Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 151

‫النبوات‬

‫بسيييييييييييييييييييييييييييم الليييييييييييييييييييييييييييه الرحمييييييييييييييييييييييييييين الرحييييييييييييييييييييييييييييم‬


‫الحمد لله رب العالمين قال شيخ السلم تقي الدين أحمد بن تيمية رحمه الله‬

‫فصل في معجزات النبياء التي هي آياتهم وبراهينهم كما سماها الله آيات وبراهين‬

‫وللنظيييييييار طيييييييرق فيييييييي التميييييييييز بينهيييييييا وبيييييييين غيرهيييييييا وفيييييييي وجيييييييه دللتهيييييييا‬
‫أما الول فان منهم من رأى أن كل ما يخرج عن المر المعتاد فانه معجزة وهو الخارق للعادة إذا إقييترن‬
‫بدعوى النبوة وقد علموا أن الدليل مستلزم للمييدلول فيلييزم أن يكييون كييل ميين خرقييت لييه العييادة نبيييا‬
‫فقالت طائفة ل تخرق العادة إل لنبي وكذبوا بما يذكر من خوارق السحرة والكهان وبكرامات الصييالحين‬
‫وهذه طريقة أكثر المعتزلة وغيرهم كأبي محمد بن حزم وغيره بل يحكيى هيذا القيول عين أبيي إسيحاق‬
‫السفراييني وأبي محمد بن أبي زيد ولكن كأن في الحكاية عنهما غلطا وإنما أرادوا الفرق بين الجنسييين‬
‫وهؤلء يقولون إن ما جرى لمريم وعند مولد الرسول فهو إرهاص أي توطئة وإعلم بمجيء الرسول فما‬
‫خرقت في الحقيقة إل لنبي فيقال لهم وهكذا الولياء إنما خرقييت لهييم لمتييابعتهم الرسييول فكمييا أن مييا‬
‫تقدمه هو من معجزاته فكذلك ما تأخر عنه وهؤلء يستثنون ما يكون أمام الساعة لكن هييؤلء كييذبوا بمييا‬
‫تواتر من الخوارق لغير النبياء والمنازع لهم يقول هي موجودة مشهودة لمن شهدها متييواترة عنييد كييثير‬
‫من الناس أعظم مما تواترت عندهم بعض معجزات النبياء وقد شهدها خلق كثير لييم يشييهدوا معجييزات‬
‫النبياء فكيف يكذبون بما شهدوه ويصدقون بما غاب عنهم ويكذبون بما تواتر عنييدهم أعظييم ممييا تييواتر‬
‫غيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييره‬
‫وقالت طائفة بل كل هذا حق وخرق العادة جائز مطلقا وكل ما خرق لنبي من العييادات يجييوز أن يخييرق‬
‫لغيره من الصالحين بل ومن السحرة والكهان لكن الفرق أن هذه تقترن بها دعييوة النبييوة وهييو التحييدي‬
‫وقد يقولون إنه ل يمكن‬

