Professional Documents
Culture Documents
أحمد إلياس حسين - دور فقهاء الإباضية في إسلام مملكة مالي
أحمد إلياس حسين - دور فقهاء الإباضية في إسلام مملكة مالي
تمهيد:
السلم عليكم ورحة ال وبركاته
يسرن أن أعرض عليكم هذا البحث القيم للدكتور أحد الياس حسي كلية الداب ،جامعة الرطوم والذي تناول من خلله
دور من الدوار التاريية والدعوية الت قام با السادة علماء الباضية الجلء ف سبيل نشر هذا الدين العظيم ومبادئه السمحة
الداعية إل اللق الميد والثل العليا ،ول يسعن أل الشادة بالدكتور أحد الياس حسي على هذه الناهة الطيبة ف عرضه
للمواضيع التعلقة بالذهب الباضي ف الكثي من الجالت خاصتا التاريية منها .والت بي فيها الؤلف بكل موضوعية تأثي
الذهب الباضي وأصحابه ف الواقع الندلسي وانتشاره ف أصقاع العمورة.
فارع العميري (سبلة الدين) الشبكة العماني
.
مقدمــة:
تهتم هذه الدراسة بتاريخ مملكة مالي في الفترة السابقة لظهورها كإمبراطورية في القرن الثالث عشر
الميلدي وذلك عن طريق الربط بين الروايات المحلية ــ التي جمعها الباحثون المهتمون بدراسات غرب
أفريقيا ،،عن ملوك مالي وبين ما ورد في المصادر العربية وبخاصة المصادر الباضية بهدف محاولة
التوصل تحديد تاريخ قيام تلك المملكة وطرح بعض الفرضيات حول اتصالت الباضية المبكرة بها
ودورهم في إسلم ملوكها .
ل تزال المعلومات حول المراحل المبكرة لقيام مملكة مالي قاصرة على إعطاء فكرة واضحة لتاريخ تلك
الفترة ،والمصادر الساسية التي اعتمد عليها الباحثون في تاريخ مالي المبكر قبل عصر المبراطورية
14
بح ــث
دور فقهاء الباضية
هي بعض المعلومات التي استخلصوها من التراث المحلي المتداول بين مجموعات المالنكي مؤسس
المملكة .
وقد اتفق أغلب المؤرخين على تتبع أطوار ظهور مملكة مالي على مرحلتين :
أولهما مرحلة الزعامات الشمالية ،وتذكر الروايات المحلية أن هناك أسرتين توليتا الحكم في تلك الفترة
هما أسرة التراورا ( )Traoraوأسرة كوناتي ( )Conateأو كامارا (.)Kamara
والمرحلة الثانية ،هي التي نمت فيها مالي في الجنوب حتى أصبحت إمبراطورية قوية تحت أسرة كيتا
.
ويؤرخ لبداية هذه الفترة بنهاية القرن الحادي عشر أو منتصف القرن الثاني عشر الميلدي ،وهو التاريخ
نفسه ،الذي يحدد به نهاية فترة زعامات المرحلة الولى في الشمال ،وتحديد تاريخ ظهور زعامات
الشمال غير واضح ولكن ل يرجع إليه في الغالب قبل القرن العشر الميلدي (.)1
وهذه الراء تعطي تواريخاً متأخرة لتطور زعامات المالنك في الشمال وفي الجنوب ،لن مجمل هذه
الراء ل يرجع إلى ما قبل منتصف القرن العشر الميلدي بصورة قاطعة بل ينحصر بين القرنين العاشر
والثاني عشر الميلديين ،وليس هناك تركيز على المرحلة السابقة لذلك وهي الفترة التي قطعت مالي
شوطًا بعيدًا من التطور قبل القرن الحادي عشر الميلدي بل تطورت بعض الزعامات إلى ممالك
وساهمت بدورها في تاريخ غرب أفريقيا إلى جانب شقيقاتها غانة وكوكو وكانم .
إن تطور ممالك غرب إفريقيا ارتبط ارتباطاً وثيقًا ينمو العلقات مع شمال إفريقيا غبر الصحراء ،وقد
ارتبط تطور العلقات بالتجارة وكان لذلك النشاط التجاري الكبير دوره في توطيد أركان مملكة السوننك
في مرحلتها الولى في أودغست ثم في مرحلتها الثانية بعد انتقالها جنوبًا إلى كومبي صالح في منتصف
القرن الثامن الميلدي (.)2
ورغم إننا نفتقد المعلومات عن تجمعات المالنك في الفترة التي ظهرت فيها مملكة السوننك ( غانة) إل أن
الوضاع العمة في المنطقة يمكن أن تلقي بعض الضوء على تلك الحقبة ،فقد توصل السوننك ( الفرع
الشمالي لمتكلمي لغة الماندي) إلى تطوير أساليب حياتهم القتصادية والسياسية فظهرت مملكتهم غامة في
النصف الخير من اللف الول الميلدي ،وانتظمت علقاتهم التجارية معبر الصحراء شمالً فاتصلوا
بحوض البحر المتوسط .
وكانت علقات السوننك بالجنوب قوية من أجل التجارة ،لن أغلب السلع التي اعتمدت عليها تجارتهم
تتواجد على أرضي المالنك في الجنوب بما في ذلك السلعة الرئيسية وهي الذهب ،وقد أثبتت أعمال
التنقيب الثاري أن المناطق الواقعة بين أعالي السنغال والنيجر كانت مرتبطة بتجارة الصحراء منذ بداية
اللف الميلدي الول ( ، )3وكان السوننك دائمي التحرك جنوبًا لعوامل الجفاف التي بدأت تظهر في
14
بح ــث
دور فقهاء الباضية
الجزء الغربي من الصحراء الكبرى وللضغط الذي تعرضوا له من القبائل البدوية بعد ظهور الجمل في
الصحراء نحو نهاية النصف الول من اللف الول للميلد (.)4
كل ذلك يوضح ارتباط منطقة أعالي نهري السنغال والنيجر ــ حيث عاش المالنك ــ ارتباطاً وثيقًا
بحضارات السوننك ووصول المؤثرات الحضارية من حوض البحر المتوسط .وقد هيأت تلك الوضاع
المناخ الملئم لتطور مجتمعات المالنك ،ومن المحتمل أن تنظيماتهم السياسية قد بدأت في التطور منذو
منتصف اللف الول للميلد حتى تتمكن تلك التجمعات من تنظيم تجارة الذهب .
