Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 30

‫الوحدة السلمية‬

‫من خلل سية العلمة‬

‫سال بن ذكوان اللل‬

‫أحد بن حد الليلي‬

‫الفت العام لسلطنة عمان‬

‫مقدم إل‬

‫الجلس السلمي العلى‬

‫بالمهورية الزائرية‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫القدمة‬

‫المد ل رب العالي‪ ،‬والصلة والسلم على الرسول المي‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجعي‪ ،‬وعلى من‬
‫تبعه بإحسان إل يوم الدين‪.‬‬

‫السلم عليكم ورحة ال وبركاته‪ ،‬وبعد؛؛؛‬

‫فإن ما يب أن يسعى إليه كل غيور على هذا الدين الوحدة السلمية‪ ،‬فقد مضى على أمتنا حقب‬
‫من الزمن‪ ،‬وهي ل ترى إل التمزيق لصفها والختلف ف كلمتها‪ ،‬حت أصبحت لذهاب ريها وضعف‬
‫أمرها منقادة لعدوها وهو يرها إل حتفها‪ ،‬فكل يوم نرى تنفيذ مؤامرة على بلد من بلدان السلم‪ ،‬يطمر‬
‫فيها ذلك البلد تت ركام التدمي والسف والبادة‪ ،‬فيذهب مع ذهابه مئات اللف من السلمي وف‬
‫مقدمتهم النساء والطفال البرياء‪ ،‬وما نرج من مؤامرة ضدنا حت نساق إل أختها تكون أنكى منها‬
‫وأمر‪ ،‬وكأنه كتب علينا أن نبقى على هذه الال أبد الدهر‪.‬‬

‫نعم؛ يب أن يكون الشغل الشاغل الن للمسلمي هو تصفية الجواء السلمية‪ ،‬وتوحيد الواقف‪،‬‬
‫والسعي الثيث نو المة السلمية الواحدة‪ ،‬حت نتجاوز هذه القبة الؤسفة الت تر علينا من الزمن‪.‬‬

‫ول ريب؛ أن من العمال الليلة الساعية للوحدة السلمية ما يقوم به "الجلس السلمي العلى"‬
‫بالمهورية الزائرية الديقراطية الشعبية‪ ،‬الذي اختط لنفسه منهجا ساميا للتأليف بي السلمي والتقريب‬
‫بي مذاهبهم‪ ،‬ورفع اللبس الواقع بينهم‪ ،‬من خلل اللتقى الدول الذي ينظمه‪.‬‬

‫وقد تلقيت دعوة كرية من أخي فضيلة الدكتور أبو عمرو الشيخ رئيس الجلس السلمي العلى‪،‬‬
‫طالبا من فيها الشاركة ببحث عن "التفاهم بي الذاهب السلمية" وليس للمسلم إذا ما دعي لثل هذا‬
‫الي إل أن ييب‪ ،‬فكانت مشاركت بذا الوضوع الختصر الذي جاء بعنوان "الوحدة السلمية من خلل‬
‫سية العلمة سال بن ذكوان اللل" لتميط اللثام عن اللفية التأريية لعلماء المة ف قابليتهم للوحدة‬
‫السلمية‪ ،‬فإن كان ف تأريخ المة من النقاط السوداء ما يعلنا نعتب به ونتعظ‪ ،‬فإن فيه ومضات مضيئة‬
‫كثية‪ ،‬يكن أن تكون قاعدة مهمة للوحدة السلمية‪ ،‬وقد رأينا أن ما يعوق الوحدة السلمية ركون‬
‫الناس إل كلم بعض العلماء الذي يدعو إل القطيعة‪ ،‬وقد خرج ف ظروف ل يعد لا أي وجود‪ ،‬ولذلك‬
‫كان لزاما –ف مقابل ذلك‪ -‬أن يبز من أقوال العلماء وسيهم ورسائلهم ما يتزن الدعوة إل التواد‬
‫والتصاف بي السلمي‪ ،‬ولذاك رأيت أن أقدم من التأريخ الباضي ف هذا مثالً يكن أن نستغله لزالة‬
‫الاجز النفسي بي السلمي ف النظر إل بعضهم البعض‪.‬‬

‫وال الوفق لا يبه ويرضاه‪.‬‬


‫تهيد‬

‫من القضايا الطروحة ف عالنا‪ ،‬سواء على الساحة الفكرية أو الثقافية أو السياسية‪" ،‬ما موقفنا من‬
‫الخر" الذي يتلف عنا –ونتلف عنه‪ -‬ف العتقد والتوجه والثقافة‪ ،‬هل نتجه معه نو إذابة الفوارق كلية؟‬
‫وهل هذا مكن أصلً؟ أو النياز والقطيعة وعدم قبول الخر؟ أو الشدة والغلظة؟ أو الوار والدال؟ ث‬
‫كيف نؤطر كل ذلك ف إطار الوحدة السلمية بي السلمي أنفسهم‪ ،‬وإذا كان عال اليوم يتجه نو التكتل‬
‫حسب الرقعة الغرافية‪ ،‬أو الصال التبادلة‪ ،‬أليس من الواجب علينا نن الشعوب السلمية أن نتكتل‬
‫ونتوحد ف أمة واحدة‪ ،‬يمعها اليان بال‪ ،‬ويكون منهجها دينه القوي‪ ،‬وقائد لوائها خات النبياء والرسلي‬
‫صلى ال عليه وسلم؟ إذا كان الطلوب منا أن ندد مواقفنا من الخرين‪ ،‬فل ريب أن من الهية القصوى‬
‫أن نزيل الاجز النفسي الذي يفصل بي السلمي بعضهم البعض‪ ،‬نتيجة تراكمات صنعها التشرذم‬
‫والتقوقع والنغلق على الذات بي طوائف السلمي‪ ،‬والعتداد بالرأي والتعصب له‪ ،‬مع ترك الساحة‬
‫الشاسعة لللتقاء بينهم‪.‬‬

‫كل هذه السئلة اللحة ل بد من الجابة عليها‪ ،‬لنه بذلك تتحدد الواقف بي الناس‪ ،‬ويعرف‬
‫النسان السلم موقعه الذي يتحرك فيه‪ ،‬فمن الضرورة بكان إبراز التوجه السلمي الصحيح لذه القضايا‪،‬‬
‫وصياغة منهج موحد للوحدة السلمية يكون دستورا ملزما للمة‪ ،‬ول يتم ذلك إل حسب منهج صحيح‬
‫تتم بلورته من قبل علماء المة الجتهدين الغيورين عليها والساعي إل وحدتا ورفعتها وسؤددها‪ ،‬ث يب‬
‫أن ينّل هذا التوجه على أرض الواقع‪ ،‬ويتم الشراف على تنفيذه من قبل لنة واعية وعاملة‪ ،‬حت ل يبقى‬
‫مرد حب على ورق‪.‬‬

‫نعم؛ ل أحد ينكر أن موقف السلم من هذه القضايا راق وعظيم‪ ،‬ل تصل إليه الدساتي البشرية‪،‬‬
‫لكنه يتاج منا إل تلية وإظهار بعد أن غمره الكثي من التصرفات الاطئة على مر اليام‪ ،‬ول عيب أبدا‬
‫أن ننقد أنفسنا‪ ،‬وأن نتجاوز نقاط الضعف لدينا وأن نطور نقاط القوة ونسن الودة‪ ،‬إننا ندعو للستفادة‬
‫من نتاج العلماء وما أفرزته الدارس السلمية قاطبة‪ ،‬وإن وجد شيء ما ل يتناسب مع التصور السلمي‬
‫الصحيح وحركة الواقع فل ينبغي التشبث به لجل أنه موروث مذهب‪ ،‬فلو استطعنا أن نتحرك بالذاهب‬
‫السلمية لتشكل حسا إسلميا واحدا لكان هو قمة الطلوب‪ ،‬وغاية الرغوب‪.‬‬

‫إننا ‪-‬نن السلمي‪ -‬علينا أن ل نستنكف من أخذ الق بعد تحيصه بالدلئل الشرعية‪ ،‬ولذلك‬
‫يتوجب علينا أن نطرح متلف رؤانا السلمية‪ ،‬لجل الوصول إل تصور شعوري موحد وتطبيق عملي‬
‫واحد‪.‬‬

‫وعلى ذلك؛ وبناء على الطر الحدد بثها ف هذا الؤتر‪ ،‬فإنه يسرنا أن نضع بي يدي العلماء‬
‫الجلء والفكرين الفضلء رأي الذهب الباضي‪ ،‬وقد اخترنا العلمة سال بن ذكوان اللل نوذجا للرؤية‬
‫الباضية‪ ،‬لسباب سأذكرها لحقا بإذن ال تعال‪.‬‬

‫الوحدة السلمية منهج قرآن‬

‫الذهب الباضي له عمقه التأريي ف تديد موقعه من كل هذا القضايا‪ ،‬فنجد من الصدر الول‬
‫لتأسس هذا الذهب‪ ،‬الرؤية واضحة والنهج بيّنا والطوات صحيحة‪ ،‬وكل ذلك مقيس وفق نظرة الشرع‬
‫الشريف‪ ،‬ول يظل مرد شعارات لمعة ل حظ لا من التطبيق‪ ،‬بل طبقها علماء الذهب وأئمته على طول‬
‫مسية التأريخ السلمي‪.‬‬

‫ونن عندما نقول ذلك‪ ،‬ل يفوتنا أن نذكر بأن ف كل الذاهب دعوات إل الوحدة السلمية‬
‫وتوحيد الصف وتقوية الوشائج الخوية‪ ،‬ما يؤكد على سلمة النحى وصدق التوجه‪ ،‬فما علينا إل أن‬
‫نوحد الهود ونعلها كلمة واحدة تبن المة وتعمرها وفق شريعة ال تعال‪ ،‬لنرجع أمة قيادة وريادة‪ ،‬أمة‬
‫ك جَعَلْنَا ُك ْم أُ ّم ًة وَسَطا لّتَكُونُواْ شُ َهدَاء عَلَى‬
‫وسطا كما أرادها ال تعال‪ ،‬قال ال تبارك وتعال‪(( :‬وَ َك َذلِ َ‬
‫النّاسِ َوَيكُو َن ال ّرسُولُ عَلَ ْي ُكمْ َشهِيدا)) البقرة ‪143‬‬

