود إلى بلده في يوم
من اليام ،فلو طال مكثه في العمل في مسقط هل يصلي إتماما أم قصرا ؟
الواب :
إذا كان ل ينوي الستقرار بسقط-مثل-إطلقا فإنه مسافر كما قدمنا ،أما إذا كان هنالك احتمال قوي ..يكن
أن يستقر ف مسقط فإنه يصلي با وطنا با أنه قد أحضر أهله إل هنا فإذن جوابه ما ذكرناه سابقا ،فإن كان هنالك
احتمال عنده للستقرار هنا فإنه يصلي با تاما وإل فل.
س :حتى ولو استمر عمله عشرين سنة-مثل-وهو في مسقط ؟
الواب :رخص بعض أهل العلم ف أنه يصلي تاما إن كان هنالك احتمال ،أما إن ل يكن هنالك احتمال فل أرى
ذلك ف هذا الوقت ،وإن كانت السألة باجة إل شيء من النظر لكن الصل الصيل هو ما ذكرناه.
س :هل يجوز للمسلم في حال الجمع بين الصلتين أن يتكلم بينهما بشيء من أمور الدنيا أو أن يأتي بالباقيات
الصالحات ؟ وما هي الحكمة من تشدد بعض العلماء في ذلك ؟
الواب :ال مع هو ضم صلة إل أخرى ،فإذا ج ع الن سان ب ي الظ هر والع صر فإ نه ضم بينه ما ..ضم هذه إل
تلك ،فالمع هو ضم شيء إل آخر ،فلذلك تشدد بعض أهل العلم ف ذلك ،وجعلوها بثابة صلة واحدة؛ ورأى
بعض أهل العلم إل أ نّ من تكلم بي الصلتي فإ نّ ذلك ل يُؤثّر على المع؛ وهذا القول هو القول الصحيح ،الذي
ذهب إليه الكثرون من أصحابنا ولسيما من التقدمي ورجحه غي واحد من الحققي من التأخرين ،وكما قلتُ:
هو القول الصحيح ولكن ل ينبغي للنسان أن يتكلم ،إذ إ نّ هذه السألة فيها ما فيها من اللف ،وأيضا كثي من
أهل العلم قالوا :ل ينتقض المع إذا تكلم النسان ل أنه ينبغي للنسان أن يتكلم ،فإذن إذا وقع للنسان شيء من
ذلك فل إعادة عليه ،وجعه صحيح ،أما أن يتعمد ذلك فذلك ما ل ينبغي اللهم إل إذا كانت هنالك ضرورة ،كأن
42
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ي سأل صاحبه :هل تر يد أن ت مع ؟ ح ت يقوم بال صلة م عه ،أو يأ مر المام شخ صا بأن يتقدم أو يتأ خر ،أو يأ مر
بتسوية الصفوف ،وما شابه ذلك من المور الت تقتضيها الضرورة .وال تعال أعلم .
س :متى يبدأ المسافر في القصر إذا كان قاصدا حد السفر ،هل بخروجه من العمران أم بخروجه من المنزل أم
بخروجه من حد السفر ؟
الواب
أنا قلتُ :إنّ أهل العلم قد اختلفوا ف هذه السألة؛ منهم من يقول :إنّ النسان يقصُر الصلة بجرد خروجه من
عمران بلده إذا كان ينوي أن يتجاوز الفرسخي؛ وهذا قول أكثر أصحابنا ،بل حكى عليه بعض العلماء من السابقي
اتفاق أهل العلم ولكنه ل اتفاق على ذلك كما ذكره غي واحد من أهل العلم ،إذ إنّ اللف موجود منذ زمان ،فقد
ذهبت طائفة من أهل العلم إل أنّ النسان ل يقصُر الصلة إل إذا تاوز الفرسخي؛ فالقول الول هو الذي ذهب
إليه-كما قلتُ-الكثر ،فإن أخذ بذلك فل بأس ،والقول الثان-أيضا-له حجته ،والترجيح بينهما ليس بالمر
السهل ،إذ إنه ليس هنالك نص صريح يكن أن يُعتمد عليه إل ما جاء من الحاديث أنّ النب-صلى ال عليه وعلى
آله وصحبه وسلم-كان إذا خرج من الدينة قصَر الصلة ،ولكنن ل أجد رواية صحيحة ثابتة يكن العتماد عليها
تدل على أنه قصَر قبل أن يتجاوز هذه السافة ،فالرأيان لما من القوة ما لما ،والمهور على القول الول.
س :كانوا عائدين من السفر ووقفوا عند مسجد هناك لكنهم لم يحصلوا على ماء فيه للوضوء ،في هذه الحالة هل
يتيمموا لنّ المسجد الثاني سيدخل في الميال في مسافة السفر ؟ في هذه الحالة هل يتيممون ويصلون هناك أم
يذهبون ويدخلون في الميال سواء كانوا يخافون الخروج من؟
الواب :
أما إذا كان الوقت باقيا فلبد من أن يدخل إل الوطن ويصلي هناك ول عذر له ف التيمم إطلقا ،فلم يُجِز أحد من
العلماء له أن يفعل ذلك ،والجة واضحة نيّرة على أنه يب عليه أن يتوضأ وأن يصلي بعد ذلك ،أما إذا كان ياف
من أن يرج عليه وقت الصلة الول مثل حيث إنه أخر الظهر فإذا دخل وطنه فإنه سيخرج الوقت فهذه السألة
يوجد فيها خلف بي أهل العلم؛ والقول الصحيح الراجح أنه يدخل وطنه ويتوضأ ويصلي الظهر أربعا والعصر
أربعا؛ وال-تبارك وتعال-أعلم؛ ويكون هذا المع ف الوطن لوجود الضرورة الاسة إل ذلك ،وينبغي للنسان أن
يَحذر ف الستقبل من أن يؤخر الصلة إل مثل هذا الوقت فيكون قد أدخل نفسه بذلك ف خلف شهي بي أهل
العلم ،على أنّ كثيا من الناس ل يعلمون أنّ النسان يوز له أن يمع ف الوطن ،بينما هو قول مشهور-كما قلتُ-
ولكنه ل يصار إليه إل ف وقت الاجة ،ول شك بأنّ هذا الوقت هو وقت الاجة ،إذ إنه ل يد ماء؛ وال-تبارك
وتعال-أعلم.
س :ما المقصود بالجمع الصوري ؟
ج :على كل حال ،كثي من الناس يسمعون بالمع الصوري ول يعرفون معناه ..المع الصوري هو أن يؤخر
النسان الصلة الول إل آخر وقتها بيث إنه يأت با قبل انتهاء الوقت بوقت قصي حيث إنه عندما ينتهي من تلك
43
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الصلة يرج الوقت ..يأت بالظهر مثل قبل خس دقائق أو ما يقرب من ذلك وبجرد سلمه منها يرج وقت الظهر
ويدخل وقت العصر ويصلي ف ذلك الوقت العصر ،وهكذا بالنسبة إل الغرب يصليها قبل خروج وقتها بوقت يسي
بيث إنه عندما ينتهي منها يدخل وقت العِشاء ويصلي العِشاء بعد ذلك مباشرة ،فهذا جع ف الصورة ،فهو ل يصل
الصلتي ف وقت إحداها ،وإنا صلى كل صلة ف وقتها ،فهو جع ف الصورة ،وليس جعا حقيقيا ..هذا هو
المع الصوري الذي قال به من قال من أهل العلم ،وحلوا عليه-بعض أهل العلم-الديث الصحيح الثابت عن النب
أنه جع ف الدينة من غي سحاب ول مطر ول خوف ول سفر ..جع فيه بي الظهر والعصر والغرب والعشاء
..صلى الظهر أربعا والعصر أربعا وكذلك صلى الغرب ثلثا والعشاء أربعا ،لكنّ الصحيح أنّ هذا الديث ل يُحمل
على هذا العن ،وإنا يُحمل على أنه جع بي الظهر والعصر ف وقت إحداها ،وجع بي الغرب والعشاء ف وقت
إحداها ،وهذا ليس بمع صوري بل هو جع حقيقي؛ وال-تعال-أعلم.
س :إذن في هذه الحالة إذا كان الطبيب يجري عملية والعملية يتطلب منها أن تمتد فترتها إلى أن يدخل في وقت
العصر مثل ،في هذه الحالة هل يجمع ؟
الواب :نعم له أن يؤخر الصلة الول إل الصلة الثانية ويمع بينهما ..يصلي الظهر أربعا والعصر أربعا ..طبعا
إذا كان مقيما ،ولكنّ هذا ليس بمع صوري ،بل هو حقيقي ،فالمع الصوري هو ما ذكرتُه سابقا.
س :جع حقيقي ..يعن أربع ركعات أربع ركعات ؟
ج :نعم ..المع الصوري كل صلة تصلى ف وقتها ،أما هذا المع يُؤتى بالصلتي معا ف وقت واحد ويُصار إليه
ف مثل هذه الالة وما شابها من الوقات ،بل بعض العلماء يُرخّص حت أكثر من ذلك لكن بشرط ألّ يفعله
النسان إل ف الوقات النادرة.
س :هل للمرء أن يختار بنفسه حوزة معيّنة يعتبر حدودها وطنا له أم أنّ ذلك مشروط بأمور معيّنة ؟
ج :هذه السألة فيها خلف بي أهل العلم؛ ولكنّ الوطن-كما قلتُ-هو ما استقرت فيه النفس وارتاح إليه القلب،
فإذا استقر النسان ف مكان فهو الكان الذي يصلي فيه وطنا ،أما أن يتخذ حوزة كبية وهو ل يستقر ف تلك
الوزة مثل ويصلي فيها وطنا فهذا الرأي ما ل أراه بل أرى أنه مالف للدليل الصحيح؛ وال-تعال-أعلم.
س :إذا صلى المسافر صلة الظهر قصرا وسوف يصل في وقت العصر إلى بلده ،فهل يجوز له أن يصلي الظهر
والعصر جمع تقديم ؟
ج :نعم ،يوز له ذلك ،فإن شاء أن يمع فليجمع ،وإن شاء أن يصلي الظهر ف وقتها فليصل وليؤخر العصر ويصليها
بعد ذلك-إن شاء ال-ف وطنه؛ وال أعلم.
س :إنني أعيش في ولية الرستاق ومكان ولدتي وادي بني خروص بولية العوابي وعندما أذهب إلى زيارة
الهل والقارب في وادي بني خروص أصلي تماما ،فماذا عليّ ،هل أصلي تماما أم أصلي قصرا ؟ أرجوا إفادتي
أفادكم ال.
44
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :قد قدمنا الواب على مثل هذا ،وقلنا :إنّ العبة بالستقرار والطمئنان ،فإن كان هذا النسان قد اتذ ذلك
الوضع وطنا نعم يصلي به وطنا ،وأما إن كان ل يتخذ ذلك وطنا كما هو الظاهر من حاله وإنا يذهب لزيارة أهله
وأقاربه فإنه ل يوز له أن يصلي وطنا ،بل يب عليه أن يقصُر الصلة إل إذا صلى خلف إمام مقيم-كما قلنا-فإنه
يكمل لضرورة متابعته ،والظاهر من حال هذا السائل هو هذا الثان؛ وال أعلم.
س :نأتي الن إلى ما يشيع على ألسنة بعض الناس يقول " :إنّ الوسائل الحديثة لم تترك في جسد النسان
موضعا للتعب فيستطيع النسان أن يقطع المسافة التي حددها العلماء للسفر بسرعة وبدون تعب وبدون مشقة،
فلماذا اللجوء إلى القصْر الن ؟! " ؟
ج :على كل حال ،يقول ال تبارك وتعال ... :اْليَ ْومَ َأكْ َم ْلتُ لَكُمْ دِينَكُم [ ...سورة الائدة ،من الية:
] 3فال-تبارك وتعال-عال با كان وبا سيكون ،فهو عال بوجود هذه الوسائل ف هذا العصر ..أي بأنا
ستوجد ف هذا العصر ول يُخبنا ف كتابه العزيز بأنّ الكم سيتغيّر ول يأت ذلك ف سنّة رسوله صلى ال عليه
وعلى آله وسلم ،فإذن العبة با دل عليه الدليل وهو أنّ من سافر تلك السافة فإنه يب عليه أن يقصر الصلة،
وسواء كانت الوسيلة هي الطائرات أو السيارات أو ما هو أسرع من ذلك ما يكن أن يوجَد ف وقت من الوقات
القادمة ،ونظرا لعدم وجود الوقت كما أشرت فإنن أكتفي بذلك؛ وال-تعال-أعلم.
س :هناك بعض المساجد فيها قسم خاص بالنساء بعضها مفصول عن المسجد الصل وبعضها ملتصق به ..إذا
أرادت المرأة أن تصلّي بصلة المام ..فإذا كان المسجد مفصول أو المصلى مفصول ،هل لها أن تصلي بصلة
المام ؟
ج :هذه القضية ل يكن أن نيب عليها جوابا إجاليا ،لنّ ذلك يتلف من مسجد إل مسجد ،فإن كان هذا السجد
ملتصقا أو هذا الصلى ملتصقا بصلى أو بسجد الرجال فل مانع من ذلك ،أما إذا كان هنالك فاصل فلبد من النظر
ف ذلك الفاصل حت يكن أن نكم عليه با يستحقه من جواز أو منع؛ وال أعلم.
س :هل هناك كيفية معيّنة-مثل-يمكن أن تصوّرها لنا ؟
ج :الوْل أن ينظر الفقهاء ف كل مسجد بذاته حت يكن الكم على ذلك ،لننا قلنا إذا كان متصل ل إشكال ف
ذلك ،أما إذا كان منفصل فيصعب على كثي من الناس التقدير.
س :مسافر َوجَد الجماعة في صلة العصر في الركعة الخيرة فصلى هذه الركعة الخيرة وحَمل المام على أنّه
يصلي ركعتين بِما أنّه هو مسافر فقضى ركعتين ؟
ج :ل يَخلو المر:
إما أن تكون هنالك قرينة تدُل على أن ذلك المام كان يصلي َقصْرا أو يصلي تَمَاما.
أو ل تكون هنالك قرينة تدُل على أحد المرين.
فإن كانت هنالك قرينة تدُل على أنه يقصر فليقصر هذا الصلي ث ليسأل عنه هل أتَم ذلك المام أو َقصَر لن تلك
القرينة ليست بصرية وإنّما مرد احتمال ..مُجرد إشارة:
فإن قيل له إن ذلك المام قد قصر فل شيء عليه .وإن قيل له قد أتَم فلبد من العادة.
45
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وإن ل يد من يسأله فلبد من أن يعيد صلته ركعتي لن ال-تعال-ل يُعبد بالشك فهو ف ذمته تلك الصلة ..
مفترضة عليه فلبد من أن يَخرج من ذلك اليقي بيقي مساوٍ له.
وإن كانت هنالك قرينة تدل على أن ذلك المام قد صلى أربعا فكذلك يصلي هذا أربعا ث ليسأل:
فإن قيل له صلى أربعا فل إشكال.
وإن قيل له صلى ركعتي فليعد الصلة ..يصليها ركعتي.
وإن ل يد فليعد كما بينّا .وإن ل تكن هنالك قرينة فليصل ركعتي:
صلّى ركعتي ول شيء عليه. صلّى ركعتي فقد َ فإن قيل له إن المام قد َ
وإن قيل له صلى أربعا فليعد .وكذا إذا لَم يَجد من يسأله.
هذا إذا كان ذلك الصلي مسافرا ،أما إذا كان مقيما فليصل أربعا:
فإن كان المام صلى أربعا فل إشكال.
وإن كان المام صلى ركعتي أو لَم يَجد من ُيبَيّن له هل صلى ركعتي أو أربعا فهنا الشكال يأت مِن جهة كيفية
القضاء لنّه إن صلى معه مثل الركعة الرابعة فكيف يقضي ؟:
فإذا كان المام مقيما فيأت أول بالركعة الول وبعد ذلك يأت بالثانية ث الثالثة وهذا أمر واضح.
وإن كان ذلك المام مسافرا فإن تلك الركعة كانت ف حق المام الثانية وهكذا ف حق هذا الأموم الذي صلى
بصلته ومعن ذلك أنه يصلي الثالثة ث الرابعة ث يرجع إل الول .فإذن لبد مِن العادة.
والاصل أنّه إذا َتبَيّن لَه أنّه صَلّى َكصَلة إمَامه فل شيء عليه وإن لَم يَتبَيّن له المر أو علم أن المام كان يصلي على
خلف ما صلى هو فلبد من العادة على كل حال ِمنَ الحوال؛ وال الستعان.
س :رجل مسافر وجد جماعة يصلون صلة العصر ،وهذا الرجل لم يصل صلة الظهر .فهل يجوز له أن يصلي
معهم وينويها ظهرا ؟ وهل اتحاد صلة المأموم وصلة المام شرط لصحة الصلة ؟
الواب /ل ينبغي له أن يتعمد ذلك وأما إذا دخل معه وظن أنه يصلي الظهر فقد اختلف العلماء ف صحة صلته
والقول بصحتها هو الظاهر عندي وال أعلم.
س :رجل كان عائدا إلى بلدته من بلدة أخرى ،وقد أراد أن يصلي صلة الظهر والعصر " جمعا " ،فما هي أقرب
مسافة يمكنه أن يصلي عندها قبل وصوله إلى بلدته ؟
الواب /ف ذلك خلف بي العلماء قيل ليس له أن يقصر داخل الفرسخي وقيل له أن يقصر ما ل يدخل عمران
بلده بشرط أن يكون قد صلى خارج الفرسخي قصرا أما إذا كان يقصر خارجهما فليس له القصر داخل الفرسخي
وهذا هو الشهور والول قول طائفة من أهل العلم وله وجه قوي ف النظر وال أعلم
س :مأموم يصلي المغرب والمام يصلي العشاء وهو مسافر ودخل هذا المأموم يظن أن هذا المام يصلي المغرب
ثم تبين له أن المام يصلي العشاء فالمام يصلي ركعتين لنه مسافر والمأموم يصلي ثلثا ماذا يفعل المأموم هل
يقطع صلته أم أنه يواصل ؟
46
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الواب -:
لهل العلم ف هذه السألة خلف منهم من يقول إذا تبي له أن المام يصلي صلة تتلف عن الصلة الت يصليها هو
فإنه يقطع صلته ويصلي من جديد تلك الصلة الت يريد أن يؤديها ف ذلك الوقت .
ومنهم من يقول يأت بالركعة الثالثة للمغرب لنه صلى مع المام ركعتي ول يضره ذلك وإذا أخذ بذا الرأي فل
بأس عليه .
س :رجل دخل مع جماعة تصلي الظهر وهو مقيم ،فإذا دخل بنية الربع ركعات فهل يضره أن يكون المام
مسافرا ؟
ج :هو لبد من أن يدخل بنية الربع لنه مقيم سواء كان المام مسافرا أو كان مقيما فعليه أن يدخل بنية صلة
القيم أو بنية الربع وهي هي ،بعد ذلك إذا كان المام مقيما فل إشكال ف القضاء ،وأما إذا كان المام مسافرا فإنه
سيُكمل أوّل الركعة الثالثة والرابعة ث بعد ذلك سيقوم بقضاء ما فاته؛ وال-تعال-ول التوفيق.
س :مسافر نوى الجمع بين الصلتين وبعد أن فرغ من الصلة الولى لم يجمع الصلة الثانية فهل هذه النية
تؤثر على الصلة الولى ؟ وإن أراد الجمع بعد النتهاء من الصلة الولى بدون أن ينوي نية من قبل الجمع فهل
له ذلك ؟
ج :من نوى أن يمع بي الصلتي ث عندما صلى الول ترك المع فلشيء عليه وأما من أحرم على نية الفراد
ث نوى بعد ذلك أن يمع فقد ذهب المهور إل أنه ليس له أن يمع ما دام أنه ل يعزم على المع عند الحرام
للصلة الول وذهبت طائفة من أهل العلم إل أنه له أن يمع إذا نوى المع من قبل أن يرج من الصلة الول
وذهب بعضهم إل أن له أن يمع ولو خرج من الصلة الول ول شك أن القول الول هو الحوط وأما إذا جئنا
إل الترجيح فان القول الثالث هو الذي يظهر ل وذلك لدلة متعددة وأوضح تلك الدلة أنه ل يأت أن الرسول -
صلى ال عليه وعلى آله وسلم -أنه كان يأمر الناس بأن يمعوا الصلة الثانية إل الول أو ينووا المع بي
الصلتي عندما كان يصلي رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم بأصحابه ف مكة وف عرفه ولذلك فالقول
الثالث هو القول الراجح وإن كان القول الول هو الحوط ؛ لن فيه خروجا من عهدة اللف والروج من عهدة
اللف إذا أمكن من غي أن ينوي الخالف أن يالف سنة ثابتة عن النب -صلى ال عليه وعلى آله وسلم -وإنا
مافة أن تكون تلك السنة ل تثبت ول شك أن هذا أسلم وال تعال أعلم .
س :جماعة تصلي صلتين جمعا فدخل عليهم رجل هل يدخل معهم أم ينتظر فيتبين له ما هي الصلة التي
يصلونها ؟
ما دام وجد الماعة تصلي فليدخل معهم ث بعد ذلك إذا تبي له أنم يصلون صلة مالفة لصلته هو فقد اختلف
العلماء ف وجوب العادة عليه .ذهبت طائفة من العلماء إل أنه ل إعادة عليه ولو كانت تلك الصلة مالفة لصلته
هو ,وذهبت طائفة أخرى إل أن عليه العادة والقول بعدم العادة أقرب إل الصواب والثان أقرب إل الحتياط .
.س :رجل أراد الجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء وبعد النتهاء من الصلة الولى تذكر فريضة
منسية فماذا يفعل ؟
47
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أما إن كان المع جع تقدي فالول أن يأت بالصلة النسية وأن يؤخر الصلة الثانية إل وقتها لكن إذا كان متاجا
للجمع مثل يشق عليه أن يقف ليصلي الصلة ف وقتها لكونه مثل كان راكبا مع بعض الناس ول يكن أن يقفوا ف
مكان آخر أو ما شابه ذلك فيأت بالصلة الثانية بعد أن يأت بالصلة النسية وهكذا ف حالة جع التأخي يأت أول
بالصلة النسية ث يأت بالصلة الت يريد أن يمعها مع الصلة الول.
س :جماعة مسافرة أرادت الجمع بين الظهر والعصر وبعدما انتهت من صلة الظهر شرعت جماعة أخرى
بالقامة لصلة الظهر ؟
لهل العلم خلف وهو هل يصح للمسافر أن يؤخر الصلة الثانية ف المع إل وقت أكثر من الوقت الذي تستغرقه
الصلة الثانية ,بعض العلماء قال :إذا ل يدخل ف الصلة الثانية بقدار ما يصلي تلك الصلة فإن ذلك المع ل
يصح ,وبعض العلماء قال :يرخص له أن يتأخر وهذا القول لعله أقرب إل الصواب فعليه ينبغي لذه الماعة أن
تتأخر حت تنتهي الماعة الت تصلي الظهر ث بإمكانم أن يقوموا لصلة العصر وذلك التأخي ل يضرهم بشيئة ال
سبحانه وتعال .وال أعلم
سنّ ف ذلك جائزٌ ف حقّها فإنه-أيضا-ل غبار على ذلك ،فهي تَجوز ف حقّها وتُجزيها عن صلة الظهر ولكنّها ل تُ َ
حقّها بِمعن أنه ل يُندَب ف حقّها أن تَذهب إل السجد وأن تُ َؤ ّديَ صلةَ المعة هناك وإنا يُندَب ف حقّها أن
تصلّي ف بيتها وإن كانت صلتُها مع المام تُجزيها عن صلة الظهر.
-2ومِن ذلك الرية ،فالعبد ل َتجِب عليه صلة المعة على أكثر قول أهل العلم.
ومنهم مَن ذهب إل وجوبا عليه على الطلق ،وهو قولٌ فيه مِن البُعد ما ل يَخفى.
ومنهم مَن فصّل فقال :إن وافَق سَيّدُه على أن يصلّيَ المعة فإنا َتجِب عليه وإن ل يُوافِق على ذلك فل تَجب عليه،
وهو قولٌ قوي له حظّ مِن النظر ،فل يَنبغي له أن يَتخلّف عنها إذا أباح له َسيّدُه ذلك.
-3ومِن ذلك البلوغ ،فالصب ل تَجب عليه المعة ،بل ول يَجب عليه شيءٌ مِن الواجبات ،كما هو معلوم ،بِنصّ
حديثِ رَفْعِ القلم عن الثلثة الذين معهم الصب ،وهو حديثٌ صحيح بِمجموع طرقه بل قوّى غيْر واحدٍ مِن أهل
العلم بعضَ أفراد تلك الطرق ،والمّة مّتفِقة على عدم وجوب المعة على الصب-كما هو معلوم-ولكنه يُؤمَر بِإتيانا
إذا بلغ سبع سني.
-4ومِن ذلك العقل ،فالجنون ل تَجب عليه بل ليس لحد أن ُيبِيح له أن يَذهب إل السجد ،لنه سوف يُشَوّشُ
على الصلي كما هو معلوم مِن حال الجاني.
-5ومِن ذلك السافر فالمعة ل تَجب على السافر ،فهي واجبة على مَن كان مقيما ف مكان ،والعلماء قد اختلفوا
ف حال السافر:
منهم مَن قال :إنا تَجِب عليه على الطلق.
ومنهم مَن قال :إنه إذا بقي ف مكان للقيلولة فإنا َتجِب عليه أو كان مستقِرا ف ذلك الكان استقرارا ل يَنوي به
القامة.
ومنهم مَن قال :ل تَجب عليه مطلقا.
والقول بالوجوب مطلَقا ضعيف ،والقول بوجوبا عليه إذا كان ماكثا ف مكان ول يَنوي الستقرار فيه قولٌ قوي له
وجهٌ مِن النظر وتُؤيّده بعضُ الثار فل يَنبغي لِلمسافِر الذي مَ َكثَ ف مكان أن يَتخلّف عنها ،وقد كان الصحابة
الذين يَأتون مِن أمكنة شاسعة إل الدينة النورة يُصلّون مع النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وإن كنّا ل نَقوى
على الزم بِأنا كانت واجبةً ف حقّهم ولكننا نقول :إنّ هذه السألة ل تَخلو مِن شيءٍ مِن الشكال.
وإذا صلى هذا السافر فإ ّن صلته تُجزيه عن الظهر ،بِنصّ السنّة الصحيحة عن النب وباتّفاق المّة ،وإنا اللف
إذا ل يَ ْأتِها هل يَكون آثِما بِذلك أو ل ؟ ويَنبغي لِلنسان أن يُخرِج نفسَه مِن اللف ف مثل هذه القضايا الت اشتدّ
فيها الناع وليس فيها دليلٌ واضح ،فمَن أدّاها فإنه قد أدّى الصلة ول إث عليه بِاتّفاق بِخلف مَن تَخلّف عنها.
-6ومِن ذلك أن يَسمَع نداءَها ،فمَن كان بعيدا ل يَتمكّن مِن ساع النداء بِسبب ُبعْدِهِ ل لِمانع مِن الوانع-كصَمَمٍ
ونَحوه مِن الضوضاء ونَحو ذلك-فل َتجِب عليه ،أما مَن كان يَسمَع ذلك أو يَتمكّن أن يَسمَع ذلك لول ذلك الانع
الذي مََنعَه مِن السماع فإنا تَجِب عليه وذلك يُقدّر:
49
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1بِمسافة فرسخ.
-2بل ذهب بعضُ أهل العلم إل أنا َتجِب على مَن بيْنه وبيْن السجد الذي تُقام فيه مسافةُ السفر وتُقدّر بِذلك على
مذهب هؤلء العلماء بِفرسخيْن.
والقول الول هو القرب ،والثان فيه سلمةٌ؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
هذه أهم تلك الشروط.1
ومِن ذلك شرطُ السلم ولكن هذا الشرط شرطُ صحّة ،فهو شرطٌ ف جيع العبادات ،فالكافر ل تص ّح منه عبادة ..
ل تصح منه الصلة ول الزكاة ول الصيام ول الج وإن كان ماطَبا بِها وعليه الث بِسبب َترْكِها ويُعاقَب على ذلك
يومَ القيامة ،كما يَّتضِح ذلك مِن الدلة الت تَدلّ على أنّ الكفارَ مُخاطَبون بِفروع الشريعة ولكنّ هذا الشرط-كما
قلتُ-هو شرطٌ ف جيع العبادات؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س:بِالنسبة لِلمرأة قلتُم بِأنه يَصحّ لها أن تُصلّي الجمعة ويُسقِط ذلك عنها الفرض ،في حال نيتها تنويها فرضا ؟
ج :الرأة إذا خرجتْ مُحتشِمةً مُلتزِمةً بِشرْع ال-تبارك وتعال-إل السجد فإنا تُجزِيها عن صلة المعة ،2وبِمجرّد
إرادة الدخول تُصبِح فريضةً عليها ،لنا تُجزِيها عن فريضة الظهر ،وإل لو كانت نَ َوتْها سنّة أو نافلة أو ما شابه ذلك
فهي ل تُجزِيها ف حقيقة الواقع ،فبِمجرّد إرادة الدخول تَنويها فريضة ،لنا تُسقِط عنها فريضةً أخرى وهي فريضة
الظهر ..هذا ما يَّتضِح ل؛ والعلم عند ال.
س :هناك بعضُ الذين ليس لديهم حظّ مِن المعرفة يَنوون صل َة الجمعة سنّة ،فما حكم صلتهم في هذه الحالة ؟
ج :إذا كانت النيةُ النيةَ الطلوبة وهي النية القلبية فل تُجزِيهم ،لنّ صلةَ المعة فريضة بِنصّ الكتاب 3وصحيح
السنّة ،فمَن نوى ذلك بِقلبه ل يُجزيه ،وأما إذا كان يَنوي صلة المعة الواجبة ولكن تَلفّظ بِلسانه بِأنا سنّة فذلك
مِمّا ل بأس به ،لنّ هذه اللفاظ ل عبة با ..النب يقول ( :إنا العمال بالنيات ) ،والنية-القصودة أو-الطلوبة
هاهنا هي القصد بالقلْب ،أما تلك اللفاظ الت يأت با كثي مِن الناس فهي مِمّا ل دليلَ عليه ،فالنب وصحابتُه
الكرام-رضي ال تعال عنهم-ل يَكونوا يَأتون بِشيءٍ مِن هذه اللفاظ ،فهذه اللفاظ مُحدَثة ،ونن وإن كنّا ل نقول
بِحرمتها ولكننا نقول :إنه ل ينبغي الشتغال با بل ينبغي القتداء بالنب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،ولو
كان ف التيان با خيْر لتى با النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ولنا فيه السوة السنة؛ وال-تبارك وتعال-
أعلم.
س :جماعة مسافرة مرّت على مسجد في يوم الجمعة ،هل يُصلّون الظهر أم الجمعة ؟
ج :السافر ل َتجِب عليه المعة على اللف الذي ذكرناه والقول بعدم وجوبا عليه هو القول الشهور ،وعليه
فالذي ذهب إليه جهور المّة أنّ السافرين إذا مرّوا على مسجد فإنم يُصلّون الظهر وليس لم أن يُصلّوا المعة ..
ن الخطب َة شرطٌ لِصحّة الجمعة. ط الصحّة ،كما َذ َك َر بِأ ّ ن مِن الشرو ِ -1فقد َنبّ َه الشيخ فيما بعدُ إلى أ ّ
-2يُنظَر مع الشيخ لعلّه قصد أن يقول " :تُجزِيها عن صلة الظهر " بدل مِن أن يقول " :تُجزِيها عن صلة الجمعة ".
خ ْيرٌ ّل ُكمْ إِن
سعَوْا إِلَى ِذكْ ِر الِ َو َذرُوا ا ْل َبيْ َع ذَِلكُ ْم َ
ج ُمعَ ِة فَا ْ
ن آ َمنُوا ِإذَا نُودِي لِلصّل ِة مِن يَ ْومِ ا ْل ُ
-3قال ال تعالى :يَا َأ ّيهَا اّلذِي َ
كُنتُ ْم َتعَْلمُونَ [ سورة الجمعة ،الية.] 9 :
50
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
نعم إذا َوجَدوا هنالك جاعةً ُمقِيمة فإنه يَنبغي لم أن يُصلّوا معهم المعة بل ليس لم أن يَتخلّفوا عنهم إذا دخلوا
السجد ،أما أن يُقيموا هم المعة:
-1فليس لم ذلك على مذهب المهور.
-2وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل مشروعية ذلك.
ولكنّ القول الصحيح هو الول ،فمَن صلّها جعةً ف الاضي فإنه يُمكِن أن يُترخّص له ف عدم العادة ،لنه إما أن
يَكون َقلّدَ بعضَ أهل العلم الذين قالوا بِذلك والسألةُ ظنية والسائل الظنية ل يُمكِن أن يُعّنفَ فيها أحدٌ إذا كان
قاصِدا لِلصواب طالِبا لِلحق ،وإما أن يَكونوا ل يَعلَموا بِقولِ أحدٍ ولكنّهم يَطلبون الق ووافَقوا قولً مِن أقوال أهل
العلم فيُمكِن أن يُترخّص لم ف الاضي ،أما ف الستقبَل فل يَنبغي لم أن يُقيموا المعةَ إل إذا صلّوْها مع جاعةٍ
ُمقِيمة ،فإذا وَجَدوا طائفةً مِن الناس يُصلّون المعةَ فيَنبغي لم-كما قلنا ألّ يَتخلّفوا عنهم ف ذلك.
وكثي مِن الناس يَسألون عن الطلبة الذين يَدرسون-أو يَعملون-ف بعض الدول الكافرة ،هل لم أن يُصلّوا المعة ؟
والواب هو ما أشرنا إليه وهو أنه ليس لم أن يُقِيموا هم المعة ولكن إذا وَجَدوا جاعةً تُصلّي المعةَ ف ْليُصلّوا
معهم ولو كانوا ف غْيرِ بلد السلم ..هذا هو القول الصحيح ،وإن كان بعضُ العلماء يَقول بِخلف ذلك؛ والعلم
عند ال تعال.
س :المسافرون ،هل لهم أن يَجمَعوا مع الجمعةِ العص َر ؟
ج :ف هذه السألة خلف بيْن أهل العلم:
ذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنه ليس لِلمسافِر أن يَجمَع العصرَ مع صلةِ المعة ،وذلك لنّ صلةَ المعة صلةٌ
مُستقِلّة بِنفسِها ول يَ ِردْ عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ما يَدلّ على جواز َجمْعِ العصرِ معها ،ث إنّ وقتَ
المعة ل يَمتَد إل وقتِ العصرِ بل يَنتهي بِمجرد انتهاء وقتِ الظهر فليس لم على هذا الرأي أن يَجمَعوا العصرَ مع
المعةِ.
وذهب بعضُ أهل العلم-وهم الكثر-إل جواز ذلك.
فمَن شاء أن يَحتاط لِدينه وأن يَأخذ بِالحْزم وأن يُخرِج نفسَه مِن اللف فل َشكّ أنّ الوْل له ألّ يَجمَع ،ومَن
جَمَعَ فل شيءَ عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال؛ والعلم عند ال تعال.
س :بعضُ المسافرين مِن فرط السرعة يَدخلون المسجد ف َيجِدون وقتَ الخطبة ل يَزال طويل فيُصلّون الظهرَ ثم
يَخرُجون مِن المسجد ؟
ج :هذا خطأٌ واضح ..عليهم أن يَتوبوا إل ال-تبارك وتعال-مِمّا وقعوا فيه وأن يَرجِعوا إليه وأن يَتعلّموا أمورَ
دِينِهم وألّ يَرجِعوا إل مثلِ ذلك مرّة أخرى فيَنبغي لم أن يُصلّوا مع المام صلةَ المعة ،أما أن يَخرُج الواحد مِن
غْيرِ أن يُصلّي مع جاعةِ السلمي فهذا فيه ما فيه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
ن الظهرِ مثل ولنهم
ن بعضَ المسافرين قد يَسمَعون أذا َ
س :هل هذا الحكم شامل لِلجمعة وغيْ ِر الجمعة ؟ ل ّ
مُستعجِلون يَدخلُون ..يُصلّون الظه َر والعصرَ مثل ..يَجمَعون ثم يَخرُجون مِن المسجدِ والجماع ُة لم ُت َقمْ بَعدُ.
51
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :هذا-حقيقة-مِمّا يَنبغي أن يُشدّد فيه ،لنّ هؤلء إما أن يَنتظِروا تلك الماعة وإما أن يَذهبوا إل مكانٍ آخر-
والساجد موجودة ،والرض كلها مسجد بِحمد ال تبارك وتعال-ويُصلّوا هناك فالوقتُ مُمتَد بِحمد ال تبارك
وتعال ،فإن كانوا على َعجََلةٍ مِن أمرِهم فليُواصِلوا السيْر ث بعدَ ذلك بِإمكانِهم أن يَأتوا بِالصلة ف أيّ مكان آخر؛
والعلم عند ال.
ظلّ مفتوحةً في وقتِ صلةِ الجمعة ،ما هو الوقتُ الـمُحدّد لِهذه المحلت في أن تغلق فيه
س :عد ٌد مِن المحلت َت َ
ت صلة الجمعة ؟
أبوابَها إذا ما حَضَرَ ْ
ج :هو إذا نودي بِصلة المعة فإنه يُمنَع البيع والشراء ،فليس لحد َتجِب عليه المعة أن يبيع أو أن يشتري ،أو أن
يبيع أو أن يشتري مِمّن تَجب عليه المعة ولو كان هو ليس مِمّن تَجِب عليه المعة ..هذا هو الرأي الصحيح ،لنّ
ال قد َعّلقَ ذلك بِنداء يوم المعة.1
وبعضُ العلماء ذَ َهبَ إل أنّ البيعَ والشراء يُمنَعان بِمجرّد دخولِ الوقت فإذا دَ َخلَ الوقتُ فإنه يُمنَع البيعُ والشراء،
وذلك لنه ف ذلك الوقت يَصحّ النداء وتَصحّ الصلة فإذا دَ َخلَ الوقتُ ل يَجوز البيعُ ول الشراء على حسب ما
ذكرناه.2
وبعض العلماء قال :إنّ ذلك يُمنَع بِالذان الوّل.
والصحيح أنه يُمنَع بِالذان الثان وإن كان الفْضل لِلنسان أن يَستعِدّ لِلصلة إذا سَمع النداءَ الول اللهم إل إذا كان
مُستعِدّا مِن قبلِ ذلك فإننا ل نَقوى على الـمَنع ،لنّ ال قَد عَلّق ذلك بِالنّداء والنّداء الرَاد هَاهُنا هُو النِدَاء الثان
لنّه هُو النداء العرُوف فِي عهْد النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أمّا النِدَاء الثان فَهُو ُمحْدَث ..قَد
أُ ْحدِث ف عَهْد عثمان على مَسْمَعٍ و َمرْأى مِن صحابة رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-لِ َمصْلحةٍ
رَأَوْها وَلعَلّهمَ-أْيضًا-استَنَبطُوا َذلِك مِن النّداء الول ِلصَلة الفجر؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
..هُنَاك مَن َيقُومُ ت الصّلةُ فَان َتشِرُوا فِي الَرْضِ ...
فَإِذَا قُضِيَ ِ س :في الية [ ،10من سورة الجمعة ]:
صحّ هَذَا ؟
جمُوعَة مِن النّاس َبعْد صَلة الجمعة مُبَاشَرَة ،هل يَ ِ
ِبقِرَاءة كِتاب مُعيّن يَتدَارَسه مَع َم ْ
ج :أمّا إذا كَانَ هَذَا الكِتاب كِتابا عِلْمِيا كَ ُكُتبِ الفقه أو النّحو أو العقائد أو ما شابه ذَلِك فَل مَانِع مِن َذلِك ،لنّ
خرُج فَل يَحضُرَ ،فهُو ل عَلقَة لَه ِبصَلةِ المعة ،ولَكنّ حضُر َذلِك الدرس فإنه َسَيحْضر َومَن شَاء أن َي ْ َمنْ شَاءَ أن َي ْ
خطُب ُخ ْطبَةً ُينَبّه فِيها على َبعْضِ
بَعض الناس يَقُومُون بِالطَابَة قْبلَ صَلةِ ال َم َعةِ أو َبعْدَهَا َ ..يقُوم الواحد ِمنْهم َي ْ
شرُوع ،لَنه ِخلَف هَدْي النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،فَمَن المور أو مَا شَابَه ذَلك فهذا َليْسَ بِمَ ْ
أرَاد أن يَُنبّه على بَعضِ المور ال ْطلُوبَة أو المنوعَة فلَي ْأتِ بِذلك ف ُخ ْطبَة المعة إذَا كان هُو الطِيب ،أما إذا كَان
53
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ومِمّا يَنبغي أن نُنبّه إليه-أيضا-مِن الشروطِ الصحّةُ ،فإذا كان النسانُ مريضا ل يَقوى على الروج إل المعة فمِن
العلوم أنا ل َتجِب على الريض ،وقد نصّ الديث على ذلك إن صحّ ،وحتّى على تقديرِ عدم صحّتِه فإنّ الريض
الذي ل يَستطيع أن يَذهب إل المعة فإنه معذور؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :الذين َتجِب عليهم لِكونهم قَريبِين مِن الجامِع الذي تُصلّى فيه الجمعة ويَسمَعون النداءَ-كذلك-
لكنّهم مع ذلك ل يَذهبون فيُصلّون الظهرَ ،ما حكم صلتِهم ؟
ج :صلتُهم باطلة ،ذلك لنه َيجِب عليهم أن يَحضُروا المعةَ مع السلمي وأن يُصلّوا معهم ،لنّ ال-تبارك
وتعال-أَمرَهم بِالسعي إليها ،1ولنّ الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-أَمرَهم بِذلك بل وشَدّد ف ذلك غايةَ
التشدِيد حت قال ( :لََينْتَ ِهَينّ أقوامٌ عن َودْعِهِم المُعات أو َلَيخْتِ َمنّ ال على قلوبِهم ث لَيَكُوننّ مِن الغافلي ) ،فمَن
خيْن على رأي مَن يَقول بِوجوب المعة سَمع النداءَ أو كان ف موضعٍ يُمكِنه أن يَسمَع النداءَ-أو كان دُونَ ال َف ْرسَ َ
عليه-فإنه َيجِب عليه أن يَذهب إليها ،وليس له أن يَتخلّف عنها ،وإذا تَخلّف عنها فهو آثِم ..عليه أن يَتوب إل ال
ولبد أنه سيُصلّي الظهرَ ف ذلك الوقتِ ولكن إذا صلها قبلَ المعةِ فإنّ صلتَه باطلة على رأي كثرةٍ كاثرة مِن أهل
العلم ..عليه أن يَتوب إل ربّه وأن يَقوم بِإعادة تلك الصلة ..إن تَمكّن بِأن يَأتِيَ بِها مع السلمي ..أن يُصلّيها
جعةً فذلك هو الواجب وإن ل يَتمكّن فل مَحيص مِن أن يَأتِيَ بِها ظُهرا؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :ما حكم الذان في المساجد المجاوِرة لِجامِع الجمعةِ ؟
ج :أما إذا كان يُؤذّن لِصلة الظهر فذلك ل يَصح بل هو بِدعة مِن البِدَع ،وأما إذا كان يُنادى بِذلك لِصلةِ المعة
بِأن كان ذلك السجد مُمتلِئا ل يَتّسِع لِلمصلّي فيَضطَر بعضُ الناس أن يُقِيموا جُمعةً أخرى ولكن ذلك بعد أَخْذِ
الذنِ بِذلك فيَصحّ ذلك لجل الضرورة اللحة وإل فإنّ الصل الصيل ألّ تَتعدّد المعة ف الكان الواحد أبدًا وإنا
يُشرَع التعدّد ف حالة الضرورةِ الِلحّة وذلك بِما إذا كان ل يَتمكّن الناسُ بِأن يُصلّوا ف ذلك السجد لِكثرتِهم مثل.
وبعضُ الناس يَسأل :هل تُصلّي الماعةُ الول الصلية أوّل ث تَأت الماعة الثانية إذا كان السجد ل َيتّسِع لا وتُقيمُ
الصلةَ بعدَ ذلك ف ذلك السجد ؟ والواب :ل ..هذا هو الذي ذهب إليه جهور المّة ،فل يُمكِن أن تَتعدّد
المعةُ ف مسجدٍ واحد ،فمَن ل يَتمكّن-لِهذا السببِ أو لِغيْره مِن السباب كأن يَكون قد تَأخّر عن الصلة لِسببٍ
مِن السباب مِن نوم أو جاء مِن طريقٍ بعيدة أو ما شابه ذلك-فإنه ليسَ لم أن يُقِيموا المعةَ ف ذلك السجد ..هذا
هو الق؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :دون الفرسخي يعن قبل اثن عشر كيلومترا تقريبا ؟
ج :بِالتقريب.
س :ما حكم خطبة الجمعة ؟
منهم مَن قال :إنه ليست هنالك شروط لذه الطبة وإنا ينبغي أن يأت با يَنطبق عليه اسم " الطبة " وهي الطبة
العروفة الت فيها المر بِاليْر والدعوة إليه والوعظة السنة.
ومنهم مَن قال بِاشتراط بعض الشروط ،واختلفوا ف ذلك:
-1ومِن جلة تلك الشروط الت اشترطها بعضُ أهل العلم أن تكون الطبة مشتمِلة على حَمْدِ ال-تعال-
والثناء عليه ،وذلك لنّ هذا هو العروف ف ُخطَبِ النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،ولكنّ الصحيح أنّ هذا ل
يَصِل إل درجة الشرْطية وإن كان ل يَنبغي التهاون بِذلك بِحال مِن الحوال.
-2ومِن ذلك الصلةُ على النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وهذا-أيضا-ل دليل على شرْطيته ولكن ل يَنبغي
التهاون بِذلك.
-3ومِن ذلك أن يَأت بِشيءٍ مِن القرآن الكري ،وهذا وإن كان ل يَصل-أيضا-إل درجة الشرْطية على الصحيح
ولكن ل يَنبغي التهاون بِذلك بل كان النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-يَأت ف بعضِ ُخطَبِه بِسورة " ق "
بِأكملها ف الطبة وإن كان ل يَجتزي بِذلك كما فَهمَ بعضُ الناس ،إذ ذلك ل يُسمّى " خطبة ".
-4ومِن ذلك المر بِالتقوى ..هو طبعا ل يُراد المر بِالتقوى أن يُؤْتَى بِهذا اللفظ وإنا بِما يَدلّ على ذلك ،وعلى
كل حال لبد أن تَكون الطبة مشتمِلة على شيءٍ مِن ذلك.
-5ومِن ذلك أن تكون ف الوقت الذي تَصحّ فيه المعة ،ولِلعلماء خلفٌ طويل ف ذلك ،والقول الذي ذهب إليه
المهور هو أنّ وقتَ المعة هو وقتُ صلةِ الظهر ..أي بعد زوال الشمس.
ف طويل بيْن أهل العلم ،وقد ذهب غيْر واحد مِن -6وأن يَحضُر الطبةَ العددُ الذي تَصحّ بِه المعة ،وف ذلك خل ٌ
ح ّققِي إل أنه لبد مِن حضور اثني مع الطيب ،وأما ماعدا ذلك فإنه ل دليل عليه ،لنّ بعضَ ذلك مأخوذٌ مِن الـ ُم َ
بعض الفعال وتلك الفعال واقعةُ حال وذلك مِمّا ل يُمكِن الستناد إليه ف مثل هذه القضايا ،وبعضُ ذلك مستنِد
إل بعض الحاديث الضعيفة والضعيف ل َو ْزنَ له ف مثل هذه القضية.
فإذن لبد أن تكون الطبة مشتمِلة على ما ذكرناه ،أما تلك الشروط الت اشترَطها بعضُ أهل العلم فمِمّا ل دليل
عليه؛ والعلم عند ال.
س :أثناء خطبة الجمعة قد يُخطِئ الخطيب في آية أو في حديث ..التصحيح عليه في وقت الخطبة ،يَصحّ ؟
ج :أما إذا أخطأ ف آية فإن كان يُمكِن أن يَُنبّه ف ذلك فإنه يَُنبّه إل ذلك.
وهكذا إذا أخطأ-مثل-ف حكم شرعي بِأن قال بِوجوب أمر وهو ليس بِواجب بل هو حرام مثل ،خِلفا لِمَن ادّعى
بِأنه ل يُمكِن أن يَختلِف العلماء ف مسألة ..بعضهم يَقول بِوجوب أمرٍ والخر يَقول بِحرمة ذلك ،وإنا بَعضهم
يَقول بِالوجوب وبعضهم بِالباحة أو الكراهة أو بعضهم بالتحري وبعضهم بالندب ..هذا خلفٌ واقِع ،ومَن َن َظرَ ف
شيءٍ مِن كتبِ الفقه َعلِمَ أنّ هذه الدعوى ل أصل لا ،فإذا أخطأ ف حكمٍ شرعي ..قال بِوجوب أمرٍ وهو ليس
بواجب أو بِحرمة شيءٍ وهو ليس بِحرام أو ما شابه ذلك مِن الحكام فإنه لبد أن ُي َردّ عليه ولكن الذي يَنبغي أن
يُنتبَه إليه أن يَكون هذا الكم مِن الحكام الـ ُمتّفق عليها ،أما إذا كان ذلك الطيب يَأخذ بِقولٍ مِن أقوال أهل
56
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
العلم أو كان هو نفسُه مُجتهِدا يَقول بِوجوب ذلك المر وبعضُ العلماء يَقول بِحرمة ذلك المر-مثل-أو بِإباحته أو
بِندبيته أو كراهته أو ما شابه ذلك فإنه ليس لحد أن يَقوم وَيرُدّ على ذلك الطيب ،لنّ ذلك الطيب هاهنا ل
يُخطِئ وإنا تَعمّدَ أن يَ ْذ ُكرَ ذلك لنه يَرى إن كان مِن أهل الرأي أو يُقَلّدُ مَن يَقول بِوجوب ذلك المر فكيف لحد
يَقوم يناقضه ف مثل تلك القضية ؟! وإل لمكَن أن يَقع ذلك ف أوقات متعدّدة بل لمكن أن تَعترِض جاعةٌ كبية ..
الطيب يَقول مثل بِوجوب هذا المر فيَقوم قائل يَ ُردّ عليه ..يَقول له " :هذا حرام " لنه يَرى ذلك أو ُيقَلّدُ مَن
يَقول بِذلك وآخر يَقول " :هذا مكروه " وما شابه ذلك ..ل ..لبد أن يَكون ذلك المر مِن المور الـ ُمّتفَق
ختََلفِ فيه بيْن أهل العلم فيَنبغي له أن يَسكُت
عليها بيْن أهل العلم ،ومَن ل تَكن له دِراية بِالـ ُمتّ َفقِ عليه والـ ُم ْ
ويَكِل المر إل غْيرِه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
وهكذا بِالنسبة إل الحاديث ..قد يَأت ذلك الطيبُ-مثل-بِحديثٍ ضعيفٍ ف رأيِ بعضِ الناس وهو ليس كذلك
أو ما شابه ذلك فليس لحد أن يَقومَ ويَعترِض على ذلك ،أو يَأت الطيب بِروايةٍ بِالعن أو يَكون ذاك الديث جاء
بِألفاظ مُتعدّدة أو ما شابه ذلك ..ل يُمكِن لحدٍ اطّلَع على لفظٍ مِن اللفاظ فيَقوم يُخطّئ ذلك الطيب لنه ل
يَأتِ بِذلك اللفظ الذي يَحفظه هو أو ما شابه ذلك ،وإنا ذلك ف المور الت ل يُمكِن أن يَقع فيها خلفٌ ..كما
قلتُ أن يَكون ف حكمٍ شرعي ُمتّ َفقٍ عليه بيْن السلمي ويَكون ذلك الطيبُ زَّلتْ لِسانُه مَخافة أن يَنتشِر ذلك
الكلم-وهو ليس بِرأي ف حقيقة الواقع-بيْن الناس ويَعمَل بِه بعضهم فيَقعون بِذلك ف الـمَحظُور والعياذ بِال
تبارك وتعال ،أو أن يُخطِئ ف كتابِ ال-تبارك وتعال-أو ما شابه ذلك.
وهكذا بِالنسبة إذا أخطأ ف وجهٍ إعراب أو ما شابه ذلك ..ل يُمكِن ال ّردّ عليه ف مثل ذلك ،لنّ الطبةَ ل
تَتأثّر بِه و-أيضا-ل يَتأثّر بِه اعتقادٌ أو ما شابه ذلك؛ والعلم عند ل.
ت الخطبة أم يُفضّل أن يَكون بعد تسليمة المام مَ ْنعًا
ق عليها يَكونُ وق َ
س :هذا التصحيح في القوال الـمُ ّتفَ ِ
لِلحراج مثل ؟
ج :إذا كان يُعلَن ذلك ..بِأنّ ذلك مِن المور الت َزلّ فيها لسانُ ذلك القائل وبعدَ ذلك قد ل يَعرِف أولئك الناس،
وأما ف بعض الحيان فيُمكِن أن يَُنبّه ذلك الطيب بعدَ السلم مباشَرة ويُعلِن ذلك الطيب بِأنه قد زَّلتْ لسانُه
وأخطأَ ف السألة الفلنية ..مثل قال بِحرمة أمرٍ وهو ليس بِحرام أو ما شابه ذلك ،فإذا أمكنَ ذلك فهذا ل َشكّ بِأنه
أوْل وأسْلم.
س :ما هي الطريقة المناسِبة لِتنبِيه الخطيبِ في مثل هذه الحوال التي نادِرا ما تَحدُث على أيّة حال ؟ هل يَذهب
إليه لِ ُيسِرّه في أُذنه أو شيءٌ مِن هذا القبِيل ؟
ظ مناسِب" :
ج :إذا كان-طبعا-ذلك بعد الصلة فإما أن يَكون بِذلك أو بِواسطة ورقة أو ما شابه ذلك ويَكون بِلف ٍ
لعله زلّ لسانُكم-أو َسَبقَ لسانُكم-إل كذا " أو ما شابه ذلك ،ويُنبّهه بِأنه يَنبغي أن يَُنّبهَ الناسَ مِن قبلِ أن
يَخرُجوا مِن الصلة ،و-بِالطبع-هذا ل يَقع إل ف حالت نادِرة؛ والعلم عند ال.
س :ما حكم التكاء على العصا ونحوها في الخطبة ؟
57
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :على كل حال؛ هذا قال بِمسنونيته بعضُ أهل العلم ،ولكنّ الذي يَظهر ل أنّ الحاديث الت احتَجّ بِها هؤلء ل
صحّحَ حديثا واحدا منها بعضُ أهل العلم ولكنه ل َيصِل إل تَصِل إل مرتبة القَبول فهي مِن الضّعف بِمكان ..نعم َ
تلك الرتبة فيما يَظهر ل ،ث إنّ الظاهِر مِن حال ذلك الديث أنه قبل أن يُصنَع الـمِنب لِلنب-صلى ال عليه وعلى
آله وصحبه وسلم-عندما كان يَخطُب على الِذع ،أما بعد ذلك فإنّ تلك الحاديث الت استدلّوا بِها ل تَثبت عن
النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،ولكنّن أُريد أن ُأَنبّه إل أنه ل يَنبغي النكار على مَن َخ َطبَ على عصا
أو ما شابه ذلك.
َنجِد كثيًا مِن الناس إذا سَمعوا مِن بعضِ أهل العلم بِأنّ المرَ الفلن ل يَثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله
وصحبه وسلم ،كَمِثل هذه القضية-يُبادِر بِالنكار على مَن يَصنَع ذلك ،وهذا مِمّا ل يَستدعي النكار لنّ ذلك-
ض القضايا تكون مقصودة وهذه يَنبغي أن ُينَّبهَ عليهاأيضا-ليس بِممنوع ،فمثل هذه القضية المرُ فيها سَهل ..بع ُ
ولكن بِما يَتناسَب مع حال ذلك الـ ُمنَبّه ومع حال هذا الـ ُمنَبّه أيضا ،لنّ الناس يَختلِفون ف الـمَراتِب بيْن عالِم
وجاهِل وصغي ف السّن وكبي إل غيْر ذلك ،فلبد مِن أن يَكون ذلك يَتناسَب مع حال الـ ُمَنبّه ومع حال الـ ُمَنبّه.
أما هذه القضية ..إذا َخ َطبَ رجُل وكان ف يَده عصا أو ما شابه ذلك فل بأس عليه لكن بِما أنّ السنّة ل تَثبُت
بِذلك ل نقول " :إنّ ذلك سنّة " ،و-أيضا-ل َشكّ أنه إذا كان النسان ل يَحتاج إل ذلك ول تَثبُت به السنّة فل
داعِي إل ذلك لكن-كما قلتُ-لو َأخَذَ النسان عصا ل يُنكَر عليه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :على اعتبار أنّ العصا في بعض الحيان جزء مِن تقاليد ...؟
ج :فَالاصِل ذلك مِمّا ل مانِع منه ،ولكن فرقٌ بيْن أن نَقول " :هذا سنّة " أو نقول " :ذلك مِمّا ل مانِع منه " و-
أيضا-ليس كل ما ل يَفعله النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-يُقال فيه " :بِدعة " فالبِدعة يَنبغي أن تُضبَط
بِضابِط ،ويُمكِن أن يَكون ذلك ف وقتٍ آخر ف غيْر هذا اليوم ،لنّ كثيا مِن الناس إذا رَأَوْا شيْئا قالوا عنه" :
هذا بدعة " فليس كل ما ل يَفعَله النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-يَكون بِدعة ،بل تارةً يكون
بِدعة وتارةً لَم يَستخدِمه لنّ ذلك مِن المور الت ل تَكن له حاجة إليها أو ما شابه ذلك ،فالاصِل هذه السألة لبد
مِن أن تُضبَط وأن تُحرّر حت ل يَلتبِس المر على كثي مِن الناس الذين ل دِراية لم بِشرْع ال تبارك وتعال.
س :ما حكم الخطبة بِغيْر العربية لِلمسلمين الذين ل يَنطِقون بِها ؟
ف بيْن أهل العلم:
ج :هذه السألة وقع فيها خل ٌ
-1منهم مَن قال :إنّ الطبة-وأعن بِذلك خطبةَ المعة-لبد مِن أن تَكون بِالعربية ،لنّ النب-صلى ال عليه وعلى
آله وصحبه وسلم-وخلفاؤه الراشدون كانوا يَخطبون بِالعربية ،فلبد أن تَكون الطبة بِالعربية ولكن يُمكِن أن تُفسّر
بعدَ ذلك بُِلغَة أولئك القوم ..إما أن تَكون جُملةً بعد جُملة أو أن تَكون بعد ذلك.
-2ومِن أهل العلم مَن ذَ َهبَ إل أنه ل مانِع مِن أن تَكون الطبةُ بِغيْر العربية بِشرْط أن يَقرأ القرآن بِاللغة العربية-
وهذا لبد منه ف حالة الطبة وف حالة غيها ..القرآن ل يُمكِن أن يُقرأ بِغيْر اللغة العربية ،وإنا تُفسّر معانيه بِغيْر
58
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
اللغة العربية-وكذلك إذا أَمكَن أن يَأتِيَ بِالمدلة والصلة على النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-لنّ
الناس ولو كانوا مِن غيْر العرب غَاِلبًا مّا يَعلَمون هذه اللفاظ.
وهذا القول الثان هو القول الصحيح ،فبِإمكانِه أن يَخطُب بِغيْر اللغة العربية ..نعم إذا كان هنالِك َعرَب وكان
هنالك غيْرهم ف ْليَجْمَع بيْن المرين ،وذلك لنّ القصود مِن الطبة الوعظةُ السنة ..القصود منها المرُ بِالعروف
والنهيُ عن النكر والدعوةُ إل الي ،فإذا كان هؤلء القوم الذين يَحضُرون خطبةَ المعة ل يَفقهون شيئا مِن اللغة
العربية فكيف يُمكِن أن يَستفِيدوا مِن تلك الطبة ،فهم ل يَستفِيدون منها شيئا.
أما ما ذَ َكرَه بعضُهم مِن أنّ الطيب يَخطُب بِاللغة العربية حت يَعرِف الناسُ أَهيةَ اللغة العربية ويَقوموا ِبتَعلّمِها فهذا
ل يَقع ف كثي مِن الحيان ..كثي مِن أولئك الناس ل يُمكِنهم أن يَتعلّموا العربية البتّة.
وأما ما كان يَصنَعه النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-مِن الطبة بِاللغة العربية فذلك لنّ ذلك لسان أولئك القوم
1
والنب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-عرب والذين يَحضُرون خُطبتَه َع َربٌ فل يُمكِن أن يَخطُب بِغيْر اللغة العربية
..أوّل النب ل يَنطِق بِشيءٍ مِن اللغات غيْر العربية ،ث حتّى لو كان المرُ كذلك لَمَا كان هنالِك داعٍ وإل
لمكَن أن يَأمُرَ بعضَ الصحابة بِأن يَقوموا بِترجَمة ألفاظه إل غيْر العربية ولكن ما كانت هنالك حاجة ،وكذلك ف
عهد اللفاء الراشدين ،بل ف البلد العربية إل يومنا هذا ليستْ هنالِك حاجة إل الطبة بِغيْر اللغة العربية ،فإذن ذلك
يُناط بِالاجة ..إذا كانت هنالِك حاجة ل مانِع مِن الطبة بِغيْر العربية بل ذلك هو الطلوب إذا كان أولئك القوم ل
يَعرِفون العربية ..هذا هو الرأي الصحيح ف هذه القضية.
س :في وقت خطبة الجمعة قد يَعطس أحدهم ،أو يَدخل أحدهم-أيضا-فيُسلّم ،وهناك-أيضا-الدعاء الذي يَدعو بِه
ح كل هذه الحالت ؟
..هل تَص ّ المام ،والصلة على النبي
ج :هذه المور فيها خلفٌ بيْن أهل العلم ،وتَحتاج إل شيءٍ مِن التفصيل ،والوقتُ ل يَكفي لِذلك فيما أحسب،
ولكنّن أَختصِر الكلمَ ف هذه القضايا ،ولعلّنا نَتكلّم على ذلك ف مناسبةٍ أخرى إذا قَ ّدرَ ال ذلك.
أما الصلةُ على النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فنعم يُصلّى عليه ولكنّ الصلّي يُصلّي بِصوتٍ خافِت
حتّى ل يُشغِل غيْره.
وأما بِالنسبة إل َردّ السلم:
فمنهم مَن قالَ :يرُدّ السامعُ السلم.
ومنهم مَن قال :ل يَرُد ،لنّ ذلك الذي سَلّمَ ل َحقّ له ف الرد.
ح ّققِي.
وهذا القول الذي ذَ َهبَ إليه غيْر واحدٍ مِن الـ ُم َ
وهكذا بِالنسبة إل حالةِ تَشميتِ العاطِس ،فينبغي لِمَن عَطس على رأي مَن يَقول بِالمد أن يَحمد بِصوتٍ خافِت،
ول يَنبغي الشتغال بِال ّردّ عليه وبعدَ ذلك أن يَ ُردّ ذلك العاطِس أيضا على مَن شَمتَه.
وأما بِالنسبة إل التأمي على دعاء الطيب فل مانع مِن ذلك ،لنّ ذلك الطيب ف ذلك الوقتِ يَدعو والراد مِن
ذلك استجابة ذلك الدعاء فل مانع مِن التأمي عليه لكن لو احتاط إنسان و َخ َرجَ مِن اللف ف مثل هذه القضية
مَخافةَ الوقوعِ ف الـمَحظور فل بأس عليه بِمشيئة ال.
وهنا ُأنَّبهُ على تَحية السجد ف وقتِ الطبة فذلك مِمّا ثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فل
يَنبغي التهاون بِمثل ذلك ،فالنسان إذا ورد حديث عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وكان صحيحا
ثابِتا عنه عليه أن يَأخذَ بِذلك الديث.
ول يَلتفِت إل قولِ أيّ عالِم مِن العلماء خالَف ذلك لِعدم اطّلعِه عليه أو لِتأ ّولِه لَه أو ما شابه ذلك ،فإننا مُخاطَبون
بإتباع رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ..نعم علينا أن نَحترِم علماء السلمي وأن نَلتمِس لم العُذر ف مثل
هذه القضايا فإنم ل يَتعمّدوا أن يُخالِفوا حديثًا عن رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ولكنه لعلّه ل يَبلُغهم
أو بََلغَهم مِن طريقٍ ل تَقوم بِها الجّة أو ظنّوا أنه منسوخ أو أنه خاص بِقضية مِن القضايا أو ما شابه ذلك مِن العان
العروفة ،ففرق بيْن الحترام وبيْن اللتزام بِما َثَبتَ عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
فمَن دَ َخلَ السجد ف وقتِ الطبة ف ْليُحَيّ السجد بِركعتيْن خفيفتيْن.
ولكنّ بعضَ الناس ابتدعَ فيَقومون عندما يَجلس المام بيْن الطبتيْن فيَقومون بِتأدية ركعتيْن وهذه بِدعة يَنبغي النهي
عنها.وكذلك بعضُهم عندما يَشرَع الطيبُ ف الطبة يَقوم ويُصلّي ركعتيْن وهذه بِدعة يَنبغي النهي عنها؛ والعلم
عند ال تبارك وتعال.
ت الخطبة إذا كانت هناك مصلحة كأن يَأمر أحدُهم أحدًا بِإغلق الباب أو بِإطفاء
ح الكلمُ في وق ِ
س :هل يَص ّ
المكيف أو بِإطفاء المروحة أو ما شابه ذلك ..مصلحة معيّنة ؟
ج :إذا كانتْ هنالِك ضرورةٌ مِلحّة ف ْليَستعمِل الشارة أما أن يَتكلّم فل ..نعم يُمكِن لِلنسان أن يُ َكلّمَ الطيب إذا
كانت هنالِك مصلحة ،فذلك ثاِبتٌ ف السنّة الصحيحة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،ويُمكِن-أيضا-
لِلخطيب أن يُكَلّمَ بعضَ الناس ،فإذا رأى رجُل-مثل-يَتخطّى رِقابَ الناس ويُؤذِيهم ف ْلَي ْأ ُمرْهُ بِاللوس ،كما َأمَ َر النبُ-
صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-بِذلك ،وف هذه القضية أحاديثُ متعدّدة ثابتَة عن النب صلى ال عليه وعلى
آله وسلم ،ولكنّ الوقتَ كما َترَ ْونَ ل يَسمَح بِذِ ْكرِها أو ذِ ْكرِ بعضِها ،فإذا كان النسان يُ َكلّمُ المامَ لِحاجةٍ مُِلحّة
كما َف َعلَ بعضُ الصحابة نعم ،وكذلك بِالنسبة إل المام ،أما بقيةُ الناس فليس لحدٍ أن يُكَلّمَ غْيرَه إل إذا كانتْ
هنالِك ضرورةٌ بِأن يُشِي إليه إشارة ..رأى شخصا يَتكلّم يُشي إليه إشارة أو يَلتفِت إليه التفاتة أو ما شابه ذلك،
وهكذا بِالنسبة إل القضايا الت تَكون مشابِهة لِهذه القضية.
كذلك بعضُ الناس يَقومون بِتسجيل خطبةِ المعة ..ل مانع مِن أن يَقوم شخصٌ بِالتسجيل بِشرْط ألّ يَشتغِل عن
الستِماع ،أو يَضطَر لِتشغيل مكيف أو لصلح مُكبّر الصوت أو ما شابه ذلك مِمّا فيه مصلحةٌ لِلصلة أو لِبعضِ
الصلي أو ما شابه ذلك؛ والعلم عند ال تبارك وتعال.
60
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :بعضُ المصلّين يَمدّ يَده ِلمُصلّ آخر أثناءَ الخطبة لِيُصافحَه ،هل يُصافحه ؟
ج :إذا تَمكّن مِن عدم مُصافحتِه فذلك هو الوْل ولكن إذا رأى هنالِك ضرورةً مِلحّة ..خاف-مثل-مِن أن تَتفرّق
الكلمة وأن تَقع هنالِك فرقة أو خصومة وأن يُؤ ّديَ ذلك إل ضرر فمُمكِن أن يَمدّ يَده مِن غيْر أن يَتكلّم ..هذا ما
ذَ َهبَ إليه بعضُ أهل العلم ،ولَه وجهٌ؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :إذا دخل المصلي في صلة الجمعة ووجد المام يخطب ،فهل يصلي ركعتين تحية للمسجد أم يجلس ؟
ج :هذه السألة اختلف فيها أهل العلم:
ذهب بعض العلماء إل أنه يلس ،وليس له أن يصلي ،لنهي النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-عن الكلم ولو
كان ذلك من باب المر بالعروف أو النهي عن النكر ف حالة خطبة المام ،واحتجوا-أيضا-على ذلك بديث
ولكنه ل يصح.
وذهب بعض العلماء إل أنه يصلي ،لمر النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-للرجل الذي دخل والنب-صلى ال
عليه وعلى آله وسلم-يطب فأمره النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-بالصلة وهو حديث صحيح ثابت،
وقد اعترض عليه كثي من العلماء باعتراضات كثية وقد أورد كثيا من تلك العتراضات الافظ بن حجر ف " فتح
الباري " وأجاب عنها بواب مقنع كاف لن شاء معرفة الصواب.
والذي نراه أنّ القول بشروعية ذلك هو القول الصحيح ،لنّ هذا الديث نصّ صريح وهو مصّص لعموم النهي.
ومن الدير بالذكر أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-قد أمر بتحيّة السجد ونى عن اللوس قبل التيان بتحيّة
السجد ،وهذا الديث الذي ذكرناه أيضا ..الذي فيه المر بتحية السجد ف وقت خطبة المعة مع نيه عن الكلم
ولو كان ذلك الكلم فيه أمر بعروف أو ني عن منكر فهذه المور جيعا تدل دللة واضحة جلية ل غبار عليها
على أنّ تية السجد من السنن الؤكّدة الت ل ينبغي لحد أن يتركها؛ وال-تعال-أعلم.
س :ما حكم رفع الصوت بالصلة على النبي عند الخطبة ؟
الواب -:
ل داعي أن يرفع صوته بالصلة على النب بل ينطبق سراولكن ينطق بلسانه ..على أن طائفة من أهل العلم ل
يروون التيان ونن وإن كنا نرى التيان با على حسب ما يظهر لنا ولكن من غي أن يرفع صوته ويشوش على
الخرين .
61
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
62
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
يتمكن من التيان بكل الركان والشروط العروفة فلبد من أن يأت با استطاع عليه من الصلة ،إذ إنه إذا ل يستطع
على التيان بركن أو شرط من شروط الصلة فإنّ الصلة ل تسقط بذلك ،فإذا كان-مثل-ل يتمكن من التيان
بالوضوء فعليه أن يتيمم ،وليس من الصعوبة أن يد التراب الذي يصح به التيمم فبإمكانه أن يطلب من بعض أهله أو
من بعض الناس الذين يقومون بزيارته بأن يأتوا له بالتراب ولو كان ف الستشفى-مثل-وعليه أن يتيمم ،وإذا كان ل
يستطيع أن يتيمم فبإمكانه أن يصلي ..بل عليه ذلك ولو بغي تيمم ،أما إن استطاع على الوضوء فل يزيه التيمم،
وإذا استطاع على التيمم ول يستطع على الوضوء أو ل يد الاء فل يزيه أن يترك الصلة بنية القضاء أو ما شابه
ذلك ،بل لبد من أن يأت بالصلة ف وقتها الُقدّر لا شرعا ،وكثي من الناس يهلون ذلك ،وقد سألن كثي من
الناس عن هذه القضية وأنّ كثيا من أصحابم أو منهم عندما كانوا ف الستشفيات قد تركوا صلوات عدّة وهذا ما
ل يوز أبدا ،فعلى الرء أن يتعلم أمور الدين ،وعليه ألّ يفرط ف شيء من هذه الواجبات ،فقد يوت ف مرضه ذاك
وهو قد ترك-والعياذ بال-فريضة من فرائض ال بل ركنا من أركان السلم ،وذلك يُعدّ كبية من كبائر الذنوب ..
يوت على هذا والعياذ بال تبارك وتعال ،وليس له أن يَسمع أحدا ف الستشفيات أو ما شابه ذلك بأنه عليه أن
يصلي أو يؤخر الصلة ول يلزمه أن يتوضأ ولو كان قادرا أو أن يتيمم ولو كان قادرا وواجدا لذلك ..ليس له أن
يستمع إل أولئك ،لنّ للفتيا رجال وللطب رجال آخرين فل يكن أن تؤخذ الفتاوى من الطباء ول من غيهم إن
ل يكونوا على معرفة تامّة بشرع ال تبارك وتعال ..نن نسمع من كثي من الناس الذين يعملون ف الستشفيات
يقول " :ل يلزمك كذا " أو " يوز لك كذا " أو ما شابه ذلك فهؤلء ليس لحد أن يستمع إليهم ول أن يأخذ
الفتاوى منهم ،وهكذا بالنسبة إل كثي من الهلة الذين ل يعملون ف الستشفيات مثل ،ومن أواخر الوادث الت
حُ ّدْثتُ با ..بالمس حدّثن أحد الثقات بأنّ رجل أعمى ذهب إلىالج وكان لبسا لنعال ميطة فرآه بعض الناس
الذين يظنون أنم يأمرون بالعروف وينهون عن النكر ولكنه-وللسف الشديد-جاهل بكم ال تعال ..جاهل
بشرع ال جهل فاضحا فقال له " :إنّ حجّك باطل " وقد نَسب هذه الفرية إل أحد علماء السلمي ..افترى على
ال وعلى رسوله وعلى أهل العلم ،مع أنه ل يقل أحد من السلمي ببطلن حجه ،وإنا اللف هل الفضل أن يلبس
نعال ليست بخيطة أو أنه ل بأس من لباس النعال الخيطة ؟ والق أنه ل بأس بذلك ،إذ ل يأت دليل يدل على أنّ
الفضل أن يترك النعال الخيطة بل الدليل يدل على خلف ذلك ،وهكذا بالنسبة إل الحكام.
ونن نب أن ننبه إل أنه لبد من التعاون بي الفقهاء وبي القتصاديي والطباء والفلكيي وغيهم من أصحاب
العلوم ولكن ليس لحد من أصحاب الختصاصات الخرى أن يتكلم ف شرع ال ..القتصادي يأت با عنده من
معلومات إل الفقيه والفقيه ينبغي له أن يستفيد منها ،وهكذا بالنسبة إل الطبيب والفلكي إل غي ذلك ،أما أن يتكلم
الفلكي ف الحكام الشرعية أو الطبيب أو صاحب القتصاد أو ما شابه ذلك من العلوم فهذا ما ل يصح.
63
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فإذن على النسان أن يعتن بأمور دينه قبل فوات الوان ..قبل أن يرج من هذه الدنيا وهو مرتكب-والعياذ بال
تبارك وتعال-لشيء مِن معاصي ال الت قد 1تلده ف نار جهنم إن ل يتب قبل الروج من هذه الدنيا إذا كانت
تلك العاصي كبية-والعياذ بال تعال-من جهنم وما يُقرّب إليها.
وعلى من ذهب لزيارة الريض ..عليه أن يذكّره بال تبارك وتعال ،وأن يأمره بالتوبة إل ال-تبارك وتعال-بأسلوب
ليّن لطيف ،وأن يسأله عن صلته كيف يأت با إذا كان-طبعا-ذلك الشخص الريض ليس من أهل الفقه ..إذا كان
من العوام الذين ل معرفة لم بكم شرع ال تبارك وتعال ..ل بأس أن يذكّره بذلك بل مطلوب منه ذلك ،لنّ
ذلك من باب التعاون على الِبرّ والتقوى ،ويأمره بأسلوب-كما قلتُ-لطيف طيّب بالوصية ،لنّ الوصية للقربي
واجبة بنصّ الكتاب والسنّة الصحيحة الثابتة عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ول يوجد ناسخ لا ،وإنا
النسوخ-على رأي بعض أهل العلم-الوصيةُ للقارب الذين يرثون ،أما للذين ل يرثون فل.
وبعض العلماء يقول " :إنه ليس هنالك ناسخ ،وإنا الية الت فيها الوصية للوالدين يُراد با من ل يرث من الوالدين
..إذا كان الوالد مشركا أو كان عبدا فإنه ل يرث ولكن له الوصية "؛ وهذا رأي قوي جدا ،ول أريد الطالة ف
حكم هذه القضية ،لكنن أحب-كما قلتُ-أن أنبه إل أنّ مَن زار مريضا ينبغي له أن ينبهه إل هذه المور ،وإذا رآه
ل يدري الحكام الشرعية مكن أن يذكر له " :هل أقسمت بشيء من ا َليْمان ول تأت با ول تكفّر عنها " ،وهكذا
بالنسبة إل بقية العبادات ..من زكاة وصيام وحج ومن حقوق العباد إل غي ذلك ..هذا أمر مطلوب.
أما بالنسبة إل السؤال الذكور وهو البحث عن كيفية حل النازة فإنّ لهل العلم خلفا ف هذه القضية ،وهذا
اللف ليس على سبيل الوجوب ..أي ما هو الواجب ف كيفية المل ؟ إذ إنه ل يقل أحد من أهل العلم بوجوب
كيفية مددة من الكيفيات الت سأتعرض لا بشيئة ال-تبارك وتعال-بعد قليل ،وإنا اللف بي أهل العلم ف
الفضل ..أي ما هو الفضل مِن هذه الكيفيات ؟
وينبغي للنسان إذا وجد خلفا بي أهل العلم ف قضية من القضايا بأن وجد بعضهم يقول بكذا وبعضهم يقول بكذا
وبعضهم يقول بكذا ..ينبغي له أوّل أن يعرف ما هو موضع الناع بي أهل العلم ..هل هو ف الوجوب وعدمه أو
ف التحري وعدمه أو ف الفضل وعدم الفضل ،لنه قد يظن أنّ هذا المر واجب ..أي أنّ هذا العال أو هؤلء
العلماء يقولون بوجوب هذا المر وبعضهم يقول بوجوب المر الفلن وبعضهم يقول بكذا إل غي ذلك مع أنّ
أولئك العلماء على وفاق على عدم وجوب شيء من تلك المور ،وإنا اللف فيما بينهم ف قضية الفضل.
فإذن خلف العلماء ف مسألتنا هذه هو ف الفضل ،وليس ف الوجوب.
اختلف أهل العلم ف هذه القضية:
-1فذهب بعضهم إل أنّ الفضل أن يَحمل النسان النازة أوّل من جهة شِمال السرير ..وهي الهة اليمن للميت
..يضع مقدمة السرير على كتفه اليمن ث يمل بعد ذلك مؤخرة السرير يضعها على كتفه اليمن ث يتحول إل
64
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الانب الثان فيضع الهة اليمن من السرير-وهي الهة اليسرى من اليت-على كتفه اليسرى ث بعد ذلك يضع
الؤخرة على كتفه اليسرى.
هذا وليس كما يظنه بعض الناس من أنه يمل أوّل الهة اليمن من السرير بأن يضعها على كتفه اليسرى ..ليس
المر كذلك ،لنه إذا نظرنا إل أنّ العبة بالحمول فالحمول-ف حقيقة الواقع-1ذلك اليت الذي على السرير،
والوْل بأن يُحمل أوّل من جهته اليمن ث يمل من جهته اليسرى ،وهكذا بالنسبة إل الامل فإنّ الوْل له أن يمل
أوّل على يده اليمن ث بعد ذلك على يده اليسرى ،وليس العبة بالسرير ،لننا ل نقصد حل السرير وإنا نمل الذي
على السرير ..هذا هو الراد من كلم أهل العلم عندما يقولون " :يَحمل من الهة اليمن " أي من جهة اليت اليمن
على يد الامل اليمن.
-2وبعض العلماء يقول " :أوّل يَحمل-أيضا-من جهة اليت اليمن ..أو بعبارة أخرى :يمل السرير من الهة
اليسرى من المام ث من اللف ث يدور ..يمل من الانب الثان أوّل من اللف ث من المام "؛ فإذن-على هذا
الرأي-أوّل يَحمل من جهة السرير اليسرى على يده اليمن ث من الانب اللفي من الهة نفسها ث من الانب
اللفي من الهة الثانية ث من الانب المامي ..يدور على السرير.
و-على كل حال-أصحاب هذين القولي يتجون برواية تُروى عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم،
ولكنّ هذه الرواية ل تثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،لنا من جهة أب عبيدة بن عبد ال بن مسعود
وهو ل يَسمع مِن أبيه.
-3وبعض العلماء ذهب إل أنه يَحمل السرير من جهتيه ..يضع هذه الهة على الكتف الين وهذه على اليسر ث
يفعل ذلك-أيضا-من اللف؛ واحتجوا على ذلك برواية رواها ابن سعد والبيهقي ف " العرفة " ولكنها ل تثبت ،بل
هي أضعف من الول ،لنا من جهة الواقدي وهو ل يؤخذ بروايته ول كرامة.
-4وبعض العلماء ذهب إل أنّ النسان يفعل ما هو أيسر له ول يؤمر بتقدي هذا الانب ول ذلك الانب ول بأن
يَحمل من الهتي معا-ولسيما أنّ هذا الخي فيه من الشقة ما فيه-فيَحمل ما رأى بأنه اليسر.
وكثي من الناس عندما يريدون أن يَحملوا من الهة اليسرى مثل يأت من الهة اليمن ويتقدم على النازة ويمل من
الهة اليسرى وإذا أراد أن يمل من الهة اليمن تقدم من الهة اليسرى حت مر أمام النازة وحل من تلك الهة،
وهذا ل أصل له أبدا .فإذن ما دام ل يأت دليل عن النب ثابت يدل على صفة معيّنة من صفات المل فليحمل
النسان ولينظر إل اليسر عليه وعلى بقية الذين يملون النازة؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
-1قال الشيخ " :الواضع " بدل مِن " الواقع " ،والظاهر أنه سبق لسان.
65
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :في بعض الحيان تكون الصفوف طويلة تكاد تستوعب كل الحاضرين ؟
س :ولدها توفي وعمره سبعة عشر عاما-قبل شهرين تقريبا-لكن عندما أُخذ إلى القبر خرج من فمه دم ،فهل
يعني ذلك إشارة عقاب له أو المر طبيعي ؟ هي قلقة الن.
ج :ل ..ل يلزم أن يكون ذلك فيه إشارة عقاب ول غي ذلك ،فلتترك المر على ما هو عليه ،وإن كانت تستطيع
أن تفعل شيئا من الي فلتفعل ..ليس من باب أنه خرج من فمه دم ،فل علقة له بذلك المر ،لكن إذا كانت عليه
67
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
حقوق للعباد مثل وكانت تستطيع هي أو أبوه إن كان أبوه حيا أو أحد من إخوانه أو أقاربه أو حت من سائر
السلمي أن يؤدوا تلك القوق الت عليه فليؤدوها عنه ،وكذلك إذا كان عليه صيام فليصوموا عنه ،كما ثبت عن
النب أنه قال ( :مَن مات وعليه صوم صام عنه وليه ) ،وهكذا إذا كان ل يؤد فريضة الج وكان قادرا على أدائها
ولكنه فرّط ف ذلك فإذا استطاعوا فينبغي لم أن يؤدوا عنه فريضة الج ،كما ثبت ذلك عن النب ،وهكذا إذا
كان ل يُؤد الزكاة فليؤدوا عنه ..إذا كانت لديه أموال فليؤدوا القوق الت عليه من ماله.
واختلفوا ف الزكاة وف الج إذا ل يوص بما وهكذا بالنسبة إل الكفارات والنذور الت تتاج إل تكفي:
-1فبعض العلماء يقول :إنّ الكفارات والنذور الت هي بثابة اليمي-أي الت يُكفّر عنها كفارة اليمي-فإنا تؤدى من
رأس الال.
-2وبعضهم يقول :إنا تؤدى مِن الثلث.
وكذلك بالنسبة إل الج هل هو مِن الثلث أو مِن أصل الال ؟ وهكذا الزكاة.
وكذا إذا كان ل يوص بذلك ،اختلفوا هل تؤدّى عنه ؟
-1منهم من يقول :إنّ ما كان فيه حق للفقراء والساكي فلُي َؤدّ أوصى به أو ل يوص ،وذلك كالزكاة فهي وإن
كانت عبادة ل-تبارك وتعال-فإنّ فيها حقا للفقراء والساكي وهكذا بالنسبة إل كفارات اليان وكفارات النذور
بلف الج فإنه ل حق فيه للعباد.
-2وبعض العلماء يقول تؤدى عنه وإن كان ل يوص با سواء كانت زكاة أو حجا أو كانت من الكفارات؛ وهذا
هو الواضح الذي تدل عليه الدلة ولكن قبل ذلك ينبغي أن يُقنَع الورثة من باب الروج من اللف إن أمكن ذلك.
فالاصل أنه ل يكن أن يُحكم عليه بكمٍ بسبب خروج هذا الدم ،إذ إنّ ذلك يكن أن يكون طبيعيا؛ وال-تبارك
وتعال-أعلم.
س :وإذا توف ف شهر رمضان ،هل يُكمل عنه أولياؤه ؟
ج :هنالك أمران:
* إما أن يكون أفطر ذلك بسبب مرض وذلك الرض ل يرجو منه الشفاء فهذا كان ينبغي له أن يُطعِم عنه 1وإذا ل
يطعِم فإنه يُطعَم عنه بعد ذلك ..إذا كان قد أوصى بذلك فالمر واضح ،وإن كان ل يوص بذلك فينبغي أن يُقنَع
الورثة-إن كانوا بالغي عقلء-بذلك ،وأما إذا كانوا بلف ذلك-أي منهم الجنون أو الصب الذي ل يصل إل سنّ
البلوغ-فالمر ل يلو من إشكال ،ذلك لنّ هذه الكفارة ل يُتفق بي أهل العلم عليها:
-1منهم من يقول :إنّ الريض الذي وصل إل هذا الد ليس عليه الطعام.
-2ومنهم من يقول :عليه الطعام.
فأنا أقول :إنه ينبغي لبعضهم أن يتبع عنه مافة الوقوع ف الحظور.
* أما إذا كان قد أفطر بسبب سفر ..مثل سافر ومات و-طبعا-ل يتمكن من القضاء-لنّ الشهر ل زال باقيا-أو
كان ذلك بسبب مرض يرجو منه الشفاء بسب الظاهر فإنه يُؤمر الولياء بأن يقضوا عنه ،للحديث الذي ذكرناه
[ ص ] 7؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :ما حكم مرافقة المرأة للجنازة أثناء التشييع ؟
ج :أما إذا كانت تذهب إل أن يُصلى عليه فالمر يتلف ،وأما إذا كانت بعد الصلة ..أي إل القابر فل ..تُنهى
عن ذلك ،وقد اختلف العلماء ف هذا النهي هل هو للتحري أو الكراهة.
ومهما كان ل ينبغي للنسان أن يرتكب ما نى عنه الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ولو كان ذلك على
سبيل الكراهة ،إذ إنه ل يكن أن يَنهى عن شيء إل لسبب واضح من السباب ،وال-تبارك وتعال-ل يُعبد
بالكروه.
فإذن النساء تُنهى-نيَ تري على رأي بعض أهل العلم ،وني كراهة على رأي بعض أهل العلم-عن الذهاب إل
القابر ،وإذا كانت هذه الرأة ُأمّا أو أختا أو جدة أو قريبة للميت فالنهي أشدّ ،لنا ل تستطيع أن تصب على ذلك،
إذ إنّ الرأة معروف عنها هذا المر فلتنتهِ ولتترك متابعة ذلك.
أما بالنسبة إل صلة النساء على الوتى فالمر ل يلو من أحد أمرين ،إما أن يكون هنالك بعض الرجال الذين
يصلون على النائز أو ل:1
* فإذا ل يكن هنالك أحد مِن الرجال فإنّ النساء يُؤمرن بأن يصلي على النازة.
وقد ذكَر بعض العلماء أنّ اللف الوجود بي العلماء ف صلة الرأة على اليت إنا هو عند وجود الرجال ،أما عند
عدم وجود الرجال فإنن يؤمرن بالصلة ،لنّ الصلة-2على الصحيح-من فروض الكفايات ،وإذا ل يوجد أحد من
الرجال يقوم بذا الفرض فإنّ الرأة مأمورة بذلك.
* أما إذا وُجد الرجال 3فقد اختلف العلماء ف ذلك:
-1قيل بأنن يصلي على النائز.
-2وقيل :ل يصلي.
-3وقيل :إن كانت اليتة امرأة فتصلي وإن كان اليت رجل فل.
والذي يظهر ل أنه ل مانع مِن صلتن ،وقد ثبت أنّ النساء قد صلي على النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم،
وهكذا صلّت أمهات الؤمني على بعض الصحابة كسعد بن أب وقاص رضي ال-تعال-عنه ،وهنالك أدلة أخرى ل
داعي لذكرها الن ،فل مانع من صلة الرأة على اليت.
هذا وقول " :أنه إذا كان هنالك أحد من الرجال تسقط عن الرأة " 1إذا كان من الرجال البالغي ،أما إذا كان صبيا
فإنه ل تسقط به الصلة ،لنّ هذه الصلة-على الصحيح-مِن فروض الكفايات وغي البالغ ل تزي منه فلبد مِن أن
تصلي النساء عليه؛ وال أعلم.
س :ما الوقات التي يُنهى فيها عن الصلة على الميت ؟
ج :قد اختلف العلماء ف هذه القضية:
-1ذهب بعضهم إل أنه ل يُنهى عن الصلة على اليت ف أيّ وقت مِن الوقات.
وقد حكى بعض العلماء اتفاق أهل العلم على ذلك ،وحكاية هذا التفاق ل شك أنا خاطئة.
-2وذهب بعض أهل العلم إل أنه يُنهى عن الصلة على اليت ف ثلثة أوقات:
* عند طلوع الشمس حت ترتفع بقدار قيد رمح.
* وعند استواء الشمس ف كبد السماء وذلك ف الر الشديد عند بعضهم ،ومطلقا عند طائفة منهم.
* وعندما يغرب قرْن مِن الشمس-أي عندما يبدأ جزء مِن الشمس ف الغروب-حت تغرب الشمس تاما؛ وهذا
القول هو القول الصحيح ،وذلك لا ثبت عن النب كما ف حديث عُقبة بن عامر-رضي ال تعال عنه-أنّ النب-
صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-نى عن دفن الموات ف هذه الوقات ،إل أنّ بعض العلماء حل هذا النهي
على دفن الموات وقال " :إنه ل بأس مِن الصلة ف هذه الوقات ،وإنا ينهى عن دفن الموات فيها " ،وهذا ليس
بشيء ،والصحيح ف هذه القضية أنه يُنهى عن الصلة عليهم وعن دفنهم ف هذه الوقات الثلثة.
أما بالنسبة إل الوقات الت تُكره فيها صلة التطوع فإنه ل يُنهى عن دفن الموات وعن الصلة عليهم فيها ،وذلك
لنّ هذه الصلة مِن الصلوات السببية والصلوات السببية تُستثن مِن النهي ،وذلك لنه ل شك أنه يتلف النهي إذا
كان مقصودا بالذات أو كان مِن باب الوسائل ،وبذلك يتبي أنه ل مانع مِن الصلة ف الوقات الت تُكره فيها
الصلة وإنا يُمنع مِن الصلة على اليت ف الوقات الت يُنهى عن الصلة فيها ني تري؛ وذلك النهي على التحري
على رأي طائفة مِن أهل العلم-وهو الذي يظهر ل-وقال بعضهم أنه للكراهة؛ وال أعلم.
س :إذا أردنا أن نضرب على ذلك مثال ..في حال اصفرار الشمس وقرب مغيبها ،هل تصح الصلة ؟
ج :ف ذلك خلف بي أهل العلم ،وذلك أنم اختلفوا ف النهي ..هل يَبدأ وقت النهي بغروب جزء بسيط مِن
الشمس أو أنه يبدأ قبل ذلك:
-1فبعض العلماء قال " :يبدأ النهي بغروب جزء مِن الشمس ..أي إذا غرب جزء قليل جدا مِن الشمس فيدخل
وقت النهي "؛ وهذا قول طائفة كبية مِن أهل العلم.
-2وبعضهم يقول بأنّ النهي قبل ذلك بوقت ..بوال عشر 2أو ربع ساعة تقريبا.
والقول الول هو القول الشهور.
وقد اختلفوا ف الفاتة هل هي فريضة بل ركن مِن أركان هذه الصلة أو إنا سنّة؛ والذي يظهر ل-وهو مذهب
طائفة كبية مِن أهل العلم-أنا فريضة وركن مِن أركان هذه الصلة ،وذلك لديث ( :ل صلة إل بفاتة الكتاب )
وهو حديث صحيح ..عند المام الربيع 1والشيخي وغيهم ،وحديث ( :كل صلة ل يُقرأ فيها بفاتة الكتاب فهي
خِداجٌ فهي خِداجٌ فهي خِداجٌ ) وهو عند المام الربيع 2وعند غيه مِن أئمة الديث ،فقوله ف الديث الول ( :ل
صلة إل بفاتة الكتاب ) نصّ صريح ،وقد قلنا " :3إنه يُحكم على صلة النائز با يُحكم به على صلة الفرائض-
أو تعطى نفس الكم الذي تعطى صلة الفريضة-إل إذا دل دليل على خلف ذلك " ،أما ما جاء ف رواية ابن عباس
مِن النصّ على أنا سنّة أو ما شابه ذلك فكما قلتُ أكثر مِن مرة " :إنه ل ينبغي للنسان إذا وَجد لفظ '
السنّة ' على لسان الصحابة-رضي ال تبارك وتعال عنهم-أن يَحكم بأنم أرادوا بذلك المر أنه مسنونٌ ..كلّ بل
يريدون بذلك الطريقة ،وتارة تكون فريضة ،وتارة تكون سنّة " ،وقد مثّلتُ لذلك بقول السيدة عائشة " :س ّن رسول
ال زكاة الفطر ".4
وهذا الذي ذكرتُه الن مثال ثان.
وكذلك هنالك عن ابن عباس-رضي ال تعال عنه-عندما ذكر صلة السافر خلف المام القيم قال " :سنّة نبيكم
" ،ومِن العلوم أنه لبد مِن متابعة المام ف هذه القضية ،على الرأي الصحيح الذي عليه المهور ،خلفا لبن حزم
ومَن تابعه.وكذلك ما جاء عن ابن مسعود " :لتركتم سنّة نبيكم " مع أنه يريد أنا فريضة.إل غي ذلك.
وهكذا بالنسبة إل غي ذلك مِن اللفاظ.
ومِن هنا قال بعض أهل العلم عن حديث النب ف غسل يوم المعة واجب ..قالوا " :ل ُيرِد به الوجوب
التحتم ،وإنا أراد أنه سنّة مؤكدة فأطلق الواجب ول يُرد به الوجوب " ،وهذه السألة فيها خلف شهي ل داعي
لذكره الن.
وهكذا بالنسبة إل لفظ " الكروه " ،ففي كثي مِن الحيان ل يُراد به الكروه العلوم وإنا يراد به الحرّم.
وقد جاء ذلك-أيضا-على لسان طائفة مِن أهل العلم التقدمي؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :امرأة ِممّن يباشرون تغسيل الموات في مقبرة عامة تقول :في بعض الحيان يأتون إلينا بجثث متعفنة ..في
بعض الحيان بجثث مشوهة نتيجة حادث معيّن ل نستطيع أن نتعامل معها في التغسيل ولكنّ أهلها يجبروننا على
ذلك ،فهل يصح لهم ؟ وهل تغسل مثل هذه الحالت ؟
-1مسند المام الربيع بن حبيب ،كتاب الصلة ووجوبها ،باب ( )38القراءة في الصلة:
حديث رقم :226قال الربيع :عن عبادة بن الصامت قال :صلى بنا رسول ال صلة الغداة فثقلت عليه القراءة فلما
انصرف قال ( :لعلّكم تقْرؤون خلف إمامكمْ ؟ ) قال :قلنا أجل ،قال ( :ل تَفعلوا إِل بأم القرآن فانه ل صلةَ إل بها ).
-2مسند المام الربيع بن حبيب ،كتاب الصلة ووجوبها ،باب ( )38القراءة في الصلة:
حديث رقم :222أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن أنس بن مالك قال :قال رسول ال ( :مَن صلّى صَلةً لم يقرأ
فيها بأمّ القرآنِ فهي خداجٌ ) قال الربيع " :الخداج " الناقصة وهي غير التمام.
-3في الجواب على السؤال 4مِن حلقة ليلة 10رمضان 1424هـ ( 4/11/2003م ).
-4تمّ ذلك في جواب الشيخ على السؤال 2مِن حلقة ليلة 6رمضان 1424هـ ( 31/10/2003م ).
72
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :إذا أمكن ذلك فلبد مِن الغسل ،أما إذا ل يكن ذلك أبدا فل شيء عليهن ف ترك الغسل ،ذلك لنّ ال-تبارك
وتعال-ل يكلف نفسا إل وسعها ،أما إذا كان بعض النساء يتقزّزن مِن ذلك أو ما شابه ذلك ويكن لغيهن أن
يقمن بتغسيل هذه الرأة الت أصابا ما أصابا بسبب هذا الادث أو ما شابه ذلك فلبد مِن التغسيل ،فإذن العبة هل
يكن أو ل يكن.
فإن ل يكن اختلفوا ف ذلك:
-1مِن أهل العلم مَن يقول :إنه يتيمم لذلك اليت-طبعا-كان رجل أو امرأة.
-2ومنهم مَن ذهب إل أنه ل يتيمم له ،ذلك أنه ل يثبت عن النب ما يدل على مشروعية التيمم ،ومِن العلوم أنّ
غسل اليت يُقصد به النظافة وما دام كذلك فالتيمم ليس فيه شيء مِن النظافة اللهم إل إذا كان ذلك التيمم الذي
يراد به البدل مِن الوضوء ،أما التيمم الذي يراد به البدل مِن الغسل فل دليل عليه ،هذا الذي يظهر ل.
وقد خرّج المام السالي-رحه ال تبارك وتعال-ف معارجه ذلك على ما ذكرتُه هنا ..ل أقول " :إنّ الشيخ-رحه
ال تبارك وتعال-ذهب إل ذلك " لنه ل يتعرض-حسب حافظت-إل الترجيح ف هذه القضية ،ولكنه سوّغه بعد أن
ذكر المام الكدمي-رحه ال-بأنه ل يوجد ف الذهب ..سوّغه المام السالي-رضي ال تعال عنه-ورأى أنّ له
وجها مِن الق؛ وهو كذلك.
فإن تيمموا بقصد أن يكون ذلك عوضا عن الوضوء-لنّ الوضوء مشروع ف غسل اليت ،وإن كان الوضوء ف
غسل الموات طبعا ل يب ،وإنا هو سنّة-فذلك ل بأس به ،وإن أخذوا برأي مَن يقول بالتيمم وتيمموا به بإرادة
التيمم الذي يراد به أن يكون عوضا عن الغسل فأيضا ل بأس بذلك بشيئة ال تبارك وتعال ،وإن أمكن أن يصبّوا
عليه الاء-فقد قال بعض العلماء أنم يصبون عليه الاء-صبّا-طبعا-إذا كان يصل إل جسده ث بعد ذلك تزال تلك
الثياب فهذا ل شك أنه يُقدّم على التيمم.
س :في بعض الحيان تؤتى بالجثة مغطاة في كيس فإذا فتحت خرجت منها رائحة ل تطاق ؟
...ل يُ َكّلفُ الُ [ سورة البقرة ،من الية] 286 : لَ يُكَّلفُ الُ نَفْسًا إِلّ ُو ْسعَهَا ... ج :هذا ل يكن ،و
[ سورة البقرة ،من ُ ...يرِيدُ الُ بِكُمُ الْيُسْر ... [ سورة الطلق ،من الية] 7 : نَفْسًا إِل مَا آتَاهَا ...
الية ... ] 185 :ومَا َج َعلَ عََليْكُمْ فِي الدّينِ ِمنْ َحرَج [ ...سورة الج ،من الية ،] 78 :فل يكلف ال-
تبارك وتعال-بتغسيل هذا اليت الذي وصل إل هذا الد ،فيسقط بذلك بشيئة ال؛ وال أعلم.
س :هل يُرش على الكيس ماء في هذه الحالة ؟
ج :يُرش الاء فوق الكيس ! ما الفائدة ؟! هل سيصل إل اليت ؟! لن يصل ..إذن ل قيمة لذا ..هذا فيه إتلف
للماء مِن دون فائدة.
س :البعض يضع تحت رأس الميت حجرة ربما كوسادة ،فهل ذلك مِن السنّة ؟
73
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :هذه السألة-وهي وضع شيء تت رأس اليت-اختلف فيها أهل العلم:
-1منهم مَن يقول :إنه يوضع تت رأسه لبنة صغية.
-2ومنهم مَن يقول :ل يوضع تت رأسه شيء؛ وهذا القول هو الظاهر عندي ،وإن كان ل يثبت عن النب ما
يدل على هذا ول على هذا ،ولكنّ الراجح-كما قلتُ-هو أنه ل يوضع تتَه 1شيء ،وذلك لنّ هذا هو الصل ،ومَن
قال بشروعية شيء آخر فإنه هو الذي يُطالب بالدليل ،فعدم الدليل ف قضيتنا يكفي للستدلل به على عدم
مشروعية وضع شيء ..هذا الذي نراه.
س :يذكر العلماء في مصنفاتهم بأنه بعد وضع الميت في لحده يُكشَف عن وجهه ،فهل ذلك مِن السنّة ؟
ج :هذه السألة اختلف فيها أهل العلم؛ ول يأت فيها شيء عن رسول ال ،وإنا رُوي عن عمر-رضي
ال تعال عنه-أنه أمر بأن يُؤخذ الثوب عن وجهه وأن يوضع على الرض مباشرة ،ولكنّ هذا-أوّل-لو صحّ-طبعا-
هو مذهب صحاب وليس فيه حجة ،إذ الجة ل تقوم إل بكتاب ال-تبارك وتعال-وسنّة رسوله أو ما يرجع
إليهما بوجه مِن الوجوه العتبَرة ،أما مذاهب الصحابة-رضي ال تبارك وتعال عنهم-إذا ل يتفقوا جيعا على شيء
فإنه ل يُعوّل عليها ،على أنّ هذا المر مِن عمر-رضي ال تعال عنه-ل يثبت عنه ،لنه مِن طريق مالب وهو ليس
بجة لضعفه ف الرواية ،فذلك ل يثبت عنه رضوان ال-تبارك وتعال-عليه.
نعم ،الذي يظهر ل أنه ل يُكشف عن وجهه ،وذلك لنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-أمر بأن يُكشف عن
رأس ووجه مَن مات وهو مرِم ،وف ذلك دللة على أنه إذا مات النسان أنّ الصل فيه ألّ يُكشَف عن وجهه،
ولذلك أمر النب -وعلى آله وصحبه-بألّ يُغطّى وجه الحرِم ،وهكذا بالنسبة إل رأسه ،أما رواية الرأس فهي
صحيحة ..عند المام الربيع 2وعند المام البخاري وغيها ،وأما رواية النهي عن تغطية وجه الحرِم فهي عند المام
مسلم ،وقد اختلف العلماء ف ثبوتا:
-1منهم مَن ذهب إل أنا شاذّة ول تثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وذهبوا إل أنه يُؤمر بكشف
الرأس ل الوجه ،بل قالوا " :إنّ الحرِم ل دليل على أنه يُؤمر أو 3يُنهى عن تغطية وجهه ".
-2وبعض العلماء ذهب إل إثبات هذه الرواية.
وعلى كل حال فهي باجة إل شيء مِن البحث والنظر والتمحيص حت نَحكم بثبوتا أو بعدم ثبوتا ،وذلك لنّ
الرواية الخرى ثابتة صحيحة فلماذا سكتوا عن هذه الزيادة والصل أنه ل يُسكت عن مثل هذه الزيادة اللهم إل إذا
كانوا أرادوا أنّ الوجه داخل ف الرأس ؟! ..الصل أنه ل يَدخُل ف الرأس ولكن قد يُدخَل فيه لعلّة أو لخرى ،فنظرا
74
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
لذا الحتمال نقول " :إنه ل يكن أن نزم بشذوذ هذه الرواية " ،والظاهر أنه يُكشَف عن وجه الحرِم وعن
رأسه ،لنّ رواية الكشف عن الرأس يكن أن تكون شاملة للمرين معا.
وف هذا-كما قلتُ-دللة ظاهرة على أنّ غي الحرِم ل يُكشَف عن وجهه ..هذا ما يظهر ل؛ والعلم عند ال تعال.
أمر النساء أن يغسلن ابنته بالماء والسّدر ،ولكنّ العلماء يذكرون أنّ النبي س :ورد في روايات عن النبي
في غسل الميت أنه يُغسل أوّل بالماء القراح ،فمِن أين أتت هذه الزيادة ؟
ج :هذه الرواية صحيحة ثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وأرى أنه يُؤخذ بظاهر الديث ،لنن ل أجد
دليل يدل على خلف هذا الظاهر ،فيُغسل مِن أوّل مرة بالاء والسّدر؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :ما هي الطريقة الصحيحة لغسل الميت ؟
ج :على كل حال؛ هي ل تتلف عن هيئة غسل النابة ،فالكيفية هي الكيفية ،1فإذا أراد مَن يقوم بتغسيل اليت أن
يُغسّل اليت فإنه أوّل يقوم بنع ثيابه الصلية-إذا كانت ثيابه تلك ل تُنع مِن قبلُ ،وإل فإنه ينبغي عندما يُتحقق مِن
موت اليت أن تُنع عنه ثيابه الصلية ويغطى بثوب عادي ،وإن كان ذلك ليس على طريق اللزام-وتُستر عورتُه-
طبعا-قبل نزع الثوب ،لنه ل يكن أن تُبدى لحد-ول ينبغي أن يَحضر تغسيل النازة إل مَن كان يقوم بساعدة
ذلك الذي يقوم بتغسيل ذلك اليت ،أما أن يأت بعض الناس ويلس مِن أجل النظر وما شابه ذلك فل إل إذا كان
هنالك مصلحة بأن يريد بعض طلبة العلم أو ما شابه ذلك أن يتعلم ،لنّ تعلّم هذه الكيفية بالفعل أوضح مِن تعلمها
بالقول-فإذا نُزعت ثياب ذلك اليت بعد ستر عورته-والراد بالعورة ما بي الركبة والسرة-فإنه يُؤمر بأن يَرفَع اليت
إل أن يَقرب مِن حالة اللوس ول يُجلِسه لكن يكون قريبا مِن ذلك ،ويكون ذلك بيسر وسهولة ،ث بعد ذلك يُؤمر
بأن يَمسح على بطنه إن ل تكن امرأةً حامل-أما إذا كانت الرأة حامل فل يؤمر بذلك ،فإن ل تكن امرأة حامل فإنه
يُؤمر بذلك-مِن أجل أن تَخرج الفضلت الت يكن أن ترج ،ث يُغسّل الوضع الذي ترج منه النجاسة-وهو الوضع
العروف-بالاء ..طبعا هنا ل يُحدّد برّات ،وإنا يُحدّد بالاجة الت تقتضيها النظافة ،فعندما يتأكد ذلك الُغسّل بأنه
قد زالت النجاسة ول يبق منها شيء فإنه يترك تغسيل ذلك الوضع ،ولبد مِن أن يضع على يده شيئا كخِرقة مثل،
لنه ليس له أن يُباشِر عورة اليت بيده إل إذا كان ذلك اليت صغيا ،ومع ذلك الوْل أ ّل يباشر عورته ..بعد ذلك
يقوم بالوضوء للميت ..يُوضّئ ذلك اليت كهيئة الوضوء العروفة لكن-طبعا-ل يُدخِل شيئا مِن الاء ف فيه ..أوّل
ينوي تغسيل اليت ويُسمّي ال ..إن قال " :بسم ال " فذلك ل بأس وإن قال " :بسم ال الرحن الرحيم " فل
بأس ،وقد اختار كثي مِن أهل العلم أن يَقتصر على قوله " :بسم ال "-ولعلّنا نتكلم على ذلك ف موضع آخر
بشيئة ال تبارك وتعال-ويقوم بغسل يدي اليت ثلث مرات ..إن وَضع الُغسّل على يديه شيئا فذلك أفضل وإن ل
يضع شيئا فل بأس ،أما بالنسبة إل العورة فلبد مِن أن يضع على يده شيئا كخرقة كما قلتُ ..يُوضّي اليت
كالوضوء العروف لكن ل يضع ماء ف فيه وإنا يأخذ بيديه شيئا مِن الاء-مرد بلل-ويُدلّك أسنانه ..يُنظّف أسنانه،
-1يبيّن الشيخ في جوابه على السؤال 2مِن حلقة ليلة 12رمضان 1424هـ ( 6/11/2003م ) حكم غسل الميت بتلك
الكيفية هل هو على اليجاب أو على الندب والستحباب.
75
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وهكذا بالنسبة إل الستنشاق ل يأخذ شيئا مِن الاء ،ث يأت بيئة الوضوء العروفة ،فإذا انتهى مِن ذلك فإنه يقوم
بغسل رأسه باء وسدر ولكن ل يأخذ شيئا مِن السّدر وإنا يَخُضّ الاء بالرغوة الوجودة ف ذلك الاء ..هذا فيما
يتعلق برأسه وليته أي فيما يتعلق بوضع الشعر ..يَغسِل أوّل الشعر كله ،ث يبتدئ بغسل اليت مِن الانب الين
كهيئة غسل النابة ..اليد اليمن وما يليها إل ناية الانب الين ..يغسل البطن مِن الانب الين أيضا ،ث بعد
ذلك يقوم بغسل الظهر مِن الانب الين ،ث يغسل الانب اليسر ..اليد وما يليها-أيضا-مِن العنق ،وهكذا بقية
السد إل القدم ،ويغسل الانب اليسر مِن البطن ،ث بعد ذلك يغسل الانب اليسر مِن الظهر ..هذه هي الكيفية
باختصار شديد.
س :يتجاوز مِن السرة إلى الركبة ،لنه غسله في البداية ؟
ج :هو-ف القيقة-ل أجد دليل بأنه أوّل لبد مِن تغسيل ما بي السرة إل الركبة بكامله ،وإنا أوّل يَغسِل الفرجي،
فإذا كان غسل ذلك الوضع مِن قبلُ فَليس باجة إل أن يعيد ذلك مرة ثانية ،وإل فالصل أنن ل أجد دليل يدل
على أنه يُقدّم ذلك بل يُؤخّره إل عند 1الغسلة العروفة-.
ويَصنع-طبعا-هذا ثلث مرات أو خس مرات أو سبع مرات أو أكثر مِن ذلك إذا كانت هنالك حاجة ،كما ثبت
ذلك ف الديث عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وف الرة الخية-طبعا-ل يكون هنالك شيء
مِن السّدر بل يكون الاء العادي ويضع معه شيئا مِن الكافور؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :إذن فهما غسلتان بالماء والسّدر والماء والكافور ؟
ج :هي ثلث مرات ..أوّل كلّهن بالسّدر ..ثلث أو خس أو سبع أو حت أكثر ،والفضل أن يكون وترا.
س :مشروعية الفاتحة في صلة الجنازة ..بعض الروايات هكذا ذكرَتْ ،لكن هناك-أيضا-ما ورد يُثبت مشروعية
قراءة سورة بعد الفاتحة ،فهل هذا صحيح ؟
ج :أما الرواية بقراءة الفاتة فهي صحيحة كما قدّمنا [ ص ،] 3وأما بالنسبة إل زيادة السورة فقد جاءت عند
بعضهم ول تأت عند بقية مرّجي هذا الديث ،فهي باجة إل شيء مِن النظر ،فأخشى ما أخشاه أن تكون هذه
الزيادة شاذّة و-على كل حال-هي باجة إل البحث كما قلتُ؛ وال أعلم.
س :بعد الدفن ،هل تُشرع قراءة الفاتحة ؟ وإن كان ل يُشرع ،فما هو الثابت في السنّة ؟
ج :على كل حال؛ هذا الواب يتاج إل إطالة ،فإمّا أن تؤخّر ذلك أو أن أجيب باختصار شديد ولعله ل يكفي ف
مثل هذه السألة الت انتشر الكلم فيها كثيا؛ وال أعلم.
س :ل ..إذن نؤخّره.2
-1لعلّه يُمكِن أن تُحذف " :عند ".
-2أجاب الشيخ عن هذه المسألة في جوابه على السؤال 12من حلقة ليلة 12رمضان 1424هـ ( 6/11/2003م ) حيث
ن ذلك ِممّا لم يثبت عن النبي ول عن صحابته الكرام- قال هناك " :وأما بالنسبة إلى ...قراءة القرآن على القبور فإ ّ
رضي ال تعالى تبارك وتعالى عنهم-كما نصّ على ذلك المحقّقون من أهل العلم.
ن النبي-صلى ال عليه وآله وسلم-
وإنما جاءت في ذلك رواية من طريق ابن عمر-رضي ال تبارك وتعالى عنهما-فيها أ ّ
ن هذا الحديث ل يثبت عن
أمر بالقراءة على رأس الميت بأن يُقرأ بفاتحة الكتاب ويُقرأ بخاتمة ' البقرة ' عند رجليه ،ولك ّ
النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،لنه جاء من طريق راويين ضعيفين بل أحدهما ضعيف جدا ،فهو حديث باطل ل
76
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س:هل مِن الضروري أن يُسنّم القبر أم يُسطّح ؟وما هي الحكمة في وضع حجرين للذكر وثلث حجرات للنثى ؟
ج :أما بالنسبة إل تسطيح القب أو تسنيمه فالعلماء اختلفوا ف الفضل؛ والفضل التسنيم ،هذا هو الذي يظهر ل،
وذلك لنه قد ثبت أنّ قب النب كان مُسنّما ،أما ما جاء ف رواية أخرى مِن أنه كان بلف ذلك فإنّ هذه
الراوية ضعيفة ،لنا جاءت مِن طريق مهول وهو عمرو بن عثمان ،بينما الرواية الخرى صحيحة ثابتة ،فرواية
التسطيح ل تَثبت ،فالوْل أن يكون مُسنّما اللهم إل إذا كان-ف ديار حرب ..أي 1-ف ديار الكفرة ويُخشى مِن
أن يقوم الكفرة بنبش قب ذلك السلم الذي دُفن هنالك فإنّ القب يُسوّى لجل هذه الصلحة ،وإل فإننا نأخذ با فعله
الصحابة لقب النب وهكذا الال بالنسبة إل قبي صاحبيه رضوان ال-تعال-عليهما.
أما بالنسبة إل الكمة ف وضع حجرين على قب الرجل وثلثة على قب النثى ففي القيقة مَن أراد أن يَنقُش على
حجر فلبد مِن إثبات ذلك الجر قبل النقش عليه ،فإننا نن ل نقول بثبوت هذا عن النب ،فل توجد رواية ل
صحيحة ول حسنة ول ضعيفة خفيفة الضعف تدل على مشروعية هذا المر ،وإنا الذي جاء أنّ النب قد َأمَر
بوضع حجر على قب أحد صحابته-رضوان ال تبارك وتعال عليهم-مِن أجل أن يَعرف النب قب ذلك الصحاب
رضوان ال عليه ،وهذه الرواية ل بأس با على ما يظهر ل.
أما ما ذكره بعض أهل العلم-جزاهم ال تبارك وتعال خيا-مِن وجود رواية أخرى تدل على وضع الجرين وما
ذكروه مِن أنّ هذه الرواية مُثبِتة والرواية الخرى نافية-ف القيقة ليست بنافية هي يكن أن يقال ساكتة-فتُقدّم
الرواية الثبِتة ..نعم ،لو ثبتت هذه الرواية فل كلم ،ولكنّ هذه الرواية ل تثبت عن النب ،وقد بيّن المام
العلّمة أبو نبهان-رحه ال-بأنه ل يثبت ف ذلك شيء ،فل يثبت عن النب شيء أبدا ف وضع حجرين ول ثلثة
ل على قب الرجل ول على قب الرأة ،وإنا هو مِن صنيع بعض الناس وانتشر وشاع وذاع فظنّ بعض أهل العلم أنّ
ذلك مِن السنن الثابتة وليس كذلك ،وهذا قد وقع ف كثي مِن السائل؛ وال-تبارك وتعال-ولّ التوفيق.
س :أنا أخشى فقط ألّ يَفهم البعض الكلم على مراده ،هل في وضعها-الن-بأس ؟
ج :على كل حال؛ نن نقول ل يثبت ف ذلك عن النب شيء إل ما ذكرتُه [ ص ] 9مِن قضية الجر الواحد
وأيضا لعن آخر ،أما بالنسبة إل وضع حجرين أو ثلثة والتفريق بي الرأة والرجل فذلك ل يثبت.
ولكن كثيٌ مِن الناس يفعلون ذلك فيمكن أن ننبه الناس بأسلوب لطيف مِن غي أن يكون هنالك أخذٌ وردّ وقيل
ب بعض أهل العلم أو شتمهم كما يقع مِن بعض العوام الهلة الغمار الذين ل يفقهون شيئا وقال وأن يؤدي إل س ّ
مِن شرع ال تبارك وتعال ،فالسكوت ف بعض الحيان عن بعض هذه المور الت ل تصل طبعا إل درجة التحري أو
الياب أهون مِن سبّ أهل العلم والقَدح فيهم وما شابه ذلك ،فعندما يريد النسان أن ينبه على شيء فليكن
يُلتفت إليه ،وقد جاء موقوفا عن ابن عمر-رضي ال تعالى عنهما-ولكن فيه راويا مجهول ،فالراويان الضعيفان في
الرواية المرفوعة هما يحيى البَابُ ْلتِي وهو ضعيف ل يُحتج بروايته ،والراوي الثاني هو أيوب بن ُن َهيْك ول يُحتج بروايته
بل هو أضعف من الول ،والرواية الموقوفة مع أنها ل حجة فيها-لنها على تقدير ثبوتها هي مذهب صحابي-هي ل
تثبت عن ذلك الصحابي رضي ال-تبارك وتعالى-عنهما." .
-1يُنظَر مع الشيخ لعلّه َقصَ َد حذفَ-" :في ديار حرب ..أي."-
77
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
بأسلوب لئق ث ل يلزم أن يكون ف وقت الدفن ،لنه قد يتدخل بعض أهل اليت ويظنون أنّ ف ذلك نَقصا ليتهم
أو ما شابه ذلك ،وللعوام حالت غريبة؛ وال-تبارك تعال-أعلم.
س :إذن تُترك لوعي الناس بِتقدّم الزمن ؟
،لكن-طبعا-ل يصل إل درجة التحري. ج :نن علينا أن ننبه ونبهم بأنّ هذا ل يثبت عن النب
َ ...و َل َتقُمْ عَلَى س :هل الوْلى لحاضر الدفن القيام أم الجلوس ،لنّ البعض يقول :إنّ ال-تعالى-قال لنبيه:
إنما كان ن جلوس النبي
ن الصل في أثناء الدفن القيام وأ ّ
[ سورة التوبة ،من الية ] 84 :قال :إ ّ قَبْرِ ِه ...
لعارض لجل مخالفة اليهودي الذي م ّر بهم حينئذ؛ فهل يستقيم هذا الستدلل ؟ وماذا ترون ؟ ومتى يَبدأ هذا
القعود ..هل عندما يوضع في القبر أم قبل ذلك ؟
ج :على كل حال؛ السألة فيها كلم طويل عريض لهل العلم ،ولكن الية ل يراد با هذا القيام الذي يذكره هذا
الخ السائل ،للية معن آخر ليس هذا ،والوقتُ ل يكفي لذلك.
وأما اللوس بعد وضع اليت ف الرض فهو ثابت عن النب .
ولكن هل يُنهى عن اللوس قبل وضع اليت ف الرض ؟
-1فبعض العلماء يقول :ذلك ل ينبغي.
-2وبعض العلماء يقول :الن نُسِخ.
فالاصل ل وجوب ول تري ف القضية ،ولكن هل الفضل اللوس أو الفضل القيام ؟ هذه السألة فيها خلف؛ ول
يكننا أن نطيل ف ذلك ف هذا الوقت؛ والعلم عند ال.
س :ما قولكم في امرأة أطلقت على نفسها النار ببندقية وماتت إثر الطلقة فورا والسبب يرجع بينها وبين أهلها
في عدم رضاهم عن زواجها وكلما دخلت منزل أهلها لرؤيتهم ل أحد يتحدث معها ول يردون عليها السلم إذا
سلمت عليهم ؟ وهل يُصلى على الذي قتل نفسه ؟
1
ج :إنه مهما كانت السباب ل يوز للنسان أن يقوم بقتل نفسه ،فمن قتل نفسه متعمدا فهو خالد ف نار جهنم
والعياذ بال تبارك وتعال ،كما دلت على ذلك النصوص الصحيحة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه
ي سبب من السباب. وسلم؛ فليس له أن يقتل نفسه ل ّ
-1لئل يُفهَم كلم الشيخ على غير مرادِه ننقل هذه الفتوى للشيخ أحمد بن حمد الخليلي:
" س :7عدم نطق المحتضر بالشهادتين ،هل دليل على هلكه مثل ؟
ج :الحكم بالهلك أمر عسير ،فإنه ل يمكن أن يكون ذلك دليل على الحكم بهلكه ..ل يحكم على أحد بأنه هالك ما لم
يكن هنالك نص قطعي متواتر يدل على هلكه ،وأنّى لنا بذلك في أحد من أهل زماننا ؟! إنما يُوكَل المر إلى ال
سبحانه ،وال يعلم السرائر من عباده ،بل قال العلماء بأنّ من مات وهو على معصية ظاهرة في حكم الظاهر-كأن
يموت وكأس الخمر في فيه ،أو يموت على أيّ حالة من هذه الحوال البعيدة عن الحق-ل يُحكم بهلكه قطعا ..ل يقطع
أحد بأنّه من أهل النار ،إذ لعله جُنّ ..تاب أوّل ثم جن وأتى ما أتى وهو في حالة الجنون ..مادام هنالك احتمال ل يحكم
بهلكه قطعا ..نعم هو في حكم الظاهر مات على عمل غير صالح ولكنّ السرائر إنما يعلمها ال تبارك وتعالى وحده.
" المصدر :شريط " فتاوى في أحكام الجنائز " الجزء الول.
78
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أما بالنسبة إل فِعل أولئك الهل الذي فعلوه مع ابنتهم لكونم ل يرضوا بزواجها فل شك بأنه مالف لشرع ال
تبارك وتعال ،فالولّ ليس له أن ينع من هو ولّ ومسؤول عنها مِن أن تتزوّج بن أرادت إن كان ذلك الشخص ل
ضلّ يكن عاصيا ل تبارك وتعال ،أما إذا كان عاصيا ل-تبارك وتعال-مرتكبا لكبائر من كبائر الذنوب ويَخشى أن يُ ِ
ذلك الشخص تلك الرأة فهنا لبد أن يتدخل وياول أن يُقنع تلك الرأة ومع ذلك-أيضا-ل نقول " :إنه له أن ينعها
من الزواج بذلك الشخص " إل ف حالت نادرة جدا وذلك يكون بسؤاله لهل العلم ،أما أن ينعها أن
تتزوج بن أرادت ولو كان-طبعا-مرتكبا لشيء من معاصي ال-تبارك وتعال-فهذا ما ل يصح ،فعلى هؤلء
الهل أن يتوبوا إل ال-تبارك وتعال-قبل فوات الوان ،فعسى ال-تبارك وتعال-أن يتجاوز عن سيئاتم ،وإل فإنّ
الذي فعلوه-والعياذ بال تبارك وتعال-ليس من المور اليّنة ،بل هو من معاصي ال تبارك وتعال ..ما ذنب تلك
الرأة إذا كانت ل تريد شخصا يريدون هم أن يزوجوها إياه وكانت ترغب ف شخص آخر مع أنّ السلم قد أحلّ
لا ذلك ،كما نصت على ذلك النصوص الصرية ؟! فعلى كل حال هذا هو الذي ينبغي أن يَنتبه له جيع الولياء،
وهو أنه ليس لم أن يتدخلوا ف مثل هذه المور ..نعم ،مكن أن يلجأوا إل النصح والتوجيه والرشاد ث يطلبوا بعد
ذلك من أهل العلم أن يُوجّهوا من أرادت أن تتزوج من ل يصلح لا بسبب معصية ال-تبارك وتعال-وما شابه
ذلك ،أما أن ينعوها فليس لم ذلك ،ومن فعل ذلك فل طاعة له ول كرامة ،ول ينبغي أن يُلتفت إليه؛ وال-تبارك
وتعال-الستعان.
أما بالنسبة إل الصلة على من قتل نفسه فإنه ل يصلي عليه أهل الصلح ومن يُنظَر إليهم من أهل الفضل ،وإنا
يصلي عليه بعض العوام ،حت يكون ذلك رادعا لثله ،فإنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-امتنع-كما ثبت
ذلك عنه ف الديث الصحيح-من الصلة على قاتل نفسه ،وكذلك امتنع من الصلة على من َغلّ ف سبيل ال ،وقد
اختلف العلماء هل ذلك مقصور على هذين الصنفي أو أنه شامل لكل من ارتكب كبية من كبائر الذنوب تساوي
ف بشاعتها هاتي العصيتي أو تزيد عليهما ؟ ول شك أنّ القول بالقياس عليهما هو القول الصحيح ،فمن وقع ف
مثل هذه العاصي الرائم الكبية فإنه ل يصلي عليه أهل الفضل ،وإنا يصلي عليه بعض العوام؛ وال الستعان.
س :بالنسبة للكفن الذي ُكفّنت به ..جرى دم من مجرى الطلقة ،فهل يُصلى عليها في هذه الحالة أم يُغيّر الكفن
مرة أخرى ؟
ج :لكن إذا ُغيّر الكفن قد يكون المر كذلك ف الرة الثانية فيصلى عليها لكن قبل كل شيء ياولون بأن يضعوا
شيئا من القُطن-أو ما شابه ذلك-ف الوضع الذي يَخرج منه الدم ،فإن ل يكن أن يقف ذلك الدم فل حول ول قوة
إل بال ..يصلون عليها ول بأس ،أما إذا أمكن إيقاف ذلك بوضع شيء عليه فلبد من استعمال ذلك.
س :هل يحق للزوج المطالبة بما دفعه مهرا لها ؟ علما بأنّ أهلها هم السبب الرئيسي بإطلق النار على نفسها
وموتها.
ج :ما نستطيع أن نقول أنّ له شيئا من ذلك ،لنا هي الت قَتلت نفسها ..ل تُجبَر على ذلك.
س :هل يجب أن يكون غسل الميت كغسل الجنابة بحيث يقدم الرأس ثم الميامن قبل المياسر وهكذا ؟
79
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :ل ،ليس ذلك على الياب ،وإنا على الندب والستحباب ،فقد أمر النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-بأن
تُقدّم اليامن-كما ثبت ذلك ف الصحيح-ولكنّ ذلك على الندب-كما قلتُ-فل ينبغي أن تُخالف هذه اليئة الثابتة
عن النب ،ولكن من خالف ذلك لعدم معرفته بذلك-مثل-أو لسهو وذهول أو ما شابه ذلك فل شيء عليه
بشيئة ال ،أما أن يتعمّد النسان أن يُخالِف السنّة الثابتة فإنّ ذلك ما ل ينبغي.
س :هل يُمكن للمُغسّل أن يضع قفازين أو خرقة على يده طوال الغسل وليس فقط عند غسل العورة فقط ؟
ج :نعم ،أنا قلتُ بالمس 1بأنه يكن له ذلك ،أما عندما يقوم بتغسيل الفرجي فلبد من ذلك ،أما بالنسبة إل بقية
أعضاء السم فإذا فعل ذلك فذلك حسن ،وإن كان ذلك ل يلزم.
س :يعني القفازان-الن-تقومان مقام الخرقة ؟
ج :الاصل يضع شيئا على يده الت يباشر با الغسل.
س :البعض يضع قطنا في فرج الميت ،فهل ورد في السنّة ما يشير إلى ذلك ؟
ج :على كل حال؛ ورد ف السنّة المر بتطييب اليت ،أما أنه يوضع ف الوضع الفلن وف الوضع الفلن أو ما شابه
ذلك فتلك اجتهادات من أهل العلم ،وقد اختلف العلماء:
-1منهم من قال :تُطيّب الماكن الت يَسجد عليها النسان تكريا لتلك الماكن ،أما ما عدا ذلك فل يتاج إل
تطييب.
-2ومنهم من يزيد على ذلك الفم والنف.
-3ومنهم من يزيد على ذلك الفرجي-4 .ومنهم يزيد على ذلك الدبر .2وطبعا يضع ذلك-على رأي من يقول
بذلك-بي الليتي ..يضعه ف قطنة ويضع تلك القطنة فوق ثوب ويربط ذلك الثوب الذي هو كالُتبّان مثل.
و-على كل حال-با أنّ ذلك ل يَرِد فل أرى داعيا ول حاجةً إل وضعه ف الفرجي ،لنّ هذين الوضعي ينبغي
للنسان ألّ يباشرها إل ف حالة الضرورة ..أي ف حالة التغسيل ،ولكن مع ذلك لو وَضع فل ينبغي أن يضع ف
الفرج بنفسه وإنا يضع بي الليتي ويُحاوِل ألّ يلمس قدر طاقته ،ومع ذلك أرى أنه ل داعي لذلك ،وقد نصّ بعض
العلماء على أنّ ذلك من البدع الت ينبغي اجتنابا ،وذلك حسن؛ وال أعلم.
س :التكبيرات-طبعا-المعروفة هي أربع تكبيرات ،لكن وردت أحاديث تزيد على هذه التكبيرات خمس ،كحديث زيد
،وإذا كان-أيضا-بعض الحاديث ثبتت ..تصل إلى سبع ..ثمان .. بن أرقم كبّر خمسا ونسب ذلك إلى النبي
على صلة الجنازة أربع تكبيرات تسع وهلم جرا ،ماذا يقال بعد كل تكبيرة ؟ وهل يصح أنّ آخر ما كبّر النبي
..هل هذا الحديث-أيضا-صحيح ؟
ج :وردت أحاديث متعددة عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ف مشروعية التكبي على اليت ،وقد
اتفقت المة السلمية على ذلك ،وإنا وقع بينهم اللف ف الزيادة على أربع تكبيات ..هل يزيد الصلي على
ذلك ف هذه الوقات ؟ فبعض العلماء ذهب إل أنّ تلك الزيادة كانت ف الاضي ث نُسخت بعد ذلك ،لنّ
النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ف أواخر أمره كبّر بأربع تكبيات؛ وذكروا بأنه قد استقر الجاع على ذلك؛
وليس المر كذلك ،إذ إنّ اللف موجود؛ وقد قال بشروعية الزيادة طائفة كبية من أهل العلم ،وهذا القول هو
القول الصحيح.
وينبغي للنسان عندما يد حكايات الجاع ف كثي من السائل ألّ يتسرّع بالكم على الجاع بناء على ما ذكروه
من حكاية الجاع ،فإنن أجد ف كثي من الصنّفات-كـ " ا ُلغْنِي " وكـ " البحر " وغيها-حكاية الجاع على
كثي مِن القوال مع أنه قد اختلف العلماء ف تلك السائل على أقوال متعددة ،ومن أعجب ما رأيتُ أنن رأيتُ بعض
العلماء قد حكى الجاع على قول من القوال وحكى غيُه الجاع على عكس ذلك تاما.
فهذه الجاعات ل ينبغي أن نتسرع ف حكايتها وف الكم بالتخطئة على من خالفها ،وهذه السألة من ذلك القبيل،
فل إجاع ف هذه السألة أبدا ،وإن حكاه من حكاه من أ ِجلّة أهل العلم ،فاللف موجود ،والصواب مع من قال
بشروعية الزيادة على الربع إل أنه ينبغي أن يكون الغلب أن يُكب النسان ف صلته على الموات بأربع تكبيات،
وأما أن يزيد ف بعض الحيان فذلك ما ل مانع منه.
فإذا صلى بمس تكبيات-مثل-فقد ذهب غي واحد من أهل العلم إل أنه يدعو بعد التكبية الثالثة بدعاء عام وبعد
التكبية الرابعة يُخصّص اليت بالدعاء إن كان ذلك اليت صالا ،وهذا وإن ل ند نصّا صريا يدل عليه ولكنه ل
بأس به.وهكذا إذا زاد على المس فل مانع ،لا جاء من الروايات الت تدل على الزيادة ،كالستّ والسبع
والثمان؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :يبقى إذن ما بعد التكبيرات محصورا في الدعاء فقط ؟
ج :نعم ،مصور ف الدعاء ،لنّ هو ذلك القصود من هذه الصلة ،ولكن لبد من التيان بالفاتة بعد التكبية الول
كما قلتُ بالمس ،1لثبوت ذلك عن النب .
هذا وقد اختلف العلماء ف مشروعية التوجيه-وإن كان هذا ل َيرِد ف السؤال ولكنه ل بأس مِن ذكره ،لنّ كثيا من
الناس يسألون عنه:-
-1فمن أهل العلم من قال بشروعية التوجيه.
-2ومنهم من قال :إنّ النسان ميّر ف ذلك.
وعلى آله وصحبه-ولنّ-أيضا-هذه الصلة مبنية -3ومنهم من قال بعدم مشروعيته ،لنّ ذلك ل َيرِد عن النب-
على التخفيف.
وهذا القول-وهو قول من قال بعدم مشروعية التوجيه ف صلة اليت-هو الذي أراه؛ والعلم عند ال.
س :هل تغسيل الميت يُراد به النظافة أم هو تعبّد محض ؟
ج :ل نستطيع أن نقول " :إنه من أجل النظافة فقط " ،بل هو للمرين معا فهو تعبد وف ذلك-أيضا-حكمة ظاهرة
وهي النظافة ،وذلك يظهر من أمر النب بتغسيل ابنته-رضي ال تعال عنها-بثلث مرات أو بمس أو بسبع،
فذلك واضح منه ،ث-أيضا-ذلك واضح من التغسيل بالسّدر ،وبا َل ْشنَان عند الاجة ،ويُستعمل ف ذلك الصابون
والنظّفات العصرية ف زماننا هذا زيادة على السّدر إن كانت هنالك حاجة تدعو إل ذلك.
وقد تكون هنالك حِكم ويكون هنالك-أيضا-تعبّد ..تتمع ،فمثل الغتسال ليوم المعة ..هنالك
حكمة-ذكرها غي واحد من أهل العلم-وهي النظافة ولكن ليس-أيضا-هي القصود الوحيد ،بيث إذا كان النسان
نظيفا ل يقال " :إنه ل يغتسل " ،فقد جاء عن بعض الصحابة-رضي ال تعال عنهم-أنّ الناس كانوا ف ذلك الزمان
يعملون و-طبعا-ل تكن ف ذلك الزمان مكيّفات وما شابه ذلك فكان يَخرج ال َعرَق منهم بكثرة فتخرج من بعضهم
روائح فأمرهم النب بالغتسال ،ولكن ذلك مستمر بيث إنه لو اغتسل شخص بالليل ف عصرنا هذا ول يَخرج
منه شيء من العرق ول شيء من الروائح الت تُكرَه فإنه ل يقال " :إنه ل يؤمر بالغتسال " ..كلّ ،بل
هو مأمور بذلك.
وهكذا بالنسبة إل مشروعية ال ّرمَل ف الطواف؛ وبالنسبة-كذلك-إل مشروعية الضطباع ف الطواف؛ فهنالك
حكمة وهنالك مشروعية أيضا.
فمن العلوم أنّ غسل اليت واجب كفائي ،ولبد منه إذا كان الاء موجودا ويكن استعماله من ناحية الذي يقوم
بالتغسيل ومن ناحية اليت.
أما من ناحية الذي يقوم بتغسيل اليت إذا وَجد ماءً يُمكنه أن يستعمله ،أما إذا وجد ماءً باردا جدا ول يكنه أن
يستعمله ويشى على اليت من أن تَخرج منه روائح ..يتعفن أو ما شابه ذلك إذا انتظر حت يد ماء صالا لذلك
ول يكن لديه شيء يُسخّن به ذلك الاء فها هنا ضرورة ف ترك الغسل ،وهل يَتيمّم له أو ل ؟ سيأت التنبيه عليه
بشيئة ال تبارك وتعال وأما بالنسبة إل اليت ..إن كان هذا اليت ل يُمكن تغسيله لنه مات بسبب حريق مثل ،أو
كان خنثى ،أو كان امرأة ول توجد هنالك امرأة ول يوجد أحد-أيضا-من مارمها-وهذا طبعا على رأي كثي من
ك بأنّ هذا رأي قويّ ولسيما بالنسبة أهل العلم وهم الذين ينعون من أن تُغسّل الرأة الرجل أو الرجل الرأة ،ول ش ّ
إل تغسيل الرجل للمرأة إل إذا على رأي من يقول إنه يصب عليها الاء صبّا-فها هنا ضرورة ف ترك تغسيل اليت،
أما إذا أمكن فلبد منه ولو كان ذلك اليت قد اغتسل قبل وفاته مباشرة-مثل-أو مات ف بر أو ف نر أو ف َفلَجٍ أو
ما شابه ذلك وليس به شيء من الوساخ ..فهذا أمر لبد منه ،ولكن-أيضا-تُراعى الناحية الخرى من حيث عدد
الغسلت أو ما شابه ذلك ،كما جاء ذلك ف الديث عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
أما بالنسبة إل التيمم للميت فقد قلنا :1إنّ العلماء قد اختلفوا فيه:
-1منهم من قال :إنه يُيمّم عند عدم وجود الاء أو عند عدم القدرة على استعماله ليّ سبب من السباب؛ وهذا
رأي طائفة كبية جدا من أهل العلم.
-2ومنهم من قال :إنه ل يُيمّم ،لنه ل يثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله سلم-ول يكن أن يقاس على بقية
الحداث الت ثبتت فيها مشروعية الغسل ،لنّ القياس ف مثل هذه المور ما ل يكن أن يصار إليه.
-1في الجواب على السؤال 3من حلقة ليلة 11رمضان 1424هـ ( 5/11/2003م ).
82
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ول شك أنّ الروجَ مِن اللف والحتياطَ أمر حسن ،أما أن نقول " :إنّ ذلك واجب متحتّم لوجود هذا القياس أو
ما ف معناه " فإنه ما ل يفى أنّ فيه من البعد ما فيه ،فالحتياط مطلوب والقول بوجوب ذلك فيه ما فيه ،وقد
أوضح ذلك المام السالي-رحه ال تبارك وتعال-ف معارجه ،فمن شاء ذلك فليجع إليه1؛ وال-تبارك
وتعال-أعلم.
س :إذا توفيت المرأة وهي حامل وبداخلها جنين له حركة تدل على وجود حياة فيه ،فهل يُخرج أم يُدفن معها ؟
ج :هذه السألة قد اختلف فيها أهل العلم:
-1منهم من ذهب إل أنه ل بأس من َش ّق بطن هذه الرأة وإخراج ذلك الني منها.
-2بل ذلك أمر لبد منه على رأي بعضهم؛ وهو الصحيح عندي ،فما دام الولد حيّا و ُعرِفت حياته فلبد من
إخراجه فمراعاة الي مقدّمة على مراعاة اليت وف زماننا هذا سهل-والمد ل تبارك وتعال-لوجود الستشفيات
والوسائل الوجودة فيها.
-3ومن أهل العلم من ذهب إل أنه ل يوز إخراجه بل يُنتظر إل أن يوت وتُدفن بعد ذلك وإن دفنوه قبل التحقق
من موته فإنه ل بأس بذلك؛ وهذا هو الذي رجّحه المام نور الدين-رحه ال تبارك وتعال-ف معارجه.
ولكنّ الصحيح هو القول الذي ذكرتُه [ ص ] 6؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
ولعلّ الشيخ رجّح ذلك-أيضا-لعدم وجود هذه الوسائل ف هذا العصر 2وإن كنتُ ل أقوى على أن أنسب إليه أنه
سيجيز ذلك لو كانت هذه الوسائل موجودة ،لنّ كلمه قد ل يساعد على ذلك.
ومهما كان فالشيخ المام-رحه ال-من كبار أهل العلم ولكنه-رحه ال تبارك وتعال-علّمنا أنه إذا وُجد الدليل
فإنه يصار إل الدليل ،ول يُؤخذ برأي من دون دليل ولو كان قائله من كبار أهل العلم ،فرحه ال وجزاه ال-تعال-
خيا.
س :هل كفن الميت له هيئة مخصوصة ..بأيّ طريقة تحقّقت ،فعندما يُكفّن الميت بمثل ما يلبس في حياته من
إزار و " دشداشة " و " مصر " ونحوها ؟ وهل يمكن أن تُكفّن المرأة بما تلبس من ملبس حياتها أيضا ؟
-1قال الشيخ في جوابه على السؤال 3من حلقة ليلة 11رمضان 1424هـ ( 5/11/2003م ) " :ومنهم من ذهب إلى أنه
ل يُتيمّم له ،ذلك أنه لم يثبت عن النبي ما يدل على مشروعية التيمم ،ومن المعلوم أنّ غسل الميت يُقصد به النظافة
وما دام كذلك فالتيمم ليس فيه شيء من النظافة اللهم إل إذا كان ذلك التيمم الذي يراد به البدل من الوضوء ،أما التيمم
الذي يراد به البدل من الغسل فل دليل عليه ،هذا الذي يظهر لي.
وقد خرّج المام السالمي-رحمه ال تبارك وتعالى-في معارجه ذلك على ما ذكرتُه هنا ..ل أقول ' :إنّ الشيخ-رحمه
ال تبارك وتعالى-ذهب إلى ذلك ' لنه لم يتعرض-حسب حافظتي-إلى الترجيح في هذه القضية ،ولكنه سوّغه بعد
أن ذكر المام الكدمي-رحمه ال-بأنه ل يوجد في المذهب ..سوّغه المام السالمي-رضي ال تعالى عنه-ورأى أنّ له
وجها من الحق؛ وهو كذلك.
فإن تيمموا بقصد أن يكون ذلك عوضا عن الوضوء-لنّ الوضوء مشروع في غسل الميت ،وإن كان الوضوء في غسل
الموات طبعا ل يجب ،وإنما هو سنّة-فذلك ل بأس به ،وإن أخذوا برأي من يقول بالتيمم وتيمموا به بإرادة التيمم الذي
يراد به أن يكون عوضا عن الغسل فأيضا ل بأس بذلك بمشيئة ال تبارك وتعالى ،وإن أمكن أن يصبّوا عليه الماء-فقد
قال بعض العلماء أنهم يصبون عليه الماء-صبّا-طبعا-إذا كان يصل إلى جسده ثم بعد ذلك تزال تلك الثياب فهذا ل شك
أنه يُقدّم على التيمم." .
صدَ أن يقول " :لعدم وجود هذه الوسائل الموجودة-في هذا العصر-في عصره ". ل الشيخ قَ َ
-2لع ّ
83
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :على كل حال؛ يكن أن ننظر إل هذه السألة من ناحيتي ..من ناحية الياب ومن ناحية الفضل:
* أما من حيث الياب فيُكفّن النسان بشيء يستره.
* وأما من حيث الفضل فالعلماء قد اختلفوا ف ذلك؛ والظاهر أنّ الفضل أن يُكفّن ف ثلثة من الثياب تكون على
هيئة لفافات تتّسع للميت بطوله من جهة الرأس إل الرجلي بل تكون هنالك بقية من ناحية الرأس ومن ناحية
الرجلي ومن ناحية الرأس أطول ،فيُكفّن أوّل ف ثوب يُلفّ عليه ث يُلفّ الثان على ذلك الول ث الثالث ،ول ينبغي
أن يزاد على ثلثة.
أما الديث الذي فيه مشروعية الزيادة على الثلثة عند تكفي الرأة فهو حديث ضعيف ل يثبت عن النب صلى ال
ُكفّن ف ثلثة أثواب ..هذا الذي نعتمده ونذهب إليه ونرى أنه عليه وعلى آله وسلم ،وإنا الثابت أنّ النب
الصواب؛ وال أعلم.
س :إذن ما تعارف عليه الناس من " دشداشة " وإزار وكمّ ...؟
ج :على كل حال؛ هذا رأي لبعض أهل العلم أنه يُكفّن ف مثل هذه الشياء؛ ولكن ذلك هو القرب إل الصواب.
س :يعني المقصود الستر فقط ؟
ج :هو الصل هذا ،لكن الفضل أن يكون ف ثلثة أثواب على اليئة الت ذكرتُها.
س :بالنسبة للحنوط هل هو ثابت في السنة ؟
ج :ذلك ثابت عن النب ..مأمور به ..ف الثياب وف الواضع الت ذكرتُها سابقا [ ص .. ] 4-3ف مواضع
السجود ،وعلى خلف ف بقية الواضع الخرى ..يوضع له ف الفم وف النف ،وقيل " :إنّ الكمة من ذلك من
أجل طرد الوام " ،وكذلك-كما قلتُ-بعض العلماء يقول " :ف القبل والدبر "؛ وبعضهم يقول " :ف الدبر" 1؛ ول
يعجبن ذلك بالنسبة إل الفرجي ،بل بعض العلماء نصّ على أنه بدعة من البدع.
س :إذا توفي عدد من الشخاص وفيهم رجال ونساء ..في حال الصلة عليهم ،كيف يكون ترتيبهم ؟
ج :يُقدّم أوّل الرجال ث بعد ذلك الطفال ث بعد ذلك النساء ،ولكن اختلفوا ف الراد بذا التقدي ..هل هو من
جهة القبلة أي يوضع الرجال إل جهة القبلة ث بعد ذلك الطفال ث النساء وهكذا بيث يكون الرجال أقرب إل
القبلة والنساء أقرب إل المام ،أو العكس وهو أنه يراد بالتقدي من جهة المام وهو أنّ الرجال يكونون أقرب إل
المام وبعد ذلك الطفال ث النساء وهكذا ؟ ف هذا خلف بي أهل العلم؛ والذي يُؤيّده الديث أنّ الرجال
يكونون أقرب إل جهة المام ،فأوّل يكون الرجال إل جهة المام ث بعدهم الطفال ث النساء الكبار وبعد ذلك
الصغار.
س :المام أين يقف عندما يصلي على الرجل ..عند رأسه ..عند صدره ؟
ج :ف هذه السألة خلف بي أهل العلم؛ والذي يُؤيّده الدليل هو قول من قال " :إنّ المام يقف عند رأس الرجل
وعند وسط الرأة " ..هذا هو الذي يدل عليه الديث الصحيح الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم؛
وذكر بعض أهل العلم أنّ الكمة من ذلك هو أن يستر المام عجيزة الرأة عن الرجال؛ ومهما كان سواء كانت
هذه هي الكمة الت راعاها الشارِع أو ل تكن هي فإنه ينبغي لنا أن نأخذ بالديث الثابت عن النب-صلى ال عليه
وعلى آله وسلم-أدركنا الكمة أو ل ندرك الكمة من ذلك؛ وال أعلم.
س :هل يجوز أن يقف النسان على قبر الميت فيقرأ عليه القرآن ؟ وأخٌ يقول :سمع أنكم أجزتم قراءة القرآن
وإهداءه للميت.
ت ذلك؛ وينبغي التثبت ،وأنا أشكر الخ السائل-جزاه ال خيا-على طرح سؤاله هذا وعلى ج :ف القيقة ما قل ُ
تثبته من هذا المر؛ فأنا ذكرتُ قول لبعض أهل العلم ،بل قلتُ ف جواب سابق :1إنّ بعض أهل العلم حكى التفاق
على أنّ ثواب إهداء القراءة يصل إل اليت ،وقلتُ أيضا :إنّ بعض أهل العلم يرون خلف ذلك.
و-كما قلتُ سابقا إنه ينبغي للنسان أن يتأمل ف حكايات الجاع ،ففي كثي من الحيان ند هذه الجاعات الت
ل خُطوم لا ول َأ ِزمّة ..يكي فلن الجاع وينبهر بعض الناس بذه الكاية لنم وجدوا ف كتب الصول أنه ل
يوز لحد أن يالف الجاع وأنّ الجاع حجّة من حجج الشرع ،ونن الن ل نريد أن نتكلم ف قضية مالفة
الجاع لنّ ذلك إذا ثبت ذلك الجاع ،وإنا نتكلم ف قضية إثبات مثل هذه الجاعات.
فهذا الجاع-مثل-ل يثبت عن أهل العلم أبدا ،بل اللف مشهور عندهم منذ زمن طويل جدا جدا ،فل إجاع ف
هذه القضية البتّة.
فالعلماء اختلفوا ف وصول ثواب قراءة القرآن إل اليت؛ منهم من ذهب إل أنّ ذلك ل يصل إليه ،ومن أوصى بذلك
ل تُنفّذ وصيته ،لنا مالِفة لشرع ال-تبارك وتعال-وف الديث ( :مَن عمل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي
مردود على صاحبه ل يُقبل منه؛ ومنهم من ذهب إل أنه إذا أوصى بأن يُقرأ عليه ف السجد أو ف البيت أو ما شابه
ذلك فإنّ وصيته تُنفّذ أما إذا أوصى بأن يُقرأ عليه على قبه فإنّ وصيته ل تُنفّذ؛ ومنهم من يقول :إنا تُنفّذ ولكنها ل
تُنفّذ عند القب وإنا ف موضع آخر.
-1كان ذلك في جواب الشيخ على السؤال 10مِن حلقة ليلة 8رمضان 1424هـ ( 2/11/2003م ) ،وهذا هو نصّ
السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك:
" س :10توفي والده وأوصى بقراءة ختمتين في كل رمضان من ماله ،ولنّ المال لم يُقسّم كان إخوةُ أبيه-أو
أعمامُه-يُؤجّرون على قراءة هاتين الختمتين ،والن لما آل المر إليه يقرأ بنفسه عن أبيه بدون أن يأخذ شيئا من
المال ،ما حكم ذلك المال الذي كان يُؤخذ من مال الميراث لتأجير هذه القراءة ؟ وهو الن إذا قرأ عن أبيه ،هل يصل
الجر إليه ؟
ج :على كل حال؛ بعض العلماء حكى التفاق على صحة القراءة عن الميت إذا كانت-طبعا-في مسجد أو في مكان آخر
في غير المقابر ،ول اتفاق في ذلك ،لوجود الخلف المشهور ،ولكنّ الوقت ل يكفي للطالة كما ترى.
وأما بالنسبة إلى أخذ الجرة إذا كانت من الثلث ..إذا كانت هي وغيرها من وصاياه من الثلث ..طبعا من الوصايا التي
تخرج عن َديْن ال-تبارك وتعالى-وعن َديْن العباد وعمّا يتعلق بحقوق الميت قبل الدفن فإنه ل مانع من ذلك على هذا
الرأي." .
85
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ول شك أنّ القراءة على القبور من البدع الخالِفة لدي النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
وأنا قلتُ :1إنّ مَن أوصى بأن يُقرأ عليه ف السجد أو ف البيت إذا نُفذت-بناء على رأي بعض أهل العلم-لنّ ذلك
الوصي قد أخذ بقول من أقوال أهل العلم فله وجه على رأي بعض أهل العلم وإل فإنّ الظاهر أنّ القراءة ل تصل إل
ذلك ،فمن ل يُنفذ مثل هذه الوصية ل بأس عليه ،كما هو رأي طائفة كبية من أهل العلم.
وأما بالنسبة إل السؤال الثان-وهو الول ف الترتيب-وهو عن قراءة القرآن على القبور فإنّ ذلك ما ل يثبت عن
النب ول عن صحابته الكرام-رضي ال تبارك وتعال عنهم-كما نصّ على ذلك الحقّقون من أهل العلم.
وإنا جاءت ف ذلك رواية من طريق ابن عمر-رضي ال تبارك وتعال عنهما-فيها أنّ النب-صلى ال عليه وآله
وسلم-أمر بالقراءة على رأس اليت بأن يُقرأ بفاتة الكتاب ويُقرأ باتة " البقرة " عند رجليه ،ولكنّ هذا الديث ل
يثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،لنه جاء من طريق راويي ضعيفي بل أحدها ضعيف جدا ،فهو
حديث باطل ل يُلتفت إليه ،وقد جاء موقوفا عن ابن عمر-رضي ال تعال عنهما-ولكن فيه راويا مهول ،فالراويان
الضعيفان ف الرواية الرفوعة ها يي البَابُ ْلتِي وهو ضعيف ل يُحتج بروايته ،والراوي الثان هو أيوب بن نُ َهيْك ول
يُحتج بروايته بل هو أضعف من الول ،والرواية الوقوفة مع أنا ل حجة فيها-لنا على تقدير ثبوتا هي مذهب
صحاب-هي ل تثبت عن ذلك الصحاب رضي ال-تبارك وتعال-عنهما.
وجاءت-أيضا-رواية أخرى ف قراءة سورة " يس " على اليت ،ولكنّ تلك الرواية ليست ما يُفرح به ،لنّ ف
إسنادها راويا متروكا ،وف إسنادها-أيضا-راويان مهولن فل يُؤخذ با ول كرامة.
وهنالك كثي من الناس يسألون عن قراءة " يس " على الموات ..أي قبل الوت ..عندما يرون أنّ اليت قريب من
الوت ف حالة الحتضار ..بعض العلماء يقول بشروعية قراءة " يس " عليه؛ وف القيقة ورد حديث يُروى عن
النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-يدل على ذلك ولكنّ هذا الديث ف إسناده مهولن وقد أعلّه بعض أهل العلم
بالضطراب والوقف ،فحديث ف إسناده موقوفان 2ومع ذلك معلّ بالضطراب والوقف كيف يكن أن يُعتمد
عليه ؟! وله طريق أخرى ولكنها ليست ما يُفرح به ،لنّ ف إسنادها كذّابا أو 3متهما بالكذب ،فل ينبغي أن يُؤتى
بذلك ،وما ذكروه من الكمة ل ينبغي أن يُلتفت إليه ما دام هذا الديث ل يثبت عن النب .
فإذن القراءة ل تثبت على الموات:
إل سلما ودعا وأدبرا فالصطفى 4قد زارها وما قرا
إل أن قال رحه ال:
5
وإن يقولوا خالف الثارا حسبك أن تتبع الختارا
-1في الجواب على السؤال 10مِن حلقة ليلة 8رمضان 1424هـ ( 2/11/2003م ) ،وقد نُقل نصّ السؤال مع جواب
الشيخ عليه في التعليق الموجود بحاشية الصفحة السالفة.
صدَ أن يقول " :مجهولن " بدل مِن قوله " :موقوفان ". ن الشيخ َق َ-2الظاهر أ ّ
-3يُنظَر مع الشيخ لعلّه َقصَ َد حذف " :كذّابا أو ".
-4ورد في الطبعة التي بأيدينا " :والمصطفى " بدل مِن " فالمصطفى ".
-5المام نور الدين السالمي ،جوهر النظام في علمي الديان والحكام ،كتاب المانة ،باب الوقف.
86
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
87
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
بأن يَشهد ألّ إله إل ال إذا أمكن ،بأن يَذكر ذلك النسان نفسُه الَ تبارك وتعال ،كأن يقول " :أشهد ألّ إله إل
ال " حت يَنتبه ذلك الشخص الُحتضَر فذلك هو الطلوب ،وإن ل ينتبه فيمكن أن يأمره بذلك ولكن لبد مِن
استعمال أسلوب لطيف حت ل يتأثر ذلك النسان ،فلبد من أن يأت له بقدمة بسيطة ولو بعدّة كلمات ..هذا إذا
كان ذلك الشخص مسلما ،أما إذا كان ذلك الشخص كافرا فإنه يُؤمر بأن ينطق بشهادة ألّ إله إل ال وأنّ ممدا
رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه سلم ،كما ثبت ذلك عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-عندما أتى
إل عمه أب طالب فأمره بأن يشهد ألّ إله إل ال ،ولكنّ أبا طالب امتنع عن ذلك ،وما جاء من الروايات بأنه دخل
ف السلم قبل وفاته فإنّ ذلك ل يصح ،والثابت الصحيح بأنه ل يدخل ف السلم؛ وكذلك عندما ذهب النب
لعيادة يهودي ف الدينة أمره بأن يشهد ألّ إله إل ال وأنّ ممدا رسول ال ،فالتلفت ذلك الغلم إل أبيه ،فقال له
أبوه اليهودي " :أطع أبا القاسم " فدخل ذلك البن ف السلم والمد ل تبارك وتعال؛ أما بالنسبة إل الؤمن-فكما
قلتُ-ينبغي أن يُتلطف له ،ل ّن بعض الناس قد يضيق بذلك وقد يتنع من الشهادة-والعياذ بال تبارك وتعال-إل غي
ذلك.
هذا ،ول أجد ف الروايات الروية عن النب بأن يشهد ألّ إله إل ال وأنّ ممدا رسول ال صلى ال عليه وعلى آله
وسلم ،وإنا فيها أن يشهد ألّ إله إل ال ،وذلك هو ف القيقة قد دخل ف السلم من قبلُ وإنا من أجل أن يَختم
حياته بذه الشهادة؛ نسأل ال-تبارك وتعال-أن ييتنا على السلم ،وأن يوفقنا لكل خي ،وأن يأخذ بأيدينا جيعا لا
يبه-تبارك وتعال-ويرضاه.
هذا ،وللسف الشديد أنّ بعض أهل العلم قد أخذوا من الديث الذي جاء من طريق أب أمامة-رضي ال تبارك
وتعال عنه-والذي فيه ذِِكر " فلن بن فلنة " أنّ النسان إذا ذهب إل الج وأراد أن يلبّي فإنه يقول " :لبيك عن
فلن بن فلنة " ،وقد جاءت-أيضا-رواية أخرى تدل على ذلك ولكنها باطلة عاطلة؛ والق القيق بالقبول أنه
يقول " :بن فلن " ل أن يقول " :بن فلنة " أو يكتفي بذكر اسم ذلك الشخص1؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
-1تعرّض الشيخ مرّة أخرى لبدعة التلقين للميت ،وذلك في جوابه على السؤال 12مِن حلقة ليلة 19رمضان
1424هـ ( 13/11/2003م ) ،وهذا هو نصّ ذلك السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك:
" س :12عند دفن الميت وبعد النتهاء من دفنه يقوم أحد الناس بالدعاء جهرا ويُؤمّن البقية ،فهل هذا صحيح ؟
ج :هذا ليس بصحيح ،بل هو بدعة من البدع ،وينبغي للناس أن يُطبّقوا السنن الثابتة عن النبي وأن يتركوا البدع،
فالدعاء بالتثبيت للميت أمر ثابت عن النبي -وعلى آله وصحبه-ولكن يدعو كل إنسان بمفرده ،أما أن يقوم شخص
يدعو لذلك الميت وتقوم البقية الباقية بالتأمين فذلك بدعة من البدع ،وخير الهدي هدي محمد صلى ال عليه وعلى آله
وسلم.
وهكذا بالنسبة إلى قراءة القرآن-كما بينتُ في جواب سابق [ في الجواب على السؤال 12مِن حلقة ليلة 12رمضان
ن ذلك-أيضا-لم يثبت عن النبي . 1424هـ ( 6/11/2003م ) ]-فإ ّ
وهكذا بالنسبة إلى تلقين الميت كما جاء في بعض الروايات الباطلة العاطلة بأن يقال لذلك الميت " :يا فلن بن فلنة ...
" إلى آخر ذلك الحديث الباطل العاطل الركيك الذي لم يثبت عن النبي ول كرامة.
فتلك البدع ل ينبغي لحد أن يَحوم حول حماها ،وإنما ينبغي أن نُطبّق السنن ،وأن نأخذ بما جاء في كتاب ال أو في سنّة
رسوله صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
فهذه البدعة-كما حدثني من حدثني-قد شاعت في هذه اليام ..يدعو إنسان ويُؤمّن الخرون ،وهذا ينبغي أن يُنبّه الناس
على أنه ليس من السنّة ،بل هو البدعة بعينها؛ وال المستعان ،ونسأله أن يُوفّقنا للعمل بكتابه وبسنّة رسوله وأن نجتنب
88
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1ذهب بعضهم إل أنه ل قضاء عليه ،وهذا-طبعا-ف صلة النائز ل ف الصلوات الفرائض ،حت ل يظ ّن بعض
الناس أنه شامل للفرائض فلبد من أن ينتبه لذلك ..ذهب بعض العلماء إل أنه ل قضاء عليه وإنا يُسلّم بعد إمامه،
إذ إنه قد صلى على ذلك اليت جاعة من الناس ول استدراك ف هذه الصلة.
-2وذهب بعض أهل العلم إل أنه يكب من غي أن يأت بشيء من الدعية ..يأت بالتكبيات الت فاتته ويُسلّم ول
شيء عليه.
-3وذهب بعض أهل العلم إل أنه يستدرك ما فاته ويتصر ما أمكنه ف الدعاء؛ وهذا ل إشكال فيه على رأي ،أما
على رأي من يقول " :إنّ ما فاته هو أول صلته وأنّ ما أدركه هو آخرها " فلبد من أن يأت بفاتة الكتاب ،إذ إنّ
هذا هو الفائت ول يكنه أن يقتصر على بعضها.
-4وبعضهم قال :إن بقي اليت ف موضعه فإنه يستدرك ،وإن ل يبق بأن حُمل فل استدراك عليه.
والذي يظهر ل أنه ل مانع من الستدراك حُمل اليت أو بقي ف مكانه ،إذ ل يُشترط بأن يبقى اليت ف موضعه ..
نعم ،ذلك هو الصل ولكن إذا ل يتمكن النسان من القضاء فليقض ما فاته وليختصر غاية ما أمكنه ،وأرى هذا
القول هو القول الصحيح ،وإن كان إذا سلّم ل نقول " :إنه قد أخطأ " ،لنّ هذه السألة مسألة اجتهادية وليس فيها
دليل واضح على واحد من هذه القوال ،ث إنه قد قام بالفرض غيه من الناس فالصلة ف حقه ليست بفريضة ..هذا
ما ذهب إليه غي واحد من أهل العلم؛ والعلم عند ال تعال.
س :بعد النتهاء من دفن الميت مباشرة يجلس المشيّعون ويقوم أحد الشخاص بضرب الرض حول القبر عدّة
مرات وهو يقول " :ل إله إل ال ،محمد رسول ال " ويسمّونه بتوحيش القبر ،ظنّا منهم لمنع الحيوانات المفترِسة
خشية أن تصل إليه.
ج :هذا ل يثبت ف سنّة رسول ال ،إذ إنن ل أجد دليل ف السنّة يدل عليه؛ وهو الذي صرّح به العلمة المام
أبو نبهان رحه ال تبارك وتعال ،ولكنّ المر كما قاله هذا المام ..إن كانت فيه مصلحة للميت ..مافة أن يأت
شيء من اليوانات الفترِسة وتقوم بنبش ذلك القب وتفترس ذلك اليت ..فإن كانت ف ذلك مصلحة فل مانع من
ذلك ،أما أن يقال أنّ ذلك ثابت عن النب فهذا ما ل أصل له.
هذا ،وكثي من الناس يسألون عن قضية رَشّ اليت ،1ول بأس بالجابة على هذا السؤال لشهرة البحث عن هذه
السألة ،ونقول :إنه قد جاءت بعض الحاديث تدل على ذلك ،وقد ذهب غي واحد من أهل العلم إل أنّ تلك
الحاديث يش ّد بعضها بعضا فتقوم با الجة ،وهذا له وجه وجيه من الصواب.
ولكنّ كثيا من الناس ل يكتفون بذلك بل يقومون برشّ بعض القبور الجاوِرة له وهذا خطأ واضح فل يصح،
ولذلك قال المام نور الدين رحه ال تبارك وتعال:2
لنه به أحقّ فادْر 3
وفضله يُردّ فوق النهر
ش الميت ".ش قبر الميت " بدل مِن قوله " :رَ ّصدَ أن يقول " :رَ ّ ن الشيخ َق َ
-1الظاهر أ ّ
-2المام نور الدين السالمي ،جوهر النظام في علمي الديان والحكام ،كتاب الجنائز ،باب القبر.
-3ورد في الطبعة التي بأيدينا " :القبر " بدل مِن " النهر ".
90
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1لعلّ الحسن أن يقال " :تُن ّفذُ الوصيةُ ِلمَن حفرَه " ،دفعا لللتباس.
91
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1في الجواب على السؤال 13مِن حلقة ليلة 12رمضان 1424هـ ( 6/11/2003م ).
-2في الجواب على السؤال 6مِن حلقة ليلة 10رمضان 1424هـ ( 4/11/2003م ).
92
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1تعرّض الشيخ لهذا مرّة أخرى أثناء جوابه على السؤال 16من حلقة ليلة 22رمضان 1424هـ ( 16/11/2003م )،
ص ذلك السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك: وهذا هو ن ّ
" س :16البعض عندما يضعون الميت في القبر يقوم أحدهم بتمرير يده على التراب الموجود أعلى القبر وينطق
بالشهادتين ،وكأنه يُودّعه بتلك الكلمات ؟
ج :ال المستعان؛ هذه بدعة من البدع ،والبدع كثيرة؛ وأنا بيّنت [ في الجواب على السؤال 10من هذه الحلقة ،أعله ]
بأنّه لم يثبت عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-في قضية دفن الموات شيء إل ما جاء عنه-صلى ال عليه وعلى
آله وسلم-من أنه يقال عند وضع الميت ( :بسم ال ،وعلى ملّة رسول ال ) ،وكذلك ما جاء من الدعاء لذلك الميت
بالتثبيت بعد النتهاء من دفنه ،وكل شخص-كما قلتُ [ في الجواب على السؤال 12من حلقة ليلة 19رمضان 1424هـ
( 13/11/2003م ) ،وقد نُقِلَ نصّ ذلك السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك في التعليق الموجود بحاشية الصفحة 3مِن
هذه الحلقة ]-يدعو بمفرده ،من غير أن يقوم شخص بالدعاء ويؤمّن كثير من الناس على دعائه ذلك ،فإنّ ذلك-أيضا-من
البدع؛ فينبغي النتهاء عن هذه البدع وأن نطبّق السنن الثابتة ،وخير الهدي هدي محمد ؛ والعلم عند ال." .
93
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ميتته ) ،فتكلم على حكم اليتة وعلى حكم الوضوء من ماء البحر مع أنه ل يُسأل إل عن واحد منهما؛ فإذا كان ف
ذلك فائدة فل مانع من ذلك.
على كل حال؛ عندما يقول الؤذن " :ل إله إل ال " كثي من الناس يقولون " :حقّ ..ل إله إل ال " ل شك ف أنّ
" ل إله إل ال " حقّ ،وأيّ حقّ ،وكذلك بالنسبة إل بقية اللفاظ " ال أكب " حقّ ،و " أشهد ألّ إله إل ال " حقّ،
و " أشهد أنّ ممدا رسول ال " حقّ ،و " حيّ على الصلة " كذلك ،و " حيّ على الفلح " كذلك ..نن علينا
أن نطبّق السّنن ونتّبِع رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ولنا فيه السوة السنة ،ل أن نبتدع ونأت ببعض
المور الخترعة الكذوبة الت صنعتها أيدي بعض الرواة الكَذَبة الذين لم أغراض ل تفى على الفطِن ف وضع مثل
هذه الحاديث ونسبتها إل رسول ال ؛ وال الستعان.
س :البعض عندما يحمل الجنازة ينادي بصوت مسموع " :اذكروا ال ..اذكر ربك يا غافل " ،فما رأيكم ؟
ج :هذا ل أصل له ف سنّة رسول ال ..نعم ،كثي من الناس يأتون بذا ،ومنهم من يقول " :صلّوا على النب "
بصوت مرتفع مع أنه هو ل يصلي عليه-صلوات ال وسلمه عليه-أو أكثرهم يصنع كذلك ..ف ذلك الوقت ،ل
أقول " :ل يصلي عليه مطلقا " وهكذا ..هذا منكر.
العلماء منهم من يقول :إنّ الطلوب ف هذا الوقت الصّمت والعتبار والتعاظ بثل هذا الال وأن يتذكر النسان
بأنه سيصي ف يوم من اليام إل مثل هذا الال وأنّ المر لن يقف عند هذا الد بل إنه سيُسأل ف قبه وسيُحاسب
يوم القيامة وسيكون مصيه إما إل النة أو إل النار والعياذ بال-تبارك وتعال-منها وما يُقرّب إليها.
ومنهم من يقول :ل بأس من أن يَذكر ال بصوت خافت ..يمع بي المرين ..بي التعاظ والعتبار وأخذ
الوعظة وبي ذكر ال-تبارك تعال-بصوت خافت.
أما أن ينادي هذا وهذا ..هذا من هنا وذاك من هناك " :اذكروا ال " أو ما شابه ذلك فهذا ما ل أصل له ف السنّة،
بل هو من البدع الت ينبغي النتهاء عنها؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :تركّبت عند بعض الناس معلومة مفادها أنّ الباء والرحام ل يحملون جنازات أرحامهم وآبائهم وإنما يكتفون
بالمشي خلفها ،فهل هذا صحيح ؟
ج :نعم ..هذا مشهور عند كثي من العوام ،وكثي من البدع مشهورة عند العوام.
هذا ل أصل له ف سنّة رسول ال ..ينبغي أن يكون القارب ف مقدّمة الرّكب ..ل مانع من أن يَحمل القارب
وأن ينالوا ذلك الفضل العظيم الذي أخب به الرسول-صلى ال عليه وعلى آله سلم-لن حل جنازة وكان-طبعا-
يقصد بذلك وجه ال-تبارك وتعال-ول مقصود له سواه.
س :البعض عندما يحمل الطارقة-الحاملة التي عليها الميتُ -ي َقفّزها ثلث خطوات ثم يبدأ النطلق بها ؟
ج :هذه بدعة ،ل أصل لا أبدا ..ل تثبت عن رسول ال ول عن صحابته الكرام ول عن أهل العلم الذين اتبعوا
رسول ال واقتدَوا به ..هذه بدع ينبغي أن يتنبها الناس ،وينبغي لنا جيعا أن نتعاون على البِر والتقوى وأن نأمر
بالعروف وننهى عن النكر وأن ندعو الناس بالكمة والوعظة السنة وأن نُخبهم با ثبت عن رسول ال وما ل
94
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
يثبت حت نقتدي بالرسول فيما ثبت عنه ونتنب ما نى عنه أو ل يثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه ،ومن
العلوم بأنه إذا كان الرسول يفعل بعض المور ف مثل هذه الشياء وَترَك بعض المور أنّ تلك المور الت تركها
ليست بشروعة ..ل يُمكن أن يقال َترَكَها الرسول ولكنه ل يَنه عنها ..نعم ،وإن كان ل يَنه عنها لكنه ل
يفعلها ولو كان ف ذلك خي لفعله الرسول صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،وقد أحسن المام السالي-رحه
ال تبارك وتعال-عندما ذكر قراءة القرآن على القبور عندما قال:1
إل سلما ودعا وأدبرا فالصطفى 2قد زارها وما قرا
بسنّة توجد ف الأثور ول تكن قراءة القبور
على كل حال ،ث قال:
......................... 3
لو كان خيا ل يَ ُفتْ ممدا
فما فات الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ..فلو كان ف ذلك خي لفعله الرسول صلى ال عليه وعلى آله
وسلم ،ث قال:
وإن يقولوا خالف الثارا حسبك أن تتبع الختارا
والعلماء قد شددوا ف مالفة الرسول ،ويعجبن ما ذكره المام الحقّق العلّمة سعيد بن خلفان-رحه ال تبارك
وتعال-عندما سُئل عن قضية خالف فيها بعضُ أهل العلم سنّة ثابتة عن الرسول فقال المام الحقّق-رحه ال-ف
ذلك " :ومِن ال َعجَب أن َأنُصّ لك عن رسول ال وأنت تُعارضن بعلماء بيضة السلم من غي دليل ول واضح
سبيل ..أليس هذا ف العيان نوعا مِن الذيان ؟! " والمام الليلي-رحه ال تبارك وتعال-يقول " :وقول بلف
الديث يُضرب به عرض الائط " ..على كل حال:
ول كلم الصطفى الوّاه ول تُناظِر بكتاب ال
4
ولو يكون عالا خبيا معناه ل تعل له نظيا
وهذا-طبعا-إذا قال به بعض أهل العلم ظنّا منهم أنّ ذلك هو الطلوب أو ما شابه ذلك ،فكيف إذا ل يقل بذلك
أحد من علماء السلمي قاطبة.
فهذا-على كل حال-ما ينبغي أن يُنهى عنه ،ولكنن-كما قلتُ أكثر من مرة-أنه ينبغي أن نستعمل الكمة ف مثل
هذه المور وأ ّل نتسرع ف ني الناس فإنّ الناس ف كثي من الحوال ل يتقبلون مثل هذه المور لنم شبّوا وشابوا
-1المام نور الدين السالمي ،جوهر النظام في علمي الديان والحكام ،كتاب المانة ،باب الوقف.
-2ورد في الطبعة التي بأيدينا " :والمصطفى " بدل من " فالمصطفى ".
-3ورد في الطبعة التي بأيدينا هكذا:
لو كان خيرا سبق المختار *** له وصحبه متى ما زاروا
-4المام نور الدين السالمي ،جوهر النظام في علمي الديان والحكام ،كتاب أصول الدين.
وورد البيتان في الطبعة التي بأيدينا هكذا:
ول نُناظِر بكتاب ال *** ول كلم المصطفى الوّاه
معناه لم نَجعل له نظيرا *** ولو يكون عالما خبيرا
95
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
على مثل هذه القضايا فليس من السهولة أن يَرتدِع بعض العوام عن مثل هذه المور ولسيما إذا كان من يقوم بالمر
والنهي طالبا صغيا فإنم قد ل يُصدّقونه وقد ل يقبلون منه لمر أو لخر؛ فنسأل ال-تبارك وتعال-التوفيق ،وال
أعلم.
س :الشهيد ،كيف يكون التعامل معه في التغسيل ؟ هل يُغسّل ؟ هل يُكفّن ؟
ج :على كل حال؛ الشهيد هو من مات ف أرض العركة ..إذا مات ف ذلك ول يُنقل فهذا هو الذي يُحكم عليه
بكم الشهيد ف هذه القضية؛ وإلّ فالشهداء كثيون ،كما ورد ذلك ف سنّة رسول ال ،ولكنّ الراد بالشهيد
ها هنا هو الذي يُحكم عليه بذا الكم ف باب النائز.
فعلى كل حال الشهيد يُدفن ف ثيابه الت مات فيها إن كانت عليه ثياب-أما إذا سُلِب فلبد من أن يُؤتى له ببعض
الثياب-ول يُنع منه إل السلح وما شابه ذلك أما ما عدا ذلك فهو يوضع عليه.
ول يَحتاج إل تغسيل بل يُدفن على ذلك.
وقد اختلفوا ف الصلة عليه:
-1ذهب بعض أهل العلم إل أنه يُصلّى على الشهيد.
-2وذهب بعضهم إل أنه ل يُصلّى عليه.
والقول بالصلة عليه قول قوي ،وقد دلّت عليه بعض الحاديث.
أما الحاديث الت تدل على عدم مشروعية الصلة عليه فهي نافية وغيُها مُثبِت والُثبِت مقدّم على الناف؛ وف ذلك
احتياط وسلمة للدين ،وقد ثبت أنّ الرسول قد جاء بعد مدّة-بعد سنوات-وصلّى على شهداء أُحُد ،وجاء ف
بعض الروايات الت قوّاها بعض أهل العلم بأنه قد صلّى عليهم-أيضا-بعد النتهاء من العركة ،فرواية من روى
خلفَ ذلك تُحمل على أنه ل يَعلم بذلك.
وليس بغريبٍ مِن أن يَنسى بعض الصحابة-رضوان ال تبارك وتعال عليهم-بعض المور أو أنم ل يعلموا با أصل،
ولذلك أمثلة كثية ل يُمكن التيان با ف هذا الوقت.
فإذن يُصلّى عليه على الصحيح.
ومن العجب أنّ بعض أهل العلم قال " :يُجمع بي الروايات الثبِتة والنافية بأنّ رواية الثبات تُحمل على ندبية الصلة
وعدم وجوبا ،ورواية النفي تُحمل على عدم الوجوب " ..هذا كلم غريب ..لو جاء هذا ف قضية وذلك ف قضية
أخرى ..أي ف حادثة وذاك ف حادثة ..أي صلى مرّة وصلى مرّة فيمكن أن يُحمل على هذا ول يقال بالنسخ ،أما
أن يكون ذلك ف قضية واحدة ف وقت واحد فهذا ما ل يُمكن ،لنه إما أن يكون َفعَل أو ل يفعل ،فكيف يقال" :
هذا ممول على كذا وهذا على كذا " ؟! نعم ،لو أرادوا بذلك الرواية الت فيها صلى بعد سنوات ول يُثبتوا الرواية
الت صلى ف ذلك الوقت لكان لذا وجه من الصواب ،أما أن يقال بصحة جيع الروايات الت فيها أنه صلى ف ذلك
الوقت ول يُصلّ فهذا ما ل يُمكن أن يقال به ،فهذا خطأ واضح؛ وال أعلم.
96
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :الحديث الذي ورد فيه أنّ الذي سار مع الجنازة إلى نهايتها أو رجع عنها له قيراط أو قيراطان من الجر،1
ما صحّته ؟ وما حكم الرجوع عن الجنازة بعدما يسير النسان معها ..هل يلزم أن يبقى إلى آخرها أو يمكن أنه
إذا بدا له أمر يذهب عنها ؟
ج :هذا الديث صحيح ثابت عن النب ،ولذلك نقول :إنه ينبغي العتناء بذا المر ،وأن تُشيّع النائز حت تُدفن
ويرجع بعد ذلك السلمون ،ويُشرع-أيضا-ف ذلك الدعاء للميت ،أما التلقي-كما قلتُ [ ص -] 2ل يُلقّن وإنا
يُدعى له ويُسأل له التثبيت.
وأما بالنسبة إل سؤاله عن الرجوع قبل ذلك 2فالاصل هو ل يب عليه أن يرافقهم إن ل تكن هنالك حاجة تدعو
إل ذهابه معهم كأن يكون هو البصر بذا المر ول يَعرف أحدٌ كيف يوضَع اليت أو ما شابه ذلك ..إن ل تكن
هنالك حاجة فل مانع مِن أن يرجع ،ولكن ل شك بأنه سيفوته الفضل؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
-1هذه صيغة الحديث كما ذكرها السائل ،ويُنظَر مع الشيخ متنه عنده ما دام قد صحّحه ،وهذا الذي وجدناه:
حتّى ُيصَلّى ن َمعَ ُه َ ح ِتسَابا َوكَا َ جنَازَ َة ُمسْلِمٍ إِيمَاناً وَا ْ
ن ا ّتبَ َع َ
ل الِ قَال ( :مَ ِ ن رَسُو َ روى البخاري عن أبي هريرة َ :أ ّ
ن ُت ْدفَنَ،
ن صَلّى عََل ْيهَا ُث ّم َرجَعَ َقبْلَ أَ ْ حدٍَ ،ومَ ْ ط ِمثْلُ ُأ ُل قِيرَا ٍ جرِ بِقِيرَاطَيْن ..كُ ّ
لْن َدفْ ِنهَا فَِإنّه َي ْرجِ ُع مِنَ ا َ
غ مِ ْ
عََل ْيهَا َويَ ْف ُر َ
َفإِنّ ُه َي ْرجِ ُع بِقِيرَاطٍ ).
-2لعلّ الحسن أن يقال " :قبل الدفن " ،لليضاح.
97
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
َهلْ َسيَكُون كُلّيا أو ُجزْئيا ؟ وأريد بِأنه سيكون كُلّيا َأيْ ف موضع مِن الواضع وإل فإنه ل يُمكن أن يَكُون كسوف
الشمس كليا ف كل مكان مِن العال ،إذ إنّ ذلك مِن المور الت ل تُمكِن أبدا وإنا يَكون كليا ف موضع مِن الواضع
أو ف مواضع مصورة فل أريد بِموضع ف منطقة واحدة فقط وإنّما أريد ف مواضع مُحدّدة ،فتعيي ذلك سواء كان
صرِية ،فمَن ذلك بِالنسبة للشمس أو للقمر هَذا مِن المور الت ل تََتنَاف مَعَ الغَيْب ،لنّ هَذَا يُ ْدرَك بِهَذِهِ العلوم ال َع ْ
يُشدّد ف مثل هذه المور ل معرفة له بِمثل هذه القائق ،والنسان ينبغي له أن يَتَ َكلّم إذا أراد أن يَتَكلم فيما يُْتقِنُه َأمّا
أن يَتكلم النسان الذِي ل علقة له بِعلم الفلك-مثل-ف السائل الفلكية فهذا مِمّا ل َيصِح ،وهكذا بالنسبة لِمَن ل
معرفة له ِبعُلوم الشرع النيف ليس له أن يتكلم ف ُعلُومِ الشرع النيف بل ذلك َمحْجُورٌ عليه ،ومَن ل َمعْرَفَة لَه
بِالطب ليس له أن يتكلم ف القضايا الطبية ،و َهكَذَا بالنسبة إل علوم القتصاد وغيها ..النسان إذا أراد أن يتكلم
فليتكلم فيما يُتقنه فيمكن أن يكون النسان عَالِما متبحّرا ف الفقه ولكن ل دراية له بعلوم الفلك فهل يُمكن بعد
ذلك أن َيقُوم ويَتَ َكلّم ف المور الفلكية ؟! َهذَا مِمّا ل يَصِح ،فإذن الكلم ف مثل هذه القضايا-كما ذكرناه ف قضية
إمكان رؤية اللل وف عدم إمكان ذلك-هذا مِمّا ل َبأْسَ ،وهو ليْسَ مِن الكلم ف أمور الغَيْب بل هو كلم َمبْنِي
على حقائق لَ يُمْكِن لحدٍ أن يََتجَا َهلَهَا أو أن يُنكرها ،فلبد مِن التسليم لِ ِمثْل هذه المور.
أما بِالنسبة إلى ماذا يُشرَع في قضية حدوث الكسوف والخسوف ؟
أوّل :الكسوف يكون للشمس ويكون للقمر َ ..ب ْعضُهم يفرق بيْن قضية الكسوف وبي قضية السوف ،والتفريق ل
بأس به على رأي كثي مِن أهل العلم ..عندما يَقول النسان " :الكسوف " للشمس و " :السوف " للقمر ،أما
عندما ُيطْلِق النسان هَذَا على َهذَا وهذا على هذا فل مانع مِن أن يَقول " :كسوف الشمس " وأن يَقول " :كسوف
القمر " ،ومِنهم مَن يُفرّق بيْن هذين المرين ولَهُمْ ف ذلك كلم طويل ول حاجة إليه لنه ل تتعلق به شيء مِن
الحكام الشرعية.
أمّا الذي ثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-فإنه صلوات ال وسلمه عليه عندما َعلِم بِكُسوف الشمس
شرَع أن َيقُوم شخص فينادي َخ َرجَ-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-مُسرعا فَزعا فأمر بِأن ُينَادَى للصلة ،والذي يُ ْ
يقول " :الصلةُ جامعة " ..هكذا جاء ف بعض الروايات ِ ..برَفْع َل ْفظِ " الصلة " ،وجاء ف بعضِ الروايات" :
إنّ الصلةَ جَا ِمعَة " ،ويُمكن-أيضا-أن يُقَال " :الصلةَ جَا ِمعَة "َ ،ف َو َردَ بَِلفْظ " :إنّ الصلةَ جَامِعَة "َ ،و َورَدَ بَِلفْظ:
" الصلةُ جَامعَة " ،ومِن العلوم ِبأَنّ ذلك َوقَعَ َمرّة واحدة ،والنب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-أمر ِبأَحَد اللفظي
ولكن هَذَا َليْسَ مِن المور الت ُيَتعَبّد فِيها بِ ِمثْل ذلك النّص ..أي ل يَ ْلزَم أَن ُيقَال " :لَبد مِن أن يَقول ' :إنّ الصلةَ
جَامعة ' أو يَقول ' :الصلةَ جامعة ' أو يقول ' :الصلةُ جامعة ' " ..يُمْكِن أن َيقُول " :إنّ الصلة جَا ِمعَة " أو
يَقول " :الصلةَ جَا ِمعَة " ..أيْ " ال َزمُوا " أو يَقول " :إنّ الصلةَ جَامِعَة " ،فالمر َهيّن وإن كنا نقول :إنه لَمْ َيثْبُت
ضيَة حدثت مَرّة واحدة ،فإذن النداء يَكُونُ بِمِثل عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-إل أحدُ اللفظي ،لنّ القَ َ
هَذَا المر ،ول مَانِع أن يُ ْكتَفَى بِ َمرّة واحدة ول أن يُ َكرّر أكثر مِن ذلك إذا كان الناس ل يَسمعون ذلك ،فيمكن أن
98
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
شرَع ف ذلك الذان بإجاع المّة السلمية ،إذ إنّ ذلك يُكرّر النسان ذلك ثلث َمرَات أو أكثر مِن ذلك ،ول يُ ْ
مِمّا لَمْ يَثبتْ عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسَلم.
هذا ..وهذَا التَّلفّظ-وهو قول " :إنّ الصلة جامعة "َ-ليْسَ مِن المور الت يُتعبّد بِها ،فهو َليْس كالذان ،فل يُطَالب
مَن يَسمَع ذلك بِأن يُردّد ذلك خلْف مَن يَأتِي بِذلك اللفظ ،كما أنه إذا كانت هنالك مموعة مِن الناس ف مَكَان
وَاحِد وَليْس بِالقرب ِمنْهُم أحَد أبَدًا فإنه ل يُطالَبون بِأن يَقوم واحد مِنهم بِالنّدَاء بِهَذَا اللفظ ،لنّ هَذَا َليْسَ ِمنَ المور
الت يَُتعَبّد بِهَا كالذان-،فالذان يُطْلَب مِن النسان أن يُ َؤذّن َولَوْ كان مُنفردا ،كما أنه إذا كانت الماعة واحدة
كانوا ف الطريق-مثل-وليس بِال ُقرْبِ مِنهم أحد فإنّهم يطالَبون بِالذان ،كما ثبت ذلك ف الديث الصحيح عن النب
صلى ال عليه وعلى آله وسلم-،فالاصل إذا كان هنالك أحد بِالقرب مِن السجد مِمّن يَسمَع النداء أو كان-أيضا-
سجِد ولو كان الذين يَسمَعون ذلك مِن النساء ومِمّن ل قدرة لَهُمْ على الضور إل ف بَادَِيةٍِ َولَوْ لَمْ يكن هنالك مَ ْ
شرَع النداء حت ُيصَلّي العَا ِجزُ الذي ل يُمْ ِكنُه أن يَذْ َهبَ إل السجد مِن َم ْرضَى أو كبار أو ما شابه ذلك فإنه يُ ْ
سجِد وهَكَذَا بِالنّسبة إل النّساء ،فبعد ذلك يُصَلّون جَمَا َعةً-على الصحيح-سواء كان ذلك ف الكسوف أو ال ْ
ف السوف ،أما الكسوف فقد ثبت ذلك ف سنّة النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ثبوتا ل شك فيه ،وأما
بِالنسبة إل خسوف القمر فإنّ ذلك وإن كان لَمْ يثبت مِن السنّة-إذ إنه جاء مِن طريق ضعيفة جِدًا-ولكنه َمحْمُول
ف حقيقة الوَاقِع َعلَى الكُسُوف إذْ لَ َفرْق َبيْنَهُما.1
و َكيْفِية الصّلة قد اختلَف فيها العُلَمَاء ،وأظُن أنّه ل بَأس مِن الطالة ف هَذه القضية ولو اسَتغْرَ ْقنَا الوَقْت لنّ السألة
ك باختصار شديد: صلَة اختََلفَ العَُلمَاء فِيهَا ،وَأذْ ُكرُ ذَِل َ تَحتَاج إل ذِكْر ُفرُوعٍ مَُتعَ ّددَة َ ..كيْ ِفيَة ال ّ
-1ذَ َهبَ َبعْضُ أهل العلم إل أنّ النسان يُصلّي ركعتي كالصلوات العَادِية-أيْ كصلة سنّة الفجر أو سنّة الظّهر أو
ما شابه ذلك-بِشرط أن يُطيل ف القراءة والركوع والسجود ،و-طبعا-قول " بِشرط " ليس مِن الشروط الت
لبد مِنها وإنّما ذلك على أنّه سنّة ثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وأَقُول " :سنّة ثابتة " ..أيْ الطالة
ل الكتفاء بركعتي كالسنن الت أشرتُ إليها ..هذا مذهب طائفة مِن أهل العلم.
-2وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنه يصلي كأحدث صلةٍ صلها مِن الفرائض ،فإذا صلى بعد صلة الظهر فإنه
يصلي أربع ركعات كصلة الظهر ،وإذا صلى بعد صلة الفجر فإنه يصلي ركعتي كصلة الفجر ،وهكذا بِالنّسبة
ضعِيفة ل تقوم بِهَا حُجة. إل َبقِية الصلوات ،واحتجّوا على ذلك بِرِوايةٍ َ
-1قال الشيخ عند جوابه على السؤال 13مِن حلقة 14رمضان 1424هـ ( 9نوفمبر 2003م ) " :قد اختلَف الناس في
ح َدثَت آي ٌة مِن اليات الخرى كالزّلْزَلَة أو
شمَلُ-أيضا-إذا َ
هذه الصلة هل هي خاصّة بِالكسوف والخسوف أو َت ْ
الصّوَاعق التي لَم تكن عَادِية وما شابه ذلك مِن المور ؟
َفمِنهم مَن قال :هي خاصّة بِالخسوفِ والكسوف.
ومِنهم مَن قال :هي شامِلَة لِكلّ أم ٍر َمهُول لَم يَكن مُعتادا.
ومِنهم مَن قال :هي خاصّة بِالكسوفِ والخسوفِ والزّلزلة.
جهٌ وجيه مِن الصواب فهو الذي نراه ". والقول بِال ُعمُوم في مثل هذه المور له َو ْ
99
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1قال الشيخ عند جوابه على السؤال 13مِن حلقة 14رمضان 1424هـ ( 9نوفمبر 2003م ) " :أما كيفيةُ هذه الصلة
ل ركعة تَكون ِب ُركُوع-2 .وجاء في بعضِ الروايات ِب ُركُوعيْن-3 . سنّة على صفاتٍ ُمتَع ّددَة-1 :جاءتْ ك ّ ت في ال ّ فقد جاء ْ
حدَثِ صل ٍة صلّها النسان، وفي بعضِها بِثلثة-4 .وفي بعضِها بِأربعة-5 .وفي بعضِها بِخمسة-6 .وفي بعضِها ك ِمثْلِ َأ ْ
فإذا كان ذلك بع َد صلة المغرب فتكون الصلة كمِثل صلة المغرب أو بعدَ العِشاء كمِثل صلة العِشاء أو بعدَ الفجر
كمِثل صلة الفجر ،أو الظهر أو العصر فهكذا.
ت في التاسِع والعشرين حدَث ْ
حدَثَت في عهد النبي َمرّة واحدة ،وقد َ ومِن المعلوم أنّ هذه الحادثة-أي حادثة الكسوفَ -
حدَثَ في الساعةِ الثامنة ن ذلك َ مِن شوال في يوم الثنين بعدَ طلوع الشمس بِوَقت ،وقد قرأتُ في بعضِ الكتب بأ ّ
والنصف.
وأما ما رُوي في بعضِ الروايات بِأنّ ذلك َوقَ َع في العاشِر مِن الشهر فذلك بَاطل ،إذ ل يُمكِن أن يَقَعَ الخسوف إل عند
خ ِر يَ ْو ِم الثامِن
سرَار القمر ..أي في التاسِع والعشرين أو في الثلثين ويُمكِن أن يَحدثَ على ما قيل-أيضا-في أوا ِ ستِ ْ
اْ
والعشرين ،أمّا في العاشِر أو التاسِع أو الثامِن أو الخامِس عشر أو ما شابه ذلك وأعني بِهذا الكسوف ل الخسوف فهذا
مِما ل يُمكن ،أمّا الخسوف فإنّه يَقَع في ليل ِة الرابِع عشر أو الخامِس عشر ،ولذلك نَرى أنّه ل معنى لِما يَذكُره كثي ٌر مِن
ل العلم مِن أنّه إذا اجتمَع كسوفٌ وعِيد هل تُ َقدّم صل ُة العيد أو الكسوف ؟ لنّه ل يُمكن أن يَقَ َع ذلك أبدا ،وقول بعضِهم أه ِ
جعَلَ لِهذه المورِ أسبابا وهي َتقَع على حسب ما أرادَ ُه ال ث ما شاء فنعم ..يُحدِثُ ما شاء ولكن قد َ حدِ ُ ن ال قد ُي ْ بأ ّ
س ِتسْرَار القمر على ما ذكرتُه. جعَلَه مِن هذه السباب فل يُمكِن أن يَقَ َع ذلك إل عن َد ا ْ وما َ
ن يَكون قد صلّى صلوات ال وسلمه عليه بِهذه فإذن ذلك لَم يَحدُث في عه ِد النبي إل مرّة واحدَة ،فل يُمكن أَ ْ
الكيفيّات ،وإذا كان المر كذلك فإنّه لبد مِن أن نَبحثَ عن الراجِح مِن هذه الكيفيات ،والرّاجِح أنّه قَد صلّى ركعتيْن
عيْن ".ل ركع ٍة ب ُركُو َ وصلّى ك ّ
وقال الشيخ-أيضا-عند جوابه على السؤال 1مِن حلقة 25رمضان 1425هـ ( 9نوفمبر 2004م ) " :تَكلّم بعضُ
العلماء أن لو اجتمعتْ صل ُة العيد وأرادتْ الجماعةُ أن تُصّليَ الستسقاء واجتمع مع ذلك أيضا كسوف ،فبِماذا يَبدؤون ؟
ن الهيئة تَختلِف في هاتين و-على كل حال-ل يُشرَع أن يُجمَع بيْن صل ِة العيد وبيْن صلةِ الستسقاء في وقتٍ واحد ،ل ّ
الصلتين أو في هاتين الحالتين ..لكلّ واحد ٍة منهما هيئ ٌة خاصّة في السنّة فل ينبغي الجمع بينهما ،وإذا أرادوا أن
يَستسقوا فليَستسقوا بِالدعاء كما دعا النبي في خطبة الجمعة وكذلك فليَكن في خطبة العيد ،أما بِالنسبة إلى صلة
ن الكسوفَ ل يُمكِن أن يَق َع في هذا اليوم رأْسا الكسوف فهؤلءِ-في حقيقة الواقع-الذين ذكروا هذا الكلم لم يَتصوّروا أ ّ
ي شهرٍ ول في س ِتسْرَار وذلك ل يُمكِن أن يَكون ل في اليوم الحادي مِن شوال بل ول مِن أ ّ ت ال ْفهو ل يَكون إل في وق ِ
س ِتسْرَار القمر ،فلو عَلِموا ذلك لَما ي شه ٍر آخَر ،فهو ل يَكون إل في حالة ا ْ حجّة بل ول مِن أ ّ اليوم العاشِر مِن شه ِر ذي ال ِ
ذَكروا هذه المسألةَ على الطلق ..هذا الذي نُريد أن نُنبّه عليه ".
100
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ولَمْ َيتَكَرر ذلك ف حياته صلوات ال وسلمه عليه ،كما ادّعى ذلك بعضُ أهل العلم و َذكَروا ِبَأنّه صلّى َمرّةً
بِرُكُوعيْن و َمرّة ِبثَلث و َمرّة بأربع وهكذا ..أقول :تلك الروايات ل َتثْبُت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
بِا ْستِْثنَاء رواية الرّكُو َعيْن ،ثُم ِإنّ تِلْك الرّوَايات ظَا ِهرَة جَِليَة ِبأَنّها حَ َدثَت ف مرّة واحدة وَليْسَت ف َمرّات مَتَعدّدة
حت نَقول " :إنّ ذَلك قد تَكرّر ف حياة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم " ،ومِن العْلُوم أنّه إذا كان الخرَجُ
واحدا فإنه ل يُمْكن أن َنقُول بالّتعَدّد بَل لبد مِن أن نأخذ بِالراجِح مِن تلك الروايات ،وليس هذا مِن باب زيادات
الثّقات-كما ادّعى ذلك بعضهم-وإنّما ذلك مِن باب الحفوظ والشاذ ،فالحفوظ تلك الروايات الت جاءتْ
بالركوعيْن ليْسَ إل ،ومَا ذَ َكرَهُ بعضُهم مِن أنه قد وقع ذلك ف مَكّة الكرمة فَ َذلِك ل يَثبت على الصحيح ،إذ إنّ
ذلك جاء مِن طريق ل َتقُوم بِهَا الجة ،وقول بعضهم " :إنه مِن الشاهَد أنه يَتكرّر ذلك ،ففي عدّة أعْوَام ف مُدّة
أَقصَر مِن الدّة الت عاشها النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-فكيف يُمكن أن ُننْكِر أن يَكُون حَ َدثَ ذَلِك ف أكثر
مِن مرّة ف خلل ثلث وعشرين َسنَة أو على أَقَل َتقْدِير ف خلل عشر سنوات الت بَقِي فيها النب ف الدينة " ..
أَقُول :هذا كلمٌ مردود ،لنّ هذه الصلة لَمْ تكن مشروعة ف بِدَايَة المر وإنّما ُشرِ َعتْ ف السنة الت مات فيها
إبراهيم ابن النبَ -ورَضيَ عنه-فمشروعية هذه الصلة ُمتَأَخّرة جدا وذلك لَمْ يَح ُدثْ إل مرّة واحدة بعد أن
شُرِعَت هذه الصلة فبِ َذلِك َيتََبيّن الصّوَاب ف هذه القضية وإل هذا الكلم لو كانت هذه الصلة مشروعة مِن بِدَايَة
شرَع إل ف وَ ْقتٍ ُمَتأَخّر
الجرة-مثل-كَان َمقْبُول ،لنه مِن الستبعَد جدًا ألّ َيحْدُث ذَلِك ولكن َنظَرًا إل أنّها لَمْ تُ ْ
جِدّا فإنّ هذا الكلم َم ْردُود ،ث إنّ َمخْرج الرّوَايَات-كما قلتُُ -متّحِد فل يُمكن أن نَقول بِتَ َكرّر ذِلك لِلنب صلى ال
عليه وعلى آله وسلم ،فإذن الفضل أن يَّتبِع النسان السنّة الصحيحة الثابتة عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
وأن يُصلي ركعتي وأن تَكُون هذه الصلة جاعة بِالنّسبة للرجال ،أمّا النّساء فِإذَا َخرَ ْجنَ مِن َغيْر أن َيخْرجن
مَُتَبرّجَات ِبزِينَة ولَمْ َيخْتَِل ْطنَ بِالرّجال فل مانع مِن الصلة مَعَ الرّجال.
هذه الصّلة يأت بِهَا الصلي على ال َكيْ ِفيَة التَالِية:
َ-1بعْدَ تكبية الحرام َي ْقرَأُ سورة الفاتة 1ث يأت بسورة طويلة ولو أمكن أن يكون ذلك كسورة البقرة فذلك هو
الثّابت ..ل أقول " :الثابت أن يأت بِالسورة نفسها "-إذ إنّ الرواية ل دليل فيها على ذلك-وإنّما يأت بِمثل ذلك
القدار.
-2ث َيرْكَع وُيطِيل ف الركوع يُ َكرّر قَوْل " :سبحان رَبّيَ العظيم " ..يطيل الركوع جِدّا.2
-3ثُم َيقُومُ وُيطِيل ف ِقيَامه ثُم يقرأ ،واختلَفوا ماذا يَقرأ ف هذا الوقت ؟
مِنهم مَن قال :يَأتِي بِفاتة الكتاب ويقرأ شيئا كثيا مِن القرآن ولكن يَكونُ أقصر مِن الذي أتى به قبل هذا الركوع.
ومِنهم مَن قال :إنه ل يَأتِي بفاتة الكتاب بل يَشرَع ف قراءة السورة مباشَرة.
-1قال الشيخ عند جوابه على السؤال 13مِن حلقة 14رمضان 1424هـ ( 9نوفمبر 2003م )ُ " :ي َكبّ ُر الحرام ثُم
يَستعيذُ-كما هو معلوم-ويَقرأُ الفاتِحة ." ...
-2قال الشيخ عند جوابه على السؤال 13مِن حلقة 14رمضان 1424هـ ( 9نوفمبر 2003م )ُ " :ي ْكثِر فيه مِن التسبيح
ل كثيرا في ذلك ".
ث مرات أو بِخمس أو بِعشْر بل يُطِي ُ ن يَكتفِي بِثل ِ
ل لأ ْ
101
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وليس هنالك دليل واضِح يَدلّ على واحدٍ مِن المريْن وإن كان القول بِأنه ل يأت بِفاتة الكتاب له وجه ل َبأْسَ بِه
ضحٌ ف السنّة أبدا.ولكن َليْسَ هنالك نَصّ وَا ِ
ُ-4يطِيل ف القراءة ث يَركَع وُيطِيل ف الركوع ولكن يَكون أقل مِمّا صنعه ف الركوع السابق.
-5ث يقوم ويطيل ف قيامه ويكون ذلك أقل مِن القِيَام السابق.
-6ث يسجد ويطيل ف ُسجُودِه.
