Professional Documents
Culture Documents
Css Shap 03
Css Shap 03
اهلدف العام:
حتسني االتصال اللفظى لدى الطالب.
املقدمة
االتصال اللفظي هو أحد أهم مهارات االتصال ،ألن املرسل حياول إيصال
أكرب قدر من معنى الرسالة عن طريق التلفظ بالكلمات .فما هو االتصال
اللفظي؟ لفظ بالكالم أي «نطق به» .و االتصال اللفظي يشمل التلفظ
بالكلمات ،و التلفظ هو «متوجات هوائية مصدرها يف الغالب احلنجرة
تشكلها أعضاء الصوت» (املعجم الوسيط ،2004 ،ص .)832أما الكالم
فهو «األصوات املفيدة» (ص .)796
وختتلف كتابة اللغة عن التحدّث بها .فحني يتحدث شخصان مثال فإنهما
يتحدثان بعفوية ويتبادالن معلومات مع ّينة ،ويكونان انطباعات ويتجاوبان مع
أحاديث بعضهما البعض .واعتمادا على ردود فعل ّ
كل منهما ،يستطيعان أن
يشرحا ،وأن يس ّرعا الكالم أو يبطئاه ،وأن يعمال الالزم لتأكيد الفهم.
ونستطيع يف احلديث تغيري كلماتنا بنا ًء على التغذية الراجعة اليت نتلقاها
من اآلخر ،أما يف الكتابة فال نستطيع ذلك .ويف الكتابة حنن نقدّر اجلمهور،
ونكتب حبسب تقديرنا التصوري للقاريء .وحنن كك ّتاب لنا حسنة واحدة،
متيزنا عن املتحدثني ،وهي ميزة الوقت الذي نستطيع من خالله التعديل والتغيري
واملراجعة لكل ما كتبناه ،كما نستطيع احملو .وكقراء أيضا لنا هذه امليزة
عن السامعني فنستطيع إعادة ما قرأناه ،لالستيضاح (Hybels & Weaver,
.)1997ويف هذا الفصل سيكون تركيزنا على احلديث (املشافهة) .سنركز
على االتصال اللفظي فقط دون االتصال الكالمي املكتوب.
و ألن االتصال اللفظي حيدث من خالل اللغة املنطوقة فسيكون تركيزنا
يف هذا الفصل على اللغة .إن حياة اإلنسان –يف جانبها املعريف -عبارة عن
جمموعة من الكلمات و املعاني .حنن نستخدم
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
الكلمات لنعرب عن ذواتنا ،و لنعطي معنى حلياتنا و أنشطتنا املختلفة .سننظر
إىل عامل الكلمات و املعاني اليت متيز البشر ،و سنناقش الرموز اليت ليست هلا
معان ثابتة ألننا نفسرها بناء على منظورنا من خالل تفاعلنا مع اآلخرين و من
خالل جتاربنا الشخصية اليت اكتسبناها .لغتنا تعطي صورة عنا ،فهي جتعل
اآلخرين يعرفون مقدار تعليمنا ،ومن أي طبقة حنن ،لذا ،سنتحدث عن اللغة
كمصدر للقوة وكأساس للتفكري.
ً
بعضا من عناصر اللغة ،فتعلمنا لألصوات خيتلف باختالف و من ثم سنستعرض
املناطق اجلغرافية ،والكلمات متثل أشياء حمسوسة وأشياء معنوية .لو خالفنا
ري مستحسن لدى املتلقي ،واملعاني ُتبنى يف عقولنا ً
انطباعا غ َ قواعد اللغة لرتكنا
من الكلمات .وسنتعرف على تأثري هذه العناصر يف االتصال.
و ألننا نتحدث عن اللغة ،سنتحدث عن ثقافة اجملتمع ،إ ْذ توجد يف اجملتمع
عدة داخل الثقافة السائدة ،تستخدم كل منها لغة يف االتصال ،متيزها
ثقافات ّ
عن األخريات .و ألن الكلمات ميكن أن تعين أشياء خمتلفة ألناس خمتلفني،
فعدم الفهم وارد.
ً
أحيانا بعد ذلك سنستعرض أهم معوقات االتصال اللفظي .فبعض الكلمات
مبعان مزدوجة وخمتلفة
ٍ حتجب أو تش ّوه أو ختفي املعاني ،كما توجد كلمات
باختالف اجملموعات اليت تتداوهلا ،كما أن التعميمات قد تعيق االتصال
اللفظي.
وأخريا سوف نقرتح بعض النقاط لتحسني االتصال اللفظي ،كمعرفة خلفيات
من حندثهم ومعلوماتهم عن املوضوع ،لنتمكن من اختيار اللغة املالئمة إليصال
ً
وضوحا. الرسالة .وكلما كانت اللغة دقيقة ووصفية أكثر كلما كانت أكثر
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
اللغة
اللغة هي عقد من العالمات والرموز واإلشارات ،تستخدم كوسيلة إليصال
املعاني بني البشر .ولوالها ألصبح االتصال شبه معدوم ،أوقد ال يكون هناك
اتصال بني اجلماعات .فاللغة تشبه املنظار الذي جيعلنا نرى العامل ونتعرف على
دقائقه املختلفة .فبها نتبادل املعاني وبها نفكر.
لنتخيل أنفسنا بدون لغة ،هل بإمكاننا التعبري لآلخرين عما حنس به ،أو
عما يقلقنا؟ هل نستطيع أن نشرح وجهة نظرنا لآلخرين ،أو خنربهم مبا نريد؟
بالرغم من أننا نعتقد بأن اللغة حمايدة ،إال أنها مصدر قوة للبعض ،كما أنها
نقطة ضعف بالنسبة لآلخرين .فنحن نستطيع أن نستخدمها للتأثري يف اآلخرين،
بطريقة إجيابية ،كما نستطيع بواسطتها إعطاء صورة سلبية أو إجيابية عن
أنفسنا.
قبل أن نستعرض عناصر اللغة علينا أن نتحدث عن نقطتني مهمتني :اللغة
كمصدر قوة للبشر ،و اللغة كأساس للتفكري.
احلياة .فلو ُن ِعتنا بالغباء ،مثال ،يف طفولتنا ،فلرمبا أثر هذا النعت علينا
قص ٍة مسعناها ،يتحدث فيها أصحا ُبها
مدة بقائنا على قيد احلياة .وكم من ّ
ّ
كلمات مسعوها من والديهم ،أو ممن أحاطوا بهم يف وقت من
ٍ عن تذكرهم
األوقات ،فكان هلا عميق األثر يف مدى جناحاتهم أو إخفاقاتهم.
تقول كريس كرامير ،اخلبرية يف جمال االتصال (in Sieler & Beall,
)2005إن األفراد الذين ال يستطيعون انتقاء األلفاظ املناسبة ،أو املالئمة،
ً
ارتباطا ليست لديهم أصوات مسموعة يف عاملهم ،وإن مكانة الفرد ترتبط
ً
وثيقا باللغة .فحني أرسل اهلل تعاىل نب ّيه موسى ( عليه السالم ) إىل فرعون
وقومه ،كان ( عليه السالم ) يدرك أن القوة /طالقة اللسان الالزمة للدعوة
ليست لديه ) :وأخي هارون هو أفصح مين لسانا فأرسله معي ردءا يصدقين إني
أخاف أن يكذبون( [سورة القصص ،آية .]34واستجاب سبحانه وتعاىل ملوسى
وأرسل معه أخاه هارون.
الكلمات هلا تأثري عميق إذا استخدمناها بطريقة مؤثرة .لننظر إىل اجلمل
التالية:
«التلوث له تأثري كبري يف مستقبلنا»
«التلوث يهدد مستقبل أطفالنا»
لرمبا فكر أحدهم فيما قلنا باجلملة األوىل لثوان ،ثم نسيه ،وقد يتجاهل
كالمنا آخر ،كأنه مل يسمعه .ولكن يف اجلملة الثانية للكلمات تأثري
يشد انتباه املستمعني أكثر من اجلملة األوىل ،رغم أن املعنى يف
أعمقّ ،
اجلملتني واحد.
إن الناس الذين يستخدمون لغة قوية يبدون أكثر مصداقية وجاذبية وقدرة
على اإلقناع من الذين يستخدمون لغة أقل قوة ،و يعززون فرص جناحهم و
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
تقدمهم يف احلياة .فإذا عربنا عن آرائنا بصورة واضحة ،وبال تردد ،الحرتم
املستمعون تلك اآلراء أكثر من لو ترددنا وقلنا« :هذا رأيي أنا ،ولكن
ً
صحيحا ولكن ما رأيكم أنتم؟» .رغم أن هذه ما أدراني!» أو «يبدو هذا
اجلمل تبدو حماوالت لتأكيد ما نقوله إال أنها جتعلنا نبدو غري واثقني مما
نقول.
و األهم من استخدام اللغة القوية هو أن تقرتن تلك اللغة بأخالقيات هي يف
احلقيقة اجلوهر األساسي الذي تعتمد عليه اللغة يف إحداث أثرها على املتلقي.
فأخالقيات مثل :الصدق و الصراحة و األمانة و احرتام اآلخرين و االلتزام بآداب
احلوار و النقاش و البعد عن اجلدل تضاعف من تأثرينا كمتحدثني و تعطي
ً
فاعال على اآلخرين .بينما لو كنا شخصيتنا مصداقية ،و تأثري اًمستمراً و
غري متمكنني من اللغة القوية أو كنا فاقدين ملثل هذه األخالقيات فلن تكون
لدينا مصداقية و لن حنظى حنن و لغتنا القوية باحرتام اآلخرين .و بذلك تفقد
اللغة القوية مفعوهلا ،بل و العكس قد نصبح منعدمي املصداقية مما يتسبب
يف فشلنا.
الثقة بالنفس وقوة احلديث تعطي مصداقية أكرب لرسائلنا .فعلينا أن ال
ً
ضعفا يف احلديث عما نفكر به ،ألن حماولة التأثري على املتلقي نظهر تردداً أو
من خالل الكلمات هي إحدى وسائل االتصال الفعال.
