Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 27

‫خطبة‪( :‬الخيل النفسية)‬

‫فضيلة الشيخ‪ :‬سلمان ابن فهد العوده‬


‫‪.............................................................................‬‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬


‫إن المد ل نمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه‪،‬‬
‫ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهد ال فل مضل له ومن يضلل فل هادي له‪،‬‬
‫وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪،‬‬
‫وأشهد أن ممدا عبده ورسوله صلى ال عليه وعلى آله وأصحابه وأتبعاه إل يوم الدين وسلم تسليما كثيا‪.‬‬
‫أما بعد…………‪.‬‬
‫والعنوان كما سعتم ورأيتم اليل النفسية‪:‬‬
‫وأود أن أقول للخوة ف البداية إن هذا الوضوع هو استكمال لوضوع كنت بدأته من قبل وخرج بعنوان المة الغائبة‪.‬‬
‫ولعل هذا الوضوع هو تشخيص لبعض أسباب غياب المة‪ ،‬وهو أيضا مثل سابقه عبارة عن مطالبة بالشاركة‪.‬‬
‫أي لون من ألوان الشاركة ف الدعوة إل ال عز وجل‪ ،‬إذ نن ل نشترط حي نطالبك أنت بشخصك وعينك أيها‬
‫القاعد بي أيدينا‪ ،‬ل نشترط لشاركتك ف العلم والدعوة والصلح والمر بالعروف شكل معينا ول مقارا معينا أو‬
‫حجما معينا‪.‬‬
‫لكن نطلب منك مطلق الشاركة بقدر ما تستطيع‪.‬‬
‫لننا نعلم أول أنك تقدر فإن ال تعال خلقك إنسانا‪ ،‬وكلمة إنسان بذاتا قبل أن ندخل ف أي لفظ شرعي‪ ،‬كلمة إنسان‬
‫يقول أهل اللغة‪( :‬هي مشتقة من النوس‪ ،‬ناس‪ ،‬ينوس إذا ترك)‪.‬‬
‫إذا أنت متحرك بطبيعتك‪ ،‬وفعال بطبيعتك‪ ،‬فأنت تستطيع أن تصنع الكثي‪ ،‬فنحن نطالبك أول بذا‪.‬‬
‫وثانيا ل نشترط قدرا معينا لننا نعلم أن الناس ليس نسخة واحدة طبق الصل بعضهم من بعض‪ ،‬كل‪.‬‬
‫فالذي ف كبينة القيادة أحيانا شخص واحد أو اثنان وعلى العموم هم أفراد‪.‬‬
‫لقد حرصت أيها الخوة ف هذه الحاضرة على الوضوح والباشرة وعدم التعقيد العلمي‪ ،‬لن الخاطب بذه الكلمات‬
‫ليسو هم النخبة وعلية القوم من الثقفي والاصة والدعاة‪ .…،‬كل‪.‬‬
‫بل نريد أن ناطب بذه الكلمات كل إنسان مسلم بغض النظر عن مستواه العلمي والثقاف‪ ،‬وعن عمره وعن أي شيء‬
‫آخر‪ ،‬ولذلك فل غرابة أن أحرص على توضيح العبارات وبسطها والبعد عن أي لون من ألوان الترتيب العلمي الذي قد‬
‫يصعب ويشق على الناس فهمه‪.‬‬
‫ومن قبل كان أبن قتيبة رحه ال يقول ف بعض كتبه‪:‬‬
‫(ينبغي أن يكون الطيب متخي اللفظ قليل اللحظ ل يرص على تدقيق العبارة ول على تصيص العان)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أي أنه يذكر معان مملة عامة يسهل على كل إنسان فهمها وليس فيها من الغموض والدقة أي مقدار‪.‬‬
‫ومن بعده كان المام الشاطب أيضا يقول‪:‬‬
‫( إن السلف رحهم ال تعال كان الواحد منهم ل يهتم باللفاظ‪ ،‬بل يلقي الكلم على عواهله وكيفما أتفق مت ما‬
‫علم أن هذا الكلم يؤدي العن القصود‪ ،‬ويصل إل ذهن السامع ويبلغ العن الشرعي)‪.‬‬
‫إذا لندرك أننا ف هذه اللسة ل يعنينا تزويق اللفاظ‪.‬‬
‫ول تصفيف العبارات‪ ،‬ول الترتيب العلمي والوضوعي بقدر ما يعنينا أن أمامنا عددا من اليل النفسية الت نتستر با‬
‫أحيانا ينبغي أن نكتشفها ونفضح نفوسنا فيها حت نضعها أمام القيقة وجها لوجه‪ ،‬ول نبقي عذرا لعتذر يقعد عن أن‬
‫يقوم بعمل ف سبيل ال عز وجل‪.‬‬
‫إذا ل تنتظر من استكمال للموضوع ول تطويل فيه ول تنظيا‪ ،‬بل ول حسن ترتيب‪ ،‬فحسب أن تفهم الكلم الذي أقوله‬
‫وتوقن أو تعلم بأنه حق وأنه ينبغي أن نعاله‪.‬‬
‫وبادئ ذي بدء نلحظ أن الرسول (صلى ال عليه وسلم) نى عن العجز واستعاذ منه فقال عليه الصلة والسلم ف‬
‫حديث أب هريرة الذي رواه مسلم وهو حديث طويل‪:‬‬
‫( أحرص على ما ينفعك وأستعن بال ول تعجز)‪.‬‬
‫وهذا ني ‪ ،‬ول تعجز‪ ،‬إذا أمسك بيدك كلمة العجز حت نفكر بعد قليل ما هو العجز‪.‬‬
‫ث تنتقل فتجد أن من دعاء النب (صلى ال عليه وسلم) الذي ثبت عن جاعة من الصحابة كأنس أبن مالك مثل أو غيه‬
‫أنه كان عليه الصلة والسلم يستعيذ من العجز‪:‬‬
‫( وأعوذ بك من العجز)‪ .‬والديث جاء عن أنس وزيد أبن أرقم وهو ف الصحيح وغيه‪.‬‬
‫وتد ف القرآن الكري كلمة العجز أيضا موجودة ف مواضع منها‪:‬‬
‫(واتل عليهم نبأ ابن آدم بالق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدها…‪..‬اليات)‬
‫إل قوله تعال‪:‬‬
‫(فبعث ال غرابا يبحث ف الرض لييه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلت أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب‬
‫فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمي)‬
‫إذا هنا يبز أمامك العجز‪ ،‬فالعجز إذا داء‪ ،‬مرض يكون سببه الغفلة وعدم الهتداء‪ ،‬حت أن هذا النسان مثل ل يكن‬
‫عاجزا عن أن يفر الرض ليدفن أخاه الذي قتله‪ ،‬ولكنه غفل عن هذا العن ول يتفطن له حت رأى الغرب يبحث ف‬
‫الرض فاستيقظ وتنبه ولم نفسه أن يكون الغراب معلما له ويسبقه إل هذه القضية فيحفر ف الرض فقال‪:‬‬
‫(قال يا ويلت أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمي)‪.‬‬
‫وبذلك قد نكتشف أن العجز هو صفة ملزمة للمعتدين أحيانا‪ ،‬لن هذا النسان كان معتديا‪ ،‬فالعتداء غلف قلبه‬
‫وغطى على فطرته حت ل يتفطن إل مسألة أن يفر الرض أخاه‪.‬‬
‫إذا الزيادة أو النقص الفراط أو التفريط كل هذه الشياء تكون سببا ف ابتلء النسان بالعجز والقعود وترك العمل‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫النسان يتعلم إذا حت من اليوان‪ ،‬وأنت تعرف قصة النسان الذي أراد أن يتعلم النحو ففشل مرة ومرتي وثلث‪ ،‬وبعد‬
‫ذلك رأى نلة تصعد وكلما صعدت سقطت ث تكرر الحاولة‪.‬‬
‫فبعد ذلك تلقن من ذلك درسا أنه يب أن ياول ويكرر الحاولة فيستجيب حت من اليوان أو الطي أو غيه‪ ،‬حت‬
‫يذكرون هذه القصة عن سيبويه أو غيه‪.‬‬
‫ولذلك وصم ال النافقي الذين تلفوا أنه أراد سبحانه أن يصيبهم ببعض ذنوبم وبا كسبت أيديهم‪ ،‬وكذلك بعض‬
‫الؤمني أيضا الذين هربوا أو تولوا من العركة‪:‬‬
‫(إن الذين تولوا منكم يوم التقى المعان إنا استزلم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا ال عنهم إن ال غفور‬
‫حليم)‪( .‬فإن تولوا فاعلم أنا يريد ال أن يصيبهم ببعض ذنوبم وإن كثيا من الناس لفاسقون)‪.‬‬
‫هذا العجز الوارد ف الشرع هو ما يكن أن نعب عنه أحيانا بالعوائق النفسية أو اليل النفسية وهو داء ف القلب أو ف‬
‫النفس لكن ل يصل إل حد أن نعتب أن صاحبه بالضرورة كما قد يتوهم البعض مريضا نفسيا أو منونا مثل‪.‬‬
‫ل‪ ..‬لكن عنده نوع من اللل‪ ،‬وأنت تلحظ الفرق بي إنسان سوي النفس سليم القلب ملتزم بالكتاب والسنة كثي‬
‫القبال عليهما شديد التوكل على ال‪ ،‬تد أن موازينه وحساباته مضبوطة‪.‬‬
‫وآخر أعماله النفسية كلها غي طبيعية بل هي مصابة باللل بسبب نوع من عدم العتدال عنده‪.‬‬
‫فتجد مثل قضية الدراك عنده غي منضبطة‪ ،‬ل يدرك المور إدراكا صحيحا‪ ،‬ول يتصورها تصورا صحيحا‪ ،‬ول‬
‫يتذكرها ول يتخيلها بشكل صحيح‪ ،‬فهو يدركها على غي صورتا وبذلك يطئ السابات كما سوف يأت أمثلة لذلك‬
‫بعد قليل‪ ،‬وبالتال تد أن هذا النسان ل يعمل‪.‬‬
‫أحيانا هناك إنسانا قاعدا ل يعمل‪ ،‬ولو قلت له‪ ،‬قال لك نعم أنا ل أفعل شيء‪ ،‬لاذا ؟‬
‫قال لك عسى ال يهدين‪ ،‬وال أنا قادر ومستطيع‪ ،‬فل يدع نفسه أو يضحك عليها‪.‬‬
‫ولكن هناك آخر تد أنه إذا حادثته وقلت لاذا ل تفعل شيء؟‬
‫بدأ يفلسف هذا العجز‪ ،‬ويظهره بصورة العقل أحيانا‪،‬‬
‫أو بصورة الفهم أو الكمة‪ ،‬أو حت بصورة الشرع كما سوف يبدو لك‪.‬‬
‫فما هي هذه العذار الت نتستر ورائها أحيانا حت نترك العمل ؟‬
‫قبل أن أذكرها أود أن أقول لك نقطة حت تدرك هل أنت تعيش نوعا من اليل النفسية‪.‬‬
‫تصور وأنت قاعد بي يدي الن‪ ،‬هل تشعر أنك الخاطب وأن الكلم وموجه لك مباشرة؟‬
‫أم تشعر أنه يعن أناس آخرين غيك؟‬
‫فإن كنت تتصور أن الكلم موجه لك أنت بالذات دون غيك‪ ،‬فهذا دليل على نوع من الوضوح والصراحة مع نفسك‪.‬‬
‫لكن إن كنت تشعر بأن الخاطبي أناس موجودين ف كوكب آخر‪ ،‬فيجب أن تتنبه إل أن هذه بداية اليل النفسية‪ ،‬أنك‬
‫تعل الكلم يزل عن يينك وشالك ول يصيبك‪.‬‬
‫أول هذه اليل التواضع الوهي الكاذب‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫فيى النسان نفسه ليس أهل لشيء‪ ،‬ل لعمل ول لوظيفة ول لشهادة ول لمامة ول لطابة ول لدعوة ول لتصدر ول‬
‫لدارة ول لشيء‪.‬‬