‫ووحدة الصف السلم مطلب شرعي يشكل ركنا من أركان الدين‪ ،‬ويأت ف ذروة سنام أمره‪،‬‬
‫ولذلك ل تد الطاب السلمي ف القرآن الكري موجها إل الفرد وحده‪ ،‬بل موجها إل الماعة الؤمنة‪،‬‬
‫لذلك ند الطاب ف كتاب ال تعال بـ "يا أيها الذين آمنوا" و"يا أيها الناس" ‪ ...‬وهكذا‪.‬‬

‫والعبادات ف السلم تؤدى بشكل جاعي‪ ،‬فالصلة تؤدى ف جاعة‪ ،‬بل الؤمن وهو يقف بي يدي‬
‫ربه ولو كان منفردا ف صلته‪ ،‬فإنه يشعر وهو يقرأ بأم الكتاب أنه ف لمة الجتمع وأنه جزء من نسيجه‪،‬‬
‫وف الصوم يقول ال تعال‪(( :‬يَا َأيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَ ْيكُ ُم الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى اّلذِي َن مِن قَبْلِ ُكمْ‬
‫َلعَلّ ُكمْ تَّتقُونَ)) البقرة ‪ 183‬فيبدأ الؤمنون صيامهم ف رمضان ف لظة واحدة وينتهون ف لظة واحدة‪ ،‬ل‬
‫فرق بي الناس مهما تفاوتت مراتبهم الجتماعية‪ ،‬وموسم الج يضم أكب عدد من أبناء من أبناء المة‬
‫ج َيأْتُوكَ ِرجَا ًل وَعَلَى ُكلّ ضَامِرٍ‬
‫س بِالْحَ ّ‬
‫يأتون من متلف بقاع العال قال ال تبارك وتعال‪َ (( :‬وَأذّن فِي النّا ِ‬
‫ي مِن ُك ّل فَجّ عَمِيقٍ)) الج ‪ ،27‬واللتقاء الماعي للمسلمي ف هذه العبادات له فوائد عظيمة‪ ،‬إل أن‬
‫َي ْأتِ َ‬
‫أعلها هو الخوة والوحدة الشعورية واللقاء‪.‬‬

‫وعندما نتدبر سورة العصر؛ ند أن ال تبارك وتعال عندما أشترط ف ناة النسان من السران‬
‫اليان والعمل الصال والتواصي بالق والتواصي بالصب‪ ،‬جعل كل ذلك ف الطار الماعي‪ ،‬ليؤكد أن‬
‫الجتمع السوي ل يكن أن يكون له وجود حقيقي إل ف ظل الماعة الواحدة‪ ،‬يقول ال سبحانه وتعال‪:‬‬
‫صوْا‬
‫سرٍ‪ ،‬إِل اّلذِينَ آمَنُوا وَ َعمِلُوا الصّالِحَاتِ َوَتوَا َ‬
‫صرِ‪ ،‬إِنّ النسَا َن َلفِي ُخ ْ‬
‫ل الرّحْم ِن ال ّرحِيمِ‪ ،‬وَالْعَ ْ‬
‫(ِبسْمِ ا ِ‬
‫صوْا بِالصّ ْبرِ))‬
‫حقّ َوَتوَا َ‬
‫بِالْ َ‬
‫ول يقصر ال عز وجل الوحدة على تبادل الصال والنافع –رغم أهيتها‪ -‬بل جعلها وحدة إيانية‬
‫تسمو فوق كل ذلك‪ ،‬مبتغاها اليان بال تعال ووجهتها رضوانه ومنهجها المر بالعروف والنهي عن‬
‫ف وَيَ ْن َهوْنَ َع ِن الْمُنكَرِ‬
‫ضهُ ْم َأوْلِيَاء َبعْضٍ َي ْأ ُمرُو َن بِالْ َمعْرُو ِ‬
‫ت َبعْ ُ‬
‫النكر؛ قال ال تعال‪(( :‬وَالْ ُم ْؤمِنُو َن وَالْ ُم ْؤمِنَا ُ‬
‫ك سََيرْحَ ُم ُه ُم اللّ ُه إِ ّن اللّهَ َعزِيزٌ حَكِيمٌ)) التوبة‬
‫ل َة وَُي ْؤتُو َن الزّكَا َة َويُطِيعُو َن ال ّلهَ وَ َرسُوَلهُ ُأ ْولَـئِ َ‬
‫وَُيقِيمُو َن الصّ َ‬
‫‪71‬‬

‫وند ف كتاب ال تعال التوجيهات العظيمة بالعتصام ببل ال تعال وعدم التفرق‪ ،‬فإن ف الفرقة‬
‫هدما للمة‪ ،‬وذهابا لريها‪ ،‬ولننظر إل هذا النداء اللي‪(( :‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ آمَنُواْ اّتقُوْا اللّ َه َحقّ ُتقَاِت ِه وَلَ‬
‫ت ال ّلهِ َعلَ ْيكُ ْم ِإذْ كُنُتمْ‬
‫صمُوْا بِحَ ْب ِل اللّ ِه جَمِيعا َولَ تَ َف ّرقُوْا وَاذْ ُكرُوْا ِنعْمَ َ‬
‫تَمُوُت ّن إِ ّل َوأَنتُم ّمسْلِمُونَ‪ ،‬وَاعْتَ ِ‬
‫ك يُبَّينُ‬
‫أَ ْعدَاء َفَألّفَ بَ ْي َن قُلُوِب ُكمْ َفأَصْبَحْتُم بِِنعْمَِت ِه إِ ْخوَانا وَكُنُتمْ عَ َلىَ َشفَا ُح ْف َرةٍ ّمنَ النّا ِر َفأَن َقذَكُم مّ ْنهَا َك َذلِ َ‬
‫ف وَيَ ْن َهوْنَ َع ِن الْمُنكَرِ‬
‫ال ّلهُ َل ُكمْ آيَاِتهِ َلعَ ّل ُكمْ َتهَْتدُونَ‪َ ،‬ولْتَكُن مّن ُك ْم ُأمّ ٌة َيدْعُونَ ِإلَى الْخَ ْي ِر َويَ ْأ ُمرُو َن بِالْ َمعْرُو ِ‬
‫ك ُهمُ الْ ُمفْلِحُونَ‪ ،‬وَ َل َتكُونُواْ كَالّذِينَ َت َف ّرقُوْا وَاخْتَ َلفُواْ مِن َب ْعدِ مَا جَاء ُهمُ الْبَيّنَاتُ َوُأوْلَـِئكَ لَ ُهمْ‬
‫وَُأ ْولَـئِ َ‬
‫َعذَابٌ عَظِيمٌ)) آل عمران‬

‫‪102-105‬‬

‫ويأمر ال تبارك وتعال المة السلمية أن تسعى لزالة أي شقاق بينها بالصلح بي الطوائف‬
‫الختلفة بتسديد الرأي والتوجيه السن وإزالة دواعي الختلف‪ ،‬قال ال تعال‪(( :‬وَإِن طَاِئفَتَانِ ِمنَ‬
‫ي اقْتَتَلُوا َفأَصْلِحُوا بَيَْنهُمَا َفإِن َبغَتْ ِإ ْحدَاهُمَا عَلَى الخْرَى َفقَاتِلُوا الّتِي تَ ْبغِي حَتّى َتفِي َء إِلَى أَ ْم ِر اللّهِ‬
‫الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫ب الْ ُمقْسِ ِطيَ‪ ،‬إِنّمَا الْ ُمؤْمِنُو َن ِإخْ َو ٌة َفأَصْلِحُوا بَ ْينَ‬
‫ح ّ‬
‫ت َفأَصْلِحُوا بَيَْنهُمَا بِالْ َعدْ ِل َوأَ ْقسِطُوا إِ ّن ال ّلهَ يُ ِ‬
‫َفإِن فَاء ْ‬
‫خ ْر قَو ٌم مّن قَوْمٍ َعسَى أَن َيكُونُوا خَيْرا مّ ْن ُهمْ‬
‫َأخَ َوْيكُ ْم وَاّتقُوا اللّ َه َلعَلّ ُك ْم ُترْحَمُونَ‪ ،‬يَا َأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا ل َيسْ َ‬
‫س ا ِلسْ ُم الْ ُفسُوقُ‬
‫ول ِنسَاء مّن ّنسَاء َعسَى أَن َيكُ ّن خَيْرا مّ ْن ُهنّ وَل تَ ْل ِمزُوا أَن ُفسَ ُك ْم وَل تَنَاَبزُوا بِا َلْلقَابِ بِئْ َ‬
‫ك ُهمُ الظّالِمُونَ)) الجرات ‪11-9‬‬
‫ب َفأُ ْولَئِ َ‬
‫َبعْدَ الِيَا ِن َومَن ّلمْ يَتُ ْ‬
‫ونرى بوضوح ف كتاب ال تعال بث عوامل اللفة سواء بالرشاد إل خلق رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وهو اللق العظيم‪(( :‬وَِإّنكَ َلعَلى خُ ُلقٍ عَظِيمٍ)) القلم ‪ 4‬أو باتباع منهجه ف تأليف القلوب‬
‫ب لَنفَضّواْ ِم ْن حَ ْولِكَ‬
‫ت فَظّا غَلِيظَ اْلقَلْ ِ‬
‫ت َل ُهمْ َوَلوْ كُن َ‬
‫وتألف الناس؛ قال سبحانه‪(( :‬فَبِمَا َرحْ َمةٍ ّم َن اللّ ِه لِن َ‬
‫ب الْمَُتوَكّلِيَ)) آل‬
‫ت فََتوَ ّكلْ عَلَى ال ّلهِ إِنّ ال ّل َه يُحِ ّ‬
‫فَاعْفُ عَ ْن ُه ْم وَاسَْت ْغفِ ْر َل ُهمْ َوشَاوِ ْرهُ ْم فِي ا َلمْ ِر َفِإذَا َع َزمْ َ‬
‫عمران ‪159‬‬

