Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 397

‫الزء الثالث‬

‫من تفسي النتخب‬


‫‪ -1‬تنيها ل عما ل يليق به ‪ ،‬وهو الذى سار بعبده ممدا ف جزء من الليل من‬
‫السجد الرام بكة إل السجد القصى ببيت القدس ‪ ،‬الذى بارك ال حوله لسكانه‬
‫ف أقواتم ‪ ،‬لِنُريَه من أدلتنا ما فيه البهان الكاف على وحدانيتنا وعظم قدرتنا ‪ ،‬إن ال‬
‫‪ -‬وحده ‪ -‬هو السميع البصي ‪.‬‬

‫خذُوا ِم ْن دُونِي وَكِيلًا (‪)2‬‬


‫ب وَ َجعَلْنَاهُ ُهدًى لِبَنِي ِإسْرَائِيلَ َألّا تَتّ ِ‬
‫وَ َآتَيْنَا مُوسَى اْلكِتَا َ‬
‫ح ِإنّهُ كَانَ َع ْبدًا شَكُورًا (‪َ )3‬وقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِ ْسرَائِي َل فِي‬
‫ذُ ّريّ َة َمنْ حَمَلْنَا مَ َع نُو ٍ‬
‫ض َمرّتَ ْي ِن َولَتَعْ ُلنّ عُ ُلوّا كَبِيًا (‪َ )4‬فإِذَا جَا َء وَ ْع ُد أُولَاهُمَا َبعَثْنَا‬
‫ب لَُت ْفسِدُ ّن فِي اْلأَرْ ِ‬
‫الْكِتَا ِ‬
‫عَلَ ْي ُكمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي َبأْسٍ َشدِي ٍد فَجَاسُوا خِلَالَ ال ّديَا ِر وَكَا َن وَ ْعدًا َم ْفعُولًا (‪ُ )5‬ثمّ‬
‫ي وَ َجعَلْنَا ُكمْ أَكَْث َر َنفِيًا (‪ )6‬إِنْ‬
‫َر َد ْدنَا لَ ُك ُم الْ َك ّرةَ عَلَ ْي ِهمْ َوَأمْ َد ْدنَا ُك ْم ِبأَ ْموَا ٍل وَبَِن َ‬
‫أَ ْحسَنُْت ْم أَ ْحسَنُْتمْ لَِأْن ُفسِ ُكمْ َوإِ ْن أَ َس ْأتُ ْم فَ َلهَا َفِإذَا جَا َء وَ ْعدُ اْل َآخِ َر ِة لَِيسُوءُوا وُجُوهَ ُكمْ‬
‫جدَ َكمَا دَخَلُوهُ َأ ّولَ َم ّر ٍة وَلِيُتَّبرُوا مَا عَ َلوْا تَتِْبيًا (‪)7‬‬
‫سِ‬‫وَلَِي ْدخُلُوا الْ َم ْ‬

‫‪ -2‬وأن بيت القدس كان يسكنه بنو إسرائيل من بعد موسى ‪ ،‬حت أفسدوا فيه ‪،‬‬
‫شرّدُوا منه من قبل ‪ ،‬مع أننا أعطينا موسى التوراة ‪ ،‬وجعلنا فيها هداية لم ‪ ،‬وقلنا لم‬
‫فُ‬
‫‪ :‬ل تتخذوا غي ال معبودا تفوضون إليه أموركم ‪.‬‬

‫‪ -3‬أنتم ‪ -‬أيها السرائيليون ‪ -‬ذرية الخلصي الذين كانوا مع نوح ف الفلك بعد‬
‫إيانم ‪ ،‬ونيناهم من الغرق ‪ .‬اجعلوا نوحا قدوتكم كما جعله أسلفكم ‪ ،‬فإنه كان‬
‫عبدا كثي الشكر ل على نعمته ‪.‬‬

‫‪ -4‬وأنفذنا بقضائنا إل بن إسرائيل فيما كتبناه ف اللوح الكنون أنم ُيفْسدون ف‬


‫بيت القدس ل مالة مرتي ‪ ،‬ف كل مرة منهما كان الظلم والطغيان ‪ ،‬وترك أحكام‬

‫‪1‬‬
‫التوراة ‪ ،‬وقتل النبيي ‪ ،‬والتعاون على الث ‪ .‬وأنه ليبسط سلطانكم وتعلون مستكبين‬
‫ظالي ‪.‬‬

‫‪ -5‬فإذا جاء وقت عقاب أولها سلّطنا عليكم بسبب إفسادكم عبادا لنا أصحاب‬
‫بطش شديد ‪ ،‬فأخذوا يسيون ف داخل الديار ‪ ،‬ل يتركوا جزءا منها ليقتلوكم ‪،‬‬
‫وكان وعد العقاب وعدا ل بد أن يكون ‪.‬‬

‫‪ -6‬ث لا استقام أمركم ‪ ،‬واهتديتم ‪ ،‬وجعتم شلكم ‪ ،‬ورجعتم عن الفساد ‪ ،‬رددنا‬


‫لكم الغلبة على الذين بعثوا عليكم ‪ ،‬ورزقناكم أموا ًل وبني ‪ ،‬وجعلناكم أكثر ما كنتم‬
‫عددا ‪.‬‬

‫‪ -7‬وقلنا لم ‪ :‬إن أحسنتم فأطعتم ال كان إحسانكم لنفسكم ف الدنيا والخرة ‪،‬‬
‫وإن أسأت بالعصيان فإل أنفسكم تسيئون ‪ .‬فإذا جاء وقت عقاب الرة الخرة من‬
‫َمرّتى إفسادكم ف الرض ‪ ،‬بعثنا عليكم أعداءكم ‪ ،‬ليجعلوا آثار الساءة والذلة‬
‫والكآبة بادية على وجوهكم ‪ ،‬وتكون العاقبة أن يدخلوا مسجد بيت القدس ‪،‬‬
‫فيخربوه كما دخلوه وخربوه أول مرة ‪ ،‬وليهلكوا ما غلبوا عليه إهلكا شديدا ‪.‬‬

‫َعسَى َربّ ُكمْ أَنْ َي ْرحَ َمكُ ْم َوإِنْ ُع ْدتُمْ ُع ْدنَا َو َجعَلْنَا َجهَنّ َم لِ ْلكَا ِفرِي َن حَصِيًا (‪ )8‬إِ ّن َهذَا‬
‫ي الّذِينَ َيعْمَلُو َن الصّالِحَاتِ أَ ّن َل ُهمْ َأ ْجرًا‬
‫شرُ الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫الْ ُقرْآَ َن َي ْهدِي لِلّتِي هِ َي َأقْوَ ُم َويَُب ّ‬
‫ع اْلإِْنسَانُ‬
‫كَبِيًا (‪ )9‬وَأَ ّن اّلذِي َن لَا ُي ْؤمِنُو َن بِاْل َآخِ َر ِة أَعَْت ْدنَا َل ُهمْ َعذَابًا َألِيمًا (‪ )10‬وََيدْ ُ‬
‫ح ْونَا‬
‫شرّ دُعَا َءهُ بِالْخَ ْي ِر وَكَانَ اْلِإْنسَانُ َعجُولًا (‪َ )11‬وجَعَلْنَا اللّ ْيلَ وَالنّهَارَ َآيَتَ ْي ِن فَمَ َ‬
‫بِال ّ‬
‫ص َر ًة لِتَبَْتغُوا فَضْلًا ِمنْ َرّب ُكمْ َولَِتعْلَمُوا َع َد َد السِّنيَ‬
‫َآَيةَ اللّ ْي ِل وَ َجعَلْنَا َآَيةَ الّنهَارِ مُبْ ِ‬
‫حسَابَ وَ ُك ّل شَيْ ٍء فَصّلْنَا ُه َتفْصِيلًا (‪ )12‬وَ ُك ّل ِإنْسَا ٍن َألْ َزمْنَاهُ طَائِ َر ُه فِي عُُنقِهِ‬
‫وَالْ ِ‬
‫ج َل ُه َيوْمَ اْلقِيَا َمةِ كِتَابًا يَ ْلقَاهُ مَ ْنشُورًا (‪)13‬‬
‫خرِ ُ‬
‫وَنُ ْ‬

‫‪ -8‬عسى ربكم أن يرحكم بعد الرة الثانية إن تبتم ‪ ،‬وإن عدت إل الفساد عدنا إل‬
‫العقوبة ‪ ،‬وجعلنا جهنم للكافرين سجنا ومبسا ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -9‬إن هذا القرآن يرشد الناس للسبيل الت هى أقوم السبل وأسلمها ف الوصول إل‬
‫السعادة القيقية ف الدنيا ‪ ،‬ويبشر الؤمني بال ورسوله الذين يُذعنون للحق ويعملون‬
‫العمال الصالات بالجر العظيم يوم القيامة ‪.‬‬

‫‪ -10‬وأن الذين ل يؤمنون بالخرة أعددنا لم ف جهنم عذابا شديد الل ‪.‬‬
‫‪ -11‬وأن ف طبع النسان تعجلً ف الكم على ما يقع من الناس ‪ ،‬وف أقواله وأفعاله‬
‫‪ ،‬فهو يسارع بالدعوة إل الشر مسارعته ف الدعوة إل الي ‪ ،‬ويسارع ف دعاء ال ‪-‬‬
‫تعال ‪ -‬بأن ينل الشر على من يبادر بالغضب عليه مسارعته بالدعاء له بالي ‪.‬‬
‫‪ -12‬وجعلنا الليل والنهار بيئاتما وتعاقبهما علمتي دالتي على وحدانيتنا وقدرتنا‬
‫فأزلنا من الليل الضوء فل يستبان فيه شئ ‪ ،‬وكانت علمته ظلما ل تسرى فيه‬
‫الشمس ‪ ،‬تلك العلمة الكبى ‪ ،‬وجعلنا النهار مبصرا ‪ ،‬وترى فيه الشمس الية‬
‫الكبى لتتجهوا ف ضوء النهار إل التصرف ف معاشكم ‪ ،‬ولتعلموا باختلف الليل‬
‫والنهار عدد السني وحساب الشهر واليام ‪ ،‬وكل شئ لكم فيه مصلحة بيّناه لكم‬
‫بيانا واضحا ‪ ،‬لتقوم عليكم الُجة بعد تام النعمة ‪.‬‬

‫‪ -13‬وألزمنا كل إنسان عمله لزوم القلدة للعنق ‪ ،‬ونرج له يوم القيامة كتابا فيه‬
‫أعماله ‪ ،‬يلقاه مفتوحا ‪ ،‬ليسرع ف قراءته ‪.‬‬

‫سهِ‬
‫ك حَسِيبًا (‪َ )14‬منِ اهَْتدَى َفِإنّمَا َيهَْتدِي لِنَ ْف ِ‬
‫ك الَْيوْمَ عَلَ ْي َ‬
‫اقْ َرأْ كِتَابَكَ َكفَى بَِن ْفسِ َ‬
‫ي حَتّى نَ ْبعَثَ‬
‫ضلّ عَلَ ْيهَا وَلَا َتزِرُ وَازِ َر ٌة وِزْ َر ُأخْرَى َومَا كُنّا ُمعَ ّذبِ َ‬
‫ض ّل َفِإنّمَا يَ ِ‬
‫وَ َمنْ َ‬
‫حقّ عَلَ ْيهَا الْ َقوْلُ‬
‫سقُوا فِيهَا فَ َ‬
‫ك َق ْريَ ًة َأمَ ْرنَا مُ ْت َرفِيهَا َف َف َ‬
‫َرسُولًا (‪َ )15‬وِإذَا أَ َر ْدنَا أَ ْن ُنهْلِ َ‬
‫َفدَ ّم ْرنَاهَا َت ْدمِيًا (‪ )16‬وَ َك ْم أَهْ َلكْنَا ِم َن الْ ُقرُونِ ِم ْن َبعْ ِد نُوحٍ وَكَفَى بِ َرّبكَ ِب ُذنُوبِ‬
‫عِبَا ِدهِ خَبِيًا بَصِيًا (‪َ )17‬منْ كَا َن ُيرِيدُ اْلعَاجِ َلةَ َعجّلْنَا َلهُ فِيهَا مَا َنشَا ُء لِ َمنْ ُنرِيدُ ُثمّ‬
‫جَعَلْنَا َلهُ َجهَّنمَ يَصْلَاهَا َم ْذمُومًا َمدْحُورًا (‪َ )18‬و َمنْ أَرَادَ اْل َآخِ َر َة وَ َسعَى َلهَا َسعَْيهَا َوهُوَ‬
‫مُ ْؤ ِمنٌ َفأُولَئِكَ كَا َن َسعْيُ ُه ْم َمشْكُورًا (‪)19‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -14‬ويقال له ‪ :‬اقرأ بقدرة ال ‪ -‬ولو ل يكن ف الدنيا قارئا ‪ -‬كتاب أعمالك‬
‫تكفيك نفسك اليوم حاسبة ومصية عليك عملك ‪.‬‬

‫‪ -15‬من اتبع طريق الق فإنا ينفع نفسه ‪ ،‬ومن حاد عنه فإنا إث ضلله على نفسه ‪،‬‬
‫ول تتحمل نفس مذنبة فوق ذنبها ذنب نفس أخرى ‪ ،‬وما صح لنا أن نعذب أحدا‬
‫على فعل شئ قبل أن نبعث إليه رسولً من لدنا يهدى إل الق ويردع عن الباطل ‪.‬‬
‫‪ -16‬وإذا قدّرنا ف اللوح الحفوظ إهلك أهل قرية حسب اقتضاء حكمتنا سلّطنا‬
‫الترفي فيها فأفسدوا فيها ‪ ،‬وخرجوا عن جادة الق ‪ ،‬وأتبعهم غيهم من غي أن‬
‫يتبينوا ‪ ،‬وبذلك يق عليها كلها العقاب ‪ ،‬فندمرها تدميا شديدا ‪.‬‬

‫‪ -17‬وكثيا من أهل القرون من بعد نوح أهلكناهم بتمردهم على أنبيائهم ‪،‬‬
‫ويكفيك بيان ربك وإعلمه ‪ ،‬لنه العال بكل شئ علما دقيقا كعلم من يبصر ‪ ،‬وهو‬
‫البي بذنوب عباده البصي با ‪ ،‬فل يفى عليه أفعال أحد من العباد وسيجازيهم با‬
‫يستحقون ‪.‬‬

‫‪َ -18‬منْ كان يطلب متاع الدنيا العاجلة ويعمل له متخذا السباب ‪ ،‬ول يوقن‬
‫بيعاد ‪ ،‬ول ينتظر جزاء الدار الخرة ‪ ،‬عجّلنا له ف الدنيا ما نشاء تعجيله من البسط‬
‫والسعة ‪ ،‬وكان هذا لن نريد التعجيل له ‪ ،‬ث أعددنا له ف الخرة جهنم يقاسى‬
‫حرها ‪ ،‬وهو مذموم با قدم ‪ ،‬هالك مطرود من رحة ال ‪.‬‬

‫‪ -19‬ومن أراد بعمله الخرة ‪ ،‬ولا عمل ‪ ،‬وهو مصدق بال وجزائه ‪ ،‬فأولئك كان‬
‫عملهم مقبولً عند ال ينالون الثواب عليه ‪.‬‬

‫ك مَحْظُورًا (‪ )20‬انْ ُظرْ كَيْفَ‬


‫ك وَمَا كَانَ عَطَاءُ َربّ َ‬
‫كُلّا نُ ِمدّ َه ُؤلَا ِء َو َهؤُلَا ِء ِمنْ عَطَاءِ َرّب َ‬
‫ج َعلْ مَ َع ال ّلهِ‬
‫ض َولَلْ َآ ِخ َرةُ أَكَْب ُر دَ َرجَاتٍ وَأَكَْب ُر َتفْضِيلًا (‪ )21‬لَا تَ ْ‬
‫ض ُهمْ عَلَى َبعْ ٍ‬
‫فَضّلْنَا َبعْ َ‬
‫ك أَلّا َتعْبُدُوا ِإلّا ِإيّاهُ َوبِاْلوَاِل َديْنِ‬
‫خذُولًا (‪َ )22‬وقَضَى َرّب َ‬
‫ِإلَهًا َآ َخرَ فََت ْق ُعدَ َم ْذمُومًا مَ ْ‬
‫ف َولَا تَ ْن َهرْهُمَا َو ُقلْ‬
‫إِ ْحسَانًا ِإمّا يَبْ ُل َغنّ عِ ْندَكَ اْلكَِبرَ َأ َحدُهُمَا َأوْ كِلَاهُمَا فَلَا َت ُقلْ لَهُمَا أُ ّ‬

‫‪4‬‬
‫ح ال ّذلّ ِم َن ال ّرحْ َمةِ وَ ُقلْ َربّ ا ْرحَ ْمهُمَا كَمَا‬
‫ض َلهُمَا جَنَا َ‬
‫َلهُمَا َق ْولًا َكرِيًا (‪ )23‬وَا ْخفِ ْ‬
‫ي َفِإنّهُ كَا َن لِ ْلَأوّابِيَ‬
‫صغِيًا (‪َ )24‬رّب ُكمْ أَعْ َل ُم بِمَا فِي ُنفُو ِسكُ ْم إِ ْن تَكُونُوا صَالِحِ َ‬
‫َربّيَانِي َ‬
‫ي وَاْبنَ السّبِيلِ َولَا تَُبذّ ْر تَ ْبذِيرًا (‪)26‬‬
‫ت ذَا اْل ُقرْبَى َح ّقهُ وَالْ ِمسْكِ َ‬
‫َغفُورًا (‪ )25‬وَ َآ ِ‬

‫‪ -20‬وإنا ند كل الفريقي إذا اتذوا السباب من عطاء ربك ف الدنيا ‪ ،‬وما كان‬
‫عطاء ربك فيها منوعا من أحد ‪ ،‬مؤمنا كان أو كافرا ‪ ،‬ما داموا قد اتذوا السباب ‪.‬‬
‫‪ -21‬انظر بعي العتبار كيف فضّلنا بعض عبادنا على بعض ف الال والياة والسعة ‪،‬‬
‫إذا اتذوا أسباب ذلك ف الدنيا لكمة نعلمها ‪ ،‬وأن تفاوتم ف الدار الخرة أكب‬
‫درجات من تفاوتم ف الدنيا ‪ ،‬فينبغى العتناء با ‪ ،‬فالخرة هى الت تكون فيها الرفعة‬
‫القيقية والتفاضل القيقى ‪.‬‬

‫‪ -22‬ل تعل ‪ -‬أيها الكلف ‪ -‬مع ال شريكا فتصي موصوما بالهانة ‪ ،‬ويكون‬
‫الذلن مكتوبا عليك ‪.‬‬

‫‪ -23‬وحكم ربك بأل تعبدوا إل إياه ‪ ،‬وبأن تبوا الوالدين برا تاما ‪ ،‬وإذا بلغ‬
‫الوالدان أو أحدها عندك ‪ -‬أيها الخاطب ‪ -‬حال الضعف وصارا ف آخر العمر فل‬
‫تتأفف لا يصدر منهما بصوت يدل على الضجر ‪ ،‬ول تزجرها ‪ ،‬وقل لما قول جيل‬
‫ليّنا فيه إحسان وتكري لما ‪.‬‬

‫‪َ -24‬وَأِلنْ لما جانبك وتواضع لما وكن شفيقا عليهما ‪ ،‬وقل ف شأنما ‪ :‬رب‬
‫ارحهما كما رحان حي ربيان صغيا ‪.‬‬

‫‪ -25‬ربكم ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬أعلم منكم با ف ضمائركم ‪ ،‬وياسبكم عليه بالثواب أو‬
‫العقاب ‪ ،‬فإن تكونوا قاصدين الصلح فاعلي له ث كانت منكم هفوة ث أنبتم إل ال‬
‫فإن ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬يغفر لكم ‪ ،‬لنه دائم الغفرة للراجعي إليه ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -26‬وأعط ذا القرب حقه من الب والصلة ‪ ،‬وذا الاجة السكي ‪ ،‬والسافر الذى‬
‫انقطع عن ماله ‪ ،‬حقهما من الزكاة والصدقة ‪ ،‬ول تبعثر مالك ف غي الصلحة تبذيرا‬
‫كثيا ‪.‬‬

‫ضنّ‬
‫ي وَكَا َن الشّيْطَا ُن ِل َربّهِ َكفُورًا (‪ )27‬وَِإمّا ُت ْعرِ َ‬
‫إِنّ الْمَُبذّرِينَ كَانُوا إِ ْخوَا َن الشّيَاطِ ِ‬
‫ج َعلْ َيدَكَ‬
‫عَ ْن ُهمُ ابِْتغَاءَ َرحْ َم ٍة ِمنْ َرّبكَ تَ ْرجُوهَا َف ُق ْل َلهُ ْم َقوْلًا مَ ْيسُورًا (‪ )28‬وَلَا تَ ْ‬
‫ك يَ ْبسُطُ‬
‫حسُورًا (‪ )29‬إِنّ َربّ َ‬
‫ط فََتقْ ُع َد مَلُومًا َم ْ‬
‫ك وَلَا تَ ْبسُ ْطهَا ُك ّل الَْبسْ ِ‬
‫َمغْلُوَلةً ِإلَى عُُن ِق َ‬
‫ق لِ َم ْن َيشَا ُء َويَ ْقدِ ُر ِإنّهُ كَا َن ِبعِبَا ِد ِه خَبِيًا بَصِيًا (‪َ )30‬ولَا َتقْتُلُوا َأوْلَادَ ُكمْ َخشَْيةَ‬
‫الرّزْ َ‬
‫ح ُن َنرْ ُز ُقهُ ْم َوإِيّا ُكمْ إِنّ قَتْ َل ُهمْ كَا َن خِطْئًا كَبِيًا (‪َ )31‬ولَا َت ْقرَبُوا ال ّزنَا ِإنّهُ كَانَ‬
‫ق نَ ْ‬
‫ِإمْلَا ٍ‬
‫ح ّق َو َمنْ قُِت َل مَظْلُومًا‬
‫س الّتِي َحرّمَ ال ّل ُه ِإلّا بِالْ َ‬
‫شةً َوسَا َء سَبِيلًا (‪ )32‬وَلَا َتقْتُلُوا الّنفْ َ‬
‫فَا ِح َ‬
‫ف فِي اْلقَتْ ِل ِإنّهُ كَا َن مَنْصُورًا (‪)33‬‬
‫سرِ ْ‬
‫َفقَ ْد َجعَلْنَا ِلوَلِّي ِه سُلْطَانًا فَلَا ُي ْ‬

‫‪ -27‬لن البذرين كانوا قرناء الشياطي ‪ ،‬يقبلون وسوستهم حي يسخّرونم للفساد‬


‫والنفاق ف الباطل ‪ ،‬ودأب الشيطان أنه يكفر بنعمة ربه دائما ‪ ،‬وصاحبه مثله ‪.‬‬

‫‪ -28‬وإن أرغمتك أحوالك الالية على العراض عن هؤلء الذكورين ‪ ،‬فلم تعطهم‬
‫لعدم وجود ما تعطيهم ف الال مع رجاء أن يفتح ال عليك به ‪ ،‬فقل لم قول حسنا‬
‫يؤملهم فيك ‪.‬‬

‫‪ -29‬ول تسك يدك عن النفاق ف الي ‪ ،‬وتعلها كأنا مربوطة ف عنقك ِب ِغلّ من‬
‫الديد ل تقدر على مدها ‪ ،‬ول تبسطها كل البسط بالسراف ف النفاق ‪ ،‬فتصي‬
‫مذموما على المساك نادما أو منقطعا ل شئ عندك بسبب التبذير والسراف ‪.‬‬
‫‪ -30‬إن ربك يوسع الرزق لن يشاء من عباده ويضيقه على من يشاء منهم ‪ ،‬لنه‬
‫خبي بطبائعهم بصي بوائجهم ‪ ،‬فهو يعطى كل منهم ما يتفق مع الكمة إن اتذ‬
‫السباب ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -31‬وإذا كان أمر الرزاق بيد ال فل يوز أن تقتلوا أولدكم خوف فقر متوقع ‪،‬‬
‫لنّا نن ضامنون رزقهم ورزقكم ‪ ،‬إن قتلهم كان إثا عظيما ‪.‬‬

‫‪ -32‬ول تقربوا الزن بباشرة أسبابه ودواعيه ‪ ،‬لنه رذيلة واضحة القبح ‪ ،‬وبئس‬
‫طريقا طريقه ‪.‬‬

‫‪ -33‬ول تقتلوا النفس الت حرّم ال قتلها إل قتل يكون للحق ‪ ،‬بأن تكون النفس‬
‫مستحقة للقتل قصاصا أو عقوبة ‪ ،‬ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لقرب قرابته سلطانا‬
‫على القاتل بطلب القصاص من القاضى ‪ ،‬فل ياوز الد ف القتل ‪ ،‬بأن يقتل غي‬
‫القاتل ‪ ،‬أو يقتل اثني بواحد ‪ ،‬فإن ال نصره وأوجب له القصاص والدية ‪ ،‬فل يصح‬
‫أن يتجاوز الد ‪.‬‬

‫س ُن حَتّى يَبْلُ َغ َأ ُش ّدهُ َوأَ ْوفُوا بِالْ َع ْهدِ إِ ّن اْلعَ ْهدَ كَانَ‬
‫وَلَا َتقْ َربُوا مَا َل الْيَتِي ِم ِإلّا بِالّتِي هِ َي َأحْ َ‬
‫سنُ‬
‫َمسْئُولًا (‪َ )34‬وَأوْفُوا الْكَ ْي َل ِإذَا كِلُْت ْم وَ ِزنُوا بِاْل ِقسْطَاسِ الْ ُمسَْتقِيمِ َذِلكَ خَ ْي ٌر وََأ ْح َ‬
‫صرَ وَالْ ُفؤَادَ ُك ّل أُولَِئكَ كَانَ‬
‫ك ِبهِ عِ ْلمٌ إِ ّن السّمْ َع وَالْبَ َ‬
‫َتأْوِيلًا (‪ )35‬وَلَا َتقْفُ مَا لَيْسَ لَ َ‬
‫ض َوَلنْ تَبْ ُلغَ الْجِبَالَ‬
‫ق الْأَرْ َ‬
‫خ ِر َ‬
‫ك َلنْ تَ ْ‬
‫ض َم َرحًا ِإنّ َ‬
‫ش فِي الْأَرْ ِ‬
‫عَ ْن ُه َمسْئُولًا (‪َ )36‬ولَا تَمْ ِ‬
‫طُولًا (‪ُ )37‬ك ّل َذِلكَ كَا َن سَيُّئهُ عِ ْندَ َرّبكَ َم ْكرُوهًا (‪َ )38‬ذِلكَ مِمّا َأوْحَى ِإلَ ْيكَ َرّبكَ‬
‫ج َعلْ مَ َع ال ّلهِ ِإَلهًا َآخَ َر فَتُ ْلقَى فِي جَهَّن َم مَلُومًا َم ْدحُورًا (‪)39‬‬
‫حكْ َمةِ وَلَا تَ ْ‬
‫ِمنَ الْ ِ‬
‫خذَ ِم َن الْمَلَاِئ َكةِ ِإنَاثًا إِّن ُكمْ لََتقُولُو َن قَ ْولًا عَظِيمًا (‪)40‬‬
‫ي وَاتّ َ‬
‫صفَا ُكمْ َربّ ُكمْ بِالْبَنِ َ‬
‫َأفَأَ ْ‬

‫‪ -34‬ول تتصرفوا ف مال اليتيم إل بالطريقة الت هى أحسن الطرق لتنميته وتثميه ‪،‬‬
‫واستمروا على ذلك حت يبلغ رشده ‪ ،‬وإذا بلغ فسلموه له ‪ ،‬وحافظوا على كل عهد‬
‫التزمتموه ‪ ،‬فإن ال سيسأل ناقض العهد عن نقضه وياسبه عليه ‪.‬‬

‫‪ -35‬وأوفوا الكيل إذا كلتم للمشترى ‪ ،‬وزنوا له باليزان العدل ‪ ،‬فإن إيفاء الكيل‬
‫والوزن خي لكم ف الدنيا ‪ ،‬لنه يرغب الناس ف معاملتكم ‪ ،‬وأجل عاقبة ف الخرة ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -36‬ول تتبع ‪ -‬أيها الرء ‪ -‬ما ل علم لك به من قول أو فعل ‪ ،‬فل تقل ‪ :‬سعت ‪،‬‬
‫وأنت ل تسمع ‪ ،‬أو علمت ‪ ،‬وأنت ل تعلم ‪ ،‬فإن ِنعَ َم السمع والبصر والقلب يسأل‬
‫صاحبها عما يفعل بكل منها يوم القيامة ‪.‬‬

‫‪ -37‬ول تش ف الرض متكبا متالً ‪ ،‬فإنك مهما فعلت فلن ترق الرض بشدة‬
‫وطأتك ‪ ،‬ولن تبلغ مهما تطاولت أن تاذى بطولك قمم البال ‪.‬‬

‫‪ -38‬كل ذلك الذكور من الوصايا ‪ ،‬كان القبيح منه من النهيات مكروها مبغوضا‬
‫عند ربك ‪.‬‬

‫‪ -39‬وهو ما أوحاه إليك ربك من معرفة الق بذاته ‪ ،‬والي للعمل به ‪ ،‬ول تعل مع‬
‫ال إلا غيه فتلقى ف جهنم ملوما عند نفسك ‪ ،‬وعند غيك هالكا مطرودا من رحة‬
‫ربك ‪.‬‬

‫‪ -40‬أنكر ‪ -‬سبحانه ‪ -‬على من قالوا ‪ :‬اللئكة بنات ال ‪ ،‬فقال ‪ :‬أفضّلكم ربكم‬


‫على نفسه ‪ ،‬فخصكم بأقوى الولد ‪ ،‬وهم البنون ‪ ،‬واتذ هو لنفسه من اللئكة‬
‫بنات بزعمكم؟ إنكم ف قولكم هذا تفترون بتانا عظيما ‪.‬‬

‫ص ّرفْنَا فِي َهذَا اْل ُقرْآَ ِن لَِيذّ ّكرُوا َومَا َيزِيدُ ُهمْ إِلّا نُفُورًا (‪ُ )41‬ق ْل َلوْ كَا َن َم َعهُ َآِلهَةٌ‬
‫وََل َقدْ َ‬
‫ش سَبِيلًا (‪ )42‬سُبْحَاَنهُ َوَتعَالَى َعمّا يَقُولُونَ عُ ُلوّا‬
‫كَمَا َيقُولُونَ ِإذًا لَابَْتغَوْا إِلَى ذِي اْل َعرْ ِ‬
‫ض َو َمنْ فِي ِه ّن َوإِنْ ِم ْن شَيْ ٍء ِإلّا ُيسَبّحُ‬
‫ح َلهُ السّ َموَاتُ السّبْ ُع وَالْأَرْ ُ‬
‫كَبِيًا (‪ُ )43‬تسَبّ ُ‬
‫ح ُه ْم ِإنّهُ كَا َن حَلِيمًا َغفُورًا (‪ )44‬وَِإذَا َق َرْأتَ اْلقُرْ َآنَ‬
‫بِحَ ْم ِد ِه َولَ ِكنْ لَا َتفْ َقهُونَ َتسْبِي َ‬
‫جَعَلْنَا بَيَْنكَ َوبَ ْينَ اّلذِي َن لَا ُي ْؤمِنُو َن بِالْ َآ ِخرَ ِة حِجَابًا َمسْتُورًا (‪َ )45‬وجَعَلْنَا عَلَى قُلُوِب ِهمْ‬
‫ك فِي اْلقُرْآَنِ وَ ْح َدهُ َوّلوْا عَلَى‬
‫أَكِّنةً أَ ْن َي ْف َقهُو ُه وَفِي َآذَانِ ِهمْ وَ ْقرًا َوِإذَا ذَ َك ْرتَ َربّ َ‬
‫جوَى إِذْ‬
‫ح ُن أَعْ َل ُم بِمَا َيسْتَ ِمعُو َن ِبهِ إِ ْذ َيسْتَ ِمعُونَ ِإلَ ْيكَ َوِإذْ هُ ْم نَ ْ‬
‫َأدْبَا ِرهِ ْم ُنفُورًا (‪ )46‬نَ ْ‬
‫َيقُولُ الظّالِمُو َن إِ ْن تَتِّبعُونَ ِإلّا َرجُلًا َمسْحُورًا (‪)47‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -41‬لقد بيّنا ف هذا القرآن أحسن بيان ضروبا من المثال والواعظ والحكام ‪،‬‬
‫ليتعظ هؤلء الشركون ‪ ،‬ولكنهم لتحجر قلوبم ل يزيدهم ذلك التّبيي إل شرودا عن‬
‫الق ‪.‬‬
‫‪ -42‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬إظهارا لبطال زعمهم الشركاء ل ‪ :‬لو كان مع ال آلة ف‬
‫الوجود كما يقولون لطلب هؤلء اللة طريقا يصلون منه إل صاحب اللك الطلق‬
‫لينازعوه عليه ‪.‬‬
‫‪ -43‬تنه ال تنها لئقا به ‪ ،‬وتعال جل شأنه عما يزعمون من أنه معه آلة ‪.‬‬
‫‪ -44‬إن السموات السبع والرض ومن فيهن من الخلوقات تنهه وتقدسه ‪ ،‬وتدل‬
‫بإتقان صنعها على تنه ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬عن كل نقص وكمال ملكه ‪ ،‬وأنه ل شريك‬
‫له ‪ ،‬وما من شئ من الخلوقات ف ملكه الواسع إل ينهه كذلك مع الثناء عليه ‪،‬‬
‫ولكن الكافرين ل يفهمون هذه الدلة لستيلء الغفلة على قلوبم ‪ ،‬وكان ال حليما‬
‫عليهم غفورا لن تاب فلم يعاجلهم بالعقوبة ‪.‬‬
‫‪ -45‬وإذا قرأت ‪ -‬أيها النب ‪ -‬القرآن الناطق بدلئل الق جعلنا بينك وبي الذين ل‬
‫يؤمنون بالبعث والزاء حي إرادة الفتك بك حجابا ساترا لك عنهم ‪ ،‬فل يرونك ‪.‬‬
‫‪ -46‬وجعلنا بقتضى حكمتك ف الضلل والداية على قلوبم أغطية ‪ ،‬كراهة أن‬
‫يفهموا القرآن على حقيقته ‪ ،‬وف آذانم صمما فل يسمعونه ساع انتفاع ‪ ،‬لنم‬
‫أسرفوا ف العناد والكابرة ‪ ،‬وإذا ذكرت ربك ف القرآن منفردا عن ذكر آلتهم‬
‫رجعوا على أعقابم نافرين عن استماعه ‪.‬‬
‫‪ -47‬نن أعلم با يستمعون القرآن متلبسي به من الستهزاء والسخرية حي‬
‫استماعهم إليك ‪ ،‬وهم ذوو مسارة با ذكر ‪ ،‬وذلك قول الظالي لغيهم ف مسارتم ‪:‬‬
‫إن اتبعتم فأنتم ل تتبعون إل رجل مغلوبا على عقله ‪.‬‬

‫ك الَْأمْثَا َل فَضَلّوا فَلَا َيسْتَطِيعُو َن سَبِيلًا (‪َ )48‬وقَالُوا َأِئذَا كُنّا عِظَامًا‬
‫ض َربُوا َل َ‬
‫انْظُرْ كَيْفَ َ‬
‫وَ ُرفَاتًا َأئِنّا لَ َم ْبعُوثُونَ خَ ْلقًا َجدِيدًا (‪ُ )49‬قلْ كُونُوا حِجَا َرةً َأ ْو حَدِيدًا (‪ )50‬أَ ْو خَ ْلقًا‬
‫صدُورِ ُكمْ َفسَيَقُولُو َن َمنْ ُيعِي ُدنَا ُقلِ اّلذِي فَ َطرَ ُكمْ َأوّ َل َم ّرةٍ َفسَيُ ْنغِضُونَ‬
‫مِمّا َيكُْبرُ فِي ُ‬

‫‪9‬‬
‫ِإلَيْكَ رُءُو َسهُ ْم َويَقُولُو َن مَتَى ُهوَ ُقلْ َعسَى أَ ْن يَكُو َن َقرِيبًا (‪َ )51‬يوْ َم َيدْعُو ُكمْ‬
‫فََتسْتَجِيبُو َن بِحَ ْم ِد ِه َوتَظُنّونَ إِ ْن لَبِثُْت ْم ِإلّا قَلِيلًا (‪َ )52‬وقُ ْل ِلعِبَادِي َيقُولُوا الّتِي هِيَ‬
‫غ بَيَْن ُهمْ إِ ّن الشّيْطَانَ كَانَ لِ ْلِإْنسَانِ َعدُوّا مُبِينًا (‪َ )53‬رّبكُ ْم أَعْ َلمُ‬
‫سنُ إِنّ الشّيْطَا َن يَ ْنزَ ُ‬
‫أَ ْح َ‬
‫بِ ُك ْم إِنْ َيشَ ْأ َيرْحَ ْم ُكمْ َأ ْو إِنْ َيشَ ْأ ُيعَ ّذبْ ُك ْم وَمَا أَ ْرسَلْنَاكَ عَلَ ْي ِهمْ وَكِيلًا (‪)54‬‬

‫‪ -48‬انظر كيف ذكر لك الشباه فشبهوك بالسحور ‪ ،‬والكاهن ‪ ،‬والشاعر ‪ ،‬فضَلّوا‬


‫بذلك عن منهاج الجة فل يستطيعون طريقا إل الطعن يكن قبوله ‪ ،‬أو فضلوا بذلك‬
‫عن الدى فل يدون طريقا إليه ‪.‬‬
‫‪ -49‬قال النكرون للبعث ‪ :‬أنبعث إذا صرنا عظاما نرة ‪ ،‬وقطعا متفرقة ‪ ،‬فنكون‬
‫خلْقا جديدا فيه حياة؟ إن هذا ما ل يدخل العقول ‪.‬‬
‫‪ -50‬فقل لم ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬لو كنتم حجارة ل تقبل الياة بال ‪ ،‬أو حديدا وهو‬
‫أصلب من الجارة ‪.‬‬
‫‪ -51‬أو خلقا آخر غيها ما تنكر قلوبكم قبوله الياة لبعثتم ‪ ،‬فسيقولون ‪-‬‬
‫مستبعدين ‪ : -‬من يعيدنا؟ فقل لم ‪ :‬يعيدكم ال الذى أوجدكم أول مرة ‪،‬‬
‫فسيحركون إليك رؤوسهم تعجبا ويقولون استهزاء ‪ :‬مت البعث الذى تعدُنا به؟ فقل‬
‫لم ‪ :‬أرجو أن يكون قريبا ‪.‬‬
‫‪ -52‬وسيكون يوم يبعثكم ال فيه من قبوركم فتبعثون حامدين ربكم على كمال‬
‫قدرته وتظنون أنكم ما لبثتم ف قبوركم إل زمنا قليل ‪ ،‬تستقصرون الدة الطويلة ف‬
‫جنب ما أنتم قادمون عليه ‪.‬‬
‫‪ -53‬وقل ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬لعبادى الؤمني ‪ :‬أن يقولوا عند ماربتهم الشركي‬
‫العبارات الت هى أحسن للقناع ‪ ،‬ويتركوا الكلم الشن الذى يتسبب عنه الشر‬
‫والفساد ‪ ،‬فإن الشيطان يفسد بي الؤمني والكافرين ‪ ،‬لنه دائما عدو للنسان بيّن‬
‫العداوة ‪.‬‬
‫‪ -54‬ربكم أعلم بعاقبة أمركم إن يشأ يرحكم بالتوفيق لليان ‪ ،‬أو إن يشأ يعذبكم‬

‫‪10‬‬
‫بعدمه ‪ ،‬وما أرسلناك موكول إليك أمرهم فتجبهم على اليان ‪ ،‬وإنا أرسلناك بشيا‬
‫للمصدقي ونذيرا للمكذبي ‪ ،‬فدارهم ‪ ،‬و ُمرْ أصحابك بالحتمال منهم ‪.‬‬

‫ض النّبِيّيَ عَلَى َبعْضٍ وَ َآتَيْنَا‬


‫ض َولَ َقدْ فَضّلْنَا َبعْ َ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ك أَعْ َلمُ بِ َمنْ فِي السّمَاوَا ِ‬
‫وَ َربّ َ‬
‫ضرّ عَ ْن ُكمْ‬
‫ف ال ّ‬
‫دَاوُودَ َزبُورًا (‪ُ )55‬ق ِل ادْعُوا الّذِينَ زَعَمُْت ْم ِمنْ دُوِنهِ فَلَا يَمْ ِلكُونَ َكشْ َ‬
‫ب َويَ ْرجُونَ‬
‫حوِيلًا (‪ )56‬أُولَِئكَ اّلذِي َن َيدْعُونَ يَبَْتغُو َن إِلَى َرّبهِ ُم الْ َوسِي َلةَ َأّيهُ ْم َأ ْقرَ ُ‬
‫وَلَا تَ ْ‬
‫حنُ‬
‫حذُورًا (‪َ )57‬وإِ ْن ِمنْ َق ْرَيةٍ ِإلّا نَ ْ‬
‫َرحْمََتهُ وَيَخَافُونَ َعذَاَبهُ إِنّ َعذَابَ َرّبكَ كَا َن مَ ْ‬
‫ب َمسْطُورًا (‬
‫ُمهْلِكُوهَا قَ ْبلَ َيوْ ِم اْلقِيَا َمةِ َأوْ مُ َع ّذبُوهَا َعذَابًا َشدِيدًا كَانَ ذَِلكَ فِي الْكِتَا ِ‬
‫ص َرةً‬
‫ب ِبهَا الَْأ ّولُو َن وَ َآتَيْنَا ثَمُو َد النّا َقةَ مُبْ ِ‬
‫‪ )58‬وَمَا مََنعَنَا أَ ْن ُنرْ ِس َل بِاْلآَيَاتِ ِإلّا أَنْ َك ّذ َ‬
‫خوِيفًا (‪)59‬‬
‫ت ِإلّا تَ ْ‬
‫فَظَلَمُوا ِبهَا وَمَا نُ ْر ِسلُ بِالْ َآيَا ِ‬

‫‪ -55‬وربك أعلم بكل من ف السموات والرض وبأحوالم فيختار منهم لنبوته من‬
‫يشاء ‪ ،‬وقد اختارك لرسالته فل يصح أن يستكثروا عليك النبوة ‪ ،‬وهؤلء النبياء‬
‫ليسوا سواء ف الفضل عنده ‪ -‬جل شأنه ‪ -‬بل بعضهم أفضل من بعض ‪ ،‬ولقد فضل‬
‫بعض النبيي على بعض بالعجزات وكثرة التابعي ‪ ،‬ل باللك ‪َ ،‬ففَضّل داود أنه أوتى‬
‫الزبور ‪ ،‬ل لنه أوتى اللك ‪ .‬فل عجب أن تنال الفضل العظيم با أوتيت من القرآن ‪.‬‬
‫‪ -56‬قل لؤلء الذين يعبدون الخلوقي ‪ ،‬ويزعمونم آلة من دون ال ‪ :‬ادعوا من‬
‫تعبدونه إذا نزلت بكم شدة ‪ ،‬أو خفتم نزولا ‪ ،‬وسلوهم ف شأنا ‪ ،‬فلن تدوا منهم‬
‫كشفا لضركم ‪ ،‬ول تويل له عنكم ‪.‬‬
‫‪ -57‬وإن هؤلء الخلوقي الذين يدعوهم من يعبدهم يعبدون ال ‪ ،‬ويطلبون الدرجة‬
‫والنلة عنده بالطاعة ‪ ،‬ويرص كل منهم أن يكون أقرب إل ال ‪ ،‬ويطمعون ف‬
‫رحته ‪ ،‬ويرهبون عذابه ‪ ،‬إن عذاب ال ينبغى أن يذر وياف!! ‪.‬‬
‫‪ -58‬وقد جرت سنتنا أن نلك كل قرية ظالة بن فيها ‪ ،‬أو نعذب أهلها عذابا شديدا‬
‫بالقتل وغيه ‪ ،‬فليحذر ذلك قومك ‪ ،‬فقد جرى بذلك قضاؤنا ‪ ،‬وسُطّر ف كتابنا ‪.‬‬
‫‪ -59‬لقد اقترح عليك قومك أن تأتيهم باليات والعجزات ‪ ،‬ول يقنعوا با آتاهم ما‬
‫يقنع ذوى اللباب ‪ ،‬وقد جرت سنتنا مع من يقترح اليات ث ياب إليها ول يؤمن با‬

‫‪11‬‬
‫أن نستأصله بالعذاب كما فعلنا بالولي ‪ .‬ومنهم ثود ‪ ،‬إذ اقترحوا آيات ‪ ،‬فكانت‬
‫الناقة معجزة مضيئة نية واضحة ملية للشك والريب فكفروا با ‪ ،‬فكان ما كان من‬
‫أمرهم ‪ ،‬وكان من حكمة ال أل ييب قومك إل ما طلبوا خشية أن يكفروا با ‪،‬‬
‫ويرجى منهم َمنْ يؤمن أو يلد َمنْ يؤمن ‪ .‬واليات إنا نرسل با إل الناس تويفا‬
‫وإرهابا ‪.‬‬

‫س وَمَا جَعَلْنَا ال ّر ْؤيَا الّتِي أَ َريْنَاكَ ِإلّا فِتَْن ًة لِلنّاسِ‬


‫ط بِالنّا ِ‬
‫ك َأحَا َ‬
‫ك إِنّ َربّ َ‬
‫وَِإ ْذ قُلْنَا َل َ‬
‫خوّ ُف ُهمْ فَمَا َيزِي ُد ُهمْ ِإلّا ُطغْيَانًا كَبِيًا (‪ )60‬وَِإ ْذ قُلْنَا‬
‫ج َرةَ الْمَ ْلعُونَ َة فِي اْل ُقرْآَ ِن َونُ َ‬
‫وَالشّ َ‬
‫جدُ لِ َم ْن خَ َلقْتَ طِينًا (‪ )61‬قَالَ‬
‫جدُوا إِلّا ِإبْلِيسَ قَالَ َأَأسْ ُ‬
‫جدُوا ِل َآدَ َم َفسَ َ‬
‫لِلْمَلَائِ َكةِ اسْ ُ‬
‫أَ َرأَيَْتكَ هَذَا اّلذِي َك ّرمْتَ عَ َليّ لَِئ ْن َأخّ ْرَتنِ ِإلَى َيوْ ِم اْلقِيَا َمةِ َلَأحْتَنِ َك ّن ذُ ّريّتَ ُه ِإلّا قَلِيلًا (‬
‫ك مِ ْن ُهمْ َفإِ ّن َجهَنّ َم َجزَاؤُ ُكمْ َجزَا ًء َموْفُورًا (‪)63‬‬
‫ب فَ َم ْن تَِبعَ َ‬
‫‪ )62‬قَا َل اذْهَ ْ‬

‫‪ -60‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬حي قلنا لك ‪ :‬إن ربك أحاط بالناس ‪ ،‬فهم ف قبضة‬
‫قدرته ‪ ،‬فبلّغهم ول تف أحدا فهو يعصمك منهم ‪ ،‬وما جعلنا ما عاينته ليلة السراء‬
‫من العجائب إل امتحانا واختبارا للناس ‪ ،‬يزداد به إيان الؤمن وكفر الكافر ‪ ،‬وما‬
‫جعلنا الشجرة الذمومة ف القرآن ‪ -‬وهى شجرة الزّقوم الت تنبت ف أصل الحيم ‪-‬‬
‫إل اختبارا لم أيضا ‪ ،‬إذ قالوا ‪ :‬النار ترق الشجر ‪ ،‬فكيف تنبته؟ ونوفهم با ‪ ،‬فما‬
‫يزيدهم تويفنا إل تاوزا للحد الكبي ‪.‬‬
‫‪ -61‬وأن ال ليذكر بأصل اللق والعداوة بي آدم وإبليس ‪ ،‬إذ قال للملئكة ‪:‬‬
‫اسجدوا لدم سجود تية وتكري بالنناء ‪ ،‬فسجدوا على الفور ‪ ،‬إل إبليس امتنع‬
‫وقال منكرا ‪ :‬كيف أسجد لن خلقته من طي ‪ ،‬وأنا من نار ‪ ،‬فأنا خي منه ‪.‬‬
‫‪ -62‬قال إبليس ‪ :‬أخبن يا رب عن هذا الذى كرمته علىّ ‪ ،‬بأن أمرتن بالسجود له‬
‫‪ِ .‬لمَ كرّمته علىّ وأنا خي منه؟ وعزتك لئن أخرتن حيا إل يوم القيامة لهلكن ذريته‬
‫بالغواء ‪ ،‬إل قليل منهم من عصمته وحفظته ‪.‬‬
‫‪ -63‬قال له الول ‪ -‬تديدا واستدراجا ‪ : -‬امض لشأنك الذى اخترته لنفسك ‪،‬‬
‫فمن أطاعك من ذرية آدم فإن جهنم جزاؤك وجزاؤهم جزاء وافرا كامل ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ك وَشَارِ ْك ُهمْ فِي‬
‫ك وَ َرجِلِ َ‬
‫ك َوأَجْلِبْ َعلَ ْي ِهمْ بِخَيْ ِل َ‬
‫ص ْوتِ َ‬
‫ت مِ ْن ُهمْ بِ َ‬
‫وَاسَْتفْزِ ْز َمنِ اسْتَ َطعْ َ‬
‫س َلكَ‬
‫الَْأمْوَالِ وَالَْأ ْولَادِ وَ ِعدْ ُهمْ َومَا َي ِع ُدهُ ُم الشّيْطَا ُن ِإلّا ُغرُورًا (‪ )64‬إِنّ عِبَادِي لَيْ َ‬
‫حرِ‬
‫ك فِي الْبَ ْ‬
‫ك وَكِيلًا (‪َ )65‬رّبكُ ُم الّذِي ُيزْجِي َل ُكمُ اْلفُلْ َ‬
‫عَلَ ْي ِه ْم سُلْطَانٌ وَ َكفَى ِب َربّ َ‬
‫ض ّل َمنْ‬
‫حرِ َ‬
‫لِتَبَْتغُوا ِمنْ فَضْ ِل ِه ِإنّهُ كَا َن ِبكُمْ َرحِيمًا (‪َ )66‬وِإذَا َمسّ ُك ُم الضّ ّر فِي الْبَ ْ‬
‫َتدْعُو َن ِإلّا ِإيّاهُ فَلَمّا نَجّا ُك ْم ِإلَى الْبَ ّر أَ ْعرَضُْت ْم وَكَانَ اْلِإْنسَانُ َكفُورًا (‪َ )67‬أفََأمِنُْتمْ أَنْ‬
‫جدُوا َلكُ ْم وَكِيلًا (‪ )68‬أَمْ‬
‫ب الْبَ ّر َأوْ ُي ْر ِسلَ َعلَ ْيكُ ْم حَاصِبًا ُث ّم لَا تَ ِ‬
‫ف بِ ُك ْم جَانِ َ‬
‫خسِ َ‬
‫يَ ْ‬
‫ح فَُي ْغ ِرقَ ُك ْم بِمَا َك َفرُْتمْ‬
‫صفًا ِمنَ الرّي ِ‬
‫َأمِنْتُ ْم أَ ْن ُيعِيدَ ُك ْم فِيهِ تَا َر ًة ُأخْرَى فَُيرْ ِسلَ عَلَ ْي ُكمْ قَا ِ‬
‫جدُوا لَ ُكمْ عَلَيْنَا ِبهِ تَبِيعًا (‪)69‬‬
‫ُثمّ لَا تَ ِ‬

‫ف واستنل بدعائك إل معصية ال من استعطت منهم ‪ ،‬وأفرغ جهدك‬


‫‪ -64‬واستخ ّ‬
‫ف جيع أنواع الغراء ‪ ،‬وشاركهم ف كسب الموال من الرام وصرفها ف الرام ‪،‬‬
‫وتكفي الولد وإغرائهم على الفساد ‪ ،‬و ِعدْهم الواعيد الباطلة كشفاعة آلتهم ‪،‬‬
‫والكرامة عند ال بأنسابم ‪ ،‬وما يعد الشيطان أتباعه إل بالتغرير والتمويه ‪.‬‬
‫‪ -65‬أما عبادى الخلصون ل فليس لك على إغوائهم قدرة ‪ ،‬لتوكلهم على ربم ‪،‬‬
‫وكفى به ناصرا يستمدون منه العون ف اللص منك ‪.‬‬
‫‪ -66‬ربكم هو ‪ -‬وحده ‪ -‬الذى يرى لكم السفن ف البحر ‪ ،‬لتطلبوا من فضله‬
‫الرباح بالتجارة وغيها ‪ .‬إنه دائم الرحة بكم ‪.‬‬
‫‪ -67‬وإذا أصابكم الذى وتعرّضتم للمخاطر ف البحر ‪ ،‬غاب عنكم كل من تدعونه‬
‫ف حوائجكم من الصنام ‪ ،‬إل ال ‪ -‬وحده ‪ -‬فإنكم ل تذكرون سواه ‪ ،‬فلما نّاكم‬
‫من الغرق ‪ ،‬وأخرجكم إل الب ‪ ،‬أعرضتم عن توحيده وكفرت النعمة ‪ ،‬وشأن النسان‬
‫دائما جحد النعمة ‪.‬‬
‫‪ -68‬وإذا نّوتكم بروجكم إل الب أفأمنتم من عذاب ال؟ كل إن شاء قلب بكم‬
‫جانبا من الب فهلكتم تته ‪ ،‬وإن شاء أرسل عليكم ريا شديدة ترميكم بالصى‬
‫والجر ‪ ،‬فل تدون حافظا ما يصيبكم ‪.‬‬
‫‪ -69‬أم أمنتم أن يعيدكم ربكم ف البحر مرة أخرى ‪ ،‬فيسل عليكم قاصفا من الريح‬

‫‪13‬‬
‫يكسر فلككم؟ فيغرقكم بسبب جحودكم نعمته حي أناكم أول ‪ ،‬ث ل تدوا لكم‬
‫علينا من يطالبنا با فعلنا انتصارا لكم ‪.‬‬

‫ح ِر وَرَ َزقْنَاهُ ْم ِمنَ الطّيّبَاتِ َوفَضّلْنَاهُمْ عَلَى‬


‫وََل َقدْ َكرّمْنَا بَنِي َآدَ َم وَحَمَلْنَا ُهمْ فِي الْبَ ّر وَالْبَ ْ‬
‫س ِبإِمَا ِمهِ ْم فَ َم ْن أُوِتيَ كِتَاَبهُ بِيَمِيِنهِ‬
‫ي مِ ّم ْن خَ َلقْنَا َتفْضِيلًا (‪َ )70‬يوْ َم َندْعُوا ُك ّل ُأنَا ٍ‬
‫كَثِ ٍ‬
‫ك َي ْقرَءُونَ كِتَاَب ُهمْ َولَا يُظْ َلمُونَ فَتِيلًا (‪َ )71‬و َمنْ كَا َن فِي هَ ِذ ِه أَعْمَى َفهُ َو فِي‬
‫َفأُولَئِ َ‬
‫ضلّ سَبِيلًا (‪ )72‬وَإِنْ كَادُوا لََيفْتِنُوَنكَ َع ِن الّذِي أَ ْوحَيْنَا ِإلَ ْيكَ لَِتفَْترِيَ‬
‫الْ َآخِ َر ِة أَعْمَى َوأَ َ‬
‫ت َترْ َكنُ ِإلَ ْي ِهمْ شَيْئًا‬
‫خذُو َك خَلِيلًا (‪َ )73‬وَلوْلَا أَ ْن ثَبّتْنَا َك َل َقدْ ِكدْ َ‬
‫عَلَيْنَا غَ ْي َر ُه َوِإذًا لَاتّ َ‬
‫جدُ َلكَ عَلَيْنَا نَصِيًا (‬
‫ت ُثمّ لَا تَ ِ‬
‫ضعْفَ الْ َممَا ِ‬
‫ضعْفَ الْحَيَا ِة وَ ِ‬
‫قَلِيلًا (‪ِ )74‬إذًا َلَأ َذقْنَاكَ ِ‬
‫‪)75‬‬

‫‪ -70‬ولقد كرمنا أولد آدم بسن القوام والنطق وتي الشياء ‪ ،‬وأعطيناهم الكرامة‬
‫والعزة إن أطاعوا ‪ ،‬وحلناهم ف الب على الدواب ‪ ،‬وف البحر على السفن ‪ ،‬ورزقناهم‬
‫من الستلذات ‪ ،‬وفضلناهم على كثي من الخلوقات بالعقل والتفكي تفضيل عظيما ‪.‬‬
‫‪ -71‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لقومك يوم ندعو كل جاعة بشعارهم الذى يعرفون به ‪،‬‬
‫أو زعيمهم من رئيس اتبعوه ‪ ،‬أو نب ‪ ،‬أو كتاب ‪ ،‬فيقال ‪ :‬يا أهل موسى ‪ ،‬يا أهل‬
‫القرآن ‪ ،‬وهكذا ليتسلموا كتب أعمالم ‪ ،‬فمن أعطى كتاب أعماله بيمينه ‪ -‬وهم‬
‫السعداء ‪ -‬فأولئك يقرأون كتابم مبتهجي ول ينقصون من أجورهم أدن شئ ‪.‬‬
‫‪ -72‬وأما الفريق الخر فيغمه ما يرى ‪ ،‬وتسد عليه مسالك النجاة ‪ ،‬ويعمى عن‬
‫كشف ضره ‪ ،‬كما كان أعمى ف الدنيا عن طريق الق والرشاد ‪ ،‬ومن كان ف الدنيا‬
‫أعمى فهو أشد ف الخرة وأبعد عن سبيل الي ‪.‬‬
‫‪ -73‬وإن الشركي يتفننون ف ماولة صرفك عن القرآن لتطلب غيه من العجزات ‪،‬‬
‫وتكون كالفترى علينا ‪ ،‬وحينئذ يتخذونك صاحبا لم ‪ ،‬وإن هذه الحاولت قد‬
‫تكررت وكثرت ‪ ،‬وكان من شأنا أن تقربك ما يريدون ولكنك رسولنا المي ‪.‬‬
‫‪ -74‬وقد شلك لطفنا فصرفناك عن الستجابة لم ‪ ،‬وثبتناك على الق ‪ ،‬ولول ذلك‬
‫لوشكت أن تيل إل استجابتهم طمعا ف أن يكمل إيانم يوما إذا دخلوا ف أوائل‬

‫‪14‬‬
‫السلم ‪.‬‬
‫‪ -75‬ولو قاربت الركون إليهم لمعنا عليك عذاب الدنيا وضاعفناه ‪ ،‬وعذاب‬
‫الخرة وضاعفناه ‪ ،‬ث ل تد لك نصيا علينا ينع عنك العذاب ‪ ،‬ولكن ل يكون‬
‫ذلك أبدا لنه متنع على رسولنا المي ‪.‬‬

‫خ ِرجُوكَ مِ ْنهَا وَِإذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَا َفكَ ِإلّا قَلِيلًا (‬


‫ض لِيُ ْ‬
‫ك ِمنَ اْلأَرْ ِ‬
‫وَإِنْ كَادُوا لََيسَْت ِفزّونَ َ‬
‫حوِيلًا (‪َ )77‬أ ِقمِ الصّلَاةَ‬
‫ج ُد ِلسُنّتِنَا تَ ْ‬
‫ك ِمنْ ُرسُلِنَا َولَا تَ ِ‬
‫‪ )76‬سُنّ َة َمنْ قَ ْد أَ ْرسَلْنَا قَبْ َل َ‬
‫شهُودًا (‪)78‬‬
‫جرِ كَا َن َم ْ‬
‫ج ِر إِ ّن ُقرْآَ َن الْفَ ْ‬
‫سقِ اللّ ْي ِل وَ ُقرْآَ َن اْلفَ ْ‬
‫س ِإلَى َغ َ‬
‫ِلدُلُوكِ الشّمْ ِ‬
‫ك مَقَامًا مَحْمُودًا (‪َ )79‬و ُقلْ َربّ‬
‫ج ْد ِبهِ نَافِ َلةً َلكَ َعسَى أَ ْن يَ ْبعََثكَ َرّب َ‬
‫وَ ِم َن اللّ ْيلِ فََتهَ ّ‬
‫ق وَا ْجعَ ْل لِي ِم ْن َلدُْنكَ سُلْطَانًا نَصِيًا (‬
‫صدْ ٍ‬
‫خرَجَ ِ‬
‫صدْقٍ وََأ ْخرِجْنِي مُ ْ‬
‫َأدْخِلْنِي ُم ْدخَلَ ِ‬
‫ح ّق وَ َز َهقَ الْبَا ِط ُل إِنّ الْبَا ِطلَ كَانَ َزهُوقًا (‪ )81‬وَنَُن ّزلُ ِم َن الْ ُقرْآَ ِن مَا‬
‫‪َ )80‬وقُ ْل جَاءَ الْ َ‬
‫ي ِإلّا َخسَارًا (‪)82‬‬
‫ي وَلَا َيزِيدُ الظّالِمِ َ‬
‫هُ َو ِشفَا ٌء وَ َرحْ َم ٌة لِلْ ُمؤْمِِن َ‬

‫‪ -76‬ولقد حاول كفار مكة ‪ -‬وكادوا أن يزعجوك من أرض مكة بعداوتم ومكرهم‬
‫‪ -‬ليخرجوك منها ‪ ،‬ولو تقق منهم ذلك ل يبقون بعد خروجك منها إل زمنا قليل ‪،‬‬
‫ث يغلبون على أمرهم وتكون الكلمة ل ‪.‬‬
‫‪ -77‬وذلك كطريقنا ف الرسل قبلك من إهلك من أخرجوا نبيهم ‪ ،‬ولن تد لطريقنا‬
‫تبديل ‪.‬‬
‫‪ -78‬أقم الصلة الفروضة من أول زوال الشمس من وسط السماء نو الغرب إل‬
‫ظلمة الليل ‪ ،‬وهى صلوات الظهر والعصر والغرب والعشاء ‪ ،‬وأقم صلة الفجر الت‬
‫تشهدها اللئكة ‪.‬‬
‫‪ -79‬وتيقظ من نومك ف بعض الليل فتهجد بالصلة عبادة زائدة على الصلوات‬
‫المس خاصة بك ‪ ،‬رجاء أن يقيمك ربك يوم القيامة مقاما يمدك فيه اللئق ‪.‬‬
‫‪ -80‬وقل ‪ :‬يا رب أدخلن إدخال مرضيا كريا ف كل ما أدخل فيه من أمر أو مكان‬
‫‪ ،‬وأخرجن منه إخراجا مرضيا كريا ‪ ،‬واجعل من فضلك قوة تنصرن با على أعدائى‬
‫‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -81‬وقل منذرا قومك ‪ -‬الشركي ‪ : -‬جاء الق من التوحيد والدين الصحيح‬
‫والعدل ‪ ،‬وذهب الباطل والشرك والدين الفاسد ‪ ،‬إن الباطل مضمحل زائل دائما ‪.‬‬
‫‪ -82‬وكيف ل يقوى الق ونن ننل من القرآن ما هو شفاء لا ف الصدور من‬
‫الشك والريب ‪ ،‬وسبب رحة لن آمن به ‪ ،‬ول يزيد الظالي إل خسارا لكفرهم به ‪.‬‬

‫شرّ كَا َن يَئُوسًا (‪ُ )83‬قلْ ُكلّ‬


‫سهُ ال ّ‬
‫ض َوَنأَى بِجَانِِبهِ َوِإذَا َم ّ‬
‫وَِإذَا َأْنعَمْنَا عَلَى اْلِإْنسَا ِن أَ ْعرَ َ‬
‫ح ُقلِ‬
‫سَألُونَكَ َع ِن الرّو ِ‬
‫َيعْ َملُ عَلَى شَاكِلَِتهِ َف َرّبكُ ْم أَعْ َل ُم بِ َمنْ هُ َو َأهْدَى سَبِيلًا (‪ )84‬وََي ْ‬
‫ح ِمنْ َأ ْمرِ َربّي وَمَا أُوتِيُتمْ مِ َن اْلعِلْ ِم ِإلّا قَلِيلًا (‪ )85‬وَلَِئ ْن شِئْنَا لََن ْذهََبنّ بِالّذِي َأوْحَيْنَا‬
‫الرّو ُ‬
‫ك إِ ّن فَضْ َلهُ كَانَ عَلَ ْيكَ‬
‫ك بِهِ عَ َليْنَا وَكِيلًا (‪ِ )86‬إلّا َرحْ َم ًة ِمنْ َربّ َ‬
‫جدُ َل َ‬
‫ك ُثمّ لَا تَ ِ‬
‫ِإلَيْ َ‬
‫جنّ عَلَى أَنْ َي ْأتُوا بِمِ ْث ِل هَذَا الْ ُقرْآَ ِن لَا يَ ْأتُونَ‬
‫كَبِيًا (‪ُ )87‬قلْ لَِئ ِن اجْتَ َمعَتِ اْلِإنْسُ وَالْ ِ‬
‫ص ّرفْنَا لِلنّاسِ فِي َهذَا الْ ُقرْآَ ِن ِمنْ ُكلّ‬
‫ض ُهمْ لِبَعْضٍ َظهِيًا (‪ )88‬وََل َقدْ َ‬
‫بِمِثْ ِل ِه وََلوْ كَا َن بَعْ ُ‬
‫س ِإلّا ُكفُورًا (‪)89‬‬
‫مََثلٍ َفَأبَى أَكَْث ُر النّا ِ‬

‫‪ -83‬وإن ف طبع النسان الغرور والقنوط ‪ ،‬فإذا أنعمنا عليه بالصحة والسعة ‪،‬‬
‫أعرض عن ذكرنا ودعائنا ‪ ،‬وبَ ُعدَ عنا بنفسه تكبا وتعاظما ‪ ،‬وإذا مسه الشر كالرض‬
‫والفقر ‪ ،‬كان شديد القنوط من رحة ال ‪.‬‬
‫‪ -84‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لكفار قريش ‪ -‬رغبة عن إثارة الشر والدال ‪ : -‬كل منا‬
‫ومنكم يعمل ويسي على طريقته ‪ ،‬فربكم عليم علما ليس فوقه علم بن هو أوضح‬
‫طريقا واتباعا للحق فيؤتيه أجره موفورا ‪ ،‬ومن هو اضل سبيل فيعاقبه با يستحق ‪.‬‬
‫‪ -85‬ويسألك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬قومك ‪ -‬بإيعاز من اليهود ‪ -‬عن حقيقة الروح ‪ ،‬قل ‪:‬‬
‫الروح من علم رب الذى استأثر به ‪ ،‬وما أوتيتم من العلم إل شيئا قليلً ف جانب علم‬
‫ال تعال ‪.‬‬
‫‪ -86‬ولئن أردنا أن نحو من صدرك القرآن الذى أوحينا إليك لفعلنا ث ل تد من‬
‫يقوم لك وينصرك ‪.‬‬
‫‪ -87‬ولكن أبقيناه رحة من ربك لن فضله ف هذه العجزة كان عليك عظيما ‪.‬‬
‫‪ -88‬قل لم متحديا ‪ :‬أن يأتوا بثله وإنم ليعجزون ‪ ،‬ولئن اجتمعت النس والن‬

‫‪16‬‬
‫وتعاونوا على أن يأتوا بثل هذا القرآن ف نظمه ومعانيه ‪ ،‬ل يستطيعون ‪ ،‬ولو كانوا‬
‫متعاوني بعضهم يظاهر بعضا ‪.‬‬
‫‪ -89‬ولقد نوعنا مناهج البيان بوجوه متلفة للناس ف هذا القرآن من كل معن هو‬
‫كالثل ف غرابته فأب أكثر الناس إل الحود والنكار ‪.‬‬

‫ض يَنْبُوعًا (‪ )90‬أَ ْو َتكُو َن َلكَ جَّن ٌة ِمنْ‬


‫ج َر لَنَا ِم َن الْأَرْ ِ‬
‫َوقَالُوا َلنْ ُن ْؤمِ َن َلكَ حَتّى َتفْ ُ‬
‫ط السّمَاءَ كَمَا زَ َعمْتَ عَلَيْنَا‬
‫سقِ َ‬
‫جيًا (‪ )91‬أَ ْو ُت ْ‬
‫ج َر الَْأْنهَا َر خِلَالَهَا تَفْ ِ‬
‫ب فَُتفَ ّ‬
‫نَخِي ٍل وَعِنَ ٍ‬
‫ف َأوْ َت ْرقَى فِي‬
‫ت ِمنْ ُزخْرُ ٍ‬
‫ك بَيْ ٌ‬
‫سفًا َأوْ َت ْأتِ َي بِاللّ ِه وَالْمَلَاِئكَ ِة قَبِيلًا (‪َ )92‬أوْ يَكُونَ لَ َ‬
‫ِك َ‬
‫ك حَتّى تَُن ّزلَ عَلَيْنَا كِتَابًا َن ْقرَ ُؤ ُه ُقلْ سُبْحَانَ َربّي هَلْ كُنْتُ إِلّا‬
‫السّمَا ِء َوَلنْ ُن ْؤ ِمنَ ِل ُرقِيّ َ‬
‫ث ال ّلهُ‬
‫س أَ ْن ُيؤْمِنُوا ِإ ْذ جَا َء ُه ُم الْ ُهدَى ِإلّا أَنْ قَالُوا َأبَعَ َ‬
‫َبشَرًا َرسُولًا (‪ )93‬وَمَا مَنَ َع النّا َ‬
‫ي لََن ّزلْنَا عَلَ ْي ِهمْ ِمنَ‬
‫َبشَرًا َرسُولًا (‪ُ )94‬قلْ َلوْ كَا َن فِي اْلأَرْضِ مَلَاِئكَ ٌة يَ ْمشُونَ مُطْمَئِنّ َ‬
‫السّمَا ِء مَ َلكًا َرسُولًا (‪ُ )95‬قلْ َكفَى بِال ّلهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيَْن ُكمْ ِإّنهُ كَانَ بِعِبَا ِدهِ خَبِيًا‬
‫بَصِيًا (‪)96‬‬

‫‪ -90‬ولا ظهر إعجاز القرآن ولزمتهم الُجة ‪ ،‬اقترحوا اليات والعجزات ‪ ،‬فعل‬
‫الحجوج البهوت التحي ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬لن نؤمن حت تفجر لنا من أرض مكة عيْنا ل‬
‫ينقطع ماؤها ‪.‬‬
‫‪ -91‬أو يكون لك بكة بستان من نيل وعنب فتفجر النار وسطه تفجيا كثيا ‪.‬‬
‫‪ -92‬أو تسقط السماء فوق رؤوسنا قطعا كما زعمت أن ال توعدنا بذلك ‪ ،‬أو تأتى‬
‫بال واللئكة نقابلهم معاينة ومواجهة ‪.‬‬
‫‪ -93‬أو يكون لك بيت من زخرف من ذهب ‪ ،‬أو تصعد ف السماء ولن نصدقك ف‬
‫هذه الال إل إذا جئتنا بكتاب من ال يقرر فيه صدقك نقرؤه ‪ ،‬قل لم ‪ :‬أنزه رب عن‬
‫أن يتحكم فيه أحد ‪ ،‬أو يشاركه ف قدرته ‪ ،‬ما كنت إل بشرا كسائر الرسل ‪ ،‬ول‬
‫يأتوا قومهم بآية إل بإذن ال ‪.‬‬
‫‪ -94‬وما منع مشركى مكة أن يذعنوا للحق حي جاءهم الوحى مقرونا بالعجزات‬
‫إل زعمهم جهل منهم أن ال تعال ل يبعث رسله من البشر بل من اللئكة ‪-95 .‬‬

‫‪17‬‬
‫قل ‪ -‬يا ممد ‪ -‬ردا عليهم ‪ :‬لو كان ف الرض بدل البشر ملئكة يشون فيها‬
‫كالدميي مستقرين فيها ‪ ،‬لنلنا عليهم من السماء ملكا رسول من جنسهم ‪ ،‬ولكن‬
‫اللئكة ل يكونون كالبشر ‪ ،‬ولو كانوا لاءوا ف صورة البشر ‪.‬‬
‫‪ -96‬وقل ‪ :‬إن أنكرت رسالت فكفى بال حاكما بين وبينكم مقررا صدق رسالت‬
‫إليكم ‪ ،‬إنه كان بعباده عالا بأحوالم بصيا بأفعالم وهو مازيهم عليها ‪.‬‬

‫ش ُرهُ ْم َيوْمَ‬
‫حُ‬‫ج َد َلهُ ْم َأوْلِيَا َء ِم ْن دُوِنهِ َونَ ْ‬
‫وَ َم ْن َيهْ ِد ال ّلهُ َف ُهوَ الْ ُمهَْتدِ وَ َم ْن يُضْ ِللْ فَ َل ْن تَ ِ‬
‫الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِ ِهمْ عُمْيًا َوبُكْمًا وَصُمّا َمأْوَاهُ ْم َجهَنّمُ كُلّمَا خَبَتْ ِز ْدنَاهُ ْم سَعِيًا (‬
‫ك جَزَاؤُ ُهمْ بَِأّنهُمْ َك َفرُوا ِبآَيَاتِنَا َوقَالُوا َأِئذَا كُنّا عِظَامًا وَ ُرفَاتًا َأئِنّا لَمَ ْبعُوثُونَ‬
‫‪َ )97‬ذلِ َ‬
‫ض قَادِرٌ َعلَى أَنْ‬
‫ت وَاْلأَرْ َ‬
‫خَلْقًا جَدِيدًا (‪ )98‬أَ َوَلمْ َي َروْا أَ ّن ال ّلهَ اّلذِي خَ َلقَ السّمَاوَا ِ‬
‫ب فِي ِه َفَأبَى الظّالِمُو َن إِلّا ُكفُورًا (‪ُ )99‬ق ْل َلوْ َأنُْتمْ‬
‫يَخْ ُل َق مِثْ َلهُ ْم َوجَ َع َل َلهُ ْم أَجَلًا لَا َريْ َ‬
‫ق وَكَانَ اْلِإنْسَا ُن قَتُورًا (‪)100‬‬
‫سكْتُ ْم َخشَْيةَ اْلإِْنفَا ِ‬
‫تَمْ ِلكُو َن َخزَاِئنَ َرحْ َمةِ َربّي ِإذًا َلأَ ْم َ‬
‫ت بَيّنَاتٍ فَاسَْألْ بَنِي إِ ْسرَائِي َل ِإذْ جَا َء ُهمْ َفقَا َل َلهُ ِفرْ َعوْ ُن ِإنّي‬
‫وََل َقدْ َآتَيْنَا مُوسَى ِتسْعَ َآيَا ٍ‬
‫َلأَظُّنكَ يَا مُوسَى َمسْحُورًا (‪)101‬‬

‫‪ -97‬وقل لم ‪ :‬من يهده ال لسن استعداده فهو الهتدى ‪ ،‬ومن يضلله لفساد طبعه‬
‫فلن تد له أنصارا غيه يهدونم ف الدنيا ‪ ،‬ونشرهم ف الخرة مسحوبي على‬
‫وجوههم ل ينظرون ول ينطقون ول يسمعون ‪ ،‬ومكانم الذى يأوون إليه جهنم كلما‬
‫ضعف ليبها زادها ال تَ َلهّبا واشتعالً ‪.‬‬
‫‪ -98‬ذلك العذاب جزاؤهم بسبب كفرهم بالدلة الت أقمناها لم على الق ‪،‬‬
‫وقولم ‪ :‬أنبعث خَلْقا جديدا بعد أن نصي عظاما ورفاتا؟ ‪.‬‬
‫‪ -99‬أغفلوا ول يعلموا أن ال الذى خلق السموات والرض ‪ -‬مع عظمهما ‪ -‬قادر‬
‫على أن يلق مثلهم من النس والن ‪ ،‬ومن هو قادر على ذلك كيف ل يقدر على‬
‫إعادتم ‪ ،‬وهى أهون عليه ‪ ،‬وقد جعل ‪ -‬سبحانه ‪ -‬لعادتم بعد الوت أجل مددا ل‬
‫شك ف حصوله وهو يوم القيامة ‪ ،‬ومع ذلك أب الذين ظلموا أنفسهم بالكفر ‪ ،‬بعد‬
‫إقامة هذه الُجة إل جحودا ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -100‬قل لؤلء الشركي ‪ :‬لو كنتم تلكون خزائن رزق رب لبخلتم خشية الفقر ‪،‬‬
‫لن النسان مطبوع على شدة الرص والبخل ‪ ،‬وال هو الغن الواد ‪ ،‬ينح ما شاء‬
‫لن يشاء ‪ ،‬وينل من العجزات ما شاء ل ما شاء الناس ‪ ،‬وهو ف ذلك كله حكيم‬
‫عليم ‪.‬‬
‫‪ -101‬ولو أوتى هؤلء من اليات ما اقترحوا لصرفوها عن وجهها ‪ ،‬ول يؤمنوا با ‪،‬‬
‫ولقد آتينا موسى تسع آيات واضحات ومع ذلك كفروا ‪ ،‬وقال فرعون ‪ :‬إن لظنك‬
‫مسحورا يا موسى ‪.‬‬

‫ك يَا‬
‫ض بَصَاِئ َر َوإِنّي َلأَظُّن َ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ب السّمَاوَا ِ‬
‫ت مَا َأْنزَ َل َهؤُلَا ِء ِإلّا َر ّ‬
‫قَا َل َلقَدْ عَ ِلمْ َ‬
‫ض َفأَ ْغ َرقْنَا ُه َو َمنْ َم َعهُ جَمِيعًا (‪)103‬‬
‫ِفرْ َعوْنُ مَثْبُورًا (‪َ )102‬فأَرَا َد أَ ْن َيسْتَ ِف ّزهُ ْم ِمنَ اْلأَرْ ِ‬
‫ض َفإِذَا جَا َء وَ ْع ُد الْ َآ ِخ َرةِ جِئْنَا بِ ُكمْ َلفِيفًا (‬
‫َوقُلْنَا ِمنْ َب ْع ِدهِ لِبَنِي ِإسْرَائِي َل اسْكُنُوا اْلأَرْ َ‬
‫شرًا وََنذِيرًا (‪َ )105‬وقُرْ َآنًا‬
‫ح ّق َنزَ َل َومَا أَ ْرسَلْنَاكَ ِإلّا مَُب ّ‬
‫ح ّق أَْن َزلْنَا ُه َوبِالْ َ‬
‫‪ )104‬وَبِالْ َ‬
‫ث َوَنزّلْنَاهُ تَ ْنزِيلًا (‪ُ )106‬قلْ َآمِنُوا ِب ِه أَ ْو لَا ُت ْؤمِنُوا إِنّ‬
‫َفرَقْنَا ُه لَِتقْ َرَأهُ عَلَى النّاسِ عَلَى مُكْ ٍ‬
‫جدًا (‪ )107‬وََيقُولُونَ‬
‫خرّو َن لِ ْلأَ ْذقَانِ سُ ّ‬
‫الّذِينَ أُوتُوا اْلعِ ْلمَ ِم ْن قَبْ ِلهِ ِإذَا يُتْلَى عَ َل ْيهِ ْم يَ ِ‬
‫خرّو َن لِ ْلَأذْقَا ِن يَ ْبكُو َن َويَزِيدُ ُهمْ‬
‫سُبْحَانَ َربّنَا إِنْ كَا َن وَ ْعدُ َربّنَا لَ َمفْعُولًا (‪ )108‬وَيَ ِ‬
‫ُخشُوعًا (‪)109‬‬

‫‪ -102‬قال موسى ‪ :‬لقد علمت يا فرعون أن الذى أنزل هذه اليات هو رب‬
‫السموات والرض ‪ ،‬لنه هو الذى يقدر عليها وهى واضحات تبصرك بصدقى ‪،‬‬
‫ولكنك تكابر وتعاند ‪ ،‬وإن لظنك يا فرعون هالكا إذا ل ترجع عن عنادك ‪.‬‬
‫‪ -103‬فتمادى فرعون ف طغيانه ‪ ،‬فأراد أن يرج موسى وبن إسرائيل من أرض‬
‫مصر ‪ ،‬فأغرقناه مع جنوده جيعا ‪.‬‬
‫‪ -104‬ونّينا موسى وقومه ‪ ،‬وقلنا من بعد إغراق فرعون لبن إسرائيل ‪ :‬اسكنوا‬
‫الرض القدسة بالشام ‪ ،‬فإذا جاء وقت الياة الخرى جئنا بكم من قبوركم متلطي‬
‫ث نكم بينكم بالعدل ‪.‬‬
‫‪ -105‬وما أنزلنا القرآن إل مؤيدا بالكمة اللية الت اقتضت إنزاله ‪ ،‬وهو ف ذاته‬

‫‪19‬‬
‫وما نزل إل مشتمل على الق كله ‪ ،‬فعقائده هى الصحيحة ‪ ،‬وأحكامه هى‬
‫الستقيمة ‪ ،‬وما أرسلناك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬إل مبشرا لن آمن بالنة ‪ ،‬ونذيرا لن كفر‬
‫بالنار ‪ .‬فليس عليك شئ إذا ل يؤمنوا ‪.‬‬
‫‪ -106‬وقد فرّقنا هذا القرآن ونزّلناه منجما على مدة طويلة لتقرأه على الناس على‬
‫مهل ليفهموه ‪ ،‬نزلناه شيئا بعد شئ تنيل مؤكدا ل شبهة فيه ‪.‬‬
‫‪ -107‬قل لكفار مكة تديدا لم ‪ :‬اختاروا لنفسكم ما تبون من اليان بالقرآن أو‬
‫عدمه ‪ ،‬فإن الذين أوتوا العلم الصحيح والدراك السليم من قبل نزوله ‪ ،‬إذا يتلى‬
‫عليهم يقعون على الوجوه سجدا ‪ ،‬شكرا ل على نعمته ‪.‬‬
‫‪ -108‬ويقولون ‪ :‬تنه ربنا عن خلف الوعد الذى وعد به من نعيم وعذاب ‪ ،‬إن‬
‫وعده كان حاصل ل مالة ‪.‬‬
‫‪ -109‬ويقعون ثانيا على الوجوه سجدا باكي من خوف ال ‪ ،‬ويزيدهم القرآن‬
‫تواضعا ل ‪.‬‬

‫ج َه ْر بِصَلَاِتكَ‬
‫حسْنَى َولَا تَ ْ‬
‫ُقلِ ادْعُوا ال ّلهَ أَ ِو ادْعُوا الرّحْ َم َن َأيّا مَا َتدْعُوا فَ َل ُه الَْأسْمَا ُء الْ ُ‬
‫خ ْذ َولَدًا وََلمْ‬
‫ك سَبِيلًا (‪َ )110‬و ُقلِ الْحَ ْم ُد لِ ّل ِه الّذِي َلمْ يَتّ ِ‬
‫وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَ ِغ بَ ْي َن َذلِ َ‬
‫ك فِي الْمُ ْلكِ َوَلمْ َي ُكنْ َل ُه وَِل ّي مِ َن الذّ ّل وَكَّب ْرهُ َتكْبِيًا (‪)111‬‬
‫يَ ُك ْن َلهُ َشرِي ٌ‬

‫‪ -110‬قل لؤلء الشركي ‪ :‬سوا ال باسم ال أو اسم الرحن فأى اسم تسمونه فهو‬
‫حسن ‪ ،‬وهو تعال له الساء السن ‪ ،‬ول شبهة لكم ف أن تعدد الساء يستوجب‬
‫تعدد السمى ‪ .‬وإذا قرأت القرآن ف صلتك فل ترفع صوتك به ‪ ،‬لئل يسمع‬
‫الشركون فيسبوك ويؤذوك ‪ ،‬ول تسر به فل يسمع الؤمنون ‪ ،‬وكن وسطا ف قراءتك‬
‫‪.‬‬
‫‪ -111‬وقل المد ل الذى ل يتخذ ولدا لعدم حاجته إليه ‪ ،‬ول يكن له شريك ف‬
‫اللك ‪ ،‬لنه ‪ -‬وحده ‪ -‬منشئه ‪ ،‬ول يكن له ناصر يعطيه عزة من ُذ ّل لقه ‪ ،‬وعظّم‬
‫ربك تعظيما يليق به ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫ج َعلْ لَهُ ِع َوجًا (‪)1‬‬
‫ب َولَ ْم يَ ْ‬
‫الْحَ ْمدُ لِلّ ِه اّلذِي َأْنزَلَ عَلَى عَ ْب ِد ِه الْكِتَا َ‬

‫‪ -1‬الثناء الميل مستحق ل تعال الذى أنزل على عبده ممد صلى ال تعال عليه‬
‫وسلم القرآن ‪ ،‬ول يعل فيه شيئا من النراف عن الصواب ‪ ،‬بل كان فيه الق الذى‬
‫ل ريب فيه ‪.‬‬

‫ي اّلذِينَ يَعْمَلُو َن الصّالِحَاتِ أَنّ َل ُه ْم أَ ْجرًا‬


‫شرَ الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫قَيّمًا لِيُ ْنذِرَ َب ْأسًا َشدِيدًا ِم ْن َلدُْنهُ َويَُب ّ‬
‫خ َذ اللّ ُه َولَدًا (‪ )4‬مَا َل ُهمْ ِب ِه ِمنْ‬
‫ي فِيهِ َأَبدًا (‪َ )3‬ويُ ْنذِرَ اّلذِي َن قَالُوا اتّ َ‬
‫َحسَنًا (‪ )2‬مَاكِثِ َ‬
‫ك بَاخِعٌ‬
‫ج ِمنْ َأ ْفوَا ِههِ ْم إِ ْن َيقُولُونَ ِإلّا َكذِبًا (‪ )5‬فَ َلعَلّ َ‬
‫خرُ ُ‬
‫عِ ْل ٍم َولَا ِلآَبَائِ ِهمْ كَُب َرتْ َكلِ َم ًة تَ ْ‬
‫ث أَ َسفًا (‪ِ )6‬إنّا جَعَلْنَا مَا عَلَى اْلأَرْضِ‬
‫حدِي ِ‬
‫سكَ عَلَى َآثَارِ ِه ْم إِ ْن لَ ْم ُيؤْمِنُوا ِب َهذَا الْ َ‬
‫َنفْ َ‬
‫صعِيدًا ُجرُزًا (‪ )8‬أَمْ‬
‫زِيَنةً َلهَا لِنَبْ ُلوَ ُهمْ َأّي ُهمْ َأ ْحسَنُ َعمَلًا (‪َ )7‬وِإنّا لَجَاعِلُو َن مَا عَلَ ْيهَا َ‬
‫ف وَال ّرقِيمِ كَانُوا ِمنْ َآيَاتِنَا عَجَبًا (‪)9‬‬
‫ب الْ َكهْ ِ‬
‫صحَا َ‬
‫َحسِبْتَ أَ ّن أَ ْ‬

‫‪ -2‬وجعله قيما مستقيما ف تعاليمه لينذر الاحدين بعذاب شديد صادر من عنده ‪،‬‬
‫ويبشر الصدقي الذين يعملون العمال الصالات بأن لم ثوابا جزيلً ‪.‬‬
‫‪ -3‬هو النة خالدين فيها أبدا ‪.‬‬
‫‪ -4‬ويُنذر ‪ -‬على وجه الصوص ‪ -‬الذين قالوا عن ال ‪ :‬إنه اتذ ولدا ‪ ،‬وهو النه‬
‫عن أن يكون كالوادث يَ ِلدُ أو يُ َوَلدُ له ‪.‬‬
‫‪ -5‬وليس عندهم علم بذلك ول عند آبائهم من قبل ‪ ،‬فما أعظم الفتراء ف هذه‬
‫الكلمة الت ترءوا على إخراجها من أفواههم! ما يقولون ‪ :‬إل افتراء ليس بعده افتراء‬
‫‪.‬‬
‫‪ -6‬ل تلك نفسك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أسفا وحزنا على إعراضهم عن دعوتك غي‬
‫مصدقي بذا القرآن ‪.‬‬
‫‪ -7‬إنا قد خلقناهم للخي والشر ‪ ،‬وصيّرنا ما فوق الرض زينة لا ومنفعة لهلها ‪،‬‬
‫لنعاملهم معاملة الختب ليُظهر منهم الصلح عمل ‪ ،‬فمن استهوته الدنيا ول يلتفت إل‬
‫الخرة ض ّل ‪ ،‬ومن آمن بالخرة اهتدى ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -8‬وإنا لصيّرون عند انقضاء الدنيا ما فوقها مثل أرض مستوية ل نبات فيها ‪ ،‬بعد أن‬
‫كانت خضراء عامرة بظاهر الياة ‪.‬‬
‫‪ -9‬لقد أنكر الذين استهوتم الدنيا بزينتها البعث ‪ ،‬مع أن الوقائع تثبت الياة بعد‬
‫الرقود الطويل ‪ ،‬وهذه قصة أهل الكهف ف البل واللوح الذى رقمت فيه أساؤهم‬
‫بعد موتم ل تكن عجبا وحدها دون سائر اليات ‪ ،‬وإن كان شأنا خارقا للعادة ‪،‬‬
‫فليس أعجب من آياتنا الدالة على قدرتنا ‪.‬‬

‫ف َفقَالُوا َربّنَا َآتِنَا ِمنْ َل ُدنْكَ َرحْ َمةً َوهَّيئْ لَنَا ِمنْ َأ ْم ِرنَا َر َشدًا (‬
‫ِإذْ َأوَى اْلفِتَْيةُ ِإلَى اْلكَهْ ِ‬
‫ح ْزبَ ْينِ‬
‫ي الْ ِ‬
‫ف سِنِيَ َع َددًا (‪ُ )11‬ث ّم بَعَثْنَا ُهمْ لَِنعْ َلمَ أَ ّ‬
‫ضرَبْنَا عَلَى َآذَاِنهِ ْم فِي الْ َكهْ ِ‬
‫‪ )10‬فَ َ‬
‫ح ّق ِإّنهُ ْم فِتَْيةٌ َآمَنُوا ِب َرّبهِمْ‬
‫ح ُن نَقُصّ َعلَ ْيكَ نََبَأهُ ْم بِالْ َ‬
‫أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا َأ َمدًا (‪ )12‬نَ ْ‬
‫ت وَاْلأَرْضِ‬
‫وَ ِزدْنَاهُ ْم ُهدًى (‪ )13‬وَ َربَطْنَا عَلَى قُلُوِب ِهمْ ِإ ْذ قَامُوا َفقَالُوا َربّنَا َربّ السّمَاوَا ِ‬
‫خذُوا ِم ْن دُوِنهِ َآِل َهةً‬
‫َلنْ َندْ ُعوَ مِ ْن دُونِ ِه ِإلَهًا لَ َق ْد قُلْنَا ِإذًا شَطَطًا (‪ )14‬هَ ُؤلَا ِء َقوْمُنَا اتّ َ‬
‫لَ ْولَا َي ْأتُونَ عَلَ ْي ِهمْ ِبسُلْطَا ٍن بَّينٍ َف َمنْ أَ ْظ َلمُ مِ ّم ِن افَْترَى عَلَى ال ّلهِ َك ِذبًا (‪)15‬‬

‫‪ -10‬اذكر حي صار هؤلء الفتيان إل هذه الغارة وجعلوها مأوى لم ‪ ،‬فرارا بدينهم‬
‫من الشرك والشركي ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا ربنا آتنا من عندك مغفرة وأمنا من عدونا ‪ ،‬ويسّر‬
‫لنا من شأننا هداية وتوفيقا ‪.‬‬
‫‪ -11‬فاستجبنا دعاءهم فَأنَمْنَاهُمْ آمني ف الكهف سني عديدة ‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬لتكون عاقبة ذلك إظهار عِلْمنا‬
‫‪ -12‬ث أيقظهم ال بعد أن ظلوا نياما أمدا طوي ً‬
‫بن أصاب من الفريقي ف تقدير مدة مكثهم ‪.‬‬
‫‪ -13‬نن نقص عليك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬خبهم بالصدق ‪ :‬إنم فتيان كانوا قبل‬
‫العهود السابقة على دين الق ‪ ،‬صدّقوا بوحدانية ربم وسط قوم مشركي وزدناهم‬
‫يقينا ‪.‬‬
‫‪ -14‬وثبتنا قلوبم على اليان والصب على الشدائد حي قاموا ف قومهم فقالوا‬
‫متعاهدين ‪ :‬ربنا أنت الق رب السموات والرض لن نعبد من غيه إلا ‪ ،‬ولن نتحول‬
‫عن هذه العقيدة ‪ .‬وال إذا قلنا غي هذا لكان قولنا بعيدا عن الصواب ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ل يأتون على ألوهية‬
‫‪ -15‬ث قال بعضهم لبعض ‪ :‬هؤلء قومنا أشركوا بال غيه ‪ ،‬ه ّ‬
‫من يعبدونم من دون ال بُجة ظاهرة؟ إنم لظالون فيما فعلوا ‪ ،‬ول أحد أشد ظلما‬
‫من افترى على ال كذبا بنسبة الشريك إليه ‪.‬‬

‫شرْ َلكُمْ َرّب ُكمْ ِمنْ َرحْمَِتهِ‬


‫ف يَ ْن ُ‬
‫وَِإذِ اعَْت َزلْتُمُو ُه ْم وَمَا يَعُْبدُونَ إِلّا ال ّل َه َفأْوُوا ِإلَى الْ َكهْ ِ‬
‫وَُيهَّيئْ َل ُكمْ ِم ْن َأمْرِ ُك ْم مِر َفقًا (‪)16‬‬

‫‪ -16‬وقال بعضهم لبعض ‪ :‬ما دمنا قد اعتزلنا القوم ف كفرهم وشركهم فالأوا إل‬
‫الكهف فرارا بدينكم ‪ ،‬يبسط لكم ربكم من مغفرته ‪ ،‬ويسهل لكم من أمركم ما‬
‫تنتفعون به من مرافق الياة ‪.‬‬

‫ض ُهمْ ذَاتَ‬
‫ي وَِإذَا َغ َربَتْ َت ْقرِ ُ‬
‫ت َتزَاوَرُ َعنْ َك ْه ِف ِهمْ ذَاتَ الْيَ ِم ِ‬
‫س ِإذَا طَ َلعَ ْ‬
‫وََترَى الشّمْ َ‬
‫ت اللّ ِه َمنْ َي ْهدِ ال ّل ُه َفهُ َو الْ ُمهَْتدِ َو َمنْ يُضْ ِللْ‬
‫ك ِمنْ َآيَا ِ‬
‫ج َوةٍ مِ ْن ُه َذلِ َ‬
‫الشّمَالِ َو ُهمْ فِي فَ ْ‬
‫ي َوذَاتَ‬
‫حسَُب ُه ْم َأيْقَاظًا وَ ُهمْ ُرقُو ٌد َونُقَلُّب ُهمْ ذَاتَ الْيَ ِم ِ‬
‫ج َد َل ُه وَلِيّا ُمرْ ِشدًا (‪ )17‬وَتَ ْ‬
‫فَ َلنْ تَ ِ‬
‫ت مِ ْنهُ ْم ِفرَارًا َولَمُلِئْتَ‬
‫ط ذِرَاعَ ْي ِه بِالْوَصِي ِد َلوِ اطّ َلعْتَ عَلَ ْي ِهمْ َل َولّيْ َ‬
‫الشّمَالِ وَكَلُْب ُه ْم بَاسِ ٌ‬
‫ك َبعَثْنَا ُهمْ لِيََتسَا َءلُوا بَيَْن ُهمْ قَالَ قَاِئلٌ مِ ْن ُهمْ َكمْ لَبِثُْتمْ قَالُوا لَبِثْنَا‬
‫مِ ْنهُمْ رُ ْعبًا (‪ )18‬وَ َك َذلِ َ‬
‫يَ ْومًا َأ ْو َبعْضَ َيوْ ٍم قَالُوا َربّ ُكمْ أَ ْع َلمُ بِمَا لَبِثُْت ْم فَاْبعَثُوا َأحَدَ ُك ْم بِوَ ِر ِقكُ ْم َه ِذهِ ِإلَى الْ َمدِينَةِ‬
‫ش ِعرَنّ ِب ُكمْ َأ َحدًا (‪ِ )19‬إنّ ُهمْ‬
‫ف َولَا ُي ْ‬
‫ق مِ ْنهُ َولْيَتَلَطّ ْ‬
‫فَلْيَنْ ُظ ْر َأيّهَا أَزْكَى َطعَامًا فَلَْي ْأِتكُ ْم ِبرِزْ ٍ‬
‫إِ ْن يَ ْظهَرُوا عَلَ ْيكُ ْم َيرْجُمُو ُك ْم َأوْ ُيعِيدُو ُك ْم فِي مِلِّت ِهمْ َوَلنْ ُتفْلِحُوا ِإذًا َأبَدًا (‪)20‬‬

‫‪ -17‬وقد كان ف الكهف فتحة متسعة ف البل ‪ ،‬وهى متجهة إل الشمال ييئهم‬
‫منها النسيم العليل ‪ ،‬وإذا طلعت الشمس من الشرق عن يينهم مالت أشعتها عنهم ‪،‬‬
‫وإذا غربت عن يسارهم تاوزتم ول تدخل أشعتها ف كهفهم ‪ ،‬فحرارة الشمس ل‬
‫تؤذيهم ‪ .‬ونسيم الواء يأتيهم ‪ ،‬وذلك كله من دلئل قدرة ال ‪ ،‬ومن يوفقه ال‬
‫لدراكها يهتدى ‪ ،‬ومن ل يوفقه فل مرشد له من بعد ‪.‬‬
‫‪ -18‬وتظنهم ‪ -‬أيها الناظر ‪ -‬منتبهي ‪ ،‬وف القيقة هم نيام ‪ ،‬ونقلبهم ف نومهم يينا‬
‫مرة ويسارا مرة لنحفظ أجسامهم من تأثي الرض ‪ ،‬وكلبهم ‪ -‬الذى صاحبهم ‪ -‬مادا‬

‫‪23‬‬
‫ذراعيه بالفناء وهو نائم أيضا ف شكل اليقظان ‪ ،‬لو اطلعت ‪ -‬أيها الخاطب ‪ -‬عليهم‬
‫وهم على تلك الال لفررت منهم هاربا ‪ ،‬وللئ قلبك منهم فزعا ليبتهم ف منامهم ‪،‬‬
‫فل يقع نظر أحد عليهم إل هابم ‪ ،‬كيل يدنو منهم أحد ‪ ،‬ول تسهم يد حت تنتهى‬
‫الدة ‪.‬‬
‫‪ -19‬وكما أنَمْنَاهم أيقظناهم ليسأل بعضهم بعضا عن مدة مكثهم نائمي ‪ ،‬فقال‬
‫واحد منهم ‪ :‬ما الزمن الذى مكثتموه ف نومكم؟ فقالوا ‪ :‬مكثنا يوما أو بعض يوم ‪،‬‬
‫ولا ل يكونوا ُمسْتَيقني من ذلك قالوا ‪ :‬اتركوا المر ل ‪ ،‬فهو العلم به ‪ ،‬وليذهب‬
‫واحد منكم بذه العملة الفضية إل الدينة وليتخي أطيب الطعمة فيأتيكم بطعام منه ‪،‬‬
‫وليكن حسن التفاهم ‪ ،‬ول يظهرن أمركم لحد من الناس ‪.‬‬
‫‪ -20‬إنم إن رأوكم يقتلوكم رجا بالجارة أو يعيدوكم إل الشرك بالقوة ‪ ،‬وإذا‬
‫عدت إليه فلن تفلحوا ف الدنيا والخرة ‪.‬‬

‫ب فِيهَا ِإ ْذ يَتَنَازَعُونَ‬
‫وَ َكذَِلكَ أَعَْث ْرنَا عَلَ ْي ِه ْم لَِيعْلَمُوا أَ ّن وَ ْعدَ ال ّلهِ حَ ّق َوأَنّ السّا َعةَ لَا َريْ َ‬
‫بَيَْنهُ ْم َأ ْمرَ ُهمْ َفقَالُوا ابْنُوا عَلَ ْي ِهمْ بُنْيَانًا َرّب ُهمْ أَعْ َلمُ ِب ِهمْ قَالَ اّلذِينَ غَ َلبُوا عَلَى َأمْ ِر ِهمْ‬
‫س ٌة سَا ِدسُ ُهمْ‬
‫جدًا (‪ )21‬سَيَقُولُو َن ثَلَاثَةٌ رَاِبعُ ُهمْ كَلُْب ُهمْ َوَيقُولُونَ خَ ْم َ‬
‫خذَنّ عَلَ ْي ِه ْم َمسْ ِ‬
‫لَنَتّ ِ‬
‫ب َوَيقُولُونَ سَ ْب َعةٌ َوثَامُِن ُهمْ كَلُْب ُهمْ ُقلْ َربّي أَعْ َل ُم ِب ِعدِّت ِهمْ مَا َيعْلَ ُمهُ ْم ِإلّا‬
‫كَلُْب ُهمْ َرجْمًا بِالْغَيْ ِ‬
‫شيْءٍ‬
‫ت فِيهِ ْم مِ ْن ُهمْ َأ َحدًا (‪ )22‬وَلَا َتقُوَلنّ ِل َ‬
‫قَلِيلٌ فَلَا تُمَا ِر فِي ِهمْ ِإلّا ِمرَاءً ظَا ِهرًا َولَا َتسَْتفْ ِ‬
‫ِإنّي فَا ِعلٌ َذِلكَ َغدًا (‪ِ )23‬إلّا أَ ْن َيشَا َء اللّ ُه وَاذْكُرْ َرّبكَ ِإذَا َنسِيتَ وَ ُقلْ َعسَى أَنْ‬
‫ي وَا ْزدَادُوا‬
‫َيهْ ِدَينِ َربّي ِلأَ ْق َربَ ِم ْن هَذَا َرشَدًا (‪َ )24‬ولَبِثُوا فِي َك ْه ِف ِهمْ ثَلَاثَ مَِئ ٍة سِنِ َ‬
‫ِتسْعًا (‪)25‬‬

‫‪ -21‬وكما أنناهم وبعثناهم أطلعنا أهل الدينة عليهم ليعلم الطلعون أن وعد ال‬
‫بالبعث حق ‪ ،‬وأن القيامة ل شك ف إتيانا ‪ .‬فآمن أهل الدينة بال واليوم الخر ‪ ،‬ث‬
‫أمات ال الفتية فتنازعوا ف شأنم ‪ ،‬فقال بعضهم ‪ :‬ابنوا على باب الكهف بنيانا‬
‫ونتركهم وشأنم فربم أعلم بالم ‪ ،‬وقال أصحاب الكلمة ف القوم ‪ :‬لنتخذن على‬
‫مكانم مسجدا للعبادة ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ -22‬سيقول فريق من الائضي ف قصتهم من أهل الكتاب ‪ :‬هم ثلثة رابعهم كلبهم‬
‫‪ ،‬ويقول آخرون ‪ :‬هم خسة سادسهم كلبهم ‪ .‬ظنا خاليا من الدليل ‪ ،‬ويقول آخرون‬
‫‪ :‬هم سبعة وثامنهم كلبهم ‪ .‬قل لؤلء الختلفي ‪ :‬رب عليم علما ليس فوقه علم‬
‫بعددهم ‪ .‬ول يعلم حقيقته إل قليل من الناس أطلعهم ال على عددهم ‪ ،‬فل تادل‬
‫هؤلء الختلفي ف شأن الفتية إل جدال ظاهرا لينا دون ماولة إقناعهم ‪ ،‬فإنم ل‬
‫يقتنعون ‪ .‬ول تسأل أحدا منهم عن نبئهم ‪ ،‬فقد جاءك الق الذى ل ِمرْيَة فيه ‪.‬‬
‫‪ -23‬ول تقولن لشئ ُت ْقدِم عليه وتتم به ‪ :‬إن فاعل ذلك فيما يستقبل من الزمان ‪.‬‬
‫‪ -24‬إل قول مقترنا بشيئة ال بأن تقول ‪ :‬إن شاء ال! وإذا نسيت أمرا فتدارك‬
‫نفسك بذكر ال ‪ ،‬وقل عند اعتزامك أمرا وتعليقه على مشيئة ال ‪ :‬عسى أن يوفقن‬
‫رب إل أمر خي ما عزمت عليه وأرشد منه ‪.‬‬
‫‪ -25‬وإن الفتية مكثوا ف كهفهم نياما ثلثائة سني زادت تسعا ‪.‬‬

‫ص ْر ِبهِ َوأَسْمِع مَا َل ُهمْ ِم ْن دُوِنهِ‬


‫ض َأبْ ِ‬
‫ب السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬
‫ُقلِ ال ّلهُ أَ ْع َلمُ بِمَا لَبِثُوا َلهُ غَيْ ُ‬
‫ك لَا مَُبدّلَ‬
‫شرِ ُك فِي حُكْ ِم ِه َأحَدًا (‪ )26‬وَاْتلُ مَا أُو ِحيَ ِإلَ ْيكَ ِمنْ كِتَابِ َرّب َ‬
‫ِمنْ َولِ ّي َولَا ُي ْ‬
‫ك مَ َع اّلذِي َن يَدْعُونَ َرّب ُهمْ‬
‫حدًا (‪ )27‬وَاصِْب ْر َن ْفسَ َ‬
‫جدَ ِم ْن دُوِنهِ مُلْتَ َ‬
‫لِكَلِمَاِتهِ َوَلنْ َت ِ‬
‫بِاْل َغدَا ِة وَاْل َعشِ ّي ُيرِيدُونَ َو ْجهَ ُه َولَا َتعْدُ عَيْنَاكَ عَ ْن ُهمْ ُترِيدُ زِيَن َة الْحَيَاةِ ال ّدنْيَا َولَا تُطِ ْع َمنْ‬
‫ح ّق ِمنْ َربّ ُكمْ فَ َمنْ‬
‫أَ ْغفَلْنَا قَلَْبهُ َع ْن ذِ ْك ِرنَا وَاتّبَ َع هَوَاهُ وَكَا َن َأ ْم ُرهُ ُفرُطًا (‪َ )28‬و ُقلِ الْ َ‬
‫ي نَارًا أَحَاطَ بِ ِه ْم سُرَا ِدقُهَا وَإِ ْن َيسَْتغِيثُوا‬
‫شَا َء فَلُْي ْؤ ِمنْ َو َمنْ شَا َء فَلَْي ْكفُ ْر ِإنّا أَعَْت ْدنَا لِلظّالِمِ َ‬
‫شرَابُ وَسَا َءتْ ُم ْرَتفَقًا (‪)29‬‬
‫س ال ّ‬
‫شوِي اْلوُجُوهَ بِئْ َ‬
‫ُيغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْ ُم ْهلِ َي ْ‬

‫‪ -26‬وقل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬للناس ‪ :‬إن ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو العال بزمنهم كله ‪ ،‬إنه‬
‫‪ -‬سبحانه ‪ -‬هو الختص بعلم الغيب ف السموات والرض ‪ ،‬فما أعظم بصره ف كل‬
‫موجود ‪ ،‬وما أعظم سعه لكل مسموع ‪ ،‬وما لهل السموات والرض من يتول‬
‫أمورهم غيه ‪ ،‬ول يشرك ف قضائه أحدا من خلقه ‪.‬‬
‫‪ -27‬واقرأ ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ما أُوحى إليك من القرآن ‪ ،‬ومنه ما أُوحى إليك من نبأ‬
‫الفتية ‪ ،‬ول تستمع لا يهزأون به من طلب تبديل معجزة القرآن بعجزة أخرى ‪ ،‬فإنه‬

‫‪25‬‬
‫ل مغيّر لا ينبئه ال بكلمة الق ف معجزاته ‪ ،‬فإنه ل يقدر أحد على تبديله ‪ ،‬ول تالف‬
‫أمر ربك ‪ ،‬فإنك حينئذ لن تد غيه ملجأ يفظك منه ‪.‬‬
‫‪ -28‬واحتفظ ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬بصحبة صحابتك من الؤمني الذين يعبدون ال ‪-‬‬
‫وحده ‪ -‬ف الصباح وف العشى دائما ‪ ،‬يريدون رضوانه ‪ ،‬ول تنصرف عيناك عنهم‬
‫إل الاحدين من الكفار لرادة التمتع معهم بزينة الياة الدنيا ‪ ،‬ول تطع ف طرد فقراء‬
‫الؤمني من ملسك من جعلنا قلبه غافل عن ذكرنا ‪ ،‬لسوء استعداده ‪ ،‬وصار عبدا‬
‫لواه ‪ ،‬وصار أمره ف جيع أعماله بعيدا عن الصواب ‪ ،‬والنهى للنب نى لغيه ‪ ،‬وأن‬
‫النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ل يريد الياة الدنيا وزينتها ‪ ،‬ولكن كان اتاه النهى‬
‫إليه لكى يترس غيه من استهواء الدنيا ‪ ،‬فإنه إذا فرض فيه إرادة الزينة للبدان؛‬
‫لفرض كل إنسان ف نفسه ذلك ليحترس ‪.‬‬
‫‪ -29‬وقل ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬إن ما جئت به هو الق من عند ربكم ‪ ،‬فمن شاء أن‬
‫يؤمن به فليؤمن ‪ ،‬فذلك خي له ‪ ،‬ومن شاء أن يكفر فليكفر فإنه ل يظلم إل نفسه ‪.‬‬
‫إننا أعددنا لن ظلم نفسه بالكفر نارا تيط بم كالسرادق ‪ .‬وإن يستغث الظالون‬
‫بطلب الاء وهم ف جهنم؛ يؤت لم باء كالزيت العكر الشديد الرارة يرق الوجوه‬
‫ح هذا الشراب لم ‪ ،‬وقبحت جهنم مكانا لراحتهم ‪.‬‬
‫بلهيبه ‪ .‬قَبُ َ‬

‫ت ِإنّا لَا نُضِيعُ أَ ْجرَ مَ ْن َأ ْحسَنَ َعمَلًا (‪ )30‬أُولَِئكَ َل ُهمْ‬


‫إِنّ اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫ب َويَلَْبسُو َن ثِيَابًا‬
‫جرِي ِمنْ تَحِْت ِه ُم الَْأْنهَا ُر يُحَ ّلوْ َن فِيهَا ِم ْن َأسَاوِ َر ِمنْ َذهَ ٍ‬
‫جَنّاتُ َعدْ ٍن تَ ْ‬
‫ت ُمرَْت َفقًا (‬
‫ك ِن ْعمَ الّثوَابُ َو َحسُنَ ْ‬
‫ي فِيهَا عَلَى الْأَرَائِ ِ‬
‫ق مُتّكِِئ َ‬
‫ضرًا ِمنْ سُ ْندُسٍ وَِإسْتَ ْبرَ ٍ‬
‫خُ ْ‬
‫خلٍ‬
‫ب وَ َح َففْنَاهُمَا بِنَ ْ‬
‫ب َلهُ ْم مَثَلًا َرجُلَيْ ِن َجعَلْنَا ِلأَ َح ِدهِمَا جَنّتَ ْي ِن ِمنْ أَعْنَا ٍ‬
‫ض ِر ْ‬
‫‪ )31‬وَا ْ‬
‫ج ْرنَا‬
‫وَ َجعَلْنَا بَيَْنهُمَا زَ ْرعًا (‪ )32‬كِ ْلتَا الْجَنّتَ ْينِ َآتَتْ أُكُ َلهَا َولَ ْم تَظْ ِل ْم مِ ْنهُ شَيْئًا وَفَ ّ‬
‫ك مَالًا َوأَ َعزّ‬
‫خِلَاَلهُمَا َن َهرًا (‪ )33‬وَكَا َن َلهُ ثَ َم ٌر َفقَا َل لِصَاحِِبهِ وَ ُهوَ يُحَاوِ ُر ُه َأنَا أَكَْث ُر مِنْ َ‬
‫َنفَرًا (‪)34‬‬

‫‪ -30‬أما الذين آمنوا بال وبدينه الق الذى يُوحى إليك ‪ ،‬وعملوا ما أمرهم به ربم‬
‫من العمال الصالة ‪ ،‬فإنا ل نضيع أجرهم على ما أحسنوا من العمال ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ -31‬هؤلء لم جنات يقيمون فيها منعّمي أبدا ‪ ،‬تنساب النار من بي أشجارها‬
‫وقصورها ‪ ،‬يتحلون فيها بظاهر السعادة ف الدنيا ‪ ،‬كالساور الذهبية ‪ ،‬وملبسهم‬
‫فيها الثياب الضر من الرير على اختلف أنواعه ‪ ،‬متكئي فيها على السرر بي‬
‫الوسائد والستائر ‪ ،‬نعم الثواب لم ‪ ،‬وحَسُنت النة دار مقام وراحة ‪ ،‬يدون فيها كل‬
‫ما يطلبون ‪.‬‬
‫‪ -32‬بيّن ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ف شأن الكفار الغنياء مع الؤمني الفقراء مثل وقع فيما‬
‫سلف بي رجلي ‪ :‬كافر ومؤمن ‪ ،‬وللكافر حديقتان من أعناب ‪ ،‬وأحطناها بالنخيل‬
‫زينة وفائدة ‪ ،‬وجعلنا بي النتي زرعا نضِرا مثمرا ‪.‬‬
‫‪ -33‬وقد أثرت كل واحدة من النتي ثرها ناضجا موفورا ‪ ،‬ول تنقص منه شيئا ‪،‬‬
‫وفجّرنا نرا ينساب خللما ‪.‬‬
‫‪ -34‬وكان لصاحب النتي أموال أخرى مثمرة ‪ ،‬فداخله الزهو بتلك النعم ‪ ،‬فقال‬
‫لصاحبه الؤمن ف غرور وها يتناقشان ‪ :‬أنا أكثر منك مال وأقوى عشية ونصيا ‪.‬‬

‫سهِ قَالَ مَا أَ ُظنّ أَ ْن تَبِي َد َه ِذهِ َأَبدًا (‪ )35‬وَمَا أَ ُظنّ السّا َعةَ‬
‫َودَ َخلَ جَنَّت ُه وَ ُهوَ ظَاِلمٌ لَِن ْف ِ‬
‫قَائِ َم ًة َولَئِنْ ُر ِد ْدتُ ِإلَى َربّي لََأ ِجدَنّ خَ ْيرًا مِ ْنهَا مُ ْنقَلَبًا (‪ )36‬قَا َل َلهُ صَاحُِبهُ َو ُهوَ يُحَاوِ ُرهُ‬
‫ك ِمنْ تُرَابٍ ُث ّم ِمنْ نُ ْط َفةٍ ُث ّم سَوّاكَ َرجُلًا (‪ )37‬لَكِنّا هُ َو ال ّلهُ َربّي‬
‫أَ َكفَ ْرتَ بِاّلذِي خَ َلقَ َ‬
‫ت مَا شَا َء ال ّلهُ لَا ُقوّ َة ِإلّا بِاللّ ِه إِنْ‬
‫ك قُلْ َ‬
‫ت جَنّتَ َ‬
‫وَلَا أُ ْشرِ ُك ِب َربّي أَ َحدًا (‪َ )38‬وَلوْلَا ِإ ْذ َدخَلْ َ‬
‫ك َوُيرْ ِسلَ عَلَ ْيهَا‬
‫ك مَالًا وَ َوَلدًا (‪َ )39‬ف َعسَى َربّي أَ ْن ُي ْؤتَِينِ خَ ْيرًا ِم ْن جَنّتِ َ‬
‫َترَنِ َأنَا َأ َق ّل مِنْ َ‬
‫ح مَاؤُهَا َغوْرًا فَ َل ْن َتسْتَطِي َع َلهُ‬
‫صعِيدًا َزلَقًا (‪ )40‬أَ ْو يُصْبِ َ‬
‫ُحسْبَانًا ِم َن السّمَا ِء فَتُصِْبحَ َ‬
‫طَلَبًا (‪)41‬‬

‫‪ -35‬ث دخل إحدى جنتيه مع صاحبه الؤمن ‪ ،‬وهو مأخوذ بغروره فقال ‪ :‬ما أظن أن‬
‫تفن هذه النة أبدا! ‪.‬‬
‫‪ -36‬وما أظن القيامة حاصلة ‪ ،‬ولو فرض ورجعت إل رب بالبعث كما تزعم ‪ ،‬وال‬
‫لجدن خيا من هذه النة عاقبة ل؛ لنن أهل للنعيم ف كل حال ‪ ،‬فهو يقيس الغائب‬
‫على الاضر ‪ ،‬ول يعلم أن الغائب فيه الزاء على اليان وفعل الي ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ -37‬قال صاحبه الؤمن ميبا له ‪ :‬أتسوغ لنفسك أن تكفر بربك الذى خلق أصلك‬
‫آدم من تراب ‪ ،‬ث من نطفة مائية ‪ ،‬ث صوّرك رجل كامل ‪ ،‬فإن اعتززت بالك‬
‫وعشيتك ‪ ،‬فاذكر ربك وأصلك الذى هو من الطي ‪.‬‬
‫‪ -38‬لكن أقول ‪ :‬إن الذى خلقن وخلق هذا العال كله هو ال رب ‪ ،‬وأنا أعبده ‪-‬‬
‫وحده ‪ -‬ول أشرك معه أحدا ‪.‬‬
‫‪ -39‬ولول قلت عند دخولك جنتك والنظر إل ما فيها ‪ :‬هذا ما شاء ال ول قوة ل‬
‫على تصيله إل بعونة ال ‪ ،‬فيكون ذلك شكرا كفيل بدوام نعمتك ‪ .‬ث قال له ‪ :‬إن‬
‫كنت تران أقل منك مال وأقل ولدا ونصيا ‪.‬‬
‫‪ -40‬فلعل رب يعطين خيا من جنتك ف الدنيا أو الخرة ‪ ،‬ويرسل على جنتك قدَرا‬
‫قدّره لا كصواعق من السماء ‪ ،‬فتصي أرضا ملساء ل ينبت فيها شئ ‪ ،‬ول يثبت‬
‫عليها قدم ‪.‬‬
‫‪ -41‬أو يصي ماؤها غائرا ف الرض ل يكن الوصول إليه ‪ ،‬فل تقدر على إخراجه‬
‫لسقيها ‪.‬‬

‫ح ُيقَلّبُ َكفّ ْيهِ عَلَى مَا َأْنفَ َق فِيهَا َوهِ َي خَا ِوَيةٌ عَلَى ُعرُو ِشهَا َويَقُو ُل يَا‬
‫ط بِثَ َم ِر ِه َفأَصْبَ َ‬
‫وَُأحِي َ‬
‫صرُوَنهُ ِم ْن دُونِ ال ّلهِ وَمَا كَانَ‬
‫لَيْتَنِي َل ْم أُ ْشرِ ْك ِبرَبّي أَ َحدًا (‪ )42‬وََل ْم تَ ُك ْن َلهُ فَِئ ٌة يَنْ ُ‬
‫ض ِربْ َل ُهمْ‬
‫ح ّق هُ َو خَ ْيرٌ َثوَابًا وَخَ ْيرٌ ُعقْبًا (‪ )44‬وَا ْ‬
‫ك الْ َولَاَيةُ لِ ّل ِه الْ َ‬
‫صرًا (‪ )43‬هُنَالِ َ‬
‫مُنْتَ ِ‬
‫ض َفأَصْبَحَ هَشِيمًا‬
‫ت الْأَرْ ِ‬
‫ط ِب ِه نَبَا ُ‬
‫مََثلَ الْحَيَا ِة ال ّدنْيَا َكمَا ٍء َأْنزَلْنَاهُ ِم َن السّمَا ِء فَاخْتَلَ َ‬
‫َتذْرُو ُه ال ّريَاحُ وَكَا َن ال ّلهُ عَلَى ُك ّل َشيْ ٍء ُمقْتَدِرًا (‪ )45‬الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِيَن ُة الْحَيَاةِ الدّنْيَا‬
‫ك َثوَابًا َوخَ ْيرٌ َأمَلًا (‪َ )46‬وَيوْمَ ُنسَيّ ُر الْجِبَا َل َوَترَى‬
‫ت خَ ْيرٌ عِ ْندَ َربّ َ‬
‫وَالْبَاقِيَاتُ الصّالِحَا ُ‬
‫ش ْرنَا ُهمْ فَ َل ْم ُنغَادِ ْر مِ ْنهُ ْم َأحَدًا (‪)47‬‬
‫ض بَارِ َز ًة وَ َح َ‬
‫الْأَرْ َ‬

‫‪ -42‬قد عاجل ال الكافر ‪ ،‬وأحاطت الهلكات بثمار جنته ‪ ،‬وأهلكتها ‪ ،‬وأبادت‬


‫أصولا ‪ ،‬فأصبح يقلب كفيه ندما وتسرا على ما أنفق ف عمارتا ‪ ،‬ث عاجلها الراب‬
‫‪ ،‬فتمن أن ل يكن أشرك بربه أحدا ‪.‬‬
‫‪ -43‬عند هذه الحنة ل تكن له عشية تنصره من دون ال كما كان يعتز ‪ ،‬وما كان‬

‫‪28‬‬
‫هو بقادر على نصرة نفسه ‪.‬‬
‫‪ -44‬فإن النصرة ف كل حال ثابتة ل الق ‪ -‬وحده ‪ -‬وهو ‪ -‬سبحانه ‪ -‬خي لعبده‬
‫الؤمن يزل له الثواب ويسن له العاقبة ‪.‬‬
‫‪ -45‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬للناس مثل للحياة الدنيا ف نضرتا وبجتها ث سرعة‬
‫فنائها ‪ ،‬بأنا كماء أُنزل من السماء فارتوى به نبات الرض فاخضر وأينع ‪ ،‬ث ل يلبث‬
‫طويل حت جف وصار يابسا متكسرا تفرقه الرياح ‪ ،‬وال قادر على كل شئ إنشاءً‬
‫وإفناءً ‪.‬‬
‫‪ -46‬الال والبنون جال ومتعة لكم ف الياة الدنيا وها قوتا ‪ ،‬ولكن ل دوام لا ‪ ،‬بل‬
‫هى فانية غي باقية ‪ ،‬والعمال الصالة الباقية خي لكم عند ال ‪ ،‬يزل ثوابا ‪ ،‬وخي‬
‫أمل يتعلق به النسان ‪.‬‬
‫‪ -47‬وأنذر الناس ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬بيوم يفن هذا الوجود ‪ ،‬فيزيل فيه البال ‪،‬‬
‫وتبصر فيه الرض ظاهرة مستوية ل يسترها شئ ما كان عليها ‪ ،‬ونشر فيه الناس‬
‫للحساب فل نترك منهم أحدا ‪.‬‬

‫ج َعلَ‬
‫صفّا َل َقدْ جِئْتُمُونَا َكمَا خَلَقْنَا ُكمْ َأ ّولَ َم ّر ٍة َبلْ َزعَمُْت ْم َألّ ْن نَ ْ‬
‫وَ ُعرِضُوا عَلَى َرّبكَ َ‬
‫ي مِمّا فِي ِه َويَقُولُو َن يَا َويْلَتَنَا‬
‫شفِقِ َ‬
‫ي ُم ْ‬
‫ج ِرمِ َ‬
‫لَ ُك ْم مَوْ ِعدًا (‪َ )48‬ووُضِ َع اْلكِتَابُ فََترَى الْمُ ْ‬
‫ضرًا َولَا‬
‫ي ًة ِإلّا َأحْصَاهَا َووَ َجدُوا مَا عَمِلُوا حَا ِ‬
‫يةً َولَا كَبِ َ‬
‫صغِ َ‬
‫ب لَا ُيغَادِرُ َ‬
‫مَا ِل هَذَا اْلكِتَا ِ‬
‫جدُوا ِإلّا ِإبْلِيسَ كَا َن ِمنَ‬
‫جدُوا ِلآَدَ َم َفسَ َ‬
‫ك أَ َحدًا (‪ )49‬وَِإ ْذ قُلْنَا لِ ْلمَلَاِئ َكةِ اسْ ُ‬
‫يَظْ ِلمُ َربّ َ‬
‫خذُونَ ُه َوذُ ّريّتَ ُه َأوْلِيَا َء ِم ْن دُونِي َو ُهمْ َلكُمْ َع ُد ّو بِئْسَ‬
‫سقَ َعنْ أَ ْمرِ َرّبهِ َأفَتَتّ ِ‬
‫جنّ َف َف َ‬
‫الْ ِ‬
‫ض َولَا خَ ْلقَ َأْن ُفسِ ِه ْم وَمَا كُنْتُ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ي َبدَلًا (‪ )50‬مَا أَ ْش َهدُْت ُهمْ خَ ْل َق السّمَاوَا ِ‬
‫لِلظّالِ ِم َ‬
‫ضدًا (‪ )51‬وََيوْ َم َيقُولُ نَادُوا ُشرَكَاِئيَ اّلذِينَ زَ َعمُْتمْ َفدَ َع ْو ُهمْ فَ َلمْ‬
‫خذَ الْمُضِلّيَ عَ ُ‬
‫مُتّ ِ‬
‫َيسْتَجِيبُوا َل ُهمْ َو َجعَلْنَا بَيَْن ُهمْ َم ْوبِقًا (‪)52‬‬

‫‪ -48‬ويعرض الناس ف هذا اليوم على ال ف جوع مصفوفة للحساب ‪ ،‬ويقول ال‬
‫تعال ‪ :‬لقد بعثناكم بعد الوت كما أحييناكم أول مرة ‪ ،‬وجئتمونا فرادى بل مال ول‬
‫بني ‪ ،‬وكنتم ف الدنيا تكذبون بالبعث والساب ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -49‬ووضع ف يد كل واحد كتاب أعماله ‪ ،‬فَيبْصره الؤمنون فرحي ما فيه ‪،‬‬
‫ويبصره الاحدون خائفي ما فيه من العمال السيئة ‪ ،‬ويقولون إذا رأوها ‪ :‬يا‬
‫هلكنا ‪ ،‬إنا نعجب لذا الكتاب الذى ل يترك من أعمالنا صغية ول كبية إل سجّلها‬
‫علينا ‪ ،‬ووجدوا جزاء ما عملوا حقا ‪ ،‬ول يظلم ربك أحدا من عباده ‪.‬‬
‫‪ -50‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لم بدء خلقهم ليعلموا أنم من الطي ‪ ،‬وليس لم أن‬
‫يغتروا با هم فيه ‪ ،‬ويضعوا لعدوّ أبيهم إبليس ‪ ،‬لنه كان من الن ‪ ،‬فاستكب وترد‬
‫على ال ‪ ،‬فكيف بعد ما عرفتم من شأنه تتخذونه وذريته أنصارا لكم من دون ال ‪،‬‬
‫وهم لكم أعداء؟! قبُح هذا البدل لن ظلم نفسه فأطاع الشيطان ‪.‬‬
‫‪ -51‬ما أحضرت إبليس ول ذريته خلْق السموات والرض ‪ ،‬ول أشهدت بعضهم‬
‫خلْق بعض لستعي بم ‪ ،‬وما كنت ف حاجة إل معي ‪ .‬فضل عن أن أتذ الفسدين‬
‫أعوانا ‪ ،‬فكيف تطيعون الشيطان وتعصونن؟ ‪.‬‬
‫‪ -52‬واذكر لم يوم يقول ال للمشركي ‪ :‬نادوا الذين ادعيتم ف الدنيا أنم شركائى‬
‫ف العبادة ليشفعوا لكم بزعمكم ‪ ،‬فاستغاثوا بم فلم ييبوهم ‪ ،‬وجعلنا الن ما كان‬
‫بينهم هلكا للكفار بعد أن كان ف الدنيا تواصل عبادة ومبة ‪.‬‬

‫ص ِرفًا (‪َ )53‬وَلقَدْ‬


‫جدُوا عَ ْنهَا مَ ْ‬
‫ج ِرمُونَ النّا َر فَظَنّوا َأّنهُ ْم ُموَا ِقعُوهَا َوَلمْ يَ ِ‬
‫وَ َرأَى الْمُ ْ‬
‫س ِمنْ ُك ّل مََث ٍل وَكَانَ اْلِإنْسَا ُن أَكَْثرَ شَيْ ٍء َجدَلًا (‪ )54‬وَمَا‬
‫ص ّرفْنَا فِي هَذَا الْ ُقرْآَ ِن لِلنّا ِ‬
‫َ‬
‫ي َأوْ‬
‫س أَ ْن ُيؤْمِنُوا ِإ ْذ جَا َء ُه ُم الْ ُهدَى َوَيسَْتغْ ِفرُوا َرّب ُهمْ ِإلّا أَ ْن َت ْأتَِيهُ ْم سُّنةُ اْلأَ ّولِ َ‬
‫مَنَ َع النّا َ‬
‫َيأْتَِي ُهمُ اْلعَذَابُ قُبُلًا (‪َ )55‬ومَا ُن ْرسِ ُل الْ ُمرْسَلِيَ إِلّا مَُبشّرِينَ َومُ ْنذِرِينَ َويُجَادِ ُل الّذِينَ‬
‫خذُوا َآيَاتِي َومَا ُأْنذِرُوا ُهزُوًا (‪َ )56‬و َمنْ أَظْ َلمُ‬
‫ح ّق وَاتّ َ‬
‫َك َفرُوا بِالْبَا ِط ِل لُِيدْحِضُوا ِبهِ الْ َ‬
‫سيَ مَا َق ّدمَتْ َيدَاهُ ِإنّا َجعَلْنَا عَلَى قُلُوِب ِهمْ أَكِّن ًة أَنْ‬
‫مِ ّمنْ ذُ ّكرَ ِب َآيَاتِ َرّبهِ َفأَ ْعرَضَ عَ ْنهَا َونَ ِ‬
‫َيفْ َقهُو ُه َوفِي َآذَاِنهِ ْم َو ْقرًا َوإِنْ َتدْ ُع ُهمْ ِإلَى اْل ُهدَى فَ َل ْن َيهْتَدُوا ِإذًا َأَبدًا (‪)57‬‬

‫‪ -53‬وعاين الجرمون النار فأيقنوا أنم واقعون فيها ‪ ،‬ول يدوا بديل عنها مكانا‬
‫يلّون فيه ‪.‬‬
‫‪ -54‬ولقد ذكر ال للناس ف هذا القرآن الذين كفروا به ‪ ،‬وطلبوا معجزة أخرى‬

‫‪30‬‬
‫غيه ‪ ،‬أمثلة متنوعة ليعظهم با فيها ‪ ،‬ولكن النسان ف طبيعته حب الدل ‪ ،‬فإذا كان‬
‫جاحدا جادل بالباطل ‪.‬‬
‫‪ -55‬وما منع الشركي من اليان حي جاءهم سبب الدى ‪ -‬وهو الرسول والقرآن‬
‫ليؤمنوا ويستغفروا ال ‪ -‬إل تعنتهم وطلبهم من الرسول أن تأتيهم سنة ال ف‬
‫الولي ‪ ،‬وهى اللك الستأصل الذى أتى الولي ‪ ،‬أو يأتيهم العذاب عيانا ‪.‬‬
‫‪ -56‬ولكن ال ل يرسل رسله إل للتبشي والنذار ‪ ،‬ول يرسلهم ليقترح عليهم‬
‫العاندون معجزات معينة ‪ ،‬ولكن الذين كفروا يعرضون عن الُجّة ‪ ،‬ويادلون‬
‫الرسلي بالباطل ليبطلوا الق ‪ ،‬وقد وقفوا من القرآن والنّذر موقف الستهزئ الساخر‬
‫الذى ل ُيعْن بطلب القائق ‪.‬‬
‫‪ -57‬وليس أحد أظلم من وُعِظ بآيات ربه فلم يتدبرها ‪ ،‬ونسى عاقبة ما عمل من‬
‫العاصى ‪ .‬إنا بسبب ميلهم إل الكفر جعلنا على قلوبم أغطية ‪ ،‬فل تعقل ول يصل‬
‫إليها النور ‪ ،‬وف آذانم صمما فل تسمع ساع فهم ‪ ،‬وإن تدعهم ‪ -‬أيها الرسول ‪-‬‬
‫إل الدين الق فلن يهتدوا ما دامت هذه طبيعتهم البتة ‪.‬‬

‫ب َبلْ َل ُهمْ مَوْ ِع ٌد َلنْ‬


‫ج َل َلهُ ُم الْ َعذَا َ‬
‫ك الْ َغفُو ُر ذُو ال ّرحْ َمةِ َل ْو يُؤَاخِ ُذهُ ْم بِمَا َكسَبُوا َلعَ ّ‬
‫وَ َربّ َ‬
‫جدُوا ِمنْ دُونِ ِه َموْئِلًا (‪َ )58‬وتِ ْلكَ اْلقُرَى َأهْلَكْنَاهُ ْم لَمّا ظَلَمُوا وَ َجعَلْنَا لِ َمهْ ِل ِك ِهمْ‬
‫يَ ِ‬
‫ضيَ ُحقُبًا (‬
‫ح َريْ ِن َأوْ َأمْ ِ‬
‫ح حَتّى َأبْلُ َغ مَجْ َم َع الْبَ ْ‬
‫مَوْ ِعدًا (‪ )59‬وَِإ ْذ قَا َل مُوسَى ِلفَتَاهُ لَا أَْبرَ ُ‬
‫ح ِر َسرَبًا (‪ )61‬فَلَمّا‬
‫خذَ سَبِيلَ ُه فِي الْبَ ْ‬
‫‪ )60‬فَلَمّا بَ َلغَا مَجْ َم َع بَيِْنهِمَا َنسِيَا حُوَتهُمَا فَاتّ َ‬
‫ت ِإ ْذ أَ َويْنَا‬
‫جَاوَزَا قَالَ ِلفَتَاهُ َآتِنَا َغدَا َءنَا َلقَ ْد َلقِينَا ِم ْن سَ َف ِرنَا َهذَا نَصَبًا (‪ )62‬قَا َل أَ َرأَيْ َ‬
‫خ َذ سَبِي َلهُ فِي‬
‫ت وَمَا َأنْسَانِي ُه ِإلّا الشّيْطَانُ أَ ْن َأذْ ُك َر ُه وَاتّ َ‬
‫ت الْحُو َ‬
‫خ َر ِة َفِإنّي َنسِي ُ‬
‫ِإلَى الصّ ْ‬
‫ك مَا كُنّا نَبْ ِغ فَا ْرَتدّا عَلَى َآثَا ِرهِمَا قَصَصًا (‪)64‬‬
‫حرِ عَجَبًا (‪ )63‬قَا َل َذلِ َ‬
‫الْبَ ْ‬

‫‪ -58‬وربك العظيم الغفرة لذنوب عباده ‪ ،‬صاحب الرحة الواسعة لن أناب إليه منهم‬
‫‪ ،‬ولو شاء أن يؤاخذهم با اجترحوا من السيئات لعجّل لم العذاب كما سلف لغيهم‬
‫‪ ،‬ولكنه ‪ -‬لكمة قدّرها ‪ -‬أخرهم لوعد يذوقون فيه أشد العقاب ‪ ،‬ولن يدوا ملجأ‬
‫يفظهم منه ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -59‬وها هى ذى القرى الاضية الت دمرناها لا ظلم أهلها بتكذيب رسلهم ‪ ،‬وجعلنا‬
‫للكهم موْعدا ل يتخلف ‪ ،‬فكذلك حال الكذبي من قومك إذا ل يؤمنوا ‪.‬‬
‫‪ -60‬وإن علم ال ل ييط به أحد ‪ ،‬إل أن يعطيه نبيا أو صالا ‪ ،‬واذكر ‪ -‬أيها‬
‫الرسول ‪ -‬أن موسى ابن عمران قال لفتاه ‪ -‬خادمه وتلميذه ‪ : -‬ل أزال أسي حت‬
‫أبلغ ملتقى البحرين أو أسي زمنا طويلً ‪.‬‬
‫‪ -61‬فلما بلغ موسى وفتاه الكان الامع بي البحرين ‪ ،‬نسيا فيه حوتما الذى حله‬
‫بأمر ال ‪ ،‬فاندر ف البحر واتذ طريقه ف الاء ‪.‬‬
‫‪ -62‬فلما ابتعد موسى وفتاه عن الكان ‪ ،‬وأحسا بالوع والتعب ‪ ،‬قال موسى لفتاه ‪:‬‬
‫آتنا ما نتغذى به ‪ ،‬لقد لقينا ف سفرنا هذا تعبا ومشقة ‪.‬‬
‫‪ -63‬قال له فتاه ‪ :‬أتذكر حي التجأنا إل الصخرة ‪ ،‬فإن نسيت الوت ‪ ،‬وما أنسان‬
‫ذلك إل الشيطان ‪ ،‬ول بد أن يكون الوت قد اتذ سبيله ف البحر ‪ ،‬وإن لعجب‬
‫من نسيان هذا ‪.‬‬
‫‪ -64‬قال له موسى ‪ :‬إن هذا الذى حدث هو ما كنا نطلبه لكمة أرادها ال ‪ ،‬فرجعا‬
‫ف الطريق الذى جاءا منه يتتبعان أثر سيها ‪.‬‬

‫َفوَ َجدَا عَ ْبدًا ِمنْ عِبَادِنَا َآتَيْنَاهُ َرحْ َمةً ِمنْ عِ ْن ِدنَا وَعَلّمْنَاهُ ِم ْن َلدُنّا عِلْمًا (‪ )65‬قَا َل َلهُ‬
‫مُوسَى َهلْ َأتِّب ُعكَ َعلَى أَ ْن ُتعَلّ َم ِن مِمّا عُلّمْتَ ُرشْدًا (‪ )66‬قَالَ ِإّنكَ َل ْن َتسْتَطِي َع َمعِيَ‬
‫ج ُدنِي إِ ْن شَا َء اللّهُ‬
‫ط ِبهِ خُ ْبرًا (‪ )68‬قَالَ سَتَ ِ‬
‫ح ْ‬
‫ف تَصِْبرُ عَلَى مَا َلمْ تُ ِ‬
‫صَ ْبرًا (‪ )67‬وَكَيْ َ‬
‫ك َأمْرًا (‪ )69‬قَا َل َفإِنِ اتَّبعْتَنِي فَلَا َتسَْألْنِي َعنْ َشيْ ٍء حَتّى ُأحْ ِدثَ‬
‫صَاِبرًا َولَا أَعْصِي لَ َ‬
‫ق َأهْ َلهَا‬
‫سفِيَنةِ خَ َر َقهَا قَا َل َأخَ َرقَْتهَا لُِت ْغرِ َ‬
‫ك مِ ْنهُ ذِ ْكرًا (‪ )70‬فَانْطَ َلقَا حَتّى ِإذَا َركِبَا فِي ال ّ‬
‫لَ َ‬
‫ت شَيْئًا ِإ ْمرًا (‪ )71‬قَالَ َأَلمْ َأ ُقلْ إِّنكَ َل ْن َتسْتَطِي َع َم ِعيَ صَ ْبرًا (‪ )72‬قَالَ لَا‬
‫َلقَ ْد جِئْ َ‬
‫سرًا (‪)73‬‬
‫ت وَلَا ُترْ ِهقْنِي ِمنْ أَ ْمرِي ُع ْ‬
‫تُؤَاخِ ْذنِي بِمَا َنسِي ُ‬

‫‪ -65‬حت وصل الصخرة ‪ ،‬فوجدا عبدا من عبادنا الصالي أعطيناه الكمة ‪،‬‬
‫وعلمناه من عندنا علما غزيرا ‪.‬‬
‫‪ -66‬قال موسى للعبد الصال ‪ :‬هل أسي معك على أن تعلمن ما علمك ال؟ ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ -67‬قال له ‪ :‬إنك لن تستطيع الصب على مصاحبت ‪.‬‬
‫‪ -68‬وكيف يكنك الصب على شئ ل خبة لك بثله؟‬
‫‪ -69‬قال موسى ‪ :‬ستران إن شاء ال صابرا مطيعا لك فيما تأمر به ‪.‬‬
‫‪ -70‬قال العبد الصال ‪ :‬فإن اتبعتن ورأيت ما تنكره ‪ ،‬فل تفاتن بالسؤال عنه حت‬
‫أحدثك عنه ‪.‬‬
‫‪ -71‬فانطلقا يشيان على ساحل البحر حت وجدا سفينة ‪ ،‬فركباها ‪ ،‬فخرقها العبد‬
‫الصال ف أثناء سيها ‪ ،‬فاعترض موسى قائل ‪ :‬أخرقتها قاصدا إغراق أهلها؟ لقد‬
‫ارتكبت أمرا منكرا! ‪.‬‬
‫‪ -72‬قال العبد الصال ‪ :‬إنن قلت لك ‪ :‬إنك لن تستطيع الصب على مصاحبت ‪.‬‬
‫‪ -73‬قال له موسى ‪ :‬ل تؤاخذن على نسيان وصيتك ‪ ،‬ول تكلفن مشقة ف تصيل‬
‫العلم منك وتعله عسيا ‪.‬‬

‫ت شَيْئًا ُنكْرًا‬
‫س لَ َق ْد جِئْ َ‬
‫ت َنفْسًا زَكِّي ًة ِبغَيْ ِر َنفْ ٍ‬
‫فَانْطَ َلقَا حَتّى ِإذَا َلقِيَا غُلَامًا َفقَتَ َل ُه قَا َل َأقَتَلْ َ‬
‫(‪ )74‬قَا َل َألَ ْم َأقُ ْل َلكَ ِإّنكَ َل ْن َتسْتَطِي َع َمعِيَ صَ ْبرًا (‪ )75‬قَا َل إِ ْن سََألُْتكَ َع ْن َشيْءٍ‬
‫َبعْ َدهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي َق ْد بَ َلغْتَ مِ ْن َل ُدنّي ُعذْرًا (‪ )76‬فَانْطَ َلقَا حَتّى ِإذَا َأتَيَا َأهْ َل َق ْريَةٍ‬
‫اسْتَ ْطعَمَا َأهْلَهَا َفأََبوْا أَ ْن يُضَّيفُوهُمَا َفوَ َجدَا فِيهَا ِجدَارًا ُيرِي ُد أَ ْن يَ ْنقَضّ َفَأقَا َم ُه قَا َل لَوْ‬
‫ك بَِتأْوِيلِ مَا َلمْ‬
‫ق بَيْنِي َوبَيِْنكَ َسُأنَبّئُ َ‬
‫خ ْذتَ عَلَ ْيهِ أَ ْجرًا (‪ )77‬قَالَ َهذَا ِفرَا ُ‬
‫ت لَاتّ َ‬
‫شِئْ َ‬
‫ح ِر َفأَ َر ْدتُ أَنْ‬
‫ي َيعْمَلُونَ فِي الْبَ ْ‬
‫سفِيَنةُ فَكَانَتْ لِ َمسَا ِك َ‬
‫َتسْتَطِعْ عَلَ ْيهِ صَ ْبرًا (‪َ )78‬أمّا ال ّ‬
‫أَعِيَبهَا وَكَا َن وَرَا َء ُهمْ مَ ِلكٌ يَ ْأ ُخذُ ُك ّل َسفِيَنةٍ غَصْبًا (‪)79‬‬

‫‪ -74‬وبعد أن خرجا من السفينة ذهبا منطلقي ‪ ،‬فلقيا ف طريقهما صَبِيا فقتله العبد‬
‫الصال ‪ ،‬فقال موسى مستنكرا ‪ :‬أتقتل نفسا طاهرة بريئة من الذنوب بغي أن يقتل‬
‫صاحبها أحدا؟! لقد أتيت فعل مستنكرا! ‪.‬‬
‫‪ -75‬قال العبد الصال لوسى ‪ :‬لقد قلت لك ‪ :‬إنك لن تستطيع صبا على السكوت‬
‫عن سؤال ‪.‬‬
‫‪ -76‬قال موسى ‪ :‬إن سألتك عن شئ بعد هذه الرة فل تصاحبن ‪ ،‬لنك قد بلغت‬

‫‪33‬‬
‫الغاية الت تعذر با ف فراقى ‪.‬‬
‫‪ -77‬فسارا حت أتيا قرية ‪ ،‬فطلبا من أهلها طعاما ‪ ،‬فأبوا ضيافتهما ‪ ،‬فوجدا فيها‬
‫ل يكاد يسقط ‪ ،‬فنقضه العبد الصال وبناه حت أقامه ‪ ،‬قال موسى ‪ :‬لو‬
‫جدارا مائ ً‬
‫شئت طلب أجر على النقض والبناء لفعلت ‪.‬‬
‫‪ -78‬قال العبد الصال ‪ :‬هذا التعرض منك مرارا لا أفعل سبب الفراق بين وبينك ‪.‬‬
‫وسأخبك بكمة هذه التصرفات الت خفى عليك أمرها ‪ ،‬ول تستطع صبا على ما‬
‫خفى حت تعرف حقيقته وسره ‪.‬‬
‫‪ -79‬أما السفينة الت خرقتها ‪ ،‬فهى لضعفاء متاجي يعملون با ف البحر لتحصيل‬
‫رزقهم ‪ ،‬فأردت أن أحدث با عيبا يُزهد فيها ‪ ،‬لن خلفهم ملكا يغتصب كل سفينة‬
‫صالة ‪.‬‬

‫خشِينَا أَ ْن ُي ْرهِ َقهُمَا ُطغْيَانًا وَ ُك ْفرًا (‪َ )80‬فأَ َردْنَا أَنْ‬


‫وََأمّا اْلغُلَا ُم فَكَا َن َأبَوَاهُ ُم ْؤمِنَ ْينِ فَ َ‬
‫جدَا ُر فَكَا َن ِلغُلَامَ ْينِ يَتِيمَ ْينِ‬
‫يُ ْبدَِلهُمَا َرّبهُمَا خَ ْيرًا مِ ْنهُ زَكَا ًة َوأَ ْق َربَ ُرحْمًا (‪ )81‬وََأمّا الْ ِ‬
‫ك أَنْ يَبْ ُلغَا أَ ُش ّدهُمَا‬
‫فِي الْ َمدِينَ ِة وَكَانَ تَحَْتهُ كَ ْنزٌ لَهُمَا وَكَا َن َأبُوهُمَا صَالِحًا َفأَرَادَ َرّب َ‬
‫ك وَمَا َفعَلْتُهُ َع ْن َأ ْمرِي َذِلكَ َت ْأوِي ُل مَا َلمْ َتسْ ِطعْ عَلَ ْيهِ‬
‫خ ِرجَا َك ْنزَهُمَا َرحْ َم ًة ِمنْ َرّب َ‬
‫وََيسْتَ ْ‬
‫سَألُونَكَ َع ْن ذِي الْ َق ْرنَ ْينِ ُق ْل سََأتْلُو عَلَ ْي ُكمْ مِ ْن ُه ذِ ْكرًا (‪ِ )83‬إنّا مَكّنّا َلهُ‬
‫صَ ْبرًا (‪ )82‬وََي ْ‬
‫فِي اْلأَرْضِ وَ َآتَيْنَا ُه ِمنْ ُك ّل شَيْ ٍء سَبَبًا (‪َ )84‬فَأتْبَ َع سَبَبًا (‪)85‬‬

‫‪ -80‬وأما الغلم الذى قتلته فكان أبواه مؤمني ‪ ،‬فعلمنا ‪ -‬إن عاش ‪ -‬أنه سيصي‬
‫سببا لكفرها ‪.‬‬
‫‪ -81‬فأردنا بقتله أن يعوّضهما ال عنه ولدا خيا منه دينا وأعظم برا وعطفا ‪.‬‬
‫‪ -82‬وأما الدار الذى أقمته ‪ -‬دون أجر ‪ -‬فكان لغلمي يتيمي من أهل الدينة ‪،‬‬
‫وكان تته كن تركه أبوها لما ‪ ،‬وكان رجل صالا ‪ ،‬فأراد ال أن يفظ لما الكن‬
‫حت يبلغا رشدها ‪ ،‬ويستخرجاه ‪ ،‬رحة بما ‪ ،‬وتكريا لبيهما ف ذريته ‪ .‬وما فعلت ما‬
‫فعلت باجتهادى ‪ ،‬إنا فعلته بتوجيه من ال ‪ ،‬هذا تفسي ما خفى عليك يا موسى ول‬
‫تستطع الصب عليه ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -83‬يسألك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬بعض الكفار عن نبإ ذى القرني ‪ ،‬فقل لم ‪ :‬سأقص‬
‫عليكم بعض أخباره ‪.‬‬
‫‪ -84‬لقد مكنّا لمره ف الرض ‪ ،‬يتصرف فيها بتدبيه وسلطانه ‪ ،‬وآتيناه الكثي من‬
‫العلم بالسباب ما يستطيع به توجيه المور ‪.‬‬
‫‪ -85‬فاستعان بذه السباب على بسط سلطانه ف الرض ‪ ،‬واتذ سببا يوصّله إل‬
‫بلوغ مغرب الشمس ‪.‬‬

‫س وَ َج َدهَا َتغْ ُربُ فِي عَ ْي ٍن حَمَِئ ٍة وَ َو َجدَ ِع ْندَهَا قَ ْومًا قُلْنَا يَا ذَا‬
‫ب الشّمْ ِ‬
‫حَتّى ِإذَا بَلَ َغ َم ْغرِ َ‬
‫ف ُن َعذُّبهُ‬
‫خ َذ فِي ِهمْ ُحسْنًا (‪ )86‬قَا َل َأمّا َمنْ ظَ َلمَ َفسَوْ َ‬
‫ب وَِإمّا أَ ْن تَتّ ِ‬
‫الْ َق ْرنَيْ ِن ِإمّا أَ ْن ُت َعذّ َ‬
‫ُثمّ ُي َردّ ِإلَى َرّب ِه فَُي َعذُّبهُ َعذَابًا نُ ْكرًا (‪َ )87‬وَأمّا َمنْ َآ َمنَ وَ َع ِملَ صَالِحًا فَ َل ُه َجزَاءً‬
‫سرًا (‪ُ )88‬ث ّم أَتْبَعَ سَبَبًا (‪ )89‬حَتّى ِإذَا بَلَ َغ مَطْ ِلعَ‬
‫حسْنَى َوسَنَقُو ُل َلهُ ِم ْن َأمْ ِرنَا ُي ْ‬
‫الْ ُ‬
‫ك َوقَ ْد َأحَطْنَا‬
‫ج َع ْل َلهُ ْم ِمنْ دُوِنهَا سِ ْترًا (‪َ )90‬ك َذلِ َ‬
‫س َو َجدَهَا تَطْلُعُ عَلَى َقوْ ٍم َلمْ نَ ْ‬
‫الشّمْ ِ‬
‫بِمَا َل َدْيهِ خُ ْبرًا (‪ُ )91‬ثمّ َأتْبَ َع سَبَبًا (‪)92‬‬

‫‪ -86‬وسار حت وصل إل مكان سحيق جهة الغرب ‪ ،‬فوجد الشمس ‪ -‬ف رأى العي‬
‫‪ -‬تغرب ف مكان به عي ذات ماء حار وطي أسود ‪ ،‬وبالقرب من هذه العي وجد‬
‫ذو القرني قوما كافرين ‪ ،‬فألمه ال أن يتخذ فيهم أحد أمرين ‪ :‬إما أن يدعُوهم إل‬
‫اليان ‪ ،‬وهذا أمر حسن ف ذاته ‪ ،‬وإما أن يقاتلهم إن ل ييبوا داعى اليان ‪.‬‬
‫‪ -87‬فأعلن ذو القرني فيهم ‪ :‬أن من ظلم منهم نفسه بالبقاء على الشرك ‪ ،‬استحق‬
‫العذاب الدنيوى على يديه ‪ ،‬ث يرجع إل ربه فيعذبه عذابا شديدا ليس معروفا لم ‪.‬‬
‫‪ -88‬وأن من استجاب له وآمن بربّه وعمل صالا ‪ ،‬فله العاقبة السن ف الخرة ‪،‬‬
‫وسنعامله ف الدنيا برفق ويسر ‪.‬‬
‫‪ -89‬ث سار ذو القرني كذلك ‪ ،‬مستعينا بتوفيق ال ‪ ،‬واتبع سببا للوصول إل مطلع‬
‫الشمس مشرقا ‪.‬‬
‫‪ -90‬حت بلغ مشرق الشمس ‪ -‬ف رأى العي ‪ -‬ف ناية ما وصل إليه من العمران ‪،‬‬
‫فوجدها تطلع على قوم يعيشون على الفطرة الول ل يسترهم من حرها ساتر ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -91‬وكما دعا ذو القرني السابقي من أهل الغرب إل اليان دعا هؤلء وسار فيهم‬
‫سيته الول ‪.‬‬
‫‪ -92‬ث سار كذلك مستعينا با هيّأ ال له من أسباب التوفيق ‪ ،‬سالكا طريقا بي‬
‫الشرق والغرب ‪.‬‬

‫حَتّى ِإذَا بَلَ َغ بَ ْي َن السّ ّدْينِ َوجَ َد ِمنْ دُوِنهِمَا َق ْومًا لَا يَكَادُو َن َيفْ َقهُونَ قَ ْولًا (‪ )93‬قَالُوا يَا‬
‫ك َخرْجًا عَلَى أَنْ‬
‫ج َع ُل لَ َ‬
‫ض َف َهلْ نَ ْ‬
‫سدُو َن فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ج َو َمأْجُوجَ ُم ْف ِ‬
‫ذَا اْلقَ ْرنَ ْينِ إِنّ َي ْأجُو َ‬
‫ج َعلَ بَيْنَنَا َوبَيَْنهُ ْم َسدّا (‪ )94‬قَالَ مَا مَكّنّي فِيهِ َربّي خَ ْي ٌر َفأَعِينُونِي بِ ُق ّوةٍ أَ ْج َعلْ بَيَْن ُكمْ‬
‫تَ ْ‬
‫حدِيدِ حَتّى ِإذَا سَاوَى بَ ْي َن الصّ َدفَ ْينِ قَالَ اْنفُخُوا حَتّى‬
‫وَبَيَْن ُهمْ َر ْدمًا (‪َ )95‬آتُونِي ُزَبرَ الْ َ‬
‫ِإذَا َجعَلَ ُه نَارًا قَالَ َآتُونِي ُأ ْفرِغْ عَلَ ْي ِه قِ ْطرًا (‪ )96‬فَمَا اسْطَاعُوا أَ ْن يَ ْظ َهرُو ُه َومَا‬
‫اسْتَطَاعُوا َل ُه َنقْبًا (‪ )97‬قَا َل هَذَا َرحْ َمةٌ ِمنْ َربّي َفِإذَا جَا َء وَ ْعدُ َربّي َجعَلَ ُه دَكّا َء وَكَانَ‬
‫ج َمعْنَا ُهمْ‬
‫خ فِي الصّو ِر فَ َ‬
‫ض َونُفِ َ‬
‫ج فِي بَعْ ٍ‬
‫وَ ْعدُ َربّي حَقّا (‪ )98‬وََترَكْنَا َبعْضَ ُه ْم يَ ْومَِئذٍ يَمُو ُ‬
‫جَ ْمعًا (‪ )99‬وَ َعرَضْنَا جَهَّن َم يَ ْومَِئذٍ لِ ْلكَافِرِينَ َعرْضًا (‪)100‬‬

‫‪ -93‬حت وصل ‪ -‬ف رحلته الثالثة ‪ -‬إل مكان سحيق بي جبلي مرتفعي ‪ ،‬وهناك‬
‫وجد قوما ل يفقهون ما يُقال لم إل ف عسر ومشقة ‪.‬‬
‫‪ -94‬فلما آنسوا فيه القوة ‪ ،‬طلبوا منه أن يُقيم لم سدا ف وجه يأجوج ومأجوج ‪،‬‬
‫وهم قوم كانوا َيغِيون عليهم ‪ ،‬فيفسدون ف أرضهم ويربون ‪ ،‬على أن يعلوا له‬
‫ضريبة ف نظي هذا العمل ‪.‬‬
‫‪ -95‬فرد عليهم قائل ‪ :‬إن ما منحنيه ال من الثروة والسلطان خي ما تعرضون علىّ‬
‫‪ .‬وشرع يُقيم السد طالبا منهم أن يعينوه بكل ما يقدرون عليه من رجال وأدوات ‪،‬‬
‫ليحقق لم ما أرادوا ‪.‬‬
‫‪ -96‬وطلب منهم أن يمعوا له قطع الديد ‪ .‬فجمعوا له منها ما أراد ‪ ،‬فأقام به سدا‬
‫عاليا ساوى به بي حافت البلي ‪ ،‬ث أمرهم أن يوقدوا عليه النار ‪ ،‬فأوقدها حت‬
‫انصهر الديد ‪ ،‬فصب عليه النحاس الذاب فأصبح سدا صلبا منيعا ‪.‬‬
‫‪ -97‬فما استطاع هؤلء الغيون أن يتسلقوا السد لرتفاعه ‪ ،‬ول أن يثقبوه لصلبته‬

‫‪36‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -98‬وبعد أن أت ذو القرني بناء السد قال شاكرا ل ‪ :‬هذا السد رحة من رب بعباده‬
‫‪ ،‬وسيظل قائما حت يئ أمر ال بدمه ‪ ،‬فيصي أرضا مستويا ‪ ،‬وأمر ال نافذ ل مالة‬
‫‪.‬‬
‫‪ -99‬ومنذ إتام السد ظل يأجوج ومأجوج من ورائه يضطربون فيما بينهم ‪ ،‬وحبس‬
‫شرهم عن الخرين ‪ ،‬فإذا كان يوم القيامة ونفخ ف الصور جع ال اللئق جيعا‬
‫للحساب والزاء ‪.‬‬
‫‪ -100‬وعند ذلك يبز ال جهنم للكافرين إبرازا يروعهم ويشرهم فيها ‪.‬‬

‫حسِبَ‬
‫ت أَعْيُُن ُه ْم فِي ِغطَاءٍ َع ْن ذِ ْكرِي وَكَانُوا لَا َيسْتَطِيعُو َن سَ ْمعًا (‪َ )101‬أفَ َ‬
‫الّذِينَ كَانَ ْ‬
‫خذُوا عِبَادِي ِمنْ دُونِي َأ ْولِيَا َء ِإنّا أَعَْت ْدنَا جَهَّن َم لِلْكَا ِفرِينَ نُ ُزلًا (‪)102‬‬
‫الّذِينَ َك َفرُوا أَ ْن يَتّ ِ‬
‫ض ّل َسعْيُ ُه ْم فِي الْحَيَاةِ ال ّدنْيَا َوهُمْ‬
‫سرِينَ أَعْمَالًا (‪ )103‬اّلذِينَ َ‬
‫ُقلْ َه ْل نُنَبُّئكُ ْم بِاْلَأخْ َ‬
‫ك الّذِينَ َك َفرُوا ِب َآيَاتِ َرّبهِ ْم َولِقَائِ ِه فَحَبِطَتْ‬
‫حسِنُونَ صُ ْنعًا (‪ )104‬أُولَئِ َ‬
‫حسَبُونَ أَّن ُهمْ يُ ْ‬
‫يَ ْ‬
‫أَعْمَاُلهُ ْم فَلَا ُنقِي ُم َلهُ ْم َيوْمَ اْلقِيَا َم ِة وَ ْزنًا (‪َ )105‬ذِلكَ َجزَا ُؤهُ ْم َجهَّنمُ بِمَا َك َفرُوا‬
‫خذُوا َآيَاتِي وَ ُرسُلِي ُهزُوًا (‪ )106‬إِنّ اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ كَانَتْ لَ ُهمْ‬
‫وَاتّ َ‬
‫س ُنزُلًا (‪)107‬‬
‫جَنّاتُ اْل ِف ْردَوْ ِ‬

‫‪ -101‬وذلك لن أعينهم ف الدنيا كانت ف غفلة عن التبصر ف آيات ال كأن عليها‬


‫غطاء ‪ ،‬وكانوا لضللم ل يستطيعون ساع دعوة الق كفاقدى حاسة السمع ‪.‬‬
‫‪ -102‬هل عميت بصائر الذين كفروا ‪ ،‬فظنوا أن اتاذهم آلة من عبادى ‪-‬‬
‫كاللئكة وعيسى ‪ -‬يعبدونا من دون نافع لم وصارف عنهم العذاب؟ إنا أعتدنا لم‬
‫جهنم مقرا ينالون فيه ما يستحقون من جزاء ‪.‬‬
‫‪ -103‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لؤلء الكافرين ‪ :‬هل أخبكم بأشد الناس خسرانا‬
‫لعمالم ‪ ،‬وحرمانا من ثوابا؟‬
‫‪ -104‬هم الذين بطل عملهم ف الياة الدنيا لفساد اعتقادهم ‪ ،‬وهم يعتقدون أنم‬
‫يسنون بعملهم صنيعا ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ -105‬هؤلء هم الذين كفروا بدلئل قدرة ال ‪ ،‬وأنكروا يوم البعث والساب ‪،‬‬
‫فضاعت أعمالم ‪ ،‬واستحقوا يوم القيامة التحقي والهال ‪ ،‬إذ ليس لم عمل ُيعْتدّ به‬
‫‪.‬‬
‫‪ -106‬ذلك الذى بيّناه وفصّلناه شأن هؤلء ‪ ،‬وجزاؤهم عليه جهنم ‪ ،‬بسبب كفرهم‬
‫وسخريتهم با أنزل ال من آيات ‪ ،‬وما أرسل من رسل ‪.‬‬
‫‪ -107‬إن الذين صدقوا ف اليان وعملوا العمال الصالة؛ جزاؤهم جنات‬
‫الفردوس ينلون فيها ‪.‬‬

‫ح ُر ِمدَادًا ِلكَلِمَاتِ َربّي لََنفِدَ‬


‫خَاِلدِي َن فِيهَا لَا يَ ْبغُونَ عَ ْنهَا حِ َولًا (‪ُ )108‬ق ْل َلوْ كَا َن الْبَ ْ‬
‫ش ٌر مِثْلُ ُكمْ‬
‫حرُ قَ ْب َل أَ ْن تَ ْن َفدَ كَ ِلمَاتُ َربّي َوَلوْ جِئْنَا بِمِثْ ِل ِه مَ َددًا (‪ُ )109‬ق ْل ِإنّمَا َأنَا َب َ‬
‫الْبَ ْ‬
‫يُوحَى ِإلَ ّي َأنّمَا ِإَلهُ ُك ْم ِإلَ ٌه وَا ِحدٌ فَ َمنْ كَا َن َي ْرجُو ِلقَاءَ َربّ ِه فَلَْيعْ َملْ عَمَلًا صَالِحًا َولَا‬
‫ُيشْرِ ْك ِبعِبَا َدةِ َرّب ِه أَ َحدًا (‪)110‬‬

‫‪ -108‬وينعمون فيها أبدا ل يبغون عنها بديل ‪.‬‬


‫‪ -109‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬للناس ‪ :‬إن علم ال ميط بكل شئ ‪ ،‬ولو كان ماء‬
‫البحر مدادا يُسطّر به كلمات ال الدالة على علمه وحكمته ‪ ،‬لنفد هذا الداد ‪ ،‬ولو‬
‫ُمدّ بثله قبل أن تنفد كلمات ال ‪.‬‬
‫‪ -110‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬للناس ‪ :‬إنا أنا إنسان مثلكم ‪ ،‬مرسل إليكم ‪ ،‬أعلمكم‬
‫ما علمن ال إياه ‪ ،‬يوحى إلّ أنا إلكم إله واحد ل شريك له ‪ ،‬فمن كان يطمع ف‬
‫لقاء ال وثوابه؛ فليعمل العمال الصالة ملصا ‪ ،‬وليتجنب الشراك بال ف العبادة ‪.‬‬

‫كهيعص (‪ )1‬ذِ ْكرُ َرحْ َمةِ َرّبكَ َع ْب َدهُ َز َكرِيّا (‪ِ )2‬إذْ نَادَى َرّب ُه ِندَا ًء َخفِيّا (‪ )3‬قَالَ َربّ‬
‫س شَيْبًا َوَلمْ أَ ُك ْن ِبدُعَائِكَ َربّ َشقِيّا (‪)4‬‬
‫ِإنّي وَ َهنَ اْلعَ ْظمُ مِنّي وَاشَْت َعلَ الرّأْ ُ‬

‫‪ -1‬حروف صوتية لبيان أن القرآن العجز من هذه الروف ‪ ،‬ولتنبيههم فيسمعون ‪.‬‬
‫‪ -2‬هذا ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬قصص ربك عن رحته لعبده ونبيه زكريا ‪.‬‬
‫‪ -3‬حي التجأ إل ال ودعاه ف خفية عن الناس ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ -4‬فقال ‪ :‬رب إن قد ضعفت ‪ ،‬وشاب رأسى ‪ ،‬وكنت بدعائك غي شقى يا رب ‪،‬‬
‫بل كنت سعيدا مستجاب الدعوة ‪.‬‬

‫ك َولِيّا (‪َ )5‬يرِثُنِي‬


‫ت الْمَوَالِ َي ِمنْ وَرَائِي وَكَانَتِ ا ْم َرأَتِي عَاقِرًا َفهَبْ لِي ِمنْ َل ُدنْ َ‬
‫وَِإنّي ِخفْ ُ‬
‫شرُ َك ِبغُلَا ٍم اسْ ُم ُه يَحْيَى َلمْ‬
‫ضيّا (‪ )6‬يَا زَ َك ِريّا ِإنّا نَُب ّ‬
‫ب وَا ْجعَ ْلهُ َربّ رَ ِ‬
‫وََي ِرثُ ِمنْ َآ ِل َيعْقُو َ‬
‫ج َعلْ َل ُه ِمنْ قَ ْب ُل سَمِيّا (‪ )7‬قَالَ َربّ َأنّى َيكُونُ لِي غُلَا ٌم وَكَانَتِ ا ْم َرَأتِي عَا ِقرًا َوقَدْ‬
‫نَ ْ‬
‫ك هُوَ عَ َل ّي هَّينٌ َو َقدْ خَلَقُْتكَ ِم ْن قَ ْب ُل وََلمْ‬
‫بَ َلغْتُ ِم َن الْكَِبرِ عِتِيّا (‪ )8‬قَالَ َك َذِلكَ قَالَ َرّب َ‬
‫ك َألّا ُتكَلّ َم النّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ َسوِيّا (‪)10‬‬
‫ك شَيْئًا (‪ )9‬قَالَ َربّ ا ْج َعلْ لِي َآَيةً قَالَ َآيَتُ َ‬
‫تَ ُ‬
‫حرَابِ َفَأوْحَى ِإلَ ْي ِهمْ أَ ْن سَبّحُوا ُب ْك َرةً وَ َعشِيّا (‪ )11‬يَا يَحْيَى‬
‫خرَجَ عَلَى َقوْ ِم ِه ِمنَ الْمِ ْ‬
‫فَ َ‬
‫ح ْكمَ صَبِيّا (‪)12‬‬
‫خُ ِذ الْكِتَابَ ِب ُقوّ ٍة وَ َآتَيْنَاهُ الْ ُ‬

‫ت أقارب أل يسنوا القيام على أمر الدين بعد موتى ‪ ،‬وكانت ول تزال‬
‫‪ -5‬وإن ِخفْ ُ‬
‫امرأتى عقيما ‪ ،‬فارزقن من فضلك غلما يلفن ف قومى ‪.‬‬
‫‪ -6‬يرثن ف العلم والدين ‪ ،‬ويرث من آل يعقوب اللك ‪ ،‬واجعله يا رب مرضيا‬
‫عندك وعند الناس ‪.‬‬
‫‪ -7‬فنودى ‪ :‬يا زكريا إنا نبشرك بغلم سيناه يي ‪ ،‬ول نُسم به أحدا قبل ‪.‬‬
‫‪ -8‬قال زكريا متعجبا ‪ :‬يا رب كيف يكون ل ولد وزوجى عقيم وأنا ف سن‬
‫الشيخوخة؟ ‪.‬‬
‫‪ -9‬فأوحى ال لعبده زكريا أن المر كما بشرت به ‪ ،‬وأن مَنْحَك الولد مع كب السن‬
‫و ُعقْم الزوج هَيّن علىّ ‪ ،‬ول تستبعد ذلك فقد خلقتك من قبل ول تك شيئا موجودا ‪.‬‬
‫‪ -10‬قال زكريا ‪ :‬رب اجعل ل علمة تدل على حصول ما بشرت به ‪ .‬قال ال تعال‬
‫‪ :‬علمتك أن تُحبس عن الكلم ثلث ليال ‪ ،‬وأنت سليم الواس واللسان ‪.‬‬
‫‪ -11‬فخرج زكريا على قومه من مصله ‪ ،‬فأشار إليهم أن سبحوا ال صباحا ومساء‬
‫‪.‬‬
‫‪ -12‬ولد يي وشب ث نودى ‪ ،‬وأمر بأن يعمل با ف التوراة ف جد وعزم ‪ ،‬وقد آتاه‬
‫ال ف طور الصبا فقْه الدين وفهْم الحكام ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫وَحَنَانًا ِمنْ َل ُدنّا وَزَكَا ًة وَكَانَ َتقِيّا (‪ )13‬وََبرّا ِبوَالِ َدْيهِ َوَلمْ َي ُكنْ جَبّارًا عَصِيّا (‪)14‬‬
‫ث حَيّا (‪ )15‬وَاذْ ُك ْر فِي الْكِتَابِ َم ْريَ َم ِإذِ‬
‫وَسَلَامٌ عَ َل ْيهِ َيوْ َم ُولِ َد َويَوْ َم يَمُوتُ وََيوْ َم يُ ْبعَ ُ‬
‫خ َذتْ ِم ْن دُوِن ِهمْ حِجَابًا َفأَ ْرسَلْنَا ِإلَ ْيهَا رُوحَنَا‬
‫انْتَبَ َذتْ ِم ْن َأهْ ِلهَا مَكَانًا َش ْرقِيّا (‪ )16‬فَاتّ َ‬
‫ت َتقِيّا (‪ )18‬قَالَ‬
‫ك إِنْ كُنْ َ‬
‫ت إِنّي أَعُو ُذ بِال ّرحْ َمنِ مِ ْن َ‬
‫شرًا َسوِيّا (‪ )17‬قَالَ ْ‬
‫فَتَمَّث َل َلهَا َب َ‬
‫ت أَنّى يَكُونُ لِي غُلَا ٌم َوَلمْ‬
‫ب لَكِ غُلَامًا زَكِيّا (‪ )19‬قَالَ ْ‬
‫ِإنّمَا َأنَا َرسُولُ َرّبكِ ِلَأهَ َ‬
‫جعَ َلهُ َآيَةً‬
‫ك قَالَ َرّبكِ ُهوَ عَ َليّ هَّي ٌن َولِنَ ْ‬
‫شرٌ َوَلمْ أَ ُك َبغِيّا (‪ )20‬قَالَ َك َذلِ ِ‬
‫سسْنِي َب َ‬
‫يَ ْم َ‬
‫لِلنّاسِ وَ َرحْ َمةً مِنّا وَكَا َن َأمْرًا مَقْضِيّا (‪)21‬‬

‫‪ -13‬وطبّعه ال على النان ‪ ،‬وسو النفس ‪ ،‬ونشّأه على التقوى ‪.‬‬


‫‪ -14‬وجعله ال كثي الب بوالديه والحسان إليهما ‪ ،‬ول يعله مُتَجبّرا على الناس ‪،‬‬
‫ول عاصيا ل ‪.‬‬
‫‪ -15‬وسلمة له وأمان ‪ ،‬أن ل يسه ضر أو أذى يوم ولدته ‪ ،‬ويوم موته ‪ ،‬ويوم بعثه‬
‫حيا ‪.‬‬
‫‪ -16‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ما ف القرآن من قصة مري ‪ ،‬حينما انفردت عن أهلها‬
‫وعن الناس ‪ ،‬وذهبت إل مكان جهة الشرق من مقامها ‪.‬‬
‫‪ -17‬وضربت بينها وبينهم حجابا ‪ ،‬فأرسل ال إليها جبيل ف صورة إنسان تام اللق‬
‫‪ ،‬حت ل تفزع من رؤيته ف هيئته اللكية الت ل تألفها ‪.‬‬
‫‪ -18‬قالت مري ‪ :‬إن ألتجئ إل الرحن منك إن يُرجى منك أن تتقى ال وتشاه ‪.‬‬
‫‪ -19‬قال اللك ‪ :‬ما أنا إل رسول من ربك لكون سببا ف أن يوهب لك غلم طاهر‬
‫خيّر ‪.‬‬
‫‪ -20‬قالت مري ‪ :‬كيف يكون ل غلم ول يقربن إنسان ‪ ،‬ولست فاجرة؟ ‪.‬‬
‫‪ -21‬قال اللك ‪ :‬المر كما قلت ‪ :‬ل يسك رجل ‪ .‬قال ربك ‪ :‬إعطاء الغلم بل أب‬
‫علىّ سهل ‪ ،‬وليكون ذلك آية للناس تدل على عظيم قدرتنا ‪ ،‬كما يكون رحة لن‬
‫يهتدى به ‪ .‬وكان خلق عيسى أمرا مقدرا ل بد منه ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫ت يَا‬
‫ع النّخْ َلةِ قَالَ ْ‬
‫ض ِإلَى ِجذْ ِ‬
‫ت بِ ِه َمكَانًا قَصِيّا (‪َ )22‬فأَجَا َءهَا الْمَخَا ُ‬
‫فَحَمَلَ ْت ُه فَانْتََبذَ ْ‬
‫ح َزنِي َقدْ َج َعلَ‬
‫ت َنسْيًا مَ ْنسِيّا (‪ )23‬فَنَادَاهَا ِم ْن تَحِْتهَا أَلّا تَ ْ‬
‫ت قَ ْب َل َهذَا وَكُنْ ُ‬
‫لَيْتَنِي مِ ّ‬
‫ع النّخْ َل ِة ُتسَاقِطْ عَلَ ْيكِ رُطَبًا جَنِيّا (‪)25‬‬
‫جذْ ِ‬
‫ك َسرِيّا (‪َ )24‬و ُهزّي ِإلَ ْيكِ بِ ِ‬
‫َرّبكِ تَحَْت ِ‬
‫ص ْومًا‬
‫ت لِلرّحْ َمنِ َ‬
‫فَكُلِي وَا ْشرَبِي َو َقرّي عَيْنًا َفإِمّا تَ َرِينّ ِم َن الَْبشَ ِر َأحَدًا َفقُولِي ِإنّي َنذَرْ ُ‬
‫ت بِ ِه َق ْومَهَا تَحْمِ ُل ُه قَالُوا يَا َمرَْيمُ َل َقدْ جِئْتِ شَيْئًا َف ِريّا (‬
‫فَ َلنْ أُكَ ّل َم الَْيوْمَ إِْنسِيّا (‪َ )26‬فَأتَ ْ‬
‫ك َبغِيّا (‪)28‬‬
‫ت ُأمّ ِ‬
‫ت هَارُو َن مَا كَا َن َأبُوكِ ا ْم َرأَ َسوْ ٍء َومَا كَانَ ْ‬
‫‪ )27‬يَا ُأخْ َ‬

‫‪ -22‬وتققت إرادة ال ‪ ،‬وحلت مري بعيسى على الوجه الذى أراده ال ‪ ،‬وذهبت‬
‫بملها إل الكان البعيد عن الناس ‪.‬‬
‫‪ -23‬فألأها أل الولدة إل أن تركن إل جذع نلة لتستند إليه وتستتر به ‪ ،‬وتيّلت‬
‫ما سيكون من إنكار أهلها هذا المر ‪ ،‬وتنت لو أدركها الوت ‪ ،‬وكانت شيئا منسيا‬
‫ل يذكر ‪.‬‬
‫‪ -24‬فناداها اللك من مكان منخفض عنها ‪ :‬ل تزن بالوحدة وعدم الطعام‬
‫والشراب ومقالة الناس ‪ ،‬فقد جعل ربك بالقرب منك نرا صغيا ‪.‬‬
‫‪ -25‬وهزى النخلة نوك يتساقط عليك الرطب الطيب ‪.‬‬
‫‪ -26‬فكلى منه واشرب ‪ ،‬وطيب نفسا ‪ .‬فإن رأيت أحدا من البشر ينكر عليك‬
‫أمرك ‪ ،‬فأشيى إليه أنك صائمة عن الكلم ‪ ،‬ولن تتحدثى اليوم إل أحد ‪.‬‬
‫‪ -27‬فأقبلت مري على أهلها تمل عيسى ‪ ،‬فقالوا لا ف دهشة واستنكار ‪ :‬لقد أتيت‬
‫أمرا فظيعا منكرا ‪.‬‬
‫‪ -28‬يا سللة هارون النب التقى الورع ‪ ،‬كيف تأتي ما أتيت وما كان أبوك فاسد‬
‫الخلق وما كانت أمك فاجرة ‪.‬‬

‫ف ُنكَلّ ُم َمنْ كَانَ فِي الْ َمهْدِ صَِبيّا (‪ )29‬قَالَ ِإنّي َع ْبدُ ال ّلهِ َآتَاِنيَ‬
‫ت ِإلَ ْيهِ قَالُوا كَيْ َ‬
‫َفأَشَارَ ْ‬
‫ت َوأَوْصَانِي بِالصّلَا ِة وَالزّكَاةِ مَا‬
‫ب وَ َجعَلَنِي نَبِيّا (‪ )30‬وَ َجعَلَنِي مُبَارَكًا َأيْ َن مَا ُكنْ ُ‬
‫الْكِتَا َ‬
‫جعَلْنِي جَبّارًا شَقِيّا (‪ )32‬وَالسّلَامُ عَ َل ّي يَوْ َم ُوِلدْتُ‬
‫ُدمْتُ حَيّا (‪ )31‬وََبرّا ِبوَالِ َدتِي َولَ ْم يَ ْ‬
‫حقّ اّلذِي فِيهِ يَمَْترُونَ‬
‫ث حَيّا (‪َ )33‬ذِلكَ عِيسَى اْبنُ َم ْريَ َم َقوْ َل الْ َ‬
‫وََيوْ َم َأمُوتُ وََيوْ َم ُأبْعَ ُ‬

‫‪41‬‬
‫خذَ مِ ْن َولَ ٍد سُبْحَاَنهُ ِإذَا قَضَى َأمْرًا فَِإنّمَا َيقُولُ َلهُ ُك ْن فَيَكُونُ (‬
‫(‪ )34‬مَا كَا َن لِ ّل ِه أَ ْن يَتّ ِ‬
‫ب ِمنْ‬
‫صرَاطٌ ُمسَْتقِيمٌ (‪ )36‬فَاخْتَلَفَ اْلأَ ْحزَا ُ‬
‫‪ )35‬وَإِ ّن ال ّلهَ َربّي وَ َربّ ُكمْ فَاعُْبدُوهُ هَذَا ِ‬
‫ش َهدِ َيوْمٍ عَظِيمٍ (‪)37‬‬
‫بَيِْنهِ ْم َف َويْ ٌل لِ ّلذِينَ َك َفرُوا ِمنْ َم ْ‬

‫‪ -29‬فأشارت إل ولدها عيسى ليكلموه ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬كيف نتحدث مع طفل ل يزال ف‬


‫الهد ‪.‬‬
‫‪ -30‬فلما سع عيسى كلمهم أنطقه ال فقال ‪ :‬إن عبد ال سيؤتين النيل ‪،‬‬
‫ويتارن نبيا ‪.‬‬
‫‪ -31‬ويعلن مُباركا مُعلما للخي نفّاعا للناس ‪ ،‬ويأمرن بإقامة الصلة وأداء الزكاة‬
‫مدة حياتى ‪.‬‬
‫‪ -32‬كما يأمرن أن أكون بارّا بوالدتى ‪ ،‬ول يعلن متجبا ف الناس ‪ ،‬ول شقيا‬
‫بعصيته ‪.‬‬
‫‪ -33‬والمان من ال علىّ يوم ولدتى ‪ ،‬ويوم موتى ‪ ،‬ويوم بعثى حيا ‪.‬‬
‫‪ -34‬ذلك الوصوف بذه الصفات ‪ ،‬هو عيسى ابن مري ‪ ،‬وهذا هو القول الق ف‬
‫شأنه ‪ ،‬الذى يادل فيه البطلون ‪ ،‬ويشكك ف أمر نبوته الشاكّون ‪.‬‬
‫‪ -35‬وما صح ول استقام ف العقل أن يتخذ ال ولدا ‪ -‬تنه ال عن ذلك ‪ -‬وشأنه‬
‫‪ -‬سبحانه ‪ -‬أنه إذا قضى أمرا من المور نفذت إرادته ل مالة ‪ ،‬بكلمة ‪ -‬كن ‪-‬‬
‫فيتحقق ف الوجود كائنا ‪.‬‬
‫‪ -36‬وإن ال سيدى وسيدكم فاعبدوه ‪ ،‬ول تشركوا به أحدا ‪ ،‬هذا الذى دعوتكم‬
‫إليه طريق يوصلكم إل السعادة ‪.‬‬
‫‪ -37‬ومع ما تقدم من قول الق ف عيسى ‪ ،‬قد اختلف أهل الكتاب فيه ‪ ،‬وذهبوا‬
‫مذاهب شت ‪ .‬والعذاب الشديد للكافرين يوم يضرون موقف الساب ‪ ،‬ويشهدون‬
‫موقف القيامة ‪ ،‬ويلقون سوء الزاء ‪.‬‬

‫ص ْر يَوْ َم َي ْأتُونَنَا لَ ِكنِ الظّالِمُونَ الَْيوْ َم فِي ضَلَا ٍل مُبِيٍ (‪ )38‬وََأْنذِ ْرهُ ْم َيوْمَ‬
‫أَسْ ِم ْع ِبهِ ْم َوأَبْ ِ‬
‫ض َو َمنْ‬
‫ث الْأَرْ َ‬
‫ح ُن َنرِ ُ‬
‫سرَ ِة ِإذْ قُضِ َي الَْأ ْمرُ َو ُهمْ فِي َغفْ َلةٍ وَ ُهمْ لَا ُيؤْمِنُونَ (‪ِ )39‬إنّا نَ ْ‬
‫حْ‬‫الْ َ‬

‫‪42‬‬
‫صدّيقًا نَبِيّا (‪ِ )41‬إذْ‬
‫عَلَ ْيهَا وَِإلَيْنَا يُ ْر َجعُونَ (‪ )40‬وَاذْ ُك ْر فِي الْكِتَابِ ِإْبرَاهِيمَ ِإّنهُ كَانَ ِ‬
‫ت ِإنّي‬
‫ك شَيْئًا (‪ )42‬يَا أَبَ ِ‬
‫ص ُر َولَا ُيغْنِي عَ ْن َ‬
‫ت لِ َم َتعُْبدُ مَا لَا َيسْمَ ُع َولَا يُبْ ِ‬
‫قَا َل ِلأَبِيهِ يَا َأبَ ِ‬
‫ت لَا َتعُْبدِ‬
‫صرَاطًا َس ِويّا (‪ )43‬يَا َأبَ ِ‬
‫ك فَاتِّبعْنِي َأ ْهدِكَ ِ‬
‫َقدْ جَا َءنِي ِمنَ اْلعِ ْلمِ مَا َلمْ َي ْأتِ َ‬
‫سكَ َعذَابٌ‬
‫ف أَ ْن يَ َم ّ‬
‫ت ِإنّي أَخَا ُ‬
‫الشّيْطَا َن إِ ّن الشّيْطَانَ كَا َن لِل ّرحْ َمنِ عَصِيّا (‪ )44‬يَا َأبَ ِ‬
‫ِمنَ الرّحْ َم ِن فََتكُو َن لِلشّيْطَا ِن َولِيّا (‪)45‬‬

‫‪ -38‬ما أشد سعهم وأقوى بصرهم يوم يلقون ال!! لكنهم اليوم ف الدنيا بظلمهم‬
‫أنفسهم ‪ ،‬وتركهم النتفاع بالسمع والبصر ف ضلل عن الق ‪ ،‬ظاهر ل يفى ‪.‬‬
‫‪ -39‬وحذّر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬هؤلء الظالي يوما يتحسرون فيه على تفريطهم ف‬
‫حق ال وحق أنفسهم ‪ -‬وقد فرغوا من حسابم ‪ ،‬ونالوا جزاءهم ‪ -‬وقد كانوا ف‬
‫الدنيا غافلي عن ذلك اليوم ‪ ،‬ل يصدقون بالبعث ول بالزاء ‪.‬‬
‫‪ -40‬أل فليعلم الناس أن ال هو الوارث لذا الكون وما فيه ‪ ،‬وحسابم على ال ‪.‬‬
‫‪ -41‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬للناس ما ف القرآن من قصة إبراهيم ‪ ،‬إنه كان عظيم‬
‫الصدق ‪ ،‬قول وعمل ‪ ،‬مبا عن ال تعال ‪.‬‬
‫‪ -42‬واذكر حي وجه إبراهيم الطاب إل أبيه ف رفق قائل له ‪ :‬يا أب كيف تعبد‬
‫أصناما ل تسمع ول تبصر ول تلب لك خيا ‪ ،‬ول تدفع عنك شرا؟! ‪.‬‬
‫‪ -43‬يا أب ‪ ،‬لقد جاءن من طريق الوحى اللى ما ل يأتك من العلم بال ‪ ،‬والعرفة با‬
‫يلزم النسان نو ربه ‪ ،‬فاتبعن فيما أدعوك إليه من اليان ‪َ ،‬أدُلّك على الطريق‬
‫الستقيم ‪ ،‬الذى يوصلك إل الق والسعادة ‪.‬‬
‫‪ -44‬يا أبت ‪ :‬ل تطع الشيطان فيما يُزين لك من عبادة الصنام ‪ ،‬فإن الشيطان‬
‫دائب على معصية الرحن ومالفة أمره ‪.‬‬
‫ت على الكفر ‪ -‬أن يُصيبك عذاب شديد من‬
‫صرَر َ‬
‫‪ -45‬يا أبت ‪ :‬إن أخشى ‪ -‬إن أ ْ‬
‫الرحن ‪ ،‬فتكون قرينا للشيطان ف النار تليه ويليك ‪.‬‬

‫ج ْرنِي مَلِيّا (‪ )46‬قَالَ‬


‫ب َأنْتَ َعنْ َآِلهَتِي يَا إِْبرَاهِي ُم لَِئنْ َل ْم تَنَْتهِ َلأَ ْرجُمَّنكَ وَاهْ ُ‬
‫قَا َل أَرَاغِ ٌ‬
‫سَلَامٌ عَلَ ْيكَ سََأسْتَ ْغ ِفرُ َلكَ َربّي ِإّنهُ كَا َن بِي حَفِيّا (‪َ )47‬وأَعَْت ِزلُ ُكمْ وَمَا تَدْعُو َن ِمنْ دُونِ‬

‫‪43‬‬
‫اللّ ِه َوأَدْعُو َربّي َعسَى َألّا أَكُو َن ِبدُعَاءِ َربّي َشقِيّا (‪ )48‬فَلَمّا اعَْت َزلَ ُه ْم وَمَا يَعُْبدُونَ مِنْ‬
‫ق وََي ْعقُوبَ وَكُلّا َجعَلْنَا نَبِيّا (‪ )49‬وَ َوهَبْنَا َل ُهمْ مِنْ َرحْمَتِنَا‬
‫دُونِ ال ّلهِ َوهَبْنَا لَ ُه ِإسْحَا َ‬
‫صدْقٍ عَلِيّا (‪ )50‬وَاذْ ُك ْر فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِّنهُ كَا َن مُخْلَصًا وَكَانَ‬
‫وَ َجعَلْنَا َل ُهمْ ِلسَانَ ِ‬
‫َرسُولًا نَبِيّا (‪ )51‬وَنَا َديْنَا ُه ِمنْ جَانِبِ الطّو ِر الَْأيْ َم ِن وَ َق ّربْنَاهُ نَجِيّا (‪ )52‬وَ َوهَبْنَا َل ُه ِمنْ‬
‫َرحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُو َن نَبِيّا (‪)53‬‬

‫‪ -46‬قال الب لبراهيم منكرا عليه ‪ ،‬مهددا له ‪ :‬كيف تنصرف عن آلت يا إبراهيم‬
‫وتدعون إل عبادة إلك؟ لئن ل تكف عن شتم الصنام لضربنك بالجارة ‪ ،‬فاحذرن‬
‫واتركن زمانا طويل ‪ ،‬حت تدأ ثائرتى عنك ‪.‬‬
‫‪ -47‬تلطف إبراهيم مع أبيه وودعه قائل ‪ :‬سلم عليك من ‪ ،‬وسأدعو لك رب‬
‫بالداية والغفرة ‪ ،‬وقد عوّدن رب أن يكون رحيما ب قريبا من ‪.‬‬
‫‪ -48‬وهاأنذا أهجركم وأبتعد عما تعبدون من دون ال ‪ ،‬وأعبد رب ‪ -‬وحده ‪-‬‬
‫راجيا أن يقبل طاعت ول ييب رجائى ‪.‬‬
‫‪ -49‬فلما فارق إبراهيم أباه وقومه وآلتهم ‪ ،‬أكرمه ال بالذرية الصالة على يأس منه‬
‫‪ ،‬إذ بلغ هو وزوجه حد الكب الذى ل ينجب ‪ ،‬فوهب له إسحاق ‪ ،‬ورزقه من‬
‫إسحاق يعقوب ‪ ،‬وجعلناها نبيي ‪.‬‬
‫‪ -50‬وأعطيناهم فوق منلة النبوة كثيا من خيْرى الدين والدنيا برحتنا ‪ ،‬وأورثناهم‬
‫ف الدنيا ذكرى طيبة خالدة ‪ ،‬بلسان صدق علىّ يتحدث بذكرهم ‪.‬‬
‫‪ -51‬واتل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬على الناس ما ف القرآن من قصة موسى ‪ ،‬إنه كان‬
‫خالصا بنفسه وقلبه وجسمه ل ‪ ،‬وقد اصطفاه ال للنبوة والرسالة ‪.‬‬
‫‪ -52‬وكرمناه فناديناه عند جبل الطور ‪ ،‬وسع موسى النداء اللى من الهة اليمن ‪،‬‬
‫وقرّبناه تقْريب تشريف واصطفيناه لناجاتنا ‪.‬‬
‫‪ -53‬ومنحناه من رحتنا ونعمنا ‪ ،‬واخترنا معه أخاه هارون نبيا ‪ ،‬يعاونه ف تبليغ‬
‫الرسالة ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫ق الْوَ ْع ِد وَكَانَ َرسُولًا نَبِيّا (‪ )54‬وَكَانَ َي ْأ ُمرُ‬
‫وَاذْ ُك ْر فِي الْكِتَابِ ِإسْمَاعِي َل إِّنهُ كَانَ صَادِ َ‬
‫س ِإنّهُ كَانَ‬
‫أَهْ َل ُه بِالصّلَا ِة وَالزّكَاةِ وَكَانَ عِ ْندَ َرّبهِ مَرْضِيّا (‪ )55‬وَاذْ ُك ْر فِي الْكِتَابِ ِإدْرِي َ‬
‫صدّيقًا نَبِيّا (‪ )56‬وَ َر َفعْنَاهُ َمكَانًا عَلِيّا (‪ )57‬أُولَِئكَ اّلذِي َن َأنْ َعمَ ال ّلهُ عَلَ ْي ِه ْم ِمنَ النّبِيّيَ‬
‫ِ‬
‫ح َو ِمنْ ذُ ّرّيةِ ِإْبرَاهِي َم وَِإ ْسرَائِيلَ َومِ ّم ْن َهدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا‬
‫ِمنْ ذُ ّرّيةِ َآدَ َم َومِ ّم ْن حَمَلْنَا مَعَ نُو ٍ‬
‫جدًا َوُبكِيّا (‪ )58‬فَخَلَفَ مِ ْن َب ْعدِ ِهمْ خَلْفٌ‬
‫ِإذَا تُتْلَى عَلَ ْي ِهمْ َآيَاتُ ال ّرحْ َمنِ َخرّوا سُ ّ‬
‫ب وَ َآ َمنَ وَعَ ِملَ‬
‫سوْفَ يَ ْل َقوْنَ غَيّا (‪ِ )59‬إلّا َم ْن تَا َ‬
‫ت َف َ‬
‫شهَوَا ِ‬
‫أَضَاعُوا الصّلَاةَ وَاتّبَعُوا ال ّ‬
‫ك َيدْخُلُونَ الْجَّن َة َولَا يُظْلَمُو َن شَيْئًا (‪ )60‬جَنّاتِ َعدْ ٍن الّتِي وَ َعدَ ال ّرحْ َمنُ‬
‫صَالِحًا فَأُولَئِ َ‬
‫ب إِّنهُ كَا َن وَ ْع ُدهُ َم ْأتِيّا (‪)61‬‬
‫عِبَا َدهُ بِاْلغَيْ ِ‬

‫‪ -54‬واتل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬على الناس ما ف القرآن من قصة إساعيل ‪ ،‬إنه كان‬
‫يصدق ف وعده ‪ ،‬وقد وعد أباه بالصب على ذبه له ‪َ ،‬ووَفّى بوعده ‪ ،‬ففداه ال‬
‫وشرفه بالرسالة والنبوة ‪.‬‬
‫‪ -55‬وكان يأمر أهله بإقامة الصلة وإيتاء الزكاة ‪ ،‬وكان ف القام الكري من رضا ربه‬
‫‪.‬‬
‫‪ -56‬واتل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬على الناس ما ف القرآن من قصة إدريس ‪ ،‬إنه كان‬
‫شأنه الصدق قول وفعل وعمل ‪ .‬وقد منحه ال شرف النبوة ‪.‬‬
‫‪ -57‬وقد رفعه ال بذلك مكانا ساميا ‪.‬‬
‫‪ -58‬أولئك الذين سلف ذكرهم ‪ ،‬من أنعم ال عليهم من النبيي بنعم الدنيا والخرة‬
‫من ذرية آدم ومن ذرية من ناه ال مع نوح ف السفينة ‪ ،‬ومن ذرية إبراهيم‬
‫كإساعيل ‪ ،‬ومن ذرية يعقوب كأنبياء بن إسرائيل ‪ ،‬ومن هديناهم إل الق ‪،‬‬
‫واخترناهم لعلء كلمة ال ‪ .‬هؤلء إذا سعوا آيات ال تُتْلى عليهم خشعوا وخروا‬
‫ساجدين ل متضرعي له ‪.‬‬
‫‪ -59‬ث جاء بعد هؤلء الخيار أجيال على غي هدْيهم تركوا الصلة ‪ ،‬وأهلوا‬
‫النتفاع بِهدْيها ‪ ،‬وانمكوا ف العاصى ‪ ،‬وسيلقى هؤلء جزاء غيهم وضللم ف الدنيا‬
‫والخرة ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ -60‬لكن من تداركوا أنفسهم بالتوبة ‪ ،‬وصدق اليان ‪ ،‬والعمل الصال ‪ ،‬فإن ال‬
‫يقبل توبتهم ‪ ،‬ويدخلهم النة ‪ ،‬ويوفيهم أجورهم ‪.‬‬
‫‪ -61‬هذه النات دار خلود ‪ ،‬وعد الرحن با عباده التائبي ‪ ،‬فآمنوا با بالغيب ‪ ،‬فهم‬
‫داخلوها ل مالة ‪ ،‬فإن وعد ال ل يتخلف ‪.‬‬

‫ك الْجَّنةُ الّتِي‬
‫لَا َيسْ َمعُونَ فِيهَا َلغْوًا ِإلّا سَلَامًا َوَلهُمْ رِ ْز ُق ُهمْ فِيهَا ُبكْ َر ًة وَ َعشِيّا (‪ )62‬تِلْ َ‬
‫ك َلهُ مَا بَ ْينَ َأْيدِينَا وَمَا خَلْفَنَا‬
‫ث ِمنْ عِبَادِنَا َمنْ كَا َن َتقِيّا (‪َ )63‬ومَا نَتََن ّزلُ ِإلّا ِبَأ ْمرِ َرّب َ‬
‫نُو ِر ُ‬
‫ض َومَا بَيَْنهُمَا فَاعُْب ْدهُ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ب السّمَاوَا ِ‬
‫ك َنسِيّا (‪َ )64‬ر ّ‬
‫وَمَا بَ ْينَ َذِلكَ َومَا كَانَ َربّ َ‬
‫ف ُأ ْخرَجُ حَيّا‬
‫ت َلسَوْ َ‬
‫وَاصْ َطِبرْ ِلعِبَادَِت ِه هَ ْل َتعْ َلمُ َل ُه سَمِيّا (‪َ )65‬وَيقُولُ اْلإِْنسَا ُن َأئِذَا مَا مِ ّ‬
‫شرَّن ُهمْ‬
‫حُ‬‫ك شَيْئًا (‪َ )67‬فوَرَّبكَ لََن ْ‬
‫(‪ )66‬أَ َولَا َيذْ ُك ُر الِْإْنسَا ُن َأنّا خَ َلقْنَاهُ ِم ْن قَ ْبلُ َوَلمْ َي ُ‬
‫ض َرّنهُ ْم حَ ْولَ َجهَّنمَ جِثِيّا (‪ُ )68‬ثمّ لَنَ ْنزِ َع ّن ِمنْ ُكلّ شِي َعةٍ َأّي ُهمْ َأ َشدّ‬
‫ي ُث ّم لَنُحْ ِ‬
‫وَالشّيَاطِ َ‬
‫عَلَى ال ّرحْ َمنِ عِتِيّا (‪)69‬‬

‫‪ -62‬وهم ف تلك النات ل يرى بينهم لغو الديث ‪ ،‬ول يسمعون إل خيا وأمنا ‪،‬‬
‫ورزقهم فيها رغد مكفول دائما ‪.‬‬
‫‪ -63‬وإنا يؤتى ال تلك النة ويلكها لن كان تقيا ف الدنيا بترك العاصى وفعل‬
‫الطاعات ‪.‬‬
‫‪ -64‬وكان الوحى قد تأخر وقلق الرسول ‪ -‬عليه الصلة والسلم ‪ -‬فجاءه جبيل‬
‫‪ -‬عليه السلم ‪ -‬ليطمئنه وقال له ‪ :‬إن اللئكة ل تنل إل بإذن ربا ‪ ،‬فاطمئن أيها‬
‫الرسول الكري فإن ربك ل ينسى ‪.‬‬
‫‪ -65‬فهو سُبحانه الالق الالك للسموات والرض وما بينهما ‪ ،‬والدبر لشئونما ‪،‬‬
‫والستحق ‪ -‬وحده ‪ -‬للعبادة ‪ ،‬فاعبده ‪ -‬أيها الخاطب ‪ -‬وثابر على عبادته صابرا‬
‫مطمئنا ‪ ،‬فهو سبحانه الستحق ‪ -‬وحده ‪ -‬للعبادة ‪ ،‬وليس له نظي يستحق العبادة ‪،‬‬
‫أو يسمى باسم من أسائه ‪.‬‬
‫‪ -66‬ويقول النسان مستغربا البعث ‪ :‬كيف أبعث حيا بعد الوت والفناء؟!! ‪.‬‬
‫‪ -67‬كيف يستغرب قدرة ال على البعث ف الخرة ‪ ،‬ول يذكر أنه تعال خلقه ف‬

‫‪46‬‬
‫الدنيا من عدم؟ ‪ ،‬مع أن إعادة اللق أ ْهوَن من بدئه ف حكم العقل ‪.‬‬
‫‪ -68‬وإذا كان أمر البعث غريبا ينكره الكافرون ‪ ،‬فوالذى خلقك وربّاك ونّاك‬
‫لنجمعن الكافرين يوم القيامة مع شياطينهم ‪ -‬الذين زينوا لم الكفر ‪ -‬وسنحضرهم‬
‫جيعا حول جهنم جاثي على ركبهم ف ذلة لشدة الول والفزع ‪.‬‬
‫‪ -69‬ث لننعن من كل جاعة أشدهم كفرا بال ‪ ،‬وتردا عليه ‪ ،‬فيدفع بم قبل‬
‫سواهم إل أشد العذاب ‪.‬‬

‫صلِيّا (‪َ )70‬وإِ ْن مِنْ ُك ْم ِإلّا وَارِ ُدهَا كَانَ عَلَى َربّكَ‬
‫ح ُن أَعْ َل ُم بِاّلذِينَ ُهمْ َأ ْولَى ِبهَا ِ‬
‫ُثمّ لَنَ ْ‬
‫ي فِيهَا جِثِيّا (‪َ )72‬وِإذَا تُتْلَى‬
‫حَتْمًا َمقْضِيّا (‪ُ )71‬ثمّ نُنَجّي الّذِينَ اّتقَوْا وََنذَ ُر الظّالِ ِم َ‬
‫س ُن َندِيّا‬
‫ت قَا َل اّلذِينَ َك َفرُوا لِ ّلذِينَ َآمَنُوا أَيّ اْل َفرِيقَ ْينِ خَيْ ٌر َمقَامًا َوَأحْ َ‬
‫عَلَ ْي ِهمْ َآيَاتُنَا بَيّنَا ٍ‬
‫س ُن َأثَاثًا وَ ِرئْيًا (‪ُ )74‬ق ْل َمنْ كَا َن فِي الضّلَاَلةِ‬
‫(‪ )73‬وَ َكمْ َأهْ َلكْنَا قَبْ َل ُهمْ ِم ْن َقرْنٍ هُ ْم َأحْ َ‬
‫ب وَِإمّا السّا َعةَ َفسََيعْلَمُونَ‬
‫فَلْيَ ْم ُددْ َل ُه ال ّرحْ َم ُن مَدّا حَتّى ِإذَا َرَأوْا مَا يُو َعدُو َن ِإمّا الْ َعذَا َ‬
‫ضعَفُ جُ ْندًا (‪َ )75‬وَيزِيدُ ال ّل ُه الّذِينَ اهَْتدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ‬
‫َمنْ ُهوَ َش ّر مَكَانًا َوأَ ْ‬
‫الصّالِحَاتُ خَ ْيرٌ عِ ْندَ َرّبكَ َثوَابًا َوخَ ْيرٌ َم َردّا (‪)76‬‬

‫‪ -70‬ونن أعلم بالذين هم أحق بسبقهم إل دخول جهنم والصطلء بلهيبها ‪.‬‬
‫‪ -71‬وإن منكم ‪ -‬معشر اللق ‪ -‬إل حاضر لا ‪ ،‬يراها الؤمن وير با ‪ ،‬والكافر‬
‫يدخلها ‪ ،‬وتنفيذ هذا أمر واقع حتما ‪ ،‬جرى به قضاء ال ‪.‬‬
‫‪ -72‬ث إننا نشمل التقي برحتنا فننجيهم من جهنم ‪ ،‬ونترك با الذين ظلموا أنفسهم‬
‫جاثي على ركبهم ‪ ،‬تعذيبا لم ‪.‬‬
‫‪ -73‬وكان الكافرون ف الدنيا إذا تليت عليهم آيات ال واضحة الدللة أعرضوا‬
‫عنها ‪ ،‬وقالوا للمؤمني ‪ -‬معتزين بالم وجعهم ‪ -‬لستم مثلنا حظا ف الدنيا ‪ ،‬فنحن‬
‫خي منكم منل وملسا ‪ ،‬فكذلك سيكون حظنا ف الخرة الت تؤمنون با ‪.‬‬
‫‪ -74‬وكان على هؤلء الكافرين أن يتعظوا َب ْن سبقهم من أمم كثية كفرت بال‬
‫وكانوا أحسن منهم حظا ف الدنيا ‪ ،‬وأكثر متاعا وأبى منظرا ‪ ،‬فأهلكهم ال بكفرهم‬
‫‪ -‬وهم كثيون ‪ -‬وف آثارهم عب لكل معتب ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ -75‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لؤلء ‪ :‬من كان ف الضللة والكفر أمهله الرحن ‪،‬‬
‫وأملى له ف العمر ليزداد طغيانا وضلل ‪ ،‬وسيدد الكفار قولم للمؤمني ‪ :‬أى‬
‫الفريقي خي مقاما وأحسن نديا؟ إل أن يشاهدوا ما يوعدون ‪ :‬إما تعذيب السلمي‬
‫إياهم ف الدنيا بالقتل والسر ‪ ،‬وإما خزى القيامة لم ‪ ،‬فحينئذ يعلمون أنم شر منل‬
‫وأضعف أنصارا ‪.‬‬
‫‪ -76‬أما الؤمنون بآيات ال ‪ ،‬فحينما يسمعونا يقبلون عليها ‪ ،‬ويزيدهم ال با توفيقا‬
‫لسن العمل ‪ ،‬والعمال الصالة خي وأبقى عند ال ثوابا وعاقبة ‪.‬‬

‫خذَ عِ ْندَ‬
‫ب أَ ِم اتّ َ‬
‫َأفَ َرَأيْتَ اّلذِي َك َفرَ ِب َآيَاتِنَا َوقَا َل َلأُوتََينّ مَالًا َو َولَدًا (‪ )77‬أَطّلَ َع اْلغَيْ َ‬
‫ب مَا يَقُولُ َونَ ُمدّ َل ُه ِمنَ اْل َعذَابِ َمدّا (‪َ )79‬وَنرُِث ُه مَا‬
‫ال ّرحْ َمنِ َع ْهدًا (‪ )78‬كَلّا سَنَكْتُ ُ‬
‫خذُوا مِ ْن دُونِ ال ّلهِ َآِل َهةً لَِيكُونُوا َل ُهمْ ِعزّا (‪ )81‬كَلّا‬
‫َيقُولُ َوَيأْتِينَا َفرْدًا (‪ )80‬وَاتّ َ‬
‫ضدّا (‪َ )82‬ألَ ْم َترَ َأنّا أَ ْرسَلْنَا الشّيَاطِيَ عَلَى‬
‫سَيَ ْك ُفرُو َن ِبعِبَا َدِتهِ ْم َويَكُونُونَ عَلَ ْي ِهمْ ِ‬
‫جلْ عَلَ ْي ِهمْ ِإنّمَا َنعُ ّد َلهُمْ َعدّا (‪)84‬‬
‫الْكَا ِفرِينَ َتؤُ ّزهُ ْم أَزّا (‪ )83‬فَلَا َتعْ َ‬

‫‪ -77‬تعجب ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬من أمر الكافر بآيات ال ‪ ،‬الذى فتنته دنياه ‪ ،‬فأنكر‬
‫البعث وقال ‪ -‬مستهزئا ‪ : -‬إن ال سيعطين ف الخرة الت تزعمونا مالً وولدا أعتز‬
‫بما هناك ‪ ،‬وظن أن الخرة كالدنيا ‪ ،‬تقاس عليها ‪ ،‬ونسى أنا جزاء الي والشر ‪،‬‬
‫وأن الفضل فيها بالعمل الصال ‪.‬‬
‫‪ -78‬فهل اطلع ذلك الكافر على الغيب حت يب عن صدق؟ ‪ ،‬وهل أخذ من ال‬
‫عهدا بذلك حت يتعلق بأمل؟ ‪.‬‬
‫‪ -79‬فليتدع عما يفتريه ‪ ،‬فإننا نصى عليه افتراءه ‪ ،‬وسيصل عذابه مدودا مدّا‬
‫ل ل يتصوره ‪.‬‬
‫طوي ً‬
‫‪ -80‬سيسلبه ال ما يعتز به ف الدنيا من مال وولد ‪ ،‬ويهلكه ‪ ،‬ويأتى ف الخرة‬
‫وحيدا منفردا ‪ ،‬دون مال أو ولد أو نصي ‪.‬‬
‫‪ -81‬أولئك الكافرون اتذوا غي ال آلة متلفة عبدوها ‪ ،‬لتكون لم شفعاء ف‬
‫الخرة ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ -82‬عليهم أن يرتدعوا عما يظنون ‪ ،‬سيجحد اللة عبادتم وينكرونا ‪ ،‬ويكون‬
‫هؤلء العبودون خصما للمشركي يطالبون بتعذيبهم ‪.‬‬
‫‪ -83‬أل تعلم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬أننا مكنا الشياطي من الكافرين ‪ -‬وقد استحوذت‬
‫على هؤلء الكافرين ‪ -‬تُغريهم وتدفعهم إل التمرد على الق فانقادوا لا ‪.‬‬
‫‪ -84‬فل يضق صدرك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬بكفرهم ‪ ،‬ول تستعجل لم العذاب ‪ ،‬فإنا‬
‫نتركهم ف الدنيا أمدا مدودا ونصى عليهم أعمالم وذنوبم ‪ ،‬لنحاسبهم عليها ف‬
‫الخرة ‪.‬‬

‫ي ِإلَى َجهَّنمَ وِ ْردًا (‪)86‬‬


‫ج ِرمِ َ‬
‫ق الْمُ ْ‬
‫ي ِإلَى الرّحْ َم ِن َوفْدًا (‪َ )85‬وَنسُو ُ‬
‫شرُ الْمُّتقِ َ‬
‫حُ‬‫يَوْ َم َن ْ‬
‫خ َذ ال ّرحْ َمنُ َوَلدًا (‬
‫خذَ عِ ْندَ الرّحْ َمنِ َع ْهدًا (‪َ )87‬وقَالُوا اتّ َ‬
‫شفَا َعةَ ِإلّا َم ِن اتّ َ‬
‫لَا يَمْ ِلكُونَ ال ّ‬
‫خرّ‬
‫ض َوتَ ِ‬
‫ش ّق الْأَرْ ُ‬
‫ت يََتفَ ّطرْنَ مِ ْن ُه َوتَنْ َ‬
‫‪َ )88‬لقَ ْد جِئُْتمْ شَيْئًا ِإدّا (‪ )89‬تَكَادُ السّ َموَا ُ‬
‫خ َذ َولَدًا (‬
‫الْجِبَا ُل َهدّا (‪ )90‬أَ ْن دَ َعوْا لِل ّرحْ َمنِ َوَلدًا (‪ )91‬وَمَا يَنَْبغِي لِلرّحْ َم ِن أَ ْن يَتّ ِ‬
‫‪ )92‬إِنْ ُك ّل َمنْ فِي السّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ إِلّا َآتِي الرّحْ َمنِ عَ ْبدًا (‪َ )93‬لقَ ْد أَحْصَاهُمْ‬
‫وَ َعدّ ُهمْ َعدّا (‪ )94‬وَكُ ّل ُهمْ َآتِيهِ َيوْ َم اْلقِيَا َمةِ َف ْردًا (‪ )95‬إِ ّن اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا‬
‫ج َع ُل َلهُ ُم ال ّرحْ َمنُ وُدّا (‪)96‬‬
‫الصّالِحَاتِ سَيَ ْ‬

‫‪ -85‬اذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬اليوم الذى نمع فيه التقي إل جنة الرحن وفودا‬
‫وجاعات مكرمي ‪.‬‬
‫‪ -86‬وندفع فيه الجرمي إل جهنم عطاشا ‪ ،‬كاندفاع الدواب العطاش إل الاء ‪.‬‬
‫‪ -87‬ول يلك الشفاعة ف هذا اليوم أحد إل من يأذن ال تعال له ‪ ،‬لعهد كان له ‪.‬‬
‫‪ -88‬لقد قال الشركون واليهود والنصارى ‪ :‬إن ال اتذ ولدا من اللئكة أو من‬
‫الناس ‪.‬‬
‫‪ -89‬لقد أتيتم ‪ -‬أيها القائلون ‪ -‬بذلك القول أمرا منكرا ‪ ،‬تنكره العقول الستقيمة‬
‫‪.‬‬
‫‪ -90‬تكاد السموات يتشققن منه ‪ ،‬وتنخسف الرض ‪ ،‬وتسقط البال قطعا مفتتة ‪.‬‬
‫‪ -91‬وإنا تقرب حوادث السموات والرض والبال أن تقع ‪ ،‬لنم سوا ل ولدا ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ -92‬وما يستقيم ف العقل أن يكون ل ولد ‪ ،‬لن إثبات الولد له يقتضى حدوثه‬
‫وحاجته ‪.‬‬
‫‪ -93‬ما كل من ف السموات والرض إل سيأتى ال سبحانه يوم القيامة عبدا خاضعا‬
‫للوهيته ‪.‬‬
‫‪ -94‬لقد أحاط علمه بم جيعا وبأعمالم ‪ ،‬فل يفى عليه أحد منهم ول شئ من‬
‫أعمالم ‪.‬‬
‫‪ -95‬وهم جيعا ييئون إليه يوم القيامة منفردين عن النصراء وعن الولد والال ‪.‬‬
‫‪ -96‬إن الؤمني العاملي الصالات يُحبهم ال ‪ ،‬ويُحببهم إل الناس ‪.‬‬