‫يقول يا أخي أنا أعرف نفسي‪ ،‬ل تظن أن متواضع‪ ،‬ل‪.‬‬
‫القيقة لو تعرف ما ف نفسي من العيوب لعذرتن وأدركت أنن ل أقول إل القيقة‪ ،‬فدعن ونفسي‪.‬‬
‫وعبثا تاول إخراج بعض هؤلء الناس من تواضعهم الوهي الذي أصبح يول بينهم وبي أي عمل‪.‬‬
‫وليست الشكلة ف وجود الشعور نفسه‪ ،‬كون النسان يتكلم عن نفسه بازدراء أو احتقار أو يهضم نفسه أو يوبها‪ ،‬هذا‬
‫ل شيء فيه بل هو أمر فطري بل الؤمن الصادق هو كذلك‪ ،‬ل يصاب بغرور ول عجب ول يرى نفسه شيئا‪.‬‬
‫وكما قال أبن مسعود رضي ال عنه كما ف الصحيح‪( :‬إن الؤمن يرى ذنوبه مثل جبل على رأسه يشى أن يقع عليه‪،‬‬
‫والنافق كذباب وقع على وجهه فقال به هكذا بيده فطار)‪.‬‬
‫إذا نن ل نعيبك أن توبخ نفسك ول أن تزدري نفسك ول أن تتقرها فهذا ل شيء فيه‪.‬‬
‫ولكن الشكلة أن يتحول هذا الشعور عندك إل منهج يكم كل تصرفاتك وأعمالك‪.‬‬
‫فإذا قلنا لك يا فلن تعال أمسك السجد وصلي بالسلمي أو درّس أو أمسك هذه الوظيفة الهمة أو ألف كتابا أو ألقي‬
‫درسا أو ماضرة أو أمر بعروف أو أنى عن منكر‪ ،‬هززت رأسك وقلت‪:‬‬
‫ال الستعان‪ ،‬لو كنت تعلم ما ب كنت تعذرن‪ ،‬فتحول هذا الشعور إل عائق وحائل ينع النسان من العمل‪.‬‬
‫وأنت تد أن كلم السلف يدل على أن الشكلة ليست ف وجود هذا الشعور والكلم‪ ،‬ولكن الشكلة ف كونه يتحول‬
‫إل ذريعة لترك العمل الصال‪.‬‬
‫مثل أبو الوفاء أبن عقيل – رحه ال – صاحب كتاب الفنون ف ثانائة ملد وهو من أذكياء العال‪ ،‬له كلم عجيب ف‬
‫توبيخ نفسه نقله أبن الوزي ف كتاب صيد الاطر‪ ،‬وقال أبن الوزي بعد ما وبخ نفسه وذمها وعاتبها قال‪:‬‬
‫( وقد رأيت المام أبو الوفاء أبن عقيل قد ناح على نفسه نو ما نت فأعجبتن نياحته فنقلتها ها هنا)‪.‬‬
‫يقول أعجبن صياحه وبكائه على نفسه‪.‬‬
‫ماذا قال أبو الوفاء؟ قال كلما طويل مقصده وخلصته أن أبا الوفاء أبن عقيل ياطب نفسه ويقول‪:‬‬
‫(يا نفس ماذا استفدت من عمرك الطويل؟ استفدت من أن يقال لك أنك إنسان مناظر قوي الجة ل غي‪ ،‬مثل ما‬
‫يقال للمصارع النتصر الغارة (يوصف بذا الوصف أو يسمى بذا السم)‪.‬‬
‫قال‪ :‬وعما قليل تترك ذلك ف الوت‪ ،‬بل حت ف حياتك لو برز للناس شخص أو شاب افره من وأقوى منك عبارة‬
‫لربا موهوا له بالقول وركضوا ورائه وتركوك‪ ،‬فماذا انتفعت من قول الناس لك يا مناظر ؟ وأنت تعلم ما ف نفسك‬
‫وما ف قلبك‪.‬‬
‫ث قال وال ما أعلم ف نفسي حسنة أستطيع أن أسأل ال با فأقول‪ :‬اللهم إن أسألك كذا بكذا‪.‬‬
‫مثل اللهم أن أسألك النة بأن أقوم الليل أو بأن أصوم النهار أو بصلة رحم مثل‪ ،‬يقول إن ل أعلم لنفسي حسنة‬
‫أستطيع أسأل ال با فأقول اللهم إن أسألك كذا بكذا‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫(وعما قليل أموت فيقول الناس مات الرجل الصال العال الورع الـ‪ ..‬الـ‪ ..‬وول لو علموا حقيقت ما دفنون‪).‬‬
‫وكلم من هذا القبيل طويل‪ ،‬كلم ث قال‪:‬‬
‫(وال لنادين على نفسي وأفضحها لعل ال أن يرحن بذلك)‪.‬‬
‫كلم أبن الوزي مثل‪ ،‬وكل أبو الوفاء أبن عقيل وغيهم من أهل العلم لعل الكثيين منكم يفضحون نونية القحطان‪:‬‬
‫وال لو علموا قبيح سريرت …‪.‬لب السلم علي من يلقان‬
‫ولعرضوا عن وملوا صحبت…ولبؤت بعد كرامة بوان‬
‫إل آخر قصيدته‪.‬‬
‫لكن السؤال‪ ،‬أبو الوفاء أبن عقيل وأبن الوزي والقحطان ومن قبلهم ومن بعدهم حت الصحابة رضي ال عنهم لم ف‬
‫ذلك كلم كثي ف ازدراء النفس‪ ،‬هل هذا الشعور جعلهم ل يعملون‪ ،‬ل ياهدون‪ ،‬ل يأمرون بالعروف ل ينهون عن‬
‫النكر؟ ل‪ ..‬أبو بكر هو الليفة وأمور السلمي كلها ف عنقه ومع ذلك كثيا ما يوبخ نفسه‪ ،‬فإذا مدحوه قال‪:‬‬
‫(اللهم أغفر ل ما ل يعلمون واجعلن خيا ما يظنون)‪.‬‬
‫وكثي ما كان أبو بكر رضي ال عنه يقبل على نفسه فيوبها ويذمها‪.‬‬
‫ومثله عمر‪ ،‬خليفة وتعرف عمر ماذا فعل رجل إياب من الدرجة الول‪ ،‬ومع ذلك عمر كما ف الثر الصحيح كان‬
‫يقول‪( :‬بخٍ بخ يا أبن الطاب‪ ،‬بالمس ترعى غنم الطاب‪ ،‬واليوم أمي الؤمني‪ ،‬وال لتتقي ال أو ليعذبنك)‪.‬‬
‫إذا فرق بي شعورك بالزدراء والحتقار لنفسك الذي هو خي وضمانة –إن شاء ال‪ -‬عن العجب والغترار وعن‬
‫حبوط العمل وعن الكب وعن الغطرسة وعن رد الق‪ ،‬فرق بي هذا‪ ،‬وبي هذا الحتقار للنفس الذي هو مدخل من‬
‫مداخل الشيطان يعلك ل تقوم بأي عمل صال ول تارس أي دور‪.‬‬
‫كلم أبو الوفاء أبن عقيل وأبن الوزي والقحطان ومن قبلهم أب بكر وعمر وعثمان وعلي وفلن وعلن ل ينع آخرين‬
‫من أن يتكلموا عن ما وهبهم ال من الي والنعم‪.‬‬
‫لن النعمة يب أن تشكر‪ ،‬وأول مراحل الشكر للنعمة هو أن تعرف النعمة‪ ،‬يقول ال عز وجل‪:‬‬
‫(يعرفون نعمة ال ث ينكرونا وأكثرهم الكافرون)‪.‬‬
‫فأول مراحل الشكر للنعمة العرفة‪ ،‬فإذا كان ال أعطاك مواهب لبد أن تعرف هذه الواهب حت تشكرها‪ ،‬ولو جحدتا‬
‫لكنت منكرا نعمة ال تعال عليك‪.‬‬
‫يوسف عليه السلم نب ال‪( :‬قال اجعلن على خزائن الرض إن حفيظ عليم)‪.‬‬
‫ما منعه أن يطالب بأن يكون على خزائن الرض لنه يعلم أن ال تعال قد أختصه بذه الزايا‪.‬‬
‫أبن عباس يقول‪( :‬أنا من الراسخي ف العلم الذين يعلمون تأويله (وما يعلم تأويله إل ال)‪ ،‬وف قوله تعال ‪( ،‬ما‬
‫يعلمهم إل قليل)‪ ،‬أنا من القليل الذين يعلمه)‪ .‬ل ينعه تواضعه أن يقول هذا‪.‬‬
‫عثمان أبن أب العاص كما ف السنن وهو حديث صحيح‪( :‬يا رسول ال اجعلن إمام قومي‪ ،‬قال أنت إمامهم‪ ،‬واقتدي‬
‫بأضعفهم‪ ،‬وأتذ مؤذنا ل يأخذ على آذانه أجرا)‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫فعثمان ابن أب العاص ل ينعه تواضعه وهضم نفسه من أن يطلب أن يتول عمل دينيا وهو المامة‪.‬‬
‫ليس عمل دنيويا إنا ل نول هذا المر من طلبه‪ ،‬ولكن العمل الدين‪.‬‬
‫ولذا ال تعال وصف التقي كلهم بأنم عباد الرحن بأنم يقولون‪:‬‬
‫(ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعي واجعلنا للمتقي إماما)‪.‬‬
‫اجعلنا للمتقي إماما‪ ،‬ما طلبوا فقط أن يكونوا من التقي‪.‬‬
‫بل طلبوا أن يكونوا أئمة للمتقي‪ ،‬ليسوا أئمة للمؤمني أو السلمي فقط‪ ،‬بل للمتقي‪.‬‬
‫ول شك أنه من الغب أن يقول العبد ف سجوده‪ ،‬واجعلنا للمتقي إماما‪ ،‬ث يطلب منه أن يتول أمر ثلثة ف دعوة أو‬
‫إصلح أو قيادة أو توجيه أو أمر بعروف أو ني عن منكر‪ ،‬ث ينفض ثوبه ويتنصل ويقول‪:‬‬
‫ل أستطيع …ل أستطيع‪.‬‬
‫لن مقتضى الشرع أن الدعاء يتطلب العمل الصال‪ ،‬فإذا قلت‪:‬‬
‫(واجعلنا للمتقي إماما) ينبغي أن تسعى إل تقيق المامة ف الدين‪ .‬قال ال تعال‪:‬‬
‫(وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لا صبوا وكانوا بآياتنا يوقنون)‪.‬‬
‫قال سفيان‪( :‬بالصب واليقي تنال المامة ف الدين)‪.‬‬
‫ولا قال ربيعة ابن مالك السلمي رضي ال عنه كما ف صحيح مسلم لرسول ال (صلى ال عليه وسلم)‪:‬‬
‫(يا رسول ال أدعو ال أن أكون رفيقك ف النة‪ ،‬قال أعن بكثرة السجود)‪.‬‬
‫إذا‪ ،‬إذا دعوت بشيء عزز دعائك بفعل السباب‪ ،‬وكما قال عمر رضي ال عنه‪:‬‬
‫(أخلط مع دعاء العجوز شيئا من القطران)‪.‬‬
‫كانوا يقولون إذا أصاب أبل الصدقة الرب‪ ،‬نذهب إل عجوز هناك تدعو فيشفيها ال تعال‪ ،‬فقال عمر رضي ال عنه‪:‬‬
‫ل بأس هذا جيد أذهبوا للعجوز لكي تدعو‪.‬‬
‫ولكن وف نفس الوقت هاتوا القطران وهو نوع من العلج اطلوا به هذا الرب فيزول بأذن ال تعال‪.‬‬
‫فالسبب لبد من فعله‪ ،‬الدعاء سبب وفعل العمل الصال من السجود أو السعي إل المامة ف الدين بالصب والتقوى‬
‫واليقي هو أيضا مطلوب‪.‬‬
‫وأحيانا تد أن العصية أو النقص أو التقصي يتسبب للنسان ف ترك العمل الصال‪ ،‬وكأنه يظن أنه ل يعمل للخي إل‬
‫الكامل فل يعملون‪ ،‬مع أنك لو نظرت للنص الشرعي وجدت غي هذا‪.‬‬
‫يا فلن لاذا ل تدعو إل ال ؟‬
‫قال ال الستعان‪ ،‬روائح ذنوب فاحت‪.‬‬
‫أنا أستحي أن أقف أمام الناس‪ ،‬أستحي من ال تعال‪.‬‬
‫أخجل أن أعظ الناس وأنا أحتاج إل من يعظن‪.‬‬
‫طيب يا أخي‪ ،‬الن أنت عندك مال‪ ،‬هل تزكيه؟‬

‫‪6‬‬
‫قال نعم أزكيه لنه بلغ النصاب‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬الال بلغ النصاب تزكيه‪ ،‬لكن أل تعلم أن العلم عليه زكاة أيضا‪ ،‬وف نفس الوقت العلم ليس له نصاب‪ ،‬فالرسول‬
‫عليه الصلة والسلم بي النصاب ف الموال الزكوية‪ ،‬ولكن بالنسبة للعلم ماذا قال ؟ قال‪:‬‬
‫(بلغوا عن ولو آية)‪ .‬كما ف الصحيح‪.‬‬
‫آية واحدة فقط أو حديثا‪.‬‬
‫(نظّر ال امرؤا سع منا حديثا فبلغه)‪.‬‬
‫آية وحدة أو حديث واحد‪ ،‬من يوجد من السلمي كلهم من ل يفظ آية أو يفظ حديثا؟‬