ول شك أن مجتمعات المالنك قد استفادت كثيراً في بناء تنظيماتها من الهجرات التي وصلت إلى إقليمهم
والتي لم تقتصر على العناصر السوننكية فقط ،بل وصلت أيضًا بعض العناصر اليهودية التي ساهمت
مجموعة منها في قيام مملكة غانة في الشمال .وتدل إشارات المؤلفات العربية إلى قدم تلك الهجرات
لدرجة ذوبانها في المجتمعات المالنكية (.)5
وعندما انتقلت مملكة غانة إلى الجنوب في منتصف القرن الثامن الميلدي ازداد اتصال المالنك مع غانة
خاصة وان القرن الثامن الميلدي شهد بداية الزدهار الكبير لتجارة الصحراء بعد قيام وتطوير المراكز
التجارية في شمالي الصحراء مثل أودغست وسلجماسة ومراكز وادي السوس ودرعة وأغمات .
بدأت تجارة المغرب العربي تنتظم مع غرب إفريقيا ( ، )6وقد اتجه أغلب ذلك النشاط التجاري نحو إقليم
المالنك للحصول على الذهب ،والنتيجة الطبيعية لهذا الحتكاك والتطور القتصادي هي نضوج النظمة
السياسية بما يتلئم والوضاع الجديدة .
وينعكس تطور النظمة السياسية لدى المالنك وارتباطه بالحركة التجارية في الروايات المحلية ؛ لقد ورد
في تلك الروايات أن لتال كالبي ( )Latal Kalabiمن سللة بلل مؤذن الرسول صلى ال عليه وسلم
كان له إبنان اختار أحدهما للحكم فتولى العرش بينما اختار الخر طريق الثروة واشتغل بالتجارة ،
فأصبح البن الثاني أبا لطائفتي الوائجا والدبول اللتين اشتهرتا بالتجارة( ، )7ويؤكد ذلك أن قيام ممالك
المالنك قد عاصر الفترة التي ازدهرت فيها التجارة على القل في النصف الخير من القرن الثامن
الميلدي .
غير إن قيام مملكة غانة القوية على حدود المالنك الشمالية لم يتح لتلك الممالك الفرصة للنمو والتوسع
وربما خضعت مناطق المالنك في الشمال لسيطرة غانة .
فقد ذكر اليعقوبي في القرن التاسع الميلدي بأنه تحت طاعة ملك غانة ،طاعة ملك غانة " ,عدة ملوك "
( )8كما وضح ابن وصيف شاه في القرن العاشر الميلدي أثناء حديثه عن غانة بأنه " تحت يد ملكها عدة
ملوك " (.)9
14
بح ــث
دور فقهاء الباضية
وإذا افترضنا أن المناطق الشمالية كانت تابعة لنفوذ مملكة غانة فإن مملكة مالي في القرن التاسع الميلدي
كانت قد توسعت في المناطق الجنوبية ،وأشرفت على مصادر الذهب وأصبحت من الممالك الشهيرة في
غرب إفريقيا ،فوضع اليعقوبي " ،مملكة ملل " إلى جانب تلك الممالك الكبرى كغانة وغيرها (.)10
وبالرغم من أن لفظ ملل قد أطلقه العرب أساسًا على متكلمي لغة الماندي في أعالي نهري السنغال
والنيجر ( )11فإن ذلك ل يمنع أن تكون هي نفس المملكة التي توسعت فيما بعد وأصبحت إمبراطورية
منذ القرن الثالث عشر الميلدي .
فمملكة ملل التي أشارت إليها المصادر العربية بين القرنين التاسع والثالث عشر الميلدي كان موقعها في
أقصى جنوب ممالك الماندي ( )12وهي على حسب التقسيم العام تعتبر من الممالك الجنوبية حيث قامت
المبراطورية ،فملل إذاً كانت قائمة على نهر سانكراني في القرن التاسع الميلدي ووسعت حدودها
وأشرفت على مناطق الذهب حتى أصبح يد ملوكها ــ كما وضحت المصادر الباضية قبل عصر
إمبراطوريتا " ،إثنتا عشر معدناً يستخرج منها التبر " (.)13
فإذا استثنينا نص البكري عن ملك ملل ــ المسلماني ــ نجد أن ابن خلدون (ت )1405والقلقشندي (ت
)1418قد أشارا إلى إسلم أهل مالي قبل قيام إمبراطوريتهم بوقت طويل ( )14بينما ذكر ليو الفريقي
( انتهى من تأليف كتابه سنة )1527أن أهل مالي كانوا من دان بالسلم ( )15وفي ذات الوقت يوصف
ابن سعيد (ت 1274أو )1276مالي بأنها " من مدن الكفار المهملين ( ، )16بينما تحفظ الدريسي فذكر
أنه يغلب عليهم الكفر والجهالة (. )17
ويبدوا واضحًا أن المصادر التي اعتمد عليها ابن سعيد غير دقيقة في معلوماتها ،لن دخول السلم إلى
غرب إفريقيا ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالتجارة ،ولما كانت غرب إفريقيا قد دخلت في نطاق التجارة القاري
بصورة واسعة منذ القرن الثامن الميلدي ،فإن التجار قد بدأوا يصلون بانتظام إلى منطقة المالنك التي
تشرف على مصادر الذهب .
وكان التجار إلى جانب أعمالهم التجارية يقومون بالدعوة إلي السلم ،وقد ارتبطت التجارة وانتشار
السلم في غرب إفريقيا إلى درجة التي اصبح من العسير معها وضع حد فاصل بين الدور الذي قام به
التجار من جهة وبين دور العلماء ودعاة السلم من جهة أخري وغالبًا يجتمع الدوران في نفس الرجل (
14
بح ــث
دور فقهاء الباضية
، )18ويتضح ذلك من تتبع سير الباضية الذين كانوا يمارسون التجارة على نطاق واسع مع غرب
إفريقيا منذ القرن الثامن الميلدي .