‫ي َوتُنْذِ َر ِبهِ قَ ْومًا ُلدّا (‪ )97‬وَ َك ْم أَهْ َلكْنَا قَبْ َل ُه ْم ِمنْ‬


‫شرَ ِب ِه الْمُّتقِ َ‬
‫ك لِتَُب ّ‬
‫سرْنَاهُ بِ ِلسَانِ َ‬
‫َفإِنّمَا َي ّ‬
‫س مِ ْن ُهمْ ِم ْن َأحَ ٍد َأوْ َتسْمَعُ لَ ُهمْ رِ ْكزًا (‪)98‬‬
‫َقرْنٍ َه ْل تُحِ ّ‬

‫‪ -97‬فإنا يسرنا القرآن بلغتك لتُبشر برضا ال ونعيمه من اتبع أوامره واجتنب‬
‫نواهيه ‪ ،‬وتُنذر بسخط ال وعذابه من كفر به واشتد ف خصومته ‪.‬‬
‫‪ -98‬فل يزنك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬عنادهم لك ‪ ،‬فقد أهلك ال قبلهم كثيا من‬
‫المم والجيال ‪ ،‬لعنادهم ولكفرهم ‪ ،‬ولقد اندثروا ‪ ،‬فل ترى منهم أحدا ‪ ،‬ول تسمع‬
‫لم صوتا ‪.‬‬

‫خشَى (‪)3‬‬
‫شقَى (‪ِ )2‬إلّا َتذْ ِكرَ ًة لِ َم ْن يَ ْ‬
‫ك الْ ُقرْآَ َن لَِت ْ‬
‫طه (‪ )1‬مَا َأْنزَلْنَا عَلَ ْي َ‬

‫‪ -1‬بدأ ال تعال السورة بذه الروف لتحدى النكرين ‪ ،‬والشارة إل أن القرآن‬


‫مُ َكوّن من هذه الروف الت تتكلمون با ‪ ،‬ومع ذلك عجزت عن التيان بسورة‬
‫قصية أو آيات من مثله ‪.‬‬
‫‪ -2‬إنا ما أوحينا إليك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬هذا القرآن ليكون سببا ف إرهاق نفسك‬
‫أسفا على إعراض العرضي عنك ‪.‬‬
‫‪ -3‬لكن أنزلناه تذكرة لن ياف ال فيطيعه ‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫ت اْلعُلَا (‪ )4‬الرّحْ َمنُ عَلَى الْ َعرْشِ اسَْتوَى (‪َ )5‬ل ُه مَا‬
‫ض وَالسّمَاوَا ِ‬
‫تَ ْنزِيلًا مِ ّمنْ خَلَ َق الْأَرْ َ‬
‫ج َهرْ بِاْلقَ ْولِ َفِإنّهُ‬
‫ت الّثرَى (‪َ )6‬وإِ ْن تَ ْ‬
‫ض َومَا بَيَْنهُمَا وَمَا تَحْ َ‬
‫ت َومَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫فِي السّمَاوَا ِ‬
‫حسْنَى (‪ )8‬وَ َه ْل َأتَا َك َحدِيثُ‬
‫َيعْلَ ُم السّ ّر َوأَ ْخفَى (‪ )7‬ال ّلهُ لَا ِإلَ َه ِإلّا ُهوَ َلهُ اْلَأسْمَاءُ الْ ُ‬
‫س أَوْ‬
‫ت نَارًا َلعَلّي َآتِيكُ ْم مِ ْنهَا ِبقَبَ ٍ‬
‫مُوسَى (‪ِ )9‬إذْ َرأَى نَارًا َفقَا َل ِلأَهْ ِل ِه امْكُثُوا ِإنّي َآَنسْ ُ‬
‫ي يَا مُوسَى (‪ِ )11‬إنّي أَنَا َرّبكَ فَاخْلَ ْع نَعْلَ ْيكَ‬
‫أَ ِجدُ عَلَى النّا ِر ُهدًى (‪ )10‬فَلَمّا أَتَاهَا نُودِ َ‬
‫ك بِاْلوَا ِد الْ ُمقَدّسِ ُطوًى (‪)12‬‬
‫ِإنّ َ‬

‫‪ -4‬قد نزل عليك هذا القرآن من عند ال القادر خالق الرض والسموات الرفيعة‬
‫العالية ‪.‬‬
‫‪ -5‬عظيم الرحة على ملكه استوى ‪.‬‬
‫‪ -6‬له ‪ -‬وحده ‪ -‬سبحانه ملك السموات وما فيها والرض وما عليها ‪ ،‬وملك ما‬
‫بينهما ‪ ،‬وما اختبأ ف الرض من معادن وخيات ‪.‬‬
‫‪ -7‬وكما شلت قدرة ال ‪ -‬عز وجل ‪ -‬كل شئ قد أحاط علمه بكل شئ ‪ ،‬وإن‬
‫ترفع صوتك ‪ -‬أيها النسان ‪ -‬بالقول ‪ ،‬فإن ال يعلمه ‪ ،‬لنه يعلم حديثك مع غيك‬
‫ويعلم حديث نفسك ‪.‬‬
‫‪ -8‬هو ال الله الواحد الستحق للعبادة دون سواه؛ إذ هو التصف بصفات الكمال ‪،‬‬
‫وله الصفات السن ‪.‬‬
‫‪ -9‬هل علمت ‪ -‬أيها النب ‪ -‬خب موسى مع فرعون؟‬
‫‪ -10‬حي أبصر نارا ف مسيه ليل من مدين إل مصر ‪ ،‬فقال عند ذلك لزوجه ومن‬
‫معها ‪ :‬انتظروا ف مكانكم ‪ ،‬إن أبصرت نارا ‪ ،‬أرجو أن أحل لكم منها جرة تدفئكم ‪،‬‬
‫أو أجد حول النار من يهدين إل الطريق ‪.‬‬
‫‪ -11‬فلما بلغ مكانا ‪ ،‬سع صوتا عُ ْلوِيا يناديه ‪ :‬يا موسى ‪.‬‬
‫‪ -12‬إن أنا ال ربك ‪ ،‬فاخلع نعليك تكريا للموقف ‪ ،‬فإنك بالوادى الطهر البارك‬
‫وهو « طوى » ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫ك فَاسْتَمِ ْع لِمَا يُوحَى (‪ِ )13‬إنّنِي َأنَا ال ّلهُ لَا ِإلَ َه ِإلّا َأنَا فَاعُْب ْدنِي َوأَ ِقمِ الصّلَاةَ‬
‫وََأنَا اخَْت ْرتُ َ‬
‫سعَى (‪ )15‬فَلَا‬
‫س بِمَا َت ْ‬
‫جزَى ُك ّل نَفْ ٍ‬
‫ِلذِكْرِي (‪ )14‬إِ ّن السّا َعةَ َآتَِي ٌة أَكَادُ ُأ ْخفِيهَا لِتُ ْ‬
‫صدّّنكَ عَ ْنهَا َم ْن لَا ُي ْؤمِ ُن ِبهَا وَاتّبَ َع هَوَاهُ فََت ْردَى (‪َ )16‬ومَا تِ ْلكَ بِيَمِيِنكَ يَا مُوسَى (‬
‫يَ ُ‬
‫ب أُ ْخرَى (‪)18‬‬
‫ش ِبهَا عَلَى غََنمِي َوِليَ فِيهَا مَآَ ِر ُ‬
‫ي َأتَوَ ّكأُ عَلَ ْيهَا َوأَهُ ّ‬
‫‪ )17‬قَا َل هِيَ عَصَا َ‬
‫سعَى (‪ )20‬قَا َل خُ ْذهَا َولَا تَخَفْ‬
‫قَا َل َألْ ِقهَا يَا مُوسَى (‪َ )19‬فأَْلقَاهَا َفِإذَا ِهيَ حَيّ ٌة َت ْ‬
‫ج بَيْضَا َء ِمنْ غَ ْي ِر سُوءٍ َآَيةً‬
‫خرُ ْ‬
‫ض ُممْ َيدَ َك ِإلَى جَنَا ِحكَ تَ ْ‬
‫يَتهَا الْأُولَى (‪ )21‬وَا ْ‬
‫سَنُعِي ُدهَا سِ َ‬
‫أُ ْخرَى (‪)22‬‬

‫‪ -13‬وأنا ال أصطفيك بالرسالة ‪ ،‬فاصغ لا أوحيه إليك لتعلمه وتبلغه قومك ‪.‬‬
‫‪ -14‬إنن أنا ال الله الواحد ‪ ،‬ل معبود بق سواى ‪ ،‬فآمن ب واعبدن ‪ ،‬وداوم على‬
‫إقامة الصلة لتظل ف ذكر دائم ب ‪.‬‬
‫‪ -15‬إن الساعة ‪ -‬الت هى موْعد لقائى ‪ ،‬وقد أخفيت موعدها عن عبادى ‪،‬‬
‫وأظهرت لم دللتها ‪ -‬آتية ل مالة ‪ ،‬لتحاسب كل نفس على ما عملت وتُجزى به ‪.‬‬
‫‪ -16‬فل يصرفنك يا موسى عن اليان بالساعة والستعداد لا من ل يصدق با ‪،‬‬
‫ومال مع هواه فتهلك ‪.‬‬
‫‪ -17‬وما تلك الت تسكها بيدك اليمن؟‬
‫‪ -18‬وأجاب موسى ‪ :‬إنا عصاى أعتمد عليها ف مسيى ‪ ،‬وأسوق با غنمى ‪ ،‬ول‬
‫فيها منافع أخرى ‪ ،‬كدفع أذى اليوان ‪.‬‬
‫‪ -19‬قال ال سبحانه لوسى ‪ :‬ارم با على الرض ‪.‬‬
‫‪ -20‬فرمى با موسى ‪ ،‬ففوجئ با تنقلب حية تشى ‪.‬‬
‫‪ -21‬فارتاع منها ‪ ،‬فطمأنه ال قائل ‪ :‬تَناوْلا دون خوف ‪ ،‬فإننا سنعيدها عصا كما‬
‫كانت ‪.‬‬
‫‪ -22‬وَأدْخِل يدك ف جيب ثوبك مضمومة إل جنبك ترج بيضاء ناصعة من غي داء‬
‫‪ ،‬وقد جعلناها لك معجزة ثانية على رسالتك ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ح لِي‬
‫لُِنرَِيكَ ِمنْ َآيَاتِنَا اْلكُبْرَى (‪ )23‬ا ْذهَبْ إِلَى ِفرْ َعوْ َن ِإّنهُ َطغَى (‪ )24‬قَالَ َربّ ا ْشرَ ْ‬
‫س ْر لِي َأمْرِي (‪ )26‬وَاحْ ُللْ ُع ْقدَ ًة ِمنْ ِلسَانِي (‪َ )27‬يفْ َقهُوا َقوْلِي (‬
‫صدْرِي (‪ )25‬وََي ّ‬
‫َ‬
‫‪ )28‬وَا ْجعَ ْل لِي وَزِيرًا ِم ْن أَهْلِي (‪ )29‬هَارُونَ َأخِي (‪ )30‬ا ْشدُ ْد ِبهِ أَزْرِي (‪)31‬‬
‫حكَ كَثِيًا (‪ )33‬وََنذْ ُكرَكَ كَثِيًا (‪ِ )34‬إّنكَ كُ ْنتَ‬
‫وََأ ْشرِ ْكهُ فِي َأ ْمرِي (‪َ )32‬ك ْي ُنسَبّ َ‬
‫بِنَا بَصِيًا (‪)35‬‬

‫‪ -23‬لُِنرِيك بعض معجزاتنا الكبى لتكون دليل على صدقك ف الرسالة ‪.‬‬
‫‪ -24‬اذهب إل فرعون وادعه إل اليان بال الواحد الحد ‪ ،‬فإنه قد تاوز الد ف‬
‫كفره وطغيانه ‪.‬‬
‫‪ -25‬فتضرّع موسى إل ربه أن يشرح له صدره ‪ ،‬ليذهب عنه الغضب ‪ ،‬وليؤدى‬
‫رسالة ربه ‪.‬‬
‫‪ -26‬وسهّل ل أمر الرسالة لؤدى حقها ‪.‬‬
‫‪ -27‬وفك ُعقْدة لسان لبي ‪.‬‬
‫‪ -28‬ليفهم الناس فهما دقيقا ما أقول لم ‪.‬‬
‫‪ -29‬واجعل ل مؤازرا من أهلى ‪.‬‬
‫‪ -30‬هو أخى هارون ‪.‬‬
‫‪ -31‬اشدد به قوتى ‪.‬‬
‫‪ -32‬وأشركه معى ف تمل أعباء الرسالة وتبليغها ‪.‬‬
‫‪ -33‬كى نَُنزّهك كثيا عما ل يليق بك ‪.‬‬
‫‪ -34‬ونردد أساءك السن كثيا ‪.‬‬
‫‪ -35‬يا ربنا ‪ :‬إنك دائما بصي بنا ‪ ،‬ومتكفل بأمرنا ‪.‬‬

‫ك َم ّرةً ُأ ْخرَى (‪ِ )37‬إ ْذ أَ ْوحَيْنَا ِإلَى‬


‫ك يَا مُوسَى (‪ )36‬وََل َقدْ مَنَنّا عَلَ ْي َ‬
‫قَا َل َقدْ أُوتِيتَ سُ ْؤلَ َ‬
‫ت فَاقْ ِذفِيهِ فِي الْيَ ّم فَلْيُ ْل ِقهِ الَْي ّم بِالسّا ِحلِ َي ْأخُ ْذهُ‬
‫ك مَا يُوحَى (‪ )38‬أَ ِن ا ْقذِفِي ِه فِي التّابُو ِ‬
‫ُأمّ َ‬
‫حّبةً مِنّي وَلِتُصَْنعَ عَلَى عَيْنِي (‪ِ )39‬إذْ تَ ْمشِي أُخُْتكَ‬
‫َع ُدوّ لِي وَ َعدُ ّو َلهُ َوَألْقَيْتُ عَلَ ْيكَ مَ َ‬
‫حزَ َن َوقَتَلْتَ‬
‫فََتقُولُ َه ْل َأدُّل ُكمْ َعلَى َم ْن يَ ْكفُ ُلهُ َف َرجَعْنَا َك ِإلَى ُأمّكَ َك ْي تَ َقرّ عَيُْنهَا َولَا تَ ْ‬

‫‪53‬‬
‫ي فِي َأ ْهلِ مَ ْدَينَ ُث ّم جِئْتَ عَلَى َقدَرٍ يَا‬
‫ت سِنِ َ‬
‫َنفْسًا فَنَجّيْنَا َك ِمنَ اْل َغمّ َوفَتَنّا َك فُتُونًا فَلَبِثْ َ‬
‫ت وََأخُوكَ ِب َآيَاتِي َولَا تَنِيَا فِي ذِ ْكرِي (‬
‫ب َأنْ َ‬
‫ك لَِن ْفسِي (‪ )41‬اذْهَ ْ‬
‫مُوسَى (‪ )40‬وَاصْ َطَنعْتُ َ‬
‫‪)42‬‬

‫‪ -36‬نادى ال رسوله موسى قائل ‪ :‬قد أعطيتك ما سألت ‪ ،‬وهذه منة عليك ‪.‬‬
‫‪ -37‬ولقد سبق أن تفضلنا عليك بنة أخرى دون سؤال منك ‪.‬‬
‫‪ -38‬حي ألمنا أمك إلاما كريا كانت فيه حياتك ‪.‬‬
‫‪ -39‬ألْهمناها أن تضعك ‪ -‬طفل رضيعا ‪ -‬ف الصندوق ‪ ،‬وأن تلقى به ف النيل ‪،‬‬
‫لننجيك من قتل فرعون ‪ ،‬إذ كان يقتل من يولد ف بن إسرائيل من الذكور ‪ ،‬وسخرنا‬
‫الاء لِيُلْقى الصندوق بالشاطئ ‪ ،‬وشاءت إرادتنا أن يأخذ الصندوق فرعون عدوى‬
‫وعدوك ‪ ،‬وأحببتك حب رحة وولية ‪ ،‬ليحبك كل من يراك ‪ ،‬ولترب تربية كرية‬
‫ملحوظا برعايت ‪.‬‬
‫‪ -40‬واعلم يا موسى سابق عنايتنا بك حي مشت أختك ترقب أمرك ‪ ،‬فلما صرت‬
‫ف قصر فرعون ‪ ،‬ورأتم يبحثون لك عن ُمرْضِع دلّتهم على أمك ‪ ،‬فرددناك إليها‬
‫لتفرح بياتك وعودتك ‪ ،‬ولتكف عن الزن والبكاء ‪ ،‬ولا كبت وقتلت خطأ رجل‬
‫من قوم فرعون نيناك من الغم الذى لق بك ‪ ،‬وخلّصناك من شرهم ‪ ،‬فذهبت إل‬
‫مدين ومكثت فيها سني عدة ‪ ،‬ث عدت من مدين ف الوعد الذى قدرناه لرسالك ‪.‬‬
‫‪ -41‬واصطفيتك لوحي وحل رسالت ‪.‬‬
‫ضعُفا ف‬
‫‪ -42‬اذهب مع أخيك ُمؤَيّدين بعجزاتى الدالة على النبوة والرسالة ‪ ،‬ول ت ْ‬
‫تبليغ رسالت ‪ ،‬ول تغفل عن ذكرى والستعانة ب ‪.‬‬

‫خشَى (‪ )44‬قَالَا‬
‫اذْهَبَا إِلَى ِفرْ َعوْ َن ِإّنهُ َطغَى (‪َ )43‬فقُولَا َلهُ قَ ْولًا لَيّنًا َلعَلّ ُه يََتذَ ّكرُ َأ ْو يَ ْ‬
‫ف أَنْ يَ ْفرُطَ عَلَيْنَا َأوْ أَ ْن يَ ْطغَى (‪ )45‬قَالَ لَا تَخَافَا ِإنّنِي َمعَكُمَا أَسْ َم ُع َوأَرَى‬
‫َربّنَا ِإنّنَا نَخَا ُ‬
‫(‪َ )46‬فأْتِيَاهُ فَقُولَا ِإنّا َرسُولَا َرّبكَ َفأَ ْرسِ ْل َمعَنَا بَنِي إِ ْسرَائِي َل وَلَا ُتعَ ّذْبهُ ْم َقدْ جِئْنَا َك ِب َآيَةٍ‬
‫ك وَالسّلَامُ عَلَى َمنِ اتّبَ َع اْلهُدَى (‪ِ )47‬إنّا َقدْ أُوحِ َي إِلَيْنَا أَ ّن الْ َعذَابَ عَلَى َمنْ‬
‫ِمنْ َرّب َ‬
‫َك ّذبَ َوتَ َولّى (‪ )48‬قَالَ فَ َمنْ َرّبكُمَا يَا مُوسَى (‪)49‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ -43‬اذهب مع أخيك هارون إل فرعون ‪ ،‬إنه كافر تاوز الد ف كفره وطغيانه ‪.‬‬
‫‪ -44‬فادعواه إل اليان ب ف رفق ولي ‪ ،‬راجي أن يتذكر ما غفل عنه من اليان ‪،‬‬
‫ويشى عاقبة كفره وطغيانه ‪.‬‬
‫‪ -45‬فتضرع موسى وهارون إل ال قائلي ‪ :‬يا ربنا إننا نشى أن يُبادرنا فرعون‬
‫بالذى ‪ ،‬ويتجاوز الد ف الساءة ‪.‬‬
‫‪ -46‬فطمأنما ال بقوله ‪ :‬ل تافا فرعون ‪ ،‬إنن معكما بالرعاية والفظ ‪ ،‬سيع لا‬
‫يقول ‪ ،‬مبصر لا يفعل ‪ ،‬فل أمكّنه من إيذائكما ‪.‬‬
‫‪ -47‬فاذهبا إل فرعون فقول له ‪ :‬إننا رسولن إليك من ربك ‪ ،‬جئنا ندعوك إل‬
‫اليان به ‪ ،‬وأن تطلق بن إسرائيل من السر والعذاب ‪ ،‬قد أتيناك بعجزة من ال‬
‫تشهد لنا بصدق ما دعوناك إليه ‪ ،‬وبالمان من عذاب ال وغضبه لن اتبع هداه ‪.‬‬
‫‪ -48‬وإن ال قد أوحى إلينا أن عذابه الشديد واقع على من كذبنا وأعرض عن‬
‫دعوتنا ‪.‬‬
‫‪ -49‬قال فرعون ف طغيانه وجبوته ‪ :‬فَ َم ْن ربكما يا موسى؟ ‪.‬‬

‫قَالَ َربّنَا اّلذِي أَ ْعطَى ُك ّل َشيْ ٍء خَلْ َق ُه ثُ ّم َهدَى (‪ )50‬قَالَ فَمَا بَا ُل الْ ُقرُونِ اْلأُولَى (‪)51‬‬
‫ضلّ َربّي َولَا يَ ْنسَى (‪ )52‬الّذِي جَ َع َل لَ ُكمُ اْلأَرْضَ‬
‫قَالَ عِلْ ُمهَا عِ ْندَ َربّي فِي كِتَابٍ لَا يَ ِ‬
‫َمهْدًا وَسَ َلكَ َل ُكمْ فِيهَا سُبُلًا َوأَْن َزلَ ِم َن السّمَا ِء مَا ًء َفَأخْ َرجْنَا ِب ِه أَ ْزوَاجًا ِمنْ نَبَاتٍ شَتّى (‬
‫‪ )53‬كُلُوا وَارْ َعوْا َأْنعَا َمكُ ْم إِ ّن فِي َذِلكَ َل َآيَاتٍ ِلأُولِي الّنهَى (‪ )54‬مِ ْنهَا خَ َلقْنَا ُكمْ َوفِيهَا‬
‫ب وََأبَى (‪)56‬‬
‫خرِ ُج ُكمْ تَا َر ًة أُ ْخرَى (‪َ )55‬وَلقَ ْد أَ َريْنَاهُ َآيَاتِنَا كُ ّلهَا َف َكذّ َ‬
‫ُنعِيدُ ُك ْم وَمِ ْنهَا نُ ْ‬

‫‪ -50‬فأجابه موسى ‪ :‬ربنا الذى منح نعمة الوجود لكل موجود ‪ ،‬وخلقه على الصورة‬
‫الت اختارها سبحانه له ‪ ،‬ووجّهه لا خلق ‪.‬‬
‫‪ -51‬قال لفرعون ‪ :‬فما شأن القرون الاضية وما جرى لا؟ ‪.‬‬
‫‪ -52‬قال موسى ‪ :‬عِ ْل ُم هذه القرون عند رب ‪ -‬وحده ‪ -‬وهى مسجلة ف صحائف‬
‫أعمالم ‪ ،‬ل يغيب عن علمه شئ منها ول ينساه ‪.‬‬
‫‪ -53‬هو الله التفضل على عباده بالوجود والفظ ‪ ،‬مهّد لكم الرض فبسطها‬

‫‪55‬‬
‫بقدرته ‪ ،‬وشق لكم فيها طرقا تسلكونا ‪ ،‬وأنزل الطر عليها ترى به النار فيها ‪،‬‬
‫فأخرج سبحانه أنواع النبات الختلفة التقابلة ف ألوانا وطعومها ومنافعها ‪ ،‬فمنها‬
‫البيض ‪ ،‬ومنها السود ‪ ،‬ومنها اللو ‪ ،‬ومنها الر ‪.‬‬
‫‪ -54‬ووجّه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬عباده إل النتفاع با أخرج من النبات بالكل ورعى‬
‫النعام ‪ ،‬ونو ذلك ‪ .‬فذكر أن ف هذا اللق وإبداعه والنْعام به دلئل واضحة ‪،‬‬
‫يهتدى با ذوو العقول إل اليان بال ورسالته ‪.‬‬
‫‪ -55‬ومن تراب هذه الرض خلق ال آدم وذريته ‪ ،‬وإليها يردّهم بعد الوت لواراة‬
‫أجسامهم ‪ ،‬ومنها يرجهم أحياء مرة أخرى للبعث والزاء ‪.‬‬
‫‪ -56‬ولقد أرينا فرعون على يد موسى العجزات البيّنة الؤيدة لرسالته وصدقه ف كل‬
‫ما أخبه به عن ال وعن آثار قدرته ‪ ،‬ومع هذا فقد تادى فرعون ف كفره ‪ ،‬فكذّب‬
‫بكل ذلك ‪ ،‬وَأبَى أن يؤمن به ‪.‬‬

‫ح ٍر مِثْ ِلهِ فَا ْجعَلْ‬


‫حرِ َك يَا مُوسَى (‪ )57‬فَلََن ْأتِيَّنكَ ِبسِ ْ‬
‫خ ِرجَنَا ِم ْن أَرْضِنَا ِبسِ ْ‬
‫قَا َل أَجِئْتَنَا لِتُ ْ‬
‫ت َمكَانًا ُسوًى (‪ )58‬قَا َل مَوْ ِعدُ ُك ْم َيوْمُ الزّيَنةِ‬
‫ح ُن َولَا َأنْ َ‬
‫بَيْنَنَا َوبَيَْنكَ َموْ ِعدًا لَا نُخْ ِل ُفهُ نَ ْ‬
‫ضحًى (‪ )59‬فََت َولّى ِفرْ َعوْنُ فَجَمَعَ كَ ْي َدهُ ُث ّم َأتَى (‪ )60‬قَا َل َلهُمْ‬
‫ش َر النّاسُ ُ‬
‫حَ‬‫وَأَ ْن يُ ْ‬
‫ب وَ َق ْد خَابَ َم ِن افَْترَى (‪)61‬‬
‫مُوسَى َويْلَ ُك ْم لَا َتفَْترُوا عَلَى ال ّلهِ َك ِذبًا فَُيسْحَِت ُكمْ ِب َعذَا ٍ‬
‫جوَى (‪ )62‬قَالُوا إِنْ هَذَا ِن َلسَا ِحرَا ِن ُيرِيدَا ِن أَنْ‬
‫فَتَنَازَعُوا َأ ْمرَ ُهمْ بَيَْنهُ ْم َوأَ َسرّوا النّ ْ‬
‫حرِهِمَا َويَ ْذهَبَا بِ َطرِيقَتِ ُكمُ الْمُثْلَى (‪َ )63‬فأَجْ ِمعُوا كَ ْيدَ ُك ْم ُثمّ‬
‫ض ُكمْ ِبسِ ْ‬
‫خ ِرجَا ُك ْم ِمنْ أَرْ ِ‬
‫يُ ْ‬
‫ح الَْيوْ َم َمنِ اسَْتعْلَى (‪)64‬‬
‫صفّا َو َقدْ َأفْلَ َ‬
‫ائْتُوا َ‬

‫‪ -57‬قال فرعون لوسى ‪ :‬أجئتنا لتخرجنا من أرضنا ‪ ،‬وتعلها ف يد قومك بسحرك‬


‫الذى فَتَنْت الناس به؟ ‪.‬‬
‫‪ -58‬وإنا سنبطل سحرك من عندنا ‪ ،‬فاجعل بيننا وبينك موعدا نلتقى فيه ‪ ،‬ول‬
‫يتخلف منا أحد ‪.‬‬
‫‪ -59‬فأجابه موسى ‪ :‬موعدنا يوم عيدكم الذى تتزينون فيه مبتهجي به ‪ ،‬فيجتمع‬
‫الناس ف ضحى ذلك اليوم ‪ ،‬ليشهدوا ما يكون بيننا وبينكم ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪ -60‬فانصرف فرعون وتول المر بنفسه ‪ ،‬فجمع وسائل تدبيه ‪ ،‬وعِلْيَة من السحرة‬
‫‪ ،‬وأدوات السحر ‪ ،‬ث حضر ف الوعد بكل ذلك ‪.‬‬
‫‪ -61‬قال لم موسى يذرهم هلك ال وعذابه ‪ ،‬وينهاهم عن اختلق الكذب ‪،‬‬
‫بزعمهم ألوهية فرْعون وتكذيبهم رسل ال ‪ ،‬وإنكارهم العجزات ‪ ،‬وهددهم بأن ال‬
‫يستأصلهم بالعذاب إن استمروا على هذا ‪ ،‬ويؤكد خسران من افترى الكذب على‬
‫ال ‪.‬‬
‫‪ -62‬فذعروا من تذير موسى ‪ ،‬وتفاوضوا سرا فيما بينهم متجاذبي وك ّل يشي برأى‬
‫فيما ي ْلقَون به موسى ‪.‬‬
‫‪ -63‬وأجعوا فيما بينهم على أن موسى وهارون ساحران ‪ ،‬يعملن على إخراجهم من‬
‫بلدهم ‪ ،‬بإخراج السلطان من أيديهم ‪ ،‬وذلك بالسحر ليتمكن بنو إسرائيل فيها ‪،‬‬
‫وليبطل عقيدتم الطيبة ف زعمهم ‪.‬‬
‫‪ -64‬فاجعلوا ما تكيدون به موسى أمرا متفقا عليه ‪ ،‬ث احضروا مُصْ َطفّي ‪ ،‬لتكون‬
‫لكم ف نفوس الرائي اليبة والغلبة ‪ ،‬وقد فاز اليوم من غلب ‪.‬‬

‫قَالُوا يَا مُوسَى ِإمّا أَ ْن تُ ْلقِ َي َوإِمّا أَنْ َنكُونَ َأ ّولَ َم ْن َألْقَى (‪ )65‬قَالَ َب ْل َألْقُوا َفِإذَا‬
‫س ِه خِي َفةً‬
‫سعَى (‪َ )66‬فأَ ْوجَسَ فِي َنفْ ِ‬
‫ح ِر ِهمْ َأّنهَا َت ْ‬
‫حِبَاُل ُهمْ وَعِصِّي ُه ْم يُخَّي ُل ِإلَيْ ِه ِمنْ سِ ْ‬
‫ف مَا صََنعُوا‬
‫ك َأنْتَ اْلأَعْلَى (‪َ )68‬وَألْ ِق مَا فِي يَمِيِنكَ تَ ْلقَ ْ‬
‫ف ِإنّ َ‬
‫مُوسَى (‪ )67‬قُلْنَا لَا تَخَ ْ‬
‫جدًا قَالُوا‬
‫ح َر ُة سُ ّ‬
‫ث َأتَى (‪َ )69‬فُألْ ِقيَ السّ َ‬
‫ح السّا ِحرُ حَيْ ُ‬
‫صَنعُوا كَ ْيدُ سَاحِ ٍر َولَا ُيفْلِ ُ‬
‫ِإنّمَا َ‬
‫ب هَارُو َن َومُوسَى (‪ )70‬قَالَ َآمَنُْت ْم َلهُ قَ ْب َل أَنْ َآذَ َن َلكُ ْم ِإّنهُ َلكَبِيُ ُكمُ اّلذِي‬
‫َآمَنّا ِبرَ ّ‬
‫خلِ‬
‫ف َوَلأُصَلّبَّنكُ ْم فِي ُجذُوعِ النّ ْ‬
‫ح َر فَ َلُأقَ ّطعَ ّن َأْيدَِيكُ ْم َوأَرْجُ َل ُكمْ ِم ْن خِلَا ٍ‬
‫عَلّ َم ُك ُم السّ ْ‬
‫وَلََتعْلَ ُم ّن َأيّنَا َأشَدّ َعذَابًا َوَأبْقَى (‪)71‬‬

‫‪ -65‬واجه السحرة موسى برأى واحد ‪ ،‬وخيّروه ف شوخ واعتزاز ‪ ،‬بَيْن أن يبدأ‬
‫فيلقى عصاه ‪ ،‬أو أن يكونوا هم البادئي ‪.‬‬
‫‪ -66‬قال موسى ‪ :‬بل ابتدئوا ‪ ،‬فألقوا حبالم وعصيهم ‪ ،‬فتخيّل موسى من السحر أنا‬
‫انقلبت ثعابي تتحرك وتسي ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ -67‬فأحس موسى بالوف لِما رآه من أثر السحر ‪ ،‬ومن احتمال أن يلتبس السحر‬
‫على الناس بالعجزة ‪.‬‬
‫‪ -68‬فأدركه ال بلطفه قائل ‪ :‬ل تش شيئا ‪ ،‬إنك الغالب النتصر على باطلهم ‪.‬‬
‫‪ -69‬وَألْق العصا الت بيمينك لتبتلع ما زوّروا من السحر ‪ ،‬إن صنيعهم ل ياوز تويه‬
‫السحرة ‪ ،‬وإن الساحر ل يفوز أينما كان ‪.‬‬
‫‪ -70‬فألقى موسى عصاه ‪ ،‬فإذا با تنقلب حقا بقدرة ال حية كبية ميفة ‪ ،‬وابتلعت‬
‫كل ما أعدّوه ‪ ،‬فلما رأى السحرة تلك العجزة بادروا إل السجود موقني بصدق‬
‫موسى قائلي ‪ :‬آمنا بال ‪ -‬وحده ‪ -‬رب هارون وموسى ‪ ،‬ورب كل شئ ‪.‬‬
‫‪ -71‬قال فرعون ‪ :‬كيف تؤمنون به دون إذن من؟ إنه لرئيسكم الذى علّمكم‬
‫السحر ‪ ،‬وليس عمله معجزة كما توهتم ‪ ،‬وهددهم ‪ُ :‬لقَط َعنّ أيديكم وأرجلكم‬
‫متلفات بِقَطْع اليمن من واحدة واليسرى من الخرى ‪ ،‬ولصلبنكم ف جذوع النخل‬
‫‪ ،‬وستعلمون أى اللي أشد عذابا وأدوم زمنا ‪ :‬أنا أم إله موسى ‪.‬‬

‫ض ِإنّمَا تَقْضِي‬
‫قَالُوا َل ْن نُ ْؤِثرَكَ عَلَى مَا جَا َءنَا ِمنَ الْبَيّنَاتِ وَالّذِي فَ َط َرنَا فَاقْضِ مَا َأنْتَ قَا ٍ‬
‫حرِ‬
‫هَ ِذ ِه الْحَيَاةَ ال ّدنْيَا (‪ِ )72‬إنّا َآمَنّا ِبرَبّنَا لَِيغْ ِفرَ لَنَا خَطَايَانَا َومَا أَ ْك َرهْتَنَا عَلَ ْيهِ ِم َن السّ ْ‬
‫ت فِيهَا َولَا يَحْيَى (‬
‫ج ِرمًا َفإِ ّن َلهُ َجهَّنمَ لَا يَمُو ُ‬
‫وَال ّلهُ خَ ْي ٌر َوأَْبقَى (‪ِ )73‬إنّ ُه َمنْ َي ْأتِ َرّب ُه مُ ْ‬
‫ك َل ُهمُ الدّرَجَاتُ اْلعُلَا (‪ )75‬جَنّاتُ‬
‫ت َفأُولَئِ َ‬
‫‪ )74‬وَ َم ْن َيأِْتهِ مُ ْؤمِنًا َقدْ عَ ِم َل الصّالِحَا ِ‬
‫جرِي ِمنْ تَحِْتهَا الَْأْنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَ َذِلكَ َجزَا ُء َمنْ َتزَكّى (‪َ )76‬وَلقَ ْد َأوْحَيْنَا‬
‫َعدْ ٍن تَ ْ‬
‫ف دَرَكًا َولَا‬
‫ح ِر يََبسًا لَا تَخَا ُ‬
‫ب َلهُمْ َطرِيقًا فِي الْبَ ْ‬
‫ضرِ ْ‬
‫ِإلَى مُوسَى أَ ْن َأسْ ِر ِبعِبَادِي فَا ْ‬
‫خشَى (‪)77‬‬
‫تَ ْ‬

‫‪ -72‬ثبت السحرة على إيانم ‪ ،‬ودفعوا تديد فرعون بقولم ‪ :‬لن نبقى على الكفر‬
‫معك بعدما تبيّن لنا الق ف معجزة موسى ‪ ،‬ولن نتارك على إله موسى الذى خلقنا ‪،‬‬
‫فافعل ما تريد أن تفعله ‪ ،‬إن سلطانك ل يتجاوز هذه الياة القصية ‪.‬‬
‫‪ -73‬فإننا مقيمون على اليان بربنا الق ‪ ،‬ليتجاوز لنا عمّا سلف من السيئات ‪،‬‬
‫وليغفر لنا مارسة السحر الذى أكرهتنا على تعلمه والعمل به ‪ ،‬وربنا خي منك ثوابا ‪،‬‬

‫‪58‬‬
‫إذا أُطيع ‪ ،‬وأبقى منك سلطانا وقدرة على الزاء ‪.‬‬
‫‪ -74‬إن من يوت على الكفر ويلقى ال مرما فجزاؤه جهنم ل يوت فيها فيستريح‬
‫من العذاب ‪ ،‬ول ييا حياة يتمتع فيها بنعيم ‪.‬‬
‫‪ -75‬ومن يلقى ربه على اليان وصال العمل فله النازل السامية ‪.‬‬
‫‪ -76‬تلك النازل هى القامة ف جنات النعيم ترى بي أشجارها النار خالدين‬
‫فيها ‪ ،‬وذلك جزاء لن طهر نفسه باليان والطاعة بعد الكفر والعصية ‪.‬‬
‫‪ -77‬ث تتابعت الحداث بي موسى وفرعون ‪ ،‬وأوحى ال إل رسوله موسى أن يرج‬
‫ببن إسرائيل من مصر ليل ‪ ،‬وأن يضرب البحر بعصاه فتحدث معجزة أخرى ‪ ،‬إذ‬
‫يفتح له الطريق يبسا ف الاء ‪ ،‬وطمأنه أل ياف من إدراك فرعون لم ‪ ،‬ول أن يغرقهم‬
‫الاء ‪.‬‬

‫ض ّل ِفرْ َعوْ ُن َقوْ َمهُ وَمَا‬


‫َفأَتَْب َعهُ ْم ِفرْ َعوْ ُن بِجُنُو ِدهِ َف َغشَِيهُ ْم ِمنَ الَْي ّم مَا َغشَِي ُهمْ (‪ )78‬وَأَ َ‬
‫ب الطّو ِر اْلأَيْ َمنَ‬
‫هَدَى (‪ )79‬يَا بَنِي ِإ ْسرَائِي َل َقدْ َأنْجَيْنَا ُك ْم ِمنْ َع ُدوّ ُك ْم وَوَا َع ْدنَا ُك ْم جَانِ َ‬
‫حلّ‬
‫ت مَا رَ َزقْنَا ُك ْم َولَا تَ ْطغَوْا فِيهِ فَيَ ِ‬
‫وََن ّزلْنَا عَلَ ْيكُ ُم الْ َمنّ وَالسّلْوَى (‪ )80‬كُلُوا ِمنْ طَيّبَا ِ‬
‫عَلَ ْي ُكمْ غَضَبِي وَ َم ْن يَحْ ِللْ عَلَ ْيهِ غَضَبِي َف َقدْ َهوَى (‪َ )81‬وِإنّي َلغَفّا ٌر لِ َمنْ تَابَ وَ َآ َمنَ‬
‫وَعَ ِملَ صَالِحًا ثُ ّم اهَْتدَى (‪ )82‬وَمَا أَعْجَ َلكَ َع ْن َقوْ ِمكَ يَا مُوسَى (‪ )83‬قَالَ ُهمْ أُولَاءِ‬
‫عَلَى َأثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَ ْيكَ َربّ لَِترْضَى (‪ )84‬قَا َل َفإِنّا قَ ْد فَتَنّا َقوْ َمكَ ِم ْن َبعْدِ َك َوأَضَ ّل ُهمُ‬
‫السّامِرِيّ (‪)85‬‬

‫‪ -78‬فنفّذ موسى ما أمر ال به ‪ ،‬فخرج فرعون بنوده وراءه ‪ ،‬فأدركهم عند البحر ‪،‬‬
‫وسار وراءهم ف الطريق الت تفتحت ف البحر لوسى وقومه ‪ ،‬وهنا تققت العجزة‬
‫الخرى ‪ ،‬وهى انطباق مياه البحر على فرعون وقومه ‪ ،‬فأغرقتهم جيعا ‪.‬‬
‫‪ -79‬وهكذا انرف بقومه عن طريق الق ‪ ،‬وغرر بم ‪ ،‬فهلكوا جيعا ‪.‬‬
‫‪ -80‬يا بن إسرائيل ‪ ،‬قد أنيناكم من عدوكم فرعون ‪ ،‬وواعدناكم بالنجاة من‬
‫عدوكم على لسان موسى أن تصلوا آمني إل جانب الطور ‪ ،‬ونزّلنا عليكم الن‬
‫والسلوى رزقا طيبا من اللو ولم الطي الشهى ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ -81‬كلوا من هذه الطيبات الت رزقتم با دون مهود ‪ ،‬ول تظلموا ‪ ،‬ول ترتكبوا‬
‫معصية ال ف هذا العيش الرغيد ‪ ،‬حت ل ينل بكم غضب ‪ ،‬فإن من ينل عليه غضب‬
‫ينحدر إل أسفل الطبقات من عذاب ال ‪.‬‬
‫‪ -82‬وإن عظيم الغفران لن رجع عن كفره ‪ ،‬وأحسن اليان ‪ ،‬وأصلح العمل ‪،‬‬
‫واستمر على ذلك حت يلقى ال ‪.‬‬
‫‪ -83‬سبق موسى قومه إل الطور ‪ ،‬ليظفر بناجاة ربه ‪ ،‬فسأله ال عن السبب الذى‬
‫أعجله بالضور دون قومه ‪.‬‬
‫‪ -84‬قال موسى ‪ :‬إن قومى قريبون من ‪ ،‬لحقون ب ‪ ،‬وإنا سبقتهم إليك يا رب‬
‫رغبة ف رضاك ‪.‬‬
‫‪ -85‬قال ال له ‪ :‬إنّا قد امتحنا قومك من بعد مغادرتك لم ‪ ،‬فوقعوا ف فتنة ‪ ،‬إذْ‬
‫أضلّهم السامرى ‪.‬‬

‫َفرَجَ َع مُوسَى إِلَى َق ْو ِمهِ غَضْبَا َن أَ ِسفًا قَالَ يَا قَوْ ِم َأَلمْ يَ ِعدْ ُكمْ َربّ ُكمْ وَ ْعدًا َحسَنًا َأفَطَالَ‬
‫ب ِمنْ َرّبكُ ْم َفأَخْ َلفُْتمْ مَوْ ِعدِي (‪ )86‬قَالُوا‬
‫حلّ عَلَ ْي ُكمْ غَضَ ٌ‬
‫عَلَ ْي ُكمُ اْل َعهْ ُد أَ ْم أَ َر ْدُتمْ أَ ْن يَ ِ‬
‫مَا َأخْ َلفْنَا َموْ ِعدَكَ بِ َم ْلكِنَا َولَكِنّا حُمّلْنَا َأوْزَارًا ِمنْ زِيَنةِ اْلقَوْ ِم َف َق َذفْنَاهَا َف َكذَِلكَ أَْلقَى‬
‫سيَ‬
‫سدًا َلهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إَِل ُهكُ ْم َوإَِل ُه مُوسَى فََن ِ‬
‫ج َلهُمْ ِعجْلًا َج َ‬
‫السّامِرِيّ (‪َ )87‬فأَ ْخرَ َ‬
‫ضرّا َولَا َن ْفعًا (‪ )89‬وََل َقدْ قَالَ َل ُهمْ‬
‫ك َل ُهمْ َ‬
‫(‪َ )88‬أفَلَا َيرَوْ َن َألّا َي ْرجِ ُع ِإلَيْ ِه ْم قَ ْولًا َولَا يَمْ ِل ُ‬
‫هَارُو ُن ِمنْ قَ ْب ُل يَا قَوْ ِم ِإنّمَا فُتِنُْتمْ بِ ِه َوإِنّ َربّ ُكمُ ال ّرحْ َمنُ فَاتِّبعُونِي َوأَطِيعُوا َأمْرِي (‪)90‬‬

‫‪ -86‬فعاد موسى إل قومه ف غضب شديد وحزن مؤل ‪ ،‬وخاطب قومه ‪ -‬منكرا‬
‫عليهم ‪ -‬بقوله ‪ :‬لقد وعدكم ربكم النجاة والداية بنول التوراة ‪ ،‬والنصر بدخول‬
‫الرض القدسة ‪ ،‬ول يطل عليكم العهد حت تنسوا وعد ال لكم ‪ ،‬أردت بسوء‬
‫صنيعكم أن ينل بكم غضب ال بطغيانكم الذى حذركم منه ‪ ،‬فأخلفتم عهدكم ل‬
‫بالسي على سنت والجئ على أثرى ‪.‬‬
‫‪ -87‬قال قوم موسى معتذرين ‪ :‬ل نتخلف عن موعدك باختيارنا ‪ ،‬ولكننا حُمّلنا حي‬
‫خرجنا من مصر أثقال من حِلْى القوم ‪ ،‬ث رأينا ‪ -‬لشؤمها علينا ‪ -‬أن نتخلص منها ‪،‬‬

‫‪60‬‬
‫فأشعل السامرى النار ف حفرة ورمينا فيها هذه الثقال ‪ ،‬فكذلك رمى السامرى ما‬
‫معه من اللى ‪.‬‬
‫‪ -88‬فصنع السامرى لم عجل مسما من الذهب ‪ ،‬ير الريح ف جوفه فيكون له‬
‫صوت يسمع كخوار البقر ‪ ،‬لتتم الديعة به ‪ ،‬ودعاهم إل عبادته فاستجابوا ‪ ،‬وقال‬
‫هو وأتباعه ‪ :‬هذا معبودكم ومعبود موسى ‪ .‬فنسى أنه يسهل بالتأمل والستدلل على‬
‫أن العجل ل يكون إلا ‪.‬‬
‫‪ -89‬لقد عميت بصائرهم حي يعتبون هذا العجل إلا! أفل يرون أنه ل يرد على‬
‫أقوالم ‪ ،‬ول يستطيع أن يدفع عنهم ضرا ‪ ،‬ول أن يلب لم نفعا!؟‬
‫‪ -90‬وكان هارون مقيما فيهم ‪ -‬حي قيام هذه الفتنة ‪ -‬ولقد قال لم قبل رجوع‬
‫موسى ‪ -‬عليه السلم ‪ : -‬يا قوم ‪ ،‬لقد وقعتم ف فتنة السامرى بذا الباطل ‪ ،‬وإن‬
‫إلكم الق هو ال الرحن دون سواه ‪ ،‬فاتبعون فيما أنصحكم به ‪ ،‬وامتثلوا رأي‬
‫بالمتناع عن هذه الضللة ‪.‬‬

‫ي حَتّى َي ْرجِ َع إِلَيْنَا مُوسَى (‪ )91‬قَالَ يَا هَارُو ُن مَا مََن َعكَ ِإذْ‬
‫قَالُوا َل ْن نَ ْبرَحَ عَلَ ْيهِ عَا ِكفِ َ‬
‫ت َأ ْمرِي (‪ )93‬قَالَ يَا اْب َن أُ ّم لَا َت ْأخُ ْذ بِلِحْيَتِي َولَا‬
‫َرَأيَْتهُمْ ضَلّوا (‪َ )92‬ألّا تَتِّب َع ِن َأفَعَصَيْ َ‬
‫ب َق ْولِي (‪ )94‬قَالَ فَمَا‬
‫ِبرَْأسِي ِإنّي َخشِيتُ أَنْ َتقُو َل َف ّرقْتَ بَ ْينَ بَنِي ِإ ْسرَائِي َل وََل ْم َترْقُ ْ‬
‫ض ًة ِمنْ َأَثرِ ال ّرسُولِ‬
‫ت قَبْ َ‬
‫صرُوا ِبهِ َفقَبَضْ ُ‬
‫ت بِمَا لَ ْم يَبْ ُ‬
‫صرْ ُ‬
‫ك يَا سَا ِمرِيّ (‪ )95‬قَا َل بَ ُ‬
‫خَطْبُ َ‬
‫ب َفإِ ّن َلكَ فِي الْحَيَا ِة أَ ْن َتقُولَ لَا‬
‫ت لِي َن ْفسِي (‪ )96‬قَالَ فَاذْهَ ْ‬
‫فَنََبذُْتهَا وَ َك َذِلكَ َسوّلَ ْ‬
‫ح ّرقَّنهُ ُثمّ‬
‫ك مَوْ ِعدًا َلنْ تُخْ َل َف ُه وَانْ ُظ ْر إِلَى إَِل ِهكَ اّلذِي ظَلْتَ عَ َل ْيهِ عَا ِكفًا لَنُ َ‬
‫س َوإِنّ َل َ‬
‫ِمسَا َ‬
‫سفًا (‪)97‬‬
‫سفَنّ ُه فِي الَْيمّ َن ْ‬
‫لَنَ ْن ِ‬

‫‪ -91‬قالوا ‪ :‬سنظل مستمرين على عبادة هذا العجل إل أن يعود موسى إلينا! ‪.‬‬
‫‪ -92‬قال موسى متأثرا با علمه ورآه من قومه ‪ :‬يا هارون ‪ ،‬أى سبب منعك أن‬
‫تكفهم عن الضللة إذ رأيتهم وقعوا فيها؟‬
‫‪ -93‬ول تقم مقامى بنصحهم كما عهدت إليك ‪ ،‬أفل تتبعن فيما عهدت به إليك أم‬
‫هل عصيت أمرى؟ ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ -94‬قال هارون لوسى ‪ :‬يا ابن أمى ‪ :‬ل تعاجلن بغضبك ‪ ،‬ول تسك بلحيت ول‬
‫برأسى ‪ .‬لقد خفت إن شددت عليهم فتفرقوا شيعا وأحزابا أن تقول ل ‪ :‬فرقت بي‬
‫بن إسرائيل ‪ ،‬ول تلفن فيهم كما عهدت إليك ‪.‬‬
‫‪ -95‬قال موسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬للسامرى ‪ :‬ما هذا المر الطي الذى يُعد خَطْبا‬
‫ووقعت فيه؟! ‪.‬‬
‫‪ -96‬قال السامرى لوسى ‪ :‬عرفت من حذق الصناعة وحِيَلِها ما ل يعلمه بنو إسرائيل‬
‫‪ ،‬وصنعت لم صورة عجل له هذا الصوت ‪ ،‬وقبضت قبضة من أثر الرسول فألقيتها‬
‫ف جوف العجل ‪ ،‬تويها على الناس ‪ ،‬وكذلك َزيّنت ل نفسى أن أفعل ما فعلت ‪.‬‬
‫‪ -97‬قال موسى للسامرى ‪ :‬اخرج من جاعتنا ‪ ،‬وابعد عنا ‪ ،‬وإن جزاءك ف الدنيا أن‬
‫تيم على وجهك ‪ ،‬وينفر الناس منك ‪ ،‬حت ل تكون بينك وبينهم صلة ‪ ،‬فل يقربك‬
‫أحد ‪ ،‬ول تقترب أنت من أحد ‪ ،‬وإن لعذابك ف الخرة موعدا مددا ل تستطيع‬
‫الفرار منه ‪ ،‬وندد موسى به وبإله قائل ‪ :‬انظر الن ماذا نصنع بإلك الذى عكفت‬
‫على عبادته ‪ ،‬وفتنت الناس به ‪ ،‬لنحرقنه ث لنذروه ف البحر ذروا ‪.‬‬

‫ك ِمنْ‬
‫ِإنّمَا ِإَلهُ ُكمُ ال ّلهُ اّلذِي لَا ِإَلهَ ِإلّا ُهوَ َوسِعَ ُك ّل َشيْءٍ عِلْمًا (‪َ )98‬ك َذِلكَ َنقُصّ عَلَ ْي َ‬
‫َأنْبَا ِء مَا َقدْ سََب َق وَ َقدْ َآتَيْنَا َك ِمنْ َل ُدنّا ذِ ْكرًا (‪َ )99‬م ْن أَ ْعرَضَ عَ ْن ُه َفِإنّ ُه يَحْ ِم ُل َيوْ َم الْقِيَامَةِ‬
‫خ فِي الصّورِ‬
‫وِزْرًا (‪ )100‬خَالِدِينَ فِي ِه وَسَا َء َل ُهمْ َيوْ َم الْقِيَا َمةِ حِمْلًا (‪ )101‬يَوْ َم يُ ْنفَ ُ‬
‫حنُ‬
‫شرًا (‪ )103‬نَ ْ‬
‫ي َي ْومَئِذٍ زُ ْرقًا (‪ )102‬يَتَخَافَتُو َن بَيَْن ُهمْ إِنْ لَبِثُْت ْم ِإلّا َع ْ‬
‫ج ِرمِ َ‬
‫ش ُر الْمُ ْ‬
‫حُ‬‫وَنَ ْ‬
‫سَألُونَكَ َعنِ‬
‫أَعْ َلمُ بِمَا َيقُولُو َن ِإذْ َيقُو ُل َأمْثَلُ ُهمْ َطرِيقَ ًة إِ ْن لَبِثُْتمْ إِلّا يَ ْومًا (‪ )104‬وََي ْ‬
‫سفًا (‪)105‬‬
‫س ُفهَا َربّي َن ْ‬
‫الْجِبَا ِل َفقُ ْل يَ ْن ِ‬

‫‪ -98‬وقام موسى بإناز ما قال ‪ ،‬ث اته إل بن إسرائيل بعد هذه العبة قائل لم ‪ :‬إن‬
‫إلكم الواحد ‪ ،‬هو الذى ل يُعبد بق سواه ‪ ،‬وقد أحاط علمه بكل شئ ما كان وما‬
‫سيكون ‪.‬‬
‫‪ -99‬كما قصصنا عليك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬نبأ موسى ‪ ،‬نبك بالق عن المم‬
‫السابقة ‪ ،‬وقد أنزلنا عليك من عندنا كتابا فيه تذكي لك ولمتك ‪ ،‬با فيه صلح‬

‫‪62‬‬
‫دينكم ودنياكم ‪.‬‬
‫‪ -100‬من انصرف عن تصديقه والهتداء به فإنه يضل ف حياته ‪ ،‬ويأتى يوم القيامة‬
‫حامل إث ما صنع ‪ ،‬ويازى بالعذاب الشديد ‪.‬‬
‫‪ -101‬ويْلد ف هذا العذاب ‪ ،‬وبئس هذا المل السيئ يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -102‬اذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لمتك اليوم الذى نأمر فيه الَلَك أن ينفخ ف الصور‬
‫( البوق ) نفخة الحياء والبعث من القبور ‪ ،‬وندعوهم إل الحشر ‪ ،‬ونسوق الجرمي‬
‫إل الوقف زرق الوجوه رعبا وفزعا ‪.‬‬
‫‪ -103‬يتهامسون فيما بينهم ف ذلة واضطراب عن قِصَر الياة الدنيا ‪ ،‬حت كأنم ل‬
‫ينعموا با ‪ ،‬ول يلبثوا فيها إل عشرة أيام ‪.‬‬
‫‪ -104‬وليس تامسهم خافيا ‪ ،‬فنحن أعلم با يتهامسون به ‪ ،‬وبا يقول أقربم إل‬
‫تصوير شعورهم نو الدنيا بأنا ل تكن إل كيوم واحد ‪.‬‬
‫‪ -105‬ويسألك النكرون للبعث ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬عن مصي البال يوم القيامة‬
‫الذى تتحدث عنه ‪ ،‬فأجِبْهم بأن ال يفتّتها كالرمل ‪ ،‬ث يطيّرها بالرياح فتكون هباء ‪.‬‬

‫صفْصَفًا (‪ )106‬لَا َترَى فِيهَا ِع َوجًا َولَا َأمْتًا (‪َ )107‬ي ْومَئِ ٍذ يَتِّبعُونَ الدّا ِعيَ‬
‫فََيذَرُهَا قَاعًا َ‬
‫ت لِلرّحْ َم ِن فَلَا َتسْمَ ُع ِإلّا هَ ْمسًا (‪ )108‬يَ ْومَِئذٍ لَا تَ ْنفَعُ‬
‫صوَا ُ‬
‫شعَتِ اْلأَ ْ‬
‫ج َل ُه وَ َخ َ‬
‫لَا ِعوَ َ‬
‫ضيَ َل ُه َقوْلًا (‪َ )109‬يعْ َلمُ مَا بَ ْينَ َأْيدِي ِهمْ وَمَا خَلْ َف ُهمْ‬
‫شفَا َعةُ ِإلّا َم ْن َأذِنَ لَ ُه الرّحْ َم ُن وَرَ ِ‬
‫ال ّ‬
‫ب َمنْ حَ َملَ ظُ ْلمًا (‬
‫ح ّي الْقَيّو ِم َوقَ ْد خَا َ‬
‫ت الْ ُوجُو ُه لِلْ َ‬
‫وَلَا يُحِيطُو َن ِبهِ عِلْمًا (‪ )110‬وَعَنَ ِ‬
‫‪ )111‬وَ َم ْن َيعْ َملْ ِم َن الصّالِحَاتِ َوهُ َو ُمؤْ ِم ٌن فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا َولَا هَضْمًا (‪)112‬‬
‫ث َل ُهمْ ذِ ْكرًا (‬
‫حدِ ُ‬
‫ص ّرفْنَا فِي ِه ِمنَ اْلوَعِيدِ َلعَ ّل ُهمْ يَّتقُونَ َأ ْو يُ ْ‬
‫وَ َكذَِلكَ َأْن َزلْنَا ُه ُقرْ َآنًا َعرَبِيّا وَ َ‬
‫‪)113‬‬

‫‪ -106‬فيدع أماكنها من الرض بعد نسفها ملساء مستوية ‪.‬‬


‫‪ -107‬ل تبصر ف الرض انفاضا ول ارتفاعا ‪ ،‬كأنا ل تكن معمورة من قبل ‪.‬‬
‫‪ -108‬يوم القيامة يتبع الناس بعد قيامهم من قبورهم دعوة الداعى إل الحشر‬
‫مستسلمي ‪ ،‬ل يستطيع أحد منهم أن يعدل عنه يينا ول شا ًل ‪ ،‬وتشع الصوات‬

‫‪63‬‬
‫بالسكون والرهبة لعظمة الرحن ‪ ،‬فل يُسمَع إل صوت خفى ‪.‬‬
‫‪ -109‬يومئذ ل تنفع الشفاعة من أحد إل من أكرمه ال فأذن له بالشفاعة ورضى‬
‫قوله فيها ‪ ،‬ول تنفع الشفاعة ف أحد إل من أذن الرحن ف أن يُشفع له وكان مؤمنا ‪،‬‬
‫ورضى ال قوله بالتوحيد واليان ‪.‬‬
‫‪ -110‬وال ‪ -‬جل شأنه ‪ -‬يعلم ما تقدم من أمورهم ف دنياهم ‪ ،‬وما يستقبلونه منها‬
‫ف أُخراهم ‪ ،‬فهو سبحانه يُدبّر المر فيهم بقتضى علمه ‪ ،‬وهم ل ييطون علما‬
‫بتدبيه وحكمته ‪.‬‬
‫‪ -111‬و َذلّت وجوه ف هذا اليوم ‪ ،‬وخضعت للحى الذى ل يوت ‪ ،‬القائم بتدبي‬
‫أمور خلقه ‪ ،‬وقد خسر النجاة والثواب ف اليوم الخر من ظلم نفسه ف الدنيا فأشرك‬
‫بربه ‪.‬‬
‫‪ -112‬ومن يعمل من الطاعات وهو مصدق با جاء به ‪ -‬ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ -‬فهو ل ياف أن يزاد ف سيئاته ‪ ،‬أو ينقص من حسناته ‪.‬‬
‫‪ -113‬ومثل هذا البيان الق الذى سلف ف هذه السورة ‪ -‬ف تجيد ال وقصة‬
‫موسى ‪ ،‬وأخبار القيامة ‪ -‬أنزل ال هذا الكتاب قرآنا عرب البيان ‪ ،‬وصرف القول ف‬
‫أساليب الوعيد ووجوهه ‪ ،‬لينتهوا عما هم فيه من العصيان ‪ ،‬وليجدد القرآن لم عظة‬
‫واعتبارا ‪.‬‬

‫ك َوحْيُ ُه َوقُلْ َربّ‬


‫ج ْل بِاْل ُقرْآَ ِن ِمنْ قَ ْب ِل أَ ْن ُيقْضَى ِإلَيْ َ‬
‫ح ّق َولَا َتعْ َ‬
‫فََتعَالَى ال ّلهُ الْمَ ِلكُ الْ َ‬
‫ج ْد َلهُ َع ْزمًا (‪ )115‬وَِإذْ‬
‫ِز ْدنِي عِ ْلمًا (‪َ )114‬وَلقَدْ َع ِه ْدنَا ِإلَى َآ َد َم ِمنْ قَ ْب ُل فََنسِ َي َولَ ْم نَ ِ‬
‫س َأبَى (‪َ )116‬فقُلْنَا يَا َآدَ ُم إِ ّن َهذَا َع ُدوّ‬
‫جدُوا ِإلّا ِإبْلِي َ‬
‫جدُوا ِلآَدَ َم َفسَ َ‬
‫قُلْنَا لِلْ َملَاِئ َكةِ اسْ ُ‬
‫ع فِيهَا َولَا‬
‫ك َألّا تَجُو َ‬
‫شقَى (‪ )117‬إِ ّن لَ َ‬
‫خ ِرجَّنكُمَا ِم َن الْجَّنةِ فََت ْ‬
‫ك فَلَا يُ ْ‬
‫ك َولِ َز ْوجِ َ‬
‫لَ َ‬
‫س إِلَ ْي ِه الشّيْطَا ُن قَالَ يَا َآدَمُ‬
‫ضحَى (‪َ )119‬ف َوسْوَ َ‬
‫ك لَا تَظْ َمُأ فِيهَا َولَا تَ ْ‬
‫َتعْرَى (‪َ )118‬وَأنّ َ‬
‫ك لَا يَبْلَى (‪)120‬‬
‫ج َرةِ الْخُ ْل ِد َومُلْ ٍ‬
‫َهلْ َأ ُدلّكَ عَلَى شَ َ‬

‫ك الذى يتاج إليه‬


‫‪ -114‬فارتفع عن الظنون ‪ ،‬وتنّه عن مشابة اللق ‪ ،‬الَلِ ُ‬
‫الاكمون والحكومون ‪ ،‬الحق ف ألوهيته وعظمته ‪ ،‬ول تعجل يا ممد بقراءة القرآن‬

‫‪64‬‬
‫من قبل أن يفرغ الَلَك من إلقائه إليك ‪ ،‬وقل ‪ :‬رب زدن علما بالقرآن ومعانيه ‪.‬‬
‫‪ -115‬ولقد وصينا آدم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬من أول أمره ‪ ،‬أل يالف لنا أمرا ‪ ،‬فنسى‬
‫العهد وخالف ‪ ،‬ول ند له أول أمره عزما وثيقا ‪ ،‬وتصميما قويا ينع من أن يتسلل‬
‫الشيطان إل نفسه بوسوسته ‪.‬‬
‫‪ -116‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬حي أمر ال اللئكة بتعظيم آدم على وجه أراده‬
‫سبحانه ‪ ،‬فامتثلوا ‪ ،‬لكن إبليس ‪ -‬وهو معهم وكان من الن ‪ -‬خالف وامتنع ‪،‬‬
‫فأخرج و ُطرِد!‬
‫‪ -117‬فخاطب ال آدم قائل ‪ :‬إن هذا الشيطان الذى خالف أمرنا ف تعظيمك عدو‬
‫لك ولواء ‪ -‬زوجتك ‪ -‬فاحذروا وسوسته بالعصية ‪ ،‬فيكون سببا ف خروجكما من‬
‫النة ‪ ،‬فتشقى يا آدم ف الياة بعد الروج من النة ‪.‬‬
‫‪ -118‬إن علينا أن نكفل لك مطالب حياتك ف النة ‪ ،‬فلن يُصيبك فيها جوع ول‬
‫ِعرْى ‪.‬‬
‫‪ -119‬وأنه لن يصيبك فيها عطش ‪ ،‬ولن تتعرض فيها لر الشمس ‪ ،‬كما هو شأن‬
‫الكادحي ف خارج النة ‪.‬‬
‫‪ -120‬فاحتال عليه الشيطان يهمس ف نفسه ‪ُ ،‬مرَغّبا له ولزوجه ف الكل من‬
‫الشجرة النهى عنها ‪ ،‬قائل ‪ :‬أنا أدلك يا آدم على شجرة ‪ ،‬من أكل منها رزق‬
‫اللود ‪ ،‬ورزق مُلكا ل يَفن ‪.‬‬

‫ق الْجَّنةِ وَعَصَى َآ َدمُ‬


‫صفَانِ عَلَ ْيهِمَا ِم ْن وَرَ ِ‬
‫َفأَكَلَا مِ ْنهَا فََب َدتْ َلهُمَا َسوْ َآتُهُمَا وَ َط ِفقَا يَخْ ِ‬
‫َرّبهُ َف َغوَى (‪ُ )121‬ثمّ اجْتَبَاهُ َرّبهُ فَتَابَ عَلَ ْيهِ وَ َهدَى (‪ )122‬قَالَ اهْبِطَا مِ ْنهَا جَمِيعًا‬
‫شقَى (‬
‫ضلّ َولَا َي ْ‬
‫َبعْضُ ُكمْ لَِبعْضٍ َع ُد ّو َفإِمّا َي ْأتِيَّنكُ ْم مِنّي ُهدًى َف َمنِ اتّبَ َع ُهدَايَ فَلَا يَ ِ‬
‫ش ُر ُه يَوْ َم اْلقِيَا َم ِة أَعْمَى (‬
‫حُ‬‫‪ )123‬وَ َم ْن أَ ْعرَضَ َع ْن ذِ ْكرِي َفإِنّ َل ُه َمعِيشَةً ضَ ْنكًا َونَ ْ‬
‫ك َأتَتْكَ َآيَاتُنَا‬
‫ت بَصِيًا (‪ )125‬قَالَ َك َذلِ َ‬
‫‪ )124‬قَالَ َربّ ِل َم َحشَ ْرتَنِي أَ ْعمَى َو َقدْ ُكنْ ُ‬
‫جزِي َمنْ َأ ْسرَفَ َوَلمْ ُي ْؤ ِمنْ ِب َآيَاتِ َربّهِ‬
‫ك نَ ْ‬
‫ك الْيَوْ َم تُ ْنسَى (‪ )126‬وَ َك َذلِ َ‬
‫فََنسِيَتهَا وَ َك َذلِ َ‬
‫وََل َعذَابُ اْل َآخِ َر ِة أَ َش ّد وََأْبقَى (‪)127‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ -121‬ودلّه على الشجرة الحرّمة ‪ ،‬فخُدع آدم وزوجه بإغراء إبليس ‪ ،‬ونسيا نى‬
‫ال ‪ ،‬وأكل منها ‪ ،‬فظهرت لما عوراتما ‪ ،‬جزاء طمعهما ‪ ،‬حت نسيا ووقعا ف مالفته‬
‫‪ ،‬وصارا يقطعان من ورق شجر النة ويستران ما بدا منهما ‪ ،‬وخالف آدم ربه ‪،‬‬
‫حرِم اللود الذى تناه وفسد عيشه ‪.‬‬
‫وكان ذلك قبل النبوة ‪ ،‬فَ ُ‬
‫‪ -122‬ث اصطفاه ال للرسالة ‪ ،‬فقبل توبته ‪ ،‬وهداه إل العتذار والستغفار ‪.‬‬
‫‪ -123‬أمر ال آدم وزوجه أن يرجا من النة ويهبطا إل الرض ‪ ،‬وأخبها سبحانه‬
‫بأن العداوة ستكون ف الرض بي ذريتهما ‪ ،‬وأنه سبحانه سيمدهم بالدى والرشاد ‪،‬‬
‫فمن اتّبع منهم هدى ال فل يقع ف الآث ف الدنيا ‪ ،‬ول يشقى بالعذاب ‪.‬‬
‫‪ -124‬ومن أعرض عن هدى ال وطاعته فإنه ييا حياة ل سعادة فيها ‪ ،‬فل يقنع با‬
‫قسم ال ‪ ،‬ول يستسلم إل قضاء ال وقدره ‪ ،‬حت إذا كان يوم القيامة جاء إل موقف‬
‫الساب مأخوذا بذنبه ‪ ،‬عاجزا عن الجة الت يعتذر با ‪ ،‬كما كان ف دنياه أعمى‬
‫البصية عن النظر ف آيات ال ‪.‬‬
‫‪ -125‬وف هذا الوقف يسأل ربه ف فزع ‪ :‬يا رب كيف أنسيتن الُجة ‪ ،‬وأعجزتن‬
‫عن العذرة ‪ ،‬ووقفتن كالعمى؟! وقد كنت ف الدنيا أُبصر ما حول وأجادل وأدافع ‪.‬‬
‫‪ -126‬المر ف شأنك كما وقع ‪ :‬جاءتك دلئلنا ورسلنا ف الدنيا فنسيتها ‪ ،‬وتعاميت‬
‫عنها ‪ ،‬ول تؤمن با ‪ ،‬وكذلك اليوم تترك منسيا ف العذاب والوان ‪.‬‬
‫‪ -127‬ومثل هذا الزاء السيئ نزى ف الدنيا من أقبل على العصية ‪ ،‬وكذب بال‬
‫وآياته ‪ ،‬وإن عذاب الخرة لشد ألا ‪ ،‬وأ ْدوَم ما كان ف الدنيا ‪.‬‬

‫َأفَلَ ْم َي ْهدِ َل ُهمْ َك ْم َأهْ َلكْنَا قَبْ َل ُهمْ ِم َن الْ ُقرُونِ يَ ْمشُو َن فِي َمسَاكِِن ِهمْ إِ ّن فِي ذَِلكَ لَ َآيَاتٍ‬
‫ِلأُولِي الّنهَى (‪َ )128‬وَلوْلَا كَلِ َم ٌة سََبقَتْ ِمنْ َرّبكَ َلكَانَ ِلزَامًا َوأَ َجلٌ ُمسَمّى (‪)129‬‬
‫س َوقَ ْبلَ ُغرُوبِهَا وَ ِمنْ َآنَاءِ‬
‫ع الشّمْ ِ‬
‫ح بِحَ ْمدِ َرّبكَ قَ ْبلَ طُلُو ِ‬
‫فَاصِْبرْ عَلَى مَا َيقُولُو َن َوسَبّ ْ‬
‫ك ِإلَى مَا مَّتعْنَا ِبهِ‬
‫ك َترْضَى (‪ )130‬وَلَا تَ ُمدّنّ عَيْنَ ْي َ‬
‫ح َوأَ ْطرَافَ الّنهَا ِر َلعَلّ َ‬
‫اللّيْ ِل َفسَبّ ْ‬
‫أَ ْزوَاجًا مِ ْن ُهمْ َز ْه َر َة الْحَيَاةِ الدّنْيَا لَِنفْتَِنهُ ْم فِيهِ وَرِ ْزقُ َرّبكَ خَ ْي ٌر وََأْبقَى (‪َ )131‬وْأمُرْ‬

‫‪66‬‬
‫ك وَاْلعَاقَِبةُ لِلّت ْقوَى (‪)132‬‬
‫ح ُن َنرْ ُزقُ َ‬
‫ك بِالصّلَاةِ وَاصْطَِبرْ َعلَ ْيهَا لَا َنسَْألُكَ رِ ْزقًا نَ ْ‬
‫أَهْ َل َ‬
‫َوقَالُوا لَ ْولَا َي ْأتِينَا ِب َآيَ ٍة ِمنْ َرّبهِ َأ َولَ ْم َتأِْت ِهمْ بَيَّن ُة مَا فِي الصّحُفِ اْلأُولَى (‪)133‬‬

‫‪ -128‬كيف يتعامون عن آيات ال ‪ ،‬وقد تبي لم إهلكنا لكثي من المم السالفة‬


‫بسبب كفرهم ‪ ،‬ول يتعظوا بم مع أنم يشون ف ديارهم ومساكنهم ‪ ،‬ويشهدون آثار‬
‫ما حل بم من العذاب؟! وإن ف تلك الشاهد لعظات لصحاب العقول الراجحة ‪.‬‬
‫‪ -129‬ولول حكم سبق من ربك بتأخي العذاب عنهم إل أجل مسمى ‪ -‬هو القيامة‬
‫‪ -‬لكان العذاب لزما لم ف الدنيا كما لزم كفار القرون الاضية ‪.‬‬
‫‪ -130‬فاصب ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬على ما يقولونه ف رسالتك من تكذيب واستهزاء ‪،‬‬
‫وَنزّه ربك عما ل يليق به بالثناء عليه ‪ ،‬وعبادته ‪ -‬وحده ‪ -‬دائما ‪ ،‬وخاصة قبل أن‬
‫تشرق الشمس وقبل أن تغرب ‪ ،‬ونزّهه واعبده ف ساعات الليل ‪ ،‬وف أطراف النهار‬
‫بالصلة ‪ ،‬حت تدوم صلتك بال ‪ ،‬فلتطمئن إل ما أنت عليه ‪ ،‬وترضى با قدر لك ‪.‬‬
‫‪ -131‬ول تتعَ ّد بنظرك إل ما متّعنا به أصنافا من الكافرين ‪ ،‬لن هذا التاع زينة‬
‫الياة الدنيا وزخرفها ‪ ،‬يتحن ال به عباده ف الدنيا ‪ ،‬ويدّخر ال لك ف الخرة ما هو‬
‫خي وأبقى من هذا التاع ‪.‬‬
‫‪ -132‬ووجّه أهلك إل أن يؤدّوا الصلة ف أوقاتا ‪ ،‬فالصلة أقوى ما يصلهم بال ‪،‬‬
‫وداوم على إقامتها كاملة ‪ ،‬ل نكلفك رزق نفسك فنحن متكفلون برزقك ‪ ،‬وإن‬
‫العاقبة الميدة ف الدنيا والخرة مكفولة لهل الصلح والتقوى ‪.‬‬
‫‪ -133‬وقال الكافرون ف عنادهم ‪ :‬لاذا ل يأتينا ممد بدليل من ربه يَلزمُنا اليان‬
‫به؟! فكيف يحدون القرآن ‪ -‬وقد جاءهم به مشتمل على ما ف الكتب السابقة من‬
‫أنباء المم الاضية ‪ ،‬وإهلكهم بسبب تكذيب الرسل ‪ -‬وليس ممد ِبدْعا ف ذلك!‬

‫ت ِإلَيْنَا َرسُولًا فَنَتّبِعَ َآيَاِتكَ مِنْ‬


‫ب ِمنْ قَبْ ِل ِه َلقَالُوا َربّنَا لَ ْولَا أَ ْرسَلْ َ‬
‫وََل ْو أَنّا أَهْ َلكْنَا ُه ْم بِ َعذَا ٍ‬
‫صحَابُ‬
‫ص فََترَبّصُوا َفسََتعْلَمُو َن َمنْ أَ ْ‬
‫خزَى (‪ُ )134‬قلْ ُك ّل مَُت َربّ ٌ‬
‫قَ ْبلِ أَ ْن َن ِذلّ َونَ ْ‬
‫سوِيّ َو َمنِ اهَْتدَى (‪)135‬‬
‫الصّرَاطِ ال ّ‬

‫‪67‬‬
‫‪ -134‬ولو عاجل ال هؤلء الكافرين بالهلك قبل أن يرسل إليهم ممدا لعتذروا‬
‫يوم القيامة قائلي ‪ :‬يا ربنا ل ترسل إلينا رسول ف الدنيا مؤيدا باليات لنتبعه قبل أن‬
‫ينل بنا العذاب والزى ف الخرة ‪ .‬ولكن ل عذر لم الن بعد إرسال الرسول ‪.‬‬
‫‪ -135‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لؤلء العاندين ‪ :‬إننا جيعا منتظرون لا يؤول إليه أمرنا‬
‫وأمركم ‪ ،‬وستعلمون حقا أى الفريقي صاحب الدين الق والهتدى بدى ال؟ ‪.‬‬

‫س ِحسَاُب ُهمْ َو ُهمْ فِي َغفْ َلةٍ ُم ْعرِضُونَ (‪ )1‬مَا يَ ْأتِي ِهمْ ِم ْن ذِ ْكرٍ ِمنْ َرّب ِهمْ‬
‫اقْتَ َربَ لِلنّا ِ‬
‫ث ِإلّا اسْتَ َمعُو ُه َوهُ ْم يَ ْلعَبُونَ (‪)2‬‬
‫حدَ ٍ‬
‫مُ ْ‬

‫‪ -1‬دنا للمشركي وقت حسابم يوم القيامة ‪ ،‬وهم غافلون عن هوله ‪ ،‬معرضون عن‬
‫اليان به ‪.‬‬
‫‪ -2‬ما يأتيهم قرآن من ربم مُجدّد نزوله ‪ ،‬مذكر لم با ينفعهم ‪ ،‬إل استمعوه وهم‬
‫مشغولون عنه با ل نفع فيه ‪ ،‬يلعبون كما يلعب الطفال ‪.‬‬

‫حرَ‬
‫ش ٌر مِثْ ُلكُ ْم َأفََتأْتُونَ السّ ْ‬
‫جوَى اّلذِينَ ظَ َلمُوا َهلْ َهذَا ِإلّا َب َ‬
‫لَاهَِيةً قُلُوُبهُ ْم َوأَ َسرّوا النّ ْ‬
‫صرُونَ (‪ )3‬قَالَ َربّي َيعْ َلمُ اْلقَ ْولَ فِي السّمَا ِء وَاْلأَرْضِ وَ ُهوَ السّمِي ُع اْلعَلِيمُ (‪)4‬‬
‫وََأنُْتمْ تُبْ ِ‬
‫ضغَاثُ أَحْلَا ٍم َبلِ افَْترَاهُ َب ْل ُهوَ شَا ِعرٌ فَلَْي ْأتِنَا بِ َآَيةٍ َكمَا أُرْ ِس َل الَْأوّلُونَ (‪ )5‬مَا‬
‫َبلْ قَالُوا أَ ْ‬
‫ت قَبْ َل ُه ْم ِمنْ َق ْريَ ٍة َأهْلَكْنَاهَا َأ َفهُ ْم ُيؤْمِنُونَ (‪ )6‬وَمَا أَ ْرسَلْنَا قَبْ َلكَ ِإلّا ِرجَالًا نُوحِي‬
‫َآمَنَ ْ‬
‫سدًا لَا َيأْكُلُونَ‬
‫ِإلَيْ ِه ْم فَا ْسأَلُوا َأ ْهلَ الذّ ْكرِ إِنْ كُ ْنُتمْ لَا َتعْلَمُونَ (‪ )7‬وَمَا جَعَلْنَاهُ ْم َج َ‬
‫ص َدقْنَاهُ ُم الْوَ ْع َد َفَأنْجَيْنَا ُه ْم وَ َم ْن َنشَا ُء َوَأهْلَكْنَا‬
‫الطّعَا َم َومَا كَانُوا خَاِلدِينَ (‪ُ )8‬ثمّ َ‬
‫الْ ُمسْ ِرفِيَ (‪)9‬‬

‫‪ -3‬لهية قلوبم عن التأمل فيه ‪ ،‬وبالغوا ف إخفاء تآمرهم على النب وعلى القرآن ‪،‬‬
‫قائلي فيما بينهم ‪ :‬ما ممد إل بشر مثلكم ‪ ،‬والرسول ل يكون إل مَلَكا ‪ .‬أتصدقون‬
‫ممدا فتحضرون ملس السحر وأنتم تشاهدون أنه سحر؟!‬
‫‪ -4‬قال الرسول لم ‪ -‬وقد أطلعه ال على حديثهم الذى أسروه ‪ : -‬رب يعلم كل ما‬
‫يقال ف السماء والرض ‪ ،‬وهو الذى يَسمع كل ما يُسمع ‪ ،‬ويعلم كل ما يقع ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ -5‬بل قالوا ‪ :‬إنه أخلط أحلم رآها ف النام ‪ ،‬بل اختلقه ونسبه كذبا إل ال ‪ .‬ث‬
‫أعرضوا عن ذلك ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬بل هو شاعر يستول على نفوس سامعيه ‪ ،‬فليأتنا بعجزة‬
‫مادية دالة على صدقه ‪ ،‬كما أُرسل النبياء الولون مؤيدون بالعجزات ‪.‬‬
‫‪ -6‬ل تؤمن قبلهم أمة من المم الت أهلكناها بعد أن كذبت بالعجزات الادية ‪ ،‬فهل‬
‫يؤمن هؤلء إذا جاءهم ما يطلبون؟! ‪.‬‬
‫‪ -7‬وما أرسلنا إل الناس قبلك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬إل رجال من البشر ‪ ،‬نوحى إليهم‬
‫الدين ليبلغوه الناس ‪ ،‬فاسألوا ‪ -‬أيها النكرون ‪ -‬أه َل العلم بالكتب النلة إن كنتم ل‬
‫تعلمون ذلك ‪.‬‬
‫‪ -8‬وما جعلنا الرسل أجسادا تالف أجساد البشر يعيشون دون طعام ‪ ،‬وما كانوا‬
‫باقي ملدين ‪.‬‬
‫‪ -9‬ث صدقناهم ‪ ،‬وحققنا لم الوعد ‪ ،‬فأنيناهم وأنينا معهم من أردنا ناتم من‬
‫الؤمني ‪ ،‬وأهلكنا الكافرين السرفي ف تكذيبهم وكفرهم برسالة أنبيائهم ‪.‬‬

‫َلقَ ْد َأنْ َزلْنَا ِإلَ ْيكُمْ كِتَابًا فِي ِه ذِ ْكرُ ُكمْ أَفَلَا َتعْقِلُونَ (‪ )10‬وَ َك ْم قَصَمْنَا ِمنْ َق ْرَيةٍ كَانَتْ‬
‫ظَالِ َمةً وََأْنشَ ْأنَا َب ْعدَهَا َقوْمًا َآ َخرِينَ (‪ )11‬فَلَمّا أَ َحسّوا َبأْسَنَا ِإذَا ُهمْ مِ ْنهَا َيرْكُضُونَ (‬
‫‪ )12‬لَا َترْكُضُوا وَا ْرجِعُوا ِإلَى مَا ُأْت ِرفْتُ ْم فِي ِه وَ َمسَاكِِنكُ ْم َلعَلّ ُكمْ ُتسَْألُونَ (‪ )13‬قَالُوا يَا‬
‫ك دَ ْعوَا ُهمْ حَتّى جَعَلْنَاهُ ْم حَصِيدًا خَا ِمدِينَ (‬
‫وَيْلَنَا ِإنّا كُنّا ظَالِ ِميَ (‪ )14‬فَمَا زَالَتْ تِ ْل َ‬
‫خذَ َل ْهوًا‬
‫‪ )15‬وَمَا خَلَقْنَا السّمَا َء وَاْلأَرْضَ وَمَا بَيَْنهُمَا لَاعِبِيَ (‪َ )16‬لوْ أَ َردْنَا أَنْ نَتّ ِ‬
‫خ ْذنَاهُ ِم ْن لَ ُدنّا إِنْ ُكنّا فَاعِ ِليَ (‪)17‬‬
‫لَاتّ َ‬

‫‪ -10‬لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه تذكي لكم إذا علمتموه وعملتم با فيه ‪ ،‬فكيف‬
‫تعرضون وتكفرون به؟! أيبلغ بكم العناد والمق إل ما أنتم عليه فل تعقلون ما‬
‫ينفعكم فتسارعون إليه؟‬
‫‪ -11‬وكثي من أهل القرى أهلكناهم بسبب كفرهم وتكذيبهم لنبيائهم ‪ ،‬وأنشأنا‬
‫بعد كل قوم منهم قوما غيهم أحسن منهم حال ومآل ‪.‬‬
‫‪ -12‬فلما أردنا إهلكهم ‪ ،‬وأحسوا با يقع عليهم من شدة عذابنا وقدرتنا على‬

‫‪69‬‬
‫إنزاله؛ سارعوا إل الرب والتماس النجاة با يشبه عمل الدواب ‪.‬‬
‫‪ -13‬ل تسرعوا ‪ -‬أيها النكرون ‪ -‬فلن يعصمكم من عذاب ال شئ ‪ ،‬وارجعوا إل‬
‫ما كنتم فيه من نعيمكم ومساكنكم ‪ ،‬لعل خدمكم وأشياعكم يسألونكم العونة‬
‫والرأى كما كان شأنكم ‪ ،‬وأنّى تستطيعون؟ ‪.‬‬
‫‪ -14‬قالوا ‪ -‬وقد سعوا الستهزاء بم منادين هلكهم موقني به ‪ : -‬إنا كنا ظالي‬
‫حي أعرضنا عما ينفعنا ‪ ،‬ول نؤمن بآيات ربنا ‪.‬‬
‫‪ -15‬فما زالت هذه الكلمات يرددونا ويصيحون با ‪ ،‬حت جعلناهم ‪ -‬بالعذاب ‪-‬‬
‫كالزرع الحصود خامدين ل حياة فيهم ‪.‬‬
‫‪ -16‬وما خلقنا السماء والرض وما بينهما ‪ -‬بذا النظام الحكم والصنع البديع ‪-‬‬
‫نلعب با ‪ ،‬بل جعلناها لِكمٍ عالية يدركها التأملون ‪.‬‬
‫‪ -17‬لو أردنا أن نتخذ ما ن ْلهُو به لا أمكن أن نتخذه إل من مُلكنا الذى ليس ف‬
‫الوجود مُلك غيه ‪ ،‬إن كنا من يفعل ذلك ‪ ،‬ولسنا من يفعله لستحالته ف حقنا ‪.‬‬

‫صفُونَ (‪َ )18‬وَلهُ‬


‫حقّ عَلَى الْبَا ِط ِل فََي ْدمَ ُغ ُه َفإِذَا هُوَ زَا ِهقٌ َولَ ُكمُ اْل َويْ ُل مِمّا تَ ِ‬
‫َبلْ َن ْقذِفُ بِالْ َ‬
‫سرُونَ (‪)19‬‬
‫حِ‬‫ض وَ َمنْ عِ ْن َد ُه لَا َيسَْتكِْبرُونَ َعنْ ِعبَا َدِتهِ َولَا َيسْتَ ْ‬
‫َمنْ فِي السّمَاوَاتِ وَاْلأَرْ ِ‬
‫ض ُهمْ يُ ْنشِرُونَ (‪)21‬‬
‫خذُوا َآِل َهةً ِم َن الْأَرْ ِ‬
‫ُيسَبّحُونَ اللّ ْي َل وَالّنهَارَ لَا َيفُْترُونَ (‪ )20‬أَ ِم اتّ َ‬
‫صفُونَ (‪ )22‬لَا‬
‫ب الْ َعرْشِ عَمّا يَ ِ‬
‫س َدتَا َفسُبْحَا َن اللّهِ َر ّ‬
‫لَوْ كَا َن فِيهِمَا َآِل َهةٌ ِإلّا ال ّل ُه لَ َف َ‬
‫ُيسَْألُ عَمّا َيفْ َع ُل وَ ُه ْم ُيسَْألُونَ (‪)23‬‬

‫‪ -18‬بل َأ ْمرُنا الذى يليق بنا هو أن نقذف الق ف وجه الباطل فَُي ْذهِبه ‪ ،‬ولكم ‪ -‬أيها‬
‫الكافرون ‪ -‬اللك بسبب افترائكم على ال ورسوله ‪.‬‬
‫‪ -19‬ول ‪ -‬وحده ‪ -‬كل من ف السموات والرض خَلقا ومُلكا ‪ ،‬فمن حقه ‪-‬‬
‫وحده ‪ -‬أن يُعبد ‪ ،‬والقرّبون إليه من اللئكة ل يستكبون عن عبادته والضوع له ‪،‬‬
‫ول يشعرون بالعياء واللل من طول عبادته بالليل والنهار ‪.‬‬
‫‪ -20‬يَُنزّهونه جل شأنه عما ل يليق به ‪ ،‬ل يتخلل تنيههم هذا فُتُور ‪ ،‬بل هو تنيه‬
‫دائم ل يشغلهم عنه شاغل ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫‪ -21‬ل يفعل الشركون ما يفعله القربون من إخلص العبادة ل ‪ ،‬بل عبدوا غيه ‪،‬‬
‫واتذوا من الرض آلة ل تستحق أن تعبد ‪ ،‬وكيف يُعْبَد من دون ال من ل يستطيع‬
‫إعادة الياة؟! ‪.‬‬
‫‪ -22‬لو كان ف السماء والرض آلة غي ال تُدبّر أمرها لختلّ النظام الذى قام‬
‫ب اللك عما ينسبه إليه‬
‫عليه خلقهما ‪ ،‬ولا بلغ غاية الدقة والحكام ‪ ،‬فتنيها ل صاح ِ‬
‫الشركون ‪.‬‬
‫‪ -23‬ل يُحاسب ‪ -‬سبحانه ‪ -‬ول يُسأل عما يفعل ‪ ،‬لنه الواحد التفرد بالعزة‬
‫والسلطان ‪ ،‬الكيم العليم ‪ ،‬فل يطئ ف فعل أى شئ ‪ ،‬وهم يُحاسبون ويُسألون عما‬
‫يفعلون؛ لنم يطئون لضعفهم وجهلهم وغلبة الشهوة عليهم ‪.‬‬

‫خذُوا ِمنْ دُونِهِ َآِل َهةً ُق ْل هَاتُوا ُب ْرهَاَنكُ ْم َهذَا ذِ ْك ُر َمنْ َمعِ َي َوذِ ْكرُ َم ْن قَبْلِي َبلْ‬
‫أَ ِم اتّ َ‬
‫حقّ َف ُهمْ مُ ْعرِضُونَ (‪َ )24‬ومَا أَ ْرسَلْنَا ِم ْن قَبْ ِلكَ ِمنْ َرسُو ٍل ِإلّا‬
‫أَكَْثرُ ُه ْم لَا َيعْلَمُو َن الْ َ‬
‫خ َذ ال ّرحْ َمنُ َوَلدًا سُبْحَاَنهُ َبلْ عِبَادٌ‬
‫نُوحِي ِإلَ ْيهِ َأّنهُ لَا ِإلَ َه ِإلّا َأنَا فَاعُْبدُونِ (‪َ )25‬وقَالُوا اتّ َ‬
‫مُ ْك َرمُونَ (‪ )26‬لَا َيسْبِقُونَ ُه بِاْل َقوْ ِل وَ ُه ْم بَِأ ْم ِرهِ َيعْمَلُونَ (‪َ )27‬يعْلَ ُم مَا بَ ْي َن َأيْدِيهِ ْم َومَا‬
‫شفِقُونَ (‪َ )28‬و َمنْ َي ُقلْ مِ ْن ُهمْ‬
‫ش َفعُو َن ِإلّا لِ َمنِ ا ْرتَضَى َو ُهمْ ِم ْن خَشْيَِت ِه ُم ْ‬
‫خَلْ َف ُهمْ َولَا َي ْ‬
‫جزِي الظّالِ ِميَ (‪)29‬‬
‫ك نَ ْ‬
‫جزِي ِه َجهَنّمَ َك َذلِ َ‬
‫ك نَ ْ‬
‫ِإنّي إَِل ٌه ِمنْ دُونِ ِه َف َذلِ َ‬

‫‪ -24‬ل يعرفوا حق ال عليهم ‪ ،‬بل اتذوا من غيه آلة يعبدونا دون دليل معقول أو‬
‫برهان صادق ‪ .‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬هاتوا برهانكم على أن ل شريكا ف اللك يبر‬
‫إشراكه ف العبادة ‪ .‬هذا القرآن الذى جاء مذكرا لمت با يب عليها ‪ ،‬وهذه كتب‬
‫النبياء الت جاءت لتذكّر المم قبلى تقوم كلها على توحيد ال ‪ .‬بل أكثرهم ل‬
‫يعلمون ما جاء ف هذه الكتب ‪ ،‬لنم ل يهتموا بالتأمل فيها ‪ ،‬فهم معرضون عن‬
‫اليان بال ‪.‬‬
‫‪ -25‬وما أرسلنا إل الناس قبلك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬رسول ما ‪ ،‬إل أوحينا إليه أن يبلّغ‬
‫أمته أنه ل يستحق العبادة غيى ‪ ،‬فَأخْلِصُوا ل العبادة ‪.‬‬
‫‪ -26‬وقال بعض كفار العرب ‪ :‬اتذ الرحن ولدا بزعمهم أن اللئكة بناته ‪ .‬تنّه عن‬

‫‪71‬‬
‫أن يكون له ولد ‪ .‬بل اللئكة عباد ُمكْرمون عنده بالقرب منه ‪ ،‬والعبادة له ‪.‬‬
‫‪ -27‬ل يسبقون ال بكلمة يقولونا ‪ ،‬قبل أن يأذن لم با ‪ ،‬وهم بأمره ‪ -‬دون غيه‬
‫‪ -‬يعملون ‪ ،‬ول يتعدون حدود ما يأمرهم به ‪.‬‬
‫‪ -28‬يعلم ال كل أحوالم وأعمالم ‪ -‬ما قدّموه وما أخّروه ‪ -‬ول يشفعون عنده إل‬
‫لن رضى ال عنه ‪ ،‬وهم من شدة خوفهم من ال تعال وتعظيمهم له ف حذرٍ دائم ‪.‬‬
‫‪ -29‬ومن يقل من اللئكة ‪ :‬إن إله يعبد من دون ال فذلك نزيه جهنم ‪ .‬مثل هذا‬
‫الزاء نزى كل الذين يتجاوزون حدود الق ‪ ،‬ويظلمون أنفسهم بالشرك وادعاء‬
‫الربوبية ‪.‬‬

‫أَ َوَلمْ َي َر الّذِينَ َكفَرُوا أَ ّن السّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا َرْتقًا َففََتقْنَاهُمَا َو َجعَلْنَا ِمنَ الْمَاءِ ُكلّ‬
‫شَيْ ٍء َحيّ َأفَلَا يُ ْؤمِنُونَ (‪)30‬‬

‫‪ -30‬أَ َع ِمىَ الذين كفروا ول يبصروا أن السموات والرض كانتا ف بدء خلقهما‬
‫ملتصقتي ‪ ،‬فبقدرتنا فَصَلَنا كل منهما عن الخرى ‪ ،‬وجعلنا من الاء الذى ل حياة فيه‬
‫كل شئ حى؟! فهل بعد كل هذا يُعرضون ‪ ،‬فل يؤمنون بأنه ل إله غينا؟‬

‫وَ َجعَلْنَا فِي الْأَرْضِ َروَاسِ َي أَ ْن تَمِيدَ ِب ِه ْم وَ َجعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا َلعَ ّلهُ ْم َيهَْتدُونَ (‪)31‬‬

‫‪ -31‬ومن دلئل قدرتنا أنا جعلنا ف الرض جبال ثوابت ‪ ،‬لئل تضطرب بم ‪،‬‬
‫وجعلنا فيها طرقا فسيحة ‪ ،‬ومسالك واسعة ‪ ،‬لكى يهتدوا با ف سيهم إل أغراضهم‬
‫‪.‬‬

‫حفُوظًا َوهُمْ َعنْ َآيَاِتهَا ُم ْعرِضُونَ (‪َ )32‬وهُ َو اّلذِي خَ َلقَ اللّ ْيلَ‬
‫وَ َجعَلْنَا السّمَا َء َسقْفًا مَ ْ‬
‫س وَاْلقَ َمرَ ُكلّ فِي فَ َلكٍ َيسْبَحُونَ (‪)33‬‬
‫وَالّنهَارَ وَالشّمْ َ‬

‫‪ -32‬وجعلنا السماء فوقهم كالسقف الرفوع ‪ ،‬وحفظناها من أن تقع أو يقع ما فيها‬


‫عليهم ‪ .‬وهم مع ذلك منصرفون عن النظر والعتبار بآياتنا الدالة على قدرتنا ‪،‬‬
‫وحكمتنا ‪ ،‬ورحتنا ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ -33‬وال هو الذى خلق الليل والنهار ‪ ،‬والشمس والقمر ‪ ،‬كلٌ يرى ف ماله الذى‬
‫قدّره ال له ‪ ،‬ويسبح ف فلكه ل ييد عنه ‪.‬‬

‫ت َف ُهمُ الْخَاِلدُونَ (‪ُ )34‬ك ّل َنفْسٍ ذَاِئقَةُ‬


‫شرٍ ِم ْن قَبْ ِلكَ الْخُ ْل َد َأفَإِ ْن مِ ّ‬
‫وَمَا جَعَلْنَا لَِب َ‬
‫شرّ وَالْخَ ْيرِ فِتَْن ًة َوإِلَيْنَا ُترْ َجعُونَ (‪َ )35‬وِإذَا َرآَ َك الّذِينَ َكفَرُوا إِنْ‬
‫الْمَ ْوتِ وَنَبْلُو ُكمْ بِال ّ‬
‫خذُوَنكَ ِإلّا ُه ُزوًا َأ َهذَا الّذِي َيذْ ُكرُ َآلِهََت ُكمْ َو ُهمْ ِبذِ ْكرِ ال ّرحْ َمنِ ُهمْ كَافِرُونَ (‪)36‬‬
‫يَتّ ِ‬
‫ج ٍل سَأُرِيكُمْ َآيَاتِي فَلَا َتسَْتعْجِلُونِ (‪ )37‬وََيقُولُو َن مَتَى َهذَا الْوَ ْعدُ‬
‫خُ ِلقَ اْلإِْنسَانُ مِنْ َع َ‬
‫إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪)38‬‬

‫‪ -34‬وما جعلنا لحد من البشر قبلك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬اللود ف هذه الياة حت‬
‫يتربص بك الكفار الوت ‪ .‬فكيف ينتظرون موتك ليشمتوا بك وهم سيموتون كما‬
‫توت؟! أفإن مت يبقى هؤلء أحياء دون غيهم من سائر البشر؟ ‪.‬‬
‫‪ -35‬كل نفس ل بد أن تذوق الوت ‪ ،‬ونعاملكم ف هذه الياة معاملة الختَب با‬
‫يصيبكم من نفع وضر ‪ ،‬ليتميز الشاكر للخي والصابر على البلء من الاحد للنعم‬
‫والازع عند الصيبة ‪ .‬وإلينا ترجعون فنحاسبكم على أعمالكم ‪.‬‬
‫‪ -36‬وإذا رآك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬الذين كفروا بال وبا جئت به ل يضعونك إل ف‬
‫موضع السخرية والستهزاء ‪ .‬يقول بعضهم لبعض ‪ :‬أهذا الذى يذكر آلتكم بالعيب؟‬
‫وهم بذكر ال الذى َيعُمّهم برحته ل يصدقون ‪.‬‬
‫‪ -37‬وإذا كانوا يطلبون التعجيل بالعذاب فإن طبيعة النسان التعجل ‪ ،‬سأريكم ‪-‬‬
‫أيها الستعجلون ‪ -‬نعمت ف الدنيا ‪ ،‬وعذاب ف الخرة فل تشغلوا أنفسكم باستعجال‬
‫ما لبد منه ‪.‬‬
‫‪ -38‬ويقول الكافرون مستعجلي العذاب مستبعدين وقوعه ‪ :‬مت يقع هذا الذى‬
‫تَتوعدُوننا به ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬إن كنتم صادقي فيما تقولون؟ ‪.‬‬

‫ي لَا َيكُفّونَ َع ْن ُوجُوهِ ِه ُم النّا َر َولَا َعنْ ُظهُو ِر ِهمْ َولَا ُهمْ‬
‫لَ ْو َيعْ َلمُ اّلذِينَ َك َفرُوا حِ َ‬
‫صرُونَ (‪َ )39‬بلْ َت ْأتِيهِ ْم َبغْتَ ًة فَتَ ْبهَُت ُهمْ فَلَا َيسْتَطِيعُونَ َر ّدهَا َولَا ُه ْم يُنْ َظرُونَ (‪)40‬‬
‫يُنْ َ‬

‫‪73‬‬
‫خرُوا مِ ْن ُه ْم مَا كَانُوا ِبهِ َيسَْت ْه ِزئُونَ (‬
‫ق بِالّذِينَ سَ ِ‬
‫ك فَحَا َ‬
‫وََل َقدِ اسُْت ْهزِئَ ِب ُرسُ ٍل ِمنْ قَبْ ِل َ‬
‫‪ُ )41‬قلْ َم ْن يَكْ َلؤُ ُكمْ بِاللّ ْيلِ وَالّنهَا ِر ِم َن ال ّرحْ َمنِ َب ْل ُهمْ َعنْ ذِ ْكرِ َرّب ِهمْ مُ ْعرِضُونَ (‬
‫سهِ ْم َولَا ُهمْ مِنّا يُصْحَبُونَ (‬
‫صرَ أَْن ُف ِ‬
‫‪ )42‬أَ ْم َلهُمْ َآِل َه ٌة تَمَْن ُعهُ ْم ِمنْ دُونِنَا لَا َيسْتَطِيعُو َن نَ ْ‬
‫‪)43‬‬

‫‪ -39‬لو يعلم الذين كفروا بال حالم ‪ -‬حي ل يستطيعون أن يدفعوا عن وجوههم‬
‫النار ول عن ظهورهم ‪ ،‬ول يدون من ينصرهم بدفعها؛ ما قالوا هذا الذى يقولونه ‪.‬‬
‫‪ -40‬ل تأتيهم القيامة على انتظارٍ وتوقع ‪ ،‬بل تأتيهم فجأة فتحيّرهم فل يستطيعون‬
‫ردّها ‪ ،‬ول هم يُ ْمهَلون ليتوبوا ويعتذروا عما قدّموا ‪.‬‬
‫ح ّل بالذين كفروا‬
‫‪ -41‬ولقد حدث للرسل قبلك أن استهزأ بم الكفار من أمهم ‪ ،‬ف َ‬
‫وسخروا من رسلهم العذاب الذى جعلوه مثال السخرية والستهزاء ‪.‬‬
‫‪ -42‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لم ‪َ :‬منْ يفظكم ف الليل والنهار من نقمته ويرحكم وينعم‬
‫عليكم؟ ل أحد يستطيع ذلك ‪ ،‬بل هم منصرفون عن القرآن ‪ -‬الذى يذكّرهم با‬
‫ينفعهم ويدفع العذاب عنهم ‪.‬‬
‫‪َ -43‬أَلهُم آلة تنع العذاب من دوننا؟ كل ‪ :‬إنم ل يستطيعون أن يعينوا أنفسهم‬
‫حت يعينوا غيهم ‪ .‬ول أحد يستطيع أن يفظ واحدا منهم ف جواره وصحبته إذا‬
‫أردنا بم العذاب واللك ‪.‬‬

‫صهَا ِمنْ‬
‫ض نَ ْنقُ ُ‬
‫َبلْ مَّتعْنَا َه ُؤلَا ِء وَ َآبَا َء ُهمْ حَتّى طَالَ عَلَ ْي ِهمُ اْلعُ ُمرُ أَفَلَا َيرَوْ َن َأنّا َن ْأتِي الْأَرْ َ‬
‫صمّ الدّعَا َء ِإذَا مَا‬
‫أَ ْطرَا ِفهَا َأ َف ُهمُ اْلغَالِبُونَ (‪ُ )44‬ق ْل ِإنّمَا ُأْنذِرُ ُكمْ بِالْ َوحْ ِي َولَا َيسْمَ ُع ال ّ‬
‫ك لََيقُوُلنّ يَا وَيْلَنَا ِإنّا كُنّا ظَالِمِيَ (‪)46‬‬
‫حةٌ ِمنْ َعذَابِ َرّب َ‬
‫يُ ْنذَرُونَ (‪ )45‬وَلَِئ ْن َمسّ ْتهُ ْم َنفْ َ‬
‫وَنَضَعُ الْ َموَازِينَ اْلقِسْطَ لِيَوْ ِم اْلقِيَا َمةِ فَلَا تُظْ َل ُم َنفْسٌ شَيْئًا َوإِنْ كَا َن مِ ْثقَا َل حَّبةٍ ِمنْ‬
‫خَ ْر َدلٍ َأتَيْنَا بِهَا وَ َكفَى بِنَا حَاسِبِيَ (‪)47‬‬

‫‪ -44‬ل نُعجل عقاب هؤلء بكفرهم ‪ ،‬بل استدرجناهم ومتّعناهم ف الياة الدنيا كما‬
‫متعنا آباءهم قبلهم حت طال عليهم العمر ‪ .‬أيتعامون عما حولم فل يرون أنا نقصد‬

‫‪74‬‬
‫الرض فننقصها من أطرافها بالفتح ونصر الؤمني؟! أفهم الغالبون ‪ ،‬أم الؤمنون الذين‬
‫وعدهم ال بالنصر والتأييد؟ ‪.‬‬
‫‪ -45‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬ل أحذركم بكلم من عندى ‪ ،‬وإنا أحذركم بالوحى‬
‫الصادر عن ال ل ‪ -‬وهو حق وصدق ‪ -‬وهم لطول إعراضهم عن صوت الق ختم‬
‫ال على سعهم حت صاروا كالصم ‪ ،‬ول يسمع الصم الدعاءَ حي يوّفون بالعذاب ‪.‬‬
‫‪ -46‬وتأكد أنم إن أصابتهم إصابة خفيفة من العذاب الذى يسخرون منه يصيحون‬
‫من الول قائلي ‪ :‬يا ويلنا إنا كنا ظالي لنفسنا وغينا ‪ ،‬إذ كفرنا با أخبنا به ‪.‬‬
‫‪ -47‬ونضع الوازين الت تقيم العدل يوم القيامة ‪ ،‬فل تُظَلَم نفس بنقص شئ من‬
‫حسناتا أو زيادة شئ ف سيئاتا ‪ ،‬ولو كان وزن حبة صغية أتينا با وحاسبنا عليها ‪،‬‬
‫وكفى أن نكون الاسبي فل تظلم نفس شيئا ‪.‬‬

‫شوْنَ َرّبهُمْ‬
‫خَ‬‫وََل َقدْ َآتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ اْل ُف ْرقَا َن وَضِيَا ًء َوذِ ْكرًا لِلْمُّتقِيَ (‪ )48‬اّلذِي َن يَ ْ‬
‫شفِقُونَ (‪َ )49‬و َهذَا ذِ ْكرٌ مُبَارَ ٌك َأْن َزلْنَا ُه َأ َفأَنُْتمْ لَ ُه مُ ْنكِرُونَ (‬
‫ب وَ ُه ْم ِمنَ السّا َعةِ ُم ْ‬
‫بِاْلغَيْ ِ‬
‫‪ )50‬وََل َقدْ َآتَيْنَا ِإْبرَاهِيمَ ُرشْ َد ُه ِمنْ قَ ْب ُل وَكُنّا بِهِ عَالِ ِميَ (‪ِ )51‬إذْ قَالَ ِلَأبِي ِه َوقَ ْو ِمهِ مَا‬
‫هَ ِذ ِه التّمَاثِي ُل الّتِي َأنُْتمْ َلهَا عَا ِكفُونَ (‪ )52‬قَالُوا َوجَ ْدنَا َآبَا َءنَا َلهَا عَاِبدِينَ (‪ )53‬قَالَ‬
‫ح ّق أَ ْم َأنْتَ ِم َن اللّاعِِبيَ (‬
‫َلقَدْ كُنُْت ْم َأنْتُ ْم وَ َآبَاؤُ ُك ْم فِي ضَلَا ٍل مُبِيٍ (‪ )54‬قَالُوا َأجِئْتَنَا بِالْ َ‬
‫‪)55‬‬

‫‪ -48‬ولقد أعطينا موسى وهارون التوراة الت تفرق بي الق والباطل ‪ ،‬واللل‬
‫والرام ‪ ،‬وهى إل ذلك نور يهدى إل طرق الي والرشاد ‪ ،‬وتذكي ينتفع به التقون ‪.‬‬
‫‪ -49‬الذين يافون خالقهم ومالك أمرهم ‪ -‬حال ُبعْد الناس عنهم ‪ -‬ل يراءون أحدا‬
‫‪ ،‬وهم من أهوال يوم القيامة ف خوف دائم ‪.‬‬
‫‪ -50‬وهذا القرآن تذكي كثي للخي ‪ ،‬أنزلناه لكم كما أنزلنا الذكر على موسى ‪،‬‬
‫فكيف يكون منكم إنكاره وأنتم أول الناس باليان به؟!‬
‫‪ -51‬ولقد أعطينا إبراهيم الرشد والتفكي ف طلب الق ملصا من قبل موسى‬
‫وهارون ‪ ،‬وكنا بأحواله وفضائله الت تؤهله لمل الرسالة عالي ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫خفّا بالصنام الت‬
‫‪ -52‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬حي قال إبراهيم لبيه وقومه مست ِ‬
‫كانوا يعظمونا ويعكفون على عبادتا ‪ :‬ما هذه التماثيل الت أنتم مقيمون على عبادتا؟‬
‫‪ -53‬قالوا ‪ :‬وجدنا آباءنا يعظمونا ويصونا بعبادتم ‪ ،‬فاتّبعناهم ‪.‬‬
‫ح عن الق‬
‫‪ -54‬قال ‪ :‬لقد كنتم ف هذه العبادة وكان آباؤكم من قبلكم ف ُبعْدٍ واض ٍ‬
‫‪.‬‬
‫‪ -55‬قالوا ‪ :‬أجئتنا ف هذا الذى تقوله با تعتقد أنه الق ‪ ،‬أم أنت بذا الكلم من‬
‫الذين يلهون ويلعبون غي متحملي أى تبعة؟‬

‫ض اّلذِي فَ َط َر ُهنّ َوَأنَا عَلَى َذلِ ُكمْ مِ َن الشّا ِهدِينَ (‬


‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ب السّمَاوَا ِ‬
‫قَا َل َبلْ َرّب ُكمْ َر ّ‬
‫جعَ َل ُهمْ ُجذَاذًا ِإلّا كَبِيًا َلهُمْ‬
‫‪ )56‬وَتَال ّلهِ َلأَكِيدَ ّن أَصْنَامَ ُكمْ َب ْعدَ أَ ْن ُت َولّوا مُ ْدِبرِينَ (‪ )57‬فَ َ‬
‫َلعَلّ ُه ْم إِلَ ْي ِه َيرْ ِجعُونَ (‪ )58‬قَالُوا َم ْن َفعَ َل َهذَا ِبآَِلهَتِنَا إِّن ُه لَ ِمنَ الظّالِمِيَ (‪ )59‬قَالُوا‬
‫سَ ِمعْنَا فَتًى َيذْ ُك ُرهُ ْم ُيقَا ُل لَ ُه ِإْبرَاهِيمُ (‪ )60‬قَالُوا َفأْتُوا ِبهِ عَلَى أَ ْعُينِ النّاسِ َلعَ ّل ُهمْ‬
‫ي ُهمْ‬
‫ت َهذَا ِب َآِلهَتِنَا يَا ِإْبرَاهِيمُ (‪ )62‬قَالَ َب ْل َفعَلَهُ كَبِ ُ‬
‫َيشْ َهدُونَ (‪ )61‬قَالُوا َأَأنْتَ َفعَلْ َ‬
‫هَذَا فَا ْسأَلُوهُ ْم إِنْ كَانُوا يَنْ ِطقُونَ (‪)63‬‬

‫‪ -56‬قال ‪ :‬ل هزل فيما قلته ‪ ،‬بل ربكم الذى يستحق ‪ -‬دون غيه ‪ -‬التعظيم‬
‫والشوع والعبادة هو الذى خلق السموات والرض ‪ ،‬وأوجدهن على غي مثال سابق‬
‫‪ .‬فحقه ‪ -‬وحده ‪ -‬أن يعبد ‪ ،‬وأنا على ذلك الذى أقوله من التحققي الذين يقولون‬
‫ما يشاهدونه ويعلمونه ‪.‬‬
‫‪ -57‬وقال ف نفسه ‪ :‬أقسم بال لدبّرن تدبيا أكسر به أصنامكم بعد أن تبتعدوا‬
‫عنها ‪ ،‬ليظهر لكم ضلل ما أنتم عليه ‪.‬‬
‫‪ -58‬ذهب إبراهيم بعد انصرافهم إل الصنام فحطمها وجعلها قطعا ‪ ،‬إل صنما‬
‫كبيا تركه ليجعوا إليه ويسألوه عما وقع للتهم فل ييبهم فيظهر لم بطلن عبادتم‬
‫‪.‬‬
‫‪ -59‬قالوا بعد أن رأوا ما حصل لصنامهم ‪َ :‬منْ فعل هذا بآلتنا؟ إنه دون شك من‬
‫الذين ظلموا أنفسهم بتعريضها للعقاب ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ -60‬قال بعضهم ‪ :‬سعنا شابا يذكرهم بالسب يُدعى إبراهيم ‪.‬‬
‫‪ -61‬قال كبارهم ‪ :‬اذهبوا إليه فأحضروه ليُحاسب على مرأى من الناس ‪ ،‬لعلهم‬
‫يشهدون با فعل ويشاهدون العقوبة الت سننلا به ‪.‬‬
‫‪ -62‬قالوا بعد أن أحضروه ‪ :‬أأنت الذى فعلت هذا بآلتنا يا إبراهيم؟ ‪.‬‬
‫‪ -63‬قال مُنَبّها لم على ضللم مُتَهكّما بم ‪ :‬بل فعله كبيهم هذا ‪ ،‬فاسألوا اللة‬
‫عمّن فعل با هذا إن كانوا يستطيعون أن يردوا جواب سؤالكم؟ ‪.‬‬

‫سهِ ْم َفقَالُوا ِإنّ ُك ْم أَنُْت ُم الظّالِمُونَ (‪ُ )64‬ثمّ ُن ِكسُوا عَلَى رُءُوسِ ِه ْم لَ َقدْ‬
‫َفرَ َجعُوا ِإلَى أَْن ُف ِ‬
‫ت مَا َه ُؤلَا ِء يَنْ ِطقُونَ (‪ )65‬قَا َل َأفَتَعُْبدُونَ ِم ْن دُونِ ال ّل ِه مَا لَا يَنْ َف ُعكُ ْم شَيْئًا َولَا‬
‫عَلِ ْم َ‬
‫ف لَ ُك ْم وَلِمَا َتعُْبدُو َن ِمنْ دُو ِن ال ّلهِ َأفَلَا َت ْعقِلُونَ (‪ )67‬قَالُوا حَ ّرقُوهُ‬
‫ضرّ ُكمْ (‪ )66‬أُ ّ‬
‫يَ ُ‬
‫صرُوا َآِلهََتكُ ْم إِنْ كُنُْت ْم فَاعِلِيَ (‪ )68‬قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي َب ْردًا وَسَلَامًا عَلَى ِإْبرَاهِيمَ (‬
‫وَانْ ُ‬
‫ض الّتِي‬
‫سرِينَ (‪َ )70‬ونَجّيْنَا ُه وَلُوطًا ِإلَى اْلأَرْ ِ‬
‫جعَلْنَاهُ ُم الَْأ ْخ َ‬
‫‪ )69‬وَأَرَادُوا ِبهِ َك ْيدًا فَ َ‬
‫بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِيَ (‪ )71‬وَ َوهَبْنَا َل ُه إِسْحَاقَ وََي ْعقُوبَ نَافِ َلةً وَكُلّا جَعَلْنَا صَالِحِيَ (‬
‫‪)72‬‬

‫‪ -64‬فعادوا إل أنفسهم يفكرون فيما هم عليه من عبادة ما ل ينفع غيه ‪ ،‬ول يدفع‬
‫عن نفسه الشر ‪ ،‬فاستبان لم خطؤهم ‪ ،‬وقال بعضهم ‪ :‬ليس إبراهيم من الظالي ‪ ،‬بل‬
‫أنتم ‪ -‬بعبادة ما ل يستحق العبادة ‪ -‬الظالون ‪.‬‬
‫‪ -65‬ث انقلبوا من الرشاد الطارئ إل الضلل ‪ ،‬وقالوا لبراهيم ‪ :‬إنك قد علمت أن‬
‫هؤلء الذين نعبدهم ل ينطقون ‪ ،‬فكيف تطلب منا أن نسألم؟‬
‫‪ -66‬قال ‪ :‬أيكون هذا حالم من العجز ‪ ،‬ويكون هذا حالكم معهم ‪ ،‬فتعبدون من‬
‫غي ال ما ل ينفعكم أقل نفع إن عبدتوه ‪ ،‬ول يضركم إن أهلتموه؟! ‪.‬‬
‫‪ -67‬قُبحا لكم وللتكم ‪ ،‬أتعطلون تفكيكم وتُهملون العتبار با تدركون؟ إن هذه‬
‫الصنام ل تستحق العبادة ‪.‬‬
‫‪ -68‬قال بعضهم لبعض ‪ :‬أحرقوه بالنار وانصروا آلتكم عليه بذا العقاب ‪ ،‬إن كنتم‬
‫تريدون أن تفعلوا ما تنصرون به آلتكم ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫‪ -69‬فجعلنا النار باردة وسلما ل ضرر فيها على إبراهيم ‪.‬‬
‫‪ -70‬وأرادوا أن يبطشوا به فأنيناه وجعلناهم أشد الناس خسرانا ‪.‬‬
‫‪ -71‬ونّيناه ولوطا من كيد الكائدين ‪ ،‬فاتها إل الرض الت أكثرنا فيها الي للناس‬
‫جيعا ‪ ،‬وأرسلنا فيها كثيا من النبياء ‪.‬‬
‫‪ -72‬ووهبنا له إسحاق ‪ ،‬ومن إسحاق يعقوب هبة زائدة على ما طلب ‪ ،‬وكل من‬
‫إسحاق ويعقوب جعلناه أهل صلح ‪.‬‬

‫وَ َجعَلْنَا ُه ْم أَئِ ّم ًة َي ْهدُو َن ِبأَ ْم ِرنَا َوأَ ْوحَيْنَا ِإلَ ْي ِهمْ ِف ْعلَ الْخَ ْيرَاتِ َوِإقَامَ الصّلَا ِة وَإِيتَا َء الزّكَاةِ‬
‫وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (‪َ )73‬ولُوطًا َآتَيْنَاهُ ُحكْمًا وَعِ ْلمًا َونَجّيْنَا ُه ِمنَ اْل َقرَْيةِ الّتِي كَانَتْ‬
‫ث ِإنّ ُهمْ كَانُوا َقوْ َم َسوْ ٍء فَا ِسقِيَ (‪َ )74‬وَأدْخَلْنَاهُ فِي َرحْمَتِنَا ِإنّ ُه ِمنَ‬
‫َتعْ َملُ الْخَبَائِ َ‬
‫جبْنَا َل ُه فَنَجّيْنَا ُه َوأَهْ َلهُ مِ َن الْ َك ْربِ اْلعَظِيمِ‬
‫الصّالِحِيَ (‪َ )75‬ونُوحًا ِإ ْذ نَادَى ِمنْ قَ ْب ُل فَاسْتَ َ‬
‫ص ْرنَاهُ ِمنَ اْل َقوْ ِم الّذِينَ َك ّذبُوا ِب َآيَاتِنَا ِإّنهُمْ كَانُوا َقوْ َم سَوْ ٍء َفأَ ْغ َرقْنَا ُه ْم أَجْ َمعِيَ (‬
‫(‪ )76‬وَنَ َ‬
‫ت فِيهِ غََن ُم الْ َقوْ ِم وَكُنّا‬
‫ث ِإذْ َن َفشَ ْ‬
‫حرْ ِ‬
‫حكُمَانِ فِي الْ َ‬
‫‪َ )77‬ودَاوُو َد وَسُلَيْمَا َن ِإ ْذ يَ ْ‬
‫حكْ ِم ِهمْ شَا ِهدِينَ (‪)78‬‬
‫لِ ُ‬

‫‪ -73‬وجعلناهم أنبياء يدعون الناس ويهدونم إل الي بأمرنا لم أن يكونوا‬


‫مرشدين ‪ ،‬وألمناهم فعل اليات وإدامة القيام بالصلة على وجهها ‪ ،‬وإعطاء‬
‫الزكاة ‪ ،‬وكانوا لنا ‪ -‬دون غينا ‪ -‬خاضعي ملصي ‪.‬‬
‫‪ -74‬وآتينا لوطا القول الفصل والسداد ف الكم والعلم النافع ‪ ،‬ونّيناه من القرية‬
‫الت كان أهلها يعملون العمال الشاذة البيثة ‪ ،‬إنم كانوا قوما يأتون الذكران ‪-‬‬
‫وهى فاحشة ‪ -‬ما سبقهم با أحد من العالي ‪.‬‬
‫‪ -75‬وسلكناه ف أهل رحتنا ‪ ،‬إنه من الصالي الذين يشملهم ال برحته ويدهم‬
‫بنصره ‪.‬‬
‫‪ -76‬ولنذكر هنا نوحا من قبل إبراهيم ولوط ‪ ،‬حي دعا ربه أن يُطهّر الرض من‬
‫الفاسقي ‪ .‬فاستجبنا دعاءه ونيناه هو و َمنْ آمن مِن أهله من كرب الطوفان العظيم ‪.‬‬
‫‪ -77‬ومنعناه بنصرنا من كيد قومه الذين كذبوا بآياتنا الدالة على رسالته؛ إنم كانوا‬

‫‪78‬‬
‫أصحاب شر فأغرقناهم أجعي ‪.‬‬
‫‪ -78‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬داود وسليمان حي كانا يكمان ف الزرع ‪ ،‬إذ انتشرت‬
‫فيه غنم القوم من غي أصحابه وأكلته ليل ‪ ،‬وكنا لكمهما ف القضية التعلقة به عالي‬
‫‪.‬‬

‫ح َن وَالطّ ْيرَ‬
‫خرْنَا مَ َع دَاوُودَ الْجِبَالَ ُيسَبّ ْ‬
‫َففَهّمْنَاهَا سُلَيْمَا َن وَكُلّا َآتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا َوسَ ّ‬
‫س َلكُ ْم لِتُحْصَِن ُكمْ ِم ْن َبأْ ِسكُ ْم َف َهلْ َأنُْتمْ شَا ِكرُونَ‬
‫وَكُنّا فَاعِ ِليَ (‪ )79‬وَعَلّمْنَاهُ صَ ْن َع َة لَبُو ٍ‬
‫ض الّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنّا بِ ُكلّ‬
‫جرِي ِبَأمْ ِر ِه ِإلَى الْأَرْ ِ‬
‫ص َفةً تَ ْ‬
‫(‪ )80‬وَِلسُلَيْمَا َن الرّيحَ عَا ِ‬
‫ك وَكُنّا لَ ُهمْ‬
‫ي َمنْ َيغُوصُونَ َل ُه وََيعْمَلُونَ َعمَلًا دُو َن َذلِ َ‬
‫شَيْءٍ عَالِ ِميَ (‪ )81‬وَ ِم َن الشّيَا ِط ِ‬
‫ت أَ ْر َحمُ الرّاحِمِيَ (‪)83‬‬
‫ض ّر َوأَنْ َ‬
‫حَافِظِيَ (‪َ )82‬وَأيّوبَ ِإ ْذ نَادَى َرّبهُ َأنّي َمسِّنيَ ال ّ‬
‫ض ّر وَ َآتَيْنَا ُه َأهْ َلهُ َومِثْ َلهُ ْم َم َعهُمْ َرحْ َم ًة ِمنْ ِع ْندِنَا وَذِ ْكرَى‬
‫شفْنَا مَا ِب ِه ِمنْ ُ‬
‫فَاسْتَجَبْنَا َلهُ َف َك َ‬
‫لِ ْلعَاِبدِينَ (‪)84‬‬

‫‪ -79‬ففهمنا الفتوى سليمان ‪ ،‬وكل منهما أعطيناه حكمة وعلما بالياة وشئونا ‪،‬‬
‫وسخرنا مع داود البال ينهن ال كما ينّهه داود عن كل ما ل يليق به ‪ ،‬وسخرنا‬
‫الطي كذلك يسبحن ال معه ‪ ،‬وكنا فاعلي ذلك بقدرتنا الت ل تعجز ‪.‬‬
‫‪ -80‬وعلّمنا داود صنعة نسج الدروع ‪ ،‬لتكون لباسا ينعكم من شدة بأس بعضكم‬
‫لبعض ‪ ،‬فاشكروا ال على هذه النعم الت أنعم با عليكم ‪.‬‬
‫‪ -81‬وسخّرنا لسليمان الريح قوية شديدة البوب ‪ ،‬ترى بسب رغبته وأمره إل‬
‫الرض الت زدنا فيها الي ‪ ،‬وكنا بكل شئ عالي ‪ ،‬ل تغيب عنا كبية ول صغية ‪.‬‬
‫‪ -82‬وسخرنا له من الشياطي من يغوصون ف الاء إل أعماق البحار ‪ ،‬ليستخرجوا‬
‫اللؤلؤ والرجان ‪ ،‬ويعملوا عمل غي ذلك ‪ ،‬كبناء الصون والقصور ‪ ،‬وكنا لم‬
‫مراقبي لعمالم ‪ ،‬فل ينالون أحدا بسوء ‪ ،‬ول يتمرّدون على أمر سليمان ‪.‬‬
‫‪ -83‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أيوب حي دعا ربه ‪ -‬وقد أضْنَاه الرض ‪ -‬وقال ‪ :‬يا‬
‫رب ‪ ،‬إن قد أصابن الضّر وآلن ‪ ،‬وأنت أرحم الراحي ‪.‬‬
‫‪ -84‬فأجبناه إل ما كان يرجوه ‪ ،‬فرفعنا عنه الضّر ‪ ،‬وأعطيناه أولدا بقدر َمنْ مات‬

‫‪79‬‬
‫من أولده ‪ ،‬وزدناه مثلهم رحة به من فضلنا ‪ ،‬وتذكيا لغيه من يعبدوننا ليصبوا‬
‫كما صب ‪ ،‬ويطمعوا ف رحة ال كما طمع ‪.‬‬

‫س َوذَا الْ ِك ْفلِ ُك ّل ِم َن الصّاِبرِينَ (‪ )85‬وََأ ْدخَلْنَا ُهمْ فِي َرحْمَتِنَا إِّن ُهمْ‬
‫وَِإسْمَاعِي َل وَِإدْرِي َ‬
‫ب ُمغَاضِبًا فَ َظ ّن أَ ْن َلنْ نَ ْقدِرَ عَلَ ْي ِه فَنَادَى فِي‬
‫حيَ (‪َ )86‬وذَا النّو ِن ِإذْ ذَهَ َ‬
‫ِمنَ الصّالِ ِ‬
‫ت ِم َن الظّالِ ِميَ (‪ )87‬فَاسْتَجَبْنَا َلهُ َونَجّيْنَاهُ‬
‫ك ِإنّي كُنْ ُ‬
‫ت سُبْحَانَ َ‬
‫ت أَ ْن لَا ِإَلهَ ِإلّا َأنْ َ‬
‫الظّلُمَا ِ‬
‫ب لَا َتذَ ْرنِي َف ْردًا َوأَنْتَ‬
‫ك نُنْجِي الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪ )88‬وَزَ َك ِريّا ِإذْ نَادَى َربّهُ َر ّ‬
‫ِمنَ اْلغَ ّم وَ َك َذلِ َ‬
‫خَ ْيرُ اْلوَا ِرثِيَ (‪ )89‬فَاسْتَجَبْنَا لَ ُه َووَهَبْنَا لَ ُه يَحْيَى َوأَصْلَحْنَا َلهُ َز ْو َجهُ ِإّنهُمْ كَانُوا‬
‫ُيسَارِعُو َن فِي الْخَ ْيرَاتِ َوَيدْعُونَنَا رَغَبًا وَ َرهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَا ِشعِيَ (‪)90‬‬

‫‪ -85‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لقومك إساعيل وإدريس وذا الكفل ‪ ،‬كل منهم من‬
‫الصابرين على احتمال التكاليف والشدائد ‪.‬‬
‫‪ -86‬وجعلناهم من أهل رحتنا ‪ ،‬إنم من عبادنا الصالي ‪.‬‬
‫‪ -87‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬قصة يونس صاحب الوت إذ ضاق بإعراض قومه عن‬
‫دعوته ‪ ،‬فهجرهم ورحل عنهم بعيدا غاضبا عليهم ‪ ،‬ظانا أن ال أباح له أن يهجرهم ‪،‬‬
‫فظن أن ال لن يقدر عليه ‪ ،‬فابتلعه الوت ‪ ،‬وعاش وهو ف ظلمات البحر ‪ ،‬ونادى‬
‫ربه ضارعا إليه معترفا با كان منه قائل ‪ :‬يا رب ‪ ،‬ل معبود بق إل أنت ‪ ،‬أنزهك عن‬
‫كل ما ل يليق بك ‪ ،‬أعترف أن كنت من الظالي لنفسى بعم ِل ما ل يرضيك ‪.‬‬
‫‪ -88‬فأجبناه إل ما كان يرجوه ‪ ،‬ونيناه من الغم الذى كان فيه ‪ ،‬ومثل هذا الناء‬
‫من البلء ننجى الؤمني الذين يعترفون بأخطائهم ويدعوننا ملصي ‪.‬‬
‫‪ -89‬واذكر قصة زكريا ‪ ،‬حي نادى ربه بعد أن رأى من قدرته سبحانه ما بعث ف‬
‫نفسه المل ف رحته ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رب ‪ ،‬ل تتركن وحيدا دون وارث ‪ ،‬وأنت خي‬
‫الذين يرثون غيهم ‪ ،‬فإنك الباقى بعد فناء اللق ‪.‬‬
‫‪ -90‬فحققنا رجاءه ‪ ،‬وأجبنا دعاءه ‪ ،‬ووهبنا له على الكب ابنه يي ‪ ،‬وجعلنا زوجه‬
‫العقيم صالة للولد إن هؤلء الصفياء النبياء كانوا يسارعون ف عمل كل خي‬

‫‪80‬‬
‫ندعوهم إليه ‪ ،‬ويدعوننا طمعا ف رحتنا وخوفا من عذابنا ‪ ،‬وكانوا ل يعظّمون ول‬
‫يهابون أحدا غينا ‪.‬‬

‫ت َفرْ َجهَا فََنفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا َوجَعَلْنَاهَا وَابَْنهَا َآَيةً لِ ْلعَالَمِيَ (‪ )91‬إِنّ‬
‫وَالّتِي َأحْصَنَ ْ‬
‫هَ ِذ ِه ُأمّتُ ُك ْم أُ ّم ًة وَا ِح َدةً َوَأنَا َرّبكُ ْم فَاعُْبدُونِ (‪َ )92‬وَتقَطّعُوا َأ ْمرَ ُه ْم بَيَْنهُمْ ُك ّل ِإلَيْنَا‬
‫سعِْيهِ َوِإنّا َلهُ كَاتِبُونَ‬
‫رَاجِعُونَ (‪ )93‬فَ َم ْن َيعْ َم ْل ِمنَ الصّالِحَاتِ وَ ُهوَ ُم ْؤ ِمنٌ فَلَا ُك ْفرَا َن ِل َ‬
‫ت َيأْجُوجُ‬
‫(‪ )94‬وَ َحرَامٌ عَلَى َقرَْي ٍة أَهْ َلكْنَاهَا أَّن ُهمْ لَا َيرْ ِجعُونَ (‪ )95‬حَتّى ِإذَا فُتِحَ ْ‬
‫صةٌ‬
‫ح ّق َفإِذَا هِ َي شَاخِ َ‬
‫ج َوهُ ْم ِمنْ ُكلّ َح َدبٍ يَ ْنسِلُونَ (‪ )96‬وَاقَْت َربَ اْلوَ ْعدُ الْ َ‬
‫وَ َم ْأجُو ُ‬
‫َأبْصَا ُر اّلذِينَ َك َفرُوا يَا َويْلَنَا َقدْ كُنّا فِي َغفْ َل ٍة ِمنْ َهذَا َبلْ كُنّا ظَالِمِيَ (‪)97‬‬

‫‪ -91‬واذكر مع هؤلء قصة مري الت صانت فرجها ‪ ،‬فألقينا فيها ِسرّا من أسرارنا ‪،‬‬
‫وجعلناها تمل دون زوج ‪ ،‬وجعلنا ابنها دون أب ‪ ،‬فكانت هى وابنها دليل ظاهرا‬
‫على قدرتنا ف تغيي السباب والسببات ‪ ،‬وإننا قادرون على كل شئ ‪.‬‬
‫‪ -92‬إن هذه اللّة ‪ -‬الت هى السلم ‪ -‬هى ملّتكم الصحيحة الت يب أن تافظوا‬
‫عليها ‪ ،‬حال كونا ملة واحدة متجانسة ل تنافر بي أحكامها ‪ ،‬فل تتفرقوا فيها شيعا‬
‫وأحزابا ‪ ،‬وأنا خالقكم ومالك أمركم ‪ ،‬فأخلصوا ل العبادة ول تشركوا معى غيى ‪.‬‬
‫‪ -93‬ومع هذا الرشاد ‪ ،‬تفرّق أكثر الناس بسب شهواتم ‪ ،‬جاعلي أمر دينهم قِطَعا‬
‫‪ ،‬فصاروا به فِرقا متلفة ‪ ،‬وكل فريق منهم راجع إلينا ياسب على أعماله ‪.‬‬
‫‪ -94‬فمن يعمل عمله من العمال الصالة وهو يؤمن بال وبدينه الذى ارتضاه فل‬
‫نقص لشئ من سعيه ‪ ،‬بل سيوفّى جزاءه كامل ‪ ،‬وإنا لذا السعى كاتبون ‪ ،‬فل يضيع‬
‫شئ منه ‪.‬‬
‫‪ -95‬ومتنع على أهل كل قرية أهلكناهم بسبب ظلمهم أنم ل يرجعون إلينا يوم‬
‫القيامة ‪ ،‬بل لبد من رجوعهم وحسابم على سوء أعمالم ‪.‬‬
‫‪ -96‬حت إذا فتحت أبواب الشر والفساد ‪ ،‬وأخذ أبناء يأجوج ومأجوج يسرعون‬
‫خفافا من كل مرتفع ف البال والطرق بعوامل الفوضى والقلق ‪.‬‬
‫‪ -97‬واقترب الوعود به الذى لبد من تققه وهو يوم القيامة ‪ ،‬فيفاجأ الذين كفروا‬

‫‪81‬‬
‫بأبصارهم ل تغمض أبدا من شدة الول ‪ ،‬فيصيحون قائلي ‪ :‬يا خوفنا من هلكنا ‪ ،‬ويا‬
‫حسرتنا على ما قدمنا ‪ ،‬قد كنا ف غفلة من هذا اليوم ‪ ،‬بل كنا ظالي لنفسنا بالكفر‬
‫والعناد ‪.‬‬

‫ب َجهَّنمَ َأنُْت ْم َلهَا وَارِدُونَ (‪َ )98‬لوْ كَا َن هَ ُؤلَاءِ‬


‫ِإنّ ُكمْ َومَا َتعُْبدُو َن ِم ْن دُونِ ال ّلهِ حَصَ ُ‬
‫ي َوهُ ْم فِيهَا لَا َيسْ َمعُونَ (‪)100‬‬
‫َآِل َهةً مَا وَ َردُوهَا وَ ُك ّل فِيهَا خَاِلدُونَ (‪َ )99‬ل ُهمْ فِيهَا َزفِ ٌ‬
‫حسْنَى أُولَِئكَ عَ ْنهَا مُ ْب َعدُونَ (‪ )101‬لَا َيسْ َمعُو َن َحسِيسَهَا‬
‫ت َلهُ ْم مِنّا الْ ُ‬
‫إِنّ اّلذِينَ سََبقَ ْ‬
‫ع الْأَكَْب ُر َوتَتَ َلقّاهُمُ‬
‫ح ُزنُ ُهمُ اْل َفزَ ُ‬
‫سهُ ْم خَاِلدُونَ (‪ )102‬لَا يَ ْ‬
‫ت َأنْ ُف ُ‬
‫وَ ُه ْم فِي مَا اشَْتهَ ْ‬
‫جلّ‬
‫الْمَلَاِئكَ ُة َهذَا َيوْ ُم ُكمُ اّلذِي كُ ْنُتمْ تُو َعدُونَ (‪َ )103‬يوْ َم نَ ْطوِي السّمَاءَ كَ َط ّي السّ ِ‬
‫لِلْكُتُبِ كَمَا بَ َدْأنَا َأوّ َل خَ ْلقٍ ُنعِي ُدهُ وَ ْعدًا عَلَيْنَا ِإنّا كُنّا فَاعِلِيَ (‪ )104‬وََل َقدْ كَتَبْنَا فِي‬
‫ي الصّالِحُونَ (‪)105‬‬
‫ض َي ِرُثهَا عِبَادِ َ‬
‫ال ّزبُورِ ِم ْن َبعْ ِد الذّ ْك ِر أَ ّن الْأَرْ َ‬

‫‪ -98‬ويقال لؤلء الكفار ‪ :‬إنكم واللة الت عبدتوها من غي ال وقود نار جهنم ‪،‬‬
‫أنتم داخلون فيها معذّبون با ‪.‬‬
‫‪ -99‬لو كان هؤلء ‪ -‬الذين عبدتوهم من دون ال ‪ -‬آلة تستحق أن ُتعْبد ما‬
‫دخلوها معكم ‪ ،‬وكل من العابدين والعبودين باقون ف النار ‪.‬‬
‫‪ -100‬لم فيها نفَسٌ يرج من الصدور بصوت منوق ‪ ،‬لا يلقونه من الضيق ‪ ،‬وهم‬
‫فيها ل يسمعون شيئا يسرهم ‪.‬‬
‫‪ -101‬إن الذين وفّقناهم لتباع الق وعمل الي ‪ ،‬ووعدناهم بالعاقبة السنة ‪،‬‬
‫أولئك من جهنم وعذابا مبعدون ‪.‬‬
‫‪ -102‬ل يسمعون صوت َفوَران نارها ‪ ،‬وهم فيما تشتهيه أنفسهم خالدون ‪.‬‬
‫‪ -103‬ل يزنم الول الكب الذى يفزع منه الكفار ‪ ،‬وتستقبلهم اللئكة بالتهنئة ‪،‬‬
‫يقولون ‪ :‬هذا يومكم الذى وعدكم ربكم النعيم فيه ‪.‬‬
‫‪ -104‬يوم نطوى السماء كما تُطْوى الورقة ف الكتاب ‪ ،‬ونُعيد اللق إل الساب‬
‫والزاء ‪ ،‬ل تعجزنا إعادتم ‪ ،‬فقد بدأنا خلقهم ‪ ،‬وكما بدأناهم نعيدهم ‪ ،‬وَ َعدْنا بذلك‬
‫وعْدا حقا ‪ ،‬إنا كنا فاعلي دائما ما َن ِعدُ به ‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ -105‬ولقد كتبنا ف الزبور ‪ -‬وهو كتاب داود ‪ -‬من بعد التوراة أن الرض يرثها‬
‫عبادى الصالون لعمارتا ‪ ،‬وتيسي أسباب الياة الطيبة فيها ‪.‬‬

‫إِ ّن فِي َهذَا لَبَلَاغًا لِ َقوْمٍ عَاِبدِينَ (‪َ )106‬ومَا أَ ْرسَلْنَا َك ِإلّا َرحْ َمةً لِلْعَالَمِيَ (‪ُ )107‬قلْ‬
‫ِإنّمَا يُوحَى ِإَليّ َأنّمَا ِإلَ ُه ُكمْ ِإَلهٌ وَا ِح ٌد َفهَ ْل َأنُْتمْ ُمسْلِمُونَ (‪َ )108‬فإِ ْن َتوَّلوْا َف ُقلْ َآ َذنْتُ ُكمْ‬
‫ج ْهرَ ِم َن الْ َقوْلِ‬
‫ب أَ ْم َبعِيدٌ مَا تُو َعدُونَ (‪ِ )109‬إنّ ُه َيعْلَ ُم الْ َ‬
‫عَلَى سَوَا ٍء َوإِنْ َأدْرِي َأ َقرِي ٌ‬
‫وََيعْ َلمُ مَا َتكْتُمُونَ (‪َ )110‬وإِ ْن َأدْرِي َلعَ ّلهُ فِتَْن ٌة َلكُ ْم َومَتَاعٌ إِلَى حِيٍ (‪ )111‬قَالَ َربّ‬
‫صفُونَ (‪)112‬‬
‫حقّ وَ َربّنَا ال ّرحْ َمنُ الْ ُمسَْتعَانُ عَلَى مَا تَ ِ‬
‫ا ْح ُكمْ بِالْ َ‬

‫‪ -106‬إن ف هذا الذى ذكرناه من أخبار النبياء مع أقوامهم ‪ ،‬وأخبار النة والنار‬
‫لكفاية ف التذكي والعتبار ‪ ،‬لقوم مهيئي لعبادة ال ‪ -‬وحده ‪ -‬ل تفتنهم زخارف‬
‫الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -107‬وما أرسلناك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬إل لتكون رحة عامة للعالي ‪.‬‬
‫ب الذى أَوحَى ال به إلّ هو ‪ :‬أنه ل إله‬
‫‪ -108‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬للناس كافة ‪ :‬إن لُ ّ‬
‫لكم إل هو ‪ ،‬وأن بقية ما يوحى به بعد ذلك تابع لذا الصل ‪ ،‬وإذا كان المر كذلك‬
‫فيجب أن تستسلموا وتضعوا ل وحده ‪.‬‬
‫‪ -109‬فإن أعرضوا عن دعوتك ‪ ،‬فقل لم ‪ :‬لقد أعلمتكم جيعا با أمرن به رب ‪،‬‬
‫وبذلك استوينا ف العلم ‪ ،‬ول أدرى ما توعدون به من البعث والساب ‪ ،‬أهو قريب‬
‫أم بعيد؟‬
‫‪ -110‬إن ال يعلم كل ما يقال ما تهرون به ‪ ،‬وما تكتمون ف أنفسكم ‪.‬‬
‫‪ -111‬وما أدرى لعل إمهالكم وتأخي العذاب عنكم اختبار يتحنكم ال به ‪ ،‬ويتّعكم‬
‫ي قدّره ال بسب حكمته ‪.‬‬
‫فيه بلذائذ الياة إل ح ٍ‬
‫‪ -112‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬يا رب احكم بين وبي َم ْن بلّغتُهم الوحى بالعدل حت ل‬
‫يستوى الؤمنون والكافرون ‪ ،‬وربنا النعم بلئل النعم ‪ ،‬الستحق للحمد والشكر ‪،‬‬
‫وهو الستعان به على إبطال ما تفترونه أيها الكافرون ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫س اّتقُوا َربّ ُكمْ إِنّ َزلْ َزَلةَ السّا َعةِ َشيْءٌ عَظِيمٌ (‪ )1‬يَوْ َم َت َر ْونَهَا تَ ْذ َهلُ ُكلّ‬
‫يَا َأّيهَا النّا ُ‬
‫ت َوتَضَعُ ُك ّل ذَاتِ حَ ْم ٍل حَمْ َلهَا َوَترَى النّاسَ ُسكَارَى َومَا ُهمْ‬
‫ضعَ ْ‬
‫ضعَةٍ َعمّا أَرْ َ‬
‫ُمرْ ِ‬
‫ِبسُكَارَى وََل ِكنّ َعذَابَ ال ّلهِ شَدِيدٌ (‪)2‬‬

‫‪ -1‬يا أيها الناس ‪ :‬احذروا عقاب ربكم ‪ ،‬وتذكروا دائما يوم القيامة ‪ ،‬لن‬
‫الضطراب الذى يدث فيه شديد مزعج ترتف منه اللئق ‪.‬‬
‫‪ -2‬يوم تشاهدون القيامة ترون هوْلً يبلغ من شدته أنه لو كانت هناك مرضعة ثديها‬
‫ف فم رضيعها لذهلت عنه وتركته ‪ .‬ولو كانت هناك امرأة ذات حل أسقط جنينها ف‬
‫غي أوانه فزعا ورعبا ‪ ،‬وتشاهد ‪ -‬أيها الناظر ‪ -‬حال الناس ف ذلك اليوم من‬
‫نظراتم الذاهلة ‪ ،‬وخطواتم الترنّحة فتظنهم سكارى وما بم من سكر ‪ ،‬ولكن الول‬
‫الذى شاهدوه ‪ ،‬والوف من عذاب ال الشديد هو الذى أفقدهم توازنم ‪.‬‬

‫س َمنْ يُجَا ِدلُ فِي اللّ ِه ِبغَ ْيرِ عِ ْلمٍ َويَتّبِعُ ُك ّل شَيْطَا ٍن َمرِيدٍ (‪ )3‬كُتِبَ عَلَ ْيهِ أَّن ُه َمنْ‬
‫وَ ِم َن النّا ِ‬
‫س إِنْ كُنُْت ْم فِي َريْبٍ مِنَ‬
‫ب السّعِيِ (‪ )4‬يَا َأّيهَا النّا ُ‬
‫تَ َولّاهُ َفَأّنهُ يُضِّل ُه وََي ْهدِي ِه ِإلَى َعذَا ِ‬
‫ضغَ ٍة مُخَ ّل َق ٍة وَغَ ْيرِ‬
‫ب ُثمّ ِم ْن نُ ْط َفةٍ ُث ّم ِمنْ َع َلقَ ٍة ُثمّ ِم ْن مُ ْ‬
‫ث َفِإنّا خَ َلقْنَا ُك ْم ِمنْ ُترَا ٍ‬
‫الْبَعْ ِ‬
‫خ ِرجُ ُكمْ ِطفْلًا ُثمّ‬
‫مُخَ ّل َقةٍ لِنُبَّي َن َلكُ ْم َونُ ِق ّر فِي اْلأَرْحَا ِم مَا َنشَا ُء ِإلَى َأجَ ٍل ُمسَمّى ُث ّم نُ ْ‬
‫لِتَبْ ُلغُوا أَ ُشدّ ُكمْ َومِ ْنكُ ْم َمنْ يَُت َوفّى َومِنْ ُك ْم َمنْ ُي َردّ ِإلَى أَ ْر َذلِ اْلعُ ُم ِر لِكَيْلَا َيعْلَ َم ِمنْ َب ْعدِ‬
‫ت َوَأنْبَتَتْ مِنْ ُكلّ‬
‫ض هَا ِم َدةً َفِإذَا َأْن َزلْنَا عَلَ ْيهَا الْمَاءَ اهَْت ّزتْ وَ َربَ ْ‬
‫عِ ْل ٍم شَيْئًا َوَترَى اْلأَرْ َ‬
‫ج َبهِيجٍ (‪)5‬‬
‫َزوْ ٍ‬

‫‪ -3‬ومع هذا التحذير الشديد الصادق ‪ ،‬فإن بعض الناس دفعه العناد ‪ -‬أو التقليد ‪-‬‬
‫إل الدل ف ال وصفاته فأثبت له الشركاء ‪ ،‬أو أنكر قدرته على البعث ومازاة الناس‬
‫على أعمالم ‪ ،‬غي مستند ف جدله وإنكاره إل علم صحيح أو حجة صادقة ‪ ،‬ولكنه‬
‫يقلد ويتبع خطوات كل شيطان متمرد على ربه بعيد عن هديه ‪.‬‬
‫‪ -4‬قضى ال أن كل من اتبعه واتذه وليا وهاديا أضله عن طريق الق ‪ ،‬ووجّهه إل‬
‫الباطل الفضى به إل عذاب النار السعّرة التأججة ‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ -5‬يا أيها الناس إن كنتم ف شك من َبعْثِنا لكم بعْد الوت ففى خلقكم الدليل على‬
‫قدرتنا على البعث ‪ ،‬فقد خلقنا أصلكم من تراب ‪ ،‬ث جعلنا منه نطفة حوّلْناها بعد مدة‬
‫صوّرة فيها معال النسان ‪ ،‬أو غي‬
‫إل قطعة دم متجمدة ‪ ،‬ث جعلناها قطعة من اللحم مُ َ‬
‫مصورة لِنُبيّن لكم قدرتنا على البداع والتدرج ف التكوين ‪ ،‬والتغيي من حال إل‬
‫حال ‪ ،‬ونسقِط من الرحام ما نشاء ‪ ،‬ونقر فيها ما نشاء ‪ ،‬حت تكمل مدة المل ‪ ،‬ث‬
‫خرِجكم من بطون أمهاتكم أطفالً ‪ ،‬ث نرعاكم لتبلغوا تام العقل والقوة ‪ ،‬ومنكم بعد‬
‫نُ ْ‬
‫ذلك من يتوفاه ال ‪ ،‬ومنكم من يد له عمره حت يصي إل الرم والوف فيتوقف‬
‫علمه وإدراكه للشياء ‪ ،‬ومن َبدََأ خلقكم بذه الصورة ل تعجزه إعادتكم ‪ .‬وأمر آخر‬
‫يدلك على قدرة ال على البعث ‪ :‬أنك ترى الرض قاحلة يابسة ‪ ،‬فإذا أنزلنا عليها‬
‫الاء دبّت فيها الياة وتركت وزادت وارتفع سطحها با تلله من الاء والواء ‪،‬‬
‫وأظهرت من أصناف النباتات ما يروق منظره ‪ ،‬ويُبهر حسنه ‪ ،‬ويُبْتَهجُ لرآه ‪.‬‬

‫حقّ َوَأنّ ُه يُحْيِي الْمَ ْوتَى َوَأنّهُ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪َ )6‬وأَ ّن السّا َعةَ‬
‫ك ِبأَنّ ال ّلهَ ُه َو الْ َ‬
‫َذلِ َ‬
‫س َمنْ يُجَا ِدلُ فِي اللّ ِه ِبغَ ْيرِ‬
‫ث َمنْ فِي الْقُبُورِ (‪ )7‬وَ ِم َن النّا ِ‬
‫ب فِيهَا وَأَ ّن ال ّلهَ يَ ْبعَ ُ‬
‫َآتَِي ٌة لَا َريْ َ‬
‫ضلّ َع ْن سَبِيلِ ال ّل ِه َلهُ فِي ال ّدنْيَا ِخزْيٌ‬
‫ب مُنِيٍ (‪ )8‬ثَاِنيَ عِ ْط ِفهِ لِيُ ِ‬
‫عِ ْل ٍم َولَا ُهدًى َولَا كِتَا ٍ‬
‫س بِظَلّامٍ‬
‫ت َيدَا َك َوأَ ّن اللّ َه لَيْ َ‬
‫ك بِمَا َق ّدمَ ْ‬
‫حرِيقِ (‪َ )9‬ذلِ َ‬
‫ب الْ َ‬
‫وَُنذِي ُق ُه يَوْ َم اْلقِيَا َمةِ َعذَا َ‬
‫ف َفإِنْ أَصَاَبهُ خَيْرٌ اطْ َمأَ ّن ِب ِه وَإِ ْن أَصَابَ ْتهُ‬
‫لِ ْلعَبِيدِ (‪َ )10‬و ِمنَ النّاسِ َم ْن َيعْبُ ُد ال ّلهَ عَلَى َحرْ ٍ‬
‫سرَانُ الْمُِبيُ (‪)11‬‬
‫خْ‬‫ك ُهوَ الْ ُ‬
‫سرَ ال ّدنْيَا وَاْل َآخِ َر َة َذلِ َ‬
‫فِتَْنةٌ اْنقَلَبَ عَلَى وَ ْج ِههِ َخ ِ‬

‫‪ -7 ، 6‬ذلك الذى تقدم من خلْق النسان وإنبْات الزرع شاهد بأن ال هو الله الق‬
‫‪ ،‬وأنه الذى يي الوتى عند بعثهم كما بدأهم ‪ ،‬وأنه القادر على كل شئ ‪ ،‬وأنّ‬
‫القيامة آتية ل شك فيها تقيقا لوعده ‪ ،‬وأن ال يي من ف القبور ببعثهم للحساب‬
‫والزاء ‪.‬‬
‫‪ -8‬ومع ما تقدم ‪ ،‬فبعض الناس يُجادل ف ال وقدرته ‪ ،‬وينكر البعث على غي أساس‬
‫علمى أو إلام صادق ‪ ،‬أو كتاب مَُنزّل من ال يستبصر به ‪ .‬فجداله لجرد الوى‬
‫والعناد ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ -9‬وهو مع ذلك يلوى جانبه تكبّرا وإعراضا عن قبول الق ‪ .‬وهذا الصنف من‬
‫الناس سيصيبه خزى وهوان ف الدنيا بنصر كلمة الق ‪ ،‬ويوم القيامة يعذبه ال بالنار‬
‫الحرقة ‪.‬‬
‫‪ -10‬ويقال له ‪ :‬ذلك الذى تَلْقاه من خزى وعذاب إنا كان بسبب افترائك وتكبك‬
‫سوّى بي الؤمن والكافر ‪ ،‬والصال والفاجر ‪ ،‬بل‬
‫‪ ،‬لن ال عادل ل يظلم ‪ ،‬ول ُي َ‬
‫ل منهم بعمله ‪.‬‬
‫يازى ك ً‬
‫‪ -11‬ومن الناس صنف ثالث ل يتمكن اليان من قلبه ‪ ،‬بل هو مزعزع العقيدة ‪،‬‬
‫تتحكم مصاله ف إيانه ‪ ،‬إن أصابه خي فرح به واطمأن ‪ ،‬وإن أصابته شدة ف نفسه‬
‫أو ماله أو ولده ارتد إل الكفر ‪ ،‬فخسر ف الدنيا راحة الطمئنان إل قضاء ال ونصره‬
‫‪ ،‬كما خسر ف الخرة النعيم الذى وعده ال للمؤمني الثابتي الصابرين ‪ ،‬ذلك‬
‫السران الزدوج هو السران القيقى الواضح ‪.‬‬

‫ك ُهوَ الضّلَا ُل الْبَعِيدُ (‪َ )12‬يدْعُو لَ َمنْ‬


‫ض ّر ُه وَمَا لَا يَ ْن َفعُ ُه َذلِ َ‬
‫َيدْعُو ِمنْ دُو ِن ال ّلهِ مَا لَا يَ ُ‬
‫س اْلعَشِيُ (‪ )13‬إِ ّن ال ّلهَ ُي ْدخِ ُل الّذِينَ َآمَنُوا‬
‫س الْ َموْلَى َولَبِئْ َ‬
‫ض ّر ُه َأقْ َربُ مِ ْن َن ْفعِ ِه لَبِئْ َ‬
‫َ‬
‫جرِي ِم ْن تَحِْتهَا اْلَأْنهَا ُر إِ ّن اللّ َه َي ْفعَ ُل مَا ُيرِيدُ (‪َ )14‬منْ‬
‫ت تَ ْ‬
‫ت جَنّا ٍ‬
‫وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫ب ِإلَى السّمَاءِ ثُ ّم لَِيقْطَعْ‬
‫ص َرهُ ال ّل ُه فِي ال ّدنْيَا وَاْلآَ ِخ َرةِ فَلَْي ْمدُ ْد ِبسَبَ ٍ‬
‫كَا َن يَ ُظنّ أَ ْن َل ْن يَنْ ُ‬
‫ت َوأَنّ ال ّلهَ َي ْهدِي مَنْ‬
‫ت بَيّنَا ٍ‬
‫ك َأنْ َزلْنَاهُ َآيَا ٍ‬
‫فَلْيَنْ ُظ ْر َهلْ ُي ْذهِبَنّ كَ ْي ُد ُه مَا َيغِيظُ (‪ )15‬وَ َك َذلِ َ‬
‫س وَاّلذِينَ‬
‫ُيرِيدُ (‪ )16‬إِ ّن اّلذِينَ َآمَنُوا وَالّذِينَ هَادُوا وَالصّابِئِيَ وَالنّصَارَى وَالْمَجُو َ‬
‫صلُ بَيَْن ُه ْم َيوْمَ اْلقِيَا َم ِة إِنّ ال ّلهَ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َشهِيدٌ (‪)17‬‬
‫أَ ْشرَكُوا إِ ّن ال ّلهَ َيفْ ِ‬

‫‪ -12‬يعبد هذا الاسر من دون ال أصناما ل تضره إن ل يعبدها ‪ ،‬ول تنفعه إن عبدها‬
‫‪ ،‬ذلك الفعل منه هو الضلل البعيد عن الق والصواب ‪.‬‬
‫‪ -13‬يدعو من دون ال َمنْ ضرّه بإفساد العقول وسيطرة الوهام أقرب للنفس من‬
‫اعتقاد مناصرته ‪ ،‬فلبئس ذلك العبود نصيا ‪ ،‬ولبئس ذلك العبود عشيا ‪.‬‬
‫‪ -14‬إن الؤمني بال ورسله إيانا اقترن بالعمل الصال يدخلهم ربم يوم القيامة‬
‫جنات ترى من تت أشجارها النار ‪ ،‬إن ال يفعل ما يريد من معاقبة الفسد وإثابة‬

‫‪86‬‬
‫الصلح ‪.‬‬
‫‪ -15‬من كان من الكفار يظن أن ال ل ينصر نبيه فليمدد ببل إل سقف بيته ‪ ،‬ث‬
‫ليختنق به وليقدر ف نفسه وينظر ‪ ،‬هل يذهب فعله ذلك ما يغيظه من نصر ال‬
‫لرسوله؟ ‪.‬‬
‫‪ -16‬ومثل ما بيّنا حجتنا واضحة فيما سبق أن أنزلنا على الرسل ‪ ،‬أنزلنا القرآن كله‬
‫على ممد آيات واضحات لتقوم الُجة على الناس ‪ ،‬وأن ال يهدى من أراد هدايته‬
‫لسلمة فطرته وبعده عن العناد وأسبابه ‪.‬‬
‫‪ -17‬إن الذين آمنوا بال وبرسله جيعا ‪ ،‬واليهود النتسبي إل موسى ‪ ،‬وعُبّادَ النجوم‬
‫‪ ،‬واللئكة ‪ ،‬والنصارى النتسبي إل عيسى ‪ ،‬والجوسَ عُبّادَ النار ‪ ،‬والشركي عًبّاد‬
‫الوثان ‪ .‬إن هؤلء جيعا سيفصل ال بينهم يوم القيامة بإظهار الحق من البطل منهم ‪،‬‬
‫لنه مطلع على كل شئ ‪ ،‬عال بأعمال خلقه ‪ ،‬وسيجازيهم على أعمالم ‪.‬‬

‫ض وَالشّمْسُ وَاْلقَ َمرُ وَالنّجُومُ‬


‫ج ُد َلهُ َم ْن فِي السّمَاوَاتِ َو َمنْ فِي الْأَرْ ِ‬
‫َألَ ْم َترَ أَ ّن ال ّلهَ َيسْ ُ‬
‫ي حَقّ عَ َل ْيهِ اْلعَذَابُ َو َمنْ ُي ِهنِ ال ّلهُ‬
‫ي ِمنَ النّاسِ وَكَثِ ٌ‬
‫ب وَكَثِ ٌ‬
‫جرُ وَال ّدوَا ّ‬
‫وَالْجِبَالُ وَالشّ َ‬
‫فَمَا لَ ُه ِمنْ ُم ْكرِ ٍم إِ ّن اللّ َه َيفْ َع ُل مَا َيشَاءُ (‪ )18‬هَذَا ِن خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي َرّب ِهمْ فَاّلذِينَ‬
‫ص َهرُ بِ ِه مَا‬
‫ب ِمنْ َفوْقِ ُرءُو ِس ِهمُ الْحَمِيمُ (‪ )19‬يُ ْ‬
‫ب ِمنْ نَا ٍر يُصَ ّ‬
‫َك َفرُوا قُ ّطعَتْ لَ ُه ْم ثِيَا ٌ‬
‫خ ُرجُوا مِ ْنهَا‬
‫فِي بُطُونِ ِه ْم وَالْجُلُودُ (‪َ )20‬وَلهُ ْم َمقَامِ ُع ِم ْن حَدِيدٍ (‪ )21‬كُلّمَا أَرَادُوا أَ ْن يَ ْ‬
‫حرِيقِ (‪ )22‬إِنّ ال ّل َه ُيدْ ِخلُ اّلذِينَ َآمَنُوا وَ َعمِلُوا‬
‫ب الْ َ‬
‫ِمنْ َغمّ أُعِيدُوا فِيهَا َوذُوقُوا َعذَا َ‬
‫ب َولُ ْؤُلؤًا‬
‫جرِي ِمنْ تَحِْتهَا الَْأْنهَارُ يُحَ ّلوْ َن فِيهَا ِمنْ َأسَاوِ َر ِمنْ َذهَ ٍ‬
‫ت تَ ْ‬
‫الصّالِحَاتِ جَنّا ٍ‬
‫وَلِبَاسُ ُه ْم فِيهَا َحرِيرٌ (‪)23‬‬

‫‪ -18‬أل تعلم ‪ -‬أيها العاقل ‪ -‬أن ال يضع لتصريفه َمنْ ف السموات ومن ف الرض‬
‫والشمس والقمر والنجوم والبال والشجر والدواب ‪ ،‬وكثي من الناس يؤمن بال‬
‫ويضع لتعاليمه فاسْتَحقّوا بذلك النة ‪ ،‬وكثي منهم ل يؤمن به ول ينفذ تعاليمه‬
‫فاستحقوا بذلك العذاب والهانة ‪ ،‬ومن يطرده ال من رحته ويهنه ل يقدر أحد على‬
‫إكرامه ‪ ،‬إن ال قادر على كل شئ ‪ ،‬فهو يفعل ما يريد ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ -19‬هذان فريقان من الناس تنازعوا ف أمر ربم ‪ ،‬وما يليق به ‪ ،‬وما ل يليق ‪ ،‬فآمن‬
‫به فريق ‪ ،‬وكفر فريق ‪ ،‬فالذين كفروا أعد ال لم يوم القيامة نارا تيط بم من كل‬
‫جانب ‪ ،‬كما ييط الثوب بالسد ‪ ،‬ولزيادة تعذيبهم تصب اللئكة على رءوسهم الاء‬
‫الشديد الرارة ‪.‬‬
‫‪ -20‬فينفذ إل ما ف بطونم فيذيبها كما يذيب جلودهم ‪.‬‬
‫‪ -21‬وأُعدت لم أعمدة من حديد ‪.‬‬
‫‪ -22‬كلما حاولوا الروج من النار من شدة الغم والكرب ضربتهم اللئكة با‬
‫وردتم حيث كانوا ‪ ،‬وقالت لم ‪ :‬ذوقوا عذاب النار الحرقة جزاء كفركم ‪.‬‬
‫‪ -23‬أما الذين آمنوا بال وعملوا العمال الصالة فإن ال يدخلهم جنات ترى من‬
‫تت قصورها وأشجارها النار ‪ ،‬ينعمون فيها صنوف النعيم ‪ ،‬وتزينهم اللئكة‬
‫بأساور الذهب وباللؤلؤ ‪ ،‬أما لباسهم العتاد فمن حرير ‪.‬‬

‫صرَاطِ الْحَمِيدِ (‪ )24‬إِ ّن اّلذِينَ َك َفرُوا‬


‫ب ِمنَ اْلقَ ْولِ َو ُهدُوا إِلَى ِ‬
‫وَ ُهدُوا ِإلَى الطّيّ ِ‬
‫ف فِيهِ‬
‫س سَوَا ًء اْلعَاكِ ُ‬
‫حرَا ِم اّلذِي َجعَلْنَاهُ لِلنّا ِ‬
‫جدِ الْ َ‬
‫صدّونَ َع ْن سَبِيلِ ال ّلهِ وَالْ َمسْ ِ‬
‫وَيَ ُ‬
‫وَالْبَادِ َو َمنْ ُي ِردْ فِيهِ ِبِإلْحَا ٍد بِظُ ْل ٍم ُنذِ ْقهُ مِنْ َعذَابٍ َألِيمٍ (‪َ )25‬وِإذْ َب ّوأْنَا لِِإْبرَاهِيمَ َمكَانَ‬
‫ي وَالرّكّ ِع السّجُودِ (‪)26‬‬
‫ي وَاْلقَائِمِ َ‬
‫شرِكْ بِي شَيْئًا وَ َط ّه ْر بَيِْتيَ لِلطّاِئفِ َ‬
‫الْبَيْتِ أَنْ لَا ُت ْ‬
‫ي ِمنْ ُك ّل فَجّ عَمِيقٍ (‪)27‬‬
‫ج َي ْأتُوكَ ِرجَالًا وَعَلَى ُكلّ ضَامِ ٍر َي ْأتِ َ‬
‫وََأذّ ْن فِي النّاسِ بِالْحَ ّ‬
‫شهَدُوا مَنَافِ َع َلهُ ْم َويَذْ ُكرُوا اسْ َم ال ّلهِ فِي َأيّا ٍم َمعْلُومَاتٍ عَلَى مَا َر َز َقهُ ْم ِمنْ َبهِي َمةِ‬
‫لَِي ْ‬
‫س اْلفَقِيَ (‪)28‬‬
‫الَْأْنعَا ِم َفكُلُوا مِ ْنهَا َوأَ ْطعِمُوا الْبَائِ َ‬

‫‪ -24‬وزيادة ف تنعيمهم بالنة ألمهم ال فيها الطيّب من القول ‪ ،‬والميد من‬


‫الفعل ‪ ،‬فيسبحون ال ويقدسونه ويشكرونه ‪ ،‬ويعاشر بعضهم بعضا بحبة وسلم ‪.‬‬
‫‪ -25‬إن الذين كفروا بال ورسله واعتادوا مع ذلك منْع الناس من الدخول ف‬
‫السلم ‪ ،‬ومنْع الؤمني من دخول السجد الرام ف مكة ‪ -‬وقد جعله ال حرما آمنا‬
‫للناس جيعا القيم والزائر ‪ -‬يازيهم على ذلك بالعذاب الشديد ‪ ،‬وكذلك كل من‬
‫ينحرف عن الق ‪ ،‬ويرتكب أى ظلم ف الرم عذّبه عذابا أليما ‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -26‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لؤلء الشركي الذين يدّعون اتّباع إبراهيم ‪ -‬عليه‬
‫السلم ‪ -‬ويتخذون من البيت الرام مكانا لصنامهم ‪ ،‬اذكر لم قصة إبراهيم‬
‫والبيت الرام حي أرشدناه إل مكانه ‪ ،‬وأمرناه ببنائه وقلْنا له ‪ :‬ل تشرك ب شيئا ما‬
‫ف العبادة ‪ ،‬وطهر بيت من الصنام والقذار ‪ ،‬ليكون مُعدّا لن يطوف به ‪ ،‬ويقيم‬
‫بواره ‪ ،‬ويتعبد عنده ‪.‬‬
‫‪ -27‬وأَعْلِم الناس ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أن ال فرض على الستطيعي منهم أن يقصدوا هذا‬
‫البيت فيلبوا نداءَك ‪ ،‬ويأتون إليه مشاة وركبانا على إبل يُضَمّرها السفر من كل مكان‬
‫بعيد ‪.‬‬
‫‪ -28‬ليحصلوا على منافع دينية لم بأداء فريضة الج ‪ ،‬ومنافع دنيوية بالتعارف مع‬
‫إخوانم السلمي ‪ ،‬والتشاور معهم فيما ينفعهم ف دينهم ودنياهم ‪ ،‬وليذكروا اسم ال‬
‫ف يوم عيد النحر واليام الثلثة بعده على َذبْح ما رزقهم ويسر لم من البل والبقر‬
‫والغنم ‪ ،‬فكلوا منها ما شئتم وأطعموا الذى أصابه ‪.‬‬

‫ك وَ َم ْن ُيعَظّمْ‬
‫ت الْعَتِيقِ (‪َ )29‬ذلِ َ‬
‫ُثمّ لَْيقْضُوا َتفََثهُ ْم َولْيُوفُوا ُنذُو َر ُهمْ َولْيَ ّط ّوفُوا بِالْبَيْ ِ‬
‫ت َلكُ ُم الَْأْنعَا ُم ِإلّا مَا يُتْلَى عَلَ ْيكُ ْم فَاجْتَنِبُوا‬
‫ت اللّ ِه َف ُهوَ خَ ْي ٌر لَهُ عِ ْندَ َرّب ِه َوأُحِلّ ْ‬
‫حُ ُرمَا ِ‬
‫شرِكْ‬
‫ي ِب ِه َومَ ْن ُي ْ‬
‫شرِكِ َ‬
‫ال ّرجْسَ مِ َن اْلأَ ْوثَا ِن وَاجْتَنِبُوا قَ ْولَ الزّورِ (‪ )30‬حَُنفَا َء لِ ّلهِ َغ ْيرَ ُم ْ‬
‫ح فِي َمكَانٍ سَحِيقٍ (‪)31‬‬
‫بِال ّلهِ فَ َكَأنّمَا َخ ّر مِ َن السّمَا ِء فَتَخْ َط ُفهُ الطّ ْي ُر َأوْ َت ْهوِي ِب ِه الرّي ُ‬
‫ك وَ َم ْن ُيعَظّ ْم َشعَاِئرَ ال ّلهِ فَِإّنهَا ِم ْن تَ ْقوَى اْلقُلُوبِ (‪ )32‬لَ ُك ْم فِيهَا مَنَافِ ُع إِلَى أَ َجلٍ‬
‫َذلِ َ‬
‫ت الْعَتِيقِ (‪)33‬‬
‫ُمسَمّى ُث ّم مَحِ ّلهَا ِإلَى الْبَيْ ِ‬

‫‪ -29‬ث عليهم بعد ذلك أن يُزيلوا من أجسامهم ما علق با أثناء الحرام ‪ ،‬من آثار‬
‫العرق وطول السفر ‪ ،‬ويصرفوا ما نذروه ل إن كانوا قد نذروا شيئا ‪ ،‬ويطوفوا بأقدم‬
‫بيت بُن لعبادة ال ف الرض ‪.‬‬
‫‪ -30‬و َمنْ يلتزم أوامر ال ونواهيه ف حجه تعظيما لا ف نفسه كان ذلك خيا له ف‬
‫دنياه وآخرته ‪ ،‬وقد أحل ال لكم أكل لوم البل والبقر والغنم إل ف حالت تعرفونا‬
‫ما يُتْلى عليكم ف القرآن كاليتة وغيها ‪ ،‬فاجتنبوا عبادة الوثان لن عبادتا قذارة‬

‫‪89‬‬
‫عقلية ونفسية ل تليق بالنسان ‪ ،‬واجتنبوا قول الزور على ال وعلى الناس ‪.‬‬
‫‪ -31‬وكونوا ملصي ل حريصي على اتّباع الق غي متخذين أى شريك ل ف‬
‫شرِك بال فقد سقط من حصن اليان ‪ ،‬وتنازعته الضللت ‪،‬‬
‫العبادة ‪ ،‬فإن من ُي ْ‬
‫ض نفسه لبشع صورة من صور اللك ‪ ،‬وكان حاله حينئذ كحال الذى سقط‬
‫وعرّ َ‬
‫من السماء فتمزق قِطَعا تاطفتها الطيور فلم يَ ْب َق له أثر ‪ ،‬أو عصفت به الريح العاتية‬
‫فشتّتت أجزاءه ‪ ،‬وَهَوتْ بكل جزء منه ف مكان بعيد ‪.‬‬
‫‪ -32‬إن َم ْن يُعظّم دين ال وفرائض الج وأعماله والدايا الت يسوقها إل فقراء الرم‬
‫‪ ،‬فيختارها عظيمة سِمانا صِحاحا ل عيب فيها فقد اتقى ال ‪ ،‬لن تعظيمها أثر من‬
‫آثار تقوى القلوب الؤمنة ‪ ،‬وعلمة من علمات الخلص ‪.‬‬
‫‪ -33‬لكم ف هذه الدايا منافع دنيوية ‪ ،‬فتركبونا وتشربون لبنها إل وقت ذبها ‪ ،‬ث‬
‫لكم منافعها الدينية كذلك حينما تذبونا عند البيت الرام َت َقرّبا إل ال ‪.‬‬

‫سكًا لَِيذْ ُكرُوا اسْ َم اللّهِ عَلَى مَا رَ َز َقهُ ْم ِمنْ بَهِي َم ِة اْلأَْنعَا ِم َفإَِلهُ ُك ْم ِإلَهٌ‬
‫وَِل ُكلّ ُأ ّمةٍ َجعَلْنَا مَ ْن َ‬
‫ت قُلُوُبهُ ْم وَالصّابِرِينَ‬
‫شرِ الْ ُمخْبِتِيَ (‪ )34‬اّلذِي َن ِإذَا ذُ ِكرَ ال ّل ُه وَجِلَ ْ‬
‫وَا ِحدٌ فَ َل ُه أَسْلِمُوا وََب ّ‬
‫عَلَى مَا أَصَاَبهُ ْم وَالْ ُمقِيمِي الصّلَا ِة َومِمّا رَ َزقْنَا ُهمْ يُنْ ِفقُونَ (‪ )35‬وَالْبُدْ َن َجعَلْنَاهَا َل ُكمْ ِمنْ‬
‫ت جُنُوُبهَا َفكُلُوا‬
‫ف َفِإذَا َوجَبَ ْ‬
‫صوَا ّ‬
‫شَعَائِ ِر ال ّلهِ َل ُكمْ فِيهَا خَ ْي ٌر فَاذْكُرُوا ا ْسمَ ال ّلهِ عَلَ ْيهَا َ‬
‫خ ْرنَاهَا َلكُ ْم َلعَلّ ُك ْم َتشْ ُكرُونَ (‪)36‬‬
‫ك سَ ّ‬
‫مِ ْنهَا َوأَ ْطعِمُوا الْقَانِ َع وَالْ ُمعَْترّ َك َذلِ َ‬

‫‪ -34‬ليست هذه الفرائض الت تتعلق بالج خاصة بكم ‪ ،‬فقد جعلنا لكل جاعة مؤمنة‬
‫قرابي يتقرّبون با إل ال ‪ ،‬ويذكرون اسه ويعظّمونه عند ذبها شكرا له على ما أنعم‬
‫عليهم ‪ ،‬ويسره لم من بائم البل والبقر والغنم ‪ ،‬وال الذى شرع لكم ولم إله‬
‫واحد ‪ ،‬فأسْلِمُوا له ‪ -‬وحده ‪ -‬أمركم وأخلصوا له عملكم ‪ ،‬ول تشركوا معه أحدا ‪،‬‬
‫وََبشّر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬بالنة والثواب الزيل الخلصي ل من عباده ‪.‬‬
‫‪ -35‬الذين إذا ذكر ال اضطربت قلوبم من خشيته وخشعت لذكره ‪ ،‬والذين‬
‫صبوا على ما أصابم من الكاره والتاعب استسلما لمره وقضائه ‪ ،‬وأقاموا الصلة‬
‫على أكمل وجوهها ‪ ،‬وأنفقوا بعض أموالم الت رزقهم ال إياها ف سبيل الي ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫‪ -36‬وقد جعلنا ذبح البل والبقر ف الج من أعلم الدين ومظاهره ‪ ،‬وإنكم تتقربون‬
‫با إل الناس ‪ ،‬ولكم فيها خي كثي ف الدنيا بركوبا و ُشرْب لبنها ‪ ،‬وف الخرة‬
‫بالجر والثواب على ذبها وإطعام الفقراء منها ‪ ،‬فاذكروا اسم ال عليها حال كونا‬
‫مصطفة ُم َعدّة للذبح خالية من العيب ‪ .‬فإذا ت لكم ذبها فكلوا بعضها إن أردت ‪،‬‬
‫وأطعموا الفقي القانع التعفف عن السؤال ‪ ،‬والذى دفعته حاجته إل ذل السؤال ‪،‬‬
‫وكما سخّرنا كل شئ لا نريده منه سخرناها لنفعكم ‪ ،‬وذللناها لرادتكم لتشكرونا‬
‫على نعمنا الكثية عليكم ‪.‬‬

‫خ َرهَا َل ُكمْ لُِتكَّبرُوا‬


‫َلنْ يَنَالَ ال ّلهَ لُحُو ُمهَا َولَا ِدمَا ُؤهَا َولَ ِك ْن يَنَاُلهُ الّت ْقوَى مِ ْن ُكمْ َك َذِلكَ سَ ّ‬
‫حسِِنيَ (‪ )37‬إِنّ ال ّل َه ُيدَافِعُ َع ِن اّلذِينَ َآمَنُوا إِ ّن ال ّلهَ لَا‬
‫اللّهَ عَلَى مَا َهدَا ُكمْ َوَبشّ ِر الْمُ ْ‬
‫ص ِرهِمْ‬
‫يُحِبّ ُك ّل َخوّانٍ َكفُورٍ (‪ُ )38‬أذِنَ لِ ّلذِينَ ُيقَاتَلُو َن ِبأَّن ُهمْ ظُلِمُوا وَإِ ّن ال ّلهَ عَلَى نَ ْ‬
‫َلقَدِيرٌ (‪)39‬‬

‫‪ -37‬واعلموا أن ال ل ينظر إل صوركم وأعمالكم ‪ ،‬ولكن ينظر إل قلوبكم ‪ ،‬ول‬


‫يريد منكم مرد التظاهر بالذبح وإراقة الدماء ‪ ،‬ولكنه يريد منكم القلب الاشع ‪ ،‬فلن‬
‫ينال رضاه من وزّع تلك اللحوم ول الدماء ‪ ،‬ولكن الذى ينال رضاه هو تقواكم‬
‫وإخلص نواياكم ‪ .‬مثل هذا التسخي سخرناها لتنفعكم فَتُعظموا ال على ما هداكم‬
‫إليه من إتام مناسك الج ‪ .‬وبشر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬الحسني الذين أحسنوا أعمالم‬
‫ونواياهم بثواب عظيم ‪.‬‬
‫‪ -38‬إن ال يدافع عن الؤمني ويميهم وينصرهم بإيانم ‪ ،‬لنه ل يب الائني‬
‫لمانتهم ‪ ،‬البالغي ف كفرهم بربم ‪ ،‬ومن ل يبه ال ل ينصره ‪.‬‬
‫‪َ -39‬أذِنَ ال للمؤمني الذين قاتلهم الشركون أن يردوا اعتداءهم عليهم بسبب ما‬
‫نالم من ُظلْم صبوا عليه طويل ‪ ،‬وإن ال لقدير على نصر أوليائه الؤمني ‪.‬‬

‫ضهُمْ‬
‫س َبعْ َ‬
‫الّذِينَ ُأ ْخرِجُوا ِمنْ ِديَا ِرهِ ْم ِبغَ ْيرِ َح ّق إِلّا أَ ْن يَقُولُوا َربّنَا ال ّلهُ َوَلوْلَا َدفْعُ ال ّل ِه النّا َ‬
‫صرَنّ‬
‫ت َومَسَاجِ ُد ُيذْ َكرُ فِيهَا ا ْسمُ ال ّلهِ كَثِيًا َولَيَنْ ُ‬
‫صوَامِ ُع َوبِيَ ٌع وَصَ َلوَا ٌ‬
‫بَِبعْضٍ َل ُه ّدمَتْ َ‬

‫‪91‬‬
‫ض َأقَامُوا الصّلَاةَ‬
‫ص ُر ُه إِ ّن اللّ َه َلقَوِيّ َعزِيزٌ (‪ )40‬اّلذِي َن إِ ْن مَكّنّاهُ ْم فِي اْلأَرْ ِ‬
‫اللّ ُه َمنْ يَنْ ُ‬
‫ف َوَنهَوْا َع ِن الْمُ ْنكَ ِر َولِلّهِ عَاقَِبةُ اْلُأمُورِ (‪ )41‬وَإِنْ‬
‫وَ َآتَوُا الزّكَا َة وََأ َمرُوا بِالْ َم ْعرُو ِ‬
‫ح وَعَادٌ َوثَمُودُ (‪َ )42‬و َقوْ ُم إِْبرَاهِي َم َوقَوْ ُم لُوطٍ (‬
‫ت قَبْ َل ُهمْ قَوْ ُم نُو ٍ‬
‫يُ َك ّذبُو َك َف َقدْ َك ّذبَ ْ‬
‫‪)43‬‬

‫‪ -40‬الذين ظلمهم الكفار وأرغموهم على ترك وطنهم مكة والجرة منها وما كان‬
‫لم من ذنب عندهم إل أنم عرفوا ال فعبدوه ‪ -‬وحده ‪ -‬ولول أن ال سخر للحق‬
‫أعوانا ينصرونه ويدفعون عنه طغيان الظالي لساد الباطل ‪ ،‬وتادى الطغاة ف طغيانم ‪،‬‬
‫وأخدوا صوت الق ‪ ،‬ول يتركوا للنصارى كنائس ‪ ،‬ول لرهبانم صوامع ‪ ،‬ول‬
‫لليهود معابد ‪ ،‬ول للمسلمي مساجد يذكر فيها اسم ال ذكرا كثيا ‪ ،‬وقد أخذ ال‬
‫العهد الكيد على نفسه أن ينصر كل من نصر دينه ‪ ،‬وأن يعز كل من أعز كلمة الق‬
‫ف الرض ‪ .‬ووعد ال ل يتخلف ‪ ،‬لنه قوى على تنفيذ ما يريد عزيز ل يغلبه غالب ‪.‬‬
‫‪ -41‬هؤلء الؤمنون الذين وعدنا بنصرهم ‪ ،‬هم الذين إن مكّنا سلطانم ف الرض‬
‫حافظوا على حسن صلتهم بال وبالناس ‪ ،‬فيؤدون الصلة على أت وجوهها ‪ ،‬ويعطون‬
‫زكاة أموالم لستَحقيها ‪ ،‬ويأمرون بكل ما فيه خي ‪ ،‬وينهون عن كل ما فيه شر ‪ .‬ول‬
‫‪ -‬وحده ‪ -‬مصي المور كلها ‪ ،‬فيعز من يشاء ‪ ،‬ويذل من يشاء حسب حكمته ‪.‬‬
‫‪ -42‬وإذا كنت تلقى ‪ -‬أيها النب ‪ -‬تكذيبا وإيذاء من قومك فل تزن ‪ ،‬وتأمّل ف‬
‫تاريخ الرسلي قبلك تد أنك لست أول رسول كذّبه قومه وآذوه ‪ ،‬فمن قبل هؤلء‬
‫الذين كذبوك كذبت قوم نوح رسولم نوحا وكذبت قوم عاد رسولم هودا ‪،‬‬
‫وكذبت ثود رسولم صالا ‪.‬‬
‫‪ -43‬وكذّب قوم إبراهيم رسولم إبراهيم ‪ ،‬وقوم لوط رسولم لوطا ‪.‬‬

‫ت لِلْكَا ِفرِي َن ثُ ّم َأخَ ْذُتهُ ْم َفكَيْفَ كَانَ نَكِيِ (‪)44‬‬


‫ب مُوسَى َفَأمْلَيْ ُ‬
‫ب َمدَْي َن وَ ُكذّ َ‬
‫صحَا ُ‬
‫وَأَ ْ‬
‫صرٍ‬
‫فَ َكَأّينْ ِم ْن َقرَْيةٍ أَهْ َلكْنَاهَا َو ِهيَ ظَالِ َم ٌة َف ِهيَ خَا ِوَيةٌ عَلَى ُعرُو ِشهَا َوبِ ْئرٍ ُمعَطّ َلةٍ َوقَ ْ‬
‫ض فََتكُو َن َل ُهمْ قُلُوبٌ َي ْعقِلُو َن ِبهَا َأوْ َآذَا ٌن َيسْ َمعُونَ‬
‫َمشِيدٍ (‪َ )45‬أفَلَ ْم َيسِيُوا فِي اْلأَرْ ِ‬

‫‪92‬‬
‫صدُورِ (‪ )46‬وََيسَْتعْجِلُونَكَ‬
‫ب الّتِي فِي ال ّ‬
‫ِبهَا َفإِّنهَا لَا َتعْمَى اْلأَبْصَا ُر َولَ ِكنْ َتعْمَى اْلقُلُو ُ‬
‫ف سَنَ ٍة مِمّا َتعُدّونَ (‪)47‬‬
‫خلِفَ ال ّل ُه وَ ْع َدهُ َوإِ ّن َيوْمًا عِ ْندَ َرّبكَ َكَألْ ِ‬
‫بِاْل َعذَابِ َوَلنْ يُ ْ‬

‫‪ -44‬وكذب أهل مدين رسولم شعيبا ‪ ،‬وكذب فرعون وقومه رسول ال ‪ -‬موسى‬
‫‪ . -‬لقى هؤلء الرسلون الكثي من النكار والتكذيب ‪ ،‬وقد أمهلت الكذبي لعلهم‬
‫يثوبون إل رُشدهم ويستجيبون لدعوة الق ‪ ،‬ولكنهم افتروا وتادوا ف تكذيب‬
‫رسلهم وإيذائهم ‪ ،‬وازدادوا إثا على آثامهم فعاقبتهم بأشد أنواع العقاب ‪ ،‬فانظر ف‬
‫تاريهم تد كيف كان عقاب لم شديدا ‪ ،‬حيث أبدلتهم بالنعمة نقمة ‪ ،‬وبالعافية‬
‫هلكا ‪ ،‬وبالعمران خرابا ‪.‬‬
‫‪ -45‬فأهلكنا كثيا من أهل القرى الذين يعمرونا بسبب ظلمهم وتكذيبهم لرسلهم‬
‫فأصبحت ساقطة سقوفها على جدرانا ‪ ،‬خالية من سكانا ‪ ،‬كأن ل تكن موجودة‬
‫بالمس ‪ ،‬فكم من بئر تعطلت من روادها واختفى ماؤها ‪ ،‬وقَصْر عظيم مشيد مطلى‬
‫بالص خل من سكانه ‪.‬‬
‫‪ -46‬أيقولون ما يقولون ويستعجلون العذاب ول يسيوا ف الرض ليشاهدوا بأعينهم‬
‫مصرع هؤلء الظالي الكذبي؟ فربا تستيقظ قلوبم من غفلتها ‪ ،‬وتعقل ما يب‬
‫عليهم نو دعوة الق الت تدعوهم إليها ‪ ،‬وتسمع آذانم أخبار مصارع هؤلء الكفار‬
‫فيعتبون با ‪ ،‬ولكن من البعيد أن يعتبوا با شاهدوا أو سعوا ما دامت قلوبم‬
‫متحجرة ‪ ،‬إذ ليس العمى القيقى عمى البصار ‪ ،‬ولكنه ف القلوب والبصائر ‪.‬‬
‫‪ -47‬ويأخذ الغرور كفار مكة فل يبالون مع قيام هذه العب ‪ ،‬فيستعجلونك ‪ -‬أيها‬
‫النب ‪ -‬بوقوع ما توعدتم به من العذاب تديا واستهزاء ‪ ،‬وهو ل مالة واقع بم ‪،‬‬
‫ولكن ف موعد قدّره ال ف الدنيا أو ف الخرة ‪ ،‬ولن يلف وعده بال ولو طالت‬
‫السنون ‪ ،‬فإن يوما واحدا عنده ياثل ألف سنة ما تقدرون وتسبون ‪.‬‬

‫صيُ (‪ُ )48‬قلْ يَا َأيّهَا النّاسُ‬


‫ت َلهَا َوهِيَ ظَالِ َم ٌة ثُ ّم َأخَ ْذُتهَا َوإَِليّ الْمَ ِ‬
‫وَ َكأَّي ْن ِمنْ َق ْريَ ٍة َأمْلَيْ ُ‬
‫ِإنّمَا َأنَا َل ُكمْ َنذِي ٌر مُبِيٌ (‪ )49‬فَاّلذِينَ َآمَنُوا وَ َعمِلُوا الصّالِحَاتِ لَ ُه ْم َمغْ ِف َرةٌ وَرِ ْزقٌ َكرِيٌ‬
‫ب الْجَحِيمِ (‪ )51‬وَمَا أَ ْرسَلْنَا ِمنْ‬
‫صحَا ُ‬
‫(‪ )50‬وَاّلذِي َن سَ َعوْا فِي َآيَاتِنَا ُمعَا ِجزِي َن أُولَِئكَ أَ ْ‬

‫‪93‬‬
‫سخُ ال ّل ُه مَا يُ ْلقِي‬
‫قَبْ ِلكَ ِمنْ َرسُولٍ وَلَا نَبِ ّي ِإلّا ِإذَا تَمَنّى َألْقَى الشّيْطَا ُن فِي ُأمْنِيِّتهِ فَيَ ْن َ‬
‫حكِ ُم اللّهُ َآيَاِتهِ وَاللّهُ عَلِي ٌم َحكِيمٌ (‪)52‬‬
‫الشّيْطَا ُن ُثمّ ُي ْ‬

‫‪ -48‬وكثي من أهل القرى كانوا مثلهم ظالي ‪ ،‬فأمْهلْتهم ول أعاجلهم بالعقاب ‪ ،‬ث‬
‫أنزلته بم ‪ ،‬وإلّ ‪ -‬وحدى ‪ -‬مرجع الميع يوم القيامة فأجازيهم با يستحقون ‪ ،‬فل‬
‫تغتروا ‪ -‬أيها الكفار ‪ -‬بتأخي العذاب عنكم ‪.‬‬
‫‪ -49‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لؤلء الكذبي الذين يطلبون منك التّعجيل بعذابم ‪ :‬ليس‬
‫من مهمت أن أجازيكم على أعمالكم ‪ ،‬وإنا أنا مُحذّر من عقاب ال تذيرا واضحا ‪،‬‬
‫وال هو الذى يتول حسابكم ومازاتكم ‪.‬‬
‫‪ -50‬فالذين آمنوا بال وبرسوله وعملوا العمال الصالة لم مغفرة من ال لذنوبم‬
‫الت وقعوا فيها ‪ ،‬كما أن لم رزقا كريا ف الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫‪ -51‬والذين أجهدوا أنفسهم ف ماربة القرآن مسابقي الؤمني معارضي لم ‪ ،‬شاقي‬
‫زاعمي ‪ -‬خطأ ‪ -‬أنم بذلك يبلغون ما يريدون ‪ ،‬أولئك يلدون ف عذاب الحيم ‪.‬‬
‫‪ -52‬ل تزن ‪ -‬أيها النب ‪ -‬من ماولت هؤلء الكفار ‪ ،‬فقد جرت الوادث من‬
‫قبلك مع كل رسول من رسلنا ونب من أنبيائنا أنه كلما قرأ عليهم شيئا يدعوهم به‬
‫إل الق تصدى له شياطي النس التمردون لبطال دعوته وتشكيك الناس فيما يتلوه‬
‫عليهم لكى يولوا بي النب وبي أمنيته ف إجابة دعوته ‪ ،‬فيزيل ال ما يدبّرون ‪ ،‬ث‬
‫تكون الغلبة ف النهاية للحق؛ حيث يثبت ال شريعته ‪ ،‬وينصر رسوله ‪ ،‬وهو عليم‬
‫بأحوال الناس ومكائدهم ‪ ،‬حكيم ف أفعاله يضع كل شئ ف موضعه ‪.‬‬

‫ج َعلَ مَا يُ ْلقِي الشّيْطَا ُن فِتَْن ًة لِ ّلذِي َن فِي قُلُوبِ ِه ْم َمرَضٌ وَالْقَاسِيَ ِة قُلُوبُ ُهمْ وَإِ ّن الظّالِ ِميَ‬
‫لِيَ ْ‬
‫ك فَُيؤْمِنُوا ِب ِه فَتُخْبِتَ‬
‫ح ّق ِمنْ َرّب َ‬
‫ق َبعِيدٍ (‪ )53‬وَلَِيعْ َلمَ اّلذِي َن أُوتُوا اْلعِ ْلمَ َأّنهُ الْ َ‬
‫َلفِي شِقَا ٍ‬
‫ط ُمسَْتقِيمٍ (‪َ )54‬ولَا َيزَا ُل الّذِينَ َكفَرُوا‬
‫صرَا ٍ‬
‫َلهُ قُلُوبُ ُه ْم وَإِ ّن ال ّلهَ َلهَادِ اّلذِينَ َآمَنُوا ِإلَى ِ‬
‫ك َيوْمَِئذٍ‬
‫فِي ِم ْريَ ٍة مِ ْنهُ حَتّى تَ ْأتَِي ُهمُ السّا َع ُة َبغَْتةً َأوْ يَ ْأتَِي ُهمْ َعذَابُ َيوْمٍ َعقِيمٍ (‪ )55‬الْمُلْ ُ‬
‫ت النّعِيمِ (‪ )56‬وَالّذِينَ‬
‫ت فِي جَنّا ِ‬
‫ح ُكمُ بَيَْنهُ ْم فَاّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫لِ ّلهِ يَ ْ‬
‫ب ُمهِيٌ (‪ )57‬وَاّلذِي َن هَا َجرُوا فِي سَبِيلِ ال ّل ِه ثُمّ‬
‫َك َفرُوا وَ َكذّبُوا ِب َآيَاتِنَا َفأُولَِئكَ لَ ُهمْ َعذَا ٌ‬

‫‪94‬‬
‫قُتِلُوا َأوْ مَاتُوا لََيرْ ُزقَنّ ُهمُ ال ّلهُ رِ ْزقًا حَسَنًا َوإِنّ ال ّلهَ َل ُهوَ خَيْ ُر الرّا ِزقِيَ (‪ )58‬لَُي ْدخِلَّنهُمْ‬
‫ض ْوَنهُ َوإِنّ ال ّل َه َلعَلِي ٌم حَلِيمٌ (‪)59‬‬
‫ُمدْخَلًا َيرْ َ‬

‫‪ -53‬وإنا مكّن ال التمردين على الق من إلقاء الشّبه والعراقيل ف سبيل الدعوة‬
‫ليكون ف ذلك امتحان واختبار للناس ‪ ،‬فالكفار الذين تجرت قلوبم ‪ ،‬والنافقون‬
‫ومرضى القلوب يزدادون ضلل بترويج هذه الشّبه ومناصرتا ‪ ،‬ول عجب ف أن‬
‫يقف هؤلء الظالون هذا الوقف فإنم لّوا ف الضلل ‪ ،‬وأوغلوا ف العناد والشقاق ‪.‬‬
‫‪ -54‬وليزداد الذين أوتوا علم الشرع واليان به إيانا وعلما ‪ ،‬بأن ما يقوله الرسل‬
‫والنبياء إنا هو الق النّل من عند ال ‪ ،‬وإن ال ليتول الؤمني دائما بعنايته ف‬
‫الشاكل الت تر بم ‪ ،‬فيهديهم إل معرفة الطريق الستقيم فيتبعونه ‪.‬‬
‫‪ -55‬والذين كفروا ل يوفّقون فيستمرون على شكهم ف القرآن حت يأتيهم الوت ‪،‬‬
‫أو يأتيهم عذاب يوم ل خي لم فيه ول رحة ‪ ،‬وهو يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -56‬حيث يكون السلطان القاهر والتصرف الطلق للّه ‪ -‬وحده ‪ -‬ف هذا اليوم‬
‫الذى يكم فيه بي عباده ‪ ،‬فالذين آمنوا وعملوا العمال الصالة يلدون ف جنات‬
‫تتوافر لم فيها كل صنوف النعيم ‪.‬‬
‫‪ -57‬والذين كفروا وكذبوا بآيات القرآن الت أنزلناها على ممد ‪ ،‬أولئك لم عذاب‬
‫يلقون فيه الذل والوان ‪.‬‬
‫‪ -58‬والذين تركوا أوطانم لعلء شأن دينهم يبتغون رضا اللّه ‪ ،‬ث قُتِلوا ف ميدان‬
‫الهاد ‪ ،‬أو ماتوا على فراشهم ‪ ،‬يزيهم اللّه أحسن الزاء ‪ ،‬وإن اللّه لو خي من‬
‫يعطى الثواب الزيل ‪.‬‬
‫‪ -59‬ولينلنهم ف النة درجات يرضونا ويسعدون با ‪ ،‬وإن اللّه لعليم بأحوالم‬
‫فيجزيهم الزاء السن ‪ ،‬حليم يتجاوز عن هفواتم ‪.‬‬

‫ص َرّنهُ ال ّلهُ إِ ّن ال ّلهَ لَ َع ُفوّ َغفُورٌ (‪)60‬‬


‫ب ِب ِه ثُ ّم ُبغِيَ عَلَ ْي ِه لَيَنْ ُ‬
‫ب بِمِ ْث ِل مَا عُوقِ َ‬
‫ك وَ َمنْ عَاقَ َ‬
‫َذلِ َ‬
‫ج اللّ ْيلَ فِي الّنهَا ِر وَيُولِجُ الّنهَا َر فِي اللّ ْيلِ َوأَ ّن اللّ َه سَمِي ٌع بَصِيٌ (‪)61‬‬
‫ك ِبأَنّ ال ّلهَ يُولِ ُ‬
‫َذلِ َ‬
‫حقّ َوأَ ّن مَا َيدْعُو َن ِمنْ دُونِ ِه ُهوَ الْبَا ِطلُ وَأَ ّن ال ّلهَ ُهوَ اْلعَ ِليّ الْكَبِيُ (‬
‫ك ِبأَنّ ال ّلهَ ُه َو الْ َ‬
‫َذلِ َ‬

‫‪95‬‬
‫ف خَبِيٌ (‬
‫ض ّر ًة إِ ّن اللّ َه لَطِي ٌ‬
‫ض مُخْ َ‬
‫‪َ )62‬ألَ ْم َترَ أَ ّن ال ّلهَ َأْنزَ َل ِمنَ السّمَا ِء مَا ًء فَتُصْبِحُ اْلأَرْ ُ‬
‫ض وَإِ ّن ال ّلهَ َل ُهوَ اْلغَِنيّ الْحَمِيدُ (‪)64‬‬
‫ت َومَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫‪َ )63‬لهُ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬

‫‪ -60‬ذلك شأننا ف مازاة الناس ‪ :‬ل نظلمهم ‪ ،‬والؤمن الذى يقتص من جن عليه ‪،‬‬
‫ويازيه بثل اعتدائه دون زيادة ‪ ،‬ث يتمادى الان ف العتداء عليه بعد ذلك ‪ ،‬فإن‬
‫اللّه يعطى عهدا مؤكدا بنصره على من تعدى عليه ‪ ،‬وإن اللّه لكثي العفو عمن جازى‬
‫بثل ما وقع عليه ‪ ،‬فل يؤاخذه به ‪ ،‬كثي الغفرة فيستر هفوات عبده الطائع ول‬
‫يفضحه يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -61‬ذلك النصر هيّن على اللّه لنه قادر على كل شئ ‪ ،‬من آيات قدرته البارزة‬
‫أمامكم هيمنته على العال فيداول بي الليل والنهار بأن يزيد ف أحدها ما ينقصه من‬
‫الخر ‪ ،‬فتسي بعض ظلمة الليل مكان بعض ضوء النهار وينعكس ذلك ‪ ،‬وهو سبحانه‬
‫مع تام قدرته سيع لقول الظلوم ‪ ،‬بصي بفعل الظال ‪ ،‬فينتقم منه ‪.‬‬
‫‪ -62‬ذلك النصر من ال للمظلومي ‪ ،‬وتصرفه الطلق ف الكون كما تلمسون مرجعه‬
‫أنه هو الله الق الذى ل إله معه غيه ‪ ،‬وأن ما يعبده الشركون من الصنام هو‬
‫الباطل الذى ل حقيقة له ‪ ،‬وأن اللّه ‪ -‬وحده ‪ -‬هو العلى على ما عداه شأنا ‪ ،‬الكبي‬
‫سلطانا ‪.‬‬
‫‪ -63‬أل تعتب ‪ -‬أيها العاقل ‪ -‬با ترى حولك من مظاهر قدرة اللّه فتعبده وحده؟‬
‫فهو الذى أنزل ماء المطار من السحاب فأصبحت الرض به مضرة با ينبت فيها من‬
‫النبات ‪ ،‬بعد أن كانت مدبة ‪ ،‬إن اللّه كثي اللطف بعباده ‪ ،‬خبي با ينفعهم فيهيئه لم‬
‫بقدرته ‪.‬‬
‫‪ -64‬كل ما ف السموات وما ف الرض ملك له ‪ ،‬وعبيد له وحده ‪ ،‬ويتصرف فيه‬
‫كما يشاء ‪ ،‬وهو الغن عن عباده ‪ ،‬وهم الفتقرون إليه ‪ ،‬وهو القيق وحده بالمد‬
‫والثناء عليه من جيع خلقه ‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫سكُ‬
‫حرِ ِبَأ ْم ِرهِ َويُ ْم ِ‬
‫جرِي فِي الْبَ ْ‬
‫ض وَالْفُ ْلكَ تَ ْ‬
‫خ َر َلكُ ْم مَا فِي الْأَرْ ِ‬
‫َألَ ْم َترَ أَ ّن ال ّلهَ سَ ّ‬
‫س َلرَءُوفٌ َرحِيمٌ (‪َ )65‬وهُ َو اّلذِي‬
‫ض إِلّا ِبإِ ْذِنهِ إِ ّن ال ّلهَ بِالنّا ِ‬
‫السّمَا َء أَ ْن َتقَعَ َعلَى اْلأَرْ ِ‬
‫أَحْيَا ُكمْ ثُ ّم يُمِيُت ُكمْ ُث ّم يُحْيِي ُكمْ إِ ّن اْلإِْنسَا َن لَ َكفُورٌ (‪)66‬‬

‫‪ -65‬أل تنظر ‪ -‬أيها العاقل ‪ -‬إل مظاهر قدرة اللّه فتراه ييسر للناس جيعا النتفاع‬
‫بالرض وما فيها ‪ ،‬وهيّأ لم البحر تسي فيه السفن بشيئته ‪ ،‬وأمسك الكواكب ف‬
‫الفضاء بقدرته حت ل يتل نظامها ‪ ،‬أو تقع على الرض إل إذا اقتضت إرادته ذلك ‪،‬‬
‫إن اللّه سبحانه شديد الرأفة والرحة بعباده فيهيئ كل سبل الياة الطيبة لم ‪ ،‬كيف‬
‫بعد ذلك كله ل يلصون ف شكره وعبادته؟ ‪.‬‬
‫‪ -66‬وهو الذى أوجد فيكم الياة ‪ ،‬ث ييتكم حي تنقضى آجالكم ‪ ،‬ث يييكم يوم‬
‫القيامة للحساب والزاء ‪ ،‬إن النسان مع كل هذه النعم والدلئل لشديد الحود‬
‫باللّه وبنعمه عليه ‪.‬‬

‫ك َلعَلَى‬
‫ك ِإنّ َ‬
‫ع ِإلَى َربّ َ‬
‫لِ ُك ّل ُأمّ ٍة جَعَلْنَا مَ ْنسَكًا هُ ْم نَا ِسكُو ُه فَلَا يُنَازِ ُعّنكَ فِي اْلَأمْ ِر وَادْ ُ‬
‫ح ُك ُم بَيَْنكُمْ‬
‫هُدًى ُمسَْتقِيمٍ (‪ )67‬وَإِ ْن جَادَلُو َك َفقُ ِل ال ّلهُ أَعْ َل ُم بِمَا َتعْمَلُونَ (‪ )68‬ال ّلهُ يَ ْ‬
‫يَوْ َم اْلقِيَا َم ِة فِيمَا كُنُْت ْم فِيهِ تَخْتَ ِلفُونَ (‪َ )69‬أَلمْ َتعْ َلمْ أَ ّن ال ّلهَ يَعْ َل ُم مَا فِي السّمَا ِء وَالْأَرْضِ‬
‫ك فِي كِتَابٍ إِ ّن َذِلكَ عَلَى ال ّلهِ َيسِيٌ (‪ )70‬وََيعُْبدُو َن ِم ْن دُونِ ال ّلهِ مَا َلمْ يَُن ّزلْ ِبهِ‬
‫إِ ّن َذلِ َ‬
‫ي ِم ْن نَصِيٍ (‪)71‬‬
‫سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَ ُه ْم ِبهِ ِع ْلمٌ َومَا لِلظّالِمِ َ‬

‫‪ -67‬وقد جعلنا لكل أمة من أصحاب الشرائع السابقة شريعة خاصة بم لئقة‬
‫بعصرهم ‪ ،‬يعبدون اللّه عليها إل أن ينسخها ما يأتى بعدها ‪ .‬ومن أجل هذا جعلنا‬
‫لمتك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬شريعة ُيعَْبدُ اللّه عليها إل يوم القيامة ‪ ،‬وإذا كان هذا هو أمرنا‬
‫ووضعنا ‪ ،‬فل يوز أن يشتد ف منازعتك فيه هؤلء التعبدون بأديانم السابقة عليك ‪،‬‬
‫ت شريعتك شرائعهم ‪ ،‬فل تلتفت لجادلتهم ‪ ،‬واستمر ف الدعوة إل ربك‬
‫فقد نَسخ ْ‬
‫حسبما يوحى إليك ‪ ،‬إنك لتسي على هدى ربك الستقيم ‪.‬‬
‫‪ -68‬وإن أصروا على الستمرار ف مادلتك فأعرض عنهم وقل لم ‪ :‬اللّه أعلم‬

‫‪97‬‬
‫بأعمالكم ‪ ،‬وبا تستحقون عليها من الزاء ‪.‬‬
‫‪ -69‬اللّه يكم بين وبينكم يوم القيامة فيما كنتم تتلفون فيه معى ‪ ،‬فَيُثيب الهتدى‬
‫ويعاقب الضال ‪.‬‬
‫‪ -70‬واعلم ‪ -‬أيها العاقل ‪ -‬أن علْم اللّه ميط بكل ما ف السماء وما ف الرض ‪،‬‬
‫فل يفى عليه شئ من أعمال هؤلء الجادلي ‪ ،‬فكل ذلك ثابت عند اللّه ف لوح‬
‫مفوظ ‪ ،‬لن إحاطته بذلك وإثباته وحفظه يسيٌ عليه كل اليسر ‪.‬‬
‫‪ -71‬ويعبد الشركون من دون اللّه أوثانا وأشخاصا ل ينل بعبادتا حجة ف كتاب‬
‫ساوى ‪ ،‬وليس لديهم عليها دليل عقلى ‪ ،‬ولكن لجرد الوى والتقليد ‪ ،‬وليس لؤلء‬
‫ي ينصرهم ويدفع عنهم عذاب النار يوم‬
‫الشركي الذين ظلموا وامتهنوا عقولم نص ٌ‬
‫القيامة كما يزعمون ‪.‬‬

‫ف فِي ُوجُوهِ اّلذِينَ َك َفرُوا الْمُ ْن َكرَ َيكَادُونَ َيسْطُونَ‬


‫وَِإذَا تُتْلَى عَلَ ْي ِهمْ َآيَاتُنَا بَيّنَاتٍ َت ْعرِ ُ‬
‫بِاّلذِي َن يَتْلُونَ عَلَ ْي ِهمْ َآيَاتِنَا ُقلْ َأ َفُأنَبّئُ ُكمْ ِبشَ ّر ِمنْ َذِلكُ ُم النّارُ وَ َع َدهَا ال ّلهُ اّلذِينَ َك َفرُوا‬
‫ض ِربَ مََث ٌل فَاسْتَ ِمعُوا َلهُ إِنّ اّلذِي َن َتدْعُونَ ِم ْن دُونِ‬
‫س الْمَصِيُ (‪ )72‬يَا أَّيهَا النّاسُ ُ‬
‫وَبِئْ َ‬
‫ضعُفَ‬
‫خ ُلقُوا ذُبَابًا َولَ ِو اجْتَ َمعُوا لَ ُه َوإِنْ َيسْلُ ْب ُهمُ ال ّذبَابُ شَيْئًا لَا َيسْتَ ْن ِقذُو ُه مِ ْنهُ َ‬
‫اللّ ِه َلنْ يَ ْ‬
‫ب وَالْمَطْلُوبُ (‪ )73‬مَا َقدَرُوا ال ّل َه حَ ّق َقدْ ِر ِه إِنّ ال ّل َه َلقَوِيّ َعزِيزٌ (‪ )74‬ال ّلهُ‬
‫الطّالِ ُ‬
‫يَصْ َطفِي ِمنَ الْمَلَائِ َكةِ ُرسُلًا َو ِمنَ النّاسِ إِ ّن ال ّلهَ سَمِي ٌع بَصِيٌ (‪)75‬‬

‫‪ -72‬هؤلء الشركون إذا تل أحد عليهم آياتنا الواضحات ‪ ،‬وفيها الدليل على صحة‬
‫ما تدعو إليه ‪ -‬أيها النب ‪ -‬وفساد عبادتم ‪ ،‬تلحظ ف وجوههم النق والغيظ الذى‬
‫يستبد بم ‪ ،‬حت ليكاد يدفعهم إل الفتنة بالذين يتلون عليهم هذه اليات ‪ .‬قل لم ‪-‬‬
‫ل فأخبكم بشئ هو أشد عليكم شرا من‬
‫أيها النب ‪ -‬تبكيتا وإنذارا ‪ :‬هل تستمعو إ ّ‬
‫الغيظ الذى يرق نفوسكم؟ إنه هو النار الت توعّد اللّه با الذين كفروا أمثالكم يوم‬
‫القيامة ‪ ،‬وما أسوأها مصيا ومقاما ‪.‬‬
‫‪ -73‬يا أيها الناس ‪ :‬إنا نبز أمامكم حقيقة عجيبة ف شأنا ‪ ،‬فاستمعوا إليها وتدبروها‬
‫‪ :‬إن هذه الصنام لن تستطيع أبدا خلق شئ مهما يكن تافها حقيا كالذباب ‪ ،‬وإن‬

‫‪98‬‬
‫ب من الصنام شيئا من‬
‫تضافروا جيعا على خلقه ‪ ،‬بل إن هذا الخلوق التافه ‪ ،‬لو سَلَ َ‬
‫القرابي الت تقدم إليها ‪ ،‬فإنا ل تستطيع بال من الحوال أن تنعه عنه أو تسترده منه‬
‫‪ ،‬وما أضعف الذى ُي َهزْم أمام الذباب عن استرداد ما سلبه منه ‪ ،‬وما أضعف نفس‬
‫الذباب ‪ ،‬كلها شديد الضعف ‪ ،‬بل الصنام كما ترون أشد ضعفا ‪ ،‬فكيف يليق‬
‫بإنسان عاقل أن يعبدها ويلتمس النفع منها؟ ‪.‬‬
‫‪ -74‬هؤلء الشركون ما عرفوا اللّه حق معرفته ‪ ،‬ول عظموه حق تعظيمه حي‬
‫ج َز الشياء ‪ ،‬مع أن اللّه هو القادر على كل شئ ‪ ،‬العزيز الذى‬
‫أشركوا به العبادة أعْ َ‬
‫ل يغلبه غالب ‪.‬‬
‫‪ -75‬وقد اقتضت إرادة اللّه وحكمته أن يتار من اللئكة رسل ‪ ،‬ويتار من البشر‬
‫كذلك رسل ‪ ،‬ليُبلّغوا شرعه إل خلقه ‪ ،‬فكيف تعترضون على من اختاره رسول‬
‫إليكم؟ إن اللّه سيع لقوال عباده ‪ ،‬بصي با يفعلون ومازيهم عليه ‪.‬‬

‫َيعْلَ ُم مَا بَ ْي َن َأيْدِيهِ ْم َومَا خَ ْل َفهُ ْم َوإِلَى ال ّلهِ ُت ْرجَ ُع الُْأمُورُ (‪ )76‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا‬
‫جدُوا وَاعُْبدُوا َربّ ُك ْم وَا ْفعَلُوا الْخَ ْيرَ َلعَ ّلكُ ْم ُتفْلِحُونَ (‪ )77‬وَجَاهِدُوا فِي‬
‫ارْ َكعُوا وَاسْ ُ‬
‫ج مِ ّلةَ َأبِيكُ ْم ِإبْرَاهِيمَ‬
‫اللّ ِه َحقّ ِجهَا ِد ِه ُهوَ اجْتَبَاكُ ْم َومَا َجعَلَ عَ َل ْيكُ ْم فِي الدّي ِن ِمنْ َحرَ ٍ‬
‫ي ِمنْ قَ ْب ُل َوفِي َهذَا لَِيكُو َن الرّسُو ُل َشهِيدًا عَلَ ْي ُكمْ َوَتكُونُوا شُ َهدَاءَ‬
‫هُ َو سَمّا ُكمُ الْ ُمسْلِ ِم َ‬
‫س َفأَقِيمُوا الصّلَا َة وَ َآتُوا الزّكَا َة وَاعْتَصِمُوا بِاللّ ِه ُهوَ َم ْولَا ُك ْم فَِنعْ َم الْ َموْلَى وَِن ْعمَ‬
‫عَلَى النّا ِ‬
‫النّصِيُ (‪)78‬‬