‫وتغيي الواقع نو الدي اللي ل يكون بالكراه والشدة والغلظة بل بالدعوة إل ال تعال‬
‫حسََنةِ َوجَا ِدْلهُم‬
‫حكْ َم ِة وَالْ َموْعِ َظ ِة الْ َ‬
‫ك بِالْ ِ‬
‫ع ِإلِى سَبِيلِ َربّ َ‬
‫بالسلوب السن والكلمة الحببة؛ قال تعال‪(( :‬ادْ ُ‬
‫ضلّ عَن سَبِي ِلهِ َو ُهوَ أَعْ َل ُم بِالْ ُمهْتَدِينَ)) النحل ‪ 125‬ول ريب أن لنا‬
‫ك هُ َو أَعْ َل ُم بِمَن َ‬
‫سنُ إِنّ َرّب َ‬
‫بِالّتِي ِهيَ أَ ْح َ‬
‫ف رسول ال أسوة حسنة فعلينا القتداء به واتباع هديه‪ ،‬قال عز من قائل‪(( :‬لَ َقدْ كَانَ لَ ُكمْ فِي َرسُولِ ال ّلهِ‬
‫ُأسْ َو ٌة َحسََنةٌ لّمَن كَا َن َيرْجُو ال ّل َه وَالَْيوْ َم الْآ ِخرَ َوذَ َكرَ ال ّلهَ كَثِيا))‪.‬‬

‫الحزاب ‪21‬‬

‫وقد ظهر هذا النهج واضحا ف دعوته صلى ال عليه وسلم فاستطاع أن يؤلف بي الهاجرين‬
‫والنصار وبي الوس والزرج‪ ،‬وأن تنضم إليهم بعد ذلك قبائل العرب لتكون المة السلمية‪ ،‬وهكذا‬
‫انتشر دين ال تعال بي العالي‪.‬‬

‫هذا هو النهج اللي الواضح السمح الذي رسه لنا ال تعال ف كتابه العزيز وسار عليه رسولنا‬
‫الكري صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫الوحدة ف التأريخ الباضي‬


‫ل ريب؛ أن الدارس السلمية استقت آراءها وأفكارها من العي الول للسلم وهو الكتاب‬
‫العزيز والسنة النبوية‪ ،‬وما من مذهب إل وقد صدر منهما ونل‪ ،‬وسوف نستعرض هنا التوجه الباضي‬
‫العام ليتبي أن هذا الذهب يسي ف نفس الط الذي رضيه ال لنا ووجهنا إليه الرسول الكري صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وأنه يد يده لخوانه السلمي ف بقية الذاهب للقضاء على أي بؤرة خلف قد تزق الصف‬
‫السلمي‪.‬‬

‫فالمام جابر بن زيد الذي وطد دعائم الذهب الباضي‪ ،‬كان إماما مرتضى من جيع المة‬
‫السلمية‪ ،‬ولذلك هو مرجع للجميع‪ ،‬فوجدت آراؤه وأقواله ف أغلب الذاهب السلمية‪ ،‬وهذا يدل على‬
‫أن المام جابر رضي ال عنه ل يكن قصده النياز نو توجه واحد‪ ،‬بل كان مصلحا يسع الميع بفكره‬
‫وتطلعاته نو التصحيح السلمي الذي ينشده ف ذلك الوقت‪ ،‬بعد أن أصيبت المة بدخن اللف‬
‫والتشرذم‪.‬‬

‫ومن هذا النطلق صدر ذلك العلن النصف ‪-‬الذي رسم مبدأ الباضية ف نظرتم إل المة‪ -‬من‬
‫أشهر قائد إباضي وهو أبو حزة الختار ابن عوف السليمي‪ ،‬ف خطبته الت ألقاها على منب رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬فأصاخ لا الدهر‪ ،‬وسجلها الزمن‪ ،‬وخلدها التأريخ‪ ،‬إذ قال فيها ‪-‬رحه ال‪" :-‬الناس منا‬
‫ونن منهم إل ثلثة‪ :‬مشركا عابد وثن‪ ،‬أو كافرا من أهل كتاب‪ ،‬أو إماما جائرا"‪.]1[1‬‬

‫ث ند بعد ذلك المام نور الدين السالي‪ ]2[2‬رحه ال تعال من الشرق السلمي يتجاوب مع‬

‫‪ ]1[1‬الغان لب الفرج الصفهان؛ ج ‪ 2‬ص ‪ ،104‬طبعة بولق‪.‬‬

‫‪ ]2[2‬هو العلمة عبدال بن حيد بن سلوم السالي‪ ،‬عال متهد مطلق‪ ،‬اتسمت مؤلفاته بالتحقيق العلمي‬
‫الرصي‪ ،‬كان داعية إل الوحدة والامعة السلمية‪ ،‬له تآليف ف معظم الفنون كأصول الدين وأصول‬
‫الفقه والفقه واللغة والدب والتأريخ‪ ،‬وكان مصلحا اجتماعيا‪ ،‬ولد بالوقي من أعمال الرستاق عام‬
‫داعية الوحدة الشيخ سليمان البارون‪ ،]3[3‬الذي عمل وسعه لجل أن يوحد الصف السلمي؛يقول‬
‫المام السالي‪-:‬‬

‫"قد نظرنا ف الامعة السلمية فإذا فيها كشف الغطاء عن حقيقة الواقع‪ ،‬فلله ذلك الفكر البدي‬
‫لتلك القائق‪.‬‬

‫نعم نوافق أن منشأ التشتيت اختلف الذاهب وتشعب الراء‪ ،‬وهو السبب العظم ف افتراق‬
‫المة‪ ،‬على حسب ما اقتضاه نظركم الواسع ف بيان الامعة السلمية‪.‬‬

‫وللتفرق أسباب أخرى؛ منها التحاسد أو التباغض والتكالب على الظوظ العاجلة‪ ،‬وفيها طلب‬
‫الرياسة والستبداد بالمر‪.‬‬

‫وجع المة على الفطرة السلمية بعد تشعب اللف مكن عقلً مستحيل عادة‪ ،‬وإذا أراد ال أمرا‬
‫ت بَ ْينَ قُلُوِب ِهمْ َولَـ ِك ّن اللّ َه َألّفَ بَيَْن ُه ْم ِإنّهُ َعزِيزٌ َحكِيمٌ))‪.‬‬
‫ض جَمِيعا مّا أَّلفَ ْ‬
‫كان ((َلوْ أَن َفقْتَ مَا فِي الَرْ ِ‬
‫النفال ‪63‬‬

‫والساعي ف المع مصلح ل مالة‪ ،‬وأقرب الطرق له أن يدعو الناس إل ترك اللقاب الذهبية‪،‬‬

‫‪1286‬ه‍‪ ،‬وتوف بتنوف من أعمال نزوى العاصمة العمانية آنذاك عام ‪1332‬ه‍‪.‬‬

‫‪ ]3[3‬هو سليمان بن عبدال البارون‪ ،‬ماهد ليبـي عظيم‪ ،‬وكاتب إسلمي قدير‪ ،‬أحد القادة الذين‬
‫دافعوا عن ليبيا هجمة الستعمار‪ ،‬نفاه الستعمار الوروب وحرم عليه دخول البلد العربية الت كانت‬
‫تت سيطرته‪ ،‬توف ‪1940‬م‪.‬‬
‫ويضهم على التسمي بالسلم‪ ،‬فإن الدين عند ال السلم‪.‬‬

‫فإذا أجاب الناس إل هذه الصلة العظيمة ذهبت عنهم العصبية الذهبية ولو بعد حي‪ ،‬فيبقى الرء‬
‫يلتمس الق بنفسه‪ ،‬ويكون الق أولً عند آحاد الرجال‪ ،‬ث يفشوا شيئا فشيئا حت يرجع إل الفطرة‪ ،‬وهي‬
‫دعاية السلم الت بُعث با ممد عليه الصلة والسلم‪ ،‬وتضمحل البدع شيئا فشيئا‪ ،‬فيصي الناس إخوانا‪،‬‬
‫ومن ضل فإنا يضل على نفسه‪.‬‬

‫ولو أجاب اللوك والمراء إل ذلك لسرع ف الناس قبولم وكفيتم مؤنة الغرم‪ ،‬وإن تعذر هذا من‬
‫اللوك فالمر عسر والغرم ثقيل‪.‬‬

‫وأوفق البلد لذه الدعوة مهبط الوحي ومتردد اللئكة ومقصد الاص والعام حرم ال المن‪ ،‬لنه‬
‫مرجع الكل‪.‬‬

‫وليس لنا مذهب إل السلم‪ ،‬فمن ث تدنا نقبل الق من جاء به وإن كان بغيضا‪ ،‬ونرد الباطل‬
‫على من جاء به وإن كان حبيبا‪ ،‬ونعرف الرجال بالق‪ ،‬فالكبي عندنا من وافقه والصغي من خالفه‪ ،‬ول‬
‫يشرع لنا ابن إباض مذهبا‪ ،‬وإنا نسبنا إليه لضرورة التمييز حي ذهب كل فريق إل طريق‪ ،‬أما الدين عندنا‬
‫ل يتغي‪ ،‬والمد ل"‪.]4[4‬‬

‫نقتصر على هذا –مراعاة للختصار الذي اتبعناه ف هذا البحث‪ -‬وإل فإن هناك الكثي من النماذج‬

‫‪ ]4[4‬العقد الثمي؛ فتاوى المام نور الدين السالي؛ ج ‪ 1‬ص ‪127-126‬؛ الطبعة الول‪.‬‬
‫الت تكشف عن الرغبة اللحة لدى علماء الذهب الباضي للوحدة السلمية‪.‬‬

