Professional Documents
Culture Documents
نشاة الدولة الرستمية - التيهرتي
نشاة الدولة الرستمية - التيهرتي
و قد اختلف الباحثون في ا سم تيهرت من هم من أ سماها تايهرت ومن هم من أ سماها تيهرت من غ ير ألف ،
وال سم الثا ني هو ال صحيح الذي مال إل يه كل من الدكتور محمد ناصر والستاذ إبراه يم بحاز انظر أخبار
الئمة الرستميين لبن الصغير ص . 28
هذا وا سمحوا لي أن ا ستعرض مع كم ك يف نشأت هذه الدولة ال سلمية الخالدة وال تي لل سف الشد يد أهمل ها
كثير من المؤرخين السابقين أو المعاصرين إل من رحم ال ،إما لتعصب مذهبي مقيت أو لجهلهم بها فلم
يكلفوا نفسيهم عناء البحيث والتقصيي المنصيف عنهيا ،بالرغيم مين أنهيا امتدت أكثير مين الدولة المويية
والعباسية المحسوبتان على السلم وأفعال ملوكها ل تخفى عن كل ذي لب.
المام المؤسس لها هو المام عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن سام بن كسرى أنو شروان الملك الفارسي
المشهور .وا ستمرت قائ مة شام خة ح تى عام 296للهجرة أي ما يقارب من 140عا ما إلى أن سقطت
على يد من أكل قلبه الحسد وأعماه التعصب المذهبي وهو أبو عبدال الشيعي فقتل كثيرا من أهلها وشيوخها
ونسائها وأطفالها البرياء ولم يراعي فيهم أنهم يشهدون أن ل إله إل ال وأن محمدا رسول ال التي يعصم
بها دم المرء ،ول نقول إل وعند ال تجتمع الخصوم .
ولد المام عبدالرح من في العراق من أب فار سي من سللة ك سرى الملك الفار سي المشهور ،ها جر أبوه
إلى المغرب وأخذه معه وأمه ،إل أن أباه مات في الطريق بالقرب من مكة ،التقى وأمه بالحجاج القادمين
من المغرب فتزوجت أمه بواحد منهم من القيروان ،فهاجر بهم إلى القيروان ،وهكذا ولد إمامنا العادل عبد
الرحمن بن رستم من أب فارسي ونشأ نشأة عربية إسلمية .
وحين بلغ عبد الرحمن عنفوان الشباب تناهى إلى مسمعه ظهور أناس مجددين في المشرق يدعون إلى إقامة
شرع ال في الرض ون شر العدل وإغا ثة الملهوف ورد الظالم ،وعلى رأ سهم عالم جل يل ا سمه أ بو عبيده
مسلم بن أبي كريمة رضي ال عنه المام الثاني للمذهب الباضي ،وفي هذه الفترة بدأ المذهب الباضي
بالنتشار في المغرب عن طر يق الداع ية سلمة بن سعد ،الذي دل الشاب عبدالرح من المتع طش للعلم على
المام أبى عبيدة ،فطار عبدالرحمن إلى بحر العلوم للعب من معينه الصافي وكأنه يعد نفسه للمر الجلل
الذي سيلقى على عاتقه بإقامة دولة اعادت للقلوب ذكريات أولئك العظماء الذين تربوا في أحضان النبوة من
أمثال الصديق والفاروق.
كانوا خم سة من طلب العلم باعوا أنف سهم ل وال اشترى ،أرب عة من المغرب والخا مس من الي من وا سمه
أبو الخطاب عبد العلى بن السمح المعافري ،وأما الربعة الذين من المغرب فكان من بينهم عبدالرحمن ،
التقوا هؤلء جمي عا ع ند المام أ بي عبيدة في الب صرة ،وكان هذا في عام 135للهجرة ،وظلوا م عه لمدة
خ مس سنوات يعبون من معي نه ال صافي في سرداب ت حت الرض ،وذلك خو فا من أذى الدولة المو ية
المحسوبة على السلم والتي ما فتئت تتعرض بشتى صنوف التعذيب والذى والقتل لمن خالفها في عقيدتها
وتوجهاتها وإن كان ممن ينطق بالشهادتين .
