Professional Documents
Culture Documents
Css Shap 06
Css Shap 06
االتصــــــال الشــــــخصـي
وبنــاء العالقــات اإلنســـانية
الدكتور /سليمان بن عبد الرمحن آل الشيخ
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
متهيد
ً
إعالنا عن وظائف شاغرة ؟ البد أنك قد الحظت هل قرأت ً
يوما ما يف الصحيفة
أن العديد من الشركات تشرتط يف موظفيها «القدرة على االتصال الشخصي
باآلخرين» .ولكن ما معنى أن يتمتع اإلنسان بقدرة جيدة على االتصال الشخصي
باآلخرين؟ وما أثر ذلك على جناحه يف حياته ؟ وهل االتصال الشخصي ضروري
ً
أيضا حلياتنا الشخصية يف تعاملنا مع آبائنا حلياتنا الوظيفية فقط أم أنه مهم
وزوجاتنا وأبنائنا وأصدقائنا؟ إن اهلدف الرئيسي هلذا الفصل هو اإلجابة عن
هذه التساؤالت.
ميكن تعريف االتصال الشخصي بأنه« :تبادل للمعلومات حيدث بني شخصني
أو أكثر» .فرمبا حيدث االتصال الشخصي بني أفراد اجملموعات الصغرية
ً
أيضا بني أفراد اجملموعات املكونة من أربعة أو مخسة أفراد .وقد حيدث
األكرب كفريق كرة القدم أو أحد األندية الطالبية باجلامعة ،حيث تكون
معرفة أعضاء اجملموعة ببعضهم البعض جيدة .إال أن االتصال الشخصي يكون
يف العادة أفضل عندما حيدث بني شخصني اثنني فقط.
وال يكتمل احلديث عن االتصال الشخصي دون ربطه بالعالقات الشخصية
اليت نكونها مع الناس من حولنا ،سواءاً أكانت هذه العالقات حديثة أم قدمية،
وقتية أم طويلة املدى ،سطحية أم محيمة ،مستقرة أم مضطربة ،ملئى باحلب أم
البغض ،مهمة أم ثانوية ،إىل غري ذلك .فبغض النظر عن الطريقة اليت نصف
بها عالقاتنا باآلخرين فنحن حنتاج إىل إنشاء مثل هذه العالقات وإىل احملافظة
عليها وإىل التواصل املستمر مع أطرافها من خالل االتصال الشخصي .وبعبارة
أكثر دقة ،ميكن القول بأن إنشاء العالقات الشخصية مع اآلخرين وتدعيم
هذه العالقات أو تأكيد وجودها أو إضعافها أو تأجيلها أو إنهائها حيدث من
خالل التواصل معهم.
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
الشاب رأس والديه أو يعانق صديقه الذي رجع بعد سفر طويل).
االنتماء:
إن حاجة اإلنسان ألن يكون جزءاً من جمموعة من البشر تعترب من أقوى
احلاجات اإلنسانية على اإلطالق .إذ ال يستطيع اإلنسان أن يعيش يف
هذا العامل مبعزل عن اآلخرين .فنحن نتناول الطعام مع جمموعة من
األشخاص ونستمتع بأوقاتنا مع جمموعة أخرى ،ونسعى للتحصيل العلمي
مع جمموعة ثالثة ،ونتشوق إىل العمل بعد التخرج مع آخرين .إن انتمائنا
إىل اجملتمع من حولنا هو يف احلقيقة مطلب أساسي الستمتاعنا باحلياة.
اهلروب:
يقوم اإلنسان بني الفينة واألخرى باالتصال الشخصي مع بعض املقربني
ً
فمثال ،لو راقبت سلوكك إليه للهروب من زمحة الدنيا وأعباء العمل.
خالل األيام اليت حددتها لكتابة حبث ألحد املواد اليت تدرسها لوجدت
أنك ستكثر من االتصال الشخصي (وبكل صوره) مقارنة باأليام
األخرى ،فهل فكرت ً
يوما يف السبب وراء ذلك.