‫فيجب أن تتفطن أن كل قدر من العلم ولو قل عندك عليه زكاة‪ ،‬وأن تقصيك أنت بفعل العصية‪ ،‬ليس موجبا بل ول‬
‫مبيحا لترك النهي عنه‪ ،‬وتقصيك بترك الطاعة ليس موجبا بل ول مبيحا بترك المر با‪.‬‬
‫بعن يب أن تأمر بالعروف ولو كنت تاركا له‪ ،‬ويب أنت تنهى عن النكر ولو كنت واقعا فيه‪.‬‬
‫ولو ل يعظ ف الناس من هو مذنب…‪.‬فمن يعظُ العاصي بعد ممدِ‬
‫ول شك ف هذا بل هو يكاد يكون إجاعا لهل العلم‪.‬‬
‫إذ كونك تركت العروف بنفسك هذا خطأ‪ ،‬تعاله بطاء آخر أنك أيضا ل تأمر به‪.‬‬
‫وكونك فعلت النكر هذا خطأ‪ ،‬لكن تعال هذا الطاء بطأ آخر هو أنك ل تنهى عن النكر‪.‬‬
‫وأضرب لك مثال بسيطا‪:‬‬
‫أنت – وحاشاك إن شاء ال – مبتلى بشرب الدخان لنك نشأت ف بيئة ل تعودك على ترك هذا‪ ،‬فأخذته بالتقليد‬
‫والعادة وأصبح صعبا عليك تركه بسبب الدمان‪.‬‬
‫تزوجت ورزقت بأولد فوجدت أبن عشر سنوات من أولدك يدخن‪.‬‬
‫هل تقول حي إذا ل أناه لن أنا مدخن؟‬
‫قطعا ل… بل ستقول أمنعه وستتخذ من كونك مدخنا حجة عليه‪ ،‬وستقول له يا ولدي‬
‫أنا جربت قبلك وابتليت بذا الداء الذي أخرج من مال وأتركه لكن عجزت‪.‬‬
‫فأنت الن ما دمت ف بداية الطريق أبتعد عن هذا الشيء‪.‬‬
‫فتستفيد من الطأ الذي وقعت فيه ف ني الناس‪.‬‬
‫مع أنك مطالب بترك العصية ومطالب بفعل الطاعة‪ ،‬ولكن ليس من شروط المر بالعروف أن تكون فاعله‪.‬‬
‫ول من شروط النهي عن النكر أن تكون تركا له‪.‬‬
‫أما قول ال تعال‪:‬‬
‫(أتأمرون الناس بالب وتنسون أنفسكم)‪.‬‬
‫هذا نعم‪ ..‬ل شك أنه يوبخ لن المر للناس عال‪ ،‬وكان مفروضا أن يكون أول المتثلي‪ ،‬كما قال شعيب عليه السلم‪:‬‬
‫(وما أريد أن أخالفكم إل ما أناكم عنه‬
‫)‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫لكن كونك قصرت ف هذا ل يبيح لك أن تقصر ف الثان‪.‬‬
‫مثله قوله عليه السلم كما ف حديث أسامة ف صحيح البخاري‪:‬‬
‫(يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى بالنار …إل قوله كنتم آمركم بالعروف ول آتيه‪ ،‬وأناكم عن النكر وآتيه)‪.‬‬
‫نقول هذا هل دخل النار لنه يأمر بالعروف وينهى عن النكر؟‬
‫كل…المر بالعروف والنهي عن النكر بالنية الصالة عمل صال يدخل النة ويباعد عن النار‪ ،‬وإنا دخل النار لنه‬
‫يفعل النكر ويترك العروف‪.‬‬
‫أو لنه يأمر وينهى على سبيل النفاق والداع والتغرير ل على سبيل الصدق والخلص والعمل الصال‪.‬‬
‫ولنسان الياب الفعال له منطق آخر‪.‬‬
‫تده مكن يلقي درسا عن قيام الليل وفصل قيام الليل ويرغّب الناس فيه‪ ،‬فإذا قالت له زوجته وهي تعرف أنه ل يقوم‬
‫الليل‪ ،‬أو قال له زميله الذي يعرف انه ل يقوم الليل‪:‬‬
‫يا فلن أتث الناس على قيام الليل وأنت منجعف على فراشك تتقلب‪ ،‬ما تاف ال ؟ ما تستحي ؟‬
‫حاول أن يقوم وبذل الهد‪ ،‬لكنه يقول ف نفسه أيضا ربا قام أحد هؤلء الناس الذين سعوا موعظت فدعا ال سبحانه‬
‫وتعال فكنت أنا شريكا ف الجر لنه قام بسبب‪ ،‬وربا أشركن بدعوة صالة‪ ،‬والدال على الي كفاعله‪.‬‬
‫وف حديث أب هريرة عند مسلم‪( :‬من دعا إل هدى كان له من الجر مثل أجور من تبعه)‬
‫وف حديث جرير أبن عبد ال البجلي‪( :‬من سن ف السلم سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل با)‬
‫فيأخذ المر من هذا النطلق‪.‬‬
‫أضرب لكم مثال يسيا‪ ،‬وإنا اخترته لكثرة تكرره‪:‬‬
‫رأيت الكثيين من الشباب‪ ،‬أئمة مساجد وأساتذة‪ ،‬ومدرسي ف حلقات‪ ،‬ومشرفي على نشاطات خيية‪ ،‬تد الواحد‬
‫منهم يتبم من عمله ويتضايق ويهم بالترك حت كأنه عصفور ف قفص‪ ،‬وقد التقيت بالكثيين منهم فأساله لاذا؟‬
‫فيقول عندي عيوب عندي أخطاء‪ ،‬أنا ما أستاهل‪ ،‬أنا‪..‬أنا‪..‬‬
‫وبعدما الغلغه واخرج ما ف نفسه أكتشف مثل أن هذا النسان مبتلى با يسمى بالعادة السرية‪.‬‬
‫طيب‪..‬هذا خطأ وينبغي أن تبذل جهدك للخلص منه‪.‬‬
‫ولو ل يكن من سيئاته إل ما أوجده ف قلبك من الضيق والتبم والسرة والشقاء والجل لكان كافيا‪.‬‬
‫ولكن هذا الذنب حت مع القول بتحريه وهو قول كثي من أهل العلم وإن ل يقولوا أنه من كبائر الذنوب بل هو من‬
‫صغائرها‪ .‬هذا الذنب هل يوجب ترك المامة وترك الطابة وترك الدعوة وترك التعليم وترك التوجيه؟‬
‫يا أخي ربا يغفر لك بسبب إنسان علمته أو دعوته أو وجهته أو ركعة ركعتها أو صلة صليتها بالسلمي‪.‬‬
‫وهذا ضرره قاصر على نفسك ل يتعدى إل غيك‪ ،‬لكن أعمال الي الت تقوم به أنت نفعها متعدي إل المة كلها‪.‬‬
‫فل يدعنك الشيطان‪ ،‬يرك من العمال الصالة بذه الجة الواهية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ث بعد ذلك ل أنت تركت العصية أو الذنب الذي أنت واقع فيه ول أنت قمت بذه العمال الصالة الت هي تقاوم‬
‫الث والسيئة‪ ،‬وال عز وجل يقول‪( :‬إن السنات يذهب السيئات)‪.‬‬
‫وف حديث النب (صلى ال عليه وسلم)‪( :‬وأتبع السيئة السنة تحها)‪.‬‬
‫إذا ل بد من النول للميدان‪ ،‬لبد من الشاركة ف العمال‪ ،‬لبد من التوكل على ال عز وجل‪ ،‬لبد من العلم الصحيح‬
‫الذي يضئ للنسان الطريق ويبي له ما يأخذ وما يدع‪ ،‬ولبد من أن يهتم النسان بأمر نفسه ودعوته‪ ،‬فيهتم بوضوع‬
‫القدوة ويهتم أيضا بوضوع الدعوة‪ ،‬فإذا أراد أن يقوم بعمل من العمال الصالة فإنه يرص على إتقانا وأدائها‪.‬‬
‫الاجز الثان أو الوهم الثان وهو الوف‪:‬‬
‫والوف أذل أعناق الرجال‪ ،‬وكما أسلفت أحيانا عندما يكون عند النسان خلل ف نفسيته يكون عنده خلل ف تصوره‬
‫للمور‪ ,‬وإدراكه للمور وتيله لا‪ ،‬فتجد أنه يطئ ف السابات ويضخم المور تضخيما مبالغا فيه‪.‬‬
‫فمثلا إنسان عنده وسواس‪ ،‬ولشك أن الوسواس نوع من اللل‪ ،‬تد هذا الوسوس ياف من الكفر‪ ،‬فيقول يا أخي أنا‬
‫قلت كذا هل يعتب هذا العمل كفر؟ تقول له ل‪.‬‬
‫بعد فترة يقول لك أنا جاء ف قلب كذا‪ ،‬هل تعد هذا من الكفر؟ تقول له ل‪.‬‬
‫وربا سألك ف اليوم الواحد عشرين سؤال كلها تدور حول هل يعد من الكفر؟ هل يعد من الكفر؟‬
‫طيب‪..‬أنت إنسان موصول القلب بال عز وجل‪ ،‬مقبل على ال تعال‪ ،‬مب ل ولدينه‪ ،‬حريص على تنب حت الشبهة‬
‫فضل عن الرام‪ ،‬فضل عن الكبائر‪ ،‬فضل عن الكفر‪ ،‬فكيف تول المر إل خوف ف قلبك؟‬
‫هذا بسبب أن عنده خلل ف نفسيته فصار عند خلل ف إدراك الشياء وتصورها وتيلها ومعرفتها‪.‬‬
‫فتجد أن النسان ياف‪ ،‬ياف من الطلق مثل‪ ،‬حت أن بعضهم مرد خاطر ف قلبه يأتيه الشيطان ويلقي عنده خاطر أنه‬
‫إذا ل تتجاوز هذه السيارة وتسبقها فزوجتك طالق‪ ،‬مرد خاطر‪.‬‬
‫فتجده يسرع بقوة حت يتجاوز هذه السيارة‪ ،‬فإذا وصل إل الشارة وضع الشيطان عند وهم أنه إذا ما رجعت من عند‬
‫هذه الشارة وأخذت الدورة مرة أخرى من عند الرصيف الخر فزوجتك طالق‪.‬‬
‫فتجد هذا السكي يركض كالجنون‍‪ ،‬تركض وراء ماذا؟ تبحث عن ماذا؟‬
‫مرد أوهام يلقيها الشيطان وأخيلة نتيجة خلل ف النفسية واضطراب وعدم وضع للمور ف مواضعها‪.‬‬
‫هذا نوذج قد يكون واضح‪ ،‬وربا البعض يضحك منه‪.‬‬
‫لكن خذ أمثلة مشابة قد ل تضحك منها بل ربا تقول أنا مبتلى با‪.‬‬
‫مثل الوف من رجال المن‪ ،‬الوف من أجهزة الخابرات وأجهزة الباحث‪.‬‬
‫تدها ترسم بصماتا أحيانا على بعض الناس فيخاف من كل شيء ويقرأ ف كل حركة وف كل لفتة وف كل نضرة‪.‬‬
‫ياف من الباحث ياف من الستخبارات‪ ،‬ياف من الدول‪ ،‬سواء ما يسمونا الدول العظمى أو غيها حت يقول‬
‫أحدهم وكان إنسانا أخطأ فهرب فيقول معبا عن هذا العن بالضبط يقول‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫لقد خفت حت لو تر حامة…‪.‬لقلت عدو أو طليعة معشر‬
‫فإن قيل خي قلت هذه خديعة…‪.‬وإن قيل شر قلت حق فشمر‬
‫يقول إذا جاءن واحد وقال أبدا اطمأن المور طيبة‪ ،‬قلت هذا مرسول ليخدعن‪ ،‬وإن جاءن أحد وقال أهرب الطلب‬
‫ف أثرك‪ ،‬قلت هذا صادق ث شرت وركضت‪ .‬هذا خوف‪.‬‬
‫والخر يقول‪:‬‬
‫حت صدى المسات غشاه الوهن…ل تنطقوا إن الدار له إذن‪.‬‬
‫والثالث يقول‪:‬‬
‫لو كنت أستطيع أن أقابل السلطان‬
‫قلت له يا حضرة السلطان‬
‫كلبك الفترسات دائما ورائي‬
‫كلبك الفترسات مزقت حذائي‬
‫ومبوك دائما ورائي‬
‫أنوفهم ورائي‪ ،‬عيونم ورائي‬
‫آذانم ورائي‬
‫كالقدر الحتوم كالقضاء‬
‫يستجوبون زوجت‬
‫ويكتبون عنهم أساء أصدقائي‪.‬‬
‫والرابع الذي يقول‪:‬‬
‫(هناك مب يدخله مع الشهيق‪ ،‬ويرج مع الزفي أو يرسل التقرير مع الزفي)‪.‬‬
‫طبعا هذا شاعر‪ ،‬ومن عادة الشاعر أنه يب البالغة بطبيعته‪ ،‬وليس بالضرورة أنه يعيش هذه الوهام‪ ،‬لكن هو يصور‬