وبعد أن عبوا من العلم الصافي واخذوا ما شاء ال لهم من العلم خرجوا من السرداب في عام 140للهجرة
،وعادوا إلى المغرب ومعهم أبو الخطاب المعافري وقد أوعز إليهم المام أبو عبيدة أن يبايعوه إماما عليهم
حين تسنح لهم الفرصة ،ومما يدل على خروجهم من عند أبي عبيدة وقد تبحروا في العلوم قصة تروى عن
أحدهم وهو إسماعيل ابن درار الغدامسي مع إمامه أبي عبيدة كما ذكرها الدرجيني في الطبقات ص : 211
( ...فلما أرادوا الخروج من عنده هيأ الشيخ المركوب لتوديعهم ،ووضع رجله في الركاب -أي إسماعيل
الغدامسي وضع رجله في الركاب -فسأله إسماعيل عن ثلثمائة مسألة من مسائل الحكام قبل أن يستوي
على متن الدابة ،فقال له أبو عبيدة :أتريد أن تكون قاضيا يا ابن درار ؟ قال له :أرأيت إن ابتليت بذلك !
فبماذا تأمرني يرحمك ال ؟ . ) ....
انطلقوا ميممين شطر المغرب لقامة شرع ال ،وبعد أن انهوا خمس سنوات مع إمامهم عادوا إلي المغرب
تسيبقهم أشواقهيم لقامية شرع ال وإحياء سينة رسيول ال ،هذا وقيد وضعوا الخطيط السيياسية المحكمية ،
واعدوا القبائل البربرية لتستعد للثورة وتعلن المامة ،وهيئوا العدة العسكرية والبشرية لنجاح هذه الثورة ،
ولما وصلوا إلي المغرب ،فلما أحسوا أن الفرصة قد واتتهم وريحهم قد هبت بادروا بمبايعة أبي الخطاب
عبد العلى المعافري ،حيث أن المام أبا عبيدة أوعز إليهم بذلك وأمرهم بقتله إن رفض ،وهذا يذكرنا بما
حدث من المام السالمي رحمه ال عند رفض المام سالم بن راشد الخروصي رحمه ال قبول البيعة فأمر
المام ال سالمي أ با ز يد الريا مي بضرب ع نق المام سالم م ما اض طر المام سالم إلى أن يق بل البي عة و هو
يبكي رحمه ال ،ولما سئل المام السالمي عن الدليل الذي استند إليه في ذلك اخبرهم بما ورد عن المام
أبي عبيدة من أمره طلبه بقتل أبي الخطاب إن رفض البيعة لما في ذلك من مفسده لمر المسلمين .
ه نا لم ي جد أ بو الخطاب مفرا من قبول البي عة ،وت مت البي عة له وكان ذلك في عام 140للهجرة ،وكا نت
المغرب في تلك الفترة واقعة تحت نير الدولة العباسية ،وبعد أن استمرت إمامة أبي الخطاب أربع سنوات
ذاق فيهيا المسيلمون طعيم المان والعدل وإقامية شرع ال ولكين ميا لبثيت جيوش أبيي جعفير المنصيور أن
و صلت إلى إفريق ية بقيادة مح مد بن الش عث الخزا عي ،ولم ي جد أ بو الخطاب عناء في صد هذا الج يش
العبا سي ورده مهزو ما ،ول كن ما ل بث أن أعاد الكرة بج يش قوا مه أربعون أل فا ،وا ستطاع أ بو الخطاب
التغلب عل يه بف ضل ال مرة ثان ية و صدق ال ح ين قال .... (( :كم من فئة قليلة غل بت فئة كثيرة بإذن ال
وال مع الصابرين )) البقرة . 249 :
وهنا لجأ ابن الشعث إلى الحيلة والخيانة ،وهذا ديدنهم فهو ليس بغريب على أمثالهم ،وليس بعيد عنا ما
حدث للتابعي الجليل أبي بلل مرداس بن حدير التميمي وأصحابه الربعين من بني أمية وقائدهم ابن زرعه
الذي انهزم أمام أربعين رجل بالرغم من أنه على رأس ألف جندي وكان حريا به أن ينهزم ،فان أبا بلل
وأصحابه الربعين الرجل فيهم عن ألف رجل ،فبعث بنو أمية إليه بقائد جديد وهو عباد بن اخضر على
رأس أرب عة آلف جندي فلم يتغلب على أ بي بلل وأ صحابه م ما اضطره إلى اللجوء إلى الخيا نة فه جم على
أ بى بلل وأ صحابه و هم يؤدون صلة الجم عة فخان الع هد ح يث انه ما اتف قا على و قف القتال إلى ح ين أن
ينت هي الجم يع من أداء صلة الجم عة فأ ين هي عهود الم سلمين ،وهنيئا لتلك الج ساد الطاهرة الج نة ال تي
استشهدت خاشعة بين يدي رب العزة والجلل .