-7ث يقوم ويأت بالركعة الثانية ..يأت بِهَا كالركعة السّابقة إل أنّ ِقرَاءَتِه تكون أقل مِن ِقرَا ِءتِه ف الرّكعة السّابِقَة.1
حثّ الناس على التّ ْوبَة إل ال-تبارك خَتصَرَة ُيبَيّن فِيهَا هَذَا المر وَي ُ
خ ْطبَة ُم ْ
صلَتَه 2ث يأت بِ ُ
-8ث بعد َذلِك يَْنتَهِي مِن َ
لنّة ومَا أعدّه ال فِيها ِلعِبَادِه التقي ويَُبيّن لَهُمْ النار والعياذ بال-تبارك-مِنها ومِمّا وتعال-وُيبَيّن لَهُمْ ا َ
شرَع لِلنّاس يقرب إَليْهَا ومَا تَوَعّدَ ال-تبارك وتعالِ-بهِ ِعبَادَه الج ِرمِي ويَدعُو الناس إل التوبة والرّجُوع إل ال ،ويُ ْ
سّبحُوه وأن َيبْتَ ِهلُوا إليْه وأن َيتَصَدّقُوا كما ثبت ذلك ف َبعْضِ الحاديث أنّ النب-صلى ال أن يَ ْذ ُكرُوا ال وأن يُ َ
صلَة صلَة الكُسُوفِ و َهكَذَا يَكُونُ-أيضا-المر فِي َ صرَة ِل َختَ َ
صفَة ال ْ
عليه وعلى آله وسلمَ-أ َمرَ بِال ِعتْق ،فهذه هِيَ ال ّ
خُسُوفِ القَمَر.
وَقَد اختلَف العُلَمَاء ف القراءة َهلْ تَكُون ِسرًا أو تَكُون َج ْهرًا ؟ أيْ هَلَ-1 :يقْرأ المام جَ ْهرًا كما يَجْ َهرُ ف الركعتي
صلَة الستِسْقَاء -2أو َأنّه يُسِر القراءة الولََييْن مِن الغرب والعشاء وف فريضة ال َفجْر وف صلة المعة والعِيد وف َ
ل ذلك في -1قال الشيخ عند جوابه على السؤال 13مِن حلقة 14رمضان 1424هـ ( 9نوفمبر 2003م ) " :ويَصنع مث َ
ن ذلك يَكون أقَل ..أي تَكون الركعة الثانية أَقصَر مِن الركعةِ الولى ،فتَكون القراءة الولى التي هي الركع ِة الثانية ،ولك ّ
قبل الركوع الوّل أ ْقصَر مِن القراءة التي تكون بعد الركوع الوّل مِن الركعة الولى ..هذا ما يظهر لي.
ثُم يَركَع على حسبِ ما وصفناه ويَكون ركوعه أَقصَر مِن الركوع الذي ذكرناه سابقا والثاني أَقصَر مِن الوّل كما
أشرت.
ثُم يَقوم ويَقرأُ الفاتِحةَ وسورةً أو مَجموع ًة مِن اليات أَقصَر ِممّا جاء بِه قبلَ ذلك ،وهكذا على حسب ما وصفناه ،فهذه
ححَه المام السالمي-رحمه ال-أو ل قد ذَهَبَ إليه جماع ٌة مِن أهلِ العلم ،وص ّ الروايةُ هي الرواية الصحيحة ،وهذا القو ُ
رجّحَه في شرح " الجامع " [ ج ،1ص ] 284والمعنَى واحد.
ح السناد ويَكون الـمتْن شاذّا ،وهذا هو أما بَقي ُة الروايات فهي إمّا ضعيفةُ السند أو ضعيفةُ المتن ،ومِن المعلوم أنّه قد يَصِ ّ
ت بِخلفِ هذه الرواية ل َت ْثبُت مِن ل تلك الروايات التي جاء ْ الواقِع الذي ليس له مِن دافِع في بعضِ هذه الروايات ،فك ّ
ت أسانيدُ بعضِها. جهة مُتونِها وإن َث َبتَ ْ
خيّر َبيْن هذه المور فذلك ِممّا ل يَنبغِي لحدٍ أن يَقول بِه لِما ن النسان ُم َ أما ما َذ َكرَه بعضُهم مِن صِحّةِ الروايات وأ ّ
ل بِه أح ٌد ..هذا ما
ن ذلك ُم ّتحِد فهذا ِممّا ل يُمكِن أن يَقو َ
ذكرناه مِن أنّ القضية واحدة ..لو َت َع ّددَ ذلك لكان مُمكِنا أمّا وأ ّ
يَنبغِي أن يُقَال ".
-2قال الشيخ عند جوابه على السؤال 13مِن حلقة 14رمضان 1424هـ ( 9نوفمبر 2003م ) " :بَ ِقيَ أنّه هل يُشرَع
لِلنسانِ أن يَخطبَ خطب ًة بعد ذلك أو ل ؟ في ذلك خلف بيْن أهل العلم:
مِنهم مَن قال :يُشرَع ذلك.
ومِنهم مَن قال بِعدم مشروعي ِة ذلك.
والذين قالوا بِمشروعي ِة الخطبة اختلَفوا:
قيل :يَخطب خطبتيْن.
وقيل :يَخطب خطبةً واحدة ،وهو الصحيح ،إذْ إنّه ل يُشرَع لِلنسانِ أن يَخطب خطبتيْن إل لِلجمعة ،أما بِالنسبة إلى
حسَن يدُلّ على مشروعي ِة الخطبتيْن الكسوف والخسوف والزّ ْلزَلة وما شابه ذلك ...فإنّه لَم َي ِر ْد حديثٌ صحيح ثابِت ول َ
".
102
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
سرّ ف النهار وَيجْ َهرُ ف اللّيل ؟ هِذِهِ القوال موجودة عند أهل العلم، -3أو أنه يُخيّر بيْن السرار والَهْر -4أو أنّه يُ ِ
صلَة الكُسُوف أو ف وَأرْ َجحُ تلك القوال ِعنْدِي ُهوَ َق ْولُ َمنْ قَال " :إنّ المام َيجْ َهرُ بِال ِقرَاءَة سَوَاءً كان ذَلِك ف َ
صلة السوف " َوأَُفرّق َبيْنَهُمَا مِن أجل اليضاح والبيان َ ..هذَا ُهوَ الذي يَظهَر ل مِن أقَوَال أَ ْهلِ العِلم ف ِهذِهِ
ضيَة ،فإذن هَذِه هِي َكْيفِيَة الصلة.ال َق ِ
خسُوف ولكن قَرّر أهْل الفَلَك بِأَنّه يَقع في هَذِه
يَسأل كثير مِن النّاس-مثلَ -لوْ مَنَ َع مَانِع مِن ُرؤْيَة ال ُكسُوف أو ال ُ
الساعة َهلْ ُيشْ َرعُ لَنَا أن نَأْتِي ِبهَذِ ِه الصلة أو ل ُيشْرَع ذَلِك ؟
نَقُول :ل يُشرَع ذلك ،لنه أ ْمرٌ ُمعَلّق بِرؤيةِ ذلك ،فإذا رأيناه فإنه يُشرَع ذلك ف حقّنا ،وإن لَمْ نر ذلك فإنه ل يُشرَع
ذلك ف حقّنا كما قرّرنا ذلك-أيضا-ف قضية رؤية القمر.1
شرَع لنا أن َنصُوم وإنّمَا نَصُومُ إذا رََأيْنَاه ،نعم .. فإذا قرّر-مثل-الفلك بأنه تُمكن رؤية اللل ولكننا لَمْ نَره فإنه ل يُ ْ
ل َمكَ
إذا َقرّرُوا بِأنّه ل يُمْكِن َذلِك أبَدًا وبَعدَ ذلك ادّعى بَعْضُ الناس ِبأَنّه رَآه فِإنّنَا ل َن ْقبَل ِمنْه ذَلِك وَنقُول :إنّ َك َ
هَذَا ُمخَالِف لِهَذا العِلم الثابت التقرّر فتردّ شهادته بِذلك ف هذه القضية.
صّليْن ف البيت ف َذلِك أَ ْفضَل كَمَا هَو الال فإذن الصلة مشروعة ف حقّ الرجال وف حقّ النساء ..النساء إذا َ
بِالنسبة إل َبقِية الصلوات ،وأمّا بِالنسبة إل الرّجَال فالفضل لَهُمْ أن يكون ذلك ف السْجد.
وهذه الصلة مِمّا اختلَف أهل العلم فيها:
-1مِنهم مَن قال " :هي سنّة " ،وقد حكى غي واحد مِن أهل العلم اتّفاق أهل العلم على ذلك.
-2ومِنهم مَن قال :هي واجبة.
-3ومِنهم مَن قال :هي مِن الواجبات على الكفايات وليست مِن الواجبات العينية؛ وهذا القول لَه َنصِيب مِن النظر.
َومَهْمَا كان فَهِي تَدُور َبيْن الواجب الكفائي وبيْن السنّة الؤكدة ،لِحثّ النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فل
ينبغي لحد أن يَتَهَاوَن بذلك.
كما أنه ل ينبغي لحد أن يُخالف السنّة بِالختصار ف القراءة ،وكثي مِن الناس يَتعلّلون بِأنّهم يُصلّون بِبعضِ
الضّعاف وما شابه ذلك ..نقول :الضعيف والذي ل قَ ْدرَةَ لَه ل يَنْبغي له أن يُعكّر على الماعة فبِإمكانه أن يُصلّي
سنّة النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-فَهَذِهِ الصلة ل يُشترَط هو ف بيته أو ما شابه ذلك وليَترُك الماعة تأتِي بِ ُ
فيها بِأن تَكُون ف الماعة وإنّما ل ينبغي التّخلف عن الماعة إل إذَا كَانَ هُنالِك عُذر ،فإذن ينبغي التيان بِالسنّة
كما ثبتت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
بعضُ الناس-أيْضا-يسأل َوَيقُول :إذا انتهى الكُسُوف أو السوف وَ َل ِزْلنَا ف الصلة ،ماذا نفعل ؟ نقولَ :يخْتصِر
ص َفةٍ ُمخَْتصَرَة؛ وال-تبارك وتعال-أعلم. خرُج مِنها بعد النتهاء مِنها بعد أن َيأْت بِهَا بِ َ النسان صلتَه جِدًا ث َي ْ
كذلك َيسْ َأ ُل َبعْضُ الناسَ :ل ْو وَ َقعَت هِذِ ِه القَضِيَة بعد صلة العصر مثلَ ،هلْ نُصَلِي أو ل ؟
-1عند الجواب على السؤال 1مِن حلقة 16رمضان 1423هـ ( 22نوفمبر 2002م ).
103
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
نقولِ :هذِهِ الصلة مِن الصلوات السببية والصحيح ف الصلوات السببية أنه يُؤتَى بِهَا ،فإذا وقع ذلك ف وقتٍ تُكرَه
الصلة فيه فإنه ل مانع مِن الصلة بل تُشرَع الصلة ف ذلك الوقت لنا مِن الصلوات السببية والصلوات السببية
ثبت ف سنّة النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-الصحيحة الثابتة عَنه بِأنّه يُ ْؤتَى بِهَا حت ف الوقات الت تُ ْكرَهُ فِيها
حرُم فِيها الصلة. الصلة وإنّما ل يُؤْتَى بِهَا ف الوقات التِي َت ْ
بعضُ النّاس-أْيضًا-يسأل أنه إذا َغ َربَ القَمَر أو الشمس ف حالة الكُسوف ،هل نُصَلّي ف ذلك الوقت أو ل ؟ نقول:
جرّد غُروب الشمس أو غروب القمر فإنه ل تُشرع الصلة ولو غرب وهو ف حالة كسوف أو خسوف. ل ،بِ ُم َ
فَلُينَْتبَه لِهَذِه السائل ،وَ ُهنَالك مسائل متعدّدة تتعلّق بِهَذِهِ الصلة فإن أردت أو أراد بعضُ السائلي أن يَطرَح شيئا مِنها
فل بأس ،ومعذرة فإنن قد نَبّ ْهتُ على مَسَائِل مَُتعَدّدة لَمْ َت ْطرَحُوهَا لظن ِبَأنّكم تريدون التنبيه عَلَيها؛ وال أعلم.
س :هل تشترط فيها الجماعة بِالنّسبة للرجال ؟
شرُوط " وإنّما ذلك مِن السنن الثابتة الت ل ينبغي للنسان أنْ يَْترُكها.
ج :ل نَقول " :إنّ ذلك مِن ال ّ
لكن مَن كَانَ يَضِيق عليه الوقوف-مثل-ويشقّ عليه-أيضا مثل-اللوس ول يستطيع فيَطلب مِن المام بِأن يُصلّي
صلةً مُختصَرة مِن أجل أن يُصلّي هو معهم ..نقول :ل ،ل ينبغي لك ذلك ..صلّ بِنفسِك إذا كنتَ ل تستطيع
وإل فَا ْجلِس ول مانع ما ُدمْت ل تستطيع على ال ِقيَام ،وإل فالماعة يَنَبغِي لَهَا أن ُتطِيل كما فعل النب صلى ال عليه
وعلى آله وصحبه وسلم.
س :بِالنّسبة للستدراك فيها ؟
ج :نعم ،الستدراك فيها مشروع.
س :ويكون عَلَى نفس كيفية المام ؟
ج :ويقضي على حَسْب ما فعله المام ،فل ينبغي للمأموم أن يُخالِف إمامَه ،فلو قدّرنا أنّ المام يأخذ بِرأيِ مَن
يَقول بِالركعتي ..أي أن يَأتِيَ ف كل ركعةٍ بِركوع واحد ل يَنبغي لِلمأموم إذا قَامَ َي ْقضِي َي ْأتِي ِبخِلف تِ ْلكَ الصلة
لنه يَقضي ما فعله ذلك المام َف ْليَقْضِ على حسب ما أتى به المام وإن كان الصّوَاب الذي ُنرْشِدُ إليْه بِأن يَأت ف
كل ركعة بِركوعي 1كما ثبت ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
وهناك مسألة أحبّ أن أُنبه عليها-أيضا-وهو أنّ كثيا مِن الناس-وخاصّة مِن العامّة وطبعا ل يقع إل مِن العَامّة-
سنّة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم. صلَ لَه َبلْ هُو ُمخَالِف لِ ُ
يقومون بِضربِ الطبول وما شابه ذلك ..هذا ل َأ ْ
كما أنن ُأرِيد-أيضا-أن ُأنَبّه إل أنّه وإن ُكنّا نَ ْع ِرفُ ما هو السّبب ف وقوع الكسوف والسوف ل ينبغي لنا أن
نتهاون ف هذا المر ،فالنب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-لَمْ يتهاون بذلك َ ..كلّ بَل َخ َرجَ َفزِعًا َمرْعُوبًا صلوات
ال وسلمه عليه وعلى آله وصحبه وإن كَانَ ُهنَاك-مثلَ-أمْر واضح لِمثل هذه المور لكن هنالك-أيضا-أمرٌ شَرْعِي
َلبُد مِن ُمرَاعَاتِه ،فقد َتقَع هَذِه السباب ف الكون على حسب السنّة الكَوْنية ولكن لبد-أيضا-مِن مراعاة المرِ
الشرعي فقد يكون والعياذ بال-تبارك وتعال-ذلك مُق ّدمَةً ِليَ ْومِ القيامة وطبعا لبد مِن وُقُوعِ يَ ْومَ القيامة-كما هو
-1قال الشيخ " :ركعتين " بدل مِن " ركوعين " وهو سبق لسان.
104
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
معروف-والدلّة قد نَادَت بِأنّه َقرِيب فلبد مِن ملحظةِ هذا المر وألّ نتّخذ هذا أمرا عاديا ..مثل قال الفلكيون
ِبأَنّه يقع كذا وكذا و َد َرسْنَا-مثل-ف علوم الفلك بِأنّ السبب كذا وكذا فإذن َنعْتَب ذلك أ ْمرًا عَادِيًا ..كلّ ،عندما
َتحْدُث هَذِه الوادث مِن كسوف أو خسوف أو مِن وُقُوعِ زلزلة أو َبرَاكِي أو ِريَاح عَاتِية أو مَا شَابَه ذلك فإنه وإن
كنا-مثلَ-نعْرِف شيئا ما عن هذه السباب لكن لبد مِن ُمرَاعَاة تلك السباب الت رَاعَاهَا النب-صلى ال عليه وعلى
آله وسلم-ولبد مِن الوف وال َوجَل وال َفزَع مِن مِثْل هِ ِذهِ ا ُلمُور الت ل يَدْرِي النسان ما َيحْدُث لِهَذِه الرض ف
هذه الحوال وف غي هذه الحوال ،فكثي مِن الناس الن مع تقدم هذه العُلُوم رَأَوْا هَذِه المور أمورا عادية ول
شَتغِل ِبأُمُورِه ول
يهتمّون بِها َ ..تجِد الوَاحد يقول " :يَحدث كَذَا ويَحدث كَذَا " و ِعنْدَما يَحدث كذا َتجِدُه مُ ْ
يُبَالِي بِمثل هَذِه ا ُلمُور ..الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-مَا كَانت َتخْفَى عليه هذه المور ومع ذلك-كما
قلتُ-خرج فزعا صلوات ال وسلمه عليه خَاِئفًا مِن العقوبة فعلينا أن نتّعظ وأن نعتبِر بِمثل َهذِه المور وأن نَ ِقفَ
وقفة مع الّنفْس لِمُحاسبتها ف مثل هذه الوادث وألّ َنتّخِذها أمرا عاديا عابِرا؛ وال-تبارك وتعال-ول العانة
والتوفيق.
-1عند الجواب على السؤال 1مِن حلقة 26رمضان 1425هـ ( يوافقه 10نوفمبر 2004م ).
106
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ش َرعُ عند الروج إل ُمصَلّى العِيد ،أمّا ما عَدَا ذلك َفلَمْ يَثبت ،فهذا القول الثار بل الصحيح الثابت هو ما جاء بِأنه يُ ْ
شرَع-كما قلتُ-عند الروج إل ش َرعُ التكبي فيها وإنّمَا يُ ْ الذي نراه ،وعليه فإنّ ليلةَ العيد-أي على هذا القول-ل يُ ْ
الـمُصلى.
وقد اختلَف العلماء ف ُحكْمِ هذا التكبي:
-1منهم مَن قال :إنّه فريضة ..أي َأنّه واجب ف اللّيلِ.
ستَمِر إل صلة العيد ،ومنهم مَن قال :إنّه ِمنْ بداية الروج إل الصلى كما -2و ِمنْهم مَن قال :إنه ُسنّة ،مِن الليل ويَ ْ
قدمنا.
شرُو ِعيِّتهِ ف عيد الفطر البارك.
-3ومنهم مَن قال بعَ َدمِ مَ ْ
حتّمَات و-أيضا-ليس ِمنَ الـمَ ْكرُوهَات أو ما والقول الوسط هو القول الصحيح ،فهو ليس مِن الواجبات الـ ُمَت َ
شابه ذلك وإنّما هو ُسنّة مِن السنن ل يَنبغي التفريط فيها بِحال.
ختَِلفَة وال ُكلّ ل بأس به بِمشيئة ال: وكيفية هذا التّ ْكبِي لَم يَرِد فيها نَصّ صريح وإنّما ُهنَالِك للعلماء َكْيفِيّات ُم ْ
فمنهم مَن يَقول :يُ َكبّر تكبيتي قبل التهليل يَقول " :ال أكب ال أكب ل إله إل ال وال أكب ول المد ".
ومنهم مَن يَقول :يُ َكبّر ثلثا سردا " :ال أكب ال أكب ال أكب ".
خ ْطبُ سهل بِحمد ال تبارك وتعال َ ..منْ فعل هذا فل بأس عليه و َمنْ فعل هذا فل بأس عليه والكل فيه خي والـ َ
بِمشيئة ال تبارك وتعال.
وقد اختلَف العلماء-أيضا-ف التكبي ف العيديْن أيّهُما آكَد:
مِنْهُم مَن قال :إنّ التكبي لعيد الفطر آكَد.
ومِنهم مَن قال بعكس ذلك.
ومِنهم مَن قال :ها سواء.
وليس هنالك دليل واضِح ف السألة وعلى تقدير وجودِه فهو ُمحْتَمِل ،و-على كل حال-ينبغي التيان بذلك ول
داعي-فِيمَا أرى-إل ترجيح واحد مِن هذه القوال وإنّما الطلوب الفعل ف كِ ْلتَا الالَتيْن؛ وال-تبارك وتعال-ول
التوفيق.
س :بالنسبة للغتسال في يوم العيد ،ما حكمه ؟ وهل يُمكن أن يكون ذلك قبل الفجر ؟
ج :الغتسال يومَ العيد وردت فيه بعضُ الحاديث الت ُترْفَعُ إل النب ول يَصِح شيءٌ مِن ذلك ،وإنّما جاءت
سقِيم ،فالظاهر أنّ هذا الغتسال ثابت ،و-أيضا-
روايات مَُتعَ ّددَة عن صحابة رسول ال منها الصحيح ومنها ال ّ
قَا َسهُ بعضُ العلماء على الغتسال ليوم المعة وهو ِقيَاسٌ ل بأس به ولكنّ القوى هو ما جاء عن الصحابة رضوان
ال-تبارك وتعال-عليهم ،فالظاهر أنّهُم قد أخذوا ذلك عن النب صلوات ال وسلمه عليه.
وقد اختلَف العلماء ف الوقت:
مِنْهم مَن قال :يَكُون بعد طلوع الفجر.
107
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
صفِ الليل.
ومنهم مَن قال :يكون حت ف الليل ويكون ذلك بعد مُْنتَ َ
و-على كُلَ -ك ْوُنهُ بعد طلوع الفجر أمرٌ ُمتّفَق عليه ف َمنْ أمكنه ذلك فذلك هو الوْل والحوط ومَن لَم يُمْكِنه
ذلك لُِبعْدِ َبيِْتهِ-مثل-مِن ُمصَلّى العيد أو لنّ البيت الذي هو فيه فيه جاعة كبية مِن الناس وقد يكون مَ ْوضِعُ
الغتسال واحدا أو ما شابه ذلك وإذا اغتسلت الماعة ُكلّهَا ف ذلك الوقت تأ ّخرُوا جِدا أو َأّنهُ قد َتفُوتُهُم صلة
سلَ َبعْضُهُم العيد أو َي ْغتَسل بعضهم دون بعض أو ما شابه ذلك فهاهنا ل بأس بشيئة ال-تبارك وتعالِ -منْ َأنْ َيغْتَ ِ
سلُ-إذن-ثابت ول ينبغي ولو كان ذلك َقْبلَ طلوع الفجر ولكن ل ينبغي أن يكون ذلك قبل منتصف الليل ،فالغُ ْ
التفريط فيه.
سنّ ُلبْسُ اللبِس السنة الميلة حت يكون السلم ف أحسن صورة وأجْمَل َهيْأَة ف هذا اليوم واسَْتثْنَى و-كذلك-يُ َ
بعضُ العلماء العتكف فقالوا :الوْل أن َيخْرُج ف ثيابه الت اعتكف فيها ،و ِمنْهُم َمنْ أخذ ذلك مِن حال الشهيد
حيث إنه يُ َك ّفنُ ف ثيابه ،وهذا قياس باطل ل يصح ،ذلك لنّ الشهيد يُْب َعثُ يوم القيامة بشيئة ال تبارك وتعال ..
يُْب َعثُ وَجُرحُه َيْثعَبُ دَما بسبب تلك الشهادة لَ ْونُه لَوْن الدم ورِيـحُه ريح السك وليس كذلك بالنسبة إل
العتكف ،ثُم إ ّن ثياب العتكف لَم يكن ذلك الوسخ الذي فيها بسبب العتكاف وإنّما كان ذلك بسبب إطالة لُبْسِهَا
بذلك ،وعلى تقدير أنّ ذلك كان بسبب عدم خروجه مِن ُمعْتَ َكفِه أو ما شابه ذلك فإنّ ذلك ل يكفي ،ثُم إنّ السنّة
شرِسنَ الّثيَاب وهو كان صلوات ال وسلمه عليه يَ ْعتَكِف ف العَ ْ الصحيحة دالّة على أنّ النب كان يَ ْلبَسُ أَحْ َ
الخية ِمنْ شَ ْهرِ رمضان ،وإذن ل داعي لِ ِمْثلِ ذلك القياس لِمخالفته للصحيح الثابت.
سنّ الطّيبُ وهو وِإنْ كان لَم َيرِدْ َمرْفُوعا إل النب مِن طريق صحيحة ولكنه جاء عن بعض الصحابة ثُمّ وكذلك يُ َ
حبّ أن َيظْ َهرَ أمام الناس ف مثل هذه الـمَواطن وهو ف أحسن حال وأحسن رائحة إنّ النب كان ِمنْ حاله أّنهُ ُي ِ
فل ينبغي التفريط بذلك.
وكذلك بالنسبة إل السّواك بل هو مطلوب عند كل صلة كما جاء ذلك ف الديث عن النب .
صرَ َش ْعرَ شَا ِربِه وأن-أيضاُ-يقَصّر أظافره ،فإن كان هو خ ُرجُ للعيد ينبغي له أن ُيقَ ّ وقال بعض العلماء :إنّ الذي َي ْ
باجة إل ذلك فنعم أما إن ل يكن له حاجة إل ذلك ..أي لَمْ يكن َش ْعرُ شَارِبِه طويل ولَمْ تكن أظافره طويلة فإنه
ل علقة للعيد بذلك كما هو الال بالنسبة إل المعة.
شرَعُ لصلة العيد ..هذا ما َنصّت عليه طائفة ِمنْ أهل التحقيق مِن ش َرعُ لِصلة المعة فإنّه يُ ْ والاصل َأنّ ُكلّ ما يُ ْ
أهل العلم ،وهو كلم واضح ل ُغبَارَ عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال.
و-كذلك-نَصّ العلماء بِأنّ الناس ينبغي لَهم أن يأتوا إل ُمصَلى العيد ولَوْ كان ذلك مِن مسافة شَاسِعَة ،وما جاء مِن
اللف ف صلة المعة فهو كذلك ف صلة العيد ،منهم مَن قال :إنّ على الناس أن يَخرجوا إل السافة الت يُسْمَع
فيها الذان لسائر الصلوات-وإن لَمْ يكن لصلة العيد أذان كما هو معروف-وذلك يُقَ ّدرُ ِبفَ ْرسَخ ،ولكنّ الناس-
للسف الشديد-يتساهلون بِهذا المر وتَجد كلّ أصحاب بلدة ُيصَلّونَ ف بلدتِهِم و-كذلك-تد كثيا مِن أهل
البادية ُيصَلّون ف باديتهم ،وهذا ُمخَالِف لِهَدي النب-صلوات ال وسلمه عليه-ولِهَ ْديِ صحابته-رضوان ال تبارك
108
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وتعال عليهم-فينبغي الجتماع ِمنْ أجل وحدة الكلمة و َرصّ الصف حت يظهر السلمون وهم بِحمد ال-تبارك
وتعال-جاعة واحدة َفَأدْعُو ِإلَى العمل بِمِْثلِ هذه الشعية؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
صوْتٍ واحد إلى أن يَصِلُوا إلى مصلى
سنّ أن يَكون التكبير جماعيا ..يعني َيخْرج الناس لِ ُيكَبّروا بِ َ
س :هل ُي َ
العيد ؟
ج :الصل أنّ ُكلّ واحِد يُ َكّبرُ بنفسه ..كل واحِدٍ يُ َكّبرُ هو بنفسه ول حاجة إل أن يُكبّر شخص وَت ُردّ الـمجموعة
بَعْدَه ول َشكّ بأنّه عندما يُ َكبّر الناس جيعا سيكون بعضهم ُمَتقَدّما وبعضهم متأخّرا وقد تكون الجموعة إذا كانت
قليلة ..يكون صوتُها واحدا فإذن ل داعي لن يقرأ أحدهم التكبي والبَ ِقيّة ُتتَابِعُه وإنْ ُكنّا ل نقول " :إنّ ذلك مِن
المور المنوعة " ولكننا نقول :إنّ ذلك ل يثبت وما دام غي ثابت فالوْل أن يكون العمل على حسب ما جاء ف
ال ِدلّة الت أشرنا إليها سابقا .وال أعلم.
ويُمكن أن يكون ذلك لِهذه العان كلها أو لبعضها ،فإنه ليس هنالك نصّ صريح يدل على واحد مِن هذه المور
ولكن مهما كان ينبغي عدم التفريط ف ذلك عندما يكون ذلك مُمْكنا ،أما إذا كان ذلك ل يُمكن لبعض الناس
وذلك عندما يَخرجون على السيارات إذ إنّه قد ل يتيسر لم وجود طريقي يَخرجون ف واحد ويرجعون ف الطريق
الثان فل بأس عليهم بشيئة ال تبارك وتعال ،ثُمّ إّننَا لو َعلِمْنا العِلّة الت خرج منها النب فعلى تقدير أنه أراد أنّ
ذلك مِن أجل أن يَمر على الفقراء أو مِن أجل السلم على أصحابه أو ما شابه ذلك فإذا كان أحد الطريقي ل يوجد
شعَار ،ولكن-كما قلتُ-المر ف هذه أحد فيه ف بعض الناطق فإنّه ل حاجة لِمثل ذلك ،وهكذا بالنسبة إل ال ّ
حتَمِل وليس هنالك دليل واضح فيها وإنّما هي احتمالت ،وما دام النب َف َعلَ ذلك ويُمكن أن يكون مِن القضية ُم ْ
أجل أن يشْهَد له كل واحد مِن الطريقي فالي كل الي ف إتباعه صلوات ال وسلمه عليه.
هذا وقد ذهب بعضُ أهل العلم إل أنّه ُيقَاسُ على هذه القضية الذهاب إل صلة المعة وعليه فعلى قولِهم ينبغي
الذهاب ف طريق والرجوع ف طريق آخَر ،وبعضُهم قاس عليه الصلوات المس فقال " :عندما يَخرج النسان الذي
يريد الذهاب إل السجد ينبغي له أن يذهب ف طريق ويرجع ف طريق آخر " ،ومنهم مَنْ َط َردَ ذَلك ف كل أعمال
الي والبِر فقال " :إذا ذهب لزيارة قريب أو ِعيَادَ ِة مريض أو ما شابه ذلك مِنْ أعمال الي ينبغي له أن يذهب ف
طريق ويرجع ف طريق آخر " ،ولعلّ هذا مبن على أنّ ذلك ِمنْ أجل أن يشهد له الطريقان ،ولكن مهما كان ل
ينبغي القياس ف مثل هذه القضية ..ينبغي أن نَ ْقَتصِرَ على ما ورد عليه النص وبعد ذلك إن شاء النسان أن يذهب
ف طريق ويرجع ف طريق آخَر أو يرجع ف الطريق الذي ذهب فيه فل بأس فيه بالنسبة لغي العيد إل إذا كانت
هنالك مصلحة كأن يَمُر على بعض أصحابه أو ما شابه ذلك ،وأما بالنسبة إل ذهابه صلوات ال وسلمه عليه إل
مكة الكرمة حيث إنّه دخل مِن طريق وخرج مِن طريق آخَر فعلى تقدير أنّ ذلك مِن السنن-كما ذهب إليه بعضُ
أهل العلم-فذلك-أيضاُ-يحْمَل على هذه القضية ،وأما بالنسبة إل رجوعه-أيضاِ -منْ عرفة ف غي الطريق الذي
ذهب إليه فبعضُ العلماء قال " :إنّ ذلك كان َأيْسَر عليه " ،و-على كُل-ل ينبغي َطرْدُ القياس ف مثل هذه القضايا
سنُون وإنّما يُ ْقَتصَر على ما ثبت به الدليل ..هذا ما أراه؛ والعلم عند ال سّنيّةِ أمرٍ وهو ليس بِمَ ْ
حت يَحكم النسان ب ُ
تبارك وتعال.
س :هل مِن السنّة أن يكون الذهاب إلى صلة العيد َمشْيا ؟ وإذا كان ذلك ،فماذا على مَن َركِب ؟
ج :نعم ،السنّة أن يَخرج النسان إل صلة العيد كما َف َعلَ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-حيثُ إنّه خرج
شقّ على النسان أن يَخرج وهو يَمشي يَمْشِي على َق َدمَيْه ولكن عندما يكون ذلك ُمتَيَسّرا أما إذا كان الكان بعيدا يَ ُ
فل بأس عليه بِمشيئة ال-تبارك وتعال-ف الركوب ،وكذلك إذا كان النسان ضعيفا أو مريضا أو ما شابه ذلك أو
شقّ عليهم الذهاب وهم يَمشون أو ل يُسَْتحْسَن منهم ذلك أو ما شابه أراد أن يأخذ معه بعض نساِئهِ وأولدِه الذين يَ ُ
ذلك فل بأس بِذلك بِمشيئة ال أما عندما يكون الشي ُمتَيَسّرا فل ينبغي أن ُيعْدَل إل غيه.
س :وماذا عن المرأة أيضا ..هل تَخرُج لِصلة العيد ؟
110
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :نعم ،هكذا ثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ف الديث الصحيح الثابت عنه ،فقد َأ َمرَ
ليّض بِأن يَخرُجن إل صلة العيد مع أنّهن صلوات ال وسلمه عليه النساء أن يَخرُجن لصلة العيد حت أنّه أمر ا ُ
ل يُصَلّي ف ذلك الوقت ِمنْ أجْل أن يَشهَ ْدنَ دعوة الي مع السلمي وأن يُ َكبّ ْرنَ بتكبيهم ،فالنساء ينبغي لَهن ذلك،
وقد اختلَف العلماء ف هذا الروج:
منهم مَن قال :إنه واجب .ومنهم مَن قال :إنه مستحب .ومنهم مَن قال :إنه مباح.
ومنهم مَن قال :إنه مكروه ..قالوا " :إنّ ذلك منسوخ " ،ول دليل على النسخ أبدا ..مَن ادّعَى النّسْخ فعليه أن
يَأتِيَ بالدليل ول سبيل له إليه البتّة.
ومنهم مَن قال :يُستحَب ف حقّ النساء الكبيات ،ومنهم مَن قال :يباح لنّ ،وهكذا بِالنسبة إل النساء اللت ل يكن
فيهنّ شيءٌ مِن المال ،أما بالنسبة إل النساء الصغيات ولسيما الميلت فهذا مِمّا ل ينبغي.
و-على كل حال-هذا ُمخَاِلفٌ لِنصّ الديث الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فالديث فيه الّتنْصِيص
على خروجِ الصّغار ،فل أدري لِمَاذا يُ ْؤتَى بِمثل هذه القوال الخالِفة لِحديثِ النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه
وسلم ،فالقول بِالكراهة قول ل وجهَ له ،والقول بالنسخ ل دليل عليه ،ول ينبغي لحد أن يَ ْلتَ ِفتَ إليه ،وهكذا بالنسبة
إل القول بالباحة أو بالتخصيص بكبيات السن ومَن كان حالُه كحالِهِن ،فهذه القوال مِمّا ل ينبغي أن يُ ْلَت َفتَ إليها
خرُجْن بزينةٍ أو بِعطرٍ أو ما شابه ذلك والزينةُ شاملة لكل شيءٍ شرْط ألّ َي ْ
بل ينبغي المرُ بِذلك كما َأ َمرَ به النب بِ َ
ش ْرطِ ألّ َيخْرُ ْجنَ مَُتزَّينَات، سواءً كانت زينة بُِلبْسِ الثياب الفاخِرة أو بِاستعمال العطور أو ما شابه ذلك ..الاصل بِ َ
سنَة فهذا مِمّا ُينْهَى َعنْهُ َأشَدّ النّهي ،فهو ُمخَاِلفٌ لِلسنّة أما مَن خَرجت ُمتَ َزيّنَة ُمتَ َع ّطرَة أو ما شابه ذلك أو ف حالةٍ حَ َ
خرُج الرأة-كما َأ َمرَها النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم-غي ُمَتزَّينَة ولبِسَة اللباس مُخالَفةً صَارِخَة ،فإما أن َت ْ
الشرعي العروف الذي جاءتْ شروطُه ف سنّة النب وأرى الوقت ل يَسمَح ل بِذِكْر تلك الشروط جَميعا فَلعَّلنَا
خرُج الرأة ِمنْ بَْيتِها وقد تلتقي نَذْكُرها بِمشيئة ال ف مناسبةٍ أخرى فإنّ ذلك ليس خاصّا بالعيد بَلْ هو شامل عندما َت ْ
بشخصٍ أجنب منها ،فإذن إذا َخرَ َجتْ الرأة بلباسها الشرعي الذي يَصِحّ لَها أن َتخْ ُرجَ به عندما تَلتقي ِبأَحَد مِن
الجانب وذلك-طبعا-مع َمحَارِمها فذلك مِمّا يُ ْؤ َمرُ بِه ف السنّة سواءً كانت هذه الرأة ف حالةِ حيضٍ أو نفاس أو
كانت طاهرة لكن إذا كانت ف حالة حيض أو نفاس فإنّها ل تَشْهَد الصلة كما ثبت ذلك ف الديثِ عن النب-
صلوات ال وسلمه عليه-وإنّما تَشْ َهدُ الي ودعوةَ السلمي وُت َكبّر ِبتَ ْكبِيِهِم ..تُكَبّر-طبعا-ف نفسها َولَيْس
كالرجال الذين َيرْفَعُون أصواتَهُم؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
س :إذا لَم تَخرُج المرأة لِصلة العيد ،هل تُصلّيها في بيتها ؟
ج :الصل أن ُتصَلّى صلة العيد ف جَماعةِ السلمي كما ثبت ذلك عن النب-صلوات ال وسلمه عليه-ولكن إنْ لَم
تَخرج كما هو الال عند كثي من الناس ف هذا الزمان ..إن صَلّت ف بيتها ركعتي 1فل بأس بِمشيئة ال-تبارك
وتعال-لكن الصل أنّ الصلة تكون ف جاعة وأقصد بالصلة صلة العيد.
-1وفي ذلك تفصيل َذ َكرَه الشيخ عند جوابه على السؤال .9
111
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1عند الجواب على السؤال 1مِن حلقة 25رمضان 1425هـ ( يوافقه 9نوفمبر 2004م ).
112
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وليس هنالك دليلٌ صريح ف هذه القضية ،فإذا صلى ركعتي و َكبّر فيهما فل حرج عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال.
1وقع هنا-للسف-انقطاع لخلل أثناء إرساله مِن التلفزيون ،ويبدو أنه غير مؤثّر في جواب الشيخ -
-2وقع هنا-للسف-انقطاع لخلل أثناء إرساله مِن التلفزيون ،ويبدو أنه غير مؤثّر في جواب الشيخ.
113
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
يُتمّها وقد جاء ف بعض الحاديث أنّ النفل يُتَمّمُ به الفرض فإن كان هنالك نَقص وقع ف بعض الفرائض فإنّ ال
يوم القيامة بالنفل.
فل ينبغي لحد أن يتهاون بالنوافل ،ولسيما تلك الت ثبتت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
وقد سُئل بعض العلماء عمّن تاون بالنوافل الراتبة الؤكّدة الت جاءت عن النب فقال " :هو رجل سوء " وبيّن
بأنه ل يَقبَل له شهادة ،وسُئل بعض العلماء-أيضا-عمّن يَتهاون بالسنن الؤكّدة الثابتة عن النب فذكر رضوان
ال-تبارك وتعال-عليه أنّ ال-تبارك وتعال-أعلم به وهو مات يوم مات متهاونا بذه السنن الؤكّدة عن النب-صلى
ال عليه وعلى آله وسلم-وأنه يُخشى عليه مِن ذلك ،أو ما شابه هذا العن.1
فينبغي للنسان-إذن-أن يُحافِظ على تلك السنن الراتبة ويُحافِظ على تلك السنن الت كان يُحافِظ عليها النب مع
ص سنّة النب-صلى ال أنه-كما قلتُ قد َغفَر ال له ما تَقدّم مِن ذنبه وما تَأخّر ،بنصّ كتاب ال-تبارك وتعال-وبن ّ
عليه وعلى آله وسلم-الثابتة ثبوتا ل شك فيه.
وهذه السنن كثية ومتعدّدة مبثوثة ف كتب السنن.
وينبغي للنسان أن يُحافِظ عليها على حسب ما كان يُحافِظ عليها النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ..هكذا
ينبغي ف السنن بل حت ف الواجبات ..ينبغي للنسان أن يأت با على حسب ما كان يأت با النب ..يأت
بالواجبات وبالسنن على حسب ما كان يأت با النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ..يراعيها مِن حيث السبب،
ويراعيها مِن حيث النس ،ويراعيها مِن حيث العدد ،ويراعيها مِن حيث النوع ،ويراعيها مِن حيث الزمان ،ويراعيها
مِن حيث الكان ..يراعي هذه المور جيعا ،فيأت بعباداته على حسب ما كان النب-صلى ال عليه وعلى آله
وسلم-يأت با عليه ف المور الت ذكرناها جيعا ،وهي تتاج إل تفصيل طويل ،فلعل ال-تبارك وتعال-يَمنّ علينا
بأن نتكلم على هذه المور الستة بكلم أطول مِمّا هنا ونضرب على ذلك بعض المثلة الت َيتّضِح با القام؛ وال-
تبارك وتعال-الستعان.
س :نودّ منكم تعريفا للسنن المؤكدة ..ما هي السنن المؤكدة 2؟
ج :السنن منها ما هو مؤكّد ،ومنها ما هو راتب ،ومنها ما هو نفل مطلَق.
ف حضره وف سفره أما السنن الؤكّدة-وأتكلم الن على السنن ف باب الصلة-فهي الت كانت يأت با النب
ول يَثبت عنه أنه تركها ول مرة واحدة ف حياته.
-1وقد بيّن الشيخ مراد هؤلء العلماء عند جوابه على السؤال 4مِن حلقة 13رمضان 1425هـ يوافقه 28أكتوبر
2004م ).
طرِحَ
عدّل السؤال إذ ُ
ن الشيخ لم يتكلم عن السنن الرواتب في جوابه بل تكلم عن السنن المؤكدة فقط فإنه ُ -2نظرا إلى أ ّ
في الصل هكذا " :نو ّد منكم تعريفا للسنن الرواتب ..ما هي السنن الرواتب ؟ " ،مع العلم أنه تكلم عن الرواتب-بحمد
ال تعالى-عند جوابه على السؤال 1مِن حلقة 13رمضان 1425هـ ( يوافقه 28أكتوبر 2004م ).
114
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وذلك كمثل صلة سنّة الفجر ،فإنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ل يَتركها ل ف حضر ول ف سفر ،حت
أنه صلوات ال وسلمه عليه عندما نام هو وصحابته الكرام-رضوان ال تبارك وتعال عليهم-وقاموا بعد طلـوع
الشمس أتى بسنّة الفجر ث أتى بالفريضة.
وهكذا بالنسبة إل الوتر ،فإنه ل يَثبت عنه أنه تَركها البتّة.
حت أ ّن بعض العلماء قال بوجوب الوتر ،ومنهم مَن قال-أيضا-بوجوب سنّة الفجر.
ولكنّ القول الصحيح ف الوتر بأنه سنّة مؤكّدة ،ل يَصل إل مرتبة الوجوب.
أما بالنسبة إل سنّة الفجر فقد نُسِب إل السن البصري بأنه قال بوجوبا وكذلك جاء عن السن بن زياد أنّ المام
أبا حنيفة يقول بوجوب ذلك وأنا أشكّ ف ذلك كثيا ،أما بالنسبة إل المام أب حنيفة فإنّ الكثرية الكاثِرة مِن
أصحابه يَنسِبون إليه القول بأنا سنّة وليست بواجبة ..هذا هو الثابت عنه ،أما بالنسبة إل السن البصري فإنه ل
يُريد بالوجوب هاهنا الواجب الذي يُرادِف الفرض ،وإنا يُريد بذلك شِدّة التأكيد ،وهذا يَ ِردُ كثيا ف بعض الدلة
وف كلم بعض السلف ..يعبّرون بالواجب ول يُريدون بالواجب الواجب الذي هو يُرادِف الفرض ،وكما أنم
يعبّرون بالسنّة ول يريدون السنّة العروفة عند الفقهاء ،وإنا يريدون بأنّ ذلك ثابت بِالسنّة ،أو ما هو مشابِه لذلك،
فالصحيح عن السن البصري بِأنه يَقول " :إنّ سنّة الفجر سنّة " ول يَقول بِوجوبِها ..هذا الذي ثبت عنه ،وإنا عبّر
بِالواجب وهو ل يريد بِذلك الوجوب العروف.
ونن علينا أن نتدبر عندما نَجد شيئا مِن الصطلحات الادِثة ..عندما نَجد هذه الصطلحات موجودة ف كتاب ال
أو ف سنّة رسوله أو ف كلم بعض السلف مِن الصحابة والتابعي ..أقول :علينا أن نتدبّر جيدا وألّ نَحمِل تلك
اليات أو تلك الحاديث أو ذلك الكلم الروي عن السلف على حسب هذه الصطلحات الت اصطلح عليها الفقهاء
أو علماء الصول ،وذلك لنّ هذه اصطلحات متأخّرة ولولئك القوم اصطلحات أخرى ،و-كما قلتُ-حت ف
الكتاب العزيز وف السنّة الصحيحة الثابتة عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ما يُبيّن ذلك بيانا واضحا بأنه ل
[ سورة البقرة ،من الية] 200 : فَِإذَا َقضَْيتُم ّمنَاسِ َككُمْ ... يقول: يُراد بذلك هذه الصطلحات ،فال
فَِإذَا ُقضَِيتِ فهل يُراد بالقضاء هاهنا التيان بالعبادة بعد انتهاء وقتها كما هو القرر عند الصوليي ؟! وكذلك:
الصّلةُ [ ...سورة المعة ،من الية .. ] 10 :هل يُراد القضاء هاهنا القضاء الذي هو بعن فِعل العبادة بعد
خروج وقتها الحدّد لا شرعا ؟! كلّ ..ل يُراد ذلك بذا ،وكذلك جاء ف بعض الروايات ( :إذا أُقيمت الصلة فل
تأتوها وأنتم تسعون فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا ) وف بعض الروايات ( :فَأتِمّوا ) وقد احتج بعض العلماء
بالتام على معن واحتج بعضهم على معن-كما هو العروف ف كتب الفقه-ول ينبغي الحتجاج بثل ذلك ..على
أنن أقول أنّ الديث قد جاء بلفظ واحد واللفظ الثان مروي بالعن ،وهكذا ف كثي مِن الحاديث الت تأت بألفاظ
متلِفة ل يُمكِن أن نَحتَج با على عِدّة أحكام مع أنّ القضية واحدة ..نعم إذا اختلفت القضايا فيُمكِن ذلك إذا ل
يُمكِن المع بينها ..فهذه أمور لبد مِن أن ُتتَدبّر ،وكذلك ما جاء عن السيدة عائشة رضي ال-تبارك وتعال-
عنها " :سنّ رسول ال زكاة ال ِفطْر " ل تُريد بذلك أنا سنّة ويكن أن نتجّ بذلك ونقول " :جاء ف بعض
115
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الروايات التصريح بالوجوب وف بعضها جاء التصريح بالسنّة فإذن الحاديث هاهنا متعارِضة منهم مَن يقول بالنسخ
ومنهم مَن يُرجّح " ،إل غي ذلك ..كلّ ،بل معن ذلك أنا ثبتت بالسنّة وإن كانت هي واجبة ف حقيقة ذاتا ،إل
غي ذلك مِِن المثلة الكثية جدا جدا الت ينبغي التنبه لا ،فإذن هكذا ..عندما نَجد ف كلم السلف-أيضا-الكم
بوجوب أمر والظاهِر أنّ ذلك مالِف للسنّة الصحيحة ل ينبغي أن نَتسرّع ونَنسب إليهم الخالَفة للسنّة الصحيحة
الثابتة ما أمكن أن نَحمِل ألفاظَهم على حسب ما تدل عليه تلك الدلة.
فهاهنا الدلة واضحة تدل بأنّ هذه سنّة ،ففي حديث السيدة أم حبيبة بيّنَت بأنا مِن السنن ،وهكذا ف حديث
السيدة عائشة-رضي ال تبارك وتعال عنها-وجاء ذلك عنها مِن أكثر مِن رواية تدل دللة صرية بِأنّ هذه مِن السنن
وليستْ مِن الواجبات.
وهكذا نَجد ف كلم كثي مِن السلف الكم بكراهة بعض المور مع أنّ تلك المور مرّمة بنصوص واضحة جلية
فهم ل يُريدون بالكراهة هاهنا الكراهة العروفة عند الفقهاء والصوليي ،وإنا يريدون بالكراهة التحري ،إل غي ذلك
مِن العان الت ل يتّسع القام لذكرها الن كما أنه ل يتّسع لذكر الدلة الت تدل على ما ذكرناه ،وعسى أن نبيّن
ذلك ف مناسبة أخرى ،فالقام يقتضي ذلك ،لكثرة وقوع الطإ ف هذه السألة مِن بعض العلماء فضل عن غيهم.
كما أنه عند نسبة القوال إل بعض العلماء السابقي مِن الصحابة والتابعي الذين ل تُوجَد لم مؤلفات ينبغي أن نَنظُر
أوّل وقبل كل شيء ف صحّة تلك الروايات الت رُويت عن أولئك الصحابة والتابعي ،فإننا نَجد كثيا ف كتب
اللف 1أنّ كثيا مِن أهل العلم يَروون بعض الروايات عن بعض الصحابة أو التابعي مِن غي أن يُمحّصوا تلك
الروايات هل تلك النسبة صحيحة أو ليست بصحيحة ،وهذا موجود ف كتب التفسي وف كتب الفقه ،إل غي
ذلك ،مع أنّ طائفة كبية مِن تلك القوال الت تُنسَب إل أولئك الصحابة الكرام وإل أولئك التابعي ل تَثبت عنهم،
فلبد مِن معرفة الثابت عنهم ،فقد كُذب عليهم ،وجاء عن بعضِهم بعضُ الروايات مِن طرق ل تقوم با الجّة
لضعف رجالا أو لتدليسهم ،إل غي ذلك مِمّا ل تقوم به الجّة ،فينبغي التّنبّه لذلك ،وألّ نَنسب إل الصحابة أو
غيهم إل ما ثبت عنهم ،وعند مَن ل يستطيع ذلك إما أن يُعرِض عن ذلك على الطلق ،وإما أن يُبيّن ذلك بطريقة
يَظهَر منها بأنه ل يَتثبّت مِن ذلك وإنا ذَ َكرَهُ على حسب ما نُسِب إليهم؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :أنتم تحدثتم عن سنّة الفجر وأنها مؤكّدَة والبعض ذهب إلى أنها واجبة ..الن بالنسبة لسنّة الفجر ،ما حكم
صلة سنّة الفجر أثناء صلة المام الفريضة ؟
ج :نعم سنّة الفجر سنّة مؤكّدة ،للحاديث الكثية الت دلّت على ذلك ،وقد جاء ف فضْلها-أيضا-الكثي
الطيب مِن سنّة النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،فل ينبغي لحد أن يُفرّط فيها بال مِن الحوال،
ويكفي أنّ النب قال عنها ( :سنّةُ الفجر خي مِن الدنيا وما فيها ) ..هكذا ثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه،
وف هذا مِن الفضْل ما ل يَخفى على مَن أراد الفضْل.
فسنّة الفجر تُشرَع بطلوع الفجر ،فإذا طلع الفجر فإنا تُشرع ف ذلك الوقت ..هذا هو الوقت الذي كان يَفعلها فيه
النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما مَن قال بأنا تُشرَع قبل ذلك فل دليل له ،بل هو مصادِم للدليل أيّما مصادَمة ،فل ينبغي لحد أن يَأخذ بذلك ..
نعم مَن أخذ بذلك ف الاضي فليستغفر ربه ول شيء عليه ،أما بالنسبة إل الستقبل فل ينبغي لحد أن يَأخذ بذلك
مع مصادَمة ذلك-كما قلتُ-للسنّة الصحيحة الثابتة عن النب ثُبُوتا ل شك فيه.
وسنّة الفجر كان يُصليها النب ف ذلك الوقت ،وكان يَختصِر فيها القراءة حت أنّ السيدة عائشة-رضي ال تبارك
وتعال عنها-كانت تشكّ هل أتى بالفاتة فيها أو ل ،ومِن هنا قد اختلف العلماء هل يُشرَع للنسان أن يَقرَأ فيها أو
أنه ل تُشرَع فيها القراءة ؟
-1فمنهم مَن قال :إنّه يُصليها ول يُشرَع له فيها القراءة ،وهو قول مِن الضعف بكان.
-2وبعضهم قال :يُشرَع أن يأت فيها بالفاتة فقط ،وهو-أيضا-مصادِم للدليل ،كما سيأت بشيئة ال تبارك وتعال.
-3ومنهم مَن قال :إنه يُشرَع للنسان أن يَقرأ فيها الفاتة ويَقرأ فيها شيئا مِن السور القصية أو مِن اليات القصية،
وهذا هو الصحيح الثابت ،فقد كان النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-يأت فيها بسورة الكافرون ف الركعة
الول وبسورة الخلص ف الركعة الثانية ..هذا ف بعض الحوال ،وكان يأت ف بعض الحيان بقول ال تبارك
وتعال :قُولُوا آ َمنّا .. 1 ...بالية [ ] 136الت ف سورة البقرة ،وف الركعة الثانية كان يأت بالية الثانية
والمسي 2ف بعض الروايات 3وف بعض الروايات بالية الرابعة والستي 4مِن سورة آل عمران .. 5كان هكذا
صلوات ال وسلمه عليه يَختصر القراءة.
-4وذهب بعض أهل العلم أنه يأت فيها بسورة أو بآية ول يأت بفاتة الكتاب.
فهذه أربعة أقوال ،أصحّها أنه يأت بفاتة الكتاب وبسورة أو آية قصية ،كما ثبت ذلك عن النب ،أما السورة
فأمرها واضح با ذكرناه مِن السور الت كان يأت با النب ،وأما بالنسبة إل الفاتة فذلك واضح مِن حديث:
( ل صلة إل بفاتة الكتاب ) ،وهو صحيح ثابت عن النب وبِحديث ( :كل صلة ل يُقرأ فيها بفاتة الكتاب
سبَاطِ َومَا أُو ِتيَحقَ َو َيعْقُوبَ وَال ْسَ سمَاعِيلَ وَِإ ْ-1قال ال تعالى :قُولُوا آ َمنّا بِالِ َومَا أُنزِلَ إَِل ْينَا َومَا أُنزِلَ إِلَى ِإبْرَاهِيمَ وَِإ ْ
ح ٍد ّم ْن ُهمْ َو َنحْنُ لَ ُه ُمسِْلمُونَ .ل نُ َف ّرقُ َبيْنَ َأ َ
ن مِن ّر ّب ِهمْ َ ي ال ّن ِبيّو َ
مُوسَى وَعِيسَى َومَا أُو ِت َ
شهَدْن َنحْنُ أَنصَا ُر الِ آ َمنّا بِالِ وَا ْ
ل قَالَ ا ْلحَوَا ِريّو َ
ل مَنْ أَنصَارِي إِلَى ا ِ -2قال ال تعالى :فََلمّا َأحَسّ عِيسَى ِم ْن ُهمُ ا ْل ُك ْفرَ قَا َ
ِبَأنّا ُمسِْلمُونَ .
-3قال الشيخ عند جوابه على السؤال 2مِن حلقة 26رمضان 1425هـ ( يوافقه 10نوفمبر 2004م ) " :المراد الية
التي في سورة آل عمران لكن بَ ِقيَ أنه يَحتاج إلى نظر هل كان الرسول يَقرأ هذه الية بِكاملِها أو أنه يَقرُأ الجزءَ
الخي َر منها ؟ حيثُ إنه جاء في الروايةِ المروية عن الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم :آ َمنّا .. ...مِن هذا إلى
ش َهدْ ِبَأنّا ُمسِْلمُونَ ..هذا الجزء فقط بعد فاتحة الكتاب كما هو الظا ِهرُ خرِ الية ،فهل كان يَقرأُ ... :آ َمنّا بِالِ وَا ْ آِ
مِن الرواية أو أنه كان يَقرأ الية مِن أوّلها ؟ فهذا مُحتمِل ".
-4قال الشيخ عند جوابه على السؤال 2مِن حلقة 26رمضان 1425هـ ( يوافقه 10نوفمبر 2004م ) " :الرواية الثانية
الية الرابعة والستين مِن سورة آل عمران وهذه الرواية الثانية فيما يَظهر لِي بِأنها شاذّة ".
-5قال الشيخ " :النعام " بدل مِن " آل عمران " وهو سبق لسان نبه عليه في حلقة 26رمضان 1425هـ ( يوافقه 10
نوفمبر 2004م ).
117
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فهي خداج فهي خداج فهي خداج ) ،وهو حديث صحيح ثابت عن النب ،فهي داخلة ف ضِمن بقية الصلوات
الت دلّ هذان الديثان وغيها مِن الحاديث الكثية الدالة على مشروعية قراءة الفاتة فيها.
وبقية القوال ل دليل عليها ،ولعل الذين قالوا يأت بسورة قصية أو بآية قصية أخذوا ذلك ما ذكرتُه عن السيدة
عائشة فقالوا إذا كانت تشكّ هل أتى بفاتة الكتاب فإنه إذا أتى بذه السورة معن ذلك أنه كان يَقتصِر عليها إذْ إنه
إذا كانت تشكّ ف الفاتة فكيف يكن أن يأت بالفاتة وبسورة أو آية بعدها ،ولكننا نَحمِل قول السيدة عائشة-
رضي ال تعال عنها-على البالَغة ف الختصار ف صلة النب لذه الصلة.
هذا وقد ذهب بعضُ العلماء إل أنه ينبغي للنسان أن يُطيل القراءة فيها ولو قرأ ف كل سورة بِجزء كامل ،وهو قول
ت سابقا :إنه ينبغي للنسان أن يُطبّق السنّة على حسب ما ضعيف مصادِم للحديث الثابت عن النب ،وقد قل ُ
جاء عن النب ف كِ ّميَتها وكيفيتها وعددها إل غي ذلك ما ذكرتُه ،فإذا كان النب يَختصِر القراءة ف هذه
الصلة-على حسب ما ذَ َك َرتْه السيدة عائشة ،الثابت عنها بالسناد الصحيح-فكيف ينبغي أن نقول " :إنه ينبغي
للنسان أن يُطيل القراءة " ،مع أنّ النب كان تارة يَتحدّث مع السيدة عائشة-رضي ال تعال عنها-إذا كانت
قائمة بعد الصلة وتارة يَضطَجع على يَمينه ،كما ثبت ذلك عنه صلوات ال وسلمه عليه ،فالوقت واسع للقراءة
ومع ذلك كان يَختصِر القراءة ف هذه الصلة ،فينبغي للنسان أن يُطبّق السنّة ،فالي كل الي والفضْل كل الفضْل
ف متابعة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،أما الطالة فلها وقت آخر ،وقد أحسن المام الليلي-رضوان ال
تبارك وتعال عليه-عندما ُسئِل عن مسألة عن الراجح مِن القوال فيها فبيّن رضوان ال-تبارك وتعال-عليه السنّة ث
قال " :وفيها الفضْل لِمَن أراد الفضْل " ،فالفضْل ف متابعة النب ،وهو ف الختصار ف هذه الصلة؛ وال أعلم.
أما بالنسبة إل صلتِها ف أثناء صلة المام فهذه السألة اختلف العلماء فيها ،وتت هذه القضية مسألتان:
الول :أن يكون النسان قد َشرَع ف هذه الصلة ث أُقيمت الماعة ..هنا اختلف العلماء:
-1منهم مَن قال :إنه يُواصِل الصلة إل إذا خاف أن َتفُوتَه صلة المام.
-2ومنهم مَن قال :إنه يَقطَع الصلة ..يُسلّم ويَدخُل مع المام.
-3ومنهم مَن قال :إنّ صلته تَبطُل ولو ل يَقطَعها بل ل حاجة إل قَطعِها.
-4ومنهم مَن قال :إن كان يَعرِف أنه سيُدرِك الركعة الول ..سيُدرِك الركوع مِن الركعة الول فإنه يُواصِل
صلته ،أما إذا كان ل يُدرِك ذلك فل ،وذلك لديث ( :مَن أدرك ركعة فقد أدرك الصلة ).
-5ومنهم مَن قال :إذا كان قد صلى ركعة واحدة فإنه يُكمِل الركعة الثانية ،أما إذا كان ل يُصلّ ركعة-وذلك يُقيّد
بالركوع-فإنه يَقطَع تلك الصلة ويَدخل مع المام.
و-على كل حال-النب يقول ف الديث الصحيح ( :إذا أقيمت الصلة فل صلة إل الكتوبة ) ،فإذا أقيمت
الصلة فينبغي للنسان أن يَدخُل مع الماعة وبعد ذلك يَقضي هذه الصلة بشيئة ال تبارك وتعال.
أما إذا كان ل يَدخُل ف الصلة مِن قبل ووَجد الماعة تُصلّي فاختلفوا:
-1منهم مَن قال :يُمنَع مِن صلة السنّة ف هذا الوقت بل عليه أن يَدخُل مع الماعة ول يَجوز له أن يُصلي السنّة.
118
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-2ومنهم مَن قال :يُكرَه له ذلك ولكن إذا صَلها فتُعتبَر صحيحة.
-3ومنهم مَن قال :له أن يُصّليَها إذا كان خارج السجد أو ف موضعٍ ل تَصِحّ صلتُه فيه مع المام ،ومنهم مَن َقيّد
ذلك بِما إذا كان ذلك خارج السجد.
-4ومنهم مَن قال :إذا كان يُمكِن أن يُدرِك المام ف الركعة الول فله أن يُصلي ،أما إذا كان ل يُمكِنه ذلك فل.
-5ومنهم مَن قال :إنه إن كان سيُدرِك الركوع مِن الركعة الثانية فله أن يَدخُل ،وإل فل.
-6ومنهم مَن قال :ليس له أن يُصلي مع الماعة بل عليه أن يُصلّي أوّل السنّة فإن خاف أن يَفُوتَه الوقت-أي أن
يَفُوتَه وقتُ صلة الفجر-ففي هذه الالة يُصلي الفريضة ،أما إذا أَم َكنَه أن يُصلي السنّة فليَشتغِل بالسنّة ولو فاتته
الماعة.
والصحيح-ما ذكرناه سابقا ،وهو-أنه عليه أن يَدخُل مع المام لديث ( :إذا أقيمت الصلة فل صلة إل الكتوبة )
..هذا هو الصحيح عندنا ،وإذا ثبت الديث عن النب -كما قلنا أكثر مِن مرة-فل ينبغي لحد أن يَقول
بِخلف ما ثبت به الديث عنه صلوات ال وسلمه عليه.
أما بالنسبة إل قضاء السنّة بعد الفريضة أو بعد طلوع الشمس ففيه كلم ،ولعله ل َيرِد ف السؤال فل أتعرض له
الن.1
س :ما هي السّنن الراتِبة ؟
ج :قد تكلمنا بالمس 2على بعض السّنن الثابتة عن النب مِن قوله وفعله صلوات ال وسلمه عليه ،وبّينَا 3أنّ مِن
السّنن الؤكّدة سنّة الفجر وسنّة الوتر ،وهنالك-أيضا-سنن مؤكّدة أخرى ،ولكنّها ليست مقيّدة باليوم والليلة ،وإنا
تُفعَل لبعض السباب ..عندما توجد تلك السباب فإنه يُؤتى با ،وليس كلمنا ف ذلك ف هذا الوقت.4
أمّا بالنسبة إل السّنن الراتبة فهي السّنن الت كان يُواظِب عليها النب ف حضره ،بِخلف الؤكّدة فإنه كان
يُواظِب عليها ف السفر والضر.
و-قد قُلت :5إنّ-النب ل يَترك سنّة الفجر والوتر ل ف سفره ول حضره.
أمّا ما يُؤخذ مِن بعضِ الروايات أنه ل يُصلّ الوتر ف ليلة جَمْع فإنه ل يُصلّها ف ذلك الوقت ،والظاهر أنه صلها بعد
صرّحت بأنّ النب كان يُواظِب على الوتر ف أسفاره صلوات ال وسلمه ذلك ،أخذا مِن الحاديث الخرى الت َ
عليه ،وإذا وجدنا أدلة ف ظاهرها شيء مِن التعارض فإنه ينبغي أن نَجمَع بيْن شَمل تلك الدلة ونأخذ بِما اجتمَ َعتْ
عليه ..هذا إذا أَمكَن ذلك ،وهذا مُمكِن-بمد ال-ف هذه القضية ،وللطالة ف ذلك موضع آخر.
-1وقد تعرض الشيخ له-بحمد ال تعالى-عند جوابه على السؤال 3مِن حلقة 13رمضان 1425هـ ( يوافقه 28أكتوبر
2004م ).
-2عند الجواب على السؤال 2مِِن حلقة 12رمضان 1425هـ ( يوافقه 27أكتوبر 2004م ).
-3عند الجواب على السؤال 2مِِن حلقة 12رمضان 1425هـ ( يوافقه 27أكتوبر 2004م ).
-4تكلم الشيخ عن بعضها عند الجواب على السؤال 2مِن هذه الحلقة [ ص ،] 7وتكلم-أيضا-عن بعضها عند الجواب
على السؤال 1مِِن حلقة 25رمضان 1425هـ ( يوافقه 9نوفمبر 2004م ).
-5عند الجواب على السؤال 2مِِن حلقة 12رمضان 1425هـ ( يوافقه 27أكتوبر 2004م ).
119
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أما بالنسبة إل السّنن الرواتب فالنب كان يُواظِب عليها ف حضره ،وقد أمر با أيضا ،كما جاء ذلك ف حديث
السيدة أم حبيبة أم الؤمني-رضي ال تبارك وتعال عنها-الذي ذك َرتْ فيه عن النب قال ( :مَن حافظ على اثنت
عشرة ركعة ف يومه وليلته بُن له بيت ف النة ) وف بعض اللفاظ ( :بن ال له بيتا ف النة ) ،والديث صحيح،
رواه مسلم ،وطائفة كبية مِن أئمة الديث ،ل أرى داعيا لذكرهم ف هذا الوقت ،وقد جاءت الواظَبة على هذه
السّنن-أيضا-ف حديث السيدة عائشة رضي ال-تعال-عنها ،وهو حديث صحيح ثابت عن النب ،رَ َوتْه جاعة
كبية مِن أئمة الديث ،وكذلك جاء ذلك عن الباء بن عازب ف بعضها ،وجاء ف بعضها-أيضا-عن ابن عمر وأب
سعيد الدري-رضي ال تبارك وتعال عنهما-على اختلف يسي ف عَدَد بعض الركعات.
سنّة الفجر هي ركعتان ،و-كما قلتُ هي مِن السّنن الؤكّدة.
أما السّنن الراتبة الت هي قبل الفرائض وبعد الفرائض:
فمنها السنّة القَبْليّة الت هي قبل فريضة الظهر ،وقد اختلفتْ الحاديث ..منها ما جاء أنّها أربع ركعات ،ومنها ما
جاء أنّها ركعتان ،فقد جاء عن السيّدة عائشة-رضي ال تبارك وتعال عنها-أنّ النب كان يُصلي أربعا ،وكذلك
جاء ف حديث السيّدة أم حبيبة-رضي ال تعال عنها-وهو حديث قول أنّه َذ َكرَ منها أربعا قبل الظهر ،وجاء ف
حديث ابن عمر وف حديث أب سعيد الدري-رضي ال تعال عنهما-وها حديثان صحيحان أنه كان يُصلي
ركعتي قبل الظهر ،وهنالك أحاديث أخرى منها ما يدّل على هذا ومنها على ذاك ،ولكنّ الصحيح منها ما ذكرناه،
وقد اختلفت كلمة أهل العلم ف المع بي الرواية الت فيها الربع والرواية الت فيها الركعتان:
-1فمِن العلماء مَن قال :إنّ السيّدة عائشة-رضي ال تبارك وتعال عنها-حكت ما شاه َدتْه وحكى ابن عمر
و-كذا-أبو سعيد-رضي ال عنهما-ما شاهداه ،وهذا ليس بقول مستقل ف حقيقة الواقع ،إذ إنّه يَرجع إل بعض
القوال التية بشيئة ال تبارك وتعال.
-2ومنهم مَن قال :إنّ ابن عمر-رضي ال تبارك وتعال عنهما-قد نسي الركعتي ا ُل ْخرََييْن ،و َح ِف َظتْ ذلك السيّدة
عائشة رضي ال-تبارك وتعال-عنها ،وليس بِعجَبٍ أن يَنسى بعض الصحابة بعض السّنن الت جاءت عن النب
ولذلك أمثلة متعدّدة ل أرى داعيا ليرادها الن ولكنّ هذا-ف حقيقة الواقع-خلفُ الصل ل يُصَار إليه إلّ إذا ل
يُمكِن أن يُحمَل الديث على ما رُوي عن ذلك الصحاب ،على أنّ ابن عمر-كما قلتُ ل يتفرّد بذلك ،فقد رواه أبو
سعيد عند المام الربيع رحه ال تبارك وتعال.1
-3ومنهم مَن قال :إنّ مَن حكى الربع-وهي السيدة عائشة رضي ال تعال عنها وحكى ذلك أيضا غيها مِن
الصحابة-فحكى ما كان يَفعله النب ف البيت ،بينما حكى مَن حكى أنّه كان يُصلي ركعتي ما كان يَفعله ف
السجد ،فقد كان يُصلي ف البيت أربعا وكان يصلي ف السجد ركعتي.
-4ومنهم مَن قال :إنّه كان يُصلي ركعتي ف البيت وكان يصلي ركعتي ف السجد ،فمَن حكى الربع فقد قامت
لديه الجة بالركعتي اللتي كان يُصليهما ف السجد وما شاهده ف البيت أو با شاهده ف السجد وما علم به مِن
طريق آخر أنه كان يُصليه ف البيت ،أما مَن حكى ما شاهده ف السجد فحكى الركعتي اللتي شاهدها ول يَعلم
بالركعتي اللتي صلها ف البيت.
-5ومنهم مَن قال :كان يُصلي تارة أربعا-وهو الغلب-وكان تارة يُصلي ركعتي.
-6ومنهم مَن قال :كان يُصلي أربعا ويُصلي ركعتي تية السجد ،فالسنّة القَبْليّة هي الربع ،أما الركعتان فهما تية
السجد.
-7ومنهم مَن قال :إنّ الربع هي-ف حقيقة الواقع-الصلة الت بعد زوال الشمس ،أما السنّة القَبْليّة فهي السنّة الت
حكاها ابن عمر وأبو سعيد الدري رضي ال-تبارك وتعال-عنهما.
وهذه القوال يَحتاج َأنْ نَبسُط عليها الدلة وأن نَذكُر ما لا وما عليها ،ولكنّ القام ل يَكفي لذلك.
وأرى أنّ النسان إذا كان يَتمكّن مِن الربع فل ينبغي له أن يُفرّط ف الربع ،لنّ ذلك ثابت ل شك فيه عن النب-
صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وإذا دخل السجد إذا كان قد صلى الربع ف البيت فإنه يُصلي ركعتي تية السجد،
أما إذا ل يكن هنالك متّسعٌ مِن الوقت ف أن يأت بالربع فإنه يُصلي ركعتي ويُجزيه ذلك بشيئة ال تبارك وتعال.1
أما بالنسبة إل السنّة البَعْ ِديَة بعد الظهر فقد ثبت مِن طريق السيّدة عائشة-رضي ال تعال عنها-ومِن طريق ابن عمر
وعن طائفة-أيضا -كبية مِن الصحابة أنه كان يُصلي ركعتي ،وكذلك جاء ف الديث القول عن أم حبيبة-رضي
ال تبارك وتعال عنها-وهو حديث صحيح ثابت.
وقد جاء مِن طريق أم حبيبة-أيضا-ذِ ْكرُ الربع وهو حديث قول ولكن ف صحّة ذلك-وإن صحّحته طائفة مِن أهل
العلم-نَظرٌ عندي ،فأخشى أن تكون هذه الرواية شاذّة مِن حيث الت وإن كان إسنادها نظيفا.
فالذي نستطيع أن نَجزم به هو الركعتان.
وقد ذهب بعض أهل العلم إل أنّ الركعتي مِن السّنن الراتبة ،وأما ما عدا ذلك فمِن التنفّل الذي فيه خي كثي وإن ل
يكن مِن السنّة الراتبة.
ول شك بأنّ النسان ل يُمنع مِن الزيادة على الركعتي ،إذ ل دليل هنالك على النع ،وإنا نَحكي ما كان يَفعله النب
وما حثّ عليه ،أما أن يَزيد النسان على ذلك مِن غي أن يَحمِل ذلك على أنّه مِن الرواتب الت أمر با النب
أو كان يَفعلها فذلك مِمّا ل إشكال فيه إن ل يكن ذلك الوقت مِن الوقات الت يُنهى عن الصلة فيها ول ني عن
الصلة ف هذا الوقت.
وأما بالنسبة إل العصر فذهب بعض أهل العلم إل القول بالسنّة القَبْليّة ،وقد جاءت ف ذلك روايات متعدّدة تُنسَب
إل النب ،وأقواها ما جاء مِن طريق علي بن أب طالب ومِن طريق ابن عمر ،وقد جاء ذلك-أيضا-مِن طريق
-1قال الشيخ عند جوابه على السؤال 1مِن حلقة 14رمضان 1425هـ ( يوافقه 29أكتوبر 2004م ) " :أمّا مَا جاء عن
ن ذلك أنّه كان يُؤدّي في المسجد سنّة تحية المسجد ".
ابن عمر فيُمكِن أن يُحمَلَ ذلك على بعضِ الحوال ويُمكِن أن يَكو َ
121
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ميمونة أم الؤمني ،وجاء-كذلك-مِن طريق أم حبيبة ،وجاء ذلك-أيضا-مِن غي هذه الطرق ولكنّ هذا الديث ل
لجّيَة ،وإن كانت طائفة مِن أهل العلم قد قَوّت رواية ابن عمر ورواية علي ،1ولكنّهما ف أرى أنّه يَبلغ إل مرتبة ا ُ
نَقْدِي ل يَثبتان حت بِمجموع الطريقي ،ولتفصيل ذلك موضِع آخَر بِمشيئة ال تبارك وتعال.
وأمّا بعد العصر فإنه قد جاءت رواية ،ولكنّ تلك الرواية ل تَثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
على أنّ هذا الوقت-ف حقيقة الواقع-مِمّا يُنهى عن الصلة فيه.2
وإن كانتْ طائفة مِن أهل العلم ل ترى النهي ،منهم مَن ذهب إل أنّ ذلك منسوخ ،إل غي ذلك ،مِمّا ل داعي
للكلم عليه ف هذا الوقت فيما أحسب.3
والاصِل أنّه ليست هنالك سنّة قبل العصر ول بعد العصر.
إل أنّ العلماء قد اختلفوا ف السألة:
منهم مَن قال بِالسنّة ال َقبْليّة.
ومنهم مَن قال :ل بأس مِن التنفّل قبل العصر.
ومنهم مَن ل يَرى ذلك.
ونقول :إنّه ل بأس مِن التنفّل ولكنه ليس بِسنّة َقبْليّة ،وإنا هو مِن مطلَق النّفل ،وقد ثبت عن النب أنه قال ( :بيْن
كل أذاني صلة ) ،فهذا حديث صحيح ثابت عن النب ،فمَن شاء أن يُصلي ف هذا الوقت فليُصلّ أمّا الكم
بأنّ ذلك مِن السّنن ال َقبْليّة الت واظَب عليها النب أو حثّ عليها فذلك مِمّا ل يَثبت عنه صلى ال عليه وعلى آله
وصحبه وسلم.
والقول-أيضا-بكراهة ذلك أو أنّه ل ينبغي أو ما شابه ذلك فإنه ل دليل عليه.
-1قال الشيخ " :أبي سعيد " بدل مِن " علي " والظاهر أنه سبق لسان.
- 2وسئل فضيلته عن التنفل بعد العصر ونصه :
س :حكم التنفل بعد صلة العصر ؟
الجواب-:
إن كان التنفل تنفل مطلقا فل .فهو منهي عن ذلك بنص الحديث أما إن كان ذلك التنفل سببيًا مثل أن يصلي سنه تحية
المسجد أو يصلي ركعتين الطواف أو يصلي على جنازة أو يصلي بدل الفريضة أو بدل سنه أو ما شابه ذلك فهذا ل
يدخل في النهي لكن إذا رأى الشمس اصفر قبيل الغروب فيتفق عن الصلة في ذلك الوقت إل فريضة العصر لذلك اليوم
فإن يأتي بها لن من أدرك ركعة من الصلة فإن قد أدرك كما جاء في الحديث عن النبي صلى ال عليه وسلم .
س :ما حكم التنفل بين فريضة العصر والمغرب ؟
الجواب -:
ل مطلقاً فهو منهي عن ذلك بنص الحديث أما إذا كان ذلك التنفل سببياً مثل أن يصلي تحيةإذا كان النسان يتنفل تنف ً
المسجد أو يصلي ركعتين الطواف أو بدل فريضة أو بدل سنة أو ما شابه ذلك فهذا ل يدل في النهي ولكن إذا رأى
الشمس أصفرت قبيل الغروب فيتوقف عن الصلة في ذلك الوقت إل فريضة العصر لذلك اليوم فإنه يأتي بها لن من
أدرك ركعة من الصلة فإنه قد أدرك كما جاء في الحديث عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم .
-3وقد تكلم الشيخ عن ذلك-بحمد ال تعالى-عند الجواب على السؤال 1مِِن حلقة 25رمضان 1425هـ ( يوافقه 9
نوفمبر 2004م ).
122
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
والستدلل بِأنه إذا دخل الوقت فيُنهى عن الصلة إلّ عن صلة العصر إل أن تَغرب الشمس ل دليل عليه ،إذ إنّ
النهي يكون بعد صلة العصر ،ل بعد دخول وقت العصر.
فإذن الصلة مِمّا ل مانع منها وهي داخلة ف هذا الوقت ،فإذا أراد النسان أن يُصلي فليُصلّ وإذا أراد أن يَدعُوَ ففي
الدعاء بي الذان والقامة خي كثي ،كما ثبت ذلك عن النب .
وقد حَمَل بعض أهل العلم حديث ( :بي كل أذاني صلة ) على مَحمَل آخر ولكنه مِن البعد بكان ،فل أرى إيرادَه
ف هذا الوقت.
وأما بالنسبة إل صلة الغرب فقد ثبتت السنّة البَعْ ِديَة عن النب ..ثبتت مِن قوله وفعله ،فَثبَتت ف حديث السيّدة
أم حبيبة رضي ال-تبارك وتعال-عنها ،وهي ركعتان ،وثبتت-أيضا-مِن طريق السيّدة عائشة-رضي ال تبارك
وتعال عنها-ومِن طريق ابن عمر رضي ال-تبارك وتعال-عنهما.
وقد ذهب بعض أهل العلم إل أنّها تأت ف الرتبة الثالثة بعد الوتر وبعد سنّة الفجر.
وذهب بعضهم إل أنه ل فرق بي السّنن الراتبة ف التفضيل فُي َفضّل الوتر ث سنّة الفجر وبعد ذلك هي سواء ف
التفضيل.
ومنهم مَن فضّل سنّة الغرب.
ومنهم مَن فضّل سنّة الظهر.
ومنهم مَن فضّل سنّة الظهر ال َقبْليّة على البَعْ ِديَة.
والحتجاج لكل فريق وما له وما عليه يَطول.
وأقول :إنّ النسان ل يَنبغي له أن يُفرّط ف هذه السّنن الت ثبت عن النب ِفعْلُها مع أنّه قد ُغ ِفرَ له ما تَقدّم مِن
ذنبه وما تَأخّر ،ومع حثّه عليها وبيان الزية العظيمة لا ،وكفى بأنّ ذلك مِن السباب الُوصِلة إل النة لِمَن حافَظ
عليها وهو الفوز الذي يسعى إليه السّاعون ويتنافس فيه التنافسون.
وقد جاء هنالك حديث يدلّ على مشروعية الستّ بعد الغرب وهو ل يَثبت بل هو موضوع.
وكذلك ما جاء مِن مشروعية الثنت عشرة قبل الظهر أو الستّ فإنّ ذلك مِمّا ل يَثبت عن النب .
فنحن نذكر الثابت والذي ل يَثبت ،أمّا مَن شاء أن يَزيد فذلك له أمر آخَر ،ولكنن أقول:
بالنسبة إل السنّة ال َقبْليّة قبل الظهر فالنسان ينبغي له أن يَكتفي بِما اكتفى به النب ث يَشتغِل بالذكر والدعاء حت
يَنَال ذلك الفضل الذي بيّنه النب ف الدعاء بي الذاني.
وبالنسبة إل العِشاء فإنّه ليس هنالك سنّة َقبْليّة وإنا هنالك مض التنفّل الذي أشرنا عليه ،فالال فيها كالال ف
صلة العصر.
وأما بعد صلة العِشاء فإنّه قد ثبتتْ ركعتان عن النب بقوله وفعله ،فهي مِن السّنن الراتبة الت ل يَنبغي للنسان
أن يُفرّط فيها.
وأما بالنسبة إل السنّة ال َقبْليّة قبل الغرب فالعلماء اختلَفوا:
123
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
منهم مَن شَدّد ف ذلك وقال " :ل يَنبغي للنسان أن يُصلي ف ذلك الوقت بل ذلك مكروه " ،وأخذوا ذلك مِن
النهي عن الصلة عند غروب الشمس ،وظاهر كلم بعضِهم بأنّه يَمتد إل صلة الغرب ،وليس المر كما ادّعوا ،بل
ذلك ينتهي بتحقّق غروب الشمس تَحقّقا ل شك فيه.
ولكن ليست هنالك سنّة راتبة ،أما مَن شاء أن يُصلي فل مانع ،كما ذكر ذلك المام الليلي رحه ال ،فقد سُئل عن
الصلة قبل الغرب ف السفر فقال " :ل مانع ف السفر ول ف الضر " ،والمر كما قاله رحه ال ،فقد كانت طائفة
مِن الصحابة تُصلي قبل الغرب ،كما ثبت ذلك مِن طريق أنس بن مالك-رضي ال تعال عنه-بل جاء ما يدلّ على
ذلك-أيضا-مِن السنّة القولية ( :بي كل أذاني صلة ) وقال ف الثالثة ( :لِمَن شاء ) ..جاء ذلك مِن طريق عبد ال
بن مغفّل ،وكذلك جاء ما يدلّ على ذلك-أيضا-مِن طريق عقبة بن عامِر رضي ال-تبارك وتعال-عنه ،فليس هنالك
دليل يدلّ على النع ،ولكن إذا كان الناس يصلون الغرب ف أوّل وقتها فإذا دخل النسان وصلّى تية السجد ..
فمخافة وقوع حرج هنالك بي الناس وقد تَنقطِع الصفوف أو ما شابه ذلك فمِن هذا الباب يَترك كثي مِن أهل العلم
الصّلةَ ف هذا الوقت ،ث هي ليست بسنّة راتبة ،فيُمكن للنسان أن يَشتغِل بالذكر ،أما بالنسبة إل سنّة تية السجد
فهي ُتصَلى ف هذا الوقت ،كما يدلّ على ذلك الديث ،كما سنتكلّم على ذلك-بشيئة ال-عند الكلم على سنّة
تية السجد.
هذه هي السّنن الراتبة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
وهنالك-أيضا-الوتر وهو سنّة مؤكّدة ،فهذا ل يَنبغي التفريط فيه بال.
بل قد قالت طائفة كبية مِن أهل العلم بوجوبه.
ومنهم مَن صرّح بالفرضية.
ولكنّ الصحيح أنه سنّة مؤكّدة.
ووقتُه يَبتدئ بعد صلة العشاء.
بعض العلماء قال :يَبتدئ مِن وقت صلة العشاء ..أي بِغيوب الشفق الحر ،وذكروا أنه يُمكِن للنسان أن يُصلي
الوتر حت قبل فريضة العِشاء ،وهذا ليس بشيء.
بل وقتُه يَبتدئ بعد فريضة العِشاء ،كما صرّحت بذلك السنّة الصحيحة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله
وسلم.
وكذلك اختلفوا إذا صلى النسان جْع تقدي ،هل يُصليه بعد العِشاء مباشَرة أو لبد مِن أن يَتأخّر حت يَدخل وقتُ
العِشاء ؟ والقّ أنّه يُمكِن له أن يُصليه بعد المْع مباشَرة.
وأما وقته فإنه يَنتهي بطلوع الفجر ..لبد مِن أن يأت به النسان قبل طلوع الفجر ..هذا الذي دلّت عليه السنّة.
خلفا لِمَن قال :إنّه يُمكِن للنسان أن يُؤخّره ولو إل ما بعد طلوع الفجر بشرط أن يَأت به قبل صلة الفجر ،فهذا
قول مالِف للسنّة الصحيحة.
ولِلمسألة فروع متعدّدة ،أرى أن أقتصِر ف هذا الوقت على هذا؛ وال ول التوفيق.
124
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
- 1وسئل فضيلته سؤال يتعلق ببعض أحكام سنة تحية المسجد ونصه :
س :هل يجوز أن يصلي النسان ركعتين نفل أو فريضة قضاء عن تحية المسجد ؟.
الجواب -:
ثبت في الحديث عن النبي صلوات ال وسلمه عليه أنه نهى عن الجلوس في حالة دخول المسجد إل بعد التيان
بركعتين .
وثبت أن رجلً جاء إلى المسجد والرسول يخطب للجمعة فجلس فسأله الرسول صلوات ال وسلمه عليه هل صلى
الركعتين فقال ل فأمره بأن يصلهما مع نهيه عن الكلم في ذلك الوقت .
وفي ذلك دللة واضحة على أن هاتين الركعتين سنة مؤكدة ول ينبغي لحد أن يتركها إل إذا كان ذلك وقت تحرم فيها
الصلة .أما الوقات التي تحرم فيها الصلة وإنما ينهى عن التنفل المطلق وإن هاتين الركعتين يؤتى بهما فيها كبعد
صلة العصر فإنه جاء النهي عن الصلة " ...
ولكن هل يجزي النسان بصلة فريضة حاضرة أو سنه من السنن فنعم يمكن أن يجتزي النسان بفريضة حاضرة أو
أنه يريد أن يصلي سنة الفجر أو الضحى كالسنة إني قبل الظهر فإنه تجزيه وذلك لن تحية المسجد ليس مقصودة لذاتها
...
وذهب بعض العلماء إلى أن سنة من السنن أو الفريضة تجزي عن ركعتين الطواف وليس بشى والصحيح أنها ل تجزي
عن ركعتين الطواف .
س :من خرج من المسجد لحاجة فهل يلزم بإعادة تحية المسجد ؟
الجواب-:
إن كان خرج من المسجد بنية الرجوع إليه فإنه إذا رجع فل يقال إنه يصلي تحية المسجد لنه ساقطة عنه إن شاء ال
تعالى وإن احطاط وأتى بها فل شك أن ذلك أحسن .
س :هل تجزي ركعة الوتر عن ركعتين تحية المسجد ؟
الجواب -:
ل تجزي ركعة واحدة عن ركعتين تحية المسجد لن الحديث قال" :فيصل ركعتين قبل أن تجلس .وجاء في رواية
أخرى فل يجلس حتى يركع ركعتين ..وسنة تحية المسجد من السنن المؤكدة ...
125
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
إما أن يأت بالفريضة ف أواخر وقتها بيث ل يَتبقّ مِن الوقت ما َيتّسِع للسنّة فهاهنا يأت با بعد طلوع الشمس
وارتفاعها بقدار قيد رُمح ..هذا بناءً على رأي مَن يقول بالقضاء ،كما سيأت بِمشيئة ال تبارك وتعال ،أما إذا كان
سعًا للصلة ولكنّه صلى مع الماعة وأراد أن يأت بعد ذلك بِالسنّة فاختلف العلماء مت يأت با ؟ الوقت متّ ِ
أوّل اختلفوا ف قضائها:
منهم مَن قال :ل تُقضى ،فبِما أنّه صلى فريضة الفجر فليس عليه أن يَقضيَها أو ل يُؤمر بقضائها-لنا هي ليست
سنّ له أن يَقضيَها ،وهذا قول ضعيف جدا. عليه-ف واقع المر-بعن الوجوب-لكنّه ل يُ َ
ومنهم مَن قال :يَقضيها بعد طلوع الشمس وارتفاعها بقدار قيد رُمح.
ومنهم مَن قال :بعد طلوع الشمس مباشَرة ،وهذا بناءً على أنّ وقت النهي يَنتهي بِمجرّد تَحقّق طلوع الشمس
تَماما.
والصحيح أنّه لبد مِن أن يَنتظِر إل مقدار قيد رُمح ،وذلك يُقدّر بِما يَقرُب مِن اثنت عشرة دقيقة أو ربع ساعة
تقريبا.
ومنهم مَن قال :يَقضيها بعد فريضة الفجر.
ومنهم مَن قال :هي ل تُقضى بعد الفريضة بل تُؤدّى ،وإنّما تُقضى إذا أخّرها إل ما بعد طلوع الشمس.
ومنهم مَن قال :هو مُخيّر إمّا أن يَقضيَها بعد السنّة وإما أن يَقضيَها بعد طلوع الشمس بِمقدار قيد رُمح.
و-على كل حال-قد رُويت ف ذلك أدلّة ..استدل كل فريق بأدلّة-إل أنّ القول بعدم القضاء مِن الضعف بكان-
وأرى أنّ الدلة الت استدل با كل فريق-الاصّة بذه السألة-ل تلو مِن مقال ،فهي إل الضعف أقرب منها إل
الثبوت ،وإن قال بثُبوت بعضٍ منها بعضُ أهل العلم.
ولكنن مع ذلك كلّه أقول :إنا تُقضى بعد الفريضة ،وذلك لنّه قد ثبت عن النب أنه قضى سنّة الظهر الَبعْدِيَة بعد
فريضة العصر ،كما جاء ذلك عن السيّدة أم سلمة رضي ال-تبارك وتعال-عنها ،وهو حديث صحيح.
أمّا قول بعض أهل العلم أنّ ذلك خاص به فهو ضعيف ،إذ إنّ الصل أنّ المّة تساوي النب ف الحكام ما ل
يأت دليل يدلّ على الفرق.
واستدلل بعضهم برواية فيها أنّ أم سلمة سألته صلوات ال وسلمه عليه عن قضائها أن لو حصل لا ذلك فقال لا:
" ل " ..ذلك-ف حقيقة الواقع-ل يَثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وبِما أنه ل يَثبت ل يُمكِن أن
يُحتَ ّج به.
وقول بعضهم بأنه يَجوز القضاء بعد فريضة العصر لنه ليس بوقت ني ول يَجوز بعد فريضة الفجر ..ذلك مردود،
إذ ل دليل عليه ،بل الدليل دالّ على أنه وقت للنهي.
فإذن يُؤخَذ مِن هذا الديث ومِن غيه مِن الحاديث الخرى الت تدلّ على ذلك كصلة الرجلي اللذين صليَا ف
منلما ث أتيا إل النب ول يُصليا معه فسألما ( :ألستما بِمسلِ َميْن ؟! ) فقال له " :بلى " فأمرها بالصلة مع
الناس ،إل غي ذلك مِن الحاديث الكثية الدّالة على هذا العن ،وأرى الوقت ل يكفي لذكرها كلّها ..هذه
126
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الحاديث تدلّ على مشروعية القضاء ف مثل هذه الحيان ..أي ف الوقات الت يُنهى عن الصلة فيها وليس النهي
فيها ني تَحري.
فيقضيها بعد فريضة الفجر وإن أَخّرها فل بأس ولكن الفضل أن يَقضيَها ف ذلك الوقت ..هذا ما أراه؛ والعلم عند
ال.
س :ذكرتُم في جوابٍ سابِق 1أنه ِممّا يُقرَأ في س ّن ِة الفجر الية الثانية والخمسين مِن سورة النعام.
ب سْبقِ اللّسان ..الراد الية الت ف سورة آل عمران لكن َبقِيَ أنه يَحتاج إل نظر هل ج :فإذا كان ذلك فهو مِن با ِ
كان الرسول يَقرأ هذه الية بِكاملِها أو أنه يَقرأُ الزءَ الخيَ منها ؟ حيثُ إنه جاء ف الروايةِ الروية عن الرسول
صلى ال عليه وعلى آله وسلم :آ َمنّا .. ...مِن هذا إل آ ِخرِ الية ،فهل كان يَقرأُ ... :آ َمنّا بِالِ
وَاشْهَدْ بَِأنّا مُسِْلمُونَ [ سورة آل عمران ،من الية ] 52 :هذا الزء فقط بعد فاتة الكتاب كما هو الظا ِهرُ مِن
الرواية أو أنه كان يَقرأ الية مِن أ ّولِها ؟ فهذا مُحتمِل.
فالية مِن سورةِ آل عمران وليس مِن سورةِ النعام.
وهكذا الرواية الثانية الية الرابعة والستي مِن سورة آل عمران وهذه الرواية الثانية فيما يَظهر لِي بِأنا شاذّة ،فإذا
كنتُ قد قلتُ بِخلف ذلك فذلك مِن باب سْبقِ اللسان الذي أرجو أن يَكون َم ْعفُوّا عنه بِإذن ال تبارك وتعال.
حضَر هل يَأتِي الصلّي بِالرواتِب ؟ ما ذَكَرناه 3مِن وأُنبّه-أيضا-أنّ ما ذَكَرناه 2ف مسألةِ المْع بيْن الصلتيْن ف الـ َ
أنه عند بعض أهل العلم أوّل يَأتِي ف حالة المْع بيْن الظهر والعصر ..يَأتِي بِراتبةِ الظّهرِ القبلِية ث راتبةِ الظّ ْهرِ البعدِية
صرِ القبلِية هذا بناء على رأي مَن يَقول بِالراتبة لِفريضة العصْر أما مَن ل يَقول بِذلك فل يَقول بِهذا، ث راتبةِ الع ْ
وكذلك ما ذَكَرناه 4مِن القولِ الثان بِأنه يَأتِي أوّل بِراتبةِ الظّهر القبلِية ويُمكِن أن يُؤ ّخرَها ..أعن بعدَ التيان
صرِ القبلية .. 5هذا بناءً على رأيِ مَن يَقول بِراتبةِ العصْر، بِالفريضتيْن معا ث يَأتِي بِراتبةِ الظّ ْهرِ البعدِية ث راتبةِ الع ْ
صلَ فيه أصحابُه إذا جَمَعَ بيْن الظهر والعصر َجمْعَ تأخي هل يَأتِي بِهما بعد وهكذا بِالنسبة إل القولِ الخَر الذي َف ّ
الظهر أو بعد الصلة الول ؟ هذا كلّه بناءً على رأيِ مَن يَقول بِراتبةِ العصْر القبلِية ،وقد قلنا " :6إنه ليستْ هنالِك
راتبة وإنا هو مُج ّردُ تَنفّل-فيه خْيرٌ كثيٌ بِمشيئةِ ال تبارك وتعال-ولكن ل يُؤتَى بِها ف حالةِ المْع " ،فيَنبغي أن
يُنتبَه لِهذا وإن كان واضِحا فيما أَحسب إذا جُمِعَ بيْن الدروسِ جيعا.
وهكذا يَنبغي لِلنسان أن يَجمَعَ بيْن الكلم مِن أ ّولِه إل آ ِخرِه ،ول يَنظُر إل جزئيةٍ مِن الزئيات ،كما نَسمعُه مِن
كثيٍ مِن الناس عندما ُيرِيدُ الواحِدُ منهم أن يُصلّيَ ف موضعٍ تَماما يَنظر هل لِلنسانِ أن َيّتخِذَ أكثرَ مِن وطَن ؟ فيَنظرُ
-1عند الجواب على السؤال 3مِن حلقة 12رمضان 1425هـ ( يوافقه 27أكتوبر 2004م ) ،وعند الجواب على السؤال
8مِن حلقة 24رمضان 1425هـ ( يوافقه 08نوفمبر 2004م ).
-2عند الجواب على السؤال 4مِن حلقة 24رمضان 1425هـ ( يوافقه 08نوفمبر 2004م ).
-3عند الجواب على السؤال 4مِن حلقة 24رمضان 1425هـ ( يوافقه 08نوفمبر 2004م ).
-4عند الجواب على السؤال 4مِن حلقة 24رمضان 1425هـ ( يوافقه 08نوفمبر 2004م ).
-5قال الشيخ " :البعدية " بدل مِن " القبلية " والظاهر أنه سبق لسان.
-6عند الجواب على السؤال 1مِن حلقة 13رمضان 1425هـ ( يوافقه 28أكتوبر 2004م ) ،وعند الجواب على السؤال
4مِن حلقة 24رمضان 1425هـ ( يوافقه 8نوفمبر 2004م ).
127
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ف هذه السألة وَيجِد أنّ العلماء قالوا " :يَجوز لِلنسان أن َيّتخِذَ أكثرَ مِن وطَن " فيَع َملُ بِذلك ول يَنظُر مت َيصِحّ له
ذلك أو متَى يَجِب عليه فذلك ُمقَيّدٌ فلبد مِن تَقيِيدِ الكلمِ الطلَق؛ وال ول التوفيق.
س :هل تارك السنّة المؤكّدة يُعتبَر خسيس المنزلة ؟
ج :قال بذلك بعضُ أهل العلم.
ومنهم المام السالي رحه ال ،فإنه سُئل عن تارك السّنن الؤكّدة فقال " :ال أعلم به ،هو مات يوم مات وهو
خسيس النلة والنة ل يدخلها خسيس ".
وقد سُئل بعض أهل العلم عمّن يَترُك الوتر فقال " :هو رجل خسيس "-أو ما هذا معناه-وقال " :إنه ل تُقبَل له
شهادة ".
هذا فيمن كان يُواظِب على ترك هذه السّنن ول يبال با ..فالقيقة هذا يدلّ على رِقّة ف الدّين إذ ل يُمكِن لحد
أن يَسمَع بفعل النب ومواظَبته على هذه السّنن الثابتة ويَسمَع-أيضا-بالفضْل العظيم الذي أعدّه ال-تبارك
صلُ هذه
وتعال-للت بذه السّنن ومع ذلك يتهاون ..نعم إذا تركها مرة أو مرتي ،فنحن ل نقوى على القول بأنه َي ِ
الرتبة ،ول أظنّ أنّ أؤلئك العلماء-أيضا-يريدون بذلك ،وإنا يريدون مَن يُواظِب على ترك هذه السّنن ،وال-تبارك
وتعال-ول التوفيق.
س :ما الفرق بيْن صلة سنّة العشاء وصلة الشفع ؟
ج :على كل حال؛ سنّة العِشاء هي السنّة الت ذكرها النب ف السّنن الراتبة ،ف حديث أم سلمة ،وهي السنّة الت
كان يُواظِب عليها ،كما جاء ذلك ف حديث ابن عمر وف حديث السيدة عائشة رضوان ال-تبارك وتعال-عليهم،
أما ما بعد ذلك فتلك السّنن هي تنفّل ،فينبغي للنسان أن يَتنفّل بِما كان يَتنفّل به النب ،والنب كان يُصلي
إحدى عشرة ركعة ..يُصلي الوتر ..يُوتِر بثلث ،وتارة بواحدة ،وتارة يكون الكلّ وترا ،وله كيفيات متعدّدة،
فالوتر يكون بواحدة ،وبثلث ،وبمس ،وبسبع ،وبتسع ،وبإحدى عشرة ،ث لبعض هذه العداد كيفيات متعدّدة،
ولكن الوقت كما ترى ل يُساعِد ول يُساعِف على ذكر تلك الكيفيات وما الثابت منها عن النب ،ولكن
1
الاصل أنّ النب جاء عنه أنه كان يُصلي إحدى عشرة ركعة ،وهذا غي تلك السنّة الت كان يُصليها بعد سنّة
العِشاء ،وجاء ف بعض الروايات ..جاء ذلك مِن طريق السيدة عائشة-رضي ال تبارك وتعال عنها-ومِن طريق ابن
عباس-رضي ال تبارك وتعال عنهما-ومِن طريق زيد بن خالد الُهن-رضي ال تبارك وتعال عنه-أنّ النب كان
يُصلي ثلثة عشرة ركعة ،و-على كل حال-ل إشكال ف هذه الروايات-وإن استشكَله مَن ل دراية له بذا الفن-
ذلك أنّ النب كان عندما يَفتتِح صلة الليل يصلي ركعتي خفيفتي ث يصلي ركعتي طويلتي ث ركعتي طويلتي
وهكذا ،كما هو وارد عنه ،فالسيدة عائشة-رضي ال تعال عنها-ف الرواية الت جاء عنها أنه كان يصلي إحدى
عشرة ركعة ل تذكر الركعتي الفيفتي وف الرواية الت ذكرت ثلث عشرة ركعة ذكرت هاتي الركعتي ،وهكذا
ف روايات الصحابة الذين ذكروا هذه الروايات ،فهذا ليس مِن التضارب أو التناقض ،كما يظنّه مَن ل دراية له بذا،
-1قال الشيخ " :سنّة " ولعله َقصَدَ أن يقول " :فريضة " فليُنظَر مع الشيخ.
128
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فذلك يكون عندما تّتحِد الرواية ويّتحِد الجلس ويّتحِد الراوي ..عندما يّتحِد الجلس هناك يُمكِن أن يقال بذا،
ولكن الراوي تارة يُحدّث بذا وتارة بذا ..تارة يذكر فعل وتارة يذكر فعل آخر وتارة يذكر القصود وتارة يذكر
هو وما قبل أو ما بعد أو ما شابه ذلك ،وهذا أوْل مِن قول بعضهم بأنا َذ َك َرتْ سنّة العشاء ،ومِن قول بعضهم بأنا
ذَ َك َرتْ سنّة الفجر ..الذي يَظهر ل-ما ذكرتُه-بأنا ذَ َك َرتْ الركعتي الفيفتي اللتي كان النب يَفتتِح بما قيام
الليل ..هذا هو الثابت عن النب ،وخي الدي هديه ،ولكن ذلك يَحتاج إل بيان كيفية أداء النب لذه
الصلة ،وهذا أمر فرّط فيه كثي مِن الناس ف هذا الزمان ..نسأل ال-تبارك وتعال-أن يُوفّق السلمي للعمل بسنّته
على وفق ما كان يأت با صلوات ال وسلمه عليه ،وقد ذكرتُ أنّ ذلك يتوقّف على معرفة ستّة أمور بالمس2؛
وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
س :مَن عليه قضاء صلوات ،هل له أن يَشتغِل بها عن السّنن المؤكّدة والرواتب ؟
ج :ل يَشتغِل عن السنن الؤكّدة والرواتب ..يَجمَع بي المريْن لكن ف حالة القضاء قد اختلف العلماء ف قضاء
السّنن ..هل يقضيها النسان أو ل يقضيها ؟ لِلعلماء ف ذلك خلف طويل:
-1منهم مَن يقول :يقضي الوتر وحدها.
-2ومنهم مَن يقول :يقضي الوتر وسنّة الفجر.
-3ومنهم مَن يقول :يقضي سنّة الفجر ول يقضي سنّة الوتر وإنا يصلي ف النهار اثنت عشرة ركعة بدل مِن قيام
الليل والوتر ،بناء على الرواية الت جاءت عند المام مسلم.
-4ومنهم مَن يقول :يقضي سنّة الفجر وسنّة الوتر والسنّة ال َقبْليّة والَبعْدِيَة لصلة الظهر ،بناء على أنّ النب قضى
السنّة البَعْ ِديَة وبناء على الرواية الت فيها أنه قضى السنّة ال َقبْليّة ،ولكن الرواية الت فيها أنه قضى السنّة القَبْليّة ل تَثبت
عنه صلوات ال وسلمه عليه-وإن صحّحها مَن صحّحها مِن أهل العلم-فهي ضعيفة على التحقيق.
-5ومنهم مَن قال :يقضي كل السّنن الراتبة.
وقد ثبت عن النب أنه قضى سنّة الفجر عندما نام صلوات ال وسلمه عليه هو وصحابته الكرام رضي ال-
تعال-عنهم ..قضى السنّة وقضى بعدها الفريضة ،وهذا يدلّ على أنّ النسان يَقضي أوّل السنّة ث يقضي الفريضة،
خلفا لِمَن ذهب إل أنّه أوّل يقضي الفريضة ث يقضي بعد ذلك السنّة ..هذا قول ضعيف ،فقضية الفورية بالفريضة
ل تستدعي أن يَترك النسان السنّة الثابتة عن النب ..خي الدي هديه ،فينبغي للنسان أن يأت بالسنّة أوّل
ث يأت بالفريضة.
والقول بقضاء كل السّنن الراتبة قول قوي.
-فإذن العلماءُ منهم مَن يقول بِقضاء الكل ،ومنهم مَن يقول بسنّة الفجر والوتر ،ومنهم السنّة فقط ،ومنهم مَن
يَقول :الوتر ،كما ذكرتُ-.
-6ومنهم مَن يقول :السّنن الرواتب ل تُقضى وإنا تُقضى السّنن الستقِلة كصلة العيد وسنّة الضحى ..هذه تُقضى.
-2عند الجواب على السؤال 1مِِن حلقة 12رمضان 1425هـ ( يوافقه 27أكتوبر 2004م ).
129
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-7ومنهم مَن يقول :تُقضى السنّة ال َقبْليّة قبل الظهر دون الَبعْدِيَة ،وهذا عجب ،فالَبعْدِيَة ثبت عن النب قضاؤها،
بِخلف السنّة ال َقبْليّة ،ولعل ذلك ناشئ عن عدم تَمحيصهم للروايات عن النب ..وجدوا رواية فيها أنه قضى
ال َقبْليّة ول يَذكُر بأنّ ذلك خاص به ووجدوا رواية قضى السنّة الَبعْ ِديَة ولكنه سئل عن قضائها بالنسبة لغيه فقال" :
ل " فقالوا با قالوه ،وهذا-كما قلتُ-ناشئ عن عدم التمحيص ،فرواية قضاء ال َقبْليّة ل تَثبت ،وخصوصية السنّة
الَبعْ ِديَة ل تَثبت عن النب ،فينبغي للنسان-على كل حال-أن يُمحّص ما ورد عن النب وأن يَعرِف ما ثبت
عنه ويأخذ بذلك ،ل أن يأخد بكل ما وجد مِن الروايات مِن غي أن يَعرِف الصحيح مِن السقيم والغثّ مِن السمي
إل غي ذلك.
و-على كل حال-صلة العيد ثبت عن النب أنه يُؤتى با ف اليوم الثان-ل أنا يُؤتى با ف ذلك اليوم-إذا فات
وقتها ،ووقتها يَفوت بزوال الشمس ..هذا هو الصحيح ،خلفا لِمَن قال بالقول الثان-وذلك للكل ،أما لو فاتت
الشخص هل يقضيها أو ل يقضيها أو يأت بركعتي ؟ فيه خلف بيْن أهل العلم ،ول نظر ف القول بِالقضاء ،1لنّ
هذه مِن الصلوات الت تُصلى جاعة ..هذا متصَر القول ف هذه القضية؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
س :السنن الرواتب ،هل تُصلّى في البيت أم تُصلّى في المسجد ؟
ج :إنّ العلماء قد اختلَفوا ف السنن الرواتب هل الوْل أن تُصلّى ف البيت أو ف السجد ؟ مع جواز المرين جيعا،
خلفا لِمَن شَذّ وقال بِوجوبِ تأديةِ راتبةِ الغرِب ف البيت ،فهذا-إن صحّ عن قائلِه-مِن الشذوذ بِمكان ،فل يَنبغي أن
يُلتفتَ إليه ول أن يُع ّولَ عليه ،وإنّما اللف ف الفضل:
-1فذهبت طائفة كبية مِن أهل العلم إل أنّ الفضل ف السنن الرواتب جيعا سواءً كانت نَهارية أو ليلية أن تُؤدّى
ف البيت.
-2وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنّ الوْل أن تُؤدّى ف السجد.
-3وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل التفصيل فقالت :إنّ الوْل ف النوافل الليلية أن تُصلّى ف البيت بِخلف الرواتب
النهارية فالوْل فيها أن تُصلّى ف السجد.
و-على كل حال-مِن العلوم أنّ النسان عندما َيجِد خلفا بيْن أهل العلم عليه أن يَرجِع إل كتابِ ال-تبارك
وتعال-وإل سنّة رسولِه-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-الصحيحة الثابتة.
ومِن العلوم أنه ليس ف هذه السألة دليلٌ مِن كتابِ ال-تبارك وتعال-وإنّما الدليلُ فيها مِن سّنةِ رسولِه ،فقد
جاءتْ السنّة القولية والفعلية تَدلّ دللةً صرِية واضِحة جِليّة على أنّ السنن يَنبغي أن تُؤدّى ف البيت ..ف السنن
الراتِبة هذا فِعله ،وكذلك جاء ف الحاديث القَ ْولِية عنه صلوات ال وسلمه عليه ،فعندما يَكونُ النسانُ مُتمكّنا
مِن أداءِ السنن الراتِبة ف بيتِه فل يَنبغي له أن يَع ِدلَ إل تَ ْأدِيتِها ف السجد ،أمّا إذا كانت هنالك ظروفٌ تَستدعِي منه
أن يَأتِيَ بِها ف السجد فل بأس بذلك ،وكذلك إذا كان النسان يَرجِعُ إل دُكّانٍ أو ما شابه ذلك فإذا صلّها ف
-1تكلم الشيخ في هذا عند جوابه على السؤال 9مِِن حلقة 28رمضان 1425هـ ( يوافقه 12نوفمبر 2004م ).
130
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
موضعِه ذلك فذلك حسن ،لنّ ذلك أقرب إل البيت ،فإذن الوْل أن يَكونَ ذلك ف البيت؛ وال-تبارك وتعال-
أعلم.
س :سواء كانت السنن القبلية أو البعدية ؟
..كان يُصلّي السنن ف بيتِه سواءً كانت قبلية أو كانت بعدية. ج :نعم ،هذا هو الثابت مِن فِعل النب
س :ويَستوِي في ذلك عندكم النهارية والليلة ؟
. ج :أي نعم ،ل فرْق ف ذلك ،لنّ ذلك هو الثابت مِن سنّة النب
س :هل تُستثنَى المؤكّدات أم الكل يَشمَلها ؟
ج :الكل ،فالرسولُ كان يُصلّي سنّةَ الفجر ف بيتِه وهكذا بالنسبة إل سّنةِ الغرب والفجرُ مؤكّدة والغرب راتِبة
وعلى قولٍ مؤكّدة والوّل أقربُ إل الصواب ،والُولَى-أعن سنّةَ الفجر-قبلية والثانية بعدية ،وكذلك بالنسبة إل
سّنةِ الظهر فقد كان-صلوات ال وسلمه عليه-يُصلّيها ف بيتِه.
أمّا مَا جاء عن ابن عمر فيُمكِن أن يُح َملَ ذلك على بعضِ الحوال ويُمكِن أن يَكونَ ذلك أنّه كان يُؤدّي ف السجد
سّنةَ تية السجد؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
ن خيرَ صلةِ المرءِ في بيتِه إل الـمَكتوبة ) ؟
(:إّ صحّة ما يُروى عن النبي
س :ما ِ
ج :على كل حال؛ هذا حديث ،وهنالك أحاديثُ كثية جدا جدا تَدلّ على أنّ الفضل ف النوافل أن تَكونَ ف
البيت ،وهذا هو الذي كان يَفعلُه النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-والذي َحثّ عليه أيضا ،وفيه مِن الفوائد
الدينية ما ل يَخفى.
س :صلة السنن في النهار أو في الليل ،هل يُسلّم بعدَ كلّ ركعتيْن ؟
ج :أما ف الليل فقد ثبتَ عن النب -ف الديثِ الصحيحِ الذي جاء عنه-أنه قال ( :صلةُ الليلِ مثن مثن ) ..
هكذا نَصّ الديثُ الثابت عن النب ،ولذلك نقول :إنّ صلةَ اللّيل تَكونُ مثن مثن ،ول معن لِما جاء عن
بعضِهم مِن أنه يُصلّي إن شاء أربعا أو ما شابه ذلك مِن غيِ فصل ..هذا ل داعي إليه ول يَنبغي أن يُؤ َخذَ بِه ما دام
الديثُ قد ثبتَ عن النب ..نعم قد جاءتْ كيفياتٌ مُتعدّدة لِصلةِ الوتْر ،فقد جاء عن النب أنه كان يُصلّي
الوتْر ثلث عشْرة ركعة-وف الواقع هذا ال ِوتْر مع قيامِ الليل-وكان يَفصِل بيْن ك ّل ركعتيْن ،و-هكذا-جاء أنه كان
يُصلّي إحدى عشْرة ركعة يُسلّم بعد كلّ ركعتيْن ،وجاء ف بعضِ الروايات أنه كان يُصلّي ثَمَان ركعات وكان
يَجلِس بعدَ الركعة الثامنة ..يَسْرد الثمان َسرْدا ويَجلِس بعدَ الركعة الثامنة ،وجاء-أيضا-أنه كان يُوتِر بِسبْع
ويَجلِس بعدَ السادسة ،وجاءتْ فيها روايةٌ أخرى وهكذا ،لكنّ الذي أَرشدَ إليه أ ّمتَه ما ذَ َكرْناه مِن الديث ،فإذا
صَلّى شخصٌ القيام بِتلك الكيفيات الت جاءتْ عن النب وبعضُها يَحتاجُ إل شيءٍ مِن التّمحيصِ والنّظر فذلك
نعم لكن السنّة كما ذكرت ،ث تلك الكيفيات ليس فيها اللوس بعد كل ركعتيْن ركعتيْن وإنّما َقْبلَ الخية أو فيها
سرْد.
ال ّ
أما بِالنسبةِ إل صلةِ النهار فقد اختلَف أهل العلم ف ذلك:
131
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
منهم مَن قال :إنّ الوْل أن يُصَلّيَ الربع مِن غيِ أن يُسلّم ..يَجلِس بعد الركعة الثانية ويَأتِي بِالتشهّد الوّل ث يَقومُ
إل الركعتيْن الخريَيْن.
ومنهم مَن قال :الوْل أن يَفصِلَ بِالسّلم.ومنهم مَن قال :هو مُخيّر.
فإذن ف الليل يَفصِلُ بِالسّلم وذلك هو الذي َدلّ عليه الديث ،أما التخيِي فل داعي إليه-كما ذَ َك ْرتُ-اللهم إل إذا
َأتَى بِال ِوتْر على شيءٍ مِن تلك الكيفيات الت أشرتُ إليها ولكن ليْسَ فيها أن يَجلِسَ بعد كل ركعتيْن بعد كل
ضحٌ جلِي يَدلّ ركعتيْن مِن غي تسلِيم.أما بِالنسبةِ إل الصلوات النهارية ففيها اللف الذكور ،وليس هنالك دليلٌ وا ِ
على ترجيحِ واحدٍ مِن القوليْن فلذلك ذَ َهبَ مَن ذَ َهبَ مِن أهل العلم إل أنّ النسانَ مُخيّر ف ذلك.
وأقوى ما استَدلّ به الذين قالوا بِالفصْل بِالتّسلِيم كصلةِ الليل ما جاء عن السيدة أمّ هانئ-رضي ال تعال عنها-أنّها
ذَ َك َرتْ أنّ النب عندما صَلّى ف بيتِها ف عامِ الفتح أنه كان يُسلّمُ بعدَ كل ركعتيْن ،وهذا الديث ف أصلِه صحيحٌ
صلِ ثابِت ..أي مِن غْيرِ ذِ ْكرِ التّسلِيم ..أنه صَلّى ثان ركعات هذا حديثٌ صحيحٌ ل شكّ فيه ،وأما بِالنسبةِ إل الفَ ْ
بِالتسليم فقد ذَ َكرَ النووي ف " الجموع " وبعده الافظ ابن حجر ف " التلخيص " بِأنّ إسنادَه على شرطِ " صحيحِ
ضعْف ،وذلك لنّه مِن طريقِ عياض بن عبد ال الفِ ْهرِي وهو البخاري " وليس المر كما ذَ َكرَاه بل هو حديثٌ فيه َ
مُن َكرُ الرواية ف مثلِ هذه الالة ..أي عندما يَتف ّردُ بِمثلِ هذه الزيادة عن غيِه.
و-أيضا-استدلّوا بِحديثِ " :صلةُ الليلِ والنهار مثن مثن " أي بِالزيادةِ الت جاءتْ فيه " :والنهار " إل أنّ هذه
الرواية شاذّةٌ عندي وإن ق ّوتْها جاعةٌ مِن أهل العلم كالبخاري وابن خزية وابن حبان ومَن سار على نَهجِهم ولكنّ
الصحيح أنا روايةٌ شاذّة لنّها مِن طريقِ البَارِقِي ول يَقوى على مُخالَفةِ العددِ الكبي والمّ الغفي فقد جاءتْ هذه
الرواية بِلفظِ " :الليل " فقط مِن طريقِ أكثرَ مِن خسةَ عشر راويا لَم يَذكُروا هذه الزيادة وتَف ّردَ بِها هذا الراوي الذي
ل يُقَبلُ تَف ّردُه ف مثلِ هذه القضية ..نعم قد تُوبِعَ ولكن تلك التابَعات ل قيمةَ لَها.
وقد جاءتْ رواياتٌ أخرى ولكنّها مِن الضّعْف بِمكان ،فرواياتُ الفصْل ل تَصِحّ عن النب بِحسبِ هذه السانيد
الت وَجَدْناها.وقد جاء عن ابن عمر-رضي ال تعال عنهما-وهو الراوي لِحديثِ ( :صلةُ الليلِ مثن مثن ) الذي
جاءتْ فيه هذه الزيادة أنه كان ل يَفصِل بيْن كلّ ركعتيْن بل يَقوم بعدَ أن يَأتِيَ بِالتشهّدِ الوّل مِن غيِ سلم وهو
الراوي لِذلك الديث ونَحنُ نقول :إنه إذا تعارَض رأيُ الراوي مع روايتِه أنه تُق ّدمُ روايتُه على الصحيحِ الراجِح
ولكن عندما يَكونُ ف إسنادِ تلك الرواية شيءٌ مِن الكلم ولسيما ف مثلِ هذه الرواية الت يَت َك ّررُ العملُ بِها فإنّ
التّرجِيحَ لِروايةِ ابن عمر الوقوفَة عليه أقربُ إل الصواب ،فهذا هو القرب كما قلتُ1؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :ما حكمُ الصلة قبلَ صلةِ الجمعة ؟ وهل ثبتت صل ٌة بعد صلة الجمعة سواء في البيت أو في
المسجد ؟
-1قال الشيخ عند جوابه على السؤال 1مِن حلقة 24رمضان 1425هـ ( يوافقه 8نوفمبر 2004م ) " :الفضل في
ن يَ ْفصِل النسان فيها بِالسلم ،أما بِالنسبة إلى الصلوات ال ّنهَا ِريّة فالمر مُختلَف فيه ،وكِل المريْن جائز
صلوات الليل أ ْ
وإنّما الخلف في الفضل ".
132
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :أما بالنسبة إل راتبة المعة القبلية والبعدية ..أما البعدية ..والوْل كان أن أقدم القبلية ولكنن أقدم البعدية
لنّها ثابتة عن النب بلف القبلية فسيأت ما فيها
السنّة البعدية بعد صلة المعة-نعم-ثابتة ،فقد ثبت عن النب بالسناد الصحيح الثابت أنه كان يصلي بعد
المعة ركعتي ..هذا حديث صحيح ثابت ل كلم فيه.
وقد جاءت روايات تدلّ على أنه كان يصلي بعدها أربعا ولكنها ل تثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه ،وإنّما
الثابت عنه الركعتان ،وجاءت رواية قولية عند المام مسلم فيها المر بأربع ركعات ولا ألفاظ متعدّدة منها" :
مَن كان منكم مصليا بعد المعة فليصل أربعا " ولا ألفاظ قريبة مِن هذا اللفظ ،ولذلك اختلَف العلماء ف السنّة
الشروعة وما هو الوْل فيها:
فمنهم مَن قال :إنه يصلي ركعتي.
ومنهم مَن قال :يصلي أربعا.
ومنهم مَن قال :يمع بي الروايتي:
منهم مَن رجّح القولية-كما قلتُ-فقال " :يصلي أربعا ،لنّ القول مقدّم عند التعارض ".
ومنهم مَن رجّح الفعلية لنّها أقوى مِن حيث السناد.
ومنهم مَن قال :يمع بينهما ..يصلي ركعتي ث يصلي أربعا.
ومنهم مَن قال :يصلي تارة ركعتي ويصلي تارة أربعا ،فيكون قد أخذ بذه الرواية تارة وأخذ بالرواية الخرى تارة.
ومنهم مَن قال بِالتفصيل فقال :إن صلى ف السجد فإنه يصلي أربعا وإن صلى ف البيت فإنه يصلي ركعتي كما جاء
عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
و-كما قلتُ الثابت مِن فعلِه أنه كان يصلي بعد المعة ركعتي.
وما جاء أنه صلى أربعا أو ستا فإنه ل يثبت عنه-صلوات ال وسلمه عليه-البتّة ،والرواية القَ ْولِيَة فيها نظر لنا مِن
طريق سهيل بن أب صال َولَم تتّفق كلمة أهل العلم على توثيقه بل منهم الادح له ومنهم القادح فيه ،فمنهم مَن ل
يتج بروايته ومنهم مَن يرى أنّ روايته ثابتة ولسيما ف مثل هذه المور ،وهو ف القيقة يَحتاج إل شيء مِن النظر
ولسيما عند الـ ُمخَالَفة فهو وإن لَم تكن روايته هاهنا مُخاِلفَة ف الفعل ولكن الصل أنّ النب كان يأت
بالعمال أكثر مِن غيه وما قيل بِأنّ النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم لعله كان يُطيل الركعتي فهي أطول مِن
حيث الكيفية أو أنه نظرا لشتغاله بِالطبة وما شابه ذلك كان يَخْتصر إل الركعتي أو " هو تشريع "،
نقول :أمّا بِالنسبة إذا قيل " :هو تشريع " فل كلم ..علينا أن نُسَلّم لِما جاء عن النب ولكن ذلك حيثُ ل
يكون هنالك كلمٌ ف الرواية الروية عن النب ورواية سُهَيل فيها ما فيها مِن الكلم.
فإذا اقتصَر النسان على الركعتي الثابتتي عن النب ثبوتا ل شك فيه فذلك حَسن جَميل وإن صلى ف بعض
الحيان أربعا فإذا كانت نفسه تطمئن إل تلك الرواية فل مانع مِن ذلك وإن صلى ركعتي أوّلً ث زاد بعد ذلك
فأيضا ل بأس بِذلك بِمشيئة ال تبارك وتعال ،ولكن الذي نستطيع أن نَجْزم بثبوته هو الركعتان وما عدا ذلك فهو
133
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
مشكوك فيه لِما ذَ َكرْتُه مِن الكلم ف رواية سُهيل بن أب صال ففيها-حقيقة-مِن الكلم الذي ل تَطْمَئن النفس إل
قبولِ مثلِ هذه الرواية عنه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
أمّا بالنسبة إل السنّة القبلية ف يوم المعة هنالك أمران يَنبغي التفريق بينهما:
أحدهاُ :مطْلَق الصلة ..أي أنّ النسان إذا دخل السجد أو كان ف بيته-أيضا-أنه ينبغي له أن يُصلّي ف هذا اليوم
فنعم ذلك ثابت مِن قولِ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-مِن طريق سَلْمان ،وقد جاء ذلك-أيضا-مِن طريق أب
هريرة وإن كان ف إسنادِه سُهيل وقد أشرنا إل ما فيه ولكنه ف هذه الرواية لَم يُخالِف بل تُؤيّ ُد روايتَه الروايةُ
السابِقة ،وقد جاء ذلك-أيضا-مِن غي هاتي الطريقي ،فهذا المر ثابتٌ عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
ولكن ذلك لَم ُيحَدّد بِعد ٍد معيّن مِن الركعات فليُصلّ النسان ما شاء كما جاء ذلك ف الديثِ الثابت عن النب
..كما جاء ( :فَليُصل ما قُ ّدرَ له ) أو ما شابه ذلك مِن اللفاظ فهذا ثابِت ،ول ينبغي لِلنسان أن يَتَكَاسَل ف ذلك،
فإذا جاء النسان قبل سَاعة أو قبل نصف ساعة أو أكثر أو أقل فليُصل ما شاء مِن الركعات حت لو كان ذلك ف
وقتِ الزوال فإنّ ذلك الوقت ل يُنْهَى عن الصلة فيه ف هذا اليوم فهو مستْثنَى مِن النّهْي على القول الصحيح وإن
كان فرّق بعضُهم بيْن مَن كان ف السجد ومَن كان ف غيه إل غي ذلك ولكنن ل أرى دليل على التفريق فليُصلّ
النسان ف ذلك ما شاء.
والثان :كون ذلك سنّة قبلية كما هو الال ف سنّة الظهر القبلية أو ف السنّة البعدية أو ما شابه ذلك فهذا قد
اختلَفتْ فيه كلمة المّة:
-1ذهب بعضهم إل أنّ لِلجمعة سنّة قبلية كما هو الال ف الظهر.
سبَ إل أكثر أهل العلم-إل أنّه ليست هنالك سنّة قبلية للجمعة ،وهذا هو الذي -2وذهبت طائفة مِن أهل العلم-ونُ ِ
أذهب إليه ،إذ إنن ل َأجِد روايةً صحيحة عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-تدلّ على ذلك ،ومِن
العلوم أنّه عند اللف يَنبغي لِلنسان أن يَرجع إل الثابت مِن قول وفعل النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه
وسلم ،ونَحن عندما رجعنا إل السنّة فإننا وجدنا بعضَ الروايات الت تدلّ على ذلك منها ما يدلّ على الركعتي
ومنها ما يدلّ على الربع ..جاء ذلك مِن طريق ابن عمر وجاء ذلك مِن طريق ابن عباس ومِن طريق ابن مسعود
ومِن طريق علي بن أب طالب وكلّ ذلك ل يَصِح ..على كل حال؛ ل أرى داعيا لذكر ما ف تلك الروايات مِن
العَِللِ لنّ القام سيطول بِه لنّ ف بعضها أربع ِعلَل وف بعضها ثلثا وف بعضها اثنتي وذلك يَطول بِه القام ولكن
هي مِن الضّعف بِمكان ،وقد وَجّه إلّ بعضُ الخوان سُؤال ف ذلك ولعلّي أتفرّغ لِلجابة عليه بِإطالة إن وفّق ال-
تبارك وتعال-إل ذلك.
ومنهم مَن استدلّ بِحديث ( :بَيْن كل أذاني صلة ) ،ول دليلَ ف ذلك البتّة ،لنّ الذان الوّل لِصلة المعة حَادِث
..ل يَكن ف عهد النب فل يُمكن أن نستدِلّ بِهذه الرواية على ذلك وأنّ هذا هو القصود بِالذان الوّل ،فالذان
الوّل هو الذان الثان الذي يَخطب الطيب بعدَه مبا َشرَة ..هذا الذان الوّل والذان الثان هي القامة فإنّ القامة
يُطلَق عليها لفظ " الذان " ،وقيل :إنّ ذلك على سبيل التّغْلِيب ،فكما يُقال " العُ َمرَان " و " القَ َمرَان " إل غي ذلك.
134
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ومنهم مَن أَ ّولَ ذلك بِتأويل فيه بُعْد-كما أشرتُ إليه بِالمس-1فل يُمكن أن نستدِل بِهذا الديث على ذلك البتّة.
سبَة ذلك وإل فهي ومنهم مَن است َدلّ على ذلك بِرواية تُروى عن النب مِن طريق ابن الزبي فيها أنّه ..على نِ ْ
ل تَصِح كما ستأت الشارة ..فيها " :مَا مِن فريضة إل وبي يديها ركعتان " ،وهذه الرواية-ف حقيقة الواقع-ل
تثبت فهي مِن الروايات الت ل تثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،وبيان ذلك له موضِع آخر.
ومنهم مَن است َدلّ بِأنّ النب -كما جاء مِن طريق أب أيوب-كان يُصلي سنّة الظهر القبلية حت ف السّفر ،فقد
جاء عن أب أيوب أنه سافر مع النب ف ثَمانية عشر سفرا-أو ما هذا معناه-وكان يُصلي قبل الظهر ركعتي،
ولكن هذه الرواية ضعيفة ل تَثبت عن النب ث على تقدير ثبوتِها-وهو بعيد جدا-فهي ف صلة الظهر.
ومنهم مَن قاس ذلك على السنّة القبلية قبل الظهر ،وذلك فيه مِن البعد ما ل يَخفى فالفرق بينهما أوضح مِن أن
يَحتاج إل إيضاح.
ومنهم مَن أخذ ذلك مِن بعض أفعال الصحابة ،وتلك الفعال-ف حقيقة الواقع-ف النفل الطلق ل ف سنّة قبلية قبل
فريضة المعة.
والاصل أنّ الصحيح عندنا أنه ليست هنالك سنّة قبلية قبل فريضة المعة-كما هو الال ف فريضة الظهر-ولكن
يَنبغي لِلنسان أن يَتنفّل ما شاء قبل فريضة المعة وقبل خُطبتها ،لكن نَرى كثيا مِن النّاس أنّ الواحد منهم يأت
ويصلي ركعت تَحية السجد ثُم يبقى إما يقرأ أو يذكر أو يبقى جالسا هكذا وعندما يؤذن الؤذن تقوم المّة جيعا
تصلي ..تظنّ أنّ ذلك مِن السنن الواجبة الت لبد منها فهذا ل أصل له ،وهذا هو الذي شدّد فيه مَن شدّد مِن أهل
العلم ووصفه بالبدعة ،ومع ذلك نقول :إنّه ل ينبغي التشديد ف مثل هذه القضايا فإنّ أهل العلم قد اختلَفوا ف هذه
السألة وما دامت السألة خلفية ينبغي للنسان أن يأخذ بِالرجَح وأن ُيبَيّن ذلك بالسلوب الواضِح الفِيد ،أما أن
صفَهم بِأنّهم مِن البتدِعة أو ما شابه ذلك مع أنّهم يأخذون بِرأي مَن يَقول بِمشروعيةِ هاتي يَتشدّد مع الناس أو أن يَ ِ
الركعتي بل وأنّهما مِن السنن الثابتة عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلمَ-ف َفرْق بيْن السائل القطعية وبي السائل
صفَه بِالتكاسل وبعدمِ الظنية لكن نقول :ينبغي أن ننبه الناس أنّ مَن أراد أن يأخذ بذلك فل يََتنَطّع على غيه وأن يَ ِ
ُحبّ الي أو أنه يَُنفّر عن ذلك أو مَا شابه ذلك ..كلّ ،فإن كان هو يريد ذلك فليفعل ولكن ليس له أن يتشدّد مع
غيه ،كما أنّ الغي-أيضا-ينبغي له أن يُ َوضّح ذلك بِالسلوب الواضِح الرّزين الستنِد إل الجّة الثابتة عن النب-صلى
ال عليه وعلى آله وسلم-وبعد ذلك فلبد مِن أن يُفرّق بيْن السائل القطعية وبيْن السائل الظنية ..هذا ما َأ َودّ أن ُأَنبّه
عليه الن بِاختصار وهذا ليس خاصّا بِهذه السألة بل هو شامل لكلّ مسألة من السائل ..يأخذ النسان بالثابت
الصحيح عن النب وُيَنبّه النّاس عليه وبعد ذلك لبد مِن التفريق بي السائل الختلَف فيها وبي السائل الـ ُمّتفَق
عليها بي أهل العلم ،وهذه السألة ف القيقة تتاج إل إطالة ..ل أقول مسألة الصلة قبل المعة ولكن مسألة
السائل اللفية والتّفريق بي السائل القطعية وبي السائل الظنية وبي-أيضا-ما ثبت بالدليل الواضح اللي الذي ل
غموض فيه مِن السائل وإن كانت ظنية وبي السائل الت ليس فيها دليل واضح ..إمّا فيها أ ِدلّة مُختلَف فيها بي أهل
-1عند الجواب على السؤال 1مِِن حلقة 13رمضان 1425هـ ( يوافقه 28أكتوبر 2004م ).
135
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
صرَة ف الواب الذي العلم ف ثبوتِها وعدم ثبوتِها أو ف دللتها أو ما شابه ذلك ولعلنا نشي إل ذلك ولو بإشارة مُختَ َ
قلنا لعل ال-تبارك وتعال-يُوفّقنا لِلكتابة عليه ف السألة الذكورة؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :يعن فيما تقولون الن لِلنسان أن يصلي النوافل قبل الطبة لكن مِن غي أن يعتب ذلك أنه مِن السنّة ؟
ج :نقول هو سنّة لكن ليست بسنّة راتبة ..بِمعن أنّ النسان يُمكن أن يصلي مِن الساعة التاسعة أو قبل أو العاشرة
أو الادية عشرة إل غي ذلك ..هذا مشروع ..يُصلي ما شاء ويَذكر ما شاء َوْليَْنظُر الصْلح مِن حيث إذا كان
نشيطا لِلصلة أو كان غي نشيط أو كانت هنالك ضَ ْوضَاء و-طبعا-ل ينبغي أن تكون هنالك ضوضاء ف بيوت
ال-تبارك وتعال-لنا إنّما بُِنيَت لعبادته ل مِن أجل القيل والقال والخذ والرّد والكلم الذي ل قيمة له ول
داعي إليه.
لكن بالنسبة إل السنّة الرّاتبة ..أي عندما تزول الشمس هَل يقال هنالك سنّة ف هذا الوقت تُسمى سنّة الزوال ..
خيّر بيْن المرين ؟ نقول :ليست هنالك سنّة على الصحيح عندنا. يُصلي النسان ركعتي أو يصلي أربعا أو أنه ُي َ
ن له أن يُصلي في البيت قبل أن يصعد المنبر ؟
س :بالنسبة إلى صلة الجمعةِ الخطيبُ ،هل يُس ّ
ج :أما السنّة الراتبة-فكما قلتُ ليست هنالك سنّة راتبة.
وما جاء أنّ النب كان يصلي كما جاء ف حديث ابن عمر فيُجاب عنه :إما أنه كان يصلي قبل زوال الشمس أو
أنّ ذلك ف القيقة موقوف على ابن عمر ،فالرواية جاءت ُمطَوّلة ..جاءت أنّ ابن عمر-رضي ال تعال عنهما-كان
يصلي قبل المعة ث كان يصلي بعد المعة ركعتي َولَها ألفاظ متعددة وذَكر فيها أنّ ذلك هو الذي كان يفعله النب
:
فبعضُ العلماء أخذ مِن هذا أنه كان يفعل المرين معا قبل الصلة وبعد الصلة.
وبعضهم-وهو الصحيح-حَمَل ذلك على أنّ الرفوع مِن الرواية هو ما كان يفعله بعد المعة أمّا مَا قبل ذلك فهو
مِن فعل ابن عمر ،ول شك بِأنّ هذا الصواب كما قلتُ.
والذين قالوا " :إنه كان يَفعل قبل ذلك " قالوا :كان يَفعل قبل زوال الشمس أمّا بعد زوال الشمس فكان يذهب
لطبة المعة.
و-أيضا-هنالك روايات استدلّ با الذين قالوا بِالشروعية ،منها :أنّه كان إذا خرج مِن البيت صلى ركعتي،
وهذه الرواية فيها مِن الضعف ما فيها ،ث إنه ل دللة فيها على الطلوب ،والسألة تتاج إل تفصيل طويل عريض ..
ل أقول " :إنن سأطيل " ولكن سأجيب بِما يُقَدّره ال-تبارك وتعال-ولو على وجه الختصار بِما فيه الكفاية
بِمشيئة ال تبارك وتعال.
س :لو نزلنا إلى واقع الناس نَجد أنّ هناك عددا مِن التصرفات يقوم بها بعضُ الناس فالبعض يدخل والمام
يَخطب فمنهم مَن يجلس ومنهم مَن يصلي والبعض يجلس فإذا سكت المام بيْن الخطبتين قام فصلى ،هل هناك ...
؟
شرَع للنسان أن يصلي أبدا ..هذا إذا كان ف السجد.
ج :أما إذا شرع الطيب ف الطبة فل يُ ْ
136
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أمّا إذا دخل ف السجد فإنه يُشرع له أن يصلي ركعتي ،وذلك منصوصٌ عليه ف سنّة النب وهو صحيح ثابت،
ل ينبغي لِلنسان أن ُيفَرّط فيه حت أنّ النب قطع خُطبته وَأ َمرَ ذلك الرجل الذي دَ َخلَ السجد أن يُصلي ركعتي
وأن يََتجَ ّوزَ فيهما ..هذا حديث صحيح ثابت عن النب .
-وقد اعترض عليه بعضُ الذين ل يرون ذلك بِما يَ ْق ُربُ مِن عشرة اعتراضات ،وذِكرُ تلك العتراضات مَع الرّد
عليها يطول به القام فل أرى داعيا لِذِكرها الن ،فالديث صحيح واضح ل إشكال فيه.
وقول مَن يقول " :إنّ النب نَهى حت عن المر بالعروف " ...إل آخر ذلك " وذلك واجب فكيف يقال
ضرِب له المثال فما بِمشروعية السنّة مع أنّها ليست بواجبة ؟! " أقول :علينا أن نأخذ بِما جاء عن النب وألّ َن ْ
َأ َمرَنا به فعلناه وما نانا عنه تركناه أما أن نر ّد بعض الحاديث ِلعِّلةٍ نتوهّمُها أو ما شابه ذلك فهذا مِمّا ل ينبغي-.
ولكن ينبغي لِلنسان أن يتجَوّز ف هاتي الركعتي وألّ يطيل ..هذا هو الثابت.
أما مَن كان جالسا ف السجد فليس له أن يقوم وأن يصلي ركعتي ل ف وقت الطبة الول ول ف وقت الطبة
الثانية ول بي الطبَتيْنِ.
فنعم نرى كثيا مِن الناس يقومون بعد النتهاء مِن الطبة الول ويأتون بركعتي وهذا مُخالِف للسنّة تَمام الخالَفة،
فينبغي أن يَُنبّه الناس إل أنّ ذلك ليس مِن هدي النب بل هو مُخالِف له مُخالَفة صارِخة فعليهم أن ينتبهوا لِهذه
القضية وألّ يقعوا ف مُخالَفة صارِخة وأن َيبْتَدِعوا بدعة سيئة يَظنّون أنّهم يَأتون بِالي وأنم يُحسنون صُنعا وهم ف
حرّم عليهم ل يوز لم. القيقة يَأتون بِما هو ُم َ
و-حقيقة-كثي مِن الناس يريدون الي ولكنهم ل يعرفون أبواب الي كهذا الشخص الذي يقوم يصلي ف هذا
الوقت وكبعض الناس الذين يدخلون السجد ف يوم المعة ويقومون بتخطي الصفوف ويُؤذون عبادَ ال-تبارك
وتعال-ويَ ُمرّون أمامهم ف وقتِ الصلة ،فقد شاهدتُ ف المعة هذه شخصا دَخل السجد وأخذ يتقدّم ويتقدّم
ويَ ُمرّ أمام الناس الذين يُصلّون السنّة ..مَرّ أمام جاعةٍ مِن الناس الذين يُصلّون السنّة مِن أجل أن يَجلس ف الصف
الول ..لشك أنّ الصلة ف الصف الول أفضل مِن غيه كما ثبت ذلك ف السنّة ولكن ليس معن ذلك أنّ
النسان يَتخطّى رِقاب الناس ويُؤذيهم ويَ ُمرّ أمامهم وَهُم يُصلّون ..يَقع ف مُخاَلفَات:
-1يتخطى الصفوف وهذه مالفة.
-2ويؤذي عباد ال-تبارك وتعال-وهذه مالفة صارخة.
-3ويَمر أمام الصلي وهذه مُخالفة صارخة ثالثة ..إل غي ذلك ..لاذا هذا ؟! إذا كان يريد أن يصلي ف الصف
الول َف ْليَتقدم وف ذلك خي كبي وإذا تأخر فليصل ف الوضع الذي يُمكنه أن يصلي فيه مِن غي أن يؤذي عباد ال-
تبارك وتعال-ومِن غي أن يَمر أمام عباد ال-تبارك وتعال-وهم يصلون وهذا مع أنه مُخالِف لِلسنّة-أيضا-فيه إيذاء
لِعبادِ ال-تبارك وتعال-فل شك أنّ النسان إذا َمرّ أمام غيه فقد آذاه لنه ل يرغب ف ذلك وهو مأمور بِدفعِه،
فالذي يُريد الي فليأتِه مِن بابِه وإذا كان ل يَعلَم فليسأل مَن يَعلم أما أن يَصنع شيئا وهو ل يَدريه فييد أن يُحسِن
137
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
صُنعا ويقع ف الخالَفات الصارِخة فهذا-والعياذ بِال تبارك وتعال-ينبغي لِلمؤمِن ألّ يقع فيه بل ول يَحُوم حول
حِماه.
ض الخوة " :نصلي سنّة الفجر قبل الفريضة بِخمس دقائق " ،هل هذا الكلم
س :أحد الشخاص قال له بع ُ
صحيح ؟
ج :القضية أنه لَم يقتصر على هذا بل وصف ذلك بالوجوب ،1و-حقيقة-ينبغي لِلنسان أن يُفرّق بيْن الواجِب
وغيه وبي الواجِب والندوب وبي الحرّم والكروه وبي هذه الحكام وبي الباح ،فهذا مِن أهم المور ..مِن
صفَ الواجِب بعدم الوجوب أو َيصِفَ غي الواجِب المور الضرورية الت لبد مِن أن ُيفَرّق النسان بينها ألّ يَ ِ
بالوجوب إل غي ذلك مِن الحكام الشرعية ،ولكن الوقت هاهنا ل يكفي لِتفصيلِ هذا حت َيتََنبّه الناس ،ومِن
الضروري أن يُعَلّموا مثل هذه المور.
على كل حال؛ سنّة الفجر ليست بواجبة ولكنها مؤكّدة ،وهي ( خيٌ مِن الدنيا وما فيها ) كما-ذكرنا-2ف
الديث ،فل يَنبغي التّ ْفرِيط فيها وإن كانتْ ليست بواجبة.
وأمّا بِالنسبة إل وقتِها فَكما قلنا 3بعدَ طلوعِ الفجر إل صلةِ الفجر ،أمّا هل يُقَدّمها أو يُؤخّرها فذلك إليه ،وقد ثبت
عن النب أنه كان يُصلي بعدَ طلوع الفجر ثُم يضطجِع أو يتحدّث مع زوجِه السيدة عائشة رضي ال-
تبارك وتعال-عنهاَ ،وثَبت عنه-أيضا-أنه كان يَض َطجِع بعدَ قيامِ الليل ثُم يُصلّي السنّة قبلَ فريضةِ الفجر مباشَرة ..
جاء ذلك عنه صلوات ال وسلمه عليه.
أما استشكال مَن استشكل بِأنّ هذه الرواية فيها شيءٌ مِن الضطراب:
-1أما بِالنسبة إل الروايات الت جاءتْ عن بعضِ الصحابة كذا وعن بعضِهم كذا فل اضطراب أبدا ،لنه كان تارة
يفعل كذا وتارة يفعل كذا.
-2أما الذي جاء عن صحاب واحد فهذا يَنبغي أن يُْنظَر إليه هل ُيرِيد بِه مرّة واحدة أو ُيرِيد تارة كذا وتارة كذا،
ولِذلك موضِع آخَر.
لكن الذي يَهمّنا ف هذه القضية أنه يُمكِن أن يُقدّم وأنه يُمكن أن يُؤخّر فالاصل لبد مِن أن يكون ذلك بيْن طلوعِ
الفجر وبيْن فريضةِ الفجر؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :سنّة السّحور ،هل الفضل أن تُصلّى في البيت أو في المسجد ؟
ج :الصل ف السنن-كما قلنا الفضل أن تُصلّى ف البيت إل إذا كانتْ هنالك حاجة لِصلتِها ف السجد أو
كانت-مثل-هنالك جَماعة وهذا الشخص ل يَحفَظ إل الّنزْر اليسِي مِن القرآن فأراد أن يُصلّي مع الناس لِتِلك الزيّة
ضلِ ما فيه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم. فذلك وإل فالفضل له ولو كان يَحفَظ قلِيل أن يُصلّي ف بيتِه وف ذلك مِن الف ْ
-1والسؤال-كما َو َردَ في المكالمة-هو " :أحد الشخاص قال ' :ل َيجِب أن تصلى سنّة الفجر قبل الفرض إل بِخمس دقائق
..أي ل َيجِب صلتها قبل ربع ساعة أو عشرة دقائق ،فهل هذا كلم صحيح ؟ ' ".
-2عند الجواب على السؤال 3مِِن حلقة 12رمضان 1425هـ ( يوافقه 27أكتوبر 2004م ).
-3عند الجواب على السؤال 3مِِن حلقة 12رمضان 1425هـ ( يوافقه 27أكتوبر 2004م ).
138
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
في التشهد الوّل ،هل فيه بأس ؟ س :مَن يصلي على النبي
ج :إنّ الصّلة على النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-مِن أَ َجلّ ال ُقرُبات وأفضل الطاعات ،وقد َأ َمرَ بِها
ال-تبارك وتعال-ف كتابه العظيم ،1و َحثّ عليها رسوله الكري ف ُسنّتِه الصحيحة الثابتة عنه صلوات ال وسلمه
ضلَ الصلة عليه صلى ال عليه وعلى آله وسلم ولسيما ف بعضِ الواضع كما هو منصوصٌ عليه ف عليه ،وَبيّن َف ْ
كتبِ السنّة الصحيحة عن النب صلوات ال وسلمه عليه ،وقد ألّف بعضُ العلماء بعضَ الؤلّفات ف الصلةِ على النب
وما يَتعلّق بِها مِن أحكام ،والكلمُ على ذلك َيطُول جِدا جِدا ،كما هو َمبْسُوطٌ ف تلك الؤلفات ،وبعضُها
يَحتاجُ إل شيءٍ مِن التحرير.
وقد اختلَفتْ كلمةُ أهلِ العلم ف ُحكْمِ الصلة على النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،خلفا لِمَن ادّعَى
إجاعَ المّة على أحدِ القوال فيها.
وقد ذكرتُ-أكثر مِن مرّة-أنّه يَنبغي الّت َريّث والتّ َدبّر عند وجودِ حكاياتِ الجْماع ف كثيٍ مِن السائل ،فإنّ كثيا
مِن تلك الكايات ل َتثْبُت على الصحيح عند َمنْ يتأمّل ف كتبِ أهل العلم ،فإنّ كثيا مِن تلك الكايات ف حقيقة
الواقع باطلة ،وقد اختلَف العلماء ف كثيٍ مِن تلك السائل على أقوالٍ متع ّددَة ،وقد يكون القول القّ خلفا لِذلك
الجاع الزْعُوم.
والصلةُ على النب-صلوات ال وسلمه عليه-ف التشهّد الثان ثابتة ف السنّة ،وقد قال بذلك جهور المّة ،واختلَفوا
ف حكمها:
منهم مَن ذهب إل أنّها واجبة عليه-صلوات ال وسلمه عليه-ف ذلك الوضع.
ومنْهُم مَن قال بِسنيتها.
بل ذهب بعضُ أهل العلم إل أنّها ركن مِن أركان الصلة ،فمَن لَم َي ْأتِ بِها ف التشهّد الثان فإ ّن صلته باطلة على
هذا الرأي ،وإن كنّا ل نستطيع أن نقول بذلك.
[ سورة ن آ َمنُوا صَلّوا عََليْهِ َوسَّلمُوا َتسْلِيمًا
ي يَا َأ ّيهَا اّلذِي َ -1قال ال تعالى } :إِ ّ
ن الَ َومَل ِئ َكتَ ُه ُيصَلّونَ عَلَى ال ّن ِب ّ
الحزاب ،الية.] 56 :
139
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1عند الجواب على السؤال 3مِن حلقة 14رمضان 1425هـ ( يوافقه 29أكتوبر 2004م ).
-2منها فتوى الشيخ أحمد بن حمد الخليلي عند جوابه على السؤال 10مِن حلقة 11رمضان 1422هـ ( يوافقه 27
نوفمبر 2001م ):
" س :ما حكم تكرار الفاتحة في الركعة الواحدة ؟
شرِعَتْ:ج :مِن المور التي ل يَجوز تكرارها الفاتح ُة الشريفة ،فهناك أمور ل يَجوز تَكرارها إنما هي بِحسب ما ُ
منها الستعاذة ،فما يَكون لِلنسان أن ُيعِيد الستعاذة بعدَ أن يَستعِيذ.
ومنها الفاتح ُة الشريفة ،فليس له أن يُكرّر الفاتحة.
ن"
جمَلِه ،كما أ ّ
وكذلك قراء ُة التّشهّد ..إن جَلس لِلتّشهّد فإنما يَقرؤه َمرّة واحدة ،ول يُك ّررُه ول يُكرّر شيئا مِن ُ
ل َيزِيد عن قراءتِها َمرّةالفاتحة " ل يَجوز له أن يُكرّر-أيضا-شيئا مِن آياتِها أو شيئا مِن كلماتِها ،بل يَحرِص على أ ّ
واحدةً فحسب ،فل يَجوز التّكرار ،والتّكرار يُؤدّي إلى بطلنِ الصلة؛ وال-تعالى-أعلم." .
140
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ب طائفةٍ كبيةصتْ عليه كت ُويَنبغِي أنْ يَكون ذلك بِالتيان بِالصلة البراهيمية كما ثبت ذلك ف السنّة ،وهو الذي َن ّ
مِن أهل العلم.
والعجب مِن طائفةٍ تَدّعِي بِأنّ ذلك لَم يَثبتْ عن النب وأنّ ذلك لَم َيقُل بِه أحدٌ مِن أهل العلم مِن أصحابِنا
صتْ على ذلك كتبُ أهل العلم وإن اختلَفوا ف هل الفضل أن يَأت بِالصلة السابِقي ..كلّ بل ذلك ثابت ،وَن ّ
خَتصَر؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
البراهيمية أو الفضل أن يَجتزِيَ بِلفظٍ ُم ْ
عدّل السؤال إذ ن الشيخ لم يتكلم في جوابه عن التيان بالسنَن الرواتب عند قصر الصلة مِن غير جمع فإنه ُ -1نظرا إلى أ ّ
ن غير جَمع ..في الحالتين ،هل يأتي بِالسنَن
ح في الصل هكذا " :قد يَجمع النسان الصلتين وقد َي ْقصُ ُر الصلة مِ ْ طُرِ َ
الرواتب ؟ " ،مع العلم أنه تكلم-بحمد ال تعالى-عن ذلك عند جوابه على السؤال 5مِن هذه الحلقة ،ص .9
141
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-3ومنهم مَن يرى أنّه يَجوز حت ف غي ذلك ولسيما ف حالت الرج ،كما جاء عن النب ف الديث
الصحيح-الذي جاء مِن طريق ابن عباس رضي ال عنهما وقد جاء أيضا عن غيه مِن صحابةِ رسولِ ال -أنّه
صلوات ال وسلمه عليه جَمع بيْن الظهر والعصر وبيْن الغرب والعشاء وكان ذلك ف الدينة ..لَم يَكن صلوات ال
وسلمه عليه مُسَافِرا وكذلك لَم يكن هنالك مطر ول َغيْم ولَم يكن هنالك خوف كما جاء ذلك ف الديث " :مِن
غي خوف ول سفر ول سحاب ول مطر " ،وجاء ف بعضِ الروايات ِذ ْكرُ بعضِ هذه الشياء ،ولِلعلماء خلفٌ
صحّت هذه اللفاظ جيعا أو صحّ بعضها ،وقد جاءت هذه الربعة جَميعا ف صحيح المام الربيع طويل عريض هل َ
رحه ال ،1و-على كل حال-الديثُ نصّ صرِيح ف أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-جَمَع ف
الوطن ولَم يكن هنالك شيءٌ َيحُولُ بينه وبي أنْ يُصلي كلّ صلةٍ ف وقتها العروف ،وقد سُئِل ابن عباس-رضي ال
حرِج ُأ ّمتَه " وهذا هوتعال عنهما وهو البحر الزاخر وهو أحدُ رواةِ هذا الديث-عن ذلك فقال " :أَرادَ أَلّ يُ ْ
الصحيح عندنا-ل كما ذهب إليه بعضُ أهل العلم وإنْ جَلّت أَقْدَارهم و َعلَت َمنَا ِزلُهم مِن أنّ ذلك مَحمول على
المع الصوري-فالصحيح بِأنّ ذلك جائز ولكن ل يُتّخذ عادة وإنّما يكون ذلك ف حالت الرج ونَحوها.
فإذا جَمع النسان ف هذه الالة أو ف حالة وجود الطر أو ال َغيْم أو ما شابه ذلك هل يأت بِالسَّننِ الراتبة أو ل ؟ ف
ذلك خلفٌ بيْن أهلِ العلم:
منهم مَن ذهب إل أنّه ل يأت بشيء مِن السّنَن الرّاتبة ،لنّ الديث جاء فيه أنّه جَمع بيْن الظهر والعصر وأيضا
سنَن.
جَمع بيْن الغرب والعشاء ولَم يذكر الراوي بأنّه قد أتى بِشيءٍ مِن ال ّ
سنَن:وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنّه يَأت بِالسّنن الراتبة ،وقد اختلَفوا ف كيفيةِ التيان بِهذه ال ّ
سنّة الظهر البَعدية-
-1منهم مَن قال :إذا جَمع بي الظهر والعصر فإنّه أوّل يأت بسنّة الظهر القبلية ث بعد ذلك يأت ب ُ
ول سنّة قبلية 2للعصر-ثُم بعد ذلك يأت بالظهر ثُم بعد ذلك يأت بالعصر.
ومَن يَقول بِالسنّة القبلية لِلعصر يأت أوّل بالسنّة القبلية للظهر ثُم بالسّنة الَبعْدِية للظهر ثُم بالسنة القبلية للعصر ،ولكن
قد قدمنا 3بأنّه ليست هنالك سنّة قبلية لصلة العصر وإنّما يُصَلي النسان ما شاء ف حالة غي المْع.
سنّة العِشاء ثُم يأت
وبالنسبة إل فريضة الغرب على هذا الرأي كذلك يُقَدّم أوّل سُنّة الغرب ثُ ّم بعد ذلك يأت ب ُ
بفريضة الغرب ثُم يأت بعد ذلك بفريضة العِشاء.
هذا رأي لبعض أهل العلم ،ولكن فيه أنّه يأت بالسنة الَبعْ ِديّة بعد الظهر قبل وقتها الـ ُمحَ ّددَة ذلك أنّ وقتها بعد
فريضة الظهر وإنّما هم قالوا بذلك فرارا مِن التيان بِها بعد صلة العصر لنّ هذا الوقت يُنهى عن الصلة فيه ،وأما
بالنسبة إل السنّة الَبعْدِيّة بعد فريضة الغرب فكذلك وقتها بعد فريضة الغرب فكيف يأت بِها قبل فريضة الغرب ؟!
وسنّة العِشاء وقتها بعد فريضة العِشاء فكيف يأت بِها قبل فريضة العِشاء وقبل فريضة الغرب ؟!
-2وذهب بعضُ أهل العلم إل أنّه يأت بالسنّة الَبعْدِية بعد الظهر ..يأت بِها بعد فريضة العصر ،ويأت بِسُّنتَيْ :الغرب
الَبعْ ِديّة و ُسنّة العِشاء-أيضا-البَعْ ِديّة بعد فريضة العِشاء؛ وهذا سهل بالنسبة إل المع بيْن الغرب والعِشاء لنّه ليس
هنالك نَهي عن الصلة بعد فريضة العِشاء ولكن الشكال ف الصلة بعد صلة العصر.
-3وذهب بعضُ العلماء إل أنّه إنْ جَمَعَ جَمْعَ تقدي يَأت أوّل بِالسنّة القبلية لِصلة الظهر ثُم بعد ذلك يأت بفريضة
خيّر إمّا أنْ يأتِيَ بِالسنّة القبِْليّة َقبْل وإما أنْ
سنَن ،1أما إذا جَمَعَ جَ ْمعَ تأخي فَ ُم َ
الظهر ث العصر ث بعد ذلك يأت بِال ّ
يأتِيَ أوّل بفريضة الظهر.
أو بفريضة العصر 2وهذا بناء على أنّه يَجوز التقدي والتأخي بي الظهر والعصر وكذلك بي الغرب والعشاء إذا كان
المع جَمع تأخي ،وهذا قول باطل وعن الدليل عاطل فل ينبغي أن يُلتفَت إليه ول أنْ يُعوّل عليه ..كيف يُمكن
3
لِلنسان أن يُقدّم فريضة العصر على فريضة الظهر أو فريضة العِشاء على فريضة الغرب إذا كان المع جع تأخي
وقولم بِأنّ الوقت وقت للصلة الثانية وُتقَدّم وتُؤَخّر لنّ الوقت وقتُهَا أما بالنسبة إل الصلة الثانية فهي بِمَثَابة
القضاء فيُمكن أنْ يق ّدمَها أو أن يُؤ ّخرَها ..كلمٌ هزيل ل قيمةَ له بل هو مصادِم لِما ثبت عن النب صلى ال عليه
وعلى آله وسلم ،وكذلك بالنسبة إل فريضة الغرب والعشاء قالوا " :إذا قَدّم فريضة العِشاء ف جع التأخي يُمكن أن
يصلي بعدها سنّة العِشاء " ولَهم تفاصيل ف هذا الكلم ولكنّ هذا القول قول ضعيف ،فل يُمكن تقدي فريضة
العِشاء على فريضة الغرب كما أنّه ل يُمكن َتقْدِي فريضة العصر على فريضة الظهر إذا كان المع جَمع تأخي.
كما أنّه لَم يَثبت أنّه يُ ْؤتَى بِشيءٍ مِن الّتَنفّلت بينهما ..إذا قلنا بِالتيان بِشيءٍ مِن النوافل الرّاِتبَة فيكون ذلك بعد
الصلتي معا ،أما بعد الغرب والعِشاء فالمر واضِح ،وأما بعد فريضة الظهر والعصر فيأت بسنّة الظهر بعد صلة
العصر ويكون ذلك مِن باب القضاء وُيَتجَوّز ف القضاء ما ل ُيتَجَ ّوزُ ف الداء بِالنسبة إل النهي لِما ثبت عن النب
-1أي سنّة الظهر البعدية ،والسنّة القبلية للعصر على رأي مَن يَقول بِالسنّة القبلية للعصر ولكن قد قدّم الشيخ بِأنّه ليست
هنالك سنّة قبلية لصلة العصر وإنّما ُيصَلي النسان ما شاء في حالة غير الجمْع.
-2قال الشيخ عند الجواب على السؤال 2مِن حلقة 26رمضان 1425هـ ( يوافقه 10نوفمبر 2004م ) " :وأُنبّه-أيضا-
ن ما َذكَرناه في مسأل ِة الجمْع بيْن الصلتيْن في الـحَضَر هل يَأتِي المصلّي بِالرواتِب ؟ ما َذكَرناه مِن أنه عند بعض أهل أّ
صرِظهْ ِر البعدِية ثم راتبةِ الع ْ
العلم أوّل يَأتِي في حالة الجمْع بيْن الظهر والعصر ..يَأتِي بِراتب ِة الظّهرِ القبلِية ثم راتب ِة ال ّ
القبلِية هذا بناء على رأي مَن يَقول بِالراتبة لِفريضة العصْر أما مَن ل يَقول بِذلك فل يَقول بِهذا ،وكذلك ما َذكَرناه مِن
خرَها ..أعني بع َد التيان بِالفريضتيْن معا ثم يَأتِي بِراتبةِ ل الثاني بِأنه يَأتِي أوّل بِراتب ِة الظّهر القبلِية ويُمكِن أن يُؤ ّ
القو ِ
ل الخَر ي مَن يَقول بِراتب ِة العصْر ،وهكذا بِالنسبة إلى القو ِ ظهْ ِر البعدِية ثم راتب ِة العصْرِ القبلية ..هذا بنا ًء على رأ ِ ال ّ
جمْ َع تأخير هل يَأتِي بِهما بعد الظهر أو بعد الصلة الولى ؟ هذا جمَ َع بيْن الظهر والعصر َ الذي َفصّلَ فيه أصحابُه إذا َ
ت هنالِك راتبة وإنما هو مُجرّد تَنفّل-فيه خ ْيرٌ كثيرٌ كلّه بنا ًء على رأيِ مَن يَقول بِراتبةِ العصْر القبلِية ،وقد قلنا " :إنه ليس ْ
بِمشيئ ِة ال تبارك وتعالى-ولكن ل يُؤتَى بِها في حال ِة الجمْع " ،فيَنبغي أن يُنتبَه لِهذا وإن كان واضِحا فيما أَحسب إذا
س جميعا ". جمِعَ بيْن الدرو ِ ُ
-3قال الشيخ " :جمع تقديم " بدل مِن " جمع تأخير " والظاهر أنه سبق لسان.
143
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أنّه قضى سنّة الظهر-وطبعا هذا ف غي حالة المع-بعد فريضة العصر ،فإما أنْ نقول بعدم التيان بِها وإمّا أن نقول:
" يكون ذلك بعد ".
أما أنْ نَقول " :يُؤتَى بِها قبل " فذلك ُمخَالِف لِلظاهِر لنّه ل يُمكن أن يُقدّم شيءٌ على وقته ،والقول بِأنّه ف جَمع
التأخي يُمكن أن تُ َوسّط-أيضا-فيه ما فيه ،لِما َذكَرناه مِن مُخالَفتِه لِلسنّة النبوية.
فإذا أتَى بِها آتٍ فليكن ذلك بعد الفريضتَيْن معا ،وف حالة المع بي الغرب والعشاء فالمر سهل وإذا تَرَ َكهَا ف
وَ ْقتِ المع بي الظهر والعصر فذلك حَسَن جِدا؛ وال أعلم.
س :يعني هو مَخيّر في التيان بِها أو ل ؟
ج :لِعدم وجودِ دليلٍ واضِح لنّ الصل أنّه يُ ْؤتَى بِهذه الرواتب ف حالة الضر ولكنْ ف هذا الديث لَم يأتِ لا
ذِكْر فإذا رجعنا إل الصل فنقول الصل أنه يُؤْتَى بِها وإذا رجعنا إل الظاهر فإنّ الظاهر أنّه ل يُ ْؤتَى بِها فإذن ليس
هنالك دليلٌ صرِيح وإنّما هو ُمجَرّد احتمال والتيان بِها بعد صلة العِشاء ل بأس بِه أما بعد صلة العصر ففي الّنفْسِ
صرِيح أبدا.
مِن ذلك شيء والسألة ليس فيها دليل قَ ْولِي ول ِفعْلِي َ
سَ :تحَدّثتم عن السّنَن الرواتب في حال الجمع ولكن في حال القصر مِن غير جمع 1؟
اسْمَح لِِي أوّل َأنْ أُجيب على أحد السئلة الت طرحها الخ السائل 2أوّل لنّنِي ل أستطيع أنْ َأسْكتَ على مثلِ تلك
ض صحابةِ رسولِ ال ،وَأشْكُر السائل كثيا حيث إنّه أراد أنْ يََتثَبّت ِمنْ هذا الكلم ال ِف ْريَة الت ُتنْسَب إل بع ِ
وليس كغيه مِمّن َينْسِب إل الرسول ما ُينْسَب إل َسعْد -وهو أ ْفضَل الصّحابة مِن النصار رضي ال تبارك
سَتبْرِئ ِمنَ البول ..باطل وكذب عليه-رضوان ال تبارك وتعال عليه-وإنْ ذَ َكرَ ذلك وتعال عنهمِ -منْ أنّه كَانَ ل يَ ْ
َمنْ ذَ َكرَه ِمنْ أهل العلم ..هذا باطل َ ..كذِب ل ينبغي لحدٍ أن يَلت ِفتَ إليه أبدا.
سبَ إليهم ما هم بُ َرءَاءُ مِنْه َكبَرَاءة الذئب مِمّاوقد ُكذِب على بعضِ الصحابة-رضوان ال تبارك وتعال عليهم-ونُ ِ
نُسب إليه وكباءة السيح مِِما نُسب إليه وإل أمّه صلوات ال وسلمه عليهما.
فهذا َكذِب ..دَجل ل يَنبغي لحدٍ أنْ يَلت ِفتَ إليه ..حَاشَاهُ رضوانُ ال-تبارك وتعال-عليه ورحْمتُه؛ وال-تبارك
وتعال-أعلم.
مِثْل هذا-على كل حال-ل يَنبغي لحدٍ أن ُيصَدّقَه ..نعم النسان يَنبغي له أنْ َيتََثبّت وأن يَسألَ أهلَ العلم عن مثلِ
صرَاح فهذا مِمّاضرَاتِه ويُشارِك أولئك الكَ َذبَة ف مثلِ هذا الكذِب ال ّ هذه المور ،أما أن يَقوم بِإلقائِها ف ُدرُوسِه و ُمحَا َ
ل َيجُوز أبدا لحدٍ أنْ َيصَْنعَه.
على كل حال؛ اسَْتنَدُوا إل بعضِ الرواياتِ الباطلة العاطلة أو إل بعضِ الروايات الت ل علقة لَها بِالوضوع أبدا.
سبَ إل غيِه رضوان ال عليه ما هو مِمّا ل يَصِحّ عنه. وكذلك-كما قلتُ-نُ ِ
شرَ وشَاعَ ذلك وذَاعَ وإن كان المر أ ْهوَن لنّ النسان قد يَكون َجبَانا سبَ إل حَسّان بِأنّه كان َجبَانا وانْتَ َ
نُ ِ
ويكون مؤمِنا صالِحا لنّ ذلك ل يََتنَافَى مع الصلح ..نعم َينْبَغي لِلمؤمِن أن يَكون بطَل ُشجَاعا ولكن-كما قلتُ-
ذلك ل َيتَنَافَى مع اليان ..ما نَسَبوه إليه ل َيصِحّ عنه أبدا ،وإنّما جاء ف بعضِ الروايات الرّكِيكَة الت ل َتصِح،
و ِمنَ العجب أنّ حَسّانا كان يَ ُردّ على أولئك الكفرة الشرِكي بِتلك القصائِد الطنّانَة الرنّانَة ولَم ُيعَيّره أحدٌ ِمنْ أولئك
الشركي بِالبْن فَلَو كان صحيحا ل ْسَتغَلّوه غايةَ الستغللِ ..هذا ل َيصِح ..لَو كان السنا ُد صحيحا لَوَجَب أن
نَحكم ِببُطْلنِه مِن أصلِه فكيف والسناد ل َيصِحّ أبدا.
أما بِالنسبة إل السؤال الذي تفضّ ْلتُم بِطرحِه فالعلماءُ اختلَفوا ف التيان بِالسنّة الراتبة ف حالة السفر بعد اتّفاقِهم على
التيان بِالوِتر و ُسنّة ال َفجْر-على كلمٍ لَهم ف الوِتر ف ليلةِ الزدلفة والقّ أنّه يُ ْؤتَى بِه-أمّا بالنسبة إل السنن الراتبة
ال َقبْلِية والبَعْدِية ف غي صلةِ الفجر فقد اختلَف العلماء ف ذلك:
شرَع وإنّما يُشرَع لِلنسان أنْ يََتنَفّل مَا شَاءَ ِمنَ التنفّل الطْلَق. مِنْهم َمنْ ذهب إل أنّ ذلك ل يُ ْ
فقد ثبتَ عن النب أنّه كان َيتََنفّل ولو كان على راحلتِه.
وأقول :إنّ النسان إذا سَلَك طريقا ف و ْقِتنَا هذا ف الطائرات أو ف السيارات إذا كان ل يستطيع على القيام ل ينبغِي
له أنْ يَ ْمتَنِع عن التنفّل بل ولو كان يستطيع على القيام ف غي السنن الراتبة وأما السنن الراتبة إن كان يستطيع أن
صلّ ولو كان جالِسا يَقوم فل ينبغِي له أنْ يُفرّط ف ذلك ،لكن بِالنسبةِ إل التنفّل الطلَق ل ينبغِي له أنْ يَترُك ذلك ،ف ْلُي َ
صلّى الوِتر وهوَ كما ثبتَ ذلك عن النب بل إذا كان على طريقِه يُمكِن أن ُيصَلّي حت السنن الراتبة فالرسول
على راحلتِه وهو ِمنْ آكَدِ السنن حت قال بعضُ أهل العلم بِوُجُوبِه وإن كان القو ُل بعدمِ الوجوب هو القولُ الصحيح
الذي دلّت عليه السنّة الصحيحة عن النب .
فإذن لبد أن ُن َف ّرقَ بيْن السألتَيْن ..بيْن النفلِ الطلَق فهو مشروع بِاتّفاقِ المّة وقد َدلّ عليه صرِيحُ السنّة وبيْن السنن
الراتِبة فهذه هي الت جاء فيها اللف بيْن أهل العلم:
ِ -1منْهُم-كما قلتَُ -منْ قال :إنّه ل يُ ْؤتَى بِشيءٍ منها بِاستثناء ما ا ْستَْثنَْيُتهُ سابقا ،وحُجتُهم ف ذلك ما جاء عن ابن
عمر ف الصحيحيْن وغيها أنّ النب لَم يَكن يأتِي بِشيءٍ ِمنَ الرواتب.
-2وبعضُ العلماء ذهب إل أنّه يُؤتَى بِها؛ ويُمكِن أنْ يُستدَل لَهم بِفعلِ ابن مسعود-رضي ال تبارك وتعال عنه-
حيثُ إنّه أَتى بِسُّنةِ الغرب بعد أن صلّى الغرب ف ليلةِ الزدلفة كما جاء ذلك ف " صحيح البخاري ".
وقد جاءتْ روايةٌ ِمنْ طريقِ الباء بن عازب أنّ النب كان يُصلّي ركعتيْن قبل فريضةِ الظهر ولكن هذه الرواية ل
تثبتُ عنه صلوات ال-تبارك وتعال-عليه.
والاصل أنّ المر يَسي ،والقولُ بِعدمِ التيان بِالرواتب عندما يَكون النسان ف السفر لعلّه هو القرب إل الصواب
..نعم مَنْ كان ُمقِيما ف سفرِه فإن أتى بِالرواتب فذلك خيْر لنّ النب لَم يَمْكُث الـ ُمدَد الطويلة وإنّما كانتْ
أسفاره لِمُدَد قصية ِ ..منْها ما مكثَ فيه عشرين يوما أو ما شابه ذلك ،فإذا مكثَ النسان مدّةً طويلة وأتى بِشيءٍ
مِن السنن الراتبة فل بأس عليه بِمشيئة ال ،أما عندما يكون سالِكا ِلطَريق أو يكون ف أيام ِمنَى أو نَحو ذلك فالظاهِر
145
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أنّه ل يَأتِ بِشيءٍ ِمنَ الرواتب ،فحديثُ ابن عمر حديثٌ صحيح وقد نَسَبَ إل النب فيه أنّه لَم يأتِ بِشيءٍ ِم َن
حتَمِل؛ وال-تبارك سبْها إل النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-فأ ْمرُها ُم ْ
السنن الراتبة ،أما رواية ابن مسعود فَلَم يَنْ ِ
وتعال-أعلم.
ح ْكمُها ؟ وهل ُتؤَدّى جماعة ويُ ّتخَذ ذلك عادة ؟
س :أرجو بَيَان أصل صلة التهجّد في السنّة ؟ وما مشروعيتها و ُ
وما وقتها ؟ وكم عدد الركعات ؟ وكيفية أدائها ؟
ج :على كل حال؛ الذي ثبتَ عن النب أنّه كان يُصَلي ف الليل إحدى عشرة ركعة وجاء ف بعضِ الروايات أنّه
1
كان يُصَلّي ثلثة عشرة ركعة والروايتان صحيحتان ول تَعَارُض بينهما كما قدمتُ ف اللقات الاضية حيث ذكرتُ
أنّ الصحيحَ أنّ النب كان يُصلّي أوّل ركعتيْن َيفَْتتِحُ بِهِما وها ركعتان خفيفتان ثُم بعدَ ذلك يُصلّي ركعتيْن
طويلتيْن وهكذا إل َأنْ يُوِترَ بِركعةٍ واحدة ،وقد جاءتْ لِلوِتر كيفياتٌ ُمتَعَ ّددَة يَطول القام بِذِ ْكرِها ،فهذا الذي كان
يَفعلُه النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ولكنّه كَانَ ُيطِيلُ الصلة جِدّا صلوات ال وسلمه عليه ،فينبغي القتداءُ
صلّها النسانُ ف بيتِه بعد أن يُصلّيَصّليَت جَماعةً فَل بَأس بِذلك ولكن إذَا َبِه صلوات ال وسلمه عليه ،فإذا ُ
التراويح ف جَماعةِ السلمي فذلك خْيرٌ بِمشيئة ال-تبارك وتعال-لنّ الصلَ ف النوافل ف غْيرِ التراويح سواء كانت
هذه النوافل راتبة أو غي راتبة أنّها تُصَلّى ف البيت؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
ن النوم في بعض الحيان قد يَثقل عليه فل يَستطيع أن يَقوم في
س:مَن يُصلّي هذه النوافل قبل أن يَنام نظرا ل ّ
آخِر الليل فيصليها قبل أن ينام العدد الذي ذكرتُم ،هل يَحصل على نفس الجر فيما لو صلها في نِهاية الليل ؟
ج :على كل حال؛ لِلثلث الخِي َمزِيّة كبية كما ثبتَ ذلك ف السنّة الصحيحة عن النب ،ولكن إذا كان
النسان ل يَستطيع على القيام ف ذلك الوقت ولو ف بعض الحيان لشغالِه وما شابه ذلك ف ْلَينْوِ النيةَ السنة بِأنّه إنْ
استطاع على القيامِ فسيَفعَل بِمشيئة ال-تبارك وتعال-فإذا كان ذلك-أي القيامِ -منْ عادتِه ونَوَى النية الصادِقة ولكن
ضلِ العظيم بِمشيئة ال-تبارك وتعال-كما جاء ذلك ف بعضِ مََنعَه مانع ِمنْ ذَلك فعسى أنْ يَحصُل على الف ْ
الروايات.
س :ماذا يُقرأ في السنن الرواتب ؟
ج :على كل حال؛ أما بِالنسبةِ إل سُنّة الفجر فقد ذكرتُ ف الاضي 2بِأنّ النب كان يَقرأُ فيها بعدَ " الفاتة "
سورة الكافرون ف الول و " الخلص " ف الثانية ،وكان-أيضا-يَقرأُ ف بعضِ الحيان آيةً مِن سورة البقرة وهي
إل آخِر الية [ ،3] 136وأما بِالنسبةِ إل الركعةِ الثانية فكان يَقرأُ فيها قُولُوا آ َمنّا ... قوله تبارك وتعال:
-1عند الجواب على السؤال 5مِِن حلقة 13رمضان 1425هـ ( يوافقه 28أكتوبر 2004م ).
-2عند الجواب على السؤال 3مِن حلقة 12رمضان 1425هـ ( يوافقه 27أكتوبر 2004م ).
سبَاطِ َومَا أُو ِتيَ مُوسَى َوعِيسَى
سحَقَ َو َيعْقُوبَ وَال ْ
سمَاعِيلَ وَِإ ْ
-3قُولُوا آ َمنّا بِالِ َومَا أُنزِلَ إَِل ْينَا َومَا أُنزِلَ إِلَى ِإ ْبرَاهِيمَ وَِإ ْ
حدٍ ّم ْن ُهمْ َو َنحْنُ لَ ُه ُمسِْلمُونَ .ق َبيْنَ َأ َ
ل نُ َف ّر ُ
ن مِن رّ ّب ِهمْ َ
ي ال ّن ِبيّو َ
َومَا أُو ِت َ
146
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الية الثانية والمسي مِن سورة آل عمران ،1وف روايةٍ أخرى :الرابعة والستي مِن سورة آل عمران ،2وهل كان
حتَمِل أو أنّ إحدى الروايتي ل تَْثبُت وهذا هو الظاهِر عندي ،فالظاهِر يَ ْقرَأُ هذه الية تارة والية الثانية تارة ..هذا ُم ْ
أنّ الرواية الت فِيها أنّه كان يَقرأُ الية الرابعة 3والستي مِن بابِ الشّاذ وأنّ الروايةَ الول هي الرواية الصحيحة ..هذا
بِالنسبةِ إل ُسنّة الفَجر.
َوثَبت-أيضا-ف الوِتر-وهو وإن كان ليْس مِن السنن الرّاتبة-4أنّه إذا أَ ْوَترَ بِثَلث كان يَقرأُ ف الول بِسورة " سَبّح "
والثانية بِسورة الكافرون والثالثة بسورة الخلص.
وجاء ف بعضِ الروايات أنّه يَقرأ ف الثالثة بِـ " الخلص " و " الفلق " و " الناس " ولكن هذه الرواية فيها كلم
كما هو ل يَخفى عند الحقّقِي.
وأما بِالنسبة إل السّنن الرّاتبة الخرى فأنا لَم َأطّلِع على روايةٍ صحيحة تَ ُدلّ على غيِ ما ذكرتُه وإنّما هنالك بعضُ
الرواياتِ الت ل تَثبتُ عندي ف هذا الوقت.
كذلك بِالنسبة إل غي الرّاتبة ثبتَ عن النب أنّه كان يَقرأ ف العِيديْن ف الرّكعةِ الول بِسورةِ " سَبّح " وف الثانية
سنَّيةِ صلةِ العِيد وبعضُ العلماء يَقول
بِسورة الغاشية ،وقلتُ " :ف غي الرّاتِبة " هذا بناءً على رَأيِ مَن يَقول بِ ُ
بِوجوبِها وهو قولٌ قوي جدا.
وجاء ف بعضِ الروايات أنّه يُ ْقرَأُ ف العيدين بِسو َرتَيْن أُ ْخرَييْن ..أي تارةً وتارة ولكن ذلك الديث قد أَ َعّلهُ بعضُ
أهلِ العلم بِالرسال ولعلّه هو القرب إل الصواب.
وكذلك بِالنّسبة إل صلةِ الطّوَاف بعضُ العلماء قَالَ " :يقْرَأ ف الول ' الكافرون ' وف الثانية ' الخلص ' " بِنَاءً
صحّة الديث الوارِد بِذلك ،وإسنادُه ضعيف على الّتحْقيق. على ِ
وَقَد استحبّ بعضُ العلماء بعضَ السور ف بعضِ السنن الرّاتِبة وف غيِها ولكن ذلك ل يَستنِد إل دليلٍ صحيح
وإنّما:
على بعضِ الدِلة الت ل تَثبت.
شهَدْ
ن َنحْنُ أَنصَا ُر الِ آ َمنّا بِالِ وَا ْ
ل قَالَ ا ْلحَوَا ِريّو َ -1قال ال تعالى } :فََلمّا َأحَسّ عِيسَى ِم ْن ُهمُ ا ْل ُك ْفرَ قَا َ
ل مَنْ أَنصَارِي إِلَى ا ِ
ِبَأنّا ُمسِْلمُونَ .
قال الشيخ " :النعام " بدل مِن " آل عمران " وهو سبق لسان نبه عليه في حلقة 26رمضان 1425هـ ( يوافقه 10
نوفمبر 2004م ).
وقال الشيخ عند جوابه على السؤال 2مِن حلقة 26رمضان 1425هـ ( يوافقه 10نوفمبر 2004م ) " :لكن بَ ِقيَ أنه
يَحتاج إلى نظر هل كان الرسول يَقرأ هذه الية بِكاملِها أو أنه يَقرأُ الجز َء الخيرَ منها ؟ حيثُ إنه جاء في الروايةِ
خرِ الية ،فهل كان يَقرأُ ] ... : المروية عن الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ] :آ َمنّا .. [ ...مِن هذا إلى آ ِ
ش َهدْ ِبَأنّا ُمسِْلمُونَ ..هذا الجزء فقط بعد فاتحة الكتاب كما هو الظا ِهرُ مِن الرواية أو أنه كان يَقرأ الية مِن آ َمنّا بِالِ وَا ْ
أوّلها ؟ فهذا مُحتمِل ".
-2قال الشيخ " :النعام " بدل مِن " آل عمران " وهو سبق لسان نبه عليه في حلقة 26رمضان 1425هـ ( يوافقه 10
نوفمبر 2004م ).
-3قال الشيخ " :الثانية والستين " بدل مِن " الرابعة والستين " وهو سبق لسان.
ن آ َكدِ السنن ،حتى قال بعضُ أهل العلم -4قال الشيخ عند جوابه على السؤال 4مِن هذه الحلقة ،ص " :9الوِتر ...هو مِ ْ
ل الصحيح الذي دلّت عليه السنّة الصحيحة عن النبي ". ل بعدمِ الوجوب هو القو ُ بِ ُوجُوبِه وإن كان القو ُ
147
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وقد َو َر َدتْ أحاديث كثية عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-على فضْل هذه الصلة ..أمر بِها بعض أصحابِه
رضي ال-تبارك وتعال-عليهم ،ول يَنبغِي لِلنّاسِ أن ُيفَ ّرطُوا فيها َولَو ف بعضِ الحيان على أََقلّ تَقدِير.
س :الوتر والشفع منهم مَن يُصلّيها ثلثا بِدون فاصل ومنهم مَن يُصَلّي ركعتيْن ويُصَلّي بعدها ركعة ،فهل كل ذلك
جائز أم هناك الفضل ؟
ج :الفضل أن ُيصَلّيَ النسان ركعتي ويُسَلّم ث ُيصَلّي ركعةً ثالثة ..أي بعد التسليم.
صلَ بِالتسليم.
وبعض العلماء يقول :يُصَلّي ثلث ركعات مِن غيْر أن يَ ْف ِ
وبعضهم-أيضا-يَأت بِكيفيةٍ ثالثة وهو أن يُصَلّ َي ثلثا مِن غيْر أن يَجلسَ بعد الركعة الثانية ..يَقوم بعد الركعة الثانية
كما يقوم بعد الركعة الول ويَأت بِالركعة الثالثة ويَقرأ بعد ذلك التشهّد ويُسَلّم.
والوّل أفضل؛ وال أعلم.
ي السنّة أربع ركعات بدون فاصل ؟
س :هل له أن يُصَلّ َ
،فإذن ج :أمّا ف الليل فالسنّة أن َي ْفصِلَ بِالسلم " :صلةُ الليل مثن مثن " وهو حديث صحيح ثابت عن النب
ف الليل لبد مِن الفصل ،لنّ هذا هو الثابت.
أما بالنسبة إل النهار فاختلف العلماء ف الفضل:
صلَ النسان ..أي يُسَلّم بعدَ الركعتي الُوَليَيْن ث يَأت بِركعتيْن وهكذا.
ضلُ أن يَ ْف ِ
منهم مَن يُ َف ّ
ومنهم مَن يَقول :إنّ الفضل الوصْل ..أي يَأت بِأربع ركعات متتابِعات كفريضة الظهر والعصر والعِشاء.1
والكلم ف الفضل ،ولِك ّل فريقٍ أدلة ،ل أُطيل القام بِذِ ْكرِها ،فمَن شاء أتى بذا أو بذا ،والشهور عند كثي مِن أهل
العلم الوصْل.
( )6حكم صلة سنة المغرب مع من يصلي فريضة المغرب :
س :جماعة تصلي المغرب فدخل معهم رجل يصلي سنة المغرب فصلها ثلث ،فما حكمه ؟
ج :أقول :سنة المغرب ركعتان ،والولى لهذا الشخص أن يعيد سنة المغرب لنها سنة مؤكدة ،وقد اختلف العلماء
في جواز صلة السنة خلف من يصلي المغرب ،فذهبت طائفة إلى المنع من ذلك ،نظرا إلى أن السنة ل يمكن
تأديتها بثلث ركعات إذ لم يثبت ذلك عن النبي صلى ال عليه وسلم ،وذهبت طائفة إلى الجواز وقالوا عليه أن
يسكت عند قراءة المام للتشهد الثاني ثم يأتي بركعة رابعة ،وذهبت طائفة إلى أنه يصلي معه ركعتين ثم ينتظر
المام ثم يسلم عندما يسلم المام ،وأجاز آخرون له أن يسلم قبل سلم المام ،وذهبت طائفة من العلماء إلى جواز
التنفل بثلث ركعات وهذا القول صائب بالنظر إلى من يصلي خلف من يصلي المغرب ،أما بالنظر إلى سنة
المغرب فليس له أن يصليها خلف من يصلي المغرب وذلك لنها سنة مؤكدة وهي ركعتان .وال أعلم .
-1قال الشيخ " :والمغرب " بدل مِن " والعِشاء " والظاهر أنه سبق لسان.
149
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وذلك أن ثبت في الصحيحين وغيرهما أن الرسول صلى ال عليه وسلم قال( :اجعلوا آخر صلتكم وترا) ولكن
جاءت رواية أخرى أن النبي صلى ال عليه وسلم صلى ركعتين جالسا بعدما أوتر ،وهذه الرواية أول قد اختلف
فيها من جهة إسنادها " هل صحيحة أو ضعيفة ؟ ثم هذا النهي عام وتلك الرواية خاصة بالنبي صلى ال عليه
وسلم ،وهناك أيضا هل المخاطب داخل عموم خطابه أو ل ؟ فينبغي ترك التنفل بعد صلة الوتر بغض النظر عن
القول بحرمة ذلك أو كراهيته ،فإن ال سبحانه وتعالى ل يعبد بالمكروه ،وإن قيل بجواز مكروه ،وهذا كله إذا لم
يرقد النسان بعد الوتر ،أما إذا رقد ولو قليل فل مانع من ذلك .
150
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وكذلك ينبغِي أن يَكون ف الماعة ،وذلك لنّ النب-صلى ال عليه وسلم-صلى بِه أوّل وإنا تركه ل ْمرٍ رآه
صلوات ال وسلمه عليه ،ث إنّ السلمي قد اجتمعوا ف خلفةِ عمر بن الطاب-رضي ال تبارك وتعال عنه-وصلوا
جَمَاعة ،فل ينبغي التفريط فيه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
152
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ولكن أيضا ل ينبغي أن يكثر من ذلك على أن بعض العلماء ل يرى هذا من باب التنكيس وإنا يرى التنكيس أن
يقرأ ف الركعة الول جزءا من السورة ث يقرأ ف الثانية جزءا متقدما على ذلك كأن يقرأ ف الول " آمن الرسول
با أنزل إليه ويقرأ ف الركعة الثانية مثلً "آية الكرسي" .
وبعض العلماء يرى التنكيس أن يقرأ ف الركعة لواحدة سورتي تكون متأخرة والثانية متقدمة كأن يقرأ الخلص ث
يقرأ آية الكرسي أو يقرأ سورة الكافرون مثلً .
ولكن المر الول من هذين المرين أشد هو أن يقرأ أولً آية من السورة ث يقرأ ف الركعة الثانية آية متقدمة عليها
وإن كان طبعا ذلك ل يفضي إل القول بالرمة .
س :شخص كان يصلي المغرب والعشاء ل يقرأ في الركعتين الوليتين سورة .
الجواب -:
صلته الاضية صحيحة ..لن طائفة من أهل العلم يقولون بعدم وجوب القراءة الزائدة علي الفاتة
س :ما هو القول الراجح في الصلة الوسطى ؟
الواب /القول الراجح فيها أنا صلة العصر ،والدلة على ذلك كثية ل تتسع هذه العجالة لبسطها .وال تعال
أعلم .
س :يخرج منه الدم في أغلب يومه ..إذا كان هذا الدم يخرج من فمه باستمرار ،فكيف تكون صلته ؟
ج :ليس له أن يبتلع شيئا من ذلك الدم ،بل عليه أن يقوم بإخراجه ولو كان ف الصلة بأن يعل شيئا من الوان عن
شاله ..أي عن يده الشمال ويبصق ذلك من غي أن يرج صوتا؛ وال أعلم.
س :هل له أن يأخذ منديل ليبصق فيه إذا كان يصلي في المسجد مثل ؟
ج :نعم ,له ذلك.
س :سورة العلق وسورة النشقاق ،تب فيها سجدة ؟
ج :ف ذلك خلف بي أهل العلم؛ والقول الصحيح الراجح أنما تشرع فيهما السجدة ،لدلة متعددّة من سنّة
رسول ال صلى ال وسلم وبارك عليه ،وقد ذكرتُ تلك الدلة ف جواب مكتوب ،وبإمكان الخ السائل وغيه أن
يطّلع عليه.
وأما بالنسبة إل تكرار الية أو السورة من أجل الفظ فقد قدمنا أنه يكن أن يكتفي بالسجود ف الرة الول؛ وال-
تعال-أعلم.
س :هل تصح صلة المام إذا قرأ سورة فيها سجدة ولم يسجد ؟
الواب -:
اختلف أهل العلم ف المام إذا قرأ سجدة هل يسجد لا وهو ف الصلة .
ذهب بعضهم أنه ل يأت بالسجدة بل يؤخره إل أن يسلم سواء ف فريضة أو نافلة .
153
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وذهب طائفة من أهل العلم إل إنه يأت بسجود التلوة ف ذلك الوقت أي ف الصلة كانت الصلة فريضة أو نافلة
وهذا القول هو القول الصحيح لنه هو الذي دلت عليه السنة فالصحيح أن يأت بسجود التلوة سواء كانت الصلة
فريضة أو نافلة ولكن من تركه نسيانا أو جهلً أو حت تركه وهو يعرف الكم فل شيء عليه لن السجود ليس
بواجب على الصحيح وما دام المر كذلك فل شيء عليه .
س :من قرأ السجدة في وقت تحرم في الصلة ؟
الواب -:
ل يسجد ف ذلك الوقت
س :شخص جمع بين لفظ الصلة البراهيمية ولفظ آخر من اللفاظ التي فيها الصلة على النبي صلى ال عليه
وسلم وذلك في التشهد الخير من الصلة .
الواب -:
ل ينبغي لحد أن يأت بألفاظ متعددة يأت بلفظ واحد له وهو الصلة بالبراهيمية فإن هذا أفضل .بعض العلماء يأت
بصلة متصرة كان يقول مثل صلى ال عليه وسلم بعد أن يذكر النب صلوات ال وسلمه عليه وبعضهم يتار أن
يأت بالصلة البراهيمية ول شك أن الفضل أن يأت بالصلة البراهيمية ،لن ذلك هو الثابت فقد سأل النب صلى
ال عليه وسلم قيل له :إن ال أمرنا أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك بعد أن قيل له فأجابم بصلة البراهيمية
الشهية كما ذكرنا فالفضل والول أن يأت النسان ف التشهد الثان من صلته ف الصلة البراهيمية كما ثبتت
عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ول ينبغي له أن يزيد شيئا من اللفاظ الخرى من الصلة لنه يكفي
للنسان أن يأت بالصلة مرة واحدة ف التشهد الخي ول ينبغي له أن يزيد وال تبارك وتعال أعلم .
س :ما حكم القامة للنساء ؟
الواب -:
أنا ما وجدت دليل يكن أن أعتمد عليه ولكن العلماء اختلفوا منهم من يقول الرأة ل تشرع ف حقها القامة ومنهم
من يقول تقيم فهي كالرجل إل ما دل الدليل على عدم مشروعية ف حقها والدليل دل على أنّ الرأة ل تهر بالقامة
كما يهر الرجل عندما يقيم للجماعة أما القامة فإنا تأت با إذ ل يأتِ دليل يدل على عدم مشروعيتها ف حقها .
وبعضهم يقول تقيم ولكن ل تأت بقول حي على الصلة حي على الفلح قد قامت الصلة لنّ هذا نداء للصلة
وليست من اللفاظ الت يتعبد بذكرها ..وإذا أتت با الراة فل حرج عليها على رأي بعض أهل العلم .
قضية قد قامت الصلة ف القامة بعضهم يقول قد قامت الصلة وأدامها واستدلوا على ذلك بديث مروي عن النب
صلى ال عليه وعلى وآله وسلم ولكنه حديث ضعيف على الصحيح بل بعض العلماء قال ل تشرع متابعة القيم ..
ل صحيحا ثابتا يدل على متابعة القيم ولكن بعض العلماء يأخذ ذلك من متابعة الذان من وف القيقة ل أجد دلي ً
باب "بي كل أذاني صلة " فيجعل القامة أذانا ثانيا كما ف هذه الرواية ..فالاصل على رأي من يقول بالتابعة ل
154
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
يقول أقامها ال وأدامها يكن أن يقول ل حول ول قوة إل بال وبعضهم يقول يتابع على حسب ما يقول ذلك القيم
.
س :رجل يصلي منفردا وبعد أن كبّر تكبيرة الحرام سواء كان ذلك بعد ركعة أو ركعتين أو أكثر أو أقل تذكر بأنه
لم يأتِ بالقامة ؟
الواب -:
إذا كان هناك عذر فأقام النسان وصلى منفردا ونسى القامة كما قلت أو نسيتها الماعة أيضا ل يأتِ با أحد
منهم ث تذكروا بعد ذلك أي بعد تكبية الحرام فإنه ل شيء عليه بشيئة ال تبارك وتعال ..وصلتم تلك الت أتوا
با من غي إقامة صحيحة ول يشرع ف حقهم سجود السهو على الصحيح الراجح .
- 1الظاهر أنه يكفر خمس كفارات إذا كان تاركا لخمس صلوات وإن اختلفت أعداد كل صلة .
156
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
تعذر عليه ذلك فعليه أن يتقي ال-تبارك وتعال-قدر استطاعته ول يكلف ال نفسا إل وسعها ،ولكن كثي من الناس
يتساهلون بثل هذه الجّة فعلى النسان أن يستفت نفسه فإذا كان يستطيع فلبد من ذلك؛ وال-تعال-أعلم.
ق الجماعة ليقيم هو صلة أخرى ويحدث بذلك
س :عندما ل يكون الرجل مطمئنا إلى صلة المام ،هل له أن يش ّ
بلبلة في أوساط المصلين أم ماذا عليه أن يصنع في مثل هذه الحالت ؟
ج :ل ,ليس له أن يشقّ عصا الماعة فذلك ما ني عنه بل عليه أن يصلي خلف ذلك المام ولو كان ذلك المام
فاجرا اللهم إل إذا كان ذلك المام يأت ف صلته با يفسدها فإنّ من صلى خلفه عليه أن يعيد الصلة ،والسألة الت
سأل عنها داخلة ف ضمن هذه السألة على رأي غي واحد من أهل العلم؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
157
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أما الستعاذة فإنه يسر با على الطلق ..ولكن بعض العلماء شدد إن اسعها أذنيه بطلت صلته وليس المر
كذلك .
ولكن ينهى عن الهر با ولكن بشرط أن ينطق با بلسانه ل مرد مكيّف فالتكييف بلسانه ل يكفيه .
س :هل يجوز أن تصلى النافلة جلوسا ؟
الواب :من حيث الواز فجائز ولكن السنن الؤكدة أو الراتبة ل ينبغي للنسان أن يأت با جلوسا .
من نسى سجود السهو ل يأتِ به بعد تلك الفريضة الت سها فيها فبعض العلماء يقول إنه يأت به بعد صلة ثانية أي
فريضة ثانية وبعضهم يقول :ولو بعد نافلة .
وبعضهم يقول :يكن أن يأت به حت ف الوقت الذي يذكر فيه من غي أن يكون ذلك بعد فريضة ول بعد نافلة
وهذا القول وهو أنه يأت به ف أي وقت يذكر أنه سهى فيه إل إذا كان ذلك الوقت ما ترم فيه الصلة هو القول
الصحيح إذ ل دليل يعي أنه لبد من التيان بذلك السجود بعد فريضة أو بعد نافلة .وما دام ل يوجد دليل يدل
على ذلك فالصل أن يأت به النسان ف ذلك الوقت.
159
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :هل ثبت في السنة رفع اليدين في الدعاء ومسج الوجه بعد الدعاء أو السلم ؟
الواب :نعم ثبت عن النب صلى ال عليه وسلم أنه كان يرفع يديه وأما السح للوجه بعد الدعاء فوردت عدة
أحاديث تدل على السح وقد قال من قال :إنا بجموعها الكلي تصل إل مرتبة السن ومنهم من قال :من الضعف
بكان فل تصل إل مرتبة السن وهذا القول وهو أن هذا الديث ضعيف هو القول الصحيح ولذا نرى عدم مسح
الوجه بعد الدعاء أما حديث مسح الوجه بعد السلم فالديث موضوع .
1
س :صلة الظهر متى تنتهي بالتحديد ؟
ج :يعن :مت ينتهي وقت الظهر ؟
س :نعم وقت الظهر.
ج :ينتهي وقت الظهر إذا صار ظل كل شيء مثله بعد القدر الذي زالت عليه الشمس ،فإذا صار ظل كل شيء مثله
بعد القدر الذي زالت عليه الشمس فإنه ينتهي هنالك وقت الظهر ويدخل وقت العصر؛ وال-تعال-أعلم.
160
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :هل هناك حديث بين مدة الوقت بين أذان المغرب والقامة لصلة المغرب ؟
ج :ثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم في عدة أحاديث وهي صحيحة ثابتة عنه –عليه الصلة والسلم -أنه إذا
غربت الشمس وتحقق غروبها فإن وقت المغرب يبتدئ ،ولم يأت دليل يقدر الفرق بين أذان المغرب وصلة
المغرب ،وقد شدد كثير من العلماء في تضييق وقت المغرب حتى إن كثيرا منهم قالوا :ل يصح التنفل بين أذان
المغرب وصلة المغرب وذلك لضيق الوقت ،واحتجوا على ذلك برواية رواها المام البيهقي في سننه الكبرى وهو
الحديث الذي رواه الشيخان ورواه أرباب السنن وأحمد وآخرون وهو (بين كل أذانين صلة ) وزاد البيهقي (إل
المغرب) فقد أخذوا من هذا إن وقت المغرب قصير ولذلك جاء النهي عن الصلة أي صلة النفل بين الذان
والقامة إل أن هذه الرواية رواية منكرة لم تثبت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم البته ،ولذلك أجاز العلماء
المحققون الصلة بين أذان المغرب وبين الصلة ،كما هو مذهب المام الخليلي – رضوان ال تعالى -عليه كما
جاء ذلك في أجوبته ،فإنه – رحمه ال تعالى -سُئل عن المسافر :هل له أن يصلي عند دخول المسجد ؟ فقال له
ذلك سواء كان في السفر أو الحضر ،وهذا الكلم معنى كلمه وليس هو اللفظ الذي ذكره – رحمه ال تعالى. -
فإذن ل يوجد حديث عن النبي صلى ال عليه وسلم يعين مقدار الوقت بين الذان والقامة ،وإنما ينبغي
التعجيل ،وإذا وجدت هناك مصلحة في التأخير كانتظار بعض الجماعة أو ما شابه ذلك فل بأس من التأخير ما لم
يطل .
س :فيمن كان يصلي صلة العصر وأكمل الصلة في التشهد الخير قبل التسليم أحدث ما حكم صلته ؟
ج :هذه المسألة فيها خلف بين أهل العلم لو أن إنسانا أحدث بعد التشهد الول وقبل التسليم .
ذهبت طائفة من أهل العلم إلى صحة صلته واحتجوا على ذلك بالحديث المروي عن رسول ال صلى ال عليه
وعلى آله وسلم ولكّن ذلك الحديث ليس بصحيح هو ضعيف ل تقوم به الحجة والصحيح أن من أحدث قبل أن يُسلم
فإن صلته باطلة لن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم " تحريمها التكبير وتحليلها التسليم " فهو دليل واضح
وحجة نيّرة ولم يعارضه معارض معتبر فهو يدل كما قلت على أنه لبد من التسليم فصلة هذا المصلي تعتبر باطلة
وعليه أن يعيد صلته وإذا كان قد قات الوقت فعليه مع العادة التوبة إلى ال تبارك وتعالى وال تبارك وتعالى أعلم
.
س :شخص صلى وراء إمام ولكنه كررّ آية أو آيتين من الفاتحة ؟
ج :أما إذا كان هذا المام متعمدا لتكرار الفاتحة فإن صلته تبطل عند جمهور العلماء وذلك أن جمهور العلماء
ذهبوا إلى أن من كرر الفاتحة أو آية من آياتها أو جملة من جملها إذا لم يكن ذلك لمصلحة الصلة بأن تكون
تصحيحا للقراءة فإن صلته باطلة فعلى هذا الرأي فإن صلة هذا المام باطلة وببطلن صلته تبطل صلة
المأمومين الذين يصلون خلفه هذا هو مذهب طائفة من أهل العلم أما إذا كان ذلك المام ناسيا يظن أنه لم يأت بالية
أو باليتين على حسب ما فعل فإنه معذور وذلك لن الصلة تنقض بالتكرار في حالة العمد كما قال المام نور
الدين السالمي رحمه ال تعالى .
وللتحيات بمعنى العمد ومنعوا تكراره للحمد
161
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فمن أتى بآية أو بأكثر من ذلك من الفاتحة من طريق النسيان فإن صلته صحيحة وكذا بالنسبة إلى صلة من صلى
خلفه من معرفة السبب الذي دعا هذا المام إلى تكرار هاتين اليتين هل كان بسبب النسيان ولعل هذا هو القرب أو
كان عمداُ ول أظن أن ذلك يقع من أحد فل بد أن يسألوا هذا المام وبالتالي يطبقوا ما ذكرناه في الجواب أما إذا
كررّ النسان جملة من الفاتحة من أجل إصلح القراءة فإن ذلك ل بأس به بل في بعض الحالت يكون واجبا وال
تعالى أعلم .