اللغة تؤثر على التفكري
ً
مرتبا ، ً
واضحا اللغة تؤثر على قدرتنا على التفكري .فلو كان تفكرينا
ً
أحيانا قد لبدت كلماتنا واضحة مرتبة ،والعكس صحيح .و جند أنفسنا
فقدنا كلمة ال نستطيع بدونها إيصال املعنى .و نظل نبحث عنها حتى جندها
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
وإن مل جندها نعجز عن إيصال أفكارنا .علينا أن نتخري ألفاظنا بدقة قبل أن
نبدأ بالتحدث ،ألننا إذا نطقنا كلمة لن نستطيع اسرتجاعها ،وال اسرتجاع
تأثريها .وحتى لو حاولنا تصحيح اخلطأ ،أو االعتذار عنه ،تكون الكلمات
قد أحدثت مفعوهلا .فكم من موقف وجدنا أنفسنا فيه نتلفظ مبا يف تفكرينا
ثم متنينا لو أننا مل نقله؟ ولو أعطينا أنفسنا الوقت للتفكري ملا ترتب على ما
قلناه مشاكل كنا يف غنى عنها ،وكان من املمكن جتنبها .فاللغة -إذاً -قد
تكون مصدر فائدة لنا ،كما أنها قد تكون مصدر ضرر كبري.
إن أول انطباع لنا عن أي شخص نراه ألول مرة قد يتكون من املظهر اخلارجي
له .ولكن ما أن يبدأ الشخص باحلديث ،حتى تبدأ أفكاره -بواسطة اللغة -يف
تشكيل صورته ،اليت قد تؤكد أو تغاير الصورة الذهنية اليت كونها مظهره
اخلارجي لدينا .و يلفت أنظارنا أحيانا املظهر الوديع ألحدهم حتى يبدأ النقاش،
املكونة عنه يف أذهاننا ،لتصبح
َّ مع من ال يشاركه الرأي ً
مثال ،فتنقلب الصورة
مغايرة لصورته اليت أخذناها يف انطباعنا األول عنه.
ألن التلفظ بالكلمات يعطي صورة عنا ،لذلك علينا أن نتخري األلفاظ ،لنعبرّ
بد ّقة عن األفكار اليت نريد مشاركتها مع اآلخرين ،كما ّ
يتوجب علينا أن
التحدث.
ّ نأخذ الوقت الكايف للتفكري فيما نريد قوله ،قبل البدء يف
عناصر اللغة:
اللغة هي أحد عناصر االتصال ،ولكن وجود اللغة وحدها ال يعين بالضرورة
حدوث اتصال .حنن -حتما -ال نستطيع االتصال لفظيا إال بواسطة اللغة،
ومستخدم اللغة يثبت فشله إذا مل يتمكن من إيصال املعاني .لكي نقول« :نعم
« بإمكاننا هز رؤوسنا دون أن نتحدث أو أن نلفظ الكلمة أو أن نكتبها .ومن
املمكن كذلك أن نقول كلمة «نعم» يف بلد ال يتحدث العربية ،فال حيدث أي
نوع من االتصال.
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
أ .األصوات:
يتعلم اإلنسان التحدث قبل أن يتعلم الكتابة ،فهو خملوق مزود بأجهزة طبيعية
يف املخ لتعلم األصوات .وأوضح فرق بني الكتابة واحلديث هو أن األوىل مرئية
والثاني مسموع .وكما نتعلم الكتابة خبطوط خمتلفة ،فإننا كذلك ال نتعلم
نفسها ،إال أننا نتحدث
نفسها .ومع أننا نستخدم اللغة َ
إصدار األصوات بالطريقة ِ
بطرق خمتلفة ،خصوصا إذا كنا من مناطق جغرافية وثقافية خمتلفة .أحيانا
األصوات نفسها ،اليت نصدرها ،تعين أشياء خمتلفة ملتحدثي اللغة نفسها.
حاول/ي قول اجلملة السابقة مبعان خمتلفة بتغيري نربات الصوت فقط
(استهزاء ،صدق ،جماملة ،محاس)
النقاشات الرمسية حنن -عادة -ال نقاطع املتحدث ،وال نبدأ باحلديث إال إذا
أعطانا املتحدث إشارة باالنتهاء من حديثه (بالصمت أو بابتسامة أو بسؤال) .أما
يف احلوارات غري الرمسية فإننا غالبا ما نقاطع املتحدث ،وتكون املقاطعة الئقة
أحيانا.
أي موقف من املواقف
و القواعد التنظيمية حتكم متى وأين ومع من ويف ّ
جيب أن نظهر عواطفنا أو خنفيها ،أو نظهر احرتامنا ،أو نتحدث يف موضوعات
خاصة .ففي العمل من املمكن أن يقاطع الرئيس املرؤوس ،ولكن املرؤوس
ال يستطيع مقاطعة من هو أعلى منه درجة .هذه القواعد قد ختتلف من ثقافة
إىل أخرى ،ومن جمموعة إىل أخرى ،ومن شخص إىل آخر ،كما سنرى الحقا.
ً
مستهجنا ،ويف بعضها ففي بعض الثقافات يعترب تقبيل الغرباء على الوجنتني
اآلخر التقبيل حتية متوقعة.
نعرف معنى االتصال بتوقعنا لنوع معني من االتصال ،كما نعرف أن اإلصغاء
للحديث يعد احرتاما ،وأن االحتضان عند السالم يعد عاطفة ،وأن التجاهل يعد
أي نوع من االتصال نتوقعه من اآلخرين ،فنتوقع التعاطف
وقاحة .كذلك نعرف ّ
من الصديق ،والثقة من زميل املهنة ،واالحرتام من الشريك .و هي تسمى بالقواعد
اإلنشائية ،ونتعلمها من أشخاص حمددين ،ومن جمموعة معينة ،ومن اجملتمع
ككل .شركاء العمل مثال يتناقشون حول القواعد اخلاصة باتصاالتهم،
وكيف تتم هذه االتصاالت ،واألزواج ينشئون قواعد شخصية لكيفية النقاش
واختاذ القرارات ،وكيفية قضاء الوقت ً
معا.
يف معظم الوقت ،نعرف أين وكيف ومتى نتصل باآلخرين بالطريقة الصحيحة.
إذا تعاملنا مع أستاذ للمرة األوىل ،نتعلم -مع الوقت -كيفية حتقيق االتصال
الناجح معه؛ فنستبق االتصال بأسئلة حناور بها أنفسنا ،من مثل :هل يقبل
األستاذ النقاش؟ هل التكاليف املطلوبة تقوم على األفراد أم على اجلماعات ؟
هل هناك عالقات اجتماعية خارج حجرة الصف ؟ بعض القواعد ال ننتبه هلا إال
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
ً
متوقعا منا ما مل نفعله .فمثال، إذا كسرناها ،عندها فقط نعرف أنه كان
لو أعطينا درجة متدنية على تكليف اعتمدنا فيه على قراءة الكتاب فقط،
ً
خمتلفا .ومعرفتنا بهذه القواعد تعطينا متوقعا منا أمراً
ً لعرفنا أن األستاذ كان
القدرة على إصالح غري اجملدي منها.
كما ذكرنا ً
آنفا ،فإن أحد الفروق بني الكتابة واللغة املنطوقة هو أن
الكتابة ُترى بالعني ،واللغة املنطوقة مصحوبة بالصوت .وإذا اعتقدنا بأن
ختص الكتابة فقط نكون خمطئني ،فعالمات الرتقيم موجودة
عالمات الرتقيم ّ
أيضا يف ألفاظنا .حنن نستخدم هذه العالمات إلظهار وتفصيل املعنى .فنستخدم
الفاصلة للوقف القصري ،ونستخدم ما يوازي النقطة يف النطق إذا انتهينا من
فكرة ،ودخلنا يف فكرة أخرى .جيب أن نعرف حدود االتصال ،لنعرف من
بدأ بالتفاعل .حينما ال نتفق على عالمات الرتقيم اللفظي ،قد حتدث مشاكل
ً
أطفاال يتجادلون حول من بدأ باملشكلة نعرف أهمية يف االتصال .حني نرى
الرتقيم (.)Wood, 1997
وبالرغم من كل القوانني اليت حتكم اللغة ،ال يوجد حد للرسائل اليت
ميكن أن تبتكر باستخدام هذه القواعد .ومن املمكن القول بأن عدد الرسائل
واجلمل للغة ال نهائي.
ج .الكلمات:
كما أن اخلريطة ليست هي املوقع ،فإن الكلمات ليست هي األشياء (
.)Scott & Brydon, 1997وقد ذكرنا سابقا أن اللغة عبارة عن جمموعة
من الرموز الصوتية ،تلك الرموز هي اليت تك ّون الكلمات لتحل حمل األشياء.
ً
حمسوسا مثل “كرسي» ،ومن املمكن و من املمكن أن متثل الكلمة ً
شيئا
ً
جتريديا مثل «السعادة» .فكلمة كرسي متثل قطعة معينة أيضا أن متثل ً
شيئا ً
من األثاث ،بينما كلمة سعادة متثل عاطفة مرتبطة مبشاعر خمتلفة الدرجات،
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
نشعر بها يف أوقات معينة .فالكلمات هلا معنى ،ألن الثقافات اليت أنتجتها
أعطتها ذلك املعنى .فمجموعة معينة من األصوات تعين أشياء معينة .وبعض
ً
منغمسا الكلمات ال ميكن أن تفهم باستخدامها العادي ما مل يكن الشخص
يف الثقافة اليت ارتبطت بها .ولكي حيدث الفهم جيب أن يتفق مجيع أفراد
احلدث االتصالي على املعنى .فمثال مسعت بطرفة فيها شيء من الواقعية عن
رجل مصري ،يسأل ع ّما سيقوله ليعزي أحد أصدقائه من جند ،يف وفاة
أحد أقربائه ،فقيل له :لتعزي يف جند ،من املمكن أن تقول« :أحسن اهلل
عزائكم» .وعند سالم الرجل على صديقه قال له« :أحسن عزاء عزاءكم»!
إن قدرتنا على استخدام الرموز جتعلنا نعيش يف عامل من األفكار واملعاني،
وبدال من أن نتأثر مبحيطنا اجلامد فقط فإننا نغري اجلماد أحيانا ونبدله .ذكرت
)1997( Woodمخسة أنواع من القدرات الرمزية ،اليت تؤثر يف اتصالنا ،وهي:
التعريف ،و التقييم ،و التنظيم ،و التعميم ،و االفرتاض ،و تصور و مراجعة
النفس .ومن خالل مناقشتنا هلذه األنواع قد نتعرف على القوة البناءة للرموز،
وحناول التخفيف من املشاكل اليت قد تسببها.