‫‪ -76‬وهو سبحانه يعلم أحوالم الظاهرة والباطنة ‪ ،‬ل تفى عليه منهم خافية ‪ ،‬وإليه‬
‫‪ -‬وحده ‪ -‬مرجع المور كلها ‪.‬‬
‫‪ -77‬يا أيها الذين آمنوا ل تلتفتوا إل تضليل الكفار ‪ ،‬واستمروا على أداء صلتكم‬
‫تامة وافية راكعي ساجدين ‪ ،‬واعبدوا ربكم الذى خلقكم ورزقكم ‪ ،‬ول تشركوا به‬
‫أحدا ‪ ،‬واعملوا كل ما فيه خي ونفع ‪ ،‬كى تكونوا من الصلحي السعداء ف أخراكم‬
‫ودنياكم ‪.‬‬
‫‪ -78‬وجاهدوا ف سبيل إعلء كلمة اللّه وابتغاء مرضاته حت تنتصروا على أعدائكم‬

‫‪99‬‬
‫وشهواتكم ‪ ،‬لنه سبحانه قربكم إليه ‪ ،‬واختاركم لنصرة دينه ‪ ،‬وجعلكم أمة وسطا ‪،‬‬
‫ول يكلفكم فيما شرعه لكم ما فيه مشقة عليكم ل تتملونا ‪ ،‬ويسر عليكم ما‬
‫يعترضكم من مشقة ل تطيقونا ‪ .‬با فرضه لكم من أنواع الرّخَص ‪ ،‬فالزموا دين‬
‫أبيكم إبراهيم ف مبادئه وأسسه ‪ ،‬وهو سبحانه الذى سّاكم السلمي ف الكتب النلة‬
‫السابقة ‪ ،‬وبإذعانكم لا شرعه ال لكم ‪ ،‬تكونون كما سّاكم اللّه ‪ ،‬فتكون عاقبتكم أن‬
‫يشهد رسولكم بأنه بلغكم ‪ ،‬وعلمتم با بلغكم به ‪ ،‬فتسعدوا ‪ ،‬وتكونوا شهداء على‬
‫المم السابقة با جاء ف القرآن من أن رسلها بلّغتها ‪ ،‬وإذا كان اللّه قد خصكم بذه‬
‫اليزات كلها ‪ ،‬فمن الواجب عليكم أن تقابلوها بالشكر والطاعة له ‪ ،‬فتقيموا الصلة‬
‫على أت وجوهها ‪ ،‬وتعطوا الزكاة لستحقيها ‪ ،‬وتتوكلوا على اللّه ف كل أموركم ‪،‬‬
‫وتستمدوا منه العون ‪ .‬فهو معينكم وناصركم ‪ .‬فنعم الول ونعم النصي ‪.‬‬

‫ح الْ ُم ْؤمِنُونَ (‪ )1‬الّذِينَ ُهمْ فِي صَلَاِت ِهمْ خَا ِشعُونَ (‪ )2‬وَالّذِينَ ُهمْ َع ِن اللّ ْغوِ‬
‫َقدْ َأفْلَ َ‬
‫ُمعْرِضُونَ (‪)3‬‬

‫حقّق الفلح للمؤمني بال وبا جاءت به الرسل ‪ ،‬وفازوا بأمانيهم ‪.‬‬
‫‪َ -1‬ت َ‬
‫‪ -2‬الذين ضموا إل إيانم العمل الصال ‪ ،‬هم ف صلتم متوجهون إل ال بقلوبم ‪،‬‬
‫حسّون بالضوع الطلق له ‪.‬‬
‫خائفون منه ‪ ،‬متذللون له ‪ ،‬يَ ُ‬
‫‪ -3‬هم مؤثرون للجد ‪ ،‬معرضون عمّا ل خي فيه من قول وعمل ‪.‬‬

‫وَاّلذِي َن ُهمْ لِلزّكَاةِ فَاعِلُونَ (‪ )4‬وَالّذِينَ ُه ْم لِ ُفرُو ِج ِهمْ حَافِظُونَ (‪)5‬‬

‫‪ -4‬وهم مافظون على أداء الزكاة إل مستحقيها ‪ ،‬وبذلك يمعون بي العبادات‬


‫البدنية والعبادات الالية ‪ ،‬وبي تطهي النفس وتطهي الال ‪.‬‬
‫‪ -5‬وهم يافظون على أنفسهم من أن تكون لا علقة بالنساء ‪.‬‬

‫ت َأيْمَانُ ُه ْم َفإِّن ُهمْ غَ ْيرُ مَلُومِيَ (‪ )6‬فَ َمنِ ابَْتغَى وَرَا َء َذِلكَ‬
‫ِإلّا عَلَى أَ ْزوَا ِجهِ ْم َأوْ مَا مَلَكَ ْ‬
‫ك ُهمُ اْلعَادُونَ (‪ )7‬وَاّلذِي َن ُهمْ ِلَأمَانَاِت ِهمْ وَ َع ْه ِدهِمْ رَاعُونَ (‪ )8‬وَاّلذِي َن ُهمْ َعلَى‬
‫َفأُولَئِ َ‬

‫‪100‬‬
‫صَ َلوَاتِ ِهمْ يُحَافِظُونَ (‪ )9‬أُولَِئكَ ُهمُ اْلوَا ِرثُونَ (‪ )10‬الّذِينَ َي ِرثُو َن اْلفِ ْر َدوْسَ ُهمْ فِيهَا‬
‫خَاِلدُونَ (‪ )11‬وََل َقدْ خَ َلقْنَا اْلِإنْسَا َن ِمنْ سُلَالَ ٍة ِمنْ طِيٍ (‪ُ )12‬ث ّم جَعَلْنَا ُه نُ ْطفَ ًة فِي َقرَارٍ‬
‫مَكِيٍ (‪)13‬‬

‫‪ -6‬إل بطريق الزواج الشرعى أو بلكية الوارى فل مؤاخذة عليهم فيه ‪.‬‬
‫‪ -7‬فمن أراد التصال بالرأة عن غي هذين الطريقي فهو متعدٍ للحدود الشروعة‬
‫غاية التعدى ‪.‬‬
‫‪ -8‬وهم مافظون على كل ما ائتمنوا عليه من مال ‪ ،‬أو قول ‪ ،‬أو عمل ‪ ،‬أو غي ذلك‬
‫‪ ،‬وعلى كل عهد بينهم وبي ال أو بينهم وبي الناس ‪ ،‬فل يونون المانات ول‬
‫ينقضون العهود ‪.‬‬
‫‪ -9‬وهم مداومون على أداء الصلة ف أوقاتا ‪ ،‬مققون لركانا وخشوعها ‪ ،‬حت‬
‫تؤدى إل القصود منها ‪ ،‬وهو النتهاء عن الفحشاء والنكر ‪.‬‬
‫‪ -10‬هؤلء الوصوفون هم الذين يرثون الي كله ‪ ،‬وينالونه يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -11‬هم الذين يتفضل ال عليهم بالفردوس ‪ ،‬أعلى مكان ف النة ‪ ،‬يتمتعون فيه‬
‫دون غيهم ‪.‬‬
‫‪ -12‬وأن على الناس أن ينظروا إل أصل تكوينهم ‪ ،‬فإنه من دلئل قدرتنا الوجبة‬
‫لليان بال وبالبعث ‪ ،‬فإننا خلقنا النسان من خلصة الطي ‪.‬‬
‫‪ -13‬ث خلقنا نسله فجعلناه نطفة ‪ -‬أى ماء فيه كل عناصر الياة الول ‪ -‬تستقر ف‬
‫الرحم ‪ ،‬وهو مكان مستقر حصي ‪.‬‬

‫حمًا‬
‫ض َغةَ عِظَامًا َف َكسَ ْونَا اْلعِظَا َم لَ ْ‬
‫ض َغةً َفخَ َلقْنَا الْمُ ْ‬
‫ُثمّ خَ َلقْنَا النّ ْط َفةَ عَ َلقَ ًة فَخَ َلقْنَا الْعَ َل َقةَ مُ ْ‬
‫سنُ الْخَالِقِيَ (‪ُ )14‬ث ّم إِّن ُكمْ َب ْعدَ َذِلكَ لَمَيّتُونَ (‬
‫ُثمّ َأْنشَ ْأنَاهُ خَ ْلقًا َآخَ َر فَتَبَارَ َك ال ّلهُ َأ ْح َ‬
‫‪ُ )15‬ثمّ ِإنّ ُك ْم يَوْ َم اْلقِيَا َم ِة تُ ْبعَثُونَ (‪ )16‬وََل َقدْ خَ َلقْنَا َف ْو َقكُ ْم سَبْعَ َطرَاِئقَ َومَا كُنّا َعنِ‬
‫ض َوِإنّا عَلَى َذهَابٍ‬
‫الْخَ ْلقِ غَافِلِيَ (‪ )17‬وََأْن َزلْنَا ِمنَ السّمَا ِء مَا ًء ِبقَدَ ٍر َفَأسْكَنّاهُ فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ِبهِ َلقَادِرُونَ (‪)18‬‬

‫‪101‬‬
‫‪ -14‬ث صيّرنا هذه النطفة بعد تلقيح البويضة والخصاب دما ‪ ،‬ث صيّرنا الدم بعد‬
‫ذلك قطعة لم ‪ ،‬ث صيناها هيكل عظميا ‪ ،‬ث كسونا العظام باللحم ‪ ،‬ث أتمنا خلقه‬
‫فصار ف النهاية بعد نفخ الروح فيه خلقا مغايرا لبدأ تكوينه ‪ ،‬فتعال شأن ال ف‬
‫عظمته وقدرته ‪ ،‬فهو ل يشبه أحد ف خلقته وتصويره وإبداعه ‪.‬‬
‫‪ -15‬ث إنكم ‪ -‬يا بن آدم ‪ -‬بعد ذلك الذى ذكرناه من أمركم صائرون إل الوت‬
‫ل مالة ‪.‬‬
‫‪ -16‬ث إنكم تبعثون يوم القيامة للحساب والزاء ‪.‬‬
‫‪ -17‬وإننا قد خلقنا سبع سوات مرتفعة فوقكم ‪ ،‬فيها ملوقات ل نغفل عنها‬
‫فحفظناها ودبرناها ‪ ،‬ونن ل نغفل عن جيع الخلوقات ‪ ،‬بل نفظها كلها من الزوال‬
‫والختلل ‪ ،‬وندبر كل أمورها بالكمة ‪.‬‬
‫‪ -18‬وأنزلنا من السماء مطرا بكمة وتقدير ف تكوينه وإنزاله ‪ ،‬وتيسيا للنتفاع به‬
‫جعلناه مستقرا ف الرض على ظهرها وف جوفها ‪ ،‬وإنا لقادرون على إزالته وعدم‬
‫تكينكم من النتفاع به ‪ ،‬ولكنا ل نفعل رحة بكم ‪ ،‬فآمنوا بالقه واشكروه ‪.‬‬

‫ي ٌة َومِ ْنهَا َتأْكُلُونَ (‪)19‬‬


‫ت ِمنْ نَخِيلٍ َوأَعْنَابٍ َل ُكمْ فِيهَا فَوَا ِكهُ كَثِ َ‬
‫شأْنَا لَ ُك ْم بِ ِه جَنّا ٍ‬
‫َفأَْن َ‬
‫ت بِال ّدهْ ِن وَصِبْ ٍغ لِ ْلآَكِ ِليَ (‪ )20‬وَإِ ّن َل ُكمْ فِي اْلَأنْعَامِ‬
‫ج ِمنْ طُو ِر سَيْنَا َء تَنْبُ ُ‬
‫خرُ ُ‬
‫ج َر ًة تَ ْ‬
‫وَشَ َ‬
‫ي ٌة َومِ ْنهَا َتأْكُلُونَ (‪)21‬‬
‫سقِي ُكمْ مِمّا فِي بُطُوِنهَا َولَ ُكمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِ َ‬
‫َلعِبْ َر ًة ُن ْ‬

‫‪ -19‬فخلقنا لكم بذا الاء حدائق من نيل وأعناب لكم فيها فواكه كثية ‪ ،‬ومنها‬
‫تأكلون ‪.‬‬
‫‪ -20‬وخلقنا لكم شجرة الزيتون الت تنبت ف منطقة طور سيناء ‪ ،‬وف ثارها زيت‬
‫تنتفعون به ‪ ،‬وهو إدام للكلي ‪.‬‬
‫‪ -21‬وإن لكم ف النعام ‪ -‬وهى البل والبقر والغنم ‪ -‬ما يدل على قدرتنا وتفضلنا‬
‫عليكم بالنعم ‪ ،‬نسقيكم لبنا مستخرجا ما ف بطونا خالصا سائغا سهل للشاربي ‪،‬‬
‫ولكم فيها سوى اللب منافع كثية كاللحوم والصواف والوبار ‪ ،‬ومنها تعيشون‬
‫وترزقون ‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫وَعَلَ ْيهَا وَعَلَى الْفُ ْلكِ تُحْمَلُونَ (‪ )22‬وََل َقدْ أَ ْرسَلْنَا نُوحًا ِإلَى َق ْومِ ِه َفقَالَ يَا َقوْمِ اعُْبدُوا‬
‫اللّ َه مَا َل ُكمْ ِم ْن ِإلَهٍ غَ ْي ُر ُه َأفَلَا تَّتقُونَ (‪َ )23‬فقَا َل الْمَ َلأُ اّلذِينَ َك َفرُوا ِمنْ َق ْومِ ِه مَا َهذَا ِإلّا‬
‫ضلَ عَلَ ْيكُ ْم َولَ ْو شَاءَ ال ّل ُه َلأَْنزَ َل مَلَائِ َكةً مَا سَ ِمعْنَا ِب َهذَا فِي َآبَائِنَا‬
‫َبشَ ٌر مِثْ ُل ُكمْ ُيرِي ُد أَ ْن يََتفَ ّ‬
‫ص ْرنِي‬
‫الَْأوّلِيَ (‪ )24‬إِ ْن ُهوَ ِإلّا َرجُ ٌل ِبهِ جِّن ٌة فََترَبّصُوا ِب ِه حَتّى حِيٍ (‪ )25‬قَالَ َربّ انْ ُ‬
‫ك ِبأَعْيُنِنَا وَ َوحْيِنَا َفِإذَا جَا َء َأمْ ُرنَا َوفَارَ‬
‫بِمَا َكذّبُونِ (‪َ )26‬فَأوْحَيْنَا إِلَ ْي ِه أَنِ اصْنَ ِع اْلفُلْ َ‬
‫ك فِيهَا ِمنْ ُكلّ َزوْجَ ْينِ اثْنَ ْي ِن َوأَهْ َلكَ ِإلّا مَ ْن سََبقَ عَلَ ْي ِه الْ َقوْ ُل مِ ْن ُهمْ َولَا‬
‫التّنّو ُر فَاسْ ُل ْ‬
‫تُخَاطِبْنِي فِي الّذِينَ ظَلَمُوا إِّن ُهمْ ُم ْغ َرقُونَ (‪)27‬‬

‫‪ -22‬وعلى هذه النعام وعلى السفن تركبون وتملون الثقال ‪ ،‬فخلقنا لكم وسائل‬
‫النتقال والمل ف الب والبحر ‪ ،‬وبا يكون التصال بينكم ‪.‬‬
‫‪ -23‬وف قصص الولي عبة لكم لتؤمنوا ‪ ،‬فقد أرسلنا نوحا إل قومه ‪ ،‬فقال لم ‪:‬‬
‫يا قوم اعبدوا ال وحده ‪ ،‬فليس لكم إله يستحق العبادة غيه ‪ ،‬أل تافون عقابه ‪،‬‬
‫وزوال نعمه إن عصيتم ‪.‬‬
‫‪ -24‬فقال الكباء من قومه الذين كفروا منكرين لدعوته صادّين العامة عن اتباعه ‪:‬‬
‫ل فرق بي نوح وبينكم ‪ ،‬فهو مثلكم ف البشرية ‪ ،‬ولكنه يريد أن يتميز عليكم بذه‬
‫الدعوة ‪ ،‬ولو كان هناك رسل من ال ‪ -‬كما يزعم ‪ -‬لرسلهم ملئكة ‪ ،‬ما سعنا ف‬
‫تاريخ آبائنا السابقي بذه الدعوة ‪ ،‬ول بإرسال بشر رسول ‪.‬‬
‫‪ -25‬ما هو إل رجل به جنون ‪ ،‬ولذلك قالوا ‪ :‬فانتظروا واصبوا عليه حت ينكشف‬
‫جنونه ‪ ،‬أو يي هلكه ‪.‬‬
‫‪ -26‬دعا نوح ربه بعد ما يئس من إيانم ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رب انصرن عليهم ‪ ،‬وانتقم‬
‫منهم بسبب تكذيبهم لدعوتى ‪.‬‬
‫‪ -27‬فقلنا له عن طريق الوحى ‪ :‬اصنع السفينة وعنايتنا ترعاك ‪ ،‬فتدفع عنك شرهم‬
‫ونرشدك ف عملك ‪ ،‬فإذا حل ميعاد عذابم ‪ ،‬ورأيت التنور يفور ماء بأمرنا ‪ ،‬فأدخل‬
‫ف السفينة من كل نوع من الكائنات الية ذكرا وأنثى ‪ ،‬وأدخل أهلك أيضا إل من‬

‫‪103‬‬
‫تقرر تعذيبهم لعدم إيانم ‪ ،‬ول تسألن ناة الذين ظلموا أنفسهم وغيهم بالكفر‬
‫والطغيان ‪ ،‬فإن حكمت بإغراقهم لظلمهم بالشراك والعصيان ‪.‬‬

‫ك َفقُ ِل الْحَ ْم ُد لِ ّلهِ اّلذِي نَجّانَا مِ َن اْلقَوْمِ‬


‫ت َو َمنْ َم َعكَ َعلَى اْلفُلْ ِ‬
‫َفإِذَا اسَْت َويْتَ َأنْ َ‬
‫ت خَ ْيرُ الْمُ ْن ِزلِيَ (‪ )29‬إِ ّن فِي َذِلكَ‬
‫الظّالِمِيَ (‪َ )28‬و ُقلْ َربّ َأْنزِلْنِي مُ ْنزَلًا مُبَارَكًا َوأَنْ َ‬
‫ت َوإِنْ كُنّا لَ ُمبْتَلِيَ (‪)30‬‬
‫َلآَيَا ٍ‬

‫‪ -28‬فإذا ركبت واستقررت أنت ومن معك ف السفينة فقل شاكرا ربك ‪ :‬المد ل‬
‫الذى نانا من شر القوم الكافرين الطاغي ‪.‬‬
‫‪ -29‬وقل ‪ :‬يا رب مكّنّى من النول ف منل مبارك تطيب القامة فيه عند النول إل‬
‫ب ل المن فيه ‪ ،‬فأنت ‪ -‬وحدك ‪ -‬الذى تُنل ف مكان الي والمن‬
‫الرض ‪ ،‬وه ْ‬
‫والسلم ‪.‬‬
‫‪ -30‬إن ف هذه القصة عبا ومواعظ ‪ ،‬وإنا نتب العباد بالي وبالشر ‪ ،‬وف أنفسهم‬
‫الستعداد لكل منها ‪.‬‬

‫ُثمّ َأْنشَ ْأنَا ِم ْن َبعْ ِد ِهمْ َق ْرنًا َآخَرِينَ (‪َ )31‬فأَ ْرسَلْنَا فِي ِهمْ َرسُولًا مِ ْن ُهمْ أَنِ اعُْبدُوا ال ّل َه مَا‬
‫لَ ُك ْم ِمنْ ِإَلهٍ غَ ْي ُرهُ َأفَلَا تَّتقُونَ (‪َ )32‬وقَا َل الْمَ َلأُ ِم ْن َقوْ ِمهِ اّلذِينَ َك َفرُوا وَ َك ّذبُوا بِ ِلقَاءِ‬
‫ش ٌر مِثْلُ ُك ْم َيأْكُ ُل مِمّا َتأْكُلُو َن مِ ْنهُ‬
‫الْ َآخِ َر ِة َوأَْت َرفْنَا ُهمْ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا مَا َهذَا ِإلّا َب َ‬
‫شرًا مِثْ َل ُكمْ إِّن ُكمْ ِإذًا لَخَا ِسرُونَ (‪)34‬‬
‫شرَبُونَ (‪ )33‬وَلَِئ ْن أَ َطعُْتمْ َب َ‬
‫ش َربُ مِمّا َت ْ‬
‫وََي ْ‬
‫ت هَ ْيهَاتَ لِمَا‬
‫خرَجُونَ (‪ )35‬هَ ْيهَا َ‬
‫َأيَ ِعدُ ُكمْ َأّنكُ ْم ِإذَا مِّتمْ وَكُنُْتمْ ُترَابًا وَعِظَامًا َأنّ ُكمْ ُم ْ‬
‫ح ُن بِمَ ْبعُوثِيَ (‪ )37‬إِ ْن ُهوَ‬
‫تُو َعدُونَ (‪ )36‬إِ ْن هِ َي ِإلّا حَيَاتُنَا ال ّدنْيَا نَمُوتُ َونَحْيَا َومَا نَ ْ‬
‫ح ُن َلهُ بِ ُم ْؤمِنِيَ (‪)38‬‬
‫ِإلّا َر ُجلٌ افَْترَى عَلَى ال ّلهِ َك ِذبًا َومَا نَ ْ‬

‫‪ -31‬ث خلقنا من بعد نوح طبقة من الناس غيهم وهم عاد ‪.‬‬
‫‪ -32‬فأرسلنا إليهم هودا وهو منهم ‪ ،‬وقلنا لم على لسانه ‪ :‬اعبدوا ال ‪ -‬وحده ‪-‬‬
‫فليس لكم إله يستحق العبادة غيه ‪ ،‬وهو ‪ -‬وحده ‪ -‬الدير بأن تافوه ‪ ،‬فهل خفتم‬
‫عقابه إن عصيتموه؟ ‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫‪ -33‬وقال الكباء من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء ال وما ف الخرة من حساب‬
‫وجزاء ‪ ،‬وأعطيناهم أكب حظ من الترف والنعيم ‪ ،‬قالوا منكرين عليه دعوته ‪ ،‬صادين‬
‫العامة عن اتباعه ‪ :‬ل فرق بي هود وبينكم ‪ ،‬فما هو إل بشر ماثل لكم ف البشرية ‪،‬‬
‫يأكل من جنس ما تأكلون منه ‪ ،‬ويشرب من جنس ما تشربون ‪ ،‬ومثل هذا ل يكون‬
‫رسول لعدم تيزه عنكم ‪.‬‬
‫‪ -34‬وحذروهم ف قوة وتأكيد ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬إن أطعتم رجل ياثلكم ف البشرية ‪ ،‬فأنتم‬
‫حقا خاسرون لعدم انتفاعكم بطاعته ‪.‬‬
‫‪ -35‬وقالوا لم أيضا منكرين للبعث ‪ :‬أيعدكم ‪ -‬هود ‪ -‬أنكم تبعثون من قبوركم‬
‫بعد أن توتوا وتصيوا ترابا وعظاما مردة من اللحوم والعصاب؟‬
‫‪ -36‬إن ما وعدكم به بعيد جدا ‪ ،‬ولن يكون أبدا ‪.‬‬
‫‪ -37‬ليس هناك إل حياة واحدة هى هذه الياة الدنيا الت ند فيها الوت والياة‬
‫يتواردان علينا ‪ ،‬فمولود يولد وحى يوت ‪ ،‬ولن نبعث بعد الوت أبدا ‪.‬‬
‫‪ -38‬ما هو إل رجل كذب على ال ‪ ،‬وادعى أن ال أرسله ‪ ،‬وكذب فيما يدعو‬
‫إليه ‪ ،‬ولن نصدقه أبدا ‪.‬‬

‫ح ّن نَادِمِيَ (‪َ )40‬فَأخَ َذْتهُمُ‬


‫ص ْرنِي بِمَا َك ّذبُونِ (‪ )39‬قَالَ عَمّا قَلِي ٍل لَيُصْبِ ُ‬
‫قَالَ َربّ انْ ُ‬
‫ش ْأنَا ِمنْ َب ْعدِ ِه ْم ُقرُونًا‬
‫جعَلْنَا ُهمْ غُثَا ًء فَُب ْعدًا لِ ْل َقوْمِ الظّالِمِيَ (‪ُ )41‬ث ّم أَْن َ‬
‫ح ّق فَ َ‬
‫حةُ بِالْ َ‬
‫الصّيْ َ‬
‫َآ َخرِينَ (‪ )42‬مَا َتسِْبقُ مِ ْن ُأ ّمةٍ َأجَ َلهَا َومَا َيسَْتأْ ِخرُونَ (‪ُ )43‬ث ّم أَرْسَلْنَا ُرسُلَنَا تَ ْترَى ُكلّ‬
‫ث فَُبعْدًا لِ َقوْ ٍم لَا‬
‫ضهُ ْم َبعْضًا َوجَعَلْنَاهُ ْم َأحَادِي َ‬
‫مَا جَا َء ُأمّةً َرسُوُلهَا َك ّذبُوهُ َفَأتَْبعْنَا َبعْ َ‬
‫يُ ْؤمِنُونَ (‪ُ )44‬ث ّم أَرْسَلْنَا مُوسَى َوأَخَا ُه هَارُو َن ِبآَيَاتِنَا َوسُلْطَانٍ مُِبيٍ (‪)45‬‬

‫‪ -39‬قال هود بعد ما يئس من إيانم ‪ :‬يا رب انصرن عليهم وانتقم منهم ‪ ،‬بسبب‬
‫تكذيبهم لدعوتى ‪.‬‬
‫‪ -40‬قال ال له مؤكدا وعده ‪ :‬سيندمون بعد قليل من الزمن على ما فعلوا عندما يل‬
‫بم العذاب ‪.‬‬
‫‪ -41‬فأخذتم صيحة شديدة أهلكتهم لستحقاقهم ذلك اللك ‪ ،‬وجعلناهم ف‬

‫‪105‬‬
‫القارة والضعف كالشئ الذى يرفه السيل أمامه من أعواد الشجر وأوراقه ‪ .‬هلكا‬
‫وبُعدا عن الرحة للظالي بكفرهم وطغيانم ‪.‬‬
‫‪ -42‬ث خلقنا من بعدهم أقواما غيهم ‪ ،‬كقوم صال ولوط وشعيب ‪.‬‬
‫‪ -43‬لكل أمة زمنها العيّن لا ‪ ،‬ل تتقدم عنه ول تتأخر ‪.‬‬
‫‪ -44‬ث أرسلنا رسلنا متتابعي كل إل قومه ‪ ،‬وكلما جاء رسول إل قومه كذّبوه ف‬
‫دعوته ‪ ،‬فأهلكناهم متتابعي ‪ ،‬وجعلنا أخبارهم أحاديث يرددها الناس ويعجبون منها ‪،‬‬
‫فَُبعْدا عن الرحة وهلكا لقوم ل يصدقون الق ول يذعنون له ‪.‬‬
‫‪ -45‬ث أرسلنا موسى وأخاه هارون بالدلئل القاطعة الدالة على صدقهما ‪ ،‬وبجة‬
‫واضحة تبيّن أنما قد أرسل من عندنا ‪.‬‬

‫ش َريْ ِن مِثْلِنَا‬
‫ِإلَى ِفرْ َعوْنَ َومَلَِئهِ فَاسْتَكَْبرُوا وَكَانُوا قَ ْومًا عَالِيَ (‪َ )46‬فقَالُوا َأنُ ْؤ ِمنُ لَِب َ‬
‫َوقَ ْو ُمهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (‪ )47‬فَ َك ّذبُوهُمَا فَكَانُوا ِم َن الْ ُمهْلَكِيَ (‪َ )48‬وَلقَدْ َآتَيْنَا مُوسَى‬
‫ت َقرَارٍ‬
‫ب َلعَ ّلهُ ْم َيهْتَدُونَ (‪ )49‬وَ َجعَلْنَا اْبنَ مَ ْرَيمَ َوُأمّهُ َآَي ًة وَ َآ َويْنَاهُمَا إِلَى َربْ َو ٍة ذَا ِ‬
‫الْكِتَا َ‬
‫ت وَاعْمَلُوا صَالِحًا ِإنّي بِمَا َتعْمَلُونَ عَلِيمٌ (‬
‫وَ َمعِيٍ (‪ )50‬يَا أَّيهَا ال ّرسُلُ كُلُوا ِم َن الطّيّبَا ِ‬
‫‪ )51‬وَإِ ّن َه ِذهِ ُأمُّت ُكمْ ُأ ّمةً وَا ِح َد ًة وََأنَا َرّب ُكمْ فَاّتقُونِ (‪ )52‬فََتقَ ّطعُوا َأ ْم َرهُ ْم بَيَْن ُهمْ ُزُبرًا‬
‫ُك ّل حِ ْزبٍ بِمَا َل َدْيهِ ْم َفرِحُونَ (‪)53‬‬

‫‪ -46‬أرسلناها إل فرعون وقومه فامتنعوا ف تكب عن اليان ‪ ،‬وهم قوم موصوفون‬


‫بالكب والتعال والقهر ‪.‬‬
‫‪ -47‬وقالوا ف تعجب وإنكار ‪ :‬أنؤمن بدعوة رجلي ماثلي لنا ف البشرية ‪ ،‬وقومها‬
‫‪ -‬بنو إسرائيل ‪ -‬خاضعون لنا ومطيعون كالعبيد؟ ‪.‬‬
‫‪ -48‬فكذبوها ف دعوتما فكانوا من الهلكي بالغرق ‪.‬‬
‫‪ -49‬ولقد أوحينا إل موسى بالتوراة ‪ ،‬ليهتدى قومه با فيها من إرشادات إل‬
‫الحكام وأسباب السعادة ‪.‬‬
‫‪ -50‬وجعلنا عيسى ابن مري وأمه ‪ -‬ف حلها به من غي أن يسها بشر وولدته من‬
‫غي أب ‪ -‬دللة قاطعة على قدرتنا البالغة ‪ ،‬وأنزلناها ف أرض مرتفعة منبسطة تستقر‬

‫‪106‬‬
‫فيها القامة ويتوافر الاء الذى هو دعامة العيش الرغيد ‪.‬‬
‫‪ -51‬وقلنا للرسل ليبلغوا أقوامهم ‪ :‬كلوا من أنواع اللل الطيب ‪ ،‬وتتعوا‬
‫واشكروا نعمت بعمل الصالات ‪ ،‬إن عليم با تعملون وماز لكم عليه ‪.‬‬
‫‪ -52‬وقلنا لم ليبلغوا أقوامهم ‪ :‬إن هذا الدين الذى أرسلتكم به دين واحد ف‬
‫العقائد وأصول الشرائع ‪ ،‬وإنكم أمة واحدة ف كل الجيال ‪ ،‬منهم الهتدى ومنهم‬
‫الضال ‪ ،‬وأنا ربكم الذى أمرتكم باتباعه فخافوا عقاب إن عصيتم ‪.‬‬
‫‪ -53‬فقطع الناس أمر دينهم ‪ ،‬فمنهم الهتدون ومنهم الضالون الذين اتبعوا‬
‫أهواءهم ‪ ،‬فتفرقوا بسبب ذلك جاعات متلفة متعادية ‪ ،‬كل جاعة فرحة با هى‬
‫عليه ‪ ،‬ظانة أنه ‪ -‬وحده ‪ -‬الصواب ‪.‬‬

‫حسَبُو َن َأنّمَا نُ ِمدّ ُه ْم بِ ِه ِمنْ مَالٍ َوبَنِيَ (‪)55‬‬


‫َفذَرْ ُه ْم فِي َغ ْم َرتِ ِهمْ حَتّى حِيٍ (‪َ )54‬أيَ ْ‬
‫شفِقُونَ‬
‫ت َبلْ لَا َيشْ ُعرُونَ (‪ )56‬إِ ّن اّلذِي َن هُ ْم ِمنْ َخشَْيةِ َرّبهِ ْم ُم ْ‬
‫ُنسَارِعُ لَ ُه ْم فِي الْخَ ْيرَا ِ‬
‫(‪ )57‬وَاّلذِي َن ُهمْ ِب َآيَاتِ َربّ ِه ْم يُ ْؤمِنُونَ (‪ )58‬وَالّذِينَ ُه ْم ِبرَّب ِهمْ لَا ُيشْرِكُونَ (‪)59‬‬
‫ك ُيسَارِعُونَ‬
‫وَاّلذِي َن ُيؤْتُونَ مَا َآَتوْا َوقُلُوبُ ُهمْ وَجِ َلةٌ َأّن ُهمْ ِإلَى َرّب ِهمْ رَا ِجعُونَ (‪ )60‬أُولَئِ َ‬
‫ب يَنْ ِطقُ‬
‫ت َوهُ ْم َلهَا سَاِبقُونَ (‪َ )61‬ولَا ُنكَلّفُ نَ ْفسًا ِإلّا وُ ْس َعهَا َولَ َديْنَا كِتَا ٌ‬
‫فِي الْخَ ْيرَا ِ‬
‫ح ّق َوهُ ْم لَا يُظْ َلمُونَ (‪)62‬‬
‫بِالْ َ‬

‫‪ -54‬فاترك الكافرين ‪ -‬يا ممد ‪ -‬ف جهالتهم وغفلتهم ما دمت قد نصحتهم حت‬
‫يقضى ال فيهم بالعذاب بعد حي ‪.‬‬
‫‪ -55‬أيظن هؤلء العاصون أنا إذ نتركهم يتمتعون با أعطيناهم من الال والبني ‪.‬‬
‫‪ -56‬نكون قد رضينا عنهم ‪ ،‬فتفيض عليهم اليات بسرعة وكثرة ‪ ،‬إنم كالبهائم‬
‫ل يشعرون لعدم استخدامهم عقولم ‪ ،‬إنن غي راض عنهم ‪ ،‬وإن هذه النعم استدراج‬
‫منا لم ‪.‬‬
‫‪ -57‬إن الذين هم يشون ال ويهابونه وقد تربت فيهم الخافة منه سبحانه ‪.‬‬
‫‪ -58‬والذين هم يؤمنون بآيات ربم الوجودة ف الكون ‪ ،‬والتلوة ف الكتب النلة ‪.‬‬
‫‪ -59‬والذين هم ل يشركون بال أحدا ‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫‪ -60‬والذين يعطون ما رزقهم ال ‪ ،‬ويؤدون عملهم وهم خائفون من التقصي ‪ ،‬لنم‬
‫راجعون إل ال بالبعث وماسبون ‪.‬‬
‫‪ -61‬أولئك يسارعون بأعمالم إل نيل اليات ‪ ،‬وهم سابقون غيهم ف نيلها ‪.‬‬
‫‪ -62‬ونن ل نكلف أحدا إل با يستطيع أن يؤديه ‪ ،‬لنه داخل ف طاقته ‪ ،‬وكل عمل‬
‫من أعمال العباد مسجل عندنا ف كتاب ‪ ،‬وسنخبهم به كما هو ‪ ،‬وهم ل يظلمون‬
‫بزيادة عقاب أو نقص ثواب ‪.‬‬

‫َبلْ قُلُوُبهُ ْم فِي َغ ْم َرةٍ مِ ْن َهذَا َوَلهُ ْم أَعْمَالٌ ِم ْن دُونِ َذِلكَ ُه ْم َلهَا عَامِلُونَ (‪ )63‬حَتّى‬
‫صرُونَ‬
‫جأَرُوا الْيَوْ َم ِإّنكُ ْم مِنّا لَا تُنْ َ‬
‫جأَرُونَ (‪ )64‬لَا تَ ْ‬
‫ِإذَا َأخَ ْذنَا مُ ْت َرفِيهِ ْم بِاْل َعذَابِ إِذَا هُ ْم يَ ْ‬
‫(‪َ )65‬قدْ كَانَتْ َآيَاتِي تُتْلَى عَلَ ْي ُكمْ َفكُنُْتمْ عَلَى أَ ْعقَابِ ُك ْم تَنْكِصُونَ (‪ُ )66‬مسْتَكِْبرِينَ ِبهِ‬
‫جرُونَ (‪َ )67‬أفَ َلمْ َي ّدّبرُوا اْل َقوْ َل أَ ْم جَا َءهُ ْم مَا َل ْم يَ ْأتِ َآبَا َءهُ ُم اْلأَ ّولِيَ (‪ )68‬أَمْ‬
‫سَا ِمرًا َتهْ ُ‬
‫حقّ‬
‫َلمْ َي ْعرِفُوا َرسُولَ ُه ْم َفهُ ْم َلهُ مُ ْن ِكرُونَ (‪ )69‬أَ ْم َيقُولُونَ ِب ِه جِنّ ٌة َبلْ جَا َء ُهمْ بِالْ َ‬
‫حقّ كَا ِرهُونَ (‪)70‬‬
‫وَأَكَْث ُر ُهمْ لِلْ َ‬

‫‪ -63‬لكن الكافرين بسبب عنادهم وتعصبهم غافلون عن عمل الي والتكليف‬


‫بالستطاع ودقة الساب ‪ ،‬وإل جانب ذلك لم أعمال أخرى خبيثة مداومون عليها ‪.‬‬
‫‪ -64‬فإذا أوقعنا العذاب بالغنياء الترفي ضجوا وصرخوا مستغيثي ‪.‬‬
‫‪ -65‬فنقول لم ‪ :‬ل تصرخوا ول تستغيثوا الن ‪ ،‬فلن تفلتوا من عذابنا ‪ ،‬ولن‬
‫ينفعكم صراخكم شيئا ‪.‬‬
‫‪ -66‬ل عذر لكم ‪ ،‬فقد كانت آياتى الوحَى با تُقرأ عليكم ‪ ،‬فكنتم تُعرضون عنها‬
‫إعراضا يقلب أحوالكم ‪ ،‬ول تصدقونا ول تعملون با ‪.‬‬
‫‪ -67‬وكنتم ف إعراضكم متكبين مستهزئي ‪ ،‬تصفون الوحى بالوصاف القبيحة‬
‫عندما تتمعون للسمر ‪.‬‬
‫‪َ -68‬أ َج ِهلَ هؤلء العرضون فلم يتدبروا القرآن ليعلموا أنه حق؟ أم كانت دعوة‬
‫ممد لم غريبة عن الدعوات الت جاء با الرسل إل القوام السابقي الذين أدركهم‬
‫آباؤهم؟ ‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫‪ -69‬أم ل يعرفوا رسولم ‪ -‬ممدا ‪ -‬الذى نشأ بينهم ف أخلقه العالية الت ل يعهد‬
‫معها الكذب ‪ ،‬فهم ينكرون دعوته الن بغيا وحسدا؟ ‪.‬‬
‫‪ -70‬أم يقولون ‪ :‬إنه منون؟ كل ‪ :‬إنه جاءهم بالدين الق ‪ ،‬وأكثرهم كارهون للحق‬
‫‪ ،‬لنه يالف شهواتم وأهواءهم فل يؤمنون به ‪.‬‬

‫ض َو َمنْ فِي ِه ّن َبلْ َأتَيْنَا ُه ْم ِبذِكْ ِر ِهمْ‬


‫ت السّ َموَاتُ وَالْأَرْ ُ‬
‫سدَ ِ‬
‫ح ّق َأهْوَا َء ُهمْ َل َف َ‬
‫وََلوِ اتّبَعَ الْ َ‬
‫خرَاجُ َرّبكَ خَ ْي ٌر َوهُ َو خَ ْيرُ‬
‫سَألُ ُه ْم خَ ْرجًا فَ َ‬
‫َفهُمْ َع ْن ذِ ْك ِر ِهمْ ُم ْعرِضُونَ (‪ )71‬أَ ْم َت ْ‬
‫صرَاطٍ ُمسْتَقِيمٍ (‪ )73‬وَإِ ّن اّلذِي َن لَا ُي ْؤمِنُو َن بِاْل َآخِ َرةِ‬
‫الرّا ِزقِيَ (‪ )72‬وَِإّنكَ لََتدْعُوهُ ْم ِإلَى ِ‬
‫ض ّر لَلَجّوا فِي ُطغْيَاِن ِهمْ‬
‫شفْنَا مَا ِبهِ ْم ِمنْ ُ‬
‫ط لَنَاكِبُونَ (‪َ )74‬وَلوْ َرحِمْنَا ُهمْ وَ َك َ‬
‫صرَا ِ‬
‫َع ِن ال ّ‬
‫ضرّعُونَ (‪)76‬‬
‫ب فَمَا اسَْتكَانُوا ِل َرّبهِ ْم َومَا يَتَ َ‬
‫َيعْ َمهُونَ (‪َ )75‬وَلقَ ْد َأخَ ْذنَا ُهمْ بِاْلعَذَا ِ‬

‫‪ -71‬ولو كان الق تابعا لهوائهم لشاع الفساد ف الرض ولتنازعت الهواء ‪،‬‬
‫ولكنا أرسلنا إليهم القرآن الذى ُيذَكّرهم بالق الذى يب أن يتمع عليه الميع ‪،‬‬
‫ومع ذلك هم معرضون عنه ‪.‬‬
‫‪ -72‬بل أَتطلب منهم ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أجرا على أداء الرسالة؟ ل يكن ذلك ‪ ،‬فإن أجر‬
‫ربك خي ما عندهم ‪ ،‬وهو خي العطي ‪.‬‬
‫‪ -73‬وإنك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬لتدعوهم إل الدين الذى هو الطريق الستقيم الوصل إل‬
‫السعادة ‪.‬‬
‫‪ -74‬وإن الذين ل يؤمنون بالخرة وما فيها من نعيم أو جحيم يعدلون عن الطريق‬
‫الستقيم الذى يأمن السائر فيه من السّي إل طريق الية والضطراب والفساد ‪.‬‬
‫‪ -75‬ولو رحناهم وأزلنا عنهم ما نزل بم من ضرر ف أبدانم وقحط ف أموالم ونو‬
‫ذلك ‪ ،‬لزادوا كفرا ‪ ،‬وتادوا ف الطغيان ‪.‬‬
‫‪ -76‬ولقد عذّبناهم بعذاب أصابم كالقتل أو الوع فما خضعوا بعده لربم ‪ ،‬بل‬
‫أقاموا على عتوهم واستكبارهم بجرد زواله ‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫شأَ‬
‫ب شَدِيدٍ ِإذَا ُه ْم فِيهِ مُبْ ِلسُونَ (‪ )77‬وَ ُهوَ اّلذِي أَْن َ‬
‫حَتّى ِإذَا فَتَحْنَا َعلَ ْي ِهمْ بَابًا ذَا َعذَا ٍ‬
‫شكُرُونَ (‪َ )78‬وهُ َو اّلذِي ذَ َرأَ ُكمْ فِي الْأَرْضِ‬
‫لَ ُكمُ السّ ْم َع وَاْلأَبْصَا َر وَاْلَأفْئِ َد َة قَلِيلًا مَا َت ْ‬
‫ت َوَلهُ اخْتِلَافُ اللّ ْي ِل وَالّنهَا ِر َأفَلَا َتعْقِلُونَ‬
‫شرُونَ (‪ )79‬وَ ُهوَ اّلذِي يُحْيِي َويُمِي ُ‬
‫حَ‬‫وَِإلَ ْيهِ ُت ْ‬
‫(‪َ )80‬بلْ قَالُوا مِ ْثلَ مَا قَالَ اْلَأوّلُونَ (‪)81‬‬

‫‪ -77‬سيستمرون على إعراضهم حت إذا عذّبناهم عذابا شديدا بالوع أو القتل ف‬


‫الدنيا صاروا حيارى يائسي من كل خي ‪ ،‬ل يدون ملصا ‪.‬‬
‫‪ -78‬وكيف تكفرون بال وهو الذى أنشأ لكم السمع لتسمعوا الق ‪ ،‬والبصار‬
‫لتروا الكون وما فيه ‪ ،‬والعقول لتدركوا عظمته فتؤمنوا؟ ‪ .‬إنكم ل تشكروا خالقها‬
‫ى قلة ‪.‬‬
‫باليان والطاعة إل قليل أ ّ‬
‫‪ -79‬وهو الذى خلقكم ف الرض ‪ ،‬وإليه ‪ -‬وحده ‪ -‬تُجمعون للجزاء يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -80‬وهو الذى يي وييت ‪ ،‬وبأمره وقوانينه تعاقب الليل والنهار واختلفهما طول‬
‫وقصرا ‪ ،‬أل تعقلون دللة ذلك على قدرته ووجوب اليان به ‪ ،‬وبالبعث؟ ‪.‬‬
‫‪ -81‬ل يفعلوا ذلك ‪ ،‬بل قلدوا السابقي الكذبي ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬مثل قولم ‪.‬‬

‫ح ُن وَ َآبَا ُؤنَا َهذَا ِمنْ‬


‫قَالُوا َأِئذَا مِتْنَا وَكُنّا ُترَابًا وَعِظَامًا َأئِنّا لَمَ ْبعُوثُونَ (‪َ )82‬لقَ ْد وُ ِع ْدنَا نَ ْ‬
‫ض وَ َم ْن فِيهَا إِنْ كُنُْت ْم َتعْلَمُونَ (‪)84‬‬
‫ي الَْأ ّولِيَ (‪ُ )83‬قلْ لِ َم ِن اْلأَرْ ُ‬
‫قَ ْبلُ إِ ْن َهذَا ِإلّا َأسَاطِ ُ‬
‫سَيَقُولُو َن لِ ّلهِ ُقلْ َأفَلَا َتذَ ّكرُونَ (‪)85‬‬

‫‪ -82‬قالوا منكرين للبعث ‪ :‬أنبعث بعد الوت وبعد أن نصي ترابا وعظاما؟ ‪.‬‬
‫‪ -83‬لقد وُعدنا ووعد آباؤنا من قبلنا بذلك ‪ ،‬وما هذا الوعد إل أكاذيب السابقي‬
‫الت سَطروها ‪.‬‬
‫‪ -84‬قل لم يا ممد ‪ :‬من الذى ملك الرض ومن فيها من الناس وسائر الخلوقات؟‬
‫إن كان لكم علم فأجيبون ‪.‬‬
‫‪ -85‬سيقرون بأن الرض ل ‪ ،‬قل لم إذن ‪ :‬فلم تشركون به؟ أل تذكرون أن من‬
‫يلك ذلك جدير بأن يُعبد وحده؟‬

‫‪110‬‬
‫ُقلْ َمنْ َربّ السّمَاوَاتِ السّبْ ِع وَ َربّ اْل َعرْشِ اْلعَظِيمِ (‪ )86‬سََيقُولُونَ لِلّ ِه ُق ْل َأفَلَا تَّتقُونَ‬
‫ي َولَا يُجَارُ عَلَ ْي ِه إِنْ كُنُْت ْم تَعْلَمُونَ (‪)88‬‬
‫(‪ُ )87‬قلْ َم ْن بَِي ِدهِ مَ َلكُوتُ ُك ّل شَيْ ٍء َوهُ َو يُجِ ُ‬
‫حقّ َوِإّنهُ ْم َلكَا ِذبُونَ (‪ )90‬مَا‬
‫حرُونَ (‪َ )89‬ب ْل َأتَيْنَا ُهمْ بِالْ َ‬
‫سَيَقُولُو َن لِ ّلهِ ُقلْ َفَأنّى ُتسْ َ‬
‫ضهُمْ عَلَى‬
‫خذَ ال ّلهُ ِم ْن َولَ ٍد َومَا كَا َن َمعَ ُه ِمنْ إَِل ٍه ِإذًا َلذَهَبَ ُك ّل ِإَلهٍ بِمَا خَ َلقَ َوَلعَلَا َبعْ ُ‬
‫اتّ َ‬
‫شرِكُونَ (‬
‫شهَا َد ِة فََتعَالَى عَمّا ُي ْ‬
‫ب وَال ّ‬
‫صفُونَ (‪ )91‬عَاِلمِ اْلغَيْ ِ‬
‫َبعْضٍ سُبْحَا َن ال ّلهِ عَمّا يَ ِ‬
‫ب ِإمّا ُت ِريَنّي مَا يُو َعدُونَ (‪)93‬‬
‫‪ُ )92‬قلْ َر ّ‬

‫‪ -86‬قل لم أيضا ‪ :‬من رب السموات السبع ورب العرش العظيم؟‬


‫‪ -87‬سيقرون بأنه هو ال ‪ .‬قل لم إذن ‪ :‬أل تافون عاقبة الشرك والكفر والعصيان‬
‫لصاحب هذا اللق العظيم؟‬
‫‪ -88‬قل لم أيضا ‪ :‬من بيده مُلْك كل شئ ‪ ،‬ومن له الكم الطلق ف كل شئ ‪ ،‬وهو‬
‫يمى بقدرته من يشاء ‪ ،‬ول يكن لحد أن يمى أحدا من عذابه؟ إن كنتم تعلمون‬
‫جوابا فأجيبوا ‪.‬‬
‫‪ -89‬سيقرون بأنه هو ال ‪ ،‬قل لم ‪ :‬إذن كيف تُخْدعون بالوى ووحى الشياطي ‪،‬‬
‫وتنصرفون عن طاعة ال ‪.‬‬
‫‪ -90‬لقد بيّنا لم الق على لسان الرسل ‪ ،‬وإنم لكاذبون ف كل ما يالف هذا الق‬
‫‪.‬‬
‫‪ -91‬ما اتذ ال له ولدا ‪ ،‬وقد تنّه عن ذلك ‪ ،‬وما كان له شريك ‪ .‬إذ لو كان له‬
‫شريك لستبد كل با خلق ‪ ،‬وصار له ملكه ‪ ،‬ولتناحر بعضهم مع بعض كما يُرى بي‬
‫اللوك ‪ ،‬ولفسد الكون بذا التنازع ‪ ،‬فتنه ال عما يقوله الشركون ما يالف الق ‪.‬‬
‫‪ -92‬هو ميط بكل شئ علما ‪ ،‬يعلم ما يغيب عنا وما يظهر لنا ‪ ،‬فتنه ال عما ينسبه‬
‫الكافرون إليه من وجود الشريك له ‪.‬‬
‫‪ -93‬قل ‪ -‬يا أيها النب ‪ : -‬يا رب ‪ ،‬إن أنزلت بم ما أوعدتم من العذاب ف‬
‫الدنيا ‪ ،‬وأنا موجود بينهم ‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫ك مَا َن ِعدُ ُه ْم َلقَادِرُونَ (‪)95‬‬
‫جعَلْنِي فِي الْ َقوْ ِم الظّالِ ِميَ (‪ )94‬وَِإنّا عَلَى أَ ْن ُن ِريَ َ‬
‫َربّ فَلَا تَ ْ‬
‫ب أَعُو ُذ ِبكَ ِمنْ‬
‫صفُونَ (‪َ )96‬وقُلْ َر ّ‬
‫ح ُن أَعْ َل ُم بِمَا يَ ِ‬
‫ادْفَ ْع بِالّتِي ِهيَ َأ ْحسَ ُن السّيَّئةَ نَ ْ‬
‫ضرُونِ (‪ )98‬حَتّى ِإذَا جَا َء أَ َح َدهُمُ‬
‫هَ َمزَاتِ الشّيَاطِيِ (‪َ )97‬وأَعُوذُ ِبكَ َربّ أَ ْن يَحْ ُ‬
‫الْمَ ْوتُ قَالَ َربّ ا ْر ِجعُونِ (‪َ )99‬لعَلّي أَ ْع َملُ صَالِحًا فِيمَا َترَكْتُ كَلّا ِإّنهَا كَلِ َم ٌة ُهوَ‬
‫ب بَيَْن ُهمْ‬
‫خ فِي الصّو ِر فَلَا أَْنسَا َ‬
‫خ ِإلَى َيوْمِ يُبْعَثُونَ (‪َ )100‬فإِذَا نُفِ َ‬
‫قَائِ ُلهَا َو ِمنْ وَرَاِئهِ ْم َبرْزَ ٌ‬
‫ك ُهمُ الْ ُمفْلِحُونَ (‪)102‬‬
‫ت َموَازِيُنهُ َفأُولَئِ َ‬
‫يَ ْومَِئذٍ َولَا يََتسَا َءلُونَ (‪ )101‬فَ َم ْن َثقُلَ ْ‬

‫‪ -94‬فأتوسل إليك أل تعلن معذبا مع القوم الكافرين الطاغي ‪.‬‬


‫‪ -95‬ونن قادرون تاما على أن نريك ما أوعدناهم به من العذاب نازل بم ‪ ،‬فاطمئن‬
‫لنصرنا ‪.‬‬
‫‪ -96‬استمر ف دعوتك وقابل إساءتم بالعمل الذى هو أحسن من العفو أو غيه ‪،‬‬
‫ونن عالون تاما با يصفونك به ‪ ،‬ويصفون دعوتك من سوء وافتراء ‪ ،‬وسنجازيهم‬
‫عليه ‪.‬‬
‫‪ -97‬وقل ‪ :‬يا رب أستعيذ بك من أثر وساوس الشياطي على نفسى بعملى ما ل‬
‫يرضيك ‪.‬‬
‫‪ -98‬وأستعيذ بك يا رب ‪ ،‬أن يكونوا معى ف أى عمل من العمال ‪ ،‬ليكون سليما‬
‫خالصا لوجهك الكري ‪.‬‬
‫‪ -99‬سيستمرون على تكذيبهم ‪ ،‬حت إذا َحلّ موعد موت أحدهم ندم ‪ ،‬وقال ‪ :‬يا‬
‫رب ُردّن إل الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -100‬لعمل عمل صالا فيما تركته من مال أو حياتى وعمرى ‪ ،‬ولن ياب إل‬
‫طلبه ‪ ،‬فهذا كلم يقوله دون فائدة ل يقبل منه ‪ ،‬ولو استُجيب له ل يعمل به ‪ ،‬ومع‬
‫ذلك فلن يعود أبدا ‪ ،‬فالوت حاجز بينهم وبي ما يتمنون إل أن يبعثهم ال ‪.‬‬
‫‪ -101‬فإذا جاء موعد البعث بعثناهم بدعوتم إل الروج من مقابرهم ‪ ،‬وذلك با‬
‫يشبه النفخ ف البوق فيجيئون متفرقي ‪ ،‬ل تنفع أحدا قرابة أحد ‪ ،‬ول يسأل بعضهم‬
‫بعضا شيئا ينفعه ‪ ،‬فلكل منهم يومئذ ما يشغله ‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫‪ -102‬فالعمل هو ميزان التقدير ‪ ،‬فمن كانت لم عقائد سليمة وأعمال صالة لا‬
‫وزن ف ميزان ال ‪ ،‬فأولئك هم الفائزون ‪.‬‬

‫س ُهمْ فِي َجهَنّ َم خَاِلدُونَ (‪ )103‬تَ ْلفَحُ‬


‫ت َموَازِينُ ُه َفأُولَِئكَ اّلذِي َن َخسِرُوا َأْنفُ َ‬
‫وَ َم ْن خَفّ ْ‬
‫وُجُو َه ُهمُ النّا ُر وَ ُه ْم فِيهَا كَالِحُونَ (‪َ )104‬ألَ ْم تَ ُكنْ َآيَاتِي تُتْلَى عَلَ ْيكُ ْم َفكُنُْتمْ ِبهَا‬
‫تُ َك ّذبُونَ (‪ )105‬قَالُوا َربّنَا غَلََبتْ عَلَيْنَا ِشقْ َوتُنَا وَكُنّا َقوْمًا ضَالّيَ (‪َ )106‬ربّنَا َأ ْخرِجْنَا‬
‫مِ ْنهَا َفإِنْ ُع ْدنَا َفِإنّا ظَالِمُونَ (‪ )107‬قَالَ ا ْخسَئُوا فِيهَا َولَا ُتكَلّمُونِ (‪ِ )108‬إنّهُ كَانَ‬
‫ت خَ ْيرُ الرّاحِ ِميَ (‪)109‬‬
‫َفرِي ٌق ِمنْ عِبَادِي َيقُولُونَ َربّنَا َآمَنّا فَا ْغ ِفرْ لَنَا وَارْحَمْنَا َوأَنْ َ‬
‫حكُونَ (‪)110‬‬
‫خ ِريّا حَتّى َأْنسَوْ ُك ْم ذِ ْكرِي وَكُنُْت ْم مِ ْن ُهمْ تَضْ َ‬
‫خ ْذتُمُوهُ ْم سِ ْ‬
‫فَاتّ َ‬

‫‪ -103‬ومن ل يكن لم حسنات أو أعمال لا وزن عند ال ‪ ،‬فأولئك هم الذين‬


‫خسروا أنفسهم ببيعها للشيطان ‪ ،‬وهم معذّبون ف النار ‪ ،‬خالدون فيها ‪.‬‬
‫‪ -104‬ترق النار وجوههم ‪ ،‬وهم فيها عابسون من سوء مصيهم ‪.‬‬
‫‪ -105‬يؤنبهم ال ويقول لم ‪ :‬قد كانت آياتى النلة ُتقْرأ عليكم ف الدنيا ‪ ،‬فكنتم‬
‫تكذبون با فيها ‪.‬‬
‫‪ -106‬قالوا مقرين بطئهم ‪ :‬ربنا كثرت معاصينا الت أورثتنا الشقاء ‪ ،‬وكنا بذلك‬
‫ضالي عن طريق الصواب ‪.‬‬
‫‪ -107‬وقالوا ‪ :‬ربنا ‪ ،‬أخرجنا من النار وأعدنا إل الدنيا ‪ ،‬فإن عدنا إل الكفر‬
‫والعصيان كنا ظالي لنفسنا ‪.‬‬
‫‪ -108‬قال ال لم تقيا ‪ :‬اسكتوا أذلء مهاني ‪ ،‬ول تكلمون مطلقا ‪.‬‬
‫‪ -109‬ما ظلمتكم بل ظلمتم أنفسكم ‪ ،‬إذ كان الؤمنون الصالون من عبادى‬
‫يقولون ف الدنيا ‪ :‬ربنا آمنا فاغفر لنا وارحنا وأنت خي الراحي ‪.‬‬
‫‪ -110‬فكنتم تسخرون منهم دائما ‪ ،‬حت أنساكم الشتغال بالسخرية منهم ذكرى‬
‫وعبادتى فلم تؤمنوا وتطيعوا ‪ ،‬وكنتم منهم تضحكون استهزاء ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫ِإنّي جَ َزيُْت ُهمُ الَْيوْ َم بِمَا صََبرُوا َأنّ ُه ْم هُ ُم اْلفَاِئزُونَ (‪ )111‬قَالَ َك ْم لَبِثُْت ْم فِي اْلأَرْضِ َع َددَ‬
‫سِنِيَ (‪ )112‬قَالُوا لَبِثْنَا َيوْمًا َأ ْو َبعْضَ َيوْ ٍم فَا ْسَألِ اْلعَادّينَ (‪ )113‬قَالَ إِ ْن لَبِثُْت ْم ِإلّا قَلِيلًا‬
‫حسِبُْتمْ َأنّمَا خَلَقْنَا ُكمْ عَبَثًا َوأَّنكُ ْم ِإلَيْنَا لَا ُترْ َجعُونَ (‬
‫لَ ْو َأنّ ُكمْ كُنُْت ْم َتعْلَمُونَ (‪َ )114‬أفَ َ‬
‫ع مَعَ‬
‫ب الْ َعرْشِ اْل َكرِيِ (‪َ )116‬و َمنْ َيدْ ُ‬
‫ح ّق لَا إَِل َه ِإلّا هُوَ َر ّ‬
‫‪ )115‬فََتعَالَى ال ّلهُ الْمَ ِلكُ الْ َ‬
‫ح اْلكَا ِفرُونَ (‪َ )117‬و ُقلْ‬
‫اللّ ِه ِإلَهًا َآ َخرَ لَا ُبرْهَا َن َلهُ ِب ِه َفإِنّمَا ِحسَاُبهُ عِ ْندَ َربّ ِه ِإنّ ُه لَا ُيفْلِ ُ‬
‫ت خَ ْيرُ الرّاحِمِيَ (‪)118‬‬
‫َربّ ا ْغ ِف ْر وَارْ َح ْم وََأنْ َ‬

‫‪ -111‬إن جزيتهم اليوم بالفلح ‪ ،‬لنم صبوا على سخريتكم وإيذائكم ‪.‬‬
‫‪ -112‬قال ال للكافرين ‪ :‬كم سنة عشتموها ف الدنيا؟ ‪.‬‬
‫‪ -113‬قالوا ‪ -‬استقصارا لدة معيشتهم بالنسبة لطول مكثهم ف العذاب ‪ : -‬عشنا‬
‫يوما أو بعض يوم ‪ ،‬فاسأل من يتمكنون من العدّ ‪ ،‬لنا مشغولون بالعذاب ‪.‬‬
‫‪ -114‬فيقول ال لم ‪ :‬ما عشتم ف الدنيا إل زمنا قليل ‪ .‬ولو أنكم كنتم تعلمون‬
‫عاقبة الكفر والعصيان وأن متاع الدنيا قليل ‪ ،‬لمنتم وأطعتم ‪.‬‬
‫‪ -115‬أظننتم أننا خلقناكم بغي حكمة فأفسدت ف الرض ‪ ،‬وظننتم أنكم ل تبعثون‬
‫لجازاتكم؟ كل ‪.‬‬
‫‪ -116‬العظمة ل ‪ -‬وحده ‪ -‬هو مالك اللك كله ‪ ،‬ل معبود بق سواه ‪ ،‬هو صاحب‬
‫العرش العظيم ‪.‬‬
‫‪ -117‬ومن يعبد مع ال إلا آخر ل دليل له على استحقاقه العبودية ‪ .‬فإن ال يعاقبه‬
‫على شركه ل مالة ‪ ،‬إن الكافرين ل يفلحون ‪ ،‬وإنا الذى يفلح هم الؤمنون ‪.‬‬
‫‪ -118‬وقل ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬داعيا ال ضارعا إليه ‪ : -‬يا رب اغفر ل ذنب ‪،‬‬
‫وارحن فأنت خي الراحي ‪ ،‬لن رحتك واسعة وقريبة من الحسني ‪.‬‬

‫سُو َر ٌة َأْنزَلْنَاهَا َوفَرَضْنَاهَا َوَأنْ َزلْنَا فِيهَا َآيَاتٍ بَيّنَاتٍ َلعَ ّلكُ ْم َتذَ ّكرُونَ (‪ )1‬الزّانِيَ ُة وَالزّانِي‬
‫فَاجْ ِلدُوا ُك ّل وَا ِحدٍ مِ ْنهُمَا مَِئةَ جَ ْل َدةٍ وَلَا تَ ْأ ُخذْكُ ْم ِبهِمَا َرْأفَ ٌة فِي دِينِ ال ّلهِ إِنْ كُنُْتمْ‬
‫ش َهدْ َعذَاَبهُمَا طَاِئفَ ٌة ِمنَ الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪)2‬‬
‫تُ ْؤمِنُونَ بِال ّلهِ وَالْيَوْ ِم اْلآَ ِخ ِر َولْيَ ْ‬

‫‪114‬‬
‫‪ -1‬هذه سورة أوحينا با وأوجبنا أحكامها ‪ .‬ونزلنا فيها دلئل واضحة على قدرة ال‬
‫ووحدانيته ‪ .‬وعلى أن هذا الكتاب من عند ال ‪ ،‬لتتعظوا با ‪.‬‬
‫‪ -2‬ومن تلك الحكام حكم الزانية والزان فاضربوا كل واحد منهما مائة جلدة ‪،‬‬
‫ول ينعكم شئ من الرأفة بما عن تنفيذ الكم ‪ ،‬إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ‪.‬‬
‫لن مقتضى اليان إيثار رضا ال على رضا الناس ‪ ،‬ولْيحضر تنفيذ الكم فيهما جاعة‬
‫من الؤمني ‪ .‬ليكون العقاب فيه ردع لغيها ‪.‬‬

‫حهَا ِإلّا زَا ٍن َأ ْو ُمشْرِ ٌك َو ُحرّ َم َذلِكَ‬


‫ح ِإلّا زَانَِيةً َأ ْو ُمشْرِ َك ًة وَالزّانَِي ُة لَا يَ ْنكِ ُ‬
‫الزّانِي لَا يَ ْنكِ ُ‬
‫ت ُثمّ َلمْ يَ ْأتُوا ِبأَ ْربَ َعةِ ُش َهدَاءَ فَاجْ ِلدُو ُهمْ‬
‫عَلَى الْمُ ْؤمِنِيَ (‪ )3‬وَالّذِينَ َي ْرمُو َن الْمُحْصَنَا ِ‬
‫ي جَلْ َد ًة َولَا َتقْبَلُوا َلهُ ْم َشهَا َدةً أََبدًا َوأُولَِئكَ ُه ُم الْفَا ِسقُونَ (‪ِ )4‬إلّا الّذِينَ تَابُوا ِمنْ‬
‫ثَمَانِ َ‬
‫ك َوأَصْلَحُوا َفإِ ّن اللّهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪)5‬‬
‫َبعْ ِد َذلِ َ‬

‫‪ -3‬البيث الذى من دأبه الزنا ‪ ،‬ل يرغب إل ف نكاح خبيثة عرفت الزنا أو‬
‫الشرك ‪ ،‬والبيثة الت من دأبا الزنا ل يرغب ف نكاحها إل خبيث عرف بالزنا أو‬
‫الشرك ‪ .‬ول يليق هذا النكاح بالؤمني لا فيه من التشبه بالفسق ‪ .‬والتعرض للتهم ‪.‬‬
‫‪ -4‬والذين يتهمون العفيفات النيهات بالزنا ‪ ،‬ث ل يأتوا بأربعة شهود يثبتون صدق‬
‫التام ‪ ،‬فعاقبوهم بالضرب ثاني جلدة وبعدم قبول شهادتم على أى شئ كان مدى‬
‫الياة ‪ ،‬فهؤلء هم الديرون باسم الارجي خروجا شنيعا على حدود الدين ‪.‬‬
‫‪ -5‬لكن من تاب منهم فندم على هذه العصية ‪ ،‬وعزم على الطاعة وظهر صدق توبته‬
‫بصدق سلوكه ‪ ،‬فإن ال يتجاوز عن عقابه ‪.‬‬

‫شهَا َدةُ َأ َحدِ ِهمْ أَ ْربَعُ‬


‫س ُهمْ َف َ‬
‫وَاّلذِي َن َيرْمُو َن أَ ْزوَا َجهُ ْم َولَ ْم يَ ُك ْن َلهُ ْم ُشهَدَا ُء ِإلّا َأْنفُ ُ‬
‫سةُ أَ ّن َلعَْنةَ ال ّلهِ عَلَ ْي ِه إِنْ كَا َن ِمنَ اْلكَا ِذبِيَ‬
‫ت بِال ّلهِ ِإّنهُ لَ ِمنَ الصّادِقِيَ (‪ )6‬وَالْخَا ِم َ‬
‫شَهَادَا ٍ‬
‫سةَ‬
‫ش َهدَ أَ ْربَ َع َشهَادَاتٍ بِاللّ ِه ِإّنهُ لَ ِم َن الْكَاذِبِيَ (‪ )8‬وَالْخَا ِم َ‬
‫(‪ )7‬وََيدْ َرأُ عَ ْنهَا اْل َعذَابَ أَ ْن َت ْ‬
‫ضلُ ال ّلهِ عَلَ ْي ُكمْ وَرَحْمَُت ُه َوأَنّ‬
‫ب ال ّلهِ عَلَ ْيهَا إِنْ كَانَ مِ َن الصّا ِدقِيَ (‪ )9‬وََل ْولَا فَ ْ‬
‫أَنّ غَضَ َ‬
‫اللّ َه َتوّابٌ َحكِيمٌ (‪)10‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ -6‬والذين يتهمون زوجاتم بالزنا ‪ ،‬ول يكن هناك عدد يشهد بصدق اتامهم ‪،‬‬
‫فيطالب الواحد منهم ليدفع عن نفسه الد والعقوبة بأن يشهد بال أربع مرات أنه‬
‫صادق ف هذا التام ‪.‬‬
‫‪ -7‬ويذكر ف الرة الامسة أنه يستحق الطرد من رحة ال إن كان من الكاذبي ف‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫‪ -8‬ولو سكتت الزوجة بعد ذلك أقيم عليها عقوبة الزنا ‪ ،‬ولكى تدفع عنها العقوبة‬
‫يب عليها أن تشهد بال أربع مرات أن الزوج كاذب ف اتامه إياها بالزنا ‪.‬‬
‫‪ -9‬وتذكر ف الرة الامسة أنا تستحق أن ينل با غضب ال ‪ ،‬إن كان من الصادقي‬
‫ف هذا التام ‪.‬‬
‫‪ -10‬ولول تفضل ال عليكم ورحته بكم ‪ -‬وإنه كثي قبول التوبة من عباده ‪،‬‬
‫وحكيم ف كل أفعاله ‪ -‬لا شرع لكم هذه الحكام ‪ ،‬ولعجل عقوبتكم ف الدنيا على‬
‫العصية ‪.‬‬

‫حسَبُوهُ َشرّا َل ُكمْ َب ْل هُ َو خَ ْيرٌ َل ُكمْ ِل ُكلّ ا ْمرِئٍ‬


‫صَبةٌ مِ ْن ُكمْ لَا تَ ْ‬
‫إِنّ اّلذِينَ جَاءُوا بِالِْإفْكِ عُ ْ‬
‫ب ِم َن الِْإْثمِ وَالّذِي َتوَلّى كِ ْب َرهُ مِ ْن ُه ْم َلهُ َعذَابٌ عَظِيمٌ (‪ )11‬لَ ْولَا ِإذْ‬
‫مِ ْنهُ ْم مَا اكَْتسَ َ‬
‫س ِهمْ خَ ْيرًا َوقَالُوا َهذَا ِإ ْفكٌ مُبِيٌ (‪َ )12‬ل ْولَا‬
‫سَ ِمعْتُمُوهُ َظنّ الْ ُم ْؤمِنُونَ وَالْ ُمؤْمِنَاتُ ِبَأنْ ُف ِ‬
‫شهَدَا ِء َفأُولَِئكَ عِ ْندَ ال ّل ِه هُ ُم الْكَاذِبُونَ (‪)13‬‬
‫جَاءُوا عَلَ ْي ِه ِبأَ ْربَ َعةِ ُش َهدَاءَ فَِإ ْذ َلمْ َي ْأتُوا بِال ّ‬
‫ضلُ ال ّلهِ عَلَ ْي ُكمْ وَرَحْمَُت ُه فِي الدّنْيَا وَاْلآَ ِخ َر ِة لَ َمسّ ُك ْم فِي مَا َأفَضُْت ْم فِيهِ َعذَابٌ‬
‫وََل ْولَا فَ ْ‬
‫حسَبُوَنهُ‬
‫س َل ُكمْ ِبهِ عِ ْل ٌم َوتَ ْ‬
‫عَظِيمٌ (‪ِ )14‬إذْ تَ َل ّقوَْن ُه بَِأْلسِنَِتكُ ْم َوتَقُولُو َن ِبأَ ْفوَا ِهكُ ْم مَا لَيْ َ‬
‫هَيّنًا َوهُوَ عِ ْن َد ال ّلهِ عَظِيمٌ (‪)15‬‬

‫‪ -11‬إن الذين اخترعوا الكذب الصارف عن كل هداية بالنسبة لعائشة زوج النب ‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ -‬إذ أشاعوا حولا الفك والكذب ‪ -‬هم جاعة من يعيشون‬
‫معكم ‪ ،‬ل تظنوا هذه الادثة شرا لكم بل هى خي لكم ‪ ،‬لنا ميّزت النافقي من‬
‫الؤمني الالصي ‪ ،‬وأظهرت كرامة البئي منها ‪ ،‬والتألي ‪ ،‬ولكل شخص من هذه‬
‫الماعة التهمة جزاؤه على مقدار اشتراكه ف هذا التام ‪ ،‬ورأس هذه الماعة له‬

‫‪116‬‬
‫عذاب عظيم لعظم جرمه ‪.‬‬
‫‪ -12‬كان مقتضى اليان أنكم عند ساع خب التهمة؛ أن يظن الؤمنون والؤمنات‬
‫بأنفسهم خيا من العفاف والطهر ‪ ،‬وأن يقولوا ف إنكار ‪ :‬هذا كذب واضح‬
‫البطلن ‪ ،‬لتعلقه بأكرم الرسلي وأكرم الصديقات ‪.‬‬
‫‪ -13‬هلّ أحضر القائمون بالتام أربعة شهود يشهدون على ما قالوا؟ إنم ل يفعلوا‬
‫ذلك ‪ .‬وإذ ل يفعلوا فأولئك ف حكم ال هم الكاذبون ‪.‬‬
‫‪ -14‬ولول تفضل ال عليكم ببيان الحكام ‪ ،‬ورحته لكم ف الدنيا بعدم التعجيل‬
‫بالعقوبة وف الخرة بالغفرة لنل بكم عذاب عظيم بسبب الوض ف هذه التهمة ‪.‬‬
‫‪ -15‬فقد تناقلتم الب بألسنتكم وأشعتموه بينكم ‪ ،‬ول يكن عندكم علم بصحته ‪،‬‬
‫وتظنون أن هذا العمل هي ‪ ،‬ل يعاقب ال عليه ‪ ،‬أو يكون عقابه يسيا مع أنه خطي‬
‫يعاقب ال عليه أشد العقاب ‪.‬‬

‫وََل ْولَا ِإذْ سَ ِمعْتُمُو ُه قُلُْت ْم مَا َيكُو ُن لَنَا أَنْ نََتكَ ّلمَ بِ َهذَا سُبْحَاَنكَ َهذَا ُبهْتَانٌ عَظِيمٌ (‪)16‬‬
‫َيعِظُ ُكمَ ال ّل ُه أَنْ تَعُودُوا لِمِثْ ِلهِ َأَبدًا إِنْ كُنُْت ْم ُم ْؤمِنِيَ (‪َ )17‬ويُبَّينُ ال ّل ُه لَ ُكمُ اْل َآيَاتِ وَال ّلهُ‬
‫ب أَلِيمٌ‬
‫عَلِي ٌم حَكِيمٌ (‪ )18‬إِنّ اّلذِينَ يُحِبّو َن أَ ْن َتشِي َع اْلفَا ِحشَ ُة فِي اّلذِينَ َآمَنُوا َل ُهمْ َعذَا ٌ‬
‫ضلُ ال ّلهِ عَلَ ْي ُكمْ وَرَحْمَُتهُ‬
‫فِي الدّنْيَا وَاْلآَ ِخ َرةِ وَال ّلهُ َيعْ َلمُ َوَأنْتُ ْم لَا َتعْلَمُونَ (‪ )19‬وََل ْولَا فَ ْ‬
‫وَأَ ّن ال ّلهَ رَءُوفٌ َرحِيمٌ (‪ )20‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا لَا تَتِّبعُوا خُطُوَاتِ الشّيْطَانِ وَ َم ْن يَتّبِعْ‬
‫ض ُل اللّهِ عَ َل ْيكُ ْم وَ َرحْمَُتهُ مَا زَكَا‬
‫حشَا ِء وَالْمُ ْنكَ ِر َولَ ْولَا فَ ْ‬
‫خُطُوَاتِ الشّيْطَانِ فَِإّنهُ َي ْأ ُمرُ بِالْفَ ْ‬
‫مِنْ ُك ْم ِمنْ َأ َحدٍ َأَبدًا َولَ ِكنّ ال ّل َه ُيزَكّي َمنْ َيشَا ُء وَال ّل ُه سَمِيعٌ َعلِيمٌ (‪)21‬‬

‫‪ -16‬وكان ينبغى عند ساع هذا القول الباطل أن تنصحوا بعدم الوض فيه ‪ ،‬لنه‬
‫غي لئق بكم ‪ ،‬وأن تتعجبوا من اختراع هذا النوع القبيح الطي من الكذب ‪.‬‬
‫‪ -17‬وأن ال ينهاكم أن تعودوا لثل هذه العصية البتّة إن كنتم مؤمني حقا ‪ ،‬لن‬
‫وصف اليان يتناف معها ‪.‬‬
‫‪ -18‬وينل ال لكم اليات الدالة على الحكام واضحة جلية ‪ .‬وال واسع العلم ل‬
‫يغيب عنه شئ من أعمالكم ‪ ،‬وهو الكيم ف كل ما يشرع ويلق ‪ ،‬فكل شرعه‬

‫‪117‬‬
‫وخلقه على مقتضى الكمة ‪.‬‬
‫‪ -19‬إن الذين يبون أن ُيفْشوا ذكر القبائح ‪ ،‬فيفشوا معه القبائح نفسها بي‬
‫الؤمني ‪ ،‬لم عذاب مؤل ف الدنيا بالعقوبة القررة ‪ ،‬وف الخرة بالنار إن ل يتوبوا ‪.‬‬
‫وال عليم بميع أحوالكم الظاهرة والباطنة ‪ ،‬وأنتم ل تعلمون ما يعلمه ‪.‬‬
‫‪ -20‬ولول فضل ال عليكم ورحته بكم ‪ ،‬وأنه شديد الرأفة واسع الرحة ‪ ،‬لَما بيّن‬
‫لكم الحكام ‪ ،‬ولعجّل عقوبتكم ف الدنيا بالعصية ‪.‬‬
‫‪ -21‬يا أيها الذين آمنوا حصّنوا أنفسكم باليان ‪ ،‬ول تسيوا وراء الشيطان الذى‬
‫يركم إل إشاعة الفاحشة والعاصى بينكم ‪ .‬ومن يتبع الشيطان فقد عصى ‪ ،‬لنه يأمر‬
‫بكبائر الذنوب وقبائح العاصى ‪ ،‬ولول فضل ال عليكم ورحته بكم ببيان الحكام‬
‫وقبول توبة العصاة ما طهر أحد منكم من دنس العصيان ‪ .‬ولكن ال يطهر من يتجه‬
‫إل ذلك بتوفيقه للبعد عن العصية ‪ ،‬أو مغفرتا له بالتوبة ‪ ،‬وال سيع لكل قول ‪ ،‬عليم‬
‫بكل شئ ‪ ،‬ومازيكم عليه ‪.‬‬

‫ي وَالْ ُمهَا ِجرِي َن فِي‬


‫س َعةِ أَ ْن ُي ْؤتُوا أُولِي الْ ُق ْربَى وَالْ َمسَاكِ َ‬
‫وَلَا َيأَْتلِ أُولُو اْلفَضْ ِل مِ ْنكُ ْم وَال ّ‬
‫صفَحُوا َألَا تُحِبّو َن أَ ْن َي ْغفِ َر ال ّلهُ َل ُكمْ وَاللّهُ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ )22‬إِنّ‬
‫سَبِيلِ ال ّلهِ َولَْي ْعفُوا َولْيَ ْ‬
‫ت لُعِنُوا فِي ال ّدنْيَا وَالْ َآ ِخرَ ِة َوَلهُمْ َعذَابٌ‬
‫الّذِينَ َي ْرمُو َن الْمُحْصَنَاتِ اْلغَافِلَاتِ الْ ُم ْؤمِنَا ِ‬
‫ش َهدُ عَلَ ْي ِهمْ َأْلسِنَُت ُهمْ َوَأيْدِيهِ ْم َوأَرْجُ ُل ُهمْ بِمَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪)24‬‬
‫عَظِيمٌ (‪ )23‬يَوْ َم َت ْ‬
‫ح ّق الْمُبِيُ (‪)25‬‬
‫ح ّق َويَعْلَمُو َن أَ ّن اللّ َه ُهوَ الْ َ‬
‫يَ ْومَِئذٍ ُي َوفّيهِ ُم ال ّلهُ دِيَن ُهمُ الْ َ‬

‫‪ -22‬ول يَحّلِف الصالون وذوو اليسار منكم على أن ينعوا إحسانم من يستحقونه‬
‫من القارب والساكي والهاجرين ف سبيل ال وغيهم لسبب من السباب الشخصية‬
‫‪ ،‬كإساءتم إليهم ‪ ،‬ولكن ينبغى أن يساموهم ويعرضوا عن مازاتم ‪ ،‬وإذا كنتم تبون‬
‫أن يعفو ال عن سيئاتكم فافعلوا مع السئ إليكم مثل ما تبون أن يفعل بكم ربكم ‪،‬‬
‫وتأدبوا بأدبه فهو واسع الغفرة والرحة ‪.‬‬
‫‪ -23‬إن الذين يتهمون بالزنا الؤمنات العفيفات الطاهرات ‪ ،‬اللتى ل يظن فيهن‬
‫ذلك ‪ ،‬بل هن لفرط انصرافهن إل ال غافلت عما يُقال عنهن ‪ ،‬يُبعدهم ال عن رحته‬

‫‪118‬‬
‫ف الدنيا والخرة ‪ ،‬ولم عذاب عظيم إن ل يتوبوا ‪.‬‬
‫‪ -24‬ذلك العذاب يكون يوم القيامة حيث ل سبيل للنكار ‪ ،‬بل يثبت عليهم ما‬
‫ارتكبوا إذ تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بميع ما ارتكبوا من آثام ‪ ،‬وذلك‬
‫بظهور آثار ما عملوه عليها ‪ ،‬أو بأن يُنطقها ال الذى أنطق كل شئ ‪.‬‬
‫‪ -25‬ف ذلك اليوم يعاقبهم ال العقاب القرر لم كاملً غي منقوص ‪ ،‬وهنا يعلمون‬
‫علم اليقي أُلوهية ال وأحكام شريعته ‪ ،‬وصدق وعده ووعيده ‪ ،‬لن كل ذلك واضح‬
‫دون خفاء ‪.‬‬

‫ت أُولَِئكَ‬
‫ي وَالطّيّبُونَ لِلطّيّبَا ِ‬
‫ت وَالطّيّبَاتُ لِلطّيّبِ َ‬
‫ي وَالْخَبِيثُونَ لِ ْلخَبِيثَا ِ‬
‫ت لِلْخَبِيِث َ‬
‫الْخَبِيثَا ُ‬
‫مَُبرّءُونَ مِمّا َيقُولُو َن َلهُ ْم َمغْ ِف َرةٌ وَرِزْقٌ َكرِيٌ (‪ )26‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا لَا َتدْخُلُوا بُيُوتًا‬
‫غَ ْي َر بُيُوِت ُكمْ حَتّى َتسَْت ْأِنسُوا َوُتسَلّمُوا عَلَى َأهْ ِلهَا َذِلكُ ْم خَ ْيرٌ َل ُكمْ َلعَ ّلكُ ْم َتذَ ّكرُونَ (‪)27‬‬
‫جدُوا فِيهَا َأ َحدًا فَلَا َت ْدخُلُوهَا حَتّى ُي ْؤذَ َن لَ ُكمْ وَإِ ْن قِي َل لَ ُكمُ ارْ ِجعُوا فَا ْرجِعُوا‬
‫َفإِنْ َل ْم تَ ِ‬
‫ح أَ ْن َتدْخُلُوا بُيُوتًا غَ ْيرَ‬
‫هُ َو أَزْكَى لَ ُكمْ وَال ّلهُ بِمَا َتعْمَلُونَ عَلِيمٌ (‪ )28‬لَيْسَ عَلَ ْي ُكمْ جُنَا ٌ‬
‫ي َيغُضّوا‬
‫ع َلكُ ْم وَال ّل ُه يَعْ َل ُم مَا تُ ْبدُونَ َومَا َتكْتُمُونَ (‪ُ )29‬قلْ لِلْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫َمسْكُوَن ٍة فِيهَا مَتَا ٌ‬
‫ك أَزْكَى َل ُهمْ إِ ّن ال ّلهَ خَبِيٌ بِمَا يَصَْنعُونَ (‪)30‬‬
‫حفَظُوا ُفرُوجَ ُه ْم َذلِ َ‬
‫ِمنْ َأبْصَا ِرهِ ْم َويَ ْ‬

‫‪ -26‬البيثات من النساء َي ُكنّ للخبيثي من الرجال ‪ ،‬والبيثون من الرجال يكونون‬


‫للخبيثات من النساء ‪ ،‬وكذلك الطيبات من النساء يكن للطيبي من الرجال ‪،‬‬
‫والطيبون من الرجال يكونون للطيبات من النساء ‪ ،‬فكيف يُتصور السوء ف الطيبة‬
‫الصونة زوج المي ‪ ،‬والرسول الكري ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وهؤلء الطيبون‬
‫مبّأون من التهم الت يصفهم با البيثون ‪ ،‬ولم مغفرة من ال على ما ل يلو منه‬
‫البشر من صغار الذنوب ‪ ،‬وإكرام عظيم بنعيم النة ‪ ،‬وطيباتا ‪.‬‬
‫‪ -27‬يا أيها الذين آمنوا ل تدخلوا بيوتا ليست لكم إل بعد أن تطلبوا الذن من‬
‫ساكنيها ويسمح لكم بالدخول ‪ ،‬وبعد أن تلقوا تية السلم على ساكنيها ‪ .‬ذلك‬
‫الستئذان والسلم خي لكم من الدخول بدونما ‪ ،‬وشرعه ال لكم لتتعظوا وتعملوا‬
‫به ‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫‪ -28‬فإن ل تدوا ف هذه البيوت أحدا يأذن لكم ‪ ،‬فل تدخلوا حت يئ من يسمح‬
‫لكم به ‪ .‬وإن ل يُسمح لكم وطُلب منكم الرجوع فارجعوا ‪ ،‬ول تلحوا ف طلب‬
‫السماح بالدخول ‪ ،‬فإن الرجوع أكرم بكم وأطهر لنفوسكم ‪ ،‬وال مطلع على كل‬
‫أحوالكم ومازيكم عليها فل تالفوا إرشاداته ‪.‬‬
‫‪ -29‬وإذا أردت دخول بيوت عامة غي مسكونة بقوم مصوصي ‪ ،‬ولكم فيها حاجة‬
‫كالوانيت والفنادق ودور العبادة فل حرج عليكم إن دخلتم بدون استئذان ‪ ،‬وال‬
‫عال أت العلم بميع أعمالكم الظاهرة والباطنة فاتقوا مالفته ‪.‬‬
‫‪ -30‬قل ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬للمؤمني ‪ -‬مذرا لم ما يوصل إل الزنا ويعرض للتهم ‪-‬‬
‫‪ :‬إنم مأمورون أل ينظروا إل ما يرم النظر إليه من عورات النساء ومواطن الزينة‬
‫منهن ‪ ،‬وأن يصونوا فروجهم بسترها وبعدم التصال غي الشروع ‪ ،‬ذلك الدب‬
‫أكرم بم وأطهر لم وأبعد عن الوقوع ف العصية والتهم ‪ .‬إن ال عال أت العلم بميع‬
‫ما يعملون ومازيهم على ذلك ‪.‬‬

‫حفَ ْظنَ ُفرُو َج ُه ّن وَلَا يُبْدِينَ زِينََتهُ ّن ِإلّا مَا َظ َهرَ‬


‫ض َن ِمنْ َأبْصَا ِرهِ ّن َويَ ْ‬
‫َوقُ ْل لِلْ ُم ْؤمِنَاتِ يَغْضُ ْ‬
‫ضرِْب َن بِخُ ُم ِر ِهنّ عَلَى جُيُوبِ ِه ّن وَلَا يُ ْبدِينَ زِينََت ُهنّ ِإلّا لُِبعُولَِت ِه ّن أَوْ َآبَاِئهِ ّن َأوْ َآبَاءِ‬
‫مِ ْنهَا َولْيَ ْ‬
‫ُبعُولَِتهِ ّن َأوْ َأبْنَائِ ِه ّن أَ ْو َأبْنَاءِ بُعُولَتِ ِه ّن َأوْ ِإخْوَانِ ِه ّن َأوْ بَنِي ِإ ْخوَاِن ِهنّ َأوْ بَنِي أَ َخوَاِت ِهنّ َأوْ‬
‫ِنسَاِئ ِهنّ َأوْ مَا مَ َلكَتْ َأيْمَاُنهُ ّن َأوِ التّابِعِيَ غَ ْي ِر أُولِي اْلإِرَْب ِة ِمنَ الرّجَا ِل َأوِ ال ّط ْفلِ اّلذِينَ‬
‫ي ِمنْ زِينَِت ِهنّ َوتُوبُوا‬
‫خفِ َ‬
‫ضرِْبنَ بِأَ ْرجُ ِل ِهنّ لُِيعْ َلمَ مَا يُ ْ‬
‫َلمْ يَ ْظ َهرُوا عَلَى َعوْرَاتِ الّنسَاءِ وَلَا يَ ْ‬
‫حيَ‬
‫ِإلَى ال ّل ِه جَمِيعًا َأّيهَا الْ ُمؤْمِنُو َن َلعَلّ ُكمْ ُتفْلِحُونَ (‪ )31‬وََأْنكِحُوا الَْأيَامَى مِ ْن ُكمْ وَالصّالِ ِ‬
‫ِمنْ عِبَادِكُ ْم َوإِمَائِ ُكمْ إِ ْن َيكُونُوا ُف َقرَا َء ُيغِْن ِهمُ ال ّلهُ مِ ْن فَضْ ِل ِه وَال ّلهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (‪)32‬‬

‫‪ -31‬قل أيضا ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬للمؤمنات ‪ :‬إنن مأمورات بكف نظرهن عما يرم‬
‫صنّ فروجهن بالستر وعدم التصال غي الشروع ‪ ،‬وأل يُظهرن‬
‫النظر إليه ‪ ،‬وأن يَ ُ‬
‫للرجال ما يغريهم من الحاسن اللقية والزينة كالصدر والعضد والقلدة ‪ ،‬إل ما يظهر‬
‫من غي إظهار كالوجه واليد ‪ ،‬واطلب منهن ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬أن يسترن الواضع الت‬
‫تبدو من فتحات اللبس ‪ ،‬كالعنق والصدر ‪ ،‬وذلك بأن يسترن عليها أغطية رؤوسهن‬

‫‪120‬‬
‫‪ ،‬وأل يسمحن بظهور ماسنهن ‪ ،‬إل لزواجهن والقارب الذين يرم عليهم التزوج‬
‫منهن تريا مؤبدا كآبائهن أو آباء أزواجهن ‪ ،‬أو أبنائهن أو أبناء أزواجهن من‬
‫غيهن ‪ ،‬أو إخوانن أو أبناء إخوانن ‪ ،‬ومثل هؤلء صواحبهن ‪ ،‬وسواء منهن الرائر‬
‫والملوكات ‪ ،‬والرجال الذين يعيشون معهن ‪ ،‬ول يوجد عندهم الاجة واليل للنساء‬
‫كالطاعني ف السن ‪ ،‬وكذلك الطفال الذين ل يبلْغوا حد الشهوة ‪ ،‬واطلب منهن‬
‫أيضا أل يفعلن شيئا يلفت أنظار الرجال إل ما خفى من الزينة ‪ ،‬وذلك كالضرب ف‬
‫الرض بأرجلهن ‪ ،‬ليسمع صوت خلخيلهن الستترة بالثياب ‪ ،‬وتوبوا إل ال جيعا ‪-‬‬
‫أيها الؤمنون ‪ -‬فيما خالفتم فيه أمر ال ‪ ،‬والتزموا آداب الدين لتسعدوا ف دنياكم‬
‫وأخراكم ‪.‬‬
‫‪ -32‬وأعينوا على البتعاد عن الزنا وما يوصل إليه بتزويج من ل يتزوج م ْن رجالكم‬
‫ونسائكم ‪ ،‬و َمنْ كان صالا من ماليككم كذلك ‪ ،‬ول تكن رقة الال مانعة من‬
‫الزواج فإن ال سيهيئ وسائل العيش الكري لن أراد إعفاف نفسه ‪ ،‬وفضل ال واسع‬
‫ل يثقله إغناء الناس ‪ ،‬هو عال أت العلم بالنيات وبكل ما يرى ف الكون ‪.‬‬

‫جدُو َن ِنكَاحًا حَتّى ُيغْنَِي ُهمُ ال ّلهُ ِم ْن فَضْ ِلهِ وَاّلذِينَ يَبَْتغُو َن الْكِتَابَ‬
‫وَلَْيسَْت ْعفِفِ اّلذِي َن لَا يَ ِ‬
‫ت َأيْمَانُ ُكمْ َفكَاتِبُوهُ ْم إِنْ عَ ِلمُْتمْ فِي ِه ْم خَ ْيرًا وَ َآتُو ُهمْ ِم ْن مَا ِل اللّ ِه الّذِي َآتَا ُكمْ‬
‫مِمّا مَ َلكَ ْ‬
‫ض الْحَيَا ِة ال ّدنْيَا َو َمنْ‬
‫وَلَا تُ ْك ِرهُوا فَتَيَاِتكُمْ عَلَى الِْبغَا ِء إِ ْن أَ َردْ َن تَحَصّنًا لِتَبَْتغُوا َعرَ َ‬
‫يُ ْك ِرهّ ّن َفإِ ّن اللّ َه ِمنْ َب ْعدِ إِ ْكرَا ِههِنّ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪َ )33‬وَلقَ ْد َأنْ َزلْنَا ِإلَ ْي ُكمْ َآيَاتٍ مُبَيّنَاتٍ‬
‫وَمَثَلًا ِمنَ اّلذِي َن خَ َلوْا ِمنْ قَبْ ِل ُكمْ َو َموْعِ َظةً لِلْمُّتقِيَ (‪)34‬‬

‫‪ -33‬والذين ل يدون القدرة على مؤونات الزواج ‪ ،‬فعليهم أن يسلكوا وسيلة‬


‫أخرى كالصوم والرياضة ‪ .‬والعمال العقلية ‪ ،‬يعفون با أنفسهم ‪ ،‬حت يهيئ ال لم‬
‫من فضله ما يستطيعون به الزواج ‪ ،‬والرقاء الذين يطلبون منكم تعاقدا على دفع‬
‫عوض مقابل عتقهم ‪ ،‬عليكم أن تيبوهم إل ما طلبوا ‪ ،‬إنْ علمتم أنم سيصدقون ف‬
‫الوفاء ويستطيعون الداء ‪ ،‬وعليكم أن تساعدوهم على الوفاء با تعاقدوا عليه ‪،‬‬
‫وذلك مثل بتخفيض ما اتفقتم عليه أو إعطائهم بعض الال الذى أنعم ال به عليكم‬

‫‪121‬‬
‫بالزكاة أو الصدقة ‪ .‬ويرم عليكم أن تعلوا جواريكم وسيلة للكسب الدنيوى‬
‫الرخيص باحتراف البغاء وتكرهوهن عليه ‪ .‬كيف تُكرِهُو ُهنّ وهن يردن العفاف؟ ومن‬
‫يكرههن عليه فإن ال يغفر لن يكرهونن بالتوبة عن الكراه ‪ .‬لن ال واسع الغفرة‬
‫والرحة ‪.‬‬
‫‪ -34‬ولقد أنزلنا إليكم ف هذه السورة وغيها آيات واضحة مبينة للحكام ‪ ،‬وأنزلنا‬
‫إليكم أمثلة من أحوال السابقي ‪ .‬وإرشادات ومواعظ يفيد منها الائفون من ال ‪.‬‬

‫ح فِي ُزجَا َجةٍ‬


‫ح الْمِصْبَا ُ‬
‫شكَا ٍة فِيهَا مِصْبَا ٌ‬
‫ض مََث ُل نُو ِرهِ كَ ِم ْ‬
‫اللّ ُه نُورُ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬
‫ج َرةٍ مُبَارَ َكةٍ َزيْتُوَن ٍة لَا َش ْرقِيّ ٍة َولَا َغ ْربِّيةٍ يَكَادُ‬
‫ي يُو َقدُ ِم ْن شَ َ‬
‫ب دُرّ ّ‬
‫ال ّزجَا َجةُ َكَأّنهَا َكوْكَ ٌ‬
‫ب اللّهُ‬
‫ضرِ ُ‬
‫س ُه نَا ٌر نُورٌ عَلَى نُو ٍر َي ْهدِي ال ّلهُ لِنُو ِر ِه َمنْ َيشَا ُء َويَ ْ‬
‫سْ‬‫َزيُْتهَا يُضِي ُء َولَ ْو َلمْ تَ ْم َ‬
‫ت َأذِنَ ال ّل ُه أَ ْن ُترْفَ َع َوُيذْ َكرَ فِيهَا‬
‫الَْأمْثَا َل لِلنّاسِ وَاللّ ُه ِبكُ ّل شَيْءٍ عَلِيمٌ (‪ )35‬فِي بُيُو ٍ‬
‫ح َلهُ فِيهَا بِاْل ُغدُ ّو وَاْلآَصَالِ (‪ِ )36‬رجَا ٌل لَا تُ ْلهِي ِهمْ تِجَا َر ٌة َولَا بَيْعٌ َعنْ ذِ ْكرِ‬
‫اسْ ُم ُه ُيسَبّ ُ‬
‫ب وَاْلَأبْصَارُ (‪)37‬‬
‫ب فِي ِه الْقُلُو ُ‬
‫اللّ ِه َوإِقَا ِم الصّلَاةِ َوإِيتَا ِء الزّكَاةِ يَخَافُو َن يَ ْومًا تََتقَلّ ُ‬

‫‪ -35‬ال مصدر النور ف السموات والرض ‪ ،‬فهو منورها بكل نور حسى نراه‬
‫ونسي فيه ‪ ،‬وبكل نور معنوى ‪ ،‬كنور الق والعدل ‪ ،‬والعلم والفضيلة ‪ ،‬والدى‬
‫واليان ‪ ،‬وبالشواهد والثار الت أودعها ملوقاته ‪ ،‬وبكل ما يدل على وجود ال‬
‫ويدعو إل اليان به سبحانه ‪َ ،‬ومَث ُل نوره العظيم وأدلته الباهرة ف الوضوح ‪ ،‬كمثل‬
‫نور مصباح شديد التوهج ‪ ،‬وضع ف فجوة من حائط تساعد على تميع نوره ووفرة‬
‫إضاءته ‪ ،‬وقد وضع الصباح ف قارورة صافية لمعة لعان كوكب مشرق ‪ ،‬يتلل‬
‫كالدر ويستمد الصباح وقوده من زيت شجرة كثية البكات ‪ ،‬طيبة التربة والوقع ‪،‬‬
‫هى شجرة الزيتون الغروسة ف مكان معتدل متوسط ‪ ،‬فل هى شرقية فتحرم حرارة‬
‫الشمس آخر النهار ‪ ،‬ول هى غربية فتحرمها أول النهار ‪ ،‬بل هى على قمة البل ‪ ،‬أو‬
‫ف فضاء الرض تفيد من الشمس ف جيع أجزاء النهار ‪ ،‬يكاد زيت هذه الشجرة‬
‫لشدة صفائه يضئ ‪ ،‬ولو ل تسسه نار الصباح ‪ ،‬فهذه العوامل كلها تزيد الصباح‬
‫إضاءة فوق إضاءة ‪ ،‬ونورا على نور ‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫وهكذا تكون الشواهد النبثة ف الكون حسيها ومعنويها آيات واضحة ل تدع مال‬
‫للشك ف وجود ال ‪ ،‬وف وجوب اليان به وبرسالته وما جاءت به ‪ .‬وال يوفق من‬
‫يشاء إل اليان عن طريقها ‪ ،‬إذا حاول النتفاع بنور عقله ‪ .‬وقد أتى ال بالمثلة‬
‫الحسوسة ليسهل إدراك المور العقولة ‪ ،‬وهو سبحانه واسع العلم ‪ ،‬يعلم من نظر ف‬
‫آياته ‪ ،‬ومن أعرض واستكب ‪ ،‬ومازيهم على ذلك ‪.‬‬
‫‪ -36‬إن هناك قوما يُسبحون ال ويعبدونه ف الساجد الت أمر ال أن تبن وتعظم‬
‫وتُعمر بذكر ال ‪ ،‬وهم يترددون عليها صباحا ومساء ‪.‬‬
‫‪ -37‬ل تشغلهم الدنيا با فيها من بيع وشراء عن تذكر ال ومراقبته ‪ ،‬فهم يقيمون‬
‫الصلة ويؤدون الزكاة خائفي من يوم القيامة الذى ل تستقر فيه القلوب من القلق‬
‫والم ‪ ،‬وترقب الصي فيه وتلتفت فيه النظار ف حية ودهشة من غرابة النظر وشدة‬
‫الول ‪.‬‬

‫ق َمنْ َيشَا ُء ِبغَ ْيرِ ِحسَابٍ (‬


‫س َن مَا عَمِلُوا َوَيزِي َدهُ ْم ِمنْ فَضْ ِل ِه وَاللّ ُه َيرْزُ ُ‬
‫ج ِزَيهُ ُم اللّ ُه َأحْ َ‬
‫لِيَ ْ‬
‫حسَُبهُ الظّ ْمآَ ُن مَا ًء حَتّى ِإذَا جَا َء ُه َلمْ‬
‫ب ِبقِي َع ٍة يَ ْ‬
‫سرَا ٍ‬
‫‪ )38‬وَاّلذِينَ َك َفرُوا أَعْمَاُلهُمْ َك َ‬
‫حسَابِ (‪)39‬‬
‫ج ْدهُ شَيْئًا َووَ َجدَ ال ّلهَ عِ ْن َدهُ فَ َوفّاهُ ِحسَاَب ُه وَال ّلهُ َسرِي ُع الْ ِ‬
‫يَ ِ‬

‫‪ -38‬وستكون عاقبة عملهم مكافأة ال لم أحسن مكافأة على أعمالم الطيبة ‪ ،‬وأن‬
‫يتفضل عليهم بأكثر ما يستحقون ‪ ،‬فهو سبحانه واسع الفضل يعطى من يشاء من‬
‫عباده الصالي عطاء كبيا ‪ ،‬ل ياسبه عليه أحد ول يستطيع العادّون إحصاءه ‪.‬‬
‫‪ -39‬والذين جحدوا وأنكروا يسبون أنم يسنون صنعا ‪ ،‬وأن أعمالم السنة‬
‫ستفيدهم يوم القيامة ‪ ،‬ولكنهم مطئون ف ظنهم هذا ‪ ،‬فمثل أعمالم ف بطلنا وعدم‬
‫جدواها كمثل اللمعان الذى يدث من سقوط أشعة الشمس وقت الظهية على أرض‬
‫مستوية ف بيداء ‪ ،‬فيظنه العطشان ماء ‪ ،‬حت إذا جاءه ل يده شيئا نافعا كما كان‬
‫يظنه ‪ ،‬كذلك أعمال الكفار يوم الزاء ستكون هباء منثورا ‪ ،‬وسيجد الكافر عقاب‬
‫ال ينتظره واقعا تاما ل نقص فيه ‪ ،‬إن حساب ال آت ل ريب فيه ‪ ،‬وهو سبحانه‬
‫سريع ف حسابه ل يبطئ ول يطئ ‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫ت َبعْضُهَا‬
‫ج ِم ْن فَ ْو ِقهِ سَحَابٌ ظُلُمَا ٌ‬
‫ج ّي َي ْغشَا ُه َموْجٌ ِم ْن َفوْ ِق ِه مَوْ ٌ‬
‫ح ٍر لُ ّ‬
‫ت فِي بَ ْ‬
‫أَوْ كَظُ ُلمَا ٍ‬
‫ج َعلِ ال ّل ُه َلهُ نُورًا فَمَا َلهُ مِ ْن نُورٍ (‬
‫ض ِإذَا َأ ْخرَجَ َي َد ُه َلمْ َيكَ ْد َيرَاهَا َو َمنْ لَ ْم يَ ْ‬
‫َفوْقَ بَعْ ٍ‬
‫ض وَالطّ ْيرُ صَافّاتٍ ُك ّل َقدْ عَ ِلمَ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ح َل ُه َمنْ فِي السّمَاوَا ِ‬
‫‪َ )40‬ألَ ْم َترَ أَ ّن ال ّلهَ ُيسَبّ ُ‬
‫ض وَِإلَى ال ّلهِ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ح ُه وَال ّلهُ عَلِي ٌم بِمَا َي ْفعَلُونَ (‪َ )41‬ولِ ّلهِ مُ ْلكُ السّمَاوَا ِ‬
‫صَلَاَتهُ َوَتسْبِي َ‬
‫الْمَصِيُ (‪)42‬‬

‫‪ -40‬وهذا مثل آخر لعمال الكفار ‪ ،‬فمثلها كمثل ظلمات البحر الواسع العميق ‪،‬‬
‫الذى تتلطم أمواجه عند هياجه ‪ ،‬ويعلو بعضها فوق بعض ‪ ،‬ويغطيها سحاب كثيف‬
‫قات يجب النور عنها ‪ ،‬فهذه ظلمات متراكمة ‪ ،‬ل يستطيع راكب البحر معها أن‬
‫يرى يده ولو أدناها إل بصره ‪ ،‬فوقف حائرا مبهوتا ‪ ،‬وكيف يرى شيئا ويلص من‬
‫هذه الية بدون نور يهديه ف مسيه ويقيه الرتطام واللك؟ وكذلك الكافرون ل‬
‫يفيدون من أعمالم ‪ ،‬ول يرجون من عمايتهم وضللم ‪ ،‬ول ينجون بأنفسهم إل‬
‫بنور اليان ‪ ،‬ومن ل يوفقه ال لنور اليان ‪ ،‬فليس له نور يهديه إل الي ويدله على‬
‫الطريق الستقيم ‪ ،‬فيكون من الالكي ‪.‬‬
‫‪ -41‬أل تعلم ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬علما يقينيا أن ال يضع له كل من يسكن السموات‬
‫والرض ‪ ،‬ويضع له الطي كذلك ‪ ،‬وهى باسطة أجنحتها ‪ .‬فهذه الخلوقات كلها‬
‫خاضعة لمر ال وتدبيه تنهه عن الشريك وعن كل ما ل يليق ‪ ،‬وكل منها قد علم‬
‫بإلام ال ما وجب عليه من خضوع وتنيه وأداء لوظيفته ف الياة ‪ ،‬وال من ورائهم‬
‫عال أت العلم بصلة كل مصل وتسبيح كل مسبح ‪ ،‬وجيع ما يفعله العباد ‪ ،‬فكيف ل‬
‫يؤمن به الكافرون؟‬
‫‪ -42‬وال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو مالك السموات والرض وما فيهن ‪ ،‬وصاحب السلطان‬
‫عليها وكلهم راجع إليه يوم القيامة للحساب والزاء ‪.‬‬

‫ج ِمنْ‬
‫خرُ ُ‬
‫ق يَ ْ‬
‫جعَ ُلهُ رُكَامًا فََترَى الْ َودْ َ‬
‫َألَ ْم َترَ أَ ّن ال ّلهَ ُي ْزجِي سَحَابًا ُثمّ ُي َؤلّفُ بَيَْن ُه ُثمّ يَ ْ‬
‫ص ِر ُفهُ َع ْن َمنْ‬
‫ب ِبهِ َم ْن َيشَاءُ وَيَ ْ‬
‫خِلَاِلهِ َويَُنزّ ُل ِمنَ السّمَا ِء ِم ْن جِبَالٍ فِيهَا ِمنْ َب َر ٍد فَيُصِي ُ‬

‫‪124‬‬
‫ب ال ّلهُ اللّ ْيلَ وَالّنهَا َر إِ ّن فِي َذِلكَ َلعِ ْب َرةً‬
‫َيشَا ُء َيكَا ُد سَنَا َب ْر ِقهِ َي ْذهَبُ بِاْلأَبْصَارِ (‪ُ )43‬يقَلّ ُ‬
‫ِلأُولِي الَْأبْصَارِ (‪)44‬‬

‫‪ -43‬أل تر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أن ال يسوق بالريح سحابا ‪ ،‬ث يضم بعضه إل بعض‬
‫ويعله متراكما ‪ ،‬فترى الطر يرج من خلل السحاب ‪ ،‬وال ينل من مموعات‬
‫السحب التكاثفة الت تشبه البال ف عظمتها بردا ‪ ،‬كالصى ينل على قوم فينفعهم‬
‫أو يضرهم تبعا لقوانينه وإرادته ول ينل على آخرين كما يريد ال فهو سبحانه‬
‫الفاعل الختار ‪ ،‬ويكاد ضوء البق الادث من اصطكاك السحب يذهب بالبصار‬
‫لشدته ‪ ،‬وهذه الظواهر دلئل قدرة ال الوجبة لليان به ‪.‬‬
‫‪ -44‬يغي ال أحوال الليل والنهار بالطول والقصر ‪ ،‬والبدء والنتهاء بدوران‬
‫الفلك ‪ ،‬إن ف ذلك كله لعبة لذوى العقول السليمة التبصرة ‪ ،‬يؤمنون عن طريقها‬
‫بال ‪.‬‬

‫وَال ّلهُ خَ َلقَ ُك ّل دَاّب ٍة ِمنْ مَا ٍء فَمِ ْن ُه ْم َمنْ يَ ْمشِي عَلَى بَطِْنهِ َومِ ْن ُهمْ َم ْن يَ ْمشِي عَلَى ِرجْلَ ْينِ‬
‫وَمِ ْن ُهمْ مَ ْن يَ ْمشِي عَلَى أَ ْربَ ٍع َيخْ ُلقُ ال ّل ُه مَا َيشَا ُء إِنّ ال ّلهَ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪َ )45‬ل َقدْ‬
‫صرَاطٍ ُمسَْتقِيمٍ (‪)46‬‬
‫ت وَال ّلهُ يَ ْهدِي َمنْ َيشَا ُء ِإلَى ِ‬
‫ت مُبَيّنَا ٍ‬
‫َأنْ َزلْنَا َآيَا ٍ‬

‫‪ -45‬ال خالق كل شئ ‪ ،‬وأبدع الشياء بإرادته ‪ ،‬وخلق كل حى يدب من أصل‬


‫مشترك هو الاء ‪ ،‬لذلك ل يلو الى منه ‪ ،‬ث خالف بينها ف النواع والستعدادات‬
‫ووجوه الختلف الخرى ‪ ،‬فمن الدواب نوع يزحف على بطنه كالساك والزواحف‬
‫‪ ،‬ومنها نوع يشى على رجليه كالنسان والطي ‪ ،‬ومنها نوع يشى على أربع‬
‫كالبهائم ‪ ،‬يلق ال ما يشاء من خلقه على أية كيفية تكون للدللة على قدرته‬
‫وعلمه ‪ ،‬فهو الريد الختار ‪ ،‬وهو القادر على كل شئ ‪.‬‬
‫‪ -46‬لقد أنزلنا بالوحى آيات واضحات تبي الحكام والعظات ‪ ،‬وتضرب المثال ‪،‬‬
‫وال يوفق إل الي من يشاء من عباده الذين استعدوا للنظر فيها والفادة منها ‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫وََيقُولُونَ َآمَنّا بِال ّلهِ َوبِال ّرسُولِ َوأَ َطعْنَا ثُ ّم يََت َولّى َفرِي ٌق مِ ْنهُ ْم ِمنْ َب ْعدِ َذِلكَ َومَا أُولَئِكَ‬
‫ح ُكمَ بَيَْن ُهمْ ِإذَا َفرِي ٌق مِ ْنهُ ْم ُمعْرِضُونَ (‬
‫بِالْ ُم ْؤمِنِيَ (‪َ )47‬وِإذَا دُعُوا ِإلَى ال ّلهِ وَ َرسُوِل ِه لِيَ ْ‬
‫ض أَمِ ا ْرتَابُوا أَمْ‬
‫ح ّق َيأْتُوا ِإلَ ْيهِ ُمذْعِِنيَ (‪َ )49‬أفِي قُلُوِب ِهمْ َمرَ ٌ‬
‫‪ )48‬وَإِ ْن َي ُكنْ َل ُهمُ الْ َ‬
‫ك هُ ُم الظّالِمُونَ (‪ِ )50‬إنّمَا كَا َن َقوْلَ‬
‫ف ال ّلهُ عَلَ ْي ِهمْ وَ َرسُوُل ُه َبلْ أُولَئِ َ‬
‫يَخَافُو َن أَ ْن يَحِي َ‬
‫ح ُك َم بَيَْنهُ ْم أَ ْن َيقُولُوا سَ ِمعْنَا َوأَ َطعْنَا َوأُولَِئكَ ُهمُ‬
‫ي ِإذَا ُدعُوا ِإلَى اللّ ِه وَ َرسُوِلهِ لِيَ ْ‬
‫الْمُ ْؤمِنِ َ‬
‫ش ال ّلهَ َويَّتقْ ِه َفأُولَِئكَ ُهمُ اْلفَاِئزُونَ (‪)52‬‬
‫الْ ُمفْلِحُونَ (‪َ )51‬و َمنْ يُ ِطعِ ال ّل َه وَ َرسُولَ ُه َويَخْ َ‬

‫‪ -47‬والنافقون يقولون بألسنتهم ‪ :‬آمنا بال وبالرسول وأطعنا أوامرها ‪ .‬وعند‬


‫اختبارهم يعرض فريق منهم عن مشاركة السلمي ف أعمال الي كالهاد وغيه ‪،‬‬
‫بعد قولم هذا ‪ ،‬وهؤلء ليسوا بؤمني ملصي ‪ ،‬ول جديرين بإطلق اسم الؤمني‬
‫عليهم ‪.‬‬
‫‪ -48‬ومن أحوالم أنم إذا طلبوا إل التحاكم أمام الرسول بقتضى ما أنزل ال ‪،‬‬
‫ظهر نفاق بعضهم فرفضوا التحاكم إذا عرفوا أن الق ف جانب خصومهم ‪.‬‬
‫‪ -49‬أما إذا عرفوا أن الق ف جانبهم ‪ ،‬فهم يأتون إل الرسول مسرعي ليحكم بينهم‬
‫وبي خصومهم ‪.‬‬
‫‪ -50‬ولاذا يقفون هذا الوقف من التحاكم أمام الرسول؟ ألنّ نفوسهم مريضة‬
‫بالعمى فل تضع لكمك الق ‪ ،‬أم لنم شكوا ف عدالة ممد ‪ -‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬ف الكم؟ ل شئ من ذلك أصلً ‪ ،‬ولكنهم هم الظالون لنفسهم ولغيهم‬
‫بسبب كفرهم ونفاقهم وعدولم عن الق ‪.‬‬
‫‪ -51‬إنا كان القول الق للمؤمني الصادقي إذا دعوا إل التحاكم بقتضى ما جاء‬
‫عن ال ورسوله أن يقولوا قابلي مذعني ‪ :‬سعنا دعوتك يا ممد ورضينا حكمك ‪،‬‬
‫وهؤلء يكونون أهل فلح ف دنياهم وأُخراهم ‪.‬‬
‫‪ -52‬ومن يطع ال ‪ ،‬ويرض با يأمر به الرسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ ، -‬ويش‬
‫ذات ال العلية ‪ ،‬ويستحضر جلله ويتق غضبه ‪ ،‬فأولئك هم الفائزون برضا ال ومبته‬
‫‪ ،‬ونعيم النة ‪ ،‬والفائزون بالي الطلق ‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫خرُ ُج ّن ُقلْ لَا تُ ْقسِمُوا طَا َع ٌة مَ ْعرُوفَ ٌة إِ ّن اللّهَ‬
‫وََأ ْقسَمُوا بِاللّ ِه َجهْ َد َأيْمَانِ ِهمْ لَِئنْ َأ َمرَْت ُهمْ لََي ْ‬
‫ي بِمَا َتعْمَلُونَ (‪ُ )53‬قلْ أَطِيعُوا ال ّل َه وَأَطِيعُوا الرّسُولَ َفإِ ْن َتوَّلوْا َفِإنّمَا عَلَ ْيهِ مَا حُ ّملَ‬
‫خَبِ ٌ‬
‫غ الْمُبِيُ (‪ )54‬وَ َعدَ‬
‫وَعَلَ ْيكُ ْم مَا حُمّلُْت ْم َوإِ ْن تُطِيعُو ُه َتهَْتدُوا َومَا عَلَى الرّسُولِ ِإلّا الْبَلَا ُ‬
‫ف اّلذِينَ‬
‫ت لََيسْتَخْ ِلفَّن ُهمْ فِي الْأَرْضِ َكمَا اسْتَخْلَ َ‬
‫اللّ ُه الّذِينَ َآمَنُوا مِ ْنكُ ْم وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫ِمنْ قَبْ ِل ِه ْم وَلَيُ َمكَّن ّن َلهُ ْم دِيَنهُ ُم الّذِي ا ْرتَضَى َل ُهمْ َولَيَُبدّلَّن ُهمْ مِ ْن َب ْعدِ َخوْ ِف ِهمْ َأمْنًا‬
‫ك َفأُولَِئكَ ُهمُ اْلفَا ِسقُونَ (‪)55‬‬
‫شرِكُونَ بِي شَيْئًا َو َمنْ َك َف َر َبعْ َد َذلِ َ‬
‫َيعْبُدُونَنِي لَا ُي ْ‬

‫‪ -53‬وأقسم النافقون بال أقصى ما يكون من إيان مغلظة ‪ ،‬إنك يا ممد إن أمرتم‬
‫بالروج معك للغزو أطاعوا ‪ ،‬قل لم ‪ :‬ل تلفوا فالمور الطلوبة منكم معروفة لكم‬
‫ل ينكرها أحد منكم ‪ ،‬ول ينفى العلم با إيان تكذبون فيها ‪ ،‬وإن ال لطلع تام‬
‫الطلع على كل ما يقع منكم ومازيكم عليه ‪.‬‬
‫‪ -54‬قل لم ‪ :‬أطيعوا ال وأطيعوا الرسول طاعة صادقة تدل عليها أعمالكم ‪ ،‬فإن‬
‫أعرض النافقون ول يتثلوا ‪ ،‬فإنا على ممد ما حله ال من أمر التبليغ وليس مكلفا‬
‫بدايتهم ‪ ،‬وعليكم ما حلكم ال من التكليف والطاعة ‪ ،‬وستعاقبون إذا استمررت على‬
‫العصيان ‪ ،‬وإن تطيعوا الرسول تتدوا إل الي ‪ ،‬وما عليه سوى التبليغ الواضح ‪-‬‬
‫أطعتم أم عصيتم ‪ -‬وقد بلغ ‪.‬‬
‫‪ -55‬وعد ال الذين صدّقوا بالق وأذعنوا له منكم ‪ ،‬وعملوا العمال الصالة وعدا‬
‫مؤكدا أن يعلهم خلفاء لن سبقوهم وارثي لم ف الكم والولية ف الرض ‪ ،‬كما‬
‫كان الشأن فيمن سبقوهم ‪ .‬وأن يكن لم السلم الذى ارتضاه دينا لم ‪ ،‬فتكون لم‬
‫الهابة والسلطان ‪ ،‬وأن يبدل حالم من خوف إل أمن بيث يعبدونن مطمئني ‪ ،‬ل‬
‫يشركون معى أحدا ف العبادة ‪ .‬ومن اختاروا الكفر بعد هذا الوعد الصادق ‪ ،‬أو‬
‫ارتدوا عن السلم فأولئك هم الارجون التمردون الاحدون ‪.‬‬

‫حسََب ّن الّذِينَ‬
‫وََأقِيمُوا الصّلَا َة وَ َآتُوا الزّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرّسُو َل َلعَلّ ُك ْم ُترْحَمُونَ (‪ )56‬لَا تَ ْ‬
‫س الْمَصِيُ (‪ )57‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا‬
‫ض َو َمأْوَاهُ ُم النّارُ َولَبِئْ َ‬
‫جزِي َن فِي الْأَرْ ِ‬
‫َك َفرُوا مُعْ ِ‬
‫ت ِمنْ قَ ْبلِ‬
‫ث َمرّا ٍ‬
‫ت َأيْمَاُنكُ ْم وَاّلذِينَ َلمْ يَبْ ُلغُوا الْحُ ُل َم مِ ْنكُ ْم ثَلَا َ‬
‫لَِيسَْتأْ ِذنْ ُك ُم الّذِينَ مَ َلكَ ْ‬

‫‪127‬‬
‫يةِ َو ِمنْ َب ْعدِ صَلَاةِ اْل ِعشَاءِ ثَلَاثُ َعوْرَاتٍ‬
‫ضعُو َن ثِيَابَ ُكمْ ِم َن ال ّظهِ َ‬
‫ي تَ َ‬
‫ج ِر َوحِ َ‬
‫صَلَا ِة الْفَ ْ‬
‫ضكُمْ عَلَى َبعْضٍ َكذَِلكَ‬
‫ح َبعْ َد ُهنّ َطوّافُونَ عَلَ ْي ُكمْ َبعْ ُ‬
‫لَ ُك ْم لَيْسَ عَلَ ْي ُكمْ َولَا عَلَ ْي ِهمْ جُنَا ٌ‬
‫يُبَّينُ ال ّلهُ لَ ُكمُ اْل َآيَاتِ وَال ّلهُ َعلِيمٌ َحكِيمٌ (‪)58‬‬

‫‪ -56‬وأقيموا الصلة كاملة الركان ف خشوع وخضوع بيث تكون مانعة من‬
‫الفحشاء والنكر ‪ ،‬وأعطوا الزكاة لستحقيها ‪ .‬وأطيعوا الرسول ف سائر ما يأمركم به‬
‫ليكون لكم رجاء ف رحة ال ورضوانه ‪.‬‬
‫‪ -57‬ل تظن ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أن الكافرين سيعجزون ال عن أخذهم بذنوبم ‪ ،‬أو‬
‫تكي أهل الق من رقابم ف أى مكان من الرض ‪ ،‬بل إنه القادر ‪ ،‬فمصيهم يوم‬
‫القيامة هو النار وبئس الصي مصيهم ‪.‬‬
‫‪ -58‬يا أيها الذين آمنوا ‪ ،‬يب أن تأمروا عبيدكم وصبيانكم الذين ل يصلوا إل حد‬
‫البلوغ أل يدخلوا عليكم إل بعد الستئذان ف ثلثة أوقات ‪ ،‬وهى ‪ :‬قبل صلة الفجر‬
‫‪ ،‬وحي تتخففون من ثيابكم وقت القيلولة ‪ ،‬ومن بعد صلة العشاء عند الستعداد‬
‫للنوم ‪ .‬فهذه الوقات يتغي فيها نظام اللبس باستبدال ثياب النوم بثياب اليقظة ‪،‬‬
‫ويبدو من عورات السم ما ل ينبغى رؤيته ‪ ،‬ول حرج عليكم ول عليهم ف الدخول‬
‫بغي استئذان ف غي هذه الوقات ‪ ،‬لن العادة جرت بأن يتردد فيها بعضكم على‬
‫بعض لقضاء الصال ‪ .‬وبثل هذا التوضيح يوضح ال لكم آيات القرآن لبيان الحكام‬
‫‪ ،‬وال سبحانه واسع العلم عظيم الكمة ‪ ،‬يعلم ما يصلح لعباده ويشرع لم ما‬
‫يناسبهم وياسبهم عليه ‪.‬‬

‫وَِإذَا بَ َل َغ الْأَ ْطفَا ُل مِ ْنكُ ُم الْحُ ُل َم فَلَْيسَْتأْ ِذنُوا كَمَا اسَْتأْذَ َن اّلذِينَ مِ ْن قَبْ ِل ِهمْ َكذَِلكَ يُبَّينُ ال ّلهُ‬
‫لَ ُكمْ َآيَاتِ ِه وَال ّلهُ عَلِي ٌم حَكِيمٌ (‪ )59‬وَالْ َقوَا ِعدُ ِمنَ الّنسَا ِء اللّاتِي لَا َيرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ‬
‫ت ِبزِيَن ٍة وَأَ ْن َيسَْت ْعفِ ْفنَ خَيْ ٌر َل ُهنّ وَاللّ ُه سَمِيعٌ‬
‫ض ْعنَ ثِيَاَب ُهنّ َغ ْيرَ مُتََب ّرجَا ٍ‬
‫عَلَ ْي ِه ّن جُنَاحٌ أَ ْن يَ َ‬
‫عَلِيمٌ (‪)60‬‬

‫‪128‬‬
‫‪ -59‬وإذا وصل صبيانكم حد البلوغ وجب عليهم أن يستأذنوا للدخول ف كل بيت‬
‫‪ ،‬وف جيع الوقات ‪ ،‬كما وجب ذلك على الذين بلغوا من قبلهم ‪ ،‬وبثل هذا‬
‫التوضيح يوضح ال لكم آياته الت أنزلا ‪ ،‬وال سبحانه واسع العلم ‪ ،‬عظيم الكمة ‪،‬‬
‫يعلم ما يصلح لعباده ويشرّع لم ما يناسبهم وياسبهم عليه ‪.‬‬
‫‪ -60‬والنساء الطاعنات ف السن اللتى ل يطمعن ف الزواج ‪ ،‬ل مؤاخذة عليهن إذا‬
‫تففن من بعض اللبس ‪ ،‬بيث تكون غي مظهرات زينة أمر ال بإخفائها من‬
‫أجسامهن ‪ ،‬ولكن استعفافهن بالستتار الكامل خي لن من التخفف ‪ ،‬وال سيع‬
‫لقولن عليم بفعلهن وقصدهن ومازيهن على ذلك ‪.‬‬

‫ج َولَا عَلَى‬
‫ج َحرَجٌ َولَا عَلَى الْ َمرِيضِ حَرَ ٌ‬
‫لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى َحرَجٌ َولَا عَلَى اْلأَ ْعرَ ِ‬
‫سكُ ْم أَ ْن َتأْكُلُوا ِمنْ بُيُوتِ ُكمْ َأ ْو بُيُوتِ َآبَائِ ُكمْ َأ ْو بُيُوتِ أُ ّمهَاِت ُكمْ َأوْ بُيُوتِ ِإ ْخوَاِنكُمْ‬
‫َأنْ ُف ِ‬
‫ت َأخَوَاتِ ُكمْ َأ ْو بُيُوتِ أَعْمَامِ ُكمْ َأ ْو بُيُوتِ عَمّاِتكُ ْم َأوْ بُيُوتِ َأخْوَالِ ُكمْ أَ ْو بُيُوتِ‬
‫أَ ْو بُيُو ِ‬
‫ح أَ ْن َتأْكُلُوا جَمِيعًا َأوْ‬
‫صدِيقِ ُك ْم لَيْسَ عَلَ ْي ُكمْ جُنَا ٌ‬
‫ح ُه َأوْ َ‬
‫خَالَاِت ُكمْ َأوْ مَا مَ َلكْتُ ْم َمفَاتِ َ‬
‫أَشْتَاتًا َفِإذَا َدخَلُْتمْ بُيُوتًا َفسَلّمُوا عَلَى َأْن ُفسِ ُكمْ تَحِّي ًة ِمنْ عِ ْن ِد اللّ ِه مُبَارَ َكةً طَيَّبةً َك َذلِكَ‬
‫يُبَّينُ ال ّلهُ لَ ُكمُ اْل َآيَاتِ َلعَ ّلكُ ْم َت ْعقِلُونَ (‪ِ )61‬إنّمَا الْ ُم ْؤمِنُو َن الّذِينَ َآمَنُوا بِال ّل ِه وَ َرسُولِهِ‬
‫ك أُولَِئكَ‬
‫وَِإذَا كَانُوا َم َعهُ عَلَى َأ ْمرٍ جَامِ ٍع َلمْ َي ْذهَبُوا حَتّى َيسَْتأْ ِذنُو ُه إِ ّن الّذِينَ َيسَْت ْأ ِذنُونَ َ‬
‫ت مِ ْن ُهمْ‬
‫ض َشأِْن ِهمْ َف ْأذَ ْن لِ َمنْ شِئْ َ‬
‫الّذِينَ ُي ْؤمِنُو َن بِاللّ ِه وَ َرسُوِلهِ َفِإذَا اسْتَ ْأ َذنُو َك لَِبعْ ِ‬
‫وَاسَْتغْ ِف ْر َلهُ ُم اللّ َه إِ ّن ال ّلهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪)62‬‬

‫‪ -61‬ليس على أصحاب العذار كالعمى والعرج والريض حرج ‪ ،‬بل ول عليكم‬
‫أيها الصحاء حرج ف أن تأكلوا من بيوت أولدكم فهى بيوتكم ‪ ،‬ول أن تأكلوا من‬
‫بيوت آبائكم أو أمهاتكم أو إخوانكم أو أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو عماتكم أو‬
‫أخوالكم أو خالتكم ‪ ،‬أو البيوت الت وكل إليكم التصرف فيها ‪ ،‬أو بيوت‬
‫أصدقائكم الخالطي إذا ل يكن فيها حرمات ‪ ،‬وذلك كله إذا عُلِم ساح رب البيت‬
‫بإذن أو قرينة ‪ ،‬وليس عليكم جناح ف أن تأكلوا متمعي أو منفردين ‪ ،‬فإذا دخلتم‬
‫بيوتا فحيوا بالسلم أهلها الذين هم قطعة منكم بسبب اتاد الدين أو القرابة فهم‬

‫‪129‬‬
‫كأنفسكم ‪ ،‬وهذه التحية تية مشروعة مباركة بالثواب وفيها تطييب للنفوس وعلى‬
‫هذا النحو يوضح ال لكم اليات لتعقلوا ما فيها من العظات والحكام وتفهموها‬
‫وتعملوا با ‪.‬‬
‫‪ -62‬إن الؤمني الصادقي هم الذين آمنوا بال ورسوله ‪ ،‬ول يتركوا الرسول وحده‬
‫ف أمر مهم يتطلب اجتماعهم كالهاد ‪ ،‬إل بعد أن يستأذنوه ف النصراف ويسمح‬
‫لم به ‪ ،‬إن الذين يقدرونك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬حق قدرك ‪ ،‬ويدركون خطر الجتماع فل‬
‫ينصرفون إل بعد موافقتك ‪ ،‬وهم الصادقون ف إيانم بال ورسوله ‪ ،‬فإذا استأذنك‬
‫هؤلء لقضاء بعض مصالهم فأذن بالنصراف لن تشاء منهم ‪ ،‬إذا رأيت من الدلئل‬
‫أنم ف حاجة ماسة إل النصراف ‪ ،‬ول يتم الجتماع وجودهم ‪ ،‬ومع ذلك اطلب‬
‫الغفرة لم من ال على انصرافهم الذى ما كان يليق أبدا ‪ ،‬إن ال واسع الغفرة‬
‫والرحة ‪.‬‬

‫جعَلُوا دُعَاءَ ال ّرسُولِ بَيَْن ُكمْ َكدُعَا ِء َبعْضِ ُكمْ َبعْضًا قَ ْد َيعْ َلمُ ال ّلهُ اّلذِي َن يََتسَلّلُونَ مِ ْن ُكمْ‬
‫لَا تَ ْ‬
‫ب َألِيمٌ (‪)63‬‬
‫حذَ ِر اّلذِي َن يُخَالِفُونَ َع ْن َأ ْمرِ ِه أَ ْن تُصِيَب ُهمْ فِتَْن ٌة َأوْ يُصِيَب ُهمْ َعذَا ٌ‬
‫لِوَاذًا فَلْيَ ْ‬
‫ض َقدْ يَعْ َل ُم مَا َأنُْتمْ عَلَ ْيهِ وََيوْ َم ُيرْ َجعُونَ ِإلَ ْيهِ فَيُنَبُّئهُمْ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫َألَا إِ ّن لِ ّلهِ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫بِمَا عَمِلُوا وَال ّلهُ ِب ُكلّ َشيْءٍ عَلِيمٌ (‪)64‬‬

‫‪ -63‬احرصوا على احترام دعوة الرسول لكم إل الجتماع للمور الامة ‪،‬‬
‫واستجيبوا لا ‪ ،‬ول تعلوها كدعوة بعضكم لبعض ف جواز التهاون فيها ‪،‬‬
‫والنصراف عنها ‪ ،‬ول تنصرفوا إل بعد الستئذان والوافقة ‪ ،‬وف أضيق الدود وأشد‬
‫الضرورات ‪ .‬فال سبحانه يعلم من ينصرفون بدون إذن متفي بي الموع حت ل‬
‫يراهم الرسول ‪ ،‬فليحذر الخالفون عن أمر ال أن يعاقبهم سبحانه على عصيانم بحنة‬
‫شديدة ف الدنيا كالقحط والزلزال ‪ ،‬أو بعذاب شديد اليلم قد أعد لم ف الخرة‬
‫وهو النار ‪.‬‬
‫‪ -64‬تنبهوا ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬إل أن ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو مالك السموات والرض وما‬
‫فيها ‪ ،‬يعلم ما أنتم عليه من الكفر والسلم والعصيان والطاعة ‪ ،‬فل تالفوا عن‬

‫‪130‬‬
‫أمره ‪ ،‬وسيخب الناس عند رجوعهم إليه يوم القيامة بكل ما عملوا ف الدنيا‬
‫وسيجازيهم عليه ‪ ،‬لنه ميط بكل شئ علما ‪.‬‬

‫ي َنذِيرًا (‪ )1‬الّذِي َلهُ مُ ْلكُ‬


‫تَبَارَكَ اّلذِي َنزّلَ اْل ُف ْرقَانَ عَلَى عَ ْب ِد ِه لَِيكُو َن لِ ْلعَالَ ِم َ‬
‫ك َوخَلَقَ ُك ّل شَيْءٍ‬
‫خ ْذ وََلدًا َوَلمْ َي ُكنْ َل ُه َشرِيكٌ فِي الْمُ ْل ِ‬
‫ض َولَ ْم يَتّ ِ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫السّمَاوَا ِ‬
‫َفقَدّ َر ُه َتقْدِيرًا (‪)2‬‬

‫‪ -1‬تعال أمر ال وتزايد خيه ‪ ،‬هو الذى نزل القرآن فارقا بي الق والباطل على‬
‫عبده ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ليكون نذيرا به مبلغا إياه إل العالي ‪.‬‬
‫‪ -2‬هو سبحانه الذى يلك ‪ -‬وحده ‪ -‬السموات والرض ‪ ،‬والنه عن اتاذ الولد ‪،‬‬
‫ول يكن له أى شريك ف ملكه ‪ ،‬وقد خلق كل شئ وقدّره تقديرا دقيقا بنواميس‬
‫تكفل له أداء مهمته بنظام ‪.‬‬

‫ضرّا َولَا‬
‫س ِهمْ َ‬
‫خذُوا ِمنْ دُوِنهِ َآِلهَ ًة لَا يَخْ ُلقُو َن شَيْئًا َو ُهمْ يُخْ َلقُو َن َولَا يَمْ ِلكُونَ ِلَأْنفُ ِ‬
‫وَاتّ َ‬
‫َنفْعًا َولَا يَ ْم ِلكُو َن َموْتًا وَلَا حَيَا ًة َولَا ُنشُورًا (‪َ )3‬وقَا َل الّذِينَ َك َفرُوا إِ ْن َهذَا ِإلّا ِإ ْفكٌ‬
‫ي اْلأَ ّولِيَ‬
‫افْتَرَا ُه وَأَعَاَنهُ عَلَ ْيهِ قَوْمٌ َآ َخرُو َن َفقَ ْد جَاءُوا ظُ ْلمًا وَزُورًا (‪َ )4‬وقَالُوا أَسَاطِ ُ‬
‫اكْتَتََبهَا َف ِهيَ تُمْلَى عَ َل ْيهِ ُب ْك َرةً َوأَصِيلًا (‪ُ )5‬قلْ َأْن َزلَ ُه الّذِي َيعْلَ ُم السّ ّر فِي السّمَاوَاتِ‬
‫ض ِإنّهُ كَانَ َغفُورًا َرحِيمًا (‪)6‬‬
‫وَاْلأَرْ ِ‬

‫‪ -3‬ومع ذلك ترك الكافرون عبادته ‪ ،‬واتذوا آلة يعبدونا من دون ال من أصنام‬
‫وكواكب وأشخاص وهم ل يستطيعون أن يلقوا شيئا ما ‪ ،‬وهم ملوقون ل ‪ ،‬ول‬
‫يلكون دفع الضر عن أنفسهم ول جلب خي لا ‪ ،‬ول يلكون إماتة أحد ول إحياءه ‪،‬‬
‫ول بعث الموات من قبورهم ‪ ،‬وكل من ل يلك شيئا من ذلك ل يستحق أن يعبد ‪،‬‬
‫وما أجهل من يعبده ‪ ،‬والستحق للعبادة وحده هو مالك كل هذا ‪.‬‬
‫‪ -4‬وطعن الكفار ف القرآن وقالوا ‪ :‬إنه كذب اخترعه ممد من عند نفسه ونسبه إل‬
‫ال ‪ ،‬وساعده ف اختراعه جاعة آخرون من أهل الكتاب ‪ ،‬فارتكب الكفار بقولم هذا‬
‫ظلما ف الكم واعتداء على الق ‪ ،‬وجاءوا بزور ل دليل عليه ‪ ،‬لن من أشاروا إليهم‬

‫‪131‬‬
‫من أهل الكتاب لسانم أعجمى ‪ ،‬والقرآن لسان عرب مبي ‪.‬‬
‫‪ -5‬وقالوا عن القرآن أيضا ‪ :‬إنه أكاذيب السابقي سطّروها ف كتبهم ‪ ،‬ث طلب‬
‫منهم أن تُكتب له وتُقرأ عليه على الدوام صباحا ومساء حت يفظها ويقولا ‪.‬‬
‫‪ -6‬قل لم ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬إن القرآن أنزله ال الذى يعلم السرار الفية ف‬
‫السموات والرض ‪ ،‬وقد أودعها ف القرآن العجز دليل على أنه وحيه سبحانه ‪ ،‬إن‬
‫ال واسع الغفرة والرحة ‪ ،‬يتجاوز عن العاصي إذا تابوا ول يعجل بعقوبتهم ‪.‬‬

‫ق لَ ْولَا ُأْنزِ َل ِإلَ ْيهِ مَ َلكٌ فََيكُونَ‬


‫َوقَالُوا مَا ِل هَذَا ال ّرسُولِ َيأْ ُك ُل الطّعَا َم َويَ ْمشِي فِي اْلأَ ْسوَا ِ‬
‫َمعَ ُه َنذِيرًا (‪َ )7‬أوْ يُلْقَى إِلَ ْيهِ كَ ْن ٌز َأوْ َتكُو ُن َلهُ جَنّ ٌة َيأْ ُكلُ مِ ْنهَا َوقَا َل الظّالِمُو َن إِ ْن تَتِّبعُونَ‬
‫ض َربُوا َلكَ اْلأَمْثَالَ فَضَلّوا فَلَا َيسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (‪)9‬‬
‫ِإلّا َرجُلًا َمسْحُورًا (‪ )8‬انْ ُظرْ كَيْفَ َ‬
‫ج َعلْ‬
‫جرِي ِمنْ تَحِْتهَا الَْأْنهَا ُر َويَ ْ‬
‫ت تَ ْ‬
‫ك جَنّا ٍ‬
‫تَبَارَكَ اّلذِي إِنْ شَا َء َج َعلَ َلكَ خَ ْيرًا مِ ْن َذلِ َ‬
‫ب بِالسّا َعةِ َسعِيًا (‪ِ )11‬إذَا‬
‫ك قُصُورًا (‪َ )10‬بلْ َك ّذبُوا بِالسّا َع ِة وَأَعَْت ْدنَا لِ َمنْ َك ّذ َ‬
‫لَ َ‬
‫َرَأتْ ُه ْم ِمنْ َمكَانٍ َبعِيدٍ سَ ِمعُوا َلهَا َتغَيّظًا وَ َزفِيًا (‪َ )12‬وِإذَا ُألْقُوا مِ ْنهَا مَكَانًا ضَّيقًا مُ َق ّرنِيَ‬
‫ك ثُبُورًا (‪)13‬‬
‫دَ َعوْا هُنَالِ َ‬

‫‪ -7‬وسَخِروا من ممد فقالوا ‪ :‬أى شئ يتاز به هذا الذى يزعم أنه رسول حت إنه‬
‫يأكل الطعام كما نأكل ‪ ،‬ويتردد ف السواق لكسب عيشه كما يفعل سائر البشر؟ لو‬
‫كان رسول لكفاه ال ذلك ‪ ،‬ولسأل ربه أن ينل له ملكا من السماء يساعده على‬
‫النذار والتبليغ ويصدقه ف دعواه فنؤمن به ‪.‬‬
‫‪ -8‬وهل سأل أن يكفيه مؤونة التردد على السواق فيلقى إليه كنا من السماء ينفق‬
‫منه ‪ ،‬أو يعل له حديقة يقتات من ثارها؟ وقال كبار الكافرين الذين ظلموا أنفسهم‬
‫بالكفر صادين الناس عن اليان بحمد ‪ ،‬وماولي تشكيك الؤمني ‪ :‬ما تتبعون إل‬
‫ل مسحورا عقلُه ‪ ،‬فهو يهذى با ل حقيقة له ‪.‬‬
‫رج ً‬
‫‪ -9‬انظر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬كيف ضربوا لك المثال ‪ ،‬فمثلوك مرة بسحور ‪ ،‬وأخرى‬
‫بجنون ‪ ،‬وثالثة بكذاب ‪ ،‬ورابعة بتلقى القرآن عن أعاجم ‪ ،‬إنم بذلك قد ضلوا‬
‫طريق الق والحاجة الصحيحة فل يدون إليهما سبيل ‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫‪ -10‬تعال ال وتزايد خيه ‪ ،‬هو الذى إن شاء جعل لك ف الدنيا أحسن ما‬
‫اقترحوا ‪ ،‬فيجعل لك فيها مثل ما وعدك ف الخرة من جنات كثية ترى النار ف‬
‫جنباتا وخلل أشجارها ‪ ،‬ومن قصور مشيدة ‪.‬‬
‫‪ -11‬والقيقة أنم جاحدون بكل آية ‪ ،‬لنم كذّبوا بالبعث ويوم القيامة ‪ ،‬فهم لذا‬
‫يتعللون بذه الطالب ليصرفوا الناس إل باطلهم ‪ ،‬وقد أعددنا لن كذب بيوم القيامة‬
‫نارا مستعرة شديدة اللتهاب ‪.‬‬
‫‪ -12‬إذا رأوها ورأتم من بعيد سعوا لا صوتا متغيظا متحفزا لهلكهم ‪ ،‬وفيه مثل‬
‫الزفرات الت ترج من صدر متغيظ علمة على ما هى عليه من شدة ‪.‬‬
‫‪ -13‬وإذا ألقوا ف مكان ضيق منها يتناسب مع جرمهم وهم مقرونة أيديهم إل‬
‫أعناقهم بالغلل ‪ ،‬نادوا هناك طالبي تعجيل هلكهم ليستريوا من هول العذاب ‪.‬‬

‫ك خَ ْيرٌ أَمْ جَنّ ُة الْخُ ْلدِ الّتِي‬


‫لَا َتدْعُوا الَْيوْ َم ثُبُورًا وَا ِحدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيًا (‪ُ )14‬قلْ َأ َذلِ َ‬
‫وُ ِعدَ الْمُّتقُونَ كَانَتْ َل ُه ْم جَزَا ًء َومَصِيًا (‪َ )15‬ل ُهمْ فِيهَا مَا َيشَاءُونَ خَاِلدِينَ كَانَ عَلَى‬
‫ش ُرهُ ْم َومَا َيعُْبدُو َن ِمنْ دُو ِن ال ّلهِ فََيقُو ُل َأأَنُْت ْم أَضْلَلُْتمْ‬
‫حُ‬‫َرّبكَ وَ ْعدًا َمسْئُولًا (‪ )16‬وََيوْ َم يَ ْ‬
‫خ َذ ِمنْ‬
‫ك مَا كَانَ يَنَْبغِي لَنَا أَ ْن نَتّ ِ‬
‫عِبَادِي هَ ُؤلَاءِ أَ ْم هُمْ ضَلّوا السّبِيلَ (‪ )17‬قَالُوا سُبْحَانَ َ‬
‫دُوِنكَ ِم ْن َأوْلِيَا َء َولَ ِكنْ مَتّعَْت ُهمْ وَ َآبَا َء ُه ْم حَتّى َنسُوا الذّ ْك َر وَكَانُوا َق ْومًا بُورًا (‪َ )18‬فقَدْ‬
‫صرًا َومَ ْن يَظْ ِل ْم مِنْ ُك ْم نُ ِذ ْقهُ َعذَابًا كَبِيًا‬
‫ص ْرفًا وَلَا نَ ْ‬
‫َك ّذبُو ُك ْم بِمَا َتقُولُو َن فَمَا َتسْتَطِيعُونَ َ‬
‫(‪)19‬‬

‫‪ -14‬فيقال لم توبيخا وسخرية ‪ :‬ل تطلبوا هلكا واحدا بل اطلبوه مرارا ‪ ،‬فلن‬
‫تدوا خلصا ما أنتم فيه ‪ ،‬وإن أنواع عذابم كثية ‪.‬‬
‫‪ -15‬قل ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬للكافرين ‪ :‬أهذا الصي الذى أوعد به الكافرون خي ‪ ،‬أم‬
‫النة الدائم نعيمها والت وعد الؤمنون التقياء بأن تكون لم ثوابا ومصيا يصيون‬
‫إليه بعد البعث والساب؟ ‪.‬‬
‫‪ -16‬لم فيها ما يرغبون وينعمون به نعيما دون انقطاع ‪ ،‬وكان هذا النعيم وعدا من‬
‫ال لم ‪ ،‬سألوا ربم تقيقه فأجابم إل ما سألوه ‪ ،‬لن وعده ل يتخلف ‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫‪ -17‬واذكر ‪ -‬للعظة ‪ -‬يوم يشر ال الشركي للحساب ف يوم القيامة مع مَن‬
‫عبدوهم ف الدنيا من دون ال ‪ ،‬كعيسى وعزير واللئكة ‪ ،‬فيسأل ال العبودين ‪ :‬أأنتم‬
‫الذين أضللتم عبادى فأمرتوهم بأن يعبدوكم ‪ ،‬أم هم الذين ضلوا السبيل باختيارهم‬
‫فعبدوكم؟ ‪.‬‬
‫‪ -18‬فيكون جوابم ‪ :‬تنّهت وتقّدست ‪ ،‬ما كان يق لنا أبدا أن نطلب من دونك‬
‫وليا ينصرنا ويتول أمرنا ‪ ،‬فكيف مع هذا ندعوا أحدا أن يعبدنا دونك؟ ولكن السبب‬
‫ف كفرهم هو إنعامك عليهم بأن متّعتهم طويل بالدنيا هم وآباؤهم ‪ ،‬فأطغاهم ذلك‬
‫ونسوا شكرك والتوجه إليك ‪ -‬وحدك ‪ -‬بالعبادة ‪ ،‬وكانوا بذلك الطغيان والكفر‬
‫قوما مستحقي للهلك ‪.‬‬
‫‪ -19‬فيقال للعابدين الشركي ‪ :‬لقد كذّبكم مَن عبدتوه فيما زعمتم من إضللم‬
‫إياكم ‪ .‬فأنتم اليوم إل العذاب صائرون ‪ ،‬ل تلكون حيلة لصرفه عنكم ‪ ،‬ول تدون‬
‫نصرا من أحد يلصكم منه ‪ ،‬وليعلم العباد جيعا أن من يظلم نفسه بالكفر والطغيان‬
‫كما فعل أولئك فإننا نعذّبه عذابا شديدا ‪.‬‬

‫ق َوجَعَلْنَا‬
‫وَمَا أَ ْرسَلْنَا قَبْ َلكَ ِم َن الْ ُمرْسَلِيَ إِلّا إِّن ُهمْ لََيأْكُلُو َن ال ّطعَا َم َويَ ْمشُونَ فِي الَْأسْوَا ِ‬
‫ك بَصِيًا (‪َ )20‬وقَالَ اّلذِي َن لَا َي ْرجُو َن ِلقَا َءنَا َلوْلَا‬
‫ض فِتَْن ًة أَتَصِْبرُو َن وَكَانَ َربّ َ‬
‫َبعْضَ ُكمْ لَِبعْ ٍ‬
‫س ِهمْ وَعََتوْا عُُتوّا كَِبيًا (‪)21‬‬
‫ُأنْ ِزلَ عَلَيْنَا الْمَلَاِئكَ ُة َأوْ َنرَى َربّنَا َل َقدِ اسَْتكَْبرُوا فِي َأنْ ُف ِ‬
‫حجُورًا (‪َ )22‬وقَ ِدمْنَا‬
‫جرًا مَ ْ‬
‫ي َويَقُولُو َن حِ ْ‬
‫ج ِرمِ َ‬
‫شرَى يَ ْومَِئذٍ لِ ْلمُ ْ‬
‫يَوْ َم َي َروْ َن الْمَلَاِئكَ َة لَا ُب ْ‬
‫ب الْجَّنةِ َي ْومَِئذٍ خَ ْي ٌر ُمسْتَ َقرّا‬
‫صحَا ُ‬
‫جعَلْنَا ُه هَبَا ًء مَنْثُورًا (‪ )23‬أَ ْ‬
‫ِإلَى مَا َعمِلُوا ِمنْ عَ َم ٍل فَ َ‬
‫سنُ َمقِيلًا (‪َ )24‬وَيوْمَ َتشَ ّققُ السّمَا ُء بِالْغَمَا ِم َوُنزّ َل الْمَلَائِ َكةُ تَ ْنزِيلًا (‪ )25‬الْمُ ْلكُ‬
‫وََأ ْح َ‬
‫ح ّق لِل ّرحْ َمنِ وَكَا َن َيوْمًا عَلَى اْلكَا ِفرِينَ َعسِيًا (‪)26‬‬
‫يَ ْومَِئذٍ الْ َ‬

‫‪ -20‬وإذا كان الشركون يعيبونك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬بأكلك الطعام ومشيك ف السواق‬
‫للعمل والكسب فتلك سنة ال ف الرسلي من قبلك ‪ ،‬ما أرسلنا أحدا منهم إل كان‬
‫يأكل الطعام ويتردد ف السواق ‪ .‬وجعلنا بعضكم ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬ابتلء لبعض ‪،‬‬
‫والفسدون ياولون سد الطريق إل الداية والق بشت الساليب ‪ ،‬فهل تصبون على‬

‫‪134‬‬
‫حقكم ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬وتتمسكون بدينكم حت يأتى أمر ال بالنصر؟ اصبوا فال‬
‫مطلع على كل شئ ويازى كل با عمل ‪.‬‬
‫‪ -21‬وقال الذين ينكرون البعث ول يتوقعون الزاء على أعمالم ‪ :‬لاذا ل تنل علينا‬
‫اللئكة بتأييدك ‪ ،‬أو يتراءى لنا ال فيخبنا بأنه أرسلك؟ ‪ .‬لقد تكن الكب من‬
‫نفوسهم وجاوزوا الد ف الظلم والطغيان ‪.‬‬
‫‪ -22‬يوم القيامة يرون اللئكة كما تنوا ‪ ،‬وسيكون ذلك مصدر تنفي لم ل بشارة ‪.‬‬
‫يستعيذون منهم كما كانوا يستعيذون ما يفزعهم ف الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -23‬ويوم القيامة نأتى إل ما عملوه من مظاهر الب والحسان ف الدنيا فنحبطه‬
‫ونرمهم ثوابه ‪ ،‬لعدم إيانم الذى به تعتب العمال ‪.‬‬
‫‪ -24‬أصحاب النة يوم القيامة خي مستقرا وأحسن منل ومأوى للسترواح ‪ ،‬لنه‬
‫النة العدة للمؤمني ل النار العدة للكافرين ‪.‬‬
‫‪ -25‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬يوم تنفرج السماء وتنفتح ‪ ،‬ويظهر من ُفرَجها الغمام ‪،‬‬
‫وتنل اللئكة نزولً مؤكدا ‪.‬‬
‫‪ -26‬ف هذا اليوم تبطل أملك الالكي من الناس وتنقطع دعاواهم ‪ ،‬ويلص اللك‬
‫للرحن ‪ -‬وحده ‪ -‬ويكون يوما شديدا عصيبا على الكافرين ‪.‬‬

‫خ ْذتُ مَ َع ال ّرسُولِ سَبِيلًا (‪ )27‬يَا َويْلَتَا‬


‫وََيوْ َم َيعَضّ الظّاِلمُ َعلَى َي َديْ ِه َيقُولُ يَا لَيْتَنِي اتّ َ‬
‫خ ْذ فُلَانًا خَلِيلًا (‪َ )28‬لقَ ْد أَضَلّنِي َع ِن الذّ ْك ِر َبعْ َد ِإذْ جَا َءنِي وَكَا َن الشّيْطَانُ‬
‫لَيْتَنِي َل ْم أَتّ ِ‬
‫خذُوا َهذَا الْ ُقرْآَ َن َمهْجُورًا (‬
‫ب إِ ّن قَ ْومِي اتّ َ‬
‫لِ ْلإِْنسَانِ خَذُولًا (‪َ )29‬وقَا َل ال ّرسُولُ يَا َر ّ‬
‫ي وَ َكفَى ِبرَّبكَ هَا ِديًا َونَصِيًا (‪)31‬‬
‫ج ِرمِ َ‬
‫‪ )30‬وَ َكذَِلكَ َجعَلْنَا ِل ُكلّ نَِبيّ َع ُدوّا ِمنَ الْ ُم ْ‬
‫ت ِب ِه ُفؤَادَ َك وَ َرتّلْنَاهُ‬
‫َوقَالَ اّلذِينَ َك َفرُوا لَ ْولَا ُن ّزلَ عَلَ ْيهِ اْل ُقرْآَ ُن جُمْ َل ًة وَا ِح َدةً َك َذِلكَ لِنُثَبّ َ‬
‫سنَ َت ْفسِيًا (‪)33‬‬
‫ح ّق َوأَ ْح َ‬
‫ك بِمََث ٍل ِإلّا جِئْنَا َك بِالْ َ‬
‫َترْتِيلًا (‪َ )32‬ولَا َي ْأتُونَ َ‬

‫‪ -27‬يوم القيامة يعض الظال لنفسه ‪ -‬بالكفر ومالفة الرسل ‪ -‬على يديه أسفا وندما‬
‫يقول متمنيا ‪ :‬يا ليتن اتبعت الرسل فسلكت طريق النة وتنبت طريق النار ‪.‬‬
‫‪ -28‬يقول نادما على اتّباع َمنْ أضلوه ‪ :‬يا ليتن ل أصادق فلنا الذى ملّكته قيادى ‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫‪ -29‬لقد أبعدن هذا الصديق عن ذكر ال وذكر القرآن بعد أن ُيسّر ل ‪ ،‬وهكذا‬
‫يذل الشيطان النسان ويسلمه إل ما فيه هلكته ‪.‬‬
‫‪ -30‬وقال الرسول يشكو إل ال ما يلقيه من تعنت قومه ‪ :‬إنم تركوا القرآن‬
‫وهجروه ‪ ،‬وتادوا ف إعراضهم وعنادهم وعدائهم ‪.‬‬
‫‪ -31‬كما جعلنا قومك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬يعادونك ويُكذّبوك ‪ ،‬جعلنا لكل نب عدوا من‬
‫الجرمي يعادونه ويقاومون دعوته ‪ ،‬وسينصرك ال ويهديك إل قهرهم ‪ ،‬وحسبُك به‬
‫هاديا ونصيا ‪.‬‬
‫‪ -32‬وقال الذين كفروا طعنا ف القرآن ‪ِ :‬ل َم َلمْ ينل دفعة واحدة ‪ ،‬لقد أنزلناه‬
‫كذلك مفرقا ليثبت به فؤادك بأُنسك به وحفظك له ‪ ،‬ورتّلناه ‪ .‬فرقنا آيه ‪ ،‬أو قرأناه‬
‫على لسان جبيل شيئا فشيئا على تؤدة وتهل ‪.‬‬
‫‪ -33‬ول يأتونك بال من العتراضات الواهية إل جئناك بالق نبيّنه ونُفسّره أحسن‬
‫تفسي ‪.‬‬

‫ض ّل سَبِيلًا (‪َ )34‬وَلقَدْ‬


‫ك َشرّ َمكَانًا وَأَ َ‬
‫شرُونَ عَلَى وُجُو ِه ِهمْ ِإلَى َجهَّنمَ أُولَئِ َ‬
‫حَ‬‫الّذِينَ يُ ْ‬
‫َآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ َوجَعَلْنَا َمعَ ُه َأخَا ُه هَارُو َن وَزِيرًا (‪َ )35‬فقُلْنَا ا ْذهَبَا ِإلَى الْ َقوْ ِم الّذِينَ‬
‫ح لَمّا َك ّذبُوا ال ّر ُسلَ أَ ْغ َرقْنَا ُه ْم وَ َجعَلْنَا ُهمْ‬
‫َك ّذبُوا بِ َآيَاتِنَا َفدَ ّم ْرنَا ُهمْ َت ْدمِيًا (‪َ )36‬و َقوْ َم نُو ٍ‬
‫ب الرّسّ َو ُقرُونًا‬
‫لِلنّاسِ َآيَ ًة َوأَعَْت ْدنَا لِلظّالِمِيَ َعذَابًا َألِيمًا (‪ )37‬وَعَادًا َوثَمُو َد َوأَصْحَا َ‬
‫ض َربْنَا َلهُ اْلأَمْثَالَ وَكُلّا تَّب ْرنَا تَتْبِيًا (‪)39‬‬
‫بَ ْينَ َذِلكَ َكثِيًا (‪ )38‬وَكُلّا َ‬

‫‪ -34‬والذين كفروا برسالتك سيُسحبون إل النار على وجوههم أذلء ‪ ،‬وهم شر‬
‫الناس منلة وأوغلُهم ف الضلل ‪.‬‬
‫‪ -35‬وُيسَلّى الرسول ما وقع للرسل قبله ‪ ،‬ولقد نزلنا على موسى التوراة وكلفناه أن‬
‫يقوم بتبليغ رسالتنا ‪ ،‬وأيدناه بأخيه هارون وزيرا له ومعينا ف أمره ‪.‬‬
‫‪ -36‬فقلنا ‪ :‬اذهب أنت وأخوك إل فرعون وقومه ‪ .‬وأيدناه بالعجزات الت تدل على‬
‫صدقه ‪ ،‬فلم يؤمنوا با وكذبوه ‪ ،‬فكان عاقبتهم أن أهلكناهم ومقناهم مقا ‪.‬‬
‫‪ -37‬وكذلك فعلنا من قبل موسى مع قوم نوح لا كذّبوه ‪ -‬ومن كذّب رسول فقد‬

‫‪136‬‬
‫كذّب الرسل أجعي ‪ -‬فقد أغرقناهم بالطوفان وجعلناهم عبة للناس ‪ ،‬وجعلنا لم‬
‫ولكل مشرك ف الخرة عذابا أليما ‪.‬‬
‫س لا كذبوا رسلهم ‪ ،‬وأهلكنا أما‬
‫‪ -38‬وكذلك أهلكنا عادا وثود وأصحاب الرّ َ‬
‫كثية كانوا بي أمة نوح وبي عاد فأصابم جزاء الظالي ‪.‬‬
‫‪ -39‬ولقد أنذرنا هؤلء القوام كلهم ‪ ،‬وذكرنا لم العظات والمثال الصحيحة‬
‫النافعة ‪ ،‬ولكنهم ل يتعظوا فأخذناهم كلهم بالعذاب وأهلكناهم ودمرنا ديارهم تدميا‬
‫‪.‬‬

‫سوْ ِء َأفَ َلمْ َيكُونُوا َيرَ ْوَنهَا َبلْ كَانُوا لَا َيرْجُونَ‬
‫ت مَ َط َر ال ّ‬
‫وََل َقدْ َأَتوْا عَلَى اْلقَ ْرَيةِ الّتِي ُأمْ ِطرَ ْ‬
‫ث اللّهُ َرسُولًا (‪ )41‬إِنْ‬
‫ك ِإلّا ُهزُوًا أَ َهذَا اّلذِي َبعَ َ‬
‫خذُونَ َ‬
‫ُنشُورًا (‪ )40‬وَِإذَا َرأَوْ َك إِ ْن يَتّ ِ‬
‫ب َمنْ‬
‫ي َيرَوْ َن اْلعَذَا َ‬
‫ف َيعْلَمُو َن حِ َ‬
‫كَادَ لَيُضِلّنَا َعنْ َآِلهَتِنَا َلوْلَا أَنْ صََب ْرنَا عَلَ ْيهَا َوسَوْ َ‬
‫خ َذ ِإلَ َههُ هَوَاهُ َأ َفَأنْتَ َتكُونُ عَلَ ْي ِه وَكِيلًا (‪)43‬‬
‫ت َمنِ اتّ َ‬
‫ض ّل سَبِيلًا (‪ )42‬أَ َرَأيْ َ‬
‫أَ َ‬

‫‪ -40‬وهؤلء ‪ -‬قريش ‪ -‬يرون ف أسفارهم إل الشام على قرية قوم لوط الت أمطرنا‬
‫عليها شر مطر وأسوأه ‪ -‬حجارة من سجيل ‪ -‬أفلم يروا هذه القرية فيتعظوا با حل‬
‫لهلها؟ إنم يرونا ولكن ل بأعي التعاظ والعتبار ‪ ،‬إذ كانوا ل يؤمنون بعاد ول‬
‫بعث ‪ ،‬ول يتوقعون يوما ينشرون فيه إل الساب ‪.‬‬
‫‪ -41‬وإذا أبصرك هؤلء ل يتخذونك إل موضع هزؤ وسخرية ‪ ،‬ويقول بعضهم‬
‫لبعض ‪ :‬أهذا هو الذى بعثه ال رسولً إلينا نتبعه ونسي وراءه؟!‬
‫‪ -42‬لقد أوتى هذا الرجل من ُحسْن البيان وقوة الُجة ما يذب السامعي ‪ ،‬ولقد‬
‫نال من عقائدنا حت لقد كاد يُزحزحنا عن آلتنا وييلنا إل إله ‪ ،‬ولكننا ثبتنا على‬
‫آلتنا وديننا ‪ .‬سنبي لم جلية المر حي يرون العذاب يوم القيامة ويعلمون من هو‬
‫أثبت ف الضلل والغواية ‪.‬‬
‫‪ -43‬أرأيت ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ضلل من اتّبع هواه وشهواته حت إنه ليعبد حجارة ل‬
‫تضر ول تنفع؟ وأنت قد بعثت نذيرا وبشيا ولست موكل بإيانم وهدايتهم ‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫ض ّل سَبِيلًا (‪)44‬‬
‫ب أَ ّن أَكَْث َرهُ ْم َيسْ َمعُونَ َأ ْو َيعْقِلُو َن إِنْ هُ ْم ِإلّا كَاْلأَْنعَا ِم َبلْ ُهمْ أَ َ‬
‫حسَ ُ‬
‫أَ ْم تَ ْ‬
‫جعَ َل ُه سَاكِنًا ُثمّ َجعَلْنَا الشّمْسَ عَلَ ْيهِ دَلِيلًا (‬
‫ف َمدّ ال ّظ ّل وََل ْو شَا َء لَ َ‬
‫َألَ ْم َترَ ِإلَى َرّبكَ كَيْ َ‬
‫‪ُ )45‬ثمّ قَبَضْنَا ُه ِإلَيْنَا قَبْضًا َيسِيًا (‪َ )46‬وهُ َو اّلذِي َجعَ َل َلكُ ُم اللّ ْيلَ لِبَاسًا وَالّنوْ َم سُبَاتًا‬
‫وَ َج َعلَ الّنهَارَ ُنشُورًا (‪)47‬‬

‫‪ -44‬وهل تظن أن أكثرهم يسمعون ساع الفهم أو يهتدون بعقولم؟! لقد نفذوا ما‬
‫تأمرهم به أحلمهم ‪ ،‬وصاروا كالبهائم ل همّ لم إل الكل والشرب ومتاع الياة‬
‫الدنيا ‪ ،‬ول تفكي لم فيما وراء ذلك ‪ ،‬بل هم شر مكانا من البهائم ‪ ،‬فالبهائم تنقاد‬
‫لصحابا إل ما فيه خيها ‪ ،‬وتنأى عما يضرها ‪ ،‬وهؤلء يلقون بأنفسهم فيما يهلكهم‬
‫‪.‬‬
‫‪ -45‬لقد نصبنا من الدلئل على التوحيد ما يهدى ذوى اللباب ‪ ،‬انظر إل الظل فقد‬
‫بسطه ال وجعله ساكنا أول النهار ‪ ،‬ث سلطنا الشمس تزيل منه با يل مله من‬
‫أشعتها ‪ ،‬فكانت الشمس دالة عليه ولولها ما عرف الظل ‪ ،‬ولو شاء ال لعل الظل‬
‫ساكنا مطبقا على الناس فتفوت مصالهم ومرافقهم ‪.‬‬
‫‪ -46‬ولقد كان نسخنا للظل بالشمس تدرييا بقدار ول يكن دفعة واحدة ‪ ،‬وف‬
‫ذلك منافع للناس ‪.‬‬
‫‪ -47‬ومن آيات التوحيد أن جعل الليل سترا بظلمه ‪ ،‬يدخل فيه اللق فيحيطهم‬
‫إحاطة الثوب بلبسه ‪ .‬وهيّأ الناس للنوم فكان راحة لم يستجمون به من التعب ‪ ،‬ث‬
‫يأتى النهار بضيائه ناشرا للناس باحثي عن معايشهم طالبي لرزقهم ‪.‬‬

‫شرًا بَ ْي َن َيدَيْ َرحْمَِت ِه َوَأنْ َزلْنَا ِم َن السّمَا ِء مَاءً َطهُورًا (‪)48‬‬


‫وَ ُهوَ اّلذِي أَرْ َس َل ال ّريَاحَ ُب ْ‬
‫ص ّرفْنَا ُه بَيَْن ُهمْ‬
‫لِنُحِْييَ بِ ِه بَ ْل َدةً مَيْتًا َوُنسْقَِيهُ مِمّا خَ َلقْنَا َأْنعَامًا َوَأنَا ِسيّ كَِثيًا (‪ )49‬وََل َقدْ َ‬
‫س ِإلّا ُكفُورًا (‪ )50‬وََل ْو شِئْنَا لََبعَثْنَا فِي ُك ّل َقرَْي ٍة نَذِيرًا (‪ )51‬فَلَا‬
‫لَِيذّ ّكرُوا َفَأبَى أَكَْث ُر النّا ِ‬
‫تُطِ ِع الْكَا ِفرِينَ وَجَا ِه ْدهُ ْم ِبهِ ِجهَادًا كَبِيًا (‪)52‬‬

‫‪138‬‬
‫‪ -48‬وهو الذى سخر الرياح فتسوق السحب وتبشر الناس بالطر الذى هو رحة منه‬
‫لم ‪ ،‬ولقد أنزلنا من السماء ماء طاهرا مُطهرا مزيل للناس والوساخ ‪.‬‬
‫‪ -49‬أنزلنا الطر لينبت به الزرع ‪ ،‬فتحيا به الرض الدبة بعد موتا ‪ ،‬وينتفع به‬
‫السقيا ما خلق أنعاما وأناسى كثيا ‪.‬‬
‫‪ -50‬وهذا القرآن قد بيّنا آياته وصرّفناها ‪ ،‬ليتذكر الناس ربم وليتعظوا ويعملوا‬
‫بوجبه ‪ ،‬ولكن أكثر الناس أبوا إل الكفر والعناد ‪.‬‬
‫‪ -51‬ولو شئنا لبعثنا ف كل بلدة نذيرا ‪ ،‬فاجتهد ف دعوتك ‪ ،‬ودع كلم الكافرين ‪،‬‬
‫وانبذ ما يأتون به ‪.‬‬
‫‪ -52‬واستمر ف دعوتك إل الق وتبليغ رسالة ربك ‪ ،‬وإن قاوموا دعوتك واعتدوا‬
‫على الؤمني فحاربم وجاهد ف ذلك جهادا عظيما ‪.‬‬

‫ح ُأجَاجٌ وَ َج َعلَ بَيَْنهُمَا َبرْزَخًا‬


‫ت وَ َهذَا مِلْ ٌ‬
‫ب ُفرَا ٌ‬
‫ح َرْينِ َهذَا َعذْ ٌ‬
‫ج الْبَ ْ‬
‫وَ ُهوَ اّلذِي مَرَ َ‬
‫ص ْهرًا وَكَانَ‬
‫جعَ َل ُه َنسَبًا وَ ِ‬
‫شرًا فَ َ‬
‫جرًا مَحْجُورًا (‪ )53‬وَ ُهوَ اّلذِي خَلَ َق ِمنَ الْمَا ِء َب َ‬
‫وَحِ ْ‬
‫ضرّ ُه ْم وَكَانَ اْلكَا ِفرُ عَلَى‬
‫َرّبكَ َقدِيرًا (‪ )54‬وََيعُْبدُو َن ِم ْن دُونِ ال ّلهِ مَا لَا يَ ْن َف ُعهُ ْم َولَا يَ ُ‬
‫شرًا َونَذِيرًا (‪ُ )56‬قلْ مَا أَ ْسَألُ ُكمْ عَلَ ْي ِه ِمنْ َأ ْجرٍ ِإلّا‬
‫َرّبهِ َظهِيًا (‪َ )55‬ومَا أَ ْرسَلْنَا َك ِإلّا مَُب ّ‬
‫خ َذ ِإلَى َرّبهِ سَبِيلًا (‪)57‬‬
‫َمنْ شَا َء أَ ْن يَتّ ِ‬

‫‪ -53‬وال هو الذى أجرى البحرين ‪ :‬البحر العذب والبحر اللح ‪ ،‬وجعل الجرى‬
‫لكل واحد ياور الجرى الخر ‪ ،‬ومع ذلك ل يتلطان ‪ ،‬نعمة ورحة بالناس ‪.‬‬
‫‪ -54‬وال هو الذى خلق من النطفة هؤلء الناس ‪ ،‬وجعلهم ذكورا وإناثا ذوى‬
‫قرابات بالنسب أو الصاهرة ‪ ،‬وكان ال قديرا على ما يريد إذ خلق من النطفة‬
‫الواحدة نوعي متمايزين ‪.‬‬
‫‪ -55‬وبعد هذه اليات الدالة على استحقاق ال ‪ -‬وحده ‪ -‬العبادة ‪ ،‬وأن ل إله‬
‫سواه ‪ ،‬يعبد فريق من الناس ما ل ينفع ول يضر من الوثان ‪ ،‬وهؤلء بعملهم هذا‬
‫يعاونون الشيطان وهو يضلهم ‪ ،‬فهم متظاهرون على الق الذى دعاهم إليه ال ‪.‬‬
‫‪ -56‬وليس عليك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬إل تبليغ ما أرسلت به ‪ ،‬وتبشي الؤمني بالنة ‪،‬‬

‫‪139‬‬
‫وتويف الكافرين ما سيلقونه ‪ ،‬وليس عليك بعد ذلك شئ تطالب به ‪.‬‬
‫‪ -57‬وقل لم ‪ :‬إن ل أبتغى على دعوتكم إل السلم أجرا وجزاء ‪ ،‬إل أن يهتدى‬
‫أحدكم ويسلك سبيل الق ويرجع إل ربه ‪.‬‬

‫ح ْم ِدهِ وَ َكفَى ِب ِه بِ ُذنُوبِ عِبَا ِد ِه خَبِيًا (‪)58‬‬


‫ح بِ َ‬
‫ح ّي الّذِي لَا يَمُوتُ َوسَبّ ْ‬
‫وََتوَ ّكلْ عَلَى الْ َ‬
‫ش الرّحْ َمنُ‬
‫ض َومَا بَيَْنهُمَا فِي سِّتةِ أَيّا ٍم ُثمّ اسَْتوَى عَلَى اْل َعرْ ِ‬
‫الّذِي خَ َلقَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ َ‬
‫جدُ لِمَا‬
‫جدُوا لِلرّحْ َم ِن قَالُوا َومَا ال ّرحْ َمنُ َأَنسْ ُ‬
‫فَا ْسأَ ْل ِبهِ خَبِيًا (‪ )59‬وَِإذَا قِي َل َل ُهمُ اسْ ُ‬
‫َتأْ ُم ُرنَا وَزَادَ ُهمْ ُنفُورًا (‪)60‬‬

‫‪ -58‬وتوكل ف أمورك على ال الى الذى ل يكن أن يوت ‪ ،‬ونزّهه وقدسه حامدا‬
‫أنعمه ‪ ،‬ودع من خرج عن الادة ‪ ،‬فال خبي بم مكافئ لم على ذنوبم ‪.‬‬
‫‪ -59‬وال هو الذى خلق السموات والرض وما بينهما ف ستة أيام ‪ ،‬وقد استول‬
‫على العرش واللكوت وعم سلطانه كل شئ ‪ ،‬وهو الرحن ‪ ،‬وإن ابتغيت أن تعرف‬
‫شيئا من صفاته فاسأل البي عنه يبك وهو ال العليم الكيم ‪.‬‬
‫‪ -60‬وإذا قيل لؤلء الكفار ‪ :‬اخضعوا للرحن واعبدوه ‪ .‬كان جوابم بالنكار‬
‫وتاهل الرحن وقالوا ‪ :‬من هو الرحن؟! نن ل نعلمه حت نسجد له ‪ ،‬فهل نضع‬
‫لمرك وحسب؟ ‪ ،‬وازدادوا عن اليان ُبعْدا ونفورا ‪.‬‬

‫تَبَارَكَ اّلذِي جَ َع َل فِي السّمَا ِء ُبرُوجًا وَ َج َعلَ فِيهَا ِسرَاجًا َوقَ َمرًا مُنِيًا (‪َ )61‬وهُ َو اّلذِي‬
‫جَ َع َل اللّيْ َل وَالّنهَا َر خِلْ َف ًة لِ َمنْ أَرَا َد أَ ْن َيذّ ّكرَ َأوْ أَرَا َد شُكُورًا (‪ )62‬وَعِبَا ُد ال ّرحْ َمنِ‬
‫ض َه ْونًا َوإِذَا خَاطََب ُه ُم الْجَاهِلُو َن قَالُوا سَلَامًا (‪ )63‬وَاّلذِينَ‬
‫الّذِينَ يَ ْمشُونَ عَلَى الْأَرْ ِ‬
‫ب َجهَنّ َم إِنّ‬
‫صرِفْ عَنّا َعذَا َ‬
‫جدًا َوقِيَامًا (‪ )64‬وَالّذِينَ َيقُولُونَ َربّنَا ا ْ‬
‫يَبِيتُونَ ِل َرّبهِ ْم سُ ّ‬
‫َعذَابَهَا كَانَ َغرَامًا (‪)65‬‬

‫‪ -61‬تعال الرحن وتزايد فضله ‪ ،‬أنشأ الكواكب ف السموات وجعل لا منازل تسي‬
‫فيها ‪ ،‬وجعل من الكواكب الشمس سراجا مضيئا والقمر منيا ‪.‬‬
‫‪ -62‬والرحن هو الذى جعل الليل والنهار متعاقبي ‪ :‬يلف أحدها الخر ‪ ،‬وقد‬

‫‪140‬‬
‫دبرنا هذا ليتذكر من شاء هذا التدبي ‪ ،‬فيعرف حكمة ال وقدرته ‪ ،‬أو يشكره على‬
‫هذه النعمة الليلة ‪.‬‬
‫‪ -63‬فعباد الرحن هم الذين يتواضعون ف الدنيا ‪ ،‬إذا مَشوْا على الرض مشوا ف‬
‫سكينة ووقار ‪ ،‬وكذلك ف سائر أعمالم ‪ ،‬وإذا سابّهم السفهاء من الشركي تركوهم‬
‫وشأنم وقالوا لم ‪ :‬ل شأن لنا بكم بل أمرنا سلم عليكم ‪.‬‬
‫‪ -64‬والذين يبيتون على التعبد والصلة ويذكرون ال كثيا ‪.‬‬
‫‪ -65‬والذين يغلّبون الوف على الرجاء ‪ -‬شأن التقياء ‪ -‬فيخافون عذاب الخرة ‪،‬‬
‫يكون دأبم أن يدعوا ال أن ينجيهم من عذاب جهنم ‪ ،‬فإن عذابا إذا نزل بجرم‬
‫يلزمه ول يفارقه ‪.‬‬

‫س ِرفُوا وََل ْم َيقْتُرُوا وَكَا َن بَ ْينَ‬


‫ت ُمسْتَ َقرّا َو ُمقَامًا (‪ )66‬وَاّلذِي َن ِإذَا َأنْ َفقُوا َلمْ ُي ْ‬
‫ِإنّهَا سَا َء ْ‬
‫س الّتِي َحرّمَ ال ّلهُ‬
‫ك َقوَامًا (‪ )67‬وَالّذِينَ لَا َيدْعُو َن مَ َع ال ّلهِ إَِلهًا َآ َخرَ َولَا َيقْتُلُونَ الّنفْ َ‬
‫َذلِ َ‬
‫ف َلهُ اْل َعذَابُ َيوْ َم اْلقِيَا َمةِ‬
‫ك يَ ْلقَ َأثَامًا (‪ )68‬يُضَاعَ ْ‬
‫ح ّق َولَا َي ْزنُو َن َومَ ْن َي ْفعَ ْل َذلِ َ‬
‫ِإلّا بِالْ َ‬
‫ك يَُبدّ ُل ال ّلهُ‬
‫ب وَ َآ َمنَ وَعَ ِملَ عَمَلًا صَالِحًا َفأُولَئِ َ‬
‫وَيَخْ ُل ْد فِي ِه ُمهَانًا (‪ِ )69‬إلّا َم ْن تَا َ‬
‫ب وَعَ ِملَ صَالِحًا َفإِّنهُ يَتُوبُ‬
‫ت وَكَانَ ال ّلهُ َغفُورًا َرحِيمًا (‪ )70‬وَ َم ْن تَا َ‬
‫سَيّئَاِت ِهمْ َحسَنَا ٍ‬
‫ِإلَى ال ّل ِه مَتَابًا (‪ )71‬وَالّذِينَ لَا َيشْ َهدُونَ الزّورَ َوِإذَا َمرّوا بِال ّل ْغوِ َمرّوا ِكرَامًا (‪)72‬‬

‫‪ -66‬وأن جهنم شر مستقر لن يستقر فيها ‪ ،‬وشر مقام لن يقيم ‪.‬‬


‫‪ -67‬ومن سات عباد الرحن ‪ :‬العتدال ف إنفاقهم الال على أنفسهم وأسرهم ‪ ،‬فهم‬
‫ل يبذرون ول يضيقون ف النفقة ‪ ،‬بل نفقتهم وسط بي المرين ‪.‬‬
‫‪ -68‬ومن شأنم أنم أخلصوا التوحيد ‪ ،‬ونبذوا كل أثر للشرك ف عبادة ربم ‪،‬‬
‫ت بالق ‪ .‬وقد‬
‫وتنّهوا عن قتل النفوس الت نى ال عن قتلها ‪ .‬لكن إن اعتدت قُتِلَ ْ‬
‫تنبوا الزن ‪ ،‬وقصروا أنفسهم على اللل من أوجه التاع ‪ ،‬لينجوا من عقاب هذه‬
‫اللهكات ‪ ،‬فإن من يفعل هذه المور يلق منها شرا وعذابا ‪.‬‬
‫‪ -69‬فإنه سيلقى يوم القيامة عذابا مضاعفا ‪ ،‬ويلد فيه ذليل مهانا ‪.‬‬
‫‪ -70‬ولكن مَن تاب من هذه الذنوب ‪ ،‬وصدق ف إيانه ‪ ،‬وأَتب َع ذلك بالطاعات‬

‫‪141‬‬
‫والعمال الصالة ‪ ،‬فهؤلء يغفر لم رحة منه ‪ ،‬ويعل لم مكان السيئات السالفة‬
‫حسنات يثيبهم عليها أجزل الثواب ‪ ،‬وأن ال من شأنه الرحة والغفران ‪.‬‬
‫‪ -71‬وهكذا مضى أمرنا ‪ :‬أن من تاب من إثه وظهر أثر ذلك ف إقباله على الطاعة‬
‫واجتنابه العصية ‪ ،‬فهو الذى يقبل ال توبته ‪ .‬وبا يرجع إل ربه بعد نِفاره ‪.‬‬
‫‪ -72‬ومن أخلق عباد الرحن ‪ :‬أنم يتنّهون عن شهادة الزور ‪ ،‬وأنم إذا صادفوا‬
‫من إنسان ما ل يُحمد من قول أو فعل ل يشتركوا فيه ‪ ،‬ورفعوا أنفسهم عن مقارنته ‪.‬‬

‫صمّا وَعُمْيَانًا (‪ )73‬وَاّلذِي َن َيقُولُونَ‬


‫خرّوا َعلَ ْيهَا ُ‬
‫وَاّلذِي َن ِإذَا ذُ ّكرُوا ِبآَيَاتِ َرّب ِهمْ لَ ْم يَ ِ‬
‫ج َزوْنَ‬
‫ي ِإمَامًا (‪ )74‬أُولَِئكَ يُ ْ‬
‫ب لَنَا ِمنْ أَ ْزوَاجِنَا َوذُرّيّاتِنَا ُق ّرةَ أَعُْينٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُّتقِ َ‬
‫َربّنَا هَ ْ‬
‫ت ُمسَْت َقرّا َومُقَامًا‬
‫حّيةً َوسَلَامًا (‪ )75‬خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَ ْ‬
‫الْ ُغ ْرفَ َة بِمَا صََبرُوا َويُ َلقّوْ َن فِيهَا تَ ِ‬
‫ف َيكُو ُن ِلزَامًا (‪)77‬‬
‫(‪ُ )76‬قلْ مَا َيعْبَُأ ِبكُمْ َربّي َل ْولَا دُعَاؤُ ُكمْ َف َقدْ َك ّذبُْت ْم َفسَوْ َ‬

‫‪ -73‬ومن صفاتم ‪ :‬أنم إذا وعظهم واعظ وتل عليهم آيات ال ألقوا بسامعهم إليها‬
‫‪ ،‬فوعتها قلوبم ‪ ،‬وتفتحت لا بصائرهم ‪ ،‬ول يكونوا كأولئك الذين يضطربون عند‬
‫ساعها معرضي عنها ‪ ،‬ل ترق آذانم وتنسد عنها أبصارهم ‪.‬‬
‫‪ -74‬وهم يسألون ربم أن يعل نساءهم وأولدهم موضع أنس أنفسهم با يعملون‬
‫من خي ‪ ،‬وأن يعلهم أئمة ف الي يقتدى بم الصالون ‪.‬‬
‫‪ -75‬هؤلء الوصوفون با وصفناهم عباد ال حقا ‪ ،‬وجزاؤهم غرف النة العالية‬
‫كفاء صبهم على الطاعات ‪ ،‬وسيلقون ف النة التحية والتسليم ‪.‬‬
‫‪ -76‬ونعيمهم ف النة خالد ل انقطاع له ‪ ،‬فنعم النة مستقرا ومقاما ‪.‬‬
‫‪ -77‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬للناس ‪ :‬إن ال ل يعنيه منكم إل أن تعبدوه وتدعوه ف‬
‫شئونكم ول تدعوا غيه ‪ ،‬ولذلك خلقكم ‪ ،‬ولكن الكافرين منكم كذبوا ما جاء به‬
‫الرسل ‪ ،‬فسيكون عذابم لزما ل منجى لم منه ‪.‬‬

‫ك َألّا َيكُونُوا مُ ْؤمِنِيَ (‪)3‬‬


‫ك بَاخِ ٌع َن ْفسَ َ‬
‫طسم (‪ )1‬تِلْكَ َآيَاتُ اْلكِتَابِ الْمُِبيِ (‪َ )2‬لعَلّ َ‬
‫ضعِيَ (‪)4‬‬
‫ت أَعْنَا ُق ُهمْ َلهَا خَا ِ‬
‫إِ ْن َنشَ ْأ نَُنزّلْ عَلَ ْي ِه ْم ِمنَ السّمَاءِ َآيَ ًة فَظَلّ ْ‬

‫‪142‬‬
‫‪ -1‬هذه الروف لبيان أن القرآن العجز للبشر ركبت كلماته منها ومن أخواتا ‪،‬‬
‫وهى ف طوقهم ‪ ،‬فمن ارتاب ف أنه من عند ال فليأت بثله ‪ ،‬ولن يستطيع ‪.‬‬
‫‪ -2‬هذا الكلم الذى أوحيت به إليك آيات الكتاب الوضح لا اشتمل عليه من‬
‫أحكام ‪.‬‬
‫‪ -3‬أشفق على نفسك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أن تقتلها حزنا على عناد قومك ‪ ،‬وعدم إيانم‬
‫‪.‬‬
‫‪ -4‬إن ف قدرتنا أن نأتيهم بعجزة تلجئهم إل اليان ‪ ،‬فيخضعوا لمره ‪ ،‬ويتم ما‬
‫ترجوه ‪ ،‬ول نأتم بذلك لن سنتنا تكليف الناس باليان دون إلاء ‪ ،‬كى ل تفوت‬
‫الكمة ف البتلء ‪ ،‬وما وراءه من ثواب وعقاب ‪.‬‬

‫ح َدثٍ ِإلّا كَانُوا عَ ْن ُه ُم ْعرِضِيَ (‪َ )5‬ف َقدْ َكذّبُوا‬


‫وَمَا َيأْتِي ِهمْ ِم ْن ذِ ْكرٍ مِ َن الرّحْ َم ِن مُ ْ‬
‫َفسََيأْتِي ِهمْ َأنْبَا ُء مَا كَانُوا ِبهِ َيسْتَ ْه ِزئُونَ (‪َ )6‬أ َولَ ْم َيرَوْا إِلَى اْلأَرْضِ َك ْم َأنْبَتْنَا فِيهَا ِمنْ ُكلّ‬
‫ك َلآََي ًة وَمَا كَا َن أَكَْث ُرهُ ْم ُمؤْمِنِيَ (‪َ )8‬وإِنّ َرّبكَ َل ُهوَ اْلعَزِيزُ‬
‫َزوْجٍ َكرِيٍ (‪ )7‬إِ ّن فِي َذلِ َ‬
‫ت الْ َقوْ َم الظّالِمِيَ (‪َ )10‬قوْ َم ِفرْ َعوْ َن َألَا يَّتقُونَ‬
‫ك مُوسَى أَ ِن ائْ ِ‬
‫ال ّرحِيمُ (‪َ )9‬وِإذْ نَادَى َربّ َ‬
‫(‪)11‬‬

‫‪ -5‬وما يدد ال لقومك بوحيه ما يذكرهم بالدين الق ‪ ،‬رحة بم ‪ ،‬إل جددوا‬
‫إعراضا عنه ‪ ،‬وكفرا به ‪ ،‬حيث أغلقت أمامهم طرق الداية ‪.‬‬
‫‪ -6‬فقد كذّب هؤلء بالق الذى جئتهم به ‪ ،‬وسخروا منه ‪ ،‬فاصب عليهم ‪ ،‬فسيون‬
‫عاقبة استهزائهم القاصمة ‪.‬‬
‫‪ -7‬فَعلوا ما فَعلوا من الكفر والتكذيب ول ينظروا إل بعض خلق ال ف الرض ‪ ،‬ولو‬
‫نظروا متأملي لهتدوا ‪ ،‬فهذه الكثرة من أصناف النباتات النافعة أخرجناها من الرض‬
‫‪ ،‬ول يستطيع ذلك غي إله واحد قدير ‪.‬‬
‫‪ -8‬إن ف إخراج النبات من الرض لدللة عظيمة على وجود الالق القدير ‪ ،‬وما‬
‫كان أكثر القوم مؤمني ‪.‬‬
‫‪ -9‬وإن مالك أمرك وحافظك لو النتقم من الكذبي التفضل بالرحة على الؤمني ‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫‪ -10‬واذكر ‪ -‬يا ممد ‪ -‬لقومك قصة موسى حي ناداه ربك ‪ :‬يا موسى ‪ ،‬اذهب‬
‫رسول إل القوم الذين ظلموا أنفسهم بالكفر ‪ ،‬وبن إسرائيل بالستعباد وذبح الولد‬
‫‪.‬‬
‫‪ -11‬ائت قوم فرعون ‪ ،‬فإنم ماضون ف ظلمهم ‪ .‬عجبا لم! أما يافون عاقبة ذلك‬
‫ويذرونا؟‬

‫صدْرِي َولَا يَنْطَ ِل ُق ِلسَانِي َفأَ ْر ِسلْ ِإلَى‬


‫قَالَ َربّ ِإنّي َأخَافُ أَنْ ُي َكذّبُونِ (‪ )12‬وَيَضِيقُ َ‬
‫ف أَ ْن َيقْتُلُونِ (‪ )14‬قَالَ كَلّا فَاذْهَبَا ِبآَيَاتِنَا ِإنّا َمعَ ُكمْ‬
‫ب َفَأخَا ُ‬
‫هَارُونَ (‪ )13‬وََل ُهمْ عَ َليّ َذنْ ٌ‬
‫ب الْعَالَمِيَ (‪ )16‬أَ ْن أَ ْر ِسلْ َمعَنَا بَنِي‬
‫ُمسْتَ ِمعُونَ (‪َ )15‬ف ْأتِيَا ِفرْ َعوْ َن َفقُولَا ِإنّا َرسُولُ َر ّ‬
‫ت فِينَا ِمنْ عُ ُمرِ َك سِنِيَ (‪َ )18‬و َفعَلْتَ‬
‫ك فِينَا وَلِيدًا َولَبِثْ َ‬
‫إِ ْسرَائِيلَ (‪ )17‬قَالَ َأَلمْ ُن َربّ َ‬
‫ت ِمنَ اْلكَا ِفرِينَ (‪ )19‬قَا َل َفعَلُْتهَا ِإذًا َوأَنَا ِمنَ الضّالّيَ (‪)20‬‬
‫ت وََأنْ َ‬
‫ك الّتِي َفعَلْ َ‬
‫َفعْلَتَ َ‬

‫‪ -12‬قال موسى ‪ :‬يا رب إنن أخشى أل يقبلوا رسالت كبْرا وعنادا ‪.‬‬
‫‪ -13‬وييط ب الغم إذا كذبون ‪ ،‬ول ينطلق لسان حينئ ٍذ ف ماجتهم كما أحب ‪،‬‬
‫فأرسل جبيل إل أخى هارون ليؤازرن ف أمرى ‪.‬‬
‫‪ -14‬ولؤلء ذنب علىّ ‪ ،‬فقد قتلت منهم رجل فأخاف أن يقتلون قصاصا قبل أداء‬
‫مهمت ‪ ،‬ويزيدن ذلك خوفا ‪.‬‬
‫‪ -15‬قال ال له ‪ :‬لن يقتلوك ‪ ،‬وقد أجبت سؤالك ف هارون ‪ ،‬فاذهبا مزودين‬
‫بعجزاتنا ‪ ،‬إن معكما بالفظ أسع ما يرى بينكما وبي فرعون ‪ ،‬فلكما النصر‬
‫والتأييد ‪.‬‬
‫‪ -16‬فتوجها إل فرعون فقول له ‪ :‬إنّا مرسلن إليك من رب العالي ‪.‬‬
‫‪ -17‬يقول لك رب العالي ‪ :‬أطل ْق سراح بن إسرائيل ليذهبوا معنا ‪.‬‬
‫‪ -18‬قال فرعون لوسى مُمْتَنا ‪ -‬وقد عرفه حينما دخل عليه وأديا الرسالة حيث ترب‬
‫ف قصره ‪ -‬أل نربك فينا وليدا ‪ ،‬ومكثت ف رعايتنا سني من عمرك؟ ‪.‬‬
‫‪ -19‬وجنيت جنايتك النكراء بقتلك رجل من قومى ‪ ،‬وجحدت نعمت الت سلفت‬
‫منا عليك ‪ ،‬فلم تفظ رعيت ‪ ،‬واعتديت على ألوهيتنا بادعاء أنك رسول رب العالي‬

‫‪144‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -20‬قال موسى ‪ :‬لقد فعلت ما ذكرت جهل با يفضى إليه العقل من القتل ‪ ،‬فل‬
‫تثريب على ‪.‬‬

‫ب لِي َربّي حُكْمًا وَ َجعَلَنِي ِم َن الْ ُمرْسَلِيَ (‪َ )21‬وتِ ْلكَ‬


‫ت مِنْ ُك ْم لَمّا ِخفُْتكُ ْم َفوَهَ َ‬
‫َففَرَ ْر ُ‬
‫ِنعْ َمةٌ تَمُّنهَا عَ َل ّي أَنْ عَّب ْدتَ بَنِي إِ ْسرَائِيلَ (‪ )22‬قَالَ ِفرْ َعوْ ُن َومَا َربّ اْلعَالَ ِميَ (‪ )23‬قَالَ‬
‫َربّ السّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ وَمَا بَيَْنهُمَا إِنْ كُنُْت ْم مُوقِنِيَ (‪ )24‬قَا َل لِ َمنْ حَ ْولَ ُه َألَا َتسْتَ ِمعُونَ‬
‫(‪ )25‬قَالَ َرّبكُ ْم وَ َربّ َآبَاِئكُ ُم الَْأ ّولِيَ (‪ )26‬قَا َل إِنّ َرسُوَلكُ ُم الّذِي أُ ْرسِ َل ِإلَيْ ُكمْ‬
‫لَمَجْنُونٌ (‪)27‬‬

‫‪ -21‬ففررت منكم لا خفت أن تقتلون بذه الناية الت ل تكن عن عمد ‪ ،‬فوهب ل‬
‫رب فهْما وعلما ‪ ،‬تفضل وإنعاما ‪ ،‬وجعلن من الرسلي ‪.‬‬
‫‪ -22‬أشار موسى إل خصلة ذميمة من خصال فرعون ‪ ،‬وبيّن أنا تعبيد بن إسرائيل‬
‫وذبح أبنائهم ‪ ،‬وأب أن تسمى تربيته ف بيته نعمة ‪ ،‬فسببها اتصافه با تقدم ‪ ،‬فألقى ف‬
‫اليَم لينجو من قتله ‪ ،‬فآل إل بيته ‪ ،‬ولول ذلك لرباه أبواه ‪.‬‬
‫‪ -23‬قال فرعون ‪ :‬وما صفة رب العالي الذى تذكره كثيا ‪ ،‬وتدعى أنك رسوله‬
‫حيث ل نعلم عنه شيئا؟‬
‫‪ -24‬قال موسى هو مالك السموات والرض وما بينهما ‪ ،‬إن كنتم موقني بصدق‬
‫هذا الواب لنتفعتم واهتديتم ‪ ،‬وعرفتم أن مُلْك فرعون ا ُلدّعى ل يذكر ف جانب‬
‫ملكه ‪ ،‬فهو ل يعدو إقليما واحدا ف الرض ‪.‬‬
‫‪ -25‬قال فرعون ‪ -‬يعجب لن حوله من جواب موسى ‪ ،‬أذْ ذكر ربّا غيه ل يذكر ف‬
‫جانب ملكه ملك فرعون ‪ :‬كيف تسمعون كلم موسى؟‬
‫‪ -26‬قال موسى ماضيا ف أمره غي مبال بغيظ فرعون وسوء مقالته ‪ :‬رب العالي‬
‫خالقكم وخالق آبائكم السابقي ‪ ،‬ومنهم مَن كان يدّعى الُلوهية كما تدّعى ‪ ،‬وقد‬
‫لقهم الفناء ‪ ،‬وستفن مثلهم فيبطل ما تدعيه ‪ ،‬إذ الله الق ل يوت ‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫‪ -27‬قال فرعون مرضا قومه على تكذيبه ‪ :‬إن رسولكم لجنون ‪ ،‬حيث سألته عن‬
‫حقيقة ربه فذكر ل أشياء وصفات غريبة ‪.‬‬

‫خ ْذتَ ِإَلهًا‬
‫ق وَالْ َمغْ ِربِ َومَا بَيَْنهُمَا إِنْ كُنُْت ْم َت ْعقِلُونَ (‪ )28‬قَا َل لَِئنِ اتّ َ‬
‫شرِ ِ‬
‫قَالَ َربّ الْ َم ْ‬
‫ت ِبهِ‬
‫شيْءٍ مُبِيٍ (‪ )30‬قَا َل َفأْ ِ‬
‫ك ِب َ‬
‫سجُونِيَ (‪ )29‬قَالَ َأ َولَ ْو جِئْتُ َ‬
‫غَ ْيرِي َلأَ ْجعَلَّنكَ ِمنَ الْ َم ْ‬
‫ع َيدَ ُه َفِإذَا‬
‫ت ِم َن الصّا ِدقِيَ (‪َ )31‬فَألْقَى عَصَا ُه َفإِذَا هِ َي ُثعْبَا ٌن مُبِيٌ (‪َ )32‬وَنزَ َ‬
‫إِنْ كُنْ َ‬
‫هِ َي بَيْضَا ُء لِلنّا ِظرِينَ (‪ )33‬قَا َل لِلْمَ َلِإ حَ ْوَلهُ إِ ّن َهذَا َلسَا ِحرٌ عَلِيمٌ (‪)34‬‬

‫‪ -28‬قال موسى ‪ :‬إن كنتم تعقلون فآمنوا برسالت ‪ ،‬لن شروق الشمس وغروبا‬
‫بتقدير مُحكم دليل ظاهر على الالق ‪ ،‬إذن فأنتم الحِقّاء بصفة النون ‪.‬‬
‫‪ -29‬قال فرعون لوسى ‪ :‬لئن اتذت إلا غيى لجعلنك واحدا من عرفت سوء‬
‫حالم ف سجون ‪ ،‬وقد لأ إل تديده بذا بعد أن يئس من رفع آثار صنع الالق ‪.‬‬
‫‪ -30‬قال موسى متلطفا طمعا ف إيانه ‪ :‬أتعلن من السجوني ولو جئتك ببهان‬
‫عظيم يصدقن فيما أقول؟‬
‫‪ -31‬قال فرعون ‪ :‬فأت بالذى يشهد بنبوتك إن كنت صادقا ف دعواك ‪ ،‬قال ذلك‬
‫طمعا ف أن يد موطن ضعف ف حجته ‪.‬‬
‫‪ -32‬فألقى موسى عصاه ف الرض أمامهم ‪ ،‬فانقلبت ثعبانا حقيقيا ‪ ،‬ل شيئا ُمزَورا‬
‫بالسّحر ُيشْبه الثعبان ‪.‬‬
‫‪ -33‬وأخرج موسى يده من جيبه آية ثانية ‪ ،‬فإذا هى بيضاء ‪ ،‬اشتد بياضها من غي‬
‫سوء ‪ ،‬حت بر الناظرين ‪.‬‬
‫‪ -34‬قال فرعون لقومه ‪ :‬إن موسى لساحر فائق ف سحره ‪ .‬قال ذلك خشية أن‬
‫يضعوا للحق الذى رأوْه من موسى ‪.‬‬

‫ح ِر ِه فَمَاذَا َتأْ ُمرُونَ (‪ )35‬قَالُوا أَرْ ِج ْه وََأخَاهُ وَابْعَثْ‬


‫ضكُ ْم ِبسِ ْ‬
‫خرِ َجكُ ْم ِمنْ أَرْ ِ‬
‫ُيرِيدُ أَنْ ُي ْ‬
‫ح َرةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ‬
‫جمِ َع السّ َ‬
‫فِي الْ َمدَاِئنِ حَاشِرِينَ (‪َ )36‬ي ْأتُو َك ِب ُكلّ سَحّارٍ عَلِيمٍ (‪ )37‬فَ ُ‬
‫ح َر َة إِنْ كَانُوا ُهمُ‬
‫س َهلْ َأنُْتمْ مُجْتَ ِمعُونَ (‪َ )39‬لعَلّنَا نَتِّب ُع السّ َ‬
‫َمعْلُومٍ (‪َ )38‬وقِيلَ لِلنّا ِ‬

‫‪146‬‬
‫ح ُن اْلغَالِبِيَ (‬
‫ح َر ُة قَالُوا ِل ِفرْ َعوْنَ َأِئنّ لَنَا َلأَ ْجرًا إِنْ كُنّا نَ ْ‬
‫الْغَالِبِيَ (‪ )40‬فَلَمّا جَا َء السّ َ‬
‫‪ )41‬قَا َل َنعَ ْم َوإِّنكُ ْم ِإذًا لَ ِم َن الْ ُم َقرّبِيَ (‪ )42‬قَالَ َل ُهمْ مُوسَى َألْقُوا مَا َأنُْت ْم مُ ْلقُونَ (‬
‫‪)43‬‬

‫‪ -35‬وقال فرعون أيضا ‪ :‬يريد هذا الساحر أن يقهرن فيخرجكم من أرضكم ‪،‬‬
‫وذلك تريض على موسى ‪ .‬إذ من َأ َش ّق الشياء مفارقة الوطن ل سيما إذا كانت قهرا‬
‫‪ .‬وطلب الرأى من يعبدونه ناسيا ألوهيته لقوة آيات موسى ‪.‬‬
‫‪ -36‬قال له قومه ‪ :‬أجّل الفصل ف أمرها ‪ ،‬وأرسل الند ف الدائن يمعون لك‬
‫السحرة من رعيتك ‪ ،‬فالسحر يعارض بالسحر ‪.‬‬
‫‪ -37‬يأتوك بالعدد الكثي ‪ ،‬وكلهم قد أجاد فن السحر ويفوق موسى عمل به ومرانا‬
‫عليه ‪ .‬وقصدوا بذا التخفيف من قلق فرعون ‪.‬‬
‫‪ -38‬فجمع السحرة من كل أرجاء البلد ‪ ،‬وحدد لم وقت الضحى من يوم الزينة‬
‫للجتماع بوسى ‪.‬‬
‫‪ -39‬وقال الناس ‪ -‬يث بعضهم بعضا على الجتماع ف اليوم العلوم لضور الفل‬
‫الشهود ‪ « : -‬هل أنتم متمعون »؟ أى اجتمعوا ‪.‬‬
‫‪ -40‬وأعلنوا توقعهم انتصار السحرة ‪ ،‬فيثبتون على دينهم ‪ ،‬حْل على الهتمام‬
‫والد ف مغالبة موسى ‪.‬‬
‫‪ -41‬فلما جاء السحرة فرعون قالوا له ‪ :‬أيكون لنا قِبَلك أجر عظيم إن كنا نن‬
‫الغالبي؟ ‪.‬‬
‫‪ -42‬قال فرعون ‪ :‬نعم لكم ما ذكرت ‪ ،‬ومع هذا الجر العظيم تكونون من القربي‬
‫ى ‪ ،‬ومن أصحاب الاه والسلطان ‪.‬‬
‫لد ّ‬
‫‪ -43‬قال موسى للسحرة ‪ -‬حينما جاء الوقت الحدد ف اليوم الوعود ‪ -‬ألقوا ما‬
‫تريدون إلقاءه من السحر ‪.‬‬

‫حنُ اْلغَالِبُونَ (‪َ )44‬فأَْلقَى مُوسَى‬


‫َفأَْل َقوْا حِبَاَل ُهمْ وَعِصِّي ُه ْم َوقَالُوا ِبعِ ّز ِة ِفرْ َعوْنَ إِنّا لَنَ ْ‬
‫ح َر ُة سَا ِجدِينَ (‪ )46‬قَالُوا َآمَنّا ِبرَبّ‬
‫عَصَا ُه َفإِذَا هِ َي تَ ْلقَفُ مَا َيأْ ِفكُونَ (‪َ )45‬فُألْ ِقيَ السّ َ‬

‫‪147‬‬
‫الْعَالَمِيَ (‪َ )47‬ربّ مُوسَى وَهَارُونَ (‪ )48‬قَالَ َآمَنُْت ْم َلهُ قَ ْب َل أَنْ َآذَ َن َلكُ ْم ِإّنهُ َلكَبِيُ ُكمُ‬
‫ف َتعْلَمُونَ َلُأقَ ّطعَ ّن َأْيدَِيكُ ْم َوأَرْجُ َل ُكمْ ِم ْن خِلَافٍ‬
‫سوْ َ‬
‫ح َر فَ َل َ‬
‫الّذِي عَلّ َم ُك ُم السّ ْ‬
‫وََلأُصَلّبَّن ُكمْ َأجْ َمعِيَ (‪ )49‬قَالُوا لَا ضَ ْي َر ِإنّا ِإلَى َربّنَا مُ ْنقَلِبُونَ (‪ِ )50‬إنّا نَطْ َم ُع أَ ْن َيغْ ِفرَ‬
‫لَنَا َربّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنّا َأوّ َل الْمُ ْؤمِنِيَ (‪)51‬‬

‫‪ -44‬فألقوا حبالم وعصيّهم ‪ ،‬وخُيّل للناس أنا حيات تسعى ‪ ،‬وأقسموا بعزة فرعون‬
‫وقوته إنم الغالبون ‪.‬‬
‫‪ -45‬فألقى موسى عصاه ‪ ،‬فإذا هى حية عظيمة تبتلع ما كانوا يزوّرونه بالسحر من‬
‫حبالم وعصيّهم ‪ ،‬متوهي أنا حيات تسعى ‪.‬‬
‫‪ -46‬فبادر السحرة بالسجود ل حينما أيقنوا أن أمر موسى ليس بالسحر ‪.‬‬
‫‪ -47‬قالوا مؤكدين فعل السجود بالقول ‪ { :‬آمنا برب العالي } ‪.‬‬
‫‪ -48‬وبيّنوا أن رب العالي الذى آمنوا به { رب موسى وهارون } ‪.‬‬
‫‪ -49‬قال فرعون ‪ -‬منكرا على قومه إيانم بوسى قبل إذنه لم ‪ ،‬مهددا إياهم على‬
‫ذلك بأنه أستاذهم الذى عليه تلقوا فنون السحر ‪ ،‬وسيعلمون ما سينل بم من‬
‫العقاب ‪ : -‬لقطعنّ أيديكم وأرجلكم من خلف ‪ .‬أقطع اليمن مع اليسرى أو‬
‫العكس ‪ .‬ولُصلبنكم أجعي ‪.‬‬
‫‪ -50‬قال السحرة ‪ :‬ل ضرر علينا ما يلحقنا من عذابك الذى توعدتنا به ‪ .‬لنا‬
‫راجعون إل ثواب ربنا ‪ ،‬وهو خي ثواب وخي عاقبة ‪.‬‬
‫‪ -51‬إنا نرجو أن يغفر لنا ربنا خطايانا الت أسلفْناها ‪ ،‬إذ كنا أول الؤمني ف قومك ‪.‬‬

‫وََأ ْوحَيْنَا ِإلَى مُوسَى أَ ْن َأ ْسرِ ِبعِبَادِي ِإنّ ُكمْ مُتَّبعُونَ (‪َ )52‬فأَرْ َس َل ِفرْ َعوْنُ فِي الْ َمدَاِئنِ‬
‫حَا ِشرِينَ (‪ )53‬إِ ّن هَ ُؤلَا ِء َلشِ ْر ِذمَ ٌة قَلِيلُونَ (‪ )54‬وَِإّن ُهمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (‪َ )55‬وِإنّا لَجَمِيعٌ‬
‫حَاذِرُونَ (‪َ )56‬فأَ ْخرَجْنَاهُ ْم ِمنْ جَنّاتٍ وَعُيُونٍ (‪ )57‬وَكُنُو ٍز َومَقَامٍ َكرِيٍ (‪َ )58‬ك َذِلكَ‬
‫ش ِرقِيَ (‪)60‬‬
‫وََأوْ َرثْنَاهَا بَنِي إِ ْسرَائِيلَ (‪َ )59‬فأَتَْبعُو ُهمْ ُم ْ‬

‫‪148‬‬
‫‪ -52‬وأوحى ال إل موسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬أن يسي ليل بالؤمني من بن إسرائيل‬
‫ج ِد مصابرة موسى ‪ ،‬وقد نظم أمر الفريقي على أن يتقدم موسى بقومه ‪،‬‬
‫حينما ل تُ ْ‬
‫ويتبعهم فرعون بقومه حت يدخلوا مدخلهم من طريق البحر ‪ ،‬فيهلكهم ال ‪.‬‬
‫‪ -53‬فأرسل فرعون جنده ف مدائن ملكته يمعون الشداء من قومه حينما علم بسي‬
‫موسى ببن إسرائيل ‪ ،‬ليحول بينهم وبي ما يقصدون ‪.‬‬
‫‪ -54‬قال فرعون ‪ :‬إن بن إسرائيل الذين فروا مع موسى طائفة خسيسة ف شأنا قليل‬
‫عددها ‪ .‬يثي بذلك المية ف نفوس جنده ‪.‬‬
‫‪ -55‬وإنم مع هذا فاعلون ما يثي غيظنا بخالفة أمرنا والروج بغي إذننا ‪.‬‬
‫‪ -56‬وإنا لمع من عادتنا الذر واليقظة ‪ ،‬والزم ف المور ‪.‬‬
‫‪ -57‬فأخرجنا فرعون وجنوده من أرضهم الشبيهة بنات ترى من تتها النار ‪،‬‬
‫فأهلكوا بصرفهم عن الق ‪ ،‬وإثارتم إل الروج وراء موسى با جاء ف اليات‬
‫الثلث السابقة ‪.‬‬
‫‪ -58‬وأخرجناهم كذلك من كنوز الذهب والفضة والماكن الت كانوا يقيمون‬
‫فيها ‪ ،‬مَُنعّمي بمالا وحسن مرافقها ‪.‬‬
‫‪ -59‬مثل هذا الخراج العجيب الذى وصفناه لك أخرجناهم ‪ ،‬وجعلنا هذا اللك‬
‫وما فيه من ألوان النعيم لبن إسرائيل بعد أن كانوا ُمعْدمي ‪.‬‬
‫‪ -60‬ج ّد فرعون وقومه ف السي ليلحقوا ببن إسرائيل ‪ ،‬فلحقوا بم وقت شروق‬
‫الشمس ‪.‬‬

‫فَلَمّا َترَاءَى الْجَ ْمعَا ِن قَا َل أَصْحَابُ مُوسَى ِإنّا لَ ُمدْرَكُونَ (‪ )61‬قَالَ كَلّا إِ ّن مَ ِعيَ َربّي‬
‫ح َر فَانْفَ َل َق َفكَانَ ُك ّل ِفرْقٍ‬
‫ض ِربْ ِبعَصَاكَ الْبَ ْ‬
‫سََيهْدِينِ (‪َ )62‬فَأوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ ا ْ‬
‫كَالطّ ْو ِد الْعَظِيمِ (‪ )63‬وَأَ ْزَلفْنَا َث ّم الْ َآخَرِينَ (‪َ )64‬وَأنْجَيْنَا مُوسَى َومَ ْن َمعَ ُه َأجْ َمعِيَ (‬
‫‪ُ )65‬ثمّ أَ ْغ َرقْنَا اْلآَ َخرِينَ (‪ )66‬إِ ّن فِي َذِلكَ َل َآَيةً َومَا كَا َن أَكَْث ُر ُهمْ ُم ْؤمِنِيَ (‪ )67‬وَإِنّ‬
‫َرّبكَ َل ُهوَ اْلعَزِيزُ ال ّرحِيمُ (‪ )68‬وَاْتلُ عَلَ ْي ِهمْ نََبَأ ِإْبرَاهِيمَ (‪ِ )69‬إ ْذ قَا َل ِلأَبِيهِ وَ َق ْومِ ِه مَا‬
‫َتعْبُدُونَ (‪)70‬‬

‫‪149‬‬
‫‪ -61‬فلما رأى كل من المعي الخر قال أصحاب موسى ‪ :‬إن فرعون وقومه‬
‫سيدركوننا ‪ ،‬فينل بنا اللك ‪.‬‬
‫‪ -62‬قال موسى ‪ :‬إن معى عناية ال تلحقن بالفظ ‪ ،‬وسيشدن إل طريق النجاة ‪.‬‬
‫ليطمئنوا على سلمتهم ‪ ،‬ولتبتعد عن أذهانم فكرة الدراك الفزعة ‪.‬‬
‫‪ -63‬فأوحينا إل موسى ‪ :‬أن يضرب البحر بعصاه ‪ ،‬فانفلق البحر إل اثن عشر‬
‫طريقا بعدد طوائف بن إسرائيل ‪ ،‬وكان كل طريق من هذه الطرق حاجزا من الاء‬
‫كالبل العظيم الثابت ‪.‬‬
‫‪ -64‬وقرّبنا فرعون وقومه حت دخلوا هذه الطرق وراء موسى وقومه ‪.‬‬
‫‪ -65‬وأنينا موسى ومن معه بفظ البحر متماسكا حت ت عبورهم ‪.‬‬
‫‪ -66‬ث أغرقنا فرعون ومن معه بإطباق الاء عليهم عندما تبعوهم ‪.‬‬
‫‪ -67‬إن ف ذلك التصرف اللى العجيب لعبة لن أراد أن ينتفع ‪ ،‬وما كان أكثر‬
‫القوم مصدقي ‪.‬‬
‫‪ -68‬وإن خالقك ومربيك لو القوى ف النتقام من الكذبي ‪ ،‬النعم بالرحات على‬
‫الؤمني ‪.‬‬
‫‪ -69‬واْتلُ على الكافرين ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬قصة إبراهيم ‪ -‬عليه السلم ‪.‬‬
‫‪ -70‬إذ قال لبيه وقومه ‪ :‬أى شئ هذا الذى تعبدونه ما ل يستحق العبادة؛ يقصد‬
‫تقبيح عبادة الصنام ‪.‬‬