س :رجل يصلي بالناس صلة القيام وبعد الركعتين نسى أن يُسلم فنّبه وهو قائم فرجع وسلم ؟
ج :نعم قد أحسن صنعا لن من نسى السلم في مثل هذه القضية لبد أن يرجع لن صلة الليل مثنى مثنى هكذا
ورد في الحديث عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ومعنى مثنى مثنى أنه يُفضل بين الركعتين الوليين
والخريين بالسلم هذا هو الفهم الصحيح للحديث أما قول بعض أهل العلم بأن معنى مثنى مثنى أن يجلس بعد
الركعة الثانية ولو لم يكن هنالك سلم أو أنه ل يشرع أن يأتي بالسلم فهذا فهم خاطئ وكذلك احتجاج بعضهم
ببعض الحاديث التي فيها أنه صلى أربعا أربعا ً أيضا ل ينبغي أن يؤخذ به بل الحديث نص صريح في أن المراد
مثنى مثنى أنه يفصل بين الركعتين الوليين والخريين بالسلم وعليه من نسي السلم فإنه يؤمر بأن يرجع إليه وأن
يسلم وبعد ذلك يقوم للركعتين الخريين وهذه المسألة تختلف عمن نسي التشهد الول في الفريضة ولم يتذكر إل بعد
أن انتصب قائما ً فإنه يؤمر بإتمام صلته وبعد ذلك يسجد للسهو قبل أن يسلم كما ثبت في الحديث عن عبدال بن
بحينه في الصحيحين وفي غيرهما وقد جاء في رواية من طريق المغيرة وقد جاءت من طريقتين يشردّ أحدهما
الخر ويرتقي الحديث بهما إلى درجة الحسن إلى أنه يدل على أنه من لم ينتصب عليه أن يرجع فمن انتصب فل
يرجع وهذا التفصيل لبد من الخذ به نظرا إلى ثبوت هذا الحديث ويكون حديث ابن بحينه محمول على من
انتصب قائما ول سيما أنه فعل والفعل ل يعم وال تعالى أعلم .
162
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :نعم لم يأت حديث ثابت صحيح يدل على مشروعية ذلك ولكن إذا كان ذلك في سجود خارج الصلة فكان
النسان يدعوا في سجوده وأتى بالصلة على النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم فل شيء عليه وكذلك إذا كان في
سجود النفل ذلك أيضا مما ل مانع منه وإن كنتُ لم أجد حديثا يدل على مشروعية ذلك في سجود النفل أما في
الفرائض فل إذ أن هذا لم يرد عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم على أن كثيرا من الدعية التي وردت عن
النبي صلى ال عليه وعلى أله وسلم كثير منها في النوافل وأن كان جاء على أنه في الفرائض فإن العلماء قد
اختلفوا في ذلك هل هو باق أو أنه منسوخ ولشك أن من صلى ولم يأت في سجوده في الصلة أي في صلة
الفريضة إلى بالمتفق عليه فإن ذلك أولى لن صلته صحيحة باتفاق العلماء بخلف من أتى في صلته ببعض
اللفاظ التي اختلف العلماء في التيان بها في الصلة مع احتمال نسخها أو نسخ بعضها وال تبارك وتعالى أعلم .
س :هل تجوز الصلة في الطابق الثاني في المسجد الحرام إذا كان الطابق الول غير ممتلئ لعله يقصد الدور
الرضي .
ج :إذا تمكن النسان من الصلة في الطابق الول أو في الدور الرضي فذلك هو الولى ولكنه إذا صلى في
الطابق الول أو في الثاني فصلته تعتبر صحيحة بمشيئة ال تعالى ولكنه كما قلت إذا تمكن من الصلة حول الكعبة
في ذلك المكان فهذا هو الولى وال تبارك وتعالى أعلم .
163
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
164
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وتعال-منها ،فإذن ينبغي للنسان أن يسأل عن الحرمات-ماذا يَحرم عليه وماذا يوز له-سواء كان ذلك ف هذا
الشهر الكري أو ف غيه ،وأن يبتعد عن كل معصية سواء كان ذلك ف هذا الشهر أو ف غيه وسواء كانت تنقض
الصيام أو كانت ل تنقضه.
أما بالنسبة إل ما يوز لا ولغيها طبعا أن يستمعوا إليه وأن ينظروا إليه ف مثل هذه اللت فإنّ هذه اللة ف حقيقة
الواقع ل تلّل حراما ول ترّم حلل ،فما جاز للنسان أن يَنظر إليه ف غي هذه اللة فيجوز له أن ينظر إليه ف هذه
اللة ،وما جاز له أن يَستمع إليه ف غي هذه اللة فإنه يوز له أن يستمع إليه ف مثل هذه اللت ،وما ل يَجز فإنه
ل يوز له أن يستمع إليه إذا ُعرِض ف هذه اللت ،فالصور الحرّمة والغان الحرّمة وما شابه ذلك ..كل هذه
المور ل يوز الستماع إليها أو النظر إليها ف غي هذه اللة ،وكذلك يقال ف مثل هذه اللة ..هذا باختصار
شديد؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
ف سؤالم؛ وال-تبارك وتعال-أعلم" ,وجواب منصبّ على تقدير أنّ الؤذّن قد أذّن بعد طلوع الفجر ..أي عند
انشقاق الفجر ،وأما إذا كان قد قدّم الذان فل عبة بذلك ،إذ إنّ العبة بطلوع الفجر ل بالذان ،ولكن الصل ف
الؤذّني أنم ل يؤذّنون إل بعد طلوع الفجر ..أي عند طلوع الفجر ولسيما ف شهر رمضان ث إنه يكن أن يعتمد
على التقاوي ،والعتمد عليه هو طلوع الفجر ل تلك الفترة الت تقدّم على الفجر فإنه ف التقوي هنالك فترة قبل طلوع
الفجر يقال بأنا فترة إمساك أو ما شابه ذلك ول أصل لذلك ف سنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،بل
ينبغي للنسان إذا أراد أن يأكل أو أن يشرب أن يأكل وأن يشرب حت يطلع الفجر ،ول عبة بتلك الفترة الت تذكر
ف التقاوي ،إذ إنا مالفة لدي النب صلى ال وسلم وبارك عليه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :هل يمكن أن تُعتبَر كاحتياط ؟
ج :إذا كان التقوي صحيحا الذي فيه ذكر طلوع الفجر فل عبة بثل هذا الحتياط ،لنّ الرسول-صلى ال عليه
وعلى آله وسلم-حثّنا على تأخي السحور ..هذا من جهة ،ومن جهة أخرى كان بلل-رضي ال تعال عنه-يقدّم
الذان حت يقوم الناس من أجل السحور ،ث إنّ ابن أمّ مكتوم-رضي ال تعال عنه-كان يؤذّن بعد طلوع الفجر ..
أي عند تقق طلوع الفجر أو بجرد طلوع الفجر ..أذكر هذه العبارات حت ل يلتبس المر على بعض الناس ،فما
قال لم الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-احتاطوا بجرد أذان بلل أو ما شابه ذلك ..كل ,والي كل
الي-كما قلتُ-ف اتباع هدي النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
وبناسبة ذكر الديث السابق الذي صحّحه من صحّحه فإنن أحثّ الناس على عدم التعجّل ف اتباع تصحيحات
كثي من الناس وتسيناتم ،فإنّ كثيا من الناس ل ينظرون إل متون الحاديث وإنا يكتفون بالسانيد؛ كما أنن-
أيضا-أحثّ أولئك الذين يتعجّلون ف ردّ الحاديث بجرد مالفتها لبعض اليات أو لبعض الحاديث بسب
زعمهم ،وأتوا بسبب عدم فقههم ف كتاب ال تعال وف سنّة رسوله صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فليس كل
حديث يظهر ف بداية المر أنه مالف لكتاب ال أو لسنّة رسوله صلى ال عليه وعلى آله وسلم يكم بكذبه ووضعه
..كل ،بل لبد من النظر ف ذلك جيدا ،ول يتمكن من ذلك إل الراسخون ف العلم ،فتكذيب حديث ثابت عن
النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ليس بالمر اليّن ،والكم بثبوت حديث عن النب-صلى ال عليه وعلى آله
وصحبه وسلم-وهو ل يثبت عنه ليس بالمر السهل ،فهذه المور لبد من أن يكم فيها أولئك الراسخون ف علم
الصول وف علم الديث مع معرفة كبية بعلم الفقه بعد التأنّي والتمحيص والبحث ،وكثي من الناس-كما قلتُ-
أخذوا يفرّطون ف مثل هذه المور ويكمون بعجلة شديدة ..يكمون بثبوت الحاديث وبعضهم بعدم ثبوتا من
غي التروّي والنظر والتمحيص ،وكثي منهم هّتهم تقيق الكتب ويستعجلون ف ذلك كثيا جدا ويكمون بثبوت أو
بعدم ثبوت بعض الحاديث مع أنّ الواقع بلف ذلك ،فحديث رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ليس
بالمر السهل ..يُحكم بصحته أو بثبوته مع أنه قد يكون بلف ذلك ..نعم التصحيح والتضعيف حكم ظن،
ومهما فعل النسان لبد من أن يقع ف بعض أحكامه الطأ ولكن نسبة الطأ تتلف بي خطأ العال الذي يكم
بجة نيّرة وبي خطإ بعض الناس كما هو معلوم ،ول أريد أن أطيل ف هذه القضية فإنّ ذلك ما ل تتسع له هذه
167
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
168
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
169
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :على كل حال؛ إذا كانت قد ثبتت الرؤية-قد رأى هو نفسه اللل أو قد رآه من يثق بدينه ..أي من تُعتبَر
رؤيته شرعا-فنعم يب عليه هو وعلى غيه أن يصوم.
ولكن هنالك نقطة مهمّة لبد من التنبيه عليها-وقد أطلتُ الكلم عليها ف العام الاضي ( )2ولذلك ل أرى داعيا من
الطالة عليها ف هذه الليلة-وهي قضية اختلف الطالع ,فقد تثبت الرؤية ف بعض البلدان بشهادة شهود معتبَرين
شرعا ولكن تلك البلدة أو تلك القرية تتلف مطالعها عن بلدنا هذه فنحن ل نقدح ف صيامهم ونقول على من
كان ف ذلك الكان إذا كانت الرؤية قد ثبتت حقّا وصدقا يب عليهم الصيام ,أما من تتلف مطالعه عن مطالعهم
فليس له أن يصوم بصيامهم ،وقد جاء ف الديث عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ما يدل على ذلك ،وقد
أطلتُ ف ذلك ف العام الاضي ول أرى داعيا الن من الطالة ،فإذن هذا هو صيام الشكّ ( )3الذي تكلّمنا فيه
سابقا ،وليس له أن يصوم بصيام قرية أو بلدة بعيدة تتلف مطالعها عن مطالع بلده ،وإل فإنه يكون قد صام الصوم
النهي عنه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :إذن فل داعي لمثل هذا الشك ؟
ج :أي نعم ،ل داعي لثل ذلك.
رابعا :أحكام الصوم المستحب والمكروه والمحرم
س :ما هو الصيام المحرم والمكروه والمستحب ؟
ج :قد رُويت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أحاديث كثية تدل على ندبية صيام بعض اليام
وعلى تري وكراهة صيام بعض اليام الخرى ،والقام ل يَسمح بأن أذكر تلك الحاديث الت رُويت عن النب صلى
ال عليه وعلى آله وسلم 1...بأنّ الوقت ل يَسمح بذلك كما أشرتُ.
)1الصوم الثابت عن النب صلى ال عليه وسلم
2
* صيام ستة أيام من شوال
-1وقع هنا-للسف-انقطاع في الشريط لخلل أثناء تسجيله من التلفزيون ،ويبدو أنه غير مؤثّر في جواب الشيخ.
- 2وسئل فضيلته عن بعض أحكام صيام اليام الستة وهي كالتالي :
صحّ تفرِيقُها ؟
شوّال ،هل يَلْزَم أن تَكون هذه اليام مُتَتَابِعة أو أنّه ي ِ س :1صِيَام سِتّة أيام مِن َ
سنّة ال ّنبِي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،وقد نَصّ على ثبوت هذه ن صِيامَ سِت ِة أيّا ٍم مِن شوال ثبت في ُ ج :إ ّ
ححَت الحديثَ الوارِد عن النبي في ذلك جماع ٌة كبيرة مِن أهل العلم، سنّة طائف ٌة كبيرة جدا مِن العلماء ،وقد ص ّ ال ّ
شكّ أنّه صحيح ثابت جمْهور المّة ،والحديثُ الوارِد بِذلك ل َ شرْتُ-هو مذهبُ ُ ل بِمشروعي ِة صيام هذه اليامَ -كمَا أ َ والقو ُ
عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
ن هذا الحديثَ ل َيصِح عن النبي وذكر كلما ل قيمة له ،وقد توَلّى الردّ عليه العلّمة الحافظ حيَة بِأ ّ
وقد ذَكر ابن ِد ْ
ت قد وقعتْ له
العَلئي وذكر أغلب الحاديث التي جاءت عن النبي في ذلك وقد َأجَادَ في أغلب ما َذكَره وإن كان ْ
غبَارَ
ث ما يَتعلّق بِهذه القضية ..أي مِن حيث الصيام صحيحٌ ل ُ بعضُ الخطاء في ذلك ولكنّ جوابَه في الجملة مِن حي ُ
ت لنا مناقشاتٌ حول ذلك في بعضِ المور الخرى التي ل َت َتعَلّق بِهذه الجزئية. عليه وإن كان ْ
سنّة ،ول ينبغي لحد يَ ْقدِر على ذلك أن يُفرّط فيه ،لِما جاء مِن الجر العظيم ص ال ّ ع ِبنَ ّ
شرُو ٌفإذن صيامُ هذه اليام َم ْ
والثواب الجزيل في صيامِ هذه اليام.
والحديثُ لَم َي َت َعرّض ل َتتَابع هذه اليام وِل َعدَم تتابعها وإنّما جاء بِمشروعي ِة صيامِ هذه اليام ،و-كما أشرتُ-جُمهور المّة
على ذلك.
ن ذلك ل يَنبغِي ،ولَم يَأتوا بِشي ٍء يُمكن العتمادُ عليه ،وإنّما لَم يَثبُت لديهم هذا الحديث، وبعضُ العلماء ذهب إلى أ ّ
طرُق الصحيحة ،ونظرا لِذلك قالوا بِما قالوه. ِلكَ ْونِهم لَم َيطّلِعوا على ال ّ
170
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-المر بصيام ستة أيام مِن شوال ،وهو حديث صحيح ثابت عن النب
صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
وقد قَدح بعض العلماء فيه ولكنّ ذلك ليس بشيء ،إذ إنم ل يأتوا بعلة تَقدح ف صحّة هذا الديث ،فهو حديث
ثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وبذلك يَتبيّن بأنّ كراهةَ من كَرهَ صيام هذه اليام سواء كان ذلك بعد
العيد مباشرة أو كان ف أثناء الشهر ولو كان متأخرا ليس بشيء.
ومَن شاء أن يصوم هذه اليام متفرّقة فله ومَن شاء أن يصومها متتابِعة فله ،إذ إنه ل يَثبت عن النب-صلى ال عليه
وعلى آله وصحبه وسلم-ما يدل على أنه لبد مِن تتابُعها ،والديث الذي جاء عنه الذي يدل على تتابعها ل يثبت
عنه لضعف إسناده.
* صيام يوم عرفة
وكذلك ثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-المر بصيام يوم َعرَفَة-وبيّن صلى ال عليه وعلى آله وسلم
فضلَه وأنه يُ َك ّفرُ سنتي سنة قبله وسنة بعده-وهذا خاص بِمَن ل يكن واقفا بعَرَفَة ،وأما مَن كان وافقا ب َعرَفَة فإنه ل
يُشرَع له الصيام ،لنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ل يَصم ذلك اليوم عندما كان واقفا بعَرَفَة.
وقد جاء عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-حديث يدل على النهي عن صيامه لِمَن كان واقفا بعَرَفَة ولكنّ
ذلك الديث ل يَصح عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،لنّ ف إسناده مهول ،فالنهي عن صيامه ل يَصح
ولكنّ النسان ينبغي له أن يَقتدي بالنب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وجاء حديث فيه المر بصيام آخر يوم مِن ذي الجة وأول يوم 1مِن شهر الحرم ولكنّ هذا الديث ل يَثبت عن
النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فهو حديث موضوع ،وقد َذكَر ذلك الوضّاع بأنّ هذا الصيام 2يُ َكفّرُ خسي
سنة وهو-كما قلتُ-باطل ل يَثبت ..
* صيام شهر المحرم
ولي التوفيق.
س :مَن أراد أن يَصوم هذه الستّة و ُيوَزّعها على الثنين والخميس واليام البِيض ،هل له ذلك بِهذه النية ؟
ن يَصوم ستّة أيام ..يَصوم-مثلَ -ي ْومَ الثنين والخميس أو يَصوم الثالث عشر والرابع عشر ج :ل مَانِع ُ ..م ْمكِن أ ْ
والخامس عشر ..ل مانع مِن ذلك بِمشيئ ِة ال تبارك وتعالى.
س :4هل يُقدّم القضاء أو ال ّنفْل بِالنسبة لِلستّة أيام مِن شوال ؟
ج :على كل حال؛ ذهب بعضُ أهل العلم إلى أنّ النسان إذا أراد الفضْل الوارد في صيا ِم هذه الست فإنّه أ ّولً عليه أنْ
ض ل َيصْ ُدقُ في حَقّه أنّه صام رمضان والحديث يقول: يَقضِي رمضان ..طبعا إن كان عليه هنالك قضاء ،لنّه إن لَم يقْ ِ
ن شه ِر رمضان ل َيصْ ُدقُ عليه هذا الحديث ض اليام ِم ْ
ض بع َ ت مِن شوال ) فمَن لَم يَقْ ِ ( مَن صام رمضان ثُم أ ْت َبعَ ُه بِس ّ
عند هؤلء العلماء الذين قالوا بِهذا الرأي.
طرَها في شهرِ ض اليام قد َأ ْف َ ل على ذلك ِبمَشيئة ال-تعالى-وَل ْو كانت هنالك بع ُ ن أهل العلم إلى أنّه َيحْصُ ُ وذهبت طائفة مِ ْ
رمضان ولَم يَ ُق ْم بِقضائها َبعْد ،ذلك لنّه ثبت مِن طريقِ السيدة عائشة-رضي ال تعالى عنها-أنّها كانت تقضِي ما عليها
ن المسْ َت ْبعَد جِدا أن َتتْركب هذا الشهر ،وقالواِ " :م َ ن النبي كان يَصوم أغْلَ َ مِن شهرِ رمضان في شهرِ شعبان ل ّ
السيدة عائشة-رضي ال تبارك وتعالى عنها-صيامَ النفل في هذه المدّة بِحيث إنّها ل تَصوم إل شهر رمضان فقط مع أنّها
سَمعتْ الفضل العظيم مِن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-في صيامِ هذه اليام وفي غيرها مِن اليام التي َو َردَ
خ َذ بِأم ٍر ُمتّفَق عليه بيْن أهل ن أخذ بِالرأيِ الوّل فإنّه َأ َن هذا الرأيَ رأيٌ وجيه ولكن مَ ْ شكّ بِأ ّالفضل في صيامها " ،ول َ
ن هذا القول مِن ن الحتمال ما فيه ،فإ ّننَا وإن كنّا َنرَى أ ّ ث بِاتّفاقهم جَميعا بينما هذا المر فيه ِم َ العلم و َيصْ ُدقُ عليه الحدي ُ
ن نَ ْقطَعَ بِه لِ ُورُو ِد الحتمال كما ل يَخفى؛ وال-تبارك وتعالى-ولي التوفيق. القوّة بِمكان ولك ّننَا ل نستطيع َأ ْ
س :5مَن لم يَصم الست مِن شوال إلى هذا الوقت [ 8شوال ] ،هل له أن يصوم ؟
ج :نعم له أن يصوم ،لنّ الوقت ل زال باقيا؛ وال-تعالى-أعلم
-1قال الشيخ " :صوم " بدل مِن " يوم " وهو سبق لسان.
-2قال الشيخ " :الحديث " بدل مِن " الصيام " وهو سبق لسان.
172
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
نعم ثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-المر بصيام شهر الحرم ،فالديث الدال على صيام شهر الحرم
ثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،ويَدخل اليومُ الول ف ضِمن هذا الفضْل الذي ثبت عن النب صلى ال
عليه وعلى آله وسلم ،ل بدللة ذلك الديث الوضوع.
* صيام يوم عاشوراء
وأفضل الصيام ف شهر الحرم هو صوم اليوم العاشر ،وهو العروف بصوم يوم عاشوراء ،فقد ثبت عن النب-صلى ال
عليه وعلى آله وسلم-أنه كان يَصومه بل ثبت عنه أنه أمر بصيامه وأنه يُ َك ّفرُ سنة قبله.
والفضل أن يصومه مع اليوم التاسع وإن اقتصر عليه فله ثوابه بشيئة ال تبارك وتعال.
وقد جاء حديث ف النهي عن صيامه مفرَدا والمر بصيامه مع يومٍ قبله أو مع يومٍ بعده ولكنّ ذلك الديث ل يَثبت
عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،لنّ ف إسناده ضعيفا ومهول ،فقول مَن قال بأنّ الكمل بأن يَصومه
النسان مع يومٍ قبله ومع يومٍ بعده ل أجد ما يدل عليه.
وإنا ثبت الديث بفضْل صيامه مع يومٍ قبله وثبت-أيضا-المر بصيامه مفرَدا.
وقد جاء ف رواية أنّ يومَ عاشوراء هو اليوم التاسع ولكنّه حديث ضعيف بل باطل ل يَثبت عن النب صلى ال عليه
وعلى آله وسلم.
1
* صيام أغلب شعبان
وثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-أنه كان يَصوم شهر شعبان ..جاء ف بعض الروايات أنه كان يصوم
شهر شعبان ،وجاء ف بعضها ما يدل أنه كان يصوم أغلب شعبان ،وهذه الرواية هي الرواية الصحيحة ،لِما ثبت مِن
النهي عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-عن تَقدّم رمضان بِصوم يوم أو يومي ،فالرسول-صلى ال عليه وعلى
آله وسلم-كان يُواظِب على صيام أغلب شعبان ،والرواية الخرى ممولة على الغالِب.
وجاءت رواية فيها المر بصيام الامس عشر مِن شعبان ولكنّ هذه الرواية باطلة ل تصح عن النب صلى ال عليه
وعلى آله وسلم.
وجاء ف رواية أخرى أنه صلى ال عليه وعلى آله وسلم نى عن صيام النصف مِن شعبان-وقد حَمَلها بعض العلماء
شقّ عليه ذلك ،وحلها بعض على اليوم الامس عشر ،وحلها بعضهم على النصف الثان مِن شعبان لِمَن كان يَ ُ
العلماء على مَن ابتدأ الصوم مِن منتصف شهر شعبان وهذا بناء على ثبوت هذه الرواية كما ذهب إل ذلك بعض
العلماء-ولكنّ هذه الرواية ل تَثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-على الصحيح-كما هو مذهب جاعة
1
كبية مِن أهل العلم.
ن النبي كان يَصو ُم شه َر شعبان كلّه ،وجاءَ في ث مِن طريقِ السيدة عائشة-رضي ال تعالى عنها-أ ّ وقد جا َء في الحدي ِ
ل قليل منه " ،وقد اختلَف العلماء في ذلك: ن كلّه إ ّ
بعضها " :كان يَصو ُم شهرَ شعبا َ
-1منهم مَن ذهب إلى أنه صلوات ال وسلمه عليه كان في بعض السنوات يَصومُ شهرَ شعبان كلّه وكان في بعضها
يَصومُ بعضَه ،فتُحمَل الرواية التي فيها أنه كان يَصو ُم بعضَه على بعضِ السنوات وتُحمَل الخرى على السنوات
الخرى.
ض شعبان ثم بع َد ذلك كان يَصو ُم الشه َر كلّه،-2وذهب بعضهم إلى أنه كان صلوات ال وسلمه عليه يَصومُ أوّل بع َ
وتُحمَل الرواياتُ-أيضا-على هذا.
-3وذهب بعضهم إلى أنه صلوات ال وسلمه عليه كان يَصو ُم مِن أوّل الشهر في بعض الحيان وكان يَصومُ في
ص وقتا مِن هذا الشهر بل كان منتصفِ الشهر وكان يَصومُ في أواخِر الشهر فما كان صلوات ال وسلمه عليه يَخ ّ
يَصومُ تار ًة في أوّله وتار ًة في وسطِه وتار ًة في أواخرِ الشهر ،وعلى ذلك تُحمَل الروايات.
ب الشهر ،وإطلقُ الكل على الغلب مِن بابِ -4وذهب بعضهم إلى أنه-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-كان يَصومُ أغل َ
ت هذاق السيدة عائشة-رضي ال تعالى عنها-التي رَوَ ْ ت مِن طري ِالمجاز؛ وهذا هو الرأي الذي أذهبُ إليه ،فإنه قد ثب َ
الحديث أنه ما استكملَ صيامَ شهرٍ قطّ إلّ شهرَ رمضان ،وفي هذا دللةٌ واضحة على أنه صلوات ال وسلمه عليه
ب الشهرِ ،وتقري ُر ذلك يَطول وفي هذا كفايةٌ إن شاء ال تبارك وتعالى. ما كان يَصو ُم الشهرَ كلّه وإنما كان يَصومُ أغل َ
- 1وقد سئل فضيلته عن حكم صيام النصف من شعبان في أسئلة أخرى منها :
س :8ذكرتم في حلقة ماضية حديثا ورد في النهي عن صيام ما بعد النصف من شعبان ..الرجاء توضيح جوابكم
أكثر.
ج :نعم قلتُ :إنه قد ورد في ذلك حديث مروي عن رسول ال-صلى ال عليه وسلم-ونحن نعلم أنّ ما روي عن النبي-
صلى ال عليه وسلم-منه الصحيح ومنه الحسن ومنه الضعيف ،أو بعبارة أخرى منه الصحيح المقبول ومنه الباطل
المردود ،وهذا الحديث-الذي تشير أنت إليه الن وذكرناه في تلك الليلة-حديث ل يثبت عن النبي صلى ال عليه وعلى
آله وصحبه وسلم ،ومادام هذا الحديث غير ثابت عنه-صلوات ال وسلمه عليه-فإنه ل يترتب عليه شيء من الحكام
الشرعية ،وقد ثبت عن النبي-صلى ال عليه وسلم-ما يخالف ذلك ،حيث إنه قد ثبت عنه-صلوات ال وسلمه عليه-أنه
كان يصوم شهر شعبان أو-كما في بعض الروايات-كان يصوم أغلبه ،فإذن ينبغي للنسان أن يُكثِر من الصيام في شهر
شعبان ولو كان ذلك بعد الخامس عشر منه-ول ينبغي له أن يلتفت إلى ذلك الحديث الباطل المنكَر الذي ل يثبت عن
النبي صلى ال عليه وسلم-وإنما يتوقف عن الصيام إذا بقي يوم أو يومان من شهر شعبان إل إذا كان يصوم قضاء أو
كفارة أو نذرا أو كان يصوم صياما قد اعتاد أن يصومه؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س :5هناك من سمع أو قرأ بأنّه ورد نهي عن الصيام بعد نصف شهر شعبان ،فهل يُنهى عن الصيام بعد نصف شهر
شعبان ؟
174
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :نعم رُوي حديث عن رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-فيه النهي عن صيام النفل إذا انتصف شهر شعبان ..
روى هذا الحديث جماعة من أئمة الحديث ،منهم عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي في " الكبرى " وأبو داود
عدِي في " الكامل " ،وقد والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن حبان و َتمّام في فوائده والعُ َقيْلي في " الضعفاء " وابن َ
اختلف العلماء في ثبوت هذا الحديث:
منهم من قال بثبوته ،وممن حكم بثبوته الترمذي وابن حبان والحاكم والطحاوي في " شرح معاني الثار " وابن عبد
البر وابن حزم وابن عساكر ،وجماعة.
ومنهم من حكم بنُكارَته أو شُذوذِه ،وممن صنع ذلك عبد الرحمن بن مهدي وابن معين وأحمد وأبو ُزرْعَة الرّازي وابن
ن هذا الحديث شاذّ على أحسن الحوال ،ل يثبت عن رسول ال صلى ال َرجَب ،وجماعة؛ وهو الذي أذهب إليه ،فأرى أ ّ
عليه وعلى آله وسلم ،لمعارضته لما ثبت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم-من طريق صحيح ثابت ل خلف بين أهل
العلم في ثبوته-من أنه صلى ال عليه وعلى آله وسلم كان يصوم شهر شعبان أو كان يصوم أكثر شهر شعبان ،فصلوات
ال وسلمه عليه كان يصوم أكثر شهر شعبان.
والذين قالوا بثبوت هذا الحديث اختلفوا في معناه:
منهم من ذهب إلى أنه يُنهى عن صيام اليوم السادس عشر فقط ،وهذا هو الذي ذهب إليه ابن حزم.
ن هذا النهي ينطبق على من صامه من أجل مراعاة رمضان. ومنهم من ذهب إلى أ ّ
ن ذلك ينطبق على من كان يُضعِفه الصيام عن صيام شهر رمضان. ومنهم من ذهب إلى أ ّ
ن الحديث-كما قلتُ-ل يثبت عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فهو من طريق ضعيفة ،تكلم بعض أهل ولك ّ
ن ذلك الراوي مختلَف فيه بين أهل العلم ،وثانيا أنّ صحة العلم فيها ،وتقوية راويها في حقيقة الواقع ل تفيد ،أوّل أ ّ
السناد-على تقدير صحة السناد-ل تكفي للحكم على الحديث بالثبوت بل لبد من توافر بعض الشروط الخرى ومن
جملتها عدم الشذوذ والعِلّة ،والحديث ها هنا شاذّ ُمعَلّ ،لمخالفته للصحيح الثابت من فِعل رسول ال صلوات ال وسلمه
ن ذلك الراوي فيه كلم كما قلتُ. عليه ،على أ ّ
فإذن ل مانع من الصيام في هذا الشهر ،بل ينبغي للنسان أن يصوم فيه اقتداء بالنبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
ولما فيه من الفضل ،ول شك أنّ ما يفعله الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-فيه خير كثير ،و (( :لَ َق ْد كَانَ َل ُكمْ فِي
سنَة )) [ سورة الحزاب ،من الية .. ] 21 :نعم من كان يُضعِفه الصيام عن شهر رمضان فيظن أنه حَ
ل الِ ُأسْ َو ٌة َ
رَسُو ِ
إذا صام هذا الشهر يمكن أن يَضعُف عن صيام شهر رمضان وربما يضطر إلى الفطار فإنه ل ينبغي له الكثار من
الصيام في هذا الشهر مراعا ًة لشهر رمضان ،لنّ الصيام فيه واجب بخلف هذا ،والنسان طبيب نفسه في مثل هذه
المور؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
175
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
- 1جاءت أسئلة مشابهة تبين حكم صيام يوم الشك من ذلك :
س :ربما توجد لدى بعض الناس درجة من الشك في ثبوت الهلل أو عدمه فيكلّف نفسه صوم ذلك اليوم اعتقادا على
أنه يُفرَض عليه أن يصومه ؟
ج :على كل حال؛ هذا خطأ كبير ,ل ينبغي للنسان أن يَلتفت إلى الشكوك ،والرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-قد
قطع المر في هذه المسألة ،وقد جاء عن عمّار-رضي ال تبارك وتعالى عنه-أنه قال " :من صام يوم الشك فقد عصى
أبا القاسم " صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،وهو حديث صحيح ،روته جماعة من أئمة الحديث ،فقد رواه
النسائي وأبو داود والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان والطحاوي في " شرح المعاني " ،ورواه-
أيضا-الدارقطني والحاكم والبيهقي ،وهو حديث صحيح ثابت كما قلتُ ،وهو وإن كان موقوفا في الظاهر لكنه في حكم
ص هذا الحديث الثابت؛ وقد جاء في الربيع المرفوع؛ فمن صام هذا اليوم فهو عاص ل-تبارك وتعالى-ولرسوله بن ّ
مرسَل النهي عن صوم يوم الشك؛ وقد جاء-أيضا-في الحديث عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ( :ل تَ َقدّموا
رمضان بصوم يوم أو يومين ) ،والحديث صحيح ثابت ،فقد رواه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود والترمذي
والدارمي وابن ماجة والشافعي في مسنده وابن أبي شيبة وعبد الرزاق وابن حبان والبيهقي ،وجماعة ،فهذا الحديث فيه
نهي عن تقدّم رمضان بصوم يوم أو يومين إل من كان يصوم صياما واجبا عليه-كصوم كفارة أو صوم قضاء لشهر
رمضان المبارك أو صوم نذر-أو كان يصادف ذلك صوما مندوبا-كأن يكون يصوم يوما ويفطر يوما فصادف ذلك اليومُ
اليو َم الذي يصوم فيه أو كان يصوم يوم الثنين أو يوم الخميس لثبوت سنّة في فضل صيامهما فصادف ذلك اليومُ يومَ
ص الحديث الصحيح ،وهو الذي ذهبت إليه طائفة الخميس أو يومَ الثنين-فإنه يصوم ذلك ،ول يكون داخل في النهي بن ّ
من أهل العلم ,فالحديث نصّ في النهي والصل في النهي أن يُحمَل على التحريم ،كما ذهب إلى ذلك جمهور المّة،
لدلة متعددة مبسوطة في موضعها؛ وكذلك جاء من طريق أبي سعيد الخذري-رضي ال تعالى عنه-عند المام الحافظ
ن النبي-صلى ال عليه وسلم-قال ( :ل تصوموا حتى تروا الهلل ول الحجّة الربيع بن حبيب رحمه ال تبارك وتعالى-أ ّ
تفطروا حتى تروه ) ،فالحديث فيه نهي عن الصيام حتى تثبت الرؤية والنهي-كما قلتُ-يدل على التحريم؛ وقد جاء-
أيضا-مثل ذلك من طريق ابن عمر-رضي ال تعالى عنهما-ومن طريق أبي هريرة ،عند البخاري ومسلم ،فقد جاء عند
المام البخاري من طريق ابن عمر رضي ال تعالى عنهما ( :فإن غمّ عليكم فأكملوا ال ِعدّة ثلثين ) وجاء عند مسلم:
عدّة شعبان ثلثين ) ( فاقدُروا له ثلثين ) ،وجاء من طريق أبي هريرة عند المام البخاري ( :فإن غبي عليكم فأكملوا ِ
وجاء عند مسلم ( فإن غمّي عليكم فأكملوا ثلثين ) ،إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي يطول بها المقام ،ففيها دللة
واضحة ،لنّ في بعضها النهي عن الصيام والنهي يدل على التحريم ،وفي بعضها المر بإكمال شعبان ثلثين والمر
176
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وكذلك صوم يوم الشك على مذهب طائفة مِن أهل العلم ،وقد جاء النهي عن ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى
آله وسلم ،وقد اختلف العلماء ف صوم يوم الشك بعد اتفاقهم على تري صيام يومي العيد ..أي عيد الفطر وعيد
الضحى:
فذهبت طائفة إل تري صيام يوم الشك .وذهبت طائفة إل كراهة صيامه.
وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل استحباب صيامه .وذهبت أخرى إل التخيي ف صيامه.
-وهنالك مذاهب كثية أخرى ف صيام يوم الشك-
يدل على الوجوب ما لم تصرفه قرينة ول قرينة هاهنا ،ولذلك نرى أنّ قول من قال بتحريم صيام يوم الشك ..نرى أنّ
هذا القول هو القول الصحيح ،وهو الذي ذهبت إليه طائفة كبيرة من أهل العلم.
ن ال-تبارك وتعالى-ل يُتقرّب وإن كان بعض العلماء ذهب إلى كراهة ذلك ومع ذلك-أيضا-ل ينبغي لحد أن يصومه ،ل ّ
إليه بالمكروه.
ص السنّة.
ومنهم من ذهب إلى إباحة ذلك؛ وذلك مخالِف لن ّ
ومنهم من قال بندبية صيام ذلك.
ومنهم من قال بوجوبه قطعا.
ومنهم من قال بوجوبه ظنّا.
ومنهم من قال بوجوبه على طريق الحتياط.
ومنهم من قال بغير ذلك من القوال الساقطة التي ل داعي إلى ذكرها
غبِي غمّ أو َ
هذا إذا كان في السماء غيم أو َقتَر ..أي كان هنالك سحاب أو غبار يمنعان من رؤية الهلل ،والحقّ أنه إذا ُ
ولم تُمكِن رؤيته بسبب السحاب أو الغبار أو ما شابه ذلك من الموانع أنه ل يُصام ،للنصوص الصحيحة الثابتة.
ن معنى ذلك " اقدروا ثلثين " ،كما جاء في الروايات وأما ما جاء في بعض الروايات من قوله ( :فاقدُروا ) فإ ّ
ن المجمل ُيرَ ّد إلى المبيّن ،على أنه حتى لو لم تأت هذه المصرّحة ..إذا جاءت رواية مجملة وأخرى مصرّحة بذلك فإ ّ
الرواية المصرّحة بذلك فإنه لبد من أن يُحمَل على ذلك ،ولِبسط ذلك موضع آخر ,فالحق الحقيق بالقبول أنّ صيام يوم
الشك حرام ،ويليه في القوّة قول من قال بالكراهة وال-تبارك وتعالى كما قلتُ-ل يُعبَد بالمكروه ،فل ينبغي لحد أن
يَحتاط أمثال هذه الحتياطات الباطلة المخالِفة لسنّة رسول ال-صلى ال عليه وسلم-الواضحة وضوحا أوضح من شمس
الظهيرة.
ونحن نرى أنّ الرسول-صلى ال عليه وسلم-يَقطع على أهل الشكوك شكوكهم في كثير من الحوال ،فقد ثبت في السنّة
ن أنه قد خرج منه ريح أنه ل يَخرج من صلته تلك إل إذا تيقّن ذلك بأن شمّ رائحة ذلك الريح أو أنّ من كان يصلي وظ ّ
سمع صوته ،أما إذا كان المر بخلف ذلك فل ،فمثل هذه الشكوك التي َيدّعي كثير من الناس بأنها احتياطات هي من
باب الحتياطات الباردة ،فالحتياط عندما تتعادل الدلة ..هنالك يمكن للنسان أن يحتاط ،أما إذا كانت الدلة واضحة
كوضوح الشمس في الظهيرة فل ينبغي أن يُلتفَت إلى ذلك.
ومن المعلوم أننا نجد كثيرا من القوال تُنسَب إلى بعض الئمة وفي حقيقة الواقع تلك القوال ل تثبت عن أولئك الئمة،
ن الفيصل في مثل هذه ن ما ثبت عنهم أو عن غيرهم فإ ّ لنها جاءت من بعض الطرق التي ل تصلح للستشهاد بها ,ثم إ ّ
القضايا الحجّة ،والحجّة ل تكون إل من كتاب ال أو من سنّة رسوله-صلى ال عليه وسلم-الصحيحة الثابتة عنه أو ما
يَرجع إليهما بوجه من الوجوه المعتبَرة ،أما أقوال أهل العلم وإن جَلّت منازلهم فإنها يُحتَج لها ول يُحتَج بها ،وإن كان
ذلك ل يعني القدح في أهل العلم ،فينبغي للنسان أن يُبجّل أولئك العلماء وأن يَبحث لهم عن احتمال ولو كان أوهى من
خيوط العنكبوت ،إذ ل يُمكن لعالم من العلماء أن يُخالِف سنّة صحيحة ثابتة عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
بالهوى ،وإنما قد يُخالِف ذلك لعدم ثبوت تلك السنّة عنده أو لعدم إطلعه عليها أو ما شابه ذلك ،فنبحث له عن العذر في
تلك المخالَفة ولكن ل يجوز لنا أن نُتابِعه على ذلك القول؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س :متى بالتحديد يوم الشك ؟ هل التاسع والعشرون من شعبان أم يوم ثلثين من شعبان ،حتى يتجنب الناس
صومه ؟
ج :على كل حال؛ بالنسبة إلى يوم الشك هو يوم الثلثين من شعبان إذا لم تثبت ..إن لم تثبت الرؤية فذلك اليوم هو يوم
الشك ،أما بالنسبة إلى يوم التاسع والعشرين فهو ليس بيوم شك ،لنه من شعبان ،كما هو واضح ،ولكن-كما قلتُ-جاء في
177
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ومِن العلماء مَن قال بوجوب صيامه ف حالة الغيم .ومنهم مَن قال باستحباب صيامه ف حالة الغيم.
والصواب أنه منهي عن صيامه سواء كان ذلك ف غيم أو كان ذلك ف غيه.
الحديث عن النبي-صلى ال عليه وسلم-أنه قال ( :ل تَ َقدّموا رمضان بصوم يوم أو يومين ) إل-طبعا-من كان يصوم
صياما واجبا عليه أو صادف ذلك عادة كمن كان يصوم يوما ويفطر يوما أو-أيضا-صادف ذلك يوم الثنين أو يوم
الخميس وكان من عادته يصوم ذلك اليوم أما أن يصومه على جهة الحتياط أو ل فذلك مما يُنهى عنه ،فإذن يوم الشك
هو يوم الثلثين من شعبان ولكن النهي ثبت عن تَقدّم رمضان بصيام يوم أو يومين كما في الحديث؛ وال-تبارك وتعالى-
أعلم.
س :نظرا لنّ الناس في هذا السبوع سيستقبلون شهر رمضان الكريم بإذن ال-سبحانه وتعالى-والكل متلهف
لستقباله يسأل الكثيرون عن صيام يوم الشك إذا ما صادف مثل ذلك اليوم ،ما حكمه ؟
ن العلماء قد اختلفوا في صوم يوم الشك ،ولهم في ذلك أقوال متعددة: ج :إ ّ
ذهب بعض العلماء إلى تحريم صومه ،لنهي النبي-صلوات ال وسلمه عليه-عن ذلك ،فقد روى المام الحافظ الحجة
ن رسول ال-صلى ال عليه وسلم-نهى عن صيام يوم من طريق أبي عبيدة عن جابر بن زيد-رضي ال تعالى عنهم-أ ّ
الشك ،وروى الربعة وغيرهم عن عمار بن ياسر-رضي ال تبارك وتعالى عنه-قال " :من صام اليوم الذي ُيشَك فيه
فقد عصى أبا القاسم " صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،فالحديث الول فيه نهي النبي-صلوات ال وسلمه عليه-
عن ذلك ،وحقيقة النهي أنه يدل على التحريم ما لم تصرفه قرينة ،كما هو مذهب جمهور المّة ،والحديث الثاني الذي
جاء من طريق عمار بن ياسر-رضي ال تعالى عنه-نسب فيه-رضوان ال تعالى عليه-من صام يوم الشك إلى معصية
رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وذلك ل يكون إل بارتكاب محجور.
وذهبت طائفة من أهل العلم إلى القول بكراهة ذلك.
وذكرت طائفة من أهل العلم أنه يُنهى عن صيامه من غير أن يصرحوا بتحريم أو كراهة ،وهذا هو الذي يسلكه كثير
من السلف فإنهم عندما يجدون نهيا عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه-يجتنبون ذلك الذي نهى عنه صلوات ال
وسلمه عليه ويذكرون أنه منهي عنه من غير أن يصرحوا بتحريم أو كراهة مخافة الوقوع في المحظور ،ثم إنه من
ن ال-تبارك وتعالى-ل يُعبَد بما نهى عنه أو نهى عنه رسوله صلوات ال وسلمه المعلوم المتقرر عند العلماء قاطبة أ ّ
عليه ،فل ينبغي لحد أن يَعبُد ال-تبارك وتعالى-بشيء قد ُنهِي عنه سواء كان ذلك على طريق التحريم أو طريق
الكراهة ،ولكن الناس في هذا الزمان وللسف الشديد يَسألون من أول وهلة هل هذا النهي للتحريم أو هو للكراهة ؟ ..
وأعني بهم البعض ول أريد الكل ..أقول :ل يبالي كثير من الناس بارتكاب المكروهات ،ونحن وإن كنا نفرّق بين
الواجب والمندوب ونفرّق بين الحرام والمكروه إل أننا نقول إنه ل ينبغي للنسان أن يفرّط في المندوبات كما أنه ل
ينبغي لحد أن يرتكب شيئا نهى عنه ال-تبارك وتعالى-أو نهى عنه رسوله صلوات ال وسلمه عليه ،ولذلك قلتُ :إنّ
السلف كانوا يَحكمون بالنهي في كثير من المور ويزجرون عن ذلك ولو كان ذلك النهي للكراهة ل غير.
وذهب بعض العلماء إلى التخيير بين صيامه وبين إفطاره.
وذهب بعضهم إلى القول بندبية ذلك.
وهذان القولن من الضعف بمكان إذ إنّ أقل أحوال النهي أن يُحمَل على الكراهة ،أما أن يقال بإباحة شيء أو بالتخيير
ن ذلكبينه وبين غيره مع أنه قد نُهي عنه فهذا مما ل ينبغي أن يُلتفَت إليه ،على أنه يُمكِن أن يُحمَل ما ُذكِر عن هؤلء بأ ّ
ن كثيرا من الناس عندما يَجدون كلما ن ذلك على مطلق القوال ،ولك ّ محمول في حالة ثانية سيأتي الكلم عليها ل أ ّ
مطلقا يَحملون ذلك الكلم على الطلق مع أنه يُراد به التقييد ،وهكذا في حالة العموم وفي حالة الخصوص ،ويلتبِس
المر بعد ذلك على كثير من الناس فل يُفرّقون بين العام وبين الخاص وبين المطلق والمقيّد في مثل هذه المور ،وإل ل
يمكن أن يقول أحد بندبية مثل هذا المر أو بالتخيير بينه وبين غيره مع أنه منهي عنه كما ذكرنا.وهذا كله إذا لم يكن
هنالك غيم أو قَتَر.
178
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
والقول بالكراهة هو الذي ذهب إليه الكثرون ولكن ل ينبغي لحد أن يَصوم ذلك حت على القول بالكراهة ،وهذا
أمر واضح ..نعم ثبت خلف بي أهل العلم ف صيام أيام التشريق بالنسبة لِمَن ل يَجد الدي أي بالنسبة للمتمتع
والقارن على قول مَن يقول بأنّ القارن عليه هدي ..اختلف العلماء ف هل يُشرَع لما الصيام ف هذه اليام أو ل ؟
ذهبت طائفة إل مشروعية ذلك ،واحتجوا برواية مروية عن السيدة عائشة-رضي ال تعال عنها-وهي متمِلةٌ للرفع
وللوقف ،وقد جاء مِن طريق أخرى التنصيص على أنا مرفوعة عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ولكنّ هذه
وأما في حالة وجود غيم أو في حالة وجود شيء يَمنع من رؤية الهلل-كالغبار الشديد أو ما شابه ذلك-فإنّ بعض أهل
العلم ذهبوا أيضا إلى تحريم صيامه ،لما ذكرناه من النهي ولما سيأتي ذكره بمشيئة ال تبارك وتعالى.
وذهب بعضهم إلى الكراهة أيضا.
وذهب بعضهم إلى القول بالنهي من غير تصريح بتحريم أو كراهة.
وذهب بعضهم إلى التخيير.
وذهب بعضهم إلى الباحة.
وهي القوال التي ذكرناها سابقا.
وذهب بعض أهل العلم إلى القول بوجوب صومه؛ وهو مروي عن المام أحمد كما نص على ذلك غير واحد من
أتباعه ،وذهب إليه أكثر أصحابه من المتقدمين ،وذهبت إلى ذلك-أيضا-طائفة من المتأخرين من الحنابلة؛ واختلفوا هل
هذا الوجوب على طريق الجزم أو على طريق الحتمال:
ذهب بعضهم إلى أنه يُجزَم بوجوب صيامه.
وذهب بعضهم إلى الظن وعدم الجزم.
ن ذلك ل يَثبُت عن المام أحمد ..أعني القول و َذكَر ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الهادي وصاحب " الفروع " أ ّ
بوجوب صيامه على طريق الجزم ،بل بعضهم ذهب أيضا إلى عدم ثبوت ذلك عنه حتى على طريق الظن.
وهذا القول رواه جماعة عن طائفة كبيرة من الصحابة والتابعين ،ول يصح ذلك عن أحد من صحابة رسول ال صلوات
ال وسلمه عليه ،كما أنني لم أجد ذلك ثابتا عن أحد من التابعين رضوان ال-تعالى-عليهم ،وإنما جاءت روايات متعددة
عن الصحابة تدل على شيء من ذلك ولكنّ أغلب تلك الروايات ل يَثبُت عن أحد من أولئك الصحابة الذين روي عنهم.
ن كثيرا من الناس يتساهلون في نسبة ومن المعروف أنه لبد من معرفة السانيد حتى فيما نسب إلى الصحابة ،ولك ّ
ن كثيرا من القوال التي تُنسَب إليهم ل تَثبُت عن كثير منهم القوال إلى هؤلء الصحابة-رضوان ال تعالى عليهم-مع أ ّ
سواء كان ذلك في هذه المسألة أو في غيرها فلبد من التثبت في مثل هذه القضايا
نعم جاء عن بعض الصحابة-رضوان ال تعالى عليهم-أنه كان يصوم ،ولكن ل يمكن أن يُحمَل ذلك على طريق
الوجوب ،بل القرائن تدل على خلف ذلك.
وذهب بعضهم إلى أنه إن صامه المام وأمر به فإنه يُصام وإل فل.
وذهب بعضهم إلى أنه يصومه الخاصة دون غيرهم والمراد بالخاصة من يتمكن من المحافظة على نيته ..أي يجزم
بالنية ول يتردد في ذلك أما من يتردد في النية فل.
وذهب بعضهم إلى أنه يصومه المفتي والقاضي ويمكن أن يحمل ذلك-أيضا-على غيرهم من أهل العلم؛ ول دليل على
هذا بل هو من الضعف بمكان.
وذهب بعضهم إلى أنه يُصام إلى أن تأتي الخبار ..أي يصومه الناس حتى يأتي الناس من كل مكان لحتمال أن يكون
أحد من تلك الطراف قد رآه؛ وهذا ل حاجة إليه في هذا الزمان مع توفر الوسائل مع ضعف هذا القول.
والقول الصواب في هذه القضية أنه ل يمكن أن يقال بندبيته ول بالتخيير بينه وبين غيره فضل من أن يقال بوجوب ذلك
على سبيل الظن أو سبيل اليقين ،إذ ليس هنالك دليل يدل على ندبية ذلك أو التخيير بينه وبين غيره-كما قلتُ-فضل عن
الوجوب ،بل الذي ينبغي أن يُجزَم به هو القول بالنهي عن صيامه ،ويَحتاج إلى شيء من النظر الجزم بالتحريم أو
ن السلمة هي في اتباع أولئك السلف الذين نهوا عن صيامه ،كما بالكراهة ،وإن كان القول بالتحريم هو الصوب ،ولك ّ
جاء ذلك عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،من غير أن نتعرّض لجزم بهذا أو بهذا ..نعم الرواية المروية عن
ن أهل العلم اختلفوا فيها هل هي مرفوعة أو موقوفة، عمّار-رضوان ال تبارك وتعالى عليه-تدل على التحريم إل أ ّ
179
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الرواية الت هي نصّ ف الرفع ل تَثبت ،لنا جاءت مِن طريق ل تَصح ،وإنا الصحيحة هي الرواية الول ولكنها
متمِلة للرفع وللوقف ،ولِمناقشة ذلك موضع آخر بشيئة ال تبارك وتعال.
* صيام يوم الجمعة
ومِن الصيام الكروه صيام يوم المعة وهذه الكراهة مقيّدة بِمَن ل يصم قبله يوما ول بعده يوما-كما جاء ذلك ف
الديث الصحيح الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أما مَن صام قبله يوما أو صام بعده يوما
فل كراهة ف ذلك.وقد اختلف العلماء ف صيام يوم المعة إذا صادف يوم عرفة أو يوم عاشوراء مثل:
ذهبت طائفة مِن أهل العلم إل مشروعية صيامه ،لجل أنه يوم عرفة أو لجل أنه يوم عاشوراء.
ولفظها على الصحيح موقوف ولكنها محمولة على الرفع إل أنها محتمِلة للكراهة وإن كان احتمال فيه شيء من النظر
وذلك لحتمال أن يكون عمّار-رضي ال تعالى عنه-سمِع النهي من النبي-صلوات ال وسلمه عليه-ولم يسمَع التحريم
ن التحريم هو فحمَله على التحريم مع احتمال الكراهة ،والقول بالتحريم-كما قلتُ-هو القوى ،وذلك لهذه الرواية ،ول ّ
ن هنالك روايات فيها النهي من غير هاتين الروايتين اللتين ذكرتُهما ،فمن ذلك أنّ النبي-صلوات الصل في النهي ،ثم إ ّ
ال وسلمه عليه-نهى عن تقدم شهر رمضان بصوم يوم ول يومين ،ومنها أيضا ..نهى صلى ال عليه وعلى آله وسلم
عن الصيام حتى تثبت الرؤية أو يكتمل العَدد ،فهذه الدلة تدل على أنه ل يمكن أن يقال بالباحة فضل من أن يقال
بالندب وفضل من أن يقال بالوجوب.
أما ما استدل به الذين قالوا بالوجوب فهو ل دليل فيه ،وذلك أنهم استدلوا ببعض الروايات المحتمِلة ومن المعلوم أنه ل
يصار إلى مثل هذه الحتمالت مع وجود أدلة صريحة واضحة كل الوضوح تدل على خلف ذلك ،فالمتشابه لبد من
أن يُحمَل على المحكَم ،والمجمَل لبد من أن يحمل على المبيّن ،ول يمكن بحال من الحوال أن يُعارَض بين مجمل
وبين مبيّن ول بين متشابه ول بين محكم ،فالنبي-صلوات ال وسلمه عليه-قد نهى عن تقدم شهر رمضان بيوم أو
يومين ،كما ثبت ذلك عنه صلوات ال وسلمه عليه ،وأيضا قال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ( :الشهر تسع وعشرون
ليلة ) وبيّن بعد ذلك-صلوات ال وسلمه عليه-أنه إذا لم تثبت رؤية الهلل أنه لبد من إكمال الشهر فقال ( :فأتموا
غمّ عليكم ثلثين ) ،كما جاء ذلك عند البخاري من طريق ابن عمر رضي ال تعالى عنه ( :فل تصوموا حتى تروه فإن ُ
فأتموا ثلثين ) ،فهذه الرواية صريحة كل الصراحة في أنه إذا لم تثبت الرؤية أنه لبد من إتمام الثلثين ،وحمْلُ من
حمَلها على هلل شوال فيه ما فيه كما هو ظاهر ،فالرواية شاملة لكل شهر من الشهور ،ثم إنه لبد من أن يقال بدخول
هلل شهر رمضان من طريق الوْلى فإنه قال ( :فل تصوموا حتى تروه ) ..أي حتى تروا هلل شهر رمضان،
وكذلك جاء من طريق أبي هريرة عند البخاري ( :صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غ ّم عليكم فأكملوا شعبان
ن التصريح بشعبان مُدرَج على الصحيح ،كما ذهب ثلثين ) والرواية صحيحة إل ما جاء فيها من ذكر " شعبان " فإ ّ
إلى ذلك ابن الجوزي ،وهو الذي ذهب إليه-أيضا-الحافظ ابن حجر ،وذكر السماعيلي بأنه محتمِل ،وهذا هو الصواب
إل أنّ القرائن تدل على ذلك أو على أقل تقدير تدل على أنه شامل لكل شهر ،كما جاء ذلك في رواية عند المام مسلم،
وكذلك جاء من طريق السيدة عائشة-رضي ال تبارك وتعالى عنها-أنّ الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-كان
يتحرى هلل شهر شعبان أكثر من تحريه لغيره فإن رأى هلل رمضان وإل أكمل العدّة ،والحديث صحيح ،كما نصّ
على ذلك غير واحد من أهل العلم ،منهم الدارقطني والنووي وابن عبد الهادي والحافظ ابن حجر ،وقد رواه أبو داوود
والنسائي في " الكبرى " وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم ،وغيرهم ،وكذلك جاء من طريق ابن عباس-
رضي ال تبارك وتعالى عنهما-عند جماعة من أئمة الحديث ،منهم النسائي وأبو داوود وأحمد وابن أبي شيبة وعبد
الرزاق وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم ،وكذلك رواه أحمد ،ورواه الشافعي ،ورواه طائفة أخرى من
أئمة الحديث ،ورواه مالك إل أنه منقطع عنده ،وقد أعلّه بعضهم برواية سِماك عن عِكرمة فإنها رواية ضعيفة ،ولكنه لم
يَنفرد بذلك ،إذ إنه قد توبِع ،وكذلك ل ُيعَل بعدم اتصال السناد عند مالك فإنه متصل عند غيره ،فرواية ابن عباس-
رضي ال تعالى عنهما-تدل دللة واضحة أنه لبد من إكمال الشهر ( :صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم
فأتموا ثلثين ول تستقبلوا الشهر استقبال ) وقد جاء ذلك-أيضا-من طريق حذيفة رضي ال-تعالى-عنه ،وقد صحح ذلك
النووي وغيره ،وهي رواية صحيحة ،ول عبرة بإعلل ابن الجوزي لها ،فإنه قد أخطأ الصواب ،وعلى كل حال
الروايات في ذلك كثيرة ويشد بعضها بعضا.
ن المامأما ما ذكره من قال بالوجوب من رواية ( :فاقدُروا له ) فإنّ هذه الرواية ل دليل فيها على ما ذهبوا إليه ،إذ إ ّ
مسلما قد بيّن في روايته من أنّ الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-قال ( :اقدروا له ثلثين ) فالرواية وإن كانت
180
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل كراهته ،لجل النهي عن صيام يوم المعة.
والفضل للنسان أن يصوم يوما قبل يوم عاشوراء-وهو التاسع-وإن ل يفعل ذلك فينبغي له أن يصوم الادي عشر
لجل الروج مِن هذا اللف وكذلك أن يصوم اليوم الثامن مِن شهر ذي الجة لجل الروج مِن هذا اللف
ولكن مَن ل يصم ذلك ولسيما بالنسبة إل يوم عرفة إذا فاته ذلك مثل هل يُشرَع له أن يصوم أو ل ؟ ف ذلك
خلف بي أهل العلم ،والذي يَظهر ل أنّ صيامه مشروع ..هذا هو الصواب ،وتقرير ذلك يَحتاج إل وقت ولعلنا
نتكلم على ذلك ف مناسبة أخرى بشيئة ال لنه سيُصادِف على احتمال قوي ف هذه السنة ..يوم عرفة سيُصادِف
يوم المعة فلعلنا نتعرض لذلك بشيئة ال قبل هذا اليوم ،ولكنّ الصحيح-كما قلتُ-هو قول مَن قال بصيامه،
والستحَب بأن يُخرِج النسان نفسه مِن مثل هذه اللفات ولسيما مع قوة تعارض الدلة فيها.
* صيام يوم السبت
وجاء حديث عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-فيه النهي عن صيام يوم السبت وقد ذهب بعض الناس إل
كراهة ذلك بل شدّد بعضهم فقال بتحري صيامه وهذا ليس بشيء فالديث ل يصح عن النب-صلى ال عليه وعلى
آله وسلم-على الصحيح ،وذهب بعضهم إل أنه منسوخ ،والقول بعدم صحته هو الصحيح ،ول عبة بقوة السانيد
مع نكارة الت وهي نكارة واضحة.
* صيام بعض أيام السبوع غير الثنين والخميس
وجاءت أحاديث فيها النهي عن صيام بعض أيام السبوع أو فيها المر بصيام بعض أيام السبوع الخرى وكل ذلك
ل يَثبت إل ما ذكرتُه سابقا مِن فعل النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ف صيام يوم الثني ويوم الميس وأنّ
ذلك مطلوب ،وأما بالنسبة إل بقية اليام باستثناء يوم المعة فللنسان أن يصوم إن شاء وأن يُفطِر إن شاء.
1
* صيام شهر رجب
محتملة إل أنّ هذه الرواية عند المام مسلم تُصرّح بالمراد ،ثم إنّ هذه الرواية تتفق مع بقية الروايات الخرى ،وهي من
المحكَم بخلف بقية الروايات فإنها من المجمَل المتشابه ،فلبد من ردّ تلك الروايات إلى هذه الرواية ،ولبد من الخذ
ن النبي صلى ال عليه وعلى بهذه الروايات المحكَمة ،وبذلك تتفق الروايات وتَسلَم من الضطراب ،ومن المعلوم من أ ّ
آله وسلم قد صرّح بلفظ واحد ولم يصرّح بكل هذه اللفاظ فل يمكن أن تُحمَل هذه الرواية على كذا وهذه الرواية على
كذا ،كما حاول بعض العلماء من حمل رواية ( :فاقدروا ) على من كان له علم بالفلَك بخلف من لم يكن عالما بذلك ،فل
يمكن أن تحمل هذه الروايات على ذلك ،لن مَخرَجها متحِد وإذا اتحد المخرج فلبد من أن يكون النبي صلوات ال
وسلمه عليه قد نطق بلفظ واحد وبقية اللفاظ تكون من باب الرواية بالمعنى فيبحث عن اللفظ الذي قاله النبي-صلوات
ن المراد برواية ( :فاقدروا ) " اجعلوا شهر شعبان ثلثينال وسلمه عليه-أو تتفق المعاني عليه ويؤخذ به ،وقد رأيتم بأ ّ
" ،وهذه الرواية تتفق مع بقية الروايات الخرى.
ويتبيّن أنّ القول الصواب هو قول من قال بالنهي عن صيام يوم الشك.
أما من قال بأنه يصومه من كان يتمكن من العزم الكيد ،فهذا ل دليل عليه ،بل الصواب أنّ من صامه بنية رمضان فإنه
ل ينفعه ذلك ،ويجب عليه أن يقوم بعد ذلك بإعادته بل عليه أن يتوب إلى ال تبارك وتعالى ،لنه وافق ما نهى عنه النبي
صلوات ال وسلمه عليه ،وهذه المسألة تحتاج إلى بسط كثير جدا-فإنّ طائفة من أهل العلم قد أفردوها بكتب متعددة-
وذلك ل يمكن في مثل هذه الوقات المختصرة؛ وال-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.
- 1وسئل فضيلته عن صيام شهر رجب في أسئلة أخرى نصها كالتالي :
181
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وكذلك جاءت أحاديث كثية جدا فيها بيان فضْل صيام شهر رجب ولكنّ تلك الحاديث ل تَثبت عن النب صلى
ال عليه وعلى آله وسلم ،كما بيّن ذلك جاعة كبية مِن أهل العلم ،وف ذلك يقول المام نور الدين-رحه ال
تعال-ف "جوهر النظام":
1
وبعضهم بِوضعها يُنادي لكنها-يعن تلك الحاديث-ضعيفة السناد
فالحاديث الدالة على مشروعية صيام شهر رجب ل يَثبت منها شيء عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فمَن
صام هذا الشهر فهو كغيه ،للنسان أن يصوم مِن غي أن يَعتقِد أ ّن صيامه ثابت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله
س :نحن الن في شهر رجب والناس-في الحقيقة-علق في أذهانهم أنّ شهر رجب شهر يستحب صيامه
وتستحب-أيضا-العمرة فيه ولذلك نجد كثيرا من الناس يصومون هذا الشهر ويذهبون-كذلك-إلى العمرة ليس جزافا
وإنما تبركا بهذا الشهر الكريم ،فهل وردت أحاديث تؤكد استحباب الصيام والعمال الصالحة في رجب ؟
ج :إنه لم يثبت عن رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-شيء من الحاديث في مشروعية صيام رجب،
وقد وردت أحاديث كثيرة جدا تدل على مشروعية ذلك ولكنها ل تثبت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه ،كما بيّن
ن الحاديث التي تروى عن النبي- ذلك صَيارِفة هذا العلم ونُقّاده ،إذ إنه من المعلوم المتفق عليه بين العلماء قاطبة أ ّ
صلوات ال وسلمه عليه-ليست جميعا صحيحة ثابتة ،وإنما منها الصحيح ،ومنها الضعيف ،ومنها-أيضا-الحسن؛
وبعض العلماء يجعلونها تنقسم إلى قسمين إلى صحيح وضعيف ،فيَدخل الحسن في دائرة الضعيف؛ ول إشكال في ذلك،
ن المشهور ن الحديث منه ما يحتج به ومنه ما ل يحتج به ،ومثل هذه المور ل مشاحة فيها ،إل أ ّ لنّ مقصود هؤلء أ ّ
ن الحاديث تنقسم إلى القسام الثلثة المذكورة. الذي اصطلح عليه الجمهور هو أ ّ
والحاديث التي وردت في صيام رجب ل تصل إلى درجة المقبول ،بل هي من باب الضعيف بل هي من باب الضعيف
الذي اشتدّ ضعفه ،فأغلبها موضوع مُخترَع مصنوع ،ومنها الضعيف جدا؛ وقد تكلم على ذلك العلماء كثيرا ،ولستُ
بحاجة إلى ذكر شيء من ذلك ،وقد نصّ على ذلك المام نور الدين-رحمه ال تبارك وتعالى-في " جوهر النظام "،
حيث قال-رحمه ال تبارك وتعالى-عن هذه الحاديث:
لكنها ضعيفة السنادوبعضهم بِوضعها يُنادينعم ،قوّى بعض العلماء حديثا ورد في فضل صيام الشهر الحرم-ورجب
ن في إسناده مجهول ،وما كان ن ذلك الحديث-في حقيقة الواقع-ل يثبت-أيضا-عند التحقيق ،ل ّ منها كما هو معلوم-ولك ّ
كذلك ل يمكن أن يُحكَم بثبوته عن النبي صلوات ال وسلمه عليه.
فإذن تلك الحاديث هي من باب الضعيف الذي ل يمكن أن يرتقي إلى درجة الحجية حتى بمجموع طرقه.
ومن هنا نقول :إنه ل ينبغي لحد أن يصوم هذا الشهر إذا كان يعتقد بأنه ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه ،وأما
أن يصومه-أو أن يصوم شيئا منه-لعموم فضل الصيام فذلك مما ل إشكال فيه.
فهناك إذن أمران:
المر الذي يُنهى عنه هو أن يعتقد بعض الناس بأنه ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه.
والثاني :أن يفعل ذلك بعض الناس بنية الحصول على فضل الصيام ،لنّ للصيام فضل سواء كان في رجب أو كان في
غيره ..نعم هو أفضل في بعض الشهور الخرى ،فالفضل أن يصوم النسان في شهر شعبان إلى غير ذلك من اليام-
التي سنتكلم عليها في مناسبة أخرى ،وقد تكلمنا عليها في العام الماضي أيضا-ولكن بمناسبة قدوم شهر شعبان الذي هو
ن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-كان يصوم أغلب هذا الشهر ،وجاء في بعض يلي هذا الشهر ،فإ ّ
الروايات أنه كان يصوم الشهر كله ولكنّ هذه الرواية الثانية محمولة على الغلب ،فالفضل أن يصوم النسان شعبان،
وإن شاء أن يصوم شيئا من شهر رجب من غير أن يعتقد بأنه ثابت عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-
فل إشكال.
فإذن الذي يُنبّه عليه أهل العلم هو عدم اعتقاد ثبوت صيام هذا الشهر عن النبي صلوات ال وسلمه عليه ،إذ إنه-كما
قدمتُ-لم يثبت عنه حديث قولي ول فعلي.
ن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-قد أُسرِي هذا وقد استحب بعض العلماء صيام اليوم السابع والعشرين لظنّهم بأ ّ
به في ليلة السابع والعشرين ،ونحن نقطع بالسراء لنصّ ال-تبارك وتعالى-على ذلك في سورة السراء ،وكذلك أشار
القرآن الكريم إشارة واضحة جلية إلى المعراج في سورة النجم ،وهنالك أحاديث كثيرة جدا جدا تدل على ذلك ،فنحن
وإن قطعنا بالسراء ولكننا ل يمكن أن نقطع بأنه قد وقع في هذه الليلة؛ والعلماء قد اختلفوا كثيرا في الليلة وفي الشهر
182
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وسلم-وله أن يفطر ..نعم مَن كان ل يستطيع أن يصوم شهر رجب وشهر شعبان مثل فينبغي له أن يُقدّم شهر
شعبان لثبوت ذلك عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وليَترُك صيام شهر رجب ،لنّ ذلك ل يَثبت عن
النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-بل ل ينبغي لحد أن يصوم شهر رجب بأكمله لِما جاء مِن النهي عن صيام
ذلك.
* صيام يوم السراء والمعراج ويوم مولد النبي الكريم
وكثي مِن الناس يَسأل عن صيام السابع والعشرين مِن شهر رجب وعن صيام الثان عشر مِن شهر ربيع الول لنّ
الول فيه السراء والعراج والثان يُصادِف مولد النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم:
وفي السّنة التي وقع فيها السراء والمعراج ،على أنه لو كان قد وقع في هذه الليلة فإنه ل دليل يدل على مشروعية
الصيام في اليوم الذي يليها ،إذ لم يثبت ذلك عن النبي صلوات ال وسلمه عليه ،بل ولم يثبت عن أحد من صحابته
رضوان ال-تبارك وتعالى-عليهم.
ن ذلك ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه. ل يصام ذلك اليوم مخافة أن يعتقد بعض العوام بأ ّ فإذن الفضل أ ّ
فكثير من المور قد فعلها بعض العلماء على جهة الستحباب وفعلها بعض العلماء من غير قصدٍ لن تكون موافَقة
ن بعض الجهلة ظنّوا بعد ذلك بأنّ هذه المور ثابتة عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله لمناسبة من المناسبات ولك ّ
وصحبه وسلم-لفعل بعض أهل العلم لها أو لسكوت أهل العلم عن بعض الذين يفعلون ذلك.
فإذن خلصة ما في المر أنه لم يرد حديث ثابت عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه-في صوم شهر رجب ،فمن صامه
ل شيء عليه بشرط ألّ يعتقد أنه ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه ،أما أهل العلم فإن امتنعوا لفترة من الزمن
ن ذلك ثابت عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه-وفعلوا ذلك في الشهر التي عن ذلك مخافة أن يَعتقد بعض العوام بأ ّ
ثبت صيامها أو صيام بعض أيامها فذلك حسن وإن بيّنوا ذلك وصاموا بعض اليام من غير أن يعتقدوا؛ وهذا معلوم ،إذ
ل يمكن أن يعتقد عالِم بثبوت شيء من هذه الحاديث ..نعم نقَلَها بعض الفقهاء في كتبهم ولكنهم لم يشترطوا أن يَرووا
فيها الثابت عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه-بل يروون فيها ما صح وما لم يصح ول شك أنّ الفضل أن يَقتصر
العالِم عند كلمه عن المسائل الشرعية على الحاديث الثابتة عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه-وذلك-بالطبع-بحسب
ن أنظار أهل العلم تختلف في ثبوت بعض الحاديث ،فبعض العلماء يرى أنها ثابتة عن النبي صلوات ال ظنّه ،إذ إ ّ
وسلمه عليه ،وبعض العلماء يرى أنها لم تثبت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه؛ ول ينبغي لحد أن يُعنّف أحدا إذا
ن الحديث الفلني ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه ،وإن كان ذلك الشخص أو أولئك الشخاص ل يرون ظنّ أ ّ
ثبوت ذلك ،لنّ هذه المسائل من المسائل الظنية ،والمسائل الظنية ل يمكن أن يُعنّف فيها أحد ،لنه ل يمكن أن يَقطع
أحد بثبوت ما يراه أو بضعف ما يراه ،فما من حديث إذا لم يصل إلى درجة المقطوع به أي بثبوته أو بعدم ثبوته إل
ن النسان متعبّد بحسب ظنّه ،فإذا ويمكن أن يَتطرق إليه الضعف كما أنه يمكن أن يَتطرق إليه احتمال الصحة ،ولك ّ
ن هذا الحديث ثابت أخذ به في المور الظنية ،أما بالنسبة إلى المور القطعية فتلك لها أمر آخر ،إذ إنه ل يمكن أن ظنّ أ ّ
يَعتقد النسان أمرا من المور إل بدليل اجتمع فيه قطعية المتن وقطعية الثبوت ،أما إذا تَخلّف واحد من المرين فل.
وأما بالنسبة إلى العمرة فقد جاء في فضلها-أيضا-أحاديث عن النبي صلوات ال وسلمه عليه ،وأما أنها في
ن النبي-شهر رجب بالخصوص فلم يثبت في ذلك شيء ،وما جاء عن ابن عمر-رضي ال تبارك وتعالى عنهما-مِن أ ّ
صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-قد اعتمر في شهر رجب فذلك وَهْم منه رضوان ال-تبارك وتعالى-عليه ،وقد
ردّته عليه السيدة عائشة-رضي ال تبارك وتعالى عنها-وذكرَت بأنّ ابن عمر-رضي ال تعالى عنهما-قد اعتمر مع
النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-في كل عمراته التي اعتمرها-صلوات ال وسلمه عليه-ولم يكن شيء من ذلك في
ن ذلكشهر رجب؛ وكذلك لم يأت شيء في فضل ذلك من الحاديث القولية؛ فمن اعتمر في ذلك من غير أن يَعتقد بأ ّ
ثابت عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فل شيء عليه ،أما أن يعتقد ثبوت ذلك فهذا مما ل ينبغي؛ وال-
تبارك وتعالى-أعلم.
س :الن ربما بدأ عدد من الناس صيام شهر رجب ويعتقدون في حال صيامهم أنّ فيه فضل كبيرا وأجرا
عظيما نظرا للحاديث التي قرؤوها ،في هذه الحالة الن بعد أن علِموا الحكم هل يلزمهم إتمام النية التي بنوا عليها
صيامهم أم عليهم أن يتوقّفوا نظرا لنهم بنوا نيتهم هذه على أحاديث ضعيفة ؟
ج :هنالك أمران:
183
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وقبل كل شيء أريد أن أبيّن أنه ل يأت دليل يدل على أنّ ليلة السراء كانت ليلة السابع والعشرين مِن شهر رجب
ول أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلمُ -ولِدَ ف اليوم الثان عشر مِن شهر ربيع الول ،وقد اختلف
العلماء اختلفا كثيا ف هاتي القضيتي ول يأت أحد بدليل يكن التعويل عليه ،فأول هذا ل يَثبت ..أي ل دليل
على أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلمُ-أ ْس ِريَ به ف ليلة السابع والعشرين مِن رجب ول على أنه ولد ف اليوم
الثان عشر مِن ربيع الول ،ث إنه ل يَثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ول عن أحد مِن صحابته أنم
كانوا يصومون ذلك ،فالفضل تركُ ذلك مافةَ أن يَعتقِد بعض الناس بعد مدة مِن الزمن بأنّ ذلك ثابت عن النب
الول :أن يكون بعض الناس قد َنذَر ذلك أي نذر أن يصوم شهر رجب أو عددا من اليام من هذا الشهر ،وعلى هذا أن
يُكمِل تلك اليام ..أي لبد من أن يقوم بصيام هذه اليام ،لنه يجب على النسان أن يقوم بوفاء النذر إذا لم يكن ذلك
النذر في معصية ال تبارك تعالى ..هذا إذا كان مستطيعا عليه ،فما دام مستطيعا على الوفاء به ولم يكن هذا النذر نذرَ
معصية فيجب عليه أن يقوم بإتمام ذلك.
وأما إذا كان ذلك لم يكن من هذا الباب وإنما نوى النسان ذلك فل يجب عليه أن يقوم بإكمال ذلك ،فإن شاء أن يصوم
ن هذا ثابت عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه-في هذا الشهر فالصيام فيه خير كثير ولكن-كما قلتُ-من غير أن يَعتقد بأ ّ
بخصوصه؛ فالنسان إذا أراد أن يصوم عددا من اليام من هذا الشهر فل إشكال فالصيام فيه خير كثير ،ولكنه إذا كان
ل يستطيع أن يصوم إل في هذا الشهر-مثل-وسيفطر شهر شعبان فنقول له :إنّ الفضل له أن يفطر في هذه اليام وأن
يصوم ما أراد في شهر شعبان ،لثبوت ذلك عن النبي صلوات ال وسلمه عليه:
والمصطفى أكثرُ ما يصومفي شهر شعبان وذَا معلومكما ثبت ذلك في السنّة عن النبي صلوات ال وسلمه عليه ،فنحن-
كما قلتُ-ل نمنع من صيام هذا الشهر ،وإنما نقول :إنه لم يثبت شيء فيه ،فمن صام فليصم على أنه كغيره من سائر
الشهر التي لم يثبت فيها شيء من الفضل بعينها وإنما ثبت فضل الصيام في الجملة.
ومن لم يستطع إل أن يصوم أياما قليلة فليصم تلك اليام التي ثبت الفضل فيها ،أما من استطاع أن يصوم أكثر من ذلك
فإن شاء أن يصوم في هذا الشهر فليصم وإن شاء أن يصوم في غيره فليفعل؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س :إذا كان الذي يصلي بهم الجماعة ممن يرون صيام رجب ويصرون على ذلك ،فهل تجوز الصلة خلفه ؟
ن النسان- ج :نعم ،تجوز الصلة خلفه ،فهو لم يرتكب أمرا محجورا ..أي لم يرتكب أمرا مُحرّما ..غاية ما في المر أ ّ
كما قلنا-ينبغي له أن يعرف ما ثبت عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه-وما لم يثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه ،وأن
ن الصيام مندوب في الجملة إن لم يخالف دليل يُطبّق الثابت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم؛ ونحن ذكرنا بأ ّ
ثابتا في سنّة النبي صلوات ال وسلمه عليه ..أي عندما نستثني تلك اليام التي ثبت النهي عن النبي-صلوات ال
وسلمه عليه-عن صيامها سواء كان ذلك النهي يقتضي التحريم أو أنه كان يقتضي الكراهة؛ وأما شهر رجب فإنه لم
ن النسان ل ينبغي له إذا كان مشهورا بين يثبت عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه-أنه نهى عن صيامه؛ وإنما قلنا :إ ّ
الناس أن يُظهِر ذلك مخافة أن يَعتقد العوام بأنّ ذلك ثابت عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه-فيعتقد الواحد ما لم
يثبت بأنه ثابت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه ،فهذا الشخص لم يرتكب حراما وإنما-اعتقد هذا العتقاد على أنني
ل أظن بأنه اعتقد اعتقادا جازما وإنما-ظنّ على أنه قد قوّى بعض العلماء حديثا جاء عن النبي-صلوات ال وسلمه
عليه-في صيام الشهر الحرم وذكروا بأنّ هذا الحديث يصل إلى درجة الحَسَن ..فإذا كان هذا الشخص يقلّد أولئك
الذين يقولون بثبوت هذا الحديث عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه ،ونحن وإن كنّا نُضعّفه ولكنّ ذلك ل يصل إلى
درجة القطع بل هو من باب التّضعيف الظني ،لنه ل يمكن لحد أن يَقطع بِكذِب حديث إلّ إذا خالف دليل قاطعا ولم
يمكن أن يُجمع بينه وبين ذلك الدليل القاطع بوجه من وجوه الجمع المعلومة-فإذن هذا النسان نقول له بأنه لم يثبت عن
النبي-صلوات ال وسلمه عليه-شيء في ذلك ،وأنّ الفضل له أن يصوم تلك اليام التي ثبت الفضل في صيامها
بنصوص صريحة ثابتة عن النبي صلوات ال وسلمه عليه ،وإن شاء بعد ذلك أن يصوم شيئا من رجب أو من غيره
من الشهر التي لم يَرد فيها فضل عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه-من حيث الخصوص استنادا إلى بعض
العمومات الدالة على فضل الصيام في الجملة فل شيء عليه بمشيئة ال تبارك وتعالى.
والبدعة-على القول الصحيح-تنقسم إلى أقسام ،فليست كلها محرّمة ،وما يدعيه كثير من الناس مِن أنّ كل ما لم يَرِد
عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه أو ما شابه ذلك-مِن المور التي يَحرم فعلها فهذا مما لم يصح ،فنحن إذا نظرنا إلى
184
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وقد بيّنتُ كثيا مِن اليام الت كان يصومها النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-أو
أنه أمر بصيامها أو أنه بيّن فضْل صيامها فليُواظِب النسان على ذلك فإنّ ف ذلك خيا كثيا ،وإن كانت لديه قدرة
على الصيام فليصم يوما وليفطر يوما ،كما كان نب ال-تعال-داؤود-عليه الصلة والسلم وعلى نبينا-يصوم ،فمَن
كانت له قوة فليصم ذلك ،أما أن يأت بأمر ل يَثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ويُخشى بأن يَعتقِد
الناس بفعله بأنه ثابت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-فهذا ما ل ينبغي.
لرُم ولكنّ ف إسناده مهول فهو ل يثبت عن النب صلى ال عليه وعلى وكذلك جاء حديث فيه فضْل صيام الشهر ا ُ
آله وسلم ..نعم ثبت المر بصيام شهر الحرم كما ذكرتُ
وكذلك جاء حديث فيه فضْل صيام الميس والمعة مِن كل شهر مرم وأنّ صيام ذلك يَعدل عبادة تسعمائة سنة
ولكنّ هذا باطل موضوع ومترع مصنوع كما هو ظاهر مِن متنه وف إسناده كذاب؛ وال-تبارك وتعال-أعلم،
وأكتفي بالقتصار على ما ذكرتُه هنا ولعلّ شيئا فاتن مِن ذلك لكن هذا ما يَحضرن الن؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
خامسا :أحكام نواقض الصيام
س :ما حكم أخذ الدم من الصائم وكذلك أعطاؤه هو لشخص آخر ؟
ج :إن أخذ الدم من النسان وهو صائم أسواء كان ذلك للفحص أو لغيره مما اختلف فيه أهل العلم وذلك بناء على
اختلفهم في الحاديث الواردة عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم في الحجامة فإن طائفة كبيرة من أهل العلم
قالوا بإفطار الحاجم والمحجوم واستدلوا على ذلك بأدلة متعددة مروية عن النبي صلوات ال وسلمه عليه حتى
أدّعى بعض أهل العلم أنها بلغت مبلغ التواتر وإن كان بعضهم أدّعى أنّ ذلك لم يثبت عن الرسول صلوات ال
وسلمه عليه لضعف تلك الروايات والصواب إن تلك الروايات ثابتة عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم
السنّة فإننا نجد الدلة واضحة تدل على فعل بعض المور وإن لم يأمر بها النبي-صلوات ال وسلمه عليه-أو أنه لم
يفعلها ،فهنالك أحاديث كنتُ أود أن أنبه عليها ولكنّ الوقت ل يُسعِف لذلك-كما يشير إلى ذلك الخ حفظه ال تبارك
وتعالى-فأرجئ ذلك إلى مناسبة أخرى-بمشيئة ال تبارك وتعالى-وقد علّقتُ بتعليق حسن على ذلك في مقدمة الجزء
الثالث من " الطوفان " ،فمن شاء ذلك فليرجع إليه ،وهذا الذي ذكرتُه هو الذي ذهب إليه جمهور المّة ،كما ذكرتُ
ذلك في الموضع المشار إليه؛ وال-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.
س :شهر رجب ،هل يصل صيامه إلى حد الكراهة ؟
ج :ل ..ل يصل إلى حد الكراهة ..من أراد أن يَحكم بوجوب أمر أو بحرمته أو كراهته أو ما شابه ذلك من الحكام
فلبد من أن يَستنِد إلى آية قرآنية أو حديث ثابت عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أو ما يرجع إليهما
بوجه من وجوه الدللة المعروفة؛ وليس هنالك حديث يدل على كراهة ذلك ،بل العكس الدلة تدل على فضل الصيام في
الجملة وإنما-قلنا-يُشدّد على العتقاد بثبوت ذلك ،إذ إنّ بعض العوام يعتقدون ثبوت بعض المور ،بل يصل المر
ببعضهم إلى أن يعتقد وجوب أمر من المور وهو ل يصل إلى ذلك ،فهذا الذي نُنبّه عليه ونُشدّد فيه ،أما أن يصوم
النسان في شهر رجب أو في غيره فهذا مما ل يمكن أن يقال بحرمته ول بكراهته ول أن يُشدّد فيه بل يُنبّه ذلك
الشخص بأنّ هذا الصيام فيه خير كثير ولكن اِعرف ما هو الذي ثبت عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وما لم
يثبت ،ثم نُبيّن للناس ما هي اليام التي ثبت صيامها وأنه ينبغي للنسان أن يُقدّمها على غيرها إذا كان يريد أن
يَقتصِر على أيام معدودة ،وبعد ذلك إن شاء أن يصوم بعد ذلك فل بأس بشرط ألّ يَعتقد أنّ ذلك ثابت؛ وال ولي
التوفيق
-1المام نور الدين السالمي ،جوهر النظام في علمي الديان والحكام ،كتاب :الصوم ،باب :أقسام الصوم إلى واجب
وغيره ،فصل :الصوم المستحب.
185
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ولكنها منسوخة ول أرى أن أطيل المقام بذكر تلك الروايات ومالها وما عليها وذكر الروايات الناسخة لها ولكننّى
أرى أن هذا الرأي وهو القول بالنسخ هو الذي ينبغي أن يؤخذ به لنه هو الذي يؤيده الحديث الثابت عن النبي
صلوات ال وسلمه عليه وفيه دللة واضحة على النسخ وذهب بعضهم إلى أن الحجامة تفطر الصائم وأما أخذ الدم
للفحص أو نحو ذلك فل وذلك أن ذلك قليل جدا ولن الضرورة تقتضيه وهذا فيه نظر أن لو قلنا أن الحجامة تنقض
الصيام وذلك لنه ل فرق بين المرين إل إذا قيل إنه بالنسبة إلى الحجامة يُحكم بالنقص لن المريض يضعف بذلك
ن هذه العلة عليلة إذ إنه ل مدخل للضعف وغيره فإذا تمكن النسان من مواصلة صيامه فإن صيامه يعتبر
ولك ّ
صحيحا ولو أصابه شيء من الضعف إذن إما أن نقول بالنقض مطلقا أو ل نقول بالنقض وبما أنه ل حاجة إلى
القول بأن ذلك ل يقال عليه أنه ناقض لجل الضرورة إذ إن من اضطر إلى ذلك لو كان ذلك ناقضا لقيل إنه له أن
يفطر ثم بعد ذلك يقوم بقضاء ذلك اليوم أما أن يقال إنها ل تفطر لجل الضرورة فهذا كلم غريب جدا وقد علمتم
بأن الرأي الراجح لدي هو أن الحجامة ل تفطر الصائم وعليه كذلك أقول إن من أخذ الدم ل يفطر الصائم نعم من
استطاع أن يحتاط لمر دينه وأن يخرج نفسه من الخلف فإن ذلك أولى أما الجواز فقد علمتم القول الراجح في هذه
المسألة وأما بالنسبة إلى أعطاء الصائم الدم فإن ذلك ناقض فإذا وُضع دم لنسان بأن كان مضطرا إلى ذلك فإن ذلك
ينقض الصيام ولبد له من القضاء ولكنه يباح ذلك إذا كان مضطرا إليه لنه مريض والمريض له أن يفطر كما هو
معلوم من الدلة على ذلك فيباح له الفطار من أجل هذه العلة .
س :ماذا على الصائم إذا تقيأ من غير عمد في نهار رمضان ؟
ج :إذا تقيأ من غير أن يتسبب في ذلك ولم يقم بإرجاع شيء من ذلك القيء إلى جوفه فإن صيامه صحيح نعم إذا
رجع شيء من ذلك القيء إلى الجوف غلبة أي لم يستطع النسان أن يمسكه فإن صيامه أيضا أما إذا تسبب النسان
في القيء فإن صيامه باطل وعليه أن يتوب إلى ال تبارك وتعالى وأن يعيد ذلك اليوم وذلك مثل إذا أحسّ النسان
بغثيان وأخرج ذلك بطريق العمد فإنه يفطر بذلك وعليه أن يتوب إلى ال تعالى وفطره هذا ل يسوغ له أن يستمر
على الفطار بل لبد له أن يمسك اللهم إل إذا كان ذلك بسبب المرض إذا كان تقيأ بسبب المرض واضطر إلى ذلك
فإنه ل بأس بذلك وإذا شاء أن يمكث بعد ذلك على إفطاره بسبب مرضه فذلك أيضا ل بأس لنه أفطر بسبب
المرض ولكن عليه بعد ذلك أن يعيد ذلك اليوم كما قلت .وال تبارك وتعالى أعلم .
186
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :امرأة بدأت صيام ثلثة أيام بعد نية نوتها لذلك ولكنها في اليوم الثالث شعرت بشيء يخرج منها وحسبت أنه
حيض فتركت الصيام لكنه بعد ذلك اختفى وبعد ثلثة أيام جاءها مرّة أخرى ،هل يعدّ ذلك حيضا ؟
ج :ل ,ذلك التقدّم ليس من اليض ،وبا أنه جاء واستمرّت عدّة أيام بعد ذلك جاء اليض هذا ليس من اليض
وإن كنتُ أودّ من هذه الرأة بأن تصف ذلك الدم الذي جاءها من قبل فإنّ للعلماء خلفا ف هذه القضية فلو وصفت
ذلك الدم لكان ذلك أول ،أما الذي عليه الكثر فإنّ ذلك ليس من اليض ف شيء ..أعن الدّم التقدّم.
- 1السؤال كما ورد في المكالمة " :الحبة التي يعطيها الطبيب لمريض القلب يضعها مع الضرورة تَحت اللسان هل هي
جائزة أم ل ؟
187
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :هي أفطرت إذن لهذا الشيء ،فهل تقضي ذلك اليوم ؟
ج :أفطرته ..إذا كان ذلك من رمضان ..نعم عليها القضاء وعليها أن تتوب إل ال-تبارك وتعال-إن أكلت بعد
أن توقّف ولكن الظاهر أنا أفطرت وهي تظن أنّ ذلك حيض وبا أنا فعلت ذلك فل شيء عليها بشيئة ال-تبارك
وتعال-ولكن-كما قلتُ-كنتُ أودّ منها وينبغي إن أمكنها أن تتّصل ولو ف غي هذه اللسة حت تصف ذلك الدم.
ن صيامها لم يكن في رمضان ؟
س :هي حددت أ ّ
ج :إذا كان ذلك ف غي رمضان ول يكن نذرا ول كفارة يي ول قضاء لرمضان فل شيء عليها ،لنّ من دخل ف
صوم نفل فالصحيح أنه ل يب عليه قضاؤه ولو أفطر من دون عذر ،فكيف وهي قد أفطرت وتظنّ أنا حائض.
س :كيف نتعامل مع المدرسات اللواتي ل يتحجبن ؟ وخاصة في رمضان.
ج :ال الستعان؛ يب على النسان أن يَجتنب معاصي ال-تبارك وتعال-ف رمضان وف غي رمضان ،فإنّ غضّ
البصر مأمور به ف رمضان وف غي رمضان ،نعم العاصي تتضاعف ف مثل هذا الشهر الكري كما أنّ السنات
ض بصره سواء كان طالبا أو كان غي طالب وسواء كانت تلك الرأة تدرسه أو تُضاعف فيه ،فعلى النسان أن يَغ ّ
ل ،فعلى هذا الطالب وغيه أن يَغضّ بصره ف هذا الشهر الكري وف غيه وألّ يَنظر إل مثل هذه الرأة الت ابتُلي
بالدراسة معها؛ وال-تبارك وتعال-الستعان.
س :امرأة تغتسل من الحيض في رمضان الكريم وأذّن عليها أذان الفجر وهي ل تزال تغتسل ،كيف يكون صيامها
في تلك الحالة ..هل تنوي مباشرة أو ماذا تصنع ؟
ج :نعم ,تنوي الصوم من ذلك الوقت ،وليس لا أن تؤخّر ،فهذا التأخي ل يصحّ أبدا ،فإن كانت نوت من ذلك
الوقت فصيامها صحيح.
س :حتى ولو لم تكمل الغسل ؟
ج :إذا كانت قد أخّرت ذلك لعذر فل شيء عليها ،بأن طهرت ف ذلك الوقت أو كانت نائمة وتظنّ أنا ستقوم من
قبل ث أخذها النوم ول تدر إل قبيل طلوع الفجر ،ولكن القضية هي أنّ الؤذّن إذا كان قد أخذ ف الذان والفجر قد
طلع وهي ل تنو ففي السألة ماطرة شديدة ،فينبغي لا أن تقضي ذلك اليوم بل إنّ ذلك يكن أن يقال بوجوبه ..أي
بوجوب القضاء عليها ،لنه قد مضى وقت من طلوع الفجر ول تكن هي ناوية للصوم ،فأرى أنه عليها أن تتوب إل
ال-تعال-وأن تقضي ذلك اليوم بسبب عدم نيتها؛ وال أعلم.
س :جدتها كبيرة في السن وتحتاج في تغيير ملبسها إلى أن تستعين ببعض الشخاص سواء كانوا ذكورا أم
إناثا ،فهل يؤثر ذلك على صيامهم عندما يبدلون لها ملبسها ؟
ج :أما الذكور فليس لم أن يصنعوا لا ذلك.
وأما الناث فنظرا لوجود الضرورة فإنه يوز لنّ ذلك ف حالة الصيام وف غي حالة الصيام بشرط أ ّل ينظرن إل
العورة وألّ يلمسن العورة-أيضا-إل بوجود حائل ،فمع وجود الائل ومع عدم النظر فإنّ ذلك يوز لذه الضرورة؛
وال-تعال-أعلم.
س بطعم ذلك الدهن في فمه وهو صائم ،هل يؤثر
س :إذا كان الشخص يتوضأ وفي يده دهن وعند المضمضة أح ّ
188
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
189
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
في ذلك مخاطرة ،فيجب ترك ذلك أو ينبغي ترك ذلك ،وأما بالنسبة للفرشاة من غير معجون فل مانع من ذلك ،
وال أعلم .
-1قيل بوجوب الكفارة عليه ،لنتهاك ُحرْ َمةِ هذا الشهرِ البارك.
-2وقيل بعدم وجوب الكفارة عليه.
والقولُ الوّل ل َشكّ أنّه قولٌ قوي وهو أحوط وأسلم.
ح ُرمُ عليهما الصيام وَيجِب عليهما والالة الت َيحْ ُرمُ فيها الصيام على الرأةِ :ف حالةِ الّنفَاس وف حالة اليض ،فَي ْ
القضاءُ بِإجاعِ المّة وِبنَصّ السنّة الصحيحةِ الثابتة عن النب ،فل َيجُوزُ لِلحائضِ أن تَصُوم وكذلك بالنسبةِ إل
النفساء وكذلك ل َيجُوز لَهما التيانُ بِالصلةِ ولكن الفرقُ أنّهُما ل تُ ْؤ َمرَانِ بِقضاءِ الصلةِ ِبخِلف الصوم كما ثبتَ
ذلك ف السنّة عن النب بل وليس لَهما أن َيقُومَا ِبقَضَاءِ الصلة ،وذلك ِمنَ المنوعات ،لنّ ذلك ُمخَالِف لِهَ ْديِ
النب .
أما الذي يَجُوز له الفطار فالريض والسافر و-كذلك-الشيخ الكبي والرأة العجوز و-كذلك-الرأة الامل
سيْهِمَا أو على ول َديْهِمَا أو على الكُلَ ،ففِي هذه الالت يَجوز الفطار بل قد َيجِب والرأة ا ُل ْرضِع إذا خافتا على نَفْ َ
ف بعضِ الالت ،فالريض إذا ا ْشتَدّ به الرض وخاف على نَفْسِه فليس له هَا ُهنَا الصيام بل عليه أن يُ ْفطِر ،وهكذا
السافر إذا َشقّ عليه ذلك وخاف مِن اللك أو مِمّا ُيقَ ّربُه مِن اللك فكذلك ليس له أن يَصُوم ،وهكذا بالنسبة إل
الَبقِيّة الباقية الت ذكرناها سابقا ،ولِلعلماء ف ذلك تفصيلتٌ ل داعي لِ ِذ ْكرِها الن.
جبُ عليهم القضاء ،فالسافر والريض الذي يُمْ ِكُنهُ القضاءُ وهكذا أما بِالنسبةِ إل القضاء فكما قلنا بعضُ الناس َي ِ
بالنسبة إل الامل والرضع على الصحيح الراجح فيهما ..أعن ف الامل والرضع ..هؤلء يَجِب عليهم القضاء.
ول شك بِأنّ لِرمضان مَ ِزيّة عظيمة ولكن-أيضا-بِمشيئة ال-تبارك وتعال-ف حالةِ القضاءِ َينَالُون ال َفضْل العظيم،
لنّهم أفطروا ف رمضان ِإمّا بسبب يُوجِب عليهم ذلك أو بسبب ُيبِيحُ لَهم ذلك ،ول يُمكن َأنْ نقول " :إنّ صيامهم
أقَل مِن صيام شهر رمضان " وإن كنتُ ل أُحِب الوضَ ف مثلِ هذه القضايا ..الذي نُرِيد أن نُْثبِتَه بِأنّ هؤلء
مشروعٌ لَهم الفطار إمّا على طريقِ اليـجاب أو على طريقِ النّدْب ويَجب عليهم القضاء فل داعي لِتطويلِ هذه
السألة بِأنّ هذا أفضل أو ليس بِأفضل ..نعم هل الفضل لِلمسافِر -1أن ُي ْفطِر -2أو الفضل له أن يَصوم ف شهر
رمضان ؟ هذا فيه خلفٌ كبي بيْن أهل العلم -3 ..أو ال ْفضَل اليسر ف َحقّه ؟ ول َشكّ بِأنّ هذا الرأي رَْأيٌ
حصُل على وَجِيه ،فإن كان اليْسَر ف حقّه الصيام فل َشكّ أنّ الوْل له الصيام وإن كان اليْسَر ف حقّه ال ِفطْر وقد َي ْ
شقّةَِ ،فِإنْ َأمْ َكَنهُ
شقّة البَسِيطَة أو السّهْلَة أو ما شابه ذلك ،إذ لبد مِن مِْثلِ هذه الـ َم َ شقّة ..وطبعا ليست بِالـمَ َ مَ َ
ِمنْ َغْيرِ مشقّةٍ كبية فالفضل له الصيام ِمنْ نواحٍ ُمَتعَ ّددَة؛ وال ول التوفيق.
س :قد يَكون أَفط َر في أوّل رمضان أو في وسطه أو في آخِره ،فهل في القضاء يَلْزمُه أن يَصومَ ما أَفطرَه مُ َتفَرّقا
أن يَصومَه مُتتابِعا ؟
ج :مسألةُ َتتَابُعِ القضاءِ مُختَلفٌ فيها بيْن أهلِ العلم منذ زمنٍ بعيد:
ستَطِع على ذلك.
مِن العلماء مَن ذهب إل وجوبِ التّتَابعِ ف القضاءِ إل َمنْ َشقّ عليه ولَم يَ ْ
191
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وبعضُ العلماء ذهب إل أنه َيجُوز ف القضاء ال َفصْل َ ..يجُوز لِلنسان أن يصومَ يوما وأن يُف ِطرَ يوما وهكذا ..الهم
أن يُكْ ِملَ العِدّة الت عليه ول ينظر إل التتابع وإل عدمه ،فإذا كان إنسانٌ قد أَف َطرَ ستّة أيام أو سبعة أيام الهم أن
يَقضِي تلك اليام سواء أتى بِها متتابِعة أو أنه أتى بِبعضِها ثُم أَفطَر ثُم أتى بِالبقيةِ الباقية وهكذا ..الاصل الهم أن
ُيحْصِي العِدّة.
وقد ا ْستَدَلّ ك ّل فريقٍ بِأ ِدلّة ،وليس هنالك دليلٌ واضِح ف هذه القضية ،إذ إنّ كلّ ما اسْتَدَل بِه َمنْ قال بِوجوبِ
الّتتَابع وبعدم وجوبِ ذلك مِن الديث الروي عن النب ل َيثُْبتُ عنه صلوات ال وسلمه عليه على التحقيق،
وبيان ذلك َيتّسِع بِه القال.
سبُ إل السيدةِ عائشة-رضي ال تعال عنها-وقد نُسَِبتْ إل غيِها، واست َدلّ القائلون بِالتّتَابع-أيضا-بِقراءةٍ شَاذّةٍ تُنْ َ
ختْ وما ولكن الحتِكام بِالقراءاتِ الشاذّة َلنَا فيه َنظَرٌ ل دَاعِي لِ ِذ ْكرِه الن ،ث إنّ تلك القراءةَ على تَقْدِيرِهَا قد نُس َ
دامتْ منسوخة فإنّ الصلَ أنّ الكمَ ُينْسَخُ بِنَسْخِ الّلفْظ إل إذا َدلّ دليلٌ على بقاءِ الكم بعدَ نَسْخِ الصلِ ،وليس
لدينا ذلك الدليلُ ف هذه القضية.
وقَاسُوا ذلك-أيضا-على صيامِ شه ِر رمضان البارَك فإنّه ُمتَتَابِع ،وهذا القياس فيه ما فيه كما ل يَخْفى ،ذلك أنّ
رمضان َيجِب التتابُع فيه ل ل ْجلِ وجوبِ التتابُع نفسِه ولكن لنّ رمضان َيجِب صيامُه ِمنْ أ ّولِه إل آ ِخرِه إل لِعذرٍ
شرعي كما هو معلوم ..ذلك لمرٍ آخَر وليس ل ْجلِ الّتتَابع ذَاتِه ،فإذن هذا القياس فيه ما فيه.
خرِج نفسَه مِن اللفِ ف هذه القضية ،ولكن لو جاءنا شخصٌ و-على كل حال-ل َشكّ أنّ النسان الوْل لَه أن ُي ْ
وقال بِأنّه َقضَى ما عليه ِمنْ شه ِر رمضان ولكنّه لَم ُيتَابِع َبيْن القضاء سَوَاء أَف َطرَ بعضَ اليام ف أ ّولِ الشهر والبعض
الخَر ف َو َسطِه أو ف نِهايتِه أو ما شابه ذلك أو أنه َأ ْفطَرَهَا ف وَ ْقتٍ واحِد فإننا نقول له " :على الصحيح عندنا إنّ
صيامَك صحيح " ولكن الروج مِن اللف-كما قلتُ-ف هذه السألةِ حسنٌ جِدا ،ث إنّ ف ذلك ُمبَادَرَة ِل ِف ْعلِ
اليْر ،والنسان ل يَدرِي مت يَأتِيه الوت ،فما مِن لَحظةٍ ِمنْ لظاتِ حياتِه إل ويُ ْمكِن أن يُفَا ِجئَه الوت ،فإذا با َدرَ
بِالتيانِ بِهذه اليام فإنّه قد أدّى ما عليهِ بِحمدِ ال-تبارك وتعال-وإن كنّا ل نستطِيع أن ُنضَيّق عليه ،لنّنَا لو قلنا
بِوجوبِ الفورية لَقلنا " :إنّ النسان يَجِب عليه أن يَصوم ف اليوم الثان مِن شهرِ شوال وأن يَ ْقضِيَ ما عليه إل إذا
كان هنالك عذرٌ يَ ْمنَ ُعهُ مِن الصيام أو ُيبِيحُ له-على أق ّل تقدير-الفطار ".
فإذن خلصةُ ما ف السألةِ :العلماءُ اختلَفوا ف هذه السألةِ على ثلثةِ أقوال:
-1منهم مَن قال :يَجب التتابع وهو شرطٌ ف ذلك ،فمَن كانت عليه-مثل-خسةُ أيام وصام يوميْن ثُمّ أَفطَر لِغيْرِ
عذرٍ شرعي يُبِيحُ له ذلك فإنّه يُطاَلبُ بِإعادةِ المسةِ اليّام معًا.
-2ومنهم مَن قال :هو واجب ولكنه ليس بِشرْط ،فإذا أَفطَر يَكون آثِما ولكن صيامُه الاضي صحيح ،فعليه ف هذا
الثال أن يَأتِي بِالثلثة الباقية وليس عليه أن ُيعِيدَ اليوميْن الاضييْن ولكنه آثِم َيجِب عليه أن يَتوب إل ال.
192
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-3وبعضُ العلماء ذهب إل أنه ل يُحْكَم بِإثْمِه وليس عليه أن ُيعِيدَ ما مضى مِن اليام بل عليه أن يَأتِي بِالبقيةِ الباقية
سنُون له أن يُتابِع بيْن اليام ُخرُوجا مِن عُهْ َدةِ اللف و-أيضا-لنّ ف ذلك مبادَرة إل اليْر ولكنه مع ذلك يَسَْتحْ ِ
خفَى. ومسارَعة إليه وف ذلك ِمنَ الفضْل ما ل َي ْ
صيَامِهِم الاضي أن حثّ الناس على الّتتَابُع خروجا مِن عهدةِ اللف ومع ذلك ل نَقْوَى على القولِ بِإبْطَالِ ِ فنحن نَ ُ
لَوْ َقضَوا على سبيلِ التفريق لننا ل نَمِْلكُ الدليلَ الذي يَ ُدلّ على وجوبِ التّتَابُع ف ذلك ،ثُم إنّ هذا ف مَن كان قادِرا
شقّ عليه فل بأس عليه بِمشيئة ال ول حرج ،وال-تبارك وتعال-أعلم. أما مَن كان ل َيقْدِر على ذلك أو يَ ُ
ت إلى العِنَايَة وبقيتْ
ت خمسة عشر يوما فقط ثُم مرضتْ فأفطرتْ يوميْن معهم في الم ْنزِل ثُم ُنقِلَ ْ
س :والدتُه صام ْ
على إفطارِها حتى اليوم التاسع والعشرين توفيتْ ظهرا ،ما هي اليام التي يَلْ َزمُ قَضَاؤُهَا عَنْها ؟
ج :ل شيءَ عليها ول عليهم بِمشيئة ال تبارك وتعال.
س :رجل أجرى عملية قلب ول يستطيع الصيام الن ولكن ينتظر الشفاء ؟
ج :أوّل :نتمن له الشفاء العاجل ...ال-تبارك وتعال-له ذلك ولغيه مِن عبادِ ال-تبارك وتعال-السلمي.
وثانيا :نعم له أن يفطر ويقضي بعد ذلك ما دام يستطيع القضاء وليس له أن يكتفي بالطعام ..بل ل إطعام عليه
فالن يفطر ول بأس عليه والمد ل-تبارك وتعال-وبعد ذلك عندما يرى من نفسه أنّه يستطيع أن يقوم بقضاء تلك
اليام فلي ْقضِهَا؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
س :مَن كانت عليه أيام قضاء أو كان عليه يوم واحد ،هل له أن يصوم يوم الثلثين مِن شعبان ؟
ج :حقيقة ..ينبغي لِلنسان أن يبادر إل الي وأن يسارع إليه ومن العجب أن يترك العبد القضاء لدة طويلة من
الزمن إل أن يصل إل اليوم الثلثي من شهر شعبان ول يدري هل سيكون حقا ذلك اليوم هو هذا أو أن هذا اليوم
سيكون من شهر رمضان فيأت يسأل الواحد ف اليوم التاسع والعشرين-مثل-هل أصوم غدا ..أي أفطرت يوما هل
أصوم غدا أو ل ؟! طيب إذا كان اليوم الت من شهر رمضان فماذا عسى أن تصنع ؟! نعم إذا كان قد نسي ذلك
ول يتذكر إل ف ذلك اليوم أو ف تلك الليلة فالمر يَختلف أما أن يتعمد أن يترك ذلك حت ذلك الوقت فهذا ل
ينبغي لِمن يَخاف ال تبارك وتعال ،أما الصيام ف هذا اليوم بنية القضاء فل مانع منه إذ إن النب-صلى ال عليه وعلى
آله وسلم-إنا نى عن التطوع الطلق أو مَخافة أن يريد الذي يصوم ف ذلك اليوم أن يَحتاط بزعمه لشهر رمضان أو
ما شابه ذلك َفنُهِي عن الصيام ف ذلك الوقت ..نَهى الرسول-صلى ال عليه وسلم-عن تقدم شهر رمضان بيوم أو
يومي ،أمّا من كان يصوم قضاء أو كان يصوم كفارة مغلظة أو مُرسلة أو كان يصوم نذرا أو كان قد َتعَوّد أن يصوم
ف يوم من اليام كيوم الميس أو يوم الثني أو ما شابه ذلك وصادف ذلك اليوم يوم الثلثي أو يوم الشك فصامه
بنية صيام القضاء أو بنية صيام الكفارة أو النذر أو بنية صيام يوم مسنون قد اعتاد على صيامه فل مانع من ذلك كما
ثبت ذلك ف الديث عن النب صلى ال عليه وسلم ،وإنّما ننهى-كما قلت-عن الخاطرة بِحيث إن النسان ل
يدري هل سيدخل شهر رمضان أو ل يدخل ف ذلك اليوم فإن دخل شهر رمضان فإنه لن يتمكّن من التيان بصوم
البَدَل وإن لَم يدخل ففي هذه الالة سيصوم اليوم الذي لَم يأت به من قبل.وكذلك أريد أن أنبه إل أن من يريد أن
193
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
يصوم كفارة مغلظة ..مثل بسبب قتله لِمؤمن خطأ أو بسبب ظهار أو بسبب انتهاك لِحرمة صوم شهر رمضان
البارك فإنه ينبغي له إذا أراد أن يصوم ف شهر شوال وذي القعدة ينبغي له أن يصوم بعد عيد رمضان مباشرة ..ف
اليوم الثان أو الثالث أو الرابع أو ما شابه ذلك من شهر شوال مَخافة أن يأت العيد-أعنِي عيد الج-ولَم َيتَمَكّن هو
من إتْمام صيام الكفارة ،فمثل إذا شرع ف الصيام ف اليوم العاشر أو الادي عشر أو الثان عشر أو بعد ذلك وقد
يَحدث حت لو شرع ف صيام التاسع من شهر شوال لنّه ف هذه الالة قد يُخاطر ..ل يدري هل سيكون شهر
شوال ثلثي يوما أو ل فينبغي أن يصوم قبل ذلك لنه إذا أتى العيد ولَم يُكمل الشهرين فماذا عسى أن يصنع ؟
صيام يوم العيد ل يَجوز بِحال من الحوال ،فمعن ذلك أنّه سيفطر ولبد فهل بعد ذلك سيقضي الشهرين معا وقد
يكون صام شهرا وخسة وعشرين يوما أو أنه سيواصل ؟ من العروف أن لهل العلم ف ذلك اختلفا ،والقول الذي
ذهبت إليه طائفة من الحققي وهو الصحيح أنّه ينهدم صومه لنه خاطر بنفسه متعمدا وليس كالريض الذي اضطر
للفطار ول حول له ول قوة على إتْمام الصيام فذلك يُرخص له ف الفطار وبعد ذلك يواصل بعد أن يَمن ال-تبارك
وتعال-عليه بالشفاء أما هذا قد خاطر هو نفسه بذلك وعليه أن يعيد الصيام من أوله ،فينبغي النتباه لذلك لن كثيا
من الناس يأتون ف أيام العشر من ذي الجة يسألون " ماذا نصنع ف اليوم العاشر ؟ " بل و " ماذا نصنع ف الادي
عشر والثان عشر والثالث عشر ؟ " والواب بأن من صنع ذلك عليه أن يأت بالصيام من أوله لن صيامه قد انْهَدَم
هذا هو الرأي الذي عليه غي واحد من الحققي وهو الصحيح عندي؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :امرأة كانت مريضة في شهر رمضان الكريم بالشلل النصفي وتركت من صيامه ستة عشر يوما وبعد مرور
سنين تقول هي أنها لم تقض تلك اليام ويقول أبناؤها بأنها قضت تلك اليام فصارت في خلف مع أبنائها هم
يقولون بأنك قد قضيت وهي تقول بأنني لم أقض ..متشككة ،فماذا تصنع في هذه الحالة ؟
ج :الصل أنّ النسان ماطَب بنفسه فإذا كان يَذْكُر أنه ل يصم فإنه لبد من أن يصوم ذلك إذا كان يتمكن من
الصيام أو يفتدي إذا كان يتمكن من الفدية ،فإذا كانت هذه الرأة متيقّنة بأنا ل تصم تلك اليام فلبد من القضاء
إذا كانت تتمكن من القضاء أو لبد من الطعام إذا كانت تتمكن من الطعام ،وأولئك الولد يكن أنم رأوها
صائمة وهي قد صامت نفل أو ما شابه ذلك فإن كانت هي متيقّنة من نفسها فلبد من ذلك ..نعم إذا كانت
ذاكرتا ضعيفة والولد متيقّنون بأنا قد صامت الفريضة بأن كانت أخبتم ل أنم شاهدوها صائمة أو أنا أخبتم
بأنا صائمة أو ما شابه ذلك ..أقول :إن كانت ذاكرتا ضعيفة والولد متيقّنون من ذلك بأنا صامت القضاء ل أنا
كانت مرد صائمة فإنّ ذلك يزيها بشيئة ال ،فالعبة من تيقّنها وذاكرتا؛ وال أعلم.
س :إذا كان المسلم ل يستطيع الصوم بسبب مرض ول يستطيع القضاء في وقت لحق ،فهل عليه الكفارة عن كل
يوم ؟ وما حكم إخراج هذه الكفارة ،هل تخرج يوميا أم يجزيه أن يخرجها في بداية الشهر دفعة واحدة بشراء
مؤونة رمضان لسرة فقيرة أو عدد من السر ؟
ج :من ل يستطع الصيام ول يستطع القضاء أو كان ف ظنه أنه ل يستطيع أن يقوم بالقضاء بعدُ بأن كان مريضا
مرضا ل يرجو الشفاء منه بسب الظاهر فإنّ عليه أن يُطعِم عن كل يوم مسكينا ،والصل أنّ النسان يطعم لذلك
194
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
اليوم ..أي يطعم عن كل يوم أو أنه يؤخر حت ينتهي الشهر ،والفضل أن يُقدّم فيطعم عن اليوم الفلن ولكن قد
تكون هنالك مشقة بأن يطعم عن كل يوم يوم أي أن يقوم بالطعام عن اليوم الول فيه والثان وهكذا ،فبإمكانه أن
يطعم عن كل عشرة أيام ف وقت واحد أو عن الشهر ف وقت واحد ،ولكنّ النسان ل يدري إل مت يبقى ف هذه
الياة والصل أنه بعد موته ل يُكلّف بشيء فهو ل يدري هل سيبلغ إل ناية رمضان ويب عليه ف ذلك الال أن
يطعم عن الشهر كله أو ل ،ث إنّ الصل ف الوجوب أن يكون بعد كل يوم ،ل أن يطعم النسان ف بداية الشهر،
لنّ اليوم الثان ل يب عليه بعد ،وإنا وجب عليه الطعام عن اليوم الول وهكذا ،فإذا أخرج قبل اليوم الثان مثل
فإنه يكون قد أخرج قبل وجوب الطعام عن ذلك اليوم عليه ،فالصل أنه يؤخر ،إما أن يطعم عن كل يوم أو عن
كل عشرة أو خسة أو أن يطعم ف ناية الشهر ولكن لبد من أن يَذكر ذلك ف وصيته إذا كان ل يطعم عن اليام
الاضية ،مافة أن يَفجأه الوت ويظن الناس أنه قد أطعم ،فإذا وجدوا ذلك ف وصيته فإنم سيعلمون بأنه ل يطعم عن
اليام الاضية وسينفذون عنه ذلك بشيئة ال؛ وال أعلم.
1
س :امرأة لَم تقض ما أفطرت من رمضان الماضي حتى دخل رمضان الحاضر ،ماذا يلزمها ؟
ج :على كل حال من لَم يقض شيئا من شهر رمضان البارك سواء كان الشهر كله أو لَم يقْضِ بعض اليام الت
أفطرها بسبب يبيح له ذلك كالرض أو السفر أو كانت الرأة حامل ويشُق عليها الصيام أو كانت مرضعة ويشق
عليها الصيام ..كانت ترضع طفلها-مثل-ويشُق عليها ذلك أو ي َؤثّر على طفلها أو أن ذلك وقع-والعياذ بال تبارك
وتعال-بسبب انتهاك لِحرمة هذا الشهر عليه أن يقضي إذا استطاع قبل أن يدخل شهر رمضان من السّنة الت تلي
تلك السنة الت أفطر فيها ،وإذا لَم يقض فل يَخلو من أحد أمرين اثَنيْن:
-1إما أن يكون معذورا بأن كان مريضا أو ما شابه ذلك ِمنَ العذار الت ُتبِيح لَه أن يؤخّر ذلك.
-2أو يكون ُمنْتَهِكا.
195
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فإن كان معذورا بأن كان مريضا أو نسي ذلك أو ما شابه ذلك فل عليه إل القضاء عندما يستطيع عليه ،أمّا إذا كان
منتهكا فإنه عليه أن يتوب إل ال-تبارك وتعال-وعليه القضاء واختلفوا ف وجوب الكفارة:
منهم من قال عليه أن يكفّر وذلك بأن يطعم مسكينا زيادة على القضاء ..بعض الناس يظنون أنه يكتفي بالطعام
وليس المر كذلك ..لبد من القضاء وإنّما اللف ف الطعام.
وبعض العلماء قال ل إطعام عليه.
ومن حيث التّرجيح الراجح عدم وجوب الطعام مع القضاء وأن القضاء يُجزي مع التوبة إل ال تبارك وتعال ،ول
شك أن الحتياط ف الطعام لن من أطعم فقد احتاط وخرج من خلف أهل العلم ولكن من لَم يُطعم ل شيء عليه
فالصيام مع التوبة يُجزيه ..هذا إذا كان لَم ينتهك الصيام ،أما إذا أفطر متعمدا من غي عذر فتجب عليه الكفارة مع
القضاء كما هو مبسوط ف موضعه.
هذا وأما بالنسبة إل الصلوات إذا ترك إنسان صلوات كثية جدا-مثل-ول يقضها فالديث الذي رُوي عن
الرسول-صلى ال عليه وسلم-بأنه يقضي تلك الصلوات ف آخر جعة من شهر رمضان فهو حديث باطل موضوع
عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،ومن قرأ لفظه-وسنتكلم عليه ف مناسبة قادمة بشيئة ال عندما يكون
الوقت قريبا مِن ذلك اليوم-فإنه ينادي عليه بالوضع مهما كان هذا الشخص جاهل بأحكام شرع ال-تبارك
وتعال-وإنا الناس يسألون عنه لنّهم وجدوا جزءا منه ف بعض الكتب ولكنهم لو وجدوه بتمامه لعرفوا أنه موضوع
حقا1؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
س :شخص عمل كبيرةً في نَهارِ رمضان وهو في خارِج الوطن ..في سفرِه ،هل َتجِب عليه الكفارة كالذي في
داخِل وطنِه ؟
ج :هل هو كان صائِما ف ذلك الوقت ؟
س :يبدو هذا مِن سؤالِه.
ج :ل أدري ماذا يُرِيد بِالكبية ..إن كانتْ هذه الكبية-مثل-قد زَنَى-والعياذ بال تبارك وتعال-أو أنه-أيضا-
طءُ وإن كان جائِزا حلل إذا َوطِئَ النسان زَ ْوجَه أو ُسرّّيَتهُ ولكن ف وقتِ الصيام َوطِئَ زَوْ َجتَه ف نَهَارِ َرمَضان فال َو ْ
..إذا كانا صائ َمْينِ فَ َذلِك ِمنَ َكبَائِر الذنوب أو َأ َكلَ أو شَربَ كذلك ،أما بِالنسبةِ إل غيِ ذلك مِن الكبائِر الت قد
يَقَع فيها النسان-نَسألُ ال السلمةَ مِن ذلك-مثل الغيبة والنميمة والكذب وما شابه ذلك فهذه-على الصحيح
طءِ ،و-كذلك-تَجب الكفارة ف الستمناءِ على رأيِ عندنا-ل َتجِب فيها الكفارة ،وإنا َتجِبُ الكفارة ف ال َو ْ
الكثريةِ الكاثرة مِن أهلِ العلم ،وكذلك تَجب-على رأيِ كثيٍ مِن أهل العلم-ف الكلِ والشربِ ..هذا بِالنسبة إل
196
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
َمنْ كان ف وطنه ،أما بِالنسبةِ إل السافِر فلِلعلماءِ خلفٌ هل َتجِب عليهِ الكفارةُ أو ل تَجِب عليه الكفارةُ إذا عَمل
ما َيتَنَافَى مع الصيامِ مِما َتجِب فيه الكفارةُ أن لو كان ف وطنه ؟
قيل :ل َتجِب عليه الكفارةُ ،نظرا إل أنه يَجوز له ف الصلِ أن يُفطِر.
وقيلَ :تجِب عليه الكفارةُ ،لنه قد الت َزمَ بِالصيامِ وما دام قد اختارَ أن يُصبِحَ صائما فعليهِ أن يَلتزِم بِما الت َزمَ بِه.
و-على كل حال-أنا ل أقوى على القولِ بِإيـجَابِ الكفارة ولكّننِي أقولُ :عليه أن يَتوبَ إل الِ-تبارك وتعال-
اللهم إل إذا كان نَوَى الفطارَ بِذلك فالسافِر له أن ُيفْطِر بِذلك اللهم إل إذا كانتْ تلك الزوجة مُوَاطِنَة ف ذلك
الكان فليس له أن َي َطأَهَا لنا مِمّن يَجب 1عليه الصيام أما إذا كانتْ مسافِرة مثله أو كانت ُم ْفطِرَة بِ ُم ْف ِطرٍ مُسَ ّوغٍ لَها
ي الرا ِجحِ عندِي؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
الفطار فل بأسَ بِذلك والاصل هو ل كفارةَ عليهِ على الرأ ِ
-1قال الشيخ " :ل يجب " والظاهر أنه سبق لسان.
197
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :نحن طلبة نقيم خارج السلطنة وسوف يطل علينا شهر رمضان المبارك ونحن حيث نقيم ونود السؤال فيما
لو صام أهل هذا البلد يوم الثلثاء وتأخر الصوم في عُمان إلى يوم الربعاء وكان يراودنا شك في أنّ الشهر قد
ثبت برؤية شرعية في البلد الذي نقيم فيه علما بأنهم إذا صاموا يوم الثلثاء فإنّ شعبان عندهم سيكون تسعة
وعشرين يوما.
ج :إذا ثبتت الرؤية ف تلك البلد فإنم يؤمرون بالصيام إن شاؤوا لنم هم ف حالة السفر والصيام ل يب على
السافر ..يوز له الصيام ويوز له أن يُؤخّر حت يَرجع إل بلده ،فإن ثبتت الرؤية ف تلك البلد فإنه لم أن يصوموا
ولم أن يفطروا بسبب سفرهم ،أما إذا كانت تلك البلد ل تَعتب الرؤية أو أنا تتساهل ف ذلك فإنه ل عبة با
عندهم ،إذ العبة بالرؤية ،كما ثبت ذلك عن النب صلوات ال وسلمه عليه ،فمن يتساهل ف أمر الرؤية ل يؤخذ
بكلمه ،فإذن العبة بالثبوت أو عدمه؛ وال أعلم.
رجل أراد السفر في شهر رمضان وبيّت النية على أنه إذا طلع عليه الفجر وهو في وطنه يصبح صائما وإن خرج
من وطنه قبل طلوع الفجر يصبح مفطرا فخرج من وطنه بعد طلوع الفجر ماذا يلزمه ؟
الواب /إذا خرج من وطنه وهو صائم وأت صيامه على ذلك فل شيء عليه وأما إذا أفطر بعد خروجه فعليه قضاء
ذلك اليوم وف وجوب الكفارة خلف بي العلماء والراجح عدم الوجوب وألزمه بعضهم التوبة وينبغي له أن يتوب
إل ربه تبارك وتعال إن ل يكن على طريق الوجوب فعلى طريق الندب وال أعلم
ثامنا :أحكام المرض المبيح للفطار
1
س :ما ُهوَ ضَابِط المرض الذي ُي ْمكِن أن ُيفْطِر الصائم بسببه ؟
ج :للعلماء ف هذه السألة خلف شهي طويل عريض:
ومنهم من ش ّددَ ف ذلك جدا.
ومنهم مَن تَسَا َهلَ ف ذلك جدا.
شقّة إذا صام وُيصِيبُه بسبَبِ ذلك الضرر أو
والوسط هو الذي ينبغي أن يُسَلكَ فإذا كان الريض يَجد ف نفسه مَ َ
يَخشى أن يتأخّر شِفاؤه من مرض أصابه أو ما شابه ذلك فلَه أن يفطر ،وأما إذا كان ل يتأثّر بذلك فليس له أن
يفطر ،أما التشدّد والتعنّت الذي ذَ َكرَه بعضهم فهذا مِمّا ل ينبغي أن يُصار إليه ،فإذن ينظر النسان ف أمره فإن وَجَد
شقّة و َعنَتا ف الصيام أو أخبه الطبيب الذي يَِثقُ به بسبب َم ْعرِفَته لذلك الداء ولو كان كافرا على رأي بعض أهل
مَ
198
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
حَتجّون على ذلك بِما وقع للنب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وصاحبه أب بكر الصديق-رضي ال تبارك العلم وَي ْ
وتعال عنه-عندما خرجا مِن مكة الكرمة إل الدينة النورة ف هجرتِهما الشريفة فإن الذي كان َدلِيل للطريق كان
كافرا ولكنه لَم يكن ُمتّهَما على السلم ،فإذا كان النسان ل يَجد مسلما يثق به وَوَجَد كافرا واط َمَأنّ إليه ول
يَخش منه الغش فله أن يأخذ بكلمه فإذا كان يُ ْمكِن أن َيطُولَ الرض أو يزيد أو ما شابه ذلك إذا صام فله أن يفطر
أيضا؛ وال أعلم.
س :ما قولكم في المريض بمرض فقر الدم الشديد ويحتاج إلى نقل دم شهريا وصادف نقل الدم شهر رمضان،
فهل نقل الدم إلى المريض يُفطّره ؟
ج :نعم يُفطّر ،فإذا كان يستطيع أن يبقى إل الليل ويُنقَل إليه الدم ف الليل فذلك هو الطلوب ،وإن كان مضطرا ول
يكن أن يُنقَل إليه الدم إل ف النهار-لسبب أو لخر-فإن كان ف سفر فل حرج عليه ،وإن كان ف الوطن فإذا كان
مضطرا-كما قلتُ-فإنه يباح له ذلك لجل الضرورة وعليه أن يُبدِل ذلك بعد شهر رمضان؛ وال-تبارك وتعال-ول
التوفيق.
س :عنده ولد عمره سبعة عشر عاما لكنه مصاب بمرض فقر الدم-شفاه ال-ولعل هذا المرض يحتاج إلى علج
مستمر ،كيف يكون صيامه في هذه الحالة ؟
ج :ال أعلم؛ إذا كان يستطيع أن يصوم ف هذا الوقت أو أن يقوم بقضاء ذلك ولو بعد سنوات فل يعذر من الصيام،
وأما إذا كان ل يكنه أن يصوم ف هذا الوقت ول أن يقوم بقضاء ذلك بعد مدة ولو بعد سنوات فعليه أن يطعم عن
كل يوم مسكينا إذا كان يقدر على ذلك وإل سقط عنه التكليف بالصيام وبالطعام؛ وال أعلم.
تاسعا :أحكام عامة
س :الحديث النّاهِي للمَرأة عن الصيام بدون إِذْن زوجها هل يشمل ما تقْضِيه المرأة من الواجبات ؟
ج :هو ف حقيقة الواقع هذا ف الّنفْل وليس ف الفرائض ،لكن مع ذلك ينبغي للمرأة أن تسأل زوجها أو أن ُتخْبِر
زوجها وتستشيه ف وقت القضاء فقد يكون الزوج مضطرا إل عدم صِيام زوجته ..مثل إذا أرادت أن تقضي ف
شوال أو ما شابه ذلك ،فإذا أمكنها أن تقضي ف وقت يصوم فيه زوجها شيئا مِن القضاء أو من النّفل أو ما شابه
ذلك فذلك هو الول كما كانت أمهات الؤمني َيصَْنعْن فقد كن يقضي ما أفطرنه من شهر رمضان ف شهر شعبان
عندما كان يَتَنفّل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وعلى أقل حال ينبغي لَها أن تستأذنه ف ذلك ..من حيث
الوجوب هو واجب وليس لَه أن يعارضها ف ذلك وإنّما القضية ف التوقيت مت تقضي فالمر مُ َوسّع فيه فلتَقْضِ
عندما يكون الوقت مناسبا لزوجها ،ول شك أنّ الزوج يقوم بالتنَفل ف بعض الحيان إذا كان فيه شيء ِمنَ الي ول
يترك العام يَمُر عليه هكذا مِن غي أن يصوم شيئا من اليام الفاضلة الت كان يصوم فيها النب-صلى ال عليه وسلم-
أو أنّه حثّ على صيامها وبيّن الفضل العظيم الذي يَحصل عليه من يصوم تلك اليام؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
199
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أما بالنسبة إل النذر والكفارة أو ما شابه ذلك فليس للزوج أن َيعْتَرض عليها ولكنن أريد أن أنبه إل أنه ل ينبغي
للنسان أن يقوم بالنذر ُكلّما أراد أن يَحصل له شيء ..هذا النذر َمنْهِي عنه إذا كان يُعَلّق " ..اللهم إذا حصل ل
كذا " أو " وقع ل كذا " مثل " تَوظّف " أو " حصل ابن على وظيفة " أو " تزوّج " أو " ُشفِيَ من كذا " هذا
النذر ل ينبغي أبدا بل هو مَنْهِي عنه ،لكن لو نذره شخص فإنه يَجب عليه فإن كان ُمقَيّدا بوقت فليس للزوج أن
يَ ْعَترِض أبدا وإن كان غي مقَيّد فينبغي أن يكون شيء هنالك من التفاهم على الوقت الذي يقع فيه الصيام ،ول شك
بأنّ البيوت الت ُتبْنَى على التفاهم ف هذه القضية وف غيها مِن القضايا تعيش عيشة َهنِيّة مستقرة بِخلف ما عندما
يكون هنالك تَ َوتّر وشقاق وخلف ف بعض القضايا ..قد تكون الزوجة هي الحقة ولكن قد يتنازل النسان ف
بعض المور إن لَم تَكن هنُالك معصية ل-تبارك وتعال-أمّا عندما تكون معصية فل طاعة لِمخلوق ف معصية ال؛
وال أعلم وصلى ال وسلم على نبينا مُحمد وعلى آله وصحبه.
س :الطفال الذين يرغبون في الصيام ،ما هو سن التكليف الشرعي ؟ ومِن متى يُمكن أو يُعوّد هؤلء الطفال ؟
ج :أما التكليف فل يكلّفون بذلك إذ إن قَلَمَ التكليف مرفوع عنهم بنص الديث الثابت عن النب صلى ال عليه
وعلى آله وصحبه وسلم ،فَ َمتَى بَلَغَ النسان فهو يُكلف ف ذلك الوقت إذا كان عاقل ،أما قبل ذلك فهو ل يُكلّف
بشيء مِن الحكام الشرعية ..هذا إذا قُ ْلنَا إن التكليف خاص بالواجب أو قلنا هو يدخل فيه الندوب وقلنا إن
الصيام ل يُندَب ف حقهم ،وف الكل كلم طويل عريض ،لكن الذي نقوله :ل وجوب عليهم باتفاق المة قاطبة ،أما
مت ينبغي أن يُعوّد الطفل على ذلك فقد جاء حديث عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-يُحدّد الوقت
الذي يُعلم فيه الطفال الصلة ( :علموه لسبع واضربوهم لعشر ) وهذا الديث قد اختلف العلماء ف حكمه:
منهم من ذهب إل أنه ضعيف وعليه فإنه ل يُمكن العتماد عليه ل ف الصلة ول ف غيها.
سنَه بِمجموع طرقه وهو الذي سلكته طائفة كبية جدا من أهل العلم ،وعليه فإن الطفل ينبغي أن يُؤمر ومنهم من َح ّ
بالصلة لسبع ،أما بالنسبة إل الصيام فإذا كان يستطيع عليه إذا كان ف هذا العمر فحسن أن يُعلّم ذلك فيه أما إذا
كان ل يَقوى عليه ..لن الطفال يتلفون ..تتلف ُبنَْيةُ الطفل منهم من يقوى على الصيام ف ذلك الوقت ومنهم
ل يقوى عليه وأيضا الزمان يتلف فقد يكون الصيام ف وقت الشتاء والمر فيه يسي وقد يكون ف وقت الصيف
والر فيه شديد والنهار أيضا طويل ول يقوى عليه وأيضا يتلف من حيث الكان فقد تكون سبل الراحة متوفرة
لذلك الطفل فل ُيعَانِي مشقة من الصيام وقد يكون المر بلف ذلك ويُعانِي مشقة وعنتا إذا صام فل ينبغي أن
يُشدّد على أولئك الطفال الذين ل َيقْوَوْن عليه ،فالاصل أنّه ينبغي لول أمر الطفل أن يَنظر ف أمره فإن رآه يستطيع
على ذلك من غي مشقة عليه فيأمره بذلك ،وإن رأى أنه ل يقوى عليه فإنه ل يُكلفه على ذلك ،فإذا كان ل يستطيع
سبْع-مثل-فيمكن أن يأمره بَعد ذلك ف السّنة العاشرة أو ما شابه ذلك ،والاصل أنه ينبغي له أن يُ َدرّبه قبل ف سن ال ّ
سن البلوغ ..ف العاشرة أو ما شابه ذلك حت يتعوّد عليه لنه إذا تعوّد عليه كان سهل عليه أن يصوم بعد ذلك أما
إذا لَم يصم قبل البلوغ فقد ينفر من ذلك كما هو الال عند بعض الناس ،فإذن هذا المر يتعلق بول المر ..ينظر
ف حال أولئك الطفال الذين معه فقد يأمر هذا ف هذا السن وقد يأمر ذلك ف السن الفلن ،وغالبا ما يكون أبناء
200
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
العشر قادرين على الصيام ،على أنه إذا شرع الصب ف الصيام ولَم يستطع أن يُكمل الصيام فل يُكلف بإكمال صيام
الشهر بل ول يكلف بإكمال ذلك اليوم الذي شرع ف صيامه إذا رأى مشقة فليأكل ول شيء عليه؛ وال-تبارك
وتعال-أعلم.
عاشرا :أحكام خاصة بليلة القدر
س :ليلة القَدْر ،هل هي مِن غروب الشمس أو أنها ...؟
[ سورة القَدْر ،الية ] 5 :فالمر جرِ
سَلمٌ هِيَ َحتّى َمطْلَعِ اْلفَ ْ ج :على كل حال؛ ال-تبارك وتعال-يَقول:
واضح بِالنسبة إل النهاية ،ولكن بِالنسبة إل البداية فيه شيءٌ مِن الغموض ولكن عندما قال :هِيَ فيمكن أن
تكون مِن بداية الليل ،و-على كل حال-ينبغي لِلنسان أن يَقوم تلك الليلة وأن يُكثِر مِن ذِكْر ال-تبارك وتعال-
ومِن البتهالِ إليه بِقلبٍ خاشِع مع عملٍ صال و-طبعا-ذلك ل يُمكِن أن يَتحقّق منه النسان إذا قام ليلةً مدّدة
صةً ف الوتا ِر منه أما أن نَجزِم بأنا مِن أولِ
وإنا يَقوم سائرَ الشهر وهي الغلب أن تكون ف العشْر الواخِر وخا ّ
الليل ليس عندنا ذلك الدليل الواضح ولكن قولهِ :هيَ يكن أن يَكون مِن بداية الليلة و-كما قلتُ-ينبغي
لِلنسان أن يُكثِر مِن ذِكر ال ومِن قيامِ هذه الليلة وهي َن ُظ ّن ظنّا قويا-كما جاء ف الديثِ عن النب -بِأنا ف
صةً ف الوتارِ منها؛ وال ول التوفيق. العشرِ الواخِر وخا ّ
س :ذكرتُم أنّه تستدرك ليلة القَدْر في أوتار الشهر الكريم ،فهل أوتار العشر اليام الخيرة أو أوتار الشهر كاملة ؟
ج :أوتار العشْر الخيَة.
س :العشْر الخيَة فقط ؟
ج :نعم.
ن الوتار تَختلِف ..قد
س :ليل ُة القَدْر ،هل هي ليلة واحدة تَدور حول العالَم وهنا يَظهَر إشكال لديه في مسألةِ أ ّ
يَكون هذه الليلة وِتر في بلد بينما هي ليست كذلك في بلد آخَر ؟
ج :عل كل حال؛ يُمكِن أن تَتعدّد بِتعدّد البلدان وفضلُ ال عظيم ..نَحن نَعلَم أنّ القرآن َنزَل ف ليلةِ القَدْر
وتلك ليلةٌ واحِدَة وليستْ بِليال متعدّدة ..هي ليلةٌ واحِدَة ولكن نظرا لختلفِ اليومِ أو الليلةِ مِن بلدٍ إل بلدٍ
أخرى-كما هو ثابت ل شك فيه-فإنّ ذلك يُمكِن أن يَتعدّد بِتعدّدِ البلدان ويُمكِن أمرٌ آخَر فالاصِل أن نَجزِم بِذلك
جزما مِمّا ل نقوى عليه لننا نَعلَم بِأنّ القرآن َنزَل على النب ف ليلةِ القَدْر وهي ليلةٌ واحِدَة وليستْ ف الوضِع
الفلن متقدّمة عن تلك الليلة ف ذلك الوضع أو هي متأخّرة عن ذلك الوضِع ،فالاصِل الفضْل عظيم ولَيقُم النسان
هذه الليال-كما قلنا-وعسى ال-تبارك وتعال-أن يُوّفقَه لِهذه الليلة ،و-حقيقة-الزم بِأنا متعدّدة َج َزمَ بِِه بعضُ
أهل العلم وأرى السلمة أن نَ ِكلَ أمرَ ذلك إل ال تبارك وتعال.
س :هل تَختصّ هذه الليلة ..ليلة السابع والعشرين مِن رمضان بِشي ٍء مِن الحكام أو النوافل أو السّنَن بِحيث
تُميّز عن غيرِها ؟
ج :إنّ هذه الليلة الباركَة مِن ليال شه ِر رمضان البارَك ،وقد ثبتَ عن النب-صلوات ال وسلمه عليه وعلى آله
ضلِ قيامِ هذا الشهرِ البارَك ،فقد قال صلوات ال وسلمه عليه ( :مَن قام رمضان إيانا
وصحبه وسلم-ما يَدلّ على ف ْ
201
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ضلِ هذا الشهرِ الكري-ف واحتسابا ُغفِرَ له ما تَقدّم مِن ذنبِه ) ،وجاء عنه صلوات ال وسلمه عليه ما يَدلّ على ف ْ
غيِ هذا الديثِ-الكثيُ الطيّب ،فهذه الليلة ليلةٌ مِن هذا الشهرِ البارَك الذي يُؤمَر بِقيامِه ،كما أنا ليلةٌ مِن ليال
العشْر الخيَة مِن شه ِر رمضان وهي أفضلُ مِن سائ ِر ليالِي هذا الشهرِ البارَك ،و-أيضا-هي مِن أوْتارِ هذه العشْر.
والرسولُ كان يَقومُ الليل ف سائرِ العام حت تَتفطّر َق َدمَاه ،وتَسَألُه السيدةُ عائشة-زو ُجهُ الكرِية رضي ال تعال
عنها-عن ذلك مع أنه قدْ ُغ ِفرَ لَه صلوات ال وسلمه عليه ما تَقدّمَ مِن ذنبِه وما تَأخّر فيَقول ( :أفل أكونُ عبْدا
شكورا ؟! ) ،وكان َيخُصّ هذا الشهر-أيضا-بِأكثرَ مِن غيِه مِن العبادات ،كما أنه صلوات ال وسلمه عليه كان
شرِ الواخِر مِن أجْل أن شرِ الواخِر أكثر مِن غيها ،وكان يَعتكِف صلوات ال وسلمه عليه ف هذه الع ْ يَقومُ ف الع ْ
يَتفرّغ لِلعبادة ومِن أجْل أن يُصادِفَ تلك الليلة العظيمة الت ذَ َكرَها ال ف كتابِه العزيز ف موضعي 1بل وردتْ
سورة بِكاملها فيها وهي قوله تبارك وتعالِ :إنّا أَن َزلْنَاهُ فِي َليَْلةِ القَدْر [ سورة القَدْر ،الية ] 1 :إل آخِر
شرِ الواخِر ولكن ليلة القَدْر ليستْ بِمنحصِرة السورة ،2فهذه الليلة مَظنّة لن تَكونَ فيها ليلةُ القَدْر لنا مِن َأوْتارِ الع ْ
ف هذه الليلة ..يُمكِن أن تَكونَ فيها ويُمكِن أن تَكونَ ف غيِها مِن سائرِ الليال العشْر ولسيما ف أوْتارِها ،فل
يُمكِن أن يَجزِم أحدٌ بِأنا ف هذه السنَة ف هذه الليلة أو أنا ف سائر العوام ف هذه الليلة ،إذ ل دليلَ يَخصّ هذه
الليلة دون غيِها ،وما َورَدَ ف ذلك ففيه مِن النظر ما فيه ،فهي كغيِها مُحتمِلَة ،أما أن نَجزِم بِذلك-كما يَجزِم
الكثرةُ الكاثِرة مِن العوام-فهذا مِمّا ل يَنبغِي ،لنّ ال ْمرَ مُحتمِل وما دام ال ْمرُ مُحتمِل وليس عليه دليلٌ واضِحٌ ل
غموضَ فيه فليس لحدٍ أن يَجزِم بِذلك ولكن يَنبغي لِلنسانِ أن يُكِثرَ مِن قيامِ الليل ولسيما ف شه ِر رمضان البارَك
ولسيما ف العشْرِ الواخِر ولسيما ف الوتا ِر منه.
صةٍ بِها فإنّ ذلك ل يَثبتُ عن النب ،وإن رواه مَن رواه فتلك أما ما جاء مِن تَخصِيصِ هذه الليلة بِصلةٍ خا ّ
الرواية مِن الضّعفِ بِمكان بل هي مِن الرواياتِ الوضوعاتِ الصنوعاتِ ،فإذن هنالك فرقٌ بيْن إحياءِ هذه الليلة
كغيِها مِن ليال شهرِ رمضان وخاصّة ف هذه الليال البارَكة وهي الليالِي العشْر وخاصّة الوتار-كما قلتُ-وبيْن أن
نُخصّص هذه الليلة بِعبادةٍ خاصّة مِن دون غيِها مِن سائرِ هذه الليال ..يَنبغي أن يُتفطّن لِهذا جيدا.
و-كذلك-ما جاء مِن تَخصِيص بعضِ الليال مِن سائرِ العام بِبعضِ الصلوات فذلك ل يَثبتْ عن النب صلى ال عليه
ت متعدّدة كثية ف ليال متعدّدة مِن سائرِ العام-وسنُنبّه عليها ف مناسبةٍ وعلى آله وصحبه وسلم ،وقد جاءتْ صلوا ٌ
أخرى بِمشيئة ال تعال-لكنّ تلك الروايات ل تَثبت.
حكِيمٍ َ أ ْمرًا مّنْق كُلّ َأ ْمرٍ َ-1قال ال تعالى :حم وَا ْل ِكتَابِ ا ْل ُمبِينِ ِ إنّا أَنزَ ْلنَا ُه فِي َليْلَ ٍة ّمبَارَكَةٍ ِإنّا ُكنّا مُن ِذرِينَ فِيهَا يُ ْفرَ ُ
سمِيعُ ا ْلعَلِيمُ [ سورة الدخان ،اليات.] 6-1 : عِن ِدنَا ِإنّا ُكنّا مُ ْرسِلِينَ َ رحْمَ ًة مّن ّربّكَ ِإنّهُ ُه َو ال ّ
وقال الشيخ عند الجواب على السؤال 9مِن حلقة 27رمضان 1425هـ ( يوافقه 10نوفمبر 2004م ) " :هذه الليلة فيها
فضلٌ عظيم كما جاء ذلك في القرآن الكريم ..وصفها ال-تبارك وتعالى-بِأنّها ليلة مباركة وهي ليلة القدر-خلفا لِمن
يَزعم بِأنّها ليلة الخامس عشر مِن شعبان-وأيضا أُنزِل في هذه الليلة-وهي ليلة القدر-سورة ِبكَامِِلهَا وقال تَ ْفخِيما لِشأنِها:
ل ِئكَةُ وَالرّوحُشهْرٍ َ تنَزّلُ ا ْلمَ َ
ف َخيْ ٌر مّنْ أَ ْل َِومَا َأ ْدرَاكَ مَا َليْلَةُ الْ َق ْدرِ [ سورة القدر ،الية ] 2 :ثم قالَ :ليْلَةُ الْ َق ْد ِر َ
فِيهَا [ ...سورة القدر ،الية 3 :ومِن الية." ] 4 :
ح فِيهَا ِبِإذْنِشهْرٍ َ تنَزّلُ ا ْلمَل ِئكَةُ وَالرّو ُ ف َخيْ ٌر مّنْ أَ ْل ِ ِ -2إنّا أَنزَ ْلنَا ُه فِي َليْلَةِ الْ َق ْدرِ َ ومَا َأ ْدرَاكَ مَا َليْلَةُ الْ َق ْدرِ َ ليْلَةُ الْ َق ْد ِر َ
جرِ [ سورة القدر ]. حتّى َمطْلَعِ الْ َف ْي ََربّهِم مّن كُلّ َأ ْمرٍ سَلمٌ ِه َ
202
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
تبارك وتعال-ولكن لبد مِن أن يَكونَ معه التيان بِالنوافل مِن صلةٍ وصيامٍ وصدقةٍ إل غْيرِ ذلك مِمّا جاء ف كتابِ
ال الثّ عليه أو ف سّنةِ رسولِه صلوات ال وسلمه عليه ..لبد مِن أن نَفهَمَ هذا ،أما أن يَشت ِغلَ الطالِب
بِالقراءةِ ف الكتب ويُهمِل النوافِل فهذا مِمّا ل يَفعلْه أحدٌ مِن أهلِ العلم مِن الصالِحي ،وهكذا ما أرادُوه عندما ذَ َكرُوا
ضلِ العلم وتَقدِيه على غْيرِه ..لبد مِن التَّنّبهِ لِهذا ،ويَكفِي أنه قد جاء عن النب ما جاء كما ما ذَ َكرُوه مِن ف ْ
ذكرنا ذلك ف مقدّمة هذه الدروس.1
وقد سألن أحدُ السائلي 2عن الديثِ الثابتِ عن النب على حسب ما قرّره بعضُ أهل العلم 3أنه صلى ال عليه
سنَن ( :ل يَزال عبدي يَتق ّربُ إلَيّ بِالنوافِل حت أُ ِحبّه فإن أَ ْحَببْتُه كنتُ
وعلى آله وسلم ذَكَر فيمَن يُحاِفظُ على ال ّ
سَ ْمعَه الذي يَسْمَعُ بِه ) إل آ ِخرِ الديثِ الروي عن النب ..سألن عن معن هذا الديث وكنتُ َأ ُظنّ الوقتَ قد
انتَهى ف تلك الليلة فوعدتُه بِأن أُجِيبَ ف مناسبةٍ أخرى ولكن كنتُ ُأرِيدُ أن ُأطِيلَ ف ذلك ولكن السئلة الكثية الت
صرٍ عن هذا الديث وهو فيه كفاية بِمشيئةِ ال تبارك تَتعلّق بِهذا الشهرِ الكري كما نرى فأَكتفِي بِجوابٍ مُخت َ
وتعال:
فالعلماء قد اختلَفوا ف هذا الديث:
صلَ إل هذه الرتبةِ العالية فإنه يُراِقبُ ال-تبارك وتعال-ف كلّ دقيقةٍ وجليلة وف كلّ -1منهم مَن قال :إنّ مَن َو َ
صغيةٍ وكبية فهو ل يَستمِع إل إل ما يُرضِي ال-تبارك وتعال-ول يَنظُر إل إل ما يُرضِي ال-تبارك وتعال-ول
يَْبطِشُ إل بِما يُرضِي ال-تبارك وتعال-ول يَمشِي إل إل ما يُرضِي ال-تبارك وتعال-وهكذا ف بقيةِ الوارِح فهو
ل يَن ِطقُ إل بِما يُرضِي ال تبارك وتعال.
صلَ إل هذه الرتبةِ العالية فإنّ ال-تبارك وتعال-يُوّفقُه ويَأخُذ بِيَدِه فيُوَّفقُه لن -2وبعضُ أهلِ العلم قال :إنّ مَن َو َ
يَستمِع إل ما يُرضِيه ول يَلت ِفتُ إل غيِه وهكذا بِالنسبةِ إل بقيةِ الشياءِ الذكورةِ ف الديث؛ ول شك بِأنّ هذا
هو القرب إل الصواب ،ول َأ ُظنّ أنّ أصحابَ القول الوّل إل أنم يَرمون إل هذا العن.
فمَن وَا َظبَ على هذه النوافِل-فالرّسولُ قال ( :ل يَزال ) ول َيقُل " :إذا َفعَل " أو ما شابه ذلك فمعن ذلك أنه
صلُ بِمشيئة ال-تبارك وتعال-إل هذه النلةِ العاليةِ الرفيعةِ الت يَنبغِي لِكلّ مسلِمٍ أن يُواظِب على هذه النوافل-فإنه َي ِ
يَسعى إليها ق ْدرَ طاقتِه.
-1عند الجواب على السؤال 1مِن حلقة 12رمضان 1425هـ ( يوافقه 27أكتوبر 2004م ).
-2السؤال 9مِن حلقة 24رمضان 1425هـ ( يوافقه 08نوفمبر 2004م ).
-3قال الشيخ عند الجواب على السؤال 1مِن حلقة 12رمضان 1425هـ ( يوافقه 27أكتوبر 2004م ) " :جاء عنه
صلوات ال وسلمه عليه أنه قال ( :مَن عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ،وما تَقرّب إلي عبدي بشيء أفضل ِممّا
ت سَمعَه الذي يَسمع به ،وبصرَه الذي
افترضتُه عليه ،وما يزال عبدي يَتقرّب إلي بالنوافل حتى أحبه ،فإن أحببتُه كن ُ
يُبصِر به ،ويدَه التي يَبطِش بها ،ورِجلَه التي يَمشي بها ،وإن سألني ) ...إلى آخر الحديث ،وهو وإن كان قد تكلم فيه
بعض العلماء إل أنه قد جاء مِن طرق أخرى يَشدّ بعضها بعضا فيَرتقي بذلك الحديث إلى درجة القَبول ..هذا الذي نراه
في هذا الحديث ".
204
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فنسألُ ال-تبارك وتعال-أن يُوّفقَنا وأن يُوَّفقَ سائرَ السلِمي لِلعملِ بِما يُرضِيه وأن يَأخذَ بِأيدِيهم لِما يُحبّه تبارك
وتعال ،وإذا عَملَ السلِمون بِما ف كتابِ ال-تبارك وتعال-وف سّنةِ رسولِه بعد معرفةِ الثابتِ الصحيحِ منها مِن
ث النبوية ول يَلتفِتوا إل قولِ أيّ أحدٍ بعد غيِه وَنظَروا ف كلمِ أهلِ العلم على معان الياتِ القرآنية والحادي ِ
ذلك-مع إجللِهم واحترامِهم لهلِ العلم-فإنم ف ذلك اليوم بِمشيئةِ ال سيَعرِفون مَ ِنلَتهم بيْن المم ل على
حسبِ هذا الال الذي نُشاهِدُ عليه السلِمي حيثُ إنّهم-ولِلسفِ الشديد-صارُوا ف مُؤ ّخرَةِ الرّكْب وما ذلك إل
لهالِهم لِكتابِ ربّهم وسّنةِ نبيّهم صلوات ال وسلمه عليه ..نَسألُه سبحانه أن يُوّفقَنا لِلعملِ بِالكتابِ والسنّة وأن
يَأخذَ بِأيدِينا لِما يُحبّه تبارك وتعال ويَرضاه؛ وال ول التوفيق.
ت له ؟
س :ما هو الراجِح في علماتِ ليلةِ القدر ؟ وهل يَجوز إخبار الصحاب بِهذا إذا تَبيّنَ ْ
ج :أما الخبار فل مانع لكن-ف القيقة-تأتينا الخبار ف يومِ العِيد أو بعدَه متضا ِربَة متناِقضَة ..تَصِل ف بع ِ
ض
الحيان إل خسةِ أخبار منهم مَن يَقول كانتْ ف الليلة الفلنية ومنهم مَن يَقول كانتْ ف الليلة الفلنية ومنهم مَن
يَقول كانتْ ف الليلة الفلنية ث لِماذا النسان يَقوم بِالخبار ؟! فإذا كان يَخشى على نفسِه أن َيقَعَ ف شيءٍ مِن
الغرور أو ما شابه ذلك بِأنّ له منلة أو ما شابه ذلك ففي القيقة ف هذا ما فيه ول شك بِأنه عليه أن يَبتعِد منه ،أما
إذا كان يُخبِر أصحابَه وهو واثِق مِن نفسِه بِأنه لن َيقَعَ ف شيءٍ مِن ذلك فهذا ل بأس ..قد أخبَر بِه بعضُ أهلِ العلم
لكن-كما قلتُ-بعضُ الناس يَظنّ ظنا بِأنّ هذه الليلة هي ليلة القدر أو ما شابه ذلك وليس المر كذلك إذ ل يُمكِن
أن تَأتِي ف سنةٍ واحدة ف موضعٍ واحد-أي ف منطقة واحدة-أكثر مِن مرّة ..يعن ل يُمكِن أن تَكونَ ف هذه الليلة
وف الليلة الثانية ف هذه النطقة أما أن يَكونَ ذلك بِاعتبار مناطق فكما أشرتُ إليه بِالمس 1السلمة ف التوقّف ..
للعلماء كلمٌ طويل عريض عند اختلف الناطق ..مثل تَكون هذه الليلة ليلة كذا ف النطقة الفلنية وتكون ليلة كذا
ف النطقة الفلنية ..هل تَكون مثل ليلة القدر ف هذه النطقة هذه الليلة وتكون غدا ف النطقة 2الفلنية أو تكون ف
ليلة واحدة وعليه تكون عند بعضهم شفعا وعند بعضهم وترا ؟ بعضهم يَقول بِهذا بل بعضهم يَقول " :هي ف ليلة
واحدة على حسب الكان الذي نزل فيه الوحي على النب وهو مكة الكرمة " ،وعند غيهم يَكون ذلك هو
وقت الجابة حت لو كان ذلك ف النهار ف بعضِ الماكن البعيدة الت يَكون وقت الليل ف مكة الكرمة عندهم
نارا ،و-على كل حال-السألة فيها مِن الكلم ما فيها ،ونن قلنا :3إنّ النسان يَنبغِي له أن يُواظِب على قيامِ شهر
رمضان ولسيما ف العشرِ الواخِر على أنّ العلماء قد اختلَفوا مت الوتر ..هل يَكون ف ليلةِ الادي والعشرين
والثالث والعشرين والامس والعشرين وهكذا أو يَختلِف بِحسب الختلف بيْن الشهور إذا كان الشهر تسعة
وعشرين ليلة أو كان ثلثي ليلة ؟ ف ذلك كلمٌ طويل عريض ،وبعضُ هذه القوال ليس لا دليل قوي يُمكِن
العتماد عليه فالسّلمة ف عدمِ الوْض ف ذلك وأن نَ ِكلَ المْر إل ال تبارك وتعال ..نَحن نَجزِم بِليلةِ القدْر
ونُرجّح-على حسبِ ما يَظهَر لَنا-بِأنّها ف شهرِ رمضان البارَك وأنّها ف العشرِ الواخِر منه ولسيما الوتار كما جاء
-1عند الجواب على السؤال 9مِن حلقة 26رمضان 1425هـ ( يوافقه 10نوفمبر 2004م ).
-2قال الشيخ " :الليلة " بدل مِن " المنطقة " والظاهر أنه سبق لسان.
-3عند الجواب على السؤال 1مِن حلقة 26رمضان 1425هـ ( يوافقه 10نوفمبر 2004م ).
205
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ف بعضِ الروايات الصحيحة عن النب ولكنّها ليستْ مِن بابِ القطوعِ بِه فل نَقطَع ُع ْذرَ مَن خالَف ذلك ول
نَعتقِد ذلك وإنا نَظنّ ظنا ،فإذن يَنبغي لَنا هذا وهو أن نُواظِب على القيامِ مع الحتساب كما جاءَ ف الديث ( :قام
رمضان ) والرواية الخرى ( :ليلة القدر إيانا واحتسابا ) ..نَفعَل ذلك ونَرجو ال-تبارك وتعالِ -منْ أن يُوّفقَنا
لِلجْر والثواب على َأنّ-أيضا-العلماء اختلَفوا هل يَحصُل على هذا الثواب مَن عَلِمَ بِهذه الليلة أو أنه يَحصُل على
ذلك َمنْ قام هذه الليلة سواء ظهرتْ له شيءٌ مِن العلمات أو لَم يَظهَر له شيءٌ مِن ذلك ؟ هذا خلفٌ طويل عريض
ولذلك ل أرى داعيا لِلبحثِ ف بعضِ هذه القضايا الت ليس لَها دليل قاطِع كما أشرتُ ف قضية هل يَكون ف النطقة
الفلنية ف ليلة كذا أو ف ليلة كذا أو ما شابه ذلك ؟ فقلنا :هذا السلمةُ ف عدمِ الّتطَرق إليه وأن نَ ِكلَ أمرَ ذلك إل
ال-تبارك وتعال ،وقد أشرتُ إل ذلك إشارة بِالمس-1ولكن مهما كان هذه الليلة فيها فضلٌ عظيم كما جاء ذلك
ف القرآن الكري ..وصفها ال-تبارك وتعال-بِأنّها ليلة مباركة وهي ليلة القدر-خلفا لِمن يَزعم بِأنّها ليلة الامس
َومَا َأ ْدرَاكَ مَا عشر مِن شعبان-وأيضا أُنزِل ف هذه الليلة-وهي ليلة القدر-سورة بِكَا ِملِهَا 2وقال َت ْفخِيما لِشأنِها:
لَيَْلةُ اْلقَ ْدرِ [ سورة القدر ،الية ] 2 :ث قالَ :ليَْلةُ اْلقَدْرِ َخيْرٌ ّمنْ َألْفِ شَ ْهرٍ َ تنَ ّزلُ الْمَلَائِ َكةُ وَالرّوحُ فِيهَا ...
[ سورة القدر ،الية 3 :ومِن الية .. ] 4 :على كل حال أيضا؛ أطال بعضُ العلماء الكلمَ على الروح والرادِ
بِالروح ول أرى داعِيا ِلتَطْوِيل الكلم بِذلك ما دام ليس هنالك دليلٌ قاطِع على تلك القوال ..قد يَ ُظنّ النسان
بعضَ المور لكن أن َيجْزِم بِذلك ففيه ِمنَ الصعوبة ما فيه ،ثُمّ ال قال ... :هِيَ َحتّى َمطْلَعِ اْل َفجْرِ [ سورة
حصُل على هذا الثواب على القدر ،من الية ،] 5 :فهي-والمد ل تبارك وتعال-إذا قام النسان َليْلَة مِن الليل َسيَ ْ
الرأيِ الراجِح بِأنه رآها أو لَم يرها-أي رأى شيئا مِن علماتِها أو ل يَ َر شيئا مِن تلك العلمات-ما دام قام هذه الليلة
إيـمَانا واحتسابا حت أنّ بعضَ العلماء قال " :مَن صلّى الغرب والعشاء ف هذه الليلة فقد يَحصُل على هذا الثواب
" ولكن-حقيقة-ف هذا الكلم ما فيه ،ذلك لنّ السلِم لبد ِمنْ َأنْ يُؤدّي هاتيْن الصلتيْن ومعن ذلك أنه أتى بِهذا
سبِ ما هو مطلوبٌ شرعا ،ونقول :الؤمن القيام إن كان هذا هو القصود ،وقد يَقولون بِأنه إذا أتى بِهما على حَ ْ
مطالَب بِذلك ،فنحن ل نَقوى على هذا القول ولكن نَقول بِأنّ الظاهِر أنه لبد مِن القيام العروف ول أَقصِد بِالقيام
حتَسِب لِلثوابِ مِن عندِ ال تبارك العروف هو التراويح أو ما شابه ذلك َ ..كلّ وإنّما قيام هذه الليلة ومِن مؤمِن ُم ْ
وتعال.
وعلى كل حال؛ الوقاتُ تارةً يَكون الوقتُ بِكاملِه وهذا هو الظاهِر مِن الية القرآنية وتارةً تَكون ساعة الجابة
قصية ف وقتٍ مُحدّد وتارةً يَكون الوقتُ طويل وإن لَم يَكن اليوم كامِل ،فليلةُ القدرِ الظاهِر أنّها مِن أ ّولِها إل
آ ِخرِها ،أما آخِر الليلة فالمر واضِح وأما مِن أ ّولِها فذلك هو الظاهِر لنه قالَ :ليَْلةُ اْلقَدْرِ بِالنسبة إل بع ِ
ض
الوقات يَكون الوقتُ قصِيا كالساعة الت فيها الجابةُ ف يومِ المعة والبعضُ يَكون َوسَطا كيومِ َعرَفَة فإنه يَكون
مِن زوالِ الشمس على الرأي الراجِح الذي يَ ُدلّ لَهُ الدليل وعليه-أيضا-جهور المّة.
-1عند الجواب على السؤال 9مِن حلقة 26رمضان 1425هـ ( يوافقه 10نوفمبر 2004م ).
ح فِيهَا ِبِإذْنِ
شهْرٍ َ تنَزّلُ ا ْلمَل ِئكَةُ وَالرّو ُ
ف َ
خيْ ٌر مّنْ أَ ْل ِ
ِ -2إنّا أَنزَ ْلنَا ُه فِي َليْلَةِ الْ َق ْدرِ َ ومَا َأ ْدرَاكَ مَا َليْلَةُ الْ َق ْدرِ َ ليْلَةُ الْ َق ْد ِر َ
جرِ [ سورة القدر ]. حتّى َمطْلَعِ الْ َف ْي ََربّهِم مّن كُلّ َأ ْمرٍ سَلمٌ ِه َ
206
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أما العلمات فقد َذ َكرُوا لِذلك علماتٍ ُمتَعَ ّددَة منها ما يَكونُ بعدَ وقتِها ..أي بعدَ طلوع الشمس ،ومنها ما يَكونُ
ف الليل.
وأما ما يَذ ُكرُه كثيٌ مِن العوام بِأنّ بعضَ الخلوقات َتنْقَلِب رأسا على َعقِب َف ُعرُوقُ الشجار تَكونُ العلى والطراف
تَكون ف السفل وأنّ النسان لو أَخَذَ شيئا مِن شجرة يََتحَوّل إل ذَهَب ..إل غيِ ذلك فهذا باطِل و ُهرَاء ل قيمةَ
لَه.
ولكن-على كل حال-بعضُ العلماء يَقول :تَكون تلك الليلة َوسَطا ليس فيها شيءٌ مِن البَرْد ول مِِن الـحَر وقد
شعُرُ النسان فيها بِشيءٍ مِن السكينة وهكذا ما ُيرَى ف صبيحةِ ذلك اليوم مِن الشمس بِأنه ليس لَها ُشعَاعٌ قوِي .. يَ ْ
شعُرإل غي ذلك ِمنَ العلمات الت يَحتاج أن نَذ ُكرَها ونَذ ُكرَ ما لَها وما عليها ولكن-على كل حال-النسانُ قد يَ ْ
بِشيءٍ مِن الطمأنينة والراحة وذلك ظا ِهرٌ مِن حديثِ السيدة عائشة-رضي ال تعال عنها-عندما سألتْ الرسول
بِماذا تَدعو إذا هي رأتْ ليلة القدر ،فمعن ذلك بِأنّ النسان ُيحِسّ بِشيءٍ وإل كيف َترَاها السيدة عائشة-رضي ال
تبارك وتعال عنها-ول تُحس بِشيءٍ ؟! قد يَشعُر بِذلك ف َمنَامِه وقد يَشعُر بِذلك ف َيقَ َظتِه وقد ل يَشعُر-كما قلتُ
ويَنالُ الثواب الزيل ،و-على ُكلٍ-أَرشَدَ النب السيدة عائشة لن تَدْ ُعوَ بِقوله ( :اللهم إنّك َعفُوٌ ُتحِب العَفْوَ
فَا ْعفُ َعنّي ) ف ْليُكثِر النسانُ مِن هذا الدعاء ف هذه الليال البارَكة َش َعرَ بِذلك أو لَم يَشعُر وْليُ ْكثِر-
أيضاِ -منْ قولِ " :ربنا آتِنا ف الدنيا حسنة وف الخِرة حسنة وقِنا عذابَ النار " ،فالرسول كان يُ ْكثِر مِن هذا
الدعاء ،وكذلك " :اللهم إنّي أَسألُك العفوَ والعافية ف الدنيا والخِرة " ،و-كذلك-يُكْثِر من دُعَاءِ يونس الذي
جاءَ ف القرآن الكري ... :ل ِإَلهَ إِل أَنتَ سُْبحَاَنكَ ِإنّي كُنتُ ِمنَ الظّالِمِيَ [ سورة النبياء ،من الية] 87 :
..إل غيِ ذلك مِن الدعية ،وليُ ْكثِر مِنَ الدعاءِ بِالّنصْرِ لِلسلمِ والسلِمي؛ نَسألُ ال-تبارك وتعال-أن يُوَّفقَ
صرَ السلمَ َنصْرا مُ َؤزّرا وما ذلك عليه بِعزيز؛ وال أعلم.
السلِمي جيعا لِما فيه اليْر وأن َينْ ُ
207
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
اعتكفن بعد وفاة النب صلوات ال وسلمه عليه ،كما أنّ بعضهنّ َشرَع ف العتكاف مع النب صلى ال عليه وعلى
آله وسلم ،وف هذا دللة واضحة وحجّة نيّرة على مشروعية العتكاف ،وأنه سنّة ثابتة عن النب صلوات ال وسلمه
...وَلَ تُبَا ِشرُو ُهنّ َوأَنتُمْ عَا ِكفُونَ فِي : عليه ،بل مشروعيته أيضا تؤخذ من كتاب ال-تبارك وتعال-ف قوله
ف قوله لعبده وخليله [ سورة البقرة ،من الية ،] 187 :و-كذلك-يُؤخذ ذلك من قوله الْمَسَاجِد ...
1
سجُو ِد
ورسوله إبراهيم ... :وَعَ ِه ْدنَا ِإلَى ِإْبرَاهِيمَ وَِإسْمَاعِيلَ أَن طَ ّهرَا َبيْتِيَ لِلطّائِفِيَ وَاْلعَا ِكفِيَ وَالرّكّعِ ال ّ
[ سورة البقرة ،من الية ،] 125 :وهذا أمر مّتفَق عليه بي المّة السلمية قاطبة ،وقد حكى التفاق-أو الجاع-
على ذلك غيُ واحد من التقدّمي والتأخّرين ،ل داعي لذِكر أسائهم.
وما رُوي عن المام مالك أنه قال بكراهة ذلك فل أظنّه يصحّ عنه إل إذا ُقيّد ذلك ِب َقيْد من القيود ،أو كما قيل بأنّه
يُحمَل على صفة من الصفات ،كما ذَكر ذلك الافظ ابن حجر وغيه ،وقد ذَكر بعض العلماء مَحامِل لذلك وأكثرُ
تلك الحامل مردود ،ول أرى فائدة من ذِكر ذلك ما دام العتكاف ثابتا ثبوتا ل شك فيه ،ول أظنّ أنّ ذلك-كما
قلتُ-يُخالِف ف ذلك إل إذا كان ذلك لَحمَل من الحامِل ومع ذلك فيه ما فيه.
هذا بالنسبة إل شهر رمضان البارك.
وذهب بعضهم إل أنّه سنّة ف العَشر الواخر من رمضان وأما ف غي ذلك فليس بسنّة وإنا هو جائز.
وقيل :إنه ف شهر رمضان سنّة-كما قلتُ وف غيه جائز.
وقيل :إنه سنّة مطلقا ف شهر رمضان وف غي رمضان.
ولشك أنّ القول بسنيّة ذلك هو القول القويّ ،وإن كان ف رمضان أفضلُ وآكَد ،لِمواظبة النب-صلوات ال
وسلمه عليه-وكثي من صحابته رضوان ال-تعال-عليهم.
وما قيل " :إنه ل يَعتكِف أحد من الصحابة " مردود ،لِما ذكرتُه ولغي ذلك من الروايات الكثية الروية عن صحابة
رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وينبغي للنسان مِن قبلِ أن يُطلِق على بعض المور بأنا ل تَثبت عن النب أو عن غيه ما رُوي ذلك عنهم يَنبغي
له أن يَتحرّز وأن يَبحَث أش ّد البحث وألّ يُطلِق الكلم على عَوا ِهنِه فيذكر بأنّ الشيء الفلن ل َيرِد عن الصحاب
الفلن أو عن أحد من الصحابة مع أنّ ذلك مذكور ف كتب كثية ،وقد ذكرتُ أنّ ذلك مروي عن بعض الصحابة
ف الصحيحي وف غيها من كتب الرواية.
وذهب بعض العلماء إل أنه مشروع إلّ ف حقّ الرأة الشابّة؛ وهذا-أيضا-ليس بشيء.
فالقول الصحيح هو قول من قال إنّ ذلك مسنون ولسيما ف شهر رمضان البارك وأنّ الفضل أن يُحافَظ عليه ف
العشر الخية من رمضان ومن أمكنه-أيضا-أن يَعتكِف ف العشرين الخية منه فذلك حسن؛ وال-تبارك وتعال-
أعلم.
ط ّهرْ َب ْي ِتيَ لِلطّائِفِي َ
ن -1الظاهر أنّ الشيخ قصد أن يأتي بهذه الية بدل من الية التي أتى بها في التسجيل وهيَ ... :و َ
سجُودِ [ سورة الحج ،من الية ] 26 :مع ملحظة أنّ الشيخ وقع له سبق لسان في قراءتها ،إذ وَالْقَا ِئمِينَ وَال ّركّعِ ال ّ
سجُو ِد ".
ط ّهرْ َب ْي ِتيَ لِلطّائِفِينَ والعاكفين وَال ّركّعِ ال ّ
قرأهاَ ... " :و َ
208
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1فإنّ طائفة من أهل العلم يَقولون " :إنّ اعتكافه لذلك اليوم صحيح ".
-2وإن كان بعضهم يَرى خلف ذلك.
ولكنّ القول الول قالت به طائفة كبية من أهل العلم ،وله وجه قوي ف النظر.
ومن ذلك :التمييز ،فالصب إذا كان غَي ميّز فإنه ل يَص ّح منه ،والتمييز بالنسبة إل الصبيان يَختلِف من طفل إل
طفل ،فل يُمكن أن يُحدّ ذلك بسنة معيّنة ،وإنا ذلك يَدور على من كان يَفهم الطاب ويَستطيع الواب ويَفقه معن
ذلك فتَصحّ منه النية ،فمَن كان كذلك فهو الذي يَص ّح منه ،وهو الذي يُقال عنه بأنه ميّز.
ومن ذلك :النية ،إذ ل يَصحّ عمل من العمال إل بنيّة إذا كان ذلك العمل يَتعلّق بثل هذه العبادات ،نعم إذا كان
ذلك يَتعلّق بطهارة-أو ما شابه ذلك-وكانت الطهارة لثوب وليست لسد فإنّ تلك النجاسة تَزول ولو ل تكن
هنالك نية على أصحّ القوال وأشهرها ،أما مثل هذه العبادات فلبد لا من النية ،فالنية-إذن-شرط لصحّة
العتكاف.
ومن ذلك :الصوم ،فإ ّن طائفة كبية من أهل العلم ذهبت إل أنّ الصيام شرط ف صحّة العتكاف ،وأنّ اعتكاف من
ل َيصُم ليس بصحيح بل ل ينبغي أن يُسمّى ذلك اعتكافا؛ وهذا هو قول طائفة-كما قلتُ-من أهل العلم ،وهو
مروي عن طائفة من الصحابة رضوان ال-تعال-عليهم ،فقد روي عن السيدة عائشة ،وروي عن ابن عمر وابن
عباس رضي ال-تبارك وتعال-عنهم ،وهو مذهب أصحابنا وإن كان هنالك ما يُفهَم من كلم بعضهم بأنه قد ذهب
بعض الصحاب إل عدم اشتراط ذلك ولكنّ القول الشهور النصور عندهم هو اشتراط الصوم لصحّة العتكاف،1
وهو قول المام مالك ،وعليه جهور أصحابه ،وخالف منهم ابن لُبابة ،فقال بعدم اشتراط الصيام ف العتكاف ،وهو
قول بعض الشافعية ،وهو رواية عن المام أحد وعن إسحاق ،ورَجّح ذلك ابن تيمية وابن القيم من التأخّرين ،وهو
قول الثوري والليث والسن بن حي.
نعم ذكرنا أنّ طائفة كبية من أهل العلم ذهبت إل اشتراط الصيام ف العتكاف وأنّ العتكاف ل يَصحّ إل به،
وذكرنا مموعة من أولئك العلماء العلم الذين ذهبوا إل اشتراط ذلك ،وهنالك بقية أخرى ل بأس بذكر طائفة
منهم ،فمِمّن ذهب إل ذلك من أهل العلم النّخعي والشّعب ،وذهب إل ذلك نافع والقاسم بن ممد والوزاعي
والزهري ،وطائفة من التابعي ،وقيل " :إنه الذهب القدي للمام الشافعي " ،و-كذلك-ذهبت إل ذلك النفية ف
الصوم 2الواجب ،ويُفهَم من بعضهم-أيضا-أنّ طائفة منهم يَشترِطون ذلك حت ف غي الصوم 3الواجب ،فهذه جاعة
ع بعد ذلك بِأنّ مذهبا معيّنا هو الذي يَشترِط الصيامكبية جدا من ذهبوا إل اشترط الصيام ،فل يُمكن أن يَدّعي م ّد ٍ
بلف بقية المّة ،فهذه جاعة كبية من المّة السلمية من الصحابة والتابعي ومن أتباع الذاهب الخرى قد
ذهبت إل ذلك ،ولذا الرأي أدلة كثية جدا ،ولكنّ الوقت أرى أنه ل يَسمَح بذلك ،ويكفي من ذلك أنّ النب-
صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ل يَعتكِف إلّ ف العشر الواخر من رمضان وهو ل شكّ ول ريب بأنه كان صائما،
-1قال الشيخ " :اشتراط العتكاف " بدل من " اشتراط الصوم في صحة العتكاف " وهو سبق لسان.
-2لعل الشيخ قصد أن يقول " :العتكاف " بدل من " الصوم " ،فليُتأمّل.
-3لعل الشيخ قصد أن يقول " :العتكاف " بدل من " الصوم " ،فليُتأمّل.
210
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أما ما جاء مِن اعتكافه بعد ذلك فإننا وإن كنّا ل نقوى على الزم بأنه قد صام إل أنه أيضا ليس هنالك دليل آخر
يَدلّ على عدم صيامه صلوات ال وسلمه عليه ،والروايات متلِفة ..جاء ف بعض الروايات أنه اعتكف ف العشر
الوائل ،وف بعضها أنه اعتكف ف الواخر ،وف بعضها بأنه اعتكف ف رمضان من غي أن تُحدّد الرواية بأنّ ذلك
جاء ف الول أو ف الخر ،فمع هذا الحتمال ل يُمكِن أن يَحتج بذلك مُحتَج على عدم شرطية الصيام ف
العتكاف ،و-أيضا-ند الول-تبارك وتعال-قد ذَكر العتكاف ف معرض ذِكره للصيام 1وف ذلك إشارة واضحة
إل أنّ العتكاف ل يكون إل بالصيام ،ومِن العلوم أنه ل يأت دليل واحد يدل على عدم اشتراط الصيام ،وكل ما
روي من الحاديث الت فيها مشروعية ذلك من دون الصيام أحاديث ل تَثبت عن النب صلوات ال وسلمه عليه.
هذا ومن الشروط الت لبد منها ف العتكاف :أن يكون العتكِف طاهرا من الدث الكب ،فل يَصحّ العتكاف مِن
النب ول مِن الائض ول مِن النفساء ..هذا هو القول الشهور عند المّة السلمية ،وهو الق الذي ل ريب فيه
..نعم إذا كان النسان معتكِفا وأصابته جنابة فإنه يُؤمَر بالغتسال مباشَرة ول يُؤثّر ذلك ف اعتكافه ول ف صيامه.
والدليل على اشتراط ذلك أنّ العتكاف ل يكون إل ف السجد والنب والائض والنفساء كلهم منهيون عن دخول
السجد-وعند بعضهم مَنهيون عن الكث فيه-ومن العلوم بأنّ من أهم الشروط ف العتكاف هو أن يكون ف
مسجد من الساجد ،كما سيأت بشيئة ال تبارك وتعال.
وكذلك-أيضا-قد رجّحنا أنّ العتكاف ل يكون إل بالصيام ومِن العلوم التقرّر أنّ الصيام ل يَصح مع اليض
والنفاس بل الائض والنفساء يَحرم عليهما الصيام كما هو معلوم.
أما النب فقد اختلف العلماء ف صيامه ..أي هل يصح الصيام مع النابة أو ل ؟ والقول الصحيح الذي يَدل له
الديث الصحيح الثابت عن النب-صلوات ال وسلمه عليه-أنّ من أصبح جنبا أصبح مفطرا ،كما جاء ذلك عند
المام الربيع رحه ال ،وجاء عند غيه من أئمة الحدثي.
وأما ما جاء مِن أنه صلوات ال وسلمه عليه أصبح وهو جنب وهو صائم فذلك الديث يُعارِضه هذا الديث وإذا
تعارض حديثان أحدها يقتضي التحري والثان يقتضي الباحة فإنه يُقدّم الدليل الذي يَدل على التحري على الدليل
الدال على الباحة ،فالظاهر أنّ فعله صلوات ال وسلمه عليه كان متقدّما على حديثه الذي جاء فيه أنّ من أصبح
جنبا أصبح مفطرا.
والقول بأنّ ذلك على الستحباب مردود لنّ الديث يَدل دللة واضحة ل غموض فيها بأنّ من أصبح جنبا أصبح
مفطرا 2ول يكن أن يُؤخذ من ذلك أنّ ذلك على الستحباب-أو ما شابه ذلك-لنه نصّ صريح على أنه أصبح
مفطرا.
والقول-أيضا-بأنه منسوخ-أو ما شابه ذلك-مالِف للواقع ،لنّ الصل أن يكون هذا التأخّر هو الناسخ ،ومَن ادّعى
خلف ذلك فعليه الدليل.
ولول أنّ الوقت ل يَتسع للطالة لطلتُ ف هذه القضية ،نظرا إل أنّ كثرة كاثرة من أهل العلم يَرون خلف ذلك،
ولعلنا نيب عن ذلك ف مناسبة أخرى بشيئة ال تبارك وتعال.
ومن الشروط الت لبد منها ف العتكاف بل هو الشرط الساسي بل هو الركن الذي لبد منه :الّلبْث ف السجد،
إذ ل يَصحّ العتكاف إلّ ف مسجد من الساجد؛ وقد اختلف العلماء ف السجد الذي يَصحّ فيه العتكاف:
ذهبت طائفة من أهل العلم إل أنه يَصحّ ف كل مسجد من الساجد سواء كانت تُقام فيه المعة أو ل وسواء كانت
تُقام فيه الماعة أو ل.
وذهبت طائفة من أهل العلم إل أنه ل يَصحّ إل ف السجد الذي تُقام فيه الماعة وإن كانت ل تُقام فيه المعة.
وذهبت طائفة من أهل العلم إل أنه لبد مِن أن يكون ف مسجد تُقام فيه المعة إذا كان العتكاف يَستمرّ إل يوم
المعة ،أما من أراد أن يَعتكِف ستّة أيام وابتدأ العتكاف من ليلة السبت مثل وسيَخرُج قبل يوم المعة ..أي أنه
لن يَكون معتكِفا ف يوم المعة فإنه ل يُشترَط أن يكون ف مسجد تُقام فيه المعة حت على رأي هؤلء.
وذهبت طائفة قليلة جدا إل أنه ل يَصحّ إل ف أحد الساجد الثلثة ..أي السجد الرام أو السجد النبوي أو
السجد القصى؛ وهو قول ضعيف جدا ،وإن احتجّ له بعضهم برواية تُروى عن حذيفة-رضي ال تبارك وتعال عنه-
صلَها يُعتبَر
فإنّ تلك الرواية-على الصحيح-موقوفة ،وليست بِمتّصلة عن النب صلوات ال وسلمه عليه ،و َوصْل من َو َ
من باب الشاذّ على القول الصحيح الراجح ،وإن احتجّ بعض التأخّرين لذا القول وحاول النتصار له فإنه ل يُوفّق
إل الصواب عندنا أي على ما نرى؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
هذا ومّا ذكرناه أنه لبد مِن أن يَكون ف السجد ،فإذا اعتكف ف مسجد ل تُقام فيه المعة فإنه لبد مِن أن يَخرج
إل المعة.
وبعض العلماء ذهب إل أنّ ذلك ل يَصحّ كما قلتُ.
ولكنّ الرأي الصحيح أنه يَصحّ منه ذلك إذا كانت المعة تَجب عليه ،أما إذا كانت المعة ل تَجب عليه فإنه ل
يَخرج إليها.
وقد اختلف العلماء ف وقت الروج إل المعة:
ذهب بعضهم إل أنه ل يَخرج إليها إل ُقَبيْل النداء لا بيث إنه عندما يَصل إل السجد يُصلي أربع ركعات وبعد
ذلك تُقام المعة وإذا انتهى من المعة ومن السنّة الَبعْدِية فإنه يَرجع إل السجد الذي يَعتكِف فيه.
وذهب بعضهم إل أنه يُسنّ له بأن يَخرج من السجد الذي يَعتكِف فيه ف الوقت الفضل ،كما جاء ف الديث عن
النب صلوات ال وسلمه عليه ..أي يُسنّ له البكور إل صلة المعة.
وذهب بعضهم إل أنّ ذلك جائز ول يُمكن أن يُوصف بالسنّة ف حقّه ،لنّ السنّة ف حقّه-على رأي هؤلء-أن
يَمكث ف السجد الذي يَعتكِف فيه.
212
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :إن كان يَشْغَله ،ويَذهب بِفِكره عن الصلة فل ريب أنّ ذلك ممنوع شرعا " .الشيخ أحمد بن حمد الخليلي،
برنامج " سؤال أهل الذكر " من تلفزيون سلطنة عُمان ،حلقة 25رمضان 1423هـ ( 1ديسمبر 2002م ).
214
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
لنّ ذلك مِن مُفسدات العتكاف ،ولكن نظرا إل ضيق الوقت وأنه ل يُمكن أن نُجيب عن ذلك بِجواب مُستقِل
فإنه يُمكن أن نقول :إنّ مِن شروط ذلك ألّ يَطأ النسان ول يَفعل شيئا من مُقدّمات الوطء؛ وال-تبارك
وتعال-أعلم.
س :رجل مريض بالشلل أو ل يستطيع أن يَعتكف في المسجد ،فهل له أن يَعتكف في بيته ؟ وهل للمرأة-أيضا-أن
تَعتكف في بيتها دون المسجد ؟
َ ...وأَنتُمْ ج :أما الرجل فليس له أن يَعتكِف ف بيته ،لنّ ال-تبارك وتعال-يقول كما قدّمنا [ ص :] 1
عَا ِكفُونَ فِي الْمَسَاجِد [ ...سورة البقرة ،من الية ،] 187 :ويقول ... :وَعَ ِه ْدنَا ِإلَى ِإْبرَاهِي َم
سجُودِ [ 1سورة البقرة ،من الية ،] 125 :فالرجل وَِإسْمَاعِيلَ أَن طَ ّهرَا بَْيتِيَ لِلطّائِفِيَ وَالْعَا ِكفِيَ وَالرّكّعِ ال ّ
ل يَجوز له بال من الحوال أن يَعتكِف ف غي الساجد ،بِإجاع المّة السلمية قاطبة.
وأما الرأة فإنّ أهل العلم اختلفوا فيها:
ذهبت طائفة من أهل العلم إل أنّ الرأة يَجوز لا أن تَعتكِف ف مسجد بيتها ..أي ف الكان الذي َخصّصته للصلة
ف بيتها؛ وهذا القول هو مذهب الحناف ،وهو قول طائفة كبية من أصحابنا رضوان ال-تبارك وتعال-عليهم.
وذهبت طائفة من أهل العلم-وهو مذهب الكثرين-إل أنّ الرأة-أيضا-تَعتكِف ف الساجد ،وليس لا أن تَعتكِف ف
مسجد بيتها أبدا؛ وهذا القول هو القول القوى فيما يظهر ل ،لنه ل يُوجد هنالك دليل أبدا يَدلّ على أنّ الرأة
تَعتكِف ف بيتها ،وقد ثبت أنّ نساء النب-صلوات ال وسلمه عليه-قد اعتكَفن ف مسجده الشريف ف حياته وبعد
حياته ..شَرعن ف العتكاف ف مسجده الشريف ويَصحّ القول بِأننّ اعتكَفن ف مسجده وكذلك اعتكفن بعد ذلك
ف مسجده ،ول يَأت دليل يَدلّ على خلف ذلك.
ل يُقال " :إنّ هذا الحاديث تدل على مشروعية العتكاف ف الساجد ،ول تَدلّ على أنه ل يَصحّ العتكاف ف غي
السجد " ،لننا نقول :إنه يُؤخذ من ذلك بالضافة إل اليتي الكريتي ،مع ملحظة ما ذكرناه بِأنه ل يَصح حديث
قط ول دليل آخر يَدلّ على مشروعية اعتكاف الرأة ف بيتها.
أما ما استدلوا به مِن فضل صلة الرأة ف مسجد بيتها على فضل صلتا ف مسجد الماعة فذلك ف الصلة ،ول
2
يُمكن أن يُؤخذ منه-بِحالٍ-جوازُ العتكاف بالنسبة للمرأة ف البيت؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
ط ّهرْ َب ْي ِتيَ لِلطّائِفِي َ
ن -1الظاهر أنّ الشيخ قصد أن يأتي بهذه الية بدل من الية التي أتى بها في التسجيل وهيَ ... :و َ
سجُودِ [ سورة الحج ،من الية ] 26 :مع ملحظة أنّ الشيخ وقع له سبق لسان في قراءتها ،إذ وَالْقَا ِئمِينَ وَال ّركّعِ ال ّ
سجُو ِد ".
ط ّهرْ َب ْي ِتيَ لِلطّائِفِينَ والعاكفين وَال ّركّعِ ال ّ
قرأهاَ ... " :و َ
"-2س :هل يصح العتكاف في البيت في حال وجود العذر وإذا لم يكن هناك مسجد قريب ؟
ج :أما الرجل فليس له أن يعتكف في البيت بظاهر الكتاب وصحيح السنّة وإجماع المّة السلمية قاطبة ،لنّ ال-
ن فِي ا ْل َمسَاجِد [ ...سورة البقرة ،من الية ] 187 :فالرجل ليس له أن يعتكف تبارك وتعالى-يقول ... :وَأَن ُتمْ عَاكِفُو َ
بحال من الحوال في بيته أو في أيّ بيت من البيوت.
وأما بالنسبة إلى المرأة فقد ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه لها أن تعتكف في مسجد بيتها ..أي في المكان الذي
خصصته للصلة في بيتها.
وذهب جمهور المّة إلى أنه ليس لها ذلك ،بل إذا أرادت العتكاف فلبد من أن يكون ذلك في المسجد؛ وهذا القول هو
القول الصحيح ،إذ إنني لم أجد رواية صحيحة تدل على مشروعية العتكاف للمرأة في غير المسجد؛ وأما ما استند إليه
215
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :هل يصح العتكاف في مصلّى صغير ل تُقام فيه الصلوات الخمس ؟
ج :عندما يَعتكِف النسان فإنّه يَعتكِف من أجل حصول الجر العظيم والثواب من عند ال-تبارك وتعال-الذي
يَحصل عليه النسان بِاعتكافه ف السجد ومواظبته على الطاعات من صلة وصيام وذكرٍ وقراءةٍ لِكتابِ ال
-تبارك وتعال-ومِن ذلك الواظبةُ والحافظةُ على الصلة ف الماعة ،فإذا كان هذا السجد ل تُقام فيه الماعة:
فإ ّن طائفة كبية من أهل العلم تقول :ل يَصحّ ذلك.
وبعضهم وإن كان يقول بِصحّة ذلك ولكنّه يَرى الوْل ألّ يكون ف ذلك ،لنّ ف ذلك مدعاة لترك صلة الماعة،
وهذا ما ل ينبغي أبدا ،إذ إنّ صلة الماعة-على الرأي الشهي-فريضة على كل فرد من الفراد إذا كان يستطيع أن
يَسعى إليها ..أي ل يَمنعه من ذلك مانع من مرض أو خوف.
أما بالنسبة إل الصليات فإنّ لهل العلم كلما هل تُلحَق بالساجد أو ل ؟ وهنالك طائفة كبية تقول بأنا ل تُعطى
أحكام الساجد؛ وعلى هذا الرأي ل يَصحّ العتكافُ فيها البتّة.
س :هل يُستحبّ للناس أن يَعتكفوا جماعيا ؟
ج :ل أدري ما الراد بالعتكاف الماعي ،فإن كان يريد السائل-أو غيه-بأن يَسأل عن طائفة مِن الناس تَعتكِف ف
السجد مع مواظبتها على الطاعات من صلة وذكر ودعاء وقراءةٍ لِكتابِ ال-تبارك وتعال-فل مانع من ذلك ،إذ ل
يُمكِن أن يٌقال-بال من الحوال-أنّ كلّ إنسانٍ يَعتكِف ف مسجد مستقل وإذا أراد شخص آخر أن يَعتكِف فلبد
مِن أن يَعتكِف ف مسجد آخر ،وقد قدّمنا أنّ الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-قد اعتكف ف
السجد وشَرعت بعض أزواجه ف العتكاف معه ،وأنه اعتكف هو وجاعة من أصحابه-أيضا-ف السجد،
فهذا دليل واضح على أنه يَصحّ العتكافُ مِن جاعة ف مسجد من الساجد ،بل ولو ل يَأت ذلك فإنّ جَواز ذلك
أمر واضح ،ل يَحتاج إل إقامة برهان؛ وال-تبارك وتعال-أعلم
القائلون بذلك من الحتجاج بحديث فضل صلتها في بيتها فذلك خاص بالصلة والعتكاف حكمه يختلف عن حكم
الصلة؛ وال أعلم " .الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي ،برنامج " سؤال أهل الذكر " من تلفزيون سلطنة عُمان ،حلقة 16
رمضان 1423هـ ( 22نوفمبر 2002م ).
216
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
217
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :نعم ،وقع ذلك كثيا لكثي مِن أهل العلم ،ووقع ذلك ف كتب الفقه كما أنه وقع ف كتب الديث ووقع-أيضا-ف
فنون أخرى ،فالمام السالي-رحه ال تبارك وتعال-كما ذكر الخ السائل قَ ّد َم ف " جوهر النظام " كتاب الصيام على
كتاب الزكاة بينَمَا قدّم ف كتاب " مدارِج الكَمَال " كتاب الزكاة على كتاب الصيام ،وف " تلقِي الصبيان " كذلك قدم
كتاب الصيام ،ووقع ذلك لغيه-رحِمه ال تبارك وتعال-كما أشرت وكذلك وقع-أيضا-لطائفة كبية مِن أئمة الديث،
فنحن إذا جئنا إل الكتب الشهورة مِن كتب الديث فإننا نَجِد بعض ُمصَّنفِيها قدّموا كتاب الصيام على كتاب الزكاة
وبعضهم عكس ذلك كما أن بعضهم قدّم كتاب الج على كتاب الصيام ،ومِنَ الذين قدّموا كتاب الزكاة على كتاب
الصيام المام مالك ف " الوَطّأ " وكذلك صَنَع المام مسلم ف صحيحه وكذلك صنع الترمذي ف جا ِمعِه والدارمي ف كتابه
الشهور بـ " السند " وإل فهو ُمرَتّب على كتب الفقه الشهورة وكذلك صَنَع ابن الارود وهو-أيضا-صنيع طائفة كبية
مِن الحدّثِي وإنّما اكتفيت بِهذه الكتب لنّها هي الكتب الشهورة ،بينما قدّم المام البخاري كتاب الج على كتاب
الصيام ..قدّم أوّل كتاب الصلة وأعنِي بالبحث هاهنا الكتب الفقهية ..قدّم أوّل كتاب الصلة ث ذكر بعد ذلك كتاب
الزكاة ث بعد ذلك ذكر كتاب الج ث بعد ذلك ذكر كتاب الصيام ،وكذلك قدّم المام أبو داود كتاب الج على كتاب
الصيام ولكنّه َأخّر كتاب الصيام كثيا فذَكَر قبله كتاب النكاح والطلق وهكذا ،بينما بعض العلماء قدّم-أيضا-كتاب
الصيام على الزكاة ..صَنَع ذلك المام النسائي ف سُنَنِه الصغرى على تقدير أنّه هو الرتّب لَها كما هو مشهور عند طائفة
كبية مِن الحدّثِي مع أنّه ف " السنن الكبى " قدّم كتاب الزكاة ،وقد قدّم كتاب الصيام-أيضا-ابن ماجة ف سننه وأخّر
كتاب الج كثيا ..ذَكَره بعد كثي من البواب كأبواب النكاح والطلق والبيوع وكثي مِن البواب الخرى ،وكذلك
قدّم ابن خُزيْمَة كتاب الصيام على كتاب الزكاة ،ونَحن إذا جئنا إل بعض العلماء الذين رتّبُوا بعض كتب الديث لِمن
سبقهم فإننا نَجد-أيضا-أنّهم قد اختلفوا ف التقدي والتأخي بي الصيام والزكاة ،فَنجِد المام أبا يعقوب-رحه ال تبارك
وتعال-قد قدّم كتاب الصيام َعلَى كتاب الزكاة عندما رَتّب الامع الصحيح وهذا على تقدير أ ّن المام الربيع-رحه ال
ب مُسْنَدَ
تبارك وتعال-لَم يصنع ذلك مِ ْن قبل والسألة فيها كلم طويل ل حاجة إليه الن ،وكذلك نَجِد سنْجَر عندما رَّت َ
سنَد الشافعي قدّم ِكتَاب الزكاة على كتاب الصيام ،وكذلك نَجد ف صحيح ابن الشافعي لكن البَنّا عندما جاء إل ترتيب مُ ْ
218
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
حبان كتاب الزكاة مقدّما على كتاب الصيام وهكذا ،فإذن المر موجود عند طائفة كبية مِن َأهْ ِل العلم ،ث إنّنَا إذا ِجئْنَا إل
ختَصر الصَال " للمام أب المام السالي-رحه ال تبارك وتعال-نَجد أنّه ف كتاب " مدارج الكمال " قد نَ َظمَ كتاب " مُ ْ
إسحاق-رحه ال تبارك وتعال-والمام أبو إسحاق الضرمِي-رحه ال-قد قَدّم ف كتابه كتاب الزكاة على كتاب الصيام،
بينما َح ّر َر ف " جوهر النظام " ُأرْجُوزَة العلمة الصائغي ،والصائغي قد قدّم كتاب الصيام على كتاب الزكاة فلذلك تابعهما
المام-رحِمه ال تبارك وتعال-على هذا الترتيب ،على أنّنا نَجد أن العلماء قد قدّموا وأخّروا ف كُتُب كثية أو ف أبواب
كثية مِن كتبهم ف البيوع والنكحة وف غَْيرِها ،فمثل نَجد كتاب البيوع مُقَدّما على كتاب النكحة ف " الدارج " والمر
بعكس ذلك ف " جوهر النظام " ونَجد أيضا المام السالي-رحه ال تبارك وتعال-قد ذكر أبواب اليض والنفاس ف
الوهر بعد أبواب النكحة بينما ذَكَره ف الطهارات ف " مدارج الكمال " وكذلك بالنسبة إل كثي من البواب ،وف كثي
من الحيان يكون العالِم مُتَابِعا لغيه بسبب اختصاره أو ترتيبه أو شرحه لكتاب غيه مِمن سبقوه ،وكما وقع للمام
السالِمي وقع للمام القطب-رحه ال-فإنه قدّم ف " الذّهب الالص " كتاب الزكاة على كتاب الصيام لنه مُختصِر ف هذا
الكتاب لكتاب " القواعد " للشيخ إساعيل-رحه ال-والشيخ إساعيل قد قدّم كتاب الزكاة على كتاب الصيام ،بينما ف "
الامِع الصغي " قدّم كتاب الصيام على كتاب الزكاة لنه مُختصِر ف هذا الكتاب لكتاب " الوضع " والاشية ،وصاحِب "
الوضع " قَدْ قدّم كتاب الصيام على كتاب الزكاة وهكذا ،فهنالك اعتبارات متع ّددَة للعلماء عندما يقدّمون كتابا على كتاب
وقد يكون ذلك هو الول وقد يكون المر بلف ذلك ،فمن يقدّم الزكاة-مثل-على الصيام ينظر أنّ الزكاة قد ذُ ِكرَت
بعد الصلة مباشرة ف آيات كثية جدا ،وكذلك جاء ف الديث الشهور ..حديث ( بُنِ َي السلم على خَمس ) ...ذَكَر
أول شهادة أن ل إله إل ال وأن مُحمدا رسول ال ث ذَ َكرَ الصلة ث ذَكَر بعد ذلك الزكاة ،بْينَما الذين قدّموا الصيام على
الزكاة نظروا إل أنّ الصيام فُرض قبل الزكاة وهذا بناء على رأي مَن يرى أنّ الزكاة ُف ِرضَت بعد الجرة إل الدينة وبعد
الصيام ،والصواب أنّها قد ُف ِرضَت قبل ذلك أي أنّها ُف ِرضَت ف مكة ،ومنهم من نظر إل أن الصيام عبادة بدنية فذَ َكرَها بعد
كتاب الصلة الت هي عبادة بدنِية بينما الزكاة عبادة مَالية فذَكَرها بعد الصيام وهكذا ،والذي نريد أن ُننَبه عليه أنه ينبغي
ع ال-تبارك وتعال-بِمعرفة كتاب ال-تبارك وتعال-وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ومعرفة كلم العتناء بالتفقه ف َشرْ ِ
أهل العلم فهذا هو الذي ينبغي أن ُيهْتَمّ به أما الترتيب فهو أمر تَْنسِيقِي؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
219
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :إذا كان ذلك الال ف يده ول ينو أن يقوم بقضائه ف ذلك الوقت فهو يع ّد ملكا له لنه يكن بعد ذلك أن يقوم بقضاء
ذلك القّ الذي عليه من هذا الال الذي ف يده ويكن أن يقوم بإنفاق هذا الال ف أمور أخرى ويقوم بقضاء ذلك الق
الذي عليه من مال آخر ،أما إذا كان ينوي أن يقوم بقضاء هذا الدين الذي عليه ف هذا الوقت فإنه ل زكاة عليه ..هذا هو
الذي أراه ف هذه القضية ،وال أعلم ،فالعبة هل سيدّه الن أو ل ؟ فإن كان سيدّه الن فهو ليس ملكا له ،أما إن كان
سيصل إل اليوم الذي وجبت فيه الزكاة فلبد من الزكاة ،لنه يُعتب ف حكم ماله.
220
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ول شك أنّ القولَ الول هو القو ُل الصحيح الثابِت ،وذلك لِدللةِ الديثِ الصحيحِ الثابِت عن النب ،فقد جاء ف
ص صرِيح واضِح جلِي ل غموضَ فيه يَدلّ الديث النص الصريح على وجوباَ ( :ف َرضَ رسو ُل ال زكاةَ الفطْر ) ،فهذا ن ّ
دللةً ل شك فيها على أنّ زكا َة الفطر واجبة.
ختْ قو ٌل ضعيفٌ جدا ل يُعوّلُ عليه. ت واجبةً ف البداية ث بعدَ ذلك ُنسِ َوقول مَن قال بِأنا كان ْ
َسنّ زكاةَ الفطْر ليس معناه بأنا سّن ٌة مِن السنن ،وإنا معن ذلك أنا ثبَتتْ وما جاء ف بعضِ الروايات أنّ رسولَ ال
بِالسنّة.
ومِن العلوم أنه إذا جاء على لسانِ صحابةِ رسو ِل ال-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-لفظُ " السنّة " ل
يكن-بِحال-أن يُحمَلَ على أنه يُراد بِه السنّة الت اصطََلحَ الناس عليها ،وإنا يُح َملُ تارةً على الوجوب وتارةً على السنّة
بِحسبِ القرائن الت تَدُ ّل على ذلك ،وهذا مِمّا ينبغِي أن يُنتبَه إليه ،فإ ّن كثيا مِن الصطلحات يَختلِف الناس فيها ..
يَختلِفون تار ًة مِن مكانٍ إل مكان وتار ًة مِن زمانٍ إل زمان ..هؤلء اصطلَحوا على أنّ هذا اللفظ يُحمَل على كذا وأولئك
حتْ عليه تلك الطائفة أو كان يَجرِي على اصطلَحوا على خلفِ ذلك ،ول يُمكِن أن نَحمِ َل هذا الصطلح الذي اصطلَ َ
لسانِهم على ما ُتعُورِفَ عليه أو اص ُطلِح عليه عندَ طائف ٍة أخرى جاءتْ بعدَ ذلك أو كانتْ ف بقعةٍ أخرى مِن الرض،
ولذلك أمثلةٌ كثية جِدا يَطول القام بِذكرِها:
جدَ سجْ َدتَيْن ) ..يَتبادَر إل الناس ف الراد بِالسجود السجود العروف ،ولكنّ الراد ض الروايات ( :مَن سَ َ
مثل نَجِد ف بع ِ
مِن ذلك " :صلّى ركعتيْن " ..أي إذا جاء مثل " :سجد سجدتي ".
هكذا ف كث ٍي مِن الروايات.
ف طبقاتِهم وهكذا ينبغِي أن يَد ُرسَ طالب العلم الصطلَحات الت اصطلَح عليها الناس أو كانتْ تُطلَقُ ف زمنِهم على اختل ِ
واختلفِ أزمانِهم حت ل َيقَعَ ف الطإ الكبي.
فمثل لفظُ " الكراهة " عندَ كث ٍي مِن التق ّدمِي يُطلَقُ على " التحري " ،فقد َيجِدُ طالِب العلم-مثل-كلما لِبعضِ أهلِ العلم
قال فيه " :هذا المر مكروه " فيَحمِل ذلك على كراهةِ التنيه الت اصطلَح عليها التأخّرون والمْرُ بِخلفِ ذلك ،فإذن لبد
مِن معرف ِة ذلك.