لنعرف عن بشر،
لنعرف ( .)defineحنن نستخدم الرمز ِّ
نستخدم الكلمات َّ
أو خربات أو عالقات أو مشاعر أو أفكار .فالتعريفات اليت نعطيها لألشياء
تشكل ما تعنيه هذه األشياء لنا ،فنحن حينما نصف فتاة ما ،فإننا نركز على
بعض الصفات العامة فيها ،ونغفل عن صفات خاصة متيزها عن األخريات،
فقد نصف فتاة ما على أنها مهتمة بشؤون البيئة ،أو معلمة ،أوطباخة ،أو أم...
اخل .فكل طريقة تصنيف جتعلنا نرى زاوية واحدة فقط من املوصوفة ال كل
صفاتها ،فنناقش املهتمة بشؤون البيئة يف إعادة تدوير الورق ،ونتبادل وصفات
الطعام مع الطباخة ،ونتحدث مع األم عن األطفال ،واملعلمة عن االمتحانات.
ويف بعض األحيان جنعل صفة واحدة تطغى على الشخص وننسى باقي
الصفات .فنركز على صفة واحدة يف شخصيته وجنعلها كل الشخصية ،أو
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
نركز على خربة واحدة ،ونقارن بها كل اخلربات .فالرجل اخلارج من جتربة
طــالق -مثال -قد يركز على كل سلبيات الزواج وأخطائه ،وميحو كل
نقاط القوة اليت كانت موجودة يف الزواج .و لو ركزنا على النقاط اجليدة
يف العالقات ،لكنا على وعي أكرب بالصفات احلميدة لعالقاتنا ،وملا تأثرنا
كثريا بالسلبيات.
من املفرتض أال نغفل عن أية صفة ،وأال جنعل صفة تطغى على أخرى يف أي
أمر من األمور .فالرموز ليست حمايدة بل هي حمملة بالقيم .ونادرا ما جند
كلمة حمايدة أو موضوعية .فنحن نصف من حنب بلغة تظهر صفاتهم احلميدة،
وتقلل من شأن أخطائهم ،ونفعل العكس متاما مع من ال حنب.
لنقيم ( .)evaluateهناك درجات للتقييم يف اللغة ،فقد
نستخدم الكلمات ِّ
نصف أولئك الذين يعربون عن أفكارهم بشكل واضح بأنهم حازمون أو
منطلقون أو شجعان أو مغامرون .ويف السنوات األخرية بدأنا نتنبه إىل أن الرموز
تضر بالبشر ،فمثال أغلب ذوي اإلعاقات ال حيبون أن يوصفوا بذوي اإلعاقة،
ويفضلون عبارة “ذوي االحتياجات اخلاصة” أكثر وبانتباهنا للضرر الذي قد
يسببه تعريفنا للبعض نتعلم كيف حنرتم اآلخرين بوصف شخصياتهم.
عجوز ،متخلف ،قبيح ،غيب ،أعور
ذاتها ،فلن تكون العواقب محيدة .الكلمة هي ذاتها ،ولكن معناها اختلف
باختالف مكانة قائلها.
-نستخدم الكلمات لننظم ولنعمم (:.)organize & generalize
هذه الصفة التنظيمية للرموز تعطينا اجملال للتفكري يف املفاهيم اجملردة ،مثل
أخالقيات العمل واملواطنة واحلياة الصحية ،وجتعلنا نفكر بصورة عامة .وألننا
نستطيع التجريد فنحن أحيانا نشوه التفكري بالتعميم .أحيانا حنكم على
فئة معينة بالبخل أو بالكذب ،من خالل حكمنا على أحد أفرادها ،ونقول
– كذلك -بأن كل األطباء أذكياء ،أو أن كل من فشل يف االمتحان غيب
،أو أن أي نوع من االختالف سيء .من املمكن أن يكون التعميم ً
سيئا ،ومن
املمكن أن يكون جيداً .بالتعميم نأخذ صفة واحدة ونعممها على اجلميع
اعتمادا على معلومة عامة أو نظرة عامة لفئة من البشر .ويف الوقت احلالي،
ينظر العامل الغربي للعرب على أنهم مجيعهم إرهابيون .هذه التعميمات قد
تعمينا عن اختالفات مهمة بني األشياء اليت نضعها يف خانة واحدة .لذا ،فإن
لدينا مسؤولية أخالقية باالنتباه للتعميمات ،والتحقيق يف األشياء اليت نعدها
متطابقة.
-نستخدم الكلمات لنفرتض (.)hypothesize
الرموز متكننا من االفرتاض .ما الذي نفكر يف عمله بعد عشر سنوات من
اآلن؟ من كان أول صديق حقيقي لنا؟ ما الذي سنفعله بعد التخرج؟ لإلجابة
عن هذه األسئلة ،جيب أن تكون لدينا فرضيات ،مما يعين أننا سنفكر يف
أشياء ليست يف حميطنا احلالي .وألننا نفرتض فإننا خنطط وحنلم ونتذكر
ً
أهدافا ،ونفاضل بني خياراتنا .وحينما نفرتض نعطي أفكارنا ونتخيل ،ونضع
أمساء ،لنحتفظ بها يف خميلتنا ،ونتفاعل معها ،فنختلق أشياء غري موجودة
على أرض الواقع ،ونتذكر أنفسنا يف املاضي ،ونتخيل املستقبل.
ً
أهدافا، إن قدرتنا على العيش يف ثالثة أبعاد من الوقت ،تفسر ملاذا نضع
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
ونعمل من أجلها ،رغم أنه قد ال يوجد هلا أساس حقيقي أو ملموس يف الواقع.
استهلكنا الكثري من الوقت واجلهد يف الدراسة ألن لدينا شهادة يف خميلتنا
نسعى للحصول عليها ،بالرغم من أن الشهادة نفسها غري ملموسة ،وال أنفسنا
اليت ستأخذ الشهادة موجودة اآلن ،إال أن الفكرة نفسها كافية لدفعنا للعمل
جبد لسنوات عدة.
وعالقاتنا باآلخرين تعتمد على أفكار ماضية ومستقبلية .إحدى أهم نقاط
القوة للعالقات احلميمة هي التاريخ املشرتك خلربات ماضية .فمعرفة أننا مررنا
باحملن نفسها يف املاضي يساعدنا كأصدقاء على اجتياز احملن اجلديدة .وإمياننا
باملستقبل أيضا يعزز عالقاتنا باآلخرين ،ألنه يفرتض عمراً مديداً أمامنا هلذه
العالقات.
-نستخدم الكلمات لتصور و مراجعة أنفسنا (: )self reflect
حنن نستخدم الكلمات لنفكر بوجودنا ومنيز تصرفاتنا ِّ
ونعقب عليها .تصورنا
عن ذاتنا هو أحد أسس شخصياتنا .توجد واجهتان للنفس .فهناك األنا العفوية
املبدعة ،اليت تندفع بتهور كردة فعل للحاجات والرغبات الداخلية ،بدون اعتبار
للحياة االجتماعية ،وهناك األنا الواعية باجملتمع ،اليت تراقب وتتحكم باألنا
العفوية .فاألنا املتحكمة تنظر لألنا العفوية بعيون اآلخرين .األوىل جاهلة أو
مغيبة عن األعراف والتقاليد االجتماعية ،أما الثانية فعارفة بها متاما .األوىل
قد ترغب بإهانة زميل يف العمل ،كردة فعل النتقاده هلا ،أما الثانية فتتحكم
بهذه الرغبة ،وتذكرنا بأن إهانة الزميل قد تسبب لنا مشاكل يف املستقبل.
األنا الثانية هي اليت تراجع الذات وهي اليت تقيم األنا األوىل ،وبالتالي،
نستطيع التحكم يف تصرفاتنا وتقييمها ،مما يعين أننا نتحكم بتخيلنا ملا
نريد أن نكون عليه يف املستقبل ،ونرسم األهداف للوصول إىل النفس اليت
نطمح .قد نشعر بالفخر أو باخلجل أو بالندم من تصرفاتنا ألننا نراجع أنفسنا.
ونستطيع كذلك التحكم بأنفسنا يف احلاضر ،بنقل أنفسنا خطوات يف
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
املستقبل ،لنتصور ما الذي قد حيدث نتيجة لتصرفاتنا ،وبنا ًء على هذا التصور
نفعل الشيء ،أو نعدل عنه.
مالحظتنا ألنفسنا وتقييم ما نفعله تساعدنا كثريا يف االتصال باآلخرين .فلو
أردنا التحدث مع جمموعة من الناس ،من املهم أن نبدأ بتقييم مجهورنا ،ونعرف
ً
كالما يتالءم مع وضع هذا اجلمهور .مراجعتنا مدى تفاعلهم معنا ،فنستخدم
ألنفسنا تسمح لنا مبراقبة اتصاالتنا وتعديلها ،لزيادة التأثري ،وكذلك تسمح
لنا بتعديل شخصياتنا اليت نواجه بها اآلخرين .وألننا نراجع أنفسنا ونقيمها من
وجهة نظر اجتماعية ،نستطيع أن حنكم على أنفسنا من نظرة اآلخر ،فنتصور
تفكري اآلخر بنا.
عند احلديث مع أساتذتنا نظهر أنفسنا كشخصيات حاضرة وجدية وحترتم
اآلخرين .وعند االتصال باألصدقاء قد ال نتحدث يف نفس املواضيع ،اليت نتحدث
بها عند االتصال بالوالدين ،بل وقد خنفي بعض تلك املواضيع .يف العمل نظهر
بأننا متحملون للمسؤولية ،وحيويون ،وباإلمكان االعتماد علينا .وكثريا ما
نظهر شخصياتنا بأشكال خمتلفة لتالئم َ البيئة اليت نتواجد فيها.
إذاً ،حنن نستخدم الرموز لتعريف وتقييم وتنظيم اخلربات ولالفرتاض
وملراجعة النفس .وكل من هذه القدرات تساعدنا على بناء معان حلياتنا
الشخصية واالجتماعية والعملية.