‫قَالُوا َنعُْبدُ أَصْنَامًا فَنَ َظ ّل َلهَا عَا ِكفِيَ (‪ )71‬قَا َل َهلْ َيسْ َمعُوَن ُكمْ ِإ ْذ تَدْعُونَ (‪َ )72‬أوْ‬
‫ك َيفْعَلُونَ (‪ )74‬قَا َل َأفَ َرَأيْتُ ْم مَا‬
‫ضرّونَ (‪ )73‬قَالُوا َبلْ َوجَ ْدنَا َآبَا َءنَا َك َذلِ َ‬
‫يَ ْنفَعُونَ ُكمْ َأ ْو يَ ُ‬
‫ب اْلعَالَمِيَ (‬
‫كُنُْت ْم َتعْبُدُونَ (‪َ )75‬أنْتُ ْم وَ َآبَاؤُ ُك ُم الَْأ ْقدَمُونَ (‪َ )76‬فإِّن ُهمْ َعدُ ّو لِي ِإلّا َر ّ‬
‫سقِيِ (‪ )79‬وَِإذَا َمرِضْتُ‬
‫‪ )77‬الّذِي خَلَقَنِي َفهُ َو َيهْدِينِ (‪ )78‬وَالّذِي هُ َو يُ ْطعِمُنِي وََي ْ‬
‫شفِيِ (‪)80‬‬
‫َفهُ َو َي ْ‬

‫‪ -71‬قالوا ميبي بطريق الباهاة ‪ :‬نعبد أصناما فنقيم على عبادتا دائما تعظيما لا‬
‫وتجيدا ‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫‪ -72‬قال إبراهيم ‪ :‬هل يسمعون دعاءكم ‪ ،‬أو يستجيبون لكم إذ تدعونم؟ يقصد‬
‫بذلك التنبيه على فساد مسلكهم ‪.‬‬
‫‪ -73‬أو يقدمون لكم نفعا إذا أطعتموهم ‪ ،‬أو يصيبونكم بضر إذا عصيتموهم؟ ‪.‬‬
‫‪ -74‬قالوا ‪ :‬ل يفعلون شيئا من ذلك ‪ ،‬ولكن وجدنا آباءنا يعبدونا مثل عبادتنا ‪،‬‬
‫فقلدناهم فيما كانوا يفعلون ‪.‬‬
‫‪ -75‬قال إبراهيم ‪ -‬تبكيتا لم ‪ : -‬أفكّرت فعلمتم أى شئ تستمرون على عبادته؟‬
‫‪ -76‬أنتم وآباؤكم القدمون ‪ .‬أهو أهل لن يعبد أم ل؟ ‪ .‬لو تأملتم لعلمتم أنكم ف‬
‫الضلل البي ‪.‬‬
‫‪ -77‬فإن ما تعبدونم من دون ال أعداء ل ولكم ‪ ،‬فل أعبدهم ‪ .‬لكن خالق العالي‬
‫ومالك أمرهم وحافظهم هو الذى أعبده ‪ ،‬وأتقرب إليه ‪.‬‬
‫‪ -78‬الذى أوجدن من العدم ف أحسن تقوي ‪ ،‬ووهبن الداية لا يوصلن إل سعادتى‬
‫ف الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫‪ -79‬وهو الذى أنعم عل ّى بالطعام والشراب ‪ ،‬وأقدرن على تناولما والنتفاع بما ‪،‬‬
‫حفظا لياتى ‪.‬‬
‫‪ -80‬وإذا نزل ب مرض فهو الذى يشفين بتيسي أسباب الشفاء ‪ ،‬وتفويض المر‬
‫إليه ‪.‬‬

‫وَاّلذِي يُمِيُتنِي ُث ّم يُحْيِيِ (‪ )81‬وَالّذِي أَطْ َم ُع أَ ْن يَ ْغ ِفرَ لِي خَطِيئَتِي َيوْ َم الدّينِ (‪َ )82‬ربّ‬
‫ق فِي اْلآَ ِخرِينَ (‪)84‬‬
‫صدْ ٍ‬
‫حقْنِي بِالصّالِحِيَ (‪ )83‬وَا ْجعَ ْل لِي ِلسَانَ ِ‬
‫ب لِي حُكْمًا َوأَلْ ِ‬
‫هَ ْ‬
‫خ ِزنِي‬
‫وَا ْجعَلْنِي ِمنْ وَ َرَثةِ جَنّ ِة النّعِيمِ (‪ )85‬وَا ْغ ِف ْر ِلأَبِي ِإّنهُ كَانَ مِ َن الضّالّيَ (‪َ )86‬ولَا تُ ْ‬
‫يَوْ َم يُ ْبعَثُونَ (‪َ )87‬يوْ َم لَا يَ ْنفَ ُع مَالٌ َولَا بَنُونَ (‪)88‬‬

‫‪ -81‬والذى يُميتن إذا حلّ أجلى ‪ ،‬والذى يُحيين مرة أخرى للحساب والزاء ‪.‬‬
‫‪ -82‬والذى أطمع ف غفرانه وتاوزه عما فرط من من الفوات ف الدنيا ‪ ،‬إذا جاء‬
‫وقت الساب ‪.‬‬
‫‪ -83‬قال إبراهيم ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬داعيا ‪ :‬رب امنحن كمال ف العلم والعمل ‪،‬‬

‫‪151‬‬
‫حت أكون أهل لمل رسالتك والكم بي عبادك ‪ ،‬ووفقن لنتظم ف عداد الصالي‬
‫‪.‬‬
‫‪ -84‬واجعل ل ثناء حسنا ‪ ،‬وذكرا جيل ف المم الت تئ بعدى ‪ ،‬يبقى أثره بي‬
‫الناس إل يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -85‬واجعلن من عبادك الذين منحتهم نعيم النة ‪ ،‬ثوابا على إيانم بك وعبادتم‬
‫لك ‪.‬‬
‫ل للمغفرة بتوفيقه للسلم ‪ -‬وكان قد وعده بالسلم يوم فارقه‬
‫‪ -86‬واجعل أب أه ً‬
‫‪ -‬لنه كان من النحرفي عن طريق الدى والرشاد ‪.‬‬
‫‪ -87‬ول تُلْحق ب هوانا أو خجل بي الناس يوم يرجون من القبور للحساب‬
‫والزاء ‪.‬‬
‫‪ -88‬يوم ل ينفع أحدا مال يُبذل ‪ ،‬ول بنون ينصرون ‪.‬‬

‫جحِيمُ‬
‫ت الْجَّنةُ لِلْ ُمّتقِيَ (‪ )90‬وَُبرّ َزتِ الْ َ‬
‫ب سَلِيمٍ (‪ )89‬وَأُ ْزِلفَ ِ‬
‫ِإلّا َمنْ َأتَى ال ّلهَ ِبقَلْ ٍ‬
‫صرُوَنكُ ْم َأوْ‬
‫لِ ْلغَاوِينَ (‪َ )91‬وقِيلَ َل ُه ْم أَْي َن مَا كُ ْنُتمْ َتعُْبدُونَ (‪ِ )92‬م ْن دُونِ ال ّلهِ َه ْل يَنْ ُ‬
‫صرُونَ (‪ )93‬فَكُ ْبكِبُوا فِيهَا ُه ْم وَاْلغَاوُونَ (‪َ )94‬وجُنُو ُد ِإبْلِيسَ أَجْ َمعُونَ (‪ )95‬قَالُوا‬
‫يَنْتَ ِ‬
‫سوّي ُكمْ ِب َربّ‬
‫صمُونَ (‪ )96‬تَاللّ ِه إِنْ كُنّا َلفِي ضَلَالٍ مُبِيٍ (‪ِ )97‬إذْ ُن َ‬
‫وَ ُه ْم فِيهَا يَخْتَ ِ‬
‫الْعَالَمِيَ (‪)98‬‬

‫‪ -89‬إل من كان مؤمنا ‪ ،‬وأقبل على ال بقلب برئ من مرض الكفر والنفاق والرياء‬
‫‪.‬‬
‫‪ -90‬وأُدنِيت النة وقُرّبت من مكان السعداء ‪ ،‬فيسي إليها الذين اتقوا الكفر‬
‫والعاصى ‪ ،‬وأقبلوا على اليان والطاعة ف الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -91‬وأُ ْظهِرت الحيم للمنصرفي عن دين الق ‪ ،‬حت يكاد يأخذهم لبها‬
‫فيتحسرون ‪.‬‬
‫‪ -92‬وقيل لم توبيخا ‪ :‬أين آلتكم الت كنتم تعبدونا؟!‬
‫‪ -93‬من دون ال وتزعمون أنا تشفع لكم اليوم ‪ ،‬هل ينفعونكم بنصرتم لكم ‪ ،‬أو‬

‫‪152‬‬
‫ينفعون أنفسهم بانتصارهم؟ ل شئ من ذلك ‪ ،‬لنم وآلتهم وقود النار ‪.‬‬
‫‪ -94‬فألقوا ف الحيم على وجوههم ‪ ،‬ينقلبون مرة بعد أخرى إل أن يستقروا ف‬
‫قاعها هم والذين أضَلّوهم وأوقعوهم ف الغى والضلل ‪.‬‬
‫‪ -95‬ومعهم أعوان إبليس الذين كانوا يزينون للناس الشرور والثام ‪ ،‬أو الذين‬
‫اتبعوه من عصاة النس والن ‪.‬‬
‫‪ -96‬قالوا ‪ -‬معترفي بطئهم ‪ -‬وهم يتخاصمون مع مَن أضلّوهم من معبوداتم ‪:‬‬
‫‪ -97‬وال إن كنا ف دنيانا لفى تبط واضح ‪ ،‬وجهل مطبق ‪ ،‬وزيغ عن الق الذى ل‬
‫خفاء فيه ‪.‬‬
‫‪ -98‬إذ نسوّيكم أيها العبودون من دون ال برب العالي ف استحقاق العبادة ‪ ،‬مع‬
‫عجزكم وقدرته ‪.‬‬

‫صدِيقٍ حَمِيمٍ (‪)101‬‬


‫ج ِرمُونَ (‪ )99‬فَمَا لَنَا ِمنْ شَا ِفعِيَ (‪ )100‬وَلَا َ‬
‫وَمَا أَضَلّنَا إِلّا الْمُ ْ‬
‫ك َلآََي ًة وَمَا كَا َن أَكَْث ُرهُ ْم ُمؤْمِنِيَ‬
‫فَ َلوْ أَ ّن لَنَا َك ّرةً فَنَكُو َن ِمنَ الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪ )102‬إِ ّن فِي َذلِ َ‬
‫ت َقوْ ُم نُوحٍ الْ ُم ْرسَلِيَ (‪ِ )105‬إذْ‬
‫ك َلهُ َو الْ َعزِي ُز الرّحِيمُ (‪َ )104‬ك ّذبَ ْ‬
‫(‪ )103‬وَإِنّ َرّب َ‬
‫قَا َل َلهُ ْم َأخُوهُ ْم نُوحٌ َألَا تَتّقُونَ (‪ِ )106‬إنّي لَ ُكمْ َرسُولٌ َأمِيٌ (‪ )107‬فَاتّقُوا ال ّلهَ‬
‫ب الْعَالَمِيَ (‪)109‬‬
‫ي ِإلّا َعلَى َر ّ‬
‫وَأَطِيعُونِ (‪ )108‬وَمَا أَ ْسَألُ ُكمْ عَلَ ْي ِه ِمنْ َأ ْجرٍ إِ ْن َأ ْجرِ َ‬
‫فَاّتقُوا اللّ َه َوأَطِيعُونِ (‪)110‬‬

‫‪ -99‬وما أوقعنا ف هذا اللك إل الجرمون الذين أضلّونا عن سواء السبيل ‪.‬‬
‫‪ -100‬فل يوجد لنا شافعون يلّصوننا من العذاب كما توهنا من قبل ‪.‬‬
‫‪ -101‬ول صديق يتوجع لالم ‪ ،‬وإن ل يلصهم ‪.‬‬
‫‪ -102‬فيتمنون لنفسهم حينئذ رجعة إل الدنيا ليكونوا من الؤمني حت ينجوا ‪.‬‬
‫‪ -103‬إن فيما ذكر ال من نبأ إبراهيم لعظة وعبة لن أراد أن يتعظ ويعتب ‪ ،‬وما‬
‫كان أكثر قومك الذين تتلو عليهم هذا النبأ مذعني لدعوتك ‪.‬‬
‫‪ -104‬وإن ربك لو القادر على النتقام من الكذبي ‪ ،‬التفضل بالنعام على‬
‫الحسني ‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫‪ -105‬وذكر ال نبأ نوح ف قوله ‪ :‬كذبت قوم نوح رسالته ‪ ،‬وردّوها عليه ‪ ،‬وبذا‬
‫كانوا مكذبي لميع رسل ال ‪ ،‬لتاد دعوتم ف أصولا وغايتها ‪.‬‬
‫‪ -106‬كذبوا هذه الرسالة حي قال لم أخوهم نوح ‪ -‬نسبا ل دينا ‪ -‬مذرا ‪ :‬أل‬
‫تتقون ال فتتركوا عبادة غيه ‪.‬‬
‫‪ -107‬إن رسول ال إليكم لهديكم إل طريق الرشاد ‪ ،‬أمي على تبليغ هذه الرسالة‬
‫‪.‬‬
‫‪ -108‬فخافوا ال وامتثلوا أمرى فيما أدعوكم إليه من توحيد ال وطاعته ‪.‬‬
‫‪ -109‬وما أطلب منكم أى أجر على ما أبذله لكم من النصح والدعاء ‪ ،‬ما جزائى‬
‫إل على خالق العالي ومالك أمرهم ‪.‬‬
‫‪ -110‬فاحذروا عقاب ال ‪ ،‬وامتثلوا ما آمركم به ‪.‬‬

‫ك اْلأَرْ َذلُونَ (‪ )111‬قَالَ َومَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪ )112‬إِنْ‬


‫ك وَاتَّبعَ َ‬
‫قَالُوا َأُنؤْ ِمنُ لَ َ‬
‫ِحسَاُبهُ ْم ِإلّا عَلَى َربّي َل ْو َتشْ ُعرُونَ (‪َ )113‬ومَا َأنَا بِطَا ِر ِد الْ ُمؤْمِنِيَ (‪ )114‬إِ ْن َأنَا ِإلّا‬
‫ح لََتكُوَننّ ِم َن الْ َمرْجُومِيَ (‪ )116‬قَالَ َربّ إِنّ‬
‫َنذِيرٌ مُبِيٌ (‪ )115‬قَالُوا لَِئنْ َل ْم تَنَْتهِ يَا نُو ُ‬
‫ح بَيْنِي َوبَيَْنهُ ْم فَتْحًا َونَجّنِي َو َمنْ َم ِعيَ ِمنَ الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪)118‬‬
‫َقوْمِي َك ّذبُونِ (‪ )117‬فَافْتَ ْ‬

‫‪ -111‬قال قوم نوح ‪ -‬يردّون دعوته ‪ : -‬لن يكون منا إيان لك ف حال اتباع سفْلة‬
‫الناس وأقلهم جاها ومال لك ‪.‬‬
‫‪ -112‬قال نوح ‪ :‬أى شئ أعلمن ما هم عليه من قلة الاه والال؟ إنا أطلب منهم‬
‫اليان دون تعرض لعرفة صناعاتم وأعمالم ‪.‬‬
‫‪ -113‬ما جزاؤهم على أعمالم إل على رب ‪ ،‬فهو الطلع على بواطنهم ‪ ،‬لو كنتم من‬
‫أهل الشعور لعلمتم ذلك ‪.‬‬
‫‪ -114‬وما أنا بطارد الذين يؤمنون بدعوتى مهما كان حالم من فقر أو غن ‪ ،‬تلبية‬
‫لرغبتكم كى تؤمنوا ب ‪.‬‬
‫‪ -115‬ما أنا إل رسول من ال لنذار الكلفي إنذارا واضحا بالبهان الذى يتميز به‬
‫الق من الباطل ‪ ،‬ل فرق بي شريف وضعيف ‪ ،‬فكيف يليق ب طرد الؤمني لفقرهم؟!‬

‫‪154‬‬
‫‪ -116‬قالوا ‪ :‬لئن ل ترجع يا نوح عن دعوتك لَنرجُمنّك بالجارة ‪ .‬يقصدون بذا‬
‫القول تديده بالقتل ‪.‬‬
‫‪ -117‬قال نوح مظهرا استمرار قومه على التكذيب بندائه ‪ { :‬رب إن قومى كذبون‬
‫} ‪ .‬ليبر دعاءه عليهم ‪.‬‬
‫‪ -118‬فاحكم بين وبينهم حكما تلك به من جحد توحيدك ‪ ،‬وكذّب رسولك ‪،‬‬
‫ونّن ومن معى من الؤمني من عذاب بغيهم ‪.‬‬

‫َفأَنْجَيْنَا ُه َو َمنْ َم َعهُ فِي اْلفُ ْلكِ الْ َمشْحُونِ (‪ُ )119‬ثمّ أَ ْغ َرقْنَا َب ْعدُ الْبَاقِيَ (‪ )120‬إِ ّن فِي‬
‫ك َلآََيةً َومَا كَانَ أَكَْثرُ ُهمْ مُ ْؤمِنِيَ (‪َ )121‬وإِنّ َرّبكَ َل ُهوَ اْلعَزِيزُ ال ّرحِيمُ (‪)122‬‬
‫َذلِ َ‬
‫َك ّذبَتْ عَادٌ الْ ُم ْرسَلِيَ (‪ِ )123‬إذْ قَالَ َل ُهمْ َأخُو ُهمْ هُودٌ َألَا تَتّقُونَ (‪ِ )124‬إنّي لَ ُكمْ‬
‫َرسُولٌ أَمِيٌ (‪ )125‬فَاتّقُوا ال ّلهَ َوأَطِيعُونِ (‪)126‬‬

‫‪ -119‬فأنيناه ومن آمن معه ف السفينة الملوءة بم ‪ ،‬وبا يتاجون إليه ‪ ،‬استجابة‬
‫لدعوته ‪.‬‬
‫‪ -120‬ث أغرق ال ‪ -‬بعد إناء نوح ومن آمن به ‪ -‬الباقي الذين ل يؤمنوا من قومه‬
‫‪.‬‬
‫‪ -121‬إن فيما ذكره القرآن من نبأ نوح لجة على صدق الرسل وقدرة ال ‪ ،‬وما‬
‫كان أكثر الذين تتلو عليهم هذا القصص مؤمني ‪.‬‬
‫‪ -122‬وإن ربك لو القوى ف النتقام من كل جبار عنيد ‪ .‬الُنْعم بأنواع الفضل على‬
‫التقي ‪.‬‬
‫‪ -123‬كذبت قبيلة عاد رسولم هودا ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬وبذا كانوا مكذبي لميع‬
‫الرسل لتاد دعوتم ف أصولا وغايتها ‪.‬‬
‫‪ -124‬إذ قال لم أخوهم هود ‪ :‬أل تشون ال فتخلصوا له العبادة؟! ‪.‬‬
‫‪ -125‬إن مرسل من ال لدايتكم إل الرشاد ‪ ،‬حفيظ على رسالة ال ‪ ،‬أبلغها إليكم‬
‫كما أمرن رب ‪.‬‬
‫‪ -126‬فامتثلوا أمر ال ‪ ،‬وخافوا عقوبته ‪ ،‬وأطيعوا ما آمركم به من عند ال ‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫ب الْعَالَمِيَ (‪َ )127‬أتَبْنُونَ بِ ُكلّ رِيعٍ َآَيةً‬
‫ي ِإلّا َعلَى َر ّ‬
‫وَمَا أَ ْسَألُ ُكمْ عَلَ ْي ِه ِمنْ َأ ْجرٍ إِ ْن َأ ْجرِ َ‬
‫خذُونَ مَصَانِ َع َلعَلّ ُك ْم تَخْ ُلدُونَ (‪َ )129‬وِإذَا بَ َطشُْتمْ بَ َطشُْت ْم جَبّارِينَ‬
‫َتعْبَثُونَ (‪َ )128‬وتَتّ ِ‬
‫(‪ )130‬فَاّتقُوا اللّ َه َوأَطِيعُونِ (‪ )131‬وَاتّقُوا اّلذِي َأ َمدّكُ ْم بِمَا َتعْلَمُونَ (‪َ )132‬أ َمدّ ُكمْ‬
‫ب َيوْمٍ عَظِيمٍ (‬
‫ِبأَْنعَامٍ وَبَنِيَ (‪ )133‬وَجَنّاتٍ وَعُيُونٍ (‪ِ )134‬إنّي أَخَافُ عَلَ ْي ُكمْ َعذَا َ‬
‫‪)135‬‬

‫‪ -127‬وما أطلب منكم على نصحى وإرشادى أى نوع من أنواع الجر ‪ .‬ما جزائى‬
‫إل على خالق العالي ‪.‬‬
‫‪ -128‬أُتشَيّدون بكل مكان مرتفع من الرض بناء شاما تتفاخرون به ‪ ،‬وتتمعون‬
‫فيه لتعيثوا وتفسدوا؟ يريد سبحانه تنبيههم إل ما ينفعهم ‪ ،‬وتوبيخهم على ترك اليان‬
‫وعمل الصالات ‪.‬‬
‫‪ -129‬وتتخذون قصورا مشيدة منيعة ‪ ،‬وحياضا للماء مؤملي اللود ف هذه الدنيا‬
‫كأنكم ل توتون ‪.‬‬
‫‪ -130‬وإذا أخذت أخذ العقوبة أسرفتم ف البغى جبارين ‪ ،‬تقتلون وتضربون غاضبي‬
‫بل رأفة ‪.‬‬
‫‪ -131‬فخافوا ال ف البطش ‪ ،‬وامتثلوا أمرى فيما أدعوكم إليه ‪ ،‬فإنه أنفع لكم‬
‫وأبقى ‪.‬‬
‫‪ -132‬واحذروا غضب ال الذى بسط إليكم يد إنعامه بالذى تعلمونه بي أيديكم‬
‫من ألوان عطائه ‪.‬‬
‫‪ -133‬عدّد ما أمدهم به من إبل وبقر وغنم ‪ ،‬وبني أقوياء ‪ ،‬ليحفظوا لم النعام ‪،‬‬
‫ويعينوهم على تكاليف الياة ‪.‬‬
‫‪ -134‬وبساتي مثمرات ‪ ،‬وعيون ترى بالاء الذى تتاجون إليه ‪.‬‬
‫‪ -135‬إن أخاف أن يُنل ال بكم عذابا شديدا ف الدنيا ‪ ،‬ويُدخلكم ف الخرة نار‬
‫جهنم ‪ ،‬بسبب طغيانكم وإنعام ال عليكم ‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫ت أَ ْم َلمْ َت ُكنْ ِم َن الْوَاعِظِيَ (‪ )136‬إِ ْن َهذَا ِإلّا خُ ُلقُ اْلَأوّلِيَ (‬
‫قَالُوا َسوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَ ْظ َ‬
‫ح ُن بِ ُمعَ ّذبِيَ (‪َ )138‬ف َكذّبُوهُ َفَأهْلَكْنَاهُ ْم إِ ّن فِي َذِلكَ َل َآيَ ًة َومَا كَانَ‬
‫‪ )137‬وَمَا نَ ْ‬
‫ت ثَمُودُ الْ ُم ْرسَلِيَ (‬
‫ك َلهُ َو الْ َعزِي ُز الرّحِيمُ (‪َ )140‬ك ّذبَ ْ‬
‫أَكَْثرُ ُه ْم مُ ْؤمِنِيَ (‪ )139‬وَإِنّ َرّب َ‬
‫ح أَلَا تَّتقُونَ (‪ِ )142‬إنّي لَ ُكمْ َرسُولٌ َأمِيٌ (‪)143‬‬
‫‪ِ )141‬إذْ قَالَ َل ُهمْ َأخُو ُهمْ صَالِ ٌ‬
‫فَاّتقُوا اللّ َه َوأَطِيعُونِ (‪)144‬‬

‫‪ -136‬قالوا ‪ -‬استخفافا به ‪ : -‬سواء لدينا بالغت ف وعظنا وإنذارنا أم ل تكن من‬


‫الواعظي ‪.‬‬
‫‪ -137‬ما هذا الذى جئتنا به إل كذب الولي وأباطيلهم ‪ ،‬اعتادوا تلفيق مثله ‪ ،‬فل‬
‫نرجع عما نن فيه ‪.‬‬
‫‪ -138‬وما نن بعذبي على ما يصدر منا من عمل ‪.‬‬
‫‪ -139‬فاستمروا على تكذيبه ‪ ،‬فعاجلهم ال باللك ‪ ،‬إن ف ذلك الذى أنزله ال بعاد‬
‫جزاء تكذيبهم لجة تدل على كمال قدرة ال ‪ ،‬وما كان أكثر الذين تتلوا عليهم نبأ‬
‫عاد مؤمني ‪.‬‬
‫‪ -140‬وإن ربك لو القاهر للجبارين ‪ ،‬الرحيم بالؤمني ‪.‬‬
‫‪ -141‬كذبت قبيلة ثود صالا ف رسالته ودعوته لم إل توحيد ال ‪ ،‬وبذا كذبوا‬
‫جيع الرسلي ‪ ،‬لتاد رسالتم ف أصولا ‪.‬‬
‫‪ -142‬اذكر لقومك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬وقت أن قال لثمود أخوهم صال ف النسب‬
‫والوطن ‪ :‬أل تشون ال فتفردوه بالعبادة؟!‬
‫‪ -143‬إن مرسل من ال إليكم با فيه خيكم وسعادتكم ‪ ،‬حفيظ على هذه الرسالة‬
‫كما تلقيتها عن ال ‪.‬‬
‫‪ -144‬فاحذروا عقوبة ال ‪ ،‬وامتثلوا ما أدعوكم إليه من أوامره ‪.‬‬

‫ب الْعَالَمِيَ (‪َ )145‬أتُ ْترَكُونَ فِي مَا‬


‫ي ِإلّا َعلَى َر ّ‬
‫وَمَا أَ ْسَألُ ُكمْ عَلَ ْي ِه ِمنْ َأ ْجرٍ إِ ْن َأ ْجرِ َ‬
‫خلٍ طَ ْل ُعهَا هَضِيمٌ (‪)148‬‬
‫ع َونَ ْ‬
‫هَاهُنَا َآمِنِيَ (‪ )146‬فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ (‪ )147‬وَزُرُو ٍ‬
‫حتُونَ ِم َن الْجِبَا ِل بُيُوتًا فَارِهِيَ (‪ )149‬فَاتّقُوا ال ّلهَ َوأَطِيعُونِ (‪ )150‬وَلَا تُطِيعُوا أَ ْمرَ‬
‫وَتَنْ ِ‬

‫‪157‬‬
‫ت ِمنَ‬
‫ض َولَا يُصْلِحُونَ (‪ )152‬قَالُوا إِنّمَا َأنْ َ‬
‫سدُونَ فِي الْأَرْ ِ‬
‫الْ ُمسْ ِرفِيَ (‪ )151‬اّلذِي َن ُيفْ ِ‬
‫ت ِمنَ الصّا ِدقِيَ (‪ )154‬قَالَ‬
‫ت ِبآََي ٍة إِنْ كُنْ َ‬
‫شرٌ مِثْلُنَا َفأْ ِ‬
‫ت ِإلّا َب َ‬
‫حرِينَ (‪ )153‬مَا َأنْ َ‬
‫الْ ُمسَ ّ‬
‫ب َولَ ُكمْ ِش ْربُ َيوْ ٍم َمعْلُومٍ (‪)155‬‬
‫هَ ِذ ِه نَاقَ ٌة َلهَا ِشرْ ٌ‬

‫‪ -145‬وما أطلب منكم أى أجر على نصحى لكم وإرشادى ‪ ،‬ما أجرى إل على‬
‫مالك العالي ‪.‬‬
‫‪ -146‬أنكر عليهم اعتقادهم البقاء فيما هم فيه من النعيم ‪ ،‬آمني من العذاب‬
‫والزوال والوت ‪.‬‬
‫‪ -147‬ف حدائق مثمرات ‪ ،‬وعيون ترى بالاء الفرات ‪.‬‬
‫‪ -148‬وزروع يانعات ‪ ،‬ونل ثرها الذى يظهر منها لي نضيج ‪.‬‬
‫‪ -149‬وتتخذون من البال بيوتا عاليات ‪ .‬حاذقي نشطي فيما تصنعون ‪.‬‬
‫‪ -150‬فخافوا عقوبة ال لعدم شكركم له على نعمه ‪ ،‬واقبلوا نصحى واعملوا به ‪.‬‬
‫‪ -151‬ول تطيعوا أمر الذين أسرفوا على أنفسهم بالشرك واتباع الوى والشهوات ‪.‬‬
‫‪ -152‬الذين يعيثون ف أرض ال فسادا ‪ ،‬ول يقومون فيها بإصلح به تسعد البلد ‪.‬‬
‫‪ -153‬قالوا ما أنت إل من الذين سُحِروا سحرا شديدا حت غلب على عقولم ‪ .‬وف‬
‫هذا الرد عنف وسفاهة ‪.‬‬
‫‪ -154‬ما أنت إل فرد ماثل لنا ف البشرية ‪ ،‬فكيف تتميز علينا بالنبوة والرسالة؟!‬
‫فإن كنت صادقا ف دعواك فأت بعجزة تدل على ثبوت رسالتك ‪.‬‬
‫‪ -155‬قال لم صال ‪ -‬حينما أعطاه ال الناقة معجزة له ‪ : -‬هذه ناقة ال أخرجَها‬
‫لكم آية ‪ ،‬لا نصيب من الاء ف يوم فل تشربوا فيه ‪ ،‬ولكم نصيب منه ف يوم آخر‬
‫فل تشرب فيه ‪.‬‬

‫ب َيوْمٍ عَظِيمٍ (‪َ )156‬فعَ َقرُوهَا َفأَصَْبحُوا نَادِمِيَ (‬


‫وَلَا تَ َمسّوهَا ِبسُو ٍء فََي ْأخُذَ ُكمْ َعذَا ُ‬
‫ك َلآََيةً وَمَا كَا َن أَكَْثرُ ُه ْم مُ ْؤمِنِيَ (‪َ )158‬وإِنّ َرّبكَ‬
‫‪َ )157‬فأَ َخذَ ُهمُ اْل َعذَابُ إِنّ فِي َذلِ َ‬
‫َلهُ َو الْ َعزِي ُز الرّحِيمُ (‪َ )159‬ك ّذبَتْ قَوْ ُم لُوطٍ الْ ُم ْرسَلِيَ (‪ِ )160‬إ ْذ قَا َل َلهُ ْم َأخُوهُمْ‬
‫ط َألَا تَّتقُونَ (‪ِ )161‬إنّي َلكُمْ َرسُو ٌل َأمِيٌ (‪ )162‬فَاّتقُوا اللّ َه َوأَطِيعُونِ (‪َ )163‬ومَا‬
‫لُو ٌ‬

‫‪158‬‬
‫ب الْعَالَمِيَ (‪َ )164‬أتَ ْأتُو َن الذّ ْكرَا َن ِمنَ‬
‫ي ِإلّا َعلَى َر ّ‬
‫أَ ْسَألُ ُكمْ عَلَ ْي ِه ِمنْ َأ ْجرٍ إِ ْن َأ ْجرِ َ‬
‫الْعَالَمِيَ (‪)165‬‬

‫‪ -156‬ول تلحقوا با أذى ‪ ،‬فيهلككم عذاب عظيم ‪.‬‬


‫‪ -157‬فذبوا الناقة مالفي ما اتفقوا عليه مع صال ‪ ،‬فحق عليهم العذاب ‪،‬‬
‫فأصبحوا على ما فعلوا نادمي ‪.‬‬
‫‪ -158‬فأهلكهم عذاب ال الذى توعدهم به صال ‪ ،‬ول يدفع الندم عنهم عقابَ‬
‫جُرمهم ‪ .‬إن ف ذكر قصتهم لدللة على قدرة ال على إهلك الكافرين وإناء‬
‫الؤمني ‪ ،‬وما كان أكثر قومك مؤمني ‪.‬‬
‫‪ -159‬وإن خالقك لو القادر على إهلك الاحدين التفضل بإناء التقي ‪.‬‬
‫‪ -160‬كذبت قوم لوط ‪ -‬حي دعاهم إل توحيد ال وترك الشرك ‪ -‬جيع الرسلي‬
‫‪.‬‬
‫‪ -161‬اذكر لقومك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬إذ قال لوط لقومه ‪ -‬وهو أخوهم وصهرهم‬
‫‪ : -‬أل تافون عذاب ال؟!‬
‫‪ -162‬إن مُرسَل لكم من ال بالدين الق ‪ ،‬أمي على تبليغ هذا الدين ‪.‬‬
‫‪ -163‬فاحذروا عذاب ال ‪ ،‬وامتثلوا أمرى فيما أدعوكم إليه ‪.‬‬
‫‪ -164‬وما أطلب منكم أجرا على ما أدعوكم إليه من الدى والرشاد ‪ ،‬ما جزائى إل‬
‫على مالك العالي ومربيهم ‪.‬‬
‫‪ -165‬قال لوط ‪ :‬أتستمتعون بوطء الذكور دون الناث؟ يريد بذلك أن ينكر ما‬
‫دأبوا عليه من ارتكاب هذه الفاحشة النكراء ‪.‬‬

‫وََتذَرُو َن مَا خَ َلقَ َل ُكمْ َربّ ُكمْ ِم ْن أَ ْزوَا ِجكُ ْم َبلْ َأنُْتمْ َقوْمٌ عَادُونَ (‪ )166‬قَالُوا لَِئ ْن َلمْ تَنَْتهِ‬
‫خ َرجِيَ (‪ )167‬قَا َل ِإنّي لِعَمَ ِل ُك ْم ِمنَ اْلقَالِيَ (‪َ )168‬ربّ َنجّنِي‬
‫يَا لُوطُ لََتكُوَن ّن ِمنَ الْمُ ْ‬
‫وََأهْلِي مِمّا َيعْمَلُونَ (‪ )169‬فَنَجّيْنَاهُ َوَأهْلَ ُه َأجْ َمعِيَ (‪ِ )170‬إلّا َعجُوزًا فِي اْلغَاِبرِينَ (‬
‫‪ُ )171‬ثمّ َد ّمرْنَا الْ َآخَرِينَ (‪)172‬‬

‫‪159‬‬
‫‪ -166‬وتتركون ما خلقه ال لتاعكم من أزواجكم اللئل ‪ ،‬بل أنتم قوم متجاوزون‬
‫الد ف الظلم بارتكاب جيع العاصى ‪.‬‬
‫‪ -167‬قالوا ‪ -‬غاضبي لنكاره وتشنيعه عليهم بسبب تلك الرذيلة ‪ : -‬لئن ل تترك‬
‫توبيخنا لتكونن من النفيي من بلدنا على أسوإ حال ‪.‬‬
‫‪ -168‬قال لوط ‪ :‬إن لعملكم هذا من البغضي ‪ ،‬فل أترك إنكاره والتشنيع عليه ‪.‬‬
‫‪ -169‬ونادى ربه ‪ :‬أن ينقذه وأهله ما يعمل هؤلء الاهلون حينما يئس من‬
‫استجابتهم له ‪.‬‬
‫‪ -170‬فاستجاب ال دعاءه ‪ ،‬ونّاه ومن اتبع دعوته بإخراجهم جيعا من بيوتم وقت‬
‫نزول العذاب بالكذبي ‪.‬‬
‫‪ -171‬إل امرأته العجوز بقيت ول ترج معه فهلكت لكفرها وخيانتها بوالتا‬
‫للفاسقي ‪.‬‬
‫‪ -172‬ث أهلك ال الكفرة الفجرة أشد إهلك وأفظعه ‪.‬‬

‫ك َلآََي ًة وَمَا كَا َن أَكَْث ُرهُمْ‬


‫وََأمْ َط ْرنَا عَلَ ْي ِه ْم مَ َطرًا َفسَا َء مَ َط ُر الْمُ ْنذَرِينَ (‪ )173‬إِ ّن فِي َذلِ َ‬
‫ب الَْأيْ َك ِة الْ ُمرْسَلِيَ‬
‫صحَا ُ‬
‫مُ ْؤمِنِيَ (‪َ )174‬وإِنّ َرّبكَ َل ُهوَ اْلعَزِيزُ ال ّرحِيمُ (‪َ )175‬ك ّذبَ أَ ْ‬
‫ب َألَا تَّتقُونَ (‪ِ )177‬إنّي َلكُمْ َرسُو ٌل َأمِيٌ (‪ )178‬فَاّتقُوا اللّهَ‬
‫(‪ِ )176‬إذْ قَالَ َل ُهمْ ُشعَيْ ٌ‬
‫ب الْعَالَمِيَ (‪)180‬‬
‫ي ِإلّا َعلَى َر ّ‬
‫وَأَطِيعُونِ (‪ )179‬وَمَا أَ ْسَألُ ُكمْ عَلَ ْي ِه ِمنْ َأ ْجرٍ إِ ْن َأ ْجرِ َ‬

‫‪ -173‬وأنزل ال على ُشذّاذ القوم حجارة من السماء فأهلكتهم ‪ ،‬وكان مطرا هائل‬
‫ف كثرته ونوعه ‪ ،‬فساء مطر النذرين مطرهم ‪ .‬إذ نزل بأشد أنواع اللك ‪.‬‬
‫‪ -174‬إن ف ذلك العقاب الذى نزل بالقوم لجة تدل على تام قدرة ال ‪ ،‬وما كان‬
‫أكثر قومك مصدقي بدعوتك ‪.‬‬
‫‪ -175‬وإن ربك لو الغالب على كل شئ ‪ .‬التصف بالرحة الكاملة فيعاقب الذنبي ‪،‬‬
‫ويثيب الؤمني ‪.‬‬
‫‪ -176‬هذه قصة شعيب مع أصحاب اليكة ‪ -‬وهى غَيْضة تنبت ناعم الشجر بقرب‬
‫َمدْيَن ‪ -‬نزل با جاعة من الناس وأقاموا با ‪ ،‬فبعث ال إليهم شعيبا كما بعث إل‬

‫‪160‬‬
‫مدين ‪ ،‬فكذبوه ف دعوته ‪ ،‬وبذا كانوا منكرين لميع الرسالت ‪.‬‬
‫‪ -177‬اذكر ‪ -‬يا ممد ‪ -‬لقومك وقت قول شعيب لصحاب اليكة ‪ :‬أل تافون‬
‫ال فتؤمنوا به؟! فبادروا بتكذيبه ‪.‬‬
‫‪ -178‬إن لدايتكم وإرشادكم مرسل من رب العالي ‪ ،‬أمي على توصيل رسالته‬
‫إليكم ‪.‬‬
‫‪ -179‬فاحذروا عقوبة ال ‪ ،‬وأطيعون باتباع أوامر ال وتليص أنفسكم من الثام ‪.‬‬
‫‪ -180‬وما أطلب منكم على إرشادى وتعليمى أى أجر ‪ ،‬ما جزائى الكامل ف مقابل‬
‫عملى إل على رب العالي ‪.‬‬

‫س الْ ُمسَْتقِيمِ (‪)182‬‬


‫سرِينَ (‪ )181‬وَ ِزنُوا بِاْلقِسْطَا ِ‬
‫خِ‬‫أَ ْوفُوا الْكَ ْي َل َولَا تَكُونُوا مِ َن الْمُ ْ‬
‫سدِينَ (‪ )183‬وَاّتقُوا اّلذِي خَلَ َق ُكمْ‬
‫ض ُم ْف ِ‬
‫خسُوا النّاسَ َأشْيَا َءهُ ْم َولَا َتعْثَوْا فِي الْأَرْ ِ‬
‫وَلَا تَبْ َ‬
‫ش ٌر مِثْلُنَا‬
‫حرِينَ (‪ )185‬وَمَا َأنْتَ ِإلّا َب َ‬
‫ت ِم َن الْ ُمسَ ّ‬
‫وَالْجِبِ ّل َة الَْأ ّولِيَ (‪ )184‬قَالُوا ِإنّمَا أَنْ َ‬
‫ت ِمنَ‬
‫سفًا ِمنَ السّمَا ِء إِنْ كُنْ َ‬
‫ك لَ ِمنَ اْلكَا ِذبِيَ (‪َ )186‬فأَ ْسقِطْ عَلَيْنَا ِك َ‬
‫وَإِ ْن نَظُّن َ‬
‫الصّا ِدقِيَ (‪ )187‬قَالَ َربّي أَعْ َل ُم بِمَا َتعْمَلُونَ (‪)188‬‬

‫‪ -181‬أمرهم شعيب بإعطاء الكيل وافيا حيث كان يشيع بينهم بس الكيل‬
‫واليزان ‪ ،‬ونقص حقوق الناس بالتطفيف والسران ‪.‬‬
‫‪ -182‬و ِزنُوا بي الناس باليزان السوى حت يأخذوا حقهم بالعدل الستقيم ‪.‬‬
‫‪ -183‬ول تنقصوا الناس شيئا من حقوقهم ‪ ،‬ول تعثوا ف الرض مفسدين ‪ ،‬بالقتل‬
‫وقطع الطريق وارتكاب الوبقات وإطاعة الوى ‪.‬‬
‫‪ -184‬واحذروا عقوبة ال الذى خلقكم ‪ ،‬وخلق المم القوية العاتية التقدمة ‪.‬‬
‫‪ -185‬قالوا ‪ :‬ما أنت إل واحد من الذين أصابم السحر إصابة شديدة ‪ ،‬فذهب‬
‫بعقولم ‪.‬‬
‫‪ -186‬وما أنت إل واحد منا مُساوٍ لنا ف البشرية ‪ ،‬فكيف تتميز علينا بالرسالة؟!‬
‫ونن نعتقد أنك من الراسخي ف الكذب ‪.‬‬
‫‪ -187‬فأسقط علينا قطع عذاب من السماء إن كنت من الصادقي ف الرسالة ‪ .‬وهذا‬

‫‪161‬‬
‫اقتراح تته كل ألوان النكار ‪.‬‬
‫‪ -188‬قال شعيب ‪ :‬رب بالغ العلم با تعملونه من العاصى ‪ ،‬وبا تستحقونه من‬
‫العذاب ينله عليكم ف وقته القدر له ‪ .‬وهذا منه منتهى التفويض ل وغايته التهديد‬
‫لم ‪.‬‬

‫ك َلآََيةً‬
‫ب َيوْ ِم الظّ ّلةِ ِإّنهُ كَانَ َعذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (‪ )189‬إِ ّن فِي َذلِ َ‬
‫فَ َك ّذبُو ُه َفأَ َخ َذهُمْ َعذَا ُ‬
‫وَمَا كَا َن أَكَْث ُرهُ ْم ُمؤْمِنِيَ (‪َ )190‬وإِنّ َرّبكَ َل ُهوَ اْلعَزِيزُ ال ّرحِيمُ (‪ )191‬وَِإّنهُ لَتَ ْنزِيلُ‬
‫ك لِتَكُو َن ِمنَ الْمُ ْنذِرِينَ (‬
‫ح اْلأَمِيُ (‪ )193‬عَلَى قَلِْب َ‬
‫َربّ اْلعَالَ ِميَ (‪َ )192‬نزَ َل ِبهِ الرّو ُ‬
‫‪ )194‬بِ ِلسَانٍ َعرَِب ّي مُبِيٍ (‪ )195‬وَِإّنهُ َلفِي ُزُب ِر الَْأ ّولِيَ (‪ )196‬أَ َوَلمْ َي ُكنْ َل ُهمْ َآَيةً أَنْ‬
‫َيعْلَ َمهُ عُلَمَا ُء بَنِي ِإ ْسرَائِيلَ (‪)197‬‬

‫‪ -189‬فاستَمرّوا على تكذيبه ‪ ،‬فسلّط ال عليهم الر الشديد ‪ ،‬فكانوا يفرون منه إل‬
‫غي حى ‪ ،‬إل أن أظلتهم سحابة من الشمس فاجتمعوا تتها ‪ ،‬فأسقطها ال عليهم نارا‬
‫فأهلكتهم جيعا ف يوم شديد الول ‪.‬‬
‫‪ -190‬إن فيما نزل بأصحاب اليكة من العقوبة ‪ -‬جزاء تردهم ‪ -‬لدليل على كمال‬
‫قدرة ال ‪ ،‬وما كان أكثر قومك مصدقي ‪.‬‬
‫‪ -191‬وإن ربك لو التفرد بالقوة والغلبة النعم بالرحات على الؤمني ‪.‬‬
‫‪ -192‬وإن هذا القرآن ‪ -‬الذى ذكرت فيه هذه القصص الصادقة ‪ -‬مَُنزّ ٌل من خالق‬
‫العالي ومالك أمرهم ومربيهم ‪ ،‬فخبه صادق ‪ ،‬وحكمه نافذ إل يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -193‬نزل به الروح المي ‪ ،‬جبيل ‪ -‬عليه السلم ‪. -‬‬
‫‪ -194‬على قلبك متمكنا من حفظه وفهمه ‪ ،‬مستقرا ف قلبك استقرارا ل ينسى ‪،‬‬
‫لتنذرهم با تضمنه من العقوبات للمخالفي ‪.‬‬
‫‪ -195‬نزل به جبيل ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬عليك بلغة عربية ‪ ،‬واضحة العن ‪ ،‬ظاهرة‬
‫الدللة فيما يتاجون إليه ف إصلح شئون دينهم ودنياهم ‪.‬‬
‫‪ -196‬وإن ذكر القرآن والخبار عنه بأنه من عند ال نزل على ممد ‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ -‬لثابت ف كتب النبياء السابقي ‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫‪ -197‬أكفر هؤلء العاندون بالقرآن وعندهم حجة تدل على صدق ممد ‪ -‬صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ -‬وهى عِلْم علماء بن إسرائيل بالقرآن كما جاء ف كتبهم؟!‬

‫ض الْأَ ْعجَ ِميَ (‪َ )198‬فقَ َرَأهُ عَلَ ْي ِهمْ مَا كَانُوا ِبهِ ُم ْؤمِنِيَ (‪)199‬‬
‫وََل ْو َنزّلْنَاهُ عَلَى َبعْ ِ‬
‫ج ِرمِيَ (‪ )200‬لَا ُي ْؤمِنُو َن ِبهِ حَتّى يَ َروُا اْلعَذَابَ اْلأَلِيمَ (‬
‫ب الْمُ ْ‬
‫ك سَلَكْنَا ُه فِي قُلُو ِ‬
‫َك َذلِ َ‬
‫ح ُن مُنْ َظرُونَ (‪)203‬‬
‫شعُرُونَ (‪ )202‬فََيقُولُوا َهلْ نَ ْ‬
‫‪ )201‬فََيأْتَِي ُهمْ َبغَْت ًة وَ ُهمْ لَا َي ْ‬
‫َأفَبِ َعذَابِنَا َيسْتَعْجِلُونَ (‪َ )204‬أفَ َرَأيْتَ إِنْ مَّتعْنَاهُ ْم سِنِيَ (‪ُ )205‬ث ّم جَا َء ُهمْ مَا كَانُوا‬
‫يُو َعدُونَ (‪)206‬‬

‫‪ -198‬ولو نزلنا القرآن على بعض من العجمي يقدر على التكلم بالعربية ول‬
‫يفصح با ‪ ،‬فل يتوهم اتامه باختراعه ‪.‬‬
‫‪ -199‬فقرأه عليهم قراءة صحيحة خارقة للعادة لكفروا به ‪ ،‬وانتحلوا لحودهم‬
‫عذرا ‪.‬‬
‫‪ -200‬أدخلنا التكذيب ف قلوب الجرمي ‪ ،‬وقرّرناه فيها مثل تقريره ف قلوب من‬
‫هم على صفتهم ‪.‬‬
‫‪ -201‬فل سبيل إل أن يتغيوا عما هم عليه من جحوده ‪ ،‬حت يعاينوا العذاب‬
‫الشديد الذى وعدوا به ‪.‬‬
‫‪ -202‬فينل بم العذاب فجأة من غي توقع وهم ل يشعرون بقدومه ‪.‬‬
‫‪ -203‬فيقولون عند نزول العذاب ‪ { :‬هل نن مُنْظَرون } تسرا على ما فاتم من‬
‫اليان وطلبا للمهال ‪ ،‬ولكن ل يابون ‪.‬‬
‫‪ -204‬قال تعال ‪ :‬أَ َغرّ كفار مكة إمْهال فيستعجلون نزول العذاب؟! يريد سبحانه‬
‫تسفيه عقولم بسبب استعجالم العذاب إثر تكرار إنذارهم وتويفهم ‪.‬‬
‫ت أننا متعناهم بالياة سني طويلة مع طيب العيش؟‬
‫‪ -205‬أفكّرتَ فعلم َ‬
‫‪ -206‬ث نزل بم العذاب الوعود ‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫مَا أَغْنَى عَ ْن ُه ْم مَا كَانُوا يُمَّتعُونَ (‪َ )207‬ومَا َأهْ َلكْنَا ِمنْ َق ْرَيةٍ ِإلّا َلهَا مُنْذِرُونَ (‪)208‬‬
‫ت ِبهِ الشّيَاطِيُ (‪َ )210‬ومَا يَنَْبغِي َل ُهمْ َومَا‬
‫ذِ ْكرَى َومَا كُنّا ظَالِمِيَ (‪ )209‬وَمَا تََنزّلَ ْ‬
‫ع مَ َع ال ّلهِ ِإَلهًا َآخَرَ‬
‫َيسْتَطِيعُونَ (‪ِ )211‬إّنهُمْ َع ِن السّمْ ِع لَ َم ْعزُولُونَ (‪ )212‬فَلَا َتدْ ُ‬
‫يَتكَ اْلأَ ْق َربِيَ (‪)214‬‬
‫فََتكُو َن ِمنَ الْ ُم َع ّذبِيَ (‪ )213‬وََأْنذِرْ َعشِ َ‬

‫‪ -207‬ما يدفع عنهم تتعهم بطول العمر وطيب العيش من عذاب ال شيئا ‪ ،‬فعذاب‬
‫ل ‪ ،‬ول خي ف نعيم يعقبه عذاب ‪.‬‬
‫ال واقع عاجلً أو آج ً‬
‫‪ -208‬وسُنّتنا ف المم جيعا أننا ل ننل هلكا بأمة إل بعد أن نرسل إليها رسل‬
‫ينذرونا إلزاما للحجة ‪.‬‬
‫‪ -209‬تذكرة وعبة ‪ ،‬وما كان شأننا الظلم فنعذب أمة قبل أن نبعث إليها رسول ‪.‬‬
‫‪ -210‬نفى القرآن ما قاله كفار مكة من أن لحمد تابعا من الن ‪ ،‬يلقى القرآن إليه‬
‫فقال ‪ :‬وما تنلت الشياطي بذا القرآن ‪.‬‬
‫‪ -211‬وما يوز لم أن ينلوا به ‪ ،‬وما يستطيعون ذلك ‪.‬‬
‫‪ -212‬إنم عن ساع القرآن الذى ينل به الوحى على ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ -‬لحجوبون ‪.‬‬
‫‪ -213‬فتوجه إل ال مستمرا على إخلصك له ف العبادة ‪ ،‬ول تتم بفساد زعم‬
‫الشركي وسوء مسلكهم ‪ .‬ودعوة الرسول إل هذا اللون من الخلص دعو ٌة لفراد‬
‫أمته جيعا ‪.‬‬
‫‪ -214‬وخوّف بالعذاب على الشرك والعاصى القرب فالقرب من عشيتك ‪.‬‬

‫صوْ َك َف ُقلْ ِإنّي َبرِي ٌء مِمّا‬


‫ك لِ َمنِ اتَّب َعكَ ِمنَ الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪َ )215‬فإِنْ عَ َ‬
‫وَا ْخفِضْ جَنَاحَ َ‬
‫ي َتقُومُ (‪)218‬‬
‫َتعْمَلُونَ (‪ )216‬وََتوَ ّكلْ عَلَى اْل َعزِي ِز ال ّرحِيمِ (‪ )217‬اّلذِي َيرَا َك حِ َ‬
‫وََتقَلَّبكَ فِي السّاجِدِينَ (‪ِ )219‬إّنهُ ُهوَ السّمِيعُ اْلعَلِيمُ (‪َ )220‬ه ْل أُنَبُّئ ُكمْ عَلَى َمنْ‬
‫تََنزّ ُل الشّيَا ِطيُ (‪ )221‬تََن ّزلُ عَلَى ُك ّل َأفّا ٍك َأثِيمٍ (‪ )222‬يُ ْلقُو َن السّمْ َع َوأَكَْثرُ ُهمْ‬
‫كَاذِبُونَ (‪)223‬‬

‫‪164‬‬
‫‪ -215‬وَأِلنْ جانبك لن أجاب دعوتك باليان ‪.‬‬
‫‪ -216‬فإن عصوك ول يتبعوك ‪ ،‬فتبأ منهم ومن أعمالم ‪ ،‬من الشرك وسائر العاصى‬
‫‪.‬‬
‫‪ -217‬وفوض أمرك إل القوى القادر على قهر أعدائك بعزته ‪ ،‬وعلى نصرتك‬
‫ونصرة كل ملص ف عمله برحته ‪.‬‬
‫‪ -218‬الذى يراك حي تقوم إل التهجد وأعمال الي ‪.‬‬
‫‪ -219‬ويرى تصرفك فيما بي الصلي بالقيام والقعود والركوع والسجود حي‬
‫تؤمهم ف الصلة ‪.‬‬
‫‪ -220‬إنه سبحانه هو السميع لدعائك وذكرك ‪ ،‬العليم بنيتك وعملك ‪ ،‬وكأنه‬
‫سبحانه يقول له ‪ :‬هَوّن على نفسك مشاق العبادة ‪ ،‬فأنت تعمل برأى ومسمع منا ‪.‬‬
‫‪ -221‬قال الشركون ‪ :‬إن الشياطي تلقى السمع على ممد ‪ .‬فرد القرآن عليهم ‪:‬‬
‫هل أخبكم على من تتنل الشياطي وتلقى الوساوس؟!‬
‫‪ -222‬تتنل على كل مرتكب لقبح أنواع الكذب وأشنع الثام ‪ ،‬وهم الكهنة‬
‫الفجرة الذين بي طباعهم وطباع الشياطي تانس ووفاق ‪.‬‬
‫‪ -223‬يلقون أساعهم إل الشياطي ‪ ،‬فيتلقون منهم ظنونا ‪ ،‬وأكثرهم كاذبون ‪،‬‬
‫حيث يزيدون ف القول على ما تلقيه الشياطي ‪.‬‬

‫شعَرَا ُء يَتِّب ُعهُ ُم اْلغَاوُونَ (‪َ )224‬أَلمْ َت َر َأنّ ُه ْم فِي ُك ّل وَا ٍد َيهِيمُونَ (‪ )225‬وََأّن ُهمْ‬
‫وَال ّ‬
‫َيقُولُو َن مَا لَا َيفْعَلُونَ (‪ِ )226‬إلّا اّلذِينَ َآمَنُوا وَ َعمِلُوا الصّالِحَاتِ َوذَ َكرُوا ال ّلهَ كَِثيًا‬
‫ب يَ ْنقَلِبُونَ (‪)227‬‬
‫ي مُ ْنقَلَ ٍ‬
‫صرُوا ِمنْ َب ْعدِ مَا ظُ ِلمُوا َوسَيَعْ َل ُم الّذِينَ ظَلَمُوا أَ ّ‬
‫وَانْتَ َ‬

‫‪ -224‬قال الكفار ‪ :‬إن القرآن شعر ‪ ،‬وممد شاعر ‪ .‬فأبطل ال هذا بإثبات أن‬
‫القرآن ملئ بالكم والحكام ‪ ،‬فأسلوبه يناف أسلوب الشعر الذى يقوم على الباطل‬
‫والكذب ‪ ،‬وبي أن حال ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬يناف حال الشعراء ‪ ،‬فهو‬
‫ينطق بالكمة ‪ ،‬وهم ينطقون بالزور ‪ ،‬وهذا حال أغلب الشعراء ‪.‬‬
‫‪ -225‬أل تر أنم ف كل واد من أودية القول يهيمون على وجوههم ‪ ،‬فل يهتدون إل‬

‫‪165‬‬
‫الق؟‬
‫‪ -226‬وأنم يقولون بألسنتهم ما ل يلتزمونه ف عملهم ‪.‬‬
‫‪ -227‬لكن الذين اهتدوا بدى ال وعملوا الصالات حت تكنت فيهم ملكات‬
‫فاضلة ‪ ،‬وذكروا ال كثيا حت تكنت خشيته من قلوبم ‪ ،‬هؤلء يعلون الشعر‬
‫كالدواء يصيب الداء ‪ ،‬وينتصرون لدينهم وإقامة الق إذا جي على الق ‪ ،‬وسيعلم‬
‫الذين ظلموا أنفسهم بالشرك وهجاء الرسول أى مرجع من مراجع الشر واللك‬
‫يرجعون إليه ‪.‬‬

‫ت اْلقُرْآَ ِن وَكِتَابٍ مُبِيٍ (‪ )1‬هُدًى َوُبشْرَى لِلْ ُم ْؤمِنِيَ (‪)2‬‬


‫طس تِ ْلكَ َآيَا ُ‬

‫‪ -1‬طس ‪ -‬حرفان صوتيان ابتدأت بما السورة الكرية تنبيها إل سر العجاز ف‬


‫القرآن مع الشارة إل أنه من جنس ما يتكلمون ‪ ،‬ولتنبيه الذهان للستماع إليه ‪.‬‬
‫تلك آيات النل مقروءا تتلونه ‪ ،‬وهو كتاب مبي لا جاء به ‪.‬‬
‫‪ -2‬وهو هادٍ للمؤمني إل طريق الي والفوز ف الدنيا والخرة ‪ ،‬ومبشر لم بسن‬
‫الآل ‪.‬‬

‫الّذِينَ ُيقِيمُو َن الصّلَا َة َويُ ْؤتُونَ الزّكَاةَ َو ُهمْ بِالْ َآ ِخرَ ِة ُهمْ يُوقِنُونَ (‪ )3‬إِ ّن اّلذِي َن لَا ُيؤْمِنُونَ‬
‫بِاْلآَ ِخ َرةِ َزيّنّا َل ُهمْ أَ ْعمَالَ ُه ْم َفهُ ْم َيعْ َمهُونَ (‪ )4‬أُولَِئكَ اّلذِي َن َلهُ ْم سُوءُ اْل َعذَابِ َو ُهمْ فِي‬
‫ك لَتُ َلقّى الْ ُقرْآَ َن ِم ْن َلدُنْ َحكِيمٍ َعلِيمٍ (‪ِ )6‬إ ْذ قَالَ‬
‫سرُونَ (‪َ )5‬وِإنّ َ‬
‫الْ َآخِ َر ِة ُهمُ اْلأَ ْخ َ‬
‫س َلعَلّ ُكمْ‬
‫ب قَبَ ٍ‬
‫شهَا ٍ‬
‫ت نَارًا َس َآتِي ُكمْ مِ ْنهَا بِخََب ٍر أَوْ َآتِي ُكمْ ِب ِ‬
‫مُوسَى ِلأَهْ ِل ِه ِإنّي َآَنسْ ُ‬
‫تَصْطَلُونَ (‪ )7‬فَلَمّا جَا َءهَا نُودِيَ أَنْ بُورِ َك َم ْن فِي النّارِ َو َمنْ َح ْولَهَا وَسُبْحَا َن ال ّلهِ َربّ‬
‫حكِيمُ (‪)9‬‬
‫الْعَالَمِيَ (‪ )8‬يَا مُوسَى ِإّنهُ أَنَا ال ّل ُه الْ َعزِي ُز الْ َ‬

‫‪ -3‬الذين يؤدون الصلة ف خشوع مستوفية الركان ‪ ،‬ويعطون الزكاة ف أوقاتا ‪،‬‬
‫وهم يوقنون بالياة الخرة ‪ ،‬وما يكون فيها من ثواب وعقاب ‪.‬‬
‫‪ -4‬إن الذين ل يؤمنون باليوم الخر زيّنا لم أعمالم بلق الشهوة فيهم ‪ ،‬فهم‬
‫يتردون ف ضللم ‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫‪ -5‬أولئك الذين لم العذاب السيئ ‪ ،‬وهم ف الخرة أشد الناس خسرانا ‪.‬‬
‫‪ -6‬وإنك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لتتلقى القرآن الذى ينل عليك من لدن من ل يدان ف‬
‫حكمته ‪ ،‬وقد أحاط بكل شئ علما ‪.‬‬
‫‪ -7‬اذكر حي قال موسى لزوجته ومن معه وهو عائد إل مصر ‪ :‬إنّى أبصرت نارا ‪،‬‬
‫سآتيكم منها بب عن الطريق ‪ ،‬أو آتيكم بشعلة مضيئة نارا مقبوسة ‪ ،‬لعلكم‬
‫تستدفئون با من البد ‪.‬‬
‫‪ -8‬فلما وصل إليها نودى ‪ :‬أن بُورك من ف مكان النار ومن حولا ‪ .‬وهم اللئكة‬
‫وموسى ‪ .‬ونزه ال رب العالي عن كل ما ل يليق به ‪.‬‬
‫‪ -9‬يا موسى إن أنا ال الستحق للعبادة ‪ -‬وحده ‪ -‬الغالب على كل شئ ‪ ،‬الذى‬
‫يضع كل أمر ف موضعه ‪.‬‬

‫ف ِإنّي لَا‬
‫ب يَا مُوسَى لَا تَخَ ْ‬
‫وََأْلقِ عَصَا َك فَلَمّا رَ َآهَا َتهْتَزّ َكَأّنهَا جَانّ َولّى ُم ْدِبرًا َولَ ْم ُيعَقّ ْ‬
‫ف َلدَيّ الْ ُم ْرسَلُونَ (‪ِ )10‬إلّا َمنْ ظَ َل َم ُثمّ َب ّدلَ ُحسْنًا بَ ْع َد سُو ٍء َفِإنّي َغفُورٌ َرحِيمٌ (‬
‫يَخَا ُ‬
‫ج بَيْضَا َء ِمنْ غَ ْي ِر سُو ٍء فِي ِتسْعِ َآيَاتٍ ِإلَى ِفرْ َعوْنَ‬
‫خرُ ْ‬
‫‪ )11‬وََأ ْدخِ ْل َيدَ َك فِي جَيِْبكَ تَ ْ‬
‫حرٌ مُِبيٌ (‬
‫ص َرةً قَالُوا هَذَا سِ ْ‬
‫َوقَ ْومِ ِه ِإّنهُمْ كَانُوا َقوْمًا فَا ِسقِيَ (‪ )12‬فَلَمّا جَا َءْت ُهمْ َآيَاتُنَا مُبْ ِ‬
‫سهُمْ ظُ ْلمًا وَعُ ُلوّا فَانْ ُظرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَ ُة الْ ُم ْفسِدِينَ (‬
‫حدُوا ِبهَا وَاسْتَيْقَنَ ْتهَا أَْن ُف ُ‬
‫‪ )13‬وَجَ َ‬
‫ي ِمنْ‬
‫‪ )14‬وََل َقدْ َآتَيْنَا دَاوُو َد وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا َوقَالَا الْحَ ْم ُد لِ ّلهِ اّلذِي فَضّلَنَا عَلَى َكثِ ٍ‬
‫عِبَا ِدهِ الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪)15‬‬

‫‪ -10‬وف سبيل أن تؤدى دعوتك ألْق عصاك ‪ .‬فلما ألقاها ورآها تتز كأنا حية‬
‫خفيفة سريعة أعرض عنها راجعا إل الوراء ‪ ،‬ول يعد إليها بعد أن أدبر عنها ‪ ،‬فطمْأنه‬
‫ال تعال بقوله ‪ :‬ل تف إن ل ياف عندى الرسلون حي أخاطبهم ‪.‬‬
‫‪ -11‬لكن من عمل شيئا غي مأذون له فيه ‪ ،‬ث بدّل حسنا بعد هفوة فإن كثي الغفرة‬
‫عظيم الرحة ‪.‬‬
‫‪ -12‬وأدخل يدك ف فتحة ثوبك ترج بيضاء من غي برص ‪ ،‬ف جلة تسع‬
‫معجزات ‪ ،‬مرسل إل فرعون وقومه ‪ ،‬إنم كانوا قوما خارجي عن أمر اللّه كافرين ‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫‪ -13‬فلما جاءت هذه العجزات واضحة ظاهرة قالوا ‪ :‬هذا سحر واضح بيّن ‪.‬‬
‫‪ -14‬وكذبوا با منكرين لدللتها على صدق الرسالة ‪ ،‬وقد وقع اليقي ف قلوبم ‪،‬‬
‫ولكنهم ل يذعنوا لستعلئهم بالباطل وطغيانم ‪ ،‬فانظر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬كيف كانت‬
‫عاقبة الذين دأبوا على الفساد ‪ ،‬فكفروا بالعجزات وهى واضحة؟‬
‫‪ -15‬هذا طغيان فرعون بسبب ملكه ‪ ،‬فانظر إل السلطان العادل ‪ ،‬سلطان الكم‬
‫وسلطان النبوة ف داود وابنه سليمان ‪ -‬عليهما السلم ‪ -‬لقد آتيناها علما كثيا‬
‫بالشريعة ودراية بالحكام ‪ ،‬فأقاما العدل وحدا ال الذى منحهما فضلً على كثي من‬
‫عباده الصادقي الذعني للحق ‪.‬‬

‫ث سُلَيْمَانُ دَاوُو َد َوقَالَ يَا َأّيهَا النّاسُ عُلّمْنَا مَنْ ِط َق الطّ ْي ِر وَأُوتِينَا ِمنْ ُك ّل شَيْ ٍء إِنّ‬
‫وَوَ ِر َ‬
‫س وَالطّ ْي ِر َف ُهمْ‬
‫جنّ وَالِْإنْ ِ‬
‫شرَ ِلسُلَيْمَا َن جُنُو ُدهُ ِم َن الْ ِ‬
‫ض ُل الْمُبِيُ (‪ )16‬وَ ُح ِ‬
‫هَذَا َلهُ َو الْفَ ْ‬
‫ت نَمْ َل ٌة يَا أَّيهَا النّ ْم ُل ادْخُلُوا َمسَاكَِنكُمْ‬
‫يُوزَعُونَ (‪ )17‬حَتّى ِإذَا أََتوْا عَلَى وَادِ النّ ْم ِل قَالَ ْ‬
‫لَا يَحْ ِطمَّنكُ ْم سُلَيْمَا ُن َوجُنُو ُدهُ َو ُهمْ لَا َيشْ ُعرُونَ (‪)18‬‬

‫‪ -16‬وقد آل اللك والكم من داود إل سليمان ابنه ‪ ،‬وقال ‪ :‬يا أيها الناس عُلّمنا‬
‫لغة الطي ‪ ،‬وأوتينا كثيا ما نتاج إليه ف سلطاننا ‪ :‬إن هذه النعم لى الفضل الواضح‬
‫الذى خصنا ال به ‪.‬‬
‫‪ -17‬وجع لسليمان جنوده من الن والنس والطي ف صعيد واحد ‪ ،‬فهم ببس‬
‫أولم على آخرهم حت يكونوا جيشا منظما خاضعا ‪.‬‬
‫‪ -18‬حت إذا بلغوا وادى النمل قالت نلة ‪ :‬يا أيها النمل ادخلوا مابئكم ‪ ،‬لكيل‬
‫تيتكم جنود سليمان وهم ل يسون بوجودكم ‪.‬‬

‫سمَ ضَا ِحكًا ِمنْ َق ْوِلهَا َوقَالَ َربّ َأوْزِعْنِي أَ ْن أَ ْش ُكرَ ِنعْمََتكَ الّتِي َأْنعَمْتَ َع َليّ وَعَلَى‬
‫فَتََب ّ‬
‫حيَ (‪ )19‬وََت َفقّدَ‬
‫وَاِلدَيّ َوأَ ْن أَعْ َملَ صَالِحًا َترْضَاهُ َوَأدْخِلْنِي ِب َرحْمَِتكَ فِي عِبَادِ َك الصّالِ ِ‬
‫الطّ ْيرَ َفقَا َل مَا ِليَ لَا أَرَى الْ ُه ْدهُ َد أَمْ كَا َن ِمنَ اْلغَائِبِيَ (‪َ )20‬لأُ َع ّذبَنّهُ َعذَابًا َشدِيدًا َأوْ‬

‫‪168‬‬
‫ط ِبهِ‬
‫ح ْ‬
‫ت بِمَا لَ ْم تُ ِ‬
‫َلأَ ْذبَحَّن ُه أَ ْو لََي ْأتِيَنّي ِبسُلْطَانٍ مُبِيٍ (‪ )21‬فَ َمكَثَ َغ ْيرَ َبعِيدٍ فَقَالَ َأحَط ُ‬
‫وَجِئُْتكَ مِ ْن سََبإٍ بِنََبٍإ َيقِيٍ (‪)22‬‬

‫‪ -19‬فتبسّم سليمان ضاحكا من قول هذه النملة الريصة على مصالها ‪ ،‬وأحس‬
‫بنعمة ال تعال عليه وقال ‪ :‬يا خالقى ألمن أن أشكر نعمتك الت أنعمت با علىّ‬
‫ى ‪ ،‬ووفقن لن أعمل العمال الصالة الت ترضاها ‪ ،‬وأدخلن برحتك‬
‫وعلى والد ّ‬
‫السابغة ف عبادك الذين ترتضى أعمالم ‪.‬‬
‫‪ -20‬وَت َعرّفَ جنوده من الطي فلم يدوا الدهد ‪ ،‬فتعجب وقال ‪ :‬مال ل أرى‬
‫الدهد؟ أهو بيننا ول يقع عليه نظرى ‪ ،‬أم هو غائب عنا ليس بيننا؟!‬
‫‪ -21‬وال لنزلن به عذابا شديدا يردعه ‪ ،‬أو لذبنه إن كان الذنب عظيما ‪ ،‬إل أن‬
‫يأتين بجة بيّنة تُبر غيابه عن ‪.‬‬
‫‪ -22‬وكان الدهد قد مكث ف مكان غي بعيد زمانا غي مديد ‪ ،‬ث جاء إل سليمان‬
‫يقول له ‪ :‬قد أحطت علما با ل يكن عندك علم به ‪ ،‬وجئتك من سبأ بب ذى شأن‬
‫عظيم وهو مستيقن به ‪.‬‬

‫ت ِمنْ ُك ّل َشيْ ٍء وََلهَا َعرْشٌ عَظِيمٌ (‪َ )23‬وجَ ْدُتهَا‬


‫ت ا ْمرََأ ًة تَمْ ِل ُكهُ ْم َوأُوتِيَ ْ‬
‫ِإنّي وَ َجدْ ُ‬
‫صدّ ُهمْ َعنِ‬
‫س ِم ْن دُونِ ال ّل ِه وَ َزيّ َن َلهُ ُم الشّيْطَانُ أَ ْعمَالَ ُهمْ فَ َ‬
‫جدُو َن لِلشّمْ ِ‬
‫َوقَ ْو َمهَا َيسْ ُ‬
‫ج الْخَبْ َء فِي السّمَاوَاتِ‬
‫خرِ ُ‬
‫جدُوا لِ ّل ِه الّذِي يُ ْ‬
‫السّبِي ِل َف ُهمْ لَا يَهَْتدُونَ (‪َ )24‬ألّا َيسْ ُ‬
‫خفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (‪ )25‬اللّ ُه لَا ِإَلهَ ِإلّا ُهوَ َربّ اْل َعرْشِ اْلعَظِيمِ (‬
‫ض َويَعْ َلمُ مَا تُ ْ‬
‫وَاْلأَرْ ِ‬
‫ب ِبكِتَابِي َهذَا َفَألْ ِق ِه ِإلَيْ ِهمْ‬
‫ت ِمنَ اْلكَا ِذبِيَ (‪ )27‬اذْهَ ْ‬
‫ت أَمْ ُكنْ َ‬
‫ص َدقْ َ‬
‫‪ )26‬قَا َل سَنَنْ ُظرُ أَ َ‬
‫ت يَا َأّيهَا الْمَ َلأُ ِإنّي ُأْلقِ َي ِإلَيّ كِتَابٌ َكرِيٌ (‬
‫ُثمّ َتوَلّ عَ ْن ُه ْم فَانْ ُظ ْر مَاذَا َيرْ ِجعُونَ (‪ )28‬قَالَ ْ‬
‫سمِ ال ّلهِ الرّحْ َم ِن الرّحِيمِ (‪َ )30‬ألّا َتعْلُوا عَ َل ّي َوأْتُونِي‬
‫‪ِ )29‬إنّ ُه ِمنْ سُلَيْمَا َن َوِإنّ ُه ِب ْ‬
‫ُمسْلِمِيَ (‪)31‬‬

‫‪ -23‬إن وجدت ف أهل سبأ امرأة تكمهم ‪ ،‬وأوتيت من كل شئ من أسباب الدنيا ‪،‬‬
‫ولا سرير كبي يدل على عظمة ملكها وقوة سلطانا ‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫‪ -24‬وجدتا هى وقومها يعبدون الشمس ول يعبدون ال ‪ ،‬وحسّن لم الشيطان‬
‫أعمالم فظنوها حسنة وهى السوء ‪ ،‬فصرفهم بذلك عن سبيل الق ‪ ،‬فهم ل يهتدون‬
‫‪.‬‬
‫‪ -25‬أل يسجدوا ل تعال ‪ ،‬وهو الذى يرج الخبوء ف السموات والرض ‪ ،‬ويعلم‬
‫ما تسرون وما تظهرون؟!‬
‫‪ -26‬ال ل معبود بق سواه ‪ ،‬صاحب السلطان الطلق العظيم على كل ما ف الوجود‬
‫‪.‬‬
‫‪ -27‬قال سليمان ماطبا الدهد ‪ :‬سنتحرى خبك هذا ‪ ،‬أصدقت فيه أم كنت من‬
‫الكاذبي؟‬
‫‪ -28‬اذهب بكتاب هذا فأوصله إليها وإل قومها ث تنح عنهم متواريا ف مكان‬
‫قريب ‪ ،‬لتنظر فيما يرجع به بعضهم إل بعض ويرددونه من قول ‪.‬‬
‫‪ -29‬وصل الكتاب إليها فجمعت أشراف قومها ‪ ،‬وذوى شوراها ‪ ،‬وقالت ‪ :‬يا أيها‬
‫الل إن قد وصل إلّ كتاب عظيم الشأن ‪.‬‬
‫‪ -30‬ث تلت الكتاب عليهم قائلة ‪ :‬إنه من سليمان وإنه مفتتح باسم ال ذى اللل‬
‫والنعام الذى يفيض برحته دائما على خلقه ‪.‬‬
‫‪ -31‬ل تتكبوا عل ّى وأتون منقادين خاضعي ‪.‬‬

‫شهَدُونِ (‪ )32‬قَالُوا‬
‫ت قَا ِطعَ ًة َأمْرًا حَتّى َت ْ‬
‫ت يَا أَّيهَا الْمَ َلُأ َأفْتُونِي فِي أَ ْمرِي مَا كُ ْن ُ‬
‫قَالَ ْ‬
‫ت إِنّ‬
‫ك فَانْ ُظرِي مَاذَا تَ ْأ ُمرِينَ (‪ )33‬قَالَ ْ‬
‫س َشدِي ٍد وَاْلأَ ْم ُر ِإلَيْ ِ‬
‫ح ُن أُولُو ُق ّوةٍ وَأُولُو َبأْ ٍ‬
‫نَ ْ‬
‫سدُوهَا َوجَعَلُوا أَ ِع ّز َة َأهْلِهَا َأذِّلةً وَكَ َذِلكَ َي ْفعَلُونَ (‪َ )34‬وِإنّي‬
‫الْمُلُوكَ ِإذَا دَخَلُوا َق ْرَيةً َأ ْف َ‬
‫ُمرْسِ َلةٌ ِإلَ ْي ِهمْ ِب َه ِديّ ٍة فَنَا ِظ َرةٌ بِ َم َيرْجِ ُع الْ ُم ْرسَلُونَ (‪ )35‬فَلَمّا جَا َء سُلَيْمَا َن قَا َل َأتُ ِمدّوَننِ‬
‫بِمَا ٍل فَمَا َآتَانِ َي اللّ ُه خَ ْيرٌ مِمّا َآتَا ُك ْم َبلْ َأنُْتمْ ِب َه ِديّتِ ُكمْ تَ ْف َرحُونَ (‪ )36‬ا ْرجِ ْع ِإلَ ْيهِمْ‬
‫خ ِرجَّن ُهمْ مِ ْنهَا َأ ِذّلةً َو ُهمْ صَا ِغرُونَ (‪)37‬‬
‫فَلََنأْتِيَّن ُه ْم بِجُنُودٍ لَا قَِبلَ َل ُهمْ ِبهَا وَلَنُ ْ‬

‫‪ -32‬قالت لجلس شوراها ‪ :‬بينوا ل الصواب ف هذا المر الطي الذى عرض ل ‪،‬‬
‫فإن ل أبت ف أمر حت يكون بحضركم ‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫‪ -33‬قالوا مطمئني لا ‪ :‬نن أصحاب قوة بدنية وأهل ندة وشجاعة ‪ ،‬ل ناف‬
‫الرب ‪ ،‬فانظرى ف المر الذى تأمريننا به ‪ ،‬فإنا مطيعون ‪.‬‬
‫‪ -34‬قالت متريثة مسالة ‪ :‬إن اللوك إذا دخلوا مدينة عظيمة بيوشهم أفسدوها ‪،‬‬
‫فأذهبوا عمرانا ‪ ،‬وأبادوا الرث والنسل ‪ ،‬وأفعالم كذلك دائما ‪.‬‬
‫‪ -35‬وإن ‪ -‬إيثارا للسلم والعافية ‪ -‬مرسلة إل سليمان وقومه بدية ‪ ،‬ومنتظرة ما‬
‫يرجع به الرسل ‪ ،‬بقبول الدية أم بردها ‪.‬‬
‫‪ -36‬وصل الرسل إل سيدنا سليمان بالدية ‪ ،‬فقال لم شاعرا بأنعم ال تعال عليه ‪،‬‬
‫ماطبا لا ولقومها ف مواجهة رسلها ‪ :‬أتعطونن مال؟! فما أعطان ال من النبوة‬
‫واللك والنعمة أعظم ما آتاكم ‪ ،‬بل أنتم بديتكم وكثرة أموالكم تفرحون ل مثلى ‪،‬‬
‫لنكم ل تعلمون إل ما يتعلق بالدنيا ‪.‬‬
‫‪ -37‬وقال ياطب التكلم باسهم ‪ :‬ارجع ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬إليهم ‪ ،‬فوال لنأتينّهم‬
‫بنود ل طاقة لم بقاومتها ومقابلتها ‪ ،‬ولنخرجنهم من سبأ فاقدى العز ‪ ،‬وهم‬
‫مستعبدون ‪.‬‬

‫قَا َل يَا َأّيهَا الْمَ َلأُ َأّيكُ ْم َي ْأتِينِي ِبعَ ْر ِشهَا قَ ْبلَ أَنْ َي ْأتُونِي ُمسْلِ ِميَ (‪ )38‬قَالَ ِعفْريتٌ ِمنَ‬
‫ي َأمِيٌ (‪ )39‬قَا َل الّذِي عِ ْن َدهُ‬
‫جنّ َأنَا َآتِيكَ ِبهِ قَ ْبلَ أَ ْن َتقُومَ مِ ْن َمقَا ِمكَ َوِإنّي عَلَ ْي ِه َلقَوِ ّ‬
‫الْ ِ‬
‫ك فَلَمّا رَ َآ ُه ُمسَْت ِقرّا عِ ْن َد ُه قَا َل َهذَا‬
‫عِ ْل ٌم ِمنَ اْلكِتَابِ أَنَا َآتِيكَ ِب ِه قَ ْبلَ أَ ْن َي ْرَتدّ ِإلَ ْيكَ َط ْرفُ َ‬
‫س ِه وَ َمنْ َك َفرَ َفإِنّ َربّي‬
‫ضلِ َربّي لِيَبْ ُل َونِي َأأَ ْش ُكرُ أَ ْم أَ ْك ُف ُر وَ َم ْن شَ َك َر َفإِنّمَا َيشْ ُك ُر لَِنفْ ِ‬
‫ِمنْ فَ ْ‬
‫غَِنيّ َكرِيٌ (‪ )40‬قَا َل نَ ّكرُوا َلهَا َع ْر َشهَا نَنْ ُظ ْر َأَتهْتَدِي أَ ْم َتكُو ُن ِمنَ اّلذِي َن لَا َيهَْتدُونَ (‬
‫ك قَالَتْ َكَأّنهُ ُه َو وَأُوتِينَا اْلعِلْ َم ِمنْ قَبْ ِلهَا وَكُنّا‬
‫ت قِيلَ َأ َهكَذَا َع ْرشُ ِ‬
‫‪ )41‬فَلَمّا جَا َء ْ‬
‫ص ّدهَا مَا كَانَتْ َتعُْبدُ مِ ْن دُونِ ال ّل ِه ِإنّهَا كَانَتْ ِم ْن َقوْمٍ كَا ِفرِينَ (‪)43‬‬
‫ُمسْلِمِيَ (‪ )42‬وَ َ‬

‫‪ -38‬اته سليمان إل الستعانة بن سخرهم ال له من النس والن ‪ ،‬ليفاجئها بأمر‬


‫غريب ‪ ،‬فقال ‪ :‬أيكم يأتين بعرشها العظيم قبل أن يأتون خاضعي منقادين؟‬
‫‪ -39‬قال مارد من الن ‪ :‬أنا آتيك به وأنت ف ملسك هذا قبل أن تقوم منه ‪ ،‬وإن‬
‫لقادر أمي ف قول وفعلى ‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫‪ -40‬قال الذى آتاه ال قوة روحية وعلما من الكتاب ‪ :‬أنا آتيك بذا العرش قبل أن‬
‫ترك أجفانك ‪ .‬وقد نفذ ما قال ‪ .‬فلما رأى سليمان العرش ثابتا عنده غي مضطرب‬
‫قال ‪ :‬هذا من فضل ال الذى خلقن وأمدن بيه ليختبن أأشكر هذه النعمة أم ل‬
‫أؤدى حقها؟ ومن شكر ال فإنا يط عن نفسه عبء الواجب ‪ ،‬ومن يترك الشكر‬
‫على النعمة فإن رب غن عن الشكر ‪ ،‬كري بالنعام ‪.‬‬
‫‪ -41‬قال سليمان لاشيته ‪ :‬اخفوا عنها العرش ببعض التغيي ف مظاهره لنرى أتعرفه‬
‫مهتدية إليه أم ل تعرفه فل تتدى إليه؟‬
‫‪ -42‬فلما أقبلت وجهت نظرها إل عرشها ‪ ،‬فقيل لا ‪ :‬أهذا مثل عرشك؟ فقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬لكمال التشابه ‪ -‬كأنه هو ‪ .‬وقال سليمان ومن معه ‪ :‬أوتينا العلم بال وبقدرته‬
‫وبصحة ما جاء من عنده مثل علمها وكنا قوما منقادين ل ملصي العبادة له ‪.‬‬
‫‪ -43‬وصرفها عن عبادة ال ما كانت تعبده من آلة غي ال تعال من شس ونوها ‪،‬‬
‫إنا كانت من قوم كافرين ‪.‬‬

‫ح مُ َم ّردٌ‬
‫صرْ ٌ‬
‫شفَتْ َعنْ سَاقَ ْيهَا قَا َل ِإّنهُ َ‬
‫ج ًة وَ َك َ‬
‫صرْحَ فَلَمّا َرأَْت ُه َحسِبَتْ ُه لُ ّ‬
‫قِيلَ َلهَا ا ْدخُلِي ال ّ‬
‫ب الْعَالَمِيَ (‪)44‬‬
‫ت مَعَ سُلَيْمَانَ لِ ّلهِ َر ّ‬
‫ت َن ْفسِي َوأَسْلَمْ ُ‬
‫ب ِإنّي ظَ َلمْ ُ‬
‫ِمنْ َقوَارِي َر قَالَتْ َر ّ‬
‫صمُونَ (‪)45‬‬
‫وََل َقدْ أَ ْرسَلْنَا إِلَى ثَمُو َد َأخَا ُهمْ صَالِحًا أَنِ اعُْبدُوا ال ّلهَ َفِإذَا ُهمْ َفرِيقَا ِن يَخْتَ ِ‬
‫حسََن ِة َلوْلَا َتسَْت ْغ ِفرُو َن ال ّلهَ َلعَ ّلكُ ْم ُترْحَمُونَ (‬
‫قَا َل يَا َقوْ ِم ِلمَ َتسَْتعْجِلُو َن بِالسّيَّئ ِة قَ ْبلَ الْ َ‬
‫ك قَالَ طَاِئرُ ُكمْ عِ ْندَ ال ّل ِه َبلْ َأنُْتمْ َقوْ ٌم ُتفْتَنُونَ (‪)47‬‬
‫ك وَبِ َم ْن َمعَ َ‬
‫‪ )46‬قَالُوا اطّّي ْرنَا ِب َ‬
‫ض َولَا يُصْ ِلحُونَ (‪ )48‬قَالُوا تَقَاسَمُوا‬
‫سدُونَ فِي الْأَرْ ِ‬
‫ط ُيفْ ِ‬
‫وَكَانَ فِي الْ َمدِيَنةِ ِتسْ َعةُ َرهْ ٍ‬
‫بِال ّلهِ لَنُبَيّتَّنهُ َوَأهْلَ ُه ُثمّ لََنقُولَ ّن ِلوَلِّي ِه مَا َش ِهدْنَا َمهْ ِلكَ أَهْ ِل ِه وَِإنّا لَصَا ِدقُونَ (‪َ )49‬ومَ َكرُوا‬
‫ش ُعرُونَ (‪)50‬‬
‫مَ ْكرًا َو َمكَ ْرنَا َم ْكرًا َوهُ ْم لَا َي ْ‬

‫‪ -44‬قيل لا من بعد ذلك ‪ :‬ادخلى قصر سليمان ‪ ،‬وكان صحنه من زجاج تته ماء‬
‫يسبح فيه السمك ‪ ،‬فكشفت عن ساقيها تسب ما تر فيه ماء ‪ ،‬فنبهها سليمان إل أن‬
‫الصحن أملس مكون من زجاج ‪ ،‬فراعها ذلك النظر الادى ‪ ،‬وعلمت أن ملكها ل‬
‫يساوى شيئا بوار ملك سليمان ‪ -‬النب ‪ -‬فقالت ‪ :‬رب إن ظلمت نفسى باغترارى‬

‫‪172‬‬
‫بلكى وكفرى ‪ ،‬وأذعنت ف صحبة سليمان مؤمنة بال تعال خالق العالي ومربيهم‬
‫والقائم عليهم ‪.‬‬
‫‪ -45‬ولقد بعثنا إل ثود أخاهم صالا بأن وحّدوا ال ‪ ،‬فسارعوا إل الختصام‬
‫والختلف ‪ ،‬وصاروا فريقي ‪ :‬أحدها مؤمن والخر كافر ‪.‬‬
‫‪ -46‬قال صال ناصحا لم ‪ :‬يا قوم ل تستعجلون بالعذاب الذى توعدون قبل‬
‫التوبة ‪ ،‬هل تطلبون الغفرة من ربكم وتؤمنون به رجاء أن ترحوا؟!‬
‫‪ -47‬وقالوا ‪ :‬تشاءمنا بك أنت ومن معك وأصابنا القحط ‪ ،‬قال ‪ :‬أسباب الي‬
‫والشر الذى نزل بكم إنا كان من عند ال ‪ .‬بل أنتم قوم تتبون بالسراء والضراء ‪،‬‬
‫لعلكم تؤمنون ‪.‬‬
‫‪ -48‬وكان زعماء الشر فيهم تسعة ‪ ،‬يفسدون بآرائهم ودعايتهم ف الرض ‪ ،‬وليس‬
‫من شأنم عمل الصال ‪.‬‬
‫‪ -49‬قال أولئك الشركون بعضهم لبعض ‪ :‬تبادلوا القسم بال لنغين عليه هو وأهله‬
‫ونقتلهم ‪ ،‬ث نقول لول دمه ‪ :‬ما شهدنا هلكه ولهلك أهله ‪ ،‬وإنا لصادقون فيما‬
‫ذكرنا ‪.‬‬
‫‪ -50‬دبّروا الفتك بصال وأهله ‪ ،‬وال من ورائهم قد دبّر النجاة لنبيه وأهله واللك‬
‫لم وهم ل يشعرون بتدبي ال ‪.‬‬

‫فَانْ ُظرْ كَيْفَ كَانَ عَاقَِب ُة مَ ْك ِرهِ ْم َأنّا َد ّمرْنَاهُ ْم َوقَ ْو َمهُ ْم َأجْ َمعِيَ (‪ )51‬فَتِ ْلكَ بُيُوتُ ُه ْم خَا ِويَةً‬
‫ك َلآََي ًة لِ َقوْ ٍم َيعْلَمُونَ (‪َ )52‬وَأنْجَيْنَا اّلذِينَ َآمَنُوا وَكَانُوا يَّتقُونَ (‬
‫بِمَا ظَلَمُوا إِ ّن فِي َذلِ َ‬
‫صرُونَ (‪َ )54‬أئِنّ ُكمْ لََت ْأتُونَ الرّجَالَ‬
‫‪ )53‬وَلُوطًا ِإذْ قَالَ ِل َقوْ ِمهِ أََت ْأتُو َن اْلفَا ِحشَ َة َوأَنُْتمْ تُبْ ِ‬
‫جهَلُونَ (‪ )55‬فَمَا كَا َن َجوَابَ َق ْو ِمهِ ِإلّا أَ ْن قَالُوا‬
‫شَ ْه َوةً مِ ْن دُونِ الّنسَا ِء َبلْ أَنُْت ْم َقوْمٌ تَ ْ‬
‫ط ِمنْ َق ْريَتِ ُك ْم ِإنّ ُهمْ أُنَاسٌ يَتَ َطهّرُونَ (‪َ )56‬فَأنْجَيْنَاهُ وََأهْ َلهُ ِإلّا ا ْم َرأََتهُ‬
‫أَ ْخ ِرجُوا َآلَ لُو ٍ‬
‫َقدّرْنَاهَا ِمنَ اْلغَاِبرِينَ (‪ )57‬وََأمْ َط ْرنَا عَلَ ْي ِه ْم مَ َطرًا َفسَا َء مَ َط ُر الْمُ ْنذَرِينَ (‪)58‬‬

‫‪ -51‬فانظر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬إل عاقبة تدبيهم وتدبينا لنبينا أنا أهلكناهم وقومهم‬
‫أجعي ‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫‪ -52‬فانظر إل آثارهم تد بيوتم ساقطة متهدمة بسبب ظلمهم وكفرهم وإرادتم‬
‫الشر لنبيهم ‪ .‬إن فيما ُفعِل بثمود لية لقوم يعلمون قدرتنا فيتعظون ‪.‬‬
‫‪ -53‬وأنينا الفريق الؤمن بصال من هذا اللك وكانوا يتقون ترك أوامره ‪.‬‬
‫‪ -54‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لوطا وخبه مع قومه الفاسقي الشاذين إذ قال لم ‪:‬‬
‫أتأتون هذا الذنب البالغ أقصى درجات الفحش والشذوذ ‪ ،‬وأنتم تبصرون وتنظرون‬
‫الشر الذى استمرأتوه؟‬
‫‪ -55‬أيسوغ ف نظر العقل والفطرة أن تأتوا الرجال بشهواتكم وتتركوا النساء؟ بل‬
‫أنتم قوم قد أصابكم المق والهل الطبق حت صرت ل تيزون بي البيث والطيب ‪.‬‬
‫‪ -56‬فما كان رد قومه عليه حي ناهم إل قولم ‪ :‬أخرجوا لوطا وأتباعه من هذه‬
‫القرية لنم يتنهون عن مشاركتنا فيما نفعل ‪.‬‬
‫‪ -57‬فخلصناه هو وأهله من العذاب الذى سيقع بالقوم إل امرأته ‪ ،‬قدر ال أن تكون‬
‫من الباقي حت تلك بالعذاب مع الكافرين ‪.‬‬
‫‪ -58‬وأمطرنا على هؤلء الفسدين مطر عذاب ونقمة ‪ ،‬فكان مطرا سيئا مُهلكا لن‬
‫أُنذروا بالعذاب الليم ول يذعنوا ‪.‬‬

‫شرِكُونَ (‪ )59‬أَ ْم َمنْ‬


‫ُقلِ الْحَ ْم ُد لِ ّل ِه وَسَلَامٌ عَلَى عِبَا ِد ِه الّذِينَ اصْ َطفَى آَل ّل ُه خَيْ ٌر َأمّا ُي ْ‬
‫ج ٍة مَا‬
‫ض َوَأنْ َزلَ َل ُكمْ ِم َن السّمَاءِ مَا ًء َفَأنْبَتْنَا ِب ِه َحدَاِئقَ ذَاتَ َبهْ َ‬
‫خَ َلقَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ َ‬
‫ج َرهَا َأئِلَ ٌه مَ َع ال ّلهِ َب ْل ُهمْ َقوْ ٌم َي ْعدِلُونَ (‪ )60‬أَ ْم َم ْن َجعَ َل الْأَرْضَ‬
‫كَا َن لَ ُك ْم أَ ْن تُنْبِتُوا شَ َ‬
‫ح َريْ ِن حَا ِجزًا َأئِ َلهٌ مَ َع ال ّلهِ‬
‫َقرَارًا وَ َج َعلَ خِلَاَلهَا َأنْهَارًا َو َجعَ َل َلهَا َروَاسِ َي وَ َج َعلَ بَ ْي َن الْبَ ْ‬
‫ب الْمُضْ َط ّر ِإذَا دَعَاهُ وََي ْكشِفُ السّوءَ‬
‫َبلْ أَكَْث ُر ُهمْ لَا يَعْلَمُونَ (‪ )61‬أَ ْم َمنْ يُجِي ُ‬
‫ض َأئِ َلهٌ َمعَ ال ّل ِه قَلِيلًا مَا َتذَ ّكرُونَ (‪ )62‬أَ ْم َمنْ َي ْهدِي ُكمْ فِي‬
‫جعَ ُل ُكمْ خُ َلفَا َء الْأَرْ ِ‬
‫وَيَ ْ‬
‫شرًا بَ ْينَ َيدَيْ َرحْمَِتهِ أَئِ َل ٌه مَ َع اللّ ِه َتعَالَى ال ّلهُ‬
‫ح ُب ْ‬
‫ح ِر َو َمنْ ُي ْر ِسلُ الرّيَا َ‬
‫ت الْبَ ّر وَالْبَ ْ‬
‫ظُ ُلمَا ِ‬
‫شرِكُونَ (‪)63‬‬
‫عَمّا ُي ْ‬

‫‪ -59‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬إن أحد ال وأثن عليه ‪ -‬وحده ‪ -‬وأسأل ال سلما‬
‫وتية لعباده الذين اختارهم لداء رسالته ‪ ،‬وقل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬للمشركي ‪ :‬هل‬

‫‪174‬‬
‫توحيد ال خي لن آمن ‪ ،‬أم عبادة الصنام الت أشركتم با وهى ل تلك ضرا ول‬
‫نفعا؟!‬
‫‪ -60‬بل اسألم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬عمّن خلق السموات والرض وما فيهما ‪ ،‬وأنزل‬
‫لجلكم من السماء غيثا نافعا ‪ ،‬فأنبت به بساتي ذات حُسن وباء ما أمكن لكم أن‬
‫تنبتوا شجرها الختلف النواع واللوان والثمار ‪ .‬هذا التناسق ف اللق يثبت أن ليس‬
‫مع ال إله ‪ ،‬ولكن الكفار قوم يعدلون عن الق واليان وييلون للباطل والشرك ‪.‬‬
‫‪ -61‬بل اسألم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬عمّن مهّد الرض للقامة فيها والستقرار عليها ‪،‬‬
‫وخلق وسطها أنارا ‪ ،‬وخلق عليها جبال تنعها من اليل ‪ ،‬وجعل بي الاء العذب والاء‬
‫اللح فاصل ينع امتزاج أحدها بالخر!! ليس هناك إله مع ال فهو الالق ‪ -‬وحده ‪-‬‬
‫لكن أكثر الناس ل ينتفعون بالعلم الق على وجهه وكأنم ل يعلمون ‪.‬‬
‫‪ -62‬بل اسألم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬عمّن ييب الضطر ‪ -‬ف دعائه ‪ -‬إذا أحوجته‬
‫الشدة فلجأ إل ال ف ضراعة وخشوع ‪ ،‬ويدفع عن النسان ما يعتريه من مكروه ‪،‬‬
‫ويعلكم خلفاء لن سبقكم ف الرض؟ ‪ .‬ليس هناك إله مع ال الانح لذه النعم ‪،‬‬
‫ولكنكم أيها الكافرون قلّما تتعظون ‪.‬‬
‫‪ -63‬بل اسألم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬عمّن يرشدهم إل السي ف ظلم الليل برا وبرا ‪،‬‬
‫وعمن يبعث الرياح مبشرة بطر هو رحة من ال!؟ أهناك إله مع ال تعال يصنع‬
‫ذلك؟! تنه ال سبحانه عن أن يكون له شريك ‪.‬‬

‫ض أَئِ َل ٌه مَ َع ال ّلهِ ُق ْل هَاتُوا‬


‫أَ ْم َمنْ يَ ْب َدأُ الْخَ ْل َق ُث ّم يُعِي ُد ُه وَ َم ْن َيرْ ُزقُ ُكمْ ِم َن السّمَاءِ وَاْلأَرْ ِ‬
‫ب ِإلّا اللّهُ‬
‫ض اْلغَيْ َ‬
‫ُبرْهَانَ ُكمْ إِنْ كُ ْنُتمْ صَادِقِيَ (‪ُ )64‬ق ْل لَا َيعْ َلمُ َم ْن فِي السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬
‫ك مِ ْنهَا َبلْ‬
‫وَمَا َيشْ ُعرُونَ َأيّا َن يُ ْبعَثُونَ (‪َ )65‬بلِ ادّارَكَ عِ ْل ُمهُ ْم فِي اْلآَ ِخ َر ِة َبلْ ُهمْ فِي شَ ّ‬
‫خ َرجُونَ (‪)67‬‬
‫هُ ْم مِ ْنهَا عَمُونَ (‪َ )66‬وقَالَ اّلذِينَ َك َفرُوا َأئِذَا كُنّا ُترَابًا وَ َآبَا ُؤنَا َأئِنّا لَ ُم ْ‬
‫ي الَْأ ّولِيَ (‪ُ )68‬ق ْل سِيُوا فِي‬
‫ح ُن وَ َآبَا ُؤنَا ِمنْ قَ ْبلُ إِ ْن َهذَا ِإلّا َأسَاطِ ُ‬
‫َلقَ ْد وُ ِع ْدنَا َهذَا نَ ْ‬
‫ج ِرمِيَ (‪)69‬‬
‫ض فَانْ ُظرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقَِبةُ الْ ُم ْ‬
‫الْأَرْ ِ‬

‫‪175‬‬
‫‪ -64‬بل اسألم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬عمن ينشئ اللق ابتداء ‪ ،‬ث يوجده بعد فنائه كما‬
‫كان؟ ومن الذى ينل لكم الرزق من السماء ويرجه من الرض؟ ‪ .‬ليس هناك إله مع‬
‫ال يفعل ذلك ‪ .‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬موبا لم ومنكرا عليهم ‪ :‬إن كان لكم إله‬
‫سوى ال فأقيموا لنا حجة على ذلك إن كنتم تزعمون أنكم صادقون ‪ ،‬ولن يتأتى لكم‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫‪ -65‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬إن مَن تَفرّد بفعل هذا كله قد تفرد ‪ -‬سبحانه ‪ -‬بعلم‬
‫ما ف السموات والرض من أمور الغيب ‪ ،‬وهو ال ‪ -‬وحده ‪ -‬وما يعلم الناس أى‬
‫وقت يبعثون فيه من قبورهم للحساب والزاء ‪.‬‬
‫‪ -66‬تلحق علمهم ف الخرة من جهل با إل شك فيها ‪ ،‬وهم ف عماية عن إدراك‬
‫الق ف أى شئ من أمرها لن الغواية أفسدت إدراكهم ‪.‬‬
‫‪ -67‬وقال الكافرون منكرين للبعث ‪ :‬أئذا صرنا ترابا وبليت أجسامنا وأجسام آبائنا‬
‫السابقي هل نعاد ونرج إل الياة من جديد؟!‬
‫‪ -68‬لقد وعدنا ممد بذا البعث كما وعد الرسل السابقون آباءنا ‪ ،‬ولو كان حقا‬
‫لصل ‪ ،‬وليس هذا إل من أكاذيب السابقي ‪.‬‬
‫‪ -69‬قل لم ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬تولوا ف الدنيا وانظروا آثار ما حل بالكذبي من‬
‫عذاب ال لعلكم تعتبون بذا ‪ ،‬وتشون ما وراءه من عذاب الخرة ‪.‬‬

‫ض ْيقٍ مِمّا يَ ْم ُكرُونَ (‪َ )70‬وَيقُولُو َن مَتَى هَذَا اْلوَ ْعدُ إِنْ‬
‫حزَنْ عَلَ ْي ِه ْم َولَا تَ ُك ْن فِي َ‬
‫وَلَا تَ ْ‬
‫ف َل ُكمْ َبعْضُ اّلذِي َتسْتَعْجِلُونَ (‪َ )72‬وإِنّ‬
‫كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪ُ )71‬قلْ َعسَى أَ ْن َيكُونَ َردِ َ‬
‫س َولَ ِكنّ أَكَْث َر ُهمْ لَا َيشْ ُكرُونَ (‪َ )73‬وإِنّ َرّبكَ لََيعْ َلمُ مَا تُ ِكنّ‬
‫ضلٍ عَلَى النّا ِ‬
‫َرّبكَ َلذُو فَ ْ‬
‫ض ِإلّا فِي كِتَابٍ مُبِيٍ (‬
‫صدُو ُرهُ ْم َومَا ُيعْلِنُونَ (‪َ )74‬ومَا ِمنْ غَائَِبةٍ فِي السّمَا ِء وَالْأَرْ ِ‬
‫ُ‬
‫‪ )75‬إِ ّن هَذَا اْل ُقرْآَ َن َيقُصّ عَلَى بَنِي ِإسْرَائِي َل أَكَْث َر الّذِي ُهمْ فِي ِه يَخْتَ ِلفُونَ (‪)76‬‬

‫‪ -70‬ل تزن ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬على الكافرين الذين ل يتبعوك ‪ ،‬فإنا عليك البلغ ‪،‬‬
‫ول يكن ف صدرك حرج من مكرهم وكيدهم ‪ ،‬فإن ال ناصرك عليهم ‪.‬‬
‫‪ -71‬ويبالغ الكافرون ف التكذيب ‪ ،‬فيستعجلون العذاب قائلي ‪ :‬مت يي موعد‬

‫‪176‬‬
‫العذاب الذى هددتونا به إن كنتم صادقي ف أن العذاب نازل بالكذبي؟!‬
‫‪ -72‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬لعله أن يكون قد لق بكم وقرب منكم بعض ما‬
‫تستعجلونه من العذاب ‪.‬‬
‫‪ -73‬وإن ال ربك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لصاحب إنعام وإحسان على الناس كافة ‪ ،‬ومن‬
‫رحته تأخي العقوبة على الكذبي ‪ ،‬ولكن أكثر الناس ل يدركون فضل ال ول‬
‫يشكرونه ‪.‬‬
‫‪ -74‬وإن ال ربك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لعليم بكل ما يسرون وما يعلنون من القوال‬
‫والفعال النكرة ‪ ،‬ومازيهم عليها ‪.‬‬
‫ض ُؤلَتْ ف السموات أو ف الرض إل علمها‬
‫‪ -75‬وما من خافية غائبة مهما صغرت و َ‬
‫ال وأحصاها ف كتاب حق عنده ‪.‬‬
‫‪ -76‬إن هذا الكتاب ‪ -‬الذى أنزل على ممد ‪ -‬يبي لبن إسرائيل حقيقة ما جاء ف‬
‫التوراة من عقائد وأحكام وقصص ‪ ،‬ويردهم إل الصواب فيما اختلفوا فيه ‪.‬‬

‫حكْ ِم ِه َوهُ َو الْ َعزِيزُ اْلعَلِيمُ (‬


‫ك َيقْضِي بَيَْن ُهمْ بِ ُ‬
‫وَِإّنهُ َل ُهدًى وَ َرحْ َم ٌة لِلْ ُم ْؤمِنِيَ (‪ )77‬إِنّ َربّ َ‬
‫ح ّق الْمُبِيِ (‪ِ )79‬إّنكَ لَا ُتسْمِ ُع الْ َموْتَى َولَا ُتسْ ِمعُ‬
‫‪ )78‬فََتوَ ّكلْ َعلَى ال ّلهِ ِإّنكَ عَلَى الْ َ‬
‫ت ِبهَادِي الْعُ ْميِ َعنْ ضَلَالَِت ِهمْ إِ ْن ُتسْمِ ُع ِإلّا‬
‫الصّ ّم الدّعَا َء ِإذَا وَّلوْا ُم ْدبِرِينَ (‪َ )80‬ومَا َأنْ َ‬
‫َمنْ ُي ْؤمِ ُن ِبآَيَاتِنَا َف ُهمْ ُمسْلِمُونَ (‪َ )81‬وِإذَا َوقَ َع الْ َقوْلُ عَلَ ْي ِه ْم َأخْ َرجْنَا َل ُهمْ دَاّبةً ِمنَ‬
‫ض ُتكَلّ ُم ُهمْ أَ ّن النّاسَ كَانُوا ِب َآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (‪)82‬‬
‫الْأَرْ ِ‬

‫‪ -77‬وإن هذا الكتاب لداية من الضلل ورحة من العذاب لميع من آمن به ‪.‬‬
‫‪ -78‬إن ربك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬يفصل بي الناس جيعا يوم القيامة بعدله ‪ ،‬وهو‬
‫الغالب فل يرد قضاؤه ‪ ،‬العليم فل يلتبس لديه حق بباطل ‪.‬‬
‫‪ -79‬ففوض أمرك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬إل ال ‪ ،‬وثابر بدعوتك واثقا بنصره ‪ ،‬لنك‬
‫على الق الواضح ‪ ،‬ول يضرك إعراض الكافرين عنك ‪.‬‬
‫‪ -80‬إنك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ل تستطيع هدايتهم فإنم كالوتى ف عدم الوعى ‪،‬‬
‫وكالصم ف فقدان أداة السمع ‪ ،‬فليسوا مستعدين لسماع دعوتك لتماديهم ف‬

‫‪177‬‬
‫العراض عنك ‪.‬‬
‫‪ -81‬ولست بستطيع أن تدى إل الق من عميت أبصارهم وبصائرهم ‪ ،‬ول يكنك‬
‫أن تُسمع إل من يقبل على اليان بآياتنا ‪ ،‬فهم مطيعون مستجيبون ‪.‬‬
‫‪ -82‬وإذا قرب أن يتحقق وعد ال بقيام الساعة ‪ ،‬وأن يقع العذاب على الكافرين‬
‫أخرج ال للناس دابة من الرض تقول لم من جلة ما تقول ‪ :‬إن الكفار كانوا‬
‫بعجزاتنا كلها وباليوم الخر ل يؤمنون ‪ ،‬وقد تقق الن ما كانوا به يكذبون ‪ .‬وها‬
‫هو ذا هول الساعة وما وراءها ‪.‬‬

‫ش ُر ِمنْ ُك ّل ُأ ّمةٍ َف ْوجًا مِ ّم ْن يُ َك ّذبُ ِب َآيَاتِنَا َف ُه ْم يُوزَعُونَ (‪ )83‬حَتّى ِإذَا جَاءُوا‬


‫حُ‬‫وََيوْ َم نَ ْ‬
‫قَا َل أَ َكذّبُْت ْم ِبآَيَاتِي وََل ْم تُحِيطُوا ِبهَا عِلْمًا أَ ْم مَاذَا كُنُْت ْم َتعْمَلُونَ (‪ )84‬وَ َوقَ َع اْلقَ ْولُ‬
‫سكُنُوا فِيهِ وَالنّهَارَ‬
‫عَلَ ْي ِه ْم بِمَا ظَلَمُوا َفهُ ْم لَا يَنْ ِطقُونَ (‪َ )85‬ألَ ْم َيرَوْا أَنّا جَعَلْنَا اللّيْ َل لَِي ْ‬
‫ع َم ْن فِي‬
‫خ فِي الصّورِ فَ َفزِ َ‬
‫صرًا إِ ّن فِي َذِلكَ َل َآيَاتٍ لِ َقوْ ٍم ُيؤْمِنُونَ (‪ )86‬وََيوْ َم يُ ْنفَ ُ‬
‫مُبْ ِ‬
‫ض إِلّا َمنْ شَا َء اللّ ُه وَ ُك ّل أََت ْوهُ دَا ِخرِينَ (‪ )87‬وََترَى الْجِبَالَ‬
‫ت وَ َم ْن فِي اْلأَرْ ِ‬
‫السّمَاوَا ِ‬
‫ي بِمَا‬
‫حسَُبهَا جَامِ َد ًة وَ ِهيَ تَ ُم ّر َم ّر السّحَابِ صُنْعَ ال ّل ِه الّذِي َأتْ َقنَ ُك ّل شَيْ ٍء ِإّنهُ خَبِ ٌ‬
‫تَ ْ‬
‫َتفْعَلُونَ (‪)88‬‬

‫‪ -83‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬يوم نمع من كل أمة طائفة من الكذبي بآياتنا ‪ ،‬وهم‬
‫الزعماء التّبَعون فهم يساقون ف مقدمة أمهم إل الساب والزاء ‪.‬‬
‫‪ -84‬وحينما يقفون بي يدى ال للحساب يقول ‪ -‬سبحانه ‪ -‬لم تبكيتا وتعنيفا ‪ :‬قد‬
‫كذبتم بكل آياتى وأنكرتوها دون تدبر ول فهم ‪ .‬بل ماذا كنتم تعملون وأنتم ل‬
‫تلقوا عبثا؟‬
‫‪ -85‬وحل بم العذاب بسبب ظلمهم أنفسهم بالكفر ‪ ،‬فهم عاجزون عن الدفاع‬
‫والعتذار ‪.‬‬
‫‪ -86‬لقد شاهدوا أن ال جعل الليل ليستريوا فيه ‪ ،‬وجعل النهار مضيئا ليتصرفوا فيه‬
‫ويسعوا على معايشهم؛ إن ف ذلك لدللت واضحة على ألوهية ال ووحدانيته لقوم‬
‫يتدبرونا فيؤمنون ‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫‪ -87‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬يوم ينفخ إسرافيل ف البوق بإذن ال ‪ ،‬فيتعب من ف‬
‫السموات ومن ف الرض من هول النفخة إل من طمأنه ال وأعفاه من الفزع ‪ ،‬وكل‬
‫الخلوقات يأتون إل ربم صاغرين ‪.‬‬
‫‪ -88‬وترى ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬البال تظنها ثابتة ل تتحرك ‪ ،‬ولكنها ف واقع المر‬
‫تتحرك بسرعة كالسحاب ‪ ،‬وهذا من صنع ال الذى خلق كل شئ وأبدعه ‪ .‬إنه‬
‫سبحانه كامل العلم با يفعل الناس من طاعة ومعصية ‪ ،‬ومازيهم عليه ‪.‬‬

‫ع يَ ْومَِئذٍ َآمِنُونَ (‪َ )89‬و َمنْ جَا َء بِالسّيَّئةِ‬


‫حسََن ِة فَ َلهُ خَيْ ٌر مِ ْنهَا َو ُهمْ ِم ْن َفزَ ٍ‬
‫َمنْ جَا َء بِالْ َ‬
‫ت أَ ْن أَعُْبدَ‬
‫ج َزوْ َن ِإلّا مَا كُنُْتمْ َتعْمَلُونَ (‪ِ )90‬إنّمَا ُأ ِمرْ ُ‬
‫ت ُوجُو ُه ُهمْ فِي النّا ِر َهلْ تُ ْ‬
‫فَكُبّ ْ‬
‫ت أَ ْن أَكُو َن ِمنَ الْ ُمسْلِ ِميَ (‪ )91‬وَأَنْ‬
‫َربّ َه ِذ ِه الْبَلْ َد ِة الّذِي َحرّ َمهَا َوَلهُ ُك ّل َشيْ ٍء َوأُ ِمرْ ُ‬
‫ض ّل َفقُ ْل ِإنّمَا َأنَا ِم َن الْمُ ْنذِرِينَ (‪)92‬‬
‫سهِ َو َمنْ َ‬
‫َأتْلُ َو الْ ُقرْآَ َن فَ َم ِن اهَْتدَى َفِإنّمَا َيهَْتدِي لَِن ْف ِ‬

‫‪ -89‬كل من أتى بالسنة ف الدنيا وهى اليان والخلص ف الطاعة فله ف الخرة‬
‫الثواب العظم من أجل ما تقدم ‪ .‬وأصحاب هذه السنات آمنون من الوف والفزع‬
‫يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -90‬وكل من أتى ف الدنيا بالسيئة ‪ -‬وهى الشرك والعصية ‪ -‬ومات على ذلك‬
‫فجزاء هذا الفريق أن يكبهم ال على وجوههم ف النار يوم القيامة ويقال لم حينئذ ‪-‬‬
‫توبيخا ‪ -‬إنكم ل تزون اليوم إل بسبب شرككم ومعصيتكم ‪.‬‬
‫‪ -91‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬للناس ‪ :‬ما أمرت أن أعبد أحدا إل ال رب مكة الذى‬
‫كرمها ‪ ،‬فجعلها حرما آمنا ‪ ،‬ل يسفك فيها دم ‪ ،‬ول يصاد صيدها ‪ ،‬ول يقطع‬
‫شجرها ‪ .‬وله سبحانه كل ما ف الكون خلقا وملكا وأمرت أن أكون من الاضعي ل‬
‫‪.‬‬
‫‪ -92‬وأمرت أن أواظب على تلوة القرآن عبادة وتدبرا ودعوة إل ما فيه ‪ ،‬فمن‬
‫اهتدى وآمن به واتبعك فإنا خي ذلك وجزاؤه لنفسه ل لك ‪ ،‬ومن ضل عن الق ول‬
‫يتبعك فقل ‪ :‬إنا أنا رسول أنذر وأبلغ ‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫ك ِبغَا ِفلٍ عَمّا َتعْمَلُونَ (‪)93‬‬
‫َوقُ ِل الْحَ ْم ُد لِ ّلهِ سَُيرِي ُكمْ َآيَاِت ِه فََتعْ ِرفُوَنهَا َومَا َربّ َ‬

‫‪ -93‬وقل ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬المد ل على نعمة النبوة والداية ‪ ،‬سيكشف ال لكم‬
‫ف الدنيا عن آثار قدرته ‪ ،‬وف الخرة عن صدق ما أخبكم به فتعرفونا معرفة حق ‪،‬‬
‫وليس ال بعاجز عن حسابكم ول بغافل عن أعمالكم ‪.‬‬

‫حقّ‬
‫ك ِمنْ نََبِإ مُوسَى َو ِفرْ َعوْنَ بِالْ َ‬
‫طسم (‪ )1‬تِلْكَ َآيَاتُ اْلكِتَابِ الْمُِبيِ (‪ )2‬نَتْلُوا عَلَ ْي َ‬
‫ِلقَوْ ٍم ُي ْؤمِنُونَ (‪)3‬‬

‫‪ -1‬طسم ‪ :‬حروف صوتية سيقت لبيان أن القرآن العجز من هذه الروف الت‬
‫يتألف منها حديثكم ‪ ،‬ولتنبيه السامعي ‪.‬‬
‫‪ -2‬هذه اليات الت نوحيها إليك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬آيات القرآن البي الواضح ‪،‬‬
‫الظهر للحق من الباطل ‪ ،‬وللحلل من الرام ‪ ،‬والوعد بالثواب ‪ ،‬والوعيد بالعقاب ‪.‬‬
‫‪ -3‬نقُص عليك بعض أخبار موسى وفرعون بالصدق ‪ ،‬ليعتب با فيه الؤمنون ‪.‬‬

‫ح َأبْنَا َءهُمْ‬
‫ضعِفُ طَاِئ َفةً مِ ْن ُهمْ يُ َذبّ ُ‬
‫ض َو َجعَ َل َأهْلَهَا شِيَعًا َيسْتَ ْ‬
‫إِ ّن ِفرْ َعوْنَ عَلَا فِي الْأَرْ ِ‬
‫ض ِعفُوا فِي‬
‫سدِينَ (‪ )4‬وَُنرِيدُ أَ ْن نَ ُمنّ عَلَى الّذِينَ اسْتُ ْ‬
‫وََيسْتَحْيِي ِنسَا َءهُ ْم ِإنّهُ كَا َن ِمنَ الْ ُم ْف ِ‬
‫ض َوُنرِيَ ِفرْ َعوْنَ‬
‫جعَ َل ُهمُ اْلوَارِثِيَ (‪َ )5‬ونُ َم ّكنَ َل ُهمْ فِي اْلأَرْ ِ‬
‫جعَ َل ُهمْ َأئِ ّمةً وَنَ ْ‬
‫ض َونَ ْ‬
‫الْأَرْ ِ‬
‫ضعِيهِ َفِإذَا‬
‫حذَرُونَ (‪َ )6‬وَأوْحَيْنَا ِإلَى أُمّ مُوسَى أَ ْن أَرْ ِ‬
‫وَهَامَا َن َوجُنُو َدهُمَا مِ ْن ُهمْ مَا كَانُوا يَ ْ‬
‫ك َوجَاعِلُو ُه ِمنَ الْ ُم ْرسَلِيَ‬
‫ح َزنِي ِإنّا رَادّو ُه ِإلَيْ ِ‬
‫خِفْتِ عَلَ ْيهِ َفَأْلقِي ِه فِي الَْي ّم وَلَا تَخَافِي وَلَا تَ ْ‬
‫(‪ )7‬فَالَْتقَ َطهُ َآلُ ِفرْ َعوْ َن لَِيكُو َن َل ُهمْ َعدُوّا وَ َح َزنًا إِ ّن ِفرْ َعوْنَ وَهَامَا َن َوجُنُو َدهُمَا كَانُوا‬
‫خ َذهُ‬
‫ك لَا َتقْتُلُوهُ َعسَى أَ ْن يَ ْن َفعَنَا َأوْ نَتّ ِ‬
‫ت امْ َرَأةُ ِفرْ َعوْ َن ُق ّرةُ عَ ْي ٍن لِي َولَ َ‬
‫خَاطِِئيَ (‪َ )8‬وقَالَ ِ‬
‫وََلدًا َو ُهمْ لَا َيشْ ُعرُونَ (‪)9‬‬

‫‪ -4‬إن فرعون تعاظم ف نفسه ‪ ،‬وجاوز الد ف ظلمه ‪ ،‬واستكب ف أرض مصر ‪،‬‬
‫وصيّر أهلها فرقا ‪ ،‬يصطفى بعضها ويسخّر بعضها ‪ ،‬ويستضعف منهم بن إسرائيل ‪،‬‬
‫فيذبح الذكور من أولدهم ‪ ،‬ويستبقى الناث ‪ .‬إنه كان من السرفي ف الطغيان‬

‫‪180‬‬
‫والفساد ‪.‬‬
‫‪ -5‬وأراد ال أن يتفضّل على الذين استضعفهم فرعون ف الرض ‪ ،‬وأن يعلهم هداة‬
‫إل الي ‪ ،‬ويورثهم ملك الرض والسلطان ‪.‬‬
‫‪ -6‬ونُثّبتهم ف الرض ويتخذون فيها مكانا ‪ ،‬ونُثَبت لفرعون ووزيره هامان وجندها‬
‫ما كانوا يشونه من ذهاب ملكهم على يد مولود من بن إسرائيل ‪.‬‬
‫‪ -7‬وألم ال أمّ موسى ‪ -‬حينما خشيت عليه أن يذبه فرعون كما يذبح أبناء بن‬
‫إسرائيل ‪ -‬أن ترضعه مطمئنة عليه من قتل فرعون ‪ ،‬فإذا خشيت أن يعرف أمره‬
‫وضعته ف صندوق وألقته ف النيل غي خائفة ول مزونه ‪ ،‬فقد تكفل ال لا بفظه‬
‫وردّه إليها ‪ ،‬وأن يرسله إل بن إسرائيل ‪.‬‬
‫‪ -8‬فأخذه آل فرعون ليتحقق ما قدّره ال بأن يكون موسى رسول معاديا لم ‪ ،‬ومثيا‬
‫لزنم بنقد دينهم والطعن على ظلمهم ‪ .‬إن فرعون وهامان وأعوانما كانوا آثي‬
‫مسرفي ف الطغيان والفساد ‪.‬‬
‫‪ -9‬وقالت امرأة فرعون ‪ -‬حي رأته ‪ -‬لزوجها ‪ :‬هذا الطفل مبعث السرور ل ولك‬
‫‪ .‬نستبقيه ول نقتله رجاء أن ننتفع به ف تدبي شأننا أو نتبناه ‪ ،‬وهم ل يشعرون با قدر‬
‫ال ف شأنه ‪.‬‬

‫ت لَتُ ْبدِي ِب ِه َلوْلَا أَنْ َربَطْنَا عَلَى قَلِْبهَا لِتَكُو َن ِمنَ‬


‫ح ُفؤَا ُد أُ ّم مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَ ْ‬
‫وَأَصَْب َ‬
‫ب َو ُهمْ لَا َيشْ ُعرُونَ (‪)11‬‬
‫ت ِبهِ َعنْ جُنُ ٍ‬
‫صرَ ْ‬
‫ت ِلُأخْتِ ِه قُصّيهِ فَبَ ُ‬
‫الْمُ ْؤمِنِيَ (‪َ )10‬وقَالَ ْ‬
‫ت َي ْكفُلُوَنهُ َل ُكمْ َو ُهمْ َلهُ‬
‫وَ َح ّرمْنَا عَ َل ْيهِ الْ َمرَاضِ َع ِم ْن قَ ْبلُ َفقَالَتْ َه ْل َأدُّل ُكمْ عَلَى َأ ْهلِ بَيْ ٍ‬
‫حزَنَ وَلَِتعْ َلمَ أَ ّن وَ ْع َد ال ّلهِ َحقّ‬
‫نَاصِحُونَ (‪َ )12‬ف َر َددْنَاهُ إِلَى ُأ ّمهِ َكيْ َت َقرّ عَيُْنهَا َولَا َت ْ‬
‫وََل ِكنّ أَكَْث َر ُهمْ لَا َيعْلَمُونَ (‪َ )13‬ولَمّا بَلَ َغ أَ ُش ّد ُه وَاسَْتوَى َآتَيْنَا ُه حُكْمًا وَعِلْمًا وَ َك َذلِكَ‬
‫حسِنِيَ (‪)14‬‬
‫جزِي الْ ُم ْ‬
‫نَ ْ‬

‫‪ -10‬وصار قلب أم موسى خاليا من العقل لا دهها من الزع لوقوع ولدها ف يد‬
‫فرعون ‪ .‬إنا كادت تظهر أمره بأنه ولدها لول أن ثَبّت ال قلبها بالصب لعلنت أنه‬
‫ولدها شفقة عليه ‪ ،‬ولتكون ف ضمن الؤمني الطمئني ‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫‪ -11‬وقالت أمه لخته ‪ :‬تتبعى أثره لتعرف خبه ‪ ،‬فرأته عن بُعد وهى تتجنب ظهور‬
‫أمرها وفرعون وآله ل يدرون أنا أخته ‪.‬‬
‫‪ -12‬ومنع ال الطفل ‪ -‬موسى ‪ -‬أن يرضع ثديا لرضع قبل أن يرشدوا إل أمه ‪،‬‬
‫فاغتم آل فرعون ‪ ،‬وأههم ذلك ‪ ،‬فقالت لم أخته ‪ :‬أل أرشدكم إل أسرة تكفله‬
‫وتتعهده بالرضاع والتربية وهم له حافظون؟‬
‫‪ -13‬فقبلوا إرشادها ‪ ،‬وردّه ال إل أمه كى تطيب نفسها ‪ ،‬وتفرح بعودته إليها ‪ ،‬ول‬
‫تزن بفراقه ‪ ،‬ولتزداد علما بأن وعد ال بردّه لا حاصل ل يتخلف ‪ ،‬ولكن أكثر‬
‫الناس ل يعلمون عودة موسى إل أمه ‪ ،‬لفائه عليهم ‪.‬‬
‫‪ -14‬ولا بلغ موسى رشده واكتمل نضجه أعطاه ال الكمة والعلم ‪ ،‬ومثل ذلك‬
‫الحسان الذى أحسنا به إل موسى وأمه نكافئ الحسني على إحسانم ‪.‬‬

‫َودَ َخلَ الْ َمدِيَنةَ عَلَى حِيِ َغفْ َلةٍ ِم ْن أَهْ ِلهَا َف َوجَ َد فِيهَا َرجُلَيْ ِن َيقْتَتِلَانِ هَذَا مِ ْن شِيعَِتهِ َوهَذَا‬
‫ِمنْ َعدُ ّو ِه فَاسَْتغَاَثهُ اّلذِي مِ ْن شِيعَِتهِ َعلَى اّلذِي ِمنْ َع ُد ّوهِ َفوَ َك َزهُ مُوسَى َفقَضَى عَلَ ْي ِه قَالَ‬
‫ضلّ مُِبيٌ (‪ )15‬قَالَ َربّ ِإنّي ظَلَمْتُ نَ ْفسِي فَا ْغ ِفرْ لِي‬
‫هَذَا ِمنْ عَ َم ِل الشّيْطَا ِن ِإّنهُ َع ُد ّو مُ ِ‬
‫ب بِمَا َأنْعَمْتَ عَ َليّ فَ َل ْن أَكُونَ َظهِيًا‬
‫َفغَ َف َر لَ ُه ِإّنهُ ُهوَ اْل َغفُو ُر ال ّرحِيمُ (‪ )16‬قَالَ َر ّ‬
‫ص َرهُ بِالَْأمْسِ‬
‫ب َفِإذَا الّذِي اسْتَنْ َ‬
‫ح فِي الْ َمدِيَنةِ خَائِفًا يََت َرقّ ُ‬
‫ج ِرمِيَ (‪َ )17‬فأَصْبَ َ‬
‫لِلْمُ ْ‬
‫ش بِاّلذِي هُوَ َع ُدوّ‬
‫ي مُبِيٌ (‪ )18‬فَلَمّا أَنْ أَرَا َد أَ ْن يَبْطِ َ‬
‫ك َلغَوِ ّ‬
‫صرِ ُخهُ قَالَ َل ُه مُوسَى ِإنّ َ‬
‫َيسْتَ ْ‬
‫ت َن ْفسًا بِاْلَأمْسِ إِنْ ُترِيدُ ِإلّا أَ ْن َتكُونَ جَبّارًا‬
‫َلهُمَا قَالَ يَا مُوسَى َأُترِيدُ أَ ْن َتقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْ َ‬
‫حيَ (‪)19‬‬
‫فِي اْلأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَ ْن َتكُونَ ِم َن الْمُصْلِ ِ‬

‫‪ -15‬ودخل موسى الدينة ف وقت غفل فيه أهلها ‪ ،‬فوجد فيها رجلي يقتتلن ‪:‬‬
‫أحدها من بن إسرائيل ‪ ،‬والخر من قوم فرعون ‪ ،‬فاستعان به السرائيلى على خصمه‬
‫فأعانه موسى ‪ ،‬وضرب الصم بقبضة يده فقتله من غي قصد ‪ .‬ث أسف موسى ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬إ ّن إقدامى على هذا من عمل الشيطان ‪ .‬إن الشيطان لعدو ظاهر العداوة‬
‫واضح الضلل ‪.‬‬
‫‪ -16‬قال موسى متضرعا إل ال ف ندم ‪ :‬يا رب إن أسأت إل نفسى با فعلت ‪،‬‬

‫‪182‬‬
‫فاغفر ل فعلت ‪ .‬فأجاب ال دعوته وغفر له ‪ .‬إن ال هو العظيم الغفرة الواسع الرحة‬
‫‪.‬‬
‫‪ -17‬قال موسى متضرعا ‪ :‬يا رب بق إنعامك علىّ بالكمة والعلم وفقن للخي‬
‫والصواب ‪ ،‬فإذا وفقتن فلن أكون عونا للكافرين ‪.‬‬
‫‪ -18‬فأصبح موسى ف الدينة ‪ -‬مصر ‪ -‬فزعا ‪ ،‬يتوقع أن يصيبه الذى من القوم‬
‫بسبب قتله الصرى ‪ ،‬فوجد السرائيلي الذى طلب منه النصرة بالمس يستغيث به‬
‫ثانية على مصرى آخر ‪ ،‬فنهره موسى قائل له ‪ :‬إنك لشديد الغواية ظاهر الضلل ‪،‬‬
‫حيث عدت لثل ما فعلت بالمس ودعوتن مرة ثانية لنصرتك ‪.‬‬
‫‪ -19‬فلما هم موسى بالبطش بالصرى الذى هو عدو لما ‪ ،‬بسبب هذه العداوة ‪،‬‬
‫قال ‪ -‬وقد ظن أن موسى سيقتله ‪ : -‬أتريد أن تقتلن كما قتلت شخصا آخر بالمس‬
‫‪ .‬ما تريد إل أن تكون طاغية ف الرض ‪ ،‬وما تريد أن تكون من دعاة الصلح والي‬
‫‪.‬‬

‫ك لَِيقْتُلُوكَ‬
‫سعَى قَا َل يَا مُوسَى إِ ّن الْمَ َلَأ َيأْتَ ِمرُو َن بِ َ‬
‫وَجَاءَ َر ُجلٌ ِم ْن َأقْصَى الْ َمدِينَ ِة َي ْ‬
‫ب نَجّنِي ِمنَ‬
‫ب قَالَ َر ّ‬
‫ج مِ ْنهَا خَاِئفًا يََت َرقّ ُ‬
‫خرَ َ‬
‫حيَ (‪ )20‬فَ َ‬
‫ك ِمنَ النّاصِ ِ‬
‫ج إِنّي لَ َ‬
‫فَا ْخرُ ْ‬
‫الْ َقوْ ِم الظّالِمِيَ (‪َ )21‬ولَمّا تَ َوجّ َه تِ ْلقَا َء مَ ْدَينَ قَالَ َعسَى َربّي أَنْ يَ ْه ِديَنِي َسوَا َء السّبِيلِ (‬
‫سقُو َن َووَ َجدَ ِم ْن دُوِن ِهمُ ا ْمرَأتَ ْينِ‬
‫س َي ْ‬
‫‪ )22‬وَلَمّا وَ َر َد مَا َء َم ْدَينَ َو َجدَ َعلَ ْيهِ ُأ ّمةً ِم َن النّا ِ‬
‫صدِ َر الرّعَاءُ وََأبُونَا شَيْخٌ كَبِيٌ (‪)23‬‬
‫سقِي حَتّى يُ ْ‬
‫َتذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا َن ْ‬
‫ب إِنّي لِمَا َأْن َزلْتَ ِإَليّ ِم ْن خَ ْيرٍ َفقِيٌ (‪)24‬‬
‫َفسَقَى لَهُمَا ُثمّ َت َولّى ِإلَى ال ّظلّ َفقَالَ َر ّ‬

‫‪ -20‬وجاء رجل مؤمن من آل فرعون ‪ -‬يفى إيانه ‪ -‬من أقصى الدينة حينما انتشر‬
‫نبأ قتل موسى للمصرى ‪ ،‬يب موسى أن قوم فرعون يتشاورون لقتلك ‪ ،‬ويقول له ‪:‬‬
‫اخرج من الدينة فرارا من القتل ‪ ،‬إن لك من الناصحي ‪.‬‬
‫‪ -21‬فخرج موسى من الدينة خائفا يتوقع أن يتعرض له أعداؤه بالذى ‪ ،‬ضارعا إل‬
‫ال أن يُنجيه من ظلم الكافرين ‪.‬‬
‫‪ -22‬ولا توجه ناحية مدين ‪ -‬قرية شعيب ‪ -‬لا فيها من المن ‪ -‬تضرع إل ال أن‬

‫‪183‬‬
‫يهديه طريق الي والنجاة ‪.‬‬
‫‪ -23‬ولا وصل ماء آل مدين الذى يسقون منه ‪ ،‬وجد على جانب البئر جاعة كثية‬
‫من أناس متلفي يسقون مواشيهم ‪ ،‬ووجد ف مكان أسفل من مكانم امرأتي تدفعان‬
‫غنمهما بعيدا عن الاء ‪ ،‬فقال لما موسى ‪ :‬ل تبتعدان عن الاء؟ فأجابتا ‪ :‬ل نستطيع‬
‫الزحام ‪ ،‬ول نسقى حت يسقى الرعاة ‪ ،‬وأبونا شيخ طاعن ل يستطيع الرعى ول‬
‫السقى ‪.‬‬
‫‪ -24‬فتطوع موسى وسقى لما ‪ ،‬ث ركن إل ظل شجرة يستريح من الهد ‪ ،‬وهو‬
‫يقول ف ضراعة ‪ :‬يا رب إن فقي لا تسوقه إلّ من خي ورزق ‪.‬‬

‫ت لَنَا‬
‫ك َأجْ َر مَا َسقَيْ َ‬
‫ج ِزيَ َ‬
‫ت إِ ّن َأبِي َيدْعُو َك لِيَ ْ‬
‫فَجَا َءْتهُ ِإ ْحدَاهُمَا تَ ْمشِي عَلَى اسْتِحْيَا ٍء قَالَ ْ‬
‫ت ِمنَ اْل َقوْمِ الظّالِمِيَ (‪ )25‬قَالَتْ‬
‫جوْ َ‬
‫ف نَ َ‬
‫ص قَالَ لَا تَخَ ْ‬
‫فَلَمّا جَا َء ُه َوقَصّ عَلَ ْي ِه الْقَصَ َ‬
‫ت الْ َقوِيّ اْلأَمِيُ (‪ )26‬قَا َل ِإنّي أُرِي ُد أَنْ‬
‫ت اسْتَ ْأ ِج ْرهُ إِ ّن خَ ْيرَ َم ِن اسْتَ ْأ َجرْ َ‬
‫إِ ْحدَاهُمَا يَا َأبَ ِ‬
‫شرًا فَ ِمنْ عِ ْندِكَ‬
‫ج َفإِ ْن َأتْمَمْتَ َع ْ‬
‫حكَ إِ ْحدَى ابْنََتيّ هَاتَ ْينِ عَلَى أَ ْن َت ْأجُ َرنِي ثَمَانِ َي حِجَ ٍ‬
‫ُأنْكِ َ‬
‫ك بَيْنِي‬
‫حيَ (‪ )27‬قَا َل َذلِ َ‬
‫ج ُدنِي إِ ْن شَا َء ال ّل ُه ِمنَ الصّالِ ِ‬
‫ك سَتَ ِ‬
‫وَمَا أُرِي ُد أَ ْن َأشُقّ عَلَ ْي َ‬
‫ت فَلَا ُع ْدوَانَ عَ َل ّي وَال ّلهُ عَلَى مَا َنقُو ُل وَكِيلٌ (‪ )28‬فَلَمّا‬
‫ك َأيّمَا اْلأَجَلَ ْي ِن قَضَيْ ُ‬
‫وَبَيَْن َ‬
‫س ِمنْ جَانِبِ الطّو ِر نَارًا قَالَ ِلَأهْلِ ِه امْكُثُوا ِإنّي‬
‫قَضَى مُوسَى اْلأَ َج َل وَسَا َر ِبأَهْ ِلهِ َآنَ َ‬
‫ت نَارًا َلعَلّي َآتِي ُك ْم مِ ْنهَا بِخََب ٍر َأوْ َجذْ َو ٍة ِمنَ النّا ِر َلعَلّ ُكمْ تَصْطَلُونَ (‪)29‬‬
‫َآَنسْ ُ‬

‫‪ -25‬فجاءت إحدى الفتاتي ‪ُ -‬مرْسَلة من قبل أبيها بعد أن علم بأمر موسى معهما ‪-‬‬
‫تسي إل موسى حياء ‪ ،‬قالت ‪ :‬إن أب يدعوك ليجزيك أجر سقيك لنا ‪ .‬فلما ذهب‬
‫إليه وقصّ عليه قصة خروجه من مصر قال والد الفتاتي ‪ :‬ل تف ‪ ،‬نوت من القوم‬
‫الظالي ‪ ،‬إذ ل سلطان لفرعون علينا ‪.‬‬
‫‪ -26‬قالت أحدى الفتاتي ‪ :‬يا أبت اتذه أجيا لرعى الغنم والقيام على شأنا ‪ ،‬إنه‬
‫خي من تستأجره لقوّته وأمانته ‪.‬‬
‫‪ -27‬قال له شعيب ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬إن أريد أن أزوجك واحدة من ابنت هاتي ‪،‬‬
‫على أن يكون مهرها أن تعمل عندنا ثان سنوات ‪ ،‬فإن أتمت عشرا فمن عندك‬

‫‪184‬‬
‫تطوعا ‪ ،‬وما أريد أن ألزمك بأطول الجلي ‪ ،‬وستجدن إن شاء ال من الصالي‬
‫الحسني للمعاملة الوفي بالعهد ‪.‬‬
‫‪ -28‬قال موسى ‪ :‬ذلك الذى عاهدتن عليه قائم بين وبينك ‪ ،‬أى مدة من الدتي‬
‫أقضيها ف العمل أكون وفيتك عهدك فل أطالب بزيادة عليها ‪ ،‬وال شاهد على ما‬
‫نقول ‪.‬‬
‫‪ -29‬فلما أت موسى الدة الشروطة ‪ ،‬وأصبح زوجا لبنت الذى آواه ‪ ،‬وعاد با إل‬
‫مصر أبصر ف طريقه من ناحية جبل الطور نارا ‪ ،‬فقال لن معه ‪ :‬امكثوا هنا ‪ ،‬إن‬
‫رأيت نارا استأنست با ف هذه الظلمة ‪ ،‬سأذهب إليها لتيكم من عندها بب عن‬
‫الطريق أو بذوة منها لعلكم تستدفئون با ‪.‬‬

‫ج َر ِة أَ ْن يَا مُوسَى‬
‫ي ِمنْ شَا ِطئِ اْلوَا ِد اْلأَيْ َم ِن فِي الُْبقْ َع ِة الْمُبَارَ َكةِ ِم َن الشّ َ‬
‫فَلَمّا أَتَاهَا نُودِ َ‬
‫ِإنّي أَنَا اللّهُ َربّ اْلعَالَ ِميَ (‪َ )30‬وأَ ْن َألْقِ عَصَا َك فَلَمّا َر َآهَا َتهَْتزّ َكأَّنهَا جَا ّن َولّى ُمدِْبرًا‬
‫ف ِإّنكَ ِم َن الْ َآمِنِيَ (‪ )31‬اسْ ُلكْ يَدَ َك فِي جَيْبِكَ‬
‫ب يَا مُوسَى َأقِْبلْ َولَا تَخَ ْ‬
‫وََل ْم ُيعَقّ ْ‬
‫ك ُبرْهَانَا ِن ِمنْ َرّبكَ‬
‫ب َفذَانِ َ‬
‫ك جَنَا َحكَ ِمنَ ال ّرهْ ِ‬
‫ج بَيْضَا َء ِمنْ غَ ْيرِ سُو ٍء وَاضْ ُم ْم ِإلَيْ َ‬
‫خرُ ْ‬
‫تَ ْ‬
‫ت مِ ْن ُهمْ َن ْفسًا‬
‫ب ِإنّي قَتَلْ ُ‬
‫ِإلَى ِفرْ َعوْنَ َومَلَِئهِ ِإّن ُهمْ كَانُوا َق ْومًا فَا ِسقِيَ (‪ )32‬قَالَ َر ّ‬
‫ص ّدقُنِي‬
‫ف أَنْ يَقْتُلُونِ (‪ )33‬وََأخِي هَارُونُ ُهوَ أَفْصَحُ مِنّي ِلسَانًا َفأَ ْرسِ ْلهُ َم ِعيَ ِر ْدءًا يُ َ‬
‫َفأَخَا ُ‬
‫ج َعلُ َلكُمَا سُلْطَانًا فَلَا‬
‫ضدَ َك ِبأَخِيكَ َونَ ْ‬
‫شدّ عَ ُ‬
‫ف أَ ْن يُ َك ّذبُونِ (‪ )34‬قَالَ سََن ُ‬
‫ِإنّي أَخَا ُ‬
‫يَصِلُونَ ِإلَ ْيكُمَا ِب َآيَاتِنَا أَنْتُمَا َو َمنِ اتَّبعَكُمَا الْغَالِبُونَ (‪)35‬‬

‫‪ -30‬فلما جاء موسى إل النار الت أبصرها ‪ ،‬سع من ناحية الانب الين له من‬
‫الشجرة النابتة ف البقعة الباركة بانب البل نداء علويا يقول له ‪ :‬يا موسى ‪ ،‬إن أنا‬
‫ال الذى ل يستحق العبادة سواه ‪ ،‬خالق العالي وحاميهم وحافظهم ومربيهم ‪.‬‬
‫‪ -31‬ونودى ‪ :‬أن ألق عصاك ‪ .‬فألقاها فقلبها ال ثعبانا ‪ ،‬فلما أبصرها موسى تتحرك‬
‫كأنا حية ف سعيها خاف وفر فزعا ول يرجع ‪ ،‬فقيل له ‪ :‬يا موسى أقبل على النداء‬
‫وعُد إل مكانك ول تف ‪ ،‬إنك ف عداد المني من كل مكروه ‪.‬‬
‫‪ -32‬وأدخل يدك ف طوق ثوبك ترج شديدة البياض من غي عيب ول مرض ‪،‬‬

‫‪185‬‬
‫واضمم يدك إل جانبك ف ثبات من الوف ‪ ،‬ول تفزع من رؤية العصا حية ومن رؤية‬
‫اليد بيضاء ‪ ،‬فهاتان العجزتان من ال تواجه بما فرعون وقومه حينما يقابلون رسالتك‬
‫بالتكذيب خارجي عن طاعة ال ‪.‬‬
‫‪ -33‬قال موسى ‪ -‬متخوفا وطالبا العون ‪ -‬يا رب ‪ ،‬إن قتلت منهم نفسا فأخاف أن‬
‫يقتلون به قصاصا ‪.‬‬
‫‪ -34‬وأخى هارون أفصح من لسانا ‪ ،‬فأرسله معى عونا ف التبليغ ‪ ،‬لن أخاف أن‬
‫يكذبون ‪.‬‬
‫‪ -35‬قال ال ‪ -‬استجابة لدعائه ‪ : -‬سنقويك بارون ‪ ،‬ونعل لكما سلطانا وتأييدا‬
‫بالعجزات فل يستطيعون العتداء عليكما ‪ ،‬وأنكما ومن اتبعكما واهتدى بكما‬
‫الغالبون النتصرون على هؤلء الكافرين ‪.‬‬

‫ح ٌر ُمفْتَرًى َومَا سَ ِمعْنَا ِب َهذَا فِي َآبَائِنَا‬


‫فَلَمّا جَا َء ُهمْ مُوسَى ِبآَيَاتِنَا بَيّنَاتٍ قَالُوا مَا َهذَا ِإلّا سِ ْ‬
‫الَْأوّلِيَ (‪َ )36‬وقَا َل مُوسَى َربّي أَعْ َلمُ بِ َم ْن جَا َء بِاْل ُهدَى ِمنْ عِ ْن ِد ِه َومَ ْن َتكُو ُن َلهُ عَاقِبَةُ‬
‫ت َل ُكمْ ِم ْن إَِلهٍ‬
‫ح الظّالِمُونَ (‪َ )37‬وقَالَ ِفرْ َعوْ ُن يَا َأّيهَا الْمَ َلُأ مَا َعلِمْ ُ‬
‫الدّا ِر إِّن ُه لَا ُيفْلِ ُ‬
‫ص ْرحًا َلعَلّي أَطّ ِل ُع إِلَى إَِل ِه مُوسَى َوإِنّي‬
‫ي فَا ْج َعلْ لِي َ‬
‫غَ ْيرِي َفأَ ْو ِقدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطّ ِ‬
‫حقّ وَظَنّوا َأنّ ُه ْم إِلَيْنَا‬
‫َلأَظُّنهُ ِم َن الْكَاذِبِيَ (‪ )38‬وَاسَْتكْبَ َر ُهوَ َوجُنُو ُد ُه فِي اْلأَرْضِ بِغَ ْي ِر الْ َ‬
‫لَا ُي ْرجَعُونَ (‪َ )39‬فأَ َخذْنَا ُه وَجُنُو َدهُ فَنََب ْذنَا ُهمْ فِي الْيَ ّم فَانْ ُظرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَ ُة الظّالِ ِميَ (‬
‫صرُونَ (‪)41‬‬
‫‪ )40‬وَ َجعَلْنَا ُه ْم أَئِ ّم ًة َيدْعُونَ إِلَى النّا ِر َويَوْ َم اْلقِيَا َمةِ لَا يُنْ َ‬

‫‪ -36‬فلما واجههم موسى بدعوته مؤيدة بالعجزات الواضحة أنكروا ما شاهدوا ‪،‬‬
‫قالوا ‪ :‬ما هذا إل سحر تفتريه على ال ‪ ،‬ول نسمع بذا الذى تدّعيه فيمن سبقنا من‬
‫آبائنا الولي ‪.‬‬
‫‪ -37‬وقال موسى ‪ -‬ردا على فرعون وقومه ‪ : -‬رب يعلم أن جئت بذه اليات‬
‫الدالة على الق والدى من عنده ‪ ،‬فهو شاهد ل على ذلك إن كذبتمون ‪ ،‬ويعلم أن‬
‫العاقبة الميدة لنا ولهل الق ‪ ،‬إنه ل يفوز بالي الكافرون ‪.‬‬
‫‪ -38‬وقال فرعون ‪ -‬عندما عجز عن ماجة موسى ‪ ،‬تاديا ف طغيانه ‪ -‬يا أيها الل ‪،‬‬

‫‪186‬‬
‫ليس ل علم بوجود إله لكم غيى ‪ .‬وأمر وزيره هامان أن يصنع له ال ُجرّ ويُشيد له‬
‫صرحا شاما عاليا ليصعد عليه ‪ ،‬وينظر إل الله الذى يدعو إليه موسى ‪ ،‬ويؤكد‬
‫فرعون مع ذلك أن موسى من الكاذبي ف ظنه ‪.‬‬
‫‪ -39‬وظل فرعون وجنوده مستكبين ف أرض مصر بالباطل ‪ ،‬وظنوا أنم لن يُبعثوا‬
‫ف الخرة للحساب والزاء ‪.‬‬
‫‪ -40‬فانتزعنا فرعون من سلطانه ‪ ،‬واستدرجناه هو وجنوده إل اليَم ‪ ،‬وأغرقناهم فيه‬
‫نابذين لم بسبب ظلمهم ‪ .‬فتدبر ياممد ‪ ،‬وحذر قومك كيف كانت ناية الظالي ف‬
‫دنياهم؟ وإنك لنصور عليهم ‪.‬‬
‫‪ -41‬قال تعال ‪ :‬وجعلناهم دعاة يدعون إل الكفر الذى يؤدى إل النار ‪ ،‬ويوم‬
‫القيامة ل يدون من ينصرهم ويرجهم من هذا العذاب ‪.‬‬

‫وََأتَْبعْنَا ُهمْ فِي َهذِ ِه الدّنْيَا لَعَْن ًة وََيوْ َم اْلقِيَا َمةِ ُهمْ مِ َن الْ َمقْبُوحِيَ (‪َ )42‬وَلقَدْ َآتَيْنَا مُوسَى‬
‫ب ِمنْ َب ْعدِ مَا َأهْلَكْنَا اْل ُقرُو َن اْلأُولَى بَصَائِ َر لِلنّاسِ َو ُهدًى وَ َرحْ َمةً لَعَ ّل ُهمْ يََتذَ ّكرُونَ‬
‫الْكِتَا َ‬
‫ت ِمنَ الشّا ِهدِينَ (‬
‫ب اْلغَ ْربِ ّي ِإذْ قَضَيْنَا ِإلَى مُوسَى اْلَأمْ َر َومَا كُ ْن َ‬
‫ت بِجَانِ ِ‬
‫(‪ )43‬وَمَا كُنْ َ‬
‫ت ثَا ِويًا فِي َأ ْهلِ َم ْدَينَ تَتْلُو عَلَ ْي ِهمْ‬
‫شأْنَا ُقرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَ ْي ِه ُم الْعُ ُم ُر َومَا كُ ْن َ‬
‫‪ )44‬وََلكِنّا َأْن َ‬
‫ت بِجَانِبِ الطّو ِر ِإذْ نَا َديْنَا َولَ ِكنْ َرحْ َمةً ِمنْ َرّبكَ‬
‫َآيَاتِنَا َولَكِنّا كُنّا مُ ْرسِلِيَ (‪َ )45‬ومَا كُ ْن َ‬
‫لِتُ ْنذِرَ َق ْومًا مَا أَتَاهُ ْم ِمنْ َنذِيرٍ ِم ْن قَبْ ِلكَ َلعَ ّل ُهمْ يََتذَ ّكرُونَ (‪ )46‬وََل ْولَا أَ ْن تُصِيَب ُهمْ مُصِيَبةٌ‬
‫ك وََنكُو َن ِمنَ‬
‫ت ِإلَيْنَا َرسُولًا فَنَتِّبعَ َآيَاتِ َ‬
‫ت َأيْدِيهِ ْم فََيقُولُوا َربّنَا َلوْلَا أَ ْرسَلْ َ‬
‫بِمَا َق ّدمَ ْ‬
‫الْمُ ْؤمِنِيَ (‪)47‬‬

‫‪ -42‬وجعلناهم ف هذه الدنيا مطرودين من رحتنا ‪ ،‬ويوم القيامة هم من الهلكي ‪.‬‬


‫وما حكى ف اليتي بشأنم دليل على غضب ال ‪.‬‬
‫‪ -43‬ولقد أنزل ال التوراة على موسى بعد أن أهلك الكذبي من المم السابقة‬
‫لتكون نورا للقلوب ‪ ،‬لنا كانت مظلمة ل تعرف حقا وإرشادا ‪ ،‬لنم كانوا‬
‫يتخبطون ف الضلل ‪ ،‬وطريقا لنيل الرحة لن عمل با ‪ ،‬ليتعظوا با فيها فيسارعوا إل‬
‫امتثال الوامر واجتناب النواهى ‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫‪ -44‬وما كنت ‪ -‬ياممد ‪ -‬حاضرا مع موسى ف الكان الغرب من البل حي عهد‬
‫ال إليه بأمر الرسالة ‪ ،‬ول تكن معاصرا لوسى ول شاهدا تبليغه للرسالة ‪ ،‬فكيف‬
‫يكذب قومك برسالتك وأنت تتلوا عليهم أنباء السابقي؟ ‪.‬‬
‫‪ -45‬ولكنا خلقنا أما كثية ف أجيال طال عليها الزمن فنسوا ما أخذه عليهم من‬
‫العهود ‪ ،‬ول تكن ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬مقيما ف مدين حت تب أهل مكة بأنبائهم ‪ ،‬ولكنا‬
‫أرسلناك وأخبناك با من طريق الوحى ‪.‬‬
‫‪ -46‬وما كنت ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬حاضرا ف جانب الطور حي نادى ال موسى‬
‫واصطفاه لرسالته ‪ ،‬ولكن ال أعلمك بذا من طريق الوحى رحة بك وبأمتك ‪ ،‬لتبلغه‬
‫قوما ل يأتم رسول من قبلك لعلهم يتذكرون ‪.‬‬
‫‪ -47‬ولول أن الكفار حي تصيبهم عقوبة بسبب كفرهم يعتذرون ويتجون قائلي ‪:‬‬
‫ربنا ل ترسل إلينا رسول نؤمن ونُذعن لعجزاته ونكون من الؤمني ‪ ،‬ما كانت رسالت‬
‫الرسل ‪.‬‬

‫ح ّق ِمنْ عِ ْن ِدنَا قَالُوا لَ ْولَا أُوتِ َي مِ ْثلَ مَا أُوِتيَ مُوسَى أَ َوَلمْ َي ْكفُرُوا بِمَا أُوِتيَ‬
‫فَلَمّا جَا َء ُهمُ الْ َ‬
‫حرَا ِن تَظَا َهرَا َوقَالُوا ِإنّا ِبكُلّ كَا ِفرُونَ (‪ُ )48‬قلْ َف ْأتُوا بِكِتَابٍ ِمنْ‬
‫مُوسَى ِمنْ قَ ْبلُ قَالُوا سِ ْ‬
‫عِ ْن ِد اللّ ِه ُهوَ َأ ْهدَى مِ ْنهُمَا َأتّبِ ْع ُه إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪َ )49‬فإِنْ َل ْم َيسْتَجِيبُوا َلكَ فَاعْ َلمْ‬
‫ض ّل مِ ّمنِ اتّبَ َع َهوَاهُ ِبغَ ْيرِ ُهدًى ِمنَ ال ّلهِ إِ ّن ال ّلهَ لَا َيهْدِي‬
‫َأنّمَا يَتِّبعُونَ َأ ْهوَا َء ُه ْم وَ َم ْن أَ َ‬
‫الْ َقوْ َم الظّالِمِيَ (‪َ )50‬وَلقَ ْد وَصّلْنَا َلهُ ُم الْ َقوْ َل َلعَ ّلهُ ْم يََتذَ ّكرُونَ (‪ )51‬اّلذِينَ َآتَيْنَاهُمُ‬
‫حقّ ِمنْ َربّنَا‬
‫ب ِمنْ قَبْ ِل ِه ُهمْ ِب ِه ُيؤْمِنُونَ (‪ )52‬وَِإذَا يُتْلَى عَلَ ْي ِه ْم قَالُوا َآمَنّا ِب ِه إِّن ُه الْ َ‬
‫الْكِتَا َ‬
‫ِإنّا كُنّا ِمنْ قَبْ ِل ِه ُمسْلِمِيَ (‪)53‬‬

‫‪ -48‬فلما جاء رسول ال ‪ -‬ممد ‪ -‬بالقرآن من عند ال قال الكفار ‪ :‬ليته أُعْطى‬
‫مثل ما أُعْطى موسى من معجزات حسية ‪ ،‬وكتاب نزل جلة واحدة كالتوراة ‪ ،‬وقد‬
‫كفروا من قبل بوسى وآياته كما كفروا اليوم بحمد وكتابه ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬نن بكل‬
‫منهما كافرون ‪ .‬فالحود هو الذى أدى إل الكفر بالعجزات ‪.‬‬
‫‪ -49‬قل لم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬إذا ل تؤمنوا بالتوراة والقرآن؛ فهاتوا كتابا من عند‬

‫‪188‬‬
‫ال أحسن منهما هداية أو مثلهما أتبعه معكم إن كنتم صادقي ف زعمكم أن ما جئنا‬
‫به سحر ‪.‬‬
‫‪ -50‬فإن ل يستجيبوا دعاءك إل التيان بالكتاب الهدى ‪ ،‬فاعلم أنم قد ألزموا‬
‫الجة ول يبق لم حجة ‪ ،‬وأنم بذلك يتبعون أهواءهم ‪ ،‬ول أحد أكثر ضلل من اتبع‬
‫هواه ف الدين بغي هدى من ال ‪ ،‬إن ال ل يوفق من ظلم نفسه باتباع الباطل دون أن‬
‫ينشد حقا ‪.‬‬
‫‪ -51‬ولقد أنزل ال القرآن عليهم متواصل بعضه إثر بعض حسبما تقتضيه الكمة ‪،‬‬
‫ومتتابعا وعدا ووعيدا وقصصا وعبا ‪ ،‬ليتدبروا ويؤمنوا با فيها ‪.‬‬
‫‪ -52‬الذين أنزلنا لم التوراة والنيل من قبل نزول القرآن وآمنوا بما وصدقوا با‬
‫فيهما عن ممد وكتابه ‪ ،‬هم بحمد وكتابه يؤمنون ‪.‬‬
‫‪ -53‬وإذا يُقرأ القرآن على هؤلء قالوا ‪ -‬مسارعي إل إعلن اليان ‪ : -‬آمنا به‬
‫لنه الق من ربنا ‪ ،‬ونن عرفنا ممدا وكتابه قبل نزوله ‪ ،‬فإسلمنا سابق على تلوته ‪.‬‬

‫حسََن ِة السّيّئَ َة َومِمّا رَ َزقْنَا ُهمْ يُنْ ِفقُونَ‬


‫أُولَِئكَ ُي ْؤتَوْ َن َأجْ َر ُهمْ َم ّرتَ ْينِ بِمَا صََبرُوا وََيدْرَءُو َن بِالْ َ‬
‫(‪ )54‬وَِإذَا سَ ِمعُوا ال ّلغْ َو أَ ْعرَضُوا عَ ْن ُه وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وََل ُكمْ أَعْمَاُلكُ ْم سَلَامٌ عَلَ ْي ُكمْ لَا‬
‫ت َوَلكِ ّن اللّ َه َي ْهدِي َم ْن َيشَا ُء َو ُهوَ أَعْ َلمُ‬
‫ك لَا َت ْهدِي َم ْن أَحْبَبْ َ‬
‫نَبَْتغِي الْجَاهِلِيَ (‪ِ )55‬إنّ َ‬
‫بِالْ ُمهَْتدِينَ (‪َ )56‬وقَالُوا إِ ْن نَتّبِ ِع اْل ُهدَى َم َعكَ نُتَخَطّفْ مِ ْن أَرْضِنَا َأوََل ْم نُ َمكّ ْن َل ُهمْ َح َرمًا‬
‫َآمِنًا يُجْبَى ِإلَ ْيهِ ثَ َمرَاتُ ُك ّل شَيْءٍ رِ ْزقًا ِمنْ َل ُدنّا َولَ ِك ّن أَكَْثرَ ُه ْم لَا َيعْلَمُونَ (‪ )57‬وَ َكمْ‬
‫ت َمعِيشََتهَا فَتِ ْلكَ َمسَاكُِن ُهمْ َل ْم ُتسْ َكنْ ِم ْن َبعْ ِد ِهمْ ِإلّا قَلِيلًا وَكُنّا‬
‫أَهْ َلكْنَا ِم ْن َق ْريَ ٍة بَ ِطرَ ْ‬
‫حنُ اْلوَا ِرثِيَ (‪)58‬‬
‫نَ ْ‬

‫‪ -54‬أولئك الذين آمنوا بالقرآن وبا أنزل من قبله من كتب يعطوْن ثوابم مضاعفا ‪،‬‬
‫بصبهم على ما يلحقهم من الذى ف سبيل اليان ‪ ،‬ويؤثرون العمل الصال ‪،‬‬
‫ويقابلون بالعفو والحسان ‪ ،‬وينفقون ف سبيل الي ما منحهم ال من مال ‪.‬‬
‫‪ -55‬وإذا سعوا الباطل من الاهلي انصرفوا عنه تنها وترفعا ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬لنا أعمالنا‬
‫القة ل نيد عنها ‪ ،‬ولكم أعمالكم الباطلة ووزرها عليكم ‪ ،‬ونن نترككم وشأنكم‬

‫‪189‬‬
‫لننا ل نريد صحبة الاهلي ‪.‬‬
‫‪ -56‬إنك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬شديد الرص على هداية قومك ‪ ،‬ولكنك ل تستطيع‬
‫أن تُدْخل ف السلم كل من تب ‪ ،‬ولكن ال يهدى لليان من علم فيهم قبول‬
‫الداية واختيارها ‪ ،‬وهو الذى يعلم علما ليس فوقه علم من سيدخل ف صفوف‬
‫الهتدين ‪.‬‬
‫‪ -57‬وقال مشركوا مكة للرسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬معتذرين عن بقائهم‬
‫على دينهم ‪ :‬إن اتبعناك على دينك أخرجَنَا العرب من بلدنا وغلبونا على سلطاننا ‪.‬‬
‫وهم كاذبون فيما يعتذرون به ‪ ،‬فقد ثَبّتَ ال أقدامهم ببلدهم ‪ ،‬وجعله حرما يأمنون‬
‫فيه ‪ -‬وهم كفرة ‪ -‬من الغارة والقتل ‪ ،‬وتُحمل إليه الثمرات واليات التنوعة‬
‫الكثية رزقا يسوقه ال إليهم من كل جهة ‪ ،‬فكيف يستقيم أن يسلبهم المن‬
‫ويعرضهم للتخطف إذا ضموا إل حرمة البيت اليان بحمد؟ ولكن أكثرهم ل‬
‫يعلمون الق ‪ ،‬ولو علموا لا خافوا التّخطف ‪.‬‬
‫‪ -58‬ل يعتب هؤلء بصاير المم السابقة ‪ ،‬فقد أهلك ال قرى الذين اغتروا بنعمة ال‬
‫ث كفروا با وبال ‪ ،‬وهذه ديارهم خاوية ل تصلح للسكن بعدهم إل فترات عابرة‬
‫للمارين با ‪ ،‬ول يبق لا مالك بعدهم إل ال ذو اللل والكرام ‪.‬‬

‫ث فِي ُأ ّمهَا َرسُولًا يَتْلُو عَلَ ْي ِهمْ َآيَاتِنَا وَمَا كُنّا‬


‫وَمَا كَانَ َرّبكَ ُمهْ ِلكَ اْل ُقرَى حَتّى يَ ْبعَ َ‬
‫ع الْحَيَا ِة ال ّدنْيَا‬
‫ُمهْلِكِي اْل ُقرَى ِإلّا َوأَهْ ُلهَا ظَالِمُونَ (‪َ )59‬ومَا أُوتِيتُ ْم ِمنْ شَيْ ٍء فَمَتَا ُ‬
‫وَزِينَُتهَا َومَا عِ ْن َد ال ّلهِ خَ ْيرٌ وََأْبقَى َأفَلَا َتعْقِلُونَ (‪َ )60‬أفَ َمنْ وَ َع ْدنَاهُ وَ ْعدًا حَسَنًا َفهُ َو لَاقِيهِ‬
‫ضرِينَ (‪ )61‬وََيوْ َم يُنَادِي ِهمْ‬
‫ع الْحَيَاةِ ال ّدنْيَا ُث ّم هُ َو َيوْمَ اْلقِيَا َم ِة ِمنَ الْمُحْ َ‬
‫كَ َم ْن مَّتعْنَاهُ مَتَا َ‬
‫فََيقُولُ َأْينَ شُرَكَائِ َي الّذِينَ كُنُْتمْ َتزْ ُعمُونَ (‪ )62‬قَالَ اّلذِي َن حَقّ عَ َل ْيهِ ُم اْلقَ ْولُ َربّنَا َهؤُلَاءِ‬
‫ك مَا كَانُوا ِإيّانَا يَعُْبدُونَ (‪)63‬‬
‫الّذِينَ أَ ْغ َويْنَا أَ ْغ َويْنَا ُهمْ كَمَا َغ َويْنَا تََب ّرْأنَا ِإلَيْ َ‬

‫‪ -59‬وما كان من حكمة ال تعال ‪ -‬وهو ربك الذى خلقك واصطفاك ‪ -‬أن يهلك‬
‫الدن العظيمة إل بعد أن يُرسل إل أهلها رسول بالعجزات الباهرة يتلو عليهم الكتاب‬
‫النل ‪ ،‬ويبي لم شرائعه ‪ ،‬ث ل يؤمنوا ‪ ،‬وما كنا مُهلكى الدن العظيمة إل وأهلها‬

‫‪190‬‬
‫مستمرون على الظلم والعتداء ‪.‬‬
‫‪ -60‬وكل شئ رُزقْتموه من أعراض الدنيا وزينتها متاع مدود إل أمد قريب ‪ ،‬فل‬
‫يصرفَنّكم عن اليان والعمل الصال ‪ ،‬فإن ما عند ال ف الخرة من الثواب والنعيم‬
‫الالد أنفع وأدوم من ذلك كله ‪ ،‬فلماذا ل تُعمِلون عقولكم بدل أهوائكم؟ ‪.‬‬
‫‪ -61‬ل يستوى من آمن وعمل صالا فاستحق وعد ال ‪ -‬الوعد السن بالثواب‬
‫والنة ‪ -‬فهو ُمدْركه كما وعده ال ‪ ،‬ومن كفر وعمل سيئا وفتنه متاع الياة‬
‫وزخرفها ‪ ،‬ث هو يوم القيامة من الُحضرين للحساب ‪ ،‬الالكي ف العذاب ‪.‬‬
‫‪ -62‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬يوم يقف هؤلء بي يدى ال للحساب فيناديهم‬
‫سبحانه نداء توبيخ ‪ :‬أين اللة الذين زعمتموهم شركاء ليدافعوا عنكم أو ليشفعوا‬
‫فيكم؟!‬
‫‪ -63‬قال قادة الكفر من الذين حق عليهم غضب ال ووعيده ‪ :‬يا ربنا ‪ ،‬هؤلء الذين‬
‫دعوناهم إل الشرك وزيّنا لم الضلل أغْويناهم لنم اختاروا الكفر وتقبّلوه كما‬
‫اخترناه نن وتقبّلناه ‪ .‬تبأنا إليك منهم اليوم وما اختاروه ف الدنيا من الكفر ‪ ،‬ل‬
‫يعبدونا نن ‪ ،‬بل عبدوا أهواءهم وأطاعوا شهواتم ‪.‬‬

‫ب َلوْ َأّن ُهمْ كَانُوا‬


‫َوقِي َل ادْعُوا ُشرَكَاءَ ُكمْ َفدَ َع ْو ُهمْ فَ َل ْم َيسْتَجِيبُوا َل ُهمْ وَ َرَأوُا اْلعَذَا َ‬
‫َيهْتَدُونَ (‪َ )64‬وَيوْمَ يُنَادِيهِ ْم فََيقُولُ مَاذَا َأجَبُْتمُ الْ ُم ْرسَلِيَ (‪َ )65‬فعَمِيَتْ عَلَ ْي ِه ُم الَْأنْبَاءُ‬
‫ب وَ َآ َمنَ وَ َع ِملَ صَالِحًا َف َعسَى أَ ْن َيكُو َن ِمنَ‬
‫يَ ْومَِئذٍ َف ُه ْم لَا يََتسَا َءلُونَ (‪َ )66‬فأَمّا مَ ْن تَا َ‬
‫الْ ُمفْلِحِيَ (‪ )67‬وَ َرّبكَ يَخْ ُل ُق مَا َيشَا ُء َويَخْتَا ُر مَا كَانَ َل ُهمُ الْخَِي َر ُة سُبْحَا َن ال ّلهِ َوَتعَالَى‬
‫صدُو ُرهُ ْم َومَا ُيعْلِنُونَ (‪َ )69‬وهُ َو ال ّلهُ لَا إَِلهَ‬
‫شرِكُونَ (‪ )68‬وَ َرّبكَ َيعْ َلمُ مَا تُ ِكنّ ُ‬
‫عَمّا ُي ْ‬
‫ح ْكمُ َوِإلَيْ ِه ُترْ َجعُونَ (‪)70‬‬
‫ح ْمدُ فِي اْلأُولَى وَاْلآَ ِخ َرةِ َوَلهُ الْ ُ‬
‫ِإلّا هُ َو َلهُ الْ َ‬

‫‪ -64‬وأمر الشركي من جانب ال أمر توبيخ بدعوة اللة الت أشركوها مع ال‬
‫لتخلصهم من عذابه كما زعموا ‪ ،‬فخضعوا ف ذلة ودعوهم ف حية ‪ ،‬فلم يظفروا‬
‫منهم بواب ‪ ،‬وشاهدوا العذاب العد لم حاضرا ‪ ،‬وتنوا لو أنم كانوا ف دنياهم‬
‫مؤمني مهتدين لا حاق بم ذلك العذاب ‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫‪ -65‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬كذلك يوم ينادى الشركون من جانب ال تعال نداء‬
‫توبيخ ‪ ،‬فقال لم ‪ :‬بأى شئ أجبتم رسلى الذين أرسلتهم لدعوتكم إل اليان فبلغوكم‬
‫الرسالة؟‬
‫‪ -66‬فصارت الخبار غائبة عنهم ل يهتدون إليها ‪ ،‬كأنم ف عَمى ‪ ،‬ول يرجع‬
‫بعضهم إل بعض ف ذلك لتساويهم ف العجز عن الجابة ‪.‬‬
‫‪ -67‬هذا شأن الشركي ‪ ،‬فأمّا من تاب من الشرك ‪ ،‬وآمن إيانا صادقا وعمل‬
‫الصالات ‪ ،‬فهو يرجو أن يكون عند ال من الفائزين برضوان ال وبالنعيم الدائم‬
‫الستمر ‪.‬‬
‫‪ -68‬وربك يلق ما يشاء بقدرته ‪ ،‬ويتار بكمته من يشاء للرسالة والطاعة على‬
‫مقتضى علمه باستعدادهم لذلك ‪ ،‬ول يكن ف مقدور اللق ول من حقهم أن يتاروا‬
‫على ال ما يشاءون من أديان باطلة وآلة زائفة ‪ ،‬تنّه ال ‪ -‬تعال شأنه ‪ -‬عن‬
‫الشركاء ‪.‬‬
‫‪ -69‬وربك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ميط علمه با تفيه صدور الشركي من عداوتم‬
‫لك ‪ ،‬وما يعلنون بألسنتهم من الطاعن فيك والعتراض على اختيارك للرسالة ‪.‬‬
‫‪ -70‬وربك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬هو ال الق الختص باللوهية ‪ ،‬الستحق ‪ -‬وحده ‪-‬‬
‫للحمد من عباده ف الدنيا على إنعامه وهدايته ‪ ،‬وف الخرة على عدله ومثوبته ‪ .‬وهو‬
‫‪ -‬وحده ‪ -‬صاحب الكم والفصل بي عباده ‪ ،‬وإليه الرجع والصي ‪.‬‬

‫ُقلْ أَ َرَأيُْتمْ إِ ْن َج َعلَ ال ّلهُ عَلَ ْي ُكمُ اللّ ْيلَ َس ْر َمدًا ِإلَى يَوْ ِم اْلقِيَا َم ِة َمنْ ِإَلهٌ غَ ْيرُ ال ّل ِه يَ ْأتِيكُمْ‬
‫بِضِيَا ٍء َأفَلَا َتسْ َمعُونَ (‪ُ )71‬قلْ أَ َرَأيُْتمْ إِ ْن َج َعلَ ال ّلهُ عَلَ ْي ُكمُ الّنهَا َر َس ْرمَدًا إِلَى َيوْ ِم اْلقِيَا َمةِ‬
‫صرُونَ (‪ )72‬وَ ِمنْ َرحْمَِت ِه جَ َع َل لَ ُكمُ‬
‫َمنْ ِإَلهٌ غَ ْيرُ ال ّل ِه َيأْتِيكُ ْم بِلَ ْي ٍل َتسْكُنُو َن فِيهِ َأفَلَا تُبْ ِ‬
‫اللّيْ َل وَالّنهَا َر لَِتسْكُنُوا فِي ِه َولِتَبْتَغُوا ِم ْن فَضْ ِلهِ َوَلعَلّ ُك ْم َتشْ ُكرُونَ (‪َ )73‬وَيوْمَ يُنَادِيهِمْ‬
‫فََيقُولُ َأْينَ شُرَكَائِ َي الّذِينَ كُنُْتمْ َتزْ ُعمُونَ (‪)74‬‬

‫‪ -71‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬أخبون أيها الناس ‪ ،‬إن جعل ال عليكم الليل متتابعا‬
‫دون نار إل يوم القيامة ‪ ،‬فهل لكم إله سوى ال يأتيكم بنهار مضئ تقومون فيه‬

‫‪192‬‬
‫بعاشكم وشئون دنياكم؟‬
‫‪ -72‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬للناس ‪ :‬إن جعل ال عليكم النهار متتابعا دون ليل إل‬
‫يوم القيامة ‪ ،‬فهل لكم إله سوى ال يأتيكم بليل تستريون فيه من عمل النهار؟ ليس‬
‫لكم ذلك ‪ ،‬فلماذا ل تبصرون آيات ال فتؤمنوا وتتدوا؟‬
‫‪ -73‬ومن رحة ال بلقه أن خلق لم الليل والنهار وجعلهما متعاقبي ‪ ،‬ليستريوا ف‬
‫الليل ‪ ،‬وليسعوا على رزقهم ومنافعهم ف النهار ‪ ،‬وليُدركوا فضل ال عليهم فيشكروه‬
‫‪.‬‬
‫‪ -74‬واذكر كذلك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬يوم ينادَى الشركون من جانب ال تعال نداء‬
‫توبيخ ‪ ،‬فيقال لم ‪ :‬أين الشركاء الذين زعمتموهم آلة ينصرونكم أو شفعاء يشفعون‬
‫لكم؟!‬

‫ضلّ عَ ْن ُهمْ مَا‬


‫ح ّق لِ ّلهِ وَ َ‬
‫وََنزَعْنَا ِمنْ ُكلّ ُأ ّمةٍ َشهِيدًا َفقُلْنَا هَاتُوا ُبرْهَانَ ُكمْ َفعَلِمُوا أَنّ الْ َ‬
‫كَانُوا يَفَْترُونَ (‪ )75‬إِ ّن قَارُونَ كَا َن ِمنْ َقوْ ِم مُوسَى فََبغَى عَلَ ْي ِهمْ وَ َآتَيْنَا ُه ِمنَ اْلكُنُو ِز مَا‬
‫ب اْل َفرِحِيَ‬
‫حهُ لَتَنُو ُء بِاْلعُصْبَ ِة أُولِي اْل ُقوّ ِة ِإذْ قَالَ لَ ُه َقوْ ُم ُه لَا َت ْفرَحْ إِ ّن ال ّلهَ لَا يُحِ ّ‬
‫إِ ّن مَفَاتِ َ‬
‫سنْ كَمَا‬
‫ك ِمنَ ال ّدنْيَا َوأَ ْح ِ‬
‫(‪ )76‬وَابْتَ ِغ فِيمَا َآتَا َك ال ّلهُ الدّارَ اْلآَ ِخ َرةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَ َ‬
‫ب الْ ُم ْفسِدِينَ (‪ )77‬قَا َل ِإنّمَا‬
‫ض إِ ّن ال ّلهَ لَا يُحِ ّ‬
‫ك وَلَا تَبْ ِغ الْ َفسَادَ فِي اْلأَرْ ِ‬
‫سنَ ال ّل ُه ِإلَيْ َ‬
‫أَ ْح َ‬
‫أُوتِيُتهُ عَلَى عِ ْلمٍ عِ ْندِي َأوََلمْ َيعْ َل ْم أَنّ ال ّل َه َقدْ َأهْ َلكَ ِم ْن قَبْ ِلهِ ِم َن الْ ُقرُونِ َم ْن ُهوَ َأشَ ّد مِ ْنهُ‬
‫ج ِرمُونَ (‪)78‬‬
‫ُقوّ ًة َوأَكَْثرُ جَ ْمعًا وَلَا ُيسَْألُ َعنْ ذُنُوبِ ِه ُم الْمُ ْ‬

‫‪ -75‬وأخرجنا يوم القيامة من كل أمة شهيدا هو نبيّها ‪ .‬يشهد عليها با كان منها ف‬
‫الدنيا فنقول حينئذ للمخالفي منهم ‪ :‬ما هى حجتكم فيما كنتم عليه من الشرك‬
‫والعصية؟ فيعجزون عن الواب ‪ ،‬ويعلمون حينئذ أن الق ل بداية وناية ‪ ،‬وغاب‬
‫عنهم غيبة الشئ الضائع ما كانوا يفترون على ال ‪.‬‬
‫‪ -76‬ذكرت السورة قصة قارون ‪ ،‬وأنه كان من قوم موسى ‪ ،‬فتكب عليهم غرورا‬
‫بنفسه وماله ‪ ،‬وقد أعطاه ال كنوزا زاخرة بالموال ‪ ،‬بلغت مفاتيحها من الكثرة بيث‬
‫يثقل حلها على الماعة القوياء من الرجال ‪ ،‬وحي اغتر بنعمة ال عليه وكفر با‬

‫‪193‬‬
‫نصحه قومه قائلي له ‪ :‬ل تغتر بالك ‪ ،‬ول يفتنك الفرح به عن شكر ال ‪ ،‬إن ال ل‬
‫يرضى عن الغرورين الفتوني ‪ ،‬والعبة ف هذه القصة أن الكافرين بحمد ‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ -‬قد اغتروا بأموالم ‪ ،‬فبي القرآن أن أموالم بانب مال قارون ليست‬
‫شيئا مذكورا ‪.‬‬
‫‪ -77‬واجعل نصيبا ما أعطى لك ال من الغن والي ف سبيل ال والعمل للدار‬
‫الخرة ‪ ،‬ول تنع نفسك نصيبها من التمتع باللل ف الدنيا ‪ ،‬وأحسن إل عباد ال‬
‫مثلما أحسن ال إليك بنعمته ‪ ،‬ول تُفسد ف الرض متجاوزا حدود ال ‪ ،‬إن ال‬
‫سبحانه ل يرضى عن الفسدين لسوء أعمالم ‪.‬‬
‫‪ -78‬فلم يستجب قارون لنصح قومه ‪ ،‬ونسى فضل ال عليه ‪ ،‬وتاهل أن ال قد‬
‫أهلك قبله كثيين كانوا أكثر منه قدرة على كسب الال وخبة بوجوه استثماره ‪،‬‬
‫والجرمون ل يُسألون عن ذنوبم لعلمه تعال با ‪ ،‬فيدخلون النار بغي حساب ‪ ،‬وإنا‬
‫يُسألون سؤال توبيخ ‪.‬‬

‫ت لَنَا مِ ْثلَ مَا أُوِتيَ‬


‫خرَجَ عَلَى َقوْ ِم ِه فِي زِينَِت ِه قَا َل الّذِينَ ُيرِيدُو َن الْحَيَاةَ الدّنْيَا يَا لَيْ َ‬
‫فَ َ‬
‫ب ال ّلهِ خَ ْيرٌ لِ َمنْ‬
‫قَارُو ُن ِإّنهُ َلذُو حَظّ عَظِيمٍ (‪َ )79‬وقَالَ اّلذِي َن أُوتُوا اْلعِلْ َم َويْلَ ُكمْ َثوَا ُ‬
‫ض فَمَا كَانَ‬
‫سفْنَا ِبهِ َوِبدَا ِر ِه الْأَرْ َ‬
‫خَ‬‫َآ َم َن وَعَ ِملَ صَالِحًا وَلَا يُلَقّاهَا ِإلّا الصّاِبرُونَ (‪ )80‬فَ َ‬
‫ح اّلذِي َن تَمَّنوْا‬
‫صرِينَ (‪َ )81‬وأَصْبَ َ‬
‫صرُونَ ُه ِمنْ دُو ِن اللّ ِه َومَا كَا َن ِمنَ الْمُنَْت ِ‬
‫َلهُ ِم ْن فَِئةٍ يَنْ ُ‬
‫ق لِ َمنْ َيشَا ُء ِمنْ عِبَا ِدهِ وََي ْقدِرُ َل ْولَا أَ ْن َمنّ‬
‫ط الرّزْ َ‬
‫مَكَانَ ُه بِاْلَأمْسِ يَقُولُو َن َويْ َكأَنّ ال ّل َه يَ ْبسُ ُ‬
‫جعَ ُلهَا لِلّذِينَ‬
‫ك الدّا ُر الْ َآ ِخ َرةُ نَ ْ‬
‫ح الْكَافِرُونَ (‪ )82‬تِلْ َ‬
‫ف بِنَا وَْي َكأَّنهُ لَا ُيفْلِ ُ‬
‫خسَ َ‬
‫اللّهُ عَلَيْنَا لَ َ‬
‫ض َولَا َفسَادًا وَاْلعَاقِبَ ُة لِلْمُّتقِيَ (‪)83‬‬
‫لَا ُيرِيدُونَ عُ ُلوّا فِي الْأَرْ ِ‬

‫‪ -79‬ل يعبأ قارون بنصح قومه ‪ ،‬وخرج عليهم ف زينته ‪ ،‬فاغتر به الذين يبون متاع‬
‫الياة الدنيا ‪ ،‬وتنوا أن يكون لم مثل ما أُعطى قارون من الال والظ العظيم ف الياة‬
‫‪.‬‬
‫‪ -80‬أما الذين رزقهم ال العلم النافع فلم يفتنهم ذلك ‪ ،‬وتوجهوا بالنصح للمفتوني‬
‫قائلي لم ‪ :‬ل تتمنوا هذا ول تنصرفوا عن الدين ‪ ،‬فإن ما عند ال من ثواب ونعيم‬

‫‪194‬‬
‫أزكى لن آمن به وعمل صالا ‪ ،‬وتلك نصيحة حقة ل يتقبلها إل من ياهدون‬
‫أنفسهم ويصبون على الطاعة ‪.‬‬
‫‪ -81‬فخسف ال به الرض فابتلعته هو وداره با فيها من أموال وزينة ‪ ،‬فلم يكن له‬
‫أنصار ينعونه من عذاب ال ‪ ،‬ول يكن يستطيع أن ينتصر لنفسه ‪.‬‬
‫‪ -82‬وصار الذين تنوا منذ وقت قريب منلته من الدنيا يرددون عبارات التحسّر‬
‫والندم بعد أن فكروا فيما أصابه! ويقولون ‪ :‬إن ال يوسّع الرزق على من يشاء من‬
‫عباده الؤمني وغي الؤمني ‪ ،‬ويضيّق على من يشاء منهم ‪ ،‬ويقولون شاكرين ‪ :‬لول‬
‫أن ال أحسن إلينا بالداية إل اليان والعصمة من الزلل لمتحننا بإجابة ما تنيناه ‪،‬‬
‫ولفعل بنا مثل ما فعل بقارون ‪ .‬إن الكافرين بنعمة ال ل يفلحون بالنجاة من عذابه ‪.‬‬
‫‪ -83‬تلك الدار الت سعت خبها ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬وبلغك وصفها ‪ -‬وهى النة ‪-‬‬
‫نص با الؤمني الطائعي الذين ل يطلبون الغلبة والتسلط ف الدنيا ‪ ،‬ول ينحرفون إل‬
‫الفساد بالعاصى ‪ ،‬والعاقبة الميدة إنا هى للذين تتلئ قلوبم خشية من ال فيعملون‬
‫ما يرضيه ‪.‬‬

‫جزَى اّلذِينَ عَمِلُوا السّيّئَاتِ ِإلّا‬


‫حسََن ِة فَ َلهُ خَيْ ٌر مِ ْنهَا َو َمنْ جَا َء بِالسّيَّئ ِة فَلَا يُ ْ‬
‫َمنْ جَا َء بِالْ َ‬
‫ك اْلقُرْآَ َن َلرَادّ َك إِلَى مَعَادٍ ُقلْ َربّي أَعْ َل ُم َمنْ‬
‫مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪ )84‬إِ ّن اّلذِي َفرَضَ عَلَ ْي َ‬
‫ت َترْجُو أَ ْن يُ ْلقَى ِإلَ ْيكَ اْلكِتَابُ ِإلّا‬
‫جَا َء بِاْلهُدَى َومَ ْن ُهوَ فِي ضَلَالٍ مُبِيٍ (‪َ )85‬ومَا كُ ْن َ‬
‫ص ّدنّكَ َعنْ َآيَاتِ ال ّلهِ بَ ْع َد ِإذْ‬
‫َرحْ َمةً ِمنْ َرّبكَ فَلَا َتكُوَننّ َظهِيًا لِ ْلكَافِرِينَ (‪َ )86‬ولَا يَ ُ‬
‫ع مَ َع ال ّلهِ ِإَلهًا‬
‫شرِكِيَ (‪َ )87‬ولَا َتدْ ُ‬
‫ك وَلَا تَكُونَ ّن ِمنَ الْ ُم ْ‬
‫ع ِإلَى َرّب َ‬
‫ك وَادْ ُ‬
‫ت ِإلَيْ َ‬
‫ُأنْ ِزلَ ْ‬
‫ح ْكمُ َوِإلَ ْيهِ ُت ْرجَعُونَ (‪)88‬‬
‫َآ َخرَ لَا ِإلَ َه ِإلّا ُهوَ ُك ّل َشيْ ٍء هَاِلكٌ ِإلّا َو ْجهَ ُه َلهُ الْ ُ‬

‫‪ -84‬الذى يأتى بالسنة ‪ -‬وهى اليان والعمل الصال ‪ -‬له ثواب مضاعف بسببها ‪،‬‬
‫والذى يأتى بالسيئة ‪ -‬وهى الكفر والعصية ‪ -‬فل يزى إل بثل ما عمل من سوء ‪.‬‬
‫‪ -85‬إن ال الذى أنزل القرآن ‪ ،‬وفرض عليك تبليغه والتمسك به لرادك إل موعد‬
‫‪ -‬ل مالة منه ‪ -‬وهو يوم القيامة ليفصل بينك وبي مكذبيك ‪ ،‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪-‬‬
‫للكافرين ‪ :‬رب هو الذى يعلم علما ليس فوقه علم بن منحه الداية والرشاد ‪ ،‬وبن‬

‫‪195‬‬
‫هو واقع ف الضلل الذى يدركه كل عاقل سليم الدراك ‪.‬‬
‫‪ -86‬وما كنت ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬تأمل وتنتظر أن ينل عليك القرآن ‪ ،‬ولكن ال‬
‫أنزله عليك من عنده رحة بك وبأمتك ‪ ،‬فاذكر هذه النعمة ‪ ،‬وثابر على تبليغها ‪ ،‬ول‬
‫تكن أنت ول من اتبعك عونا للكافرين على ما يريدون ‪.‬‬
‫‪ -87‬ول يصرفك الكافرون عن تبليغ آيات ال والعمل با ‪ ،‬بعد أن نزل با الوحى‬
‫عليك من ال وأصبحت رسالتك ‪ ،‬وثابر على الدعوة إل دين ال ‪ ،‬ول تكن أنت ول‬
‫من اتبعك من أنصار الشركي بإعانتهم على ما يريدون ‪.‬‬
‫‪ -88‬ول تعبد من دون ال إلا سواه ‪ ،‬إذ ليس هناك إله يعبد بق غيه ‪ ،‬كل ما عدا‬
‫ال هالك وفان ‪ ،‬والالد إنا هو ال الذى له القضاء النافذ ف الدنيا والخرة ‪ ،‬وإليه‬
‫‪ -‬ل مالة ‪ -‬مصي اللق أجعي ‪.‬‬

‫ب النّاسُ أَ ْن يُ ْترَكُوا أَ ْن َيقُولُوا َآمَنّا وَ ُه ْم لَا ُيفْتَنُونَ (‪)2‬‬


‫ال (‪ )1‬أَ َحسِ َ‬

‫‪ -1‬ا ‪ .‬ل ‪ .‬م ‪ :‬حروف صوتية سيقت لبيان أن القرآن العجز مؤلف من هذه الروف‬
‫الت يسنون نطقها ‪ ،‬ولتنبيه السامعي ولفت أنظارهم إل الق ‪.‬‬
‫‪ -2‬أظن الناس أنم يُتركون وشأنم لنطقهم بالشهادتي دون أن يتبوا با يبي به‬
‫حقيقة إيانم من الحن والتكاليف؟ ل ‪ .‬بل ل بد من امتحانم بذلك ‪.‬‬

‫ص َدقُوا َولََيعْلَ َمنّ اْلكَا ِذبِيَ (‪ )3‬أَ ْم َحسِبَ‬


‫وََل َقدْ فَتَنّا اّلذِينَ مِ ْن قَبْ ِل ِهمْ فَلََيعْلَ َم ّن ال ّلهُ اّلذِينَ َ‬
‫حكُمُونَ (‪َ )4‬منْ كَا َن َيرْجُو ِلقَا َء اللّ ِه َفإِنّ‬
‫الّذِينَ َيعْمَلُو َن السّيّئَاتِ أَ ْن َيسِْبقُونَا سَا َء مَا يَ ْ‬
‫ت وَ ُهوَ السّمِي ُع الْعَلِيمُ (‪َ )5‬و َمنْ جَاهَ َد َفإِنّمَا يُجَاهِ ُد لَِن ْفسِ ِه إِ ّن ال ّلهَ َلغَِنيّ‬
‫أَ َج َل اللّ ِه َلآَ ٍ‬
‫ج ِزيَّنهُمْ‬
‫ت لَُنكَ ّفرَنّ عَ ْن ُه ْم سَيّئَاِت ِهمْ َولَنَ ْ‬
‫َع ِن الْعَالَمِيَ (‪ )6‬وَالّذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫شرِكَ‬
‫سنَ اّلذِي كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪َ )7‬ووَصّيْنَا اْلِإْنسَا َن ِبوَاِلدَْي ِه ُحسْنًا َوإِنْ جَاهَدَا َك لُِت ْ‬
‫أَ ْح َ‬
‫ك بِهِ عِ ْل ٌم فَلَا تُ ِط ْعهُمَا ِإلَ ّي َمرْ ِج ُعكُ ْم َفأُنَبُّئ ُكمْ بِمَا كُنُْت ْم َتعْمَلُونَ (‪ )8‬وَالّذِينَ‬
‫س َل َ‬
‫بِي مَا لَيْ َ‬
‫حيَ (‪)9‬‬
‫َآمَنُوا وَعَ ِملُوا الصّالِحَاتِ لَُن ْدخِلَّنهُ ْم فِي الصّالِ ِ‬

‫‪196‬‬
‫‪ -3‬ولقد اختب ال المم السابقة بالتكاليف وألوان النعم والحن ‪ ،‬ليظهر ما سبق ف‬
‫علمه القدي ‪ ،‬ويتميّز الصادقون ف إيانم من الكاذبي ‪.‬‬
‫‪ -4‬أظن الذين يشركون بال ويعصونه أن يسبقونا ف فرارهم من عذاب ال وعقابه؟!‬
‫بئس حكمهم هذا ‪.‬‬
‫‪ -5‬من كان يؤمن بالبعث ويرجو ثواب ال وياف عقابه فإيانه حق ‪ ،‬وليبادر إل‬
‫العمل الصال ‪ ،‬فإن اليوم الوعود آت ل مالة ‪ ،‬وال سيع لقوال العباد عليم‬
‫بأفعالم ‪ ،‬وسيجزى كل با يستحق ‪.‬‬
‫‪ -6‬ومن جاهد ف سبيل إعلء كلمة ال ‪ ،‬وجاهد نفسه بالصب على الطاعة فإن ثواب‬
‫جهاده لنفسه ‪ ،‬وإن ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬لغن عن طاعة العالي ‪.‬‬
‫‪ -7‬والذين اتصفوا باليان وعملوا الصالات لنُذهب عنهم سيئاتم ونغفر لم ‪،‬‬
‫ونزيهم أوف جزاء على أعمالم الصالة ‪.‬‬
‫‪ -8‬وأمر ال النسان أن يبالغ ف الحسان إل والديه وطاعتهما ‪ .‬وإن حلك على‬
‫الشرك بال ‪ -‬وهو ما ل يقره علم ول عقل ‪ -‬فل تطعهما ‪ ،‬وإل ال مرجع اللق‬
‫كافة فينبئهم با عملوا ف الدنيا ويزيهم به ‪.‬‬
‫‪ -9‬والذين صدّقوا بال ورسالته ‪ ،‬وعملوا الصالات ليُدخلنهم ال ف الصالي ‪،‬‬
‫ينالون جزاءهم ويأنسون بم ‪.‬‬

‫س َمنْ َيقُولُ َآمَنّا بِال ّل ِه َفإِذَا أُوذِيَ فِي اللّ ِه َجعَ َل فِتَْن َة النّاسِ َك َعذَابِ ال ّل ِه وَلَِئنْ‬
‫وَ ِم َن النّا ِ‬
‫صدُو ِر الْعَالَمِيَ (‬
‫س ال ّلهُ ِبأَعْ َل َم بِمَا فِي ُ‬
‫ك لََيقُوُلنّ ِإنّا كُنّا َم َعكُ ْم َأوَلَيْ َ‬
‫ص ٌر ِمنْ َربّ َ‬
‫جَا َء نَ ْ‬
‫‪ )10‬وَلََيعْلَ َم ّن ال ّلهُ اّلذِينَ َآمَنُوا َولََيعْلَ َمنّ الْمُنَا ِفقِيَ (‪َ )11‬وقَالَ اّلذِينَ َك َفرُوا لِ ّلذِينَ‬
‫ي ِم ْن خَطَايَا ُه ْم ِمنْ َشيْ ٍء إِّن ُهمْ‬
‫َآمَنُوا اتِّبعُوا سَبِيلَنَا َولْنَحْ ِم ْل خَطَايَا ُك ْم وَمَا هُ ْم بِحَامِلِ َ‬
‫سَألُ ّن َيوْ َم الْقِيَامَةِ َعمّا كَانُوا‬
‫لَكَاذِبُونَ (‪َ )12‬ولَيَحْمِ ُل ّن َأْثقَاَلهُ ْم َوأَْثقَالًا مَ َع َأثْقَالِ ِه ْم وَلَُي ْ‬
‫َيفْتَرُونَ (‪َ )13‬وَلقَ ْد أَ ْرسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَ ْو ِمهِ فَلَبِثَ فِيهِ ْم َألْفَ سََن ٍة إِلّا خَ ْمسِيَ عَامًا‬
‫سفِيَنةِ وَ َجعَلْنَاهَا َآَيةً‬
‫ب ال ّ‬
‫صحَا َ‬
‫َفأَ َخذَ ُهمُ الطّوفَانُ َو ُهمْ ظَالِمُونَ (‪َ )14‬فَأنْجَيْنَاهُ وَأَ ْ‬
‫لِ ْلعَالَمِيَ (‪)15‬‬

‫‪197‬‬
‫‪ -10‬ومن الناس من يقول بلسانه ‪ :‬آمنا ‪ ،‬فإذا أصابه أذى ف سبيل ال جزع وفُت‬
‫عن دينه ‪ ،‬ول يفكر ف عذاب ال يوم القيامة ‪ ،‬فكأنه جعل إيذاء الناس كعذاب ال ف‬
‫الخرة ‪ .‬إذا نصر ال الؤمني على عدوهم فغنموا منهم جاء هؤلء التظاهرون باليان‬
‫‪ ،‬وقالوا للمسلمي ‪ :‬إنا كنا معكم ف اليان ‪ ،‬فأعطونا نصيبا من الغنيمة ‪ .‬ل ينبغى أن‬
‫يظن هؤلء أن أمرهم خافٍ على ال ‪ ،‬فال أعلم با ف صدور الناس من نفاق وإيان ‪.‬‬
‫‪ -11‬وليظهرنّ ال للناس سابق علمه ‪ ،‬فيُمَّي ُز بي الؤمني والنافقي ‪ ،‬ويازى كل با‬
‫عمل ‪.‬‬
‫‪ -12‬وكان زعماء الشرك يقولون للذين دخلوا ف السلم ملصي ‪ :‬كونوا كما‬
‫كنتم على ديننا ‪ ،‬واتبعوا ما نن عليه ‪ ،‬وإذا كان هناك بعث وحساب تشونه فنحن‬
‫نمل عنكم آثامكم ‪ .‬لن تمل نفس وزر نفس أخرى ‪ ،‬إن الكافرين لكاذبون ف‬
‫وعدهم ‪.‬‬
‫‪ -13‬وسوف يمل الكفار أوزار أنفسهم الثقيلة ‪ ،‬ويملون معها مثل أوزار من‬
‫أضلوهم وصرفوهم عن الق ‪ ،‬وسيحاسبون حتما يوم القيامة على ما كانوا يتلقون‬
‫ف الدنيا من الكاذيب ‪ ،‬ويعذبون با ‪.‬‬
‫‪ -14‬ولقد بعث ال نوحا إل قومه يدعوهم إل التوحيد ‪ ،‬فمكث يدعوهم تسعمائة‬
‫وخسي سنة وهم ل يستجيبون له ‪ ،‬فأغرقهم ال بالطوفان وهم ظالون لنفسهم‬
‫بالكفر ‪.‬‬
‫‪ -15‬وحقق ال وعده لنوح ‪ ،‬فأناه والؤمني الذين ركبوا معه السفينة ‪ ،‬وجعل‬
‫قصتهم عبة لن بعدهم ‪.‬‬

‫وَِإْبرَاهِيمَ ِإ ْذ قَا َل ِلقَ ْو ِمهِ اعُْبدُوا ال ّلهَ وَاّتقُو ُه َذلِ ُكمْ خَ ْي ٌر لَ ُك ْم إِنْ كُنُْت ْم َتعْلَمُونَ (‪ِ )16‬إنّمَا‬
‫َتعْبُدُو َن ِمنْ دُو ِن اللّ ِه َأوْثَانًا َوتَخْ ُلقُو َن ِإ ْفكًا إِ ّن الّذِينَ َتعُْبدُو َن ِم ْن دُو ِن ال ّلهِ لَا يَمْ ِلكُونَ‬
‫ق وَاعُْبدُو ُه وَاشْ ُكرُوا َلهُ ِإلَ ْيهِ تُ ْر َجعُونَ (‪َ )17‬وإِ ْن تُ َك ّذبُوا‬
‫لَ ُكمْ رِ ْزقًا فَابَْتغُوا عِ ْن َد اللّ ِه الرّزْ َ‬
‫َفقَدْ َك ّذبَ ُأ َممٌ ِم ْن قَبْ ِلكُ ْم َومَا عَلَى الرّسُو ِل ِإلّا الْبَلَاغُ الْمُِبيُ (‪ )18‬أَ َوَلمْ َي َروْا كَيْفَ‬
‫يُ ْبدِئُ ال ّلهُ الْخَ ْل َق ُثمّ ُيعِي ُدهُ إِ ّن َذِلكَ عَلَى ال ّلهِ َيسِيٌ (‪)19‬‬

‫‪198‬‬
‫‪ -16‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬قصة إبراهيم حي دعا قومه إل توحيد ال وطاعته ‪،‬‬
‫وَنَّب َههُم إل أن اليان خي لم من الكفر إن كانوا من ذوى العلم والعقل ‪.‬‬
‫‪ -17‬وقال لم ‪ :‬أنتم ل تعبدون من دون ال إل تاثيل وأصناما تصنعونا بأيديكم ‪،‬‬
‫وتتلقون الكذب فتسمونا آلة ‪ .‬وأن هذه الوثان الت تعبدونا من دون ال ل تنفع‬
‫ول تضر ول تستطيع لكم رزقا ‪ ،‬فالتمسوا الرزق من ال ‪ -‬وحده ‪ -‬وخُصّوه‬
‫بالعبادة والشكر له على أنعمه ‪ ،‬فإليه مصيكم أجعي فيجازيكم على أعمالكم ‪.‬‬
‫‪ -18‬وإن تستمروا على تكذيب فلن تضرون ‪ ،‬فقد أبلغتكم أن الرسل قبلى كذبتهم‬
‫أمهم وما ضروهم ‪ ،‬وإنا ضروا أنفسهم إذ أهلكهم ال بسبب تكذيبهم ‪ ،‬فليس على‬
‫الرسول إل أن يبلغ ف وضوح رسالته إل قومه ‪.‬‬
‫‪ -19‬قد رأوا وعلموا أن ال يُبدئ اللق ث يُعيده ‪ ،‬فكيف ينكرون البعث ف اليوم‬
‫الخر للحساب والزاء؟ إن العادة على ال أسهل ‪.‬‬

‫شَأةَ اْلآَ ِخ َرةَ إِنّ ال ّلهَ‬


‫شئُ الّن ْ‬
‫ف َبدََأ الْخَ ْل َق ثُ ّم ال ّلهُ يُ ْن ِ‬
‫ض فَانْ ُظرُوا كَيْ َ‬
‫ُقلْ سِيُوا فِي الْأَرْ ِ‬
‫ب َمنْ َيشَا ُء َويَ ْر َحمُ َم ْن َيشَا ُء َوِإلَ ْيهِ ُتقْلَبُونَ (‪َ )21‬ومَا‬
‫عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪ُ )20‬ي َعذّ ُ‬
‫ض َولَا فِي السّمَا ِء َومَا َلكُ ْم ِمنْ دُو ِن ال ّلهِ ِم ْن وَِل ّي وَلَا نَصِيٍ (‬
‫جزِينَ فِي اْلأَرْ ِ‬
‫َأنْتُ ْم بِ ُمعْ ِ‬
‫ك َل ُهمْ َعذَابٌ‬
‫ك يَِئسُوا ِمنْ َرحْمَتِي َوأُولَئِ َ‬
‫ت ال ّلهِ َوِلقَاِئهِ أُولَئِ َ‬
‫‪ )22‬وَاّلذِينَ َك َفرُوا ِبآَيَا ِ‬
‫َألِيمٌ (‪ )23‬فَمَا كَا َن َجوَابَ َق ْو ِمهِ ِإلّا أَ ْن قَالُوا اقْتُلُو ُه َأوْ َح ّرقُو ُه َفأَنْجَا ُه اللّ ُه ِمنَ النّا ِر إِنّ‬
‫ك َل َآيَاتٍ ِل َقوْ ٍم يُ ْؤمِنُونَ (‪)24‬‬
‫فِي َذلِ َ‬

‫‪ -20‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لؤلء الكذبي ‪ :‬امشوا ف الرض ‪ ،‬وتأملوا فيما أنشأ ال‬
‫فيها من متلف الكائنات ‪ ،‬وانظروا إل آثار من كان فيها قبلكم بعد أن ماتوا وخلت‬
‫منهم ديارهم ‪ ،‬واعلموا أن ال بقدرته سيعيد كل ذلك ف الخرة بالبعث وهو النشاء‬
‫الخر ‪ ،‬وكذلك شأنكم ‪ ،‬إن ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬تام القدرة على كل شئ ‪.‬‬
‫‪ -21‬يعذب ال من يشاء بعد النشأة الخرة وهم النكرون لا ‪ ،‬ويرحم من يشاء وهم‬
‫الؤمنون القرون با ‪ ،‬وإليه ‪ -‬وحده ‪ -‬مرجع اللق جيعا للحساب والزاء ‪.‬‬
‫‪ -22‬ولستم ‪ -‬أيها الكذبون ‪ -‬بغالبي لقدرة ال ‪ ،‬سواء أكنتم ف الرض أم ف‬

‫‪199‬‬
‫السماء ‪ ،‬بل هى ميطة بكم ‪ ،‬وليس لكم ولّ ينعكم من ال ول نصي يدفع عنكم‬
‫عذابه ‪.‬‬
‫‪ -23‬والذين كفروا بدلئل ال على وحدانيته ‪ ،‬وكذّبوا برسله وكتبه ‪ ،‬وأنكروا‬
‫البعث والساب ‪ .‬هؤلء ليس لم مطمع ف رحة ال وهؤلء لم عذاب شديد مؤل ‪.‬‬
‫‪ -24‬ل يكن جواب قوم إبراهيم له ‪ -‬حي أمرهم بعبادة ال وترك ما هم عليه من‬
‫عبادة الوثان ‪ -‬إل المعان ف الكفر ‪ ،‬وقوْل بعضهم لبعض ‪ :‬اقتلوه أو حَرّقوه ‪،‬‬
‫فألقوه ف النار ‪ ،‬فجعلها ال بردا وسلما عليه ‪ ،‬وأناه منها ‪ ،‬إن ف إحباط كيدهم‬
‫وإنائه منها ‪ ،‬وعدم تأثيها فيه لدلئل واضحة لقوم يصدقون بتوحيد ال وقدرته ‪.‬‬

‫خذُْتمْ مِ ْن دُونِ ال ّل ِه َأوْثَانًا َموَ ّد َة بَيِْنكُ ْم فِي الْحَيَا ِة ال ّدنْيَا ُث ّم يَوْ َم اْلقِيَا َمةِ يَ ْك ُفرُ‬
‫َوقَالَ ِإنّمَا اتّ َ‬
‫صرِينَ (‪َ )25‬فآَ َم َن لَهُ‬
‫ض َويَلْ َع ُن َبعْضُ ُكمْ َبعْضًا وَ َم ْأوَا ُك ُم النّا ُر َومَا َلكُ ْم ِمنْ نَا ِ‬
‫َبعْضُ ُكمْ بَِبعْ ٍ‬
‫حكِيمُ (‪ )26‬وَ َوهَبْنَا َل ُه إِسْحَاقَ‬
‫ط َوقَالَ إِنّي ُمهَاجِ ٌر ِإلَى َربّي ِإّنهُ ُهوَ اْل َعزِي ُز الْ َ‬
‫لُو ٌ‬
‫ب وَ َآتَيْنَاهُ َأ ْج َرهُ فِي ال ّدنْيَا َوإِّن ُه فِي الْ َآ ِخ َرةِ لَ ِمنَ‬
‫وََي ْعقُوبَ َو َجعَلْنَا فِي ذُ ّريِّت ِه النّبُ ّو َة وَاْلكِتَا َ‬
‫شةَ مَا سَبَ َق ُكمْ ِبهَا ِم ْن َأحَ ٍد ِمنَ‬
‫الصّالِحِيَ (‪َ )27‬ولُوطًا ِإ ْذ قَا َل ِلقَ ْومِ ِه ِإنّ ُك ْم لََتأْتُونَ اْلفَا ِح َ‬
‫الْعَالَمِيَ (‪َ )28‬أئِنّ ُكمْ لََت ْأتُونَ الرّجَالَ َوَتقْطَعُو َن السّبِي َل َوتَ ْأتُونَ فِي نَادِي ُكمُ الْمُ ْن َك َر فَمَا‬
‫ت ِم َن الصّا ِدقِيَ (‪ )29‬قَالَ َربّ‬
‫ب اللّ ِه إِنْ كُنْ َ‬
‫كَا َن جَوَابَ َق ْومِ ِه ِإلّا أَ ْن قَالُوا ائْتِنَا بِ َعذَا ِ‬
‫سدِينَ (‪)30‬‬
‫انْصُ ْرنِي َعلَى اْلقَوْ ِم الْ ُم ْف ِ‬

‫‪ -25‬وقال إبراهيم لقومه ‪ :‬ل تعبدوا إل آلة باطلة عبادتا ‪ .‬ث يتبدل الال يوم‬
‫القيامة ‪ ،‬فيتبأ القادة من التباع ‪ ،‬ويلعن التباع القادة ‪ ،‬ومصيكم جيعا النار ‪،‬‬
‫وليس لكم ناصر ينعكم من دخولا ‪.‬‬
‫‪ -26‬وكان أول من أجاب دعوة إبراهيم إل الق « لوط » فصدق وكان موحدا من‬
‫قبل ‪ ،‬وقال إبراهيم ‪ -‬مطيعا لمر ال ‪ : -‬إن مهاجر إل الهة الت أمرن رب بالجرة‬
‫إليها والقيام بالدعوة إل ال فيها ‪ .‬وهو العزيز الذى ينعن من أعدائى ‪ ،‬الكيم الذى‬
‫ل يأمرن إل با هو خي ‪.‬‬
‫‪ -27‬و َمنّ ال على إبراهيم بإسحاق ولده وبيعقوب حفيده ‪ ،‬وكرّمه بأن جعل‬

‫‪200‬‬
‫النبوات ف ذريته ‪ ،‬وأنزل عليهم الكتب السماوية ‪ ،‬وجزاه ال أحسن الزاء ف‬
‫الدنيا ‪ ،‬وهو ف الخرة من خيار الصالي ‪.‬‬
‫‪ -28‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬إذ أرسلنا لوطا إل قومه ‪ ،‬فدعاهم إل توحيد ال‬
‫وطاعته ‪ ،‬وأنكر عليهم العمل الفاحش الذى كانوا يفعلونه ول يسبقهم إل فعله أحد‬
‫من خلق ال ‪.‬‬
‫‪ -29‬إن ما تفعلونه منكر مُهلك ‪ .‬فإنكم تفعلون الفاحشة بالرجال ‪ ،‬وتقطعون سبيل‬
‫النسل ‪ ،‬فيكون الآل الفناء ‪ .‬وترتكبون ف متمعاتكم النكرات دون خوف من ال ول‬
‫حياء فيما بينكم ‪ .‬فلم يستمع له قومه ‪ ،‬ول يكن لم جواب غي السخرية به ‪ ،‬وطلبوا‬
‫منه أن يُعجّل بعذاب ال يُهددهم به إن كان صادقا فيما يقول ‪.‬‬
‫‪ -30‬فاستعان لوط عليهم بال ‪ ،‬وطلب أن ينصره على قومه الفسدين ف الرض ‪.‬‬

‫شرَى قَالُوا ِإنّا ُمهْ ِلكُو َأهْ ِل َه ِذهِ اْلقَ ْرَيةِ إِ ّن َأهْ َلهَا كَانُوا‬
‫وَلَمّا جَا َءتْ ُرسُلُنَا ِإبْرَاهِي َم بِالُْب ْ‬
‫ح ُن أَعْ َل ُم بِ َم ْن فِيهَا لَنُنَجّيَّنهُ َوَأهْلَ ُه ِإلّا ا ْمرََأَتهُ‬
‫ظَالِمِيَ (‪ )31‬قَالَ إِ ّن فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَ ْ‬
‫ق ِبهِ ْم ذَرْعًا‬
‫كَانَتْ مِ َن اْلغَاِبرِينَ (‪ )32‬وَلَمّا أَ ْن جَا َءتْ ُرسُلُنَا لُوطًا سِي َء ِبهِ ْم وَضَا َ‬
‫ت ِمنَ اْلغَاِبرِينَ (‪ِ )33‬إنّا‬
‫ك ِإلّا ا ْمرََأَتكَ كَانَ ْ‬
‫حزَ ْن ِإنّا مَُنجّوكَ وََأهْلَ َ‬
‫ف َولَا تَ ْ‬
‫َوقَالُوا لَا تَخَ ْ‬
‫مُ ْنزِلُونَ عَلَى أَ ْه ِل َهذِ ِه اْلقَ ْرَيةِ ِر ْجزًا ِم َن السّمَاءِ بِمَا كَانُوا َي ْفسُقُونَ (‪ )34‬وََل َقدْ َترَكْنَا‬
‫مِ ْنهَا َآَي ًة بَيَّنةً ِل َقوْ ٍم َيعْقِلُونَ (‪ )35‬وَِإلَى َم ْديَ َن َأخَا ُهمْ ُشعَيْبًا َفقَا َل يَا َقوْمِ اعُْبدُوا ال ّلهَ‬
‫سدِينَ (‪)36‬‬
‫ض ُم ْف ِ‬
‫وَا ْرجُوا الْيَوْ َم اْلآَ ِخ َر َولَا َتعْثَوْا فِي الْأَرْ ِ‬

‫‪ -31‬وحي جاءت ملئكة ال إل إبراهيم ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬مبشرين ‪ ،‬قالوا ‪ :‬إن‬