زكاةُ الفطْر إذن القولُ الصحيح أنا واجِبَة ،واختلَف العلماء ف بعضِ المور بعدَ ذلك وإن قالوا بِالوجوبِ ف الملَة:
ب على السلِم ،ول َتجِب على الكافر وإن وُجِدَ بيْنهم خلفٌ ف بعضِ الزئيات ج ُاختلَفوا على مَن تَجِب ؟ ول شك بِأنا تَ ِ
ف الكافِر بِالفروع ..على رأيِ مَن يَقول " :إ ّن الكفار مُخاطَبون بِفروعِ الشريعة " هل تُستثنَى مثلُ هذه ..ف قضيةِ تكلي ِ
السألة فل يُخاطَبون بِها لِقولِه ف الديث ( :مِن السلِمي ) أو أنم ل يَخرجُون عن ذلك وإنا الراد بِالوجوب هاهنا
الوجوب الذي تُخرَجُ بِه الزكاة عن السلِمي ل الوجوب ف حقيقة المر ؟ وفائدةُ ذلك ف العقوبةِ ال ْخ َروِية.
وكذلك ف الزوجة إذا كانتْ كتابية ..إذا كان رَجُل َت َزوّجَ امرأةً كتابية هل عليه أن يرج عنها أو ليس عليه أن يرج عنها
ي مَن يَقول " :إنّ الزوج يرج عن زوجتِه مطلَقا " أو " إذا كانتْ فقِية ". ؟ بناء على رأ ِ
ول شك أنّ القولَ الراجِح أ ّن الزوج ل َيجِب عليه أن يرج عن زوجتِه.
وحت لَو أَ َخذْنا بِالرأيِ الخَر-مثل-فإنه ل يَجِب عليه أن يُخرِج عنها إذا كانتْ كاِفرَة ،على أنّ الصحيح عندَنا أنه ل َيجِب
عليه أن يرج عنها مطلَقا سواء كانت غنية أو كانت فقية.
221
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ص عب ٌد مِن الكفرة ..لديْه عبد ِذمّي-مثل-هل عليه أن يُخرِج عن ذلك العبد أو ل يَجِب ومِن ذلك العبد ..إذا كان لِشخ ٍ
عليه ؟ ف ذلك خلفٌ بيْن أهلِ العلم ،والصحيح أنه ل يَجِب عليه.
ص َيعُولُ كافِرا ..كان ذلك الكافِر مِن أقاربِه-مثل-ويَقومُ بِعولِه هل عليه أن يُخرِج عنه ومِن ذلك-مثل-لو كان شخ ٌ
ي مَن يَقول " :إ ّن مَن كان َيعُولُ شخصا عليه أن يُخرِج عنه الزكاة ". الزكاة أو ل َيجِب عليه ؟ بناء على رأ ِ
الصحيح أنه ل َيجِب عليه ذلك ،على أننا-أيضا-ل نُو ِجبُ على مَن كان َيعُولُ شخصا أن يُخرِج عنه ،كما سيأتِي بِمشيئةِ
ال-تبارك وتعال-إن أمكَن.
ف ِمثْلُ هذه الزئيات اختلَفوا فيها.
فإذن هي َتجِب على السلِم.
وهل عليه أن يُخرِج عن نفسِه فقط أو يَجِب عليه أن يُخرِج عن نفسِه وعمّن َيعُولُه ؟
أما بِالنسبةِ إل العبِيد فإنه َيجِب على الشخص أن يُخرِج عن عبِيدِه ،ل ّن العبد ل يَملِك شيئا ،فهو مالُه أن لو كان لَه مال
م ْلكٌ لِذلك الالِك ..هذا هو الذي ذهبَ إليه جهور المّة ،وهو الصحيح الذي َيدُلّ عليه الديثُ الصحيح الثابِت عن النب
.
سبَ مال يُخرِجُ بِه الزكاة وذهب بعضُ أه ِل العلم إل أنّ على السّيدِ أن يُمكّ َن عبدَه مِن أن يَعمَ َل شيئا مِن العمال حت يَكت ِ
عن نفسِه ،وهذا قو ٌل ضعِيفٌ جِدا:
أوّل إذا مََلكَ مال فإنه سيَكون ملْكا لِلسيّد فهو ل يَملِكه ف حقيقة الواقع.
وثانيا فإ ّن ما ل يَتِ ّم الوجوب إل بِه ل يَجِب ،وهنالك َفرْقٌ بيْن " ما ل َيتِمّ الواجِب إل 1بِه " وبيْن " ما ل يَتِ ّم الوجوب إل
ب أبدا ،فمثل ض الزئيات ،أما ما ل يَتِم الوجوبُ إل بِه فهو ليس بِوا ِج ٍ بِه " ،فما ل يَتِ ّم الواجِب إل بِه فهو واجِب إل ف بع ِ
ف الشخص بِأن يَحصُلَ على مالٍ حت تَجِب عليه الزكاة. جبُ إل بِحصولِ مال بِشروطٍ معروفة فل يُكلّ ُ الزكاة ل تَ ِ
ت [ ص ] 3العلماءُ اختلَفوا فيها: أما بِالنسبةِ إل الزوجة فكما قل ُ
منهم مَن قال :يَجِب على الشخص أن يرج عن زوجتِه سواء كانتْ غنيةً أو فقِية.
ج الزكاة عن نفسِها. وقيل :ل َيجِب عليه مطلَقا بل يَجِب عليها هي نفسها أن تُخرِ َ
ب عليه وإل فل. ج ُوقيل :إذا كانتْ فقِيةً فيَ ِ
ض العلماء أن تُخرِجَ هي عن نفسِها وأن يُخرِج عنها زوجُها خُروجا مِن عه َدةِ اللف ،وهذا مِن بابِ واستحبّ بع ُ
الستحباب ،وليس مِن بابِ الياب.
والصحيحُ الراجِح أنه يَجِب على الزوجةِ أن تُخرِج عن نفسِها ول َيجِب على زوجِها.
وكذلك اختلَفوا أن لو كان الشخصُ َيعُولَ َأَبوَيْه هل عليه أن يُخرِج عنهما أو ل ؟ أما إذا كان ل يَجب عليه عولُهما فل
ج عنهما ؟ وكذلك إذا كان البُ لديه زوجات هل عليه أن يُخرِجَ عن يُخرِج عنهما ،فإذا كان يَعولُهما هل عليه أن يُخرِ َ
زوجاتِ أبيه أو ل يَجِب عليه ذلك ؟ وكذلك إذا كان الد لديْه زوجات اختُلِف هل عليه أن يُخرِج عن زوج ٍة واحِ َدةٍ أو
ل ؟ إل غي ذلك مِن الفروع.
-1سقط مِن كلم الشيخ " :إل " والظاهر أنه سبق لسان.
222
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج الزكاة عن نفسِه وليس عليه أن يُخرِجَ عن غْيرِه إل ما ذَ َكرْتُه عن العبد [ ص 3 والصل أنّ ك ّل شخص يُخا َطبُ بِأن يُخرِ َ
].
جبُ عليه أن يُخرِجَ عنهم إل ما جاء مِن اللف ف الول ِد الباِلغِي إذا كان وأما بِالنسبةِ إل الولد فإذا كانوا باِلغِي فل يَ ِ
يَجِب عليه َعوُْلهُم ..كانوا ل يَجِدون شيئا ..ل َي ْق َووْنَ على العمل ،فهل عليه أن يُخرِج عنهم ؟
جبُ عليه. قيل :يَ ِ
جبُ عليه. وقيل :ل َي ِ
وبعضُ العلماء ذهب إل أنه يَجِب عليه أن يُخرِجَ عن الرأة ..عن بنتِه إذا كانتْ باِلغَةً ول تَت َزوّج.
جبُ على البِ أن يُخرِجَ عنه. والصل أنّ الشخص عندَما َيبْلُغ يُخا َطبُ بِنفسِه فل يَ ِ
أما بِالنسبةِ إل البْناء إذا كانوا غْيرَ باِلغِي:
فقيلَ :يجِب عليهم مِن ماِلهِم إن كان لَهم مال وإن كان ل مال لَهم فإنه يَجِب على البِ أن يُخرِج عنهم.
جبُ عليه مطلَقا. وقيلَ :ي ِ
والقولُ بِأنه يَجِب ف مالِهم إن كان لَهم مال قولٌ َقوِي جِدا ،أما إذا لَم يَكن لَهم مال فإنّ طائف ًة كبِ َي ًة مِن أه ِل العلم ذهَبتْ
إل أنه َيجِب عليه أن يُخرِجَ عن أولدِه الصّغار.
وكذلك اختلَفوا ف الني إذا كان ف بَطْنِ ُأمّه:
ذهب-بعضُ العلماء وهم-المهور العظم إل أنه ل يَجِب عليه أن يُخرِج عنه.
وذهب بعضُهم إل استحبابِ ذلك.
وذهب بعضُهم إل وجوبِ ذلك إذا كان قدْ بََلغَ ذلك الطفل مئةً وعشرِين يوما ..إذا أَتَم هذه الدّة ف بَطْنِ ُأمّه فإنه يَجِب
حبّون إذا بََلغَ هذه الدّة وإن عليه ،وهذا قو ٌل ضعِيفٌ جِدا ،والستحباب-أيضا-ل دَلي َل عليه ،وظا ِهرُ المْر أنم-أيضا-يَست ِ
كان بعضُهم يُطِلقُ الكلم فلعلّه ُيقَيّ ُد الطلقُ بِذلك.
جبُ عليه أن يُخرِج عن نفسِه وعن أولدِه الصّغار إذا كانوا ل يَملِكون شيئا مِن الال يَكفِي صةُ المْر أ ّن الرّجُل يَ ِ
فإذن خل َ
جبُ عليه عن عبدِه. لِزكاةِ الفطْر ..هذا الذي ذهبتْ إليه طائف ٌة كبِ َيةٌ مِن أه ِل العلْم وكذلك َي ِ
نعم اختلَفوا مَن هو الذي تَجِب عليه ؟ والذي ذهبتْ إليه طائف ٌة مِن أهلِ العلم إل أ ّن مَن مََلكَ شيئا وكان ذلك الشيءُ
ج الزكاة ول يُشترَط الغِنَى ،والرادُ بِالغِنَى ف عبارةِ بعضِهم هو هذا .. فاضِل عن حاجاتِه ِلَي ْومِ العِيدِ وليلتِه فإنه عليه أن يُخرِ َ
ك مِن الال مِقدَار ما يَكفِيه لِسَ ّد حاجتِه ذلك اليوم وما زادَ على ذلك مِن غْيرِ الاجاتِ الصِْليَة فإنه يُطاَلبُ بِأن يَكون يَمِل ُ
ج الزكاة. بِإخرا ِ
ج ذلك ؟ واختلَفوا إذا كان يَمِلكُ َأقَ ّل مِن صاع هل عليه أن يُخرِ َ
فبعضُهم ذهب إل أنه إذا كان يَملِك َأقَ ّل مِن صاع فل يَجِب عليه أن يُخرِجَ شيئا ،لنّ الزكاة هي صاع.
ب عليه ذلك ،وهو القو ُل الصحِيح ..يُخرِجُ ما عندَه ولو كان قلِيل. ج ُوبعضُهم ذهب إل أنه يَ ِ
ومثلُ هذه السألة ما جاء مِن اللف فيمَن وَجَ َد ماءً قلِيل هل عليه أن يَستعمِل ذلك الاء لِلوضوء وبعدَ ذلك يََتيَمّم أو أنه
يَعدِل إل التيمم مِن َأوّ ِل َوهْلَة أو أنه يَكَتفِي بِذلك الاء ول َتيَمّ َم عليه بعدَ ذلك ؟ والصحيح أنه يََت َوضّأ بِما لَدَيْه ث بعدَ ذلك
َيتَيَمّم.
223
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج صاعا ..يُخرِج صاعا مِن بُر أو مِن شعِي أو مِن زبِيب أو مِن تَمْر أو مِن جبُ على كلّ شخص أن يُخرِ َ أما القدار ،فإنه َي ِ
أَقِط أو مِن القوت الذي يَقتاتُ بِه الناس ،واختلَفوا هل يُخّيرُ ف هذه الشياء أو العْبرَة بِالشائِع الذائِع ف تلكَ البلد أو العبة
بِما يَستع ِملُه ذلك الشخص-وهل العبة بِما يَستع ِملُه ف ساِئرِ العام أو ف ش ْه ِر رمضان-أو بِما يُستعمَل ف يومِ العِيد ؟ ف
ذلك خلفٌ شهِي بيْن أهلِ العلم.
ث مُحتمِلو-على ك ّل حال-ما يُقتاتُ بِه ف تلك البلد-ولسيما ف يومِ العِيد-إذا أَ ْخرَجَه النسان فذلك يَكفِي ..الدي ُ
لِهذه المور ولكن عندَنا ف عُمان-مثل-وف كثِ ٍي مِن بلدِ الشرق الرْز هو الذي تَسَتعْمِلُه الغاِلبِية العُظمى مِن الناس فإذا
ج الشخصُ أرْزا فإنّ ذلك يَكفِيه ،خِلفا لِمَن مَنَ َع مِن الرْز لنه لَم يَ ْأتِ ف الصناف الت جاءتْ ف الديث ،وذلك لنّ أَ ْخرَ َ
الناس قد اختلَفوا هل على النسان أن يَقَتصِر على تلك الصناف الت جاءتْ ف الديث أو أنه يَجوز أن َيزِيد عليها غيها
مِمّا كان مشابِها لَها ..مِمّا تُخرج منه الزكاة ؟ ف ذلك خِلفٌ شهِي ،والظاهِر أنّ ما يُقتاتُ بِه ف البلد فهو الذي تُخرَجُ
منه زكا ُة الفطر ،فإذا كان أهلُ البلد ل يَستعمِلُون إل الرْز لِماذا يَعدِلُ النسان إل غْيرِ ذلك ؟! فالعْب َرةُ إذن بِالقوت الذي
صرَة عن هذه القضية بِمشيئةِ ال-تبارك وتعال-وتوفيقِه. يُقتَاتُ بِه ،وف السألةِ تفاصِي ُل مُتع ّددَة ،وما ذكرتُه كافٍ لِنبْ َذ ٍة مُخَت َ
ثانيا :وقت وجوبها
س :3هل يَجوز تعجيل زكاة الفطر خاصّة إذا كان يَصعب عليه أن َيجِد الفقير في وقت الخراج ؟ فإن قيل بِجواز
ذلك ،هل يُشترَط أن يَبقى متحرّيا حالة الفقير إلى حين صل ِة العِيد ؟ قد يَكون يَرِث أو يَنال مال فيَنتقِل مِن الفقر
إلى الغنى وهذا فيه عليه نوع مِن المشقّة.
ج :أو مِن الياة إل الوت ..على كل حال؛ العلماء ف هذه السألة بيْن مُرخّص ومضيّق ،والذي ذهبتْ إليه طائفة مِن
الح ّققِي مِن أهل العلم أنه يُمكِن التقدي بِمقدار يوم أو يومي ..الصل أن يُخرِج النسانُ زكاتَه بيْن طلوعِ الفجْر وصلةِ
ع الفجْر من يو ِم العِيد ولكن طائفة مِنالعِيد ..أي ليس له أن يُؤخّر إل أن يُصلّي العِيد وينبغي أن يُخرِج الزكاة بعدَ طلو ِ
صتْ ف التقدِي يوما أو يوميْن وقد جاء ذلك عن طائف ٍة مِن صحابةِ رسولِ ال صلى ال عليه وعلى الح ّققِي-كما قلتُ-رَ ّخ َ
آله وسلم.
فإذا قَ ّدمَ هذا الخ أو غَيه الزكاةَ َفلُْيقَ ّدمُوهَا كما َفعَلَ أصحابُ رسولِ ال ُ ..يقَدّموهَا يوما أو يوميْن أما ما عدا ذلك
فل يَنبغي التّرخّص بِتلك الرخص مَخافةَ الوقوع ف الحظور ،إذ إنّه ليس هنالك دليل يَدل على جواز إخراجِها قبلَ هذا
الوقت.
ومِن العلوم أنّ زكاةَ الفطر تُدفَع إل الفقراء والساكي ،وما دام المر كذلك فلبد مِن أن يَبقَى هذا الشخص فقيا إل
الوقتِ الذي يُشرَع فيه إخراجُ زكاةِ الفطر فلبد مِن أن يَبقى فقيا أو مسكينا وهُما يُطَلقَان بِمعن واحد ف مِثل هذه القضية
..لبد مِن أن يَكونَ فقيا إل ما بع َد طلوعِ الفجْر فإذا مات-مثل-أو أنه َح َدثَ له مالٌ بِوصيةٍ أو إرث أو هبة و َخرَجَ بِه
مِن حدّ الفقر إل ح ّد الغن فلبد مِن إعادةِ الزكاة إمّا بِاسترجاعِ ذلك الال ودَ ْفعِه لِغيِه مِن الفقراء أو بِإخراجِ زكاةٍ أخرى؛
وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
س :1هل يَجوز أن ُيقَدّم المسلم زكا َة ال ِفطْر قبل موعدها ؟ خاصة وأنه يراعي هذه اليام الفقراء نظرا لنهم
يريدون أن يَشتروا حاجات لبنائهم إذا كان يَتحصّلون عليها نقدا.
ج :إنّ تقدي زكاة الفِطْر على صلة العيد أمرٌ واجب ،ولعلّ السؤال عن تقدي زكاة الفِطْر عن طلوع فجر العيد.
224
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وأنا ذكرتُ بالمس 1ول بأس مِن إعادة ذلك-لحتمال أن يكون كث ٌي مِن الناس ل يَسمعوا ذلك ،وأعيده بِاختصار شديد-
فأقول:
إنّ زكاة الفِطْر واجبةٌ ،على قول جهور المّة ،وهو الرأي الصحيح ،الذي تد ّل عليه الدلة الثابتة عن النب صلى ال عليه
وعلى آله وسلم ،وما د ّل على خلف ذلك فهو إما ضعيف أو مُتََأوّلٌ إل ما يُوافِق الدلة الت أشرتُ إليها.
ع مِن الطعام
وهي صاعٌ مِن الطعام الذي يَستعمِله أهلُ تلك النطقة-الت يريد من يريد أن يُخرِج زكاة الفِطْر-فيها ..أي صا ٌ
الستعمَل بِتلك النطقة-والستعمَل عندنا ف عُمان أكث َر مِن غيه هو الرز-فمَن أراد أن يرج الزكاة فعليه أن يرج صاعا
مِن الطعام ..هذا الذي اتفَقت عليه المّة؛ واختلفوا ف إخراج القيمة:
أجاز ذلك بعض العلماء.
ومنع مِن ذلك بعضهم.
والحوط أن يُخرِج النسانُ نفسَه مِن خِلف العلماء ويأخذ بِالتفَق عليه.
-1عند الجواب على السؤال الثاني من حلقة 26رمضان 1422هـ ( 12ديسمبر 2001م ).
-2عند الجواب على السؤال الثاني من حلقة 26رمضان 1422هـ ( 12ديسمبر 2001م ).
225
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
والذي ذهبت إليه طائفة كبية مِن أهل العلم إل أنه ل بأس مِن تقدِيها ف ليل ِة العيد أو أن ُيقَدّمها-أيضا-
النسان يوما أو يومي ،ول يَنبغي أن ُيقَدّمها قبل ذلك.
وإن كانت طائفة مِن العلماء تُجيز تَقدِيها:
منهم من قال :ف العشر الواخر.
ومنهم من قال :ف النصف الثان.
ومنهم من قال :مِن بداية رمضان.
إل غي ذلك مِن القوال ،ولكن ل يَنبغي لحد أن ُيقَدّمها أكثر مِن يومي قبل يوم العيد؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :رجل أخذ بِالقول المشهور وهو إخراجُها بعدَ فجر العِيد ولكن أخرَجها فلم يَتمكّن مِن إيصالها إلى الفقير وإنما
ظلّت مَحجوز ًة في بيته وصلّى صلة العِيد ثم عاد إليها ؟
حقّها قب َل صلة العِيد.
ج :هي تكون بعد ذلك صدقة من الصدقات ،لنّ زكاة الفِطْر لبد مِن أن َتصِل إل مست ِ
ت صلة العيد ؟
س :5إذا أعطى أحدٌ غيرَه لِيَد َفعَ عنه فتَأخّر المعطى حتى صُلّيَ ْ
خرَجُ قبل صلة العيد ..لبد مِن أن يُؤدّي النسان الزكاة-وأعن با زكاة الفطر-قبل أن ج :الصل ف زكاة العيد أنّها ُت ْ
يُصلّي العيد وليس له أن يُؤخّرها بعدَ ذلك-فهذا الذي د ّل عليه الديث عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم،
وقول مَن قال بأنه يكن أن ُيؤَ ّخ َرهَا إل غروب الشمس مع كراهةِ ذلك فهو قول مرفوض ،لنه مصادِمٌ لِلحديثِ عن النب
-وهذا-طبعا-فيمَن كان ذاكِرا لذلك ،أما مَن كان ناسيا ول يَنتبِه إل إخراجِ الزكاة فانتبَه بعدَ أن صلّى العيد أو أنه
كَلّفَ غيَه ول َيقُم ذلك الغيُ بِإخراجِ هذه الزكاة إما لِنسيانٍ أو لهْمَالٍ أو لِغيِها مِن السباب أو أنه ل يَجِد الفقي أو ما
شابه ذلك مِن العذار فإنه عليه أن يَقوم بِإخراجها ولو بع َد صلةِ العيد ،ل ّن أمرَ الناسي واضِح ،ومَن شابِهه مِمّن ذكرناهم
أو ل نذكرهم مَحمولون على الناسي ،فالناسي والنائم إذا ل يَنتبِها لِلصلة ..النائم ل يَقم لِلصلة والناسي ل يَنتبِه لا فإنما
يَأتيان بِها عندما يَقوم النائم وعندما يَنتبِه الناسي ،وهكذا بِالنسبة إل زكا ِة الفطر فهو معذور بِمشيئة ال ولكن ذلك الذي
وُكّلَ بِذلك إذا كان مهمِل فعليه أن يَتوبَ إل ربّه وأن يَندَم على ما فرّط مِن أمرِه وأن يَثوبَ إل رُشْدِه قبلَ فواتِ الوان أما
إذا كان ناسيا فهو معذور بِمشيئة ال تبارك وتعال.
وهنا أمرٌ ُأ ِحبّ أن أُنبّه عليه وهو أنّ النسان يَنبغِي له عندما يَأمر أحدا بِإخراجِ الزكاةِ عنه-زكاة الفطر أو غيها مِن زكاة
ج أيّ شيءٍ مِمّا هو واجِب عليه أن يُوكّلَه إل مَن يرتضي دِينَه ..مَن يَثق بِه وليس له أن يُوكّل فلنا أو الموال-أو بِإخرا ِ
فلنا اللهم إل إذا تَثّبتَ بع َد ذلك مِن أنّ ذلك الواجِب قد َوصَلَ لِمَن هو له وهكذا بِالنسبة إل سائرِ الديون ..إذا أَرسَلَ
ت مِن أنّ ذلك الدّيْن أو ذلك الق الذي قد وَجب عليه بأيّ سبب مِن النسانُ مال عليه لِشخصٍ آخَر فلبد مِن أن يَتثب َ
السباب بِأنه قد َوصَلَ إل صاحبِه بل ذلك يَنبغِي حت ف حالة أن لو أرسل النسا ُن ذلك مع ثق ٍة مِن الثقات لحتمالِ
ض الشياءِ والقوق إل ض الناس بِأنم أرسلوا بع َ ض الناس ،وأَخبنِي بع ُ النسيان والذهول والغفلة ،وقد جرّبنا ذلك على بع ِ
غيِهم مِمّن هي له وَلقِيَهم ذلك الغي بع َد مدّة وسألم عن ذلك فقالوا بِأنم قد أرسلوه مِن نو عام ول َيصِل إليه والسبب
أنّ ذلك الشخص قد نسي ..هذا إذا أحسنّا بِه الظن ولبد مِن أن نُحسِن الظ ّن بِأهل الصلح ولكن إن كان مِن غيِ أهلِ
ت على النسانِ سواءً كانتْ الصلح فقد يَكون لِنسيا ٍن وقد يَكون لِغيِ ذلك ،فإذن لبد مِن التثبت ف هذه القوق الت وَجََب ْ
226
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
بِأمرٍ مِن عندِ ال-تبارك وتعال-أو بِقضا ِء دَيْن ولشك بِأ ّن قضاءَ الدّيْن-أيضا-بِأمرِ ال ولكن ذلك لختلفِ السباب ..
لبد مِن التثبّت بِوصولِ ذلك الق إل أصحابِه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :10يُخرِج زكاة الفطر لكنه لم َيجِد لها-مثل-في ذلك الوقت فقيرا أو كان مشغول ..أَحرزَها ثم صلى العيد
صحّ له ذلك ؟
وبعد ذلك أَخرجها ،أَيَ ِ
ج :على كل حال؛ أَختصِر الكلم ف هذه القضية ،وأقول:
قد قلتُ أكث َر مِن مرة :إنّ زكاة الفطر واجبة ..مِن الواجبات الت ل ينبغي لِلنسان أن يُفرّطَ فيها بِحال ،وهي تَجِب-على
الصحيح-حت على الفقي إذا كان يَجِد ما يَكفيه ويَكفي مَن يَقوم بِعولِه ف ذلك اليوم فإذا َوجَدَ ذلك ووَجَدَ مقدارا يَزيد
على ذلك فإ ّن عليه أن يُخرِج الزكاة ..هذا هو الصحيح.
ومقدارُ زكاةِ ال ِفطْر صاع مِن النواع الت َو َر َدتْ عن النب ول دليلَ-على الصحيح-لِمن قال :إ ّن بعضَها يُخرَج منه
ع مِن تلك النواع ،وقلنا:1 ف صاع ،على حسب التفصيل الذي ذكروه ..الصوابُ أنّها صاع مِن أيّ نو ٍ صاع وبعضها نص ُ
إنه-على الصحيح-يُحمَل عليها ما كان مشابِها كالرز ف هذه البلدان الشرِقية.
الفطرة تُخرَج ف الصل بع َد صلةِ الفجر وقب َل صلةِ العيد ..هذا هو الصل ولكن يَجوز أن تُقدّم لِيوم أو يومي ،كما كان
الصحابة-رضي ال تعال عنهم-يَفعلون ،والظاهِر أنم قد أخذوا ذلك عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-
فمَن كان يَخشى ألّ يَستطيع أن يَقوم بِإخراجِها قبل صلةِ العيد وبعدَ طلوع الفجر ..الصل-كما قلنا-بعدَ طلوعِ الفجر
..مَن ل يَستطيع ف هذا الوقت بيْن طلوع الفجر وصلةِ العيد إذا كان يَعرِف مِن نفسِه ذلك فليَقم بِإخراجِها قبلَ العيد بِيومٍ
أو يومي لكن لو قَ ّدرْنا أ ّن هنالك إنسانا كان يَظنّ أنه يَتمكّن مِن إخراجها قبل يوم العيد ث مثل أخذ زكاته إل الفقي ودقّ
عليه الباب ثلث مرات ول يستجب له أحد-والدقّ يكون ثلث مرات ل على حسب ما يَصنعه كثي مِن الناس ولسيما ف
هذه اليام يَدقون الرس عدّة مرات يُؤذُون الخَرين فهذا على كل حال مالِف لِكتاب ال ولسنّة رسوله -فإذا كان لَم
يَفتح له أحد ول يَعرِف أحدا مِن الفقراء ف تلك النطقة فليَقم بِعزلِها وهو معذور بِمشيئة ال-تبارك وتعال-ف ذلك ،أما إذا
كان يستطيع أن يَقوم بإيصالا إل الفقراء ولكن-مثل-يترك ذلك لِسبب أو لخر مع قدرتِه على ذلك فذلك مِمّا ل َيصِحّ
له.
س :6لم يَعلَم عن زكا ِة الفطْر مِن قبل ولم يُؤدّها مِن قبل ،هل يَلزمه قضاء ؟
ج :أما مِن حيثُ اللزام فل أقوى عليه ولكن مِن حيثُ الحتياط والسلمة فإن تَصدّق بِذلك فذلك فيه خْيرٌ بِمشيئ ِة ال
تبارك وتعال ،لنّ الزكاةَ الص ُل تُؤدّى قب َل صلةِ العيد وبعدَ ذلك هي صدقة مِن الصدقات اللهم إل إذا كان َترَكَ ذلك
لِذهولٍ أو نسيان أو ل َيجِد مَن يُوصِل ذلك الق إليه لِكونِهم ف مكانٍ بعيد مثل أو ما شابه ذلك فلبد مِن أن يُوصِلَ هذا
الق بعدَ ذلك إل أصحابِه ،أما هؤلء الذين َفرّطُوا فعليهم أن يَتوبوا إل ال-تبارك وتعال-وإن َأدّوا هذا القدار الذي كان
ع السنة السيئة فعلى رأيِ مَن يَقولعليهم أن يُؤدّوه مِن قبل ففي ذلك خيْر بِمشيئة ال-تبارك وتعال-وهو مِن إتْبا ِ
بِالقضاء-وهو قولٌ ل يَقل بِه الكثر-فذلك واضِح وعلى رأيِ الَكثرِين هو ليس مِن بابِ القضاء ولكن مِن بابِ التصدّق
-1عند الجواب على السؤال 4مِن حلقة 26رمضان 1425هـ ( يوافقه 10نوفمبر 2004م ) وعند الجواب على السؤال
2مِن حلقة 27رمضان 1425هـ ( يوافقه 11نوفمبر 2004م ).
227
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وقد يُحمَل الاهِل على الناسِي فيَكون عليه ذلك ،والاصِل مِن حيثُ الوجوب ل أقوى عليه ولكن ف إخراجِ ذلك خْيرٌ
ولكن التوبة لبد منها؛ وال أعلم.
-2عند الجواب على السؤال 8مِن حلقة 25رمضان 1425هـ ( يوافقه 9نوفمبر 2004م ).
228
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
1
س :6ما حكم إخراجِ الزكاة بِالقمحِ المطحون ؟
ج :حقيقة؛ ل نرى مانعا ما دام ل يَتأثّر بِذلك ..نعم هو عندما يَكون مطحونا وتَطول الدّة قد يَتأثّر بِالدّود وما شابه ذلك
ستَخ َدمُ ف اليامِ الول فما دام المر كذلك فل مانع إن شاء ال تبارك وتعال. ولكن الصل أنه يُ ْ
ج القيمة بَدَل مِن هذه النواع التي َذكَرْ ُتمُوها [ ص ] 6-5
س :5هناك سؤال يَ َتكَرّ ُر دائما ..عن إِخرا ِ
على اعتبار أنّه المقصُود بِها إِغْنَاء الفقِير في ذلك اليوم ،فهل َتقُو ُم القيمة مقام هذه النواع ؟
ف موجودٌ فيها:
ج :على ك ّل حال؛ هذه السألة ل تَخلُو مِن اللف ..الل ُ
ض العلماء ل يُجِيز إِ ْخرَاج القيمة على الطلق.
بع ُ
ومنهم مَن يُجِيز ذلك على الطلق.
229
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1عند الجواب على السؤال 4مِن حلقة 26رمضان 1425هـ ( يوافقه 10نوفمبر 2004م ).
-2عند الجواب على السؤال 4مِن حلقة 26رمضان 1425هـ ( يوافقه 10نوفمبر 2004م ).
-3عند الجواب على السؤال 4مِن حلقة 26رمضان 1425هـ ( يوافقه 10نوفمبر 2004م ).
-4قال الشيخ " :الحبوب " بدل مِن " الذهب والفضة " والظاهر أنه سبق لسان.
230
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
والفضة ،فل نقوى على الكم بِتَأثيم مَن َفعَ َل شيئا مِن ذلك ولكننا نَقول إنّ زكاة الفطر واجبة بِنصّ السنّة الصحيحة الثابتة
عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وينبغي لِلنسان أن يَخرُج مِن الواجِب بِاليقي فإذا َدفَعَ شيئا مِن هذه البوب فهو
ج مِن هذا التكليف وإذا دَفَعَ القيمة فهو على َأمْر مُحَْتمِل فلماذا ل يَخرُج النسان بِاليقي الواضِح اللي الذي ل قد َخرَ َ
غموض فيه ول شبهة ؟! أما إذا تَعذّر ذلك أو كان قريبا مِن الـمَُتعَذّر بِأن لَم يَجِد أحدا 1يَقبَل منه ذلك فلِلضرورة
أحكامها الاصّة ففي هذه الالة يُمكِن أن يَدفَع القيمة.
وبِالنسبة إل الاضي فل شي َء عليه-بِمشيئة ال تبارك وتعال-لنه َأخَذَ بِقو ٍل مِن أقوالِ أهلِ العلم أو أنه على أقل تقدير
صادف قول مِن أقوال أهل العلم إن كان ل يَعلَم بِذلك ،أما ف الستقبل فالسْلم والحْوط لَه ولِغيه أن يَدفَعوا شيئا مِن
البوب الوارِدة ف السنّة عن النب أو ما كان مشابِها لَها ف معناها مِما يَكثُر استعمالُه ف تلك البلد؛ وال-تبارك
وتعال-ول التوفيق.
ج القيمة نظرا لنهم يَروْن أنّ مصلحة الفقير في هذا الوقت حاجته
س :وإن كان الناس يَتشجّعون لخرا ِ
إلى النقد ؟
ج :لكن هنالك عبادة ..على النسان أن يَلتزِم بِهذه العبادة وبعدَ ذلك إن شاء أن يَتبّع بِزيادة فذلك فيه خْيرٌ كثي بِمشيئة
ال-تبارك وتعال-أما الواجبات فعلى النسان أن يَلتزِم بِها على حسب ما جاءتْ.
س :4اللحوم بِأنواعها ،هل تُعتبَر مِن غالِب ما يُقتات فيَصحّ إخراجُها زكاة لِلفِطر ؟
ج :ف القيقة؛ هذه السألة تَحتاج إل شي ٍء مِن النظر والتمحيص ،والعلماءُ ف هذه القضايا بيْن مُرخّص ومُشدّد ..
-1بيْن مَن يَقول بِأنه لبد مِن إخراجِ شي ٍء مِن أنواع البوب-2 ،بل بعضُهم يَقتصِر على ما جاء ف الروايةِ عن النب ،
-3وبعضُهم يَحمِل عليها ما ف معناها-4 ،ومنهم مَن يَترخّص فيما هو أبع ُد مِن ذلك ،فعلى رأيِ الـمُر ّخصِي يُمكِن
ذلك ،ولكن على رأي مَن يَقول " :إنه لبد مِن التزامِ النصّ الثابت عن النب وف ما جاء ف معناه مِمّا يُمكِن أن يُحمَل
عليه " فإنه ل ُيجِيز ذلك ،وأرى-حت نَتأمّلَ ف هذه القضية تأمل واضِحا-أن يُقتصَر على تلك النواع الت جاءتْ عن النب
وما هو ف معناها كالبوب مثل اللهم إل ف بعضِ البلد الت ل يُوجَد فيها ذلك وذلك مِن أندر النادرات فالُرز مثل
وإن كان ل يَأتِ ف الديثِ عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ولكن لبد مِن أن يُحمَل على ذلك لنه هو القوتُ
الغالِب ف بلدنا وكث ٍي مِن البلدان الشابِهة لَها أما ما عدا ذلك فحت نَتأمّلَ ف ذلك ل نَقوى على التّرخِيص وإن َتوَسّعَ
بعضُ أه ِل العلم ف بعضِ المورِ الخرى وأقول :السألة مُحْتاجَة إل شيءٍ مِن النظر-كما قلتُ سابِقا-وسنَن ُظرُ فيها قريبا
بِمشيئةِ ال-تبارك وتعال-لنّ الاجة تَدعو إليها ولكن حت ذلك أرى القتصار على تلك النواع وما جاء ف معناها حت
ج النسان مِن عُهدةِ التكليف بِأ ْمرٍ واضِ ٍح جلِي ل يَحتمِل احتمال آخَر ل ّن الزكاةَ واجِبة ولبد مِن أن يُؤدّيَ هذا
يَخرُ َ
الواجِب على أ ْمرٍ ل يَحتمِل الشك؛ وال أعلم.
-1قال الشيخ " :يقل أحد " بدل مِن " يجد أحدا " والظاهر أنه سبق لسان.
- 2وفي سؤال مشابه نصه :
231
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :هل هي تَجب على الفقير والغني أم على الغني فقط ؟ وما هو تَعريفه ؟
ج :لِلعلماء في ذلك خلف كثير ..على مَن تجب ؟ هل تَجب على الغني فقط أو أنها تَجب أيضا على الفقير ؟ بِشرْط أن
يَكون عنده شيـء مِن المال يَسُـ ّد حاجتَه فـي ذلك اليوم وفـي تلك اليام التـي يَحتاج فيهـا إلى المال ،إذ ل يُمكـن أن يُقال إنـه
ُيشْرَعُـ فـي حقّهـ أن يُخرِج الزكاة ثـم يَجلس بعـد ذلك-فـي ذلك اليوم أو فـي اليام القليلة التـي بعده-يَتضَ ّو ُر جوعـا هـو
ومَن َيعُولُه ،بل المرا ُد بِالفقير الذي تَلزمه الزكاة-على رأي مَن يقول بذلك-هو مَن يَملك شيئا مِن المال يَكفي لِحاجته
وحاجة من َيعُولُه ،وهذا رأي حسن وفيه احتياط؛ وال أعلم.
س :11فقيرة ،هل تَلزَمها زكاة الفطر ؟
ج :قلنا :لِلعلماءِ خلفٌ في وجوبِ الزكاة على الفقير إذا كان َيجِ ُد ما َيسُ ّد حاجتَه في ذلك اليوم:
ض العلماء قال :هي َتجِب على ال َغنِي ول َتجِب على الفقير ،ومعروف الفرْق بيْن الغني والفقير. -1بع ُ
سدّ حاجتَه في ذلك اليوم فل َتجِب عليه الزكاة أما الفقير الذي َيجِد ما َيسُدّ ض العلماء قال :الفقير الذي ل َيجِد ما َي ُ
-2وبع ُ
خرِج الزكاة؛ وهذا هو القرب إلى الصواب. حاجتَه في ذلك اليوم ولديْه زيادة مِن الـمَال فعليه أن ُي ْ
-1سقط مِن كلم الشيخ " :ل " ،وهو سهو منه تبيّن بِما أورده بعد.
232
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :ل ،ل تَجب ،لنّما يَجب على النسان أن يُخرِج عن العبْد ,وهذه ليست ِبعَبْ َد ٍة مَمْلوكَة وإنا تَعمل عنده بِ ُمرَتّب؛ وال
أعلم.
س :بالنسبة للزوجة أيضا ؟
ج :ف الزوجة خِلف:
ذهبت طائفة مِن العلماء إل أنّ على الزوجة أن تُخرِج عن نفسها إذا كانت تَملِك مال.
وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنّ على الزوج أن يُخرِج عنها.
وف كلّ خ ٌي بِمشيئة ال تبارك وتعال.
واستحبّ بعض العلماء الحتياطَ بِأن يُخرِج الزوج عنها وتُخرِج هي عن نفسها؛ ولك ّن هذا ل يَخرُج عن الحتياط ،إذ ل
يُمكن أن نقول بِوجوب الزكاة عنها مرتي ،فإن أخرَ َجتْ عن نفسها فل حرج ،وإن أَخرَج عنها الزوج-على القول الخر-
فل حرج بشيئة ال تبارك وتعال.
س :1هل يُخرِج المسافِر زكاةَ الفطر في سفرِه أو يَ ْأمُر بِإخراجِها في وطنِه ؟
ج :إنه مِمّا ل يَخفى-إن شاء ال تبارك وتعال-أنّ زكاةَ الفطر فريضة كما جاء ذلك ف الديثِ الثابت عن النب-صلى ال
عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فعليه ل يَجوز لحدٍ أن يتهاون بِها ،وهي واجب ٌة على السافِر كما أنّها واجبة على مَن كان
ف وطنِه ،والسافِر إن كان َيجِد ف سفرِه من يَدفَع إليه زكاة الفطر فإنه يؤمر بإخراجها ف سفره وذلك لنا ُمعَلّقة به وهو
ف ذلك الوقت ف السفر وهكذا بالنسبة إل الضاحي فإن السافر ُيضَحّي ف الوضع الذي هو فيه أما إذا كان ل يَجد أحدا
ف سفره يدفع إليه الزكاة بأن كان ف مكان ل يوجد فيه أحد من الفقراء أو كان ل يعرف هو ف ذلك الكان أحدا من
الفقراء ول يَجد أحدا من يثق به حت يستعي به على معرفة الفقراء الوجودين ف تلك النطقة أو ما هو قريب منها من
الناطق فإنه ف هذه الالة ُيوَكّل غيه مِمن يثق به من أهل بلده لن يدفعها ف بلده وهو معذور-إن شاء ال تبارك وتعال-ف
ذلك؛ وال أعلم.
ع ْولَ السرة بِأكملها بِما فيهم ولدَه وزوجتَه ،في هذه الحالة مَن الذي
س :3مَن تزوّج في بيت أبيه ويَتولّى الب َ
يُخرِج زكاةَ ال ِفطْر ؟
ج :أما إذا كان هذا الولد يَملِك مال فإ ّن عليه أن يُخرِج عنه وعن زوجتِه وعن أولدِه ،وذهبت طائفة مِن العلماء إل أ ّن
الزوجةَ تُخرِج عن نفسها كما ذكرتُ [ ص ،] 3وبالتال هو الذي يَلزَمه أن يُخرِج عن نفسِه وعن أولدِه وعن زوجِه على
رأي مَن يقول " :إنّ الزوج يُخرِج عن زوجه "؛ وال أعلم.
س :3أَرمَلَة عندَها مجموعة مِن الطفال ل عا ِئلَ لَهم سِواها ،هل تُخرِج عنهم زكا َة ال ِفطْر ؟
ج :اختلَف العلماء ف الم هل عليها أن تُخرِج عن أطفالِها إذا كانتْ َتقُوم بِعولِهم وليس هنالك لَهم عائِل أو ل ؟
جبُ عليها لنا َتعُولَهم ف سائرِ اليام وهذا داخِ ٌل ف جلةِ ال َعوْل. مِن العلماء مَن ذهب إل أنه يَ ِ
جبُ على الم. ض العلماء إل أنه ل يَ ِ
وذهب بع ُ
وهذا كلّه إذا كان أولئك الطفال ل يَملِكون ما يُخرِجون بِه ما َيجِب مِن زكاةِ الفطْر ،أما إذا كانوا يَملِكون شيئا فتُخرِج
على رأيِ طائف ٍة مِن أهل العلم ذلك مِن مالِهم ،وهذا هو العروف ف الذهب بِأنا تُخرَج-أعن زكا َة الفطْر-مِن أموالِ اليتام
233
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
كساِئرِ الزكاة ،وإن كان بعضُ العلماء يَقول بِعدمِ وجوبِ ذلك ف مالِهم لنم مرفوعٌ عنهم قَلَ ُم التكلِيف لك ّن كثرةً
كاِثرَة مِن أهلِ العلم تُفرّق بيْن الال وغيِه فيُوجِبون الزكاة ويُوجِبون-أيضا-زكاةَ الفطْر ف ما ِل الطفل ،فإذا كان
لديْهم مال فعلى رأيِ كثِ ِيٍ مِن أهلِ العلم تُخرِج مِن مالِهم ،أما إذا لَم يَكن لديْهم مال فعلى اللفِ بيْن أهلِ العلم ..إن
أَ ْخرَ َجتْ فذلك َحسَن أما الياب فالقولُ بِه فيه شي ٌء مِن الصعوبة وإن احتاطتْ وأَ ْخرَ َجتْ ذلك وكان ل يَشُ ّق عليها فذلك
حَسَن.
خامسا :لمن تخرج ؟
س :6تَحدّثْتُم [ ص ] 5عن الفقير الذي َتجِب عليه الزكاة أو ل َتجِب ،نُرِي ُد منكم أن تُحدّثُونا الن عن الفقِير الذي
تُدفَ ُع إليه الزكاة على اعتبار أنّ عددا مِن الناس قد يَكون لد ْيهِم راتب محترم لكن عَدَد الذين َيعُولُونَهم كثِيرُون أو
1
ل يَس َتطِيعُون أن يُوفوا مُتطلّبَات الحياة ،فهل هؤلء ُفقَراء ؟
ج :على ك ّل حال؛ زكا ُة الفطْر:
صرَفُ إليه زكاةُ الال-وهم الصنافُ الثمانية الذين حَ ّددَْتهُم اليةُ القرآنية-2بل صرَف إل مَن ُت ْ ض العلماء ذهب إل أنا ُت ْ بع ُ
منهم مَن َأ ْو َجبَ أن ُتقْسَمَ بيْن تلك الصناف.
ومِن العلماء مَن ذهب إل أنا تُدفَع إل ال ُفقَراءِ والساكِي فقط؛ وهذا هو القولُ الصحِيح ،ومعن ذلك أنا ل يَجُوز دَفعُها
إل إل ال ُفقَراءِ والساكِي.
وبعضُ الناس َيظُنّون أنّ ال َفقِي أو السكِي مَن ل يَجِد شيئا ،وال ْمرُ بِع ْكسِ ذلك ..مَن كان ما لديْه ل يَكفِيه لِسَدّ حاجتِه
وحاج ِة مَن َيقُومُ ِب َعوْلِه فلَه أن يَأخُ َذ مِن الزكاة وتُ ْدفَع إليه سواء كانتْ هذه الزكاة زكاةَ مال أو كانتْ زكا َة فطْر ،ول يُضيّقُ
على الناس.
ومنهم مَن قال :مَن ل يَجِدُ قوتَ سََنتِه.
ومنهم مَن قال بِخلفِ ذلك.
فشخص-مثل-يََتقَاضَى مُرتّبا يُسَاوِي مئ َة رِيال ولكنّ ذلك ل يَكفِيه لِسَ ّد حاجتِه تُدفَع لَه الزكاة ،بل شخص لَ َديْه ُأ ْسرَة
كبِيَة يَحصُل على ثلثائة رِيال-مثل-أو أَكثَر وذلك ل يَكفِيه لِسَ ّد حاجتِه تُدفَع لَه الزكاة ..ذلك يَختلِف بِاختلفِ الناس
وبِاختلفِ أحوال مَن َيعُولُون وف َأيّ من ِطقَ ٍة مِن الناطِق-مثل-وما يَحتاجُون إليه ..إذن العبةُ هل يَكفِيهِم ما لَدَْيهِم ِلسَدّ
234
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
حاجتِهم وحاج ِة مَن َيعُولُونَه أو ل ..ال ْمرُ ل يَضيق ،وإنا السبَب الذي يُ ْلجِئ كثِيا مِن الناس إل السؤال عن هذه السألة
شكَال وأنم ل يَجِدُون ُفقَراء هو ظَّنهُم أنّ الفقِي مَن ل يَملِك شيئا وهكذا بِالنسبةِ إل الساكِي ..ال-تعال- وإل السْتِ ْ
[ سورة الكهف ،من الية .. ] 79 :هم يَملِكُون سفِينَة ولكن ذلك ل ي ...
سفِيَنةُ فَكَاَنتْ ِلمَسَا ِك َ
َأمّا ال ّ يَقول:
يَكفِيهِم
ي مَقصورَة على الفقراء والمساكين أو أنّها تُعطى في مصارِفِ زكا ِة المال ؟
س :هل ه َ
ج :ل ،هي تُدفَع إل الفقراء والساكي.
ومَن قال بِخلفِ ذلك فقولُه مُخالِفٌ لِلحديث الثابت عن النب ..الزكاةُ العروفة تُدفَعُ إل الصنافِ الثمانية وأما
بِالنسبةِ إل زكا ِة الفِطْر فل تُدفَعُ إل إل الصنفيْن الذكورَيْن ف الديثِ عن النب .
رس :4زكا ُة ال ِفطْر ،هل تُعطى لِشخصٍ واحد ؟
ص واحد إذا كان ل يَخرُج بِذلك عن حدّ الفقر إل حدّ الغن ولكن إذا كانت هنالك جاع ٌة ج :نعم يَجوز أن تُعطى لِشخ ٍ
تَحتاج إل الزكاة فل يَنبغي أن ُيعْطِيَ هذا النسان زكاتَه لِشخصٍ واحد وَيْترُكَ البقية الباقية أما إذا كان بعضُ الناس ُيعْطِي
هذه الجموعة والبقية الخرى ُتعْطِي الجموعة الخرى-وما شابه ذلك-فل حرج ولو أعطاها لِشخصٍ واحد إذا كان ل
يَخرُج-كما قلتُ-عن حدّ الفقر إل ح ّد الغن.
س :11هل يُمكِن أن تُدفَع إلى أسرة واحدة أم لبد مِن حساب عدد أفرادها ؟
ج :إذا كانت تلك السرة ل تَخرج بذلك مِن حدّ الفقر إل الغن فل مانع مِن ذلك ..هذه ليست كالكفارات ..
الكفاراتُ لبد فيها مِن العَدَد ..الرسلة تُدفَع إل عشرة ،والغلظة إل سِتّي ،ول يُمكِن أن تُدفَع الرسلة إل َأقَ ّل مِن عشرة
ول إل أكثر مِن عشرة ،والغلظة ل يكن أن تُدفَع إل أقل مِن سِتّي ول إل أكثر مِن ستي ..زكاةُ الفطر يكن أن تَدفع
جاعة لِشخصٍ أو لِبيتٍ واحد كما أنه يكن النسان أن يُفرّقَ الصاع الواحد على شخصي ..هذه ل تُحَد ،وإنا الدّ ف
ت واحد وهنالك ذلك أ ّل يَخرُج ذلك الشخص مِن ح ّد الفقر إل الغن ..نعم ل يكن لماعةٍ كبية مِن الناس تَدفَع إل بي ٍ
ض ّورُ أصحابُها جوعا ..لبد مِن النظر ف هذه القضية ،وهذا والمد ل-تبارك وتعال-يَسِي؛ وال-تبارك بقيةُ البيوت يَت َ
وتعال-ول التوفيق.
و-قبل أن أُْنهِيَ الواب-أُريد أن أَُنبّه إل أنّ زكاةَ الفطر تُدفَع إل الفقراء والساكي ،ول يَجوز دفعُها إل الغنياء.
فما نُشاهِده مِن كث ٍي مِن الناس يَقومون بِتوزيعِها على طائفةٍ كبية مِن الناس مِن أهلِ البلد مِن غيِ أن يُفرّقوا بيْن غن وفقي
هذا ل َيصِح أبدا؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
235
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
آخَر ولكن-طبعا-هم موجودون فل داعي إل الكلم بِأنم إذا ل يُوجَدوا تُدفَع إل أهلِ ال ّذمّة فما داموا موجودِين فلتُدفَع
إل فقراءِ السلِمي ول يُجزِي أن تُدفَع إل غيِهم.
أما بِالنسبةِ إل الوالدَيْن:
-1فبعضُ العلماء يُشدّد ف دف ِع الزكاة إليهما سواءً كانت هذه الزكاة زكاةَ أموال أو كانت زكاةَ الفِطر.
ض العلماء يَقول :إن كان هذا الشخص ل يَجِب عليه أن يَعولَ والديه فإنه له أن يَدفَعَ إليهما الزكاة وأما إذا كان -2وبع ُ
يَجِب عليه أن يَقوم بِعولِهما فل َيصِحّ له ذلك ،وبقي مت يَجِب عليه ؟ هل إذا حُكِم عليه بذلك أو أنه إذا كان ليس معهما
ما يَكفي لِسَ ّد حاجتِهما ولو ل يُحكَم عليه بِذلك ؟ وهذا هو الصحيح عندي ولكن بِشرط أأأقغأن يَكون واجِدا لِما يَسدّ
حاجتَه ويَس ّد حاج َة والِديْه أما إذا كان هو فقيا ل يَجِد إل ما يَكفِيه لِسدّ حاجتِه فإنه ل َيجِب عليه ف هذه الالة أن يُنفِق
ت عليه الزكاة مثل فإنه يَدفَع ذلك إليهما أو إل أحدها. على والِديْه لِعدم وجودِ ذلك وعليه لو وَجََب ْ
ض العلماء يَقول :إن كانتْ هذه الزكاة فيما يَتعلّق بِما ها متاجان إليه أمسّ الاجة كالطعام واللباس فل يَجوز له -3وبع ُ
ض المور الت ل َيجِب عليه أن يَدفَع إليهما الزكاة لنّ هذا أمرٌ واجب عليه إذا كان يَستطِيع على ذلك أما إذا كان ف بع ِ
ذلك كأن تَكونَ عليهما ديون بِسبب غ ِي النفقة أو ما شابه ذلك فإنه يَجوز له ذلك؛ ول شك بأ ّن هذا صحيحٌ ل غبارَ عليه
ففي حقيق ِة الال إذا َدفَعَ زكاتَه إل غيِ والِديْه وإذا كانا يَحتاجان إل شيءٍ مِن الساعدة قام بِمساعدتِهما وعونِهما فذلك
هو الطلوب لنّ هذا-أعن الطعام الذي يَدفَعه إليهما ف زكاةِ الفطرة-ل يَستخدِمانِه ف الغالِب إل لِلكل وليس لمرٍ آخَر
فهو مِن بابِ النفقة الت تَجِب عليه-ف حقيقة الواقع-أن لو وجد 1ذلك فالسْلم ف مثلِ هذه المور أن يَحتاط النسان لمر
دِينِه لنّ هذا المر واجِب عليه ولبد مِن أن يَخرُج مِن الواجِب بأمرٍ واضِح ل غبارَ عليه
-1قال الشيخ " لم َيجِد " بدل مِن " وجد " والظاهر أنه سبق لسان.
236
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :ف القيقة؛ لِلعلماء كلمٌ طويل عريض حول هذه القضية ،والصلُ أنّ كلّ شخصٍ يُخَا َطبُ بِالزكاة بِنفسِه بِاستثناء العبد
فإ ّن سيّدَه هو الذي يُخرِج عنه زكاةَ الفطر ..هذا هو القول الصحيح ،كما تَدلّ لَه الروايةُ الصحيحة ف " صحيح مسلم "
خلفا لِمَن َذ َهبَ أ ّن السيد يُؤمَر بِإعطاءِ عبدِه وقتا يَعمَل فيه مِن أجْل أن يَحصُلَ على مقدا ٍر مِن الال يَشترِي بِه شيئا مِن
حصّلَ الال مِن أجْلِ أن يَدفَع البوب الت تُخرَج بِه الزكاة فهذا القول فيه ما فيه ،لنّ معناه أنه يَجِب على النسان أن يُ َ
الزكاة وهذا مُخالِف لِلقواعد العروفة ،أما بِالنسبة إل كلّ فر ٍد مِن الفراد الصلُ أن يَنوِي هو نفسُه وهو مُخا َطبٌ بِذلك
ولكن ذهبتْ طائفة مِن أهل العلم إل أ ّن النسانَ يُؤ َمرُ بِإخراجِ الزكا ِة عنه وعمّن يَعولُه كالولدِ الذين يَجِب عليه عولُهم
وهكذا بِالنسبةِ إل أصولِه مِن الباء والجداد ،فعلى هذا أنه يَجِب عليه أن يُخرِج عنهم ..هو الخاطَب بِذلك وإذن هو
الذي يَنوِي ذلك ..نعم إذا أخبَهم بِذلك وَن َووْا ذلك فذلك حسنٌ جدا ،أما الذين ل يَجِب عليه عولُهم فالظاهِر أنه إذا أراد
أن يَدفَع عنهم غيُهم لبد مِن أن يَقوموا بِالنية على أنّ ذلك زكاة عنهم ..هذا الذي يَظهر لِي؛ والعلم عند ال.
والوّلُ هو الشهور.
فهذا هو وقتُ الوجوب ،وعليه:
جبُ بِمُج ّر ِد غروبِ الشمس " ي مَن يَقول " :إنا تَ ِمَن ُولِدَ لَه-مثل-مولودٌ بع َد غروبِ شسِ آ ِخرِ يومٍ مِن رمضان :على رأ ِ
ج عنه الزكاة " بِخلف رأيِ مَن يَقول " :إنا بِطلوعِ الفجر." 1 يَقولَ " :غرَبَت الشمس وهذا ليس عليه أن يُخرِ َ
وهكذا مَن ماتَ لَه ميّت يَعولُه-على رأيِ يَقول بِذلك مطلَقا ،أو ف بعضِ الحوال-يُفرّق بيْن القوليْن.
ي مَنجبُ نفقتُها ..هل بِمج ّردِ العقْدِ أو إذا زُّفتْ إليه ؟ وهذا على رأ ِ وهكذا لَو َت َزوّجَ امرأ ًة على حسبِ الِلف مت َت ِ
خرِج الزكاة عن زوجتِه ". َيقُول " :إنّ الرّجُل يُ ْ
وهكذا لَو مََلكَ عبْدا أو َأعْتَقَ عبْدا أو باعَه.
سبِ هذا اللف. وهكذا ف كثِ ٍي مِن القضايا الت لَها علقَ ٌة ِبهَذه السألة على ح ْ
ف طوِي ٌل عرِيضٌ ف ذلك ..الوقتُ الّتفَق عليه-قبلَ كلّ شيء-هو ج الزكاة-أعن زكاةَ الفطْر-فلِلعلماءِ خل ٌ أما وقتُ إِخرا ِ
ع الفجْر مِن يو ِم العِيد إل صلةِ العِيد ..إذا أَ ْخرَجَها ف هذا الوقت فقَد َأدّى زكاةَ الفطْر بِاتّفاقِ العلماءِ قاطِبة ،أما بعدَ طلو ِ
إذا َأدّاها قبلَ ذلك أو أَ ّخرَها عن ذلك فلِلعلماءِ خلفٌ هل يُجزِيه ذلك أو ل ؟
ي يو ٍم مِن شهرِ رمضان البارَك فيُجزِيه ذلك. منهم مَن قال :يُجزِيه إذا َأ ْخرَجَها ف رمضان مِن أوّ ِل يوم ..إذا أَ ْخرَجَها ف أ ّ
ومنهم مَن قال :إذا أَ ْخرَجَها بع َد منتصَفِ الشهر فيُجزِيه ذلك.
شرِ الواخِر يُجزِيه ذلك. ومنهم مَن قال :إذا أَ ْخرَجَها ف العَ ْ
ومنهم مَن قال :إذا أَ ْخرَجَها قب َل ثلث ِة أيا ٍم مِن يومِ العِيد فيُجزِيه ذلك.
ومنهم مَن قال :يَجوزُ تقدِيُ زكاة الفطْر يوما أو يوميْن ،وهل هذا لِلتخيِي أو لِلتنوِيع ؟ ..ما معن ذلك ؟! لِلتخيي أن يُخيّر
الشخص أن يُق ّدمَها يوما أو يوميْن ،أما لِلتنوِيع فذلك بِاعتبا ِر الشهر ..قد يَكونُ شهرُ رمضان تسعةً وعشرين يوما وقد
يَكو ُن ثلثي يوما فإذا كان ثلثي يوما فمعن ذلك أنه قَ ّدمَها يوما وإذا كان تسعة وعشرين َفقَ ّدمَها يوميْن.
ب شسِ آ ِخرِ يو ٍم مِن شه ِر رمضان. وبعضُهم ُيجِيزُ إخراجَها بع َد غرو ِ
ومنهم مَن ل يُجِيزُ ذلك إل ف وقتِها الشرعِي الذي ذَ َكرْناه ..الـمُّتفَق عليه ،وهو فيما بيْن طلوعِ الفجْر إل صلةِ العِيد.
أما التأخي:
فمنهم مَن يُجِيز ف ذلك اليوم.
ومنهم مَن يُجِيز حت فيما بعد:
منهم مَن حَ ّددَه بِآ ِخرِ شهرِ شوال.
ومنهم ِبعِيدِ الضحى.
ومنهم مَن أجازه مطلَقا.
وكثي مِن هذه القاوِيل باطِلَة عاطِلَة منابِ َذةٌ لِلحاديثِ الصحِيحة ومنابِذَة لِكث ٍي مِن الدِلّة الخرى الت تُؤخَذ منها السائل
الشرعِية الت مِن ضمنِها هذه السألَة.
-1قال الشيخ " :الشمس " بدل مِن " الفجر " والظاهر أنه سبق لسان.
238
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
جرِ يومِ العِيد إل صلةِ العِيد ..أي ف هذا الوقت فذلك هو ال ْسلَم عف ْول شك أنّ مَن استطاع أن َيقُومَ بِإخراجِها بعدَ طلو ِ
لَه ف دِينِه وال ْحوَط لَه ،ومَن شَ ّق عليه ذلك ..إذا كان ل يَجِدُ فقراء ف ذلك الوقت بِأن كانوا ف مكانٍ بعِيد عنه فإذا
أَ ْخرَجَها بع َد تَحقّقِ دخولِ-شهرِ شوال ..أو بع َد تَحقّقِ دخولِ-ليلةِ العِيد فذلك ل بأس عليه بِمشيئة ال ،وإذا َترَخّص فل
يَنبغِي لَه أن يََترَخّص أكثَر مِن يوم أو يوميْن على التنوِيعِ كما ذَ َكرْتُه [ ص .. ] 8أما قبلَ ذلك فل ينبغِي.
هذا الشخص-إذن-إذا أعطاهم الال بِمثابة المناء مثل ..قال لَهم بِأنم ل يَدَفعُون هذه الزكاة إل أهلِها ..أي ل َيقُومُون
بِإخراجِها مِن مُلكِه إل بعدَ تَحقّقِ دخو ِل الوقتِ الذي تَجوز فيه-وقد ذكرتُ الوقت-فهم أُمناء عندَه فل بأسَ-بِمشيئ ِة ال
تبارك وتعال-عليه ،أما أن يَدَفعُوا الزكاة ف غْيرِ وقتِها فل ..لبد أن يُخِبرَهم-لنّ كثِيا مِن الناس يَج َهلُون ،ومنهم مَن
َيَترَخّص بِبعضِ القوال أو ما شابه ذلك-أما أن يَدفَع هو لَهم القيمة على أنه قد أَ ْخرَجَها مِن مالِه وهم بعدَ ذلك يَتصرّفُون ..
معن ذلك هو-أوّل-أنه قد َأ ْخرَجَ القيمة ث معن ذلك-أيضا-أنه قد أَ ْخرَجَها مِن ملكِه قبل وقتِها الـمُحَ ّددِ لَها ،فلبد مِن
شرْطِ-أيضا-أن ُيوَكّلَهم أن يَشتَروا لَه أرْزا ،أو
أن َيتَثَبّت مِن هذه القضية :إما أن يَدَفعَها ف الوقتِ الذي يَجُوزُ َد ْفعُها وِب َ
يَجعلَهم أُمناء ف ذلك الوقت وبعدَ ذلك يَشَترُون لَه بِمشيئةِ ال تبارك وتعال.
أنكرها كافر كما قلت فهذه المرأة ل أظنها تنكر فرض الزكاة وإنما تستحي من ذكر أن هذا المال الذي تخرجه بأنه
زكاة وعلى ذلك فأظنها أنها ل تنوي الزكاة وإذا كانت تنوي بذلك الزكاة فالمر سهل فتقول إن الصدقة شاملة للزكاة
ولغيرها لن الصدقة تارة تكون واجبة وتارة تكون مندوبة والواجبة منها تُخص بأسم الزكاة فعلى هذه المرأة التي
تحسن إلى المحتاجين من الفقراء وغيرهم وتحسن إلى أقاربها عليها أولً أن تهتم بفرض الزكاة لن الزكاة من
المور الواجبة بينما ذلك الحسان تارة يكون واجبا وتارة يكون مندوبا ول ينبغي لحد أن يقدم المندوبات على
المفروضات ول يمكن أن يقال بأن تلك المندوبات تقوم مقام الفرائض التي افترضها ال تبارك وتعالى وعليه فإن
كانت هذه المرأة عندما تخرج هذا المال تنوي به الزكاة ولكنها ل تسميها باسمها أو ل تذكر ذلك ولكنها تنوي ذلك
وتخرج ذلك بحسب المقدار الذي حدّده الشارع وتعطي ذلك المال للفقراء والمساكين أي الذين تجب لهم الزكاة فل
ل واحدا عند
إشكال في القضية أما إذا كانت تكتفي بهذه الصدقات وهذه التبرعات عنلزكاة فإن ذلك ل يجزيها قو ً
علماء المسلمين وعليها أن تتوب إلى ال تعالى وان تخرج الزكاة بنيتها وبمقدارها إلى أهلها المخصوصين عن
الماضي وتسلك هذا المسلك أيضا في المستقل وأما بالنسبة إلى إخبار الفقراء بأن هذا المر زكاة فإذا كان النسان
ن هذا النسان من الفقراء في ذلك الوقت الذي يعطيه ذلك المبلغ الذي هو المقدار الشرعي الذي افترضه
متأكدا بأ ّ
ال تبارك وتعالى فإنه ل يلزمه بأن يخبره بذلك ولكن ذلك مطلوب من جهة أن بعض الناس ل يريدون أن يأخذ
والزكاة يتورعون عن ذلك نعم إذا عرف أن ذلك النسان من الفقراء وعرف بأنه يأخذ الزكاة فل حرج في عدم
أخباره وإن كان الفضل بأن يخبره مخافة أن يكون قد استغنى عن الزكاة ولكن كما قلت إذا كان هنالك احتمال بأنه
استغنى عن فرض الزكاة فلبد من البحث عن ذلك وال تعالى أعلم .
س :هل يعطى طالب العلم من الزكاة إذا كان قادرا على الزكاة فيما لو ترك العلم .
ج :نعم تدفع الزكاة لطالب العلم الشرعي إذا كان فقيرا ل يجد ما يسدّ به حاجته من يقوم بمؤونته وذلك لنه فقير
ل ولنه في جهاد حيث إنه يطلب العلم الشرعي الذي ينبغي لكل إنسان إذا كان قادرا عليه أل يفرط فيه ولو كان
أو ً
هذا الطالب أن لو ترك هذا العلم أو تشاغل عنه يستطيع أن يكسب المال الذي يسدّ حاجته وحاجة من يقوم بمؤونته
ولهذا الطالب أيضا أن يشتري الكنز الضرورية التي يحتاج إليها من الزكاة ل أن يشتري كتبا تزيد على حاجته
فمثلً بعض طلبة العلم الصغار يحتاجون إلى كتاب بهجة النوار وتلقين الصبيان والوضع والدلئل أو يحتاجون إلى
أكثر من ذلك من الكتب ولكنهم ل يحتاجون إلى بعض الكتب الكثيرة الكبيرة كشرح النيل أو المعارج أو فتح الباري
ذلك لنهم ل يستطيعون استيعاب ما في هذه الكتب فهم يشترون من الزكاة ما يحتاجون إليه وأما ما كان فوق
حاجتهم فليس لهم أن يشتروا ما يؤسسون به مكتبة وكذلك من كان أكبر من هؤلء الطلبة له أن يشتري ما يحتاج
إليه من الكتب ولو كانت أكبر من هذه الكتب التي ذكرناها فبإمكانه أن يشتري مثل جوهر النظام للمام السالمي
رحمه ال وأن يشتري شرح الجامع والمعارج وإذا كان يحتاج إلى فتح الباري أو إلى غير هذه الكتب التي يحصل
منها العلم الشريف وأريد بالطالب الذي تدفع له الزكاة الطالب المجدّ المجتهد لطلب العلم أما أولئك الذين يتكاسلون
في طلب العلم وإنما يتظاهرون بالطالب يذهبون إلى الشيخ الفلني أو إلى الشيخ الفلني من أجل طلب العلم على
حسب زعمهم ولكنهم في حقيقة الواقع ل يجدون في ذلك إذا اشتغل الشيخ بالفتوى ل يستمعون إلى الشيخ إل بالقليل
النادر وإذا شتغل بشرح شيء من الكتب يفكرون في أمور خارجة عن ذلك الدرس فهم ل يستوعبون منه إل النزر
240
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
اليسير فأمثال هؤلء الذين ل يجّدون في الطلب ول يجتهدون في تحصيل العلم فأمثال هؤلء ل تدفع لهم الزكاة إذا
كانوا قادرين على العمل وإنما تدفع كما قلت للذين يجتهدون ويجدون في طلب العلم في الليل ولكنها وذلك لن هذا
من الجهاد الذي سيعلون به بمشيئة ال تعالى كلمة ال تبارك وتعالى حيث أنهم بعد ذلك سيقومون بتبليغ هذا العلم
إلى عباد ال سبحانه وتعالى وسينقذونهم من الجهل الذي هم فيه وسيبينون لهم الواجب والمندوب والحرام والمكروه
إلى غير ذلك من الحكام الشرعية بل إذا احتاج الطالب المجدّ المجتهد إلى الزواج من الزكاة فل مانع من ذلك
بشرط أن ل يكون هنالك تبذير للمال ول أن تكون هنالك مغالة في الصداق أو ما شابه ذلك مما يتعلق بتجهيز
المرأة إلى غير ذلك من المور إن لم يكن هنالك شيء من المغالة فإن لم يكن هنالك تبذير ول إسراف وكان
محتاجا للزواج ولن يشغله ذلك الزواج عن طلب العلم وللجد والجتهاد فيه فل مانع من ذلك وال تعالى ولي التوفيق
.
شهر بمفرده ولكن إذا قام بإخراج زكاة كل شهر بمفرده فذلك جائز في مثل هذه الصورة عند كثير من أهل العلم
بخلف بعض الصور الخر كمن ملك مثل أربعين شاة سائمة وكانت لها أولد وبلغت مثل مائة وواحد وعشرين
من الغنم فإنه يزكي عن الكل فيزكي عن المائة والواحد والعشرين ذلك لن ذلك من النتائج ولو لم يحل الحول على
تلك الماشية الصغيرة لنها تابعة لصلها وهكذا بالنسبة إلى التجارة لو أن إنسانا حال الحول على تجارته وهنالك
الفائدة التي يستفيدها من الزكاة لم يحل عليها الحول مثل المال الصلي قيمته بحسب ما اشتراه تساوي 500ر
ولكنه عندما يبيع ذلك المال سيأتي بقيمة أكثر عن 500ر فتلك الزيادة هي فائدة لم يشتريها بذلك المبلغ ولكنه
يزكي ذلك المال بحسب ذلك القدر الذي يبيعه به فمثل قد تكون الفائدة مائة ر فيزكي عن 600ر ولو لم يحل
الحول على تلك الفائدة أما هذا المال عند كثير من أهل العلم اعني الراتب فهو يختلف عن ذلك لنه لم يكن ناتجا
عن ذلك الصل وإنما هو شيء جدير لم يكتسبه من ذلك المال أما لو اكتسبه من ذلك المال لكانت زكاته تجب بزكاة
أصله على رأي كثير من أهل العلم الذي هو عليه العمل ومع ذلك فإنني أقول الحوط أن يخرج زكاته مع ماله
السابق فيكون بذلك قد عمّل الزكاة وهو قد خرج من أقوال العلماء قاطبة وهو السلم وأحوط له ثم أيضا فيه ما فيه
من المشقة أن يخرج اليوم زكاة اليوم الفلني وبعد شهر زكاة المال الفلني وبعد ذلك كذا وهكذا وال تعالى ولي
التوفيق .
242
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :بعض المؤجرين يتقاضى أجرة المحل الذي أجرة في السنة بمعنى أنه يطلب عليه دفعه مقدمة فهل في هذه
الحال زكاة ؟
ج :إذا أصرف ذلك المبلغ فإنه ل زكاة فيه أو صرف أغلبه بحيث أنه نقص عنه مقدار الزكاة أل إذا كان هناك مال
آخر ضمّه إليه أو ضم هذا إلى ذلك والمعنى واحد أما إذا أبقي إلى أن حال عليه الحول ففيه زكاة .
س :إنسان ملك 10آلف ر في أول رمضان واشتري بها أرضا في ذي الحجة ثم باع تلك الرض في محرم
وبقيت المبالغ فمتى تزكى ؟
ج :من ملك مبلغا من المال في شهر رمضان ثم اشترى به أرضا أو دكانا أو أي شيء آخر الحاصل استعمل ذلك
المال في تجارة وعرض ذلك الدكان أو ذلك البيت أو تلك التجارة للبيع وباعها بعد مدة من الزمن بعد شهرين أو
بعد ثلثة أو بعد أربعة وبقيت لديه تلك الدراهم إلى شهر رمضان المبارك فإنه يخرج الزكاة في شهر رمضان
المبارك فلو ملك إنسان عشرة آلف في اليوم الواحد من شهر رمضان ثم بعد شهر واحد اشترى دارا وعرضها
للبيع وباعها مثل في شهر شوال أو في شهر ذي الحجة ثم بقي لديه ذلك المال إلى اليوم الول من شهر رمضان
فإنه يخرج الزكاة فيه إذ إن التجارة هي بمثابة المال ول فرق بينهما ولكن بشرط أن يكون عندما اشتراها أراد بها
التجارة وعرضها .
أما إذا كان أراد بها الملك مثل لو اشترى بيتا ليسكن فيه ثم بعد مدة وجد من يريد أن يشتري ذلك البيت أو َبدَا له
أن يقوم بعرضه للبيع فإنه ل يخرج الزكاة في اليوم الول من ملكه لذلك المال وإنما يحسب من اليوم الول الذي
243
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
عرض فيه تلك الدار أو ذلك الدكان أو تلك الرض فيحسب من ذلك اليوم وإذا بقيت لديه تلك الدار أو بقيت لديه
قيمة تلك الدار بعد أن باعها إلى ذلك اليوم الذي عرض فيه تلك الدار إن كان قد عرضها أو إلى اليوم الذي باعها
فيه إن كان لم يقم بعرضها فإنه يزكي في ذلك اليوم وال تبارك وتعالى أعلم .
س :شخص جمع مالً لشراء سيارة أو بيت أو جمعة للزواج أو للحج وحال عليه الحول هل فيه زكاة ؟
ج :نعم تجب فيه الزكاة فإن تزوج أو حج به أو اشترى منه ذلك البيت الذي يريده أو تلك السيارة قبل أن يحول
عليه الحول فل شيء فيه ولو كان ذلك قبل يوم واحد أما إذا حال عليه الحول فإنه يجب عليه أن يخرج منه الزكاة
وكان يبلغ النصاب وال تبارك وتعالى أعلم .
س :إنسان بنى زكاته على أصل عنده وقبل أن يحول عليه الحول استلم مبلغا يصل إلى اللف من الريالت فهل
يُدخله ضمن ذلك الصل أم ينتظر أن يحول عليه ذلك الحول على المبلغ الجديد .
ج :هذه المسألة مسألة خلفية شهيرة .
ذهب بعض أهل العلم إلى أنه ينظر إلى المبالغ التي لديه في اليوم الذي تجب فيه الزكاة ويخرج الزكاة عن كل ما
لدية ولو أنه حصل على مال قبل يوم واحد فإذا كان يملك مقدار ما يساوي النصاب وحال عليه الحول ثم أنه حصل
على مبلغ كبير أو صغير فإن يزكيه بعد ذلك .
وقبل أن يحول الحول على النصاب فإن يزكيه في اليوم الذي يزكي منه ماله الصلي هذا هو رأي طائفة أهل العلم
.
ذهبت طائفة من أهل العلم إلى إنه يزكي ذلك المال في اليوم الذي حصل عليه فيه ويزكي أولً عن المال الذي كان
يملكه في اليوم الذي يبلغ فيه الحول وعندما يبلغ ذلك المال الذي حال عليه الحول فإنه يزكيه بمعنى أنه يزكيه
بمعنى أنه أولً يزكي ماله الصلي في اليوم الذي حال عليه الحول بعد أن بلغ النصاب وأما المال الذي حصل عليه
فإنه ينتظر إلى أن يحول عليه حول قمري ويزكيه في ذلك الوقت هذا هو رأي طائفة من أهل العلم .
وذهبت بعض أهل العلم إلى إنه إذا كان ذلك المال الذي حصل عليه نتج عن المال الصلي أي استفادة بسبب المال
الصلي فإنه يزكيه مع المال الصلي وأما إذا كان حصل عليه من مكسب آخر ول علقة له بالمال الصلي فإذا
ل جديدا وهذا قول وسط وقد ذهبت إليه طائفة كبيرة من أهل العلم وإذا أخذ به هذا السائل فل بأس به
يستقبل له حو ً
إن شاء ال تبارك وتعالى وإذا أراد أن يحتاط لمر دينه وأخذ برأي من يقول إنه يزكيه بحسب زكاة المال الذي كان
يملكه أو بحسب زكاة المال الذي كان يزكيه فإنه لشك إنه أحوط وأسلم هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإنه يمكن
له أن يقدم الزكاة على وقتها على الرأي الصحيح المشهور الذي تدل له السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى ال
عليه وعلى آله وسلم وهي المسألة المعروفة عند العلماء بتعجيل الزكاة فإن تعجيلها على وقتها جائز عند طائفة
كبيرة وقد علمتُ أن السنة تدل على ذلك فإن أخذ بهذا الرأي فل شك إنه أحوط وأسلم وإن استقبل حول جديدا لذلك
المال الجديد فإنه قول مشهور قال به غير واحد من أئمة العلم فل حرج على من أخذ به وهو رأي قوي وال تعالى
أعلم .
244
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :هل يجوز أخراج الزكاة إلى أخي أو أختي الفقيرين وهل يجوز تجزئة الزكاة إلى أكثر من شخص ؟
ج :نعم يجوز للنسان أن يخرج زكاته إلى أخيه أو أخته إذا كان فقيرين إذا كان ل يقوم هو بمؤونتهما أي لم يجب
عليه شرعا أن ينفق عليها وإذا كان يجب عليه شرعا أن ينفق عليه لكنهما بحاجة لشيء من الموال تخرج عما
يتعلق بالنفقة أنه ل بأس من أن يعطيهما من الزكاة لتلك المور الخارجية عن النفقة إذا كانت ل علقة لها بها وأما
بالنسبة إلى تجزئة الزكاة إلى أثنين أو ثلثة أو أكثر فل مانع من ذلك كما أنه ل مانع من أن يعطي النسان زكاته
لشخص واحد إن كان ل يخرج عن حد الفقراء إلى الغنى ولكن إذا كانت هنالك جماعة أو مجموعة من الناس تحتاج
إلى الزكاة فالولى أن يفرقها بين أولئك الناس وأن ل يقوم بإخراجها إلى شخص واحد لنه إذا أخذ كل شخص من
أولئك الناس نصيبا من تلك الزكاة هو أولى من أن يأخذها شخص واحد ول تحصل البقية الباقية على شيء هذا
ومن المعلوم أن دفع الزكاة إلى القارب أولى من دفعها إلى غيرهم إذا كانوا فقراء وال تعالى أعلم .
س :امرأة أخرجت الزكاة عن هذه السنة على حساب الشهر الشمسية وهي تجهل الشهر القمري فأخرجته على
حساب السنة الشمسية فما حكم الزكاة ذكرت أن تملّكها للمال ل تعرف تاريخه بالهجري .
ج :قد قدمت أكثر من مرة أن العبادات تتعلق بالشهر الهجرية ومن ذلك الزكاة فملك النصاب يعتبر بالشهر
الهجرية فمن ملك النصاب عليه أن يعرف ذلك اليوم أو بالشهر القمرية عليه أن يعرف ذلك اليوم الذي ملك فيه
ذلك المقدار من المال بحسب الشهر القمرية فإذا حال عليه الحول وهو في يده أي لم ينقص في يوم من اليام فإنه
يجب عليه أن يخرج منه الزكاة وهكذا بالنسبة إلى كثير من العبادات من ال ِعدَد وغيرهم فإنها تتعلق بالشهر القمرية
وهذه المرأة تعتبر بمشيئة ال تبارك وتعالى زكاتها صحيحة ولكن لبد من أن تعرف ذلك بالشهر القمرية كما قلت
حيث إن السنة القمرية تنقص عن السنة الشمسية بأحد عشر يوما تقريبا وإذا كانت ل تعرف متى ملكت المال
بالنسبة إلى الشهر القمرية فإن المر يسير عليها أن ترجع إلى اليوم الذي ملكت فيه المال الذي يساوي نصاب
الزكاة وتعرفه بحسب اليام الشمسية ثم بعد ذلك عليها أن تنظر في اليوم الذي يصادف ذلك من الشهر القمرية من
السنة الماضية وذلك يسير جدا فإذا كانت هي ل تعرفه فإن عليها أن ترجع إلى التقويم وهو تقريبا صحيح في السنة
الماضية وعليها أن تسأل بعض أهل العلم عن اليوم الذي يصادفه ذلك بالنسبة إلى الشهر الشمسية فمثلً إذا كانت
قد ملكت النصاب في اليوم الحادي عشر من شهر نوفمبر من الشهر الشمسية فعليها أن تسأل عن اليوم الذي يوافق
هذا اليوم من الشهر القمرية من السنة الماضية وبذلك ستعرف بمشيئة ال تعالى اليوم الذي ملكت فيه الزكاة من
الشهر القمرية وستذكر بعد ذلك بحسب هن اليوم في السنوات الماضية وال تبارك وتعالى أعلم .
س :إذا صام إنسان في دولة تقدم الصيام فيها ثم جاء إلى دولة تأخر الصيام فيها وكان الصيام في الدولة التي
جاء إليها وتأخرت بداية رمضان فيها كان الصيام فيها ثلثين يوما .ما الحكم .
ج :اختلف العلماء في وجوب صيام ذلك اليوم أي الذي هو الحادي والثلثين بالنسبة إلى ذلك الرجل .
ذهبت طائفة من أهل العلم وهم الكثر إلى أنه ل يجب عليه أن يصوم ذلك اليوم بل يكتفي بصيام ثلثين يوما وذلك
لن الشهر العربي ل يزيد على ثلثين يوما تارة يكون تسعة وعشرين يوما وتارة يكون ثلثين يوما ول يمكن أن
يزيد على الثلثين .
245
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه عليه أن يصوم ذلك اليوم وذلك لنه مخاطب بصيام شهر رمضان وذلك اليوم
ل زال من شهر رمضان بالنسبة إلى ذلك البلد الذي هو فيه ذلك الوقت فهو مخاطب بالصيام لنه في بلد لزال
فيها نهار رمضان وهذا القول هو القول الصحيح وقد استدل له بعض العلماء بحديث دللته واضحة عليه ولكنه
يحتاج إلى مزيد من النظر والتمحيص هل هو ثابت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ونظرا إلى إن ذلك ل
يؤخر في الحكم ول يتقدم أي أن ثبوت ذلك الحديث أو عدم ثبوته لن يؤخر قي الحكم في هذه المسألة على حسب
رائي ولذلك أقول أن على من صام في بلد متقدمة أن يكمل اليوم الحادي والثلثون لنه في بلد فيها هذا اليوم من
شهر رمضان وهو مخاطب بصيام شهر رمضان وشهر رمضان لم ينتهى في هذه البلد وهذا كله إذا كان قد صام
في تلك البلد وقد تحقق دخول شهر رمضان في تلك البلد أما إذا كان لم يتحقق دخول شهر رمضان في تلك البلد
وإنما هو احتمال كما يقع في كثير من البلدان وللسف الشديد فإنه ليس له أن يفطر أما إذا تحقق ففيه الخلف
المذكور أما بالنسبة إلى من صام في بلد متأخرة ثم ذهب إلى بلد تقدم الصوم وأفطر أصحاب تلك البلد قبل
أصحاب هذه البلد فلبد من أن يقضي ذلك اليوم لنه ل يمكن أن يكون الشهر جاء حال من الحوال أقل من تسعة
وعشرون يوما بل لبد من أن يصل إلى ذلك العدد أو أن يصل إلى ثلثين يوما فعليه أن يفطر في تلك البلد إذا
ثبتت فيها الرؤية أو بعبارة أخرى إذا تحقق دخول شهر شوال عليه أن يفطر وليس عليه أن يصوم لن ذلك اليوم
يكون يوم عيد وصيام يوم العيد حرام بنص السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى ال عليه وسلم وبإجماع المة
قاطبه وال تبارك وتعالى أعلم ..
س :11إذا كان لديه مبلغ من المال ،هل ينتظر أن يحول عليه الحول حتى يزكيه ؟
ج :الال ل زكاة فيه إل إذا حال عليه الول من اليوم الذي بلغ فيه النصاب ..أعن بالال الال الذي يشترط فيه أن يول
عليه الول ،وسؤاله عن الدراهم على حسب ما أفهم ،فلبد من أن يول الول على هذا الال الذي بيده من اليوم الذي بلغ
فيه النصاب اللهم إل إذا كان له مال آخر وكان يزكيه فإنه إذا حال الول على ذلك الال الذي يزكيه فإنه يزكي هذا الال
الذي حصل عليه الن مموعا إل الال الذي كان يزكيه الن ..هذا الذي ذهب إليه المهور وهو أنّ الال الستفاد يزكّى
بزكاة الصل؛ وال أعلم .
س :4من وجبت عليه زكاة الذهب ولم يجد ما يزكي به إل أنه كان يتصدق على أهل بيته بمبلغ في كل شهر،
فهل عليه أن يجمع ذلك المبلغ ليزكي به ؟
ج :على كل حال؛ ما دام يلك شيئا من الذهب ووجبت فيه الزكاة فهو ف حقيقة الواقع مالك لا يرجه عن الزكاة
فليخرج من الذهب الذي يلكه أو يتصرف بوسيلة أخرى فهر ف القيقة مالِك اللهم إل إذا كان يلك ذلك من قبل وكانت
الزكاة قد وجبت فيه ث إنه خرج عنه الن بوجه من الوجوه فإنه ف هذه الالة عندما يتمكن من وجود الال يب عليه أن
يُخرِج الزكاة وليتب إل ال-تبارك وتعال-عن تأخيه ،فإ ّن الزكاة يب أن تُخرَج على الفور بعد وجوبا؛ وال أعلم.
246
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :83هل يشترط للمزكي بأنه إذا أراد أن يعطي زكاته للفقير أن يخبره أن هذه زكاة ؟
الواب -:
القول بأن ذلك شرط صعب ولكن إذا كان النسان يعرف أنه فقي فل يشترط ذلك وإذا كان مرد ظنون بعض الشخاص
يظن من الفقراء فلبد أن يبحث عنهم .
س :7عليها زكاةُ َذهَب وزوجُها مَدِين ،هل لها أن تُعطي زكاتَها لِزوجِها ؟
ج :ف هذه السألة كلمٌ له ِل العلم؛ ول أرى مانعا مِن ذلك.
وإن كنتُ ل أرى الستدللَ بِحديثِ زينب زوجِ ابن مسعود-رضي ال تبارك وتعال عنهما-وذلك لنّ ذلك الديث فيما
يَظهر لِي ف الصدقةِ غي الواجبة ..ف صدقةِ النفل ..هذا ما أراه ،وما جاء ف بعضِ الروايات مِمّا يُستفاد منه بأنه بِخلفِ
ذلك-ف حقيقة الواقع-فيه نظرٌ فل يُمكِن أن نَستدِل بذلك الديث لنّ ذلك الديث لِغي الزكاة الواجبة.
ولكن إذا كان هذا الزوجُ فقيا فل مانع مِن دفعِ هذه الزكاة إليه ولكن إذا َدَفعَتْ هذه الزكاة إليه فإنّ الوْل له أن
س ونو ذلك ،فبعضُ العلماء يُشدّد ف هذا المر ..مثل لو دَفعتْ إليه يَستخدِمها ف أمرٍ ل يَعودُ على هذه الرأة بِفائدةٍ كلِبا ٍ
هذه الزكاة وذهب واشترى بِها مَلبِس لِهذه الرأة فبعضُ العلماء يُشدّد ف هذا المر مَخافةَ أن تكونَ هذه الرأة قد َقصَدَتْ
إل ذلك المر و-حقيقة-ف هذا ما فيه مِن الرَج وإن كان الصل أنّ ذلك الزوج عندما يَتملّك ذلك الال وَيصِي مِلكا له
فإنّ له أن يَتصرّف بِه فيما شاء ولكن ل شك أ ّن السلمة ف الروج مِن مثل هذا اللف وف الحتياط لِلدّين.
وعلى حسب ما أفهمُ مِن سؤالِ هذه الرأة أ ّن هذا الزوج عليه دَيْن فلتَدفع له هذا الال وليَدفعه ف دَيْنه وليشتر لَها إن شاء أن
ج مِن خلفِ أهلِ العلم ول يَشترِي لَها شيئا مِن اللبس مِن غي ذلك ..بِماله الذي ل يَأخذه مِن زكاتِها فذلك فيه خرو ٌ
شك بِأنه أسْلم وأحْوط ل ّن المرَ ل يَخلو مِن شي ٍء مِن الرج؛ وال أعلم.
س :7أَخرَجَ أكثرَ مِن القدر الذي َيجِب عليه مِن الزكاة بِنِية الزكاة لنه أَخ َرجَها قب َل أن يحسب ماله لِمعرفة القيمة
الواجِبَة عليه ،فما حكم ذلك ؟
ج :ل بأس عليه بِمشيئة ال-تبارك وتعال-ما دام أنه قد نواه على أنه زكاة ،فتلك زيادة ..الصل أنه يَنوي الزكاة ث إن
شاء أن يَتبّع لكن هو ظنّ هذا ول حرج عليه.
س :8عنده ثمانية آلف وحال عليها الحول ولكن لنه يَبني منزل يَترقّب ديونا آتِيَة هل باعتبار أنه
يَترقّب ...؟
ج الزكاة عنها إذا كان قد حال عليها الول والذي يَأت ف الستقبَل
ج :إذا كانت الثمانية ل زالت ف يَدِه فلبد مِن أن يُخرِ َ
لِك ّل شيءٍ حكمه الاص.
س :14يريد أن يدفع زكاته وهو يعلم أنّ هناك صندوق متخصّص في دفع الزكوات للفقراء ،فهل يعطي ذلك المال
للصندوق ؟
ج :إذا كان متأكّدا ومتيقّنا تام اليقي من أنّ ذلك الصندوق يقوم بدفع الزكاة إل مستحقّيها فليدفعها إليه ،وأما إذا كان
247
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
248
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الصفحة الوضوع
أول :فتاوى الج
أحكام وجوب الج والوصية به
س :يبدو أ ّن الخت أشكل عليها بي الوصية وبي القيام بتنفيذ الصيام عن طريق الوصية-أيضا-
أو الج ..صحيح أنه ل وصية لوارث لكن هل عندما يوصي الوارث لوروثه أن يصوم عنه أو
أن يج عنه ،هل له أن يج عنه أو يصوم عنه ؟
س :رجل نذر أن يج عن والدته ولكن والدته ضعيفة ف السّن ..كبية تتاج إل أن يقوم
برعايتها والعناية با ،فهل له أن يذهب ليحج عنها ويترك الهمّة على أخواته ليقمن بذلك وأخواته
ل يستطعن أن يقمن بالهمّة الت ترضي الوالدة لنا تتاج إل رجل يستطيع حلها إل دورات
الياه وغيها ؟
249
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :البعض يكتب وصيته فيطالِب ورثته بالصيام عنه أو كفارة شهرين أو الج.
س :هل يَجوز لِلرجُل أن يَحجّ عن والدته إذا كانت عاجزة ؟ وإذا كانت قد أصيبت بالعمى
كذلك ؟
س :من أراد الذهاب إل الج وليس لديه مال ،هل له أن يقوم بمع تبعات ...؟
س :كانت لديه-ربا هو أو غيه-نية أن َيذْهب إل الج ولكن جاءتْه فرصة عمل ،فما الذي
ُي َق ّدمُه ؟
حكم حج من علي دين
س :مَن عليه دَيْن ،هل يَذهب إل الج أم ل يَذهب ؟
س :من أراد الج وعليه دين ربوي ؟
س :من عليه دين وليس عنده الوفاء لكن جهة عمله تتكفل بإرجاع الق لصحابه على تقدير
وفاته ؟
س :ما حُكم الذهاب إل الج لِمَن عليه دَيْن ؟
أحكام الجارة بالحج
س :ما هي شروط استئجار الج ؟ وهل يصح أن يُستأجر أو أن يُحج عن غي الول وهو من ل
يكن على طاعة ؟
س :هل يَجوز لِلنسان أن ُيؤَجّر بِحجّة وهو بِصحّة وعافية ؟
س :امرأ ٌة كبيَة ف السن لَم تَذهَب إل الج لِظروفِها الـمَرضية لكنّها تُرسِل ف كلّ عامٍ خَمسي
ريال عُمانيا ،فهل ُتؤْجَر على ذلك ؟ مِن أجْل أن ُت َوزّع هناك على الفقراء.
س :مَن ل يستطيع أداء الج إما لكب سنه أو لرض أل به ،هل الوْل له أن يؤجر ف حياته أو أن
يوصي بالج ؟ وهل هو مطالب أساسا بأن يؤجّر أو يوصي وهو على هذا الال ؟
أحكام الستعداد للذهاب للحج
س :ماذا يَنبغي على الذي يُريد أن يَحُج إل بيت ال الرام ؟ ماذا عليه أن يَصنع كاستعداد لذه
الفريضة ؟
سدّ دُيُونَه فيما لو حدث له
س :ذكرت بِأنّ النسان إذا كان يَملِك مِن الـمَتَاع ومِن الال مَا يَ ُ
مكروه-ل قدّر الَ -فلَو كان يَمتلِك بَيْتَه فقط وسَيَارته ،فهل ذلك يَكفي لكي ُيضَمّنَه الوَصِيّة ؟
س :إذا تُوف النسان ول يَحُج مع أنه كان قادِرا على الج ف حياته ،فما الكم ؟ وإذا قلنا
حرَم عنه مِن مكانه أم مِن مكان الذي يَستأجِر عنه ؟
بِوجوب الج عنه ،فهل يُ ْ
أعمال الحج
حدّثُونا-باختصار-عن صفة الج ..ما الذي يأتيه الاج وما الذي يذره ؟ س :نريد منكم أن تُ َ
أول :الحرام
250
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
252
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :سعتُ منكم ف حلقات ماضية تَحْذيرا لِلحجاج مِن أن يَفيضوا مِن عرفات قبل تَحقّق غروب
الشمس فأيّ حركة مِن هذا النوع تُؤدّي إل الحكام الت ستذكرونَها إن شاء ال ،ولكن كيف
ف قليل ف عَرفة ..هذا الديث الذي
ُت َوّفقُون بيْن هذا وبيْن الديث الذي َو َر َد فيه أنّ رجُل َو َق َ
أخرجه المام أحد ..هذا الرجُل يَقول " :يا رسول ال ،إن جِئْت مِن جَبل طَيْء أَ ْك َل َلتُ را ِحلَتِي
( :مَن ت مِن جبل إل َو َقفْت عليه ،فهل ل مِن حج ؟ " فَقال
وأْتعَ ْبتُ نفسي ،وال ما َترَ ْك ُ
ف معنا حت نَدفع وقد َو َقفَ ِبعَرفة قبل ذلك ليل أو نارا فقد أََتمّ حَجّه
َش ِهدَ صلتَنا هذه و َو َق َ
وقضى َتفَثَه ) فيُشِي الديث أنه حت لو َو َقفَ جز ًء قليل مِن النهار فذلك يَكْفي ؟
س :لَحق بِيوم عَرفة ف وقتٍ متأ ّخ ٍر مِن الليل ؟
س :ف عرفة ،مَن اعتمد على خطبة الذياع بعد صلة الظهر والعصر جَ ْمعًا ؟
سابعا:أعمال اليوم العاشر من ذي الحجة
أول :قطع الوادي
س :الناس معروفٌ أنم عندما يفيضون مِن عرفات إل مزدلفة ومِن مزدلفة إل مِن ..عندما
سرِعون ف وادي مُحَسّر لكن ل يَعلمون شيئا عن
يَقطعون الطريق مِن مزدلفة إل مِن يُ ْ
السراع ف هذا الوادي عندما يذهبون مِن مِن إل عرفات ،فهل يَصنعون نفس الفعل ؟
أول :رمي جمرة العقبة
س :ف أيام الج-ويَكاد يَتكرّر ف كل عام-يَحدُث زِحامٌ شديد أثناء الرمي ويُحاوِل كل واحد
مِن الناس التّوسِعة لِنفسه حت َيصِل إل الوض وبِالتال يَرمي تلك الـجَ ْمرَة ،هل لبد مِن
وصول الصاة إل الـجَ ْمرَة أم أنا يَكفي أن تَسقُط ف الوض ؟ وبِذلك يَفهَم الناس القضية
خفّ الزحام.
ويَ ِ
ضعَت حت ل يُصيب الجاج بعضهم البعض
س :هل يعن ذلك أنّ تلك الجارة النصوبة إنا ُو ِ
وإل فالصل الوض ؟
س :ما حكم غسل الصى ؟ يعن هل الصى يُغسَل أم ل يُغسَل ؟
حصَيَات الت ُت ْرمَى ..إذا َشكّ أنه َرمَى خسا أو سِتا أو سبعا ؟
س :الشكّ ف َع َددِ الـ َ
س :هل مِن رخصة لِلنساء ف عدم الرمي نظرا لِلزحة ؟
س :لعل السائل يشي إل أنه ليست السألة مِن عدم القدرة الطلقة وإنا الضعف الركب ف ذات
الرأة ؟
ثانيا :التحلل الصغر والكبر
أول :التحلل الصغر
*الحلق أو التقصير
س :الحلل بِالتَقصِي أو اللْق ،كيف يَكون ؟
* الهدي
253
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
256
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :ف الديث الذي يقول ( :ل يل لمرأة أن تسافر مسية يوم وليلة إل مع ذي مرم ) ما رأي
فضيلتكم ف الوظفات الت يأتي من دول أجنبية وحدهن للضرورة كالتعليم ؟
المواضع التي يحل للمرأة أن تبديها :
س :يقول ال تعال ( :ول يبدين زينتهن إل ما ظهر منها ) ما معن قوله تعال ( :إل ما ظهر
منها )؟ وما هي الزينة الت يوز إظهارها لغي الحارم ؟
حكم مصافحة النساء :
س :ما رأيكم ف مصافحة النساء ؟
حدود عورة النساء :
س :ما هي عورة النساء بالنسبة للمرأة ؟ وما هي عورتا بالنسبة إل مارمها ؟
حكم التدخين :
س :هل التدخي حرام أم مكروه ؟
س :هل التدخي من الكبائر ؟
بيان مدى صحة حديث "الوا والعبوا "...
س :ف بعض الكتب رأينا هذا القول منسوب إل المام علي ،وف بعضها منسوب إل الرسول
صلى ال عليه وسلم والقول هو "الوا والعبوا فإن أكره أن أرى ف دينكم غلظة " ؟
حكم مشاهدة الفلم :
س :هل يوز مشاهدة الفلم والصارعة وغيها من التلفاز إذا ل يكن بقصد مشاهدة العورات
ولكن بقصد التسلية ؟
أدلة تحريم الغناء :
س :وجدت ف أحد الكتب أن الحاديث الت وردت ف تري الغناء ضعيفة ،فما قولكم ف
ذلك ؟
حكم لعب الورقة .
س :ما حكم لعب الورقة إذا ل تكن تُلهي عن الصلة ف وقتها أو غيها من العبادات ؟
حكم حلق الحية وصبغها .
س :هل يوز حلق اللحية أو صبغها ؟
حكم تأجير المحلت لبيع المحرمات .
س :ما حكم السلم ف تأجي الحلت للماكن الت ترتكب فيها الحرمات كمحلت بيع
الغان والسجائر وغيها ؟
حكم دعاية البارد ومسابقات السحب .
س :هل يوز أخذ قيمة ما يسمى بالدعية الت تظهر على أغلفه الباردة للطفال والكبار على حد
سواء أو الوائز الت تصدرها الشركات إذا كان الشخص متاجا لتلك الكافأة الالية ؟ وهل من
فرق بي التعمد وغي التعمد ف أخذ الدعاية ؟
257
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
258
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الصفح؟
بيان معنى النسيان في الحديث الذي رواه الربيع عن القرآن .
س :جاء ف مسند المام الربيع ( من تعلم القرآن ث نسيه حشر يوم القيامة أجذم ) فما القصود
بالنسيان هنا ؟
حكم رد السلم .
س :رجل سلم على جاعة كبية ،فما حكم ردّهم عليه ؟
كيفية رد السلم .
س :رجل سلم على رجل ،فقال " :السلم عليكم ورحة ال وبركاته " ،فهل يلزمه ردّه كامل
إلزاما واجبا ؟
259
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :رجل نذر أن يج عن والدته ولكن والدته ضعيفة ف السّن ..كبية تتاج إل أن يقوم برعايتها
والعناية با ،فهل له أن يذهب ليحج عنها ويترك الهمّة على أخواته ليقمن بذلك وأخواته ل يستطعن أن
يقمن بالهمّة الت ترضي الوالدة لنا تتاج إل رجل يستطيع حلها إل دورات الياه وغيها ؟
ج :ال أعلم ,إذا كانت الخوات يستطعن أن يقمن بذه الهمّة فعليه أن يذهب لتأدية الج الذي نذر به ،وأما
إذا كانت الخوات ل يستطعن على ذلك فهو معذور إل أن يكنه أن يقوم بتأدية هذه الفريضة ولكن الذي
أراه أنّ الغالب ل يش ّق على النساء من أن يأخذن هذه الرأة إل دورات الياه وما شابه ذلك؛ وال-تعال-
أعلم.
س :البعض يكتب وصيته فيطالِب ورثته بالصيام عنه أو كفارة شهرين أو الج.
ج :مَن أوصى بشيء فلبد مِن أن يُنفّذ الورثة وصيتَه ول يَجوز لم أن يَتركوا ذلك إذا كان ماله يبلغ
القدار الذي يكنهم أن ينفذوا منه تلك الوصية ،فمَن أوصى بج أو بصيام سواء كان ذلك كفارة أو كان
غي ذلك فلبد مِن إنفاذ وصيته ،ومِن العلوم أنّ الوصية بالج وبالكفارات والصيام إذا كان ذلك واجبا
عليه أنه يرج مِن رأس الال ،ل مِن الثلث ،أما إذا كان ذلك ليس واجبا عليه فإنه يَختلِف؛ وال-تبارك
وتعال-أعلم.
ج عن والدته إذا كانت عاجزة ؟ وإذا كانت قد أصيبت بالعمى
س :هل يَجوز لِلرجُل أن يَح ّ
كذلك ؟
ج :نعم ،إذا كانت عاجزة يَصحّ له أن يَحجّ عنها ،وكذلك إذا كانت ميّتة ،فقد ثبت عن النب-صلى ال
عليه وعلى آله وسلم-أنه أجاب بذلك لِمَن سأله عن من مات أحد أوليائه ..جاء ف بعضها " :رجُل "،
وف بعضها " :امرأة " ،وهل الكل صحيح أو البعض صحيح والبعض شاذ ؟ لِذلك موضع آخر ،ولكن القول
بالواز هو القول الصحيح ،لِصحّة السنّة.
ودعوى مَن ادّعى بأنا خاصّة بذلك الشخص أو بأولئك الشخاص دعوى ل تقوم عليها حجّة.
أما بالنسبة إل العَمى فإن كان يُمكِن أن يَأخذها معه وتَأت بأعمال الج ..أي يَأخذها معه ويَقُودُهَا
عند تأدية الناسك فل يَصحّ لا الترك ،أما إذا كانت ل تَتمكّن مِن الفعل أبدًا ففي هذه الالة يَصحّ لا
ذلك ،فكثي مِن الناس ل يُبْصِرون ولكنّهم يُمكنُهم أن يُؤَدّوا ذلك بِمساعدة غيهم.
س :من أراد الذهاب إل الج وليس لديه مال ،هل له أن يقوم بمع تبعات ...؟
ج :القيقة؛ ليس للنسان أن يسأل الناس ل ف الج ول ف غيه إل إذا وصل به الال إل أن يشى على
نفسه اللك يسأل شيئا يأكله وهذا بعد أن يطرق الوسائل ول يد مرجا من ذلك فهنالك حاجة ضرورية
جدا جدا فيباح له بقدار ما يسد حاجته ،ومن العلوم أن ذلك قد ل يتاج له النسان ف حياته اللهم إل
261
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
لبعض الفراد النادرين ،أما بالنسبة إل الج فليس له ذلك ول لغي الج كما أشرت ،والمد ل والنة والفضل
أن ال-تبارك وتعال-ل يفترض الج إل على الستطيع من عباده فما دام هذا الشخص ل يد الستطاعة فإنه
ل يب عليه الج وإذا وجدها ف يوم من اليام فليبادر إل ذلك؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :كانت لديه-ربا هو أو غيه-نية أن َيذْهب إل الج ولكن جاءتْه فرصة عمل ،فما الذي
ُيقَ ّدمُه ؟
ج :ل أدري-أوّل-هل هو حجّ حجّ الفريضة أو ل.
أما إذا كانت هذه الجّة َحجّة نافلة فالمر سهْل.
وأما إذا كانت هذه الجّة َحجّة فريضة فإن كان يَخْشى على هذا العمل بِأنه إذا ذهب إل تَأْدية الج ألّ
يَحصُل بعد ذلك على هذا العمل ول يَحصُل على غيه وهو مُحتَاجٌ لِهذا العمل فبِإمكانه أن يَعمَل ويَنوي أن
ب عندما ُييَسّر ال-تبارك وتعال-له ،وعسى أن يَكُونَ ذلك ف السنَة القادمة ..هذا إذا مُحْتاجا لِهذا يَذْه َ
العمل ويَخشَى بِأن َيفُوتَه هذا العمل ،ولكن أَظنّ َأنّه يُمْكن أن يُوقّع بِالوافَقة على العمل وأن يَشْرَع ف العمل
بعدَ رجوعِه مِن الج ..ل أَظ ّن أنّ هناك مانعا مِن هذا.
س :وفترة الجازة تكفي.
ج :نعم.
س :ربا يكون ف القطاع الاص هناك شيء مِن التشديد.
ج :فعلى كل حال هذا ..إذا كان يَخشى على ألّ يَجِد عمل وهو بِحاجة إل العمل وإذا تَ َركَ هذا العمل لن
يَجِدَ هذا العمل ول غيْرَه ف الستقبَل القريب ..وإل فالعمل بِيد ال تبارك وتعال َ ..يعْن ال َت َكفّلَ
بِالرزق وهو قادِر على أن ُييَسّر له عمل كهذا العمل أو أفضل كما يَسّرَ له هذا العمل ولكن النسان يَأخذ
حتَاجا إليه ويَخشى إذا ل يَعمل فيه بِأن يَفوتَه هذا العمل ول يَحصُل على ذلك ف بِالسباب ،فإذا كان مُ ْ
القريب-مثل-فيُرَخّص له ويُوصِي بِالج ،وْليَذهَب إن شاء ال ف السنة القادمة.
حكم حج من علي دين
س :مَن عليه َديْن ،هل يَذهب إل الج أم ل يَذهب ؟
ج :إذا كان على النسان َديْن فل يَخلو ذلك مِن أحد أمريْن:
إما أن تكون لديه أموال تَكفي لِقضاء ذلك ال ّديْن الذي عليه وتكفي أيضا لِمؤونة أهله حت يَرجع إليهم فإن
كان عليه َديْن ولديه هذه الموال الت تَكفي لِقضاء هذا ال ّديْن فإنه لبد مِن أن يَقوم أوّل بِقضاء ذلك ال ّديْن إذا
كان ذلك ال ّديْن حالّ أو ف حكم الالّ ث بعد ذلك يَذهب إل الج ،وإن كان ُمؤَ ّجلً ف ْليُوص بِذلك وْلَيتْرُك
262
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ضعَه مع فلن وإما أنوصيته بِذلك الدّين إما عند شخصٍ أمي ويُخبِر ذلك الدائن بِأنه قد َوثّق له َدْينَه ووَ َ
يَضع-تلك الوثيقة أو-ذلك الصك مع صاحب الال الصلي.
أما إذا كان ل يَملك شيئا مِن الال يَكفي لِسَدّ ما عليه مِن ال ّديْن فإنه ل َيجِب عليه الج ،لنّ الج يَجِب على
الستطِيع وهذا ل يَستطِيع سبيل إل ذلك ،و-طبعا-ل أريد بِالموال الدراهم إذ قد يَقول شخص إنه ل يَملك
شيئا مِن الدراهم ولكنه يَملِك عقارات أو ما شابه ذلك فهي تَقوم ف مقام الدراهم ،فالاصل هل يَملك شيئا
حرّما فلبد مِن التّخلص أوّل مِن سدّ ذلك ال ّديْن أو ل يَملِك شيئا ..هذا وإذا كان ال ّديْن مُ َ
مِن الموال تَكفي لِ َ
الرام والتوبة والرجوع إل ال-تبارك وتعال-حت َيفِدَ بعد ذلك وقد تَ َطهّر مِن هذه القاذورات وهذا كله إذا
كان يُريد أن يَتوب إل ال-تبارك وتعال-وأن يَرجِع إليه سبحانه ،أما إذا كان ل يَهتَم بِهذه المور ول يُبال
بِها فإنه إذا قيل له " :ل تَذهب إل الج " سيَبقى هنا وهو يَملِك الموال الت يُمكِن أن يَقوم بِقضاء تلك
الديون الت عليه وإنا يُريد أن يَشتري الرض الفلنية والعقار الفلن وما شابه ذلك فهذا-على كل حال-يُقال
له " :اذهب إل الج " ولكنّ ال-تبارك-ل َيتَقبّ ُل منه ،إذ إنه ل يَتقَبّل إل مِن التّقي وهو ليس بِمتّقٍ لِربّه
بل هو مُحارِب له ..هذا هو الكم ،فحجّه صحيح مِن حيث الفِعْل ولك ّن ال-تبارك وتعال-ل يَتقبّل منه
..ل يَتقبّل منه الج ول يَتقبّل مِنه شيئا مِن العمال الصالة ،ل ّن القبول يَكون مِن الصالِح ل مِن الطالِح؛
وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :من أراد الج وعليه دين ربوي ؟
ج :إذا كان ربويا فعليه أن يتخلص من ذلك عليه أن يتوب إل ال-تبارك وتعال-من ماربة ال-تبارك
ل َو َرسُولِهِ [ ...سورة البقرة ،من الية ] 279 :عليه أن
ب مّنَ ا ِ
وتعال-ورسولهَ ... :فأْ َذنُوا ِبحَرْ ٍ
يتوب إل ال-تبارك وتعال-وأن يتخلص من هذه العاملة قبل أن يرج من هذه الدنيا إل عذاب ال-تبارك
وتعال-فهذا إن كان يريد أن يتوب ،أما إذا كان ل يريد أن يتوب ف حقيقة الواقع ول أعن بذلك ما يلقلق به
كثي من الناس ألسنتهم يدعي الواحد يقول" :أريد أن أتوب" وهو ل يسلك طريق التوبة يلس السنوات
الطويلة وهو ل يتخلص من هذه العاملت فإن كان ل يريد أن يتخلص الن فليذهب لتأدية الج حت ل يمع
بي معصيتي بي معصية إقامته على ماربته ال-تبارك وتعال-ورسوله بأخذ هذا الال الرام أو بالتعامل بذه
1
العاملة الحرمة وبتأخي الج وإن كان هذا الج ل يتقبل منه لن ال-تبارك وتعال-ل يتقبل إل من التقي
وكيف يكون هذا متقيا ل وهو ملعون على لسان رسول ال مارب ل-تبارك وتعال-بنص كتابه سبحانه
؟! ولكنه قد أدى هذه الفريضة بعن أنه ل يطالب با بعد ذلك مرة أخرى؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
-1قال الشيخ " :ل يتقبل مِن التقي " وهو سبق لسان.
263
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :من عليه دين وليس عنده الوفاء لكن جهة عمله تتكفل بإرجاع الق لصحابه على تقدير
وفاته ؟
ج :إذا ثبت هذا حقا بأن تلك الهة تقوم بعد ذلك بتأدية هذا الال إل أصحابه وكان هذا الدين مؤجل أو
كان صاحبه يرضى بالتأخي فل بأس بذلك بشيئة ال-تبارك وتعال-أما إذا كان هذا الدين حال فلبد من أن
يدفع الال إل صاحبه إل إذا أذن له بذلك ،ث أيضا ل ينبغي للناس أن يرجوا غيهم تد الواحد يذهب إل
غيه "يا فلن أنا أريد الج وأريد منك أن تؤخرن" أو ما شابه ذلك فكثي من الناس على كل حال سيقولون
لذا السائل "اذهب إل الج" لكن هل هم راضون بذلك حقا ؟ قد يقول قائل العبة با ذكروه وال أعلم با
صدورهم نقول له لبد من النظر والتأمل ف هذا المر فقد يقول لك النسان بلسانه وهو ل يرضى بذلك،
الصل أن تؤدي هذا الال إل صاحبه ول تذهب إل الج إل بعد أن تؤدي ما عليك لكن إذا كنت واثقا من
صاحبك مطمئنا إليه تام الطمئنان كما يعرف عند أهل العلم بالتعارف أو ما شابه ذلك فل بأس بذا بشيئة
ال-تبارك وتعال-أما إذا كان المر بلف ذلك فل ،وكثي من الناس يدعون بأن هذا من المور الت
يتعارفون عليها أو بأنه واثق من أمر صاحبه ولكن المر بعكس ذلك يتساهلون ف هذه المور يدّعون أن
هنالك عُرفا بينهم ف هذه القضايا وف غيها من القضايا وليس هنالك عرف ف حقيقة الواقع ،إذن لبد من أن
يكون واثقا من ذلك تام الثقة أما إذا كان مرد ظن وتمي أو ما شابه ذلك فهذا ما ل يُلتفت إليه.
س :ما حُكم الذهاب إل الج لِمَن عليه َديْن ؟
حلّل.
ج :ل يَخلو ذلك مِن أَحَد أمريْن اثني :إما أن يَكون هذا ال ّديْن ُمحَرّما ،وإما أن يَكون هذا ال ّديْن مُ َ
حرّما فليس لَه أن يَذهَب إل تأدي ِة الج إل بعدَ أن يَت َطهّر مِن هذه العصية الت وَقَ َع فيها وَيتُوبَ توبةً فإن كان مُ َ
نصوحا إل ربّه تبارك وتعال ..هذا إذا كان يُرِي ُد أن يَتُوب ،أما إذا كان ل يُرِيدُ أن يَتوب ف حقيقة الواقع ..
وعلمةُ الذي يُرِيدُ أن َيتُوب أن َيبْذُل الغالِي والرخِيص ف سبِي ِل التوبةِ والرجوعِ إل ال تبارك وتعال ،أما إذا
كان يُرِي ُد أن يَشترِي العِمَارَات ويَشترِي الراضي أو ما شابه ذلك ويَُلقْلِ ُق بِلسانِه يَقول " :أُرِيدُ أن َأتُوب "
صيََتيْن ..معصي ِة الوقوعِ ف مَحظُورِ فهذا ف واقِ ِع المْر ل يُرِيدُ أن َيتُوب فليَذ َهبْ إل الج لِئل يَجْمَعَ بيْن مع ِ
س مِن الّتقِي وأنّ ال-تبارك وتعال- ال ّديْنِ الـمُحرّم ومَحظو ِر عدمِ تأ ِدَي ِة الج ولكن ِلَيعْلَم عِلْ َم اليقِي بِأنّه لْي َ
ب بِها إذا تاب-مثل-ف الستقبَل. ث إنه ل يُطاَل ُ جتُه صحِيحة بِحي ُ ل يََت َقبّلُ إل مِن الّتقِي وإنّما تَكون َح ّ
خلُو :إما أن يَكون ُموَقّتا ِبوَقت ،وإما أن يَكون ف ُحكْ ِم الوقّت ،وإما أن يَكون أما ال ّديْن إذا كان مُحَلّل فل يَ ْ
ُمؤَجّل.
فإن كان مُوقّتا بِوقت فلبد مِن أن يَقضِي ذلك الدّين.
264
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ت مِن الوقات-فلبد مِن أن يَقضِي وهكذا بِالنسبةِ إل ال ّديْن الذي هو ف ُحكْ ِم الوقّت-أي الذي لَم ُي َقيّد بِوق ٍ
ضعَه مع شخصٍ على سبِي ِل المانة بِحيثُ يَدَْفعُه إل صاحبِه. ذلك إل إذا وَ َ
حذُورٌ أو ج ُد ما يُمكِن أن يُقضَى بِه ذلك ال ّديْن عنه َأنْ لو أَصابَه مَ ْ وأما الدّين الؤجّل فل إشكال فيه إذا كان يَ ِ
مَا شابه ذلك ..مثل إنسانٌ عليه ألفُ ريال لِشخص وهو يَملِك مقدار ما يُساوِي ذلك اللف ف ْلُي َوثّق ذلك
ي يَثِ ُق بِه
ضعُه مع َأمِ ٍ
ي عَدْل وَيضَع ذلك الصك مع صاحبِ الق أو َي َ الدّين بِصَك شرعِي يُشهِ ُد عليه شاهِدَ ْ
ب الق بِأنّه قد وَضَ َع الصك الذي ُيثِْبتُ لَه ذلك الق مع فلن بن فلن الفلن أو ما شابه ذلك، خبِر صاح َ وْليُ ْ
لنّ كثيا مِن الناس-ولِلسَف-يُؤمَرُون بِأن ُيؤَدّوا بعضَ المانات إل أَصحابِها ث َيَتأَخّرُون ف ذلك وقد
ب الق يَسأَل مَن عليه يَمضِي العام أو أَكثَر مِن ذلك ول يُوصِلُون تلك القوق إل أصحابِها ث يَأتِي صاح ُ
الق ويُخِبرُه بِأنّه قد أَرسَلَه منذُ فترةٍ مِن الزمان مع شخص ولَم ُيؤَدّ ذلك الشخص ولِلسَف الشديد ،ومِ ْن هنا
َنقُول إ ّن مَن أَرسَلَ حقّا لِشخصٍ مع شخصٍ آخَر أنّه لبد مِن أن يَسأَل ذلك الذي لَه الق هل وَصَلَه ذلك
ط أو ما شابه ذلك؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق. الق الذي لَه أو لَم َيصِلْه مَخاَفةَ النسيان أو التفرِي ِ
لكن بقي أن النسان قد يكون ل يتول شخصا لنه ل تقم عليه الجة بولية ذلك الشخص فإذا ذهب لتأدية
الج عنه فإنه لن يدعو له على سبيل الستقلل ويكون ذلك الشخص ف حقيقة الواقع من أهل الصلح ولكن
هو ل تقم عليه الجة فمثل هذا ل ينبغي أن يذهب هذا الشخص أن يج عنه إل إذا أخبه أو ما شابه ذلك
ولكن قد يكون ف الخبار شيء من المور الت ستعقب ذلك ما ينبغي أن ل يقع فيه النسان فإنه إذا قال له:
"لن أدعو لك" أو "أنا ل أدري بالك" أو ما شابه ذلك فإنه ما لشك فيه بأنه سيقع ف نفس ذلك الشخص
من هذا النسان ،نعم إذا دعاه إل التوبة إل ال والرجوع إليه أو ما شابه ذلك وتاب ورجع إليه
وثبتت وليته فالمر ل إشكال فيه ،فإذن من حيث الواز هنالك شيء لكن-كما قلت-يكن أن نقول بواز
ذلك ولكن بقي ما ذكرناه من اللحظة الت لبد من اعتبارها ،بقي هناك أن كثيا من الناس يهتمون بمع
حطام الدنيا الفانية فتجد الواحد منهم يذهب يبحث عن شخص يج عنه ويراعي البلغ ،إذا كان هذا البلغ
أكثر من غيه فإنه يج عن ذلك الشخص ولو كان ذلك من أعصى العصاة أما إذا وجد رجل صالا ول يبذل
له ما يريد من الال فإنه لن يلتفت إليه مثل هذا ف حقيقة الواقع ل يكن أن نقول إنه يوز له أن يج عن غيه،
ذلك لن النسان ينبغي له عندما يذهب أن يج عن غيه أن ينوي بذلك أن يصل إل تلك البقاع وأن يدعو
له ولعموم السلمي ولذلك الشخص الذي يج عنه إن كان من أهل الصلح وكذلك أن يعي ذلك الشخص
على طاعة ال-تبارك وتعال-أما أن يكون قصده أن يمع هذا الطام الفان فهذا ما ل يقل به أحد من أهل
العلم؛ والعلم عند ال.
ج :على كل حال؛ نَحن نَدعو الناس ..نَدعُوهم أن يَسألوا أهلَ العلم ف مثلِ هذه القضايا مِن قب ِل أن يَفعَلوا
ض المور الت قد تَكون مُخالِفة لِلشرع أو قد يَكون الوْلَى بِخلفِ ما فَعَلوه ،وقد قالَ أه ُل العلم:
بع َ
ل َخيْ َر فيها إنّها َلبَلَهُ س بِها َت َفقّهُ
عِبَا َدةٌ َلْي َ
ج ِة عنها ،و- فكان الوْلَى لِهذه الرأةِ أن تَج َمعَ هذه الموال وبعدَ ذلك تَقوم بِإِيـجَا ِر مَن يَقوم بِتأديةِ هذه ال ّ
حتَاجِي إليها فل مانِع على كلّ حال-وجو ُه اليْ ِر والبِر كثية ،فإن كانتْ هذه الموال ُتوَزّع هناك على الـمُ ْ
ب ف ُهنَالِك وُجُوه ف هذه ف ذلك وف ذلك خيْر بِمشيئة ال تبارك وتعال ،وإن كانتْ ُتوَزّع على مَن هَبّ ودَ ّ
ض الكتب أو بعضُ الشرطة أو ما شابه البلد َأوْلَى ..مِن نَشْ ِر عِلم ..يُعانُ بِها بعضُ الفقراء أو تُ ْطبَ ُع بِها بع ُ
جمّع هذه الدراهم مِن أجْلِ أن َتصِل إل مبلغٍ مِن ذلك ..نَحن ل نقو ُل طبعا " :إنّ هذه الرأة َيجِب عليها أن تُ َ
ت غي مستطِيعة ف هذا الوقت وتَملِك مبلغا الال ثُم بعدَ ذلك َتقُوم بِتأجِي مَن يَقوم بِتأدِيةِ الج " لنّها ما دام ْ
جتَمِع
مِن الال فل يَلزَمها أن تَترُك هذا الال إل مَا بع َد سِت سنوات أو عشر سنوات أو ما شابه ذلك حت تَ ْ
إليها هذه الموال الت تَصِل إل أُجْ َرةِ الج ،فإمّا أن تَجْمَع إذا شاءَتْ أو أن تَقو َم بِتأ ِدَيةِ ذلك إل أَحْسَنِ وجهٍ
ض الموال إل مكة الكرمة ولكن مِ ْن وُجوهِ البِر والصلح ،لنّنَا نُشاهِد كثيا مِن الناس يَقومون بِإِرسا ِل بع ِ
كثيا مِن الناس الذين يَقومون بِتوزيعِ تلك الموال ل َيعْرِفُون الوجوهَ الصحيحة الت ُتوَزّع فيَقومون بِإِعطاءِ
حثَ عن فلن أو فلن أو ما شابه ذلك ..طبعا ذلك النفاق ل يَكونُ َحرَاما ولكن النسان ينبغِي لَه أن يَب َ
أَحْسَ ِن الوجوهِ وأوْلهَا؛ وال أعلم.
س :مَن ل يستطيع أداء الج إما لكب سنه أو لرض أل به ،هل الوْل له أن يؤجر ف حياته أو أن
يوصي بالج ؟ وهل هو مطالب أساسا بأن يؤجّر أو يوصي وهو على هذا الال ؟
ج :أما إذا كان قد وجب عليه الج من قبل وفرّط فيه فإنه ل شك بأنه يب عليه أن يؤجّر ف الوقت
الاضر-أي ف وقت حياته-أو أن يوصي بذلك ،أما إذا ل يكن واجبا عليه من قبل فإن لهل العلم خلفا،
وقد ذهبت طائفة من أهل العلم إل أن النسان إذا كان واجدا للمال ول يكن قادرا ف يوم من اليام أن
يذهب إل الج أنه ل يلزمه أن يؤجّر أو أن يوصي بالج وذلك لن من شرط ذلك أن يكون قادرا على
الذهاب إل تلك الماكن القدسة ول يكفي أن يكون واجدا للمال ،وذهبت طائفة من أهل العلم إل أن ذلك
يب عليه واستدلوا بظواهر الحاديث فعلى هذا الرأي الثان من كان واجدا للمال ولو ل يكن مستطيعا ف
وقت من الوقات على الذهاب إل الج أو كان قادرا على الذهاب-على الركوب مثل أو ما شابه ذلك-
ولكنه ل يكن ف ذلك الوقت واجدا للمال ول يد الال إل بعد أن صار عاجزا عن الذهاب فإنه يب عليه
الج على هذا الرأي ،ول شك بأن هذا الذي تؤيده ظواهر النصوص وإن كانت ليست بصرية ف ذلك
ومهما كان فهذا القول أحوط وأسلم ،فل ينبغي للنسان الذي منّ ال-تبارك وتعال-عليه بالال الطيب
267
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
اللل أن يفرّط ف ذلك لن ف مثل هذه السائل الت يشتد فيها اللف ولسيما عندما تكون الدلة أقرب ما
تكون إل ذلك الرأي فأن النسان ل ينبغي أن يفرّط فيه ،أما من حيث هل الفضل للنسان أن يؤجر ف حياته
إذا كان يعرف من نفسه أنه ل يستطيع أن يذهب أبدا إما لكب سنه أو لنه آيس من الشفاء بسب الظاهر ..
هل الفضل له أن يؤجّر ف حياته أو أن يوصي بذلك ؟ لشك أن الفضل له أن يؤجّر ف حياته ذلك ،بل
الفضل للنسان أن يؤدي ما عليه من جيع القوق ف حياته وإنا يؤخر الوصية للقارب الذين ل يرثونه فإن
الوصية للقارب ل يكن أن يؤديها النسان ف حياته بل لبد من أن تنفّذ بعد وفاته ،أما ما عليه من كفارات
أو ديون أو ما يريد أن يتبع به أو ما شابه ذلك فإن الول أن يأت به ف حياته ،ذلك لن النسان ل يدري
ماذا عسى أن يعرض للورثة أو للوصي أو ما شابه ذلك وهل سيؤدون ذلك على الطريق الطلوب أو ل ث
النسان أيضا ل يضمن أن يبقى معه الال إل أن يوت فقد يضيع منه أو قد تصيبه جائحة أو ما شابه ذلك ث
إن النسان لشك أنه إذا أداه ف حياته ..ل شك أن هنالك فرقا بينما إذا أداه ف حياته أو أداه بعد ذلك لن
النسان قد ل يبال بالال بعد وفاته أما ف هذه الياة يكون حريصا عليه غاية الرص فإذا أداه ف حياته فل
شك أنه أول من جيع هذه الوجوه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
والت جاءت الحاديث الصحيحة الثابتة عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-الت تدلّ على عظيم
فضْلها.
فمَن أراد أن يَقوم بأداء هذه الشعية السلمية العظيمة وأن يُؤدّيَ هذه الفريضة الت افترضها ال-تبارك
وتعال-عليه فعليه أوّلً أن يتخلّص مِن الديون الت عليه إذا كانت حاضِرة ،وإن ل تَكن حاضِرة فعليه أن يَقوم
بتوثيق تلك الديون الت عليه ،وذلك بأن يَكتب ذلك عند كاتب ِثقَةٍ صالِح يُؤخذ بكتابته وأن يُشهِد شاهديْن
عَدَْليْن على ذلك ث بعد ذلك يَقوم بوضْع ذلك الصكّ الشرعي إما عند صاحب القّ-وهو ا َلوْل-أو أن يَضع
صفَهذلك مع ثقة أمي ث يُخبِر صاحب القّ بأنه قد وضَع الصكّ الذي وثّق به ماله مع فلن بن فلن وأن َي ِ
بصفة ل تَخفى على صاحب ذلك الق ..هذا بالنسبة إل حقوق العباد الت عليه ..نعم إذا كانت تلك
القوق حاضِرة وسَمَحَ له مَن له ذلك الال بأن يُسافِر وبعد ذلك يَقوم بتأدية ذلك ال ّق إليه وكان هو يَملِك
ذلك الال الذي يُساوِي ما عليه مِن القوق فإنه ل مانع مِن ذلك لكن ل يَنبغي له أن يَقوم بطالبة الناس أن
يَسمحوا له بذلك.
فإذن إذا كانت عليه حقوق فلبد مِن أن يَكون يَملِك مِن الال ما يُساوي تلك القوق الت عليه ولبد مِن أن
يُوثّق ما عليه مِن مال.
صيّتَه ،بل الوصية وتوثيق القوق مِن المور الت لبد منها سواءً أراد النسان الج ث عليه-أيضا-أن يَكتُب و ِ
أو ل يُرِد وسواءً كان ذلك ف وقت الج أو ل ،وذلك لِما ذكرناه مِن أنّ النسان ل يَملك مت يأتيه الوت
فل يَدري مت يأتيه ومت يَعرِض له وقد تَضيع حقوق الناس بوته وعدم عِلم ورثتِه أو بتساهلِهم أو تساهلِ
بعضِهم بتأدية ما عليه مِن القوق ،والديث قد نصّ-وهو صحيح ثابت-على أ ّن النسان لبد مِن أن يَقوم
بكتابة وصيتِه وأنه ل يَجوز له أن يَبيت ثلث ليال إل ووصيتُه مكتوبة ،أو ما هذا معناه ،وهو حديث صحيح
ثابت ،وذكرناه بعناه ل بلفظه.
و-كذلك-عليه أن يُهّيئَ مِن الال ما يَكفيه لِسدّ حاجتِه مِن الوقت الذي يَخرُج فيه مِن بلدِه إل أن يَرجِع إل
بلدِه ويَأخ ُذ مقدارا مِن الال يَكفيه لس ّد بعض المور الت قد تَعرِض له مِن مرض أو مِن وجوب فِديةٍ أو جزاءٍ،
لنّ النسان قد يَقع ف بعض المور الت يَجب عليه بسببها الفِدية أو يَجب عليه بسببها الزاء ،وهي أمور
سيأت توضيحها ف مناسبة أخرى بشيئة ال تبارك وتعال.
و-كذلك-عليه أن يَقوم بتعلّم أمو ِر الج ،لنّ كثيا مِن الناس-وللسف الشديد-يَذهبون لتأدية هذه الفريضة
وهم ل يَعرِفون عن كيفية أدائها شيئا ..منهم مَن يَعتمِد على أنه سيُرافِق فلنا أو فلنا أو أنه سيَبحث عن
مُ َطوّفٍ أو ما شابه ذلك ،وهذا أمر ل يَنبغي ،ولستُ أريد بالتعلّم أن يَتعلّم النسان الدقائِق الفقهية الت ذكرها
العلماء ف كتبهم ،فإنّ هذا المر مِمّا ل يَقوى عليه إل قلّة قليلة مِن الناس ،وإنا أريد أن يَتعلّم النسان أهمّ
269
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الناسك ،وهي أمور سهلة بشيئة ال تبارك وتعال ،فلبد مِن أن يَعرِف مِن أين يُحرِم ،وما هو الذي يَجوز له
ف الحرام وما هو الذي ل يَجوز له ف الحرام ،و-كذلك-لبد مِن أن يَعرِف كيف يَقوم بتأدية الج ..مِن
إحرام وطواف وسعي وإحلل بِالنسبة إل العمرة ،وكَذلك بالنسبة إل الج ..يُضاف إل ذلك الوُقوف ِبعَرَفَة
والبيت بالزْدَلفَة مَعَ الدّعاء ف ذلك ا َلوْضع الشريف ،والـ َمبِيت بِمن مع الرمي ،والذّبح بِالنسبة للمتمتّع
والقَارِن ..أي ذبح الدي واللق ،إل غي ذلك مِن المور ،وهِيَ ُأمُور يَسِية سَهلة ،وقد كَتب فِيها كثي مِن
أهل العلم بعضَ الؤلّفات ،ومِن الؤلّفات الفِيدة الختصَرة الت َكتَبها العلماء-جَزاهم ال تبارك وتعال خيا-
لل ُمْبتَدئي الكِتاب العْروف الـمُنتشِر الشهور بِكتاب " تَلقِي الصبيان " ،فإنّ الشيخ المام السالي-رحه ال
تبارك وتعال-ذَ َكرَ أمورا مهِمّة بالنسبة إل الج ف هذا الكِتاب ،ول يَنبغي للنسان أن يَشتغِل ِبتِلك الذكار
الت ذَ َكرَها كَثي مِن أهل العلم وبعضها موجود ف " تلقي الصبيان " ..نعم إذا كان َيحْفظها فهي حسنَة
جِدا ،أما أن يَشتغِل ِب َفتْح كتاب أو بِمتاَبعَة فلن أو فلن ول يَخشَعُ ف ُدعَائه-وما شابه ذلك-فهذا مِمّا ل
يَنبغي ،بَل يَنبغي أن يَأتِي بِالدْعية الت يَحفظها ويَكون عند التيان ِبهَا خَا ِشعًا ل تبارك وتعالَ ،أمّا ما عدا
ذلك فل يَنبغي له أن يَتكلّف ذلك ..كثي مِن الناس َيهْتَمّون ببعض الزئيات البَسيطة ولكنهم ل يَدرون شيئا
عن المور الهمّة الت تترتّب على ذلك ،فإذن َتعَلّّم السَائل التعلّقة بِالج مِن َقبْلِ الذهاب إل الج مِن المور
جهَلون حت المور البَسيطة كالتلبية ،فكثي الهمّة الت ل يَنبغي الّتفْرِيط فيها ..وكثي مِن الناس-كما قلتُ-يَ ْ
مِن الناس-وخَاصّة مِن الكبار ومِن النساء-ل يَعرِفون التَلْبية ،وإنا يَذهبون إل الج فإذا رَكِبوا ف السيارة-
مثل-قَام واحد مِن الناس ِبقِراءة تلك التّلبية وهم ُيتَابِعونه عليها ونظرا لعاميتهم قد تَفوتُهم بعضُ الكلمات مِن
التلبية ول يَأتون بِها على وجهها الصحيح الشْرُوع الثابت عن النب صلوات ال وسلمه عليه.
كذلك هنالك ُأمُور ..بِأن يُودّع النسانُ أقارِبه ،وبأن يُؤدّي ما عليه مِن كفارات ونُذُور أو ما شابه ذَلك أو
يَقوم ِبتَوْثيق ذلك ،فَهذا مِن المور الت تَدخل ف ضِمْن الوصية فالوْل للنسان أن ُي َكفّر مَا عَليه من أيْمان
سواء كانت عَن تَرك صيام أو كان بِسبب ِحْنثِهِ ف بَعض اليْمَان مثل ،و-كذلك-إذا كان قد أفْطر شيْئا مِن
ب عليه صو ٌم بسبب نذْر أو بِغي ذلك مِن المور فلبد مِن أن يَقوم ِبتَأدِية ذلك ،مافة أن شهر رمضان أو وَ َج َ
يُصيبه حادثٌ-ل قدّر ال تبارك وتعال-عند تَأْ ِدَيتِه للحج ،ول يَنبَغي للناس أن يَخافوا مِن تَأْدية الناسك بِذِكْرِنا
ض الناس يَخافون مِن تأدية لِهذا الكلم أو بِذِكْ ِر بَعض الناس لِذلك ،فالج َسهْل بِمشيئة ال ،لنن أعرِف بع َ
الج ِلمَا يَسمعونه مِن زِحام-أو ما شابه ذلك-عند تأدية الناسك وخاصة عند الرمي ،فهذه أمور َسهَْل ٌة يَسِيَةٌ
ج َهلُون ذَلك ..يَظنّون بأنه لبد مِن تأدية النّسُكِ الفُلن ف الوقت الفلن ف حقيقة الواقع ،وإنّما الناس يَ ْ
شقّة أو ما شابه ذلك ..ل ..مثل الرّمي-بِحمد ال ض الّتعَب أو ُتصِيبُهم مَ َ
س ويُصيُبهُم بَع ُفيُزاحِمون النا َ
تبارك وتعال-ف اليوم العاشر يَبدأ مِن طُلُوع الشمس على َقوْل كثرة كَاثِ َر ٍة مِن أهل العلم بَلْ ل يَقل أحد بِأنه
270
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
يَبدأ بَعد طُلُوع الشمس وإنّما الِلف هَل يَجوز قبْل طُلوع الشمس أو ل ؟ أمّا إذا طلعت الشمس َفهُو
مَشروع باتّفاق المّة السلمية قاطبة ،ويَمت ّد الوقت-عند طائفة مِن أهل العلم-إل منتصَف النهار ..كثي مِن
الناس لبد عندما يَأتون إل موضِع الرمي لبد مِن أن يَقوموا بتأدِية ذلك النّسُك ف ذلك الوقت ول معن
شقّة بإمكانه أن َيتَ َرّيثَ ساعة أو ساعتي أو أكثر ،بل ذهب بعض العلماء إل أنّ لذلك ،فإذا وَ َج َد النسان مَ َ
الوَقْت يَمتدّ إل غروب الشمس ،وبعضهم إل طلوع الفجر ،ونن وإن كنّا نقول :إنّ الوْل أ ّل يُؤخّ َر النسان
شقّة ولو بَسِيطة مُمكِن أن يَتأخّر إل غروب لِغي الشقّة إل ما بعد منتصَف النهار وإن كانت هنالك مَ َ
الشمس ،أمّا ما عدا ذلك ..أي عند عدم وجود الشقّة الشديدة فل يَنبغي له أن يتأخّر عن ذلك ،وهكذا
بالنسبة إل الرمي ف اليوم الثان ..أي ف اليوم الادي عشر وكذا ف اليوم الثان عشر وف اليوم الثالث عشر
لِمن أراد أن َيتَأَجّل ..أي أراد أن يَ ْمكُث ذلك اليوم فهو يَبدأ بِمنتصَف النهار ويَمتَدّ إل غروب الشمس بل
لليوم الادي عشر والثان عشر ..لِمن ل يَستطِع يَمتدّ إل مَا هو أبعد مِن ذلك ،و َشرْحُ ذلك ف موضعه
بشيئة ال ،وإنّما نُريد أن ُنَبيّن للناس بأنّ المر يَسي ،وبأنه ل يَنبغي لم أن يَتزاحَموا ف وقت-مثل عند
منتصف النهار-ويَتركون الوقتَ المت ّد الطويل ويُتعِبون أنفسهم و-كذلك-يُتعبون َغيْرَهم ،فهذا مِن المور الت
ل تَنَبغِي.
فهذا مِِن المور الت يَنبغي للنسان أن يَعرِفها عندما يَذهب إل تأدية الج ،ومِن أهَمّها-كما قلتُ-أن يَعرِف
مناسك الج ،وأن يُوثّق ما عليه مِن ديون ،وأن يَقوم بالّتوْبَة والنابة إل ال ،وذلك بِأن َيفِدَ إل ربه-تبارك
وتعال-وقد تَخلّص مِن كل ما عليه مِن حقوق ال-تبارك وتعال-وحقوق عبادِه وتاب وأناب إليه وإذا كانت
حهُم بَل َلْيسَ للمسلم أن يَهجُر أخاهبينه خصومات وبي غيه مِن عبادِ ال-تبارك وتعال-لبد مِن أن ُيصَالِ َ
ث يَلتقيان يُعرِض هذا ويُعرِض هذا عن صاحبه ،كما ثبت ذلك ف الديث عن النب صلوات ال فوق ثل ٍ
وسلمه عليه.
ي بِكيفية الج مِن الوقْت الذي يَخرج مِن بيته ..فيه مَاذَا يَصنع وهنالك أمور أخرى تَتعلّق بِهذا الوضوع ..أ ْ
إل أن يَرجع إل بَيْته مِن أذكار إل غي ذَلك ،سنُؤجّل الكلم عليها إل مناسبة أخرى ،وعسى أن يكون ذلك
ف اليام القريبة إن شاء ال تعال.
س ّد دُيُونَه فيما لو حدث له
س :ذكرت بِأ ّن النسان إذا كان يَملِك مِن الـمَتَاع ومِن الال مَا َي ُ
مكروه-ل قدّر ال-فَلَو كان يَمتلِك بَيْتَه فقط وسَيَارته ،فهل ذلك يَكفي لكي يُضَمّنَه الوَصِيّة ؟
ي موضع سيسكنون ؟! ل .. ج :هذه َأمُور ضرورية ،فل يُمكن أن يَقوم أولدُه بَِبيْع َبْيتِهم وبعد ذلك ف أ ّ
وإنّما إذا كان ذلك يَفضُل عن حاجته وحاجة أولدِه الضرورية ،و-أيضا-هذا ف ديون اللل ،أمّا ف المور
الح ّرمَة فعلى النسان أن يَتخلّص مِنْها ولو باع الغَالِي والرّخِيص ..فهذا ف المور اللل ،أمّا ف المور
271
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الح ّرمَة لبد مِن أن يَتخلّص وليس له أن َيتَأَجّل ..نعم إذا كان ل يَهمّه بأن يَبقى على معصية ال-تعال-
فنقول له " :اذهب إل الج ولكنّ ال-تبارك وتعال-ل يَتقبّل إل مِن التقي " ،أمّا أن يُقال لَه بأن يَترُك الج
ويَبقى على معصيته فهذا مِمّا ل يَصح ،فإذا وجد الناس ف قول بعض أهل العلم بأنّ " مَن كانت عليه ديون
م ّرمَة ليس له أن يَذهب إل الج بل عليه أن يَتخلّص ويَتوب " ..يُريدُون ذلك إذا كان هَذَا الشخص يُريد
حقّا أن يَتخلّص ،أمّا بعض الناس يَملِكون بعض الراضي أو بعض العقارات أو ما شابه ذلك مِن المور
ويَقولون " :نَحْن نريد أن نتخلّص ولكن ل يُمكن أن نَبيع هذه بل نَتأجّل حت نَجِد ثنا كبيا أو نَبن عليها
وبعد ذلك َنقُوم ِببَْيعِها " أو ما شابه ذلك فهؤلء-ف حقيقة الواقع-ل يُريدون أن يَتخلّصوا فعليهم أن يَذهبوا
إل الج لئل يَجمعوا بي معصيتي ..معصية تَ ْر ِك الج ومعصية البقاء على الرام؛ وال الستعان.
س :إذا تُوف النسان ول يَحُج مع أنه كان قادِرا على الج ف حياته ،فما الكم ؟ وإذا قلنا
حرَم عنه مِن مكانه أم مِن مكان الذي يَستأجِر عنه ؟
بِوجوب الج عنه ،فهل يُ ْ
ج :على كل حال؛ مَن وَجَدَ الستطاعة على الج فإنه يَجِب عليه أن يَذهب إل ذلك فوْرا على مذهب
ض أهل العلم إل جهور المّة: سبَه بع ُ
ي مِن أهل العلم ،وقد نَ َ
ح ّققِ َ
الـمُ َ
1
بِال َفوْرِ أَن ُيعَجّلَن إليه مَن وَجَ َد استطاعةً عليه
ولكنّ الناسَ كما قال هذا الشيخ-أعن المام السالي-رحه ال تبارك وتعال:
وأنه كَال ّديْ ِن يَ ْزعُمُون وأكث ُر الناس يُؤخّرون
2
بِ ُزخْرُف ال َقوْ ِل مُخَا ِدعُون وهُم َلعَمْرُ ال َمغْرُورُون
سوّفُ ..ل يَذهب ف هذه السنة ول ف الت تَليها فتجد الواحد منهم يَجِد الال وهو ف صحة تامّة ولكنه يُ َ
ويَ ْمكُثُ عشرات السني وهو ل يَذهب وإذا سُئل فيقول إنه سيَذهب ،والج ليس على الفور ،أو ما شابه
ذلك مِن الُرافات ،والذين قالوا " :إنه على التراخي " ما أرادوا بِذلك هذا العن الذي يُعبّر عنه هؤلء الهلة
سوّفبِهذا الكلم ،فينبغي لِلنسان بل يَجِب عليه إذا وَجَ َد الستطاعة أن يَذهب إل الج فوْرا وليس له أن يُ َ
ف ذلك أبدًا وْلَيتّقِ ال-تبارك وتعال-فهو ل يَعلم إل مت سيَبقى ف هذه الياة فربا يُفاجِؤه الوت ول يَأتِ
ضلً
العامُ القادمُ الذي يَزعم بِأنه سيَذهب فيه إل الج فما مِن أح ٍد ِمنّا يَملِك بِأنه سيَبقى لَحظ ًة مِن اللحظات ف ْ
مِن أن يَزعُم بِأنه يَبقى إل السنة القادمة أو الت تَليها أو ما شابه ذلك.
ت تَجِد مَن
وأنا قلتُ ف بعض الفتاوى :إنّ الرأة إذا منعها زوجُها مِن الج فل طاعةَ له ف ذلك إذا كان ْ
يُرافِقها مِن مَحارِمها ،وهكذا بِالنسبة إل الوَلَدِ إذا مََنعَه أبوه أو أمه أو كِلها عن الج-وأعن بِذلك طبعا
-1المام نور الدين السالي ،جوهر النظام ف علمي الديان والحكام ،كتاب :الج ،باب :النيابة ف الج.
-2المام نور الدين السالي ،جوهر النظام ف علمي الديان والحكام ،كتاب :الج ،باب :النيابة ف الج.
272
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
جةَ الفريضَة-فليس له أن يَسمَعَ لَهما فل طاعة لَهما ول كرامة ،لنّ الطاعة تَكون ف الـمَعروف وهذا حّ
النهي منهما أو مِن أحدِها ليسَ ف العروف بل هو نَهي عن طاعة ال .
أما بالنسبة إل مَن مات ول يَأت بِفريضة الج مع أنه قادِر على التيان بِها فعلى كل حال أمرُه إل ربّه تبارك
وتعال.
فإن كان قد أوصى بِذلك فلبد مِن تنفيذ وصيته ،وقد اختلف العلماء ف هذه الوصية هل تكون مِن رأس الال
أو مِن الثلث ؟
فذهب بعضهم إل أنا تكون مِن رأسِ الال ،وهذا القول هو القول الصحيح عندي ،لِحديث ( :ف َديْنُ ال أَحَقّ
أن ُي ْقضَى ) وما شابه ذلك.
وذهب بعض أهل العلم إل أنا تكون مِن الثلث.
ت الوصايا الواجبة الثلث ول يَبقى منه بقية هل تُخرَج عنه الزكاة 1أو ل ؟ وهذا على وفائدةُ ذلك إذا اسَتغْرََق ْ
ق العباد تُقدّم على حقوق ال تبارك وتعال " ،وهو أحد القوال ف السألة. رأي مَن يَقول " :إ ّن حقو َ
وبعض العلماء يقول :إ ّن حقوقَ ال تُقدّم ،وذلك لِحديث ( :ف َديْنُ ال أَ َحقّ أن ُي ْقضَى ).
ص بيْنها.
ص ُ
وبعض العلماء يقول :إنه يُحا َ
وال ّق أنّ َديْ َن العباد ُيقَدّم ،وذلك لنه مبن على الـمُشَاحّة ،أما ديونُ ال-تبارك وتعال-فال-تبارك وتعال-
غَِنيّ عنها ..وإن كانت واجبة لكن ل يُمكِن أن ُتقَدّم على ديو ِن العباد ،وحديثُ ( :ف َديْنُ ال أَحَقّ أن
ُيقْضَى ) ل يُرا ُد بِه أنه ُيقَ ّدمُ على َديْ ِن العباد ،وإنا يُرا ُد مِن ذلك الوجوب ..أي أنه لبد منه-طبعا-وذلك إذا
َأمْكَن.
ق ال-تبارك وتعال-سواء كانت حَجّا أو غيْرَه تُخرَج مِن أصل الال ،فما دام الال ونَحن قد قُلنا :إ ّن حقو َ
َيفِي بِذلك فلبد مِن إخراج ذلك ،أما إذا ل يَكن هنالِك شيء مِن الال بعدَ أدا ِء حقوقِ العباد-فل حول ول
قوة إل بِال-فيَنبغي لقاربه أن يَحُجّوا عنه.
أما إذا كان ل يُوصِ بِذلك فإ ّن أهل العلم قد اختلفوا ف ذلك:
ص بِذلك. والذي عليه جهور أصحابنا هو أنه ل تُخرَج عنه الجّة ،لنه ل يُو ِ
وذهب بعضُ التأخّرين إل أنه تُخرَج عنه ،لِلحديث الذي ذَكَ ْرنَاه.
ث مُحتمِل ،وأنا أقول :إنه وهذه السألةُ-ف حقيقة الواقع-ليس فيها دلي ٌل واضِح على أح ِد المْ َريْن والدي ُ
حثّ الورثة إما أن يَذهبوا لداء ال ّج عنه أو أن يُخرِجوا ذلك مِن مالِه والال فَانٍ وكما مات هو عنه يَنبغي أن ُي َ
فإنم سيَموتون عن ذلك ..بَقي إذا كان ف الورثة بعضُ الصّغار الذين ل َيصِلوا إل مرتبة التكليف فيُمكِن أن
-1لعل الشيخ قصد أن يقول " :يُؤدّى عنه الج " بدل مِن " تُخرَج عنه الزكاة ".
273
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
حّثهِم على ذلك فإن ل يَرْضَوا بِذلك فإنّ لنا كلما ف ذلك بِمشيئة ال،ُينْتَظَر هؤلء ويَقوم بعض أهل العلم بِ َ
ب هذا ،لِعدم وجودِ دليلٍ صريحٍ ف السألة وهذا الديث الذي ذَكَ ْرنَاه مُحتمِل؛ وسأتكلّمح ّ
أما الن فإننا نُ ِ
على هذه السألة بِتوسّع ف الدروس القادمة بِمشيئة ال.
أعمال الحج
ح ّدثُونا-باختصار-عن صفة الج ..ما الذي يأتيه الاج وما الذي يذره ؟
س :نريد منكم أن تُ َ
ج :إنه ل يَخفى على أحَد أ ّن الجّ مِن أَفْضَل الطاعات وَأعْظَم القُرُبات الت َيَتقَرّب بِها النسان إل ربه تبارك
وتعال ،ولذلك يَجب أن تَكون وِفْ َق سنّة رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-الت ثبتتْ عنه،
فالرسول-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-حَ ّج وَبيّن للناس كيفية الج ِبفِعله وَبيّن بعضَ المور التعلّقة
بِذلك بِقولِ ِه وَبعْد أن َفعَل تلك الناسك قال ( :خذوا عن مناسِككمَ ،لعَلّي ل ألقاكم بعد عامي هذا ) ،وقد
اتّفقتْ المّة ف كثي مِن تلك المور ،واختلفتْ ف بعض المور هل هي ثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى
ت فيه الكَلِمَة فإنه يَنبغي
آله وصحبه وسلم ،فما اتّفقتْ عليه المّة السلمية فل إشكال فيه ،وما اختلف ْ
لِلنسان أن يَأخذ بِما ثبتَ عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
صفَة الج يَطول ،وقد أَفْرَ َد ُه كثي مِن أهل العلم بِمؤلّفات مُ َطوّلَة وبَحثوه ف كتبٍ أُّلفَت ف التفسي والكلم ف ِ
خصَ ذلك بِتلخيصٍ شديد بِكلمٍ متصَر. أو ف شروح الحاديث أو ف غي ذلك مِن المور ،ول بأس أن أَُل ّ
ب بل هو ركن مِن أركان السلم ،وأنه ل يَنبغي لِلنسان إذا استطاع سبيل إل ومِن نَافِلَة القول أنّ الج واج ٌ
ذلك أن ُيؤَخّرَه بَعْد وجوبه عليه ،لنه ل يَدري ماذا سيَحدث له ف الستقبل ،فقد يَأتيه الوت ول يَتمكّن مِن
تأدية هذا الفرْض وقد يَمرض ول يَتمكّن مِن ذلك أيضا ،وقد تَذهب أمواله فل يَتمكّن مِن تأدية هذا الركن
العظيم ،فلذلك إذا وَجد استطاعةً عليه فليس له أن يَتأخّر عن ذلك ،كما يَفعله كثي مِن الناس وللسف
الشديد.
حجّه وِبعُمرته وج َه ال تبارك وتعال ..ل يَقصد بذلك ريا ًء ول سُمعةً، ومِن أه ّم المور أن َي ْقصِدَ النسان بِ َ
فكثي مِن الناس يَرغبون ف أن يُقال " :إنّ فلنا ذَهب إل الج " أو ما شابه ذلك ويَ ْزعُمُون بِأنم يَقصِدون
ي النسان نيةً صحيحةً ل ال-تبارك وتعال-والدار الخرة وف الواقع ذلك مِمّا ل يَصح ،بل لبد مِن أن ينوِ َ
يَشوبُها َشوْبُ رياءٍ أو سُمعةٍ ،وَبعْد ذلك ُي َهّيئُ ما يسّره ال-تعال-له مِن الرزق اللل فيَذهب به إل تأدية
الج ،وقد تكلمنا على بعض الشروط التعلّقة بذلك ،ول أريد أن أطيل الكلم بذلك ف هذا الوقت ،وإنا
أريد أن أتكلم على ما يَفعله النسان مِن الوقت الذي يَخرُج فيه مِن بيته إل أن يَقوم بِتأدية هذا الركن
العظيم.
274
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فإذا أراد النسان الروج إل الج فَلْيُوَدّع أهلَه وأقاربه وليُخْلِص النية إل ال-تبارك وتعال-بعد توبةٍ
صادقةٍ إل ال-تبارك وتعال-وتأديةٍ للحقوق الت عليه وتَوْثِيق ما ل يُؤَدّه مِن القوق بصكّ شرْعِيّ
مع شهادة شهودٍ عُدولٍ ولْيَضعه مع أمي أو مع صاحب الق وإذا وضعه مع أمي فلبد مِن أن يُخبِر
صاحبَ الق بِذلك ،ث لِيَخرُج إل مكّة الكرّمة-شَرّفها ال تبارك وتعال-وينبغي له أن يَبحث عن
أصحابٍ صالي يُعينهم ويُعينونه على طاعة ال تبارك وتعال ،فإذا بَلَغ واحداً مِن الواقيت ..والواقيت
خسة:
-1ذو الُلَيْفَة لهل الدينة ولِمَن مَرّ با.
-2وذاتُ عِرْق لهل العراق ومَن كان ف ناحيتهم.
-3والُحْفَة لهل الشام ومَن جاء على طريقهم.
-4وقَرْنُ الَنَازِل لِمَن جاء مِن نَجْد.
-5ويَلَمْلَم لِمَن جاء مِن اليَمَن أو مَن كان طريقه عليها.
فمَن كان مِن أهل هذه البلدان أو كان طريقُه على ذلك اليقات فلْيُحرِم مِن هذه الواقيت ،ول ينبغي له
أن يُحرِم قبلها ،إذ إنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ل يُحرِم قبل ذلك ،فقد أحرم مِن اليقات ف
حجّة الوداع ،وأَحرَم كذلك ف العُمرة الت صَدّه عنها كفار قريش ،وكذلك ف العُمرة الت قضى با تلك
العُمرة الت صُ ّد عنها ،بل وقّت ذلك بقوله صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،ولو كان هنالك فضْل-
أي ف التقدم على ذلك-لَفَعَلَه النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أو لصَرّح بذلك ،أمّا وأنه ل
يَفعل شيئا مِن ذلك ول يُصَرّح بشيء منه فل ينبغي لحد أن يقول بأنّ ذلك أفضل ،وأما الواز فل
إشكال فيه.
وما جاء مِن الحاديث مِن أنّ الفضل أنْ يتقدّم النسان على اليقات فذلك مِمّا ل يَصح عن النب
صلوات ال وسلمه عليه ،وفِعل الناس ل حُجّة فيه ..هذا إذا صح عن أحد مِن الصحابة أو غيهم،
ولستُ أريد أن أطيل الكلم على صحّة وعدم ثبوت تلك الروايات الت رُويت عن بعضهم.
فإذا وَصَل إل اليقات وكان يُريد حجّا أو عُمرة فإنه يُحرِم مِن ذلك.
والعُمرة تكون ف سائر السنة إل ما استُثن مِن اليام الت يكون النسان فيها ف الج ،فل يكن أن يَعتمِر
ف اليوم العاشر أو ف اليوم الادي عشر أو ف اليوم الثان عشر وكذلك قبل أن يَنتهي مِن الرمي ف اليوم
الثالث عشر لِمَ ن تأخّر.
أما الج فإنه ل يكون إل ف أشهر الج وأشهر الج معلومة فهو يكون ف شوال وف ذو القعدة وف اليام
الول مِن شهر ذي الجّة.
275
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أما بالنسبة إل بقية شهر ذي الجّة فإنه وإن قال مَن قال مِن أهل العلم بأنه مِن أشهر الج لكنهم ل
يريدون بذلك أنّ الحرام يَصح فيه ،إذ إنّ مَن ل يَقف بعرفة قبل طلوع الفجر مِن اليوم العاشر مِن شهر
ذي الجّة ..أي قبل طلوع فجر ليلة اليوم العاشر منه فإنه ل حج له باتفاق العلماء قاطبة وبنصّ الديث
قبلَ ذلك ..أي بنصّ الديث الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
فإذا جاء إل اليقات فإنه ينبغي له أن يَغتسِل ،كما ثبت ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه
وسلم ،فقد اغتسَل وأمرَ بالغتسال بل حت أنّ الائض والنفساء تَغتسِلن ،فقد ثبت عن النب-صلى ال
عليه وعلى آله وسلم-أنه أمرَ زوجَ أب بكر-أمّ ممد بن أب بكر-بأن تَغتسِل مع أنا نفساء ،فمَن كان
يستطيع على الغُسل فيُشرَع له الغُسل ،وهو وإن ل يكن واجبا ولكنه سنّة ثابتة عن النب فل ينبغي
التفريط فيها ،أما مَن كان مريضا ل يقوى على الغُسل لِ شدّة البد-مثل-أو ل يَجِد ماءً-والمد ل الن
موجود بالنسبة لِمَن مَرّ على الواقيت-فإنه ل بأس عليه بِترك الغتسال ،إذ ل قدرة له عليه ،ول يُشرَع
ف حقّه التيمم على القول الصحيح الراجح ،لنه ل يَرِد حديثٌ عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
يَدلّ على التيمم ،ول يكن قياسُه على التيمّم لِلوضوء للصلة ولغسل النابة ..نعم إذا كان ل يَقوى على
الوضوء وأراد أن يُصلّي فإنه يَتيمّم لِلصلة ل لرادة الحرام ،فإذا اغتسَل وتوضّأ فإن كان الوقتُ وقت
فريضة فإنه يُصلّي الفريضة ويُحرِم بعد ذلك كما سيأت إن شاء ال ،أما إذا ل يَكن الوقتُ وقت فريضة أو
قد صلّى قبل ذلك فاختلف أهل العلم هل يُصلّي نافلةً ويُحرِم بعدها ؟ ول يَثبت عن النب ما يَدلّ
على ذلك ،إل أنه إذا دخل السجد فإنه يُصلّي ركعت التحية ويُحرِم بعد ذلك-كما سيأت بشيئة ال تبارك
وتعال-أو كان الوقتُ وقت الضحى وكان يُصلّيها مُطلَقا أو ف بعض الحيان-أعن يُصلّي سنّة
الضحى-فإنه يُحرِم بعدها أو أراد أن يُصلّي ركعت السنّة الت تُصلّى بعدَ الوضوء فإنه يُحرِم بعدَ ذلك
كما سيأت بشيئة ال تبارك وتعال ،أما أن يُخصّصَ ركعتي لِلحرام فالصحيح أنه ل يَثبت ف ذلك شيءٌ
عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وما دام ل يَثبت شيءٌ ف ذلك فل يُمكِن أن نقول بشروعية
شيءٍ ول نلك دليل يَدلّ عليه ،فإذا صلى-إذا أراد الصلة-فإنه يُحرِم-ف ذلك الوقت على رأي بعض أهل
العلم ،وف رأي بعض أهل العلم أنه يُحرِم-إذا رَكب راحلته ،وهذا هو الذي دَلّ عليه الديث الصحيح
الذي ثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وأما بعد الصلة فإنه قد ورد حديثٌ عن ابن عباس وقوّاه بعض الناس ولكنه ل يَثبت عن النب مِن جهة
السناد.
وهذا اللف إنا هو ف الفضل ،وأما مِن حيث الواز فالمر جائز ول إشكال فيه.
276
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
والحرام يَكون بِلبْس ثوبَي الحرام بالنسبة لِلرجُل ..يَلبس إزارًا ساترًا ولبد مِن أن يكون ساترا
لِعورته.
وكثي مِن الناس-هدان ال تعال وإياهم-يُخرِجُون ما هو أسفل مِن السرة مع أنّ ما بيْن السرة والركبة
عورة-وهذا الكلم بالنسبة إل الرجل ،وسيأت ما يتعلّق بالرأة بِمشيئة ال تعال-فهذا أمر ل يَصح ..لبد
مِن أن يَستر ما بيْن السرة والركبة ،وإنا اللف ف السرة نفسها وف الركبتي ..نعم يُوجَد خلفٌ ف ما
هو أعلى مِن الركبتي ولكنّ الصحيح ما ذكرناه ،أما ما هو أسفل مِن السرة فل يكن أن يُرَخّص فيه،
فلبد مِن أن يَنتبِه النسان.
ويَلبس-أيضا-رِداءً ،ويَنوي الحرام وذلك يكون إما أن يُحرِم:
-1بِحج مُفْرد.
-2أو بعُمرة ث بعدَ ذلك يُحرِم بالج عندما يَنتهي مِن العُمرة كما سيأت إن شاء ال.
-3أو يَجمَع بيْن العمرة والج.
فالمور ثلثة :إِفراد ،وقِران ،وتَمتّع.
فالفراد هو أن يُحرِم بالج ،فإذا أتى مكّة الكرّمة طاف لِلقدوم وسَعى بيْن الصفا والروة ث يَبقى على
إحرامه حت يَنتهي مِن رمي جرة العقبة وف ذلك يُحِلّ ..أي ف اليوم العاشر.
وأما بالنسبة إل التمتّع فإنه يُحرِم أوّل بعُمرة ،فإذا أتى مكّة الكرّمة طاف بالبيت وسعى بيْن الصفا
والروة وأحَلّ مِن إحرامه.
وصِفَة الطواف أن يَبتدِئَ الطواف مِن ركن الجَر ..يُقابِل الجَر ويَنوي الطواف ويَطوف سبعة
أشواط ويُرْمِل ف طوافه ف الثلثة الشواط الول وكذلك يَضْطَبِع ولكنّ الضْطِبَاع-على الصحيح-
يَكون ف الشواط السبعة كلّها ،كما ثبت ذلك ف السنّة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وذلك
بِأن يَجعل وسَط الثوب تَحت إِبْطه اليْمن ويَجعل طَرفَي الرّداء على يَده اليُسرى ،فإذا انتهى مِن
الطواف فعليه أن يُرجِع ثَوب الحرام على ما كان عليه حت يُؤدّي الركعتي وقد سَتَرَ عاتِقَه ،فإنّ
ذلك أمر لبد منه ،كما ثبت ذلك مِن أمر النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،والجَر إن تَمكّن
مِن تقبيله فإنه يُقَبّلُه وإن ل يَتمكّن مِن تقبيله فإنه يَلمسُه بيدِه اليُمن ويُقَبّل بعدَ ذلك يدَه اليُمن
فإن ل يَتمكّن وكان ف يدِه عصا-وهو صعبٌ ف هذا الزمان-فإنه يَلمسه بعصاه فإن ل يَتمكّن أشار إليه
بيدِه وإذا أشار فل يُقَبّل يدَه ،وأما بالنسبة إل الرّكن اليَمان فإنه يَلمسه بيدِه إن تَمكّن ول يُقبّلها
وأما إذا ل يَتمكّن فإنه ل يُشي إليه ،لِعدم ثبوت ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،أما
بالنسبة إل الرّكْني الشامِيي وها الرّكن العراقي والشامي فإنه ل يُقَبّلهما ول يَلمسهما بيدِه ول يُشي
277
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
إليهما ،لعدم ثبوت ذلك عن النب صلوات ال وسلمه عليه ،وعند مقابلة الجَر يُكبّر ..يقول " :ال أكب
".
واستحب بعض العلماء أن يَقول " :بسم ال ..ال أكب " ،وذلك ل يَثبت ف حديثٍ مرفوع ،وإنا الثابت
التكبي ..نعم ثبتت التسمية عن ابن عمر رضي ال-تعال-عنهما ،أما الديث الرفوع فهو ما ذكرتُه.
وعند طوافه يَدعو بِما تيَسّر له ،وإذا دعا بشيءٍ مِن كتاب ال ..أي مِن اليات الت جاء فيها الدعاء أو
بشيءٍ مِن الثابت عن النب-صلوات ال وسلمه عليه-فذلك أفضل ،أما أن يَشغِل بترديد الدعية والذكار
خلْف مُطَوّف ول يَفْقَه شيئا مِن تلك الذكار أو تلك الدعية فهذا مِمّا ل يَنبغي لحد أن يشتَغِل به،
ولْيَحْذَر النسان مِن مزاحة النساء ومِن لَمْسِهِن فإنّ ذلك مِمّا يُنهَى عنه النهي الشديد ،فإذا انتهى
مِن الطواف-كما ذكرتُ-فَلْيُصَلّ ركعتي خَلْف القَام وإن ل يَتمكّن خَلْفه مباشَرة-وف ذلك
صعوبة شديدة ولسيما ف أيام الج-فإنه يُصلّي ف بُقْعة بعيدة عنه ولْيَجعله أمامه وإن ل يَتمكّن مِن
ذلك فَلْيُصَلّ ف أيّ مكانٍ مِن البيت ولو ل يَكن خلْف القَام ،ث بعدَ أن يُصلّي يَأت إل الجَر
ويَدعو ث يَتَوجّه بعدَ ذلك إل الصفا ولْيَسْعَ بيْن الصفا والروة سبعةَ أشواط ..مِن الصفا إل الروة
يَعُدّه شوطا وهكذا مِن الروة إل الصفا ،ولبد مِن أن تكون البداية مِن الصفا وأن تكون النهاية بالروة،
فلبد مِن أن يَنتبِه النسانُ لِذلك ،وَلْيَذكُر موله-تبارك وتعال-وهو مُستقبِلا لِ لبيت ف حالة صعوده
على الصفا والروة يقول " :ال أكب ،ال أكب ،ال أكب ،ل إله إل ال ،وحده ل شريك له ،له اللك وله
المد وهو على كل شيء قدير ،ل إله إل ال وحده ،أَنْجزَ وعْدَه ونَصَرَ عبْدَه وهَزَمَ الحزابَ
وحْدَه " ويَدعو بعد ذلك ث يَأت بالذّكر السابق ويَدعو بعد ذلك ث يَأت بعد ذلك بالذّكر السابق ،فإذا
انتهى مِن ذلك أحَلّ بِاللْق أو التقصي ،واللْق أفْضل إل ف حالة أن يَكون أراد الحلل مِن عُمرته ف
العشْر فِلقُرب الحرام بالج فإنّ الفضل له أن يُقَصّر حت يَتمكّن مِن اللْق عند إحلله مِن الج ،وقد
أَمَرَ النب بالتقصي ف هذه الالة ،وذلك لجل أن يَبقى شعرُه طويل حت يَتمكّن مِن حلْقه-كما
قلتُ-عند الحلل مِن الج.
والنوع الثالث :القِرَان ،وذلك بأن يُحرِم بالعمرة والج معاً ،فإذا فَعل ذلك فإنه عندما يَأت البيت يَطوف
طواف القدوم ويَسعى ويَبقى على إحرامه حت اليوم الثامن 1ويَتوجه بعدَ ذلك إل مِن ويَبقى على
إحرامه-كما قلتُ-حت يَرمِيَ جرة العقبة ويَذبح هدْيه ،فإذا ذَبح الدْي فإنه يُحِل بالتَقصي أو باللْق،
واللْق أفضل ،لنّ الرسول يقول ( :رَحِمَ ال الحلّقِي ) ..قال ذلك ثلث مرات وف الرابعة قال( :
والقصّرِين ).
وبذلك تُلحِظون أنّ الفَرْق بَيْن القِرَان والِفْرَاد هو أنّ القارِن يَذبح الدْي بِخلف الفرِد فإنه ل
هدْي عليه إجاعا ،أما القارِن فإنّ عليه الدْي على مذهب جهور المّة.
وسيأت الكلم بشيئة ال-تبارك وتعال-على أفعال الج على الثلثة النواع.
وف حالة التلبية يقولَ " :لبّيْكَ اللهم َلّبيْكََ ،لبّيْكَ ل شريك لكَ َلبّيْكَ ،إنّ المد والنعمة لكَ ،ل شريكَ
لكَ ":
ك ب ِحجّة " أو " َلّبيْكَ حج ّا " أو " َلبّيْكَ حجّة ".
وإذا كان مُفْرِدا قالَ " :لبّيْ َ
ك بع ُمرة " أو " َلّبيْكَ ع ُمرة " أو ما شابه ذلك.وإذا كان مُتَمَتّعا قالَ " :لبّيْ َ
ك ع ُمرة وحجّا " ،ويكن أن يُقَدّم العُمرة ك بع ُمرة وحجّة " أو قالَ " :لبّيْ َوإن كان قَارِنا قالَ " :لبّيْ َ
على الج ،ويكن أن يُؤَخّر ،واستحبّ كثي مِن أهل العلم أن يُقَدّم العُمرة على الجّة ،وهذا مِن باب
الستحباب-على رأيهم-ل مِن حيث الوجوب ،والفضل ألّ يَزيدَ النسانُ على تلبية النب صلى ال عليه
وعلى آله وسلم ،وأما مِن حيث الواز فإنّ ذلك جائز ،إذ إنّ بعض الصحابة كانوا يَزيدون على مسمعٍ
ومرأى مِن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ول يُنْكِر عليهم ،ولكنّ الفضْل ف التزام التلبية
الت كان يَأت با النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،ويَنبغي لِلنسان أن يُكْثِر مِن التلبية وأن
يَرْفَع با الصوت إذا كان رجُل ،أما الرأة فإنا تُسِرّ ول تُسْمِع الرجالَ الجانب ،ويُكْثِر مِن التلبية-
كما قلتُ-ولسيما عند إِقبالِ الليل أو النهار أو إذا صَعَدَ َشرَفًا أو نَزَلَ أو ما شابه ذلك ..أي ف حالة
تَغيّر الحوال ،و-على كل حال-يَنبغي أن يُكْثِر منها وأن يَرْفَع با الصوت ،كما فَعل أصحاب النب
صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ف اليوم الثامن يُحرِم التَمتّع بالج-وهذا على الستحباب وإل فإنه يَجوز الحرام للمُتَمَتّع قبل ذلك-
ويَكون ذلك مِن أَيّ موضعٍ مِن الَرَم ،والنب أَحرَم مِن الَوْضِع الذي أَقام فيه ،ول يَنبغي
لِلنسان أن يَذهب إل " مسجد النّ " أو إل " البيت الرام " أو ما شابه ذلك ،لِعدم ثبوت ذلك عن النب
صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،والظاهر أنّ العلماء عندما قالوا :أَحرَم النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
مِن الوضع الذي مَكَثَ فيه ..أي أنّ أصحابه على مسمعٍ ومرأى فعلوا ذلك ،وإل فهو كان قَارِناً ول
يُحِل مِن إِحرامِه ،فلم يُحرِم ف ذلك اليوم إحراما جديدا ،فيَنبغي أن يُتفَطّن لِذلك.
هذا ومِن الدير بالذّكر أنّ أهل العلم قد اختلفوا ف الفضل مِن المور الثلثة ،والصحيح عندنا أنّ الفضل
التّمَتّع إل لِمن ساق الدْي فإنّ الفضل له أن يُقْرِن بيْن الج والعُمرة ..بقي الكلم هل الفضل أن
يَتمتّع النسان أو أن يَسوق الدْي وأن يُقْرِن بينهما ؟ والثان هو الصحيح ،لِفعل النب .
279
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
كما قلتُ إنّ الفضل القِرَان لِمَن ساق الدْي والتّمَتّع لِمَن ل يَسُق الدْي ،وبقي اللف هل الفضل
للنسان أن يَسوق الدْي ويكون قارِنا بيْن حجّه وعُمرته أو الفضل له أن يَتمتّع ؟ والول هو الصحيح،
لفعل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فال اختار لنبيه ذلك ول يكن لِيَختار له إل الفضل ،وأما تَمنّي
النب لِلتمتع فإنه إنا تَمَنّى ذلك لِمَ ا رأى مِن حُبّ أصحابه-رضوان ال تبارك وتعال عليهم-للبقاء
على الحرام فتمنّى حت يُوافِقَ أصحابَه ،وقد كان يَترُك العملَ الفضل لأجل موافَقة أصحابِه
رضوان ال-تبارك وتعال-عليهم ،وتَحرير ذلك يَحتاج إل بَحثٍ مُطَوّل ،وموضعه آخر بشيئة ال تعال.
فإذا ذَهَب الناس ف اليوم الثامن إل مِن فإنم يُصلّون الصلوات المس هناك ،وبعد ذلك يَخْرُجُون بَعْد
طلوع الشمس ،ومَن خَرج قَبْل ذلك فل شي عليه ولكنّ السنّة أن يَخرُجوا بعد طلوع الشمس
ويَتوجّهون إل عرفة ..لو أَمكَن البقاء بنَمِرَة فذلك هو الذي فَعله النب ،ولكنّ هذا الزمان فيه مِن
الصعوبة ما فيه لِكثرة الجاج ،فيَبْقَوْنَ هنالك على ذِكْر ال تبارك وتعال ..مَن شاء أن يُكَبّر
فلْيُكبّر ومَن شاء أن يُلَبّي فلْيُلَبّ ،ويَنبغي لم أن يُكثِروا مِن الدعاء والذّكْر ما استطاعوا ولْيَتركوا
كلم الدنيا ،وإذا زالت الشمس فيَنبغي لم مباشَرة أن يُصَلّوا الظهر والعصر ..يَقوم المام خطيبا
ولْيَخطب خطبة متصَرة ث بَعْد ذلك يَقومون بِتأدية الصلتي جَمْعا ..يَقْصُرُون الظهر ركعتي
وكذلك العصر .. 1يَجمعونَهما جَمْع تقدي ،ويُؤَذّن الؤَذّنُ أذانا واحدا ويُقيم إِقامتي ،فإذا صَلّوا
فليَذْكروا ال-تبارك وتعال-ولْيُكثِروا مِن الدعاء ويُكثِروا مِن قول " :ل إله إل ال وحده ل شريك له،
له اللك وله المد وهو على كل شيء قدير " ،ولْيُكثِروا بِما شاؤوا مِن الدعاء ولسيما مِن الدعية الت
وَرَدَت ف كتاب ال أو صَحّت عن رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-فإنّ هذا الوقت مِن أفضل
الوقات فل يَنبغي للنسان أن يُفَرّطَ فيه بِنوْم أو بِكلم أو ما شابه ذلك ،ولْيَبْقَوا على ذلك حت
يَتحقّقوا مِن غروب الشمس تَحقّقا ل لَبْس فيه ،وليس لحد أن يَخرُج قَبْل ذلك ،لنّ النب نى
عن ذلك ،ولنه بَقِي ف عامِه ذلك حت تَحقّق غروب الشمس تَحقّقا ل لَبْسَ فيه ول غُموض وبَعْد
ذلك أَفاض وقال ( :خذوا عن مناسِككم ).
ولِلسف نَجد كثيا مِن الناس يَخرُجون قَبْل ذلك ،وهذا مِمّا يُخالِف السنّة الصحيحة الثابتة عن النب
مالَفة صارِخة ،ول يَنبغي لِلنسان الذي ذَهب إل تلك الواطن القدّسة أن يُخالِف هذه الخالَفة
والعياذ بال-تعال-مِن ذلك.
ث لِيَذهبوا إل الُزدَلفَة ولْيَبِيتُوا ليْلتَهم بِها ولْيَجمَعوا بيْن الغرب والعِشاء ..يُصَلّون الغرب ثلثا
والعشاء ركعتي- 2وطبعا هذا لِلمسافِر-ويكون ذلك بأذان وإقامتي على الصحيح الذي دَلّ عليه الديث
الصحيح ،فإذا قاموا ف الصباح فلْيُصَلّوا صلة الفجْر ف أوّل وقتها ث لِيَذْكروا ال-تبارك وتعال-هناك
ذِكْرا كثيا ولْيَبْتَهِلوا إليه ولْيُكْثِروا مِن السؤال مع تَضَرّعٍ وخُشُوعٍ إليه ،ث لِيَخرُجوا بَعْد
ذلك قَبْل طلوع الشمس ،وإذا مَرّوا بِوادي مُحَسّر إِن أَمْكَنَهُم أن يُسْرِعوا السيْر فذلك هو
الطلوب ،وإن ل يَتمكّنوا مِن ذلك فل حَرَجَ-بِمشيئة ال تبارك وتعال-مع شدّة هذا الزحام الذي نراه
الن.
وأقول " :شدّة الزحام " ..ل أريد أن يَتَخَوّف الناس مِن ذلك ،وإنا أَذْكُر أنّ ذلك هو الواقع ولكنّ
المر يَسي بشيئة ال تبارك وتعال ..يَرى الناسَ أفواجا ولكنه يَمرّ بِسهولة ويُسر ول يَجِد مشقّة ف
ذلك ،ومَن ذهب إل تلك الواطن عَرَف ذلك حقّ العرفة ،فل يَنبغي لحد أن يَتَخَوّف مِن ذلك فالمر
أَيْسَر مِمّا يَتصوّره كثي مِن الناس.
ومَن ل يَتمكّن مِن ماوزة الوادي إل بعد طلوع الشمس لِزحام أو ما شابه ذلك فل شيء عليه على الرأي
الصحيح الراجح.
وأَلْزَمَه بعضُ العلماء الدم ،ول يَجب عليه ،لِعدم وجود دليلٍ على ذلك ..هذا هو الصحيح عندي.
فإذا وصلوا إل مِن فَلْيَرْموا بِها الَمْرَة بِشرْط أن يَكون ذلك بعد طلوع الشمس-كما هو مذهب
كثي مِن أهل العلم-وهو الذي يُؤْخَذُ مِن حديث ابن عباس رضوان ال-تعال-عليهما.
الضّعَفَةُ يُمكِنهم أن يَخرُجوا مِن الزدَلَفة بعد غروب القمَر مِن ليلة العاشِر ولكن لِيَنتظِروا الرمي
حت تَطلع الشمس ،وأما القادِر فليس له أن يَخرُج إل بعد صلة الفجْر ،كما فَعل النب ،والرمي ف
هذا اليوم يكون لِجمْرة العقَبة فقط ،فلْيَرْمِها النسان بِسبع حَجَرات وليُكَبّر مع كل رَمية ولْيَقْطَع
التلبية عند إرادة الرمي ..هذا هو القول الصحيح الثابت الذي دلّت عليه السنّة الصحيحة ،ث بَعْد الرّمْي
ل يُشْرَع الدعاء ف هذا المَوطِن ،بل يَذهب الناس إل الذبح بالنسبة إل مَن كان قارِنا أو كان متمتّعا ..
فليَذْبَحوا الدْي ولْيَكن قد بَلَغ السّن وسَلِم مِن العيوب ،ول يُمكن أن أُطيل بِأكثر مِن ذلك ف هذا
الوقت ،فإذا ذَبَحوا فيُشْرَع ف هذا الوقت اللْق والتقصي لِلرجال ،واللْق أفضل ،وأما النساء فإنن
يُقصّرن بِمقدار أنْمُلَة ،وبَعْد ذلك مَن شاء أن يَطوف فلْيَذهب إل الطواف وليَطُف بِالبيت على
الصفة الت ذكرناها إل أنه ل يُشرع فيه الضْطِبَاع ول الرّمَل على حسب ما ذكرنا بل يَطوف طوافا
عاديا ،وبعد ذلك بالنسبة إل الُتَمَتّع فإنّ عليه أن يَسْعى ،كما هو مذهب جهور المّة الذي دَلّ عليه
-2قال الشيخ " :ثلثا " بدل من " ركعتي " ،وهو سبق لسان نبّه عليه فيما بعد.
281
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
صحيح السنّة ،وأما القَارِن والُفْرِد فإن كانا قد سعيا مِن قَبْل فل سعي عليهما ،أما إذا كانا ل يَسعيا
مِن قَبْل-لِعدم تَمكّنهما مِن ذلك أو أنما شاءَا تأخيَ ذلك ،إذ إنّ التأخي جائز وإن كان التقدي
أفضل-فعليهما-أيضا-السعي ،وإذا فعلوا ذلك فإنم يَرجِعون إل مِن مباشَرة ولْيَرموا المرات الثلث ف
اليوم الثان والثالث ،فمَن أراد أن يَتَعجّل فلْيَتَعجّل بعد الرمي مِن اليوم الثالث وهو الثان بالنسبة إل أيام
التشريق ،ومَن شاء أن يَمكث الثالث-وهو اليوم الرابع مِن أيام الرّمي كُلّها-فليَمْكُث ،والرمي يكون ف
هذه اليام بَعْد زوال الشمس ،ول يُجْزِي قَبْلها.
وما يَفعله كثي مِن الناس مِن التَقَدّم على ذلك فهو مالِف للسنّة الصحيحة الثابتة ،ول يُجزِيهم أنم
يُقلّدون فلنا أو فلنا ،فالعبة بالصحيح الثابت ،كما نصّ على ذلك أهل العلم بل هو الذي نصّت عليه
الدلة ،ويُعجبن كلم المام السالي-رحه ال-حيث يقول:
ونحن نحكي بَعْده خلفا المصطفى يَعتبِر الوصاف
فيه عن المختار نصّ أُسند ل نَقبَل الخلف فيما ورد
فإذا وَرد حديث عن النب وصَحّ فل شيء إل التسليم ،ولْنَترك بقية القوال ،فإذا انتهوا مِن ذلك
فلْيَبْقوا بمكة ما شاءوا وإذا أرادوا النصراف منها فليَنصرِفوا ولكن بعد أن يَطوفوا طواف الوداع ولْيكن
ذلك هو الِتَام ،وتُعْذَر مِنه الائض والنفساء ومَن ل يَتمكّن لِشِدّة الرض الذي ل يُمكن مَعَه أن
يَطوف بنفسه أو مَحمول ،أما إذا أمكن أن يَطوف ولو مَحمول فل يُعذَر مِن ذلك ،والائض تُعذَر مِن
هذا الطواف أما مِن طواف الج وطواف العُمرة فل تُعذَر ،فلبد أن تُؤَخّر ذلك حت تَطهُر وتَغتسِل
ولْتَطُف بَعْد ذلك.
هذا متَصَرٌ فيما يَتعلّق بِصفة الج ،وهنالك أحكام كثية تركتُها لِضيق الوقت واختصرتُ الكلم ف
بعضها؛ وال ول التوفيق.
أول :الحرام
حكم ركعتي الحرام
ت لباس الحرام ث أحرمتْ ؟
ت بِالعمرة مِن غيْر أن تُصلّي ركعتيْن ،وإنّما لبس ْ
س :امرأةٌ َأ ْحرَمَ ْ
ج :ل َيقُل أح ٌد مِن أهل العلم بِوجُوبِ هاتيْن الركعتي ،وإنا الِلف بيْن أهل العلم ف مشروعيتهما ..أي أنّ
النسان إذا ل يُحْرِم بعد فريضة هل يُشْرَع له أن ُيصَّليَ ركعتيْن لِلحرام أو ل ؟
َذهَب بعضهم إل أنه ل يُشْرع له ذلك ،إذ إنّه ل يَأتِ دليل يَدُل على ذلك ،فإن أراد الحرام بعد فريضة
ت ليس وقت فريضة فإذا كان يَص ّح فيه التنفّل فيُمكن أن ُيصَلّي ركعتيْن بعد حرِم بعدَها ،وإن كان الوَقْ ُ
ف ْليُ ْ
282
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وُضُوئِه ِبنِية ركعتَي الوضوء ،أو كان الوقت وقت صلة الضحى فليُصَ ّل صلة الضحى ،وهكذا إذا أراد أن
ص ًة بِالحرام فإنه-عند هذه الطائفة مِن أهل العلم-ل يُشرَع له ذلك. َيتََنفّل ،أمّا أن ُيصَلّي صلةً خا ّ
ت طائِفة مِن أهل العلم إل مشروعية ذلك. وذَهب ْ
ل يَد ّل على مشروعية هذه الصلة ولكن-كما قلتُ-إذا دخل النسان و-على كل حال-أنَا لَم أَجِد دلي ً
حرِم بعد ذلك ..أي بعد أن يَركَب ف سيارته ،وإذا أراد أن ُيصَّليَ بعد الوضوء أو السجد ف ْليَرْكَع ركعتيْن وْليُ ْ
أراد أن ُيصَّل َي صلة الضحى أو شيئا مِن النّوافل الت اعْتاد عليها وكان ذلك الوقت-طبعا-مِمّا ل يُنهَى عن
ت ُيْنهَى عن الصلة فيه-فإذا صلى فل بأس الصلة فيه-ول يُمْكن طبعا لِلنسان أن َيعْتَاد على الصلة ف وق ٍ
بذلك بِمشيئة ال؛ والعلم عند ال.
س :ف حال القران بِالج والعُمرة ،هل َيكْتَفِي القارِن ِبسَ ْعيٍ واحد بِنية الج والعُمرة-كما وَرَد
ف بعض الفتاوى-يُ َؤدّيه مت ما شاء َسوَاء عند طَواف القُدوم أو ُيؤَخّره عند َطوَافِ الفاضة ؟
ج :اختَلفَ العلماء ف القَارِن هل َيجِب عليه أن يَطُوف طوافَيْن وأن يَسْعى َس ْعَييْن أو َأنّه َيكْتَفي بِطوافٍ واحد
وسعيٍ واحد ؟
ف طوَاَفيْن وسَعَييْن اللهم إل إذا جاءَ والصحيح عندي أنه يَكفِيهِ ِطوافٌ وسَعيٌ واحد بل ل يُشرَع لَه أن يَطو َ
ف القُدوم ويَسعى وهذا السعي يَكون لِحجّه وعُمرتِه ث بعد أوّل إل مكّة الكرّمة فإنه يُشرَع له أن يَطُوف طَوا َ
أن يَنتَهي مِن عَرفة ومِن الزدلفة ومِن رمي المْرَة والذبْ ِح واللْقِ أو التَقصيِ إذا كان رجُل-والتَقصيِ إذا
كانت امرأة-فإنه لبد مِن أن يَذهب ويَأت بِطواف الزيارة ،وذلك الطواف الذي أتى بِه مِن قبل ل يْزِيه
283
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
حجّته لنه لِلقُدوم ..أي أنه يُشرَع لِمَن أتَى إل مكّة وهو َيْنوِي الج أو َينْوي أن يَكُون قارِنا َبيْن الج لِ َ
والعُمْرة ،أما إذا كان يُريد العُمرة فإنه يَطُوف طَواف العُمرة وذلك يُجزِيه عن طواف القُدُوم ..فإذن إذا أتى
ف طوافَ القُدُوم ،وهذا الطواف: إل مكّة الـمُكرّمة وكان قارنًا فَ ْليَطُ ْ
-1سنّة عند جُمهور المّة مَن تَركه ل شيء عليه إل أنه تَ َر َك ال َفضْلَ ،ول يَنبغي لِلنسان أن َيتْ ُر َك مَا ثَبتَ عن
رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-إل إذا كان مَريضًا أو مَا شَابَه ذلك.
-2و َذهَبت الـمَالكِية إل أنّه وَاجِب وأوجبوا على مَن تَرَكَه الدّم.
والصحيح القَول الول.
سعَى ف ذلك الو ْقتِ وذلك السعي يَكُونُ-كما قلتُ-لِلحج والعُمرة ث عِنْدَما َيْنتَهِي وإذا طَاف لِلقُدوم فإنه يَ ْ
مِن الوُقُوف بِعرفة والـمَبيت بِالـ ُمزْدلفة والرّمي والذّبح أو النّحْر ،واللْق أو التّقصِي على ما َفصّ ْلتُ 1فإنّه
جزِيه عن طَوَاف الزّيارة؛ لبد مِن أن يَأِت َي ويَطُوف طوافَ الزيارة ،فالطواف السابق-إذن-لَ ْم َيقُلْ أح ٌد أنه يُ ْ
وال أعلم.
سعْي ؟
جزِيه ال ّ
س :ولكن يُ ْ
ف طواف القُدُوم وسَعى ث عندما رَ َجعَ صلوات ال وسلمه عليه َبعْد سعْي نعم ،لنّ الرسول طَا َ ج :ال ّ
الذّبح والَلق طَاف لِلزيارة ول يَسْعَ ،وَلنَا فِيه أُسوة حَسنَة.
س :هَل يَصْدق هذا-أيْضًا-على الـمُفرد ؟
ج :نعم ،الـ ُمفْرِد كذلك إذا جاء وَطَاف أوّل طواف القُدُوم و َسعَى فإنه بعد الرّمي والتقصي أو اللق فإنه
ت َمكّة أبَدًا بِأن أتى إل مِن
يَأتِي ويَطوف وقد سَعى مِن قبل وذلك السّعي هو سعي الج ،أما إذا كان ل يَأ ِ
أو إل عَرَفة مباشَرة أو أنّه أتى إل َمكّة ولكنه ل يَطُف ول يَسْ َع فلبد هَاهُنَا مِن الطواف والسعي بل الطّواف
َلبُ ّد مِنه على كل حال؛ وال أعلم.
فقد سَألتْه امرأة " :هَل لِهذا حج ؟ "-أي لِصب مَعَها رفعَتْهُ-فَقَال لا ( :نعم ولَكِ أجر ).
وذَهَب طَائِفَة مِنَ الصّحَابة-رضوان ال تبارك وتعال عليهم-مَعَ رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله
وصحبه وسلم-إل الج وَهُم ل يَصِلوا إل مَرْتبة البُلُوغ وأَقَرّهُم رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله
وسلم-على ذلك.
نعم ..هُمْ يُطالَبون بَعد ذلك بِفريضة الج ويُطالَبُون بِالعُمرة على القول بِوجُوبِها ،أو يُطَالبُونَ
بِها حت عَلى القَوْل بِأَنّها سنّة وإنّما تَختلِف الدرجة.
فإذا كان هَذا الصبِي يُحافِظ على طَهَارَتِه على أَقَلّ تَقْدِير أو يُمْكن أنْ يُسأَل أو ما شابه ذلك فل
يَنبغي أن يُحْرَم مِن ذلك ،ففي ذلك فَضْلٌ عظيم لِذلك الصّب بِمشيئة ال تبارك وتعال ،وف ذلك
أَجْر وثَوَاب بِمشيئة ال لِمَن أحْرَمَ لِذَلِك الطّفْل إذا كان قَاصِدًا بِذلك وَجْهَ ال تبارك وتعال.
أما إِذا كَانَ صَغِيا جدًا جدًا فَهَذَا قد تَكُونَ فِي الحْرَام لَه مُشْكِلة؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
ب هَذا الصّب الميّز-الذي يَستطيع أن يَفهم ما يُقال له-شَيئا مِن الحْظُورَات ،مَن
س :إذا ارتَكَ َ
الذِي يَتَحَ ّم ُل مَا يَترتب على ذَلك ؟
ج :ف هذه السألة خِلفٌ بَيْن أهل العلم:
-1منْهم مَن يَقُول :إنّه لَ شَيءَ عليه ول على مَن أَحْرَمَ له ،فذلك مَعْفُوٌ عَنه بِمشيئة ال تبارك
وتعال.
-2ومِنْهُم مَن يَقول :يُخاطب بِه مَن أحْرَم له.
والقول الثان مَشهور ،والقَوْل الول قد قَالت به طَائَفة مِن أهل العلم وله وَجْه وَجِيه؛ وال-تبارك
وتعال-أعلم.
أحكام قطع التلبية
حرِم التّلْبِيَة ؟
س :مت َيقْطَع الـمُ ْ
ج :أما إذَا كَان مُحْرِما بِالج فإنه يَقْطَعُ التَلْبِيَة إذا أرَادَ أن يَرمي جَمْرَة العَقَبَة ..أي عند إرادة
رَمي أوّل حَصَاة على الصحيح.
وذَهَب بَعضهم أنّه يَتْرُك التلبية بِانتِهائه مِن رمي جَمْرَة العَقَبَة أيْ بَعد الرّمي بِالِجَارَة
السَابعة ،واستدلوا على ذلك بِرواية صرية عِندَ ابن خُزَيْمة ،ولكن تلك الرواية فيمَا يَظْهَرُ لِي
شَاذّة ،ذلك لنّ النسان يُؤْمَر عنْد الرّمْي بِذِكْرٍ آخر وَهُوَ التّكْبِي فَكَيْف لَه أنْ يَجْمَع بَيْن
التَكبي وبيْن التَلبية ؟!
285
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فإذن يَنْتَهِي مِنَ التَلْبِيَة بِمُجرّد إرادة الرّمي ،فإذا أراد أن يَرْمِي بِالجارة الول فَيَترك ف ذلك
الوَقْت التَلْبِيَة ..هذا هُو القَوْل الصحيح ،الذِي يَدل له الديث الصحيح عن النب-صلى ال عليه وعلى
آله وسلم-وإل فإنّ هُنَاكَ أقْوَالً مُتعدّدة ف وَقْت النتِهاء مِن التَلْبِية ف الج ،ول أُطِيلُ القام
بِذكر تِلك القْوَال ومَا لَها مِن حُجَجَ فإنّها وإن اعتَمَدَ أَصْحَابُهَا على بعض الدلة ولكِنها
مُخَالِفة لِهذا الديث الصحيح الصَرِيحِ الدال على ذلك وهُو حديث ثَابِت ل شَك ف ثُبُوتِه؛ وال
أعلم.
أمَا بِالنّسبة إل العُمرَة فإنه ل يَأْتِ حَديثٌ صحيح صَرِيح عن النب يَدلّ على وقت النتِهَاءِ
مِن التَلْبِية ،ولِذلك كَثُرَ فيها اللف بيْن أهل العلم ،وقد جاءت أحاديثُ عِدّة تدلّ على أنّ العتمِر
يَنتهي مِن التّلْبِيَةِ عِنْدَ إرادة الطَوَاف ولكنّ تِلْك الحاديث ل تَثْبُتُ عن النب صلى ال عليه وعلى
آله وسلم.
وذَهَبَ بَعْضُ أهل العلم إل أنّ الفاقيّ ..أيْ الذي جَاءَ مِن مكانٍ بَعيد وأحْرَمَ مِن الـمِيقَات
أو مِن دُونِه فإنه يَتْرُك التَلْبِيةَ عِنْد الوُصول إل الـحَرَم ..أيْ عِنْد الوُصول إل أدن الـحَرَم،
واحتجّوا على ذلك بِروايةٍ عن ابن عمر رضي ال-تبارك وتعال-عنهما ،وهذا القول قول قوي؛ وال-تبارك
وتعال-أعلم.
أما مَن أحْرَمَ مِنَ " التَنْعِيمِ " أو نَحْوِه فإنّه يَتْرك التَلْبِية على رأَيِ هَؤُلَءِ عِنْدما يَكُونُ قريبا
مِن السجد الرَام؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
وَهُنَا أريد أن أنبّه على مسألة مُهِمّة جِدا وهي أنّ كَثيا مِن الناس يَذهبون إل تأْدِية الج والعُمرة
وهُمْ ل يَعْلَمون عن أحكَامِهما شيئا ..يَسمعون أَنّ الناس يَذْهُبُونَ إل الج والعُمْرة ويَذهبون إل
ذلك ،ول شك أنّ ف الذهاب إل تِلك البِقاع فضْل عظيما بل الذّهاب لِتَأدِيَة الج مِن المور الوَاجبة
التحتّمة ،و-أيضا-قد ذَهَبَت طائفة كَبِيَة مِن أهل العلم إل وُجُوبِ العُمْرة ،وهُوَ قَوْلٌ له أدَلّتُه
الت تُؤيّده فَلَ يَنْبَغِي لِلنسان أن يُفَرّط فيها ،والج وَاجِبٌ على الفَوْر على مَن وَجَد الستطاعة
إِليْه-كَما هَو رأي جاعة مِن أهل العلم-وهُو الذي تُؤَيّدُه الدِلة؛ لكنّ كَثيا مِن الناس-كما قلتُ-
يَذهبون ول يَعْرِفون عَن أَحكَامِ الج والعُمرَة شَيئا.
والمر الذي أُرِيدُ أُنبّه عليه ف هذا الوَقْت :أنّ كثيا مِن النّاس يَصِلُون إل مَكّة الكَرّمَة شَرّفَهَا
ال-تبارك وتعال-مِن غَيْرِ إِحَرَام ،وَقَد التَقَيْتُ بِبَعضٍ منهم أتى إل مكّة الكرّمة مِن غيْر إحرام
ويُريد أن يَخرُج بَعد ذلك إل " التَنعيم " يَقول " :عندما أصل إل مكّة وأَقُوم بِإنزال المتعة-ومَا شابه
ذلك-سأذهب إل ' التَنْعيم ' وأُحْرِم مِنْ هُناك " وهذا خَطأ جَسِيم ..مُخالِف لِسنّة رسول ال
286
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ولجَاع المّة الحمدية قَاطِبة ،فإنّ مَن ذَهَبَ إل مكّة الكرّمة شَرفها ال-تبارك وتعالى-وهو يُريد
حجّا أو عُمرة ليس له أن يَتَجاوز الـمِيقَات إذا كَان مِن خَارِج اليقَات إل وَهُو مُحْرِم ،بِنَصّ
الحاديث الثابتة وإجاع المّة-كما قلتُ-ومَن جَاوَزَ ذلك فَقَد تَعَدّى حدودَ ال-تبارك وتعال-
وعَلَيه أن يَتُوبُ إل رَبّه وأن يَرْجع مرّة أُخرَى إل الـمِيقات وأن يُحْرِمُ مِن ذلك الكان ،أما مَن
كَان دُون الـمِيقات فإنه يُحْرِمُ مِنَ الكان الذي فِيه إل إذَا كَان مِن أهْلِ 1الرَمِ فإنه لبد مِن أن
يَخرُج إل الـحِل ..إل أيّ مَوْضع مِن الوَاضِع مِنْه ،واختَلفوا ف الفْضل ،ول أريد أن أطِيلَ
بِذلك ،والَاصل أَنّه لَيْس لحَد أن يَتَجَاوَزَ اليقات إذا كان يُريد حَجّا أوْ عُمرة وإنّما العلماء
اختلفوا فِيمن لم يُرِد الج ول العُمرة ول يَكُن مِن الُتَرَدّدِين على مَكّة الكرّمة هَل لَه أن
يَتَجَاوزَ اليقات مِن غَيْر إِحرام ؟ ونَحنُ نَقُولُ :إنّ القَوْل الصحيح أنّ مَن ل يُرِد الج ول العُمرة
لَه أن يَتجاوز اليقات مِن غَيْر إحرَام ،بِنَصّ الديث الثابت عن النب ،وإذا ثَبَتَ الديث فَل
كَلم:
ونَحن نَحكي بَعده خِلفا الصطفى يَعتبِر الوصَاف
فيه عن الختار نصّ أُسنِد ل نقبل اللف فيما وَرد
وأما مَن أراد الج أو العمرة فَل ،ومَن أخطأ بِجهله ودخل إل مكّة الكرمة مِن غي إحرام فإنه يُؤمَر بِأن
يَرجِع إل اليقات الذي جَاء منه ،ل إل مِيقات آخر ولَ إل أَدْن الِل أو أيّ مَوْضع مِن مَوَاضع
الِل ..كَلّ بل يُؤمَر بِأن يَرجِع إل اليقَات الذَي جَاء مِنه وأن يُحرِم مِن ذَلك الكان ويَتُوبَ
إل ال-تبارك وتعال-إل إذا كَان الوَقْتُ ضَيّقا بِأن كان يَخشى مِن فَوَات الج فَإنه يُحْرِم مِن
الوْضِع الذِي هُو فيه ويُؤمَرُ بِالتوبة وبِأن يَذبَح ذَبيحةً لِفُقَرَاءِ الرَم؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
كذلك بَعْض الناس يُحْرِمُون لِلعُمرة مِن الَرم وهذا خطأ ..لَم يَقُل أحدٌ مِن العلماء التقدّمي" :
إنّ النسان يُمْكِن أن يُحْرِم مِن الَرِم وأن يُؤدّي العمرة ويَكون مُوَافِقًا لِلصّواب " بل أجْمَعُوا
على خِلف ذلك وإن خَالَف بعض التأخّرين ،وإنا اختلَفوا هَل تِلك العُمرة:
-1تَكون صحيحة ويُؤمَرُ بِالفِدية.
-2أو أنّها ل تَكُونُ صَحيحة بَلْ يُؤمَرُ بِالُروج إل الِل وإن كان قد طَاف وسَعَى مِن قَبْل ؟
وهَذَا القَوْلُ هُو القَوْلُ الصحيح ،أما أَن يَكْتَفِي بِالحْرَامِ مِن الَرَم فَقط مِن غَيْر أن يَخرُج
ويَظُنّ بِأنّ ذلك مُوَافق لِلسنّة أو أنّه مأمُورٌ بِه فَهَذا مِمّا ل يَقُل بِه أحدٌ مِن العلماء التقدّمي-
كما قلتُ-بل أجعوا على خِلف ذلك.
-1يُنظَر مع الشيخ لعلّه قصد أن يقول " :إذَا كَان ف ال َرمِ " بدل مِن قوله " :إذَا كَان مِن أهْلِ الرَمِ ".