‫حقيقة لكن بالغ ف تصويرها‪ ،‬ولكن هذه البالغة تتحول إل إحساس حقيقي عند بعض الرضى‪.‬‬
‫وبعض الصابي فتجد أنه ياف من كل شيء‪،‬ل يعمل شيء‪ ،‬تايله الوهام دائما وأبدا‪.‬‬
‫وبالعكس تد أحيانا دول أو مسؤولي ف دول أو شخصيات تده ياف من الناس ياف من شعبه‪.‬‬
‫يفسر كل حركة وكل خطوة وكل سكنة وكل ماولة وكل شيء بأنه ضده وأنه القصود فيه‪ ،‬فتجده يواجه هذا ويارب‬
‫هذا ويفرق الجتمع ويمع التفرق‪ ،‬ويقوم بركات تنبئ عن الوف‪.‬‬
‫هذا الوف هو ف كثي من الحيان عبارة عن وهم نفسي‪ ،‬وليس حقيقة واقعة‪ ،‬وبالتال قد يتصور أنه يستطيع أن يؤذ‬
‫الناس أو أن يبطش بم أو ينكل أو يكمم الفواه أو ما أشبه ذلك ولكن هيهات‪.‬‬
‫وهذا ما يسمى أحيانا بعقدة الؤامرة الت توجد لدى الفرد أو الماعة أو الدولة‪ ،‬شعورك بأن كل شيء مؤامرة ومطط‬
‫ضدك أو ضد هذه الدولة أو ضد السلم أو ضد جاعة بعينها مثل‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫نعم نن ندرك أن هناك مؤامرات‪ ،‬ويب أن نعرف الواقع‪ ،‬ونعرف حجم عدونا ونعرف كيف يفكر وكيف يعمل‪.‬‬
‫وحت ل نبالغ فنحن ف أحيان كثية نتكلم عن مؤامرات العداء ونشخصها‪.‬‬
‫وقبل أيام كان ل درس عن وسائل النصرين‪ ،‬وسأتدث عن هذا الوضوع أيضا مرات أخرى‪.‬‬
‫لكن فرق بي أن تدرك الواقع على طبيعته وبي أن تضخم هذا الواقع حت يتحول إل عقدة عندك تتصور كل شيء ورائه‬
‫مؤامرة‪ ،‬حت لو كان شيء ف صالك تيلت أن ورائه مؤامرة وبذلك توقفت عنه‪.‬‬
‫مثل إنسان يقدم له طعاما طيبا فيقول وال مكن أن هذا الطعام فيه شيء فيه حاجة‪ ،‬إذا ل داعي‪ ،‬فيتركه خوفا أن يكون‬
‫ورائه شيء‪ ،‬فيحرم نفسه من خي أتيح له‪.‬‬
‫وينبغي أن تدرك أن العدو والعداء‪ ،‬وأن أجهزة الخابرات العالية مثل الخابرات المريكية أو الوساد السرائيلية أو‬
‫الخابرات الروسية‪ ،‬أو أي جهاز مابرات ف العال‪.‬‬
‫بل حت الدول نفسها تعتمد على ما يسمى بالرب النفسية‪ ،‬حرب التخويف والتضليل وإلقاء الرهبة ف نفوس الشعوب‪.‬‬
‫حت تد أن الواحد ينهزم قبل أن يوض العركة لنه يشعر أنه ضعيف وأنه ل يلك شيء ف حي أنه يواجه عدوا مدججا‬
‫يلك كل شيء‪.‬‬
‫ولعلكم تعرفون على سبيل الثال أفلم الرعب الت تعرض الن ف التلفاز أو ف الفيديو وأكثر من يشاهدها الطفال‪.‬‬
‫مسلسلت للرعب كيف تغرس ف نفوس الطفال؟‬
‫تغرس ف نفوسهم الخاوف‪ ،‬وتغرس ف نفوسهم الرعب حت إن إحدى الستشفيات استقبلت ف أسبوع أكثر من أربعي‬
‫حالة لبعض الطفال بسبب فيلم أو مسلسل عرض ف التلفاز‪.‬‬
‫أيضا تعرف كتب الاسوسية باللف‪ ،‬الكتب الت تتكلم عن التجسس والاسوسية‪ ،‬وأعمال الاسوسية وغيه‪ ،‬بعضها‬
‫حقائق وبعضها غي صحيح ولكن ربا بعض الوكالت تقوم بنفسها بالتأليف عن نفسها من أجل أن تضخم حقيقتها ف‬
‫نفوس الشعوب‪ ،‬لن الوف أحيانا يريهم من أشياء كثية‪.‬‬
‫مرد الوف منعك من العمل ومنعك من الشاركة ومنعك من القدام فلم يتاجوا بعد ذلك إل شيء آخر‪ ،‬وهم‬
‫يعتمدون على التهويل والبالغة‪ ،‬بل يقومون أحيانا بتسريب بعض العلومات والخبار غي الصحيحة من أجل الرب‬
‫النفسية‪.‬‬
‫وأوضح مثال اليهود‪:‬‬
‫الن هناك عشرات الكتب تتكلم عن اليهود‪ ،‬اليهود القوة الفية ف العال‪.‬‬
‫اليهود الذين يلكون القتصاد ويلكون العلم ويلكون أمريكا ويلكون روسيا‪.‬‬
‫واليهود الذين يلكون التصنيع‪،.‬حت تصور البعض أن اليهود وراء كل شيء ووراء كل عمل وأن أمريكا دمية بيد اليهود‪،‬‬
‫وأن روسيا كذلك‪ ،‬وأن العال كله‪.‬‬
‫وبناء عليه فليس هناك داعي أن نواجه اليهود‪ ،‬ول أمل ف النتصار عليهم‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫طيب‪ ..‬لاذا ل تفترض أن هذه الصورة الوهية اليالية البالغ فيها أن اليهود هم الذين سعوا إل رسها لنفسهم ف نفسي‬
‫ونفسك حت نبقى خائفي‪ ،‬ول شك أن الوف بداية الزية‪.‬‬
‫خاصة إذا تصورنا أن اليهود عندهم خطط ف الرب النفسية ناجحة ف مال العلم‪ ،‬نعم ف مال الرب النفسية‬
‫والخابرات لديهم خطط‪ ،‬فل غرابة أن يططوا لثل هذا‪ ،‬لكن تصور أن اليهود يتحكمون ف كل شيء هذا وهم‪.‬‬
‫والمر كما قال أحد الكتاب‪:‬‬
‫(قال اليهود ل يصنعون الحداث‪ ،‬ولكنهم يستغلونا)‪.‬‬
‫وهم أعجز من أن يديروا كل شيء ويعملوا كل شيء‪ ،‬لكن عندهم قدرة على استثمار الحداث بقدر المكان‬
‫لصالهم‪ ،‬وهذا ل ينكر‪ ،‬واليهود لديهم قوة ولديهم قدرة ولديهم تغلغل‪.‬‬
‫مثل ف أمريكا وف روسيا وف عدد من البلد‪ ،‬وأعطاهم ال سبحانه وتعال بعض التمكي‪ ،‬لكن مع ذلك أقول أن‬
‫الصورة الت ترسم ف أذهاننا هي ف كثي من الحيان صورة خيالية ومبالغ فيها عن حقيقة القوة اليهودية‪.‬‬
‫مثل ذلك أيضا قصص التعذيب‪:‬‬
‫كثي من شباب الدعوة أول ما يبدأ ف القراءة يقرأ مثل كتاب‪:‬‬
‫البوابة السوداء‪ ،‬ف الزنزانة‪ ،‬لاذا أعدم سيد قطب وإخوانه ؟‪ ،‬ف غياهب السجون‪.‬‬
‫وعشرات الكتب الت تتكلم عن سجون عبد الناصر‬
‫وألوان التعذيب‪ ،‬أو السجون الن ف تونس أو ف الزائر أو ف أي بلد آخر‪.‬‬
‫فالشاب الذي هو ف أول حياته ل ينضج بعد‪ ،‬ول يزال غضا طريا نشأ على هذه العان وهذه الفاهيم فتولد عنده رعب‬
‫وخوف‪ ،‬ونشأ ف نوع من الذل ونوع من الزية ونوع من الضعف‪.‬‬
‫فأصبح مثل الشجرة الت نشأت ف الظل ليس فيها قوة واخضرار وناء‪ ،‬تد فيها صفرة وفيها ضعف ول تقاوم العواصف‬
‫خاصة إذا كان هذا ف أول عمره وترب عليه وأكثر من قراءته ففي الغالب أن هذا يدث عنده أثرا سلبيا‪.‬‬
‫إذا لبد من تطيم هذه الخاوف وهذه اليبة والديث بصورة معتدلة عن كل هذه المور‪.‬‬
‫فمثل لاذا ل نتحدث الن عن سقوط أمريكا؟‬
‫وقد ظهرت الن كتب ودراسات وتقيقات علمية عن بداية السقوط لمريكا‪ ،‬ليس بأقلم علماء ومشايخ وكتاب‬
‫مسلمي‪ ،‬ل‪ ..‬بل بأقلم أمريكان‪.‬‬
‫ومن آخر هذه الكتب وأخطرها وأكثرها شهرة كتاب أسه "صعود القوى العظمى وانطاطها"‪ ،‬يتكلم عن ما جرى‬
‫للتاد السوفيت ويقول إن السنة ماضية وأن أمريكا تسي على الثر‪.‬‬
‫ث رصد عدد من الظواهر الجتماعية والقتصادية والسياسية والعسكرية الت تأكد أن أمريكا سوف تتفتت وتنهار بطريقة‬
‫أو بأخرى كما انار التاد السوفيت‪.‬‬
‫فلماذا ل نتكلم عن هذا العن حت نزيل الرهبة الوجودة ف نفوس البعض‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫والذين يتصورون أن أمريكا تستطيع أن تفعل كل شيء‪ ،‬وأنا تيمن عل كل ما يقع ف هذا الكون حت تولت إل شبح‬
‫ليس ف نفوس البسطاء والسذج فقط‪ ،‬بل ف نفوس الساسة أحيانا وف نفوس الفكرين وف نفوس الصحفيي والعلميي‪.‬‬
‫ولعلكم تسمعون وتقرءون كيف يتكلمون عن هذه القوة الت يقدسونا ويسبحون بمدها أحيانا ويضفون عليها من‬
‫أوصاف اللل والقوة والقدرة واليمنة شيء ل عهد للتاريخ بثله‪.‬‬
‫لاذا ل نطم هذه اليبة بالكلم عن سقوط أمريكا هذا السقوط الوشيك خس سنوات عشر سنوات المر يسي‪.‬‬
‫لاذا ل نتكلم مثل عن سقوط اليهود سواء من خلل الحداث الواقعية أو من خلل النصوص الشرعية؟‪.‬‬
‫لاذا ل نتكلم عن ضعف البشر وأن جيع أجهزة البشر وإمكانيات البشر مهما بلغت من قوة ومن دقة فهي ضعيفة‪ ،‬ولو‬
‫أردت أن أحدثكم ف هذا الوضوع لفعلت ولكن ليس هذا موضوع حديثي‪.‬‬
‫الهم أن نثبت أن البشر ضعاف ومهازيل ويفوتم الكثي وتنطلي عليهم أمور كثية جدا‪ ،‬وهم ل يدركون إل القليل‪،‬‬
‫وحت هذا القليل الذي يدركونه قد ل يدركونه تاما وعلى حقيقته بل يدركون شيئا منه‪:‬‬
‫(يعلمون ظاهرا من الياة الدنيا)‪.‬‬
‫وقارا وقد خلقكم أطوارا)‪.‬‬ ‫وبالقابل ل بد من تعظيم ال عز وجل‪( :‬ما لكم ل ترجون ل‬
‫اليان بوعد ال تعال ولقائه واليوم الخر الذي تعد الدنيا كلها وما فيها بالنسبة له كقطرة ف بر‪.‬‬
‫اليان تعظيم رسل ال عز وجل ومبتهم واليان با جاءوا به‪.‬‬
‫إدراك أو تصور وتذكر الوت الذي يهون عليك كل شيء وهو السبيل إل الدار الخرة‪.‬‬
‫اليان بقضاء ال وقدره‪ ،‬كل هذه العان إذا ترب عليها النسان وأدركها بنفسه إدراكا صحيحا اعتدلت عنده المور‬
‫وأصبح يدرك المور على حقيقتها بل مبالغة‪.‬‬
‫من ألوان الوف وهو من أنواع اليل النفسية‪ ،‬الوف من الفشل‪:‬‬
‫فتجد النسان ل يقوم بأب عمل لاذا؟‬
‫قال أخاف أفشل‪.‬‬
‫لاذا مثل ل تدرس؟‬
‫قال أخشى من الرسوب‪.‬‬
‫طيب أقترح عليك لو تقوم تلقي كلمة‪.‬‬
‫قال وال أخاف أخطئ ف اللغة أو آت بكلمة مضحكة فيسخر الناس من ث بعد ذلك ل أقوم أبدا ول تقوم ل قائمة‪.‬‬
‫طيب‪..‬لاذا ل تفتح مؤسسة تارية تستفيد منها وينتفع من ورائها السلمون؟‬
‫قال وال أخاف من السارة‪.‬‬
‫إذا هذا الوف إذا لحق النسان سيمنعه من أي عمل‪.‬‬