وهذا ما حدث كذلك للمام الجلندى بن مسعود رحمه ال وأصحابه حين هجم عليهم الجيش العبا سي بقيادة
خازم بن خزيمة فقاتلوهم ولم يتمكنوا منهم ،فلجأ خازم بن خزيمة إلى الغدر والمكيدة ،فأمر بإحراق بيوت
الجلندى وأصيحابه وكان بهيا الطفال والنسياء والشيوخ فأي ديين هذا الذي يأمير بقتيل الطفال والنسياء
والشيوخ؟! وما الفرق بين هؤلء وبين ما يفعله اليهود في فلسطين وما تفعله الدول الغربية في العراق وما
يفعله الصرب في مسلمي البلقان .
إذا فالغدر ديدن هم ف هم ل يقوون على المواج هة رجل لر جل ،ن عم ل جأ ا بن الش عث إلى الغدر ح ين علم أل
طاقية له بالتغلب على هذه الثلة المؤمنية إل بالخيانية فتظاهير بالنسيحاب إلى المشرق ،وتفرق جييش أبيي
الخطاب الذي كان من الهالي والفلحين الذين عادوا إلى مزارعهم في موسم الحصاد ،مما سهل على ابن
الشعيث القضاء على مين بقيي ميع أبيي الخطاب فقتلهيم جميعيا وال المسيتعان على ذلك وعنيد ال تجتميع
الخصوم.
في تلك الثناء كان ع بد الرح من بن ر ستم وال يا على القيروان من طرف المام أ بي الخطاب ،وكان في
طريقيه لنصيرة المام ولكنيه علم بموت المام مميا اضطره للفرار إلى المغرب الوسيط بصيحبة ابنيه عبيد
الوهاب وخادمه ،وظل سائرا بين القبائل الباضية متخفيا سالكا طريقا وعرة من جنوب الجزائر وقطعها من
شرق ها إلى غرب ها إلى ح ين و صوله إلى ج بل يد عى سوفجج ،و قد و جد إمام نا المنت ظر أن صارا له في
الطريق ساروا معه إلى الموقع المذكور ،ولحق به ابن الشعث وظل يحاصر الجبل المنيع إلى أن يأس من
اقتحا مه فر جع جارا أذيال الهزي مة .و ظل ع بد الرح من هنالك ب ين أن صاره من القبائل البربر ية ح تى إذا
اجتمع حوله من أهل العلم والصلح من يثق بهم ،ووجد نفسه قادرا على الشروع في بناء دولته اتجه نحو
موقع ( تيهرت ) وشرع في بناء دولته الشامخة في نهاية 155للهجرة وبداية 156للهجرة .
اجت هد إمام نا المرت قب و من م عه على إيجاد مكان منا سب لبناء مدي نة مثال ية تح صنا ومن عة وهواء وجمال
وكان الموقع المختار أشجارا وأحراشا ومرتعا لنواع السباع والوحوش .
ويروى أن ع بد الرح من وأ صحابه ل ما اعتزموا بناء مدي نة تيهرت بهذا المكان المغ طى بغا بة كثي فة كا نت
مأوى للوحوش ،كلف أحدهم بان ينادي بأعلى صوته ثلث مرات في ثلثة أيام :أيتها الوحوش إنا نريد أن
نعمير هذا المكان فمين يرييد السيلمة فليخرج منيه ،وعلى إثير هذا النداء شاهدوا السيباع والوحيش تحميل
أشبالها في أفواهها خارجة من الغابة .وهذا ليس بغريب على من آمن بال حق اليمان واتبع منهج الرسول
صلى ال عل يه و سلم وأ صحابه الخيار ،ف قد و قع م ثل هذا لل صحابة والتابع ين عند ما أرادوا تأ سيس مدي نة
القيروان كما هو معلوم.