287
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فينبغي أن يُنتبَه لِمثل هذه المُور ،وأن يَقرَأَ النسانُ ولو مُختصَرا مِن الختصَرات إن كان يَسْتطيع
على القَراءة ،وأنْ يَسأَل أهل العلم عن أحْكَامِ شَرْع ال-تبارك وتعال-ف هذه القضية وف غيها ،وليس
له أن يَتَقدّم على شَيءٍ بِغَيْر عِلم فإنّ ذلك-والعياذ بِال تبارك وتعال-قد يُوقِعُه ف بَعضِ المور
الخَالِفة لِشَرْع ال بَلْ التْيَانُ بِأمر مِن المور ول يَعرِف النسانُ حُكْمَه ..هذا المرُ نَفْسُه
مِمّا ل يَنبغي لحد أن يَذهبَ إليه وإن اختلَف العلماء ف هلكه ف التّقَدّم مِن غَيْر عِلم إذا صَادَفَ
الق ،أما إذا ل يُصادِف الق فإنه ل يَقُل أَحَدٌ بِسَلَمتِه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
-1عند الواب على السؤال 1من حلقة 15رمضان 1424هـ ( 10/11/2003م ).
-2كتاب " قرّة العينَيْن ف صلة المعة بِخطبتي " ص ،47وهذا ما ذكره الشيخ فيه ' :اختار-رحه ال تعال-ف " الامع الصغي " أنه ل
جزاء على مَن قتل الصيد ناسيا ،واختار ف بقية كتبه وجوب الزاء على العامِد والناسي ،قلتُ :والقول بِعدم وجوب الزاء على الناسي هو
الصحيح ،لِعدم الدليل الدال على الفدية ،والصل عدم ذلك؛ وال-تعال-أعلم.' .
288
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
حكُ َم فيها
حكْم ،ول تَكفي فيها الفُْتيَا ،فلبد مِن أن يَ ْ
عَدْلَن ،إذ إ ّن مسائل الزاء ف الصيْد لبد فيها مِن الـ ُ
َحكَمَان عَدْلَن إل أنّ العلماء قد اختلفوا هل ذلك على الطلق أو ف ما ل يَأتِ فيه حكمٌ عن صحابة رسول
ال ؟
َحكَمَا بِه على بعضِ فذهب بعضهم إل أنه إذا ُوجِدَ ف تلك القضية ُحكْمٌ لثنيْن مِن صحابة رسول ال
الناس الذين وَقَ َع منهم مثلُ الذي وَقَ َع فيه هذا النسان فيَكفيه أن يَأخذ بِذلك الكم.
حكْم ف تلك القضية مَرّة أخرى.وذهب بعضُ العلماء إل أنه لبد مِن الـ ُ
حثَ عن ت أنّ هذا الشخص ل بأس عليه بِمشيئة ال ولكن إن شاء الحتياط فلبد مِن أن َيبْ َ وأنا قد ذكر ُ
حكُما له ف هذه القضية. َحكَ َميْن عَدَْليْن حت يَ ْ
حكُمَا له بِالزاء ؟
س :يَ ْ
ج :نعم ..يَحكما عليه بِالزاء ف هذه القضية ،ل ّن هذه القضية تَحتاج إل ُحكْمٍ ،بِنصّ الكتاب العزيز.
289
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
َلمَ ْرتُهم بِالسواك عند كل صلة ) وف بعض الروايات ( :عند كل وضوء ) وف بعضها المع بينهما ،فحت لو
خَرج دم مِن اللثّة-مثل-ل مَانع مِن ذلك لكن إن كان ذلك بَعد وُضوء ف ْليُعِدْ وضوءَه لنّ الدم نَاِقضٌ لِلوضوء
عند أكثر أهل العلم.
ت فيه رائحة أو فيه شيءٌ مِن الروائح الت ليستْ مِن العِطْر ف وهكذا بِالنسبة إل الصابون العادي الذي ليس ْ
شيءٍ كالشياء الت وَرَدَ ذِكْرُها ف السؤال.
فل يَنبغي لِلنسان أن يُشَدّدَ على نَفسِه وأن يُ ْلزِم َنفْسَه بِما ل يُلْ ِزمْه ال-تبارك وتعال-بِه ،فما الداعي أن يَبقى
النسان ل يَستَخدم السّواك وَيتْرُك السنّة الثابتة الصحيحة عن النب بَدعوى َخوْف الـمَحذور مع أنه ل
مَحذور ف ذلك أبدا ؟! وال أعلم.
المور أو فعل أمرا مِن المور تَحتاج إل تفصيل وليس كل ما أخطأ فيه الاج يُوجِب الدم وهناك أمور
تأت على التخيي ..كل هذه نريد فيها شيئا مِن التفصيل باختصار.
ج... :
أما بالنسبة إل السألة الت طُ ِرحَت الن فإنا-ف حقيقة الواقع-تَحتاج إل كلم طويل جدا جدا ،وسأتكلم
على شيء منها بشيئة ال ف الدروس القادمة ،ولكن ل بأس مِن الكلم على جزئية واحدة وهي الدماء الت
ث له شيء ف الج أو وقع منه شيء أو ما شابه ذلك ..مت تَجب على التخيي ؟ ومت تَجب على مَن حَدَ َ
تَجب على الترتيب ؟
-1عند الواب على السؤال 6مِن حلقة 8رمضان 1424هـ ( 3/11/2003م ).
290
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
نَحن نَعلم أنّ العلماء قد اختلفوا ف كثي مِن هذه الدماء هل تَجِب أو ل َتجِب مع اتّفاقهم على وجوب
بعضها ،لِوجود نصوص صرية دالّة عليها.
فالدماء الت اتّفقت المّة على وجوبا هي:
-1هدْي التَ َمتّع ،فمَن تَ َمتّع بِالعُمرة إل الج فإنه يَجِب عليه الدْي إن كان واجِدا لِذلك بِشروطٍ معروفة َتصِل
ف كثي بيْن أهل العلم ف هذه الشروط ،وسأَُبّينُها أو ُأبَيّنُ أَكثَرَها بِمشيئة ال ف إل عشرة أو تَزيد على خل ٍ
ت فيه تلك الشروط يَجِب عليه الدْي بِاتّفاق المّة ،وذلك لنّ هذا الدْي الدروس القادمة ،فا ُلتَ َمتّع إذا تَوافَرَ ْ
ف بيْن السلمي ،فمَن وَجَدَ الدْي فعليه منصوص عليه ف كتاب ال-تبارك وتعال-فل يُمكِن أن يَقع فيه خل ٌ
الدْي ،ومَن ل يَجِد فعليه أن يَصوم عشرة أيام ..يَصوم ثلث َة أيام ف الج ويَصوم البقية الَتَبقّيَة-وهي سبعة-
إذا رجع إل بلده 1على تفصيلٍ ف وقت الصيام ف الج ،ول داعي لِذِكْر ذلك ،لنه يَطول به القام جدا،
لِوجود اللف ولِلخلف-أيضا-ف بعض الدلة الواردة ف السألة ،وسوف أتكلم عليها بشيئة ال ف الدروس
القادمة ،فهذا الدم ُمتّفَ ٌق عليه بيْن أهل العلم ،وإنا اختلفوا ف القارِن هل عليه هدْي أو ل ؟
فالذي ذهب إليه جهور المّة-وكاد بعض العلماء يَحكي عليه التفاق-أنه يَجِب عليه الدْي.
وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل عدم وجوب الدْي عليه.
ول شك أ ّن القول بوجوب الدْي أحْوط وأسْلم ،وسأَبيّنُ دليله-أيضا-بشيئة ال-تبارك وتعال-ف وقتٍ
لحِق ،والكلم ف هذا الدْي كالكلم ف هدْي التمتّع مِن حيث إنه ُيقَ ّد ُم الدْي ،وليس لحد أن يَصوم إل إذا
ل يَجِد الدْي.
-2والدم الثان هو فِدية مَن حَلَقَ رأسَه ،فمَن َحلَقَ رأسَه لِوجود عذ ٍر فإنه يَجِب عليه الدْي وهذا الدْي على
التخيي فإما أن يَذب َح النسانُ شا ًة وإما أن يَصوم ثلثةَ أيام وإما أن يُطعِم سّتةَ مساكي ..يُعطي كل مسكي
ع سواء كان مِن البُر أو الرز أو ما شابه ذلك مِن البوب ،خلفا ِلمَن قال :إنه يَدفَع مِن البُر ُربْعَ نصفَ صا ٍ
صاع وهو العروف بِالـمُد ،فهذا قولٌ ضعيف ،مالِف لِلحديث الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله
وسلم ،فالنسان مُخيّر ف هذه الفِدية.
حرِم عَنْ ِفعْلها ،وذلك كلباس الَخِيط وقد أَلْحَقَ جهور المّة ِبفِدية الرأس ما شابه ذلك مِن المور الت ُينْهَى الُ ْ
..يعبّرون بالَخِيط ول ف ذلك نظرٌ-سأُبيّنه قريبا بشيئة ال تبارك وتعال-وكاستعمال الطِيب وكقصّ الظافر
وما شابه ذلك مِن المور الت وَ َر َد فيها النهي:
ص الكتاب 1والسنّة على ذلك. فإن كانت هذه على سبيل العُذْر فهي على التخيي ،بِاتّفاق أهل العلم ،لِن ّ
أما إذا كانت على سبيل العمْد مِن غيْرِ عُذْرٍ شرعي فقد اختلف العلماء ف ذلك:
ذهب بعضهم إل أنا على التخيي ،وذلك لنّ الدليل الذي دلّ على ذلك هو الدليل السابق ،فإذن هي على
التخيي.
وذهب بعضهم إل أنا على الترتيب ،فمَن َوجَدَ الدم فليس له أن َيعْدِلَ إل غيه ،وذلك لنّ هذا قد تَعمّد
وَفعَلَ ذلك مِن غيْ ِر عُذْرٍ شرعي فلبد مِن أن يُشَدّ َد عليه ،كمَن َقتَلَ عمْدا ،فإنه يُشَدّدُ عليه ف الكفارة مِن
نَا ِحَيتَيْن ،كما هو معلوم ف ذلك الباب.
ق بينهما ،إذ ل يَأتِ دليل يَد ّل على التفريق ،والقياس على الكفارات وما شابه والذي أراه أنه ل يُمكِن أن ُيفَ ّر َ
ذلك ل يُمكِن أن يُصار إليه ف مثل هذه القضية ،وبيان ذلك ف غي هذا الوضع بِمشيئة ال تبارك وتعال،
خيّر بيْن هذه الشياء بل وليس له أن يَفتدِي بِواحدٍ ويُسَْتْثنَى مِن هذا المر مَن َو ِطئَ زوجتَه ف الج فإنه ل يُ َ
مِن الثلثة الذكورة وإنا عليه أن يَذبح بَ َدنَة على تفصيل بيْن العلماء ف ذلك إذا كان ذلك َقبْل التحلّلِ الصغر
أو مطلقا:
حلّلِ الصغر.فمنهم مَن يقول :ذلك يكون َقبْ َل التَ َ
وبعضهم يقول :ذلك مطلقا.
وبيان ذلك-أيضا-ليس ف هذا الوضِع ،وهذا قد ذهب إليه كثي مِن أهل العلم ،وإن كان الدليل عليه ليس
قطعيا.
-3ومِن ذلك جزا ُء الصيد ،فإنه منصوص عليه بنَصّ قاط ٍع مِن كتاب ال تبارك وتعال ،2وهو على التخيي ،إما
أن يَذبح النسان ذبيح ًة تُساوي ذلك الصيد الذي صَادَه ،وذلك معلوم ف كتب الفقه ،وإما أن ُيقَ ّومَ ذلك
بالدراهم ث يَشتري بِقيمة تلك الدراهم طعاما ويَدفع لكل مسكي نصف صاع مِن ذلك الطعام ،وإما أن يَصوم
بِمقدار يوم بِمقابل إطعامِ مسكي فإذا كان الطعام يُساوي طعا َم ثلثي مسكينا فعليه أن يَصوم ثلثي يوما أو
كان ذلك أكثر فعليه أن يَصوم بعدد ذلك وهكذا إذا كان أقل وليس له أن يَدفع قيمة الطعام بل عليه أن ُي َقوّمَ
ص َدقَةٍ َأوْ
حلّهُ َفمَن كَانَ مِنكُم مّرِيضا َأ ْو بِ ِه أَذًى مّن رّْأسِ ِه َففِدْيَ ٌة مّن صِيَامٍ َأوْ َ -1قال ال تعال ... } :وَ َل َت ْ
حلِقُوا ُرؤُو َس ُكمْ حَتّى َيْبلُغَ اْل َهدْيُ َم ِ
ُنسُكٍ [ { ...سورة البقرة ،من الية.] 196 :
-2قال ال تعال } :يَا أَّيهَا اّلذِي َن آمَنُوا َل َتقُْتلُوا الصّْي َد وَأَنُتمْ حُ ُرمٌ َومَن قََتلَهُ مِنكُم مَّت َع ّمدًا َفجَزَا ٌء مّثْلُ مَا قَتَ َل مِنَ الّن َعمِ َي ْ
ح ُك ُم بِهِ َذوَا َعدْ ٍل
ل مِنْهُ وَالُ عَزِيزٌ ق وَبَا َل َأمْرِهِ َعفَا الُ َعمّا َسلَف وَمَنْ عَا َد فَيَنَت ِقمُ ا ُ مّنكُمْ َهدْيًا بَاِلغَ اْلكَعْبَةِ َأوْ َكفّارَةٌ َطعَامُ َمسَا ِكيَ أَو َعدْلُ َذلِكَ صِيَامًا لَّيذُو َ
ذُو انِْتقَامٍ [ سورة الائدة ،الية.] 95 :
292
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ذلك بالدراهم ث يشتري بذلك طعاما ويَدفعه وليس له أن يَدفع القيمة ،وف هذه السألة تفاصيل كثية ،ل
أريد أن أبيّنها الن.1
حصَر ،فمَن أُ ْحصِرَ عن الج أو العُمرة فعليه الدْي ..عليه أن يَذبح ذبيحة ،2واختلفوا -4ومِن ذلك هدْي الُ ْ
إذا ل يَستطع على الدْي هل يَجب عليه الصيام ؟
فذهب كثي مِن أهل العلم إل أنه َيجِب عليه الصيام ..عليه أن يَصوم عشرة أيام.
وذهب بعضهم إل أنه ل َيجِب عليه صيام ،وذلك أنه ل يُوجَد دليل صريح يَدُلّ على ذلك ،وإنا قال مَن قال
مِن أهل العلم بِذلك اعتمادا على القياس على هدْي التمتّع.
وهذا القياس فيه نظر ،فالصحيح عندي أنه ل يَجب عليه الصيام ،فإن ل يَجِد الدْي فل شيء عليه-بشيئة
ال-وهذا إذا ل يَشترِط ،أما إذا اشترَط فل هدْي عليه على الصحيح.
خلفا لِمَن قال " :إنّ الشتراط منسوخ " ،ولِمَن قال " :إ ّن الشتراط ل يَكفي ف عدم وجوب الدْي "،
فهذان القولن ضعيفان على التحقيق ،وأوُّلهُمَا أضعف مِن الثان ،لنه ل يُوجَد هنالك ناسخ لِهذا الديث
البتّة ،وهو حديثٌ-أعن حديث " الشتراط " حديث-صحيح ثابت.
فهذه الدماء ُمّتفَ ٌق عليها ،لِنصوص صرية مِن الكتاب عليها ،وهي على حسب ما َبيّْنتُ ،ولكنَْ-نعَمْ-يُوجَد
خلفٌ ف فِدية الذى ،فالتّفَق عليه هو فِدية اللْق ِلمَن كان معذورا ..أي اضطُر إل ذلك فهو مّتفَق عليه،
ح َق ٌة بِذلك على خلف بيْن أهل العلم ف ذلك. أما البقية فهي ُملْ َ
وبقي الكلم ف الخطِئ:
فمنهم مَن يقول :عليه الفِدية.
ومنهم مَن يقول :ل فدية عليه ،وهو الصحيح عندي.
ق بيْن بعض المور فيُوجِب الفِدية فيها ول يُوجِب الفِدية ف البعض الخر ،فلباس الثياب ومنهم مَن ُيفَ ّر ُ
المنوعة والعطر وما شابه ذلك ..هذه المور ل فِدية فيها ..أعن على الناسي ومَن كان ف حكمه ،وأما
بعض المور الت فيها إتلف أو ما شابه التلف ..التلف :مثل كتقليم الظافر أو كجذْب الشعر أو حلْق
الشعر أو ما شابه ذلك ..ف ذلك إتلف ،وما شابه التلف :الوطء ،فإنه وإن ل يكن إتلفا فهو بيْنه وبيْن
التلف مشابَهة ،كما ل يَخفى ،كما هو ُمبَيّن ف هذا الباب.
وبقي اللف ف الاهل:
بعضهم يُوجِب عليه الفِدية.
-1وقد بيّن الشيخ تفاصيل أخرى ف هذه السألة عند الواب على السؤال 5مِن حلقة 16رمضان 1424هـ ( 11/11/2003م ).
[ سورة البقرة ،من الية.] 196 : ل فَِإنْ أُ ْحصِرُْتمْ َفمَا اسْتَْيسَ َر مِنَ اْل َهدْيِ ...
وَأَِتمّوا اْلحَ ّج وَاْلعُمْرَ َة ِ -2قال ال تعال:
293
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وبعضهم ل يُوجِبها.
وبعضهم ُيفَصّل بيْن ما فيه إتلف وما شابه التلف وبيْن ما ل يكن فيه ذلك كما قدمتُ.
والاهل الذي ل ُيفَرّط ف أحكام شرع ال-تبارك وتعال-الصحيح ل فِدية عليه ،وسأقيم الدليل على ذلك
بشيئة ال ف الدروس القادمة.
بقي هنالك مَن َفعَ َل شيئا مِن المور التعلّقة بِالج ول َتَتعَلّق بِالسد ،كمَن قَ ّد َم شيئا على شيء أو تَ َركَ ِشيئا
مِن الواجبات أو ما شابه ذلك ،وذلك-مثل-كمَن جَاوَزَ اليقات ول يُحرِم ول يَرجع إليه أو رَجَعَ على رأي
بعض أهل العلم ،أو تَ َر َك شيئا مِن الرمي على خلف طويل ف ذلك ،وما شابه هذه المور ،فهل تكون هذه
على التخيي أو تكون على الترتيب ؟
أوّل :أنا ل أَجِد دليل يَدُلّ على إِياب الدماء ف هذه المور مِن سنّة رسول ال ،والديث الدال على
ذلك حديث ل يَصح عن النب ،وإنا تُوجَد ف ذلك رواية عن ابن عباس-رضي ال تعال عنه-وقد
اختلف العلماء هل هي ممولة على الرفع معنًى وإن كانت موقوفة ف اللفظ:
فذهب بعضهم إل ذلك.
ت مِن ذلك الباب. وذهب بعضهم إل أنّ السأل َة اجتهادية وليس ْ
والمر مُحتمِل ،وعلى القول بِإياب الدماء ف هذه السائل-كما هو مذهب المهور على تفصيل فيها-فهي
على الترتيب ،أوّل يَجِب على النسان أن يَذْبح َدمًا فإن ل يَست ِطعْ على ذلك هل عليه شيء أو ل يقال" :
يَجِب 1عليه شيء " ؟
منهم مَن يَذكر هذا ول يُوجِب عليه شيئا بعد ذلك.
ويُؤخَذ مِن كلم بعضهم أنه عليه أن يَصوم عشرة أيام.
والصيام ل نراه أبدا ،والدم نَحكم به إذا حكَمنا به ف بعض السائل القليلة النادِرة جدا.
ف كثي مِن الناس ف إِياب الدماء على عباد ال-تبارك وتعال-بِما ل يُوجِبه عليهم الول تبارك وقد َأسْرَ َ
وتعال " ..مَن َفعَ َل كذا عليه دم " ..ل يَذكرون التخيي فيما فيه التخيي ،ويُو ِجبُون ف كثي مِن المور الت
ل يَأتِ عليها دليل ،وف أكثرِها ل يَقل به أحد مِن علماء السلمي أو قال به قِلّة قليلة مِن أهل العلم ،وأنا-
حقيقة كما قلتُ-ل أَجِد دليل على ذلك ،وإنا-كما قلتُ-أَخذوه مِن كلم ابن عباس وهو مُحت ِملٌ لِلمْريْن
ض المور فإنه أُ ْحصِر وجانب الجتهاد أقوى ،وقد يُؤخَذ ذلك-أيضا-مِن باب الِ ْحصَار خاصّة ف مَن تَ َركَ بع َ
عنها إذا كان ذلك لِسبب مِن السباب فقد يُؤخَذ ذلك مِن الِ ْحصَار ويُقال " :عليه بِالدم " ولكن-كما
قلتُ-ذلك ف أمور بسيطة جدا ،سأَُفصّلُ الكلم عليها بشيئة ال-تبارك وتعال-ف الدروس القادمة ،فليتّقِ ال
-1قال الشيخ " :ل يب " ويبدو أنّ " ل " هنا زائدة.
294
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أولئك الذين يُوجِبون كثيا مِن الدماء على عباد ال ول دليل لم على ذلك ،بل كثي مِن تلك المور ل
يَقل با أحد مِن علماء السلمي أو شذّ مَن قال بذلك ،و-أيضا-لِيتّقوا ال-تبارك وتعال-ف تلك المور الت
خيّرُون عباد ال-تبارك وتعال-فيها مع أنه قد وَ َر َد فيها التخيي مع أ ّن التخيي أسْهل بِكثي ..هذا ل َيجِد ل يُ َ
ما يَشتري به شا ًة ..مثل قيمةُ الشاة تُساوي ثلثائة ريال سعودي أو أكثر وهو ل يَجِد ذلك ومِن السْهل
عليه أن يَصو َم ثلثة أيام أو أن يُطعِم سّت ًة مِن الساكي أو يَجِد الال ولكنه ل يَعرف الساكي فيَخشى أن
يَضعها ف غي الوضع الصحيح بينما إذا صام ..ذلك أسْهل عليه مِن حيث إنه ل قيمة عليه ومِن حيث إنه
يَعلم بِأنه قد أدّى ما َأوْ َجبَه ال-تبارك وتعال-عليه ،فعلينا-إذن-أن َن ْفعَ َل بِحسب ما دَلّ عليه الدليل إن وُجِد
هنالك دليل ،وما ل يُوجَد فيه دليل فإذا قال به بعض العلماء فل بأس مِن تقليدِهم بِالنسبة لِمَن ل قدرة له ،أما
إذا أفت علماء السلمي الذين يُوثَق بم وَبّينُوا أنه ل دليل على ذلك وأ ّن النسان ل يُمكِن أن يُكَلّفَ بِذلك
جهّال أن ُيكَّلفُوا عبادَ ال-تبارك وتعال-بِما اللهم إل إذا أراد أن يَأت بِذلك على سبيل الحتياط فل يَنبغي لِل ُ
ل َي ْأمُرْهم بِه الول تبارك وتعال.
هذا وهنالك بعض المور الت تَحتاج إل تنبيه فل يُمكِن أن تُؤخَذ مِن هذا الواب الجال ،لنّ بعض
المور-أيضا-ل فِدية فيها على مذهب جهور السلمي ،وذلك َكعَقْدِ النكاح لِلْ ُمحْرِم فإنّ العلماء قد اختلفوا
هل يَجوز له أن َي ْعقِ َد النكاح أو ل يَجوز له ،وعلى القول بِعدم الواز فإنّ المهور ل يَ َر ْو َن عليه الفِدية ،فل
يُمكن-أيضا-أن نُوجِب عليه الفِدية.
ص شيئا لَم يُو ِجبْه عليه الول ول ض أهل العلم قالوا :إ ّن مَن َأوْ َجبَ على شخ ٍ هذا ومِن الدير بِالذّكر أ ّن بع َ
َيقْتَ ِد بِأح ٍد مِن علماء السلمي وهو يَتظاهر بِأنه مِن أهل العلم وهو ليس ف العِي ول ف الّنفِي أنه يَجِب عليه أن
لهّال الذين ظنّوا فيه بِأنه مِن أهل العلم وهو ليس مِن ذلك الباب ،وهو قولٌ سا ُ ض النا ِ
يَقوم ِبغُ ْرمِ ما أفت بِه بع َ
ع أولئك الهال الذي يُفتُون حكَ ْمتُ عليه بِذلك وأَلْ َز ْمتُهُ أن ُيَنفّذَ ذلك حت يَ ْرتَ ِد َسائغ قوي ،ولو كنتُ قاضيا َل َ
عبادَ ال-تبارك وتعال-بِغي علم.
أما أولئك الهلة الذين ل دِراية لم بِشيء مِن العلم ول يَتظاهَروا بِذلك وهم معروفون بِذلك فإذا أَ ْفَتوْا بِشيءٍ
ض نفسَه لِمِثل حكُ َم عليهم ِبغُ ْرمِ ذلك ،وذلك لنم ل ُيعْرفُ عنهم العلم ،فمَن سألم فقد عَ ّر َ فل يُمكِن أن نَ ْ
هذه المور ،وقد ذَ َك َر المام السالي-رحه ال تبارك وتعال-ف باب أصول الفقه مِن " جوهر النظام " القولَ
الذي قال به بعض أهل العلم بِوجوب الغُ ْر ِم على مَن أفت بِغيْر علم وهو يَتظاهر أنه مِن أهل العلم ،فمَن شاء
ذلك ف ْليَرْجِع إليه:1
-1هذا ما قاله المام نور الدين السالي ف باب :أصول الفقه ،مِن كتابه " جوهر النظام ":
ي ثلثًا أََتمّاوإنا
ف ما يَقصدُ ف جَنانِهمثالُه أن ُيعْطِيَنّ المّامع البن َ
وزلّة العالِم ف فتواهرفوعةٌ عنه وما أوْلهوذاك أن يَخرُج مِن لسانِهخل ُ
الضما ُن لِلذي عَملبِقوله إذ لِلخطا منه قَبلوجاه ٌل أفت فليس َيغْرُمإن خالَف ال ّق ولكن يَأثَملنه يُعرَف بِالهل فقطوإنا يَضمَن ف ذاك
295
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الوسطلنه غَ ّر الذي يُسائِلبِحاله وإنه لَجاهلول ضمان إن يَكن ل يَخ ُرجِن قولِ كلّ العلماءِ الـحُججِ
296
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ي مِن حيثُ الزاء أو الفِ ْديَة أو ما شابه ذلك-وإنّما يَجِب عليه أن -1مِنهم مَن ذهبَ إل أنّه ل شيءَ عليه-أ ْ
يَتوبَ إل ال-تبارك وتعال-لنّه ارت َكبَ مَا حَ َظ َرهُ ال-تبارك وتعال-عليه ،وهذا القول قالتْ بِه طائفة مِن
أهلِ العلم.
-2وذهبَ جُمهو ُر المّة إل أنّه يَجِب عليه الزاء إل أنّهم اختلَفوا ف ذلك:
صيْدِ الرَم-وقد تكلّمنا على ذلك-وعليه فإنه لبد مِن ُحكُومَة ف ذلك. منهم مَن ذهب إل أنّ حكمه كحمِ َ
صيْدِ الرَم وَقَال " :إنّه تَجِب فيه القِيمة ".
ومنهم مَن َفرّق بيْنه وبيْن َ
ومنهم مَن قَال بِخلفِ ذلك.
ث الزاء أو الفِدية وإنّما عليه التّوَبةُ إل ال
والذي يَظهَر لِي ف هذه القضية أنّه ل يَجِب عليه شي ٌء مِن حي ُ
تبارك وتعال ،وذلك لنّه لَم يَأتِ دَلي ٌل مِن كتابِ ال ول مِن سّنةِ رسولِه-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
جمِع المّة على ذلك ،ومِن العلومِ أ ّن أموالَ السلِمِي َم ْعصُومَة بِعصم ِة السلمِ لَها فَلالصحيحة الثابِتة ولَم تُ ْ
ت بعضُ الرواياتِ يُمكِن أن نُوجِب شيئا على أحد إل بِدلِيلٍ ش ْرعِي ،ونَح ُن ل نَملِكُ دَلِيل ف ذلك وإنّما جاء ْ
عن بعضِ صحابةِ رسولِ ال وعلى تقدِي ِر ثبوتِ تلك الرّوايات فإنّه ل حُجّة فيها ،إذ إنّ مذهب الصحاب
حجّة على القولِ الراجِح الصحيح ،فإذن الصحيحُ-كما قلتُ-هو أنّه ل جزا َء على مَن قَ َط َع شيئا مِن ليس بِ ُ
شَجَرِ الرَم وإنّما عليه التّوبة والنَابَة إل ال-تبارك وتعال-وإن فعل شيئا مِن اليْرِ فإنّ ذلك حَسَن ،أمّا
الوجوب فل وجوب؛ وال أعلم.
وقال:
ف الثار
وإن يَقولُوا خالَ َ حسبُك أن تَّتبِعَ الختار
ف قول ض عليه حيثُ خالَ َ وأَحْسَ َن المام سعيد بن خلفان-رحه ال تبارك وتعال-حيثُ قال لِسائلٍ اعتَ َر َ
جبِ أن َأنُصّ لَك عن رسولِ مشهورا عن َد العلما ِء السابِقِي ..فقالَ لَه المام رحه ال تبارك وتعال " :ومِن العَ َ
ضةِ السلم بِغيْرِ دلي ٍل ول واضِ ِح سبِيل ،أََليْس هذا ف العيَانِ مِن ال َذيَان ".
ضنِي بِعلما ِء بْي َ
ت تُعارِ ُ
ال وأن َ
ب بِه عرض الائط وأَحْسَ َن المام الليلي-رحه ال تبارك وتعال-حيثُ قال " :وقو ٌل ِبخِلفِ الدِيث يُضرَ ُ
" ،وقال-رضوان ال تبارك وتعال عليه-ف قضي ٍة مِن القضايا " :وما مِن عالِم إل ف قولِه القبو ُل والردود ما
خل رسولَ ال " ...إل آ ِخ ِر كلمِه رحه ال تبارك وتعال.
ولِلعلماءِ ف ذلك نُصوصٌ كثِ َيةٌ ف هذا القام ،ل حا َجةَ لِلطالةِ بِها ف هذا الوقت.
ونَحن إذا نَظَرْنا إل قضي ِة الشتراط فإننا نَجِد العلماءَ قد اختلَفوا ف هذه القضية:
منهم مَن قال بِمشروعيةِ ذلك.
ومنهم مَن قال بِعدمِ مشروعيتِه.
وإذا َأْتيْنا إل معرفةِ الراجِ ِح مِن هذيْن القوليْن فل شك أنّ القولَ بِمشروعي ِة الشتراطِ ف الحرامِ هو القولُ
الصحِيح ،وذلك لِما جاء ف الديثِ عن السيدة عائشة-رضي ال تعال عنها-أنّ الرسولَ-صلى ال عليه
ضبَاعَة بنةِ الزبيْر ..ابنةِ عمّه ( :حُجّي واشتَ ِرطِي ) ،وذلك بِأن تَقول" : وعلى آله وصحبه وسلم-قال ِل ُ
سَتنِي " عندَما تُرِيدُ الحرام ،وهذا الديثُ حديثٌ صحِي ٌح ثاِبتٌ عنه ..رواه المام مَحِلّي حيثُ َحبَ ْ
البخاري والمام مسلم ،ورواه-أيضا-النسائي وابن خزية وابن حبان وابن الارود ،ورواه أحد وإسحاق
والطبان ف " الكبي " والطحاوي ف " الشكِل " والدارقطن والبيهقي والبغوي ،وهو حديثٌ صحِي ٌح ثابِت.
ول عبةَ بِإِعل ِل الَصِيِليّ لَه ،والَصِيِليّ هذا فيما يَظهَر أنه ُمتَسَ ّرعٌ ف إِعل ِل بعضِ الحاديث بل ليستْ لَه
تلك الدرايَة بِمعرفةِ أئم ِة الديث فضل عن الروا ِة العا ِديِي ،ويَكفِي ف التدلِيلِ على ذلك أنه َحكَ َم بِجَهالةِ
الما ِم الشهِي البلِ الراسِي جابرِ بن زيد-رحه ال تبارك وتعال-الذي َوّثقَه كِبا ُر الصحابة فضْل عن أئمةِ
الديث.
ث إنه ذَكَ َر أنّ هذا الديث َتفَرّ َد بِه َمعْمَر عن ال ّزهْرِي كما َنقَلَ ذلك عن
ب مِن القاضي عِياض حي ُ ج ُ والعَ َ
الما ِم النسائي ،والنسائي-فيما يَظهَر-لَم يُرِد بِذلك إِعل َل الدِيث ،وذلك ل ّن هذا الديث قد جاء مِن غيْرِ
طرِي ِق َمعْمَر عن ال ّزهْرِي ،وِب َغضّ النظَرِ عن هذه الروايَة-فإّننِي لستُ أُرِي ُد أن أُطِي َل القال بِالكلمِ عليها ،وإل
فإنّ لَنا مقال معرُوفا ف ذلك-فإنّ هذا الديث قد جاء مِن طُ ُرقٍ أخرى عن الراوي عن السيد ِة عائشة رضي
299
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ال-تبارك وتعال-عنها ،وجاء عن غيْرِها مِن صحابةِ رسولِ ال ،فلَو سُلّمَ جدَل بِإِعللِ هذه الرواية الت
ت مِن غيْرِ هذه الطرِيق. ذَ َكرَها القاضِي عِياض-مثل-فإنّه ل َيضُرّ ذلك ما دام الديثُ قد َثبَ َ
والديثُ قد جاء-أيضا-مِن طرِي ِق اب ِن عباس رضي ال-تبارك وتعال-عنهما ،رواه مسلم وأبو عوانة والنسائي
والترمذي والدارمي وابن ماجة ،ورواه أحد وإسحاق وابن حبان وابن الارود والطبان ف " الكبي "
والطحاوي ف " شرح مشكل الثار " ،ورواه ابن عَدِي وأبو يعلى وأبو نعيم ف " اللية " وأبو علي الطوسي
خرَجِه على الترمذي ،وهو حديثٌ صحِي ٌح ثابِت عنه صلوات ال وسلمه عليه. ستَ ْ
ف مُ ْ
وقد جاء لِهذيْن الطرِيقيْن شواهِ ُد مِن طُ ُرقٍ أخرى عن صحابةِ رسولِ ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه
وسلم ،فقد جاء ذلك مِن طرِيقِ أم سلمة ومِن طرِيقِ جابر بن عبد ال ،وذَ َك َر الترمذي بِأنه جاء مِن طرِيقِ
ت قيْس ج ّد ِة ابن الزبي ،وجاء عن غيْ ِر هؤلءِ مِن صحابةِ رسولِ ال أساء ،وجاء-أيضا-مِن طرِي ِق ُسعْدَة بن ِ
حتْ الرواية فقدْ جاء عن ُذ َؤيْب السلمي ،ولستُ أُرِيدُ أن ُأطِيلَ صّصلى ال عليه وعلى آله وسلم ..إنْ َ
حةِ هذه الروايات ،فإنّ بعضَها حَسَن وبعضُها صالِحٌ لِلستشها ِد بِذلك ،وعلى تقدِي ِر عدمِ صّالكلم على ِ
ذلك-إذا تَشَدّ َد مُتشدّدٌ ف بعضِها-فإنّ الطريقيْن الساب َقيْنِ صحِيحا ِن ثابِتانِ عن رسولِ ال صلى ال عليه وعلى
ض كثِ ٌي مِن الناسِ على هذه الحادِيث: آله وصحبه وسلم ،وقد اعتَ َر َ
ض بِأنا ضعِيفة ،وقد َتقَ ّد َم الكلمُ على ذلك ،فل حا َجةَ لعا َدتِه. منهم مَن اعتَ َر َ
ص بِالعمر ِة وليس ف الج ،والديثُ يُنادِي بِأعلى صوت ويَصرُخ بِأقوى ُحجّة ومنهم مَن ا ّدعَى بِأنّ ذلك خا ّ
ت شِعرِي ما الف ْرقُ بيْن الج والعمرةِ ف هذا ؟! فما صَحّ ف العمر ِة فإنه يَصِحّ بِأنّ الديثَ وا ِردٌ ف الج ،ث ليْ َ
ق بينهما وليس هنالِك دَلِي ٌل البتّة ،ومَن ا ّدعَى خِلفَ ذلك فعليه الدلِيل ول ف الج إل إذا دَلّ دلِيلٌ على الف ْر ِ
سبِي َل إليه.
صفَه المام النووي ،وهو َحقِيقٌ بِذلك. ضبَاعَة ،وهذا باطِلٌ كما وَ َوا ّدعَى بعضُهم بِأنّه خاصّ ِب ُ
ت فيُحمَل الديثُ على ذلك ،وهو قولٌ كَلِيلٌ ودَلِيلُه عَلِيل فل يَنبغِي أن ومنهم مَن ا ّدعَى بِأنّ ذلك إذا ماتَ ْ
ت إليه ول أن ُي َعوّلَ عليه. يُلَتفَ َ
جةِ الوداع ول يَأْتِ وا ّدعَى بعضُهم بِأنه منسوخ ،وهو كل ٌم باطِل وعن الدلِي ِل عاطِل ،فهذا الديثُ كان ف حَ ّ
حدِيثٌ آخَر يَدُلّ على خِلفِ ذلك.
وا ّدعَى بعضُهم-كالطحاوي ف " شرح الشكل "-بِأنه مُخَالِفٌ لِلجاع ،وهو كلمٌ عجِيب غرِيب ،فإنّ
ي القو ُل بِالشتراط عن طائف ٍة كبِيةٍ العلماءَ قد اختلَفوا-مِن قب ِل أن يُولَدَ الطحاوي-ف هذه القضية ،وقد ُروِ َ
مِن صحابةِ رسولِ ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وإن كان لَم َيصِح عنهم َجمِيعا ،فقد رُويَ ذلك عن
عمر وعن عثمان وعلي وابن مسعود وعمّار وعائشة وأم سلمة ،وإن كان-كما قلتُ-ل َيصِحّ عنهم جيعا،
300
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ع بِأ ّن العلماء قد أَ ْج َمعُوا على خِلفِه ول وقالتْ بِه طائف ٌة كبِي ٌة مِن أه ِل العلم ،فكيف يَ ّدعِي بعدَ ذلك مُ ّد ٍ
يَجُوزُ لحدٍ أن يُخالِفَ الجاع ؟!
ع بِأنّ هذه ونَح ُن عندَما نَن ُظرُ ف كتبِ الفقْه وكتبِ الصول فإننا نَجِ ُد كثِيا مِن َدعَاوَى الجاع ..يَ ّدعِي مُ ّد ٍ
القضية قد أَجْ َمعُوا عليها وقد يَكونُ جُمهو ُر المّة على خِلفِ ذلك ،وسَمِعتُ أَحَ َد الناس يَذ ُك ُر مسألةً وذَ َكرَ
فيها قول وا ّدعَى بِأنّ هذا القو َل مُجمَ ٌع عليه وأنا قدْ رأيتُ ف السألةِ عشرة أقوال مِن غيْ ِر أن أبْحثَ عن ذلك،
ع على عكسِ ذلك القول تَماما ،فل يَنبغِي ض القضايا وحكى بعضُهم الجا َ وبعضُهم حكى الجاعَ ف بع ِ
ب هذه الكايات الت يَحكِيها بعضُ أهلِ العلم مِن غيْرِ أن َيَتثَّبتُوا ف ذلك ،ولنا كل ٌم طوِيل لح ٍد أن يَ ْرهَ َ
عرِيضٌ ف الجاع الذي هو ُحجّة ،ل ُأطِي ُل بِه القام.
وبعضُهم احتَجّ على عدمِ مشروعيةِ ذلك بِما ثبتَ عن ابن عمر-رضي ال تبارك وتعال عنهما-حيثُ قال" :
حسبُكم ُسنّة َنِبيّكُم " ..معناه أنّ النب ل يَشترِط ،وهذا غرِيب ،فمِن العلوم أنه ما مِن عالِم-وإن بَلَغَ
السماء وناطَ َح الوزاء-إل وقد خَفَيتْ عليه بعضُ أحادِيثِ النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،فإذا
كان ابن عمر لَم يَعلَم بِذلك وقد عَلِمَ بِه طائفةٌ مِن صحابةِ رسولِ ال فهل يُمكِن أن نَرُدّ بعدَ ذلك الرواية
حتَ ّج بِه.ض الصحابة لَم يَسْمَع بِذلك ؟! هذا مِمّا ل يُمكِن أن ُي ْ الت ثبتتْ عن أولئك بِ َد ْعوَى أنّ بع َ
وأما عد ُم اشتراطِ النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فل يَدُلّ ذلك على بطلنِ الشتراط ،لنه إذا
وُجِدَتْ أدِلةٌ مُتعدّدة ف قضي ٍة مِن القضايا فإنه يَنبغِي أن يُجْمَ َع بيْن تلك الدِلة ،ويُنظَر تارة يُمكِن أن يُجمَعَ
بينها على أنّ هذا مسنون وهذا جائز أو أنّ هذا لِبيا ِن الواز أو هذا ِلعِلّة أو هذا يُحمَل على كذا مِن
الـمَحَامِل إل غيْرِ ذلك ،فالنب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-لَم يَكن يَعلَم بِأنّ قريشا سَتصُدّه عن الرَم
جةِ الوداع فإنه لَم يَكن بِحاجةٍ صلوات ال وسلمه عليه إل ذلك. حت يَشتَرِط ،وأما ف َح ّ
وعلى كل حال؛ فإ ّن مَجالَ القو ِل يَطُولُ ف هذه القضية ،وأَرَى أن أَكَتفِ َي بِهذا الختصَر ،ولنا عودَة إل ذلك
ف مناسبةٍ أخرى بِمشيئة ال تبارك وتعال ،لنّ ف هذا المر مِن التيسِ ِي ما ل يَخفَى ،فإ ّن كثيا مِن الناسِ قد
ع بِأ ّن العلماء يَحتاجُون إليه فلِماذا يُمَنعُو َن منه بِ َدعْوى أ ّن بعضَ الناس يَقول بِخِلفِ ذلك ؟! وقد يَ ّدعِي مُ ّد ٍ
صعُبُ قد اختلَفوا ف هذه القضية فال ْحوَط تَ ْركُ ذلك ،وأقول :إ ّن الحتياط ُيصَارُ إليه عندَما َتتَعا َرضُ الدِلّة وَي ْ
حةً لِكلّ ذِي َعيْنيْن س طاِل َعةً واضِ َ
الترجِيح وقد يُمكِنُ الترجِيح ولكن ذلك بِأمْ ٍر مُحتمِل ،أما عندَما تَكونُ الشم ُ
ج إليها النسان ف مِثلِ هذه القضية بل السنَن فل يَنبغِي أن ُتتْ َر َك السنَن الثابِتة عن النب ولسيما عندَما يَحتا ُ
الت ل تُفعَل ..ف وقتِ الاجَة ل يَنبغِي أن ُتتْرَك ِلمَقولَ ِة قائِ ٍل بِخِلفِ ذلك لِعدمِ إِطّلعِه عليها أو لطّلعِه
ت بِها الـحُجّة.عليها مِن طرِي ٍق ل َتْثبُ ُ
301
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
؛ ث عَلّقَ ذلك على ثبوتِ هذا الديث ،والديثُ قد َثبَتَ وصَحّ عن النب
وقد أَحْسَ َن المام الشافعي حي ُ
والعلمُ عندَ ال تعال.
س :ولكن ما فائدة هذا الشتراط ف الحرام ؟
ج :العلماء قد اختلَفوا ف ذلك ،منهم مَن قال :إنّ هذا ل فائدة لَه وإنا هو لفظٌ يَُت َعبّ ُد بِه كغيْرِه مِن اللفاظ
الت ُيتَ َعبّ ُد بِها ،وهذا كلمٌ غرِيب ..قولٌ علِيل ل قيمةَ لَه وحكايتُه ُت ْغنِي عن ذِ ْكرِه ،فإنّ ضُباعةَ-رضي ال
تعال عنها-قد ذَكَرَتْ لِلنب أنا تُرِيدُ الج-وف بعضِ الروايات أنّ النب ا ْقتَرَحَ لَها ذلك وأَ ْخبَ َرتْه بِأنا
مرِيضة-فذَ َكرَ لَها النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه-ذلك ،فإذا كان ل فائدةَ لَه فما قيمة أن تأتِ َي بِه
ضُباعة ؟! فهذا كلمٌ غرِيبٌ ل قيمةَ لَه ،وإنّما الصوابُ أنّ لِذلك فائد ًة سأبَّينُها بعدَ قلي ٍل بِمشيئةِ ال تبارك
وتعال.
مِن العلو ِم أنّ مَن أَ ْح َرمَ وصُدّ عن ذلك بِع ُدوّ أو لَم َيتَ َمكّن مِن ِفعْلِ ذلك بِسببِ مرضٍ أو نَحوِه وتَعَذّر عليه
الوصولُ إل الرَم وتأدِيةِ العمرةِ أو َتعَذّ َر عليه أن يَأتِ َي بِالج ف وقتِه ..أما تأدِيةُ الج ف وقتِه ففيها كلمٌ
طوِيلٌ ،ل َأتَع ّرضُ لَه ف هذا الوقت ،وإنا َأَتعَ ّرضُ ِلمَن لَم َيتَ َمكّن مِن ذلك َرْأسًا ..قد اختلَفَ العلماءُ فيه:
ِمنْهُم مَن َذ َهبَ إل أنه إذا لَم َيتَ َمكّن مِن ذلك أبدا فعليه أن يَ ْذبَحَ َذبِيحةً كما هو ظاهِ ُر كتابِ ال تبارك
ص ْرتُمْ فَمَا ا ْستَيْسَ َر مِنَ الْهَدْيِ [ { ...سورة البقرة ،من الية:] 196 : وتعال ... } :فَِإنْ أُ ْح ِ
وإذا كان ساِئقًا لِلهدْي فإ ّن المْ َر مّتفَ ٌق عليه بيْن العلماء.
أما إذا كان لَم يَسُق الدْي فإ ّن العلماءَ قد اختلَفوا ف ذلك:
منهم مَن قال :ل هدْيَ عليه ف هذه الالة ،وهو قو ٌل مُخالِفٌ لِظاهِرِ الكتابِ العزيز.
ي بِها
ومنهم مَن قال :عليه أن يَشترِيَ ذلك ،وهذا هو الق ..هذا إذا كان واجِدا لِلقِيمة الت يُمكِن أن يَشتَرِ َ
الدْي فإن كان لَم يَجِد فقد اختلَف العلماء ف ذلك:
ج ْد الدْي.1 منهم مَن قال :عليه أن يَصو َم عشرة أيام كحا ِل مَن لَم يَ ِ
ومنهم مَن ذَهَبَ إل أنه ل شيءَ عليه.
ومنهم مَن ذَهَبَ إل أنه ل شيءَ عليه ف ذلك الوقت وعندَما َيَتيَسّرُ لَه الدْي فإنه يَهدِي.
ومنهم مَن َذهَبَ إل أنه يَصو ُم ثلث َة أيام.
ي َمحِلّ ُه َفمَنْ كَانَ مِْن ُكمْ مَرِيضا َأ ْو بِ ِه حِلقُوا ُرؤُو َس ُكمْ حَتّى يَْبُلغَ اْل َهدْ ُ ل فَِإنْ أُ ْحصِرُْت ْم َفمَا اسْتَْيسَرَ مِنَ اْل َهدْيِ وَل َت ْ } -1وَأَِتمّوا اْلحَ ّج وَالْ ُعمْرَةَ ِ
ج ْد َفصِيَامُ ثَلثَةِ أَيّامٍك فَإِذَا َأمِنُْتمْ َفمَ ْن َتمَّتعَ بِاْل ُعمْرَةِ ِإلَى اْلحَ ّج َفمَا اسْتَْيسَ َر مِنَ اْل َهدْيِ َفمَ ْن َلمْ َي ِ
ص َدقَةٍ َأ ْو ُنسُ ٍ
ى مِنْ رَْأسِ ِه َف ِفدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ َأوْ َ
أَذ ً
ب
ل َشدِيدُ اْلعِقَا ِ ل وَا ْعَلمُوا َأنّ ا َ جدِ اْلحَرَامِ وَاّتقُوا ا َ سِك َعشَرَةٌ كَامِلَةٌ َذلِكَ ِلمَ ْن لَ ْم َيكُنْ أَ ْهلُهُ حَاضِرِي اْل َم ْ فِي اْلحَ ّج َوسَْبعَةٍ إِذَا رَ َجعُْتمْ ِتلْ َ
[ سورة البقرة ،الية.] 196 :
302
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
جدُ الطعام ومنهم مَن قال :إنه يُق ّومُ الذبيح َة بِالطعام ث يُخرِجُ بعدَ ذلك طعاما-والواقِع أنّه إذا َق ّومَها وكان يَ ِ
فهو يَستطِيعُ أن يَشترِيَ ذبيحة وإنا يَكونُ ذلك إذا كان ل يَجِ ُد ما يَشترِيه ففي مثل تلك الالة ُيقَالُ ذلك-أما
إذا كان ل يَستطِيعُ على شراءِ الطعام فإنه يُقوّم ذلك َ ..يصُومُ عن ك ّل مُد ،وهذا فيه مِن الشقّة ما فيه ،فإنّ
ذلك يَقتضِي أن يَصو َم ستّ مئة يوم أو أكثَر ،ل ّن الذبيحة تُقارِب ثلثِي رِيال-مثل-أو ما شابه ذلك فإذا
قدّرَها بِا َلمْداد فل شك بِأنه يَصِلُ إل عَد ٍد كبِي ومعن ذلك أنه يَصومُ عن ك ّل ُم ّد يوما ففي هذا مِن الشقّة ما
فيه ،والدّينُ َأيْسَ ُر مِن ذلك.
ومنهم مَن قال :ل يُطعِم وإنا يَصو ُم مِن أوّ ِل وهْلَة.
ب إل غيْرِ ذلك مِن الراء. ومنهم مَن َذهَ َ
و-على كلّ حال-هذه القوال ل دلي َل عليها ،فإذا كان لَم يَجِد هدْيا فإنه ليسَ ف كتابِ ال-تبارك وتعال-
ول ف سّنةِ رسولِه ما يَدُلّ على أنه يَصنَع شيئا مِن تلك القوال الت ذَ َكرْناها ،وإنّما عليه أن يَحلِق أو ُيقَصّر
وإن تَمكّنَ بعدَ ذلك مِن الدْي ففي ذلك خي.
على أ ّن أقوى تلك القوال الت قِيَلتْ بعدَما ذَكَرْناه قو ُل مَن قال بِأنه يَصومُ عشرة أيام ،ولكن فيه ما فيه ،فل
يُمكِن أن نَحكُ َم بِه ، ،فليس لحدٍ أن يُل ِزمَ عبادَ ال-تبارك وتعال-بِما لَم يُلزِمهُم الشارِع بِه وإنا يُمكِن أن
ج مِن الِلف إن َأمْكَ َن وإن كان ل يَذْكُرَ ذلك لِمَن شاء أن يَأخُ َذ بِه مِن باب الحتياط ف الدّين والرو ِ
يُمكِن أن يَخرُج بِذلك مِن الِلف لِكثرةِ ما ذَ َكرْناه ف هذه السألة.
حلِ َق أو ُيقَصّر-2 .وقيل :ل يَل َزمُه أن يَحْلِ َق أو يُقصّر بل يَذبَح إن وَجَد و-1 :كذلك عليه بع َد أن يَذبَح أن يَ ْ
وَإل فل شيءَ عليه-أو عليه ما ذَكَرْناه مِن تلك القوال-وهو قولٌ ضعِيفٌ جِداُ ،مخَالِفٌ لِظاهِ ِر الكتابِ العزيز،
وكذلك هو مُخالِفٌ لِلسّن ِة الصحِيحةِ الثابِتة عن النب ،حيثُ إنه صلوات ال وسلمه عليه َحلَ َق وَأمَرَ
أصحابَه بِاللْ ِق أو التقصِيِ و َحثّ على اللقِ ودعا لِلحاِلقِي أوّل ثلثا ث بعدَ ذلك لِلم َقصّرِين ،فإذن هذا ثاِبتٌ
ص السّنةِ الصحِيحةِ عن النب . بِظاهِ ِر الكتاب ون ّ
ح ّل بِذلك مِن غ ْيرِ أن
إذا علِمنا ذلك فمَن اشترَطَ ف إِحرامِه إن لَم يَتمكّن مِن تأدِي ِة حَجّه أو عُمرتِه فإنه يَ ِ
ج إل هدْي ،فهذه إذن فائد ُة الشتراط-1خِلفا لِمَن َزعَ َم أنه ل فائدةَ لِذلك-وإنّما هنالِك ف ْرقٌ ف
يَحتا َ
س سيَحِ ّل مِن إِحرامِه ،فإن قال... " :ستَنِي " أو ذَكَ َر بِأنه إذا ُحِب َ
الصيغة ..إذا قال " :ف َمحِلّي حيثُ َحبَ ْ
مَحِلّي " ...فبِمج ّردِ عدم قدرتِه على إِتامِ ما أَح َر َم بِه فإنه يَكونُ حَلل بِذلك ،وإذا عَلّقَ ذلك بِإرادتِه لِلحلل
فمعنَى ذلك أنه لبد مِن أن يَنوِيَ ذلك.
فإذن:
-1قال الشيخ " :الدي " بدل مِن " الشتراط " والظاهر أنه سبق لسان.
303
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ي الحلل ويَذبَح ما استطاع ويَحلِق أو ُي َقصّر. مَن لَم يَشترِط عليه أن يَنوْ َ
سَتنِي " ل شيءَ عليه.حلّي حيثُ َحبَ ْ ومَن قال " :مَ ِ
ومَن عَلّقَ ذلك بِأنه سيَفعَلُ ذلك فهو إذا َنوَى الِحلل فإنه يَكون بِذلك حلل.
هذه هي فائدةُ الشتراط.
هذا وقد اختلَفَ العلماءُ ف حك ِم الشتِراط:
منهم مَن قال :هو واجِب ،وهذا قولُ الظاهِرِية الذين يَأخُذُون بِظاهِرِ اللفاظ ،وَليَْتهُم يَأخذُون بِظا ِه ِر اللفاظ
ض العلماء ذَكَر أنه قد بَلَ َغ عَ َددُ
بعدَ أن يَنظُرُوا إل الدِّلةِ جيعا ،فإنّ النب والمهو َر العظَم-حت أنّ بع َ
ت اللوف-لَم يَشترِطوا الجّاج ف تلك السنة إل مئة ألف ،ونَحن ل نُرِيد أن ُنقَدّر العَدَد ولكنهم كانوا بِعشرا ِ
لِعدمِ حاجتِهم إل ذلك ،فهل يُمكِن أن يُقال بِوجوبِ ذلك أو أنّه لَم يَرِد عنهم ذلك ؟! هذا ما ل يُمكِن أن
يُقالَ بِه.
حبّة.
ومِن العلماء مَن قال :هو سنّة مست َ
ومنهم مَن قال :هو جائِز وليس بِمستحَب إل لِمَن كان مُحتاجا إليه ،وهم وإن كانوا لَم يَذكُروا هذا الشرط
ولكن لبد منه.
سنّة ف َحقّه ،وهذا هو
ومنهم مَن قال :هو سنّة لِمَن كان مُحتاجا إليه وأما مَن لَم يَكن مُحتاجا إليه فهو ليس بِ ُ
وإنا لَم يَكن مُحتاجا إل ذلك فلَم يَشترِط ،وهكذا بِالنسبةِ إل الصحاب ِة الكِرام الصحِيحُ عندِي ،فالنب
كانَتْ ضُباعَة هي الـمُحتاجَة إليه فأَ ْرشَدَها النب صلوات ال وسلمه عليه.
ي مَن يَقول بِعد ِم ُسنّية ذلك إل لِمَن كان مُحتاجا إليه ،فما ُحكْ ُم مَن اشترَطَ ولَم يَكن مُحتاجا َبقِيَ على رأ ِ
إليه ث احتاجَ بعدَ ذلك إليه ..هل يَستفِي ُد مِن ذلك أو ل ؟
قيل :ل فائدة له مِن ذلك ،لنّ هذا مُخالِفٌ لِسّنةِ النب -أعن الشتراطَ مع عد ِم الاجةِ إليه-فعندَما يَحتاجُ
إل التّحلّل فلبد مِن أن يَنوِيَ ذلك وأن يَذبَح إن كان معه الدي أو كان معه ما يَشترِي بِه الدْي ويَحلِق أو
يُقصّر.
وقيل :يَنفعُه ذلك.
وبِذِكْ ِر الشتراط َتنْحَ ّل كثِ ٌي مِن السائِل:
كثِيٌ مِن النساء يَذهَبْنَ ف مُ ّدةٍ َوجِي َزةٍ لِتأدِيةِ العمرةِ-مثل-ويُمكِن أن يَأتِيَها اليض ف تلك الدّة وهي تَعرِفُ
مِن نفسِها بِأنّها لَن َتتَ َمكّن مِن البَقَاءِ ف مكة الكرمة إذا َأتَاهَا اليض فتَضطَرّ إل الرجوعِ بِسببِ أنّ ر ْف َقتَها ل
تُسَاعِ ُفهَا على البقاءِ ف تلك البقاع فهنا يُمكِن أن تَشترِط ذلك ،وعليه إذا اشت َرطَتْ ولَم تَت َمكّن مِن ذلك فلَها
الحللُ بِذلك.
304
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ت ُتصِيبُ ُه بعضُ المراض ..مثل ف موسِ ِم الشتاء أو ما شابه ذلك أو تُؤثّ ُر عليه السْفار يُ ْم ِكنُه وهكذا مَن كان ْ
أن يَشترِط ويَكون مُستفِيدا مِن ذلك.
ولِلسف أنّ كثِيا مِن النساء يَذ َهبْنَ إل تأدِيةِ العمر ِة أو الج وتَأتِيهِنّ العادة الشهرِية العروفَة وبعدَ ذلك ل
ب وتَسعَى ،لنّها قَد سَ ِم َعتْ بِأنّ يَعرِفْن ماذا َيصَْنعْن فتَرجِع الواحِدة بِإِحرامِها وهي تَظُ ّن أنّها قد أَ َحّلتْ ..تَذهَ ُ
الرأة إذا أتاها اليض ل تَطُوف فتَظُن أنّ الطواف يَسقُطُ َعْنهَا ،وقد تَسمَع بِالديثِ الذي فيه أنّ النب-صلى
ال عليه وعلى آله وصحبه وسلمَ-أ ْسقَطَ الطواف عن إِحدَى أَزواجِه عندَما أتاها اليض ولكنّ ذلك ف طوافِ
الوداع وليس ف طوافِ العمرة أو ف طوافِ الزيارة أو الفاضة-الذي هو طوافُ الج-فهذا رُكن ..أعن
طوافَ الزيارة وكذلك بِالنسبة إل طوافِ العمرة فهما ل يَسقُطانِ بِحيضٍ ول غيْرِه ولكن يُؤجّلنِ حت تَطهُر
الرأة وتَتَ َطهّر وف تلك الالة تَطوفُ ث بعدَ ذلك تَسعَى ..فتَذهَب وتَسعَى وُتقَصّر وتَرجِع بعدَ ذلك وهي
ب ما سَمعت ،وقد سألنِي عن ذلك غيْ ُر واحِد-فهذا مِمّا ل َيصِح ..إذا مُحْ ِرمَة-وقد وَقَ َع كثِيا هذا على حس ِ
ف ث تَسعَى ،فالطوافُ رك ٌن مِن أركانِ وَصََلتْ لبد مِن أن تَبقَى هناك حت تَطهُر وَتتَ َطهّر وبعدَ ذلك تَطو ُ
العمرة بل هو ركنُها العظَم ،وكذلك هو رك ٌن مِن أركا ِن الج-أعن طوافَ الزيارة-ل يَسقُطانِ أبدا ،وإنا
يَسقُطُ طوافُ القدوم لِلحاج وطوافُ الوداع لِلمرأةِ الاجّة أيضا ،أمّا مَا عدا ذلك فل ،فيَنبغِي أن يُنتَبَهَ لِذلك
جيّدا.
جبُ عليه وما هو الذي وأن يَتعلّم الواحِد قب َل أن يَذهَب إل تلك البِقاع ما هو الذي يَجوزُ لَه وما هو الذي َي ِ
يَحْرُم عليه وما هو الذي ُيكْرَه ف َحقّه وما هو الذي يُباحُ لَه.
و-كذلك-بعضُ الهل ِة الغْمار يُفتُون ..بعضُ الناس عندَما تأتِي ِه الرأة " :أنا َأتَْتنِي الدورَة ..ماذا أَصنَع ؟ ":
" اسْعَي وَقصّرِي " ،مِن َأيْن لَك ذلك ؟! لِماذا َتَت َقوّلُ على ال بِغيْ ِر عِلم ؟! فلَيتّقِ ال-تبارك وتعال-مَن ل
يَعرِفُ ش ْرعَ ال-تبارك وتعال-ث بعدَ ذلك َيتَ َقوّ ُل عليه سبحانه؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
ومِن السائِلِ الت ُأَنبّهُ عليها-وتَقَعُ لِبعضِ الناس ف بعضِ الحيان-أنّ الوضوءَ قد يَنتقِض بِخروجِ رِي ٍح أو ما
شابه ذلك ويَستحيِي ذلك الطائف ولسيما إذا كانتْ امرأة ..تَستحِي أن تَقول بِأنا قد انَت َقضَ وضوؤها-ومع
ت مِن غيْرِ مَح َر ٍم منها أو زوجِها أ ّن الوضوء قد يَنتقِض بِهذا أو غيْرِه مِن النواقِض-ولسيما إذا كانتْ قد ذهَب ْ
ط مِن ف مِن ش ْرطِه الطهارة ،فهي شر ٌ ف وهي على إِحرامِها فتَرتكِب الـمَحذُور ،فالطوا ُ فتَرجِع وهي لَم تَطُ ْ
ضتْ لبد مِن الوضوء وإعادة الطواف بعدَ ذلك .. حتِه ،فإذا انَتقَض فل يَجو ُز إل بِطهارة ،وإذا انَتقَ َ صّ شروطِ ِ
هذا أمرٌ لبد منه ،ول عبْ َر َة بِالياء ..هذا الياء ل خْي َر فيه ..الياءُ الذي فيه اليْر هو الذي يُوافِقُ شرعَ ال
تبارك وتعال ،أما هذا فهو باطِلٌ وَزُور ..مُنكَ ٌر مِن النكَرَات يُؤدّي إل الوقوعِ ف معصيةِ ال-تبارك وتعال-
305
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
306
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ل شك بأن فيه من الرفق ما ل يفى والدين بمد ال-تبارك وتعال-يسر ،فينبغي أن ييسر على عباد ال-
تبارك وتعال-ف المور الت ل تصادم دليل من الدلة الشرعية أما إذا كان ذلك مصادما لدليل فإنه ل يكن أن
يدعى بأن فيه تيسيا إذ ل يكن لحد أن يالف الدليل ولو كان يظهر للنسان أن فيما يالفه ..أن فيه اليسر
أو ما شابه ذلك فالعبة با دل عليه الدليل ،فإذن من ذهب إل الدينة أو إل جدة أو إل عرفة أو إل أي
موضع من الواضع وكان قصده أن يرجع إل الوطن الذي كان مستقرا فيه أو ما شابه ذلك ول يرد أن ينشئ
الج ف ذلك الوقت بأن رجع ف اليوم الثالث أو الرابع أو الامس أو السادس وهو يريد أن يرم بالج ف
اليوم الثامن فل يلزمه الحرام هذا ما أراه والعلم عند ال تبارك وتعال.
س :ما حكم استخدام حقيبة النوم بالنسبة للمحرم ؟
ج :هي ليست من اللباس ف شيء فل نرى مانعا من استخدامها ..هذا مِن حيث الواز وعدمه ،وأما مِن
حيث الحتياط فإن احتاط النسان ول يستخدمها إل على طريق بأن قام بوضعها عليه أو ما شابه ذلك فذلك
أحوط لكن من حيث النع فل نقوى عليه لكن بشرط أ ّل يضع ذلك على رأسه لنّ إحرام الرجل يكون ف
رأسه ..نعم إذا اضطر الرجل لتغطية رأسه اضطرارا بأن كان يشى من البد الشديد أو ما شابه ذلك فلبد
من الفدية هاهنا ،أما إذا ل يضطر فل ولو قال شخص مثل " :أنا ل بأس سأعمل الفدية ..أصوم ثلثة أيام أو
أطعم ستة مساكي أو أذبح ذبيحة-وطبعا الطعام والذبح يكونان لفقراء الرم-فهذا أمر يسي " نقول له:
هذا-أوّل وقبل كل شيء-منوع ..ليس لك ذلك وإنا يكون ذلك ف حالة الضرورة ..عندما ل يستطيع
النسان مِن شدّة البد إل بأن يضع شيئا على رأسه فهنا هذه ضرورة وف هذه الالة نقول له " :اصنع ذلك
وافتد " ،أما إذا كان يستطيع أو قد يد شيئا مِن الشقة اليسية أو ما شابه ذلك فليس له ذلك ،والاصل إذا
غطى رأسه لضرورة لبد منها فلبد له من أن يفتدي أما إذا ل يكن مضطرا فليس له ذلك أبدا ،وهكذا الرأة
ليس لا أن تغطي وجهها أما ما عدا ذلك فل مانع مِن ذلك ..هذا ما يظهر ل ،والعلم عند ال تعال.
ثانيا :الطواف
أو أنه ل س :هل يستحب أن يكون الطواف حول الكعبة بي الكعبة ومقام سيدنا إبراهيم
؟ يوجد ما يعيب الطواف مِن خلف مقام سيدنا إبراهيم
ج :كلما كان الطائف أقرب إل الكعبة فإنّ ذلك أفضل إذا كان ل يؤذي غيه ول يؤذيه غيه ،أما إذا تأذى
بذلك وأذهبَ ذلك الشوع فإنّ الوْل له أن يطوف أبعد مِن ذلك ،فإذن إذا كان ل يؤذي غيه ول يتأذى
هو فالفضل له أن يطوف بالقرب مِن الكعبة فكلما قرب مِن الكعبة فإنّ ذلك أوْل ،أما إذا كان بلف ذلك
فإنه ل ينبغي لحد أن يؤذي غيه بل ذلك ل يصح؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
307
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :إذا تلّلَ شخص مِن الج أو العُمرة ث شك ف طوافه بأنه قد طاف ستّة أشواط ،ماذا
يَجب عليه ؟
ج :إذا انتهى النسان مِن الطواف فل يَلتفِت بعد ذلك إل الشكوك ،فكيف إذا كان قد انتهى مِن السعي
ومِن اللْق أو ما شابه ذلك ؟! فهذا شك ل عبة به ..نعم إذا شك وهو ف الطواف فهاهنا يَبن على القل
..إذا شك هل طاف ستّة أو سبعة فليَعتبِرها ستّة ويأتي بالشوط السابع ،وإذا شك بيْن الخمسة والستّة
فليَعتبِرها خسة ..هذا إذا ل يَترجّح لديه شيء ،أما بعد أن يَنتهي مِن الطواف فل شيء عليه بشيئة ال.
سيَ كم صَلّى ،هل
ص آخر ف ال َعدّ ؟ والذي يُصَلّي وَن ِ
ح لِلطائف أن يَعتمِد على شخ ٍ
س :هل يَص ّ
يَعتمِد على مَن بِجَنْبِه ؟
ج :على كل حال؛ النسان لبد مِن أن يَعتمِد على نفسه ..هذا هو الصل ،لنه قد يُخطِئ ذلك الشخص
الذي اعتمَد هو عليه ،فلماذا ل يَعتمِد على نفسه ويَعتمِد على غيه ؟! إذا كان قد وَقَعَ لِهذا النسان مِن قبل
ت نفسُه إل ِفعْلِ صاحبِه وهو ل يُفارِقه أبدا فإنه يُمكِن أن يُر ّخصَ له ف الاضي ،أما ف الستقبَل واطمأنّ ْ
فليَعتمِد على نفسه ،ول يَعتمِد على غيه.
أما بِالنسبة إل الصلة فالكلم فيها كالكلم ف الج ..الصل ف النسان أن يَعتمِد على نفسِه ولكن إذا وَقَعَ
جعَل ذلك مِن باب الـ ُمرَجّحَات ف الج وف الصلة، منه خطأٌ-مثل-واطمأّنتْ نفسُه إل ِفعْلِ صاحبِه فإذن يَ ْ
ومِن العلوم أ ّن النسان إذا تَرَجّحَ لديه أح ُد الانبي فإنه يَأخذ بِما تَ َرجّحَ له ،فإذن يَكون ِفعْلُ ذلك الشخصِ
الذي معه مِن الـ ُمرَجّحَات ل أنه يَعتمِد عليه فإن ل يُعارِضه معارِض ف طواف الج أو العُمرة أو ف الطواف
جعَل ذلك مِن الـمُ َرجّحَات ولكن ف الستقبَل يَنبغي له أن مطلَقا ول ف الصلة فيُمكِن-كما قلتُ-أن يَ ْ
يَعتمِد على نفسِه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :مع شدّة الزحام ،ما حكم الطواف والسعي فوق السطح ؟
ج :على كل حال؛ لِلعلماء ف هذه القضية خلف:
ف عليه
منهم مَن يُشَدّد ف ذلك وَيقُولُ :إ ّن الطواف ل َيصِح ،وذلك لنه ل يُحاذِي شيئا مِن البيت ،فَمَ ْن طَا َ
أن ُيعِيد ذلك ال َطوَاف ،وإذا َرجَعَ إل بَلَده فلبد مِن أن ُيعِيد ذلك وأن ُيعِيد السعيَ معه ،لنه سعى قبل
الطواف الشّ ْرعِي الـ ُم ْعتَب.
وَذَهب أ ْكثَر أهل العلم إل أَن طَوافَه ذلك صحيح ،وذلك لنه وإن كان ل يُحَاذِي شيئا مِن البيت ولكنه
يُحَاذِي َهوَا َء الكعبة والكُل ..ال َكعْبة مِن أصْلِها إل السّمَاء ُتعْطَى َن ْفسَ الُكم.
308
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وأقول :إ ّن مَن وَقَع ف الـمَاضي فل شي َء عليه ،وأما ف الـمُسَتقْبَل فالحْوط لِلنسان أن يَحتاط لمر دِينه،
خرِج َنفْسَه مِن اللف ف مثل هذه الـمَسأَلة؛ والعِلم عند ال. وأن يُ ْ
أما السعي فأَمرُه أسْهل.
س :ذَكَرتُم ف أَكْثَر مِن َموْضِع بِأنّه ل يُصَلّي إنسان عن إنسان وإنّما قد يصوم إنسان عن آخَر،
ت أُصَلّي ركعَتيْ ال ّطوَاف وَأنْوِي أنّهما عن الشّخص الذي َأحُج عنه ثُم َرَأيْتُ
لكن هَذَا السّائِل َيقُول :كُن ُ
أنّه ل يصلي أحد عن أحد ،فماذا عَ َل ّي ؟ وماذا أفعل الن ؟ هل أُصَلّيهِمَا أول ؟
ج :نعم ،قَد ذكَ ْرنَا-وذَ َك َر غينا-أنّه ل يصلي أحد عن أحد ،وقد َحكَى بعض العُلماء اتفاق أهل العلم على
ذَلك ...
أمّا بالنّسبة إل الصّلة فقد قُلت إنّه ل ُيصَلّي أحد عن أحد إذا كان ذلك استقلل ،أمّا إذا كانت تلك الصلة
تَابِعَة لمر آخرَ ..دَا ِخلَة ف ذلك المر فإنّ المر يَختلف ف هذه القضية ،وذلك لنّه يُشْرَع َتبَعا مَا ل يُشْرَع
استقلل كما هو ُمقَرّ ٌر عند الفقهاء ،وهي قَاعِدة فقهية مشهورة تدخل تَحتها مسائل ُمتَعَدّدة ،فالصّلة إذا
كانت مستقلّة ل يُمْكن أن َيقُوم أحد بِقضاء فريضة مِن الصلوات كالظهر أو العصر أو الغرب أو ما شابه ذلك
عن شخص آخر ،كما أنّه ل يُمكن أن َيَتَنفّل عنه ..أن يصلي ركعتي نافلة َوَينْوي أنّهما عن فلن أو فلنة أو
ما شابه ذلك ..هذا أمر ُمتّفق عليه كما حكاه غي واحد ،ومَا ُروِي عن بعض الَتقَدّمي مِمّا يُخالِف ذلك
فلعَلّه ل َيصِ ّح عنه ،وإن صَ ّح عنه فإنّه ل دليل لَه على ذلك.
أمّا بالنسبة إل صلة الطواف ..أو إل ُسنّة ال ّطوَاف-ل ّن الصحيح أنّها سنّة-فالمر جَائِز باّتفَاق أهل العلم،
وذلك لنّ هذه دَاخِلَة ف الج أو دَا ِخلَة ف العُمْرَة إذا كان ذلك الشّخص َيعْتَمِر عن شخص آخر ..فهي
تَابِعَة لعمال الج أو تَاِبعَة لعمال العمرة ،وعليه فما َفعَلَه هَذَا الشّخص فعل صحيح ،وف الستقبل ينبغي له
إن شاء أن َي ْعتَمِر أو أن يقوم بأداء الج عن غيه فإنه يفعل ذلك أيضا.
حتَها مَسَائل متعدّدَة ،مِن ذلك وكما قلت هذه السألة وهي أنّه يُشرع بالتَّب ِعيَة ما ل يُشْرَع استقلل تندرج تَ ْ
مثل:
...
َومِن السائل الهمة-أيضا-أنّ النسان إذا أ ْح َرمَ بعمرة فإنّه ل يَجُوز له أن يَحْلِق أو أن َيقُصّ رأسه إل بعد
ي الج والعمرة وهو ما ُيعْرَف عند العلماء بالقران ..إذا َقرَن بي الج الطواف والسّعي ولكن إذَا جَمَعَ بَ َ
والعمرة فإنه يُشْ َرعُ لَه اللق أو التّ ْقصِي-واللق أفضل-بعد َرمْيِ المرة قبل أن يطوف وقبل أن يسعى ،فذلك
شرِع للعمرة- لتََب ِعيّة العمرة للحج لنّ الذي ُيفْرِد الج-مثل-يُشْرَع له اللق أو التّقصي ف ذلك الوقت ف ُ
أيضا-لجل تبعيتها للحج وهذَا أَمر ُمهِم ،وقد قَال بعض العُلَماء :إنّه ليس له أن يَحلق أو أن ُيقَصّر إل بعد أن
309
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ف طواف القُدُوم ولَم يَسْع أو َحتَى إذا طَاف َطوَاف يطوف ويسعى ،واختُلِفَ ف هذا هل ذلك إذا كان لَم يَطُ ْ
القُدُوم ..الول-مثل-إذا جَاء إل مكة ُمَتأَخّرا أو لَم يطف ولَم يسع لسبب مِن السباب أو حت تَرَك ذلك
متعمّدا-فإنّه جَائز على الصحيح وإن كان خلف الفضل-أو جاء ُمتَأخّرا إل عرفة فهو لَم يطف طواف
القدوم ولَم يسع ،أو طاف طواف القُدُوم ولَم يسع ولكنّه لَم يطف طواف الرّكن ؟ فالصحيح ف الالَتيْ ِن معا
أنّه يَجوز له أن يَحلق أو ُي َقصّر-خلفا لِمن قال بِخلف ذَلك ف السألتي َمعًا أو ف إحداهُمَا-وذلك ظاهر مِن
فعل النب فإنّه حََلقَ-صلوات ال وسلمه عليه-بَعد أن َرمَى ،وأيضا َتعَطّر بعد أن َرمَى مَ َع أنّه لَم يطُف
طواف الرّكن وقد عطّ َرتْهُ السّيدة عائشة-رضي ال تبارك وتعال عنها-وهي لَم تَطُف وَلَم تَسْعَ ،فذلك دليل
على السألتي معًا ،فإذن يَختلف الكم ف هاَتيْن القضّيتَيْن ،وهنالك مسائل أخرى ل داعِي لذكرها الن.
فلبُد مِن أن ُينَْتبَه لِمِثل هذه السائل ،وإذا سَمِع النسان كَلما ف مسألة ليس له أن يَحكم به على بعض
السائل وإن رأى بأنّها قريبة مِن تلك السألة ،وهو معن ما ذكره بعض أهل العلم أن النسان إذا كان ضعيفا
ف العلم ليس له أن َيقِيس مسألة على مسألة ولو َرأَى بأنّهما قد تَشَابَهتا مِن كل الوُجوه ..أي على حسب
ختَلف هذه السألة عَن تلك ظَنّه هو لنه قد تكون هنالك بعض المور الت لَم يلحظها هو وف واقع المر تَ ْ
السألة ،والسألة أمَامَنَا فهذا الشّخص-مثل-سَمِع أو رأى ف بعض الكتب-أيضا-بأنه ل يصلي أحد عن أحد
فظ ّن بأن ذلك ينْ َطبِق على هذه السألة وذلك ل ينْ َطبِق عليها ف حقيقة الواقع.
ثالثا :السعي
س :نُشاهِد بعضَ الناس يُصلّون بعدَ السعي ،فهل تُشرَع صلةٌ ف ذلك الوقت ؟
ت شيءٍ ف ذلك عن النب صلى ال ج :إنّ الذي عليه جهو ُر المّة أنه ل تُش َرعُ صلةٌ بع َد السعي ،لِعدمِ ثبو ِ
عليه وعلى آله وسلم ،وهذا القول هو القولُ الصحيح.
ت طائفةٌ قليلةٌ جدا مِن العلماء إل مشروعي ِة التيانِ بِركعتيْن بع َد السعي ،وقد احتَجّ لذلك العلّمةُ وذهب ْ
الكمالُ بن المام بِحديثٍ مروي عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وذَكَ َر فيه العلّم ُة الكمال بِأنه
صلى ال عليه وعلى آله وسلم كان يُصلّي بع َد سعيِه ،ولكنّ هذه الرواية لَم تَثبتْ عن رسولِ ال صلى ال عليه
وعلى آله وسلم ،بل ل يَ ْروِها ابنُ ماجة بِهذا اللفظ وإنا رواها بِلفظ " :بعدَ سبع " ..أي بع َد سبعةِ أشواط،
ف بِالبيت.
وذلك يعن أنّ ذلك بع َد النتهاءِ مِن الطوا ِ
فهاتان الركعتان بعدَ الطواف ،وليستا بع َد السعي؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :لقد نَصّت كتب الفِقه البيّنَة لحكام الج والعمرة بِأ ّن الدعاء الذي يُقال على الصفا والروة
ُيرَ ّد ُد هناك ثلث مرات ف كل شوط على كل منها ،فهل ذلك على الوجوب أم الستحباب ؟ وماذا على
310
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
مَن ل يَستطِع أن يَأِتيَ به على الصفة النصوص عليها ف تلك الكتب نتيج َة الزحة الشديدة والرتباك ؟ هل
ح القتصار على ألفاظ معيّنة بِذاتا ؟
يَص ّ
ج :على كل حال؛ ما كل ما ورد ف الكتب الفقهية ثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وهذا
الدعاء وكذا الذّكْر الوارد عن النب ليس واجبا وإنا هو مندوب ،ويَنبغي لِلنسان أن يَعتِنيَ بِالندوبات إذا
استطاع سبيل إل ذلك لكن بِشرْط أن ل ُيؤْذِي أحدا مِن عباد ال تبارك وتعال ،فعندما تكون هنالك زحة
ت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله شديدة خاصّة ف أيام الج فيَنبغي أن يَقتصِر على القليل ويَأتِي بِما ثََب َ
وصحبه وسلم-ويَأتِي بِدعاءٍ جامع مِن غيْر أن يُطِيل حت ل ُيؤْذِي عبادَ ال تبارك وتعال ،فعندما تكون هنالك
سعة يَأتِي بِالذّكْر الوارد عن النب ث يَدعو ث يَأتِي بِالذّكْر ث يَدعو ث يَأتِي بِالذّكْر وقد اختلفوا ف الدعاء
بعد الذّكْر ف الرة الثالثة هل هو مشروع أو ل ؟
مِنهم مَن قال بِمشروعية ذلك.
ومنهم مَن قال بِعدم الشروعية.
ومَن قال بِالشروعية ف كل هذه القضية-طبعا كما قلتُ-إنا يَقول بِالندبية ل بِالوجوب؛ وال-تبارك وتعال-
أعلم.
س :لقد اعتمَرتُ مع والدي وعند السّعي بدأنا بِالصفا ولكننا كُنّا َنعُ ّد ذهابنا مِن الصفا إل
الـ َمرْوة نصفَ شوْط ،بِحيث كنّا َن ُعدّ ذهابَنا مِن الصفا إل الروة ث رجوعَنا إل الصفا مرّة أخرى شوطا
واحدا بد ًل مِن كونه شوطي فقد كان الـمَجموع بِذلك خس عشر شوطا ؟
ج :هو أربعة عشر إذا كانوا اخَتتَمُوا بِالصفا إل إذا كانوا زَادُوا مرة ثانية إل الروة.
على كل حال؛ هذا رأيٌ لِبعضِ أهل العِلم وهو أنّ الشّوْط الواحد َيكُون مِن الصفا إل الصفا ،وقال بِه الشيخ
إساعيل-رحه ال تبارك وتعال-مِن أصحابِنا ف " مناسِك الج " ،وقالت بِه جاعةٌ مِن أهل العلم-أيضا-مِن
الشافعية وغيهم؛ ولكنه قوْلٌ ضعيفٌ جدا.
والصحيح الثابت هو أ ّن مِن الصّفا إل الروة ُيعَ ّد َشوْطا ومِن الروة إل الصّفا ُيعَ ّد شوْطا ،فالشوط الواحد
يَكون مِن الصفا إل الروة.
وبِما أنم فعلوا ذلك ل شيء عليهم-بِمشيئة ال تبارك وتعال-ف الـماضي ،وف الستقبَل يَْنَبغِي لَهم أن
يُ َطّبقُوا السنّة الصحيحة عن النب ،إذ إنّ خيْر الدْي هدْي ممد .
س :ما حكم السعي بي الصفا والروة بالنسبة لجة الفراد ؟
ج :السعي لبد منه ..اختلف العلماء ف السعي هل هو ركن من أركان الج وكذا العمرة أو هو من
الواجبات ،وعلى كل رأي من الرأيي ل يصح ترك ذلك على سبيل العمد وإنا الفرق بي ذلك أن لو تركه
311
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
النسان لسبب أو لخر هل لبد من التيان به وإل فإن حجه يعد فاسدا باطل وهكذا بالنسبة إل عمرته إن ل
يأت به ف وقت يصح التيان به فيه أو أنه يُجب بغي ذلك ،أما أن يترك النسان ذلك فل ،وأخشى ما أخشاه
أن يكون قد التبس المر على هذه الرأة ..سعَت بعضا من أهل العلم يذكر أن النسان يكن أن يأت بسعي
الج بعد طواف القدوم مباشرة وأنه إذا أتى به ف ذلك الوقت فليس عليه أن يسعى بعد طواف الزيارة ،وهذا
حق وقد قالت به طائفة من أهل العلم وهو الذي أراه وهو الذي تؤيده الحاديث الثابتة عن النب صلى ال
عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،فالنسان عندما يكون مفرِدا للحج إما أن يطوف طواف القدوم وبعد ذلك
يسعى ول سعي عليه بعد طواف الزيارة لنه قد أتى به من قبل ،وإما أن يؤخر السعي ويأت به بعد طواف
الزيارة ..هذا ل إشكال فيه ،بقي ما هو الفضل ؟ قد يقول قائل :الفضل أن يؤخر النسان السعي إل ما بعد
طواف الزيارة ،ذلك لنه يكون صحيحا بإجاع الكل بينما إذا قدمه يكون قد دخل ف خلف أهل العلم لنّ
بعض العلماء يقول " :إنه ل يقدم النسان السعي على طواف الزيارة " ..بقي هل يكن أن نقول بتفضيل هذا
خروجا من عهدة اللف قد يقول بذلك بعض أهل العلم وقد ل يقال بذلك بل يقال الفضل أن يأت النسان
با ثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم وصحابته-ونن نعلم أن النب على الصحيح كان قارنا
فهو عندما أتى بالسعي بعد طواف القدوم كان قارنا ولكن إذنه لصحابته-رضوان ال تبارك وتعال
عليهم-بأن يأتوا بذلك بعد طواف القدوم هو الجة بل ذلك كان شائعا عندهم رضوان ال-تبارك وتعال-
عليهم ،فأرى أن الفضل أن يلتزم النسان بالسنّة الثابتة عن النب وإنا يلجأ إل الروج من اللف عندما
يكون ف المر شيء من اللتباس ،أما عندما تكون السنّة واضحة جلية ل غموض فيها فل ينبغي أن يراعي
اللف ويترك السنّة الثابتة عن النب فإذن السعي لبد منه ،فأخشى ما أخشاه-كما قلتُ-أن يكون المر
ت بعض ذلك ف بعض الناسبات ..مِن قد التبس على هذه الرأة ،لنن سعتُ شبيها بذه السألة وقد ذكر ُ
ذلك أنّ بعض النساء ك ّن يأتي بتكبية الحرام عند الدخول ف الصلة ول شك بأن تكبية الحرام ركن من
أركان الصلة الت ل تصح الصلة إل با ،فسم َعتْ بعض النساء أنّ الرأة ل تأت بالقامة فظنت بأنا ل تأت
بتكبية الحرام أيضا ،ولعل بعض الناس يريد أن يبسّط المر للنساء فيقول " :ل تأت بالتكبي " ويقصد بذلك
التكبي الذي هو ف القامة " ..ل تأت بتكبي القامة " أي بالتكبي وما بعده فظنّت بعض النساء أنا ل تأت
بتكبية الحرام فتركتْ بعض النساء تكبية الحرام لدة طويلة بذا السبب ،وهذا فيه مِن الطورة ما فيه كما
ل يفى لن صلة من ل يأت بتكبية الحرام باطلة ل تصح ،وكذلك بعض النساء سعن أن الائض ل
تطوف بالبيت وحقا الائض ل تطوف بالبيت ذلك لن الطواف بالبيت من شرطه الطهارة فمن ل يكن
طاهرا وكان قادرا على الطهارة فل يصح منه الطواف ،وقَول " :إذا كان قادرا على الطهارة " أريد أن أخرج
بذلك من كان مبتلى بسلس البول أو ما شابه ذلك ..أي ل يستطيع أن يكون على طهارة فهذا مبتلى عليه أن
312
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ياول قدر طاقته وأن يضع شيئا على موضع خروج البول ث يتوضأ ويطوف وهو معذور ف ذلك بشيئة ال،
أما الائض فإنا تستطيع أن تنتظر حت تطهر وبعد ذلك تطوف ،عندما سعَت بعض النساء أن الائض ل
تطوف جاءت وسعت ث قصرت وظنت بأن عمرتا قد انتهت أو أن حجها قد انتهى لن الائض ل تطوف،
ول شك بأن هذا ل يصح لن الطواف ركن من أركان العمرة وكذلك بالنسبة إل طواف الزيارة ،نعم طواف
الوداع تعذر منه الائض على القول الصحيح الذي تدل له السنة فإذا كانت الائض قد أتت بطواف الزيارة
واستمر با اليض إل أن أرادت أن ترج من مكة الكرمة فإنا تعذر من طواف الوداع ول يب عليها دم
هذا هو القول الصحيح الذي تنص عليه السنة الصحيحة الثابتة عن النب ،فإذن النسان ف هذه المور
وف غيها من المور الشرعية لبد أن يكون متيقنا ف أمره فإذا كان ل يدري ..يظن أن هذا يصح بدون كذا
أو بكذا أو ما شابه ذلك فلبد من أن يسأل عن حكم تلك القضية وليس له أن يفعل أو أن يترك ما ل يدري
حكمه الشرعي ،أؤكد على قضايا الج وعلى غيها من القضايا الشرعية لن كثيا من الناس يرجعون وهو ل
يؤدوا فريضة الج ،وف السبوع الاضي سألن بعض بأن امرأة ل تأت إل الن بطواف الزيارة للحج من السنة
الاضية وأن أخرى قد فسد طوافها بسبب انتقاض وضوئها ف الطواف ورجعت الول وكذا الثانية والول ل
تأت بالعمرة والثانية ل تأت بطواف الزيارة الذي هو ركن من أركان الج ،فمن كان واقعا ف هذه المور أو
ف ما شابها عليه أن يسأل عن الاضي ماذا عليه ؟ وعليه ألّ يأت ف الستقبل إل با يعرف حكمه.
من هنا أيضا أعذرن أريد أن أنبه على قضايا البوب الت تستعملها النساء لنع العادة الشهرية ،ل شك أن أهل
العلم قد اختلفوا ف استخدام موانع اليض بقصد الطواف ،فمن أهل العلم من ينع من ذلك على الطلق
ويقول إنه ل يصح استعمال ذلك ومن استعملت ذلك فليس لا أن تطوف ف وقت عادتا ،ومنهم من ذهب
إل مشروعية ذلك مطلقا سواء خرج اليض أو ل يرج ،ومنهم من ذهب إل التفصيل فقال إن استعملته قبل
خروج اليض ول يأت اليض فل بأس ،أما إن استعملته بعد أن خرج اليض فليس لا ذلك ،هذه القوال
موجودة ومن حيث الراجح بغض النظر عن الحوال الت تعتري ذلك فإنه إذا انقطع اليض سواء استعملت
هذه الوانع قبل خروج اليض أو بعد خروجه فإن الطواف يصح ،لكن-طبعا-بعد خروجه-بعد الغتسال من
ذلك-الطواف يصح لنا ف تلك الال طاهرة ..لا وعليها أحكام الرأة الطاهرة من حيث الصلة والصيام
والج والطواف وقراءة القرآن والعاشرة الزوجية وما شابه ذلك من المور الت لا تعلق باليض والطهارة،
لكن بقي أن هذه البوب أو هذه الوانع قد تقطع اليض ف ذلك الوقت ولكنه بعد ذلك يأت بعد فترة وجيزة
ويستمر الدم مدة طويلة فل تدري هل ذلك الدم هو دم حيض أو هو دم استحاضة وقد ينقطع وتؤدي الج
تأت بالطواف وتنتهي من ذلك ولكن عندما ترجع تفاجأ بأن هذا الدم ل يأت على الوجه السابق ..تستمر
مدة طويلة يستمر با الدم ول تدري هل هو دم حيض أو استحاضة ،وبعض النساء اللت استعملت هذه
313
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الدوية لزالت تعان من ذلك من السنة الاضية ول تدري هل هذه الدماء الت ترج منها هي دم حيض-
وتتعلق به ما يتعلق من السائل الشرعية-أو هو استحاضة ..ل تدري هل تصلي أو ل تصلي وهكذا بالنسبة
إل الصيام أو ما شابه ذلك ،وقد قال العلماء قديا إن مسائل اليض بر ل ساحل له فماذا عسى أن يقال بعد
استعمال هذه الوانع ؟! ،فأرى للمرأة أن تترك هذه الوانع وأن تتأخر ..تطلب من مرمها أو زوجها أن يتأخر
معها وبعد ذلك تأت بشيئة ال-تبارك وتعال-بعد أن تطهر بطائرة أو تأت بالنقل البي وهو يسي وقيمته
يسية بمد ال-تبارك وتعال-وإن كانت ل تقوى على ذلك ف هذه السنة مثل فلتتأخر إل السنة القادمة
بشيئة ال-تبارك وتعال-مافة أن تقع ف الحظور الذي أشرنا إليه ،وقد تقول بعض النساء " :إن بعض النساء
قد استعملن ذلك ول يتأثرن بذلك " ..حقا وقع ذلك لبعض النساء ولكن ل تدري هذه الرأة ماذا عسى أن
يقع لا ..هل سيقع لا كما وقع للسابقات أو للخيات اللت استعملن ذلك ول يتأثرن بذلك ،وقد تستعمل
الرأة هذه الرة ول تتأثر بذلك وتستعمله مرة أخرى وتتأثر بذلك ،ومع أن بعض النساء اللت تأثرن بذلك قد
استشرن بعض الطبيبات ولكن مع ذلك ل جدوى من ذلك ..وقع الضرر والعياذ بال تبارك وتعال ..فحذار
حذار مِن الوقوع ف هذه الورطات الت قد ل تَجِد الرأة مرجا منها بعد ذلك ،و-حقيقة-أمر الصلة ليس
بالمر الي وهكذا بالنسبة إل غيها من العبادات من صيام وغيه؛ فأدعو ال-تبارك وتعال-أن يوفق الميع
لا فيه الي ،والعلم عند ال تعال.
الفجر فإنّ َحجّه صحيح ول شيءَ عليه ،فهل يُمكِن أن يَقول قائل إذا استنَدَ إل مثل هذا الديث " :إنّ
ي وقتٍ ف بِعرفة ف النهار ليس بِسنّة وإنا هو مستحَب-أو ما شابه ذلك-والهِم أن يَأت النسان ف أ ّ الوقو َ
ستَدِ ّل بِذلك-أيضا-على أنّ البِيت بِالزدلفة ليس مِنقبل طلوع الفجْر مِن اليوم العاشِر " ؟! وهل يُمكِن أن يَ ْ
ل ل يُمكِن أن السنّة وإنا هو مُجَرّ ُد استراحة وإنا الشروع هو الدعاء ف اليوم العاشِر أو ما شابه ذلك ؟! ك ّ
ستَدِل بِذلك أحدٌ.يَ ْ
نَحن نَقول :إنّ البِيت ف ليلة التاسِع ل يُمكِن أن ُيقَارَن بِليلة الادي عشر والثان عشر ولكن مع ذلك ل
يَنبغي لحدٍ أن يُفرّط فيه إذا استطاع إل ذلك ،فإ ّن لنا ف رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلمُ-أ ْسوَة
حسنة ،أما مَن ل َيتَ َمكّن لِسببٍ أو لخر كالسائل-مثل-إذا كان ل يَعرِف الطّرُق ..فإذا كان ل يَتمكّن إل
بِأن يُرافِق مَن يَبيت ليل َة التاسِع ف عَرفة فل شي َء عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال ،أما مَن وَجَدَ مَن يَدُلّه على
الطريق فيَنبغي له أ ّل ُيفَرّطَ ف البِيت ف ليلة التاسِع ف مِن؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
-1عند الواب على السؤال 1مِن حلقة 9ذو القعدة 1423هـ ( 12/1/2003م ).
315
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
صصٌ-أو ُمَبيّنٌ-بِفعل النب خّول شَك أنّ الذي ذهب إليه المهور هو الصحيح ،وذلك لنّ ذلك الديث مُ َ
خصّص ف إل بعد زوال الشمس ،وكذلك هو مُ َ ،حيث إنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ل َيقِ ْ
بِشيءٍ آخر وهو أنّ الج ل يَكون تامّا إل بِطواف الفاضة مع أ ّن ظَاهِر هذا الديث َيقُول ( :ال ّج عَرفة )
وبعد ذلك قال ( :فقد تَمّ حجّه وقضى َتفَثَه ) مع أنّ الج-ف حقيقة الواقع-ل َيكُون تامّا بِذلك بل لبد مِن
طواف الزيارة ،إذ إنه ركن مِن أركان الج ،بل ذهبتْ طائفة كبية مِن أهل العلم إل عدم تَمامه إل بِالسعي،
لنه عند هذه الطائفة مِن أهل العلم مِن أركان الج أيضا.
هذا الديث عند مَن قال بِفساد الج بِالنسبة ِلمَن ل َيقِفْ إل غُروب الشمس وتَحقّق غُروبِها ودُخولِ جزءٍ
مِن الليل ..يَقولون :إ ّن الديث السابق ُمَبيّن ِبفِعل النب ،حيث إنّ النب وَقَفَ إل أن غَربت الشمس
وتَحقّق غروبُها ودَخَلَ جز ٌء مِن الليل ،لِذلك ذهبوا إل أنّ مَن ل َيقِفْ إل هذا الوقت فإنّ حجّه باطل.
وف السألة خلف معروف ولكن-على كل حال-أجعت المّة السلمية عن بَكرة أبيها على أنّ النب-صلى
ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وَقَفَ إل أن غَ َربَت الشمس ودَخَلَ جز ٌء مِن الليل وقال ( :خُذُوا عنّي
مناسِككم لَعلّي ل أَْلقَاكم بعد عامي هذا ) ،وقد بيّن صلى ال عليه وعلى آله وسلم أ ّن هَ ْديَه صلى ال عليه
وعلى آله وسلم وهدْيَ الـمُسْلمِي مُخالِفٌ لِهدْي أهل الشرك حيث إنّ أهلَ الشرك يَخرُجون مِن عَرفة قبل
غُروب الشمس ..عندما تكون الشمس على رؤوس البال كأنّها عَمائم الرجال ،فيَنبغي لِلنسان أن يَقتدِيَ
بِرسول ال وأن يَهتدِي بِهدْيه وأن يَسِي على طريقِه صلوات ال وسلمه عليه ،وأن يَحذَر كل الذَر مِن
الوُقوع ف ُمخَالَفة سنّة رسول ال و ُموَافقَة هَدْي الشركي فحذَار 1...الشركي ،فنأخذ بِهذا المر
الواضِح الَلِي.
أما فسا ُد الج ففيه ما فيه مِن الكلم لهل العلم.
ت متأخّ ٍر مِن الليل ؟
س :لَحق بِيوم عَرفة ف وق ٍ
ج :ما دام قد جاء ف الليل ..أي جاء إل عَرفة قبل طلوع الفجر وأدرك شيئا مِن الليل ف ذلك الوقف فإنه ل
ص السنّة الصحيحة الثابتة عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم. حرج عليه ،بِن ّ
ي يُخالِف ذلك ،وإذا جاء نر ال بَطل نر معقل؛ وال أعلم.
ول ِعبْر َة بِرأ ٍ
س :ف عرفة ،مَن اعتمد على خطبة الذياع بعد صلة الظهر والعصر جَ ْمعًا ؟
ج :على كل حال؛ من العروف أن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-قد خطب ف يوم عرفة بعد
أن زالت الشمس ..خطب-صلوات ال وسلمه عليه-خطبة واحدة وما جاء أنه خطب خطبتي فإنه ل
يصح ،وقياس ذلك على خطبت المعة أيضا ل يصح ،لن هذا القياس فاسد العتبار لنه مصادم للنص
-1وقع هنا-للسف-انقطاع ف الشريط للل أثناء تسجيله مِن التلفزيون ،ويبدو أنه غي مؤثّر ف جواب الشيخ.
316
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الصحيح الثابت من فعل النب من أنه خطب خطبة واحدة ،وكما قلت إن ما ذُكر من أنه خطب خطبتي
فإن ذلك ل يصح من حيث إسناده فل يكن التعويل عليه حت ولو ل يعارضه معارض فكيف وقد عارضه
الديث الصحيح الثابت اللي الذي ل غموض ف دللته ول اعتراض عليه أيضا من حيث إسناده ..خطب
النب خطبة واحدة وأيضا الناس استمعت إل خطبة النب وهذا الزمان طبعا ل يتيسّر أن تكون هنالك
خطبة واحدة ف عرفات وقد اختلف الناس منهم من قال تكفي خطبة واحدة والبقية تصلي من غي خطبة،
ومنهم من يأخذ بأن يطب خطيب لكل مموعة ،وهذا هو الذي يري عليه العمل لكن لو أن جاعة-مثل-
أخذت بطبة الطيب الت استم َعتْ إليها بواسطة مكبات الصوت وصلت من غي خطبة ف الاضي فل شيء
عليهم بشيئة ال تبارك وتعال.
يَأمُرهم بِالسراع ول يَثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه أنه َأسْ َرعَ عند خروجه منه فإذن ل دللةَ ف هذا
الدليل الذي استنبطَ منه بعضُ أهل العلم هذا الستنباط.
ع عند خروجه مِن هذا وذهب بعضُ أهل العلم إل أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-إنا َأسْ َر َ
الوادي لنّ النصارى كانوا يَقفون فيه ،وأنا ل أَجِد روايةً صحيحةً ول حسنةً بل حت ول ضعيفة ُتنْسَبُ
إل النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-تدُلّ على ذلك ،وإنا رُوي ذلك عن عمر-رضي ال تعال عنه-أنه
عندما مَرّ بِهذا الوادي ذَكَرَ كلما مِنه:
ن النصارى دِينُها مخالِفًا دِي َ ........................
فقالوا إنّ النب َأسْ َرعَ مِن أجل ذلك ،وهذا كلم مردود ،وذلك لنه تَكفي ف الخالَفة ألّ يَقف النب-
صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ف هذا الوقف وهو ل يَقف ف هذا الوادي وإنا وَقَفَ بِعرفة ،كما هو
معلوم وقد أجعت عليه المّة ،وأيضا ل يَْثبُت عن النصارى أنم كانوا يَ ِقفُون ف هذا الكان ول أنم كانوا
يَحُجّون ،فهذا ل دليل فيه البتة على ما ذَكَروه.
ومنهم مَن ذَهَبَ إل أنّ النب إنا أس َرعَ ف ذلك الوادي مِن أجل مالفة الكفار لنم كانوا يَتفاخرون
فيه بآبائهم ،وهذا ل دليل فيه ،وذلك لنه ل يَْثبُت-أوّل وقبل كل شيء-عن الكفار أنم كانوا يَتفاخَرون
بِآبائهم ف هذا الوادي ،وإنا كان يَقع مِنهم ذلك ف مِن ..قيل :عند جَمْرة العَقَبَة ،وقيل :ف مِن ،ول
يَثبت عنهم أنم كانوا يَتفاخرون ف هذا الوادي ،ث إنه لو كان المر كذلك-أي لو كانوا يَتفاخرون ف هذا
الوادي-لَمَا كان ف ذلك دليل ،لنه يَكفي ف الخالفة ألّ يَقع مِن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
ومِن السلمي ذلك.
وذهب بعض أهل العلم إل أنه إنا أس َرعَ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ف هذا الوادي لنه وَقَعَ فيه
العذاب على أصحاب الفيل إذ إ ّن الفيلَ وَقَفَ ف هذا الوادي على حسب ما يَ ّدعِيه هؤلء ،وليس المر
كذلك ،لنّ الفيلَ ل يَقف ف هذا الوادي وإنا وَقَفَ ف وادي الـ ُمغَمّس وذلك بِالقُرب مِن عرفات
على طريق الطائف ..هذا هو الثابت عن العَرب ف أخبارِهم وف شِعْرِهِم ،ول تَأتِ روايةٌ واحدة تَدلّ
على أنه وقع ف هذا الوادي ،وذلك-أيضا-مستبعدٌ جدا لنّ هذا الوادي مِن الرَم والعقوبةُ نَزَلَت عليهم
قبل دخولِهم الرَم ،ولكن ذلك ل يَمنع مِن أنه قد وقعتْ عقوبة مِن الول-تبارك وتعال-على بعض الناس
ف هذا الوادي وإن كنّا ل نَجِد دليل يُحدّ ُد نوعَ هذه العقوبة ،وقد قيل :إنه وقع ذلك على رجل صَادَ
صيْدا ف هذا الوادي فوَقعتْ عليه نارٌ فأحرقتْه ،ويُمكِن-أيضا-أن يَكون بعضُ أصحابِ الفيل قد
َتقَ ّدمُوا على الفيل وعلى سائر اليش-على أنن أيضا ل أستطيع الزم بذلك ..وأظن أنّ ذلك ل يَقع-أما
المهور العظم والفيل فإنم ل يَصِلُوا إل هذا الكان ،والاصل أنّ الذي نَظنّه أنه وَقَعَ ف هذا الوادي
318
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
عندما مَرّ بِدار عذابٌ على بعضِ الناس ول يَلزَم أن ُنعَيّنَ ذلك ،ونَستشهِد على ذلك بِإسراعِ النب
ثَمود ،فقد أَسرعَ الرسولُ-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ف ذلك الكان.
وإذا كان المر كذلك فإننا نقول بِمشروعية السراع-عند الرور على هذا الوادي ..أي-ف هذا الوادي عند
الروج مِن مِن إل عرفات بل حت إذا مَرّ النسان به ف أيّ وقت مِن الوقات ولو ل يَكن ذلك ف الج
ع فيه الِسراع.
فيُشْ َر ُ
ستَدَ ّل به على عدم الشروعية،ع فيه عندما ذهبَ إل عرفة ل يُمكن أن يُ ْوعدمُ ذِكْر أنّ النب أَس َر َ
وذلك لنه قد ل يُذْكَر بعضُ أفعالِ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ول يَلْزَم أن يُذْكَر كل ما وقع مِنَ
النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وإنا الذي ُيْنقَلُ عنه-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ما فيه شَ ْرعٌ لِلمّة
وقد يكون ذلك بالعبارة وقد يكون بالشارة ،وهاهنا تكفي الشارة ،لنّ إسراعَه عندما رَجَعَ مِن عرفة
ومِن الزدلفة إل مِن يَكفي لِلشارة إل مشروعية هذا السراع ،ومَن نَظَرَ ف حَجّة الوداع فإنه يَجِد ف
بعض الحاديث يُذْكَر كذا ول يُذْكَر كذا وهكذا.
هذا ومِن الدير بِالذّكْر أنّ العلماء قد اختلفوا ف هذا الوادي هل هو مِن مِن أو هو مِن الزدلفة ؟ وقد
جاءتْ بعضُ الدلة تَدلّ على هذا ،وجاءتْ بعضُ الدلة تَدلّ على ذاك ،وجاءتْ بعضُ الدلة تَدلّ
على أنه ليس مِن مِن وليس مِن الزدلفة ،وأقوى ما جاء حديثٌ عند المام مسلم فيه التصريح بِأنه مِن
مِن حيث جاء فيه " :وهو مِن مِن " ولكنّ هذه الرواية ضعيفةٌ عندي ولو كانت ف صحيح مسلم ،والذي
يَظهر ل بأنه ليس مِن مِن وليس مِن الزدلفة.
و-على كل حال-سواء كان مِن مِن أو كان مِن الزدلفة أو ل يَكن مِن هذه ول مِن تلك فإنه ليس لحد
أن يَبيت فيه ف ليلة الزدلفة على رأي مَن يَقول إنه مِن الزدلفة ول على أن يُقيم فيه ليلة التاسع وليال
التشريق اعتبارا على أنه مِن مِن على رأي مَن يَقول إنه مِن من ،فعلى كل حال ل يُشرَع الكث فيه
والبقاء فيه سواء قلنا إنه مِن هذه أو مِن تلك أو أنه مستقِل.
وهكذا اختلفوا ف عُرنَة هل هي مِن عرفة أو ليست مِن عرفة ؟
و-على كل حال-أيضا ل يَجوز الوقوف با على أنا مِن عرفة سواء قلنا إنا مِن عرفة أو ل نَقُل ذلك.
وتَحقيق ذلك ف السألتي معًا يَحتاج إل إطالة ل تَتّسِع لا هذه العجالة وإن كانت هي جديرة بِذلك
ولكنّ الكم هو ما ذكرناه.
هذا ومِن الدير بِالذّكْر-أيضا-أنّ وادي مُحَسّر مِن الرَم.
خلفا لِمَا ذَهَبَ إليه ابن حزم حيث شَذّ وزَعَم أنه ليس مِن الرَم وإنا هو مِن الـحِل ،وكذلك
شذّ حيث زَعَم أنّ عُرنة ليست مِن الـحِل وأنا مِن الرَم.
319
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فالقّ القيقُ بِالقبول أنّ هذا الوادي مِن الرَم وعُرنة مِن الـحِل.
وكذلك قد أخطأ خطأً بيّنا مَن زَعَم أنّ عرفة ليست مِن الـحِل وأنا مِن الرَم ،والقّ أنا مِن
الـحِل ،وعليه فيَجوز الصيد مِن عرفة ومِن عُرنة-وكذلك بِالنسبة إل قطْع الشجار فإنّ ذلك ل مانع
منه-وإنا يُمنَع مِن ذلك الـمُحْرِم فليْس له أن يَصطاد ،وأما الشجر فل مانع مِن ذلك ف الـحِل سواء
كان معتمِرا أو كان حاجّا ،فإذن عَرفة مِن الـحِل ،وإنا يُمنَع الـمُحْرِم مِن الصيد لجل أنّ
الـمُحْرِم يُمنَع مِن ذلك ولو كان ف الـحِل ،كما هو معروف ..هذا ما يَظهر ل ف هذه السألة.
هذا وكثي مِن الناس يَسألون عمّن ل يَستطِع أن يَقطَع وادي مُحَسّر قبل طلوع الشمس لِوجود زحة أو ما
شابه ذلك ،هل عليه دم ؟ والواب :أنّ كثيا مِن أهل العلم قالوا :يَجِب على مَن ل يَستطِع أن يَقطَع وادي
مُحَسّر الدم ,وال ّق أنه ل يَجِب عليه بل ل أَستطِيع أن أُوجِب عليه الدم وإن كان قد تَأخّر بِغيْر عذر وإنا
أقول إنه ل يَنبغي لحد أن يَتأخّر ،وذلك لنه ل َيرِد دليل يَد ّل على أ ّن مَن ل يَخرُج منه قبل طلوع الشمس
أَنه يَجِب عليه دم ،والصل ف أموال السلمي بِأنا معصومة بِعصمة السلم لا وأنه ل يَجوز لحدٍ أن يُوجِب
شيئا على أح ٍد بِغيْر دليل ،ولِذلك يَنبغي التريّث ف هذه المور ..نعم هذه السألة فيها خلف مشهور-كما
ذكرتُ-ولكننا نَجِد كثيا مِن الناس يُوجِبون الدماء على عباد ال ولو ل يَقل به أحد مِن أهل العلم ،كما
اشتهر عند الكثي " :ف الدم دم " ..إذا خرج مِن إنسان دم أوجبوا عليه دما ،وكذلك ف كثي مِن المور
يَجِب التخيي بيْن الدم وبيْن الطعام وبيْن الصيام ولك ّن كثيا مِن الناس ل يُخيّرون عبادَ ال وإنا يُوجِبون
عليهم الدماء ..هذا إنسان فعل كذا ؟ عليكَ دم ..إنسان تَعطّر مثل ؟ عليكَ دم ..إنسان َقلّم شيئا مِن
أظافره ؟ عليك دم ..يَنبغي أن يُقال لِعباد ال بِالتخيي كما خّيرَهم ال تبارك وتعال ،وأ ّل نُلزِم عباد ال-
تبارك وتعال-بِما ل يُلزِمهم به الول تبارك وتعال ،على أنه يَنبغي أن نَبحث هل َفعَلَ هذا وهو مطئ أو هو
جاهل أو هو متعمّد ويَعرِف الكم ،وهذه السألة-طبعا-تَحتاج إل كلم ،وذلك ف أجوبة أخرى بشيئة ال
تبارك وتعال ،وإنا أردتُ أن أُنبّه الناس أنه ل يَنبغي أن نُلزِم العباد بِما ل يَلزَمهم ،و-أيضا-إذا كان هنالك
خيّر الناس وألّ نُوجِب عليهم أمرا واحدا؛ وال-تبارك وتعال-أعلم. تَخيي ف بعض المور يَنبغي أن نُ َ
وهذا أمرٌ-ولِلسف الشديد-ل يَنتبِه إليه كث ٌي مِن الناس ،فتَرى الناسَ ف حالة الطواف أو السعي أو ف الرمي
يَهتَ ّم الواحِد منهم بِنفسِه وبِمَن يُرافِقه ول يَنظُر إل بقية السلمي ،فقد ُيؤْذِي أحدا-وقد يَفعَل ما يَفعَل-ول
يَلتفِت إل ذلك الشخص ،بينما هذا ل يَجوز ،لدلّة معلومةٍ ف مواضعها.
أما بِالنسبة إل الرمي فإنّ الرمي مِن مناسِك الج ،بِاتّفاق جيع المّة السلمية ،وذلك لنّ النب-صلى ال عليه
وعلى آله وصحبه وسلمَ-أمَرَ بِه وَفعَلَه وقال ( :خذوا عنّي مناسِككم ) ،كما ثَبت ذلك ف الحاديث
الصحيحة الثابتة.
ولِلسف لقد تَهاون كث ٌي مِن الناس بِالرمي ،فتَرى هذا ل يَذهب لِلرمي بل يُنيب غيْرَه مع قُدرتِه على ذلك وقد
يَ ْزعُم أنه ل يَستطيع أن يَذهب إل الرمي عند منتصف النهار ،أو ما شابه ذلك ،كأنّ ال-تبارك وتعال-قد
ت واسعٌ
ضيّق هذه القضية وَأوْ َجبَ على الناس أن يَ ْرمُوا ف ذلك الوقت ! مع أ ّن المرَ ليسَ كذلك ،إذ إ ّن الوق َ َ
بِحمد ال تبارك وتعال ،وقد نَتكلّم عليه ف وقت آخر إن شاء ال تبارك وتعال.
أما بِالنسبة إل هذا السؤال الذي تفضّلتُم بِطرحه فالواب عليه :أنه ل يُشترَط أن ُتصِيب تلك الجارةُ الت
يَرميها ذلك الشخص ..أن ُتصِيب تلك الجارةَ النصوبة وإنا الشرط ف الرمي أن تَدْخُل ف ذلك الوض،
فإذا أصابت الوض فإنّ الرمي بِذلك يُجزِي بِمشيئة ال تبارك وتعال ،إذ إنّ ذلك البناء حادِثٌ ل يَكن
ج ٍز بِحمد ال
موجودًا مِن قبل وإنا هو دليلٌ على مكان الرمي ،فإذا وقعت الجارة ف الوض فإنّ ذلك مُ ْ
تبارك وتعال؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
ضعَت حت ل يُصيب الجاج بعضهم البعض
س :هل يعن ذلك أ ّن تلك الجارة النصوبة إنا وُ ِ
وإل فالصل الوض ؟
ج :على كل حال؛ الصل هو الوضُ ..تلك علمة ..الصل ف ذلك الوضِع ،فإذا وصلت ذلك الوضِع
فإنّ ذلك كافٍ؛ وال أعلم.
س :ما حكم غسل الصى ؟ يعن هل الصى يُغسَل أم ل يُغسَل ؟
ج :هذه السألة اختلف فيها أهل العلم:
-1منهم مَن قال بِمشروعية الغُسل.
-2ومنهم مَن ل يَرى ذلك.
ث يَدلّ على مشروعيةوالقول الثان-وهو قول مَن يَقول بِعدم الشروعية-هو القول الصحيح ،لنه ل يَأت حدي ٌ
ذلك بل دَلّ ِفعْلُ النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه-على عدم الشروعية ،إذ إنّ النب-صلى ال عليه وعلى
آله وصحبه وسلمَ -رمَى مِن غَيْر أن يَقوم بِغسل ذلك ،كما هو ثابتٌ ف السنّة الصحيحة الثابتة عن النب ،
وما دام المر كذلك فل يَنبغي لنا أن نَقول بِمشروعية ذلك ،لِعدم ثبوته ..هذا هو الذي أراه؛ والعلم عند ال.
321
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وغيهن مِن نساء السلمي قد رمي ،وأما ما جاء ف بعض الروايات ( ورمينا
عن النساء ) فتلك رواية باطلة عاطلة فاسدة كاسدة معارضة لِلصحيح الثابت مِن سنّة النب فهي مِن
الضّعف مِن حيث السناد بكان ،أما مِن حيث الت فباطلة ل يكن التعويل عليها ..أحاديث تنادي-كما
قلتُ-برمي النساء ،وهكذا العلماء مِن عهد الصحابة إل يومنا هذا يُصرّحون بذا وهو أنّ الرأة عندما تكون
قادرة على الرمي فلبد مِن أن ترمي هي نفسها؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
س :لعل السائل يشي إل أنه ليست السألة مِن عدم القدرة الطلقة وإنا الضعف الركب ف ذات
الرأة ؟
ج :على كل حال؛ نن شاهدنا كثيا مِن النساء يرمي ومعن ذلك أنّ ذلك مِن المور الت تستطيع عليها
النساء ،أما أن يَحتج بعض الناس-مثل-بأنه قد أسقط امرأة أو ما شابه ذلك فقد يَحتج أيضا غيه ويقول إنّ
طائفة مِن الرجال قد ماتوا ف بعض السنوات فهل معن ذلك أنّ الرجال ل يرمون ؟!
لكن مِن المور الت يؤسف لا أ ّن كثيا مِن الناس يَظنّون أ ّن الشيطان عند المرات والمر بعكس ذلك إنا
هذا أُقيم مِن أجل ذكر ال تبارك وتعال ..الرمي كغيه مِن بقية الناسك وليس لنّ هنالك شيطانا يُقيم ف
تلك الواطن ولذلك َتجِد كثيا مِن الناس مِن الهلة الغمار يَذهبون وهم ف أش ّد الغيْظ على الشيطان مِن
أجل أن يرموه بِحسب زعمهم ولذلك تَجد الواحد " :رميت الشيطان " أو ما شابه ذلك ،وهذا-على كل
حال-كلم ل أساس له مِن الصحة ..هذه خرافة ..نعم النسان يغيظ الشيطان ف كل عبادة مِن العبادات ..
إذا صلى وإذا صام وإذا حج أو أتى بِأيّ ركن أو شرط مِن هذه العبادات أو مِن غيها مِن طاعة ال هو يغيظ
الشيطان لكن أن يغيظه ف هذه فهذا كلم فارغ ل قيمة له ..على كل حال يذهبون بذه النية ولذلك تَجِد
الواحد مستعدّا لِلزحام أو ما شابه ذلك ..لو أتوا بِهذه الناسك على حسب ما هو مشروع لكان المر يسيا
بمد ال.
ث إنّ كثيا مِن الناس يذهب الواحد ف الوقت الفلن ولبد مِن أن يرمي ف ذلك الوقت لكن ل بأس إذا
ذهب ف الوقت الفلن ول يَجد زحاما فليم ،وإذا وجد زحة مِن الناس فليتأخّر ولو لدة ساعة أو أكثر ..
يَبحث عن مكان آمن وليجلس فيه هو ومن معه مِن الرجال والنساء وعندما يكون المر يسيا بمد ال-تبارك
وتعال-فل بأس بذلك.
بعض الناس يشوّشون ويقولون-مثل-إنّ العال الفلن أو العال الفلن قد قالوا " :إنّ الرمي يكون بعد الزوال
" وكأ ّن هؤلء العلماء يصرون ذلك ف تلك الساعة ولذلك هم يطلبون الرخصة بِأن يكون الرمي ف وقت
الضحى أو ما شابه ذلك ..على كل حال العال ل يَملك بأن يَقول :يُرخص ف كذا أو ما كذا أو ف كذا ..
إنا هو يعتمد على الدليل ،فما دل الدليل عليه ذهب إليه وما دل الدليل على خلفه ذهب إليه ..نعم بعض
323
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الحيان تكون هنالك احتياطات فالحتياط إن ل تكن مشقة قد يأخذ به النسان وقد يتركه إن كانت هنالك
مشقة بل قد يتركه النسان حت لغي مشقة ،أما هنا المر واضح ..النب رمى ف ذلك الوقت ول يثبت
عنه أنه رمى قبل ذلك ول أنه أذن لحد مِن أصحابه فكيف يكن للنسان أن يأذن بعد ذلك ؟! أما أن يبحث
وينقّر ف الكتب حت يَجد واحدا مِن العلماء زلّ وأخطأ ف مسألة مِن السائل وذهب إل خلف السنّة فهذا
مِمّا ل ينبغي أن يُلتفت إليه بل يُلتمس العذر لِذلك العالِم ول يُتابَع على خطئه ..هذا ما يقول به العلماء
الربانيون ،فالمر-كما قلتُ-ليس مصورا ف وقت الزوال فليم النسان بعد زوال الشمس ف اليوم الادي
عشر والثان عشر والثالث عشر إل غروب الشمس وف اليوم الادي والثان عشر لنّ الثالث عشر ل يكن
الرمي بعد غروب الشمس ..بإمكانه ف الادي عشر والثان عشر أن يرمي ف الليل إن ل يتمكن حت أن
يرمي ف الليل فليم ف اليوم الثان ،وف هذا مِن اليُسر والسهولة ما هو واضح ..هو أيسر مِن قول بعض
العلماء الذين قالوا يكن الرمي قبل الزوال ولكنه ينتهي بغروب الشمس ..هذا أيسر مِن ذلك بكثي ،ث إنّ
العبادة يكن أن تُقضى بعد وقتها ولكن ل يكن أن تُقدّم عن وقتها إل بدليل على أنن ل أقول إنّ ذلك مِن
باب القضاء لنّ النب أذن للرعاة بأن يؤخروا ول يكن أن يأذن لم بالقضاء وإنا ذلك يكون أداء لكن ل
ينبغي الترخص ف الرمي ف الليل أو ف اليوم الثان إل عند وجود الاجة.
وهنا-أيضا-أريد أن أنبّه إل أمر مهِم ..بعض الناس يظنون أنّ الزوال يكون بالساعة الثانية عشر ،فهم يذهبون
وينظرون إل الساعة الثانية عشر عندما تصل الساعة إل ذلك قاموا بالرمي يظنون أنّ ذلك وقت الرمي هكذا
..هذا خطأ ..نن نشاهد ف بلدنا هاهنا تزول الشمس ويي وقت الظهر ف بعض الحيان قبل الساعة
الثانية عشر وف بعض الحيان بعد الثانية عشر وف بعض الحيان قد يكون ف الثانية عشر فإذن العبة بزوال
الشمس ل بالساعة الثانية عشر ..يأتينا بعض الناس ف أيام الج يقول " :أنا رميت ف الساعة الثانية عشر "
ويظن أنّ ذلك هو الوقت فإذن ل يكن أن نقول ذلك يكون ف الساعة الفلنية ..ذلك يتلف باختلف
الوقات ..قد يكون ف بعض الشهر ف الساعة الفلنية ويكون ف بعض الشهر ف الساعة الفلنية بل ف
بعض اليام ف الساعة الفلنية وف بعض اليام ف الساعة الفلنية.
هذا وأدعو ال-تبارك وتعال-أن يأخذ الناس بكتاب ربم وبسنّة نبيهم ..أدعوهم جيعا للخذ بكتاب ربم
وسنّة نبيهم ف أمر الج وف غيه مِن أمور العبادات والعاملت وف غيها مِمّا له علقة بِشرع ال تبارك
وتعال؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق ،وهو أعلم بكل شيء.
324
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1أي الت قال ( :والقصرين ) ف الرة الول أي الرواية الت جاء فيها ( :رَحِمَ ال الـمـحَلّقي ) قيل " :والـمُقصّرِين ؟ " قال( :
والـمُقصّرِين ) ،مسند المام الربيع بن حبيب ،حديث رقم.444 :
-2أي الت قال ( :والقصرين ) ف الرة الول أي الرواية الت جاء فيها ( :رَحِمَ ال الـمـحَلّقي ) قيل " :والـمُقصّرِين ؟ " قال( :
والـمُقصّرِين ).
325
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
هذا ،وقد ذَكَرَ بعضُ أهل العِلْم أَنّ الفضل أنْ يَجْمَع النسان بيْن اللْق والتقصِي ..يُقَصّر أوّل
ثُم يَقُوم بعد ذلك بِحلْق رأسِه ،وهذا-ف حقيقة الوَاقع-ليْس بِشيءٍ ،لنّ مَن قَصّرَ رأسَه أوّلً
فَقد أَحَلّ مِن حَجّه أو من عُمرتِه أو مِنْهما مَعًا إذَا كَان قد قَرَنَ بَينهما وبعد ذَلك ل يُصَادِف
ذلك التَحْلِيق مَحلا ..ل يُصَادِف مَحَلً بعد ذلك فَهُو إن شاء أن يَحْلِق فَلْيَحْلِق ولَ عَلقَة لَه
بِالحلل وإن شاء أن يَتْرك فلْيَتْرُك ،فَالـمُرَاد بِاللْق الذي هو أَفْضَلُ مِن التّقْصي هو الذي ل
يَسْبقه تَقْصِي وإل مَن جَمَعَ بَيْنَهُما-أي مَن قَصّرَ أوّلً ثُم حَلَق-فهو ف حَقيقة الوَاقِع قد
أخذَ بِالتقصِي ول يَأْتِ بِاللْق؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
* الهدي
ح لِلحاج أن يَهدِي فيه ؟
س :هناك َمسْلَخ يُوجَد خارجَ مِن ،هل يَصِ ّ
صتْ على ذلك
ي يَجوز ف مِن وف َمكّة بل ف الرَم كلّه على مذهبِ جهورِ العلماء كما ن ّ ج :نعم ،الدْ ُ
السنّة ..نصّت السنّة على جوازِ ذلك ف مِن وف مكة ،وسائرُ الرَم تابِعٌ لَهما؛ وال أعلم.
س :رجل َف َقدَ نقودَه فلم يَستطِع الدْي ،فماذا يَصنع ؟
ج :قد َجعَلَ ال لِذلك بَدلً وهو أن يَصوم ثلثةَ أيام ف الج وسبع َة أيام بعد رجوعه فتلك عشرة كاملة ..
جاء ذلك ف كتاب ال تبارك وتعال ،1فمَن َفقَدَ نقودَه ول يَجِد شيئا لِلهدي ف ْليَصُم ف الج ثلث َة أيام ..
قالوا :إما أن يَصوم السابع والثامن والتاسع وإما أن يَصوم السادس والسابع والثامن.
وأقول :ل يَنبغي لِلنسان أن يَصوم اليوم التاسع ،لنّ الرسول كان ُمفْ ِطرًا ،ومِن العلوم أنّ الصيام ُي َؤثّرُ
حرّ الشديد فيَبقى ف وقت العصر ُمْنهَكًا ُمْتعَبًا ل يَستطيع أنويَشُقّ على النسان ولسيما إذا كان ذلك ف الـ َ
يَدعو بِحسب ما يُحِب ،فلماذا يَصوم ف هذا اليوم ؟! فإذن إما أن يَصوم السادس والسابع والثامن على رأي
طائفة مِن أهل العلم ،والذي يُؤخَذ مِن بعض الروايات الصحيحة أنّ الصحابة-رضي ال تبارك وتعال عنهم-
كانوا يَصومون ف أيام التشريق .. 2ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر ..هكذا جاء ف بعض
الروايات الصحيحة الروية عنهم ،وذلك يَد ّل على مشروعية الصيام ف هذه اليام ،3خلفا لِما ذَهب إليه كثي
مِن أهل العلم مِن أنه ل يُصام ف هذه اليام نَظرا لِلنهي الوارِد عن النب عن الصيام فيها ولكن-ف حقيقة
الواقع-ذلك النهي عام وهذه الرواية خاصّة ،لنّ ذلك 4فيما يَظهر كان َيقَ ُع منهم ف عهْد النب وإذا
ج ْد َفصِيَامُ ثَلثَةِ أَيّا ٍم فِي اْلحَ ّج َوسَْبعَةٍ إِذَا
...فَإِذَا َأمِنُتمْ َفمَن َتمَّتعَ بِاْل ُعمْرَةِ ِإلَى اْلحَ ّج َفمَا اسْتَْيسَ َر مِنَ اْل َهدْيِ َفمَن ّلمْ َي ِ -1قال ال تعال:
[ سورة البقرة ،من الية.] 196 : سجِدِ اْلحَرَامِ ...
ك ِلمَن ّلمْ َيكُنْ َأ ْهلُهُ حَاضِرِي اْل َم ْ
رَ َجعْتُ ْم ِتلْكَ َعشَرَةٌ كَا ِملَةٌ َذلِ َ
-2أي بالنسبة ِلمَن ل يَجد الدي.
-3أي بالنسبة ِلمَن ل يَجد الدي.
-4أي الصيام ف أيام التشريق ( أي ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر ) بالنسبة ِلمَن ل يَجد الدي.
326
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
تعارَض دليلن أحدها عام والخر خاص فإنّ الاص يَقضي على العام فيُقدّم عليه كما هو مذهب جهور
المّة؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
أما إذا كان هذا الرجل غنيا ف بلده واقترض مِن بعض الشخاص الذين معه فل بأس عليه بِأن يَقترِض إذا كان
ل مشقّة عليه ،أما إذا كان ل يَجِد الوفاء أو يَخشى مِن عدم وجود شيءٍ مِن الدراهم يَقوم بِقضائها لصحابه
مثل أو ل يُوجَد عند أصحابه أو ما شابه ذلك-فكما ذكرتُ-أنّ ال-تعال-قد َجعَ َل لنا بَد ًل وهذا مِن باب
اليُسْر والمد ل تبارك وتعال ( :يَسّروا ول ُتنَفّروا )؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
327
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ذلك كان كافيا له لنه كان قَارِنا بيْن حَجّه وعُمرته صلوات ال وسلمه عليه ،وقد جاء ف بعض الروايات أنه
صَلّى الظهر بِمكّة ث ذهب إل مِن ،وجاء ف بعض الروايات أنه صَلّى الظهر بِمِن ،وقد اختلف العلماء ف
هاتي الروايتي:
منهم مَن صَحّحَ رواي َة الصلة بِمِن.
ومنهم مَن َع َكسَ ذلك ،كما ذكرتُ ذلك ف " الطوفان " ،1فمَن شاء ذلك ف ْليَ ْرجِع إليه.
صلّى بِأصحابه َن ْفلً وصَلّواويُمكِن أن تكون الروايتان صحيحتي معا ويُجمع بينهما بِأنه صَلّى الظهر بِمكّة ث َ
خلْفه فريضة ويكون الطأ قد وَقَعَ ف قول الراوي " :فريضة " وإل فإنه قد صَلّى ف الوضعي معا إل أنه صَلّى
بِمِن نافلة فتكون كل واحدة مِن الروايتي صحيحة بِاستثناء كلمة " :الظهر " فإنا ل تَصح ،وهذا له احتمالٌ
قوي ،وقد جاءت أدلّة متعدّدة تَدلّ على مشروعية إمام ِة التنفّل بِالفترِض.
وف هذا دلل ٌة واضحة أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ل َيبْ َق بِمكّة ف هذه اليام بل رَجَعَ
إل مِن مباشَرة.
فما يَذْ ُكرُه كثي مِن الفقهاء مِن أنّ النسان له أن يَبقى بِمكّة الكرّمة وأنه ل بأس بذلك ..نقول :هذا المر
مُخالِف لِسنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،إذ إنه بِمجرّد انتهائِه مِن طوافِه صلوات ال
وسلمه عليه-وصلةِ الظهر على تقدير ثبوتِ هذه الروايةَ -ذهَبَ إل مِن مباشَرة فمِن َأيْنَ يُمكِن أن يُقال" :
إ ّن السنّة تَدلّ على أنه ل بأس مِن البقاء بِمكّة " مع ِفعْلِ رسول ال الذي ذكرناه ؟! فينبغي لِلنسان عندما
يَنتهي مِن طواف الفاضة أو السعي إذا كان عليه السعي أن يَذهب إل مِن مباشَرة سواءً كان ذلك ف الليل أو
ف النهار ..هذا هو الذي دَلّت عليه السنّة الصحيحة الثابتة عن النب ثبوتًا ل شك فيه.
ول عِبة بِرأي مَن خالَف ذلك ،فإنّ العبةَ بِالسنّة ف مثل هذه المور ،كما هو معلوم.
هذا وما جاء ف بعض الروايات مِن أنّ النب طاف ليل أو أنه كان يَذهب ف ليال مِن ويَطوف بِالبيت فإنّ
تلك الروايات ل تَثبت عن رسول ال ،فهي مِن النكَارة بِمكان.
فإذن السنّة البقاء ف مِن ف هذه اليام سواءً كان ذلك ف الليل أو ف النهار بِاستثناء أداءِ الطواف والسعي ِلمَن
عليه سعي؛ وال أعلم.
س :ربا يُريد أن ُيعِيد تلك السألة الت ذكرتُموها ف حلقةٍ ماضية .. 2مسألة رمي المرات ..هل
ب العَمود أم يَكفي أن َتقَع على الَوض ؟
يُشتَرط أن تُصِي َ
-1الزء الثالث من كتاب " الطوفان الارف لكتائب البغي والعدوان " ،الطبعة الول ( 1420هـ2000-م ) ،ص .339-337
-2عند الواب على السؤال 1من حلقة 17رمضان 1424هـ ( 12/11/2003م ).
328
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :ل يُشتَرط ،لنّ ذلك العَمُود حَادِث ..أي ل يَكُن ف بِداية المر ..أي ف عهد إبراهيم وإساعيل عليهما
الصلة والسلم ،وقد ا ْختَلَف العلماء هل كان موجودا ف عهد النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ؟
ذهب بعضهم إل أنه كان َموْجودا ف عهدِه صلوات ال وسلمه عليه ،واستَشهَدوا على ذلك ِببَْيتٍ مروي عن
أب طالب عَمّ النب .
ضهُم إل أنه ل َيكُن َموْجُودًا.
وذهب بَع ُ
و-على كل حال-سواءً كان موْجودا أو ل يَكن موْجودا فإنّ الـمَشرُوع أن يَر ِم َي النسان ف الوض ،ولَ
شتَرط بِأن يَكون ذلك ف ذلك العَمُود الشاخِص؛ وال-تبارك وتعال-أعلم. يُ ْ
س :رجلٌ أخذ وكالة مِن جاعة مِن الجاج ف رمي الِمار وأخذ منهم الصى ث رماها ف الشارع
ول َيرْ ِم المرات ول ُيخْبِرهم وهم عاجزون عن الرمي ،فما الكم ؟
ج :العياذ بِال-تبارك وتعال-مِمّا َفعَلَه هذا الشخص ..لقد وَقَعَ ف معصي ٍة مِن معاصي ال تبارك وتعال،
خبِر أولئك الشخاص الذين أنابوه َو َوِثقُوا بِه وظنّوا وعليه أن يَتوب إل ال-تبارك وتعال-مِمّا وََق َع فيه وأن يُ ْ
أنه َسُيؤَدّي عنهم ما فَرَضَه ال-تبارك وتعال-عليهم ،وبعد ذلك عليهم أن يَسألوا عن هذه السألة الت وََقعُوا
فيها ،لنم-ف حقيقة الواقع-ل َي ْأتُوا بِما شَ َرعَه ال-تبارك وتعال-مِن الرمي ،فلبد مِن أن يُحكَم عليهم
بِالدم ،ولكن بَقي مَن هو الذي يَتحمّل ذلك ؟ ف هذه السألة لبد مِن أن يُنْظَر إليها ،وإن حَاكَمُوا هذا
الشخص فلهم أن يُحاكِمُوه ف ذلك.
س :واِلدِي توفّاه ال وأُرِيد أن أَحُجّ عنه وكما تَعلَمون عندَ َر ْميِ المار تَكون زحْمَة كبِيَة ،هل لِي
ت الج عن نفسِي.
أن أُ َؤ ّجرَ ِل َرمْ ِي المار ؟ مع العلم أنّن َأدّيْ ُ
ج :إن كان هَذَا الشخص يَستطِيع أن يَقوم بِالرّمي هو نفسُه فلبُد مِن أن يَرمِي هو نفسه ،وليس لَه أن يَستَنِيبَ
غيْرَه سواء كان ذلك بِالجرَة أو بِالتّعاون مِن بعضِ أهلِ اليْر ،أمّا إذا كان ل َي ْقوَى على ذلك فَنعَم لَه إمّا أن
يَطلب مِن غيْرِه مِن أه ِل اليْر بِأن َيَتعَاوَ َن معه ويَقوم بِالرّمي عنه بِشرط أن يَكون حاجّا ف تلك السّنَة ،وإمّا أن
يُؤجّ َر غيْرَه-أيضا-بِش ْرطِ أن يَكون حاجّا ف تلك السنة.
حدّد ضيّق جِدا فإذا لَم
ت مُ َولكن يَنبغِي أن ُيْنتَبَه إل أنّ كثيا مِن الناس يَظنّون أنه لبد مِن الرّمي ف وق ٍ
ت بِالمس أنّ الرّمي ف أيامِ يَستطِيعوا الرّمي ف ذلك الوقت أنابوا غيْرَهم ،وليس المْرُ كذلك ،أنا ذكر ُ
التّشْريق-أي ف اليومِ الادِي عشر والثان عشر والثالث عشر ِلمَن َتأَخّر-يَبدَأ بِ ُمنْتصَف النهار ،وليس لحد أن
يَرمِي قبلَ ذلك ،وهو يَ ْمتَد إل غروبِ الشمس ،وإذَا لَم يَستطِع النسان أن يَرمِي ف ذلك الوَقت-لِلمشقّة
مثل-فإنّه لَه أن يَرمِي حت ف الليل بَل يُمكِن لَه أن يَرمِي عن اليومِ الادِي عشر ف اليومِ الثان عشر أو ف
329
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ستَطِع ،أمّا مَن استطاع فل ينبغِي لَه أن يُؤخّر ،وهذا بِحمدِ ال- الثالث عشر ،وهذه-طبعا-رُ ْخصَة لِمَن لَم يَ ْ
تبارك وتعال-فيه مِن اليُسْر ما ل يَخفى ،أمّا إذا كان ل يَستطِيع ذلك فل ،فَلَينْتبه الناس لِهذه القضايا ،وأنّه
ليس لَهم أن يَستنِيبوا إل عن َد عد ِم القدرة ،فإن لَم يستطيعوا-كما قلتُ-فيما بيْن منتصف النهار وغروبِ
الشمس فلَهم أن يَرموا حت بِالليل ولَهم حت ف اليومِ الذي يَلِيه بِش ْرطِ أن يَكون ذلك قبلَ غروبِ الشمس مِن
اليومِ الثالِث عشر ،وهذا لَه دَلِي ٌل واضِح-ذكرتُه بِالمْس-وهو حديثٌ صحِيح ثابِت عن النب ،أمّا رَميُ
س عندَ طائفةٍ ف النهار عن َد بعضِ أه ِل العلم ،وإل غروبِ الشم ِ اليومِ العاشِر فهو مِن طلوعِ الشمس إل ُمنَْتصَ ِ
أخرى ،ومع ذلك مَن لَم َيتَ َمكّن فبِإمكانِه أن يَرمِي حت ف الليل بَل وحت ف اليومِ الادِي عشر إل آخِر ما
ط أن يَكون قبلَ غروبِ ذكرتُه ف الوابِ السابق ..أي يُمكِن أن يَكون ف الثانِي عشر أو ف الثالِث عشر بِشرْ ِ
ض العلماء قال " :إنّ الرّميَ ف اليومِ العاشِر ف ح ّق العَجَزة مِن النّساءِ الشمسِ مِن اليومِ الثالِث عشر ،بل بع ُ
ت السألةُ بِحاجة إل شيءٍ والطفا ِل والرضى يَبدَأ بِ ُطلُوعِ الفجْر مِن اليَو ِم العاشِر " ،وذلك ليسَ بِبعِيد وإن كان ْ
ث فيها مَُتعَارِضة.
مِن النّظر ،لنّ الحادِي َ
ف النهارَ ،ومَن َرمَى أمّا بِالنّسبةِ إل أيا ِم التّشرِيق فل يُوجَد حدِيث ثابِت أبَدًا يَ ُدلّ على جوازِ الرميِ قب َل منتص ِ
قبلَ ذلك فعليه التّوبَة إل ال-تبارك وتعال-وإذا كان الوَقتُ باقِيا فعليه أن ُيعِيدَ ذلك؛ وال-تبارك وتعال-
أعلم.
ج ْمرَة الول
س :ف اليوم الادي عشر ذهب رجلٌ لِرَمي الـجَ َمرَات وعند وصوله رَمى الـ َ
ج ْمرَة الوسطى
ج ْم َرتَيْن الوسطى والكبى ومِن شدّة الزحام ف ذلك اليوم ل يَنتبِه إل الـ َ
وذهب ِلرَمي الـ َ
ص َل إل الـجَ ْمرَة الخية ورَماها وعند عَودتِه بِالطريق شَكّ ف نفسِه أنه ل َيرْمِ
وسَها عن رَميِها حت وَ َ
صلَ
الـجَ ْمرَة الوسطى وبَقي على َشكّه حت اليوم التال-الثان عشر-وعند عَودتِه لِلرمي ف هذا اليوم وَ َ
تلك الـجَ ْمرَة ورَماها بِسب ِع حَصَيَات عن شَكّه لِليوم الول وذلك ف اليوم الثان عشر ،فهل تَصرّفه هذا
يُجزِي أم ماذا يَكون عليه ؟
ج :هل رماها ف اليوم الثان عشر مرتي ..عن الادي عشر وعن الثان عشر ؟
س :الظاهِر مِن كلمِه هكذا.
ج :إذا كان قد رماها فل شيءَ عليه على مذهب كثي مِن أهل العلم.
أما مَن يَشترِط الترتيب ف هذه القضية فلبد مِن أن يَر ِم َي الوُسطى ث يُعيد َر ْم َي الكبى عن اليوم الادي عشر
ويَرمي بعد ذلك 1عن اليوم الثان عشر.
331
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1مِنْهم مَنْ قَال :مَن ل يَسْتطِع أن َي ْرمِ َي َسوَاءً كان رجل أو امرأة بِسبب مرضٍ أو ضعف أو ما شابه ذلك
شهُور عند أئمَة الـمَذاهب. مِن العْذَار فإنه ُينِيبُ غيْرَه ،وهذا هو الـمَ ْ
-2ومنهم مَنْ قال :إنه يَسْقط عنه ،وهو قول ضَعيف جدا.
-3ومنهم مَنْ قال :عليه دم ..أي عليه أن يَذْبح دمًا لِفقراء الَرَم.
والقول الوّل-وهو :أنه ُي ْؤمَر بِأن ُينِيبُ َغيْرَه-هو القَول الـمَشهور الصحيح ،فمَن ل يَستَطعْ فهذا حُكمُه ،أمّا
مَن استطاع-سواء كان رجل أو امرأة-فلبد له مِن أن يَرمي.
والذي أَ ُظنّه أ ّن كثيا مِن الناس استثْقلوا هذا بسبب هذا.
ومِنْهم مَن استثقل ذلك بسبب أنه وَ َجدَ كثيا مِن الناس يُ َر ّخصُون لِلنساء ف عَدَم ال ّرمْي ف الـمَاضي ،ول
أقول " :إنّ العلماء َرخّصوا ف ذلك " ،وإنّما فَعل ذلك مَن َفعَلَه مِن الناس وقد يكون َس َكتَ بعضُ العلماء عن
ذلك ظنّا منهم أنّ بعض النّساء ل يَستطِعن على الرّمي أو ما شابه ذلك مِن السباب كَما وَقَعَ مثل ذلك ف غي
هذه السألة ،وبِسَبب ذلك استَْثقَل ذلك مَن ا ْستَثقَل ذلك مِن الناس.
ومِن الـ َمعْلُوم أ ّن الشيءَ إذا كان مالِفا لِـمَا شاهَ َدهُ ال َعوَام فإنّهم يَ َر ْونَهُ أمْرا عظيما ،بل نَحْن نَجِد أنّ كثيا
ض المور مع أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-قد َأمَرَهم بِذلك ،فعندما مِن الصحابة قد اسَتعْظَمُوا بع َ
جَاءَ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-إل َمكّة الكرّمة ف حجّة الوداع وَأمَرَ أصحابَه-رضوان ال تبارك
وتعال عليهم-بِال ْحلَ ِل بعد الطواف والسعي ِلمَن ل يَكن سَائقًا لِلهدي مِنهم ..استثقل ذَلك كثي مِن
الصحابة رضوان ال تبارك وتعال عليهم ،وقالواَ " :أنَ ْذ َهبُ إل عَرَفة ومَذَاكِيُنا َتقْطُرُ الـ َمنِي " ،مَن هو الذي
أمرهم بذلك ؟! هو رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم َ ..أعْل ُم الناس وأتْقاهم ..وكذلك عندما َأمَرَ
النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أصحابَه بِالِ ْحلَلِ ف عُمرة الـحُديبية ا ْسَتثْقَلَ ذَلك كَثرةٌ كَاثِرَة
مِن الصحابة ،وَأمَرَهم النب بِالحلل فلم يَفعلوا حت غَضِب النب َأشَ ّد الغضب ول يَفعلوا ذلك إل
بَعدما َأمَرَ النب ِبنَحْر هَ ْديِه وحَلْق رأسه.
ستَْثقِلُوا ذَلك ،ولكن النسان يَْنبَغي له أن يَجعل فالسببُ إذا ل َيكُن الشّيء َمأْلُوفا مع الناس فإنّه لبد مِن أَن يَ ْ
ب عَينيه كتاب ال-تبارك وتعال-وسنّة رسوله صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فما دَلّ الدليل عليه هو نصْ َ
الذي يَجِب عليه أن يَعمل بِ ُمقْتضاه.
وقد أحسن المام العلّمة سعيد بن خلفان الليلي-رحه ال تبارك وتعالِ -عنْدما سأله بعضُ السائلي عن
مسألةٍ خَالَفَ فيها هذا المام-رحه ال-مَن َسَبقَه مِن أهل العلم ..قال له هَذا المام " :ومِن العَجَب أن َأُنصّ
ض ِة السلم مِنْ غيْر دليل ول ضنِي بِعلماء َبيْ َ
لك عن رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وأْنتَ ُتعَارِ ُ
وَاضِح سبيل ..أََلْيسَ هذا ف العيَان َنوْعا مِن الـهَذيان ".
332
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
والمام الليلي-رحه ال تبارك وتعال-قال ف مسألةٍ خَالَف فيها بعضُ أهل العلم حَدِيثًا ثَابتا عن النب
فقال المام ف الرّد على ذلك " :وَقَو ٌل بِخلف الديث يُضرَب بِه عرْض الَائط ".
والمام السالي-رحه ال-عندما َوجَ َد بعضَ العلماء خَالَف حديثًا عن النب قال:
ونن نَحكي بعدَه خِلفا الصطفى يَعتبِر الوصاف
فيه عن الختار نصّ ُأسْنِدَ ل نَقبَل اللفَ فيما وَ َردَ
وِل َهؤُلء الَئمّة ولِغيْرهم كلمٌ طويل كثي ف هذه القَضية ،ل دَاعي لِلطالة به.
ت مُحَدّد ،ولِذَلك يَطْلُبون
ومِنْ جُمْلة السباب أنّ َكثِيًا مِن الناس يَ ُظنّونَ َأ ّن و ْقتَ ال ّرمْي مَحْصور ف وق ٍ
الرّخصة ف الرمي قَبل َزوَال الشمس ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر لِمَن بقي بِمِن ..يَظُنون
حصِر ف وقتٍ مُحدّد وهو عند َزوَال الشمس وبَعد ذلك بِقليل أو إل غُروب الشمس ،ونَحْن أ ّن الوَقت ُمنْ َ
َنقُول :إ ّن الوقتَ الّتفَق عليه بيْن أهل العلم هو :أن يَكون وقت الرّمي ف اليام الثلثة الـمَذكورة 1مِن زوال
الشمس إل غروبا ولكن مَن شَقّ عليه ذَلك-سواء كان رجُل أو امرأة-فإنه يُ َر ّخصُ له أن يَ ْر ِميَ حَت ف الليل
بل يُرَ ّخصُ له فيما هو َأبْعَد مِن ذلك ..يُمكِن أن يَرمي عن الَيوْم الادي عشر ف الثان عشر و َعنْه وعن الثان
عشر ف الثالث عشر بِشرْط أن َيكُون ذلك َقبْل غُروبِ الشمس مِن اليوم الثالث عشر ،وذلك ل ّن السنّة قد
َنصّتْ على َأنّ ُحكْ َم أيّام التشريق ف الرّمي شيءٌ واحد ،فقد روى المام مالك والشافعي وأحد والنسائي ف "
الصغرى " وف " الكبى " وأبو داوود والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن خزيْمة وابن حبان وابن الارود
والاكم والبيهقي ف " السنن الكبى " والبُخاري ف " التاريخ الكبي " وأبو َيعْلى ف مُسنَدِه والطبان ف "
الكبي " ويعقوب بن سفيان ف "العرفة والتاريخ" والوهري ف " مُسْند الوطإ " وابن وَهْب ف " الـمُوطإ "
و-كذلك-يَحيي بن عبد الوهاب بن مَنْدَه ف " جزء مَن عاش مئة وعشرين سنة مِن الصحابة " وابن عبد الب
ف " التمهيد " والبغوي ف " شرح السنّة " وجاعة مِن أئمة الديث أنّ رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله
وسلم-ر ّخصَ لِلرّعاة أن يَ ْرمُوا ف اليَوم الثان عشر عن اليوم الادي عشر والثان عشر ..أي أن يَرْموا ف اليوم
جةٌالعاشِر ث َيتْرُكوا الرمي ف اليوم الادي عشر ويَرْموا عنه وعن الثان عشر ف اليوم الثان عشر ،وف ذلك ُح ّ
واضِحة ودلي ٌل ل غُمُوض فيه بأنّ ذلك يُعدّ َأدَاءً ،إذ ل يُ ْمكِنُ لِلنب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-أن يُرَخّص
لَهم أن ُيؤَخّروا الرّمي عن وقته الـمُحدّد له شرْعا ث بعد ذلك يَأتون به َبعْد خُرُوج الوقت ..كلّ هذا مِمّا ل
يُمكِن ،بل ذَلك يَد ّل على أنّ ذلك الوقت كلّه ِللَدَاء فمَن ل يَستطِع أن يَرمي فيما بيْن زَوال الشمس وغروبا
ف الادي عشر-مثلَ-فلْيمِ ف الثان عشر ،ومَن ل يَستطِع فلْ ْيمِ ف الثالث عشر عن الثلثة ُكلّها 2بِشرط أن
س الثالث عشر إن كان يُريد أن يَبقى الثالث عشر ف مِن. يَكون ذلك قبل غُروب ش ِ
وكذلك مَن ل يَستطِع أن يَرمي ف اليوم العاشر ..ل يَستطِع مِن طلوع الشمس إل غروبا ف ْلَي ْرمِ ف الليل ..
أي ليلةِ الادي عشر.
وهَكَذَا فالمر فيه سعة بِحَمد ال تبارك وتعال ،ف َمهْما كان الناس مِن الكثرة ولَكن الوقت فيه-أيضا-مِن
الطول ما ل َيخْفى وإنّما يُمنع النسان مِن أن ُيقَ ّد َم العبادة على وقتها ..أي يُ ْمنَ ُع مِن أن يَرمي ف الادي
عشر قبل زَوال الشمس ،وكذلك ف الثان عشر قبل زوال الشمس إذا كان ذلك عن اليوم الثان عشر ،وهكذا
بالنسبة إل الثالث عشر.
ستَطع فلَيرْم حت بعد ذلك وهذَا أما بِالنسبة إل العاشِر فالرمي مِن طُلُوع الشمس إل غُرُوبِها ومَن ل يَ ْ
لِلقوياء ،أما بِالنسبة لِلضّعفة والنساء فإ ّن بَعضَ أهل العلم يُرخّص أن يَكون ذلك بعد طُلوع الفجر مِن اليوم
العاشِر ،و َرخّص بَعضُهم حَت قَبل ذلك ..أي أن يَكون ذلك بعد أن يَخرجوا عند غُروب القمر وأن يَرموا
عندما يَصلون إل مِن ،ولكنن ل أُ ِحبّ التَرخّص لم قبل طُلُوع الفجر ،فإما أن يَتَرخّصوا بِالرمي بعد طُلوع
شقّة فيه بِحمد ال. الفجر أو أن يَنتظِروا إل طُلوع الشمس وهذا ل مَ َ
والُلصة أ ّن مَن يَستطيع أن يَرْمي هو نفسُه-سواء كان رجل أو امرأة-فليس له أن يَ ْأمُر غيه بِأن يَرمِي عنه،
وَليْس لِغيه أن يَرْمي عنه ما دام َيعْلم أَنّ ذلك الشّخص يَستطِيع أن يَرمي هو نفسُه ،أمّا إذا كان ل يَستطيع
فَ ْلُيِنبْ َغيْره.
َبقِ َي يُمْكن أن تَقول امرأة :أريد أن أَخرُج ف الَيوْم الثان عشر قبل غروب الشمس ول يُمْكن أن أبقى إل
الثالث عشر ول أَستَطيع أن أَ ْرمِي ،فهل ل أن ُأنِيبَ غَيْرِي ؟ الواب :نعمَ ،لنّها َنوَتْ أن تَخرُج قبل غروب
ص كتاب ال وسنّة رسوله-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وإجاع المّة ،وما دام الشمس ،وذَلِك لَهاِ ،بنَ ّ
المر كذلك وهي ل تَسْتَطيع أن تَرْمي َف ْلتَطْلُب مِ ْن غيها أن يَرمي عنها؛ وال أعلم.
ثامنا :طواف الوداع
س :ما قولكم ف مَن َترَكَ ركعت الطواف ف طواف الوداع ؟
ج :على كل حال؛ أخطأ هذا الشخص خطأً َبّينًا ،فما كان يَنبغي له أن َيتْ ُركَ ذلك ف ْلُيتُبْ إل ال-تبارك
وتعال-ويَنبغي له أن ُيصَّليَ الن ركعتيْن فعسى ال-تبارك وتعال-أن يَتجاوزَ عنه.
" قَاضَى " لنّ بعضَ الناس يَقول " :إنه قضى بِها " وذلك لنم يَقولون " :كانت هذه قضاءً " وف ذلك نظر،
ح ّق َقةً ،وبَحث
لنّ كثيا مِن أهل العلم يَقولون ليست هذه قضاءً ،لنّ تلك العُمرة الت أح ّل منها كانت ُمتَ َ
ت أنه طافلعْرَانَة ،فإنه ل يَثب ْ
ذلك ف الدروس القادمة بِمشيئة ال تبارك وتعال-،وكذلك بِالنسبة إل عُمرة ا ِ
طواف الوداع ول أنه َأمَ َر بِذلك مَن كان معه ،وإن كان هذا ليس بِالصريح ،لنه صلوات ال وسلمه عليه
جاء واعتمَر ..طاف وسعى وخَ َرجَ بعد ذلك مباشَرة ،ومهما كان فإ ّن طوافَه لِلوداع ف حجّة الوداع مُتأخّر
وكانوا يَأخذون بِآخر ا َلمْ َريْن والم ُر مُحتمِل والحتياطُ ف الدّين مطلوب ،فالفضل لِلنسان أ ّل يُفرّط ف
طواف الوداع لِلعُمرة ،ومَن ترك ذلك ف الاضي فل شي َء عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال؛ والعلم عند ال تعال.
336
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فالرأةُ إذا كانتْ ل َتجِدُ زوْجا أو مَحرَما منها فإنا َتَتأَخّرُ عن الج حت يَمُنّ ال-تبارك وتعال-عليها بِأن
يُسافِ َر معها زوجُها-إن كان لَها زوج-أو ذو مَح َرمٍ منها ،أما أن تُسافِ َر مع غيْرِ زوجِها أو مِن غيْ ِر مَحا ِرمِها
ت إليه-كما قلتُ-طائفةٌ كبِ َيةٌ مِن أهلِ العلم ،وهذا القول فإنّ ذلك مِمّا ل َيصِح على هذا القول الذي ذهب ْ
هو الذي أَعتَمِدُه ،لِما رأيناه مِن الفاسِد الت تَترتّب على سفَ ِر الرأةِ مع غيْرِ زوجِها أو مِن غيْرِ ذِي مَحا ِرمِها،
حت إذا لَم يَثُبتْ-مثل-الديث فكيف وهو حديثٌ صحِي ٌح ثابِت ل شك ف ثبوتِه عن النب صلى ال عليه
وعلى آله وسلم.
فإذن الرأ ُة ل تُسافِر إل مع زوجِها أو مَح َر ٍم منها مِن أقا ِربِها سواء كان ذلك بِسببِ قرابَة منها-كما أشرتُ-
أو بِسببٍ مُباح ..تَسافِر الرأة مع أبيها أو جدّها وإن عل ومع ابنها أو ابن ابنها أو ابن ابنتها وإن نَزَل وتُسافِر
مع أخِيها وابن أخِيها وابن أختِها وإن نَ َز َل وتُسافِر مع عمّها ومع خالِها ،وكذلك تُسافِر مع مَن لَه علقة بِها
ت عن النب أنه قال ( :يَحرُم مِن الرضاع ما يَحرُم مِن مِن الرضاع كالعلقةِ الت ذكرناها مِن النسب لِما ثب َ
النسب ) فهذا الديثُ واضِح الدللة على أنه يَحرُم مِن الرضاع ما يَحرُم مِن النسب فمَن كان كصفة من
ذكرناه سابقا كان أبا لا من الرضاع أو جدا لا من الرضاع أو ابنا لا من الرضاع أو ابنا لبنها أو لبنتها من
الرضاع أو أخا لا أو عما لا أو خال لا أو كان أيضا ابنا لخيها أو لختها من الرضاع فإنم يسافرون معها
بشرط أن يكون ذلك الرضاع ثابتا ،أما إذا كان مشكوكا فيه بأن-مثل-أدخل ذلك الطفل ثدي تلك الرأة ف
فمه ول يعلم هل مص منها أو ل فإن هذا من المور الشتبهات فمثل هذا ل يصافح تلك الرأة وأيضا ليس لا
أن تسافر معه وهكذا بالنسبة إل كل ما يتعلق بأحكام الرضاع ،والرضاع ل يشترط فيه العدد كما ذهب إليه
بعض أهل العلم بل الصحيح أنه إذا ثبت الرضاع ولو كان مرة واحدة فإنه يثبت به الكم وذلك لظاهر القرآن
ولظاهر الحاديث الثابتة عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وما جاء مالفا لذلك فقد رددنا عليه با فيه
الكفاية بشيئة ال-تبارك وتعال ،-وهكذا بالنسبة إذا كان هنالك سبب من السباب الباحة شرعا وذلك كأن
تسافر الرأة مع من يرم عليها بسبب مباح شرعا ،تسافر الرأة-مثل-مع أب زوجها أو جده سواء كان ذلك
من جهة أبيه أو من جهة أمه وإن عل أو أن تسافر مع ابن زوجها أو ابن ابنه أو ابن بِنته وإن نزل أو أن تسافر
كذلك مع زوج أمها أو زوج جدتا وإن عل وهكذا بالنسبة إل زوج بِنتها وزوج بنت بنتها وإن نزل لكن
يشترط بالنسبة إل زوج الم وزوج الدة وإن علت الدة ..يشترط فيه أن يكون قد دخل بالم أو دخل
بالدة وهكذا بالنسبة أن لو علت الدة ،أما إذا كان مرد عقد فإنه ل يكون بذلك مرما منها بلف زوج
البنت أو بنت البن أو بنت البنت فإنه بجرد عقده عليها-على ابنتها-يكون مرما للم ويكون مرما للجدة
وهكذا؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :ما مقدار السن بالنسبة للمحرَم إذا كان هذا الحرم ولدها ؟
337
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :لبد أن يكون بالغا ،وبعض العلماء يرخص إذا كان مناهزا للبلوغ بأن كان يدري بكل ما يدور حوله ،أما
إذا كان صبيا صغيا أو ما شابه ذلك فهذا ما ل قيمة له ..الصل أن يكون بالغا لكن ف حالة الضرورة
القصوى إذا كان مناهزا للبلوغ بقيت سنة أو ما شابه ذلك فبعض العلماء يرخص ف ذلك ،وهكذا بالنسبة إل
عقد النكاح فإن بعض العلماء يرخص إذا كان ذلك الصب يعقل ..فإنه يرخص ف أن يعقد على الرأة ولكنن
ل أرى ذلك بل أقول إنه لبد من أن يكون بالغا ..نعم إذا كان مناهزا للبلوغ فهو يُرخص فيه على رأي
بعضهم ..ف حالة عقد النكاح ينبغي أن يأذن ذلك الصب ولكن لبد من إذن غيه من هو أبعد منه أو من
إذن الاكم معه ،أما ما يُرخص فيه بعض أهل العلم ما هو أقل من ذلك فل نراه لن العلة معلومة من هذا
وليس مرد أن يكون ذكرا وإنا أن يكون يعرف ما يدور حوله ويعرف ما يضُر تلك الرأة الت هو مرم منها
وما ينفعها وما شابه ذلك ،أما أن يكون مرد ذكر فهذا ما ل ينبغي أن يعتمد عليه وإن قال به من قال ،وف
القيقة-كما أشرت من قبل-مَن نظر إل بعض الفاسد الت تقع وعلم بذلك فإنه لبد من أن يشدد ف قضية
الج والعمرة مع غي الزوج ومع غي الحرم ،ث إن الرأة باجة إل من يأخذ بيدها عندما تطوف وعندما
تسعى ولسيما ف حالة الزحام ،وقد سعنا أن بعض النساء يسكن ف رجال أجانب منها وقد يسك ذلك
الجنب بيدها ويطوف با وقد تنشأ بعد ذلك علقات بينه وبينها لنا ترى أنه قد صنع لا معروفا ولبد من
أن تكافئه باتصال أو مكالة أو ما شابه ذلك ،وهذا-على كل حال-ما ل يصح ..نعم لو وقعت امرأة فلبد
من أن يملها النسان حت تقوم على رجليها أما أن تتعمد الرأة أن تذهب مع أجنب منها فهذا ما ل يصح
أبدا ..هذا ما أراه؛ والعلم عند ال.
س :إذن نفهم من هذا أنه ف حالة عدم وجود الحرم ل تعتب الرأة مستطيعة ؟
ج :نعم ..تتأخر الرأة حت تد زوجا أو مرما ،لكن إذا ل تد أبدا بعد ذلك هل يب عليها أن تأمر غيها
أن يج عنها أو أن توصي بذلك ؟ ف ذلك خلف بي أهل العلم ،ول شك أن السلمة أن تؤجّر من يج
عنها إذا صارت آيسة من وجود الزوج أو الحرم أو أن توصي بذلك.
س :ف حالة وجود الحرم لكنه ل يلك الال وهي تلك الال ،هل يب عليها أن تعطي مرمها الال
ليحج معها ؟
ج :أما الوجوب فيحتاج إل شيء من النظر ،ولكنن أحث ذلك الحرم بأن يرج مع تلك الرأة وأحثها هي-
أيضا-أن تعينه بشيء من الال الذي يكن أن يذهب معها إذا حصل عليه فيكون هنالك تعاون بي تلك الرأة
وبي مرمها ول شك بأنه إذا ذهب سيحصل على أجر عظيم بشيئة ال-تبارك وتعال-إذا كان صالا ..أوّل
سيؤدي الج ولو كان قد حج من قبل سيؤدي حجة نافلة وف ذلك من الفضل ما ل يفى ،كما جاء عن
النب ( :والج البور ليس له جزاء إل النة ) ،وجاء عنه أيضا ( :من حج ول يرفث ول يفسق رجع من
338
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ذنوبه كيوم ولدته أمه ) ،إل غي ذلك من الحاديث الدالة على فضل الج وعظم منلته والجر العظيم
والثواب الكبي الذي يصل عليه من أداه طاعة ل-تبارك وتعال-وامتثال لمره وكان بارا ف حجه ذلك
ل يرتكب معصية من معاصي ال تبارك وتعال ،فإذن ل ينبغي له أن يفرط ف إعانة هذه الرأة على طاعة ال
وسيكون له الجر بشيئة ال من ناحيتي ..من تأديته للحج ومن إعانته لذه الرأة الت ترغب ف تأدية فريضة
ال-تبارك وتعال-عليها ،وهي ينبغي لا ألّ تبخل بالال عليه ،فمال هذه الدنيا ذاهب ،فإذا أعانت هذا الرجل
الذي يذهب معها لتأدية الج ففي ذلك من الي ما ل يفى ،أما الوجوب فيحتاج إل شيء من النظر ،لن
القول بوجوب ذلك فيه ما فيه ،كما ل يفى ،فإذن-كما قلتُ-أحث الرأة الت ل تد مرما إل إذا أعانته
بشيء من الال ألّ تبخل بذلك؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
1
س :ما حكم ذهاب الرأة للحج رفقة مموعة من النساء بدون أن يكون عندها مرم رجل ؟
ج :على كل حال؛ أستأذنك قبل كل شيء أن أجيب ولو بواب متصر جدا على سؤال الج السابق الذي
سألت عنه هذه الرأة لعلها تريد أن تذهب إل الج وقبل كل شيء أنبه إل أنه ينبغي للنسان أن يكون
حريصا على طلب العلم سواء كان ذلك من قراءة الكتب أو من سؤال أهل العلم أو من دروسهم أو ما شابه
- 1وفي سؤال مشابه :س :تريد أن تَحج حجّ الفريضة ولكن ليس لديها محرم إنما تَخرج مع نساء المسلمين.
ج :الصل أن تذهب المرأة مع زوجها أو مع محرمها ،لِما جاء مِن النهي عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-عن
سفر النساء مع غير المحارم ،وهو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وينبغي للزواج أن
ن في هذا التعاون ما ل يخفى مِن يتعاونوا مع زوجاتهم وينبغي للمحارم أن يتعاونوا مع-أيضا-أقاربهم مِن النساء ،ل ّ
التعاون على الخير وال ِبرّ والتقوى ،بل ذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أنه يَجب على الزوج أن يُسافِر مع زوجته لداء
فريضة الحج إذا كان ل يَجد عذرا شرعيا ول يَمنعه مِن ذلك مانع ،وهذا القول وإن كنا ل نقول به بل نقول بعدم وجوب
ذلك عليه ولكننا نَحثّه على ذلك ،وسيَحصل أيضا على فضْل الحج إذا كان متقيا ل تعالى ،ول يَخفى ما في الحج مِن
فضْل ،كما ثبت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،و-على كل حال-ذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أنه ليس للمرأة
حرَما فليس لها أن تُسافِر بل يَجب عليها أن
حرَم فإن لم تَجد زوجا أو َم ْ
أن تُسافِر إلى فريضة الحج إل مع زوج أو َم ْ
تُوصِي بذلك إل إذا تَمكّنت في يوم مِن اليام مِن فعل ذلك ،وذهبت طائفة مِن العلماء إلى أنها يَجوز لها أن تَذهب إلى
ت رفقة مِن الناس مِن أهل الصلح معهم نساء ،وهذا القول تَرخّص فيه كثير مِن أهل العلم ،فإذا أَخذتْ به الحج إذا وَجد ْ
فل حرج ولكن ليس لها أن تُسافِر مع شخص واحد ..يوجَد كثير مِن الناس يَذهب الواحد ومعه مجموعة كبيرة مِن
النساء أو يذهب اثنان أو ما شابه ذلك مع مجموعة مِن النساء وهذا لم يُرخّص فيه أحد مِن أهل العلم ،وإنما شدّدوا فيه،
وإنما رخّصوا إذا كانت مجموعة كبيرة مع نساء والكل مِن أهل الصلح ول يُخشى عليها ،فهذا ترخيص ،وأما الوجوب
فل يُمكِن أن نقول بالوجوب ،ونظرا لضيق المقام فأكتفي بهذا المختصَر ،ولعلنا نطيل في ذلك مرة أخرى.
339
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ذلك من الوسائل الت يصل با العلم الشرعي ،وما نلحظه على كثي من الناس أنم ل يهتمون بطلب العلم
وإنا يهتم الواحد أن يسأل عن مسألة وقع فيها أو أنه يريد أن يأت با ف الستقبل أو ما شابه ذلك وقد ييب
بعض أهل العلم عن تلك السألة قبل ذلك بقليل أو قبل يوم أو ما شابه ذلك ول يهتم بتلك السألة ..يكون
مشتغل بالديث مع فلن أو فلن أو ل يطلع على تلك البامج الت تذاع فيها تلك الحاضرات أو تلك
الدروس أو تلك الجوبة أو ما شابه ذلك ويفوته خي كثي من السائل الشرعية ،فطلب العلم فريضة على كل
مسلم وإن كنا ل نقول بأن الكل من الفرائض ولكن بعضه من الفرائض والبعض الخر من النوافل الت ل
ينبغي التفريط فيها.
بالنسبة إل هذا السؤال قد ذكرنا-ف الواب الذي مضى قبل قليل-أنّ الرأة إذا أرادت الج لبد من أن
تذهب مع زوج أو مرم منها ،وأنه ل يصح لا أن تذهب مع مموعة من النساء معهن بعض أهل الصلح ..
هذا الذي ذهبت إليه طائفة كبية مِن أهل العلم ،وعليه إن ل تد الرأة زوجا أو مَحرما منها ف ذلك الوقت
فلتتأخر حت تتمكن من الذهاب بعد ذلك ف سنة من السنوات القادمة بشيئة ال-تبارك وتعال-مع زوجها إن
كان لا زوج أو مع ذي مرم منها ،و-قلنا إنه-ينبغي أن يُنظر إذا ل تد الرأة مرما إل إذا بذلت له الال بأن
كان فقيا أو ما شابه ذلك و-قلنا إنه-ل ينبغي لا أن تفرط ف بذل الال ،أما القول بوجوب ذلك عليها فإنه
يَحتاج إل شيء من النظر ،وحت نتمكن من ذلك فإنن ل أقوى على الزم ف ذلك بشيء ،لكن-كما قلتُ-
ينبغي التعاون بي الفريقي ..ينبغي لذه الرأة أن تبذل الال وينبغي لذلك الرجل ألّ يأخذ منها إل مقدار ما
يؤدي به الج ويرجع إل وطنه ..هذا الذي نعتمده لا ذكرته ف ذلك الواب.
وبعض العلماء يُرخص أن تذهب الرأة مع رجال من الثقات الصالي معهم بعض النساء من مارمهم؛ ولكن
ي وقت هذا القول ل ينبغي التعويل عليه ،ولسيما ف هذا الزمان لشدة الزحام بل ول ينبغي التعويل عليه ف أ ّ
من الوقات لنه مالِف لِظاهر الديث الثابت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ونن ل نقطع العذر
ف هذه السألة ول نقول إنا من السائل القطعية ولكن نقول :إن ذلك القول هو القول القرب للصواب،
وعلى تقدير صحة تأويل من تأوله من أهل العلم فكما قلتُ ف هذا الزمان ل ينبغي أن يؤخذ بذلك ،لن ذلك
إذا كان ل يستدعي أن تسك الرأة بيد رجل أو يسكها رجل ويطوف با وقد تتاج إل حل أو ما شابه
ذلك ف الزمنة الغابرة فإن الزمان قد اختلف ف هذه اليام ،وقد سعتُ أنه وقع ف العوام الاضية أ ّن بعض
النساء اللت ذهب إل الج قد ذهب للطواف مع رجال أجانب عنهن وقد أمسكت بعض النساء بيد رجل
أجنب منها فهل يكن أن نقول بواز ذلك ؟! هذا ما ل يصح ..نعم-كما قلتُ -إذا كان هنالك وقع حادث
..وقعت امرأة فإنّ على الرجل أن يقوم بمل تلك الرأة حت تقوم ،أما أن يتعمد ذلك أو أن تتعمد هي ذلك
من قبل فهذا ما ل يصح ،فهذا الذي أراه وأعتمد عليه؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
340
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
341
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
مِن غي مَحارمِهنّ ومرضتْ منهنّ بعض النساء واحتاجتْ إل أن يَقوم الرجال بِحمْلِها أو مساعدتِها
أو أن تُمْسِك بم أو ما شابه ذلك وهم مِن غي مَحارمِها فيَقعون ف معصية ال تبارك وتعال ..هذا
الوقت ل يُمكن أن نُرَخّص ف مثل هذا المر فلتَنتظِر حت تَجد زوْجا أو مَحْرَما منها وهي معذورة إل
أن تَجد ذلك-بشيئة ال-وتوصي بذلك حت تَتمكّن مِن التأْدية مع الزوج أو الـمَحْرَم؛ وال أعلم.
343
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فإذن الرأة ف الحرَامِ تَلْبس اللبس العَادِية بِشَرْط ألّ َتتَبّج بِزينة ،وإنا ُتنْهَى-كما قلتُ-عن لبْس النّقاب،
وكذلك البُرْقُع ،وكذلك تُنهى عن لبس ال ُقفّازين ،وها الشراب الذي تُدخِل فيه الـمَرأة يَديْها ،أما بِالنسبة
إل ما عدا ذلك فل.
وهكذا بِالنسبة إل لُبس الذهب والفضّة فقد شدّد ف ذلك كثي مِن أهل العلم ،ول أَجِد دليل يَدلّ على هذا
التَشَدّد وإنا ُتنْهى عن إِظهار ذلك لِلرّجال الجانب فذلك مَمْنوع سواء كان ذلك ف حجّ أو عُمرة أو ف
غَيْرها ،أو بِعبارة أخرى :سواء كانت ُمحْ ِر َمةً أو كانت مُحِّلةً ..هذا ما يَظهر ل؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
وأَما بِالنسبة إل سَدْ ِل الثّوب على الوَجْه إذا َمرّت الرأة بِالرجال الجانب أو مَ ّر بِها بعضُ الرجال الجانب
فالسنّة قد دَلَّت على ذَلك ،إذ إ ّن أمهاتِ الـمؤمني-رضوان ال تبارك وتعال عليهن-كُ ّن يَسْدِلْن على مسمعٍ
ومرأى مِن النب إذا مَ ّر بِهنّ الرجال الجانب وهنّ مُحْ ِرمَات.
ولكن اشترَط بعضُ العلماء ألّ يَ َمسّ ذلك الثوب شيئا مِن الوجه.
ض أهل العلم.ول يَشترِط ذلك بع ُ
حتَاج إل دليل ،ول أَجِد دليل يَدُلّ عليه؛ والعلم عند ال تبارك وتعال. والقول بِالشتِرَاط َي ْ
ح ِرمَات هو تغطيةُ الوجه بِناء على أنّ الفتنة هي
س :القيقة أَصبحت الصفة الغَالبة عند الـمُ ْ
السبب ف سَدْل هذا المار.
ج :هو ما ذكرناه ..النسان مُخاطَب أن يَلتزِم بِما ف كتاب ال-تبارك وتعال-وبِما ف سنّة رسول ال صلى
ال عليه وعلى آله وسلم ،والسنّة دَلّت على جَواز السّدْل عندما تَمُرّ الرأة الـمُحْرمَة بِالرجال أو يَمرّ بِها
بعضُ الرجال ،أما ما عدا ذلك فإنا َتكْشِف وجهَها ..هذا الذي َثَبتَ ف السنّة الصحيحة الثابتة؛ والعلم عند
ال.
س :لَكن ف موْسم الج الناس كَثِيُون والحتِكَا ُك بِالرجال أمرٌ وَارِد.
ج :لَكن ل يَكون ذلك ف كل وَقْت مِن الوقات ،وإنا يكون ذلك ف بعض الحيان.
س :ما هو ِمعْيَار الوف مِن الفتنة ؟ يَعن كَيف تَستطيع الرأة أن تُميّز هَل هِي خَائِفة مِن الفتنة ؟
هل هذا يَعتمِد عليها بِنفسِها أم يَعْتَمِد على نَظرات الخرين إليها ؟
ج :لبد مِن ُمرَاعَاة الَانِبي.
س :هل لِلمرأةِ أن تَغْتَسِل غُسْل الحرامِ مِن منِلِها قبلَ الروج ؟
ج :على كل حال؛ هذه السألَة تَحْتَاجُ إل إطالَة ،ولكن:
إذا كانتْ تَقْصِدُ بِمَنْزِلِها النل الذي نَزَلَتْ فيه ..مثل لو نَزَلَتْ ف " الدِينة " ..ف مدينة النب
،ول بأس-طبعا-مِن تَسْمِيَتِها بِالدينة النورَة ..إذا أرادتْ ذلك نعم لِتَغْتَسِلْ مِن هُنَاك
344
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وَلْتَخْرُج ولكن لِتُحْرِم مِن عندِ اليقات ..ل ينبغِي لَها أن تُقَدّمَ ذلك ..لَوْ قدّمتْ ذلك فإنّ
إحرامَها صحِيح-على الصحِيح الذي عليه المهور-ولكن ينبغِي لَهَا أن تُؤَخّرَ ذلك إل اليقات ،كما
فَعَلَ النب صَلى ال عَليه وعلى آله وصحبه وسَلم ،ولَم يَثبُتْ عنه ما يَدُلّ على خلفِ ذلك ،ومَا جاء
مِمّا يُخالِفُ ذلك فإنّه ل يَثْبُت ،وَمَوْضِعُ الطالة ف غيْرِ هَذِه الناسَبَة بِمَشِيئة ال تبارك وتعال.
أمّا إذا كانتْ تَقْصِد بِأَنّها تَغْتَسِل مِن بِلدِهَا عندَما تَذهَب وتَسْتَمِر عدّةَ أيام فهذا ل يَكْفِي
لِلتيانِ بِهذِه السنّة ..نعم ف وقتِنا هذا-مثل-إذا كانتْ تَخْرُج بِوَاسِطةِ الطائِرَة فإذا اغتَسَلَتْ ف
بيْتِها قبلَ خُرُوجِها مباشَرَة فل بأس-لنّها تَمُرّ على اليقات وهي ف الطائِرَة ول تَتَمَكّن مِن
الغتِسال أو تَتَمَكّن ذلك إنْ تَمَكّنتْ بِمَشَقّة-فَلْتَغْتسِل مِن بيْتِها لحرامِها وَلْتُحْرِم عندَما
تُحَاذِي اليقات؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
*ما يتعلق بالحيض والنفاس
س :إن كانت الرأة تشى أن يدركها اليض ف فترة الناسك ،هل لا أن تتأخر عن الج أو العمرة
بسبب هذا ؟
ج :ال أعلم؛ إذا كانت تريد أن تذهب إل العمرة فإن كانت تعرف بأنه سيأتيها هذا اليض على حسب
عادتا ولبد من أن ترجع إل بلدها ف تلك الدة فل يكن أن ترِم لن ف ذلك من الصعوبة ما ل يفى قد
ترم ث ترجع إل بلدها وتبقى شهرا أو شهرين أو أكثر وهي مرمة وف هذا من الشقة ما ل يفى لكن إذا
كانت-مثل-ذهبت وتظن بأنا ستطهر قبل ذلك أو أنه لن يأتيها اليض قبل ذلك فيمكن أن تشترط فإذا
اشترطت ول تتمكن من تأدية تلك العمرة فل بأس بذلك على رأي من يقول بالشتراط ونن نقول بالشتراط
لن ذلك ثابت عن النب ودعوى أن ذلك خاص بتلك الرأة أو أنه منسوخ ما ل يُقبل ،أما الصوصية فإنه
ما ل دليل عليها ،والصل أن ما ثبت للواحد يثبت لغيه إل إذا دل دليل على التخصيص ،وأما دعوى النسخ
فإنا مردودة لن ذلك من أواخر الحكام ول يأت ما ينسخه ،ولكن بقي هل يباح ذلك لثل اليض أو ما
شابه ذلك ؟ عندما تكون هنالك ضرورة ملحة فيمكن أن نقول بذلك ولكن ل ندعو إل التساهل كثيا ف
مثل هذه القضية ،أما بالنسبة إل الج إذا كانت الرأة تعرف بأنا لن تتمكن من التيان بالج وهي طاهرة
وطبعا الذي يشترط فيه الطهارة هو الطواف أما بالنسبة إل الوقوف والسعي إل غي ذلك من المور الخرى
كالرمي والبيت بالزدلفة والذبح وما شابه ذلك ..هذه المور ل تشترط فيها الطهارة وإنا الذي تشترط فيه
الطهارة هو الطواف فإذا كانت تعرف بأنا لن تتمكن من التيان بطواف الزيارة فل يكن أن تذهب إل إذا
كانت تعرف بأنا سترجع ويكن بعد ذلك أن تذهب بعد مدة ل يشق عليها ذلك فل إشكال ف ذلك أما أن
تذهب وبعد ذلك ترجع وتبقى مدة طويلة فهذا قد يشق عليها كثيا ولزوجها عليها حقوق إن كان لا زوج
..له حق الوطء ومن العلوم أن الرأة إذا كانت مرمة ل يكن أن توطأ بل ول ما هو أقل من ذلك حت
345
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
اللمس إذا كان بشهوة والتقبيل والضم وما شابه ذلك ..هذه المور ل تصح ف حق الُحرِم ،فإذن العتب
الطواف فإذا كانت يكن أن تتأخر هنالك عن الرفقة والمر يسي ف هذا الزمان تأت ف طائرة أو تأت ف ناقلة
مع مرمها أو زوجها فلتتأخر وإن كانت يكن أن ترجع بعد ذلك بدة قصية فل بأس بذلك بشيئة ال-تبارك
وتعال-أما إذا كانت ل يكنها ذلك فلتتأخر ف هذه السنة ولتذهب ف سنة أخرى بشيئة ال تبارك وتعال ،أما
بالنسبة إل عمرة التمتع فل إشكال ف ذلك إذا أتاها اليض فلتُدخل الج على العمرة وتكون قارنة كما
فعلت السيدة عائشة بأمر النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ..إذا ل تتمكن من الطواف قبل عرفة
فلتدخل الج على العمرة وتكون قارنة ولشيء ف ذلك بشيئة ال تبارك وتعال ،وهكذا بالنسبة إل طواف
الوداع فإنه ل يلزمها ..هذا أمر لبد من التنبه إليه وقد وقعت ف السنوات الاضية على حسب ما سعت ..
وكثي من السائل ف هذه القضية ولعلنا ننبه على ذلك ف مناسبة أخرى بشيئة ال تبارك وتعال ،ل ّن هنالك
ت فيها بعضُ النساء مِمّا يبطل الج أو العمرة أو يؤثر فيهما أو ما شابه ذلك ،وبيان
مِن الخالَفات الت وقع ْ
ذلك ف الناسبة الت أشرتُ إليها بشيئة ال تبارك وتعال؛ وال-تعال-ول التوفيق ،وهو أعلم بكل شيء.
س :هل يَصِح لِلمرأة أن تَتَعَاطَى مَوَانِعَ الَيْض لِتُكْمِل عُمْرَتَها نَظَرا لمْتِدَادِ
أيَامِ حَيْضها زمنًا تَرْجِع فيه القَافِلة إل الوَطَن قبل طُهْرِهَا ؟
ج :هنالك أمران:
-1الواز ..أي أَنه هل لِهذه الرأة أن تَستعمِل ذلك ؟
-2وإذا استعمَلتْ ذلك قبل نُزول الَيْض أو ف أثناءِ نُزوله وتَوَقّف اليْض عن النول:
فإنّ طائفة كبية مِن أهل العِلم تَقُول " :إنّ ذلك مِما ل مَانِع مِنْه ".
وفرّق بعضُ أهل العلم بَيْن الَالتي ..بيْن ما إذا نَزل اليْض أو كان ذلك قَبل نُزوله فأجازوا ذلك ف
الالة الثانية دون الالة الول.
ونَحن نقول :إذا انقطع اليْض ل مَانع مِن ذلك ،ولكن هنالك قَضية أُخْرى وهي أنّ كَثيا مِن النّساء
اللت يَسْتَعْمِلن هذهِ البوب بعد ذلك ل يَتَوَقف هذا اليْض ويَسْتَمر الدّم لـمُدّة طَوِيلة جِدا
وتَارة يَنْزِل وتَارَة يَكون المر بِخِلف ذلك ول تَنْضبِط لَها عادة فَل تَدْري هَلْ هِي طاهر
فَتُؤَدّي مناسِك الج والعُمرة وتُصلي وتَصوم وهكذا بالنسبة إل بَقَية الَحْكَام الـمُتَعَلقة بقضية
اليْض أو هِيَ لَيْسَت بِطاهر وليس لا أن تُؤَدّي هذه الشياء ..تَبْقَى ف مُشكلة كبية جدًا،
فالسّلمة أن تَتَرُك هذه المُور وأن تَنْظُر ف أَمْرها ،فإنّ كَثيا مِنَ النّسَاءِ لَهُنّ عَادَة ..تَعْرِف
مَتَى يَبْتَدِئ اليْض ومت يَنْتَهي اليض ،فإن كانت يُمْكُنَهَا أن تُؤَدّيَ تِلك الـمَناسك قبل
نُزول اليض فَلْتَذهب ولْتَأتِ بِتلْكَ الناسِك ،وإن كان ل يُمكنها ..تَعرف بِحسب عادَتا بِأنّ
346
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
اليض سيأتيها ف الوَقْت الفُلني ولَن تَتَمَكّن ف ذلك الوَقْت مِن تَأْدِية العُمْرة أو تَأْدية الج
لنّها لَنْ تَنْتَظِرَهَا تِلك الماعة الت هي ف رفَقَتهم فإنا تُؤمَرُ بِأن تَتَأخّر ف تلك السنَة،
وسيَجعل لَها ال-تبارك وتعال-فَرَجًا مِن أمرِهَا ف الـمُسْتَقْبل إن شاء ال تبارك وتعال ،ومِن
الـمَعلوم هي ل تتأخّر مِن أجل التَأخر وإنّمَا مِن أجل هذه الضّرورة؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :الرأةُ الـمُسْتحاضة ،كيف تُؤَدّي طواف الوداع ؟
ج :أما الائض فقد اختلف العُلماء ف طَوَاف الوداع:
مِنْهم مَن قَال :تُؤمَر بِأن تَتَأخّر إن أَمْكَنها ذلك وإل فَعَليها أن تَذْبح شَاةً لِفقراء الـحَرَمِ ..
والـمُرَادُ بِفقراء الرَمِ ف مِثْل هذه القَضَايَا هُم :مَنْ يُوجَدُونَ ف الرَمِ ف ذلك الوَقْت سَوَاء
كَانوا مِن أهل الرَمِ أو كانوا مِنَ الفَاقِيي الذين قَدِموا إل الرَمِ.
وذَهبَتْ طائفة مِن أهل العِلم إل أنه ل شَيْءَ عَلَيْهَا وتَخْرُج إل إذَا طَهُرَت قبل مُفَارَقَة بُيُوتِ
مكّة فإنّها تُؤمَر بِأَن تَغتَسِل وتَرجِع وتَطُوف بِالبَيْت ،أما إذا طَهُرَت بَعد ذَلك ولَوْ ف الَرَم
فإنّها ل تُؤْمَر بِالرّجوع ول شَيءَ علَيها.
وهذا القَوْل هُو القَول الصحيح ،لِدللة حديثِ رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-عَلَيْه.
ولَعل الذين قَالوا بِخلف ذلك ل يَطّلِعوا على الديثِ فيُلْتَمسُ لَهُم العُذْر ول يُؤْخَذُ بِقَوْلِهم،
إذ كلّ يُؤْخَذُ مِن قَوله ويُرَد إل الصطفى صلى ال عليه وعلى آله وسلم:
وإن يَقُولوا خَالف الثار حسبك أن تَتّبع الـمُختار
وال أعلم.
أما بِالنّسبَة إل الـمُستَحاضَة فإنّها تُؤْمَرُ بَعد حَيْضِها أَن تَغْتسِل وبعد ذلك ل تُؤمَر بِالغتسال
على الصَحِيح-لِعَدَم ثُبوت ذلك عن النب مِن وَجْهٍ يَصِلُ إل مرتبة الـحُجّية-وإنّمَا تُؤْمَر
بِغَسل مَوْضِع النجاسة وبِأن تَلْبَسَ شَيْئا يَمْنَع مِن خُرُوجِ تِلْك النّجَاسة إل شيءٍ مِن جسدها
أو إل الرْض ث تَتَوَضّأ وتَطُوفُ كما تُصلي؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :هذه الرأة الت ذهبت إل الج جاءها اليض بعد الزوال ف يوم عرفة ؟
ت وتَ َطهّرَتْ ..أي
ج :ل َيضُرّها ذلك ،لنا-على حسب كلم السائل-طافت طواف الفاضة بعدَ أن َطهُرَ ْ
ت مِن اليض وما دام المر كذلك فل علقة لِلحيض بِالوقوف بِعرفة فوقوفهابعد أن انتهى حيضها واغتسل ْ
صحيح بِمشيئة ال؛ وال أعلم.
س :الرأة الت يُفا ِجؤُها اليض ف الج ،ماذا تَفعل ؟
347
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :ل تُشترَط الطهارة ف الج ول ف العُمرة إل ف الطواف ،فإذا أتاها اليض فإنا ليس لَها أن تَطوف بِالبيت
بل لبد مِن أن تَنتظِر حت تَ ْطهُر مِن اليض وتَغتسِل وبعد ذلك تَطوف ،فإن جاءت-مثل-مُعتمِرة أوّل َ ..لبّتْ
بِالعُمرة ووَصََلتْ و َم َكثَتْ مدّة ث ل تَتمكّن مِن الطواف بِالبيت قبل التاسِع فإنا ُتؤْمَر بِأن تُ ْدخِل الج على
العُمرة فَتصِي قا ِرنَة بيْن الج والعُمرة بعد أن كانت مُعتمِرة فقط ،وتَطوف بعد ذلك ِلعُمرتِها ولِحجّها طوافًا
جزٍ ،كما وَقَعَ لِلسيدة عائشة-رضي ال تبارك وتعال عنها-فإنا كانت مُعتمِرة ..يعن كانتْ واحِدًا وذلك مُ ْ
ختْ الج َ ..حوّلَت سَت أوّل بِالج ث بعد ذلك َلّبتْ بِالعُمرة ..أي فَ َ
ت بِالعُمرة فقط ..قيل :إنا َلّب َْلبّ ْ
إحرامَها مِن الج إل عُمرة ،وقيل :إنا َلبّت مِن أول مرة بِالعُمرة ،وف ذلك كلم طويل ،ل داعي لِذِ ْكرِه الن
صَلتْ إل مكّة كانت تَُلبّي لِلعُمرة ولكنها ل تَتمكّن مِن الطواف فأَدْخََلتْ الج على ..الهم أنا عندما وَ َ
عُمرتِها فصارتْ قارِنة وعندما َطهُرَت وتَ َطهّرَت بعد اليوم التاسع طَافَت لِحجّها وعُمرتِها طوافًا واحدا ..
فإذن هذا هو الكم.
أما إذا كان ذلك بعد وذهبَ أصحابُها ..أوّلً يُقال :لبد مِن أن يَنتظِرها مَن هو مُرَافِقٌ لَها سواء كان زوْجا
أو َمحْرَما ،ولكن إذا كانت هنالك ضرورة مُلِحّة ف الرجوع ف َر َجعُوا ف ْلتَ ْرجِع وليس لا أن تَطوف قبل أن تَ ْطهُر
وتَتَ َطهّر ،ث بعد ذلك لبد مِن أن تَذهب إل مكّة حت تَقوم بِأداء هذا الطواف الذي هو ركن مِن أركان الج.
أما إذا كانت قد طافت طواف الج وبقي عليها طواف الوداع فإنا ُتعْذَ ُر عن طواف الوداعِ ،بَنصّ السنّة
الصحيحة الثابتة عن النب ،كما جاء ذلك ف مسند الربيع-1رحه ال-وجاء عند غيه من أئمة الديث
خصّص لِلحديث العام الدّال على أنه يُؤمر النسان بِأن يَطوف طوافَ الوداع ..هذا الديث وذلك الديث مُ َ
صصٌ له والاصّ يَقضي على العام َتقَدّم أو َتأَخّر عليه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم. مُخ ّ
ت طواف الفاضة مع طواف الوداع ..جعلتْهما واحدا ؟
ت وأجّلَ ْ
س :الرأة الت حاض ْ
ج :إذا حاضت الرأة أو كانت مريضة-مثل-وهكذا بالنسبة إل الرجل إذا كان مريضا أو كان كبيا ف السّن
ويَصعب عليه أن يَطوف مرتي-يطوف أوّل طواف الزيارة ث بعد ذلك يَطوف طواف الوداع-فإنه يُمكِن له
أن ُيؤَخّر طوافَ الزيارة إل الوقت الذي يُريد أن يَخرُج فيه مِن مكّة الكرّمة فيَطوف طوافًا واحدا ويَكفيه ذلك
ض الناس يَنوون بِذلك الطواف
لِلزيارة ولِلوداع ،ولكن لبد مِن أن َيْنتَبِ َه الناس إل قضية مهمّة هنا وهي أ ّن بع َ
طواف الوداع وإذا َن َووْا بِه طوافَ الوداع مِن غيْر أن يَستحضِروا بِأنه لِلزيارة فذلك ل يُجزِيهم ،فإذن إما أن
حضِرُوا الوداع ،لنّ الفريضة تَسُ ّد مَسَدّ السّنة أو ما شابه ذلك ستَ ْ
َينْوُوا بِه طوافَ الزيارة فهذا يُجزِيهم ولو ل يَ ْ
مِن المور الت ل تَصِل ف التأكيد إل درجةِ تلك الفريضة ،فذلك الطواف إذا نوى بِه النسان طوافَ الزيارة
فإنه يُجزِيه عن طواف الوداع ،وإما أن َيْنوُوا الطوافيْن معا وذلك يُجزِيهم ،أما إذا َن َووْا بِه طوافَ الوداع فذلك
ل يُجزِيهم ،وقلتُ " :يُجزِيهم " بناءً على قو ِل طائفة كبية مِن أهل العلم وهو الظاهر لنا ،وإلّ فقد ذهب
ض أهل العلم إل أنّ ذلك ل يُجزِي وعليه فلبد على قولم مِن أن يَطوفوا طوافيْن ..لبد مِن أن يَطوفوا بع ُ
طوافًا لِلزيارة وآخر لِلوداع ولسيما إذا َسعَوْا بعد طوافِ الزيارة على رأي هؤلء فإنم جعلوا ذلك فاصِل،
ولكنّ الذي يَظهر ل أنّ هذا ليس بِفاصِل ،لنن ل أَجِد روايةً صحيحة تَدُ ّل على أنّ السيدة عائشة-رضي ال
ت وطافتْ بعد تبارك وتعال عنها-عندما اعتمَرت مِ َن " التّنعيم " وطافتْ طوافَ العُمرة و َس َعتْ لا أنا ذهب ْ
ذلك لِلوداع ..ل أَجِد ما يَد ّل على ذلك ،والظاهر أنا اكت َفتْ بِذلك عن طوافِ الوداع ولو كان ذلك ل
يُجزي لَما أَقَرّها الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-على ذلك ،فأرى أنه ل مانع مِن الخذ بِذلك،
ف آي ًة مِن كتابِ ال ول سّنةً ب التيْسِي بِشرْط أ ّل نُخالِ َ
ح ّ ولسيما أ ّن فيه تيْسِيا على كثي مِن الناس ،ونَحن نُ ِ
عن رسولِ ال ،أما إذا َوجَدْنا دليلً صرِيا ل يَحتمِل احتمالً صالِحًا ِلصَرْفِه عن ذلك العن الصريح بل ل
يُمكِن أن ُيصْرَف الصرِيح عن دللته وإنا ُيصْرَف الظاهِر إذا َدلّ الدليل على صرفِه عن ذلك الظاهِر إل معن
ل يَصْ ِرفُ ذلك الدلي َل عن ظاهِره أو كان ذلك الدليلُ صرِيا فل يُمكِن أن نَقول إنّ آخر ،فإذا ل نَجِد دلي ً
النسان له أن يَأخذ بِالقول الفلن مع أنّ ذلك القولَ ُمصَاِدمٌ لِذلك الديثِ الصريح َ ..نعْذُ ُر مَن قال بِذلك،
لنه ل يَتعَمّد أن يُخالِف الديثَ الصريح ولكن لَعلّه ل يَطّلِع عليه أو ظَ ّن أنّ هنالِك صارِفا َيصْرِفُه عن دللته
ت وهو ثابِت ف حقيقة المر أو ما شابه ذلك. وليس المر كذلك أو ظَنّ أنه ل يَثب ْ
فكثي مِن الناس َيَت َغنّ ْونَ بِهذه العبارة " :الدّين يُسْر " وهي ح ّق ل شَك فيه ولكن هل يُمكن أن ُنفَرّطَ ف السنن
ط النسان بعد ذلك ف الواجبات الثابتة عن النب أو ما شابه ذلك بِهذه الدعوى ؟! إذا قيل بذلك ربا ُيفَرّ ُ
إل غي ذلك ،فهذا مِمّا ل يَقل بِه عالِم ..إنا قال العلماء " :الدّين يُسْر " ..والدّين كله يُسْر عَلِمَ ذلك مَن
عَلِمَه و َج ِهلَه مَن َجهِلَه بِسبب َجهْلِه ل بِسبب أنّ المر بِخلف ذلك ،فإذن هذه نقطةٌ لبد مِن أن ُيْنَتبَه لا.
كثي مِن الناس يَطلبون ِمنّا بِأن ُنرَخّص ف الرمي ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر قبل الزوال
ض العلماء قال بِأ ّن مَن رمى ف ذلك الوقت ض أهل العلم قد قال بِذلك ،ونَحن ل نُْنكِ ُر أنّ بع َ بِدعوى أ ّن بع َ
أنّ ذلك يُجزِيه ولكنهم مّتفِقون-ف حقيقة المر-مع غيهم بِأنّ السنّة الثابتة عن النب هي الرمي بعد
الزوال ،فهذا الذي َثَبتَ عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فقد روى البخاري وأبو داود والبيهقي مِن
طريق ابن عمر-رضي ال تبارك وتعال عنهما-أ ّن النب َرمَى بعد أن زالت الشمس ،وقد جاء هذا
الديثُ-أيضا-مِن طريق جابر بن عبد ال رضي ال تبارك وتعال عنهما ،رواه المام مسلم ،ورواه المام
349
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
البخاري ف صحيحه تعليقًا ،ورواه النسائي ف " الصغرى " و " الكبى " ،ورواه أبو داوود والترمذي
والدارمي وابن ماجة ،ورواه-أيضا-ابن خزية وابن الارود وابن حبان وابن أب شيبة ،ورواه أبو عوانة وأبو
ُنعَيْم ف " الستخرَج على صحيح مسلم " ،ورواه الطّوسي ف " متصَر الحكام " ،ورواه البيهقي ف " السنن
الكبى " وف " الصغرى " وف " العرِفة " وف " دلئل النبوة " ،ورواه الاكم ف " الستدرَك " ،ورواه ابن
حزم ف " َحجّة الوداع " ،وروته طائفة كبية مِن أهل العلم ،ولما شاهدان مِن طريق السيدة عائشة ومِن
طريق ابن عباس وقد َقوّاهُمَا بعضُ أهل العلم ومهما كان فإنما صالِحان لِلستشهاد وإذا قيل بِعكس ذلك
فإننا قد أغنانا ال-تبارك وتعال-عنهما بِالصحيح الثابت الّتفَق على ثبوته ،فهل بعد ذلك يُمكِن أن نُرَ ّخصَ ف
الرمي قبل ذلك مع وجود هذه النصوص الصحيحة الثابتة ؟! ث إنه ل يُمكِن أن يُقال " :إنّ ف ذلك تعسِيا "،
ذلك لننا-بِحمد ال-ل ُنلْزِم الناس بِأن يَرموا ف ذلك الوقت بل قلنا إنّ الوقت يَمت ّد مِن منتصَف النهار ..أي
بعد زوال الشمس مباشَرة إل غروب الشمس وهذا لِلمستطيع ،أما مَن ل يَستطِع ووَجَدَ حَرَجا أو مشقّة فإنه
يُمكِن أن يَ ْر ِميَ ف الليل بل يُمكِن أن يَر ِميَ ف اليوم الثان-أي ف اليوم الثان عشر-عن اليوم الادي عشر
والثان عشر ،أو ف اليوم الثالث عشر ،فأيْن هذا العُسْر الذي يَ ْزعُمُ ُه مَن يَ ْزعُمُ ُه مِن الناس ؟! فالديث قد َثبَتَ
عن النب-صلى ال تبارك وتعال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-مِن طريق عاصِم بن عدي عند المام مالك
والشافعي وأحد والنسائي وأب داوود والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن خزية وابن حبان وابن الارود
وأب يعلى والُ َميْدِي وأحد وغيهم مِن أئمة الديث ،وقد رواه المام الربيع-رحه ال تبارك وتعال-مِن
طريق أب عبيدة بَلغا عن النب 1أنه رَ ّخصَ لِلرعاة بِأن يَرموا اليوم العاشِر والغداة ث يَرموا يوما عن يومي
..أي يَجمَعوا رمي اليومي ف يوم واحد ،وهذا فيه دللة واضحة و ُحجّة نَيّرَة بِأنّ ذلك يكون أداءً ل قضاءً،
إذ ل يُمكِن لِلنب أن يَأمُر بِعبادة ُتؤَدّى بعد وقتها مِن غي ضرورة مُِلحّة مع أنه قد َأمَ َر بِذلك ،فهذا دليل
على أنه أداء ،ث إنه لو كان قضاءً-أيضا-فهذا الديث يَد ّل على أ ّن العبادة يُمكِن أن تُقضى بعد وقتها ،وذلك
يَد ّل عليه أيضا ( :ف َديْنُ ال أَحَ ّق بِالقضاء ) وما شابه ذلك مِن الدلة ،أما تقدي العبادة عن وقتها مِن غي دليل
فهذا مِمّا ل يُمكِن أن يَقول بِه أحدٌ بعد ثبوت هذه السنّة الصحيحة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله
وسلم ،ونن نَلتمِس العذر لولئك العلماء الذين قالوا بِخلف ذلك أما أن نأخذ بِقولم فهذا مِمّا ل يَنبغي ،ث
ليس هنالِك عُسْر بِحمد ال بل فيه يُسْر كبي جدا جدا ..كثي مِن أهل العلم قالوا " :إنّ النسان ليس له أن
يَرمي بعد غروب الشمس " ونن نقول :إنّ الدليل قد د ّل على أ ّن مَن ل يَستطِع له أن ُيؤَخّر ذلك حت إل
لِرعاة البل -1مسند المام الربيع بن حبيب ،باب ( )7ف عَرفة والزدلفة ومِن ،حديث رقم :426أبو عبيدة قال :رَخّص رسول ال
ف البيتوتة ،ويَرمون يوم النحر ،ث يَرمون بِالغداة ،ومِن بعد الغَد يَرمون يومي ث يَرمون يوم النفْر.
350
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
اليوم الثالث عشر ..أن ُيؤَخّرَ َرمْ َي اليوم الادي عشر حت إل الثالث عشر ،فهذه مسألةٌ يَنبغي أن ُيْنتَبَه إليها
وأن نَأخذ بِما َثبَتَ ف سنّة رسول ال .