‫السعة ف الرأي‬

‫دين ال واضح العال‪ ،‬وضئ السالك‪ ،‬بيّن الحكام‪ ،‬جاء ليناسب الوانب الثابتة من النفس‬
‫النسانية‪ ،‬كما أنه ل يعوق حركة النسان ف الياة‪ ،‬فمن خاصية هذا الدين خلوده وصلحيته لكل زمان‬
‫ومكان‪ ،‬ولذلك كان من مشيئة ال تعال أن يكون ف دينه الات آيات مكمات هن أم الكتاب‪ ،‬تكشف‬
‫عن القائق الثابتة‪ ،‬سواء تعلقت بقام اللوهية العظيم‪ ،‬أو بالعقائد الغيبية‪ ،‬أو با يتواءم مع رغبات نفس‬
‫النسان ف العبودية ل تعال‪ ،‬أو با يتلزم مع حاجة المة إل الثوابت ف كثي من القضايا‪ ،‬إل أن من طبيعة‬
‫الياة الركة والنتقال من طور إل طور‪ ،‬والتبدل من وضع إل وضع‪ ،‬فجعل ال تعال كثيا من آيات‬
‫كتابه قابلة للتأويل حت تتناسب مع احتياج البشر إل الستمداد من كتاب ال تعال لتسيي حياتم والنظر‬
‫ف أمر معاشهم‪ ،‬وحت يكون العمار الكون الطلوب من النسان إعمارا صحيحا ل انتكاسة فيه‪ ،‬لكن‬
‫بشرط أن ل ينسينا التشابه الواقع ف كتاب ال تعال الحكم من اليات‪ ،‬وأن ل نركن إل هذا التشابه‬
‫لنثي به الفتنة‪ ،‬ولعلم ال تعال السابق بال النسان‪ ،‬فقد حذر جل وعل من ذلك بقوله ال تعال‪ُ (( :‬هوَ‬
‫ت َفأَمّا الّذِينَ ف قُلُوِب ِهمْ َزْيغٌ‬
‫ت هُ ّن أُ ّم اْلكِتَابِ َوُأخَ ُر مَُتشَاِبهَا ٌ‬
‫حكَمَا ٌ‬
‫ب مِ ْنهُ آيَاتٌ مّ ْ‬
‫ي أَن َزلَ عَلَ ْيكَ اْلكِتَا َ‬
‫الّذِ َ‬
‫فَيَتِّبعُو َن مَا َتشَاَبهَ مِ ْن ُه ابْتِغَاء الْفِتَْن ِة وَابِْتغَاء َتأْوِي ِلهِ َومَا َيعْ َلمُ َت ْأوِي َل ُه إِ ّل ال ّلهُ وَالرّاسِخُو َن فِي اْلعِ ْلمِ َيقُولُونَ آمَنّا‬
‫ِبهِ ُك ّل ّمنْ عِندِ َربّنَا َومَا َيذّ ّكرُ ِإ ّل أُ ْولُواْ اللْبَابِ)) آل عمران ‪7‬‬

‫ولذلك جاء ف كتاب ال تعال وسنة رسوله الكري صلى ال عليه وسلم القطعي النبن على دلئل‬
‫الحكم‪ ،‬وهو الركن الركي من الشريعة الذي ل يوز الختلف فيه قطعا‪ ،‬ومن يالف فيه فهو خارج من‬
‫دائرة السلم‪ ،‬فاليان بال تعال ربا وبحمد بن عبدال رسولً خاتا‪ ،‬وبشاهد يوم القيامة والنة والنار‪،‬‬
‫ووجوب الصلة والزكاة والصوم والج؛ ونوها من القطعيات‪ ،‬هو جامع كلي لليان ل يتم إسلم أحد‬
‫إل باليان به‪ ،‬ول يعدّ ف السلمي من خالفه‪.‬‬
‫وجاء ف كتاب ال تعال وسنة رسوله عليه الصلة والسلم أيضا الظن النبن على دلئل الظاهر‬
‫والتشابه‪ ،‬وهذا أمر اقتضته حكمة ال البالغة‪ ،‬حت يتسع دينه العظيم للفوارق العقلية والفكرية والعملية‬
‫لعباده جل وعل‪ ،‬وبقدار اجتهادهم وإخلصهم النية للوصول إل الطلوب منهم يكون جزاؤهم الوف عند‬
‫ربم عز وجل‪ ،‬ولن من حكمة ال تعال تقلب الحوال ف خلقه؛ من مكان إل آخر ومن زمان إل آخر‪،‬‬
‫جعل ف التشابه اكتنازا للحلول الشرعية الت تفي باجة البشرية وعلجا لدوائها الختلفة‪.‬‬

‫يقول العلمة أبو ممد ابن بركة البهلوي‪" :]5[5‬ولو كان القرآن كله مكما ل يتمل التأويل ول‬
‫يكن الختلف فيه‪ ،‬لسقطت الحنة منه وتبلدت العقول وبطل التفاضل واستوت منازل العباد‪ ،‬وال يتعال‬
‫أن يفعل ما هذا سبيله‪ ،‬بل الواجب ف حكمته ورحته ما صنع وقدّر فيه‪ ،‬إذ جعل بعضه مكما ليكون أصلً‬
‫يرجع إليه‪ ،‬وبعضه متشابا يتاج فيه إل الستخراج والستنباط ورده إل الحكم وإعمال العقول والفكر‪،‬‬
‫ليستحق بذلك الثواب الذي هو العوض"‪.]6[6‬‬

‫إننا لو تعاملنا مع قضايا الحكم والتشابه بروح تسودها العلمية والوضوعية والخوة السلمية؛‬
‫لفت الدة بي الذاهب ولكان التقارب والتآلف‪ ،‬فما من فريق من المة إل وعنده دليله من شرع ال‬
‫الذي يستند إليه‪ ،‬وقد يطئ أحدهم ف الستدلل ولكن ل ينبغي أن تشتد القطيعة عليه‪ ،‬وإنا ينبغي‬
‫مناقشته الناقشة العلمية الت تبتغي وجه ال تعال ث الوصول إل الق‪.‬‬

‫إن ما عصف بالمة من أعاصي الفت ورياح التناحر –لو رأيناه بعي العقل‪ -‬لوجدناه راجعا إل‬

‫‪ ]5[5‬هو المام أبو ممد عبدال بن ممد بن بركة البهلوي‪ ،‬من مدينة بل بالنطقة الداخلية من عمان‪،‬‬
‫من علماء القرن الرابع الجري‪ ،‬متهد مطلق‪ ،‬أحد أعمدة الفقه الباضي‪ ،‬كتبه تعد مرجعا ف علم‬
‫الصول‪ ،‬أشهرها كتاب "الامع"‪.‬‬

‫‪ ]6[6‬الامع لبن بركة؛ ج ‪ 1‬ص ‪ ،57-56‬طبعة وزارة التراث والثقافة بسلطنة عمان‪.‬‬
‫التعصب للرأي وعدم الستماع إل حجج الخرين‪ ،‬واعتبار من خالفنا ف الرأي خصما؛ وأن اللوس‬
‫للتحاور معه هو من الوهن ف الدين والضعف ف اليان‪ ،‬مع أن ال تعال أمرنا أن ندعو أهل الكتاب‬
‫ب َتعَالَ ْوْا ِإلَى كَلَ َم ٍة َسوَاء بَيْنَنَا‬
‫للتحاور معهم للوصول إل كلمة سواء‪ ،‬قال تبارك تعال‪(( :‬قُ ْل يَا َأ ْهلَ اْلكِتَا ِ‬
‫خ َذ َبعْضُنَا َبعْضا أَ ْربَابا مّن دُو ِن ال ّلهِ َفإِن َتوَّلوْْا َفقُولُواْ‬
‫شرِ َك ِبهِ شَيْئا وَ َل يَتّ ِ‬
‫وَبَيَْن ُكمْ َأ ّل نَعُْب َد إِ ّل ال ّلهَ َولَ ُن ْ‬
‫ا ْشهَدُواْ ِبَأنّا ُمسْلِمُونَ)) آل عمران ‪64‬‬

‫والباضية حريصون أشد الرص على عدم إخراج من خالفهم من دائرة السلم‪ ،‬طالا أن لديه من الدليل‬
‫ما يتشبث به‪ ،‬حرصا منهم على ل الشمل ووحدة الصف واجتماع المة وتاسك بنيانا‪ ،‬يقول المام نور‬
‫الدين السالي رحه ال تعال وهو يدد لنا موقف الباضية من سائر المة‪:]7[7‬‬

‫فوق شهادتيهــم اعتقادا‬ ‫ونن ل نطالـب العبادا‬


‫إخواننا وبالقــوق قمنا‬ ‫فمن أتى بالملتـي قلنا‬
‫واعتقدوا ف دينهم ضلل‬ ‫إل إذا ما نقضـوا القال‬
‫ونسب ذلك من حقهـم‬ ‫قمنا نبي الصواب لـم‬
‫ف كتب التوحيد والتقرير‬ ‫فما رأيته مـن التحـرير‬
‫جاء با من ضـل للمنتبه‬ ‫رد مسائل وحـل شـبه‬
‫بهدنا كي ل يضل اللقا‬ ‫قمنا نردهـا ونبدي القا‬
‫ونكتفي منهم بأن يسلـموا‬ ‫لو سكتوا عنا سكتنا عنهم‬

‫وعلى هذه القاعدة بن الباضية حكمهم على طوائف المة‪ ،‬فكانوا أشد احتياطا من إخراج أحد‬
‫منهم من اللة بسبب معتقده مادام مبنيا على تأول نص شرعي ‪ ،‬وإن ل يكن لتأويله أساس من الصحة ول‬
‫حظ من الصواب‪ ،‬ومن هنا اشتد إنكار المام الكبي مبوب بن الرحيل ‪-‬رحه ال تعال‪ -‬على هارون‬

‫‪ ]7[7‬كشف القيقة مع أنوار العقول ص ‪ 25‬الطابع العالية‪ ،‬سلطنة عمان‪.‬‬


‫اليمان الذي حكم بشرك الشبهة وخروجهم من اللة‪ ،‬وأنشأ مبوب ف ذلك رسالتي جامعتي ضمنهما‬
‫حججه الداحضة لرأي هارون‪ ،‬وجّه إحداها إل إباضية عمان‪ ،‬وثانيهما إل إباضية حضرموت‪.]8[8‬‬

‫وسُئِل الحقق الشيخ سعيد بن خلفان الليلي‪ ]9[9‬رضوان ال عليه عن حكم الشبهة هل هم‬
‫مشركون؟ فكان جوابه لسائله‪:‬‬

‫"إياك ث إياك أن تعجل بالكم على أهل القبلة بالشراك من قبل معرفة بأصوله‪ ،‬فإنه موضع اللك‬
‫والهلك"‪.]10[10‬‬

‫ويقول العلمة أبو يعقوب الوارجلن الزائري‪ ]11[11‬رحه ال تعال‪" :‬وأما الذاهب؛ وهي طريقة‬