‫أمرهم بإهلك أهل هذه القرية بسبب إفسادهم وظلمهم أنفسهم بالشرك وارتكاب‬
‫الفاحشة ‪.‬‬
‫‪ -32‬قال إبراهيم ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬للملئكة ‪ :‬إن ف القرية لوطا ‪ ،‬وكيف تلكونم‬
‫وهو فيهم؟ فأجابته اللئكة ‪ :‬بأنم يعلمون من فيها ‪ ،‬وأنم ينجون لوطا وأهله من‬
‫العذاب ‪ ،‬إل امرأته فإنا ف الالكي لكفرها وإساءتا ‪.‬‬
‫‪ -33‬ولا ذهب اللئكة الرسلون إل لوط ورآهم حزن ‪ ،‬لوفه عليهم من عدوان‬

‫‪201‬‬
‫قومه ‪ ،‬وعجزت حيلته فيما يتعلق بمايتهم ‪ ،‬فطمأنوه وقالوا له ‪ :‬ل ْتشََينّ عدوان‬
‫قومك علينا ‪ ،‬ول تزن من أجلنا ‪ ،‬فقد أتينا لهلك أهل هذه القرية ‪ ،‬وسننجيك‬
‫وأهلك ‪ ،‬ولكن امرأتك لكفرها ستكون مع الالكي ‪.‬‬
‫‪ -34‬وقالت اللئكة ‪ :‬إننا مرسَلُون لتنفيذ أمر ال بإنزال العذاب من السماء على‬
‫سكان هذه القرية بسبب فسقهم وكفرهم ‪.‬‬
‫‪ -35‬ولقد أهلك ال هذه القرية وترك منها آثارا ظاهرة ‪ ،‬لتكون دليل على ما فعله‬
‫ال بم ‪ ،‬وعبة لن يتدبّر ‪.‬‬
‫‪ -36‬وأرسل ال إل أهل مدين رسول منهم هو شعيب ‪ ،‬دعاهم إل توحيد ال‬
‫وعبادته والوف من اليوم الخر ‪ ،‬وفِعْل ما يرجون به ثواب ال فيه ‪ .‬وناهم عن‬
‫السعى ف الرض بالفساد ‪.‬‬

‫فَ َك ّذبُو ُه َفأَ َخ َذتْ ُهمُ ال ّرجْ َف ُة َفأَصْبَحُوا فِي دَا ِر ِهمْ جَاثِمِيَ (‪ )37‬وَعَادًا َوثَمُودَ َو َقدْ تَبَّينَ‬
‫صرِينَ‬
‫ص ّدهُمْ َع ِن السّبِيلِ وَكَانُوا ُمسْتَبْ ِ‬
‫لَ ُك ْم ِمنْ َمسَاكِِنهِ ْم وَ َزّينَ َل ُهمُ الشّيْطَا ُن أَعْمَاَلهُ ْم فَ َ‬
‫ت فَاسَْتكَْبرُوا فِي الْأَرْضِ‬
‫(‪َ )38‬وقَارُو َن َوفِرْ َعوْ َن َوهَامَانَ َوَلقَ ْد جَا َءهُ ْم مُوسَى بِالْبَيّنَا ِ‬
‫وَمَا كَانُوا سَاِبقِيَ (‪ )39‬فَكُلّا أَ َخ ْذنَا ِب َذنْبِ ِه فَمِ ْن ُهمْ مَ ْن أَ ْرسَلْنَا عَلَ ْيهِ حَاصِبًا َومِنْ ُه ْم َمنْ‬
‫ض وَمِ ْن ُهمْ مَ ْن أَ ْغ َرقْنَا َومَا كَانَ ال ّل ُه لِيَظْلِ َم ُهمْ‬
‫ح ُة وَمِ ْن ُهمْ َم ْن َخسَفْنَا ِبهِ اْلأَرْ َ‬
‫أَ َخ َذتْ ُه الصّيْ َ‬
‫س ُهمْ يَظْ ِلمُونَ (‪)40‬‬
‫وََل ِكنْ كَانُوا َأْنفُ َ‬

‫‪ -37‬فكذبوه وعصوه ‪ ،‬فأهلكهم ال بزلزال شديد دمّر عليهم مساكنهم ‪ ،‬فغدوا فيها‬
‫صرعى ميتي ‪.‬‬
‫‪ -38‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬مصارع عاد وثود إذ أهلكناهم ‪ ،‬وقد بقيت من‬
‫مساكنهم آثار ظاهرة ترونا ‪ ،‬وكان هذا اللك بسبب ما زين لم الشيطان من‬
‫أعمالم الباطلة فاتبعوه ‪ ،‬فصرفهم عن طريق الق الذى كانوا يعرفونه بواسطة الرسل‬
‫‪.‬‬
‫‪ -39‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لؤلء الغترين بأموالم وسلطانم مصرع قارون‬
‫وفرعون وهامان وما جرى عليهم من سنة ال بإهلك الكذبي ‪ ،‬وقد بعث ال إليهم‬

‫‪202‬‬
‫موسى بالعجزات الظاهرة الدالة على صدقه ‪ ،‬فكذبوه وأبوا أن يستجيبوا له‬
‫استكبارا ‪ ،‬وما كانوا غالبي لقدرة ال بالفلت من عذابه ‪.‬‬
‫‪ -40‬فكل أمة من هذه المم الكذبة برسلها أهلكها ال بسبب كفرها وما ارتكبت‬
‫من العصية ‪ ،‬فبعض هذه المم أهلكه ال بالريح العاصفة الت حصبتهم بالجارة ‪،‬‬
‫وبعضهم هلك بالصيحة الدوية الهلكة ‪ ،‬وبعضهم خسف ال به الرض ‪ ،‬وبعضهم‬
‫أغرقه ال ف اليم ‪ .‬ول يكن هذا العذاب ظلما من ال لم ‪ ،‬بل كان بسبب كفرهم‬
‫وارتكابم الذنوب ‪.‬‬

‫خ َذتْ بَيْتًا َوإِنّ َأ ْوهَ َن الْبُيُوتِ‬


‫خذُوا مِ ْن دُونِ ال ّل ِه َأوْلِيَاءَ كَ َمَثلِ اْلعَنْكَبُوتِ اتّ َ‬
‫مََثلُ اّلذِي َن اتّ َ‬
‫ت لَوْ كَانُوا َيعْلَمُونَ (‪ )41‬إِنّ ال ّل َه َيعْلَ ُم مَا َيدْعُو َن ِمنْ دُوِنهِ ِم ْن شَيْءٍ‬
‫ت الْعَ ْنكَبُو ِ‬
‫لَبَيْ ُ‬
‫س َومَا َيعْقِ ُلهَا ِإلّا اْلعَالِمُونَ (‪)43‬‬
‫ضرُِبهَا لِلنّا ِ‬
‫حكِيمُ (‪ )42‬وَتِ ْلكَ اْلَأمْثَا ُل نَ ْ‬
‫وَ ُهوَ اْل َعزِي ُز الْ َ‬
‫ك َلآََي ًة لِلْ ُمؤْمِِنيَ (‪ )44‬اتْ ُل مَا أُوحِيَ‬
‫ح ّق إِ ّن فِي َذلِ َ‬
‫ض بِالْ َ‬
‫خَ َلقَ ال ّلهُ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ َ‬
‫حشَا ِء وَالْمُ ْن َك ِر وََلذِ ْكرُ ال ّل ِه أَكَْبرُ‬
‫ك ِمنَ اْلكِتَابِ َوَأ ِقمِ الصّلَاةَ إِ ّن الصّلَاةَ تَ ْنهَى َعنِ اْلفَ ْ‬
‫ِإلَيْ َ‬
‫وَال ّلهُ َيعْ َل ُم مَا تَصَْنعُونَ (‪)45‬‬

‫‪ -41‬شأن البطلي الوالي لغي ال ف الضعف والوهن والعتماد على غي معتمد؛‬


‫كشأن العنكبوت ف اتاذها بيتا تتمى به ‪ ،‬وبيتها أوهى البيوت وأبعد عن الصلحية‬
‫للحتماء ‪ ،‬ولو كان هؤلء البطلون أهل علم وفطنة لا فعلوا ذلك ‪.‬‬
‫‪ -42‬إن ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬ميط علما ببطلن عبادة اللة ‪ ،‬وهو ‪ -‬سبحانه ‪ -‬الغالب‬
‫على كل شئ الكيم ف تدبيه وتشريعه ‪.‬‬
‫‪ -43‬وهذه العب والمثال يذكرها ال للناس للعظة والعتبار ‪ ،‬وما يعتب با إل‬
‫العقلء الذين يتدبرون ‪.‬‬
‫‪ -44‬وبانب ما ذكر ال من القصص والمثال واليات آية أوضح ‪ ،‬هى خلق‬
‫السموات والرض بالقدرة والكمة والتدبي الكامل لصال الناس ‪ ،‬وف هذا دلئل‬
‫صادقة لن يؤمنون بالق ‪.‬‬
‫‪ -45‬اقرأ ‪ -‬أيها النب ‪ -‬كتاب ال ‪ ،‬ول تلتفت إليهم ‪ ،‬وأد الصلة على وجهها ‪،‬‬

‫‪203‬‬
‫لن الصلة مع الخلص من شأنا أن تصرف من يقيمها عن الذنوب وكل ما ينكره‬
‫الشرع ‪ .‬ولتقوى ال ومراقبته ف الصلة وغيها أكب أثرا وأعظم ثوابا ‪ .‬وال يعلم ما‬
‫تفعلون من الي والشر فيجازيكم عليه ‪.‬‬

‫سنُ ِإلّا اّلذِينَ ظَ َلمُوا مِ ْن ُهمْ َوقُولُوا َآمَنّا بِالّذِي‬


‫وَلَا تُجَادِلُوا َأ ْهلَ اْلكِتَابِ ِإلّا بِالّتِي ِهيَ َأ ْح َ‬
‫ح ُن َلهُ ُمسْلِمُونَ (‪ )46‬وَ َكذَِلكَ َأْن َزلْنَا‬
‫ُأنْ ِزلَ ِإلَيْنَا وَُأْنزِ َل ِإلَيْ ُكمْ وَِإَلهُنَا َوإَِل ُهكُ ْم وَا ِحدٌ َونَ ْ‬
‫حدُ‬
‫ب فَاّلذِينَ َآتَيْنَا ُهمُ اْلكِتَابَ يُ ْؤمِنُونَ ِب ِه َومِ ْن َهؤُلَا ِء َمنْ ُي ْؤ ِمنُ ِبهِ وَمَا يَجْ َ‬
‫ك الْكِتَا َ‬
‫ِإلَيْ َ‬
‫ت تَتْلُو ِم ْن قَبْ ِلهِ ِمنْ كِتَابٍ َولَا َتخُ ّطهُ بَِيمِيِنكَ ِإذًا‬
‫ِبآَيَاتِنَا ِإلّا الْكَافِرُونَ (‪َ )47‬ومَا كُ ْن َ‬
‫حدُ‬
‫جَ‬‫صدُورِ اّلذِي َن أُوتُوا اْلعِ ْلمَ َومَا يَ ْ‬
‫لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (‪َ )48‬ب ْل هُوَ َآيَاتٌ بَيّنَاتٌ فِي ُ‬
‫ِبآَيَاتِنَا ِإلّا الظّالِمُونَ (‪َ )49‬وقَالُوا َل ْولَا ُأنْ ِزلَ عَلَ ْيهِ َآيَاتٌ ِمنْ َرّبهِ ُق ْل ِإنّمَا اْلآَيَاتُ ِع ْندَ ال ّلهِ‬
‫وَِإنّمَا َأنَا َنذِي ٌر مُبِيٌ (‪)50‬‬

‫‪ -46‬ول تادلوا مالفيكم من اليهود والنصارى إل بالطريقة الت هى أهدأ وألي‬


‫وأدعى إل القبول ‪ .‬إل الذين جاوزوا حد العتدال ف الدال فل حرج ف مقابلتهم‬
‫بالشدة ‪ ،‬وقولوا لن تادلونم ‪ :‬صدّقنا با أنزل ال إلينا من القرآن وما أنزل إليكم من‬
‫التوراة والنيل ‪ ،‬ومعبودنا ومعبودكم واحد ‪ ،‬ونن له ‪ -‬وحده ‪ -‬منقَادون ‪.‬‬
‫‪ -47‬وكما أنزلنا الكتب على ‪ -‬من قبلك من الرسل ‪ -‬أنزلنا إليك القرآن ‪ ،‬فالذين‬
‫آتيناهم الكتاب قبل القرآن فتدبروه واهتدوا به يؤمنون بذا القرآن ‪ .‬ومن هؤلء‬
‫العرب من يؤمن به ‪ ،‬وما يُنكر آياتنا ‪ -‬بعد ظهورها وزوال الشبهة عنها ‪ -‬إل‬
‫الصِرّون على الكفر ‪.‬‬
‫‪ -48‬وما كنت تقرأ كتابا من الكتب قبل القرآن ‪ ،‬ول كنت تكتب بيمينك ‪ ،‬ولو‬
‫كنت من يقرأ ويكتب لشك أهل الباطل ف أنه من عند ال ‪.‬‬
‫‪ -49‬ليس هذا الكتاب موْضع ارتياب ‪ ،‬بل هو آيات واضحات مفوظة ف صدور‬
‫الذين آتاهم ال العلم ‪ ،‬وما يُنكر آياتنا ‪ -‬بعد العلم با ‪ -‬إل الظالون للحق‬
‫ولنفسهم ‪.‬‬
‫‪ -50‬وقال الكفار ف جدالم ولاجهم ‪ :‬هل أُنزل عليه معجزات حسية كالت نزلت‬

‫‪204‬‬
‫على الرسل من قبل؟ ‪ .‬قل لم ‪ :‬إنا العجزات كلها من عند ال ‪ ،‬ينلا حي يشاء ‪،‬‬
‫وإنا أنا مكلف بالنذار الواضح ‪ ،‬ل التيان با تقترحون ‪.‬‬

‫ب يُتْلَى عَ َل ْيهِ ْم إِ ّن فِي َذِلكَ َل َرحْ َمةً َوذِ ْكرَى لِ َقوْمٍ‬


‫أَ َوَلمْ َي ْكفِ ِه ْم َأنّا َأنْ َزلْنَا عَلَ ْيكَ اْلكِتَا َ‬
‫ت وَاْلأَرْضِ‬
‫يُ ْؤمِنُونَ (‪ُ )51‬قلْ َكفَى بِاللّ ِه بَيْنِي َوبَيَْن ُكمْ َشهِيدًا َيعْلَ ُم مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫وَاّلذِينَ َآمَنُوا بِالْبَا ِطلِ وَ َك َفرُوا بِال ّل ِه أُولَِئكَ ُهمُ الْخَا ِسرُونَ (‪ )52‬وََيسَْتعْجِلُونَكَ‬
‫ش ُعرُونَ (‪)53‬‬
‫بِاْل َعذَابِ َوَلوْلَا أَ َجلٌ ُمسَمّى لَجَا َء ُهمُ اْل َعذَابُ َولََي ْأتِيَنّ ُه ْم َبغْتَ ًة َوهُ ْم لَا َي ْ‬
‫ب ِمنْ‬
‫ب َوإِنّ َجهَّنمَ لَ ُمحِي َط ٌة بِاْلكَا ِفرِينَ (‪َ )54‬يوْ َم َي ْغشَا ُهمُ اْلعَذَا ُ‬
‫َيسْتَعْجِلُوَنكَ بِالْ َعذَا ِ‬
‫ت أَ ْرجُلِ ِه ْم وََيقُو ُل ذُوقُوا مَا كُنُْت ْم َتعْمَلُونَ (‪ )55‬يَا عِبَادِيَ اّلذِينَ َآمَنُوا‬
‫ح ِ‬
‫َفوْ ِق ِهمْ َو ِمنْ تَ ْ‬
‫س ذَاِئ َقةُ الْ َم ْوتِ ُث ّم إِلَيْنَا ُترْ َجعُونَ (‪)57‬‬
‫إِ ّن أَرْضِي وَاسِ َعةٌ فَِإيّايَ فَاعُْبدُونِ (‪ُ )56‬ك ّل َنفْ ٍ‬

‫‪ -51‬أيقترحون هذه اليات ول يكفيهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يُقرأ عليهم ‪ -‬وهو‬
‫الية الالدة على مر الزمن ‪ -‬إنّ ف إنزال هذا الكتاب عليكم لرحة بم وبالجيال من‬
‫بعدهم ‪ ،‬وتذكرة دائمة نافعة لقوم شأنم أن يؤمنوا إذا وضحت لم سبل الداية ‪.‬‬
‫‪ -52‬قل ‪ :‬حسب وحسبكم أن يكون ال شاهدا على أنّى قد بلّغتكم ما أُرسلت به‬
‫إليكم ‪ ،‬فهو مطلع على أمرى وأمركم ‪ ،‬ل يفى عليه شئ ف السموات والرض ‪.‬‬
‫والذين عبدوا غي ال وكفروا بال فلم يصوه بالعبادة؛ أولئك هم الذين اشتروا الكفر‬
‫باليان فأصابم السران البي ‪.‬‬
‫‪ -53‬ويتحداك الكافرون أن تعجّل لم العذاب الذى حذرتم منه ‪ ،‬ولول أجل معلوم‬
‫قضت به حكمتنا لعجّلنا لم العذاب الذى استعجلوه ‪ ،‬وأقسم ليأتينهم فجأة وهم ل‬
‫يشعرون ‪.‬‬
‫‪ -54‬يطلبون إليك تعجيل العذاب وهو واقع بم ل مالة ‪ .‬وإن جهنم لتحيط ‪ -‬يقينا‬
‫‪ -‬بالكافرين ‪.‬‬
‫‪ -55‬يوم يغمرهم العذاب من أعلهم ومن أسفلهم ‪ ،‬ويقول اللك الوكل بعذابم ‪:‬‬
‫ذوقوا جزاء ما كنتم تعملون من السيئات ‪.‬‬
‫‪ -56‬يا عبادى الذين صدّقوا ب وبرسول ‪ :‬إنّ أرضى واسعة لن أراد أن يفر عن‬

‫‪205‬‬
‫مواطن الشرك ‪ .‬ففروا إل ملصي ل العبادة ‪.‬‬
‫ج َزوْن با قدمتم‬
‫‪ -57‬كل نفس ستذوق طعم الوت ‪ -‬ل مالة ‪ -‬ث إلينا تعودون فَتُ ْ‬
‫من خي وشر ‪.‬‬

‫جرِي مِ ْن تَحِْتهَا الَْأْنهَارُ‬


‫وَاّلذِينَ َآمَنُوا وَ َعمِلُوا الصّالِحَاتِ لَنَُب ّوئَّنهُ ْم ِمنَ الْجَّنةِ ُغ َرفًا تَ ْ‬
‫خَاِلدِي َن فِيهَا ِن ْعمَ َأ ْجرُ اْلعَامِلِيَ (‪ )58‬اّلذِينَ صََبرُوا وَعَلَى َرّب ِهمْ يََتوَكّلُونَ (‪ )59‬وَ َكَأّينْ‬
‫ِمنْ دَابّ ٍة لَا َتحْ ِملُ رِ ْز َقهَا ال ّلهُ َيرْ ُز ُقهَا َوِإيّا ُك ْم وَ ُهوَ السّمِي ُع الْعَلِيمُ (‪ )60‬وَلَِئ ْن َسأَلَْت ُهمْ َمنْ‬
‫س وَالْقَ َم َر لََيقُوُلنّ ال ّل ُه َفأَنّى ُي ْؤفَكُونَ (‪ )61‬اللّهُ‬
‫خرَ الشّمْ َ‬
‫ض َوسَ ّ‬
‫خَ َلقَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ َ‬
‫ق لِ َمنْ َيشَا ُء ِمنْ عِبَا ِدهِ َوَي ْقدِرُ َل ُه إِنّ ال ّل َه بِ ُك ّل شَيْءٍ عَلِيمٌ (‪ )62‬وَلَِئنْ‬
‫ط الرّ ْز َ‬
‫يَ ْبسُ ُ‬
‫ح ْمدُ‬
‫ض ِم ْن َبعْ ِد َموِْتهَا لََيقُوُل ّن اللّ ُه ُقلِ الْ َ‬
‫سََألَْت ُهمْ َم ْن َنزّ َل ِمنَ السّمَا ِء مَا ًء َفأَحْيَا ِب ِه الْأَرْ َ‬
‫ب َوإِنّ الدّارَ اْلآَ ِخ َرةَ‬
‫لِ ّلهِ َب ْل أَكَْثرُ ُه ْم لَا َي ْعقِلُونَ (‪َ )63‬ومَا َه ِذهِ الْحَيَا ُة ال ّدنْيَا ِإلّا لَ ْه ٌو وََلعِ ٌ‬
‫َلهِ َي الْحََيوَا ُن َلوْ كَانُوا َيعْلَمُونَ (‪)64‬‬

‫‪ -59 ، 58‬والذين صدّقوا بال وكتبه ورسله ‪ ،‬وعملوا العمال الصالة ‪ ،‬نقسم ‪:‬‬
‫لننلنّهم من دار النعيم غرفات ترى من تتها النار ‪ ،‬ل ينقطع عنهم نعيمها ‪ ،‬نعم‬
‫هذا الزاء أجرا للعاملي الصابرين على كل ما يصيبهم ف سبيل ال من فراق الوطان‬
‫والهل والموال ‪ ،‬العتمدين على ال ‪ -‬وحده ‪ -‬ف جيع أحوالم ‪.‬‬
‫‪ -60‬وكثي من الدواب الت تعيش معكم ف الرض ل تستطيع ‪ -‬لضعفها ‪ -‬أن‬
‫تمل رزقها وتنقله ‪ ،‬لتأكله أو تدخره ‪ .‬ال يهيئ لا أسباب رزقها وحياتا ‪ ،‬ويهيئ‬
‫لكم أسباب رزقكم وحياتكم ‪ .‬وهو الحيط بكل ما خلق سعا وعلما ‪.‬‬
‫‪ -61‬وأقسم إن سألت الشركي ‪ :‬من أوجد السموات والرض ‪ ،‬وذلل الشمس‬
‫والقمر وأخضعهما لنافع الناس؟ ليقولون ‪ :‬خلقهن ال ‪ ،‬ول يذكرون أحدا سواه ‪،‬‬
‫فكيف إذن ينصرفون عن توحيد ال ‪ -‬تعال ‪ -‬مع إقرارهم بذا كله؟! ‪.‬‬
‫‪ -62‬ال يُوسّع على مَن يشاء ف الرزق ‪ ،‬ويُضّيقُ على مَن يشاء حسبما يقتضيه علمه‬
‫بالصال ‪ ،‬فإن ال قد أحاط بكل شئ علما ‪.‬‬
‫‪ -63‬وأقسم إن سألتهم ‪ :‬من نزّل من السماء ماء فجعل منه حياة الرض بالنبات بعد‬

‫‪206‬‬
‫جدبا؟ ليقولن ‪ :‬ال ‪ .‬قل ‪ :‬المد ل على اعترافهم بالق ‪ ،‬بل أكثرهم ل يفهمون ما‬
‫يقعون فيه من تناقض ‪.‬‬
‫‪ -64‬وليست هذه الياة الدنيا إل متاعا مدود الوقت ‪ ،‬يلهو به الغافلون كما يلهو‬
‫الصبيان ويلعبون وقتا ما ث ينفضون ‪ .‬وإن الدار الخرة لى دار الياة القيقية‬
‫الكاملة الدائمة ‪ ،‬وهذه حقائق ثابتة يدركها هؤلء لو كان من شأنم الدراك الصحيح‬
‫‪.‬‬

‫ي َلهُ الدّي َن فَلَمّا نَجّا ُه ْم ِإلَى الَْب ّر ِإذَا ُهمْ‬


‫صَ‬‫َفإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُ ْلكِ دَ َعوُا اللّ َه مُخْلِ ِ‬
‫ف َيعْلَمُونَ (‪ )66‬أَ َوَلمْ َي َروْا َأنّا‬
‫ُيشْرِكُونَ (‪ )65‬لِيَ ْك ُفرُوا بِمَا َآتَيْنَا ُه ْم وَلِيَتَ َمّتعُوا َفسَوْ َ‬
‫ف النّاسُ ِم ْن َحوِْل ِهمْ َأفَبِالْبَا ِط ِل ُيؤْمِنُو َن َوبِنِعْ َم ِة ال ّلهِ َيكْ ُفرُونَ (‬
‫جَعَلْنَا َحرَمًا َآمِنًا َويُتَخَطّ ُ‬
‫س فِي جَهَّنمَ‬
‫ح ّق لَمّا جَا َءهُ أَلَيْ َ‬
‫ب بِالْ َ‬
‫‪ )67‬وَ َم ْن أَظْ َل ُم مِ ّمنِ افَْترَى عَلَى اللّهِ َك ِذبًا َأوْ َكذّ َ‬
‫حسِِنيَ (‬
‫مَ ْثوًى لِ ْلكَا ِفرِينَ (‪ )68‬وَاّلذِي َن جَا َهدُوا فِينَا لََن ْه ِديَنّ ُه ْم سُبُلَنَا َوإِنّ ال ّل َه لَمَ َع الْمُ ْ‬
‫‪)69‬‬

‫‪ -65‬هم على ما وُصفوا به من شرك ‪ ،‬فإذا ركبوا السفن ف البحر وأدركهم شئ من‬
‫أهواله توجهوا إل ال ملصي له الدعاء أن يكشف عنهم الضر ‪ ،‬فلما ناهم إل الب‬
‫سارعوا بالعودة إل الشراك ‪.‬‬
‫‪ -66‬لينكروا ما أعطيناهم من النعم ‪ ،‬ولينتفعوا با يرضى هواهم ف هذه الياة ‪،‬‬
‫فسوف يعلمون عاقبة الكفر حي يشاهدون العذاب الليم ‪.‬‬
‫‪ -67‬أَ َعمِى كفار مكة عن نعم ال الت أسبغها عليهم ‪َ ،‬أوَ َلمْ يروا أنا جعلنا بلدهم‬
‫مصونا ل يُنهب ول ُيسْلَب ‪ ،‬مقدسا ل ُيسْبَى أهله ول يقع فيه قتل ‪ ،‬وُيسْلَب الناس‬
‫ويُسبون من حولم؟! أعموا عن هذه النعم ‪ .‬فَب َم ل أصل له يصدقون ‪ ،‬وبحمد وبكل‬
‫ما جاء به يكذبون؟! ‪.‬‬
‫‪ -68‬وليس هناك أحد أشد ظلما من نسب إل ال ما ل يشرعه ‪ ،‬أو كذّب بالدين‬
‫الق حي بلغه ‪ ،‬إن ف جهنم لأوى لؤلء الظالي الكافرين ‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫‪ -69‬والذين بذلوا جهدهم ‪ ،‬واحتملوا الشقة ف نصرة ديننا ‪ ،‬لنيدنّهم هداية إل‬
‫الي والق ‪ .‬وإن ال لع الذين يسنون أعمالم ‪ ،‬يعينهم وينصرهم ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬

‫ض َو ُهمْ ِم ْن بَ ْعدِ غَلَِب ِه ْم سَيَغْلِبُونَ (‪)3‬‬


‫ال (‪ )1‬غُلِبَتِ الرّومُ (‪ )2‬فِي َأ ْدنَى الْأَرْ ِ‬

‫‪ -1‬بدأت السورة بذه الية لبيان أن القرآن مؤلف من هذه الروف الت ينطق با‬
‫العرب ف سهولة ووضوح ‪ ،‬ولكن النكرين له عجزوا عن التيان بثله ‪ .‬وهى ‪-‬‬
‫كذلك ‪ -‬تُنَبّه الناس إل الستماع والنصات ‪ .‬وتملهم على التصديق برسالة ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -3 ، 2‬غَلَبت فارس الروم ف أقرب الرض من العرب ‪ ،‬وهى أطراف الشام ‪ ،‬وهم‬
‫بعد انزامهم سيغلبون فارس ‪.‬‬

‫صرُ‬
‫ص ِر اللّ ِه يَنْ ُ‬
‫ي لِ ّل ِه الَْأ ْمرُ ِم ْن قَ ْب ُل وَ ِم ْن َبعْ ُد َويَ ْومَِئذٍ َي ْفرَحُ الْ ُم ْؤمِنُونَ (‪ )4‬بِنَ ْ‬
‫فِي بِضْ ِع سِنِ َ‬
‫س لَا‬
‫ف اللّ ُه وَ ْع َدهُ َوَلكِ ّن أَكَْث َر النّا ِ‬
‫َمنْ َيشَا ُء َوهُ َو الْ َعزِي ُز الرّحِيمُ (‪ )5‬وَ ْع َد اللّ ِه لَا ُيخْلِ ُ‬
‫َيعْلَمُونَ (‪َ )6‬يعْلَمُونَ ظَا ِهرًا ِم َن الْحَيَاةِ ال ّدنْيَا َوهُمْ َع ِن اْلآَ ِخ َرةِ ُهمْ غَافِلُونَ (‪)7‬‬

‫‪ -5 ، 4‬قبل أن تضى تسع سنوات ‪ -‬وكان الشركون قد فرحوا بانتصار فارس ‪،‬‬
‫وقالوا للمسلمي ‪ :‬سنغلبكم كما غلبت فارس الروم الت هى من أهل الكتاب ‪ -‬قد‬
‫حقّق ال وعده ‪ ،‬فانتصر الروم على فارس ف الجل الذى سّاه ‪ ،‬فكان ذلك آية بينة‬
‫على صدق ممد ( ف دعواه وصحة ما جاء به ‪ ،‬ل المر والقضاء من قبل كل شئ‬
‫ومن بعد كل شئ ‪ ،‬ويوم ينتصر الروم على فارس يفرح الؤمنون بنصر ال الذى يؤيد‬
‫من يشاء ‪ ،‬وهو الغالب على أعدائه ‪ ،‬الرحيم بأوليائه ‪.‬‬
‫‪ -6‬وعد ال الؤمني وعدا صادقا ‪ -‬ل يلف ال وعده ‪ -‬ولكن الاحدين ليس من‬
‫شأنم العلم بالمور على وجهها ‪.‬‬
‫‪ -7‬يعلمون شئون ووسائل عمرانا والتمتع بزخارفها ‪ ،‬وهم عن التزود للخرة‬
‫مسرفون ف الهل والغفلة ‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫ح ّق َوأَ َجلٍ‬
‫ض َومَا بَيَْنهُمَا ِإلّا بِالْ َ‬
‫ت وَاْلأَرْ َ‬
‫سهِ ْم مَا خَ َل َق اللّ ُه السّمَاوَا ِ‬
‫أَ َوَلمْ يََت َف ّكرُوا فِي َأنْ ُف ِ‬
‫ض فَيَنْ ُظرُوا‬
‫ُمسَمّى َوإِنّ كَثِيًا ِمنَ النّاسِ بِ ِلقَاءِ َرّب ِهمْ َلكَا ِفرُونَ (‪َ )8‬أ َولَ ْم َيسِيُوا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ض وَعَ َمرُوهَا أَكَْثرَ‬
‫كَيْفَ كَانَ عَاقَِب ُة الّذِينَ ِم ْن قَبْ ِل ِهمْ كَانُوا َأشَ ّد مِ ْن ُهمْ ُق ّوةً َوَأثَارُوا اْلأَرْ َ‬
‫ت فَمَا كَا َن اللّ ُه لِيَظْلِ َم ُه ْم َولَ ِكنْ كَانُوا َأْن ُفسَ ُهمْ‬
‫مِمّا عَ َمرُوهَا وَجَا َءْت ُهمْ ُرسُ ُل ُهمْ بِالْبَيّنَا ِ‬
‫ت اللّ ِه وَكَانُوا ِبهَا‬
‫يَظْلِمُونَ (‪ُ )9‬ثمّ كَانَ عَاقَِبةَ اّلذِي َن أَسَاءُوا السّوأَى أَنْ َك ّذبُوا بِ َآيَا ِ‬
‫َيسَْتهْ ِزئُونَ (‪ )10‬اللّ ُه يَ ْبدَُأ الْخَ ْل َق ُثمّ ُيعِي ُدهُ ُث ّم إِلَ ْي ِه ُترْ َجعُونَ (‪َ )11‬وَيوْمَ تَقُو ُم السّا َعةُ‬
‫شرَكَاِئ ِهمْ كَا ِفرِينَ‬
‫ج ِرمُونَ (‪ )12‬وََل ْم يَ ُك ْن َلهُ ْم ِمنْ ُشرَكَائِ ِه ْم شُ َفعَا ُء وَكَانُوا ِب ُ‬
‫س الْمُ ْ‬
‫يُبْلِ ُ‬
‫(‪ )13‬وََيوْ َم َتقُو ُم السّا َعةُ َي ْومَِئذٍ يََت َف ّرقُونَ (‪)14‬‬

‫‪َ -8‬أطُمِسَ على أعينهم وقلوبم ول يتفكروا ف أمر أنفسهم ليعرفوا مصيهم؟ ما خلق‬
‫ال السموات والرض وما بينهما من كواكب وغيها إل مقرونة بالد ‪ ،‬مصحوبة‬
‫ومدودة بوقت تنتهى عنده ‪ ،‬وإن كثيا من الناس بلقاء ال وقيام الساعة لاحدون ‪.‬‬
‫‪َ -9‬أَل ِزمُوا وطنهم ول يسيوا ف أرجاء الرض ليشاهدوا كيف كانت ناية الذين‬
‫كفروا من قبلهم؟ كانوا أشد من هؤلء الكافرين الاضرين قوة ‪ ،‬وقلبوا وجه‬
‫الرض ‪ ،‬ليستخرجوا ما فيها من مياه ومعادن وزروع ‪ ،‬وعمروا الرض أكثر ما‬
‫عمرها هؤلء ‪ ،‬وجاءتم رسل ال بالعجزات الواضحات فكفروا ‪ ،‬فأخذهم ال ‪ -‬لنه‬
‫ما كان ليجزيهم من غي ذنب ‪ ،‬ول ليأخذهم قبل تذكيهم وإمهالم ‪ -‬ولكن كان‬
‫هؤلء ل يظلمون إل أنفسهم ‪.‬‬
‫‪ -10‬ث كانت ناية الذين ارتكبوا أشد ألوان الساءة أن جحدوا آيات ال ‪ ،‬وكانوا‬
‫يُحقّرون من شأنا ‪.‬‬
‫‪ -11‬ال ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬ينشئ خلق الناس ابتداء ‪ ،‬ث يُعيد خلقهم بعد موتم ‪ ،‬ث‬
‫إليه ‪ -‬وحده ‪ -‬يعودون للحساب والزاء ‪.‬‬
‫‪ -12‬ويوم تأتى القيامة ييأس الكافرون من الدفاع عن أنفسهم ‪.‬‬
‫‪ -13‬ول يوجد لم من الذين عبدوهم مع ال شفعاء ‪ ،‬وكانوا ف الدنيا بسببهم‬

‫‪209‬‬
‫كافرين ‪.‬‬
‫‪ -14‬ويوم تقوم الساعة ‪ -‬يوم إذ تقوم ‪ -‬يذهب كل فريق إل مصيه البدى ‪.‬‬

‫ض ٍة يُحَْبرُونَ (‪ )15‬وََأمّا اّلذِينَ َك َفرُوا‬


‫ت َفهُ ْم فِي َروْ َ‬
‫َفأَمّا اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫ضرُونَ (‪َ )16‬فسُبْحَا َن اللّ ِه حِيَ‬
‫ك فِي اْلعَذَابِ مُحْ َ‬
‫وَ َكذّبُوا ِب َآيَاتِنَا َوِلقَا ِء اْلآَ ِخ َر ِة َفأُولَئِ َ‬
‫ض وَ َعشِيّا وَحِيَ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ي تُصْبِحُونَ (‪ )17‬وََل ُه الْحَ ْمدُ فِي السّمَاوَا ِ‬
‫تُ ْمسُونَ َوحِ َ‬
‫ض َب ْعدَ‬
‫حيّ َويُحْيِي اْلأَرْ َ‬
‫ت ِم َن الْ َ‬
‫ج الْمَيّ َ‬
‫خرِ ُ‬
‫ت وَيُ ْ‬
‫حيّ ِمنَ الْمَيّ ِ‬
‫ج الْ َ‬
‫خرِ ُ‬
‫تُ ْظ ِهرُونَ (‪ )18‬يُ ْ‬
‫شرٌ‬
‫خ َرجُونَ (‪ )19‬وَ ِمنْ َآيَاتِ ِه أَ ْن خَ َلقَ ُكمْ ِم ْن ُترَابٍ ثُ ّم ِإذَا َأنُْتمْ َب َ‬
‫ك تُ ْ‬
‫مَ ْوِتهَا وَ َك َذلِ َ‬
‫شرُونَ (‪َ )20‬و ِمنْ َآيَاِتهِ أَ ْن خَ َل َق لَ ُك ْم ِمنْ َأْن ُفسِ ُكمْ أَ ْزوَاجًا لَِتسْكُنُوا ِإلَ ْيهَا َوجَ َعلَ‬
‫تَنَْت ِ‬
‫ت لِ َقوْ ٍم يََتفَ ّكرُونَ (‪)21‬‬
‫بَيَْنكُ ْم َموَ ّد ًة وَ َرحْ َمةً إِ ّن فِي َذِلكَ َل َآيَا ٍ‬

‫‪ -15‬فأما الذين آمنوا وقرنوا إيانم بالعمال الصالة؛ فهم ف جنة ذات أشجار‬
‫وأزهار يسرون وينعمون ‪.‬‬
‫‪ -16‬وأمّا الذين كفروا وأنكروا آياتنا ولقاء البعث والساب؛ فأولئك ف العذاب‬
‫مقيمون ل يغيبون عنه ‪.‬‬
‫‪ -17‬فنّهوا ال عما ل يليق بلله وكماله واعبدوه حي تدخلون ف الساء وحي‬
‫تدخلون ف الصباح ‪.‬‬
‫‪ -18‬وال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو القيق بالمد والثناء والشكر من أهل السموات‬
‫والرض ‪ ،‬فاحدوه واعبدوه ف العشى ‪ ،‬وحي تدخلون ف الظهية ‪.‬‬
‫‪ -19‬يُخرج الكائن الى من شئ ل حياة فيه ‪ ،‬ويُخرج الشئ الذى ل حياة فيه من‬
‫الكائن الى ‪ ،‬ويُحي الرض بالنبات بعد يبسها ‪ ،‬ومثل هذا الخراج يُخرجكم ال‬
‫من قبوركم ‪.‬‬
‫‪ -20‬ومن الدلئل على كمال قدرته أن خلق أصلكم من تراب ل حياة فيه ‪ ،‬ث أنتم‬
‫بشر تتفرقون ف الرض للسعى ف تصيل ما به بقاؤكم ‪.‬‬
‫‪ -21‬ومن دلئل رحته أن خلق لكم ‪ -‬أيها الرجال ‪ -‬زوجات من جنسكم لتألفوهن‬

‫‪210‬‬
‫‪ ،‬وجعل بينكم وبينهن مودة وتراحا ‪ .‬إن ف ذلك لدلئل لقوم يفكرون ف صنع ال‬
‫تعال ‪.‬‬

‫ض وَاخْتِلَافُ َأْلسِنَِتكُ ْم َوأَْلوَاِنكُ ْم إِ ّن فِي َذِلكَ َل َآيَاتٍ‬


‫وَ ِمنْ َآيَاتِ ِه خَ ْلقُ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬
‫لِ ْلعَالِمِيَ (‪ )22‬وَ ِمنْ َآيَاتِ ِه مَنَامُ ُكمْ بِاللّ ْيلِ وَالّنهَا ِر وَابِْتغَاؤُ ُك ْم ِمنْ فَضْ ِل ِه إِ ّن فِي َذِلكَ‬
‫ق َخ ْوفًا وَطَ َمعًا َويُنَ ّزلُ ِم َن السّمَا ِء مَاءً‬
‫ت ِلقَوْ ٍم َيسْ َمعُونَ (‪َ )23‬و ِمنْ َآيَاِتهِ ُيرِيكُ ُم الْبَرْ َ‬
‫َلآَيَا ٍ‬
‫فَيُحْيِي بِ ِه اْلأَرْضَ بَ ْع َد مَ ْوِتهَا إِ ّن فِي َذِلكَ َل َآيَاتٍ لِ َقوْ ٍم َيعْقِلُونَ (‪ )24‬وَ ِمنْ َآيَاتِ ِه أَ ْن َتقُومَ‬
‫خرُجُونَ (‪ )25‬وََل ُه َمنْ‬
‫ض ِإذَا َأنُْتمْ َت ْ‬
‫ض ِبَأ ْم ِرهِ ُث ّم ِإذَا دَعَا ُكمْ َد ْع َوةً ِمنَ اْلأَرْ ِ‬
‫السّمَا ُء وَالْأَرْ ُ‬
‫ت وَاْلأَرْضِ ُك ّل َلهُ قَانِتُونَ (‪َ )26‬وهُ َو اّلذِي يَ ْب َدأُ الْخَ ْل َق ُثمّ ُيعِي ُدهُ َو ُهوَ‬
‫فِي السّمَاوَا ِ‬
‫حكِيمُ (‪)27‬‬
‫ض َوهُ َو الْ َعزِيزُ الْ َ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫أَ ْهوَنُ عَلَ ْي ِه َولَ ُه الْمََثلُ اْلأَعْلَى فِي السّمَاوَا ِ‬

‫‪ -22‬ومن الدلئل على كمال قدرته وحكمته خلق السموات والرض على هذا‬
‫النظام البديع ‪ ،‬واختلف ألسنتكم ف اللغات واللهجات ‪ ،‬وتباين ألوانكم ف السواد‬
‫والبياض وغيها ‪ .‬إن ف ذلك لدلئل ينتفع با أهل العلم والفهم ‪.‬‬
‫‪ -23‬ومن آياته الدالة على كمال قدرته أن هيأ لكم أسباب الراحة بنامكم ‪ ،‬ويسّر‬
‫لكم طلب الرزق ليل ونارا من فضله الواسع ‪ .‬إن ف ذلك لدلئل لقوم ينتفعون با‬
‫يسمعون ‪.‬‬
‫‪ -24‬ومن آياته أنه يريكم البق من خلل السحب لتشعروا بالوف من الصواعق ‪،‬‬
‫وتطمعوا ف الطر أن ينل من السماء لتحيا به الرض بعد أن يبست ‪ .‬إن ف ذلك‬
‫لدللت لقوم يتدبّرون المور فيفهمونا على وجهها ‪.‬‬
‫‪ -25‬ومن الدلئل على كمال قدرته وحكمته وسعة رحته أن تقوم السماء والرض‬
‫بأمر ال على ما ترون من إحكام صنع ودقة تدبي ‪ ،‬ث إذا دعاكم للبعث ترجون من‬
‫القبور مسرعي مستجيبي لدعائه ‪.‬‬
‫‪ -26‬ول ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬كل من ف السموات والرض خلْقا وملكا وخضوعا ‪،‬‬
‫كلهم ل منقادون ‪.‬‬
‫‪ -27‬وال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬الذى يبدأ اللق على غي مثال ‪ ،‬ث يعيده بعد الوت ‪،‬‬

‫‪211‬‬
‫وإعادته أهون عليه من ابتدائه بالنظر إل مقاييسكم واعتقادكم أن إعادة الشئ أسهل‬
‫من ابتدائه ‪ .‬ول الوصف السابق العجيب الشأن ف القدرة الكاملة والكمة التامة ف‬
‫السموات والرض ‪ ،‬وهو الغالب ف ملكه الكيم ف فعله وتقديره ‪.‬‬

‫ت َأيْمَانُ ُكمْ مِ ْن ُشرَكَا َء فِي مَا‬


‫ض َربَ َل ُكمْ مَثَلًا ِمنْ َأْن ُفسِ ُكمْ َه ْل َلكُ ْم ِمنْ مَا مَلَكَ ْ‬
‫َ‬
‫صلُ اْل َآيَاتِ ِل َقوْمٍ‬
‫س ُكمْ َك َذِلكَ ُنفَ ّ‬
‫رَ َزقْنَا ُكمْ َفَأنُْتمْ فِي ِه َسوَا ٌء تَخَافُوَن ُهمْ كَخِيفَِت ُكمْ َأْنفُ َ‬
‫ض ّل ال ّلهُ َومَا‬
‫َيعْقِلُونَ (‪َ )28‬ب ِل اتّبَعَ اّلذِينَ ظَلَمُوا َأ ْهوَا َء ُهمْ بِغَ ْيرِ عِ ْل ٍم فَ َم ْن َيهْدِي َمنْ أَ َ‬
‫ك لِلدّي ِن حَنِيفًا فِ ْط َر َة اللّ ِه الّتِي فَ َطرَ النّاسَ عَلَ ْيهَا لَا‬
‫صرِينَ (‪َ )29‬فأَ ِق ْم وَ ْجهَ َ‬
‫َلهُ ْم ِمنْ نَا ِ‬
‫ي ِإلَ ْيهِ‬
‫ك الدّينُ اْلقَّيمُ َولَ ِك ّن أَكَْثرَ النّاسِ لَا َيعْلَمُونَ (‪ )30‬مُنِيبِ َ‬
‫تَ ْبدِي َل لِخَ ْلقِ ال ّل ِه َذلِ َ‬
‫شرِكِيَ (‪ِ )31‬منَ اّلذِي َن َفرّقُوا دِيَن ُهمْ وَكَانُوا‬
‫وَاّتقُو ُه َوأَقِيمُوا الصّلَا َة َولَا تَكُونُوا مِ َن الْ ُم ْ‬
‫شِيَعًا ُك ّل حِ ْزبٍ بِمَا َل َدْيهِ ْم َفرِحُونَ (‪)32‬‬

‫‪ -28‬بيّن ال لكم مثل مُنْتزعا من أنفسكم وقد ضربه ال ‪ -‬عز وجل ‪ -‬لن جعل له‬
‫شريكا من خلقه ‪ :‬هل لكم من عبيدكم شركاء فيما ملّكناكم من الموال وغيها؟‬
‫فأنتم وهم مستوون فيها ‪ ،‬تافون هؤلء العبيد فل تتصرفون ف شئ ما تلكون دون‬
‫إذنم كما ياف الحرار بعضهم بعضا ‪ ،‬فإذا كنتم ل تعقلون هذا ول تفعلونه ‪،‬‬
‫فكيف تعلون بعض ملوكات ال شركاء له؟ مثل هذا التفصيل نبي اليات لقوم‬
‫يتدبرون ف ضرب المثال ‪.‬‬
‫‪ -29‬بل اتبع الذين كفروا أهواءهم دون علم بعاقبة كفرهم ‪ ،‬فل أحد يهدى من‬
‫أضل ال ‪ ،‬وليس لم من يشفع أو يدفع عنهم عذابه ‪.‬‬
‫‪ -30‬فسدد وجهك واته إل الدين بعيدا عن ضللتهم ‪ ،‬والزم خلقة ال الت خلق‬
‫الناس عليها ‪ ،‬وهى أنم قابلون للتوحيد غي منكرين له ‪ ،‬وما ينبغى أن تغي هذه‬
‫اللقة ‪ .‬ذلك اللق على التوحيد هو الدين الستقيم ‪ ،‬ولكن الشركي ل يعلمون‬
‫حقيقة ذلك ‪.‬‬
‫‪ -31‬كونوا راجعي إليه ‪ ،‬وافعلوا ما أمركم به ‪ ،‬واتركوا ما ناكم عنه ‪ ،‬وحافظوا‬
‫على الصلة ‪ ،‬ول تكونوا من الذين عبدوا مع ال غيه ‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫‪ -32‬من الذين فرّقوا دينهم فاختلفوا فيه ‪ ،‬وصاروا فرقا كل فرقة تشايع من تتبعه ‪،‬‬
‫كل فريق منهم با عندهم مسرورون ‪ ،‬يظنون أنم على الق ‪.‬‬

‫ي ِإلَيْ ِه ُثمّ ِإذَا َأذَا َقهُ ْم مِ ْنهُ َرحْ َمةً ِإذَا َفرِيقٌ مِ ْن ُهمْ‬
‫ض ّر دَ َعوْا َرّب ُهمْ مُنِيِب َ‬
‫س النّاسَ ُ‬
‫وَِإذَا مَ ّ‬
‫سوْفَ َتعْلَمُونَ (‪ )34‬أَ ْم َأنْ َزلْنَا‬
‫شرِكُونَ (‪ )33‬لِيَ ْك ُفرُوا بِمَا َآتَيْنَا ُه ْم فَتَمَّتعُوا َف َ‬
‫ِبرَّب ِهمْ ُي ْ‬
‫شرِكُونَ (‪ )35‬وَِإذَا َأ َذقْنَا النّاسَ َرحْ َمةً َف ِرحُوا‬
‫عَلَ ْي ِه ْم سُلْطَانًا َفهُ َو يَتَكَ ّل ُم بِمَا كَانُوا ِب ِه ُي ْ‬
‫ت َأْيدِي ِهمْ ِإذَا هُ ْم َيقْنَطُونَ (‪ )36‬أَ َوَلمْ َي َروْا أَ ّن ال ّلهَ يَ ْبسُطُ‬
‫ِبهَا َوإِنْ تُصِ ْب ُه ْم سَيَّئةٌ بِمَا َقدّمَ ْ‬
‫ك َل َآيَاتٍ ِل َقوْ ٍم يُ ْؤمِنُونَ (‪َ )37‬ف َآتِ ذَا الْ ُق ْربَى حَ ّقهُ‬
‫ق لِ َم ْن َيشَا ُء َويَ ْقدِ ُر إِ ّن فِي َذلِ َ‬
‫الرّزْ َ‬
‫ك ُهمُ الْ ُمفْلِحُونَ (‬
‫ك خَ ْيرٌ لِ ّلذِينَ ُيرِيدُو َن وَ ْجهَ ال ّل ِه وَأُولَئِ َ‬
‫ي وَاْبنَ السّبِي ِل َذلِ َ‬
‫سكِ َ‬
‫وَالْ ِم ْ‬
‫‪)38‬‬

‫‪ -33‬وإذا أصاب الناس ضر ‪ -‬من مرض أو شدة ‪ -‬التجأوا إل ال ودعوه راجعي‬


‫إليه ‪ ،‬طالبي كشف الشدة عنهم ‪ ،‬ث إذا أذاقهم ال خلصا من الشدة ومنحهم من‬
‫فضله سارع فريق منهم بربم يشركون ‪.‬‬
‫‪ -34‬لتكون عاقبة أمرهم أن يكفروا با آتاهم ال من النعم ‪ ،‬فتمتعوا ‪ -‬أيها‬
‫الاحدون ‪ -‬كما تشاءون ‪ ،‬فسوف تعرفون عاقبتكم ‪.‬‬
‫‪ -35‬أتركناهم ف ضللم ول نسفه أحلمهم؟ بل أنزلنا عليهم بُرهانا فهو يشهد‬
‫بالذى كانوا يشركونه مع ال ‪.‬‬
‫‪ -36‬وإذا أذقنا الناس نعمة فرحوا با فرحا يُبطرهم ‪ ،‬وإن تصبهم شدة بسبب ما‬
‫اقترفوا من ذنوب يسارع إليهم اليأس من الرحة ‪.‬‬
‫‪ -37‬أجهلوا ما يوصل إل اليان ‪ ،‬ول يعلموا أن ال يوسع الرزق لن يشاء ويُضيق‬
‫على من يشاء ‪ ،‬بسب ما تقتضيه حكمته؟ إن ف ذلك لدلئل واضحة لقوم يصدقون‬
‫بالق ‪.‬‬
‫‪ -38‬وإذا كان ال ‪ -‬تعال ‪ -‬هو الذى يبسط الرزق ويقدره؛ فأعط القريب حقه من‬
‫الب والصلة والحتاج والنقطع به الطريق حقهما من الزكاة والصدقة ‪ ،‬ذلك خي‬
‫للذين يريدون رضا ال ويطلبون ثوابه ‪ ،‬وأولئك هم الفائزون بالنعيم القيم ‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫وَمَا َآتَيُْت ْم ِمنْ ِربًا لَِيرُْب َو فِي َأمْوَالِ النّاسِ فَلَا َيرْبُو عِ ْن َد اللّ ِه َومَا َآتَيُْت ْم ِمنْ زَكَاةٍ ُترِيدُونَ‬
‫ض ِعفُونَ (‪ )39‬ال ّلهُ اّلذِي خَ َل َقكُ ْم ُثمّ َر َزقَ ُك ْم ثُ ّم يُمِيُت ُكمْ ُثمّ‬
‫ك ُهمُ الْمُ ْ‬
‫وَ ْجهَ ال ّل ِه َفأُولَئِ َ‬
‫شرِكُونَ‬
‫يُحْيِي ُكمْ َه ْل ِمنْ ُشرَكَاِئ ُكمْ َم ْن يَ ْف َعلُ ِم ْن َذلِ ُك ْم ِمنْ َشيْ ٍء سُبْحَاَن ُه وََتعَالَى عَمّا ُي ْ‬
‫ض الّذِي َعمِلُوا‬
‫ت َأْيدِي النّاسِ لُِيذِي َق ُهمْ َبعْ َ‬
‫ح ِر بِمَا َكسَبَ ْ‬
‫(‪َ )40‬ظ َه َر الْ َفسَا ُد فِي الَْب ّر وَالْبَ ْ‬
‫ض فَانْ ُظرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَ ُة اّلذِينَ مِ ْن قَ ْبلُ‬
‫َلعَلّ ُه ْم َيرْ ِجعُونَ (‪ُ )41‬ق ْل سِيُوا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ك لِلدّي ِن الْقَّي ِم ِمنْ قَ ْب ِل أَ ْن َيأِْتيَ َيوْ ٌم لَا َمرَ ّد َلهُ‬
‫شرِكِيَ (‪َ )42‬فأَ ِق ْم وَ ْجهَ َ‬
‫كَا َن أَكَْث ُرهُ ْم ُم ْ‬
‫س ِهمْ‬
‫صدّعُونَ (‪َ )43‬منْ َك َف َر َفعَلَ ْيهِ ُك ْف ُر ُه َومَنْ َع ِملَ صَالِحًا فَ ِلَأْنفُ ِ‬
‫ِمنَ ال ّلهِ َي ْومَِئذٍ يَ ّ‬
‫ب اْلكَا ِفرِينَ‬
‫ي اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ ِم ْن فَضْ ِلهِ ِإّنهُ لَا يُحِ ّ‬
‫جزِ َ‬
‫يَ ْم َهدُونَ (‪ )44‬لِيَ ْ‬
‫(‪)45‬‬

‫‪ -39‬وما أعطيتم أكلة الربا من مال ليزيد لكم ف أموالم فل َيزْكو عند ال ول يبارك‬
‫فيه ‪ ،‬وما أعطيتم من صدقة تبتغون با وجه ال ‪ -‬بدون رياء ول طمع ف مكافأة ‪-‬‬
‫فأولئك هم أصحاب الضعاف من السنات ‪.‬‬
‫‪ -40‬ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬الذى أوجدكم ‪ ،‬ث أعطاكم ما تعيشون به ‪ ،‬ث ييتكم ث‬
‫يبعثكم من قبوركم ‪ .‬هل هناك من الشركاء ‪ -‬الذين تزعمونم فتعبدونم من دون ال‬
‫‪ -‬من يفعل من اللق والرزق والماتة والحياء شيئا من تلك الفعال؟ تنه ال وتعال‬
‫عما يشركون به ‪.‬‬
‫‪ -41‬ظهر الرق والقحط والفات وكساد التجارة والغرق بسبب ما فعله الناس من‬
‫جرائم وآثام ‪ ،‬ليعاقب ال الناس ف الدنيا ببعض أعمالم لعلهم يرجعون عن العاصى ‪.‬‬
‫‪ -42‬قل ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬للمشركي ‪ :‬سيوا ف نواحى الرض ‪ ،‬فانظروا كيف‬
‫كانت ناية الذين مضوا قبلكم ‪ ،‬فسترون أن ال أهلكهم وخرّب ديارهم ‪ ،‬لن‬
‫أكثرهم كانوا مشركي مثلكم ‪.‬‬
‫‪ -43‬فأخلص عبادتك للله الواحد ليصح إسلمك ول تكونن من الشركي ‪ ،‬من‬
‫قبل أن يأتى يوم ل يستطيع أحد أن يرده من ال ‪ ،‬يومئذٍ يتفرق الناس وتتلف حالم ‪.‬‬
‫‪ -44‬من كفر بال فعليه وبال كفره ‪ ،‬ومن آمن وعمل صالا فلنفسهم ‪ -‬وحدها ‪-‬‬

‫‪214‬‬
‫يسوون طريق النعيم القيم ‪.‬‬
‫‪ -45‬لن ال يزى الذين آمنوا وعملوا الصالات على ما قدّموا ويزيد جزاءهم‬
‫تفضل منه ‪ ،‬لنه يبهم ‪ ،‬ويُبغض الذين كفروا به وأنكروا نعمه ‪.‬‬

‫ك ِبأَ ْم ِرهِ‬
‫جرِيَ اْلفُلْ ُ‬
‫ت َولِيُذِيقَ ُكمْ ِمنْ َرحْمَِت ِه َولِتَ ْ‬
‫شرَا ٍ‬
‫وَ ِمنْ َآيَاتِ ِه أَ ْن ُيرْ ِسلَ ال ّريَاحَ مَُب ّ‬
‫وَلِتَبَْتغُوا ِم ْن فَضْ ِلهِ َوَلعَلّ ُك ْم َتشْ ُكرُونَ (‪َ )46‬وَلقَ ْد أَ ْرسَلْنَا ِم ْن قَبْ ِلكَ ُرسُلًا إِلَى قَ ْو ِمهِمْ‬
‫ص ُر الْ ُمؤْمِنِيَ (‪ )47‬ال ّلهُ‬
‫فَجَاءُوهُ ْم بِالْبَيّنَاتِ فَانَْتقَمْنَا ِم َن الّذِينَ َأ ْجرَمُوا وَكَا َن َحقّا عَلَيْنَا نَ ْ‬
‫سفًا فََترَى‬
‫جعَ ُلهُ ِك َ‬
‫ف َيشَا ُء َويَ ْ‬
‫ي سَحَابًا فَيَ ْبسُ ُط ُه فِي السّمَاءِ كَيْ َ‬
‫ح فَتُثِ ُ‬
‫الّذِي ُيرْ ِسلُ ال ّريَا َ‬
‫ج ِمنْ خِلَاِلهِ َفِإذَا أَصَابَ ِب ِه َمنْ َيشَا ُء ِمنْ عِبَا ِدهِ ِإذَا ُه ْم َيسْتَ ْبشِرُونَ (‪)48‬‬
‫خرُ ُ‬
‫ق يَ ْ‬
‫الْ َودْ َ‬
‫وَإِنْ كَانُوا ِمنْ قَ ْبلِ أَ ْن يَُن ّزلَ عَلَ ْي ِهمْ ِم ْن قَبْ ِلهِ لَمُ ْب ِلسِيَ (‪ )49‬فَانْ ُظ ْر ِإلَى َآثَارِ َرحْ َمةِ ال ّلهِ‬
‫ك لَمُحْيِي الْ َموْتَى َو ُهوَ َعلَى ُك ّل َشيْ ٍء َقدِيرٌ (‪)50‬‬
‫ض َب ْعدَ َم ْوِتهَا إِ ّن َذلِ َ‬
‫ف يُحْيِي الْأَرْ َ‬
‫كَيْ َ‬

‫‪ -46‬ومن الدلئل على قدرة ال ورحته أنه يبعث الرياح مبشرات بالطر الذى يكون‬
‫لكم رِيا وسقيا ‪ ،‬وليهبكم من فيض إحسانه النافع الت نشأت من الطر ‪ ،‬ولتجرى‬
‫السفن ف الاء بأمر ال وقدرته ‪ ،‬ولتطلبوا الرزق من فضله بالتجارة واستغلل ما ف‬
‫الب والبحر ‪ ،‬ولتشكروا ل نعمه بطاعتكم له وعبادتكم إيّاه ‪.‬‬
‫‪ -47‬ولقد أرسلنا من قبلك رسل إل قومهم ‪ ،‬فجاء كل رسول قومه بالُجج‬
‫الواضحة الدالة على صدقه فكذّبه قومه ‪ ،‬فأهلكنا الذين أذنبوا وعصوا ‪ .‬وقد أوجب‬
‫ال على نفسه أن ينصر عباده الؤمني ‪.‬‬
‫‪ -48‬ال ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬الذى يُرسل الرياح فتحرك بقوة دفعها السحاب ‪،‬‬
‫فيبسطه ال ف السماء كيف يشاء هنا وهناك ف قلة أو كثرة ‪ ،‬ويعله قطعا ‪ ،‬فترى‬
‫الطر يرج من بي السحاب ‪ ،‬فإذا أنزل ال الطر على من يشاء من عباده يسارعون‬
‫إل الِبشْر والفرح ‪.‬‬
‫‪ -49‬وإنم كانوا قبل أن ينل بم الطر لفى يأس وحية ‪.‬‬
‫‪ -50‬فانظر نظر تفكر وتدبر إل آثار الطر ‪ ،‬كيف يي ال الرض بالنبات بعد أن‬

‫‪215‬‬
‫كانت هامدة كاليت ‪ ،‬إن الذى َقدِر على إحياء الرض بعد موتا لقادر على إحياء‬
‫الوتى من الناس ‪ ،‬وهو تام القدرة ل يعجزه شئ ‪.‬‬

‫ص َفرّا لَظَلّوا ِم ْن بَ ْع ِد ِه يَ ْك ُفرُونَ (‪َ )51‬فإِّنكَ لَا ُتسْمِ ُع الْ َم ْوتَى‬


‫وَلَِئ ْن أَ ْرسَلْنَا رِيًا َف َرأَ ْو ُه مُ ْ‬
‫صمّ الدّعَا َء ِإذَا َولّوْا ُم ْدِبرِينَ (‪ )52‬وَمَا َأنْتَ ِبهَادِي اْلعُ ْميِ َعنْ ضَلَالَتِ ِه ْم إِنْ‬
‫وَلَا ُتسْمِ ُع ال ّ‬
‫ضعْفٍ ُث ّم َجعَلَ‬
‫ُتسْمِ ُع ِإلّا َم ْن يُ ْؤ ِمنُ ِب َآيَاتِنَا َفهُ ْم ُمسْلِمُونَ (‪ )53‬ال ّلهُ اّلذِي خَ َل َقكُ ْم ِمنْ َ‬
‫ض ْعفًا َوشَيَْبةً َيخْ ُلقُ مَا َيشَاءُ وَ ُهوَ اْلعَلِيمُ اْلقَدِيرُ‬
‫ضعْفٍ ُق ّو ًة ُثمّ َج َعلَ ِم ْن بَ ْع ِد ُقوّةٍ َ‬
‫ِمنْ َب ْعدِ َ‬
‫ج ِرمُو َن مَا لَبِثُوا غَ ْيرَ سَا َعةٍ َك َذلِكَ كَانُوا يُ ْؤ َفكُونَ (‬
‫سمُ الْمُ ْ‬
‫(‪ )54‬وََيوْ َم َتقُو ُم السّا َعةُ ُي ْق ِ‬
‫‪َ )55‬وقَالَ اّلذِي َن أُوتُوا اْلعِلْ َم وَاْلإِيَانَ لَ َق ْد لَبِثُْتمْ فِي كِتَابِ ال ّلهِ ِإلَى َيوْ ِم الَْبعْثِ َف َهذَا َيوْمُ‬
‫ث َولَكِّن ُكمْ كُ ْنُتمْ لَا َتعْلَمُونَ (‪)56‬‬
‫الْبَعْ ِ‬

‫‪ -51‬وأقسم ‪ :‬لئن أرسلنا ريا مضرة بالنبات فرأوه مصفرا بسببها ‪ ،‬لصاروا من بعد‬
‫اصفراره يحدون النعمة ويكفرون بال ‪.‬‬
‫‪ -52‬فل تزن من عنادهم وعدم استجابتهم لك ‪ ،‬فأنت ل تستطيع أن تُسمع الوتى‬
‫دعاءك ‪ ،‬ول أن تُسمع الصم نداءك ‪ ،‬إذا زادوا على صممهم بأن فروا عنك معرضي‬
‫‪.‬‬
‫‪ -53‬وهؤلء كالعمى لغلقهم قلوبم عن الستجابة للهدى ‪ ،‬وأنت ل تستطيع‬
‫هداية من فقدوا البصر والبصية وتول بينهم وبي كفرهم ‪ ،‬وإنا تسمع ساع فهم‬
‫وقبول من تيأت قلوبم لتلقى اليان ‪ .‬فهؤلء ينقادون للحق مت ظهر ‪.‬‬
‫‪ -54‬ال الذى خلقكم من نطفة فنشأت ضعافا ‪ ،‬ث جعل لكم من بعد هذا الضعف‬
‫قوة بنموكم وبلوغكم حد الرشد ‪ ،‬ث جعل لكم من بعد هذه القوة ضعف الشيخوخة‬
‫والشيب ‪ ،‬يلق ما يشاء وهو العليم بتدبي خلقه القدير على إياد ما يشاء ‪.‬‬
‫‪ -55‬ويوم تقوم الساعة يلف الكافرون أنم ما لبثوا ف الدنيا أو ف قبورهم غي‬
‫ساعة ‪ ،‬ومثل ذلك التصرف كانت تصرفهم الشياطي ف الدنيا عن الق إل الباطل ‪.‬‬
‫‪ -56‬وقال الذين آتاهم ال العلم من النبياء واللئكة والؤمني ‪ :‬لقد لبثتم ف حكم‬

‫‪216‬‬
‫ال وقضائه إل يوم البعث ‪ .‬فهذا يوم البعث الذى أنكرتوه ‪ ،‬ولكنكم كنتم ف الدنيا‬
‫ل تعلمون أنه حق ‪ ،‬لهالتكم وإعراضكم ‪.‬‬

‫س فِي‬
‫ض َربْنَا لِلنّا ِ‬
‫فََيوْمَِئ ٍذ لَا يَ ْنفَ ُع الّذِينَ ظَلَمُوا مَ ْعذِ َرُتهُ ْم َولَا ُهمْ ُيسَْتعْتَبُونَ (‪َ )57‬وَلقَدْ َ‬
‫هَذَا الْ ُقرْآَ ِن ِمنْ ُك ّل مََثلٍ َولَِئنْ جِئَْت ُهمْ بِ َآَيةٍ لََيقُوَل ّن الّذِينَ َك َفرُوا إِ ْن َأنُْتمْ ِإلّا مُبْطِلُونَ (‬
‫ك يَطْبَ ُع ال ّلهُ عَلَى قُلُوبِ اّلذِي َن لَا َيعْلَمُونَ (‪ )59‬فَاصِْبرْ إِ ّن وَ ْع َد ال ّلهِ َحقّ َولَا‬
‫‪َ )58‬ك َذلِ َ‬
‫ك اّلذِينَ لَا يُوقِنُونَ (‪)60‬‬
‫خفّنّ َ‬
‫َيسْتَ ِ‬

‫‪ -57‬فيومئذ يبعث الناس ل ينفع الذين كفروا اعتذارهم عن إنكارهم وتكذيبهم‬


‫لرسلهم ‪ ،‬ول يطلب منهم أحد أن يفعلوا ما يرضى ال لوانم عنده وطردهم من‬
‫رحته ‪.‬‬
‫‪ -58‬ولقد بيّنا لداية الناس ف هذا القرآن كل مثل يرشدهم إل طريق الدى ‪ ،‬ولئن‬
‫أتيتهم بآية معجزة ليقولن الذين كفروا ‪ -‬من فرط عنادهم وقسوة قلوبم ‪ : -‬ما أنت‬
‫وأتباعك إل مبطلون ف دعواكم ‪.‬‬
‫‪ -59‬ومثل ذلك يكون الطبع على قلوب هؤلء الذين ل يعلمون التوحيد من‬
‫الاهلي ‪.‬‬
‫‪ -60‬فاصب ‪ -‬أيها النب ‪ -‬على أذاهم ‪ ،‬إن وعد ال بنصرك على أعدائك وإظهار‬
‫السلم على كل دين حق ل يتخلف أبدا ‪ ،‬ول يملنك على القلق وعدم الصب الذين‬
‫ل يؤمنون بال ورسوله ‪.‬‬

‫حسِنِيَ (‪ )3‬اّلذِي َن ُيقِيمُونَ‬


‫حكِيمِ (‪ )2‬هُدًى وَ َرحْ َمةً لِلْ ُم ْ‬
‫ال (‪ )1‬تِلْكَ َآيَاتُ اْلكِتَابِ الْ َ‬
‫الصّلَا َة َويُ ْؤتُو َن الزّكَاةَ َوهُ ْم بِالْ َآخِ َر ِة ُهمْ يُوقِنُونَ (‪ )4‬أُولَئِكَ عَلَى ُهدًى ِمنْ َرّبهِمْ‬
‫ضلّ َع ْن سَبِيلِ ال ّلهِ‬
‫ث لِيُ ِ‬
‫حدِي ِ‬
‫س َمنْ َيشَْترِي َلهْ َو الْ َ‬
‫ك ُهمُ الْ ُمفْلِحُونَ (‪ )5‬وَ ِم َن النّا ِ‬
‫وَأُولَئِ َ‬
‫خ َذهَا ُهزُوًا أُولَِئكَ َل ُهمْ َعذَابٌ مُهِيٌ (‪ )6‬وَِإذَا تُتْلَى عَلَ ْيهِ َآيَاتُنَا َولّى‬
‫ِبغَيْرِ عِ ْل ٍم َويَتّ ِ‬
‫ب َألِيمٍ (‪)7‬‬
‫ش ْرهُ ِب َعذَا ٍ‬
‫ُمسْتَكِْبرًا َكأَنْ َل ْم َيسْ َم ْعهَا َكأَ ّن فِي ُأ ُذنَ ْيهِ َو ْقرًا فََب ّ‬

‫‪217‬‬
‫‪ -1‬ال ‪ :‬هذه حروف ابتدأ ال با بعض السور ‪ ،‬ليشي با إل إعجاز القرآن الؤلف‬
‫من حروف كالروف الت يؤلف منها العرب كلمهم ‪ ،‬ومع ذلك عجزوا عن التيان‬
‫بثله ‪ ،‬ولينبّه إل الستماع والنصات ‪ ،‬وكان الشركون قد اتفقوا على أن يَلْغوا فيه‬
‫ول يسمعوا ‪.‬‬
‫‪ -2‬هذه اليات العظيمة آيات القرآن الشتمل على الكمة والصواب ‪.‬‬
‫‪ -3‬هذه اليات هداية كاملة ورحة شاملة لن يسنون العمل ‪.‬‬
‫‪ -4‬هم الذين يؤدون الصلة على أكمل وجه ‪ ،‬ويعطون الزكاة لستحقيها ‪ ،‬وهم‬
‫بالياة الخرة يؤمنون أقوى اليان ‪.‬‬
‫‪ -5‬أولئك الؤمنون الحسنون ف أعمالم متمكنون من الدى الذى جاءهم من ربم ‪،‬‬
‫وأولئك هم ‪ -‬دون غيهم ‪ -‬الفائزون حقا ‪.‬‬
‫‪ -6‬ومن الناس من يشترى باطل الديث ويقصّه على الناس ‪ ،‬ليصدّهم عن السلم‬
‫والقرآن جهل منه با عليه من إث ‪ ،‬ويتخذ دين ال ووحيه سخرية ‪ .‬الذين يفعلون‬
‫ذلك لم عذاب يهينهم ويذلم ‪.‬‬
‫‪ -7‬وإذا تتلى على هذا الضال آيات ال البينات أعرض عنها متكبا ‪ ،‬وحاله ف ذلك‬
‫حال من ل يسمع ‪ ،‬كأن ف أذنيه صمما ‪ ،‬فأنذره بأن ال أعد له عذابا شديدا اليلم ‪.‬‬

‫ت النّعِيمِ (‪ )8‬خَالِدِينَ فِيهَا وَ ْعدَ ال ّلهِ َحقّا‬


‫ت َلهُ ْم جَنّا ُ‬
‫إِنّ اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫حكِيمُ (‪ )9‬خَ َلقَ السّمَاوَاتِ ِبغَ ْيرِ عَ َم ٍد َترَ ْوَنهَا َوأَْلقَى فِي اْلأَرْضِ َروَا ِسيَ‬
‫وَ ُهوَ اْل َعزِي ُز الْ َ‬
‫ث فِيهَا ِمنْ ُك ّل دَاّب ٍة وََأْنزَلْنَا ِمنَ السّمَا ِء مَا ًء َفأَنْبَتْنَا فِيهَا ِمنْ ُكلّ َزوْجٍ‬
‫أَ ْن تَمِيدَ ِب ُكمْ َوبَ ّ‬
‫َكرِيٍ (‪ )10‬هَذَا خَ ْلقُ ال ّلهِ َفأَرُونِي مَاذَا خَلَ َق الّذِينَ ِم ْن دُوِن ِه َبلِ الظّالِمُو َن فِي ضَلَالٍ‬
‫سهِ َو َمنْ‬
‫ش ُكرُ لَِن ْف ِ‬
‫ش ُكرْ َفِإنّمَا َي ْ‬
‫حكْ َمةَ أَ ِن اشْ ُك ْر لِ ّلهِ َو َمنْ َي ْ‬
‫مُبِيٍ (‪ )11‬وََل َقدْ َآتَيْنَا ُلقْمَا َن الْ ِ‬
‫شرِ ْك بِاللّ ِه إِنّ‬
‫َك َفرَ َفإِ ّن ال ّلهَ غَِنيّ حَمِيدٌ (‪ )12‬وَِإ ْذ قَا َل ُلقْمَانُ لِابِْنهِ َوهُ َو َيعِ ُظهُ يَا بُنَ ّي لَا ُت ْ‬
‫شرْ َك لَظُ ْلمٌ عَظِيمٌ (‪)13‬‬
‫ال ّ‬

‫‪ -8‬إن الذين آمنوا بال وعملوا العمال الطيبة الصالة لم جنات النعيم ‪.‬‬
‫‪ -9‬يبقون فيها على وجه اللود ‪ :‬وعدهم ال وعْدا ل يتخلف ‪ ،‬وال الغالب على‬

‫‪218‬‬
‫كل شئ ‪ .‬الكيم ف أقواله وأفعاله ‪.‬‬
‫‪ -10‬خلق ال السموات من غي عُمُد مرئية لكم ‪ ،‬وجعل ف الرض جبال ثوابت ‪،‬‬
‫لئل تضطرب بكم ‪ ،‬ونشر فيها من كل اليوانات الت تدب وتتحرك ‪ ،‬وأنزلنا من‬
‫السماء ماء ‪ ،‬فأنبتنا به ف الرض من كل صنف حسن كثي النافع ‪.‬‬
‫‪ -11‬هذا ملوق ال أمامكم ‪ ،‬فأرون ماذا خلق الذين تعلونم آلة من دونه حت‬
‫يكونوا شركاء له؟ بل الظالون ‪ -‬بإشراكهم ‪ -‬ف ضلل واضح ‪.‬‬
‫‪ -12‬ولقد أعطينا لقمان الكم والعلم والصابة ف القول ‪ ،‬وقلنا له ‪ :‬اشكر ال على‬
‫ما أعطاك من النعم ‪ .‬ومن يشكر فإنا يبتغى الي لنفسه ‪ ،‬ومن كفر النعم ول يشكرها‬
‫فإن ال غي متاج إل شكره ‪ ،‬وهو مستحق للحمد وإن ل يمده أحد ‪.‬‬
‫‪ -13‬واذكر إذ قال لقمان لبنه وهو يعظه ‪ :‬يا بن ‪ ،‬ل تشرك بال أحدا ‪ ،‬إن الشرك‬
‫بال لظلم عظيم يسوى بي ال الستحق للعبادة وحده ‪ ،‬وبي من ل يستحقونا من‬
‫الوثان وغيها من البعودات ‪.‬‬

‫وَوَصّيْنَا اْلإِْنسَانَ بِوَالِ َدْيهِ حَمَلَ ْت ُه ُأمّ ُه َوهْنًا عَلَى َوهْ ٍن َوفِصَاُلهُ فِي عَامَ ْينِ أَ ِن ا ْشكُ ْر لِي‬
‫ك ِبهِ عِ ْل ٌم فَلَا‬
‫س لَ َ‬
‫ك ِإلَ ّي الْمَصِيُ (‪ )14‬وَإِ ْن جَا َهدَاكَ عَلَى أَنْ ُتشْرِ َك بِي مَا لَيْ َ‬
‫وَِلوَاِل َديْ َ‬
‫تُ ِطعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي ال ّدنْيَا َمعْرُوفًا وَاتّبِعْ سَبِي َل َمنْ أَنَابَ ِإلَ ّي ُثمّ ِإَليّ َم ْرجِ ُع ُكمْ َفُأنَبّئُ ُكمْ‬
‫خ َرةٍ أَوْ‬
‫صْ‬‫بِمَا كُنُْتمْ تَعْمَلُونَ (‪ )15‬يَا بَُنيّ ِإّنهَا إِ ْن َتكُ مِ ْثقَالَ حَّبةٍ ِم ْن َخرْ َدلٍ فَتَ ُك ْن فِي َ‬
‫ض َي ْأتِ ِبهَا ال ّلهُ إِ ّن ال ّلهَ لَطِيفٌ خَبِيٌ (‪)16‬‬
‫ت َأوْ فِي الْأَرْ ِ‬
‫فِي السّمَاوَا ِ‬

‫ب والديه ويعل أمه أوفر نصيبا ‪ ،‬حلته فيتزايد ضعفها‬


‫‪ -14‬وأمرنا النسان أن ي ّ‬
‫ويعظم شيئا فشيئا ‪ ،‬وفطامه ف عامي ‪ ،‬ووصيناه أن اشكر ل ولوالديك ‪ ،‬إليه الرجع‬
‫للحساب والزاء ‪.‬‬
‫‪ -15‬وإِ ْن حلك والداك ‪ -‬بهد ‪ -‬على أن تشرك بال ما ل تعلم أنه يستحق فل‬
‫تطعهما ‪ ،‬وصاحبهما ف الدنيا بالب والصلة والحسان ‪ ،‬واتبع طريق من رجع إلّ‬
‫ل مرجعكم جيعا ‪ ،‬فأخبكم با كنتم تعملون من خي وشر‬
‫بالتوحيد والخلص ‪ ،‬ث إ ّ‬
‫لجازيكم عليه ‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫‪ -16‬يا بن ‪ :‬إن السنة أو السيئة للنسان إن تكن ‪ -‬مثل ‪ -‬ف الصغر كحبة‬
‫الردل ‪ ،‬فتكن ف أخفى مكان كقلب صخرة أو ف السموات أو ف الرض يظهرها‬
‫ال وياسب عليها ‪ ،‬إن ال لطيف ل تفى عليه دقائق الشياء ‪ ،‬خبي يعلم حقائق‬
‫الشياء كلها ‪.‬‬

‫ك ِمنْ‬
‫ك إِ ّن َذلِ َ‬
‫ف وَانْهَ َع ِن الْمُ ْن َكرِ وَاصِْبرْ عَلَى مَا أَصَابَ َ‬
‫يَا بَُنيّ َأ ِقمِ الصّلَا َة َوأْ ُمرْ بِالْ َم ْعرُو ِ‬
‫حبّ‬
‫ض َمرَحًا إِنّ ال ّل َه لَا يُ ِ‬
‫ش فِي اْلأَرْ ِ‬
‫س َولَا تَمْ ِ‬
‫صعّ ْر َخدّكَ لِلنّا ِ‬
‫َعزْ ِم اْلأُمُورِ (‪ )17‬وَلَا تُ َ‬
‫صوَاتِ‬
‫ك إِ ّن َأنْ َكرَ اْلأَ ْ‬
‫ص ْوتِ َ‬
‫ض ِمنْ َ‬
‫ُك ّل مُخْتَالٍ فَخُورٍ (‪ )18‬وَاقْصِ ْد فِي َمشِْيكَ وَاغْضُ ْ‬
‫خ َر َلكُ ْم مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ‬
‫حمِيِ (‪َ )19‬أَلمْ َت َروْا أَ ّن ال ّلهَ سَ ّ‬
‫صوْتُ الْ َ‬
‫لَ َ‬
‫س َمنْ ُيجَا ِدلُ فِي اللّ ِه ِبغَ ْيرِ عِ ْلمٍ َولَا ُهدًى‬
‫وََأسْبَغَ عَ َل ْيكُ ْم ِنعَ َمهُ ظَا ِه َر ًة وَبَاطَِن ًة َومِ َن النّا ِ‬
‫وَلَا كِتَابٍ مُنِيٍ (‪َ )20‬وِإذَا قِي َل َلهُ ُم اتّبِعُوا مَا أَْن َزلَ ال ّلهُ قَالُوا َبلْ نَتِّب ُع مَا َوجَ ْدنَا عَلَ ْيهِ‬
‫ب السّعِيِ (‪َ )21‬و َمنْ ُيسْ ِل ْم وَ ْج َههُ ِإلَى ال ّلهِ‬
‫َآبَا َءنَا َأ َولَوْ كَا َن الشّيْطَانُ َيدْعُوهُ ْم ِإلَى َعذَا ِ‬
‫سكَ بِاْلعُ ْر َوةِ اْل ُوثْقَى َوِإلَى اللّهِ عَاقَِبةُ اْلُأمُورِ (‪)22‬‬
‫سنٌ َف َقدِ اسْتَ ْم َ‬
‫حِ‬‫وَ ُهوَ مُ ْ‬

‫‪ -17‬يا بن ‪ :‬حافظ على الصلة ‪ ،‬وأمر بكل حسن ‪ ،‬وانْه عن كل قبيح ‪ ،‬واحتمل‬
‫ما أصابك من الشدائد ‪ ،‬إن ما أوصى ال به هو من المور الت ينبغى الرص عليها‬
‫والتمسك با ‪.‬‬
‫‪ -18‬ول تُ ِملْ خدك للناس تكبا ‪ ،‬ول تش ف الرض مُعجبا بنفسك ‪ ،‬إن ال ل‬
‫يب كل متال يعدد مناقبه ‪.‬‬
‫‪ -19‬وتوسط ف مشيك بي السرعة والبطء ‪ ،‬واخفض من صوتك ‪ ،‬لن أقبح ما‬
‫يستنكر من الصوات هو صوت المي ‪ ،‬أوله زفي ما يكره ‪ ،‬وآخره شهيق ما‬
‫يستقبح ‪.‬‬
‫‪ -20‬قد رأيتم أن ال ذلّل لكم ما ف السموات من الشمس والقمر والنجوم‬
‫وغيها ‪ ،‬وما ف الرض من النار والثمار والدواب ‪ ،‬وأت عليكم نعمه ظاهرة لكم‬
‫ومستورة عنكم ‪ ،‬ومن الناس من يُجادل ف ذات ال وصفاته بل دليل ول رشاد مأثور‬
‫عن نب ول وحى يضئ طريق الق ‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫‪ -21‬وإذا قيل لم ‪ :‬اتبعوا ما أنزل ال من الق والدى ‪ ،‬قالوا ‪ :‬بل نتبع ما وجدنا‬
‫عليه آباءنا ‪ ،‬أيتبعونم ولو كان الشيطان يدعوهم إل ضلل يدخلهم عذاب السعي؟ ‪.‬‬
‫‪ -22‬ومن يتجه إل ال بقلبه ووجهه ويفوض إليه جيع أمره ‪ -‬وهو مسن ف عمله ‪-‬‬
‫فقد تعلق بأقوى السباب الت توصله إل رضا ال ‪ ،‬وإليه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬مصي المور‬
‫كلها ‪.‬‬

‫ح ُزْنكَ ُك ْف ُر ُه ِإلَيْنَا َمرْ ِج ُعهُ ْم فَنُنَبُّئ ُه ْم بِمَا عَمِلُوا إِ ّن ال ّلهَ عَلِي ٌم ِبذَاتِ‬
‫وَ َمنْ َك َفرَ فَلَا يَ ْ‬
‫الصّدُورِ (‪ )23‬نُمَّت ُعهُ ْم قَلِيلًا ُثمّ نَضْ َط ّر ُهمْ ِإلَى َعذَابٍ غَلِيظٍ (‪َ )24‬ولَِئنْ َسَألَْتهُ ْم َمنْ‬
‫ح ْمدُ لِ ّل ِه َبلْ أَكَْث ُر ُهمْ لَا َيعْلَمُونَ (‪ )25‬لِ ّل ِه مَا‬
‫ض لََيقُوُل ّن اللّ ُه ُقلِ الْ َ‬
‫خَ َلقَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ َ‬
‫ج َرةٍ‬
‫ض ِمنْ شَ َ‬
‫ض إِ ّن ال ّلهَ ُهوَ اْلغَِنيّ الْحَمِيدُ (‪ )26‬وََل ْو أَنّمَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫فِي السّمَاوَا ِ‬
‫حرٍ مَا َنفِ َدتْ كَلِمَاتُ ال ّلهِ إِ ّن ال ّلهَ َعزِي ٌز َحكِيمٌ (‬
‫ح ُر يَ ُم ّدهُ ِم ْن َبعْ ِد ِه سَ ْبعَ ُة َأبْ ُ‬
‫َأقْلَا ٌم وَالْبَ ْ‬
‫‪ )27‬مَا خَ ْلقُ ُك ْم وَلَا بَعُْث ُكمْ ِإلّا كََنفْسٍ وَاحِ َد ٍة إِ ّن اللّ َه سَمِي ٌع بَصِيٌ (‪)28‬‬

‫‪ -23‬ومن ل يعل ذاته ونفسه خالصة ل فل يزنك جحوده وإعراضه ‪ ،‬إلينا ‪-‬‬
‫وحدنا ‪ -‬مرجع هؤلء يوم القيامة ‪ ،‬فنعرض عليهم أعمالم ‪ .‬لننا نيط علما بدخائل‬
‫النفوس فكيف بظواهر العمال؟ ‪.‬‬
‫‪ -24‬نتعهم زمنا قليل ف دنياهم ‪ ،‬ث نلجئهم إل عذاب شديد ل يتمل ‪.‬‬
‫‪ -25‬وأقسم لك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬إن سألتهم من خلق السموات والرض ليقولن ‪ :‬هو‬
‫ال ‪ ،‬قل ‪ :‬المد ل الذى أوجد من دلئل وحدانيته ما يهدم ما هم عليه من إشراك‬
‫غيه معه ف العبادة ‪ .‬ولكن أكثرهم ل يعلمون أنم بإقرارهم هذا قد أقاموا الُجة‬
‫على أنفسهم بفساد عقيدتم ‪.‬‬
‫‪ -26‬ل ما ف السموات والرض خلقا واقتدارا وتدبيا ‪ ،‬فكيف يتركون عبادته؟‬
‫وإن ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬هو الغن عن خلقه وعن عبادتم له ‪ .‬الحمود بذاته ‪ .‬الدير‬
‫بالثناء عليه من عباده ‪.‬‬
‫‪ -27‬ولو تولت كل أشجار الرض أقلما وصارت مياه البحر الكثية مِدادا تكتب‬
‫به كلمات ال لفنيت القلم ونفد الداد قبل أن تنفد كلمات ال ‪ .‬لن ال عزيز ل‬

‫‪221‬‬
‫يعجزه شئ ‪ .‬حكيم ل يرج من علمه وحكمته شئ ‪ ،‬فل تنفد كلماته وحكمته ‪.‬‬
‫‪ -28‬ما خلقكم ابتداء ول بعثكم بعد الوت أمام قدرة ال إل كخلق نفس واحدة أو‬
‫بعثها ‪ .‬إن ال سيع لقول الشركي ‪ :‬ل بعث ‪ .‬بصي بأعمالم فيجازيهم عليها ‪.‬‬

‫س وَالْقَ َمرَ ُكلّ‬


‫خرَ الشّمْ َ‬
‫ج اللّ ْيلَ فِي الّنهَارِ وَيُولِجُ الّنهَا َر فِي اللّ ْيلِ َوسَ ّ‬
‫َألَ ْم َترَ أَ ّن ال ّلهَ يُولِ ُ‬
‫ح ّق َوأَنّ‬
‫جرِي إِلَى َأ َجلٍ ُمسَمّى َوأَنّ ال ّلهَ بِمَا َتعْمَلُو َن خَبِيٌ (‪َ )29‬ذِلكَ ِبأَ ّن اللّ َه ُهوَ الْ َ‬
‫يَ ْ‬
‫جرِي فِي‬
‫ك تَ ْ‬
‫مَا َيدْعُو َن ِمنْ دُونِ ِه الْبَا ِط ُل َوأَ ّن اللّ َه ُهوَ اْلعَلِ ّي الْكَبِيُ (‪َ )30‬ألَ ْم َترَ أَ ّن اْلفُلْ َ‬
‫ت لِ ُكلّ صَبّا ٍر شَكُورٍ (‪ )31‬وَِإذَا‬
‫حرِ بِِنعْ َم ِة اللّ ِه لُِي ِريَ ُكمْ ِمنْ َآيَاِتهِ إِ ّن فِي َذِلكَ َل َآيَا ٍ‬
‫الْبَ ْ‬
‫ي َلهُ الدّي َن فَلَمّا نَجّاهُ ْم ِإلَى الْبَ ّر فَمِ ْن ُه ْم ُمقْتَصِدٌ‬
‫صَ‬‫َغشَِي ُهمْ َموْجٌ كَالظّ َللِ دَ َعوُا ال ّلهَ مُخْلِ ِ‬
‫شوْا َيوْمًا لَا‬
‫ح ُد ِبآَيَاتِنَا ِإلّا ُك ّل خَتّارٍ َكفُورٍ (‪ )32‬يَا أَّيهَا النّاسُ اّتقُوا َرّبكُ ْم وَا ْخ َ‬
‫وَمَا يَجْ َ‬
‫جزِي وَاِلدٌ َعنْ َوَل ِدهِ َولَا َم ْولُو ٌد هُ َو جَازٍ َعنْ وَاِلدِ ِه شَيْئًا إِ ّن وَ ْع َد ال ّلهِ َح ّق فَلَا َت ُغرّّن ُكمُ‬
‫يَ ْ‬
‫الْحَيَاةُ الدّنْيَا وَلَا َيغُ ّرنّ ُك ْم بِال ّلهِ اْل َغرُورُ (‪)33‬‬

‫‪ -29‬أل تنظر ‪ -‬أيها الكلف ‪ -‬نظر اعتبار أن ال ينقص من زمن الليل بقدر ما يزيد‬
‫من النهار ‪ ،‬وينقص من زمن النهار بقدر ما يزيد ف زمن الليل ‪ ،‬وذَلّل الشمس والقمر‬
‫لصالكم ‪ ،‬وأخضعهما لنظام بديع ‪ ،‬فيجرى كل منهما ف فلك معي ل ييد عنه ‪،‬‬
‫ويستمر كذلك إل يوم القيامة ‪ ،‬وأنه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬خبي بكل ما تعملون ومازيكم‬
‫عليه ‪.‬‬
‫‪ -30‬ذلك الذكور من عجائب صنع ال وقدرته بسبب أن صانعه هو الله الثابت‬
‫اللوهية ‪ ،‬الدير ‪ -‬وحده ‪ -‬بالعبادة ‪ ،‬وإن اللة الت تعبدونا من دونه باطلة‬
‫اللوهية ‪ ،‬وإن ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو العلى الشأن ‪ ،‬الكبي السلطان ‪.‬‬
‫‪ -31‬أل تنظر ‪ -‬أيها النسان ‪ -‬إل الفلك ترى ف البحر برحة ال حاملة على‬
‫ظهرها ما ينفعكم ‪ ،‬ليظهر لكم بذلك بعض عجائب صنعه ‪ ،‬ودلئل قدرته ‪ .‬إن ف‬
‫ذلك ليات لكل صبّار على بلئه ‪ .‬شكور لنعمائه ‪.‬‬
‫‪ -32‬هؤلء الاحدون بال إذا ركبوا ف السفن واضطرب بم البحر وارتفعت‬
‫أمواجه حت بدت كأنا تظللهم ‪ ،‬وظنوا أنم غارقون ‪ -‬ل مالة ‪ -‬لأوا إل ال‬

‫‪222‬‬
‫يدعونه ف إخلص وخضوع أن ينجيهم ‪ ،‬فلما نّاهم إل الب كان منهم قليل تذكّر‬
‫عهده ‪ ،‬واعتدل ف عمله ‪ ،‬ومنهم كثي نسى فضل ربه ‪ ،‬وظل على جحوده به ‪ ،‬ول‬
‫ينكر فضل ربه عليه وإحسانه إليه إل كل إنسان شديد الغدر ‪ ،‬مسرف ف الكفر بربه‬
‫‪.‬‬
‫‪ -33‬يا أيها الناس ‪ :‬افعلوا ما أمركم ربكم به ‪ ،‬واتركوا ما ناكم عنه ‪ ،‬واحذروا‬
‫عذابه يوم القيامة ‪ ،‬يوم ل يغن والد فيه عن ولده شيئا ‪ ،‬ول مولود هو مغن عن والده‬
‫شيئا ‪ ،‬إن هذا اليوم وعد ال به ‪ ،‬ووعده حق ل يتخلف ‪ ،‬فل تلهينكم زخارف الدنيا‬
‫وزينتها عن الستعداد له ‪ ،‬ول ْتدَعّنكُم وساوس الشيطان ‪ ،‬فتصرفكم عن ال وطاعته‬
‫‪.‬‬

‫ث َويَعْ َل ُم مَا فِي اْلأَ ْرحَا ِم َومَا َتدْرِي َنفْسٌ مَاذَا‬


‫إِنّ ال ّلهَ عِ ْن َدهُ عِ ْل ُم السّا َع ِة َويَُنزّلُ اْلغَيْ َ‬
‫ض تَمُوتُ إِنّ ال ّلهَ عَلِي ٌم خَبِيٌ (‪)34‬‬
‫س ِبأَيّ أَرْ ٍ‬
‫تَ ْكسِبُ َغدًا َومَا َتدْرِي َنفْ ٌ‬

‫‪ -34‬إن ال يثبت عنده علم الساعة فل يعلمها أحد سواه ‪ ،‬وينل الطر ف موعده‬
‫الذى ضربه له ‪ ،‬ويعلم ما ف الرحام ‪ ،‬أى يعلم مصي هذا الارج من الرحام إل‬
‫الدنيا بي الشقاء والسعادة ‪ ،‬وبي التوفيق والذلن ‪ ،‬وبي مقدار إقامته ف الدنيا‬
‫وخروجه منها ‪ .‬وما تعلم نفس بارة أو فاجرة ما تكسبه ف غدها من خي أو شر ‪ ،‬وما‬
‫تعلم نفس ببقعة الرض الت فيها ينقضى أجلها ‪ ،‬لن ال تام العلم والبة لكل شئ ‪،‬‬
‫ول يظهر على غيبه أحدا ‪.‬‬

‫حقّ‬
‫ب فِي ِه ِمنْ َربّ اْلعَالَمِيَ (‪ )2‬أَ ْم َيقُولُو َن افَْترَا ُه َبلْ ُهوَ الْ َ‬
‫ب لَا َريْ َ‬
‫ال (‪ )1‬تَ ْنزِي ُل الْكِتَا ِ‬
‫ك لِتُ ْنذِرَ َق ْومًا مَا أَتَاهُ ْم ِمنْ َنذِيرٍ ِم ْن قَبْ ِلكَ َلعَ ّل ُهمْ َيهَْتدُونَ (‪)3‬‬
‫ِمنْ َرّب َ‬

‫‪ -1‬ا ‪ .‬ل ‪ .‬م ‪ :‬حروف صيغ منها القرآن ‪ ،‬كما صيغ منها كلمكم ‪ ،‬فإذا عجزت عن‬
‫التيان بثله كان عجزكم دليل على أنه من عند ال ‪ ،‬ول يقله بشر ‪.‬‬
‫‪ -2‬تنيل القرآن من ال رب العالي ومدبر أمورهم ‪ ،‬ل شك ف كونه منلً منه ‪.‬‬
‫‪ -3‬بل يقولون ‪ :‬اختلقه ممد ‪ ،‬ونسبه ل ‪ .‬ما كان لم أن يقولوا هذا ‪ ،‬بل هو الق‬

‫‪223‬‬
‫النل عليك من ربك لتخوف به قوما ل يأتم من رسول من قبلك ‪ ،‬ترجو بذلك‬
‫النذار هدايتهم وإذعانم للحق ‪.‬‬

‫ض َومَا بَيَْنهُمَا فِي سِّت ِة َأيّا ٍم ُثمّ اسَْتوَى عَلَى اْل َعرْشِ مَا‬
‫اللّ ُه الّذِي خَ َلقَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ َ‬
‫لَ ُك ْم ِمنْ دُونِ ِه ِمنْ َوِليّ َولَا َشفِي ٍع َأفَلَا تََتذَ ّكرُونَ (‪ُ )4‬يدَّبرُ اْلَأمْ َر ِمنَ السّمَا ِء ِإلَى اْلأَرْضِ‬
‫ف سََنةٍ مِمّا َت ُعدّونَ (‪َ )5‬ذلِكَ عَاِلمُ اْلغَيْبِ‬
‫ُثمّ َي ْعرُجُ ِإلَ ْي ِه فِي َيوْمٍ كَا َن ِمقْدَا ُر ُه أَلْ َ‬
‫شهَا َدةِ اْل َعزِي ُز ال ّرحِيمُ (‪ )6‬اّلذِي َأ ْحسَنَ ُك ّل َشيْءٍ خَلَ َقهُ وََب َدأَ خَ ْلقَ اْلِإْنسَا ِن ِمنْ طِيٍ‬
‫وَال ّ‬
‫خ فِي ِه ِمنْ رُو ِحهِ َو َجعَلَ‬
‫(‪ُ )7‬ثمّ َج َعلَ َنسْ َلهُ ِم ْن سُلَاَل ٍة ِمنْ مَا ٍء َمهِيٍ (‪ُ )8‬ثمّ َسوّا ُه َونَفَ َ‬
‫ض َأئِنّا‬
‫شكُرُونَ (‪َ )9‬وقَالُوا َأِئذَا ضَلَ ْلنَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫لَ ُكمُ السّ ْم َع وَاْلأَبْصَا َر وَاْلَأفْئِ َد َة قَلِيلًا مَا َت ْ‬
‫َلفِي خَلْ ٍق َجدِي ٍد َبلْ ُهمْ بِ ِلقَاءِ َرّب ِهمْ كَا ِفرُونَ (‪)10‬‬

‫‪ -4‬ال الذى خلق السموات والرض وما بينهما ف ستة أيام ‪ ،‬ث استوى على العرش‬
‫استواء يليق به ‪ ،‬ما لكم من دون ال ناصر ينصركم ‪ ،‬ول شفيع لكم ‪ ،‬أتتمادون ف‬
‫الكفر والعناد فل تتعظون بواعظ ال؟ ‪.‬‬
‫‪ -5‬يُدبّر شئون اللق من السماء إل الرض ‪ ،‬ث يصعد إليه أمرها ف يوم مُقدر بألف‬
‫سنة من سن الدنيا الت تعدونا ‪.‬‬
‫‪ -6‬ذلك الوصوف باللق والستواء والتدبي عاِل ٌم ما غاب عن اللق وما شاهدوه ‪،‬‬
‫الغالب أمره ‪ ،‬الواسع الرحة ‪.‬‬
‫‪ -7‬الذى أتقن كل شئ خلقه بسب ما تقتضيه حكمته ‪ ،‬وبدأ خلق النسان الول‬
‫من طي ‪.‬‬
‫‪ -8‬ث جعل ذريته ‪ -‬بعد ذلك ‪ -‬متخلقة من ماء قليل ضعيف ل ُي ْؤبَه له ف العادة ‪.‬‬
‫‪ -9‬ث قوّمه ووضع فيه من سره الذى اختص به ‪ ،‬وجعل لكم السمع والبصار‬
‫والعقول لتسمعوا وتبصروا وتعقلوا ‪ ،‬ما تشكرون إل شكرا قليل ‪.‬‬
‫‪ -10‬وقال النكرون للبعث ‪ :‬أئذا صرنا ترابا متلطا بتراب الرض ل يتميز عنه ‪ ،‬أئنا‬
‫لنعود ف خلق جديد؟! ‪ ،‬إنم ل ينكرون البعث ‪ -‬وحده ‪ -‬بل هم بميع ما يكون ف‬
‫الخرة مكذبون ‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫ُقلْ يََت َوفّاكُ ْم مَ َلكُ الْ َم ْوتِ اّلذِي وُ ّك َل بِ ُك ْم ثُ ّم ِإلَى َرّبكُ ْم ُترْ َجعُونَ (‪َ )11‬وَلوْ َترَى إِذِ‬
‫ص ْرنَا َوسَ ِمعْنَا فَارْ ِجعْنَا َنعْ َملْ صَالِحًا ِإنّا‬
‫ج ِرمُو َن نَا ِكسُو ُرءُو ِس ِهمْ عِ ْندَ َربّ ِهمْ َربّنَا َأبْ َ‬
‫الْمُ ْ‬
‫مُوقِنُونَ (‪ )12‬وََل ْو شِئْنَا َل َآتَيْنَا ُك ّل َنفْسٍ هُدَاهَا َولَ ِكنْ َح ّق الْ َقوْ ُل مِنّي َلَأمْلَأَ ّن َجهَّنمَ ِمنَ‬
‫س َأجْ َمعِيَ (‪َ )13‬فذُوقُوا بِمَا َنسِيتُ ْم ِلقَا َء َي ْومِ ُك ْم هَذَا إِنّا َنسِينَاكُ ْم َوذُوقُوا‬
‫الْجِّنةِ وَالنّا ِ‬
‫ب الْخُ ْلدِ بِمَا ُكنُْتمْ َتعْمَلُونَ (‪ِ )14‬إنّمَا ُي ْؤمِ ُن ِبآَيَاتِنَا اّلذِينَ إِذَا ذُ ّكرُوا ِبهَا َخرّوا‬
‫َعذَا َ‬
‫جدًا َوسَبّحُوا بِحَ ْمدِ َرّب ِهمْ َو ُهمْ لَا َيسْتَكِْبرُونَ (‪ )15‬تَتَجَافَى جُنُوبُ ُهمْ َع ِن الْمَضَاجِعِ‬
‫سُ ّ‬
‫َيدْعُونَ َرّب ُهمْ خَ ْوفًا وَطَ َمعًا َومِمّا َر َزقْنَا ُهمْ يُ ْن ِفقُونَ (‪)16‬‬

‫‪ -11‬قل ‪ :‬يتوفاكم ملك الوت الوكل بقبض أرواحكم عند انتهاء آجالكم ‪ ،‬ث إل‬
‫ال ‪ -‬وحده ‪ -‬تعودون ‪.‬‬
‫‪ -12‬ولو أتيح لك أن ترى الجرمي ف موقف الساب ‪ ،‬لرأيت عجبا ‪ ،‬إذ الجرمون‬
‫الستكبون منكسو الرءوس خزيا من ربم ‪ ،‬يقولون ف ذلة ‪ :‬ربنا أبصرنا ما كنا‬
‫نتعامى عنه ‪ ،‬وسعنا ما كنا نتصامم عنه ‪ ،‬فارجعنا إل الدنيا نعمل صالا غي الذى كنا‬
‫نعمله ‪ ،‬إنا موقنون ‪ -‬الن بالق الذى جاء به رسلك ‪.‬‬
‫‪ -13‬ولو شئنا لعطينا كل نفس هُداها ‪ ،‬ولكن سبق القول من لملن جهنم من‬
‫الِنة والناس أجعي ‪ ،‬لعلمنا أن أكثرهم سيختارون الضللة دون الدى ‪.‬‬
‫‪ -14‬فذوقوا العذاب با غفلتم عن لقاء يومكم هذا ‪ ،‬إنا تركناكم ف العذاب‬
‫كالنسيي ‪ ،‬وذوقوا العذاب الدائم الذى ل انقطاع له بسبب كفركم ومعاصيكم ‪.‬‬
‫صدّق بآياتنا الذين إذا وعظوا با خروا ل ساجدين ‪ ،‬ونزّهوا ربم عن كل‬
‫‪ -15‬إنا يُ َ‬
‫نقص ‪ ،‬مثني عليه بكل كمال ‪ ،‬وهم ل يستكبون عن النقياد لذه اليات ‪.‬‬
‫‪ -16‬تتنحى جنوبم عن مضاجعها ‪ .‬يدعون ربم خوفا من سخطه ‪ ،‬وطمعا ف‬
‫رحته ‪ ،‬ومن الال الذى رزقناهم به ينفقون ف وجوه الي ‪.‬‬

‫س مَا ُأ ْخفِ َي َلهُ ْم ِمنْ ُقرّ ِة أَعُْي ٍن َجزَا ًء بِمَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪َ )17‬أفَ َمنْ كَانَ‬
‫فَلَا َتعْ َلمُ َنفْ ٌ‬
‫ت فَ َل ُهمْ‬
‫مُ ْؤمِنًا كَ َمنْ كَا َن فَا ِسقًا لَا َيسْتَوُونَ (‪َ )18‬أمّا الّذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫سقُوا فَ َم ْأوَا ُهمُ النّارُ كُلّمَا‬
‫جَنّاتُ الْ َم ْأوَى ُن ُزلًا بِمَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪َ )19‬وَأمّا الّذِينَ َف َ‬

‫‪225‬‬
‫خ ُرجُوا مِ ْنهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِي َل َلهُ ْم ذُوقُوا َعذَابَ النّا ِر الّذِي كُنُْت ْم ِبهِ‬
‫أَرَادُوا أَ ْن يَ ْ‬
‫ب اْلأَ ْدنَى دُونَ اْل َعذَابِ اْلأَكَْب ِر لَعَ ّل ُهمْ يَ ْر ِجعُونَ (‬
‫تُ َك ّذبُونَ (‪ )20‬وَلَُنذِيقَنّ ُه ْم ِمنَ اْلعَذَا ِ‬
‫ي مُنَْتقِمُونَ (‪)22‬‬
‫ج ِرمِ َ‬
‫‪ )21‬وَ َم ْن أَظْ َل ُم مِ ّمنْ ذُ ّكرَ ِب َآيَاتِ َرّبهِ ُث ّم أَ ْعرَضَ عَ ْنهَا إِنّا ِمنَ الْمُ ْ‬
‫ب فَلَا َت ُكنْ فِي ِمرَْي ٍة ِمنْ ِلقَاِئهِ وَ َجعَلْنَاهُ ُهدًى لِبَنِي إِ ْسرَائِيلَ (‬
‫وََل َقدْ َآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَا َ‬
‫‪)23‬‬

‫‪ -17‬فل تعلم نفس مقدار ما أعده ال وأخفاه لؤلء من النعيم العظيم ‪ ،‬الذى تقر به‬
‫عيونم ‪ ،‬جزاء با كانوا يكسبون من الطاعة والعمال ‪.‬‬
‫‪ -18‬أيستوى الناس ف جزائهم وقد اختلفوا ف أعمالم؟ أفمن كان مؤمنا بال كمن‬
‫كان كافرا به عاصيا له؟ ل يستوون!‬
‫‪ -19‬أما الذين آمنوا وعملوا الصالات فلهم جنات الأوى الت فيها مساكنهم ‪،‬‬
‫كرامة لم با كانوا يعملون ‪.‬‬
‫‪ -20‬وأما الذين خرجوا عن طاعة ال بكفرهم فمقامهم الذى أُ ِعدّ لم النار ‪ ،‬كلما‬
‫حاولوا الروج منها أعيدوا فيها ‪ ،‬وقيل لم ‪ :‬ذوقوا عذاب النار الذى كنتم ف الدنيا‬
‫تصرون على التكذيب به ‪.‬‬
‫‪ -21‬وُنقْسم ‪ :‬لنذيقنهم ف الدنيا عذاب الذلن قبل أن يصلوا إل العذاب الكب ‪،‬‬
‫وهو اللود ف النار ‪ ،‬لعل العذبي بالعذاب الدن يتوبون عن الكفر ‪.‬‬
‫‪ -22‬ول أحد أشد ظلما للحق ولنفسه من إنسان ذُ ّك َر بآيات ال وحججه البينات ث‬
‫انصرف عن اليان با مع وضوحها ‪ ،‬إننا من كل مرم سننتقم ‪.‬‬
‫‪ -23‬ولقد آتينا موسى التوراة فل تكن ف شك من لقاء موسى للكتاب ‪ ،‬وجعلنا‬
‫الكتاب النل على موسى هاديا لبن إسرائيل ‪.‬‬

‫ك ُهوَ‬
‫وَ َجعَلْنَا مِ ْن ُه ْم أَئِ ّم ًة َي ْهدُو َن ِبأَ ْم ِرنَا لَمّا صََبرُوا وَكَانُوا ِبآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ (‪ )24‬إِنّ َربّ َ‬
‫َيفْصِ ُل بَيَْن ُهمْ َيوْ َم اْلقِيَا َمةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَ ِلفُونَ (‪ )25‬أَ َوَلمْ َي ْهدِ لَ ُهمْ َك ْم أَهْ َلكْنَا ِمنْ‬
‫ت َأفَلَا َيسْ َمعُونَ (‪َ )26‬أ َولَمْ‬
‫قَبْ ِل ِهمْ ِمنَ اْل ُقرُو ِن يَ ْمشُو َن فِي َمسَاكِِن ِهمْ إِ ّن فِي َذِلكَ َل َآيَا ٍ‬
‫سهُمْ‬
‫ج ِبهِ زَرْعًا َتأْ ُكلُ مِنْ ُه َأْنعَا ُمهُ ْم َوأَْن ُف ُ‬
‫خرِ ُ‬
‫جرُ ِز فَنُ ْ‬
‫ض الْ ُ‬
‫ق الْمَا َء ِإلَى الْأَرْ ِ‬
‫َيرَوْا َأنّا َنسُو ُ‬

‫‪226‬‬
‫ح لَا‬
‫ح إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪ُ )28‬قلْ َيوْ َم اْلفَتْ ِ‬
‫صرُونَ (‪ )27‬وََيقُولُو َن مَتَى َهذَا اْلفَتْ ُ‬
‫َأفَلَا يُبْ ِ‬
‫يَ ْنفَعُ اّلذِينَ َك َفرُوا إِيَانُ ُه ْم وَلَا هُ ْم يُنْ َظرُونَ (‪َ )29‬فأَ ْعرِضْ عَ ْن ُهمْ وَانْتَ ِظرْ ِإّن ُهمْ مُنْتَ ِظرُونَ (‬
‫‪)30‬‬

‫‪ -24‬وجعلنا من بن إسرائيل أئمة ف الدين يقومون بداية الناس ‪ ،‬استجابة لمرنا‬


‫حي صبوا على العمل با ف التوراة ‪ ،‬وكانوا بآياتنا يصدقون أقوى التصديق ‪.‬‬
‫‪ -25‬إن ربك هو ‪ -‬وحده ‪ -‬يقضى بي النبياء وأمهم يوم القيامة فيما كانوا فيه‬
‫يتلفون ‪.‬‬
‫‪ -26‬أتر َك ال الكذبي لرسلهم ول يبي لم أنه أهلك كثيا من المم الت سبقتهم ‪،‬‬
‫وهم يرون بديارهم ‪ ،‬ويشون ف مساكنهم؟ إن ف ذلك لعظات تبصرهم بالق ‪،‬‬
‫أصمّوا فل يسمعون هذه العظات؟‬
‫‪ -27‬أعَموا ول يروا أنا نرى الطر والنار إل الرض الت قطع نباتا فنخرج به زرعا‬
‫تأكل منه أنعامهم ‪ ،‬ويأكلون حبه وثره؟ أعموا فل يبصرون دلئل قدرة ال على إحياء‬
‫الوتى؟ ‪.‬‬
‫‪ -28‬ويقول الشركون لك وللمؤمني ‪ :‬ف أى وقت يفتح ال عليكم بالنصر ‪،‬‬
‫أخبونا بوعده إن كنتم صادقي ‪.‬‬
‫‪ -29‬قل لم ‪ :‬يوم القضاء والفصل إذا حل بكم ل ينفع الذين كفروا إيانم ‪ ،‬ول هم‬
‫يهلون لظة عن العذاب الذى يستحقونه ‪.‬‬
‫‪ -30‬وإذا كان هذا الستهزاء دأبم فأعرض عنهم ‪ ،‬وانتظر صدق ما وعدك ربك‬
‫فيهم إنم ينتظرون الغلبة عليكم ‪.‬‬

‫ي إِ ّن ال ّلهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (‪)1‬‬


‫يَا َأّيهَا النّبِ ّي اّتقِ ال ّلهَ َولَا تُ ِط ِع الْكَا ِفرِينَ وَالْمُنَا ِفقِ َ‬

‫‪ -1‬يا أيها النب ‪ :‬استمر على ما أنت عليه من تقوى ال ‪ ،‬ول تقبل رأيا من الكافرين‬
‫والنافقي ‪ ،‬إن ال ميط علما بكل شئ ‪ ،‬حكيم ف أقواله وأفعاله ‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫ك إِ ّن اللّهَ كَا َن بِمَا َتعْمَلُونَ خَبِيًا (‪ )2‬وََتوَ ّكلْ عَلَى ال ّلهِ‬
‫ك ِمنْ َربّ َ‬
‫وَاتّبِ ْع مَا يُوحَى ِإلَيْ َ‬
‫وَ َكفَى بِال ّلهِ وَكِيلًا (‪ )3‬مَا جَ َعلَ ال ّل ُه ِلرَ ُجلٍ مِ ْن قَلْبَ ْي ِن فِي َج ْوفِ ِه َومَا جَ َع َل أَ ْزوَاجَ ُكمُ‬
‫اللّائِي تُظَاهِرُو َن مِ ْنهُ ّن ُأ ّمهَاتِ ُك ْم وَمَا جَ َع َل َأدْعِيَاءَ ُكمْ أَبْنَاءَ ُك ْم َذلِ ُك ْم قَ ْوُلكُ ْم ِبأَ ْفوَا ِهكُمْ‬
‫ح ّق وَ ُهوَ َي ْهدِي السّبِيلَ (‪ )4‬ادْعُو ُهمْ ِل َآبَاِئ ِهمْ ُهوَ َأ ْقسَطُ عِ ْندَ ال ّل ِه َفإِنْ َلمْ‬
‫وَال ّلهُ َيقُو ُل الْ َ‬
‫َتعْلَمُوا َآبَا َء ُهمْ َفِإخْوَانُ ُكمْ فِي الدّينِ َو َموَالِي ُك ْم وَلَيْسَ عَلَ ْيكُ ْم جُنَاحٌ فِيمَا َأخْ َط ْأتُ ْم ِبهِ‬
‫ي ِمنْ‬
‫ت قُلُوُبكُ ْم وَكَانَ ال ّلهُ َغفُورًا َرحِيمًا (‪ )5‬النِّبيّ َأ ْولَى بِالْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫وََل ِكنْ مَا َتعَ ّمدَ ْ‬
‫ب اللّ ِه ِمنَ‬
‫ض فِي كِتَا ِ‬
‫ضهُ ْم َأوْلَى بَِبعْ ٍ‬
‫سهِ ْم َوأَ ْزوَاجُ ُه ُأ ّمهَاُتهُ ْم َوأُولُو اْلأَرْحَا ِم َبعْ ُ‬
‫َأنْ ُف ِ‬
‫ك فِي اْلكِتَابِ‬
‫ي وَالْ ُمهَا ِجرِي َن ِإلّا أَ ْن َتفْعَلُوا ِإلَى َأوْلِيَائِ ُك ْم مَ ْعرُوفًا كَا َن َذلِ َ‬
‫الْمُ ْؤمِنِ َ‬
‫َمسْطُورًا (‪)6‬‬

‫‪ -2‬واتبع الوحى الذى ينل عليك من ربك ‪ ،‬إن ال الذى يوحى إليك خبي بدقائق‬
‫ما تعمل ‪ -‬أنت ‪ -‬ويعمل الكافرون والنافقون ‪.‬‬
‫‪ -3‬وفوض جيع أمورك إل ال ‪ ،‬وكفى بال حافظا موكولً إليه كل أمر ‪.‬‬
‫‪ -4‬ما جعل ال لرجل من قلبي ف جوفه ‪ ،‬وما جعل زوجة أحدكم حي يقول لا ‪:‬‬
‫أنت علىّ كظهر أمّى ُأمّا له ‪ ،‬وما جعل الولد الذين تتبنوهم أبناء لكم يأخذون حكم‬
‫البناء من النسب ‪ .‬ذلكم ‪ -‬أى جعْلِكُم الدعياء أبناء ‪ -‬قول يصدر من أفواهكم ل‬
‫حقيقة له ‪ ،‬فل حكم يترتب عليه ‪ ،‬وال يقول المر الثابت الحقق ‪ ،‬ويرشدكم إليه ‪،‬‬
‫وهو ‪ -‬وحده سبحانه ‪ -‬يهدى الناس إل طريق الصواب ‪.‬‬
‫‪ -5‬اْنسِبُوا هؤلء الولد لبائهم القيقيي هو أعدل عند ال ‪ ،‬فإن ل تعلموا آباءهم‬
‫النتسبي بق إليهم فهم إخوانكم ف الدين ونصراؤكم ‪ ،‬ول إث عليكم حي تنسبونم‬
‫إل غي آبائهم خطأ ‪ ،‬ولكن الث فيما تقصده قلوبكم بعد أن تبيّن لكم المر ‪ .‬وال‬
‫يغفر لكم خطأكم ‪ ،‬ويقبل توبة متعمدكم ‪.‬‬
‫‪ -6‬النب ‪ -‬ممد ‪ -‬أحق ولية بالؤمني ‪ ،‬وأرحم بم من نفوسهم ‪ ،‬فعليهم أن يبوه‬
‫ويطيعوه ‪ ،‬وأزواجه أمهاتم ف التوقي وحرمة التزوج بن بعده ‪ ،‬وذوو القرابات أول‬
‫من الؤمني والهاجرين بأن يتوارثوا فيما بينهم فرضا ف القرآن ‪ .‬لكن يوز أن تقدموا‬

‫‪228‬‬
‫إل َم ْن وَاليتم ف الدين من غي القارب معروفا ‪ ،‬فتعطوه ‪ -‬برا وعطفا عليه ‪ -‬أو‬
‫توصوا له بزء من مالكم ‪ .‬كان ذلك التوارث بالرحام ف الكتاب مقررا ل يعتريه‬
‫تبديل ‪.‬‬

‫ح َوإِْبرَاهِي َم وَمُوسَى وَعِيسَى اْبنِ َم ْريَمَ‬


‫ي مِيثَا َق ُهمْ َومِ ْنكَ َو ِمنْ نُو ٍ‬
‫وَِإ ْذ أَ َخ ْذنَا ِمنَ النّبِيّ َ‬
‫ص ْدقِ ِه ْم وَأَ َع ّد لِ ْلكَا ِفرِينَ َعذَابًا َألِيمًا‬
‫سأَ َل الصّا ِدقِيَ َعنْ ِ‬
‫وََأ َخذْنَا مِ ْنهُ ْم مِيثَاقًا غَلِيظًا (‪ )7‬لَِي ْ‬
‫(‪ )8‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا اذْ ُكرُوا نِعْ َم َة ال ّلهِ عَلَ ْيكُ ْم ِإذْ جَا َءْتكُ ْم جُنُو ٌد َفأَ ْرسَلْنَا عَلَ ْي ِهمْ رِيًا‬
‫وَجُنُودًا َلمْ َت َروْهَا وَكَانَ ال ّلهُ بِمَا َتعْمَلُو َن بَصِيًا (‪ِ )9‬إذْ جَاءُو ُكمْ ِم ْن َفوْ ِق ُكمْ َو ِمنْ َأ ْسفَلَ‬
‫ت اْلقُلُوبُ الْحَنَا ِجرَ َوتَظُنّو َن بِال ّلهِ الظّنُونَا (‪ )10‬هُنَالِكَ‬
‫ت اْلأَبْصَا ُر َوبَلَغَ ِ‬
‫مِنْ ُك ْم وَِإذْ زَاغَ ِ‬
‫ابْتُلِ َي الْ ُمؤْمِنُو َن وَ ُزلْ ِزلُوا ِزْلزَالًا َشدِيدًا (‪ )11‬وَِإ ْذ َيقُولُ الْمُنَا ِفقُو َن وَاّلذِي َن فِي قُلُوِبهِمْ‬
‫َمرَضٌ مَا وَ َع َدنَا اللّ ُه وَ َرسُوُلهُ ِإلّا ُغرُورًا (‪)12‬‬

‫‪ -7‬واذكر حي أخذنا من النبيي السابقي ميثاقهم ‪ -‬بتبليغ الرسالة والدعاء إل الدين‬


‫القيم ‪ -‬ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مري وأخذنا منهم عهدا عظيم‬
‫الشأن ‪.‬‬
‫‪ -8‬ليسأل ال يوم القيامة النبياء عمّا قالوه لقومهم ‪ ،‬وأعد للكافرين بالرسل عذابا‬
‫أليما ‪.‬‬
‫‪ -9‬يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة ال وفضله عليكم حي جاءتكم الحزاب يوم‬
‫الندق فأرسلنا عليهم ريا عاصفة باردة وملئكة ل تروها نشرت الرعب ف قلوبم ‪،‬‬
‫صدْق نياتكم ‪ ،‬فتول الدفاع عنكم ‪.‬‬
‫وكان ال بصيا بأعمالكم و ِ‬
‫‪ -10‬حي جاءوكم من أعلى الوادى ومن أسفله ‪ ،‬حي مالت البصار عن مستوى‬
‫نظرها ‪ ،‬وارتفعت القلوب إل منتهى اللقوم فزعا واضطرابا ‪ ،‬وأنتم ف ذلك الوقت‬
‫العصيب تذهب بكم الظنون ف وعد ال كل مذهب ‪.‬‬
‫‪ -11‬ف ذلك الوقت امتحن الؤمنون بالصب على اليان ‪ ،‬واضطربوا بالوف‬
‫اضطرابا شديدا ‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫‪ -12‬واذكر ما حدث من النافقي ومرضى القلوب بالريب حي يقولون ‪ :‬ما وعدنا‬
‫ال ورسوله إل وعدا باطلً قصد به التغرير بنا ‪.‬‬

‫وَِإ ْذ قَالَتْ طَاِئ َفةٌ مِ ْن ُه ْم يَا َأ ْهلَ يَ ْث ِربَ لَا مُقَا َم َلكُ ْم فَا ْرجِعُوا َوَيسْتَ ْأذِ ُن َفرِي ٌق مِ ْن ُهمُ النِّبيّ‬
‫َيقُولُو َن إِ ّن بُيُوتَنَا َعوْ َر ٌة َومَا ِهيَ ِب َعوْ َرةٍ إِ ْن ُيرِيدُو َن ِإلّا ِفرَارًا (‪َ )13‬وَلوْ ُدخِلَتْ عَلَ ْي ِهمْ‬
‫ِمنْ َأقْطَا ِرهَا ُثمّ سُئِلُوا اْلفِتَْنةَ َل َآتَ ْوهَا َومَا تَلَبّثُوا ِبهَا إِلّا َيسِيًا (‪َ )14‬وَلقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا‬
‫اللّ َه ِمنْ قَ ْب ُل لَا ُي َولّو َن اْلأَ ْدبَارَ وَكَانَ َعهْ ُد ال ّلهِ َمسْئُولًا (‪ُ )15‬قلْ َل ْن يَ ْنفَ َع ُكمُ اْلفِرَا ُر إِنْ‬
‫َفرَ ْرتُ ْم ِمنَ الْ َم ْوتِ َأوِ اْلقَ ْتلِ َوِإذًا لَا تُمَّتعُو َن ِإلّا قَلِيلًا (‪ُ )16‬قلْ َم ْن ذَا اّلذِي َيعْصِ ُم ُكمْ ِمنَ‬
‫جدُو َن َل ُهمْ ِم ْن دُونِ ال ّل ِه وَلِيّا وَلَا نَصِيًا‬
‫اللّ ِه إِ ْن أَرَادَ ِبكُ ْم سُوءًا َأ ْو أَرَا َد ِبكُمْ َرحْ َم ًة وَلَا يَ ِ‬
‫ي ِلِإخْوَانِ ِه ْم هَلُ ّم ِإلَيْنَا َولَا َي ْأتُو َن الَْبأْسَ ِإلّا‬
‫ي مِ ْنكُ ْم وَاْلقَائِلِ َ‬
‫(‪َ )17‬قدْ َيعْ َلمُ ال ّلهُ الْ ُم َع ّوقِ َ‬
‫قَلِيلًا (‪)18‬‬

‫‪ -13‬واذكر حي قالت طائفة من النافقي وضعاف العزائم ‪ :‬يا أهل الدينة ‪ ،‬ل وجه‬
‫لبقائكم هنا ف معركة خاسرة ‪ ،‬فارجعوا إل منازلكم ‪ .‬ويستأذن فريق منهم الرسول‬
‫ف الرجوع إل الدينة ‪ ،‬ويقولون إن بيوتنا غي مصنة ‪ ،‬ول بد لنا من الرجوع‬
‫لراستها ‪ ،‬وما كانت بيوتم معرضة كما يقولون ‪ ،‬وما يريدون إل الفرار من العركة‬
‫بذا العذر الكاذب ‪.‬‬
‫‪ -14‬ولو دخلت الحزاب عليهم الدينة من كل جوانبها ‪ ،‬ث طلب منهم أن يعلنوا‬
‫رجوعهم عن السلم ويقاتلوا السلمي لستجابوا لا طلب منهم ‪ ،‬وما انتظروا ف‬
‫ذلك إل وقتا قصيا ‪.‬‬
‫‪ -15‬ولقد كان هؤلء الفارون من ميدان القتال عاهدوا ال ‪ -‬من قبل هذه الغزوة ‪-‬‬
‫أن يثبتوا ف القتال مع الرسول ول يفروا ‪ .‬وكان عهد ال مسئول عن صاحبه ‪ ،‬يب‬
‫عليه الوفاء به ‪.‬‬
‫‪ -16‬قل لم ‪ :‬لن ينفعكم الرب إن هربتم من الوت أو القتل وقد حضر أجلكم ‪،‬‬
‫وإذا ل يضر وبقيتم ل تُ َمّتعُون ف الدنيا إل مدة أعماركم ‪ ،‬وهى قليلة ‪.‬‬
‫‪ -17‬قل لؤلء الترددين ‪ :‬من ذا الذى ييكم من ال إن أراد بكم شرا ‪ ،‬أو ينع‬

‫‪230‬‬
‫الي عنكم إن أراد بكم رحة؟ ول يدون لم من دون ال ميا ول مغيثا ‪.‬‬
‫‪ -18‬إن ال يعلم الثبطي منكم والذين يقولون لخوانم ‪ :‬انضموا إلينا ‪ ،‬ول يأتون‬
‫شدة الرب إل إتيانا قليلً ‪.‬‬

‫ك تَدُو ُر أَعْيُُن ُهمْ كَاّلذِي يُ ْغشَى عَلَ ْيهِ‬


‫خوْفُ َرَأيَْت ُهمْ يَنْ ُظرُو َن إِلَ ْي َ‬
‫حةً عَ َل ْيكُ ْم َفإِذَا جَا َء الْ َ‬
‫أَشِ ّ‬
‫ك َلمْ‬
‫حةً عَلَى الْخَ ْيرِ أُولَئِ َ‬
‫ف سَ َلقُوكُ ْم ِبَألْسَِن ٍة حِدَادٍ َأشِ ّ‬
‫خوْ ُ‬
‫ت َفِإذَا َذهَبَ الْ َ‬
‫ِمنَ الْ َموْ ِ‬
‫حسَبُو َن اْلأَ ْحزَابَ لَمْ‬
‫يُ ْؤمِنُوا َفأَحَْبطَ ال ّل ُه أَعْمَاَلهُ ْم وَكَا َن َذلِكَ عَلَى ال ّل ِه َيسِيًا (‪ )19‬يَ ْ‬
‫سأَلُونَ َع ْن َأنْبَاِئكُ ْم َولَوْ‬
‫ب َي ْ‬
‫ب َيوَدّوا َل ْو أَّن ُهمْ بَادُونَ فِي الْأَ ْعرَا ِ‬
‫َيذْهَبُوا َوإِنْ يَ ْأتِ اْلأَ ْحزَا ُ‬
‫كَانُوا فِي ُك ْم مَا قَاتَلُوا إِلّا قَلِيلًا (‪َ )20‬ل َقدْ كَا َن َل ُكمْ فِي َرسُولِ ال ّل ِه أُ ْس َوةٌ َحسََنةٌ لِ َمنْ‬
‫كَا َن َيرْجُو ال ّلهَ وَالَْيوْمَ اْل َآخِ َر َوذَ َكرَ ال ّلهَ كَثِيًا (‪ )21‬وَلَمّا َرأَى الْ ُمؤْمِنُو َن الَْأحْزَابَ‬
‫ق ال ّلهُ وَ َرسُوُلهُ َومَا زَادَ ُهمْ ِإلّا إِيَانًا َوَتسْلِيمًا (‬
‫صدَ َ‬
‫قَالُوا َهذَا مَا وَ َعدَنَا ال ّل ُه وَرَسُولُ ُه وَ َ‬
‫‪)22‬‬

‫‪ُ -19‬حرَصاء عليكم ف الظاهر حيث ل خوف ‪ ،‬فإذا جاء الوف من قبل العدو أو‬
‫من قبل الرسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم حائرة ‪،‬‬
‫كحال الغشى عليه من سكرات الوت ‪ ،‬فإذا ذهب الوف بالغوا ف ذمكم وشتمكم‬
‫بألسنة قاطعة ‪ ،‬بلء بكل خي ‪ .‬أولئك ل يؤمنوا بقلوبم وإن أعلنوا إسلمهم فأبطل‬
‫ال أعمالم بإضمارهم الكفر ‪ ،‬وكان ذلك الحباط أمرا هينا على ال ‪.‬‬
‫‪ -20‬يظن هؤلء النافقون أن جيوش الكفار التحزبة ل تزال مكانا تاصر الدينة ‪،‬‬
‫وإن يأت الحزاب كرة أخرى يَتَ َمنّ البناء أن لو كانوا يعيشون مع العراب ف‬
‫البوادى يتسقطون أخباركم ‪ ،‬ولو ظل هؤلء ف معسكرهم ول يفروا والتحم اليشان‬
‫ما قاتلوا معكم إل قليل للرياء والسمعة ‪.‬‬
‫‪ -21‬لقد كان لكم ف رسول ال قدوة حسنة لن كان يرجو رحة ال ونعيم اليوم‬
‫الخر ‪ ،‬وذكر ال كثيا ف الوف والرجاء والشدة والرخاء ‪.‬‬
‫‪ -22‬ولّا رأى الؤمنون الحزاب الشركي قالوا ‪ :‬هذا ما وعدنا ال ورسوله من‬

‫‪231‬‬
‫قبل ‪ ،‬فقد وعدنا بالشدائد ث النصر ‪ ،‬وصدق ال ورسوله ‪ ،‬وما زادتم هذه الشدائد‬
‫إل قوة إيان بال وحسن تسليم لقضائه ‪.‬‬

‫ص َدقُوا مَا عَا َهدُوا اللّهَ عَلَ ْي ِه فَمِ ْن ُه ْم َمنْ قَضَى نَحَْب ُه وَمِ ْن ُهمْ مَ ْن يَنْتَ ِظرُ‬
‫ِمنَ الْ ُم ْؤمِنِيَ ِرجَالٌ َ‬
‫ي إِ ْن شَا َء َأوْ‬
‫ب الْمُنَا ِفقِ َ‬
‫ص ْدقِ ِه ْم وَُي َعذّ َ‬
‫ي بِ ِ‬
‫جزِيَ ال ّل ُه الصّا ِدقِ َ‬
‫وَمَا َبدّلُوا تَ ْبدِيلًا (‪ )23‬لِيَ ْ‬
‫يَتُوبَ عَلَ ْي ِه ْم إِنّ ال ّلهَ كَانَ َغفُورًا َرحِيمًا (‪ )24‬وَ َردّ ال ّلهُ اّلذِينَ َك َفرُوا ِبغَيْ ِظهِ ْم َلمْ يَنَالُوا‬
‫خَ ْيرًا وَ َكفَى اللّ ُه الْ ُمؤْمِنِيَ اْلقِتَا َل وَكَانَ ال ّل ُه َقوِيّا َعزِيزًا (‪ )25‬وََأْنزَ َل الّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ‬
‫ب َفرِيقًا تَقْتُلُو َن َوتَ ْأ ِسرُو َن َفرِيقًا‬
‫ف فِي قُلُوِب ِهمُ الرّعْ َ‬
‫ِمنْ َأ ْهلِ اْلكِتَابِ ِمنْ صَيَاصِي ِه ْم َوقَذَ َ‬
‫ض ُهمْ َو ِديَا َر ُهمْ َوَأمْوَاَلهُ ْم َوأَرْضًا َل ْم تَطَئُوهَا وَكَا َن ال ّلهُ عَلَى ُكلّ َشيْءٍ‬
‫(‪ )26‬وََأوْ َرثَ ُك ْم أَرْ َ‬
‫ك إِنْ كُنُْت ّن ُت ِردْنَ الْحَيَا َة ال ّدنْيَا وَزِينََتهَا فََتعَالَ ْينَ‬
‫َقدِيرًا (‪ )27‬يَا أَّيهَا النِّب ّي ُقلْ ِلأَ ْزوَاجِ َ‬
‫ُأمَتّ ْع ُكنّ َوأُ َس ّرحْ ُكنّ َسرَاحًا جَمِيلًا (‪)28‬‬

‫‪ -23‬من هؤلء الؤمني رجال عاهدوا ال على الثبات ف القتال مع الرسول فوفوا با‬
‫عاهدوا ‪ ،‬فمنهم من نال شرف الستشهاد ‪ ،‬ومنهم من بقى حيا ينتظر أن ينال هذا‬
‫الشرف ‪ ،‬وما بدلوا عهد ال الذى قطعوه على أنفسهم ‪ ،‬ول غيوا شيئا منه ‪.‬‬
‫‪ -24‬ليجزى ال الؤمني الصادقي بصدقهم ف إيانم ووفائهم بعهدهم ‪ ،‬ويعذب‬
‫النافقي ‪ -‬إن شاء ‪ -‬أو يوفق الستعد منهم إل التوبة ‪ ،‬إن ال كان غفورا بقبول‬
‫التوبة ‪ .‬رحيما بالعفو عن العصية ‪.‬‬
‫‪ -25‬ور ّد ال الكفار التحزبي على الرسول متلئة قلوبم بالغيظ ل ينالوا خيا من‬
‫نصر أو غنيمة ‪ ،‬وكفى ال الؤمني مشقة قتالم با سلطه عليهم من الريح واللئكة ‪،‬‬
‫وكان ال قويا على تنفيذ ما يريد ‪ ،‬عزيزا ل يغلبه غالب ‪.‬‬
‫‪ -26‬وأنزل ال الذين عاونوا الحزاب من أهل الكتاب ‪ -‬وهم يهود بن قريظة ‪-‬‬
‫من قلعهم الت يتحصنون با ‪ ،‬وألقى ف قلوبم الرعب ‪ .‬فريقا تقتلون ‪ -‬وهم‬
‫الرجال ‪ -‬وتأسرون فريقا آخر وهو النساء والذرارى ‪.‬‬
‫‪ -27‬وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالم وأرضا ل تطأها أقدامكم من قبل ‪ ،‬وكان‬
‫ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬قديرا على تنفيذ كل شئ يريد ‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫‪ -28‬يا أيها النب ‪ :‬قل لزواجك ‪ -‬ناصحا لن ‪ : -‬إن كنت تردن الياة الدنيا‬
‫ومتعتها فأقبلن أدفع إليكن ما يُخفف وحشة الطلق ‪ ،‬فيكون متعة لَ ُكنّ ‪ ،‬وأطلقكن‬
‫طلقا ل إساءة معه ‪.‬‬

‫حسِنَاتِ مِ ْن ُكنّ َأ ْجرًا‬


‫وَإِنْ كُ ْنُتنّ ُت ِردْ َن اللّ َه وَ َرسُوَلهُ وَالدّا َر الْ َآخِ َر َة َفإِنّ ال ّل َه أَ َع ّد لِلْمُ ْ‬
‫ض ْعفَ ْينِ‬
‫ت مِ ْنكُ ّن ِبفَا ِحشَ ٍة مُبَيَّن ٍة يُضَاعَفْ َلهَا اْل َعذَابُ ِ‬
‫عَظِيمًا (‪ )29‬يَا ِنسَا َء النِّبيّ َم ْن َيأْ ِ‬
‫وَكَانَ َذِلكَ عَلَى ال ّلهِ َيسِيًا (‪ )30‬وَ َم ْن َيقْنُتْ مِنْ ُك ّن لِ ّلهِ وَ َرسُوِلهِ َوَتعْ َملْ صَالِحًا ُن ْؤتِهَا‬
‫أَ ْج َرهَا َم ّرتَيْ ِن َوأَعَْتدْنَا َلهَا رِ ْزقًا َكرِيًا (‪ )31‬يَا ِنسَا َء النّبِ ّي َلسُْتنّ َكَأ َحدٍ ِم َن الّنسَا ِء إِنِ‬
‫ض ْع َن بِاْل َقوْ ِل فَيَطْ َمعَ اّلذِي فِي قَلِْب ِه َمرَضٌ َوقُ ْل َن قَ ْولًا َم ْعرُوفًا (‪َ )32‬و َقرْنَ‬
‫اتّقَيُْت ّن فَلَا تَخْ َ‬
‫ي الزّكَاةَ َوأَ ِط ْعنَ ال ّلهَ‬
‫ج الْجَاهِلِّي ِة الْأُولَى وََأقِ ْم َن الصّلَا َة وَ َآتِ َ‬
‫فِي بُيُوتِ ُكنّ َولَا تََب ّر ْجنَ تََبرّ َ‬
‫ت َويُ َط ّهرَكُ ْم تَ ْطهِيًا (‪)33‬‬
‫س َأ ْهلَ الْبَيْ ِ‬
‫وَرَسُولَ ُه ِإنّمَا ُيرِيدُ ال ّلهُ لُِي ْذهِبَ عَ ْن ُكمُ الرّجْ َ‬
‫حكْ َمةِ إِ ّن ال ّلهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيًا (‪)34‬‬
‫وَاذْ ُكرْ َن مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِ ُكنّ ِمنْ َآيَاتِ ال ّلهِ وَالْ ِ‬

‫‪ -29‬وإن كنت تؤثرن حب ال ورسوله ونعيم الدار الخرة ‪ ،‬وترضي با أنُتنّ فيه من‬
‫خشونة عيش ‪ ،‬فإن ال أعد لمثالكن من الحسنات ف أعمالن أجرا ل يقدر قدره ‪.‬‬
‫‪ -30‬يا نساء النب ‪ :‬من يفعل منكن خطيئة ظاهرة ف قبحها يضم إل عذابا عذابان ‪،‬‬
‫حت تكون ثلثة بالقياس إل عذاب غيها ‪ ،‬وكان ذلك التضعيف على ال هينا ‪.‬‬
‫‪ -31‬ومن يدم منكن على الضوع ل ورسوله ‪ ،‬وتعمل صالا يعطها ال أجرها‬
‫مرتي ‪ ،‬وأعددنا لا ف الخرة رزقا جليل القدر ‪.‬‬
‫‪ -32‬يا نساء النب ‪ :‬لست ف الفضل والشرف كأحد من النساء ‪ ،‬إن أردتن التقوى‬
‫فل تتحدثن بكلم فيه طراوة وتكسر ‪ ،‬فيطمع فيكن من ف قلبه فساد ‪ ،‬وليكن قولكن‬
‫قول متعارفا غي متكلف ‪.‬‬
‫‪ -33‬واْلزَ ْم َن بيوتكن ل ترجن إل لاجة شرع ال الروج لقضائها ‪ ،‬ول تُظْهرن‬
‫ماسنكن وزينتكن للرجال إذا خرجت ‪ .‬كما كانت تفعل أهل الهالة الول ‪ ،‬وأدين‬
‫الصلة كاملة ‪ ،‬وأعطي الزكاة ‪ ،‬وامتثلن أمر ال ورسوله ‪ .‬إنا يريد ال ‪ -‬بكل ما‬
‫يأمركن به وينهاكن عنه ‪ -‬الشرف والكرامة ‪ .‬ليذهب عنكم الث والعصية ‪ -‬يا أهل‬

‫‪233‬‬
‫بيت النب ‪ -‬ويطهركم تطهيا ل يالطه شبهة ‪.‬‬
‫‪ -34‬واحفظن ما يقرأ ف بيوتكن من آيات القرآن الت أنزلا ال ‪ ،‬وما ينطق به‬
‫رسول ال من الكم السديد ‪ .‬إن ال كان عالا بغوامض الشياء وحقائقها ‪ ،‬فاحذرن‬
‫مالفته ومعصية رسوله ‪.‬‬

‫ت وَالصّادِقِيَ‬
‫ي وَاْلقَانِتَا ِ‬
‫ت وَاْلقَانِتِ َ‬
‫ي وَالْ ُم ْؤمِنَا ِ‬
‫ت وَالْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫ي وَالْ ُمسْلِمَا ِ‬
‫إِنّ الْ ُمسْ ِلمِ َ‬
‫ص ّدقَاتِ‬
‫ي وَالْمُتَ َ‬
‫ص ّدقِ َ‬
‫ي وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَ َ‬
‫ت وَالْخَا ِشعِ َ‬
‫وَالصّادِقَاتِ وَالصّاِبرِي َن وَالصّابِرَا ِ‬
‫ت وَالذّا ِكرِينَ ال ّلهَ كَثِيًا‬
‫ي ُفرُو َج ُهمْ وَالْحَافِظَا ِ‬
‫ت وَالْحَافِظِ َ‬
‫ي وَالصّائِمَا ِ‬
‫وَالصّائِمِ َ‬
‫وَالذّا ِكرَاتِ أَ َع ّد اللّ ُه َل ُهمْ َم ْغفِ َر ًة َوأَ ْجرًا عَظِيمًا (‪ )35‬وَمَا كَا َن لِ ُم ْؤمِ ٍن َولَا ُمؤْمَِن ٍة ِإذَا‬
‫قَضَى ال ّلهُ وَ َرسُوُلهُ أَ ْمرًا أَ ْن َيكُونَ َل ُهمُ الْخَِي َر ُة ِمنْ أَ ْم ِرهِ ْم َومَ ْن َيعْصِ ال ّل َه وَرَسُولَ ُه َف َقدْ‬
‫سكْ َعلَ ْيكَ‬
‫ضلّ ضَلَالًا مُبِينًا (‪ )36‬وَِإ ْذ َتقُولُ لِ ّلذِي َأنْ َعمَ ال ّلهُ عَلَ ْي ِه َوأَْنعَمْتَ َعلَ ْيهِ َأ ْم ِ‬
‫َ‬
‫خشَاهُ‬
‫س وَال ّل ُه أَ َح ّق أَ ْن تَ ْ‬
‫خشَى النّا َ‬
‫سكَ مَا اللّ ُه مُ ْبدِي ِه َوتَ ْ‬
‫خفِي فِي َنفْ ِ‬
‫َزوْ َجكَ وَاّتقِ ال ّلهَ َوتُ ْ‬
‫ي َحرَجٌ فِي أَ ْزوَاجِ‬
‫فَلَمّا قَضَى َزْي ٌد مِ ْنهَا وَ َطرًا َزوّجْنَا َكهَا ِلكَ ْي لَا َيكُونَ عَلَى الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫َأدْعِيَاِئ ِهمْ ِإذَا قَضَوْا مِ ْنهُ ّن وَ َطرًا وَكَا َن َأ ْمرُ ال ّلهِ مَ ْفعُولًا (‪)37‬‬

‫‪ -35‬إن النقادين من الرجال والنساء ‪ ،‬والصدقي بال ورسوله والصدقات ‪،‬‬


‫والقائمي بالطاعة والقائمات ‪ ،‬والصادقي ف أقوالم وأعمالم ونياتم والصادقات ‪،‬‬
‫والصابرين على تمل الشاق ف سبيل ال والصابرات ‪ ،‬والتواضعي ل والتواضعات ‪،‬‬
‫والتصدقي من مالم على الحتاجي والتصدقات ‪ ،‬والصائمي الفرض والنفل‬
‫والصائمات ‪ ،‬والافظي فروجهم عما ل يل والافظات ‪ ،‬والذاكرين ال كثيا‬
‫بقلوبم وألسنتهم والذاكرات ‪ .‬أعد ال لم غفرانا لذنوبم وثوابا عظيما على أعمالم‬
‫‪.‬‬
‫‪ -36‬وما ساغ لؤمن ول لؤمنة إذا حكم ال ورسوله ف أمر من المور أن يكون له‬
‫خيار فيه بعد أن حكم ال ورسوله ‪ ،‬ومن يالف ما حكم به ال ورسوله فقد َبعُد عن‬
‫طريق الصواب بُعْدا ظاهرا ‪.‬‬
‫‪ -37‬واذكر إذ تقول لزيد بن حارثة الذى أنعم ال عليه بداية السلم ‪ ،‬وأنعمت‬

‫‪234‬‬
‫عليه بالتربية والعتق ‪ ،‬أمسك عليك زوجك ‪ -‬زينب بنت جحش ‪ -‬واتق ال فيها ‪،‬‬
‫واصب على معاشرتا ‪ ،‬وتفى ف نفسك ما ال مظهره من أنه سيطلقها وأنك‬
‫ستتزوجها ‪ ،‬وتاف أن يُعيّرك الناس ‪ ،‬وال هو الدير بأن تافه ‪ ،‬ولو كان ف ذلك‬
‫مشقة عليك ‪ .‬فلما قضى زيد منها حاجته وطلقها تلصا من ضيق الياة معها‬
‫زوجناكها ‪ .‬لتكون قدوة ف إبطال هذه العادة الرذولة ‪ ،‬ول يتحرج السلمي بعد‬
‫ذلك من التزوج بزوجات من كانوا يتبنونم بعد طلقهن ‪ .‬وكان أمر ال الذى يريده‬
‫واقعا ل مالة ‪.‬‬

‫ض ال ّلهُ َل ُه سُنّ َة ال ّلهِ فِي اّلذِي َن خَ َلوْا ِمنْ قَ ْب ُل وَكَانَ‬


‫مَا كَانَ عَلَى النِّبيّ ِم ْن َحرَجٍ فِيمَا َفرَ َ‬
‫شوْ َن أَ َحدًا ِإلّا‬
‫خَ‬‫ش ْونَ ُه َولَا يَ ْ‬
‫خَ‬‫َأمْ ُر اللّ ِه َقدَرًا َم ْقدُورًا (‪ )38‬اّلذِي َن يُبَ ّلغُونَ ِرسَالَاتِ ال ّلهِ َويَ ْ‬
‫ح ّمدٌ َأبَا َأ َحدٍ ِمنْ ِرجَاِل ُكمْ َولَ ِكنْ َرسُولَ ال ّلهِ‬
‫اللّ َه وَ َكفَى بِال ّل ِه َحسِيبًا (‪ )39‬مَا كَا َن مُ َ‬
‫ي وَكَا َن اللّ ُه ِبكُ ّل شَيْءٍ عَلِيمًا (‪ )40‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا اذْ ُكرُوا ال ّل َه ذِ ْكرًا‬
‫وَخَاتَ َم النّبِيّ َ‬
‫خ ِرجَ ُكمْ‬
‫كَثِيًا (‪ )41‬وَسَبّحُو ُه ُبكْ َر ًة َوأَصِيلًا (‪ُ )42‬هوَ اّلذِي يُصَلّي عَلَ ْي ُك ْم وَمَلَائِكَُت ُه لِيُ ْ‬
‫ِمنَ الظّلُمَاتِ ِإلَى النّورِ وَكَا َن بِالْ ُمؤْمِنِيَ َرحِيمًا (‪ )43‬تَحِيُّت ُه ْم َيوْ َم يَ ْلقَ ْوَنهُ سَلَا ٌم َوأَ َعدّ‬
‫شرًا َوَنذِيرًا (‪)45‬‬
‫َلهُ ْم َأجْرًا َكرِيًا (‪ )44‬يَا َأّيهَا النّبِ ّي ِإنّا أَ ْرسَلْنَا َك شَا ِهدًا َومُبَ ّ‬

‫‪ -38‬ما كان على النب من إث ف عمل أمره ال به ‪ ،‬سن ال سنته مع النبياء من قبل‬
‫ال يظر عليهم ما أباح لم ووسع عليهم ‪ ،‬وكان أمر ال قضاء مقضيا وحكما مثبوتا‬
‫‪.‬‬
‫‪ -39‬الذين يُبلّغون إل الناس رسالت ال كما أنزلا ‪ ،‬ويافونه ول يافون أحدا سواه‬
‫‪ ،‬وكفى أن يكون ال هو الرقيب الحاسب ‪.‬‬
‫‪ -40‬ما كان ممد أبا أحد من رجالكم حت يرم عليه التزوج من مطلقته ‪ ،‬ولكن‬
‫رسول ال وخات النبيي ‪ ،‬عليه أن يؤدى رسالته كما أمره ربه من غي خشية أحد ‪،‬‬
‫وكان ال بكل شئ ميطا علمه ‪.‬‬
‫‪ -42 ، 41‬يا أيها الذين آمنوا ‪ :‬اثنوا على ال بضروب الثناء وأكثروا من ذلك ‪،‬‬
‫ونزّهوه عن كل ما ل يليق به أول النهار وآخره ‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫‪ -43‬وهو الذى يتعهدكم برحته ولطفه ‪ ،‬وملئكته تطلب الغفرة والداية لكم ‪،‬‬
‫ليخرجكم ال بذلك من ظلمات الكفر والضلل إل نور اليان والطاعة ‪ ،‬وكان ال‬
‫بالؤمني عظيم الرحة ‪.‬‬
‫‪ -44‬تيتهم من ال يوم يلقونه أمن وسلم لم ‪ ،‬وهيّأ لم على أعمالم أجرا سخيا‬
‫يشعرهم بفضله ‪.‬‬
‫‪ -45‬يا أيها النب ‪ :‬إنا بعثناك إل الناس برسالة السلم تشهد بالق ‪ ،‬وتبشر الؤمني‬
‫با يكون لم من خي وثواب ‪ ،‬وتنذر الكافرين بسوء الصي ‪.‬‬

‫ي ِبأَ ّن َلهُ ْم ِمنَ ال ّل ِه فَضْلًا َكبِيًا‬


‫شرِ الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫َودَاعِيًا ِإلَى اللّ ِه ِبِإذِْنهِ َو ِسرَاجًا مُنِيًا (‪ )46‬وََب ّ‬
‫ع َأذَاهُ ْم َوتَوَ ّكلْ عَلَى ال ّل ِه وَ َكفَى بِال ّل ِه وَكِيلًا (‬
‫(‪ )47‬وَلَا تُطِ ِع الْكَا ِفرِينَ وَالْمُنَافِقِيَ وَدَ ْ‬
‫ت ُثمّ طَ ّلقْتُمُو ُه ّن ِمنْ قَ ْب ِل أَ ْن تَ َمسّو ُه ّن فَمَا‬
‫‪ )48‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا ِإذَا َنكَحُْتمُ الْ ُم ْؤمِنَا ِ‬
‫لَ ُكمْ عَلَ ْي ِه ّن ِمنْ ِع ّدةٍ َتعَْتدّوَنهَا فَمَّتعُوهُ ّن وَ َس ّرحُو ُهنّ َسرَاحًا جَمِيلًا (‪ )49‬يَا َأّيهَا النّبِيّ‬
‫ك مِمّا َأفَا َء ال ّلهُ عَلَ ْيكَ‬
‫ت يَمِيُن َ‬
‫ت ُأجُو َر ُه ّن وَمَا مَلَكَ ْ‬
‫ِإنّا أَحْلَلْنَا َلكَ أَ ْزوَا َجكَ اللّاتِي َآتَيْ َ‬
‫ك وَا ْم َرَأةً‬
‫ك اللّاتِي هَاجَرْ َن َمعَ َ‬
‫ك وَبَنَاتِ خَالَاتِ َ‬
‫ك وَبَنَاتِ خَالِ َ‬
‫وَبَنَاتِ عَ ّمكَ وَبَنَاتِ َعمّاتِ َ‬
‫صةً َلكَ ِم ْن دُونِ‬
‫حهَا خَالِ َ‬
‫ت َن ْفسَهَا لِلنِّبيّ إِ ْن أَرَادَ النِّبيّ أَ ْن َيسْتَ ْنكِ َ‬
‫مُ ْؤمَِنةً إِ ْن َوهَبَ ْ‬
‫ي َقدْ عَ ِلمْنَا مَا َفرَضْنَا عَلَ ْي ِهمْ فِي أَ ْزوَا ِجهِ ْم َومَا مَ َلكَتْ َأيْمَاُنهُ ْم ِلكَيْلَا َيكُونَ‬
‫الْمُ ْؤمِنِ َ‬
‫ك َحرَجٌ وَكَا َن ال ّلهُ َغفُورًا َرحِيمًا (‪)50‬‬
‫عَلَ ْي َ‬

‫‪ -46‬وداعيا اللق إل ال بأمره ‪ ،‬وسراجا يهدى بنوره الاضرين ف ظلمات الشك ‪.‬‬
‫‪ -47‬وبشر الؤمني بأن لم مزيدا كبيا من الي ف الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫‪ -48‬ول تطع الكافرين والنافقي ول تعبأ بأذاهم ‪ ،‬واجعل ال وكيلك يدفع عنك‬
‫ضرهم وشرهم وحسبك ال وكيل يكفيك ويغنيك ‪.‬‬
‫‪ -49‬يا أيها الذين آمنوا إذا عقدت على الؤمنات ث طلقتموهن من قبل أن تدخلوا بن‬
‫‪ ،‬فليس لكم عليهن عدة تستوفون عددها ‪ ،‬فأعطوهن شيئا من الال جبا لاطرهن ‪،‬‬
‫وأخرجوهن من بيوتكم من غي إضرار بن ‪.‬‬
‫‪ -50‬يا أيها النب ‪ :‬إنا أبنا لك أزواجك اللتى أعطيتهن مهورهن ‪ ،‬وأبنا لك ما‬

‫‪236‬‬
‫ملكت يينك من الماء ما أنعم ال به عليك ‪ ،‬وأحللنا لك التزوج من بنات عمك‬
‫وبنات عماتك ‪ ،‬وبنات خالك وبنات خالتك اللتى هاجرن معك ‪ ،‬وأحللنا لك‬
‫امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها لك بل مهر ‪ ،‬وأنت تريد نكاحها وترغب فيها ‪ .‬خلصت‬
‫لك هذه البة من دون الؤمني فل تل لم ‪ .‬قد علمنا ما فرضناه على الؤمني ف‬
‫أزواجهم وإمائهم من أحكام ‪ .‬وما رخصنا لك فيه دونم ‪ .‬لئل يكون عليك ضيق فيما‬
‫شرعناه لك ‪ .‬وكان ال غفورا لذنوب عباده رحيما بالتوسعة عليهم ‪.‬‬

‫ت فَلَا جُنَاحَ عَلَ ْيكَ‬


‫ت مِ ّمنْ َع َزلْ َ‬
‫ُترْجِي َم ْن َتشَا ُء مِ ْن ُه ّن وَُت ْؤوِي ِإلَ ْيكَ َم ْن َتشَا ُء َو َمنِ ابَْتغَيْ َ‬
‫حزَ ّن َوَيرْضَ ْينَ بِمَا َآتَيَْت ُهنّ كُّل ُه ّن وَال ّل ُه َيعْلَ ُم مَا فِي‬
‫ك َأدْنَى أَ ْن َت َقرّ أَ ْعيُُن ُهنّ َولَا يَ ْ‬
‫َذلِ َ‬
‫ك الّنسَا ُء ِم ْن َبعْ ُد َولَا أَ ْن تََبدّ َل ِبهِ ّن ِمنْ‬
‫ح ّل لَ َ‬
‫قُلُوِبكُ ْم وَكَا َن اللّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (‪ )51‬لَا يَ ِ‬
‫ك وَكَانَ ال ّلهُ عَلَى ُك ّل شَيْءٍ َرقِيبًا (‪)52‬‬
‫ت يَمِيُن َ‬
‫ك ُحسُْنهُ ّن ِإلّا مَا مَلَكَ ْ‬
‫ج َولَ ْو أَعْجََب َ‬
‫أَ ْزوَا ٍ‬
‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا لَا َت ْدخُلُوا بُيُوتَ النِّب ّي إِلّا أَ ْن يُ ْؤذَ َن َلكُ ْم ِإلَى َطعَامٍ غَ ْي َر نَا ِظرِينَ ِإنَاهُ‬
‫ث إِ ّن َذلِ ُكمْ كَانَ‬
‫حدِي ٍ‬
‫ي لِ َ‬
‫شرُوا َولَا ُمسَْتأِْنسِ َ‬
‫وََل ِكنْ ِإذَا ُدعِيُتمْ فَا ْدخُلُوا فَِإذَا َطعِمُْت ْم فَانَْت ِ‬
‫ح ّق وَِإذَا َسَألْتُمُو ُه ّن مَتَاعًا فَا ْسَألُو ُهنّ‬
‫يُ ْؤذِي النّبِ ّي فََيسْتَحْيِي مِنْ ُك ْم وَال ّلهُ لَا َيسْتَحْيِي ِم َن الْ َ‬
‫ِمنْ وَرَا ِء حِجَابٍ َذِلكُ ْم أَ ْط َه ُر لِقُلُوبِ ُكمْ وَقُلُوبِ ِه ّن َومَا كَا َن َلكُ ْم أَ ْن تُ ْؤذُوا َرسُو َل اللّ ِه َولَا‬
‫أَ ْن تَنْكِحُوا أَ ْزوَاجَ ُه ِمنْ َب ْع ِدهِ َأَبدًا إِ ّن َذِلكُمْ كَانَ عِ ْن َد ال ّلهِ عَظِيمًا (‪)53‬‬

‫‪ -51‬تؤخر مَن تشاء منهن ف القسم ‪ ،‬وتدن إليك مَن تشاء ‪ ،‬ومن طلبت من أخرت‬
‫قسمها فل مؤاخذة عليك ‪ ،‬ذلك التفويض إل مشيئتك أقرب إل سرورهن وُبعْد‬
‫الزن عنهن ‪ ،‬ويرضي كلهن با آتيتهن ‪ ،‬وال يعلم ما ف قلوبكم من السخط أو‬
‫الرضا با شرع ‪ ،‬وكان ال عليما با ف الصدور ‪ .‬حليما ل يعاجل بالعقوبة ‪.‬‬
‫‪ -52‬ل يل لك النساء من بعد ‪ ،‬ول أن تطلقهن لتستبدل بن من النساء من تشاء ‪،‬‬
‫ولو أعجبك حسنهن ‪ ،‬ولكن ال أحل لك ما تلكه يدك من الماء ‪ ،‬وكان ال مطلعا‬
‫على كل شئ ‪ ،‬حافظا له ‪.‬‬
‫‪ -53‬يا أيها الذين آمنوا ل تدخلوا بيوت النب إل ف حال إذنه لكم لتناول الطعام‬
‫غي منتظرين وقت إدراكه ‪ ،‬ولكن إذا دعاكم الرسول فادخلوا ‪ ،‬فإذا طعمتم‬

‫‪237‬‬
‫فانصرفوا ‪ ،‬ول تكثوا بعد ذلك مستأنسي لديث بعضكم بعضا ‪ .‬لن الدخول بدون‬
‫إذنه وإطالة الكث بعد الطعام كان يؤذى النب فيستحى أن يطلب إليكم الروج ‪،‬‬
‫ولكن ال ‪ -‬تعال ‪ -‬ل ينعه من الهر بالق ما ينع الخلوقي ‪ ،‬وإذا سألتم إحدى‬
‫زوجات النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬حاجة فاسألوهن من وراء حجاب ‪ ،‬ذلك‬
‫أعظم طهارة لقلوبكم وقلوبن من وساوس الشيطان ‪ ،‬وما صح لكم أن تؤذوا رسول‬
‫ال ول أن تتزوجوا نساءه من بعده أبدا ‪ .‬احتراما له ولن ‪ .‬إن ذلكم كان عند ال‬
‫ذنبا عظيما ‪.‬‬

‫خفُوهُ َفإِ ّن ال ّلهَ كَا َن ِب ُكلّ َشيْءٍ عَلِيمًا (‪ )54‬لَا جُنَاحَ عَلَ ْي ِه ّن فِي‬
‫إِ ْن تُ ْبدُوا شَيْئًا َأوْ تُ ْ‬
‫َآبَائِ ِه ّن وَلَا َأبْنَاِئهِ ّن َولَا ِإخْوَانِ ِه ّن وَلَا َأبْنَا ِء ِإ ْخوَاِنهِ ّن َولَا َأبْنَاءِ أَ َخوَاِت ِهنّ َولَا ِنسَائِ ِه ّن وَلَا مَا‬
‫ي ال ّلهَ إِ ّن ال ّلهَ كَانَ عَلَى ُكلّ َشيْ ٍء َشهِيدًا (‪ )55‬إِنّ ال ّل َه َومَلَائِكََتهُ‬
‫ت َأيْمَاُنهُ ّن وَاّتقِ َ‬
‫مَلَكَ ْ‬
‫يُصَلّونَ عَلَى النِّبيّ يَا َأيّهَا الّذِينَ َآمَنُوا صَلّوا عَلَ ْي ِه وَسَلّمُوا َتسْلِيمًا (‪ )56‬إِ ّن اّلذِينَ‬
‫يُ ْؤذُونَ ال ّل َه وَرَسُولَ ُه َلعََنهُ ُم اللّ ُه فِي ال ّدنْيَا وَاْلآَ ِخ َر ِة وَأَ َع ّد َل ُهمْ َعذَابًا ُمهِينًا (‪ )57‬وَالّذِينَ‬
‫ت ِبغَ ْيرِ مَا اكَْتسَبُوا َفقَ ِد احْتَمَلُوا ُبهْتَانًا وَِإثْمًا مُبِينًا (‪ )58‬يَا‬
‫ي وَالْمُ ْؤمِنَا ِ‬
‫يُ ْؤذُونَ الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫ك َأ ْدنَى‬
‫ي ُي ْدنِيَ عَلَ ْي ِه ّن ِمنْ جَلَابِيِبهِ ّن َذلِ َ‬
‫ك َوبَنَاِتكَ َوِنسَاءِ الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫َأيّهَا النِّب ّي ُقلْ ِلأَ ْزوَاجِ َ‬
‫أَ ْن يُ ْع َر ْفنَ فَلَا ُيؤْ َذْينَ وَكَا َن ال ّلهُ َغفُورًا َرحِيمًا (‪ )59‬لَِئنْ َل ْم يَنَْتهِ الْمُنَا ِفقُو َن وَاّلذِي َن فِي‬
‫ك فِيهَا ِإلّا قَلِيلًا (‬
‫ك ِبهِ ْم ُثمّ لَا يُجَاوِرُونَ َ‬
‫ض وَالْ ُم ْر ِجفُو َن فِي الْ َمدِيَنةِ لَُن ْغ ِريَنّ َ‬
‫قُلُوِب ِهمْ َمرَ ٌ‬
‫‪)60‬‬

‫‪ -54‬إن تظهروا شيئا ما يؤذيه أو تفوه ف صدوركم فإن ال كان بكل شئ عليما ‪.‬‬
‫‪ -55‬ل إث على نساء النب أل يتجب من آبائهن ول أبنائهن ول إخوانن ول أبناء‬
‫إخوانن ول أبناء أخواتن ول النساء الؤمنات ول العبيد الملوكي لن لشدة الاجة‬
‫إليهم ف الدمة ‪ ،‬واتقي ال فيما أمركن به ‪ ،‬فل تتجاوزن حدوده ‪ .‬لنه كان بكل‬
‫شئ عالا ل تفى عليه خافية ‪.‬‬
‫‪ -56‬إن ال يرحم نبيه ويرضى عنه ‪ ،‬واللئكة يدعون له ‪ ،‬يا أيها الذين آمنوا صلوا‬
‫عليه وسلموا تسليما ‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫‪ -57‬إن الذين يؤذون ال ورسوله بتحديهما والتحريض على الكفر بما طردهم ال‬
‫ف الدنيا والخرة من رحته ‪ ،‬وأعد لم عذابا يذل كبياءهم ‪.‬‬
‫‪ -58‬والذين يؤذون الؤمني والؤمنات بقول أو فعل من غي ذنب فعلوه فقد تملوا‬
‫وزر كذبم عليهم ‪ ،‬وأتوا ذنبا ظاهر القبح ‪.‬‬
‫‪ -59‬يا أيها النب قل لزواجك وبناتك ونساء الؤمني ‪ :‬يسدلن على أجسامهن من‬
‫جلبيبهن ‪ ،‬وذلك اللباس على هذا الال أول وأحق بأن يعرفن فل يُتعرض لن‬
‫بأذى ‪ ،‬وكان ال غفورا رحيما لن أقلع عن ذنوبه ‪.‬‬
‫‪ -60‬أقسم ‪ :‬إن ل يكف النافقون والذين ف قلوبم مرض والشيعون للخبار الكاذبة‬
‫ف الدينة لنسلطنك عليهم ‪ ،‬ث ل يكون لم بقاء بوارك فيها إل زمنا قليلً ‪.‬‬

‫ي َأيْنَمَا ُث ِقفُوا أُ ِخذُوا َوقُتّلُوا َتقْتِيلًا (‪ )61‬سُّنةَ ال ّل ِه فِي اّلذِينَ خَلَوْا ِم ْن قَ ْب ُل وََلنْ‬
‫مَ ْلعُونِ َ‬
‫سَألُكَ النّاسُ َع ِن السّا َع ِة ُقلْ ِإنّمَا عِ ْل ُمهَا عِ ْن َد ال ّلهِ َومَا‬
‫جدَ ِلسُنّ ِة اللّ ِه تَ ْبدِيلًا (‪َ )62‬ي ْ‬
‫تَ ِ‬
‫ُيدْرِيكَ َل َعلّ السّا َعةَ تَكُونُ َقرِيبًا (‪ )63‬إِ ّن ال ّلهَ َل َعنَ اْلكَا ِفرِي َن َوأَ َعدّ َل ُهمْ َسعِيًا (‪)64‬‬
‫ب ُوجُو ُههُ ْم فِي النّا ِر يَقُولُونَ‬
‫جدُو َن َولِيّا َولَا نَصِيًا (‪ )65‬يَوْ َم ُتقَلّ ُ‬
‫خَاِلدِي َن فِيهَا َأَبدًا لَا يَ ِ‬
‫يَا لَيْتَنَا أَ َطعْنَا ال ّلهَ وَأَ َطعْنَا ال ّرسُولَا (‪َ )66‬وقَالُوا َربّنَا ِإنّا َأ َطعْنَا سَا َدتَنَا وَكَُبرَا َءنَا فَأَضَلّونَا‬
‫ب وَاْلعَ ْن ُهمْ َلعْنًا َكبِيًا (‪)68‬‬
‫ض ْعفَ ْينِ مِ َن اْلعَذَا ِ‬
‫السّبِيلَا (‪َ )67‬ربّنَا َآِتهِمْ ِ‬

‫‪ -61‬مستحقي للعنة والطرد أينما وجدوا أُخذوا وقُتلوا تقتيل ‪.‬‬


‫‪ -62‬سن ال ‪ -‬تعال ‪ -‬من قبل فيمن نافقوا النبياء والرسلي وتردوا أن يُقتلوا أينما‬
‫وجدوا ‪ ،‬ولن تد لسنة ال تغييا ‪.‬‬
‫‪ -63‬يسألك الناس عن وقت قيام الساعة قل لؤلء ‪ :‬إن علم وقتها عند ال ‪ -‬وحده‬
‫‪ -‬وما يدريك لعل وقت قيامها يكون قريبا ‪.‬‬
‫‪ -64‬إن ال طرد الكافرين من رحته ‪ ،‬وأعد لم نارا شديدة التقاد ‪.‬‬
‫‪ -65‬ل يرجون منها أبدا ‪ ،‬ول يدون لم من يتكفل بمايتهم ‪ ،‬ول مَن يدفعها‬
‫عنهم ‪.‬‬
‫‪ -66‬يوم تتقلب وجوههم ف النار من حال إل حال يقولون ‪ -‬نادمي ‪ : -‬يا ليتنا‬

‫‪239‬‬
‫أطعنا ال وأطعنا الرسول ‪.‬‬
‫‪ -67‬وقالوا ‪ :‬ربنا إنا اتبعنا رؤساءنا وكباءنا ف الكفر بك وبرسولك فأبْعدونا عن‬
‫الطريق الستقيم ‪.‬‬
‫‪ -68‬ربنا اجعل عذابم مضاعفا ‪ ،‬واطردهم من رحتك طردا كبيا بقادر إثهم‬
‫وجُرمهم ‪.‬‬

‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا لَا َتكُونُوا كَاّلذِينَ َآ َذوْا مُوسَى فََبرَّأ ُه اللّ ُه مِمّا قَالُوا وَكَانَ عِ ْن َد ال ّلهِ‬
‫ح َلكُمْ‬
‫وَجِيهًا (‪ )69‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا اّتقُوا اللّ َه َوقُولُوا َقوْلًا سَدِيدًا (‪ )70‬يُصْلِ ْ‬
‫أَعْمَالَ ُك ْم وََي ْغفِ ْر َلكُ ْم ُذنُوَبكُ ْم َومَ ْن يُطِ ِع ال ّلهَ وَ َرسُوَل ُه َفقَ ْد فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (‪ِ )71‬إنّا‬
‫حمِلَْنهَا َوَأشْ َف ْقنَ مِ ْنهَا‬
‫ض وَالْجِبَالِ َفَأبَ ْينَ أَ ْن يَ ْ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫َعرَضْنَا الَْأمَاَنةَ عَلَى السّمَاوَا ِ‬
‫ي وَالْمُنَا ِفقَاتِ‬
‫وَحَمَ َلهَا الِْإْنسَا ُن ِإّنهُ كَانَ ظَلُومًا َجهُولًا (‪ )72‬لُِيعَ ّذبَ ال ّلهُ الْمُنَا ِفقِ َ‬
‫ت وَكَانَ ال ّلهُ َغفُورًا‬
‫ي وَالْ ُم ْؤمِنَا ِ‬
‫ب ال ّلهُ عَلَى الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫شرِكَاتِ وَيَتُو َ‬
‫ي وَالْ ُم ْ‬
‫شرِكِ َ‬
‫وَالْ ُم ْ‬
‫َرحِيمًا (‪)73‬‬

‫‪ -69‬يا أيها الذين آمنوا ل تؤذوا النب بأى نوع من الذى ‪ ،‬كالذين آذوا موسى من‬
‫قومه فََبرّأه ال ما نسبوه إليه ‪ ،‬وكان موسى عند ال سيدا ذا جاه ‪.‬‬
‫‪ -70‬يا أيها الذين آمنوا خافوا عقاب ال إذا عصيتموه ‪ ،‬وقولوا قول مستقيما ل‬
‫اعوجاج فيه ‪.‬‬
‫ح ذنوبكم ‪ ،‬ومَن يطع ال ورسوله فقد نال الفوز‬
‫‪ -71‬يوفقكم للعمل الصال وي ُ‬
‫العظيم بالنجاة من العقاب والصول على الثواب ‪.‬‬
‫‪ -72‬إنا عرضنا التكاليف على السموات والرض والبال فأبي حلها وخفْن منها ‪،‬‬
‫وحلها النسان إنه كان شديد الظلم لنفسه ‪ ،‬جهول با يطيق حله ‪.‬‬
‫‪ -73‬ليُعذب ال النافقي والنافقات والشركي والشركات ‪ ،‬ويقبل ال توبة الؤمني‬
‫والؤمنات ‪ ،‬وال كثي الغفرة واسع الرحة ‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫ض َولَ ُه الْحَ ْم ُد فِي اْلآَ ِخ َرةِ َو ُهوَ‬
‫الْحَ ْمدُ لِلّ ِه اّلذِي َلهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ َومَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ج مِ ْنهَا وَمَا يَ ْنزِ ُل ِمنَ السّمَا ِء َومَا‬
‫خرُ ُ‬
‫ض َومَا يَ ْ‬
‫الْحَكِي ُم الْخَبِيُ (‪َ )1‬يعْلَ ُم مَا يَلِجُ فِي الْأَرْ ِ‬
‫ج فِيهَا َو ُهوَ الرّحِيمُ اْل َغفُورُ (‪َ )2‬وقَالَ اّلذِينَ َك َفرُوا لَا َت ْأتِينَا السّا َع ُة ُقلْ بَلَى وَ َربّي‬
‫َيعْرُ ُ‬
‫ص َغرُ‬
‫ض َولَا أَ ْ‬
‫ب لَا َي ْع ُزبُ َع ْنهُ مِ ْثقَا ُل ذَ ّر ٍة فِي السّمَاوَاتِ َولَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫لََتأْتِيَّن ُكمْ عَاِلمِ اْلغَيْ ِ‬
‫ي اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ‬
‫جزِ َ‬
‫ب مُبِيٍ (‪ )3‬لِيَ ْ‬
‫ِمنْ َذِلكَ َولَا أَكَْب ُر ِإلّا فِي كِتَا ٍ‬
‫أُولَِئكَ َل ُهمْ َم ْغ ِف َرةٌ وَرِ ْزقٌ َكرِيٌ (‪)4‬‬

‫‪ -1‬الثناء كله حق ل ‪ -‬وحده ‪ -‬الذى له ما ف السموات وما ف الرض خلقا ومُلْكا‬


‫وتدبيا ‪ ،‬وله ‪ -‬وحده ‪ -‬الثناء ف الخرة للكه الشامل ‪ ،‬وهو الكيم الذى ل‬
‫يطئ ‪ ،‬البي الذى ل يغيب عنه سر ‪.‬‬
‫‪ -2‬يعلم كل ما يدخل ف أجزاء الرض كالاء والكنوز والدفائن وأجزاء الوتى ‪،‬‬
‫وكل ما يرج منها كاليوان والنبات والعادن ومياه البار والعيون ‪ ،‬ويعلم ما ينل‬
‫من السماء كاللئكة والكتب الت يَتَ َلقّاها النبياء والطر والصواعق ‪ ،‬وما يصعد فيها‬
‫ويرقى إليها كاللئكة وأعمال العباد والرواح ‪ ،‬وهو الكثي الرحة العظيم الغفرة ‪.‬‬
‫‪ -3‬وقال الذين كفروا ‪ :‬ل تأتينا الساعة الوعودة للبعث والنشور ‪ .‬قل لم ‪ -‬أيها‬
‫الرسول ‪ : -‬ستأتيكم ‪ ،‬ورب لتأتينكم عال الغيب ل يغيب عن علمه قدر ذرة ف‬
‫السموات ول ف الرض ‪ ،‬ول أصغر من الذرة ول أكب منها إل مسطور ف كتاب تام‬
‫البيان ‪.‬‬
‫‪ -4‬ليثيب ال الذين آمنوا وعملوا الي لنفسهم وللناس ‪ ،‬أولئك الؤمنون العاملون‬
‫لم من ال مغفرة تحو ذنوبم ورزق واسع ل َم ّن فيه ‪.‬‬

‫ب ِمنْ ِر ْج ٍز أَلِيمٌ (‪ )5‬وََيرَى الّذِينَ‬


‫وَاّلذِي َن سَ َعوْا فِي َآيَاتِنَا ُمعَا ِجزِي َن أُولَِئكَ َل ُهمْ َعذَا ٌ‬
‫صرَاطِ اْل َعزِي ِز الْحَمِيدِ (‪)6‬‬
‫ح ّق َوَيهْدِي ِإلَى ِ‬
‫أُوتُوا الْعِ ْل َم الّذِي ُأنْ ِزلَ ِإلَ ْيكَ ِمنْ َرّبكَ ُهوَ الْ َ‬
‫ق ِإّنكُ ْم َلفِي خَ ْلقٍ‬
‫َوقَالَ اّلذِينَ َك َفرُوا َهلْ َن ُدلّ ُكمْ عَلَى َرجُ ٍل يُنَبُّئكُ ْم ِإذَا ُم ّزقُْتمْ ُك ّل مُ َمزّ ٍ‬
‫جَدِيدٍ (‪َ )7‬أفَْترَى عَلَى ال ّلهِ َك ِذبًا أَ ْم ِبهِ جِّن ٌة َبلِ اّلذِي َن لَا ُي ْؤمِنُو َن بِالْ َآخِ َر ِة فِي اْلعَذَابِ‬
‫ض إِنْ‬
‫وَالضّلَا ِل الَْبعِيدِ (‪َ )8‬أفَلَ ْم َيرَوْا ِإلَى مَا بَ ْي َن أَْيدِيهِ ْم َومَا خَ ْلفَ ُهمْ مِ َن السّمَا ِء وَاْلأَرْ ِ‬

‫‪241‬‬
‫سفًا ِمنَ السّمَا ِء إِ ّن فِي ذَِلكَ لَ َآَيةً ِل ُكلّ عَ ْبدٍ‬
‫سقِطْ عَلَ ْي ِهمْ ِك َ‬
‫ض أَ ْو ُن ْ‬
‫ف ِب ِهمُ اْلأَرْ َ‬
‫خسِ ْ‬
‫َنشَ ْأ نَ ْ‬
‫مُنِيبٍ (‪)9‬‬

‫‪ -5‬والذين أجهدوا أنفسهم ف ماربة القرآن مغالبي أمر ال ف نصر رسوله ‪ ،‬أولئك‬
‫لم عذاب من أسوأ العذاب الؤل ‪.‬‬
‫‪ -6‬ويعلم الذين َمنّ ال عليهم بالعلم أن القرآن الذى أنزل إليك من ربك ‪ -‬با فيه‬
‫من عقائد وهداية ‪ -‬هو الق الذى ل مرية فيه ‪ ،‬وهو الذى يهدى إل طريق ال‬
‫الغالب على كل شئ ‪ ،‬الستحق لكل ثناء ‪.‬‬
‫‪ -7‬وقال الكفار بعضهم لبعض ‪ -‬استهزاء بب البعث ‪ : -‬هل ندلكم على رجل‬
‫يُحدثكم أنكم إذا متم و ُفرّقت أجسامكم كل تفريق أنكم لتبعثون ف خلق جديد؟‬
‫‪ -8‬أختلق هذا الرجل على ال كذبا فيما نسبه إليه من إحياء الوتى ‪ ،‬أم به جنون فهو‬
‫يتكلم با ل يدرى؟ ليس المر كما زعموا ‪ ،‬بل القيقة أن الذين ل يؤمنون بالخرة‬
‫واقعون ف العذاب والضلل البعيد عن الق ‪.‬‬
‫‪ -9‬أعموا فلم ينظروا إل ما بي أيديهم وما وراءهم من السماء والرض ‪ ،‬ليعلموا‬
‫قدرتنا على فعل ما نشاء؟! إن نشأ نسف بم الرض خسفناها بم ‪ ،‬أو إن نشأ نُسقط‬
‫عليهم قطعا من السماء نسحقهم با أسقطناها ‪ .‬إن فيما ذكرنا لدليل لكل عبد راجع‬
‫إل ربه ف كل أمره ‪.‬‬

‫حدِيدَ (‪ )10‬أَنِ اعْ َملْ‬


‫وََل َقدْ َآتَيْنَا دَاوُو َد مِنّا فَضْلًا يَا جِبَالُ َأ ّوبِي َمعَ ُه وَالطّ ْي َر َوأَلَنّا لَ ُه الْ َ‬
‫سَاِبغَاتٍ َو َقدّ ْر فِي السّ ْر ِد وَاعْمَلُوا صَالِحًا ِإنّي بِمَا تَعْمَلُو َن بَصِيٌ (‪َ )11‬وِلسُلَيْمَا َن الرّيحَ‬
‫ج ّن َمنْ َيعْ َم ُل بَ ْينَ َي َدْيهِ ِبِإذْنِ‬
‫ُغ ُدوّهَا شَ ْه ٌر وَ َروَاحُهَا شَ ْه ٌر َوأَسَلْنَا َلهُ عَ ْي َن اْلقِ ْطرِ َو ِمنَ الْ ِ‬
‫سعِيِ (‪َ )12‬يعْمَلُونَ َل ُه مَا َيشَا ُء ِمنْ‬
‫ب ال ّ‬
‫غ مِ ْن ُهمْ َع ْن َأمْ ِرنَا ُن ِذقْ ُه ِمنْ َعذَا ِ‬
‫َرّبهِ َو َمنْ َيزِ ْ‬
‫ب َوقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ ا ْعمَلُوا َآلَ دَاوُودَ شُ ْكرًا َوقَلِيلٌ‬
‫جوَا ِ‬
‫ب وَتَمَاثِيلَ َو ِجفَانٍ كَالْ َ‬
‫مَحَارِي َ‬
‫ت مَا َدّل ُهمْ عَلَى َم ْوتِ ِه ِإلّا دَابّ ُة الْأَرْضِ‬
‫ي الشّكُورُ (‪ )13‬فَلَمّا قَضَيْنَا عَلَ ْي ِه الْ َموْ َ‬
‫ِمنْ عِبَادِ َ‬
‫ب مَا لَبِثُوا فِي الْ َعذَابِ‬
‫ج ّن أَ ْن لَوْ كَانُوا َيعْلَمُونَ اْلغَيْ َ‬
‫ت الْ ِ‬
‫سأََت ُه فَلَمّا خَ ّر تَبَيّنَ ِ‬
‫َتأْكُ ُل مِ ْن َ‬
‫الْ ُمهِيِ (‪)14‬‬

‫‪242‬‬
‫‪ -10‬وال ‪ :‬لقد أعطينا داود منا فضل بإعطائه الكمة والكتاب ‪ ،‬وقلنا ‪ :‬يا جبال‬
‫رددى معه التسبيح إذا سبّح ‪ ،‬وسخرنا له الطي ترجع تقديس ال ‪ ،‬وصينا له الديد‬
‫ليّنا يشكله كما يشاء ‪.‬‬
‫‪ -11‬أوحينا إليه أن اعمل دروعا واسعة تمى من بأس العداء ‪ ،‬وأحكم نسْجها‬
‫بتداخل حلقاتا ‪ ،‬وقلنا له ولله ‪ :‬اعملوا ما يعود عليكم وعلى غيكم بالي‬
‫والصلح ‪ ،‬إن بكل ما تعملون بصي ل يغيب عن شئ منه ‪.‬‬
‫‪ -12‬وسخرنا لسليمان الريح ‪ ،‬جريها ف أول النهار يعدل السي العادى شهرا ‪،‬‬
‫وجريها ف آخر النهار يعدل السي شهرا وأسلْنا له معدن النحاس يرى غزيرا مستمرا‬
‫‪ ،‬وسخرنا له من الن من يعمل أمامه بتسخي ربه ‪ ،‬ومن ينحرف من الن عن أمرنا‬
‫لم بطاعة سليمان نُذقه من عذاب النار الستعرة ‪.‬‬
‫‪ -13‬يعملون له ما يريد من مساجد للعبادة ‪ ،‬وصور مسمة ‪ ،‬وقصاع كبية‬
‫كالحواض ‪ ،‬وأوان للطبخ ثابتات على قواعدها لعظمها ‪ ،‬وقلنا لل داود ‪ :‬اعملوا‬
‫عمل تشكرون به ال شكرا ‪ ،‬وقليل من عبادى من يذكر نعمى فيكثر شكرى ‪.‬‬
‫‪ -14‬فلما حكمنا على سليمان بالوت ما دل الن على موته إل دابة الرض تأكل‬
‫عصاه وهو متكئ عليها ‪ ،‬فلما سقط علمت الن أنم لو كانوا يعلمون الغيب ما‬
‫مكثوا ف العذاب الشاق الهي لم ‪.‬‬

‫ي َوشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِ ْزقِ َرّبكُ ْم وَا ْشكُرُوا‬


‫َلقَدْ كَا َن ِلسََبإٍ فِي َمسْكَِن ِهمْ َآيَ ٌة جَنّتَانِ َع ْن يَمِ ٍ‬
‫َلهُ بَ ْل َدةٌ طَيَّب ٌة وَ َربّ َغفُورٌ (‪َ )15‬فأَ ْعرَضُوا َفأَ ْرسَلْنَا عَلَ ْي ِهمْ سَ ْي َل الْ َعرِ ِم َوبَ ّدلْنَا ُه ْم بِجَنّتَ ْي ِهمْ‬
‫ط وََأْثلٍ َوشَيْ ٍء ِم ْن ِسدْرٍ قَلِيلٍ (‪َ )16‬ذِلكَ َج َزيْنَا ُهمْ بِمَا َك َفرُوا‬
‫جَنّتَ ْينِ َذوَاَتيْ أُ ُكلٍ خَ ْم ٍ‬
‫وَ َه ْل نُجَازِي إِلّا الْ َكفُورَ (‪ )17‬وَ َجعَلْنَا بَيَْن ُه ْم وَبَ ْي َن الْ ُقرَى الّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ُقرًى ظَا ِه َرةً‬
‫َوقَدّ ْرنَا فِيهَا السّ ْي َر سِيُوا فِيهَا لَيَالِ َي َوأَيّامًا َآمِنِيَ (‪َ )18‬فقَالُوا َربّنَا بَا ِعدْ بَ ْي َن َأسْفَا ِرنَا‬
‫ت ِلكُلّ‬
‫ك َلآَيَا ٍ‬
‫ق إِ ّن فِي َذلِ َ‬
‫جعَلْنَاهُ ْم أَحَادِيثَ َو َم ّزقْنَا ُهمْ ُك ّل مُ َمزّ ٍ‬
‫سهُ ْم فَ َ‬
‫وَظَلَمُوا َأْن ُف َ‬
‫صَبّا ٍر َشكُورٍ (‪)19‬‬

‫‪243‬‬
‫‪ -15‬أقسم ‪ :‬قد كان لهل سبأ ف مسكنهم باليمن آية دالة على قدرتنا ‪ :‬حديقتان‬
‫تفّان ببلدهم عن يي وشال ‪ ،‬قيل لم ‪ :‬كلوا من رزق ربكم واشكروا نعمه بصرفها‬
‫ف وجوهها ‪ .‬بلدتكم بلدة طيبة ذات ظل وثار ‪ ،‬وربكم كثي الغفرة لن شكره ‪.‬‬
‫‪ -16‬فأعرضوا عن شكر النعمة وبطروا معيشتهم ‪ ،‬فأطلقنا عليهم السيل الارف‬
‫الذى أعقب تصدع السدود فأهلكت البساتي ‪ ،‬وبدّلناهم بنتيهم الثمرتي جنتي‬
‫ذواتى ثر مر ‪ ،‬وشجر ل يثمر ‪ ،‬وشئ من نبق قليل ل غناء فيه ‪.‬‬
‫‪ -17‬ذلك الزاء جزيناهم بكفرهم النعمة وعدم شكرها ‪ ،‬وهل نعاقب هذا العقاب‬
‫إل شديد الكفر بال وبأفضاله؟!‬
‫‪ -18‬وجعلنا بي مسكنهم باليمن وبي القرى الباركة قرى متقاربة يظهر بعضها‬
‫لبعض ‪ ،‬وجعلنا نسبة بعضها إل بعض على مقدار ُمعَيّن من السي ل مشقة معه ‪ ،‬وقلنا‬
‫لم ‪ :‬سيوا فيها ليال وأياما متمتعي بالمن ‪.‬‬
‫‪ -19‬فقالوا ‪ -‬بطرا بنعمة الراحة والمن ‪ : -‬ربنا باعد بي أسفارنا ‪ ،‬فل نصادف‬
‫قرى عامرة ف طريقنا إل مقاصدنا ‪ ،‬فباعد ال بي أسفارهم ‪ ،‬وظلموا أنفسهم‬
‫بطغيانم ‪ ،‬فصيّرناهم أحاديث للناس ‪ ،‬وفرقناهم كل تفريق ‪ ،‬إن فيما وقع لم لعظات‬
‫لكل صابر على البلء ‪ ،‬شكور على العطاء ‪.‬‬

‫صدّقَ عَلَ ْي ِه ْم ِإبْلِيسُ ظَّن ُه فَاتَّبعُوهُ ِإلّا َفرِيقًا ِمنَ الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪ )20‬وَمَا كَا َن َلهُ عَلَ ْي ِهمْ‬
‫وََل َقدْ َ‬
‫ِمنْ سُلْطَا ٍن ِإلّا لَِنعْ َلمَ َم ْن يُ ْؤ ِمنُ بِاْلآَ ِخ َرةِ مِ ّم ْن ُهوَ مِ ْنهَا فِي َشكّ وَ َرّبكَ َعلَى ُك ّل َشيْءٍ‬
‫حَفِيظٌ (‪ُ )21‬ق ِل ادْعُوا الّذِينَ زَعَمُْت ْم ِمنْ دُو ِن ال ّلهِ لَا يَمْ ِلكُو َن مِ ْثقَا َل ذَ ّر ٍة فِي‬
‫ت وَلَا فِي اْلأَرْضِ وَمَا لَ ُه ْم فِيهِمَا ِم ْن ِشرْكٍ َومَا َل ُه مِ ْن ُهمْ ِمنْ َظهِيٍ (‪َ )22‬ولَا‬
‫السّمَاوَا ِ‬
‫شفَا َعةُ عِ ْن َدهُ ِإلّا لِ َم ْن َأذِ َن َلهُ حَتّى ِإذَا ُفزّعَ َع ْن قُلُوِب ِهمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ َربّ ُك ْم قَالُوا‬
‫تَ ْنفَعُ ال ّ‬
‫ض ُقلِ ال ّل ُه وَِإنّا َأوْ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫حقّ َو ُهوَ اْلعَلِ ّي الْكَبِيُ (‪ُ )23‬قلْ َم ْن َيرْ ُزقُ ُكمْ ِم َن السّمَاوَا ِ‬
‫الْ َ‬
‫سأَلُ َعمّا‬
‫ِإيّا ُك ْم لَعَلَى هُدًى َأوْ فِي ضَلَالٍ مُبِيٍ (‪ُ )24‬قلْ لَا ُتسَْألُونَ عَمّا أَ ْج َرمْنَا َولَا ُن ْ‬
‫َتعْمَلُونَ (‪)25‬‬

‫‪244‬‬
‫‪ -20‬ولقد حقّق إبليس ظنه عليهم ‪ ،‬فاتبعوه إل فريقا قليل من الؤمني ‪.‬‬
‫‪ -21‬وما كان لبليس عليهم من قوة يضعهم با ‪ ،‬ولكن ال امتحنهم ليُظهر من‬
‫يُصدق بالخرة من هو منها ف شك ‪ .‬وربك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬على كل شئ رقيب قائم‬
‫على كل أمر ‪.‬‬
‫‪ -22‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬للمشركي ‪ :‬ادعو الذين ادّعيتم باطل أنم شركاء من دون‬
‫ال يلبوا لكم نفعا أو يدفعوا عنكم ضرا ‪ .‬هم ل ييبونكم لنم ل يلكون مقدار ذرة‬
‫ف السموات ول ف الرض ‪ ،‬وليس لم فيهما شركة مع ال ف خلق أو ملك ‪ ،‬وليس‬
‫ل من هؤلء الشركاء الزعومي من يُعينه على تدبي شئون خلقه ‪.‬‬
‫‪ -23‬ول تنفع الشفاعة عند ال إل للمستأهلي لقام الشفاعة ‪ ،‬حت إذا كشف الفزع‬
‫عن قلوبم بالذن لم ف الشفاعة قال بعضهم لبعض ‪ -‬مستبشرين ‪ : -‬ماذا قال‬
‫ربكم؟! فيجابون بأنه قال القول الق بإذنه ف الشفاعة لن ارتضى ‪ ،‬وهو ‪ -‬وحده ‪-‬‬
‫صاحب العلو والكبياء ‪ ،‬ويأذن وينع من يشاء كما يشاء ‪.‬‬
‫‪ -24‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬للمشركي ‪ :‬من يأتيكم برزقكم من السموات والرض؟!‬
‫قل لم ‪ -‬حي ل ييبون عنادا ‪ : -‬ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى يرزقكم منهما ‪ ،‬وإننا‬
‫معشر الؤمني أو إياكم معشر الشركي لعلى أحد المرين من الدى أو الضلل‬
‫الواضح ‪.‬‬
‫‪ -25‬قل لم ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬ل تسألون عما أذنبنا ول نسأل عن أعمالكم ‪.‬‬

‫ح ّق وَ ُهوَ اْلفَتّاحُ اْلعَلِيمُ (‪ُ )26‬ق ْل أَرُوِنيَ اّلذِينَ‬


‫ح بَيْنَنَا بِالْ َ‬
‫جمَ ُع بَيْنَنَا َربّنَا ثُ ّم َيفْتَ ُ‬
‫ُقلْ يَ ْ‬
‫حكِيمُ (‪ )27‬وَمَا أَ ْرسَلْنَا َك ِإلّا كَا ّف ًة لِلنّاسِ‬
‫حقْتُ ْم ِبهِ ُشرَكَاءَ كَلّا َبلْ ُه َو اللّ ُه الْ َعزِيزُ الْ َ‬
‫َألْ َ‬
‫س لَا َيعْلَمُونَ (‪َ )28‬وَيقُولُو َن مَتَى هَذَا اْلوَ ْعدُ إِنْ كُنُْتمْ‬
‫َبشِيًا َوَنذِيرًا َوَلكِ ّن أَكَْثرَ النّا ِ‬
‫صَا ِدقِيَ (‪ُ )29‬قلْ َل ُكمْ مِيعَادُ َيوْ ٍم لَا َتسَْت ْأخِرُونَ عَ ْن ُه سَا َع ًة َولَا َتسَْتقْ ِدمُونَ (‪َ )30‬وقَالَ‬
‫الّذِينَ َك َفرُوا َل ْن نُ ْؤ ِمنَ ِب َهذَا اْلقُرْ َآ ِن وَلَا بِاّلذِي بَ ْي َن َيدَْي ِه وََلوْ تَرَى ِإذِ الظّالِمُونَ َم ْوقُوفُونَ‬
‫ضعِفُوا لِ ّلذِي َن اسْتَكَْبرُوا َلوْلَا‬
‫ض الْ َق ْولَ َيقُولُ اّلذِينَ اسْتُ ْ‬
‫ض ُهمْ إِلَى َبعْ ٍ‬
‫عِ ْندَ َرّب ِهمْ َي ْرجِ ُع بَعْ ُ‬

‫‪245‬‬
‫ص َد ْدنَا ُكمْ َعنِ‬
‫حنُ َ‬
‫ضعِفُوا َأنَ ْ‬
‫َأنْتُ ْم َلكُنّا ُمؤْمِنِيَ (‪ )31‬قَا َل الّذِينَ اسْتَكَْبرُوا لِ ّلذِي َن اسْتُ ْ‬
‫ج ِرمِيَ (‪)32‬‬
‫الْ ُهدَى َب ْعدَ إِ ْذ جَاءَ ُكمْ بَلْ كُنُْت ْم مُ ْ‬

‫‪ -26‬قل لم ‪ :‬يمع بيننا ربنا يوم القيامة ث يقضى بيننا بالق ‪ ،‬وهو ‪ -‬سبحانه ‪-‬‬
‫الاكم ف كل أمر ‪ ،‬العليم بقيقة ما كان منا ومنكم ‪.‬‬
‫‪ -27‬قل لم ‪ :‬أرون الذين ألقتم بال ف استحقاق العبادة تزعمون شركتهم له ‪،‬‬
‫ليس له شريك ‪ ،‬بل هو ال الغالب على كل شئ ‪ .‬الكيم ف تدبيه وتصريفه ‪.‬‬
‫‪ -28‬وما أرسلناك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬إل للناس جيعا بشيا للمؤمني بالي ‪ ،‬ونذيرا‬
‫للكافرين بالشر ‪ ،‬ولكن أكثر الناس ل يعلمون صدقك وعموم رسالتك ‪.‬‬
‫‪ -29‬ويقول الكافرون ‪ -‬استبعادا لليوم الوعود للجزاء ‪ : -‬مت هذا الوعد فندخل‬
‫النار وتدخلون النة إن كنتم صادقي ف وعدكم به؟!‬
‫‪ -30‬قل لم ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬لكم ميعاد يوم عظيم ل تستأخرون عنه ساعة ول‬
‫تستقدمون ‪.‬‬
‫‪ -31‬وقال الذين كفروا ‪ :‬لن نصدق بذا القرآن ول بالكتب الت تقدمت عليه فيما‬
‫تأمر به وتدعو إليه ‪ ،‬ولو ترى ‪ -‬يا من تكنك الرؤية ‪ -‬وقت وقف الظالي عند‬
‫خالقهم ومالك أمرهم لرأيت العجيب ف موقفهم حي يرد بعضهم إل بعض القول ‪،‬‬
‫يقول الستضعفون للمستعلي عليهم ‪ :‬لول أنتم ‪ -‬بتسلطكم علينا ‪ -‬لكنا مؤمني ‪.‬‬
‫‪ -32‬قال الستكبون للمستضعفي ‪ -‬منكرين قولم ‪ : -‬أنن صددناكم عن الدى‬
‫بعد ميئه لكم نصدكم عنه؟ ‪ .‬بل كنتم مؤثرين الضللة على الدى ‪.‬‬

‫ض ِعفُوا لِ ّلذِينَ اسَْتكَْبرُوا َبلْ َم ْكرُ اللّ ْيلِ وَالّنهَا ِر ِإ ْذ تَ ْأ ُمرُونَنَا أَ ْن َن ْكفُ َر بِاللّهِ‬
‫َوقَالَ اّلذِينَ اسْتُ ْ‬
‫ق اّلذِينَ‬
‫ج َع َل َلهُ َأْندَادًا َوَأسَرّوا الّندَا َمةَ لَمّا َرَأوُا اْل َعذَابَ َو َجعَلْنَا الْأَغْلَا َل فِي أَعْنَا ِ‬
‫وَنَ ْ‬
‫ج َزوْ َن ِإلّا مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪ )33‬وَمَا أَ ْرسَلْنَا فِي َق ْرَيةٍ ِم ْن َنذِيرٍ إِلّا قَالَ‬
‫َك َفرُوا هَ ْل يُ ْ‬
‫حنُ‬
‫ح ُن أَكَْث ُر َأمْوَالًا َوأَ ْولَادًا وَمَا نَ ْ‬
‫مُ ْترَفُوهَا ِإنّا بِمَا أُ ْرسِلْتُ ْم ِبهِ كَا ِفرُونَ (‪َ )34‬وقَالُوا نَ ْ‬
‫ط الرّزْقَ لِ َمنْ َيشَا ُء َويَ ْقدِ ُر َولَ ِكنّ أَكَْث َر النّاسِ لَا َيعْلَمُونَ‬
‫بِ ُم َعذّبِيَ (‪ُ )35‬قلْ إِنّ َربّي يَ ْبسُ ُ‬
‫(‪ )36‬وَمَا َأمْوَاُل ُكمْ َولَا َأ ْولَادُ ُكمْ بِالّتِي ُت َقرُّب ُكمْ ِع ْندَنَا ُزْلفَى ِإلّا َمنْ َآ َمنَ وَعَ ِملَ صَالِحًا‬

‫‪246‬‬
‫ف بِمَا عَمِلُوا وَ ُهمْ فِي الْ ُغ ُرفَاتِ َآمِنُونَ (‪ )37‬وَاّلذِي َن َيسْ َعوْنَ‬
‫ضعْ ِ‬
‫ك َل ُهمْ َجزَاءُ ال ّ‬
‫َفأُولَئِ َ‬
‫ط الرّزْقَ لِ َمنْ‬
‫ضرُونَ (‪ُ )38‬قلْ إِنّ َربّي يَ ْبسُ ُ‬
‫ب مُحْ َ‬
‫ك فِي الْ َعذَا ِ‬
‫فِي َآيَاتِنَا ُمعَا ِجزِي َن أُولَِئ َ‬
‫َيشَا ُء ِمنْ عِبَا ِد ِه وََي ْقدِرُ لَ ُه َومَا َأنْ َفقُْتمْ ِم ْن شَيْ ٍء َف ُه َو يُخْ ِل ُفهُ َوهُ َو خَ ْيرُ الرّا ِزقِيَ (‪)39‬‬

‫‪ -33‬وقال الستضعفون للمستكبين ‪ :‬بل تدبيكم ووسوستكم لنا ف الليل والنهار‬


‫أوقعنا ف التهلكة حي كنتم تطلبون منا أن نكفر بال ‪ ،‬ونعل له شركاء ‪ ،‬وأسر‬
‫الفريقان السرة لا رأوا العذاب واقعا بم ‪ ،‬فعلموا أن ل فائدة من إظهار هذه السرة‬
‫‪ ،‬وجعلنا الغلل ف أعناق الذين ل يؤمنوا ‪ .‬هل يستحق هؤلء إل جزاء ما كانوا‬
‫يعملون؟!‬
‫‪ -34‬وما أرسلنا ف قرية من رسول يدعوهم إل الق إل قال الترفون من أهلها ‪ :‬إنا‬
‫با جئتم به مكذبون ‪.‬‬
‫‪ -35‬وقالوا ‪ -‬متباهي ‪ : -‬نن أكثر أموالً وأولدا ‪ ،‬وما نن بعذبي ف الخرة ‪.‬‬
‫‪ -36‬قل لم ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬إن خالقى يُوسّع الرزق لن يشاء من العاصي والطيعي‬
‫ويُضيّق على من يشاء ‪ ،‬وليس ذلك دليل رضاه أو سخطه ‪ ،‬ولكن أكثر الناس ل‬
‫يعلمون ‪.‬‬
‫‪ -37‬وليست أموالكم وأولدكم بالزية الت تقربكم عندنا قربة ‪ ،‬لكن من ثبت له‬
‫اليان وعمل صالا فأولئك لم الثواب الضاعف با عملوا ‪ ،‬وهم ف أعال النات‬
‫آمنون ‪.‬‬
‫‪ -38‬والذين يسْعَون ف معارضة آياتنا ‪ -‬ماولي إبطالا وتعجيز أنبيائنا عن تبليغها ‪-‬‬
‫أولئك ف العذاب مضرون ل يفلتون ‪.‬‬
‫‪ -39‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬إن رب يُوسّع الرزق لن يشاء من عباده ويُضيّق عليه ‪ ،‬وما‬
‫أنفقتم من شئ فهو يعوضه ‪ ،‬وهو ‪ -‬سبحانه ‪ -‬خي الرازقي ‪.‬‬

‫ش ُرهُ ْم جَمِيعًا ُث ّم َيقُولُ لِلْمَلَاِئكَ ِة َأهَ ُؤلَا ِء ِإيّا ُكمْ كَانُوا َيعُْبدُونَ (‪ )40‬قَالُوا‬
‫حُ‬‫وََيوْ َم يَ ْ‬
‫جنّ أَكَْث ُر ُهمْ ِب ِهمْ ُم ْؤمِنُونَ (‪)41‬‬
‫ت َولِيّنَا ِم ْن دُوِن ِهمْ َبلْ كَانُوا َيعْبُدُو َن الْ ِ‬
‫ك أَنْ َ‬
‫سُبْحَانَ َ‬
‫ب النّارِ‬
‫ضرّا َونَقُو ُل لِ ّلذِينَ ظَ َلمُوا ذُوقُوا َعذَا َ‬
‫ك َبعْضُ ُك ْم لَِبعْضٍ َن ْفعًا َولَا َ‬
‫فَالَْيوْ َم لَا يَمْ ِل ُ‬

‫‪247‬‬
‫ت قَالُوا مَا هَذَا إِلّا َر ُجلٌ ُيرِيدُ‬
‫الّتِي كُنُْت ْم ِبهَا ُتكَ ّذبُونَ (‪َ )42‬وِإذَا تُتْلَى عَلَ ْي ِهمْ َآيَاتُنَا بَيّنَا ٍ‬
‫صدّكُمْ َعمّا كَانَ َيعُْبدُ َآبَاؤُ ُك ْم َوقَالُوا مَا َهذَا ِإلّا ِإ ْفكٌ ُمفَْترًى وَقَالَ اّلذِينَ َك َفرُوا‬
‫أَ ْن يَ ُ‬
‫ب َيدْ ُرسُوَنهَا َومَا‬
‫ح ٌر مُبِيٌ (‪ )43‬وَمَا َآتَيْنَاهُ ْم ِمنْ كُتُ ٍ‬
‫ح ّق لَمّا جَا َء ُهمْ إِ ْن َهذَا ِإلّا سِ ْ‬
‫لِلْ َ‬
‫أَ ْرسَلْنَا ِإلَ ْيهِ ْم قَبْ َلكَ ِم ْن َنذِيرٍ (‪ )44‬وَ َك ّذبَ اّلذِي َن ِمنْ قَبْ ِل ِه ْم وَمَا بَ َلغُوا ِم ْعشَارَ مَا َآتَيْنَا ُهمْ‬
‫فَ َك ّذبُوا ُرسُلِي َفكَيْفَ كَانَ َنكِيِ (‪)45‬‬

‫‪ -40‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬يوم يشرهم ال جيعا ‪ .‬ث يقول ‪ -‬سبحانه ‪ -‬للملئكة‬
‫أمام من كانوا يعبدونم ‪ :‬أهؤلء خصّوكم بالعبادة دون؟!‬
‫‪ -41‬قالت اللئكة ‪ :‬نُنهك ‪ -‬تنيها ‪ -‬عن أن يكون لك شريك ‪ ،‬أنت الذى نواليه‬
‫من دونم ‪ ،‬وهم واهون ف زعمهم أنم كانوا يعبدوننا ‪ ،‬بل كانوا خاضعي لتأثي‬
‫الشياطي الذين زينوا لم الشرك أكثرهم بم مصدقون ‪.‬‬
‫‪ -42‬فيوم الشر ل يلك بعضكم لبعض جلب نفع ول دفع ضر ‪ ،‬ونقول للظالي‬
‫أنفسهم ‪ :‬ذوقوا عذاب النار الت كنتم با ف الدنيا تكذبون ‪.‬‬
‫‪ -43‬وإذا تتلى على الكفار آياتنا واضحات الدللة على الق ‪ ،‬قال الكافرون ‪ :‬ما‬
‫هذا إل رجل يُريد أن ينعكم عمّا كان يعبد آباؤكم ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬ما هذا القرآن إل‬
‫كذب متلق ‪ ،‬وقال الذين كفروا للقرآن لّا جاءهم ‪ :‬ما هذا إل سحر واضح ‪.‬‬
‫‪ -44‬وما أنزل ال على العرب من كتب ساوية يدرسونا ‪ ،‬وما أرسلنا إليهم قبلك‬
‫من نذير يوفهم عاقبة جحودهم ‪.‬‬
‫‪ -45‬و َكذّب الذين سبقوا من المم أنبياءهم ‪ ،‬وما بلغ مشركو قومك ُعشْر ما آتينا‬
‫هؤلء السابقي من قوة وتكي ‪ ،‬فكذّبوا رسلى ‪ ،‬فكيف كان إنكارى عليهم بعقاب‬
‫لم؟ ‪.‬‬

‫ُقلْ ِإنّمَا أَعِ ُظ ُكمْ ِبوَا ِح َدةٍ أَ ْن َتقُومُوا لِ ّلهِ مَثْنَى َو ُفرَادَى ُث ّم تََتفَ ّكرُوا مَا بِصَاحِبِ ُكمْ مِ ْن جِّنةٍ‬
‫ب َشدِيدٍ (‪ُ )46‬قلْ مَا سََألُْتكُ ْم ِمنْ َأ ْجرٍ َف ُهوَ لَ ُكمْ إِنْ‬
‫إِ ْن هُ َو ِإلّا َنذِي ٌر لَ ُك ْم بَ ْينَ َيدَيْ َعذَا ٍ‬
‫حقّ عَلّامُ‬
‫ف بِالْ َ‬
‫ي إِلّا عَلَى اللّ ِه َوهُوَ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َشهِيدٌ (‪ُ )47‬قلْ إِنّ َربّي يَ ْقذِ ُ‬
‫أَ ْجرِ َ‬
‫ئ الْبَا ِطلُ َومَا ُيعِيدُ (‪ُ )49‬ق ْل إِنْ ضَلَلْتُ فَِإنّمَا‬
‫ح ّق وَمَا يُبْدِ ُ‬
‫الْغُيُوبِ (‪ُ )48‬قلْ جَا َء الْ َ‬

‫‪248‬‬
‫ت فَبِمَا يُوحِي ِإلَيّ َربّي ِإّنهُ سَمِي ٌع َقرِيبٌ (‪ )50‬وََل ْو َترَى ِإذْ‬
‫ضلّ عَلَى نَ ْفسِي َوإِ ِن اهْتَ َديْ ُ‬
‫أَ ِ‬
‫َفزِعُوا فَلَا َف ْوتَ َوُأخِذُوا ِم ْن مَكَا ٍن َقرِيبٍ (‪)51‬‬

‫‪ -46‬قل لم ‪ :‬إنا آمركم بصلة واحدة هى ‪ :‬أن تقوموا ‪ -‬ملصي ل بعيدين عن‬
‫التقليد ‪ -‬ف البحث بإخلص ل ‪ ،‬ومتفرقي اثني اثني ليتعاونا ف التأمل ‪ ،‬وواحدا‬
‫واحدا ينظر بعدل وإنصاف ‪ ،‬ث تتفكروا ف أمر صاحبكم ‪ -‬ممد ‪ -‬الذى عاشرتوه‬
‫وعرفتم سلمة عقله ‪ .‬ما به من جنون حي تصدى لذا المر ‪ .‬إن هو إل نذير لكم‬
‫بعذاب شديد مقبل أمامكم ‪.‬‬
‫‪ -47‬قل للكفار ‪ :‬أى شئ من أجر طلبته منكم على تبليغ الرسالة فهو لكم ‪ ،‬ما‬
‫أجرى الذى انتظره إل على ال ‪ ،‬وهو على كل شئ رقيب مطلع ‪.‬‬
‫‪ -48‬قل لم ‪ :‬إن رب يرمى بالق ف وجه الباطل فيمحقه ‪ ،‬وهو علم الغيوب ل‬
‫يفى عليه سر ‪.‬‬
‫‪ -49‬قل لم ‪ :‬ظهر السلم ‪ ،‬وما يصلح الباطل أن يكون وسيلة لدفع الق ‪ ،‬ول أن‬
‫يفيد وسائله السابقة ‪.‬‬
‫ت عن الق فإنا ضرر ذلك عائد على نفسى ‪ ،‬وإن اهتديت‬
‫‪ -50‬قل لم ‪ :‬إن انرف ُ‬
‫فبإرشاد رب ‪ ،‬إنه سيع لقول وقولكم ‪ ،‬قريب من ومنكم ‪.‬‬
‫‪ -51‬ولو ترى ‪ -‬أيها البصر ‪ -‬حي فزع الكفار عند ظهور الق فل مهرب لم ‪،‬‬
‫وأخذوا إل النار من مكان قريب ‪.‬‬

‫َوقَالُوا َآمَنّا بِ ِه َوأَنّى لَ ُه ُم التّنَاوُشُ ِم ْن َمكَا ٍن َبعِيدٍ (‪َ )52‬و َقدْ َك َفرُوا ِب ِه ِمنْ قَ ْب ُل َويَ ْق ِذفُونَ‬
‫ب ِمنْ َمكَانٍ َبعِيدٍ (‪ )53‬وَحِي َل بَيَْنهُ ْم َوبَ ْينَ مَا َيشْتَهُونَ كَمَا ُف ِعلَ ِبَأشْيَا ِع ِه ْم ِمنْ قَ ْبلُ‬
‫بِاْلغَيْ ِ‬
‫ك ُمرِيبٍ (‪)54‬‬
‫ِإنّ ُهمْ كَانُوا فِي شَ ّ‬

‫‪ -52‬وقالوا ‪ -‬عندما شاهدوا العذاب ‪ - :‬آمنا بالق ‪ ،‬وكيف يكون لم تناول‬


‫اليان بسهولة من مكان بعيد هو الدنيا الت انقضى وقتها؟‬
‫‪ -53‬وقد كفروا بالق من قبل هذا اليوم ‪ ،‬ويرجون بالظن الباطل من مكان بعيد عن‬