ص لك عن رسول ال جبُن ما قاله العلّمة الحقّق سعيد بن خلفان رحه ال " :ومِن العَجب أن َأُن ّ ويُع ِ
وأنتَ تُعارِضن بِعلماء بيْضة السلم مِن غيْر دليل ول واضِح سبيل ..أليس هذا ف العيان نوعا مِن
الذيان ؟! ".
وقطب الئمة-رحه ال تبارك وتعال-قد شدّ َد أيّما تشديد فيمَن خالَف السنّة الصحيحة الثابتة عن النب صلى
ال عليه وعلى آله وسلم ،فقد قال كلما ما معناه إن ل يَكن هذا هو اللفظ الذي ذَكَرَه القطب رحه ال
تبارك وتعال ..قال " :اعلم أنه ل يَجوز لك السرار با ول تقليد كلم ' الديوان ' ف ذلك بعد قيام الجة
عليك بِما تقدم وبِما يأت إن شاء ال تبارك وتعال ،وإن كان لِلديوان حديث ف ذلك ل نَطّلِع عليه َلوَ َجبَ
علينا العمل بِما اطَّلعْنا عليه مِن الحاديث ،فكيف ول حديث لِلديوان ف ذلك وإنا هو مُجرّد استحسان ،فمَن
أكب عليه بعد اطّلعه على الحاديث والجج ِخ ْفتُ عليه أ ّل يَنجو ول تَناله الشهادة لنّ ف ذلك إصرارا
وعنادا " أو ما هذا معناه ,1فالقطب-رحه ال تبارك وتعال-قد شدّدَ فيمَن قلّد كلم صاحب " الديوان " ف
هذه القضية وقال إنه حت لو كان هنالِك حديث استدل به صاحب " الديوان " بِما أننا ل نطّلِع عليه فإنّ
الواجب علينا أن نَأخذ بِالسنّة الصحيحة ،وأنه ل يَجوز لحد أن يُعانِد ويُخالِف السنن بعدما َثَبتَتْ.
والشيخ السالي-رحه ال تبارك وتعال-قد شدّدَ ف مثل هذه القضايا أيّما تشديد ،فيقول رحه ال تبارك
وتعال:
ونن نَحكي بعدَه خِلفا الصطفى يَعتبِر الوصاف
فيه عن الختار نصّ ُأسْنِدَ ل نَقبَل اللفَ فيما وَ َردَ
وعندما وَ َجدَ رحه ال-تبارك وتعال-كثيا مِن الناس يَجعلون المام هو الذي يُقيم الصلة إذا كان الؤذّن غيْر
ثِقة شَدّد ف ذلك رحه ال-تبارك تعال-أيّما تشديد فقال " :ومثله " ..أي مثل الذان ..
لنا تابِعةٌ أحكامَه ومثله قد قِيل ف القامة
وثِ َق ًة يَشرُط فيها الَبعْضُ فقيل سنّة وقيل فرض
خفِي
أسرّها المام فيما يُ ْ فإن يَكن ليس بِهذا الوصف
إن أرى قائله قد هَذى ول دليل عندنا لِهذا
-1قطب الئمة الشيخ ممد بن يوسف أطفيش ،كتاب " القنوان الدانية ف مسألة الديوان العانية " ،ص " :14اعلم أنه ل يَجوز لك السرار
ت لك وبِما يأت إن شاء ال ،ولو كان لِلديوان ف ذلك حديث ل نَ ّطلِع با ول تقليد كلم ' الديوان ' ف هذا مع قيام الجة عليك بِما ذكر ُ
ب علينا العمل بِما ا ّطَلعْنا عليه مِن الحاديث ،فكيف ل حديث لِلديوان لذلك وإنا هو مُجرّد استحسان ل دليل عليه ،فمَن أكب
عليه َلوَجَ َ
عليه وترك الحاديث والجج بعدما وصلته ِخ ْفتُ عليه أن ل يَنجو ول تَناله الشهادة ل ّن ذلك منه إصرار وعناد ".
351
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1المام نور الدين السالي ،جوهر النظام ف علمي الديان والحكام ،كتاب :الصلة ،باب :الذان والقامة ،وهذا بقية كلمه رحه ال تبارك
وتعال:
صلّى عليه ربّهمشتهِر مضى عليه
لو كان سنّة كما قد زعملم َتفُتَن أسلفَنا والعلماءكيف تكون سنّة مالِفةلِما عليه العلماء السالفةوفِعله َ
صحبُهواللفاءُ الراشدون أجعإل انتهائهم عليه أجعوا
352
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1وكان ذلك-بمد ال تعال-عند الواب على السؤال 2من حلقة 24ذو القعدة 1424هـ ( 18/1/2004م ) ،وكان ذلك أيضا-
بمد ال تعال-عند الواب على السؤال 8من حلقة 6ذو القعدة 1425هـ ( 19/12/2004م ).
353
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
اختلفِ تلك العبادات ،فإذا وَجَدَت الرأةُ الطهارةَ ولَو َخرَجَ الدم فإنه يَجِب عليها الغسل ويَجِب عليها ما
يَجِب عليها مِن العبادات-كما قلتُ-ويَجوز لَها ما يَجوز مِن العبادات ..هذا الذي أَرَاه ف هذه السألة،
ولكن القضية ليستْ ف هذا المْر وإنا القضية ف أنّ هذه البوب وهكذا بِالنسبةِ إل البَر وما يَجرِي مراها
فيه قضية شائِكة أخرى يَجِب التنبّه لَها ،وهو أنّ كثيا مِن النسا ِء اللتِي يَستعمِلْن هذه البوب أو هذه البَر
ضهِن ولكن بِمجرّ ِد استخدامِ هذه الوانِع فإنّ العادة تَختلِف وتَضطرِب كُ ّن مِن قبل ضابِطات لِمسأل ِة أيامِ حي ِ
اضطرابا كثِيا جِدا ،فق ْد تَكون عا َدةُ الرأ ِة منحصِرَة ف ِسّتةِ أيام وقد تَكون ف سبعةِ أيام أو ثَمانية وهكذا على
ب اختلفِ النساء ولكن بِمج ّر ِد استخدامِها لِهذه البوب أو لِهذه البَر فإنّ هذه العادَة تض َطرِب ،فتارةً حس ِ
تستمِر خسة عشر يوما وتارةً تستمِر شهرا وتار ًة تستمِر أكثر مِن ذلك ،فل تَدرِي هل هذا الدم هو دم حيض
ت متعدّدَة ل أو هو استحاضة ومت يَكون حيضا ومت يَكون استحاضة ،ويَترتّب على ذلك إشكالت ف عبادا ٍ
تَدرِي هذه الرأة تَأتِي بِتلك العبادات أو ل تَأتِي بِها ،فالصلةُ وا ِجبَة على الرأة ف حالةِ الطهارة وهي مُح ّرمَة
ف حالةِ اليض ،والصيام وأعن بِالصيام صيام شهر رمضان ،وهكذا بِالنسبةِ إل الصيام الواجِب إذا كان صيام
كفارة وكانت مدّدة ف ذلك الوقت ،وهكذا بِالنسبةِ إل صيا ِم النذر ،فيَكون واجِبا ف حالةِ الطهارة وتكون
ف فإنّ الائِض ل يَجوز لَها أن تَطوف بِالبيْت، مَمنوعة مِن ذلك ف حال ِة اليض ،وهكذا بِالنسبةِ إل الطوا ِ
وليس لَها عندَ أكثرِ أهلِ العلم أن تَدخُل السجد ،وهكذا بِالنسبةِ إل قراءةِ القرآن ،وهكذا بِالنسبةِ إل معاشرةِ
الزوجِ لَها ،فهذه السألة يُمكِن أن يُقا َل بِالتشدِيد فيها مِن هذه الناحية ،وأنا قد جا َءْتنِي أسئلة كثِيَة جِدا ف
حَ ّج هذه السنة وف غيْرِها وف غيْ ِر هذا الوسِم البارَك ،وحت هذه اليام كثِ ٌي مِن النساء اللتِي اسَتعْمَلْن هذه
ت عليه ف السابِق ،وهذه مسألَة مشكِلَة يَنبغِي التنبّه ت العادَة لَم تَستقِر كما كان ْ
البوب ف أيامِ الج ل زال ْ
لَها ،فأنا ل أَنصَح بِاستخدامِ هذه البوب ول بِاستخدامِ هذه البَر ول بِاستخدا ِم شيءٍ مِن هذه الشياء الت
ج اليض ل لِلسببِ الذي َورَدَ ف السؤال وإنا لِهذا السببِ الذي ذَ َك ْرتُه ،ومِن العلوم أنّ عادةَ تَمنَع مِن خرو ِ
أغلبِ النساء تَكون ِستّة أيام أو سبعة وقد َتصِل إل العشرَة وقد تَتَجاوَز ذلك بِقلِيل على الصحيح الراجِح،
فبِإمكانِ هذه الرأة الت تُرِيد أن تَذهَبَ إل الج ..بِإمكانا أن َتتَأخّر ف مكة الكرّمة حت يَنتهِي وقت اليض
وتَغتسِل وتَأتِي بعدَ ذلك بِالطوافِ الواجِب إذا كان ذلك الطوافُ ركنا مِن أركان الج أو مِن أركان العمرة،
ف القدوم فإنّها معذورَة مِن ذلك ،وهكذا بِالنسبةِ إل طوافِ الوداع فإنّها معذورَة مِن وأما بِالنسبةِ إل طوا ِ
ذلك على الصحيحِ كما دَّلتْ على ذلك السنّة الصحيحة الثابِتة ،وإذا قدر بِأنا أح َر َمتْ مثل بِالعمرَة ث ل
َتتَمَكّن مِن التيا ِن بِها قب َل يومِ عرفة فإنا تردِف عليها الج فتَكون قا ِرنَة بعدَ أن كانتْ متَ َمّتعَة ،كما وَقَعَ ذلك
ت فبِإمكانِها أن تَرجِع إل بلدِها ث بعدَ ذلك لِلسيدة عائشة رضي ال-تبارك وتعال-عنها ،على أنا لو اضْ َطرّ ْ
تَذهَب إل تَأ ِدَيةِ الطواف والسعي الذي بَعدَه ،أما أن تَستخ ِد َم هذه البوب مِن أجْ ِل أن تَأتِي بِالطواف وهي ف
354
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ف ول تَدرِي هل تُصلّي أو ل تُصلّي وهكذا حال ِة طهارة ث بعدَ ذلك َيقَع الحظُور فل تَستطِيع أن تَأتِي بِالطوا ِ
بِالنسب ِة إل بقيةِ العبادات الت لَها عَلقة بِهذا المْر فإّننِي ل أَنصَح بِذلك بل أقول " :إنه ل ينبغِي ذلك ".
وأما بِالنسبةِ إل مَن وَقَعَ لَه ذلك ف الاضِي فإننا نَقول :إنّ كلّ امرأ ٍة يَنبغِي لَها أن تَسأ َل عن الالةِ الت وََق َعتْ
فيها ،وأن تَصِفَ له ِل العلم نوعَ الد ِم و َشكْلَه وكم استَمَر وما شابه ذلك مِن المور الت ستوجّه إليها السئلة
فيها حت يُمكِن أن نَحكُم أو يَحكُم غيْرُنا مِن أهلِ العلم على هذه الالة هل هي حيْض أو استحاضة؛ وال-
تبارك وتعال-ول التوفيق.
ما بعد الحج
س :إذا ذَهَبَ الرّجُل إل الج ث فَعَلَ العَاصِي عند عودته إل بَلده ،هل يَنْتَقِض حَجّه
بِمثل هذا الفِعل ؟
ج :حجّه صحيح إن كان ل يَأْتِ بِما يُنَافي ذَلك ف وَقْتِ حَجّه ،وأما فِعْلُه لِلمَعَاصِي بعد ذلك
فَعَلَيْه أن يَتوب إل ال-تبارك وتعال-مِن ذلك ..على النسان ألاّ يَفْعَلَ شَيئا مِن مَعاصي ال-تبارك
وتعال-وإذَا أغْوَاه الشيطان-والعياذ بال تبارك وتعال-وفَعَل شَيْئًا مِنْ مَعَاصِي ال-تبارك وتعال-فإنه
يُؤمَرُ بِالتوبة إل ال-تبارك وتعال-تَوْبَةً نَصُوحًا ،وإذا تاب وأناب إل ال-تبارك وتعال-فإنّ ال-
تبارك وتعال-قد بَيّن-كَمَا قَد ثَبت ف الديث-بِأنّ مَن أتى شَيْئا مِن العاصي ث تَاب إل ال
وَرَجَعَ إلَيْه أنّهُ يُجَدّد له ذلك العمل-ذكرتُ معن الديث ل النص-فهذا الرّجُل فِعْلُه لِتَلْك
العاصي ل يُؤَثّر على حَجّه السابق ولكن مع ذلك يُؤْمَر بِالتوبة-كما قلتُ-وعَلَيْه أن يَتَخَلّصَ مِن
كُل مَا وَقَعَ فِيه إن كانت هنالك شيء مِن حُقوق العِباد ..إذا اغتَصَبَ-مثلً-امرأةً-والعياذ ال
تبارك تعال-وزنى بِها أو زَنى بِصَبِية أو أتى امرَأَة وَهِي نَائِمَة أو عبدة أو مَجْنُونَة أو مَا شابه
ذَلِك ،وهَكَذَا إذَا كان قَدْ أَخَذ شَيْئًا مِن أمْوَالِ الناس مِن غَيْرِ رِضَاهُم
عَلَيْهِ أن يَتَخَلّصَ ..والاصِل أَنّه لبُد مِن أن يَتَخَلّصَ مِن حُقوق العِباد ،وكذلك إذا كان
قَدْ فَرّط ف شَيْءٍ مِن صلة أو صِيَام أو ما شابه ذلك-وأَعْنِي بِالصلة والصيام الصلةَ الواجبة
والصيامَ الواجب-فلبد مِنَ التّوْبَة إل ال ومِن قَضَاءِ ذَلك ،وإذا كان قَدْ وَطِئ زَوْجَتَهُ أو زَنَى
ف نَهَارِ رمضان-والعياذ بال تبارك وتعال-فلبُد مِن الكفارة ..والاصل أنّ مَا فَعَلَهُ مِن العَاصِي ل
يُؤَثّر على حَجّه السَابق ولكنه يُؤمَر بِالتوْبة إل ال والتَخَلّص مِن كُل ما وَقَعَ فِيه إذا كَانَ
هُنَالِكَ شيءٌ يَجِبُ التخَلّصُ مِنْهُ؛ وال أعلم.
355
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :لديه قناعة أ ّن فريضة الج تَطْبَع على صاحبها ألوانا مِن الـمُثُل والخلق والقِيَم والستقامة
لكن البعض عندما يَعود مِن هناك يَتغافَل أو يَنسى مع مرور اليام فيَرتكِب شيئا مِن العاصي ..يَطلب
نصيحة بسيطة.
ج :نَأمُر ك ّل إنسان بِأن َيتّقي ال-تبارك وتعال-وأن يُحاسِب نفسَه قبل أن يُحاسِبها ال سواءً كان قد أدّى
ت بِها مِن قبل َفَنْنصَحُه بِأن يُبادِر إل ذلك وألّ فريضة الج مِن قبل أو ل َيقُم بِتأدِيتها ولكن إذا كان ل َيأْ ِ
شيْ ٍء مِنسوّفَ مَخافَة أن ُيفَاجِئه الوت مِن قبلِ أن يَأتِ َي بِهذه الفريضة ،و-كذلك-ليس لِلنسان أن َيأِْتيَ بِ َ يُ َ
معاصي ال-تبارك وتعال-بِدعوى أنه سيَتوب بعد مدّة مِن الزمن ..أوّل معاصي ال-تبارك وتعال-ليس
لِلنسان أن َي ْفعَلَها سواءً أراد أن يَتوب أو ل يُرِد وإنْ كان إذا أراد التوبة هو أسهل مِن غيه ولكن العصية
معصية وإنا الكلم ف قضية الصرار وعَدمه ،وإل فالعصية معصية ليس لِلنسان أن َيقْ َربَها أبدًا وليس له أن
يَحوم حول حِماها ..كذلك النسان ل يَملِك مِن أمرِه شيئا ..قد َي ْأتِيه الـمَوت الن وهو ل َيتُب إل ال-
تبارك وتعال-وتَكون العاقبة وَخِيمَة والعياذ بال ،فعلى َهؤُلء أن يَّتقُوا ال-تبارك وتعال-وأن َيتُوبُوا إليه
قبل َفوَات الوان.
أما بِالنسبة إل ُسؤَاله :هل يَكون حَجّهم فاسدًا ويَجِب عليْهم أن يَأتوا بِحَجّة أخرى ؟ فالواب :ل إل إذا
َخرَجوا عن السلم ،فإذا خَرَجُوا عن السلم يَجب عليهم أن يَحُجّوا َحجّا جديدًا على قول طائفة كبية مِن
أهل العلم ،لنّ ذلك السلم لبد له مِن الج لنّ الج رُكْ ٌن مِن أركان السلم وهذا إسلمٌ جديد فهو وإن
ط مِن شروط السلم وهو ل َيأْتِ بِالج ف إسلمه كانت تَر ِج ُع إليه تلك العمال الصالة ولكن الج شرْ ٌ
ف طويل بِإمكانِه أن يَرجِع ف ذلك إل " شرح الامع الصحيح " 1أو إل غيه مِن هذا ،والسأل ُة فيها خِل ٌ
كتب أهل العلم ،فإنّ الوقت الن ل يَكفي لِبيان ذلك.
جتِه تلك إذا كانت تلك وأما حديثُ ( :مَن حَجّ فلم يَرْفث ول َيفْسق رَ َج َع كيوم ول َدتْه أمّه ) أي رجع مِن حَ ّ
الجّة صحيح ًة ثابتة ..أي على وِفْقِ ما ش َر َعهَا ال-تبارك وتعال-فذلك الديثُ صحيح ثَابت عن النب :
( مَن حجّ فلم َيرُْفثْ ول َيفْسُقْ َرجَ َع مِن ذنوبه كيوْم ول َدتْه أمّهُ ) وأيضا ( :العُمرة إل العُمرة كفّارةٌ ِلمَا بيْنهما
والج الـ َمبْرُور ليس له جَزاءٌ إل النّة ) ،إل غي ذلك مِن الحاديث الصحيحة الدالّة على هذا المر ،ولكن
ليس ف ذلك أ ّن مَن حَجّ وعَمل شيْئا بعد ذلك مِن معاصي ال أنه يَجب عليه أن يُعيد الج؛ وال-تعال-
أعلم.
س :ما معن حديث ( :الج البور ليس له جزاء إل النة ) ؟
-1شرح " الامع الصحيح ،مسند المام الربيع بن حبيب " للمام نور الدين السالي ،ج ،1ص .103
356
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :على كل حال؛ لهل العلم ف ذلك خلف طويل ..أي اختلف العلماء ف معناه ،ونَرجوا أنّ مَن كانت
شْبهَا َشوْبُ ِريَاء أو سُ ْمعَة وأتَى با على وِفْ ِق ما شَرعه ال-تبارك وتعال-
َحجّته خالصة ل-تبارك وتعال-ل يَ ُ
أن تكون هذه الجّة مِن الجّ الـمَبور الذي َيصْدُق على صَاحبه ما جاء ف الديث الصحيح الثابت ولكن
صةً ل-تبارك وتعال-وأن يَكون النسان تَائِبا راجعا إليه ؛ وال أعلم. لبد-كما قلتُ-أن تَكون خَال َ
357
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
1
حرِم ؟
س :السافر للعمرة عَن طريق الطائرة ،مِن أين يُ ْ
- 1وفي سؤال مشابه :س :مَن أراد الذهاب إلى العمرة بِالطائرة ،مِن أين يُحرِم ؟
ج :يُحرِم عندَما ُيحَاذِي الميقات ..يَستعِد مِن قبل ..إما أن يَلبَس ثيابَه في بيتِه أو في المطار أو أن يَقوم بِلبْسها عندَما
ن الطائرة تَمر مسرِعة على الميقات يَكون قرِيبا مِن الـمَطار ثم عندَما يُحاذِي الميقات ويَنبغِي لَه أن يَت َقدّم ذلك بِقليل ،ل ّ
ن بِالتلبية مِن أعلى الميقات ويَتجَاوَز ذلك ،فيستعِد مِن قبل ثم بعد ذلك عندما يكون قريبا مِن فَقَد ل يَتمكّن مِن التيا ِ
الميقات ينوي بقلبه العمرة ويسمي-أيضا-ذلك في تلبيته ..يقول " :لبيك عمرة " ويلبي التلبية المعروفة ،وليس لَه أن
يُؤخّر ذلك إلى مطار " جدة " مثل ،كما أنه ليس لَه أن يَرجِع بعدَ ذلك إلى الميقات ..لبد مِن أن ُيحْرِم مِن قبل ،وليس لَه
أن يَتأخّر إلى أن َيصِلَ إلى الميقات ..نعم لَو أنّ جاهل َوقَعَ َو َوصَلَ إلى الميقات وهو لَم يُحرِم فإنّ عليه أن يَتوب إلى
ربه وأن يَرجِع إلى الميقات الذي َمرّ عليه ويُحرِم مِن هناك ،أما مَن كان يَعرِف الحكم فليس لَه أن يَتجا َوزَ ذلك أبدا.
س ثِيابه
ض الناس يَقول " :في ذلك َمشَقّة " أو ما شابه ذلك ،ول َمشَقّة في ذلك والحمد ل ..بِإمكانِه-كما قلتُ-أن يَ ْلبَ َ وبع ُ
س في دَ ْورَة المياه في الطّا ِئرَة أو حتى مِن مكانه بِشرطِ ألّ َيرَاه عندَما يَخلَعُ إِزارَه مِن بيتِه أو مِن المطار أو ُي ْمكِن أن يَلب َ
..أو بِعبار ٍة أخرى ل يَرَى عورتَه أح ٌد مِن الناس ويُحرِم ول مشقّة في ذلك ،أما بِالنسب ِة إلى الصلة فل بأس عليه إن
ن العلماء قد اختلَفوا هل هنالِك صل ٌة مشروعَة لِلحرام: َترَكَ الصلة ولَم ُيصَلّ لِلحرام على أ ّ
ت صلة فريضة فل ُيحْرِم بعدَ الصلة. حضَرَ ْ ت هنالِك صلةٌ لِلحرام ..مَن أرادَ أن يُحرِم فإن َ ذهب بعضُهم إلى أنّه ليس ْ
ت ذلك مِن طرِيقِ ابن عمر رضي ال-تعالى-عنهما. والصوابُ أن يُحرِ َم بعدَ أن يَستوِي على راحلتِه ،كما ثب َ
ث ل َيصِح ،فالعمدَ ُة ما جاء مِن طرِيقِ ابن عمر. ن النبي أَحرَ َم بعدَ الصلة فهو حدي ٌ أما الحديثُ الوارِد أ ّ
ل المسجد فليُصل ركعتيْن أو إذا أَرادَ أن يُصلي صل َة الضحى إن كان الوقتُ وقت صلة الضحى أو أَرادَ وكذلك إن َدخَ َ
ت هنالك صلة خاصّة بِالحرامِ أن يُصلي بعدَ الوضوء أو ما شابه ذلك ،أما أن تَكون هنالِك صل ٌة خاصّة بِالحرام فليس ْ
على الرأيِ الصحيح.
ل بِمشروعيةِ الصلةِ لِلحرام. وذهب بعضُهم إلى القو ِ
ت " ذِي الحليفة " وفرّق بعضُهم بيْن ميقاتِ " ذي الحليفة " وبيْن غيرِه فقال بِمشروعيةِ الصلةِ ِلمَن أَح َرمَ مِن ميقا ِ
بِخلف مَن أَح َرمَ مِن غيرِ ذلك.
ن الطائرة؛ وال-تبارك وتعالى- ول دليلَ على التفريق بل ول دليلَ على القول ِبسُنية صلة خاصّة لِلحرام ،ف ْليُحرِم مِ َ
أعلم.
358
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :على كل حال؛ النسان ينبغي لَه َأنْ يتعَلّمَ أمور دينه فإذا أراد أن يذهب إل أداء الج أو إل أداء العمرة-
مثل-فلبُ ّد مِن أن يَتعَلم السائل الهمة الت تتعلق بالج أو بالعمرة أو بِهما معا حت يأت بتلك العبادة الت
وَ َجبَت عليه أو الت تُسَنّ ف حقه ..يأت بِها على الوجه الصحيح الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله
وصحبه وسلم.
ت مواقيت للحج والعمرة ،ول يَجوز ِلمَن أراد مِن العلوم أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وَّق َ
حرِم ،أمّاأن يذهب إل مكة الكرمة لداء الج أو العمرة أو لدائهما معا أن يتجاوز تلك الواضع إل وهو مُ ْ
إذا كان ل يريد حجا ول عمرة فل يَجب عليه الحرام على القول الصحيح الراجح ،وإن كان النسان ل
ينبغي لَه أن يذهب إل تلك البقاع إل ويأت بعمرة لكن إذا كانت هنالك ظروف أو يَجد مشقة أو ما شابه
ذلك فإنّ المر فيه سعَة بِحمد ال تبارك وتعال ،فإذا كان يريد الج أو العمرة ليس له أن يتجاوز الواقيت إل
س الظهية:حرِم ..هذا ثابت بنصّ السنّة الصحيحة الثابتة عن النب ثبوتا أوضح مِن شَ ْم ِ وهو مُ ْ
ك البَر فالمر واضح إذا َمرّ على تلك الواقيت:
سلُ ُ
فإذا كان يَ ْ
إذا مَرّ على ذي الليفة-مثل-إذا جاء مِن طريق " الدينة " ..وينبغي أن نسمي هذا الوضع بـ " ذي الَُليْفَة
" كما سَمّاه النب وهو يُسَمّى بذلك-أيضا-حت قبل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وقد شاع عند
الناس أنّه يسمى الن بأبيار علي ويروي بعض الناس أ ّن عليا قد قاتل الن بذلك الوضع فلذلك سُمّي بذلك،
ختَرَع مَصنوع ل يثبت أبدا ،فل ينبغي َلنَا أن نُسَمّي ذلك الوضع بِهذه الرواية الوضوعة وهذا كلم موضوع مُ ْ
الخترعة الصنوعة بل ينبغي َلنَا أن نُحَارب مثل هذه التسميات ،لنّها مكذوبة ..نعم إذا اضطُر النسان
اضطرارا إل ذِ ْكرِ ذلك كأن يسأله سائل " :مِن أين أُ ْحرِم ؟ " فإذا قال له " :مِن ' ذي الليفة ' " ل يعرف
ذلك لكن إذا قال له " :مِن ' أبيار علي ' " عَ َرفَ ذلك فللضرورة أحكامها الاصة وينبغي له أن يُعلّمه
ن إلى مكة المكرمة وهم ُمحِلّون ثم بعدَ ذلك يَذهَبون إلى " التنعيم " لِلحرام ،وفي ن كثيرا مِن الناس-ولِلسف-يَأتُو َ على أ ّ
ل إلى مكة المكرمة ولَم يُحرِم عليه أن يَتوب هذا مُخالَفة صا ِرخَة لِسنّة النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فمَن َوصَ َ
ت أ ْبعَد مِن ذلك الميقات على رأي ط مِن أمرِه وأن يَرجِع إلى الميقات الذي جاء منه-أو ميقا ٍ إلى ربه وأن يَندَم على ما َفرّ َ
بعضهم-فإذا جاء مِن " ذي الحليفة " لبد مِنْ أن يَرجِع إلى " ذي الحليفة " وإذا جاء مِن ميقات " نَجد " وهو المعروف
بِالسيل فليَرجِع إليه وهكذا بِالنسبة إلى بَ ِقيّة المواقيت.
ل يَذهَب وهو ل يَدرِي عن العمرة شيئا ..ل يَدرِي كيف يَطوف وكيف يَسعَى ومِن فيَنبغِي لِلنسان أن يَتعلّم أُمورَ دِينِه وأ ّ
سكِ الحج،
ن يُحرِم أو ما شابه ذلك ،وإن كان لَم يَذهَب مِن قبل البتّة فيَنبغِي لَه أن يَذهَب مع شخصٍ لَه معرِفة بِمنا ِ َأيْ َ
ومعرِفةُ هذه المناسِك متيَسّرة والحمد ل ،وهنالك كتب ومطْ ِويَات وأشرطة يُمكِن لِلنسان أن يَستعِين بِها على معرِفةِ
ل العلم.
جدْه فيها أو ما لَم يَف َهمْه فعليه أن يَسأَلَ أه َسكِه ،وما لَم َي ِمنا ِ
والحاصِل أنه ليس لحدٍ أن يَتجا َوزَ الميقات إذا كان ُيرِي ُد حجّا أو عمرة ولو أَرادَ أن يَبقَى-مثل-مدّة في " جدة " أو في
ض المآرِب فإنغيرِها مِن المناطِق اللهم إل إذا كان مُتردّدا في الرادة ..مثل يَقول " :سأذهَب إلى ' جدة ' لِقضا ِء بع ِ
ت وقتا فسأذهَب إلى ' مكة ' وإن لَم َأجِد وقتا فلَن أَذهَب " ففي هذه الحالة يَذهَب إلى " جدة " َتمَكنتُ بع َد ذلك ووجد ُ
ويَقضِي مآ ِربَه وحوا ِئجَه وبع َد ذلك إذا أَرادَ أن يَذهَب إلى " مكة " لِتأ ِديَةِ عمرة-مثل-فليُحرِم مِن ذلك المكان الذي بَقِي
فيه وهو " جدة " على المثال الذي ذكرناه؛ وال-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.
359
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
بِالتسمية الصحيحة ،فإذا كان مِن أهل " الدينة " أو مَ ّر بالدينة-أي إذا جاء مِن جهة أخرى و َم ّر بالدينة-فإنه
حرِم إذا كَانَ يريد الج أو العمرة أو يُحْرِم مِنْ " ذي الليفة " ،وليس له أن يتجاوز ذلك الكان إل وهو مُ ْ
كان يريد أن يأت بالج والعمرة معا.
وإذا كان مِن أهل " الشام " وتلك الهات الت يأت أهلها-أيضا-مِن جهة " الشام " فإنّهم يُحرمون مِن "
ح ِرمُون مِن " رَابغ " لنّ "
حفَة " وهي اليقات الصلي لكن كان لِمدّة طويلة مِن الزمن ..كان الناس يُ ْ الُ ْ
ض الكتابات وف ذلك الوضع مسجد الحفة " كانت خَرَابا ولكنها عُمّرَت الن على حَسْب ما رأيتُ ف بع ِ
فينبغي الرجوع إل الصل ،لنّه هو الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ..نعم إذا جاء
أهل " الشام " ومَنْ كان على جهتهم إل " الدينة " فإنّهم يُحرِمون مِن " ذي الليفة ".
كذلك الذين يأتون مِن جهة " العراق " الصل يُحرمون مِن " ذات عرق " ولكنه الن ل يَمُر على ذلك
الوضع طريق أبدا فل يُمكن الرور بالسيارات على ذلك الوضع وإنّما يَمُرّ أهل " العراق " ومَن يأت مِن
ناحيتهم ..إمّا أنّهم يَمُرّون على " الدينة " فيُحرمون مِن " ذي الليفة " أو أّنهُم يَمرون على " الرياض "
ح ِرمُون مِن " قَرْن " ..فإذا أتوا مِن تلك الهة أحرموا مِن " السيل ". ونواحيها فل يأتون على " السيل " ويُ ْ
ح ِرمُون مِن " السيل " ..مِن " قرن كذلك بالنسبة إل أهل " نَجد " وإل أهل " نَجد اليمن" أيضا فإنّهم يُ ْ
النازل ".
وَأمّا بالنسبة إل أهل " اليمن " فإنّهم يُحرمون من " يََلمْلَم ".
ومَنْ لَم يأت على تلك الواضع-الن الناس تقريبا يأتون على تلك الواضع-ينظرون إل أقرب ميقات
ويُحْ ِرمُون مِن ُمحَاذَاته ..إذا كانوا أقرب إل " ذي الليفة " فإنّهم ُيحْ ِرمُون مِن ُمحَاذَاة ذلك وإذا كانوا أقرب
مِن " ذات عرق " فإنّهم يُحرمون مِن مُحاذاة " ذات عرق " وهكذا بالنسبة إل بقية الواقيت.
حرِم مِن جهة اليقات الذي يَمر مُحاذيا له. وهكذا بالنسبة إل مَن جاء ف باخرة ف البحر فإنه يُ ْ
وأما الذين يأتون على الطائرات فل شك أ ّن الغَالبية العظمى يَمُرّون عَلَى الواقيت ..يَ ُمرّون أَعلها فإذن
يُحْرِمُون مِنَ الوضع الذي يَمرون أعلى منه مِن اليقات ،وإذا كانوا ل يَمرون مِن أعلى اليقات مباشَرة فإنّهم
يُحرمون مِن مُحاذاة ذلك لكن مِنَ العروف أنّ الطائرة تسي بسرعة كبية جدا فإذا أخذ النسان يستَعِد مِن
أعلى اليقات فإنه سيتجاوز ذلك وذلك مِمّا ل يَجوز ،فإذن لبد مِن أن يستعِد قبلَ ذلك ..إذا كان يريد أن
يتوضّأ أو ما شابه ذلك فليستعد قبل ويلبس ملبسه فعندما يكون ُقَبيْلَ ذلك الوضع ينوي الحرام-وأريد بالنية
هاهنا النية القلبية-ويقول " :لبيك عمرة " ثُم يأت بِالتلبية ..ل يتجاوز اليقات إل وقد َلبّى ..هذا لبد منه،
لنّ النسان لبد مِن أن يأت مِن أعلى اليقات أو يأت-أيضا-ف جهة أخرى مُحاذية لذلك ..نعم إذا جاء مِن
الهة الغربية ..مِنْ غرب جدّة مباشَرة فإنّه ف هذه الالة ل يَمر على ميقات بناء على رأي كثرة كاثرة مِنْ
360
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أهل العلم بِأنّ الواقيت ل تُحِيط بِالرم تَماما ..أي أنّ ذلك الوضع ل يكون مُحَاذِيا لشيء مِن الواقيت وهذا
هو الظاهر ل إل الن ،ف ِم ْن تلك الهة ..الذين يَأتون ف البواخر مِن تلك الهة أو الذين يأتون ف الطائرات
ضيّقة جدا جدا مِن تلك الهة ل يَمرون بِميقات َفبِإِمكان هؤلء أن يؤَخّروا إل " جدّة " ولكن هي مَنْ ِطقَة َ
فا َلوْلَى لَهم أن يُحْ ِرمُوا عندما يُحَاذُون اليقات الذي يكون أَقْرَب إليهم ،وهم إما أن يُحاذوا " السيل " وإما
أن يُحاذوا ذا الليفة أو 1الحفة ،لكن لَو أتوا مِن تلك الهة وهي جهة صغية جدا جدا فبالمكان ،لكن معنا
ف الهة الشرقية وهكذا بالنسبة إل أهل الهة الشمالية والنوبية وبعض الجزاء مِن الهة الغربية لبُد مِن أن
يُحَاذوا ميقاتا مِن الواقيت فلبد مِن الحرام مِن ذلك الكان ول يَجوز لَهم أن ُيؤَخّرُوا ذلك.
ي بِخلف ذلك وهو أنّه " :بِإ ْمكَان الناس أن ُيؤَخّروا ذلك إل الوصول إل وقد انتشَر عن َد بعض الناس رأ ٌ
الطَار وذلك لنّ الذي يَمُر مِن أعلى اليقات ل يكون مَارا على ميقات ول مُحاذيا له " ،وهذا القول مِن
البطلن بِمكان ،وتقريره يَحتاج إل إطالة ،وربّما يكون ذلك ف وقت آخر بشيئة ال تبارك وتعال.
فال ّق القيق بِالقبول أنه ليس لحد أن ُيؤَخّر ذلك فعليه أن يستعِد مِن قبل ويسأل أهل الطائرة ويُحْرِم مِن
خبِر فليحْرِم مِن قبل نصف ساعة تقريبا، ذلك الوضع َ ..يتَقَدّم قليل مَخَافَة أن يتجاوز اليقات وإن لَم يُخْبه مُ ْ
فل بأس مِن الحرام قبل اليقات لجل الضرورةَ ،أمّا ف حالة عدم الضرورة فل ينبغي لحد أن يَتقَدّم على
ذلك ،ل ّن النب لَم يُحْرِم قبل اليقات وأمر بالحرام مِ ْن تلك الواقيت ولنا فيه-صلوات ال وسلمه عليه-
السوة السنة؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :مَن سافر لِمُهمة عمل إل مكة أو إل جدة ثُم أراد أن يعتمر ،مِن أين يُحرم ؟
ج :ل يَخلو من أحد أمرين:
إما َأ ْن يُريد أن يعتمر ..عندما خرج من بلده كان قَاصِدا لن يعتمر وهذا لبد من أن يُحرم مِن عند اليقات
..لبد من أن يُحرم من اليقات.
وإما أن يريد أن يذهب إل ذلك الؤتَمَر أو إل ذلك العمل ولكن إذا بقي هنالك وقت ..إذا بقي ُمتّسَع مِن
الوقت وحصلت له فرصة فإنّه سيذهب لتأدية العمرة وإن لَم يبق شيء من الوقت فإنه سيجع إل بلده ،فهذا
حرِم مِن ذلك الوضع إذا لَم يعزم على العمرة فيذهب ويقضي مآربه وبعد ذلك إن أراد أن يُحرِم بالعمرة فإنّه يُ ْ
كان من الِل أما إذا كان ف الرم فلبد من أن يَخرج مِن الرم ..إذا كان يريد أن يُحرم بعمرة لبد من أن
يَخرج من الرم إل الل ويُحرم من الل ،أما إذا كان-مثل-يذهب إل جدة أو إل أي مكان آخر داخل
الواقيت وخارج من الرم فإنّه يقضي مآربه وبعد ذلك إنْ أراد أن يعتمر فليحرم من ذلك الوضع الذي هو
-1الظاهر أنّ الشيخ سحب مِن كلمه " :ذا الليفة أو ".
361
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فيه ،وهكذا بالنسبة إل الذين يعيشون ف تلك الواطن أي الذين يعيشون بَيْ َن اليقات وبي الرم فإنّهم
يُحرِمون من ذلك الكان.
حرِم ؟
س :بالنسبة للمرأة الائض إذا سافرت للعمرة ،مِن َأْينَ تُ ْ
ج :إذا كانت هذه الرأة تُرِيد العمرة ولكن َأتَاهَا اليض َقبْلَ أن َتصِل إل اليقات وهي لزالت مُرِي َدةً للعمرة
فلبد مِن أن تُحرم مِن ذلك الوضع لتغتسل كما أمر النب أسْمَاء بأن تغتسل وهي نُفساء والائض ف
ُحكْ ِم النفساء وَتصِل إل مكة الكرمة وَتْنتَظِر حت ت ْطهُ َر وَتتَ َطهّر فإذا َطهُرَت وت َطهّرَت فإنّها تأت بعد ذلك
بِمَناسك العمرة ..تطوف وتسعى وُتقَصّر ،أما إذا كان عندما َأتَاهَا اليض َنوَت أن تُ ْلغِي العمرة ف تلك
السّفْرَة بسبب ارتباط تلك الَمْلَة الت هي فيها ..مثل كان ذلك الـ َمحْرَم أو الزوج الذي يُرافقها ل يُمكنه
حرِم بِها مِن َقبْلأن ينتظرها حت تطهر وتغتسل وُتكْمِل َبقِيّة مناسك العمرة فهاهنا تُ ْلغِي تلك العمرة ،هي لَم تُ ْ
حرِم على حَسب السؤال ..لتترك ِنيّة العمرة ..لو كانت أحرمت بِها من قبل فالمر يَختلف لكنها لَم تُ ْ
ولتذهب مع أصحابِها وبعد ذلك تَ ْرجِع وتعتمر مرة أخرى بِمشيئة ال تبارك وتعال ،لكن-مثل-لو َطهُرَت
حرِم مِن هناك وتؤدي مناسك واغتسلت قبل َأنْ ترجع إل بلدها فإنّها ف هذه الالة تذهب إل الّتْنعِيم وتُ ْ
العمرة ،قد تكون عادة الرأة-مثل-ستة أيام وَيعْرِفُ ذلك الـ َمحْرَم أو ذلك الزوج الرافق لتلك الرأة أنّه لَن
يتمكن لن يبقى ِل َهذِه الدة َف ُه َو يريد أن يَخرج مِن مكة الكرمة بعد ثلثة أيام-مثلَ-فهَذه الرأة تذهب هكذا
إل مكة الكرمة من غي إحرام لكن لو قَدّ ْرنَا أنّها طهُرَت بعد ثَلثَة أيام أو َطهُرَت بعد يومي بناء على أنّ
شتَرَط أن تَمكُث الرأة لِمُدة ثلثة أيام َفصَاعِدا كما هو الصحيح الراجح ..وهذا وإن كان ُمخَالِفا اليض ل يُ ْ
للمشهورَ -طبْعا-ف قضية مُدّة اليض لكنّه هو الذي أَرَاه وهو مذهب طائفة كبية مِ ْن أهل العلم ..إذا
َطهُرَت بعد ثلثة أيام-مثل-فتغتسل وتذهب وتُحرم من التنعيم ول تؤمر هاهنا بأن ترجع إل اليقات لنا
عندما تاوزت اليقات ما كانت تنوي العمرة ،وكذلك-مثل-لو أراد بعد ذلك ذلك الزوج أو ذلك الحرم أن
يتأخر قال " :ل بأس أبقى لِمدة ستة أيام أو أكثر " مثل فلتصنع ما ذكرناه ،أما ما تفعله بعض النساء بأنّها
تتجاوز اليقات من غي إحرام وهي تنوي العمرة وتصل إل مكة الكرمة وتبقى هناك حت تطهر وتغتسل ثُم
بعد ذلك تذهب إل التنعيم فهذا مِما ل يصح أبدا ،ف هذه الالة عليها أن تتوب إل ال وأن تندم على ما
فرّطت من أمرها وأن ترجع إل ذلك اليقات:
بعض العلماء يقول لبد مِن أن ترجع إل ذلك اليقات الذي َمرّت عليه ولَم تُحرم منه وهي تريد الج أو
العمرة.
وبعض العلماء يقول ل يلزم أن ترجع إل ذلك اليقات بل ترجع إل أي ميقات من الواقيت.
362
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
والواقيت هي المس السابقة وليس الّتْنعِيم من تلك الواقيت كما يظنه بعض الناس ..إذا كانت َمرّت على
ذي الليفة-مثل-على الرأي الول لبد من أن ترجع إل ذي الليفة ول يَجوز لَها أن تذهب-مثل-إل السيل
حفَة-مثل-فلبد حفَة أو إل يلملم ..لبد من أن ترجع إل ذي الليفة ،وإذا كانت مَرّت على الُ ْ أو إل الُ ْ
حفَة أو إل أبعد منه إل ذي الليفة ،كذلك إذا َمرّت على السيل لبد مِنْ أن ترجع إل من أن ترجع إل الُ ْ
السيل أو إل ميقات أبعد إل ذي الليفة أو الحفة أو يلملم-مثل-أمّا أن ترجع إل ميقات أقرب فعلى هذا
الرأي ل ..إذا مَرّت على ذي الليفة ل يُجزيها أن تُحرم من أي ميقات آخر وإذا َمرّت على الحفة فإنه
يُجزيها أن تُحرم من الحفة أو من ذي الليفة أما من يلملم الذي هو أقرب من الحفة أو من السيل الذي
أقرب من الحفة فل ،وذهب بعض أهل العلم إل أنّها يُجزيها أن تُحرم من أي ميقات من الواقيت ولبد من
أن تُحرم من واحد من الواقيت ل أن تذهب إل التنعيم أو ما شابه ذلك من مواضع الِل كما يتصوره بعض
الناس ،ومع ذلك عليها التوبة إل ال وبعض العلماء يُلْ ِزمُها مع ذلك أن تفتدي ولكن إذا رجعت إل اليقات
جوّزا وإل الصل وتابت وأنابت إل ال-تبارك وتعال-فقد يُرَ ّخصُ لَها ف عدم الدم ،وعَبّرْتُ بالفدية هاهنا تَ َ
أن ل ُي َعبّر بالفدية لن الفدية على التخيي وهذا ل تَخيي فيه فلبد من الدم على رأي من يقول بذلك.
فإذن خلصة ما ذكرناه إذا كانت هذه الرأة تُرِيد أن تعتمر أو تريد الج فلبد من أن تُحْرِم من اليقات وإذا
كانت قد أَْلغَت ذلك لظروفها فهنا تذهب إل مكة بدون إحرام فإذا قدّر ال-تبارك وتعال-وقضى بأن
انتظرت تلك الماعة الت هي فيها أو طَهُرَت هي قبل اليعاد العروف فإنّها تذهب إل أيّ موضع من مواضع
الِحل وتُحرم من هناك ،كذلك الائض إذا أتت وهي حائض وهي ُمحْرِمة ليس لَها أن تطوف بالبيت ..إذا
كانت ف وقت الج تذهب إل ِمنَى وإل عرفة وإل َجمْع ولكن ليس لَها أن تطوف بالبيت تنتظر وكذلك ل
تسعى إن كانت لَم تطف لن السعي يكون بعد الطواف أما إذا أتاها-مثل-اليض بعد الطواف ..طافت
بالبيت وأتاها اليض بعد الطواف إذا كانت صَلّت الركعتي فل إشكال تذهب وتسعى لن السعى على
الصحيح ليس من البيت وإن كان يظهر لول وهلة بأنه من البيت ولكنه ل ُيبْ َن مِ َن البيت والعبة بالّتأْسِيس،
شتَرط ف السعي وما جاء عن بعضهم من اشتراط ذلك ل فَ ْلتَسْ َع وإن كانت على غي طهارة لن الطهارة ل تُ ْ
شتَرِط ذلك يصح ،والرواية الت جاءت ف ُموَطّأ مالك من رواية يَحي ليست بصحيحة فبقية الروايات ل تَ ْ
فهذه الرواية مِما شَ ّذ به يَحي فل ُي ْقبَل ذلك الشّذُوذ منه ،فلتَسْ َع ول شيء عليها وإن كانت لَم تأت بالركعتي
ف ْلُتأَخّر الركعتي تيسيا عليها وتأت بذلك بعد ذلك بِمشيئة ال تبارك وتعال ،أمّا إذا كانت ل تَ ُطفْ فلتنتظر
وبعض النساء سَمعن بأن الائض ل تطوف فَأتَيْ َن و َس َعيْن وأَْلغَت تلك النساء الطواف لن الائض ل َطوَاف
عليها ف اعتقادها ..هكذا َحمَلَت ( َغيْرَ أن ل تَطُوفِي ) وهذا َخطَأ فاضح ..طواف العمرة وطواف الج
ركن من الركان الت ل َيجُوز تَرْكُها وإنّما ُتعْذَر الائض من طواف الوَدَاع فقط أمّا طواف الفاضة-أُكَرّر-
363
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وطواف العمرة رُ ْكنَان ..طواف العمرة رُكن من أركان العمرة وطواف الفاضة الذي هو طواف الزيارة ركن
مِن أركان الج فل ُتعْذَر الائض من ذلك فلبد من الَتنَبّهِ لِهذا المر؛ وال ول التوفيق.
س :ما هو مُسْتَنَد مَن يَقول :إنّهُ لَ يَصِحّ أن يَعْتَمِرَ الفَرْد أكثر مِن عُمرة ف الزّيارَة
الوَاحِدة ؟
ج :مُسْتند هَؤلء أنّه لَم يَثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-أنّه اعْتَمَر ف سَفَرٍ وَاحد مِن
أسْفارِه أكثر مِن مَرّة مع حِرصه على الَي ،ول يَثْبت-كذلك-عن أحد مِن صحابته-رضوان ال تبارك
وتعال عليهم-بِأنّهم قد اعتَمَروا ف حَيَاتِه-صلوات ال وسلمه عليه-أكْثَر مِن عُمرة واحدة ف سفر
واحد مِن أسْفَارِهِم ،وإنّما أَذِنَ النّب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-لِلسيّدة عائشة-رضي
ال تبارك وتعال عنها-بِأن تَعْتَمِر بَعد أن قَرَنَتْ ..فإنه تَطْيِيبًا لِنَفسها أذِنَ لَها بِأَن تَعْتَمِر مِن
" التَنْعيم " وأَمَرَ أخاها عبد الرحن بِأن يُرَافِقها ..ولَم يَرِد دَليل صحيح سالِم مِن كُل اعتراض
بِاعتمار عبد الرحن-رضي ال تبارك وتعال عنه وعن أَبِيه-مَع السيّدَة عائشة-رضي ال تبارك وتعال
عنها-والمرُ مُحْتَمِل ..هُنَالِك رواية تَدُل عَلَى أنه اعْتَمَرَ ،ولعلّ هذا الأقرَب إل الصواب ولكن
ذلك لِمرافقتِه لِلسيدة عائشة على أننا ل نستطيع أن نَقول " :إنّه قد اعْتَمر " ،أما الرسول-صلى ال عليه
وعلى آله وسلم-وصحابتُه-كما قلتُ-ل يَعتمِر أحَدٌ ِمنْهم أكثر مِن مرة واحدة.
وبعضُ العلماء يَقُولُ بِمَشْرُوعية العتمار ف السّفر الوَاحد أكثر مِن مرة.
ونَحْن نَقُول بِالواز مِن حَيْث الواز لِما ذكرناه مِن هذا الدليل وإنّمَا الكلم ف الفَضل ..هَل
الأَفضَل للنسان أَن يُكْثِرَ مِنَ التيَانِ بِالعُمْرَات أو أن يُكثِر مِنَ الطَوَاف مِن غَيْرِ أن يَعْتَمِرَ
إل مَرّةً وَاحِدَة ف السّفر الوَاحد كمَا ثَبت ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ؟ اللهم إل إذا
بَقِي مُدّة طويلة ف مَكّة الـمُكَرمة فالمر يَختلِف ،أما أن يَذْهب النسان لِعدة أيَام فالفضل-على
حَسب مَا نَرَى-أن يُكْثِر مِن الطوَاف ومِن ذِكر ال-تبارك وتعال-مِن غَي أن يَأت بِأكثر مِن تِلك
العُمرة الت دَخَل بِهَا مَكّة الكرمة لِما ذكرناه.
ول يُمْكن أن يُعْتَرَضَ علينا بِما ذَكرناه سَابِقًا مِن حَديث النّبِي صلى ال عليه وعلى آله وسلم( :
العُمْرة إل العُمرة كَفّارة لِما بَيْنَهُمَا ) ،لنّ الذي قال ذلك هُو الذِي ل يَعتَمِر ول يَأمُر
صحابتَه-رضوان ال تبارك وتعال عليهم-بِذَلك وإنّما أَذِنَ لِلسيّدة عائشة-رضي ال تبارك و تعال
عنها-لِظَرْف خَاصّ بِها كما قدّمناه ،والـمَجال ل يَتّسِع لِلطالة؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :العُمرة إذا كانت الول عن نفسه والثانية لِغَيْرِه ،هل يُعْتَبِر هَذا مِن قَبِيل التكرار ؟
364
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :نَحن نَقول :ل مَانِع مِن التِكْرَارِ مِن حيث الوَاز وإنّما مِن حيث الفضْل ..أما إذا كان
الشّخْص يَعْتَمِر عن أبيه وأبوه ل يَعْتَمِر مِنْ قَبْل أو عن أمّه وأمّه ل تَعتمِر مِن قبل ولَ
يَسْتَطِيعَان الذّهاب إل العُمْرة لِـمَرَض-مثل-ل يُرجَى مِنْهُ الشّفاء بِحَسْبِ الظّاهِر وهَكَذَا
بِالنّسبة إل أقَارِبِهمَا فذلك مِمّا ل مَانع مِنْه بِمشيئة ال-تبارك تعال-بل ذلك مِن باب التعاون على
البِر والتّقوَى؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :هَل لِلزّوْجِ طَاعَة إذا مَنَعَ زوجتَه عن الذهَاب إل العُمرة ؟
ج :أما إذا مَنَعَهَا عن فَرِيضَة الج وكانت تُريد أن تَذهب مع مَحْرَمٍ لَها فل طاعة له ول كَرامة،
لنه يَمْنَعُهَا عن أمْرٍ وَاجِبٍ مُتَحَتّم عَلَيْها ،إذ إنّ الجّ واجبٌ بِنَصّ كتابِ ال وسنّة رسوله
صلوات ال وسلمه عليه ،ث هو على الفَوْرِ على الصَحِيحِ كما قلنا ..فإِذَا كَانَت سَتَذْهَبُ مَعَ
مَحْرَمٍ مِنْهَا ومَنَعَهَا مِن ذلك فَيَنبغي لَها أنْ تُحَاوِل بِأن تُقْنِعَهُ بِالـمُوَافَقَة على الذّهَابِ
وَإذَا لَم يُوَافِق عَلَى ذَلِك فَل طَاعَةَ لَهُ ولَ كَرَامَة ،إذْ لَ طَاعَة لِعَبْد ف معْصِيَة ال تبارك
وتعال ،فَنَقُول لِهذا الزوج بَدَل مِن أن يَمْنَعَ زوْجَتَه عَن التيان بِفَرِيضة الج أو بِالعُمرة أنّه
عَليْه أن يَتُوب إل ال-تبارك وتعال-ويَنْبَغي له أن يُرَافِقها مِن أجل تَأدِيَة فَرْض ال-تبارك وتعال-
عليه إن كَان قادِرا على ذلك ،وإن كان قَدْ أَدّى الفَرِيضَة وهو يَْقدِرُ على الذهَاب-أيضا-يَنبَغي له
أن يَذهب إل تِلك البِقاع القَدّسة ويَأْت بِالعُمرة وبِالج ،وقد سَبَق فَضْل مَن حَج أو اعتمَر إذا
كان يُريد بِذلك وَجَه ال تبارك وتعال.
أما بِالنسبة إل العُمْرة فإن كانت لَ تَذْهب مَع مَحْرَم مِنْهَا-فكما قلتُ يَنْبَغِي لَهَا أَن تؤَخّرَ
ذَلِك حَتّى تَجِد مَحْرَمًا مِنْها وتَذْهَب وتُؤَدِي الج والعُمرَة مَعًا ،ث-أيضا-العُمْرة فيها
خِلَفٌ بَيْنَ أهل العِلم كما قدمناه ،فإذَا تَأَخّرت قليل ث ذَهَبتْ لِتَأدِيَة فَريضةِ الج
وتَأْدِيَة العُمرة بعد ذلك مع مَحْرَمٍ مِنْهَا وتَدعو-ونَحن نَدعو معها-بِأن يَهدِيَ ال-تبارك
وتعال-هذا الرّجُل-وغَيْرَه مِن الناس وأن يَهْدِيَنَا جَميعا إل طاعة ال تبارك وتعال-فلعلّه يَقُومُ
بِمُرَافقَتها أو يَأذَنُ لَها أو تَجِد مَحْرَمًا مِنْهَا وتُرَافِقه.
و-كما قلتُ-ف الج لَ طَاعَة لَه أبَدا ،أما العُمرة فعلى ما فيها مِن كلم ،وبِإمْكَانِها-أيْضا-أن
تُؤَخّر وَلَوْ لِعِدّةِ شهور ث تَذهَب ف هذه السنَة بِمشيئة ال لِتَأدِيَة المْرَيْنِ مَعًا وافَق هَذَا
الزّوج أو ل يَوَافِق ولكن تَذْهب مع مَحْرَم مِنْها؛ وال أعلم.
365
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
366
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :إنّه مِمّا ل يَخفى أ ّن طواف العمرة وطواف الزيارة بالنسبة إل الج ركن مِنَ الركان الت ل َتصِح العمرة
ول الج إل بِها ،وعليه فلبد مِن العتناء بأمره ،وكثي مِن الناس يُفرّطون ف كثيٍ مِن المورِ التعلّقةِ به ،ومِن
العلوم أنّه يَندرِج تَحت الطواف َكثِي مِن الحكام:
ط فيها يَكون طوافُه باطِل. حةِ الطواف بِحيثُ إنّ مَن فَرّ َ ط مِنْ شروطِ صِ ّ ِمنْهَا مَا هو شَر ٌ
ومِْنهَا ما هو ُسنّة مِن السنن الت ل يَنبغِي التفرِيطُ فيها ،لِثبوتِ ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه
وسلم.
ف بِمعرفةِ شروطِه وواجباتِه وسَُننِه ومستحبّاتِه. فإذن لبد مِن العتناءِ بِمَعرفةِ أحكامِ الطوا ِ
وكث ٌي مِن الناسِ-كما قلتُ-ل يَعتَنونَ بِمعرفةِ ذلك ،فتَرَى كثيا مِن العوام يَذهبُون لِتأديةِ فريض ِة الج أو لِتأديةِ
العمرة وهم ل يَعرفُون عن أحكا ِم الطواف شيئا ..منهم مَن يَسمَع بِالطواف ومنهم حت مَن لَم يَسمَع بِه
ف بِماذا يَأتِي ف حَجّه وف عُمرتِه ،فلبد لِلنسا ِن عندَما ُيرِيدُ أن يَذ َهبَ وإنّما يَسْمَع بِالج أو العمرة ول يَعرِ ُ
لِتأدي ِة الج أو العمرة أن يَتعلّمَ َأهَ ّم المورِ الت تَتعلّ ُق بِهما حت يُؤدّي تلك العبادة-الت شَ َرعَها ال تبارك
وتعال-على بصي ٍة مِن أَمرِه.
والطوافُ-كما قلتُ-مِن َأهَمّ الهمات ف الج وكذلك ف العُمرة ،فهو رك ٌن مِن الَرْكَان بِالشّ ْرطِ الذي
ذكرتُه ،وعليه فلبد مِنْ أَن يُرا ِعيَ ما يَتعلّق بِه ولسيما الشروط والواجبات.
ف مِن مَوضِع وينتهي إليه ،والطواف يْبتَدِئ مِن ركن الجَر الطوافُ لَه بِدايةٌ وِنهَاية ،فلبد مِن أن يَبتدِئ الطائ ُ
ث ُيقَابِلُ الجَر فإن تَمكّ َن مِن تَقبِيلِه قبّلَه وإن لَم
..عندَما يَأتِي مَن يُرِيدُ أن يَطوف يَأتِي إل رُكن الجَر بِحي ُ
َيتَمَكّن مِن ذلك فإنه يَلْمَس الجَر بِيَدِه اليمن ل بِاليَ َديْنِ معا فإن لَم َيتَ َمكّن مِن ذلك َأشَا َر إليه ول يُقبّل يَدَه
الت َأشَا َر بِها وإنّما يقبّل يَدَه الت صَاَف َح بِها الجَر ..أي إذا تَمكّ َن مِن مصافحةِ الجَر أو مِن وَضْ ِع يَدِه على
ف مِن موضعٍ بعدَ الجَر ،فإنه إذا ابتدَأ مِن الجر ،ومِن ذلك الوضِع يَبتدِئ الطواف ،وليس لَه أن يَبتدِئ الطوا َ
بعدِ الجَر فإنّ ذلك الشوط الذي ابتدَأ بِه مِن ذلك الوضع يَكون باطِل ل عبةَ بِه ،وعليه لَو وَقَعَ شخصٌ ف
ذلك ثُم انتَبَه أو نُبّهَ إل صنِيعِه ذاك فإ ّن عليه أن يُ ْل ِغيَ ذلك الشوط وألّ يَعتبِر بِه أبدا وَيعْتَد بِالشوط الذي يَلِيه
وهُو الشوط الذي يَبتدِئ فيه الطواف مِن مُقابِلِ الجَر كما قدّمنا ،ويَطُوف سبعة َأ ْشوَاط وينتهي ف ذلك
صتْ ولو جزئية صغية الوضِع الذي اْبتَ َدأَ منه ،ومِنَ العلوم أنّه لبد مِن أن يُكْمِ َل الشواط السبعة تَمَاما فإذا ن َق َ
مِن ذلك فإ ّن طوافَه ذلك ل يُعتبَر صحِيحا.
ط َيقِفُ الناس عليه وذلك الط مقابِلٌ لِلحجَر تَمَاما وفيه مِن اليُسْرِ وكان منذُ فتر ٍة قصِي ٍة مِن الزمن هنالِك خ ّ
على كث ٍي مِن الناس ما ل يَخفَى ،لكن ذلك الط ل يَخفى أنّه لَم َيكُن-كما قلتُ بِالمس-موجودا ف عهدِ
النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ول ف القُرُونِ الت تََلتْ ذلك وإنّما وُضِعَ منذُ فترةٍ َقصِيَ ٍة مِن
367
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ف عندَما قَابَلَ الجَر ..وَقَفَ ف ُمقَابِلِ الجَر وطافَ مِن هناك ف أ ّن النب طَا َ الزمن ثُم أُزِيل ،ومِن العرو ِ
وطافَ معه صحابتُه الكِرام وكانتْ ُأمّة كبِيَة جِدا مِن الناس ،وف ذلك مِن اليُسْ ِر والسهولَ ِة ما ل يَخفَى،
فالتّشَدّ ُد والتّنَطّع مِمّا ل يَنبغِي.
شكُوك ،فمِن فعندما يُقابِل مَن يُرِيدُ الطوافَ الجَر فليَبتدِئ مِن هناك وْلَيتْرُك التّشَدّد والتنَطّع والوساوِس وال ُ
ف مِن ذلك الوضِع س مِن أجل أن يقِفُوا عليه جَميعا وإنّما شَرَع ف الطوا ِ العلوم أنّ النب لَم َيضَعْ خَطا لِلنا ِ
جتِه ( :لَتأْخُذُوا عنّي منا ِس َككُم ) وطاف معه الصحابةُ الكِرام وهكذا ف ُعهُودِهم-رضوان ال تعال وبيّنَ ف َح ّ
عليهم-وف عهو ِد التابعي ومَن جاء بعدَهم.
فلُيقَدّر مَن يُرِيدُ الطواف أنه َيقِفُ ف مقابِلِ الجَر َ ..يتَحَرّى ذلك ويَطُوف مِن ذلك الوضِع ويَنتهِي-أيضا-ف
الوضِع الذي ابتدأَ فيه بِحيثُ-كما قلتُ-ل َيصِح لَه أن يَت ُر َك شيئا مِن ذلك ،لنّه لَو تَ َر َك شيئا مِن ذلك فإنّ
ع مِنه البدايَة ..ظَنّ-مثل-أنّ البداي َة تُشرَع
َطوَافَه ذلك يَكون بَاطِل ،أما إذا ابتدأَ-مثل-قَبل الوضِعِ الذي تُشْ َر ُ
مِن هناك ث تَبيّن لَه أ ّن المْ َر بِخلفِ ذلك فذلك ل َيضُرّه ف ذلك لكن لبد مِن أن يَنتهِي ف الوضِع العروف
الذي حدّ ْدتُه مِن قبل ،وليس لَه أن يَنتهِي ف الوضِع الذي ابتدأَ منه ف هذا الطواف ،لنّه ابتدَأ مِن موضعٍ
يُخالِف الوضِ َع الصحِيح وما دام لَم يَبتدِئ مِن الوضِعِ الصحِيح الذي هو مُتقَ ّد ٌم على موضِعِ الطواف فلبد مِن
أن يَنت ِهيَ ف الوضِ ِع الصحِيح؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
368
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
369
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :ما معن قول الرسول صلى ال عليه وسلم ( :ما من امرأة تضع ثيابا ف غي بيت زوجها إل هتكت
الستر بينها وب ربا ) ؟
ج :معن ذلك أنه ل يوز لمرأة أن تضع ثيابا ف غي بيت زوجها ،أما بقية خارج البيوت فهذا متفق عليه
وظاهر حلي أنه ل يوز لمرأة أن تضع ثيابا خارج البيت ،أما كونا تضع ف بيت آخر وهي مستترة فلم
يُسبق الديث لحد لذلك ،وليس الراد قضية خلع الثياب أو غي ذلك ف غي بيت زوجها كما هو قد يتبادر
إل الذهان مباشرة ،وإنا الراد بوضع الثوب الوضع القيقي الذي ل يصح لحد أن يطلع عليه إل الزوج ،
هذا الراد وليس معناه -كما قد يتبادر على بعض الذهان -ل يوز وضع الثوب البتة ،وإنا الراد الثوب الذي
ل يوز لحد أن يطلع عليه غي الزوج ،وليس معن وضع الثوب خلع الثوب وتركه ل وإنا وضع الثوب
الذي ل يصح لحد أن يراها ف تلك الالة إل الزوج كالنكشاف أو نو ذلك .
370
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :هذه السألة متلف فيها بي العلماء .فقد ذهب أصحابنا والمهور وهو رواية عن أحد إل أنه يباح
للمرأة أن تظهر وجهها وكفيها وباطن قدميها ،وذهب أحد ف رواية وعليه جل أصحابه إل أن ذلك مجور
.وهذه السالة تعارضت فيها الدلة ويكن أن نتكلم عن ذلك ف وقت آخر لن الوقت قصي الن والدلة
تستغرق وقت طويل ،ونن نذهب أول إل ترجيح قول المهور وهو أن الوجه والكفان وباطن القدمي
ليست من العورة ،ولكن نقول أن الرأة إذا استطاعت أن تستر وجهها وكفيها فعليها أو ينبغي لا ذلك لهلة
مروية عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ولفعل كثي من الصحابيات -رضوان ال تعال عليهن ، -وإذا
كان ذلك ف تلك العصور فكيف بذلك ف عصرنا هذا ،أما قضية ذكر الدلة والواب عن أدلة الخالفي أو
أدلة النابلة حت يرتدعوا عن تشددهم على الخالفي لم ف هذه السألة ونبذهم باللقاب القبيحة فل بد من
الكلم عليه حت يظهر الق جليا ،وبعد ذلك فل مانع من العمل بالحتياط بل هو مطلوب ف الدين وقد
دلت عليه سنة سيد الرسلي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه أجعي .
371
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
372
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :أقول :ل يأمر الرسول صلى ال عليه وسلم ف يوم من اليام ول علي ابن أب طالب باللهو والعب ،
فأمثال هذه الحاديث ل يكن أن تنسب إل الرسول صلى ال عليه وسلم ول يكن أن تنسب إل أصحاب من
صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فهو ليس بصحيح ل عن الرسول صلى ال عليه وسلم ول عن علي
ول عن أحد من صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم .
373
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ول يأت من قال بلية استماع الغان -كالغزال -بشيء يستحق الناقشة ،وقوله بأن تلك الحاديث ل
تثبت فقد ثبتت عند من هو أكثر منلة منه ،وعلى كل فالعال له هفوات فقد يطئ وقد يصيب ،وال
سبحانه وتعال قد أمرنا بطاعته وطاعة رسوله صلى ال عليه وسلم ول يأمرنا بطاعة أحد من الناس ،وال
سبحانه وتعال أعلم .
( من تشبه بقوم فهو منهم ) والديث رواه أبو داود وابن أب شيبه وعبد الرزاق ورواه جع من أئمة الديث ،
قال العراقي ف تريج " الحياء" بأن إسناده جيد ،وقال الافظ :إنه حسن ،وصححه جع من أئمة
الديث ،وحسنه آخرون ،وهو حديث صحيح ثابت ،وفوق ذلك فإن ال سبحانه وتعال قد أشار ف
الكتاب العزيز إل النهي عن ذلك .
فمن حلق ليته أو قصر شيئا منها فهو مرتكب لحرم والعياذ بال تبارك وتعال من ذلك ،ول يصح
الستناد بالخذ من اللحية إل الديث الروي :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يأخذ من ليته ،وهو
حديث رواه الترمذي وقال :غريب ،أي ضعيف ،وذلك لن الترمذي يستعمل كلمة "غريب" على ثلثة
معان منها :أنه يريد با الضعيف ،فقال :بأنه غريب هاهنا أي ضعيف ،وهو ف حقيقة الواقع موضوع ،وقد
قصر الترمذي ف اكتفائه بالتضعيف ،وإن كان الضعيف أيضا يشمل الوضوع ،وذلك لن الضعيف على
سبعي نوعا من النواع منها الضعيف .
وهذا الديث موضوع لنه من طريق عمر بن ميمون وهو كذاب وضّاع ،ول يكن أن تترك تلك
الحاديث الصحيحة الصرية الثابتة بثل رواية هذا الكذاب وال الستعان .
وصبغ اللحية إذا كان بغي السواد فهو جائز ،وأما بالسواد فل يوز ،وقد ثبت النهي ف أحاديث عن رسول
ال صلى ال عليه وسلم وجاء ف بعضها -وحسنه بعض العلماء ( -من صبغ بسواد سود ال وجهه يوم
القيامة) والديث ف النهي ،من ذلك منها ف البخاري ومسلم ،ومنها ف غيها ،فل يوز بالسواد وأما ما
عدا ذلك فل مانع منه .
375
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :هل يوز أخذ قيمة ما يسمى بالدعية الت تظهر على أغلفه الباردة للطفال والكبار على حد سواء أو
الوائز الت تصدرها الشركات إذا كان الشخص متاجا لتلك الكافأة الالية ؟ وهل من فرق بي التعمد
وغي التعمد ف أخذ الدعاية ؟
ج :أما القاصد فل توز له قطعا ،وأما الذي ل يقصد ففي ذلك خلف ،والذي نراه عدم الوائز ،وال
أعلم .
وسلم ما يكن أن يستفاد من ذلك ،وإنا نقول بأنه ل يستحسن أن بوصي بالكل أو بالل لغي السلمي ,أما
جوائز الوصية للمشرك إذا ل يكن حربا للمسلمي فقد جوزه كثي من العلماء ,ول سيما إذا كانت هناك
مصلحه لعليم يدخلون ف السلم أو نو ذلك .
حكم الصيد إذا أطلق عليه النار
س :ما حكم الصيد إذا أطلق عليه النار فسقط ميتا ف حينه ؟
ج :هذه السألة ذهب المهور إل أنه ل يوز أكل الصيد الذي أطلق عليه النار بذه البنادق ولو ذكر اسم ال
سبحانه وتعال عليها ،وهذا هو الراجح عندهم ،وإن ذهبت طائفة من العلماء لسيما من التأخرين إل جواز
ذلك ،ولكن القول الول هو أقوى القولي ،وال أعلم .
أقول :إذا كانوا يدعون سبعي بابا من الرام مافة أن يقعوا ف الرام ،فما بالك بالرام نفسه .
377
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الشارع بذلك ،وأما الدم فالصحيح الواز عند الاجة لدلة كثية ،والفرق بينه وبي العضاء واضح جلي
من وجوه متعددة .
وما ذكرتوه من الدلة ل يُقاوم ما ذكر الانعون ،وهذه العجالة ل تكفي لذكر كل الدلة الت استدل با
الانعون وهدم ما استدل به الجوزون ،ولعل ال ييسر ذلك ف وقت قريب .
وأما احتجاج الخالف فليس بصحيح ،هذا وقد جوز بعض العلماء نقل العضاء مع شروط اشترطوها ،
ونن وإن كنا ل نوز ذلك إل إننا نقول :إن من عمل بذلك وأخذ بقول من أقوال السلمي فل حرج عليه
إن شاء ال ،ولكن بشرطي -:
عند الضرورة القصوى ،بيث ل يكن العلج إل بذلك ..ف نقل الكلية فقط ،نعم له أدلة .
378
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
يب عليه أن يذهب إليه ،والقول الول لعله هو القول الصحيح ولسيما إذا خلف من ذلك الفتنة ،وال
أعلم .
بيان معنى النسيان في الحديث الذي رواه الربيع عن القرآن .
س :جاء ف مسند المام الربيع ( من تعلم القرآن ث نسيه حشر يوم القيامة أجذم ) فما القصود بالنسيان
هنا ؟
ج :اختلف العلماء ف هذا النسيان ،فقيل بالنسيان نسيان التلوة ،وقيل النسيان ترك العمل بالكتاب العزيز ،
لكن هذا ل يساعفة اللفظ ،وقيل النسيان هو إذا تعمد أن يترك الكتاب ،وقيل نسيان الترك وليس نسيان
اللفظ ،وال سبحانه وتعال أعلم ،وتدون ذلك ف شرح المام السالي -رحه ال .-
379
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
عليه وسلم ما ل يقله ويضعون عليه الحاديث ويقولون :نن ل نكذب عليه بل نكذب له ،فالفريقان
متشابان ،وال أعلم .
ض الناس يُصلّون بعدَ السعي ،فهل تُشرَع صلةٌ ف ذلك الوقت ؟ س :1نُشاهِد بع َ
ت شيءٍ ف ذلك عن النب صلى ال
ج :إنّ الذي عليه جهو ُر المّة أنه ل تُش َرعُ صلةٌ بع َد السعي ،لِعدمِ ثبو ِ
عليه وعلى آله وسلم ،وهذا القول هو القولُ الصحيح.
380
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ت طائفةٌ قليلةٌ جدا مِن العلماء إل مشروعي ِة التيانِ بِركعتيْن بع َد السعي ،وقد احتَجّ لذلك العلّمةُ وذهب ْ
الكمالُ بن المام بِحديثٍ مروي عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وذَكَ َر فيه العلّم ُة الكمال بِأنه
صلى ال عليه وعلى آله وسلم كان يُصلّي بع َد سعيِه ،ولكنّ هذه الرواية لَم تَثبتْ عن رسولِ ال صلى ال عليه
وعلى آله وسلم ،بل ل يَ ْروِها ابنُ ماجة بِهذا اللفظ وإنا رواها بِلفظ " :بعدَ سبع " ..أي بع َد سبعةِ أشواط،
ف بِالبيت.
وذلك يعن أنّ ذلك بع َد النتهاءِ مِن الطوا ِ
فهاتان الركعتان بعدَ الطواف ،وليستا بع َد السعي؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :2ما حك ُم صو ِم يومِ عرفة لِمَن كان واقِفا بِها ؟
ج :صو ُم يومِ عرفة ِلمَن ل يَكن واقفا بِها ول يَكن ذلك ف يومٍ يُنهى عن الصيا ِم فيه .. 1أي كأن يَكون
مصادِفا لِيومِ المعة ..فإنه مشروعٌ بِالنصّ الثابِت عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وقد أَجعتْ
ف بيْن العلماء فيما يَتعلّ ُق بِصيا ِم يومِ عرفة ف أمريْن
على مسنونيةِ ذلك ال ّم ُة السلمية قاطبة ،وإنا وََق َع الل ُ
اثنيْن:
أوّلُهما :إذا صادَف ذلك يوما منهيا عن صيامِه كيومِ المعة مثل فإنّ العلماء ف هذه الالة قد اختلَفوا ف
الصيام لِهذا اليوم:
ت طائفةٌ منهم إل عدمِ مشروعي ِة الصيام ،وذلك لِما ثبتَ عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-أنه فذهب ْ
نَهى عن الصيامِ ف يومِ المعة إل لِمَن صام يوما قبلَه أو بعدَه ،وهو حديثٌ صحي ٌح ثابِت عن النب صلى ال
عليه وعلى آله وسلمَ ،ر َوتْه طائفةٌ كبية مِن أئم ِة الديث ،والنهيُ يُقدّم على المْر ..أي إذا تَعارَض دليلن
أحدُها يَد ّل على النهْيِ عن أمْر والخَر يَد ّل على المْ ِر بِه فإ ّن النه َي مُقدّم على المْر ولو كان ذلك النهي عنه
مكروها إذا كان الأمور بِه مندوبا.
ت طائف ٌة مِن العلماء إل القو ِل بِمشروعيةِ ذلك ،وذلك نظرا إل أنّ الصائمَ لَم يَقصِد بِصومِه يومَ المعة وذهب ْ
وإنا َقصَ َد بِصومِه يومَ عرفة ،وهذا القو ُل هو القولُ الصحيح ،وذلك ل ّن النهيَ مُقيّ ٌد ِبعِلّة وهي وإن ل تَكن
ص بِهذا الديث الثابِت عن رسولِ خ ّمنصوصة ولكنها مستنبطَة وإذا كان المْرُ كذلك فإنّ ذلك الديث يُ َ
ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-إل أنه يَنبغِي الروج مِن اللف ،فالَ ْفضَل ِلمَن أَرادَ أن يَصومَ ذلك أن
يَصو َم يوما قبلَه بِأن يَصومَ يَومَ الميس ،ول شك أ ّن يو َم الميس قد ثبَتتْ بِصيامِه السّنةُ الصحيحة الثابِتة عن
النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ولسيما أنّ ذلك ف اليا ِم العشْر والعمل فيها أَ ْفضَل مِن غيِها كما ثبتَ
ذلك عن رسولِ ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
هذا وأمّا المْرُ الثان وهو :صيامُ يومِ عرفة لِمَن كان واقِفا بِعرفة فإنه قد اختلَف فيه العلماء أيضا:
-1قال الشيخ " :عنه " بدل مِن " فيه " والظاهر أنه سبق لسان.
381
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ب الصوم ،أما إذا ذهبتْ طائفةٌ مِن العلماء إل أنّ ذلك يُكرَه لِمَن يُشغِله ذلك عن الدعاء بِأن يَكون مُرهَقا بِسب ِ
ل يَكن ذلك فإنه يَنبغِي لَه أن يَصوم بل إنّ ذلك يُش َرعُ ف حقّه.
وذهبت طائف ٌة مِن العلماء إل النهيِ عن ذلك ،وذلك لنه ثبتَ عن رسولِ ال-صلى ال عليه وعلى آله
جتِه.وسلم-أنه أَفْ َطرَ ف ذلك اليوم ف حَ ّ
جتْ طائفةٌ مِن العلماء على النهيِ عن ذلك بِما َر َوتْه طائفةٌ مِن أئم ِة الديثِ-كالنسائي ف " السنن واحتَ ّ
الكبى " وأب داود وابن ماجة والاكم ف " الستدرَك " وأب إسحاق الرب ف " غريب الديث "
والطحاوي ف " شرح معان الثار " وأب نعيم ف " حِلية الولياء " والطيب البغدادي ف " تاريخ بغداد
"-مِن أنّ الرسولَ-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-نَهى عن صيامِ عرفة لِمَن كان واقِفا بِعرفة ،إل أنّ هذا
الديث ل يَثبتْ عن رسولِ ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،لنه مِن طريقِ مهدي الـهَجْرِي وهو
مَجهول ،وقد جا َء مِن طريقٍ أخرى ولكنها وا ِهيَة بِ َمرّة ،لنا مِن طريقِ إبراهيم بن ممد بن أب يي ا َلسْلَمِي
وهو واهٍ بِ َمرّة فل يُؤخَ ُذ ِبرِوايتِه.
فإذن العُم َدةُ الفع ُل الثابِت عن رسولِ ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
س؟ :بِالنسبة لِزوج ِة العَم وزوجةِ الال ،هل ها مِن الحارِم ؟
ج :زوج ُة الال وكذا بِالنسبةِ إل زوج ِة العَم فهما ليْستا مِن الحارِم ..الرا ُد بِالحارِم ه ّن مَن ل يَجوز
لِلشخصِ أن يَتز ّو َجهُنّ ف الاضِرِ ول ف الستقبَل ،فكلّ امرأةٍ ل يَجوز له أن يَتزوّجَها ف الاضِر ..أي ف
ت الاضِر ول ف الستقبَل فإنه يَجوز لَه أن يُصافِحَها ،وأما إذا كان لَه أن يَتزوّجَها ف هذا الوقت أو ف الوق ِ
الستقبَل فإنه ل يَجوز لَه أن يُصافِحَها بِحا ٍل مِن الحوال ،كما قدّمنا ذلك؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
ج مِن ،هل يَصِحّ لِلحاج أن يَهدِي فيه ؟ س؟ :هناك مَسْلَخ يُوجَد خار َ
صتْ على ذلك ي يَجوز ف مِن وف َمكّة بل ف الرَم كلّه على مذهبِ جهورِ العلماء كما ن ّ ج :نعم ،الدْ ُ
السنّة ..نصّت السنّة على جوازِ ذلك ف مِن وف مكة ،وسائرُ الرَم تابِعٌ لَهما؛ وال أعلم.
مِن حلقة ل نتمكن مِن ضبط تاريها كان موضوعها عن :مناسك الج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عام 1422هـ
س ... :4
382
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :إذا كان ذلك النسان يستطيع أن يذهب بنفسه فإنه ل يوز لحد أن يعتمر أو يج عنه ،وإنا تكون النيابة
عن الريض الذي ل يستطيع ف الال ول ف الستقبل على حسب الظاهر أو عن اليت ،فمثل هذين ها اللذان
يصح العتمار أو الج عنهما؛ وال أعلم.
مِن حلقة 5رمضان 1422هـ ،يوافقه 21/11/2001م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :2يبدو أنّ الخت أشكل عليها بي الوصية وبي القيام بتنفيذ الصيام عن طريق الوصية-أيضا-أو
الج ..صحيح أنه ل وصية لوارث لكن هل عندما يوصي الوارث لوروثه أن يصوم عنه أو أن يج عنه ،هل
له أن يج عنه أو يصوم عنه ؟
ج... :
وأما بالنسبة إل هذه السألة وهي ما إذا أوصى رجل بج أو صيام أو ما شابه ذلك فهل لبعض ورثته أن
يقوموا بتنفيذ هذه الوصية وأن يأخذوا مقدارا من الال مقابل تنفيذ تلك الوصية ؟ فالواب :نعم ،لنّ هذه
الوصية ليست لذلك الوارث بسبب أنه قريب للمتوف وإنا بسبب قيامه بذا العمل الذي قام به بل الول أن
يقوم بإنفاذ هذه الوصية وأن يقوم بتأديتها أقارب التوف ،لنّ الديث قال ( :من مات وعليه صوم صام عنه
وليه ) ،وجاء-أيضا-ف الديث الذي فيه أنّ النب-صلى ال وسلم وبارك عليه-سع رجل يقول " :لبّيك عن
شبمة " قال ( :من شبمة ؟ ) قال " :قريب ل " أو " أخ ل " ،حت أ ّن بعض العلماء ذهب إل أنه ل تصح
العبادة من شخص بعيد لشخص بعيد عنه؛ ولذلك تعرف الخت السائلة بأنّ هذه القضية ل تدخل ضمن
الديث الثابت عن النب صلى ال وسلم عليه؛ وال-تعال-أعلم.
س :14رجل نذر أن يج عن والدته ولكن والدته ضعيفة ف السّن ..كبية تتاج إل أن يقوم
برعايتها والعناية با ،فهل له أن يذهب ليحج عنها ويترك الهمّة على أخواته ليقمن بذلك وأخواته ل يستطعن
أن يقمن بالهمّة الت ترضي الوالدة لنا تتاج إل رجل يستطيع حلها إل دورات الياه وغيها ؟
ج :ال أعلم ,إذا كانت الخوات يستطعن أن يقمن بذه الهمّة فعليه أن يذهب لتأدية الج الذي نذر به ،وأما
إذا كانت الخوات ل يستطعن على ذلك فهو معذور إل أن يكنه أن يقوم بتأدية هذه الفريضة ولكن الذي
أراه أنّ الغالب ل يش ّق على النساء من أن يأخذن هذه الرأة إل دورات الياه وما شابه ذلك؛ وال-تعال-
أعلم.
مِن حلقة 6رمضان 1422هـ ،يوافقه 22/11/2001م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س ... :9
383
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج ... :حقوق ال-تبارك وتعال-كالزكاة والكفارات والج فإ ّن طائفة من أهل العلم يقولون :إ ّن مثل هذه
المور ترج من رأس الال وليس من الثلث؛ وهذا رأي وجيه جدا ...
مِن حلقة 7رمضان 1422هـ ،يوافقه 23/11/2001م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س ... :1
ج ... :فالزكاة والصيام والج والصّلة مِن المور العلومة مِن الدّين بالضرورة ومَنْ َأنْكَ َرهَا كَافر ...
س ... :6
ج ... :وأريد أن ُأنَبّه على مسألة مهمّة وهي أ ّن كثيا مِ َن النّسَاء يَ ْذ َهبْنَ إل الج أو العمرة مِن غي أن
ك أنّ ذلك ل يصِحّ ..نعم ر ّخصَ بعض العلماء ف ذلك لداء الفريضة-أي ُيصَا ِحبَهُ ّن َمحْرَم أو َزوْج ول شَ ّ
شرْطِ أن يكون هنالك رجال مِن الثقَاة ومعهم نساء مِن مَحَا ِرمِهم ،أمّا أن تذهب امرأة مع حجّة الفريضة-ب َ لِ َ
رجل أجَنبِي ول يوجد لَها مَحْرَم أو هذا الرجل ليس مِن أهل الصلح أو ليست َمعَهُ إل امرأة أو امرأتان أو ما
شابه ذلك مِمّن يُمكن أن يقع بينهم الّتوَاطُؤ وتقع هنالك معصية مِن معاصي ال-تبارك وتعال-فهذا مِمّا لَم
ص فيه ،فهذه المور ينبغي أن ُيتََنبّهَ يقل به أح ٌد مِن العلماء ،وكذلك بالنسبة إل حج النافلة فل ينبغي أن يُتر ّخ َ
إليها.
والنسان إذا كان يريد أن يقوم بالتيان بطاعة مِن طاعات ال تبارك وتعال ..أن يأت بفريضة مِنْ فرائض ال
سنّة مِن السّنَن الت ثبتت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-فإنّه ينبغي له أن يأت ِبهَا على الوجه أو ب ُ
الصحيح ،وأ ّل يذهب إل تأدية الج-سواء كان فريضة أو نافِلَة-وهو عَاصٍ ل تبارك وتعال ..مُخالِف لمره
ولمر رسوله صلى ال وسلم وبارك عليه ،فعلى النساء ألّ يذهب إل مع مَحارمهنّ أو مع أزواجهنّ ،وعلى
حرَم فهذا الرجال أن يتعاونوا مع مَحَا ِرمِهم وأن يُرافقُوهُنّ لتأدية ما َو َجبَ عليهنّ ،أما أن تذهب الرأة مع غي مَ ْ
مِمّا ينبغي أن ُيتَشَدّد فِيه؛ وال-تعال-أعلم.
مِن حلقة 12رمضان 1422هـ ،يوافقه 28/11/2001م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س ... :9
ج ... :الذي وَرَد عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-أنه َأمَر-وهذا امتِثال لمْرِ ال تعال-النساء عند
تَحَلِّلهِ ّن مِن الج بِأن يُقصرن شعر رؤو ِسهِن ،وذلك ق ْد ٌر يَسِيٌ جِدّا.
...
مِن حلقة 19رمضان 1422هـ ،يوافقه 5/12/2001م
384
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س ... :3
ج ... :وهذا َينْ َطبِقُ على الج تَماما ،فإنّ القول الصحيح هو َقوْل مَن يَقول إنّه َيجِب على الفَور:
1
بِالفَوْرِ أَن ُيعَجّلَن إليه مَن وَ َج َد استطاع ًة عليه
فمَن استطاع الج عليه أن ُيؤَدي هذه الفريضة على الفور ،وليس له أن يؤخّر بدعوى أنه يَجوز التأخي.
حتَج ببعض الحاديث الت لَم تثبت عن رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم- وبعضهم يُوصِي ويَ ْ
كحديث " :يدخل بالجة الواحدة ثلثة " وما شابه ذلك ،فهذه أحاديث ل تثبت عن َرسُولِ ال صلى ال
عليه وعلى آله وسلم ،وال-تعال-قد حَذّ َرنَا عن التّمَاديَ ... } :وأَ ْن عَسَى 2أَن يَكُونَ َق ِد اقْتَرَبَ أَجَُلهُمْ ...
{ [ سورة العراف ،من الية ،] 185 :فالتأخي مِمّا ل يَصح ،فمَن استطاع عليه أن ُيؤَدّي هذه العبادة-الت
هي رُكن مِن أركان السلم-على ال َفوْر.
مِن حلقة 20رمضان 1422هـ ،يوافقه 6/12/2001م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س ... :1
ج... :
خطَب فيهما بِخطبةٍ واحدة أو يُخطب فيهما بِخُطبَتيْن ؟ فهذا وأمّا بِالنسبة إل خُ ْطَب ِة العيد و ُخطْبةِ عرفة هل يُ ْ
قد اختلَف فيه أهل العلم:
ت طائفة كبية ِمنْهم إل أنّه يُخطب ف كل واحد ٍة منهما بِخُطبةٍ واحدة ،وذلك لنّ الرواياتِ -1ذهب ْ
صتْ على أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله الصحيحة الت جاءتْ عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلمَ-ن ّ
وسلم-كان يَخطُب خطبةً واحدة.
-2وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل القولِ بِمشروعية الطبََتيْ ِن واللوس َبْيَنهُمَا.
-3وذهب بعضُهم إل مشروعيةِ الطبتيْن وعدم اللوس.
واستدلّ القائلون بِالطبتيْن بِحديَثيْن :جاء أحدها ف صل ِة العيد وله شاهد أيضا ،وجاء أحدها ف خُ ْطَبةِ
عَرَفة:
...
-1المام نور الدين السالي ،جوهر النظام ف علمي الديان والحكام ،كتاب :الج ،باب :النيابة ف الج.
-2قال الشيخ " :وعسى " وهو سبق لسان إن كان الشيخ قصد الية.
385
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وأمّا بِالنسبة إل خُ ْطبَة عَرَفة فإنّه قد جاءتْ رواي ٌة فيها-أيضا-أ ّن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-خَ َط َ
ب
خُ ْطبَتيْن ،ولكن هذه الرواية ل َتصِح لنّها قد رواها المام الشافعي و َعنْه المام البيهقي ف " السنن الكبى "
ض العلماء فقال " :إنّ إبراهيم بن ممد بن مِن طريق إبراهيم بن ممد بن أب يَحي وغيه وقد َقوّى أمْرَها بع ُ
أب يَحي وإن كان متروكا لكنه لَم َيتَفَرّد إذ تابعه ذلك الشخص " ولكن ذلك الشخص كما ترون ُمبْهَم
فيُمكن أن يكون ِثقَة ويُمكن أن يكون ضعيفا ويُمْكن أن يكون مَجهول ومادام المر كذلك فل يُمكن أن
يُعتمَد على روايتِه والظاهِر أنّه ضعيف وذلك لنّ هذه الرواية قد خاَلفَتْ الرواي َة الصحيحة الثابتَة عن النب
صلى ال عيه وعلى آله وسلم.
...
هذا وبِمناسبة ذِكْ ِرنَا لِخطبة عرفة:
-1فإنه قد َروَى أبو داود أنّ النبِي-صلى ال عليه وعلى آله وسلمَ -خطَب على ِمْنبَر ،وهذه الرواية ل َتصِح
جهُول ،ثُم إنّها مُخَالِفة لِلرواي ِة الصحيحة الثابتة عن النب-صلى ال عليهفقد رواها أبو داود وف إسنادِه مَ ْ
وعلى آله وسلم-أنّه خطب وهو على َظهْر نَاَقتِه ،فمثل هذه الرواية-أيضا-ل ُي ْعتَمَد عليها ،فمَنْ خَطَب ل
يَنبغي أن َيخْطُب على ِمْنبَر أو ما شابه ذلك بل يَخْطُب واقِفا مِ ْن غيِ أن يكونَ على شيء اللهم إل إذا احتاجَ
ض الناس ل يُشاهِدُونَه فيُمكِن أ ْن ُيتَرَخّص بِفعلِ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم- إل ذلك بِأن كان بع ُ
على نَاَقتِه وََلكِن ل أظ ّن أنّ الاج َة تَدعو إل مثلِ ذلك.
-2ثُ ّم إنّه قد جاء حديثٌ عن النب eفيه أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلّمَ -خطَب لِعرفة بعد أن صلّى
الظهر والعصر ،وهذه الرواية رواها أحد ورواها-أيضا-أبو داود وف إسنادها ابن إسحاق وهو وإن كان
ف الثقات الذين رَووا أنّ النبي-صلى ال ح بِالسماع إذا لَم يُخَالِف غيَه ولكنّه هاهنا قد خاَل َ
حتَج بِه إذا صرّ َ
يُ ْ
ض بِأنَّ
ت التنبيه على هذا لنّ فيه فائدة ُمهِمّة فقد يَظُ ّن البع ُ
عليه وعلى آله وسلمَ -خطَب قبلَ ذلك ..أرد ُ
الفع َل ُمَتعَارِض أو ما شابه ذلك مع أنّه ل يُ ْمكِن أن ُيقَال ِبتَعَدّدِ مثلِ هذه الادثة لنّ النبي-صلى ال عليه
وعلى آله وسلمَ-ل ْم يَحُج إل مَرّة واحدة ولِذَلك لَم يَخْطُب إل مَرّة واحدة ف عرفة وهي الطبة الت كانت
ض الناس يَقولون ف مث ِل هذه المور بِأنّه يَجوز المرَان وإن كانوا لَم ُيصَرّحُوا بِه ف هذه قب َل الصّلة ،لنّ بع َ
وإنّما صرّحوا بِه ف مثلِ ذلك ...
س ... :5
ضبَاعَة حيث إنه أجاز لا أن تَشترِط أن ج ... :ثبت عن الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-مِن حديث ُ
تَخرُج مِن الحرام ف الوضع الذي تَضطَر إل الروج فيه ...
مِن حلقة 24رمضان 1422هـ ،يوافقه 10/12/2001م
386
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س ... :1
ج... :
وجاءت رواية عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-فيها فضْل صيا ِم يومِ التروية ،ول يَثبت عن النب-صلى
ال عليه وعلى آله وسلم-أنه صامه ف الج ،أما بالنسبة إل غي الج فجاءت بعض الروايات أ ّن النب-صلى
ال عليه وعلى آله وسلم-كان يَصوم العشْر ولك ّن الرواية الصحيحة فيها أنه صلى ال عليه وعلى آله وسلم ل
يَكن يَصوم ذلك ..نعم جاء أنّ العمل الصال ف العشْر أفضل مِن غيها ،وأما رواية يوم التروية فإنا رواية
باطلة ل تَثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،لنّ ف إسنادها كذابا وف إسنادها-أيضا-مهول
ولكنّ المْل على ذلك الكذاب الذي هو الكلب الشهور بالكذب.
...
والصيام-أيضا-الذي أمر به النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،ونسيتُ أن أذكره سابقا-صيام ثلثة أيام مِن
كل شهر وهي أيام الليال البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والامس عشر مِن كل شهر إل الثالث عشر
مِن شهر ذي الجة فإنّ ذلك مكروه ،لثبوت النهي عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-عن صيام أيام
التشريق.
ومِن اليام الت ثبت النهي عن صيامها أيام التشريق.
...قد ثبت النهي عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-عن صيامها ،وقد اختلف العلماء ف هذا
النهي:
حلته طائفة على التحري.
وحلته طائفة أخرى على الكراهة.
والقول بالكراهة هو الذي ذهب إليه الكثرون ولكن ل ينبغي لحد أن يَصوم ذلك حت على القول بالكراهة،
وهذا أمر واضح ..نعم ثبت خلف بي أهل العلم ف صيام أيام التشريق بالنسبة لِمَن ل يَجد الدي أي
بالنسبة للمتمتع والقارن على قول مَن يقول بأ ّن القارن عليه هدي ..اختلف العلماء ف هل يُشرَع لما الصيام
ف هذه اليام أو ل ؟
ذهبت طائفة إل مشروعية ذلك ،واحتجوا برواية مروية عن السيدة عائشة-رضي ال تعال عنها-وهي متمِلةٌ
للرفع وللوقف ،وقد جاء مِن طريق أخرى التنصيص على أنا مرفوعة عن النب-صلى ال عليه وعلى آله
وسلم-ولكنّ هذه الرواية الت هي نصّ ف الرفع ل تَثبت ،لنا جاءت مِن طريق ل تَصح ،وإنا الصحيحة هي
الرواية الول ولكنها متمِلة للرفع وللوقف ،ولِمناقشة ذلك موضع آخر بشيئة ال تبارك وتعال.
387
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ومِن الصيام الكروه صيام يوم المعة وهذه الكراهة مقيّدة بِمَن ل يصم قبله يوما ول بعده يوما-كما جاء
ذلك ف الديث الصحيح الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أما مَن صام قبله يوما أو
صام بعده يوما فل كراهة ف ذلك.
وقد اختلف العلماء ف صيام يوم المعة إذا صادف يوم عرفة أو يوم عاشوراء مثل:
ذهبت طائفة مِن أهل العلم إل مشروعية صيامه ،لجل أنه يوم عرفة أو لجل أنه يوم عاشوراء.
وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل كراهته ،لجل النهي عن صيام يوم المعة.
والفضل للنسان ...أن يصوم اليوم الثامن مِن شهر ذي الجة لجل الروج مِن هذا اللف ولكن مَن ل
يصم ذلك ولسيما بالنسبة إل يوم عرفة إذا فاته ذلك مثل هل يُشرَع له أن يصوم أو ل ؟ ف ذلك خلف بي
أهل العلم ،والذي يَظهر ل أنّ صيامه مشروع ..هذا هو الصواب ،وتقرير ذلك يَحتاج إل وقت ولعلنا نتكلم
على ذلك ف مناسبة أخرى بشيئة ال لنه سيُصادِف على احتمال قوي ف هذه السنة ..يوم عرفة سيُصادِف
يوم المعة فلعلنا نتعرض لذلك بشيئة ال قبل هذا اليوم ،ولك ّن الصحيح-كما قلتُ-هو قول مَن قال بصيامه،
والستحَب بأن يُخرِج النسان نفسه مِن مثل هذه اللفات ولسيما مع قوة تعارض الدلة فيها.
...
س :4تريد أن تَحج ح ّج الفريضة ولكن ليس لديها مرم إنا تَخرج مع نساء السلمي.
ج :الصل أن تذهب الرأة مع زوجها أو مع مرمها ،لِما جاء مِن النهي عن النب-صلى ال عليه وعلى آله
وسلم-عن سفر النساء مع غي الحارم ،وهو حديث صحيح ثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم،
وينبغي للزواج أن يتعاونوا مع زوجاتم وينبغي للمحارم أن يتعاونوا مع-أيضا-أقاربم مِن النساء ،لنّ ف هذا
التعاون ما ل يفى مِن التعاون على الي والبِ ّر والتقوى ،بل ذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنه يَجب على
الزوج أن يُسافِر مع زوجته لداء فريضة الج إذا كان ل يَجد عذرا شرعيا ول يَمنعه مِن ذلك مانع ،وهذا
القول وإن كنا ل نقول به بل نقول بعدم وجوب ذلك عليه ولكننا نَحثّه على ذلك ،وسيَحصل أيضا على
فضْل الج إذا كان متقيا ل تعال ،ول يَخفى ما ف الج مِن فضْل ،كما ثبت عن النب صلى ال عليه وعلى
آله وسلم ،و-على كل حال-ذهبت طائفة مِن أهل العلم إل أنه ليس للمرأة أن تُسافِر إل فريضة الج إل مع
حرَم فإن ل تَجد زوجا أو َمحْرَما فليس لا أن تُسافِر بل يَجب عليها أن تُوصِي بذلك إل إذا تَمكّنت
زوج أو مَ ْ
ف يوم مِن اليام مِن فعل ذلك ،وذهبت طائفة مِن العلماء إل أنا يَجوز لا أن تَذهب إل الج إذا وَجدتْ
ت به فل رفقة مِن الناس مِن أهل الصلح معهم نساء ،وهذا القول تَرخّص فيه كثي مِن أهل العلم ،فإذا أَخذ ْ
حرج ولكن ليس لا أن تُسافِر مع شخص واحد ..يوجَد كثي مِن الناس يَذهب الواحد ومعه مموعة كبية
مِن النساء أو يذهب اثنان أو ما شابه ذلك مع مموعة مِن النساء وهذا ل يُرخّص فيه أحد مِن أهل العلم ،وإنا
388
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
شدّدوا فيه ،وإنا رخّصوا إذا كانت مموعة كبية مع نساء والكل مِن أهل الصلح ول يُخشى عليها ،فهذا
ترخيص ،وأما الوجوب فل يُمكِن أن نقول بالوجوب ،ونظرا لضيق القام فأكتفي بذا الختصَر ،ولعلنا نطيل
ف ذلك مرة أخرى.
مِن حلقة 23/12/2001م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عام 1423هـ
389
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
تُعْذَرُ الائض والنفساء ،أما مَنْ عَدَا ذَلك فإنّهُمْ ل يُعْذَرُون عن طواف الوداع ،وإن اخْتُلِفَ ف
وُجُوبِ الدّم عليهم ،والَكْثَرُ على وُجُوبِه ،وأما بالنّسْبَة إل العُمْرَة مُخْتَلَف فيه ،ول شك بأنّ
الخْتَلَفَ فيه ل يَصِل إل درجة التّفَق عليه فإذَا تَرَكَه بعض الناس ظَنّا بأنّه ل يُشْرَع فل شيء عليه
بِمَشِيئَة ال تبارك وتعال ،ولَكِنْ بَعْدَ أن يَعْرِفَ الكم فإنّه ل ينبغي لَه أن يتهاون بذلك وإن كنتُ
ل أَقْوَى على أَنْ أُلْزِمَهُ الدّم؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
مِن حلقة 24جادى الول 1423هـ ،يوافقه 4/8/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س ... :1
ج... :
وأما بالنسبة إل العمرة فقد جاء ف فضلها-أيضا-أحاديث عن النب صلوات ال وسلمه عليه ،وأما أنّها ف
شهر رجب بالصوص فلم يثبت ف ذلك شيء ،وما جاء عن ابن عمر-رضي ال تبارك وتعال عنهما-مِن أنّ
النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-قد اعتمر ف شهر رجب فذلك وَهْم مِنه رضوان ال-تبارك
وتعال-عليه ،وقد رَدّته عليه السيدة عائشة-رضي ال تبارك وتعال عنها-وذكرَت بأ ّن ابن عمر-رضي ال
تعال عنهما-قد اعتمر مع النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ف كل عمراته الت اعتمرها-صلوات ال
وسلمه عليه-ول يكن شيء مِن ذلك ف شهر رجب؛ وكذلك ل يأت شيء ف فضل ذلك مِن الحاديث
القولية؛ فَمن اعتمر ف ذلك مِن غي أن يَعتقد بأنّ ذلك ثابت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه
وسلم-فل شيء عليه ،أما أن يعتقد ثبوت ذلك فهذا مِما ل ينبغي؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
مِن حلقة 15رجب 1423هـ ،يوافقه 22/9/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س ... :15
ج ... :ل يثبت عن النب صلوات ال وسلمه عليه ول عن صحابته الكرام بأنم كانوا يتلفظون بشيء من هذه
النيات ..ل يثبت أنم كانوا يتلفظون بنية للصلة أو بنية للصيام أو بنية للحج ..نعم يُلَبون بذكر الج
والعمرة ،أما أن يقول الواحد " :اللهم إن نويت الج فيسره ل وتقبله من " أو ما شابه ذلك من اللفاظ فل
...
مِن حلقة 1رمضان 1423هـ ،يوافقه 7/11/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
390
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :9توف أحد الشخاص وأوصى بِحَجّة وصيام شهرين لكفارة كانت عليه وعنده ولد وابنتان،
فإذا جاز الصيام عنه فهل يوز أن يزئ الشهرين على البناء ؟
ج :لبد مِن إنفاذ هذه الوصية:
فعلى الوصي أن يقوم بالج عن ذلك الشخص أو بتأجي غيه وينبغي أن يكون الذي يقوم بتأدية هذه
الـحَجّة قريبا مِن ذلك التوف فإنّ ذلك أوْل ،بل ذهب بعض العلماء إل أنه ل ينوب عن التوف أو العاجز
إل القريب.
...
س :14البعض يكتب وصيته فيطالِب ورثته بالصيام عنه أو كفارة شهرين أو الج.
ج :مَن أوصى بشيء فلبد مِن أن يُنفّذ الورثة وصيتَه ول يَجوز لم أن يَتركوا ذلك إذا كان ماله يبلغ
القدار الذي يكنهم أن ينفذوا منه تلك الوصية ،فمَن أوصى بج أو بصيام سواء كان ذلك كفارة أو كان
غي ذلك فلبد مِن إنفاذ وصيته ،ومِن العلوم أنّ الوصية بالج وبالكفارات والصيام إذا كان ذلك واجبا
عليه أنه يرج مِن رأس الال ،ل مِن الثلث ،أما إذا كان ذلك ليس واجبا عليه فإنه يَختلِف؛ وال-تبارك
وتعال-أعلم.
مِن حلقة 7رمضان 1423هـ ،يوافقه 13/11/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :6شخص جَمَع مال لشراء سيارة أو َبيْت أو َج َمعَه للزواج أو الج وحال عليه الول ،هل فيه
الزكاة ؟
ج :نعم ..تَجب فيه الزكاة ،فإن تَ َزوّج أو ح ّج به أو اشترى به ذلك البيت الذي يُرِيده أو تلك السيارة قبل
أن يَحُول عليه الول فل شيء فيه ولو كان ذلك قبل َي ْومٍ واحد ،أمّا إذا حَا َل عليه الول فإنّه يَجب عليه أن
ج ِمنْهُ الزّكَاة إذا كان َيبُْل ُغ الّنصَاب؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
يُخْ ِر َ
مِن حلقة 9رمضان 1423هـ ،يوافقه 15/11/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س ... :2
ج ... :فمن تلك الشروط :السلم ،وهذا الشرط شرطُ صِحّة ،وهو شرطٌ ف كل العبادات ،وإذا وجدنا
اشتراط السلم فمعن ذلك أنه ل يَصحّ من الكافر شيء من العبادات رأسا ،فإذا قيل باشتراط ذلك ف بعض
العبادات الواجبة-كالج والصلة والصيام والزكاة-فمعن ذلك أنّ ذلك ل يَصحّ ،ل أنه ل يُخاطَب بذلك ،بل
391
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
هو ماطَب بذلك ،على أص ّح القوال وأشهرها ،وهو الذي تدلّ له الدلة الكثية من كتاب ال تبارك وتعال،
...
...الشتراط ف الج ،فإنّ الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-رَخّص ف مَن يَخاف ألّ يَتمكّن من إتام
مناسك الج أن يَشترط بأنه يل ف الوضع الذي ل يَتمكّن من مواصلة الج فيه... ،
مِن حلقة 10رمضان 1423هـ ،يوافقه 16/11/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :2هل توز الصلة ف الطابق الثان بالسجد الرام إذا كان الطابق الول غي متلئ ؟ لعله يقصد
الدور الرضي والطابق الول القصود به الثان كما يبدو.
ج :إذا تكن النسان مِن الصلة ف الطابق الول أو ف الدور الرضي فذلك هو الوْل ،ولكنه إذا صلى ف
الطابق الول أو ف الثان فصلته تعتبَر صحيحة بشيئة ال تبارك وتعال ،ولكنه-كما قلتُ-إذا تكن مِن
الصلة حول الكعبة ف ذلك الكان فهذا هو الوْل؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :12هل يستحب أن يكون الطواف حول الكعبة بي الكعبة ومقام سيدنا إبراهيم uأو أنه ل
يوجد ما يعيب الطواف مِن خلف مقام سيدنا إبراهيم u؟
ج :كلما كان الطائف أقرب إل الكعبة فإنّ ذلك أفضل إذا كان ل يؤذي غيه ول يؤذيه غيه ،أما إذا تأذى
بذلك وأذهبَ ذلك الشوع فإنّ الوْل له أن يطوف أبعد مِن ذلك ،فإذن إذا كان ل يؤذي غيه ول يتأذى
هو فالفضل له أن يطوف بالقرب مِن الكعبة فكلما قرب مِن الكعبة فإنّ ذلك أوْل ،أما إذا كان بلف ذلك
فإنه ل ينبغي لحد أن يؤذي غيه بل ذلك ل يصح؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
مِن حلقة 11رمضان 1423هـ ،يوافقه 17/11/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :3شخص َذهَب إل الج وتَاب إل ال توبة ل رَ ْجعَة فيها ،فهل يغفر ال-تعال-له كل ُذنُوبه ؟
وبالنسبة إذا كان هذا الشخص أَخَذ حُقوق نَاس مِن دُون أن َيعْلَمُوا ،فهل يغفر ال-تعال-له هذا الذّنب الذي
اقترفه ؟ وماذا يفعل إذا لَم يكن َل َديْهِ الال الذي أَخَذَه مِن الناس لكي يُرْ ِجعَه ،فما حكم هذا الشخص ؟
ج :الج جاء فيه َفضْ ٌل عظيم بأحاديث كثية ثابتة عن النب صلوات ال وسلمه عليه ،ولكن ليس مَعنَى ذلك
حبَط عنه تلك الكبائر بالج ،بل لبُد مِن التوبة إل ال-تبارك بأ ّن مَن ارتكب كبية مِن كبائر الذنوب أنّه تُ ْ
وتعال-ف الكبائر ،وإنّما ذلك ف الصغائر ..هذا هو الذي عليه المهور.
َأمّا بالنسبة إل حُقوق الناس فعلى كل حال لبد مِن أدائِها إليهم إل إذا عَفوا عنه وعَذَرُوه مِن ُحقُوِقهِم ،وإذا
صّيتِه ،وإذا ذهب إليهم وا ْعتَذَر عن
كان ل يَجِد ذلك الن ف هَذَا الوقت فإنّه بإمكانه أن يكتُب ذلك ف وَ ِ
392
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
حقوقهم 1وعَذَرُوه ف ذلك ول ِسيّمَا مع هذه الضرورة ،وإل ل ينبغي له أن َي ْعتَذِر وإنّما يَتوب إل ال-تبارك
وتعال-ويُرجِع تلك القوق إليهم ..نعم يَعتَذِر عن أَ ْخذِه لِحقُوقهم أمّا أنْ يَطلب مِنهم السامَحَة فل ينبغي له
جَئهُم إل ذلك إل إذا عَذَرُوه؛ وال أعلم.
أ ْن يُ ْل ِ
مِن حلقة 13رمضان 1423هـ ،يوافقه 19/11/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :1ماذا يَنبغي على الذي يُريد أن َيحُج إل بيت ال الرام ؟ ماذا عليه أن يَصنع كاستعداد لذه
الفريضة ؟
ج :إنّ الج فريضة مِن فرائض السلم بل هو رُكن مِن أركانه ،والدلّة على وجوبه متعدّدة مِن كتاب ال-
تبارك وتعال-ومِن سنّة رسوله صلوات ال وسلمه عليه ،وقد أجعت على ذلك المّة السلمية بل هو مِن
المور العلومة مِن الدّين بالضرورة لعامّة السلمي ،ولذلك ل أرى حاجة للطالة بذِكر تلك الدلة.
والج يَجب على الفور على القول الصحيح الراجح ،وهو الذي ذهب إليه ابن بركة والشيخ إساعيل ،وهو
الذي يُفهَم مِن كلم المام نور الدين السالي-رضي ال تبارك وتعال عنه-ف " جوهر النظام " ،وهو الذي
تُؤيّده الدلّة ،على أ ّن النسان ل يَدري مت يَأتيه الوت فما مِن لظة مِن لظات حياته إلّ ويكن أن يَموت
فيها وإذا كان المر كذلك وكان الج واجِبا-كما أشرنا إل ذلك مِن قبلُ-على الستطيع عليه فإنه ليس لحد
وجد الستطاعة أن يَتأخّر عن الج بل يَجب عليه أن يُبادِر إل ذلك فورا ،فمَن وجَد الستطاعة عليه أن
يَستعِدّ لذلك وأن يَقوم بتأدية هذه الفريضة العظيمة الت أوجبها ال-تبارك وتعال-على الستطيع مِن عبادِه،
والت جاءت الحاديث الصحيحة الثابتة عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-الت تدلّ على عظيم
فضْلها.
فمَن أراد أن يَقوم بأداء هذه الشعية السلمية العظيمة وأن يُؤدّيَ هذه الفريضة الت افترضها ال-تبارك
وتعال-عليه فعليه أوّلً أن يتخلّص مِن الديون الت عليه إذا كانت حاضِرة ،وإن ل تَكن حاضِرة فعليه أن يَقوم
بتوثيق تلك الديون الت عليه ،وذلك بأن يَكتب ذلك عند كاتب ِثقَةٍ صالِح يُؤخذ بكتابته وأن يُشهِد شاهديْن
عَدَْليْن على ذلك ث بعد ذلك يَقوم بوضْع ذلك الصكّ الشرعي إما عند صاحب القّ-وهو ا َلوْل-أو أن يَضع
صفَهذلك مع ثقة أمي ث يُخبِر صاحب القّ بأنه قد وضَع الصكّ الذي وثّق به ماله مع فلن بن فلن وأن َي ِ
بصفة ل تَخفى على صاحب ذلك الق ..هذا بالنسبة إل حقوق العباد الت عليه ..نعم إذا كانت تلك
القوق حاضِرة وسَمَحَ له مَن له ذلك الال بأن يُسافِر وبعد ذلك يَقوم بتأدية ذلك ال ّق إليه وكان هو يَملِك
-1قال الشيخ " :حقوقه " بدل من " حقوقهم " والظاهر أنه سبق لسان.
393
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ذلك الال الذي يُساوِي ما عليه مِن القوق فإنه ل مانع مِن ذلك لكن ل يَنبغي له أن يَقوم بطالبة الناس أن
يَسمحوا له بذلك.
فإذن إذا كانت عليه حقوق فلبد مِن أن يَكون يَملِك مِن الال ما يُساوي تلك القوق الت عليه ولبد مِن أن
يُوثّق ما عليه مِن مال.
صيّتَه ،بل الوصية وتوثيق القوق مِن المور الت لبد منها سواءً أراد النسان الج ث عليه-أيضا-أن يَكتُب و ِ
أو ل يُرِد وسواءً كان ذلك ف وقت الج أو ل ،وذلك لِما ذكرناه مِن أنّ النسان ل يَملك مت يأتيه الوت
فل يَدري مت يأتيه ومت يَعرِض له وقد تَضيع حقوق الناس بوته وعدم عِلم ورثتِه أو بتساهلِهم أو تساهلِ
بعضِهم بتأدية ما عليه مِن القوق ،والديث قد نصّ-وهو صحيح ثابت-على أ ّن النسان لبد مِن أن يَقوم
بكتابة وصيتِه وأنه ل يَجوز له أن يَبيت ثلث ليال إل ووصيتُه مكتوبة ،أو ما هذا معناه ،وهو حديث صحيح
ثابت ،وذكرناه بعناه ل بلفظه.
و-كذلك-عليه أن يُهّيئَ مِن الال ما يَكفيه لِسدّ حاجتِه مِن الوقت الذي يَخرُج فيه مِن بلدِه إل أن يَرجِع إل
بلدِه ويَأخ ُذ مقدارا مِن الال يَكفيه لس ّد بعض المور الت قد تَعرِض له مِن مرض أو مِن وجوب فِديةٍ أو جزاءٍ،
لنّ النسان قد يَقع ف بعض المور الت يَجب عليه بسببها الفِدية أو يَجب عليه بسببها الزاء ،وهي أمور
سيأت توضيحها ف مناسبة أخرى بشيئة ال تبارك وتعال.
و-كذلك-عليه أن يَقوم بتعلّم أمو ِر الج ،لنّ كثيا مِن الناس-وللسف الشديد-يَذهبون لتأدية هذه الفريضة
وهم ل يَعرِفون عن كيفية أدائها شيئا ..منهم مَن يَعتمِد على أنه سيُرافِق فلنا أو فلنا أو أنه سيَبحث عن
مُ َطوّفٍ أو ما شابه ذلك ،وهذا أمر ل يَنبغي ،ولستُ أريد بالتعلّم أن يَتعلّم النسان الدقائِق الفقهية الت ذكرها
العلماء ف كتبهم ،فإنّ هذا المر مِمّا ل يَقوى عليه إل قلّة قليلة مِن الناس ،وإنا أريد أن يَتعلّم النسان أهمّ
الناسك ،وهي أمور سهلة بشيئة ال تبارك وتعال ،فلبد مِن أن يَعرِف مِن أين يُحرِم ،وما هو الذي يَجوز له
ف الحرام وما هو الذي ل يَجوز له ف الحرام ،و-كذلك-لبد مِن أن يَعرِف كيف يَقوم بتأدية الج ..مِن
إحرام وطواف وسعي وإحلل بِالنسبة إل العمرة ،وكَذلك بالنسبة إل الج ..يُضاف إل ذلك الوُقوف ِبعَرَفَة
والبيت بالزْدَلفَة مَعَ الدّعاء ف ذلك ا َلوْضع الشريف ،والـ َمبِيت بِمن مع الرمي ،والذّبح بِالنسبة للمتمتّع
والقَارِن ..أي ذبح الدي واللق ،إل غي ذلك مِن المور ،وهِيَ ُأمُور يَسِية سَهلة ،وقد كَتب فِيها كثي مِن
أهل العلم بعضَ الؤلّفات ،ومِن الؤلّفات الفِيدة الختصَرة الت َكتَبها العلماء-جَزاهم ال تبارك وتعال خيا-
لل ُمْبتَدئي الكِتاب العْروف الـمُنتشِر الشهور بِكتاب " تَلقِي الصبيان " ،فإنّ الشيخ المام السالي-رحه ال
تبارك وتعال-ذَ َكرَ أمورا مهِمّة بالنسبة إل الج ف هذا الكِتاب ،ول يَنبغي للنسان أن يَشتغِل ِبتِلك الذكار
الت ذَ َكرَها كَثي مِن أهل العلم وبعضها موجود ف " تلقي الصبيان " ..نعم إذا كان َيحْفظها فهي حسنَة
394
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
جِدا ،أما أن يَشتغِل ِب َفتْح كتاب أو بِمتاَبعَة فلن أو فلن ول يَخشَعُ ف ُدعَائه-وما شابه ذلك-فهذا مِمّا ل
يَنبغي ،بَل يَنبغي أن يَأتِي بِالدْعية الت يَحفظها ويَكون عند التيان ِبهَا خَا ِشعًا ل تبارك وتعالَ ،أمّا ما عدا
ذلك فل يَنبغي له أن يَتكلّف ذلك ..كثي مِن الناس َيهْتَمّون ببعض الزئيات البَسيطة ولكنهم ل يَدرون شيئا
عن المور الهمّة الت تترتّب على ذلك ،فإذن َتعَلّّم السَائل التعلّقة بِالج مِن َقبْلِ الذهاب إل الج مِن المور
جهَلون حت المور البَسيطة كالتلبية ،فكثي الهمّة الت ل يَنبغي الّتفْرِيط فيها ..وكثي مِن الناس-كما قلتُ-يَ ْ
مِن الناس-وخَاصّة مِن الكبار ومِن النساء-ل يَعرِفون التَلْبية ،وإنا يَذهبون إل الج فإذا رَكِبوا ف السيارة-
مثل-قَام واحد مِن الناس ِبقِراءة تلك التّلبية وهم ُيتَابِعونه عليها ونظرا لعاميتهم قد تَفوتُهم بعضُ الكلمات مِن
التلبية ول يَأتون بِها على وجهها الصحيح الشْرُوع الثابت عن النب صلوات ال وسلمه عليه.
كذلك هنالك ُأمُور ..بِأن يُودّع النسانُ أقارِبه ،وبأن يُؤدّي ما عليه مِن كفارات ونُذُور أو ما شابه ذَلك أو
يَقوم ِبتَوْثيق ذلك ،فَهذا مِن المور الت تَدخل ف ضِمْن الوصية فالوْل للنسان أن ُي َكفّر مَا عَليه من أيْمان
سواء كانت عَن تَرك صيام أو كان بِسبب ِحْنثِهِ ف بَعض اليْمَان مثل ،و-كذلك-إذا كان قد أفْطر شيْئا مِن
ب عليه صو ٌم بسبب نذْر أو بِغي ذلك مِن المور فلبد مِن أن يَقوم ِبتَأدِية ذلك ،مافة أن شهر رمضان أو وَ َج َ
يُصيبه حادثٌ-ل قدّر ال تبارك وتعال-عند تَأْ ِدَيتِه للحج ،ول يَنبَغي للناس أن يَخافوا مِن تَأْدية الناسك بِذِكْرِنا
ض الناس يَخافون مِن تأدية لِهذا الكلم أو بِذِكْ ِر بَعض الناس لِذلك ،فالج َسهْل بِمشيئة ال ،لنن أعرِف بع َ
الج ِلمَا يَسمعونه مِن زِحام-أو ما شابه ذلك-عند تأدية الناسك وخاصة عند الرمي ،فهذه أمور َسهَْل ٌة يَسِيَةٌ
ج َهلُون ذَلك ..يَظنّون بأنه لبد مِن تأدية النّسُكِ الفُلن ف الوقت الفلن ف حقيقة الواقع ،وإنّما الناس يَ ْ
شقّة أو ما شابه ذلك ..ل ..مثل الرّمي-بِحمد ال ض الّتعَب أو ُتصِيبُهم مَ َ
س ويُصيُبهُم بَع ُفيُزاحِمون النا َ
تبارك وتعال-ف اليوم العاشر يَبدأ مِن طُلُوع الشمس على َقوْل كثرة كَاثِ َر ٍة مِن أهل العلم بَلْ ل يَقل أحد بِأنه
يَبدأ بَعد طُلُوع الشمس وإنّما الِلف هَل يَجوز قبْل طُلوع الشمس أو ل ؟ أمّا إذا طلعت الشمس َفهُو
مَشروع باتّفاق المّة السلمية قاطبة ،ويَمت ّد الوقت-عند طائفة مِن أهل العلم-إل منتصَف النهار ..كثي مِن
الناس لبد عندما يَأتون إل موضِع الرمي لبد مِن أن يَقوموا بتأدِية ذلك النّسُك ف ذلك الوقت ول معن
شقّة بإمكانه أن َيتَ َرّيثَ ساعة أو ساعتي أو أكثر ،بل ذهب بعض العلماء إل أنّ لذلك ،فإذا وَ َج َد النسان مَ َ
الوَقْت يَمتدّ إل غروب الشمس ،وبعضهم إل طلوع الفجر ،ونن وإن كنّا نقول :إنّ الوْل أ ّل يُؤخّ َر النسان
شقّة ولو بَسِيطة مُمكِن أن يَتأخّر إل غروب لِغي الشقّة إل ما بعد منتصَف النهار وإن كانت هنالك مَ َ
الشمس ،أمّا ما عدا ذلك ..أي عند عدم وجود الشقّة الشديدة فل يَنبغي له أن يتأخّر عن ذلك ،وهكذا
بالنسبة إل الرمي ف اليوم الثان ..أي ف اليوم الادي عشر وكذا ف اليوم الثان عشر وف اليوم الثالث عشر
لِمن أراد أن َيتَأَجّل ..أي أراد أن يَ ْمكُث ذلك اليوم فهو يَبدأ بِمنتصَف النهار ويَمتَدّ إل غروب الشمس بل
395
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
لليوم الادي عشر والثان عشر ..لِمن ل يَستطِع يَمتدّ إل مَا هو أبعد مِن ذلك ،و َشرْحُ ذلك ف موضعه
بشيئة ال ،وإنّما نُريد أن ُنَبيّن للناس بأنّ المر يَسي ،وبأنه ل يَنبغي لم أن يَتزاحَموا ف وقت-مثل عند
منتصف النهار-ويَتركون الوقتَ المت ّد الطويل ويُتعِبون أنفسهم و-كذلك-يُتعبون َغيْرَهم ،فهذا مِن المور الت
ل تَنَبغِي.
فهذا مِِن المور الت يَنبغي للنسان أن يَعرِفها عندما يَذهب إل تأدية الج ،ومِن أهَمّها-كما قلتُ-أن يَعرِف
مناسك الج ،وأن يُوثّق ما عليه مِن ديون ،وأن يَقوم بالّتوْبَة والنابة إل ال ،وذلك بِأن َيفِدَ إل ربه-تبارك
وتعال-وقد تَخلّص مِن كل ما عليه مِن حقوق ال-تبارك وتعال-وحقوق عبادِه وتاب وأناب إليه وإذا كانت
حهُم بَل َلْيسَ للمسلم أن يَهجُر أخاه بينه خصومات وبي غيه مِن عبادِ ال-تبارك وتعال-لبد مِن أن ُيصَالِ َ
ث يَلتقيان يُعرِض هذا ويُعرِض هذا عن صاحبه ،كما ثبت ذلك ف الديث عن النب صلوات ال فوق ثل ٍ
وسلمه عليه.
ي بِكيفية الج مِن الوقْت الذي يَخرج مِن بيته ..فيه مَاذَا يَصنع وهنالك أمور أخرى تَتعلّق بِهذا الوضوع ..أ ْ
إل أن يَرجع إل بَيْته مِن أذكار إل غي ذَلك ،سنُؤجّل الكلم عليها إل مناسبة أخرى ،وعسى أن يكون ذلك
ف اليام القريبة إن شاء ال تعال.
س :2ذكرت بِأ ّن النسان إذا كان يَملِك مِن الـ َمتَاع ومِن الال مَا يَسُدّ ُديُونَه فيما لو حدث له
مكروه-ل قدّر الَ-فلَو كان يَمتلِك َبْيتَه فقط و َسيَارته ،فهل ذلك يَكفي لكي ُيضَ ّمنَه الوَصِيّة ؟
ي موضع سيسكنون ؟! ل .. ج :هذه َأمُور ضرورية ،فل يُمكن أن يَقوم أولدُه بَِبيْع َبْيتِهم وبعد ذلك ف أ ّ
وإنّما إذا كان ذلك يَفضُل عن حاجته وحاجة أولدِه الضرورية ،و-أيضا-هذا ف ديون اللل ،أمّا ف المور
الح ّرمَة فعلى النسان أن يَتخلّص مِنْها ولو باع الغَالِي والرّخِيص ..فهذا ف المور اللل ،أمّا ف المور
الح ّرمَة لبد مِن أن يَتخلّص وليس له أن َيتَأَجّل ..نعم إذا كان ل يَهمّه بأن يَبقى على معصية ال-تعال-
فنقول له " :اذهب إل الج ولكنّ ال-تبارك وتعال-ل يَتقبّل إل مِن التقي " ،أمّا أن يُقال لَه بأن يَترُك الج
ويَبقى على معصيته فهذا مِمّا ل يَصح ،فإذا وجد الناس ف قول بعض أهل العلم بأنّ " مَن كانت عليه ديون
م ّرمَة ليس له أن يَذهب إل الج بل عليه أن يَتخلّص ويَتوب " ..يُريدُون ذلك إذا كان هَذَا الشخص يُريد
حقّا أن يَتخلّص ،أمّا بعض الناس يَملِكون بعض الراضي أو بعض العقارات أو ما شابه ذلك مِن المور
ويَقولون " :نَحْن نريد أن نتخلّص ولكن ل يُمكن أن نَبيع هذه بل نَتأجّل حت نَجِد ثنا كبيا أو نَبن عليها
وبعد ذلك َنقُوم ِببَْيعِها " أو ما شابه ذلك فهؤلء-ف حقيقة الواقع-ل يُريدون أن يَتخلّصوا فعليهم أن يَذهبوا
إل الج لئل يَجمعوا بي معصيتي ..معصية تَ ْر ِك الج ومعصية البقاء على الرام؛ وال الستعان.
ح َرمًا لا إذا ما أرادت الذهاب إل الج ؟ س :9زوج أخت الرأة ،هل يعد مَ ْ
396
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ح ْرمَة ..أيْ عدم َجوَاز نكاح ذلك الرّجل لَها ف ذلك ح َرمًا لَها ،وذلك لنّ هذه الـ ُ
ج :ل ..ل ُيعَ ّد مَ ْ
الوَقت ُح ْرمَة مؤقتة ولذلك لو:
-1ماتت أختها.
-2أو طلقها وخرجت مِن عدتِها إذا كان الطلق َرجْعيًا.
-3أو طلقها إذا كان الطلق باتا.
ح ْرمَة
فإنه له أن يتزوجها ،فإذن هذه الـحُ ْرمَة ُح ْرمَة مؤقتة ،والرمة التِي تَجوز َم َعهَا ال ْلوَة أو السّفر فهي الـ ُ
ب أو ُمصَاهرة أو رَضَاع ،أمّا إذا كانت غي ُم َؤبّدة أو كانت مؤبدة ولكن الؤبدة وبِشرط أن تكون بسبب نَسَ ٍ
بسبب مِن السباب الخرى غي المور الت ذكرناها فل وذلك-مثل-كحالة الّلعَان فإن مَن َلعَن الرمةُ
مؤقّتة بينه وبي تلك الرأة الت وقع بينه وبينها اللعان فل يوز له أن يتزوجها ف يوم مِن اليام ولكنه ل يَجُوز
خُلوَ ِبهَا وليس له-أيضا-أن ُيصَافِحَها ،وهكذا بِالنّسبة إل مَن َزنَى بِها أو َزنَى بِها ابنه أَو أبوه أو مَا لَه أن يَ ْ
شَابَه ذلك مِن المور الت وََقعَت الـحُ ْرمَة البَدِية فيها بسبب مِن السباب الارجة عِن السباب الت
ذكرناها؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
ح ّج النّفل وسبق لَها أن حجّت الفرض لكنها هذه الرة تذهب بدون مَحْرَم، س :11امرأة أرادت أن تَ ُ
فهل عليها أن تتعجّل أم تؤخّر ؟
ج :ما ذكرناه مِن وجوب الّتعَجّل ف َتأْدية الج فَذلِك ف حج الفريضة.
وَأمّا بِالنّسبة إل النافلة فالنسان ل يب عليه أن َيتََنفّل ف الج وإنّما ينبغي له ذلك أمّا أن يَجب عليه ذلك
فل.
والعلماء قد اختلفوا ف الرأة هَلْ َلهَا أن تذهب إل حَجّ الفريضة مع َغيْر مَحَا ِرمِها أو زوجها:
فبعض العلماء قَال :لَيس لَها أن تذهب حت لِح ّج الفريضة إل مع زوج أو مَحْرم ،وذلك لنهي النب-صلى ال
عليه وعلى آله وصحبه وسلم-الرأةَ عن السّفر مع غي مَحارمها أو زوجها.
وبعض العلماء رخّص ف ذلك إذا كان الج حج فريضة بشرط أن تكون مع جلة مِن النساء معهن مَحارم مِن
أهل الصلح.
أمّا بالنسبة إل الج النّافلة فليس لَها أن تذهب إل مع زوج أو مَحْرم؛ وال-تعال-أعلم.
مِن حلقة 17شوال 1423هـ ،يوافقه 22/12/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :1نريد منكم أن تُحَ ّدثُونا-باختصار-عن صفة الج ..ما الذي يأتيه الاج وما الذي يذره ؟
397
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :إنه ل يَخفى على أحَد أ ّن الجّ مِن أَفْضَل الطاعات وَأعْظَم القُرُبات الت َيَتقَرّب بِها النسان إل ربه تبارك
وتعال ،ولذلك يَجب أن تَكون وِفْ َق سنّة رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-الت ثبتتْ عنه،
فالرسول-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-حَ ّج وَبيّن للناس كيفية الج ِبفِعله وَبيّن بعضَ المور التعلّقة
بِذلك بِقولِ ِه وَبعْد أن َفعَل تلك الناسك قال ( :خذوا عن مناسِككمَ ،لعَلّي ل ألقاكم بعد عامي هذا ) ،وقد
اتّفقتْ المّة ف كثي مِن تلك المور ،واختلفتْ ف بعض المور هل هي ثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى
ت فيه الكَلِمَة فإنه يَنبغي
آله وصحبه وسلم ،فما اتّفقتْ عليه المّة السلمية فل إشكال فيه ،وما اختلف ْ
لِلنسان أن يَأخذ بِما ثبتَ عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
صفَة الج يَطول ،وقد أَفْرَ َد ُه كثي مِن أهل العلم بِمؤلّفات مُ َطوّلَة وبَحثوه ف كتبٍ أُّلفَت ف التفسي والكلم ف ِ
خصَ ذلك بِتلخيصٍ شديد بِكلمٍ متصَر. أو ف شروح الحاديث أو ف غي ذلك مِن المور ،ول بأس أن أَُل ّ
ب بل هو ركن مِن أركان السلم ،وأنه ل يَنبغي لِلنسان إذا استطاع سبيل إل ومِن نَافِلَة القول أنّ الج واج ٌ
ذلك أن ُيؤَخّرَه بَعْد وجوبه عليه ،لنه ل يَدري ماذا سيَحدث له ف الستقبل ،فقد يَأتيه الوت ول يَتمكّن مِن
تأدية هذا الفرْض وقد يَمرض ول يَتمكّن مِن ذلك أيضا ،وقد تَذهب أمواله فل يَتمكّن مِن تأدية هذا الركن
العظيم ،فلذلك إذا وَجد استطاعةً عليه فليس له أن يَتأخّر عن ذلك ،كما يَفعله كثي مِن الناس وللسف
الشديد.
حجّه وِبعُمرته وج َه ال تبارك وتعال ..ل يَقصد بذلك ريا ًء ول سُمعةً، ومِن أه ّم المور أن َي ْقصِدَ النسان بِ َ
فكثي مِن الناس يَرغبون ف أن يُقال " :إنّ فلنا ذَهب إل الج " أو ما شابه ذلك ويَ ْزعُمُون بِأنم يَقصِدون
ي النسان نيةً صحيحةً ل ال-تبارك وتعال-والدار الخرة وف الواقع ذلك مِمّا ل يَصح ،بل لبد مِن أن ينوِ َ
يَشوبُها َشوْبُ رياءٍ أو سُمعةٍ ،وَبعْد ذلك ُي َهّيئُ ما يسّره ال-تعال-له مِن الرزق اللل فيَذهب به إل تأدية
الج ،وقد تكلمنا 1على بعض الشروط التعلّقة بذلك ،ول أريد أن أطيل الكلم بذلك ف هذا الوقت ،وإنا
أريد أن أتكلم على ما يَفعله النسان مِن الوقت الذي يَخرُج فيه مِن بيته إل أن يَقوم بِتأدية هذا الركن
العظيم.
فإذا أراد النسان الروج إل الج فَلْيُوَدّع أهلَه وأقاربه وليُخْلِص النية إل ال-تبارك وتعال-بعد توبةٍ
صادقةٍ إل ال-تبارك وتعال-وتأديةٍ للحقوق الت عليه وتَوْثِيق ما ل يُؤَدّه مِن القوق بصكّ شرْعِيّ
مع شهادة شهودٍ عُدولٍ ولْيَضعه مع أمي أو مع صاحب الق وإذا وضعه مع أمي فلبد مِن أن يُخبِر
صاحبَ الق بِذلك ،ث لِيَخرُج إل مكّة الكرّمة-شَرّفها ال تبارك وتعال-وينبغي له أن يَبحث عن
-1عند الواب على السؤال 1مِن حلقة 17شوال 1423هـ ( 22/12/2002م ).
398
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أصحابٍ صالي يُعينهم ويُعينونه على طاعة ال تبارك وتعال ،فإذا بَلَغ واحداً مِن الواقيت ..والواقيت
خسة:
-1ذو الُلَيْفَة لهل الدينة ولِمَن مَرّ با.
-2وذاتُ عِرْق لهل العراق ومَن كان ف ناحيتهم.
-3والُحْفَة لهل الشام ومَن جاء على طريقهم.
-4وقَرْنُ الَنَازِل لِمَن جاء مِن نَجْد.
-5ويَلَمْلَم لِمَن جاء مِن اليَمَن أو مَن كان طريقه عليها.
فمَن كان مِن أهل هذه البلدان أو كان طريقُه على ذلك اليقات فلْيُحرِم مِن هذه الواقيت ،ول ينبغي له
أن يُحرِم قبلها ،إذ إنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ل يُحرِم قبل ذلك ،فقد أحرم مِن اليقات ف
حجّة الوداع ،وأَحرَم كذلك ف العُمرة الت صَدّه عنها كفار قريش ،وكذلك ف العُمرة الت قضى با تلك
العُمرة الت صُ ّد عنها ،بل وقّت ذلك بقوله صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،ولو كان هنالك فضْل-
أي ف التقدم على ذلك-لَفَعَلَه النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أو لصَرّح بذلك ،أمّا وأنه ل
يَفعل شيئا مِن ذلك ول يُصَرّح بشيء منه فل ينبغي لحد أن يقول بأنّ ذلك أفضل ،وأما الواز فل
إشكال فيه.
وما جاء مِن الحاديث مِن أنّ الفضل أنْ يتقدّم النسان على اليقات فذلك مِمّا ل يَصح عن النب
صلوات ال وسلمه عليه ،وفِعل الناس ل حُجّة فيه ..هذا إذا صح عن أحد مِن الصحابة أو غيهم،
ولستُ أريد أن أطيل الكلم على صحّة وعدم ثبوت تلك الروايات الت رُويت عن بعضهم.
فإذا وَصَل إل اليقات وكان يُريد حجّا أو عُمرة فإنه يُحرِم مِن ذلك.
والعُمرة تكون ف سائر السنة إل ما استُثن مِن اليام الت يكون النسان فيها ف الج ،فل يكن أن يَعتمِر
ف اليوم العاشر أو ف اليوم الادي عشر أو ف اليوم الثان عشر وكذلك قبل أن يَنتهي مِن الرمي ف اليوم
الثالث عشر لِمَ ن تأخّر.
أما الج فإنه ل يكون إل ف أشهر الج وأشهر الج معلومة فهو يكون ف شوال وف ذو القعدة وف اليام
الول مِن شهر ذي الجّة.
أما بالنسبة إل بقية شهر ذي الجّة فإنه وإن قال مَن قال مِن أهل العلم بأنه مِن أشهر الج لكنهم ل
يريدون بذلك أنّ الحرام يَصح فيه ،إذ إنّ مَن ل يَقف بعرفة قبل طلوع الفجر مِن اليوم العاشر مِن شهر
ذي الجّة ..أي قبل طلوع فجر ليلة اليوم العاشر منه فإنه ل حج له باتفاق العلماء قاطبة وبنصّ الديث
قبلَ ذلك ..أي بنصّ الديث الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
399
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فإذا جاء إل اليقات فإنه ينبغي له أن يَغتسِل ،كما ثبت ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه
وسلم ،فقد اغتسَل وأمرَ بالغتسال بل حت أنّ الائض والنفساء تَغتسِلن ،فقد ثبت عن النب-صلى ال
عليه وعلى آله وسلم-أنه أمرَ زوجَ أب بكر-أمّ ممد بن أب بكر-بأن تَغتسِل مع أنا نفساء ،فمَن كان
يستطيع على الغُسل فيُشرَع له الغُسل ،وهو وإن ل يكن واجبا ولكنه سنّة ثابتة عن النب εفل ينبغي
التفريط فيها ،أما مَن كان مريضا ل يقوى على الغُسل لِ شدّة البد-مثل-أو ل يَجِد ماءً-والمد ل الن
موجود بالنسبة لِمَن مَرّ على الواقيت-فإنه ل بأس عليه بِترك الغتسال ،إذ ل قدرة له عليه ،ول يُشرَع
ف حقّه التيمم على القول الصحيح الراجح ،لنه ل يَرِد حديثٌ عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
يَدلّ على التيمم ،ول يكن قياسُه على التيمّم لِلوضوء للصلة ولغسل النابة ..نعم إذا كان ل يَقوى على
الوضوء وأراد أن يُصلّي فإنه يَتيمّم لِلصلة ل لرادة الحرام ،فإذا اغتسَل وتوضّأ فإن كان الوقتُ وقت
فريضة فإنه يُصلّي الفريضة ويُحرِم بعد ذلك كما سيأت إن شاء ال ،أما إذا ل يَكن الوقتُ وقت فريضة أو
قد صلّى قبل ذلك فاختلف أهل العلم هل يُصلّي نافلةً ويُحرِم بعدها ؟ ول يَثبت عن النب εما يَدلّ
على ذلك ،إل أنه إذا دخل السجد فإنه يُصلّي ركعت التحية ويُحرِم بعد ذلك-كما سيأت بشيئة ال تبارك
وتعال-أو كان الوقتُ وقت الضحى وكان يُصلّيها مُطلَقا أو ف بعض الحيان-أعن يُصلّي سنّة
الضحى-فإنه يُحرِم بعدها أو أراد أن يُصلّي ركعت السنّة الت تُصلّى بعدَ الوضوء فإنه يُحرِم بعدَ ذلك
كما سيأت بشيئة ال تبارك وتعال ،أما أن يُخصّصَ ركعتي لِلحرام فالصحيح أنه ل يَثبت ف ذلك شيءٌ
عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وما دام ل يَثبت شيءٌ ف ذلك فل يُمكِن أن نقول بشروعية
شيءٍ ول نلك دليل يَدلّ عليه ،فإذا صلى-إذا أراد الصلة-فإنه يُحرِم-ف ذلك الوقت على رأي بعض أهل
العلم ،وف رأي بعض أهل العلم أنه يُحرِم-إذا رَكب راحلته ،وهذا هو الذي دَلّ عليه الديث الصحيح
الذي ثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وأما بعد الصلة فإنه قد ورد حديثٌ عن ابن عباس وقوّاه بعض الناس ولكنه ل يَثبت عن النب εمِن جهة
السناد.
وهذا اللف إنا هو ف الفضل ،وأما مِن حيث الواز فالمر جائز ول إشكال فيه.
والحرام يَكون بِلبْس ثوبَي الحرام بالنسبة لِلرجُل ..يَلبس إزارًا ساترًا ولبد مِن أن يكون ساترا
لِعورته.
وكثي مِن الناس-هدان ال تعال وإياهم-يُخرِجُون ما هو أسفل مِن السرة مع أنّ ما بيْن السرة والركبة
عورة-وهذا الكلم بالنسبة إل الرجل ،وسيأت ما يتعلّق بالرأة بِمشيئة ال تعال-1فهذا أمر ل يَصح ..لبد
-1لقد تكلّم الشيخ عمّا يتعلّق بِالرأة عند جوابه على السؤال 1مِن حلقة 24ذو القعدة 1424هـ ( 18/1/2004م ).
400
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
مِن أن يَستر ما بيْن السرة والركبة ،وإنا اللف ف السرة نفسها وف الركبتي ..نعم يُوجَد خلفٌ ف ما
هو أعلى مِن الركبتي ولكنّ الصحيح ما ذكرناه ،أما ما هو أسفل مِن السرة فل يكن أن يُرَخّص فيه،
فلبد مِن أن يَنتبِه النسان.
ويَلبس-أيضا-رِداءً ،ويَنوي الحرام وذلك يكون إما أن يُحرِم:
-1بِحج مُفْرد.
-2أو بعُمرة ث بعدَ ذلك يُحرِم بالج عندما يَنتهي مِن العُمرة كما سيأت إن شاء ال.
-3أو يَجمَع بيْن العمرة والج.
فالمور ثلثة :إِفراد ،وقِران ،وتَمتّع.
فالفراد هو أن يُحرِم بالج ،فإذا أتى مكّة الكرّمة طاف لِلقدوم وسَعى بيْن الصفا والروة ث يَبقى على
إحرامه حت يَنتهي مِن رمي جرة العقبة وف ذلك يُحِلّ ..أي ف اليوم العاشر.
وأما بالنسبة إل التمتّع فإنه يُحرِم أوّل بعُمرة ،فإذا أتى مكّة الكرّمة طاف بالبيت وسعى بيْن الصفا
والروة وأحَلّ مِن إحرامه.
وصِفَة الطواف أن يَبتدِئَ الطواف مِن ركن الجَر ..يُقابِل الجَر ويَنوي الطواف ويَطوف سبعة
أشواط ويُرْمِل ف طوافه ف الثلثة الشواط الول وكذلك يَضْطَبِع ولكنّ الضْطِبَاع-على الصحيح-
يَكون ف الشواط السبعة كلّها ،كما ثبت ذلك ف السنّة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وذلك
بِأن يَجعل وسَط الثوب تَحت إِبْطه اليْمن ويَجعل طَرفَي الرّداء على يَده اليُسرى ،فإذا انتهى مِن
الطواف فعليه أن يُرجِع ثَوب الحرام على ما كان عليه حت يُؤدّي الركعتي وقد سَتَرَ عاتِقَه ،فإنّ
ذلك أمر لبد منه ،كما ثبت ذلك مِن أمر النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،والجَر إن تَمكّن
مِن تقبيله فإنه يُقَبّلُه وإن ل يَتمكّن مِن تقبيله فإنه يَلمسُه بيدِه اليُمن ويُقَبّل بعدَ ذلك يدَه اليُمن
فإن ل يَتمكّن وكان ف يدِه عصا-وهو صعبٌ ف هذا الزمان-فإنه يَلمسه بعصاه فإن ل يَتمكّن أشار إليه
بيدِه وإذا أشار فل يُقَبّل يدَه ،وأما بالنسبة إل الرّكن اليَمان فإنه يَلمسه بيدِه إن تَمكّن ول يُقبّلها
وأما إذا ل يَتمكّن فإنه ل يُشي إليه ،لِعدم ثبوت ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،أما
بالنسبة إل الرّكْني الشامِيي وها الرّكن العراقي والشامي فإنه ل يُقَبّلهما ول يَلمسهما بيدِه ول يُشي
إليهما ،لعدم ثبوت ذلك عن النب صلوات ال وسلمه عليه ،وعند مقابلة الجَر يُكبّر ..يقول " :ال أكب
".
واستحب بعض العلماء أن يَقول " :بسم ال ..ال أكب " ،وذلك ل يَثبت ف حديثٍ مرفوع ،وإنا الثابت
التكبي ..نعم ثبتت التسمية عن ابن عمر رضي ال-تعال-عنهما ،أما الديث الرفوع فهو ما ذكرتُه.
401
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وعند طوافه يَدعو بِما تيَسّر له ،وإذا دعا بشيءٍ مِن كتاب ال ..أي مِن اليات الت جاء فيها الدعاء أو
بشيءٍ مِن الثابت عن النب-صلوات ال وسلمه عليه-فذلك أفضل ،أما أن يَشغِل بترديد الدعية والذكار
خلْف مُطَوّف ول يَفْقَه شيئا مِن تلك الذكار أو تلك الدعية فهذا مِمّا ل يَنبغي لحد أن يشتَغِل به،
ولْيَحْذَر النسان مِن مزاحة النساء ومِن لَمْسِهِن فإنّ ذلك مِمّا يُنهَى عنه النهي الشديد ،فإذا انتهى
مِن الطواف-كما ذكرتُ-فَلْيُصَلّ ركعتي خَلْف القَام وإن ل يَتمكّن خَلْفه مباشَرة-وف ذلك
صعوبة شديدة ولسيما ف أيام الج-فإنه يُصلّي ف بُقْعة بعيدة عنه ولْيَجعله أمامه وإن ل يَتمكّن مِن
ذلك فَلْيُصَلّ ف أيّ مكانٍ مِن البيت ولو ل يَكن خلْف القَام ،ث بعدَ أن يُصلّي يَأت إل الجَر
ويَدعو ث يَتَوجّه بعدَ ذلك إل الصفا ولْيَسْعَ بيْن الصفا والروة سبعةَ أشواط ..مِن الصفا إل الروة
يَعُدّه شوطا وهكذا مِن الروة إل الصفا ،ولبد مِن أن تكون البداية مِن الصفا وأن تكون النهاية بالروة،
فلبد مِن أن يَنتبِه النسانُ لِذلك ،وَلْيَذكُر موله-تبارك وتعال-وهو مُستقبِلا لِلبيت ف حالة صعوده
على الصفا والروة يقول " :ال أكب ،ال أكب ،ال أكب ،ل إله إل ال ،وحده ل شريك له ،له اللك وله
المد وهو على كل شيء قدير ،ل إله إل ال وحده ،أَنْجزَ وعْدَه ونَصَرَ عبْدَه وهَزَمَ الحزابَ
وحْدَه " ويَدعو بعد ذلك ث يَأت بالذّكر السابق ويَدعو بعد ذلك ث يَأت بعد ذلك بالذّكر السابق ،فإذا
انتهى مِن ذلك أحَلّ بِاللْق أو التقصي ،واللْق أفْضل إل ف حالة أن يَكون أراد الحلل مِن عُمرته ف
العشْر فِلقُرب الحرام بالج فإنّ الفضل له أن يُقَصّر حت يَتمكّن مِن اللْق عند إحلله مِن الج ،وقد
أَمَرَ النب eبالتقصي ف هذه الالة ،وذلك لجل أن يَبقى شعرُه طويل حت يَتمكّن مِن حلْقه-كما
قلتُ-عند الحلل مِن الج.
والنوع الثالث :القِرَان ،وذلك بأن يُحرِم بالعمرة والج معاً ،فإذا فَعل ذلك فإنه عندما يَأت البيت يَطوف
طواف القدوم ويَسعى ويَبقى على إحرامه حت اليوم الثامن 1ويَتوجه بعدَ ذلك إل مِن ويَبقى على
إحرامه-كما قلتُ-حت يَرمِيَ جرة العقبة ويَذبح هدْيه ،فإذا ذَبح الدْي فإنه يُحِل بالتَقصي أو باللْق،
واللْق أفضل ،لنّ الرسول eيقول ( :رَحِمَ ال الحلّقِي ) ..قال ذلك ثلث مرات وف الرابعة قال( :
والقصّرِين ).
وبذلك تُلحِظون أنّ الفَرْق بَيْن القِرَان والِفْرَاد هو أنّ القارِن يَذبح الدْي بِخلف الفرِد فإنه ل
هدْي عليه إجاعا ،أما القارِن فإنّ عليه الدْي على مذهب جهور المّة.
وسيأت الكلم بشيئة ال-تبارك وتعال-على أفعال الج على الثلثة النواع.
وف حالة التلبية يقولَ " :لبّيْكَ اللهم َلّبيْكََ ،لبّيْكَ ل شريك لكَ َلبّيْكَ ،إنّ المد والنعمة لكَ ،ل شريكَ
لكَ ":
ك ب ِحجّة " أو " َلّبيْكَ حج ّا " أو " َلبّيْكَ حجّة ".
وإذا كان مُفْرِدا قالَ " :لبّيْ َ
ك بع ُمرة " أو " َلّبيْكَ ع ُمرة " أو ما شابه ذلك.وإذا كان مُتَمَتّعا قالَ " :لبّيْ َ
ك ع ُمرة وحجّا " ،ويكن أن يُقَدّم العُمرة ك بع ُمرة وحجّة " أو قالَ " :لبّيْ َوإن كان قَارِنا قالَ " :لبّيْ َ
على الج ،ويكن أن يُؤَخّر ،واستحبّ كثي مِن أهل العلم أن يُقَدّم العُمرة على الجّة ،وهذا مِن باب
الستحباب-على رأيهم-ل مِن حيث الوجوب ،والفضل ألّ يَزيدَ النسانُ على تلبية النب صلى ال عليه
وعلى آله وسلم ،وأما مِن حيث الواز فإنّ ذلك جائز ،إذ إنّ بعض الصحابة كانوا يَزيدون على مسمعٍ
ومرأى مِن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ول يُنْكِر عليهم ،ولكنّ الفضْل ف التزام التلبية
الت كان يَأت با النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،ويَنبغي لِلنسان أن يُكْثِر مِن التلبية وأن
يَرْفَع با الصوت إذا كان رجُل ،أما الرأة فإنا تُسِرّ ول تُسْمِع الرجالَ الجانب ،ويُكْثِر مِن التلبية-
كما قلتُ-ولسيما عند إِقبالِ الليل أو النهار أو إذا صَعَدَ َشرَفًا أو نَزَلَ أو ما شابه ذلك ..أي ف حالة
تَغيّر الحوال ،و-على كل حال-يَنبغي أن يُكْثِر منها وأن يَرْفَع با الصوت ،كما فَعل أصحاب النب
صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ف اليوم الثامن يُحرِم التَمتّع بالج-وهذا على الستحباب وإل فإنه يَجوز الحرام للمُتَمَتّع قبل ذلك-
ويَكون ذلك مِن أَيّ موضعٍ مِن الَرَم ،والنب εأَحرَم مِن الَوْضِع الذي أَقام فيه ،ول يَنبغي
لِلنسان أن يَذهب إل " مسجد النّ " أو إل " البيت الرام " أو ما شابه ذلك ،لِعدم ثبوت ذلك عن النب
صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،والظاهر أنّ العلماء عندما قالوا :أَحرَم النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
مِن الوضع الذي مَكَثَ فيه ..أي أنّ أصحابه على مسمعٍ ومرأى فعلوا ذلك ،وإل فهو كان قَارِناً ول
يُحِل مِن إِحرامِه ،فلم يُحرِم ف ذلك اليوم إحراما جديدا ،فيَنبغي أن يُتفَطّن لِذلك.
هذا ومِن الدير بالذّكر أنّ أهل العلم قد اختلفوا ف الفضل مِن المور الثلثة ،والصحيح عندنا أنّ الفضل
التّمَتّع إل لِمن ساق الدْي فإنّ الفضل له أن يُقْرِن بيْن الج والعُمرة ..بقي الكلم هل الفضل أن
يَتمتّع النسان أو أن يَسوق الدْي وأن يُقْرِن بينهما ؟ والثان هو الصحيح ،لِفعل النب . ε
كما قلتُ إنّ الفضل القِرَان لِمَن ساق الدْي والتّمَتّع لِمَن ل يَسُق الدْي ،وبقي اللف هل الفضل
للنسان أن يَسوق الدْي ويكون قارِنا بيْن حجّه وعُمرته أو الفضل له أن يَتمتّع ؟ والول هو الصحيح،
لفعل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فال اختار لنبيه ذلك ول يكن لِيَختار له إل الفضل ،وأما تَمنّي
النب εلِلتمتع فإنه إنا تَمَنّى ذلك لِمَ ا رأى مِن حُبّ أصحابه-رضوان ال تبارك وتعال عليهم-للبقاء
403
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
على الحرام فتمنّى حت يُوافِقَ أصحابَه ،وقد كان eيَترُك العملَ الفضل لأجل موافَقة أصحابِه
رضوان ال-تبارك وتعال-عليهم ،وتَحرير ذلك يَحتاج إل بَحثٍ مُطَوّل ،وموضعه آخر بشيئة ال تعال.
فإذا ذَهَب الناس ف اليوم الثامن إل مِن فإنم يُصلّون الصلوات المس هناك ،وبعد ذلك يَخْرُجُون بَعْد
طلوع الشمس ،ومَن خَرج قَبْل ذلك فل شي عليه ولكنّ السنّة أن يَخرُجوا بعد طلوع الشمس
ويَتوجّهون إل عرفة ..لو أَمكَن البقاء بنَمِرَة فذلك هو الذي فَعله النب ، eولكنّ هذا الزمان فيه مِن
الصعوبة ما فيه لِكثرة الجاج ،فيَبْقَوْنَ هنالك على ذِكْر ال تبارك وتعال ..مَن شاء أن يُكَبّر
فلْيُكبّر ومَن شاء أن يُلَبّي فلْيُلَبّ ،ويَنبغي لم أن يُكثِروا مِن الدعاء والذّكْر ما استطاعوا ولْيَتركوا
كلم الدنيا ،وإذا زالت الشمس فيَنبغي لم مباشَرة أن يُصَلّوا الظهر والعصر ..يَقوم المام خطيبا
ولْيَخطب خطبة متصَرة ث بَعْد ذلك يَقومون بِتأدية الصلتي جَمْعا ..يَقْصُرُون الظهر ركعتي
وكذلك العصر .. 1يَجمعونَهما جَمْع تقدي ،ويُؤَذّن الؤَذّنُ أذانا واحدا ويُقيم إِقامتي ،فإذا صَلّوا
فليَذْكروا ال-تبارك وتعال-ولْيُكثِروا مِن الدعاء ويُكثِروا مِن قول " :ل إله إل ال وحده ل شريك له،
له اللك وله المد وهو على كل شيء قدير " ،ولْيُكثِروا بِما شاؤوا مِن الدعاء ولسيما مِن الدعية الت
وَرَدَت ف كتاب ال أو صَحّت عن رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-فإنّ هذا الوقت مِن أفضل
الوقات فل يَنبغي للنسان أن يُفَرّطَ فيه بِنوْم أو بِكلم أو ما شابه ذلك ،ولْيَبْقَوا على ذلك حت
يَتحقّقوا مِن غروب الشمس تَحقّقا ل لَبْس فيه ،وليس لحد أن يَخرُج قَبْل ذلك ،لنّ النب eنى
عن ذلك ،ولنه بَقِي ف عامِه ذلك حت تَحقّق غروب الشمس تَحقّقا ل لَبْسَ فيه ول غُموض وبَعْد
ذلك أَفاض وقال ( :خذوا عن مناسِككم ).
ولِلسف نَجد كثيا مِن الناس يَخرُجون قَبْل ذلك ،وهذا مِمّا يُخالِف السنّة الصحيحة الثابتة عن النب
eمالَفة صارِخة ،ول يَنبغي لِلنسان الذي ذَهب إل تلك الواطن القدّسة أن يُخالِف هذه الخالَفة
والعياذ بال-تعال-مِن ذلك.
ث لِيَذهبوا إل الُزدَلفَة ولْيَبِيتُوا ليْلتَهم بِها ولْيَجمَعوا بيْن الغرب والعِشاء ..يُصَلّون الغرب ثلثا
والعشاء ركعتي- 2وطبعا هذا لِلمسافِر-ويكون ذلك بأذان وإقامتي على الصحيح الذي دَلّ عليه الديث
الصحيح ،فإذا قاموا ف الصباح فلْيُصَلّوا صلة الفجْر ف أوّل وقتها ث لِيَذْكروا ال-تبارك وتعال-هناك
ذِكْرا كثيا ولْيَبْتَهِلوا إليه ولْيُكْثِروا مِن السؤال مع تَضَرّعٍ وخُشُوعٍ إليه ، Iث لِيَخرُجوا بَعْد
ذلك قَبْل طلوع الشمس ،وإذا مَرّوا بِوادي مُحَسّر إِن أَمْكَنَهُم أن يُسْرِعوا السيْر فذلك هو
الطلوب ،وإن ل يَتمكّنوا مِن ذلك فل حَرَجَ-بِمشيئة ال تبارك وتعال-مع شدّة هذا الزحام الذي نراه
الن.
وأقول " :شدّة الزحام " ..ل أريد أن يَتَخَوّف الناس مِن ذلك ،وإنا أَذْكُر أنّ ذلك هو الواقع ولكنّ
المر يَسي بشيئة ال تبارك وتعال ..يَرى الناسَ أفواجا ولكنه يَمرّ بِسهولة ويُسر ول يَجِد مشقّة ف
ذلك ،ومَن ذهب إل تلك الواطن عَرَف ذلك حقّ العرفة ،فل يَنبغي لحد أن يَتَخَوّف مِن ذلك فالمر
أَيْسَر مِمّا يَتصوّره كثي مِن الناس.
ومَن ل يَتمكّن مِن ماوزة الوادي إل بعد طلوع الشمس لِزحام أو ما شابه ذلك فل شيء عليه على الرأي
الصحيح الراجح.
وأَلْزَمَه بعضُ العلماء الدم ،ول يَجب عليه ،لِعدم وجود دليلٍ على ذلك ..هذا هو الصحيح عندي.
فإذا وصلوا إل مِن فَلْيَرْموا بِها الَمْرَة بِشرْط أن يَكون ذلك بعد طلوع الشمس-كما هو مذهب
كثي مِن أهل العلم-وهو الذي يُؤْخَذُ مِن حديث ابن عباس رضوان ال-تعال-عليهما.
الضّعَفَةُ يُمكِنهم أن يَخرُجوا مِن الزدَلَفة بعد غروب القمَر مِن ليلة العاشِر ولكن لِيَنتظِروا الرمي
حت تَطلع الشمس ،وأما القادِر فليس له أن يَخرُج إل بعد صلة الفجْر ،كما فَعل النب ، εوالرمي ف
هذا اليوم يكون لِجمْرة العقَبة فقط ،فلْيَرْمِها النسان بِسبع حَجَرات وليُكَبّر مع كل رَمية ولْيَقْطَع
التلبية عند إرادة الرمي ..هذا هو القول الصحيح الثابت الذي دلّت عليه السنّة الصحيحة ،ث بَعْد الرّمْي
ل يُشْرَع الدعاء ف هذا المَوطِن ،بل يَذهب الناس إل الذبح بالنسبة إل مَن كان قارِنا أو كان متمتّعا ..
فليَذْبَحوا الدْي ولْيَكن قد بَلَغ السّن وسَلِم مِن العيوب ،ول يُمكن أن أُطيل بِأكثر مِن ذلك ف هذا
الوقت ،فإذا ذَبَحوا فيُشْرَع ف هذا الوقت اللْق والتقصي لِلرجال ،واللْق أفضل ،وأما النساء فإنن
يُقصّرن بِمقدار أنْمُلَة ،وبَعْد ذلك مَن شاء أن يَطوف فلْيَذهب إل الطواف وليَطُف بِالبيت على
الصفة الت ذكرناها إل أنه ل يُشرع فيه الضْطِبَاع ول الرّمَل على حسب ما ذكرنا بل يَطوف طوافا
عاديا ،وبعد ذلك بالنسبة إل الُتَمَتّع فإنّ عليه أن يَسْعى ،كما هو مذهب جهور المّة الذي دَلّ عليه
صحيح السنّة ،وأما القَارِن والُفْرِد فإن كانا قد سعيا مِن قَبْل فل سعي عليهما ،أما إذا كانا ل يَسعيا
مِن قَبْل-لِعدم تَمكّنهما مِن ذلك أو أنما شاءَا تأخيَ ذلك ،إذ إنّ التأخي جائز وإن كان التقدي
أفضل-فعليهما-أيضا-السعي ،وإذا فعلوا ذلك فإنم يَرجِعون إل مِن مباشَرة ولْيَرموا المرات الثلث ف
اليوم الثان والثالث ،فمَن أراد أن يَتَعجّل فلْيَتَعجّل بعد الرمي مِن اليوم الثالث وهو الثان بالنسبة إل أيام
التشريق ،ومَن شاء أن يَمكث الثالث-وهو اليوم الرابع مِن أيام الرّمي كُلّها-فليَمْكُث ،والرمي يكون ف
هذه اليام بَعْد زوال الشمس ،ول يُجْزِي قَبْلها.
405
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وما يَفعله كثي مِن الناس مِن التَقَدّم على ذلك فهو مالِف للسنّة الصحيحة الثابتة ،ول يُجزِيهم أنم
يُقلّدون فلنا أو فلنا ،فالعبة بالصحيح الثابت ،كما نصّ على ذلك أهل العلم بل هو الذي نصّت عليه
الدلة ،ويُعجبن كلم المام السالي-رحه ال-حيث يقول:
ونحن نحكي بَعْده خلفا المصطفى يَعتبِر الوصاف
فيه عن المختار نصّ أُسند ل نَقبَل الخلف فيما ورد
فإذا وَرد حديث عن النب eوصَحّ فل شيء إل التسليم ،ولْنَترك بقية القوال ،فإذا انتهوا مِن ذلك
فلْيَبْقوا بمكة ما شاءوا وإذا أرادوا النصراف منها فليَنصرِفوا ولكن بعد أن يَطوفوا طواف الوداع ولْيكن
ذلك هو الِتَام ،وتُعْذَر مِنه الائض والنفساء ومَن ل يَتمكّن لِشِدّة الرض الذي ل يُمكن مَعَه أن
يَطوف بنفسه أو مَحمول ،أما إذا أمكن أن يَطوف ولو مَحمول فل يُعذَر مِن ذلك ،والائض تُعذَر مِن
هذا الطواف أما مِن طواف الج وطواف العُمرة فل تُعذَر ،فلبد أن تُؤَخّر ذلك حت تَطهُر وتَغتسِل
ولْتَطُف بَعْد ذلك.
هذا متَصَرٌ فيما يَتعلّق بِصفة الج ،وهنالك أحكام كثية تركتُها لِضيق الوقت واختصرتُ الكلم ف
بعضها؛ وال ول التوفيق.
س :لعله مِن سبق اللسان ذكرتُم أ ّن الاج يُصلّي ف مزدلفة الغرب ثلثا والعِشاء ثلثا ؟
ج :الغرب ثلثا والعشاء ركعتي ،إذ ل يَرِد حديث بأنا تُصلّى ثلثا ل ف حضر ول ف سفر ،والمّة
مُجمِعة على الربع ف الضر ،وذهب جهور المّة إل أنّ السافر يَأت با ركعتي ..ف القصر الصحيحُ
الوجوب ،أما أن يُصلّيها النسان ثلثا فل شك أنّ هذا مِن باب سبق اللسان إن كان قلنا ذلك ،إذ ل يَقل
بذلك أحد ول يُمكن أن يقول به أحد-أيضا-إل يوم القيامة؛ وال أعلم.
س :2امرأة أَحْرَمَت بالعُمرة لكنّها عندما وصلَتْ مكة جاءها اليض فمكثتْ ف السكن
وامتشطتْ وتطيبتْ ووضعتْ النقاب ولَمّا طَهُرت ذهبت وصَلّت ف الرَم الشريف لكنها ل تُؤَدّ
الناسك فقيل لا ف ذلك فذهبتْ إل " التنعيم " وأَحْرَمت مرة أخرى ،ماذا عليها ؟
ج :سبب هذا الهل الفاضح ..قلنا نن ف مرة سابقة :1إنّ النسان إذا أراد أن يَذهب إل الج أو العُمرة
بل إذا أراد أن يَأت بشيء مِن العبادات لبد مِن أن يَتعلّم ذلك ،فلقد أخطأت هذه الرأة خطأ عظيما ..
عليها أن تتوب إل ال-تبارك تعال-وإحرامُها السابق كان باقيا وعليها مع ذلك أن تَفْتَدِيَ بذَبح شاة
ويكون ذلك ف الرَم ..يُعْطى فقراء الرَم ..أي الذين يُوجَدون ف الرَم ف وقت ذَبْح هذه الشاة ..
هذه رخصة لا.
س :3بالنسبة لطواف الفاضة ،هل يَصحّ أن يُؤجّل إل طواف الوداع ؟
-1عند الواب على السؤال 1مِن حلقة 17شوال 1423هـ ( 22/12/2002م ).
406
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :الرسول εطاف ف النهار على الصحيح ،وما جاء مِن أنه طاف بالليل فخطأٌ ل يَصح ،ولعلّ الراوي
تَوَهّم ذلك مِن طوافِه εلِلوداع فإنه طافه قَبْل صلة الفجر على الصحيح ،ومَن كانت لديه القدرة
فيَنبغي له أن يَقتِدي بالنب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،ومَن ل يَستطِع لِمَرض أو ما شابه
ذلك فيُمْكن أن يُؤَخّر ذلك إل اليوم الذي يُريد أن يَخرُج فيه إل بلده وليَطُف ف ذلك اليوم طواف
الفاضة وذلك يُجزِيه عن طواف الوداع بِشرط أن يكون آخر العمال ..نعم يُمكن أن يُرَخّص له أن
يَأت بَعْده بالسعي إن كان ل يَسْعَ مِن قَبْل ،أما إذا كان قد سعى مِن قبل فل يَسْعَ ،إذ إنّ السعي ل
يُشْرع إل للعُمرة والج ،ويكن أن يكون النسان قد سعى مِن قبل ف حالتي ..ف حالة الفراد والقِران،
أما ف حالة التمتّع فالتمتّع لبد أن يَسْعى مرتي ..بعد طواف العُمرة وبعد طواف الج ..هذا هو مذهب
المهور ،وهو الذي دَلّت عليه السنّة ،خلفا لبن تيمية ومَن سار على نجه مِن أنه يُجزيه سعي واحد،
فهذا مالِف للسنّة.
س :4البعض عند انتهائه مِن الطواف ف الشوط السابع يَأخذون بِالتدرج لِلخروج مِن الطواف قبل
انتهائهم منه ،هل عليهم حرج وخصوصا الزحام يكون كثيا ؟
ج :إذا كانوا ل يَنووا الروج مِن الطواف فهم ف الطواف ،أما إذا نَوَوْا الروج فل ،فإذن إذا كانوا بنية
الطواف فل حرج بشيئة ال ،أما إذا نَوَوْا الروج فذلك ل يَصح.
س :5هل يَجوز لِلرجُل أن يَحجّ عن والدته إذا كانت عاجزة ؟ وإذا كانت قد أصيبت بالعمى
كذلك ؟
ج :نعم ،إذا كانت عاجزة يَصحّ له أن يَحجّ عنها ،وكذلك إذا كانت ميّتة ،فقد ثبت عن النب-صلى ال
عليه وعلى آله وسلم-أنه أجاب بذلك لِمَن سأله عن من مات أحد أوليائه ..جاء ف بعضها " :رجُل "،
وف بعضها " :امرأة " ،وهل الكل صحيح أو البعض صحيح والبعض شاذ ؟ لِذلك موضع آخر ،ولكن القول
بالواز هو القول الصحيح ،لِصحّة السنّة.
ودعوى مَن ادّعى بأنا خاصّة بذلك الشخص أو بأولئك الشخاص دعوى ل تقوم عليها حجّة.
أما بالنسبة إل العَمى فإن كان يُمكِن أن يَأخذها معه وتَأت بأعمال الج ..أي يَأخذها معه ويَقُودُهَا
عند تأدية الناسك فل يَصحّ لا الترك ،أما إذا كانت ل تَتمكّن مِن الفعل أبدًا ففي هذه الالة يَصحّ لا
ذلك ،فكثي مِن الناس ل يُبْصِرون ولكنّهم يُمكنُهم أن يُؤَدّوا ذلك بِمساعدة غيهم.
س :6والدتا تريد أن تَذهب إل الج ولكن ليس عندها مَحْرَم إل أنّ القاوِل يَصطحِب معه
زوجتَه مع مموعة مِن النساء ،فهل تَذهب معهم ؟
407
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :ال الستعان ،كثي مِن أهل العلم ذهبوا إل أنّ الرأة ل يَجوز لا أن تَذهب إل الج ول إل غيه إل مع
ج أو مَحْرَم ،لِنهي النب eعن سَفَرِها إل مع الزوج أو الـمَحْرَم ،ورَخّصَت طائفة مِن أهل زو ٍ
العلم لِلمرأة إذا كانت تَذهب لِتأدية الج وكان الجّ حجّ فريضة ..رَخّصوا لا أن تَذهب مع نساء
معهنّ رجال مِن أهل الصلح ،ولكن ل يَخفى ما ف شدّة الزحام ف هذا المر وضَعْفِ الرأة فقد تَحتاج
إل مساعدة ف الطواف أو ف السعي وقد تَمرَض وتَحتاج إل مَن يَقوم بشؤونا ،وكثي مِن النساء ذَهبْنَ
مِن غي مَحارمِهنّ ومرضتْ منهنّ بعض النساء واحتاجتْ إل أن يَقوم الرجال بِحمْلِها أو مساعدتِها
أو أن تُمْسِك بم أو ما شابه ذلك وهم مِن غي مَحارمِها فيَقعون ف معصية ال تبارك وتعال ..هذا
الوقت ل يُمكن أن نُرَخّص ف مثل هذا المر فلتَنتظِر حت تَجد زوْجا أو مَحْرَما منها وهي معذورة إل
أن تَجد ذلك-بشيئة ال-وتوصي بذلك حت تَتمكّن مِن التأْدية مع الزوج أو الـمَحْرَم؛ وال أعلم.
س :7إذا تلّلَ شخص مِن الج أو العُمرة ث شك ف طوافه بأنه قد طاف ستّة أشواط ،ماذا
يَجب عليه ؟
ج :إذا انتهى النسان مِن الطواف فل يَلتفِت بعد ذلك إل الشكوك ،فكيف إذا كان قد انتهى مِن السعي
ومِن اللْق أو ما شابه ذلك ؟! فهذا شك ل عبة به ..نعم إذا شك وهو ف الطواف فهاهنا يَبن على القل
..إذا شك هل طاف ستّة أو سبعة فليَعتبِرها ستّة ويأتي بالشوط السابع ،وإذا شك بيْن الخمسة والستّة
فليَعتبِرها خسة ..هذا إذا ل يَترجّح لديه شيء ،أما بعد أن يَنتهي مِن الطواف فل شيء عليه بشيئة ال.
س :8هل يَجوز لِلنسان أن يُؤَجّر بِحجّة وهو بِصحّة وعافية ؟
ج :ل ،ل يَجوز له ذلك أبدا ،بل ول يَجوز له أن يَنتظِر حت يُصبح شيخا ل يَتمكّن مِن تأدية ذلك ،بل
عليه أن يَذهب الن ما دام واجِدا لِلمال وهو يَستطيع على تأدية الج ،ول يَجوز له أن يَتأخّر ،كما
يَفعله كثي مِن الناس:
وأنه كَالدّيْنِ يَزعمون وأغلبُ الناس يُؤخّرون
بِزُخْرُف القول مُخادِعون وهم لَعَمْرُ ال مَغرورون
يَبقى يَنتظِر الواحد سنة ث سنة ث ثالثة ويَدّعي بأنّ أهل العلم قالوا " :يَجوز التأخي ف الج " ..ما أراد
أهل العلم هذا المر ،وكثي مِن الناس شَاهدناهم يَمْكثون السني الكثية ويَمْلِكُون الموال الطائلة وهم
ف صحّة تامّة يقول " :سأذهب بعد مدّة مِن الزمان " ث بعد ذلك ل يَتمكّن ث يَأتيه الوت ..فأخشى
على هذا مِن اللك والعياذ بال تعال.
مِن حلقة 9ذو القعدة 1423هـ ،يوافقه 12/1/2003م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
408
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :14امرأ ٌة كبيَة ف السن لَم تَذهَب إل الج لِظروفِها الـمَرضية لكنّها تُرسِل ف ك ّل عامٍ خَمسي
ريال عُمانيا ،فهل ُتؤْجَر على ذلك ؟ مِن أجْل أن ُتوَزّع هناك على الفقراء.
ج :على كل حال؛ نَحن نَدعو الناس ..نَدعُوهم أن يَسألوا أهلَ العلم ف مثلِ هذه القضايا مِن قب ِل أن يَفعَلوا
ض المور الت قد تَكون مُخالِفة لِلشرع أو قد يَكون الوْلَى بِخلفِ ما فَعَلوه ،وقد قالَ أه ُل العلم: بع َ
ل َخْي َر فيها إنّها َلبَلَهُ س بِها َت َفقّهُ
عِبَا َدةٌ َلْي َ
ج ِة عنها ،و- فكان الوْلَى لِهذه الرأةِ أن تَج َمعَ هذه الموال وبعدَ ذلك تَقوم بِإِيـجَا ِر مَن يَقوم بِتأديةِ هذه ال ّ
حتَاجِي إليها فل مانِع على كلّ حال-وجو ُه اليْ ِر والبِر كثية ،فإن كانتْ هذه الموال ُتوَزّع هناك على الـمُ ْ
ب ف ُهنَالِك وُجُوه ف هذه ف ذلك وف ذلك خيْر بِمشيئة ال تبارك وتعال ،وإن كانتْ ُتوَزّع على مَن هَبّ ودَ ّ
ض الكتب أو بعضُ الشرطة أو ما شابه البلد َأوْلَى ..مِن نَشْ ِر عِلم ..يُعانُ بِها بعضُ الفقراء أو تُ ْطبَ ُع بِها بع ُ
جمّع هذه الدراهم مِن أجْلِ أن َتصِل إل مبلغٍ مِن ذلك ..نَحن ل نقو ُل طبعا " :إنّ هذه الرأة َيجِب عليها أن تُ َ
ت غي مستطِيعة ف هذا الوقت وتَملِك مبلغا الال ثُم بعدَ ذلك َتقُوم بِتأجِي مَن يَقوم بِتأدِيةِ الج " لنّها ما دام ْ
جتَمِع
مِن الال فل يَلزَمها أن تَترُك هذا الال إل مَا بع َد سِت سنوات أو عشر سنوات أو ما شابه ذلك حت تَ ْ
إليها هذه الموال الت تَصِل إل أُجْ َرةِ الج ،فإمّا أن تَجْمَع إذا شاءَتْ أو أن تَقو َم بِتأ ِدَيةِ ذلك إل أَحْسَنِ وجهٍ
ض الموال إل مكة الكرمة ولكن مِ ْن وُجوهِ البِر والصلح ،لنّنَا نُشاهِد كثيا مِن الناس يَقومون بِإِرسا ِل بع ِ
كثيا مِن الناس الذين يَقومون بِتوزيعِ تلك الموال ل َيعْرِفُون الوجوهَ الصحيحة الت ُتوَزّع فيَقومون بِإِعطاءِ
حثَ عن فلن أو فلن أو ما شابه ذلك ..طبعا ذلك النفاق ل يَكونُ َحرَاما ولكن النسان ينبغِي لَه أن يَب َ
أَحْسَ ِن الوجوهِ وأوْلهَا؛ وال أعلم.
مِن حلقة 29ذو الجة 1423هـ ،يوافقه 2/3/2003م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عام 1424هـ
س :7قالت " :عندما يَجِد والِدِي عَمَل سَأصوم له " ،وعندما وَجَدَ والدها عَمَلً لَم تصم
له ،حيث أنّها قَالَت ذلك قَوْل دُون أن تَحْلِف ،فماذا عليها ؟
ج :إذا كانت نَذَرَت ذلك فلبد مِن أن تقوم بالوَفَاء بنَذْرِها إذا كانت تستطيع على الوفاء به ،والنّذر
ل يَحتاج إل حَلف بل ل يَحتَاج أن يُقْسِم النسان بال-تبارك وتعال-أو ما شابه ذلك ..ذلك قَسَم
وأمّا النّذر فهو ل يَحْتَاج إل ذلك ،فإن نَذَر فَلَبد مِن أن يقوم بالوفاء بالنّذر وليس له أن يُفَرّط فيه
..ماذا قالت ؟
409
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س... :
ج ... :الَصل ف النّذر أن يصوم النسان وأن يصلّي وأن يقوم بأَدَاء الج أو العمرة أو ما شابه ذلك ل
تبارك وتعال ،فإذا ذَكَرَ ذَلِك أو لَم يَذْكُرْهُ فإنّه هو الـمُتَعَيّن الذي يقع مِن السلم ،ول يُمكن أن
يكون السلم يَقْصِد غي ذلك إل إذَا كان منحرفا عن دِينِه ...
س ... :12
ج ... :النية العتَبَرَة هي النية القلبية فإذا أراد النسان أن يقوم بشيء مِن المور التِي تُشْتَرَط فيها النّية
أن ينوي ذلك بقَلبه ..إذا أراد الصلة ينوي ذلك بقلبه ،وإذا أراد أن يُخرج الزكاة ينوي ذلك بِقلْبه ..
وهكذا بالنّسبة إل بَقِيَة العبادات ..نعم ف الج لبُد مِن أن يقول ف حَجّه " :لبيك حَجّة " أو " لبيك
عمرة " أو ما شابه ذلك ل أن يقول " :اللّهم إن نويت الج " فهذا مِمّا لَم يَرِد عن النّب .. εنعم
اختلف العلماء ف جواز ذلك:
منهم ذَهَب إل أن ل بأس على النسان أن يقول " :اللهم إنِي نويت أن أصلي فريضة الظّهر " أو " فريضة
العصر " أو " أن أحج " أو " أن أفعل كذا " وهكذا بالنّسبة إل عِدّة الرأة التِي تُوُفّي زوجها أن تَذكُر
ذلك هي بلسانِها.
ومنهم مَن ذَهَب إل أنّ ذلك بدعة وأنّه ل يَجوز.
ول شك أنّ هذا بدعة ..بِمعنَى أنّه لَم يثبت عن النب εولكن ل نقول :إنّ ذلك حرام ،لنّه ليست كل
البِدع مُحَرّمة ،بل البِدع تَخْتَلف والكلم على ذلك يَطُول ،ونَحن نقول :إنّه ل ينبغي لِلنسان أن
يأت بِشيء مِن هذه اللفاظ ،ولكن إذا أتَى بشيء مِن هذه اللفاظ ل نقول إنّه ارتكب مُحَرّما ولكن
نقول :الفضل التّرك ،أمّا أنْ يقوم رجل أجنب-أو ما شابه ذلك-بقراءة هذا اللّفْظ وتقوم تلك الرأة
بِمتَابَعَتِه فهذا مِمّا ل يصح ،على أنّ العلماء قد اختلفوا ف العِدّة هل تَفْتَقِر إل نِيّة-والراد بالنية
هاهنا النية القلبِية كما ذكرت-أو أنّها ل تفتقر إل النية:
وقد ذهب أكثر العلماء إل أنّها ل تفتقر إل النّية.
وذهب بعض العلماء-وهو الذي ذَهَب إليه ابن بركة وصحّحَه المام نور الدين رحه ال تبارك وتعال-إل
أنّها تفتَقِر إل النية ،فإذا قُلنا بِهذا القول-وهو قول قَوِي-فإن الراد بالنّية-كما قلتُ-هي النية القلبية.
...
مِن حلقة 13جادى الول 1424هـُ ،يوَافقه 13/7/2003م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
410
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :1هَل يَلْزَم الرأة الذّهاب إل العُمرة الفَرْض إذا وَجَدت رفقَة فيها رجال ونساء أُمَنَاء
وليْس لَدَيْهَا مَحْرَم ؟
ج :إ ّن العُلَمَاءَ قَد اختلَفُوا ف حُكْم العُمرة:
مِنْهُم مَن ذَهَبَ إل أنّها وَاجِبَة ،وقد استدَلّوا على ذلك بِأدلّة متَعَدّدة مِن سنّة رسول ال-صلى
ال عليه وعلى آله وسلم-إل أنّ العُلمَاء قد اخْتَلَفوا ف ثُبوت هذه الحاديث ،مِنْهُم مَنْ قال بِثُبُوتا،
ومِنْهُم مَن قال بثبوت بعضها ،ومِنْهم مَن قال بِعدم ثُبُوت شيء مِنْها.
وذَهَبَتْ طائفة مِن أهل العلم إل عَدَم وُجُوبِ العُمْرة ،وإنّما هِي سنّة مِن السنن وثَبَت فيها
الفضل العظيم فل يَنْبَغي لِلنسان أن يُفرّط فيها وإن كان ذلك ل يَصِل إل درجة الوجوب ،وأَجَابُوا
عن تِلك الحاديث بِأنّها مِنْها مَا ل يَثْبُتُ عن رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسَلم-ومنها ما ل
دللة فيه على الطلوب.
و-مَهْمَا كان-اللف مَوْجود ف السألة ،وتَحْقيق القّ فيها يَحتاج إل إطالة ،لنّ جيع تلك الدلة ل
تَخْلُو مِن كَلم مِن جهة الثّبوت ومِن جِهة الدللة أيضا.
وَ-مَهْمَا كان-حت على رأي مَن يَقُولُ بِوجُوبِها هِي ل تَصل إل درجة وُجوب الج ،ذَلك لنّ
الج ركن مِن أرْكان السلم بِنَصّ سنّة رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ث هُو وَاجب
بِنَصّ كتاب ال وبِنصّ سنّة رسوله صلوات ال وسلمه عليه ،وقد اتّفَقَت المّة السلمية عَلى
وُجُوبه ،وهو مِن المُور الضرورية الـمَعلومة عند الـمُسلمي.
وقد اختلف العلماء ف جَوَاز سَفَر الرأة مع جَمَاعة مِن الثّقات أَهْل الصّلح مَعَهُم نِساء:
مِنْهم مَن ذَهب إل جَوَازِ ذَلك ،واستَدَلّوا بِبعض الدلة.
ومِنْهم مَن قال :إنّ ذلك ل يَجوز لا ،لِنهي النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-الرأةَ أن تُسَافِر إل مع
زَوج أو مَحْرَم ،كما ثبت ذلك ف سنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
وإذا كان المْر كَذلك ..أعن ف الج فإنّ الِلف ف العُمرة أشَد ،ذلك لنا ل تَصل إل دَرجة
الـمُتّفَقِ عليْه ف الفَرضية ،بَل هِي مُختلف فيها-كما ذكرتُ-والقَول بِوُجُوبِها ليْس بِذلك
القَوِي وإنْ كَان مُحْتَمِل ..يَعنِي تَرْجيحُ هذا القَوْل ليْس مِن السّهُولَة-بِمكان-أن يَجزم به
النسان وإن كان له وجه وجيه ،وإذا كان المر كَذلك فإنّن أَقُول :إنّهُ يَنْبغي لذه الرأة أن تَتَأخّر
حت تَجِد زوْجا أو مَحْرَما منها وتَذْهب معه لِتَأْدية فريضة الج وتَأْدِية العُمرة ،لنّ النسان يُمكن
أن يَقُومَ بِأدَاء فريضة الج وأداء العُمرة ف سفر واحد:
411
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1إما أن يَتَمَتّع بيْنهما كما هُو الفْضل ..يُحْرم أوّلً بِالعُمرة ويَأتِي بِها ث يُحِل مِنْها ث بعد
ذلك يُحْرم بِفريضة الج ،كما هو معلوم ف كتب الناسِك.
-2وإما أن تُقْرِن بيْن الج والعُمرة ..تُحرِم بِهما إحراما واحدا.
والول ل شَك أَفضل لِمَن ل يَسُق الدْي ،فهي ف هذه الالة إذا ذَهَبَتْ مع رجال ثِقات معهُم نِساء
لَنْ تُؤدّي فريضة الج ولبد مِن أن تُسَافِر مرة أخرى فإذن بِإمكانِها أن تَتأخّر إل ذلك الوقت
وتُسافِر-كما قلتُ-مع زوْج أو مَحْرَم بِمشيئَة ال.
ويَنبغِي لِلزواج ولِلمَحَارِم أن يَذْهَبُوا مع مَحَارِمِهِم مِن باب العَانة على البِرّ والتّقوى ،وهم-
أيْضَا بِمَشيئة ال تبارك وتعال-سيَقُومُون بِتَأْدِية فَرِيضة الج والعُمْرة إذا كَانوا ل يَأْتُوا بِهَما
مِن قَبْل أو أنّهم سَيتَنَفّلون بِذلك وف ذلك فَضل عَظيم ،كما ثَبت ذلك ف سنّة رسول ال صلى ال
عليه وعلى آله وسلم ،ويَكْفي مِن ذلك أنّ النب eقَال ( :العُمْرَة إل العُمْرة كَفارَة لِما بَيْنهما،
والَج الـمَبور ليْس له جَزاء إل النة ) ،وكَفَى بِهَذا فضْل لِمَن يُرِيد الفَضْل؛ وال-تبارك
وتعال-أعلم.
س :2مَن الذي يَصْدُق عَليه أن يَكون مَحْرَما ..رُبّما يَكون لحد النسَاء صب ،هل يُمْكن
أن يَكون هو مَحْرَمها ف هذا السّفَر ؟
ج :أما الصّب إذا كان صَغِيا فل يُمْكِن ،وأما إذا كان مُرَاهِقا ..أي كانتْ حَالُهُ تَقْرُب مِن حَالة
البُلُوغ فإنّ أهل العلم قد اختلفوا ف ذلك:
مِنْهم مَن قال :إنّ هذا يَكْفِي لأَنْ يُرَافِق الرأةَ ف سَفَرَهَا ولسيما إذا كان هُنَالِك رِجَالٌ مِن
أَهْل الصّلح مَعُهُم نِساء.
وبعضُ العُلماء يَشْتَرِط البُلُوغ.
ول شكّ أنّ القَوْل بِاشْتِرَاط البُلُوغ قَوْل قَوِي جِدًا ،ولكن ف مِثْل هذه الالة إذا كان الصب
مُرَاهِقًا لِلبُلُوغ وكان لَبِقًا ..لَه دِراية بِمثل هذه المور فل أرى بأسًا بِمشيئة ال تبارك وتعال.
س :3هل يَصِح لِلمرأة أن تَتَعَاطَى مَوَانِعَ الَيْض لِتُكْمِل عُمْرَتَها نَظَرا لمْتِدَادِ أيَامِ
حَيْضها زمنًا تَرْجِع فيه القَافِلة إل الوَطَن قبل طُهْرِهَا ؟
ج :هنالك أمران:
-1الواز ..أي أَنه هل لِهذه الرأة أن تَستعمِل ذلك ؟
-2وإذا استعمَلتْ ذلك قبل نُزول الَيْض أو ف أثناءِ نُزوله وتَوَقّف اليْض عن النول:
فإنّ طائفة كبية مِن أهل العِلم تَقُول " :إنّ ذلك مِما ل مَانِع مِنْه ".
412
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وفرّق بعضُ أهل العلم بَيْن الَالتي ..بيْن ما إذا نَزل اليْض أو كان ذلك قَبل نُزوله فأجازوا ذلك ف
الالة الثانية دون الالة الول.
ونَحن نقول :إذا انقطع اليْض ل مَانع مِن ذلك ،ولكن هنالك قَضية أُخْرى وهي أنّ كَثيا مِن النّساء
اللت يَسْتَعْمِلن هذهِ البوب بعد ذلك ل يَتَوَقف هذا اليْض ويَسْتَمر الدّم لـمُدّة طَوِيلة جِدا
وتَارة يَنْزِل وتَارَة يَكون المر بِخِلف ذلك ول تَنْضبِط لَها عادة فَل تَدْري هَلْ هِي طاهر
فَتُؤَدّي مناسِك الج والعُمرة وتُصلي وتَصوم وهكذا بالنسبة إل بَقَية الَحْكَام الـمُتَعَلقة بقضية
اليْض أو هِيَ لَيْسَت بِطاهر وليس لا أن تُؤَدّي هذه الشياء ..تَبْقَى ف مُشكلة كبية جدًا،
فالسّلمة أن تَتَرُك هذه المُور وأن تَنْظُر ف أَمْرها ،فإنّ كَثيا مِنَ النّسَاءِ لَهُنّ عَادَة ..تَعْرِف
مَتَى يَبْتَدِئ اليْض ومت يَنْتَهي اليض ،فإن كانت يُمْكُنَهَا أن تُؤَدّيَ تِلك الـمَناسك قبل
نُزول اليض فَلْتَذهب ولْتَأتِ بِتلْكَ الناسِك ،وإن كان ل يُمكنها ..تَعرف بِحسب عادَتا بِأنّ
اليض سيأتيها ف الوَقْت الفُلني ولَن تَتَمَكّن ف ذلك الوَقْت مِن تَأْدِية العُمْرة أو تَأْدية الج
لنّها لَنْ تَنْتَظِرَهَا تِلك الماعة الت هي ف رفَقَتهم فإنا تُؤمَرُ بِأن تَتَأخّر ف تلك السنَة،
وسيَجعل لَها ال-تبارك وتعال-فَرَجًا مِن أمرِهَا ف الـمُسْتَقْبل إن شاء ال تبارك وتعال ،ومِن
الـمَعلوم هي ل تتأخّر مِن أجل التَأخر وإنّمَا مِن أجل هذه الضّرورة؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :4يَأخُ ُذ بعض السلمي أَطفالم َم َعهُمْ للعُمْرة ومِْنهُم الرضيع ومنهم الـمُ َميّز ،فما هي الحكام
حرِموا لَهم وأن ُيؤَدّوا العُمْرة
ا ُلَتعَّلقَة بِهؤلء الطفال ؟ نرجوا التَفصِيل ف هذه ال َقضِيّة َ ..يعْنِي هَلْ لَهم أن يُ ْ
وهَكَذا الج ؟
ج :أما الطفل إذا كان صَغِيا جدا فهذا ف الوَاقِع قد تَكُون هنالك مشكلة ف الحرَامِ لَه ،أمَا إذا كَان
هَذَا الطفل يُمَيّز ولَو قليل فقد ثَبت ف السنّة الصحيحة الثابتة-مِن عِدّة طُرُقٍ-عن النب-صلى ال
عليه وعلى آله وسلم-مِنْهَا مِن قَوْله ومِنْها مِن إقراره:
فقد سَألتْه امرأة " :هَل لِهذا حج ؟ "-أي لِصب مَعَها رفعَتْهُ-فَقَال لا ( : εنعم ولَكِ أجر ).
وذَهَب طَائِفَة مِنَ الصّحَابة-رضوان ال تبارك وتعال عليهم-مَعَ رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله
وصحبه وسلم-إل الج وَهُم ل يَصِلوا إل مَرْتبة البُلُوغ وأَقَرّهُم رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله
وسلم-على ذلك.
نعم ..هُمْ يُطالَبون بَعد ذلك بِفريضة الج ويُطالَبُون بِالعُمرة على القول بِوجُوبِها ،أو يُطَالبُونَ
بِها حت عَلى القَوْل بِأَنّها سنّة وإنّما تَختلِف الدرجة.
413
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فإذا كان هَذا الصبِي يُحافِظ على طَهَارَتِه على أَقَلّ تَقْدِير أو يُمْكن أنْ يُسأَل أو ما شابه ذلك فل
يَنبغي أن يُحْرَم مِن ذلك ،ففي ذلك فَضْلٌ عظيم لِذلك الصّب بِمشيئة ال تبارك وتعال ،وف ذلك
أَجْر وثَوَاب بِمشيئة ال لِمَن أحْرَمَ لِذَلِك الطّفْل إذا كان قَاصِدًا بِذلك وَجْهَ ال تبارك وتعال.
أما إِذا كَانَ صَغِيا جدًا جدًا فَهَذَا قد تَكُونَ فِي الحْرَام لَه مُشْكِلة؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :إذا ارتَكَبَ هَذا الصّب الميّز-الذي يَستطيع أن يَفهم ما يُقال له-شَيئا مِن الحْظُورَات ،مَن
الذِي يَتَحَمّلُ مَا يَترتب على ذَلك ؟
ج :ف هذه السألة خِلفٌ بَيْن أهل العلم:
-1منْهم مَن يَقُول :إنّه لَ شَيءَ عليه ول على مَن أَحْرَمَ له ،فذلك مَعْفُوٌ عَنه بِمشيئة ال تبارك
وتعال.
-2ومِنْهُم مَن يَقول :يُخاطب بِه مَن أحْرَم له.
والقول الثان مَشهور ،والقَوْل الول قد قَالت به طَائَفة مِن أهل العلم وله وَجْه وَجِيه؛ وال-تبارك
وتعال-أعلم.
س :5الرأةُ الـمُسْتحاضة ،كيف تُؤَدّي طواف الوداع ؟
ج :أما الائض فقد اختلف العُلماء ف طَوَاف الوداع:
مِنْهم مَن قَال :تُؤمَر بِأن تَتَأخّر إن أَمْكَنها ذلك وإل فَعَليها أن تَذْبح شَاةً لِفقراء الـحَرَمِ ..
والـمُرَادُ بِفقراء الرَمِ ف مِثْل هذه القَضَايَا هُم :مَنْ يُوجَدُونَ ف الرَمِ ف ذلك الوَقْت سَوَاء
كَانوا مِن أهل الرَمِ أو كانوا مِنَ الفَاقِيي الذين قَدِموا إل الرَمِ.
وذَهبَتْ طائفة مِن أهل العِلم إل أنه ل شَيْءَ عَلَيْهَا وتَخْرُج إل إذَا طَهُرَت قبل مُفَارَقَة بُيُوتِ
مكّة فإنّها تُؤمَر بِأَن تَغتَسِل وتَرجِع وتَطُوف بِالبَيْت ،أما إذا طَهُرَت بَعد ذَلك ولَوْ ف الَرَم
فإنّها ل تُؤْمَر بِالرّجوع ول شَيءَ علَيها.
وهذا القَوْل هُو القَول الصحيح ،لِدللة حديثِ رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-عَلَيْه.
ولَعل الذين قَالوا بِخلف ذلك ل يَطّلِعوا على الديثِ فيُلْتَمسُ لَهُم العُذْر ول يُؤْخَذُ بِقَوْلِهم،
إذ كلّ يُؤْخَذُ مِن قَوله ويُرَد إل الصطفى صلى ال عليه وعلى آله وسلم:
وإن يَقُولوا خَالف الثار حسبك أن تَتّبع الـمُختار
وال أعلم.
أما بِالنّسبَة إل الـمُستَحاضَة فإنّها تُؤْمَرُ بَعد حَيْضِها أَن تَغْتسِل وبعد ذلك ل تُؤمَر بِالغتسال
على الصَحِيح-لِعَدَم ثُبوت ذلك عن النب eمِن وَجْهٍ يَصِلُ إل مرتبة الـحُجّية-وإنّمَا تُؤْمَر
414
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
بِغَسل مَوْضِع النجاسة وبِأن تَلْبَسَ شَيْئا يَمْنَع مِن خُرُوجِ تِلْك النّجَاسة إل شيءٍ مِن جسدها
أو إل الرْض ث تَتَوَضّأ وتَطُوفُ كما تُصلي؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :6أنا شاب ذهبتُ إلى الديار القدّسة لداء العُمرة وبعد أن أنيتُ أداءَها شككت ف أنا غي
ي شيء يَتناف مع أعمالها ..المد ل جيع الركان كانت صحيحة ولكن لوصول مقبولة ولكن ل أفعل أ ّ
أول مرة إل الديار القدسة حدث ل حرج كبي وارتباك شديد أثناء الطواف ؟
ج :أما القَبُول فيَعْلَمه ال-تبارك وتعال-ول عِلْم لنا نَحن ول لِغَيِْرِنا بِذلك-وإنّمَا يَتَكَلّم أهْل
العِلْم على الصّحَة-ولكن الَصْل مَن أتَى بِشيءٍ مِن الَعمال الصَالة على الوَجْهِ الصحيح وكان
مُتّقِيًا لِربّه-تبارك وتعال-أنّ ال-تبارك وتعال-يَتَقَبّل مِنْه ،إذْ إنّ ال-تبارك وتعال-إنّما يَتقبّل مِن
التّقي ،فَمَن كان متّقيًا فإنّ ال-تبارك وتعال-قد وَعَدَ بِقبُولِ أعمَاله الصّالة ،ومَن لَم يَكُن
كَذَلِك فالمْر بِخِلف ذلك.
وأما بِالنسبة إل صِحّة عُمرته فإن كان قد أتَى بِها بِحسب مَا هِي مشروعة عليه ..أَتَى بِها بِأرْكانا
وشُروطها فإنّها صَحَيحة بِمشيئة ال-تبارك وتعال-ول يَلْتَفِت إل هذه الشُكُوك والوَسَاوِس؛ وال-
تبارك وتعال-أعلم.
س :7ما هو مُسْتَنَد مَن يَقول :إنّهُ لَ يَصِحّ أن يَعْتَمِرَ الفَرْد أكثر مِن عُمرة ف الزّيارَة
الوَاحِدة ؟
ج :مُسْتند هَؤلء أنّه لَم يَثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-أنّه اعْتَمَر ف سَفَرٍ وَاحد مِن
أسْفارِه أكثر مِن مَرّة مع حِرصه على الَي ،ول يَثْبت-كذلك-عن أحد مِن صحابته-رضوان ال تبارك
وتعال عليهم-بِأنّهم قد اعتَمَروا ف حَيَاتِه-صلوات ال وسلمه عليه-أكْثَر مِن عُمرة واحدة ف سفر
واحد مِن أسْفَارِهِم ،وإنّما أَذِنَ النّب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-لِلسيّدة عائشة-رضي
ال تبارك وتعال عنها-بِأن تَعْتَمِر بَعد أن قَرَنَتْ ..فإنه تَطْيِيبًا لِنَفسها أذِنَ لَها بِأَن تَعْتَمِر مِن
" التَنْعيم " وأَمَرَ أخاها عبد الرحن بِأن يُرَافِقها ..ولَم يَرِد دَليل صحيح سالِم مِن كُل اعتراض
بِاعتمار عبد الرحن-رضي ال تبارك وتعال عنه وعن أَبِيه-مَع السيّدَة عائشة-رضي ال تبارك وتعال
عنها-والمرُ مُحْتَمِل ..هُنَالِك رواية تَدُل عَلَى أنه اعْتَمَرَ ،ولعلّ هذا الأقرَب إل الصواب ولكن
ذلك لِمرافقتِه لِلسيدة عائشة على أننا ل نستطيع أن نَقول " :إنّه قد اعْتَمر " ،أما الرسول-صلى ال عليه
وعلى آله وسلم-وصحابتُه-كما قلتُ-ل يَعتمِر أحَدٌ ِمنْهم أكثر مِن مرة واحدة.
وبعضُ العلماء يَقُولُ بِمَشْرُوعية العتمار ف السّفر الوَاحد أكثر مِن مرة.
415
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ونَحْن نَقُول بِالواز مِن حَيْث الواز لِما ذكرناه مِن هذا الدليل وإنّمَا الكلم ف الفَضل ..هَل
الأَفضَل للنسان أَن يُكْثِرَ مِنَ التيَانِ بِالعُمْرَات أو أن يُكثِر مِنَ الطَوَاف مِن غَيْرِ أن يَعْتَمِرَ
إل مَرّةً وَاحِدَة ف السّفر الوَاحد كمَا ثَبت ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ؟ اللهم إل إذا
بَقِي مُدّة طويلة ف مَكّة الـمُكَرمة فالمر يَختلِف ،أما أن يَذْهب النسان لِعدة أيَام فالفضل-على
حَسب مَا نَرَى-أن يُكْثِر مِن الطوَاف ومِن ذِكر ال-تبارك وتعال-مِن غَي أن يَأت بِأكثر مِن تِلك
العُمرة الت دَخَل بِهَا مَكّة الكرمة لِما ذكرناه.
ول يُمْكن أن يُعْتَرَضَ علينا بِما ذَكرناه سَابِقًا مِن حَديث النّبِي صلى ال عليه وعلى آله وسلم( :
العُمْرة إل العُمرة كَفّارة لِما بَيْنَهُمَا ) ،لنّ الذي قال ذلك هُو الذِي ل يَعتَمِر ول يَأمُر
صحابتَه-رضوان ال تبارك وتعال عليهم-بِذَلك وإنّما أَذِنَ لِلسيّدة عائشة-رضي ال تبارك و تعال
عنها-لِظَرْف خَاصّ بِها كما قدّمناه ،والـمَجال ل يَتّسِع لِلطالة؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :8امرأةٌ تُرِيدُ الذّهَاب إل العُمْرَة بِدُون مَحْرَم ..مَعَ أجَانِب ؟
ج :قلنا نَحْنُ :إنّ هَذِه الرأة إن كَانتْ ل تَأتِ بِالعُمْرَة الوَاجِبَة-على رأي مَن يقول بِذلك-فإنه
قد يُرَخّصُ لَهَا عَلَى رَأيِ بَعْضِ أهل العِلْم إذا كانت تَذهَبُ مع نِساء مع رِجال مِن أهْل
الصّلح.