‫النبوات‬
‫أحد أن يعارضها بخلف تلك وهذا قول من إتبع جهما على أصله في أفعييال اليرب مين الجهمييية وغيرهييم‬
‫حيث جوزوا أن يفعل كل ممكن فلزمهم جواز خرق العادات مطلقا على يد كيل أحييد واحتياجوا ميع ذليك‬
‫الى الفرق بين النبي وغيره فلم يأتوا بفرق معقول بل قالوا هذا يقترن به التحدي فمن إدعى النبوة وهو‬
‫كاذب لم يجز أن يخرق الله له العادة أو يخرقها له ويكون دليل على صدقه لمييا يقييترن بهييا ممييا ينيياقض‬
‫ذلك فان هذين قولن لهم فقيل لهم لم أوجبتم هذا في هذا الموضع دون غيره وأنتم ل توجبون على الله‬
‫شيئا فقالوا لن المعجزة علم الصدق فيمتنع أن تكيون لغييير صييادق فييالمجموع هيو الممتنييع وهيو خييارق‬
‫العادة ودعوى النبوة أو هذان مع السلمة عن المعارض فقيل لهم ولم قلتم إنه علم الصدق على قولكم‬
‫فقالوا إما لنه يفضي منع ذلك إلى عجزه وإما لنه علم دللتييه علييى الصييدق بالضييرورة فقيييل لهييم إنمييا‬
‫يلزم العجز لو كان التصديق على قولكم ممكنا وكون دللتها معلومة بالضرورة هييو مسييلم لكنييه ينيياقض‬
‫أصولكم ويوجب أن يكون أحد الشيئين معلوما بالضرورة دون نظيره وهذا ممتنع فإنكم تقولون يجيوز أن‬
‫يخلق على يد مدعي النبوة والساحر والصالح لكن إن إدعى النبوة دلت على صدقه وإن لييم يييدع النبييوة‬
‫لم تدل على شيء مع أنه ل فرق عند الله بين أن يخلقها على يد مدعي النبييوة وغييير مييدعي النبييوة بييل‬
‫كلهما جائز فيه فاذا كان هذا مثل هذا فلم كان أحدهما دليل دون الخر ولم إقترن العلم بأحد المتماثلين‬
‫دون الخر ومن أين علمتم أن الرب ل يخرقها مع دعوى النبوة إل علييى يييد صييادق وأنتييم تجييوزون علييى‬
‫أصييييييييلكم كييييييييل فعييييييييل مقييييييييدور وخلقهييييييييا علييييييييى يييييييييد الكييييييييذاب مقييييييييدور‬
‫ثم هؤلء جوزوا كرامات الصالحين ولم يذكروا بين جنسها وجنس كرامات النبياء فرقا بل صييرح أئمتهييم‬
‫أن كل ما خرق لنبي يجوز أن يخرق للولياء حتى معراج محمد وفرق البحر لموسييى وناقيية صييالح وغييير‬
‫ذلك ولم يذكروا بين المعجزة والسحر فرقا معقول بل قد يجوزون أن يأتي الساحر بمثل ذلك لكن بينهما‬
‫فرق دعوى النبوة وبين الصالح والساحر البر والفجور وحذاق الفلسفة الذين تكلموا في هذا الباب مثييل‬
‫إبن سينا وهو أفضل طائفتهم ولكنه أجهل من تكلم‬

‫في هذا الباب فإنهم جعلوا ذلك كله من قوى النفس لكن الفرق أن النبي والصالح نفسييه طيياهرة يقصييد‬
‫الخيييير والسييياحر نفسيييه خبيثييية وأميييا الفيييرق بيييين النيييبي والصيييالح فمتعيييذر عليييى قيييول هيييؤلء‬
‫ومن الناس من فرق بين معجزات النبياء وكرامات الولياء بفروق ضعيفه مثييل قييولهم الكراميية يخفيهييا‬
‫صاحبها أو الكرامة ل يتحدى بها ومن الكرامات ما أظهرها أصحابها كإظهار العلء بن الحضييرمي المشييي‬
‫على الماء وإظهار عمر مخاطبة سارية على المنبر وإظهار أبي مسلم لمييا ألقييي فييي النييار أنهييا صييارت‬
‫عليه بردا وسلما وهذا بخلف من يدخلها بالشياطين فإنه قد يطفئها إل أنهييا ل تصييير عليييه بييردا وسييلما‬
‫وإطفاء النار مقدور للنس والجن ومنها ما يتحدى بها صاحبها أن ديين السييلم حييق كمييا فعيل خالييد بين‬
‫الوليد لما شرب السم وكالغلم الذي أتى الراهب وترك السيياحر وأميير بقتييل نفسييه بسييهمه باسييم ربييه‬
‫وكييييان قبييييل ذلييييك قييييد خرقييييت لييييه العييييادة فلييييم يتمكنييييوا ميييين قتلييييه ومثييييل هييييذا كييييثير‬
‫فيقال المراتب ثلثة آيات النبياء ثم كرامات الصالحين ثم خوارق الكفار والفجار كالسحرة والكهان ومييا‬
‫يحصل لبعض المشركين وأهل الكتاب والضلل من المسلمين أما الصالحون الييذين يييدعون إلييى طريييق‬
‫النبياء ل يخرجون عنها فتلك خوارقهم من معجزات النبياء فإنهم يقولون نحن إنما حصل لنييا هييذا باتبيياع‬
‫النبياء ولو لم نتبعهم لم يحصل لنا هذا فهؤلء إذا قدر أنه جرى على يد أحدهم ما هو من جنس ما جييرى‬
‫للنبياء كما صارت النار بردا وسلما على أبي مسلم كما صيارت عليى إبراهييم وكميا يكيثر الليه الطعيام‬
‫والشراب لكثير من الصالحين كما جرى في بعض المواطن للنبي صلى اللييه عليييه وسييلم أو إحييياء اللييه‬
‫ميتا لبعض الصالحين كما أحياه للنبياء وهي أيضا من معجزاتهم بمنزلة ما تقدمهم من الرهاص ومع هيذا‬
‫فالولياء دون النبياء والمرسلين فل تبلغ كرامات أحد قط مثل معجزات المرسلين كما أنهم ل يبلغون‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.5‬‬