االسرتخاء:
كثرياً ما جتدنا نتحدث مع األهل واألصدقاء ً
طلبا للراحة واالبتعاد عن
أعباء اليوم .فنحن نتحدث مع زمالئنا خالل فرتات الراحة ،ومنضي
بعض الوقت مع الزوجة بعد العودة من العمل ،وخنرج للتنزه مع أصدقائنا
يف عطلة نهاية األسبوع ،كل ذلك بهدف االسرتخاء.
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
السيطرة:
فحاجة اإلنسان إىل السيطرة على جمريات حياته وعلى الوقائع اليت حتدث
أمامه تدعوه إىل التواصل مع من حوله من أشخاص .وقد يكون هذا
التواصل يف صور عدة لعل من أبسطها حماولة إقناع صديق بتناول وجبة
الغداء يف مطعم ما على الرغم من أنه يفضل تناول الطعام يف مطعم آخر.
مهما جداً للشخص كمحاولةويف أحيان أخرى يكون موضوع النقاش ً
طالب اجلامعة إقناع والديه بالتخصص الذي يرغب يف االلتحاق به أو
حماولة املرأة إقناع زوجها بالسماح هلا بالعمل.
الصفات األساسية لالتصال الشخصي :
ً
خاصا االتصال الشخصي هو تفاعل بني عدد من األفراد يتصف بكونه
ً
وشخصيا باملقارنة باالتصال الذي حيدث مع اجملموعات األكرب ،كما أنه يتأثر
بالبيئة االجتماعية اليت ينتمي هلا كل من هؤالء األفراد ومبجرد كونهم ذكوراً
إناثا .وفيما يلي شرح مبسط لكل من هذه الصفات أم ً
اخلصوصية:
يتواصل البشر مع من يرتبطون معهم بعالقات شخصية بطريقة فريدة وخاصة
بتلك العالقات .وبعبارة أخرى ،إن عدم وجود أي خصوصية يف االتصال ينفي
ً
شخصيا .فعلى سبيل املثال ،يتحدث النادل مع مجيع كون هذا االتصال
العمالء يف مطعمه بنفس الطريقة («هل تريد يا سيدي سلطة مع الوجبة؟»).
ويكون االتصال يف هذه احلالة غري شخصي .ولكن قد يتحدث النادل مع أحد
العمالء املداومني على تناول الطعام باملطعم بطريقة أكثر خصوصية («كيف
ً
اتصاال كان االمتحان يف الليلة املاضية؟») .ويف هذه احلالة فإن االتصال يعترب
ً
شخصيا.
إن هذه اخلصوصية اليت يتصف بها االتصال الشخصي جتعله مميزاً عن
االتصال اجلماهريي .ففي االتصال اجلماهريي يقوم املتحدث بالتواصل مع
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
إن األشخاص املنخرطني يف عالقات شخصية يتفقون على وضع معاني خاصة
لبعض الكلمات والعبارات القصرية ،وإليك املثال التوضيحي التالي:
منذ خترجي وحتى اآلن عملت مع ثالثة مدراء ،كل منهم له
شخصيته املختلفة .كان األول جاداً يف عمله على اإلطالق ويف
ً
قاسيا يف تعامله معي .كنت كل األوقات ،كما أنه كان
أحتاشى التحدث إليه ،وعندما أفعل فيكون احلديث ً
دوما عن
العمل .وكان املدير الثاني ودوداً جداً لكنه كان كبرياً يف
السن ،وكان حيب التخييم يف الرب ،وكثرياً ما دار احلديث بيننا
حول أفضل املناطق املناسبة للتخييم خارج املدينة ،إذ أن التخييم
ً
صديقا ً
أيضا .أما املدير الثالث فقد كان هو هواييت املفضلة
ً
محيما أستطيع التحدث معه يف أي موضوع ودون أي تردد.