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
د .املعنى:
( قالت األعراب آمنا قل مل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا وملا يدخل اإلميان
يف قلوبكم وإن تطيعوا اهلل ورسوله ال يلتكم من أعمالكم شيئا إن اهلل
ألن الكلمات تنقل املعاني غفور رحيم ) ]سورة احلجرات ،آية ( )14
بني البشر ،وبني األجيال املتعاقبة ،فإن اللغة أداة مفيدة لالتصال .ولكن هل
الكلمات حتمل معنى؟ لو كانت الكلمات ال حتمل معنى ،فإنها ال تؤدي أي
غرض .من عادة البشر ربط الرموز (الكلمات) مبعان حمددة ،واالعتقاد بأن
العالقة بني الكلمة ومعناها حتمية .ولكن جيب أن نفهم جيدا أن اللغة بذاتها
ً
حيوانا ال معنى هلا .ففي احلقيقة كلمة ( كلب ) هي كلمة اعتباطية متثل
ميشي على أربع وله ذيل .ال يوجد ما يربط األحرف كاف والم وباء باحليوان.
ولكننا حني نسمع الرمز ،نعطيه معنى.
ً
وأحداثا ،ولكنها ليست هي ومجادات ومفاهي َم
ٍ الكلمات رموز متثل بشراً
ذاتها البشر واجلمادات واملفاهيم واألحداث ،ومع ذلك فنحن خنلط بني الرمز
ومعناه .لو حدث أن صرخ أحدنا« :عقرب» يف وجود من ال حيب العقارب،
وراقبنا ردة الفعل ،لالحظنا أن الكلمة كأنها هي احلشرة احلقيقية .احلقيقة
-ببساطة -هي أن الكلمات بذاتها ال حتمل معنى ولكنها تستقي املعنى من
خالل السياق الذي استخدمت فيه ،وأن من استخدمها هو الذي أعطاها هذا
املعنى أو ذاك.
من الذي حيكم على املعنى؟ اجلواب هو :حنن .حنن نتحكم يف الكلمات
اليت نستخدمها واملعنى الذي نعطيه هلا ،وإذا كانت لدينا قدرة جيدة يف
التواصل ،فإننا نستطيع التحكم أيضا يف ردود أفعال الناس حياهلا .وبالرغم
من أن اجلميع لديهم القدرة على منح الكلمات معنى ،إال أنهم ال يعطون املعنى
بالطريقة نفسها .هلذا فمن املمكن أن ننوي إرسال معنى ما لرسالة ما ،ولكن
املستقبل قد يعطي الرسالة معنى آخر ،سواء بقصد أو بدون قصد .والتفاوت بني
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
املعنى املرسل واملعنى املستقبل قد يسبب مشكلة أكرب ،إذا كانت خلفيات
ً
إنسانا مل يتعامل وخربات ومعلومات املرسل واملستقبل خمتلفة .فمثال لو سألنا
مع احلاسوب ،وال يعرف عنه إال النزر اليسري ،وقلنا له :ما عنوان بريدك
ً
صرحيا، االلكرتوني ؟ وأي موقع «للتشات» تفضل؟ فإذا مل يكن الشخص
مبا فيه الكفاية ،ليخربنا بأنه ال علم له مبا نقول ،لرمبا ينتهى به األمر ليعطينا
عنوان صندوقه الربيدي ،وموقع مسكنه .لذلك فاحلرص -أثناء استخدام
اللغة -مهم جدا يف مواقف مشابهة .علينا أن نضع يف اعتبارنا أن الكلمات
حتمل املعاني ولكنها بذاتها ال تعطي املعنى؛ حنن الذين نعطي املعاني!
وللكلمات معاني داللية ومعان ضمنية .الداللة هي املعنى األصلي للكلمة؛
ً
ومفهوما . ً
واضحا املعنى املعطى يف القاموس .واملعنى الداللي عادة يكون
والكثري من الناس يستخدمون الكلمات كما لو أن هلا معان واضحة وحمددة،
ولكن هذا ليس بصحيح .مع أن التفسريات املعطاة يف القاموس حقيقية،
ولكننا حني نتصل ببعضنا البعض فإننا نستخدم املعاني الضمنية لأللفاظ بقدر
ما نستخدم معانيها الداللية ،أو رمبا أكثر .كلمة فاشل يف القاموس تعين
«الشخص الذي مل ينجح يف عمل ما» أما يف استخدامنا اليومي هلا فهي تعين
الشخص الذي ليست له قيمة.
املعنى الضمين هو املعنى غري املوضوعي للكلمات ،هو املعنى الذي حتمله
الكلمات ،إما بسبب املشاعر ،أو العالقات اليت تصفها .املعنى الضمين يعتمد
على السياق الذي استخدمت الكلمات فيه ،وكيفية التعبري عن املشاعر بطرق
غري لفظية (نربة الصوت وتعبريات الوجه وحركات اليدين )...وفهم املستقبل.
ويستطيع املتصل اجليد التفريق بني املعاني الداللية والضمنية وفهم أيهما
ً
عموما ألغلبية ً
مقبوال اسـتخدم يف املوقف املطروح .واملعنى الضمين قد يكون
مستخدمي اللغة ،أو مجاعة معينة ،أو أفراد معينني .مثال كلمة ( املزرعة )
ً
مكانا ً
مكانا للرفاهية ،وآلخرين قد تعين قد تعين جملموعة معينة من الناس
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
املعنى يعتمد على ما اعتدنا عليه .كلما كان املتصلون من اخللفية نفسها
،واخلربة واالجتاه نفسيهما ،كلما كانت معاني الكلمات املتبادلة بينهم
مشرتكة .ولكن املتصل اجليد ال جيب أن يضع يف اعتباره كيف سيفسر
اآلخرون رسالته ،بل يهذب ويشذب رسالته بناء على التغذية الراجعة اليت
يتلقاها من املستقبل .كما أن دالالت املعاني اخلاصة باألفراد من املمكن
أن حترف تفسريهم للكلمات اليت تبدو واضحة وقاطعة .فلو طلبنا «جوال» يف
ً
شخصا بلد يستخدم كلمة «حممول» أو»خلوي» لرمبا اعتقد املستقبل أننا نريد
يأخذنا يف جولة لألماكن السياحية يف البلد!
إن اللغة قد حتجب املعنى .معاني الكلمات ختتلف من شخص آلخرِ ،ت ً
بعا
خلرباتهم والعالقة املباشرة هلذه اخلربات بكلمات معينة .فمصطلح (الذحبة
الصدرية) له معنى حمدود عند الكثري من الناس ،ولكن مصطلح (األزمة
ً
تقريبا من اجلميع ،على أنها حالة صحية خطرية ،مرتبطة بالقلب. القلبية) مفهوم
واملصطلح نفسه له دالالت خمتلفة عند كل من الطبيب واملريض وأقارب املريض.
فالطبيب يفكر يف كيفية مساعدة املريض ،واملريض يفكر يف احلياة واملوت،
وأقارب املريض يفكرون فيما ميكنهم عمله ملساعدة املريض .ويعرف الطبيب
أن مصطلح ( ذحبة صدرية ) قد يشتت األقارب ،فيستخدم مصطلح (أزمة قلبية)
املتعارف عليه أكثر.
كما أن معاني الكلمات ،كالكلمات نفسها ،تتغري من وقت إىل آخر،
ومن مكان إىل آخر .وقد تعين كلمة جليل معني ما ال تعنيه جليل آخر .ولنسأل
شخصا عاش يف اخلمسينيات عن معنى (الفاكس) أو اهلاتف اجلوال أو القرصً
املمغنط أو التحميل!
وعندما نتحدث مع شخص ما ،علينا أن نتنبه للمنطقة اليت ينتمي إليها ،لنعي
معاني الكلمات بالنسبة له .وعلينا أن حناول استخدام قواعد اللغة بشكل
انطباعا جيداً عن أنفسنا ،كما جيب أن نتحرى
ً سليم ،إذا أردنا أن نعطي
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
اللغة والثقافة
( ففهمناها سليمان وكال آتيناه حكما وعلما وسخرنا مع داود اجلبال
يسبحن والطري وكنا فاعلني ) [سورة النور ،اآلية .]41كانت لسليمان ( عليه
السالم ) القدرة على احلديث مع مجيع الكائنات احلية ،وتلك إحدى النعم
اليت فضله اهلل بها على خلقه .وساعدته هذه الكائنات يف نشر رسالته ،ألنه
استطاع التفاهم معها بلغتها وطريقتها.
على عكس ما يعتقده البعض منا ،فإن العرف واألصل هما نتيجة مفاهيم
لغوية استخدمت لتصف فئة معينة من الناس ،وهي ليست طبيعة حية مؤكدة.
فلو قلنا كلمة ( آسيوي ) مثال لظهرت يف خميالتنا صفات معينة للهيئة والطول
واللون وشكل الشعر والعينني .ولكن كلمة آسيوي تعين صيين أو هندي أو
فلبيين ،وهؤالء أشكاهلم وهيئاتهم خمتلفة ،والناس من مناطق خمتلفة يف هذه
الدول أشكاهلم خمتلفة أيضا.
البشر ال خيتلفون بأشكاهلم وألوانهم ومسمياتهم فقط ،بل ختتلف أساليبهم
وطرق تفكريهم ً
تبعا للثقافة اليت تعايشوا فيها .سابري و وورف يزعمان أن فهمنا
للحقيقة حمكوم بطريقة تفكرينا ،وطريقة تفكرينا حمدودة بلغتنا ،ولغتنا
مرتبطة بثقافتنا؛ لذا ،فاللغة هي اليت تشكل ما نعتقد أنه حقيقي .إن البشر
من ثقافات خمتلفة يرون األمور بشكل خمتلف ،والثقافة تساعد على التفاوت
يف االتصال .فاللغة ال تصف حياتنا فقط ،بل تشكلها كذلك .فاللغة النابعة
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
من الثقافة تعمل مبثابة عدسات ،نرى من خالهلا العامل ( in Bobkin, 2006,
.)and Pearson & Nelson, 1997
وحنن ال نعرف من العامل إال ما منلك له مصطلحات ،وبالتالي ،اللغة تتحكم
يف رؤيتنا للحقيقة .وإذا مل نكن منلك الكلمات لشرح شيء ما ،فذلك ألننا يف
احلقيقة ال نعرفه ،وهو غري موجود بالنسبة لنا( .)Sieler & Beall, 2005حني
قلت البنيت ،ذات اخلمس سنوات ،بأنه ال توجد قطة وردية اللون يف العامل كله
إلي جبدية ،وقالت“ :ميكن أن تكون هناك قطة وردية اللون ولكنك
نظرت ّ
مل تريها” .رمبا ثقافة ابنيت احملدودة مل تسيطر على تفكريها بعد ،كما
سيطرت على تفكريي ،فبعد بضعة أشهر رأيت على الشاشة املرئية قطة وردية
اللون (نوع من القطط بدون وبر )!