‫‪ ]8[8‬الرسالتان ف الزء الثالث من كتاب سِيَر السلمي‪ ،‬ومبوب هذا هو أحد كبار أئمة العلم ف‬
‫أواخر القرن الثان الجري‪ ،‬إذ كان واسطة العقد عند الباضية مشارقتهم ومغاربتهم‪ ،‬وأطبق الرأي‬
‫الباضي على تصويبه وتطئة هارون‪.‬‬

‫‪ ]9[9‬هو العلمة الحقق سعيد بن خلفان بن أحد الليلي رحه ال تعال‪ ،‬أحد علماء القرن الثال عشر‬
‫الجري‪ ،‬ولد بدينة بوشر من عمان‪ ،‬كان متهدا وشاعرا ومصلحا‪ ،‬قام بإعادة المامة ف القطر العمان‪،‬‬
‫حيث عمل هو جاعة من العلماء على تنصيب عزان بن قيس إماما على عمان‪ ،‬له مموعة كتب أهها‬
‫"تهيد قواعد اليان" توف شهيدا عام ‪1278‬هـ‪.‬‬

‫‪ ]10[10‬كتاب تهيد قواعد اليان ج ‪ 1‬ص ‪ 224‬ط وزارة التراث ‪ ،‬سلطنة عمان‪.‬‬

‫‪ ]11[11‬هو العلمة أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم السدرات الوارجلن‪ ،‬عال متهد من علماء الزائر‪،‬‬
‫يعتب أحد أقطاب أصول الدين وأصول الفقه ف الذهب الباضي‪ ،‬كما أنه موسوعي فله باع ف التأريخ‪،‬‬
‫والغرافيا والرحلت والستكشاف‪ ،‬والنطق والرياضيات‪ ،‬وله العديد من الؤلفات العتمدة ف الذهب‪،‬‬
‫وكانت له حلقة علم ف الندلس يؤمها طلب من شت البقاع با فيهم طلبة ألان‪ ،‬توف عام ‪570‬ه‍‪.‬‬
‫المة ف الشريعة من الفقهيات ومذاهبهم ف التفسي وما يؤول إل ذلك‪ ،‬ل تفسيق ول تضليل"‪.]12[12‬‬

‫رسالة سال بن ذكوان‬

‫لقد أشرنا سابقا أننا سنستعرض رسالة العلمة سال بن ذكوان اللل رضي ال عنه كنموذج‬
‫للموقف الباضي ف الكم على الخرين‪ ،‬ويأت اختيارنا لذه الرسالة لهيتها ف الفكر الباضي‪ ،‬فهي‬
‫تكشف منذ وقت مبكر جدا عن تديد الوقف الباضي من يالفهم ف الدين أو ف الذهب‪ ،‬ولنا صادرة‬
‫من أحد رموز الباضية الوائل‪ ،‬ولننا يكن أن نعدها وثيقة دعوة للوحدة السلمية بي متلف مدارس‬
‫السلم‪ ،‬كما أنا جاءت مدعمة بالدلة الشرعية من الكتاب العزيز والسنة النبوية‪ ،‬وسية الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم وتأريخ السلمي‪ ،‬وحت تتضح أهية هذه الرسالة من الضروري أن نعرف بالعلمة صاحب‬
‫السية‪.‬‬

‫العلمة سال بن ذكوان‬

‫هو العلمة النحرير الشيخ سال بن ذكوان اللل رضي ال عنه‪ ،‬أحد مشاهي الذهب الباضي‪،‬‬
‫عاش ف أواخر القرن الول وأوائل القرن الثان الجريي‪ ،‬أحد تلمذة المام جابر بن زيد رضي ال عنه‪،‬‬
‫بل هو من خاصة تلمذته‪ ،‬إذ كان كاتبه‪ ،‬فليس من الغريب أن تصدر هذه الوثيقة الامعة بي مذاهب المة‬
‫من مثل هذا العال الذي تغذى بلبان العلم من شهد له الصحابة الكرام بالسابقة ف العلم والفقه‪ ،‬وكان‬
‫موردا لكافة علماء المة السلمية‪.‬‬

‫وكان له دور بارز ف الحداث التأريية الواقعة ف ذلك الوقت‪ ،‬فهو أحد أفراد الوفد الباضي‬
‫الذي ذهب مبايعا ومآزرا للخليفة الراشد الامس عمر بن عبد العزيز رضي ال عنه‪ ،‬وهذه ف حد ذاتا‬

‫‪ ]12[12‬الدليل والبهان لب يعقوب الوارجلن‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪ ،6‬طبعة وزارة التراث والثقافة بسلطنة‬
‫عمان‪1417 ،‬هـ ‪1997 -‬م‪.‬‬
‫خطوة مباركة ف طريق الوحدة السلمية‪ ،‬تبي أن مقصد الباضية هو إقامة الق ف المة بغض النظر من‬
‫أي الطراف أو من أي العناصر‪ ،‬جاء ف "طبقات الشائخ بالغرب" للعلمة الدرجين‪" :‬قال أبو سفيان‪:‬‬
‫وفد جعفر بن السماك والباب بن كليب وسال اللل ف جاعة من إخوانم إل عمر بن عبد العزيز حي‬
‫ول اللفة‪ ،‬قال‪ :‬فدخلوا عليه فكلموه‪ ،‬فقال لم‪ :‬هل تنكرون من أمر الحكام شيئا؟ قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪:‬‬
‫فكلما كلموه يفزع إل الحكام‪ ،‬قال‪ :‬فبايعوه"‪.‬‬

‫فمن هنا تكتسب هذه السية أهيتها ف الفكر الباضي خصوصا وف الفكر السلمي عموما‪،‬‬
‫وباطلعنا على أهم مفردات هذه الرسالة يتضح لنا أهيتها ف جانب الوحدة السلمية‪.‬‬

‫وصف الرسالة‬

‫ل زالت الرسالة مطوطة ضمن كتاب "السي الباضية"‪ ،‬وتقع ف ثلث وعشرين صفحة من القطع‬
‫الكبي‪ ،‬من الصفحة ‪ 83‬إل الصفحة ‪ 105‬من الخطوطة‪ ،‬وجاء تسميتها بسية سال بن ذكوان‪ ،‬وهي –‬
‫مع بقية رسائل الخطوطة‪ -‬تنتظر من يقوم بإخراجها وتقيقها واستخراج مكنوناتا العلمية ف السياسة‬
‫الشرعية‪ ،‬وهي بق تعد وثيقة سياسية وفكرية لتحديد الوقف من الخرين‪ ،‬سواء كانوا مسلمي أو غي‬
‫مسلمي‪ ،‬فالوقف الباضي متبلور منذ أيامه الول ف حسم هذه القضية‪ ،‬وهي أيضا معلم من معال الوحدة‬
‫السلمية‪ ،‬والتآلف اليان بي مذاهب المة الت أخرجها ال تعال لتكون أمة وسطا‪ ،‬أمة واحدة‪ ،‬يسعى‬
‫ضعيفها با يسعى به قويها من الي والدى والصلح‪.‬‬

‫ويكننا أن ندد القضايا الت تطرق إليها العلمة ابن ذكوان رحه ال تعال ف رسالته هذه اختصارا وفق‬
‫العناوين الرئيسية التالية‪-:‬‬
‫‪ -1‬خطبة الرسالة؛ وفيها المر بتقوى ال تعال والتذكي بال تعال‪.‬‬

‫‪ -2‬دعوة النبياء إل توحيد ال تعال واحدة‪.‬‬

‫‪ -3‬الساواة بي الناس‪.‬‬

‫‪ -4‬ضرورة العتصام بكتاب ال تعال‪.‬‬

‫‪ -5‬القتداء بالرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ -6‬الوقف من مشركي العرب‪.‬‬

‫‪ -7‬الوقف من الجوس‪.‬‬

‫‪ -8‬الوقف من أهل الكتاب‪.‬‬

‫‪ -9‬الوقف من النافقي‪.‬‬

‫‪ -10‬الوقف من أصحاب الحداث من أهل القبلة‪.‬‬

‫‪ -11‬الوقف من أئمة السلمي‪.‬‬

‫‪ -12‬الوقف من الوارج الغلة‪.‬‬

‫‪ -13‬الوقف من سائر المة‪.‬‬

‫قراءة ف السية‬

‫وقبل أن نشرع ف قراءات بعض مفردات هذه الرسالة‪ ،‬علينا أن نبي أنا جاءت شاملة لكثر من‬
‫هدف يبتغي العلمة اللل تقيقها من كتابتها‪ ،‬فبالضافة إل أنا تثل معلما حضاريا للوحدة السلمية‪،‬‬
‫وقراءة ف فكر الباضية تاه إخوانم من السلمي‪ ،‬أيضا تعدّ دستورا سياسيا ف تديد الواقف من‬
‫الخرين‪ ،‬ونن ف هذه الفترة من الزمن الت نرى فيها البحث على أشده عن ماهية العلقة بي السلمي‬
‫وغيهم‪ ،‬كان من اليد والضروري أن نستقرئ هذه الرسالة ف هذا الانب أيضا‪ ،‬وحت يتبي لنا كذلك‬
‫الفارق بي معاملة الباضية لخوانم السلمي وبي معاملتهم لغي السلمي‪.‬‬

‫الرسالة –كما رأينا سابقا من خلل الستعراض العام لواضيعها‪ -‬تشمل الكثي من العناصر الهمة‪،‬‬
‫لكن نقتصر على تبويب ما يهمنا ف هذا القام‪ ،‬والرسالة تنتظر من يقوم بإخراجها وعرضها‪.‬‬

‫التقوى ضمان لتنفيذ الحكام الشرعية‬

‫كان العلمة ابن ذكوان متأثرا تأثرا كبيا بالقرآن الكري‪ ،‬فال تعال ل يقرر الحكام تقريرا مردا‪،‬‬
‫وإنا ربط أحكامه الشرعية بالتقوى الت هي جاع كل خي؛ المر بالعروف والنهي عن النكر‪ ،‬وأن غاية‬
‫اللتزام بالحكام الشرعية هو نيل رضوان ال تعال والفوز ف العقب‪ ،‬وهو ما تثيه التقوى ف نفوس‬
‫الؤمني بالسلم‪ ،‬وهكذا جاءت رسالته رضي ال عنه منذ مبتداها مذكرة بال تعال‪ ،‬وحاضة على لزوم‬
‫التقوى‪ ،‬وأن يكون السلمون حيث أمرهم ال تعال‪ ،‬وقد استغرقت الدعوة إل التقوى جزءً غي يسي من‬
‫الرسالة‪ ،‬حيث أطنب فيها طيلة أربع صفحات‪ ،‬ونن هنا نكتفي ببعض عباراته‪-:‬‬