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
كانت تربطين عالقة وطيدة بأحد جرياني األمريكان والذي دعاني ذات
يوم إىل منزله فقبلت الدعوة دون تردد .طرقت الباب فكان يف استقبالي
ترحيبا كبرياً وأجلسنا يف
ً هو وجار آخر لنا .رحب بي صاحب املنزل
الصالة نتجاذب أطراف احلديث .وبعد برهة ،قال لي « :هل تريد أن
ً
جمامال« :ال شكراً « .ثم طرح نفس السؤال تشرب عصرياً؟» فرددت
على جارنا والذي رد على الفور «نعم» .قام صاحب املنزل وتوجه حنو
املطبخ وأحضر علبيت عصري ،قدم أحدهما جلارنا ،وفتح الثانية وأخذ
يرشف منها بعض الرشفات .شعرت وقتها باإلهانة وهممت بأن أنهض
وأغادر املكان .إال أن أمراً واحداً استوقفين وجعلين أتقبل ما حدث.
كان ذلك هو معرفيت بالعادات والتقاليد للمجتمع األمريكي .فالرجل
مل يقصد اإلساءة لي أبداً ،بل أراد أن يوحي إلي بأنه يعتربني صاحب
املنزل وليس أحد الضيوف الثقالء الذين جيب أن يتعامل معهم برمسية.
صحيح أني تقبلت الوضع وبقيت يف منزله لنصف ساعة من الزمن ،إال
أنين وبصدق كنت شارد الذهن طوال تلك الفرتة.
ينزع البشر يف مثل هذه احلاالت إىل اتهام الطرف اآلخر بقلة الفهم أو سوء
التصرف أو عدم استخدام األعراف والتقاليد املناسبة ،دون مالحظة أن ما قيل
أو حدث كان نتيجة لالختالفات الطبيعية بني اجملتمعات .ويؤدي عدم فهمهم
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
هلذه االختالفات الطبيعية إىل وضع قيود على طريقة تواصلهم مع األشخاص
القادمني من بيئات اجتماعية أخرى.
مترين :
ناقش مع جمموعة من زمالئك أبعاد هذه القصة من خالل اإلجابة على
التساؤالت التالية :
ما هو اخلطأ الذي وقع فيه صاحب املنزل؟ وماذا كان األجدر به -1
أن يفعل؟
هل أحسن صاحب القصة التصرف مع هذا املوقف؟ ماذا كنت -2
ستفعل لو كنت مكانه؟
· االختالف:
على الرغم من أن االختالف يف معتقدات الناس من النادر أن يؤدي إىل
تكوين عالقات شخصية متينة ،إال أن االختالف بينهم يف صفاتهم
الشخصية ميكن أن يؤدي إىل ذلك .فعلى سبيل املثال ،قد تتكون عالقة
وطيدة بني شخصني احدهما يرتدد كثرياً يف اختاذ قراراته واآلخر يتسرع
ً
مكمال لآلخر. يف اختاذ قراراته ،إذ إن كال الشخصني سيكون
· التقارب:
ونقصد به التواصل املباشر الذي حيدث بني البشر عندما يتشاركون
يف جتربة ما كالعمل أو الدراسة .فحتى لو مل تكن هناك أي عوامل
تساهم يف نشوء عالقة بني اثنني (كاألسباب األربعة سابقة الذكر) فقد
يكون جمرد وجودهما يف نفس قاعة احملاضرات لفصل دراسي كامل ،أو
االشرتاك يف نفس املكتب بالشركة اليت يعمالن بها ،أو الوقوف متقابلني
على خط اإلنتاج باملصنع ،جيعلهما قريبني من بعضهما وهذا سيؤدي بالتالي
إىل تكوين صداقات عديدة ورمبا بعض الصداقات احلميمة .ويف املقابل،
قد يفقد املرء بعض الصداقات العزيزة على قلبه عندما يبتعد عنها بسبب
ً
ضروريا فقط إلنشاء انتقاله لالقامه يف مدينة أخرى .لذا فإن التقارب ليس
ً
أيضا. العالقات بني البشر بل للمحافظة عليها
مراحل تطور العالقات الشخصية
تتطور العالقات الشخصية بني البشر بطريقة ميكن التنبؤ بها .وقد عرف
علماء االتصال عدداً من مراحل هذا التطور سواء كانت هذه العالقة يف طريقها
حنو التنامي أو التالشي .فالعالقة الشخصية كدورة حياة الكائن احلي هلا
بداية فحياة فنهاية .إال أن منط التطور يف العالقات الشخصية خيتلف من عالقة
ً
سريعا ،بينما جتد البعض شخصية إىل أخرى .فبعض العالقات الشخصية يتطور
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
ً
سريعا ،يف حني أن اآلخر يتطور ببطء شديد .كما أن بعض العالقات يتالشى
البعض اآلخر يدوم مدى العمر.