‫وبناء عليه يب أن تدرك أن أي عمل ف الدنيا يتطلب قدرا من التضحية وقدرا من الغامرة‪.‬‬
‫فالعمل التجاري مثل‪ ،‬خاصة إذا كان عمل مدروسا قد يفشل فعل‪ ،‬لكن كم نسبة فشله؟‬

‫‪13‬‬
‫إذا كان مدروسا فقد تكون نسبة الفشل عشرة بالائة‪ ،‬وهذه نسبة ل يلتفت إليها‪ ،‬ث لو حصل الفشل‪ ،‬تصور ما النتيجة؟‬
‫ربا تسر عشرة آلف ريال‪ ،‬خسة عشر ألف ريال‪ ،‬عشرين ألف ريال فقط وتستطيع أن تسددها‪ ،‬ليس الفشل معناه‬
‫أنك خسرت الدنيا والخرة مثل‪.‬‬
‫ولذلك تفكر بقدر إمكانياتك‪ ،‬ل تفكر تفكيا خياليا‪.‬‬
‫طيب‪ ..‬الكلمة الت نطالبك أن تتكلم با أمام الناس أو تلقي موعظة‪ ،‬تقول يكن أخطئ‪.‬‬
‫إذا أخطأت كان ماذا؟ سأستحي وأخجل‪.‬‬
‫مكن وصحيح‪ ،‬لكن هذا الجل ستنساه خلل يوم أو يومي‪ ،‬وتتنع عن الكلمة أسبوع‪ ،‬وف السبوع الثان ربا تكرر‬
‫الحاولة ول تعود إل الفشل بأذن ال تعال‪.‬‬
‫ومع ذلك نن نقول ينبغي أن تتاط وتضبط الكلم وتعده إعدادا جيدا وحت تطمئن إن شاء ال أنك لن تطئ‪ ،‬وإن‬
‫كان خطأ فهو خطأ يسي مكن أن يتمل‪ ،‬مثل أن يكون خطأ ف اللغة فقط‪.‬‬
‫طيّب‪ ..‬حت لو تصورت السباحة مثل‪ ،‬كم واحد ل ييد السباحة؟‬
‫لاذا؟‪ ..‬عملية بسيطة ل تتاج إل جهود ول إل تعب‪ ،‬اليوانات تسبح تلقائيا إذا وضعت ف الاء‪.‬‬
‫لكن تد النسان لنه تعلم الوف‪ ،‬فتجده ياف ول يسبح أحيانا‪ ،‬لاذا؟‬
‫لنه عنده عقدة الوف‪ ،‬أخاف من الغرق‪.‬‬
‫وبذه العقدة توقفه عن أي عمل إياب ومثمر‪.‬‬
‫إذا لبد أن تعمل أعمال الي‪ ،‬بل حت أعمال الدنيا الطلوبة منك باجتهادك‪ ،‬ولئن تعمل باجتهاد ويتبي لك ف ما بعد‬
‫أن هذا الجتهاد مرجوح خي من أن تقعد‪.‬‬
‫يعن الذي يعمل ويطئ أحب إلينا من الذي ل يعمل أصل‪.‬‬
‫فكونك تأمر بالعروف ث اكتشفت القيقة أنك الرة هذه أغلظت ف المر بالعروف‪ ،‬أنت أحب إلينا من إنسان ل يأمر‪،‬‬
‫خاصة إذا كان الغلظ بقدر معقول‪ ،‬لاذا ؟‬
‫لنك استفدت درسا من الغلظ هذه الرة‪ ،‬فالرة الثانية إن شاء ال سوف تأمر بالعروف وتنهى عن النكر بالسن‬
‫والكمة والكلمة الطيبة ولن تغلظ إل أحد بقول أو فعل‪.‬‬
‫لكن ذلك النسان الذي ل يأمر بعروف ول ينهى عن منكر هو قد قصر ف أصل الواجب‪.‬‬
‫وأنت مطالب بأن تعمل وتصحح وتواصل‪ ،‬ل تقف عند الطأ‪ ،‬صحح الطأ وواصل‪.‬‬
‫ولو تأملت القرآن والديث لوجدت أن ترك العمل خوف الفشل من سات النافقي‪ ،‬وإياك أن تكون منهم‪.‬‬
‫(الذين قالوا لخوانم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا)‪.‬‬
‫خضنا معركة وقتل منا من قتل‪ ،‬فجاء واحد وقال‪:‬‬
‫قتلوا هؤلء‪ ،‬يا أخي نزفت دماء‪.‬‬
‫هؤلء لو أطاعونا وجلسوا ف بيوتم ما قتلوا‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫(قل فأدروا عن أنفسكم الوت)‪.‬‬
‫من ل يت بالسيف مات بغيه‪ ،‬قتل هؤلء ف معركة شهداء ف سبيل ال‪.‬‬
‫طيّب‪ ..‬كم يوت ويقتل ف سبيل الطاغوت ؟‬
‫كم يقتل ف سبيل الدنيا ؟‬
‫كم يقتل من مهرب الخدرات ؟‬
‫كم يقتل من اللصوص‪ ،‬كم يقتل‪ ..‬وكم يقتل ؟‬
‫أعداد غفية من الناس‪.‬‬
‫طيّب‪..‬كم يوت بالرض ؟‬
‫كم يوت بالوع والعطش والعري والبد والر ؟‬
‫أعداد غفية من الناس‪ ،‬فلماذا تستكثر أن يوت ف سبيل السلم بضعة أشخاص أو مئات أو ألوف‪ ،‬ول تستكثر أن‬
‫يوتوا ف سبيل الدنيا‪ ،‬الوت أمر طبيعي‪ ،‬ومن ل يت بالسيف مات بغيه‪.‬‬
‫(لو كان لنا من المر شيء ما قتلنا ها هنا)‪.‬‬
‫يقولون نن ما كان رأينا الروج ف العركة‪ ،‬كان رأينا نلس ف الدينة‪.‬‬
‫فلو كان الرسول (عليه السلم) استشارنا ما قتلنا ها هنا‪.‬‬
‫( قل لو كنتم ف بيوتكم لبز الذين كتب عليهم القتل إل مضاجعهم)‪.‬‬
‫إذا الؤمن بالقضاء والقدر ما يأت دائما وأبدا لو‪ ..‬لو‪.‬‬
‫ولذلك النب عليه الصلة والسلم قال ف نفس حديث أب هريرة الذي سقته أول‪:‬‬
‫(ول تعجز) لحظ قرن بي هذا وهذا قال ول تعجز فنهاك ني عن العجز‪ ،‬من أسباب العجز الوف من الفشل‪ ،‬أن‬
‫تقول ل أفعل أخاف‪ ،‬ولذا قال‪:‬‬
‫(وإن أصابك شيء فل تقل لو أن فعلت كذا لكان كذا‪ ،‬ولكن قل قدّر ال وما شاء فعل‪ ،‬فإن لو تفتح حل‬
‫الشيطان)‪.‬‬
‫من ألوان وصور الوف أيضا الوف من النقد والتبم به‪:‬‬
‫فالكثيون من الناس يتلكون حساسية مفرطة شديدة‪ ،‬ل يب أن يسمع كلمة نقد‪ ،‬وإذا انتقد يس بأنه اختل توازنه‪،‬‬
‫ويتمن أن تنفتح الرض لتبتلعه خجل‪.‬‬
‫أو أحيانا تد بعض الناس يستكب عن النقد ويتعجرف عن أن يسمع‪ ،‬مع أن الواقع أن النسان إذا قام بعمل فهو عرضة‬
‫للنقد‪ ،‬ولذا قالوا‪:‬‬
‫(من ألف فقد أستهدف)‪.‬‬
‫يعن لا تكتب كتاب وتقدمه للناس فسيقرئه مئات أو ألوف‪.‬‬
‫هذا أعجبه الكتاب وهذا ما أعجبه‪ ،‬وهذا أعجبه لكن له ملحظات‪ ،‬وهذا‪ ..‬وهذا‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫هذا شيء طبيعي‪ ،‬وحينما تلقي درسا أو ماضرة أو كلمة‪.‬‬
‫سيقول هذا زاد وهذا نقص وهذا أخطأ وهذا لن وهذا أفرط وهذا فرط‪..‬إل أخره‪.‬‬
‫وهذا طبيعي‪ ،‬فأنت حينما تقوم بأي عمل‪ ،‬ضع باعتبارك أنك عرضة للنقد‪ ،‬حت العمال الدنيوية‪.‬‬
‫تارة مثل‪ ..‬سيقول لك واحد وال يا فلن لو كانت البقالة ف الكان الفلن كان أفضل‪.‬‬
‫وآخر يقول لك العامل الذي وضعته غي مناسب وغي مأمون‪ ،‬وهذا أخلقه سيئة وشرسة مع الناس‪..‬وثالث‪..‬ورابع‪.‬‬
‫إذا أنت عرضة للنقد ينبغي أن يكون لديك استعداد للعمل واستعداد لسماع النقد واستعداد للتصحيح أيضا‪.‬‬
‫لاذا؟‪ ..‬لن الناقد يشترط كما يقول بعضهم‪.‬‬
‫بعن أن الناقد يشترط الكمال ف ما قلت أو ف ما فعلت ولذا يطالبك بالزيد من الشروط السليمة‪.‬‬
‫ولذا قال الشاعر حت عن خصومة‪:‬‬
‫عدات لم فضل علي ومنة… فل أبعد الرحن عن العادي‬
‫همُ بثوا عن زلت فاجتبتها… وهم نافسون فاكتسبت العال‬
‫ما رأيك ف إناء يشترك ف غسله أيد كثية من أيدي الصدقاء والعداء‪ ،‬لبد أن يتنظف هذا الناء ولو بعد حي‪.‬‬
‫من ألوان الوف‪ ،‬الوف على لكاسب‪:‬‬
‫هذا موظف مثل كسب ف وظيفته مستوى معينا أو رتبة معينة‪ ،‬فتجده ل ياول أن ينتقل مثل إل إدارة أخرى…لاذا؟‬
‫لنه ياف على بعض الكاسب الت حصلت له ف إدارته‪.‬‬
‫يقول مثل أنا أقمت علقات جيدة مع الرؤساء‪ ،‬فربا لو انتقلت إل إدارة أخرى قد ل يصل هذا‪.‬‬
‫هذا قد يقع‪ ،‬لكن أحيانا تد أن هذا الوف قد يول بينك وبي وظيفة أفضل‪.‬‬
‫كذلك التاجر‪ ،‬لو تقترح عليه النتقال إل عمل تاري أمثل وافضل‪ ،‬خاف‪.‬‬
‫حت بائع السامي ف السوق‪ ،‬لو تأتيه وتقول‪:‬‬
‫يا فلن أنت تتاجر ف السامي‪ ،‬والناس الن بنت الدور والقصور وملكت وكذا‪ ،‬لاذا ؟‬
‫أنت رجل وعندك عقل وتفكي‪.‬‬
‫فيتصور هذا النسان أنه لو ترك بيع هذه الشياء البسيطة أنه سوف يوت هو وأولده جوعا‪..‬لاذا ؟‬
‫لنه حصل كسبا بسيطا فهو ياف على هذا الكسب أن يضيع‪.‬‬
‫ومثله داعية قام بعمل طيب ولكن هذا المل مدود‪ ،‬مثل أقام مكتبة ونشط ف هذه الكتبة وهدى ال على يديه أفراد ف‬
‫الي‪ ،‬فتقول له يا فلن‪:‬‬
‫أنت لست حقك أن يهدي ال على يديك خسة أو عشرة‪ ،‬أنت حقك أن تاطب بلدا بأكمل أو أمة بأكملها‪.‬‬
‫قال يا أخي نعم لكن هؤلء العشرة أخاف عليهم أن يضيعوا وليس لم أحد غيي‪.‬‬
‫فالوف على هذا الكسب تسبب بأن يفوت على نفسه خيا أكب واعظم‪.‬‬
‫قد يكون هذا هو قدره‪ ،‬قد يكون هؤلء الفراد هم الجم الناسب لمكانياته‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫لكن أحيانا قد تد إنسان يلك مواهب أكب وأوسع وأكثر وقدرات وإمكانيات قد أهدرها وضيعها‪..‬لاذا؟‬
‫لنه أرتبط بذا الواقع وهذا الوضع فصار يشى على هذا الكسب‪ ،‬وهو مكسب حقيقي‪ ،‬ولكنه مدود ويكن أن يقوم‬
‫به إنسان آخر أقل منه مواهب‪ ،‬فخسرنا بذلك وخسر هو أمور أكب‪.‬‬
‫لاذا ؟ لنه دائما يد يدا قصية‪ ،‬وهو يامي دون هذه الكاسب وياف عليها‪.‬‬
‫ولذلك كلما قيل له تعال هنا‪ ،‬تعال إل هذا اليدان‬
‫قال ل أخاف على فوات بعض ما كسبت‪.‬‬
‫إذا لبد من كب المة وعلوها وحسن الظن بال تعال‪ ،‬والعوام يقولون ف أمثلتهم‪:‬‬
‫(قل خيا يقوله ال عز وجل)‪.‬‬
‫ونن ل نقول هكذا‪ ،‬ولكن نقول كما قال ال عز وجل ف الديث القدسي وهو صحيح‪:‬‬
‫(أنا عند ظن عبدي ب‪ ،‬فليظن ب ما شاء)‪.‬‬
‫فظن بال خيا‪ ،‬وأعتقد إن شاء ال أن ال يفتح لك أبواب الي‪ ،‬مت ما كبت هتك واتسع نطاق تفكيك‪ ،‬وانتقل إن‬
‫شاء ال من مكسب إل مكسب ومن نصر إل نصر أكب منه‪ ،‬ول تقف عند حد معي وتقول هذا يكفي‪.‬‬
‫من اليل النفسية تطلب الكمال مع عدم السعي ف تصيله‪:‬‬
‫تد النسان أحيانا يفترض هدفا عظيما وكبيا جدا ل يستطيعه ول يسعى إليه وإنا يتحسر ف نفسه ويدع العمل‪.‬‬