فقد أدى استقرار الباضية على أطراف الصحراء في واحات فزان وجبل نفوسه وغدامس وواحات
الجزائر منذ القرن الثامن الميلدي إلي ارتباطهم القوي بتجارة الصحراء ،وعزز من ذلك الرتباط
اعتناق مجموعات من قبيلتي هوارة وزناتة للمذهب الباضي وتخصص كثير منهم بالتجارة عبر
الصحراء (.)19
وسرعان ما انتضمت تجارة الباضية في زويلة تحت أمارة بن الخطاب منذ تأسيسها عام 762م (، )20
وتوسعت تجارة الصحراء بقيام الدولة الرستمية الباضية في تيهرت ( بالجزائر ) عام 776م ،فقد
أشرفت هذه الدولة على المنطقة الصحراوية ما بين سجلماسة ( جنوب المغرب القصى ) وزويلة التي
دخلت ضمن دائرة نفوذها ،واهتم الرستميون بالتجارة الداخلية في الصحراء وأرسلوا الجنود بصحبة
التجارة لتأمينهم من الماكن التي يخشى فيها من غارات البدو (.)21
ولم ينحصر جهود الباضية في نشر السلم على نشاط التجارة فقط ،بل كانت لهم برامج مخططة لهل
الدعوة تضمنها نظام العزابة ( ، )22أهل الدعوة مجموعة من رجال العلم اتجهن جهودهم لعلء كلمة
ال وبث تعاليم دينه وتبصير الناس بأمور دينهم ودنياهم ،وقد تركز جانب كبير من اهتمام أهل الدعوة
على غرب إفريقيا التي كانت تعتبر " دار دعوة " فانشاوا الربط منذ مستهل القرن الثامن عشر الميلدي
في المنطقة الصحراوية الوقعة بين ورجلن وسجلماسة (.)23
ويتضح من النصوص التي جمعها ( )Lewickiنشاط أهل الدعوة الواسع جنوبي الصحراء الكبرى ،
واقترن ذكر الكثير من فقهاء الباضية بغرب إفريقيا في القرنين التاسع والعاشر الميلديين (، )24
والفقهاء الذين وردت أخبار زيارتهم إلى غرب إفريقيا يعتبرون من كبار الساتذة في عصورهم ،وقد
وردت أخبار زياراتهم إلي تلك المناطق عرضاً أثناء تناول بعض أخبارهم مما يرجح احتمال ترددهم
الدائم على جنوبي الصحراء ولم تسجله لنا كتب السير ،وإذا كان كبار الفقهاء قد ترددوا على غرب
إفريقيا فهذا يعني أن هنالك مجموعات كبيرة من أهل الدعوة كانوا يقومون بنفس العمل ولم تهتم كتب
السير بأخبارهم .
ولذلك فقد تمكن الباضية من تجار وفقهاء من تقوية اتصالتهم بغرب إفريقيا منذ القرن الثامن الميلدي ،
ولعل كثير من تلك المناطق قد اعتنقت السلم على يد الباضية منذ ذلك الوقت فقد ذكر الشماخي أن "
بلد السودان بغانة وما يليها كانت تدين بالمذهب الباضي حتى تسامعــت بهــم المخالفــون فقصــدوها
من كل صوب فردوهم إلى مـذاهبهم (.)25
ويفهم من هذه الشارة أن الباضية هم أول من قام بتركيز الدعوة السلمية في غرب إفريقيا قبل وصول
14
بح ــث
دور فقهاء الباضية
العداد الكبيرة من فقهاء المذاهب الخر ،ومن المعروف أن المذهب المالكي ـ الذي ساد في غرب
إفريقيا ــ قد ارتبطت به سيادته بحركة المرابطين في الصحراء الغربية في منتصف القرن الحادي عشر
الميلدي ويبدو أن انتشاره الواسع كان على حساب المذهب الباضي الذي ساد في المنطقة منذ القرن
الثامن الميلدي ،وقد ظلت بقايا الباضية حية في إمبراطورية مالي حتى القرن الرابع عشر الميلدي
حيث لحظ ذلك ابن بطوطة (.)26
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ،ما مصدر البكري في تلك المعلومات؟ ؛ فالبكري لم يزر غرب
لفريقيا ،ومعلوماته عن تلك المنطقة إما أخذها من مؤلفات سبقته أو من التجار ،والمؤلفون الذين من
المحتمل أن يكونوا قد أشاروا إلى مثل هذه المعلومات ولم تصل إلينا أعمالهم كاملة هم :أحمد بن محمد
الرازي (ت 955م) صاحب كتاب المسالك والممالك ،ومحمد بن يوسف ( ت 973م) ،والحسن بن أحمد
المهلبي (ت 990م) (.)28
وقد عاش الرازي ومحمد بن يوسف في المغرب وعايشا حركة تجارة الصحراء واختلطا بالتجار فتوفرت
لهما الفرصة لجمع كثير من أخبار غرب إفريقي ،ورغم أن البكري لم يشر إلى مصادر معلوماته عن
غرب أفريقيا فقد أشار كثيراً إلى محمد بن يوسف فيما يتعلق بالخبار الخاصة بالمغرب أما المهلبي الذي
عاش بمصر فقد توفرت لديه أيضًا بعض المعلومات الهامة وقد وصل بعض منها عن طريق أبي الفداء
والقلقشندي .
فإذا كان قد اعتمد على أحد هؤلء المؤلفين فيما أورده عن ملك مالي " المسلماني " يكون هذا الخبر
راجعًا إلى تاريخ مبكر في القرن العاشر الميلدي أو قبله ،وإذا كان اعتماد البكري في تلك المعلومات
على التجار فإن ذلك أيضاً ربما رجع بها إلى نفس التاريخ السابق لما تتطلبه الرواية من وقت طويل حتى
تصل عن طريق إلى الندلس .
ومن جانب آخر نجد أن نفس رواية البكري قد ذكرها الدرجيني ( ت 1271م) وقد جاء نص الدرجيني
ل ومفصلً جداً رغم إشارته الصريحة إلى مصدره قائلً " :حدثني جماعة من أصحابنا" ( )29أي طوي ً
الدرجيني لم يعتمد على مصدر مكتوب في روايته ،وتتفق رواية كل من البكر والدرجيني في عناصرها
الساسية ،مثل التفاق على وقوع الحدث في مالي والكيفية التي أدت إلى إسلم الملك .