بعد أن قام إمامنا المرتقب عبد الرحمن ومن معه ببناء دولتهم الباضية الشامخة الذكر ،ازدهرت المدينة
واشتهرت بح سن جمال ها وامتياز موقع ها ،م ما ج عل الكتاب والرحالة يشيدون بو صفها ،من ذلك و صف
المقد سي ل ها ح يث قال .... (( :هي بلخ العرب ،قد أحد قت ب ها النهار والت فت ب ها الشجار وغا بت في
البساتين ونبعت حولها العين وجل بها القليم وانتعش فيها الغريب واستطابها اللبيب يفضلونها على دمشق
وقد أخطو ،وعلى قرطبة وما أظنهم أصابوا ،هو بلد كبير كثير الخير رحب رقيق طيب رشيق السواق
غز ير الماء ج يد ال هل قد يم الو ضع مح كم الر صف عج يب الو صف . )) ....أن ظر المقد سي :أح سن
التقاسيم ،ص . 228
وقيد اسيتمرت هذه الدولة الفتيية فيي التطور والزدهار ،حتيى اشتهرت فيي الفاق وعرفيت بيي ( عراق
المغرب ) ،وفيي عام 160للهجرة اسيتأنس الباضيية مين أنفسيهم قوة ووجدوا أنهيم يملكون كيل المقومات
المادية والدبية لعلن إمامة الظهور ،فنظروا لمن يتولى المر فلم يجدوا أليق ول أبرز من عبد الرحمن
بن ر ستم رح مه ال ل سابقته ودي نه وعل مه ،وت مت البي عة له ،وهكذا يكون المام ع بد الرح من بن ر ستم
رح مه ال أول إمام لول دولة إ سلمية إباض ية في المغرب الو سط (الجزائر ) عر فت في التار يخ بالدولة
الرستمية .
وكا نت الدولة الر ستمية دولة إباض ية ت ستظل ب ها جم يع القبائل المعتن قة لهذا المذ هب إضا فة إلي غير ها من
القبائل والمذاهب الداخلة ضمن حدودها ،وكان جميع سكانها من مختلف المذاهب يعيشون بحرية تامة ولهم
منازل هم وم ساجدهم الخا صة ال تي يتعبدون ب ها و فق ما يرو نه صحيحا دون أن ت مس حريات هم أو تجرح
مشاعرهيم ،وكانيت تجري بيين العلماء مين مختلف المذاهيب المناظرات وكان يحضرهيا العام والخاص ،
ولن ستمع إلى ما قاله ا بن ال صغير في الدولة الر ستمية ،وا بن ال صغير هذا من الشي عة و قد عاش في هذه
الدولة وعني بكتابة تاريخها ،فكان من ضمن ما قاله عنها (( :ليس أحد ينزل بهم من الغرباء إل استوطن
مع هم وابت نى ب ين أظهر هم ل مل يرى من رخاء البلد وح سن سيرة إمامه وعدله في رعي ته وأما نة على ماله
ونف سه ،ح تى ل ترى دارا إل ق يل هذه لفلن الكو في ،وهذه لفلن الب صري ،وهذه لفلن القروي ،وهذا
مسيجد القروييين ورحبتهيم ،وهذا مسيجد البصيريين ،وهذا مسيجد الكوفييين )) ،أنظير :أخبار الئمية
الرستميين لبن الصغير ،ص . 36
هذه شهادة من ر جل يعت نق مذه با مخال فا لمذ هب أ هل ال حق وال ستقامة ف ما الذي دف عه لن يث ني علي هم
ويصفهم بما وصف إل ما رآه بأم عينيه من عدلهم وإنصافهم وإقامتهم لشرع ال وتطبيقهم لسنة رسول ال .