‫"ونوصيكم بتقوى ال العظيم‪ ،‬فإنا وصية ال ف الولي والخرين‪ ،‬حيث يقول‪(( :‬وََل َقدْ وَصّيْنَا‬
‫ت َومَا فِي الَرْضِ‬
‫اّلذِي َن أُوتُوْا الْكِتَابَ مِن قَبْ ِلكُ ْم َوإِيّا ُكمْ أَ ِن اّتقُواْ ال ّل َه وَإِن َت ْكفُرُواْ َفإِ ّن لِ ّلهِ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫وَكَا َن اللّهُ غَِنيّا حَمِيدا)) النساء ‪ 131‬ونضكم على شكر نعمه والصب له بقه‪ ،‬فإن ال زايدُ من شكر‪،‬‬
‫ويوف الصابرين أجرهم بغي حساب‪ ،‬ونرضى لكم طاعة ال ونسخط لكم معصيته‪ ،‬فإنه ((من يُطِ ِع اللّهَ‬
‫ك الْ َفوْ ُز الْعَظِيمُ‪ ،‬وَمَن َيعْصِ ال ّلهَ وَ َرسُوَلهُ‬
‫جرِي مِن تَحِْتهَا ا َلْنهَا ُر خَاِلدِي َن فِيهَا َو َذلِ َ‬
‫وَرَسُولَ ُه ُيدْخِ ْل ُه جَنّاتٍ َت ْ‬
‫َويََتعَ ّد ُحدُو َدهُ ُي ْدخِ ْلهُ نَارا خَالِدا فِيهَا َولَهُ َعذَابٌ ّمهِيٌ)) النساء ‪ 13‬ونثكم على ذكر ال والخذ بأمره‪،‬‬
‫فإن الذاكرين ال كثيا والذاكرات أعد لم مغفرة وأجرا عظيما"‪ .‬السي الباضية ص ‪83‬‬
‫ول ريب؛ فإن من وراء ذلك حكمة بالغة‪ ،‬فالعلمة ابن ذكوان يريد من قارئ سيته العمل با‬
‫والسي على منهاجها‪ ،‬ولذلك نده يذكره بتقوى ال تعال ويوفه من مغبة العراض عن أمره جل وعل‪،‬‬
‫وأمر آخر نلحظه ف رسالته وهو كثرة الستشهاد بالقرآن الكري‪ ،‬ليطمئن الواقف على سيته بأن الحكام‬
‫الت جاءت فيها منتزعة من كتاب ال تعال‪ ،‬مستعرضا رحه ال الدي النبوي ف تطبيق شرعه جل وعل‪.‬‬

‫كما أن الشيخ رحه ال تعال يذر من أن نقبل من الق ما يوافق الهواء‪ ،‬بل يب تريد النفس‬
‫للحق وحده‪ ،‬بدون تعصب للرأي أو الوى‪" ،‬فتيسروا لطاعة ال وتيئوا له‪ ،‬وهبوا لا أنفسكم‪ ،‬ووطنوا‬
‫أنفسكم على اتباع الق إن وافق الق أهواءكم أو خالفها‪ ،‬فإنكم لن تدركوا ما تطلبون‪ ،‬ولن تنجوا ما‬
‫تذرون‪ ،‬إل بترك ما تشتهون"‪ .‬السي الباضية ص ‪.86‬‬

‫السلم وحده الدين الق‬

‫من هذه القدمة الهمة يدخل إل الديث عن الق الذي يقبله ال تعال وهو دين السلم‪ ،‬وأن ال‬
‫تعال ل يقبل دينا غيه‪ ،‬فما سواه ضلل وبتان وركام يركمه ال تعال ف جهنم وبئس الصي‪ ،‬ولذلك‬
‫جاءت دعوات الرسل عليهم السلم متحدة تدعو إل السلم وإن اختلفت الطرائق العملية‪ ،‬فعلى‬
‫السلمي أن يعوا هذه القيقة‪ ،‬فإن كان أنبياء ال تعال عليهم السلم دينهم واحدا؛ فأحرى بالسلمي أن ل‬
‫يتفرقوا وهم أتباع الرسالة الاتة‪ ،‬رسولم واحد وشريعتهم واحدة‪.‬‬

‫"فإن ال اصطفى السلم دينا رضيه لنفسه‪ ،‬فجعله دين ملئكته وأوليائه وأصفيائه من أهل‬
‫السموات وأهل الرض‪ ،‬وبعث به رسلهم كلهم‪ ،‬أولم وآخرهم إل أول المم والخرة‪ ،‬ول يبعث ال نبيا‬
‫بعد نب إل كان حقا عليه تصديق النبياء الذين كانوا قبله والقتداء بم‪ ،‬وكان ميثاقا من ال أخذه عليهم‬
‫ع َلكُم ّم َن الدّينِ مَا وَصّى ِب ِه نُوحا وَالّذِي‬
‫حي أنزله إليهم‪ ،‬أن ل يتفرقوا فيه ومن آمن به‪ ،‬فقال‪(( :‬شَرَ َ‬
‫ي مَا‬
‫شرِكِ َ‬
‫أَ ْوحَيْنَا ِإلَ ْيكَ َومَا وَصّيْنَا ِب ِه إِْبرَاهِي َم َومُوسَى وَعِيسَى أَ ْن َأقِيمُوا الدّي َن وَل تََت َفرّقُوا فِيهِ كَُبرَ عَلَى الْ ُم ْ‬
‫َتدْعُوهُ ْم ِإلَيْ ِه ال ّلهُ يَجْتَبِي ِإلَ ْيهِ مَن َيشَا ُء َوَيهْدِي ِإلَ ْيهِ مَن يُنِيبُ)) الشورى ‪ 13‬وقال‪(( :‬وَِإ ْذ أَ َخ ْذنَا ِمنَ النّبِيّيَ‬
‫سأَ َل الصّا ِدقِيَ‬
‫ك َومِن نّوحٍ َوِإْبرَاهِيمَ َومُوسَى وَعِيسَى اْب ِن َمرَْيمَ وََأخَ ْذنَا مِ ْنهُم مّيثَاقا غَلِيظا‪ ،‬لَِي ْ‬
‫مِيثَا َقهُ ْم َومِن َ‬
‫ق النّبِيّ ْي َن لَمَا آتَيُْتكُم‬
‫ص ْد ِق ِهمْ َوأَ َعدّ لِ ْلكَافِرِينَ َعذَابا َألِيما)) الحزاب ‪ 8-7‬وقال‪َ (( :‬وِإذْ َأ َخذَ ال ّلهُ مِيثَا َ‬
‫عَن ِ‬
‫ص ُرنّ ُه قَا َل َأأَ ْقرَ ْرُتمْ َوَأخَ ْذُتمْ َعلَى َذِلكُمْ‬
‫صدّقٌ لّمَا َم َعكُ ْم لَُتؤْمُِن ّن ِبهِ َولَتَن ُ‬
‫مّن كِتَابٍ َوحِكْ َم ٍة ُثمّ جَاء ُكمْ َرسُو ٌل مّ َ‬
‫ك َفُأوْلَـِئكَ ُه ُم الْفَا ِسقُونَ))‬
‫صرِي قَالُوْا َأ ْقرَرْنَا قَا َل فَا ْشهَدُواْ َوَأنَ ْا َمعَكُم مّ َن الشّا ِهدِينَ‪ ،‬فَمَن َت َولّى َبعْ َد َذلِ َ‬
‫إِ ْ‬
‫آل عمران ‪ 82-81‬فرعوا وصية ربم وبلغوا ما أرسلوا به‪ ،‬ونصحوا لن أرسلوا إليه‪ ،‬وكان حقا على من‬
‫أرسلوا إليه تصديقهم وإجابتهم‪ ،‬فكل رسل ال؛ كلُ سهل الدين‪ ،‬وكانت شريعتهم واحدة وهي عبادة ال‪،‬‬
‫ول يكن لم ول لن أرسلوا إليه ف شيء من أمر ال الية"‪ .‬السي الباضية ص ‪.87-86‬‬

‫فالعلمة سال بن ذكوان يوظف وحدة الرسالة اللية ف الدعوة إل الوحدة بي السلمي‪ ،‬والسلمون‬
‫مهما اختلفت عناصرهم هم أمام ال تعال سواء‪ ،‬ل فرق بي أبيض وأسود‪ ،‬بل يؤكد تأكيدا واضحا أن‬
‫الر والعبد ها ف ميزانه عز وجل سواء ل يتمايزان إل بتقوى ال‪ ،‬وأن دعوة الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم الاتة هي دعوة عالية يب أن تصل إل كل البشر‪.‬‬

‫"فبعثه ال إل البيض والسود والعرب والعجمي والر والعبد والذكر والنثى على فترة من‬
‫الرسل‪ ،‬وانقطاع من الزمان‪ ،‬وضللة من العباد‪ ،‬وعمي من الدى‪ ،‬وظهور من الباطل‪ ،‬وتكب من البابرة‪،‬‬
‫يدعو إل أن يعبد ال وحده‪ ،‬وتلص له الطاعة والعبادة"‪ .‬السي الباضية ص ‪.87‬‬

‫الوقف من مشركي العرب‬

‫يرى العلمة ابن ذكوان رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ل يقبل من مشركي‬
‫العرب إل الدخول ف دين ال تعال‪ ،‬ولعل ذلك راجع إل كون جزيرة العرب هي حى السلم ومأرزه‬
‫الذي يأرز إليه‪ ،‬ول بد من أن يصان مهد الدعوة ويمى حاها‪ ،‬فيقول عن ذلك‪-:‬‬