14
بح ــث
دور فقهاء الباضية
ويضيف الدرجيني بعض المعلومات الهامة ،فقد وضع أن أهل مدينة مالي كلهم آمنوا بالسلم وكذلك
فعل كثير من أهل المدن المجاورة الذين كانوا تحت حكم ملك مالي ،بينما طلب أهل المدن البعيدة ــ وهم
أيضاً تحت نفوذ ملك مالي ــ تركهم على أديانهم فسمح الملك لهم بشرط أن ل يدخل مدينة مالي كافر ،
وهذا كله ل يتفق مع ما ذكره البكري من إسلم الملك فقط ،وأهل مملكته مشركون " (.)30
ويفهم من نص الدرجيني أن مملكة مالي كانت قوية باسطة نفوذها على عدد كبير من المدن المجاورة لها
ومشرفة على مصادر الذهب وتحته مملكة عظيمة ،وتحته اثنا عسر معدناً يستخرج منها التبر(، )31
وهذا يرجع إسلم الملك إلى عهد الملوك الصيادين أو المحاربين .
وتربط الروايات المحلية بداية هذا العصر بالملك نادامي كاني حفيد لهيلتول كالبي ،واسم لهيلتول
كالني ارتبط أيضًا بأول ظهور مملكة المالنك ،في الجنوب وهو الوقت الذي بدأت فيه الحركة التجارية
في الزدهار لن بعض الروايات جعلت نادامي كاني إبنًا للملك الذي قويت في عهده طبقة التجار حتى
أصبحت متساوية من حيث المكانة الجتماعية للطبقة الحاكمة ،لن مؤسس طبقة التجار كان ــ كما في
الرواية ــ أخًا للملك (.)32
وعهد الملوك المحاربين يشير إلى تلك الفترة المبكرة من تاريخ مالي عندما تمكنت من بناء قوتها الحربة
وتوسعت موحدة مناطق واسعة من إقليم المالنك في الجنوب ،وقد تم تدعيم ذلك النظام الحربي عند
نادامي كاني ؛ وهو ما ينطبق على وصف قوة مالي من خلل نص الدرجيني ،وقد اكتسبت مالي تلك
القوة ــ كما سبق أن أشرنا ــ منذ القرن الثامن الميلدي وهو الوقت الذي توقفت فيه ارتباطاتها التجارية
القارية فأصبح وجود نظام حربي قوي للدفاع عه هذه المكاسب ضرورة قصوى .
غير إن الدرجيني ذكر أن الفقيه الذي تم على يده إسلم ملك مالي يسمى " علي بن يخلف " الذي ذهب
مالي عام (1179م) وهو جد الدرجيني .فالدرجيني هو أحمد بن سعيد بن سليمان بن علي بن يخلف .
ولما كانت رواية الدرجيني ( )33هي نفس رواية البكري الذي ألف كتابه عام (1067م) أي قبل أكثر من
مائة عام من ذهاب علي بن يخلف إلى مالي ،فإن ذلك يوضح أن قصة إسلم ملك مالي كانت متداولة
ومعروفة في المجتمع الباضي قبل عصر الدرجيني بأكثر من قرنين ولما كان علي بن يخلف قد اشتهر
هو أيضاً بأسفاره إلى غرب إفريقيا وبمكانته الكبيرة لدى بعض ملوكها فقد أسند إليه الدرجيني بناًء على
الروايات السائدة ــ قصة إسلم ملك مالي ــ وأغلب الظن أن علي بن يخلف تمكن هو أيضًا من إقناع
بعض زعماء المالنك لعتناق السلم فاختلط ما قام به علي بن يخلف بما قبله خاصة وأن اسم " ملك "
في اللسان العربي قد يصدق على أي زعامة من زعامات المالنك" .
وقد يدل وجود هذه الرواية في التراث الباضي على أن الفقيه الذي قام بها إباضيًا ولهذا فأنا أميل إلى
افتراض أن المسلماني الذي ذكره البكري أسلم على يد أحد فقهاء الباضية ،وهناك الكثير من فقها
14
بح ــث
دور فقهاء الباضية
الباضية يحملون اسم " ابن يخلف " من بينهم أبو نوح سعيد بن يخلف من علماء النصف الول من
القرن العاشر الميلدي ،وقد اشتهر ابن يخلف هذا أيضاً بأسفاره إلى غرب إفريقيا ( ، )34فربما تكون
الرواية في الصل لبن يخلف هذا خاصتاً وانه عاش زمن يتوافق مع أحداث رواية البكري .
ولم يأتي الشماخي في روايته بشيء جديد يساعد على تفسير التناقض الذي وقع فيه الدرجيني لنه أعتمد ـ
عل ما يبدو ــ على الدرجيني ،فقد أسند إسلم ملك مالي هو أيضا إلى علي بن يخلف مع ما تبقى من
أحداث الرواية ،ومن الممكن أن يكون الشماخي قد وجد هذه الرواية مسنودة إلى علي بن يخلف في أكثر
من مصدر لنه أورد أن البكري قد ذكرها في المسالك والممالك أل أنه لم يسمه وسماه غيره (.)35
ورغم إشارة الشماخي الصريحة إلى وجود هذه الرواية في مصادر أخرى غير البكري ،فإنني لم أعثر
عليها في المصادر غير الباضية التي اطلعت عليها ،أما المصادر الباضية فرغم محاولتي المتكررة
في ليبيا والجزائر ،لم أوفق في العثور على المصدر الذي أشار إليه الشماخي ما عدا الدرجيني.
والمصادر الباضية بصفة عامة غير متوفرة للبحث وأغلبها ما زال محفوظاً في خزائن المخطوطات (
، )36ومما يزيد في صعوبة الطلع عليها أن الكثير منها في الخزائن الخاصة بالسر أو الفراد في
ليبيا والجزائر وتونس ،وقد تمكنت من رؤية نسخة مكتوبة على اللة الكاتبة في مخطوطة " تاريخ
المغاربة الباضية " للمارغني السوفي ونسخة مصورة من مخطوطة " الجواهر المنتقاة " للبرادي
ونسخة مصور من محطوطة " سير أبي عمار عبد الكافي " ،وإذا تمكنت من القول بأن نص المسلماني
لم يرد في مخطوطتي المارغني السوفي والبرادي يصعب الحكم على مخطوطة أبي عمار عبد الكافي
لن النسخة التي وقعت تحت يدي غير كاملة .