وهنا سؤال يطرح نفسه أين ملوك بني أمية ما خل عمر بن عبدالعزيز رضي ال عنه ،وملوك بني العباس
من هؤلء الئمة؟! وأين أفعالهم من أفعال هؤلء؟! ،وأين دولهم من هذه الدولة؟! ،فإن المتأمل لدولة بني
أمية وبني العباس يجد أنهم مارسوا أشد أنواع التعذيب والقهر والكبت لمن خالفهم في المعتقد فلم يتورعوا
في قتله والتنك يل به وإهلك ماله وذري ته بل ي صل ال مر ببعض هم إلى الق تل بالظ نة ،وك تب التار يخ مليئة
بجرائم هم ول دا عي لذكر ها ف هي ل تخ فى عن كل ذي لب ،ح تى ب يت ال الحرام لم ي سلم من هم ،ونكت في
بذ كر ما عاناه المام أ بو عبيدة رح مه ال من هم م ما اضطره أن يدرس طل به في سرداب ت حت الرض
وكانوا يتخفون بلباس الباعة والنساء حتى يصلوا إلى سردابهم فأي قهر أشد من هذا القهر وأي كبت لحرية
العبادة أشد من هذا الكبت ،ثم يأتي من يلبسهم لقب خليفة المسلمين والسلم من أفعالهم براء.
وكنت أتصفح مآثرهم التي خلفوها للجيال السلمية لتتأسى بهم في كتاب العقد الفريد لبن عبد ربه والذي
يحضر في ذاكرتي الن من مآثرهم الخالدة ،تحدث إبن عبد ربه عن خليفتهم الراشد هارون الرشيد فقال :
" وكان رح مه ال له قي نة يتردد علي ها " أتعرفون ما مع نا القي نة يا أحفاد الفاروق وال صديق ،إن ا سم القي نة
يطلق على المرأة العاهرة .هذا هو الخليفة الراشد " رحمه ال " !!!!!!!!!!!!
وسأراجع الموضوع في كتاب العقد الفريد حتى أتي بنص كلم إبن عبد ربه ،
فمن هو الذي يستحق أن يوصف بالمذهبي الباضية أم هؤلء ومن هو الذي يستحق أن يلقب بالخوارج
الباضية أم هؤلء ،سبحانك ربي هذا بهتان عظيم.
ولقد استمرت هذه الدولة الشامخة في جبين الدهر لما يقرب من 140سنة ،منذ أن نشأت في عام 156
وحتى عام 296للهجرة ،أي أكثر من عمر الدولة الموية والدولة العباسية رصعت خللها الكثير من
اليات والعبر ما يستحق أن يكتب بماء الذهب ويرصع به جبين الدهر .
وبالنسبة لما قدمته هذه الدولة للمة السلمية من خدمة لها ،وإعلء لراية السلم بتطبيق شرع ال سبحانه
وتعالى ،فإنه حري بالدول التي جاءت من بعدها والتي ستأتي أن تقتدي بها وبأئمتها الجلء .
وقد تولى الحكم في هذه الدولة أئمة عظماء أحيوا سنة الرسول صلى ال عليه وسلم ،كان أولهم المؤسس
لهذه الدولة وهو المام الجليل عبد الرحمن بن رستم رحمه ال كما أسلفنا ،ثم تولى من بعده إبنه المام عبد
الوهاب رحميه ال ،ولم يباييع بالمامية لكونيه إبنيا للمام السيابق كميا يظين البعيض ،فإن المقياس عنيد
الباضيية هيو التقوى ولييس النسيب ،ولميا توافرت فيي المام عبيد الوهاب المواصيفات التيي تأهله لهذا
المنصب الخطير لم يتأخر العلماء من أهل الحل والعقد في مبايعته .
ومن أئمة هذه الدولة المام أفلح بن المام عبد الوهاب رحمهما ال ،وغيره من الئمة العدول ،وكان آخر
أئمة هذه الدولة هو المام اليقظان بن أبي اليقظان .