‫وخذ هذه بعض المثلة‪:‬‬
‫مثل يفترض السلم اليوم وجود دولة إسلمية نظيفة ناضجة كاملة على الكتاب والسنة‪.‬‬
‫يأمر فيها بالعروف وينهى فيها عن النكر وتقام الدود وينع الرب‪.‬‬
‫ول يوجد فيها منكرا ول معصية ويدعى فيها إل السنة‪ ،‬يعن يفترض دولة إسلمية كاملة مائة بالائة‪.‬‬
‫ث ينظر إل واقع العال كله اليوم فيجد أن هذا المر بعيد النال‪ ،‬فحي إذ يصبح عنده نوع من الستحسار وترك العمل‪.‬‬
‫مثال آخر إنسان بدأ ف طلب العلم فتبز إل ذهنه أحيانا‪:‬‬
‫صورة عال أو فقيه أو مفت ل يسأل عن مسألة إل أجاب فيها بالدليل والتعليل والتفصيل‪.‬‬
‫وأحيان يبز إل ذهنه ذاك الديب الشاعر اللغوي التكلم‪.‬‬
‫وأحيانا تبز إل ذهنه ذلك الطيب الفوه الذي يهز أعواد النابر‪.،‬‬
‫فتجد هذا النسان مشتت‪ ،‬يتصور أنه يكون كل هؤلء‪ ،‬عال وفقه وخطيب ومفت وداعية وشاعر‪.‬‬
‫فيتصور أن هذا المر بعيد النال فيستحسر ويدع طلب العلم‪.‬‬
‫لاذا ؟ لن هذه الصورة الت رسها صورة مثالية كمالية‪ ،‬هي خيالية قد ل تكون واقعة أصل أو مكنة‪.‬‬
‫إنسان ثالث يتصور أنه مطالب بتربية الشعوب كلها على السلم قبل أن يتحقق للسلم نصر‪.‬‬
‫فيقول مت نرب الشعوب كلها‪ ،‬الواحد منا يلس سنوات يرب شخص على السلم أو أشخاص‪ ،‬وقد ل يتم له ما أراد‪،‬‬
‫فكيف ترب شعوبا بأكملها‪ ،‬إذا هذا أمر مال فيستحسر ويدع العمل‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫وينسى أنه ليس بالضرورة أن تكون تربية الشعوب كلها أن يربون على النهج الكامل أصول وفروعا واعتقادا وعمل‬
‫وعبادة ف جيع الوانب‪..‬ل‪ .‬هذه سنة ال أن البشر فيهم وفيهم‪.‬‬
‫والرسول عليه الصلة والسلم كما تعلم مثل لا جاء إل صلح الديبية كان معه ألف وأربعمائة رجل‪.‬‬
‫وف فتح مكة زاد العدد فلم يكلم أحد بعد الصلح إل أسلم‪..‬‬
‫وبعده ف حني خرج النب (صلى ال عليه وسلم) بعشرة آلف‪ ،‬عشرة آلف هؤلء خلل فترة مدودة جدا هي أقل من‬
‫سنتي‪ ،‬بطبيعة الال ما تلقوا من التربية قدرا كبيا‪ ،‬ولذا لا مروا بقوم على شجرة قالوا ‪:‬‬
‫(يا رسول ال أجعل لنا ذات أنواط كما لم ذات أنواط)‪.‬‬
‫فقال عليه الصلة والسلم‪:‬‬
‫(إنا السنن‪ ،‬قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لوسى أجعل لنا إله كما لم آلة)‪.‬‬
‫ث صلى بم عليه الصلة والسلم على أثر ساء كانت من الليل‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫( هل تدرون ماذا قال ربكم ؟)‬
‫قالوا ال ورسوله أعلم‪،‬‬
‫قال‪( :‬أصبح من عبادي مؤمن ب وكافر‪ ،‬فأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر إل آخر الديث)‬
‫الهم تربية عامة وتربية جاعية جاهيية على قدر معقول من الدين‪ ،‬وقدر معي ول يلزم أن يكونوا كلهم ف الدرجة العليا‬
‫من الفهم والوعي والعلم والدراك‪ ،‬بل قد علم كل أناس مشربم‪ ،‬وكل إنسان له سقف وله مستوى يكفي أن يصل إليه‪.‬‬
‫مثله أيضا لا يتكلم النسان‪ ،‬يلقي درسا أو ماضرة يفترض ف نفسه جاهي غفية تضر له‪ ،‬فإذا جاء للمسجد وقد تعب‬
‫وأعد وجد أن الضور صف أو صفي أصيب بإحباط ونكسه‪ ،‬ث تصور أن هذا العمل خطأ‪.‬‬
‫طيّب‪ ..‬لاذا تفترض كمال العمل منذ البداية‪ ،‬لاذا ل تعود الناس القوة والودة ف العداد والتجديد والبذل‪ ،‬وسيتكاثر‬
‫حولك الناس حت ينتفعوا بك ويستفيدوا من علمك‪.‬‬
‫ومثله تاما أو قريبا منه قضية ترك العمل بجة عدم صلح النية‪.‬‬
‫فتجد لواحد يترك العمال يقول أخاف من الرياء‪.‬‬
‫طيّب‪ ..‬ليس الل هو ترك العمل‪ ،‬بل أستمر ف العمل وجاهد نفسك على ترك الرياء‪.‬‬
‫صحح النية وادع ال تعال وقل كما علم الرسول(صلى ال عليه وسلم) أبا بكر‪:‬‬
‫(اللهم إن أعوذ بك أن أشرك بك شيئا وأنا أعلمه‪ ،‬وأستغفرك لا أعلمه)‪.‬‬
‫واستمر على العمل ول يكون هذا سببا ف ترك العمل بسبب فساد النية‪.‬‬
‫إذا وجود هدف معقول من أسباب حسن العمل‪.‬‬
‫فأنت مثل تنشر العلم وليس بشرط لكي تدرس أن تكون عالا فحل يشار إليك بالبنان‪ ،‬ولكن لو كان عندك معرفة بت‬
‫من التون فمن المكن أن تدرسه للناس بقدر طاقتك‪.‬‬
‫تفيظ القرآن‪ ،‬ل يشترط لكي تلس لتحفيظ القرآن أن تكون حافظا للقران بالقراءات السبع وعلومها‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫بل لو كان عندك القدرة على الفظ بيث تفظ وتفظ طلبك ف آن واحد ول يوجد غيك أفضل منك فل بأس بذا‪.‬‬
‫وهكذا الطابة ليس شرطا أن تكون (سحبان وائل) مثل‪ ،‬أو خطيبا يهز أعواد النابر ويرك عواطف الماهي من أول‬
‫وهلة‪ ،‬الهم أن عندك قدرة على أدن حد معقول من الطابة لتستفيد من هذا وتتدرب وتترقى ف مراقي ومعارج الكمال‬
‫شيئا فشيئا‪.‬‬
‫ولبد أن تدرك أن المور نسبية‪،‬‬
‫وأننا نن الن ف زمن الغربة‪ ،‬وهذا آخر الزمان‪،‬‬
‫وأنت الن لست ف القرون الفاضلة الت ذكرها النب (صلى ال عليه وسلم) وقد كثرت الفت وكثرت الشهوات وكثرت‬
‫الغريات وكثرت الصوارف لك أنت ولغيك من الناس عن الي‪ ،‬فينبغي أن تضع ذلك كله ف اعتبارك‪.‬‬
‫إذا فلبد من اليان والقبول بالكاسب الزئية والطالبة با هو أكب منها كما سبق‪.‬‬
‫مثل ليست المور كلها مائة بالائة أو صفر‪ ،‬أنك تطلب دائما وأبدا طفرات‪ ،‬أو تفسر الكاسب تفسيا غي دقيق بناء‬
‫على أنه القصود منها الجاملة أو لحتوى أو التخطيط أو غي ذلك‪.‬‬
‫واضرب لك مثال يوضح لك ما قصدت‪:‬‬
‫أنت تطلب الكمال‪ ،‬وجدت مثل ف أسواقنا ف كل مكان أن السواق متلئة بأماكن الياطة النسائية‪ ،‬والياطون رجال‪،‬‬
‫وهذه الصورة ف الواقع صورة شاذة لن رجل تقف أمامه امرأة لدة نصف ساعة أو ساعة أو ساعتي أحيانا ويرى بعض‬
‫مفاتنها وتتحدث معه وقد تضحك معه وقد تتصل عليه بالاتف وقد تادثه إل آخره‪.‬‬
‫هذه الصورة صورة شاذة‪ ،‬ولكنها أصبحت مألوفة ف الجتمع لنا موجودة‪.‬‬
‫فبعد فترة ند أنه وجد ف الجتمع أماكن خياطة نسائية للنساء‪ ،‬يعن أن الياطات نساء‪ ،‬ووجدت أن كثيا من الناس‬
‫يقول لك يا أخي إن أماكن الياطة النسائية هذه غي مرية أو أنا مشبوهة‪.‬‬
‫وأنا لست أزكيها ول أدري عنها شيئا‪ ،‬لكنن أقول على كل حال هي أفضل إجال من أماكن الياطة الرجالية لن‬
‫الصل أن الرأة تتعامل مع امرأة مثلها‪ ،‬وينبغي أن تضبط ويافظ عليها وتراقب بالوسائل المكنة‪.‬‬
‫لكن ل ينبغي أن تارب لننا نقول أنه يتسن للمرأة أن تتصل با وتفسدها أكثر ما يتسن للرجل‪ ،‬لن الصل أن تتعامل‬
‫الرأة مع الرأة‪.‬‬
‫مثل الضيفات‪ ،‬وأعرف أن الضيفات ف الطوط هنا قد ألزمن بالجاب‪.‬‬
‫ومثله أيضا المرضات ف بعض الستشفيات‪ ،‬هذا مكسب‪ ،‬هو مكسب جزئي لشك وليس هو كل ما ننادي به أو كل‬
‫ما نطالب به‪ ،‬لكن أنت أحسب أنه واحد باللف أو عشرة آلف ما هو مطلوب‪ ،‬وما ينبغي أن نسعى إل تصيله‪.‬‬
‫فأنت تنظر إليه حينئذ على أنه مكسب طيب تفرح به وتطلب الزيد‪ ،‬فل تتوقف لنه حصل لك ما تريد‪ ،‬هذا شيء ما‬
‫تريد‪ ،‬وهو ليس جديدا أصل لن هذا هو الصل‪ ،‬وكان يفترض أن ل يوجد الطأ أصل بيث تتاج إل تصليح‪ ،‬فكان‬
‫يفترض أن ل يوجد ف الجتمع أصل إل الحجبات وإل التدينات وإل التسترات اليات البعيدان عن أي نوع من ألوان‬
‫التبج‪ .‬لكن إذ وجد هذا النكر فالسعي ف إزالته واجب‪،‬‬

‫‪19‬‬
‫والفرح بزوال النكر أو بعضه أيضا هو أمر فطري ل يلك النسان حياله إل أن يفرح‪.‬‬
‫مثله أيضا قضية البنوك السلمية‪ ،‬الصل أن ل يوجد ف أي متمع مسلم بنك إل إسلمي وفق الشريعة‪ ،‬وهذا مكن‬
‫وليس مستحيل أبدا‪ ،‬وتضخيم هذا المر وتويله هو من اليل النفسية‪ ،‬فمن المكن أن تكون كل بنوكنا إسلمية‪ ،‬وكل‬
‫معاملتنا إسلمية‪ ،‬ليس بشرط بي يوم وليلة بل نعطي فرصة لترتيب هذا المر‪.‬‬
‫القصود أنه لا تفتح الجالت لقامة بنوك إسلمية‪ ،‬هذا مكسب جزئي أفرح به باعتبار أنه خطوة ل باعتبار أنه الطلب‬
‫النهائي‪ .‬فوجود بنك إسلمي يعل من يريد اللل يده فل يتجه إل البنك الربوي إل من أصروا عليه‪.‬‬
‫كما أن هذه البنوك السلمية بإذن ال تعال مع الوقت سوف تقاوم وتنافس البنوك الربوية خاصة مع ازدياد الوعي الدين‬
‫لدى الناس والرص على اللل وتنب الرام‪ ،‬ث أنا مع الوقت سوف تثبت إذا نحت وهي ستنجح بإذن ال إذا وجد‬
‫الغيورون ورائها‪ ،‬سوف تثبت أن وجود اقتصاد إسلمي نظيف أمرا مكنا ول حجة لحد ف تركه‪.‬‬
‫إذا من المكن أن أقبل بالكاسب الزئية وأطالب بالزيد‪ ،‬وليس شرطا أن ل أقبل إل الشيء الكامل مائة ف الائة‪.‬‬
‫أتصور كما قلت دولة إسلمية كاملة‪ ،‬أو أتصور مثل علما غزيرا أو شعوبا تربت بأكملها على السلم أو غي ذلك‪.‬‬