وكما ذكرنا يف بعض األمثلة السابقة ،فإن الكلمات تتنوع من منطقة
ملنطقة ،ومن بلد إىل آخر .فالتمر له كلمة واحدة يف منطقة ما ،كما له
عدة أمساء يف منطقة أخرى :البلح والرطب والتمر ،كما تتعدد أمساء التمر
بتعدد أنواعه؛ مثل العجوة والربني والربحي والسكري ....والثلج عند سكان
األسكيموله عشرات األمساء ،حبسب شكله ووزنه ووقت نزوله ،بينما ال
نعرف منه -يف منطقتنا -إال ما نراه من َب َرد وجليد .وعلينا أن نتنبه هلذه
التنوعات حتى ال حيدث سوء فهم.
اللغة تؤثر على ما نرى ،ما نفهمه عند مساعنا للكلمات يشكل يف أذهاننا
صـورة لألشياء واألماكن اليت وصفتها لنا الكلمات .إذا مل يكن لدينا كلمات
ملفهوم معني ،يكون من الصعب علينا فهم أو وصف ما ال نعرف له تسمية! يف
لغة اهلوبي (إحدى قبائل السكان األصليني يف أمريكا الشمالية) ال توجد
كلمات للوقت .فكلمات مثل (ساعة ودقيقة وثانية وأمس وغدا) ليس هلا وجود
يف تلك اللغة .لذا ،إذا ضربنا موعداً مع أحد هؤالء القوم ،وجاء متأخراً ساعة
أو أكثر ،علينا أال نغضب ،ألنه لن يستطيع معرفة أسباب غضبنا ،فمفهوم
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
قف معطيا ظهرك لظهر زميلك .صف عينيه ،ثم اطلب منه وصف املنطقة
الواقعة بني أنفك و فمك.
لن يستطيع الشخص الواقف بظهرك وصف هذه املنطقة ما مل يكن هناك
شارب .ملاذا؟
وكل لغة فريدة بذاتها ،ففـي كل لغة كلمات ال توجـد يف لغات أخرى ،ألن
املفاهيم ختتلف ( .الني) و( اليان ) يف الصني هلا .ارتباط بكل حياتهم ،فهما
وجهان متناقضان للطاقة .وإذا مل نعش يف الصني مدة كافية لنفهم ثقاقتها ،لن
نستطيع فهم هاتني الكلمتني مهما قرأنا عنهما ،ومهما حاول أحدهم شرحهما
لنا .كذلك لو حاولنا شرح مفهومنا عن القضاء والقدر ،أو القسمة والنصيب،
ملن ال يعرف الكثري عن ثقافتنا اإلسالمية لوجدنا صعوبة كبرية.
وكل جمتمع له ثقافة مسيطرة ،حتكم التصرفات املقبولة ،واملعتقدات
ً
فمثال ،ألن اجملتمع املعتادة ،والقيم املشرتكة ،وتدرج الطبقات االجتماعية.
السعودي جمتمع إسالمي ،واإلسالم حيث على التواصل األسري ،فالنظام
األسري يف السعودية هو نظام األسرة املمتدة ،أما النظام االقتصادي فهو
اإلسالمي احلر ،تبعا ملا تقتضيه الشريعة اإلسالمية .ومع هذا فإن ثقافة أفراد
اجملتمع الواحد ليست صورة طبق األصل من ثقافة اجملتمع املسيطرة .فمثال،
يعرف الطبقة االجتماعية باملادة ،والبعض يعرفها
يف الثقافة الواحدة البعض ِّ
بالثقافة واملستوى التعليمي ،والبعض يعرفها باالنتماء القبلي.
والثقافة الواحدة تشمل عدة ثقافات حمل ّية ،حتمل معاني خمتلفة للكلمات.
وختتلف الثقافة حبسب املنطقة اليت ينتمي إليها الفرد ،وحبسب القبيلة أو العائلة
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
اليت ينتمي إليها ،وحبسب املهنة اليت ميتهنها ،فالعلماء واألطباء واملهندسون هلم
معان قد ال تفهم من العامة .وكذلك جمتمع الطالب ،وجمتمع الرجال ،وجمتمع
النساء لكل جمتمع منها معان خاصة بهم ،قد ال يشاركهم فيها اآلخرون ،ومن
املمكن أن ينتمي الفرد الواحد ألكثر من جمموعة ،مما يعين أن عليه أن يغري
لغة التواصل اليت يستخدمها ،تبعا للمجموعة اليت يشاركها احلدث االتصالي.
فحديثنا مع أساتذتنا أكثر رمسية من حديثنا مع والدينا ،وحديثنا مع أصدقائنا
غري رمسي البتة .هذه املعاني تتغري بسرعة ،بتغري اجملموعات وبتغري الوقت.
هناك بعض الكلمات احملظورة يف كل ثقافة .ومن املمكن أن ختتلف
هذه احملظورات باختالف الثقافات اخلاصة يف اجملتمع (املنطقة أو األسرة أو
املهنة) .ومعظم احملظورات تبني قيم الثقافة ،وتبني األشياء اليت تعد مصدر
قلق للجماعة .يف بعض اجملموعات يف السعودية يعترب إبداء اإلعجاب باألشياء
املادية حمظوراً ،ما مل يكن الشخص يعين بأنه يريده .فلو قلنا لشخص من
تلك الثقافة بأن ساعته ،مثال ،أعجبتنا العترب إعجابنا هذا ً
طلبا للساعة .وإن
مل يستجب الطرف اآلخر بإعطائنا الساعة الع ُتربناه خبيال! فإبداء اإلعجاب
يف هذه الثقافة حمرج للطالب واملطلوب .هذه احملظورات قد ختتلف باختالف
اجملموعة اليت حيدث فيها االتصال ،فالتلفظ بألفاظ نابية قد يعد حمظوراً
بالنسبة للثقافة السائدة ،ولكن بعض مجاعات األصدقاء قد تشجع استخدام
تلك األلفاظ ،من باب الدعابة واالستحباب.
واملتصل اجليد حياول التعرف على الثقافات املختلفة ،وما بينها من فروق.
فالدعوة لتناول الغداء من زميل عمل يف اليابان مثال ليست أكثر من دعوة
غداء ،وال ميكن مناقشة شؤون العمل إال يف مكتب عمل ،أما بالنسبة
لألمريكان فشؤون العمل ميكن أن تناقش يف أي مكان .ويف اليابان يهتمون
مبحيط االتصال أكثر من احلديث ،والعكس صحيح يف الواليات املتحدة،
ً
اتصاال أكرب ،أو أقل، فاحمليط ال يشكل أهمية كبرية .وبعض الثقافات تتوقع
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
من بعض األشخاص ،ففي دول شرق آسيا ،مثال ،ال يتوقع األستاذ من طالبه
أن يسألوه ،إال إذا أعطاهم اإلذن بذلك .أما يف روسيا فيتوقع من الطالب أن
يشاركوه ويسألوه طول الوقت.
وتظهر الفروق الثقافية أيضا يف لغة الرجال والنساء .ويظهر هذا الفرق يف اللغة
منذ الصغر فالبنات يقلن« :دعونا نعمل» أما األوالد فيقولون“ :اعملوا” .األوالد
يرفضون تنفيذ األوامر ،ولكنهم يصدرونها .الرجال كثريا ما يقاطعون،
ويعطون أوامر ،بينما متيل النساء لطرح الكثري من األسئلة ،وتربير أسباب
األفعال.
ً
اجتماعيا صيغة املذكر ال يعد خطأ يف القواعد ،ولكن استخدامه يعد ً
خطأ
يف بعض األحيان .تظهر اللغة الرجل كعضو نشيط ومهم ،بينما تظهر املرأة
كعضو خامل بدون دور مهم .هذه اللغة قد تضللنا! لذا من املفرتض أن نستخدم
لغة حمايدة؛ لغة ال تعمم وال تفرق بني الرجال والنساء.
ً
وشأنا من الرجل ،فالرجال اللغة تعطي االنطباع أحيانا بأن املرأة أقل ً
فهما
يعتمد عليهم ،وهم منطقيون ،وأقوياء ،وواثقون من أنفسهم ،بينما النساء
اتكاليات ،وغري منطقيات ،وضعيفات ،ومن املمكن السيطرة عليهن بسهولة.
وهذه التعميمات اخلاصة باملرأة قد تؤثر على كيفية التعامل معها يف جمتمع
ما ،وتؤثر أيضا على نظرتها لنفسها .ولتجنب هذا النوع من اللغة علينا أن حناول
التقليل من استخدام هذه التعميمات .مثال ،الصفات احليوانية اليت تعطى للرجال
والنساء أحيانا تعزز هذه التعميمات ،الرجال هلم صفة اإلصرار ،فهم ذئاب
وأسود وفهود ،وإذا كانوا سيئني فهم كالب ،بينما النساء خانعات وضعيفات
فهن قطط وأرانب وغزالن ،أو حيوانات غري جذابة مثل البقر .ومن األفضل أن
نتجنب كلمات مثل هذه لضمان اتصال أفضل.
إن التحدث حبس ثقايف يتطلب الوعي التام بالثقافات احمليطة بنا ،واليت
يتعني علينا التعامل معها .وعلينا أن حناول تفهم وجهة نظر اآلخر ،وحنرتمها،
ً
ثقافيا ال ً
حسا حتى وإن كانت وجهة نظره خمالفة لثقافتنا .وكوننا منتلك
بعين التخلي عن معتقداتنا ،ومعتقدات ثقافاتنا اخلاصة ،بل يعين أال حناول
احلكم على اآلخرين من منظورنا حنن ،بل حناول بناء الثقة والفهم .ومن املهم
ً
مهينا ألي جمموعة أو فرد .فاللغة تؤثر على رؤيتنا أال يكون استخدامنا للغة
لكل ما حولنا واللغة غري املالئمة قد تؤثر على رؤيتنا لألمور ،وبالتالي ،تؤدي
إىل مشاكل اجتماعية ،من املفرتض أن تقاوم يف أي جمتمع.
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
حنب احلديث عنها ،للتخفيف من حدتها .وألننا ال حنب ذكر املوت جتدنا نقول:
“انتقل فالن إىل رمحة اهلل ”.أو”املغفور له فالن” ،ونسمي مرض السرطان
باخلبيث ،والبدانة باالمتالء ،حتى نلطف من وقع هذه الكلمات علينا.