وقد حدد العامل مارك ناب ( )Mark Knappمخس مراحل تتنامى من خالهلا
العالقات الشخصية ومخس مراحل أخرى متر بها هذه العالقة وهي يف طريقها
حنو التالشي ،كما أوضح نوع احلديث الذي يتم بني طريف العالقة يف كل
مرحلة من هذه املراحل العشر .وجتدر اإلشارة إىل أنه ليس من الضروري أن
متر مجيع العالقات الشخصية بني البشر بكل هذه املراحل العشر ،بل على
ً
مجيعا (كعالقة محيمة العكس فإن عدداً ً
قليال من العالقات البشرية مير بها
جداً بني صديقني ،أو عالقة رومانسية بني زوجني ).
لنستعرض اآلن هذه املراحل العشر مع الرتكيز على األمناط الفريدة لالتصال
الشخصي يف كل مرحلة منها:
-1البداية (:)Initiating
وهي املرحلة اليت يلتقي فيها األشخاص للمرة األوىل ،وحيدث خالهلا التفاعل
املبدئي بني شخصني يف صورة تبادل بعض األحاديث العابرة أو على األقل تبادل
النظرات فيما بينهما حبيث يالحظ كل منهما اآلخر .وتكون احملصلة النهائية
هلذه املرحلة االهتمام املبدئي بالطرف اآلخر والرغبة يف االلتقاء واحلديث معه
يف املستقبل.
وتتصف هذه املرحلة بالغموض ،حيث يصعب توقع ردة فعل أي من الشخصني
ملا يقوله الشخص الثاني يف حديثه .لذا يلجأ اإلنسان يف مثل هذه احلالة إىل
اختيار مقاطع احلوار املألوفة لدى عامة الناس واليت ال تؤدي إىل شعور الطرف
ً
«مرحبا. اآلخر بعدم االرتياح .فعلى سبيل املثال ،قد نبدأ احلديث بأن نقول:
كيف حالك ؟» فيأتي الرد املباشر« :خبري .كيف حالك أنت ؟» بالطبع حنن
مل نقصد السؤال عن احلالة الصحية للشخص اآلخر ،ولكن يف الواقع أرسلنا
رسالة ضمنية له تقول« :قد الحظت وجودك وأريد أن أحتدث إليك ،هل أنت
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
ً
أيضا ؟» الحظت وجودي وتريد التحدث إلي
-2التجربة (:)Experimenting
يسعى اإلنسان يف هذه املرحلة إىل التعرف على الشخص املقابل واكتشاف
اهتماماته اخلاصة ،ويف املقابل إعطائه الفرصة للتعرف عليه واكتشاف
ً
أيضا .وتتصف هذه املرحلة كسابقتها بدرجة عالية من اهتماماته اخلاصة
األمان االجتماعي ،إذ يعمد اجلميع إىل طرح مقاطع احلوار املألوفة للمناقشة
مثال :حالة الطقس ،األشخاص املعروفني أو إىل استخدام احلديث العابر ( ً
لكليهما ،مباراة كرة القدم ) .ويكون االلتزام حنو الطرف اآلخر حمدوداً،
بل إنه قد يبقى كذلك ما دامت هذه العالقة .وجتدر اإلشارة إىل أن الكثري
من العالقات الشخصية اليت نكونها حنو اآلخرين ال تتجاوز هذه املرحلة .وهذا
ال يعين بالضرورة أن هذه العالقات غري جمدية أو غري مهمة بالنسبة لنا ،بل
على العكس إذ ميكن للعديد منها أن تكون صداقات تشبع بعض احتياجاتنا
الشخصية
وجتدر اإلشارة إىل أن كثرياً من اجلهد الذي يبذل يف هذه املرحلة يتم
توجيهه حنو اكتشاف «املوضوعات ذات االهتمام املشرتك» واليت يستمتع
الطرفان باحلديث عنها ،لتصبح حموراً للتفاعل بني الطرفني ولتوفر فرصة
ً
فمثال ،هب أنك أردت أن تطور ساحنة لتجديد هذه العالقة كلما التقيا ً
سويا.