وذَهَبَت طَائِفَة كَبِيَةٌ مِن أهل العِلم إل أنه لَيْسَ لَهَا أن تَذْهَب إل مَع زَوج أو مَحْرَمَ؛ ول
شَك بِأنّ هَذَا القَوْل أسْلم ،فينبغي لَهَا إن كَانت ل تُؤَدّ العمرةَ الوَاجبة-على القَول بِوجوبِها-أن
تَنتَظِر حت تَجِدَ زَوجا أو ذَا مَحْرَمٍ مِنْهَا وَتُسَافِر مَعَهُ بِمَشِيئَة ال-تبارك وتعال-وتَأْت
بِالعمرة وبِفَرِيضَة الج؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :9الحلل بِالتَقصِي أو اللْق ،كيف يَكون ؟
ج :الحلل يَكون بِاللق ويكون-كذلك-بِالتقصي ،فالنسان الـمُحْرِم بِالج أو العُمرة أو بِهما مَعًا
إما أن يُحِل بِحلْق رَأسِه كله أو بِتقصِي رأسِه كله ،ولَيْسَ له أن يَأخُذَ مِن هنا ومِن هنَا ،كما
يَصنَع كثي مِن الناس يُقصّر شيئا قليل مِن الهة الفلنية مِن رأسه ويُقصّر شيئا آخر مِن الِهة الفلنية
وهكذا ..ل ..هَذا خَطأ مُخَالِف لِسنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ..لبُد مِن أن
يُقصّر الرأس كُله ،ولَ شَك أنّ الَفضل اللْق بِنصّ السنّة الصحيحة الثَابتة عن رسول ال ، εفإنّ
الرسول εقال ( :رَحِمَ ال الـمُحَلّقي ) قِيل " :والـمُقصّرِين ؟ " قال ( :رَحِمَ ال الـمُحَلّقي
) قِيل " :والـمُقصّرِين ؟ يا رسول ال " قال ( :رَحِمَ ال الـمُحَلّقي ) قِيل " :والـمُقصّرِين ؟ "
قال ( :والـمُقصّرِين ).
416
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وجاء ف بَعْضِ الروايات ( :رَحِمَ ال الـمُحَلّقي ) قيل " :والـمُقصّرِين ؟ " قال( :
والـمُقصّرِين )؛ وقد سَمعْتُ عن بَعضِ الناس أنّه يَأخذُ بِالتَقْصي ويَقُول بِأنّ الفَضْلَ واحد
بِدليل هذه الرواية ول دَللة ف هَذه الرواية على ذَلك أبدًا ،أوّل أنّ رِواية الـمُسند جاءت ف بَعْض
النّسخ بِما ذكرناه 1وجاءت ف نسخة قَدِية بِلفظ ( :رَحِمَ ال الـمُحَلّقي ) قِيل " :والـمُقصّرِين
؟ يا رسول ال " قال ( :رَحِمَ ال الـمُحَلّقي ) قِيل " :والـمُقصّرِين ؟ " قال ( :والـمُقصّرِين )،
فالنّسخة مُخْتَلِفة وليْس لحد أن يَدّعي بِأنّ هذه النسخة الت قال ( :والـمُقصّرِين ) ف الرة الول
بِأَنّها هي النّسخة الصحيحة بَل لعلّ الُول هي الصحيحة لنا أقْرَبُ مَا تَكُونُ إل بَقِيَة الروايات
ث هِي أقْدَمُ مِن هَذِه النّسخة بِكثي ..هَذا علَى أنّه حَت عَلى الرّواية الول 2يُمْكن أن نَقول
بِتفْضِيل الحلّقي ،لنّ الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-خَصّهُم أولً بالذّكر فلما قِيل له" :
والـمقصّرِين ؟ " ،قال بَعْدَ ذلك ( :والـمُقصّرِين ) ..وعلى كل حال فالكُلّ جَائِز بِنَصّ
الكِتَابِ والسّنّةِ الصحيحة الثابتة عن رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-إل أَنّ الذِي فَعَلَه
الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-هو اللْق ث-أيضًا-هو الذِي قَدّمه ف الذّكْر سواء قُلنا إنه قال:
( ...الـمُحَلّقي ) ف الرة الول أو ف الثانية أو ف الثالثة إل أنّه بدأ أوّل بِالـمُحَلّقي وما قال( :
والـمُقصّرِين ) إل بَعد أن ذُكِر له ذلك صلوات ال وسلمه عليه.
هذا ،وقد ذَكَرَ بعضُ أهل العِلْم أَنّ الفضل أنْ يَجْمَع النسان بيْن اللْق والتقصِي ..يُقَصّر أوّل
ثُم يَقُوم بعد ذلك بِحلْق رأسِه ،وهذا-ف حقيقة الوَاقع-ليْس بِشيءٍ ،لنّ مَن قَصّرَ رأسَه أوّلً
فَقد أَحَلّ مِن حَجّه أو من عُمرتِه أو مِنْهما مَعًا إذَا كَان قد قَرَنَ بَينهما وبعد ذَلك ل يُصَادِف
ذلك التَحْلِيق مَحلا ..ل يُصَادِف مَحَلً بعد ذلك فَهُو إن شاء أن يَحْلِق فَلْيَحْلِق ولَ عَلقَة لَه
بِالحلل وإن شاء أن يَتْرك فلْيَتْرُك ،فَالـمُرَاد بِاللْق الذي هو أَفْضَلُ مِن التّقْصي هو الذي ل
يَسْبقه تَقْصِي وإل مَن جَمَعَ بَيْنَهُما-أي مَن قَصّرَ أوّلً ثُم حَلَق-فهو ف حَقيقة الوَاقِع قد
أخذَ بِالتقصِي ول يَأْتِ بِاللْق؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :10الرأة إذا كرّرت العُمرة ،هل تُحلّل بِتَقْصي شَعْرِها ف كل مرة ؟
ج :نَعَم لبد مِن التّقصي لكن-كما قلتُ-أنّ الفَضْل ف الكْتِفَاء بِعُمرةٍ واحدةٍ ف السّفْرَةِ
الوَاحدة ولسيما لِلنساء.
-1أي الت قال ( :والقصرين ) ف الرة الول أي الرواية الت جاء فيها ( :رَحِمَ ال الـمـحَلّقي ) قيل " :والـمُقصّرِين ؟ " قال( :
والـمُقصّرِين ) ،مسند المام الربيع بن حبيب ،حديث رقم.444 :
-2أي الت قال ( :والقصرين ) ف الرة الول أي الرواية الت جاء فيها ( :رَحِمَ ال الـمـحَلّقي ) قيل " :والـمُقصّرِين ؟ " قال( :
والـمُقصّرِين ).
417
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :11العُمرة إذا كانت الول عن نفسه والثانية لِغَيْرِه ،هل يُعْتَبِر هَذا مِن قَبِيل التكرار ؟
ج :نَحن نَقول :ل مَانِع مِن التِكْرَارِ مِن حيث الوَاز وإنّما مِن حيث الفضْل ..أما إذا كان
الشّخْص يَعْتَمِر عن أبيه وأبوه ل يَعْتَمِر مِنْ قَبْل أو عن أمّه وأمّه ل تَعتمِر مِن قبل ولَ
يَسْتَطِيعَان الذّهاب إل العُمْرة لِـمَرَض-مثل-ل يُرجَى مِنْهُ الشّفاء بِحَسْبِ الظّاهِر وهَكَذَا
بِالنّسبة إل أقَارِبِهمَا فذلك مِمّا ل مَانع مِنْه بِمشيئة ال-تبارك تعال-بل ذلك مِن باب التعاون على
البِر والتّقوَى؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :12مت يَقْطَع الـمُحْرِم التّلْبِيَة ؟
ج :أما إذَا كَان مُحْرِما بِالج فإنه يَقْطَعُ التَلْبِيَة إذا أرَادَ أن يَرمي جَمْرَة العَقَبَة ..أي عند إرادة
رَمي أوّل حَصَاة على الصحيح.
وذَهَب بَعضهم أنّه يَتْرُك التلبية بِانتِهائه مِن رمي جَمْرَة العَقَبَة أيْ بَعد الرّمي بِالِجَارَة
السَابعة ،واستدلوا على ذلك بِرواية صرية عِندَ ابن خُزَيْمة ،ولكن تلك الرواية فيمَا يَظْهَرُ لِي
شَاذّة ،ذلك لنّ النسان يُؤْمَر عنْد الرّمْي بِذِكْرٍ آخر وَهُوَ التّكْبِي فَكَيْف لَه أنْ يَجْمَع بَيْن
التَكبي وبيْن التَلبية ؟!
فإذن يَنْتَهِي مِنَ التَلْبِيَة بِمُجرّد إرادة الرّمي ،فإذا أراد أن يَرْمِي بِالجارة الول فَيَترك ف ذلك
الوَقْت التَلْبِيَة ..هذا هُو القَوْل الصحيح ،الذِي يَدل له الديث الصحيح عن النب-صلى ال عليه وعلى
آله وسلم-وإل فإنّ هُنَاكَ أقْوَالً مُتعدّدة ف وَقْت النتِهاء مِن التَلْبِية ف الج ،ول أُطِيلُ القام
بِذكر تِلك القْوَال ومَا لَها مِن حُجَجَ فإنّها وإن اعتَمَدَ أَصْحَابُهَا على بعض الدلة ولكِنها
مُخَالِفة لِهذا الديث الصحيح الصَرِيحِ الدال على ذلك وهُو حديث ثَابِت ل شَك ف ثُبُوتِه؛ وال
أعلم.
أمَا بِالنّسبة إل العُمرَة فإنه ل يَأْتِ حَديثٌ صحيح صَرِيح عن النب eيَدلّ على وقت النتِهَاءِ مِن
التَلْبِية ،ولِذلك كَثُرَ فيها اللف بيْن أهل العلم ،وقد جاءت أحاديثُ عِدّة تدلّ على أنّ العتمِر
يَنتهي مِن التّلْبِيَةِ عِنْدَ إرادة الطَوَاف ولكنّ تِلْك الحاديث ل تَثْبُتُ عن النب صلى ال عليه وعلى
آله وسلم.
وذَهَبَ بَعْضُ أهل العلم إل أنّ الفاقيّ ..أيْ الذي جَاءَ مِن مكانٍ بَعيد وأحْرَمَ مِن الـمِيقَات
أو مِن دُونِه فإنه يَتْرُك التَلْبِيةَ عِنْد الوُصول إل الـحَرَم ..أيْ عِنْد الوُصول إل أدن الـحَرَم،
واحتجّوا على ذلك بِروايةٍ عن ابن عمر رضي ال-تبارك وتعال-عنهما ،وهذا القول قول قوي؛ وال-تبارك
وتعال-أعلم.
418
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أما مَن أحْرَمَ مِنَ " التَنْعِيمِ " أو نَحْوِه فإنّه يَتْرك التَلْبِية على رأَيِ هَؤُلَءِ عِنْدما يَكُونُ قريبا
مِن السجد الرَام؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
وَهُنَا أريد أن أنبّه على مسألة مُهِمّة جِدا وهي أنّ كَثيا مِن الناس يَذهبون إل تأْدِية الج والعُمرة
وهُمْ ل يَعْلَمون عن أحكَامِهما شيئا ..يَسمعون أَنّ الناس يَذْهُبُونَ إل الج والعُمْرة ويَذهبون إل
ذلك ،ول شك أنّ ف الذهاب إل تِلك البِقاع فضْل عظيما بل الذّهاب لِتَأدِيَة الج مِن المور الوَاجبة
التحتّمة ،و-أيضا-قد ذَهَبَت طائفة كَبِيَة مِن أهل العلم إل وُجُوبِ العُمْرة ،وهُوَ قَوْلٌ له أدَلّتُه
الت تُؤيّده فَلَ يَنْبَغِي لِلنسان أن يُفَرّط فيها ،والج وَاجِبٌ على الفَوْر على مَن وَجَد الستطاعة
إِليْه-كَما هَو رأي جاعة مِن أهل العلم-وهُو الذي تُؤَيّدُه الدِلة؛ لكنّ كَثيا مِن الناس-كما قلتُ-
يَذهبون ول يَعْرِفون عَن أَحكَامِ الج والعُمرَة شَيئا.
والمر الذي أُرِيدُ أُنبّه عليه ف هذا الوَقْت :أنّ كثيا مِن النّاس يَصِلُون إل مَكّة الكَرّمَة شَرّفَهَا
ال-تبارك وتعال-مِن غَيْرِ إِحَرَام ،وَقَد التَقَيْتُ بِبَعضٍ منهم أتى إل مكّة الكرّمة مِن غيْر إحرام
ويُريد أن يَخرُج بَعد ذلك إل " التَنعيم " يَقول " :عندما أصل إل مكّة وأَقُوم بِإنزال المتعة-ومَا شابه
ذلك-سأذهب إل ' التَنْعيم ' وأُحْرِم مِنْ هُناك " وهذا خَطأ جَسِيم ..مُخالِف لِسنّة رسول ال ε
ولجَاع المّة الحمدية قَاطِبة ،فإنّ مَن ذَهَبَ إل مكّة الكرّمة شَرفها ال-تبارك وتعالى-وهو يُريد
حجّا أو عُمرة ليس له أن يَتَجاوز الـمِيقَات إذا كَان مِن خَارِج اليقَات إل وَهُو مُحْرِم ،بِنَصّ
الحاديث الثابتة وإجاع المّة-كما قلتُ-ومَن جَاوَزَ ذلك فَقَد تَعَدّى حدودَ ال-تبارك وتعال-
وعَلَيه أن يَتُوبُ إل رَبّه وأن يَرْجع مرّة أُخرَى إل الـمِيقات وأن يُحْرِمُ مِن ذلك الكان ،أما مَن
كَان دُون الـمِيقات فإنه يُحْرِمُ مِنَ الكان الذي فِيه إل إذَا كَان مِن أهْلِ 1الرَمِ فإنه لبد مِن أن
يَخرُج إل الـحِل ..إل أيّ مَوْضع مِن الوَاضِع مِنْه ،واختَلفوا ف الفْضل ،ول أريد أن أطِيلَ
بِذلك ،والَاصل أَنّه لَيْس لحَد أن يَتَجَاوَزَ اليقات إذا كان يُريد حَجّا أوْ عُمرة وإنّما العلماء
اختلفوا فِيمن لم يُرِد الج ول العُمرة ول يَكُن مِن الُتَرَدّدِين على مَكّة الكرّمة هَل لَه أن
يَتَجَاوزَ اليقات مِن غَيْر إِحرام ؟ ونَحنُ نَقُولُ :إنّ القَوْل الصحيح أنّ مَن ل يُرِد الج ول العُمرة
لَه أن يَتجاوز اليقات مِن غَيْر إحرَام ،بِنَصّ الديث الثابت عن النب ، εوإذا ثَبَتَ الديث فَل
كَلم:
ونَحن نَحكي بَعده خِلفا الصطفى يَعتبِر الوصَاف
فيه عن الختار نصّ أُسنِد ل نقبل اللف فيما وَرد
-1يُنظَر مع الشيخ لعلّه قصد أن يقول " :إذَا كَان ف ال َرمِ " بدل مِن قوله " :إذَا كَان مِن أهْلِ الرَمِ ".
419
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وأما مَن أراد الج أو العمرة فَل ،ومَن أخطأ بِجهله ودخل إل مكّة الكرمة مِن غي إحرام فإنه يُؤمَر بِأن
يَرجِع إل اليقات الذي جَاء منه ،ل إل مِيقات آخر ولَ إل أَدْن الِل أو أيّ مَوْضع مِن مَوَاضع
الِل ..كَلّ بل يُؤمَر بِأن يَرجِع إل اليقَات الذَي جَاء مِنه وأن يُحرِم مِن ذَلك الكان ويَتُوبَ
إل ال-تبارك وتعال-إل إذا كَان الوَقْتُ ضَيّقا بِأن كان يَخشى مِن فَوَات الج فَإنه يُحْرِم مِن
الوْضِع الذِي هُو فيه ويُؤمَرُ بِالتوبة وبِأن يَذبَح ذَبيحةً لِفُقَرَاءِ الرَم؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
كذلك بَعْض الناس يُحْرِمُون لِلعُمرة مِن الَرم وهذا خطأ ..لَم يَقُل أحدٌ مِن العلماء التقدّمي" :
إنّ النسان يُمْكِن أن يُحْرِم مِن الَرِم وأن يُؤدّي العمرة ويَكون مُوَافِقًا لِلصّواب " بل أجْمَعُوا
على خِلف ذلك وإن خَالَف بعض التأخّرين ،وإنا اختلَفوا هَل تِلك العُمرة:
-1تَكون صحيحة ويُؤمَرُ بِالفِدية.
-2أو أنّها ل تَكُونُ صَحيحة بَلْ يُؤمَرُ بِالُروج إل الِل وإن كان قد طَاف وسَعَى مِن قَبْل ؟
وهَذَا القَوْلُ هُو القَوْلُ الصحيح ،أما أَن يَكْتَفِي بِالحْرَامِ مِن الَرَم فَقط مِن غَيْر أن يَخرُج
ويَظُنّ بِأنّ ذلك مُوَافق لِلسنّة أو أنّه مأمُورٌ بِه فَهَذا مِمّا ل يَقُل بِه أحدٌ مِن العلماء التقدّمي-
كما قلتُ-بل أجعوا على خِلف ذلك.
فينبغي أن يُنتبَه لِمثل هذه المُور ،وأن يَقرَأَ النسانُ ولو مُختصَرا مِن الختصَرات إن كان يَسْتطيع
على القَراءة ،وأنْ يَسأَل أهل العلم عن أحْكَامِ شَرْع ال-تبارك وتعال-ف هذه القضية وف غيها ،وليس
له أن يَتَقدّم على شَيءٍ بِغَيْر عِلم فإنّ ذلك-والعياذ بِال تبارك وتعال-قد يُوقِعُه ف بَعضِ المور
الخَالِفة لِشَرْع ال بَلْ التْيَانُ بِأمر مِن المور ول يَعرِف النسانُ حُكْمَه ..هذا المرُ نَفْسُه
مِمّا ل يَنبغي لحد أن يَذهبَ إليه وإن اختلَف العلماء ف هلكه ف التّقَدّم مِن غَيْر عِلم إذا صَادَفَ
الق ،أما إذا ل يُصادِف الق فإنه ل يَقُل أَحَدٌ بِسَلَمتِه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :13إذا ذَهَبَ الرّجُل إل الج ث فَعَلَ العَاصِي عند عودته إل بَلده ،هل يَنْتَقِض حَجّه
بِمثل هذا الفِعل ؟
ج :حجّه صحيح إن كان ل يَأْتِ بِما يُنَافي ذَلك ف وَقْتِ حَجّه ،وأما فِعْلُه لِلمَعَاصِي بعد ذلك
فَعَلَيْه أن يَتوب إل ال-تبارك وتعال-مِن ذلك ..على النسان ألاّ يَفْعَلَ شَيئا مِن مَعاصي ال-تبارك
وتعال-وإذَا أغْوَاه الشيطان-والعياذ بال تبارك وتعال-وفَعَل شَيْئًا مِنْ مَعَاصِي ال-تبارك وتعال-فإنه
يُؤمَرُ بِالتوبة إل ال-تبارك وتعال-تَوْبَةً نَصُوحًا ،وإذا تاب وأناب إل ال-تبارك وتعال-فإنّ ال-
تبارك وتعال-قد بَيّن-كَمَا قَد ثَبت ف الديث-بِأنّ مَن أتى شَيْئا مِن العاصي ث تَاب إل ال I
وَرَجَعَ إلَيْه أنّهُ يُجَدّد له ذلك العمل-ذكرتُ معن الديث ل النص-فهذا الرّجُل فِعْلُه لِتَلْك
420
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
العاصي ل يُؤَثّر على حَجّه السابق ولكن مع ذلك يُؤْمَر بِالتوبة-كما قلتُ-وعَلَيْه أن يَتَخَلّصَ مِن
كُل مَا وَقَعَ فِيه إن كانت هنالك شيء مِن حُقوق العِباد ..إذا اغتَصَبَ-مثلً-امرأةً-والعياذ ال
تبارك تعال-وزنى بِها أو زَنى بِصَبِية أو أتى امرَأَة وَهِي نَائِمَة أو عبدة أو مَجْنُونَة أو مَا شابه
ذَلِك ،وهَكَذَا إذَا كان قَدْ أَخَذ شَيْئًا مِن أمْوَالِ الناس مِن غَيْرِ رِضَاهُم
عَلَيْهِ أن يَتَخَلّصَ ..والاصِل أَنّه لبُد مِن أن يَتَخَلّصَ مِن حُقوق العِباد ،وكذلك إذا كان
قَدْ فَرّط ف شَيْءٍ مِن صلة أو صِيَام أو ما شابه ذلك-وأَعْنِي بِالصلة والصيام الصلةَ الواجبة
والصيامَ الواجب-فلبد مِنَ التّوْبَة إل ال ومِن قَضَاءِ ذَلك ،وإذا كان قَدْ وَطِئ زَوْجَتَهُ أو زَنَى
ف نَهَارِ رمضان-والعياذ بال تبارك وتعال-فلبُد مِن الكفارة ..والاصل أنّ مَا فَعَلَهُ مِن العَاصِي ل
يُؤَثّر على حَجّه السَابق ولكنه يُؤمَر بِالتوْبة إل ال والتَخَلّص مِن كُل ما وَقَعَ فِيه إذا كَانَ
هُنَالِكَ شيءٌ يَجِبُ التخَلّصُ مِنْهُ؛ وال أعلم.
س :14هَل لِلزّوْجِ طَاعَة إذا مَنَعَ زوجتَه عن الذهَاب إل العُمرة ؟
ج :أما إذا مَنَعَهَا عن فَرِيضَة الج وكانت تُريد أن تَذهب مع مَحْرَمٍ لَها فل طاعة له ول كَرامة،
لنه يَمْنَعُهَا عن أمْرٍ وَاجِبٍ مُتَحَتّم عَلَيْها ،إذ إنّ الجّ واجبٌ بِنَصّ كتابِ ال وسنّة رسوله
صلوات ال وسلمه عليه ،ث هو على الفَوْرِ على الصَحِيحِ كما قلنا ..فإِذَا كَانَت سَتَذْهَبُ مَعَ
مَحْرَمٍ مِنْهَا ومَنَعَهَا مِن ذلك فَيَنبغي لَها أنْ تُحَاوِل بِأن تُقْنِعَهُ بِالـمُوَافَقَة على الذّهَابِ
وَإذَا لَم يُوَافِق عَلَى ذَلِك فَل طَاعَةَ لَهُ ولَ كَرَامَة ،إذْ لَ طَاعَة لِعَبْد ف معْصِيَة ال تبارك
وتعال ،فَنَقُول لِهذا الزوج بَدَل مِن أن يَمْنَعَ زوْجَتَه عَن التيان بِفَرِيضة الج أو بِالعُمرة أنّه
عَليْه أن يَتُوب إل ال-تبارك وتعال-ويَنْبَغي له أن يُرَافِقها مِن أجل تَأدِيَة فَرْض ال-تبارك وتعال-
عليه إن كَان قادِرا على ذلك ،وإن كان قَدْ أَدّى الفَرِيضَة وهو يَْقدِرُ على الذهَاب-أيضا-يَنبَغي له
أن يَذهب إل تِلك البِقاع القَدّسة ويَأْت بِالعُمرة وبِالج ،وقد سَبَق فَضْل مَن حَج أو اعتمَر إذا
كان يُريد بِذلك وَجَه ال تبارك وتعال.
أما بِالنسبة إل العُمْرة فإن كانت لَ تَذْهب مَع مَحْرَم مِنْهَا-فكما قلتُ-يَنْبَغِي لَهَا أَن تؤَخّرَ
ذَلِك حَتّى تَجِد مَحْرَمًا مِنْها وتَذْهَب وتُؤَدِي الج والعُمرَة مَعًا ،ث-أيضا-العُمْرة فيها
خِلَفٌ بَيْنَ أهل العِلم كما قدمناه ،فإذَا تَأَخّرت قليل ث ذَهَبتْ لِتَأدِيَة فَريضةِ الج وتَأْدِيَة
العُمرة بعد ذلك مع مَحْرَمٍ مِنْهَا وتَدعو-ونَحن نَدعو معها-بِأن يَهدِيَ ال-تبارك وتعال-هذا
الرّجُل-وغَيْرَه مِن الناس وأن يَهْدِيَنَا جَميعا إل طاعة ال تبارك وتعال-فلعلّه يَقُومُ بِمُرَافقَتها أو
يَأذَنُ لَها أو تَجِد مَحْرَمًا مِنْهَا وتُرَافِقه.
421
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
و-كما قلتُ-ف الج لَ طَاعَة لَه أبَدا ،أما العُمرة فعلى ما فيها مِن كلم ،وبِإمْكَانِها-أيْضا-أن
تُؤَخّر وَلَوْ لِعِدّةِ شهور ث تَذهَب ف هذه السنَة بِمشيئة ال لِتَأدِيَة المْرَيْنِ مَعًا وافَق هَذَا
الزّوج أو ل يَوَافِق ولكن تَذْهب مع مَحْرَم مِنْها؛ وال أعلم.
س :15الذكار الواردة ف كتاب " تَلْقِي الصبيَان " ،هل هي ثَابتة عن النب ε؟ هل يُؤتَى بِها
أو ل ؟
ج :على كل حال؛ يَنبَغي لِلنسان أن يَذْكُرَ ال-تبارك وتعال-ذِكْرًا كثيا ،ويَنبغي له أن يُكْثر مِن
ذلك ف الجّ وف العُمرة بل ف كل وقتٍ مِن أوقاتِه ولسيما ف الوقات الت ثَبَتَ أنّ النب εكان
يَذْكُرُ ال-تبارك وتعال-فِيها أو أنّه كان يَأْمُرُ بِالذّكْرِ فيها ..فعلى النسان أن يُحَاوِل بِأن
يَذْكُرَ ال-تبارك وتعال-ف كُل وَقْتٍ وأن يُكثِر مِن الدعاء ومِن الستغفار.
وأما بِالنسبة إل الذكار ف الج والعُمرة فإنّ الثابت عن النب εالتَلْبِية ،فإنّها ثابتة عنه صلوات ال
وسلمه عليه ،وثابت عنه-أيضا على رأي كثي مِن أهل العلم-أنه كَان يَقُولُ فيما بيْن الركنيْن ..بيْن
الركن اليَمَان والـحَجَر ( :ربنا آتنا ف الدنيا حسنة وف الخرة حسنة وقنا عذاب النار ) ،فهذا قد قال
بِثُبُوته جَمْعٌ مِن أهل العلم ،وإسناده ل بأس به ..يُمكِن أن يُحسّن على رَأي كثي مِن أهل العلم ،ث
إنّ هذا الدعاء ف كتاب ال-1تبارك وتعال-وكَان يُكْثِر مِنْه النب εكثيا ،وإذا دَخل النسان النّة
فإنّ ذَلك هو أعظم شيءٍ يَطلبُه النسان ،و-أيضا-يَسْأَل " :اللهم إن أسألُك العَفْوَ والعَافِيَة ف الدّنيا
والخرة ،اللهم أعَنّي على ذِكْرِك وشُكِرِك وحُسِن عِبادَتِك " ويَأْت بِـ " :سُبحان ال ،والمد
ل ،ول إله إل ال ،وال أكب " ويأت بِـ " :ل حوْل ول قَوّة إل بِال العلي العظيم " وبِـ " ل إله إل ال
وحْدَهُ ل شريك ،له الـمُلك وله الـحَمد ،يُحْيي ويُميت ،وهو على كل شيءٍ قدير " وبِما شابه
ذلك مِن الذكار والدعية التِي جاءتْ ف كتابِ ال-تبارك وتعال-أو ف سنّة رسوله-صلى ال عليه وعلى
آله وسلم-وبِإمكانه-أيضا-أن يَأتِي بِبَعض الدعية الخرى ولكن ما جاء ف الكتاب العزيز سَواء أَمَرَ
ال بِه عِبَاده أو أنه ذَكَرَهُ عَن بَعْضِ عِبَادِه الصالي مِن النبياء أو غَيْرِهم ،أو كان يَأت بِه النب
εكما هُو ثَابِتٌ ف سنّتِه أو أَمَرَ به-صلوات ال وسلمه عليه-فإنّ ذلك ل شَك بِأنه أَفْضَل مِن
غيه ،فإذا كان الإنسان ل يَحفظ ذَلك فَل يُوجَد فيما أحسب إنسان ل يَحفظَ ... } :رّبنَا آِتنَا فِي ال ّدْنيَا
سَن ًة وَِقنَا عَذَابَ النّارِ { [ سورة البقرة ،من الية ] 201 :أو على أقل تَقْدير " :اللهم
سَن ًة وَفِي الخِ َرةِ حَ َ
حَ َ
لٍ
ق س مَن َيقُو ُل رَبّنَا آتِنَا فِي الدّنْيَا َومَا لَهُ فِي الخِرَ ِة مِنْ خَ َ
}-1فَإِذَا قَضَيْتُم مّنَا ِس َككُ ْم فَاذْكُرُوا الَ َكذِكْ ِر ُكمْ آبَاء ُكمْ َأوْ َأ َشدّ ذِكْرًا َفمِنَ النّا ِ
حسَابِب مّمّا َكسَبُوا وَاللّ ُه سَرِيعُ اْل ِ
%ومِْنهُم مّن َيقُو ُل رَبّنَا آتِنَا فِي الدّنْيَا َحسَنَةً َوفِي الخِرَةِ َحسَنَةً َوقِنَا َعذَابَ النّا ِر %أُولَـِئكَ َل ُهمْ َنصِي ٌ
{ [ سورة البقرة ،اليات.] 202-200 :
422
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أدخِلْنِي النّة " أو ما شابه ذلك ..لَ يَنْبَغِي لِلنسان أنْ يَشْتغِل بِبَعض الكتب ..يَقْرَأُ مِن
الكتاب ،أو يُتَابِع شَخْصًا-أو ما شابه ذلك-ذلك يُشَوّشُ على الناس ويُذهِب بِالشوع عن ذلك
النسان وعن غيه ..إذا كان هُوَ يَحْفظ تلك الدعية الت ف التَلْقي 1فل بأس أنْ يَأت بِتلك الدعية،
وإن كان ل يَحفظ ذلك فَلْيَأتِ بِما ذكرناه أو بِشيء مِما ذكرناه ،أما أن يَقْرَأ مِن كتاب ويُؤْذِي
غَيْرَه ويُذْهِب بِالشُوع عن نفسه وتَكُون هُنَالكَ بَلْبَلة وتشويش على الناس فهذا مِمّا ل ينبغي ..
كذلك بعض الناس يَأت بِدعاء ويَجهَر ويَرفَع به الصّوْت والناس يُتَابِعُونه على ذلك وهُم كَثي مِنْهم
ل يَفْقَهُون شيئا مِن ذلك أبَدًا بَل يُرَدّدُون ذلك الكلم ويَسْمَعَهُم النسان يُخطؤُونَ ف بعضِ
اللفاظ لَنّهم ل يَحْفظوا تلك اللفاظ ومِنْهُم مَن ل يَستَطِيع أن يَأتِيَ بِبَعضِ تِلك اللفاظ
لِغَرَابَته عَليه لِكونه مِن العَوَامِ مثل ،وهو-أيضا-ل يَخْشَع ف تلك الوقات لنّ كُلّ هَمّه
مُنْصَبٌ على الستماع إل ذلك الشخص ،فهذا مِمّا ل يَنبَغي أبدا بل يَنبغي لِل نسان أن يَذكُر بِما
يَحْفظه وأن يَدعو بِما يَحفظه ولو أن يَقُول " :سبحان ال ،والمد ل ،ول إله إل ال ،وال أكب " و} :
سَنةً وَِقنَا عَذَابَ النّارِ { ؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
سَن ًة وَفِي ال ِخ َرةِ حَ َ
َ ...رّبنَا آِتنَا فِي ال ّدنْيَا حَ َ
مِن حلقة 11جادى الثانية 1424هـ ،يوافقه 10/8/2003م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س ... :2
ج... :
فإن كانت قد أطلقت النّذر ..أي نذرت بِأن تقوم بزيارة مكة الكرمة لتأدِيَة الج والعمرة فإنه عندما
تتمكن مِن الذهاب إل ذلك الكان فإنّها لبد مِن أن تقوم بتأدية هَذَا النّذر الذي أَلْزَمَت به نفسها.
...
فإذن هذه الرأة إن كانت قد أطلقت فإنّها عندما تَتَمَكّن تُؤمَر بالذهاب لتأدية الج ،والعمرة إذا كانت
قد نَذرت بعمرة أيضا ..بِحسب نذرها ،وإذا كانت لَم تَحج حَجّة الفريضة فلبد-أيضا-مِن أن تقوم
حجّة الت نذرت با. أوّل بتأدية حَجّة الفريضة ث بعد ذلك تقوم بتأدية الـ َ
...
مِن حلقة 9شعبان 1424هـ ،يوافقه 5/10/2003م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-1هو كتاب " تلقي الصبيان مَا يلزم النسان " للشيخ نور الدين عبد ال بن حيد السالي.
423
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :5المدُ ل وفّقنِي رَبّي لِلذهاب إل العمرَة ولكن حَدَثَ أمرٌ يُشكّكُنِي ف صِحّة
العمرَة حيثُ ف طرِيقِنا إل الرم الكي بعدَ إحرامِنا بكيْتُ وأَدّى بُكائِي إل خروجِ زُكام الذي
نَزَلَ معَه بعضُ الدم ،فأرجو أن تُفِيدُونِي ف ذلك.
ج :إذا كان تَوضّأَ بعدَ خروجِ هذا الدم فإنه ل شيءَ عليه ،لنه لَم يَتسبّب ف ذلك.
وأما ما يُشيعه كثي مِن الناس مِن قولم " :ف الدم دم " فذلك ل أصْلَ لَه ف سنّة رسولِ ال-صلى ال
عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
فإن كان قَد تَوضّأَ بعدَ خروجِ ذلك الدم فعمرتُه صحيحة بِمشيئة ال تبارك وتعال.
أما إن كان طاف ول يَتوضّأ فذلك يَحتاج إل شيءٍ مِن التفصيل وبِإمكانِه أن يَذكُر ذلك إن كان قد
طاف ول يَتوضّأ؛ وال أعلم.
مِن حلقة 23شعبان 1424هـ ،يوافقه 19/10/2003م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :1ذَكَرتُم ف أَ ْكثَر مِن َموْضِع بِأنّه ل ُيصَلّي إنسان عن إنسان وإنّما قد يصوم إنسان عن آخَر ،لكن
ت أنّه ل
هَذَا السّائِل َيقُول :كُنتُ أُصَلّي ركعتَيْ ال ّطوَاف وَأْنوِي أنّهما عن الشّخص الذي أَحُج عنه ثُم َرَأيْ ُ
يصلي أحد عن أحد ،فماذا عََليّ ؟ وماذا أفعل الن ؟ هل أُصَلّيهِمَا أول ؟
ج :نعم ،قَد ذكَ ْرنَا-وذَ َك َر غينا-أنّه ل يصلي أحد عن أحد ،وقد َحكَى بعض العُلماء اتفاق أهل العلم على
ذَلك ...
أمّا بالنّسبة إل الصّلة فقد قُلت إنّه ل ُيصَلّي أحد عن أحد إذا كان ذلك استقلل ،أمّا إذا كانت تلك الصلة
تَابِعَة لمر آخرَ ..دَا ِخلَة ف ذلك المر فإنّ المر يَختلف ف هذه القضية ،وذلك لنّه يُشْرَع َتبَعا مَا ل يُشْرَع
استقلل كما هو ُمقَرّ ٌر عند الفقهاء ،وهي قَاعِدة فقهية مشهورة تدخل تَحتها مسائل ُمتَعَدّدة ،فالصّلة إذا
كانت مستقلّة ل يُمْكن أن َيقُوم أحد بِقضاء فريضة مِن الصلوات كالظهر أو العصر أو الغرب أو ما شابه ذلك
عن شخص آخر ،كما أنّه ل يُمكن أن َيَتَنفّل عنه ..أن يصلي ركعتي نافلة َوَينْوي أنّهما عن فلن أو فلنة أو
ما شابه ذلك ..هذا أمر ُمتّفق عليه كما حكاه غي واحد ،ومَا ُروِي عن بعض الَتقَدّمي مِمّا يُخالِف ذلك
فلعَلّه ل َيصِ ّح عنه ،وإن صَ ّح عنه فإنّه ل دليل لَه على ذلك.
أمّا بالنسبة إل صلة الطواف ..أو إل ُسنّة ال ّطوَاف-ل ّن الصحيح أنّها سنّة-فالمر جَائِز باّتفَاق أهل العلم،
وذلك لنّ هذه دَاخِلَة ف الج أو دَا ِخلَة ف العُمْرَة إذا كان ذلك الشّخص َيعْتَمِر عن شخص آخر ..فهي
تَابِعَة لعمال الج أو تَاِبعَة لعمال العمرة ،وعليه فما َفعَلَه هَذَا الشّخص فعل صحيح ،وف الستقبل ينبغي له
إن شاء أن َي ْعتَمِر أو أن يقوم بأداء الج عن غيه فإنه يفعل ذلك أيضا.
424
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
425
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :أوّل أقول إنّه على هؤلء القاولِي أن َيتّقوا ال-تبارك وتعال-ف أنفسهمَ ،فقَد جَاءْتنِي أخبار كثيا جِدا
جدًا عن كثي مِن أمثال هؤلء ،وعن كثيٍ-أيضا-مِن القاولِي الذين يَ ْذ َهبُون إل الج َوهُم ل َيّتقُون ال-تبارك
وتعال-ف أنفسهم ول ف أولئك الذين يذهبون َم َعهُم.
...
كذلك بالنسبة إل أولئك الذين يأخذون الجاج إل َمكّة الكرمة وإل النَاسِك فإنّهم َيتَجَاوزون حدود ال
تبارك وتعال ..يَس َمعُون أهل العلم وطلبة العلم ُيَنّبهُون كثيا بأنّه ل يُشْرَع الروج مِن عرفة-مثل-إل ف
الوَقت الفلن َوَأنّهَ -كذَلِك-ل يُشْرَع مِن الزْدَلفة إل ف الوقت الفلن َومَا شابه ذلك مِ َن المور الـ ُمَتعَّلقَة
بالـ َمنَاسِك ومع ذلك يذهبون ف غي تلك الوقات ويأخذون الجاج الضّ َعفَة َمعَهُم وأعنِي بالضّ َعفَة ..
ستَغِلّون أولئك الذين ل َيعْرِفُون الم ِكنَة مِن أمثال النساء والعجزة أو مَا شابه ذلك ،وهَذَا ف حقيقة الوَاقِع مِمّا يَ ْ
ل يَصِحّ لَهم ول يَجوز ،ولبُد مِن مُعاقبة َأمْثََال هؤلء مِمّن يَمْلِك عُقُوَبتَهُم؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
شَتكُون مِن أنّ الجاج الذين َم َعهُم هُم الذِين ُيعَجّلُونَهم ؟س :لكن بعض ُمقَاوِلِي الجاج يَ ْ
ج :ل عبة بِذلك ،إذا طلب ِمنْهم الجاج بأن يَخْرُجوا ف الوَقْت الذي ل يَص ّح فيه الروج فل سَمْع لَهم ول
طاعة-وكذلك ل سَمْع ول طاعة ول كَرَامة ِلمِثل هؤلء القاوِلِي إذا خَاَلفُوا شَ ْرعَ ال تبارك وتعال-فمَن شاء
جلِس فَ ْليَجْلس إذا كان ذلك مُخَالِفا لِشَ ْرعِ ال تبارك وتعال ،فإذَن ال ِعبْرَة أن يذهب فَليذهبَ ،ومَ َن شَاءَ أن يَ ْ
ب بِه ف ت عَن النب ،εوف الديث ( :مَن عَمِل عمل َلْيسَ عليه أمْ ُرنَا فهو رَد ) أ ْ
ي مَرْدُو ٌد عََليْه مَضْرُو ٌ بِمَا َثبَ َ
ض الناس أن يَخرجوا ف غي الوَقت الذي َثبَتَ ف سنّة رسول ال εفليس
ب ِمنْهُم أحَد أو َب ْع ُ
وَ ْجهِه ،فإذا طََل َ
لَهم أن يَ ْلَت ِفتُوا إليه ول ُيعَدّ ذلك ُمخِل بالشرط الذي اتفقوا عليه عندما خرجوا-مثل-مِن عُمان أو ما شابه
ذلك وََل ْو اشترطوا-مثل-عليهم لن ذلك الشّرْط ُمخَالِف لسنّة رسول ال ،εوالنسان إذا اشترط أَلْ َ
ف شَرْط
أو أكثر إذا كان ذلك مُخَالِفا لشَرع ال فل يَجوز َتنْفِيذ ذلك الشّرط؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
س ... :8
جَ ... :يصِح النّكاح ف َر َمضَان وَفِي َغيْر رمضان إل ف حالة الحرام بالج أو العمرة ،فِي حالة الحرام
بالج أو العمرة فل َيصِ ّح النّكاح-على ال َقوْ ِل الصّحِيحِ الرّاجح-لنهي النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-عن
ذلك أمّا مَا عَدَا ذلك فهو صحيح.
مِن حلقة 7رمضان 1424هـ يوافقه 2/11/2003م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
426
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :6الناس معروفٌ أنم عندما يفيضون مِن عرفات إل مزدلفة ومِن مزدلفة إل مِن ..عندما
يَقطعون الطريق مِن مزدلفة إل مِن يُسْرِعون ف وادي مُحَسّر لكن ل يَعلمون شيئا عن السراع ف هذا
الوادي عندما يذهبون مِن مِن إل عرفات ،فهل يَصنعون نفس الفعل ؟
ج :أنا ل أَجِد روايةً عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-تَدُ ّل على مشروعية السراع أو عدم
السراع عند الذهاب إل عرفات ف هذا الوادي.
وأما عندما يَرجِع الاج مِن عرفة وبعد ذلك مِن الزدلفة إل مِن فإنّ السراعَ ف هذا الوادي عن النب-
صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ثابت صحيح ل شك فيه.
وإذا أردنا أن نَعرِف الكم ف السألة الول ..أي ف مشروعية السراع وعدمه عند الذهاب إل عرفات
فإنه ينبغي لنا أن َنعْرِف الكمة من إسراع النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ف هذا الوادي ،وقد
ذَكَر العلماء ف ذلك عدّة أمور:
مِنهم مَن قال :إنا َفعَل ذلك النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-لنّ هذا الوادي مأوى الشياطي فأَسْرَعَ
النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-خشيةَ الكَوْنِ ف هذا الوادي ،ول أَجِد لم دليل على هذا الكلم
ولعلهم يَستدِلّون بِحادِثة نَوْمِ النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وصحابتِه الكرام ف الوادي
إل أن طََلعَت الشمس ث أخبهم النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-بأنّ ف هذا الوادي شيطانا وأَمَرَهم
بِالروجِ منه والصلةِ بعدَ ذلك فخرجوا-رضوان ال تعال عليهم-مع النب-صلى ال عليه وعلى آله
وسلم-وصَلّوا فريضةَ الفجر بعدَ طلوع الشمس بعدَ الروج مِن ذلك الوادي ،ول دليل ف هذا ،وذلك
ت فيه ونام هو وصحابته ،وأيضا عندما أمَ َرهُمْ بِالروج ل
لنّ النب eل يُسْرِع ف هذا الوادي بل بَا َ
يَأمُرهم بِالسراع ول يَثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه أنه َأسْ َرعَ عند خروجه منه فإذن ل دللةَ ف هذا
الدليل الذي استنبطَ منه بعضُ أهل العلم هذا الستنباط.
ع عند خروجه مِن هذا وذهب بعضُ أهل العلم إل أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-إنا َأسْ َر َ
سبُ الوادي لنّ النصارى كانوا يَقفون فيه ،وأنا ل أَجِد روايةً صحيحةً ول حسنةً بل حت ول ضعيفة تُنْ َ
إل النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-تدُلّ على ذلك ،وإنا رُوي ذلك عن عمر-رضي ال تعال عنه-أنه
عندما مَرّ بِهذا الوادي ذَكَرَ كلما مِنه:
ن النصارى دِينُها مخالِفًا دِي َ ........................
فقالوا إنّ النب َ eأسْ َرعَ مِن أجل ذلك ،وهذا كلم مردود ،وذلك لنه تَكفي ف الخالَفة ألّ يَقف النب-
صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ف هذا الوقف وهو ل يَقف ف هذا الوادي وإنا وَقَفَ بِعرفة ،كما هو
427
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
معلوم وقد أجعت عليه المّة ،وأيضا ل يَْثبُت عن النصارى أنم كانوا يَ ِقفُون ف هذا الكان ول أنم كانوا
يَحُجّون ،فهذا ل دليل فيه البتة على ما ذَكَروه.
ومنهم مَن ذَهَبَ إل أنّ النب εإنا أس َرعَ ف ذلك الوادي مِن أجل مالفة الكفار لنم كانوا يَتفاخرون
فيه بآبائهم ،وهذا ل دليل فيه ،وذلك لنه ل يَْثبُت-أوّل وقبل كل شيء-عن الكفار أنم كانوا يَتفاخَرون
بِآبائهم ف هذا الوادي ،وإنا كان يَقع مِنهم ذلك ف مِن ..قيل :عند جَمْرة العَقَبَة ،وقيل :ف مِن ،ول
يَثبت عنهم أنم كانوا يَتفاخرون ف هذا الوادي ،ث إنه لو كان المر كذلك-أي لو كانوا يَتفاخرون ف هذا
الوادي-لَمَا كان ف ذلك دليل ،لنه يَكفي ف الخالفة ألّ يَقع مِن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
ومِن السلمي ذلك.
وذهب بعض أهل العلم إل أنه إنا أس َرعَ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ف هذا الوادي لنه وَقَعَ فيه
العذاب على أصحاب الفيل إذ إ ّن الفيلَ وَقَفَ ف هذا الوادي على حسب ما يَ ّدعِيه هؤلء ،وليس المر
كذلك ،لنّ الفيلَ ل يَقف ف هذا الوادي وإنا وَقَفَ ف وادي الـ ُمغَمّس وذلك بِالقُرب مِن عرفات
على طريق الطائف ..هذا هو الثابت عن العَرب ف أخبارِهم وف شِعْرِهِم ،ول تَأتِ روايةٌ واحدة تَدلّ
على أنه وقع ف هذا الوادي ،وذلك-أيضا-مستبعدٌ جدا لنّ هذا الوادي مِن الرَم والعقوبةُ نَزَلَت عليهم
قبل دخولِهم الرَم ،ولكن ذلك ل يَمنع مِن أنه قد وقعتْ عقوبة مِن الول-تبارك وتعال-على بعض الناس
ف هذا الوادي وإن كنّا ل نَجِد دليل يُحدّ ُد نوعَ هذه العقوبة ،وقد قيل :إنه وقع ذلك على رجل صَادَ
صيْدا ف هذا الوادي فوَقعتْ عليه نارٌ فأحرقتْه ،ويُمكِن-أيضا-أن يَكون بعضُ أصحابِ الفيل قد
َتقَ ّدمُوا على الفيل وعلى سائر اليش-على أنن أيضا ل أستطيع الزم بذلك ..وأظن أنّ ذلك ل يَقع-أما
المهور العظم والفيل فإنم ل يَصِلُوا إل هذا الكان ،والاصل أنّ الذي نَظنّه أنه وَقَعَ ف هذا الوادي
عذابٌ على بعضِ الناس ول يَلزَم أن ُنعَيّنَ ذلك ،ونَستشهِد على ذلك بِإسراعِ النب εعندما مَرّ بِدار
ثَمود ،فقد أَسرعَ الرسولُ-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ف ذلك الكان.
وإذا كان المر كذلك فإننا نقول بِمشروعية السراع-عند الرور على هذا الوادي ..أي-ف هذا الوادي عند
الروج مِن مِن إل عرفات بل حت إذا مَرّ النسان به ف أيّ وقت مِن الوقات ولو ل يَكن ذلك ف الج
ع فيه الِسراع.
فيُشْ َر ُ
ستَدَ ّل به على عدم الشروعية، وعدمُ ذِكْر أنّ النب εأَس َر َ
ع فيه عندما ذهبَ إل عرفة ل يُمكن أن يُ ْ
وذلك لنه قد ل يُذْكَر بعضُ أفعالِ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ول يَلْزَم أن يُذْكَر كل ما وقع مِنَ
النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وإنا الذي ُيْنقَلُ عنه-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ما فيه شَ ْرعٌ لِلمّة
وقد يكون ذلك بالعبارة وقد يكون بالشارة ،وهاهنا تكفي الشارة ،لنّ إسراعَه εعندما رَجَعَ مِن عرفة
428
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ومِن الزدلفة إل مِن يَكفي لِلشارة إل مشروعية هذا السراع ،ومَن نَظَرَ ف حَجّة الوداع فإنه يَجِد ف
بعض الحاديث يُذْكَر كذا ول يُذْكَر كذا وهكذا.
هذا ومِن الدير بِالذّكْر أنّ العلماء قد اختلفوا ف هذا الوادي هل هو مِن مِن أو هو مِن الزدلفة ؟ وقد
جاءتْ بعضُ الدلة تَدلّ على هذا ،وجاءتْ بعضُ الدلة تَدلّ على ذاك ،وجاءتْ بعضُ الدلة تَدلّ
على أنه ليس مِن مِن وليس مِن الزدلفة ،وأقوى ما جاء حديثٌ عند المام مسلم فيه التصريح بِأنه مِن
مِن حيث جاء فيه " :وهو مِن مِن " ولكنّ هذه الرواية ضعيفةٌ عندي ولو كانت ف صحيح مسلم ،والذي
يَظهر ل بأنه ليس مِن مِن وليس مِن الزدلفة.
و-على كل حال-سواء كان مِن مِن أو كان مِن الزدلفة أو ل يَكن مِن هذه ول مِن تلك فإنه ليس لحد
أن يَبيت فيه ف ليلة الزدلفة على رأي مَن يَقول إنه مِن الزدلفة ول على أن يُقيم فيه ليلة التاسع وليال
التشريق اعتبارا على أنه مِن مِن على رأي مَن يَقول إنه مِن من ،فعلى كل حال ل يُشرَع الكث فيه
والبقاء فيه سواء قلنا إنه مِن هذه أو مِن تلك أو أنه مستقِل.
وهكذا اختلفوا ف عُرنَة هل هي مِن عرفة أو ليست مِن عرفة ؟
و-على كل حال-أيضا ل يَجوز الوقوف با على أنا مِن عرفة سواء قلنا إنا مِن عرفة أو ل نَقُل ذلك.
وتَحقيق ذلك ف السألتي معًا يَحتاج إل إطالة ل تَتّسِع لا هذه العجالة وإن كانت هي جديرة بِذلك
ولكنّ الكم هو ما ذكرناه.
هذا ومِن الدير بِالذّكْر-أيضا-أنّ وادي مُحَسّر مِن الرَم.
خلفا لِمَا ذَهَبَ إليه ابن حزم حيث شَذّ وزَعَم أنه ليس مِن الرَم وإنا هو مِن الـحِل ،وكذلك
شذّ حيث زَعَم أنّ عُرنة ليست مِن الـحِل وأنا مِن الرَم.
فالقّ القيقُ بِالقبول أنّ هذا الوادي مِن الرَم وعُرنة مِن الـحِل.
وكذلك قد أخطأ خطأً بيّنا مَن زَعَم أنّ عرفة ليست مِن الـحِل وأنا مِن الرَم ،والقّ أنا مِن
الـحِل ،وعليه فيَجوز الصيد مِن عرفة ومِن عُرنة-وكذلك بِالنسبة إل قطْع الشجار فإنّ ذلك ل مانع
منه-وإنا يُمنَع مِن ذلك الـمُحْرِم فليْس له أن يَصطاد ،وأما الشجر فل مانع مِن ذلك ف الـحِل سواء
كان معتمِرا أو كان حاجّا ،فإذن عَرفة مِن الـحِل ،وإنا يُمنَع الـمُحْرِم مِن الصيد لجل أنّ
الـمُحْرِم يُمنَع مِن ذلك ولو كان ف الـحِل ،كما هو معروف ..هذا ما يَظهر ل ف هذه السألة.
هذا وكثي مِن الناس يَسألون عمّن ل يَستطِع أن يَقطَع وادي مُحَسّر قبل طلوع الشمس لِوجود زحة أو ما
شابه ذلك ،هل عليه دم ؟ والواب :أنّ كثيا مِن أهل العلم قالوا :يَجِب على مَن ل يَستطِع أن يَقطَع وادي
مُحَسّر الدم ,وال ّق أنه ل يَجِب عليه بل ل أَستطِيع أن أُوجِب عليه الدم وإن كان قد تَأخّر بِغيْر عذر وإنا
429
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أقول إنه ل يَنبغي لحد أن يَتأخّر ،وذلك لنه ل َيرِد دليل يَد ّل على أ ّن مَن ل يَخرُج منه قبل طلوع الشمس
أَنه يَجِب عليه دم ،والصل ف أموال السلمي بِأنا معصومة بِعصمة السلم لا وأنه ل يَجوز لحدٍ أن يُوجِب
شيئا على أح ٍد بِغيْر دليل ،ولِذلك يَنبغي التريّث ف هذه المور ..نعم هذه السألة فيها خلف مشهور-كما
ذكرتُ-ولكننا نَجِد كثيا مِن الناس يُوجِبون الدماء على عباد ال ولو ل يَقل به أحد مِن أهل العلم ،كما
اشتهر عند الكثي " :ف الدم دم " ..إذا خرج مِن إنسان دم أوجبوا عليه دما ،وكذلك ف كثي مِن المور
يَجِب التخيي بيْن الدم وبيْن الطعام وبيْن الصيام ولك ّن كثيا مِن الناس ل يُخيّرون عبادَ ال وإنا يُوجِبون
عليهم الدماء ..هذا إنسان فعل كذا ؟ عليكَ دم ..إنسان تَعطّر مثل ؟ عليكَ دم ..إنسان َقلّم شيئا مِن
أظافره ؟ عليك دم ..يَنبغي أن يُقال لِعباد ال Iبِالتخيي كما خّيرَهم ال تبارك وتعال ،وأ ّل نُلزِم عباد ال-
تبارك وتعال-بِما ل يُلزِمهم به الول تبارك وتعال ،على أنه يَنبغي أن نَبحث هل َفعَلَ هذا وهو مطئ أو هو
جاهل أو هو متعمّد ويَعرِف الكم ،وهذه السألة-طبعا-تَحتاج إل كلم ،وذلك ف أجوبة أخرى بشيئة ال
تبارك وتعال ،وإنا أردتُ أن أُنبّه الناس أنه ل يَنبغي أن نُلزِم العباد بِما ل يَلزَمهم ،و-أيضا-إذا كان هنالك
خيّر الناس وألّ نُوجِب عليهم أمرا واحدا؛ وال-تبارك وتعال-أعلم. تَخيي ف بعض المور يَنبغي أن نُ َ
مِن حلقة 8رمضان 1424هـ يوافقه 3/11/2003م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س ... :1
ج ... :وإذا كان قد وقع ف شيء من معاصي ال-تبارك وتعال-بأن كان قد فرّط ف شيء من واجبات ال
فلم يأت با أو أنه فعل شيئا من الحرمات فعليه أن يتخلص قبل فوات الوان سواء كانت تلك القوق من
حقوق ال-تبارك وتعال-أو من حقوق عباده أو من ذوات الوجهي ..أي من القوق الت هي من جهةٍ ل-
تبارك وتعال-ومن جهةٍ للعباد ،فإذا كان قد ترك شيئا من الصلوات أو الصيام أو الزكاة أو ل يأت بفريضة
الج فعليه أن يعيد تلك الصلوات الت فرّط فيها سواء تركها أو أنه ترك شيئا من أركانا أو شروطها الت ل
تتم إل با ،وهكذا بالنسبة إل الزكاة إذا كان ل يأت با أو أنه قد أتى با على غي الوجه الذي أمر به
المول-تبارك وتعال-فإنه عليه أن يتخلص من ذلك ..أي عليه أن يقوم بأداء تلك الزكاة الت فرّط فيها إل
أصحابا الذين بيّنهم ال-تبارك وتعال-ف سورة التوبة ،1وهكذا إذا كان قد فرّط ف شيء من العبادات ..
من صيام-كما قلتُ-أو أنه ل يأت بالج أو أنه قد أتى به على غي الوجه الصحيح أو أنه قد فرّط ف شيء
من النذور أو الكفارات أو ما شابه ذلك ،وهكذا بالنسبة إذا كان هنالك شيء من حقوق العباد ..إذا كان قد
ل وَالُ
ل وَابْ ِن السّبِي ِل فَرِيضَةً مّنَ ا ِ
ي َوفِي سَبِيلِ ا ِ
ب وَالْغَا ِرمِ َ
ي وَاْلعَامِِليَ َعلَْيهَا وَاْل ُم َؤلّفَ ِة ُقلُوُب ُهمْ َوفِي ال ّرقَا ِ
ت لِ ْل ُفقَرَاء وَاْلمَسَا ِك ِ
ص َدقَا ُ
]-1إِّنمَا ال ّ
َعلِيمٌ َحكِيمٌ [ [ الية.] 60 :
430
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
اغتصب شيئا من أموال الناس أو أنه قد أخذها بوجه صحيح ولكنه بعد ذلك ل يقم بأداء قيمة تلك الشياء
إل أصحابا وما شابه ذلك ،فإذا كان يعلم حكم ذلك ف الشرع النيف فعليه أن يقوم بتنفيذ ذلك ،وإن كان
ل يعرف ذلك فعليه أن يسأل أهل العلم الذين يثق بدينهم وبعلمهم حت يرشدوه إل الطريق الصحيح للتخلص
من هذه القوق... .
...بالمس حدّثن أحد الثقات بأنّ رجل أعمى ذهب إل الج وكان لبسا لنعال ميطة فرآه بعض الناس
الذين يظنون أنم يأمرون بالعروف وينهون عن النكر ولكنه-وللسف الشديد-جاهل بحكم ال تعال ..
جاهل بشرع ال جهل فاضحا فقال له " :إنّ حجّك باطل " وقد نَسب هذه الفرية إل أحد علماء السلمي ..
افترى على ال وعلى رسوله وعلى أهل العلم ،مع أنه ل يقل أحد من السلمي ببطلن حجه ،وإنا اللف هل
الفضل أن يلبس نعال ليست بخيطة أو أنه ل بأس من لباس النعال الخيطة ؟ والق أنه ل بأس بذلك ،إذ ل
يأت دليل يدل على أ ّن الفضل أن يترك النعال الخيطة بل الدليل يدل على خلف ذلك ،وهكذا بالنسبة إل
الحكام... .
...
لكنن أحب-كما قلتُ-أن أنبه إل أنّ مَن زار مريضا ينبغي له أن ينبهه إل هذه المور ،وإذا رآه ل يدري
الحكام الشرعية مكن أن يذكر له " :هل أقسمت بشيء من الَيْمان ول تأت با ول تكفّر عنها " ،وهكذا
بالنسبة إل بقية العبادات ..من زكاة وصيام وحج ومن حقوق العباد إل غي ذلك ..هذا أمر مطلوب.
...
س :5ولدها توف وعمره سبعة عشر عاما-قبل شهرين تقريبا-لكن عندما أُخذ إل القب خرج من
فمه دم ،فهل يعن ذلك إشارة عقاب له أو المر طبيعي ؟ هي قلقة الن.
ج :ل ..ل يلزم أن يكون ذلك فيه إشارة عقاب ول غي ذلك ،فلتترك المر على ما هو عليه ،وإن كانت
تستطيع أن تفعل شيئا من الي فلتفعل ..ليس من باب أنه خرج من فمه دم ،فل علقة له بذلك المر ،لكن
إذا كانت عليه حقوق للعباد مثل وكانت تستطيع هي أو أبوه إن كان أبوه حيا أو أحد من إخوانه أو أقاربه أو
حت من سائر السلمي أن يؤدوا تلك القوق الت عليه فليؤدوها عنه ،وكذلك إذا كان عليه صيام فليصوموا
عنه ،كما ثبت عن النب εأنه قال ( :مَن مات وعليه صوم صام عنه وليه ) ،وهكذا إذا كان ل يؤد فريضة
الج وكان قادرا على أدائها ولكنه فرّط ف ذلك فإذا استطاعوا فينبغي لم أن يؤدوا عنه فريضة الج ،كما
ثبت ذلك عن النب ، εوهكذا إذا كان ل يُؤد الزكاة فليؤدوا عنه ..إذا كانت لديه أموال فليؤدوا القوق
الت عليه من ماله.
واختلفوا ف الزكاة وف الج إذا ل يوص بما وهكذا بالنسبة إل الكفارات والنذور الت تتاج إل تكفي:
431
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1فبعض العلماء يقول :إنّ الكفارات والنذور الت هي بثابة اليمي-أي الت يُكفّر عنها كفارة اليمي-فإنا
تؤدى من رأس الال.
-2وبعضهم يقول :إنا تؤدى مِن الثلث.
وكذلك بالنسبة إل الج هل هو مِن الثلث أو مِن أصل الال ؟
وهكذا الزكاة.
وكذا إذا كان ل يوص بذلك ،اختلفوا هل تؤدّى عنه ؟
-1منهم من يقول :إنّ ما كان فيه حق للفقراء والساكي فليُؤَدّ أوصى به أو ل يوص ،وذلك كالزكاة فهي
وإن كانت عبادة ل-تبارك وتعال-فإنّ فيها حقا للفقراء والساكي وهكذا بالنسبة إل كفارات اليان
وكفارات النذور بلف الج فإنه ل حق فيه للعباد.
-2وبعض العلماء يقول تؤدى عنه وإن كان ل يوص با سواء كانت زكاة أو حجا أو كانت من الكفارات؛
وهذا هو الواضح الذي تدل عليه الدلة ولكن قبل ذلك ينبغي أن يُقنَع الورثة من باب الروج من اللف إن
أمكن ذلك.
فالاصل أنه ل يكن أن يُحكم عليه بكمٍ بسبب خروج هذا الدم ،إذ إنّ ذلك يكن أن يكون طبيعيا؛
وال-تبارك وتعال-أعلم.
مِن حلقة 9رمضان 1424هـ ،يوافقه 4/11/2003م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س ... :1
...وللسف الشديد أنّ بعض أهل العلم قد أخذوا من الديث الذي جاء من طريق أب أمامة-رضي ال
تبارك وتعال عنه-والذي فيه ذِكر " فلن بن فلنة " أنّ النسان إذا ذهب إل الج وأراد أن يلبّي فإنه
يقول " :لبيك عن فلن بن فلنة " ،وقد جاءت-أيضا-رواية أخرى تدل على ذلك ولكنها باطلة عاطلة؛
والق القيق بالقبول أنه يقول " :بن فلن " ل أن يقول " :بن فلنة " أو يكتفي بذكر اسم ذلك الشخص؛
وال-تبارك وتعال-أعلم.
مِن حلقة 12رمضان 1424هـ ،يوافقه 7/11/2003م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
432
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
حرِم إذا ما أخطأ ف أمر مِن س :1ذكرتُم ف حلقة ماضية 1أنّ الدماء الت تَجب على الاج أو الُ ْ
المور أو فعل أمرا مِن المور تَحتاج إل تفصيل وليس كل ما أخطأ فيه الاج يُوجِب الدم وهناك أمور تأت
على التخيي ..كل هذه نريد فيها شيئا مِن التفصيل باختصار.
ج... :
أما بالنسبة إل السألة الت طُ ِرحَت الن فإنا-ف حقيقة الواقع-تَحتاج إل كلم طويل جدا جدا ،وسأتكلم
على شيء منها بشيئة ال ف الدروس القادمة ،ولكن ل بأس مِن الكلم على جزئية واحدة وهي الدماء الت
ث له شيء ف الج أو وقع منه شيء أو ما شابه ذلك ..مت تَجب على التخيي ؟ ومت تَجب على مَن حَدَ َ
تَجب على الترتيب ؟
نَحن نَعلم أنّ العلماء قد اختلفوا ف كثي مِن هذه الدماء هل تَجِب أو ل َتجِب مع اتّفاقهم على وجوب
بعضها ،لِوجود نصوص صرية دالّة عليها.
فالدماء الت اتّفقت المّة على وجوبا هي:
-1هدْي التَ َمتّع ،فمَن تَ َمتّع بِالعُمرة إل الج فإنه يَجِب عليه الدْي إن كان واجِدا لِذلك بِشروطٍ معروفة َتصِل
ف كثي بيْن أهل العلم ف هذه الشروط ،وسأَُبّينُها أو ُأبَيّنُ أَكثَرَها بِمشيئة ال ف إل عشرة أو تَزيد على خل ٍ
ت فيه تلك الشروط يَجِب عليه الدْي بِاتّفاق المّة ،وذلك لنّ هذا الدْي الدروس القادمة ،فا ُلتَ َمتّع إذا تَوافَرَ ْ
ف بيْن السلمي ،فمَن وَجَدَ الدْي فعليه منصوص عليه ف كتاب ال-تبارك وتعال-فل يُمكِن أن يَقع فيه خل ٌ
الدْي ،ومَن ل يَجِد فعليه أن يَصوم عشرة أيام ..يَصوم ثلث َة أيام ف الج ويَصوم البقية الَتَبقّيَة-وهي سبعة-
إذا رجع إل بلده 2على تفصيلٍ ف وقت الصيام ف الج ،ول داعي لِذِكْر ذلك ،لنه يَطول به القام جدا،
لِوجود اللف ولِلخلف-أيضا-ف بعض الدلة الواردة ف السألة ،وسوف أتكلم عليها بشيئة ال ف الدروس
القادمة ،فهذا الدم ُمتّفَ ٌق عليه بيْن أهل العلم ،وإنا اختلفوا ف القارِن هل عليه هدْي أو ل ؟
فالذي ذهب إليه جهور المّة-وكاد بعض العلماء يَحكي عليه التفاق-أنه يَجِب عليه الدْي.
وذهبت طائفة مِن أهل العلم إل عدم وجوب الدْي عليه.
ول شك أ ّن القول بوجوب الدْي أحْوط وأسْلم ،وسأَبيّنُ دليله-أيضا-بشيئة ال-تبارك وتعال-ف وقتٍ
لحِق ،والكلم ف هذا الدْي كالكلم ف هدْي التمتّع مِن حيث إنه ُيقَ ّد ُم الدْي ،وليس لحد أن يَصوم إل إذا
ل يَجِد الدْي.
-1عند الواب على السؤال 6مِن حلقة 8رمضان 1424هـ ( 3/11/2003م ).
ج ْد َفصِيَامُ ثَلثَةِ أَيّا ٍم فِي اْلحَ ّج َوسَْبعَةٍ إِذَا
-2قال ال تعال ... } :فَإِذَا َأمِنُتمْ َفمَن َتمَّتعَ بِاْل ُعمْرَةِ ِإلَى اْلحَ ّج َفمَا اسْتَْيسَ َر مِنَ اْل َهدْيِ َفمَن ّلمْ َي ِ
سجِدِ اْلحَرَامِ [ { ...سورة البقرة ،من الية.] 196 : ك ِلمَن ّلمْ َيكُنْ َأ ْهلُهُ حَاضِرِي اْل َم ْ رَ َجعْتُ ْم ِتلْكَ َعشَرَةٌ كَا ِملَةٌ َذلِ َ
433
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-2والدم الثان هو فِدية مَن حَلَقَ رأسَه ،فمَن َحلَقَ رأسَه لِوجود عذ ٍر فإنه يَجِب عليه الدْي وهذا الدْي على
التخيي فإما أن يَذب َح النسانُ شا ًة وإما أن يَصوم ثلثةَ أيام وإما أن يُطعِم سّتةَ مساكي ..يُعطي كل مسكي
ع سواء كان مِن البُر أو الرز أو ما شابه ذلك مِن البوب ،خلفا ِلمَن قال :إنه يَدفَع مِن البُر ُربْعَ نصفَ صا ٍ
صاع وهو العروف بِالـمُد ،فهذا قولٌ ضعيف ،مالِف لِلحديث الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله
وسلم ،فالنسان مُخيّر ف هذه الفِدية.
حرِم عَنْ ِفعْلها ،وذلك كلباس الَخِيط وقد أَلْحَقَ جهور المّة ِبفِدية الرأس ما شابه ذلك مِن المور الت ُينْهَى الُ ْ
..يعبّرون بالَخِيط ول ف ذلك نظرٌ-سأُبيّنه قريبا بشيئة ال تبارك وتعال-وكاستعمال الطِيب وكقصّ الظافر
وما شابه ذلك مِن المور الت وَ َر َد فيها النهي:
ص الكتاب 1والسنّة على ذلك. فإن كانت هذه على سبيل العُذْر فهي على التخيي ،بِاتّفاق أهل العلم ،لِن ّ
أما إذا كانت على سبيل العمْد مِن غيْرِ عُذْرٍ شرعي فقد اختلف العلماء ف ذلك:
ذهب بعضهم إل أنا على التخيي ،وذلك لنّ الدليل الذي دلّ على ذلك هو الدليل السابق ،فإذن هي على
التخيي.
وذهب بعضهم إل أنا على الترتيب ،فمَن َوجَدَ الدم فليس له أن َيعْدِلَ إل غيه ،وذلك لنّ هذا قد تَعمّد
وَفعَلَ ذلك مِن غيْ ِر عُذْرٍ شرعي فلبد مِن أن يُشَدّ َد عليه ،كمَن َقتَلَ عمْدا ،فإنه يُشَدّدُ عليه ف الكفارة مِن
نَا ِحَيتَيْن ،كما هو معلوم ف ذلك الباب.
ق بينهما ،إذ ل يَأتِ دليل يَد ّل على التفريق ،والقياس على الكفارات وما شابه والذي أراه أنه ل يُمكِن أن ُيفَ ّر َ
ذلك ل يُمكِن أن يُصار إليه ف مثل هذه القضية ،وبيان ذلك ف غي هذا الوضع بِمشيئة ال تبارك وتعال،
خيّر بيْن هذه الشياء بل وليس له أن يَفتدِي بِواحدٍ ويُسَْتْثنَى مِن هذا المر مَن َو ِطئَ زوجتَه ف الج فإنه ل يُ َ
مِن الثلثة الذكورة وإنا عليه أن يَذبح بَ َدنَة على تفصيل بيْن العلماء ف ذلك إذا كان ذلك َقبْل التحلّلِ الصغر
أو مطلقا:
حلّلِ الصغر.
فمنهم مَن يقول :ذلك يكون َقبْ َل التَ َ
وبعضهم يقول :ذلك مطلقا.
وبيان ذلك-أيضا-ليس ف هذا الوضِع ،وهذا قد ذهب إليه كثي مِن أهل العلم ،وإن كان الدليل عليه ليس
قطعيا.
ص َدقَةٍ َأوْ
حلّهُ َفمَن كَانَ مِنكُم مّرِيضا َأ ْو بِ ِه أَذًى مّن رّْأسِ ِه َففِدْيَ ٌة مّن صِيَامٍ َأوْ َ
حلِقُوا ُرؤُو َس ُكمْ حَتّى َيْبلُغَ اْل َهدْيُ َم ِ
-1قال ال تعال ... } :وَ َل َت ْ
ُنسُكٍ [ { ...سورة البقرة ،من الية.] 196 :
434
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-3ومِن ذلك جزا ُء الصيد ،فإنه منصوص عليه بنَصّ قاط ٍع مِن كتاب ال تبارك وتعال ،1وهو على التخيي ،إما
أن يَذبح النسان ذبيح ًة تُساوي ذلك الصيد الذي صَادَه ،وذلك معلوم ف كتب الفقه ،وإما أن ُيقَ ّومَ ذلك
بالدراهم ث يَشتري بِقيمة تلك الدراهم طعاما ويَدفع لكل مسكي نصف صاع مِن ذلك الطعام ،وإما أن يَصوم
بِمقدار يوم بِمقابل إطعامِ مسكي فإذا كان الطعام يُساوي طعا َم ثلثي مسكينا فعليه أن يَصوم ثلثي يوما أو
كان ذلك أكثر فعليه أن يَصوم بعدد ذلك وهكذا إذا كان أقل وليس له أن يَدفع قيمة الطعام بل عليه أن ُي َقوّمَ
ذلك بالدراهم ث يشتري بذلك طعاما ويَدفعه وليس له أن يَدفع القيمة ،وف هذه السألة تفاصيل كثية ،ل
أريد أن أبيّنها الن.2
حصَر ،فمَن أُ ْحصِرَ عن الج أو العُمرة فعليه الدْي ..عليه أن يَذبح ذبيحة ،3واختلفوا -4ومِن ذلك هدْي الُ ْ
إذا ل يَستطع على الدْي هل يَجب عليه الصيام ؟
فذهب كثي مِن أهل العلم إل أنه َيجِب عليه الصيام ..عليه أن يَصوم عشرة أيام.
وذهب بعضهم إل أنه ل َيجِب عليه صيام ،وذلك أنه ل يُوجَد دليل صريح يَدُلّ على ذلك ،وإنا قال مَن قال
مِن أهل العلم بِذلك اعتمادا على القياس على هدْي التمتّع.
وهذا القياس فيه نظر ،فالصحيح عندي أنه ل يَجب عليه الصيام ،فإن ل يَجِد الدْي فل شيء عليه-بشيئة
ال-وهذا إذا ل يَشترِط ،أما إذا اشترَط فل هدْي عليه على الصحيح.
خلفا لِمَن قال " :إنّ الشتراط منسوخ " ،ولِمَن قال " :إ ّن الشتراط ل يَكفي ف عدم وجوب الدْي "،
فهذان القولن ضعيفان على التحقيق ،وأوُّلهُمَا أضعف مِن الثان ،لنه ل يُوجَد هنالك ناسخ لِهذا الديث
البتّة ،وهو حديثٌ-أعن حديث " الشتراط " حديث-صحيح ثابت.
فهذه الدماء ُمّتفَ ٌق عليها ،لِنصوص صرية مِن الكتاب عليها ،وهي على حسب ما َبيّْنتُ ،ولكنَْ-نعَمْ-يُوجَد
خلفٌ ف فِدية الذى ،فالتّفَق عليه هو فِدية اللْق ِلمَن كان معذورا ..أي اضطُر إل ذلك فهو مّتفَق عليه،
ح َق ٌة بِذلك على خلف بيْن أهل العلم ف ذلك. أما البقية فهي ُملْ َ
وبقي الكلم ف الخطِئ:
فمنهم مَن يقول :عليه الفِدية.
ومنهم مَن يقول :ل فدية عليه ،وهو الصحيح عندي.
ق بيْن بعض المور فيُوجِب الفِدية فيها ول يُوجِب الفِدية ف البعض الخر ،فلباس الثياب ومنهم مَن ُيفَ ّر ُ
المنوعة والعطر وما شابه ذلك ..هذه المور ل فِدية فيها ..أعن على الناسي ومَن كان ف حكمه ،وأما
بعض المور الت فيها إتلف أو ما شابه التلف ..التلف :مثل كتقليم الظافر أو كجذْب الشعر أو حلْق
الشعر أو ما شابه ذلك ..ف ذلك إتلف ،وما شابه التلف :الوطء ،فإنه وإن ل يكن إتلفا فهو بيْنه وبيْن
التلف مشابَهة ،كما ل يَخفى ،كما هو ُمبَيّن ف هذا الباب.
وبقي اللف ف الاهل:
بعضهم يُوجِب عليه الفِدية.
وبعضهم ل يُوجِبها.
وبعضهم ُيفَصّل بيْن ما فيه إتلف وما شابه التلف وبيْن ما ل يكن فيه ذلك كما قدمتُ.
والاهل الذي ل ُيفَرّط ف أحكام شرع ال-تبارك وتعال-الصحيح ل فِدية عليه ،وسأقيم الدليل على ذلك
بشيئة ال ف الدروس القادمة.
بقي هنالك مَن َفعَ َل شيئا مِن المور التعلّقة بِالج ول َتَتعَلّق بِالسد ،كمَن قَ ّد َم شيئا على شيء أو تَ َركَ ِشيئا
مِن الواجبات أو ما شابه ذلك ،وذلك-مثل-كمَن جَاوَزَ اليقات ول يُحرِم ول يَرجع إليه أو رَجَعَ على رأي
بعض أهل العلم ،أو تَ َر َك شيئا مِن الرمي على خلف طويل ف ذلك ،وما شابه هذه المور ،فهل تكون هذه
على التخيي أو تكون على الترتيب ؟
أوّل :أنا ل أَجِد دليل يَدُلّ على إِياب الدماء ف هذه المور مِن سنّة رسول ال ، eوالديث الدال على
ذلك حديث ل يَصح عن النب ، eوإنا تُوجَد ف ذلك رواية عن ابن عباس-رضي ال تعال عنه-وقد اختلف
العلماء هل هي ممولة على الرفع معنًى وإن كانت موقوفة ف اللفظ:
فذهب بعضهم إل ذلك.
ت مِن ذلك الباب.
وذهب بعضهم إل أنّ السأل َة اجتهادية وليس ْ
والمر مُحتمِل ،وعلى القول بِإياب الدماء ف هذه السائل-كما هو مذهب المهور على تفصيل فيها-فهي
على الترتيب ،أوّل يَجِب على النسان أن يَذْبح َدمًا فإن ل يَست ِطعْ على ذلك هل عليه شيء أو ل يقال" :
يَجِب 1عليه شيء " ؟
منهم مَن يَذكر هذا ول يُوجِب عليه شيئا بعد ذلك.
ويُؤخَذ مِن كلم بعضهم أنه عليه أن يَصوم عشرة أيام.
والصيام ل نراه أبدا ،والدم نَحكم به إذا حكَمنا به ف بعض السائل القليلة النادِرة جدا.
-1قال الشيخ " :ل يب " ويبدو أنّ " ل " هنا زائدة.
436
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ف كثي مِن الناس ف إِياب الدماء على عباد ال-تبارك وتعال-بِما ل يُوجِبه عليهم الول تبارك وقد َأسْرَ َ
وتعال " ..مَن َفعَ َل كذا عليه دم " ..ل يَذكرون التخيي فيما فيه التخيي ،ويُو ِجبُون ف كثي مِن المور الت
ل يَأتِ عليها دليل ،وف أكثرِها ل يَقل به أحد مِن علماء السلمي أو قال به قِلّة قليلة مِن أهل العلم ،وأنا-
حقيقة كما قلتُ-ل أَجِد دليل على ذلك ،وإنا-كما قلتُ-أَخذوه مِن كلم ابن عباس وهو مُحت ِملٌ لِلمْريْن
ض المور فإنه أُ ْحصِر وجانب الجتهاد أقوى ،وقد يُؤخَذ ذلك-أيضا-مِن باب الِ ْحصَار خاصّة ف مَن تَ َركَ بع َ
عنها إذا كان ذلك لِسبب مِن السباب فقد يُؤخَذ ذلك مِن الِ ْحصَار ويُقال " :عليه بِالدم " ولكن-كما
قلتُ-ذلك ف أمور بسيطة جدا ،سأَُفصّلُ الكلم عليها بشيئة ال-تبارك وتعال-ف الدروس القادمة ،فليتّقِ ال
أولئك الذين يُوجِبون كثيا مِن الدماء على عباد ال Ιول دليل لم على ذلك ،بل كثي مِن تلك المور ل يَقل
با أحد مِن علماء السلمي أو ش ّذ مَن قال بذلك ،و-أيضا-لِيتّقوا ال-تبارك وتعال-ف تلك المور الت ل
خيّرُون عباد ال-تبارك وتعال-فيها مع أنه قد وَ َر َد فيها التخيي مع أنّ التخيي أسْهل بِكثي ..هذا ل َيجِد ما يُ َ
يَشتري به شا ًة ..مثل قيمةُ الشاة تُساوي ثلثائة ريال سعودي أو أكثر وهو ل يَجِد ذلك ومِن السْهل عليه
أن يَصو َم ثلثة أيام أو أن يُطعِم سّت ًة مِن الساكي أو يَجِد الال ولكنه ل يَعرف الساكي فيَخشى أن يَضعها ف
غي الوضع الصحيح بينما إذا صام ..ذلك أسْهل عليه مِن حيث إنه ل قيمة عليه ومِن حيث إنه يَعلم بِأنه قد
أدّى ما َأوْ َجبَه ال-تبارك وتعال-عليه ،فعلينا-إذن-أن َنفْعَ َل بِحسب ما َد ّل عليه الدليل إن وُجِد هنالك دليل،
وما ل يُوجَد فيه دليل فإذا قال به بعض العلماء فل بأس مِن تقليدِهم بِالنسبة لِمَن ل قدرة له ،أما إذا أفت علماء
ف بِذلك اللهم إل إذا أراد السلمي الذين يُوثَق بم وَبّينُوا أنه ل دليل على ذلك وأ ّن النسان ل يُمكِن أن ُيكَلّ َ
جهّال أن ُيكَّلفُوا عبادَ ال-تبارك وتعال-بِما ل َي ْأمُرْهم بِه الول أن يَأت بِذلك على سبيل الحتياط فل يَنبغي لِل ُ
تبارك وتعال.
هذا وهنالك بعض المور الت تَحتاج إل تنبيه فل يُمكِن أن تُؤخَذ مِن هذا الواب الجال ،لنّ بعض
المور-أيضا-ل فِدية فيها على مذهب جهور السلمي ،وذلك َكعَقْدِ النكاح لِلْ ُمحْرِم فإنّ العلماء قد اختلفوا
هل يَجوز له أن َي ْعقِ َد النكاح أو ل يَجوز له ،وعلى القول بِعدم الواز فإنّ المهور ل يَ َر ْو َن عليه الفِدية ،فل
يُمكن-أيضا-أن نُوجِب عليه الفِدية.
ص شيئا لَم يُو ِجبْه عليه الول ول ض أهل العلم قالوا :إ ّن مَن َأوْ َجبَ على شخ ٍ هذا ومِن الدير بِالذّكر أ ّن بع َ
َيقْتَ ِد بِأح ٍد مِن علماء السلمي وهو يَتظاهر بِأنه مِن أهل العلم وهو ليس ف العِي ول ف الّنفِي أنه يَجِب عليه أن
لهّال الذين ظنّوا فيه بِأنه مِن أهل العلم وهو ليس مِن ذلك الباب ،وهو قولٌ سا ُض النا ِ
يَقوم ِبغُ ْرمِ ما أفت بِه بع َ
ع أولئك الهال الذي يُفتُون حكَ ْمتُ عليه بِذلك وأَلْ َز ْمتُهُ أن ُيَنفّذَ ذلك حت يَ ْرتَ ِد َسائغ قوي ،ولو كنتُ قاضيا َل َ
عبادَ ال-تبارك وتعال-بِغي علم.
437
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
أما أولئك الهلة الذين ل دِراية لم بِشيء مِن العلم ول يَتظاهَروا بِذلك وهم معروفون بِذلك فإذا أَ ْفَتوْا بِشيءٍ
ض نفسَه لِمِثل حكُ َم عليهم ِبغُ ْرمِ ذلك ،وذلك لنم ل ُيعْرفُ عنهم العلم ،فمَن سألم فقد عَ ّر َ
فل يُمكِن أن نَ ْ
هذه المور ،وقد ذَ َك َر المام السالي-رحه ال تبارك وتعال-ف باب أصول الفقه مِن " جوهر النظام " القولَ
الذي قال به بعض أهل العلم بِوجوب الغُ ْر ِم على مَن أفت بِغيْر علم وهو يَتظاهر أنه مِن أهل العلم ،فمَن شاء
ذلك ف ْليَرْجِع إليه:1
......................... وجاهل أفت فليس َيغْرُم
إل أن قال الشيخ:
وإنا يَضمَن ف ذاك الوسط ...................
بِحاله وإنه لَجاهل لنه غَرّ الذي يُسائِل
ي أهل العلم وهو ليس منهم فالاهل قد اغتَرّ به ..مأمور بِالسؤال ..هو جاهل ولكنه غَ ّر غيْرَه َ ..يتَ َزيّى بِز ّ
سأَ َل وأفتاه هذا الاهل فمِن حقّه أن يُطالِب بِحقّه ،وأنا أنصح الناس جيعا بأ ّل يَسألوا إل مَن يَثقون بِعلمه فَ
ودينه ،لنم مأمورون بِسؤال أهل الذّكْر ولنم مأمورون ِبرَ ّد السائل إل كتاب ال-تبارك وتعال-وسنّة
رسوله-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وبِما أنم ل يَستطيعون ذلك فإنم يَرُدّون ذلك إل أهل العلم الذين
ت بِشيءٍ كبي ،ل ّن السألة طويلة، يَستْنبِطون ذلك مِن الكتاب والسنّة؛ ومعذرة على هذه الطالة مع أنن ل آ ِ
وعسى أن تكون ف ذلك فائدة؛ وال أعلم.
سبَ ذلك ك باطل " ونَ َوما مسألة ذلك الاهل الذي قال لِرجل أعمى لبس نِعال مَخيطة ..قال له " :إنّ حَجّ َ
إل بعضِ علماء السلمي ،وذلك كل ٌم باطل ل يَقل بِه أحد مِن علماء السلمي البتّة وإنا الكلم هل الفضل
أن يلبس هذه أو تلك ؟ ول دليل-أيضا-حت على تفضيل أن يلبس غي الـمَخيطة-أعن النعال-بل الدليل قد
دَلّ على جواز ذلك ،فهذا الاهل الغِر قد قال " :إنّ حَج ذلك السكي باطل " فإنّا ل وإنّا إليه راجعون.
س :4هذه الرأة الت ذهبت إل الج جاءها اليض بعد الزوال ف يوم عرفة ؟
ت وتَ َطهّرَتْ ..أي
ج :ل َيضُرّها ذلك ،لنا-على حسب كلم السائل-طافت طواف الفاضة بعدَ أن َطهُرَ ْ
ت مِن اليض وما دام المر كذلك فل علقة لِلحيض بِالوقوف بِعرفة فوقوفها بعد أن انتهى حيضها واغتسل ْ
صحيح بِمشيئة ال؛ وال أعلم.
مِن حلقة 15رمضان 1424هـ ،يوافقه 10/11/2003م
-1هذا ما قاله المام نور الدين السالي ف باب :أصول الفقه ،مِن كتابه " جوهر النظام ":
ي ثلثًا أََتمّاوإنا
ف ما يَقصدُ ف جَنانِهمثالُه أن ُيعْطِيَنّ المّامع البن َ
وزلّة العالِم ف فتواهرفوعةٌ عنه وما أوْلهوذاك أن يَخرُج مِن لسانِهخل ُ
الضما ُن لِلذي عَملبِقوله إذ لِلخطا منه قَبلوجاه ٌل أفت فليس َيغْرُمإن خالَف ال ّق ولكن يَأثَملنه يُعرَف بِالهل فقطوإنا يَضمَن ف ذاك
الوسطلنه غَ ّر الذي يُسائِلبِحاله وإنه لَجاهلول ضمان إن يَكن ل يَخ ُرجِن قولِ كلّ العلماءِ الـحُججِ
438
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :1ما حكم الَقِيل بِمكّة أيام مِن ؟
ج :إ ّن الثابتَ ف سنّة رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أنّ رسول ال-صلى ال عليه وعلى
ج مِن مكّة الكرّمة ف اليوم الثامن مِن شهر ذي الجّة إل مِن وصَلّى بِها الظهر والعصر آله وسلمَ -خرَ َ
والغرب والعِشاء والفجر ،ث بعد ذلك َذ َهبَ إل عرفة ..صَلّى أوّلً الظهر والعصر جَمْعا ِبنَ ِمرَة ث َذ َهبَ إل
ج منها صلّى الفجر و َدعَا خَ َر َ
ج منها بعد غروب الشمس ودخول الليل وباتَ بِالزدلفة ،ث بَعد أن َ عَرفة ،ث خَ َر َ
إل مِن و َرمَى َجمْرة ال َع َقبَة و َذبَح ،ث َذ َهبَ إل مكّة الكرَمة وطاف بِها ول يَسْعَ لنه قد َسعَى مِن قبل وسَ ْعيُه
ذلك كان كافيا له لنه كان قَارِنا بيْن حَجّه وعُمرته صلوات ال وسلمه عليه ،وقد جاء ف بعض الروايات أنه
صَلّى الظهر بِمكّة ث ذهب إل مِن ،وجاء ف بعض الروايات أنه صَلّى الظهر بِمِن ،وقد اختلف العلماء ف
هاتي الروايتي:
منهم مَن صَحّحَ رواي َة الصلة بِمِن.
ومنهم مَن َع َكسَ ذلك ،كما ذكرتُ ذلك ف " الطوفان " ،1فمَن شاء ذلك ف ْليَ ْرجِع إليه.
صلّى بِأصحابه َن ْفلً وصَلّوا ويُمكِن أن تكون الروايتان صحيحتي معا ويُجمع بينهما بِأنه صَلّى الظهر بِمكّة ث َ
خلْفه فريضة ويكون الطأ قد وَقَعَ ف قول الراوي " :فريضة " وإل فإنه قد صَلّى ف الوضعي معا إل أنه صَلّى
بِمِن نافلة فتكون كل واحدة مِن الروايتي صحيحة بِاستثناء كلمة " :الظهر " فإنا ل تَصح ،وهذا له احتمالٌ
قوي ،وقد جاءت أدلّة متعدّدة تَدلّ على مشروعية إمام ِة التنفّل بِالفترِض.
وف هذا دلل ٌة واضحة أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ل َيبْ َق بِمكّة ف هذه اليام بل رَجَعَ
إل مِن مباشَرة.
فما يَذْ ُكرُه كثي مِن الفقهاء مِن أنّ النسان له أن يَبقى بِمكّة الكرّمة وأنه ل بأس بذلك ..نقول :هذا المر
مُخالِف لِسنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،إذ إنه بِمجرّد انتهائِه مِن طوافِه صلوات ال
وسلمه عليه-وصلةِ الظهر على تقدير ثبوتِ هذه الروايةَ -ذهَبَ إل مِن مباشَرة فمِن َأيْنَ يُمكِن أن يُقال" :
إ ّن السنّة تَدلّ على أنه ل بأس مِن البقاء بِمكّة " مع ِفعْلِ رسول ال eالذي ذكرناه ؟! فينبغي لِلنسان عندما
يَنتهي مِن طواف الفاضة أو السعي إذا كان عليه السعي أن يَذهب إل مِن مباشَرة سواءً كان ذلك ف الليل أو
ف النهار ..هذا هو الذي دَلّت عليه السنّة الصحيحة الثابتة عن النب eثبوتًا ل شك فيه.
ول عِبة بِرأي مَن خالَف ذلك ،فإنّ العبةَ بِالسنّة ف مثل هذه المور ،كما هو معلوم.
-1الزء الثالث من كتاب " الطوفان الارف لكتائب البغي والعدوان " ،الطبعة الول ( 1420هـ2000-م ) ،ص .339-337
439
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
هذا وما جاء ف بعض الروايات مِن أنّ النب εطاف ليل أو أنه كان يَذهب ف ليال مِن ويَطوف بِالبيت فإنّ
تلك الروايات ل تَثبت عن رسول ال ، εفهي مِن النكَارة بِمكان.
فإذن السنّة البقاء ف مِن ف هذه اليام سواءً كان ذلك ف الليل أو ف النهار بِاستثناء أداءِ الطواف والسعي ِلمَن
عليه سعي؛ وال أعلم.
س :2ف هذه اليام ربا لِكثرة الزحام وكثرة السيارات قد ل َيجِد الاج طريقا مُمهّدا إل مكة ومِن
مكة إل مِن فيَذهب لِطواف الفاضة ويَعود ف وقت مُتأخّر ..يَعن قبل الفجر بِساعة أو ساعتي يَعود إل مِن،
هل عليه بأس ؟
ف نفسًا إل وسعها} : ج :على كل حال؛ هذه ضرورة والضرور ُة ُتقَدّ ُر ِبقَدرِها ،وال-تبارك وتعال-ل يُكَلّ ُ
ل َنفْسًا إِل مَا آتَاهَا [ { ...سورة الطلق ،من الية .. ] 7 :ما جعل عليكم ف الدين مِن ...ل يُكَلّفُ ا ُ
حرج ..يريد بكم اليُسْر ،فالدّين بِحمد ال-تبارك وتعال-يُسْر لكن-طبعا-هذا ل يَقتضي أن نُخالِف السنن
الثابتة ،ل ّن اليُسْر ف اتباع هذه السنن.
فمَن َذ َهبَ لداء طواف الفاضة وتَأخّر ف الطريق إل مكّة أو ف الطريق إل مِن أو ف الالتي معا فإنه ل بأس
عليه-بِمشيئة ال-ول شيء عليه ولو كان ذلك ف الليل ،إذ إنه ل طاقة له فوق ذلك ،وإنا ُينْهى النسان عن
التأخّر بِمكّة مع قدرتِه ووجودِ الراحلة ف ذهابِه إل مِن ..هذا هو الذي يُنهى عنه.
حجّجُون بِبعض الفتاوى الت ل و-كذلك-بَلغن أ ّن كثيا مِن الناس يَخرُجون ف الليل مِن أجل البقاء بِمكّة ويَتَ َ
ض أهل العلم
َيفْ َقهُوهَا ،فلبد لِلنسان مِن أن يَ ْفقَ َه الفتاوى ،فإنّ كثيا مِن الناس يَأتون بِفتاوى إل بع ِ
ويَذْكُرُون فيها كثيا مِن المور وأولئك العلماء يفْتُون بِمقدار تلك المور ث يَأت بعضُ الناس ويُعَمّمُون تلك
الفتاوى ول َي ْف َقهُونَ الرا َد منها ،فإذن السنّة الصحيحة عن الرسول εأ ّن النسان يَبقى بِمِن ف هذه الليال
وف اليام-أيضا-بِاستثناء ذهابِه إل الطواف-كما قلتُ-وُيعْذَر-أيضا-إن تَأخّر ف الطريق سواءً كان ذلك ف
الذهاب أو الياب ،لنّ ذلك مِن الضرورات ،أما أن يَْبقَى ف مكّة مع وجود الراحِلة ومع عَ َد ِم الشقّة
الـمُِلحّة فهذا ِممّا ل يُمكِن أن يُباح بِحال ..ل أريد-طبعا-بِالباحة هنا الباحة الت تُقابِل التحري أو
الوجوب أو ما شابه ذلك ،وإنا ُأَبيّ ُن السّن َة الثابتة ،و:
وإن يَقولوا خالَف الثار حسبُك أن َتّتبِع الختارَ
ت تُعارِضُن بِعلما ِء بيضةِ السلم مِن غيْر دليلٍ ول واض ِحك عن رسول ال εوأن َجبِ أن َأُنصّ ل َ
" ومِن العَ َ
سبيل ..أََلْيسَ هذا ف العيان نوعا مِن الذيان " ..هكذا قال الحقّقون مِن أهل العلم ،وقالوا أيضا " :وقولٌ
ض الفتاوى ل َيفْ َق ُههَا الناس ويَأتون بِبعض
بِخلف الديث ُيضْرَب به عُرْض الائط " ،و-كما قلتُ-بع ُ
المور الت ل َي ْفهَمُوهَا بينما أولئك العلماء أو ذلك العال ما أراد ذلك أبدا؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
440
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
س :بعض الخوة ف سنة مِن السنوات ذهبوا إل الج فلم يَجِدوا مكانا َيبِيتون فيه ف مِن بِسبب كثرة
الزحة والخيم أصبح مزحوما ..يبيتون ف مكّة وقبل الفجر بِساعة أو ساعتي يأتون إل مِن ،فهل يُجزيهم
ذلك ؟
ض الفتاوى ..أنّ أولئك العلماء عندما ُأِتيَ لم بِمثل هذه المور رخّصوا ف ذلك ت بِهذا إل بع ِ
ج :أنا أشر ُ
ض الناس عندما وَجَدُوا هذه الفتوى عَمّمُوها فأخذوا لنّ هذا مِن باب الضرورات وهذا ل مانع منه ،لك ّن بع َ
يَخْ ُرجُون إل مكّة الكرّمة مع وجود الكان الذي يُ ْم ِكنُهم أن َيبْقوا فيه ،فَفتوى أولئك العلماء صحيحة ل شك
فيها وإنا الكلم ماذا يُراد بِمثل تلك الفتوى ؟ فإذن عند الضرورة ل مانع مِن ذلك ..إذا ل يَجد النسان
مكانا يَمكث فيه ،أما إذا وَجَ َد مكانا َيْبقَى فيه فهذا مِمّا ل يُمكِن أن يُ َر ّخصَ له؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :سعتُك ف اللقة الاضية 1تَذْكُر أنّ لك نَظَرًا ف تعبي العلماء عند ذِكْ ِرهِم منهيات الحرام ..
يَقولون " :لبس الخيط " ،فما هو هذا النظر ؟
ت عنها ف العام الاضي ،وتكلمتُ عليها بِكلمٍِ ج :على كل حال؛ هذه السألة تَحتاج إل إطالة ،وقد أجب ُ
طويل ،ومِن الحسن أن أتكلّم عليها بِمشيئة ال-تبارك وتعال-ف الدروس القادمة ،ل ّن مثل هذا السؤال
يَحتاج إل إطالة ،وذلك ل يَتناسَب مع مثلِ هذه العجالة.
ج تَ َركَ طوافَ الوداع ،فماذا يَلزمه ؟
س :3حا ّ
ج :ذلك ل يَخلو مِن أحد أمرين:
-1إما أن يَكون معذورا وذلك كالرأة الائض والنفساء:
ت إليه طائفة مِن أهل العلم أنّ الائض معذورَة عن طواف الوداع ،وهذا هو القول الصحيح، فإنّ الذي ذهب ْ
الذي تَد ّل عليه السنّة الصحيحة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
وإن كان بعضُ العلماء ذهب إل أنه لبد مِن الدم على مثل هذه الرأة ،ولكنّ هذا مُخالِف لِلحديث ،فلعلّ
ت لنه ذلك العالِم ل يَطّلِع على هذا الديث ،أو لعلّه اطّلَ َع عليه-كما رأيتُه بالنسبة إل بعضهم-وظَنّ أنه ل يَثبُ ْ
على حسب نَ َظ ِرهِ يُعارِض بعضَ الحاديث الدالة على وجوب طواف الوداع ،ونَحن نقول :إنه ل معارَضة بيْن
الديثيْن ،لنّ ذلك الديث الدال على وجوب أو سنّية 2طواف الوداع عام وهذا خاصّ والاصّ يَقضي على
العام ،كما هو مقرّر ف أصول الفقه.
فإذن الائض معذورَة ،بِنصّ حديث رسول ال ، eومثلُها ف ذلك النفساء ،وإنا الكلم ف الريض فإن كان
الريض يُمكِن أن ُيؤَجّر على نفسه بِأن يُحمَل فلبد مِن ذلك ،وإن كان ل يَستطِيع ذلك:
-1عند الواب على السؤال 1من حلقة 15رمضان 1424هـ ( 10/11/2003م ).
-2يُرجَع إل الشيخ ليُبيّن ما الذي قصَد قولَه ف هذه السألة.
441
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فبعض العلماء قالوا :عليه أن يَذبح دما ول شيء عليه فوق ذلك.
وبعض العلماء ذهبوا إل أنه ل شيء عليه ،وذلك لنه ف معن الائض ،إذ إنه ل يَتمكّن مِن التيان بِالطواف،
فهو وإن كان يَص ّح منه الطواف ف ذلك الوقت لو كان قادِرا عليه بِخلف الائض إل أنما يَشترِكان ف عدم
القُدرة على التيان بِالطواف ،وكما أنه بِإمكانِ الائض أن تَتأخّر حت تُ ْطهُر كذلك بِإمكانِ الريضِ أن يَتأخّر
حت يُشفى مِن مرضِه ولكنّ الشارِع قد َرخّص لَها ف ذلك فإذن ُيرَ ّخصُ لِهذا الريض على رأي هؤلء ،وهو
ي مستقيم بِمشيئة ال-تبارك وتعال-إل لِمَن شاء أن يَحتاط لِدينه. رأ ٌ
-2وأما إذا كان هذا الشخص قادِرا على طواف الوداع ول يَطف فإنه ُيؤْمَر عند أكثر العلماء بِالتوبة إل ال
وبِأن يَذبَح دما لِفقراء مكّة الكرّمة شرّفها ال تبارك وتعال.
و-على كل حال-لبد مِن التوبةِ والد ُم هو مذهب جهور المّة.
أما بالنسبة إل طواف الوداع لِلمعتمِر فإنّ العلماء قد اختلفوا فيه:
فمنهم مَن ذهب إل مشروعية ذلك ،واستدلوا على ذلك بِفعل النب εوَأمْرِه حيث إنه طاف لِلوداع ف حجّة
الوداع وَأمَرَ بذلك.
ومِن العلماء مَن ذهب إل خلف ذلك وقالوا :إنه ل يُشرَع ،لنه ل يَثبتْ عن النب εالَمْرُ بِه ف حالة
العُمرة ،وما جاء مِن الروايات ف ذلك فإنا ل تَثبتُ عنه صلوات ال وسلمه عليه.
ضعْف إِسنادِه-وبِأنه ل يَطُف طوافَ الوداع عندما جاء ونَحن ُنقِ ّر بِأنه ل يَثبتْ ذلك الديث عن النبِ ε -ل َ
ِلعُمرة القضاء ..أي الت قَاضَى عليها كفارَ قريش عندما َمَنعُوه مِن العُمرة الت أحَ ّل منها ف الديْبية-،وقلتُ:
" قَاضَى " لنّ بعضَ الناس يَقول " :إنه قضى بِها " وذلك لنم يَقولون " :كانت هذه قضاءً " وف ذلك نظر،
ح ّق َقةً ،وبَحث
لنّ كثيا مِن أهل العلم يَقولون ليست هذه قضاءً ،لنّ تلك العُمرة الت أح ّل منها كانت ُمتَ َ
ت أنه طاف لعْرَانَة ،فإنه ل يَثب ْ
ذلك ف الدروس القادمة بِمشيئة ال تبارك وتعال-،وكذلك بِالنسبة إل عُمرة ا ِ
طواف الوداع ول أنه َأمَ َر بِذلك مَن كان معه ،وإن كان هذا ليس بِالصريح ،لنه صلوات ال وسلمه عليه
جاء واعتمَر ..طاف وسعى وخَ َرجَ بعد ذلك مباشَرة ،ومهما كان فإ ّن طوافَه لِلوداع ف حجّة الوداع مُتأخّر
وكانوا يَأخذون بِآخر ا َلمْ َريْن والم ُر مُحتمِل والحتياطُ ف الدّين مطلوب ،فالفضل لِلنسان أ ّل يُفرّط ف
طواف الوداع لِلعُمرة ،ومَن ترك ذلك ف الاضي فل شي َء عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال؛ والعلم عند ال تعال.
س :4إذا تُوف النسان ول يَحُج مع أنه كان قادِرا على الج ف حياته ،فما الكم ؟ وإذا قلنا بِوجوب
حرَم عنه مِن مكانه أم مِن مكان الذي يَستأجِر عنه ؟
الج عنه ،فهل يُ ْ
ج :على كل حال؛ مَن وَجَدَ الستطاعة على الج فإنه يَجِب عليه أن يَذهب إل ذلك فوْرا على مذهب
ض أهل العلم إل جهور المّة: سبَه بع ُ
ي مِن أهل العلم ،وقد نَ َ
ح ّققِ َ
الـمُ َ
442
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
1
بِالفَوْرِ أَن ُيعَجّلَن إليه مَن وَجَ َد استطاعةً عليه
ولكنّ الناسَ كما قال هذا الشيخ-أعن المام السالي-رحه ال تبارك وتعال:
وأنه كَال ّديْ ِن يَ ْزعُمُون وأكث ُر الناس يُؤخّرون
2
بِزُ ْخرُف ال َقوْلِ ُمخَا ِدعُون وهُم َلعَمْرُ ال َمغْرُورُون
سوّفُ ..ل يَذهب ف هذه السنة ول ف الت تَليها فتجد الواحد منهم يَجِد الال وهو ف صحة تامّة ولكنه يُ َ
ويَ ْمكُثُ عشرات السني وهو ل يَذهب وإذا سُئل فيقول إنه سيَذهب ،والج ليس على الفور ،أو ما شابه
ذلك مِن الُرافات ،والذين قالوا " :إنه على التراخي " ما أرادوا بِذلك هذا العن الذي يُعبّر عنه هؤلء الهلة
سوّف بِهذا الكلم ،فينبغي لِلنسان بل يَجِب عليه إذا وَجَ َد الستطاعة أن يَذهب إل الج فوْرا وليس له أن يُ َ
ف ذلك أبدًا وْلَيتّقِ ال-تبارك وتعال-فهو ل يَعلم إل مت سيَبقى ف هذه الياة فربا يُفاجِؤه الوت ول يَأتِ
ضلً
العامُ القادمُ الذي يَزعم بِأنه سيَذهب فيه إل الج فما مِن أح ٍد ِمنّا يَملِك بِأنه سيَبقى لَحظ ًة مِن اللحظات ف ْ
مِن أن يَزعُم بِأنه يَبقى إل السنة القادمة أو الت تَليها أو ما شابه ذلك.
ت تَجِد مَن
وأنا قلتُ ف بعض الفتاوى :3إنّ الرأة إذا منعها زوجُها مِن الج فل طاعةَ له ف ذلك إذا كان ْ
يُرافِقها مِن مَحارِمها ،وهكذا بِالنسبة إل الوَلَدِ إذا مََنعَه أبوه أو أمه أو كِلها عن الج-وأعن بِذلك طبعا
جةَ الفريضَة-فليس له أن يَسمَعَ لَهما فل طاعة لَهما ول كرامة ،لنّ الطاعة تَكون ف الـمَعروف وهذا حّ
النهي منهما أو مِن أحدِها ليسَ ف العروف بل هو نَهي عن طاعة ال . I
أما بالنسبة إل مَن مات ول يَأت بِفريضة الج مع أنه قادِر على التيان بِها فعلى كل حال أمرُه إل ربّه تبارك
وتعال.
فإن كان قد أوصى بِذلك فلبد مِن تنفيذ وصيته ،وقد اختلف العلماء ف هذه الوصية هل تكون مِن رأس الال
أو مِن الثلث ؟
فذهب بعضهم إل أنا تكون مِن رأسِ الال ،وهذا القول هو القول الصحيح عندي ،لِحديث ( :ف َديْنُ ال أَحَقّ
أن ُي ْقضَى ) وما شابه ذلك.
وذهب بعض أهل العلم إل أنا تكون مِن الثلث.
ت الوصايا الواجبة الثلث ول يَبقى منه بقية هل تُخرَج عنه الزكاة 4أو ل ؟ وهذا علىوفائدةُ ذلك إذا اسَتغْرََق ْ
ق العباد تُقدّم على حقوق ال تبارك وتعال " ،وهو أحد القوال ف السألة. رأي مَن يَقول " :إ ّن حقو َ
-1المام نور الدين السالي ،جوهر النظام ف علمي الديان والحكام ،كتاب :الج ،باب :النيابة ف الج.
-2المام نور الدين السالي ،جوهر النظام ف علمي الديان والحكام ،كتاب :الج ،باب :النيابة ف الج.
-3عند الواب على السؤال 14من حلقة 11جادى الثانية 1424هـ ( 10/8/2003م ).
-4لعل الشيخ قصد أن يقول " :يُؤدّى عنه الج " بدل مِن " تُخرَج عنه الزكاة ".
443
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وبعض العلماء يقول :إ ّن حقوقَ ال تُقدّم ،وذلك لِحديث ( :ف َديْنُ ال أَ َحقّ أن ُي ْقضَى ).
ص بيْنها.
ص ُ
وبعض العلماء يقول :إنه يُحا َ
وال ّق أنّ َديْ َن العباد ُيقَدّم ،وذلك لنه مبن على الـمُشَاحّة ،أما ديونُ ال-تبارك وتعال-فال-تبارك وتعال-
غَِنيّ عنها ..وإن كانت واجبة لكن ل يُمكِن أن ُتقَدّم على ديو ِن العباد ،وحديثُ ( :ف َديْنُ ال أَحَقّ أن
ُيقْضَى ) ل يُرا ُد بِه أنه ُيقَ ّدمُ على َديْ ِن العباد ،وإنا يُرا ُد مِن ذلك الوجوب ..أي أنه لبد منه-طبعا-وذلك إذا
َأمْكَن.
ق ال-تبارك وتعال-سواء كانت حَجّا أو غيْرَه تُخرَج مِن أصل الال ،فما دام الال ونَحن قد قُلنا :إ ّن حقو َ
َيفِي بِذلك فلبد مِن إخراج ذلك ،أما إذا ل يَكن هنالِك شيء مِن الال بعدَ أدا ِء حقوقِ العباد-فل حول ول
قوة إل بِال-فيَنبغي لقاربه أن يَحُجّوا عنه.
أما إذا كان ل يُوصِ بِذلك فإ ّن أهل العلم قد اختلفوا ف ذلك:
ص بِذلك. والذي عليه جهور أصحابنا هو أنه ل تُخرَج عنه الجّة ،لنه ل يُو ِ
وذهب بعضُ التأخّرين إل أنه تُخرَج عنه ،لِلحديث الذي ذَكَ ْرنَاه.
ث مُحتمِل ،وأنا أقول :إنه وهذه السألةُ-ف حقيقة الواقع-ليس فيها دلي ٌل واضِح على أح ِد المْ َريْن والدي ُ
حثّ الورثة إما أن يَذهبوا لداء ال ّج عنه أو أن يُخرِجوا ذلك مِن مالِه والال فَانٍ وكما مات هو عنه يَنبغي أن ُي َ
فإنم سيَموتون عن ذلك ..بَقي إذا كان ف الورثة بعضُ الصّغار الذين ل َيصِلوا إل مرتبة التكليف فيُمكِن أن
حّثهِم على ذلك فإن ل يَرْضَوا بِذلك فإنّ لنا كلما ف ذلك بِمشيئة ال، ُينْتَظَر هؤلء ويَقوم بعض أهل العلم بِ َ
ب هذا ،لِعدم وجودِ دليلٍ صريحٍ ف السألة وهذا الديث الذي ذَكَ ْرنَاه مُحتمِل؛ وسأتكلّم ح ّأما الن فإننا نُ ِ
على هذه السألة بِتوسّع ف الدروس القادمة بِمشيئة ال.
س :5ما حكم مَن َقتَ َل الصيْدَ ف الرَم مِن غي عَمْد ؟ وهل َحجّه صحيح أو ل ؟
جَ :قتْ ُل الصيْدِ لِلْ ُمحْرِم سواءً كان ف الـحِلّ أو ف الرَم وهكذا بِالنسبة إل َقتْ ِل الصيْد ف الرَم ..الصيْدُ
حرِم ،فليس لِلنسان أن لِلْ ُمحْرِم حرام ف الـحِل وف الرَم ،والصيْد ف الرَم حرام على الـمُحِل والـمُ ْ
حلّ ،كما أنه ليس لِلْ ُمحْرِم أن يصيد ولو كان مِن الـحِل ..هذا أم ٌر يَنبغي أن يصيد مِن الرَم ولو كان مُ ِ
ُينَْتبَهَ إليه ،لنّ بعضَ الناس ل ُيفَ ّرقُ بيْن المْريْن وقد َيقَعُ ف خطإٍ ف هذه السألة ،فتَعمّد ذلك حرام ومعصيةٌ
مِن معاصي ال بل كبيةٌ مِن كبائر الذنوب ،فمَن َفعَلَ ذلك فعليه أن يَتوب إل ربّه وأن يَرجِع إليه-تبارك
وتعال-وأن ُيؤَدّيَ ما عليه ،وبِما أنّ السائل ل يَسأل عن ذلك لنه بِحمد ال-تبارك وتعال-ل يَتعمّد ذلك فل
حاجة لِلكلم عليه ولسيما أنن قد تَكَلّ ْمتُ على ذلك بِالمس.1
-1عند الواب على السؤال 1من حلقة 15رمضان 1424هـ ( 10/11/2003م ).
444
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ب عليه ،لنه ل يَتعمّد ذلك ،وذلك-طبعا-ل ُيؤَثّرُ ف َحجّه ول ف عُمرته وأما بِالنسبة إل الخطئ فإنه ل َذْن َ
أن لو كان معتمِرا-بل حت الـ ُمَتعَمّد ل تَفسُد حَجّته أو عُمرته بِذلك على ما ذهب إليه جهور المّة-وأما
بِالنسبة إل وجوبِ الزاء على هذا السائل-الذي وَقَ َع ما وََق َع منه على سبيل الطإِ-فقد اختلَف العلماء فيه:
ذهبت طائفة مِن أهل العلم-وهو مذهب جهورهم-إل أنه عليه الزاء.
وذهبت طائفة مِن أهل العلم-ورَجّحَه قطبُ الئمة رحه ال تبارك تعال ف " الامع الصغي " كما ذكرتُ
ذلك ف " قُرّة العَْيَنيْن " ،2وهو أيضا مذهب جاع ٍة مِن أهل العلم-إل أنه ل جزاء عليه ،وهذا القول هو القول
الصحيح عندي ،فإن شاء أن يَأخذ بِهذا الرأي-وهو مبن على أصلٍ أصيل-فل حرج عليه بِمشيئة ال تبارك
حكُمَ ف هذه القضية َحكَمَان وتعال ،وإن شاء أن يَحتاط وأن يَخرُج مِن اللف ف هذه السألة فلبد مِن أن يَ ْ
حكُ َم فيها
حكْم ،ول تَكفي فيها الفُْتيَا ،فلبد مِن أن يَ ْعَدْلَن ،إذ إ ّن مسائل الزاء ف الصيْد لبد فيها مِن الـ ُ
َحكَمَان عَدْلَن إل أنّ العلماء قد اختلفوا هل ذلك على الطلق أو ف ما ل يَأتِ فيه حكمٌ عن صحابة رسول
ال ε؟
فذهب بعضهم إل أنه إذا ُوجِدَ ف تلك القضية ُحكْمٌ لثنيْن مِن صحابة رسول ال َ εحكَمَا بِه على بعضِ
الناس الذين وَقَ َع منهم مثلُ الذي وَقَ َع فيه هذا النسان فيَكفيه أن يَأخذ بِذلك الكم.
حكْم ف تلك القضية مَرّة أخرى. وذهب بعضُ العلماء إل أنه لبد مِن الـ ُ
حثَ عن ت أنّ هذا الشخص ل بأس عليه بِمشيئة ال ولكن إن شاء الحتياط فلبد مِن أن َيبْ َ وأنا قد ذكر ُ
حكُما له ف هذه القضية.َحكَ َميْن عَدَْليْن حت يَ ْ
حكُمَا له بِالزاء ؟س :يَ ْ
ج :نعم ..يَحكما عليه بِالزاء ف هذه القضية ،ل ّن هذه القضية تَحتاج إل ُحكْمٍ ،بِنصّ الكتاب العزيز.
س :وهم يَُبّينُون له معن الزاء ؟
ج :ما هو الذي يَلزمه لكن-كما قلتُ-نَحن نَعتمِد الرأي الخر وهو أنه ل شيءَ على الخطِئ ولكن الرأي
الثان هو مذهب المهور ومَن احتاط وأخذ بِه فل شك أ ّن فيه سلمة.
س :6يُريد ش ْرحًا بسيطا جدا لِلية ... } :فَمَن تَعَجّلَ فِي َي ْو َميْنِ َفلَ إِثْ َم عََليْ ِه َومَن َتأَخّرَ فَل ِإثْ َم عََليْهِ
[ { ...سورة البقرة ،من الية.] 203 :
ج :على كل حال؛ الية على ظاهرها ..مِن العلوم أنّ النسان يَرمي ف اليوم العاشِر وهو يوم العِيد ..يَرمي
فيه جَ ْم َرةَ ال َعقَبَة ،كما هو معلوم ثابت بِسنّة رسول ال εمتّفق عليه بيْن المّة ،وف اليوم الادي عشر والثان
-2كتاب " قرّة العينَيْن ف صلة المعة بِخطبتي " ص ،47وهذا ما ذكره الشيخ فيه ' :اختار-رحه ال تعال-ف " الامع الصغي " أنه ل
جزاء على مَن قتل الصيد ناسيا ،واختار ف بقية كتبه وجوب الزاء على العامِد والناسي ،قلتُ :والقول بِعدم وجوب الزاء على الناسي هو
الصحيح ،لِعدم الدليل الدال على الفدية ،والصل عدم ذلك؛ وال-تعال-أعلم.' .
445
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
عشر يَرمي المَرات الثلث ..يَرمي أوّل الصغرى ث الوسطى ث الكبى ،وبقي اليوم الثالث عشر فالنسان
خيّر فيه:
مُ َ
فيمكن أن َيَتعَجّ َل ف يوميْن ..أي بعدَ أن يَرمي ف اليوم الادي عشر وف اليوم الثان عشر ،وإذا َفعَلَ ذلك فل
حرج عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال.
ويُمكِن أن َيتَأَخّر ..أي أن َيتَأَخّر ويَرمي ف اليوم الثالث عشر.
ومَن َتعَجّ َل فل إث عليه ،ومَن تَأَخّ َر فل إث عليه ،والرسول َ eتأَخّرَ فرَمى ف اليام الثلث ،ول شك أنّ مَن
تَأَخّ َر فهو أفْضل ولكن إن َتقَ ّدمَ فل حرج عليه ول إث ِبَنصّ الكتاب والسنّة وإجاع المّة؛ وال أعلم.
س :7ما قولكم ف مَن تَ َركَ ركعت الطواف ف طواف الوداع ؟
ج :على كل حال؛ أخطأ هذا الشخص خطأً َبّينًا ،فما كان يَنبغي له أن َيتْ ُركَ ذلك ف ْلُيتُبْ إل ال-تبارك
وتعال-ويَنبغي له أن ُيصَّليَ الن ركعتيْن فعسى ال-تبارك وتعال-أن يَتجاوزَ عنه.
ت متأخّ ٍر مِن الليل ؟
س :8لَحق بِيوم عَرفة ف وق ٍ
ج :ما دام قد جاء ف الليل ..أي جاء إل عَرفة قبل طلوع الفجر وأدرك شيئا مِن الليل ف ذلك الوقف فإنه ل
ص السنّة الصحيحة الثابتة عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم. حرج عليه ،بِن ّ
ي يُخالِف ذلك ،وإذا جاء نر ال بَطل نر معقل؛ وال أعلم. ول ِعبْر َة بِرأ ٍ
س :9رجل َفقَدَ نقودَه فلم يَستطِع الدْي ،فماذا يَصنع ؟
ج :قد َجعَلَ ال Iلِذلك بَدلً وهو أن يَصوم ثلثةَ أيام ف الج وسبع َة أيام بعد رجوعه فتلك عشرة كاملة ..
جاء ذلك ف كتاب ال تبارك وتعال ،1فمَن َفقَدَ نقودَه ول يَجِد شيئا لِلهدي ف ْليَصُم ف الج ثلث َة أيام ..
قالوا :إما أن يَصوم السابع والثامن والتاسع وإما أن يَصوم السادس والسابع والثامن.
وأقول :ل يَنبغي لِلنسان أن يَصوم اليوم التاسع ،لنّ الرسول eكان ُمفْ ِطرًا ،ومِن العلوم أنّ الصيام ُي َؤثّ ُر
حرّ الشديد فيَبقى ف وقت العصر ُمْنهَكًا ُمْتعَبًا ل يَستطيع أن ويَشُقّ على النسان ولسيما إذا كان ذلك ف الـ َ
يَدعو بِحسب ما يُحِب ،فلماذا يَصوم ف هذا اليوم ؟! فإذن إما أن يَصوم السادس والسابع والثامن على رأي
طائفة مِن أهل العلم ،والذي يُؤخَذ مِن بعض الروايات الصحيحة أنّ الصحابة-رضي ال تبارك وتعال عنهم-
كانوا يَصومون ف أيام التشريق .. 2ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر ..هكذا جاء ف بعض
الروايات الصحيحة الروية عنهم ،وذلك يَد ّل على مشروعية الصيام ف هذه اليام ،3خلفا لِما ذَهب إليه كثي
ج ْد َفصِيَامُ ثَلثَةِ أَيّا ٍم فِي اْلحَ ّج َوسَْبعَةٍ إِذَا
-1قال ال تعال ... } :فَإِذَا َأمِنُتمْ َفمَن َتمَّتعَ بِاْل ُعمْرَةِ ِإلَى اْلحَ ّج َفمَا اسْتَْيسَ َر مِنَ اْل َهدْيِ َفمَن ّلمْ َي ِ
سجِدِ اْلحَرَامِ [ { ...سورة البقرة ،من الية.] 196 : ك ِلمَن ّلمْ َيكُنْ َأ ْهلُهُ حَاضِرِي اْل َم ْ رَ َجعْتُ ْم ِتلْكَ َعشَرَةٌ كَا ِملَةٌ َذلِ َ
-2أي بالنسبة ِلمَن ل يَجد الدي.
-3أي بالنسبة ِلمَن ل يَجد الدي.
446
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
مِن أهل العلم مِن أنه ل يُصام ف هذه اليام نَظرا لِلنهي الوارِد عن النب εعن الصيام فيها ولكن-ف حقيقة
الواقع-ذلك النهي عام وهذه الرواية خاصّة ،لنّ ذلك 4فيما يَظهر كان َيقَ ُع منهم ف عهْد النب εوإذا تعارَض
دليلن أحدها عام والخر خاص فإ ّن الاص يَقضي على العام فيُقدّم عليه كما هو مذهب جهور المّة؛
وال-تبارك وتعال-أعلم.
أما إذا كان هذا الرجل غنيا ف بلده واقترض مِن بعض الشخاص الذين معه فل بأس عليه بِأن يَقترِض إذا كان
ل مشقّة عليه ،أما إذا كان ل يَجِد الوفاء أو يَخشى مِن عدم وجود شيءٍ مِن الدراهم يَقوم بِقضائها لصحابه
مثل أو ل يُوجَد عند أصحابه أو ما شابه ذلك-فكما ذكرتُ-أنّ ال-تعال-قد َجعَ َل لنا بَد ًل وهذا مِن باب
اليُسْر والمد ل تبارك وتعال ( :يَسّروا ول ُتنَفّروا )؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
ح ِرمَة بِالعُمرة أُصيبت بِجُرح ف أصبعها نتيج َة استخدام السكي-وكانت حائضا- س :10امرأة مُ ْ
ج منها دم ليس بِالكثي ،فماذا عليها ؟خرَ َ
فَ
ج منه دم
ج :اشتهر عند كثي مِن الناس " :ف الدم دم " وهذه قاعدة ليست بِصحيحة ،أي أنّ النسان إذا خَ َر َ
ج منه دم فهل يُقال ف الج فعليه دم ..هذه القاعدة ليست بِصحيحة ..مثل لو كان النسان يَتسوّك وخَ َر َ
عليه دم ؟ ل دم عليه بِإجاع المّة السلمية قاطبة ،على ما حكاه غيْرُ واح ٍد مِن أهل العلم ،ولذلك ل ينبغي
لِلنسان أن يَترك السواك بعد ثبوت السنّة الصحيحة الثابتة عن رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
الدالة على فضْله ( :لول أن َأشُقّ على ُأمّت َلمَ ْرتُهم بِالسواك عند كل صلة ) ،وف بعض الروايات ( :عند كل
وضوء ) ،وف بعضها جاء المْع بينهما ،فل يَنبغي لِلنسان أن يَتْ ُر َك السواك مَخافة-مثل-أن يَخرُج منه دم
ولسيما إذا كان مِن عادته أنه يَخرُج منه الدم ..هذا-على كل حال-مِن الحتياطات البارِدة ..يَنبغي
لِلنسان أن يُ َطبّ َق السنّة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم:
ول كلم الصطفى الوّاه ول تُناظِر بِكتاب ال
ولو يَكون عالِما خبيا جعَل له نظيا
معناه ل تَ ْ
خرُجَفعلى كل حال هذه الرأة الت كانت تَقطَع بِهذا السكي شيئا-مثل-ما كانت تُرِيد أن َتقْطَ َع يَدَها أو أن يَ ْ
منها الدم أو ما شابه ذلك فل حرج عليها بِمشيئة ال تبارك وتعال ولكن ِلتَحْذَر مِن خروج الدم ف الطواف،
وهكذا بِالنسبة إل قضية اليض ..الائض ليس لَها أن تَطوف بِالبيت ،وإنا الكلم ف السعي ..هل لا أن
تَسعى أو ل ؟ السعي قد أجْمعت المّة أنه ل بأس على الائض منه ..أي ل بأس على الائض أن تسعى وإنا
الفْضل أن يَكون النسان على طهارة والائض-طبعا-ل يُمكِنها أن تَكون على طهارة ،وإنا الكلم ف وقتنا
هذا هل السعى مِن السجد أو ل ؟ لنّ الائض والنب و-طبعا هكذا-النفساء ليس لم أن يَدخُلوا السجد
-4أي الصيام ف أيام التشريق ( أي ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر ) بالنسبة ِلمَن ل يَجد الدي.
447
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
..هل السعى الن مِن السجد ؟ فإن كان مِن السجد فليس لِلحائض أن تَدخُل وتَسعى لِلنهي عن دخولا
السجد ،ل لجل أنّ اليض ل يَص ّح معه السعي ،والذي يظهر ل أنّ السعى ليس مِن السجد فل بأس عليها-
ليّض-ف قضية السعي ،فإذن تَنتظِر حت يَنتهي هذا اليض وتَ ْطهُرَ منه وَتتَ َطهّر ..أي أو على غيها مِن ا ُ
تَغتسِل مِن اليض ولُتطف بعد ذلك ،وكذلك بِالنسبة إل الدم إذا كان يَخرج مِن ذلك الرح الذي أصابا
لبد مِن أن تُزيل ذلك الدم وتُعيد الوضوء ،ول تَطوف إل وهي طاهرة ،أما إذا كان ذلك قبل الطواف بِفترة
أو ما شابه ذلك فأمره بيّن لنا ستتوضّأ بعد ذلك بِمشيئة ال.
س :ويَصح لا-إذن-مع هذا أن ُتقَدّم السعي على الطواف ؟
ج :ل ..ليس لا أن ُتقَ ّدمَ السعي على الطواف ف العُمرة بِاتّفاقهم.
وف الج فيه كلم طويل سأتعرّض له ف الدروس القادِمة بشيئة ال.
سيَ كم صَلّى ،هل س :11هل يَصحّ لِلطائف أن يَعتمِد على شخصٍ آخر ف العَدّ ؟ والذي ُيصَلّي ونَ ِ
جْنبِه ؟
يَعتمِد على مَن بِ َ
ج :على كل حال؛ النسان لبد مِن أن يَعتمِد على نفسه ..هذا هو الصل ،لنه قد يُخطِئ ذلك الشخص
الذي اعتمَد هو عليه ،فلماذا ل يَعتمِد على نفسه ويَعتمِد على غيه ؟! إذا كان قد وَقَعَ لِهذا النسان مِن قبل
ت نفسُه إل ِفعْلِ صاحبِه وهو ل يُفارِقه أبدا فإنه يُمكِن أن يُر ّخصَ له ف الاضي ،أما ف الستقبَل واطمأنّ ْ
فليَعتمِد على نفسه ،ول يَعتمِد على غيه.
أما بِالنسبة إل الصلة فالكلم فيها كالكلم ف الج ..الصل ف النسان أن يَعتمِد على نفسِه ولكن إذا وَقَعَ
جعَل ذلك مِن باب الـ ُمرَجّحَات ف الج وف الصلة، منه خطأٌ-مثل-واطمأّنتْ نفسُه إل ِفعْلِ صاحبِه فإذن يَ ْ
ومِن العلوم أ ّن النسان إذا تَرَجّحَ لديه أح ُد الانبي فإنه يَأخذ بِما تَ َرجّحَ له ،فإذن يَكون ِفعْلُ ذلك الشخصِ
الذي معه مِن الـ ُمرَجّحَات ل أنه يَعتمِد عليه فإن ل يُعارِضه معارِض ف طواف الج أو العُمرة أو ف الطواف
جعَل ذلك مِن الـمُ َرجّحَات ولكن ف الستقبَل يَنبغي له أن مطلَقا ول ف الصلة فيُمكِن-كما قلتُ-أن يَ ْ
يَعتمِد على نفسِه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
مِن حلقة 16رمضان 1424هـ ،يوافقه 11/11/2003م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :1ف أيام الج-ويَكاد يَتكرّر ف كل عام-يَحدُث زِحا ٌم شديد أثناء الرمي ويُحاوِل كل واحد مِن
الناس التّوسِعة لِنفسه حت َيصِل إل الوض وبِالتال يَرمي تلك الـجَمْرَة ،هل لبد مِن وصول الصاة إل
الـجَ ْمرَة أم أنا يَكفي أن تَسقُط ف الوض ؟ وبِذلك يَفهَم الناس القضية ويَخِفّ الزحام.
448
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ي غيْرَه ل ف ج :إنه يَنبغي أن يَنتبِه السلم أنه يَنبغي له كما يُراعِي نفسَه أن يُرا ِعيَ غيه ،فليس له أن يُؤذِ َ
الطواف ول ف السعي ول عند رمي الِمار ،فإيذاء السلمي مِمّا ل يَصح.
وهذا أمرٌ-ولِلسف الشديد-ل يَنتبِه إليه كث ٌي مِن الناس ،فتَرى الناسَ ف حالة الطواف أو السعي أو ف الرمي
يَهتَ ّم الواحِد منهم بِنفسِه وبِمَن يُرافِقه ول يَنظُر إل بقية السلمي ،فقد ُيؤْذِي أحدا-وقد يَفعَل ما يَفعَل-ول
يَلتفِت إل ذلك الشخص ،بينما هذا ل يَجوز ،لدلّة معلومةٍ ف مواضعها.
أما بِالنسبة إل الرمي فإنّ الرمي مِن مناسِك الج ،بِاتّفاق جيع المّة السلمية ،وذلك لنّ النب-صلى ال عليه
وعلى آله وصحبه وسلمَ-أمَرَ بِه وَفعَلَه وقال ( :خذوا عنّي مناسِككم ) ،كما ثَبت ذلك ف الحاديث
الصحيحة الثابتة.
ولِلسف لقد تَهاون كث ٌي مِن الناس بِالرمي ،فتَرى هذا ل يَذهب لِلرمي بل يُنيب غيْرَه مع قُدرتِه على ذلك وقد
يَ ْزعُم أنه ل يَستطيع أن يَذهب إل الرمي عند منتصف النهار ،أو ما شابه ذلك ،كأنّ ال-تبارك وتعال-قد
ت واسعٌ ضيّق هذه القضية وَأوْ َجبَ على الناس أن يَ ْرمُوا ف ذلك الوقت ! مع أ ّن المرَ ليسَ كذلك ،إذ إ ّن الوق َ َ
بِحمد ال تبارك وتعال ،وقد نَتكلّم عليه ف وقت آخر إن شاء ال تبارك وتعال.
أما بِالنسبة إل هذا السؤال الذي تفضّلتُم بِطرحه فالواب عليه :أنه ل يُشترَط أن ُتصِيب تلك الجارةُ الت
يَرميها ذلك الشخص ..أن ُتصِيب تلك الجارةَ النصوبة وإنا الشرط ف الرمي أن تَدْخُل ف ذلك الوض،
فإذا أصابت الوض فإنّ الرمي بِذلك يُجزِي بِمشيئة ال تبارك وتعال ،إذ إنّ ذلك البناء حادِثٌ ل يَكن
ج ٍز بِحمد ال موجودًا مِن قبل وإنا هو دليلٌ على مكان الرمي ،فإذا وقعت الجارة ف الوض فإنّ ذلك مُ ْ
تبارك وتعال؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
ضعَت حت ل يُصيب الجاج بعضهم البعض وإل س :هل يعن ذلك أنّ تلك الجارة النصوبة إنا وُ ِ
فالصل الوض ؟
ج :على كل حال؛ الصل هو الوضُ ..تلك علمة ..الصل ف ذلك الوضِع ،فإذا وصلت ذلك الوضِع
فإنّ ذلك كافٍ؛ وال أعلم.
س :2رجلٌ أخذ وكالة مِن جاعة مِن الجاج ف رمي الِمار وأخذ منهم الصى ث رماها ف الشارع
خبِرهم وهم عاجزون عن الرمي ،فما الكم ؟ ول يَ ْرمِ المرات ول يُ ْ
ج :العياذ بِال-تبارك وتعال-مِمّا َفعَلَه هذا الشخص ..لقد وَقَعَ ف معصي ٍة مِن معاصي ال تبارك وتعال،
خبِر أولئك الشخاص الذين أنابوه َو َوِثقُوا بِه وظنّوا وعليه أن يَتوب إل ال-تبارك وتعال-مِمّا وََق َع فيه وأن يُ ْ
أنه َسُيؤَدّي عنهم ما فَرَضَه ال-تبارك وتعال-عليهم ،وبعد ذلك عليهم أن يَسألوا عن هذه السألة الت وََقعُوا
فيها ،لنم-ف حقيقة الواقع-ل َي ْأتُوا بِما شَ َرعَه ال-تبارك وتعال-مِن الرمي ،فلبد مِن أن يُحكَم عليهم
449
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
بِالدم ،ولكن بَقي مَن هو الذي يَتحمّل ذلك ؟ ف هذه السألة لبد مِن أن يُنْظَر إليها ،وإن حَاكَمُوا هذا
الشخص فلهم أن يُحاكِمُوه ف ذلك.
س :3ف اليوم الادي عشر ذهب رجلٌ ِلرَمي الـجَ َمرَات وعند وصوله رَمى الـجَ ْمرَة الول وذهب
لِرَمي الـجَ ْم َرتَيْن الوسطى والكبى ومِن شدّة الزحام ف ذلك اليوم ل يَنتبِه إل الـجَمْرَة الوسطى وسَها عن
رَميِها حت وَصَلَ إل الـجَ ْمرَة الخية ورَماها وعند عَودتِه بِالطريق شَكّ ف نفسِه أنه ل يَ ْرمِ الـجَ ْمرَة
الوسطى وبَقي على َشكّه حت اليوم التال-الثان عشر-وعند عَودتِه لِلرمي ف هذا اليوم وَصَلَ تلك الـجَ ْمرَة
صيَات عن َشكّه لِليوم الول وذلك ف اليوم الثان عشر ،فهل تَصرّفه هذا يُجزِي أم ماذا يَكون ورَماها بِسبعِ َح َ
عليه ؟
ج :هل رماها ف اليوم الثان عشر مرتي ..عن الادي عشر وعن الثان عشر ؟
س :الظاهِر مِن كلمِه هكذا.
ج :إذا كان قد رماها فل شيءَ عليه على مذهب كثي مِن أهل العلم.
أما مَن يَشترِط الترتيب ف هذه القضية فلبد مِن أن يَر ِم َي الوُسطى ث يُعيد َر ْم َي الكبى عن اليوم الادي عشر
ويَرمي بعد ذلك 1عن اليوم الثان عشر.
وأما مَن ل يَشترِط الترتيب فإنه ل بأس عليه لِهذا الفعل.
ص بِتلك الرخصة الت قال با مَن قال مِن أهل العلم فل حرج عليه هذا ونظرا إل أ ّن الوقتَ قد مَضى فإذا تَرَ ّخ َ
بِمشيئة ال تبارك وتعال؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :4ما حكم غسل الصى ؟ يعن هل الصى يُغسَل أم ل يُغسَل ؟
ج :هذه السألة اختلف فيها أهل العلم:
-1منهم مَن قال بِمشروعية الغُسل.
-2ومنهم مَن ل يَرى ذلك.
ث يَدلّ على مشروعية والقول الثان-وهو قول مَن يَقول بِعدم الشروعية-هو القول الصحيح ،لنه ل يَأت حدي ٌ
ذلك بل دَلّ ِفعْلُ النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه-على عدم الشروعية ،إذ إنّ النب-صلى ال عليه وعلى
آله وصحبه وسلمَ -رمَى مِن غَيْر أن يَقوم بِغسل ذلك ،كما هو ثابتٌ ف السنّة الصحيحة الثابتة عن النب ، e
وما دام المر كذلك فل يَنبغي لنا أن نَقول بِمشروعية ذلك ،لِعدم ثبوته ..هذا هو الذي أراه؛ والعلم عند ال.
ك أنه َرمَى خسا أو سِتا أو سبعا ؟
حصَيَات الت تُ ْرمَى ..إذا شَ ّ
س :5الشكّ ف عَدَ ِد الـ َ
ج :ذلك ل يَخلو من أحد أمرين:
إما أن يَأتيَه هذا الشك بعد أن انتهى مِن الرمي فإذا كان كذلك فإنه ل يَلتفِت إل هذا الشك.
أما إذا جاءَه ذلك وهو يَرمي ..ل يَدْرِ-مثل-هل هذه الرمية هي الثالثة أو الرابعة:
ك هل هذه الثالثة أو الرابعة ؟ فإنه يَعتبِر أنّ تلك الرميةفإن ل َيتَرَجّحَ لديه شي ٌء فإنه يَبن على القل ..إن ش ّ
هي الثالثة ،وإن شك بيْن الرابعة والامسة فليَعتبِر أنا الرابعة ،وهكذا.
أما إذا ترجّحَ لديه شي ٌء فإنه يَأخذ بِالراجِح ،كما يَكون ذلك ف عَدَدِ ركعات الصلة ،وهكذا يكونُ ذلك ف
عَدَ ِد الشواط عند الطواف بِالبيت؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :6لقد َنصّت كتب الفِقه البّينَة لحكام الج والعمرة بِأنّ الدعاء الذي يُقال على الصفا والروة
يُرَدّ ُد هناك ثلث مرات ف كل شوط على كل منها ،فهل ذلك على الوجوب أم الستحباب ؟ وماذا على مَن
ل يَستطِع أن يَأتِيَ به على الصفة النصوص عليها ف تلك الكتب نتيجةَ الزحة الشديدة والرتباك ؟ هل يَصحّ
القتصار على ألفاظ معيّنة بِذاتا ؟
ج :على كل حال؛ ما كل ما ورد ف الكتب الفقهية ثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وهذا
الدعاء وكذا الذّكْر الوارد عن النب εليس واجبا وإنا هو مندوب ،ويَنبغي لِلنسان أن يَعتِنيَ بِالندوبات إذا
استطاع سبيل إل ذلك لكن بِشرْط أن ل ُيؤْذِي أحدا مِن عباد ال تبارك وتعال ،فعندما تكون هنالك زحة
ت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله شديدة خاصّة ف أيام الج فيَنبغي أن يَقتصِر على القليل ويَأتِي بِما ثََب َ
وصحبه وسلم-ويَأتِي بِدعاءٍ جامع مِن غيْر أن يُطِيل حت ل ُيؤْذِي عبادَ ال تبارك وتعال ،فعندما تكون هنالك
سعة يَأتِي بِالذّكْر الوارد عن النب εث يَدعو ث يَأتِي بِالذّكْر ث يَدعو ث يَأتِي بِالذّكْر وقد اختلفوا ف الدعاء
بعد الذّكْر ف الرة الثالثة هل هو مشروع أو ل ؟
مِنهم مَن قال بِمشروعية ذلك.
ومنهم مَن قال بِعدم الشروعية.
ومَن قال بِالشروعية ف كل هذه القضية-طبعا كما قلتُ-إنا يَقول بِالندبية ل بِالوجوب؛ وال-تبارك وتعال-
أعلم.
س :7مَن عليه َديْن ،هل يَذهب إل الج أم ل يَذهب ؟
ج :إذا كان على النسان َديْن فل يَخلو ذلك مِن أحد أمريْن:
إما أن تكون لديه أموال تَكفي لِقضاء ذلك ال ّديْن الذي عليه وتكفي أيضا لِمؤونة أهله حت يَرجع إليهم فإن
كان عليه َديْن ولديه هذه الموال الت تَكفي لِقضاء هذا ال ّديْن فإنه لبد مِن أن يَقوم أوّل بِقضاء ذلك ال ّديْن إذا
كان ذلك ال ّديْن حالّ أو ف حكم الالّ ث بعد ذلك يَذهب إل الج ،وإن كان ُمؤَ ّجلً ف ْليُوص بِذلك وْلَيتْرُك
451
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ضعَه مع فلن وإما أنوصيته بِذلك الدّين إما عند شخصٍ أمي ويُخبِر ذلك الدائن بِأنه قد َوثّق له َدْينَه ووَ َ
يَضع-تلك الوثيقة أو-ذلك الصك مع صاحب الال الصلي.
أما إذا كان ل يَملك شيئا مِن الال يَكفي لِسَدّ ما عليه مِن ال ّديْن فإنه ل َيجِب عليه الج ،لنّ الج يَجِب على
الستطِيع وهذا ل يَستطِيع سبيل إل ذلك ،و-طبعا-ل أريد بِالموال الدراهم إذ قد يَقول شخص إنه ل يَملك
شيئا مِن الدراهم ولكنه يَملِك عقارات أو ما شابه ذلك فهي تَقوم ف مقام الدراهم ،فالاصل هل يَملك شيئا
حرّما فلبد مِن التّخلص أوّل مِن سدّ ذلك ال ّديْن أو ل يَملِك شيئا ..هذا وإذا كان ال ّديْن مُ َ
مِن الموال تَكفي لِ َ
الرام والتوبة والرجوع إل ال-تبارك وتعال-حت َيفِدَ بعد ذلك وقد تَ َطهّر مِن هذه القاذورات وهذا كله إذا
كان يُريد أن يَتوب إل ال-تبارك وتعال-وأن يَرجِع إليه سبحانه ،أما إذا كان ل يَهتَم بِهذه المور ول يُبال
بِها فإنه إذا قيل له " :ل تَذهب إل الج " سيَبقى هنا وهو يَملِك الموال الت يُمكِن أن يَقوم بِقضاء تلك
الديون الت عليه وإنا يُريد أن يَشتري الرض الفلنية والعقار الفلن وما شابه ذلك فهذا-على كل حال-يُقال
له " :اذهب إل الج " ولكنّ ال-تبارك-ل َيتَقبّ ُل منه ،إذ إنه Iل يَتقَبّل إل مِن التّقي وهو ليس بِمتّقٍ لِربّه بل
هو مُحارِب له .. Iهذا هو الكم ،فحجّه صحيح مِن حيث الفِعْل ولك ّن ال-تبارك وتعال-ل يَتقبّل منه ..
ل يَتقبّل منه الج ول يَتقبّل مِنه شيئا مِن العمال الصالة ،ل ّن القبول يَكون مِن الصالِح ل مِن الطالِح؛ وال-
تبارك وتعال-أعلم.
س :8أرجو مِن شيخنا أن يُبيّن لنا حكم مَن ل َيبِتْ ليل َة التاسِع مِن ذي الِجّة ف مِن وإنا َذهَبَ إل
عَرفة مباشَرة مع مَن يُقيم معهم وليس له مُرشِدٌ يَذهَب معه وقد أَخَ َذ بِفتوى بعضِ أهل العلم هناك بِأنّ الرسول
eبَاتَ هناك لِلستراحة وليس ذلك مِن السنّة ؟
ج مِن مكّة الكرّمة ف اليوم الثامِن ،وَب ِقيَ ت بِالمس 1أ ّن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلمَ -خرَ َ ج :أنا ذكر ُ
ت عنه صلوات ال بِمِن إل طلوع الشمس مِن اليوم التاسِع ..صَلّى الصلوات المس ف مِن ،وهذا ثاب ٌ
ي بِرسول ال صلى وسلمه عليه ،كما جاء ذلك ف الحاديث الصحيحة الروية عنه ،ويَنبغي لِلنسان أن َي ْقتَدِ َ
ال عليه وعلى آله وسلم ،وليس هنالِك دليل يَدُ ّل أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-إنا َفعَلَ ذلك مِن
أجل الستراحة.
ض الناس على ذلك بِأ ّن مَن جاء مِن مكان بعيد ووَصَلَ إل عَرفة ف اليوم التاسِع ل وإنا يُمكِن أن يَحت ّج بع ُ
شيءَ عليه ،وهذا كلم صحيح ل غبار عليه ،وقد دلّ على ذلك الديث الصحيح الثابت عن النب-صلى ال
ف با قبل طلوع عليه وعلى آله وسلم-بل مَن جاء ف ليل ِة العاشِر قبل طلوع فجْر اليوم العاشِر إل عرفة ووَقَ َ
الفجر فإنّ َحجّه صحيح ول شيءَ عليه ،فهل يُمكِن أن يَقول قائل إذا استنَدَ إل مثل هذا الديث " :إنّ
-1عند الواب على السؤال 1من حلقة 16رمضان 1424هـ ( 11/11/2003م ).
452
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ي وق ٍ
ت ف بِعرفة ف النهار ليس بِسنّة وإنا هو مستحَب-أو ما شابه ذلك-والهِم أن يَأت النسان ف أ ّ الوقو َ
ستَدِ ّل بِذلك-أيضا-على أنّ البِيت بِالزدلفة ليس مِن قبل طلوع الفجْر مِن اليوم العاشِر " ؟! وهل يُمكِن أن يَ ْ
ل ل يُمكِن أن السنّة وإنا هو مُجَرّ ُد استراحة وإنا الشروع هو الدعاء ف اليوم العاشِر أو ما شابه ذلك ؟! ك ّ
ستَدِل بِذلك أحدٌ.يَ ْ
نَحن نَقول :إنّ البِيت ف ليلة التاسِع ل يُمكِن أن ُيقَارَن بِليلة الادي عشر والثان عشر ولكن مع ذلك ل
يَنبغي لحدٍ أن يُفرّط فيه إذا استطاع إل ذلك ،فإ ّن لنا ف رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلمُ-أ ْسوَة
حسنة ،أما مَن ل َيتَ َمكّن لِسببٍ أو لخر كالسائل-مثل-إذا كان ل يَعرِف الطّرُق ..فإذا كان ل يَتمكّن إل
بِأن يُرافِق مَن يَبيت ليل َة التاسِع ف عَرفة فل شي َء عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال ،أما مَن وَجَدَ مَن يَدُلّه على
الطريق فيَنبغي له أ ّل ُيفَرّطَ ف البِيت ف ليلة التاسِع ف مِن؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :9الرأة الت يُفا ِجؤُها اليض ف الج ،ماذا تَفعل ؟
ج :ل تُشترَط الطهارة ف الج ول ف العُمرة إل ف الطواف ،فإذا أتاها اليض فإنا ليس لَها أن تَطوف بِالبيت
بل لبد مِن أن تَنتظِر حت تَ ْطهُر مِن اليض وتَغتسِل وبعد ذلك تَطوف ،فإن جاءت-مثل-مُعتمِرة أوّل َ ..لبّتْ
بِالعُمرة ووَصََلتْ و َم َكثَتْ مدّة ث ل تَتمكّن مِن الطواف بِالبيت قبل التاسِع فإنا ُتؤْمَر بِأن تُ ْدخِل الج على
العُمرة فَتصِي قا ِرنَة بيْن الج والعُمرة بعد أن كانت مُعتمِرة فقط ،وتَطوف بعد ذلك ِلعُمرتِها ولِحجّها طوافًا
جزٍ ،كما وَقَعَ لِلسيدة عائشة-رضي ال تبارك وتعال عنها-فإنا كانت مُعتمِرة ..يعن كانتْ واحِدًا وذلك مُ ْ
ختْ الج َ ..حوّلَت سَت أوّل بِالج ث بعد ذلك َلّبتْ بِالعُمرة ..أي فَ َ ت بِالعُمرة فقط ..قيل :إنا َلّب َْلبّ ْ
إحرامَها مِن الج إل عُمرة ،وقيل :إنا َلبّت مِن أول مرة بِالعُمرة ،وف ذلك كلم طويل ،ل داعي لِذِ ْكرِه الن
صَلتْ إل مكّة كانت تَُلبّي لِلعُمرة ولكنها ل تَتمكّن مِن الطواف فأَدْخََلتْ الج على ..الهم أنا عندما وَ َ
عُمرتِها فصارتْ قارِنة وعندما َطهُرَت وتَ َطهّرَت بعد اليوم التاسع طَافَت لِحجّها وعُمرتِها طوافًا واحدا ..
فإذن هذا هو الكم.
أما إذا كان ذلك بعد وذهبَ أصحابُها ..أوّلً يُقال :لبد مِن أن يَنتظِرها مَن هو مُرَافِقٌ لَها سواء كان زوْجا
أو َمحْرَما ،ولكن إذا كانت هنالك ضرورة مُلِحّة ف الرجوع ف َر َجعُوا ف ْلتَ ْرجِع وليس لا أن تَطوف قبل أن تَ ْطهُر
وتَتَ َطهّر ،ث بعد ذلك لبد مِن أن تَذهب إل مكّة حت تَقوم بِأداء هذا الطواف الذي هو ركن مِن أركان الج.
أما إذا كانت قد طافت طواف الج وبقي عليها طواف الوداع فإنا ُتعْذَ ُر عن طواف الوداعِ ،بَنصّ السنّة
الصحيحة الثابتة عن النب ، eكما جاء ذلك ف مسند الربيع-1رحه ال-وجاء عند غيه من أئمة الديث
-1مسند المام الربيع بن حبيب ،باب ( )11ما تفعل الائض ف الج:
حديث رقم :439أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة-رضي ال عنها-قالت :قلتُ لِرسول ال " : eإنّ صفية بنت حيي قد حاضت
" فقال لا رسول ال ( : eلعلها حابستنا ؟! أل تكن قد طافت معكن بالبيت ؟ ) قلتُ " :بلى " قال ( :فاخرجن ).
453
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
خصّص لِلحديث العام الدّال على أنه يُؤمر النسان بِأن يَطوف طوافَ الوداع ..هذا الديث وذلك الديث مُ َ
صصٌ له والاصّ يَقضي على العام َتقَدّم أو َتأَخّر عليه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم. مُخ ّ
ت طواف الفاضة مع طواف الوداع ..جعلتْهما واحدا ؟ س :10الرأة الت حاضتْ وأجَّل ْ
ج :إذا حاضت الرأة أو كانت مريضة-مثل-وهكذا بالنسبة إل الرجل إذا كان مريضا أو كان كبيا ف السّن
ويَصعب عليه أن يَطوف مرتي-يطوف أوّل طواف الزيارة ث بعد ذلك يَطوف طواف الوداع-فإنه يُمكِن له
أن ُيؤَخّر طوافَ الزيارة إل الوقت الذي يُريد أن يَخرُج فيه مِن مكّة الكرّمة فيَطوف طوافًا واحدا ويَكفيه ذلك
ض الناس يَنوون بِذلك الطواف لِلزيارة ولِلوداع ،ولكن لبد مِن أن َيْنتَبِ َه الناس إل قضية مهمّة هنا وهي أ ّن بع َ
طواف الوداع وإذا َن َووْا بِه طوافَ الوداع مِن غيْر أن يَستحضِروا بِأنه لِلزيارة فذلك ل يُجزِيهم ،فإذن إما أن
حضِرُوا الوداع ،لنّ الفريضة تَسُ ّد مَسَدّ السّنة أو ما شابه ذلك ستَ ْ
َينْوُوا بِه طوافَ الزيارة فهذا يُجزِيهم ولو ل يَ ْ
مِن المور الت ل تَصِل ف التأكيد إل درجةِ تلك الفريضة ،فذلك الطواف إذا نوى بِه النسان طوافَ الزيارة
فإنه يُجزِيه عن طواف الوداع ،وإما أن َيْنوُوا الطوافيْن معا وذلك يُجزِيهم ،أما إذا َن َووْا بِه طوافَ الوداع فذلك
ل يُجزِيهم ،وقلتُ " :يُجزِيهم " بناءً على قو ِل طائفة كبية مِن أهل العلم وهو الظاهر لنا ،وإلّ فقد ذهب
ض أهل العلم إل أنّ ذلك ل يُجزِي وعليه فلبد على قولم مِن أن يَطوفوا طوافيْن ..لبد مِن أن يَطوفوا بع ُ
طوافًا لِلزيارة وآخر لِلوداع ولسيما إذا َسعَوْا بعد طوافِ الزيارة على رأي هؤلء فإنم جعلوا ذلك فاصِل،
ولكنّ الذي يَظهر ل أنّ هذا ليس بِفاصِل ،لنن ل أَجِد روايةً صحيحة تَدُ ّل على أنّ السيدة عائشة-رضي ال
ت وطافتْ بعد تبارك وتعال عنها-عندما اعتمَرت مِ َن " التّنعيم " وطافتْ طوافَ العُمرة و َس َعتْ لا أنا ذهب ْ
ذلك لِلوداع ..ل أَجِد ما يَد ّل على ذلك ،والظاهر أنا اكت َفتْ بِذلك عن طوافِ الوداع ولو كان ذلك ل
يُجزي لَما أَقَرّها الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-على ذلك ،فأرى أنه ل مانع مِن الخذ بِذلك،
ف آي ًة مِن كتابِ ال ول سّنةًب التيْسِي بِشرْط أ ّل نُخالِ َ
ح ّ
ولسيما أ ّن فيه تيْسِيا على كثي مِن الناس ،ونَحن نُ ِ
عن رسولِ ال ، eأما إذا َوجَدْنا دليلً صرِيا ل يَحتمِل احتمالً صالِحًا ِلصَرْفِه عن ذلك العن الصريح بل ل
يُمكِن أن ُيصْرَف الصرِيح عن دللته وإنا ُيصْرَف الظاهِر إذا َدلّ الدليل على صرفِه عن ذلك الظاهِر إل معن
ل يَصْ ِرفُ ذلك الدلي َل عن ظاهِره أو كان ذلك الدليلُ صرِيا فل يُمكِن أن نَقول إنّ آخر ،فإذا ل نَجِد دلي ً
النسان له أن يَأخذ بِالقول الفلن مع أنّ ذلك القولَ ُمصَاِدمٌ لِذلك الديثِ الصريح َ ..نعْذُ ُر مَن قال بِذلك،
لنه ل يَتعَمّد أن يُخالِف الديثَ الصريح ولكن لَعلّه ل يَطّلِع عليه أو ظَ ّن أنّ هنالِك صارِفا َيصْرِفُه عن دللته
ت وهو ثابِت ف حقيقة المر أو ما شابه ذلك. وليس المر كذلك أو ظَنّ أنه ل يَثب ْ
أو حديث رقم :441أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة أم الؤمني-رضي ال عنها-قالت " :إنّ صفية بنت حيي زوج النب eحاضتْ
فذكرتُ ذلك لِرسول ال eفقال ( :أحابستنا هي ؟! ) فقيل أنا أفاضتْ ،قال ( :فل إذن ) ".
454
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فكثي مِن الناس َيَت َغنّ ْونَ بِهذه العبارة " :الدّين يُسْر " وهي ح ّق ل شَك فيه ولكن هل يُمكن أن ُنفَرّطَ ف السنن
ط النسان بعد ذلك ف الواجبات الثابتة عن النب εأو ما شابه ذلك بِهذه الدعوى ؟! إذا قيل بذلك ربا ُيفَرّ ُ
إل غي ذلك ،فهذا مِمّا ل يَقل بِه عالِم ..إنا قال العلماء " :الدّين يُسْر " ..والدّين كله يُسْر عَلِمَ ذلك مَن
عَلِمَه و َج ِهلَه مَن َجهِلَه بِسبب َجهْلِه ل بِسبب أنّ المر بِخلف ذلك ،فإذن هذه نقطةٌ لبد مِن أن ُيْنَتبَه لا.
كثي مِن الناس يَطلبون ِمنّا بِأن ُنرَخّص ف الرمي ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر قبل الزوال
ض العلماء قال بِأ ّن مَن رمى ف ذلك الوقت ض أهل العلم قد قال بِذلك ،ونَحن ل نُْنكِ ُر أنّ بع َ
بِدعوى أ ّن بع َ
أنّ ذلك يُجزِيه ولكنهم مّتفِقون-ف حقيقة المر-مع غيهم بِأنّ السنّة الثابتة عن النب εهي الرمي بعد
الزوال ،فهذا الذي َثَبتَ عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فقد روى البخاري وأبو داود والبيهقي مِن
طريق ابن عمر-رضي ال تبارك وتعال عنهما-أ ّن النب َ εرمَى بعد أن زالت الشمس ،وقد جاء هذا
الديثُ-أيضا-مِن طريق جابر بن عبد ال رضي ال تبارك وتعال عنهما ،رواه المام مسلم ،ورواه المام
البخاري ف صحيحه تعليقًا ،ورواه النسائي ف " الصغرى " و " الكبى " ،ورواه أبو داوود والترمذي
والدارمي وابن ماجة ،ورواه-أيضا-ابن خزية وابن الارود وابن حبان وابن أب شيبة ،ورواه أبو عوانة وأبو
ُنعَيْم ف " الستخرَج على صحيح مسلم " ،ورواه الطّوسي ف " متصَر الحكام " ،ورواه البيهقي ف " السنن
الكبى " وف " الصغرى " وف " العرِفة " وف " دلئل النبوة " ،ورواه الاكم ف " الستدرَك " ،ورواه ابن
حزم ف " َحجّة الوداع " ،وروته طائفة كبية مِن أهل العلم ،ولما شاهدان مِن طريق السيدة عائشة ومِن
طريق ابن عباس وقد َقوّاهُمَا بعضُ أهل العلم ومهما كان فإنما صالِحان لِلستشهاد وإذا قيل بِعكس ذلك
فإننا قد أغنانا ال-تبارك وتعال-عنهما بِالصحيح الثابت الّتفَق على ثبوته ،فهل بعد ذلك يُمكِن أن نُرَ ّخصَ ف
الرمي قبل ذلك مع وجود هذه النصوص الصحيحة الثابتة ؟! ث إنه ل يُمكِن أن يُقال " :إنّ ف ذلك تعسِيا "،
ذلك لننا-بِحمد ال-ل ُنلْزِم الناس بِأن يَرموا ف ذلك الوقت بل قلنا إنّ الوقت يَمت ّد مِن منتصَف النهار ..أي
بعد زوال الشمس مباشَرة إل غروب الشمس وهذا لِلمستطيع ،أما مَن ل يَستطِع ووَجَدَ حَرَجا أو مشقّة فإنه
يُمكِن أن يَ ْر ِميَ ف الليل بل يُمكِن أن يَر ِميَ ف اليوم الثان-أي ف اليوم الثان عشر-عن اليوم الادي عشر
والثان عشر ،أو ف اليوم الثالث عشر ،فأيْن هذا العُسْر الذي يَ ْزعُمُ ُه مَن يَ ْزعُمُ ُه مِن الناس ؟! فالديث قد َثبَتَ
عن النب-صلى ال تبارك وتعال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-مِن طريق عاصِم بن عدي عند المام مالك
والشافعي وأحد والنسائي وأب داوود والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن خزية وابن حبان وابن الارود
وأب يعلى والُ َميْدِي وأحد وغيهم مِن أئمة الديث ،وقد رواه المام الربيع-رحه ال تبارك وتعال-مِن
455
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
طريق أب عبيدة بَلغا عن النب e 1أنه رَ ّخصَ لِلرعاة بِأن يَرموا اليوم العاشِر والغداة ث يَرموا يوما عن يومي
..أي يَجمَعوا رمي اليومي ف يوم واحد ،وهذا فيه دللة واضحة و ُحجّة نَيّرَة بِأنّ ذلك يكون أداءً ل قضاءً،
إذ ل يُمكِن لِلنب eأن يَأمُر بِعبادة ُتؤَدّى بعد وقتها مِن غي ضرورة مُِلحّة مع أنه قد َأمَ َر بِذلك ،فهذا دليل
على أنه أداء ،ث إنه لو كان قضاءً-أيضا-فهذا الديث يَد ّل على أ ّن العبادة يُمكِن أن تُقضى بعد وقتها ،وذلك
يَد ّل عليه أيضا ( :ف َديْنُ ال أَحَ ّق بِالقضاء ) وما شابه ذلك مِن الدلة ،أما تقدي العبادة عن وقتها مِن غي دليل
فهذا مِمّا ل يُمكِن أن يَقول بِه أحدٌ بعد ثبوت هذه السنّة الصحيحة الثابتة عن النب صلى ال عليه وعلى آله
وسلم ،ونن نَلتمِس العذر لولئك العلماء الذين قالوا بِخلف ذلك أما أن نأخذ بِقولم فهذا مِمّا ل يَنبغي ،ث
ليس هنالِك عُسْر بِحمد ال بل فيه يُسْر كبي جدا جدا ..كثي مِن أهل العلم قالوا " :إنّ النسان ليس له أن
يَرمي بعد غروب الشمس " ونن نقول :إنّ الدليل قد د ّل على أ ّن مَن ل يَستطِع له أن ُيؤَخّر ذلك حت إل
اليوم الثالث عشر ..أن ُيؤَخّرَ َرمْ َي اليوم الادي عشر حت إل الثالث عشر ،فهذه مسألةٌ يَنبغي أن ُيْنتَبَه إليها
وأن نَأخذ بِما َثبَتَ ف سنّة رسول ال . e
ص لك عن رسول ال e جبُن ما قاله العلّمة الحقّق سعيد بن خلفان رحه ال " :ومِن العَجب أن َأُن ّ
ويُع ِ
وأنتَ تُعارِضن بِعلماء بيْضة السلم مِن غيْر دليل ول واضِح سبيل ..أليس هذا ف العيان نوعا مِن
الذيان ؟! ".
وقطب الئمة-رحه ال تبارك وتعال-قد شدّ َد أيّما تشديد فيمَن خالَف السنّة الصحيحة الثابتة عن النب صلى
ال عليه وعلى آله وسلم ،فقد قال كلما ما معناه إن ل يَكن هذا هو اللفظ الذي ذَكَرَه القطب رحه ال
تبارك وتعال ..قال " :اعلم أنه ل يَجوز لك السرار با ول تقليد كلم ' الديوان ' ف ذلك بعد قيام الجة
عليك بِما تقدم وبِما يأت إن شاء ال تبارك وتعال ،وإن كان لِلديوان حديث ف ذلك ل نَطّلِع عليه َلوَ َجبَ
علينا العمل بِما اطَّلعْنا عليه مِن الحاديث ،فكيف ول حديث لِلديوان ف ذلك وإنا هو مُجرّد استحسان ،فمَن
أكب عليه بعد اطّلعه على الحاديث والجج ِخ ْفتُ عليه أ ّل يَنجو ول تَناله الشهادة لنّ ف ذلك إصرارا
وعنادا " أو ما هذا معناه ,2فالقطب-رحه ال تبارك وتعال-قد شدّدَ فيمَن قلّد كلم صاحب " الديوان " ف
-1مسند المام الربيع بن حبيب ،باب ( )7ف عَرفة والزدلفة ومِن ،حديث رقم :426أبو عبيدة قال :رَخّص رسول ال eلِرعاة البل
ف البيتوتة ،ويَرمون يوم النحر ،ث يَرمون بِالغداة ،ومِن بعد الغَد يَرمون يومي ث يَرمون يوم النفْر.
-2قطب الئمة الشيخ ممد بن يوسف أطفيش ،كتاب " القنوان الدانية ف مسألة الديوان العانية " ،ص " :14اعلم أنه ل يَجوز لك السرار
ت لك وبِما يأت إن شاء ال ،ولو كان لِلديوان ف ذلك حديث ل نَ ّطلِع با ول تقليد كلم ' الديوان ' ف هذا مع قيام الجة عليك بِما ذكر ُ
ب علينا العمل بِما ا ّطَلعْنا عليه مِن الحاديث ،فكيف ل حديث لِلديوان لذلك وإنا هو مُجرّد استحسان ل دليل عليه ،فمَن أكبعليه َلوَجَ َ
عليه وترك الحاديث والجج بعدما وصلته ِخ ْفتُ عليه أن ل يَنجو ول تَناله الشهادة ل ّن ذلك منه إصرار وعناد ".
456
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
هذه القضية وقال إنه حت لو كان هنالِك حديث استدل به صاحب " الديوان " بِما أننا ل نطّلِع عليه فإنّ
الواجب علينا أن نَأخذ بِالسنّة الصحيحة ،وأنه ل يَجوز لحد أن يُعانِد ويُخالِف السنن بعدما َثَبتَتْ.
والشيخ السالي-رحه ال تبارك وتعال-قد شدّدَ ف مثل هذه القضايا أيّما تشديد ،فيقول رحه ال تبارك
وتعال:
ونن نَحكي بعدَه خِلفا الصطفى يَعتبِر الوصاف
فيه عن الختار نصّ ُأ ْسنِدَ ل نَقبَل اللفَ فيما وَرَدَ
وعندما وَ َجدَ رحه ال-تبارك وتعال-كثيا مِن الناس يَجعلون المام هو الذي يُقيم الصلة إذا كان الؤذّن غيْر
ثِقة شَدّد ف ذلك رحه ال-تبارك تعال-أيّما تشديد فقال " :ومثله " ..أي مثل الذان ..
لنا تابِعةٌ أحكامَه ومثله قد قِيل ف القامة
وِث َقةً يَشرُط فيها الَب ْعضُ فقيل سنّة وقيل فرض
خفِي
أسرّها المام فيما يُ ْ فإن يَكن ليس بِهذا الوصف
إن أرى قائله قد هَذى ول دليل عندنا لِهذا
وهو فساد حيث ل يَدْرِيه يَظُ ّن أنّ الحتياط فيه
من بعده عن سنّة السلف فكان منه سبَب انصراف
إذ كان فيه ثقة سليما فجعلوا إمامهم مقيما
فبدّلُوا ُسنّة َسيّد الورى وََقبِلُوا الذان مِمّن َحضَرَ
حبُنَا
صْفهو يُقيم وعليه َ إذ كان ف ُسنّتِ ِه مَن أَذّن
وهم لِلحتياط يَ ّدعُون حت أتى مَن جَهلوا السنون
ختْ بِقلب مَن ل يَعقِل
و َر َس َ فبَدّلُوا وَلْيَتهُم ما بَدّلوا
على ثبوتِها بِما قد قال حت ا ّدعَاها سنّة واحتال
لنه يَقول ما ل يَعلم وهو َلعَ ْمرِي جَ َد ٌل مُحَرّم
حنَة
بِجهله كفى بِهذا مِ ْ وأنه ساعٍ ِلهَدم السنّة
إل آخر كلمه رحه ال تبارك وتعال.1
-1المام نور الدين السالي ،جوهر النظام ف علمي الديان والحكام ،كتاب :الصلة ،باب :الذان والقامة ،وهذا بقية كلمه رحه ال تبارك
وتعال:
صلّى عليه ربّهمشتهِر مضى عليه
لو كان سنّة كما قد زعملم َتفُتَن أسلفَنا والعلماءكيف تكون سنّة مالِفةلِما عليه العلماء السالفةوفِعله َ
صحبُهواللفاءُ الراشدون أجعإل انتهائهم عليه أجعوا
457
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1وكان ذلك-بمد ال تعال-عند الواب على السؤال 2من حلقة 24ذو القعدة 1424هـ ( 18/1/2004م ) ،وكان ذلك أيضا-
بمد ال تعال-عند الواب على السؤال 8من حلقة 6ذو القعدة 1425هـ ( 19/12/2004م ).
458
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
شيءٍ مِن ذلك وإنّما يُمنَعُ النسانُ مِن َقطْ ِع أو قَلْعِ أو مَا شابه ذلك مِن المور مِمّا َيتَعَلّ ُق بِشجَرِ الرَم سواء
خصُ ُمحْرِما أو كان ُمحِل ،فإذن الـمَ ْمنُوع هو شَجَرُ الرَم ول فَ ْرقَ ف ذلك َبيْن الـمُحرِم كان ذلك الشّ ْ
والـمُحِل ،وعليه فإن قَطْعَ شخصٌ ُمحِل أو مُحرِم شجرا مِن غيْرِ الرَم كعرفة-مثل-فَل شيءَ عليه بناء على
ف مَن خَالَف فِي ذلك. ستْ مِن الرَم كما هُو قولُ جهورِ المّة ول عبْ َر َة بِخِل ِ أ ّن عَرَفَة َليْ َ
ص السّن ِة الصحيحة الثابِتة عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم- أمّا بِالنّسبَة إل شَجَرِ الرم فإنّه مَ ْمنُوعٌ ِبَن ّ
ع المّة إ ّل ما وَرَ َد استثناؤه. وبِإجْما ِ
حرِما ؟ فإ ّن العُلَماء قَد
جرِ الرَم سواء كان ُمحِل أو مُ ْ جبُ على مَن قَ َط َع شيئا مِن شَ َ سبَة إل مَاذَا يَ ِ وأمّا بِالنّ ْ
اختَلفُوا ف ذلك:
ي مِن حيثُ الزاء أو الفِ ْديَة أو ما شابه ذلك-وإنّما يَجِب عليه أن -1مِنهم مَن ذهبَ إل أنّه ل شيءَ عليه-أ ْ
يَتوبَ إل ال-تبارك وتعال-لنّه ارت َكبَ مَا حَ َظ َرهُ ال-تبارك وتعال-عليه ،وهذا القول قالتْ بِه طائفة مِن
أهلِ العلم.
-2وذهبَ جُمهو ُر المّة إل أنّه يَجِب عليه الزاء إل أنّهم اختلَفوا ف ذلك:
صيْدِ الرَم-وقد تكلّمنا على ذلك-وعليه فإنه لبد مِن ُحكُومَة ف ذلك. منهم مَن ذهب إل أنّ حكمه كحمِ َ
صيْدِ الرَم وَقَال " :إنّه تَجِب فيه القِيمة ". ومنهم مَن َفرّق بيْنه وبيْن َ
ومنهم مَن قَال بِخلفِ ذلك.
والذي يَظهَر لِي ف هذه القضية أنّه ل يَجِب عليه شي ٌء مِن حيثُ الزاء أو الفِدية وإنّما عليه التّوَبةُ إل ال
تبارك وتعال ،وذلك لنّه لَم يَأتِ دَلي ٌل مِن كتابِ ال ول مِن سّنةِ رسولِه-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
جمِع المّة على ذلك ،ومِن العلومِ أ ّن أموالَ السلِمِي َم ْعصُومَة بِعصم ِة السلمِ لَها فَل الصحيحة الثابِتة ولَم تُ ْ
ت بعضُ الرواياتِ يُمكِن أن نُوجِب شيئا على أحد إل بِدلِيلٍ ش ْرعِي ،ونَح ُن ل نَملِكُ دَلِيل ف ذلك وإنّما جاء ْ
عن بعضِ صحابةِ رسولِ ال eوعلى تقدِي ِر ثبوتِ تلك الرّوايات فإنّه ل حُجّة فيها ،إذ إنّ مذهب الصحاب
حجّة على القولِ الراجِح الصحيح ،فإذن الصحيحُ-كما قلتُ-هو أنّه ل جزا َء على مَن قَ َط َع شيئا مِن ليس بِ ُ
شَجَرِ الرَم وإنّما عليه التّوبة والنَابَة إل ال-تبارك وتعال-وإن فعل شيئا مِن اليْرِ فإنّ ذلك حَسَن ،أمّا
الوجوب فل وجوب؛ وال أعلم.
ت مِن مبن ُمكَوّن مِن سبعة طوابق َوتُوُّفيَت وهي تبلغ مِن العُمر سَبعة عشر سنَة
س :3فتاة سقط ْ
وعشرة أشهر ،ولَم َتتّضح للجهات الختصة معرفة أسباب السقوط مع العلم أ ّن الفتاة ل تُعان من أي أمراض
نفسية ،هل يَجب أو ُيفْرَض على أهل هذه الفتاة عمل الت :الّتصَدّق عن الفتاة ،الصوم إذا كَا َن فاَتهَا من
السنوات الاضية كَفارات أو حَجّة ؟
459
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :أمّا الوُجُوب فل ُوجُوب ل يُمكن أن َنقُول " :إنّه يَجب على شخص أن يصوم عن شخص أو أن يََتصَدّق
عنه أو أن يقوم بأداء الج عنه أو ما شابه ذلك " فل يُمكن أن يُقال " :إنّه يَجب " وإنّما يُقَال " :ينبغي "،
فإذا كانت هذه البنت وَاجِدَة للمال مِن َقبْل ومستطيعة للذهاب لتأدية فريضة الج ول تَحج فينبغي ِلوَ َرثَتِها أن
يَحُجّوا عنها ...
س :7والِدِي توفّاه ال وأُرِيد أن أَ ُح ّج عنه وكما تَعلَمون عندَ َر ْميِ المار تَكون زحْمَة كبِيَة ،هل لِي
ت الج عن نفسِي. أن ُأؤَجّرَ لِ َر ْميِ المار ؟ مع العلم أنّن َأ ّديْ ُ
ج :إن كان هَذَا الشخص يَستطِيع أن يَقوم بِالرّمي هو نفسُه فلبُد مِن أن يَرمِي هو نفسه ،وليس لَه أن يَستَنِيبَ
غيْرَه سواء كان ذلك بِالجرَة أو بِالتّعاون مِن بعضِ أهلِ اليْر ،أمّا إذا كان ل َي ْقوَى على ذلك فَنعَم لَه إمّا أن
يَطلب مِن غيْرِه مِن أه ِل اليْر بِأن َيَتعَاوَ َن معه ويَقوم بِالرّمي عنه بِشرط أن يَكون حاجّا ف تلك السّنَة ،وإمّا أن
يُؤجّ َر غيْرَه-أيضا-بِش ْرطِ أن يَكون حاجّا ف تلك السنة.
حدّد ضيّق جِدا فإذا لَم
ت مُ َ
ولكن يَنبغِي أن ُيْنتَبَه إل أنّ كثيا مِن الناس يَظنّون أنه لبد مِن الرّمي ف وق ٍ
ت بِالمس أنّ الرّمي ف أيامِ يَستطِيعوا الرّمي ف ذلك الوقت أنابوا غيْرَهم ،وليس المْرُ كذلك ،أنا ذكر ُ
التّشْريق-أي ف اليومِ الادِي عشر والثان عشر والثالث عشر ِلمَن َتأَخّر-يَبدَأ بِ ُمنْتصَف النهار ،وليس لحد أن
يَرمِي قبلَ ذلك ،وهو يَ ْمتَد إل غروبِ الشمس ،وإذَا لَم يَستطِع النسان أن يَرمِي ف ذلك الوَقت-لِلمشقّة
مثل-فإنّه لَه أن يَرمِي حت ف الليل بَل يُمكِن لَه أن يَرمِي عن اليومِ الادِي عشر ف اليومِ الثان عشر أو ف
ستَطِع ،أمّا مَن استطاع فل ينبغِي لَه أن يُؤخّر ،وهذا بِحمدِ ال- الثالث عشر ،وهذه-طبعا-رُ ْخصَة لِمَن لَم يَ ْ
تبارك وتعال-فيه مِن اليُسْر ما ل يَخفى ،أمّا إذا كان ل يَستطِيع ذلك فل ،فَلَينْتبه الناس لِهذه القضايا ،وأنّه
ليس لَهم أن يَستنِيبوا إل عن َد عد ِم القدرة ،فإن لَم يستطيعوا-كما قلتُ-فيما بيْن منتصف النهار وغروبِ
الشمس فلَهم أن يَرموا حت بِالليل ولَهم حت ف اليومِ الذي يَلِيه بِش ْرطِ أن يَكون ذلك قبلَ غروبِ الشمس مِن
اليومِ الثالِث عشر ،وهذا لَه دَلِي ٌل واضِح-ذكرتُه بِالمْس-وهو حديثٌ صحِيح ثابِت عن النب ، εأمّا رَم ُي
س عندَ طائفةٍ ف النهار عن َد بعضِ أه ِل العلم ،وإل غروبِ الشم ِ اليومِ العاشِر فهو مِن طلوعِ الشمس إل ُمنَْتصَ ِ
أخرى ،ومع ذلك مَن لَم َيتَ َمكّن فبِإمكانِه أن يَرمِي حت ف الليل بَل وحت ف اليومِ الادِي عشر إل آخِر ما
ط أن يَكون قبلَ غروبِ ذكرتُه ف الوابِ السابق ..أي يُمكِن أن يَكون ف الثانِي عشر أو ف الثالِث عشر بِشرْ ِ
ض العلماء قال " :إنّ الرّميَ ف اليومِ العاشِر ف ح ّق العَجَزة مِن النّساءِ الشمسِ مِن اليومِ الثالِث عشر ،بل بع ُ
ت السألةُ بِحاجة إل شيءٍ والطفا ِل والرضى يَبدَأ بِ ُطلُوعِ الفجْر مِن اليَو ِم العاشِر " ،وذلك ليسَ بِبعِيد وإن كان ْ
ث فيها مَُتعَارِضة.
مِن النّظر ،لنّ الحادِي َ
460
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ف النهارَ ،ومَن َرمَى أمّا بِالنّسبةِ إل أيا ِم التّشرِيق فل يُوجَد حدِيث ثابِت أبَدًا يَ ُدلّ على جوازِ الرميِ قب َل منتص ِ
قبلَ ذلك فعليه التّوبَة إل ال-تبارك وتعال-وإذا كان الوَقتُ باقِيا فعليه أن ُيعِيدَ ذلك؛ وال-تبارك وتعال-
أعلم.
مِن حلقة 18رمضان 1424هـ ،يوافقه 13/11/2003م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :1ما طَريقَة إحرَامِ الرأة ؟ لنّ بعضَ النساء َيفْهم َن عَلى َأنّهن يَ ْلبَسْ َن لباسا ُمعَيّنا وطريقة معيّنة ،هل
هناك بِالفعل شي ٌء مِن هذَا ؟
ج :إنه َينَْبغِي لك ّل مَن أراد أن يَذهبَ إل َتأْ ِديَة فَرِيضَة الج أن يَكُونَ عَلَى َبيّنة مِن أمره فيمَا َيتَعَلّق بأحكام
الج سواء كان َرجُل أو امرأة حت َل يَقع ف بعض الخَالفات الشَ ْرعِية الت قَد ُتؤَدّي إل فَساد حَجّه أو تُؤدّي
إل شيءٍ مِن النّقص ف الج وإن كان ل َيصِل ذلك إل دَ َرجَة فَسَادِ الج.
الرأة تَلْبس اللَبس العَادية إل ما َسُأنَبّه عليه بعد قليل بِمشيئة ال تبارك وتعال ،وذلك لنّ السنّة النبوية-على
صاحبها وآله أفضل الصلة والسلمَ -ل َيأْتِ فيها نَهيٌ عن شيءٍ مِن اللباس بِالنسبة لِلمرأة إل أنا تُنهى أن
َتنَْتقِب ،فالنب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-نى الرأة أن َتْنَتقِب ..أي أن تَ ْلبَس النّقَاب ،وكذلك بِالنسبة
س القُفازين.
إل البُرْقُع ،فليس لا أن تَلبس البُرْقُع وليس لا أن َتْنتَقِب وليس لا-أيْضا-أن تَ ْلَب َ
وأما بِالنسبة إل الوارب فإنّه ل مانع مِن ذلك بِالنسبة إل الرأة ،إذ ل َيأْتِ ف ذلك ن ٌي عن النب صلى ال
عليه وعلى آله وسلم ..نعم ُتْنهَى الرأة أن َتتَبّج بِشيءٍ مِن ملبس الزينة وذَلك لنا تكون أمام الرجال
ي وقتٍ مِن الوقات تكون الرأة فيه أمام الرجال الجاَنب ولكن هَذَا الكم ليس خاصّا بِالج بل هو شامل ل ّ
الجانب أو تَ ْلَتقِي فيه بِالرجال الجَانِب.
وأما ما ذكره بعض أهل العلم مِن أنّ الرأة ُتنْهى عن عد ٍد مِن أنواع اللباس-كالرير مثل-فإنّ ذلك مِمّا ل يَرد
ف سنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
ي مسألةٍ مِن السائل فإنّ ال َفيْصَ َل َبْينَهم الكتاب والسنّة .. ف بيْن أهل العلم ف أ ّ ومِن العلوم أنه إذا وَ َردَ خِل ٌ
إذا وجدنا خِلفًا بيْن أهل العلم ف مسألة مِن الـمَسائل فلبد مِن أن َننَظر ف كتاب ال-تبارك وتعال-وف
سنّة رسوله-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-الصحيحة الثَابتة َعنْه ،وما دَ ّل عليه الكتاب أو السنّة فهو
القول الصحيح الرّاجح الذِي يَنبَغِي لِلنسان ألّ يَحيد عنه أبدا.
فإذن الرأة ف الحرَامِ تَلْبس اللبس العَادِية بِشَرْط ألّ َتتَبّج بِزينة ،وإنا ُتنْهَى-كما قلتُ-عن لبْس النّقاب،
وكذلك البُرْقُع ،وكذلك تُنهى عن لبس ال ُقفّازين ،وها الشراب الذي تُدخِل فيه الـمَرأة يَديْها ،أما بِالنسبة
إل ما عدا ذلك فل.
461
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وهكذا بِالنسبة إل لُبس الذهب والفضّة فقد شدّد ف ذلك كثي مِن أهل العلم ،ول أَجِد دليل يَدلّ على هذا
التَشَدّد وإنا ُتنْهى عن إِظهار ذلك لِلرّجال الجانب فذلك مَمْنوع سواء كان ذلك ف حجّ أو عُمرة أو ف
غَيْرها ،أو بِعبارة أخرى :سواء كانت ُمحْ ِر َمةً أو كانت مُحِّلةً ..هذا ما يَظهر ل؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
وأَما بِالنسبة إل سَدْ ِل الثّوب على الوَجْه إذا َمرّت الرأة بِالرجال الجانب أو مَ ّر بِها بعضُ الرجال الجانب
فالسنّة قد دَلَّت على ذَلك ،إذ إ ّن أمهاتِ الـمؤمني-رضوان ال تبارك وتعال عليهن-كُ ّن يَسْدِلْن على مسمعٍ
ومرأى مِن النب eإذا مَ ّر بِهنّ الرجال الجانب وهنّ مُحْ ِرمَات.
ولكن اشترَط بعضُ العلماء ألّ يَ َمسّ ذلك الثوب شيئا مِن الوجه.
ض أهل العلم. ول يَشترِط ذلك بع ُ
حتَاج إل دليل ،ول أَجِد دليل يَدُلّ عليه؛ والعلم عند ال تبارك وتعال. والقول بِالشتِرَاط َي ْ
س :القيقة أَصبحت الصفة الغَالبة عند الـ ُمحْ ِرمَات هو تغطيةُ الوجه بِناء على أنّ الفتنة هي السبب ف
سَدْل هذا المار.
ج :هو ما ذكرناه ..النسان مُخاطَب أن يَلتزِم بِما ف كتاب ال-تبارك وتعال-وبِما ف سنّة رسول ال صلى
ال عليه وعلى آله وسلم ،والسنّة دَلّت على جَواز السّدْل عندما تَمُرّ الرأة الـمُحْرمَة بِالرجال أو يَمرّ بِها
بعضُ الرجال ،أما ما عدا ذلك فإنا َتكْشِف وجهَها ..هذا الذي َثَبتَ ف السنّة الصحيحة الثابتة؛ والعلم عند
ال.
س :لَكن ف موْسم الج الناس َكثِيُون والحتِكَاكُ بِالرجال أم ٌر وَارِد.
ج :لَكن ل يَكون ذلك ف كل وَقْت مِن الوقات ،وإنا يكون ذلك ف بعض الحيان.
س :ما هو ِم ْعيَار الوف مِن الفتنة ؟ يَعن كَيف تَستطيع الرأة أن تُميّز هَل هِي خَائِفة مِن الفتنة ؟ هل
هذا يَعتمِد عليها بِنفسِها أم َي ْعتَمِد على نَظرات الخرين إليها ؟
ج :لبد مِن ُمرَاعَاة الَانِبي.
جمَرَات فطَاَلْبتُم الرأةَ أن تَرم َي ِبنَفسها وألّ
س :2ذُكِر عَنْكم أنكم شَدّدتُم ف مسألةِ رَمي الرأة لِل َ
ض َيقُول " :ف ذلك شي ٌء مِن التشْديد " َفنُريد أن تُوضّ َح هذا الَمر تُنيب غيها ما دامتْ قَادرةً على ذلك فالبع ُ
حت يَفهم الميع الراد.
ج :هذا لَيس مِن التَشديد ف شيء ..أنا قلتُ ف كثي مِن الدروس وقُلتُ ذلك-أيضا-ف هذه الليلة :إنّ
النسان مُطَالَب بِأن يَعمَل بِما ف كتابِ ال-تبارك وتعال-وف سنّة رسوله-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
ت وَثبََتتْ عنه صلوات ال وسلمه عليه. ح ْ الت صَ ّ
462
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ومِن العلوم أنه ل يَأتِ ف كتاب ال-تبارك وتعال-ذِ ْكرٌ لِهذه القضية ..أَعن لِرمي الـمَرأة أو لِعدم رَميها،
ت بَِأعْلى صوتٍ على أنّ الرأة صتْ َنصّا صرِيا ونَادَ ْ وأما بِالنسبة إل السنّة فإنّ السنّة الصحيحة الثابتة قد َن ّ
شيَخَات والجزاء وف غيها تَرمي ،وهذا مَشهور ف كتب الصّحاح والسّنن والـمَسانِيد والـ َمعَاجم والـمَ ْ
مِن الكتُب الت أَلّفها العلماء ف سنّة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،ث إنّ مَن ا ْسَتقْ َرأَ كُتبَ
أهل العلم مِن كَافّة الـمَذاهب السلمية فإنه يَجِدُ أَن أولئك العلماء قد نَصّوا على أنّ الرأة َت ْرمِي ،ومِنهم مَن
ل يَذْكُر السألة رأسًا وإنا ذَكَر َأنّ النسَان ..يَعن ل يَذْكُر التَْنصِيص على الرأة َوِإنّما ذَكَر الُكم العام ،وهو
ب غيه ،وهذا أم ٌر مَعروفٌ عند علماء السلمي قاطبة. أ ّن مَن كان قَادِرًا على الرمي فإنه ليْس له أن ُينِي َ
ستَطيع أن تَرمي فلبد مِن الرمي ،وذلك لنّ الرّمي َشعِيَة مِن َشعَائر الج كغيها مِن فالـمَرأة إن كانت تَ ْ
ختَلط بِالرجال ف الطواف وف السعي ،وذلك-كذلك-يَكون-أيضا- بقية شعائر الج ،ومِن العلوم أنّ الرأة تَ ْ
ف الرمي ،فإن كانت الرأة تَستطيع أن تَرمي ف وقتٍ مِن َأوْقات الرّمي الـ َمعْروفة-وسأنَبّه على ذلك بعد قليل
بِمشيئة ال تبارك وتعال-فلبد مِن ذلكَ ،أمّا إذا كانت ل تَستطيع فهي َمعْذُورة بِمشيئة ال بل كُ ّل مَن ل
يَستَطع أن يَرْمي وَلَو كان ر ُجلً إذا كان ل يَستطيع ذلك بِسبب ِكبَر السّن أو بسبب الـمَرض أو الضّعف،
أو كانت الرأة ف حالة حَمْل أو ما شابه فإنا َمعْذُورَة ،وإنا الكلم ف القَادِر.
كثي مِن الناس عندما يَسْ َمعُون كلما لهل العلم أو يَجِدون ذلك ف شيء مِ َن الكتب أو ما شابه ذَلك لَ
َيفْ َقهُون ذلك.
عِنْدمَا يَسمَعون مثل هذه الفتوى يَ ُظنّونَ أنّ كُلّ امرأة َسوَاء كانت قَا ِد َرةً أو ليست بِقادِرةٍ لبد مِن أن تَذهب
إل ال ّرمْي ،وهذا-طبعًا-ل َيقُل بِه أحدٌ ل ف حقّ الـمَرأة ول ف حقّ الرجُل ،إنا العلماء اختلفوا في َمنْ ل
سقُط عنه ذلك ،وهو قولٌ ضعيفٌ جدا-أو أنّه يُطَاَلبُ بِالدّم ؟ ب غَيْ َرهُ-أو أنه يَ ْ
ستَطِع هل له أن ُينِي َ
يَ ْ
-1مِنْهم مَنْ قَال :مَن ل يَسْتطِع أن َي ْرمِ َي َسوَاءً كان رجل أو امرأة بِسبب مرضٍ أو ضعف أو ما شابه ذلك
شهُور عند أئمَة الـمَذاهب. مِن العْذَار فإنه ُينِيبُ غيْرَه ،وهذا هو الـمَ ْ
-2ومنهم مَنْ قال :إنه يَسْقط عنه ،وهو قول ضَعيف جدا.
-3ومنهم مَنْ قال :عليه دم ..أي عليه أن يَذْبح دمًا لِفقراء الَرَم.
والقول الوّل-وهو :أنه ُي ْؤمَر بِأن ُينِيبُ َغيْرَه-هو القَول الـمَشهور الصحيح ،فمَن ل يَستَطعْ فهذا حُكمُه ،أمّا
مَن استطاع-سواء كان رجل أو امرأة-فلبد له مِن أن يَرمي.
والذي أَ ُظنّه أ ّن كثيا مِن الناس استثْقلوا هذا بسبب هذا.
ومِنْهم مَن استثقل ذلك بسبب أنه وَ َجدَ كثيا مِن الناس يُ َر ّخصُون لِلنساء ف عَدَم ال ّرمْي ف الـمَاضي ،ول
أقول " :إنّ العلماء َرخّصوا ف ذلك " ،وإنّما فَعل ذلك مَن َفعَلَه مِن الناس وقد يكون َس َكتَ بعضُ العلماء عن
463
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ذلك ظنّا منهم أنّ بعض النّساء ل يَستطِعن على الرّمي أو ما شابه ذلك مِن السباب كَما وَقَعَ مثل ذلك ف غي
هذه السألة ،وبِسَبب ذلك استَْثقَل ذلك مَن ا ْستَثقَل ذلك مِن الناس.
ومِن الـ َمعْلُوم أ ّن الشيءَ إذا كان مالِفا لِـمَا شاهَ َدهُ ال َعوَام فإنّهم يَ َر ْونَهُ أمْرا عظيما ،بل نَحْن نَجِد أنّ كثيا
ض المور مع أنّ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-قد َأمَرَهم بِذلك ،فعندما مِن الصحابة قد اسَتعْظَمُوا بع َ
جَاءَ النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-إل َمكّة الكرّمة ف حجّة الوداع وَأمَرَ أصحابَه-رضوان ال تبارك
وتعال عليهم-بِال ْحلَ ِل بعد الطواف والسعي ِلمَن ل يَكن سَائقًا لِلهدي مِنهم ..استثقل ذَلك كثي مِن
الصحابة رضوان ال تبارك وتعال عليهم ،وقالواَ " :أنَ ْذ َهبُ إل عَرَفة ومَذَاكِيُنا َتقْطُرُ الـ َمنِي " ،مَن هو الذي
أمرهم بذلك ؟! هو رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم َ ..أعْل ُم الناس وأتْقاهم ..وكذلك عندما َأمَرَ
النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أصحابَه بِالِ ْحلَلِ ف عُمرة الـحُديبية ا ْسَتثْقَلَ ذَلك كَثرةٌ كَاثِرَة
مِن الصحابة ،وَأمَرَهم النب εبِالحلل فلم يَفعلوا حت غَضِب النب َ εأشَ ّد الغضب ول يَفعلوا ذلك إل بَعدما
َأمَ َر النب ِ εبنَحْر هَ ْديِه وحَلْق رأسه.
ستَْثقِلُوا ذَلك ،ولكن النسان يَْنبَغي له أن يَجعلفالسببُ إذا ل َيكُن الشّيء َمأْلُوفا مع الناس فإنّه لبد مِن أَن يَ ْ
ب عَينيه كتاب ال-تبارك وتعال-وسنّة رسوله صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فما دَلّ الدليل عليه هو نصْ َ
الذي يَجِب عليه أن يَعمل بِ ُمقْتضاه.
وقد أحسن المام العلّمة سعيد بن خلفان الليلي-رحه ال تبارك وتعالِ -عنْدما سأله بعضُ السائلي عن
مسألةٍ خَالَفَ فيها هذا المام-رحه ال-مَن َسَبقَه مِن أهل العلم ..قال له هَذا المام " :ومِن العَجَب أن َأُنصّ
ض ِة السلم مِنْ غيْر دليل ول
ضنِي بِعلماء َبيْ َ
لك عن رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وأْنتَ ُتعَارِ ُ
وَاضِح سبيل ..أََلْيسَ هذا ف العيَان َنوْعا مِن الـهَذيان ".
والمام الليلي-رحه ال تبارك وتعال-قال ف مسألةٍ خَالَف فيها بعضُ أهل العلم حَدِيثًا ثَابتا عن النب ε
فقال المام ف الرّد على ذلك " :وَقَو ٌل بِخلف الديث يُضرَب بِه عرْض الَائط ".
والمام السالي-رحه ال-عندما َوجَ َد بعضَ العلماء خَالَف حديثًا عن النب εقال:
ونن نَحكي بعدَه خِلفا الصطفى يَعتبِر الوصاف
فيه عن الختار نصّ ُأ ْسنِدَ ل نَقبَل اللفَ فيما وَرَدَ
وِل َهؤُلء الَئمّة ولِغيْرهم كلمٌ طويل كثي ف هذه القَضية ،ل دَاعي لِلطالة به.
ت مُحَدّد ،ولِذَلك يَطْلُبون
ومِنْ جُمْلة السباب أنّ َكثِيًا مِن الناس يَ ُظنّونَ َأ ّن و ْقتَ ال ّرمْي مَحْصور ف وق ٍ
الرّخصة ف الرمي قَبل َزوَال الشمس ف اليوم الادي عشر والثان عشر والثالث عشر لِمَن بقي بِمِن ..يَظُنون
حصِر ف وقتٍ مُحدّد وهو عند َزوَال الشمس وبَعد ذلك بِقليل أو إل غُروب الشمس ،ونَحْن أ ّن الوَقت ُمنْ َ
464
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
َنقُول :إ ّن الوقتَ الّتفَق عليه بيْن أهل العلم هو :أن يَكون وقت الرّمي ف اليام الثلثة الـمَذكورة 1مِن زوال
الشمس إل غروبا ولكن مَن شَقّ عليه ذَلك-سواء كان رجُل أو امرأة-فإنه يُ َر ّخصُ له أن يَ ْر ِميَ حَت ف الليل
بل يُرَ ّخصُ له فيما هو َأبْعَد مِن ذلك ..يُمكِن أن يَرمي عن الَيوْم الادي عشر ف الثان عشر و َعنْه وعن الثان
عشر ف الثالث عشر بِشرْط أن َيكُون ذلك َقبْل غُروبِ الشمس مِن اليوم الثالث عشر ،وذلك ل ّن السنّة قد
َنصّتْ على َأنّ ُحكْ َم أيّام التشريق ف الرّمي شيءٌ واحد ،فقد روى المام مالك والشافعي وأحد والنسائي ف "
الصغرى " وف " الكبى " وأبو داوود والترمذي والدارمي وابن ماجة وابن خزيْمة وابن حبان وابن الارود
والاكم والبيهقي ف " السنن الكبى " والبُخاري ف " التاريخ الكبي " وأبو َيعْلى ف مُسنَدِه والطبان ف "
الكبي " ويعقوب بن سفيان ف "العرفة والتاريخ" والوهري ف " مُسْند الوطإ " وابن وَهْب ف " الـمُوطإ "
و-كذلك-يَحيي بن عبد الوهاب بن مَنْدَه ف " جزء مَن عاش مئة وعشرين سنة مِن الصحابة " وابن عبد الب
ف " التمهيد " والبغوي ف " شرح السنّة " وجاعة مِن أئمة الديث أنّ رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله
وسلم-ر ّخصَ لِلرّعاة أن يَ ْرمُوا ف اليَوم الثان عشر عن اليوم الادي عشر والثان عشر ..أي أن يَرْموا ف اليوم
جةٌالعاشِر ث َيتْرُكوا الرمي ف اليوم الادي عشر ويَرْموا عنه وعن الثان عشر ف اليوم الثان عشر ،وف ذلك ُح ّ
واضِحة ودلي ٌل ل غُمُوض فيه بأنّ ذلك يُعدّ َأدَاءً ،إذ ل يُ ْمكِنُ لِلنب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-أن يُرَخّص
لَهم أن ُيؤَخّروا الرّمي عن وقته الـمُحدّد له شرْعا ث بعد ذلك يَأتون به َبعْد خُرُوج الوقت ..كلّ هذا مِمّا ل
يُمكِن ،بل ذَلك يَد ّل على أنّ ذلك الوقت كلّه ِللَدَاء فمَن ل يَستطِع أن يَرمي فيما بيْن زَوال الشمس وغروبا
ف الادي عشر-مثلَ-فلْيمِ ف الثان عشر ،ومَن ل يَستطِع فلْ ْيمِ ف الثالث عشر عن الثلثة ُكلّها 2بِشرط أن
س الثالث عشر إن كان يُريد أن يَبقى الثالث عشر ف مِن. يَكون ذلك قبل غُروب ش ِ
وكذلك مَن ل يَستطِع أن يَرمي ف اليوم العاشر ..ل يَستطِع مِن طلوع الشمس إل غروبا ف ْلَي ْرمِ ف الليل ..
أي ليلةِ الادي عشر.
وهَكَذَا فالمر فيه سعة بِحَمد ال تبارك وتعال ،ف َمهْما كان الناس مِن الكثرة ولَكن الوقت فيه-أيضا-مِن
الطول ما ل َيخْفى وإنّما يُمنع النسان مِن أن ُيقَ ّد َم العبادة على وقتها ..أي يُ ْمنَ ُع مِن أن يَرمي ف الادي
عشر قبل زَوال الشمس ،وكذلك ف الثان عشر قبل زوال الشمس إذا كان ذلك عن اليوم الثان عشر ،وهكذا
بالنسبة إل الثالث عشر.
ستَطع فلَيرْم حت بعد ذلك وهذَا أما بِالنسبة إل العاشِر فالرمي مِن طُلُوع الشمس إل غُرُوبِها ومَن ل يَ ْ
لِلقوياء ،أما بِالنسبة لِلضّعفة والنساء فإ ّن بَعضَ أهل العلم يُرخّص أن يَكون ذلك بعد طُلوع الفجر مِن اليوم
العاشِر ،و َرخّص بَعضُهم حَت قَبل ذلك ..أي أن يَكون ذلك بعد أن يَخرجوا عند غُروب القمر وأن يَرموا
عندما يَصلون إل مِن ،ولكنن ل أُ ِحبّ التَرخّص لم قبل طُلُوع الفجر ،فإما أن يَتَرخّصوا بِالرمي بعد طُلوع
شقّة فيه بِحمد ال. الفجر أو أن يَنتظِروا إل طُلوع الشمس وهذا ل مَ َ
والُلصة أ ّن مَن يَستطيع أن يَرْمي هو نفسُه-سواء كان رجل أو امرأة-فليس له أن يَ ْأمُر غيه بِأن يَرمِي عنه،
وَليْس لِغيه أن يَرْمي عنه ما دام َيعْلم أَنّ ذلك الشّخص يَستطِيع أن يَرمي هو نفسُه ،أمّا إذا كان ل يَستطيع
فَ ْلُيِنبْ َغيْره.
َبقِ َي يُمْكن أن تَقول امرأة :أريد أن أَخرُج ف الَيوْم الثان عشر قبل غروب الشمس ول يُمْكن أن أبقى إل
الثالث عشر ول أَستَطيع أن أَ ْرمِي ،فهل ل أن ُأنِيبَ غَيْرِي ؟ الواب :نعمَ ،لنّها َنوَتْ أن تَخرُج قبل غروب
ص كتاب ال وسنّة رسوله-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وإجاع المّة ،وما دام الشمس ،وذَلِك لَهاِ ،بنَ ّ
المر كذلك وهي ل تَسْتَطيع أن تَرْمي َف ْلتَطْلُب مِ ْن غيها أن يَرمي عنها؛ وال أعلم.
س ْعيٍ واحد بِنية الج والعُمرة-كما وَرَد ف س :3ف حال القران بِالج والعُمرة ،هل يَ ْكَتفِي القارِن بِ َ
بعض الفتاوىُ-يؤَدّيه مت ما شاء َسوَاء عند طَواف القُدوم أو ُيؤَخّره عند َطوَافِ الفاضة ؟
ج :اختَلفَ العلماء ف القَارِن هل َيجِب عليه أن يَطُوف طوافَيْن وأن يَسْعى َس ْعَييْن أو َأنّه َيكْتَفي بِطوافٍ واحد
وسعيٍ واحد ؟
ف طوَاَفيْن وسَعَييْن اللهم إل إذا جاءَ والصحيح عندي أنه يَكفِيهِ ِطوافٌ وسَعيٌ واحد بل ل يُشرَع لَه أن يَطو َ
ف القُدوم ويَسعى وهذا السعي يَكون لِحجّه وعُمرتِه ث بعد أوّل إل مكّة الكرّمة فإنه يُشرَع له أن يَطُوف طَوا َ
أن يَنتَهي مِن عَرفة ومِن الزدلفة ومِن رمي المْرَة والذبْ ِح واللْقِ أو التَقصيِ إذا كان رجُل-والتَقصيِ إذا
كانت امرأة-فإنه لبد مِن أن يَذهب ويَأت بِطواف الزيارة ،وذلك الطواف الذي أتى بِه مِن قبل ل يْزِيه
حجّته لنه لِلقُدوم ..أي أنه يُشرَع لِمَن أتَى إل مكّة وهو َيْنوِي الج أو َينْوي أن يَكُون قارِنا َبيْن الج لِ َ
والعُمْرة ،أما إذا كان يُريد العُمرة فإنه يَطُوف طَواف العُمرة وذلك يُجزِيه عن طواف القُدُوم ..فإذن إذا أتى
ف طوافَ القُدُوم ،وهذا الطواف: إل مكّة الـمُكرّمة وكان قارنًا فَ ْليَطُ ْ
-1سنّة عند جُمهور المّة مَن تَركه ل شيء عليه إل أنه تَ َر َك ال َفضْلَ ،ول يَنبغي لِلنسان أن َيتْ ُر َك مَا ثَبتَ عن
رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-إل إذا كان مَريضًا أو مَا شَابَه ذلك.