‫‪249‬‬
‫الصواب ‪.‬‬
‫‪ -54‬وحيل بينهم وبي ما يشتهون من إيان ينفعهم ‪ ،‬كما فعلَ بأشياعهم من قبل‬
‫عندما آمنوا بعد فوات الوقت ‪ ،‬لنم ‪ -‬جيعا ‪ -‬كانوا ف شك من الق ‪.‬‬

‫ح ٍة مَثْنَى َوثُلَاثَ‬
‫ض جَا ِع ِل الْمَلَائِ َكةِ ُرسُلًا أُولِي َأجْنِ َ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫الْحَ ْمدُ لِلّ ِه فَا ِط ِر السّمَاوَا ِ‬
‫س ِمنْ‬
‫ح ال ّلهُ لِلنّا ِ‬
‫ع َيزِيدُ فِي الْخَ ْل ِق مَا َيشَا ُء إِ ّن ال ّلهَ عَلَى ُك ّل َشيْ ٍء َقدِيرٌ (‪ )1‬مَا َيفْتَ ِ‬
‫وَ ُربَا َ‬
‫حكِيمُ (‪ )2‬يَا‬
‫ك فَلَا ُمرْ ِسلَ َل ُه ِمنْ َب ْع ِدهِ َو ُهوَ اْلعَزِيزُ الْ َ‬
‫سكَ َلهَا وَمَا يُ ْمسِ ْ‬
‫َرحْ َمةٍ فَلَا مُ ْم ِ‬
‫س اذْكُرُوا ِنعْ َم َة اللّهِ عَلَ ْي ُك ْم هَ ْل ِمنْ خَاِلقٍ غَ ْيرُ ال ّل ِه َيرْزُ ُق ُكمْ ِم َن السّمَا ِء وَالْأَرْضِ‬
‫َأيّهَا النّا ُ‬
‫لَا ِإَلهَ ِإلّا ُهوَ فََأنّى ُت ْؤفَكُونَ (‪ )3‬وَإِ ْن ُي َكذّبُو َك َفقَدْ ُك ّذبَتْ ُر ُسلٌ ِم ْن قَبْ ِلكَ َوِإلَى ال ّلهِ‬
‫ُترْجَ ُع اْلأُمُورُ (‪ )4‬يَا أَّيهَا النّاسُ إِنّ وَ ْع َد ال ّلهِ َح ّق فَلَا َت ُغرّّن ُكمُ الْحَيَا ُة ال ّدنْيَا َولَا َي ُغرّّن ُكمْ‬
‫بِال ّلهِ اْل َغرُورُ (‪)5‬‬

‫‪ -1‬الثناء الميل حق ل ‪ -‬وحده ‪ -‬موجد السموات والرض على غي مثال سبق ‪،‬‬
‫ل إل خلقه ذوى أجنحة متلفة العدد ‪ ،‬اثني اثني وثلثا ثلثا وأربعا‬
‫جاعل اللئكة رس ً‬
‫أربعا يزيد ف اللق ما يشاء أن يزيد ‪ ،‬ل يعجزه شئ ‪ ،‬إن ال على كل شئ عظيم‬
‫القدرة ‪.‬‬
‫‪ -2‬ما يرسل ال للناس رحة ‪ -‬أى رحة كانت مطرا أو نعمة أو أمنا أو حكمة ‪ -‬فل‬
‫أحد يبسها عنهم ‪ ،‬وما يبس من ذلك فل أحد يستطيع أن يطلقه من بعده ‪ ،‬وهو‬
‫الغالب الذى ل يغلب ‪ ،‬الكيم الذى ل يطئ ‪.‬‬
‫‪ -3‬يا أيها الناس اذكروا نعمة ال عليكم بشكرها وتأدية حقها ‪ ،‬وأقروا با يقع ف‬
‫نفوسكم إنه ل خالق غي ال ‪ ،‬يرزقكم من السماء با ترسله ‪ ،‬والرض با ترجه ما به‬
‫حياتكم ‪ .‬ل إله إل هو يرزق عباده ‪ ،‬فكيف تصرفون عن توحيد خالقكم ورازقكم إل‬
‫الشرك ف عبادته؟‬
‫‪ -4‬وإن يكذبك كفار قومك فيما جئتهم به من الدى فاصب عليهم ‪ ،‬فقد كذبت‬
‫رسل من قبلك فصبوا على ما ُكذّبوا حت انتصروا ‪ ،‬وإل ال ‪ -‬وحده ‪ -‬ترجع‬
‫المور كلها ‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫‪ -5‬يا أيها الناس ‪ :‬إن وعد ال ‪ -‬بالبعث والزاء والنصر ‪ -‬حق فل تدعنكم الدنيا‬
‫عن الخرة ‪ ،‬ول يدعنكم الشيطان عن اتباع الرسل ‪ ،‬فيمنيكم بالغفرة مع الصرار‬
‫على العصية ‪.‬‬

‫ب السّعِيِ (‬
‫صحَا ِ‬
‫خذُوهُ َعدُوّا إِنّمَا َيدْعُو ِح ْزبَ ُه لَِيكُونُوا ِمنْ أَ ْ‬
‫إِنّ الشّيْطَا َن َلكُمْ َع ُد ّو فَاتّ ِ‬
‫ت َلهُ ْم َمغْ ِف َر ٌة وََأ ْجرٌ‬
‫‪ )6‬الّذِينَ َك َفرُوا َل ُهمْ َعذَابٌ شَدِيدٌ وَالّذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫ضلّ َم ْن َيشَا ُء وََي ْهدِي َم ْن َيشَاءُ‬
‫كَبِيٌ (‪َ )7‬أفَ َمنْ ُزّينَ َل ُه سُوءُ عَمَ ِل ِه َفرَ َآ ُه َحسَنًا َفإِ ّن اللّ َه يُ ِ‬
‫ت إِنّ ال ّلهَ عَلِي ٌم بِمَا يَصَْنعُونَ (‪ )8‬وَال ّلهُ اّلذِي أَ ْر َسلَ‬
‫سرَا ٍ‬
‫سكَ عَلَ ْي ِهمْ َح َ‬
‫فَلَا َت ْذهَبْ نَ ْف ُ‬
‫ض َبعْ َد َموِْتهَا َكذَِلكَ الّنشُورُ (‬
‫ت َفَأحْيَيْنَا ِبهِ اْلأَرْ َ‬
‫ي سَحَابًا َفسُقْنَا ُه إِلَى بَلَ ٍد مَيّ ٍ‬
‫ال ّريَاحَ فَتُِث ُ‬
‫صعَ ُد الْكَ ِلمُ الطّيّبُ وَاْلعَ َملُ الصّالِحُ‬
‫‪َ )9‬منْ كَا َن ُيرِيدُ اْلعِ ّز َة فَلِ ّلهِ اْل ِع ّزةُ جَمِيعًا إِلَ ْي ِه يَ ْ‬
‫ت َل ُهمْ َعذَابٌ َشدِي ٌد َومَ ْك ُر أُولَِئكَ ُهوَ يَبُورُ (‪)10‬‬
‫َيرْ َف ُعهُ وَالّذِينَ يَ ْم ُكرُونَ السّيّئَا ِ‬

‫‪ -6‬إن الشيطان لكم عدو قدي فل تنخدعوا بوعوده فاتذوه عدوا ‪ ،‬إنا يدعو متابعيه‬
‫ليكونوا من أصحاب النار الشتعلة ل يدعوهم لغيها ‪.‬‬
‫‪ -7‬الذين كفروا بال ورسله لم عذاب شديد ‪ ،‬والذين آمنوا بال ورسله وعملوا‬
‫الصالات لم عند ال مغفرة لذنوبم وأجر كبي على أعمالم ‪.‬‬
‫‪ -8‬أفقدوا التمييز؟ ‪ ،‬فمن زيّن له الشيطان عمله السيئ فرآه حسنا كمن اهتدى‬
‫بدى ال فرأى السن حسنا والسيئ سيئا!؟ فإن ال يضل من يشاء من ارتضوا سبيل‬
‫الضلل سبيل ‪ ،‬ويهدى من يشاء من اختاروا سبيل الداية سبيل ‪ .‬فل تلك نفسك‬
‫حزنا على الضالي وحسرة عليهم ‪ .‬إن ال ميط علمه با يصنعون من شر ‪ ،‬فيجزيهم‬
‫به ‪.‬‬
‫‪ -9‬وال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى أرسل الرياح فتحرك سحابا تراكم من أبرة الاء ‪،‬‬
‫فسقنا السحاب إل بلد مدب ‪ ،‬فأحيينا أرضه بالنبات بعد موتا ‪ ،‬مثل إخراجنا النبات‬
‫من الرض نُخرج الوتى من القبور يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -10‬من كان يريد الشرف والقوة فليطلبها بطاعة ال ‪ ،‬فإن له القوة كلها ‪ ،‬إليه يعلو‬

‫‪251‬‬
‫الكلم الطيب ‪ ،‬ويرفع ال العمل الصال فيقبله ‪ ،‬والذين يدبرون للمؤمني الكيدات‬
‫الت تسوؤهم لم عذاب شديد ‪ ،‬وتدبيهم فاسد ‪ ،‬ل يقق غرضا ول ينتج شيئا ‪.‬‬

‫وَال ّلهُ خَ َل َقكُ ْم ِمنْ ُترَابٍ ُث ّم مِ ْن نُ ْط َفةٍ ُث ّم جَعَ َل ُكمْ أَ ْزوَاجًا وَمَا تَحْ ِم ُل ِمنْ ُأنْثَى َولَا تَضَعُ إِلّا‬
‫ِبعِلْ ِمهِ َومَا ُيعَ ّم ُر ِمنْ ُمعَ ّم ٍر وَلَا يُ ْنقَصُ ِمنْ عُ ُم ِر ِه ِإلّا فِي كِتَابٍ إِ ّن َذلِكَ عَلَى ال ّلهِ َيسِيٌ (‬
‫ح ُأجَاجٌ َو ِمنْ ُكلّ‬
‫ت سَائِ ٌغ َشرَاُبهُ َو َهذَا مِلْ ٌ‬
‫ب ُفرَا ٌ‬
‫حرَانِ َهذَا َعذْ ٌ‬
‫‪ )11‬وَمَا َيسْتَوِي الْبَ ْ‬
‫ك فِي ِه مَوَاخِ َر لِتَبَْتغُوا ِمنْ‬
‫خ ِرجُونَ حِلْيَ ًة تَلَْبسُوَنهَا َوَترَى اْلفُلْ َ‬
‫حمًا َط ِريّا َوتَسْتَ ْ‬
‫َتأْكُلُو َن لَ ْ‬
‫فَضْ ِلهِ َوَلعَلّ ُك ْم َتشْ ُكرُونَ (‪)12‬‬

‫‪ -11‬وال أوجدكم من تراب ‪ ،‬إذ خلق أباكم آدم منه ‪ ،‬ث خلقكم من نطفة هى الاء‬
‫الذى يصب ف الرحام ‪ ،‬وهى أيضا من أغذية ترج من التراب ‪ ،‬ث جعلكم ذكرانا‬
‫وإناثا ‪ ،‬وما تمل من أنثى ول تضع حلها إل بعلمه تعال ‪ ،‬وما يد ف عمر أحد ول‬
‫ينقص من عمره إل مسجل ف كتاب ‪ .‬إن ذلك على ال سهل هي ‪.‬‬
‫‪ -12‬وما يستوى البحران ف علمنا وتقديرنا وإن اشتركا ف بعض منافعهما ‪ ،‬هذا‬
‫ماؤه عذب يقطع العطش لشدة عذوبته وحلوته وسهولة تناوله ‪ ،‬وهذا ملح شديد‬
‫اللوحة ‪ .‬ومن كل منهما تأكلون لما طريا ما تصيدون من الساك وتستخرجون ما‬
‫تتخذونه زينة كاللؤلؤ والرجان ‪ .‬وترى ‪ -‬أيها الشاهد ‪ -‬السفن ترى فيه شاقة الاء‬
‫بسرعتها ‪ ،‬لتطلبوا شيئا من فضل ال بالتجارة ‪ ،‬ولعلكم تشكرون لربكم هذه النعم ‪.‬‬

‫جرِي ِلَأجَلٍ‬
‫س وَاْلقَ َمرَ ُكلّ َي ْ‬
‫خ َر الشّمْ َ‬
‫ج الّنهَا َر فِي اللّ ْي ِل وَسَ ّ‬
‫ج اللّ ْيلَ فِي النّهَا ِر َويُولِ ُ‬
‫يُولِ ُ‬
‫ك وَاّلذِي َن َتدْعُونَ ِم ْن دُوِن ِه مَا يَمْ ِلكُونَ ِم ْن قِطْمِيٍ (‬
‫ُمسَمّى َذِلكُ ُم اللّهُ َرّبكُ ْم َلهُ الْمُ ْل ُ‬
‫‪ )13‬إِ ْن تَدْعُو ُهمْ لَا َيسْ َمعُوا ُدعَاءَ ُكمْ وََلوْ سَ ِمعُوا مَا اسْتَجَابُوا َلكُ ْم َويَوْ َم اْلقِيَا َمةِ‬
‫شرْ ِككُ ْم َولَا يُنَبُّئكَ مِ ْث ُل خَبِيٍ (‪ )14‬يَا أَّيهَا النّاسُ أَنُْت ُم الْ ُف َقرَا ُء ِإلَى ال ّلهِ وَال ّلهُ‬
‫يَ ْك ُفرُو َن ِب ِ‬
‫شأْ ُي ْذهِبْ ُك ْم وََي ْأتِ بِخَ ْل ٍق َجدِيدٍ (‪ )16‬وَمَا َذلِكَ عَلَى اللّهِ‬
‫حمِيدُ (‪ )15‬إِ ْن َي َ‬
‫هُ َو الْغَِنيّ الْ َ‬
‫ِبعَزِيزٍ (‪)17‬‬

‫‪252‬‬
‫‪ -13‬يُدخل الليل ف النهار ويُدخل النهار ف الليل بطول ساعات أحدها وقصرها ف‬
‫الخر ‪ .‬حسب أوضاع مكمة مدى العوام والدهور ‪ ،‬وسخر الشمس والقمر‬
‫لنفعتكم ‪ ،‬كل منهما يرى إل أجل معي ينتهى إليه ‪ .‬ذلك العظيم الشأن هو ال مدبّر‬
‫أموركم ‪ ،‬له اللك ‪ -‬وحده ‪ -‬والذين تدعون من غيه آلة تعبدونا ما يلكون من‬
‫لفافة نواة ‪ ،‬فكيف يستأهلون العبادة؟!‬
‫‪ -14‬إن تدعوا الذين تعبدونم من دون ال ل يسمعوا دعاءكم ‪ ،‬ولو سعوا دعاءكم‬
‫ما أجابوا شيئا ما تطلبون ‪ ،‬ويوم القيامة ينكرون إشراككم لم مع ال ‪ ،‬ول يبكم‬
‫بذا الب من أحوال الخرة مثل عليم به علما دقيقا ‪.‬‬
‫‪ -15‬يا أيها الناس ‪ :‬أنتم الحتاجون إل ال ف كل شئ ‪ ،‬وال هو الغن ‪ -‬وحده ‪-‬‬
‫عن كل خلقه ‪ ،‬الستحق للحمد على كل حال ‪.‬‬
‫‪ -16‬إن يشأ ال إهلككم أهلككم لتمام قدرته ‪ ،‬ويأت بلق جديد ترضاه حكمته ‪.‬‬
‫‪ -17‬وما هلككم والتيان بغيكم بمتنع على ال ‪.‬‬

‫ح َملْ مِ ْن ُه شَيْ ٌء َوَلوْ كَانَ ذَا‬


‫ع مُ ْثقَ َلةٌ ِإلَى حِمْ ِلهَا لَا يُ ْ‬
‫وَلَا َتزِرُ وَازِ َر ٌة وِزْ َر ُأخْرَى َوإِنْ َتدْ ُ‬
‫ب َوَأقَامُوا الصّلَا َة َو َمنْ َتزَكّى َفِإنّمَا يََتزَكّى‬
‫شوْنَ َرّب ُهمْ بِالْغَيْ ِ‬
‫خَ‬‫ُقرْبَى ِإنّمَا تُ ْنذِرُ اّلذِي َن يَ ْ‬
‫س ِه وَِإلَى ال ّلهِ الْمَصِيُ (‪ )18‬وَمَا َيسْتَوِي الْأَ ْعمَى وَالْبَصِيُ (‪َ )19‬ولَا الظّلُمَاتُ َولَا‬
‫لَِنفْ ِ‬
‫ت إِنّ ال ّلهَ‬
‫حرُورُ (‪َ )21‬ومَا َيسَْتوِي اْلأَحْيَا ُء َولَا اْلأَ ْموَا ُ‬
‫النّورُ (‪ )20‬وَلَا الظّ ّل َولَا الْ َ‬
‫ت ِإلّا َنذِيرٌ (‪ِ )23‬إنّا‬
‫ت بِ ُمسْمِعٍ مَ ْن فِي اْلقُبُورِ (‪ )22‬إِ ْن َأنْ َ‬
‫ُيسْمِ ُع َمنْ َيشَا ُء َومَا َأنْ َ‬
‫حقّ َبشِيًا َونَذِيرًا َوإِنْ مِ ْن ُأ ّمةٍ ِإلّا خَلَا فِيهَا َنذِيرٌ (‪)24‬‬
‫أَ ْرسَلْنَا َك بِالْ َ‬

‫‪ -18‬ول تمل نفس مذنبة إث نفس أخرى ‪ ،‬وإن تدع نفس مثقلة بالذنوب شخصا‬
‫ليحمل عنها ل يمل هذا الشخص من ذنوبا شيئا ‪ ،‬ولو كان ذا قرابة با ‪ ،‬لشتغال‬
‫كل بنفسه ‪ ،‬ول يزنك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬عناد قومك ‪ ،‬إنا ينفع تذيرك الذين يافون‬
‫ربم ف خلواتم ‪ ،‬وأقاموا الصلة على وجهها ‪ ،‬ومن تطهر من دنس الذنوب فإنا‬
‫يتطهر لنفسه ‪ ،‬وإل ال الرجع ف النهاية ‪ ،‬فيعامل كل با يستحق ‪.‬‬
‫‪ -21 ، 20 ، 19‬وما يستوى الذى ل يهتدى إل الق لهله ‪ ،‬والذى يسلك طريق‬

‫‪253‬‬
‫الداية لعلمه ‪ ،‬ول الباطل ول الق ‪ ،‬ول الظل ول الريح الارة ‪.‬‬
‫‪ -22‬ول يستوى الحياء بقبول اليان ‪ ،‬ول الموات الذين عطلت حواسهم‬
‫وأغلقت قلوبم عن ساع الق ‪ ،‬إن ال يهدى من يشاء إل ساع الجة ساع قبول ‪،‬‬
‫وما أنت ‪ -‬أيها النب ‪ -‬بسمع أموات القلوب بالعناد والكفر ‪ ،‬كما أنك ل تسمع‬
‫الوتى ف القبور ‪.‬‬
‫‪ -23‬ما عليك إل أن تبلغ وتنذر ‪.‬‬
‫‪ -24‬إنا أرسلناك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬للناس جيعا بالدين الق ‪ ،‬مبشرا من آمن به بالنة ‪،‬‬
‫ومُنْذرا من كفر به بعذاب النار ‪ ،‬وما من أمة من المم الاضية إل جاءها من قبل ال‬
‫من يذرها عقابه ‪.‬‬

‫وَإِ ْن ُي َكذّبُو َك َفقَدْ َك ّذبَ اّلذِي َن ِمنْ قَبْ ِل ِه ْم جَا َءْت ُهمْ ُرسُلُ ُه ْم بِالْبَيّنَاتِ َوبِال ّزبُ ِر َوبِاْلكِتَابِ‬
‫الْمُنِيِ (‪ُ )25‬ثمّ َأخَ ْذتُ اّلذِينَ َك َفرُوا َفكَيْفَ كَانَ َنكِيِ (‪َ )26‬ألَ ْم َترَ أَ ّن ال ّلهَ َأْنزَ َل ِمنَ‬
‫ختَلِفٌ‬
‫ض َوحُ ْمرٌ مُ ْ‬
‫ت مُخْتَ ِلفًا َأْلوَاُنهَا َو ِمنَ الْجِبَالِ ُج َددٌ بِي ٌ‬
‫السّمَا ِء مَا ًء َفَأخْ َرجْنَا ِب ِه ثَ َمرَا ٍ‬
‫ف َأْلوَاُنهُ َك َذِلكَ ِإنّمَا‬
‫ب وَاْلَأنْعَا ِم مُخْتَلِ ٌ‬
‫ب سُودٌ (‪َ )27‬و ِمنَ النّاسِ وَال ّدوَا ّ‬
‫َألْوَاُنهَا وَ َغرَابِي ُ‬
‫خشَى ال ّلهَ ِمنْ عِبَا ِد ِه الْعُلَمَا ُء إِ ّن ال ّلهَ َعزِيزٌ َغفُورٌ (‪)28‬‬
‫يَ ْ‬

‫‪ -25‬وإن يكذبك قومك ف ذلك فقد كذب الذين من قبلهم رسلهم ‪ ،‬وقد جاءوهم‬
‫بالعجزات الواضحات وبالصحف الربانية وبالكتاب الني لطريق النجاة ف الدنيا‬
‫والخرة ‪.‬‬
‫‪ -26‬ث أخذت الذين كفروا أخذا شديدا ‪ ،‬فانظر كيف كان إنكارى لعملهم وغضب‬
‫عليهم؟ ‪.‬‬
‫‪ -27‬أل تر ‪ -‬أيها العاقل ‪ -‬أنّ ال أنزل من السماء ماء فأخرج به ثرات متلفا‬
‫ألوانا ‪ ،‬منها الحر والصفر واللو والر والطيب والبيث ‪ ،‬ومن البال جبال ذوو‬
‫طرائق وخطوط بيض وحر متلفة بالشدة والضعف ‪.‬‬
‫‪ -28‬ومن الناس والدواب والبل والبقر والغنم متلف ألوانه كذلك ف الشكل‬
‫والجم واللون ‪ .‬وما يتدبر هذا الصنع العجيب ويشى صانعه إل العلماء الذين‬

‫‪254‬‬
‫يدركون أسرار صنعه ‪ ،‬إن ال غالب يشاه الؤمنون ‪ ،‬غفور كثي الحو لذنوب من‬
‫يرجع إليه ‪.‬‬

‫إِنّ اّلذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ ال ّلهِ َوَأقَامُوا الصّلَاةَ َوَأنْ َفقُوا مِمّا رَ َزقْنَاهُ ْم ِسرّا وَعَلَانِيَ ًة َيرْجُونَ‬
‫تِجَا َر ًة َلنْ تَبُورَ (‪ )29‬لُِي َوفَّيهُ ْم ُأجُو َر ُهمْ َوَيزِي َدهُ ْم ِمنْ فَضْ ِل ِه ِإنّهُ َغفُو ٌر شَكُورٌ (‪)30‬‬
‫خبِيٌ‬
‫ص ّدقًا لِمَا بَ ْي َن َيدَْيهِ إِ ّن ال ّلهَ بِعِبَا ِدهِ لَ َ‬
‫حقّ مُ َ‬
‫ب هُ َو الْ َ‬
‫ك ِمنَ اْلكِتَا ِ‬
‫وَاّلذِي َأ ْوحَيْنَا ِإلَيْ َ‬
‫ب الّذِينَ اصْ َطفَيْنَا ِمنْ عِبَادِنَا فَمِ ْن ُهمْ ظَالِ ٌم لَِن ْفسِ ِه َومِنْ ُهمْ‬
‫بَصِيٌ (‪ُ )31‬ث ّم أَوْ َرثْنَا اْلكِتَا َ‬
‫ضلُ اْلكَبِيُ (‪ )32‬جَنّاتُ َعدْنٍ‬
‫ت ِبِإذْنِ ال ّلهِ َذِلكَ ُه َو الْفَ ْ‬
‫ُمقْتَصِ ٌد َومِ ْنهُ ْم سَاِبقٌ بِالْخَ ْيرَا ِ‬
‫ب َولُ ْؤُلؤًا َولِبَا ُسهُ ْم فِيهَا َحرِيرٌ (‪َ )33‬وقَالُوا‬
‫حّلوْنَ فِيهَا ِمنْ َأسَاوِ َر ِمنْ َذهَ ٍ‬
‫َيدْخُلُوَنهَا يُ َ‬
‫حزَ َن إِنّ َربّنَا َلغَفُو ٌر شَكُورٌ (‪ )34‬اّلذِي َأحَلّنَا دَا َر الْ ُمقَا َمةِ‬
‫الْحَ ْمدُ لِلّ ِه اّلذِي َأ ْذهَبَ عَنّا الْ َ‬
‫ب َولَا يَ َمسّنَا فِيهَا ُلغُوبٌ (‪)35‬‬
‫ِمنْ فَضْ ِل ِه لَا يَ َمسّنَا فِيهَا نَصَ ٌ‬

‫‪ -29‬إن الذين يتلون كتاب ال ‪ ،‬متدبرين فيه عاملي به ‪ ،‬وأقاموا الصلة على‬
‫وجهها الصحيح ‪ ،‬وأنفقوا بعض ما رزقهم ال سرا وجهرا ‪ ،‬يرجون بذلك تارة مع‬
‫ال لن تكسد ‪.‬‬
‫‪ -30‬ليوفيهم ربم أجورهم ويزيدهم من فضله ‪ ،‬با يرب من حسناتم ويحو من‬
‫سيئاتم ‪ ،‬إنه غفور كثي الحو للهفوات ‪ ،‬شكور كثي الشكر للطاعات ‪.‬‬
‫‪ -31‬والذى أوحينا إليك من القرآن هو الق الذى ل شبهة فيه ‪ ،‬أنزلناه مصدقا لا‬
‫تقدم من الكتب النلة على الرسل قبلك ‪ ،‬لتفاق أصولا ‪ ،‬إن ال بعباده واسع البة‬
‫والبصر ‪.‬‬
‫‪ -32‬ث جعلنا هذا الكتاب مياثا للذين اخترناهم من عبادنا ‪ ،‬فمنهم ظال لنفسه بغلبة‬
‫سيئاته على حسناته ‪ ،‬ومنهم مقتصد ل يسرف ف السيئات ول يكثر من السنات ‪،‬‬
‫ومنهم سابق غيه بفعل اليات بتيسي ال ‪ ،‬ذلك السبق باليات هو الفوز الكبي‬
‫من ال ‪.‬‬
‫‪ -33‬جزاؤهم ف الخرة جنات إقامة يدخلونا ‪ ،‬يتزيّنون فيها بأساور من ذهب‬
‫ولؤلؤا ‪ ،‬وثيابم ف النة حرير ‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫‪ -34‬وقالوا وقد دخلوها ‪ :‬الثناء الميل ل الذى أذهب عنا ما يزننا ‪ .‬إن ربنا لكثي‬
‫الغفرة كثي الشكر ‪.‬‬
‫‪ -35‬الذى أنزلنا دار النعيم القيم من فضله ل يصيبنا فيها تعب ‪ ،‬ول يسنا فيها إعياء‬
‫‪.‬‬

‫خفّفُ عَ ْن ُهمْ ِمنْ َعذَاِبهَا‬


‫وَاّلذِينَ َك َفرُوا َلهُ ْم نَارُ َجهَّنمَ لَا ُيقْضَى عَلَ ْي ِه ْم فَيَمُوتُوا وَلَا يُ َ‬
‫جزِي ُكلّ َكفُورٍ (‪َ )36‬و ُهمْ يَصْ َط ِرخُو َن فِيهَا َربّنَا َأ ْخرِجْنَا َنعْ َملْ صَالِحًا غَ ْيرَ‬
‫ك نَ ْ‬
‫َك َذلِ َ‬
‫الّذِي كُنّا َنعْ َملُ َأ َولَ ْم ُنعَ ّمرْ ُكمْ مَا يََتذَكّ ُر فِي ِه َمنْ َتذَ ّكرَ َوجَاءَ ُكمُ الّنذِيرُ َفذُوقُوا فَمَا‬
‫ض ِإّنهُ َعلِيمٌ ِبذَاتِ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ب السّمَاوَا ِ‬
‫ي ِمنْ نَصِيٍ (‪ )37‬إِنّ ال ّلهَ عَاِلمُ غَيْ ِ‬
‫لِلظّالِ ِم َ‬
‫ض فَ َمنْ َك َف َر َفعَلَ ْيهِ ُك ْف ُر ُه َولَا َيزِيدُ‬
‫الصّدُورِ (‪ )38‬هُ َو الّذِي َجعَلَ ُكمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْ ِ‬
‫الْكَا ِفرِينَ ُك ْف ُر ُهمْ ِع ْندَ َرّب ِه ْم إِلّا َمقْتًا َولَا َيزِي ُد الْكَا ِفرِينَ ُك ْف ُر ُهمْ ِإلّا َخسَارًا (‪ُ )39‬قلْ‬
‫ض َأ ْم َلهُ ْم ِشرْكٌ‬
‫أَ َرأَيُْت ْم شُرَكَاءَ ُك ُم اّلذِي َن تَدْعُو َن ِم ْن دُو ِن ال ّلهِ أَرُونِي مَاذَا خَ َلقُوا ِم َن الْأَرْ ِ‬
‫ض ُهمْ بَعْضًا ِإلّا‬
‫ت أَمْ َآتَيْنَا ُهمْ كِتَابًا َفهُمْ عَلَى بَيَّن ٍة مِ ْنهُ َب ْل إِنْ يَ ِعدُ الظّالِمُو َن بَعْ ُ‬
‫فِي السّمَاوَا ِ‬
‫ُغرُورًا (‪)40‬‬

‫‪ -36‬والذين كفروا جزاؤهم العد لم نار جهنم يدخلونا ‪ ،‬ل يقضى عليهم ال‬
‫بالوت فيموتوا ‪ ،‬ول يفف عنهم شئ من عذابا فيستريوا ‪ .‬كذلك نزى به كل‬
‫متمادٍ ف الكفر مصرّ عليه ‪.‬‬
‫‪ -37‬وهم يستغيثون فيها قائلي ‪ :‬ربنا أخرجنا من النار نعمل صالا غي العمل الذى‬
‫كنا نعمله ف الدنيا ‪ ،‬فيقول لم ‪ :‬أل نكنكم من العمل ونطل أعماركم زمنا يتمكن فيه‬
‫من التدبر من يتدبر ‪ ،‬وجاءكم الرسول يذركم من هذا العذاب؟ فذوقوا ف جهنم‬
‫جزاء ظلمكم ‪ ،‬فليس للظالي من ناصر أو معي ‪.‬‬
‫‪ -38‬إن ال مطلع على كل غائب ف السموات والرض ‪ ،‬ل يغيب عن علمه شئ ‪،‬‬
‫ولو أجابكم وأعادكم إل الدنيا لعدت إل ما ناكم عنه ‪ .‬إنه ‪ -‬تعال ‪ -‬عليم بفايا‬
‫الصدور من النعات واليول ‪.‬‬
‫‪ -39‬ال هو الذى جعل بعضكم يلف بعضا ف تعمي الرض وتثميها ‪ ،‬وهو حقيق‬

‫‪256‬‬
‫بالشكر ل بالكفر ‪ ،‬فمن كفر بال فعليه وزر كفره ‪ ،‬ول يزيد الكافرين كفرهم عند‬
‫ربم إل بغضا وغضبا ‪ ،‬ول يزيد الكافرين إل خسرانا ‪.‬‬
‫‪ -40‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬للمشركي ‪ :‬أخبون ‪ :‬أأبصرت حال شركائكم الذين‬
‫تعبدونم من دون ال؟! أخبون ‪ :‬أى جزء خلقوا من الرض؟! بل ألم شركة مع ال‬
‫ف خلق السموات؟! ل نعطهم كتابا بالشركة فهم على حجة منه ‪ ،‬بل ما يعد الظالون‬
‫بعضهم بعضا بشفاعة اللة الت يشركونا مع ال إل باطل وزخرفا ل يدع إل‬
‫ضعاف العقول ‪.‬‬

‫ض أَ ْن َتزُولَا وَلَِئنْ زَالَتَا إِ ْن َأ ْمسَ َكهُمَا مِ ْن َأحَ ٍد ِمنْ َب ْع ِدهِ‬


‫سكُ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ َ‬
‫إِنّ ال ّل َه يُ ْم ِ‬
‫ِإنّهُ كَا َن حَلِيمًا َغفُورًا (‪ )41‬وََأ ْقسَمُوا بِاللّ ِه َجهْ َد َأيْمَانِ ِهمْ لَِئنْ جَا َءهُ ْم َنذِي ٌر لََيكُوُننّ‬
‫أَ ْهدَى ِمنْ ِإحْدَى الُْأ َممِ فَ َلمّا جَا َء ُهمْ َنذِي ٌر مَا زَادَ ُهمْ ِإلّا ُنفُورًا (‪ )42‬اسِْتكْبَارًا فِي اْلأَرْضِ‬
‫جدَ‬
‫ي فَ َلنْ تَ ِ‬
‫وَ َم ْكرَ السّّيئِ َولَا يَحِي ُق الْ َم ْكرُ السّيّ ُئ ِإلّا ِبأَهْ ِل ِه َف َهلْ يَنْ ُظرُو َن إِلّا سُنّ َة اْلأَ ّولِ َ‬
‫ض فَيَنْ ُظرُوا‬
‫حوِيلًا (‪َ )43‬أ َولَ ْم َيسِيُوا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ج َد ِلسُّنةِ ال ّلهِ تَ ْ‬
‫ِلسُنّ ِة ال ّلهِ تَ ْبدِيلًا َوَلنْ تَ ِ‬
‫ج َز ُه ِمنْ َشيْءٍ‬
‫كَيْفَ كَانَ عَاقَِب ُة الّذِينَ ِم ْن قَبْ ِل ِهمْ وَكَانُوا أَ َشدّ مِ ْن ُه ْم ُقوّ ًة َومَا كَا َن ال ّلهُ لُِيعْ ِ‬
‫ض ِإنّهُ كَانَ عَلِيمًا َقدِيرًا (‪)44‬‬
‫ت َولَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫فِي السّمَاوَا ِ‬

‫‪ -41‬إن ال هو الذى ينع اختلل نظام السموات والرض ‪ ،‬ويفظهما بقدرته من‬
‫الزوال ‪ ،‬ولئن قدّر لما الزوال ما استطاع أحد أن يفظهما بعد ال ‪ .‬إنه كان حليما‬
‫ل يُعجل بعقوبة الخالفي غفورا لذنوب الراجعي إليه ‪.‬‬
‫‪ -42‬وأقسم الكافرون بال غاية اجتهادهم ف تأكيد يينهم ‪ :‬لئن جاءهم رسول‬
‫ينذرهم ليكونن أكثر هداية من إحدى المم الت كذبت رسلها ‪ ،‬فلما جاءهم رسول‬
‫منهم ينذرهم ما زادهم بإنذاره ونصحه إل نفورا عن الق ‪.‬‬
‫‪ -43‬نفروا استكبارا ف الرض وأنفة من الضوع للرسول والدين الذى جاء به ‪،‬‬
‫ومكروا مكر السيئ ‪ -‬وهو الشيطان الذى قادهم إل النصراف عن الدين وماربة‬
‫الرسول ‪ -‬ول ييط ضرر الكر السيئ إل بن دبروه ‪ ،‬فهل ينتظرون إل ما جرت به‬
‫سنة ال ف الذين سبقوهم؟ فلن تد لطريقة ال ف معاملة المم تغييا يُطمّع هؤلء‬

‫‪257‬‬
‫الاكرين ف وضع ل يكن لن سبقوهم ‪ ،‬ولن تد لسنة ال تويل عن اتاهها ‪.‬‬
‫‪ -44‬اقعدوا وأنكروا وعيد ال للمشركي ‪ ،‬ول يسيوا ف الرض فينظروا بأعينهم‬
‫آثار اللك الذى أنزل على من قبلهم عقابا لتكذيبهم الرسل؟! وكان من قبلهم من‬
‫المم أشد منهم قوة ‪ ،‬فلم تنعهم قوتم من عذاب ال ‪ ،‬وما كان ليعجزه من شئ ف‬
‫السموات ول ف الرض ‪ .‬إنه واسع العلم عظيم القدر ‪.‬‬

‫س بِمَا َكسَبُوا مَا َترَكَ عَلَى َظ ْهرِهَا ِمنْ دَابّ ٍة َولَ ِكنْ يُ َؤ ّخرُ ُهمْ ِإلَى َأ َجلٍ‬
‫وََل ْو يُؤَاخِ ُذ اللّ ُه النّا َ‬
‫ُمسَمّى َفِإذَا جَا َء أَجَ ُل ُهمْ َفإِ ّن ال ّلهَ كَا َن ِبعِبَا ِدهِ بَصِيًا (‪)45‬‬

‫‪ -45‬ولو يعاقب ال الناس ف الدنيا لعم العقاب ‪ ،‬وما ترك على ظهر الرض دابة ‪،‬‬
‫لصدور الذنوب منهم جيعا ‪ ،‬ولكن يؤخر عقابم إل زمن معي هو يوم القيامة ‪ ،‬فإذا‬
‫جاء أجلهم الضروب لم فسيجازيهم بكل دقة ‪ ،‬لنه كان بأعمال عباده بصيا ‪ ،‬ل‬
‫يفى عليه شئ منها ‪.‬‬

‫صرَاطٍ ُمسَْتقِيمٍ (‪)4‬‬


‫ك لَ ِمنَ الْ ُم ْرسَلِيَ (‪ )3‬عَلَى ِ‬
‫يس (‪ )1‬وَاْل ُقرْآَ ِن الْحَكِيمِ (‪ِ )2‬إنّ َ‬

‫‪ -1‬يس ‪ :‬حرفان بُدئت بما السورة على طريقة القرآن ف بدء بعض السور بالروف‬
‫القطعة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أقسم بالقرآن الشتمل على الكمة والعلم النافع ‪.‬‬
‫‪ -3‬إنك يا ممد لن الذين بعثهم ال إل الناس بالدى ودين الق ‪.‬‬
‫‪ -4‬على طريق معتدل ‪ ،‬هو دين السلم ‪.‬‬

‫تَ ْنزِي َل الْ َعزِي ِز الرّحِيمِ (‪ )5‬لِتُ ْنذِرَ َق ْومًا مَا أُْنذِرَ َآبَاؤُ ُهمْ َفهُمْ غَافِلُونَ (‪َ )6‬ل َقدْ َحقّ اْل َقوْلُ‬
‫عَلَى أَكَْثرِ ِه ْم َفهُ ْم لَا ُي ْؤمِنُونَ (‪ِ )7‬إنّا َجعَلْنَا فِي أَعْنَاقِ ِه ْم أَغْلَالًا َفهِ َي ِإلَى الَْأ ْذقَانِ َف ُهمْ‬
‫ُمقْمَحُونَ (‪ )8‬وَ َجعَلْنَا ِم ْن بَ ْينِ َأْيدِي ِه ْم سَدّا وَ ِم ْن خَلْ ِف ِهمْ َسدّا َفأَ ْغشَيْنَاهُ ْم َف ُهمْ لَا‬
‫صرُونَ (‪ )9‬وَ َسوَاءٌ عَلَ ْي ِهمْ أََأْنذَ ْرتَ ُهمْ أَ ْم َلمْ تُ ْنذِ ْرهُ ْم لَا ُي ْؤمِنُونَ (‪ِ )10‬إنّمَا تُ ْنذِرُ َم ِن اتّبَعَ‬
‫يُبْ ِ‬

‫‪258‬‬
‫ح ُن نُحْيِي الْ َموْتَى‬
‫ش ْرهُ بِ َم ْغ ِف َرةٍ وََأ ْجرٍ َكرِيٍ (‪ِ )11‬إنّا نَ ْ‬
‫ب فََب ّ‬
‫شيَ الرّحْ َم َن بِاْلغَيْ ِ‬
‫الذّ ْك َر وَ َخ ِ‬
‫ب مَا َق ّدمُوا وَ َآثَارَ ُهمْ وَ ُكلّ َشيْءٍ أحْصَيْنَا ُه فِي ِإمَامٍ مُبِيٍ (‪)12‬‬
‫وََنكْتُ ُ‬

‫‪ -5‬تنيل القوى الغالب على كل شئ الذى ل يستطيع أحد أن ينعه عما يريد ‪،‬‬
‫الرحيم بعباده ‪ ،‬إذ أرسل إليهم من يرشدهم إل طريق النجاة ‪.‬‬
‫‪ -6‬لتُنذر قوما ل ينذر آباؤهم القربون من قبل ‪ ،‬فهم ساهون عمّا يب عليهم نو ال‬
‫ونو أنفسهم ونو الناس ‪.‬‬
‫‪ -7‬لقد سبق ف علمنا أن أكثرهم ل يتارون اليان ‪ ،‬فطابق واقعهم ما علمناه‬
‫عنهم ‪ ،‬فلن يكون منهم اليان ‪.‬‬
‫‪ -8‬إنا جعلنا الصرين على الكفر كمن وضعت ف أعناقهم السلسل ‪ ،‬فهى تصل إل‬
‫أذقانم ‪ ،‬وتشد أيديهم برؤوسهم وترفعها مع غض أبصارهم ‪ ،‬فل يستطيعون أن‬
‫يركوا الرءوس ليوا ‪.‬‬
‫‪ -9‬وجعلنا من حُرموا النظر ف اليات والدلئل كمن حبسوا بي سدّين فغطّيت‬
‫أعينهم فهم ل يرون ما أمامهم وما خلفهم ‪.‬‬
‫‪ -10‬وسواء عليهم تذيرك لم وعدم تذيرك ‪ ،‬فهم ل يؤمنون ‪.‬‬
‫‪ -11‬إنا يفيد تذيرك من يتبع القرآن وياف الرحن ‪ -‬وإن كان ل يراه ‪ -‬فبشر‬
‫هؤلء بعفو من ال عن سيئاتم ‪ ،‬وجزاء حسن على أعمالم ‪.‬‬
‫‪ -12‬إنا نن ني الوتى ‪ ،‬ونُسجّل ما قدموا ف الدنيا من أعمال وما أبقوا فيها من‬
‫آثار بعد موتم ‪ ،‬وكل شئ أثبتناه ف كتاب واضح ‪.‬‬

‫ب اْلقَ ْرَيةِ ِإ ْذ جَا َءهَا الْ ُم ْرسَلُونَ (‪ِ )13‬إ ْذ أَ ْرسَلْنَا ِإلَ ْيهِ ُم اثْنَ ْينِ‬
‫صحَا َ‬
‫ب َلهُ ْم مَثَلًا أَ ْ‬
‫ض ِر ْ‬
‫وَا ْ‬
‫ش ٌر مِثْلُنَا َومَا‬
‫ث َفقَالُوا ِإنّا ِإلَيْ ُكمْ مُ ْرسَلُونَ (‪ )14‬قَالُوا مَا َأنُْتمْ ِإلّا َب َ‬
‫فَ َك ّذبُوهُمَا فَ َعزّ ْزنَا بِثَالِ ٍ‬
‫َأنْ َزلَ الرّحْ َم ُن ِم ْن شَيْ ٍء إِ ْن َأنُْتمْ ِإلّا َت ْكذِبُونَ (‪ )15‬قَالُوا َربّنَا َيعْ َلمُ ِإنّا إِلَ ْي ُكمْ لَ ُم ْرسَلُونَ (‬
‫غ الْمُبِيُ (‪ )17‬قَالُوا إِنّا تَطَّي ْرنَا بِ ُك ْم لَِئنْ َل ْم تَنَْتهُوا لََنرْجُمَّن ُكمْ‬
‫‪ )16‬وَمَا عَلَيْنَا ِإلّا الْبَلَا ُ‬
‫س ِرفُونَ‬
‫وَلَيَ َمسّّن ُكمْ مِنّا َعذَابٌ َألِيمٌ (‪ )18‬قَالُوا طَاِئرُكُ ْم َمعَ ُك ْم أَِئ ْن ذُ ّك ْرتُ ْم َبلْ َأنُْتمْ قَوْ ٌم ُم ْ‬

‫‪259‬‬
‫سعَى قَا َل يَا َقوْ ِم اتّبِعُوا الْ ُم ْرسَلِيَ (‪ )20‬اتّبِعُوا‬
‫(‪ )19‬وَجَا َء ِمنْ َأقْصَى الْ َمدِيَنةِ َرجُ ٌل َي ْ‬
‫َمنْ لَا َيسَْألُ ُك ْم أَ ْجرًا َو ُهمْ ُمهَْتدُونَ (‪)21‬‬

‫‪ -13‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لقومك ‪ :‬قصة أهل القرية فإنا كقصتهم ‪ ،‬إذ ذهب إليهم‬
‫الرسلون لدايتهم ‪.‬‬
‫‪ -14‬أرسلنا إليهم اثني فكذبوها ‪ ،‬فقويناها بثالث ‪ ،‬فقال هؤلء الثلثة ‪ :‬إنا إليكم‬
‫مرسلون ‪.‬‬
‫‪ -15‬قال أهل القرية ‪ -‬ردا عليهم ‪ : -‬ما أنتم إل بشر مثلنا ‪ ،‬وما أوْحى الرحن إل‬
‫بشر من شئ ‪ ،‬ما أنتم إل قوم تقولون غي الواقع ‪.‬‬
‫‪ -16‬قال الرسلون ‪ :‬ربنا الذى بعثنا إليكم يعلم إنا إليكم لرسلون ‪.‬‬
‫‪ -17‬وليس علينا إل أن نُبَلّغ رسالة ال بلغا واضحا ‪.‬‬
‫‪ -18‬قال أهل القرية ‪ :‬إننا تشاءمنا بكم ‪ .‬ونُقسم ‪ :‬إن ل تكفوا عن دعوتكم‬
‫لنرمينكم بالجارة ‪ ،‬وليصيبنكم منا عذاب شديد الل ‪.‬‬
‫‪ -19‬قال الرسلون ‪ :‬شؤمكم معكم بكفركم ‪ ،‬أئن وُعظْتم با فيه سعادتكم تتشاءموا‬
‫منا وتددونا بالعذاب الليم؟! لكن أنتم قوم متجاوزون الق والعدل ‪.‬‬
‫‪ -20‬وأقبل من أبعد مكان بالدينة رجل يُسرع نو أهل الدينة ‪ ،‬قال ‪ :‬يا قوم ‪ ،‬اتبعوا‬
‫الرسلي من ال إليكم ‪.‬‬
‫‪ -21‬اتبعوا الذين ل يطلبون منكم أجرا على نصحكم وإرشادكم ‪ -‬وهم مهتدون ‪-‬‬
‫تنتفعون بديهم ف سلوك طريق الي والفلح ‪.‬‬

‫خذُ ِم ْن دُوِنهِ َآِل َهةً إِ ْن ُي ِردْنِ‬


‫وَمَا لِ َي لَا أَعُْب ُد اّلذِي فَ َط َرنِي َوِإلَيْ ِه ُترْ َجعُونَ (‪َ )22‬أَأتّ ِ‬
‫ض ّر لَا ُت ْغنِ عَنّي شَفَاعَُت ُهمْ شَيْئًا َولَا يُ ْنقِذُونِ (‪ِ )23‬إنّي ِإذًا َلفِي ضَلَالٍ مُِبيٍ (‬
‫ال ّرحْ َمنُ بِ ُ‬
‫ت َقوْمِي َيعْلَمُونَ (‬
‫ت ِب َربّ ُكمْ فَاسْ َمعُونِ (‪ )25‬قِي َل ادْ ُخلِ الْجَّن َة قَالَ يَا لَيْ َ‬
‫‪ِ )24‬إنّي َآمَنْ ُ‬
‫‪ )26‬بِمَا َغ َفرَ لِي َربّي َوجَعَلَنِي ِم َن الْ ُمكْ َرمِيَ (‪َ )27‬ومَا َأْنزَلْنَا عَلَى َقوْ ِمهِ مِ ْن َب ْعدِ ِه ِمنْ‬
‫ح ًة وَا ِح َدةً فَِإذَا ُه ْم خَا ِمدُونَ (‬
‫جُنْ ٍد ِمنَ السّمَا ِء َومَا كُنّا مُ ْن ِزلِيَ (‪ )28‬إِنْ كَانَتْ ِإلّا صَيْ َ‬

‫‪260‬‬
‫س َرةً عَلَى اْلعِبَا ِد مَا َي ْأتِيهِ ْم ِمنْ َرسُولٍ ِإلّا كَانُوا ِبهِ َيسَْت ْه ِزئُونَ (‪َ )30‬ألَ ْم َيرَوْا‬
‫‪ )29‬يَا َح ْ‬
‫َك ْم أَهْ َلكْنَا قَبْ َل ُه ْم ِمنَ اْلقُرُو ِن َأنّ ُه ْم إِلَ ْي ِهمْ لَا َيرْ ِجعُونَ (‪)31‬‬

‫‪ -22‬وأى شئ ينعن أن أعبد الذى خلقن وإليه ‪ -‬ل إل غيه ‪ -‬مرجعكم‬


‫ومصيكم للحساب والزاء ‪ .‬؟‬
‫‪ -23‬أأتذ من دون ال آلة ل تفيدن شفاعتهم شيئا إن أرادن ال بسوء ‪ ،‬ول‬
‫يلصونن منه إن نزل ب؟‬
‫‪ -24‬إن ‪ -‬إذْ أتذ من دونه آلة ‪ -‬لفى ضلل مبي ‪.‬‬
‫‪ -25‬إن صدقت بربكم الذى خلقكم وتول أمركم ‪ ،‬فاسعوا ل وأطيعون ‪.‬‬
‫‪ -27 ، 26‬قيل له ‪ -‬جزاء على إيانه ودعوته إل ال ‪ : -‬ادخل النة قال ‪ -‬وهو ف‬
‫ظل النعيم والكرامة ‪ : -‬يا ليت قومى يعلمون بغفران رب وإكرامه ل ‪ ،‬ليؤمنوا كما‬
‫آمنت ‪.‬‬
‫‪ -28‬وما أهلكناهم بنود أنزلناها من السماء ‪ ،‬وما كان من سنتنا ف إهلك المم أن‬
‫ننل جنودا ‪.‬‬
‫‪ -29‬ما كان هلكهم إل بصيحة واحدة أرسلناها عليهم ‪ ،‬فإذا هم ميّتون كالنار‬
‫الامدة ‪.‬‬
‫‪ -30‬يا خسارتم ‪ -‬الت تستحق التحسر عليهم ‪ -‬ما نبعث إليهم برسول إل كانوا‬
‫منه يسخرون ‪.‬‬
‫‪ -31‬أل يعتبوا بالمم الكثية الالية الت أهلكناها ‪ ،‬أنم ل يعودون كرة أخرى إل‬
‫حياتم الدنيا؟‬

‫ض الْمَيَْتةُ َأحْيَيْنَاهَا َوأَ ْخرَجْنَا‬


‫ضرُونَ (‪ )32‬وَ َآَيةٌ َل ُهمُ اْلأَرْ ُ‬
‫وَإِنْ ُك ّل لَمّا جَمِي ٌع َل َديْنَا مُحْ َ‬
‫ج ْرنَا فِيهَا ِمنَ‬
‫ب َوفَ ّ‬
‫مِ ْنهَا حَبّا فَمِ ْن ُه َيأْكُلُونَ (‪ )33‬وَ َجعَلْنَا فِيهَا جَنّاتٍ مِ ْن نَخِي ٍل َوأَعْنَا ٍ‬
‫الْعُيُونِ (‪ )34‬لَِيأْكُلُوا ِمنْ ثَ َم ِر ِه َومَا َعمِلَ ْتهُ أَْيدِي ِه ْم َأفَلَا َيشْ ُكرُونَ (‪ )35‬سُبْحَا َن اّلذِي‬
‫س ِهمْ َومِمّا لَا َيعْلَمُونَ (‪ )36‬وَ َآَيةٌ َل ُهمُ‬
‫ض َومِ ْن َأْنفُ ِ‬
‫ت اْلأَرْ ُ‬
‫خَ َلقَ اْلأَزْوَاجَ كُ ّلهَا مِمّا تُنْبِ ُ‬

‫‪261‬‬
‫جرِي لِ ُمسَْت َقرّ َلهَا َذِلكَ‬
‫س تَ ْ‬
‫خ مِ ْنهُ الّنهَا َر َفإِذَا هُ ْم مُظْلِمُونَ (‪ )37‬وَالشّمْ ُ‬
‫اللّيْ ُل َنسْلَ ُ‬
‫َتقْدِيرُ اْلعَزِيزِ اْلعَلِيمِ (‪ )38‬وَاْلقَ َمرَ َقدّ ْرنَاهُ مَنَا ِزلَ حَتّى عَادَ كَالْ ُعرْجُو ِن الْ َقدِيِ (‪)39‬‬

‫‪ -32‬وما كل من المم السابقة واللحقة إل مموعون لدينا يوم الساب والزاء ‪.‬‬
‫‪ -33‬ودليل لم على قدرتنا على البعث والنشور ‪ :‬الرض الدبة أحييناها بالاء ‪،‬‬
‫وأخرجنا منها حبا ‪ ،‬فمنه يأكلون ‪.‬‬
‫‪ -35 ، 34‬وأنشأنا فيها حدائق وبساتي من نيل وأعناب ‪ ،‬وشققنا فيها من عيون‬
‫الاء ما يروى شجرها ويرج ثرها ليأكلوا منه ‪ ،‬وما هو من صنع أيديهم ‪ ،‬أفل يؤدون‬
‫حق ال عليهم ف ذلك باليان والثناء عليه؟ ‪.‬‬
‫‪ -36‬تنيها ل الذى خلق الشياء كلها على سنة الذكورة والنوثة من النبات ومن‬
‫النفس وما ل يعلم الناس ‪.‬‬
‫‪ -37‬وآية لم على وجود ال وقدرته الليل ننع عنه النهار الساتر له ‪ ،‬فإذا الناس‬
‫داخلون ف الظلم الشتمل عليهم من كل جانب ‪.‬‬
‫‪ -38‬والشمس تسي لستقر لا ‪ ،‬قدّره ال زمانا ومكانا ‪ ،‬ذلك تدبي الغالب بقدرته ‪،‬‬
‫الحيط علما بكل شئ ‪.‬‬
‫‪ -39‬والقمر جعلناه بتدبي منا منازل ‪ ،‬إذ يبدو أول الشهر ضئيل ‪ ،‬ث يزداد ليلة بعد‬
‫ليلة إل أن يكتمل بدرا ‪ ،‬ث يأخذ ف النقصان كذلك حت يعود ف مرآه كأصل‬
‫العنقود من الرطب إذا قدم فدق وانن واصفر ‪.‬‬

‫س يَنَْبغِي َلهَا أَ ْن ُتدْرِ َك الْقَ َم َر َولَا اللّ ْيلُ سَابِ ُق الّنهَا ِر وَ ُك ّل فِي فَ َلكٍ َيسْبَحُونَ (‬
‫لَا الشّمْ ُ‬
‫‪ )40‬وَ َآَيةٌ َل ُهمْ َأنّا حَمَلْنَا ذُ ّريَّت ُهمْ فِي اْلفُ ْلكِ الْ َمشْحُونِ (‪ )41‬وَخَ َلقْنَا َل ُهمْ مِ ْن مِثْ ِل ِه مَا‬
‫خ َلهُ ْم َولَا ُهمْ يُ ْن َقذُونَ (‪ِ )43‬إلّا َرحْ َمةً مِنّا‬
‫صرِي َ‬
‫شأْ ُن ْغ ِر ْقهُ ْم فَلَا َ‬
‫َيرْكَبُونَ (‪ )42‬وَإِ ْن َن َ‬
‫وَمَتَاعًا ِإلَى حِيٍ (‪)44‬‬

‫‪ -40‬ل الشمس يتأتى لا أن ترج على نواميسها فتلحق القمر وتدخل ف مداره ‪،‬‬
‫ول الليل يتأتى له أن يغلب النهار ويول دون ميئه ‪ ،‬بل ها متعاقبان ‪ .‬وكل من‬

‫‪262‬‬
‫الشمس والقمر وغيها يسبح ف فلك ل يرج عنه ‪.‬‬
‫‪ -41‬وآية أخرى لم أنا حلنا بن النسان ف السفن الملوءة بم وبأمتعتهم وأرزاقهم‬
‫‪.‬‬
‫‪ -42‬وخلقنا لم من مثل الفلك ما يركبونه كذلك ‪.‬‬
‫‪ -43‬وإن نُرد إغراقهم با كسبوا نُغرقهم ‪ - ،‬فليس لم مغيث ‪ ،‬ول هم ينجون من‬
‫اللك ‪.‬‬
‫‪ -44‬لكنا ل نغرقهم رحة منا بم ‪ ،‬ولنمتعهم إل أجل مقدر ‪.‬‬

‫وَِإذَا قِي َل َل ُهمُ اّتقُوا مَا بَ ْي َن أَْيدِي ُكمْ وَمَا خَلْ َفكُ ْم َلعَلّ ُك ْم ُترْحَمُونَ (‪ )45‬وَمَا َتأْتِي ِهمْ ِمنْ‬
‫َآَيةٍ مِنْ َآيَاتِ َربّ ِه ْم ِإلّا كَانُوا عَ ْنهَا مُ ْعرِضِيَ (‪َ )46‬وِإذَا قِي َل َلهُ ْم َأنْ ِفقُوا مِمّا رَ َز َقكُ ُم اللّهُ‬
‫قَا َل الّذِينَ َك َفرُوا لِ ّلذِينَ َآمَنُوا أَنُ ْط ِعمُ َم ْن َلوْ َيشَا ُء ال ّلهُ أَ ْطعَ َم ُه إِ ْن َأنْتُ ْم ِإلّا فِي ضَلَالٍ مُبِيٍ‬
‫ح ًة وَا ِح َدةً‬
‫(‪ )47‬وََيقُولُو َن مَتَى َهذَا الْوَ ْع ُد إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪ )48‬مَا يَنْ ُظرُو َن ِإلّا صَيْ َ‬
‫َتأْ ُخذُ ُهمْ وَ ُهمْ َيخِصّمُونَ (‪ )49‬فَلَا َيسْتَطِيعُو َن َتوْصَِيةً وَلَا إِلَى َأهْ ِل ِهمْ َي ْرجِعُونَ (‪)50‬‬
‫ث ِإلَى َرّب ِهمْ يَ ْنسِلُونَ (‪)51‬‬
‫خ فِي الصّو ِر َفإِذَا هُ ْم ِمنَ اْلأَ ْجدَا ِ‬
‫وَُنفِ َ‬

‫‪ -45‬وإذا قيل لم ‪ :‬خافوا مثل ما جرى للمم الاضية بتكذيبهم ‪ ،‬وخافوا عذاب‬
‫الخرة الذى تتعرضون له بإصراركم على الكفر ‪ -‬رجاء أن يرحكم ربكم إذا‬
‫اتقيتموه ‪ -‬أعرضوا ‪.‬‬
‫‪ -46‬وما تيئهم من حجة من حجج ربم دالةً على وحدانية ال وقدرته إل كانوا‬
‫عنها منصرفي ‪.‬‬
‫‪ -47‬وإذا قيل لم أنفقوا على الفقراء ما رزقكم ال قال الكافرون للمؤمني ‪ :‬أنطعم‬
‫من لو أراد ال إطعامه ‪ ،‬فنعاند بذا مشيئة ال؟ ما أنتم ‪ -‬أيها الداعون إل النفاق ‪-‬‬
‫إل ف عمى واضح عن الق ‪.‬‬
‫‪ -48‬ويقولون للمؤمني ‪ -‬استهزاء بم ‪ : -‬مت يقع هذا الذى وعدتونا به إن كنتم‬
‫صادقي فيما وعدت؟!‬
‫‪ -49‬ما ينتظرون إل صوتا واحدا يقضى عليهم بغتة ‪ ،‬وهم يتنازعون ف شئون‬

‫‪263‬‬
‫الدنيا ‪ ،‬غافلي عن الخرة ‪.‬‬
‫‪ -50‬فل يستطيعون ‪ -‬لسرعة ما نزل بم ‪ -‬أن يُوصلوا بشئ ‪ ،‬ول أن يرجعوا إل‬
‫أهلهم ‪.‬‬
‫‪ -51‬ونفخ ف الصور نفخة البعث ‪ ،‬فإذا الموات يرجون من قبورهم مسرعي للقاء‬
‫ال ‪ .‬والصور والنفخ فيه ما استأثر ال بعلمه ‪.‬‬

‫ق الْ ُم ْرسَلُونَ (‪ )52‬إِنْ‬


‫صدَ َ‬
‫قَالُوا يَا وَيْلَنَا َمنْ َبعَثَنَا ِم ْن َم ْرقَ ِدنَا َهذَا مَا وَ َعدَ الرّحْ َم ُن وَ َ‬
‫ضرُونَ (‪ )53‬فَالَْيوْ َم لَا تُظْ َل ُم َنفْسٌ‬
‫ح ًة وَا ِح َد ًة َفإِذَا هُ ْم جَمِي ٌع َل َديْنَا مُحْ َ‬
‫كَانَتْ إِلّا صَيْ َ‬
‫ج َزوْ َن ِإلّا مَا ُكنُْتمْ َتعْمَلُونَ (‪ )54‬إِ ّن أَصْحَابَ الْجَّن ِة الْيَوْ َم فِي شُ ُغ ٍل فَا ِكهُونَ‬
‫شَيْئًا َولَا تُ ْ‬
‫ك مُّتكِئُونَ (‪َ )56‬لهُ ْم فِيهَا فَا ِك َهةٌ َوَلهُ ْم مَا‬
‫(‪ )55‬هُ ْم َوأَ ْزوَاجُ ُه ْم فِي ِظلَالٍ عَلَى الْأَرَائِ ِ‬
‫ج ِرمُونَ (‪َ )59‬أَلمْ‬
‫َيدّعُونَ (‪ )57‬سَلَا ٌم َق ْولًا ِمنْ َربّ َرحِيمٍ (‪ )58‬وَامْتَازُوا الْيَوْ َم َأّيهَا الْمُ ْ‬
‫أَ ْع َهدْ ِإلَ ْيكُ ْم يَا بَنِي َآدَ َم أَ ْن لَا تَعُْبدُوا الشّيْطَانَ ِإّنهُ َل ُكمْ َعدُ ّو مُبِيٌ (‪ )60‬وَأَنِ اعُْبدُونِي‬
‫صرَاطٌ ُمسَْتقِيمٌ (‪)61‬‬
‫هَذَا ِ‬

‫‪ -52‬قال البعوثون من القبور ‪ :‬يا هول ما ينتظرنا ‪ ،‬من أيقظنا من نومنا؟ ويضرهم‬
‫جواب سؤالم ‪ :‬هذا يوم البعث الذى وعد الرحن به عباده ‪ ،‬وصدق الرسلون فيما‬
‫أخبوا عنه ‪.‬‬
‫‪ -53‬ما كانت دعوتم إل الروج إل ندا ًء واحدا ‪ ،‬فإذا هم متمعون لدينا ‪،‬‬
‫مضرون لسابنا ‪.‬‬
‫‪ -54‬ففى هذا اليوم ل تنقص نفس أجر شئ ما عملته ‪ ،‬ول تلقون إل جزاء ما كنتم‬
‫تعملون من خي أو شر ‪.‬‬
‫‪ -55‬إن أصحاب النة ف هذا اليوم مشغولون با هم فيه من نعيم ‪ ،‬معجبون به‬
‫فرحون ‪.‬‬
‫‪ -56‬هم وأزواجهم ف ظلل سابغة على السرر الزينة متكئون ‪.‬‬
‫‪ -57‬لم ف النة فاكهة من كل أنواعها ‪ ،‬ولم فيها كل ما يطلبون ‪.‬‬
‫‪ -58‬يقال لم ‪ :‬سلم قولً صادرا من رب رحيم ‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫‪ -59‬ويقال للمجرمي ف هذا اليوم ‪ :‬اعتزلوا عن الؤمني ‪.‬‬
‫‪ -60‬أل أوصكم ‪ -‬يا بن آدم ‪ -‬أل تطيعوا الشيطان طاعة العبود؟ إنه لكم عدو بَيّن‬
‫العداوة ‪.‬‬
‫‪ -61‬وأن افردون بالعبادة ‪ ،‬فإفرادى با طريق عظيم ف استقامته ‪.‬‬

‫ض ّل مِ ْن ُكمْ جِبِلّا كَثِيًا َأفَ َلمْ َتكُونُوا َتعْقِلُونَ (‪ )62‬هَ ِذ ِه َجهَنّ ُم الّتِي كُنُْت ْم تُو َعدُونَ‬
‫وََل َقدْ أَ َ‬
‫(‪ )63‬اصْ َلوْهَا الْيَوْ َم بِمَا كُنُْت ْم َتكْ ُفرُونَ (‪ )64‬الَْيوْ َم نَخِْتمُ عَلَى َأفْوَا ِه ِهمْ َوُتكَلّمُنَا َأْيدِي ِهمْ‬
‫ش َهدُ أَ ْرجُ ُل ُهمْ بِمَا كَانُوا يَ ْكسِبُونَ (‪ )65‬وََل ْو َنشَا ُء لَطَ َمسْنَا َعلَى أَعْيُِن ِه ْم فَاسْتََبقُوا‬
‫وََت ْ‬
‫سخْنَا ُهمْ عَلَى مَكَانَتِ ِه ْم فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيّا‬
‫صرُونَ (‪ )66‬وََل ْو َنشَا ُء لَ َم َ‬
‫الصّرَاطَ فََأنّى يُبْ ِ‬
‫سهُ فِي الْخَ ْلقِ أَفَلَا َيعْقِلُونَ (‪)68‬‬
‫وَلَا َيرْ ِجعُونَ (‪َ )67‬و َمنْ ُنعَ ّم ْر ُه نُنَ ّك ْ‬

‫‪ -62‬ولقد أغوى الشيطان منكم خلْقا كثيا ‪ .‬أغفلتم عن ذلك ‪ ،‬فلم تكونوا تعقلون‬
‫حي أطعتموه؟!‬
‫‪ -63‬يقال لم ‪ :‬هذه جهنم الت كنتم توعدون با ف الدنيا ‪ ،‬جزاء كفركم ‪.‬‬
‫‪ -64‬ادخلوها ‪ ،‬وقاسوا حرها ف هذا اليوم بكفركم ‪.‬‬
‫‪ -65‬اليوم نُغطى على أفواههم فل تنطق ‪ ،‬وتكلمنا أيديهم ‪ ،‬وتنطق أرجلهم شاهدة‬
‫عليهم با كانوا يعملون ‪.‬‬
‫‪ -66‬فمضوا يتخبطون ل يعرفون فيها ‪ -‬ف الدنيا أو على الصراط ف الخرة ‪-‬‬
‫طريق الدى بعدما أعميناهم ‪.‬‬
‫‪ -67‬ولو نشاء تغيي صورهم لغيناها إل صور قبيحة يتسمرون عندها ف أماكنهم ‪،‬‬
‫ل يضون إل المام ‪ ،‬ول يرجعون إل اللف لا جرى عليهم من أمرنا ف إفقادهم‬
‫قواهم ‪.‬‬
‫‪ -68‬ومن نُطل عمره نرده من القوة إل الضعف ‪ ،‬أفل يعقلون قدرتنا على ذلك‬
‫ليعلموا أن الدنيا دار فناء ‪ ،‬وأن الخرة هى دار البقاء!‬

‫‪265‬‬
‫شعْ َر َومَا يَنَْبغِي َلهُ إِ ْن ُهوَ إِلّا ذِ ْكرٌ َو ُقرْآَ ٌن مُبِيٌ (‪ )69‬لِيُ ْنذِ َر َمنْ كَانَ حَيّا‬
‫وَمَا عَلّ ْمنَاهُ ال ّ‬
‫ت َأْيدِينَا َأنْعَامًا َف ُهمْ‬
‫ح ّق اْلقَ ْولُ عَلَى اْلكَا ِفرِينَ (‪ )70‬أَ َوَلمْ َي َروْا َأنّا خَ َلقْنَا َل ُهمْ مِمّا عَمِلَ ْ‬
‫وَيَ ِ‬
‫َلهَا مَاِلكُونَ (‪َ )71‬وذَلّلْنَاهَا َلهُ ْم فَمِ ْنهَا رَكُوُبهُ ْم َومِنْهَا يَأْكُلُونَ (‪ )72‬وََل ُهمْ فِيهَا مَنَافِعُ‬
‫صرُونَ (‪ )74‬لَا‬
‫خذُوا ِمنْ دُو ِن ال ّلهِ َآِلهَ ًة َلعَ ّلهُ ْم يُنْ َ‬
‫ش ُكرُونَ (‪ )73‬وَاتّ َ‬
‫وَ َمشَا ِربُ َأفَلَا َي ْ‬
‫ضرُونَ (‪)75‬‬
‫ص َرهُ ْم َوهُ ْم َلهُ ْم جُ ْندٌ مُحْ َ‬
‫َيسْتَطِيعُو َن نَ ْ‬

‫‪ -69‬وما علمنا رسولنا الشعر ‪ ،‬وما يصح ‪ -‬لكانته ومنلته ‪ -‬أن يكون شاعرا ‪ .‬وما‬
‫القرآن النل عليه إل عظة وكتاب ساوى واضح ‪ ،‬فل مناسبة بينه وبي الشعر ‪.‬‬
‫‪ -70‬ليخوف من كان حى القلب مُستني العقل ‪ ،‬وتَجِبُ كلمة العذاب على‬
‫الاحدين به ‪ ،‬النكرين لديه ‪.‬‬
‫‪ -71‬أعمى الكافرون ول يروا أنا خلقنا لم ما صنعت قدرتنا أنعاما فهم مالكون لا ‪،‬‬
‫يتصرفون فيها كما يشاءون؟‬
‫‪ -72‬وأخضعناها لم ‪ ،‬فمنها ما يركبون ‪ ،‬ومنها ما يأكلون ‪.‬‬
‫‪ -73‬ولم فيها ما ينتفعون به من أصوافها وأوبارها وأشعارها وجلودها وعظامها ‪،‬‬
‫ومشارب من ألبانا ‪ ،‬أينسون هذه النعم فل يشكرون النعم با؟ ‪.‬‬
‫‪ -74‬واتذ الشركون من دون ال آلة يعبدونا ‪ ،‬رجاء أن تنصرهم ‪.‬‬
‫‪ -75‬ل تستطيع اللة نصرهم إن أراد ال بم سوءا ‪ ،‬لنا ل تنفع ول تضر ‪ ،‬وهم‬
‫للتهم العاجزة جند معدون لدمتهم ودفع السوء عنهم ‪.‬‬

‫ح ُزْنكَ َق ْوُلهُ ْم ِإنّا َنعْ َلمُ مَا ُيسِرّو َن وَمَا يُعْلِنُونَ (‪ )76‬أَ َوَلمْ َي َر الِْإْنسَانُ َأنّا خَ َلقْنَاهُ ِمنْ‬
‫فَلَا يَ ْ‬
‫ب لَنَا مَثَلًا َوَنسِ َي خَلْ َق ُه قَا َل َمنْ يُحْيِي الْعِظَامَ‬
‫ضرَ َ‬
‫نُ ْطفَ ٍة َفِإذَا ُهوَ خَصِيمٌ مُبِيٌ (‪ )77‬وَ َ‬
‫شأَهَا أَ ّولَ مَ ّر ٍة َوهُ َو بِ ُك ّل خَ ْلقٍ عَلِيمٌ (‪ )79‬اّلذِي‬
‫وَ ِهيَ َرمِيمٌ (‪ُ )78‬ق ْل يُحْيِيهَا اّلذِي أَْن َ‬
‫جرِ اْلَأخْضَ ِر نَارًا َفِإذَا َأنُْتمْ مِ ْن ُه تُو ِقدُونَ (‪)80‬‬
‫جَ َع َل لَ ُك ْم ِمنَ الشّ َ‬

‫‪ -76‬فل يزنك قولم ف ال باللاد وفيك بالتكذيب ‪ ،‬إنا نعلم ما يُخفون وما‬
‫يُعلنون ‪ ،‬فنجازيهم عليه ‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫‪ -77‬أجحد النسان وجود ال وقدرته ‪ .‬ول ير أنا خلقناه ‪ -‬بعد العدم ‪ -‬من نطفة‬
‫مهينة؟ فإذا هو شديد الصومة ‪ ،‬مبي لا ‪ ،‬معلن عنها ‪.‬‬
‫ل ينكر به قدرتنا على إحياء العظام بعد أن‬
‫‪ -78‬وساق لنا هذا الصيم البي مث ً‬
‫تبلى ‪ ،‬ونسى خلقنا إياه بعد أن ل يكن ‪ ،‬قال ‪ -‬منكرا مستبعدا قدرتنا على ذلك ‪: -‬‬
‫من يُحي العظام وهى رميم؟‬
‫‪ -79‬قل ‪ -‬يا ممد ‪ : -‬يُحييها الذى أنشأها أول مرة ‪ ،‬ففى استطاعة من بدأ أن يُعيد‬
‫‪ ،‬وهو عظيم العلم بكل ما خلق ‪ ،‬فل يعجزه جع الجزاء بعد تفرقها ‪.‬‬
‫‪ -80‬الذى خلق لكم من الشجر الخضر ‪ -‬بعد جفافه ويبسه ‪ -‬نارا ‪.‬‬

‫خ ُلقَ مِثْ َل ُه ْم بَلَى َوهُ َو الْخَلّاقُ‬


‫ض ِبقَادِرٍ عَلَى أَ ْن يَ ْ‬
‫س الّذِي خَ َلقَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ َ‬
‫أَ َولَيْ َ‬
‫الْعَلِيمُ (‪ِ )81‬إنّمَا َأ ْم ُرهُ ِإذَا أَرَا َد شَيْئًا أَ ْن َيقُولَ لَهُ ُك ْن فََيكُونُ (‪َ )82‬فسُبْحَا َن اّلذِي بَِي ِدهِ‬
‫مَلَكُوتُ ُك ّل َشيْ ٍء وَِإلَ ْيهِ ُت ْرجَعُونَ (‪)83‬‬

‫‪ -81‬أفقدوا عقولم ول يعلموا أن الذى خلق السموات والرض ‪ -‬مع عظم‬


‫حجمهما ‪ -‬قادر على إعادة خلق الناس مع صغرهم وضعف شأنم؟ بلى ‪ -‬أى هو‬
‫القادر ‪ -‬وهو الكثي اللق ‪ ،‬الحيط علمه بكل شئ ‪.‬‬
‫‪ -82‬إنا شأنه ف اللق إذا أراد إياد شئ أن يقول له ‪ :‬كن ‪ ،‬فيكون ف الال وكما‬
‫يقول بعض العلماء ‪ :‬إن أمره سبحانه بي الكاف والنون ‪.‬‬
‫‪ -83‬فتنيها للذى بقدرته ملك كل شئ ‪ -‬خلقا وتدبيا وتصرفا ‪ -‬عما ل يليق‬
‫بذاته ‪ -‬تعال ‪ -‬وإليه ‪ -‬وحده ‪ -‬تعودون ‪ ،‬فيحاسبكم على أعمالكم ‪.‬‬

‫ت ذِ ْكرًا (‪ )3‬إِ ّن ِإَلهَ ُكمْ َلوَا ِحدٌ (‪)4‬‬


‫صفّا (‪ )1‬فَالزّاجِرَاتِ َز ْجرًا (‪ )2‬فَالتّالِيَا ِ‬
‫وَالصّافّاتِ َ‬

‫‪ -1‬أُقسم بطوائف من خلقى ‪ ،‬تصطف بنفسها صفا مُحكما ف مقام العبودية‬


‫والنقياد ‪.‬‬
‫‪ -2‬فالانعات للمتجاوز حدوده منعا شديدا ‪ ،‬يبقى النظام ويفظ الكوان ‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫‪ -3‬فالتاليات لليات يذكرون ال ذكرا بالتسبيح والتمجيد ‪.‬‬
‫‪ -4‬إن إلكم الستوجب للعبادة لواحد ل شريك له ف ذات أو فعل أو صفة ‪.‬‬

‫َربّ السّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ وَمَا بَيَْنهُمَا وَ َربّ الْ َمشَارِقِ (‪ِ )5‬إنّا َزيّنّا السّمَاءَ ال ّدنْيَا ِبزِينَةٍ‬
‫الْ َكوَاكِبِ (‪َ )6‬وحِفْظًا ِمنْ ُكلّ شَيْطَا ٍن مَا ِردٍ (‪ )7‬لَا َيسّ ّمعُو َن ِإلَى الْمَ َلإِ اْلأَعْلَى َوُيقْ َذفُونَ‬
‫ب وَاصِبٌ (‪)9‬‬
‫ِمنْ ُك ّل جَانِبٍ (‪ُ )8‬دحُورًا َولَ ُهمْ َعذَا ٌ‬

‫‪ -5‬هو ‪ -‬وحده ‪ -‬خالق السموات والرض وما بينهما ‪ ،‬ومدبّر المر ‪ ،‬ومالك‬
‫الشارق لكل ما له مشرق ‪.‬‬
‫‪ -6‬إنّا جّلْنا السماء القريبة من أهل الرض بزينة هى الكواكب الشرقة الختلفة‬
‫الحجام والوضاع ف ميط الكون الت نراها كل مساء بالعي الجردة ‪.‬‬
‫‪ -7‬وحفظناها حفظا مكما من كل شيطان عات متمرد ‪.‬‬
‫‪ -8‬ل يكن عتاة الشياطي من التسمع إل ما يرى ف عال اللئكة ‪ ،‬وُي ْرمَوْن من كل‬
‫با يدفعهم ‪.‬‬
‫‪ -9‬يُطردون طردا عنيفا عن الوصول إل تسمع أخبار السماء ‪ ،‬ولم عذاب شديد‬
‫دائم ف الخرة ‪.‬‬

‫ف الْخَ ْط َفةَ َفَأتَْبعَ ُه ِشهَابٌ ثَاقِبٌ (‪ )10‬فَاسْتَفِْت ِهمْ َأ ُهمْ َأ َشدّ خَ ْلقًا أَمْ مَ ْن خَ َلقْنَا‬
‫ِإلّا َمنْ خَطِ َ‬
‫خرُونَ (‪ )12‬وَِإذَا ذُ ّكرُوا لَا َيذْ ُكرُونَ‬
‫ت َويَسْ َ‬
‫جبْ َ‬
‫ي لَا ِزبٍ (‪َ )11‬بلْ عَ ِ‬
‫ِإنّا خَ َلقْنَا ُهمْ ِمنْ ِط ٍ‬
‫حرٌ مُِبيٌ (‪َ )15‬أئِذَا مِتْنَا‬
‫خرُونَ (‪َ )14‬وقَالُوا إِ ْن هَذَا إِلّا سِ ْ‬
‫(‪ )13‬وَِإذَا َرأَوْا َآَيةً َيسَْتسْ ِ‬
‫وَكُنّا ُترَابًا وَعِظَامًا َأئِنّا لَمَ ْبعُوثُونَ (‪ )16‬أَوَ َآبَاؤُنَا الَْأوّلُونَ (‪ُ )17‬قلْ َن َعمْ َوَأنُْتمْ دَاخِرُونَ‬
‫(‪َ )18‬فإِنّمَا هِيَ َز ْج َرةٌ وَاحِ َد ٌة َفِإذَا ُهمْ يَنْ ُظرُونَ (‪َ )19‬وقَالُوا يَا َويْلَنَا َهذَا َيوْ ُم الدّينِ (‬
‫‪)20‬‬

‫‪ -10‬إل من اختلس الكلمة من أخبار السماء ‪ ،‬فإننا نتبعه بشعلة من النار تثقب الو‬
‫بضوئها فتحرقه ‪.‬‬
‫‪ -11‬فاستخب ‪ -‬أيها النب ‪ -‬النكرين للبعث والستبعدين لصوله ‪ :‬أهُم أصعب‬

‫‪268‬‬
‫خلقا أم من خلقنا من السموات والرض والكواكب وغي ذلك؟ ‪ .‬إنا خلقناهم من‬
‫طي لصق بعضه ببعض ‪ ،‬فَ ِل َم يستبعدون إعادتم؟! ‪.‬‬
‫‪ -12‬بل عجبت ‪ -‬أيها النب ‪ -‬من إنكارهم للبعث ‪ -‬مع قيام الدلة على قدرة ال‬
‫‪ -‬وهم يسخرون من تعجبك وتقريرك له ‪.‬‬
‫‪ -13‬وإذا ووجهوا بأدلة قدرة ال على البعث ل يلتفتون ول ينتفعون بدللتها ‪.‬‬
‫‪ -14‬وإذا رأوا برهانا على قدرة ال دعا بعضهم بعضا إل البالغة ف الستهزاء به ‪.‬‬
‫‪ -15‬وقال الكافرون ف اليات الدالة على القدرة ‪ :‬ما هذا الذى نراه إل سحر‬
‫واضح ‪.‬‬
‫‪ -16‬أئذا متنا وصرنا ترابا وعظاما أئنا لُخرجون من قبورنا أحياء؟ ‪.‬‬
‫‪ -17‬أنيا ويبعث آباؤنا الولون الذين ماتوا قبلنا فبادوا وهلكوا؟!‬
‫‪ -18‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لم ‪ :‬نعم ستبعثون جيعا وأنتم أذلء صاغرون ‪.‬‬
‫‪ -19‬فإنا البعثة صيحة واحدة فإذا هم أحياء ينظرون ما كانوا يوعدون ‪.‬‬
‫‪ -20‬وقال الشركون ‪ :‬يا هلكنا ‪ . .‬هذا يوم الساب والزاء على العمال ‪.‬‬

‫صلِ اّلذِي كُنُْتمْ ِب ِه ُتكَ ّذبُونَ (‪ )21‬ا ْحشُرُوا اّلذِينَ ظَ َلمُوا َوأَزْوَاجَ ُه ْم وَمَا‬
‫هَذَا يَوْ ُم اْلفَ ْ‬
‫ط الْجَحِيمِ (‪َ )23‬وقِفُو ُه ْم إِّن ُهمْ‬
‫صرَا ِ‬
‫كَانُوا يَعُْبدُونَ (‪ِ )22‬م ْن دُونِ ال ّلهِ فَا ْهدُوهُ ْم ِإلَى ِ‬
‫صرُونَ (‪َ )25‬ب ْل هُ ُم الَْيوْمَ ُمسْتَسْلِمُونَ (‪َ )26‬وَأقَْبلَ‬
‫َمسْئُولُونَ (‪ )24‬مَا لَ ُكمْ لَا تَنَا َ‬
‫ض يََتسَا َءلُونَ (‪ )27‬قَالُوا ِإنّ ُكمْ كُنُْت ْم َتأْتُونَنَا َع ِن الْيَمِيِ (‪ )28‬قَالُوا َبلْ‬
‫َبعْضُ ُهمْ عَلَى بَعْ ٍ‬
‫َلمْ َتكُونُوا ُمؤْمِنِيَ (‪ )29‬وَمَا كَا َن لَنَا عَلَ ْيكُ ْم ِمنْ سُلْطَا ٍن َبلْ كُنُْت ْم َقوْمًا طَاغِيَ (‪)30‬‬

‫‪ -21‬فيجابون ‪ :‬هذا يوم القضاء والفصل ف العمال الذى كنتم به ف الدنيا تكذبون‬
‫‪.‬‬
‫‪ -23 ، 22‬اجعوا ‪ -‬يا ملئكت ‪ -‬الظالي أنفسهم بالكفر وأزواجهم الكافرات‬
‫وآلتهم الت كانوا يعبدونا من دون ال من الوثان والنداد ‪ ،‬فعرفوهم طريق النار‬
‫ليسلكوها ‪.‬‬
‫‪ -24‬واحبسوهم ف هذا الوقف ‪ ،‬إنم مسئولون عن عقائدهم وأعمالم ‪.‬‬

‫‪269‬‬
‫‪ -25‬ما لكم ‪ -‬أيها الشركون ‪ -‬ل ينصر بعضكم بعضا كما كنتم تتناصرون ف‬
‫الدنيا؟!‬
‫‪ -26‬ل يتناصرون ف هذا اليوم ‪ ،‬بل هم منقادون مستسلمون لمر ال ‪.‬‬
‫‪ -27‬وأقبل بعضهم على بعض يتلومون ويتخاصمون ‪ ،‬ويسأل بعضهم بعضا عن‬
‫مصيهم السيئ ‪.‬‬
‫‪ -28‬قال الضعفاء للذين استكبوا ‪ :‬إنكم كنتم تأتوننا من الناحية الت نظن فيها الي‬
‫واليُمن ‪ ،‬لتصرفونا عن الق إل الضلل ‪.‬‬
‫‪ -29‬قال الستكبون ‪ :‬ل نصرفكم ‪ ،‬بل أنتم أبيتم اليان وأعرضتم عنه باختياركم ‪.‬‬
‫‪ -30‬وما كان لنا من تسلط عليكم نسلبكم به اختياركم ‪ ،‬بل كنتم قوما خارجي‬
‫على الق ‪.‬‬

‫حقّ عَلَيْنَا َقوْلُ َربّنَا إِنّا َلذَاِئقُونَ (‪َ )31‬فأَ ْغوَيْنَا ُكمْ ِإنّا كُنّا غَاوِينَ (‪َ )32‬فِإّنهُ ْم َيوْمَِئذٍ فِي‬
‫فَ َ‬
‫ج ِرمِيَ (‪ِ )34‬إّنهُمْ كَانُوا ِإذَا قِي َل َلهُ ْم لَا‬
‫ك َنفْ َع ُل بِالْمُ ْ‬
‫ب ُمشْتَرِكُونَ (‪ِ )33‬إنّا َك َذلِ َ‬
‫الْ َعذَا ِ‬
‫ِإلَ َه ِإلّا اللّ ُه َيسَْتكْبِرُونَ (‪َ )35‬وَيقُولُو َن َأئِنّا لَتَارِكُوا َآِلهَتِنَا ِلشَا ِعرٍ مَجْنُونٍ (‪َ )36‬ب ْل جَاءَ‬
‫ج َزوْ َن ِإلّا مَا‬
‫ب الَْألِيمِ (‪َ )38‬ومَا تُ ْ‬
‫ق الْ ُمرْسَ ِليَ (‪ِ )37‬إّنكُ ْم َلذَاِئقُو الْ َعذَا ِ‬
‫صدّ َ‬
‫ح ّق وَ َ‬
‫بِالْ َ‬
‫ق َمعْلُومٌ (‪)41‬‬
‫ك َلهُمْ رِ ْز ٌ‬
‫خلَصِيَ (‪ )40‬أُولَئِ َ‬
‫كُنُْت ْم َتعْمَلُونَ (‪ِ )39‬إلّا عِبَادَ ال ّلهِ الْمُ ْ‬
‫َفوَا ِك ُه وَ ُهمْ مُ ْك َرمُونَ (‪)42‬‬

‫‪ -31‬فحق علينا كلمة ربنا ‪ :‬إنا لذائقون العذاب يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -32‬فدعوناكم إل الغى والضلل فاستجبتم لدعوتنا ‪ ،‬إن شأننا التحايل لدعوة الناس‬
‫إل ما نن عليه من الضلل ‪ ،‬فل لوم علينا ‪.‬‬
‫‪ -33‬فإن التباع والتبوعي يوم القيامة ف العذاب مشتركون ‪.‬‬
‫‪ -34‬إن مثل ذلك العذاب نفعل بالذين أجرموا ف حق ال بالشرك وفعل العاصى ‪.‬‬
‫‪ -35‬إن هؤلء كانوا إذا قيل لم ‪ :‬ل إله إل ال يأبون القرار بذلك تكبا واستعظاما‬
‫‪.‬‬
‫‪ -36‬ويقولون ‪ :‬أنن نترك عبادة آلتنا لقول شاعر متخبل مستور العقل؟ ‪.‬‬

‫‪270‬‬
‫‪ -37‬بل جاءهم رسولم بالتوحيد الذى دعا إليه جيع الرسل ‪ ،‬وصدق بذلك دعوة‬
‫الرسلي ‪.‬‬
‫‪ -38‬إنكم ‪ -‬يا أيها الشركون ‪ -‬لذائقوا العذاب الشديد ف الخرة ‪.‬‬
‫‪ -39‬وما تلقون من جزاء ف الخرة إل جزاء عملكم ف الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -40‬إل عباد ال الخلصي ‪ ،‬فإنم ل يذوقون العذاب ‪ ،‬لنم أهل إيان وطاعة ‪.‬‬
‫‪ -41‬هؤلء الخلصون لم ف الخرة رزق معلوم عند ال ‪.‬‬
‫‪ -42‬فواكه متنوعة ‪ ،‬وهم مرفهون معظمون ‪.‬‬

‫ت النّعِيمِ (‪ )43‬عَلَى سُرُ ٍر مَُتقَابِ ِليَ (‪ )44‬يُطَافُ عَلَ ْي ِهمْ بِ َكأْسٍ ِم ْن َمعِيٍ (‪)45‬‬
‫فِي جَنّا ِ‬
‫صرَاتُ‬
‫بَيْضَا َء َلذّ ٍة لِلشّا ِربِيَ (‪ )46‬لَا فِيهَا َغ ْولٌ َولَا ُهمْ عَ ْنهَا يُ ْنزَفُونَ (‪ )47‬وَعِ ْندَ ُه ْم قَا ِ‬
‫ض يََتسَا َءلُونَ (‬
‫ض ُهمْ عَلَى َبعْ ٍ‬
‫ض َمكْنُونٌ (‪َ )49‬فَأقَْبلَ َبعْ ُ‬
‫الطّرْفِ عِيٌ (‪َ )48‬كَأّن ُهنّ بَيْ ٌ‬
‫ص ّدقِيَ (‪)52‬‬
‫ك لَ ِمنَ الْمُ َ‬
‫‪ )50‬قَا َل قَاِئ ٌل مِ ْنهُ ْم ِإنّي كَا َن لِي َقرِينٌ (‪َ )51‬يقُو ُل َأئِنّ َ‬

‫‪ -43‬ف جنات النعيم ‪.‬‬


‫‪ -44‬يلسون فيها على سرر يقابل بعضهم بعضا ‪.‬‬
‫‪ -45‬يطوف عليهم ولدان بإناء فيه شراب من منابع جارية ل تنقطع ‪.‬‬
‫‪ -46‬بيضاء عند مزجها ‪ ،‬شهية للشاربي ‪.‬‬
‫‪ -47‬ليس فيها غائلة الصداع تأخذهم على غرة ‪ ،‬ول هم بشربا يذهب وعيهم شيئا‬
‫فشيئا ‪.‬‬
‫‪ -48‬وعند هؤلء الخلصي ف النة حوريات طبعن على العفاف ‪ ،‬قد قصرن‬
‫ج ُل العيون حسانا ‪.‬‬
‫أبصارهن على أزواجهن ‪ ،‬فل يتطلعن لشهوة ضالة ‪ ،‬نُ ْ‬
‫‪ -49‬كأن قاصرات الطرف بيض النعام ‪ ،‬الصون بأجنحته ‪ ،‬فلم تسه اليدى ‪ ،‬ول‬
‫يصبه الغبار ‪.‬‬
‫‪ -50‬فأقبل بعض هؤلء الخلصي على بعض يتساءلون عن أحوالم ‪ .‬وكيف كانوا ف‬
‫الدنيا؟‬
‫‪ -51‬قال قائل منهم عند ذلك ‪ :‬إن كان ل صاحب من الشركي ‪ ،‬يادلن ف الدين‬

‫‪271‬‬
‫وما جاء به القرآن الكري ‪.‬‬
‫‪ -52‬يقول ‪ :‬أئِنك لن الذين يصدقون بالبعث بعد الوت والساب والزاء؟ ‪.‬‬

‫َأئِذَا مِتْنَا وَكُنّا ُترَابًا وَعِظَامًا َأئِنّا لَ َمدِينُونَ (‪ )53‬قَالَ َه ْل أَنُْت ْم مُطّ ِلعُونَ (‪ )54‬فَاطّ َلعَ‬
‫َفرَ َآ ُه فِي َسوَا ِء الْجَحِيمِ (‪ )55‬قَالَ تَاللّ ِه إِنْ ِك ْدتَ لَُت ْردِينِ (‪َ )56‬وَلوْلَا ِنعْ َمةُ َربّي َلكُنْتُ‬
‫حنُ بِ ُم َع ّذبِيَ (‪)59‬‬
‫ح ُن بِمَيِّتيَ (‪ِ )58‬إلّا َموْتَتَنَا اْلأُولَى َومَا َن ْ‬
‫ضرِينَ (‪َ )57‬أفَمَا نَ ْ‬
‫ِمنَ الْمُحْ َ‬
‫إِ ّن هَذَا َلهُ َو الْ َفوْزُ اْلعَظِيمُ (‪ )60‬لِمِ ْث ِل هَذَا فَلَْيعْ َملِ اْلعَامِلُونَ (‪َ )61‬أذَِلكَ خَ ْي ٌر ُنزُلًا أَمْ‬
‫صلِ‬
‫ج فِي أَ ْ‬
‫خرُ ُ‬
‫ج َر ٌة تَ ْ‬
‫ج َرةُ ال ّزقّومِ (‪ِ )62‬إنّا َجعَلْنَاهَا فِتَْنةً لِلظّالِمِيَ (‪ِ )63‬إّنهَا شَ َ‬
‫شَ َ‬
‫الْجَحِيمِ (‪)64‬‬

‫‪ -53‬أبعد أن نفن ونصي ترابا وعظاما نيا مرة أخرى ‪ ،‬لنحاسب ونازى على ما‬
‫قدمنا من عمل؟! ‪.‬‬
‫‪ -54‬قال الؤمن للسائه ‪ :‬هل أنتم يا أهل النة مُطّلعون على أهل النار ‪ ،‬فأرى‬
‫َقرِين؟ ‪.‬‬
‫‪ -55‬ودار ببصره نو النار ‪ ،‬فرأى صاحبه القدي ف وسطها ‪ ،‬يُعذب بنارها ‪.‬‬
‫‪ -56‬قال حينما رآه ‪ :‬تال إن كدت ف الدنيا لتهلكن لو أطعتك ف كفرك وعصيانك‬
‫‪.‬‬
‫‪ -57‬ولول نعمة رب بدايته وتوفيقه ل إل اليان بال وبالبعث لكنت مثلك من‬
‫الحضرين ف العذاب ‪.‬‬
‫‪ -59 ، 58‬أنن مُخلّدون منعّمون ف النة ‪ ،‬فل نوت أبدا غي موتتنا الول ف‬
‫الدنيا ‪ ،‬وما نن بعذبي بعد دخولنا النة؟‬
‫‪ -60‬إن هذا الذى أعطانا ال من الكرامة ف النة لو الفوز العظيم ‪ ،‬والنجاة الكبى‬
‫ما كنا نذره ف الدنيا من عقاب ال ‪.‬‬
‫‪ -61‬لنيل مثل ما حظى به الؤمنون من الكرامة ف الخرة فليعمل ف الدنيا العاملون ‪،‬‬
‫ليدركوا ما أدركوه ‪.‬‬
‫‪ -62‬أذلك الرزق العلوم العد لهل النة خي أم شجرة الزقوم العدة لهل النار؟‬

‫‪272‬‬
‫‪ -63‬إنا جعلنا هذه الشجرة منة وعذابا ف الخرة للمشركي ‪.‬‬
‫‪ -64‬إنا شجرة ف وسط الحيم ‪ ،‬غذيت من النار ومنها خلقت ‪.‬‬

‫س الشّيَا ِطيِ (‪َ )65‬فإِّن ُهمْ َلآَكِلُو َن مِ ْنهَا فَمَالِئُونَ مِ ْنهَا الْبُطُونَ (‪ُ )66‬ثمّ‬
‫طَ ْل ُعهَا َكأَّنهُ رُءُو ُ‬
‫إِ ّن َلهُمْ عَلَ ْيهَا َلشَ ْوبًا ِم ْن حَمِيمٍ (‪ُ )67‬ثمّ إِ ّن َمرْ ِج َع ُهمْ َلِإلَى الْجَحِيمِ (‪ِ )68‬إنّ ُهمْ أَْل َفوْا‬
‫ض ّل قَبْ َلهُ ْم أَكَْث ُر الَْأوّلِيَ (‬
‫َآبَا َء ُهمْ ضَالّيَ (‪َ )69‬ف ُهمْ عَلَى َآثَارِ ِه ْم ُيهْرَعُونَ (‪ )70‬وََل َقدْ َ‬
‫‪ )71‬وََل َقدْ أَ ْرسَلْنَا فِيهِ ْم مُ ْنذِرِينَ (‪ )72‬فَانْ ُظرْ كَيْفَ كَانَ عَاقَِب ُة الْمُ ْنذَرِينَ (‪ِ )73‬إلّا عِبَادَ‬
‫ح فَلَِن ْعمَ الْمُجِيبُونَ (‪)75‬‬
‫صيَ (‪ )74‬وََل َقدْ نَادَانَا نُو ٌ‬
‫اللّ ِه الْمُخْلَ ِ‬

‫‪ -65‬ثرها قبيح النظر ‪ ،‬كريه الصورة ‪ ،‬تنفر منه العيون كأنه رؤوس الشياطي الت ل‬
‫يرها الناس ‪ ،‬ولكن وقع ف وههم شناعتها وقبح منظرها ‪.‬‬
‫‪ -66‬فإنم لكلون من هذه الشجرة فمالئون من طلعها بطونم ‪ ،‬إذ ل يدون غيها‬
‫ما يأكلون ‪.‬‬
‫‪ -67‬ث إن لؤلء الشركي على ما يأكلون من الزّقوم للطا ومزاجا من ماء حار‬
‫يشوى وجوههم ‪ ،‬وتنقطع منه أمعاؤهم ‪.‬‬
‫‪ -68‬ث إن مصيهم إل النار ‪ ،‬فهم ف عذاب دائم ‪ ،‬إذ يؤتى بم من النار إل شجرة‬
‫الزّقوم ‪ ،‬فيأكلون ث يسقون ‪ ،‬ث يرجع بم إل ملهم من الحيم ‪.‬‬
‫‪ -70 ، 69‬إنم وجدوا آباءهم ضالي ‪ ،‬فهم يُسرعون الطا على آثارهم ‪،‬‬
‫ويستعجلون السي ف طريقهم ‪ ،‬مقلدين ل متبصرين ‪ ،‬كأنم يزعجون ويثون على‬
‫السراع إل متابعة الباء من غي تدبر ول تعقل ‪.‬‬
‫‪ -71‬ولقد ضل عن قصد السبيل وطريق اليان قبل مشركى مكة أكثر المم الالية‬
‫من قبلهم ‪.‬‬
‫ل ينذرونم ويوفونم عذاب ال فكذبوهم‬
‫‪ -72‬ولقد أرسلنا ف هذه المم الالية رس ً‬
‫‪.‬‬
‫‪ -73‬فانظر ‪ -‬يا من يتأتى منك النظر ‪ -‬كيف كان مآل الذين أنذرتْهم رسلهم؟! لقد‬
‫أُهْلِكوا ‪ ،‬فصاروا عبة للناس ‪.‬‬

‫‪273‬‬
‫‪ -74‬لكن هناك مؤمنون استخلصهم ال لعبادته ‪ ،‬لينالوا فضل كرامته ‪ ،‬ففازوا بثوابه‬
‫‪ ،‬ونوا من عذابه ‪.‬‬
‫‪ -75‬ولقد نادانا نوح حي يئس من قومه فلنعم الجيبون كنا له إذ استجبنا دعاءه ‪،‬‬
‫فأهلكنا قومه بالطوفان ‪.‬‬

‫وَنَجّ ْينَاهُ َوَأهْلَ ُه ِمنَ اْلكَ ْربِ اْلعَظِيمِ (‪َ )76‬وجَعَلْنَا ذُ ّريَّتهُ ُهمُ الْبَاقِيَ (‪ )77‬وََترَكْنَا عَلَ ْيهِ‬
‫حسِِنيَ (‬
‫جزِي الْمُ ْ‬
‫ح فِي اْلعَالَمِيَ (‪ِ )79‬إنّا َك َذِلكَ نَ ْ‬
‫فِي اْلآَ ِخرِينَ (‪ )78‬سَلَامٌ عَلَى نُو ٍ‬
‫‪ِ )80‬إنّ ُه ِمنْ عِبَادِنَا الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪ُ )81‬ث ّم أَ ْغ َرقْنَا الْ َآ َخرِينَ (‪ )82‬وَإِ ّن ِم ْن شِيعَِت ِه َلإِْبرَاهِيمَ (‬
‫ب سَلِيمٍ (‪ِ )84‬إذْ قَالَ ِلَأبِي ِه َوقَ ْو ِمهِ مَاذَا َتعُْبدُونَ (‪)85‬‬
‫‪ِ )83‬إذْ جَاءَ َرّبهُ ِبقَلْ ٍ‬

‫‪ -76‬ونينا نوحا ومن آمن معه من الغرق والطوفان ‪.‬‬


‫‪ -77‬وجعلنا ذرية نوح هم الباقي ف الرض بعد هلك قومه ‪.‬‬
‫‪ -78‬وتركنا ذكرا جيلً على نوح ف الخرين من المم إل يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -79‬تية سلم وأمن لنوح ف اللئكة والثقلي جيعا ‪.‬‬
‫‪ -80‬إنا مثل هذا الزاء نزى من أحسن ‪ ،‬فجاهد لعلء كلمتنا ‪ ،‬وتمل الذى ف‬
‫سبيلنا ‪.‬‬
‫‪ -81‬إنه من عبادنا الذين آمنوا بنا ‪ ،‬وَ َوفُوا بعهدنا ‪ ،‬وأدوا رسالتنا ‪.‬‬
‫‪ -82‬ث أغرقنا الخرين من كفار قومه ‪.‬‬
‫‪ -83‬وإن من على طريقته وسنته ف الدعوة إل التوحيد واليان بال لبراهيم ‪.‬‬
‫‪ -84‬إذ أقبل على ربه بقلب نقى من الشرك ‪ ،‬ملصا له العبادة ‪.‬‬
‫‪ -85‬إذ أنكر على أبيه وقومه ما هم عليه من عبادة الصنام بقوله ‪ :‬ما هذه الوثان‬
‫الت تعبدونا؟ ‪.‬‬

‫ب الْعَالَمِيَ (‪ )87‬فَنَ َظرَ نَ ْظ َرةً فِي‬


‫َأئِ ْفكًا َآِل َهةً دُو َن ال ّلهِ ُترِيدُونَ (‪ )86‬فَمَا َظّنكُ ْم ِبرَ ّ‬
‫غ ِإلَى َآِلهَتِ ِه ْم َفقَالَ‬
‫النّجُومِ (‪َ )88‬فقَالَ ِإنّي َسقِيمٌ (‪ )89‬فََت َولّوْا عَ ْن ُه ُمدِْبرِينَ (‪َ )90‬فرَا َ‬

‫‪274‬‬
‫ض ْربًا بِالْيَ ِميِ (‪َ )93‬فأَقْبَلُوا ِإلَ ْيهِ‬
‫َألَا َتأْكُلُونَ (‪ )91‬مَا َلكُ ْم لَا تَنْ ِطقُونَ (‪َ )92‬فرَاغَ عَلَ ْي ِهمْ َ‬
‫َيزِفّونَ (‪ )94‬قَالَ َأَتعْبُدُو َن مَا تَنْحِتُونَ (‪ )95‬وَاللّ ُه خَ َلقَ ُكمْ َومَا َتعْمَلُونَ (‪)96‬‬

‫‪ -86‬أترتكبون كذبا فاضحا با تصنعون ‪ ،‬إذ تعبدون غي ال ‪ ،‬وتريدون هذا الفك‬


‫بل مسوغ إل اختياركم له؟ ‪.‬‬
‫‪ -87‬ما ظنكم بن هو الدير والستحق بالعبادة لكونه خالقا للعالي ‪ ،‬إذا لقيتموه‬
‫وقد أشركتم معه ف العبادة غيه؟ ‪.‬‬
‫‪ -88‬فنظر نظرة ف النجوم ‪ ،‬ليستدل با على خالق الكون ‪ ،‬فوجدها متغية متحولة‬
‫‪.‬‬
‫‪ -89‬أخاف على نفسى الضلل وسقم العتقاد ‪.‬‬
‫‪ -90‬فانصرف عنه قومه معرضي عن قوله ‪.‬‬
‫‪ -91‬فمال إل أصنامهم مسرعا متخفيا ‪ ،‬وعرض عليها من الطعام الذى وضعوه‬
‫أمامها ‪ .‬ليصيبوا من بركتها ف زعمهم ‪ ،‬فقال ف سخرية واستهزاء ‪ :‬أل تأكلون ‪ .‬؟ ‪.‬‬
‫‪ -92‬ما لكم عجزت عن الكلم بالياب أو السلب؟ ‪.‬‬
‫‪ -93‬فمال عليهم ضربا باليد اليمن ‪ -‬لنا أقوى الباطشتي ‪ -‬فحطمها ‪.‬‬
‫‪ -94‬فأسرعوا إل إبراهيم ‪ -‬وبعد أن تبيّن لم أن ما حدث للتهم من التكسي كان‬
‫بفعله ‪ -‬يعاقبونه على ارتكب ف شأن آلتهم ‪.‬‬
‫‪ -95‬قال إبراهيم موبا لم ‪ :‬أتعبدون ما سويتم بأيديكم من أحجار؟ ‪ .‬فأين ذهبت‬
‫عقولكم؟ ‪.‬‬
‫‪ -96‬وال خلقكم ‪ ،‬وخلق ما تصنعون بأيديكم من الوثان ‪ ،‬فهو الستحق ‪ -‬وحده‬
‫‪ -‬للعبادة ‪.‬‬

‫جعَلْنَا ُهمُ اْلأَ ْسفَلِيَ (‪)98‬‬


‫قَالُوا ابْنُوا َلهُ بُنْيَانًا َفَألْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (‪َ )97‬فأَرَادُوا ِبهِ كَ ْيدًا فَ َ‬
‫ش ْرنَاهُ‬
‫ب لِي ِمنَ الصّالِحِيَ (‪ )100‬فََب ّ‬
‫ب هَ ْ‬
‫َوقَالَ ِإنّي ذَاهِبٌ إِلَى َربّي سََيهْدِينِ (‪َ )99‬ر ّ‬
‫ِبغُلَا ٍم حَلِيمٍ (‪)101‬‬

‫‪275‬‬
‫‪ -97‬قال عُبّاد الصنام لبعض ‪ -‬لا قرعتهم الُجّة ‪ ،‬ولأوا إل القوة ‪ ،‬فعزموا على‬
‫إحراقه ‪ : -‬ابنوا له بنيانا ‪ ،‬واملوه نارا متأججة ‪ ،‬وألقوه ف وسطها ‪.‬‬
‫‪ -98‬فأرادوا بذا أن يُنلوا به الذى ‪ ،‬فأناه ال من النار بعد أن أُلقى فيها ‪ ،‬وعل‬
‫شأنه با كان له من كرامة ‪ ،‬وجعلهم ال هم السفلي ‪.‬‬
‫‪ -99‬وقال إبراهيم ‪ -‬لا يئس من إيانم ‪ : -‬إن مهاجر إل الكان الذى أمرن رب‬
‫بالسي إليه ‪ ،‬سيهدين رب إل القر المي والبلد الطيب ‪.‬‬
‫‪ -100‬رب هب ل ذرية من الصالي ‪ ،‬تقوم على الدعوة إليك من بعدى ‪.‬‬
‫‪ -101‬فبشرته اللئكة بابن يتحلى بالعقل واللم ‪.‬‬

‫حكَ فَانْ ُظرْ مَاذَا َترَى قَالَ يَا‬


‫فَلَمّا بَلَ َغ َمعَ ُه السّ ْعيَ قَالَ يَا بَُنيّ ِإنّي أَرَى فِي الْمَنَا ِم َأنّي َأ ْذبَ ُ‬
‫ج ُدنِي إِ ْن شَا َء ال ّلهُ ِمنَ الصّاِبرِينَ (‪ )102‬فَلَمّا َأسْلَمَا َوتَ ّلهُ لِلْجَبِيِ‬
‫َأبَتِ ا ْف َعلْ مَا تُ ْؤ َمرُ سَتَ ِ‬
‫حسِنِيَ‬
‫جزِي الْمُ ْ‬
‫ك نَ ْ‬
‫ت ال ّر ْؤيَا ِإنّا َك َذلِ َ‬
‫ص ّدقْ َ‬
‫(‪ )103‬وَنَا َديْنَا ُه أَ ْن يَا ِإْبرَاهِيمُ (‪َ )104‬قدْ َ‬
‫(‪ )105‬إِ ّن هَذَا َلهُ َو الْبَلَا ُء الْمُِبيُ (‪َ )106‬وفَ َديْنَاهُ ِب ِذبْحٍ عَظِيمٍ (‪ )107‬وََترَكْنَا عَلَ ْي ِه فِي‬
‫حسِِنيَ (‪ِ )110‬إنّ ُه ِمنْ‬
‫جزِي الْمُ ْ‬
‫الْ َآخِرِينَ (‪ )108‬سَلَامٌ عَلَى ِإْبرَاهِيمَ (‪َ )109‬ك َذِلكَ نَ ْ‬
‫عِبَا ِدنَا الْ ُمؤْمِنِيَ (‪)111‬‬

‫‪َ -102‬و ُولِ َد إساعيل وشَبّ ‪ ،‬فلما بلغ معه مبلغ السعى ف مطالب الياة اختُب‬
‫إبراهيم فيه برؤية رآها ‪ .‬قال إبراهيم ‪ :‬يا بن إن أرى ف النام وحيا من ال يطلب من‬
‫ذبك ‪ ،‬فانظر ماذا ترى؟ قال البن الصال ‪ :‬يا أبت أنز أمر ربك ‪ ،‬ستجدن من‬
‫الصابرين إن شاء ال ‪.‬‬
‫‪ -103‬فلما استسلم الوالد والولود لقضاء ال ‪ ،‬ودفعه إبراهيم على الرمل التجمع ‪،‬‬
‫وأسقطه على شقه ‪ ،‬فوقع جبينه على الرض ‪ ،‬وتيأ لذبه ‪.‬‬
‫صدْق إبراهيم وابنه ف الختبار ‪ ،‬وناداه ال ‪ -‬نداء الليل‬
‫‪ -105 ، 104‬وعلم ال ِ‬
‫‪ : -‬يا إبراهيم ‪ ،‬قد استجبت مطمئنا لوحى الرؤيا ‪ ،‬ول تتردد ف المتثال ‪ ،‬فحسبك‬
‫هذا ‪ ،‬إنا نفف عنك اختبارنا جزاء إحسانك ‪ ،‬كما نزى الحسني على إحسانم ‪.‬‬
‫‪ -106‬إن هذا البتلء الذى ابتلينا به إبراهيم وابنه لو البتلء الذى أبان جوهر‬

‫‪276‬‬
‫إيانما ويقينهما ف رب العالي ‪.‬‬
‫‪ -107‬وفديناه بذبوح عظيم القدر لكونه بأمر ال تعال ‪.‬‬
‫‪ -108‬وتركنا له الثناء على ألسنة مَ ْن جاء بعده ‪.‬‬
‫‪ -109‬تية أمن وسلم على إبراهيم ‪.‬‬
‫‪ -110‬مثل ذلك الزاء الدافع للبلء نزى الحسني ف امتثال أوامر ال ‪.‬‬
‫‪ -111‬إن إبراهيم من عبادنا الذعني للحق ‪.‬‬

‫ق َومِ ْن ذُ ّريِّتهِمَا‬
‫ق نَبِيّا ِمنَ الصّالِحِيَ (‪َ )112‬وبَارَكْنَا عَلَ ْيهِ وَعَلَى ِإسْحَا َ‬
‫ش ْرنَا ُه ِبإِسْحَا َ‬
‫وََب ّ‬
‫سهِ مُبِيٌ (‪ )113‬وََل َقدْ مَنَنّا عَلَى مُوسَى َوهَارُونَ (‪َ )114‬ونَجّيْنَاهُمَا‬
‫سنٌ وَظَاِلمٌ لِنَ ْف ِ‬
‫حِ‬‫مُ ْ‬
‫ص ْرنَا ُهمْ َفكَانُوا ُه ُم الْغَالِبِيَ (‪ )116‬وَ َآتَيْنَاهُمَا‬
‫ب الْعَظِيمِ (‪ )115‬وَنَ َ‬
‫َوقَ ْو َمهُمَا ِمنَ اْل َكرْ ِ‬
‫ط الْ ُمسَْتقِيمَ (‪ )118‬وََترَكْنَا عَلَ ْيهِمَا فِي‬
‫صرَا َ‬
‫ب الْ ُمسْتَبِيَ (‪َ )117‬و َهدَيْنَاهُمَا ال ّ‬
‫الْكِتَا َ‬
‫حسِِنيَ (‬
‫جزِي الْمُ ْ‬
‫الْ َآخِرِينَ (‪ )119‬سَلَامٌ عَلَى مُوسَى َوهَارُونَ (‪ِ )120‬إنّا َك َذِلكَ نَ ْ‬
‫‪ِ )121‬إنّهُمَا ِمنْ عِبَادِنَا الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪)122‬‬

‫‪ -112‬وبشرته اللئكة ‪ -‬بأمرنا ‪ -‬بأنه سيزق ابنه إسحاق على يأس وعقم من‬
‫امرأته ‪ ،‬وأنه سيكون نبيا من الصالي ‪.‬‬
‫‪ -113‬ومنحناه وابنه البكة والي ف الدنيا والخرة ‪ ،‬ومن ذريتهما مسن لنفسه‬
‫باليان والطاعة ‪ ،‬وظال لا بيّن الضلل بكفره ومعصيته ‪.‬‬
‫‪ -114‬ولقد أنعمنا على موسى وهارون بالنبوة والنعم السام ‪.‬‬
‫‪ -115‬ونيناها وقومهما من الكرب الشديد الذى كان ينله بم فرعون وقومه ‪.‬‬
‫‪ -116‬ونصرناهم على أعدائهم ‪ ،‬فكانوا هم الغالبي ‪.‬‬
‫‪ -117‬وآتينا موسى وهارون الكتاب الواضح البي لحكام الدين ‪ ،‬وهى التوراة ‪.‬‬
‫‪ -118‬وأرشدناها إل الطريق العتدل ‪.‬‬
‫‪ -119‬وأبقينا ثنا ًء حسنا عليهما ف الخرين الذين جاءوا من بعدهم ‪.‬‬
‫‪ -120‬تية أمن وسلم على موسى وهارون ‪.‬‬

‫‪277‬‬
‫‪ -121‬إن مثل الزاء الذى جازينا به موسى وهارون نزى كل الحسني ‪.‬‬
‫‪ -122‬إنما من عبادنا الذعني للحق ‪.‬‬

‫وَإِ ّن ِإلْيَاسَ لَ ِم َن الْ ُم ْرسَلِيَ (‪ِ )123‬إذْ قَالَ ِل َقوْ ِمهِ أَلَا تَّتقُونَ (‪َ )124‬أتَدْعُو َن َبعْلًا‬
‫سنَ الْخَاِلقِيَ (‪ )125‬اللّهَ َرّبكُ ْم وَ َربّ َآبَاِئكُ ُم الَْأ ّولِيَ (‪ )126‬فَ َك ّذبُوهُ‬
‫وََتذَرُو َن أَ ْح َ‬
‫خلَصِيَ (‪َ )128‬وَترَكْنَا عَلَ ْيهِ فِي الْ َآ ِخرِينَ (‬
‫ضرُونَ (‪ِ )127‬إلّا عِبَادَ ال ّلهِ الْمُ ْ‬
‫َفإِّن ُهمْ لَ ُمحْ َ‬
‫حسِِنيَ (‪ِ )131‬إنّ ُه ِمنْ‬
‫جزِي الْمُ ْ‬
‫‪ )129‬سَلَامٌ عَلَى ِإ ْل يَاسِيَ (‪ِ )130‬إنّا َك َذِلكَ نَ ْ‬
‫عِبَا ِدنَا الْ ُمؤْمِنِيَ (‪)132‬‬

‫‪ -123‬وإن إلياس لَم َن الذين أرسلناهم لداية أقوامهم ‪.‬‬


‫‪ -124‬إذ قال إلياس لقومه ‪ -‬وكانوا يعبدون صنما لم ‪ : -‬أتستمرون على غيّكم ‪،‬‬
‫فل تافون ال باتقاء عذابه؟ ‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬وتتركون عبادة ال الذى خلق العال فأحسن‬
‫‪ -125‬أتعبدون الصنم السمى َبعْ ً‬
‫خلقه؟ ‪.‬‬
‫‪ -126‬ال خلقكم وحفظكم أنتم وآباءكم الولي ‪ ،‬فهو القيق بالعبادة ‪.‬‬
‫‪ -127‬فكذّبوه ‪ ،‬فجزاؤهم أن يُحضروا إل النار يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -128‬إل عباد ال الذين كمل إخلصهم ف إيانم ‪ ،‬فهؤلء هم الفائزون ‪.‬‬
‫‪ -129‬وجعلنا له ذكرا حسنا على ألسنة من جاءوا من بعده ‪.‬‬
‫‪ -130‬سلم على إل ياسي ‪ ،‬أو عليه وعلى آله بتغليبه عليهم ‪.‬‬
‫‪ -131‬إن مثل الزاء الذى جازينا به آل ياسي نزى كل مسن على إحسانه ‪.‬‬
‫‪ -132‬إن إلياس من عبادنا الؤمني ‪.‬‬

‫وَإِ ّن لُوطًا لَ ِمنَ الْ ُم ْرسَلِيَ (‪ِ )133‬إذْ نَجّيْنَا ُه َوأَهْ َل ُه أَجْ َمعِيَ (‪ِ )134‬إلّا عَجُوزًا فِي‬
‫الْغَابِرِينَ (‪ُ )135‬ث ّم َدمّ ْرنَا اْلآَ َخرِينَ (‪ )136‬وَِإّنكُ ْم لَتَ ُمرّونَ عَلَ ْي ِهمْ مُصْبِحِيَ (‪)137‬‬
‫س لَ ِم َن الْ ُمرْسَلِيَ (‪ِ )139‬إ ْذ َأبَ َق ِإلَى الْفُ ْلكِ‬
‫وَبِاللّ ْيلِ َأفَلَا تَ ْعقِلُونَ (‪َ )138‬وإِ ّن يُونُ َ‬

‫‪278‬‬
‫الْ َمشْحُونِ (‪َ )140‬فسَاهَ َم َفكَا َن ِمنَ الْ ُم ْدحَضِيَ (‪ )141‬فَالَْتقَ َمهُ الْحُوتُ وَ ُهوَ مُلِيمٌ (‬
‫‪)142‬‬

‫‪ -133‬وإن لوطا لن الرسلي الذين أرسلناهم لتبليغ رسالتنا إل الناس ‪.‬‬


‫‪ -134‬لقد نيناه وأهله جيعا ‪ ،‬ما حل بقومه من العذاب ‪.‬‬
‫‪ -135‬إل امرأته العجوز ‪ ،‬فقد هلكت مع الالكي ‪.‬‬
‫‪ -136‬ث أهلكنا من سِوى لوط ومن آمن به ‪.‬‬
‫‪ -138 ، 137‬وإنكم يا أهل مكة لتمرون على ديار قوم لوط ف سفركم إل الشام‬
‫صباحا ومساء ‪ ،‬أفقدت عقولكم فل تعقلون ما حل بم جزاء تكذيبهم؟ ‪.‬‬
‫‪ -139‬وإن يونس لن الذين أرسلناهم لتبليغ رسالتنا إل الناس ‪.‬‬
‫‪ -141 ، 140‬إذ هجر قومه من غي أمر ربه ‪ ،‬وذهب إل سفينة ملوءة فركب‬
‫فيها ‪ ،‬فتعرضت السفينة للغرق فاقترعوا لخراج أحد ركابا عن حولتها ‪ ،‬فخرجت‬
‫القرعة على يونس ‪ ،‬فكان من الغلوبي بالقرعة ‪ ،‬فأُْل ِقىَ ف البحر على حسب ُعرْفهم‬
‫ف ذلك الي ‪.‬‬
‫‪ -142‬فابتلعه حوت وهو مستحق للملمة ‪ ،‬جزاء هروبه من الدعوة إل الق وعدم‬
‫الصب على الخالفي ‪.‬‬

‫ث فِي بَطِْن ِه ِإلَى َيوْمِ يُبْعَثُونَ (‪ )144‬فَنََبذْنَاهُ‬


‫حيَ (‪ )143‬لَلَبِ َ‬
‫فَ َلوْلَا أَّنهُ كَا َن ِمنَ الْ ُمسَبّ ِ‬
‫ج َرةً مِ ْن َيقْطِيٍ (‪َ )146‬وأَ ْرسَلْنَا ُه ِإلَى مَِئةِ‬
‫بِاْل َعرَا ِء َو ُهوَ َسقِيمٌ (‪ )145‬وََأنْبَتْنَا عَلَ ْي ِه شَ َ‬
‫َألْفٍ َأوْ َيزِيدُونَ (‪َ )147‬ف َآمَنُوا فَمَّتعْنَا ُه ْم إِلَى حِيٍ (‪)148‬‬

‫‪ -144 ، 143‬فلول أن يونس كان من النّهي ل ‪ ،‬الواظبي على ذكره ‪ ،‬لات ف‬


‫بطن الوت ‪ ،‬وما خرج منه إل يوم البعث ‪.‬‬
‫‪ -145‬فطرحناه ف الفضاء الواسع من الرض ‪ ،‬ل يواريه شئ من شجر أو بناء ‪،‬‬
‫وهو عليل ما كان فيه ‪.‬‬
‫‪ -146‬وأنبتنا عليه شجرة ل تقوم على ساق فغطته ووقته غوائل الو ‪.‬‬

‫‪279‬‬
‫‪ -147‬حت إذا صح ما أصابه ‪ ،‬أرسلناه إل عدد كبي يقول من رآه ‪ :‬إنم مائة ألف‬
‫أو يزيدون ‪.‬‬
‫‪ -148‬فاستجابوا لدعوته ‪ ،‬فبسطنا عليهم نعمتنا إل وقت معلوم ‪.‬‬

‫ت َوَلهُ ُم الْبَنُونَ (‪ )149‬أَ ْم خَ َلقْنَا الْمَلَاِئكَ َة ِإنَاثًا َو ُهمْ شَا ِهدُونَ (‬


‫فَاسَْتفِْتهِ ْم َأِلرَّبكَ الْبَنَا ُ‬
‫‪َ )150‬ألَا ِإنّ ُه ْم ِمنْ ِإ ْفكِ ِهمْ لَيَقُولُونَ (‪ )151‬وََل َد اللّ ُه َوإِّن ُهمْ َلكَا ِذبُونَ (‪ )152‬أَصْ َطفَى‬
‫حكُمُونَ (‪َ )154‬أفَلَا َتذَ ّكرُونَ (‪ )155‬أَمْ‬
‫ف تَ ْ‬
‫الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِيَ (‪ )153‬مَا لَ ُكمْ كَيْ َ‬
‫لَ ُك ْم سُلْطَانٌ مُِبيٌ (‪َ )156‬ف ْأتُوا بِكِتَابِ ُكمْ إِنْ كُنُْتمْ صَادِقِيَ (‪)157‬‬

‫‪ -149‬فاستفت قومك ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬ألالقك البنات دونم ‪ ،‬ولم البنون دونه؟ ‪.‬‬
‫‪ -150‬بل أخلقنا اللئكة إناثا وهم معاينون خلقهم ‪ ،‬فتعلقوا با شاهدوه؟ ‪.‬‬
‫‪ -152 ، 151‬تنبه ‪ -‬أيها السامع ‪ -‬لديثهم ‪ ،‬إنم من كذبم ليقولون ‪ :‬ولد ال ‪،‬‬
‫وهو الَُن ّزهُ عن الوالدية والولدية ‪ ،‬وإنم لكاذبون فىهذا القول بشهادة الدلة على‬
‫وحدانيته ‪.‬‬
‫‪ -153‬أختار لنفسه البنات الكروهة ف زعمكم على البني الحبوبي منكم ‪ ،‬وهو‬
‫الالق للبنات والبني؟ ‪.‬‬
‫‪ -154‬ماذا أصابكم حي حكمتم بل دليل؟ ‪ ،‬كيف تكمون بذلك مع وضوح‬
‫بطلنه؟ ‪.‬‬
‫‪ -155‬أنسيتم دلئل القدرة والتنيه فل تتذكرون حت وقعتم ف الضلل؟ ‪.‬‬
‫‪ -156‬بل ألكم قوة دليل بَيّن تستدلون به على ما تدعون؟ ‪.‬‬
‫‪ -157‬فأتوا بجتكم ‪ -‬إن كان لكم حجة ف كتاب ساوى ‪ -‬إن كنتم صادقي فيما‬
‫تقولون وتكمون ‪.‬‬

‫ضرُونَ (‪ )158‬سُبْحَانَ ال ّلهِ‬


‫ت الْجِّن ُة ِإنّ ُه ْم لَمُحْ َ‬
‫وَ َجعَلُوا بَيَْنهُ َوبَ ْينَ الْجِّن ِة َنسَبًا وََل َقدْ عَلِمَ ِ‬
‫خلَصِيَ (‪َ )160‬فِإنّ ُكمْ وَمَا تَعُْبدُونَ (‪ )161‬مَا‬
‫صفُونَ (‪ِ )159‬إلّا عِبَادَ ال ّلهِ الْمُ ْ‬
‫عَمّا يَ ِ‬

‫‪280‬‬
‫َأنْتُمْ عَلَ ْي ِه ِبفَاتِنِيَ (‪ِ )162‬إلّا َمنْ ُهوَ صَالِ الْجَحِيمِ (‪َ )163‬ومَا مِنّا ِإلّا َلهُ َمقَا ٌم َمعْلُومٌ (‬
‫حنُ الصّافّونَ (‪)165‬‬
‫‪ )164‬وَِإنّا لََن ْ‬

‫‪ -158‬تادوا ف اعتقادهم ‪ ،‬وجعلوا بي ال وبي الِنة الستورين عنهم قرابة ‪ ،‬ولقد‬


‫علمت الِنّة إن الكفار لحضرون إل ال ‪ ،‬لينالوا جزاءهم الحتوم ‪.‬‬
‫‪ -159‬تنيها ل ‪ -‬تعال ‪ -‬عما يذكره الفترون من صفات العجز والنقص ‪.‬‬
‫‪ -160‬لكن عباد ال الخلصي برآء ما يصفه الكافرون ‪.‬‬
‫‪ -163 ، 162 ، 161‬فإنكم ‪ -‬أيها الكفار ‪ -‬وما تعبدون من دون ال ‪ ،‬ما أنتم‬
‫على ما تعبدون من دونه بضلي أحدا بإغوائكم ‪ ،‬إل من سبق ف علمه ‪ -‬تعال ‪ -‬أنه‬
‫من أهل الحيم وسيصلى نارها ‪.‬‬
‫‪ -164‬وقالت اللئكة ‪ -‬متحيزين لوقف العبودية ‪ : -‬ما أحد منا إل له مقام ف‬
‫العرفة والعبادة معلوم ل يتعداه ‪.‬‬
‫‪ -165‬وإنا لنحن الصافون أنفسنا ف مواقف العبودية دائما ‪.‬‬

‫حنُ الْ ُمسَبّحُونَ (‪َ )166‬وإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (‪ )167‬لَ ْو أَنّ عِ ْن َدنَا ذِ ْكرًا ِمنَ‬
‫وَِإنّا لََن ْ‬
‫ف َيعْلَمُونَ (‪)170‬‬
‫الَْأوّلِيَ (‪َ )168‬لكُنّا عِبَادَ ال ّلهِ الْمُخْ َلصِيَ (‪َ )169‬ف َكفَرُوا ِب ِه َفسَوْ َ‬
‫وََل َقدْ سََبقَتْ كَ ِلمَتُنَا ِلعِبَادِنَا الْ ُمرْسَلِيَ (‪ِ )171‬إّنهُ ْم َل ُهمُ الْمَنْصُورُونَ (‪ )172‬وَإِنّ‬
‫صرُونَ‬
‫ف يُبْ ِ‬
‫ص ْرهُ ْم َفسَوْ َ‬
‫جُنْ َدنَا َل ُهمُ اْلغَالِبُونَ (‪ )173‬فََتوَلّ عَ ْن ُه ْم حَتّى حِيٍ (‪ )174‬وََأبْ ِ‬
‫صبَاحُ الْمُ ْنذَرِينَ (‬
‫(‪َ )175‬أفَبِ َعذَابِنَا َيسْتَعْجِلُونَ (‪َ )176‬فِإذَا َن َزلَ ِبسَاحَِت ِهمْ َفسَاءَ َ‬
‫‪ )177‬وََت َولّ َع ْنهُ ْم حَتّى حِيٍ (‪)178‬‬

‫‪ -166‬وإنا لنحن النهون ل ‪ -‬تعال ‪ -‬عما ل يليق به ف كل حال ‪.‬‬


‫‪ -169 ، 168 ، 167‬وإن كان كفار مكة قبل بعثة الرسول ليقولون ‪ :‬لو أن عندنا‬
‫كتابا من جنس كتب الولي ‪ -‬كالتوراة والنيل ‪ -‬لكنّا عباد ال الخلصي له‬
‫العبادة ‪.‬‬
‫‪ -170‬وجاءهم الكتاب فكفروا به ‪ ،‬فسوف يعلمون عاقبة كفرهم ‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫‪ -172 ، 171‬أقسم ‪ :‬لقد سبق قضاؤنا لعبادنا الرسلي أن النصر والعاقبة لم على‬
‫الكافرين ‪.‬‬
‫‪ -173‬وإن أتباعنا وأنصارنا لم الغلبة ‪ -‬وحدهم ‪ -‬على الخالفي ‪.‬‬
‫‪ -174‬فأعرض عنهم وانتظر إل وقت مؤجل ‪ ،‬فإننا سنعجل لك العاقبة والنصر‬
‫والظفر ‪.‬‬
‫‪ -175‬وأنظرهم وارتقب ماذا يل بم من العذاب والنكال بخالفتك وتكذيبك ‪،‬‬
‫فسوف يعاينون الزية بصفوفهم ‪ ،‬ويرون نصر ال للمؤمني ‪.‬‬
‫‪ -176‬أسلبوا عقولم فبعذابنا يستعجلون؟‬
‫‪ -177‬فإذا نزل العذاب بفنائهم الواسع فساء صباح النذرين بالعذاب ‪.‬‬
‫‪ -178‬وأعرض عنهم إل حي ينتهى إليه أمرهم ‪.‬‬

‫صفُونَ (‪ )180‬وَسَلَامٌ‬
‫صرُونَ (‪ )179‬سُبْحَانَ َرّبكَ َربّ اْل ِعزّةِ َعمّا يَ ِ‬
‫ف يُبْ ِ‬
‫صرْ َفسَوْ َ‬
‫وََأبْ ِ‬
‫ب الْعَالَمِيَ (‪)182‬‬
‫عَلَى الْ ُمرْسَلِيَ (‪ )181‬وَالْحَ ْم ُد لِ ّلهِ َر ّ‬

‫‪ -179‬وأبصر ما يستقبلهم ويستقبلك ‪ ،‬فسوف يرون ما به يستعجلون ‪.‬‬


‫‪ -180‬تنيها ل خالقك وخالق القوة والغلبة عما ينعتونه به من الفتريات ‪.‬‬
‫‪ -181‬وسلم على الصفياء الرسلي ‪.‬‬
‫‪ -182‬والثناء ل ‪ -‬وحده ‪ -‬خالق العالي ‪ ،‬والقائم على اللق أجعي ‪.‬‬

‫ص وَاْلقُرْآَ ِن ذِي الذّ ْكرِ (‪َ )1‬ب ِل الّذِينَ َك َفرُوا فِي ِع ّزةٍ وَ ِشقَاقٍ (‪)2‬‬

‫‪ -1‬ص ‪ :‬حرف بدئت به السورة على طريقة القرآن ف بدء بعض السور بالروف‬
‫القطعة ‪ ،‬أقسم بالقرآن ذى الشرف والشأن العظيم إنه لق ل ريب فيه ‪.‬‬
‫‪ -2‬بل الذين كفروا ف استكبار عن اتباع الق ومعاندة لهله ‪.‬‬

‫ي مَنَاصٍ (‪ )3‬وَعَجِبُوا أَ ْن جَا َء ُهمْ مُ ْنذِرٌ‬


‫َك ْم أَهْ َلكْنَا ِم ْن قَبْ ِل ِهمْ ِم ْن َقرْنٍ فَنَا َدوْا َولَاتَ حِ َ‬
‫شيْءٌ‬
‫مِ ْنهُ ْم َوقَالَ اْلكَا ِفرُونَ َهذَا سَاحِرٌ َكذّابٌ (‪ )4‬أَ َج َعلَ اْل َآلِ َهةَ إَِلهًا وَاحِدًا إِنّ َهذَا َل َ‬

‫‪282‬‬
‫عُجَابٌ (‪ )5‬وَانْطَ َل َق الْمَ َلأُ مِ ْن ُهمْ أَ ِن ا ْمشُوا وَاصِْبرُوا عَلَى َآِلهَِتكُ ْم إِ ّن هَذَا َلشَيْ ٌء ُيرَادُ (‬
‫‪ )6‬مَا سَ ِمعْنَا ِب َهذَا فِي الْمِ ّل ِة اْلآَ ِخ َرةِ إِ ْن َهذَا ِإلّا اخْتِلَاقٌ (‪ )7‬أَ ُؤْنزِلَ عَلَ ْي ِه الذّ ْكرُ ِم ْن بَيْنِنَا‬
‫ك ِمنْ ذِ ْكرِي َب ْل لَمّا َيذُوقُوا َعذَابِ (‪ )8‬أَمْ عِ ْن َدهُ ْم َخزَاِئنُ َرحْ َمةِ َرّبكَ‬
‫َبلْ ُهمْ فِي شَ ّ‬
‫ض َومَا بَيَْنهُمَا فَلَْي ْرَتقُوا فِي الَْأسْبَابِ (‬
‫الْ َعزِي ِز الْ َوهّابِ (‪ )9‬أَ ْم َلهُ ْم مُ ْلكُ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬
‫ك َم ْهزُو ٌم ِم َن الَْأ ْحزَابِ (‪)11‬‬
‫‪ )10‬جُنْ ٌد مَا هُنَالِ َ‬

‫‪ -3‬كثيا ما أهلكنا قبلهم من أمة مكذبة ‪ ،‬فاستغاثوا حي جاءهم العذاب ‪ ،‬وليس‬


‫الوقت وقت خلص منه ‪.‬‬
‫‪ -4‬وعجب هؤلء أن جاءهم رسول بشر مثلهم ‪ ،‬وقال الاحدون لرسالته ‪ :‬هذا موه‬
‫شديد الكذب ‪.‬‬
‫‪ -5‬أجعل اللة التعددة إلا واحدا؟ إن هذا المر بالغ ناية العجب ‪.‬‬
‫‪ -6‬واندفع الكُباء منهم يوصى بعضهم بعضا ‪ :‬أن سيوا على طريقتكم ‪ ،‬واثبتوا‬
‫على عبادة آلتكم ‪ .‬إن هذا لمر جسيم يراد بنا ‪.‬‬
‫‪ -7‬ما سعنا بذا التوحيد ف دين آبائنا الذين أدركناهم ‪ .‬ما هذا إل كذب مصنوع ‪.‬‬
‫‪ -8‬أخص ممد من بيننا بشرف نزول القرآن عليه؟ ليس الق ف شئ ما زعموا بل‬
‫هم من القرآن ف حية وتبط ‪ .‬بل إنم ل يتحيوا ويتخبطوا إل لنم ل يذوقوا عذاب‬
‫بعد وإنم لذائقوه ‪.‬‬
‫‪ -9‬بل نسأل هؤلء الاسدين لك ‪ :‬أعندهم خزائن رحة ربك العزيز الوهاب ‪ ،‬حت‬
‫يتخيوا للنبوة من توى أنفسهم؟ ‪.‬‬
‫‪ -10‬بل نسألم ‪ :‬ألم مُلْك السموات والرض وما بينهما؟! إذن فليتدرجوا ف‬
‫الراقى إل النلة الت يتحكمون فيها با يشاءون ‪ ،‬إن استطاعوا ‪.‬‬
‫‪ -11‬جند حقي هنالك مهزوم ‪ -‬ل مالة ‪ -‬كما هزم أمثالم من التحزبي على‬
‫النبياء؟‬

‫ط َوأَصْحَابُ‬
‫َك ّذبَتْ قَبْ َلهُ ْم َقوْ ُم نُوحٍ وَعَا ٌد َوفِرْ َعوْ ُن ذُو اْلأَ ْوتَادِ (‪َ )12‬وثَمُودُ َو َقوْ ُم لُو ٍ‬
‫حقّ ِعقَابِ (‪ )14‬وَمَا يَنْ ُظرُ‬
‫الَْأيْ َك ِة أُولَِئكَ اْلأَ ْحزَابُ (‪ )13‬إِنْ ُك ّل إِلّا َك ّذبَ الرّ ُسلَ فَ َ‬

‫‪283‬‬
‫جلْ لَنَا قِطّنَا قَ ْبلَ َيوْمِ‬
‫حةً وَاحِ َد ًة مَا َلهَا ِم ْن َفوَاقٍ (‪َ )15‬وقَالُوا َربّنَا َع ّ‬
‫هَ ُؤلَا ِء ِإلّا صَ ْي َ‬
‫حسَابِ (‪ )16‬اصِْبرْ َعلَى مَا يَقُولُو َن وَاذْ ُكرْ عَ ْب َدنَا دَاوُو َد ذَا اْلَأيْ ِد ِإنّ ُه َأوّابٌ (‪ِ )17‬إنّا‬
‫الْ ِ‬
‫حشُو َرةً ُكلّ َل ُه َأوّابٌ (‬
‫ح َن بِاْل َعشِ ّي وَاْلإِ ْشرَاقِ (‪ )18‬وَالطّ ْي َر مَ ْ‬
‫خ ْرنَا الْجِبَا َل َمعَ ُه ُيسَبّ ْ‬
‫سَ ّ‬
‫ص ِم ِإذْ‬
‫ص َل الْخِطَابِ (‪ )20‬وَ َه ْل َأتَا َك نََبأُ الْخَ ْ‬
‫حكْ َمةَ َوفَ ْ‬
‫‪ )19‬وَ َش َددْنَا مُلْ َك ُه وَ َآتَيْنَاهُ الْ ِ‬
‫حرَابَ (‪)21‬‬
‫َتسَوّرُوا الْمِ ْ‬

‫‪ -13 ، 12‬كذبت قبل هؤلء قوم نوح وعاد وفرعون ذو البنية العظيمة الراسخة‬
‫كالبال ‪ ،‬وثود ‪ ،‬وقوم لوط ‪ ،‬وقوم شعيب ‪ -‬أصحاب الشجر الكثيف اللتف ‪-‬‬
‫أولئك الذين تزبوا على رسلهم كما تزب قومك ‪.‬‬
‫‪ -14‬ما أحد من كل هؤلء إل كذّب رسوله ‪ ،‬فحل بم عقاب ‪.‬‬
‫‪ -15‬وما ينتظر هؤلء التحزبون على الرسل إل صيحة واحدة ل تتاج إل تكرار ‪.‬‬
‫‪ -16‬وقال الكافرون مستهزئي ‪ :‬ربنا عجّل لنا نصيبنا من العذاب قبل يوم الزاء ‪.‬‬
‫‪ -17‬اصب ‪ -‬يا ممد ‪ -‬على ما يقوله فيك الشركون ‪ ،‬واذكر عبدنا داود ذا القوة‬
‫ف الدين والدنيا ‪ ،‬إنه كان رجّاعا إل ال ف جيع أحواله ‪.‬‬
‫‪ -18‬إنا ذللنا البال معه ‪ ،‬يستغل ما فيها من منافع ‪ ،‬و ُهنّ ينّهن ال ‪ -‬تعال ‪ -‬عن‬
‫كل نقص ف آخر النهار وأوله ‪.‬‬
‫‪ -19‬وذللنا له الطي مموعة من كل صنف وكل مكان ‪ ،‬ك ّل من البال والطي‬
‫رجّاعة لشيئة داود ‪ ،‬يصرفها كيف شاء للخي العام ‪.‬‬
‫‪ -20‬وقوّينا ملكه ‪ ،‬وآتيناه النبوة ‪ ،‬وتييز الق من الباطل ‪.‬‬
‫‪ -21‬وهل جاءك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬خب الصوم الذين جاءوا داود من سور الحراب‬
‫وهو مل العبادة ‪ ،‬ل من بابه؟! ‪.‬‬

‫ض فَا ْحكُمْ‬
‫ف خَصْمَا ِن َبغَى َبعْضُنَا عَلَى َبعْ ٍ‬
‫ع مِ ْن ُهمْ قَالُوا لَا تَخَ ْ‬
‫ِإذْ َدخَلُوا عَلَى دَاوُودَ َف َفزِ َ‬
‫سعُونَ‬
‫صرَاطِ (‪ )22‬إِ ّن َهذَا َأخِي َلهُ ِتسْ ٌع َوِت ْ‬
‫ط وَا ْه ِدنَا ِإلَى سَوَا ِء ال ّ‬
‫ح ّق وَلَا ُتشْطِ ْ‬
‫بَيْنَنَا بِالْ َ‬
‫جةٌ وَاحِ َد ٌة َفقَا َل أَ ْكفِلْنِيهَا وَ َع ّزنِي فِي الْخِطَابِ (‪ )23‬قَا َل َلقَدْ ظَ َل َمكَ‬
‫جةً َولِ َي َنعْ َ‬
‫َنعْ َ‬
‫ضهُمْ عَلَى َبعْضٍ إِلّا اّلذِينَ‬
‫ِبسُؤَا ِل َنعْجَِتكَ ِإلَى ِنعَا ِج ِه وَإِنّ كَِثيًا ِم َن الْخُلَطَا ِء لَيَ ْبغِي َبعْ ُ‬

‫‪284‬‬
‫َآمَنُوا وَعَ ِملُوا الصّالِحَاتِ َوقَلِي ٌل مَا ُهمْ وَ َظ ّن دَاوُو ُد أَنّمَا فَتَنّا ُه فَاسَْتغْ َفرَ َرّبهُ َو َخرّ رَا ِكعًا‬
‫وََأنَابَ (‪َ )24‬فغَ َف ْرنَا َلهُ َذِلكَ َوإِ ّن َلهُ عِ ْن َدنَا َلزُْلفَى َو ُحسْ َن َمآَبٍ (‪ )25‬يَا دَاوُودُ إِنّا‬
‫ح ّق َولَا تَتّبِ ِع اْل َهوَى فَيُضِ ّلكَ َع ْن سَبِيلِ‬
‫س بِالْ َ‬
‫ض فَا ْح ُكمْ بَ ْي َن النّا ِ‬
‫جَعَلْنَا َك خَلِي َفةً فِي اْلأَرْ ِ‬
‫حسَابِ (‪)26‬‬
‫اللّ ِه إِ ّن الّذِينَ يَضِلّونَ َع ْن سَبِيلِ ال ّل ِه َلهُمْ َعذَابٌ َشدِي ٌد بِمَا َنسُوا َيوْ َم الْ ِ‬

‫‪ -22‬إذ دخلوا على داود فخاف منهم واضطرب ‪ .‬قالوا ‪ :‬ل تف نن متخاصمان ‪،‬‬
‫ظلم بعضنا بعضا ‪ ،‬فاحكم بيننا بالعدل ول تتجاوزه ‪ ،‬وأرشدنا إل الطريقة الثلى ‪.‬‬
‫‪ -23‬قال أحد الصمي ‪ :‬إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ‪ ،‬ول نعجة واحدة‬
‫فقال ‪ :‬اجعلن كافلها كما أكفل ما تت يدى ‪ ،‬وغلبن ف الخاطبة ‪.‬‬
‫‪ -24‬قال داود ‪ -‬قبل أن يسمع كلم الصم الخر ‪ : -‬لقد ظلمك بطلب ضم‬
‫نعجتك إل نعاجه ‪ ،‬وإن كثيا من التخالطي ليجور بعضهم على بعض ‪ ،‬إل من استقر‬
‫اليان ف قلوبم ‪ ،‬وكان عمل الصالات من دأبم ‪ ،‬وهم قلة نادرة ‪ ،‬وعرف داود أن‬
‫المر ما هو إل امتحان منا له فطلب من ال الغفرة ‪ ،‬وانن راكعا ل ‪ ،‬ورجع إليه‬
‫خاشعا ‪.‬‬
‫‪ -25‬فغفرنا له تعجّله ف الكم ‪ ،‬وإن له عندنا لقرب وحسن مرجع ‪.‬‬
‫‪ -26‬وأوحى ال إليه ‪ :‬يا داود إنا صيّرناك خليفة عنا ف الرض ‪ ،‬فاحكم بي الناس‬
‫با شرعت لك ‪ ،‬ول َتسِر ف الكم وراء الوى ‪ ،‬فيحيد بك عن سبيل ال ‪ ،‬إن الذين‬
‫ييدون عن سبيل ال باتباع أهوائهم لم عذاب شديد بغفلتهم عن يوم الزاء ‪.‬‬

‫وَمَا خَلَقْنَا السّمَا َء وَاْلأَرْضَ وَمَا بَيَْنهُمَا بَاطِلًا َذلِكَ َظ ّن اّلذِينَ َك َفرُوا َف َوْيلٌ لِ ّلذِينَ َك َفرُوا‬
‫ض أَمْ‬
‫سدِينَ فِي الْأَرْ ِ‬
‫ج َع ُل الّذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ كَالْ ُم ْف ِ‬
‫ِمنَ النّارِ (‪ )27‬أَ ْم نَ ْ‬
‫ب َأنْ َزلْنَاهُ ِإلَ ْيكَ مُبَارَ ٌك لَِي ّدبّرُوا َآيَاِتهِ َولِيََتذَ ّكرَ أُولُو‬
‫ج َعلُ الْمُّتقِيَ كَاْلفُجّارِ (‪ )28‬كِتَا ٌ‬
‫نَ ْ‬
‫الَْألْبَابِ (‪ )29‬وَ َوهَبْنَا ِلدَاوُودَ سُلَيْمَا َن ِن ْعمَ اْلعَ ْبدُ ِإّنهُ َأوّابٌ (‪ِ )30‬إذْ ُعرِضَ عَلَ ْيهِ‬
‫ب الْخَ ْيرِ َع ْن ذِ ْكرِ َربّي حَتّى‬
‫ت حُ ّ‬
‫ت الْجِيَادُ (‪َ )31‬فقَالَ ِإنّي َأحْبَبْ ُ‬
‫بِاْل َعشِ ّي الصّافِنَا ُ‬
‫تَوَا َرتْ بِالْحِجَابِ (‪ُ )32‬ردّوهَا عَ َل ّي فَ َطفِ َق َمسْحًا بِالسّوقِ وَاْلأَعْنَاقِ (‪)33‬‬

‫‪285‬‬
‫‪ -27‬وما خلقنا السموات والرض وما بينهما عبثا ‪ ،‬ذلك ما يظنه الكافرون ‪،‬‬
‫فأجروا الحكام على أهوائهم ‪ ،‬فعذاب شديد للذين كفروا من النار ‪.‬‬
‫‪ -28‬أيليق بكمتنا وعدلنا أن نسوّى بي الؤمني الصالي وبي الفسدين ف الرض؟‬
‫‪ ،‬أم يليق أن نسوّى بي من خاف عذابنا واتقى عقابنا وبي التمردين على أحكامنا؟ ‪.‬‬
‫‪ -29‬هذا الَُنزّل عليك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬كتاب أنزلناه كثي النفع ‪ ،‬ليتعمقوا ف فهم‬
‫آياته ‪ ،‬وليتعظ به أصحاب العقول الصحيحة والبصائرة النّيّرة ‪.‬‬
‫‪ -30‬ووهبنا لداود سليمان الستحق للثناء ‪ ،‬الليق أن يُقال فيه ‪ :‬نعم العبد ‪ ،‬لنه‬
‫رجّاع إل ال ف كل أحواله ‪.‬‬
‫‪ -31‬واذكر من أخبار سليمان أنه عرض عليه بعد الظهر اليل الصيلة الت تسكن‬
‫حي وقوفها وتسرع حي سيها ‪.‬‬
‫‪ -32‬فقال سليمان ‪ :‬إن أشربت حب اليل ‪ -‬لنا عدة الي وهو الهاد ف سبيل‬
‫ال ‪ -‬حبا ناشئا عن ذكر رب ‪ ،‬وما زال مشغول بعرضها حت غابت الشمس عن‬
‫ناظريه ‪.‬‬
‫‪ -33‬أمر بردها عليه ليتعرف أحوالا ‪ ،‬فأخذ يسح سوقها وأعناقها ترفقا با وحبا لا‬
‫‪.‬‬

‫وََل َقدْ فَتَنّا سُلَيْمَا َن َوأَْلقَيْنَا عَلَى ُكرْسِّي ِه َجسَدًا ُث ّم َأنَابَ (‪ )34‬قَالَ َربّ ا ْغ ِفرْ لِي وَهَبْ‬
‫جرِي‬
‫ح تَ ْ‬
‫خ ْرنَا َل ُه الرّي َ‬
‫ت اْلوَهّابُ (‪َ )35‬فسَ ّ‬
‫لِي مُ ْلكًا لَا يَنَْبغِي ِلَأحَ ٍد ِمنْ بَ ْعدِي إِّنكَ َأنْ َ‬
‫ث أَصَابَ (‪ )36‬وَالشّيَاطِيَ ُك ّل بَنّا ٍء وَ َغوّاصٍ (‪ )37‬وَ َآخَرِينَ ُم َق ّرنِيَ‬
‫ِبأَ ْم ِرهِ ُرخَا ًء حَيْ ُ‬
‫سكْ ِبغَ ْي ِر ِحسَابٍ (‪َ )39‬وإِ ّن َلهُ ِع ْندَنَا‬
‫صفَادِ (‪َ )38‬هذَا عَطَا ُؤنَا فَامُْننْ َأ ْو َأمْ ِ‬
‫فِي اْلأَ ْ‬
‫س َن َمآَبٍ (‪ )40‬وَاذْ ُكرْ عَ ْبدَنَا َأيّوبَ ِإ ْذ نَادَى َرّبهُ َأنّي َمسِّنيَ الشّيْطَا ُن بِنُصْبٍ‬
‫َلزُْلفَى َوحُ ْ‬
‫وَ َعذَابٍ (‪)41‬‬

‫‪ -34‬ولقد امتحنا سليمان حت ل يغتر بأبّهة اللك ‪ ،‬فألقينا جسدا على كرسيه ل‬
‫يستطيع تدبي المور ‪ ،‬فتنبه إل هذا المتحان فرجع إل ال ‪ -‬تعال ‪ -‬وأناب ‪.‬‬
‫‪ -35‬دعا سليمان ربه ‪ -‬منيبا إليه ‪ : -‬رب اغفر ل ما بدر من ‪ ،‬وهب ل ملكا ل‬

‫‪286‬‬
‫يليق لحد من بعدى ‪ ،‬إنك أنت الوهّاب الكثي العطاء ‪.‬‬
‫‪ -36‬فذللنا له الريح ‪ ،‬ترى حسب مشيئته رخية هينة ‪ ،‬حيث قصد وأراد ‪.‬‬
‫‪ -37‬وذللنا له كل بنّاء وغواص ف أعماق البحار من الشياطي التمردين ‪.‬‬
‫‪ -38‬وآخرين من هؤلء الشياطي قرن بعضهم ببعض ف الغلل والسلسل ‪ ،‬ليكف‬
‫فسادهم عن الخرين ‪.‬‬
‫‪ -39‬وأوحى إليه أن هذا الذى أنعمنا به عليك عطاؤنا ‪ ،‬فأعط من شئت واحرم من‬
‫شئت ‪ ،‬فل حساب عليك ف العطاء أو النع ‪.‬‬
‫‪ -40‬إن لسليمان عندنا لقربة عظيمة وحُسْن مرجع ومآل ‪.‬‬
‫‪ -41‬واذكر ‪ -‬يا ممد ‪ -‬عبدنا أيوب إذ دعا ربه أن أصابن الشيطان بالتعب والل‬
‫‪.‬‬

‫سلٌ بَا ِر ٌد وَ َشرَابٌ (‪ )42‬وَ َوهَبْنَا َل ُه َأهْلَ ُه َومِثْ َلهُ ْم َمعَ ُهمْ َرحْ َمةً‬
‫ض ِبرِجْ ِلكَ َهذَا ُمغَْت َ‬
‫ارْكُ ْ‬
‫ث ِإنّا َوجَ ْدنَاهُ‬
‫ض ِربْ ِب ِه وَلَا تَحْنَ ْ‬
‫ضغْثًا فَا ْ‬
‫مِنّا َوذِ ْكرَى ِلأُولِي اْلَألْبَابِ (‪ )43‬وَ ُخذْ بِيَدِكَ ِ‬
‫ب أُولِي اْلأَْيدِي‬
‫ق َويَ ْعقُو َ‬
‫صَاِبرًا ِنعْ َم الْعَ ْب ُد ِإنّ ُه َأوّابٌ (‪ )44‬وَاذْ ُكرْ عِبَادَنَا ِإْبرَاهِي َم وَِإسْحَا َ‬
‫صةٍ ذِ ْكرَى الدّارِ (‪ )46‬وَِإّن ُهمْ ِع ْندَنَا لَ ِمنَ‬
‫وَاْلأَبْصَارِ (‪ِ )45‬إنّا أَخْلَصْنَا ُهمْ بِخَالِ َ‬
‫الْمُصْ َطفَ ْينَ اْلأَخْيَارِ (‪ )47‬وَاذْ ُك ْر إِسْمَاعِي َل وَالْيَسَ َع َوذَا اْل ِكفْ ِل وَ ُكلّ ِم َن الَْأخْيَارِ (‪)48‬‬

‫‪ -42‬فاستجبنا له وناديناه ‪ :‬أن اضرب برجليك الرض ‪ ،‬فثمة ماء بارد تغتسل منه‬
‫وتشرب ‪ ،‬فيزول ما بك من نصب وعذاب ‪.‬‬
‫‪ -43‬وجعنا شله بأهله الذين تفرقوا عنه أيام منته ‪ ،‬وزدنا عليهم مثلهم ‪ ،‬وفعلنا ذلك‬
‫رحة منا له ‪ ،‬وعظة لول العقول ‪ ،‬ليعرفوا أن عاقبة الصب الفرج ‪.‬‬
‫‪ -44‬كان أيوب قد حلف أن يضرب أحدا من أهله عددا من العصى ‪ ،‬فحلل ال له‬
‫يينه بأن يأخذ حزمة فيها العدد الذى حلف أن يضربه به ‪ ،‬فيضرب بالزمة من حلف‬
‫ضرْبه فيب بيمينه بأقل أل وقد مَن ال عليه بذه النعم ‪ ،‬لن ال وجده صابرا على‬
‫على َ‬
‫بلئه ‪ ،‬فاستحق بذلك الثناء ‪ ،‬فنعم الوصوف بالعبادة هو ‪ ،‬لنه رجّاع إل ال ف كل‬
‫المور ‪.‬‬

‫‪287‬‬
‫‪ -45‬واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أول القوة ف الدين والدنيا والبصائر‬
‫النّيّرة ‪.‬‬
‫‪ -46‬إنا خصصناهم بصفة هى ‪ :‬ذكرهم الدار الخرة ‪ ،‬يذكرونا وُيذَكّرون با ‪.‬‬
‫‪ -47‬وإنم عندنا لن الختارين الخيار ‪.‬‬
‫‪ -48‬واذكر إساعيل واليسع وذا الكفل وكلهم من الخيار ‪.‬‬

‫حةً َل ُهمُ اْلَأبْوَابُ (‪)50‬‬


‫س َن َمآَبٍ (‪ )49‬جَنّاتِ َعدْ ٍن ُمفَتّ َ‬
‫حْ‬‫ي لَ ُ‬
‫هَذَا ذِ ْكرٌ َوإِ ّن لِلْمُّتقِ َ‬
‫ف َأْترَابٌ‬
‫صرَاتُ ال ّطرْ ِ‬
‫ي ٍة َوشَرَابٍ (‪ )51‬وَعِ ْندَ ُه ْم قَا ِ‬
‫ي فِيهَا َيدْعُونَ فِيهَا ِبفَا ِك َهةٍ كَثِ َ‬
‫مُتّكِِئ َ‬
‫حسَابِ (‪ )53‬إِ ّن هَذَا َلرِزْقُنَا مَا َل ُه ِمنْ َنفَادٍ (‪ )54‬هَذَا‬
‫(‪ )52‬هَذَا مَا تُو َعدُو َن لَِيوْ ِم الْ ِ‬
‫ي َلشَ ّر َمآَبٍ (‪ )55‬جَهَّن َم يَصْ َلوَْنهَا فَبِئْسَ الْ ِمهَادُ (‪َ )56‬هذَا فَلَْيذُوقُو ُه حَمِيمٌ‬
‫وَإِ ّن لِلطّا ِغ َ‬
‫ح ٌم َمعَ ُكمْ لَا َمرْحَبًا ِبهِمْ‬
‫وَ َغسّاقٌ (‪ )57‬وَ َآخَ ُر ِمنْ شَكْ ِلهِ أَ ْزوَاجٌ (‪ )58‬هَذَا َفوْجٌ ُمقْتَ ِ‬
‫ِإنّ ُهمْ صَالُوا النّارِ (‪)59‬‬

‫‪ -49‬هذا الذى قصصناه عليك نبأ بعض الرسلي تذكي لك ولقومك ‪ ،‬وإن للمتقي‬
‫التحرزين من عصيان ال ‪ -‬تعال ‪ -‬حسن مرجع ومآل ‪.‬‬
‫‪ -50‬أعد لم جنات عدن مفتحة لم أبوابا ‪ ،‬ل يصدهم عنها صاد ‪.‬‬
‫‪ -51‬يلسون فيها متكئي على الرائك والسّرر شأن الترفي ‪ ،‬ويتمتعون فيها بطلب‬
‫فاكهة كثية وشراب كثي ‪.‬‬
‫‪ -52‬وعندهم ف النة من نسوة قصرن أبصارهن على أزواجهن ‪ ،‬فل ينظرن إل‬
‫غيهم ‪ ،‬وهن مستويات السن معهم ‪ ،‬ليكون ذلك أدعى إل الوفاق ‪.‬‬
‫‪ -53‬هذا النعيم هو الذى توعدونه ليوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -54‬إن هذا لعطاؤنا ما له من ناية ‪.‬‬
‫‪ -55‬هذا النعيم جزاء التقي ‪ .‬وإن للطاغي التمردين على أنبيائهم لشر مآل ومنقلب‬
‫‪.‬‬
‫‪ -56‬وهو جهنم يدخلونا ويقاسون حرها ‪ ،‬وبئس الفراش هى ‪.‬‬
‫‪ -57‬هذا ماء بلغ الغاية ف الرارة وصديد أهل جهنم ‪ ،‬يؤمرون أن يذوقوه ‪.‬‬

‫‪288‬‬
‫‪ -58‬وعذاب آخر مثل هذا العذاب أنواع مزدوجة ‪.‬‬
‫‪ -59‬ويقال للطاغي ‪ -‬وهم رؤساء الشركي ‪ : -‬هذا جع كثي داخلون النار معكم‬
‫ف زحة وشدة ‪ ،‬وهمَ أتباعكم ‪ ،‬فيقول هؤلء الرؤساء ‪ :‬ل مرحبا بم ‪ ،‬إنم داخلون‬
‫النار يقاسون مرها ‪ ،‬ويكتوون بعذابا ‪.‬‬

‫س الْ َقرَارُ (‪ )60‬قَالُوا َربّنَا َم ْن َقدّ َم لَنَا‬


‫قَالُوا َب ْل أَنُْت ْم لَا َم ْرحَبًا ِبكُ ْم َأنْتُ ْم َق ّدمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْ َ‬
‫ض ْعفًا فِي النّارِ (‪َ )61‬وقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى ِرجَالًا كُنّا َنعُ ّدهُ ْم ِمنَ اْلَأشْرَارِ‬
‫هَذَا َفزِ ْدهُ َعذَابًا ِ‬
‫ص ُم َأهْلِ‬
‫ح ّق تَخَا ُ‬
‫خ ِريّا أَمْ زَاغَتْ عَ ْن ُهمُ اْلَأبْصَارُ (‪ )63‬إِ ّن َذِلكَ لَ َ‬
‫خذْنَاهُ ْم سِ ْ‬
‫(‪َ )62‬أتّ َ‬
‫النّارِ (‪ُ )64‬قلْ ِإنّمَا َأنَا مُ ْنذِرٌ َومَا ِم ْن ِإلَ ٍه ِإلّا ال ّلهُ اْلوَا ِحدُ اْلقَهّارُ (‪َ )65‬ربّ السّمَاوَاتِ‬
‫ض َومَا بَيَْنهُمَا اْل َعزِي ُز الْ َغفّارُ (‪ُ )66‬ق ْل هُ َو نََبأٌ عَظِيمٌ (‪َ )67‬أنْتُمْ عَ ْن ُه ُم ْعرِضُونَ (‬
‫وَاْلأَرْ ِ‬
‫‪)68‬‬

‫‪ -60‬قال التباع ‪ :‬بل أنتم أحق بذا الدعاء الذى دعوت به علينا ‪ ،‬لنكم الذين‬
‫قدمتم لنا هذا العذاب بإغرائكم لنا ودعوتنا إل الكفر ‪ ،‬فكفرنا بسببكم ‪ ،‬فبئس الدار‬
‫والستقر جهنم ‪.‬‬
‫‪ -61‬قال التباع ‪ :‬ربنا مَن تسبّب لنا ف هذا العذاب فزده عذابا مضاعفا ف النار ‪.‬‬
‫‪ -62‬وقال أهل النار ‪ :‬ما لنا ل نرى رجال كنا نعدهم ف الدنيا من الشرار الراذل‬
‫الذين ل خي فيهم؟ وهم فقراء السلمي ‪.‬‬
‫‪ -63‬كيف اتذناهم ف الدنيا هزؤا ول يدخلوا النار معنا ‪ .‬أم أنم دخلوها وزاغت‬
‫عنهم أبصارنا فلم نرهم؟‬
‫‪ -64‬إن ذلك الذى ذكرناه من حديث أهل النار حق ل بد أن يقع ‪ ،‬وهو تاصم‬
‫ونزاع أهل النار بعضهم مع بعض ‪.‬‬
‫‪ -65‬قل للمشركي ‪ -‬يا ممد ‪ : -‬إنا أنا موّف من عذاب ال ‪ ،‬وما من معبود بق‬
‫إل ال الواحد الذى ل شريك له ‪ ،‬القهار الذى يغلب كل ذى سلطان ‪.‬‬
‫‪ -66‬رب السموات والرض وما بينهما العزيز الذى ل يغلب ‪ ،‬الغفار التجاوز عن‬
‫ذنوب من آمن به ‪.‬‬

‫‪289‬‬
‫‪ -68 ، 67‬قل لم ‪ -‬يا ممد ‪ : -‬هذا الذى أنذرتكم به خب عظيم أنتم عنه‬
‫معرضون ل تفكرون فيه ‪.‬‬

‫مَا كَا َن ِليَ ِمنْ عِ ْل ٍم بِالْمَ َلإِ اْلأَعْلَى ِإ ْذ يَخْتَصِمُونَ (‪ )69‬إِ ْن يُوحَى ِإَليّ ِإلّا َأنّمَا َأنَا َنذِيرٌ‬
‫شرًا ِمنْ طِيٍ (‪َ )71‬فِإذَا َسوّيُْت ُه وََنفَخْتُ‬
‫ك لِلْمَلَائِ َكةِ ِإنّي خَالِ ٌق َب َ‬
‫مُبِيٌ (‪ِ )70‬إذْ قَالَ َرّب َ‬
‫ج َد الْمَلَائِ َكةُ ُكّلهُ ْم َأجْ َمعُونَ (‪ِ )73‬إلّا‬
‫فِيهِ ِمنْ رُوحِي َفقَعُوا َلهُ سَاجِدِينَ (‪َ )72‬فسَ َ‬
‫جدَ لِمَا خَ َلقْتُ‬
‫ك أَ ْن َتسْ ُ‬
‫س مَا مََنعَ َ‬
‫ِإبْلِيسَ اسَْتكَْبرَ وَكَا َن ِمنَ اْلكَا ِفرِينَ (‪ )74‬قَالَ يَا إِبْلِي ُ‬
‫ت ِمنَ اْلعَالِيَ (‪ )75‬قَا َل َأنَا خَ ْيرٌ مِ ْن ُه خَلَقْتَنِي ِمنْ نَا ٍر وَخَ َلقَْتهُ ِمنْ‬
‫بَِيدَيّ َأسْتَكَْب ْرتَ أَمْ كُنْ َ‬
‫ِطيٍ (‪)76‬‬

‫‪ -69‬ما كان ل من علم بأخبار الل العلى وقت اختصامهم ف شأن آدم ‪ ،‬لن ل‬
‫أسلك للعلم الطريق التعارف بي الناس من قراءة الكتب ‪ ،‬أو التلقى عن العلمي ‪،‬‬
‫وطريق علمى هو ‪ :‬الوحى ‪.‬‬
‫‪ -70‬ما يوحى إل إل لنن رسول أبلّغكم رسالة رب ِبَأبْيَن عبارة ‪.‬‬
‫‪ -71‬اذكر لم حي قال ربك للملئكة ‪ :‬إن خالق بشرا ‪ -‬وهو آدم عليه السلم ‪-‬‬
‫من طي ‪.‬‬
‫‪ -72‬فإذا أتت خلقه ونفخت فيه سر الياة ‪ -‬وهو الروح ‪ -‬فخِروا له ساجدين‬
‫سجود تعظيم وتية ‪ ،‬ل سجود عبادة ‪.‬‬
‫‪ -74 ، 73‬فامتثل اللئكة كلهم أجعون ‪ ،‬وخروا له ساجدين ‪ ،‬إل إبليس ل يسجد ‪،‬‬
‫وتعاظم وتكب ‪ ،‬وكان بذا التكب من الكافرين ‪.‬‬
‫‪ -75‬قال ال تعال ‪ :‬يا إبليس ‪ ،‬ما منعك من السجود لا خلقته بنفسى بل واسطة؟‬
‫أتكبت مع أنك غي كبي ‪ ،‬أم أنت ف حقيقة نفسك من التفوقي؟ ‪.‬‬
‫‪ -76‬قال إبليس ‪ :‬أنا خي من آدم لنك خلقتن من نار وخلقته من طي ‪ ،‬فكيف‬
‫أسجد له ‪.‬‬

‫‪290‬‬
‫ج مِ ْنهَا َفإِّنكَ َرجِيمٌ (‪ )77‬وَإِنّ عَلَ ْيكَ َلعْنَتِي ِإلَى َيوْ ِم الدّينِ (‪ )78‬قَالَ َربّ‬
‫قَا َل فَا ْخرُ ْ‬
‫َفأَنْ ِظ ْرنِي ِإلَى َيوْ ِم يُ ْبعَثُونَ (‪ )79‬قَا َل َفإِّنكَ ِم َن الْمُنْ َظرِينَ (‪ِ )80‬إلَى يَوْ ِم اْل َوقْتِ الْ َمعْلُومِ‬
‫(‪ )81‬قَا َل فَِبعِ ّزِتكَ َلأُ ْغ ِويَنّ ُه ْم أَجْ َمعِيَ (‪ِ )82‬إلّا عِبَادَكَ مِ ْن ُه ُم الْمُخْلَصِيَ (‪ )83‬قَالَ‬
‫ح ّق َأقُولُ (‪َ )84‬لأَمْ َلأَ ّن جَهَّن َم مِ ْنكَ َومِ ّمنْ تَبِ َعكَ مِ ْنهُ ْم أَجْ َمعِيَ (‪ُ )85‬ق ْل مَا‬
‫ح ّق وَالْ َ‬
‫فَالْ َ‬
‫أَ ْسَألُ ُكمْ عَلَ ْي ِه ِمنْ َأ ْجرٍ َومَا َأنَا ِم َن الْمَُتكَلّفِيَ (‪ )86‬إِ ْن هُ َو ِإلّا ذِ ْك ٌر لِ ْلعَالَمِيَ (‪)87‬‬
‫وَلََتعْلَ ُم ّن نََبَأهُ َب ْعدَ حِيٍ (‪)88‬‬

‫‪ -77‬قال ال تعال لبليس ‪ -‬جزاء له على تكبه عن أمر ربه ‪ : -‬فاخرج من جاعة‬
‫الل العلى ‪ ،‬فإنك مطرود من رحت ‪.‬‬
‫‪ -78‬وإن عليك إبعادى لك عن كل خي إل يوم الزاء ‪ ،‬فتجزى على كفرك ب‬
‫وتكبك على ‪.‬‬
‫‪ -79‬قال إبليس ‪ :‬رب أمهلن ول تتن إل يوم البعث ‪.‬‬
‫‪ -81 ، 80‬قال ال تعال ‪ :‬فإنك من الؤجلي المهلي إل يوم الوقت العلوم لنا ‪،‬‬
‫وهو ناية الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -83 ، 82‬قال إبليس ‪ :‬فبعظمتك وجللك لغوين البشر أجعي ‪ ،‬إل عبادك الذين‬
‫أخلصتهم لطاعتك ‪ ،‬فل سلطان ل عليهم ‪.‬‬
‫‪ -85 ، 84‬قال ال تعال ‪ :‬الق يين وقسمى ‪ ،‬ول أقول إل الق ‪ ،‬لملن جهنم‬
‫من جنسك من الشياطي ومن تبعك من ذرية آدم أجعي ‪ ،‬ل فرق عندى بي تابع‬
‫ومتبوع ‪.‬‬
‫‪ -86‬قل لمتك ‪ -‬يا ممد ‪ : -‬ما أسألكم على ما أمرت بتبليغه إليكم من القرآن‬
‫والوحى أجرا ‪ ،‬وما أنا من الذين يتحلون با ليس فيهم حت أدعى النبوة ‪.‬‬
‫‪ -87‬ما القرآن إل تذكي وعظة للعالي جيعا ‪.‬‬
‫‪ -88‬ولتعلمن ‪ -‬أيها الكذبون به ‪ -‬صدق ما اشتمل عليه من وعد ووعيد وأخبار‬
‫عن أمور مستقبلة وآيات كونية بعد وقت قريب ‪.‬‬

‫‪291‬‬
‫حقّ فَاعُْب ِد اللّهَ‬
‫ب بِالْ َ‬
‫ك الْكِتَا َ‬
‫حكِيمِ (‪ِ )1‬إنّا َأْن َزلْنَا ِإلَيْ َ‬
‫ب ِمنَ ال ّلهِ اْل َعزِي ِز الْ َ‬
‫تَ ْنزِي ُل الْكِتَا ِ‬
‫خذُوا ِمنْ دُوِنهِ َأ ْولِيَا َء مَا َنعْبُ ُد ُهمْ‬
‫ص وَاّلذِينَ اتّ َ‬
‫مُخْلِصًا َلهُ الدّينَ (‪َ )2‬ألَا لِ ّلهِ الدّي ُن الْخَالِ ُ‬
‫ح ُكمُ بَيَْن ُهمْ فِي مَا ُه ْم فِيهِ يَخْتَ ِلفُو َن إِ ّن اللّ َه لَا َي ْهدِي‬
‫ِإلّا لُِيقَ ّربُونَا إِلَى ال ّلهِ ُزْلفَى إِ ّن اللّ َه يَ ْ‬
‫خ ُلقُ مَا َيشَاءُ‬
‫خ َذ َولَدًا لَاصْ َطفَى مِمّا يَ ْ‬
‫َمنْ ُهوَ كَاذِبٌ َكفّارٌ (‪َ )3‬لوْ أَرَا َد اللّ ُه أَ ْن يَتّ ِ‬
‫سُبْحَانَ ُه هُ َو ال ّلهُ اْلوَاحِ ُد اْلقَهّارُ (‪)4‬‬

‫‪ -1‬تنيل القرآن من ال الذى ل يغلبه أحد على مراده ‪ ،‬الكيم ف فعله وتشريعه ‪.‬‬
‫‪ -2‬إنا أنزلنا إليك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬القرآن آمرا بالق ‪ ،‬فاعبد ال ملصا له ‪ -‬وحده ‪-‬‬
‫العبادة ‪.‬‬
‫‪ -3‬أل ل ‪ -‬وحده ‪ -‬الدين البئ من كل شائبة ‪ ،‬والشركون الذين اتذوا من دونه‬
‫نصراء يقولون ‪ :‬ما نعبد هؤلء لنم خالقون ‪ ،‬إنا نعبدهم ليقربونا إل ال ‪ -‬تقريبا ‪-‬‬
‫بشفاعتهم لنا عنده ‪ .‬إن ال يكم بي هؤلء الشركي وبي الؤمني الوحّدين فيما‬
‫كانوا فيه يتلفون من أمر الشرك والتوحيد ‪ ،‬إن ال ل يوفق لدراك الق من شأنه‬
‫الكذب والمعان فيه ‪.‬‬
‫‪ -4‬لو أراد ال أن يتخذ ولدا ‪ -‬كما قالت النصارى ف السيح ‪ ،‬والشركون ف‬
‫اللئكة ‪ -‬لختار الولد من خلقه كما يشاء هو ‪ ،‬ل كما تشاءون أنتم ‪ ،‬تنه ال عن‬
‫أن يكون له ولد ‪ ،‬هو ال الذى ل مثيل له ‪ ،‬القهّار الذى بلغ الغاية ف القهر ‪.‬‬

‫حقّ ُي َكوّرُ اللّ ْيلَ عَلَى النّهَا ِر َويُ َكوّرُ الّنهَارَ عَلَى اللّ ْيلِ‬
‫ض بِالْ َ‬
‫خَ َلقَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ َ‬
‫جرِي ِلَأجَ ٍل ُمسَمّى َألَا هُ َو الْ َعزِي ُز اْلغَفّارُ (‪ )5‬خَلَ َق ُكمْ ِمنْ‬
‫س وَاْلقَ َمرَ ُك ّل يَ ْ‬
‫خ َر الشّمْ َ‬
‫وَسَ ّ‬
‫ج يَخْ ُل ُقكُ ْم فِي‬
‫َنفْسٍ وَاحِ َد ٍة ُثمّ َج َعلَ مِ ْنهَا َزوْ َجهَا َوَأنْ َزلَ َل ُكمْ ِم َن الَْأْنعَا ِم ثَمَانَِيةَ أَ ْزوَا ٍ‬
‫بُطُونِ ُأ ّمهَاِتكُ ْم خَ ْلقًا ِمنْ بَ ْع ِد خَلْ ٍق فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ َذِل ُكمُ ال ّلهُ َرّب ُكمْ َل ُه الْمُ ْلكُ لَا إَِلهَ‬
‫صرَفُونَ (‪)6‬‬
‫ِإلّا هُ َو َفَأنّى تُ ْ‬

‫‪ -5‬خلق السموات والرض متصفا دائما بالق والصواب على ناموس ثابت ‪ ،‬يلف‬
‫الليل على النهار ويلف النهار على الليل على صورة الكرة ‪ ،‬وذلل الشمس والقمر‬

‫‪292‬‬
‫لرادته ومصلحة عباده ‪ ،‬كل منهما يسي ف فلكه إل وقت مدد عنده ‪ ،‬وهو يوم‬
‫القيامة ‪ ،‬أل هو ‪ -‬دون غيه ‪ -‬الغالب على كل شئ ‪ ،‬فل يرج شئ عن إرادته ‪،‬‬
‫الذى بلغ الغاية ف الصفح عن الذنبي من عباده ‪.‬‬
‫‪ -6‬خلقكم ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬من نفس واحدة ‪ -‬هو آدم أبو البشر ‪ -‬وخلق من هذه‬
‫النفس زوجها حواء ‪ ،‬وأنزل لصالكم ثانية أنواع من النعام ذكرا وأنثى ‪ :‬وهى‬
‫البل والبقر والضأن والاعز ‪ ،‬يلقكم ف بطون أمهاتكم طورا من بعد طور ف ظلمات‬
‫ثلث ‪ :‬هى ظلمة البطن والرحم والشيمة ‪ ،‬ذلكم النعم بذه النعم هو ال مربيكم‬
‫ومالك أمركم ‪ ،‬له ‪ -‬ل لغيه ‪ -‬اللك الالص ‪ ،‬ل معبود بق إل هو ‪ ،‬فكيف‬
‫يعدلون عن عبادته إل عبادة غيه؟ ‪.‬‬

‫ض ُه لَ ُكمْ وَلَا‬
‫شكُرُوا َيرْ َ‬
‫إِ ْن تَ ْك ُفرُوا فَإِ ّن ال ّلهَ غَِنيّ عَ ْنكُ ْم َولَا َيرْضَى ِلعِبَا ِدهِ اْلكُ ْفرَ وَإِ ْن َت ْ‬
‫َتزِرُ وَازِ َر ٌة وِزْ َر ُأخْرَى ُثمّ ِإلَى َرّب ُكمْ َم ْرجِ ُع ُكمْ فَيُنَبُّئ ُكمْ بِمَا كُ ْنُتمْ َتعْمَلُو َن ِإنّهُ عَلِي ٌم ِبذَاتِ‬
‫سيَ مَا‬
‫ض ّر دَعَا َرّبهُ مُنِيبًا ِإلَ ْيهِ ُث ّم ِإذَا خَ ّوَلهُ ِنعْ َم ًة مِ ْنهُ َن ِ‬
‫س اْلِإنْسَانَ ُ‬
‫الصّدُورِ (‪ )7‬وَِإذَا مَ ّ‬
‫ضلّ َعنْ سَبِيلِ ِه ُق ْل تَمَتّ ْع ِب ُكفْرِ َك قَلِيلًا ِإنّكَ‬
‫كَا َن َيدْعُو ِإلَ ْيهِ ِم ْن قَ ْبلُ َو َجعَ َل لِ ّلهِ أَْندَادًا لِيُ ِ‬
‫حذَ ُر الْ َآ ِخ َرةَ َوَيرْجُو‬
‫ب النّارِ (‪ )8‬أَ ْم َم ْن ُهوَ قَانِتٌ َآنَا َء اللّ ْيلِ سَا ِجدًا َوقَائِمًا يَ ْ‬
‫صحَا ِ‬
‫ِمنْ أَ ْ‬
‫َرحْ َمةَ َربّ ِه ُق ْل هَ ْل َيسَْتوِي اّلذِي َن َيعْلَمُونَ وَالّذِينَ لَا َيعْلَمُونَ ِإنّمَا يََتذَ ّكرُ أُولُو الَْألْبَابِ (‬
‫‪)9‬‬

‫‪ -7‬إن تكفروا بنعمه ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬فإن ال غن عن إيانكم وشكركم ‪ ،‬ول يب‬
‫لعباده الكفر ‪ ،‬لا فيه من ضرهم ‪ ،‬وإن تشكروه على نعمه يرض هذا الشكر لكم ‪،‬‬
‫ول تمل نفس آثة إث نفس أخرى ‪ ،‬ث إل ربكم مآلكم فيخبكم با كنتم تعملون ف‬
‫الدنيا ‪ ،‬إنه عليم با تكتمه قلوبكم الت ف الصدور ‪.‬‬
‫‪ -8‬وإذا أصاب النسان مكروه ‪ -‬من مكاره الدنيا ‪ -‬دعا ربه راجعا إليه بعد أن‬
‫كان معرضا عنه ‪ ،‬ث إذا أعطاه ربه نعمة عظيمة نسى الضر الذى كان يدعو ربه إل‬
‫إزالته وكشفه من قبل أن ين عليه بذه النعمة ‪ ،‬وجعل ل شركاء متساوين معه ف‬
‫العبادة ‪ ،‬فعل هذا النسان ذلك ليضل نفسه وغيه عن طريق ال ‪ .‬قل ‪ -‬يا ممد ‪-‬‬

‫‪293‬‬
‫لن هذه صفته متوعدا ‪ :‬تتع بكفرك بنعم ال عليك زمنا قليلً ‪ ،‬إنك من أهل النار ‪.‬‬
‫‪َ -9‬أمّن هو خاشع ل أثناء الليل يقضيه ساجدا وقائما ‪ ،‬يشى الخرة ويرجو رحة‬
‫ربه ‪ .‬كمن يدعو ربه ف الضراء وينساه ف السراء؟! قل لم ‪ -‬يا ممد ‪ : -‬هل‬
‫يستوى الذين يعلمون حقوق ال فيوحدونه ‪ ،‬والذين ل يعلمون ‪ ،‬لهالم النظر ف‬
‫الدلة؟ إنا يتعظ أصحاب العقول السليمة ‪.‬‬

‫ض ال ّلهِ‬
‫ُقلْ يَا عِبَادِ اّلذِينَ َآمَنُوا اّتقُوا َرّبكُ ْم لِ ّلذِي َن َأحْسَنُوا فِي هَ ِذ ِه ال ّدنْيَا َحسََن ٌة وَأَرْ ُ‬
‫وَا ِسعَ ٌة ِإنّمَا ُي َوفّى الصّاِبرُو َن َأ ْجرَ ُهمْ ِبغَ ْي ِر ِحسَابٍ (‪ُ )10‬ق ْل ِإنّي ُأمِ ْرتُ أَ ْن أَعُْب َد ال ّلهَ‬
‫ف إِنْ‬
‫ت ِلأَنْ أَكُو َن َأوّ َل الْ ُمسْلِمِيَ (‪ُ )12‬ق ْل ِإنّي أَخَا ُ‬
‫مُخْلِصًا َلهُ الدّينَ (‪ )11‬وَُأ ِمرْ ُ‬
‫عَصَيْتُ َربّي َعذَابَ َيوْمٍ عَظِيمٍ (‪ُ )13‬ق ِل اللّ َه أَعُْب ُد مُخْلِصًا َلهُ دِينِي (‪ )14‬فَاعُْبدُوا مَا‬
‫س ُهمْ َوَأهْلِيهِ ْم َيوْمَ اْلقِيَا َم ِة َألَا َذلِكَ‬
‫سرُوا َأنْ ُف َ‬
‫شِئُْتمْ ِم ْن دُوِنهِ ُق ْل إِ ّن الْخَا ِسرِي َن اّلذِينَ خَ ِ‬
‫خوّفُ‬
‫ك يُ َ‬
‫سرَا ُن الْمُبِيُ (‪َ )15‬ل ُهمْ ِم ْن َفوْ ِق ِهمْ ظُ َل ٌل ِمنَ النّا ِر وَ ِم ْن تَحِْت ِهمْ ظُ َل ٌل َذلِ َ‬
‫خْ‬‫هُ َو الْ ُ‬
‫اللّ ُه ِبهِ عِبَا َدهُ يَا عِبَادِ فَاّتقُونِ (‪)16‬‬

‫‪ -10‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬مُبلغا عن ربك ‪ :‬يا عبادى الذين آمنوا ب ‪ ،‬اتذوا وقاية من‬
‫غضب ربكم ‪ ،‬فإن لِمن أحسن العمل عاقبة حسنة ف الدنيا بالتأييد ‪ ،‬وف الخرة‬
‫بالنة ‪ .‬ول تقيموا ف ذل ‪ ،‬فأرض ال واسعة ‪ ،‬واصبوا على مفارقة الوطان‬
‫والحباب ‪ ،‬إنا يوف ال الصابرين أجرهم مضاعفا ‪ ،‬ل يدخل تت حساب الاسبي ‪.‬‬
‫‪ -11‬قل ‪ :‬إن أمرت أن أعبد ال ملصا له عبادتى من كل شرك ورياء ‪.‬‬
‫‪ -12‬وأمرت منه تعال ‪ -‬أمرا مؤكدا ‪ -‬أن أكون أول النقادين لوامره ‪.‬‬
‫‪ -13‬قل ‪ :‬إن أخشى إن عصيت رب عذاب يوم عظيم الول ‪.‬‬
‫‪ -15 ، 14‬قل لم يا ممد ‪ :‬ال ‪ -‬وحده ‪ -‬أعبد ‪ ،‬مبئا عبادتى من الشرك‬
‫والرياء ‪ ،‬فإذا عرفتم طريقت ول تطيعون فاعبدوا ما شئتم من دونه ‪ .‬قل لم ‪ :‬إن‬
‫الاسرين ‪ -‬كل السران ‪ -‬هم الذين أضاعوا أنفسهم بضللم ‪ ،‬وأهليهم بإضللم‬
‫يوم القيامة ‪ .‬أل ذلك الضياع هو السران الكامل الواضح ‪.‬‬

‫‪294‬‬
‫‪ -16‬لؤلء الاسرين من فوقهم طبقات متراكمة من النار ‪ ،‬ومن تتهم مثلها ‪ ،‬ذلك‬
‫التصوير للعذاب يوّف ال به عباده ‪ ،‬يا عباد ‪ :‬فاخشوا بأسى ‪.‬‬

‫شرْ عِبَادِ (‪)17‬‬


‫وَاّلذِينَ اجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ أَ ْن َيعُْبدُوهَا َوَأنَابُوا ِإلَى ال ّل ِه َلهُ ُم الُْبشْرَى فََب ّ‬
‫ك ُهمْ أُولُو‬
‫ك الّذِينَ َهدَا ُهمُ ال ّل ُه وَأُولَئِ َ‬
‫الّذِينَ َيسْتَ ِمعُونَ اْل َقوْ َل فَيَتِّبعُونَ َأ ْحسََنهُ أُولَئِ َ‬
‫ت تُ ْن ِقذُ َم ْن فِي النّارِ (‪َ )19‬ل ِكنِ اّلذِينَ‬
‫الَْألْبَابِ (‪َ )18‬أفَ َمنْ َحقّ عَلَ ْيهِ كَلِ َم ُة اْلعَذَابِ َأ َفأَنْ َ‬
‫جرِي ِمنْ َتحِْتهَا اْلأَْنهَارُ وَ ْع َد ال ّلهِ لَا‬
‫ف مَبْنِّي ٌة تَ ْ‬
‫ف ِمنْ َف ْو ِقهَا ُغرَ ٌ‬
‫اتّ َقوْا َرّب ُهمْ َل ُهمْ ُغرَ ٌ‬
‫ف ال ّلهُ الْمِيعَادَ (‪َ )20‬ألَ ْم َترَ أَ ّن ال ّلهَ َأْنزَ َل ِمنَ السّمَا ِء مَا ًء َفسَ َلكَ ُه يَنَابِي َع فِي الْأَرْضِ‬
‫يُخْلِ ُ‬
‫جعَ ُلهُ حُطَامًا إِ ّن فِي َذِلكَ‬
‫ص َفرّا ُث ّم يَ ْ‬
‫ج فََترَاهُ مُ ْ‬
‫ج ِبهِ زَرْعًا مُخْتَ ِلفًا َألْوَاُن ُه ُثمّ َيهِي ُ‬
‫خرِ ُ‬
‫ُثمّ يُ ْ‬
‫َلذِكْرَى ِلأُولِي اْلأَلْبَابِ (‪)21‬‬

‫‪ -18 ، 17‬والذين اجتنبوا الصنام والشياطي ‪ ،‬ول يتقربوا إليها ‪ ،‬ورجعوا إل ال ف‬


‫كل أمورهم ‪ ،‬لم البشارة العظيمة ف جيع الواطن ‪ ،‬فبشر ‪ -‬يا ممد ‪ -‬عبادى الذين‬
‫يستمعون القول فيتبعون الحسن والهدى إل الق ‪ ،‬أولئك ‪ -‬دون غيهم ‪ -‬الذين‬
‫يوفقهم ال إل الدى ‪ ،‬وأولئك هم ‪ -‬دون غيهم ‪ -‬أصحاب العقول النّيّرة ‪.‬‬
‫‪ -19‬أتلك التصرف ف ملكى ‪ ،‬فمن وجبت عليه كلمة العذاب تستطيع أن تنعه؟‬
‫ألك هذه القوة ‪ ،‬أفأنت تنقذ من ف النار بعد أن وجبت لم؟ ‪.‬‬
‫‪ -20‬لكن الذين خافوا ربم لم أعال النة وقصورها ‪ ،‬مبنية بعضها فوق بعض ‪،‬‬
‫ترى من تتها النار ‪ ،‬وعدا من ال ‪ ،‬وال ل يلف وعده ‪.‬‬
‫‪ -21‬أل تر ‪ -‬أيها الخاطب ‪ -‬أن ال أنزل من السماء ماء فأجراه ف ينابيع وعيون ف‬
‫الرض ‪ ،‬ث يُخرج به زرعا متلفا أشكاله ‪ ،‬ث ييبس بعد نضارته فتراه مصفرا ‪ ،‬ث‬
‫يعله فتاتا متكسرا؟ إن ف ذلك التنقل ‪ -‬من حال إل حال ‪ -‬لتذكي لول العقول‬
‫النّية ‪.‬‬

‫صدْ َر ُه لِ ْلِإسْلَا ِم َف ُهوَ عَلَى نُو ٍر ِمنْ َربّ ِه َف َويْ ٌل لِ ْلقَاسَِيةِ قُلُوُبهُ ْم ِمنْ ذِ ْكرِ‬
‫ح اللّهُ َ‬
‫َأفَ َمنْ َشرَ َ‬
‫ش ِعرّ‬
‫حدِيثِ كِتَابًا مَُتشَاِبهًا مَثَاِنيَ تَ ْق َ‬
‫س َن الْ َ‬
‫اللّ ِه أُولَِئكَ فِي ضَلَالٍ مُِبيٍ (‪ )22‬اللّ ُه َنزّ َل َأحْ َ‬

‫‪295‬‬
‫ك ُهدَى ال ّلهِ‬
‫شوْنَ َرّبهُ ْم ُثمّ تَلِيُ جُلُو ُدهُ ْم َوقُلُوُبهُ ْم ِإلَى ذِ ْكرِ ال ّل ِه َذلِ َ‬
‫خَ‬‫مِ ْنهُ جُلُودُ اّلذِي َن يَ ْ‬
‫َيهْدِي ِبهِ َم ْن َيشَا ُء َو َمنْ يُضْ ِل ِل ال ّلهُ فَمَا َلهُ مِ ْن هَادٍ (‪َ )23‬أفَ َمنْ يَّتقِي ِب َوجْ ِههِ سُوءَ‬
‫ي ذُوقُوا مَا كُنُْت ْم َتكْسِبُونَ (‪َ )24‬ك ّذبَ اّلذِي َن ِمنْ‬
‫ب يَوْ َم اْلقِيَا َمةِ وَقِي َل لِلظّالِمِ َ‬
‫الْ َعذَا ِ‬
‫خزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا‬
‫شعُرُونَ (‪َ )25‬فأَذَا َقهُ ُم اللّ ُه الْ ِ‬
‫قَبْ ِل ِهمْ َفَأتَا ُهمُ اْلعَذَابُ ِم ْن حَيْثُ لَا َي ْ‬
‫س فِي َهذَا اْل ُقرْآَ ِن ِمنْ‬
‫ض َربْنَا لِلنّا ِ‬
‫وََل َعذَابُ اْل َآخِ َر ِة أَكَْبرُ لَوْ كَانُوا َيعْلَمُونَ (‪َ )26‬وَلقَدْ َ‬
‫ُك ّل مََثلٍ َلعَ ّل ُهمْ يََتذَ ّكرُونَ (‪)27‬‬

‫‪ -22‬أ ُك ّل الناس سواء؟ ‪ ،‬فمن شرح ال صدره للسلم بقبول تعاليمه ‪ ،‬فهو على‬
‫بصية من ربه ‪ ،‬كمن أعرض عن النظر ف آياته؟ ‪ .‬فعذاب شديد للذين قست قلوبم‬
‫عن ذكر ال ‪ ،‬أولئك القاسية قلوبم ف انراف عن الق واضح ‪.‬‬
‫‪ -23‬ال نزّل أحسن الديث كتابا تشابت معانيه وألفاظه ف بلوغ الغاية ف العجاز‬
‫والحكام ‪ ،‬تتردد فيه الواعظ والحكام ‪ ،‬كما يكرر ف التلوة ‪ ،‬تنقبض عند تلوته‬
‫وساع وعيده جلود الذين يافون ربم ‪ ،‬ث تلي جلودهم وقلوبم إل ذكر ال ‪ ،‬ذلك‬
‫الكتاب الذى اشتمل على هذه الصفات نور ال يهدى به من يشاء ‪ ،‬فيوفقه إل اليان‬
‫به ‪ ،‬ومن يضله ال ‪ -‬لعلمه أنه سيُعرِض عن الق ‪ -‬فليس له من مرشد ينقذه من‬
‫الضلل ‪.‬‬
‫‪ -24‬ل يكون الناس متساوين يوم القيامة ‪ ،‬فالذى يتقى بوجهه العذاب بعد أن تغل‬
‫يداه ‪ ،‬ليس كمن يأتى آمنا يوم القيامة؟ حيث يقال للظالي ‪ :‬ذوقوا وبال عملكم ‪.‬‬
‫‪ -25‬كذّب الذين من قبل هؤلء الشركي فجاءهم العذاب من حيث ل يتوقعون ‪.‬‬
‫‪ -26‬فأذاقهم ال الصغار ف الياة الدنيا ‪ ،‬أقسم ‪ :‬لعذاب الخرة أكب من عذاب‬
‫الدنيا ‪ ،‬لو كانوا من أهل العلم والنظر ‪.‬‬
‫‪ -27‬ولقد بيّنا للناس ف هذا القرآن من كل مثل يذكرهم بالق ‪ ،‬رجاء أن يتذكروا‬
‫ويتعظوا ‪.‬‬

‫ض َربَ ال ّلهُ مَثَلًا َرجُلًا فِيهِ ُشرَكَاءُ‬


‫ج َلعَلّ ُه ْم يَّتقُونَ (‪َ )28‬‬
‫ُقرْ َآنًا َع َربِيّا غَ ْي َر ذِي ِعوَ ٍ‬
‫مَُتشَا ِكسُو َن وَ َرجُلًا سَلَمًا لِ َر ُجلٍ َه ْل َيسْتَ ِويَانِ مَثَلًا الْحَ ْم ُد لِ ّلهِ َب ْل أَكَْث ُرهُ ْم لَا َيعْلَمُونَ (‬

‫‪296‬‬
‫ت وَِإّن ُهمْ مَيّتُونَ (‪ُ )30‬ثمّ ِإنّ ُك ْم يَوْ َم اْلقِيَا َمةِ عِ ْندَ َرّبكُ ْم تَخْتَصِمُونَ (‪)31‬‬
‫ك مَيّ ٌ‬
‫‪ِ )29‬إنّ َ‬
‫س فِي َجهَّنمَ مَ ْثوًى‬
‫ق ِإ ْذ جَا َء ُه َألَيْ َ‬
‫صدْ ِ‬
‫ب بِال ّ‬
‫فَ َم ْن أَظْ َلمُ مِ ّمنْ َكذَبَ عَلَى اللّ ِه وَ َكذّ َ‬
‫ك ُهمُ الْمُّتقُونَ (‪َ )33‬ل ُهمْ مَا‬
‫ق ِبهِ أُولَئِ َ‬
‫صدّ َ‬
‫ق وَ َ‬
‫صدْ ِ‬
‫لِلْكَا ِفرِينَ (‪ )32‬وَالّذِي جَا َء بِال ّ‬
‫حسِِنيَ (‪ )34‬لُِي َكفّ َر ال ّلهُ َع ْنهُ ْم َأسْ َوأَ اّلذِي عَمِلُوا‬
‫ك جَزَا ُء الْمُ ْ‬
‫َيشَاءُونَ ِع ْندَ َرّب ِه ْم َذلِ َ‬
‫خ ّوفُوَنكَ‬
‫س اللّ ُه ِبكَافٍ عَ ْب َدهُ َويُ َ‬
‫ج ِزَي ُهمْ َأ ْجرَ ُهمْ بَِأ ْحسَ ِن اّلذِي كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪َ )35‬ألَيْ َ‬
‫وَيَ ْ‬
‫بِاّلذِي َن ِمنْ دُوِنهِ َو َمنْ يُضْ ِل ِل اللّ ُه فَمَا َلهُ ِم ْن هَادٍ (‪)36‬‬

‫‪ -28‬ولقد أنزلنا قرآنا عربيا بلسانم ل اختلل فيه ‪ ،‬رجاء أن يتقوا ويشوا ربم ‪.‬‬
‫ل ملوكا لشركاء متنازعي فيه ‪ ،‬وضرب مثل‬
‫‪ -29‬ضرب ال مثلً للمشرك ‪ :‬رج ً‬
‫للموحد ‪ :‬رجلً خالص اللكية لواحد ‪ ،‬هل يستويان مثلً؟ ل يستويان ‪ .‬المد ل على‬
‫إقامة الُجة على الناس ‪ ،‬لكن أكثر الناس ل يعلمون الق ‪.‬‬
‫‪ -31 ، 30‬إنك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬وإنم جيعا ميّتون ‪ .‬ث إنكم بعد الوت والبعث عند‬
‫ال ياصم بعضكم بعضا ‪.‬‬
‫‪ -32‬فليس أحد أشد ظلما من نسب إل ال ما ليس له ‪ ،‬وأنكر الق حي جاءه على‬
‫لسان الرسل من غي تفكي ول تدبر ‪ ،‬أليس ف جهنم مستقر للكافرين الغترين حت‬
‫يترئوا على ال؟!‬
‫‪ -33‬والذى جاء بالق وصدّق به إذ جاءه ‪ ،‬أولئك هم التقون ل غيهم ‪.‬‬
‫‪ -34‬لؤلء التقي عند ربم ما يبون ‪ ،‬ذلك الفضل جزاء كل مسن ف عقيدته‬
‫وعمله ‪.‬‬
‫‪ -35‬أكرم ال التقي با أكرمهم به ليغفر لم أسوأ عملهم ‪ ،‬ويوفيهم أجرهم بأحسن‬
‫ما عملوا ف الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -36‬ال ‪ -‬وحده ‪ -‬كاف عباده كل ما يهمهم ‪ ،‬ويوفك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬كفار قريش‬
‫بآلتهم الت يدعونا من دون ال ‪ -‬وذلك من ضللم ‪ -‬ومن يضلل ال ‪ -‬لعلمه أنه‬
‫يتار الضللة على الدى ‪ -‬فما له من مرشد يرشده ‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫س ال ّلهُ ِب َعزِي ٍز ذِي انِْتقَامٍ (‪ )37‬وَلَِئ ْن َسأَلَْت ُهمْ َم ْن خَ َلقَ‬
‫ضلّ َألَيْ َ‬
‫وَ َم ْن َيهْ ِد ال ّلهُ فَمَا َلهُ ِم ْن مُ ِ‬
‫ضرّ‬
‫ض لََيقُوُلنّ ال ّلهُ ُق ْل َأ َفرََأيُْتمْ مَا َتدْعُونَ ِم ْن دُونِ ال ّلهِ إِنْ أَرَا َدنِ َي ال ّلهُ بِ ُ‬
‫ت وَاْلأَرْ َ‬
‫السّمَاوَا ِ‬
‫ض ّر ِه َأوْ أَرَا َدنِي ِبرَحْ َم ٍة َهلْ ُه ّن مُ ْمسِكَاتُ َرحْمَِت ِه ُقلْ حَسِْبيَ ال ّلهُ‬
‫َهلْ ُهنّ كَا ِشفَاتُ ُ‬
‫عَلَ ْي ِه يََتوَ ّكلُ الْمَُتوَكّلُونَ (‪ُ )38‬قلْ يَا َقوْمِ اعْمَلُوا عَلَى َمكَانَِت ُكمْ ِإنّي عَا ِملٌ َفسَوْفَ‬
‫حلّ عَ َل ْيهِ َعذَابٌ مُقِيمٌ (‪ِ )40‬إنّا َأنْ َزلْنَا عَلَ ْيكَ‬
‫خزِيهِ وَيَ ِ‬
‫َتعْلَمُونَ (‪َ )39‬منْ َي ْأتِيهِ َعذَابٌ يُ ْ‬
‫ضلّ عَلَ ْيهَا وَمَا َأنْتَ عَلَ ْي ِهمْ‬
‫ض ّل َفِإنّمَا يَ ِ‬
‫س ِه وَ َمنْ َ‬
‫ح ّق فَ َمنِ اهَْتدَى فَلَِنفْ ِ‬
‫ب لِلنّاسِ بِالْ َ‬
‫الْكِتَا َ‬
‫بِوَكِيلٍ (‪)41‬‬

‫‪ -37‬ومن يرشده ال إل الق ويوفقه إليه ‪ -‬لعلمه أنه يتار الدى على الضللة ‪-‬‬
‫فما له من مضل ينحرف به عن سبيل الرشاد ‪ ،‬أليس ال بنيع الناب ‪ ،‬ذى انتقام‬
‫شديد ‪ ،‬فيحفظ أولياءه من أعدائه؟ ‪.‬‬
‫‪ -38‬وأقسم ‪ :‬لئن سألت ‪ -‬يا ممد هؤلء الشركي ‪ -‬من خلق السموات والرض؟‬
‫ليقولن ‪ :‬ال هو الذى خلقهن ‪ .‬قل لم ‪ -‬يا ممد ‪ : -‬أعقلتم فرأيتم الشركاء الذين‬
‫تدعونم من دون ال ‪ ،‬إن شاء ال ضرى هل هن مزيلت عن ضره ‪ ،‬أو شاء ل رحة‬
‫هل هن مانعات عن رحته؟ قل لم ‪ -‬يا ممد ‪ : -‬الذى يكفين ف كل شئ وحده ‪،‬‬
‫عليه ‪ -‬ل على غيه ‪ -‬يعتمد التوكلون الفوضون كل شئ إليه ‪.‬‬
‫‪ -40 ، 39‬قل لم ‪ -‬متوعدا ‪ : -‬يا قوم اثبتوا على طريقتكم من الكفر والتكذيب‬
‫إن ثابت على عمل ما أمرن به رب ‪ ،‬فسوف تدركون من منا الذى يأتيه عذاب يذله ‪،‬‬
‫وينل عليه عذاب دائم ل ينكشف عنه ‪.‬‬
‫‪ -41‬إنا أنزلنا عليك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬القرآن الكري لميع الناس مشتمل على الق‬
‫الثابت ‪ .‬فمن استرشد به فنفْع ذلك لنفسه ‪ ،‬ومن ضل عن طريقه فإنا يرجع وبال‬
‫ضلله على نفسه ‪ .‬وما أنت ‪ -‬يا ممد ‪ -‬بوكل بدايتهم ‪ ،‬فما عليك إل البلغ ‪،‬‬
‫وقد بلغت ‪.‬‬

‫سكُ الّتِي قَضَى عَلَ ْيهَا‬


‫ت فِي مَنَا ِمهَا فَيُ ْم ِ‬
‫ي َم ْوتِهَا وَالّتِي َل ْم تَمُ ْ‬
‫س حِ َ‬
‫اللّ ُه يََتوَفّى اْلَأنْفُ َ‬
‫ت ِلقَوْ ٍم يََت َف ّكرُونَ (‪ )42‬أَمِ‬
‫ك َلآَيَا ٍ‬
‫الْمَ ْوتَ وَُي ْرسِ ُل الُْأ ْخرَى ِإلَى َأجَ ٍل ُمسَمّى إِ ّن فِي َذلِ َ‬

‫‪298‬‬
‫خذُوا ِم ْن دُونِ ال ّل ِه شُ َفعَا َء ُقلْ َأ َولَوْ كَانُوا لَا يَمْ ِلكُونَ شَيْئًا َولَا َيعْقِلُونَ (‪ُ )43‬قلْ لِ ّلهِ‬
‫اتّ َ‬
‫ض ُث ّم ِإلَيْ ِه ُترْ َجعُونَ (‪َ )44‬وِإذَا ذُ ِك َر اللّهُ‬
‫شفَا َعةُ جَمِيعًا لَ ُه مُ ْلكُ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬
‫ال ّ‬
‫وَ ْح َدهُ اشْ َمأَ ّزتْ قُلُوبُ اّلذِي َن لَا ُي ْؤمِنُو َن بِالْ َآ ِخرَ ِة َوِإذَا ذُ ِكرَ اّلذِي َن ِمنْ دُوِنهِ ِإذَا ُهمْ‬
‫ب وَالشّهَا َدةِ َأنْتَ‬
‫َيسْتَ ْبشِرُونَ (‪ُ )45‬ق ِل اللّ ُه ّم فَا ِطرَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِ َم الْغَيْ ِ‬
‫حكُ ُم بَ ْينَ عِبَادِ َك فِي مَا كَانُوا فِي ِه يَخْتَ ِلفُونَ (‪َ )46‬وَلوْ أَ ّن لِ ّلذِينَ ظَ َلمُوا مَا فِي الْأَرْضِ‬
‫تَ ْ‬
‫ب َيوْمَ اْلقِيَامَ ِة َوبَدَا َل ُه ْم ِمنَ ال ّلهِ مَا َلمْ‬
‫جَمِيعًا َومِثْ َلهُ َم َعهُ لَافَْتدَوْا ِب ِه ِمنْ سُو ِء الْ َعذَا ِ‬
‫يَكُونُوا َيحَْتسِبُونَ (‪)47‬‬

‫‪ -42‬ال يقبض الرواح حي موتا ‪ ،‬ويقبض الرواح الت ل تت حي نومها ‪،‬‬


‫فيُمسك الت قضى عليها الوت ل يردها إل بدنا ‪ ،‬ويُرسل الخرى الت ل ين أجلها‬
‫عند اليقظة إل أجل مدد عنده ‪ .‬إن ف ذلك لدلة واضحة لقوم يتدبرون ‪.‬‬
‫‪ -43‬بل اتذ الشركون من دون ال شفعاء يتقربون بم إليه ‪ .‬قل لم ‪ -‬يا ممد ‪: -‬‬
‫أفعلتم هذا ولو كان هؤلء الشفعاء ل يلكون شيئا ول يعقلون؟‬
‫‪ -44‬قل لم ‪ -‬يا ممد ‪ : -‬ل ‪ -‬وحده ‪ -‬الشفاعة كلها ‪ ،‬فل ينالا أحد إل‬
‫برضاه ‪ ،‬له ‪ -‬وحده ‪ -‬ملك السموات والرض ‪ ،‬ث إليه ‪ -‬وحده ‪ -‬ترجعون‬
‫فيحاسبكم على أعمالكم ‪.‬‬
‫‪ -45‬وإذا ذكر ال ‪ -‬وحده ‪ -‬دون أن تذكر آلتهم انقبضت ونفرت قلوب الذين‬
‫ل يؤمنون بالياة الخرة ‪ ،‬وإذا ذكرت آلتهم الت يعبدونا من دون ال سارعوا إل‬
‫الفرح والستبشار ‪.‬‬
‫‪ -46‬قل ‪ -‬يا ممد ‪ -‬متوجها إل مولك ‪ :‬يا ال ‪ ،‬يا خالق السموات والرض على‬
‫غي مثال ‪ ،‬يا عال السر والعلن ‪ ،‬أنت ‪ -‬وحدك ‪ -‬تفصل بي عبادك فيما كانوا فيه‬
‫يتلفون من أمور الدنيا والخرة ‪ ،‬فاحكم بين وبي هؤلء الشركي ‪.‬‬
‫‪ -47‬ولو أن للذين ظلموا أنفسهم بالشرك كل ما ف الرض جيعا وضعفه معه‬
‫لقدّموه افتداء لنفسهم من سوء العذاب الذى أُعد لم يوم القيامة ‪ ،‬وظهر لم من ال‬
‫ما ل يطر على بالم من العذاب ‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫وََبدَا َل ُهمْ سَيّئَاتُ مَا َكسَبُوا َوحَاقَ بِ ِه ْم مَا كَانُوا ِبهِ َيسَْت ْه ِزئُونَ (‪َ )48‬فإِذَا مَسّ اْلِإْنسَانَ‬
‫ض ّر دَعَانَا ُثمّ ِإذَا خَ ّولْنَاهُ ِنعْ َمةً مِنّا قَا َل ِإنّمَا أُوتِيُتهُ عَلَى عِ ْلمٍ َب ْل ِهيَ فِتَْن ٌة َولَ ِكنّ أَكَْث َر ُهمْ‬
‫ُ‬
‫لَا َيعْلَمُونَ (‪َ )49‬ق ْد قَاَلهَا اّلذِي َن ِمنْ قَبْ ِل ِه ْم فَمَا أَغْنَى عَ ْن ُهمْ مَا كَانُوا َي ْكسِبُونَ (‪)50‬‬
‫ت مَا َكسَبُوا َومَا‬
‫َفأَصَاَب ُهمْ سَيّئَاتُ مَا َكسَبُوا وَاّلذِينَ ظَلَمُوا ِم ْن هَ ُؤلَا ِء سَيُصِيُب ُهمْ سَيّئَا ُ‬
‫ق لِ َم ْن َيشَا ُء َوَي ْقدِرُ إِ ّن فِي ذَِلكَ‬
‫ط الرّزْ َ‬
‫جزِينَ (‪َ )51‬أ َولَ ْم َيعْلَمُوا أَ ّن اللّ َه يَ ْبسُ ُ‬
‫هُ ْم بِ ُمعْ ِ‬
‫ت ِلقَوْ ٍم ُي ْؤمِنُونَ (‪)52‬‬
‫َلآَيَا ٍ‬

‫‪ -48‬وظهر لم ف هذا اليوم سوء عملهم ‪ ،‬وأحاط بم من العذاب ما كانوا‬


‫يستهزئون به ف الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -49‬فإذا أصاب النسان ضر نادانا متضرعا ‪ ،‬ث إذا أعطيناه ‪ -‬تفضل منا ‪ -‬نعمة‬
‫قال هذا النسان ‪ :‬ما أوتيت هذه النعم إل لعلم من بوجوه كسبه ‪ ،‬وفات هذا‬
‫النسان أن المر ليس كما قال ‪ ،‬بل هذه النعمة الت أنعم ال با عليه اختبار له ليبي‬
‫له الطائع من العاصى ‪ ،‬ولكن أكثر الناس ل يعلمون أنا اختبار وفتنة ‪.‬‬
‫‪ -50‬قد قال هذه القالة الذين من قبل هؤلء الشركي ‪ ،‬فما دفع عنهم العذاب ما‬
‫اكتسبوه من مال ومتاع ‪.‬‬
‫‪ -51‬فأصاب الكفار السابقي جزاء سيئات عملهم ‪ ،‬والظالون من هؤلء الخاطبي‬
‫سيصيبهم جزاء سيئات عملهم ‪ ،‬وما هؤلء بفلتي من العقاب ‪.‬‬
‫‪ -52‬أيقول هؤلء ما قالوا ‪ ،‬ول يعلموا أن ال يوسع الرزق لن يشاء من عباده ‪،‬‬
‫ويعطيه بقدر لن يشاء على مقتضى حكمته؟ إن ف هذا لعبا لقوم يؤمنون ‪.‬‬

‫س ِهمْ لَا َتقْنَطُوا ِمنْ َرحْ َم ِة ال ّلهِ إِ ّن ال ّلهَ َي ْغفِ ُر الذّنُوبَ‬