ما هي الكلمات أو اجلمل األخرى اليت نستخدمها إلخفاء معنى ال حنبه؟
سوء الفهم (: )misunderstanding
اللغة واملعنى جزءان ال ميكن فصلهما عن االتصال .فقول شيء ما لشخص
ال يأخذ الكثري من الوقت واجلهد ،ولكن اهتمامنا بالتأكد من أن رسالتنا
ً
ذهنيا .حتى وإن قلنا ما نعتقد بأنه املعنى وصلت كما عنيناها يتطلب جمهوداً
ً
احتماال لوقوع تفسري خاطيء هلا من قبل املتلقي الكامل لرسالتنا ،إال أن هناك
أو أنه سيجدها غامضة ،لذا ،جيب أن جيتهد املتلقي لفهم املعنى املقصود.
وعلينا أن نعرف أن االتصال هو تفاعل رمزي متناهي الدقة .لن يكون االتصال
وحمسوسا دائما ،هلذا عدم الفهم غالبا ما يكون وارداً ،وسوء الفهم
ً ً
موضوعيا
حيصل ألسباب فيزيائية وعقلية وثقافية متنوعة .واالستخدام غري الفعال للغة هو
أحد أسباب تشويش الفهم ،فمثال نقرأ على بعض األرفف املوضوع عليها الغذاء
الصحي يف مراكز التموين لوحة مكتوب عليها« :غذاء صحي» ،هل تعين هذه
اللوحة أن املوجود على باقي األرفف غري صحي؟
ما يقال وما يسمع وما يفهم غالبا خمتلف ،فكم مرة وجدت نفسك تقول:
«ولكين مل أعن هذا»؟ وحيدث عدم الفهم غالبا ،ألننا نعتقد بأن كل كلمة
ال حتتمل أكثر من معنى ،وأن الكلمات قائمة بذاتها حتمل معنى ،ولكن لو
راجعنا بعض الكلمات اليت نستخدمها يف حياتنا اليومية لوجدنا أن الكلمات
هلا أكثر من استخدام ،وأكثر من معنى ،فلو نظرنا إىل القاموس وعدد املعاني
معاني عدة ،ألنها تتغري مع الوقت،
َ املوجودة لكل كلمة ،لوجدنا أن للكلمات
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
معلومات
ٍ مبعان خمتلفة ،عرب الثقافات واملناطق ،وألنها تعكس
ٍ وألنها تستخدم
ً
وأوضاعا خاصة باملستخدم ،لذا جيب أن نتنبه كمتصلني ،سواء أكنا مرسلني
أم مستقبلني ،إىل حقيقة أن الكلمات من املمكن أن تفسر بشكل خمتلف
باختالف األفراد.
قد حيدث سوء الفهم بسبب اختالف الثقافات ،فيتعقد تفسري الكلمات
عندما ندخل يف اتصال يومي مع أشخاص من ثقافات خمتلفة .الكلمات نفسها
قد تعين أشياء خمتلفة يف ثقافات خمتلفة .فكلمة «صنة» تعين رائحة يف دول
املغرب العربي بينما تعين الكلمة ذاتها الرائحة الكريهة يف مناطق أخرى من
العامل العربي ،و كلمة ماشي تعين املوافقة يف مصر ،بينما يف اليمن كلمة
ماشي تعين الرفض.
نقل األخبار و اإلشاعات)gossip(:
أما احلديث عن اآلخر أو”القيل والقال” فيتدرج من نقل األخبار إىل ترويج
اإلشاعات املغرضة أو املعلومات اخلاطئة ،وأحيانا نستخدم الغيبة للتأكد من
نظرة شخص ما يف تصرفات اآلخرين ،فمن املمكن أن حندث أبناءنا عن فالن،
ً
أحيانا الذي رأيناه يدخن السجائر ،لنناقش مسألة التدخني .ونتناقل األخبار
أخرى لبناء العالقات ،أو الكتساب معلومات مهمة ،أو لتقييم أفعالنا .وخيتلف
الرجال والنساء يف احلديث عن اآلخر ،فالنساء يناقشن العالقات ،بينما ترتكز
أقاويل الرجال على أشخاص يف مكان العمل.
وتكمن خطورة نقل األخبار يف النقل اخلاطيء للمعلومات ،لرتويج إشاعة
مثال .وغالبا ما جند أنفسنا قد بدأنا برتويج اإلشاعات ،ألننا ال نشعر باألمان،
أو ألنه ليست لدينا ثقة بأنفسنا .وعلينا أن نتذكر دائما أن نقل اإلشاعة يسري
بالنسبة لنا ،ولكن ما أن تبدأ اإلشاعة حتى تأخذ حياة كاملة ،من الصعب
التحكم فيها أو وقفها.
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
جيلس الطالب يف حلقة دائرية و خيتار القائد مجلة يهمسها يف ُأ ُذن الشخص
الذي جيلس إىل ميينه .وهكذا ،كل فرد يهمس اجلملة اليت مسعها
للشخص الذي يليه ميينا .وبعد أن يسمع آخر شخص اجلملة يقوهلا بصوت
عال للمجموعة ثم يقول كل شخص ما مسعه ويقارنه باجلملة األصلية.
«أبيا» ،أو «عنيدا» ،و ينتهي األمر أحيانا بسفك الدماء( ».معلوف ،2004 ،ص
)35
تقاطعين».أو»أنت
ِ إن التعميمات قد تفسد العالقات ،فإذا قلنا « :أنت دائما
ال تصغني إلي أبدا ».نكون قد أجحفنا حق الطرف اآلخر ،ألنه بالتأكيد ال
يقاطعنا دائما ،وألنها بالتأكيد تصغي أحيانا .ولو تصرف أحدهم باندفاعية
يف موقف ما ،ألعطيناه صفة التهور ،ونسينا كل صفاته األخرى.
وهناك طرق للتخفيف من التعميمات يف االتصال ،الشرح ينبه إىل االختالفات
اليت متيز أعضاء معينني من اجملموعة ،وبالتالي ،يقـلل من التعميم ،الشرح
يفيد الشـخص أو الفكرة أو احلـدث أو الشيء الذي تتضمنه التعميمات ،فإذا
مسعت أحدهم يقول« :كل الرياضيني أغبياء» أو أي عبارة جتمع البشر أو
األحداث أو األشياء أو األحداث يف خانة واحدة سله فورا« :عن أيهم بالضبط
تتحدث؟».
التأريخ هو أيضا تقنية أخرى للتقليل من شأن التعميمات ،فلو قلنا« :عرفت
مرحا “ ،وحنن نتحدث هنا عن شخص يتسم باجلمود ً فالنا منذ سنتني وكان
والكآبة يف الوقت الراهن ،لعرف السامع بأن الشخص رمبا تغري ،ولن ينعتنا
بالكذب ،بالتذكري بتاريخ احلدث حنن نعرتف بأن األشياء تتغري مع الزمن،
ونزيد من مصداقية العبارة .والتأريخ أيضا قد يعطينا معلومات مثينة تساعدنا
على فهم الرسالة املعنية أو املقصودة.
التطرف يف الكلمات (: )polarization
واللغة قد تسبب التطرف الذي يعين أن تنظر إىل األشياء كأقطاب متنافرة:
غين /فقري ،مجيل /قبيح ،كبري /صغري ،مرتفع /متدن ،جيد /سيء ،ذكي/
غيب ،بالرغم من أن أغلب األشياء تقع يف الوسط ما بني الطرفني .من املمكن أن
ً
مستحيال يكون التطرف مدمراً ،ويوجه اخلالف إىل درجة أنه جيعل االتصال
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
حنن ال نتخلى عن وجهات نظرنا ،إذا وضعنا وجهة نظر اآلخر يف عني االعتبار.
هداما يف معظم الوقت ،خصوصا إذا حاولنا ً بل إن متسكنا بآرائنا يكون
فرض هذه اآلراء على اآلخرين ،أو كبت وجهات نظرهم ،فمثال ،إذا ق ّيمنا
أستا ُذنا مبا ال يرضينا ،فلنحاول فهم :لمِ َ فعل ذلك ؟ بالرغم عن عدم رضانا
عن هذا التقييم ،فإذا فهمنا األساس الذي ُق ِّيمنا عليه قد نستطيع التحسني
من أنفسنا ،فيما بعد .أما إذا أصررنا على أن نسري على نفس الوترية ،فقد
حنصل على درجات متدنية يف النهاية .معظمنا يتطور بسبب االختالف ،ولكننا
سنتطور أسرع لو كنا نسمع ونقدِّر .فلنقدر اآلخرين لنمهد الطريق لعالقات
ناجحة.
لو قال لنا أحدهم« :ال داعي ألن تشعر بهذا الشكل» ،أال نشعر بالغضب ،ألنه
أشعرنا بأن أحاسيسنا غري مهمة؟ ولو قال لنا آخر« :كيف تفكر بهذا الغباء
؟ « أال نشعر بعدم الرضى؟ املتصلون الفعالون ال حيقرون ما يقوله اآلخرون،
أو ما يشعرون به ،حتى وإن كنا ال نشعر أو نفكر بالطريقة نفسها ،ما زلنا
نستطيع احرتام اآلخر لكونه هو اخلبري مبا حيس ويفكر.
أحيانا جند أنفسنا نتحدث بلسان أشخاص يستطيعون التحدث عن أنفسهم.
الوالدان يتحدثان نيابة عن أطفاهلم ،واألوالد يتحدثون بدال من أمهاتهم الكبريات
السن ،وكأننا ال ننتبه -أحيانا -إىل أننا نأخذ القوة من اآلخرين ،حني نتحدث
بألسنتهم .ومن املفرتض أيضا أال نعتقد بأننا نفهم ما يفكرون أو يشعرون به.
شخصيا متفرداً بذاته .ونادراً
ً ً
كال منا إن خرباتنا يف احلياة وتفسرياتنا جتعل
ما نفهم ما يشعر به اآلخرون ،أو يفكرون فيه ،وبالرغم من أنه ميكننا وضع
أنفسنا مكان اآلخر ،إال أنه ال جيب أن نعتقد بأننا نفهم اآلخر – متاما -
ً
خصوصا إذا كان خيتلف عنا بشكل كبري.