‫من صور تطلب الكمال مع عدم السعي ف تصيله أنك تد النسان ينتقص الخرين أحيانا أو يعكر على جهودهم‪.‬‬
‫مثل قيام دعوة إسلمية وانتشار الشريط السلمي‪ ،‬هذه ظاهرة إيابية بكل القاييس ول شك ف هذا‪ ،‬ظاهرة إيابية‪.‬‬
‫ولكن من المكن أن تكون هذه الظاهرة عليها سلبيات كثية تتاج إل علج‪ ،‬فتجد هذا النسان يأت ليقول لك مثل‪:‬‬
‫وال هذه الشرطة ف الواقع طيبة ولكن يغلب عليها أنا أشرطة طابعها سياسي‪ ،‬ودائما تتكلم ف موضوعات سياسية‪،‬‬
‫وف أحوال السلمي وغي ذلك مثل‪.‬‬
‫وأنا قد أتدث عن نفسي شخصيا ف هذا الانب وإن ل يكن هذا الوضوع‪.‬‬
‫ولكن الدفاع عن النفس على كل حال مشروع‪ ،‬من حق النسان أن يدافع عن نفسه‪ ،‬فأنا أقول مثل حي تقول أنت‬
‫هذا الكلم لاذا تغفل أكثر من مائة وثلثي درسا ف شرح بلوغ الرام؟‬
‫لاذا تغفل أكثر من ثلثائة درس بل ضعف هذا العدد ف شرح البخاري ومسلم؟‬
‫لاذا تغفل أشرطة تصل إل مائة ف الدعوة والتربية والصلح؟‬
‫وبالملة فإن الشرطة الت تعال موضوعات سياسية ل تتجاوز عشرة بالائه‪ ،‬لكن من طبيعة الناس أنم يتابعونا‪،‬‬
‫ويسمعونا ويهتمون با‪ ،‬فيتصورون أن فلنا ل يقول إل هذا‪ ،‬ول يعرفونه إل من خلل هذا الشريط‪.‬‬
‫على كل حال دعك من هذا المر‪ ،‬لنفترض ونسلم أن هذا نقص موجود عندي أو عند زيد أو عبيد من الناس‪.‬‬
‫طيّب‪ ..‬إنسان فتح له مال خي أو بورك له ف شيء ونفع ال به ف هذا الانب‪ ،‬لاذا أنت ل تكمل الانب الخر؟‬
‫لاذا تفترض الكمال وأن فلنا إن تكلم فينبغي أن يتكلم ف كل شيء؟‬
‫مكن يكون إنسان فقيه ول يسن التفسي‪.‬‬
‫وآخر مفسر ول يسن ف الديث‪.‬‬
‫وثالث مدث ول يستطيع الطابة‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫ورابع خطيب ولكن ليس عنده علم‪.‬‬
‫وخامس يستطيع أن يقرر أمور العقيدة ولكن ل يستطيع أن يقرر أمور الحكام‪.‬‬
‫وهذا من عمر الدنيا وهو موجود وقائم‪ ،‬فإذا وجد نقص عند فلن أو علن من الناس وهو موجود بطبيعة الال‪.‬‬
‫فلماذا أنت ل تكمل هذا النقص الوجود عندهم ؟‬
‫وتعتب أنك أنت والثان والثالث مموعكم يكن أن يشكل منهجا صحيحا للناس‪.‬‬
‫أما تصور أن فلنا بذاته وبا يطرحه هو منهج متكامل‪ ،‬هذا مطالبة با ل يطاق ول يكن‪.‬‬
‫مثال آخر من انتقاص الخرين‪:‬‬
‫تتحدث عن السلمي مثل ف يوغسلفيا أو السلمي ف روسيا وضرورة دعمهم‪ ،‬يأتيك إنسان فيقول لك‪:‬‬
‫يا أخي هؤلء عندهم معاصي ويشربون المور وبعضهم ل يصلي والنساء متبجات…إل آخره‪.‬‬
‫طبعا هذا المر جزء منه كبي موجود بسبب أن هذه البلد ظلت زماننا طويل تت تسلط الشيوعية‪ ،‬وتت تسلط الكفر‬
‫وحيل بينهم وبي السلمي فل تعليم ول دعوة ول إصلح‪.‬‬
‫ومن الطبيعي أن إنسان يعيش ف مثل هذه الجاهل أن تكون هذه النتيجة‪.‬‬
‫لكن لديهم من الرغبة ف العلم شيء كبي حت أن بعض الخوة الذين ذهبوا إليهم يقولون‪:‬‬
‫إذا رأونا جلسوا بي يدينا ل يعرفون لغتنا ول يلكون إل البكاء والدموع‪ ،‬واستعدادهم للتعلم عجيب‪ ،‬وليس لديهم أي‬
‫لون من ألوان التعصب وال تعال أعلم‪.‬‬
‫فلديهم استعداد للتعلم‪ ،‬فلماذا بدل من أن تكون القضية قضية تنقص لؤلء وأن فيهم وفيهم‪.‬‬
‫بدل من هذه اليلة النفسية الت نقنع با أنفسنا أن ل نعمل ول نساعد‪.‬‬
‫لاذا ل نقوم نن بدعمهم‪ ،‬ومن دعمهم تعليمهم دين ال عز وجل‪،‬‬
‫وأمرهم بالعروف بالسن ونيهم عن النكر بالسن‪،‬‬
‫والتسلل إل قلوبم ومساعدتم ماديا وإنسانيا‪،‬‬
‫وإغاثتهم ومساعدتم أيضا بالسلح والوقوف إل صفهم بالنفس والال حت نستطيع أن نرجهم من منتهم وأن نعلهم‬
‫مسلمي أقوياء صالي‪.‬‬
‫إذا حيلة نفسية أنك تنتقص هذا النسان أو تنتقص هذا الهد أو تنتقص هذا الطريق أو تنتقص هذا النهج لتبر لنفسك‬
‫ترك العمل‪ ،‬بشكل عام ل نعذرك أبدا أن تنظر للجانب السلب وتترك الان الياب‪.‬‬
‫مثل أضرب لك مثال بسيطا‪ ،‬مثال بعيد عن الوضوع لكن من أجل أن تدرك‪:‬‬
‫إنسان خرج من صلة الفجر‪ ،‬فلما خرج مر فوجد شخصا آخر قد خرج لتوه من صلة الفجر وهو يقلم أشجار الديقة‬
‫أو الشجار الحيطة ف النـزل‪ ،‬فقال هذا النسان‪:‬‬
‫فلن مسكي ما وجد شيئا يشغل به وقته إل أن يقلم الشجار‪ ،‬لاذا ل يذهب ليقرأ قرآن ف السجد؟‬
‫جيل قرأة القرآن أفضل من تقليم الشجار ل شك ف هذا‪ ،‬لكن أيضا تقليم الشجار عندنا أفضل من النوم وأنت ذاهب‬
‫إل أين؟ إل الفراش‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫فلماذا تنتقد إنسان‪ ،‬ل بأس أن توجهه لكن أيضا ينبغي أن توجه نفسك وتنتبه إل أنك أنت ذاهب إل عمل أقل قدرا‬
‫حت من تقليم الشجار الذي تنتقد به صاحبك‪.‬‬
‫طبيعي الوضوع طويل‪ ،‬ولعلي أمر عليه مرور الكرام إن استطعت‪.‬‬
‫من اليل النفسية القناعة الزائفة‪:‬‬
‫شعور النسان أحيانا بأنه كامل‪ ،‬أو أن هذا العمل الذي يقوم به عمل كامل وأنه ل مزيد عليه بال من الحوال‪..‬‬
‫وأن كل المكانيات الوجودة لديه قد صرفها ف سبيل العلم أو الدعوة أو الهاد أو المر أو النهي‪ ،‬ولذا ل يطلب ول‬
‫يسعى إل الكمال‪.‬‬
‫وعلى سبيل الثال ومن أوضح المثلة أحوال الدول والماعات‪ ،‬تد هذه الدولة أو تلك ترى أنا قد بلغت الكمال ف‬
‫اقتصادها وسياستها وإعلمها وجيشها وأمنها وغي ذلك‪ ،‬ولذا ل تقوم بأي لون من ألوان الصلح‪ ،‬لاذا ؟‬
‫لنا ترى الكمال وأن الصلح يعن وجود نقص سابق‪.‬‬
‫وبذلك يتبي لك خيانة العلم الرسي الضلل ف كثي من الحيان الذي ل يذكر إل الصورة اليابية‪ ،‬ويتجاهل‬
‫السلبيات وهو بذلك يالف أول النهج الشرعي القائم على النقد والنصيحة‪ ،‬وف حديث أب رقية ف مسلم‪:‬‬
‫(الدين النصيحة)‪.‬‬
‫وهو أيضا مالف للمنهج الغرب مع السف الذي يقلده العرب والسلمون اليوم‪ ،‬فإن النهج الغرب قائم على النقد وحرية‬
‫النقد للفراد والدول والحزاب والؤسسات‪.‬‬
‫وبكل حال فإن العلم ل يصلح إل ف جو من الرية الشرعية الت تعله يقوم بدوره ليس فقط الثناء على الكاسب‬
‫والبالغة ف ذلك‪ ،‬بل ف نقد الواقع وتصحيحه وحث الناس وحفز المم إل التغيي نو الفضل‪ ،‬وينبغي أن ندرك ذلك‬
‫جيدا ونعيه‪.‬‬
‫ومن قبل كان عمر رضي ال عنه كان يقول‪:‬‬
‫(أشكو إل ال عجز التقي وجور الفاجر)‪.‬‬
‫لحظ التقي الن يشعر بأنه وصل إل درجة معينة فل يطلب الزيد‪ ،‬أما الفاجر فتجده يطالب‪.‬‬
‫الداعية يتحرك على استحياء‪ ،‬يتسلل ويأت كما يقال من أبواب الدم‪ ،‬والفروض أن السلم يدخل من أبواب اللوك ل‬
‫من أبواب السوقة‪.‬‬
‫أما الصم العدو للسلم الحارب تده يصيح دائما وأبدا وينادي بالويل والثبور مع أنه هو النتصر ‪ ،‬ويتبجح وهو‬
‫الغالب‪.‬‬
‫مثل الرأة ف التلفاز‪ ،‬أول ما ظهرت الرأة ف التلفاز كان ما يظهر إل اليد فقط أثناء عملية إعداد الطبخ‪،‬‬
‫ث ظهر جزء من البدن‪ ،‬ث ظهرت مجبة ث ظهر الوجه‪ ،‬ث ظهر الشعر‪ ،‬ث بدأ الثوب ينحسر حت أصبحت ترى الرأة ف‬
‫التلفاز يظهر منها إل ما فوق نصف الفخذ أحيانا وبأبى زينة‪ ،‬بل يصل أحيانا ما هو أكثر من ذلك‪.‬‬
‫فهذا التدرج تد أن بعض الفاسقي يطالب أن العلم ل يزال مافظا‪ ،‬وأنه ينبغي ترير العلم‪ ،‬وينبغي وينبغي…‬

‫‪22‬‬
‫لكن الخيار حي يطالب الواحد منهم بتصحيح وضع‪ ،‬أو يرسل ملحظة على برنامج يرسل على استحياء‪, ،‬إذا حصل‬
‫أدن استجابة تد يشعر بأنه حصل كل ما يريد وتقق كل شيء‪.‬‬
‫الداعية‪ ،‬إذا كان الداعية وخاصة ف مال الدعوة‪ ،‬مع السف قد يكون الداعية أحيانا مندوب الدعوة أو مدير لركز من‬
‫مراكز الدعوة‪ ،‬فتجد أنه ل يأخذ صلحياته ول يقوم بأعماله‪.‬‬
‫وإنا يد يدا قصية ويرى أنه قد قام بكل شيء وانه ل مزيد على ما قام به‪.‬‬
‫لكن تد أن أندية رياضية فضل عن مثل الراكز الصيفية كما هو حاصل الن مثل‪ ،‬تد أندية رياضية أو جهات ليس لا‬
‫علقة بالدعوة‪ ،‬تد أنه تنشط ف مال الدروس والاضرات وتطم بعض الواجز وبعض الوانع وبعض السدود وتارس‬
‫عملها بقوة وجرأة وشجاعة يفقدها مع السف حت بعض النتسبي إل مؤسسات دينية رسية‪.‬‬
‫أحيانا يشعر النسان داعية أو موظف متدين أو غي ذلك‪ ،‬يشعر بالتهمة الت تقال عنه‪ ،‬ويتقبل هذه التهمة فتجد أنه يدافع‬
‫عن نفسه ويتحرك على ضوئها ولذا ل يقوم بالعمال قياما صحيحا بل يقنع قناعة زائفة بأدن ناح يتحقق له‪.‬‬
‫من اليل النفسية تميل الخرين السؤولية‪:‬‬
‫أنت بريء والسؤولون هم الخرون‪.‬‬
‫وأحيانا السؤول الشيطان فتجد النسان يلقي باللئمة على الشيطان‪.‬‬
‫وأحيانا النسان يتج بالقدر‪.‬‬
‫وأحيانا بالعدو كالستعمار أو الصهيونية أو الغرب أو غي لك‪.‬‬
‫وأحيانا الكام‪ ،‬الكام هم السؤولون عن كل شيء ف نظر البعض‪.‬‬
‫وأحينا العلماء إذا صلحوا صلح الناس‪.‬‬