‫ُقلْ يَا عِبَادِيَ اّلذِي َن َأسْ َرفُوا عَلَى َأْنفُ ِ‬
‫جَمِيعًا ِإّنهُ ُهوَ اْل َغفُو ُر ال ّرحِيمُ (‪َ )53‬وَأنِيبُوا إِلَى َربّ ُك ْم وََأسْلِمُوا َلهُ مِ ْن قَ ْب ِل أَ ْن يَ ْأتَِيكُمُ‬
‫سنَ مَا ُأْنزِ َل إِلَ ْي ُكمْ ِمنْ َرّبكُ ْم ِمنْ قَ ْب ِل أَنْ‬
‫صرُونَ (‪ )54‬وَاتِّبعُوا أَ ْح َ‬
‫ب ثُ ّم لَا تُنْ َ‬
‫الْ َعذَا ُ‬
‫س َرتَا َعلَى مَا َفرّطْتُ‬
‫س يَا حَ ْ‬
‫ش ُعرُونَ (‪ )55‬أَ ْن َتقُو َل نَفْ ٌ‬
‫ب َبغَْتةً َوَأنْتُ ْم لَا َت ْ‬
‫َيأْتَِيكُ ُم اْلعَذَا ُ‬
‫ت ِمنَ‬
‫ت لَ ِم َن السّا ِخرِينَ (‪ )56‬أَ ْو َتقُولَ لَ ْو أَ ّن اللّ َه َهدَانِي َلكُنْ ُ‬
‫ب ال ّلهِ َوإِنْ كُنْ ُ‬
‫فِي جَنْ ِ‬

‫‪300‬‬
‫حسِِنيَ (‪)58‬‬
‫ب َلوْ أَ ّن لِي َك ّرةً َفأَكُو َن ِمنَ الْمُ ْ‬
‫ي َترَى اْلعَذَا َ‬
‫الْمُّتقِيَ (‪ )57‬أَ ْو َتقُولَ حِ َ‬
‫ت ِم َن الْكَافِرِينَ (‪)59‬‬
‫ت ِبهَا وَاسْتَكَْب ْرتَ وَكُنْ َ‬
‫بَلَى َقدْ جَا َءْتكَ َآيَاتِي َف َكذّبْ َ‬

‫‪ -53‬قل يا ممد ‪ -‬مبلغا عن ربك ‪ :‬يا عبادى الذين أكثروا على أنفسهم من‬
‫العاصى ‪ ،‬ل تيأسوا من رحة ال ‪ ،‬إن ال يتجاوز عن الذنوب جيعا ‪ ،‬إنه هو ‪ -‬وحده‬
‫‪ -‬العظيم ف مغفرته ورحته ‪.‬‬
‫‪ -54‬وارجعوا ‪ -‬أيها السرفون على أنفسهم ‪ -‬إل مالك أمركم ومربيكم ‪ ،‬وانقادوا‬
‫له من قبل أن ييئكم العذاب ث ل ينصركم أحد من ال ويدفع عنكم عذابه ‪.‬‬
‫‪ -55‬واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ‪ -‬وهو القرآن الكري ‪ -‬من قبل أن‬
‫ييئكم العذاب فجأة وعلى غي استعداد ‪ ،‬وأنتم ل تعلمون بجيئه ‪.‬‬
‫‪ -56‬ارجعوا إل ربكم ‪ ،‬وأسلموا له ‪ ،‬واتبعوا تعاليمه ‪ ،‬لئل تقول نفس مذنبة حينما‬
‫ترى العذاب ‪ :‬يا أسفى على ما فرّطت ف جنب ال وحقه ‪ ،‬وإن كنت ف الدنيا لن‬
‫الستهزئي بدينه ‪.‬‬
‫‪ -57‬أو تقول تلك النفس الذنبة ‪ -‬متحملة للعذر ‪ : -‬لو أن ال وفقن للهدى‬
‫لكنت ف الدنيا من الذين وقوا أنفسهم من عذاب ال باليان والعمل الصال ‪.‬‬
‫‪ -58‬أو تقول تلك النفس الذنبة ‪ -‬حي تشاهد العذاب ‪ : -‬ليت ل رجعة إل‬
‫الدنيا ‪ ،‬فأكون فيها من يسنون العقيدة والعمل ‪.‬‬
‫‪ -59‬بلى ‪ -‬أيها النادم ‪ -‬قد جاءتك تعاليمى على لسان الرسل ‪ ،‬فكذبت با‬
‫وتعاليت عن اتباعها ‪ ،‬وكنت ف دنياك من الثابتي على الكفر ‪.‬‬

‫وََيوْ َم اْلقِيَا َمةِ َترَى اّلذِينَ َك َذبُوا عَلَى ال ّلهِ ُوجُو ُههُ ْم ُمسْ َو ّد ٌة َألَيْسَ فِي جَهَّن َم مَ ْثوًى‬
‫ح َزنُونَ (‬
‫سهُ ُم السّو ُء َولَا ُهمْ يَ ْ‬
‫لِلْمَُتكَّبرِينَ (‪َ )60‬ويُنَجّي ال ّل ُه الّذِينَ اّتقَوْا بِ َمفَا َزِت ِهمْ لَا يَ َم ّ‬
‫‪ )61‬اللّ ُه خَاِلقُ ُك ّل شَيْ ٍء َوهُوَ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء وَكِيلٌ (‪َ )62‬لهُ َمقَالِيدُ السّمَاوَاتِ‬
‫ك ُهمُ الْخَاسِرُونَ (‪ُ )63‬قلْ َأ َفغَ ْيرَ ال ّلهِ َت ْأ ُمرُونّي‬
‫ت ال ّلهِ أُولَئِ َ‬
‫ض وَاّلذِينَ َك َفرُوا ِبآَيَا ِ‬
‫وَاْلأَرْ ِ‬
‫ك لَِئنْ َأ ْشرَكْتَ‬
‫ك وَِإلَى اّلذِي َن ِمنْ قَبْ ِل َ‬
‫أَعُْبدُ أَّيهَا الْجَاهِلُونَ (‪ )64‬وََل َقدْ أُوحِ َي ِإلَيْ َ‬
‫لَيَحْبَ َطنّ َعمَ ُلكَ َولََتكُوَننّ ِم َن الْخَا ِسرِينَ (‪َ )65‬ب ِل اللّ َه فَاعُْبدْ وَ ُك ْن ِمنَ الشّا ِكرِينَ (‪)66‬‬

‫‪301‬‬
‫‪ -60‬ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على ال ‪ -‬فنسبوا إليه ما ليس له ‪ -‬وجوههم‬
‫مسودة من الزن والكآبة ‪ ،‬إن ف جهنم مقرا للمتكبين التعالي عن الق ‪.‬‬
‫‪ -61‬ويُنجّى ال الذين جعلوا لم وقاية من عذاب ال ‪ -‬با سبق ف علمه من فوزهم‬
‫‪ -‬لختيارهم الدى على الضلل ‪ ،‬ل يصيبهم ف هذا اليوم السوء ‪ ،‬ول هم يزنون‬
‫على فوت نعيم كانوا يؤملونه ‪.‬‬
‫‪ -62‬ال خالق كل شئ ‪ ،‬وهو ‪ -‬وحده ‪ -‬على كل شئ وكيل ‪ ،‬يتول أمره بقتضى‬
‫حكمته ‪.‬‬
‫‪ -63‬ل ‪ -‬وحده ‪ -‬تصاريف أمور السموات والرض ‪ ،‬فل يتصرف فيهن سواه ‪،‬‬
‫والكافرون بجج ال وبراهينه هم وحدهم ‪ -‬الاسرون أت خسران ‪.‬‬
‫‪ -64‬قل ‪ -‬يا ممد ‪ -‬أفبعد وضوح اليات على وجوب توحيد ال بالعبادة تأمرون‬
‫أن أخص غيه بالعبادة أيها الاهلون؟!‬
‫‪ -65‬وأقسم ‪ :‬لقد أوحى إليك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬وإل الرسل من قبلك ‪ :‬لئن أشركت‬
‫بال شيئا ما ‪ ،‬ليبطلن ال عملك ‪ ،‬ولتكونن من القوم الاسرين أت خسران ‪.‬‬
‫‪ -66‬ل تبهم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬إل ما طلبوه منك ‪ ،‬بل اعبد ال ‪ -‬وحده ‪ -‬وكن‬
‫من القوم الشاكرين له على نعمه ‪.‬‬

‫ض جَمِيعًا قَبْضَُت ُه َيوْمَ اْلقِيَامَ ِة وَالسّماوَاتُ مَ ْط ِويّاتٌ‬


‫وَمَا َقدَرُوا ال ّل َه َحقّ َقدْ ِر ِه وَاْلأَرْ ُ‬
‫صعِ َق َمنْ فِي السّمَاوَاتِ‬
‫خ فِي الصّو ِر فَ َ‬
‫شرِكُونَ (‪ )67‬وَُنفِ َ‬
‫بِيَمِيِن ِه سُبْحَانَ ُه َوتَعَالَى عَمّا ُي ْ‬
‫خ فِي ِه ُأخْرَى َفإِذَا هُ ْم قِيَا ٌم يَنْ ُظرُونَ (‪)68‬‬
‫ض إِلّا َمنْ شَا َء اللّ ُه ُثمّ ُنفِ َ‬
‫وَ َم ْن فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ضيَ بَيَْن ُهمْ‬
‫شهَدَا ِء َوقُ ِ‬
‫ي وَال ّ‬
‫ب وَجِي َء بِالنّبِيّ َ‬
‫ض َع الْكِتَا ُ‬
‫ض بِنُورِ َربّهَا وَوُ ِ‬
‫ت اْلأَرْ ُ‬
‫وََأ ْشرَقَ ِ‬
‫ت َوهُ َو أَعْ َل ُم بِمَا يَ ْفعَلُونَ (‪)70‬‬
‫س مَا َعمِلَ ْ‬
‫ح ّق َوهُ ْم لَا يُظْ َلمُونَ (‪ )69‬وَ ُوفّيَتْ ُك ّل َنفْ ٍ‬
‫بِالْ َ‬
‫ت َأبْوَابُهَا وَقَالَ َل ُهمْ َخ َزنَُتهَا‬
‫وَسِي َق الّذِينَ َك َفرُوا ِإلَى َجهَّنمَ ُز َمرًا حَتّى ِإذَا جَاءُوهَا فُِتحَ ْ‬
‫َألَ ْم َيأِْتكُمْ ُر ُسلٌ مِنْ ُكمْ يَتْلُونَ عَلَ ْيكُمْ َآيَاتِ َرّب ُكمْ َويُ ْنذِرُوَنكُ ْم ِلقَاءَ يَ ْومِ ُك ْم هَذَا قَالُوا بَلَى‬
‫وََل ِكنْ َحقّتْ كَلِ َم ُة اْلعَذَابِ عَلَى الْكَا ِفرِينَ (‪)71‬‬

‫‪302‬‬
‫‪-67‬وما عظّم الشركون ال حق عظمته ‪ ،‬وما عرفوه حق معرفته إذ أشركوا معه غيه‬
‫‪ ،‬ودعوا الرسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬إل الشرك به ‪ ،‬والرض جيعها ملوكة له‬
‫يوم القيامة ‪ ،‬والسموات قد طويت ‪ -‬كما تطوى الثياب ‪ -‬بيمينه ‪ ،‬تنه ال عن كل‬
‫نقص ‪ ،‬وتعال علوا كبيا عما يشركونه من دونه ‪.‬‬
‫‪ -68‬وسينفخ ‪ -‬حتما ‪ -‬ف الصور ‪ ،‬فيموت من ف السموات ومن ف الرض إل‬
‫من شاء ال أن يؤخرهم إل وقت آخر ‪ ،‬ث نفخ فيه أخرى فإذا الميع قائمون من‬
‫قبورهم ينتظرون ما يُفعل بم ‪.‬‬
‫‪ -69‬وأضاءت الرض ‪ -‬يومئذ ‪ -‬بنور خالقها ومالكها ‪ ،‬وأعد الكتاب الذى‬
‫سجلت فيه أعمالم ‪ ،‬وأحضر النبياء والعدول ليشهدوا على اللق ‪ ،‬وفصل بي‬
‫اللق بالعدل ‪ ،‬وهم ل يظلمون بنقص ثواب أو زيادة عقاب ‪.‬‬
‫‪ -70‬وأعطيت كل نفس جزاء عملها ‪ ،‬وال أعلم بفعلهم ‪.‬‬
‫ث الكافرون على السي ‪ -‬بعنف ‪ -‬إل جهنم جاعات جاعات ‪ ،‬حت إذا‬
‫‪ -71‬وحُ ّ‬
‫بلغوها فتحت أبوابا ‪ ،‬وقال لم حراسها ‪ -‬موبي ‪ : -‬أل يأتكم سفراء عن ال من‬
‫نوعكم ‪ ،‬يقرأون عليكم آيات ربكم ‪ ،‬ويُخوّفونكم لقاء يومكم هذا؟ قال الكافرون‬
‫مقرين ‪ :‬بلى جاءتنا الرسل ‪ ،‬ولكن وجبت كلمة العذاب على الكافرين ‪ ،‬لختيارهم‬
‫الكفر على اليان ‪.‬‬

‫س مَ ْثوَى الْمَُتكَبّرِينَ (‪َ )72‬وسِيقَ اّلذِي َن اتّ َقوْا‬


‫ب َجهَنّ َم خَاِلدِي َن فِيهَا فَبِئْ َ‬
‫قِيلَ ا ْدخُلُوا َأبْوَا َ‬
‫ت َأبْوَابُهَا وَقَالَ َل ُهمْ َخ َزنَُتهَا سَلَامٌ عَلَ ْي ُكمْ‬
‫َرّبهُ ْم ِإلَى الْجَّنةِ ُز َمرًا حَتّى ِإذَا جَاءُوهَا َوفُتِحَ ْ‬
‫ص َدقَنَا وَ ْع َدهُ َوَأوْرَثَنَا الْأَرْضَ‬
‫طِبُْت ْم فَادْخُلُوهَا خَاِلدِينَ (‪َ )73‬وقَالُوا الْحَ ْمدُ لِلّ ِه اّلذِي َ‬
‫ي ِمنْ حَ ْولِ‬
‫ث َنشَاءُ فَِنعْ َم أَ ْج ُر الْعَامِلِيَ (‪َ )74‬وَترَى الْمَلَائِ َكةَ حَافّ َ‬
‫نَتََبوُّأ ِمنَ الْجَّن ِة حَيْ ُ‬
‫ب الْعَالَمِيَ (‪)75‬‬
‫ح ْمدُ لِ ّلهِ َر ّ‬
‫حقّ َوقِيلَ الْ َ‬
‫ح ْمدِ َرّبهِ ْم َوقُضِ َي بَيَْن ُهمْ بِالْ َ‬
‫الْ َعرْشِ ُيسَبّحُو َن بِ َ‬

‫‪ -72‬قيل لم ‪ :‬ادخلوا أبواب جهنم مقدرا لكم فيها اللود ‪ ،‬فبئست جهنم مستقرا‬
‫للمتعالي عن قبول الق ‪.‬‬
‫ث التقون على السي ‪ -‬مكرمي ‪ -‬إل النة جاعات جاعات ‪ ،‬حت إذا‬
‫‪ -73‬وحُ ّ‬

‫‪303‬‬
‫بلغوها ‪ ،‬وقد فتحت أبوابا ‪ ،‬وقال لم حفظتها ‪ :‬أمان عظيم عليكم ‪ ،‬طبتم ف الدنيا‬
‫من دنس العاصى ‪ ،‬وطبتم ف الخرة ‪ -‬نفسا ‪ -‬با نلتم من النعيم ‪ ،‬فادخلوها ُم َقدّرا‬
‫لكم اللود ‪ ،‬فإن لكم من النعيم ما ل يطر على بال ‪.‬‬
‫‪ -74‬وقال التقون ‪ :‬الثناء ل ‪ -‬وحده ‪ -‬الذى حقق لنا ما وعدنا به على لسان رسله‬
‫‪ ،‬وملكنا أرض النة ننل منها حيث نشاء ‪ ،‬فنعم أجر العاملي الحسني النة ‪.‬‬
‫‪ -75‬وترى ‪ -‬أيها الرائى ‪ -‬اللئكة ميطي بالعرش ‪ ،‬يزهون ال عن كل نقص ‪،‬‬
‫تنيها مقترنا بمد خالقهم ومربيهم ‪ ،‬وفصل بي جيع اللئق بالعدل ‪ ،‬ونطق الكون‬
‫كله قائل ‪ :‬المد ل رب اللئق كلها ‪.‬‬

‫ب َوقَاِب ِل التّ ْوبِ َشدِيدِ‬


‫ب ِمنَ ال ّلهِ اْل َعزِي ِز الْعَلِيمِ (‪ )2‬غَا ِفرِ الذّنْ ِ‬
‫حم (‪ )1‬تَ ْنزِي ُل الْكِتَا ِ‬
‫ب ذِي ال ّطوْ ِل لَا ِإَلهَ إِلّا هُ َو ِإلَيْ ِه الْمَصِيُ (‪ )3‬مَا يُجَادِ ُل فِي َآيَاتِ ال ّلهِ إِلّا اّلذِينَ‬
‫الْ ِعقَا ِ‬
‫ب ِمنْ َب ْعدِ ِهمْ‬
‫ح وَاْلأَ ْحزَا ُ‬
‫ت قَبْ َل ُهمْ َقوْ ُم نُو ٍ‬
‫َك َفرُوا فَلَا َي ْغرُرْ َك َتقَلُّبهُ ْم فِي الْبِلَادِ (‪َ )4‬ك ّذبَ ْ‬
‫حقّ َفَأخَ ْذُتهُ ْم َفكَيْفَ‬
‫وَهَمّتْ ُك ّل أُ ّم ٍة ِبرَسُوِل ِهمْ لَِي ْأخُذُوهُ َوجَا َدلُوا بِالْبَا ِط ِل لُِيدْحِضُوا ِب ِه الْ َ‬
‫كَانَ ِعقَابِ (‪ )5‬وَ َكذَِلكَ َحقّتْ كَلِ َمةُ َرّبكَ عَلَى اّلذِينَ َك َفرُوا َأّنهُ ْم أَصْحَابُ النّارِ (‪)6‬‬

‫‪ -1‬ح ‪ .‬م ‪ :‬حرفان من حروف الجاء بدئت بما السورة ‪ -‬على طريقة القرآن ف‬
‫بعض السور ‪ -‬للشارة إل أن القرآن من جنس كلمهم ‪ ،‬ومع ذلك عجزوا عن‬
‫التيان بثله ‪.‬‬
‫‪ -3 ، 2‬تنيل القرآن من ال القوى الغالب ‪ ،‬الحيط علمه بكل شئ ‪ ،‬وقابل التوبة‬
‫من التائبي ‪ ،‬شديد العذاب ‪ ،‬صاحب النعام ‪ ،‬ل معبود بق إل هو ‪ ،‬إليه ‪ -‬وحده ‪-‬‬
‫الرجع والآل ‪.‬‬
‫‪ -4‬ما يارى ف آيات ال الدالة عليه إل الذين كفروا ‪ ،‬فل يدعك تنقلهم ف البلد‬
‫بتيسي ال شئونم مع كفرهم ‪.‬‬
‫‪ -5‬كذبت قبل هؤلء الشركي قوم نوح والجتمعون على معاداة الرسل من بعد‬
‫قومه ‪ ،‬وحرصت على إيقاع الشر برسولم ليأخذوه بالبطش ‪ ،‬وتاروا ف الباطل الذى‬
‫ل حقيقة له ‪ ،‬ليزيلوا بدلم الق الثابت ‪ ،‬فأخذتم بالعذاب الستأصل ‪ ،‬فانظر كيف‬

‫‪304‬‬
‫كان عقاب لم؟ ‪.‬‬
‫‪ -6‬وكما حقّت كلمة العذاب على المم الت كذّبت أنبياءها ‪ ،‬حقت كلمة ربك‬
‫على الكافرين بك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬لنم أصحاب النار ‪ ،‬لختيارهم الكفر على اليان ‪.‬‬

‫حمِلُونَ اْل َعرْشَ َو َمنْ َح ْولَ ُه ُيسَبّحُو َن بِحَ ْمدِ َرّب ِهمْ َوُيؤْمِنُو َن بِ ِه َوَيسْتَ ْغ ِفرُو َن لِ ّلذِينَ‬
‫الّذِينَ يَ ْ‬
‫َآمَنُوا َربّنَا وَ ِسعْتَ ُك ّل شَيْءٍ َرحْ َمةً وَعِ ْلمًا فَا ْغ ِفرْ لِلّذِينَ تَابُوا وَاتَّبعُوا سَبِي َلكَ َو ِقهِمْ‬
‫ح ِمنْ َآبَائِ ِهمْ‬
‫ب الْجَحِيمِ (‪َ )7‬ربّنَا َوَأدْخِ ْل ُهمْ جَنّاتِ َعدْنٍ الّتِي وَ َعدَْت ُهمْ َو َمنْ صَلَ َ‬
‫َعذَا َ‬
‫ت وَ َم ْن َتقِ السّيّئَاتِ‬
‫حكِيمُ (‪َ )8‬و ِقهِ ُم السّيّئَا ِ‬
‫ت الْ َعزِيزُ الْ َ‬
‫وَأَ ْزوَا ِج ِهمْ َوذُ ّريّاِت ِهمْ ِإّنكَ َأنْ َ‬
‫ت ال ّلهِ‬
‫ك ُهوَ اْلفَوْ ُز اْلعَظِيمُ (‪ )9‬إِنّ اّلذِينَ َك َفرُوا يُنَادَوْ َن لَ َمقْ ُ‬
‫يَ ْومَِئذٍ َف َقدْ َرحِمَْتهُ َو َذلِ َ‬
‫أَكَْبرُ ِم ْن َمقْتِ ُك ْم أَْن ُفسَ ُك ْم ِإذْ ُتدْ َعوْ َن ِإلَى اْلإِيَا ِن فََتكْ ُفرُونَ (‪ )10‬قَالُوا َربّنَا َأمَتّنَا اثْنَتَ ْينِ‬
‫وََأحْيَيْتَنَا اثْنَتَ ْي ِن فَاعَْت َرفْنَا ِب ُذنُوبِنَا َف َهلْ إِلَى ُخرُوجٍ مِ ْن سَبِيلٍ (‪)11‬‬

‫‪ -7‬الذين يملون العرش من اللئكة والحيطون به ‪ ،‬ينّهون مالك أمرهم ومربيهم‬


‫عن كل نقص تنيها مقترنا بالثناء عليه ‪ ،‬ويؤمنون به ويطلبون الغفرة للمؤمني قائلي‬
‫‪ :‬ربنا وسعت رحتك كل شئ ‪ ،‬وأحاط علمك بكل شئ ‪ ،‬فاصفح عن سيئات الذين‬
‫رجعوا إليك واتبعوا طريقك ‪ ،‬وجَنّ ْبهُم عذاب الحيم ‪.‬‬
‫‪ -8‬ويقول هؤلء اللئكة ‪ :‬ربنا وأدخل الؤمني جنات القامة الت وعدتم با على‬
‫لسان رسلك ‪ ،‬وأدخل معهم الصالي من الباء والزواج والذرية ‪ .‬إنك أنت ‪-‬‬
‫وحدك ‪ -‬الغالب الذى ل يغلب ‪ ،‬الكيم الذى ل يطئ ‪.‬‬
‫‪ -9‬ويقولون ف دعائهم ‪ :‬جنّب الؤمني جزاء سيئاتم ‪ ،‬ومن جنبته جزاء سيئاته يوم‬
‫الزاء فقد رحته بفضلك ‪ ،‬والوقاية من جزاء السيئات هو الظفر البالغ العظم ‪.‬‬
‫‪ -10‬إن الذين كفروا يُنادون ‪ :‬لكراهة ال وبُغضه لكم أكب من كراهتكم أنفسكم‬
‫الت أوردتكم موارد العذاب ‪ ،‬حي كنتم تدعون إل اليان مرة بعد مرة فتسارعون‬
‫إل الكفر ‪.‬‬
‫‪ -11‬قال الكافرون ‪ :‬ربنا أمتنا موتتي ‪ :‬موتة من حياتنا الدنيا ‪ ،‬وموتة من حياتنا ف‬

‫‪305‬‬
‫البزخ وأحييتنا مرتي ‪ :‬مرة هى حياتنا الدنيا ‪ ،‬ومرة أخرى بالبعث من القبور ‪ ،‬فهل‬
‫إل خروجنا من العذاب من طريق ‪.‬‬

‫ح ْكمُ لِ ّل ِه الْعَ ِليّ اْلكَبِيِ (‬


‫شرَ ْك ِبهِ ُت ْؤمِنُوا فَالْ ُ‬
‫َذلِ ُكمْ ِبَأّنهُ ِإذَا دُ ِع َي ال ّلهُ َوحْ َدهُ َك َف ْرتُ ْم َوإِنْ ُي ْ‬
‫‪ )12‬هُ َو الّذِي ُيرِي ُكمْ َآيَاِتهِ َويَُن ّزلُ َلكُ ْم ِمنَ السّمَاءِ ِر ْزقًا َومَا يََتذَ ّكرُ ِإلّا مَ ْن يُنِيبُ (‪)13‬‬
‫ت ذُو اْلعَرْشِ‬
‫فَادْعُوا ال ّل َه مُخْلِصِيَ لَ ُه الدّينَ َوَلوْ َك ِرهَ اْلكَا ِفرُونَ (‪َ )14‬رفِي ُع الدّ َرجَا ِ‬
‫ح ِمنْ َأ ْم ِرهِ عَلَى َم ْن َيشَا ُء ِمنْ عِبَا ِد ِه لِيُ ْنذِرَ َيوْ َم التّلَاقِ (‪ )15‬يَوْ َم ُه ْم بَارِزُونَ‬
‫يُ ْلقِي الرّو َ‬
‫جزَى‬
‫خفَى عَلَى ال ّل ِه مِ ْنهُ ْم شَيْ ٌء لِ َم ِن الْمُ ْلكُ الَْيوْ َم لِ ّلهِ اْلوَا ِحدِ اْل َقهّارِ (‪ )16‬الَْيوْ َم تُ ْ‬
‫لَا يَ ْ‬
‫حسَابِ (‪ )17‬وََأْنذِ ْرهُ ْم َيوْمَ اْلآَ ِز َفةِ‬
‫ت لَا ظُ ْل َم الَْيوْ َم إِنّ ال ّل َه سَرِي ُع الْ ِ‬
‫ُك ّل َنفْسٍ بِمَا َكسَبَ ْ‬
‫ي ِم ْن حَمِيمٍ وَلَا شَفِي ٍع يُطَاعُ (‪َ )18‬يعْلَمُ‬
‫ي مَا لِلظّالِمِ َ‬
‫ِإذِ اْلقُلُوبُ َلدَى الْحَنَا ِجرِ كَاظِ ِم َ‬
‫صدُورُ (‪)19‬‬
‫خفِي ال ّ‬
‫خَائَِنةَ اْلأَعُْي ِن وَمَا تُ ْ‬

‫‪ -12‬ذلكم العذاب الذى أنتم فيه لن شأنكم ف الدنيا إذا دُ ِعىَ ال ‪ -‬وحده ‪-‬‬
‫كفرت وإن يُشرك به غيه تُؤمنوا ‪ ،‬وإذا كان هذا شأنكم فقد استحققتم جزاء‬
‫شكرككم ‪ ،‬فالكم ل العلى الكبي الذى يازى من كفر با يستحقه ‪.‬‬
‫‪ -13‬ال الذى يريكم دلئل قدرته ‪ ،‬فينل لصالكم من السماء ماء يكون سبب‬
‫رزقكم ‪ .‬وما يتعظ بذا إل من يرجع إل التفكي ف آيات ال ‪.‬‬
‫‪ -14‬فاعبدوا ال ملصي له العبادة ‪ ،‬ولو أبغض الكافرون عبادتكم وإخلصكم ‪.‬‬
‫‪ -16 ، 15‬ال عال القامات ‪ ،‬صاحب العرش ‪ ،‬يُنل الوحى من قضائه وأمره على‬
‫من اصطفاه من عباده ‪ ،‬ليخوّف الناس عاقبة مالفة الرسلي يوم التقاء اللق أجعي ‪،‬‬
‫يوم الساب الذى يظهر فيه الناس واضحي ‪ ،‬ل يفى على ال من أمرهم شئ ‪،‬‬
‫يتسامعون ندا ًء رهيبا ‪ :‬لن اللك اليوم؟ وجوابا حاسا ‪ :‬ل الواحد التفرد بالكم بي‬
‫عباده ‪ ،‬البالغ القهر لم ‪.‬‬
‫‪ -17‬اليوم تُجزى كل نفس با فعلت ‪ ،‬ل ظلم اليوم بنقص أجر أو زيادة عقاب ‪ ،‬إن‬
‫ال سريع حسابه فل يتأخر عن وقته ‪.‬‬
‫‪ -18‬وخوّفهم ‪ -‬يا ممد ‪ -‬يوم القيامة القريبة ‪ ،‬حي تكون القلوب عند الناجر من‬

‫‪306‬‬
‫شدة الوف ‪ ،‬متلئي غيظا ل يستطيعون التعبي عنه ‪ ،‬ليس للظالي أنفسهم بالكفر‬
‫قريب ول شفيع يطاع ف أمرهم ‪.‬‬
‫‪ -19‬وهو ‪ -‬سبحانه ‪ -‬يعلم النظرة الائنة للعي ‪ ،‬وما تفيه الصدور من الكنونات ‪.‬‬

‫شيْ ٍء إِنّ ال ّل َه هُ َو السّمِيعُ‬


‫ح ّق وَاّلذِي َن َيدْعُونَ ِم ْن دُوِنهِ لَا َيقْضُو َن ِب َ‬
‫وَال ّلهُ َيقْضِي بِالْ َ‬
‫ض فَيَنْ ُظرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَ ُة الّذِينَ كَانُوا ِم ْن قَبْ ِل ِهمْ‬
‫الْبَصِيُ (‪َ )20‬أ َولَ ْم َيسِيُوا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ض َفَأ َخذَ ُهمُ ال ّلهُ بِ ُذنُوِب ِهمْ َومَا كَا َن َل ُهمْ مِ َن ال ّلهِ‬
‫كَانُوا هُ ْم َأشَ ّد مِ ْنهُ ْم ُق ّوةً وَ َآثَارًا فِي الْأَرْ ِ‬
‫ت َت ْأتِي ِهمْ ُرسُ ُلهُ ْم بِالْبَيّنَاتِ َف َك َفرُوا َفَأخَ َذ ُهمُ ال ّلهُ ِإّنهُ قَوِيّ‬
‫ك ِبأَّن ُهمْ كَانَ ْ‬
‫ِمنْ وَاقٍ (‪َ )21‬ذلِ َ‬
‫شَدِيدُ اْلعِقَابِ (‪َ )22‬وَلقَ ْد أَ ْرسَلْنَا مُوسَى ِب َآيَاتِنَا وَسُلْطَا ٍن مُبِيٍ (‪ِ )23‬إلَى ِفرْ َعوْنَ‬
‫ح ّق ِمنْ عِ ْن ِدنَا قَالُوا اقْتُلُوا‬
‫وَهَامَا َن َوقَارُو َن َفقَالُوا سَا ِحرٌ َكذّابٌ (‪ )24‬فَلَمّا جَا َء ُهمْ بِالْ َ‬
‫َأبْنَا َء اّلذِينَ َآمَنُوا َم َعهُ وَاسْتَحْيُوا ِنسَا َءهُ ْم َومَا كَ ْي ُد الْكَافِرِينَ ِإلّا فِي ضَلَالٍ (‪َ )25‬وقَالَ‬
‫ف أَ ْن يَُبدّ َل دِينَ ُك ْم أَ ْو أَ ْن يُ ْظ ِهرَ فِي‬
‫ِفرْ َعوْنُ ذَرُونِي َأقُْتلْ مُوسَى َولْيَدْعُ َرّب ُه ِإنّي أَخَا ُ‬
‫ض اْل َفسَادَ (‪)26‬‬
‫الْأَرْ ِ‬

‫‪ -20‬وال يكم بالعدل ‪ ،‬والشركاء الذين يدعونم من دون ال ل يكمون بشئ‬


‫لعجزهم ‪ ،‬إن ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الحيط بكل ما يسمع ويبصر ‪.‬‬
‫‪ -21‬أقعد الشركون ول يسيوا ف الرض ‪ ،‬فيوا كيف كان حال المم الذين كانوا‬
‫من قبلهم؟ كانوا ‪ -‬هم ‪ -‬أشد منهم قدرة وآثارا ف الرض ‪ ،‬فاستأصلهم ال‬
‫بذنوبم ‪ ،‬وليس لم من ال حافظ يفظهم من عذابه ‪.‬‬
‫‪ -22‬ذلك العذاب الذى نزل بم ‪ ،‬لنم كانت تأتيهم رسلهم بالدلة الواضحات‬
‫فجحدوها ‪ ،‬فعجّل ال عذابم الستأصل ‪ ،‬إنه ذو قوة عظيمة ‪ ،‬بالغ الشدة ف العذاب‬
‫‪.‬‬
‫‪ -24 ، 23‬لقد أرسلنا موسى بعجزاتنا وبرهان ذى سلطان واضح إل فرعون‬
‫وهامان وقارون فقالوا ‪ :‬هو ساحر با جاء من العجزات ‪ ،‬مبالغ ف الكذب لدعواه أنه‬
‫رسول من ربه ‪.‬‬
‫‪ -25‬فلما أتاهم موسى بالق من عندنا ‪ ،‬قال فرعون ومن معه لتباعهم ‪ :‬اقتلوا أبناء‬

‫‪307‬‬
‫الذين آمنوا معه واتركوا نساءهم أحياء ‪ .‬وليس مكر الكافرين إل ذاهبا ف متاهة‬
‫وضياع ‪.‬‬
‫ع ربه لينقذه من ‪ ،‬إن أخشى أن يغيّر‬
‫‪ -26‬وقال فرعون ‪ :‬دعون أقتل موسى وليد ُ‬
‫دينكم ‪ -‬يا قوم ‪ -‬أو أن يشيع ف الرض الفت ‪.‬‬

‫حسَابِ (‪َ )27‬وقَالَ‬


‫َوقَالَ مُوسَى إِنّي ُع ْذتُ ِب َربّي وَ َربّ ُكمْ ِمنْ ُك ّل مَُتكَّبرٍ لَا يُ ْؤ ِمنُ بَِيوْ ِم الْ ِ‬
‫َر ُجلٌ ُم ْؤمِ ٌن ِمنْ َآلِ ِفرْ َعوْ َن َيكُْتمُ إِيَانَ ُه َأَتقْتُلُونَ َرجُلًا أَنْ َيقُولَ َرّبيَ ال ّلهُ وَ َق ْد جَاءَ ُكمْ‬
‫ض الّذِي‬
‫بِالْبَيّنَاتِ ِمنْ َرّبكُ ْم َوإِنْ َيكُ كَاذِبًا فَعَلَ ْيهِ َك ِذُبهُ َوإِ ْن يَكُ صَا ِدقًا يُصِ ْب ُكمْ َبعْ ُ‬
‫ك الْيَوْمَ ظَا ِهرِينَ‬
‫سرِفٌ َكذّابٌ (‪ )28‬يَا قَوْ ِم َل ُكمُ الْمُ ْل ُ‬
‫َيعِدُ ُك ْم إِنّ ال ّل َه لَا َي ْهدِي َم ْن هُ َو ُم ْ‬
‫ص ُرنَا ِم ْن َبأْسِ ال ّلهِ إِ ْن جَا َءنَا قَالَ ِفرْ َعوْ ُن مَا أُرِي ُكمْ ِإلّا مَا أَرَى وَمَا‬
‫فِي اْلأَرْضِ فَ َمنْ يَنْ ُ‬
‫أَ ْهدِي ُكمْ إِلّا سَبِيلَ الرّشَادِ (‪َ )29‬وقَالَ اّلذِي َآ َمنَ يَا قَوْ ِم ِإنّي َأخَافُ عَلَ ْي ُكمْ مِ ْث َل َيوْمِ‬
‫ح وَعَادٍ وَثَمُودَ وَاّلذِي َن ِمنْ َب ْعدِ ِهمْ َومَا ال ّل ُه ُيرِيدُ ظُلْمًا‬
‫ب َقوْ ِم نُو ٍ‬
‫الَْأحْزَابِ (‪ )30‬مِ ْث َل َدأْ ِ‬
‫لِ ْلعِبَادِ (‪َ )31‬ويَا َقوْ ِم ِإنّي َأخَافُ َعلَ ْيكُ ْم َيوْمَ التّنَادِ (‪ )32‬يَوْ َم ُت َولّو َن ُم ْدبِرِينَ مَا َلكُ ْم ِمنَ‬
‫صمٍ َو َمنْ يُضْ ِللِ ال ّلهُ فَمَا َل ُه ِمنْ هَادٍ (‪)33‬‬
‫اللّ ِه ِمنْ عَا ِ‬

‫‪ -27‬وقال موسى لفرعون وقومه ‪ :‬إن تصنت بالك أمرى الذى ربان ‪ ،‬ومالك‬
‫أمركم ومربيكم بنعمه وإحسانه ‪ ،‬من كل متغطرس متعال ل يؤمن بيوم الساب ‪.‬‬
‫‪ -28‬وقال رجل مؤمن من أهل فرعون يفى إيانه ‪ -‬ماطبا قومه ‪ : -‬أتقصدون‬
‫ل بالقتل لنه يقول ‪ :‬معبودىَ ال ‪ ،‬وقد جاءكم بالدلة الواضحات من مالك‬
‫رج ً‬
‫أمركم ومربيكم ‪ ،‬وإن يكن كاذبا ف دعواه فعليه ‪ -‬وحده ‪ -‬وبال كذبه ‪ ،‬وإن يكن‬
‫صادقا يُنل بكم بعض الذى يوفكم به من العذاب ‪ ،‬إن ال ل يوفق إل طريق النجاة‬
‫من هو ماوز الد مبالغ ف الكذب ‪.‬‬
‫‪ -29‬قال فرعون ‪ :‬ما دعوتكم إليه هو الق ‪ ،‬وما أدعوكم إليه هو طريق الي‬
‫والرشاد ‪.‬‬
‫‪ -31 ، 30‬وقال الرجل الذى آمن من آل فرعون ‪ :‬يا قوم إن أخشى عليكم يوما‬
‫مثل يوم القوام التحزبي على رسلهم ‪ ،‬مثل عادة قوم نوح وعاد وثود والقوام‬

‫‪308‬‬
‫الذين من بعدهم ‪ ،‬وما ال يشاء ظلما لعباده ‪.‬‬
‫‪ -33 ، 32‬ويا قوم ‪ :‬إن أخاف عليكم يوم تفرون مدبرين ليس لكم من ال من مانع‬
‫‪ ،‬ومن يضلله ال ‪ -‬لعلمه أنه يتار الضللة على الدى ‪ -‬فما له من مرشد يهديه ‪.‬‬

‫ف ِمنْ قَ ْب ُل بِالْبَيّنَاتِ فَمَا ِزلُْت ْم فِي َشكّ مِمّا جَاءَ ُكمْ بِ ِه حَتّى ِإذَا هَ َلكَ‬
‫وََل َقدْ جَاءَ ُك ْم يُوسُ ُ‬
‫ف ُم ْرتَابٌ (‪)34‬‬
‫ضلّ ال ّل ُه َمنْ ُهوَ ُمسْرِ ٌ‬
‫ك يُ ِ‬
‫قُلُْتمْ َل ْن يَ ْبعَثَ ال ّل ُه ِمنْ َب ْع ِدهِ َرسُولًا َك َذلِ َ‬
‫ت اللّ ِه ِبغَ ْيرِ سُلْطَا ٍن َأتَا ُهمْ َكُبرَ َمقْتًا عِ ْن َد اللّ ِه وَعِ ْندَ اّلذِينَ َآمَنُوا‬
‫الّذِينَ يُجَا ِدلُو َن فِي َآيَا ِ‬
‫ك يَطْبَ ُع ال ّلهُ عَلَى ُكلّ قَلْبِ مُتَكَّب ٍر جَبّارٍ (‪َ )35‬وقَا َل ِفرْ َعوْنُ يَا هَامَا ُن ابْ ِن لِي‬
‫َك َذلِ َ‬
‫ص ْرحًا َلعَلّي َأبْلُ ُغ الَْأسْبَابَ (‪ )36‬أَسْبَابَ السّمَاوَاتِ َفأَطّ ِل َع إِلَى إَِل ِه مُوسَى َوإِنّي َلأَظُّنهُ‬
‫َ‬
‫صدّ َع ِن السّبِيلِ َومَا كَ ْيدُ ِفرْ َعوْ َن ِإلّا فِي تَبَابٍ‬
‫كَاذِبًا وَ َكذَِلكَ ُزيّ َن ِل ِفرْ َعوْنَ سُوءُ َعمَ ِلهِ وَ ُ‬
‫(‪َ )37‬وقَالَ اّلذِي َآ َمنَ يَا قَوْ ِم اتِّبعُونِ َأ ْهدِ ُكمْ سَبِي َل ال ّرشَادِ (‪ )38‬يَا َقوْ ِم ِإنّمَا َه ِذهِ‬
‫جزَى إِلّا مِثْ َلهَا‬
‫ع وَإِ ّن اْلآَ ِخ َرةَ ِهيَ دَا ُر اْلقَرَارِ (‪َ )39‬منْ عَ ِم َل سَيَّئةً فَلَا يُ ْ‬
‫الْحَيَاةُ الدّنْيَا مَتَا ٌ‬
‫ك يَ ْدخُلُونَ الْجَّن َة ُيرْ َزقُو َن فِيهَا ِبغَ ْيرِ‬
‫وَ َمنْ عَ ِملَ صَالِحًا ِم ْن ذَ َكرٍ َأ ْو ُأنْثَى وَ ُهوَ مُ ْؤ ِمنٌ َفأُولَِئ َ‬
‫ِحسَابٍ (‪)40‬‬

‫‪ -34‬لقد أتاكم يوسف من قبل موسى باليات الواضحات ‪ ،‬فما زلتم ف شك ما‬
‫أتاكم به ‪ ،‬حت إذا مات قلتم ‪ :‬لن يرسل ال من بعد يوسف رسول ‪ ،‬مثل هذا‬
‫الضلل الشنيع يُضل ال من هو ماوز الد ‪ ،‬كثي الشك والرتياب ‪.‬‬
‫‪ -35‬الذين يادلون ف آيات ال بغي برهان جاءهم ‪ ،‬كَُبرَ كرها وسخطا عند ال‬
‫وعند الؤمني ما انطبعوا عليه من الدال ‪ ،‬مثل هذا التم يتم ال على كل قلب‬
‫متعال على اللق ‪ ،‬متسلط على الناس ‪.‬‬
‫‪ -37 ، 36‬وقال فرعون ‪ :‬يا هامان ابن ل بنا ًء عاليا رجاء أن أبلغ السالك ‪ ،‬مسالك‬
‫السموات فأرى إله موسى ‪ ،‬وإن لظنه كاذبا ف دعوى الرسالة ‪ ،‬ومثل هذا التزين‬
‫الباطل زين لفرعون سوء عمله حت رآه حسنا ‪ ،‬ومنع عن سبيل الق لختياره سبيل‬
‫الضللة ‪ ،‬وليس مكر فرعون إل ف خسار عظيم ‪.‬‬
‫‪ -38‬وقال الذى آمن من قوم فرعون ‪ :‬يا قوم اقتدوا ب أرشدكم طريق الصلح ‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫‪ -39‬يا قوم ‪ :‬ما هذه الياة الدنيا إل كمتاع الراكب يفن بسرعة ‪ ،‬وإن الدار الخرة‬
‫هى ‪ -‬وحدها ‪ -‬دار الستقرار ‪.‬‬
‫‪ -40‬من عمل سيئة ف الدنيا فل يُجازى عليها ف الخرة إل مثلها ‪ ،‬ومن عمل صالا‬
‫من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون النة يرزقون فيها رزقا غي مقدر بساب‬
‫الاسبي ‪.‬‬

‫وَيَا َقوْمِ مَا لِي َأدْعُو ُكمْ ِإلَى النّجَا ِة َوتَدْعُونَنِي ِإلَى النّارِ (‪َ )41‬تدْعُونَنِي ِلأَكْ ُف َر بِال ّلهِ‬
‫س لِي بِهِ عِ ْل ٌم َوَأنَا َأدْعُو ُكمْ ِإلَى اْلعَزِيزِ اْلغَفّارِ (‪ )42‬لَا َجرَ َم َأنّمَا‬
‫وَُأ ْشرِكَ بِ ِه مَا لَيْ َ‬
‫س ِرفِيَ‬
‫س َل ُه دَ ْع َوةٌ فِي ال ّدنْيَا َولَا فِي الْ َآخِ َر ِة َوأَنّ َم َر ّدنَا ِإلَى ال ّلهِ َوأَنّ الْ ُم ْ‬
‫َتدْعُونَنِي ِإلَ ْيهِ لَيْ َ‬
‫ض أَ ْمرِي ِإلَى ال ّل ِه إِ ّن اللّ َه بَصِيٌ‬
‫ب النّارِ (‪َ )43‬فسََتذْكُرُو َن مَا َأقُو ُل لَ ُك ْم وَُأ َفوّ ُ‬
‫هُ ْم أَصْحَا ُ‬
‫ق ِبآَ ِل ِفرْ َعوْنَ سُو ُء اْلعَذَابِ (‪ )45‬النّارُ‬
‫ت مَا َم َكرُوا وَحَا َ‬
‫بِاْلعِبَادِ (‪َ )44‬ف َوقَا ُه ال ّلهُ سَيّئَا ِ‬
‫ُيعْرَضُونَ عَلَ ْيهَا ُغ ُدوّا وَ َعشِيّا َويَوْ َم َتقُومُ السّا َعةُ أَ ْدخِلُوا َآ َل ِفرْ َعوْنَ أَ َشدّ اْل َعذَابِ (‪)46‬‬
‫ض َعفَا ُء لِ ّلذِينَ اسْتَكَْبرُوا ِإنّا كُنّا َلكُ ْم تََبعًا َف َهلْ أَنُْتمْ‬
‫وَِإ ْذ يَتَحَاجّو َن فِي النّا ِر فََيقُولُ ال ّ‬
‫ُمغْنُونَ عَنّا نَصِيبًا ِمنَ النّارِ (‪)47‬‬

‫‪ -42 ، 41‬ويا قوم ‪ :‬أى شئ ل ‪ ،‬أدعوكم إل أسباب النجاة وتدعونن إل النار؟ ‪.‬‬
‫تدعونن إل الكفر بال وإشراك من ل علم ل به ‪ ،‬وأنا أدعوكم إل القوى الذى ل‬
‫يغلب ‪ ،‬الكثي الغفرة للذنوب ‪.‬‬
‫‪ -43‬ل مالة أن الله الذى تدعونن إل عبادته ليس له دعوة يستجيبها ف الدنيا ول‬
‫ف الخرة ‪ ،‬وأن مرجعنا إل ال ‪ ،‬وأن الجاوزين الدود هم أهل النار ل الؤمني‬
‫العتدلي ‪.‬‬
‫‪ -44‬فستعلمون صدق ما قلته لكم ‪ ،‬وأكل أمرى إل ال ‪ ،‬إن ال ميط بصره بالعباد‬
‫فيجازيهم على أعمالم ‪.‬‬
‫‪ - 46 ، 45‬فَ َوقَى ال مؤمن آل فرعون شدائد مكرهم وأحاط بآل فرعون العذاب‬
‫السيئ ‪ .‬النار يدخلونا صباحا ومسا ًء ‪ ،‬هذا ف الدنيا وهم ف عال البزخ ‪ ،‬ويوم‬
‫القيامة يقول ال تعال ‪ :‬أدخلوا قوم فرعون أشد أنوع العذاب ‪.‬‬

‫‪310‬‬
‫‪ -47‬واذكر لم ‪ -‬يا ممد ‪ -‬حي يتخاصم أهل النار فيها ‪ ،‬فيقول الضعفاء ‪ -‬وهم‬
‫التباع ‪ -‬للمستكبين ‪ -‬وهم الرؤساء ‪ : -‬إنا كنا لكم ف الدنيا تَبعا ‪ ،‬فهل أنتم‬
‫حاملون عنا جزءا من عذاب النار؟ ‪.‬‬

‫قَا َل الّذِينَ اسْتَكَْبرُوا ِإنّا ُك ّل فِيهَا إِنّ ال ّل َه َقدْ َحكَ َم بَ ْينَ اْلعِبَادِ (‪َ )48‬وقَالَ اّلذِي َن فِي‬
‫خفّفْ عَنّا يَ ْومًا ِم َن الْ َعذَابِ (‪ )49‬قَالُوا َأ َولَ ْم تَكُ‬
‫خ َزَنةِ َجهَّنمَ ادْعُوا َربّ ُكمْ يُ َ‬
‫النّا ِر لِ َ‬
‫َتأْتِيكُمْ ُرسُ ُلكُ ْم بِالْبَيّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَا ُء الْكَافِرِينَ ِإلّا فِي ضَلَالٍ (‪)50‬‬
‫صرُ ُرسُلَنَا وَالّذِينَ َآمَنُوا فِي الْحَيَاةِ ال ّدنْيَا َويَوْ َم َيقُو ُم الَْأ ْشهَادُ (‪ )51‬يَوْ َم لَا يَ ْنفَعُ‬
‫ِإنّا لَنَنْ ُ‬
‫ي َم ْعذِ َرُتهُ ْم َولَ ُهمُ ال ّلعَْنةُ َوَل ُهمْ سُو ُء الدّارِ (‪ )52‬وََل َقدْ َآتَيْنَا مُوسَى الْ ُهدَى َوَأوْ َرثْنَا‬
‫الظّالِمِ َ‬
‫بَنِي ِإسْرَائِيلَ اْلكِتَابَ (‪ )53‬هُدًى َوذِ ْكرَى ِلأُولِي اْلَألْبَابِ (‪ )54‬فَاصِْب ْر إِ ّن وَ ْعدَ ال ّلهِ‬
‫ك بِاْل َعشِ ّي وَاْلِإبْكَارِ (‪)55‬‬
‫ح ْمدِ َربّ َ‬
‫ح بِ َ‬
‫ك وَسَبّ ْ‬
‫حَ ّق وَاسَْت ْغفِ ْر ِل َذنْبِ َ‬

‫‪ -48‬قال الستكبون ‪ :‬إننا كلنا فيها ‪ -‬نن وأنتم ‪ -‬إن ال فصل بالق بي العباد ‪،‬‬
‫فلكل منا ما قضاه عليه من العذاب ‪.‬‬
‫‪ -49‬وقال الذين ف النار من الضعفاء والكباء لفظة جهنم ‪ -‬متوسلي إليهم ‪-‬‬
‫ادعوا إلكم يُخفف عنا يوما من العذاب نستروح فيه ‪.‬‬
‫‪ -50‬قال خزنة جهنم لم ‪ -‬موبي ‪ : -‬أل تتنبهوا إل ما نزل بكم وكانت تيئكم‬
‫الرسل بالباهي الواضحات؟ قال أهل جهنم ‪ :‬بلى جاءتنا الرسل فكذبناها ‪ .‬قال‬
‫الزنة ‪ :‬فإذا كان المر كذلك فادعوا ‪ -‬أنتم ‪ -‬وما دعاء الاحدين إل ف ضياع ‪.‬‬
‫‪ -51‬إنا لننصر رسلنا والؤمني ف الياة الدنيا بالنتقام من أعدائهم ‪ ،‬وإقامة الُجة‬
‫عليهم ‪ ،‬وف يوم القيامة يوم يقوم الشهود يشهدون للرسل بالتبليغ ‪ ،‬ويشهدون على‬
‫الكفرة بالتكذيب ‪.‬‬
‫‪ -52‬يوم ل ينفع الظالي اعتذارهم عمّا فرط منهم ف الدنيا ‪ ،‬ولم الطرد من الرحة ‪،‬‬
‫ولم سوء الدار ‪.‬‬
‫‪ -54 ، 53‬لقد آتينا موسى ما يهتدى به إل الق ‪ ،‬وأورثنا بن إسرائيل التوراة هادية‬
‫ومذكرة لصحاب العقول السليمة ‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫‪ -55‬إذا عرفت ما قصصناه عليك فاصب ‪ -‬يا ممد ‪ -‬على ما ينالك من أذى ‪ ،‬إن‬
‫وعد ال بنصرك ونصر الؤمني حق ل يتخلف ‪ ،‬واطلب الغفرة من ربك لا قد يُعد‬
‫ذنبا بالنسبة إليك ‪ ،‬ونزّه ربك عن النقائص تنيها مقترنا بالثناء عليه أواخر النهار‬
‫وأوائله ‪.‬‬

‫صدُورِ ِهمْ إِلّا كِ ْب ٌر مَا ُهمْ‬


‫ت اللّ ِه ِبغَ ْيرِ سُلْطَا ٍن َأتَا ُهمْ إِ ْن فِي ُ‬
‫إِنّ اّلذِينَ يُجَا ِدلُو َن فِي َآيَا ِ‬
‫ض أَكَْب ُر ِمنْ‬
‫بِبَاِلغِيهِ فَاسْتَ ِع ْذ بِال ّلهِ إِّن ُه هُ َو السّمِي ُع الْبَصِيُ (‪ )56‬لَخَ ْل ُق السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬
‫س لَا َيعْلَمُونَ (‪ )57‬وَمَا َيسْتَوِي الْأَ ْعمَى وَالْبَصِيُ وَاّلذِينَ‬
‫خَ ْلقِ النّاسِ َولَ ِك ّن أَكَْثرَ النّا ِ‬
‫َآمَنُوا وَعَ ِملُوا الصّالِحَاتِ َولَا الْ ُمسِي ُء قَلِيلًا مَا تََتذَ ّكرُونَ (‪ )58‬إِ ّن السّا َع َة َل َآتِيَ ٌة لَا َريْبَ‬
‫ب َلكُ ْم إِ ّن الّذِينَ‬
‫فِيهَا َولَ ِك ّن أَكَْثرَ النّاسِ لَا ُيؤْمِنُونَ (‪َ )59‬وقَالَ َرّب ُكمُ ادْعُونِي َأسْتَجِ ْ‬
‫َيسْتَكِْبرُونَ َعنْ عِبَا َدتِي سَيَ ْدخُلُونَ َجهَّنمَ دَا ِخرِينَ (‪ )60‬ال ّلهُ اّلذِي َج َعلَ َل ُكمُ اللّ ْيلَ‬
‫س لَا‬
‫س وََل ِكنّ أَكَْث َر النّا ِ‬
‫ضلٍ عَلَى النّا ِ‬
‫صرًا إِ ّن اللّ َه َلذُو فَ ْ‬
‫لَِتسْكُنُوا فِي ِه وَالّنهَارَ مُبْ ِ‬
‫َيشْ ُكرُونَ (‪َ )61‬ذلِ ُكمُ ال ّلهُ َربّ ُك ْم خَاِلقُ ُك ّل َشيْ ٍء لَا ِإَلهَ ِإلّا ُه َو َفأَنّى ُت ْؤفَكُونَ (‪)62‬‬

‫‪ -56‬إن الذين يارون ف دلئل ال بغي حُجة منه ‪ -‬تعال ‪ -‬ليس ف صدورهم إل‬
‫تعال عن اتباع الق ‪ ،‬وليس تعاليهم بوصلهم إل غايتهم ‪ ،‬فاطلب الفظ من ال ‪ ،‬إنه‬
‫هو الحيط سعه وبصره بكل شئ ‪.‬‬
‫‪ -57‬أقسم ‪ :‬للق السموات والرض أعظم من خلق الناس ‪ ،‬لكن أكثر الناس سلبوا‬
‫العلم ‪ ،‬فلم يؤمنوا بالبعث مع إقرارهم بأنه خالق السموات والرض ‪.‬‬
‫‪ -58‬وما يستوى العمى عن الق والبصي العارف به ‪ ،‬ول يستوى الحسنون الذين‬
‫آمنوا وعملوا الصالات والسئ ف عقيدته وعمله ‪ ،‬قليل ‪ -‬أى قليل ‪ -‬تتذكرون ‪-‬‬
‫أيها الناس ‪.‬‬
‫‪ -59‬إن القيامة لتية ل شك فيها ‪ ،‬ولكن أكثر الناس ل يصدقون ‪.‬‬
‫‪ -60‬وقال خالقكم ومالك أمركم ‪ :‬اسألون أعطكم ‪ ،‬إن الذين يتعاظمون عن دعائى‬
‫سيدخلون جهنم أذلء صاغرين ‪.‬‬
‫‪ -61‬ال ‪ -‬وحده ‪ -‬الذى جعل لكم الليل لتهدأوا فيه وتستريوا من العمل ‪،‬‬

‫‪312‬‬
‫والنهار مضيئا لتعملوا فيه ‪ ،‬إن ال لصاحب فضل عظيم على الناس ‪ ،‬ولكن أكثرهم‬
‫ل يشكرونه على نعمه ‪.‬‬
‫‪ -62‬ذلكم النعم بذه النعم الليلة ال مالك أمركم ‪ ،‬خالق كل شئ ‪ ،‬ل معبود بق‬
‫إل هو ‪ ،‬فإل أى جهة تصرفون عن عبادته إل عبادة غيه؟ ‪.‬‬

‫حدُونَ (‪ )63‬ال ّلهُ اّلذِي َج َعلَ َل ُكمُ اْلأَرْضَ‬


‫جَ‬‫ت ال ّلهِ يَ ْ‬
‫ك ُيؤْ َفكُ اّلذِينَ كَانُوا ِبآَيَا ِ‬
‫َك َذلِ َ‬
‫صوَرَ ُك ْم وَرَ َز َقكُ ْم ِمنَ الطّيّبَاتِ َذِل ُكمُ ال ّلهُ َرّب ُكمْ‬
‫سنَ ُ‬
‫صوّرَ ُكمْ فََأ ْح َ‬
‫َقرَارًا وَالسّمَا َء بِنَا ًء وَ َ‬
‫ي َلهُ الدّينَ‬
‫صَ‬‫حيّ لَا ِإلَ َه ِإلّا ُهوَ فَادْعُوهُ مُخْلِ ِ‬
‫ب الْعَالَمِيَ (‪ )64‬هُ َو الْ َ‬
‫فَتَبَارَ َك اللّهُ َر ّ‬
‫ت أَ ْن أَعُْب َد الّذِينَ َتدْعُو َن ِمنْ دُو ِن اللّ ِه لَمّا‬
‫ب الْعَالَمِيَ (‪ُ )65‬قلْ ِإنّي ُنهِي ُ‬
‫الْحَ ْمدُ لِلّهِ َر ّ‬
‫جَا َءِنيَ الْبَيّنَاتُ ِمنْ َربّي َوُأمِ ْرتُ أَنْ ُأسْ ِلمَ ِل َربّ اْلعَالَ ِميَ (‪)66‬‬

‫‪ -63‬مثل هذا النصراف عن الق إل الباطل انصرف الذين كانوا من قبلكم ‪،‬‬
‫ينكرون آيات ال ويحدونا ‪.‬‬
‫‪ -64‬ال ‪ -‬وحده ‪ -‬الذى جعل لكم الرض مستقرة صالة لياتكم عليها ‪،‬‬
‫والسماء بناء مكم الترابط ‪ ،‬وقدّر خلقكم فأبدع صوركم ‪ ،‬وجعلكم ف أحسن تقوي‬
‫‪ ،‬ورزقكم من الباحات ما يلذ لكم ‪ ،‬ذلك النعم بذه النعم ال ربكم ‪ ،‬فتعال ال‬
‫مالك العوال كلها ومربيهم ‪.‬‬
‫‪ -65‬هو النفرد بالياة الدائمة ‪ ،‬ل معبود بق إل هو ‪ ،‬فتوجهوا بالدعاء إليه ملصي‬
‫له العبادة ‪ ،‬الثناء كله حق ثابت ل رب اللئق جيعا ‪.‬‬
‫‪ -66‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬إن نُهيت عن عبادة اللة الت تعبدونا من دون ال‬
‫حي جاءن الُجج من رب ‪ ،‬وأمرت أن أنقاد ف كل أمورى ل رب العوال كلها ‪.‬‬

‫خ ِرجُ ُكمْ ِطفْلًا ُث ّم لِتَبْ ُلغُوا‬


‫ب ثُ ّم ِمنْ نُ ْطفَ ٍة ُثمّ ِمنْ عَ َل َقةٍ ثُ ّم يُ ْ‬
‫هُ َو الّذِي خَ َلقَ ُكمْ ِم ْن ُترَا ٍ‬
‫أَ ُشدّ ُكمْ ُث ّم لَِتكُونُوا شُيُوخًا َومِنْ ُك ْم َمنْ يَُت َوفّى ِمنْ قَ ْب ُل َولِتَبْ ُلغُوا أَجَلًا ُمسَمّى َولَعَ ّل ُكمْ‬
‫ت َفِإذَا قَضَى أَ ْمرًا َفِإنّمَا يَقُو ُل َلهُ ُكنْ فََيكُونُ (‪)68‬‬
‫َتعْقِلُونَ (‪ُ )67‬هوَ اّلذِي ُيحْيِي َويُمِي ُ‬

‫‪313‬‬
‫‪ -67‬ال ‪ -‬وحده ‪ -‬الذى خلقكم ‪ -‬يا بن آدم ‪ -‬من تراب ‪ ،‬ث حول هذا التراب‬
‫نطفة ‪ ،‬ث حول هذه النطفة إل قطعة دم جامدة ‪ ،‬ث يُخرجكم من بطون أمهاتكم‬
‫أطفال ‪ ،‬ث يد ف آجالكم لتبلغوا سن الكمال ف القوة والعقل ‪ ،‬ث يطيل أعماركم‬
‫لتكونوا شيوخا ‪ ،‬ومنكم من يُتوف قبل سن الشباب أو الشيخوخة ‪ ،‬وخلقكم ال على‬
‫هذا النمط لتبلغوا وقتا مسمى عنده وهو يوم البعث ‪ ،‬ولكى تعقلوا ما ف هذا التنقل‬
‫ف الطوار من حكم وعب ‪.‬‬
‫‪ -68‬ال الذى يي وييت ‪ ،‬فإذا أراد إبراز أمر إل الوجود فإنا يقول له ‪ :‬كن ‪.‬‬
‫فيكون دون تلف ‪.‬‬

‫ص َرفُونَ (‪ )69‬الّذِينَ َك ّذبُوا بِالْكِتَابِ‬


‫َألَ ْم َترَ ِإلَى اّلذِي َن يُجَادِلُو َن فِي َآيَاتِ ال ّلهِ أَنّى يُ ْ‬
‫ف َيعْلَمُونَ (‪ِ )70‬إ ِذ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِ ِه ْم وَالسّلَا ِسلُ‬
‫سوْ َ‬
‫وَبِمَا أَ ْرسَلْنَا ِبهِ ُرسُلَنَا َف َ‬
‫جرُونَ (‪ُ )72‬ثمّ قِي َل َلهُ ْم َأْينَ مَا كُنُْتمْ‬
‫حمِيمِ ُث ّم فِي النّارِ ُيسْ َ‬
‫ُيسْحَبُونَ (‪ )71‬فِي الْ َ‬
‫ُتشْرِكُونَ (‪ِ )73‬منْ دُو ِن اللّ ِه قَالُوا ضَلّوا َعنّا َب ْل َلمْ َن ُكنْ َندْعُو مِ ْن قَ ْب ُل شَيْئًا َك َذِلكَ‬
‫حقّ َوبِمَا كُنُْتمْ‬
‫ض ِبغَ ْي ِر الْ َ‬
‫ضلّ ال ّلهُ اْلكَا ِفرِينَ (‪َ )74‬ذلِ ُكمْ بِمَا كُنُْت ْم َت ْفرَحُو َن فِي الْأَرْ ِ‬
‫يُ ِ‬
‫س مَ ْثوَى الْمَُتكَّبرِينَ (‪ )76‬فَاصِْبرْ‬
‫ب جَهَّن َم خَاِلدِي َن فِيهَا فَبِئْ َ‬
‫تَ ْمرَحُونَ (‪ )75‬ا ْدخُلُوا أَْبوَا َ‬
‫ض الّذِي َنعِ ُد ُهمْ َأوْ نَتَ َوفّيَّنكَ َفِإلَيْنَا ُي ْرجَعُونَ (‪)77‬‬
‫إِ ّن وَ ْعدَ ال ّلهِ َح ّق َفإِمّا ُنرِيَّنكَ َبعْ َ‬

‫‪ -69‬أل تنظر إل الذين يادلون ف آيات ال الواضحة كيف يُصرفون عن النظر فيها‬
‫ويصرون على ما هم فيه من ضلل؟ ‪.‬‬
‫‪ -74 ، 73 ، 72 ، 71 ، 70‬الذين كذّبوا بالقرآن وبا أرسلنا به رسلنا ‪ -‬جيعا ‪-‬‬
‫من الوحى ‪ ،‬فسوف يعلمون عاقبة تكذيبهم حي تكون الغلل والسلسل ف أعناقهم‬
‫‪ ،‬يرون با ف الاء الذى بلغ الغاية ف الرارة ‪ ،‬ث بعد ذلك يلقون ف النار يصطلون‬
‫حرها ‪ ،‬ث يقال لم ‪ -‬توبيخا وتبكيتا ‪ : -‬أين معبوداتكم الت كنتم تعبدونا من دون‬
‫ال؟ قال الكافرون ‪ :‬غابوا عنا ‪ ،‬بل الق أننا ل نكن نعبد من قبل ف الدنيا شيئا يعتد‬
‫به ‪ .‬مثل هذا الضلل الشنيع يُضل ال الكافرين عن سبيل الق لعلمه أنم يؤثرون‬
‫الضللة على الدى ‪.‬‬

‫‪314‬‬
‫‪ -76 ، 75‬يُقال للكافرين ‪ :‬ذلكم العذاب بسبب ما كنتم ف الدنيا تفرحون ف‬
‫الرض بغي ما يستحق الفرح ‪ ،‬وبسبب توسعكم ف الفرح با يصيب أنبياء ال‬
‫وأولياءه من أذى ‪ ،‬ادخلوا أبواب جهنم مقدرا لكم فيها اللود ‪ ،‬فبئس مستقر‬
‫التكبين جهنم ‪.‬‬
‫‪ -77‬فاصب ‪ -‬يا ممد ‪ -‬إن وعد ال لك ‪ -‬بعذاب أعدائك ‪ -‬حق ل ريب فيه ‪،‬‬
‫وسيأتيهم هذا العذاب إمّا ف حياتك أو حي يرجعون إلينا ‪ ،‬فإن نُرِ َك بعض ما خوّفناهم‬
‫من العذاب ف حياتك فذاك ‪ ،‬وإن نُمِتْك قبل ذلك فإلينا يرجعون ‪ ،‬فنحاسبهم على ما‬
‫كانوا يفعلون ‪.‬‬

‫ك وَمِ ْن ُهمْ مَ ْن َلمْ َنقْصُصْ عَ َل ْيكَ َومَا‬


‫وََل َقدْ أَ ْرسَلْنَا ُرسُلًا ِم ْن قَبْ ِلكَ مِ ْن ُهمْ َم ْن قَصَصْنَا عَلَ ْي َ‬
‫حقّ َو َخسِ َر هُنَالِكَ‬
‫كَا َن ِلرَسُو ٍل أَ ْن َيأِْتيَ ِب َآَيةٍ ِإلّا ِبِإذْنِ ال ّل ِه َفإِذَا جَا َء َأ ْمرُ ال ّل ِه قُضِ َي بِالْ َ‬
‫الْمُبْطِلُونَ (‪ )78‬ال ّلهُ اّلذِي َج َعلَ َل ُكمُ اْلأَْنعَا َم لَِترْكَبُوا مِ ْنهَا َومِ ْنهَا َتأْكُلُونَ (‪َ )79‬ولَ ُكمْ‬
‫صدُورِ ُك ْم وَعَلَ ْيهَا وَعَلَى الْفُ ْلكِ ُتحْمَلُونَ (‪)80‬‬
‫فِيهَا مَنَافِ ُع وَلِتَبْ ُلغُوا عَلَ ْيهَا حَا َج ًة فِي ُ‬
‫ض فَيَنْ ُظرُوا كَيْفَ‬
‫وَُيرِي ُكمْ َآيَاتِ ِه َفأَيّ َآيَاتِ ال ّل ِه تُنْ ِكرُونَ (‪َ )81‬أفَ َلمْ َيسِيُوا فِي الْأَرْ ِ‬
‫كَانَ عَاقَِبةُ اّلذِي َن ِمنْ قَبْ ِل ِهمْ كَانُوا أَكَْثرَ مِ ْن ُه ْم وََأ َشدّ ُق ّوةً وَ َآثَارًا فِي اْلأَرْضِ فَمَا أَغْنَى‬
‫عَ ْن ُه ْم مَا كَانُوا َيكْسِبُونَ (‪)82‬‬

‫‪ -78‬لقد أرسلنا رسل كثيين من قبلك ‪ ،‬منهم من أوردنا أخبارهم عليك ‪ ،‬ومنهم‬
‫من ل نرد عليك أخبارهم ‪ ،‬وما كان لرسول منهم أن يأتى بعجزة إل بشيئة ال‬
‫وإرادته ‪ ،‬ل من تلقاء نفسه ول باقتراح قومه ‪ ،‬فإذا جاء أمر ال بالعذاب ف الدنيا أو‬
‫الخرة قضى بينهم بالعدل ‪ ،‬وخسر ف ذلك الوقت أهل الباطل ‪.‬‬
‫‪ -79‬ال الذى ذلل لكم البل ‪ ،‬لتركبوا بعضها وتأكلوا بعضها ‪.‬‬
‫‪ -80‬ولكم فيها منافع كثية غي الركوب والكل ‪ ،‬ولتبلغوا عليها حاجة تتمون با‬
‫ف أنفسكم ‪ ،‬كجر الثقال وحلها ونو ذلك ‪ .‬وعلى البل الت هى نوع من النعام ‪،‬‬
‫وعلى الفلك تملون أنتم وأمتعتكم ‪.‬‬
‫‪ -81‬ويريكم ال دلئل قدرته ‪ ،‬فأخبون أى دليل منها تنكرون ‪ ،‬وهى من الوضوح‬

‫‪315‬‬
‫بيث ل ينكرها من له أدن عقل ‪.‬‬
‫‪ -82‬أقعدوا فلم يسيوا ف الرض فيوا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم من اللك‬
‫والتدمي!؟ كان من قبلهم أكثر منهم عددا وأشد منهم قوة وآثارا ف الرض ‪ ،‬فما‬
‫دفع عنهم عذاب ال ما كسبوه من مال أو قوة أو سلطان ‪.‬‬

‫ق ِب ِهمْ مَا كَانُوا بِهِ‬


‫فَلَمّا جَا َءْت ُهمْ ُرسُلُ ُه ْم بِالْبَيّنَاتِ َف ِرحُوا بِمَا عِ ْندَ ُه ْم ِمنَ اْلعِلْ ِم َوحَا َ‬
‫شرِكِيَ (‬
‫َيسَْتهْ ِزئُونَ (‪ )83‬فَلَمّا َرَأوْا َبأْسَنَا قَالُوا َآمَنّا بِال ّل ِه وَ ْح َدهُ وَ َك َف ْرنَا بِمَا كُنّا ِبهِ ُم ْ‬
‫سرَ‬
‫ت فِي عِبَا ِدهِ َو َخ ِ‬
‫‪ )84‬فَ َلمْ َيكُ يَنْ َف ُع ُهمْ إِيَاُنهُ ْم لَمّا َرأَوْا َبأْسَنَا سُّن َة اللّ ِه الّتِي َقدْ خَلَ ْ‬
‫هُنَاِلكَ اْلكَا ِفرُونَ (‪)85‬‬

‫‪ -83‬فحي جاءت هذه المم رسلهم بالشرائع والعجزات الواضحات فرحت هذه‬
‫المم با عندهم من علوم الدنيا ‪ ،‬واستهزأوا بعلم الرسلي ‪ ،‬فنل بم العذاب الذى‬
‫أخبهم به الرسلون وكانوا به يستهزئون ‪.‬‬
‫‪ -84‬فَلمّا رأت هذه المم شدة عذابنا قالوا ‪ :‬صدّقنا بال ‪ -‬وحده ‪ -‬وأنكرنا اللة‬
‫الت كنا بسببها مشركي ‪.‬‬
‫‪ -85‬فلم يكن ينفعهم إيانم حي رأوا شدة عذابنا ‪َ ،‬سنّ ال سنة قد سبقت ف عباده‬
‫‪ :‬أل يقبل اليان حي نزول العذاب ‪ ،‬وخسر وقت نزول العذاب الكافرون ‪.‬‬

‫ب فُصّلَتْ َآيَاُتهُ ُقرْ َآنًا َع َربِيّا ِلقَوْ ٍم َيعْلَمُونَ (‬


‫حم (‪ )1‬تَ ْنزِي ٌل ِمنَ الرّحْ َم ِن الرّحِيمِ (‪ )2‬كِتَا ٌ‬
‫ض أَكَْث ُر ُهمْ َف ُهمْ لَا َيسْ َمعُونَ (‪َ )4‬وقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِّن ٍة مِمّا‬
‫‪َ )3‬بشِيًا َوَنذِيرًا َفأَ ْعرَ َ‬
‫ب فَاعْ َم ْل ِإنّنَا عَامِلُونَ (‪ُ )5‬قلْ ِإنّمَا‬
‫ك حِجَا ٌ‬
‫َتدْعُونَا ِإلَ ْيهِ وَفِي َآذَانِنَا َوقْ ٌر َومِ ْن بَيْنِنَا وَبَيِْن َ‬
‫شرٌ مِثْ ُل ُكمْ يُوحَى إَِليّ َأنّمَا ِإلَ ُه ُكمْ ِإَلهٌ وَاحِ ٌد فَاسَْتقِيمُوا ِإلَ ْيهِ وَاسْتَ ْغ ِفرُو ُه َووَْيلٌ‬
‫َأنَا َب َ‬
‫شرِكِيَ (‪ )6‬الّذِينَ لَا يُ ْؤتُونَ الزّكَاةَ َو ُهمْ بِالْ َآ ِخ َرةِ ُهمْ كَافِرُونَ (‪)7‬‬
‫لِلْ ُم ْ‬

‫‪ -1‬حم حرفان من حروف العجم افتتحت بما السورة ‪ -‬كعادة القرآن ف افتتاح‬
‫كثي من السور ‪ -‬لثارة النتباه والتدليل على إعجاز القرآن ‪.‬‬
‫‪ -2‬هذا الكتاب تنيل بديع من النعم بلئل النعم ودقائقها ‪.‬‬

‫‪316‬‬
‫‪ -3‬كتاب ميزت آياته لفظا ومقاطع ‪ ،‬ومعن بتمييزه بي الق والباطل ‪ ،‬والبشارة‬
‫والنذار ‪ ،‬وتذيب النفوس ‪ ،‬وضرب المثال ‪ ،‬وبيان الحكام ‪ ،‬وهو مقروء باللسان‬
‫العرب ميسرا فهمه لقوم يعلمون ‪.‬‬
‫‪ -4‬مبشرا الؤمني العاملي با أعد لم من نعيم ‪ ،‬وموفا الكذبي با أعد لم من‬
‫عذاب أليم ‪ ،‬فانصرف عنه أكثرهم ‪ ،‬فلم ينتفعوا به ‪ ،‬كأنم ل يسمعوا ‪.‬‬
‫‪ -5‬وقال الكافرون للرسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ : -‬قلوبنا ف أغطية متكاثقة ما‬
‫تدعونا إليه من توحيد ال ‪ ،‬وف آذاننا صمم فل نسمع ما تدعونا إليه ‪ ،‬ومن بيننا‬
‫وبينك حجاب منيع ينعنا من قبول ما جئت به ‪ ،‬فاعمل ما شئت إننا عاملون ما شئنا ‪.‬‬
‫‪ -7 ، 6‬قل لم ‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬ما أنا إل بشر مثلكم يوحى إل من ال إنا‬
‫معبودكم الق إله واحد ‪ ،‬فاسلكوا إليه الطريق القوي ‪ ،‬واطلبوا منه الغفرة لذنوبكم ‪،‬‬
‫وعذاب شديد للمشركي الذين ل يؤدون الزكاة إل مستحقيها ‪ ،‬وهم بالياة الخرة‬
‫‪ -‬دون غيهم ‪ -‬جاحدون ‪.‬‬

‫ت َلهُ ْم َأجْرٌ غَ ْي ُر مَمْنُونٍ (‪ُ )8‬ق ْل َأئِنّ ُكمْ لََت ْك ُفرُونَ‬


‫إِنّ اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫ب اْلعَالَمِيَ (‪ )9‬وَ َج َعلَ فِيهَا‬
‫جعَلُو َن َلهُ َأْندَادًا َذِلكَ َر ّ‬
‫ض فِي يَ ْومَ ْينِ َوتَ ْ‬
‫بِاّلذِي خَ َل َق الْأَرْ َ‬
‫َروَا ِسيَ ِم ْن َفوْ ِقهَا َوبَارَ َك فِيهَا َو َقدّرَ فِيهَا َأقْوَاَتهَا فِي أَ ْربَ َع ِة َأيّا ٍم َسوَا ًء لِلسّائِلِيَ (‪ُ )10‬ثمّ‬
‫ض ِائْتِيَا َطوْعًا أَوْ َك ْرهًا قَالَتَا َأتَيْنَا طَائِعِيَ‬
‫اسَْتوَى إِلَى السّمَا ِء َوهِ َي ُدخَا ٌن َفقَا َل َلهَا َولِلْأَرْ ِ‬
‫(‪)11‬‬

‫‪ -8‬إن الؤمني الذين عملوا الصالات لم جزاء حسن غي مقطوع ‪.‬‬


‫‪ -9‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لؤلء الشركي ‪ :‬عجبا لكم ‪ ،‬تكفرون بال الذى خلق‬
‫الرض ف يومي ‪ ،‬وأنتم ‪ -‬مع هذا ‪ -‬تعلون له شركاء متساوين معه ‪ ،‬ذلك الالق‬
‫للرض مالك العوال كلها ومربيهم ‪.‬‬
‫‪ -10‬وجعل ف الرض جبال ثابتة من فوقها لئل تيد بكم ‪ ،‬وأكثر فيها الي وقدر‬
‫فيها أرزاق أهلها ‪ ،‬حسبما تقتضيه حكمته ‪ ،‬ف أربعة أيام ‪ ،‬وأنتم ‪ -‬مع هذا ‪ -‬تعلون‬
‫له شركاء ‪ ،‬وقدر كل شئ ل نقص فيه ول زيادة ‪ ،‬هذا التفصيل ف خلق الرض وما‬

‫‪317‬‬
‫عليها بيان للسائلي ‪.‬‬
‫‪ -11‬ث تعلقت قدرته بلق السماء وهى على هيئة دخان فوجدت ‪ ،‬وخلقه للسموات‬
‫والرض ‪ -‬على وفق إرادته ‪ -‬هيّن عليه بنلة ما يقال للشئ ‪ :‬احضر ‪ -‬راضيا أو‬
‫كارها ‪ -‬فيطيع ‪.‬‬

‫ت فِي َي ْومَ ْينِ َوَأوْحَى فِي ُكلّ سَمَا ٍء َأ ْم َرهَا وَ َزيّنّا السّمَا َء ال ّدنْيَا‬
‫َفقَضَا ُهنّ سَبْ َع سَ َموَا ٍ‬
‫ح وَ ِحفْظًا َذِلكَ َت ْقدِي ُر الْ َعزِيزِ اْلعَلِيمِ (‪َ )12‬فإِ ْن أَ ْعرَضُوا َف ُقلْ أَْنذَ ْرتُ ُكمْ صَا ِع َقةً‬
‫بِمَصَابِي َ‬
‫مِ ْثلَ صَا ِعقَةِ عَا ٍد َوثَمُودَ (‪ِ )13‬إذْ جَا َءْتهُ ُم الرّ ُسلُ ِم ْن بَ ْينِ َأْيدِي ِه ْم وَ ِم ْن خَلْ ِف ِهمْ َألّا تَعُْبدُوا‬
‫ِإلّا اللّ َه قَالُوا َل ْو شَاءَ َربّنَا َلَأنْ َزلَ مَلَائِ َك ًة َفإِنّا بِمَا أُ ْرسِلُْتمْ بِهِ كَا ِفرُونَ (‪َ )14‬فأَمّا عَادٌ‬
‫ح ّق َوقَالُوا َمنْ أَ َشدّ مِنّا ُق ّوةً َأ َولَ ْم َيرَوْا أَنّ ال ّل َه الّذِي‬
‫ض ِبغَ ْيرِ الْ َ‬
‫فَاسَْتكَْبرُوا فِي الْأَرْ ِ‬
‫صرًا‬
‫صرْ َ‬
‫حدُونَ (‪َ )15‬فأَرْسَلْنَا عَلَ ْي ِهمْ رِيًا َ‬
‫خَلَ َق ُهمْ ُه َو أَ َش ّد مِ ْنهُ ْم ُق ّوةً وَكَانُوا بِ َآيَاتِنَا يَجْ َ‬
‫ب الْ َآ ِخ َرةِ َأ ْخزَى َوهُمْ‬
‫ي فِي الْحَيَاةِ ال ّدنْيَا َولَ َعذَا ُ‬
‫خزْ ِ‬
‫ت لُِنذِي َقهُمْ َعذَابَ الْ ِ‬
‫حسَا ٍ‬
‫فِي َأيّامٍ نَ ِ‬
‫صرُونَ (‪)16‬‬
‫لَا يُنْ َ‬

‫‪ -12‬وأت خلق السموات سبعا ف يومي آخرين ‪ ،‬وأوجد ف كل ساء ما أعدت له‬
‫واقتضته حكمته ‪ ،‬وزين السماء القريبة من الرض بالنجوم النية كالصابيح ‪ ،‬للهداية‬
‫وحفظا من استماع الشياطي لخبار الل العلى ‪ ،‬ذلك اللق التقن تدبي العزيز الذى‬
‫ل يغلب ‪ ،‬الحيط علمه بكل شئ ‪.‬‬
‫‪ -13‬فإن أعرض الشركون عن اليان بعد وضوح دلئله فقل لم ‪ -‬أيها الرسول ‪-‬‬
‫‪ :‬خوفتكم عذابا شديد الوقع كالصاعقة مثل صاعقة عاد وثود ‪.‬‬
‫‪ -14‬أتت عادا وثود الصاعقة حي أتتهم رسلهم من جيع الهات ‪ ،‬فلم يدعوا‬
‫طريقا لرشادهم إل سلكوه ‪ ،‬وقالوا لم ‪ :‬ل تعبدوا إل ال ‪ .‬قالوا ‪ :‬لو أراد ال‬
‫إرسال رسول لنزل إلينا ملئكة ‪ ،‬فإنا با أرسلتم به من التوحيد وغيه جاحدون ‪.‬‬
‫‪ -15‬فأما عاد فتعالوا ف الرض بغي حق لم ف هذا التعال ‪ ،‬وقالوا ‪ -‬مغترين‬
‫بأنفسهم ‪ : -‬من أشد منا قوة؟! عجبا لم ‪ .‬أيقولون ذلك ول يروا أن ال الذى‬
‫خلقهم هو أشد منهم قوة؟! وكانوا بآياتنا ينكرون ‪.‬‬

‫‪318‬‬
‫‪ -16‬فأرسلنا عليهم ريا ذات صوت شديد ف أيام مشئومات لنذيقهم عذاب الون‬
‫ف الياة الدنيا ‪ ،‬وأقسم ‪ :‬لعذاب الخرة أشد خزيا ‪ ،‬وهم ل ينصرهم ناصر يومئذ ‪.‬‬

‫وََأمّا ثَمُو ُد َفهَ َديْنَا ُه ْم فَاسْتَحَبّوا اْلعَمَى عَلَى اْل ُهدَى َفَأخَ َذْتهُمْ صَا ِع َق ُة الْ َعذَابِ اْلهُونِ بِمَا‬
‫شرُ أَ ْعدَا ُء ال ّلهِ‬
‫حَ‬‫كَانُوا يَ ْكسِبُونَ (‪َ )17‬ونَجّيْنَا الّذِينَ َآمَنُوا وَكَانُوا يَّتقُونَ (‪َ )18‬وَيوْمَ يُ ْ‬
‫ِإلَى النّا ِر َف ُهمْ يُوزَعُونَ (‪ )19‬حَتّى ِإذَا مَا جَاءُوهَا َش ِهدَ عَلَ ْي ِهمْ سَ ْم ُع ُهمْ َوَأبْصَارُ ُهمْ‬
‫وَجُلُودُ ُهمْ بِمَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪َ )20‬وقَالُوا لِجُلُودِ ِهمْ لِ َم َشهِ ْدُتمْ عَلَيْنَا قَالُوا َأنْ َطقَنَا ال ّلهُ‬
‫الّذِي َأنْطَقَ ُك ّل َشيْءٍ وَ ُهوَ خَ َل َقكُ ْم َأوّ َل َم ّرةٍ َوِإلَيْ ِه ُترْ َجعُونَ (‪َ )21‬ومَا كُ ْنُتمْ َتسْتَِترُونَ‬
‫أَ ْن َيشْ َهدَ عَلَ ْي ُكمْ سَ ْم ُع ُكمْ َولَا َأبْصَارُ ُكمْ َولَا جُلُودُ ُكمْ َولَ ِكنْ ظَنَنُْت ْم أَ ّن ال ّلهَ لَا يَعْ َلمُ كَثِيًا‬
‫مِمّا َتعْمَلُونَ (‪َ )22‬وذَِلكُمْ ظَّن ُك ُم الّذِي ظَنَنُْت ْم ِب َربّ ُكمْ أَ ْردَا ُك ْم َفأَصْبَحُْت ْم ِمنَ الْخَاسِرِينَ (‬
‫‪)23‬‬

‫‪ -17‬وأما ثود فبينا لم طريق الي وطريق الشر ‪ ،‬فاختاروا الضللة على الدى‬
‫فأصابتهم صاعقة أحرقتهم ف مذلة وهوان ‪ ،‬بسبب ما كسبوا من ذنوب ‪.‬‬
‫‪ -18‬ونينا من هذا العذاب الذين آمنوا وكانوا يتقون ال ويشون عذابه ‪.‬‬
‫‪ -19‬واذكر لم ‪ -‬أيها النب ‪ -‬يوم يشر أعداء ال إل النار ‪ ،‬فيجئ أولم على‬
‫آخرهم ‪ ،‬ليتم إلزام الُجة عليهم بي جيعهم ‪.‬‬
‫‪ -20‬حت إذا ما جاءوا النار وسئلوا عما ارتكبوا من الثام ف الدنيا ‪ ،‬فأنكروا ‪ ،‬شهد‬
‫عليهم سعهم وأبصارهم وجلودهم با كانوا يعملون ف الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -21‬وقال أعداء ال للودهم ‪ :‬ل شهدت علينا؟ قالوا ‪ :‬أنطقنا ال الذى أنطق كل‬
‫شئ ‪ ،‬وهو خلقكم أول مرة من العدم ‪ ،‬وإليه ‪ -‬وحده ‪ -‬ترجعون بعد البعث‬
‫فيحاسبكم على ما قدمتم من عمل ‪.‬‬
‫‪ -22‬وما كان باستطاعتكم أن تفوا أعمالكم القبيحة عن جوارحكم مافة أن يشهد‬
‫عليكم سعكم وأبصاركم وجلودكم ‪ ،‬ولكن كنتم تظنون أن ال ل يعلم كثيا من‬
‫أعمالكم ‪ ،‬بسبب إتيانا ف الفاء ‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫‪ -23‬وذلك الظن الفاسد الذى ظننتموه بربكم أهلككم ‪ ،‬فأصبحتم ‪ -‬يوم القيامة ‪-‬‬
‫من الاسرين أت خسران ‪.‬‬

‫َفإِنْ يَصِْبرُوا فَالنّارُ مَ ْثوًى َلهُ ْم َوإِنْ َيسَْتعْتِبُوا فَمَا ُهمْ ِم َن الْ ُمعْتَبِيَ (‪َ )24‬وقَيّضْنَا َل ُهمْ‬
‫ت ِمنْ‬
‫ُقرَنَا َء َف َزيّنُوا َلهُ ْم مَا بَ ْي َن َأيْدِيهِ ْم َومَا خَ ْلفَ ُه ْم وَ َحقّ عَلَ ْي ِهمُ اْل َقوْ ُل فِي ُأ َممٍ َق ْد خَلَ ْ‬
‫س ِإنّ ُهمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (‪َ )25‬وقَا َل الّذِينَ َك َفرُوا لَا َتسْ َمعُوا ِل َهذَا‬
‫ج ّن وَالِْإنْ ِ‬
‫قَبْ ِل ِهمْ ِمنَ الْ ِ‬
‫ج ِزيَّنهُمْ‬
‫الْ ُقرْآَ ِن وَالْ َغوْا فِي ِه لَعَ ّل ُكمْ َتغْلِبُونَ (‪ )26‬فَلَُنذِي َقنّ اّلذِينَ َك َفرُوا َعذَابًا َشدِيدًا َولَنَ ْ‬
‫أَ ْس َوأَ اّلذِي كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪َ )27‬ذِلكَ َجزَا ُء أَ ْعدَا ِء ال ّلهِ النّا ُر َل ُهمْ فِيهَا دَا ُر الْخُ ْل ِد جَزَاءً‬
‫جنّ‬
‫حدُونَ (‪َ )28‬وقَالَ اّلذِينَ َك َفرُوا َربّنَا أَ ِرنَا اّل َذْينِ أَضَلّانَا ِم َن الْ ِ‬
‫بِمَا كَانُوا ِب َآيَاتِنَا َيجْ َ‬
‫ت َأ ْقدَامِنَا لِيَكُونَا ِمنَ اْلأَ ْسفَلِيَ (‪)29‬‬
‫جعَ ْلهُمَا تَحْ َ‬
‫س نَ ْ‬
‫وَاْلإِنْ ِ‬

‫‪ -24‬فإن يكظموا آلمهم فالنار مصيهم ومستقرهم الدائم ‪ ،‬وإن يطلبوا رضاء ال‬
‫عليهم فما هم بجابي إل طلبهم ‪.‬‬
‫‪ -25‬وهيأنا لم قرناء فاسدين ‪ -‬ف الدنيا ‪ -‬فحسنوا لم ما بي أيديهم من أمور‬
‫الخرة ‪ -‬فأغروهم بأنه ل بعث ول حساب ‪ -‬وما خلفهم من أمور الدنيا ليستمتعوا‬
‫با ‪ ،‬وثبتت عليهم كلمة العذاب مع أمم قد مضت من قبلهم من الن والنس من‬
‫كانوا على شاكلتهم ‪ ،‬لختيارهم الضللة على الدى ‪ ،‬إن هؤلء ‪ -‬جيعا ‪ -‬كانوا من‬
‫الاسرين أت خسران ‪.‬‬
‫‪ -26‬وقال الكفار بعضهم لبعض ‪ :‬ل تصغوا لذا القرآن ‪ ،‬وأتوا باللغو الباطل عند‬
‫تلوته فل يستمع لتلوته أحد ول ينتفع به ‪ ،‬رجاء أن تغلبوا ممدا بذلك ‪.‬‬
‫‪ -27‬فنقسم ‪ :‬لنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا على فعلهم ‪ -‬ول سيما ماربتهم‬
‫القرآن ‪ -‬ولنجزينهم أسوأ جزاء على أعمالم ‪.‬‬
‫‪ -28‬ذلك الذى ذكر من العذاب جزاء حق لعداء ال ‪ ،‬النار مُ َع ّد لم فيها دار‬
‫اللود ‪ ،‬جزاء جحودهم الستمر بآيات ال وحججه ‪.‬‬
‫‪ -29‬وقال الكافرون ‪ -‬وهم ف النار ‪ : -‬ربنا أرنا الفريقي اللذين أوقعانا ف الضلل‬
‫من الن والنس نعلهما تت أقدامنا ‪ ،‬ليكونا من السفلي مكانة ومكانا ‪.‬‬

‫‪320‬‬
‫ح َزنُوا‬
‫إِنّ اّلذِينَ قَالُوا َربّنَا ال ّلهُ ُثمّ اسَْتقَامُوا تَتََن ّزلُ عَلَ ْي ِهمُ الْمَلَاِئكَ ُة َألّا تَخَافُوا َولَا تَ ْ‬
‫ح ُن أَ ْولِيَاؤُ ُك ْم فِي الْحَيَاةِ ال ّدنْيَا َوفِي اْلآَ ِخ َرةِ‬
‫شرُوا بِالْجَّن ِة الّتِي كُنُْت ْم تُو َعدُونَ (‪ )30‬نَ ْ‬
‫وََأْب ِ‬
‫سكُ ْم َولَ ُكمْ فِيهَا مَا َتدّعُونَ (‪ُ )31‬نزُلًا مِنْ َغفُورٍ َرحِيمٍ (‪)32‬‬
‫وََل ُكمْ فِيهَا مَا َتشَْتهِي َأنْ ُف ُ‬
‫س ُن قَ ْولًا مِ ّم ْن دَعَا ِإلَى ال ّلهِ وَعَ ِملَ صَالِحًا َوقَا َل إِنّنِي ِمنَ الْ ُمسْلِ ِميَ (‪ )33‬وَلَا‬
‫وَ َم ْن أَ ْح َ‬
‫ك َوبَيَْنهُ َعدَا َوةٌ َكأَّنهُ‬
‫س ُن َفإِذَا اّلذِي بَيْنَ َ‬
‫حسََنةُ َولَا السّيَّئةُ ا ْدفَ ْع بِالّتِي هِ َي َأحْ َ‬
‫َتسْتَوِي الْ َ‬
‫وَِل ّي حَمِيمٌ (‪َ )34‬ومَا يُ َلقّاهَا إِلّا الّذِينَ صََبرُوا وَمَا يُ َلقّاهَا ِإلّا ذُو حَظّ عَظِيمٍ (‪ )35‬وَِإمّا‬
‫غ فَاسَْت ِعذْ بِال ّلهِ ِإّنهُ ُهوَ السّمِيعُ اْلعَلِيمُ (‪)36‬‬
‫يَ ْنزَغَّنكَ ِم َن الشّيْطَا ِن َنزْ ٌ‬

‫‪ -30‬إن الذين قالوا ‪ :‬ربنا ال إقرارا بوحدانيته ‪ ،‬ث استقاموا على شريعته ‪ ،‬تنل‬
‫عليهم اللئكة مرة بعد مرة ‪ ،‬قائلي ‪ :‬ل تافوا من شر ينل بكم ‪ ،‬ول تزنوا على‬
‫خي يفوتكم ‪ ،‬وأبشروا بالنة الت كنتم توعدون با على لسان النبياء والرسلي ‪.‬‬
‫‪ -32 ، 31‬وتقول لم اللئكة ‪ :‬نن نصراؤكم ف الياة الدنيا بالتأييد وف الخرة‬
‫بالشفاعة والتكري ‪ ،‬ولكم ف الخرة ما تشتهيه أنفسكم من اللذ والطيبات ‪ ،‬ولكم‬
‫فيها ما تتمنون إكراما وتية من رب واسع الغفرة والرحة ‪.‬‬
‫‪ -33‬ل أحد أحسن قولً من دعا إل توحيد ال وطاعته ‪ ،‬وعمل ‪ -‬مع ذلك ‪ -‬عمل‬
‫صالا ‪ ،‬وقال ‪ -‬اعترافا بعقيدته ‪ : -‬إن من النقادين لوامر ال ‪.‬‬
‫‪ -34‬ول تستوى الصلة السنة ول الصلة القبيحة ‪ ،‬ادفع الساءة ‪ -‬إن جاءتك‬
‫من عدو ‪ -‬بالصلة الت هى أحسن منها ‪ ،‬فتكون العاقبة العاجلة ‪ .‬إن الذى بينك‬
‫وبينه عداوة كأنه ناصر ملص ‪.‬‬
‫‪ -35‬وما يُرزَق هذه الصلة ‪ -‬وهى دفع السيئة بالسنة ‪ -‬إل الذين عندهم خُلق‬
‫الصب ‪ ،‬وما يُرزقها إل ذو نصيب عظيم من خصال الي وكمال النفس ‪.‬‬
‫‪ -36‬وإن يوسوس لك الشيطان ليصرفك عمّا أمرت به ‪ -‬أيها الخاطب ‪ -‬فتحصن‬
‫بال منه ‪ ،‬إن ال هو الحيط سعه وعلمه بكل شئ فيُعيذك منه ‪.‬‬

‫جدُوا لِ ّلهِ‬
‫جدُوا لِلشّمْسِ وَلَا لِلْقَ َم ِر وَاسْ ُ‬
‫س وَالْقَ َم ُر لَا َتسْ ُ‬
‫وَ ِمنْ َآيَاتِ ِه اللّ ْيلُ وَالّنهَا ُر وَالشّمْ ُ‬
‫ك ُيسَبّحُونَ َلهُ‬
‫الّذِي خَلَ َق ُه ّن إِنْ كُنُْتمْ إِيّاهُ تَعُْبدُونَ (‪َ )37‬فإِ ِن اسْتَكَْبرُوا فَاّلذِينَ عِ ْندَ َرّب َ‬

‫‪321‬‬
‫ض خَا ِشعَ ًة َفِإذَا َأنْ َزلْنَا‬
‫ك َترَى اْلأَرْ َ‬
‫بِاللّ ْي ِل وَالّنهَارِ َو ُهمْ لَا َيسَْأمُونَ (‪ )38‬وَ ِمنْ َآيَاتِ ِه َأنّ َ‬
‫ت إِ ّن الّذِي َأحْيَاهَا لَ ُمحْيِي الْ َم ْوتَى ِإنّهُ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‬
‫عَلَ ْيهَا الْمَاءَ اهَْت ّزتْ وَ َربَ ْ‬
‫خ َفوْنَ عَلَيْنَا َأفَ َمنْ يُ ْلقَى فِي النّا ِر خَ ْيرٌ أَمْ مَ ْن َي ْأتِي‬
‫حدُو َن فِي َآيَاتِنَا لَا يَ ْ‬
‫‪ )39‬إِنّ اّلذِينَ يُلْ ِ‬
‫َآمِنًا يَوْ َم اْلقِيَا َمةِ اعْمَلُوا مَا شِئُْتمْ ِإّنهُ بِمَا َتعْمَلُونَ بَصِيٌ (‪)40‬‬

‫‪ -37‬ومن دلئل قدرته تعال ‪ -‬الليل والنهار والشمس والقمر ‪ ،‬ل تسجدوا للشمس‬
‫ول للقمر ‪ ،‬لنما من آياته ‪ ،‬واسجدوا ل ‪ -‬وحده ‪ -‬الذى خلق الشمس والقمر‬
‫والليل والنهار إن كنتم حقا تعبدونه وحده ‪.‬‬
‫‪ -38‬فإن تعاظم الشركون عن امتثال أمرك فل تأسف ‪ ،‬فالذين عند ربك ف حضرة‬
‫قدسه ‪ -‬وهم اللئكة ‪ -‬يُنّهونه عن كل نقص ف كل وقت بالليل والنهار ‪ ،‬ملصي‬
‫له ‪ ،‬وهم ل يَمِلّون من تسبيحه ‪.‬‬
‫‪ -39‬ومن دلئل قدرته ‪ -‬تعال ‪ -‬أنك ترى ‪ -‬يا من يستطيع أن يرى ‪ -‬الرض‬
‫يابسة ‪ ،‬فإذا أنزلنا عليها الاء ترّكت للنبات ‪ ،‬إن الذى أحيا الرض بعد موتا لليق‬
‫أن يي الوتى من اليوان ‪ ،‬إنه على كل شئ تام القدرة ‪.‬‬
‫‪ -40‬إن الذين ييلون عن الصراط السوى ف شأن آياتنا ‪ ،‬ويزيغون عنها تكذيبا لا ‪،‬‬
‫ل يغيب عنا أمرهم وما يقصدون ‪ ،‬وسنجازيهم با يستحقون ‪ ،‬أفمَن يرمى ف النار‬
‫خي أم من يأتى مطمئنا يوم القيامة إل ناته من كل سوء؟ قل لم متوعدا ‪ :‬اعملوا ما‬
‫أردت ‪ ،‬إن ال ميط بصره بكل شئ ‪ ،‬فيجازى كل بعمله ‪.‬‬

‫إِنّ اّلذِينَ َك َفرُوا بِالذّ ْك ِر لَمّا جَا َء ُهمْ َوِإنّ ُه َلكِتَابٌ َعزِيزٌ (‪ )41‬لَا َي ْأتِي ِه الْبَا ِطلُ ِم ْن بَ ْينِ‬
‫َيدَْيهِ َولَا ِم ْن خَ ْلفِ ِه تَ ْنزِي ٌل ِمنْ َحكِيمٍ حَمِيدٍ (‪ )42‬مَا يُقَالُ َلكَ ِإلّا مَا َقدْ قِي َل لِل ّرسُ ِل ِمنْ‬
‫جمِيّا لَقَالُوا لَ ْولَا‬
‫قَبْ ِلكَ إِنّ َرّبكَ لَذُو مَ ْغ ِف َرةٍ َوذُو ِعقَابٍ أَلِيمٍ (‪ )43‬وََل ْو جَعَلْنَا ُه ُقرْ َآنًا أَعْ َ‬
‫ج ِميّ وَ َع َربِ ّي ُق ْل هُ َو لِ ّلذِينَ َآمَنُوا ُهدًى وَ ِشفَا ٌء وَاّلذِينَ لَا ُيؤْمِنُو َن فِي‬
‫فُصّلَتْ َآيَاُتهُ َأأَعْ َ‬
‫َآذَانِ ِه ْم َوقْ ٌر َوهُوَ عَلَ ْي ِهمْ عَمًى أُولَِئكَ يُنَا َدوْنَ مِ ْن َمكَا ٍن َبعِيدٍ (‪َ )44‬وَلقَدْ َآتَيْنَا مُوسَى‬
‫ك َلقُضِ َي بَيَْنهُ ْم َوإِّن ُهمْ َلفِي َشكّ مِ ْنهُ‬
‫ت ِمنْ َرّب َ‬
‫ف فِي ِه وََل ْولَا كَلِ َم ٌة سََبقَ ْ‬
‫ب فَاخْتُلِ َ‬
‫الْكِتَا َ‬
‫ُمرِيبٍ (‪)45‬‬

‫‪322‬‬
‫‪ -42 ، 41‬إن الذين جحدوا بالقرآن ذى الشأن حي جاءهم ‪ -‬من غي تدبر ‪-‬‬
‫سيكون لم من العذاب ما ل يدخل تت تصور أحد ‪ .‬جحدوه وإنه لكتاب عز‬
‫نظيه ‪ ،‬يغلب كل من عارضه ‪ ،‬ل يأتيه الباطل الذى ل أصل له من أية ناحية من‬
‫نواحيه ‪ ،‬نزل متتابعا من إله منه عن العبث ‪ ،‬ممود كثي المد با أسدى من نعم ‪.‬‬
‫‪ -43‬ل يقال لك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬من أعدائك إل كما قيل للرسل من قبلك من‬
‫أعدائهم من شتْم وتكذيب ‪ ،‬إن خالقك ومربيك لذو مغفرة عظيمة وذو عقاب بالغ‬
‫الل ‪ ،‬فيغفر لن تاب منهم وينتقم لك من أصر على عناده ‪.‬‬
‫‪ -44‬ولو جعلنا القرآن أعجميا ‪ -‬كما اقترح بعض التعنتي ‪ -‬لقالوا ‪ -‬منكرين ‪: -‬‬
‫هل بيّنت آياته بلسان نفقهه ‪ ،‬أكتاب أعجمى وماطب به عرب؟ قل لم ‪ -‬أيها‬
‫الرسول ‪ -‬هو كما نزل للمؤمني ‪ -‬دون غيهم ‪ -‬هدى وشفاء للمؤمني ‪ ،‬ينقذهم‬
‫من الية ‪ ،‬ويشفيهم من الشكوك ‪ .‬والذين ل يؤمنون به كأن ف آذانم ‪ -‬من‬
‫العراض ‪ -‬صمما ‪ ،‬وهو عليهم عمى ‪ ،‬لنم ل يرون منه إل ما يبتغون به الفتنة ‪،‬‬
‫أولئك الكافرون كمن يدعون إل اليان به من مكان بعيد ل يسمعون فيه دعاء ‪.‬‬
‫‪ -45‬أقسم ‪ :‬لقد آتينا موسى التوراة فاختلف فيها قومه ‪ ،‬ولول قضاء سبق من ربك‬
‫‪ -‬يا ممد ‪ -‬أن يُؤخر عذاب الكذبي بك إل أجل مدد عنده ‪ ،‬لفصل بينك وبينهم‬
‫باستئصال الكذبي ‪ ،‬وإن كفار قومك لفى شك من القرآن موجب للقلق‬
‫والضطراب ‪.‬‬

‫ك بِظَلّا ٍم لِ ْلعَبِيدِ (‪ِ )46‬إلَيْ ِه ُي َردّ ِع ْلمُ‬


‫س ِه وَ َم ْن أَسَا َء َفعَلَ ْيهَا َومَا َرّب َ‬
‫َمنْ عَ ِملَ صَالِحًا فَلَِنفْ ِ‬
‫ض ُع ِإلّا ِبعِلْ ِمهِ َوَيوْمَ‬
‫ج ِمنْ ثَ َمرَاتٍ ِم ْن أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْ ِم ُل ِمنْ ُأنْثَى َولَا تَ َ‬
‫خرُ ُ‬
‫السّا َع ِة وَمَا تَ ْ‬
‫ضلّ عَ ْن ُه ْم مَا كَانُوا َيدْعُونَ‬
‫يُنَادِيهِ ْم َأْينَ ُشرَكَائِي قَالُوا َآ َذنّا َك مَا مِنّا ِمنْ َشهِيدٍ (‪ )47‬وَ َ‬
‫سهُ‬
‫سأَ ُم الِْإْنسَا ُن ِم ْن دُعَا ِء الْخَ ْي ِر وَإِ ْن َم ّ‬
‫ِمنْ قَ ْب ُل وَظَنّوا مَا َلهُ ْم ِمنْ مَحِيصٍ (‪ )48‬لَا َي ْ‬
‫ضرّا َء َمسّ ْتهُ لََيقُوَل ّن هَذَا لِي‬
‫ش ّر فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (‪ )49‬وَلَِئ ْن َأ َذقْنَاهُ َرحْ َمةً مِنّا ِمنْ بَ ْعدِ َ‬
‫ال ّ‬
‫حسْنَى فَلَنُنَبَّئ ّن الّذِينَ َك َفرُوا‬
‫وَمَا أَ ُظنّ السّا َعةَ قَائِ َم ًة وَلَِئنْ ُر ِجعْتُ إِلَى َربّي إِ ّن لِي عِ ْن َد ُه لَلْ ُ‬

‫‪323‬‬
‫ض َوَنأَى‬
‫بِمَا عَمِلُوا وَلَُنذِيقَّن ُهمْ ِمنْ َعذَابٍ غَلِيظٍ (‪ )50‬وَِإذَا َأْنعَمْنَا عَلَى اْلِإْنسَا ِن أَ ْعرَ َ‬
‫بِجَانِبِ ِه َوإِذَا َمسّ ُه الشّ ّر َفذُو دُعَاءٍ َعرِيضٍ (‪)51‬‬

‫ل صالا فأجره لنفسه ‪ ،‬ومن أساء ف عمله فإثه على نفسه ‪،‬‬
‫‪ -46‬من عمل عم ً‬
‫وليس ربك بظلم لعبيده ‪ ،‬فيعاقب أحدا بذنب غيه ‪.‬‬
‫‪ -47‬إل ال ‪ -‬وحده ‪ -‬يرجع علم قيام الساعة ‪ ،‬وما ترج من ثرات من أوعيتها ‪،‬‬
‫وما تمل من أنثى ول تضع حلها إل كان هذا مقترنا بعلمه ‪ ،‬واذكر يوم ينادى ال‬
‫الشركي ‪ -‬توبيخا لم ‪ : -‬أين شركائى الذين كنتم تدعونم من دون؟ قالوا ‪-‬‬
‫معتذرين ‪ُ : -‬نعْلمك ‪ -‬يا ال ‪ -‬ليس منا من يشهد أن لك شريكا ‪.‬‬
‫‪ -48‬وغاب عنهم ما كانوا يعبدونه من قبل من الشركاء ‪ ،‬وأيقنوا أنه ل مهرب لم ‪.‬‬
‫‪ -49‬ل يل النسان من دعاء ربه بالي الدنيوى ‪ ،‬فإذا أصابه الشر فهو ذو يأس‬
‫شديد من الي ‪ ،‬ذو قنوط بالغ من أن يستجيب ال دعاءه ‪.‬‬
‫‪ -50‬ونقسم ‪ :‬إن أذقنا النسان نعمة ‪ -‬تفضل منا ‪ -‬من بعد ضر شديد أصابه‬
‫ليقولن ‪ :‬هذا الذى نلته من النعم حق ثابت ل ‪ ،‬وما أظن القيامة آتية ‪ ،‬وأقسم ‪ :‬إن‬
‫ُفرِضَ ورجعت إل رب إن ل عنده للعاقبة البالغة السن ‪ .‬ونقسم نن لنجزين الذين‬
‫كفروا ‪ -‬يوم القيامة ‪ -‬بعملهم ‪ ،‬ولنذيقنهم من عذاب شديد متراكما بعضه فوق‬
‫بعض ‪.‬‬
‫‪ -51‬وإذا أنعمنا على النسان تول عن شكرنا ‪ ،‬وبعد بانبه عن ديننا ‪ ،‬وإذا مسه‬
‫الشر فهو ذو دعاء كثي ‪.‬‬

‫ق َبعِيدٍ (‪)52‬‬
‫ض ّل مِ ّم ْن ُهوَ فِي شِقَا ٍ‬
‫ُقلْ أَ َرَأيُْتمْ إِنْ كَا َن ِمنْ عِ ْن ِد ال ّلهِ ُثمّ َك َفرُْتمْ بِ ِه َمنْ أَ َ‬
‫ف ِبرَّبكَ َأّنهُ‬
‫ح ّق أَ َوَلمْ َيكْ ِ‬
‫سهِ ْم حَتّى يَتَبَّي َن َلهُ ْم َأّنهُ الْ َ‬
‫ق َوفِي أَْن ُف ِ‬
‫سَُنرِي ِهمْ َآيَاتِنَا فِي الْ َآفَا ِ‬
‫عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َشهِيدٌ (‪َ )53‬ألَا ِإّن ُهمْ فِي ِم ْرَيةٍ ِم ْن ِلقَاءِ َرّب ِه ْم أَلَا ِإنّ ُه بِ ُك ّل شَيْ ٍء مُحِيطٌ (‬
‫‪)54‬‬

‫‪324‬‬
‫‪ -52‬قل لم ‪ -‬يا ممد ‪ : -‬أخبون إن كان هذا القرآن من عند ال ث جحدت به ‪،‬‬
‫فمن أبعد عن الصواب من هو ف خلف بعيد عن الق؟!‬
‫‪ -53‬قريبا ُنرِى هؤلء النكرين دلئلنا على صدقك ف أقطار السموات والرض وف‬
‫أنفسهم حت يظهر لم أن ما جئت به هو الق دون غيه ‪ ،‬أأنكروا إظهارنا لم اليات‬
‫‪ ،‬أو ل يكف بربك أنه مطلع على كل شئ؟‬
‫‪ -54‬أل إن هؤلء الكفار ف شك عظيم من لقاء ربم لستبعادهم البعث ‪ ،‬أل إن ال‬
‫بكل شئ ميط بعلمه وقدرته ‪.‬‬

‫حكِيمُ (‪)3‬‬
‫ك يُوحِي ِإلَ ْيكَ َوِإلَى اّلذِينَ ِم ْن قَبْ ِلكَ ال ّلهُ اْل َعزِيزُ الْ َ‬
‫حم (‪ )1‬عسق (‪َ )2‬ك َذلِ َ‬
‫ت يََتفَ ّطرْنَ ِمنْ‬
‫ض وَ ُهوَ اْلعَ ِليّ اْلعَظِيمُ (‪ )4‬تَكَادُ السّ َموَا ُ‬
‫ت َومَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫َلهُ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫ض َألَا إِ ّن ال ّلهَ هُوَ‬
‫ح ْمدِ َرّب ِه ْم وََيسَْت ْغفِرُو َن لِ َمنْ فِي الْأَرْ ِ‬
‫َفوْ ِق ِهنّ وَالْمَلَائِ َكةُ ُيسَبّحُو َن بِ َ‬
‫خذُوا مِ ْن دُونِ ِه َأوْلِيَا َء ال ّلهُ َحفِيظٌ عَلَ ْي ِه ْم َومَا َأنْتَ عَلَ ْي ِهمْ‬
‫الْ َغفُو ُر الرّحِيمُ (‪ )5‬وَاّلذِي َن اتّ َ‬
‫بِوَكِيلٍ (‪)6‬‬

‫‪ -2 ، 1‬حم ‪ .‬عسق ‪ :‬افتتحت هذه السورة بذه الروف الصوتية على طريقة القرآن‬
‫الكري ف افتتاح كثي من السور بثل هذه الروف ‪.‬‬
‫‪ -3‬مثل ما ف هذه السورة من العان يوحى إليك وإل الرسلي من قبلك ال الغالب‬
‫بقهره ‪ ،‬الذى يضع كل شئ موضعه ‪ ،‬على وفق الكمة ف أفعاله وتدبيه ‪.‬‬
‫‪ -4‬ل ‪ -‬وحده ‪ -‬ما ف السموات وما ف الرض خلقا وملكا وتدبيا ‪ ،‬وهو التفرد‬
‫بعلو الشأن وعظم السلطان ‪.‬‬
‫‪ -5‬تكاد السموات ‪ -‬مع عِظَ ِمهِن وتاسكهن ‪ -‬أن يتشققن من فوقهن ‪ ،‬خشية من‬
‫ال ‪ ،‬وتأثرا بعظمته وجلله ‪ ،‬واللئكة ينهون ال عما ل يليق به ‪ ،‬مثني عليه با هو‬
‫أهله ‪ ،‬ويسألون ال الغفرة لهل الرض ‪ ،‬وينبه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬إل أن ال هو ‪ -‬وحده‬
‫‪ -‬صاحب الغفرة الشاملة والرحة الواسعة ‪.‬‬
‫‪ -6‬والذين اتذوا من دون ال نصراء ‪ ،‬ال رقيب عليهم فيما يفعلون ‪ ،‬ولست أنت‬
‫‪ -‬يا ممد ‪ -‬موكلً براقبهم ‪.‬‬

‫‪325‬‬
‫ك ُقرْ َآنًا َع َربِيّا لِتُ ْنذِ َر أُ ّم الْ ُقرَى وَ َم ْن حَ ْوَلهَا َوتُنْذِ َر َيوْ َم الْجَمْعِ لَا َريْبَ‬
‫وَ َكذَِلكَ َأ ْوحَيْنَا ِإلَيْ َ‬
‫جعَ َل ُهمْ ُأ ّمةً وَاحِ َد ًة َولَ ِكنْ‬
‫فِيهِ َفرِيقٌ فِي الْجَّن ِة َو َفرِي ٌق فِي السّعِيِ (‪َ )7‬وَلوْ شَا َء اللّ ُه لَ َ‬
‫خذُوا ِمنْ‬
‫ُيدْ ِخلُ َم ْن َيشَاءُ فِي َرحْمَِت ِه وَالظّالِمُونَ مَا َلهُ ْم ِمنْ َوِليّ َولَا نَصِيٍ (‪ )8‬أَ ِم اتّ َ‬
‫دُوِنهِ َأ ْولِيَا َء فَال ّلهُ هُ َو الْ َولِ ّي َوهُ َو يُحْيِي الْ َم ْوتَى َوهُوَ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪َ )9‬ومَا‬
‫ت َوِإلَيْ ِه ُأنِيبُ (‪)10‬‬
‫حكْ ُم ُه ِإلَى اللّ ِه َذلِ ُكمُ ال ّلهُ َربّي عَلَ ْيهِ َتوَكّلْ ُ‬
‫اخْتَ َلفُْتمْ فِيهِ ِم ْن شَيْ ٍء فَ ُ‬
‫سكُ ْم أَ ْزوَاجًا َو ِمنَ اْلَأنْعَا ِم أَ ْزوَاجًا َيذْ َرؤُ ُكمْ‬
‫ض َج َعلَ َل ُكمْ ِم ْن َأنْ ُف ِ‬
‫فَا ِطرُ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬
‫ض يَ ْبسُطُ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫فِيهِ لَيْسَ َكمِثْ ِل ِه شَيْ ٌء َوهُ َو السّمِي ُع الْبَصِيُ (‪َ )11‬لهُ َمقَالِيدُ السّمَاوَا ِ‬
‫ق لِ َم ْن َيشَا ُء َويَ ْقدِ ُر ِإنّ ُه ِبكُ ّل شَيْءٍ عَلِيمٌ (‪)12‬‬
‫الرّزْ َ‬

‫‪ -7‬ومثل ذلك الياء البيّن أوحينا إليك قرآنا عربيا ل لبس فيه ‪ ،‬لتنذر أهل مكة‬
‫ومن حولا من العرب ‪ ،‬وتنذر الناس عذاب يوم يمع ال فيه اللئق للحساب ‪ ،‬ل‬
‫ريب ف ميئه ‪ ،‬الناس فيه فريقان ‪ :‬فريق ف النة ‪ ،‬وفريق ف السعي ‪.‬‬
‫‪ -8‬ولو شاء ال أن يمع الناس ف الدنيا على طريقة واحدة لمعهم ‪ ،‬ولكن يدخل‬
‫من يشاء ف رحته ‪ ،‬لعلمه أنم سيختارون الدى على الضللة ‪ ،‬والظالون أنفسهم‬
‫بالكفر ليس لم من دون ال ول يتكفل بمايتهم ‪ ،‬ول نصي يُنقذهم من عذاب ال ‪.‬‬
‫‪ -9‬هؤلء الظالون ل يتخذوا ال وليا ‪ ،‬بل اتذوا غيه أولياء ‪ ،‬وليس لم ذلك ‪ ،‬فال‬
‫‪ -‬وحده ‪ -‬الول بق إن أرادوا وليا ‪ ،‬وهو يي الوتى للحساب ‪ ،‬وهو السيطر‬
‫بقدرته على كل شئ ‪.‬‬
‫‪ -10‬والذى اختلفتم فيه من اليان والكفر فالكم الفصل فيه مفوض إل ال ‪ ،‬وقد‬
‫بينه ‪ ،‬وهو ‪ -‬سبحانه ‪ -‬معتمدى ومرجعى ف كل أمورى ‪.‬‬
‫‪ -11‬مُبدع السموات والرض ‪ ،‬خلق لكم من جنسكم أزواجا ذكورا وإناثا ‪ ،‬وخلق‬
‫من النعام من جنسها أزواجا كذلك ‪ ،‬يكثّركم بذا التدبي الحكم ‪ ،‬ليس كذاته‬
‫شئ ‪ ،‬فليس له شئ يزاوجه ‪ ،‬وهو الدرك ‪ -‬إدراكا كاملً ‪ -‬لميع السموعات‬
‫والرئيات بل تأثر حاسة ‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫‪ -12‬له مقاليد السموات والرض حفظا وتدبيا ‪ ،‬يوسع الرزق لن يشاء ‪ ،‬ويضيقه‬
‫على من يشاء ‪ ،‬إنه ‪ -‬تعال ‪ -‬ميط علمه بكل شئ ‪.‬‬

‫ع َل ُكمْ ِم َن الدّينِ مَا وَصّى ِب ِه نُوحًا وَالّذِي َأوْحَيْنَا ِإلَ ْيكَ َومَا وَصّ ْينَا ِب ِه ِإبْرَاهِيمَ‬
‫شَرَ َ‬
‫شرِكِيَ مَا َتدْعُو ُهمْ إِلَ ْيهِ‬
‫وَمُوسَى وَعِيسَى أَ ْن َأقِيمُوا الدّي َن وَلَا تََتفَ ّرقُوا فِيهِ كَُبرَ عَلَى الْ ُم ْ‬
‫اللّ ُه يَجْتَبِي ِإلَيْ ِه َمنْ َيشَا ُء َوَيهْدِي ِإلَيْ ِه َمنْ يُنِيبُ (‪َ )13‬ومَا َت َف ّرقُوا ِإلّا ِم ْن َبعْ ِد مَا جَا َء ُهمُ‬
‫ضيَ بَيَْن ُه ْم َوإِنّ اّلذِينَ‬
‫ت ِمنْ َرّبكَ ِإلَى َأجَ ٍل ُمسَمّى َلقُ ِ‬
‫الْعِ ْلمُ بَغْيًا بَيَْنهُ ْم َولَ ْولَا َكلِ َم ٌة سَبَقَ ْ‬
‫ع وَاسَْت ِقمْ كَمَا أُ ِم ْرتَ‬
‫أُو ِرثُوا الْكِتَابَ ِم ْن َبعْ ِد ِهمْ َلفِي َشكّ مِ ْن ُه ُمرِيبٍ (‪ )14‬فَ ِلذَِلكَ فَادْ ُ‬
‫ت ِلأَ ْعدِ َل بَيَْنكُ ُم اللّهُ َربّنَا‬
‫ت بِمَا َأنْ َزلَ ال ّلهُ مِنْ كِتَابٍ وَُأ ِمرْ ُ‬
‫وَلَا تَتّبِ ْع َأهْوَا َء ُهمْ َو ُقلْ َآمَنْ ُ‬
‫جمَ ُع بَيْنَنَا َوإِلَ ْي ِه الْمَصِيُ (‬
‫ج َة بَيْنَنَا وَبَيَْن ُكمُ ال ّلهُ يَ ْ‬
‫وَ َربّ ُكمْ لَنَا أَعْمَالُنَا َوَلكُ ْم أَعْمَاُلكُ ْم لَا حُ ّ‬
‫ضةٌ ِع ْندَ َرّب ِهمْ‬
‫ب َل ُه حُجُّت ُهمْ دَاحِ َ‬
‫‪ )15‬وَاّلذِي َن يُحَاجّو َن فِي ال ّلهِ ِم ْن َبعْ ِد مَا اسْتُجِي َ‬
‫ب َشدِيدٌ (‪)16‬‬
‫ب َوَلهُمْ َعذَا ٌ‬
‫وَعَلَ ْي ِهمْ غَضَ ٌ‬

‫‪ -13‬شرع لكم من العقائد ما عهد به إل نوح ‪ ،‬والذى أوحيناه إليك ‪ ،‬وما عهدنا به‬
‫إل إبراهيم وموسى وعيسى ‪ ،‬أن ثبّتوا دعائم الدين ‪ -‬بامتثال ما جاء به ‪ -‬ول تتلفوا‬
‫ف شأنه ‪ ،‬شق على الشركي ما تدعوهم إليه من إقامة دعائم الدين ‪ ،‬ال يصطفى‬
‫لرسالته من يشاء ‪ ،‬ويوفق لليان وإقامة الدين من يترك العناد ويقبل عليه ‪.‬‬
‫‪ -14‬وما اختلف أتباع الرسل السابقي ف الدين عداوة وحسدا فيما بينهم إل من‬
‫بعد ما جاءهم العلم بقيقته ف رسالتك ‪ ،‬ولول وعْد سابق من ال بتأجيل العذاب إل‬
‫يوم القيامة لهلكوا ‪ ،‬وإن الذين ورثوا الكتاب من أسلفهم وأدركوا عهدك لفى شك‬
‫من كتابم موقع ف الريب ‪ ،‬حيث ل يستجيبوا لدعوتك ‪.‬‬
‫‪ -15‬فلجل وحدة الدين ‪ ،‬وعدم التفرق فيه ‪ ،‬فادعهم إل إقامة الدين ‪ ،‬وثابر على‬
‫تلك الدعوة كما أمرك ال ‪ ،‬ول تساير أهواء الشركي ‪ ،‬وقل ‪ :‬آمنت بميع الكتب‬
‫الت أنزلا ال على رسله ‪ ،‬وأمرن ال بإقامة العدل بينكم ‪ ،‬وقل لم ‪ :‬ال خالقنا‬
‫وخالقكم ‪ ،‬لنا أعمالنا ل لكم ‪ ،‬ولكم أعمالكم ل لنا ‪ ،‬ل احتجاج بيننا وبينكم‬
‫لوضوح الق ‪ .‬ال يمع بيننا للفصل بالعدل ‪ ،‬وإليه ‪ -‬وحده ‪ -‬الرجع والآل ‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫‪ -16‬والذين يُجادلون ف دين ال من بعد ما استجاب الناس لدعوته الواضحة ‪ ،‬حُجّة‬
‫هؤلء الرتابي باطلة عند ربم ‪ ،‬وعليهم غضب شديد بكفرهم ‪ ،‬ولم عذاب أليم‬
‫ينتظرهم ‪.‬‬

‫جلُ‬
‫ك َلعَ ّل السّا َع َة َقرِيبٌ (‪َ )17‬يسَْتعْ ِ‬
‫ح ّق وَالْمِيزَا َن َومَا ُيدْرِي َ‬
‫ب بِالْ َ‬
‫اللّ ُه الّذِي َأنْ َزلَ اْلكِتَا َ‬
‫ح ّق َألَا إِ ّن الّذِينَ‬
‫ش ِفقُو َن مِ ْنهَا َوَيعْلَمُونَ َأّنهَا الْ َ‬
‫ِبهَا الّذِينَ لَا ُيؤْمِنُو َن ِبهَا وَاّلذِينَ َآمَنُوا ُم ْ‬
‫ق َم ْن َيشَا ُء َو ُهوَ‬
‫ف ِبعِبَا ِدهِ َيرْزُ ُ‬
‫يُمَارُونَ فِي السّا َع ِة لَفِي ضَلَالٍ َبعِيدٍ (‪ )18‬ال ّلهُ لَطِي ٌ‬
‫الْ َقوِيّ اْل َعزِيزُ (‪َ )19‬منْ كَا َن ُيرِي ُد حَ ْرثَ اْلآَ ِخ َر ِة َنزِ ْد َلهُ فِي حَ ْرِثهِ َو َمنْ كَانَ يُرِيدُ َح ْرثَ‬
‫ال ّدنْيَا ُن ْؤتِ ِه مِ ْنهَا َومَا َلهُ فِي الْ َآ ِخ َرةِ ِم ْن نَصِيبٍ (‪ )20‬أَ ْم َلهُ ْم ُشرَكَا ُء شَرَعُوا لَ ُه ْم ِمنَ‬
‫ي َل ُهمْ َعذَابٌ َألِيمٌ‬
‫ضيَ بَيَْن ُه ْم َوإِنّ الظّالِمِ َ‬
‫صلِ َلقُ ِ‬
‫الدّينِ مَا لَ ْم َي ْأذَنْ ِب ِه اللّ ُه َولَ ْولَا كَ ِل َمةُ اْلفَ ْ‬
‫ي مِمّا َكسَبُوا َو ُهوَ وَاقِ ٌع ِبهِ ْم وَاّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا‬
‫شفِقِ َ‬
‫ي ُم ْ‬
‫(‪َ )21‬ترَى الظّالِ ِم َ‬
‫ضلُ اْلكَبِيُ (‬
‫ت َلهُ ْم مَا َيشَاءُونَ عِ ْندَ َرّب ِهمْ َذِلكَ ُهوَ اْلفَ ْ‬
‫ت الْجَنّا ِ‬
‫الصّالِحَاتِ فِي َروْضَا ِ‬
‫‪)22‬‬

‫‪ -17‬ال الذى أنزل كتاب ممد وما قبله من كتب الرسلي مشتملة على الق‬
‫والعدل ‪ ،‬وما يُعلمك لعل وقت الساعة قريب وأنت ل تدرى ‪.‬‬
‫‪ -18‬يستعجل بجئ الساعة ‪ -‬استهزاء ‪ -‬الذين ل يصدقون با ‪ ،‬والذين صدقوا با‬
‫خائفون من وقوعها فل يستعجلونا ‪ ،‬ويعلمون أنا الق الثابت الذى ل ريب فيه ‪،‬‬
‫ويُنبّه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬إل أن الذين يادلون ف وقوعها لفى ضلل بعيد عن الق ‪.‬‬
‫‪ -19‬ال عظيم الب بميع عباده ‪ ،‬يرزق من يشاء كما يشاء ‪ ،‬وهو الغالب على كل‬
‫شئ ‪ ،‬النيع الذى ل يغلب ‪.‬‬
‫‪ -20‬من كان يريد بعمله ثواب الخرة نضاعف له أجره ‪ ،‬ومن كان يريد بأعماله‬
‫متاع الدنيا ‪ -‬فحسب ‪ -‬غي راغب ف متاع الخرة نعطه ما قسم له فيها ‪ ،‬وليس له‬
‫ف الخرة نصيب من الثواب ‪.‬‬
‫‪ -21‬بل ألُم آلة شرعوا لم من الدين ما ل يأمر به ال؟ ل يكن ذلك ‪ ،‬ولول وعد‬
‫سابق بتأخر الفصل إل يوم القيامة لقضى بي الكافرين والؤمني ف الدنيا ‪ ،‬وإن‬

‫‪328‬‬
‫الظالي أنفسهم بالكفر لم عذاب شديد اليلم ‪.‬‬
‫‪ -22‬ترى ف القيامة ‪ -‬أيها الخاطب ‪ -‬الذين ظلموا أنفسهم بالشرك خائفي عقاب‬
‫شركهم ‪ ،‬وهو نازل بم ‪ -‬ل مالة ‪ -‬وترى الذين آمنوا وعملوا الصالات مَُتمَتّعي‬
‫ف أطيب بقاع النة ‪ ،‬لم ما يتمنون من النعيم عند ربم ‪ ،‬ذلك الزاء العظيم هو‬
‫الفضل الكبي الذى تتعلق به المال ‪.‬‬

‫شرُ ال ّلهُ عِبَا َدهُ اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ ُق ْل لَا َأ ْسأَُلكُمْ عَلَ ْي ِه َأ ْجرًا‬
‫ك الّذِي يَُب ّ‬
‫َذلِ َ‬
‫ف َحسَنَ ًة َن ِزدْ َلهُ فِيهَا ُحسْنًا إِ ّن ال ّلهَ َغفُو ٌر شَكُورٌ (‪)23‬‬
‫ِإلّا الْ َموَ ّد َة فِي اْلقُ ْربَى َو َمنْ َيقَْترِ ْ‬
‫حقّ‬
‫أَ ْم َيقُولُونَ افَْترَى عَلَى ال ّلهِ َك ِذبًا َفإِ ْن َيشَِأ اللّ ُه يَخِْتمْ عَلَى قَلِْبكَ َويَمْحُ ال ّل ُه الْبَا ِط َل َويُ ِ‬
‫ت الصّدُورِ (‪ )24‬وَ ُهوَ اّلذِي يَقَْب ُل التّ ْوَبةَ َعنْ عِبَا ِدهِ َوَيعْفُو‬
‫حقّ ِبكَلِمَاتِ ِه ِإنّهُ عَلِيمٌ ِبذَا ِ‬
‫الْ َ‬
‫ب اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَ ِملُوا الصّالِحَاتِ‬
‫َع ِن السّيّئَاتِ َوَيعْ َلمُ مَا تَ ْفعَلُونَ (‪َ )25‬وَيسْتَجِي ُ‬
‫ق لِعِبَا ِدهِ‬
‫ط اللّ ُه الرّ ْز َ‬
‫وََيزِيدُ ُهمْ ِم ْن فَضْ ِلهِ وَالْكَا ِفرُو َن َل ُهمْ َعذَابٌ َشدِيدٌ (‪ )26‬وََل ْو َبسَ َ‬
‫ي بَصِيٌ (‪)27‬‬
‫ض َوَلكِ ْن يَُنزّ ُل ِبقَدَ ٍر مَا َيشَا ُء ِإّنهُ ِبعِبَا ِدهِ خَبِ ٌ‬
‫لََبغَوْا فِي الْأَرْ ِ‬

‫‪ -23‬ذلك الفضل الكبي هو الذى يُبشّر ال به عباده الؤمني الطائعي ‪ ،‬قل ‪ -‬أيها‬
‫الرسول ‪ : -‬ل أطلب منكم على تبليغ الرسالة أجرا إل أن تبوا ال ورسوله ف‬
‫تقربكم إليه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬بعمل الصالات ‪ ،‬ومن يكتسب طاعة يُضاعف ال له‬
‫جزاءها ‪ ،‬إن ال واسع الغفرة للمذنبي ‪ ،‬شكور لعباده طيبات أعمالم ‪.‬‬
‫‪ -24‬أيقول الكفار ‪ :‬اختلق ممد الكذب على ال؟! فإن يشأ ال يربط على قلبك‬
‫بالصب على أذاهم ‪ ،‬واتامك بالفتراء على ال ‪ ،‬ويزيل ال الشرك ويذله ‪ ،‬ويثبت‬
‫السلم ويظهره بالوحى الذى أنزله على رسوله صلى ال عليه وسلم إنه ‪ -‬سبحانه ‪-‬‬
‫ميط بفايا قلوبكم جيعا ‪.‬‬
‫‪ -25‬وال ‪ -‬وحده ‪ -‬الذى يقبل التوبة من أهل طاعته بالتجاوز عما تابوا منه ‪،‬‬
‫ل ورحة ‪ -‬عن السيئات دون الشرك ‪ ،‬ويعلم ما تفعلون من خي أو‬
‫ويصفح ‪ -‬تفض ً‬
‫شر ‪.‬‬
‫‪ -26‬ويُجيب ال الؤمني إل ما طلبوا ‪ ،‬ويزيدهم خيا على مطلوبم ‪ ،‬والكافرون لم‬

‫‪329‬‬
‫عذاب بالغ غاية الشدة واليلم ‪.‬‬
‫‪ -27‬ولو وسّع ال الرزق لميع عباده ‪ -‬كما يبتغون ‪ -‬لطغوا ف الرض وظلموا ‪،‬‬
‫ولكن ال يوسع الرزق لن يشاء ‪ ،‬ويُضيقه على من يشاء ‪ ،‬حسبما اقتضته حكمته ‪،‬‬
‫إن ال ميط علما با خفى وظهر من أمور عباده ‪ ،‬فيقدر بكمته لك ّل ما يصلح شأنه ‪.‬‬

‫شرُ َرحْمََتهُ َوهُ َو الْ َوِليّ الْحَمِيدُ (‪َ )28‬و ِمنْ‬


‫ث ِمنْ بَ ْع ِد مَا قَنَطُوا َويَ ْن ُ‬
‫وَ ُهوَ اّلذِي يَُنزّلُ اْلغَيْ َ‬
‫ث فِيهِمَا ِمنْ دَاّبةٍ َو ُهوَ عَلَى جَ ْم ِع ِهمْ ِإذَا َيشَا ُء َقدِيرٌ‬
‫ض َومَا بَ ّ‬
‫َآيَاتِ ِه خَ ْلقُ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬
‫ت َأيْدِي ُك ْم وََي ْعفُو َعنْ كَِثيٍ (‪ )30‬وَمَا َأنْتُمْ‬
‫(‪ )29‬وَمَا أَصَابَ ُكمْ ِم ْن مُصِيَبةٍ فَِبمَا َكسَبَ ْ‬
‫جوَارِ‬
‫ض َومَا َلكُ ْم ِمنْ دُو ِن اللّ ِه ِمنْ وَِليّ َولَا نَصِيٍ (‪ )31‬وَ ِمنْ َآيَاتِ ِه الْ َ‬
‫جزِي َن فِي اْلأَرْ ِ‬
‫بِ ُمعْ ِ‬
‫ح فَيَ ْظلَ ْلنَ َروَا ِكدَ عَلَى َظ ْه ِر ِه إِ ّن فِي َذلِكَ‬
‫س ِكنِ الرّي َ‬
‫شأْ ُي ْ‬
‫حرِ كَالْأَعْلَامِ (‪ )32‬إِ ْن َي َ‬
‫فِي الْبَ ْ‬
‫ت ِلكُلّ صَبّا ٍر َشكُورٍ (‪ )33‬أَ ْو يُوِب ْق ُهنّ بِمَا َكسَبُوا َوَيعْفُ َعنْ كَثِيٍ (‪)34‬‬
‫َلآَيَا ٍ‬

‫‪ -28‬وال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى ينل الطر الذى يغيثهم من الدب من بعد اليأس‬
‫واشتداد القحط ‪ ،‬رحة بعباده ‪ ،‬وينشر بركات الطر ف النبات والثمار واليوان‬
‫والسهل والبل ‪ ،‬وهو ‪ -‬وحده ‪ -‬الذى يتول تدبي أمور عباده ‪ ،‬الحمود على إنعامه‬
‫وجيع أفعاله ‪.‬‬
‫‪ -29‬ومن دلئل قدرة ال على خلق ما يشاء ‪ :‬خلق السموات والرض على هذا‬
‫النظام الحكم ‪ ،‬وخلق ما فرق ونشر فيهما من الدواب الرئية وغيها ‪ ،‬وال الذى‬
‫ثبتت قدرته بإبداع ما تقدم قدير على جع الكلفي ف الوقت الذى يشاء بعثهم فيه‬
‫للجزاء ‪.‬‬
‫‪ -30‬وأى مصيبة أصابتكم ما تكرهونه فبسبب معاصيكم ‪ ،‬وما عفا عنه ف الدنيا أو‬
‫آخذ عليه فيها ‪ ،‬فال أكرم من أن يعاقب به ف الخرة ‪ ،‬وبذا تنّه عن الظلم واتصف‬
‫بالرحة الواسعة ‪.‬‬
‫‪ -31‬ولستم بقادرين على أن تعجزوا ال عن إنزال الصائب ف الدنيا عقابا على‬
‫معاصيكم ‪ ،‬وإن هربتم ف الرض كل مهرب ‪ ،‬وليس لكم من دون ال من يتولكم‬
‫بالرحة عند نزول البلء ‪ ،‬ول من ينصركم بدفعه عنكم ‪.‬‬

‫‪330‬‬
‫‪ -32‬ومن دلئل قدرة ال السفن الارية ف البحر كالبال الشاهقة ف عظمتها ‪.‬‬
‫‪ -33‬إن يشأ ال ُيسْكِن الريح فتظل السفن ثوابت على ظهر الاء ل ترى بم إل‬
‫مقاصدهم ‪ ،‬إن ف سيها ووقوفها بأمر ال لدلئل واضحة على قدرة ال ‪ ،‬يعتب با‬
‫الؤمنون الصابرون ف الضراء ‪ ،‬الشاكرون ف السراء ‪.‬‬
‫‪ -34‬أو يهلكن بذنوب ركابا بإرسال الرياح العاصفة ‪ ،‬وإن يشأ يعف عن كثي ‪ ،‬فل‬
‫يعاقبهم بإسكان الريح ‪ ،‬أو بإرسالا عاصفة مغرقة ‪.‬‬

‫وََيعْ َلمَ اّلذِي َن يُجَا ِدلُو َن فِي َآيَاتِنَا مَا َل ُهمْ ِم ْن مَحِيصٍ (‪ )35‬فَمَا أُوتِيُتمْ ِم ْن شَيْ ٍء فَ َمتَاعُ‬
‫الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَمَا عِ ْن َد اللّ ِه خَ ْيرٌ َوَأْبقَى لِ ّلذِينَ َآمَنُوا وَعَلَى َرّبهِ ْم يََتوَكّلُونَ (‪ )36‬وَالّذِينَ‬
‫يَجْتَنِبُونَ كَبَاِئرَ اْلإِْث ِم وَاْلفَوَاحِشَ َوِإذَا مَا غَضِبُوا ُه ْم يَ ْغ ِفرُونَ (‪ )37‬وَاّلذِينَ اسْتَجَابُوا‬
‫ِلرَّب ِهمْ َوَأقَامُوا الصّلَاةَ َوَأمْ ُر ُهمْ شُورَى بَيَْن ُه ْم وَمِمّا رَ َزقْنَا ُهمْ يُ ْن ِفقُونَ (‪ )38‬وَاّلذِي َن ِإذَا‬
‫ح َفَأجْ ُرهُ‬
‫صرُونَ (‪َ )39‬و َجزَا ُء سَيَّئ ٍة سَيّئَ ٌة مِثْ ُلهَا فَ َمنْ َعفَا َوأَصْلَ َ‬
‫أَصَابَ ُهمُ الَْب ْغيُ ُهمْ يَنْتَ ِ‬
‫ك مَا عَلَ ْي ِهمْ ِمنْ‬
‫ص َر َبعْدَ ُظلْ ِم ِه َفأُولَئِ َ‬
‫ب الظّالِمِيَ (‪َ )40‬ولَ َمنِ انْتَ َ‬
‫ح ّ‬
‫عَلَى اللّ ِه ِإنّ ُه لَا يُ ِ‬
‫سَبِيلٍ (‪)41‬‬

‫‪ -35‬ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬فعل ذلك ليعتب الؤمنون ‪ ،‬ويعلم الذين يردون آياته بالباطل‬
‫أنم ف قبضته ‪ ،‬ما لم مهرب من عذاب ال ‪.‬‬
‫‪ -36‬ل تغتروا بتاع الدنيا ‪ ،‬فكل ما أعطيتموه ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬من الال والبني‬
‫وسواها فهو متاع لكم ف الياة الدنيا ‪ ،‬وما أعده ال من نعيم النة خي وأدْوم للذين‬
‫آمنوا ‪ ،‬وعلى خالقهم ومربيهم ‪ -‬وحده ‪ -‬يعتمدون ‪.‬‬
‫‪ -37‬والذين يبتعدون عن ارتكاب كبائر ما نى ال عنه ‪ ،‬وكل ما زاد قبحه من‬
‫الذنوب ‪ ،‬وإذا ما استفزوا بالساءة إليهم ف دنياهم ‪ ،‬هم ‪ -‬وحدهم ‪ -‬يبادرون‬
‫بالصفح حت كان ذلك علجا نافعا ‪.‬‬
‫‪ -38‬والذين أجابوا دعوة خالقهم ومربيهم ‪ ،‬فآمنوا به ‪ ،‬وحافظوا على صلواتم ‪،‬‬
‫وكان شأنم التشاور ف أمورهم لقامة العدل ف متمعهم ‪ ،‬دون أن يستبد بم فرد أو‬
‫قلة من الناس ‪ ،‬وما أنعم ال به عليهم ينفقون ف وجوه الي ‪.‬‬

‫‪331‬‬
‫‪ -39‬والذين إذا اعتدى عليهم ظال هم ينتصرون لنفسهم بقاومة عدوانه ‪.‬‬
‫‪ -40‬وجزاء السئ إساءة ماثلة تقريرا للعدل ‪ ،‬فمن عفا عمن أساءه عند القدرة ‪،‬‬
‫وأصلح ما بينه وبي خصمه تقريرا للود ‪ ،‬فثوابه على ال الذى ل يعلم بقدره سواه ‪،‬‬
‫إن ال ل يرحم العتدين على حقوق الناس بجاوزة شريعة ال ‪.‬‬
‫‪ -41‬وإن الذين يعاقبون العتدين بثل ما اعتدوا به فل مؤاخذة عليهم ول لوم ‪.‬‬

‫ك َل ُهمْ َعذَابٌ‬
‫حقّ أُولَئِ َ‬
‫ض بِغَ ْي ِر الْ َ‬
‫س َويَبْغُو َن فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ِإنّمَا السّبِيلُ عَلَى اّلذِي َن يَظْلِمُو َن النّا َ‬
‫َألِيمٌ (‪َ )42‬ولَ َمنْ صََب َر وَ َغ َفرَ إِ ّن َذِلكَ لَ ِمنْ َع ْزمِ اْلُأمُورِ (‪َ )43‬و َمنْ يُضْ ِل ِل ال ّلهُ فَمَا َلهُ‬
‫ي لَمّا َرَأوُا اْلعَذَابَ َيقُولُونَ هَ ْل ِإلَى َم َردّ ِم ْن سَبِيلٍ (‬
‫ِمنْ َولِ ّي ِمنْ بَ ْع ِدهِ وََترَى الظّالِمِ َ‬
‫ف َخ ِفيّ َوقَا َل الّذِينَ‬
‫ي ِمنَ الذّ ّل يَنْ ُظرُونَ ِمنْ َطرْ ٍ‬
‫‪ )44‬وََترَا ُه ْم ُيعْرَضُونَ عَلَ ْيهَا خَا ِشعِ َ‬
‫ي فِي‬
‫َآمَنُوا إِ ّن الْخَاسِرِينَ اّلذِي َن َخسِرُوا َأْن ُفسَ ُهمْ وََأهْلِيهِ ْم َيوْ َم الْقِيَامَ ِة َألَا إِ ّن الظّالِ ِم َ‬
‫صرُوَن ُهمْ ِم ْن دُونِ ال ّل ِه وَ َم ْن يُضْ ِللِ ال ّلهُ‬
‫ب ُمقِيمٍ (‪َ )45‬ومَا كَا َن َل ُهمْ ِم ْن َأوْلِيَا َء يَنْ ُ‬
‫َعذَا ٍ‬
‫فَمَا لَ ُه ِمنْ سَبِيلٍ (‪)46‬‬

‫‪ -42‬إنا اللوم والؤاخذة على العتدين الذين يظلمون الناس ويتكبون ف الرض ‪،‬‬
‫ويفسدون فيها بغي الق ‪ ،‬أولئك لم عذاب شديد اليلم ‪.‬‬
‫‪ -43‬أقسم ‪ :‬لن صب على الظلم وتاوز عن ظاله ‪ ،‬ول ينتصر لنفسه حينما ل يكون‬
‫العفو تكينا للفساد ف الرض ‪ ،‬إن ذلك لن المور الت ينبغى أن يوجبها العاقل على‬
‫نفسه ‪.‬‬
‫‪ -44‬ومن ضل طريق الدى ‪ -‬لسوء اختياره ‪ -‬فليس له ناصر سوى ال يهديه أو‬
‫ينعه من العذاب ‪ ،‬وترى ف القيامة ‪ -‬أيها الخاطب ‪ -‬الظالي حي يشاهدون عذاب‬
‫الخرة يسألون ربم أى وسيلة يرجعون با إل الدنيا ‪ ،‬كى يعملوا صالا غي الذى‬
‫كانوا يعملون ‪.‬‬
‫‪ -45‬وترى الظالي ‪ -‬كذلك ‪ -‬يُعرضون على النار متضائلي بسبب ما رأوه من‬
‫الول وما نزل بم من الوان ‪ ،‬يسارقون النظر إل النار خوفا من مكارهها ‪ ،‬ويقول‬
‫الؤمنون ‪ -‬حينئذ ‪ : -‬إن الاسرين حقا هم الذين ظلموا أنفسهم بالكفر ‪ ،‬وخسروا‬

‫‪332‬‬
‫أزواجهم وأولدهم وأقاربم با حيل بينهم ‪ ،‬ويُنبّه ال إل أن الظالي ف عذاب دائم ‪.‬‬
‫‪ -46‬وما كان لم نصراء ما عبدوهم من دون ال ‪ ،‬ومن أطاعوا ف معصيته ‪،‬‬
‫ينقذونم من عذاب ال ‪ ،‬ومن ضل طريق الق ‪ -‬لسوء اختياره ‪ -‬فليس له أى طريق‬
‫ينجّيه من سوء الصي ‪.‬‬

‫جٍأ َي ْومَئِ ٍذ َومَا‬


‫اسْتَجِيبُوا ِلرَّب ُكمْ ِم ْن قَ ْبلِ أَ ْن َي ْأتِ َي َيوْ ٌم لَا َم َردّ َل ُه ِمنَ ال ّلهِ مَا لَ ُك ْم ِمنْ مَلْ َ‬
‫ك ِإلّا الْبَلَاغُ وَِإنّا‬
‫لَ ُك ْم ِمنْ َنكِيٍ (‪َ )47‬فإِ ْن أَ ْعرَضُوا فَمَا أَ ْرسَلْنَاكَ عَلَ ْي ِه ْم حَفِيظًا إِنْ عَلَ ْي َ‬
‫ت َأيْدِيهِ ْم َفإِ ّن الِْإْنسَانَ‬
‫ِإذَا َأ َذقْنَا الِْإْنسَانَ مِنّا َرحْ َمةً َفرِحَ ِبهَا َوإِ ْن تُصِ ْب ُهمْ سَيَّئ ٌة بِمَا َق ّدمَ ْ‬
‫ب لِ َم ْن َيشَا ُء ِإنَاثًا َويَهَبُ‬
‫ض يَخْ ُل ُق مَا َيشَا ُء َيهَ ُ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ك السّمَاوَا ِ‬
‫َكفُورٌ (‪ )48‬لِ ّل ِه مُلْ ُ‬
‫جعَ ُل َمنْ َيشَاءُ َعقِيمًا ِإّنهُ عَلِيمٌ‬
‫لِ َمنْ َيشَا ُء الذّكُورَ (‪ )49‬أَ ْو ُي َزوّ ُجهُ ْم ذُ ْكرَانًا َوإِنَاثًا َويَ ْ‬
‫شرٍ أَ ْن ُيكَلّ َمهُ ال ّل ُه إِلّا وَحْيًا أَ ْو ِمنْ وَرَا ِء حِجَابٍ أَ ْو ُيرْ ِسلَ َرسُولًا‬
‫َقدِيرٌ (‪ )50‬وَمَا كَا َن لَِب َ‬
‫فَيُو ِحيَ ِبِإذِْن ِه مَا َيشَا ُء ِإنّهُ عَ ِل ّي حَكِيمٌ (‪)51‬‬

‫‪ -47‬سارعوا ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬إل إجابة ما دعاكم إليه رسول خالقكم ومُربيكم من‬
‫اليان والطاعة ‪ ،‬من قبل أن تنتهى الياة الت هى فرصة للعمل ‪ ،‬ويأتى يوم الساب‬
‫الذى ل يردّه ال بعد أن قضى به ‪ ،‬ليس لكم ‪ -‬يومئذ ‪ -‬أى ملذ يميكم من العذاب‬
‫ول تدوا من يدفع عنكم أو يقوى على حايتكم ‪.‬‬
‫‪ -48‬فإن أعرض الشركون عن إجابتك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬فل تزن ‪ ،‬فلست رقيبا‬
‫عليهم فيما يفعلون ‪ ،‬إنا كُ ّلفْت البلغ ‪ ،‬وقد بيّنت ‪ ،‬وإن شأن الناس إذا منحناهم من‬
‫لدنا سعة بطروا لجلها ‪ ،‬وإن تصبهم مصيبة بسبب معاصيهم فإنم ينسون النعمة ‪،‬‬
‫ويزعون لنول البلء كفرا وجحودا ‪.‬‬
‫‪ -49‬ل ‪ -‬وحده ‪ -‬ملك السموات والرض خلقا وتدبيا وتصرفا ‪ ،‬يلق ما يشاء‬
‫خلقه ‪ ،‬يهب لن يشاء الناث من الذرية ‪ ،‬وينح من يشاء الذكور دون الناث ‪.‬‬
‫‪ -50‬ويتفضل ‪ -‬سبحانه ‪ -‬على من يشاء بالمع بي الذكور والناث ‪ ،‬ويعل من‬
‫يشاء ل ولد له ‪ ،‬إن ال ميط علمه بكل شئ ‪ ،‬قدير على فعل كل ما يريد ‪.‬‬
‫‪ -51‬وما صح لحد من البشر أن يُكلمه ال إل وحيا باللقاء ف القلب إلاما ‪ ،‬أو‬

‫‪333‬‬
‫مناما ‪ ،‬أو بإساع الكلم اللى دون أن يرى السامع من يكلمه ‪ ،‬أو بإرسال ملك يرى‬
‫صورته ‪ ،‬ويسمع صوته ‪ ،‬ليوحى بإذن ال ما يشاء ‪ ،‬إن ال قاهر فل يانع ‪ ،‬بالغ‬
‫الكمة ف تصرفاته وتدبيه ‪.‬‬

‫ت َتدْرِي مَا الْكِتَابُ َولَا اْلإِيَا ُن َولَ ِكنْ‬


‫وَ َكذَِلكَ َأ ْوحَيْنَا ِإلَيْكَ رُوحًا ِمنْ أَ ْم ِرنَا مَا كُنْ َ‬
‫ط ُمسْتَقِيمٍ (‪)52‬‬
‫صرَا ٍ‬
‫ك لََتهْدِي ِإلَى ِ‬
‫جَعَلْنَا ُه نُورًا َنهْدِي ِبهِ َم ْن َنشَاءُ مِنْ عِبَا ِدنَا َوِإنّ َ‬
‫ي الُْأمُورُ (‪)53‬‬
‫ض أَلَا ِإلَى ال ّل ِه تَصِ ُ‬
‫ت َومَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫صرَاطِ ال ّلهِ اّلذِي لَ ُه مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫ِ‬

‫‪ -52‬ومثل ما أوحينا إل الرسل قبلك أوحينا إليك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬هذا القرآن‬
‫حياة للقلوب بأمرنا ‪ ،‬ما كنت تعرف قبل الياء إليك ما هو القرآن ‪ ،‬ول تعرف ما‬
‫شرائع اليان ‪ ،‬ولكن جعلنا القرآن نورا عظيما يرشد به من اختار الدى ‪ ،‬وإنك‬
‫لتدعو بذا القرآن إل طريق مستقيم ‪.‬‬
‫‪ -53‬صراط ال طريقه الذى له ‪ -‬وحده ‪ -‬ما ف السموات وما ف الرض وهذا ما‬
‫تدعو إليه ‪ -‬يا ممد ‪ -‬وما نزلت به رسالتك ‪ ،‬ليعلم الناس أن إل ال وحده ‪ -‬تصي‬
‫كل المور ‪.‬‬

‫حم (‪ )1‬وَاْلكِتَابِ الْمُِبيِ (‪ِ )2‬إنّا جَعَلْنَا ُه ُقرْ َآنًا َع َربِيّا َلعَلّ ُكمْ َت ْعقِلُونَ (‪)3‬‬

‫‪ -1‬حم ‪ :‬افتتحت هذه السورة ببعض الروف الصوتية على طريقة القرآن الكري ف‬
‫افتتاح كثي من السور بثل هذه الروف ‪.‬‬
‫‪ -2‬أقسم سبحانه ‪ -‬بالقرآن الوضح لا اشتمل عليه من العقائد والحكام ‪.‬‬
‫‪ -3‬إنا صيّرنا الكتاب قرآنا عربيا ‪ ،‬لكى تستطيعوا إدراك إعجازه وتدبر معانيه ‪.‬‬

‫صفْحًا أَنْ كُنُْتمْ َق ْومًا‬


‫ضرِبُ عَ ْن ُكمُ الذّ ْكرَ َ‬
‫ب َل َديْنَا َلعَلِ ّي حَكِيمٌ (‪َ )4‬أفَنَ ْ‬
‫وَِإّنهُ فِي أُ ّم الْكِتَا ِ‬
‫ُمسْ ِرفِيَ (‪ )5‬وَ َك ْم أَ ْرسَلْنَا ِمنْ نَِب ّي فِي اْلأَ ّولِيَ (‪ )6‬وَمَا َيأْتِي ِهمْ ِم ْن نَِبيّ ِإلّا كَانُوا ِبهِ‬
‫َيسَْتهْ ِزئُونَ (‪َ )7‬فأَهْ َلكْنَا َأشَ ّد مِ ْن ُهمْ بَ ْطشًا وَمَضَى مََثلُ اْلأَ ّولِيَ (‪ )8‬وَلَِئ ْن َسأَلَْت ُهمْ َمنْ‬

‫‪334‬‬
‫ض لََيقُوُل ّن خَلَ َق ُهنّ اْل َعزِي ُز الْعَلِيمُ (‪ )9‬الّذِي جَ َع َل لَ ُكمُ اْلأَرْضَ‬
‫خَ َلقَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ َ‬
‫َمهْدًا وَ َج َعلَ َلكُ ْم فِيهَا سُبُلًا َلعَلّ ُكمْ َتهَْتدُونَ (‪)10‬‬

‫‪ -4‬وإن هذا القرآن الثابت ف اللوح الحفوظ عندنا ‪ ،‬لرفيع القدر ‪ ،‬ومُحكم النّظْم ‪،‬‬
‫ف أعلى طبقات البلغة ‪.‬‬
‫‪َ -5‬أُنهْملكم فنمنع إنزال القرآن إليكم إعراضا عنكم ‪ ،‬لسرافكم على أنفسكم ف‬
‫الكفر ‪ ،‬ل يكون ذلك ‪ ،‬لقتضاء الكمة إلزامكم الجة ‪.‬‬
‫‪ -6‬وأرسلنا كثيا من النبياء ف المم السابقة ‪ ،‬فليس عجيبا إرسال رسول إليكم ‪.‬‬
‫‪ -7‬وما ييئهم من رسول يُذكّرهم بالق إل استمروا على استهزائهم به ‪.‬‬
‫‪ -8‬فأهلكنا الكذبي السابقي ‪ ،‬وقد كانوا أشد من كفار مكة قوة ومنعة ‪ ،‬فل يغتر‬
‫هؤلء بسطوتم ‪ ،‬وسلف ف القرآن من قصص الولي العجيب ما جعلهم عبة‬
‫لغيهم ‪ ،‬فاعتبوا ‪ -‬أيها الكذبون ‪.‬‬
‫‪ -9‬وأقسم ‪ :‬إن سألت الكافرين ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬عمن خلق السموات والرض؟‬
‫ليقولن ‪ -‬جوابا لذلك ‪ : -‬خلقهن ال ‪ ،‬التصف ف واقع المر بالعزة والعلم الحيط ‪.‬‬
‫‪ -10‬الذى جعل لكم الرض مكانا مهدا ‪ ،‬لتستطيعوا القامة فيها واستغللا ‪،‬‬
‫وجعل لجلكم فيها طرقات تسلكونا ف أسفاركم كى تصلوا إل غاياتكم ‪.‬‬

‫خ َرجُونَ (‪ )11‬وَالّذِي‬
‫شرْنَا بِ ِه بَ ْل َدةً مَيْتًا َك َذِلكَ تُ ْ‬
‫وَاّلذِي َن ّزلَ ِم َن السّمَا ِء مَا ًء ِب َقدَرٍ فََأْن َ‬
‫خَ َلقَ اْلأَزْوَاجَ كُ ّلهَا وَ َج َعلَ َلكُ ْم ِمنَ اْلفُ ْلكِ وَالَْأْنعَا ِم مَا َترْكَبُونَ (‪ )12‬لَِتسَْتوُوا عَلَى‬
‫خ َر لَنَا هَذَا‬
‫ُظهُو ِر ِه ثُ ّم َتذْ ُكرُوا نِعْ َمةَ َرّب ُكمْ ِإذَا اسَْتوَيُْتمْ عَلَ ْي ِه َوتَقُولُوا سُبْحَا َن اّلذِي سَ ّ‬
‫وَمَا كُنّا َلهُ ُم ْقرِنِيَ (‪َ )13‬وِإنّا ِإلَى َربّنَا لَ ُم ْنقَلِبُونَ (‪َ )14‬وجَعَلُوا َل ُه ِمنْ عِبَا ِدهِ ُجزْءًا إِنّ‬
‫شرَ‬
‫صفَا ُكمْ بِالْبَنِيَ (‪َ )16‬وِإذَا ُب ّ‬
‫ت وَأَ ْ‬
‫خ َذ مِمّا يَخْ ُل ُق بَنَا ٍ‬
‫الِْإْنسَا َن َلكَفُو ٌر مُبِيٌ (‪ )15‬أَ ِم اتّ َ‬
‫شُأ فِي‬
‫ض َربَ لِل ّرحْ َمنِ مَثَلًا َظ ّل َو ْجهُ ُه ُمسْ َودّا َو ُهوَ َكظِيمٌ (‪ )17‬أَ َو َمنْ يَُن ّ‬
‫أَ َح ُدهُ ْم بِمَا َ‬
‫الْحِلَْيةِ َو ُهوَ فِي الْخِصَامِ غَ ْي ُر مُبِيٍ (‪)18‬‬

‫‪335‬‬
‫‪ -11‬والذى نزّل من السماء ماء بقدر الاجة ‪ ،‬فأحيا به بلدة مدبة ل نبات فيها ‪،‬‬
‫كمثل ذلك الحياء للرض وإخراج الزروع منها تبعثون من قبوركم للجزاء ‪ ،‬فكيف‬
‫تنكرونه؟ ‪.‬‬
‫‪ -12‬والذى خلق أصناف الخلوقات كلها ‪ ،‬وسخّر لكم من السفن والبل ما‬
‫تركبونه ف أسفاركم لقضاء حوائجكم ‪.‬‬
‫‪ -13‬كى تستقروا فوق ظهورها ‪ ،‬ث تذكروا نعمة خالقكم ومُربّيكم ف تسخيها‬
‫لكم عند الستقرار عليها ‪ ،‬ولتقولوا ‪ -‬استعظاما لتذليلها العجيب ‪ ،‬واعترافا بالعجز‬
‫عن ضبطها ‪ ،‬والتسلط عليها ‪ : -‬سبحان الذى ذلل لنا هذا ‪ ،‬وما كنا لتذليلها مطيقي‬
‫‪.‬‬
‫‪ -14‬وإنا إل خالقنا لراجعون بعد هذه الياة ‪ ،‬ليحاسب ُك ّل على ما قدّمت يداه ‪.‬‬
‫‪ -15‬وجعل الشركون ل ‪ -‬سبحانه ‪ -‬بعض خلقه ولدا ظنوه جزءا منه ‪ ،‬إن النسان‬
‫بعمله هذا لبالغ ف كفره ‪ ،‬واضح ف جحوده ‪.‬‬
‫‪ -16‬بل أتزعمون أنه اتذ لنفسه من خلقه البنات وآثركم بالذكور؟! إن هذا لمر‬
‫عجيب حقا ‪.‬‬
‫‪ -17‬نسبوا إليه ذلك ‪ ،‬والال أنه إذا بشر أحدهم بولدة أنثى له صار وجهه مسودا‬
‫غيظا ‪ ،‬وهو ملوء كآبة وحزنا لسوء ما ُبشّر به ‪.‬‬
‫‪ -18‬أيترئون ويعلون ولدا ل من شأنه النشأة ف الزينة ‪ ،‬وهو ف الدال وإقامة‬
‫الُجة عاجز لقصور بيانه؟! إن هذا لعجيب ‪.‬‬

‫ب َشهَا َدُت ُهمْ‬


‫وَ َجعَلُوا الْمَلَاِئ َكةَ اّلذِي َن هُمْ عِبَا ُد الرّحْ َم ِن ِإنَاثًا َأ َشهِدُوا خَ ْل َقهُ ْم سَتُكْتَ ُ‬
‫ك ِمنْ عِ ْلمٍ إِ ْن ُه ْم ِإلّا‬
‫سَألُونَ (‪َ )19‬وقَالُوا لَ ْو شَا َء ال ّرحْ َمنُ مَا عََب ْدنَا ُه ْم مَا َل ُهمْ ِب َذلِ َ‬
‫وَُي ْ‬
‫سكُونَ (‪َ )21‬بلْ قَالُوا إِنّا‬
‫خرُصُونَ (‪ )20‬أَمْ َآتَيْنَا ُهمْ كِتَابًا ِمنْ قَبْ ِل ِه َف ُهمْ ِب ِه ُمسْتَ ْم ِ‬
‫يَ ْ‬
‫ك مَا أَ ْرسَلْنَا مِ ْن قَبْ ِلكَ فِي‬
‫وَ َج ْدنَا َآبَا َءنَا عَلَى ُأ ّمةٍ وَِإنّا عَلَى َآثَا ِر ِهمْ ُمهَْتدُونَ (‪ )22‬وَ َك َذلِ َ‬
‫َقرَْي ٍة ِمنْ َنذِي ٍر ِإلّا قَا َل مُ ْت َرفُوهَا ِإنّا َو َجدْنَا َآبَا َءنَا عَلَى ُأ ّمةٍ َوِإنّا عَلَى َآثَا ِرهِ ْم ُمقَْتدُونَ (‬

‫‪336‬‬
‫‪ )23‬قَا َل أَ َوَلوْ جِئُْت ُكمْ ِبَأهْدَى مِمّا وَ َجدُْتمْ عَلَ ْيهِ َآبَاءَ ُك ْم قَالُوا ِإنّا بِمَا أُ ْرسِلُْتمْ بِهِ كَا ِفرُونَ‬
‫(‪ )24‬فَانَْتقَمْنَا مِ ْنهُ ْم فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَ ُة الْ ُمكَ ّذبِيَ (‪)25‬‬

‫‪ -19‬وسوا اللئكة الخلوقي للرحن إناثا ‪ ،‬أرأوا خلقهم رؤية مشاهدة حت يكموا‬
‫بذلك؟ ل يروه ‪ ،‬سنسجل عليهم هذا الفتراء ‪ ،‬ويُحاسبون عليه يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -20‬وقال الشركون ‪ :‬لو شاء الرحن عدم عبادتنا لؤلء الشركاء ما عبدناهم ‪،‬‬
‫زاعمي أنه راض عن عبادتم لؤلء الشركاء ‪ ،‬ليس لديهم با قالوا أى علم يستندون‬
‫إليه ‪ ،‬وما هم إل واهون ‪ ،‬يقولون قولً غي مستند إل دليل ‪.‬‬
‫‪ -21‬هل أعطيناهم كتابا من قبل القرآن يؤيد افتراءهم ‪ ،‬فهم به متعلقون أشد‬
‫التعلق؟! ل ننل عليهم ذلك ‪ ،‬فل حُجة لم من النقل ‪.‬‬
‫‪ -22‬بل قال الشركون ‪ -‬حي فقدوا كل حُجة ‪ : -‬إنا وجدنا آباءنا على دين ‪،‬‬
‫وإننا على آثارهم سائرون ‪.‬‬
‫‪ -23‬ومثل الال الذى عليه هؤلء حال المم السابقة ‪ ،‬ما أرسلنا من قبلك ف قرية‬
‫رسول إل قال التنعمون فيها ‪ -‬وهم الذين أبطرتم النعمة ‪ : -‬إننا وجدنا آباءنا على‬
‫دين ‪ ،‬وإنا على آثارهم سائرون ‪ ،‬فالتقليد ضلل قدي ‪.‬‬
‫‪ -24‬قال النذير ‪ :‬أتتبعون آباءكم ولو جئتكم با هو أدخل ف الداية ما وجدت عليه‬
‫آباءكم؟ قالوا ‪ -‬ميبي لرسلهم يكذبون بالدين ‪ : -‬إننا با أرسلتم به جاحدون ‪.‬‬
‫‪ -25‬فعاقبنا الكذبي لرسلهم عقابا شديدا ف الدنيا ‪ ،‬فانظر ‪ -‬أيها التأمل ‪ -‬كيف‬
‫صار مآل الكذبي لكم مثل عجيبا وعظة بالغة؟! ‪.‬‬

‫وَِإ ْذ قَا َل ِإبْرَاهِي ُم ِلأَبِي ِه َوقَ ْو ِمهِ ِإنّنِي َبرَا ٌء مِمّا َتعُْبدُونَ (‪ِ )26‬إلّا اّلذِي فَ َط َرنِي َفِإنّ ُه سََي ْهدِينِ‬
‫ت َهؤُلَا ِء وَ َآبَا َءهُمْ‬
‫(‪ )27‬وَ َجعَ َلهَا كَ ِل َمةً بَاقَِيةً فِي َعقِِبهِ َلعَ ّل ُهمْ َي ْرجِعُونَ (‪َ )28‬بلْ مَّتعْ ُ‬
‫ح ٌر َوِإنّا ِبهِ‬
‫ح ّق قَالُوا َهذَا سِ ْ‬
‫حقّ وَ َرسُو ٌل مُبِيٌ (‪َ )29‬ولَمّا جَا َء ُهمُ الْ َ‬
‫حَتّى جَا َءهُ ُم الْ َ‬
‫كَا ِفرُونَ (‪َ )30‬وقَالُوا لَ ْولَا ُن ّزلَ َهذَا اْل ُقرْآَنُ عَلَى َر ُجلٍ ِم َن الْ َق ْريَتَ ْينِ عَظِيمٍ (‪َ )31‬أ ُهمْ‬
‫ض ُهمْ َفوْقَ‬
‫ح ُن َقسَمْنَا بَيَْن ُهمْ َمعِيشََتهُ ْم فِي الْحَيَا ِة ال ّدنْيَا وَ َر َفعْنَا َبعْ َ‬
‫َيقْسِمُونَ َرحْ َمةَ َرّبكَ نَ ْ‬
‫ك خَ ْيرٌ مِمّا يَجْ َمعُونَ (‪)32‬‬
‫خ ِريّا وَ َرحْ َمةُ َربّ َ‬
‫ضهُ ْم َبعْضًا سُ ْ‬
‫خ َذ َبعْ ُ‬
‫ت لِيَتّ ِ‬
‫َبعْضٍ دَ َرجَا ٍ‬

‫‪337‬‬
‫‪ -26‬واذكر ‪ -‬يا ممد ‪ -‬للمكذبي قصة إبراهيم ‪ ،‬إذ قال لبيه وقومه ‪ :‬إنن برئ‬
‫من عبادة آلتكم الباطلة ‪.‬‬
‫‪ -27‬لكن أعبد ال الذى خلقن ‪ ،‬لنه سبحانه ‪ -‬الذى سيشدن إل طريق الق ‪.‬‬
‫‪ -28‬وصيّرها ‪ -‬بإعلنا لم ‪ -‬كلمة باقية ف ذريته ‪ -‬هى كلمة التوحيد ‪ -‬لعلهم‬
‫يرجعون إليها ‪ ،‬فيؤمنون با ‪.‬‬
‫‪ -29‬ل يقق الشركون رجاء إبراهيم ‪ ،‬ول أعجل لم العقوبة ‪ ،‬بل متعت الاضرين‬
‫‪ -‬لك يا ممد ‪ -‬ومتعت آباءهم من قبل بأنواع النعم ‪ ،‬حت نزل القرآن داعيا إل‬
‫الق وجاءهم رسول مبي يدعوهم إليه ‪.‬‬
‫‪ -30‬وحي نزل القرآن يرشدهم إل التوحيد ضموا إل شركهم تسميته سحرا‬
‫وتويها ‪ -‬استهزاء به ‪ -‬وأصروا على كفرهم ‪.‬‬
‫‪ -31‬وقال الشركون ‪ ،‬استخفافا بحمد ‪ ،‬واستعظاما أن ينل عليه القرآن ‪ :‬هل‬
‫نزل القرآن ‪ -‬الذى يزعم أنه وحى ال ‪ -‬على رجل عظيم من مكة أو الطائف؟ ‪.‬‬
‫‪ -32‬ليس بأيدى الشركي مفاتيح الرسالة ‪ ،‬حت يعلوها ف أصحاب الاه ‪ ،‬نن‬
‫تولينا تدبي معيشتهم لعجزهم عن ذلك ‪ ،‬وفضلنا بعضهم على بعض ف الرزق والاه ‪،‬‬
‫ليتخذ بعضهم من بعض أعوانا يسخرونم ف قضاء حوائجهم ‪ ،‬حت يتساندوا ف طلب‬
‫العيش وتنظيم الياة والنبوة وما يتبعها من سعادة الدارين خي من أكب مقامات الدنيا‬
‫‪.‬‬

‫ضةٍ‬
‫جعَلْنَا لِ َم ْن َيكْ ُف ُر بِالرّحْ َم ِن لِبُيُوتِ ِه ْم سُ ُقفًا ِم ْن فِ ّ‬
‫س ُأمّ ًة وَا ِح َدةً َل َ‬
‫وََل ْولَا أَ ْن َيكُو َن النّا ُ‬
‫وَ َمعَارِجَ عَلَ ْيهَا يَ ْظ َهرُونَ (‪ )33‬وَلِبُيُوِتهِ ْم َأبْوَابًا وَ ُسرُرًا عَلَ ْيهَا يَتّكِئُونَ (‪ )34‬وَزُ ْخ ُرفًا َوإِنْ‬
‫ك لِلْمُّتقِيَ (‪َ )35‬و َمنْ َيعْشُ َع ْن ذِ ْكرِ‬
‫ع الْحَيَا ِة ال ّدنْيَا وَالْ َآ ِخ َرةُ عِ ْندَ َربّ َ‬
‫ك لَمّا مَتَا ُ‬
‫ُك ّل َذلِ َ‬
‫حسَبُونَ‬
‫صدّوَن ُهمْ َعنِ السّبِي ِل وَيَ ْ‬
‫ض َلهُ شَيْطَانًا َف ُهوَ َل ُه َقرِينٌ (‪ )36‬وَِإّن ُهمْ لَيَ ُ‬
‫ال ّرحْ َمنِ ُنقَيّ ْ‬
‫ش ِرقَيْ ِن فَبِئْسَ‬
‫ك ُبعْ َد الْ َم ْ‬
‫َأنّ ُهمْ مُهَْتدُونَ (‪ )37‬حَتّى ِإذَا جَا َءنَا قَا َل يَا لَيْتَ بَيْنِي َوبَيْنَ َ‬
‫ب ُمشْتَرِكُونَ (‪َ )39‬أفََأنْتَ‬
‫الْ َقرِينُ (‪ )38‬وََل ْن يَ ْنفَ َع ُكمُ الَْيوْ َم ِإذْ ظَلَمُْت ْم َأنّ ُكمْ فِي الْ َعذَا ِ‬
‫صمّ َأوْ تَ ْهدِي اْلعُ ْميَ وَ َمنْ كَا َن فِي ضَلَا ٍل مُبِيٍ (‪)40‬‬
‫ُتسْمِ ُع ال ّ‬

‫‪338‬‬
‫‪ -33‬ولول كراهة أن يكفر الناس جيعا إذا رأوا الكفار ف سعة من الرزق ‪ ،‬لعلنا‬
‫لبيوت من يكفر بالرحن سقفا ومصاعد يرتقون عليها من الفضة ‪ ،‬لوان الدنيا علينا ‪.‬‬
‫‪ -35 ، 34‬ولعلنا لبيوتم أبوابا وسررا من فضة ينعمون با ويتكئون عليها ‪ ،‬ولعلنا‬
‫لم زينة من كل شئ ‪ ،‬وما كل ذلك التاع الذى وصفناه لك إل متاعا فانيا مقصورا‬
‫على الياة الدنيا ‪ ،‬وثواب الخرة عند خالقك ومربيك ُمعَد للذين اتقوا الشرك ‪،‬‬
‫واجتنبوا الوبقات ‪.‬‬
‫‪ -36‬ومن يتعامى عن القرآن الذى أنزله الرحن ذكرى للعاملي نعل له شيطانا‬
‫يتسلط عليه ‪ ،‬فهو معه ‪ -‬دائما ‪ -‬يضله ويغويه ‪.‬‬
‫‪ -37‬وإن شياطي التعامي عن القرآن ليمنعونم عن الطريق الذى يدعو إليه الرحن ‪،‬‬
‫ويسب التعامون أنم ‪ -‬باتباع قرنائهم ‪ -‬على الدى ‪.‬‬
‫‪ -38‬حت إذا جاء من تعامى عن القرآن إل ال يوم القيامة ‪ ،‬ورأى عاقبة تعاميه ‪ ،‬قال‬
‫لقرينه ‪ -‬نادما ‪ : -‬يا ليت بين وبينك ف الدنيا بُعد الشرق عن الغرب ‪ ،‬فبئس‬
‫الصاحب كنت ل ‪ ،‬حت أوقعتن ف الاوية ‪.‬‬
‫‪ -39‬ويقال لم حينئذ ‪ -‬توبيخا ‪ : -‬لن يفف العذاب عنكم اليوم ‪ -‬إذ ظلمتم‬
‫أنفسكم بالكفر ‪ -‬اشتراك شياطينكم معكم فيه ‪ ،‬لن كل يعان من العذاب ما يثقله ‪.‬‬
‫‪ -40‬أتقدر ‪ -‬يا ممد ‪ -‬على هداية من استول عليهم الضلل؟ أفأنت تسمع الصم‬
‫عن الق ‪ ،‬والعمى عن العتبار ‪ ،‬ومن كان ف علم ال أنه يوت على الضلل؟ ل‬
‫تستطيع ذلك ‪ ،‬لنم استقروا ف الكفر ‪ ،‬فلم ينتفعوا با يسمعونه ويرونه ‪.‬‬

‫ك َفإِنّا مِ ْن ُه ْم مُنَْتقِمُونَ (‪َ )41‬أوْ نُ ِريَّنكَ اّلذِي وَ َع ْدنَا ُهمْ فَِإنّا عَلَ ْي ِهمْ‬
‫َفإِمّا نَ ْذهََبنّ ِب َ‬
‫صرَاطٍ ُمسَْتقِيمٍ (‪َ )43‬وِإنّهُ‬
‫سكْ بِاّلذِي أُو ِحيَ ِإلَ ْيكَ ِإّنكَ عَلَى ِ‬
‫ُمقْتَدِرُونَ (‪ )42‬فَاسْتَ ْم ِ‬
‫ك ِمنْ ُرسُلِنَا‬
‫سأَلُونَ (‪ )44‬وَا ْسَألْ َم ْن أَ ْرسَلْنَا ِمنْ قَبْ ِل َ‬
‫ف ُت ْ‬
‫ك َوسَوْ َ‬
‫َلذِكْ ٌر َلكَ َوِلقَ ْومِ َ‬
‫أَ َجعَلْنَا ِم ْن دُونِ ال ّرحْ َمنِ َآِلهَ ًة ُيعْبَدُونَ (‪َ )45‬وَلقَ ْد أَ ْرسَلْنَا مُوسَى ِب َآيَاتِنَا إِلَى ِفرْعَوْنَ‬
‫حكُونَ (‬
‫ب اْلعَالَمِيَ (‪ )46‬فَلَمّا جَا َءهُ ْم ِب َآيَاتِنَا ِإذَا ُه ْم مِ ْنهَا يَضْ َ‬
‫وَمَلَِئ ِه َفقَالَ إِنّي َرسُولُ َر ّ‬

‫‪339‬‬
‫‪ )47‬وَمَا ُنرِي ِهمْ ِمنْ َآَي ٍة إِلّا هِ َي أَكَْب ُر ِمنْ ُأخِْتهَا َوأَ َخذْنَاهُ ْم بِاْل َعذَابِ لَعَ ّل ُهمْ َي ْر ِجعُونَ (‬
‫‪)48‬‬

‫‪ -41‬فإن قبضناك قبل أن نريك عذابم ‪ ،‬ونشفى بذلك صدرك وصدور قوم مؤمني‬
‫فإنا سننتقم منهم ‪ -‬ل مالة ‪ -‬ف الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫‪ -42‬أو إذا أردت أن نريك العذاب الذى وعدناهم قبل وفاتك أريناك ‪ ،‬لننا‬
‫مسيطرون عليهم بقدرتنا وقهرنا ‪.‬‬
‫‪ -43‬إذا كان أحد هذين المرين واقعا ‪ -‬ل مالة ‪ -‬فكن مستمسكا بالقرآن الذى‬
‫أوحيناه إليك ‪ ،‬واثبت على العمل به ‪ ،‬لنك على طريق الق القوي ‪.‬‬
‫‪ -44‬وإن هذا القرآن لشرف عظيم لك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬ولمتك ‪ ،‬لنوله عليك بلغة‬
‫العرب ‪ ،‬وسوف تسألون يوم القيامة عن القيام بقه وشكر نعمته ‪.‬‬
‫‪ -45‬وانظر ف شرائع من أرسلنا من قبلك من رسلنا ‪ ،‬أجاءت فيها دعوة الناس إل‬
‫عبادة غي ال؟ ل يئ ذلك ‪ ،‬فالعابدون لغي ال متوغلون ف الضلل بعبادتم ‪.‬‬
‫‪ -46‬ولقد أرسلنا موسى بالعجزات الدالة على صدقه إل فرعون وقومه ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن‬
‫رسول خالق العالي ومُربّيهم إليكم ‪ ،‬فطالبوه بالعجزات ‪.‬‬
‫‪ -47‬فلما جاءهم بالعجزات الؤيدة لرسالته قابلوه فور ميئها بالضحك منها ‪-‬‬
‫سخرية واستهزاء ‪ -‬دون تأمل فيها ‪.‬‬
‫‪ -48‬وكل معجزة من العجزات الت توالت عليهم إذا نظر إليها قيل ‪ :‬هى أكب من‬
‫قرينتها وصاحبتها ‪ .‬وحينما أصروا على الطغيان أصبناهم بأنواع البليا ‪ ،‬ليجعوا عن‬
‫غيهم ‪.‬‬

‫شفْنَا‬
‫ك بِمَا َع ِهدَ عِ ْندَ َك ِإنّنَا لَ ُمهَْتدُونَ (‪ )49‬فَلَمّا َك َ‬
‫ع لَنَا َربّ َ‬
‫َوقَالُوا يَا َأّيهَا السّا ِحرُ ادْ ُ‬
‫عَ ْن ُهمُ اْل َعذَابَ إِذَا هُ ْم يَ ْنكُثُونَ (‪َ )50‬ونَادَى ِفرْ َعوْنُ فِي َقوْ ِم ِه قَا َل يَا َقوْ ِم َألَيْسَ لِي مُ ْلكُ‬
‫صرُونَ (‪ )51‬أَ ْم َأنَا خَ ْي ٌر ِمنْ َهذَا اّلذِي ُهوَ‬
‫جرِي ِم ْن تَحْتِي أَفَلَا تُبْ ِ‬
‫صرَ َو َه ِذهِ اْلأَْنهَارُ َت ْ‬
‫مِ ْ‬
‫ي وَلَا يَكَادُ يُِبيُ (‪ )52‬فَ َلوْلَا أُْل ِقيَ َعلَ ْيهِ َأ ْسوِ َرةٌ ِم ْن َذهَبٍ َأ ْو جَا َء َم َعهُ الْمَلَاِئكَةُ‬
‫َمهِ ٌ‬

‫‪340‬‬
‫ف َقوْ َمهُ َفأَطَاعُو ُه ِإنّ ُهمْ كَانُوا قَ ْومًا فَاسِقِيَ (‪ )54‬فَلَمّا َآسَفُونَا‬
‫ُمقْتَ ِرنِيَ (‪ )53‬فَاسْتَخَ ّ‬
‫انْتَقَمْنَا مِ ْن ُهمْ َفأَ ْغ َرقْنَا ُهمْ أَجْ َمعِيَ (‪)55‬‬

‫‪ -49‬وقالوا ‪ -‬مستغيثي بوسى حينما عمّهم البلء ‪ : -‬يا أيها الساحر ‪ -‬وهو العال‬
‫‪ -‬ادع لنا ربك متوسل بعهده عندك أن يكشف عنا العذاب ‪ ،‬إنا ‪ -‬إذا ُكشِف ‪-‬‬
‫لهتدون ‪.‬‬
‫‪ -50‬فلما كشف ال عنهم الصائب بدعاء موسى فاجأوه بنقض عهدهم باليان ‪.‬‬
‫‪ -51‬ونادى فرعون ف قومه ‪ -‬معلنا قوته وتسلطه ‪ : -‬أليس ل ‪ -‬ل لغيى ‪ -‬ملك‬
‫مصر ‪ ،‬وهذه النار الت تشاهدونا ترى من تت قصرى؟ أعميتم عن مشاهدة‬
‫ذلك ‪ ،‬فل تعقلون ما تليه الشاهدة من قوتى وضعف موسى؟ وأراد بندائه تثبيتهم‬
‫على طاعته ‪.‬‬
‫‪ -52‬قال فرعون ‪ -‬مبالغة ف الطغيان ‪ : -‬بل أنا خي من هذا الذى هو ضعيف‬
‫ذليل ‪ ،‬ول يُكاد يُبي دعواه بلسان فصيح ‪.‬‬
‫‪ -53‬وقال أيضا ‪ -‬مرضا على تكذيب موسى ‪ : -‬فهل ألقى عليه ربه أسْورة من‬
‫ذهب ليلقى إليه بقاليد المور ‪ ،‬أو أعانه بلئكة يؤيدونه إن كان صادقا ف دعواه‬
‫الرسالة؟‬
‫‪ -54‬فاستفز فرعون قومه بالقول ‪ ،‬وأثر فيهم هذا التمويه ‪ ،‬فأطاعوه ف ضلله ‪ ،‬إنم‬
‫كانوا قوما خارجي عن دين ال القوي ‪.‬‬
‫‪ -55‬فلما أغضبونا أشد الغضب ‪ -‬بإفراطهم ف الفساد ‪ -‬انتقمنا منهم بإغراقهم‬
‫أجعي ‪.‬‬

‫ك مِ ْنهُ يَصِدّونَ‬
‫ب ابْ ُن َمرَْي َم مَثَلًا ِإذَا َق ْومُ َ‬
‫ض ِر َ‬
‫جعَلْنَا ُه ْم سَلَفًا وَمَثَلًا لِ ْلآَ ِخرِينَ (‪ )56‬وَلَمّا ُ‬
‫فَ َ‬
‫ك ِإلّا َجدَلًا َبلْ ُهمْ َقوْ ٌم خَصِمُونَ (‪ )58‬إِنْ‬
‫ض َربُو ُه لَ َ‬
‫(‪َ )57‬وقَالُوا أَ َآِلهَتُنَا خَ ْيرٌ أَ ْم هُ َو مَا َ‬
‫جعَلْنَا مِ ْن ُكمْ مَلَاِئكَةً‬
‫هُ َو ِإلّا عَ ْب ٌد َأْنعَمْنَا عَلَ ْي ِه وَ َجعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي ِإ ْسرَائِيلَ (‪َ )59‬وَلوْ َنشَا ُء لَ َ‬
‫صرَاطٌ ُمسَْتقِيمٌ‬
‫فِي اْلأَرْضِ يَخْ ُلفُونَ (‪َ )60‬وِإنّ ُه َلعِلْ ٌم لِلسّا َعةِ فَلَا تَمَْترُ ّن ِبهَا وَاتّبِعُو ِن هَذَا ِ‬
‫صدّّنكُ ُم الشّيْطَانُ ِإّنهُ َل ُكمْ َعدُ ّو مُبِيٌ (‪)62‬‬
‫(‪ )61‬وَلَا يَ ُ‬

‫‪341‬‬
‫‪ -56‬فجعلنا فرعون وقومه قدوة للكافرين بعدهم ف استحقاق مثل عقابم ‪ .‬وحديثا‬
‫عجيب الشأن يعتب به جيع الناس ‪.‬‬
‫‪ -57‬ولا ضرب ال عيسى ابن مري مثلً ‪ ،‬ف كونه كآدم ‪ ،‬خلقه من تراب ‪ ،‬ث قال‬
‫له ‪ :‬كن فيكون ‪ ،‬فهو عبد ملوق ‪ ،‬مُنعم عليه بالنبوة ‪ ،‬ل تصح عبادته من دون ال ‪.‬‬
‫إذا قومك يعرضون ول يعون ‪.‬‬
‫‪ -58‬وقال الكافرون ‪ :‬أآلتنا خي أم عيسى؟ فإذا كان هو ف النار فلنكن نن وآلتنا‬
‫معه ‪ .‬ما ضرب الكفار هذا الثل لك إل للجدل والغلبة ف القول ل لطلب الق ‪ ،‬بل‬
‫هم قوم شداد ف الصومة معنون فيها ‪.‬‬
‫‪ -59‬ما عيسى إل عبد أنعمنا عليه بالنبوة ‪ ،‬وصيّرناه عبة عجيبة كالثل ‪ -‬للقه‬
‫بدون أب ‪ -‬لبن إسرائيل يستدلون به على كمال قدرتنا ‪.‬‬
‫‪ -60‬لو نشاء لوّلنا بعضكم ‪ -‬أيها الرجال ‪ -‬ملئكة يلفونكم ف الرض كما‬
‫يلفكم أولدكم ‪ ،‬لتعرفوا أن اللئكة خاضعون لتصريف قدرة ال ‪ ،‬فمن أين لم‬
‫استحقاق اللوهية؟‬
‫‪ -61‬وأن عيسى بدوثه بدون أب ‪ ،‬وإبرائه الكمه والبرص لدليل على قيام الساعة‬
‫‪ ،‬فل تشكن فيها ‪ ،‬واتبعوا هداى ورسول ‪ .‬هذا الذى أدعوكم إليه ‪ ،‬طريق مستقيم‬
‫موصل إل النجاة ‪.‬‬
‫‪ -62‬ول ينعكم الشيطان عن اتباع طريقى الستقيم ‪ ،‬إنه لكم عدو ظاهر العداوة ‪.‬‬

‫ختَ ِلفُونَ‬
‫حكْ َمةِ َوِلُأبَيّ َن َلكُ ْم َبعْضَ اّلذِي تَ ْ‬
‫ت قَا َل َقدْ جِئْتُ ُكمْ بِالْ ِ‬
‫وَلَمّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيّنَا ِ‬
‫ط ُمسَْتقِيمٌ (‬
‫صرَا ٌ‬
‫فِيهِ فَاّتقُوا ال ّلهَ وَأَطِيعُونِ (‪ )63‬إِنّ ال ّل َه هُوَ َربّي وَ َرّب ُكمْ فَاعُْبدُوهُ َهذَا ِ‬
‫ب َيوْ ٍم أَلِيمٍ (‪َ )65‬هلْ‬
‫ف الَْأ ْحزَابُ ِم ْن بَيِْن ِهمْ َف َويْ ٌل لِ ّلذِينَ ظَ َلمُوا ِمنْ َعذَا ِ‬
‫‪ )64‬فَاخْتَلَ َ‬
‫ش ُعرُونَ (‪ )66‬اْلأَخِلّا ُء َيوْمَِئ ٍذ َبعْضُ ُه ْم لَِبعْضٍ‬
‫يَنْ ُظرُو َن ِإلّا السّا َعةَ أَ ْن َت ْأتِيَ ُه ْم َبغْتَ ًة َوهُ ْم لَا َي ْ‬
‫ح َزنُونَ (‪ )68‬اّلذِينَ‬
‫َع ُدوّ ِإلّا الْمُّتقِيَ (‪ )67‬يَا عِبَادِ لَا َخوْفٌ عَلَ ْي ُكمُ الَْيوْ َم وَلَا أَنُْت ْم تَ ْ‬
‫َآمَنُوا ِب َآيَاتِنَا وَكَانُوا ُمسْلِمِيَ (‪ )69‬ا ْدخُلُوا الْجَّن َة َأنُْتمْ َوأَ ْزوَاجُ ُك ْم تُحَْبرُونَ (‪)70‬‬

‫‪342‬‬
‫‪ -63‬وحينما أرسل عيسى إل بن إسرائيل بالعجزات الواضحات واليات البينات‬
‫قال لم ‪ :‬قد جئتكم بشريعة حكيمة تدعوكم إل التوحيد ‪ ،‬وجئتكم لبي لكم بعض‬
‫الذى تتلفون فيه من أمر الدين لتجتمعوا على الق ‪ ،‬فاخشوا عذاب ال وأطيعون‬
‫فيما أدعوكم إليه ‪.‬‬
‫‪ -64‬إن ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو خالقى وخالقكم ‪ ،‬فاعبدوه دون سواه ‪ ،‬وحافظوا على‬
‫شريعته ‪ ،‬هذا الذى أدعوكم إليه طريق مستقيم موصل إل النجاة ‪.‬‬
‫‪ -65‬فاختلف الحزاب من بي النصارى بعد عيسى فرقا ف أمره ‪ ،‬فهلك للذين‬
‫ظلموا با قالوه ف عيسى ما كفروا به من عذاب شديد اليلم يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -66‬ما ينتظر الكافرون شيئا بعد إعراضهم عن اليان إل إتيان الساعة بغتة ‪ ،‬وهم‬
‫غافلون عنها ‪.‬‬
‫‪ -67‬الصدقاء الذين جعهم الباطل ف الدنيا يكون بعضهم لبعض عدوا يوم إتيان‬
‫الساعة بغتة ‪ ،‬وتنقطع كل مبة إل مبة الذين خافوا ‪ -‬وهم ف الدنيا ‪ -‬عذاب ال ‪،‬‬
‫واجتمعوا فيها على طاعته ‪.‬‬
‫‪ -68‬ينادى ال التقي ‪ -‬تكريا لم ‪ -‬يا عبادى ‪ ،‬ل تافوا اليوم عذابا ‪ ،‬ول أنتم‬
‫تزنون ‪ ،‬فقد أمنتم العذاب ‪ ،‬وضمن ال لكم الثواب ‪.‬‬
‫‪ -69‬الذين صدّقوا بآيات ال وأطاعوه ‪ ،‬وكانوا له منقادين ‪.‬‬
‫‪ -70‬يقال لم يوم القيامة تشريفا ‪ :‬ادخلوا النة أنتم مع أزواجكم ‪ ،‬تُسرّون فيها‬
‫سرورا عظيما ‪ ،‬يظهر أثره على وجوهكم ‪.‬‬

‫س َوتَ َلذّ اْلأَعُْينُ وََأنُْتمْ‬


‫ب َوأَكْوَابٍ َوفِيهَا مَا َتشَْتهِيهِ اْلَأنْفُ ُ‬
‫ف ِمنْ َذهَ ٍ‬
‫يُطَافُ عَلَ ْي ِهمْ بِصِحَا ٍ‬
‫فِيهَا خَاِلدُونَ (‪َ )71‬وتِ ْلكَ الْجَّن ُة الّتِي أُو ِرثْتُمُوهَا بِمَا كُنُْت ْم َتعْمَلُونَ (‪َ )72‬ل ُكمْ فِيهَا‬
‫ي فِي َعذَابِ َجهَّنمَ خَالِدُونَ (‪ )74‬لَا ُيفَّترُ‬
‫ج ِرمِ َ‬
‫ي ٌة مِ ْنهَا تَأْكُلُونَ (‪ )73‬إِنّ الْ ُم ْ‬
‫فَا ِكهَةٌ كَثِ َ‬
‫عَ ْن ُه ْم وَ ُهمْ فِيهِ مُبْ ِلسُونَ (‪ )75‬وَمَا ظَ َلمْنَا ُه ْم وََل ِكنْ كَانُوا ُهمُ الظّالِمِيَ (‪َ )76‬ونَا َدوْا يَا‬
‫حقّ َوَلكِ ّن أَكَْثرَ ُكمْ‬
‫ك قَا َل إِّن ُكمْ مَاكِثُونَ (‪َ )77‬لقَ ْد جِئْنَاكُ ْم بِالْ َ‬
‫مَاِلكُ لَِيقْضِ عَلَيْنَا َرّب َ‬
‫حقّ كَا ِرهُونَ (‪ )78‬أَ ْم َأبْ َرمُوا َأ ْمرًا َفإِنّا مُ ْبرِمُونَ (‪)79‬‬
‫لِلْ َ‬

‫‪343‬‬
‫‪ -71‬وبعد دخولم النة يُطاف عليهم بأوان من ذهب وأكواب كذلك ‪ ،‬وفيها ألوان‬
‫الطعمة وأنواع الشربة ‪ ،‬ولم ف النة كل ما تشتهيه النفس وتقر به العي ‪ ،‬ويقال‬
‫لم ‪ -‬إكمال للسرور ‪ : -‬أنتم ف هذا النعيم ملدون ‪.‬‬
‫‪ -72‬ويقال ‪ -‬إتاما للنعمة ‪ : -‬تلك هى النة الت ظفرت با بسبب ما قدّمتم ف‬
‫الدنيا من عمل الصالات ‪.‬‬
‫‪ -73‬لكم فيها فاكهة كثية النواع واللوان والطعوم ‪ ،‬تتمتعون بالكل منها ‪.‬‬
‫‪ -74‬إن الذين أجرموا بالكفر ف عذاب جهنم خالدون ‪.‬‬
‫‪ -75‬ل يُخفف العذاب عن هؤلء الجرمي ول ينقطع ‪ ،‬وهم فيه يائسون من النجاة‬
‫‪.‬‬
‫‪ -76‬وما ظلمنا هؤلء الجرمي بذا العذاب ‪ ،‬ولكن كانوا هم الذين ظلموا أنفسهم‬
‫باختيارهم الضللة على الدى ‪.‬‬
‫‪ -77‬ونادى الجرمون ‪ -‬حي يئسوا من تفيف العذاب الشديد ‪ -‬مالكا خازن النار‬
‫قائلي له ‪ :‬سل ربك أن يُميتنا لنستريح من أهوال جهنم ‪ .‬فقال لم مالك ‪ :‬إنكم‬
‫مقيمون ف العذاب دائما ‪.‬‬
‫‪ -78‬قال تعال ‪ -‬ردا عليهم ‪ : -‬لقد جاءكم رسولنا ‪ -‬يا أهل مكة ‪ -‬بالدين الق ‪.‬‬
‫فآمن به قليل ‪ ،‬وأعرض عنه أكثركم ‪ .‬وهم لذا الق كارهون ‪.‬‬
‫‪ -79‬بل أأحكم مشركو مكة أمرهم على تكذيب الرسول والتآمر على قتله؟ فإنا‬
‫مكمون أمرا ف مازاتم وإظهارك عليهم ‪.‬‬

‫جوَا ُهمْ بَلَى وَرُسُلُنَا َلدَْي ِهمْ َيكْتُبُونَ (‪ُ )80‬قلْ إِنْ كَانَ‬
‫حسَبُو َن َأنّا لَا َنسْمَعُ سِ ّر ُهمْ َونَ ْ‬
‫أَ ْم يَ ْ‬
‫ب الْ َعرْشِ‬
‫ت وَاْلأَرْضِ َر ّ‬
‫ب السّمَاوَا ِ‬
‫لِلرّحْ َم ِن َولَ ٌد َفأَنَا أَ ّولُ اْلعَاِبدِينَ (‪ )81‬سُبْحَانَ َر ّ‬
‫صفُونَ (‪َ )82‬فذَ ْر ُهمْ يَخُوضُوا َويَ ْلعَبُوا حَتّى يُلَاقُوا يَ ْو َمهُ ُم الّذِي يُو َعدُونَ (‪)83‬‬
‫عَمّا يَ ِ‬
‫حكِي ُم اْلعَلِيمُ (‪ )84‬وَتَبَارَ َك اّلذِي َلهُ‬
‫ض ِإَلهٌ َوهُ َو الْ َ‬
‫وَ ُهوَ اّلذِي فِي السّمَاءِ إَِل ٌه وَفِي اْلأَرْ ِ‬
‫ض َومَا بَيَْنهُمَا وَعِ ْن َدهُ عِ ْلمُ السّا َعةِ وَِإلَ ْيهِ ُت ْرجَعُونَ (‪)85‬‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ك السّمَاوَا ِ‬
‫مُلْ ُ‬

‫‪344‬‬
‫‪ -80‬بل أيسب هؤلء الشركون أنا ل نسمع حديث أنفسهم بتدبي الكيد ‪ ،‬وما‬
‫يتكلمون به فيما بينهم من تكذيب الق؟ بلى نسمعها ‪ ،‬والفظة من اللئكة عندهم‬
‫يكتبون ذلك ‪.‬‬
‫‪ -81‬قل للمشركي ‪ :‬إن صح بالبهان أ ّن للرحن ولدا فأنا أول العابدين لذا الولد ‪،‬‬
‫لكنه ل يصح بالُجة أن ولدا للرحن ‪ ،‬لا يترتب عليه من مشابة الالق للمخلوقي ‪،‬‬
‫وهو ‪ -‬سبحانه ‪ -‬منه عن مشابة الوادث من خلقه ‪.‬‬
‫‪ -82‬تنيها لالق السموات والرض خالق العرش ‪ ،‬العظيم عمّا يصفه به‬
‫الشركون ‪ ،‬ما ل يليق بألوهيته ‪.‬‬
‫‪ -83‬فدعهم ينغمسوا ف أباطيلهم ويلعبوا ف دنياهم ‪ -‬بترك الادة ‪ -‬غي ملتفت‬
‫إليهم ‪ ،‬حت يئ يوم القيامة الذى وعدوا به ‪ ،‬لتجزى كل نفس با كسبت ‪.‬‬
‫‪ -84‬وهو الذى يُعبد ف السماء بق ‪ ،‬ويُعبد ف الرض بق ‪ ،‬وهو ‪ -‬وحده ‪ -‬ذو‬
‫الحكام البالغ ف أفعاله وتدبيه ‪ ،‬الحيط علمه با كان وما يكون ‪.‬‬
‫‪ -85‬وتعال وتعظم الذى له ‪ -‬وحده ‪ -‬كمال التصرف ف السموات والرض وفيما‬
‫بينهما من ملوقات الو الشاهدة وغيها ‪ ،‬وله تدبي المر ف ذلك ‪ ،‬وعنده ‪ -‬وحده‬
‫‪ -‬علم وقت القيامة ‪ ،‬وإليه ‪ -‬وحده ‪ -‬ترجعون ف الخرة للحساب ‪.‬‬

‫ح ّق َوهُ ْم َيعْلَمُونَ (‪َ )86‬ولَِئنْ‬


‫شفَا َعةَ ِإلّا َم ْن َشهِ َد بِالْ َ‬
‫وَلَا يَمْ ِلكُ اّلذِي َن َيدْعُونَ ِم ْن دُوِنهِ ال ّ‬
‫سََألَْت ُهمْ َم ْن خَلَ َق ُهمْ لََيقُولُ ّن اللّ ُه َفَأنّى يُ ْؤ َفكُونَ (‪َ )87‬وقِيلِ ِه يَا َربّ إِ ّن َهؤُلَا ِء َقوْ ٌم لَا‬
‫سوْفَ َيعْلَمُونَ (‪)89‬‬
‫صفَحْ َع ْنهُ ْم َو ُقلْ سَلَا ٌم َف َ‬
‫يُ ْؤمِنُونَ (‪ )88‬فَا ْ‬

‫‪ -86‬ول يلك آلتهم الذين يعبدونم من غي ال الشفاعة لن عبدوهم ‪ ،‬لكن من‬


‫شهدوا بالتوحيد ‪ -‬وهم يعتقدون أن ال ربم حقا ‪ -‬هم الذين يشفعون فيمن يشاء‬
‫ال من الؤمني ‪.‬‬
‫‪ -87‬ولئن سألت ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬هؤلء الشركي عمن خلقهم ‪ ،‬فيقولن ‪ :‬خلقهن‬
‫ال ‪ ،‬فكيف يصرفون عن عبادته تعال إل عبادة غيه مع إقرارهم بأنه خالقهم؟! إن‬
‫هذا لعجيب ‪.‬‬

‫‪345‬‬
‫‪ -88‬أقسم بقول ممد صلى ال عليه وسلم مستغيثا داعيا ‪ « :‬يا رب » إن هؤلء‬
‫العاندين قوم ل ينتظر منهم إيان ‪.‬‬
‫‪ -89‬فأعرض ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬عنهم ‪ -‬لشدة عنادهم ‪ -‬ودعهم ‪ ،‬وقل لم ‪ :‬سلم‬
‫‪.‬‬

‫حم (‪ )1‬وَاْلكِتَابِ الْمُِبيِ (‪ِ )2‬إنّا َأنْ َزلْنَاهُ فِي لَيْ َلةٍ مُبَارَ َك ٍة ِإنّا كُنّا مُ ْنذِرِينَ (‪)3‬‬

‫‪ -1‬حم ‪ :‬ابتدأت هذه السورة ببعض الروف الصوتية على طريقة القرآن الكري ف‬
‫افتتاح كثي من السور بثل هذه الروف ‪.‬‬
‫‪ -2‬أقسم ال بالقرآن الكاشف عن الدين الق ‪ ،‬الوضح للناس ما يُصلح دنياهم‬
‫وآخرتم ‪ ،‬إعلما برفعة قدره ‪.‬‬
‫‪ -3‬إننا ابتدأنا إنزال القرآن ف ليلة وفية الي ‪ ،‬كثية البكات ‪ ،‬لن من شأننا‬
‫النذار بإرسال الرسل وإنزال الكتب ‪.‬‬

‫ك ِإنّهُ‬
‫فِيهَا ُي ْفرَقُ ُك ّل أَ ْم ٍر حَكِيمٍ (‪َ )4‬أمْرًا مِنْ عِ ْن ِدنَا إِنّا كُنّا ُمرْسِلِيَ (‪َ )5‬رحْ َم ًة ِمنْ َربّ َ‬
‫هُ َو السّمِي ُع اْلعَلِيمُ (‪َ )6‬ربّ السّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ وَمَا بَيَْنهُمَا إِنْ كُنُْت ْم مُوقِنِيَ (‪ )7‬لَا ِإَلهَ‬
‫ِإلّا هُ َو يُحْيِي َويُمِيتُ َرّبكُ ْم وَ َربّ َآبَاِئكُ ُم الَْأ ّولِيَ (‪َ )8‬ب ْل هُ ْم فِي َشكّ يَ ْلعَبُونَ (‪)9‬‬
‫ب َيوْ َم َتأْتِي السّمَا ُء ِبدُخَا ٍن مُبِيٍ (‪)10‬‬
‫فَارَْتقِ ْ‬

‫‪ -4‬ف هذه الليلة الباركة ُيفَصّل ويُبيّن كل أمر مكم ‪ ،‬والقرآن رأس الكمة ‪،‬‬
‫والفيصل بي الق والباطل ‪ ،‬ولذا كان إنزاله فيها ‪.‬‬
‫‪ -5‬أعن بذا المر أمرا عظيما صادرا من عندنا كما اقتضاه تدبينا ‪ ،‬لن من شأننا‬
‫إرسال الرسل بالكتب لتبليغ العباد ‪.‬‬
‫‪ -6‬لجل رحة ربك بعباده أرسل رسله للناس يبلغونم هَدْيه ‪ ،‬لنه ‪ -‬وحده ‪-‬‬
‫السميع لكل مسموع ‪ ،‬الحيط علما بكل معلوم ‪.‬‬
‫‪ -7‬هو خالق السموات والرض وما بينهما ‪ ،‬إن كنتم موقني بالق ‪ ،‬مذعني له ‪،‬‬
‫مؤمني بأنه النل للقرآن رحة وهداية ‪.‬‬

‫‪346‬‬
‫‪ -8‬ل إله يستحق العبادة سواه ‪ ،‬هو ‪ -‬وحده يي وييت ‪ ،‬وهو ‪ -‬وحده ‪ -‬خالقكم‬
‫وخالق آبائكم الولي ‪.‬‬
‫‪ -9‬بل الكفار ف شك من هذا الق ‪ ،‬يتبعون أهواءهم ‪ ،‬وذلك شأن اللهي‬
‫اللعبي ‪ ،‬ل شأن أهل العلم واليقي ‪.‬‬
‫‪ -10‬فانتظر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬حينما ينل بم القحط ‪ ،‬فيصابون بالزال وضعف‬
‫البصر ‪ ،‬فيى الرجل بي السماء والرض دخانا واضحا! ‪.‬‬

‫ب ِإنّا ُمؤْمِنُونَ (‪َ )12‬أنّى َلهُمُ‬


‫ب َألِيمٌ (‪َ )11‬ربّنَا ا ْكشِفْ عَنّا الْ َعذَا َ‬
‫َيغْشَى النّاسَ هَذَا َعذَا ٌ‬
‫الذّ ْكرَى وَ َق ْد جَا َء ُهمْ َرسُولٌ مُِبيٌ (‪ُ )13‬ثمّ َت َولّوْا عَ ْنهُ وَقَالُوا مُعَ ّل ٌم مَجْنُونٌ (‪ِ )14‬إنّا‬
‫شةَ اْلكُبْرَى ِإنّا مُنَْتقِمُونَ (‬
‫ش الْبَ ْط َ‬
‫ب قَلِيلًا ِإنّ ُكمْ عَاِئدُونَ (‪َ )15‬يوْ َم نَبْطِ ُ‬
‫كَاشِفُوا اْلعَذَا ِ‬
‫‪ )16‬وََل َقدْ فَتَنّا قَبْ َل ُهمْ َقوْ َم ِفرْ َعوْ َن َوجَا َء ُهمْ َرسُولٌ َكرِيٌ (‪)17‬‬

‫‪ -11‬ييط هذا الدخان بالكذبي الذين أصابم الدب ‪ ،‬فيقولون لشدة الول ‪ :‬هذا‬
‫عذاب شديد اليلم ‪.‬‬
‫‪ -12‬كما يقولون استغاثة بال ‪ :‬إننا سنؤمن بعد أن تكشف عنا عذاب الوع‬
‫والرمان ‪.‬‬
‫‪ -13‬كيف يتعظ هؤلء ‪ ،‬ويوفون با وعدوا من اليان عند كشف العذاب ‪ ،‬وقد‬
‫جاءهم رسول واضح الرسالة بالعجزات الدالة على صدقه ‪ ،‬وذلك أعظم موجبات‬
‫التعاظ؟ ‪.‬‬
‫‪ -14‬ث أعرضوا عن التصديق بالرسول الؤيد بالعجزات الواضحة ‪ ،‬وقالوا ‪ -‬كذبا‬
‫وافتراءً ‪ : -‬تارة يعلمه البشر ‪ ،‬وقالوا تارة أخرى ‪ :‬اختلط عقله ‪.‬‬
‫‪ -15‬فرد ال عليهم ‪ :‬إنا سنرفع عنكم العذاب زمن الدنيا ‪ ،‬وهو قليل ‪ ،‬وإنكم‬
‫عائدون ‪ -‬ل مالة ‪ -‬إل ما كنتم عليه ‪.‬‬
‫‪ -16‬اذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬يوم نأخذهم الخذة الكبى بعنف وقوة ‪ ،‬إننا ‪ -‬بذا‬
‫الخذ ‪ -‬منتقمون منهم ‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫‪ -17‬ولقد امتحنا قبل كفار مكة قوم فرعون بالدعوة إل اليان ‪ ،‬وجاءهم موسى‬
‫رسول كري على ال ‪ ،‬فكفروا به عنادا ‪ ،‬وكذلك شأن هؤلء الشركي ‪.‬‬

‫أَ ْن َأدّوا ِإَليّ عِبَادَ ال ّلهِ ِإنّي َل ُكمْ َرسُو ٌل َأمِيٌ (‪َ )18‬وأَ ْن لَا َتعْلُوا عَلَى اللّ ِه ِإنّي َآتِي ُكمْ‬
‫ِبسُلْطَانٍ مُِبيٍ (‪َ )19‬وِإنّي ُع ْذتُ ِب َربّي وَ َربّ ُك ْم أَنْ تَ ْرجُمُونِ (‪ )20‬وَإِ ْن َل ْم تُ ْؤمِنُوا لِي‬
‫ج ِرمُونَ (‪َ )22‬فأَ ْسرِ ِبعِبَادِي لَيْلًا ِإنّ ُكمْ مُتَّبعُونَ‬
‫فَاعَْتزِلُونِ (‪َ )21‬فدَعَا َرّب ُه أَ ّن هَ ُؤلَا ِء َقوْمٌ مُ ْ‬
‫حرَ َرهْوًا ِإّن ُهمْ جُ ْن ٌد مُ ْغ َرقُونَ (‪َ )24‬ك ْم َترَكُوا ِمنْ جَنّاتٍ وَعُيُونٍ (‪)25‬‬
‫(‪ )23‬وَاْترُ ِك الْبَ ْ‬
‫ع وَ َمقَامٍ َكرِيٍ (‪)26‬‬
‫وَزُرُو ٍ‬

‫ل يا عباد ال ما هو واجب عليكم من قبول‬


‫‪ -18‬قال لم الرسول الكري ‪ :‬أدّوا إ ّ‬
‫دعوتى ‪ ،‬لن لكم رسول إليكم خاصة ‪ ،‬أمي على رسالت ‪.‬‬
‫‪ -19‬ول تتكبوا على ال بتكذيب رسوله ‪ ،‬لن آتيكم بعجزة واضحة تبي صدق‬
‫نبوتى ورسالت ‪.‬‬
‫‪ -20‬وإن اعتصمت بالقى وخالقكم من أن تتمكنوا من قتلى رجا ‪.‬‬
‫‪ -21‬وإن ل تصدقوا ب فكونوا بعزل من ‪ ،‬ول ُت ْؤذُون ‪.‬‬
‫‪ -22‬فدعا موسى ربه ‪ -‬شاكيا قومه حي يئس من إيانم ‪ -‬بأن هؤلء قوم تناهى‬
‫أمرهم ف الكفر ‪ ،‬فافعل بم ما يستحقون ‪.‬‬
‫‪ -23‬فسِر بالؤمني ليل ف خفية ‪ ،‬حت ل يدركوكم ‪ ،‬لن فرعون وجنوده‬
‫سيتبعونكم ‪ ،‬إذا علموا ‪ ،‬لليقاع بكم ‪.‬‬
‫‪ -24‬واترك البحر ساكنا على هيئته بعد ضربه بالعصا ‪ ،‬ليدخله النكرون ‪ ،‬فإنم‬
‫مغرقون ل مالة ‪.‬‬
‫‪ -25‬تركوا بعد إغراقهم كثيا من النات الناضرة والعيون الارية ‪.‬‬
‫‪ -26‬والزورع التنوعة والنازل السنة ‪.‬‬