وإلى جانب ذلك هنالك الكثير من التراث الباضي في التاريخ والسير ،لم أتمكن من رؤيته مثل أعمال
البخطوري إلي الربيع المزاتي وأبي الربيع الجيلني وابن سلم التوزري (.)37
غي أن المؤلفات الباضية الحديثة وعلى رأسها مؤلف الشيخين علي يحيى معمر ( )38ومحمد على دبوز
( )39وغيرهما لم تخرج من تناولها لهذا الحديث عما ردده الدرجيني والشماخي ،ولما كان الشخصين
المذكورين بإمكانهما الطلع على التراث الباضي المخطوط في ليبيا وتونس والجزائر لنههما من
الباضية ولم يأتيا بشيء جديد فإن هذا يوحي بأن التراث الباضي المعروف الن ،ل يحمل شيئاً يخالف
ما أشار إليه الدرجيني ،ومن جهة أخرى فإن مؤلفات الباضية الحديثة لم تتعرض لمناقشة تناقض
التاريخ الذي ذكره الدرجيني لسلم ملك مالي بالمقارنة مع ما جاء عند البكري .
ولذلك يمكن القول بأن التراث الباضي تضمن الكثير من الروايات التي حملت أخبار رحلت الفقهاء إلى
غرب إفريقيا ،وقد اتصل بعضهم بالملوك في تلك المناطق ،وكان لهم فضل إدخالهم في السلم ،وقد
سجلت كتب الطبقات والسير تلك الروايات التي ترددت في المجتمع الباضي وأسندتها إلى أصحابها
14
بح ــث
دور فقهاء الباضية
الحقيقين في بعض المرات والى كبار الفقهاء الذين اشتهروا بزياراتهم لغرب إفريقيا مرات أخرى .
ومن أمثلة ذلك أيضاً ما ذكره المارغني السوفي والشماخي في رواية أخرى تضمنت سفر الشيخ أبي
يحيى ابن القاسم الفرسطائي إلى ( السودان ) وإسلم ملكهم على يده ( ، )40والفرسطائي كما ذكر
الشماخي من ضحايا " معركة مانو " التي حدثت بين أسرة الغلبة التي حكمت في تونس وبين اباضية
جبل نفوسة عام 897م (.)41
فيكون سفر أبي يحيى إلى السودان قد تم في النصف الول من القرن العاشر الميلدي ،وهذا التاريخ
أيضًا يمكن أن يوافق رواية البكري ،فمضمون الرواية التي ذكرها البكري في القرن الحادي عشر
الميلدي تجد ما يؤيدها في التراث الباضي ومما يرجع باحتمالت كبيرة جدًا أن الفقيه الذي تمت على
يده إباضياً ،كان عاشا في القرن الميلد أو ربما قيل ذلك .
أسرة كيتا مؤسسة المبراطورية:ـــ
سنحاول فيما يلي مناقشة بعض الروايات المحلية التي وردت حول ظهور أسرة كيتا وإسلم ملوك مالي
على ضوء ما تقدم ،وقد حملت لنا تلك الروايات المتداولة أخبار ثلثة أسر حكمت في المنطقة قبل أسرة
كيتا ،وذكرت تاوايات بعض التفاصيل عن أسرتين فقط هي أسرة تراورا ( ) Traoraوأسرة كونناتي(
) Conateأو أسرة كامارا ( )Kamaraوقد حكمتا ــ وفقًا للروايات ــ في المنطقة الشمالية لتجمعات
المالنك .
أما أسرة كيتا فقد ربطتها الروايات المحلية بالمنطقة الجنوبية وهي السرة التي ظهر فيها سنديانها
( ماري جاطه في المصادر العربية ) مؤسس المبراطورية في النصف الول من القرن الثالث عشر
الميلدي .
ول نعرف شيئًا من خلل تلك الروايات عن أسر أخرى حكمت في الجنوب غير أسرة كيتا ،فإذا حددنا
القرن الثاني عشر أو نهاية القرن الحادي عشر الميلدي تاريخًا لظهور أسرة كيتا كما رجح بعض
الباحثين ( )42فمن هذه السرة القوية التي حكمت المالنك في الجنوب وكتب عنها اليعقوبي في القرن
التاسع الميلدي في ملل ثم تحدثت عنها المصادر بعد ذلك ؟
وليس من السهل الجابة على هذا السؤال من واقع النصوص التي رددتها المصادر العربية غير الربط
بينهما وبين الروايات المحلية يمكن من محاولة طرح بعض الفرضيات .
فمملكة ملل التي ذكرت في القرن التاسع الميلدي ،ردد ذكرها البكري في القرن الحادي عشر ووضعها
إلى الجنوب من مملكة " دو" التي تصنف من ممالك المالنك الشمالية ،وحدد الدريسي موقع ملل بأنها
14
بح ــث
دور فقهاء الباضية
من أرض لملم الجنوبية ،وأشار ابن سعيد إلى تجمعات المالنك في المنطقة إلى جانب مملكة ملل " وعلى
شطي نهر الهو من مبتداه حتى مصبه مجالت نمنم وهم أخوة لملم في النسب وأشباههم في الفعال (.)43
ويبدو أن السر المالنيكة التي رددت الوايات المحلية ذكرها لم تتوارث السلطة واحدة بعد الخرى كما
تشير الروايات إلى ذلك ،ويحتمل أن بعض تلك السر قد حكمت في أوقات معاصرة ومن بينها أسرة كيتا
التي حكمت ملل وهي نفسها السرة التي ذكرها البكري والدرجيني أثناء حديثه عن إسلم ملكها (، )44
وهذا يجعلني أميل إلى افتراض أن أسرة كيتا هي التي حكمت ملل منذ ظهورها كمملكة وليس فقط منذ
القرن الحادي عشر الميلدي .