‫وأحيانا وهذا من الضحكات الناس‪ ،‬من هم الناس؟ أنا وأنت‪.‬‬
‫تد كثي من الدباء يؤلف كتب ويعل فصول ف هجاء الناس‪ ،‬ما لقي الناس من الناس‪ ،‬والناس كذا والناس كذا‪.‬‬
‫من الناس ؟ أنا وأنت والؤلف من الناس أيضا‪ ،‬فهو إن يهجو الناس يهجو نفسه‪.‬‬
‫ونن نقول الشيطان موجود وله دور‪.‬‬
‫والقدر حق ول شك فيه‪.‬‬
‫والعدو يطط‪.‬‬
‫والكام عليهم مسؤولية كبية أكب من غيهم‪.‬‬
‫والعلماء كذلك‪.‬‬
‫لكن ل يعن هذا أبدا أنك أنت بذاتك وشخصك وعينك ونفسك أنك خارج إطار السؤولية‪.‬‬
‫بعضهم يقول‪ ،‬كل الشاكل الت نعانيها الن هي من صنع اليل السابق وسوف يقوم بلها اليل اللحق‪.‬‬
‫إذا نن خارج الدائرة‪ ،‬ل صنعنا الشاكل ول شاركنا ف حلها‪ ،‬هذا ل يوز بال‪.‬‬
‫بعض الخوة من تميلهم السؤولية للخرين تد أنم ينتظرون الفاجئات‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫إما مفاجئات ربانية خوارق أو معجزات أو آيات‪ ،‬وتد البعض ينتظرون الهدي أو عيسى‪.‬‬
‫ونن نؤمن بالهدي أنه يأت ف آخر الزمان‪ ،‬ونؤمن بعيسى أنه ينل ف آخر الزمان‪ ،‬وهذا فيه نصوص صرية‪.‬‬
‫ولكن ما أمرنا شرعا أن ننتظر الهدي ول عيسى عليه السلم ول غيه ول حت الجدد الذي يبعثه ال على رأس كل مائة‬
‫سنة‪ .‬ما امرنا بالنتظار‪ ،‬امرنا بأن نعمل ما نستطيع ول نمل السؤولية الخرين‪ ،‬ول ننتظر أحد‪.‬‬
‫كذلك بعضهم ينتظرون مفاجئات يصنعها الخرون‪:‬‬
‫مثل واحد ينتظر مفاجأة يصنعها الكفار‪ ،‬أن الكفار مثل سوف يعلنون حربا ضروسا على السلمي‪ ،‬حربا صليبية تستثي‬
‫هم السلمي العاديي وتدفعهم إل القوة وإل الشاركة‪.‬‬
‫هذا ليس بلزم بل ينبغي أن نقوم نن بالعمل ول ننتظر عدونا‪.‬‬
‫من تميل الخرين السؤولية التلوم‪ ،‬والتلوم مبناه سوء الظن بالناس‪ ،‬فأنت تسيء الظن بالناس فتلومهم‪ ،‬فالقائد مثل‬
‫يلوم القود ويقول‪:‬‬
‫ولو أن قومي أنطقتن رماحهم…نطقت ولكن الرماح أجرت‬
‫وكما يقول بعضهم يقول‪:‬‬
‫(الناس حزمة خوص) يعن لو كربتها بالبل تشتت وتفرقت‪.‬‬
‫إذا ل أهتم بالناس ول أكترث لم‪ ،‬وكذلك قد يقول القائل كما قال الول‪:‬‬
‫أضاعون وأي فت أضاعوا…‪..‬ليوم كريهة وسداد ثغر‬
‫أما جهور الناس القودين فيقول قائلهم‪:‬‬
‫تاه الدليل فل تعجب إذا تاهوا… أو ضيع الركب أشباح وأشباه‬
‫تاه الدليل فل تعجب إذا انرفوا… عن السراط للت الشرك عزاه‬
‫تاه الدليل فل تعجب إذا تركوا… قصد السبيل وحاذوا عن سجاياه‬
‫فهذا يلوم هذا وهذا يلوم هذا‪ ،‬والواقع أنه ف غياب القائد ول لو يوجد قائد فيجب أن نكون كلنا قواد‪.‬‬
‫وف معركة مؤته لا قتل القواد الذي حددهم رسول ال (صلى ال عليه وسلم) وكاد السلمون أن يقتلوا‪.‬‬
‫قام رجل متسب وهو ثابت أبن أقرم العجلن‪ ،‬حل الراية وقال أيها السلمون إل إل‪ ،‬مبادرة شجاعة حت تمع الناس‬
‫وقال اختاروا من بينكم قالوا أنت‪ ،‬قال لست لا بأهل‪ ،‬اختاروا‪ ،‬فاختاروا خالد فسلمه الراية‪.‬‬
‫تد البعض يقول لك‪ ،‬يا أخي الناس اليوم ليس عندهم استعداد للتضحيات‪ ،‬الناس ل يفعلون شيء‪ ،‬الناس ل يقدرون‬
‫الهود‪.‬‬
‫يا أخي الن الكفار يفعلون الكثي‪.‬‬
‫والكفار يقدرون الهود‪.‬‬
‫والكفار مستعدون أن يضحوا من أجل دينهم الباطل‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫كما رأيت الصرب الن‪ ،‬وكما رأيت الروس كيف قاوموا النقلب الشيوعي الفاشل‪ ،‬وكما رأيت أمم الكفر كلها‬
‫قامت وواجهت القوة بأجساد عارية وبسواعد ل تلك شيئا ومع ذلك حققوا انتصار‪.‬‬
‫فهل تظن أن السلمي وهم حسب الحصائيات الرسية ألف مليون عاجزون عن أن يدافعوا عن دينهم؟‬
‫بل وال قادرون‪ ،‬لكن لو أفلح الدعاة بتحريك مشاعرهم وماطبتهم ودعوتم إل اليدان وإقناعهم بضرورة الشاركة‬
‫بكل صورها وألوانا‪.‬‬
‫من ألوان تميل الخرين السؤولية اعتقادك أن الساحة ملئ وأنه ما عدا فيه مال‪ ،‬المد ل الي كثي‪ ،‬والصوات كثية‬
‫والعلماء وطلب العلم كثيون وأنه مالك مال أبدا‪ ،‬وهذا خطأ‪ ،‬فال عز وجل يقول‪:‬‬
‫(فقاتل ف سبيل ال ل تكلف إل نفسك)‪.‬‬
‫وأنت إذا اعتذرت عن أعمال الي الن بجة أن الساحة ملئ‪ ،‬فأخشى أن تعتذر يوم القيامة عن دخول النة‪.‬‬
‫كما ف الديث الصحيح‪:‬‬
‫(أن ال عز وجل قال لرجل اذهب فأدخل النة‪ ،‬فذهب فلما اقترب منها وجد أنا مل‪ ،‬ظن أنا مل أو خيل إليه‪،‬‬
‫فقال يا رب وجدتا مل‪ ،‬فقال ال تعال له اذهب فإن لك الدنيا وعشرة أمثال الدنيا)‬
‫وهذا من آخر من يدخل النة‪ ،‬فربا تتأخر منلتك ف النة بسبب تأخرك عن العمل الصال الن بجة أن الساحة مل‬
‫وأن الخيار كثيون‪.‬‬
‫أما الشرع فهو ف هذا واضح‪ ،‬ما أعطاك الشرع حجة وما ترك لك مال للعتذار بأن هناك كفاية ف عدد الدعاة أو‬
‫المرين بالعروف أو الناهي عن النكر أو الصلحي أو الجاهدين أو الباذلي ف سبيل ال أو أي لون من ألوان الي‪.‬‬
‫مثل يقول ربنا جل وعل‪:‬‬
‫(وهو الذي جعلكم خلئف الرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم)‪.‬‬
‫كلكم بشر‪ ،‬كلكم خلئف الرض‪ ،‬كلكم مبتلون با أعطاكم ال تعال‪ ،‬علم‪ ،‬جاه‪ ،‬مال‪ ،‬شجاعة‪ ،‬رئاسة‪ ،‬إدارة‪ ،‬خط‪،‬‬
‫رسم‪ ،‬خطابة‪ ،‬بلغة‪ ،‬منلة‪ ،‬أي لون من ألوان الواهب والعطايا فهي بلوى ابتليت با‪.‬‬
‫يقول ال تعال‪:‬‬
‫(وكل إنسان ألزمناه طائره ف عنقه ونرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا)‬
‫(إن كل من ف السماوات والرض إل آت الرحن عبدا‪،‬لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا)‪.‬‬
‫ويقول النب (صلى ال عليه وسلم)‪:‬‬
‫(كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)‪ .‬وهو ف الصحيحي‪.‬‬
‫وف الديث الخر وهو عند الترمذي وغيه وهو صحيح‪:‬‬
‫(لن تزول قدم عبد (أي عبد) يوم القيامة حت يسأل عن أربع‪ ،‬عن عمره وعن شبابه وعن مالك وعن علمه ماذا‬
‫عمل به)‪.‬‬
‫كذلك قول ال تعال‪( :‬ل يكلف ال نفسا إل وسعها)‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫بعض الخوة يفرح ( ل يكلف ال نفسا إل وسعها)‪ ،‬طّيب…‪ .‬يا أخي هذه حجة عليك‪ ،‬لاذا أنت تفهم من الية‬
‫العفاء ول تفهم من لية السؤولية ؟‬
‫ال تعال كلفك وسعك‪ ،‬ول يكلفك ما هو فوق وسعك‪.‬‬
‫فالبعض إذا أحتج عن ترك العمل قال (ل يكلف ال نفسا إل وسعها)‪.‬‬
‫طيّب‪ ..‬هذا دليل على أن ال قد كلفك وسعك وطاقتك‪ ،‬فنحتج عليك به على أنك مسؤول قبل أن تتج به أنت على‬
‫أنك غي مسؤول وأنك غي مكلف‪.‬‬
‫ومثله أن بعض الخوة مثل يقول يا أخي ورع أن أترك العمل‪ ،‬فيون أن الورع ف ترك الشيء‪ ،‬ول يذكرون أن الورع‬
‫أحيانا ف فعل الشيء‪ ،‬نعم من الورع ترك الكروه‪ ،‬وترك الذي يشتبه بالكروه‪ ،‬أو يشتبه بأنه حرام‪ ،‬هذا كله من الورع‪.‬‬
‫لكن أيضا ألست تعرف أن من الورع أن تفعل ما يشتبه أن يكون واجبا أو يشتبه أن يكون مستحبا عليك‪ ،‬فالشبيه‬
‫بالستحب أو الشبيه بالواجب من الورع أن تفعله‪ ،‬لكن تدنا دائما نب ترك العمل‪.‬‬
‫ولذا فالورع الذي فيه ترك من نتركه‪ ،‬لكن الورع الذي فيه فعل نتأخر عن فعله لننا دائما وأبدا نتأخر إل الوراء‪ ،‬ل‬
‫نرغب ف أن نقوم بعمل وهذا هو العجز كما ذكرته قبل قليل‪.‬‬
‫تدنا نقرأ هذه الية‪:‬‬
‫(ل يكلف ال نفسا إل وسعها)‪.‬‬
‫وننسى أن معن الية أن ال تعال قد كلفنا تكليفا شرعيا أن نعمل بكل وسعنا‪.‬‬
‫بقي ف موضوع اليل النفسية‪.‬‬
‫موضوع التسويف‬
‫موضوع اليأس‬
‫موضوع تعظيم المر أو توينه‪.‬‬
‫وأتركها لن الوقت ضاق‪ ،‬وأسأل ال تعلى أن يعل ما قلته سببا إل أن نقوم جيعا با أو جب ال تعال علينا من القوال‬
‫والفعال وأن ناهد ف سبيل ال تعال كما أمر ال‪.‬‬
‫أسأل ال تعال ل ولكم التوفيق لصال القول والعمل‪.‬‬
‫(ت بمد ال وتوفيقه)‬
‫………………………………………………………‪.‬‬
‫أخي البيب – رعاك ال‬
‫ل نقصد من نشر هذه الادة القراءة فقط أو حفظها ف جهاز الاسب‪،‬‬
‫بل نآمل منك تفاعل أكثر من خلل‪:‬‬
‫‪ -‬إبلغنا عن الطأ الملئي أو الجائي كي يتم التعديل‪.‬‬
‫‪ -‬نشر هذه الادة ف مواقع أخرى على الشبكة‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ -‬مراجعتها ومن ث طباعتها وتغليفها بطريقة جذابة كهدية للحباب والصحاب‪.‬‬
‫‪ -‬ف حال إمكان ذلك الستاذان من الشيخ لتبن طباعتها ككتيب يكون صدقة جارية لك‪.‬‬
‫أخي البيب ل ترمنا من دعوة صالة ف ظهر الغيب‪.‬‬
‫من خلل اقتراحاتك وتوجيهاتك لخيك يكن أن تساهم ف هذا العمل الليل‪.‬‬
‫اللهم اجعل هذا العمل خالصا لوجهك الكري‪.‬‬
‫للتواصل مع أخوكم البوراق ‪anaheho@maktoob.com /‬‬

‫‪27‬‬

You might also like