عالقتك بأحد الطالب الذين يدرسون معك هذه املادة ،ما هي املوضوعات اليت
ستطرحها للنقاش معه كلما التقيتما خارج الصف؟ وماذا تهدف من وراء طرح
هذه املوضوعات للنقاش؟
-3التعزيز /التكثيف (:)Intensifying
ً
التزاما حنو بعضهما عندما يزداد االرتباط بني شخصني ويصبحان أكثر
البعض تكون هذه العالقة قد بلغت حد الصداقة احلميمة .وتكون مظاهر
هذه املرحلة متمثلة يف تكرار اللقاءات بني الطرفني ويف أماكن متعددة .كما
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
أن طبيعة احلوار الذي يتم بينهما يصبح أكثر خصوصية من خالل إفصاح كل
ً
مثال « :أنا أكرب إخوتي منهما عن بعض املعلومات اخلاصة للطرف اآلخر،
لذا فإن أبي يعتمد علي كثرياً يف تنفيذ بعض أعماله» ،أو «أنا ال أجيد قيادة
السيارة» ،أو « أنا إنسان حساس جداً».
وعلى الرغم من هذا االنفتاح يف احلوار بني االثنني ،إال أنهما يظالن حذرين
فيما يتعلق برغبتهما يف تطوير هذه العالقة .ويعمد اإلنسان يف هذه احلالة إىل
تأكيد قبول الطرف الثاني لتطوير العالقة من خالل ( التدرج ) .فعندما يبوح
أحدهما مبشاعره حنو اآلخر فهو ينتظر مساع مشاعر اآلخر حنوه .وإذا قدم
هدية لآلخر تعبرياً عن الصداقة اليت جتمعهما فهو ينتظر هدية مماثلة منه.
-4التكامل (:)Integrating
ميكن للعالقة بني اثنني أن تتطور إىل أن تصل إىل مرحلة التكامل حبيث
يقومان بدمج أنشطتهما ً
معا ،وتنسيق مواعيدهما اليومية ،وتكوين اهتمامات
ومشاعر وقيم مشرتكة فيما بينهما .بل قد جتدهما يسعيان إىل أن يصبح
أصدقاء األول أصدقاء للثاني والعكس صحيح .كما أن الناس من حوهلم
يتوقعون رؤيتهما ً
سويا ،وعندما ال حيدث ذلك ستجدهم يسألون الشخص الذي
ً
عميقا حنو بعضهما ً
التزاما رفيقه.ويكون الرفيقان يف هذه املرحلة
ِّ حضر عن
مشرتكا بأهمية هذه العالقة لكليهما .ويكون االتصال ً
مليئا ً البعض وشعوراً
باملشاعر الفياضة حنو الطرف الثاني ( «يبدو عليك التعب .هل تريد أن أخذك
إىل الطبيب» ) .بل رمبا تتطور العالقة حبيث حيس الواحد من داخله مبشاعر
وقيم الشخص الثاني ( «كم أمتنى لو رافقين حممد إىل املطعم ،أكيد أنه
ً
مشرتكا يكون االثنان تصوراً
سوف يعجب بنكهة الطعام» ) .ومع مضي الوقت ِّ
عن احلياة من حوهلما وعن العالقات اليت تربطهما ،مما يؤدي إىل انتقال لغة
احلوار من الفردية إىل اجلماعية ( «فكرتنا» ً
بدال من « فكرتي «« ،سيارتنا»
ً
أيضا إىل ظهور تشابه واضح يف سلوكهما ً
بدال من «سيارتي» ) .وقد يؤدي ذلك
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
أي رسالة سواء كانت لفظية أم غري لفظية .ويكون اختيار كلمات احلوار
دقيقا جداً وكأن احلديث يدور بني غريبني .وتتقلص قائمة املوضوعات اآلمنة
ً
اليت ميكن طرحها للمناقشة يف حني يصبح احلديث عن العالقة بني االثنني
شبه منعدم.