‫ك َوأَوْ َرثْنَاهَا قَ ْومًا َآخَرِينَ (‪ )28‬فَمَا َبكَتْ عَلَ ْي ِهمُ‬


‫وََنعْ َمةٍ كَانُوا فِيهَا فَا ِكهِيَ (‪َ )27‬ك َذلِ َ‬
‫ب الْ ُمهِيِ‬
‫ض َومَا كَانُوا مُنْ َظرِينَ (‪َ )29‬وَلقَ ْد نَجّيْنَا بَنِي ِإ ْسرَائِيلَ ِم َن الْ َعذَا ِ‬
‫السّمَا ُء وَالْأَرْ ُ‬

‫‪348‬‬
‫س ِرفِيَ (‪ )31‬وََل َقدِ اخَْت ْرنَاهُمْ عَلَى عِ ْلمٍ عَلَى‬
‫(‪ِ )30‬منْ ِفرْ َعوْ َن ِإنّهُ كَانَ عَالِيًا مِ َن الْ ُم ْ‬
‫ت مَا فِي ِه بَلَا ٌء مُبِيٌ (‪ )33‬إِ ّن َهؤُلَا ِء لََيقُولُونَ (‪ )34‬إِنْ‬
‫الْعَالَمِيَ (‪ )32‬وَ َآتَيْنَا ُهمْ مِ َن اْلآَيَا ِ‬
‫شرِينَ (‪َ )35‬فأْتُوا ِب َآبَائِنَا إِنْ كُ ْنُتمْ صَادِقِيَ (‪)36‬‬
‫حنُ بِمُ ْن َ‬
‫هِ َي ِإلّا َموْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَ ْ‬

‫‪ -27‬وعيشة مترفة نضرة كانوا فيها متنعمي ‪.‬‬


‫‪ -28‬مثل ذلك العقاب يعاقب ال من خالف أمره ‪ ،‬وخرج على طاعته ‪ ،‬ويول ما‬
‫كان فيه من النعم إل قوم آخرين ليسوا منهم ف شئ من قرابة ول دين ‪.‬‬
‫‪ -29‬فما حزنت عليهم السماء والرض عندما أخذهم العذاب لوان شأنم ‪ ،‬ول‬
‫يُنظَروا لتوبة ‪ ،‬ول يهلوا لتدارك تقصيهم ‪ ،‬احتقارا لم ‪.‬‬
‫‪ -30‬ولقد نّى ال بن إسرائيل من العذاب الذل لم ‪.‬‬
‫‪ -31‬ناهم من فرعون ‪ ،‬إن فرعون كان مستعليا على قومه ‪ ،‬مسرفا ف الشر‬
‫والطغيان ‪.‬‬
‫‪ -32‬أقسم ‪ :‬لقد اخترنا بن إسرائيل على علم منا بأحقيتهم بالختيار على عالى‬
‫زمانم ‪ ،‬فبعثنا فيهم أنبياء كثيين مع علمنا بالم ‪.‬‬
‫‪ -33‬وآتاهم ال على يد موسى من الدلئل ما فيه اختبار ظاهر لم ‪.‬‬
‫‪ -35 ، 34‬إن هؤلء الكذبي بالبعث ليقولون ‪ :‬ما الوتة إل موتتنا الول ف الدنيا‬
‫وما نن بعدها ببعوثي ‪.‬‬
‫‪ -36‬ويقولون لرسول ال والؤمني ‪ :‬إن كنتم صادقي ف دعواكم أن ربكم يي‬
‫الوتى للحساب ف الخرة ‪ ،‬فعجلوا لنا إحياء من مات من آبائنا بسؤالكم ربكم ذلك‬
‫‪.‬‬

‫ج ِرمِيَ (‪َ )37‬ومَا خَ َلقْنَا‬


‫أَ ُه ْم خَ ْيرٌ أَ ْم َقوْ ُم تُبّ ٍع وَالّذِينَ ِم ْن قَبْ ِل ِهمْ َأهْ َلكْنَا ُهمْ ِإّن ُهمْ كَانُوا مُ ْ‬
‫ح ّق َولَ ِك ّن أَكَْثرَ ُه ْم لَا‬
‫ض َومَا بَيَْنهُمَا لَاعِِبيَ (‪ )38‬مَا خَ َلقْنَاهُمَا ِإلّا بِالْ َ‬
‫ت وَاْلأَرْ َ‬
‫السّمَاوَا ِ‬
‫صلِ مِيقَاتُ ُهمْ أَجْ َمعِيَ (‪َ )40‬يوْ َم لَا ُيغْنِي َم ْولًى َع ْن َموْلًى شَيْئًا‬
‫َيعْلَمُونَ (‪ )39‬إِ ّن يَوْ َم اْلفَ ْ‬
‫ج َر َة ال ّزقّومِ‬
‫صرُونَ (‪ِ )41‬إلّا َمنْ َر ِحمَ ال ّلهُ ِإّنهُ ُه َو الْ َعزِي ُز الرّحِيمُ (‪ )42‬إِ ّن شَ َ‬
‫وَلَا هُ ْم يُنْ َ‬
‫(‪َ )43‬طعَا ُم الَْأثِيمِ (‪ )44‬كَالْ ُم ْه ِل يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (‪َ )45‬كغَ ْل ِي الْحَمِيمِ (‪)46‬‬

‫‪349‬‬
‫‪ -37‬أكفار مكة خي ف القوة والنعة والسلطان وسائر أمور الدنيا أم قوم تبع ومن‬
‫سبقهم؟ ليس مشركو قومك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬أقوى منهم ‪ ،‬وقد أهلكناهم ف الدنيا‬
‫بكفرهم وأجرامهم ‪ ،‬فليعتبوا بم ‪.‬‬
‫‪ -38‬وما خلق ال السموات والرض وما بينهما بكمة ولكمة ‪.‬‬
‫‪ -39‬ما خلقناها إل خلقا منوطا بالكمة على نظام ثابت يدل على وجود ال‬
‫ووحدانيته وقدرته ‪ ،‬ولكن أكثر هؤلء ف غفلة عمياء ‪ ،‬ل يعلمون هذه الدللة ‪.‬‬
‫‪ -40‬إن يوم الكم بي الحق والبطل وقت موعدهم أجعي ‪.‬‬
‫‪ -41‬يوم ل يدفع أى قريب عن أى قريب ‪ ،‬ول أى حليف عن أى حليف شيئا قليلً‬
‫من العذاب ‪ ،‬ول هم ينصرون عند ال بأنفسهم ‪.‬‬
‫‪ -42‬لكن الذين رحهم ال من الؤمني يعفو ال عنهم ‪ ،‬ويأذن لم بالشفاعة ‪ ،‬إنه‬
‫الغالب على كل شئ ‪ ،‬الرحيم بعباده الؤمني ‪.‬‬
‫‪ -44 ، 43‬إن شجرة الزقوم ‪ -‬العروفة بقبح منظرها وخبث طعمها وريها ‪ -‬طعام‬
‫الفاجر كثي الثام ‪.‬‬
‫‪ -46 ، 45‬طعامها كسائل العدن الذى صهرته الرارة ‪ ،‬يغلى ف البطون كغلى الاء‬
‫الذى بلغ النهاية ف غليانه ‪.‬‬

‫ب الْحَمِيمِ (‪)48‬‬
‫خُذُوهُ فَاعْتِلُو ُه ِإلَى سَوَا ِء الْجَحِيمِ (‪ُ )47‬ثمّ صُبّوا َفوْقَ َرْأ ِسهِ ِمنْ َعذَا ِ‬
‫ي فِي‬
‫ك َأنْتَ اْل َعزِي ُز الْ َكرِيُ (‪ )49‬إِ ّن هَذَا مَا كُنُْت ْم ِبهِ تَمَْترُونَ (‪ )50‬إِ ّن الْمُّتقِ َ‬
‫ق ِإنّ َ‬
‫ذُ ْ‬
‫ق مَُتقَابِلِيَ (‪)53‬‬
‫َمقَا ٍم َأمِيٍ (‪ )51‬فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ (‪ )52‬يَلَْبسُو َن ِمنْ سُ ْندُسٍ َوِإسْتَ ْبرَ ٍ‬
‫ك وَ َزوّجْنَا ُه ْم بِحُورٍ عِيٍ (‪َ )54‬يدْعُو َن فِيهَا ِبكُ ّل فَا ِك َهةٍ َآمِنِيَ (‪)55‬‬
‫َك َذلِ َ‬

‫‪ -47‬خذوا ‪ -‬يا زبانية جهنم ‪ -‬هذا الفاجر الثيم فقودوه بعنف وغلظة إل وسط‬
‫جهنم ‪.‬‬
‫‪ -48‬ث صبوا فوق رأسه الاء الشديد الرارة ‪ ،‬زيادة ف تعذيبه وإيلمه ‪.‬‬
‫‪ -49‬يقال له ‪ -‬استهزاء وتكما به ‪ -‬ذق العذاب الشديد ‪ ،‬إنك أنت العزيز ف‬
‫قومك ‪ ،‬الكري ف حسبك ‪.‬‬

‫‪350‬‬
‫‪ -50‬إن هذا العذاب الذى لستموه حقيقة واقعة هو ما كنتم تاصمون بشأنه ف‬
‫الدنيا ‪ ،‬وتشكّون ف وقوعه ‪.‬‬
‫‪ -51‬إن الذين وقوا أنفسهم من العاصى بالتزام طاعة ال ف مكان عظيم يأمنون فيه‬
‫على أنفسهم ‪.‬‬
‫‪ -52‬ف جنات ينعمون فيها ‪ ،‬وعيون من الاء ترى من تتها ‪ ،‬إكراما لم بإعظام‬
‫نعيمهم ‪.‬‬
‫ق وما غلظ من الرير زيادة ف زينتهم ‪ ،‬متقابلي ف مالسهم ‪،‬‬
‫‪ -53‬يلبسون ما ر ّ‬
‫ليتم لم النس ‪.‬‬
‫‪ -54‬ومع هذا الزاء زوّجناهم ف النة بور عي ‪ ،‬يار فيهن الطرف لفرط حسنهن‬
‫وجالن وسعة عيونن ‪.‬‬
‫‪ -55‬يطلبون ف النة كل فاكهة يشتهونا ‪ ،‬آمني من الغصص والزوال والرمان ‪.‬‬

‫جحِيمِ (‪ )56‬فَضْلًا ِمنْ َرّبكَ‬


‫ت ِإلّا الْ َموَْتةَ اْلأُولَى َو َوقَا ُهمْ َعذَابَ الْ َ‬
‫لَا َيذُوقُو َن فِيهَا الْ َموْ َ‬
‫ك َلعَ ّلهُ ْم يََتذَ ّكرُونَ (‪ )58‬فَارَْتقِبْ‬
‫سرْنَاهُ بِ ِلسَانِ َ‬
‫ك هُ َو الْ َفوْ ُز الْعَظِيمُ (‪َ )57‬فإِنّمَا َي ّ‬
‫َذلِ َ‬
‫ِإنّ ُهمْ مُ ْرَتقِبُونَ (‪)59‬‬

‫‪ -56‬ل يذوقون ف النة الوت بعد الوتة الول الت ذاقوها ف الدنيا عند انقضاء‬
‫آجالم ‪ ،‬وحفظهم ربم من عذاب النار ‪.‬‬
‫‪ -57‬حفظوا من العذاب ‪ -‬فضل وإحسانا من خالقك ‪ -‬ذلك الفظ من العذاب‬
‫ودخول النة هو غاية الفوز العظيم ‪.‬‬
‫‪ -58‬فإنا سهّلنا عليك تلوة القرآن وتبليغه مَُنزّل بلغتك ولغتهم كى يتعظوا فيؤمنوا‬
‫به ويعملوا با فيه ‪.‬‬
‫‪ -59‬فانتظر ما يل بم ‪ ،‬إنم منتظرون ما يل بك وبدعوتك من الدوائر ‪.‬‬

‫ض َل َآيَاتٍ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫حكِيمِ (‪ )2‬إِ ّن فِي السّمَاوَا ِ‬
‫ب ِمنَ ال ّلهِ اْل َعزِي ِز الْ َ‬
‫حم (‪ )1‬تَ ْنزِي ُل الْكِتَا ِ‬
‫لِلْ ُم ْؤمِنِيَ (‪)3‬‬

‫‪351‬‬
‫‪ -1‬حم ‪ :‬حرفان من الروف الصوتية ابتدأت بما هذه السورة على طريقة القرآن ف‬
‫افتتاح بعض سوره بثل هذه الروف للشارة إل عجز الشركي عن التيان بثله مع‬
‫أنه مؤلف من الروف الت يستعملونا ف كلمهم ‪.‬‬
‫‪ -2‬تنيل القرآن من ال القوى النيع ‪ ،‬الكيم ف تدبيه وصنعه ‪.‬‬
‫‪ -3‬إن ف خلق السموات والرض من بديع صنع ال لدللت قوية على ألوهيته‬
‫ووحدانيته ‪ ،‬يؤمن با الصدقون بال بفطرهم السليمة ‪.‬‬

‫ف اللّ ْيلِ وَالّنهَا ِر َومَا‬


‫ت ِلقَوْ ٍم يُوقِنُونَ (‪ )4‬وَاخْتِلَا ِ‬
‫ث ِم ْن دَاّبةٍ َآيَا ٌ‬
‫َوفِي خَلْ ِق ُكمْ َومَا يَبُ ّ‬
‫ت ِلقَوْمٍ‬
‫ف الرّيَاحِ َآيَا ٌ‬
‫صرِي ِ‬
‫ض َبعْ َد َموِْتهَا َوتَ ْ‬
‫ق َفأَحْيَا ِبهِ اْلأَرْ َ‬
‫َأنْ َزلَ ال ّلهُ مِ َن السّمَا ِء ِمنْ ِرزْ ٍ‬
‫ث َبعْ َد اللّ ِه وَ َآيَاتِ ِه ُيؤْمِنُونَ (‬
‫ي حَدِي ٍ‬
‫ح ّق فَِبأَ ّ‬
‫ك بِالْ َ‬
‫ت اللّ ِه نَتْلُوهَا عَلَ ْي َ‬
‫َيعْقِلُونَ (‪ )5‬تِ ْلكَ َآيَا ُ‬
‫ص ّر ُمسْتَكِْبرًا َكأَنْ َلمْ‬
‫ت اللّ ِه تُتْلَى عَلَ ْي ِه ُثمّ يُ ِ‬
‫‪ )6‬وَْي ٌل لِ ُك ّل َأفّا ٍك َأثِيمٍ (‪َ )7‬يسْمَعُ َآيَا ِ‬
‫ك َلهُمْ‬
‫خذَهَا هُ ُزوًا أُولَئِ َ‬
‫ش ْرهُ ِب َعذَابٍ َألِيمٍ (‪ )8‬وَِإذَا عَ ِل َم ِمنْ َآيَاتِنَا شَيْئًا اتّ َ‬
‫َيسْ َمعْهَا فََب ّ‬
‫ب ُمهِيٌ (‪)9‬‬
‫َعذَا ٌ‬

‫‪ -4‬وف خلق ال لكم ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬على ما أنتم عليه من حسن الصورة وبديع‬
‫الصنع ‪ ،‬وما يفرق وينشر من الدواب على اختلف الصور والنافع لدللت قوية‬
‫واضحة لقوم َيسْتَ ْيقِنو َن بأمورهم بالتدبر والتفكر ‪.‬‬
‫‪ -5‬وف اختلف الليل والنهار ف الطول والقصر والنور والظلم مع تعاقبهما على‬
‫نظام ثابت ‪ ،‬وفيما أنزل ال من السماء من مطر فأحيا به الرض بالنبات بعد موتا‬
‫بالدب ‪ ،‬وتصريف الرياح إل جهات متعددة مع اختلفها برودة وحرارة وقوة‬
‫وضعفا ‪ ،‬علمات واضحة على كمال قدرة ال لقوم فكروا بعقولم فخلص يقينهم ‪.‬‬
‫‪ -6‬تلك آيات ال الكونية الت أقامها ال للناس ‪ ،‬نقرؤها عليك ف القرآن على لسان‬
‫جبيل مشتملة على الق ‪ ،‬فإذا ل يؤمنوا فبأى حديث بعد حديث ال ‪ -‬وهو القرآن‬
‫‪ -‬وآياته يصدقون؟ ‪.‬‬
‫‪ -7‬هلك شديد لكل من افترى على ال أقبح الكاذيب ولن كثرت آثامه بذلك ‪.‬‬
‫‪ -8‬يسمع هذا الفترى آيات ال تتلى ناطقة بالق ‪ ،‬ث يُصر على الكفر متكبا عن‬

‫‪352‬‬
‫اليان ‪ ،‬شأنه شأن من ل يسمع اليات ‪ ،‬فبشره أيها النب ‪ -‬تكما ‪ -‬بعذاب أليم‬
‫لصراره على عمل ما يوصل إليه ‪.‬‬
‫‪ -9‬وإذا علم هذا العنيد أى شئ من آيات ال ‪ ،‬جعل آيات ال كلها مادة لسخريته‬
‫واستهزائه ‪ ،‬أولئك الفاكون الثون لم عذاب يذل كبياءهم ‪.‬‬

‫خذُوا ِم ْن دُونِ ال ّلهِ َأ ْولِيَاءَ‬


‫ِمنْ وَرَاِئهِ ْم َجهَنّ ُم َولَا ُيغْنِي عَ ْن ُه ْم مَا َكسَبُوا شَيْئًا َولَا مَا اتّ َ‬
‫ب ِمنْ ِرجْزٍ‬
‫وََل ُهمْ َعذَابٌ عَظِيمٌ (‪ )10‬هَذَا هُدًى وَاّلذِينَ َك َفرُوا ِبآَيَاتِ َرّب ِهمْ لَ ُهمْ َعذَا ٌ‬
‫جرِيَ اْلفُ ْلكُ فِي ِه ِبأَ ْم ِر ِه وَلِتَبَْتغُوا ِم ْن فَضْ ِلهِ‬
‫ح َر لِتَ ْ‬
‫خ َر َلكُ ُم الْبَ ْ‬
‫َألِيمٌ (‪ )11‬ال ّلهُ اّلذِي سَ ّ‬
‫ض جَمِيعًا مِ ْن ُه إِنّ‬
‫خرَ لَ ُكمْ مَا فِي السّمَاوَاتِ َومَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫وََلعَ ّلكُ ْم َتشْ ُكرُونَ (‪َ )12‬وسَ ّ‬
‫ك َل َآيَاتٍ ِل َقوْ ٍم يََتفَ ّكرُونَ (‪ُ )13‬ق ْل لِ ّلذِينَ َآمَنُوا َي ْغفِرُوا لِ ّلذِينَ لَا َيرْجُونَ َأيّا َم اللّهِ‬
‫فِي َذلِ َ‬
‫سهِ َو َمنْ َأسَا َء َفعَلَيْهَا ُثمّ‬
‫ي قَ ْومًا بِمَا كَانُوا َيكْسِبُونَ (‪َ )14‬منْ عَ ِملَ صَالِحًا فَلَِن ْف ِ‬
‫جزِ َ‬
‫لِيَ ْ‬
‫ِإلَى َربّ ُك ْم ُترْ َجعُونَ (‪)15‬‬

‫‪ -10‬من ورائهم جهنم تنتظرهم ‪ ،‬ول يدفع عنهم ما كسبوا ف الدنيا شيئا من‬
‫عذابا ‪ ،‬ول اللة الت اتذوها من دون ال نصراء تدفع شيئا من عذابا ‪ ،‬ولم عذاب‬
‫عظيم ف هوله وشدته ‪.‬‬
‫‪ -11‬هذا القرآن دليل كامل على أن الق من عند ال ‪ ،‬والذين جحدوا ما اشتمل‬
‫عليه من حُجج خالقهم ومربيهم ‪ ،‬لم عذاب من أشد أنواع العذاب ‪.‬‬
‫‪ -12‬ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى ذلل لكم البحر لتسي السفن فيه بإذنه وقدرته حاملة‬
‫لكم ولاجاتكم ‪ ،‬ولتطلبوا من فضل ال من خيات البحر باستفادة علم وتارة‬
‫وجهاد وهداية وصيد ‪ ،‬واستخراج آنية ‪ ،‬ولعلكم تشكرون نعمه بإخلص الدين ل ‪.‬‬
‫‪ -13‬وذلل لكم جيع ما ف السموات من نوم مضيئة وكواكب ‪ ،‬وكل ما ف الرض‬
‫من زرع وضرع وخصب وماء ونار وهواء وصحراء جيعا منه ‪ -‬تعال ‪ -‬ليوفر لكم‬
‫منافع الياة ‪ .‬إن فيما ذكر من نعم ليات دالة على قدرته لقوم يتدبرون اليات ‪.‬‬
‫‪ -14‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬للذين صدّقوا بال واتبعوك يصفحوا عن اليذاء الذى‬
‫يصيبهم من الذين ل يتوقعون أيام ال الت يزى فيها أقواما بالي وأقواما بالشر‬

‫‪353‬‬
‫حسبما كانوا ‪.‬‬
‫‪ -15‬من عمل صالا فلنفسه الجر والثواب ‪ ،‬ومن أساء عمله فعلى نفسه وزر عمله‬
‫‪ ،‬ث إل خالقكم ترجعون للجزاء ‪.‬‬

‫ح ْك َم وَالنُّب ّوةَ وَرَ َزقْنَاهُ ْم ِمنَ الطّيّبَاتِ َوفَضّلْنَاهُمْ عَلَى‬


‫ب وَالْ ُ‬
‫وََل َقدْ َآتَيْنَا بَنِي إِ ْسرَائِي َل الْكِتَا َ‬
‫ت ِمنَ اْلأَ ْم ِر فَمَا اخْتَ َلفُوا ِإلّا ِمنْ َب ْعدِ مَا جَا َءهُ ُم الْعِ ْل ُم بَغْيًا‬
‫الْعَالَمِيَ (‪ )16‬وَ َآتَيْنَا ُهمْ بَيّنَا ٍ‬
‫بَيَْنهُ ْم إِنّ َرّبكَ َيقْضِي بَيَْن ُه ْم يَوْ َم اْلقِيَا َم ِة فِيمَا كَانُوا فِي ِه يَخْتَ ِلفُونَ (‪ُ )17‬ث ّم جَعَلْنَاكَ عَلَى‬
‫شَرِيعَ ٍة ِمنَ اْلَأمْ ِر فَاتّبِ ْعهَا َولَا تَتِّب ْع أَ ْهوَا َء الّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (‪ِ )18‬إّنهُ ْم َلنْ يُغْنُوا عَ ْنكَ ِمنَ‬
‫ض وَاللّ ُه َولِ ّي الْمُّتقِيَ (‪ )19‬هَذَا بَصَاِئ ُر لِلنّاسِ‬
‫ض ُهمْ َأ ْولِيَا ُء بَعْ ٍ‬
‫اللّ ِه شَيْئًا َوإِ ّن الظّالِمِيَ بَعْ ُ‬
‫جعَ َل ُهمْ‬
‫ت أَ ْن نَ ْ‬
‫ب اّلذِينَ اجَْت َرحُوا السّيّئَا ِ‬
‫وَ ُهدًى وَرَحْ َم ٌة ِلقَوْ ٍم يُوقِنُونَ (‪ )20‬أَ ْم َحسِ َ‬
‫حكُمُونَ (‪)21‬‬
‫ت َسوَا ًء مَحْيَا ُهمْ َومَمَاُتهُ ْم سَا َء مَا يَ ْ‬
‫كَالّذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬

‫‪ -16‬أقسم لقد أعطينا بن إسرائيل التوراة والكم با فيها ‪ ،‬والنبوة اللهمة من قبل‬
‫ال ‪ ،‬ورزقناهم من اليات التنوعة ‪ ،‬وفضلناهم بكثي من النعم على اللق أجعي ‪.‬‬
‫‪ -17‬وأعطيناهم دلئل واضحة من أمر دينهم فما وقع بينهم اختلف إل من بعد ما‬
‫جاءهم العلم بقيقة الدين وأحكامه عداوة وحسدا فيما بينهم ‪ ،‬إن ربك يفصل بي‬
‫الختلفي يوم القيامة ف المر الذى كانوا فيه يتلفون ‪.‬‬
‫‪ -18‬ث جعلناك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬بعد اختلف أهل الكتاب مبعوثا على منهاج واضح من‬
‫أمر الدين الذى شرعناه لك ولن قبلك من رسلنا ‪ ،‬فاتبع شريعتك القة الثابتة بالُجج‬
‫والدلئل ‪ ،‬ول تتبع أهواء الذين ل يعلمون طريق الق ‪.‬‬
‫‪ -19‬إن البطلي الطامعي ف اتباعك لم لن يدفعوا عنك من عذاب ال شيئا أن‬
‫اتبعتهم ‪ ،‬وإن التجاوزين لدود ال بعضهم أنصار بعض على الباطل ‪ ،‬وال ناصر‬
‫الذين يشونه فل ينالم ظلم الظالي ‪.‬‬
‫‪ -20‬هذا القرآن ‪ -‬النل عليك ‪ -‬دلئل للناس تبصرهم بالدين الق ‪ ،‬وهدى‬
‫يرشدهم إل مسالك الي ‪ ،‬ونعمة لقوم يستيقنون بثواب ال وعقابه ‪.‬‬
‫‪ -21‬بل حسب الذين اكتسبوا ما يسوء من الكفر والعاصى أن نعلهم كالذين آمنوا‬

‫‪354‬‬
‫بال وعملوا الصالات من العمال ‪ ،‬فنسوّى بي الفريقي ف الياة ونسّوى بي‬
‫الفريقي ف المات؟ ‪ ،‬بئس ما يقضون إذا أحسوا أنم كالؤمني ‪.‬‬

‫ت َو ُهمْ لَا يُظْلَمُونَ‬


‫جزَى ُك ّل َنفْسٍ بِمَا َكسَبَ ْ‬
‫ح ّق َولِتُ ْ‬
‫ض بِالْ َ‬
‫ت وَاْلأَرْ َ‬
‫وَخَ َل َق اللّ ُه السّمَاوَا ِ‬
‫خذَ إَِل َههُ َهوَاهُ َوأَضَ ّلهُ ال ّلهُ عَلَى عِ ْل ٍم َوخَتَمَ عَلَى سَ ْم ِعهِ َوقَلِْبهِ َو َجعَلَ‬
‫(‪َ )22‬أفَ َرَأيْتَ مَ ِن اتّ َ‬
‫ص ِرهِ ِغشَا َو ًة فَ َمنْ يَ ْهدِي ِه ِمنْ بَ ْعدِ ال ّل ِه َأفَلَا َتذَ ّكرُونَ (‪َ )23‬وقَالُوا مَا هِ َي ِإلّا حَيَاتُنَا‬
‫عَلَى بَ َ‬
‫ك ِمنْ عِ ْل ٍم إِنْ هُ ْم ِإلّا يَظُنّونَ (‬
‫ال ّدنْيَا نَمُوتُ َونَحْيَا َومَا ُيهْلِكُنَا ِإلّا ال ّد ْهرُ َومَا َل ُهمْ ِب َذلِ َ‬
‫‪ )24‬وَِإذَا تُتْلَى عَلَ ْي ِهمْ َآيَاتُنَا بَيّنَاتٍ مَا كَا َن حُجَّت ُهمْ ِإلّا أَ ْن قَالُوا ائْتُوا ِب َآبَائِنَا إِنْ كُنُْتمْ‬
‫ب فِيهِ‬
‫ج َمعُ ُكمْ إِلَى َيوْ ِم اْلقِيَا َمةِ لَا َريْ َ‬
‫صَا ِدقِيَ (‪ُ )25‬قلِ ال ّلهُ ُيحْيِيكُ ْم ُثمّ يُمِيُتكُ ْم ُثمّ يَ ْ‬
‫وََل ِكنّ أَكَْث َر النّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (‪)26‬‬

‫‪ -22‬وخلق ال السموات والرض متلبسا بالكمة والنظام ‪ ،‬لتظهر دلئل أُلوهيته‬


‫وقدرته ‪ ،‬ولتجزى كل نفس با كسبت من خي أو شر ‪ ،‬وهم ل ينقصون شيئا من‬
‫جزائهم ‪.‬‬
‫‪ -23‬أنظرت فرأيت ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬مَ ْن اتذ هواه معبودا له فخضع له وأطاعه ‪،‬‬
‫وضل عن سبيل الق على علم منه بذا السبيل ‪ ،‬وأغلق سعه فل يقبل وعظا ‪ ،‬وقلبه‬
‫فل يعتقد حقا ‪ ،‬وجعل على بصره غطاء فل يبصر عبة ‪ ،‬فمن يستطيع هدايته بعد‬
‫ال؟ أفل تتعظون بثل هذه الالت؟ ‪.‬‬
‫‪ -24‬وقال النكرون للبعث ‪ :‬ما الياة إل حياتنا الدنيا الت نن فيها نيا ونوت ‪،‬‬
‫وليس وراء ذلك حياة بعد الوت ‪ ،‬وما يُهلكنا إل مرور الزمان ‪ .‬وما يقولون ذلك عن‬
‫علم ويقي ولكن عن ظن وتمي ‪.‬‬
‫‪ -25‬وإذا ُقرِئت عليهم آيات ال واضحات الدللة على قدرته على البعث ما كان‬
‫حجتهم إل مقالتهم ‪ -‬فرارا من الق ‪ : -‬أحيوا آباءنا إن كنتم صادقي ف دعوى‬
‫وقوع البعث ‪.‬‬
‫‪ -26‬قل لم ‪ -‬يا ممد ‪ -‬ال يييكم ف الدنيا من العدم ث ييتكم فيها عند انقضاء‬
‫آجالكم ‪ ،‬ث يمعكم ف يوم القيامة ل شك ف هذا المع ‪ ،‬ولكن أكثر الناس ل‬

‫‪355‬‬
‫يعلمون قدرة ال على البعث ‪ ،‬لعراضهم عن التأمل ف الدلئل ‪ ،‬والقادر على ذلك‬
‫قادر على التيان بآبائكم ‪.‬‬

‫سرُ الْمُبْطِلُونَ (‪َ )27‬وَترَى‬


‫خَ‬‫ض َوَيوْمَ تَقُو ُم السّا َع ُة َيوْمَِئ ٍذ يَ ْ‬
‫وَلِ ّل ِه مُ ْلكُ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬
‫ج َزوْ َن مَا كُنُْتمْ َتعْمَلُونَ (‪ )28‬هَذَا‬
‫ُك ّل ُأمّ ٍة جَاثَِيةً ُكلّ ُأ ّمةٍ تُدْعَى ِإلَى كِتَاِبهَا الْيَوْ َم تُ ْ‬
‫خ مَا كُنُْتمْ َتعْمَلُونَ (‪َ )29‬فأَمّا اّلذِينَ َآمَنُوا‬
‫ح ّق ِإنّا كُنّا َنسْتَ ْنسِ ُ‬
‫كِتَابُنَا يَنْ ِطقُ عَلَ ْي ُك ْم بِالْ َ‬
‫ك ُهوَ اْلفَوْ ُز الْمُبِيُ (‪َ )30‬وَأمّا الّذِينَ‬
‫ت فَُيدْخِ ُل ُهمْ َربّ ُه ْم فِي َرحْمَِت ِه َذلِ َ‬
‫وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫ج ِرمِيَ (‪َ )31‬وِإذَا قِي َل إِنّ‬
‫َك َفرُوا َأفَلَ ْم َتكُنْ َآيَاتِي تُتْلَى عَلَ ْيكُ ْم فَاسَْتكَْب ْرتُ ْم وَكُنُْتمْ َق ْومًا مُ ْ‬
‫حنُ‬
‫ب فِيهَا قُلُْت ْم مَا َندْرِي مَا السّا َعةُ إِ ْن نَ ُظ ّن ِإلّا ظَنّا َومَا نَ ْ‬
‫وَ ْعدَ ال ّلهِ حَ ّق وَالسّا َعةُ لَا َريْ َ‬
‫بِ ُمسْتَ ْيقِنِيَ (‪)32‬‬

‫‪ -27‬ول ‪ -‬وحده ‪ -‬ملك السموات والرض خلقا وملكا وتدبيا ‪ ،‬وحي تقوم‬
‫الساعة ‪ -‬يوم قيامها ‪ -‬يسر الذين اتبعوا الباطل ‪.‬‬
‫‪ -28‬وترى يوم تقوم الساعة ‪ -‬أيها الخاطب ‪ -‬أهل كل دين جالسي على الركب‬
‫من هول الوقف متحفزين لجابة النداء ‪ ،‬كل أمة تُدعى إل سجل أعمالا ‪ ،‬ويُقال لم‬
‫‪ :‬اليوم تستوفون جزاء ما كنتم تعملون ف الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -29‬ويقال لم ‪ :‬هذا كتابنا الذى سجلنا فيه أعمالكم وأخذتوه بأيديكم ‪ ،‬ينطق‬
‫عليكم با عملتم شهادة صدق ‪ ،‬إنا كنا نستكتب اللئكة أعمالكم لنحاسبكم على ما‬
‫فرط منكم ‪.‬‬
‫‪ -30‬فأما الذين آمنوا وعملوا العمال الصالة فيدخلهم ربم ف جنته ‪ ،‬ذلك الزاء‬
‫هو الفوز البي الواضح ‪.‬‬
‫‪ -31‬وأما الذين كفروا بال ورسله فيقال لم ‪ -‬توبيخا ‪ : -‬أل تأتكم رسلى ‪ ،‬أفلم‬
‫تكن آياتى تتلى عليكم فتعاليتم عن قول الق وكنتم قوما كافرين؟ ‪.‬‬
‫‪ -32‬وإذا قال لكم رسول ال ‪ - :‬أيها النكرون للبعث ‪ -‬إن وعد ال بالزاء حق‬
‫ثابت ‪ ،‬والساعة ل شك ف ميئها ‪ ،‬قلتم ‪ :‬ما نعلم أى شئ عن الساعة ما حقيقتها؟ ما‬
‫نن إل نظن مئ الساعة ظنا ‪ ،‬وما نن بوقني أنا آتية ‪.‬‬

‫‪356‬‬
‫ق ِب ِهمْ مَا كَانُوا بِ ِه َيسَْت ْهزِئُونَ (‪َ )33‬وقِي َل الْيَوْ َم نَ ْنسَا ُكمْ‬
‫وََبدَا َل ُهمْ سَيّئَاتُ مَا َعمِلُوا َوحَا َ‬
‫صرِينَ (‪َ )34‬ذلِ ُكمْ ِبَأنّ ُكمُ‬
‫كَمَا َنسِيُتمْ ِلقَا َء َيوْ ِمكُ ْم َهذَا َومَ ْأوَا ُكمُ النّارُ َومَا َل ُكمْ ِم ْن نَا ِ‬
‫خ َرجُو َن مِ ْنهَا َولَا ُهمْ‬
‫ت اللّ ِه ُهزُوًا وَ َغ ّرتْ ُكمُ الْحَيَا ُة ال ّدنْيَا فَالَْيوْمَ لَا يُ ْ‬
‫خذُْتمْ َآيَا ِ‬
‫اتّ َ‬
‫ت وَ َربّ اْلأَرْضِ َربّ اْلعَالَ ِميَ (‪ )36‬وََلهُ‬
‫ب السّمَاوَا ِ‬
‫ُيسْتَعْتَبُونَ (‪ )35‬فَلِ ّلهِ الْحَ ْمدُ َر ّ‬
‫ض وَ ُهوَ اْل َعزِي ُز الْحَكِيمُ (‪)37‬‬
‫الْكِ ْب ِريَا ُء فِي السّمَاوَاتِ وَاْلأَرْ ِ‬

‫‪ -33‬وظهر لؤلء الكفار قبائح أعمالم ‪ ،‬ونزل بم جزاء استهزائهم بآيات ال ‪.‬‬
‫‪ -34‬وقيل لؤلء الشركي ‪ -‬توبيخا ‪ : -‬اليوم نترككم ف العذاب كما تركتم‬
‫الستعداد للقاء ربكم ف هذا اليوم بالطاعة والعمل الصال ‪ ،‬ومقركم النار ‪ ،‬وليس‬
‫لكم من ناصرين ينقذونكم من عذابا ‪.‬‬
‫‪ -35‬ذلكم العذاب الذى نزل بكم بسبب كفركم واستهزائكم بآيات ال ‪،‬‬
‫وخدعتكم الياة الدنيا بزخرفها ‪ ،‬فاليوم ل يستطيع أحد إخراج هؤلء من النار ‪ ،‬ول‬
‫يؤذن لم بالعتذار ‪.‬‬
‫‪ -36‬فلله ‪ -‬وحده ‪ -‬الثناء ‪ ،‬خالق السموات والرض وخالق جيع اللق ‪ ،‬فإن هذه‬
‫الربوبية العامة توجب المد على كل نعمة ‪.‬‬
‫‪ -37‬وله ‪ -‬وحده سبحانه ‪ -‬العظمة والسلطان ف السموات والرض ‪ ،‬وهو العزيز‬
‫الذى ل يغلب ‪ ،‬ذو الكمة الذى ل يطئ ف أحكامه ‪.‬‬

‫ض َومَا‬
‫حكِيمِ (‪ )2‬مَا خَ َلقْنَا السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ َ‬
‫ب ِمنَ ال ّلهِ اْل َعزِي ِز الْ َ‬
‫حم (‪ )1‬تَ ْنزِي ُل الْكِتَا ِ‬
‫ح ّق وََأ َجلٍ ُمسَمّى وَاّلذِينَ َك َفرُوا عَمّا ُأْنذِرُوا مُ ْعرِضُونَ (‪)3‬‬
‫بَيَْنهُمَا ِإلّا بِالْ َ‬

‫‪ -1‬افتتحت هذه السورة ببعض الروف على طريقة القرآن الكري ف افتتاح طائفة‬
‫من سوره بالروف ‪.‬‬
‫‪ -2‬تنيل القرآن من عند ال الغالب على كل شئ ‪ ،‬ذى الكمة ف كل ما يفعل ‪.‬‬
‫‪ -3‬ما خلقنا السموات والرض وما بينهما إل على نواميس ثابتة ‪ ،‬لغايات تقتضيها‬

‫‪357‬‬
‫الكمة ‪ ،‬وإل أمد معي تفن بعده ‪ ،‬والذين جحدوا بذه القيقة معرضون عما أنذروا‬
‫به من خلق جديد يوم يبعث الناس للجزاء ‪.‬‬

‫ُقلْ أَ َرَأيُْتمْ مَا َتدْعُو َن ِم ْن دُونِ ال ّلهِ أَرُونِي مَاذَا خَ َلقُوا مِ َن اْلأَرْضِ أَ ْم َلهُ ْم ِشرْكٌ فِي‬
‫ت ائْتُونِي ِبكِتَابٍ ِم ْن قَ ْب ِل هَذَا أَ ْو َأثَا َر ٍة ِمنْ عِ ْل ٍم إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪ )4‬وَ َمنْ‬
‫السّمَاوَا ِ‬
‫ب َل ُه ِإلَى يَوْ ِم اْلقِيَا َمةِ وَ ُهمْ َع ْن دُعَائِ ِهمْ‬
‫ض ّل مِ ّمنْ َيدْعُو ِمنْ دُو ِن اللّ ِه َمنْ لَا َيسْتَجِي ُ‬
‫أَ َ‬
‫شرَ النّاسُ كَانُوا َل ُهمْ أَ ْعدَا ًء وَكَانُوا ِبعِبَادَِت ِهمْ كَافِرِينَ (‪َ )6‬وِإذَا تُتْلَى‬
‫غَافِلُونَ (‪َ )5‬وِإذَا ُح ِ‬
‫ح ٌر مُبِيٌ (‪ )7‬أَ ْم َيقُولُونَ‬
‫حقّ لَمّا جَا َء ُهمْ َهذَا سِ ْ‬
‫ت قَا َل اّلذِينَ َك َفرُوا لِ ْل َ‬
‫عَلَ ْي ِهمْ َآيَاتُنَا بَيّنَا ٍ‬
‫افْتَرَا ُه ُقلْ إِ ِن افَْت َريْتُ ُه فَلَا تَ ْم ِلكُو َن لِي ِمنَ ال ّل ِه شَيْئًا ُهوَ أَ ْع َلمُ بِمَا ُتفِيضُونَ فِيهِ َكفَى ِبهِ‬
‫ت ِبدْعًا ِم َن ال ّر ُسلِ َومَا َأدْرِي مَا‬
‫شَهِيدًا بَيْنِي َوبَيْنَ ُكمْ وَ ُهوَ اْل َغفُو ُر ال ّرحِيمُ (‪ُ )8‬ق ْل مَا كُ ْن ُ‬
‫ُيفْ َعلُ بِي َولَا بِ ُك ْم إِ ْن أَتّبِعُ إِلّا مَا يُوحَى ِإَليّ َومَا َأنَا ِإلّا َنذِيرٌ مُِبيٌ (‪)9‬‬

‫‪ -4‬قل للذين يدعون غي ال ‪ :‬أخبون عن حال ما تدعون من دون ال؟ هل خلقوا‬


‫شيئا من الرض أم كانوا شركاء ل ف خلق السموات؟ ائتون بكتاب من عند ال أو‬
‫أثر من علم الولي تستندون إليه ف دعواكم إن كنتم صادقي ‪.‬‬
‫‪ -5‬ومن أكثر ضللً من يدعو من دون ال معبودات ل تستجيب له ما بقيت الدنيا!‬
‫وهم مع ذلك غافلون عن دعائهم ‪ ،‬غي شاعرين به ‪.‬‬
‫‪ -6‬وإذا جع الناس للحساب يوم القيامة كان هؤلء العبودون أعداء لن عبدوهم ‪،‬‬
‫يَتََبرّأُو َن منهم ‪ ،‬ويكذبونم فيما زعموا من استحقاقهم لعبادتم ‪.‬‬
‫‪ -7‬وإذا تُتلى على الشركي آياتنا واضحات لكفرهم وعنادهم ‪ -‬عن تلك اليات‬
‫دون تأمل قالوا ‪ :‬هذا سحر ظاهر ‪.‬‬
‫‪ -8‬بل أيقول هؤلء الكافرون ‪ :‬اختلق ممد القرآن وأضافه إل ال؟ ‪ ،‬قل ردا عليهم‬
‫‪ :‬إن افتريته عاجلن ال بعقوبته ‪ ،‬فل تستطيعون أن تدفعوا عن من عذابه شيئا هو ‪-‬‬
‫وحده ‪ -‬أعلم با توضون فيه من الطعن ف آياته ‪ ،‬كفى به شهيدا ل بالصدق وشهيدا‬
‫عليكم بالتكذيب ‪ ،‬وهو ‪ -‬وحده ‪ -‬واسع الغفرة لن تاب ‪ ،‬عظيم الرحة ‪ ،‬يهل‬
‫العصاة ليتداركوا ‪.‬‬

‫‪358‬‬
‫‪ -9‬قل لم ‪ :‬ما كنت أول رسول من عند ال فتنكروا رسالت ‪ ،‬ولست أعلم ما يفعل‬
‫ال ب ول بكم ‪ ،‬ما أتبع فيما أقول أو أفعل إل الذى يوحيه ال إل ‪ ،‬وما أنا إل منذر‬
‫بيّن النذار ‪.‬‬

‫ُقلْ أَ َرَأيُْتمْ إِنْ كَا َن ِمنْ عِ ْن ِد ال ّلهِ وَ َك َفرُْت ْم ِبهِ َوشَ ِه َد شَا ِهدٌ ِم ْن بَنِي ِإسْرَائِيلَ عَلَى مِثْ ِلهِ‬
‫َفآَ َم َن وَاسْتَكَْب ْرُتمْ إِ ّن ال ّلهَ لَا َيهْدِي الْ َقوْ َم الظّالِ ِميَ (‪َ )10‬وقَالَ اّلذِينَ َك َفرُوا لِ ّلذِينَ َآمَنُوا‬
‫ك َقدِيٌ (‪ )11‬وَ ِم ْن قَبْ ِلهِ‬
‫لَوْ كَا َن خَ ْيرًا مَا سَبَقُونَا ِإلَيْ ِه َوِإذْ َلمْ يَهَْتدُوا ِبهِ َفسََيقُولُو َن َهذَا ِإفْ ٌ‬
‫شرَى‬
‫ق ِلسَانًا َع َربِيّا لِيُ ْنذِ َر اّلذِينَ ظَ َلمُوا َوبُ ْ‬
‫صدّ ٌ‬
‫كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَ َرحْ َمةً َو َهذَا كِتَابٌ مُ َ‬
‫ح َزنُونَ‬
‫حسِِنيَ (‪ )12‬إِ ّن اّلذِي َن قَالُوا َربّنَا اللّ ُه ُثمّ اسَْتقَامُوا فَلَا َخوْفٌ عَلَ ْي ِه ْم َولَا ُهمْ يَ ْ‬
‫لِلْمُ ْ‬
‫ب الْجَّنةِ خَاِلدِينَ فِيهَا َجزَا ًء بِمَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪)14‬‬
‫صحَا ُ‬
‫(‪ )13‬أُولَِئكَ أَ ْ‬

‫‪ -10‬قل ‪ :‬أخبون إن كان القرآن من عند ال وكفرت به ‪ ،‬وشهد شاهد من بن‬


‫إسرائيل على نزول مثله من عند ال ‪ ،‬فآمن به واستكبت ‪ .‬أل تكونون حينئذ أضل‬
‫الناس وأظلمهم لنفسهم! إن ال ل يوفق إل الدى من ظلم نفس واستكب عن الق ‪.‬‬
‫‪ -11‬وقال الذين كفروا ف شأن الذين آمنوا استهزاء بم واستعلء عليهم ‪ :‬لو كان‬
‫ما جاء به ممد خيا ما سبقنا هؤلء إل اليان به ‪ ،‬فإنا نن أصحاب السيادة والعقول‬
‫الراجحة ‪ ،‬ولا ل يهتدوا به يطعنون فيه ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬هذا كذب قدي من أساطي الولي ‪.‬‬
‫‪ -12‬ومن قبل القرآن أنزل ال التوراة قدوة ورحة للعاملي با ‪ ،‬وهذا القرآن الذى‬
‫يكذبونه مصدق لا قبله من الكتب ‪ ،‬أنزله ال بلسان عرب ليكون إنذارا متجددا‬
‫للذين ظلموا ‪ ،‬وبُشرى للذين استقاموا على الطريقة ‪.‬‬
‫‪ -13‬إن الذين قالوا ‪ :‬ربنا ال ‪ -‬وحده ‪ -‬ث أحسنوا العمل ‪ ،‬فل خوف عليهم من‬
‫نزول مكروه ‪ ،‬ول هم يزنون لفوات مطلوب ‪.‬‬
‫‪ -14‬أولئك الوصوفون بالتوحيد والستقامة هم الختصون بدخول النة خالدين فيها‬
‫أعطاهم ال ذلك جزاء با كانوا يعملون من الصالات ‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫ضعَ ْتهُ ُكرْهًا وَحَمْ ُل ُه َوفِصَاُلهُ ثَلَاثُونَ‬
‫وَوَصّيْنَا اْلإِْنسَانَ بِوَالِ َدْيهِ ِإ ْحسَانًا حَمَلَ ْت ُه ُأ ّمهُ ُك ْرهًا َووَ َ‬
‫ك الّتِي‬
‫ب أَوْزِعْنِي أَ ْن َأشْ ُكرَ ِنعْمََت َ‬
‫ي سََن ًة قَالَ َر ّ‬
‫شَ ْهرًا حَتّى ِإذَا بَلَ َغ َأشُ ّد ُه َوبَلَ َغ أَ ْربَعِ َ‬
‫ح لِي فِي ذُ ّريّتِي ِإنّي تُبْتُ‬
‫ي وَأَ ْن أَعْ َملَ صَالِحًا َترْضَاهُ َوأَصْ ِل ْ‬
‫َأنْعَمْتَ عَ َليّ وَعَلَى وَاِلدَ ّ‬
‫ك وَِإنّي ِم َن الْ ُمسْلِمِيَ (‪ )15‬أُولَِئكَ اّلذِي َن نََتقَّبلُ َع ْنهُ ْم َأ ْحسَ َن مَا عَمِلُوا َونَتَجاوَزُ‬
‫ِإلَيْ َ‬
‫ق اّلذِي كَانُوا يُو َعدُونَ (‪ )16‬وَالّذِي قَالَ‬
‫صدْ ِ‬
‫َع ْن سَيّئَاِت ِهمْ فِي أَصْحَابِ الْجَّن ِة وَ ْعدَ ال ّ‬
‫ت اْل ُقرُو ُن ِمنْ قَبْلِي َوهُمَا َيسَْتغِيثَانِ ال ّلهَ‬
‫ف َلكُمَا أََت ِعدَانِنِي أَ ْن ُأ ْخرَجَ َو َقدْ خَلَ ِ‬
‫لِوَالِ َدْيهِ أُ ّ‬
‫ي اْلأَ ّولِيَ (‪)17‬‬
‫وَيْ َلكَ َآ ِمنْ إِنّ وَ ْع َد ال ّلهِ َح ّق فََيقُولُ مَا هَذَا ِإلّا أَسَاطِ ُ‬

‫ل ذا‬
‫‪ -15‬ووصينا النسان بوالديه أن يسن إليهما إحسانا عظيما ‪ ،‬حلته أمه ح ً‬
‫مشقة ‪ ،‬ووضعته وضعا ذا مشقة ‪ ،‬ومدة حله وفصاله ثلثون شهرا قاست فيها صنوف‬
‫اللم ‪ ،‬حت إذا بلغ كمال قوته وعقله ‪ ،‬وبلغ أربعي سنة ‪ ،‬قال ‪ :‬رب ألمن شكر‬
‫ل صالا ترضاه ‪،‬‬
‫نعمتك الت أنعمت علىّ وعلى والدى ‪ ،‬وألمن أن أعمل عم ً‬
‫واجعل الصلح ساريا ف ذريت ‪ ،‬إن تبت إليك من كل ذنب ‪ ،‬وإن من الذين أسلموا‬
‫أنفسهم إليك ‪.‬‬
‫‪ -16‬أولئك الوصوفون بتلك الحامد هم الذين نتقبل عنهم أعمالم السنة ‪ ،‬ونعفو‬
‫عن سيئاتم ف عداد أصحاب النة ‪ ،‬مققي لم وعد الصدق الذى كانوا يوعدون به‬
‫ف الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -17‬والذى قال لوالديه حي دعواه إل اليان بالبعث متضجرا منهما ومنكرا عليهما‬
‫‪ :‬أف لكما ‪ ،‬أتعدانن بالروج من القب وقد مضت المم من قبلى ول يبعث من‬
‫القبور أحد؟ وأبواه يستغيثان ال استعظاما لرمه ‪ ،‬ويقولن له حثّا على اليان ‪:‬‬
‫هلكت إن ل تؤمن ‪ ،‬إن وعد ال بالبعث حق ‪ ،‬فيقول ‪ -‬إمعانا ف التكذيب ‪ : -‬ما‬
‫هذا الذى تقولنه إل خرافات سطرها الولون ‪.‬‬

‫س إِّن ُهمْ‬
‫ج ّن وَالِْإنْ ِ‬
‫ت ِم ْن قَبْ ِلهِ ْم ِمنَ الْ ِ‬
‫أُولَِئكَ اّلذِي َن َحقّ َعلَ ْي ِهمُ اْلقَ ْولُ فِي أُ َم ٍم َقدْ خَلَ ْ‬
‫كَانُوا خَاسِرِينَ (‪َ )18‬ولِ ُك ّل دَ َرجَاتٌ مِمّا عَمِلُوا َولُِيوَفَّي ُهمْ أَعْمَالَ ُه ْم وَ ُه ْم لَا يُظْلَمُونَ (‬
‫‪ )19‬وََيوْ َم ُي ْعرَضُ اّلذِينَ َك َفرُوا عَلَى النّا ِر َأ ْذهَبُْتمْ طَيّبَاتِ ُكمْ فِي حَيَاِتكُ ُم ال ّدنْيَا وَاسْتَمَْتعْتُمْ‬

‫‪360‬‬
‫ح ّق َوبِمَا كُنُْتمْ‬
‫ض ِبغَ ْيرِ الْ َ‬
‫ب اْلهُو ِن بِمَا كُنُْت ْم َتسْتَكِْبرُونَ فِي الْأَرْ ِ‬
‫ج َزوْنَ َعذَا َ‬
‫ِبهَا فَالَْيوْ َم تُ ْ‬
‫ت النّذُ ُر ِم ْن بَ ْينِ َي َديْهِ‬
‫ف َوقَ ْد خَلَ ِ‬
‫سقُونَ (‪ )20‬وَاذْ ُك ْر أَخَا عَادٍ ِإ ْذ َأنْذَ َر َق ْومَ ُه بِاْلَأحْقَا ِ‬
‫َتفْ ُ‬
‫ب يَوْمٍ عَظِيمٍ (‪)21‬‬
‫وَ ِم ْن خَ ْلفِ ِه َألّا َتعْبُدُوا ِإلّا ال ّلهَ إِنّي َأخَافُ عَلَ ْي ُكمْ َعذَا َ‬

‫‪ -18‬أولئك القائلون ذلك هم الذين حق عليهم وقوع العذاب ف عداد أمم قد خلت‬
‫من قبلهم من الن والنس ‪ ،‬لنم كانوا خاسرين ‪.‬‬
‫‪ -19‬ولكل من السلمي والكفار منازل ملئمة لا عملوا ليظهر عدل ال فيهم ‪،‬‬
‫وليوفيهم جزاء أعمالم وهم ل يظلمون ‪ ،‬لستحقاقهم ما يزون به ‪.‬‬
‫‪ -20‬ويوم يوقف الذين كفروا على النار يقال لم ‪ :‬أذهبتم نصيبكم من الطيبات ف‬
‫حياتكم الدنيا ‪ ،‬واستمتعتم با فاليوم تزون عذاب الون با كنتم عليه ف الدنيا من‬
‫الستكبار ف الرض بغي الق ‪ ،‬والروج عن طاعة ال ‪.‬‬
‫‪ -21‬واذكر هودا أخا عاد إذ حذّر قومه القيمي بالحقاف ‪ -‬وقد مضت الرسل قبله‬
‫وبعده بثل إنذاره ‪ -‬قائلً لم ‪ :‬ل تعبدوا إل ال إن أخاف عليكم عذاب يوم عظيم‬
‫الول ‪.‬‬

‫ت ِم َن الصّا ِدقِيَ (‪ )22‬قَا َل ِإنّمَا‬


‫قَالُوا َأجِئْتَنَا لَِت ْأفِكَنَا َعنْ َآِلهَتِنَا َفأْتِنَا بِمَا َت ِع ُدنَا إِنْ كُنْ َ‬
‫جهَلُونَ (‪ )23‬فَلَمّا َرَأوْهُ‬
‫ت ِبهِ َوَلكِنّي أَرَا ُكمْ َق ْومًا تَ ْ‬
‫الْعِ ْلمُ عِ ْن َد اللّ ِه َوأُبَ ّل ُغكُ ْم مَا أُ ْرسِلْ ُ‬
‫ح فِيهَا‬
‫ض مُمْ ِط ُرنَا َبلْ ُهوَ مَا اسَْتعْجَلُْت ْم ِبهِ رِي ٌ‬
‫عَارِضًا ُمسَْتقِْبلَ َأ ْودِيَِت ِهمْ قَالُوا َهذَا عَارِ ٌ‬
‫ب َألِيمٌ (‪ُ )24‬ت َدمّرُ ُك ّل َشيْءٍ بَِأ ْمرِ َربّهَا َفأَصْبَحُوا لَا ُيرَى ِإلّا َمسَاكُِن ُهمْ َك َذِلكَ‬
‫َعذَا ٌ‬
‫ج ِرمِيَ (‪َ )25‬وَلقَ ْد َمكّنّا ُهمْ فِيمَا إِ ْن َمكّنّا ُك ْم فِيهِ َو َجعَلْنَا َل ُهمْ سَ ْمعًا‬
‫جزِي اْل َقوْمَ الْ ُم ْ‬
‫نَ ْ‬
‫وََأبْصَارًا َوَأفِْئدَ ًة فَمَا أَغْنَى عَ ْن ُهمْ سَ ْم ُع ُهمْ َولَا َأبْصَا ُرهُ ْم َولَا َأفِْئدَُت ُهمْ ِم ْن شَيْ ٍء ِإذْ كَانُوا‬
‫ق ِب ِهمْ مَا كَانُوا ِبهِ َيسَْت ْهزِئُونَ (‪َ )26‬وَلقَ ْد َأهْلَكْنَا مَا َحوَْلكُمْ‬
‫ت ال ّلهِ َوحَا َ‬
‫حدُو َن ِبآَيَا ِ‬
‫يَجْ َ‬
‫ص ّرفْنَا اْلآَيَاتِ َلعَ ّلهُ ْم َيرْ ِجعُونَ (‪)27‬‬
‫ِمنَ اْلقُرَى وَ َ‬

‫‪ -22‬قال قوم هود إنكارا عليه ‪ :‬أجئتنا لتصرفنا عن عبادة آلتنا؟! فأتنا با تعدنا من‬
‫العذاب إن كنت من الصادقي ف هذا الوعيد ‪.‬‬

‫‪361‬‬
‫‪ -23‬قال هود ‪ :‬إنا العلم بوقت عذابكم عند ال ‪ -‬وحده ‪ -‬وأنا أبلغكم الذى‬
‫أرسلت به ‪ ،‬ولكن أراكم قوما تهلون ما تبعث به الرسل ‪.‬‬
‫‪ -25 ، 24‬فأتاهم العذاب ف صورة سحاب ‪ ،‬فلما رأوه متدا ف الفق متوجها نو‬
‫أوديتهم ‪ ،‬قالوا فرحي ‪ :‬هذا سحاب يأتينا بالطر والي ‪ .‬فقيل لم ‪ :‬بل هو ما‬
‫استعجلتم به ريح فيها عذاب شديد الل ‪ ،‬تلك كل شئ بأمر خالقها ‪ ،‬فدمرتم‬
‫فأصبحوا ل يرى من آثارها إل مساكنهم ‪ .‬كذلك الزاء نزى كل من ارتكب مثل‬
‫جرمهم ‪.‬‬
‫‪ -26‬ولقد مكنا عادا فيما ل نكنكم فيه من السعة والقوة يا أهل مكة ‪ ،‬وجعلنا لم‬
‫سعا وأبصارا وأفئدة لو شاءوا النتفاع با ‪ ،‬فما نفعهم سعهم ول أبصارهم ول‬
‫ل ‪ ،‬لنم كانوا يكذبون بآيات ال ‪ ،‬فحال ذلك بينهم وبي انتفاعهم‬
‫أفئدتم شيئا قلي ً‬
‫با أوتوا ‪ ،‬وأحاط بم العذاب الذى كانوا به يستهزئون ‪.‬‬
‫‪ -27‬ولقد أهلكنا القرى الت كانت حولكم يا أهل مكة ‪ ،‬وبيّنا لم الدلئل بأساليب‬
‫متنوعة ‪ ،‬لعلهم يرجعون عن الكفر ‪ ،‬فلم يرجعوا ‪.‬‬

‫خذُوا ِمنْ دُو ِن اللّ ِه ُق ْربَانًا َآلِ َه ًة َبلْ ضَلّوا عَ ْن ُه ْم َوذَِلكَ ِإ ْف ُكهُ ْم َومَا‬
‫صرَ ُهمُ اّلذِي َن اتّ َ‬
‫فَ َلوْلَا نَ َ‬
‫ج ّن َيسْتَ ِمعُونَ اْل ُقرْآَ َن فَلَمّا حَضَرُوهُ‬
‫ك َن َفرًا ِمنَ الْ ِ‬
‫ص َرفْنَا ِإلَيْ َ‬
‫كَانُوا يَفَْترُونَ (‪َ )28‬وِإذْ َ‬
‫ضيَ َوّلوْا ِإلَى َقوْ ِم ِهمْ مُ ْنذِرِينَ (‪ )29‬قَالُوا يَا َق ْومَنَا ِإنّا سَ ِمعْنَا ِكتَابًا‬
‫قَالُوا َأنْصِتُوا فَلَمّا قُ ِ‬
‫ح ّق َوإِلَى َطرِي ٍق ُمسَْتقِيمٍ (‪ )30‬يَا‬
‫ص ّدقًا لِمَا بَ ْينَ يَ َدْيهِ َي ْهدِي ِإلَى الْ َ‬
‫ُأنْ ِزلَ ِم ْن َبعْ ِد مُوسَى مُ َ‬
‫جرْ ُك ْم ِمنْ َعذَابٍ َألِيمٍ (‬
‫َقوْمَنَا أَجِيبُوا دَا ِعيَ ال ّل ِه وَ َآمِنُوا ِبهِ َي ْغفِ ْر َلكُ ْم ِمنْ ُذنُوبِ ُكمْ َويُ ِ‬
‫س لَ ُه ِمنْ دُوِنهِ َأ ْولِيَا ُء أُولَئِكَ‬
‫ض َولَيْ َ‬
‫ج ٍز فِي اْلأَرْ ِ‬
‫س بِ ُمعْ ِ‬
‫ب دَاعِ َي ال ّلهِ فَلَيْ َ‬
‫ج ْ‬
‫‪ )31‬وَ َم ْن لَا يُ ِ‬
‫ض وََل ْم َيعْيَ‬
‫ت وَاْلأَرْ َ‬
‫فِي ضَلَا ٍل مُبِيٍ (‪ )32‬أَ َوَلمْ َي َروْا أَ ّن ال ّلهَ اّلذِي خَ َلقَ السّمَاوَا ِ‬
‫بِخَ ْل ِق ِهنّ ِبقَادِرٍ َعلَى أَ ْن يُحِْي َي الْ َموْتَى بَلَى إِّنهُ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪)33‬‬

‫‪ -28‬فهل منعهم من اللك الذين اتذوهم من دون ال آلة متقربي بم إليه تعال؟!‬
‫بل غابت هذه اللة عنهم وهم أحوج ما كانوا إل النصرة ‪ ،‬وذلك الذى حل بم من‬
‫خذلن آلتهم لم وضللم عنهم هو عاقبة كذبم وافترائهم ‪.‬‬

‫‪362‬‬
‫‪ -29‬واذكر ‪ -‬يا ممد ‪ -‬إذ وجهنا إليك جاعة من الن يستمعون القرآن ‪ ،‬فلما‬
‫حضروا تلوته قال بعضهم لبعض ‪ :‬أنصتوا ‪ -‬فلما تت تلوته رجعوا مسرعي إل‬
‫قومهم ‪ ،‬مذرين من الكفر داعي إل اليان ‪.‬‬
‫‪ -30‬قالوا ‪ :‬يا قومنا إنا سعنا كتابا عظيم الشأن ‪ ،‬أنزل من بعد موسى ‪ ،‬مصدقا لا‬
‫تقدمه من الكتب اللية ‪ ،‬يرشد إل الق ف العتقاد ‪ ،‬وإل شريعة قوية ف العمل ‪.‬‬
‫‪ -31‬يا قومنا ‪ :‬أجيبوا داعى ال الذى يهدى إل الق وإل طريق مستقيم ‪ ،‬وصدقوا‬
‫بال يغفر لكم ما سلف من ذنوبكم ‪ ،‬وينعكم من عذاب شديد الل ‪.‬‬
‫‪ -32‬ومن ل يب داعى ال فليس بستطيع أن يعجز ال عن أخذه وإن هرب ف‬
‫الرض كل مهرب ‪ .‬وليس له من دون ال نصراء ينعونه من عذابه ‪ .‬أولئك الذين‬
‫يعرضون عن إجابة الداعى إل ال ف حية وبعد واضح عن الق ‪.‬‬
‫‪ -33‬أَغَفلوا ول يعلموا أن ال الذى خلق السموات والرض ول يعجز عن خلقهن‬
‫قادر على إحياء الوتى؟ بل هو قادر على ذلك ‪ ،‬لنه ‪ -‬تعال ‪ -‬على كل شئ تام‬
‫القدرة ‪.‬‬

‫ح ّق قَالُوا بَلَى وَ َربّنَا قَالَ َفذُوقُوا‬


‫س َهذَا بِالْ َ‬
‫وََيوْ َم ُي ْعرَضُ اّلذِينَ َك َفرُوا عَلَى النّا ِر َألَيْ َ‬
‫جلْ‬
‫ب بِمَا كُنُْتمْ َت ْك ُفرُونَ (‪ )34‬فَاصِْبرْ كَمَا صََب َر أُولُو اْل َعزْ ِم ِمنَ الرّ ُس ِل وَلَا َتسْتَعْ ِ‬
‫الْ َعذَا َ‬
‫غ َف َهلْ ُيهْ َلكُ إِلّا اْل َقوْمُ‬
‫َلهُمْ َكَأّنهُ ْم َيوْ َم َيرَوْ َن مَا يُو َعدُونَ َل ْم يَلْبَثُوا ِإلّا سَا َعةً ِم ْن َنهَا ٍر بَلَا ٌ‬
‫الْفَا ِسقُونَ (‪)35‬‬

‫‪ -34‬ويوم يوقف الذين كفروا على النار يقال لم تقريعا ‪ :‬أليس هذا العذاب بالمر‬
‫الق الطابق لا أنذرناكم ف الدنيا؟ قالوا ‪ :‬بلى وربنا هو الق ‪ ،‬قال ‪ :‬فذوقوا ألوان‬
‫العذاب الشديد بإصراركم على الكفر والتكذيب ‪.‬‬
‫‪ -35‬فاصب ‪ -‬يا ممد ‪ -‬على الكافرين كما صب أصحاب القوة والثبات من الرسل‬
‫ف الشدائد ‪ ،‬ول تستعجل لم العذاب ‪ ،‬فهو واقع بم ‪ -‬ل مالة ‪ -‬وإن طال المد ‪.‬‬
‫كأنم يوم يشاهدون هوله يسبون مدة لبثهم قبله ساعة من نار ‪ .‬هذا الذى وعظتم به‬
‫كاف ف الوعظة ‪ ،‬فلن يهلك بعذاب ال إل الارجون عن طاعته ‪.‬‬

‫‪363‬‬
‫ض ّل أَعْمَاَلهُمْ (‪ )1‬وَاّلذِينَ َآمَنُوا وَ َعمِلُوا‬
‫صدّوا َع ْن سَبِي ِل اللّ ِه أَ َ‬
‫الّذِينَ َك َفرُوا وَ َ‬
‫ح ّق مِنْ َرّب ِهمْ َكفّرَ عَ ْن ُه ْم سَيّئَاِت ِهمْ‬
‫الصّالِحَاتِ وَ َآمَنُوا بِمَا ُنزّلَ عَلَى مُحَ ّم ٍد َوهُ َو الْ َ‬
‫حقّ‬
‫ح بَاَل ُهمْ (‪َ )2‬ذِلكَ ِبأَ ّن الّذِينَ َك َفرُوا اتَّبعُوا الْبَا ِط َل َوأَنّ اّلذِينَ َآمَنُوا اتَّبعُوا الْ َ‬
‫وَأَصْ َل َ‬
‫ب اللّ ُه لِلنّاسِ َأمْثَالَ ُهمْ (‪)3‬‬
‫ضرِ ُ‬
‫ك يَ ْ‬
‫ِمنْ َرّب ِهمْ َك َذلِ َ‬

‫‪ -1‬الذين كفروا بال ورسوله وصدّوا غيهم عن الدخول ف السلم أبطل ال كل ما‬
‫عملوه ‪.‬‬
‫‪ -2‬والذين آمنوا وعملوا الصالات وصدّقوا با أنزل على ممد وهو الق من ربم ‪،‬‬
‫ما عنهم سيئاتم ‪ ،‬وأصلح حالم ف الدين والدنيا ‪.‬‬
‫‪ -3‬ذلك بأن الذين كفروا سلكوا طريق الباطل ‪ ،‬وأن الذين آمنوا اتبعوا طريق الق‬
‫من ربم ‪ ،‬مثل ذلك البيان الواضح يُبَيّن ال للناس أحوالم ليعتبوا ‪.‬‬

‫ق َفِإمّا مَنّا َبعْدُ‬


‫شدّوا اْل َوثَا َ‬
‫ض ْربَ ال ّرقَابِ حَتّى ِإذَا َأثْخَنْتُمُوهُ ْم َف ُ‬
‫َفإِذَا لَقِيُت ُم الّذِينَ َكفَرُوا فَ َ‬
‫ص َر مِ ْنهُ ْم َولَ ِك ْن لِيَبْ ُلوَ‬
‫ك َولَ ْو َيشَاءُ ال ّل ُه لَانْتَ َ‬
‫ح ْربُ َأوْزَا َرهَا َذلِ َ‬
‫وَِإمّا ِفدَا ًء حَتّى تَضَ َع الْ َ‬
‫ض ّل أَعْمَالَ ُهمْ (‪ )4‬سََي ْهدِي ِهمْ َويُصْلِحُ‬
‫ض وَاّلذِي َن قُتِلُوا فِي سَبِيلِ ال ّلهِ فَ َل ْن يُ ِ‬
‫َبعْضَ ُكمْ بَِبعْ ٍ‬
‫صرْ ُكمْ‬
‫صرُوا اللّ َه يَنْ ُ‬
‫بَاَل ُهمْ (‪ )5‬وَُي ْدخِلُ ُه ُم الْجَّنةَ َع ّرفَهَا َلهُمْ (‪ )6‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا إِ ْن تَنْ ُ‬
‫ك ِبأَّن ُهمْ َك ِرهُوا‬
‫ض ّل أَعْمَاَلهُمْ (‪َ )8‬ذلِ َ‬
‫ت َأ ْقدَا َم ُكمْ (‪ )7‬وَالّذِينَ َك َفرُوا فََت ْعسًا َل ُهمْ َوأَ َ‬
‫وَيُثَبّ ْ‬
‫مَا َأْنزَ َل اللّ ُه َفأَحْبَطَ أَعْمَالَ ُهمْ (‪)9‬‬

‫‪ -6 ، 5 ، 4‬فإذا لقيتم الذين كفروا ف الرب فاضربوا رقابم ‪ ،‬حت إذا أضعفتموهم‬
‫بكثرة القتل فيهم فاحكموا قيد السارى ‪ ،‬فإما أن تنوا بعد انتهاء العركة منا‬
‫بإطلقهم دون عوض ‪ ،‬وإمّا أن تقبلوا أن يفتدوا بالال أو بالسرى من السلمي ‪.‬‬
‫وليكن هذا شأنكم مع الكافرين ‪ ،‬حت تضع الرب أثقالا وينتهى ‪ ،‬فهذا حكم ال‬
‫فيهم ‪ ،‬ولو شاء ال لنتصر منهم بغي قتال ‪ ،‬وليختب الؤمني بالكافرين شرع الهاد ‪،‬‬
‫والذين قتلوا ف سبيل ال فلن يُبطل أعمالم ‪ ،‬سيهديهم ويصلح قلوبم ‪ ،‬ويدخلهم‬
‫النة عرّفها لم ‪.‬‬

‫‪364‬‬
‫‪ -7‬يا أيها الذين آمنوا ‪ :‬إن تنصروا دين ال ينصركم على عدوكم ‪ ،‬ويوطد أمركم ‪.‬‬
‫‪ -8‬والذين كفروا فأشقاهم ال وأبطل أعمالم ‪.‬‬
‫‪َ -9‬أ ْمرُهم ذلك بسبب أنم كرهوا ما أنزل ال من القرآن والتكاليف ‪ ،‬فأبطل‬
‫أعمالم ‪.‬‬

‫ض فَيَنْ ُظرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَ ُة اّلذِينَ مِ ْن قَبْ ِل ِهمْ َد ّم َر اللّهُ عَلَ ْي ِهمْ‬
‫َأفَلَ ْم َيسِيُوا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫وَلِ ْلكَا ِفرِينَ َأمْثَاُلهَا (‪َ )10‬ذِلكَ ِبأَ ّن اللّ َه َموْلَى اّلذِينَ َآمَنُوا َوأَ ّن الْكَافِرِينَ لَا َموْلَى َل ُهمْ (‬
‫جرِي ِم ْن تَحِْتهَا اْلَأنْهَارُ‬
‫‪ )11‬إِنّ ال ّل َه ُيدْ ِخلُ اّلذِينَ َآمَنُوا وَ َعمِلُوا الصّالِحَاتِ جَنّاتٍ تَ ْ‬
‫وَاّلذِينَ َك َفرُوا يَتَمَّتعُونَ َوَيأْكُلُونَ كَمَا تَأْ ُك ُل الَْأْنعَا ُم وَالنّارُ مَ ْثوًى َلهُمْ (‪ )12‬وَ َكأَّي ْن ِمنْ‬
‫صرَ َل ُهمْ (‪َ )13‬أفَ َمنْ كَانَ‬
‫َقرَْي ٍة هِ َي أَ َش ّد ُقوّ ًة ِمنْ َقرْيَِتكَ الّتِي َأ ْخرَجَ ْتكَ َأهْ َلكْنَا ُهمْ فَلَا نَا ِ‬
‫عَلَى بَيَّنةٍ ِمنْ َرّبهِ كَ َمنْ ُزّينَ َل ُه سُوءُ عَمَ ِل ِه وَاتَّبعُوا َأهْوَا َء ُهمْ (‪)14‬‬

‫‪َ -10‬أقَعدوا عن طلب ما يعظهم ‪ ،‬فلم يسيوا ف الرض فينظروا ف أى حال كان‬
‫عاقبة الذين كذّبوا الرسل من قبلهم ‪ ،‬أوقع ال عليهم اللك ف كل ما يتص بم من‬
‫نفس ومال وولد ‪ ،‬وللكافرين بال وبرسوله أمثال هذه العاقبة ‪.‬‬
‫‪ -11‬ذلك الزاء من نصر الؤمني وقهر الكافرين بأن ال مول الذين آمنوا وناصرهم‬
‫‪ ،‬وأن الكافرين ل مول لم ينصرهم وينع هلكهم ‪.‬‬
‫‪ -12‬إن ال يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالات جنات عظيمة ترى من تتها‬
‫النار ‪ ،‬والذين كفروا يتمتعون ف الدنيا قليل ‪ ،‬ويأكلون كما تأكل النعام ‪ ،‬غافلي‬
‫عن التفكي ف العاقبة ‪ ،‬ل همّ لم سوى شهواتم ‪ ،‬والنار ف الخرة مأوى لم ‪.‬‬
‫‪ -13‬وكثي من أهل القرى السابقي هم أشد قوة من أهل قريتك ‪ -‬مكة ‪ -‬الت‬
‫أخرجك أهلها ‪ -‬يا ممد ‪ -‬أهلكناهم بأنواع العذاب ‪ ،‬فل ناصر لم ينعهم منا ‪.‬‬
‫‪ -14‬أيستوى الفريقان ف الزاء؟! أفمن كان منهما على معرفة بينة بالقه ومربيه‬
‫فأطاعه ‪ ،‬كمن ُزيّن له سوء عمله ‪ ،‬واتبعوا فيما يأتون ويذرون أهواءهم الباطلة؟ ‪.‬‬

‫‪365‬‬
‫مََثلُ الْجَّن ِة الّتِي وُ ِعدَ الْمُّتقُو َن فِيهَا َأْنهَا ٌر ِم ْن مَاءٍ غَ ْيرِ َآ ِسنٍ َوَأْنهَا ٌر ِمنْ لََبنٍ َلمْ يَتَغَّيرْ‬
‫صفّى وََل ُهمْ فِيهَا ِمنْ ُكلّ‬
‫س ٍل مُ َ‬
‫ي وََأْنهَا ٌر ِمنْ َع َ‬
‫َطعْ ُم ُه َوأَْنهَارٌ ِم ْن خَ ْم ٍر لَ ّذ ٍة لِلشّا ِربِ َ‬
‫الثّ َمرَاتِ َو َم ْغفِ َر ٌة ِمنْ َرّب ِهمْ كَ َم ْن ُهوَ خَالِ ٌد فِي النّارِ َو ُسقُوا مَا ًء حَمِيمًا َفقَطّ َع َأ ْمعَا َءهُمْ (‬
‫‪ )15‬وَمِ ْن ُهمْ مَ ْن َيسْتَمِ ُع ِإلَ ْيكَ حَتّى ِإذَا َخرَجُوا ِمنْ عِ ْندِ َك قَالُوا لِ ّلذِينَ أُوتُوا اْلعِ ْلمَ مَاذَا‬
‫ك الّذِينَ طَبَ َع ال ّلهُ عَلَى قُلُوِبهِ ْم وَاتَّبعُوا َأهْوَا َء ُهمْ (‪ )16‬وَالّذِينَ اهَْتدَوْا‬
‫قَالَ َآِنفًا أُولَئِ َ‬
‫زَادَ ُه ْم هُدًى وَ َآتَا ُهمْ تَ ْقوَا ُهمْ (‪َ )17‬ف َهلْ يَنْ ُظرُو َن ِإلّا السّا َع َة أَ ْن َتأْتَِي ُهمْ بَغَْت ًة َفقَ ْد جَاءَ‬
‫أَ ْشرَا ُطهَا َفَأنّى َلهُ ْم ِإذَا جَا َءْتهُ ْم ذِ ْكرَا ُهمْ (‪ )18‬فَاعْ َل ْم َأنّ ُه لَا ِإَلهَ ِإلّا ال ّل ُه وَاسَْتغْ ِف ْر لِ َذنِْبكَ‬
‫ي وَالْ ُمؤْمِنَاتِ وَاللّ ُه َيعْلَ ُم مَُتقَلَّبكُ ْم َومَثْوَا ُكمْ (‪)19‬‬
‫وَلِلْ ُم ْؤمِنِ َ‬

‫‪ -15‬تعرض الية لبيان الفارق بي نعيم النة وعذاب النار فنتحدث عن النة الت‬
‫وعد ال با التقي ‪ :‬فيها أنار من ماء غي متغي ‪ ،‬وأنار من لب ل يفسد طعمه ‪ ،‬وأنار‬
‫من خر لذة للشاربي ‪ ،‬وأنار من عسل مصفى ما يالطه ‪ .‬ولم فيها أنواع من كل‬
‫الثمرات ‪ ،‬ومغفرة عظيمة من ربم ‪ .‬فهل حال من يستمعون بذا النعيم من الؤمني‬
‫كحال من يلدون ف النار من الكفار الذين يسقون من ماء شديد الرارة ‪ ،‬فقطع‬
‫أمعاءهم ‪.‬‬
‫‪ -16‬ومن الكفار فريق يستمعون إليك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬غي مؤمني بك ‪ ،‬ول منتفعي‬
‫ى قول‬
‫بقولك ‪ ،‬حت إذا انصرفوا من ملسك ‪ ،‬قالوا استهزاء للذين أوتوا العلم ‪ :‬أَ ّ‬
‫قال ممد الن؟ أولئك الذين طبع ال على قلوبم بالكفر ‪ ،‬فانصرفوا عن الي‬
‫منقادين لشهواتم ‪.‬‬
‫‪ -17‬والذين اهتدوا إل طريق الق زادهم ال هدى ‪ ،‬وأعطاهم تقواهم الت يتقون با‬
‫النار ‪.‬‬
‫‪ -18‬ل يتعظ الكذبون بأحوال السابقي ‪ .‬فهل ينظرون إل الساعة أن تأتيهم فجأة؟‬
‫فقد ظهرت علماتا ول يعتبوا بجيئها ‪ ،‬فمن أين لم التذكر إذا جاءتم الساعة‬
‫بغتة؟!‬

‫‪366‬‬
‫‪ -19‬فاثبت على العلم بأنه ل معبود بق إل ال ‪ ،‬واستغفر ال لذنبك ولذنوب‬
‫الؤمني والؤمنات ‪ ،‬وال يعلم كل منصرف لكم وكل إقامة ‪.‬‬

‫حكَ َم ٌة َوذُ ِكرَ فِيهَا الْقِتَالُ‬


‫ت سُو َرةٌ مُ ْ‬
‫ت سُو َر ٌة َفِإذَا ُأْنزِلَ ْ‬
‫وََيقُو ُل الّذِينَ َآمَنُوا َلوْلَا ُن ّزلَ ْ‬
‫ض يَنْ ُظرُو َن ِإلَ ْيكَ نَ َظ َر الْ َم ْغشِيّ عَلَ ْي ِه ِمنَ الْ َم ْوتِ َفَأوْلَى َل ُهمْ (‬
‫َرَأيْتَ اّلذِي َن فِي قُلُوِبهِ ْم َمرَ ٌ‬
‫ص َدقُوا ال ّلهَ َلكَا َن خَ ْيرًا َل ُهمْ (‪َ )21‬ف َهلْ‬
‫‪ )20‬طَا َع ٌة َوقَ ْولٌ َم ْعرُوفٌ َفِإذَا َعزَ َم الَْأ ْمرُ فَ َلوْ َ‬
‫ك الّذِينَ َلعََن ُهمُ‬
‫ض َوُتقَ ّطعُوا أَرْحَامَ ُكمْ (‪ )22‬أُولَئِ َ‬
‫سدُوا فِي الْأَرْ ِ‬
‫َعسَيُْت ْم إِ ْن تَ َولّيُْتمْ أَنْ ُت ْف ِ‬
‫ب َأقْفَالُهَا (‪)24‬‬
‫اللّ ُه َفأَصَ ّم ُهمْ َوأَعْمَى َأبْصَارَ ُهمْ (‪َ )23‬أفَلَا يََت َدّبرُو َن اْلقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُو ٍ‬
‫إِنّ اّلذِينَ ا ْرَتدّوا عَلَى َأدْبَا ِرهِ ْم ِمنْ َب ْعدِ مَا تَبَّينَ لَ ُه ُم الْ ُهدَى الشّيْطَا ُن سَ ّولَ َل ُه ْم وََأمْلَى‬
‫ض اْلأَ ْمرِ وَال ّلهُ‬
‫َلهُمْ (‪َ )25‬ذِلكَ ِبَأنّ ُه ْم قَالُوا لِ ّلذِينَ َك ِرهُوا مَا َن ّزلَ ال ّلهُ سَنُطِي ُع ُكمْ فِي بَعْ ِ‬
‫ضرِبُو َن وُجُو َه ُهمْ َوَأ ْدبَا َر ُهمْ (‪)27‬‬
‫ف ِإذَا َتوَفّ ْت ُهمُ الْمَلَائِ َك ُة يَ ْ‬
‫َيعْلَ ُم ِإسْرَا َرهُمْ (‪َ )26‬فكَيْ َ‬
‫ضوَانَ ُه َفأَحْبَطَ أَعْمَالَ ُهمْ (‪)28‬‬
‫ط ال ّلهَ وَ َك ِرهُوا رِ ْ‬
‫ك ِبأَّن ُهمُ اتَّبعُوا مَا َأسْخَ َ‬
‫َذلِ َ‬

‫‪ -22 ، 21 ، 20‬ويقول الذين آمنوا ‪ :‬هل نزلت سورة تدعونا إل القتال؟ فإذا‬
‫نزلت سورة ل تتمل غي وجوبه ‪ ،‬وذكر فيها القتال مأمورا به رأيت الذين ف قلوبم‬
‫نفاق ينظرون إليك نظر الغشى عليه من الوت خوفا منه وكراهية له ‪ ،‬فأحق بم طاعة‬
‫ل وقول يقره الشرع ‪ ،‬فإذا جد المر ولزمهم القتال ‪ ،‬فلو صدقوا ال ف اليان‬
‫والطاعة لكان خيا لم من النفاق ‪ ،‬فهل يتوقع منكم ‪ -‬أيها النافقون ‪ -‬إن توليتم أن‬
‫تفسدوا ف الرض وتقطعوا صلتكم بأقاربكم؟‬
‫‪ -23‬أولئك الذين أبعدهم ال عن رحته ‪ ،‬فأصمّهم عن ساع الق ‪ ،‬وأعمى أبصارهم‬
‫عن رؤية طريق الدى ‪.‬‬
‫‪ -24‬أعموا فل يتفهمون هدى القرآن؟ بل على قلوبم ما يجبها عن تدبره ‪.‬‬
‫‪ -25‬إن الذين ارتدوا إل ما كانوا عليه من الكفر والضلل من بعد ما ظهر لم طريق‬
‫الداية ‪ .‬الشيطان زيّن لم ذلك ‪ ،‬ومد لم ف المال الكاذبة ‪.‬‬
‫‪ -27 ، 26‬ذلك الرتداد بأنم قالوا للذين كرهوا ما نزّل ال ‪ :‬سنطيعكم ف بعض‬
‫المر ‪ ،‬وال يعلم أسرار هؤلء النافقي ‪ .‬فهذا حالم ف حياتم ‪ ،‬أم حي تتوفاهم‬

‫‪367‬‬
‫اللئكة يضربون وجوههم وأدبارهم إذللً لم فهذا ما ل يتصورنه ولن يقدروا على‬
‫احتماله ‪.‬‬
‫‪ -28‬ذلك التوف الرهيب على تلك الالة بأنم اتبعوا الباطل الذى أغضب ال ‪،‬‬
‫وكرهوا الق الذى يرضاه ‪ ،‬فأبطل كل ما عملوه ‪.‬‬

‫ضغَاَنهُمْ (‪َ )29‬وَلوْ َنشَاءُ‬


‫ج ال ّلهُ أَ ْ‬
‫خرِ َ‬
‫ض أَ ْن َلنْ يُ ْ‬
‫أَ ْم َحسِبَ اّلذِي َن فِي قُلُوِبهِ ْم َمرَ ٌ‬
‫ح ِن اْلقَ ْولِ وَاللّ ُه َيعْ َلمُ أَ ْعمَاَل ُكمْ (‪)30‬‬
‫َلأَرَيْنَا َك ُهمْ فَ َل َع َرفَْتهُ ْم ِبسِيمَاهُ ْم َولَتَ ْع ِرفَّنهُ ْم فِي لَ ْ‬
‫وَلَنَبْ ُل َونّ ُك ْم حَتّى َنعْلَ َم الْمُجَا ِهدِينَ مِنْ ُكمْ وَالصّاِبرِينَ َونَبْ ُلوَ َأخْبَارَ ُكمْ (‪ )31‬إِ ّن اّلذِينَ‬
‫ضرّوا‬
‫صدّوا َع ْن سَبِيلِ ال ّلهِ َوشَاقّوا الرّسُو َل ِمنْ َب ْعدِ مَا تَبَّي َن َلهُ ُم الْ ُهدَى لَ ْن يَ ُ‬
‫َك َفرُوا وَ َ‬
‫اللّ َه شَيْئًا َوسَيُحْبِطُ أَعْمَالَ ُهمْ (‪ )32‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا أَطِيعُوا ال ّلهَ َوأَطِيعُوا الرّسُو َل َولَا‬
‫صدّوا َع ْن سَبِيلِ ال ّل ِه ُثمّ مَاتُوا وَ ُهمْ ُكفّا ٌر فَ َلنْ‬
‫تُبْطِلُوا أَعْمَاَلكُمْ (‪ )33‬إِنّ اّلذِينَ َك َفرُوا وَ َ‬
‫َيغْ ِفرَ ال ّل ُه َلهُمْ (‪ )34‬فَلَا َتهِنُوا وََتدْعُوا ِإلَى السّ ْلمِ َوَأنْتُ ُم الْأَعْ َلوْ َن وَاللّ ُه َمعَ ُكمْ َوَلنْ يَِترَكُمْ‬
‫أَعْمَالَ ُكمْ (‪)35‬‬

‫‪ -29‬بل أَ َظ ّن هؤلء الذين ف قلوبم نفاق أن لن يظهر ال أحقادهم لرسوله‬


‫وللمؤمني؟ ‪.‬‬
‫‪ -30‬ولو نشاء لدللناك عليهم ‪ ،‬فلعرفتهم بعلمات نسمهم با ‪ ،‬وأقسم ‪ :‬لتعرفنهم‬
‫من أسلوب قولم ‪ ،‬وال يعلم حقيقة أعمالكم جيعا ‪.‬‬
‫‪ -31‬وأقسم ‪ :‬لنعاملكم معاملة الختب ‪ ،‬حت نعلم الجاهدين منكم والصابرين ف‬
‫البأساء والضراء ‪ ،‬ونبلوا أخباركم من طاعتكم وعصيانكم ف الهاد وغيه ‪.‬‬
‫‪ -32‬إن الذين كفروا وصدوا عن طريق ال ‪ ،‬وخالفوا الرسول ف عناد وإصرار ‪ ،‬من‬
‫بعد ما ظهر لم الدى ‪ ،‬لن يضروا ال شيئا ‪ ،‬وسيبطل كل ما عملوه ‪.‬‬
‫‪ -33‬يا أيها الذين آمنوا ‪ :‬أطيعوا ال فيما أمركم به ‪ ،‬وأطيعوا الرسول فيما دعاكم‬
‫إليه ‪ ،‬ول تضيعوا أعمالكم ‪.‬‬
‫‪ -34‬إن الذين كفروا وصدوا عن الدخول ف السلم ‪ ،‬ث ماتوا وهم كفار فلن يغفر‬
‫ال لم ‪.‬‬

‫‪368‬‬
‫‪ -35‬فل تضعفوا لعدائكم إذا لقيتموهم ‪ ،‬ول تدعوهم إل السالة خوفا منهم ‪،‬‬
‫وأنتم الَعْلَون الغالبون بقوة اليان ‪ ،‬وال معكم بنصره ‪ ،‬ولن ينقصكم ثواب‬
‫أعمالكم ‪.‬‬

‫ب َولَ ْهوٌ َوإِ ْن ُتؤْمِنُوا َوتَّتقُوا يُ ْؤِتكُ ْم أُجُورَ ُك ْم وَلَا َيسَْألْ ُك ْم َأمْوَاَل ُكمْ (‬
‫ِإنّمَا الْحَيَاةُ ال ّدنْيَا َلعِ ٌ‬
‫ضغَاَنكُمْ (‪ )37‬هَا َأنُْتمْ َه ُؤلَا ِء ُتدْ َعوْنَ‬
‫ج أَ ْ‬
‫خرِ ْ‬
‫ح ِف ُكمْ تَ ْبخَلُوا َويُ ْ‬
‫‪ )36‬إِ ْن َيسَْألْكُمُوهَا فَيُ ْ‬
‫سهِ وَال ّلهُ اْلغَنِيّ‬
‫خلُ َعنْ نَ ْف ِ‬
‫خ ْل َفِإنّمَا يَ ْب َ‬
‫خ ُل َو َمنْ يَبْ َ‬
‫لِتُ ْنفِقُوا فِي سَبِي ِل ال ّلهِ فَمِ ْن ُك ْم َمنْ يَبْ َ‬
‫وََأنُْتمُ اْل ُفقَرَا ُء َوإِنْ تَتَ َوّلوْا َيسْتَ ْبدِ ْل َقوْمًا غَ ْيرَ ُك ْم ثُ ّم لَا َيكُونُوا َأمْثَاَل ُكمْ (‪)38‬‬

‫‪ -37 ، 36‬إنا الياة الدنيا باطل وغرور ‪ ،‬وإن تؤمنوا وتتركوا العاصى وتفعلوا الي‬
‫ُيعْطكم ال ثواب ذلك ‪ ،‬ول يسألكم أموالكم ‪ ،‬إن يسألكم إيّاها فيبالغ ف طلبها‬
‫تبخلوا با ‪ ،‬ويظهر أحقادكم لبكم لا ‪.‬‬
‫‪ -38‬ها أنتم هؤلء تدعون لتنفقوا ف سبيل ال الذى شرعه ‪ ،‬فمنكم من يبخل بذا‬
‫النفاق ومن يبخل فما يضر إل نفسه ‪ .‬وال ‪ -‬وحده ‪ -‬الغن ‪ ،‬وأنتم الفقراء‬
‫الحتاجون إليه ‪.‬‬
‫وإن تعرضوا عن طاعة ال يستبدل مكانكم قوما غيكم ‪ ،‬ث ل يكونوا أمثالكم ف‬
‫العراض عن طاعته ‪.‬‬

‫ك َومَا َتأَ ّخ َر وَيُِت ّم ِنعْمََتهُ‬


‫ِإنّا فَتَحْنَا َلكَ فَتْحًا مُبِينًا (‪ )1‬لَِي ْغ ِفرَ َلكَ ال ّلهُ مَا َتقَدّ َم ِم ْن َذنْبِ َ‬
‫صرًا َعزِيزًا (‪)3‬‬
‫صرَ َك ال ّلهُ نَ ْ‬
‫صرَاطًا ُمسْتَقِيمًا (‪ )2‬وَيَنْ ُ‬
‫ك َويَ ْه ِديَكَ ِ‬
‫عَلَ ْي َ‬

‫‪ -3 ، 2 ، 1‬إنا فتحنا لك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬فتحا عظيما مبينا بانتصار الق على الباطل ‪،‬‬
‫ليغفر لك ال ما تقدّم ما ُيعَ ّد لثل مقامك ذنبا ‪ ،‬وما تأخر منه ‪ ،‬ويكمل نعمته عليك‬
‫بانتشار دعوتك ‪ ،‬ويُثَبَّتكَ على طريق ال الستقيم ‪ ،‬وينصرك ال على أعداء رسالتك‬
‫نصرا قويا غاليا ‪.‬‬

‫‪369‬‬
‫ي لَِي ْزدَادُوا إِيَانًا مَ َع إِيَاِنهِ ْم َولِلّ ِه جُنُودُ‬
‫سكِيَنةَ فِي قُلُوبِ الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫هُ َو الّذِي َأْنزَلَ ال ّ‬
‫ض وَكَانَ ال ّلهُ عَلِيمًا َحكِيمًا (‪ )4‬لُِي ْدخِ َل الْ ُمؤْمِنِيَ وَالْ ُم ْؤمِنَاتِ جَنّاتٍ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫السّمَاوَا ِ‬
‫جرِي مِ ْن تَحِْتهَا الَْأْنهَا ُر خَاِلدِي َن فِيهَا َوُيكَ ّفرَ عَ ْن ُهمْ سَيّئَاِتهِ ْم وَكَا َن َذلِكَ عِ ْن َد اللّ ِه َفوْزًا‬
‫تَ ْ‬
‫ي بِال ّلهِ َظنّ‬
‫شرِكَاتِ الظّانّ َ‬
‫ي وَالْ ُم ْ‬
‫شرِكِ َ‬
‫ي وَالْمُنَا ِفقَاتِ وَالْ ُم ْ‬
‫عَظِيمًا (‪َ )5‬وُيعَ ّذبَ الْمُنَا ِفقِ َ‬
‫ب ال ّلهُ عَلَ ْي ِهمْ وََلعََنهُ ْم َوأَ َعدّ َل ُهمْ جَهَّن َم وَسَا َءتْ مَصِيًا‬
‫سوْ ِء وَغَضِ َ‬
‫سوْءِ عَلَ ْي ِه ْم دَائِ َر ُة ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫ض وَكَانَ ال ّلهُ َعزِيزًا حَكِيمًا (‪ِ )7‬إنّا أَ ْرسَلْنَا َك شَا ِهدًا‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫(‪ )6‬وَلِ ّل ِه جُنُو ُد السّمَاوَا ِ‬
‫شرًا َوَنذِيرًا (‪ )8‬لُِت ْؤمِنُوا بِال ّلهِ وَ َرسُوِل ِه وَُت َعزّرُوهُ َوتُ َو ّقرُو ُه َوُتسَبّحُوهُ ُب ْك َرةً َوأَصِيلًا (‬
‫وَمَُب ّ‬
‫‪)9‬‬

‫‪ -4‬هو ال الذى أنزل الطمأنينة ف قلوب الؤمني ليزدادوا با يقينا مع يقينهم ‪ ،‬ول‬
‫‪ -‬وحده ‪ -‬جنود السموات والرض ‪ ،‬يدبّر أمرها كما يشاء ‪ ،‬وكان ال ميطا علمه‬
‫بكل شئ ‪ ،‬ذا حكمة بالغة ف تدبي كل شأن ‪.‬‬
‫‪ -6 ، 5‬ليُدخل ال الؤمني والؤمنات بال ورسوله جنات ترى من تتها النار ‪،‬‬
‫دائمي فيها ‪ ،‬يحو عنهم سيئاتم ‪ ،‬وكان ذلك الزاء عند ال فوزا بالغا غاية العِظم ‪.‬‬
‫وليعذب النافقي والنافقات ‪ ،‬والشركي مع ال غيه والشركات ‪ ،‬الظاني بال ظنا‬
‫فاسدا ‪ .‬وهو أنه ل ينصر رسوله ‪ ،‬عليهم ‪ -‬وحدهم ‪ -‬دائرة السوء ‪ ،‬ل يفلتون‬
‫منها ‪ ،‬وغضب ال عليهم وطردهم من رحته َوهَيّأ لعذابم جهنم وساءت ناية لم ‪.‬‬
‫‪ -7‬ول جنود السموات والرض ‪ ،‬يدبّر أمرها بكمته كما يشاء ‪ ،‬وكان ال غالبا‬
‫على كل شئ ‪ ،‬ذا حكمة بالغة ف تدبي كل شأن ‪.‬‬
‫‪ -8‬إنا أرسلناك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬شاهدا على أمتك وعلى من قبلها من المم ‪ ،‬ومُبشّرا‬
‫التقي بسن الثواب ‪ ،‬ونذيرا للعصاة بسوء العذاب ‪.‬‬
‫‪ -9‬لتؤمنوا ‪ -‬أيها الرسل إليكم ‪ -‬بال ورسوله ‪ ،‬وتنصروا ال بنصر دينه ‪ ،‬وتعظّموه‬
‫مع الجلل والكبار ‪ ،‬وتنّهوه عما ل يليق به غدوة وعشيا ‪.‬‬

‫ث َفإِنّمَا يَ ْنكُثُ عَلَى‬


‫ق َأْيدِي ِهمْ َف َمنْ َنكَ َ‬
‫ك ِإنّمَا يُبَايِعُو َن اللّ َه َيدُ ال ّلهِ َفوْ َ‬
‫إِنّ اّلذِينَ يُبَايِعُونَ َ‬
‫ك الْمُخَ ّلفُونَ‬
‫س ِه وَ َم ْن أَ ْوفَى بِمَا عَا َهدَ عَلَ ْيهُ ال ّل َه َفسَُيؤْتِيهِ أَ ْجرًا عَظِيمًا (‪ )10‬سََيقُو ُل لَ َ‬
‫َنفْ ِ‬

‫‪370‬‬
‫س فِي قُلُوبِ ِه ْم ُقلْ‬
‫ِمنَ اْلأَ ْعرَابِ شَغَلَتْنَا َأمْوَالُنَا َوأَهْلُونَا فَاسَْت ْغفِ ْر لَنَا َيقُولُو َن ِبأَْلسِنَِت ِهمْ مَا لَيْ َ‬
‫ضرّا َأ ْو أَرَا َد ِبكُ ْم َنفْعًا َبلْ كَا َن ال ّلهُ بِمَا‬
‫فَ َم ْن يَمْ ِلكُ َل ُكمْ ِم َن اللّ ِه شَيْئًا إِ ْن أَرَادَ بِ ُكمْ َ‬
‫ب الرّسُولُ وَالْمُ ْؤمِنُونَ إِلَى َأهْلِي ِهمْ َأَبدًا وَ ُزّينَ‬
‫َتعْمَلُونَ خَبِيًا (‪َ )11‬بلْ ظَنَنُْت ْم أَ ْن َلنْ يَنْقَلِ َ‬
‫سوْ ِء وَكُنُْتمْ قَ ْومًا بُورًا (‪َ )12‬و َمنْ َل ْم يُ ْؤ ِمنْ بِال ّلهِ‬
‫ك فِي قُلُوبِ ُكمْ وَظََننُْتمْ َظنّ ال ّ‬
‫َذلِ َ‬
‫ض َي ْغفِ ُر لِ َمنْ‬
‫وَرَسُولِ ِه َفِإنّا أَعَْت ْدنَا لِ ْلكَا ِفرِي َن َسعِيًا (‪ )13‬وَلِ ّل ِه مُ ْلكُ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬
‫َيشَا ُء َوُيعَ ّذبُ مَ ْن َيشَا ُء وَكَانَ ال ّلهُ َغفُورًا َرحِيمًا (‪)14‬‬

‫‪ -10‬إن الذين يعاهدونك ‪ -‬على بذل الطاقة لنصرتك ‪ -‬إنا يعاهدون ال ‪ ،‬قوة ال‬
‫معك فوق قوتم ‪ ،‬فمن نقض عهدك بعد ميثاقه ‪ ،‬فل يعود ضرر ذلك إل على نفسه ‪،‬‬
‫ومَن وفّى بالعهد الذى عاهد ال عليه ‪ -‬بإتام بيعتك ‪ -‬فسيعطيه ال ثوابا بالغا غاية‬
‫العظم ‪.‬‬
‫‪ -11‬سيقول لك من خلّفهم النفاق من سكان البادية ‪ -‬إذا رجعت من سفرك ‪: -‬‬
‫شغلتنا عن الروج معك أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا ‪ .‬يقولون بألسنتهم غي ما ف‬
‫قلوبم ‪ ،‬قل ردا عليهم ‪ :‬فمن يلك لكم من ال شيئا يدفع عنكم قضاءه ‪ ،‬إن أراد‬
‫بكم ما يضركم ‪ ،‬أو أراد بكم ما ينفعكم؟ بل كان ال بكل ما تعملون ميطا ‪.‬‬
‫‪ -12‬بل ظننتم أن لن يرجع الرسول والؤمنون من غزوهم إل أهليهم أبدا ‪،‬‬
‫فتخلفتم ‪ ،‬وزُيّن ذلك الظن ف قلوبكم ‪ ،‬وظننتم الظن الفاسد ف كل شئونكم ‪ .‬وكنتم‬
‫ف علم ال قوما هالكي ‪ ،‬مستحقي لسخطه وعقابه ‪.‬‬
‫‪ -13‬ومن ل يؤمن بال ورسوله ‪ ،‬فإنا هيّأنا للكافرين نارا موقدة ذات لب ‪.‬‬
‫‪ -14‬ول ‪ -‬وحده ‪ -‬ملك السموات والرض يدبره تدبي قادر حكيم ‪ ،‬يغفر‬
‫الذنوب لن يشاء ‪ ،‬ويعذب بكمته من يشاء ‪ ،‬وكان ال عظيم الغفرة واسع الرحة ‪.‬‬

‫سَيَقُولُ الْمُخَ ّلفُو َن ِإذَا انْطَ َلقْتُ ْم ِإلَى َمغَاِنمَ لَِت ْأخُذُوهَا ذَرُونَا نَتِّبعْ ُكمْ يُرِيدُو َن أَ ْن يَُب ّدلُوا‬
‫سدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا‬
‫حُ‬‫كَلَا َم ال ّلهِ ُق ْل َلنْ تَتِّبعُونَا َك َذلِ ُك ْم قَالَ ال ّل ُه ِمنْ قَ ْب ُل َفسََيقُولُونَ َب ْل تَ ْ‬
‫س َشدِيدٍ‬
‫ب سَُتدْ َعوْنَ ِإلَى َقوْ ٍم أُولِي بَأْ ٍ‬
‫ي ِمنَ اْلأَ ْعرَا ِ‬
‫َيفْ َقهُونَ ِإلّا قَلِيلًا (‪ُ )15‬قلْ لِلْ ُمخَ ّلفِ َ‬
‫ُتقَاتِلُوَن ُهمْ َأوْ ُيسْلِمُونَ َفإِ ْن تُطِيعُوا ُيؤِْتكُ ُم ال ّلهُ َأ ْجرًا َحسَنًا َوإِنْ تَتَ َوّلوْا كَمَا َت َولّيْتُ ْم ِمنْ‬

‫‪371‬‬
‫ج َحرَجٌ َولَا عَلَى‬
‫قَ ْبلُ ُي َع ّذبْ ُكمْ َعذَابًا َألِيمًا (‪ )16‬لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى َحرَجٌ َولَا عَلَى اْلأَ ْعرَ ِ‬
‫جرِي ِمنْ تَحِْتهَا الَْأْنهَا ُر َو َمنْ يََت َولّ‬
‫ت تَ ْ‬
‫ض َحرَجٌ َو َمنْ يُطِ ِع اللّ َه وَ َرسُوَلهُ ُي ْدخِلْ ُه جَنّا ٍ‬
‫الْ َمرِي ِ‬
‫ج َر ِة َفعَلِمَ‬
‫ت الشّ َ‬
‫ك تَحْ َ‬
‫ي ِإذْ يُبَاِيعُونَ َ‬
‫ض َي اللّهُ َع ِن الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫ُيعَ ّذْبهُ َعذَابًا َألِيمًا (‪َ )17‬لقَدْ رَ ِ‬
‫ي ًة َي ْأخُذُوَنهَا‬
‫سكِينَةَ عَ َل ْيهِ ْم َوأَثَاَبهُ ْم فَتْحًا َقرِيبًا (‪ )18‬وَ َمغَاِنمَ كَثِ َ‬
‫مَا فِي قُلُوِبهِ ْم َفَأنْ َزلَ ال ّ‬
‫وَكَانَ ال ّلهُ َعزِيزًا حَكِيمًا (‪)19‬‬

‫‪ -15‬سيقول هؤلء الذين أقعدهم النفاق عن الروج معك من سكان البادية ‪ :‬إذا‬
‫انطلقتم إل مغان وعدكم ال با لتأخذوها ‪ ،‬دعونا نتّبعكم إليها ‪ .‬يريدون بذلك تغيي‬
‫وعد ال بأن تلك الغنائم ل تكون للمخلّفي الذين قعدوا عن الهاد وإنا تكون للذين‬
‫خرجوا مع رسول ال يوم الديبية ‪ ،‬قل لم ‪ -‬يا ممد ‪ : -‬لن تتبعونا ‪ .‬فحكم ال أن‬
‫هذه الغنائم لن خرج إل الغزو مع رسوله ‪ ،‬أما الخلّفون فسيقولون ‪ :‬ل يأمركم ال‬
‫بذلك ‪ ،‬بل تسدوننا أن نشارككم ‪ ،‬وهم بقولتهم عاجزون عن إدراك أن أمر ال ل‬
‫بد أن ينفذ ‪.‬‬
‫‪ -16‬قل للمتخلفي عن الروج من أهل البادية ‪ :‬ستدعوْن إل قتال قوم ذوى شدة‬
‫قوية ف الرب ‪ ،‬فإن َتسْتَجيبوا لذه الدعوة يعطكم ال الغنيمة ف الدنيا ‪ ،‬والثواب ف‬
‫الخرة ‪ ،‬وإن تعرضوا عنها كما أعرضتم من قبل يُعذبكم ال عذابا بالغ الل ‪.‬‬
‫‪ -17‬ليس على العمى إث ف التّخلف عن قتال الكفار ‪ ،‬ول على العرج إث ‪ ،‬ول‬
‫على الريض إث كذلك ‪ ،‬حيث ل يستطيعون ‪ ،‬ومن يطع ال ورسوله ف كل أمر ونى‬
‫يُدخله جنات فسيحات ترى من تتها النار ‪ ،‬ومن يعرض عن طاعة ال ورسوله‬
‫يعذبه عذابا بالغ الل ‪.‬‬
‫‪ -19 ، 18‬لقد رضى ال عن الؤمني حي يعاهدونك متارين تت الشجرة ‪ ،‬فعلم‬
‫ما ف قلوبم من الخلص والوفاء لرسالتك ‪ ،‬فأنزل الطمأنينة عليهم وأعطاهم‬
‫بصدقهم ف البيعة وإتام الصلح عِزا عاجل ‪ .‬ومغان كثية وعدهم ال با يأخذونا ‪،‬‬
‫وكان ال غالبا على كل شئ ‪ ،‬ذا حكمة بالغة ف كل ما قضاه ‪.‬‬

‫‪372‬‬
‫ف َأْيدِيَ النّاسِ عَ ْنكُ ْم َولِتَكُونَ‬
‫ج َل َل ُكمْ َه ِذهِ وَكَ ّ‬
‫ي ًة َت ْأخُذُونَهَا فَعَ ّ‬
‫وَ َعدَ ُكمُ ال ّلهُ َمغَانِمَ كَثِ َ‬
‫ط ال ّلهُ‬
‫صرَاطًا ُمسَْتقِيمًا (‪َ )20‬وأُ ْخرَى َلمْ َت ْقدِرُوا عَلَ ْيهَا َقدْ َأحَا َ‬
‫َآَيةً لِلْ ُمؤْمِنِيَ وََي ْهدَِي ُكمْ ِ‬
‫ِبهَا وَكَانَ ال ّلهُ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرًا (‪َ )21‬وَلوْ قَاتَلَ ُكمُ اّلذِينَ َك َفرُوا َلوَّلوُا اْلأَ ْدبَارَ ثُ ّم لَا‬
‫ج َد ِلسُنّ ِة ال ّلهِ‬
‫ت ِمنْ قَ ْب ُل َولَ ْن تَ ِ‬
‫جدُونَ َولِيّا َولَا نَصِيًا (‪ )22‬سُنّ َة ال ّلهِ الّتِي َق ْد خَلَ ْ‬
‫يَ ِ‬
‫ف َأْيدَِي ُهمْ عَ ْن ُكمْ َوَأيْ ِديَ ُكمْ عَ ْن ُهمْ بِبَ ْطنِ َم ّكةَ ِم ْن َبعْ ِد أَنْ‬
‫تَ ْبدِيلًا (‪َ )23‬وهُ َو اّلذِي كَ ّ‬
‫أَ ْظ َفرَ ُكمْ َعلَ ْي ِهمْ وَكَا َن اللّ ُه بِمَا َتعْمَلُونَ بَصِيًا (‪)24‬‬

‫‪ -21 ، 20‬وعدكم ال مغان كثية تأخذونا ف الوقت القدّر لا ‪ ،‬فعجّل لكم هذه‬
‫‪ -‬وهو ما وعدكم به من الغنائم ‪ -‬ومنع أذى الناس عنكم ‪ ،‬ولتكون آية للمؤمني‬
‫على صدق وعد ال لم ‪.‬‬
‫ويهديكم طريقا مستقيما بطاعته واتباع رسوله ‪ ،‬ومغان أخرى ل تقدروا عليها قد‬
‫حفظها ال لكم فأظفركم با ‪ ،‬وكان ال على كل شئ تام القدرة ‪.‬‬
‫‪ -22‬ولو قاتلكم الذين كفروا من أهل مكة ‪ ،‬ول يعقدوا معكم صلحا ‪ ،‬لفروا‬
‫ل يلى أمرهم ‪ ،‬ول أى نصي ينصرهم ‪.‬‬
‫منهزمي ُرعْبا منكم ‪ ،‬ث ل يدون أى و ّ‬
‫‪َ -23‬س ّن ال سُنّة قد مضت من قبل ف خلقه أن تكون العاقبة لرسله وللمؤمني ‪،‬‬
‫ولن تد لسنة ال تغييا ‪.‬‬
‫‪ -24‬وهو ال ‪ -‬وحده ‪ -‬الذى منع أيدى الكفار من إيذائكم وأيديكم من قتالم‬
‫بوسط مكة من بعد أن أقدركم عليهم ‪ ،‬وكان ال بكل ما تعملون بصيا ‪.‬‬

‫حرَا ِم وَاْل َهدْيَ َم ْعكُوفًا أَ ْن يَبْلُغَ مَحِ ّلهُ َوَلوْلَا‬


‫جدِ الْ َ‬
‫صدّو ُكمْ َع ِن الْ َمسْ ِ‬
‫هُ ُم اّلذِينَ َك َفرُوا وَ َ‬
‫ت َلمْ َتعْلَمُوهُ ْم أَ ْن تَطَئُوهُ ْم فَتُصِيَب ُكمْ مِ ْن ُهمْ َم َع ّرةٌ ِبغَ ْيرِ عِ ْلمٍ‬
‫ِرجَا ٌل مُ ْؤمِنُونَ َوِنسَا ٌء مُ ْؤمِنَا ٌ‬
‫لُِيدْ ِخلَ ال ّل ُه فِي َرحْمَِت ِه َمنْ َيشَا ُء َلوْ َت َزيّلُوا َلعَ ّذبْنَا اّلذِينَ َك َفرُوا مِ ْنهُمْ َعذَابًا َألِيمًا (‪)25‬‬
‫حمِّيةَ حَمِّي َة الْجَاهِلِيّ ِة َفَأنْ َزلَ ال ّل ُه سَكِينََتهُ عَلَى َرسُوِلهِ‬
‫ِإذْ َج َعلَ اّلذِينَ َك َفرُوا فِي قُلُوبِ ِهمُ الْ َ‬
‫ي َوأَْل َزمَ ُهمْ كَلِ َم َة الّتقْوَى وَكَانُوا َأ َحقّ ِبهَا َوَأهْلَهَا وَكَانَ ال ّلهُ بِ ُك ّل شَيْءٍ‬
‫وَعَلَى الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫حرَا َم إِ ْن شَا َء اللّهُ‬
‫جدَ الْ َ‬
‫ح ّق لََتدْخُ ُل ّن الْ َمسْ ِ‬
‫ق اللّهُ َرسُوَلهُ ال ّرؤْيَا بِالْ َ‬
‫صدَ َ‬
‫عَلِيمًا (‪َ )26‬ل َقدْ َ‬
‫ج َع َل ِمنْ دُو ِن َذلِكَ‬
‫صرِي َن لَا َتخَافُو َن َفعَلِ َم مَا َل ْم َتعْلَمُوا فَ َ‬
‫ي ُمحَ ّلقِيَ رُءُو َسكُ ْم َومُقَ ّ‬
‫َآمِنِ َ‬

‫‪373‬‬
‫ح ّق لِيُ ْظ ِهرَهُ عَلَى الدّينِ كُ ّلهِ‬
‫فَتْحًا َقرِيبًا (‪ )27‬هُ َو الّذِي أَ ْر َسلَ َرسُولَ ُه بِاْل ُهدَى َودِي ِن الْ َ‬
‫وَ َكفَى بِال ّلهِ شَهِيدًا (‪)28‬‬

‫‪ -26 ، 25‬أهل مكة هم الذين كفروا ومنعوكم من دخول السجد الرام ‪ ،‬ومنعوا‬
‫الدى الذى سقتموه مبوسا معكم على التقرب به من بلوغ مكانه الذى ينحر فيه ‪،‬‬
‫ولول كراهة أن تُصيبوا رجالً مؤمني ونساء مؤمنات بي الكفار بكة أخفوا إيانم‬
‫فلم تعلموهم فتقتلوهم بغي علم بم ‪ ،‬فيلحقكم بقتلهم عار وخزى ‪ ،‬ولذا كان منع‬
‫القتال ف هذا اليوم حت يفظ ال من كانوا مستخفي بإسلمهم بي كفار مكة ‪ .‬لو‬
‫تيز الؤمنون لعاقبنا الذين أصروا على الكفر منهم عقابا بالغ الل ‪ ،‬حي جعل الذين‬
‫كفروا ف قلوبم النفة أنفة الاهلية ‪ ،‬فأنزل ال طمأنينته على رسوله وعلى الؤمني ‪،‬‬
‫ل لا ‪ .‬وكان علم ال‬
‫وألزمهم كلمة الوقاية من الشرك والعذاب ‪ ،‬وكانوا أحق با وأه ً‬
‫ميطا بكل شئ ‪.‬‬
‫‪ -27‬لقد صدق ال رسوله رؤياه دخول السجد الرام بتحققها ‪ .‬أقسم ‪ :‬لتدخلن‬
‫السجد الرام ‪ -‬إن شاء ال ‪ -‬آمني عدوكم ‪ ،‬بي ملق رأسه ومقصر ‪ ،‬وغي خائفي‬
‫‪ ،‬فعلم سبحانه الي الذى ل تعلموه ف تأخي دخول السجد الرام ‪ ،‬فجعل من قبل‬
‫دخولكم فتحا قريبا ‪.‬‬
‫‪ -28‬هو ال الذى أرسل رسوله بالرشاد الواضح ودين السلم ليعليه على الديان‬
‫كلها ‪ ،‬وكفى بال شهيدا على ذلك ‪.‬‬

‫جدًا‬
‫مُحَ ّمدٌ َرسُو ُل اللّ ِه وَاّلذِي َن َمعَ ُه َأشِدّاءُ عَلَى الْ ُكفّارِ ُرحَمَا ُء بَيَْنهُ ْم َترَا ُهمْ رُ ّكعًا سُ ّ‬
‫ك مَثَ ُل ُهمْ فِي‬
‫ضوَانًا سِيمَاهُ ْم فِي ُوجُو ِه ِهمْ ِم ْن أََث ِر السّجُو ِد َذلِ َ‬
‫يَبَْتغُو َن فَضْلًا ِمنَ ال ّلهِ وَرِ ْ‬
‫ظ فَاسَْتوَى عَلَى سُو ِقهِ‬
‫ع َأ ْخرَجَ شَطَْأ ُه َفآَزَ َر ُه فَاسَْتغْلَ َ‬
‫التّوْرَاةِ وَمَثَ ُل ُهمْ فِي الِْإنْجِيلِ َكزَرْ ٍ‬
‫ت مِ ْنهُ ْم َم ْغفِ َرةً‬
‫ظ ِب ِهمُ اْلكُفّا َر وَ َعدَ ال ّل ُه الّذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫ع لَِيغِي َ‬
‫ب الزّرّا َ‬
‫ُيعْجِ ُ‬
‫وََأ ْجرًا عَظِيمًا (‪)29‬‬

‫‪374‬‬
‫‪ -29‬ممد رسول ال وأصحابه الذين معه أشداء أقوياء على الكفار ‪ ،‬متراحون ‪،‬‬
‫متعاطفون فيما بينهم ‪ ،‬تُبصرهم راكعي ساجدين كثيا ‪ ،‬يرجون بذلك ثوابا عظيما من‬
‫ال ورضوانا عميما ‪ ،‬علمتهم خشوع ظاهر ف وجوههم من أثر الصلة كثيا ‪ ،‬ذلك‬
‫هو وصفهم العظيم ف التوراة ‪ ،‬وصفتهم ف النيل كصفة زرع أخرج أول ما ينشق‬
‫عنه ‪ ،‬فآزره ‪ ،‬فتحول من الدقة إل الغلظ ‪ ،‬فاستقام على أصوله ‪ ،‬يُعجب الزراع بقوته‬
‫‪ ،‬وكان الؤمنون كذلك ‪ ،‬ليغيظ ال بقوتم الكفار ‪ ،‬وعد ال الذين آمنوا وعملوا‬
‫الصالات منهم مغفرة تحو جيع ذنوبم ‪ ،‬وثوابا بالغا غاية العظم ‪.‬‬

‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا لَا ُت َق ّدمُوا بَ ْي َن َيدَيِ ال ّلهِ وَ َرسُوِل ِه وَاّتقُوا ال ّل َه إِ ّن اللّ َه سَمِيعٌ عَلِيمٌ (‪)1‬‬
‫ج ْهرِ‬
‫ج َهرُوا َلهُ بِاْلقَ ْولِ َك َ‬
‫ت النِّبيّ َولَا تَ ْ‬
‫صوْ ِ‬
‫صوَاتَ ُك ْم َفوْقَ َ‬
‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا لَا َت ْر َفعُوا أَ ْ‬
‫ط أَعْمَالُ ُكمْ وََأنُْتمْ لَا َتشْ ُعرُونَ (‪)2‬‬
‫ض أَ ْن تَحَْب َ‬
‫َبعْضِ ُكمْ لَِبعْ ٍ‬

‫‪ -1‬يا أيها الذين آمنوا ‪ :‬ل تقدّموا أى أمر ف الدين والدنيا دون أن يأمر به ال‬
‫ورسوله ‪ ،‬واجعلوا لنفسكم وقاية من عذاب ال بامتثال شريعته ‪ .‬إن ال عظيم‬
‫السمع لكل ما تقولون ‪ ،‬ميط علمه بكل شئ ‪.‬‬
‫‪ -2‬يا أيها الذين آمنوا ‪ :‬ل ترفعوا أصواتكم فوق صوت النب إذا تكلم وتكلمتم ‪،‬‬
‫ول تساووا أصواتكم بصوته ‪ -‬كما ياطب بعضكم بعضا ‪ -‬كراهة أن تبطل أعمالكم‬
‫وأنتم ل تشعرون ببطلنا ‪.‬‬

‫ح َن اللّ ُه قُلُوَب ُهمْ لِلّت ْقوَى‬


‫صوَاَتهُمْ عِ ْندَ َرسُو ِل اللّ ِه أُولَِئكَ اّلذِي َن امْتَ َ‬
‫إِنّ اّلذِينَ َيغُضّونَ أَ ْ‬
‫ت أَكَْثرُ ُه ْم لَا َي ْعقِلُونَ‬
‫جرَا ِ‬
‫حُ‬‫َلهُ ْم َمغْ ِف َر ٌة وََأ ْجرٌ عَظِيمٌ (‪ )3‬إِنّ اّلذِينَ يُنَادُوَنكَ ِم ْن وَرَاءِ الْ ُ‬
‫ج ِإلَ ْي ِهمْ َلكَا َن خَ ْيرًا َل ُهمْ وَال ّلهُ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ )5‬يَا أَّيهَا‬
‫خرُ َ‬
‫(‪ )4‬وََل ْو أَّن ُهمْ صََبرُوا حَتّى تَ ْ‬
‫جهَاَل ٍة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا‬
‫الّذِينَ َآمَنُوا إِ ْن جَاءَ ُك ْم فَاسِ ٌق بِنََبإٍ فَتَبَيّنُوا أَ ْن تُصِيبُوا َق ْومًا بِ َ‬
‫ي ِمنَ اْلأَ ْم ِر لَعَنِّتمْ‬
‫َفعَلْتُ ْم نَادِمِيَ (‪ )6‬وَاعْلَمُوا أَنّ فِي ُكمْ َرسُولَ ال ّلهِ لَ ْو يُطِيعُ ُك ْم فِي كَِث ٍ‬
‫ب ِإلَ ْيكُ ُم اْلإِيَا َن وَ َزيَّنهُ فِي قُلُوِبكُ ْم وَ َك ّرهَ إِلَ ْي ُكمُ اْلكُ ْفرَ وَاْلفُسُوقَ‬
‫وََل ِكنّ ال ّلهَ حَبّ َ‬
‫ك ُهمُ الرّا ِشدُونَ (‪ )7‬فَضْلًا ِم َن اللّ ِه َونِعْ َم ًة وَال ّلهُ عَلِي ٌم َحكِيمٌ (‪)8‬‬
‫وَاْلعِصْيَانَ أُولَئِ َ‬

‫‪375‬‬
‫‪ -3‬إن الذين يفضون أصواتم ف ملس رسول ال ‪ -‬إجل ًل له ‪ -‬أولئك ‪ -‬وحدهم‬
‫‪ -‬هم الذين أخلص ال قلوبم للتقوى ‪ ،‬فليس لغيها مكان فيها ‪ ،‬لم مغفرة واسعة‬
‫لذنوبم وثواب بالغ غاية العظم ‪.‬‬
‫‪ -4‬إن الذين ينادونك من وراء حجراتك أكثرهم ل يعقلون ما ينبغى لقامك من‬
‫التوقي والجلل ‪.‬‬
‫‪ -5‬ولو أ ّن هؤلء صبوا ‪ -‬تأدبا معك ‪ -‬حت تقصد الروج إليهم لكان ذلك خيا‬
‫لم ف دينهم ‪ ،‬وال عظيم الغفرة ذو رحة واسعة ‪.‬‬
‫‪ -6‬يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم أى خارج عن حدود شريعة ال بأى خب فتثبتوا من‬
‫صدقه ‪ ،‬كراهة أن تصيبوا أى قوم بأذى ‪ -‬جاهلي حالم ‪ -‬فتصيوا على ما فعلتم‬
‫معهم ‪ -‬بعد ظهور براءتم ‪ -‬مغتمّي دائما على وقوعه ‪ ،‬متمني أنه ل يقع منكم ‪.‬‬
‫‪ -8 ، 7‬واعلموا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬أن فيكم رسول ال فاقْدروه حق قدْره‬
‫واصْدقوه ‪ ،‬لو يطيع ضعاف اليان منكم ف كثي من المور ‪ ،‬لوقعتم ف الشقة‬
‫واللك ‪ ،‬ولكن ال حبّب ف الكاملي منكم اليان ‪ ،‬وزيّنه ف قلوبكم ‪ ،‬فتصَونوّا عن‬
‫تزيي ما ل ينبغى ‪ ،‬وبغّض إليكم جحود نعم ال ‪ ،‬والروج عن حدود شريعته ومالفة‬
‫أوامره ‪ ،‬أولئك هم ‪ -‬وحدهم ‪ -‬الذين عرفوا طريق الدى وثبتوا عليه تفضل كريا ‪،‬‬
‫وإنعاما عظيما من ال عليهم ‪ ،‬وال ميط علمه بكل شئ ‪ ،‬ذو حكمة بالغة ف تدبي‬
‫كل شأن ‪.‬‬

‫ت ِإ ْحدَاهُمَا عَلَى اْلأُ ْخرَى‬


‫ي اقْتَتَلُوا َفأَصْلِحُوا بَيَْنهُمَا َفإِ ْن بَغَ ْ‬
‫وَإِنْ طَاِئفَتَا ِن ِمنَ الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫ت َفأَصْلِحُوا بَيَْنهُمَا بِاْل َعدْ ِل َوأَ ْقسِطُوا‬
‫َفقَاتِلُوا الّتِي تَ ْبغِي حَتّى َتفِي َء ِإلَى َأ ْمرِ ال ّل ِه َفإِنْ فَا َء ْ‬
‫ب الْ ُم ْقسِطِيَ (‪ِ )9‬إنّمَا الْ ُم ْؤمِنُو َن ِإخْ َو ٌة َفأَصْلِحُوا بَ ْي َن َأخَ َويْ ُكمْ وَاّتقُوا ال ّلهَ‬
‫إِنّ ال ّل َه يُحِ ّ‬
‫خ ْر َقوْ ٌم ِمنْ َقوْمٍ َعسَى أَ ْن َيكُونُوا خَ ْيرًا‬
‫َلعَلّ ُكمْ ُت ْرحَمُونَ (‪ )10‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا لَا َيسْ َ‬
‫س ُكمْ َولَا تَنَابَزُوا‬
‫مِ ْنهُ ْم َولَا ِنسَا ٌء ِمنْ ِنسَاءٍ َعسَى أَنْ َي ُكنّ خَ ْيرًا مِ ْنهُ ّن َولَا تَلْ ِمزُوا َأْنفُ َ‬
‫ب َفأُولَِئكَ ُهمُ الظّالِمُونَ (‪ )11‬يَا‬
‫ق َب ْعدَ اْلإِيَانِ َو َمنْ َل ْم يَتُ ْ‬
‫س الِا ْسمُ اْل ُفسُو ُ‬
‫ب بِئْ َ‬
‫بِاْلَألْقَا ِ‬
‫سسُوا َولَا َيغْتَبْ‬
‫جّ‬‫ض ال ّظنّ ِإْثمٌ َولَا تَ َ‬
‫َأيّهَا اّلذِينَ َآمَنُوا اجْتَنِبُوا َكثِيًا مِ َن ال ّظنّ إِ ّن َبعْ َ‬

‫‪376‬‬
‫حمَ َأخِيهِ مَيْتًا َف َكرِهْتُمُو ُه وَاّتقُوا ال ّل َه إِنّ ال ّلهَ‬
‫ب أَ َحدُ ُكمْ أَ ْن َيأْ ُك َل لَ ْ‬
‫ح ّ‬
‫َبعْضُ ُكمْ َبعْضًا أَيُ ِ‬
‫تَوّابٌ َرحِيمٌ (‪)12‬‬

‫‪ -9‬وإن طائفتان من الؤمني تقاتلوا فأصلحوا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬بينهما ‪ ،‬فإن تعدت‬
‫إحداها على الخرى ورفضت الصلح معها فقاتلوا الت تتعدى إل أن ترجع إل حكم‬
‫ال ‪ ،‬فإن رجعت فأصلحوا بينهما بالنصاف ‪ ،‬واعدلوا بي الناس جيعا ف كل الشئون‬
‫‪ ،‬إن ال يب العادلي ‪.‬‬
‫‪ -10‬إنا الؤمنون بال ورسوله إخوة جع اليان بي قلوبم ‪ ،‬فأصلحوا بي أخويكم‬
‫رعاية لخُوّة اليان ‪ ،‬واجعلوا لنفسكم وقاية من عذاب ال بامتثال أمره واجتناب‬
‫نيه راجي أن يرحكم ال بتقواكم ‪.‬‬
‫‪ -11‬يا أيها الذّين آمنوا ‪ :‬ل يسخر رجال منكم من رجال آخرين ‪ ،‬عسى أ ْن يكونوا‬
‫عند ال خيا من الساخرين ‪ .‬ول يسخر نساء مؤمنات من نساء مؤمنات عسى أن‬
‫ع الواحد أخاه با‬
‫يكنّ عند ال خيا من الساخرات ول يعب بعضكم بعضا ‪ ،‬ول يدْ ُ‬
‫يستكره من اللقاب ‪ .‬بئس الذكر للمؤمني أن يُذكروا بالفسوق بعد اتصافهم باليان‬
‫‪ ،‬ومن ل يرجع عمّا نى عنه فأولئك هم ‪ -‬وحدهم ‪ -‬الظالون أنفسهم وغيهم ‪.‬‬
‫‪ -12‬يا أيها الذين آمنوا ‪ :‬ابتعدوا عن كثي من ظن السوء بأهل الي ‪ .‬إن بعض‬
‫الظن إث يستوجب العقوبة ‪ ،‬ول تتبعوا عورات السلمي ‪ ،‬ول يذكر بعضكم بعضا با‬
‫يكره ف غيبته ‪ .‬أيب أحدكم أن يأكل لم أخيه ميتا ‪ ،‬فقد كرهتموه؟! فاكرهوا‬
‫الغيبة فإنا ماثلة له ‪ ،‬وقوا أنفسكم عذاب ال بامتثال ما أمر ‪ ،‬واجتناب ما نى ‪ .‬إن‬
‫ال عظيم ف قبول توبة التائبي ذو رحة واسعة بالعالي ‪.‬‬

‫س ِإنّا خَ َلقْنَاكُ ْم ِمنْ ذَ َكرٍ َوُأنْثَى وَ َجعَلْنَا ُكمْ ُشعُوبًا وَقَبَاِئلَ لَِتعَا َرفُوا إِ ّن أَ ْك َر َمكُمْ‬
‫يَا َأّيهَا النّا ُ‬
‫ت اْلأَ ْعرَابُ َآمَنّا ُق ْل َلمْ ُت ْؤمِنُوا وََل ِكنْ‬
‫عِ ْن َد اللّ ِه َأْتقَا ُك ْم إِنّ ال ّلهَ عَلِي ٌم خَبِيٌ (‪ )13‬قَالَ ِ‬
‫قُولُوا َأسْلَمْنَا َولَمّا َيدْ ُخلِ اْلإِيَانُ فِي قُلُوِب ُكمْ َوإِ ْن تُطِيعُوا ال ّل َه وَ َرسُولَ ُه لَا يَلِ ْت ُكمْ مِنْ‬
‫أَعْمَالِ ُك ْم شَيْئًا إِ ّن ال ّلهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ِ )14‬إنّمَا الْ ُم ْؤمِنُو َن الّذِينَ َآمَنُوا بِال ّل ِه وَ َرسُولِ ِه ُثمّ‬
‫َلمْ َي ْرتَابُوا وَجَاهَدُوا ِبَأمْوَالِ ِه ْم وََأْن ُفسِ ِهمْ فِي سَبِيلِ ال ّلهِ أُولَِئكَ ُهمُ الصّا ِدقُونَ (‪ُ )15‬قلْ‬

‫‪377‬‬
‫ض وَال ّل ُه بِ ُك ّل شَيْءٍ عَلِيمٌ‬
‫َأتُعَلّمُو َن ال ّلهَ ِبدِينِ ُكمْ وَال ّلهُ َيعْ َلمُ مَا فِي السّمَاوَاتِ َومَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ك أَ ْن أَسْلَمُوا ُقلْ لَا تَمُنّوا عَ َل ّي ِإسْلَا َمكُ ْم َبلِ ال ّلهُ يَ ُمنّ عَلَ ْيكُ ْم أَنْ‬
‫(‪ )16‬يَمُنّونَ عَلَ ْي َ‬
‫ض وَاللّهُ‬
‫ب السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬
‫هَدَا ُكمْ لِلْإِيَا ِن إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪ )17‬إِ ّن ال ّلهَ َيعْ َلمُ غَيْ َ‬
‫ي بِمَا تَعْمَلُونَ (‪)18‬‬
‫بَصِ ٌ‬

‫‪ -13‬يا أيها الناس ‪ :‬إنا خلقناكم متساوين من أصل واحد هو آدم وحواء ‪،‬‬
‫وصيّرناكم بالتكاثر جوعا عظيمة وقبائل متعددة ‪ ،‬ليتم التعارف والتعاون بينكم ‪ ،‬إن‬
‫أرفعكم منلة عند ال ف الدنيا والخرة أتقاكم له ‪ .‬إن ال ميط علمه بكل شئ ‪،‬‬
‫خبي ل تفى عليه دقائق كل شأن ‪.‬‬
‫‪ -14‬قالت العراب بألسنتهم ‪ :‬آمنا ‪ ،‬قل لم ‪ -‬يا ممد ‪ : -‬ل تؤمنوا ‪ ،‬لن قلوبكم‬
‫ل تصدق ما نطقتم به ‪ ،‬ولكن قولوا ‪ :‬انقدنا ظاهرا لرسالتك ولّا يدخل اليان ف‬
‫قلوبكم بعد ‪ ،‬وإن تطيعوا ال ورسوله صادقي ل ينقصكم من ثواب أعمالكم أى شئ‬
‫‪ .‬إن ال عظيم الغفرة للعباد ‪ ،‬ذو رحة واسعة بكل شئ ‪.‬‬
‫‪ -15‬إنا الؤمنون ‪ -‬حقا ‪ -‬هم الذين آمنوا بال ورسوله ‪ ،‬ث ل يقع ف قلوبم شك‬
‫فيما آمنوا به ‪ ،‬وجاهدوا بأموالم وأنفسهم ف طريق طاعة ال ‪ ،‬أولئك هم ‪ -‬وحدهم‬
‫‪ -‬الذين صدقوا ف إيانم ‪.‬‬
‫‪ -16‬قل لم ‪ -‬يا ممد ‪ -‬تكذيبا لقولم آمنا ‪ :‬أتبون ال بتصديق قلوبكم ‪ ،‬وال ‪-‬‬
‫وحده ‪ -‬يعلم كل ما ف السموات ‪ ،‬وكل ما ف الرض ‪ ،‬وال ميط علمه بكل شئ ‪.‬‬
‫‪ -17‬يعدون إسلمهم يدا لم عليك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬تستوجب شكرك لم ‪ ،‬قل ‪ :‬ل‬
‫تنّوا علىّ إسلمكم فخيه لكم ‪ ،‬بل ال ‪ -‬وحده ‪ -‬يَ ُم ّن عليكم بدايته إياكم إل‬
‫اليان ‪ ،‬إن كنتم صادقي ف دعواكم ‪.‬‬
‫‪ -18‬إن ال يعلم كل ما استتر ف السموات والرض ‪ ،‬وال ميط الرؤية بكل ما‬
‫تعملون ‪.‬‬

‫‪378‬‬
‫جبُوا أَ ْن جَا َء ُه ْم مُ ْنذِرٌ مِ ْن ُه ْم َفقَالَ اْلكَا ِفرُو َن َهذَا َشيْءٌ‬
‫ق وَالْ ُقرْآَ ِن الْمَجِيدِ (‪َ )1‬بلْ عَ ِ‬
‫ض مِ ْنهُمْ‬
‫عَجِيبٌ (‪َ )2‬أئِذَا مِتْنَا وَكُنّا ُترَابًا َذِلكَ َرجْ ٌع َبعِيدٌ (‪َ )3‬قدْ عَلِ ْمنَا مَا تَ ْنقُصُ اْلأَرْ ُ‬
‫وَعِ ْن َدنَا كِتَابٌ َحفِيظٌ (‪)4‬‬

‫‪ -2 ، 1‬ق ‪ :‬حرف من حروف الجاء افتتحت السورة به على طريقة القرآن الكري‬
‫ف افتتاح بعض السور ببعض هذه الروف للتحدى وتنبيه الذهان ‪ ،‬أُقسم بالقرآن‬
‫ذى الكرامة والجد والشرف ‪ :‬إنا أرسلناك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬لتنذر الناس به ‪ ،‬فلم يؤمن‬
‫أهل مكة ‪ ،‬بل عجبوا أن جاءهم رسول من جنسهم يُنذرهم بالبعث ‪ ،‬فقال الكافرون‬
‫‪ :‬هذا شئ منكر عجيب ‪.‬‬
‫‪ -3‬أبعد أن نوت ونصي ترابا نرجع؟ ذلك البعث بعد الوت رجْع بعيد الوقوع ‪.‬‬
‫‪ -4‬قد علمنا ما تأخذه الرض من أجسامهم بعد الوت ‪ ،‬وعندنا كتاب دقيق‬
‫الحصاء والفظ ‪.‬‬

‫حقّ لَمّا جَا َءهُ ْم َف ُهمْ فِي أَ ْم ٍر َمرِيجٍ (‪َ )5‬أفَلَ ْم يَنْ ُظرُوا ِإلَى السّمَاءِ فَ ْو َق ُهمْ‬
‫َبلْ َك ّذبُوا بِالْ َ‬
‫ض َم َد ْدنَاهَا َوأَْلقَيْنَا فِيهَا َروَا ِسيَ‬
‫ف بَنَيْنَاهَا وَ َزيّنّاهَا َومَا َلهَا ِمنْ ُفرُوجٍ (‪ )6‬وَالْأَرْ َ‬
‫كَيْ َ‬
‫ص َر ًة َوذِ ْكرَى ِلكُلّ عَ ْب ٍد مُنِيبٍ (‪َ )8‬وَنزّلْنَا ِمنَ‬
‫وََأنْبَتْنَا فِيهَا ِمنْ ُكلّ َزوْجٍ َبهِيجٍ (‪ )7‬تَبْ ِ‬
‫خلَ بَاسِقَاتٍ َلهَا طَلْعٌ‬
‫ت َوحَبّ الْحَصِيدِ (‪ )9‬وَالنّ ْ‬
‫السّمَا ِء مَا ًء مُبَارَكًا َفأَنْبَتْنَا ِبهِ جَنّا ٍ‬
‫خرُوجُ (‪)11‬‬
‫ك الْ ُ‬
‫نَضِيدٌ (‪ )10‬رِ ْزقًا لِلْعِبَادِ وََأحْيَيْنَا ِب ِه بَ ْل َدةً مَيْتًا َك َذلِ َ‬

‫‪ -5‬ل يتدبروا ما جاءهم به الرسول ‪ ،‬بل كذّبوا به من فورهم دون تدبّر وتفكر ‪ ،‬فهم‬
‫ف شأن مضطرب ل يستقرون على حال ‪.‬‬
‫‪ -6‬أغفلوا فلم ينظروا إل السماء مرفوعة فوقهم بغي عمد؟ كيف أحكمنا بناءها‬
‫وزيّناها بالكواكب ‪ ،‬وليس فيها أى شقوق تعاب با؟‬
‫‪ -7‬والرض بسطناها وأرسينا فيها جبا ًل ثوابت ضاربة ف أعماقها ‪ ،‬وأنبتنا فيها من‬
‫كل صنف يبتهج به من النبات ‪ ،‬يسر الناظرين ‪.‬‬
‫‪ -8‬جعلنا ذلك تبصيا وتذكيا لكل عبد راجع إل ربه ‪ ،‬يُفكر ف دلئل قدرته ‪.‬‬

‫‪379‬‬
‫‪ -9‬ونزّلنا من السماء ماء كثي الي والبكات ‪ ،‬فأنبتنا به جنات ذات أشجار وأزهار‬
‫وثار ‪ ،‬وأخرجنا به حب الزرع الذى يصد ‪.‬‬
‫‪ -10‬والنخل ذاهبات إل السماء طو ًل ‪ ،‬لا طلع متراكم بعضه فوق بعض لكثرة ما‬
‫فيه من مادة الثمر ‪.‬‬
‫‪ -11‬أنبتناها رزقا للعباد ‪ ،‬وأحيينا بالاء أرضا جف نباتا ‪ ،‬كذلك خروج الوتى من‬
‫القبور حي يبعثون ‪.‬‬

‫س وَثَمُودُ (‪ )12‬وَعَادٌ َو ِفرْ َعوْنُ َوِإخْوَا ُن لُوطٍ (‬


‫َك ّذبَتْ قَبْ َلهُ ْم َقوْ ُم نُوحٍ َوأَصْحَابُ الرّ ّ‬
‫حقّ وَعِيدِ (‪َ )14‬أ َفعَيِينَا بِالْخَ ْلقِ‬
‫ب الرّ ُسلَ َف َ‬
‫ب الَْأْيكَ ِة َوقَوْ ُم تُبّعٍ ُكلّ َكذّ َ‬
‫صحَا ُ‬
‫‪ )13‬وَأَ ْ‬
‫س ِبهِ‬
‫س ِمنْ خَلْ ٍق َجدِيدٍ (‪َ )15‬وَلقَ ْد خَ َلقْنَا الِْإْنسَانَ َوَنعْ َلمُ مَا تُ َوسْوِ ُ‬
‫الَْأوّ ِل َبلْ ُه ْم فِي لَبْ ٍ‬
‫ي وَ َعنِ‬
‫ب ِإلَيْ ِه ِمنْ حَبْ ِل الْوَرِيدِ (‪ِ )16‬إذْ يَتَ َلقّى الْمُتَ َلقّيَانِ َع ِن الْيَمِ ِ‬
‫ح ُن َأ ْقرَ ُ‬
‫س ُه وَنَ ْ‬
‫َنفْ ُ‬
‫ظ ِم ْن قَ ْولٍ إِلّا لَ َدْيهِ َرقِيبٌ عَتِيدٌ (‪ )18‬وَجَا َءتْ َس ْك َرةُ‬
‫الشّمَالِ َقعِيدٌ (‪ )17‬مَا يَ ْلفِ ُ‬
‫خ فِي الصّو ِر َذِلكَ َيوْ ُم الْوَعِيدِ (‪)20‬‬
‫ت مِ ْنهُ تَحِيدُ (‪َ )19‬وُنفِ َ‬
‫ك مَا كُ ْن َ‬
‫ح ّق َذلِ َ‬
‫الْمَ ْوتِ بِالْ َ‬
‫س َم َعهَا سَاِئقٌ وَ َشهِيدٌ (‪)21‬‬
‫وَجَا َءتْ ُكلّ َنفْ ٍ‬

‫‪ -14 ، 13 ، 12‬كذبت بالرسل قبل هؤلء أمم كثية ‪ :‬قوم نوح ‪ ،‬والقوم‬
‫العروفون بأصحاب الرس ‪ ،‬وثود ‪ ،‬وعاد ‪ ،‬وفرعون ‪ ،‬وقوم لوط ‪ ،‬والقوم العروفون‬
‫بأصحاب اليكة ‪ ،‬وقوم تُبّع ‪ ،‬كل من هؤلء كذب رسوله فحق عليهم ما وعدتم به‬
‫من اللك ‪.‬‬
‫‪ -15‬أعطلت إرادتنا أو عوّقت قدرتنا فعجزنا عن اللق الول فل نستطيع إعادتم؟!‬
‫ل نعجز باعترافهم ‪ ،‬بل هم ف ريب وشبهة من خلق جديد بعد الوت ‪.‬‬
‫‪ -16‬أقسم ‪ :‬لقد خلقنا النسان ونعلم ما تدثه به نفسه ‪ ،‬ونن ‪ -‬بعلمنا بأحواله‬
‫كلها ‪ -‬أقرب إليه من عرق الوريد ‪ ،‬الذى هو أقرب شئ منه ‪.‬‬
‫‪ -17‬إذ يتلقى اللكان الافظان أحدها عن اليمي قعيد والخر عن الشمال قعيد ‪،‬‬
‫لتسجيل أعماله ‪.‬‬
‫‪ -18‬ما يتكلم به من قول إل لديه ملك حافظ مهيأ لكتابة قوله ‪.‬‬

‫‪380‬‬
‫‪ -19‬وجاءت غشية الوت بالق الذى ل مرية فيه ‪ .‬ذلك المر الق ما كنت ترب‬
‫منه ‪.‬‬
‫‪ -20‬ونفخ ف الصور نفخة البعث ‪ ،‬ذلك النفخ يوم وقوع العذاب الذى توعدهم به‬
‫‪.‬‬
‫‪ -21‬وجاءت كل نفس برة أو فاجرة معها من يسوقها إل الحشر ‪ ،‬ومن يشهد‬
‫بعملها ‪.‬‬

‫صرُكَ الَْيوْ َم َحدِيدٌ (‪َ )22‬وقَالَ‬


‫ت فِي َغفْ َلةٍ مِ ْن َهذَا َف َكشَفْنَا عَ ْنكَ غِطَاءَكَ فَبَ َ‬
‫َلقَدْ كُنْ َ‬
‫ع لِلْخَ ْي ِر ُمعْتَدٍ‬
‫َقرِيُن ُه هَذَا مَا َلدَيّ عَتِيدٌ (‪َ )23‬ألْقِيَا فِي َجهَنّمَ ُكلّ َكفّارٍ عَنِيدٍ (‪ )24‬مَنّا ٍ‬
‫ب الشّدِيدِ (‪ )26‬قَالَ َقرِيُنهُ‬
‫ُمرِيبٍ (‪ )25‬اّلذِي َج َعلَ مَ َع ال ّلهِ إَِلهًا َآ َخرَ َفَألْقِيَا ُه فِي الْ َعذَا ِ‬
‫ي َوقَ ْد َق ّدمْتُ‬
‫َربّنَا مَا أَ ْطغَيُْتهُ َوَلكِنْ كَا َن فِي ضَلَالٍ َبعِيدٍ (‪ )27‬قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَ ّ‬
‫ي وَمَا أَنَا بِظَلّا ٍم لِ ْلعَبِيدِ (‪)29‬‬
‫ِإلَيْ ُكمْ بِالْوَعِيدِ (‪ )28‬مَا يَُب ّدلُ اْلقَ ْولُ َلدَ ّ‬

‫‪ -22‬ث يقال ‪ -‬تقريعا ‪ -‬للمكذب ‪ :‬لقد كنت ف الدنيا ف غفلة تامة من هذا الذى‬
‫تقاسيه ‪ ،‬فأزلنا عنك الجاب الذى يُغطى عنك أمور الخرة ‪ .‬فبصرك اليوم نافذ قوى‬
‫‪.‬‬
‫‪ -23‬وقال شيطانه الذى كان مقيضا له ف الدنيا ‪ :‬هذا هو الكافر الذى عندى مُهيأ‬
‫لهنم بإضلل ‪.‬‬
‫‪ -25 ، 24‬يقال للملكي ‪ :‬ألقيا ف جهنم كل مبالغ ف الكفر ‪ ،‬مبالغ ف العناد ‪،‬‬
‫وترك النقياد للحق ‪ ،‬مبالغ ف النع لكل خي ‪ ،‬ظال متجاوز للحق ‪ ،‬شاك ف ال تعال‬
‫وفيما أنزله ‪.‬‬
‫‪ -26‬الذى اتذ مع ال إلا آخر يعبده فألقياه ف العذاب البالغ غاية الشدة ‪.‬‬
‫‪ -27‬قال الشيطان ردا لقول الكافر ‪ :‬ربنا ما أطغيته ‪ ،‬ولكن كان ف ضلل بعيد عن‬
‫الق ‪ ،‬فأعنته عليه بإغوائى ‪.‬‬
‫‪ -28‬قال تعال للكافرين وقرنائهم ‪ :‬ل تتصموا عندى ف موقف الساب والزاء ‪،‬‬
‫وقد قدّمت إليكم ف الدنيا وعيدا على الكفر ف رسالتى إليكم ‪ ،‬فلم تؤمنوا ‪.‬‬

‫‪381‬‬
‫‪ -29‬ما ُيغَيّر القول الذى عندى ووعيدى بإدخال الكافرين النار ‪ ،‬ولست بظلم‬
‫للعبيد فل أعاقب عبدا بغي ذنب ‪.‬‬

‫ت الْجَّن ُة لِلْمُّتقِيَ غَ ْيرَ‬


‫ت َوتَقُو ُل َهلْ ِم ْن َمزِيدٍ (‪َ )30‬وأُ ْزلِفَ ِ‬
‫جهَّن َم هَ ِل امْتَ َلأْ ِ‬
‫يَوْ َم َنقُو ُل لِ َ‬
‫ب َوجَاءَ‬
‫شيَ الرّحْ َم َن بِاْلغَيْ ِ‬
‫َبعِيدٍ (‪َ )31‬هذَا مَا تُو َعدُو َن لِ ُك ّل أَوّابٍ َحفِيظٍ (‪َ )32‬منْ َخ ِ‬
‫ك َيوْمُ الْخُلُودِ (‪َ )34‬لهُ ْم مَا َيشَاءُو َن فِيهَا َولَ َديْنَا‬
‫ِبقَلْبٍ مُنِيبٍ (‪ )33‬ا ْدخُلُوهَا ِبسَلَا ٍم َذلِ َ‬
‫َمزِيدٌ (‪ )35‬وَ َك ْم أَهْ َلكْنَا قَبْ َل ُه ْم ِمنْ َقرْ ٍن ُهمْ َأ َشدّ مِ ْن ُهمْ بَ ْطشًا فََنقّبُوا فِي الْبِلَادِ َه ْل ِمنْ‬
‫ب أَ ْو َأْلقَى السّ ْم َع وَ ُهوَ َشهِيدٌ (‪)37‬‬
‫ك َلذِ ْكرَى لِ َمنْ كَا َن َلهُ قَلْ ٌ‬
‫مَحِيصٍ (‪ )36‬إِ ّن فِي َذلِ َ‬

‫‪ -30‬يوم يقول الق لهنم تقريعا للكافرين ‪ :‬هل امتلت ‪ ،‬وتقول جهنم غضبا‬
‫عليهم ‪ :‬هل من زيادة أستزيد با من هؤلء الظالي؟ ‪.‬‬
‫‪ -31‬وأدنيت النة مزينة للذين اتقوا ربم ‪ -‬بامتثال أمره واجتناب نيه ‪ -‬مكانا غي‬
‫بعيد منهم ‪.‬‬
‫‪ -32‬هذا الثواب الذى توعدون به لكل رجّاع إل ال ‪ ،‬شديد الفظ لشريعته ‪.‬‬
‫‪ -33‬من خاف عقاب من وسعت رحته كل شئ ‪ -‬وهو غائب عنه ل يره ‪ -‬وجاء ف‬
‫الخرة بقلب راجع إليه تعال ‪.‬‬
‫‪ -34‬يُقال تكريا للمؤمني ‪ :‬ادخلوا النة آمني ذلك اليوم الذى دخلتم فيه النة هو‬
‫يوم البقاء الذى ل انتهاء له ‪.‬‬
‫‪ -35‬لؤلء التقي كل ما يشاءون ف النة ‪ ،‬وعندنا مزيد من النعيم ما ل يطر على‬
‫قلب بشر ‪.‬‬
‫‪ -36‬وكثيا أهلكنا من قبل هؤلء الكذبي من أهل القرون الاضية ‪ ،‬هم أشد من‬
‫هؤلء قوة وتسلّطا ‪ ،‬فطوّفوا ف البلد وأمعنوا ف البحث والطلب ‪ ،‬هل كان لم‬
‫مهرب من اللك؟ ‪.‬‬
‫‪ -37‬إن فيما فعل بالمم الاضية لعظة لن كان له قلب يدرك القائق ‪ ،‬أو أصغى إل‬
‫الداية وهو حاضر بفطنته ‪.‬‬

‫‪382‬‬
‫وََل َقدْ خَ َلقْنَا السّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضَ وَمَا بَيَْنهُمَا فِي سِتّ ِة َأيّا ٍم َومَا َمسّنَا ِمنْ ُلغُوبٍ (‪)38‬‬
‫س َوقَ ْب َل الْ ُغرُوبِ (‪)39‬‬
‫ع الشّمْ ِ‬
‫ح بِحَ ْمدِ َرّبكَ قَ ْبلَ طُلُو ِ‬
‫فَاصِْبرْ عَلَى مَا َيقُولُو َن َوسَبّ ْ‬
‫ح ُه َوأَ ْدبَارَ السّجُودِ (‪ )40‬وَاسْتَ ِم ْع َيوْ َم يُنَا ِد الْمُنَادِ ِم ْن مَكَا ٍن َقرِيبٍ (‬
‫وَ ِم َن اللّ ْيلِ َفسَبّ ْ‬
‫ح ُن نُحْيِي َونُمِيتُ‬
‫خرُوجِ (‪ِ )42‬إنّا نَ ْ‬
‫ك يَوْ ُم الْ ُ‬
‫ح ّق َذلِ َ‬
‫حةَ بِالْ َ‬
‫‪ )41‬يَوْ َم َيسْ َمعُو َن الصّيْ َ‬
‫حنُ‬
‫ك َحشْرٌ عَ َليْنَا َيسِيٌ (‪ )44‬نَ ْ‬
‫ش ّققُ اْلأَرْضُ عَ ْن ُه ْم ِسرَاعًا َذلِ َ‬
‫صيُ (‪ )43‬يَوْ َم َت َ‬
‫وَِإلَيْنَا الْمَ ِ‬
‫جبّارٍ َفذَ ّك ْر بِاْل ُقرْآَ ِن َمنْ َيخَافُ وَعِيدِ (‪)45‬‬
‫أَعْ َلمُ بِمَا َيقُولُو َن وَمَا َأنْتَ عَلَ ْي ِهمْ بِ َ‬

‫‪ -38‬أقسم ‪ :‬لقد خلقنا السموات والرض وما بينهما من اللئق ف ستة أيام ‪ ،‬وما‬
‫أصابنا أى إعياء ‪.‬‬
‫‪ -40 ، 39‬إذا تبي ذلك ‪ ،‬فاصب ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬على ما يقول هؤلء الكذبون‬
‫من الزور والبهتان ف شأن رسالتك ‪ ،‬ونزه خالقك ومربيك عن كل نقص ‪ ،‬حامدا له‬
‫وقت الفجر ‪ ،‬ووقت العصر ‪ ،‬لعظم العبادة فيهما ‪ ،‬ونزهه ف بعض الليل وأعقاب‬
‫الصلة ‪.‬‬
‫‪ -42 ، 41‬واستمع لا أُخبك به من حديث القيامة لعظم شأنه ‪ ،‬يوم يُنادى اللك‬
‫النادى من مكان قريب من يُناديهم ‪ ،‬يوم يسمعون النفخة الثانية بالق الذى هو‬
‫البعث ‪ .‬ذلك اليوم هو يوم الروج من القبور ‪.‬‬
‫‪ -43‬إنا نن ‪ -‬وحدنا ‪ -‬نُحي اللئق ونُميتهم ف الدنيا ‪ ،‬وإلينا ‪ -‬وحدنا ‪-‬‬
‫الرجوع ف الخرة ‪.‬‬
‫‪ -44‬يوم تنشق الرض عنهم فيخرجون منها مسرعي إل الحشر ‪ . . .‬ذلك المر‬
‫العظيم حشر هَيّن ويسي علينا ‪ -‬وحدنا ‪. -‬‬
‫‪ -45‬نن أعلم بكل ما يقولون من الكاذيب ف شأن رسالتك ‪ ،‬وما أنت عليهم‬
‫بسلط تبهم على ما تريد ‪ ،‬وإنا أنت منذر ‪ ،‬فذكر بالقرآن الؤمن الذى ياف عقاب‬
‫‪ ،‬فتنفعه الذكرى ‪.‬‬

‫‪383‬‬
‫ت َأمْرًا (‬
‫سرًا (‪ )3‬فَالْ ُم َقسّمَا ِ‬
‫ت ذَ ْروًا (‪ )1‬فَالْحَامِلَاتِ ِو ْقرًا (‪ )2‬فَالْجَا ِريَاتِ ُي ْ‬
‫وَالذّا ِريَا ِ‬
‫ت الْحُُبكِ (‪ِ )7‬إّنكُمْ‬
‫‪ِ )4‬إنّمَا تُو َعدُو َن لَصَادِقٌ (‪ )5‬وَإِ ّن الدّي َن لَوَاقِعٌ (‪ )6‬وَالسّمَا ِء ذَا ِ‬
‫َلفِي قَ ْولٍ مُخْتَلِفٍ (‪)8‬‬

‫‪ -4 ، 3 ، 2 ، 1‬أقسم بالرياح الثيات للسحاب ‪ ،‬تدفعها دفعا ‪ ،‬فالاملت منها‬


‫ثقلً عظيما من الاء ‪ ،‬فالاريات به مُيَسرة بتسخي ال ‪ ،‬فالقسمات رزقا يسوقه ال‬
‫إل من يشاء ‪.‬‬
‫‪ -6 ، 5‬إن الذى تُوعدونه من البعث وغيه لحقق الوقوع ‪ ،‬وإن الزاء على‬
‫أعمالكم لاصل ل مالة ‪.‬‬
‫‪ -8 ، 7‬أُقسم بالسماء ذات الطرائق الحكمة ‪ :‬إنكم إذ تقولون ‪ -‬ما تقولون ‪ -‬لفى‬
‫قول مضطرب ‪.‬‬

‫خرّاصُونَ (‪ )10‬الّذِينَ ُهمْ فِي َغ ْم َرةٍ سَاهُونَ (‪)11‬‬


‫يُ ْؤ َفكُ عَ ْنهُ َم ْن ُأفِكَ (‪ )9‬قُِتلَ الْ َ‬
‫َيسَْألُونَ َأيّا َن يَوْ ُم الدّينِ (‪َ )12‬يوْ َم ُهمْ عَلَى النّا ِر يُفْتَنُونَ (‪ )13‬ذُوقُوا فِتْنََت ُكمْ َهذَا اّلذِي‬
‫ت وَعُيُونٍ (‪َ )15‬آ ِخذِي َن مَا َآتَا ُهمْ َرّب ُهمْ‬
‫ي فِي جَنّا ٍ‬
‫كُنُْت ْم ِبهِ َتسَْتعْجِلُونَ (‪ )14‬إِنّ الْمُّت ِق َ‬
‫جعُونَ (‪)17‬‬
‫حسِِنيَ (‪ )16‬كَانُوا قَلِيلًا ِمنَ اللّ ْي ِل مَا َيهْ َ‬
‫ك مُ ْ‬
‫ِإنّ ُهمْ كَانُوا قَ ْب َل َذلِ َ‬
‫حرُومِ (‪َ )19‬وفِي‬
‫وَبِالَْأسْحَا ِر ُهمْ َيسَْت ْغفِرُونَ (‪َ )18‬وفِي أَ ْموَاِل ِهمْ َح ّق لِلسّاِئلِ وَالْمَ ْ‬
‫الْأَرْضِ َآيَاتٌ لِلْمُوقِِنيَ (‪)20‬‬

‫‪ -9‬ينصرف عن اليان بذلك الوعد الصادق ‪ ،‬والزاء الواقع من صرف عنه ‪،‬‬
‫ليثاره هواه على عقله ‪.‬‬
‫‪ -11 ، 10‬هلك الكذّابون القائلون ف شأن القيامة بالظن والتخمي ‪ ،‬الذين هم‬
‫مغمورون ف الهل ‪ ،‬غافلون عن أدلة اليقي ‪.‬‬
‫‪ -12‬يسألون ‪ -‬مستهزئي مستبعدين ‪ -‬مت يوم الزاء؟ ‪.‬‬
‫‪ -13‬يوم هم موْقوفون على النار ‪ ،‬يُصهرون با ‪.‬‬
‫‪ -14‬يُقال لم ‪ :‬ذوقوا عذابكم هذا الذى كنتم ف الدنيا تستعجلون وقوعه ‪.‬‬

‫‪384‬‬
‫‪ -15‬إن الذين أطاعوا ال وخافوه ينعمون ف جنات وعيون ل ييط با الوصف ‪.‬‬
‫‪ -16‬متقبلي ما أعطاهم ربم من الثواب والتكري ‪ ،‬إنم كانوا قبل ذلك ‪ -‬ف الدنيا‬
‫‪ -‬مسني ف أداء ما طُلب منهم ‪.‬‬
‫ل من الليل ‪ ،‬ويستيقظون أكثره للعبادة ‪ ،‬وبأواخر الليل‬
‫‪ -18 ، 17‬كانوا ينامون قلي ً‬
‫هم يستغفرون ‪.‬‬
‫‪ -19‬وف أموالم نصيب ثابت للمحتاجي ‪ ،‬السائلي منهم والحرومي التعففي ‪.‬‬
‫‪ -20‬وف الرض دلئل واضحات موصلة إل اليقي لن سلك طريقه ‪.‬‬

‫صرُونَ (‪َ )21‬وفِي السّمَاءِ رِ ْز ُق ُكمْ َومَا تُو َعدُونَ (‪َ )22‬فوَ َربّ‬
‫َوفِي أَْن ُفسِ ُك ْم َأفَلَا تُبْ ِ‬
‫ف إِْبرَاهِيمَ‬
‫ضيْ ِ‬
‫حقّ مِ ْث َل مَا َأّنكُ ْم تَنْ ِطقُونَ (‪َ )23‬ه ْل أَتَا َك َحدِيثُ َ‬
‫ض ِإّنهُ لَ َ‬
‫السّمَا ِء وَالْأَرْ ِ‬
‫غ ِإلَى‬
‫الْمُ ْك َرمِيَ (‪ِ )24‬إذْ َدخَلُوا عَلَ ْي ِه َفقَالُوا سَلَامًا قَا َل سَلَا ٌم قَوْ ٌم مُ ْن َكرُونَ (‪َ )25‬فرَا َ‬
‫ج ٍل سَمِيٍ (‪َ )26‬فقَ ّرَبهُ ِإلَ ْي ِهمْ قَالَ َألَا َتأْكُلُونَ (‪َ )27‬فأَ ْوجَسَ مِ ْن ُه ْم خِي َفةً‬
‫أَهْ ِل ِه فَجَا َء ِبعِ ْ‬
‫ت وَ ْج َههَا‬
‫صكّ ْ‬
‫ص ّر ٍة فَ َ‬
‫ت ا ْم َرأَُتهُ فِي َ‬
‫شرُوهُ ِبغُلَامٍ عَلِيمٍ (‪َ )28‬فأَقْبَلَ ِ‬
‫ف وََب ّ‬
‫قَالُوا لَا تَخَ ْ‬
‫حكِيمُ اْلعَلِيمُ (‪ )30‬قَالَ فَمَا‬
‫ك قَالَ َرّبكِ ِإّنهُ ُهوَ الْ َ‬
‫َوقَالَتْ عَجُوزٌ َعقِيمٌ (‪ )29‬قَالُوا َك َذلِ ِ‬
‫خَطْبُ ُك ْم َأيّهَا الْ ُم ْرسَلُونَ (‪)31‬‬

‫‪ -21‬وف أنفسكم كذلك آيات واضحات ‪ ،‬أغفِلتم عنها فل تبصرون دللتها؟ ‪.‬‬
‫‪ -22‬وف السماء أ ْمرُ رزقكم وتقدير ما توعدون ‪.‬‬
‫‪ -23‬فأقسم برب السماء والرض ‪ :‬إن كل ما تنكرون من وقوع البعث والزاء‬
‫وتعذيب الكذبي وإثابة التقي لثابت مثل نطقكم الذى ل تشكون ف وقوعه منكم ‪.‬‬
‫‪ -25 ، 24‬هل علمت قصة اللئكة أضياف إبراهيم الكرمي إذ دخلوا عليه فقالوا ‪:‬‬
‫سلما ‪ ،‬قال ‪ :‬سلم قوم غي معروفي ‪.‬‬
‫‪ -27 ، 26‬فذهب إل أهله ف خفية ‪ ،‬فجاء بعجل سي ‪ ،‬فقرّبه إليهم ‪ ،‬فلم يأكلوا‬
‫منه ‪ ،‬قال متعجبا من حالم ‪ :‬أل تأكلون؟ ‪.‬‬
‫‪ -28‬فأحس ف نفسه خوْفا منهم ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ل تف ‪ ،‬وبشروه بغلم له حظ وافر من‬
‫العلم ‪.‬‬

‫‪385‬‬
‫‪ -29‬فأقبلت امرأته ف صيحة حي سعت البشارة ‪ ،‬فضربت وجهها بيدها ‪ -‬استبعادا‬
‫وتعجبا ‪ -‬وقالت ‪ :‬أنا عجوز عاقر ‪ ،‬فكيف ألد؟‬
‫‪ -30‬قالوا ‪ :‬كذلك قضى ربك إنه هو الكيم ف كل ما يقضى ‪ ،‬العليم الذى ل يفى‬
‫عليه شئ ‪.‬‬
‫‪ -31‬قال إبراهيم ‪ :‬فما شأنكم ‪ -‬بعد هذه البشارة ‪ -‬أيها الرسلون؟! ‪.‬‬

‫سوّ َمةً‬
‫ج ِرمِيَ (‪ )32‬لُِن ْرسِلَ عَ َل ْيهِ ْم حِجَا َر ًة ِمنْ طِيٍ (‪ُ )33‬م َ‬
‫قَالُوا ِإنّا أُ ْرسِلْنَا ِإلَى َقوْ ٍم مُ ْ‬
‫س ِرفِيَ (‪َ )34‬فَأخْ َرجْنَا َمنْ كَا َن فِيهَا ِمنَ الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪ )35‬فَمَا َوجَ ْدنَا فِيهَا‬
‫عِ ْندَ َرّبكَ لِلْ ُم ْ‬
‫ب اْلأَلِيمَ (‪)37‬‬
‫ت ِمنَ الْ ُمسْلِ ِميَ (‪ )36‬وََترَكْنَا فِيهَا َآَي ًة لِ ّلذِي َن يَخَافُو َن اْلعَذَا َ‬
‫غَ ْي َر بَيْ ٍ‬
‫َوفِي مُوسَى ِإذْ أَ ْرسَلْنَا ُه إِلَى ِفرْعَوْ َن ِبسُلْطَا ٍن مُبِيٍ (‪ )38‬فََت َولّى ِبرُكِْنهِ َوقَا َل سَا ِحرٌ َأوْ‬
‫مَجْنُونٌ (‪َ )39‬فأَ َخذْنَا ُه وَجُنُو َدهُ فَنََب ْذنَا ُهمْ فِي الْيَ ّم َوهُ َو مُلِيمٌ (‪َ )40‬وفِي عَا ٍد ِإذْ أَ ْرسَلْنَا‬
‫ح الْ َعقِيمَ (‪ )41‬مَا تَذَ ُر ِم ْن شَيْ ٍء َأتَتْ عَلَ ْي ِه ِإلّا َجعَلَ ْتهُ كَال ّرمِيمِ (‪َ )42‬وفِي‬
‫عَلَ ْي ِه ُم الرّي َ‬
‫ثَمُودَ ِإ ْذ قِيلَ َل ُهمْ تَ َمّتعُوا حَتّى حِيٍ (‪َ )43‬فعََتوْا َع ْن َأ ْمرِ َربّ ِه ْم َفأَ َخذَْت ُهمُ الصّا ِع َقةُ َو ُهمْ‬
‫صرِينَ (‪)45‬‬
‫يَنْ ُظرُونَ (‪ )44‬فَمَا اسْتَطَاعُوا ِم ْن قِيَا ٍم َومَا كَانُوا مُنْتَ ِ‬

‫‪ -34 ، 33 ، 32‬قالوا ‪ :‬إنا أُرسلنا إل قوم مفرطي ف العصيان ‪ ،‬لنلقى عليهم‬


‫حجارة من طي ل يعلم كنهه إل ال ‪ ،‬مُعلّمة مصصة عند ربك للمجاوزين الد ف‬
‫الفجور ‪.‬‬
‫‪ -36 ، 35‬فقضينا بإخراج من كان ف تلك القرية من الؤمني ‪ ،‬فما وجدنا فيها غي‬
‫أهل بيت واحد من السلمي ‪.‬‬
‫‪ -37‬وتركنا فيها علمة تدل على هلك أهلها ‪ ،‬ليعتب با الذين يافون العذاب الليم‬
‫‪.‬‬
‫‪ -38‬وف قصة موسى عظة ‪ ،‬إذ أرسلناه إل فرعون مؤيدا ببهان بيّن ‪.‬‬
‫‪ -39‬فأعرض فرعون عن اليان بوسى معتدا بقوّته ‪ ،‬وقال ‪ :‬هو ساحر أو منون ‪.‬‬
‫‪ -40‬فأخذناه ومن اعتز بم فرميناهم ف البحر ‪ ،‬وهو مقترف ما يُلم عليه من الكفر‬
‫والعناد ‪.‬‬

‫‪386‬‬
‫‪ -41‬وف قصة عاد عظة ‪ ،‬إذ أرسلنا عليهم الريح الت ل خي فيها ‪.‬‬
‫‪ -42‬ما تترك من شئ مرّت عليه إل جعلته كالعظم البال ‪.‬‬
‫‪ -44 ، 43‬وف قصة ثود آية ‪ ،‬إذ قيل لم ‪ :‬تتعوا ف داركم إل وقت معلوم ‪،‬‬
‫فتَجبّروا وتعالوا عن الستجابة لمر ربم ‪ ،‬فأهلكتهم الصاعقة وهم يعاينون وقوعها‬
‫بم ‪.‬‬
‫‪ -45‬فما تكنوا من نوض ‪ ،‬وما كانوا قادرين على النتصار بدفع العذاب ‪.‬‬

‫ح ِمنْ قَ ْب ُل ِإنّ ُهمْ كَانُوا َق ْومًا فَاسِقِيَ (‪ )46‬وَالسّمَا َء بَنَيْنَاهَا ِبَأْيدٍ َوِإنّا لَمُو ِسعُونَ (‬
‫َوقَوْ َم نُو ٍ‬
‫ض َفرَشْنَاهَا فَِن ْعمَ الْمَاهِدُونَ (‪َ )48‬و ِمنْ ُك ّل َشيْ ٍء خَ َلقْنَا َز ْوجَيْ ِن َلعَلّ ُكمْ‬
‫‪ )47‬وَاْلأَرْ َ‬
‫جعَلُوا مَعَ ال ّل ِه ِإلَهًا‬
‫َتذَكّرُونَ (‪َ )49‬ف ِفرّوا ِإلَى ال ّل ِه ِإنّي لَ ُك ْم مِ ْنهُ َنذِي ٌر مُبِيٌ (‪َ )50‬ولَا تَ ْ‬
‫ك مَا َأتَى اّلذِي َن ِمنْ قَبْ ِل ِهمْ مِنْ َرسُو ٍل ِإلّا قَالُوا‬
‫َآ َخرَ ِإنّي َل ُكمْ مِ ْن ُه َنذِي ٌر مُبِيٌ (‪َ )51‬ك َذلِ َ‬
‫صوْا ِب ِه َبلْ ُه ْم َقوْمٌ طَاغُونَ (‪ )53‬فََتوَلّ عَ ْن ُه ْم فَمَا َأنْتَ‬
‫سَا ِحرٌ َأوْ مَجْنُونٌ (‪َ )52‬أَتوَا َ‬
‫بِمَلُومٍ (‪)54‬‬

‫‪ -46‬وقوم نوح أهلكناهم من قبل هؤلء ‪ ،‬إنم كانوا قوما خارجي عن طاعة ال ‪.‬‬
‫‪ -48 ، 47‬والسماء أحكمناها بقوة ‪ ،‬وإنا لقادرون على أكثر من ذلك ‪ .‬والرض‬
‫بسطناها ‪ ،‬فنعم الهاد الذى ينتفع به النسان ‪.‬‬
‫‪ -49‬ومن كل شئ خلقنا صنفي مزدوجي لعلكم تتذكرون فتؤمنوا بقدرتنا ‪.‬‬
‫‪ -51 ، 50‬فسارعوا إل طاعة ال ‪ ،‬إن لكم من ال نذير مُبَيّن عاقبة الشراك ‪.‬‬
‫‪ -52‬كذلك كان شأن المم مع رسلهم ‪ ،‬ما أتى الذين من قبل قومك من رسول إل‬
‫قالوا ‪ :‬ساحر أو منون ‪.‬‬
‫‪ -53‬أأوصى بعضهم بعضا بذا القول حت تواردوا عليه؟ بل هم قوم متجاوزون‬
‫الدود فتلقوا ف الطعن على الرسل ‪.‬‬
‫ض عن هؤلء العاندين ‪ ،‬فما أنت بلوم على عدم استجابتهم ‪.‬‬
‫‪ -54‬فأعر ْ‬

‫‪387‬‬
‫س ِإلّا لَِيعُْبدُونِ (‪)56‬‬
‫جنّ وَالِْإنْ َ‬
‫ت الْ ِ‬
‫َوذَكّ ْر َفإِ ّن الذّ ْكرَى تَ ْنفَعُ الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪َ )55‬ومَا خَ َلقْ ُ‬
‫ق ذُو الْ ُق ّوةِ الْمَِتيُ‬
‫ق َومَا أُرِيدُ أَ ْن يُ ْطعِمُونِ (‪ )57‬إِنّ ال ّل َه هُ َو الرّزّا ُ‬
‫مَا أُرِيدُ مِ ْن ُه ْم ِمنْ رِ ْز ٍ‬
‫ب أَصْحَاِب ِهمْ فَلَا َيسَْتعْجِلُونِ (‪َ )59‬ف َويْ ٌل لِ ّلذِينَ‬
‫(‪َ )58‬فإِنّ لِ ّلذِينَ ظَلَمُوا َذنُوبًا مِ ْثلَ َذنُو ِ‬
‫َك َفرُوا ِمنْ َي ْومِ ِهمُ اّلذِي يُو َعدُونَ (‪)60‬‬

‫‪ -55‬ودم على التذكي ‪ ،‬فإن الذكرى تزيد الؤمني بصية وقوة يقي ‪.‬‬
‫‪ -56‬وما خلقت الن والنس لشئ يعود عل ّى بالنفع ‪ ،‬وإنا خلقتهم ليعبدون ‪،‬‬
‫والعبادة نفع لم ‪.‬‬
‫‪ -57‬ما أريد منهم من رزق ‪ -‬لن غن عن العالي ‪ -‬وما أريد أن يطعمون لن‬
‫أُ ْطعِم ول أُ ْطعَم ‪.‬‬
‫‪ -58‬إن ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو التكفل برزق عباده ‪ ،‬وهو ذو القوة الشديد الذى ل‬
‫يعجز ‪.‬‬
‫‪ -59‬فإن للذين ظلموا أنفسهم بالكفر والتكذيب نصيبا من العذاب مثل نصيب‬
‫أصحابم من المم الاضية ‪ ،‬فل يستعجلون بإنزال العذاب قبل أوانه ‪.‬‬
‫‪ -60‬فهلك للذين كفروا من يومهم الذى يوعدونه ‪ ،‬لا فيه من الشدائد والهوال ‪.‬‬

‫سقْفِ‬
‫ت الْ َمعْمُورِ (‪ )4‬وَال ّ‬
‫ق مَ ْنشُورٍ (‪ )3‬وَالْبَيْ ِ‬
‫ب َمسْطُورٍ (‪ )2‬فِي رَ ّ‬
‫وَالطّورِ (‪ )1‬وَكِتَا ٍ‬
‫ح ِر الْ َمسْجُورِ (‪ )6‬إِنّ َعذَابَ َرّبكَ َلوَاقِعٌ (‪ )7‬مَا لَ ُه ِمنْ دَافِعٍ (‪)8‬‬
‫الْ َمرْفُوعِ (‪ )5‬وَالْبَ ْ‬
‫ي الْجِبَالُ سَ ْيرًا (‪َ )10‬ف َويْ ٌل َيوْمَِئ ٍذ لِلْ ُم َكذّبِيَ (‪)11‬‬
‫يَوْ َم تَمُو ُر السّمَا ُء َموْرًا (‪ )9‬وََتسِ ُ‬
‫ض يَ ْلعَبُونَ (‪ )12‬يَوْ َم ُيدَعّو َن ِإلَى نَارِ َجهَّنمَ دَعّا (‪َ )13‬ه ِذهِ النّا ُر الّتِي‬
‫الّذِينَ ُهمْ فِي خَوْ ٍ‬
‫صرُونَ (‪ )15‬اصْ َلوْهَا فَاصِْبرُوا أَ ْو لَا‬
‫ح ٌر هَذَا أَ ْم َأنْتُ ْم لَا تُبْ ِ‬
‫كُنُْت ْم ِبهَا ُتكَ ّذبُونَ (‪َ )14‬أ َفسِ ْ‬
‫ي فِي جَنّاتٍ َوَنعِيمٍ (‬
‫ج َزوْ َن مَا كُنُْت ْم َتعْمَلُونَ (‪ )16‬إِ ّن الْمُّتقِ َ‬
‫تَصِْبرُوا سَوَاءٌ عَلَ ْي ُك ْم إِنّمَا تُ ْ‬
‫‪)17‬‬

‫‪ -6 ، 5 ، 4 ، 3 ، 2 ، 1‬أقسم ببل طور سيناء الذى كلّم ال عليه موسى ‪،‬‬


‫وبكتاب منل من عند ال مكتوب ف صحف ميسرة للقراءة ‪ ،‬وبالبيت العمور‬

‫‪388‬‬
‫بالطائقي والقائمي والركع السجود ‪ ،‬وبالسماء الرفوعة بغي عمد ‪ ،‬وبالبحر الملوء ‪.‬‬
‫‪ -8 ، 7‬إن عذاب ربك الذى توعد به الكافرين لنازل بم ل مالة ‪ ،‬ليس له من دافع‬
‫يدفعه عنهم ‪.‬‬
‫‪ -10 ، 9‬يوم تضطرب السماء اضطرابا شديدا ‪ ،‬وتنتقل البال من مقارها انتقالً‬
‫ظاهرا ‪.‬‬
‫‪ -12 ، 11‬فهلك شديد ف هذا اليوم للمكذبي بالق ‪ ،‬والذين هم ف باطل يلهون ‪.‬‬
‫‪ -13‬يوم ُيدْفعون إل نار جهنم دفعا عنيفا ‪.‬‬
‫‪ -14‬يقال لم ‪ :‬هذه النار الت كنتم با تكذبون ف الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -15‬أبقيتم على إنكاركم ‪ ،‬فهذا الذى تشاهدونه من النار سحرا؟ أم أنتم ل‬
‫تبصرون! ‪.‬‬
‫‪ -16‬ادخلوها وذوقوا حرّها ‪ ،‬فاصبوا على شدائدها أو ل تصبوا ‪ ،‬فصبكم‬
‫وعدمه سواء عليكم ‪ ،‬إنا تلقون اليوم جزاء ما كنتم تعملون ف الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -17‬إن التقي ف جنات فسيحات ‪ ،‬ل ياط بوصفها ‪ ،‬ونعيم عظيم كذلك ‪.‬‬

‫ي بِمَا َآتَا ُهمْ َرّبهُ ْم وَ َوقَا ُهمْ َرّبهُمْ َعذَابَ الْجَحِيمِ (‪ )18‬كُلُوا وَا ْشرَبُوا هَنِيئًا بِمَا‬
‫فَا ِكهِ َ‬
‫صفُو َفةٍ وَ َزوّجْنَاهُ ْم بِحُورٍ ِعيٍ (‪ )20‬وَاّلذِينَ‬
‫كُنُْت ْم َتعْمَلُونَ (‪ )19‬مُّتكِئِيَ َعلَى ُسرُ ٍر مَ ْ‬
‫حقْنَا ِب ِهمْ ذُ ّريَّت ُه ْم وَمَا أَلَتْنَا ُهمْ ِمنْ عَمَ ِل ِه ْم ِمنْ َشيْءٍ ُكلّ‬
‫َآمَنُوا وَاتّبَعَ ْت ُهمْ ذُ ّريُّت ُه ْم بِإِيَا ٍن َألْ َ‬
‫حمٍ مِمّا َيشَْتهُونَ (‪ )22‬يَتَنَازَعُونَ‬
‫ئ بِمَا َكسَبَ َرهِيٌ (‪َ )21‬وَأمْ َد ْدنَا ُهمْ ِبفَا ِكهَ ٍة َولَ ْ‬
‫امْرِ ٍ‬
‫فِيهَا َك ْأسًا لَا لَ ْغوٌ فِيهَا َولَا َتأْثِيمٌ (‪ )23‬وَيَطُوفُ عَ َل ْيهِمْ غِ ْلمَا ٌن َلهُمْ َكَأّنهُ ْم ُلؤُْلؤٌ َمكْنُونٌ (‬
‫شفِقِيَ (‬
‫ض يََتسَا َءلُونَ (‪ )25‬قَالُوا إِنّا كُنّا قَ ْبلُ فِي أَهْلِنَا ُم ْ‬
‫ض ُهمْ عَلَى بَعْ ٍ‬
‫‪ )24‬وََأقَْب َل بَعْ ُ‬
‫‪ )26‬فَ َمنّ ال ّلهُ عَلَيْنَا َو َوقَانَا َعذَابَ السّمُومِ (‪)27‬‬

‫‪ -18‬متنعمي با أعطاهم ربم ‪ ،‬ووقاهم ربم عذاب النار ‪.‬‬


‫‪ -19‬يقال لم ‪ :‬كلوا طعاما هنيئا ‪ ،‬واشربوا شرابا سائغا ‪ ،‬جزاء با كنتم تعملون ف‬
‫الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -20‬جالسي متكئي على أرائك مصفوفة ‪ ،‬وزوجناهم بنساء بيض واسعات العيون‬

‫‪389‬‬
‫حسانا ‪.‬‬
‫‪ -21‬والذين أمنوا واستحقوا درجات عالية ‪ ،‬واتبعتهم ذريتهم بإيان ‪ ،‬ول يبلغوا‬
‫درجات الباء ‪ ،‬ألقنا بم ذريتهم ‪ ،‬لتقر أعينهم بم ‪ ،‬وما نقصناهم شيئا من ثواب‬
‫أعمالم ‪ .‬ول يمل الباء شيئا من أخطاء ذرياتم ‪ ،‬لن كل إنسان مرهون بعمله ‪ ،‬ل‬
‫يؤخذ به غيه ‪.‬‬
‫‪ -22‬وزدناهم بفاكهة كثية ‪ ،‬ولم ما يشتهون ‪.‬‬
‫‪ -23‬يتجاذبون ف النة ‪ -‬متوادين ‪ -‬كأسا مليئة بالشراب ‪ ،‬ل يكون منهم بشربا‬
‫كلم باطل ‪ ،‬ول عمل يستوجب الث ‪.‬‬
‫‪ -24‬ويطوف عليهم غلمان ُم َعدّون لدمتهم ‪ ،‬كأنم ف الصفاء والبياض لؤلؤ مصون‬
‫‪.‬‬
‫‪ -25‬وأقبل بعض أهل النة على بعض ‪ ،‬يسأل كل صاحبه عن عظم ما هم فيه وسببه‬
‫‪.‬‬
‫‪ -27 ، 26‬قالوا ‪ :‬إنا كنا قبل هذا النعيم بي أهلينا خائفي من عذاب ال ‪ ،‬فَ َمنّ ال‬
‫علينا برحته ووقانا عذاب النار ‪.‬‬

‫ت بِِنعْ َمةِ َرّبكَ بِكَا ِه ٍن َولَا‬


‫ِإنّا كُنّا ِمنْ قَ ْب ُل َندْعُوهُ ِإّنهُ ُهوَ الَْب ّر ال ّرحِيمُ (‪َ )28‬فذَ ّكرْ فَمَا َأنْ َ‬
‫ص ِبهِ َريْبَ الْمَنُونِ (‪ُ )30‬ق ْل َترَبّصُوا َفِإنّي َمعَ ُكمْ‬
‫مَجْنُونٍ (‪ )29‬أَ ْم َيقُولُونَ شَا ِع ٌر نََترَبّ ُ‬
‫ِمنَ الْمَُت َربّصِيَ (‪ )31‬أَ ْم َتأْ ُم ُرهُ ْم َأحْلَا ُمهُ ْم ِب َهذَا أَ ْم ُهمْ َقوْمٌ طَاغُونَ (‪ )32‬أَ ْم َيقُولُونَ‬
‫حدِيثٍ مِثْ ِلهِ إِنْ كَانُوا صَا ِدقِيَ (‪ )34‬أَ ْم خُ ِلقُوا ِمنْ‬
‫َتقَ ّولَ ُه َبلْ لَا ُيؤْمِنُونَ (‪ )33‬فَلَْي ْأتُوا بِ َ‬
‫ض َبلْ لَا يُوقِنُونَ (‪ )36‬أَمْ‬
‫ت وَاْلأَرْ َ‬
‫غَ ْي ِر شَيْ ٍء َأ ْم هُ ُم الْخَالِقُونَ (‪ )35‬أَ ْم خَ َلقُوا السّمَاوَا ِ‬
‫ك أَ ْم ُهمُ الْ ُمسَيْ ِطرُونَ (‪ )37‬أَ ْم َلهُ ْم سُ ّلمٌ َيسْتَ ِمعُو َن فِيهِ فَلَْي ْأتِ‬
‫عِ ْن َد ُهمْ َخزَاِئنُ َربّ َ‬
‫سأَُل ُهمْ َأ ْجرًا َف ُهمْ‬
‫ت َولَ ُكمُ الْبَنُونَ (‪ )39‬أَ ْم َت ْ‬
‫ُمسْتَ ِم ُعهُ ْم ِبسُلْطَانٍ مُِبيٍ (‪ )38‬أَ ْم َلهُ الْبَنَا ُ‬
‫ب َف ُهمْ َيكْتُبُونَ (‪ )41‬أَ ْم ُيرِيدُونَ كَ ْيدًا فَالّذِينَ‬
‫ِمنْ َم ْغرَ ٍم مُ ْثقَلُونَ (‪ )40‬أَمْ عِ ْن َدهُ ُم الْغَيْ ُ‬
‫شرِكُونَ (‪َ )43‬وإِنْ‬
‫َك َفرُوا هُ ُم الْ َمكِيدُونَ (‪ )42‬أَ ْم َلهُ ْم ِإَلهٌ َغ ْيرُ ال ّلهِ سُبْحَانَ ال ّلهِ عَمّا ُي ْ‬
‫ب َمرْكُومٌ (‪َ )44‬فذَ ْر ُهمْ حَتّى يُلَاقُوا َيوْ َم ُهمُ‬
‫سفًا ِمنَ السّمَا ِء سَاقِطًا َيقُولُوا سَحَا ٌ‬
‫َيرَوْا ِك ْ‬

‫‪390‬‬
‫صرُونَ (‪ )46‬وَإِنّ‬
‫ص َعقُونَ (‪َ )45‬يوْ َم لَا ُيغْنِي عَ ْن ُهمْ َك ْيدُ ُهمْ شَيْئًا َولَا ُهمْ يُنْ َ‬
‫الّذِي فِيهِ يُ ْ‬
‫حكْمِ َرّبكَ‬
‫لِ ّلذِينَ ظَلَمُوا َعذَابًا دُونَ َذِلكَ َوَلكِ ّن أَكَْث َرهُ ْم لَا َيعْلَمُونَ (‪ )47‬وَاصِْب ْر لِ ُ‬
‫ح ُه َوإِ ْدبَارَ النّجُومِ (‬
‫ي َتقُومُ (‪ )48‬وَ ِم َن اللّ ْيلِ َفسَبّ ْ‬
‫ح بِحَ ْمدِ َرّبكَ حِ َ‬
‫َفإِّنكَ ِبأَعْيُنِنَا َوسَبّ ْ‬
‫‪)49‬‬

‫‪ -28‬إنا كنا من قبل ف الدنيا نعبده ‪ .‬إنه ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الحسن الواسع الرحة ‪.‬‬
‫‪َ -29‬فدُمْ على ما أنت عليه من التذكي ‪ ،‬فما أنت ‪ -‬با أنعم ال عليك من النبوة‬
‫ورجاحة العقل ‪ -‬بكاهن ‪ ،‬تب بالغيب دون علم ‪ ،‬ول منون تقول ما ل تقصد ‪.‬‬
‫‪ -31 ، 30‬بل أيقولون هو شاعر ‪ ،‬ننتظر به نزول الوت؟ ‪ ،‬قل تديدا لم ‪ ،‬انتظروا‬
‫فإن معكم من النتظرين عاقبة أمرى وأمركم ‪.‬‬
‫‪ -32‬أتأمرهم عقولم بذا القول التناقض؟ ‪ ،‬فالكاهن والشاعر ذو فطنة وعقل ‪،‬‬
‫والجنون ل عقل له ‪ ،‬بل هم قوم ماوزون الد ف العناد ‪.‬‬
‫‪ -33‬أيقولون ‪ :‬اختلق ممد القرآن؟ بل هم لكابرتم ل يؤمنون ‪.‬‬
‫‪ -34‬فليأتوا بديث مثل القرآن ‪ ،‬إن كانوا صادقي ف قولم ‪ :‬أن ممدا اختلقه ‪.‬‬
‫‪َ -35‬أخُ ِلقُوا من غي خالق ‪ .‬أم هم الذين خَلَقُوا أنفسهم ‪ ،‬فل يعترفون بالق‬
‫يعبدونه؟ ‪.‬‬
‫‪ -36‬أخلقوا السموات والرض على هذا الصنع البديع؟ بل هم ل يوقنون با يب‬
‫للخالق ‪ ،‬فلهذا يشركون به ‪.‬‬
‫‪ -37‬أعندهم خزائن ربك يتصرفون فيها؟ ‪ ،‬بل أهم القاهرون الدبرون للمور كما‬
‫يشاءون؟ ‪.‬‬
‫‪ -38‬بل ألم مرقى يصعدون فيه إل السماء ‪،‬فيستمعون ما يقضي به ال ؟ فليأت‬
‫مستمعهم بجة واضحة تصدق دعواه ‪.‬‬
‫‪ - 39‬بل أل البنات كما تزعمون ‪ ،‬ولكم البني كما تبون ‪.‬‬
‫‪ - 40‬بل أتسألم شيئا من الجر على تبليغ الرسالة ‪ ،‬فهم لا يلحقهم من الغرامة‬
‫مثقلون متبمون ‪.‬‬

‫‪391‬‬
‫‪ - 41‬بل أعندهم علم الغيب ‪ ،‬فهم يكتبون منه ما شاءوا ؟‪.‬‬
‫‪ - 42‬بل أيريدون مكرا بك وإبطال لرسالتك ؟ ‪ ،‬فالذين كفروا هم الذين ييق بم‬
‫مكرهم‪.‬‬
‫‪ - 43‬أم لم معبود غي ال ينعهم من عذاب ال ‪ ،‬تنيها ل عما يشركون ‪.‬‬
‫‪ - 44‬وإن يشاهدوا جزءا من السماء ساقطا عليهم لعذابم ‪ ،‬يقولوا عنادا ‪ :‬هو‬
‫سحاب متمع ‪.‬‬
‫‪ - 45‬فدعهم غي مكترث بم ‪ ،‬حت يلقوا يومهم الذي فيه يهلكون ‪.‬‬
‫‪ - 46‬يوم ل يدفع عنهم مكرهم شيئا من العذاب ‪ ،‬ول هم يدون ناصرا‪.‬‬
‫‪ - 47‬وإن للذين ظلموا عذابا غي العذاب الذي يهلكون به ف الدنيا ‪ ،‬ولكن أكثرهم‬
‫ل يعلمون ذلك ‪.‬‬
‫‪ - 48‬واصب لكم ربك بإمهالم ‪ ،‬وعلى ما يلحقك من أذاهم ‪ ،‬فإنك ف حفظنا‬
‫ورعايتنا ‪ ،‬فلن يضرك كيدهم ‪ ،‬وسبح بمد ربك حي تقوم ‪.‬‬
‫‪ - 49‬وتي جزءا من الليل فسبحه فيه ‪ ،‬وسبحه وقت إدبار النجوم‪.‬‬

‫ضلّ صَاحِبُ ُك ْم وَمَا َغوَى (‪َ )2‬ومَا يَنْ ِطقُ َع ِن اْلهَوَى (‪ )3‬إِنْ‬
‫ج ِم ِإذَا َهوَى (‪ )1‬مَا َ‬
‫وَالنّ ْ‬
‫هُ َو ِإلّا َوحْ ٌي يُوحَى (‪)4‬‬

‫‪ - 2 ، 1‬أقسم بالنجم إذا هوى للغروب ‪ :‬ما عدل ممد عن طريق الق وما اعتقد‬
‫باطل‪.‬‬
‫‪ - 3‬وما يصدر نطقه فيما يتكلم به من القرآن عن هوى نفسه‬
‫‪ - 4‬ما القرآن الذي ينطق به إل وحي من ال يوحيه إليه ‪.‬‬

‫عَلّ َم ُه َشدِي ُد الْ ُقوَى (‪ )5‬ذُو ِمرّ ٍة فَاسَْتوَى (‪ )6‬وَ ُهوَ بِاْلأُ ُف ِق الْأَعْلَى (‪ُ )7‬ثمّ َدنَا فََت َدلّى (‬
‫ب اْلفُؤَادُ‬
‫ب َقوْسَ ْي ِن أَ ْو َأ ْدنَى (‪َ )9‬فأَ ْوحَى ِإلَى عَ ْب ِد ِه مَا َأوْحَى (‪ )10‬مَا َكذَ َ‬
‫‪ )8‬فَكَا َن قَا َ‬
‫مَا َرأَى (‪َ )11‬أفَتُمَارُوَنهُ عَلَى مَا َيرَى (‪َ )12‬وَلقَدْ رَ َآ ُه َن ْزَلةً ُأ ْخرَى (‪ )13‬عِ ْندَ ِسدْ َرةِ‬
‫سدْ َرةَ مَا َي ْغشَى (‪ )16‬مَا زَاغَ‬
‫الْمُنَْتهَى (‪ )14‬عِ ْن َدهَا جَّنةُ الْ َم ْأوَى (‪ِ )15‬إ ْذ َيغْشَى ال ّ‬

‫‪392‬‬
‫ت وَاْل ُعزّى (‬
‫الْبَصَ ُر َومَا َطغَى (‪َ )17‬لقَدْ َرأَى ِمنْ َآيَاتِ َربّ ِه الْكُ ْبرَى (‪َ )18‬أفَ َرَأيْتُ ُم اللّا َ‬
‫‪ )19‬وَمَنَا َة الثّالَِثةَ اْلأُ ْخرَى (‪َ )20‬أَلكُ ُم الذّ َك ُر َولَ ُه الُْأنْثَى (‪ )21‬تِ ْلكَ إِذًا ِقسْ َمةٌ ضِيزَى‬
‫(‪)22‬‬

‫‪ -5‬علّمه هذا الوحى ملك شديد القوى ‪.‬‬


‫‪ -7 ، 6‬ذو حصافة ف عقله ورأيه ‪ ،‬فاستقام على صورته ‪ ،‬وهو بالهة العليا من‬
‫السماء القابلة للناظر ‪.‬‬
‫‪ -9 ، 8‬ث قرب جبيل منه ‪ ،‬فزاد ف القرب ‪ ،‬فكان دُُنوّه قدر قوسي ‪ ،‬بل أدن من‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫‪ -10‬فأوحى جبيل إل عبد ال ورسوله ما أوحاه ‪ ،‬وأنه أمر عظيم الشأن بعيد الثر‬
‫‪.‬‬
‫‪ -11‬ما أنكر فؤاد ممد ما رآه بصره ‪.‬‬
‫‪ -12‬أتكذّبون رسول ال ‪ ،‬فتجادلونه على ما يراه معاينة؟ ‪.‬‬
‫‪ -17 ، 16 ، 15 ، 14 ، 13‬ولقد رأى ممد جبيل على صورته مرة أخرى ‪ ،‬ف‬
‫مكان ل يعلم علمه إل ال ‪ ،‬ساه « سدرة النتهى » ‪ ،‬وأنبأ أن عنده جنة الأوى ‪ ،‬إذ‬
‫يغشاها ويغطيها من فضل ال ما ل ييط به وصف ‪ ،‬ما مال بصر ممد عما رآه ‪ ،‬وما‬
‫تاوز ما أُمر برؤيته ‪.‬‬
‫‪ -18‬لقد رأى كثيا من آيات ال وعجائبه العظمى ‪.‬‬
‫‪ -20 ، 19‬أعلمتم ذلك ففكرت ف شأن اللت والعزى ‪ ،‬ومناة الثالثة الخرى ‪ ،‬الت‬
‫اتذتوها آلة تعبدونا؟ ‪.‬‬
‫‪ -21‬أقسّمتم المر فجعلتم لنفسكم الذكور ‪ ،‬وجعلتم ل الناث؟ ‪.‬‬
‫‪ -22‬تلك ‪ -‬إذن ‪ -‬قسمة جائرة ‪ ،‬إذ تعلون ل ما تكرهون ‪.‬‬

‫إِ ْن هِ َي ِإلّا َأسْمَاءٌ سَمّيْتُمُوهَا َأنْتُ ْم وَ َآبَاؤُ ُك ْم مَا َأْنزَ َل اللّ ُه ِبهَا ِم ْن سُلْطَانٍ إِ ْن يَتِّبعُو َن إِلّا‬
‫س وََل َقدْ جَا َء ُهمْ ِمنْ َرّبهِ ُم اْلهُدَى (‪ )23‬أَ ْم لِ ْلإِْنسَا ِن مَا تَمَنّى (‪)24‬‬
‫الظّ ّن َومَا َت ْهوَى اْلأَْنفُ ُ‬
‫ك فِي السّمَاوَاتِ لَا ُتغْنِي شَفَاعَُت ُهمْ شَيْئًا ِإلّا ِمنْ‬
‫فَلِ ّلهِ اْلآَ ِخ َر ُة وَاْلأُولَى (‪ )25‬وَ َكمْ ِم ْن مَلَ ٍ‬

‫‪393‬‬
‫َبعْ ِد أَ ْن َيأْذَ َن ال ّلهُ لِ َم ْن َيشَا ُء وََيرْضَى (‪ )26‬إِ ّن اّلذِي َن لَا ُيؤْمِنُو َن بِاْل َآخِ َر ِة لَُيسَمّونَ‬
‫الْمَلَاِئكَ َة َتسْمَِي َة الُْأنْثَى (‪ )27‬وَمَا َلهُ ْم ِبهِ ِمنْ عِ ْل ٍم إِ ْن يَتِّبعُو َن ِإلّا ال ّظ ّن وَإِ ّن ال ّظنّ لَا ُيغْنِي‬
‫ح ّق شَيْئًا (‪َ )28‬فأَ ْعرِضْ َع ْن َم ْن تَ َولّى َعنْ ذِ ْك ِرنَا َوَلمْ ُي ِر ْد ِإلّا الْحَيَاةَ الدّنْيَا (‪)29‬‬
‫ِمنَ الْ َ‬
‫ضلّ َع ْن سَبِي ِلهِ َوهُ َو أَعْ َل ُم بِ َمنِ اهَْتدَى (‬
‫ك مَبْ َلغُ ُه ْم ِمنَ اْلعِلْ ِم إِنّ َرّبكَ ُه َو أَعْ َلمُ بِ َمنْ َ‬
‫َذلِ َ‬
‫‪)30‬‬

‫‪ -23‬ما الصنام إل مرد أساء ليس فيها شئ من معن اللوهية ‪ ،‬سيتموها أنتم‬
‫وآباؤكم بقتضى أهوائكم الباطلة ‪ ،‬ما أنزل ال با من حُجّة تُصدق دعواكم فيها ‪ ،‬ما‬
‫يتبعون إل الظن وما تواه النفوس النحرفة عن الفطرة السليمة ‪ ،‬ولقد جاءهم من ربم‬
‫ما فيه هدايتهم لو اتبعوه ‪.‬‬
‫‪ -25 ، 24‬بل ليس للنسان ما تناه من شفاعة هذه الصنام أو غي ذلك ما تشتهيه‬
‫نفسه ‪ ،‬فلله ‪ -‬وحده ‪ -‬أمر الخرة والدنيا جيعا ‪.‬‬
‫‪ -26‬وكثي من اللئكة ف السموات مع علو منلتهم ل تغن شفاعتهم شيئا ‪ -‬ما ‪-‬‬
‫إل بعد إذنه تعال للشفيع ورضاه عن الشفوع له ‪.‬‬
‫‪ -27‬إن الذين ل يؤمنون بالدار الخرة ليصفون اللئكة بالنوثة ‪ ،‬فيقولون ‪ :‬اللئكة‬
‫بنات ال ‪.‬‬
‫‪ -28‬وما لم بذا القول من علم ‪ ،‬ما يتبعون فيه إل ظنهم الباطل ‪ ،‬وإن الظن ل يغن‬
‫من الق شيئا ‪.‬‬
‫‪ -29‬فانصرف عن هؤلء الكافرين الذين أعرضوا عن القرآن ول يكن ههم إل الياة‬
‫الدنيا جاهدين فيما يصلحها ‪.‬‬
‫‪ -30‬ذلك الذي يتبعونه ف عقائدهم وأعمالم منتهى ما وصلوا إليه من العلم ‪ ،‬إن‬
‫ربك هو أعلم بن أصر على الضلل ‪ ،‬وهو أعلم بن شأنه قبول الهتداء ‪.‬‬

‫جزِيَ اّلذِينَ‬
‫جزِيَ اّلذِي َن أَسَاءُوا بِمَا َعمِلُوا َويَ ْ‬
‫ض لَِي ْ‬
‫وَلِ ّل ِه مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْ ِ‬
‫حسْنَى (‪ )31‬اّلذِي َن يَجْتَنِبُونَ كَبَاِئرَ اْلإِْث ِم وَاْلفَوَاحِشَ ِإلّا اللّ َم َم إِنّ َرّبكَ‬
‫أَ ْحسَنُوا بِالْ ُ‬
‫ض َوإِ ْذ َأنُْتمْ َأجِّنةٌ فِي بُطُو ِن ُأ ّمهَاِتكُمْ‬
‫شأَكُ ْم ِمنَ اْلأَرْ ِ‬
‫وَاسِ ُع الْ َمغْ ِف َر ِة هُ َو أَعْ َل ُم بِ ُك ْم ِإذْ َأْن َ‬

‫‪394‬‬
‫فَلَا ُتزَكّوا َأْن ُفسَ ُكمْ ُهوَ أَعْ َلمُ بِ َم ِن اّتقَى (‪َ )32‬أفَ َرَأيْتَ اّلذِي تَ َولّى (‪ )33‬وَأَعْطَى قَلِيلًا‬
‫ف مُوسَى (‬
‫صحُ ِ‬
‫ب َف ُهوَ َيرَى (‪ )35‬أَ ْم َلمْ يُنَّب ْأ بِمَا فِي ُ‬
‫وَأَ ْكدَى (‪ )34‬أَعِ ْن َدهُ عِ ْلمُ اْلغَيْ ِ‬
‫س لِ ْلإِْنسَانِ إِلّا‬
‫‪ )36‬وَِإْبرَاهِيمَ اّلذِي َوفّى (‪َ )37‬ألّا َتزِ ُر وَازِ َرةٌ وِزْرَ أُ ْخرَى (‪َ )38‬وأَ ْن لَيْ َ‬
‫جزَا َء اْلأَ ْوفَى (‪)41‬‬
‫جزَاهُ الْ َ‬
‫ف ُيرَى (‪ُ )40‬ثمّ يُ ْ‬
‫مَا َسعَى (‪ )39‬وَأَ ّن َسعَْيهُ َسوْ َ‬

‫‪ -31‬ول ‪ -‬وحده ‪ -‬ما ف السموات وما ف الرض خلقا وتدبيا ‪ ،‬ليجزى الضالي‬
‫السيئي بعملهم ‪ ،‬ويزى الهتدين الحسني بالثوبة السن ‪.‬‬
‫‪ -32‬الذين يتنبون ما يكب عقابه من الذنوب وما يعظم قبحه منها ‪ ،‬لكن الصغائر من‬
‫الذنوب يعفو ال عنها ‪ ،‬إن ربك عظيم الغفرة ‪ ،‬هو أعلم بأحوالكم ‪ ،‬إذ خلقكم من‬
‫الرض ‪ ،‬وإذ أنتم أجنة ف بطون أمهاتكم ف أطواركم الختلفة ‪ ،‬فل تصفوا أنفسكم‬
‫بالتزكى مدحا وتفاخرا ‪ ،‬هو أعلم بن اتقى ‪ ،‬فزكت نفسه حقيقة بتقواه ‪.‬‬
‫‪ -35 ، 34 ، 33‬أتأملت فرأيت الذى أعرض عن اتباع الق ‪ ،‬وأعطى شيئا قليلً‬
‫من الال ‪ ،‬وقطع العطاء؟! أعنده علم الغيب فهو منكشف له عما يدفعه إل التول عن‬
‫الق والبخل بالال؟‬
‫‪ -38 ، 37 ، 36‬بل أل يبَر با ف صحف موسى وإبراهيم الذى بلغ الغاية ف الوفاء‬
‫با عاهد ال عليه ‪ :‬أنه ل تمل نفس إث نفس أخرى؟!‬
‫‪ -39‬وأنه ليس للنسان إل جزاء عمله ‪.‬‬
‫‪ -40‬وأن عمله سوف يعلن ‪ ،‬فيُرى يوم القيامة تشريفا للمحسن وتوبيخا للمسئ ‪.‬‬
‫‪ -41‬ث يزى النسان على عمله الزاء الوفر ‪.‬‬

‫ك وََأْبكَى (‪ )43‬وََأّنهُ ُه َو أَمَاتَ َوأَحْيَا (‬


‫ح َ‬
‫وَأَ ّن ِإلَى َرّبكَ الْمُنَْتهَى (‪ )42‬وََأّنهُ ُه َو أَضْ َ‬
‫‪ )44‬وََأّنهُ خَ َل َق ال ّزوْجَ ْي ِن الذّ َك َر وَاْلُأنْثَى (‪ِ )45‬منْ نُ ْط َفةٍ ِإذَا تُمْنَى (‪َ )46‬وأَنّ عَلَ ْيهِ‬
‫شعْرَى (‪)49‬‬
‫شَأةَ اْلُأخْرَى (‪ )47‬وََأّنهُ ُه َو أَغْنَى َوَأقْنَى (‪ )48‬وََأّنهُ ُهوَ َربّ ال ّ‬
‫النّ ْ‬

‫‪ -42‬وأن إل ربك ‪ -‬ل إل غيه ‪ -‬العاد ‪.‬‬


‫‪ -43‬وأنه هو ‪ -‬وحده ‪ -‬بسط أسارير الوجوه وقبضها ‪ ،‬وخلق أسباب البسط‬

‫‪395‬‬
‫والقبض ‪.‬‬
‫‪ -44‬وأنه هو ‪ -‬وحده ‪ -‬سلب الياة ووهبها ‪.‬‬
‫‪ -46 ، 45‬وأنه خلق الزوجي الذكر والنثى ‪ -‬من النسان واليوان ‪ -‬من نطفة‬
‫دافقة ‪.‬‬
‫‪ -47‬وأن عليه الحياء بعد الماتة ‪.‬‬
‫‪ -48‬وأنه ‪ -‬هو ‪ -‬أعطى ما يكفى ‪ ،‬وأرضى با يقتن ويدخر ‪.‬‬
‫‪ -49‬وأنه ‪ -‬هو ‪ -‬رب هذا الكوكب العظيم السمى بالشعرى ‪.‬‬

‫ح ِم ْن قَ ْبلُ ِإّن ُهمْ كَانُوا‬


‫وََأّنهُ َأهْ َلكَ عَادًا الْأُولَى (‪ )50‬وَثَمُو َد فَمَا أَْبقَى (‪َ )51‬و َقوْ َم نُو ٍ‬
‫هُ ْم أَظْ َل َم َوأَ ْطغَى (‪ )52‬وَالْ ُم ْؤتَ ِف َكةَ َأهْوَى (‪َ )53‬فغَشّاهَا مَا َغشّى (‪ )54‬فَِبأَيّ َآلَاءِ‬
‫س َلهَا ِمنْ‬
‫ت اْلآَ ِزفَةُ (‪ )57‬لَيْ َ‬
‫َرّبكَ تَتَمَارَى (‪ )55‬هَذَا َنذِيرٌ مِ َن الّنذُرِ اْلأُولَى (‪ )56‬أَ ِزفَ ِ‬
‫حكُو َن َولَا تَ ْبكُونَ (‬
‫ث َتعْجَبُونَ (‪ )59‬وَتَضْ َ‬
‫حدِي ِ‬
‫دُونِ ال ّلهِ كَا ِش َفةٌ (‪َ )58‬أفَ ِم ْن َهذَا الْ َ‬
‫جدُوا لِ ّلهِ وَاعُْبدُوا (‪)62‬‬
‫‪ )60‬وََأنُْتمْ سَامِدُونَ (‪ )61‬فَاسْ ُ‬

‫‪ -51 ، 50‬وأنه أهلك عادا الول قوم هود ‪ ،‬وأهلك ثود قوم صال ‪ ،‬فما أبقى‬
‫عليهم ‪.‬‬
‫‪ -52‬وأهلك قوم نوح من قبل هلك عاد وثود ‪ ،‬إنم كانوا ‪ -‬هم ‪ -‬أكثر ظلما‬
‫وأشد طغيانا من عاد وثود ‪.‬‬
‫‪ -53‬والقرى النقلبة بقوم لوط هو الذى قلبها ‪.‬‬
‫‪ -55 ، 54‬فأحاط با من العذاب ما أحاط ‪ ،‬فبأى نعمة من نعم ربك ترتاب!‬
‫‪ -56‬هذا القرآن نذير من جنس النذر الول الت أنذرت با المم السابقة ‪.‬‬
‫‪ -58 ، 57‬قربت القيامة ‪ ،‬ليس لا من دون ال من يكشف عن وقت وقوعها ‪.‬‬
‫‪ -61 ، 60 ، 59‬أتحدون كل حق؟ ‪ ،‬فمن هذا القرآن تعجبون إنكارا ‪،‬‬
‫وتضحكون استهزاءً وسخريةً ‪ ،‬ول تبكون كما يفعل الوقنون ‪ ،‬وأنتم لهون‬
‫متكبون؟!‬
‫‪ -62‬فاسجدوا ل الذى أنزل القرآن هدى للناس ‪ ،‬وأفْرِدوه بالعبادة جل جلله ‪.‬‬

‫‪396‬‬
‫ح ٌر ُمسْتَ ِمرّ (‪)2‬‬
‫شقّ اْلقَ َمرُ (‪ )1‬وَإِ ْن َي َروْا َآَي ًة ُيعْرِضُوا وََيقُولُوا سِ ْ‬
‫ت السّا َع ُة وَاْن َ‬
‫اقْتَ َربَ ِ‬
‫وَ َكذّبُوا وَاتّبَعُوا َأهْوَا َء ُهمْ وَ ُك ّل َأ ْمرٍ ُمسَْت ِقرّ (‪َ )3‬وَلقَ ْد جَا َءهُ ْم ِمنَ اْلأَنْبَا ِء مَا فِيهِ ُم ْزدَ َجرٌ (‬
‫‪ )4‬حِكْ َم ٌة بَاِل َغةٌ فَمَا ُت ْغنِ الّنذُرُ (‪)5‬‬

‫‪397‬‬

You might also like