علينا أال نعتقد بأننا نفهم البشر ،من ثقافات أخرى ،حتى وإن كانوا من
جمتمعنا نفسه .من املهم جدا أن حنرتم آراء اآلخرين ،ونعرتف بها ،فنحن نتطور
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
إذا كنا منفتحني على مشاعر اآلخرين وأفكارهم ،وإذا مل نفهم ما يقوله
اآلخر ،فليس أسهل من أن نقول له« :ما الذي تعنيه بقولك ؟ «.
لنستخدم لغة دقيقة (:)accuracy
استخدام لغة خاطئة قد يشوه رسائلنا ،ويضلل املتلقي ،ويقلل من مصداقيتنا.
حني نتحدث جيب أن يكون هدفنا حمدداً ،كي ال نفسح اجملال لتفسريات
خاطئة .جيب أن نسأل أنفسنا باستمرار« ،ما الذي نريد قوله ؟» و»ما الذي
نعنيه؟» وإذا كنا حباجة للقاموس ،فلنستعن به لنتأكد من صحة اختيارنا
للكلمات اليت قد توضح رسالتنا أكثر.
كلما استخدمنا الكلمات بدقة أكرب ،كلما وجدنا الكلمة الصحيحة ،اليت
توضح املعنى املقصود بصورة أفضل .ومن اجملدي أن حناول إثراء مصطلحاتنا،
ومن أفضل الطرق إلثراء املصطلحات حسن االستماع والقراءة .وعلينا أن ننتبه
للكلمات اليت ال نفهمها ،وحناول فهمها من سياق احلديث ،ثم نرجع للقاموس
للتأكد من معناها .عندما نتعلم كلمة جديدة لنحاول استخدامها فورا،
وقتا وجمهوداً،
فالكلمات اليت ال تستخدم تنسى بسهولة .وإثراء اللغة يتطلب ً
ولكن مع املمارسة ستصبح تلك الكلمات جزءاً من مفرداتنا اليومية.
حني خنتار الكلمات علينا جتنب املفردات الطويلة ،أو غري املعروفة ،إذا كنا
نستطيع استخدام كلمات قصرية ومعتادة ،تفي بالغرض .وعلينا أن نتأكد
من أننا نعرف احتماالت معاني الكلمات ومدلوالتها عند استخدامنا هلا ،ألن
الكلمات هلا معان خمتلفة عند اجملموعات املختلفة من البشر ،كما علينا
جتنب الكالم العام ،فمثال ،بدال من أن نقول« :أنت ال تصغي ملا أقول» لنقل:
«أنت مل تشعر بي حني تأملت ،ومل تفرح حني كنت سعيدة « .وإذا بدا لنا كالم
ً
جماال اآلخر ً
عاما وغري واضح ،علينا أن نسأله عما يعنيه ،وال نرتك للتأويالت
يف احلكم على أقوال اآلخرين.
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
بعض الرسائل ال تكون واضحة ،ألنها مل يتم صياغتها بشكل جيد .فاجلمل
والكلمات الضعيفة قد تدمر وضوح الرسالة ،فمثال ،يف بعض اإلعالنات
حياول املعلن أن يضع أكرب قدر من املعلومات يف مجلة واحدة قصرية ،فتكون
النتيجة ظهور إعالن مثل( :مطلوب للتأجري ،شقة بأربع غرف لزوج حريص بدون
أطفال) .إن الذي وضع اإلعالن كان يعرف ما يريد قوله ،ولكن الرسالة
ظهرت بشكل غري واضح ،ألنه مل يصغها بشكل جيد ،فنحن ال نعرف هل
يريد الشخص تأجري أو استئجار شقه ؟! هل هو وزوجته الزوج احلريص ،أم
يطلب زوج حريص بدون أطفال؟!
ولكي نكون متحدثني جيدين علينا أال نتوقع أن ما هو واضح لنا واضح
للجميع ،علينا أن نتنبه لعدم عمومية املعنى ،خصوصا إذا كنا نلقي خطبة
جملموعة ال ميكنها املقاطعة (عرب املذياع مثال) .وعلينا أن نعمل -جاهدين
مفهوما ،باستخدام كلمات حمسوسة وواضحة ً
بدال من ً -لنجعل ما نعنيه
استخدام كلمات جمردة ،وكذلك أن نعي دالالت األلفاظ اليت نستخدمها.
إن اللغة تتغري كما تتغري معاني الكلمات وتظهر كلمات جديدة ،ألسباب
اقتصادية أو سياسية أو حتى اجتمــــاعية .فكلمـــات مثل ( عوملة وسعودة
ووهابية ) فرضت علينا مع التغيري احلاصل يف العامل .وبعض الكلمات ليس هلا
معان واضحة وحمددة ودقيقة .زمالء العمل قد حيملون معان خمتلفة للكلمات
نفسها ،ومن هنا قد ينشأ اخلالف ،فكلمة ( صديق ) قد تعين بالنسبة لنا
أي شخص من املمكن أن تربطنا به زمالة ،وبالنسبة آلخرين قد تعين الشخص
الذي نسر له مبكنونات أنفسنا .بداية السنة -بالنسبة لنا -هي حمرم الذي قد
يصادف شهر يوليو يف منتصف السنة امليالدية ،أو شهر أكتوبر يف آخر السنة
امليالدية ،بالرغم من أن الكلمات واحدة إال أنها قد حتمل معاني خمتلفة بسبب
ً
اختالفا يف املعاني ،فنحن اخلربة واملك ّون الثقايف ،العمر أيضا قد يسبب
واألطفال ال نعي الكلمات بنفس الطريقة.
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
وحني نقيم األفراد علينا أن ننتبه إىل أن البشر ليسوا ثابتني على حال واحدة،
ففاطمة اليت كانت أنانية يف سن املراهقة قد ال تكون أنانية بعد ما أصبحت
امرأة ناضجة ،وحسن الذي مل يكن يشعر باملسؤولية سابقا رمبا أصبح يشعر
بها اليوم .وعلينا أن حناول أن نعي كل هذه االختالفات ،ومدلوالت األلفاظ لدى
األفراد املختلفني ،للتأكد من وصول رسالتنا باملعنى الذي قصدناه.
لنستخدم لغة شارحة (:)explanatory
بقدر ما نعطي من الشرح يزيد كالمنا وضوحا ،فاللغة أحيانا تكون
وقتا وجهداً ،وعلينا أن
كالشـفرة ،وكسر رموز هذه الشفرة غالبا ما يأخذ ً
حناول إعطاء مفاتيح الشفرة بأكرب قدر من الشرح .لو أخذنا كلمة ( ِق ّط )
مثال ،لوجدنا أن صورة القط يف خميلتنا ختتلف من شخص آلخر ،بعضنا يرى
صورة لطيفة ،وبعضنا اآلخر يرى صورة مرعبة .فإذا كنا نتحدث عن قط معني
علينا أن نعطي أكرب قدر من األوصاف للقط الذي نتحدث عنه ،وعلينا أن ننتبه
بأال خنلط أوصافنا بالتحليالت والتفسريات الشخصية.
لننظر إىل رسالة الشيخ ،حني سأله حممد إسالم -قبل أن يعلن إسالمه -عن
سبب حركات اجلسد يف الصالة“ :وبأية طريقة أخرى -إذاً -جيب أن نعبد
اهلل ؟ أمل خيلق الروح واجلسد ؟ ...أفال جيب أن يصلي اإلنسان جبسده كما
يصلي بروحه ؟” كان من املمكن أن يكتفي الشيخ بهذا ولكنه فضل أن
يوضح الرسالة أكثر فقال:
“امسع ،سأفهمك مل نصلي حنن املسلمني كما نصلي .إننا نولي
وجوهنا حنو الكعبة ،بيت اهلل احلرام يف مكة ،مدركني أن املسلمني
كلهم ،حيثما كانوا ،مولون وجوههم حنوها يف صالتهم ،وأننا كجسم
واحد وأن اهلل هو حمور تفكرينا مجيعا .حنن نقف أوال مستقيمني ونقرأ
شيئا من القرآن الكريم ،ذاكرين أنه كلمة اهلل أنزهلا على اإلنسان
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
كيما يكون رصينا مستقيما يف احلياة .ثم نقول :اهلل أكرب مذكرين
أنفسنا بأنه ما من أحد يستحق أن يعبد إال هو ،ونركع ألننا نعتربه فوق
كل شيء ،ونسبح بعزته وجمده .وبعد ذلك نسجد على جباهنا ألننا
نشعر بأننا لسنا جتاهه إال من العدم والرتاب ،وأنه هو الذي خلقنا وهو
ربنا األعلى .نرفع وجوهنا عن األرض ونبقى جالسني ،داعني إليه أن
يغفر ذنوبنا ،وأن يتغمدنا برمحته ،ويهدينا الصراط املستقيم ويهبنا
العافية والرزق .ثم جنلس ثانية على األرض ونلمس الرتاب جبباهنا جتاه
عزة الواحد األحد وعظمته .وبعد ذلك نستوي جالسني وندعو اهلل أن
يصلي على النيب حممد الذي أبلغنا رسالته ،كما صلى على األنبياء من
قبله ،وأن يباركنا أيضا ومجيع من يتبعون سواء السبيل ،ونسأله أن
يهب لنا يف الدنيا حسنة ويف اآلخرة حسنة .ويف النهاية ندير رؤوسنا إىل
اليمني وإىل الشمال قائلني“ :السالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته”،
وبذلك حنيي كل من كانوا صاحلني] ،أينما[ كانوا( ”.البعلبكي،
،1997ص )101
ً
إرباكا للزميل الذي دعوناه ،وعلينا أن إن جمرد توجيه دعوة للغداء قد تسبب
نوضح للزميل أننا ندعوه للغداء ،للتحدث عن احملاضرة السابقة ،أو للعمل على
العرض اجلماعي ،أو لتعزيز عالقتنا االجتماعية ،أو فقط للتعرف على بعضنا
ً
بعضا أكثر يف حميط آخر.