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
-9التجنب (:)Avoiding
يؤدي توتر العالقة بني الطرفني إىل نوع من االنفصال الشعوري بينهما يف كال
املرحلتني السابقتني .إال أن االنفصال يف هذه املرحلة يتفاقم بشكل ملحوظ
حبيث يعمد االثنان إىل جتنب التواصل املباشر مع بعضهما البعض.
وينقطع االتصال الشخصي بين االثنني مما يعزز حدوث الفرقة فيما بينهما.
ً
مهتما ً
عدائيا («لست ويكون التواصل حمدوداً وموجزاً ويف بعض األحيان
برؤيتك» أو «ال تعاود االتصال بي فليس هناك ما نناقشه») .وقد يصل األمر بني
االثنني إىل جتاهل وجود اآلخر حتى وإن تواجدا يف نفس املكان ،ولسان حال
كل منهما يؤكد على رفض الطرف اآلخر وإنهاء العالقة اليت كانت جتمعهما
فيما سبق.
-10اإلنهاء (:)Terminating
وهي آخر مرحلة من مراحل تالشي العالقة الشخصية حيث يعمد الطرفان
إىل اختاذ اإلجراءات الكفيلة بإنهائها .ويتم إنهاء العالقة بيسر وسهولة عندما
تكون العالقة حديثة (أثناء مرحليت البداية والتجربة) .ويف املقابل فإن إنهاء
العالقة اليت كانت محيمة واليت تطورت مع مضي السنوات العديدة سيصاحبه
مشاعر من احلزن واألسى قد تدوم لفرتة طويلة.
وقد يصاحب مرحلة اإلنهاء بعض اإلمياءات الرمزية كإعادة هدايا الشخص
اآلخر أو إتالف صوره أو إصدار وثيقة الطالق .ويكون االتصال بينهما مرتكزاً
على االحتياجات الشخصية ومفسراً ألسباب إنهاء العالقة اليت كانت جتمعهما
(«أريد االهتمام بنفسي ،فقد ضحيت كثرياً باحتياجاتي الشخصية يف سبيل
عالقتنا» أو «لقد اكتشفت أننا ال نصلح للعيش ً
سويا») .ويوضح اجلدول بعض
األمثلة للحوار الذي ميكن أن يتم يف كل مرحلة من املراحل العشر لتطور
العالقات الشخصية
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
ً
أهال .كيف حالك؟
البداية
خبري .كيف حالك أنت؟
ً
أيضا أحب ذلك. إذاً فأنت حتب لعب كرة القدم .أنا
التجربة
ً
حقا؟ هذا عظيم .أين تلعب الكرة يف العادة؟
أ ..أ ..أحبك.
التعزيز
ً
أيضا أحبك. أنا
التنامي
أنت قطعة من فؤادي.
سبحان اهلل لقد أصبحنا نفكر بنفس النسق. التكامل
أصبح كل ما يسرك يسرني وما يزعجك يزعجين.
أنا مشغول جداً هذه الفرتة وال أعلم متى ميكنين رؤيتك.
التجنب
إذا مل أكن موجود فأنا متأكد أنك ستتفهم ذلك.
علي :ما شاء اهلل ،الطقس اليوم مجيل والسماء بها بعض السحب
خالد :نعم ،احلمد هلل فقد انتهت أيام الصيف احلارة
علي :أمتنى ذلك ،ففي جده السنة كلها صيف إال شهر أو شهرين.
بعد صمت دام برهة من الزمن
علي :مسعت أن املادة ستكون ممتعة وبالذات مع د .أمحد
خالد :نعم ،وأنا مسعت ذلك من أحد الزمالء الذين درسو معه يف
الفصل املاضي.