ول كن أ صحاب القلوب المري ضة ،والنفوس ال سقيمة ،لم ي قر ل هم قرار و هم يرون هذه الدولة الشام خة فوق
ذرى السيحاب ،تعييش فيي أمين وسيلم ميع أهلهيا مين مختلف المذاهيب ،وتحقيق النتصيارات تلو
النتصارات ،ولم يستطيعوا تحمل الحسد والحقد المشتعل في صدورهم من رؤية الدولة الرستمية يقصدها
الوراد مين كيل حدب وصيوب ،ليعيشوا فيهيا تحيت ظيل الئمية الباضيية المطبقيين لشرع ال ،فانفجرت
نفوسهم بكل ما حوته من سموم ،وراحوا يحرقون كل ما وجدوه في طريقهم ،ويبيدون الخضر واليابس ،
فلم يسلم منهم ل الطفال الرضع ،ول النساء الرتع ،ول الشيوخ الركع.
بعد أن استمرت هذه الدولة السلمية لما يقارب من 140عاما ،جسدت فيها معنى الدولة السلمية على
حقيقتها ،وأحيت سيرة المصطفى صلوات ال وسلمه عليه ،وسيرة صحابته الكرام رضوان ال عليهم .
ولكين شاءت مشيئة ال تعالى أن ل تسيتمر هذه الدولة لحكمية عنده ،فهجيم عليهيا مين انفجير قلبيه بالحقيد
والحسد والغيض على هذه الدولة العادلة التي عاش تحت كنفها أصحاب مختلف المذاهب أحرارا يمارسون
عبادتهم بكل حرية في مساجدهم الخاصة ،فأي عدل بعد هذا العدل ،وأي إنصاف بعد هذا النصاف .
هجيم عليهيا المسيمى أبيو عبدال الشيعيي داعيية الفاطمييين ،فعاث فيهيا فسيادا ،وقتيل ،وشرد ،وانتهيك
العراض ،ولم يرا عي في أهل ها إل ول ذ مة ،ولم يرا عي في هم أن هم يشهدون أن ل إله إل ال وأن محمدا
رسول ال ,فقتل منهم من قتل وأسر من أسر وتشرد الباقون في الصحاري والجبال .وال المستعان على
ذلك وعند ال تجتمع الخصوم .
ولم يكتف بذلك ،بل صب جام حقده السود على ما خلفته هذه الثلة المؤمنة من تراث ،فقام بإحراق مكتبة
المعصومة ،مكتبة الدولة الرستمية ،بعد أن سرق ما فيها من الكتب الرياضية والصناعية والفنية ،وأحرق
الباقي وقضى بذلك على تراث عظيم ،كان سيعود بالفائدة العظيمة على أبناء هذه المة .
ول نقول إل إن ل وإن إليه راجعون ،ول حول ول قوة إل بال العظيم .
وهنا سؤال يطرح نفسه ،ويحتاج إلى إجابة منصفة له من منصف ،والسؤال هو :
هل هناك فرق بين ما قام به هذا المجرم المحسوب على هذه المة من قضاء للدولة الرستمية ،هذه الدولة
العادلة التي آوت من هم على نحلته وأنصفتهم وحفظة حقوقهم ،وما قام به من إحراق لمكتبتها المعصومة ،
و ما قام به التتار من القضاء على الدولة العبا سية وإحراق مكتبت ها دار الحك مة ،مع ال خذ بع ين العتبار
البون الشاسع والفرق الواسع بين الدولة الرستمية والدولة العباسية !!!!!!!!!!
المصادروالمراجع :
-1مختصر تاريخ الباضية ،الباروني ،ص ، 49- 34مكتبة الضامري -سلطنة عمان .
-2منهج الدعوة عند الباضية ،د -محمد ناصر ،ص ، 156-149مكتبة الستقامة -سلطنة عمان .
-3كتاب السير ،ج ، 1ص ، 126-124الشماخي ،وزارة التراث القومي والثقافة -سلطنة عمان .
-4طبقات المشائخ بالمغرب ،ج ، 1ص ، 46-12الدرجيني .
-5الدولة الرستمية ،إبراهيم بحاز ،نشر جمعية التراث ،الجزائر 1988م .
-6أخبار الئمة الرستميين ،ابن الصغير ،دار الغرب السلمي ،بيروت 1986م .