‫"فدعا قومه مشركي العرب إل السلم‪ ،‬وكانوا يومئذ أبعد الناس من الق‪ ،‬وأخبهم أن من دخل‬
‫منهم ف السلم فإن ال ل يؤاخذه بشيء كان عليه قبله‪ ،‬وأنه يب له مثل حق السلمي‪ ،‬وعليه مثل ما‬
‫عليهم‪ ،‬ومن تركه منهم قاتله وخس ماله وقطع الياث منه‪ ،‬وأنه ل يل للمسلمي مناكحهم ول مواريثهم‬
‫ول أكل ذبائحهم ول وفاء بعهودهم حت يدخلوا ف السلم؛ ويظهروا الرضى بكم القرآن‪ ،‬وأنه ليس‬
‫لقتالم مدة ول منتهى دون الدخول ف دين ال"‪ .‬السي ص ‪.89‬‬

‫الوقف من أهل الكتاب‬

‫وأما أهل الكتاب فهم بالتخيي بي أن يدخلوا ف دين ال أو يعطوا الزية‪ ،‬وذلك راجع إل كونم‬
‫عندهم أثارة من علم الكتاب‪ ،‬وبوقوعهم تت سلطان السلمي ودفعهم الزية جاز نكاح نسائهم وأكل‬
‫ذبائحهم؛ فيقول فيهم‪-:‬‬

‫"وأما أهل الكتاب فكان يدعوهم إل السلم وإل التصديق بالذي جاء به من ال من الق‪ ،‬فمن‬
‫عرف ذلك منهم وأقر به كان من السلمي ووجب له مثل حقهم وعليه مثل الذي عليهم‪ ،‬وفرض ال على‬
‫من ترك السلم منهم وكذب ممدا أن يعطي الزية ‪-‬إن أحب‪ -‬فيحرم با دمه ويأمن با على ماله وأهله‪،‬‬
‫فأحل للمسلمي من أهل الكتاب حي يعطوهم الزية نكاح نسائهم وأكل ذبائحهم‪ ،‬وحرم نكاح رجالم‬
‫وموارثتهم ووفاية بعهدهم أبدا حت يدخلوا ف السلم ويظهروا الرضى بكم القرآن"‪ .‬السي الباضية ص‬
‫‪.89‬‬

‫الوقف من الجوس‬
‫الجوس هم مشركون عبدة نيان‪ ،‬ويرى فيهم العلمة ابن ذكوان رحه ال تعال لدعائهم أثارة من‬
‫علم أن يسن بم سنة أهل الكتاب من حيث قبول الزية منهم‪ ،‬ولعله أخذ بديث رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪( :‬سنوا بم سنة أهل الكتاب) موطأ المام مالك‪ ،‬ولكن ل توز مناكحتهم ول ذبائحهم‪ ،‬فيقول رحه‬
‫ال‪-:‬‬

‫"وأما الجوس فإنم ادعوا أثارة من علم‪ ،‬فكتب رسول ال إل من كان منهم يهر بكتاب‪ ،‬يدعوهم‬
‫فيه إل السلم‪ ،‬وأخبهم ف كتابه أنه من دخل منهم ف السلم فإن ال ل يؤاخذه بشيء كان عليه قبله‪،‬‬
‫وأنه يب لم مثل حق السلمي‪ ،‬وعليه مثل الذي عليهم‪ ،‬وعرض على من ترك السلم منهم أن يعطي‬
‫الزية فيحرم با دمه ويأمن با على أهله وماله‪ ،‬وليس يل للمسلمي على تريهم دماءهم بالزية‬
‫مناكحتهم ول موارثتهم ول أكل ذبائحهم حت يدخلوا ف السلم‪ ،‬ويظهروا الرضى بكم القرآن"‪ .‬السي‬
‫الباضية ص ‪.89‬‬

‫الوقف من النافقي‬

‫النافقون فئة ظهرت ف العهد الدن‪ ،‬دخلوا ف دين ال تعال ظاهرا وإل هم ف حقيقة المر غي‬
‫مقتنعي به‪ ،‬بل إنم يكيدون للسلم والسلمي كيدا‪ ،‬وقد اكتفى منهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫بظاهرهم‪ ،‬وسيلقون جزاء نفاقهم وغيهم عند ال تعال؛ يقول ابن ذكوان ف سيته‪-:‬‬

‫"وأما النافقون فكانوا مرتابي ف السلم شاكي ف البعث‪ ،‬يظهرون لهل السلم دينهم‪،‬‬
‫ويتحرمون منهم باستقبال قبلتهم‪ ،‬فنفعهم ذلك عند السلمي فناكحوهم وورثوهم وأكلوا ذبائحهم ووفوا‬
‫بعهودهم لناكحتهم إياهم وموارثتهم‪ ،‬وقد كانوا يبؤون منهم ويستحلون دماء كثي منهم‪ ،‬وإنا أحل ال‬
‫مناكحتهم وموارثتهم ووفاء بعهودهم ‪-‬وقد حرم عليهم مناكحة أهل الكتاب وموارثتهم ووفاء بعهودهم‪-‬‬
‫بتحريهم بدين السلمي واستقبال قبلتهم‪ ،‬فجعل ال لم بالذي يرمون به من ذلك حرمة أحل للمسلمي‬
‫با مناكحتهم وموراثتهم ووفاء بعهودهم‪ ،‬وحرم عليهم با أخذ الزية منهم‪ ،‬ول يفعل ذلك يومئذ بأحد من‬
‫الكفار غيهم"‪ .‬السي الباضية ص ‪.90‬‬

‫الوقف من أصحاب الحداث‬

‫والقصود بأصحاب الحداث هم من يرتكب جرما يستوجب قتله‪ ،‬فهؤلء يقتلون ولكن بدون أن‬
‫يتعرض إل أموالم ونسائهم بشيء‪ ،‬ول يتلف حكمهم عن حكم السلمي إل بتطبيق الكم الشرعي‬
‫عليهم بقتله بسب ارتكابم للجرم الوجب لذلك القتل‪ ،‬جاء ف سية سال بن ذكوان‪-:‬‬

‫"وكان رسول صلى ال عليه وسلم يقتل من حل عليه القتل من يستقبل قبلته‪ ،‬ث ل يسب ذريته ول‬
‫يمس ماله ول يقطع الياث فيه‪ ،‬ول ينكح من السلمي امرأته حت تعتد وتل‪ ،‬فكانت هذه سية رسول‬
‫ال ف الحدثي من أهل القبلة وسنته الت سن فيهم"‪ .‬السي الباضية ص ‪.90‬‬

‫الوقف من الخالف ف الذهب‬

‫لقد استعرضنا رؤية ابن ذكوان رحه ال تعال ف أصناف من غي السلمي‪ ،‬ورؤيته ف النافقي‬
‫وأصحاب الحداث‪ ،‬ومن الهم بكان أن نعرف رؤيته فيمن يالفه ف الذهب‪ ،‬يرى الشيخ أن السلمي‬
‫بختلف مذاهبهم ومدارسهم السلمية متكافئون‪ ،‬لبعضهم مثلما للبعض‪ ،‬وعليهم مثلما عليهم‪ ،‬بل حت لو‬
‫وجد عند بعضهم شيء من الخالفات‪ ،‬فهي راجعة عليهم‪ ،‬وهذا التصور عندما يصدر من العلمة سال بن‬
‫ذوكوان فله بعده العميق وأثره الليل‪ ،‬ما يدل دللة قاطعة أن رموز الذهب الباضي منذ أوائلهم –بكونه‬
‫تلميذا للمام جابر بن زيد‪ -‬يصرون على ل الشعث ووحدة الصف واتاد الكلمة‪ ،‬فهم يسعون من خالفهم‬
‫ما ل يكن قد أنكر شيئا معلوما من الدين بالضرورة‪ ،‬فإليكم بعضا من النماذج الرائعة لنظرة الوحدة بي‬
‫السلمي الت وردت ف سية العلمة ابن زكوان‪-:‬‬
‫ففي أداء المانة إل أصحابا سواء الخالف للمذهب "قومنا" حسب عبارة السية‪ ،‬أو حت من‬
‫غيهم ومنهم أهل الذمة‪ ،‬وف هذا أيضا دللة على البعد النسان الذي اختطه الباضية حسب الشريعة‬
‫السلمية‪ ،‬فالنسان مهما كان هو آمن ف الجتمع الباضي‪ ،‬فكيف بالسلم الذي يمعهم به رابط اليان‬
‫السلمي‪-:‬‬

‫"ونؤدي المانة إل من استأمننا عليها من الناس كلهم من قومنا أو غيهم"‪.‬السي الباضية ص‬


‫‪.103‬‬

‫وف الوفاء بالعهود‪-:‬‬

‫"ونوف بعهود قومنا من أهل الذمة‪ ،‬ونرد على أهل الذمة أن استطعنا الذي يأخذونم به من الظلم‬
‫من قومنا أو من غيهم"‪ .‬السي الباضية ص ‪.103‬‬

‫وف إجارة السلم وغي السلم‪-:‬‬

‫"وني من استجارنا من قومنا ومن غيهم"‪ .‬السي الباضية ص ‪.103‬‬

‫وبكم الصرة الدينية فإن الباضية يزوجون بقية إخوانم السلمي ويتزوجون منهم‪ ،‬وكذلك‬
‫التوارث بينهم البي‪-:‬‬

‫"ونرى مناكحة قومنا وموراثتهم ل ترم علينا ما داموا يستقبلون قبلتنا"‪ .‬السي الباضية ص ‪.103‬‬
‫ويرم الباضية التطاول على السلمي وخاصة قذف أعراضهم‪ ،‬ويتشددون ف ذلك على الوارج‬
‫الذين قد يكون بعضهم أصيب بذا الداء‪ ،‬كل ذلك حفاظ على سلمة الجتمع السلم من أن تشيع فيه‬
‫الفتنة‪ ،‬ولكي يبقى لمة واحدة‪ ،‬لن الختلف ف الرأي ل ييز أبدا أن يتخذ ذريعة للفساد وترويج‬
‫الكاذيب‪-:‬‬