فالروايات المحلية ربطت أسرة كيتا ببلل مؤذن الرسول صلى ال عليه وسلم ،وذكرت الروايات أن
حفيده لنال كالبي هو الذي أسس الزعامة ووسع حدوده على نهر سانكراتي ،وبعد عهد الحاج
لهيلكول كالبي قوة تنظيم المملكة السياسي والحربي في عهد الملك نادامي ،وأصبح العمل التجاري
واسعاً بدليل قوة طبقة التجار ــ في ذلك الوقت ــ حتى جعلتها الروايات المحلية ،مساوية في مكانتها
الجتماعية للسرة المحاكمة .
ويشير اكتمال قوة المملكة في عهد نادامي كاني وقوة طبقة التجار إلى الفترة التي توثقت فيها علقات
مالي التجارية مع الشمال عبر الصحراء ،ومن الواضح أن الفترة التي تطورت فيها تلك العلقات ترجع
إلى النصف الخير من القرن الثامن الميلدي عندما انتقلت مملكة غانة إلى الجنوب وقوى ارتباطها عبر
الدولة الصنهاجية في أودغست مع شمال إفريقيا (.)45
ولذلك فإن قيام أسرة كيتا على نهر سانكراني وظهور قوة التنظيم السياسي والحربي والتجاري الذي
ارتبط بحكم ناداني كان قد تم في النصف الخير من القرن الثامن الميلدي وظلت تحكم مالي حتى ظهر
فيها سنديانا في أول القرن الثالث عشر الميلدي ،وقد أشارت بعض الروايات المحلية إلى عشرة حكام
تولوا السلطة منذ تأسيس المملكة حتى حكم نارفامعان والد سنديانا ( ماري جاطة) ويشير إلى الفترة
ل في مطلع القرن التاسع عشر الميلدي. الطويلة لحكم السرة ما بين ظهورها وتوسعها شما ً
فأسرة كيتا ــ كما أعتقد ــ هي التي كانت تحكم في "ملل " عندما تحدث عنها اليعقوبي قائلً " :ثم مملكة
أخرى يقال لهم ملل ..ويسمى ملكهم ميوسي ( ، )46وميوسي هذا ربما كان الكوى موسى ديجبيبوي (
) A.M.Djguiمن سللة بلل ،وإذا رجعت إشارة اليعقوبي إليه يكون حكم في القرن التاسع وليس في
القرن الحادي عشر الميلدي ،وربما كانت كلمة ميوسي تحريفًا للقب الذي عرف به ملوك مالي ـ فيما
بعد ـ من أسرة كبتا وهو " ماشا" ويؤيد ذلك أيضاً ظهور اللقب في هذه السرة منذ القرن التاسع الميلدي
.
كما تورد الروايات المحلية بعض أسماء ملوك مالي الذين اعتنقوا السلم والذين أدوا فريضة الحج
14
بح ــث
دور فقهاء الباضية
وأغلب تلك السماء ارتبطت بأسرة كيتا انطلقاً من بلل جد السرة الحاج لهيلتول كالبي الذي
توسعت حدود ديجبيبوي الذي ذهب إلى الحج أربع مرات .فإسلم ملوك أسرة كيتا ارتبط في الروايات
المحلية بتأسيس المملكة منذ أسرة القرن التاسع الميلدي على أقل تقدير .
الخلصة :
ولذلك فإنني أميل أن نص البكري حول ملك "ملل" المسلماني والذي تردد بنفس عبارته حيناً وبغيرها
حيناً آخر في التراث الباضي ،يرجع إلى الفترة الواقعة ما بين القرنين الثامن والعاشر الميلديين وأن
السلم قد عم انتشاره في مالي تلك الفترة على المذهب الباضي حتى دخول المذهب المالكي بعد القرن
الحادي عشر الميلدي .
واعتقد أن الملك الذي أشار أليه النص هو أحد ملوك أسرة كيتا التي اعتلت عرش مالي وجعلت منها
مملكة قوية منذ ذلك العهد مسلمين باسطين نفوذهم على مناطق الماندي الجنوبية حتى بدا الصوصو ـ غير
المسلمين ـ شمالً على حساب مملكة غانة وجنوبًا على حساب مملكة مالي فدخلت أسرة كيتا بقيادة سنديانا
(ماري طاجة) في صراع معهم انتهى بانتصار مالي في بداية القرن الثالث عشر الميلدي وكان ذلك
بداية عصر توسعها الكبير وظهورها كإمبراطورية فيغرب إفريقيا.
14
بح ــث
دور فقهاء الباضية
حدثني جماعة من أصحابنا أن على بن يخلف سافر إلى غانة سنة 575هـ فانتهى إلى مدينة مالي فأكرمه
ملكها غاية الكرام وكان أهلها مشركون وتحته اثنا عشر معدناً يستخرج منها التبر فكان الملك قلما جلس
مجلساً إل أجلس معه إكراماً له وكان يتعجب من خلقه ،وكثرة عبادته ومحافظته علل دينه حتى عاد إلية
على النفصال وقد قضى حاجته وكان ذلك في سنة قحط شديد فشكت الرعية ما أصابها إلى ملكهم
فأمرهم بالستسقاء فجعلوا يستقون بقربانهم التي يعتادونها في ملتهم وذبحوا أنواع الحيوانات حتى البقر
والغنم والحمير حتى الناث والنسانير فلم يستقوا ،فقال الملك " لعلي أل تدعو إلهك الذي تعبد أن
يسقينا ؟ فقال ل يسعني وأنتم تكفرون به وتعصونه وتعبدون غيره ،إن أنتم آمنت به واطعتموه فعلت ذلك
ورجوت أن يسقيكم فقال له الملك علمني السلم وفرائضه حتى أتابعك عليه ،وتستقي لنا فعلمه كيف
يقرأ بالشهادتين فعلمهما.