-2و َذهَبت الـمَالكِية إل أنّه وَاجِب وأوجبوا على مَن تَرَكَه الدّم.
والصحيح القَول الول.
466
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
سعَى ف ذلك الو ْقتِ وذلك السعي يَكُونُ-كما قلتُ-لِلحج والعُمرة ث عِنْدَما َيْنتَهِي وإذا طَاف لِلقُدوم فإنه يَ ْ
مِن الوُقُوف بِعرفة والـمَبيت بِالـ ُمزْدلفة والرّمي والذّبح أو النّحْر ،واللْق أو التّقصِي على ما َفصّ ْلتُ 1فإنّه
جزِيه عن طَوَاف الزّيارة؛ لبد مِن أن يَأِت َي ويَطُوف طوافَ الزيارة ،فالطواف السابق-إذن-لَ ْم َيقُلْ أح ٌد أنه يُ ْ
وال أعلم.
سعْي ؟
س :ولكن ُيجْزِيه ال ّ
ف طواف القُدُوم وسَعى ث عندما رَ َجعَ صلوات ال وسلمه عليه َبعْد سعْي نعم ،لنّ الرسول eطَا َ ج :ال ّ
الذّبح والَلق طَاف لِلزيارة ول يَسْعَ ،وَلنَا فِيه أُسوة حَسنَة.
س :هَل َيصْدق هذا-أْيضًا-على الـمُفرد ؟
ج :نعم ،الـ ُمفْرِد كذلك إذا جاء وَطَاف أوّل طواف القُدُوم و َسعَى فإنه بعد الرّمي والتقصي أو اللق فإنه
ت َمكّة أبَدًا بِأن أتى إل مِنيَأتِي ويَطوف وقد سَعى مِن قبل وذلك السّعي هو سعي الج ،أما إذا كان ل يَأ ِ
أو إل عَرَفة مباشَرة أو أنّه أتى إل َمكّة ولكنه ل يَطُف ول يَسْ َع فلبد هَاهُنَا مِن الطواف والسعي بل الطّواف
َلبُ ّد مِنه على كل حال؛ وال أعلم.
س :4مع شدّة الزحام ،ما حكم الطواف والسعي فوق السطح ؟
ج :على كل حال؛ لِلعلماء ف هذه القضية خلف:
ف عليه منهم مَن يُشَدّد ف ذلك وَيقُولُ :إ ّن الطواف ل َيصِح ،وذلك لنه ل يُحاذِي شيئا مِن البيت ،فَمَ ْن طَا َ
أن ُيعِيد ذلك ال َطوَاف ،وإذا َرجَعَ إل بَلَده فلبد مِن أن ُيعِيد ذلك وأن ُيعِيد السعيَ معه ،لنه سعى قبل
الطواف الشّ ْرعِي الـ ُم ْعتَب.
وَذَهب أ ْكثَر أهل العلم إل أَن طَوافَه ذلك صحيح ،وذلك لنه وإن كان ل يُحَاذِي شيئا مِن البيت ولكنه
يُحَاذِي َهوَا َء الكعبة والكُل ..ال َكعْبة مِن أصْلِها إل السّمَاء ُتعْطَى َن ْفسَ الُكم.
وأقول :إ ّن مَن وَقَع ف الـمَاضي فل شي َء عليه ،وأما ف الـمُسَتقْبَل فالحْوط لِلنسان أن يَحتاط لمر دِينه،
خرِج َنفْسَه مِن اللف ف مثل هذه الـمَسأَلة؛ والعِلم عند ال. وأن يُ ْ
أما السعي فأَمرُه أسْهل.
ت بِالعمرة مِن غيْر أن تُصلّي ركعتيْن ،وإنّما لبستْ لباس الحرام ث أحرمتْ ؟ س :5امرأةٌ أَ ْح َرمَ ْ
ج :ل َيقُل أح ٌد مِن أهل العلم بِوجُوبِ هاتيْن الركعتي ،وإنا الِلف بيْن أهل العلم ف مشروعيتهما ..أي أنّ
النسان إذا ل يُحْرِم بعد فريضة هل يُشْرَع له أن ُيصَّليَ ركعتيْن لِلحرام أو ل ؟
-1أي :واللْقِ أو التَقص ِي إذا كان رجُل ،والتَقص ِي إذا كانت امرأة.
467
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
َذهَب بعضهم إل أنه ل يُشْرع له ذلك ،إذ إنّه ل يَأتِ دليل يَدُل على ذلك ،فإن أراد الحرام بعد فريضة
ت ليس وقت فريضة فإذا كان يَص ّح فيه التنفّل فيُمكن أن ُيصَلّي ركعتيْن بعد حرِم بعدَها ،وإن كان الوَقْ ُ ف ْليُ ْ
وُضُوئِه ِبنِية ركعتَي الوضوء ،أو كان الوقت وقت صلة الضحى فليُصَ ّل صلة الضحى ،وهكذا إذا أراد أن
ص ًة بِالحرام فإنه-عند هذه الطائفة مِن أهل العلم-ل يُشرَع له ذلك. َيتََنفّل ،أمّا أن ُيصَلّي صلةً خا ّ
ت طائِفة مِن أهل العلم إل مشروعية ذلك. وذَهب ْ
ل يَد ّل على مشروعية هذه الصلة ولكن-كما قلتُ-إذا دخل النسان و-على كل حال-أنَا لَم أَجِد دلي ً
حرِم بعد ذلك ..أي بعد أن يَركَب ف سيارته ،وإذا أراد أن ُيصَّليَ بعد الوضوء أو السجد ف ْليَرْكَع ركعتيْن وْليُ ْ
أراد أن ُيصَّل َي صلة الضحى أو شيئا مِن النّوافل الت اعْتاد عليها وكان ذلك الوقت-طبعا-مِمّا ل يُنهَى عن
ت ُيْنهَى عن الصلة فيه-فإذا صلى فل بأس الصلة فيه-ول يُمْكن طبعا لِلنسان أن َيعْتَاد على الصلة ف وق ٍ
بذلك بِمشيئة ال؛ والعلم عند ال.
س :6مِن العلوم أنّ الطّيب مِن المور الت يُمنَع منها الاج غي أنّ كثيا مِن النّاس قد يَ ْلَتبِس عليهم
ضّيقُون على أنفُسِهم أمورا قد وسّع ال-تعال-عليهم فيها مِن ذلك ما يَتعلق بِالنّظافَة فنجِد بعضَ المر ولَربا ُي َ
الناس يَ ْمَتنِعون عن الستحما ِم أو السّواك طيلة أيام الحرام ،وسؤالنا عن مَشروعية استخدام الواد التالية
لِل ُمحْرِم:
ض أنواع الصابون كالذي به رائحة " الديتول " أو رائحة اللّيمون أو رائحة الفواكه الخرى -1استخدام بع ِ
حرِم سوَاء غسل اليْدِي أو الستحمام أْثنَاءَ فترة الحرام مِن المنوع ؟ ..فهل استخْدام مثل هذه النواع لِلمُ ْ
ج :ل ،هذا ليس مِن المنوع ،فهذه الشياء ل مانع لِلنسان مِن الستحمام بِها أو مِن غسل اليدين أو ما شابه
ذلك.
وهكذا بِالنسبة إل السواك ل مانع منه ،سواء كان ذلك بالراك أو كان ذلك بِالعاجي العصرية-وقد حَكى
ض أهل العلم الجاعَ على ذلك-ول بأس عليه حت لو َخرَج د ٌم مِن لثّته-مثل-أو ما شابه ذلك ..هذا ل بع ُ
مانع منه بل السواك مطلوب ..الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-يقول ( :لولَ أن َأشُ ّق على أمّت
َلمَ ْرتُهم بِالسواك عند كل صلة ) وف بعض الروايات ( :عند كل وضوء ) وف بعضها المع بينهما ،فحت لو
خَرج دم مِن اللثّة-مثل-ل مَانع مِن ذلك لكن إن كان ذلك بَعد وُضوء ف ْليُعِدْ وضوءَه لنّ الدم نَاِقضٌ لِلوضوء
عند أكثر أهل العلم.
ت فيه رائحة أو فيه شيءٌ مِن الروائح الت ليستْ مِن العِطْر ف وهكذا بِالنسبة إل الصابون العادي الذي ليس ْ
شيءٍ كالشياء الت وَرَدَ ذِكْرُها ف السؤال.
468
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فل يَنبغي لِلنسان أن يُشَدّدَ على نَفسِه وأن يُ ْلزِم َنفْسَه بِما ل يُلْ ِزمْه ال-تبارك وتعال-بِه ،فما الداعي أن يَبقى
النسان ل يَستَخدم السّواك وَيتْرُك السنّة الثابتة الصحيحة عن النب εبَدعوى َخوْف الـمَحذور مع أنه ل
مَحذور ف ذلك أبدا ؟! وال أعلم.
س-2 :معن ذلك أنّ ا ْستِخدام العاجي الت بِها رائحة ل بأس ؟
ت بِرائحة عِطْر ف واقع المر فل مانع منها.
ج :هذه الرائحة ليس ْ
س-3 :استخدَام الدِهان كالكريات مثل زيت الزيتون وزيت النَارْجيل والبة السوْادء أيضا.
ج :هو-حقيقة-ل دَاعي لِمثل هذه المُور ف أيام الج ..ل داعي إل مِثْل هذه المور لنّ ذلك ل َيثْبتْ عن
النب .. εالنب εاستخ َدمَ ذلك ف الدينة عندما أراد أن يَخرُج إل ذي الَُلْيفَة وهو ف طريقه إل َم ّكةَ ،أما
ف أيام الحرام ل يَسْتخدم النب εذلك ،ولنا فيه أسوة حسنة.
صنَعَ ُه عندما يُريد أن يج ؟
س :7مَن أدّى العُمْرة مِن قبل ،ما الذي أفضل له أن َي ْ
ج :هو ميّر:
حلّ إل أن -1إن شاء أن َيتَمتّع فلَيتَمتّع ..أي أن ُيحْرِم ِبعُمرة أوّل ويَطوف ويَسعى لَها ث يُ َقصّر ويَبقى مُ ِ
يُحْرِم ف اليَوم الثامن مِن ذي الجة ،وعليه هدْي-طبعا-ف هذه الالة ،والصحيح أنه ل مانع مِن أن يَتَمتّع
النسان ِبعُمرة النّفل إل الفريضة ..هذا ما ذهب إليه المهور ،وهو واضِح.
-2وله-أيضا-أن يَكون قارِنا ..أن ُيقْرن بيْن الج والعمرة ،ول مانع-أيضا-مِن أن تكون العُمرة عُمرة نفل
ويكون الج حج فريضة ،وعليه-أيضا-الدْي عند أكثر أهل العلم ف هذه القضية.
-3وبيْن-أيضا-أن يُفرِد الج ،ول هدْي عليه إذا أفرد.
الفْضل ما هو ؟ الفْضل ل شك التّمتع.
س :8لديه قناعة أنّ فريضة الج تَ ْطبَع على صاحبها ألوانا مِن الـ ُمثُل والخلق والقِيَم والستقامة
لكن البعض عندما يَعود مِن هناك يَتغافَل أو يَنسى مع مرور اليام فيَرتكِب شيئا مِن العاصي ..يَطلب نصيحة
بسيطة.
ج :نَأمُر ك ّل إنسان بِأن َيتّقي ال-تبارك وتعال-وأن يُحاسِب نفسَه قبل أن يُحاسِبها ال سواءً كان قد أدّى
ت بِها مِن قبل َفَنْنصَحُه بِأن يُبادِر إل ذلك وألّ فريضة الج مِن قبل أو ل َيقُم بِتأدِيتها ولكن إذا كان ل َيأْ ِ
شيْ ٍء مِن
سوّفَ مَخافَة أن ُيفَاجِئه الوت مِن قبلِ أن يَأتِ َي بِهذه الفريضة ،و-كذلك-ليس لِلنسان أن َيأِْتيَ بِ َ يُ َ
معاصي ال-تبارك وتعال-بِدعوى أنه سيَتوب بعد مدّة مِن الزمن ..أوّل معاصي ال-تبارك وتعال-ليس
لِلنسان أن َي ْفعَلَها سواءً أراد أن يَتوب أو ل يُرِد وإنْ كان إذا أراد التوبة هو أسهل مِن غيه ولكن العصية
معصية وإنا الكلم ف قضية الصرار وعَدمه ،وإل فالعصية معصية ليس لِلنسان أن َيقْ َربَها أبدًا وليس له أن
469
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
يَحوم حول حِماها ..كذلك النسان ل يَملِك مِن أمرِه شيئا ..قد َي ْأتِيه الـمَوت الن وهو ل َيتُب إل ال-
تبارك وتعال-وتَكون العاقبة وَخِيمَة والعياذ بال ،فعلى َهؤُلء أن يَّتقُوا ال-تبارك وتعال-وأن َيتُوبُوا إليه Iقبل
َفوَات الوان.
أما بِالنسبة إل ُسؤَاله :هل يَكون حَجّهم فاسدًا ويَجِب عليْهم أن يَأتوا بِحَجّة أخرى ؟ فالواب :ل إل إذا
َخرَجوا عن السلم ،فإذا خَرَجُوا عن السلم يَجب عليهم أن يَحُجّوا َحجّا جديدًا على قول طائفة كبية مِن
أهل العلم ،لنّ ذلك السلم لبد له مِن الج لنّ الج رُكْ ٌن مِن أركان السلم وهذا إسلمٌ جديد فهو وإن
ط مِن شروط السلم وهو ل َيأْتِ بِالج ف إسلمه كانت تَر ِج ُع إليه تلك العمال الصالة ولكن الج شرْ ٌ
ف طويل بِإمكانِه أن يَرجِع ف ذلك إل " شرح الامع الصحيح " 1أو إل غيه مِن هذا ،والسأل ُة فيها خِل ٌ
كتب أهل العلم ،فإنّ الوقت الن ل يَكفي لِبيان ذلك.
جتِه تلك إذا كانت تلك وأما حديثُ ( :مَن حَجّ فلم يَرْفث ول َيفْسق رَ َج َع كيوم ول َدتْه أمّه ) أي رجع مِن حَ ّ
الجّة صحيح ًة ثابتة ..أي على وِفْقِ ما ش َر َعهَا ال-تبارك وتعال-فذلك الديثُ صحيح ثَابت عن النب : e
( مَن حجّ فلم َيرُْفثْ ول َيفْسُقْ َرجَ َع مِن ذنوبه كيوْم ول َدتْه أمّهُ ) وأيضا ( :العُمرة إل العُمرة كفّارةٌ ِلمَا بيْنهما
والج الـ َمبْرُور ليس له جَزاءٌ إل النّة ) ،إل غي ذلك مِن الحاديث الصحيحة الدالّة على هذا المر ،ولكن
ليس ف ذلك أ ّن مَن حَجّ وعَمل شيْئا بعد ذلك مِن معاصي ال أنه يَجب عليه أن يُعيد الج؛ وال-تعال-
أعلم.
س :9ما معن حديث ( :الج البور ليس له جزاء إل النة ) ؟
ج :على كل حال؛ لهل العلم ف ذلك خلف طويل ..أي اختلف العلماء ف معناه ،ونَرجوا أنّ مَن كانت
شْبهَا َشوْبُ ِريَاء أو سُ ْمعَة وأتَى با على وِفْ ِق ما شَرعه ال-تبارك وتعال- َحجّته خالصة ل-تبارك وتعال-ل يَ ُ
أن تكون هذه الجّة مِن الجّ الـمَبور الذي َيصْدُق على صَاحبه ما جاء ف الديث الصحيح الثابت ولكن
صةً ل-تبارك وتعال-وأن يَكون النسان تَائِبا راجعا إليه I؛ وال أعلم.لبد-كما قلتُ-أن تَكون خَال َ
س :10ربا يُريد أن ُيعِيد تلك السألة الت ذكرتُموها ف حلق ٍة ماضية .. 2مسألة رمي المرات ..هل
ب العَمود أم يَكفي أن َتقَع على الَوض ؟
يُشتَرط أن ُتصِي َ
ج :ل يُشتَرط ،لنّ ذلك العَمُود حَادِث ..أي ل يَكُن ف بِداية المر ..أي ف عهد إبراهيم وإساعيل عليهما
الصلة والسلم ،وقد ا ْختَلَف العلماء هل كان موجودا ف عهد النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ؟
-1شرح " الامع الصحيح ،مسند المام الربيع بن حبيب " للمام نور الدين السالي ،ج ،1ص .103
-2عند الواب على السؤال 1من حلقة 17رمضان 1424هـ ( 12/11/2003م ).
470
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ذهب بعضهم إل أنه كان َموْجودا ف عهدِه صلوات ال وسلمه عليه ،واستَشهَدوا على ذلك ِببَْيتٍ مروي عن
أب طالب عَمّ النب . ε
ضهُم إل أنه ل َيكُن َموْجُودًا.وذهب بَع ُ
و-على كل حال-سواءً كان موْجودا أو ل يَكن موْجودا فإنّ الـمَشرُوع أن يَر ِم َي النسان ف الوض ،ولَ
شتَرط بِأن يَكون ذلك ف ذلك العَمُود الشاخِص؛ وال-تبارك وتعال-أعلم. يُ ْ
س :11لقد اعتمَرتُ مع والدي وعند السّعي بدأنا بِالصفا ولكننا ُكنّا َنعُ ّد ذهابنا مِن الصفا إل
الـمَرْوة نصفَ شوْط ،بِحيث كنّا َنعُدّ ذهابَنا مِن الصفا إل الروة ث رجوعَنا إل الصفا مرّة أخرى شوطا
واحدا بد ًل مِن كونه شوطي فقد كان الـمَجموع بِذلك خس عشر شوطا ؟
ج :هو أربعة عشر إذا كانوا اخَتتَمُوا بِالصفا إل إذا كانوا زَادُوا مرة ثانية إل الروة.
على كل حال؛ هذا رأيٌ لِبعضِ أهل العِلم وهو أنّ الشّوْط الواحد َيكُون مِن الصفا إل الصفا ،وقال بِه الشيخ
إساعيل-رحه ال تبارك وتعال-مِن أصحابِنا ف " مناسِك الج " ،وقالت بِه جاعةٌ مِن أهل العلم-أيضا-مِن
الشافعية وغيهم؛ ولكنه قوْلٌ ضعيفٌ جدا.
والصحيح الثابت هو أ ّن مِن الصّفا إل الروة ُيعَ ّد َشوْطا ومِن الروة إل الصّفا ُيعَ ّد شوْطا ،فالشوط الواحد
يَكون مِن الصفا إل الروة.
وبِما أنم فعلوا ذلك ل شيء عليهم-بِمشيئة ال تبارك وتعال-ف الـماضي ،وف الستقبَل يَْنَبغِي لَهم أن
يُ َطّبقُوا السنّة الصحيحة عن النب ، εإذ إنّ خيْر الدْي هدْي ممد . ε
سَتغِل فريضة الج ف الدعاء على مَن ظَلَ َمهُم ؟ ض الناس-وكما يبدو هم قِلّة جدا-يَ ْ س :12بع ُ
ج :على كل حال؛ ل يَنبغي لِلمسلم أن يَكون َسبّابًا ول َلعّانَا ول فَاحِشا ،ويَنبغي له أن يَدعو لِهؤُلَءِ الناس
بِالداية إل الطريق الستقيم ،فالنب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-مع أنه َل ِقيَ ما َلقِ َي مِن كفار قريش مِن
صنوف الذى كان يَدعو ال-تبارك وتعال-بِأن يَهديَهم ..يَقول ( :اللهم اه ِد قومي فإنّهم ل َيعْلَمون )،
فيَنبغي لِلنسان أن يَدعو لِذلك الشخص ف تلك الـمَواطن العظيمة بِأن َي ْهتَدِيَ إل الصراط الستقيم ،و-على
حقّه ول يَ ِزدْ على ذلك فل نَستطيع أن نَقول " :إ ّن عليه شيئا " ستَ ِ
كل حال-إذا دعا على غَيِه مِمّن ظَلَمَه بِما يَ ْ
حقّه ذلك الشّخص ،أما أن يَدْعو عليه بِزيادة على ذلك فذلك مِمّا ل َيصِح ،ولكن-على كل ستَ ِ
إذا دعا بِمَا يَ ْ
ي بِرسول ال ، εوأن يَدْعوَ له بِالِداية إل الطريق الستقيم
حال-أنا ل أنْصَحُ ُه بِذلك ،بل أَنصَحه بِأن َيقْتَدِ َ
ويَطْلُب الجْر مِن عند ال تبارك وتعال؛ وال ول التوفيق.
س :13البعض مِن الشباب عندما يَعود َيصِف مَحاسِن امرَأةٍ رآها ف الج ؟
471
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :على كل حال؛ هذا ليس مِن سبيل الؤمني ..عليهم أن َيتّقوا ال وأن يَتوبوا إليه ، Iوهذه قِلّة قليلة مِن
الناس ،والناس ل يكونون جيعا على الصلح ..نَحن نَدعوا أولئك إل الرجوع إل ال وأن يُحاسِبوا أنفسهم
قبل أن يُحاسبها ال؛ وال ول الداية والتوفيق.
س :14كانت لديه-ربا هو أو غيه-نية أن يَذْهب إل الج ولكن جاءتْه فرصة عمل ،فما الذي
ُيقَ ّدمُه ؟
ج :ل أدري-أوّل-هل هو حجّ حجّ الفريضة أو ل.
أما إذا كانت هذه الجّة َحجّة نافلة فالمر سهْل.
وأما إذا كانت هذه الجّة َحجّة فريضة فإن كان يَخْشى على هذا العمل بِأنه إذا ذهب إل تَأْدية الج ألّ
يَحصُل بعد ذلك على هذا العمل ول يَحصُل على غيه وهو مُحتَاجٌ لِهذا العمل فبِإمكانه أن يَعمَل ويَنوي أن
ب عندما ُييَسّر ال-تبارك وتعال-له ،وعسى أن يَكُونَ ذلك ف السنَة القادمة ..هذا إذا مُحْتاجا لِهذا يَذْه َ
العمل ويَخشَى بِأن َيفُوتَه هذا العمل ،ولكن أَظنّ َأنّه يُمْكن أن يُوقّع بِالوافَقة على العمل وأن يَشْرَع ف العمل
بعدَ رجوعِه مِن الج ..ل أَظ ّن أنّ هناك مانعا مِن هذا.
س :وفترة الجازة تكفي.
ج :نعم.
س :ربا يكون ف القطاع الاص هناك شيء مِن التشديد.
ج :فعلى كل حال هذا ..إذا كان يَخشى على ألّ يَجِد عمل وهو بِحاجة إل العمل وإذا تَ َركَ هذا العمل لن
يَجِدَ هذا العمل ول غيْرَه ف الستقبَل القريب ..وإل فالعمل بِيد ال تبارك وتعال َ ..يعْن ال َ Iت َكفّ َل بِالرزق
وهو قادِر على أن ُييَسّر له عمل كهذا العمل أو أفضل كما يَسّرَ له هذا العمل ولكن النسان يَأخذ بِالسباب،
حتَاجا إليه ويَخشى إذا ل يَعمل فيه بِأن يَفوتَه هذا العمل ول يَحصُل على ذلك ف القريب-مثل- فإذا كان ُم ْ
فيُرَخّص له ويُوصِي بِالج ،وْليَذهَب إن شاء ال ف السنة القادمة.
ت منكم ف حلقات ماضية 1تَحْذيرا لِلحجاج مِن أن يَفيضوا مِن عرفات قبل تَحقّق س :15سع ُ
غروب الشمس فأيّ حركة مِن هذا النوع تُؤدّي إل الحكام الت ستذكرونَها إن شاء ال ،ولكن كيف
ُتوَفّقُون بيْن هذا وبيْن الديث الذي وَ َر َد فيه أنّ رجُل وَقَفَ قليل ف عَرفة ..هذا الديث الذي أخرجه المام
أحد ..هذا الرجُل يَقول " :يا رسول ال ،إن ِجئْت مِن جَبل طَيْء أَكْلََلتُ را ِحَلتِي وأْتعَْبتُ نفسي ،وال ما
تَرَ ْكتُ مِن جبل إل وََقفْت عليه ،فهل ل مِن حج ؟ " فَقال ( : eمَن َشهِدَ صلتَنا هذه ووَقَفَ معنا حت نَدفع
-1عند الواب على السؤال 1مِن حلقة 9ذو القعدة 1423هـ ( 12/1/2003م ).
472
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ف ِبعَرفة قبل ذلك ليل أو نارا فقد َأتَمّ َحجّه وقضى َت َفثَه ) فيُشِي الديث أنه حت لو وَقَفَ جزءً قليلوقد وَقَ َ
مِن النهار فذلك يَكْفي ؟
ج :على كل حال؛ هذا الديث حديثٌ صحيح ،وقد رواه أكثر مِن عشرين عالِما مِن أئمة الديث ،ل أرى
داعيا لِلطالة بِذِ ْكرِهم الن.
وهذا الديثُ فيه شيءٌ مِن العموم ..ظاهر هذا الديث أنّ النسان إذا وَقف مِن صباح اليوم التاسِع ولو
ف ل يَكون إل بعد زوال الشمس مِن وَقَفَ جز ًء بَسِيطا فإنّ ذلك يُجزيه ،بيْنما جُمهور المّة قالوا :إنّ الوقو َ
الَيوْم التاسِع مِن ذي الجّة.
خِلفا لكثر النابلة حيث ذَهبوا إل أنه يَكون قبل ذلك بِظاهر هذا الديث ..أي يَكون مِن أوّل اليَوم.
صصٌ-أو ُمَبيّنٌ-بِفعل النب εخّول شَك أنّ الذي ذهب إليه المهور هو الصحيح ،وذلك لنّ ذلك الديث مُ َ
خصّص بِشيءٍ ف إل بعد زوال الشمس ،وكذلك هو مُ َ ،حيث إ ّن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ل َيقِ ْ
آخر وهو أنّ الج ل يَكون تامّا إل بِطواف الفاضة مع أنّ ظَاهِر هذا الديث َيقُول ( :ال ّج عَرفة ) وبعد
ذلك قال ( :فقد تَمّ حجّه وقضى َت َفثَه ) مع أ ّن الج-ف حقيقة الواقع-ل َيكُون تامّا بِذلك بل لبد مِن طواف
الزيارة ،إذ إنه ركن مِن أركان الج ،بل ذهبتْ طائفة كبية مِن أهل العلم إل عدم تَمامه إل بِالسعي ،لنه
عند هذه الطائفة مِن أهل العلم مِن أركان الج أيضا.
هذا الديث عند مَن قال بِفساد الج بِالنسبة ِلمَن ل َيقِفْ إل غُروب الشمس وتَحقّق غُروبِها ودُخولِ جزءٍ
مِن الليل ..يَقولون :إ ّن الديث السابق ُمَبيّن ِبفِعل النب ، εحيث إنّ النب εوَقَفَ إل أن غَربت الشمس
وتَحقّق غروبُها ودَخَلَ جز ٌء مِن الليل ،لِذلك ذهبوا إل أنّ مَن ل َيقِفْ إل هذا الوقت فإنّ حجّه باطل.
وف السألة خلف معروف ولكن-على كل حال-أجعت المّة السلمية عن بَكرة أبيها على أنّ النب-صلى
ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وَقَفَ إل أن غَ َربَت الشمس ودَخَلَ جز ٌء مِن الليل وقال ( :خُذُوا عنّي
مناسِككم لَعلّي ل أَْلقَاكم بعد عامي هذا ) ،وقد بيّن صلى ال عليه وعلى آله وسلم أ ّن هَ ْديَه صلى ال عليه
وعلى آله وسلم وهدْيَ الـمُسْلمِي مُخالِفٌ لِهدْي أهل الشرك حيث إنّ أهلَ الشرك يَخرُجون مِن عَرفة قبل
غُروب الشمس ..عندما تكون الشمس على رؤوس البال كأنّها عَمائم الرجال ،فيَنبغي لِلنسان أن يَقتدِيَ
بِرسول ال εوأن يَهتدِي بِهدْيه وأن يَسِي على طريقِه صلوات ال وسلمه عليه ،وأن يَحذَر كل الذَر مِن
الوُقوع ف ُمخَالَفة سنّة رسول ال εو ُموَافقَة هَدْي الشركي فحذَار 1...الشركي ،فنأخذ بِهذا المر الواضِح
الَلِي.
أما فسا ُد الج ففيه ما فيه مِن الكلم لهل العلم.
-1وقع هنا-للسف-انقطاع ف الشريط للل أثناء تسجيله مِن التلفزيون ،ويبدو أنه غي مؤثّر ف جواب الشيخ.
473
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
شوّق لِزيارة بَيت ال الرام ولكنّ الراتِب َب ِقيَ عنه أسبوعس :16حينما جاء شهرُ ذي الجة كنتُ أتَ َ
ول َيكُن معي سِوى مصاريف الشهر ولكنّ إخوان بِالعمل أصرّوا على ذهاب معهم حيث إ ّن العُمر غيْر
مضمون وقام أحدهم بِإعطائي مبلغًا مِن الال يَكفي ك ّل نفقاتِ الج ،فهل تَنصحونَن بِذلك لنن سأسلّم هذا
الـمَبلغ مِن راتب بعد رجوعي مِن الج ؟
ج :ل بأس ..إذا ل يَكن ف ذلك إِحراجٌ لِذلك الشّخص فاكُتبْ ما عَلَيك ف صَكّ شرْعي وَأ ْشهِد عليه
شَاهِدَيْ عد ٍل وَضَعْ ذلك عند صاحب الق ،أو عند ثِ َقةٍ أمي وأَ ْخبِر صاحبَ الق بِأنك قد َوّث ْقتَ َحقّه ف
ض ْعتَه عند الشخص الفُلن ،فيُقضَى بعد ذلك عنك مِن ذلك الرّاتِب بِمشيئة ال تبارك وتعال؛ ك شَرعي َووَ َصَ ّ
وال أعلم.
س :17هل زيارة قب النب eواجبة مِن ضِمن سُنَ ِن الج الواجبة خاصّة إذا كان الشخص يُؤدّي
الفريضة عن الغيْر ؟ وكذلك ف حالة ضيق الوقت ؟
ج :على كل حال؛ إذا أوصى ذلك الشخص بِأن يَزور هذا الذي يَقومُ بِإنفَاذ وصيته ..أن يَزور الدينة وقبْرَ
الرسول eف ْليُنفّذ تلك الوصية.
أما إذا كان ل يُوصِ بِذَلك فَليس عليه أن يَفعَل ذلك إل إن أراد هو نفسُه ذلك.
أما بِالنسبة إل لزوم الزيارة فليست بِلزمة ،ولكن يَنبغي لِلنسان أن يَزُور تلك البِقاع ويُسَلّم على النب e
وصحابتِه الكرام وإن كان ذلك ل َدخْلَ له بِالج.
أما حديث " :مَن حَجّ ول َيزُ ْرنِ فقد جفان " فهو بَاطل ،وكذلك بِالنسبة إل الحاديث الـمُمَاثِلة له.
فَ ْليَ ُزرْ الدينة وَقبْرَ الرسول eسواءً كان ف سَفر الج أو غيْرِه مت شاء؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق ،وهو
أعلم بِكل شيء.
مِن حلقة 24ذو القعدة 1424هـ ،يوافقه 18/1/2004م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عام 1425هـ
س :1اضطرابُ الدورةِ عن َد النساءِ بِسببِ استخدامِ أقراصِ منعِها ف حالِ ذهابِهنّ إل الج أو إل
ي شيءٍ آخَر يَحتجْن فيه إل ذلك المْر ،فهل َيصِحّ مثلُ هذا الجراء ؟ وإذا ما اضطَ َرَبتْ الدورةُ العمرَة أو إل أ ّ
عن َد الرأةِ بِهذهِ الطرِيقة ،كيف تَصنَع ؟
ض العروف أو مِن إِيقافِه بعدَ خروجِهج :إنّ استعما َل البوب وما يَجرِي مراها مِمّا يَمنَع مِن خروجِ َد ِم الي ِ
..هذه السألَة اختلَف فيها العلماء قديا:
474
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
-1منهم مَن ذهبَ إل أنّ ذلك مَمنوع ل يَصِح سواء كان ذلك قبلَ خروجِ الدم أو كان ذلك بعدَ خروجِه.
-2ومنهم مَن ذهبَ إل جوازِ ذلك مطلَقا ..أي سواء قبلَ خروجِ الدم أو بعدَ خروجِه ،فإذا تَوقّفَ الدم فإنّ
تلكَ الرأة َيصِحّ لَها أن تَأتِي بِما تَأتِي بِه الرأة الطاهِرَة مِن صلةٍ وصيا ٍم واعتكافٍ وقراءةٍ لِلقرآنِ الكري ولَمسٍ
ضئَة-وطوافٍ إل غيْرِ ذلك ،وهكذا فيما يَتعلّق بِمسأل ِة الوطْء. ت متو ّلِلمصحف-إذا كان ْ
-3ومنهم مَن تَوسّطَ بيْن القوليْن فقال :إنّ ذلك جائز قبلَ خروجِ الدم أما بعدَ خروجِ الدم فإنه ليْس لِلمرأةِ أن
تَستعمِل شيئا مِن هذه الوانع.
وليْس هنالك دَلِيل صرِيح ف سّنةِ رسولِ ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-على واح ٍد مِن هذه القوالِ
الثلثة الذكورة ،ولكن القول بِجوازِ ذلك مطلَقا وأنه إذا تَوقّفَ ذلك الدم إذا استعملتْه بعدَ خروجِ الدم فإنه
يَجِب عليها الغسل ويَجِب عليها ما يَجِب على الرأةِ الطاهِرَة ويَجوز لَها ما يَجوز لِلمرأةِ الطاهِرَة هو القول
الصحيح ،وذلك لنّ هذا المر-أعن أمْرَ العبادات-معلّ ٌق بِوجو ِد اليْض فإذا تَوقّفَ اليْض ووُ ِجدَ ال ّطهْر فإنّ
هذه العبادات َتجِب على الرأةِ-أعن ما يَجِب منها-ويَجوز لَها ِفعْل ما يَجوز لَها مِن المورِ الائزة لِلمرأةِ
الطاهِرَة ،فإذن ذلك يَتوقّفُ على وجودِ اليضِ والطهارةِ ،فما يُمنَع إذا وُ ِج َد اليض فهو مَمنوعٌ ف حالةِ
جبُ على متلف الحوال ..أي على حسب جبُ ف حالةِ وجودِ الطهارة فإنه يُباحُ أو يَ ِ ح أو يَ ِ
اليض ،وما يُبا ُ
اختلفِ تلك العبادات ،فإذا وَجَدَت الرأةُ الطهارةَ ولَو َخرَجَ الدم فإنه يَجِب عليها الغسل ويَجِب عليها ما
يَجِب عليها مِن العبادات-كما قلتُ-ويَجوز لَها ما يَجوز مِن العبادات ..هذا الذي أَرَاه ف هذه السألة،
ولكن القضية ليستْ ف هذا المْر وإنا القضية ف أنّ هذه البوب وهكذا بِالنسبةِ إل البَر وما يَجرِي مراها
فيه قضية شائِكة أخرى يَجِب التنبّه لَها ،وهو أنّ كثيا مِن النسا ِء اللتِي يَستعمِلْن هذه البوب أو هذه البَر
ضهِن ولكن بِمجرّ ِد استخدامِ هذه الوانِع فإنّ العادة تَختلِف وتَضطرِب كُ ّن مِن قبل ضابِطات لِمسأل ِة أيامِ حي ِ
اضطرابا كثِيا جِدا ،فق ْد تَكون عا َدةُ الرأ ِة منحصِرَة ف ِسّتةِ أيام وقد تَكون ف سبعةِ أيام أو ثَمانية وهكذا على
ب اختلفِ النساء ولكن بِمج ّر ِد استخدامِها لِهذه البوب أو لِهذه البَر فإنّ هذه العادَة تض َطرِب ،فتارةً حس ِ
تستمِر خسة عشر يوما وتارةً تستمِر شهرا وتار ًة تستمِر أكثر مِن ذلك ،فل تَدرِي هل هذا الدم هو دم حيض
ت متعدّدَة ل أو هو استحاضة ومت يَكون حيضا ومت يَكون استحاضة ،ويَترتّب على ذلك إشكالت ف عبادا ٍ
تَدرِي هذه الرأة تَأتِي بِتلك العبادات أو ل تَأتِي بِها ،فالصلةُ وا ِجبَة على الرأة ف حالةِ الطهارة وهي مُح ّرمَة
ف حالةِ اليض ،والصيام وأعن بِالصيام صيام شهر رمضان ،وهكذا بِالنسبةِ إل الصيام الواجِب إذا كان صيام
كفارة وكانت مدّدة ف ذلك الوقت ،وهكذا بِالنسبةِ إل صيا ِم النذر ،فيَكون واجِبا ف حالةِ الطهارة وتكون
ف فإنّ الائِض ل يَجوز لَها أن تَطوف بِالبيْت، مَمنوعة مِن ذلك ف حال ِة اليض ،وهكذا بِالنسبةِ إل الطوا ِ
وليس لَها عندَ أكثرِ أهلِ العلم أن تَدخُل السجد ،وهكذا بِالنسبةِ إل قراءةِ القرآن ،وهكذا بِالنسبةِ إل معاشرةِ
475
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الزوجِ لَها ،فهذه السألة يُمكِن أن يُقا َل بِالتشدِيد فيها مِن هذه الناحية ،وأنا قد جا َءْتنِي أسئلة كثِيَة جِدا ف
حَ ّج هذه السنة وف غيْرِها وف غيْ ِر هذا الوسِم البارَك ،وحت هذه اليام كثِ ٌي مِن النساء اللتِي اسَتعْمَلْن هذه
ت عليه ف السابِق ،وهذه مسألَة مشكِلَة يَنبغِي التنبّه ت العادَة لَم تَستقِر كما كان ْ البوب ف أيامِ الج ل زال ْ
لَها ،فأنا ل أَنصَح بِاستخدامِ هذه البوب ول بِاستخدامِ هذه البَر ول بِاستخدا ِم شيءٍ مِن هذه الشياء الت
ج اليض ل لِلسببِ الذي َورَدَ ف السؤال وإنا لِهذا السببِ الذي ذَ َك ْرتُه ،ومِن العلوم أنّ عادةَ تَمنَع مِن خرو ِ
أغلبِ النساء تَكون ِستّة أيام أو سبعة وقد َتصِل إل العشرَة وقد تَتَجاوَز ذلك بِقلِيل على الصحيح الراجِح،
فبِإمكانِ هذه الرأة الت تُرِيد أن تَذهَبَ إل الج ..بِإمكانا أن َتتَأخّر ف مكة الكرّمة حت يَنتهِي وقت اليض
وتَغتسِل وتَأتِي بعدَ ذلك بِالطوافِ الواجِب إذا كان ذلك الطوافُ ركنا مِن أركان الج أو مِن أركان العمرة،
ف القدوم فإنّها معذورَة مِن ذلك ،وهكذا بِالنسبةِ إل طوافِ الوداع فإنّها معذورَة مِن وأما بِالنسبةِ إل طوا ِ
ذلك على الصحيحِ كما دَّلتْ على ذلك السنّة الصحيحة الثابِتة ،وإذا قدر بِأنا أح َر َمتْ مثل بِالعمرَة ث ل
َتتَمَكّن مِن التيا ِن بِها قب َل يومِ عرفة فإنا تردِف عليها الج فتَكون قا ِرنَة بعدَ أن كانتْ متَ َمّتعَة ،كما وَقَعَ ذلك
ت فبِإمكانِها أن تَرجِع إل بلدِها ث بعدَ ذلك لِلسيدة عائشة رضي ال-تبارك وتعال-عنها ،على أنا لو اضْ َطرّ ْ
تَذهَب إل تَأ ِدَيةِ الطواف والسعي الذي بَعدَه ،أما أن تَستخ ِد َم هذه البوب مِن أجْ ِل أن تَأتِي بِالطواف وهي ف
ف ول تَدرِي هل تُصلّي أو ل تُصلّي وهكذا حال ِة طهارة ث بعدَ ذلك َيقَع الحظُور فل تَستطِيع أن تَأتِي بِالطوا ِ
بِالنسب ِة إل بقيةِ العبادات الت لَها عَلقة بِهذا المْر فإّننِي ل أَنصَح بِذلك بل أقول " :إنه ل ينبغِي ذلك ".
وأما بِالنسبةِ إل مَن وَقَعَ لَه ذلك ف الاضِي فإننا نَقول :إنّ كلّ امرأ ٍة يَنبغِي لَها أن تَسأ َل عن الالةِ الت وََق َعتْ
فيها ،وأن تَصِفَ له ِل العلم نوعَ الد ِم و َشكْلَه وكم استَمَر وما شابه ذلك مِن المور الت ستوجّه إليها السئلة
فيها حت يُمكِن أن نَحكُم أو يَحكُم غيْرُنا مِن أهلِ العلم على هذه الالة هل هي حيْض أو استحاضة؛ وال-
تبارك وتعال-ول التوفيق.
س :5ما هي َأوْجُه بِ ّر الوال َديْن بع َد موتِهما ؟ ...
جةَ الفرِيضة فينبغِي لَه أن يَحُجّ
ج ... :و-على كلّ حال-إن كان الوالِد أو الوالِدة أو كلها لَم يُؤدّيا حَ ّ
عنهما ...
مِن حلقة 19ربيع الول 1425هـ ،يوافقه 9/5/2004م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س ... :1
ج... :
476
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ط السلم ولكن هذا الشرط شرطُ صحّة ،فهو شرطٌ ف جيع العبادات ،فالكافر ل تص ّح منه ومِن ذلك شر ُ
عبادة ..ل تصح منه الصلة ول الزكاة ول الصيام ول الج وإن كان ماطَبا بِها وعليه الث بِسبب تَرْكِها
ويُعاقَب على ذلك يومَ القيامة ،كما َيّتضِح ذلك مِن الدلة الت تَدلّ على أنّ الكفا َر مُخاطَبون بِفروع الشريعة
ولكنّ هذا الشرط-كما قلتُ-هو شرطٌ ف جيع العبادات؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
مِن حلقة 23جادى الول 1425هـ ،يوافقه 11/7/2004م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س ... :1
ج ... :قَد يَكون صيَام الشخص صحِيحا وقد تَكون صَلتُه صحِيحة وتَكون زكاتُه صحِيحة ويَكون
حَجّه صحِيحا ولكنّه إذا كان مُتَلَبّسا بِمعصِيةٍ مِن معاصِي ال وكانتْ تلك العصِية كبِيَة مِن
كبائِرِ الذّنوب ومات مِن غيْرِ توبةٍ صادِقة إل ال-تبارك وتعال-منها فإنه سَيَدْخُل النار-والعياذ بال
تبارك وتعال-وسيَخْلُدُ فيها بِأدِلّةٍ كَثِيَة مِن كتابِ ال ومِن سنّةِ رسولِه-صلى ال عليه وعلى آله
وسلم-الصحِيحة الثابِتة عنه ،فَحَذَارِ حذارِ مِن الوُقوعِ ف معاصِي ال تبارك وتعال؛ وال-تبارك
وتعال-ول التوفيق.
س ... :6
ج... :
نعم التَلْبِية ف الج هي ثابِتة عن النب εولكن شَتّان بيْن التلبية الثابِتة عن النب εوبيْن أن يَقول
النسان " :اللهم إنّي نَوَيْتُ أن أَحُجّ حَجّةَ الفرِيضة " أو " حَجّةَ النافِلة " أو ما شابه ذلك ..
هنالِك فَرْقٌ شاسِع بيْنهما ...
مِن حلقة 1رمضان 1425هـ ،يوافقه 16/10/2004م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :7هل لِلمرأةِ أن تَغْتَسِل غُسْل الحرامِ مِن منِلِها قبلَ الروج ؟
ج :على كل حال؛ هذه السألَة تَحْتَاجُ إل إطالَة ،ولكن:
إذا كانتْ تَقْصِدُ بِمَنْزِلِها النل الذي نَزَلَتْ فيه ..مثل لو نَزَلَتْ ف " الدِينة " ..ف مدينة النب
، εول بأس-طبعا-مِن تَسْمِيَتِها بِالدينة النورَة ..إذا أرادتْ ذلك نعم لِتَغْتَسِلْ مِن هُنَاك
وَلْتَخْرُج ولكن لِتُحْرِم مِن عندِ اليقات ..ل ينبغِي لَها أن تُقَدّمَ ذلك ..لَوْ قدّمتْ ذلك فإنّ
إحرامَها صحِيح-على الصحِيح الذي عليه المهور-ولكن ينبغِي لَهَا أن تُؤَخّرَ ذلك إل اليقات ،كما
477
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فَعَلَ النب صَلى ال عَليه وعلى آله وصحبه وسَلم ،ولَم يَثبُتْ عنه ما يَدُلّ على خلفِ ذلك ،ومَا جاء
مِمّا يُخالِفُ ذلك فإنّه ل يَثْبُت ،وَمَوْضِعُ الطالة ف غيْرِ هَذِه الناسَبَة بِمَشِيئة ال تبارك وتعال.
أمّا إذا كانتْ تَقْصِد بِأَنّها تَغْتَسِل مِن بِلدِهَا عندَما تَذهَب وتَسْتَمِر عدّةَ أيام فهذا ل يَكْفِي
لِلتيانِ بِهذِه السنّة ..نعم ف وقتِنا هذا-مثل-إذا كانتْ تَخْرُج بِوَاسِطةِ الطائِرَة فإذا اغتَسَلَتْ ف
بيْتِها قبلَ خُرُوجِها مباشَرَة فل بأس-لنّها تَمُرّ على اليقات وهي ف الطائِرَة ول تَتَمَكّن مِن
الغتِسال أو تَتَمَكّن ذلك إنْ تَمَكّنتْ بِمَشَقّة-فَلْتَغْتسِل مِن بيْتِها لحرامِها وَلْتُحْرِم عندَما
تُحَاذِي اليقات؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
مِن حلقة 3رمضان 1425هـ ،يوافقه 18/10/2004م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :1الرأةُ ،هل يُشترَط لِسفرِها إل الج أن يَكون ذو مَحر ٍم معها ؟
ج :إ ّن العلماء قد اختلَفوا ف هذه السألة:
-1ذهبت طائف ٌة كبِيةٌ منهم إل أنّ الرأةَ لبد مِن أن يُراِفقَها ذو مَحرمٍ منها إذا ذهبتْ إل الج.
ث عن النب ، eوعلى تقدِي ِر عدمِ دخولِه فإنه مِمّا يُعلَم والزوجُ دا ِخلٌ ف الحرَم كما ثبتَ ذلك ف الدي ِ
بِالضرورةِ أنه َيصِحّ لَها السفر معه ،إذ إنه أوْلَى مِن بقيةِ الحارِم.
ح معهم
ت طائف ٌة مِن أهلِ العلم إل أنّ الرأةَ يَجوز لَها أن تَذ َهبَ إل الجّ مع جاعةٍ مِن أه ِل الصل ِ -2وذهب ْ
نساء ،وقال بعضهم " :أن يَكونوا مِن أهل العلم " ..اشترَط أن يَكونُوا مِن أهلِ العلم.
ومِن العلوم أ ّن الفْيصَل ف هذه القضية كغيْرِها مِن بقيةِ القضايا الشرعِية هو الدليلُ الشرعِي ،وقد َثَبتَ-عن
النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم-مِن طريقِ بن عباس رضي ال تبارك وتعال عنهما-أ ّن النب eنَهى الرأةَ
ي نوعٍ مِن أنواعِ السفَر إلعن السفَر إل مع ذِي مَحرَم منها ،فهذا الديثُ حديثٌ صحِي ٌح ثابِت وهو يَشمل أ ّ
شَيتْ على دِينِها أو خافتْ على نفسِها ،وذلك كما ما اسُتثْنِي مِن أنّ الرأة تُسافِر مع غيْر ذِي الـمَحرَم إذا خ ِ
جا َء عن بعضِ الهاجِرات أننّ هاجَ ْر َن مع غيْرِ ما ِر ِمهِ ّن مِن مكّة الك ّرمَة إل الدينة النوّرَة ،أما ما عدا ذلك فل
ولسيما أنّ الديث قد جاء فيه أنّ رَجُل ذَكَرَ لِلنب eعندَما سَمعَ هذا النهي أنه قد ا ْكتََتبَ ف غزوةِ كذا وأنّ
َزوْجَه تُرِي ُد الج فَأمَرَه النب eبِأن يرج إل الج مع امرأتِه ..كما جاء ذلك ف الديث الصحيح.
ول شك بِأنّ القول بِأنّ الرأة ليس لَها أن تُسافِر إل الج أو العمرة إل مع زوجٍ أو مَح َر ٍم منها هو القولُ
القوي الذي يَنبغِي أن يعتمد عليه ولسيما ف هذا الزمان.
فالرأةُ إذا كانتْ ل َتجِدُ زوْجا أو مَحرَما منها فإنا َتَتأَخّرُ عن الج حت يَمُنّ ال-تبارك وتعال-عليها بِأن
يُسافِ َر معها زوجُها-إن كان لَها زوج-أو ذو مَح َرمٍ منها ،أما أن تُسافِ َر مع غيْرِ زوجِها أو مِن غيْ ِر مَحا ِرمِها
478
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ت إليه-كما قلتُ-طائفةٌ كبِ َيةٌ مِن أهلِ العلم ،وهذا القول فإنّ ذلك مِمّا ل َيصِح على هذا القول الذي ذهب ْ
هو الذي أَعتَمِدُه ،لِما رأيناه مِن الفاسِد الت تَترتّب على سفَ ِر الرأةِ مع غيْرِ زوجِها أو مِن غيْرِ ذِي مَحا ِرمِها،
حت إذا لَم يَثُبتْ-مثل-الديث فكيف وهو حديثٌ صحِي ٌح ثابِت ل شك ف ثبوتِه عن النب صلى ال عليه
وعلى آله وسلم.
فإذن الرأ ُة ل تُسافِر إل مع زوجِها أو مَح َر ٍم منها مِن أقا ِربِها سواء كان ذلك بِسببِ قرابَة منها-كما أشرتُ-
أو بِسببٍ مُباح ..تَسافِر الرأة مع أبيها أو جدّها وإن عل ومع ابنها أو ابن ابنها أو ابن ابنتها وإن نَزَل وتُسافِر
مع أخِيها وابن أخِيها وابن أختِها وإن نَ َز َل وتُسافِر مع عمّها ومع خالِها ،وكذلك تُسافِر مع مَن لَه علقة بِها
ت عن النب εأنه قال ( :يَحرُم مِن الرضاع ما يَحرُم مِن
مِن الرضاع كالعلقةِ الت ذكرناها مِن النسب لِما ثب َ
النسب ) فهذا الديثُ واضِح الدللة على أنه يَحرُم مِن الرضاع ما يَحرُم مِن النسب فمَن كان كصفة من
ذكرناه سابقا كان أبا لا من الرضاع أو جدا لا من الرضاع أو ابنا لا من الرضاع أو ابنا لبنها أو لبنتها من
الرضاع أو أخا لا أو عما لا أو خال لا أو كان أيضا ابنا لخيها أو لختها من الرضاع فإنم يسافرون معها
بشرط أن يكون ذلك الرضاع ثابتا ،أما إذا كان مشكوكا فيه بأن-مثل-أدخل ذلك الطفل ثدي تلك الرأة ف
فمه ول يعلم هل مص منها أو ل فإن هذا من المور الشتبهات فمثل هذا ل يصافح تلك الرأة وأيضا ليس لا
أن تسافر معه وهكذا بالنسبة إل كل ما يتعلق بأحكام الرضاع ،والرضاع ل يشترط فيه العدد كما ذهب إليه
بعض أهل العلم بل الصحيح أنه إذا ثبت الرضاع ولو كان مرة واحدة فإنه يثبت به الكم وذلك لظاهر القرآن
ولظاهر الحاديث الثابتة عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وما جاء مالفا لذلك فقد رددنا عليه با فيه
الكفاية بشيئة ال-تبارك وتعال ،-وهكذا بالنسبة إذا كان هنالك سبب من السباب الباحة شرعا وذلك كأن
تسافر الرأة مع من يرم عليها بسبب مباح شرعا ،تسافر الرأة-مثل-مع أب زوجها أو جده سواء كان ذلك
من جهة أبيه أو من جهة أمه وإن عل أو أن تسافر مع ابن زوجها أو ابن ابنه أو ابن بِنته وإن نزل أو أن تسافر
كذلك مع زوج أمها أو زوج جدتا وإن عل وهكذا بالنسبة إل زوج بِنتها وزوج بنت بنتها وإن نزل لكن
يشترط بالنسبة إل زوج الم وزوج الدة وإن علت الدة ..يشترط فيه أن يكون قد دخل بالم أو دخل
بالدة وهكذا بالنسبة أن لو علت الدة ،أما إذا كان مرد عقد فإنه ل يكون بذلك مرما منها بلف زوج
البنت أو بنت البن أو بنت البنت فإنه بجرد عقده عليها-على ابنتها-يكون مرما للم ويكون مرما للجدة
وهكذا؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :ما مقدار السن بالنسبة للمحرَم إذا كان هذا الحرم ولدها ؟
ج :لبد أن يكون بالغا ،وبعض العلماء يرخص إذا كان مناهزا للبلوغ بأن كان يدري بكل ما يدور حوله ،أما
إذا كان صبيا صغيا أو ما شابه ذلك فهذا ما ل قيمة له ..الصل أن يكون بالغا لكن ف حالة الضرورة
479
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
القصوى إذا كان مناهزا للبلوغ بقيت سنة أو ما شابه ذلك فبعض العلماء يرخص ف ذلك ،وهكذا بالنسبة إل
عقد النكاح فإن بعض العلماء يرخص إذا كان ذلك الصب يعقل ..فإنه يرخص ف أن يعقد على الرأة ولكنن
ل أرى ذلك بل أقول إنه لبد من أن يكون بالغا ..نعم إذا كان مناهزا للبلوغ فهو يُرخص فيه على رأي
بعضهم ..ف حالة عقد النكاح ينبغي أن يأذن ذلك الصب ولكن لبد من إذن غيه من هو أبعد منه أو من
إذن الاكم معه ،أما ما يُرخص فيه بعض أهل العلم ما هو أقل من ذلك فل نراه لن العلة معلومة من هذا
وليس مرد أن يكون ذكرا وإنا أن يكون يعرف ما يدور حوله ويعرف ما يضُر تلك الرأة الت هو مرم منها
وما ينفعها وما شابه ذلك ،أما أن يكون مرد ذكر فهذا ما ل ينبغي أن يعتمد عليه وإن قال به من قال ،وف
القيقة-كما أشرت من قبل-مَن نظر إل بعض الفاسد الت تقع وعلم بذلك فإنه لبد من أن يشدد ف قضية
الج والعمرة مع غي الزوج ومع غي الحرم ،ث إن الرأة باجة إل من يأخذ بيدها عندما تطوف وعندما
تسعى ولسيما ف حالة الزحام ،وقد سعنا أن بعض النساء يسكن ف رجال أجانب منها وقد يسك ذلك
الجنب بيدها ويطوف با وقد تنشأ بعد ذلك علقات بينه وبينها لنا ترى أنه قد صنع لا معروفا ولبد من
أن تكافئه باتصال أو مكالة أو ما شابه ذلك ،وهذا-على كل حال-ما ل يصح ..نعم لو وقعت امرأة فلبد
من أن يملها النسان حت تقوم على رجليها أما أن تتعمد الرأة أن تذهب مع أجنب منها فهذا ما ل يصح
أبدا ..هذا ما أراه؛ والعلم عند ال.
س :إذن نفهم من هذا أنه ف حالة عدم وجود الحرم ل تعتب الرأة مستطيعة ؟
ج :نعم ..تتأخر الرأة حت تد زوجا أو مرما ،لكن إذا ل تد أبدا بعد ذلك هل يب عليها أن تأمر غيها
أن يج عنها أو أن توصي بذلك ؟ ف ذلك خلف بي أهل العلم ،ول شك أن السلمة أن تؤجّر من يج
عنها إذا صارت آيسة من وجود الزوج أو الحرم أو أن توصي بذلك.
س :ف حالة وجود الحرم لكنه ل يلك الال وهي تلك الال ،هل يب عليها أن تعطي مرمها الال
ليحج معها ؟
ج :أما الوجوب فيحتاج إل شيء من النظر ،ولكنن أحث ذلك الحرم بأن يرج مع تلك الرأة وأحثها هي-
أيضا-أن تعينه بشيء من الال الذي يكن أن يذهب معها إذا حصل عليه فيكون هنالك تعاون بي تلك الرأة
وبي مرمها ول شك بأنه إذا ذهب سيحصل على أجر عظيم بشيئة ال-تبارك وتعال-إذا كان صالا ..أوّل
سيؤدي الج ولو كان قد حج من قبل سيؤدي حجة نافلة وف ذلك من الفضل ما ل يفى ،كما جاء عن
النب ( : eوالج البور ليس له جزاء إل النة ) ،وجاء عنه أيضا ( :من حج ول يرفث ول يفسق رجع من
ذنوبه كيوم ولدته أمه ) ،إل غي ذلك من الحاديث الدالة على فضل الج وعظم منلته والجر العظيم
والثواب الكبي الذي يصل عليه من أداه طاعة ل-تبارك وتعال-وامتثال لمره Iوكان بارا ف حجه ذلك ل
480
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
يرتكب معصية من معاصي ال تبارك وتعال ،فإذن ل ينبغي له أن يفرط ف إعانة هذه الرأة على طاعة ال
وسيكون له الجر بشيئة ال من ناحيتي ..من تأديته للحج ومن إعانته لذه الرأة الت ترغب ف تأدية فريضة
ال-تبارك وتعال-عليها ،وهي ينبغي لا ألّ تبخل بالال عليه ،فمال هذه الدنيا ذاهب ،فإذا أعانت هذا الرجل
الذي يذهب معها لتأدية الج ففي ذلك من الي ما ل يفى ،أما الوجوب فيحتاج إل شيء من النظر ،لن
القول بوجوب ذلك فيه ما فيه ،كما ل يفى ،فإذن-كما قلتُ-أحث الرأة الت ل تد مرما إل إذا أعانته
بشيء من الال ألّ تبخل بذلك؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
س :2ما حكم ذهاب الرأة للحج رفقة مموعة من النساء بدون أن يكون عندها مرم رجل ؟
ج :على كل حال؛ أستأذنك قبل كل شيء أن أجيب ولو بواب متصر جدا على سؤال الج السابق الذي
سألت عنه هذه الرأة لعلها تريد أن تذهب إل الج وقبل كل شيء أنبه إل أنه ينبغي للنسان أن يكون
حريصا على طلب العلم سواء كان ذلك من قراءة الكتب أو من سؤال أهل العلم أو من دروسهم أو ما شابه
ذلك من الوسائل الت يصل با العلم الشرعي ،وما نلحظه على كثي من الناس أنم ل يهتمون بطلب العلم
وإنا يهتم الواحد أن يسأل عن مسألة وقع فيها أو أنه يريد أن يأت با ف الستقبل أو ما شابه ذلك وقد ييب
بعض أهل العلم عن تلك السألة قبل ذلك بقليل أو قبل يوم أو ما شابه ذلك ول يهتم بتلك السألة ..يكون
مشتغل بالديث مع فلن أو فلن أو ل يطلع على تلك البامج الت تذاع فيها تلك الحاضرات أو تلك
الدروس أو تلك الجوبة أو ما شابه ذلك ويفوته خي كثي من السائل الشرعية ،فطلب العلم فريضة على كل
مسلم وإن كنا ل نقول بأن الكل من الفرائض ولكن بعضه من الفرائض والبعض الخر من النوافل الت ل
ينبغي التفريط فيها.
بالنسبة إل هذا السؤال قد ذكرنا-ف الواب الذي مضى قبل قليل-أنّ الرأة إذا أرادت الج لبد من أن
تذهب مع زوج أو مرم منها ،وأنه ل يصح لا أن تذهب مع مموعة من النساء معهن بعض أهل الصلح ..
هذا الذي ذهبت إليه طائفة كبية مِن أهل العلم ،وعليه إن ل تد الرأة زوجا أو مَحرما منها ف ذلك الوقت
فلتتأخر حت تتمكن من الذهاب بعد ذلك ف سنة من السنوات القادمة بشيئة ال-تبارك وتعال-مع زوجها إن
كان لا زوج أو مع ذي مرم منها ،و-قلنا إنه-ينبغي أن يُنظر إذا ل تد الرأة مرما إل إذا بذلت له الال بأن
كان فقيا أو ما شابه ذلك و-قلنا إنه-ل ينبغي لا أن تفرط ف بذل الال ،أما القول بوجوب ذلك عليها فإنه
يَحتاج إل شيء من النظر ،وحت نتمكن من ذلك فإنن ل أقوى على الزم ف ذلك بشيء ،لكن-كما قلتُ-
ينبغي التعاون بي الفريقي ..ينبغي لذه الرأة أن تبذل الال وينبغي لذلك الرجل ألّ يأخذ منها إل مقدار ما
يؤدي به الج ويرجع إل وطنه ..هذا الذي نعتمده لا ذكرته ف ذلك الواب.
481
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وبعض العلماء يُرخص أن تذهب الرأة مع رجال من الثقات الصالي معهم بعض النساء من مارمهم؛ ولكن
ي وقت هذا القول ل ينبغي التعويل عليه ،ولسيما ف هذا الزمان لشدة الزحام بل ول ينبغي التعويل عليه ف أ ّ
من الوقات لنه مالِف لِظاهر الديث الثابت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ونن ل نقطع العذر
ف هذه السألة ول نقول إنا من السائل القطعية ولكن نقول :إن ذلك القول هو القول القرب للصواب،
وعلى تقدير صحة تأويل من تأوله من أهل العلم فكما قلتُ ف هذا الزمان ل ينبغي أن يؤخذ بذلك ،لن ذلك
إذا كان ل يستدعي أن تسك الرأة بيد رجل أو يسكها رجل ويطوف با وقد تتاج إل حل أو ما شابه
ذلك ف الزمنة الغابرة فإن الزمان قد اختلف ف هذه اليام ،وقد سعتُ أنه وقع ف العوام الاضية أ ّن بعض
النساء اللت ذهب إل الج قد ذهب للطواف مع رجال أجانب عنهن وقد أمسكت بعض النساء بيد رجل
أجنب منها فهل يكن أن نقول بواز ذلك ؟! هذا ما ل يصح ..نعم-كما قلتُ -إذا كان هنالك وقع حادث
..وقعت امرأة فإنّ على الرجل أن يقوم بمل تلك الرأة حت تقوم ،أما أن يتعمد ذلك أو أن تتعمد هي ذلك
من قبل فهذا ما ل يصح ،فهذا الذي أراه وأعتمد عليه؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
س :5ما هي شروط استئجار الج ؟ وهل يصح أن يُستأجر أو أن يُحج عن غي الول وهو من ل
يكن على طاعة ؟
ج :على كل حال؛ النابة ف الج ثابتة ف سنة النب εثبوتا ل شك فيه ،فقد جاء ذلك من عدة طرق عن
النب-صلوات ال وسلمه عليه-ودعوى من ادعى بأن ذلك خاص بأولئك أو ما شابه ذلك ما ذكره بعض
أهل العلم مردود على صاحبه ول داعي للطالة بالجوبة الت أجيب با عن ذلك ،فالنابة إذن ثابتة ل إشكال
فيها فمن كان عاجزا بسبب مرض أو كب سن ول يستطيع أن يذهب ف الال ول ف الستقبل إل الج
بسب الظاهر فإن له بل عليه أن ينيب غيه لتأدية فريضة الج عنه سواء كان ذلك بسبب مرض ل يرجى
الشفاء منه بسب الظاهر أو بسبب كب السن ،أما إذا كان يرجو الشفاء من ذلك الرض فل ،وهكذا بالنسبة
إذا أوصى شخص بالج عنه وقد مات فإنه يؤدى عنه ذلك الج هذا ل إشكال فيه ،أما بالنسبة إل هل
للنسان أن يذهب بتأدية الج عن شخص ل يتوله ؟ هنالك أمران الول أن بعض أهل العلم ينع من ذلك
وبعضهم ييز ذلك ،والقول بواز ذلك بشرط أن ل يدعو له هو القرب إل الصواب فليس له أن يصه بدعاء
وإنا يدعو لعموم السلمي فإن كان ذلك الشخص داخل ف عموم السلمي بأن تاب وأناب إل ربه-تبارك
وتعال-ول يعلم هو بتوبته فإنه يكون داخل ف ذلك العموم وإن كان بلف ذلك فإنه ل يدع له بي
الخرة ،نعم إذا كان ذلك الشخص حيا فيمكن أن يدعو له بالداية إل الطريق الستقيم لنه بالمكان أن
يرجع إل ال-تبارك وتعال-أما اليت فقد انتهى أمره ول يكن أن يهتدي بعد انتقاله من هذه الياة الدنيا،
لكن بقي أن النسان قد يكون ل يتول شخصا لنه ل تقم عليه الجة بولية ذلك الشخص فإذا ذهب لتأدية
482
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الج عنه فإنه لن يدعو له على سبيل الستقلل ويكون ذلك الشخص ف حقيقة الواقع من أهل الصلح ولكن
هو ل تقم عليه الجة فمثل هذا ل ينبغي أن يذهب هذا الشخص أن يج عنه إل إذا أخبه أو ما شابه ذلك
ولكن قد يكون ف الخبار شيء من المور الت ستعقب ذلك ما ينبغي أن ل يقع فيه النسان فإنه إذا قال له:
"لن أدعو لك" أو "أنا ل أدري بالك" أو ما شابه ذلك فإنه ما لشك فيه بأنه سيقع ف نفس ذلك الشخص
من هذا النسان ،نعم إذا دعاه إل التوبة إل ال والرجوع إليه Iأو ما شابه ذلك وتاب ورجع إليه Iوثبتت
وليته فالمر ل إشكال فيه ،فإذن من حيث الواز هنالك شيء لكن-كما قلت-يكن أن نقول بواز ذلك
ولكن بقي ما ذكرناه من اللحظة الت لبد من اعتبارها ،بقي هناك أن كثيا من الناس يهتمون بمع حطام
الدنيا الفانية فتجد الواحد منهم يذهب يبحث عن شخص يج عنه ويراعي البلغ ،إذا كان هذا البلغ أكثر من
غيه فإنه يج عن ذلك الشخص ولو كان ذلك من أعصى العصاة أما إذا وجد رجل صالا ول يبذل له ما
يريد من الال فإنه لن يلتفت إليه مثل هذا ف حقيقة الواقع ل يكن أن نقول إنه يوز له أن يج عن غيه ،ذلك
لن النسان ينبغي له عندما يذهب أن يج عن غيه أن ينوي بذلك أن يصل إل تلك البقاع وأن يدعو له
ولعموم السلمي ولذلك الشخص الذي يج عنه إن كان من أهل الصلح وكذلك أن يعي ذلك الشخص
على طاعة ال-تبارك وتعال-أما أن يكون قصده أن يمع هذا الطام الفان فهذا ما ل يقل به أحد من أهل
العلم؛ والعلم عند ال.
س :7هل يَجوز لِمَن حَ ّج الفريضة على حساب الدولة أن يَحج َحجّة أخرى بنية الفريضة أيضا مِن
ماله ؟
ج :لاذا ؟! تقول هذه الرأة الناقلة بأنه مشكوك فيه .. 1ل أدري ما هو وجه الشك ،فل ينبغي للنسان أن
يلتفت إل مثل هذه الشكوك والوساوس ،فإن ل يكن هذا الال حراما فل ينبغي له أن يلتفت إل ذلك ،كيف
يكون ذلك ؟! ل أدري مِن أيّ جهة ..إذا كان مِن الدولة ل شيء عليه بشيئة ال تبارك وتعال ،أما إذا كان
شيئا مِن الؤسسات الحرمة أو ما شابه ذلك فإنه إذا احتاط لمر دِينِه فإنه ل شك أنه ِممّا ينبغي له أ ّل يُفرّط
فيه ،أما أن نقول بوجوب ذلك عليه فعلى كل حال هذا مِمّا ل نقوى عليه ،لنه أدّى تلك الفريضة ،فإذن إن
كان هذا الال الذي ذهب به مِن مؤسسة مرمة أو ما شابه ذلك فالمر يَختلِف ،أما إذا كان-كما تقول-مِن
الدولة فل شيء عليه وإن كان يريد بعد ذلك أن يذهب لتأدية حَجّة نافلة أو ما شابه ذلك فإنه مِمّا ل ينبغي
للنسان أن يُفرّط ف عمل الي بشرط ألّ يؤذي غيْرَه ،فإ ّن كثيا مِن الناس-كما نشاهدهم-يذهبون إل الج
ف كل عام مِن العوام ويكون هنالك زحام شديد جدا جدا ..يُؤذُون غيْرَهم مِن الكبار ومِن الرضى أو ما
-1يبدو أنّ الشيخ سع " مشكوك " بدل مِن " مشغول " ،والسؤال كما ورد ف الكالة هو " :نظرا لنّه عندما ذهب ف الرة الول على نفقة
الدولة كان مشغول ف بعض المور فهو يود أن يعوض بأن يذهب على نفقته ،هل يوز له أن يذهب الن مرة ثانية بنفقته وينوي فريضة ؟ ".
483
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
شابه ذلك ،فإن أدّى المر إل أَذِية الخَرين فإ ّن النسان ينبغِي لَه أن يتأخّر ف تلك السنة أو ف ما شابه ذلك
ض أمورِ البِر إن كان يُرِيد اليْر وليُحسِن النية وعندما يتمكن مِن الذهاب إل الج ويُنفِق تلك الموال ف بع ِ
مِن غيْرِ أَذِية لغيْرِه مِن السلمي فليذهب بشيئة ال تبارك وتعال.
س :8من أراد الج وعليه دين ربوي ؟
ج :إذا كان ربويا فعليه أن يتخلص من ذلك عليه أن يتوب إل ال-تبارك وتعال-من ماربة ال-تبارك
ل وَ َرسُولِهِ [ { ...سورة البقرة ،من الية ] 279 :عليه أن يتوب
ب مّنَ ا ِ
حرْ ٍ
وتعال-ورسولهَ ... } :فأْ َذنُوا بِ َ
إل ال-تبارك وتعال-وأن يتخلص من هذه العاملة قبل أن يرج من هذه الدنيا إل عذاب ال-تبارك وتعال-
فهذا إن كان يريد أن يتوب ،أما إذا كان ل يريد أن يتوب ف حقيقة الواقع ول أعن بذلك ما يلقلق به كثي
من الناس ألسنتهم يدعي الواحد يقول" :أريد أن أتوب" وهو ل يسلك طريق التوبة يلس السنوات الطويلة
وهو ل يتخلص من هذه العاملت فإن كان ل يريد أن يتخلص الن فليذهب لتأدية الج حت ل يمع بي
معصيتي بي معصية إقامته على ماربته ال-تبارك وتعال-ورسوله بأخذ هذا الال الرام أو بالتعامل بذه
2
العاملة الحرمة وبتأخي الج وإن كان هذا الج ل يتقبل منه لن ال-تبارك وتعال-ل يتقبل إل من التقي
وكيف يكون هذا متقيا ل وهو ملعون على لسان رسول ال εمارب ل-تبارك وتعال-بنص كتابه
سبحانه ؟! ولكنه قد أدى هذه الفريضة بعن أنه ل يطالب با بعد ذلك مرة أخرى؛ وال-تبارك وتعال-ول
التوفيق.
س :9من عليه دين وليس عنده الوفاء لكن جهة عمله تتكفل بإرجاع الق لصحابه على تقدير وفاته
؟
ج :إذا ثبت هذا حقا بأن تلك الهة تقوم بعد ذلك بتأدية هذا الال إل أصحابه وكان هذا الدين مؤجل أو
كان صاحبه يرضى بالتأخي فل بأس بذلك بشيئة ال-تبارك وتعال-أما إذا كان هذا الدين حال فلبد من أن
يدفع الال إل صاحبه إل إذا أذن له بذلك ،ث أيضا ل ينبغي للناس أن يرجوا غيهم تد الواحد يذهب إل
غيه "يا فلن أنا أريد الج وأريد منك أن تؤخرن" أو ما شابه ذلك فكثي من الناس على كل حال سيقولون
لذا السائل "اذهب إل الج" لكن هل هم راضون بذلك حقا ؟ قد يقول قائل العبة با ذكروه وال أعلم با
صدورهم نقول له لبد من النظر والتأمل ف هذا المر فقد يقول لك النسان بلسانه وهو ل يرضى بذلك،
الصل أن تؤدي هذا الال إل صاحبه ول تذهب إل الج إل بعد أن تؤدي ما عليك لكن إذا كنت واثقا من
صاحبك مطمئنا إليه تام الطمئنان كما يعرف عند أهل العلم بالتعارف أو ما شابه ذلك فل بأس بذا بشيئة
ال-تبارك وتعال-أما إذا كان المر بلف ذلك فل ،وكثي من الناس يدعون بأن هذا من المور الت
-2قال الشيخ " :ل يتقبل مِن التقي " وهو سبق لسان.
484
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
يتعارفون عليها أو بأنه واثق من أمر صاحبه ولكن المر بعكس ذلك يتساهلون ف هذه المور يدّعون أن
هنالك عُرفا بينهم ف هذه القضايا وف غيها من القضايا وليس هنالك عرف ف حقيقة الواقع ،إذن لبد من أن
يكون واثقا من ذلك تام الثقة أما إذا كان مرد ظن وتمي أو ما شابه ذلك فهذا ما ل يُلتفت إليه.
س :10على تقدير أنّ الحرم سيصاحب هذه الرأة ف سفره لكن مصاحبته لا تكون ف اللتقاء با-
مثل-ف مكة أو ف ...؟
ج :لكن والطريق ؟
س :قد يذهب هو بالطائرة وتلتقي هي به بعد أو العكس.
ج :حقيقة هذا ما ل ينبغي التساهل فيه فلتذهب معه ف الطائرة أو ف غي الطائرة.
س :11إن كانت الرأة تشى أن يدركها اليض ف فترة الناسك ،هل لا أن تتأخر عن الج أو
العمرة بسبب هذا ؟
ج :ال أعلم؛ إذا كانت تريد أن تذهب إل العمرة فإن كانت تعرف بأنه سيأتيها هذا اليض على حسب
عادتا ولبد من أن ترجع إل بلدها ف تلك الدة فل يكن أن ترِم لن ف ذلك من الصعوبة ما ل يفى قد
ترم ث ترجع إل بلدها وتبقى شهرا أو شهرين أو أكثر وهي مرمة وف هذا من الشقة ما ل يفى لكن إذا
كانت-مثل-ذهبت وتظن بأنا ستطهر قبل ذلك أو أنه لن يأتيها اليض قبل ذلك فيمكن أن تشترط فإذا
اشترطت ول تتمكن من تأدية تلك العمرة فل بأس بذلك على رأي من يقول بالشتراط ونن نقول بالشتراط
لن ذلك ثابت عن النب eودعوى أن ذلك خاص بتلك الرأة أو أنه منسوخ ما ل يُقبل ،أما الصوصية فإنه
ما ل دليل عليها ،والصل أن ما ثبت للواحد يثبت لغيه إل إذا دل دليل على التخصيص ،وأما دعوى النسخ
فإنا مردودة لن ذلك من أواخر الحكام ول يأت ما ينسخه ،ولكن بقي هل يباح ذلك لثل اليض أو ما
شابه ذلك ؟ عندما تكون هنالك ضرورة ملحة فيمكن أن نقول بذلك ولكن ل ندعو إل التساهل كثيا ف
مثل هذه القضية ،أما بالنسبة إل الج إذا كانت الرأة تعرف بأنا لن تتمكن من التيان بالج وهي طاهرة
وطبعا الذي يشترط فيه الطهارة هو الطواف أما بالنسبة إل الوقوف والسعي إل غي ذلك من المور الخرى
كالرمي والبيت بالزدلفة والذبح وما شابه ذلك ..هذه المور ل تشترط فيها الطهارة وإنا الذي تشترط فيه
الطهارة هو الطواف فإذا كانت تعرف بأنا لن تتمكن من التيان بطواف الزيارة فل يكن أن تذهب إل إذا
كانت تعرف بأنا سترجع ويكن بعد ذلك أن تذهب بعد مدة ل يشق عليها ذلك فل إشكال ف ذلك أما أن
تذهب وبعد ذلك ترجع وتبقى مدة طويلة فهذا قد يشق عليها كثيا ولزوجها عليها حقوق إن كان لا زوج
..له حق الوطء ومن العلوم أن الرأة إذا كانت مرمة ل يكن أن توطأ بل ول ما هو أقل من ذلك حت
اللمس إذا كان بشهوة والتقبيل والضم وما شابه ذلك ..هذه المور ل تصح ف حق الُحرِم ،فإذن العتب
485
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الطواف فإذا كانت يكن أن تتأخر هنالك عن الرفقة والمر يسي ف هذا الزمان تأت ف طائرة أو تأت ف ناقلة
مع مرمها أو زوجها فلتتأخر وإن كانت يكن أن ترجع بعد ذلك بدة قصية فل بأس بذلك بشيئة ال-تبارك
وتعال-أما إذا كانت ل يكنها ذلك فلتتأخر ف هذه السنة ولتذهب ف سنة أخرى بشيئة ال تبارك وتعال ،أما
بالنسبة إل عمرة التمتع فل إشكال ف ذلك إذا أتاها اليض فلتُدخل الج على العمرة وتكون قارنة كما
فعلت السيدة عائشة بأمر النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ..إذا ل تتمكن من الطواف قبل عرفة
فلتدخل الج على العمرة وتكون قارنة ولشيء ف ذلك بشيئة ال تبارك وتعال ،وهكذا بالنسبة إل طواف
الوداع فإنه ل يلزمها ..هذا أمر لبد من التنبه إليه وقد وقعت ف السنوات الاضية على حسب ما سعت ..
وكثي من السائل ف هذه القضية ولعلنا ننبه على ذلك ف مناسبة أخرى بشيئة ال تبارك وتعال ،ل ّن هنالك
ت فيها بعضُ النساء مِمّا يبطل الج أو العمرة أو يؤثر فيهما أو ما شابه ذلك ،وبيان
مِن الخالَفات الت وقع ْ
ذلك ف الناسبة الت أشرتُ إليها بشيئة ال تبارك وتعال؛ وال-تعال-ول التوفيق ،وهو أعلم بكل شيء.
مِن حلقة 29شوال 1425هـ ،يوافقه 12/12/2004م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :1مَن خرج مِن مكة بعد أداء عمرة التمتع ،هل يلزمه أن يدخل إليها بعد ذلك مرما بالج ؟
ج :قد اختلفت كلمة أهل العلم فيمن أراد أن يدخل إل مكة الكرمة ول يكن يريد ف ذلك الوقت حجا ول
عمرة هل يب عليه أن يدخلها بإحرام أو أنه يوز له أن يدخلها بغي إحرام ،وقد استدل كل فريق بأدلة
متعددة وقد ذكرنا ذلك ف مناسبات سابقة فل داعي لعادتا مرة ثانية والقول الصحيح الذي تشهد له الدلة
الصحيحة الثابتة أن النسان إذا كان يريد أن يدخل إل مكة الكرمة ول يريد حجا ول عمرة أنه ل يلزمه
الحرام ،وذلك لن الديث الذي جاء من طريق بن عباس-رضي ال تبارك وتعال عنهما-نص صريح ول
يعارضه معارض معتب فكل ما استدل به من قال بلف هذا الرأي ل تقوم به الجة لضعفه وعدم ثبوته عن
النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وما جاء عن غيه-صلوات ال عليه وسلمه عليه-فإنه ل تقوم
به الجة إذ ل تقوم الجة إل بكتاب ال وبسنة رسوله-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أو ما يرجع
إليهما بوجه من وجوه الجية العروفة عند أهل العلم ،وأيضا فإن من قد أدى فريضة الج من قبل وقد أدى
العمرة الواجبة على القول بوجوبا فإنه إن ألزمناه أن يدخل بإحرام فإما أن نلزمه بعمرة أو بجة أو أن نلزمه
أن يدخل بإحرام ويطوف أو يدخل بإحرام ث بعد ذلك يقوم بلع إحرامه ،ول دليل على شيء من هذه المور
لن الطواف يصح من دون إحرام ث إنه أيضا ليس بواجب أي ل يب مستقل من دون أن يكون لج أو
عمرة ومرد الدخول ل يتاج إل إحرام ،فإذن القول الصحيح هو عدم وجوب الحرام لن أراد أن يدخل
مكة الكرمة ول يكن يريد ف ذلك الوقت حجا ول عمرة ،نعم من ل يج من قبل وكان ذلك الوقت وقتا
486
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
للحج فإنه عليه أن يدخل بإحرام للحج اللهم إل إذا كانت هنالك ظروف تنعه من الج ف تلك السنة ويريد
أن يرجع-مثل-فالمر يتلف ،وكذلك من ل يؤد العمرة الواجبة على القول بوجوبا أو العمرة السنونة فإنه ل
ينبغي له أن يفرّط ويدخل من غي إحرام ث إنه إن كان أيضا ل يشق عليه وإن كان قد أدى من قبل الج
والعمرة فإنه إذا دخل بعمرة فإن ف ذلك من الفضل ما ل يفى فل ينبغي لطالب الي والفضل أن يفرّط فيه
أما الوجوب فشيء آخر ،أما من دخل أوّل بعمرة التمتع-مثل-وأدى العمرة ث إنه رجع إل الدينة النورة
لقصد إحضار أصحابه أو لي أمر من المور أو ذهب إل جدة-والدينة خارج اليقات وجدة داخلة ف
اليقات-أو ذهب إل أي موضع من الواضع أو ذهب لعرفة أو لغي ذلك من الواضع وأراد أن يرجع إل الكان
الذي قد استقر فيه من قبل فإنه ل يلزمه أن يدخل بالج ف ذلك الوقت ،لنه وإن كان يريد أن يج ف تلك
السنة ولكنه ل يريد أن ينشئ الج ف ذلك الوقت بل هو راجع إل موضعه الذي هو فيه ذهب لحضار
حاجة أو للنظر ف أي أمر من المور أو ما شابه ذلك ،فالذي عندي أنه ل يلزمه الحرام ف ذلك الوقت وهذا
ل شك بأن فيه من الرفق ما ل يفى والدين بمد ال-تبارك وتعال-يسر ،فينبغي أن ييسر على عباد ال-
تبارك وتعال-ف المور الت ل تصادم دليل من الدلة الشرعية أما إذا كان ذلك مصادما لدليل فإنه ل يكن أن
يدعى بأن فيه تيسيا إذ ل يكن لحد أن يالف الدليل ولو كان يظهر للنسان أن فيما يالفه ..أن فيه اليسر
أو ما شابه ذلك فالعبة با دل عليه الدليل ،فإذن من ذهب إل الدينة أو إل جدة أو إل عرفة أو إل أي
موضع من الواضع وكان قصده أن يرجع إل الوطن الذي كان مستقرا فيه أو ما شابه ذلك ول يرد أن ينشئ
الج ف ذلك الوقت بأن رجع ف اليوم الثالث أو الرابع أو الامس أو السادس وهو يريد أن يرم بالج ف
اليوم الثامن فل يلزمه الحرام هذا ما أراه والعلم عند ال تبارك وتعال.
س :2مَن ل يستطيع أداء الج إما لكب سنه أو لرض أل به ،هل الوْل له أن يؤجر ف حياته أو أن
يوصي بالج ؟ وهل هو مطالب أساسا بأن يؤجّر أو يوصي وهو على هذا الال ؟
ج :أما إذا كان قد وجب عليه الج من قبل وفرّط فيه فإنه ل شك بأنه يب عليه أن يؤجّر ف الوقت
الاضر-أي ف وقت حياته-أو أن يوصي بذلك ،أما إذا ل يكن واجبا عليه من قبل فإن لهل العلم خلفا،
وقد ذهبت طائفة من أهل العلم إل أن النسان إذا كان واجدا للمال ول يكن قادرا ف يوم من اليام أن
يذهب إل الج أنه ل يلزمه أن يؤجّر أو أن يوصي بالج وذلك لن من شرط ذلك أن يكون قادرا على
الذهاب إل تلك الماكن القدسة ول يكفي أن يكون واجدا للمال ،وذهبت طائفة من أهل العلم إل أن ذلك
يب عليه واستدلوا بظواهر الحاديث فعلى هذا الرأي الثان من كان واجدا للمال ولو ل يكن مستطيعا ف
وقت من الوقات على الذهاب إل الج أو كان قادرا على الذهاب-على الركوب مثل أو ما شابه ذلك-
ولكنه ل يكن ف ذلك الوقت واجدا للمال ول يد الال إل بعد أن صار عاجزا عن الذهاب فإنه يب عليه
487
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الج على هذا الرأي ،ول شك بأن هذا الذي تؤيده ظواهر النصوص وإن كانت ليست بصرية ف ذلك
ومهما كان فهذا القول أحوط وأسلم ،فل ينبغي للنسان الذي منّ ال-تبارك وتعال-عليه بالال الطيب
اللل أن يفرّط ف ذلك لن ف مثل هذه السائل الت يشتد فيها اللف ولسيما عندما تكون الدلة أقرب ما
تكون إل ذلك الرأي فأن النسان ل ينبغي أن يفرّط فيه ،أما من حيث هل الفضل للنسان أن يؤجر ف حياته
إذا كان يعرف من نفسه أنه ل يستطيع أن يذهب أبدا إما لكب سنه أو لنه آيس من الشفاء بسب الظاهر ..
هل الفضل له أن يؤجّر ف حياته أو أن يوصي بذلك ؟ لشك أن الفضل له أن يؤجّر ف حياته ذلك ،بل
الفضل للنسان أن يؤدي ما عليه من جيع القوق ف حياته وإنا يؤخر الوصية للقارب الذين ل يرثونه فإن
الوصية للقارب ل يكن أن يؤديها النسان ف حياته بل لبد من أن تنفّذ بعد وفاته ،أما ما عليه من كفارات
أو ديون أو ما يريد أن يتبع به أو ما شابه ذلك فإن الول أن يأت به ف حياته ،ذلك لن النسان ل يدري
ماذا عسى أن يعرض للورثة أو للوصي أو ما شابه ذلك وهل سيؤدون ذلك على الطريق الطلوب أو ل ث
النسان أيضا ل يضمن أن يبقى معه الال إل أن يوت فقد يضيع منه أو قد تصيبه جائحة أو ما شابه ذلك ث
إن النسان لشك أنه إذا أداه ف حياته ..ل شك أن هنالك فرقا بينما إذا أداه ف حياته أو أداه بعد ذلك لن
النسان قد ل يبال بالال بعد وفاته أما ف هذه الياة يكون حريصا عليه غاية الرص فإذا أداه ف حياته فل
شك أنه أول من جيع هذه الوجوه؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :3ما حكم استخدام حقيبة النوم بالنسبة للمحرم ؟
ج :هي ليست من اللباس ف شيء فل نرى مانعا من استخدامها ..هذا مِن حيث الواز وعدمه ،وأما مِن
حيث الحتياط فإن احتاط النسان ول يستخدمها إل على طريق بأن قام بوضعها عليه أو ما شابه ذلك فذلك
أحوط لكن من حيث النع فل نقوى عليه لكن بشرط أ ّل يضع ذلك على رأسه لنّ إحرام الرجل يكون ف
رأسه ..نعم إذا اضطر الرجل لتغطية رأسه اضطرارا بأن كان يشى من البد الشديد أو ما شابه ذلك فلبد
من الفدية هاهنا ،أما إذا ل يضطر فل ولو قال شخص مثل " :أنا ل بأس سأعمل الفدية ..أصوم ثلثة أيام أو
أطعم ستة مساكي أو أذبح ذبيحة-وطبعا الطعام والذبح يكونان لفقراء الرم-فهذا أمر يسي " نقول له:
هذا-أوّل وقبل كل شيء-منوع ..ليس لك ذلك وإنا يكون ذلك ف حالة الضرورة ..عندما ل يستطيع
النسان مِن شدّة البد إل بأن يضع شيئا على رأسه فهنا هذه ضرورة وف هذه الالة نقول له " :اصنع ذلك
وافتد " ،أما إذا كان يستطيع أو قد يد شيئا مِن الشقة اليسية أو ما شابه ذلك فليس له ذلك ،والاصل إذا
غطى رأسه لضرورة لبد منها فلبد له من أن يفتدي أما إذا ل يكن مضطرا فليس له ذلك أبدا ،وهكذا الرأة
ليس لا أن تغطي وجهها أما ما عدا ذلك فل مانع مِن ذلك ..هذا ما يظهر ل ،والعلم عند ال تعال.
س :4من أراد الذهاب إل الج وليس لديه مال ،هل له أن يقوم بمع تبعات ...؟
488
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :القيقة؛ ليس للنسان أن يسأل الناس ل ف الج ول ف غيه إل إذا وصل به الال إل أن يشى على
نفسه اللك يسأل شيئا يأكله وهذا بعد أن يطرق الوسائل ول يد مرجا من ذلك فهنالك حاجة ضرورية
جدا جدا فيباح له بقدار ما يسد حاجته ،ومن العلوم أن ذلك قد ل يتاج له النسان ف حياته اللهم إل
لبعض الفراد النادرين ،أما بالنسبة إل الج فليس له ذلك ول لغي الج كما أشرت ،والمد ل والنة والفضل
أن ال-تبارك وتعال-ل يفترض الج إل على الستطيع من عباده فما دام هذا الشخص ل يد الستطاعة فإنه
ل يب عليه الج وإذا وجدها ف يوم من اليام فليبادر إل ذلك؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :5ما حكم السعي بي الصفا والروة بالنسبة لجة الفراد ؟
ج :السعي لبد منه ..اختلف العلماء ف السعي هل هو ركن من أركان الج وكذا العمرة أو هو من
الواجبات ،وعلى كل رأي من الرأيي ل يصح ترك ذلك على سبيل العمد وإنا الفرق بي ذلك أن لو تركه
النسان لسبب أو لخر هل لبد من التيان به وإل فإن حجه يعد فاسدا باطل وهكذا بالنسبة إل عمرته إن ل
يأت به ف وقت يصح التيان به فيه أو أنه يُجب بغي ذلك ،أما أن يترك النسان ذلك فل ،وأخشى ما أخشاه
أن يكون قد التبس المر على هذه الرأة ..سعَت بعضا من أهل العلم يذكر أن النسان يكن أن يأت بسعي
الج بعد طواف القدوم مباشرة وأنه إذا أتى به ف ذلك الوقت فليس عليه أن يسعى بعد طواف الزيارة ،وهذا
حق وقد قالت به طائفة من أهل العلم وهو الذي أراه وهو الذي تؤيده الحاديث الثابتة عن النب صلى ال
عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،فالنسان عندما يكون مفرِدا للحج إما أن يطوف طواف القدوم وبعد ذلك
يسعى ول سعي عليه بعد طواف الزيارة لنه قد أتى به من قبل ،وإما أن يؤخر السعي ويأت به بعد طواف
الزيارة ..هذا ل إشكال فيه ،بقي ما هو الفضل ؟ قد يقول قائل :الفضل أن يؤخر النسان السعي إل ما بعد
طواف الزيارة ،ذلك لنه يكون صحيحا بإجاع الكل بينما إذا قدمه يكون قد دخل ف خلف أهل العلم لنّ
بعض العلماء يقول " :إنه ل يقدم النسان السعي على طواف الزيارة " ..بقي هل يكن أن نقول بتفضيل هذا
خروجا من عهدة اللف قد يقول بذلك بعض أهل العلم وقد ل يقال بذلك بل يقال الفضل أن يأت النسان
با ثبت عن النب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم وصحابته-ونن نعلم أن النب εعلى الصحيح كان قارنا
فهو عندما أتى بالسعي بعد طواف القدوم كان قارنا ولكن إذنه εلصحابته-رضوان ال تبارك وتعال عليهم-
بأن يأتوا بذلك بعد طواف القدوم هو الجة بل ذلك كان شائعا عندهم رضوان ال-تبارك وتعال-عليهم،
فأرى أن الفضل أن يلتزم النسان بالسنّة الثابتة عن النب εوإنا يلجأ إل الروج من اللف عندما يكون ف
المر شيء من اللتباس ،أما عندما تكون السنّة واضحة جلية ل غموض فيها فل ينبغي أن يراعي اللف
ويترك السنّة الثابتة عن النب εفإذن السعي لبد منه ،فأخشى ما أخشاه-كما قلتُ-أن يكون المر قد التبس
ت شبيها بذه السألة وقد ذكرتُ بعض ذلك ف بعض الناسبات ..مِن ذلك أنّعلى هذه الرأة ،لنن سع ُ
489
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
بعض النساء ك ّن يأتي بتكبية الحرام عند الدخول ف الصلة ول شك بأن تكبية الحرام ركن من أركان
ت بعض النساء أنّ الرأة ل تأت بالقامة فظنت بأنا ل تأت بتكبية
الصلة الت ل تصح الصلة إل با ،فسم َع ْ
الحرام أيضا ،ولعل بعض الناس يريد أن يبسّط المر للنساء فيقول " :ل تأت بالتكبي " ويقصد بذلك التكبي
الذي هو ف القامة " ..ل تأت بتكبي القامة " أي بالتكبي وما بعده فظنّت بعض النساء أنا ل تأت بتكبية
ت بعض النساء تكبية الحرام لدة طويلة بذا السبب ،وهذا فيه مِن الطورة ما فيه كما ل يفى الحرام فترك ْ
لن صلة من ل يأت بتكبية الحرام باطلة ل تصح ،وكذلك بعض النساء سعن أن الائض ل تطوف بالبيت
وحقا الائض ل تطوف بالبيت ذلك لن الطواف بالبيت من شرطه الطهارة فمن ل يكن طاهرا وكان قادرا
على الطهارة فل يصح منه الطواف ،وقَول " :إذا كان قادرا على الطهارة " أريد أن أخرج بذلك من كان
مبتلى بسلس البول أو ما شابه ذلك ..أي ل يستطيع أن يكون على طهارة فهذا مبتلى عليه أن ياول قدر
طاقته وأن يضع شيئا على موضع خروج البول ث يتوضأ ويطوف وهو معذور ف ذلك بشيئة ال ،أما الائض
فإنا تستطيع أن تنتظر حت تطهر وبعد ذلك تطوف ،عندما سعَت بعض النساء أن الائض ل تطوف جاءت
وسعت ث قصرت وظنت بأن عمرتا قد انتهت أو أن حجها قد انتهى لن الائض ل تطوف ،ول شك بأن
هذا ل يصح لن الطواف ركن من أركان العمرة وكذلك بالنسبة إل طواف الزيارة ،نعم طواف الوداع تعذر
منه الائض على القول الصحيح الذي تدل له السنة فإذا كانت الائض قد أتت بطواف الزيارة واستمر با
اليض إل أن أرادت أن ترج من مكة الكرمة فإنا تعذر من طواف الوداع ول يب عليها دم هذا هو القول
الصحيح الذي تنص عليه السنة الصحيحة الثابتة عن النب ، eفإذن النسان ف هذه المور وف غيها من
المور الشرعية لبد أن يكون متيقنا ف أمره فإذا كان ل يدري ..يظن أن هذا يصح بدون كذا أو بكذا أو ما
شابه ذلك فلبد من أن يسأل عن حكم تلك القضية وليس له أن يفعل أو أن يترك ما ل يدري حكمه
الشرعي ،أؤكد على قضايا الج وعلى غيها من القضايا الشرعية لن كثيا من الناس يرجعون وهو ل يؤدوا
فريضة الج ،وف السبوع الاضي سألن بعض بأن امرأة ل تأت إل الن بطواف الزيارة للحج من السنة
الاضية وأن أخرى قد فسد طوافها بسبب انتقاض وضوئها ف الطواف ورجعت الول وكذا الثانية والول ل
تأت بالعمرة والثانية ل تأت بطواف الزيارة الذي هو ركن من أركان الج ،فمن كان واقعا ف هذه المور أو
ف ما شابها عليه أن يسأل عن الاضي ماذا عليه ؟ وعليه ألّ يأت ف الستقبل إل با يعرف حكمه.
من هنا أيضا أعذرن أريد أن أنبه على قضايا البوب الت تستعملها النساء لنع العادة الشهرية ،ل شك أن أهل
العلم قد اختلفوا ف استخدام موانع اليض بقصد الطواف ،فمن أهل العلم من ينع من ذلك على الطلق
ويقول إنه ل يصح استعمال ذلك ومن استعملت ذلك فليس لا أن تطوف ف وقت عادتا ،ومنهم من ذهب
إل مشروعية ذلك مطلقا سواء خرج اليض أو ل يرج ،ومنهم من ذهب إل التفصيل فقال إن استعملته قبل
490
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
خروج اليض ول يأت اليض فل بأس ،أما إن استعملته بعد أن خرج اليض فليس لا ذلك ،هذه القوال
موجودة ومن حيث الراجح بغض النظر عن الحوال الت تعتري ذلك فإنه إذا انقطع اليض سواء استعملت
هذه الوانع قبل خروج اليض أو بعد خروجه فإن الطواف يصح ،لكن-طبعا-بعد خروجه-بعد الغتسال من
ذلك-الطواف يصح لنا ف تلك الال طاهرة ..لا وعليها أحكام الرأة الطاهرة من حيث الصلة والصيام
والج والطواف وقراءة القرآن والعاشرة الزوجية وما شابه ذلك من المور الت لا تعلق باليض والطهارة،
لكن بقي أن هذه البوب أو هذه الوانع قد تقطع اليض ف ذلك الوقت ولكنه بعد ذلك يأت بعد فترة وجيزة
ويستمر الدم مدة طويلة فل تدري هل ذلك الدم هو دم حيض أو هو دم استحاضة وقد ينقطع وتؤدي الج
تأت بالطواف وتنتهي من ذلك ولكن عندما ترجع تفاجأ بأن هذا الدم ل يأت على الوجه السابق ..تستمر
مدة طويلة يستمر با الدم ول تدري هل هو دم حيض أو استحاضة ،وبعض النساء اللت استعملت هذه
الدوية لزالت تعان من ذلك من السنة الاضية ول تدري هل هذه الدماء الت ترج منها هي دم حيض-
وتتعلق به ما يتعلق من السائل الشرعية-أو هو استحاضة ..ل تدري هل تصلي أو ل تصلي وهكذا بالنسبة
إل الصيام أو ما شابه ذلك ،وقد قال العلماء قديا إن مسائل اليض بر ل ساحل له فماذا عسى أن يقال بعد
استعمال هذه الوانع ؟! ،فأرى للمرأة أن تترك هذه الوانع وأن تتأخر ..تطلب من مرمها أو زوجها أن يتأخر
معها وبعد ذلك تأت بشيئة ال-تبارك وتعال-بعد أن تطهر بطائرة أو تأت بالنقل البي وهو يسي وقيمته
يسية بمد ال-تبارك وتعال-وإن كانت ل تقوى على ذلك ف هذه السنة مثل فلتتأخر إل السنة القادمة
بشيئة ال-تبارك وتعال-مافة أن تقع ف الحظور الذي أشرنا إليه ،وقد تقول بعض النساء " :إن بعض النساء
قد استعملن ذلك ول يتأثرن بذلك " ..حقا وقع ذلك لبعض النساء ولكن ل تدري هذه الرأة ماذا عسى أن
يقع لا ..هل سيقع لا كما وقع للسابقات أو للخيات اللت استعملن ذلك ول يتأثرن بذلك ،وقد تستعمل
الرأة هذه الرة ول تتأثر بذلك وتستعمله مرة أخرى وتتأثر بذلك ،ومع أن بعض النساء اللت تأثرن بذلك قد
استشرن بعض الطبيبات ولكن مع ذلك ل جدوى من ذلك ..وقع الضرر والعياذ بال تبارك وتعال ..فحذار
حذار مِن الوقوع ف هذه الورطات الت قد ل تَجِد الرأة مرجا منها بعد ذلك ،و-حقيقة-أمر الصلة ليس
بالمر الي وهكذا بالنسبة إل غيها من العبادات من صيام وغيه؛ فأدعو ال-تبارك وتعال-أن يوفق الميع
لا فيه الي ،والعلم عند ال تعال.
س :6هل الفضل أن يتكبد النسان الذهاب إل الج بدون أن يلتحق بالقاولي مع ما يقدمون من
عرض وتسهيلت ؟ هل الوْل أن يذهب معهم أو أن يذهب بنفسه ؟
ج :ينظر كل إنسان ما يتعلق به لكن على كل حال لبد أن يراعي النسان أيضا غيه ،بعض الناس يذهبون
من غي أن يتفقوا مع مقاول أو مع مموعة أو ما شابه ذلك ث يأتون بعد ذلك ول يدون مكانا يستقرون فيه
491
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ويقومون بإيذاء غيهم أو ما شابه ذلك يقوم الواحد بالسكن ف موضع قد خصص لغيه أو ما شابه ذلك،
فليس للنسان أن يؤذي غيه لبد من أن يرتب أموره من قبل أن يذهب لن الزمان قد اختلف هنالك فرق
شاسع كبي بي زماننا هذا الذي تذهب فيه فئات كبية جدا جدا من الناس كما هو مشاهد وبي الزمنة
الغابرة الت تذهب فيها طائفة قليلة من الناس وتكون الماكن الت يسكنها الناس ف أيام من-خاصة-واسعة
يسكن النسان ف أي موضع أراد ،لبد-الاصل-للنسان أن يتدبر ولبد من أن يرتب أموره أما إذا كان يد
هنالك مكانا ول يؤذي غيه فالمر يتلف أما إذا كان ل يد بعد ذلك أو يعرف من نفسه بأنه لن يد إل إذا
قام وفرض نفسه هكذا على غيه وآذاه فأذية السلمي ل تصح.
س :7ف عرفة ،مَن اعتمد على خطبة الذياع بعد صلة الظهر والعصر َج ْمعًا ؟
ج :على كل حال؛ من العروف أن النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-قد خطب ف يوم عرفة بعد
أن زالت الشمس ..خطب-صلوات ال وسلمه عليه-خطبة واحدة وما جاء أنه خطب خطبتي فإنه ل
يصح ،وقياس ذلك على خطبت المعة أيضا ل يصح ،لن هذا القياس فاسد العتبار لنه مصادم للنص
الصحيح الثابت من فعل النب εمن أنه خطب خطبة واحدة ،وكما قلت إن ما ذُكر من أنه خطب خطبتي
فإن ذلك ل يصح من حيث إسناده فل يكن التعويل عليه حت ولو ل يعارضه معارض فكيف وقد عارضه
الديث الصحيح الثابت اللي الذي ل غموض ف دللته ول اعتراض عليه أيضا من حيث إسناده ..خطب
النب εخطبة واحدة وأيضا الناس استمعت إل خطبة النب εوهذا الزمان طبعا ل يتيسّر أن تكون هنالك
خطبة واحدة ف عرفات وقد اختلف الناس منهم من قال تكفي خطبة واحدة والبقية تصلي من غي خطبة،
ومنهم من يأخذ بأن يطب خطيب لكل مموعة ،وهذا هو الذي يري عليه العمل لكن لو أن جاعة-مثل-
أخذت بطبة الطيب الت استم َعتْ إليها بواسطة مكبات الصوت وصلت من غي خطبة ف الاضي فل شيء
عليهم بشيئة ال تبارك وتعال.
س :8هل مِن رخصة لِلنساء ف عدم الرمي نظرا لِلزحة ؟
ج :إذا كنّ ل يستطعن على الرمي نعم لن رخصة بل وللرجال رخصة ..مَن كان ل يستطيع على الرمي
لرض أو كب سنّ أو ضعف أو ما شابه ذلك ..ل يستطيع على الرمي فإنه ُينِيب غيه وهو معذور بشيئة ال
تبارك وتعال ،أما مَن كان قادرا على الرمي سواء كان رجل أو امرأة فإنه ل يُعذر مِن الرمي لنه نُسُك مِن
مناسِك الج ،وقد فرّط الناس فيه كثيا ف الزمنة التأخرة ..ند كثيا مِن الناس حت مِن الرجال الذين
يستطيعون على الرمي يَتركون ذلك ويُنيبون غيهم لنّ النابة صارت أمرا عاديا وهذا مِمّا ل يَصح ،فالرأة إذا
كانت مريضة أو كبية أو عاجزة بِأيّ عجز أو كانت ف حالة َحمْل أو ما شابه ذلك ..الاصل إذا كانت ل
تستطيع على الرمي فإنا تُعذر وْلُتنِب غيها ،أما إذا كانت قادرة فل تُعذَر مِن ذلك ،وقول " :قادرة " ل
492
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
يشترط أن تكون قادرة ف الوقت الفلن فإذا كانت ل تقدر-مثل-ف صباح العاشِر فلتذهب ف وقت العصر
أو حت بعد الغرب أو حت بعد العشاء ..مَن كان يستطيع على الرمي ف النهار ل يَنبغي له أن يُفرّط ف ذلك،
أما مَن كان ل يستطيع على الرمي إل ف الليل فيجوز له ذلك وليس له أن ينيب غيه ،وكذلك مَن ل يستطع
على الرمي بعد الزوال ف أيام التشريق 1وقبل غروب الشمس فبإمكانه أن يرمي بعد غروب الشمس ،ومن ل
يستطع ف ذلك اليوم فبإمكانه أن يرمي ف اليوم الذي يليه ،أما أن يتعذر ببعض العذار الواهية الت ل تفى
على الذي ل تفى عليه خافية فذلك ما ل يصح وليخش عقوبة ال تبارك وتعال.
كثي مِن الناس تاونوا بذه الشعية ولكن-والمد ل-انتبهتْ طائفة مِن الناس لِذلك لكن ل زالت طائفة
تُعارِض بذلك بدعوى أنّ فلنا قد أفت بكذا أو ما شابه ذلك ،ونن إذا جئنا إل السنّة الصحيحة الت هي
الفيْصل ..الفيْصل الكتاب والسنّة ولك ّن الكتاب أشار إل هذه القضية والسنّة وضحت أيّما إيضاح فإنا تَدلّ
دللة صرية واضحة ل غموض فيها أنّ الرأة ترمي فهي تنادي بأعلى وتصرخ بأقوى حجّة أنّ نساء النب-
صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وغيهن مِن نساء السلمي قد رمي ،وأما ما جاء ف بعض الروايات ( ورمينا
عن النساء ) فتلك رواية باطلة عاطلة فاسدة كاسدة معارضة لِلصحيح الثابت مِن سنّة النب eفهي مِن
الضّعف مِن حيث السناد بكان ،أما مِن حيث الت فباطلة ل يكن التعويل عليها ..أحاديث تنادي-كما
قلتُ-برمي النساء ،وهكذا العلماء مِن عهد الصحابة إل يومنا هذا يُصرّحون بذا وهو أنّ الرأة عندما تكون
قادرة على الرمي فلبد مِن أن ترمي هي نفسها؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
س :لعل السائل يشي إل أنه ليست السألة مِن عدم القدرة الطلقة وإنا الضعف الركب ف ذات
الرأة ؟
ج :على كل حال؛ نن شاهدنا كثيا مِن النساء يرمي ومعن ذلك أنّ ذلك مِن المور الت تستطيع عليها
النساء ،أما أن يَحتج بعض الناس-مثل-بأنه قد أسقط امرأة أو ما شابه ذلك فقد يَحتج أيضا غيه ويقول إنّ
طائفة مِن الرجال قد ماتوا ف بعض السنوات فهل معن ذلك أنّ الرجال ل يرمون ؟!
لكن مِن المور الت يؤسف لا أ ّن كثيا مِن الناس يَظنّون أ ّن الشيطان عند المرات والمر بعكس ذلك إنا
هذا أُقيم مِن أجل ذكر ال تبارك وتعال ..الرمي كغيه مِن بقية الناسك وليس لنّ هنالك شيطانا يُقيم ف
تلك الواطن ولذلك َتجِد كثيا مِن الناس مِن الهلة الغمار يَذهبون وهم ف أش ّد الغيْظ على الشيطان مِن
أجل أن يرموه بِحسب زعمهم ولذلك تَجد الواحد " :رميت الشيطان " أو ما شابه ذلك ،وهذا-على كل
حال-كلم ل أساس له مِن الصحة ..هذه خرافة ..نعم النسان يغيظ الشيطان ف كل عبادة مِن العبادات ..
إذا صلى وإذا صام وإذا حج أو أتى بِأيّ ركن أو شرط مِن هذه العبادات أو مِن غيها مِن طاعة ال هو يغيظ
الشيطان لكن أن يغيظه ف هذه فهذا كلم فارغ ل قيمة له ..على كل حال يذهبون بذه النية ولذلك تَجِد
الواحد مستعدّا لِلزحام أو ما شابه ذلك ..لو أتوا بِهذه الناسك على حسب ما هو مشروع لكان المر يسيا
بمد ال.
ث إنّ كثيا مِن الناس يذهب الواحد ف الوقت الفلن ولبد مِن أن يرمي ف ذلك الوقت لكن ل بأس إذا
ذهب ف الوقت الفلن ول يَجد زحاما فليم ،وإذا وجد زحة مِن الناس فليتأخّر ولو لدة ساعة أو أكثر ..
يَبحث عن مكان آمن وليجلس فيه هو ومن معه مِن الرجال والنساء وعندما يكون المر يسيا بمد ال-تبارك
وتعال-فل بأس بذلك.
بعض الناس يشوّشون ويقولون-مثل-إنّ العال الفلن أو العال الفلن قد قالوا " :إنّ الرمي يكون بعد الزوال
" وكأ ّن هؤلء العلماء يصرون ذلك ف تلك الساعة ولذلك هم يطلبون الرخصة بِأن يكون الرمي ف وقت
الضحى أو ما شابه ذلك ..على كل حال العال ل يَملك بأن يَقول :يُرخص ف كذا أو ما كذا أو ف كذا ..
إنا هو يعتمد على الدليل ،فما دل الدليل عليه ذهب إليه وما دل الدليل على خلفه ذهب إليه ..نعم بعض
الحيان تكون هنالك احتياطات فالحتياط إن ل تكن مشقة قد يأخذ به النسان وقد يتركه إن كانت هنالك
مشقة بل قد يتركه النسان حت لغي مشقة ،أما هنا المر واضح ..النب εرمى ف ذلك الوقت ول يثبت
عنه أنه رمى قبل ذلك ول أنه أذن لحد مِن أصحابه فكيف يكن للنسان أن يأذن بعد ذلك ؟! أما أن يبحث
وينقّر ف الكتب حت يَجد واحدا مِن العلماء زلّ وأخطأ ف مسألة مِن السائل وذهب إل خلف السنّة فهذا
مِمّا ل ينبغي أن يُلتفت إليه بل يُلتمس العذر لِذلك العالِم ول يُتابَع على خطئه ..هذا ما يقول به العلماء
الربانيون ،فالمر-كما قلتُ-ليس مصورا ف وقت الزوال فليم النسان بعد زوال الشمس ف اليوم الادي
عشر والثان عشر والثالث عشر إل غروب الشمس وف اليوم الادي والثان عشر لنّ الثالث عشر ل يكن
الرمي بعد غروب الشمس ..بإمكانه ف الادي عشر والثان عشر أن يرمي ف الليل إن ل يتمكن حت أن
يرمي ف الليل فليم ف اليوم الثان ،وف هذا مِن اليُسر والسهولة ما هو واضح ..هو أيسر مِن قول بعض
العلماء الذين قالوا يكن الرمي قبل الزوال ولكنه ينتهي بغروب الشمس ..هذا أيسر مِن ذلك بكثي ،ث إنّ
العبادة يكن أن تُقضى بعد وقتها ولكن ل يكن أن تُقدّم عن وقتها إل بدليل على أنن ل أقول إنّ ذلك مِن
باب القضاء لنّ النب εأذن للرعاة بأن يؤخروا ول يكن أن يأذن لم بالقضاء وإنا ذلك يكون أداء لكن ل
ينبغي الترخص ف الرمي ف الليل أو ف اليوم الثان إل عند وجود الاجة.
وهنا-أيضا-أريد أن أنبّه إل أمر مهِم ..بعض الناس يظنون أنّ الزوال يكون بالساعة الثانية عشر ،فهم يذهبون
وينظرون إل الساعة الثانية عشر عندما تصل الساعة إل ذلك قاموا بالرمي يظنون أنّ ذلك وقت الرمي هكذا
..هذا خطأ ..نن نشاهد ف بلدنا هاهنا تزول الشمس ويي وقت الظهر ف بعض الحيان قبل الساعة
494
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
الثانية عشر وف بعض الحيان بعد الثانية عشر وف بعض الحيان قد يكون ف الثانية عشر فإذن العبة بزوال
الشمس ل بالساعة الثانية عشر ..يأتينا بعض الناس ف أيام الج يقول " :أنا رميت ف الساعة الثانية عشر "
ويظن أنّ ذلك هو الوقت فإذن ل يكن أن نقول ذلك يكون ف الساعة الفلنية ..ذلك يتلف باختلف
الوقات ..قد يكون ف بعض الشهر ف الساعة الفلنية ويكون ف بعض الشهر ف الساعة الفلنية بل ف
بعض اليام ف الساعة الفلنية وف بعض اليام ف الساعة الفلنية.
هذا وأدعو ال-تبارك وتعال-أن يأخذ الناس بكتاب ربم وبسنّة نبيهم ..أدعوهم جيعا للخذ بكتاب ربم
وسنّة نبيهم ف أمر الج وف غيه مِن أمور العبادات والعاملت وف غيها مِمّا له علقة بِشرع ال تبارك
وتعال؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق ،وهو أعلم بكل شيء.
مِن حلقة 6ذو القعدة 1425هـ ،يوافقه 19/12/2004م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عام 1426هـ
495
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ختَرَع مَصنوع ل يثبت أبدا ،فل ينبغي َلنَا أن نُسَمّي ذلك الوضع بِهذه الرواية الوضوعة وهذا كلم موضوع مُ ْ
الخترعة الصنوعة بل ينبغي َلنَا أن نُحَارب مثل هذه التسميات ،لنّها مكذوبة ..نعم إذا اضطُر النسان
اضطرارا إل ذِ ْكرِ ذلك كأن يسأله سائل " :مِن أين أُ ْحرِم ؟ " فإذا قال له " :مِن ' ذي الليفة ' " ل يعرف
ذلك لكن إذا قال له " :مِن ' أبيار علي ' " عَ َرفَ ذلك فللضرورة أحكامها الاصة وينبغي له أن يُعلّمه
بِالتسمية الصحيحة ،فإذا كان مِن أهل " الدينة " أو مَ ّر بالدينة-أي إذا جاء مِن جهة أخرى و َم ّر بالدينة-فإنه
حرِم إذا كَانَ يريد الج أو العمرة أو يُحْرِم مِنْ " ذي الليفة " ،وليس له أن يتجاوز ذلك الكان إل وهو مُ ْ
كان يريد أن يأت بالج والعمرة معا.
وإذا كان مِن أهل " الشام " وتلك الهات الت يأت أهلها-أيضا-مِن جهة " الشام " فإنّهم يُحرمون مِن "
ح ِرمُون مِن " رَابغ " لنّ "
حفَة " وهي اليقات الصلي لكن كان لِمدّة طويلة مِن الزمن ..كان الناس يُ ْ الُ ْ
ض الكتابات وف ذلك الوضع مسجد الحفة " كانت خَرَابا ولكنها عُمّرَت الن على حَسْب ما رأيتُ ف بع ِ
فينبغي الرجوع إل الصل ،لنّه هو الثابت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ..نعم إذا جاء
أهل " الشام " ومَنْ كان على جهتهم إل " الدينة " فإنّهم يُحرِمون مِن " ذي الليفة ".
كذلك الذين يأتون مِن جهة " العراق " الصل يُحرمون مِن " ذات عرق " ولكنه الن ل يَمُر على ذلك
الوضع طريق أبدا فل يُمكن الرور بالسيارات على ذلك الوضع وإنّما يَمُرّ أهل " العراق " ومَن يأت مِن
ناحيتهم ..إمّا أنّهم يَمُرّون على " الدينة " فيُحرمون مِن " ذي الليفة " أو أّنهُم يَمرون على " الرياض "
ح ِرمُون مِن " قَرْن " ..فإذا أتوا مِن تلك الهة أحرموا مِن " السيل ". ونواحيها فل يأتون على " السيل " ويُ ْ
ح ِرمُون مِن " السيل " ..مِن " قرن كذلك بالنسبة إل أهل " نَجد " وإل أهل " نَجد اليمن" أيضا فإنّهم يُ ْ
النازل ".
وَأمّا بالنسبة إل أهل " اليمن " فإنّهم يُحرمون من " يََلمْلَم ".
ومَنْ لَم يأت على تلك الواضع-الن الناس تقريبا يأتون على تلك الواضع-ينظرون إل أقرب ميقات
ويُحْ ِرمُون مِن ُمحَاذَاته ..إذا كانوا أقرب إل " ذي الليفة " فإنّهم ُيحْ ِرمُون مِن ُمحَاذَاة ذلك وإذا كانوا أقرب
مِن " ذات عرق " فإنّهم يُحرمون مِن مُحاذاة " ذات عرق " وهكذا بالنسبة إل بقية الواقيت.
حرِم مِن جهة اليقات الذي يَمر مُحاذيا له. وهكذا بالنسبة إل مَن جاء ف باخرة ف البحر فإنه يُ ْ
وأما الذين يأتون على الطائرات فل شك أ ّن الغَالبية العظمى يَمُرّون عَلَى الواقيت ..يَ ُمرّون أَعلها فإذن
يُحْرِمُون مِنَ الوضع الذي يَمرون أعلى منه مِن اليقات ،وإذا كانوا ل يَمرون مِن أعلى اليقات مباشَرة فإنّهم
يُحرمون مِن مُحاذاة ذلك لكن مِنَ العروف أنّ الطائرة تسي بسرعة كبية جدا فإذا أخذ النسان يستَعِد مِن
أعلى اليقات فإنه سيتجاوز ذلك وذلك مِمّا ل يَجوز ،فإذن لبد مِن أن يستعِد قبلَ ذلك ..إذا كان يريد أن
496
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
يتوضّأ أو ما شابه ذلك فليستعد قبل ويلبس ملبسه فعندما يكون ُقَبيْلَ ذلك الوضع ينوي الحرام-وأريد بالنية
هاهنا النية القلبية-ويقول " :لبيك عمرة " ثُم يأت بِالتلبية ..ل يتجاوز اليقات إل وقد َلبّى ..هذا لبد منه،
لنّ النسان لبد مِن أن يأت مِن أعلى اليقات أو يأت-أيضا-ف جهة أخرى مُحاذية لذلك ..نعم إذا جاء مِن
الهة الغربية ..مِنْ غرب جدّة مباشَرة فإنّه ف هذه الالة ل يَمر على ميقات بناء على رأي كثرة كاثرة مِنْ
أهل العلم بِأنّ الواقيت ل تُحِيط بِالرم تَماما ..أي أنّ ذلك الوضع ل يكون مُحَاذِيا لشيء مِن الواقيت وهذا
هو الظاهر ل إل الن ،ف ِم ْن تلك الهة ..الذين يَأتون ف البواخر مِن تلك الهة أو الذين يأتون ف الطائرات
ضيّقة جدا جدا مِن تلك الهة ل يَمرون بِميقات َفبِإِمكان هؤلء أن يؤَخّروا إل " جدّة " ولكن هي مَنْ ِطقَة َ
فا َلوْلَى لَهم أن يُحْ ِرمُوا عندما يُحَاذُون اليقات الذي يكون أَقْرَب إليهم ،وهم إما أن يُحاذوا " السيل " وإما
أن يُحاذوا ذا الليفة أو 1الحفة ،لكن لَو أتوا مِن تلك الهة وهي جهة صغية جدا جدا فبالمكان ،لكن معنا
ف الهة الشرقية وهكذا بالنسبة إل أهل الهة الشمالية والنوبية وبعض الجزاء مِن الهة الغربية لبُد مِن أن
يُحَاذوا ميقاتا مِن الواقيت فلبد مِن الحرام مِن ذلك الكان ول يَجوز لَهم أن ُيؤَخّرُوا ذلك.
ي بِخلف ذلك وهو أنّه " :بِإ ْمكَان الناس أن ُيؤَخّروا ذلك إل الوصول إل وقد انتشَر عن َد بعض الناس رأ ٌ
الطَار وذلك لنّ الذي يَمُر مِن أعلى اليقات ل يكون مَارا على ميقات ول مُحاذيا له " ،وهذا القول مِن
البطلن بِمكان ،وتقريره يَحتاج إل إطالة ،وربّما يكون ذلك ف وقت آخر بشيئة ال تبارك وتعال.
فال ّق القيق بِالقبول أنه ليس لحد أن ُيؤَخّر ذلك فعليه أن يستعِد مِن قبل ويسأل أهل الطائرة ويُحْرِم مِن
خبِر فليحْرِم مِن قبل نصف ساعة تقريبا، ذلك الوضع َ ..يتَقَدّم قليل مَخَافَة أن يتجاوز اليقات وإن لَم يُخْبه مُ ْ
فل بأس مِن الحرام قبل اليقات لجل الضرورةَ ،أمّا ف حالة عدم الضرورة فل ينبغي لحد أن يَتقَدّم على
ذلك ،ل ّن النب εلَم يُحْرِم قبل اليقات وأمر بالحرام مِ ْن تلك الواقيت ولنا فيه-صلوات ال وسلمه عليه-
السوة السنة؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
س :3مَن سافر ِلمُهمة عمل إل مكة أو إل جدة ثُم أراد أن يعتمر ،مِن أين يُحرم ؟
ج :ل يَخلو من أحد أمرين:
إما َأ ْن يُريد أن يعتمر ..عندما خرج من بلده كان قَاصِدا لن يعتمر وهذا لبد من أن يُحرم مِن عند اليقات
..لبد من أن يُحرم من اليقات.
وإما أن يريد أن يذهب إل ذلك الؤتَمَر أو إل ذلك العمل ولكن إذا بقي هنالك وقت ..إذا بقي ُمتّسَع مِن
الوقت وحصلت له فرصة فإنّه سيذهب لتأدية العمرة وإن لَم يبق شيء من الوقت فإنه سيجع إل بلده ،فهذا
حرِم مِن ذلك الوضع إذا لَم يعزم على العمرة فيذهب ويقضي مآربه وبعد ذلك إن أراد أن يُحرِم بالعمرة فإنّه يُ ْ
-1الظاهر أنّ الشيخ سحب مِن كلمه " :ذا الليفة أو ".
497
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
كان من الِل أما إذا كان ف الرم فلبد من أن يَخرج مِن الرم ..إذا كان يريد أن يُحرم بعمرة لبد من أن
يَخرج من الرم إل الل ويُحرم من الل ،أما إذا كان-مثل-يذهب إل جدة أو إل أي مكان آخر داخل
الواقيت وخارج من الرم فإنّه يقضي مآربه وبعد ذلك إنْ أراد أن يعتمر فليحرم من ذلك الوضع الذي هو
فيه ،وهكذا بالنسبة إل الذين يعيشون ف تلك الواطن أي الذين يعيشون بَيْ َن اليقات وبي الرم فإنّهم
يُحرِمون من ذلك الكان.
حرِم ؟
س :8بالنسبة للمرأة الائض إذا سافرت للعمرة ،مِن َأيْ َن تُ ْ
ج :إذا كانت هذه الرأة تُرِيد العمرة ولكن َأتَاهَا اليض َقبْلَ أن َتصِل إل اليقات وهي لزالت مُرِي َدةً للعمرة
فلبد مِن أن تُحرم مِن ذلك الوضع لتغتسل كما أمر النب eأسْمَاء بأن تغتسل وهي نُفساء والائض ف ُحكْمِ
النفساء وتَصِل إل مكة الكرمة وَتنْتَظِر حت ت ْطهُ َر وَتتَ َطهّر فإذا َطهُرَت وت َطهّرَت فإنّها تأت بعد ذلك بِمَناسك
سفْرَة بسبب العمرة ..تطوف وتسعى وُت َقصّر ،أما إذا كان عندما أَتَاهَا اليض َنوَت أن ُت ْلغِي العمرة ف تلك ال ّ
حرَم أو الزوج الذي يُرافقها ل يُمكنه أن ينتظرها حت ارتباط تلك الَ ْملَة الت هي فيها ..مثل كان ذلك الـمَ ْ
تطهر وتغتسل وُتكْمِل َب ِقيّة مناسك العمرة فهاهنا تُ ْلغِي تلك العمرة ،هي لَم تُحْرِم بِها مِن َقبْل ..لو كانت
أحرمت بِها من قبل فالمر يَختلف لكنها لَم تُحْرِم على حَسب السؤال ..لتترك نِيّة العمرة ولتذهب مع
أصحابِها وبعد ذلك تَرْجِع وتعتمر مرة أخرى بِمشيئة ال تبارك وتعال ،لكن-مثل-لو طَهُرَت واغتسلت قبل
حرِم مِن هناك وتؤدي مناسك العمرة ،قد تكون أَ ْن ترجع إل بلدها فإنّها ف هذه الالة تذهب إل الّتْنعِيم وتُ ْ
حرَم أو ذلك الزوج الرافق لتلك الرأة أنّه لَن يتمكن لن يبقى عادة الرأة-مثل-ستة أيام وَيعْرِفُ ذلك الـمَ ْ
ِلهَذِه الدة َف ُهوَ يريد أن يَخرج مِن مكة الكرمة بعد ثلثة أيام-مثلَ-فهَذه الرأة تذهب هكذا إل مكة الكرمة
شتَرَط أن
من غي إحرام لكن لو قَدّ ْرنَا أنّها طهُرَت بعد ثَلثَة أيام أو طَهُرَت بعد يومي بناء على أنّ اليض ل يُ ْ
تَمكُث الرأة لِمُدة ثلثة أيام َفصَاعِدا كما هو الصحيح الراجح ..وهذا وإن كان مُخَالِفا للمشهور-طَبْعا-ف
قضية مُدّة اليض لكنّه هو الذي أَرَاه وهو مذهب طائفة كبية مِنْ أهل العلم ..إذا َطهُرَت بعد ثلثة أيام-
مثل-فتغتسل وتذهب وتُحرم من التنعيم ول تؤمر هاهنا بأن ترجع إل اليقات لنا عندما تاوزت اليقات ما
كانت تنوي العمرة ،وكذلك-مثل-لو أراد بعد ذلك ذلك الزوج أو ذلك الحرم أن يتأخر قال " :ل بأس
أبقى لِمدة ستة أيام أو أكثر " مثل فلتصنع ما ذكرناه ،أما ما تفعله بعض النساء بأنّها تتجاوز اليقات من غي
إحرام وهي تنوي العمرة وتصل إل مكة الكرمة وتبقى هناك حت تطهر وتغتسل ثُم بعد ذلك تذهب إل
التنعيم فهذا مِما ل يصح أبدا ،ف هذه الالة عليها أن تتوب إل ال وأن تندم على ما فرّطت من أمرها وأن
ترجع إل ذلك اليقات:
498
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
بعض العلماء يقول لبد مِن أن ترجع إل ذلك اليقات الذي َمرّت عليه ولَم تُحرم منه وهي تريد الج أو
العمرة.
وبعض العلماء يقول ل يلزم أن ترجع إل ذلك اليقات بل ترجع إل أي ميقات من الواقيت.
والواقيت هي المس السابقة وليس الّتْنعِيم من تلك الواقيت كما يظنه بعض الناس ..إذا كانت َمرّت على
ذي الليفة-مثل-على الرأي الول لبد من أن ترجع إل ذي الليفة ول يَجوز لَها أن تذهب-مثل-إل السيل
حفَة-مثل-فلبد حفَة أو إل يلملم ..لبد من أن ترجع إل ذي الليفة ،وإذا كانت مَرّت على الُ ْ أو إل الُ ْ
حفَة أو إل أبعد منه إل ذي الليفة ،كذلك إذا َمرّت على السيل لبد مِنْ أن ترجع إل من أن ترجع إل الُ ْ
السيل أو إل ميقات أبعد إل ذي الليفة أو الحفة أو يلملم-مثل-أمّا أن ترجع إل ميقات أقرب فعلى هذا
الرأي ل ..إذا مَرّت على ذي الليفة ل يُجزيها أن تُحرم من أي ميقات آخر وإذا َمرّت على الحفة فإنه
يُجزيها أن تُحرم من الحفة أو من ذي الليفة أما من يلملم الذي هو أقرب من الحفة أو من السيل الذي
أقرب من الحفة فل ،وذهب بعض أهل العلم إل أنّها يُجزيها أن تُحرم من أي ميقات من الواقيت ولبد من
أن تُحرم من واحد من الواقيت ل أن تذهب إل التنعيم أو ما شابه ذلك من مواضع الِل كما يتصوره بعض
الناس ،ومع ذلك عليها التوبة إل ال وبعض العلماء يُلْ ِزمُها مع ذلك أن تفتدي ولكن إذا رجعت إل اليقات
جوّزا وإل الصل وتابت وأنابت إل ال-تبارك وتعال-فقد يُرَ ّخصُ لَها ف عدم الدم ،وعَبّرْتُ بالفدية هاهنا تَ َ
أن ل ُي َعبّر بالفدية لن الفدية على التخيي وهذا ل تَخيي فيه فلبد من الدم على رأي من يقول بذلك.
فإذن خلصة ما ذكرناه إذا كانت هذه الرأة تُرِيد أن تعتمر أو تريد الج فلبد من أن تُحْرِم من اليقات وإذا
كانت قد أَْلغَت ذلك لظروفها فهنا تذهب إل مكة بدون إحرام فإذا قدّر ال-تبارك وتعال-وقضى بأن
انتظرت تلك الماعة الت هي فيها أو طَهُرَت هي قبل اليعاد العروف فإنّها تذهب إل أيّ موضع من مواضع
الِحل وتُحرم من هناك ،كذلك الائض إذا أتت وهي حائض وهي ُمحْرِمة ليس لَها أن تطوف بالبيت ..إذا
كانت ف وقت الج تذهب إل ِمنَى وإل عرفة وإل َجمْع ولكن ليس لَها أن تطوف بالبيت تنتظر وكذلك ل
تسعى إن كانت لَم تطف لن السعي يكون بعد الطواف أما إذا أتاها-مثل-اليض بعد الطواف ..طافت
بالبيت وأتاها اليض بعد الطواف إذا كانت صَلّت الركعتي فل إشكال تذهب وتسعى لن السعى على
الصحيح ليس من البيت وإن كان يظهر لول وهلة بأنه من البيت ولكنه ل ُيبْ َن مِ َن البيت والعبة بالّتأْسِيس،
شتَرط ف السعي وما جاء عن بعضهم من اشتراط ذلك ل فَ ْلتَسْ َع وإن كانت على غي طهارة لن الطهارة ل تُ ْ
شتَرِط ذلك يصح ،والرواية الت جاءت ف ُموَطّأ مالك من رواية يَحي ليست بصحيحة فبقية الروايات ل تَ ْ
فهذه الرواية مِما شَ ّذ به يَحي فل ُي ْقبَل ذلك الشّذُوذ منه ،فلتَسْ َع ول شيء عليها وإن كانت لَم تأت بالركعتي
ف ْلُتأَخّر الركعتي تيسيا عليها وتأت بذلك بعد ذلك بِمشيئة ال تبارك وتعال ،أمّا إذا كانت ل تَ ُطفْ فلتنتظر
499
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وبعض النساء سَمعن بأن الائض ل تطوف فَأتَيْ َن و َس َعيْن وأَْلغَت تلك النساء الطواف لن الائض ل َطوَاف
عليها ف اعتقادها ..هكذا َحمَلَت ( َغيْرَ أن ل تَطُوفِي ) وهذا َخطَأ فاضح ..طواف العمرة وطواف الج
ركن من الركان الت ل َيجُوز تَرْكُها وإنّما ُتعْذَر الائض من طواف الوَدَاع فقط أمّا طواف الفاضة-أُكَرّر-
وطواف العمرة رُ ْكنَان ..طواف العمرة رُكن من أركان العمرة وطواف الفاضة الذي هو طواف الزيارة ركن
مِن أركان الج فل ُتعْذَر الائض من ذلك فلبد من الَتنَبّهِ لِهذا المر؛ وال ول التوفيق.
مِن حلقة 26جادى الول 1426هـ ،يوافقه 3/7/2005م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :9مَن أراد الذهاب إل العمرة بِالطائرة ،مِن أين يُحرِم ؟
ج :يُحرِم عندَما يُحَاذِي اليقات ..يَستعِد مِن قبل ..إما أن يَلبَس ثيابَه ف بيتِه أو ف الطار أو أن يَقوم بِلبْسها
عندَما يَكون قرِيبا مِن الـمَطار ث عندَما يُحاذِي اليقات 1ويَنبغِي لَه أن يَتقَدّم ذلك بِقليل ،لنّ الطائرة تَمر
مسرِعة على اليقاتَ 2فقَد ل يَتمكّن مِن التيا ِن بِالتلبية مِن أعلى اليقات ويَتجَاوَز ذلك ،فيستعِد مِن قبل ث بعد
ذلك عندما يكون قريبا مِن اليقات ينوي بقلبه العمرة ويسمي-أيضا-ذلك ف تلبيته ..يقول " :لبيك عمرة "
ويلب التلبية العروفة ،وليس لَه أن يُؤخّر ذلك إل مطار " جدة " مثل ،كما أنه ليس لَه أن يَرجِع بعدَ ذلك إل
حرِم مِن قبل ،وليس لَه أن يَتأخّر إل أن َيصِلَ إل اليقات ..نعم لَو أ ّن جاهل وََقعَ اليقات ..لبد مِن أن يُ ْ
َووَصَلَ إل اليقات وهو لَم يُحرِم فإ ّن عليه أن يَتوب إل ربه وأن يَرجِع إل اليقات الذي مَ ّر عليه ويُحرِم مِن
هناك ،أما مَن كان يَعرِف الكم فليس لَه أن يَتجاوَزَ ذلك أبدا.
شقّة ف ذلك والمد ل ..بِإمكانِه-كما قلتُ- شقّة " أو ما شابه ذلك ،ول مَ َ ض الناس يَقول " :ف ذلك مَ َ وبع ُ
س ثِيابه مِن بيتِه أو مِن الطار أو يُ ْمكِن أن يَلبسَ ف َد ْورَة الياه ف الطّائِرَة أو حت مِن مكانه بِشرطِ ألّ
أن يَ ْلَب َ
يَرَاه عندَما يَخَلعُ إِزارَه ..أو بِعبارةٍ أخرى ل يَرَى عورتَه أح ٌد مِن الناس ويُحرِم ول مشقّة ف ذلك ،أما بِالنسبةِ
إل الصلة فل بأس عليه إن تَ َر َك الصلة ولَم ُيصَلّ لِلحرام على أنّ العلماء قد اختلَفوا هل هنالِك صلةٌ
مشروعَة لِلحرام:
ت صلة فريضة فليُحْرِم بعدَ ت هنالِك صلةٌ لِلحرام ..مَن أرادَ أن يُحرِم فإن َحضَرَ ْ ذهب بعضُهم إل أنّه ليس ْ
الصلة.
والصوابُ أن يُح ِرمَ بعدَ أن يَستوِي على راحلتِه ،كما ثبتَ ذلك مِن طرِيقِ ابن عمر رضي ال-تعال-عنهما.
أما الديثُ الوارِد أنّ النب εأَح َرمَ بعدَ الصلة فهو حدي ٌ
ث ل َيصِح ،فالعم َد ُة ما جاء مِن طرِيقِ ابن عمر.
-1قال الشيخ " :الطار " بدل من " اليقات " والظاهر أنه سبق لسان.
-2قال الشيخ " :الطار " بدل من " اليقات " والظاهر أنه سبق لسان.
500
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ت وقت صلة وكذلك إن دَخَلَ السجد فليُصل ركعتيْن أو إذا أَرادَ أن يُصلي صلةَ الضحى إن كان الوق ُ
الضحى أو أَرادَ أن يُصلي بعدَ الوضوء أو ما شابه ذلك ،أما أن تَكون هنالِك صلةٌ خاصّة بِالحرام فليستْ
هنالك صلة خاصّة بِالحرامِ على الرأيِ الصحيح.
وذهب بعضُهم إل القولِ بِمشروعي ِة الصلةِ لِلحرام.
وفرّق بعضُهم بيْن ميقاتِ " ذي الليفة " وبيْن غيِه فقال بِمشروعيةِ الصلةِ لِمَن أَح َر َم مِن ميقاتِ " ذِي
الليفة " بِخلف مَن أَح َر َم مِن غيِ ذلك.
ول دليلَ على التفريق بل ول دلي َل على القول بِسُنية صلة خاصّة لِلحرام ،ف ْليُحرِم مِنَ الطائرة؛ وال-تبارك
وتعال-أعلم.
حلّون ث بعدَ ذلك يَذهَبون إل " التنعيم " على أ ّن كثيا مِن الناس-ولِلسف-يَأتُونَ إل مكة الكرمة وهم مُ ِ
لِلحرام ،وف هذا مُخالَفة صارِخَة لِسنّة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فمَن وَصَلَ إل مكة الكرمة ولَم
ط مِن أمرِه وأن يَرجِع إل اليقات الذي جاء منه-أو ميقاتٍ يُحرِم عليه أن يَتوب إل ربه وأن يَندَم على ما َفرّ َ
أبْعَد مِن ذلك اليقات على رأي بعضهم-فإذا جاء مِن " ذي الليفة " لبد مِ ْن أن يَرجِع إل " ذي الليفة "
وإذا جاء مِن ميقات " نَجد " وهو العروف بِالسيل فليَرجِع إليه وهكذا بِالنسبة إل َبقِيّة الواقيت.
فيَنبغِي لِلنسان أن يَتعلّم أُمورَ دِينِه وألّ يَذهَب وهو ل يَدرِي عن العمرة شيئا ..ل يَدرِي كيف يَطوف
وكيف يَسعَى ومِن َأيْ َن يُحرِم أو ما شابه ذلك ،وإن كان لَم يَذهَب مِن قبل البتّة فيَنبغِي لَه أن يَذهَب مع
شخصٍ لَه معرِفة بِمناسِكِ الج ،ومعرِفةُ هذه الناسِك متيَسّرة والمد ل ،وهنالك كتب وم ْط ِويَات وأشرطة
يُمكِن لِلنسان أن يَستعِي بِها على معرِف ِة مناسِكِه ،وما لَم يَجِدْه فيها أو ما لَم يَفهَمْه فعليه أن يَسأَلَ أهلَ
العلم.
والاصِل أنه ليس لحدٍ أن يَتجاوَ َز اليقات إذا كان يُرِيدُ حجّا أو عمرة ولو أَرا َد أن يَبقَى-مثل-مدّة ف " جدة
" أو ف غيِها مِن الناطِق اللهم إل إذا كان مُتردّدا ف الرادة ..مثل يَقول " :سأذهَب إل ' جدة ' لِقضاءِ
ت وقتا فسأذهَب إل ' مكة ' وإن لَم أَجِد وقتا فلَن أَذهَب " ففي ض الآرِب فإن تَمَكنتُ بعدَ ذلك ووجد ُ بع ِ
هذه الالة يَذهَب إل " جدة " ويَقضِي مآ ِربَه وحوائِجَه وبعدَ ذلك إذا أَرادَ أن يَذهَب إل " مكة " لِتأ ِدَيةِ
عمرة-مثل-فليُحرِم مِن ذلك الكان الذي َبقِي فيه وهو " جدة " على الثال الذي ذكرناه؛ وال-تبارك
وتعال-ول التوفيق.
س :10ما حُكم الذهاب إل الج لِمَن عليه َديْن ؟
حلّل. ج :ل يَخلو ذلك مِن أَحَد أمريْن اثني :إما أن يَكون هذا ال ّديْن ُمحَرّما ،وإما أن يَكون هذا ال ّديْن مُ َ
501
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
حرّما فليس لَه أن يَذهَب إل تأدي ِة الج إل بعدَ أن يَت َطهّر مِن هذه العصية الت وَقَ َع فيها وَيتُوبَ توبةً فإن كان مُ َ
نصوحا إل ربّه تبارك وتعال ..هذا إذا كان يُرِي ُد أن يَتُوب ،أما إذا كان ل يُرِيدُ أن يَتوب ف حقيقة الواقع ..
وعلمةُ الذي يُرِيدُ أن َيتُوب أن َيبْذُل الغالِي والرخِيص ف سبِي ِل التوبةِ والرجوعِ إل ال تبارك وتعال ،أما إذا
كان يُرِي ُد أن يَشترِي العِمَارَات ويَشترِي الراضي أو ما شابه ذلك ويَُلقْلِ ُق بِلسانِه يَقول " :أُرِيدُ أن َأتُوب "
صيََتيْن ..معصي ِة الوقوعِ ف مَحظُورِ فهذا ف واقِ ِع المْر ل يُرِيدُ أن َيتُوب فليَذ َهبْ إل الج لِئل يَجْمَعَ بيْن مع ِ
س مِن الّتقِي وأنّ ال-تبارك وتعال- ال ّديْنِ الـمُحرّم ومَحظو ِر عدمِ تأ ِدَي ِة الج ولكن ِلَيعْلَم عِلْ َم اليقِي بِأنّه لْي َ
ب بِها إذا تاب-مثل-ف الستقبَل. ث إنه ل يُطاَل ُ جتُه صحِيحة بِحي ُ ل يََت َقبّلُ إل مِن الّتقِي وإنّما تَكون َح ّ
خلُو :إما أن يَكون ُموَقّتا ِبوَقت ،وإما أن يَكون ف ُحكْ ِم الوقّت ،وإما أن يَكون أما ال ّديْن إذا كان مُحَلّل فل يَ ْ
ُمؤَجّل.
فإن كان مُوقّتا بِوقت فلبد مِن أن يَقضِي ذلك الدّين.
ت مِن الوقات-فلبد مِن أن يَقضِي وهكذا بِالنسبةِ إل ال ّديْن الذي هو ف ُحكْ ِم الوقّت-أي الذي لَم ُي َقيّد بِوق ٍ
ضعَه مع شخصٍ على سبِي ِل المانة بِحيثُ يَدَْفعُه إل صاحبِه. ذلك إل إذا وَ َ
حذُورٌ أو ج ُد ما يُمكِن أن يُقضَى بِه ذلك ال ّديْن عنه َأنْ لو أَصابَه مَ ْ وأما الدّين الؤجّل فل إشكال فيه إذا كان يَ ِ
مَا شابه ذلك ..مثل إنسانٌ عليه ألفُ ريال لِشخص وهو يَملِك مقدار ما يُساوِي ذلك اللف ف ْلُي َوثّق ذلك
ي يَثِ ُق بِه
ضعُه مع َأمِ ٍ
ي عَدْل وَيضَع ذلك الصك مع صاحبِ الق أو َي َ الدّين بِصَك شرعِي يُشهِ ُد عليه شاهِدَ ْ
ب الق بِأنّه قد وَضَ َع الصك الذي ُيثِْبتُ لَه ذلك الق مع فلن بن فلن الفلن أو ما شابه ذلك، خبِر صاح َ وْليُ ْ
لنّ كثيا مِن الناس-ولِلسَف-يُؤمَرُون بِأن ُيؤَدّوا بعضَ المانات إل أَصحابِها ث َيَتأَخّرُون ف ذلك وقد
ب الق يَسأَل مَن عليه يَمضِي العام أو أَكثَر مِن ذلك ول يُوصِلُون تلك القوق إل أصحابِها ث يَأتِي صاح ُ
الق ويُخِبرُه بِأنّه قد أَرسَلَه منذُ فترةٍ مِن الزمان مع شخص ولَم ُيؤَدّ ذلك الشخص ولِلسَف الشديد ،ومِ ْن هنا
َنقُول إ ّن مَن أَرسَلَ حقّا لِشخصٍ مع شخصٍ آخَر أنّه لبد مِن أن يَسأَل ذلك الذي لَه الق هل وَصَلَه ذلك
ط أو ما شابه ذلك؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق. الق الذي لَه أو لَم َيصِلْه مَخاَفةَ النسيان أو التفرِي ِ
مِن حلقة 3رمضان 1426هـ ،يوافقه 7/10/2005م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :1ما حك ُم مَن طاف بعدَ الجر أْثنَاءَ أدائِه العمرة ؟ هل َي ْعتَد ِبهَذَا الشّوط أو ل ؟
ج :إنّه مِمّا ل يَخفى أ ّن طواف العمرة وطواف الزيارة بالنسبة إل الج ركن مِنَ الركان الت ل َتصِح العمرة
ول الج إل بِها ،وعليه فلبد مِن العتناء بأمره ،وكثي مِن الناس يُفرّطون ف كثيٍ مِن المورِ التعلّقةِ به ،ومِن
العلوم أنّه يَندرِج تَحت الطواف َكثِي مِن الحكام:
502
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ط فيها يَكون طوافُه باطِل. حةِ الطواف بِحيثُ إنّ مَن فَرّ َ ط مِنْ شروطِ صِ ّ ِمنْهَا مَا هو شَر ٌ
ومِْنهَا ما هو ُسنّة مِن السنن الت ل يَنبغِي التفرِيطُ فيها ،لِثبوتِ ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه
وسلم.
ف بِمعرفةِ شروطِه وواجباتِه وسَُننِه ومستحبّاتِه. فإذن لبد مِن العتناءِ بِمَعرفةِ أحكامِ الطوا ِ
وكث ٌي مِن الناسِ-كما قلتُ-ل يَعتَنونَ بِمعرفةِ ذلك ،فتَرَى كثيا مِن العوام يَذهبُون لِتأديةِ فريض ِة الج أو لِتأديةِ
العمرة وهم ل يَعرفُون عن أحكا ِم الطواف شيئا ..منهم مَن يَسمَع بِالطواف ومنهم حت مَن لَم يَسمَع بِه
ف بِماذا يَأتِي ف حَجّه وف عُمرتِه ،فلبد لِلنسا ِن عندَما ُيرِيدُ أن يَذ َهبَ وإنّما يَسْمَع بِالج أو العمرة ول يَعرِ ُ
لِتأدي ِة الج أو العمرة أن يَتعلّمَ َأهَ ّم المورِ الت تَتعلّ ُق بِهما حت يُؤدّي تلك العبادة-الت شَ َرعَها ال تبارك
وتعال-على بصي ٍة مِن أَمرِه.
والطوافُ-كما قلتُ-مِن َأهَمّ الهمات ف الج وكذلك ف العُمرة ،فهو رك ٌن مِن الَرْكَان بِالشّ ْرطِ الذي
ذكرتُه ،وعليه فلبد مِنْ أَن يُرا ِعيَ ما يَتعلّق بِه ولسيما الشروط والواجبات.
ف مِن مَوضِع وينتهي إليه ،والطواف يْبتَدِئ مِن ركن الجَر الطوافُ لَه بِدايةٌ وِنهَاية ،فلبد مِن أن يَبتدِئ الطائ ُ
ث ُيقَابِلُ الجَر فإن تَمكّ َن مِن تَقبِيلِه قبّلَه وإن لَم
..عندَما يَأتِي مَن يُرِيدُ أن يَطوف يَأتِي إل رُكن الجَر بِحي ُ
َيتَمَكّن مِن ذلك فإنه يَلْمَس الجَر بِيَدِه اليمن ل بِاليَ َديْنِ معا فإن لَم َيتَ َمكّن مِن ذلك َأشَا َر إليه ول يُقبّل يَدَه
الت َأشَا َر بِها وإنّما يقبّل يَدَه الت صَاَف َح بِها الجَر ..أي إذا تَمكّ َن مِن مصافحةِ الجَر أو مِن وَضْ ِع يَدِه على
ف مِن موضعٍ بعدَ الجَر ،فإنه إذا ابتدَأ مِن الجر ،ومِن ذلك الوضِع يَبتدِئ الطواف ،وليس لَه أن يَبتدِئ الطوا َ
بعدِ الجَر فإنّ ذلك الشوط الذي ابتدَأ بِه مِن ذلك الوضع يَكون باطِل ل عبةَ بِه ،وعليه لَو وَقَعَ شخصٌ ف
ذلك ثُم انتَبَه أو نُبّهَ إل صنِيعِه ذاك فإ ّن عليه أن يُ ْل ِغيَ ذلك الشوط وألّ يَعتبِر بِه أبدا وَيعْتَد بِالشوط الذي يَلِيه
وهُو الشوط الذي يَبتدِئ فيه الطواف مِن مُقابِلِ الجَر كما قدّمنا ،ويَطُوف سبعة َأ ْشوَاط وينتهي ف ذلك
صتْ ولو جزئية صغية الوضِع الذي اْبتَ َدأَ منه ،ومِنَ العلوم أنّه لبد مِن أن يُكْمِ َل الشواط السبعة تَمَاما فإذا ن َق َ
مِن ذلك فإ ّن طوافَه ذلك ل يُعتبَر صحِيحا.
ط َيقِفُ الناس عليه وذلك الط مقابِلٌ لِلحجَر تَمَاما وفيه مِن اليُسْرِ وكان منذُ فتر ٍة قصِي ٍة مِن الزمن هنالِك خ ّ
على كث ٍي مِن الناس ما ل يَخفَى ،لكن ذلك الط ل يَخفى أنّه لَم َيكُن-كما قلتُ بِالمس-موجودا ف عهدِ
النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ول ف القُرُونِ الت تََلتْ ذلك وإنّما وُضِعَ منذُ فترةٍ َقصِيَ ٍة مِن
ف عندَما قَابَلَ الجَر ..وَقَفَ ف ُمقَابِلِ الجَر وطافَ مِن هناك
ف أ ّن النب eطَا َالزمن ثُم أُزِيل ،ومِن العرو ِ
وطافَ معه صحابتُه الكِرام وكانتْ ُأمّة كبِيَة جِدا مِن الناس ،وف ذلك مِن اليُسْ ِر والسهولَ ِة ما ل يَخفَى،
فالتّشَدّ ُد والتّنَطّع مِمّا ل يَنبغِي.
503
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
شكُوك ،فمِن
فعندما يُقابِل مَن يُرِيدُ الطوافَ الجَر فليَبتدِئ مِن هناك وْلَيتْرُك التّشَدّد والتنَطّع والوساوِس وال ُ
ف مِن ذلك الوضِع س مِن أجل أن يقِفُوا عليه جَميعا وإنّما شَرَع ف الطوا ِ العلوم أنّ النب εلَم َيضَعْ خَطا لِلنا ِ
جتِه ( :لَتأْخُذُوا عنّي منا ِس َككُم ) وطاف معه الصحابةُ الكِرام وهكذا ف ُعهُودِهم-رضوان ال تعال وبيّنَ ف َح ّ
عليهم-وف عهو ِد التابعي ومَن جاء بعدَهم.
فلُيقَدّر مَن يُرِيدُ الطواف أنه َيقِفُ ف مقابِلِ الجَر َ ..يتَحَرّى ذلك ويَطُوف مِن ذلك الوضِع ويَنتهِي-أيضا-ف
الوضِع الذي ابتدأَ فيه بِحيثُ-كما قلتُ-ل َيصِح لَه أن يَت ُر َك شيئا مِن ذلك ،لنّه لَو تَ َر َك شيئا مِن ذلك فإنّ
ع مِنه البدايَة ..ظَنّ-مثل-أنّ البداي َة تُشرَع َطوَافَه ذلك يَكون بَاطِل ،أما إذا ابتدأَ-مثل-قَبل الوضِعِ الذي تُشْ َر ُ
مِن هناك ث تَبيّن لَه أ ّن المْ َر بِخلفِ ذلك فذلك ل َيضُرّه ف ذلك لكن لبد مِن أن يَنتهِي ف الوضِع العروف
الذي حدّ ْدتُه مِن قبل ،وليس لَه أن يَنتهِي ف الوضِع الذي ابتدأَ منه ف هذا الطواف ،لنّه ابتدَأ مِن موضعٍ
يُخالِف الوضِ َع الصحِيح وما دام لَم يَبتدِئ مِن الوضِعِ الصحِيح الذي هو مُتقَ ّد ٌم على موضِعِ الطواف فلبد مِن
أن يَنت ِهيَ ف الوضِ ِع الصحِيح؛ وال-تبارك وتعال-أعلم.
1
س :6مَن اعت َم َر عن غيِه ث تَحلّ َل وأَ ْح َرمَ بِال ّج عن نفسِه ...
ج :حقيقة؛ هذا السؤال الظاهِر عَن غيِه وفيه مُدَاخَلت ولَم يُفصّل ماذا يَسقُط عنه وماذا ل يَسقُط عنه فما
دامتْ السألة وَاِقعَة ف الاضِي فيَنبغِي لِذلك الذي وَقَعَ ف هذه القضية أن يَسأَل عنها ويُفصّل ماذا قَ ّدمَ وماذا
ت بِه ،وإذا كان يُرِيدُ أن يَفعَل ذلك ف الستقبَل فيَنبغِي أَخّرَ وما الذي َأتَى بِه قبلَ أن يَطوف وما الذي لَم يَأ ِ
ض الناس لَه-أيضا-أن ُيوَضّح ماذا يُرِيدُ أن يَفعَل وماذا ل يُرِيد أن يَفعَل ،لنّ كثيا مِن السئلة الت يَأتِي بِها بع ُ
ح السألة على عن غيْرِهم يَكون المر يَختلِف عن ذلك السؤال الذي طُرِح ،والمرُ دِين ،فلبد مِن أن تُط َر َ
وجهِها الصحِيح مِن غيْرِ زيادةٍ ول نقصان ول تغيِي مَخاف َة الوقوعِ ف الحظُور ،لنّ الذي ُي ْفتِي ف واقِعِ المر
ُيفْتِي بِمقدارِ ما يَسمَع أو بِمقدارِ ما يُشاهِد إذا كان السؤال مكتوبا ويُمكِن أن يَكون الم ُر بِخلفِ ذلك ..
هو لَم يَُبيّن ماذا الذي يُرِيد أن يُق ّدمَه.
س :هو موضِع استفسارِه بِالضبط :هل عليه هدي إذا اعتمرَ عن غيْرِه وح ّج عن نفسِه ؟
ج :أما الديُ نعم إذا كانتْ الشروط ُمَتوَافِرَة بِأ ْن اعت َمرَ عنه أو عن غَيْرِه ف أَشهرِ الج و َحجّ ف أَشه ِر الج
مِن تلك السنة مِ ْن غيْرِ أن يَرجِع إل وطنِه.
ت بِواضِحة. أما قضي ُة التقدِيـم ..هنالِك جزئية أخرَى ..قضي ُة التقدِيـم والتأخِي فليس ْ
حرِما ...
ش ّق ِة البقا ِء مُ ْ
سَ :نعَم هو ذَكَر جزئيَتيْن ..جزئية أنّه يريد أن يَهرب مِ ْن مَ َ
-1السؤال كما َورَدَ ف الكالة " :شخص يذهب للحج ويريد أن يعتمر لغيه ويج لنفسه ،فهل عليه هدي ؟ مع العلم أنه يفعل ذلك بنية
التخلّص مِن الحرام ..حت ل يبقى ف الحرام فترة طويلة وحت ُي َقلّل مِن أعمال الج ..يُقلّل مِن الدي وحت يقدّم سعي الج ..يعن
يعتمر لغيه بِهذه النية ،فهل عليه إساءة بذا الفعل ؟ ".
504
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج :على كل حال؛ ل يَنبغِي لِلمؤمِن أن َيتَ َمتّعَ-مثل-بِالعُمْ َرةِ إل الج مِن أَجْلِ الرَبِ عن البقاءِ على الحرامِ
ص مِن كذا، ب مِنْ كَذَا أو أن َيتَخَّل َأو مِن َأجْلِ كذا أو مِن َأجْلِ كذا ول أ ْن يَفعَل كذا-مثل-مِنْ أَجْ ِل أن يَهر َ
وإنّما يَفعَل ذلك إمّا لِكونِ ذلك مِمّا أَ ْرشَدَ النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-إليه أو مِمّا َفعَلَه صلى
ال عليه وعلى آله وسلم أو لنه أَ ْفضَل أو لنه َأيْسَر أو ما شابه ذلك ..ل مِن َأجْ ِل التّخَلّص ..هنالِك َف ْرقٌ
ص مِن كَذا وبيْن قضيةِ أ ّن هذا المرَ-أبَاحَه ال تبارك وتعال ،أو بِعبارةٍ َأعَم-شَ َرعَه ال- كبِيٌ جِدا َبيْ َن التّخَّل ِ
تبارك وتعال-وفيه يُسْرٌ وسهولةٌ على العبد.
ب عليها. حثَ عنها ذلك السائِل نفسه حت يُمكِن أن نُجِي َ فالقضيةُ الت َتتَعَلّق بِذلك لبُد مِن أن يَب َ
س :7ذكرتُم أمس فيما َيَتعَلّ ُق بِالنية أنّ النية الجالية تُجزِي ،فمَن دَخَلَ بِنيةِ صلةِ الظهر ل يَل َزمُه أن
1
يَستحضِر أنه ف صلةِ الظهر سيَنوِي الركوع ...
ج :نَحن مَا قُ ْلنَا ل يَلْ َزمُه أن يَستحضِر نِية الظهر ،وإنّما ل يَل َزمُه أن يَستحضِر أنّه الن يَنوِي الركوع أو القراءة
أو السجود أو اللوس أو ما شابه ذلك ..يَنوِي أنْ يُصلّي فريضة كذا ..فريضة الظهر أو العصر.
ض العلماء قال يُجزِيه أن يَنوِي أن يُصلّي الفريضة الاضِرَة مِ ْن غيْرِ أن يَنوِي فريضة كذا أو فريضة كذا، نعم بع ُ
ج نفسَه مِن اللفِ ومَن وَقَعَ ف ذلك فل بأس عليه بِمشيئة ال تبارك وتعال أمّا ف الستقبَل فيَنبغِي لَه أن يُخرِ َ
ضةَ الظهر أو العصر أو الغرب أو ما شابه ذلك. ويَنوِي فَرِي َ
لكن ل يَلزَمه أن يَنوِي الركوع أو السجود أو القعود أو ما هو َأعَم مِن ذلك ..أن يَنوِي الركوع لِصلةِ الظهر
أو السجود لِصلةِ الظهر أو العصر أو الغرب ..هذا فيه مِن الشقّة ما فيه ث هو مُخالِفٌ لِلشّ ْرعِ النِيف.
وهكذا بِالنسبةِ إل الج كما قلتُ ..يَنوِي الج.
والكثرةُ الكاثِرَة مِن أهلِ العلم تَقول تُجزيه تلك النية مِن غيْرِ أن يُجدّ َد النية لِكلّ عملٍ مِن أعما ِل الج
كالطوافِ أنّه لِلحج أو لِلعمرة والسّعي كذلك والوقوف بِعرفة والبيت بِالزدلفة و َرمْي المار ..المرة الول
أو الثانية أو ..هكذا.
لكن هو-ف حقيق ِة الواقِع-النسا ُن مُستحضِر بِأنّه الن ف هَذَا الوضِع وبِأنه الن ُيرِيد أن يَفعَل كذا أو كذا،
لكن بَ ِقيَ هنالِك أمْرٌ آخَر ..كما قلتُ 2لبُد مِن التفرِيق ..إذا كان يُرِيد نِية الطواف لِلحج أو لِل ُعمْرَة هذه ل
تَلزَم ،أما نية الطواف فهذه لبد منها ،لنّ النسان إذا كان يَمشِي أمامَه شخصٌ-مثل-وهو َيْتَبعُه ول يَدرِي
حنُ قَد شَ َرعْنا الن ف ال ّطوَاف مِن َأيْنَ يَبتدِئ أو ماذا يَقصِد ذلك الشّخص ثُم أَخبَرَه بعدَ ذلك " :فلن ..نَ ْ
-1السؤال كما َورَدَ ف الكالة " :ورد بالمس على أ ّن القول الوجود بعدم تديد النية ف بعض أعمال الصلة مثل الركوع والسجود ..يعن
نية واحدة كذلك أعمال الج نية واحدة كما ُذكِر بالمس ،فما ردكم على مَن قال أيضا رمضان كذلك ..اعتبه فريضة واحدة يَحتاج نية
واحدة وشَّبهَه بالصلة وبالج مِن حيث النية ؟ ".
-2عند الواب على السؤال 2مِن حلقة 9رمضان 1426هـ ( 13/10/2005م ).
505
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
شوْط الثان " أو " الثالث " أو حت " الن قَ َط ْعنَا مسافة مِن الشوط الول " أو ما شابه ذلك ..ل وهذا ال ّ
يُجزِيه ..لبد مِن أن يَنوِي الطواف ،لنه هو ما أَرَا َد عبادة أبَدا ..ما أَرَادَ الطواف وإنّما يَمشي يَظُن أنه
ذاهِب إل الكان الفلن أو على أَقَل تقدِير يَظُن أنه سَيَطوف بعدَ ذلك أو ما شابه ذلك.
أما بِالنسبة إل الصيام فالعلماءُ اختلَفوا فيه:
منهم مَن يَقول :إنّ شهرَ رمضان مِن أوّلِه إل آ ِخرِه فريضة واحدة ،وعليه َفتُجزِي نية واحدة.
ومنهم مَن يَقول :هو فرائض ..ك ّل يومٍ مِن أيامِ هذا الشهر البارَك فريضة مستقِلّة بِذاتِها ..اليوم الول فرِيضة
مستقِلة والثان فرِيضة مستقِلة وهكذا بِالنسبةِ إل بقِي ِة اليام ،وهذا هو القولُ الصحِيح الراجِح ،بِدليلِ:
أ ّن السافِر ُيبَاحُ لَه أن يُفطِر يوما أو يومي أو أكثر ولو صام اليوم الول أو الثان أو العاشِر وهكذا ..وهكذا
بِالنسبة إل الرِيض ول َيتَأثّر صيامُهما السابِق أو اللحِق على تلك اليام الت أَفطرَا فيها.
وهكذا لَو أ ّن شخصا-والعياذ بال تبارك وتعال-انتهَكَ حُرمةَ هذا الشهر البارَك فأفْ َط َر يوما أو أكثر مُتعمّدا
فإنّ القولَ الراجِح الصحِيح ل َينْهَدِم ذلك الصيام الذي صامَه قبلَ ذلك اليوم وهكذا بِالنسبةِ إل الصيامِ الذي
يَلِي ذلك اليوم.
ت مِن هذا الشه ِر البارَك ..لَو- ب بِإعَا َدةِ تلك اليام الت َمضَ ْ
وهكذا بِالنسبةِ إل مَن دَخَلَ ف السل ِم ل يُخاطَ ُ
ص ف السلمِ ف اليو ِم العاشِر فإنّه ل يُخا َطبُ بِاليامِ الت َسبَ َقتْ على ذلك ..هذا القولُ مثلَ -دخَلَ شخ ٌ
الصحِيح.
وكذلك لَو بَلَ َغ صبِي ف اليو ِم العاشِر-مثل-فإنّه ل يُخا َطبُ بِإعاد ِة اليام الاضية على الصحيح.
بينما لو كان الشهرُ فرِيضةً واحدة ل َتتَجَزّأ لَكان الم ُر بِخلفِ ذلك ،ولِذلك:
ذهبَ مَن ذهبَ مِن أهلِ العلم إل أ ّن مَن أَفْسَ َد يوما مِن أيامِ شهرِ رمضان البارَك فإنّ عليه أن ُيعِيدَ الشهرَ كلّه
أو الاضِي على أَقَلّ تقدِير ،وكذلك لو بَلَغَ الصب فإنّ عليه أن ُيعِيدَ الاضِي وكذلك لو َأسَْل َم الكَافِر عليه أن
ُيعِي َد الاضِي ،وكذلك لو بَلَغَ الصب.
ومنهم مَن ُيفَرّق بيْن الصب والكافِر ،فيُ ْلزِم الكافِر دون الصبِي.
ع مِن الفروع الت ذكرناها ،فمنهم مَن خَالَف ف إل غيْرِ ذلك مِن التفرِيعات ،ومع ذلك لَم يَلتزِموا بِكلّ فر ٍ
بعضِ الفروع.
فإذن شهرُ رمضان فرائِض مُتعدّدَة ..ك ّل يومٍ منه فرِيضة مُستقِلة.
ومع ذلك فقدْ قال بعضُ أه ِل العلم الذين قالوا " :إنّ ك ّل يومٍ فرِيضة مُستقِلة بِذاتِها " بأنه تُجْزِي فيه النية مِن
خفَى ..إذا نوى مِن أوّلِ الشهر فإنه تُجزيه تلك النية أوّلِ ليلة فإذا نوى النية وأقصِد بِالنية النية القلبية كما ل يَ ْ
ما لَم يُفطِر ،فمثل لَو َنوَى شخصٌ أن يَصوم شهرَ رمضان ولَم يَ ْفصِل بِفطِر فإنّ تلك النية تُجزيه لِلشهر كلّه
506
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ب مِن السباب فإ ّن عليه أن َيْنوِي بعدَ ذلك الفطارِ عندَما يُرِي ُد أن يَصوم ..عليه أن يَنوِي أن وإذا أَف َط َر بِسب ٍ
ص بِه لِمَن وَقَعَ ف الاضي ،أما مَن لَم َيقَع فل شك أنّ يَصوم ،وهكذا ..هذا قولٌ موجود ،ويُمكِن أن يتر ّخ َ
السلمة لَه أن يَنوِي ف كلّ َليْلة ،والنيةُ َأمْرُها يَسِي َسهْل والمد ل.
حت أ ّن بعضَ أهلِ العلم قال :لَو أنّ ال-تبارك وتعال-خاطَبَنا أن نَعمَل عمل بِدون نية لَكان ذلك مِن
ف بِما ل يُطَاق ،لنّ النسان لَو َذ َهبَ إل مكا ِن الصلة ماذا ُيرِيد ؟! هل لبد أن يَنوِي نية ؟! هو التكلِي ِ
ذاهِب لِتأديةِ الصلة ،وكذلك لَو َذ َهبَ إل الوضوءِ فهو قد َذ َهبَ و َجلَس وما شابه ذلك فماذا يُرِيد ؟! أََليْسَتْ
هي النية ؟!
قام الشخص-ما كان ف شعبان مثل يقوم للسحور-وتَسَحّر ..شرب أو أكل أو ما شابه ذلك ..ماذا
يُرِيد ؟! نعم قد يَكون ف بعضِ الحيان ولكنها هي ل تَبعُد عمّا ذَكَرْناه.
ف ما يَعتقِد فيها كثِ ٌي مِن الناس-ولذلك ل تَحتاجُ إل تَلفّظ ول غيْرِه؛ وال- فإذن النيةُ سهل ٌة يَسِية-بِخل ِ
تبارك وتعال-ول التوفيق.
س :9لَم ُيصَ ّل ركعتَ ْي الطواف ف العُمرَة ،ماذا يَل َزمُه ؟
ج :ال الستعان؛ فلَيُتبْ إل ربّه-تبارك وتعال-وْلُيصَّلهِما الن ول نَستطِيعُ أن نُل ِزمَه دَما ،وإن قال بِه مَن قال؛
وال الستعان.
س :يُصلّيها ف وطنِه ؟
ج :نعم.
مِن حلقة 10رمضان 1426هـ ،يوافقه 14/10/2005م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س :1ما ُحكْ ُم الشتِراطِ ف الحرام ؟
ج :إ ّن هذه السألة قد اختلَف العلما ُء فيها.
ف بيْن علماءِ السلِمِي ف مسألةٍ مِن السائل فإنه يَنبغِي لِلعالِم أن يَر ِجعَ إل كتابِ ومِن العلوم أنه إذا وُ ِجدَ خل ٌ
ال-تبارك وتعال-وإل سّنةِ رسولِ ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-أو ما يَرجِع إليهما بِوج ٍه مِن وجوهِ
الجّية حت يَتبَيّنَ لَه ما هو الراجِح ف تلك القضية.
وقد َنصّ الحقّقون مِن أه ِل العلم أنه ليس لح ٍد أن يُخالِفَ ما جاء ف كتابِ ال-تبارك وتعال-وسنّةِ رسولِه-
صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ولو قال بِخلفِ ذلك مَن قال مِن العلما ِء الكِبار.
وقد أَحْسَ َن المام السالي-رحه ال تبارك وتعال-حيثُ قال:
ول كلمِ الصطفى الوّاه ول ُتنَاظِر بِكتاب ال
507
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
508
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ث إنه ذَكَ َر أنّ هذا الديث َتفَرّ َد بِه َمعْمَر عن ال ّزهْرِي كما َنقَلَ ذلك عن
ب مِن القاضي عِياض حي ُ ج ُ والعَ َ
الما ِم النسائي ،والنسائي-فيما يَظهَر-لَم يُرِد بِذلك إِعل َل الدِيث ،وذلك ل ّن هذا الديث قد جاء مِن غيْرِ
طرِي ِق َمعْمَر عن ال ّزهْرِي ،وِب َغضّ النظَرِ عن هذه الروايَة-فإّننِي لستُ أُرِي ُد أن أُطِي َل القال بِالكلمِ عليها ،وإل
فإنّ لَنا مقال معرُوفا ف ذلك-فإنّ هذا الديث قد جاء مِن طُ ُرقٍ أخرى عن الراوي عن السيد ِة عائشة رضي
ال-تبارك وتعال-عنها ،وجاء عن غيْرِها مِن صحابةِ رسولِ ال ، εفلَو سُلّمَ جدَل بِإِعللِ هذه الرواية الت
ت مِن غيْرِ هذه الطرِيق. ذَ َكرَها القاضِي عِياض-مثل-فإنّه ل َيضُرّ ذلك ما دام الديثُ قد َثبَ َ
والديثُ قد جاء-أيضا-مِن طرِي ِق اب ِن عباس رضي ال-تبارك وتعال-عنهما ،رواه مسلم وأبو عوانة والنسائي
والترمذي والدارمي وابن ماجة ،ورواه أحد وإسحاق وابن حبان وابن الارود والطبان ف " الكبي "
والطحاوي ف " شرح مشكل الثار " ،ورواه ابن عَدِي وأبو يعلى وأبو نعيم ف " اللية " وأبو علي الطوسي
خرَجِه على الترمذي ،وهو حديثٌ صحِي ٌح ثابِت عنه صلوات ال وسلمه عليه. ستَ ْ
ف مُ ْ
وقد جاء لِهذيْن الطرِيقيْن شواهِ ُد مِن طُ ُرقٍ أخرى عن صحابةِ رسولِ ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه
وسلم ،فقد جاء ذلك مِن طرِيقِ أم سلمة ومِن طرِيقِ جابر بن عبد ال ،وذَ َك َر الترمذي بِأنه جاء مِن طرِيقِ
ت قيْس ج ّد ِة ابن الزبي ،وجاء عن غيْ ِر هؤلءِ مِن صحابةِ رسولِ ال أساء ،وجاء-أيضا-مِن طرِي ِق ُسعْدَة بن ِ
حتْ الرواية فقدْ جاء عن ُذ َؤيْب السلمي ،ولستُ أُرِيدُ أن ُأطِيلَ صّصلى ال عليه وعلى آله وسلم ..إنْ َ
حةِ هذه الروايات ،فإنّ بعضَها حَسَن وبعضُها صالِحٌ لِلستشها ِد بِذلك ،وعلى تقدِي ِر عدمِ صّالكلم على ِ
ذلك-إذا تَشَدّ َد مُتشدّدٌ ف بعضِها-فإنّ الطريقيْن الساب َقيْنِ صحِيحا ِن ثابِتانِ عن رسولِ ال صلى ال عليه وعلى
ض كثِ ٌي مِن الناسِ على هذه الحادِيث: آله وصحبه وسلم ،وقد اعتَ َر َ
ض بِأنا ضعِيفة ،وقد َتقَ ّد َم الكلمُ على ذلك ،فل حا َجةَ لعا َدتِه. منهم مَن اعتَ َر َ
ص بِالعمر ِة وليس ف الج ،والديثُ يُنادِي بِأعلى صوت ويَصرُخ بِأقوى ُحجّة ومنهم مَن ا ّدعَى بِأنّ ذلك خا ّ
ت شِعرِي ما الف ْرقُ بيْن الج والعمرةِ ف هذا ؟! فما صَحّ ف العمر ِة فإنه يَصِحّ بِأنّ الديثَ وا ِردٌ ف الج ،ث ليْ َ
ق بينهما وليس هنالِك دَلِي ٌل البتّة ،ومَن ا ّدعَى خِلفَ ذلك فعليه الدلِيل ول ف الج إل إذا دَلّ دلِيلٌ على الف ْر ِ
سبِي َل إليه.
صفَه المام النووي ،وهو َحقِيقٌ بِذلك. ضبَاعَة ،وهذا باطِلٌ كما وَ َ وا ّدعَى بعضُهم بِأنّه خاصّ ِب ُ
ت فيُحمَل الديثُ على ذلك ،وهو قولٌ كَلِيلٌ ودَلِيلُه عَلِيل فل يَنبغِي أن ومنهم مَن ا ّدعَى بِأنّ ذلك إذا ماتَ ْ
ت إليه ول أن ُي َعوّلَ عليه. يُلَتفَ َ
جةِ الوداع ول يَأْتِ وا ّدعَى بعضُهم بِأنه منسوخ ،وهو كل ٌم باطِل وعن الدلِي ِل عاطِل ،فهذا الديثُ كان ف حَ ّ
حدِيثٌ آخَر يَدُلّ على خِلفِ ذلك.
509
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
وا ّدعَى بعضُهم-كالطحاوي ف " شرح الشكل "-بِأنه مُخَالِفٌ لِلجاع ،وهو كلمٌ عجِيب غرِيب ،فإ ّن
ي القو ُل بِالشتراط عن طائف ٍة كبِيةٍ العلماءَ قد اختلَفوا-مِن قب ِل أن يُولَدَ الطحاوي-ف هذه القضية ،وقد ُروِ َ
مِن صحابةِ رسولِ ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وإن كان لَم َيصِح عنهم َجمِيعا ،فقد رُويَ ذلك عن
عمر وعن عثمان وعلي وابن مسعود وعمّار وعائشة وأم سلمة ،وإن كان-كما قلتُ-ل َيصِحّ عنهم جيعا،
ع بِأ ّن العلماء قد أَ ْج َمعُوا على خِلفِه ول وقالتْ بِه طائف ٌة كبِي ٌة مِن أه ِل العلم ،فكيف يَ ّدعِي بعدَ ذلك مُ ّد ٍ
يَجُوزُ لحدٍ أن يُخالِفَ الجاع ؟!
ع بِأنّ هذه ونَح ُن عندَما نَن ُظرُ ف كتبِ الفقْه وكتبِ الصول فإننا نَجِ ُد كثِيا مِن َدعَاوَى الجاع ..يَ ّدعِي مُ ّد ٍ
القضية قد أَجْ َمعُوا عليها وقد يَكونُ جُمهو ُر المّة على خِلفِ ذلك ،وسَمِعتُ أَحَ َد الناس يَذ ُك ُر مسألةً وذَ َكرَ
فيها قول وا ّدعَى بِأنّ هذا القو َل مُجمَ ٌع عليه وأنا قدْ رأيتُ ف السألةِ عشرة أقوال مِن غيْ ِر أن أبْحثَ عن ذلك،
ع على عكسِ ذلك القول تَماما ،فل يَنبغِي ض القضايا وحكى بعضُهم الجا َ وبعضُهم حكى الجاعَ ف بع ِ
ب هذه الكايات الت يَحكِيها بعضُ أهلِ العلم مِن غيْرِ أن َيَتثَّبتُوا ف ذلك ،ولنا كل ٌم طوِيل لح ٍد أن يَ ْرهَ َ
عرِيضٌ ف الجاع الذي هو ُحجّة ،ل ُأطِي ُل بِه القام.
وبعضُهم احتَجّ على عدمِ مشروعيةِ ذلك بِما ثبتَ عن ابن عمر-رضي ال تبارك وتعال عنهما-حيثُ قال" :
حسبُكم ُسنّة َنِبيّكُم " ..معناه أنّ النب eل يَشترِط ،وهذا غرِيب ،فمِن العلوم أنه ما مِن عالِم-وإن بَلَ َغ
السماء وناطَ َح الوزاء-إل وقد خَفَيتْ عليه بعضُ أحادِيثِ النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،فإذا
كان ابن عمر لَم يَعلَم بِذلك وقد عَلِمَ بِه طائفةٌ مِن صحابةِ رسولِ ال eفهل يُمكِن أن نَرُدّ بعدَ ذلك الرواية
حتَ ّج بِه.
ض الصحابة لَم يَسْمَع بِذلك ؟! هذا مِمّا ل يُمكِن أن ُي ْ الت ثبتتْ عن أولئك بِ َد ْعوَى أنّ بع َ
وأما عد ُم اشتراطِ النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فل يَدُلّ ذلك على بطلنِ الشتراط ،لنه إذا
وُجِدَتْ أدِلةٌ مُتعدّدة ف قضي ٍة مِن القضايا فإنه يَنبغِي أن يُجْمَ َع بيْن تلك الدِلة ،ويُنظَر تارة يُمكِن أن يُجمَعَ
بينها على أنّ هذا مسنون وهذا جائز أو أنّ هذا لِبيا ِن الواز أو هذا ِلعِلّة أو هذا يُحمَل على كذا مِن
الـمَحَامِل إل غيْرِ ذلك ،فالنب-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-لَم يَكن يَعلَم بِأنّ قريشا سَتصُدّه عن الرَم
جةِ الوداع فإنه لَم يَكن بِحاجةٍ صلوات ال وسلمه عليه إل ذلك. حت يَشتَرِط ،وأما ف َح ّ
وعلى كل حال؛ فإ ّن مَجالَ القو ِل يَطُولُ ف هذه القضية ،وأَرَى أن أَكَتفِ َي بِهذا الختصَر ،ولنا عودَة إل ذلك
ف مناسبةٍ أخرى بِمشيئة ال تبارك وتعال ،لنّ ف هذا المر مِن التيسِ ِي ما ل يَخفَى ،فإ ّن كثيا مِن الناسِ قد
ع بِأ ّن العلماء يَحتاجُون إليه فلِماذا يُمَنعُو َن منه بِ َدعْوى أ ّن بعضَ الناس يَقول بِخِلفِ ذلك ؟! وقد يَ ّدعِي مُ ّد ٍ
صعُبُ قد اختلَفوا ف هذه القضية فال ْحوَط تَ ْركُ ذلك ،وأقول :إ ّن الحتياط ُيصَارُ إليه عندَما َتتَعا َرضُ الدِلّة وَي ْ
حةً لِكلّ ذِي َعيْنيْن س طاِل َعةً واضِ َ
الترجِيح وقد يُمكِنُ الترجِيح ولكن ذلك بِأمْ ٍر مُحتمِل ،أما عندَما تَكونُ الشم ُ
510
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ج إليها النسان ف مِثلِ هذه القضية بل السنَنفل يَنبغِي أن ُتتْ َر َك السنَن الثابِتة عن النب εولسيما عندَما يَحتا ُ
الت ل تُفعَل ..ف وقتِ الاجَة ل يَنبغِي أن ُتتْرَك ِلمَقولَ ِة قائِ ٍل بِخِلفِ ذلك لِعدمِ إِطّلعِه عليها أو لطّلعِه
ت بِها الـحُجّة. عليها مِن طرِي ٍق ل َتْثبُ ُ
ث عَلّقَ ذلك على ثبوتِ هذا الديث ،والديثُ قد َثبَتَ وصَحّ عن النب ε؛ وقد أَحْسَ َن المام الشافعي حي ُ
والعلمُ عندَ ال تعال.
س :2ولكن ما فائدة هذا الشتراط ف الحرام ؟
ج :العلماء قد اختلَفوا ف ذلك ،منهم مَن قال :إنّ هذا ل فائدة لَه وإنا هو لفظٌ يَُت َعبّ ُد بِه كغيْرِه مِن اللفاظ
الت ُيتَ َعبّ ُد بِها ،وهذا كلمٌ غرِيب ..قولٌ علِيل ل قيمةَ لَه وحكايتُه ُت ْغنِي عن ذِ ْكرِه ،فإنّ ضُباعةَ-رضي ال
تعال عنها-قد ذَكَرَتْ لِلنب εأنا تُرِيدُ الج-وف بعضِ الروايات أنّ النب εا ْقتَرَحَ لَها ذلك وأَ ْخبَ َرتْه بِأنا
مرِيضة-فذَ َكرَ لَها النب-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه-ذلك ،فإذا كان ل فائدةَ لَه فما قيمة أن تأتِ َي بِه
ضُباعة ؟! فهذا كلمٌ غرِيبٌ ل قيمةَ لَه ،وإنّما الصوابُ أنّ لِذلك فائد ًة سأبَّينُها بعدَ قلي ٍل بِمشيئةِ ال تبارك
وتعال.
مِن العلو ِم أنّ مَن أَ ْح َرمَ وصُدّ عن ذلك بِع ُدوّ أو لَم َيتَ َمكّن مِن ِفعْلِ ذلك بِسببِ مرضٍ أو نَحوِه وتَعَذّر عليه
الوصولُ إل الرَم وتأدِيةِ العمرةِ أو َتعَذّ َر عليه أن يَأتِ َي بِالج ف وقتِه ..أما تأدِيةُ الج ف وقتِه ففيها كلمٌ
طوِيلٌ ،ل َأتَع ّرضُ لَه ف هذا الوقت ،وإنا َأَتعَ ّرضُ ِلمَن لَم َيتَ َمكّن مِن ذلك َرْأسًا ..قد اختلَفَ العلماءُ فيه:
ِمنْهُم مَن َذ َهبَ إل أنه إذا لَم َيتَ َمكّن مِن ذلك أبدا فعليه أن يَ ْذبَحَ َذبِيحةً كما هو ظاهِ ُر كتابِ ال تبارك
وتعال ... } :فَِإنْ أُ ْحصِ ْرتُمْ َفمَا اسَْتيْسَ َر مِ َن اْلهَدْيِ [ { ...سورة البقرة ،من الية:] 196 :
وإذا كان ساِئقًا لِلهدْي فإ ّن المْ َر مّتفَ ٌق عليه بيْن العلماء.
أما إذا كان لَم يَسُق الدْي فإ ّن العلماءَ قد اختلَفوا ف ذلك:
منهم مَن قال :ل هدْيَ عليه ف هذه الالة ،وهو قو ٌل مُخالِفٌ لِظاهِرِ الكتابِ العزيز.
ي بِهاومنهم مَن قال :عليه أن يَشترِيَ ذلك ،وهذا هو الق ..هذا إذا كان واجِدا لِلقِيمة الت يُمكِن أن يَشتَرِ َ
الدْي فإن كان لَم يَجِد فقد اختلَف العلماء ف ذلك:
ج ْد الدْي.1
منهم مَن قال :عليه أن يَصو َم عشرة أيام كحا ِل مَن لَم يَ ِ
ومنهم مَن ذَهَبَ إل أنه ل شيءَ عليه.
ي َمحِلّ ُه َفمَنْ كَانَ مِْن ُكمْ مَرِيضا َأ ْو بِ ِه حِلقُوا ُرؤُو َس ُكمْ حَتّى يَْبُلغَ اْل َهدْ ُ ل فَِإنْ أُ ْحصِرُْت ْم َفمَا اسْتَْيسَرَ مِنَ اْل َهدْيِ وَل َت ْ }-1وَأَِتمّوا اْلحَ ّج وَالْ ُعمْرَةَ ِ
ج ْد َفصِيَامُ ثَلثَةِ أَيّامٍك فَإِذَا َأمِنُْتمْ َفمَ ْن َتمَّتعَ بِاْل ُعمْرَةِ ِإلَى اْلحَ ّج َفمَا اسْتَْيسَ َر مِنَ اْل َهدْيِ َفمَ ْن َلمْ َي ِ
ص َدقَةٍ َأ ْو ُنسُ ٍ
ى مِنْ رَْأسِ ِه َف ِفدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ َأوْ َ
أَذ ً
ب{ ل َشدِيدُ اْلعِقَا ِ ل وَا ْعَلمُوا َأنّ ا َ جدِ اْلحَرَامِ وَاّتقُوا ا َ سِ ك َعشَرَةٌ كَامِلَةٌ َذلِكَ ِلمَ ْن لَ ْم َيكُنْ أَ ْهلُهُ حَاضِرِي اْل َم ْ فِي اْلحَ ّج َوسَْبعَةٍ إِذَا رَ َجعُْتمْ ِتلْ َ
[ سورة البقرة ،الية.] 196 :
511
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ومنهم مَن ذَهَبَ إل أنه ل شيءَ عليه ف ذلك الوقت وعندَما َيَتيَسّرُ لَه الدْي فإنه يَهدِي.
ومنهم مَن َذهَبَ إل أنه يَصو ُم ثلث َة أيام.
جدُ الطعامومنهم مَن قال :إنه يُق ّومُ الذبيح َة بِالطعام ث يُخرِجُ بعدَ ذلك طعاما-والواقِع أنّه إذا َق ّومَها وكان يَ ِ
فهو يَستطِيعُ أن يَشترِيَ ذبيحة وإنا يَكونُ ذلك إذا كان ل يَجِ ُد ما يَشترِيه ففي مثل تلك الالة ُيقَالُ ذلك-أما
إذا كان ل يَستطِيعُ على شراءِ الطعام فإنه يُقوّم ذلك َ ..يصُومُ عن ك ّل مُد ،وهذا فيه مِن الشقّة ما فيه ،فإنّ
ذلك يَقتضِي أن يَصو َم ستّ مئة يوم أو أكثَر ،ل ّن الذبيحة تُقارِب ثلثِي رِيال-مثل-أو ما شابه ذلك فإذا
قدّرَها بِا َلمْداد فل شك بِأنه يَصِلُ إل عَد ٍد كبِي ومعن ذلك أنه يَصومُ عن ك ّل ُم ّد يوما ففي هذا مِن الشقّة ما
فيه ،والدّينُ َأيْسَ ُر مِن ذلك.
ومنهم مَن قال :ل يُطعِم وإنا يَصو ُم مِن أوّ ِل وهْلَة.
ب إل غيْرِ ذلك مِن الراء. ومنهم مَن َذهَ َ
و-على كلّ حال-هذه القوال ل دلي َل عليها ،فإذا كان لَم يَجِد هدْيا فإنه ليسَ ف كتابِ ال-تبارك وتعال-
ول ف سّنةِ رسولِه eما يَدُلّ على أنه يَصنَع شيئا مِن تلك القوال الت ذَ َكرْناها ،وإنّما عليه أن يَحلِق أو ُيقَصّر
وإن تَمكّنَ بعدَ ذلك مِن الدْي ففي ذلك خي.
على أ ّن أقوى تلك القوال الت قِيَلتْ بعدَما ذَكَرْناه قو ُل مَن قال بِأنه يَصومُ عشرة أيام ،ولكن فيه ما فيه ،فل
يُمكِن أن نَحكُ َم بِه ،لنّ مالَ السلِم معصومٌ بِعصمةِ السلم لَه ،فليس لحدٍ أن يُل ِزمَ عبادَ ال-تبارك وتعال-
بِما لَم يُلزِمهُم الشارِع بِه وإنا يُمكِن أن يَذْكُرَ ذلك لِمَن شاء أن يَأخُ َذ بِه مِن باب الحتياط ف الدّين والروجِ
مِن الِلف إن َأ ْمكَ َن وإن كان ل يُمكِن أن يَخرُج بِذلك مِن الِلف لِكثرةِ ما ذَكَرْناه ف هذه السألة.
حلِ َق أو ُيقَصّر-2 .وقيل :ل يَل َزمُه أن يَحْلِ َق أو يُقصّر بل يَذبَح إن وَجَد
و-1 :كذلك عليه بع َد أن يَذبَح أن يَ ْ
وَإل فل شيءَ عليه-أو عليه ما ذَكَرْناه مِن تلك القوال-وهو قولٌ ضعِيفٌ جِداُ ،مخَالِفٌ لِظاهِ ِر الكتابِ العزيز،
وكذلك هو مُخالِفٌ لِلسّن ِة الصحِيحةِ الثابِتة عن النب ، eحيثُ إنه صلوات ال وسلمه عليه َحلَ َق وَأمَ َر
أصحابَه بِاللْ ِق أو التقصِيِ و َحثّ على اللقِ ودعا لِلحاِلقِي أوّل ثلثا ث بعدَ ذلك لِلم َقصّرِين ،فإذن هذا ثاِبتٌ
ص السّنةِ الصحِيحةِ عن النب . e بِظاهِ ِر الكتاب ون ّ
إذا علِمنا ذلك فمَن اشت َرطَ ف إِحرامِه إن لَم يَتمكّن مِن تأدِيةِ َحجّه أو عُمرتِه فإنه يَحِ ّل بِذلك مِن غيْرِ أن
يَحتاجَ إل هدْي ،فهذه إذن فائد ُة الشتراط-1خِلفا لِمَن َزعَ َم أنه ل فائدةَ لِذلك-وإنّما هنالِك ف ْرقٌ ف الصيغة
حلّي " ...
ح ّل مِن إِحرامِه ،فإن قال ... " :مَ ِ سَتنِي " أو ذَكَ َر بِأنه إذا ُحِبسَ سيَ ِ
..إذا قال " :فمَحِلّي حيثُ َحبَ ْ
-1قال الشيخ " :الدي " بدل مِن " الشتراط " والظاهر أنه سبق لسان.
512
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
فبِمجرّدِ عدم قدرتِه على إِتامِ ما أَح َرمَ بِه فإنه يَكونُ حَلل بِذلك ،وإذا عَلّقَ ذلك بِإرادتِه لِلحلل فمعنَى ذلك
أنه لبد مِن أن يَنوِيَ ذلك.
فإذن:
ي الحلل ويَذبَح ما استطاع ويَحلِق أو ُي َقصّر. مَن لَم يَشترِط عليه أن يَنوْ َ
سَتنِي " ل شيءَ عليه. حلّي حيثُ َحبَ ْ ومَن قال " :مَ ِ
ومَن عَلّقَ ذلك بِأنه سيَفعَلُ ذلك فهو إذا َنوَى الِحلل فإنه يَكون بِذلك حلل.
هذه هي فائدةُ الشتراط.
هذا وقد اختلَفَ العلماءُ ف حك ِم الشتِراط:
منهم مَن قال :هو واجِب ،وهذا قولُ الظاهِرِية الذين يَأخُذُون بِظاهِرِ اللفاظ ،وَليَْتهُم يَأخذُون بِظا ِه ِر اللفاظ
بعدَ أن يَنظُرُوا إل الدِّلةِ جيعا ،فإنّ النب εوالمهو َر العظَم-حت أنّ بع َ
ض العلماء ذَكَر أنه قد بَلَ َغ عَ َد ُد
ت اللوف-لَم يَشترِطوا الجّاج ف تلك السنة إل مئة ألف ،ونَحن ل نُرِيد أن ُنقَدّر العَدَد ولكنهم كانوا بِعشرا ِ
لِعدمِ حاجتِهم إل ذلك ،فهل يُمكِن أن يُقال بِوجوبِ ذلك أو أنّه لَم يَرِد عنهم ذلك ؟! هذا ما ل يُمكِن أن
يُقالَ بِه.
حبّة.
ومِن العلماء مَن قال :هو سنّة مست َ
ومنهم مَن قال :هو جائِز وليس بِمستحَب إل لِمَن كان مُحتاجا إليه ،وهم وإن كانوا لَم يَذكُروا هذا الشرط
ولكن لبد منه.
سنّة ف َحقّه ،وهذا هو ومنهم مَن قال :هو سنّة لِمَن كان مُحتاجا إليه وأما مَن لَم يَكن مُحتاجا إليه فهو ليس بِ ُ
الصحِي ُح عندِي ،فالنب εلَم يَكن مُحتاجا إل ذلك فلَم يَشترِط ،وهكذا بِالنسبةِ إل الصحابةِ الكِرام ψوإنا
كانَتْ ضُباعَة هي الـمُحتاجَة إليه فأَ ْرشَدَها النب صلوات ال وسلمه عليه.
ي مَن يَقول بِعد ِم ُسنّية ذلك إل لِمَن كان مُحتاجا إليه ،فما ُحكْ ُم مَن اشترَطَ ولَم يَكن مُحتاجا
َبقِيَ على رأ ِ
إليه ث احتاجَ بعدَ ذلك إليه ..هل يَستفِي ُد مِن ذلك أو ل ؟
قيل :ل فائدة له مِن ذلك ،لنّ هذا مُخالِفٌ لِسّنةِ النب - εأعن الشتراطَ مع عد ِم الاجةِ إليه-فعندَما يَحتاجُ
إل التّحلّل فلبد مِن أن يَنوِيَ ذلك وأن يَذبَح إن كان معه الدي أو كان معه ما يَشترِي بِه الدْي ويَحلِق أو
يُقصّر.
وقيل :يَنفعُه ذلك.
وبِذِكْ ِر الشتراط َتنْحَ ّل كثِ ٌي مِن السائِل:
513
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
كثِيٌ مِن النساء يَذهَبْنَ ف مُ ّدةٍ َوجِي َزةٍ لِتأدِيةِ العمرةِ-مثل-ويُمكِن أن يَأتِيَها اليض ف تلك الدّة وهي تَعرِ ُ
ف
مِن نفسِها بِأنّها لَن َتتَ َمكّن مِن البَقَاءِ ف مكة الكرمة إذا َأتَاهَا اليض فتَضطَرّ إل الرجوعِ بِسببِ أنّ ر ْف َقتَها ل
تُسَاعِ ُفهَا على البقاءِ ف تلك البقاع فهنا يُمكِن أن تَشترِط ذلك ،وعليه إذا اشت َرطَتْ ولَم تَت َمكّن مِن ذلك فلَها
الحللُ بِذلك.
ت ُتصِيبُ ُه بعضُ المراض ..مثل ف موسِ ِم الشتاء أو ما شابه ذلك أو تُؤثّ ُر عليه السْفار يُ ْم ِكنُه وهكذا مَن كان ْ
أن يَشترِط ويَكون مُستفِيدا مِن ذلك.
ولِلسف أنّ كثِيا مِن النساء يَذ َهبْنَ إل تأدِيةِ العمر ِة أو الج وتَأتِيهِنّ العادة الشهرِية العروفَة وبعدَ ذلك ل
ب وتَسعَى ،لنّها قَد سَ ِم َعتْ بِأنّ يَعرِفْن ماذا َيصَْنعْن فتَرجِع الواحِدة بِإِحرامِها وهي تَظُ ّن أنّها قد أَ َحّلتْ ..تَذهَ ُ
الرأة إذا أتاها اليض ل تَطُوف فتَظُن أنّ الطواف يَسقُطُ َعْنهَا ،وقد تَسمَع بِالديثِ الذي فيه أنّ النب-صلى
ال عليه وعلى آله وصحبه وسلمَ-أ ْسقَطَ الطواف عن إِحدَى أَزواجِه عندَما أتاها اليض ولكنّ ذلك ف طوافِ
الوداع وليس ف طوافِ العمرة أو ف طوافِ الزيارة أو الفاضة-الذي هو طوافُ الج-فهذا رُكن ..أعن
طوافَ الزيارة وكذلك بِالنسبة إل طوافِ العمرة فهما ل يَسقُطانِ بِحيضٍ ول غيْرِه ولكن يُؤجّلنِ حت تَطهُر
الرأة وتَتَ َطهّر وف تلك الالة تَطوفُ ث بعدَ ذلك تَسعَى ..فتَذهَب وتَسعَى وُتقَصّر وتَرجِع بعدَ ذلك وهي
ب ما سَمعت ،وقد سألنِي عن ذلك غيْ ُر واحِد-فهذا مِمّا ل َيصِح ..إذا مُحْ ِرمَة-وقد وَقَ َع كثِيا هذا على حس ِ
ف ث تَسعَى ،فالطوافُ رك ٌن مِن أركانِ وَصََلتْ لبد مِن أن تَبقَى هناك حت تَطهُر وَتتَ َطهّر وبعدَ ذلك تَطو ُ
العمرة بل هو ركنُها العظَم ،وكذلك هو رك ٌن مِن أركا ِن الج-أعن طوافَ الزيارة-ل يَسقُطانِ أبدا ،وإنا
يَسقُطُ طوافُ القدوم لِلحاج وطوافُ الوداع لِلمرأةِ الاجّة أيضا ،أمّا مَا عدا ذلك فل ،فيَنبغِي أن يُنتَبَهَ لِذلك
جيّدا.
جبُ عليه وما هو الذي وأن يَتعلّم الواحِد قب َل أن يَذهَب إل تلك البِقاع ما هو الذي يَجوزُ لَه وما هو الذي َي ِ
يَحْرُم عليه وما هو الذي ُيكْرَه ف َحقّه وما هو الذي يُباحُ لَه.
و-كذلك-بعضُ الهل ِة الغْمار يُفتُون ..بعضُ الناس عندَما تأتِي ِه الرأة " :أنا َأتَْتنِي الدورَة ..ماذا أَصنَع ؟ ":
" اسْعَي وَقصّرِي " ،مِن َأيْن لَك ذلك ؟! لِماذا َتَت َقوّلُ على ال بِغيْ ِر عِلم ؟! فلَيتّقِ ال-تبارك وتعال-مَن ل
يَعرِفُ ش ْرعَ ال-تبارك وتعال-ث بعدَ ذلك َيتَ َقوّ ُل عليه سبحانه؛ وال-تبارك وتعال-ول التوفيق.
ومِن السائِلِ الت ُأَنبّهُ عليها-وتَقَعُ لِبعضِ الناس ف بعضِ الحيان-أنّ الوضوءَ قد يَنتقِض بِخروجِ رِي ٍح أو ما
شابه ذلك ويَستحيِي ذلك الطائف ولسيما إذا كانتْ امرأة ..تَستحِي أن تَقول بِأنا قد انَت َقضَ وضوؤها-ومع
ت مِن غيْرِ مَح َر ٍم منها أو زوجِها أ ّن الوضوء قد يَنتقِض بِهذا أو غيْرِه مِن النواقِض-ولسيما إذا كانتْ قد ذهَب ْ
ط مِن ف مِن ش ْرطِه الطهارة ،فهي شر ٌ ف وهي على إِحرامِها فتَرتكِب الـمَحذُور ،فالطوا ُ فتَرجِع وهي لَم تَطُ ْ
514
(فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (ج 1
ضتْ لبد مِن الوضوء وإعادة الطواف بعدَ ذلك .. حتِه ،فإذا انَتقَض فل يَجو ُز إل بِطهارة ،وإذا انَتقَ َ
صّشروطِ ِ
هذا أمرٌ لبد منه ،ول عبْ َر َة بِالياء ..هذا الياء ل خْي َر فيه ..الياءُ الذي فيه اليْر هو الذي يُوافِقُ شرعَ ال
تبارك وتعال ،أما هذا فهو باطِلٌ وَزُور ..مُنكَ ٌر مِن النكَرَات يُؤدّي إل الوقوعِ ف معصيةِ ال-تبارك وتعال-
ح َر ٍم منها ،ل مع أَجنبِي
على أنّ الرأة عندَما تُرِيدُ أن تَذهَب إل حَ ّج أو عُمرَة فلتَذهَب مع زوجِها أو مع مَ ْ
عنها؛ وال ول التوفيق.
س :4بِالنسبة لِلطواف ،هل َيصِح ركعتا الطواف أن ُتصَلّى أربع ركعات ؟
ج :ها ركعتان بِنصّ فعلِ النب ، eوما دام ذلك هو الثابِت فليس لح ٍد أن يَزِيد على ما فعلَه النب .. e
يُصلّي ركعتيْن وبعدَ ذلك إن شاء أن َيَتَنفّل ف ْلَيتََنفّل بِما شاء.
مِن حلقة 17رمضان 1426هـ ،يوافقه 21/10/2005م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ت مِن السعي وعندَ الرْوة بِالذات َفقَدَتْ س َ :9ذ َهَبتْ إل العُمرَة وطافتْ و َس َعتْ ولكن عندَما انتهَ ْ
ت عنهم طبْعا لكنّها لَم َتكُن تَعلَم أنه يَنبغِي أن ُي َقصّر لَها مُحِل َف َقصّرَتْ لِنفسِها. حَث ْ
أَهلَها وبَ َ
ج :قولُها 1بِأنّه يَلْزَم أن يُ َقصّرَ لَها الـ ُمحِِل-مثل-أو َي ُقصّر لَها غيْرُها ..ل دليلَ على اللزام ..نعم العلماء
لَهم كلمٌ ف ذلك ،ولكن الصحِيح أنه يُمكِن لِلنسانِ أن يُ َقصّ َر مِن شعرِه مِن غيْرِ أن ُي َقصّرَ لَه آخَر ،كما أنه
ص مُحرِم ..هذا هو الصحِيح الراجِح ،أما إذا كان يَنبغِي ..فالروج مِن الِلف يُمكِن أن ُي َقصّر لَه شخ ٌ
ت فيها أدِلّة أو َتتَعا َرضُ فيها الدِلّة وما شابه ذلك ،أما اللزام فل إِلزام. س ْحَسَنٌ ف بعضِ السائل الت َليْ َ
ت مِن إِحرامِها فل شيءَ عليها بِمشيئةِ ال بل يُمكِن لَها ف الستقبَل أن تَصنَع ذلك م ّر ًة ثانية فبِما أنا قد َقصّرَ ْ
وثالثة وهكذا.
مِن حلقة 23رمضان 1426هـ ،يوافقه 27/10/2005م
-1السؤال كما َورَدَ ف الكالة " :أنا ذهبت إل العمرة واعتمرت وطفت وبعد ذلك ذهبت وسعيت لا وصلت الروة أنا فقدت أهلي أصل ولا
فقدت أهلي ما كنت أعرف أنه يلزم يقصر ل أحد فذهبت أنا وقصرت بنفسي ،فما الكم ؟ ".
515