‫"ول نرى أن نقذف أحدا من يستقبل قبلتنا ث ل علم به‪ ،‬فإن كثيا من الوارج يستحلون ف دينهم قذف‬
‫من يعلمون أنه بري من الزنا من قومهم بفراقهم –زعموا‪ -‬إياه‪ ،‬ولعلهم ل يكونوا كلموه قط‪ ،‬ول أخبهم‬
‫ي لِ ّلهِ‬
‫عنه أحد من يتولونه أنه كلمه‪ ،‬ول يدرون على ما هو‪ ،‬قال ال‪(( :‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ َقوّامِ َ‬
‫ب لِلّتقْوَى وَاّتقُواْ ال ّل َه إِ ّن اللّ َه خَبِيٌ‬
‫ج ِرمَنّ ُكمْ شَنَآ ُن َقوْمٍ عَلَى أَ ّل َتعْ ِدلُواْ ا ْع ِدلُوْا هُ َو َأ ْقرَ ُ‬
‫ط َولَ يَ ْ‬
‫ُش َهدَاء بِالْ ِقسْ ِ‬
‫بِمَا َتعْمَلُونَ)) الائدة ‪ "8‬السي الباضية ص ‪.104-103‬‬

‫والباضية يتعايشون تام التعايش مع من يالفهم ف الذهب‪ ،‬بل أنم ينعون النتقال من دار‬
‫مالفيهم بدعوى الجرة كما هو شأن بعض الفرق‪ ،‬وكل ذلك يصب ف بوتقة الوحدة السلمية‪ ،‬وأن‬
‫الجتمع السلمي متمع واحد يشكل أمة واحدة مؤمنة‪-:‬‬

‫"ول نرى انتحال الجرة من دار قومنا كهجرة النب وأصحابه من دار قومهم"‪ .‬السي الباضية ص‬
‫‪.104‬‬

‫والباضية يعترفون بكومات مالفيهم ف الذهب‪ ،‬ويعيشون تت سلطتهم‪ ،‬طالا أن تلك الكومات‬
‫شرعية‪ ،‬وهذا ملمح سياسي مهم جدا‪ ،‬حيث نرى حسم هذه القضية عند الباضية منذ فترة تأسس‬
‫مذهبهم‪-:‬‬

‫"ونرضى من ملوك قومنا أن يتقوا ال‪ ،‬ول يتبعوا أهواءهم إذا خالفها الق ول يحدوا سنته‪ ،‬ول‬
‫يصروا على ذنب بعد معرفة‪ ،‬ويضعوا الصدقة والفيء حيث أمرهم ال"‪ .‬السي الباضية ص ‪.105‬‬
‫ث يدخل الشيخ رحه ال ف الكشف عن قدرة الذهب الباضي على التآلف مع بقية الفرق‬
‫السلمية‪ ،‬منبها على بعض القضايا الت يب أن ل تصدر من خالفهم‪ ،‬حت يتم الوئام السلمي والصفا‬
‫اليان‪.‬‬

‫فهم يتعايشون مع السبابة ‪-‬ويقصد بم الغالي ف التشنيع على خيار المة ف خي القرون‪ -‬إذا ل‬
‫يشنعوا على السلمي فيما دانوا به من الق‪-:‬‬

‫"ونرضى من السبابة أن يتقوا ال‪ ،‬ول يفارقوا من ل يكم إل ال‪ ،‬ف أمر قد حكم ال فيه"‪ .‬السي‬
‫الباضية ص ‪.105‬‬

‫وهم كذلك ل يأنفون من الوارج إذا ل يغلوا ف دينهم‪ ،‬ول يستعرضوا السلمي‪-:‬‬

‫"ونرضى من الوارج أن يتقوا ال‪ ،‬ول يغلوا ف دينهم‪ ،‬ول يرغبوا عن سبيل من هدى ال قبلهم"‪.‬‬
‫السي الباضية ص ‪.105‬‬

‫وهم يكتفون من الرجئة –ويقصد بم الذين أرجأوا أمر التقاتلي من المة إل ال تعال؛ فلم يكموا‬
‫على أي من الطرفي‪ -‬أن ل يقطعوا عذر من حكم على أحد الطراف طالا قامت له البينة‪-:‬‬

‫"ونرضى من الرجئة أن يتقوا ال ربم‪ ،‬وأن يؤمنوا للمؤمني ف ولية من ل يدركوا من السلمي"‪.‬‬
‫السي الباضية ص ‪105‬‬
‫ويقول عن "أهل الفتنة"‪-:‬‬

‫"ونرضى من الفتنة أن يتقوا ال‪ ،‬وأن يقروا بكم القرآن ويوقنوا بوعده‪ ،‬وأن يستحلوا من أهل‬
‫البغي والعدى والظلم من أحل ال من فراقهم وقتالم حت يتوبوا"‪ .‬السي الباضية ص ‪105‬‬

‫ويرضون بالتعايش مع "البدعية" –وهم الجانفون للسنة النبوية‪ -‬ما عملوا بسنة رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪-:‬‬

‫"ونرضى من البدعية أن يتقوا ال‪ ،‬ويعملوا بسنة رسول ال ويتولوا على العمل با وإن ضعفوا‬
‫عنها"‪ .‬السي الباضية ص ‪105‬‬

‫وهكذا مع سائر الفرق السلمية الت ل يذكرها بأعيانا‪ ،‬حيث جاء ف السية‪-:‬‬

‫"ونرضى من ساير قومنا أن يتقوا ال ربم‪ ،‬ول يعلوا حكمه تبعا لكم قومهم‪ ،‬وأن ل يسكوا‬
‫بعهد قوم يعصونه‪ ،‬فإن ال ل يأذن لحد أن يعطي عهده من يعصي أمره"‪ .‬السي الباضية ص ‪102‬‬

‫إذا؛ فالباضية‪" :‬ل يقتلون ذرية قومهم‪ ،‬ول يستحلون فروج نسائهم‪ ،‬ول يستعرضونم‪ ،‬ول‬
‫يمسون أموالم‪ ،‬ول يقطعون الياث منهم‪ ،‬ويؤدون المانة إليهم وإل غيهم‪ ،‬ويوفون بعهودهم ومن‬
‫غيهم‪ ،‬ويأمن عندهم الكاف والعتزل من قومهم"‪ .‬السي الباضية ص ‪.95‬‬

‫والذي نلحظه بلء ف تديد الوقف من خالف الذهب الباضي التأكيد على وجوب أن يعتصم‬
‫هؤلء بتقوى ال تعال‪ ،‬فهو الامع لكل خي‪ ،‬وهذا يذكرنا با قلنا ف أول كلمنا على أهية تقوى ال تعال‬
‫الت تدعو إل رضى ال تعال‪ ،‬ووحدة الصف السلمي هو من رضاه جل وعل‪ ،‬والفرقة من سخطه‪ ،‬ث أن‬
‫إضفاء التقوى على الذاهب السلمية الخرى دللة مهمة بأنا كلها تدور ف إطار السلم‪ ،‬وأن الباضية‬
‫حريصون على وحدة المة وقوة كيانا‪.‬‬

‫صفات السلمي‬

‫ث نده ف سيته رحه ال تعال يؤكد على لزوم الصفات الت تعل من الجتمع السلم متمعا واحدا‬
‫يسوده اليان بال تعال‪ ،‬وتكم فيه شرائعه‪ ،‬ويعمل بقتضى كتابه العزيز وسنة نبيه المي صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬متمعا تسوده الفضيلة‪ ،‬ويعرف فيه القوق الجتماعية الت تقوي لمة الجتمع السلم‪ ،‬وتشد من‬
‫آصرته وتت وشائجه؛ حيث يقول‪-:‬‬

‫"يكمون ال وحده‪ ،‬ويرضون سبيل من مضى قبلهم من السلمي" السي الباضية ص ‪.95‬‬

‫"نرى حق الوالدين وحق ذي القرب وحق اليتامى وحق الساكي وحق أبناء السبيل وحق الصاحب‬
‫وحق الار وحق ما ملكت أياننا علينا حقا؛ أبرارا كانوا أو فجارا"‪ .‬السي الباضية ص ‪.103‬‬

‫"ويصلون الرحم‪ ،‬ويعرفون حق الار والصاحب واليتيم وابن السبيل وما ملكت أيانم‪ ،‬ويتول‬
‫ماضيهم وقاعدهم‪ ،‬لاضيهم الفضيلة الت أعطاه ال‪ ،‬ويتحابون بب ال‪ ،‬ويتول بعضهم بعضا ابتغاء‬
‫مرضات ال‪ ،‬ويواسي غنيهم فقيهم ابتغاء وجه ال والدار الخرة"‪ .‬السي الباضية ص ‪.95‬‬

‫التوصيات‬
‫نود أن نوصي ف هذا اللتقى الدول بذه التوصيات‪-:‬‬

‫‪ -1‬الواصلة ف إقامة ملتقيات ومؤترات وندوات تدعو للوحدة السلمية‪.‬‬

‫‪ -2‬وضع منهج تربوي تقرر دراسته ف الامعات والؤسسات العلمية من أجل نشر فكرة الوحدة‪.‬‬

‫‪ -3‬تبادل الكتب والراجع بي الذاهب السلمية‪ ،‬واعتماد الفقه القارن ف التأليف‪.‬‬

‫‪ -4‬تكثيف الزيارات التبادلة بي علماء المة السلمية‪.‬‬

‫‪ -5‬إحياء النقاط الضيئة الداعية للوحدة السلمية من ذخائر المة وتراث علمائها وأئمتها‪.‬‬

‫‪ -6‬تشكيل لنة من العلماء العاملي النشطي ف القل الدعوي من متلف الذاهب السلمية‬
‫للشراف على تنفيذ برنامج للوحدة السلمية‪ ،‬ومتابعة مراحله الزمنية‪.‬‬

‫‪ -7‬إصدار ملة إسلمية باسم الوحدة السلمية يكتب فيها الفكرون من متلف الدارس السلمية‪.‬‬

‫‪ -8‬إنشاء موقع عب النترنت باسم الوحدة السلمية يشرف عليه مفكرون من متلف الدارس‬
‫السلمية‪.‬‬

‫وف التام؛ أسأل ال تعال أن يوفق قادة المة إل الوحدة السلمية‪ ،‬الت نرجو أن يقيل با ال تعال‬
‫عثرتنا‪ ،‬فيكتب العز والتمكي للمة السلمية‪ ،‬وال الوفق لكل خي‪ ،‬إنه نعم الول ونعم النصي‪.‬‬

‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‪.‬‬

‫أحد بـن حـد الليلـي‬


‫الفت العام لسلطنة عمان‬

‫مسقط – سـلطنة عمـان‬

You might also like