حتمل املسؤولية هلا معان كثرية! من املمكن أن تعين عمل كل ما هو
مطلوب منا عند بعض األشخاص ،وقد تعين لدى اآلخرين القيام بأعمال غري
متوقعه .قد يتهم بعض اآلباء أبناءهم بعدم حتمل املسؤولية ،ألنهم ال حياولون
اسـتغالل أوقات فراغهم بعمل مفيد ،بينما ال يفهم األبناء مل يظن آباؤهم بأنهم
غري مسؤولني ،ما داموا يعملون كل ما هو مطلوب منهم ،لو قال اآلباء ألبنائهم:
“نريدكم أن تكونوا أكثر حتمال للمسؤولية ،فعليكم أن تقوموا بتنظيف
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
ً
ألفاظا وجلعل الرسالة أكثر حيوية علينا أن نعطي معلومات أكثر ،ونستخدم
ممتعة ،باستعمال مجل مثل“ :حققوا أحالمهم ووجدوا قرب امللك الفرعوني الذي
ً
وإمتاعا للرسالة ،فهناك فرق بني تلك العبارة حبثوا عنه مطوال” تعطي حركة
احليوية النشطة ،وعبارة “القرب القديم وجد بواسطة منقيب آثار” .واللغة املبنية
للمعلوم أوقع على السمع من تلك املبنية للمجهول.
بالنسبة لبعض علماء اللغة ،نظرتنا للعامل من حولنا هي يف األساس جمازية،
اجملاز يبين أفكارنا ويبين كيفية رؤيتنا لألشياء ،اجملاز يعين أن ترتبط
الكلمة أو العبارة بشيء ،أو بفكرة ال عالقة هلا بها .اجملاز الواضح جيعل
الفكرة أكثر وضوحا وحتديدا“ .فكرتك عائمة ،صباحك فل ،نهارك
أغرب ،باب النقاش مفتوح” كلها جمازات تعطي اللغة حيوية .اجملاز مرتبط
بالثقافة ومعظم اجملازات هلا معنى فقط يف داخل اجملموعة اليت تستخدمها.
علينا جتنب استخدام اجملازات املهينة لشخص ،أو جملموعة من األشخاص،
كما حناول جتنب استخدام املصطلحات اليت استهلكت لدرجة أنها مل تعد
كلمات وصور جديدة
ٍ تثري املخيلة ،ونستطيع أيضا كسب مجهورنا باستخدام
لطرح أفكارنا بطريقة جديدة وممتعة ،ولكن علينا أن نتنبه إىل عدم استخدام
كلمات وصور غري مفهومة أو معقدة.
ال يتعلم اجلميع بنفس الطريقة ،فبعضنا قد يتعلم بسماع احملاضرات يف
جمموعات كبرية بينما يتعلم البعض اآلخر بطريقة أفضل يف وسط جمموعة
صغرية أو فرديا ،البعض حيتاج لرؤية الكلمات ليهمها بينما حيتاج البعض
لسماعها أو ملسها .كمتصلني ،علينا أن نستخدم كلمات جتعل املستمعني
يروا و يسمعوا و حيسوا لنجذب انتباه كل أصحاب األمناط املختلفة يف التعلم.
لنجذب البصريني علينا أن نستخدم كلمات مثل :تركيز ،نظر ،ملون ،فاتح،
عرض ،ختيل ،تصوري ،ارسم ،واضح ،خمفي ،الحظي ،و للسمعيني نستخدم
كلمات مثل :أنصت ،رنني ،تعليق ،صوت ،عالي ،صراخ ،صمت ،همس،
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
قالت ،هدوء ،نادى ،صاخب ،أما للحسيني فنستخدم كلمات مثل :يشعر،
ضغط ،تؤمل ،حس ،شديد ،يدفع ،يهتز ،ثقيل ،تلمس ،جامد ،جوع ،يغذي
(.)Scott & Brydon, 1997
كيف نصف منظر الغروب يف مجلة واحدة مرة لذوي النمط احلسي من
التعلم ،و مرة لذوي النمط البصري؟
األوزان بكلمة مثل “دب» ،أو بطيء الفهم بكلمة مثل “محار» ،ولو كان على
سبيل املزاح ،فاختياراتنا األخالقية للكلمات ال حتكم فقط على أشكالنا
أمام اآلخرين ،بل حتكم أيضا على نوعية العالقة اليت نقيمها معهم ،وغالبا
ً
ألفاظا الشخص الذي يريد عالقة مبنية على االحرتام سيتجنبنا لو استخدمنا
مثل تلك.
إن استخدام اللغة غري املالئمة للموقف قد يضيع مصداقية املتحدث ،وتفهم
رسالته بشكل خاطئ وبالتالي ال يستمع ،وعلينا أن نعرف بأنه ليس كل صحيح
ً
مالئما ،فنعتنا ألحدهم بالكذب ،حتى وإن كان كاذبا ،غري مالئم يف أغلب
األحيان ،فمن املهم -إذاً -أن نق ّيم كل موقف ،وأن نعدل رسالتنا مبا يتالءم مع
املوقف .فاستخدام اللغة غري الالئقة والقواعد غري الصحيحة واللهجات اخلاصة
ال يكون مالئما يف األحاديث العامة.
علينا أن نتجنب استخدام كلمات قاطعة مثل «دائما» و»أبدا» و“مستحيل»،
فلوقلنا قبل مائة عام بأن الصعود للقمر مستحيل ،لوجدنا أنفسنا يف حرج اليوم.
كلمات مثل «غالبا» و»نادرا» و»رمبا» أجدى باالستخدام ،لكونها أقل حدة
وأكثر مصداقية.
ولكي نتأكد من أن اللغة مالئمة علينا أن نضع يف اعتبارنا أن لألفراد
أساليب خمتلفة يف التعلم ،فبعضنا يتعلم برؤية الكلمات ،وبعضنا اآلخر
ً
طبعا ال نستطيع استخدام بطاقات يتعلم بسماعها ،وآخرون يتعلمون بلمسها.
وأغان وأشياء ملموسة ،طوال فرتة حديثنا ،ولكن توجد أساليب مساعدة
لتكوين صورة أو صوت أو إحساس .لألشخاص الذين يعتمدون على النظر يف
التعلم نستخدم كلمات مثل (مشرقة ،أخضر ،مجيل ،ختيل ،ارسم) ،وللذين
يعتمدون على السمع نستخدم كلمات مثل (امسع ،انصت ،صفق ،اصرخ،
عالي ،صوت) وللذين يعتمدون على احلس نستخدم كلمات مثل (أشعر ،أمل،
ملس ،ثقيل ،جوع ،غثيان))Scott & Brydon, 1997( .
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
« أكثر قوة ومسؤولية من « أنت « ،فإذا قلنا لآلخر أنت جعلتين أشعر ،وأنت
فعلت بي هذا ،نكون قد أعطينا لآلخر السلطة والقيادة « .أنا « تقلل من شعورنا
باالضطهاد وتزيد من دافعيتنا للتغيري « ،أنا « تعطينا الصالحية للتحكم يف
مشاعرنا وتعلم اآلخرين كيف نفسر تصرفاتهم وأقواهلم.
علينا قبل كل شيء أن ندرك مع من نتحدث ،لنعرف كيف نتحدث ،وعلينا
أن نفهم خلفيات وخربات ومعلومات من نتحدث معهم ،لنختار أفضل طريقة
إليصال الرسالة ،كما علينا أن نبدي االحرتام لآلخرين ،ونستخدم لغة تعطيهم
قيمتهم كأفراد .استخدامنا للكلمات بدقة جيعلنا جند الكلمات اليت توضح
املعنى املقصود بصورة أفضل .هناك اختالفات يف مدلوالت األلفاظ لدى األفراد
املختلفني ،وعلينا أن نعي هذه االختالفات للتأكد من وصول رسالتنا باملعنى
كالما مباشراً ،فالكالم املباشر له
ً الذي قصدناه ،ومن األفضل أن نستخدم
مصداقية أكرب ،وجذاب ومقنع أكثر من الكالم الذي حيوي رسائل مواربة.
وأخريا علينا أن نستخدم لغة مسؤولة تعرب عن مشاعرنا وأفكارنا ،دون أن نلوم
اآلخرين على تسببهم بهذه املشاعر أو األفكار.
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
ملخص
يف بداية هذا الفصل حتدثنا عن اللغة و عن أربع من عناصرها :األصوات و
القواعد و الكلمات و املعاني .تعلم استخدام اللغة يؤثر يف عملية االتصال يف
أي موقف ،فالقدرة على استخدام اللغة حتكم على جناحنا ،وجتعل االتصال
ً
شخصيا ،كما تسمح لنا برتمجة أفكارنا ومشاعرنا وجتاربنا برسائل ،وسوء
استخدام اللغة ال يعين سوء استخدام الكلمات وحسب ،بل يؤثر على قدرتنا
على التفكري .وعند كثري من العلماء ،أن الفكر ال ينفصل عن اللغة ،إذا مل
ً
واضحا أصال، جند الكلمات اليت توضح األفكار رمبا ال يكون تفكرينا
ً
مفتوحا وإذا مل نعرب عن أفكارنا بوضوح ودقة فإن الباب لعدم الفهم سيظل
للمتلقي .عناصر اللغة تساعد يف تشكيل رسائلنا ليفهمها معظم الناس ،لذا،
فالقدرة على اختيار عناصر اللغة بدقة ،لبناء ومشاركة الرسائل بدقة ومهارة،
تساعدنا لنصبح ذوي اتصال فعال.
اهلدف من االتصال هو تبادل املعاني ،فإذا مل حتمل اللغة معنى فهي لن
ختدم كثريا ،حنن نربط كلمات معينة مبعان معينة ،ونعتقد أن الصلة بني
الكلمة ومعناها بديهية ،ولكن يف احلقيقة الكلمات مرتبطة اعتباطيا
باملعاني ،الكلمات ليست أشيا َء حمسوسة أو أفكاراً ،ولكنها رموز متثل
أشيا َء وأفكاراً .املعنى -إذاً -ليس يف الكلمات بل يف مستخدميها ،لذا ،فإن
اللغة قد حتجب أو تشوه أو ختفي املعاني وختلق عوائق ،واملتصل الفعال جيد
ً
طرقا جديدة ليفهم ،ولتكون رسائله مفهومة.
اللغة والثقافة واألفكار مرتبطة ببعضها البعض .لكي نكون متصلني
فعالني جيب أن يكون لدينا وعي بكيفية تبادل األفكار مع أناس من ثقافات
خمتلفة ،وحناول جتنب استخدام الكلمات الغريبة ونبدو متفهمني للثقافات
األخرى ومتطلبات اللغة ،ونتدرب جبهد وصرب إلجياد وتبادل الفهم ،علينا أن
االتصال الكالمي ( اللفظي ) الفصل الثالث
)References( املراجع
: املراجع العربية:أوال
: املراجع اإلجنليزية:ثانيا