علي :أمتنى لك التوفيق يف هذه املادة
ً
أيضا أمتنى لك التوفيق ،باملناسبة امسي خالد خالد :وأنا
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
ً
رئيسيا يف احملافظة على األحباث العلمية إىل أن احملادثة العابرة قد تلعب دوراً
العالقة بني الزوجني.
إن طريقة بدء احملادثة العابرة هلا أثر حيوي يف بناء العالقات الشخصية .إذ إن
الكلمات األوىل اليت ينطقها الطرف األول ( وكذلك الرسائل غري اللفظية اليت
ستصاحب تلك الكلمات) تؤثر تأثرياً ً
بالغا على قرار الطرف الثاني يف تبادل
احلديث معه وبالتالي يف رغبته يف إنشاء عالقة شخصية معه يف
املستقبل .وال ننسى أهمية التوافق بني األشخاص من جهة وبني البيئة احمليطة
واإلحياءات غري اللفظية املستخدمة من جهة أخرى .فعلى سبيل املثال ،عندما
يتقابل اثنان يف اجتماع رمسي فإنهما يبدآن اللقاء باملصافحة والتعارف يف حني
يكون احلديث على منت الطائرة بدون تلك املقدمة الرمسية على الرغم من أن
احلديث قد يستمر لفرتة طويلة خترجه عن كونه “حمادثة عابرة”.
وهناك فوائد أخرى للمحادثات القصرية إىل جانب كونها املدخل إلنشاء
العالقات الشخصية مع اآلخرين .فنحن نستخدمها عادة إلشباع حاجتنا لالنتماء
واليت تتطلب تواصلنا املستمر مع اآلخرين .فاحملادثة القصرية يف العادة ال تؤدي
إىل االختالف والتنازع ،بل على العكس فهي تعطي لطريف احلديث شعوراً
بالدعم والتعزيز .إن مثل هذا الشعور بالدعم والتعزيز من كال الطرفني هو
الذي سيولد الرابطة القوية اليت ستجذب االثنني ً
معا لتكوين العالقة الشخصية
واحملافظة عليها.
كما ميكن استخدام احملادثات القصرية للتقليل من مستوى الغموض يف
العالقات الشخصية .فهي طريقة آمنة إلطالع الطرف اآلخر على بعض املعلومات
اخلاصة بنا ،ولالطالع على بعض اجلوانب اخلفية من شخصيته يف نفس الوقت.
ً
مرهونا بكيفية تطور العالقات اليت ننشئها ويبقى اإلفصاح عن ذواتنا لآلخرين
معهم ،كما سيتم توضيحه فيما بعد.
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
مجيع املعلومات املتعلقة بذلك الفرد .ولتوضيح كيفية حدوث عملية اإلفصاح
ً
منوذجا أطلقا عليه لقب «نافذة جوهاري» (Johari عن الذات فقد طور العاملان
)Windowحيث مت تقسيم الذات البشرية إىل أربع مناطق رئيسية (انظر الباب
الثاني صفحة ).
عوائق اإلفصاح عن الذات:
ً
خوفا من العواقب اليت كثرياً ما يرتدد اإلنسان يف اإلفصاح عن ذاته لآلخرين
قد جينيها من وراء ذلك ،واليت منها :
· اخلوف من ظهور عيوبك لآلخرين :فاإلفصاح عن الذات سيظهر للطرف
اآلخر القصور يف شخصيتك أو يف املهارات اليت تتمتع بها .وهذا ما
يدعو كثرياً من الرجال إىل الرتدد يف طلب املساعدة عندما يضلون
الطريق لكي ال يظن الطرف املقابل أنهم تائهون أو أنهم ال ميلكون
القدرة على حتديد االجتاهات.