ثم قال أصحبتني إلى نهر النيل ففعل ،فعلمه كيف يتطهر ،ولبس ثياباً طاهرة ,ورقي به ربوة فوق
النيل ،فعلمه الصلة فصلى ثم قال أنا صليت فافعل ما تراني أفعل وإذا دعوت فقل آمين فباتا ليلتهما في
عبادتهما وضراعة إلى ال عز وجل فلما كان بعد صلة الصبح انشأ ال سبحانه سحابة فما حاول
النحدار من الربوة حتى حالت السيول بينهما وبين المدينة ,فجاءهما زورق من النيل فركبا حتى دخل
ل ونهاراً فزادت المؤمن إيماناً واستدعت إيمان الكافر
المدينة ودامت السحابة سبعًا غير مقلعة تسيح لي ً
فلما رأى الملك صنع ال تعالى دعا جميع أل بيته للسلم فأجابوا ثم دعا أهل المدينة فقالوا نحن عبيدك
فأجابوا ،ثم دعا من دنا من المدينة حتى رعيته فأجابت أكثرهم ثم دعا القصين فقالوا نحن عبيدك ولك
منا الطاعة وتتركنا على ما لقينا عليه آباؤنا فسمح لهم ،ثم حكم بأن المدينة ل يدخلها إل من آمن بال
ورسوله ومتى رؤى فيها كافر قتل ،ثم قال له علمني القرآن وشرائع السلم فجعل يعلمه حتى تعلم جملة
ينتفع بها ،فبينما هو عنده في ذلك إذ ورد عليه كتاب أبيه يستدعي من المجيء ويحجر عليه في القامة
فقال للملك اعلم أني على سفر فقال ل يحل لك أن تتركنا نعود إلى العمى بعد أن أبصرتنا دين الهدى ،
فقال اعلم إن في فرائض هدا الدين ابرار الوالدين وقد حجر على والدي المقام ؛ وهذا كتابه فلما رأى جده
أحسن منقلبه وانفصل وبقوا على السلم والحمد ل رب العالمين .
14
بح ــث
دور فقهاء الباضية
فلما رأى الملك ذلك دعا أهل بيته ثم وزرائه ثم أهل المدينة ثم من قرب فأجاب جميعهم ولبى من بعد
وقالوا نحن عبيدك ول نبدل ديننا واشترط عليهم أن ل يدخ المدينة كافر وإن دخلها قتل فالتزموا ذلك وأخذ
يعلمهم الصلة وفرائض الدين والقرآن فورد عليه كتاب أبيه يحضه على المجيء ولم يجعل له إذناً في
المقام ولو قليلً فأخبر الملك بأنه على سفر قال ل يحل لك أن تتركنا نعود إلى العمى بعد الهدى ،قال
الوالد واجبة في الدين حجر عني القامة ولم أجد بدًا من ذلك ؟
وهذا سبب دخول السلم إلى بلد السودان بغانة وما يليها تسامعت بهم المخالفون فقصدوها من كل أوب
فردوهم إلى مذهبهم .
الهوامش:
(L evetzION, N.:aneient Ghana and Mali.)London-1980(PP.56,58,60 . )1
Triminghan, J.S.:A History of Islam in West Africa)oxford 1970( P. 61 Laboure:
Mali. )Eney .of Islam (Vol. 3, P. 240. De Lafosse, M. :Traditions Historiques at
.Legendaires du Soudan Occidental )Paris.1913( PP.19,20
طرخان ،إبراهيم علي :دولة مالي السلمية _ الهيئة المصرية للكتب ) 1983ص 32ــ .37
( )2حسين ،أحمد الياس :العلقات بين مملكة غانة والمغرب العربي بين القرنين 8ــ . / 11رسالة
دكتوراه بمعهد الدراسات الفريقية جامعة القاهرة ،ص .58
(..Murphy, J.:History of African Civilization)New York,1922(P.104 )3
(Desire-vuilemin, Mme )4
( )5الدريسي :صفة المغرب وأرض السودان ومصر والندلس مأخوذة من كتاب نزهة المشتاق في
اختراق الفاق ( ليدن ، )1964ص .4
ابن سعيد :كتاب الجغرافية ،تحقيق إسماعيل العربي ( بيروت ،المكتب التجاري )1970ص .92 ، 90
( )6حسين ،أحمد الياس :الطرق التجارية عبر الصحراء الكبرى حتى مستهل القرن 16م ـ كما عرفها
الجغرافيون العرب .رسالة ماجستير بكلية الداب جامعة القاهرة ،ص 92ــ .104
14
بح ــث
دور فقهاء الباضية
(Levetzion, Op. Cit, P .56 )7
( )8اليعقوبي :تاريخ اليعقوبي (بيروت )1960ج 1ص .194
( )9ابن وصيف شاه :عجائب الدنيا ( مخطوط على مايكرو ـ فيلم بمعهد إحياء المخطوطات العربية
بالقاهرة ) رقم 37ـ جغرافيا ص 280ـ عن أبي وصيف شاة .انظر لكاتب المقال ) الطرق التجارية عبر
الصحراء الكبرى .ص .7
( )10اليعقوبي :ص .193
( )11أطلق الفلني على هذا الشعب اسم ( ملي ) وأطلق عليه البربر أسم (مل) Melle Melأو (ملت)
Meletوأطلق عليه العرب (ملل) Melleأو . Malili
( )12البكري :المغرب في ذكر بلد افريقية والمغرب وهو جزء من كتاب المسالك والممالك (الجزائر
)1857ص الدريسي ص 6 , 5ابن سعيد ص ..178
( )13الدرجيني :طبقات المشائخ بالمغرب ( قسنطينة مطبعة البعث ب .ت ) ج 2ص ، 18الشماخي ،
السير الباضية ( طبعة حجر ) ص 32ونسخة اخرى مصورة من مخطوط بمكتبة مركز جهاد الليبين
للدراسات التاريخية غير مفهرسة ,ص .. ) 304
( )14ابن خلدون :العبر ( بيروت )1971ج 6ص , 403القلقشندي ،صبح العشى ( مصورة عن
الطبعة الميرية )1915ج 2ص .293
(Leo Africanas: The History and discripion of Africa )London, 1896(( Vol., )15
.3, P. 823
الحسن الوزان ،المعروف بليون الفريقي ،وصف افريقيا ،نرجمة من النسخة الفرنسية عبد الرحمن
حميده ( جامعة محمد بن سعود السلمية )1399ص ..539
( )16ابن سعيد :بسط الرض في الطزل والعرض ،تحقيق خوان قرنيط (تطوان )1958ص ..25
( )17الدريسي :ص .. 4
(.Lewis, I. M. : Islam in Tropical Africa )Oxford, 1960(P.20 )18
( )19ابن خلدون :ج 6ص ، 286دبوز ،محمد علي ،تاريخ المغرب الكبير ( القاهرة ،عيسى البابي
الحلبي )1963ج 3ص ..349
( )20حسين ،أحمد الياس :الطرق التجارية عبر المنطقة الشرقية من الصحراء الكبرى ـ كتاب
الصحراء الكبرى ( طرابلس )1979ص ..212
( )21دبوز :نفس الصفحة أعله.