ً
شخصا ما على · اخلوف من أي يصبح رفيقك ناقداً لك :فعندما تطلع
نقاط ضعفك فإنك بالتالي ستصبح عرضة هلجومه عليك .املثال التالي
يوضح هذا املعنى:
ذات يوم أطلع خالد زميله حممود على سر دفني كان قد خبأه عنه لسنوات
عديدة .فقد تسبب وهو يف مقتبل عمره يف حادث سري أدى إىل وفاة ثالثة
أشخاص .كم كانت تلك احلادثة مؤملة خلالد مما دفعه إىل اإلفصاح عنها
لصديقه العزيز ليخفف عليه ثقل اهلم الذي أصابه .وبعد مرور فرتة من
غاضبا جداً فقال خلالد:
ً الزمن حدث خالف بني الزميلني ،وكان حممود
«أنت إنسان متهور وقاتل وتستحق السجن مدى احلياة».
·
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
ً
جالسا يف كفرتيا املصنع مع بعض زمالئي املهندسني لتناول وجبة كنت
الغداء ،وكان احلديث يتناول املوضوعات التقليدية :أداء العمال ،سوء
الوجبات يف الكفرتيا ،جداول اإلنتاج والصيانة .وقد اعتذر بعض الزمالء
قبل انتهاء وقت الراحة خبمس دقائق وبقيت وحيداً مع مهندس جديد
انضم إىل الشركة يف األسبوع املاضي .كانت هذه أول مرة أتعرف عليه،
ً
قائال« :كيف وجدت وجبة الغداء؟» صمت فقررت أن أبدأ معه احلديث
الرجل للحظة ثم قال« :أنا عندي مشكلة مستعصية يف جهازي اهلضمي.
ختيل أني ال أستطيع أن أبقي الطعام يف معدتي أكثر من مخس دقائق .أنا
عندي مشكلة استفراغ مزمن» .كان ذلك بالتأكيد أكثر بكثري مما
أردت مساعه.
له همومه وأحزانه .إن اإلفصاح املتبادل له فائدة كبرية يف قياس درجة
ارتباط االثنني بهذه العالقة .فمن خالل تبادل اإلفصاح عن املعلومات
فإن االثنني خيربان بعضهما البعض بأنهما ملتزمني بهذه العالقة.
)4استخدم اإلفصاح لتدعيم العالقة :تذكر أن اإلفصاح عن الذات
يتطلب بعض املخاطرة ,إذ إنك لن تعلم ردة فعل الطرف اآلخر إال بعد أن
حتدثه مبا تريد .فإذا أردت جتنب هذه املخاطرة فقد يكون من املناسب
أن حتدث الطرف اآلخر عن املوضوع بشكل عام و من ثم تال حظ ردة
فعله قبل أن حتدثه عن خربتك اخلاصة يف هذا املوضوع .لنبحث عن
دوافعنا لإلفصاح عن الذات .لنسأل أنفسنا ملاذا نريد أن نطلع الشخص
املقابل على هذه املعلومة بالذات؟ وهل سيؤدي ذلك إىل تطوير العالقة
معه أم العكس؟ كل منا حيمل أسراراً لعل من األنسب إبقاءها كذلك.
فإطالع اآلخرين على هذه األسرار قد يعود بالضرر علينا أو يضعف ثقة
الشخص املقابل فينا .فعلى الرغم من أن بعض األسرار تكون ثقيلة جداً
لنتحملها لوحدنا ،إال أنه قد يكون من األفضل للمحافظة على العالقة
عدم اإلفصاح عن هذه األسرار للطرف اآلخر.
االتصال الشخصي وبناء العالقات االنسانية الفصل السادس
املراجع األجنبية
− Beal, M. L.; Shaw, M. M.; & Seiler, W. J. 2006. Instructor’s Resource
Manual for Communication: Making connections. Boston, MA.: Allyn
and Bacon by Pearson Education, Inc.
− Dobkin, B. A. & Pace, R. C. 2006. Communication in a Changing
World. New York, NY.: McGraw Hill, Inc.
− Hybels & Weaver, 2006;
− Kellerman, K. 1991. The Conversation MOP. Human Communication
Research, 17(3): 388-389.
− Knapp, M. L. & Vengelisti, A. L. 2000. Interpersonal Communication
and Human Relationships. Boston, MA.: Allyn and Bacon by Pearson
Education, Inc.
− Seiler, W. J. & Beal, M. L. 2006. Communication: Making connections.
Boston, MA.: Allyn and Bacon by Pearson Education, Inc.