( )22بعد سقوط الدولة الرستمية في تيهرت في نهاية القرن الثالث الهجري ظل الباضية منذ ذلك التاريخ
يحافظون على كيانهم في المناطق التي استقروا فيها ،وقد ساعدهم على ذلك النظام الذي التزموا به
كبديل لدولتهم وهو ما اصطلح على تسميته بنظام العزابة وهو مجموعة من التقاليد التي نظمت المجتمع
الباضي منذ دخول الباضية في المغرب العربي .وقد درست تلك التقاليد والعراف وسجلها كبار فقائهم
بعد سقوط الدولة الرستمية ـ انطلقاً من مبادئ الشريعة السلمية وأصبحت قوانينًا التزم بها الباضية
ونظمت حياتهم الجتماعية والقتصادية والسياسية لمزيد من التفاصيل انظر معمر ـ علي يحيى ،
الباضية في موكب التاريخ ،الحلقة الولى ص .107
14
بح ــث
دور فقهاء الباضية
( )23الزهري ،ابو عبدال بن ابي بكر ( ت .أخر القرن 6هـ) كتاب الجغرافيا ،تحقيق محمد حاج
صادق ( بيروت )1967ص ..126
(Lewicks, T. Quclque extaits aux voyage du commerents de missionaries )24
Ibadites Nord_ Africains pay de Soudan Occidental et Central au Mayon Age
..Folia O rientala ) T0me 2 1960( PP.10,19,20
( )25الشماخي ( :الطبعة الحجرية ) ص 457ــ .458
( )26ابن بطوطة.
( )27الشماخي :نفس الصفحة..
( )28الحجي عبد الرحيم علي :جغرافيا الندلس واوربا لبي عبيد البكري ( بيروت دار الرشاد
)1968ص 20ـ 29حسين ،أحمد الياس :الطرق التجارية عبر الصحراء الكبرى ص 11ـ . 12
( )29المنجد .صلح الدين قطعة مفقودة من كتاب المسالك والممالك للمهلبي مجلة المخطوطات العربية
مجلد 4ج 1958 1ص ..47
( )30مؤنس حسين :تاريخ الجغرافيا والجغرافيون ،بالندلس ( معهد الدراسات السلمية ط )1967 1
ص 196حسين ،أحمد الياس :الطرق التجارية عبر الصحراء الكبرى ص ..1
( )31انظر الملحق رقم (.2آخر الموضوع).
( )32انظر الملحق رقم (.1آخر الموضوع).
( )33انظر الملحق رقم ..2
(.Levetzion, Op. Cit: P. 55. 56 )34
(.Levetzion, Op. Cit: P. 55. 56 )35
( )36الى جانب كتابي الدرجيني والشماخي طبعت بعض المصادر الخرى فقد قام الستاذ اسماعيل
العربي بتحقيق كتابي سير الئمة وأخبارهم لبي زكريا يحيى بن ابي بكر ( ت )1078في المكتبة
الوطنية بالجزائر ..كما حقق ايضاً الستاذ اسماعيل العربي كتاب سير ابي الربيع الوساني ،ال أنني لم
أر نسخته المطبوعة ..
( )37اعمال هؤلء المؤرخون في الخزائن في ليبيا وتونس والجزائر ويعتقد ان كتاب التوزي مفقود.
( )38لعلي يحيى معمر من المؤلفات التاريخية :الباضية في موكب التاريخ .الحلقة الولى عن المذهب
الباضي ودخوله المغرب .والحلقة الثانية :من تسعين عن الباضية في ليبيا .والحلقة الثالثة :من
الباضية في تونس .تحدث فيه عن علي بن يخلف واسلم ملك مالي ص ..138
( )39أشرنا الى كتاب دبوز ،تاربخ المغرب الكبير ،وكذلك تناول الموضوع ــ باجية ،صال الباضية
بالجديد ( تونس ،دار ابو سلمة ,206 ,92 ,90 )1976وكذلك الشيخ اطفيش في مقدمته للكتاب الوضع
لبي زكريا يحيى بن ابي الحيز الخباؤني ،القاهرة ،مطبعة الفجالة ب .ت ) ص 14ــ .. 15
( )40انظر الملحق رقم ..4
( )41الشماخي ( :الطبعة الحجرية ) ص .211
( )42انظر ملخص الروايات في طرخان ،ص 32ــ Levetzion, Op. Cit: P. 54. 57 /.39
( )43البكري ،ص ، 178الدريسي ،ص 5ابن سعيد ،الجغرافيا ص .919
14
بح ــث
دور فقهاء الباضية
( )44الدريسي ،ص ،6الدرجيني ج 2ص .517
( )45طرخان ،ص . Ede Lafosse: Loc 35
Levetzion, Op. Cit: P. 56. 58
( )46حسين ،أحمد الياس :العلقات بين مملكة غانة والمغرب العربي ص 63ـ 73ـ .83
( )47البكري :ص .178
( )48الدرجيني :ج 2ص 517ــ .518
( )49الشماخي ( :الطبعة الحجرية ) ص 211
( )50اتفق كل من الشماخي والمارغني والسوفي في النص ،انظر :الشماخي ـ الطبعة الحجرية ص
/ 229المارغني السوفي ـ أو عثمان بن خليفة ( ت .آخر القرن السادس الهجري ) كتاب تاريخ المغاربة
الباضية اطلعت على نص المخطوط مكتوب على اللة الكاتبة ومعد للنشر منذ عام ، 1980ال انه لم
يطبع بعد على ما اعتقد .
14