‫في الفضيلة والثواب إلى درجاتهم ولكنهييم قييد يشيياركونهم فييي بعضييها كمييا قييد يشيياركونهم فييي بعيض‬
‫أعمالهم وكرامات الصالحين تدل على صحة الدين الذي جاء به الرسول ل تدل علييى أن الييولي معصييوم‬
‫ول على أنه تجب طاعته في كل ما يقوله ومن هنييا ضييل كييثير ميين النيياس ميين النصييارى وغيرهييم فييان‬
‫الحواريين وغيرهم كانت لهم كرامات كما تكون الكرامات لصالحي هييذه الميية فظنييوا أن ذلييك يسييتلزم‬
‫عصمتهم كما يستلزم عصمة النبياء فصاروا يوجبون موافقتهم في كل ما يقولون وهذا غليط فيان النيبي‬
‫وجب قبول كل ما يقول لكونه نبيا إدعى النبوة ودلت المعجزة على صدقه والنبي معصوم وهنا المعجزة‬
‫ما دلت على النبوة بل على متابعة النبي وصحة دين النبي فل يلزم أن يكون هييذا التييابع معصييوما ولكيين‬
‫الذي يحتاج إلى الفرقان الفرق بين النبياء وأتبيياعهم وبييين ميين خييالفهم مين الكفييار والفجييار كالسييحرة‬
‫والكهان وغيرهم حتى يظهر الفرق بين الحق والباطل وبين ميا يكيون دليل عليى صيدق صياحبه كميدعي‬
‫النبوة وبين مال يكون دليل على صدق صاحبه فإن الييدليل ل يكييون دليل حييتى يكييون مسييتلزما للمييدلول‬
‫متى وجد وجد المدلول وإل فاذا وجد تارة مع وجود المدلول وتارة مع عدمه فليس بدليل فآيييات النبييياء‬
‫وبراهينهم ل توجد إل مع النبوة ول توجد مع ما يناقض النبوة ومدعي النبوة إما صادق وإما كاذب والكذب‬
‫يناقض النبوة فل يجوز أن يوجد مع المناقض لها مثيل مييا يوجيد معهييا وليييس هنيا شييء مخيالف لهيا ول‬
‫منييياقض فيييإن الكفييير والسيييحر والكهانييية كيييل ذليييك ينييياقض النبيييوة ل يجتميييع هيييو والنبيييوة‬
‫والناس رجلن رجل موافق لهم ورجل مخالف لهم فالمخالف مناقض وإذا كان كذلك فيقال جنييس آيييات‬
‫النبياء خارجة عن مقدور البشر بل وعن مقدور جنس الحيوان وأما خوارق مخالفيهم كالسحرة والكهييان‬
‫فإنها من جنس أفعال الحيوان من النس وغيره من الحيوان والجن مثل قتييل السيياحر وتمريضييه لغيييره‬
‫فهذا أمر مقدور معروف للناس بالسحر وغير السحر وكذلك ركوب المكنسة أو الخابية وغييير ذلييك حييتى‬
‫تطير به وطيرانه في الهواء من بلد إلى بلد هذا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.6‬‬

‫فعل مقدور للحيوان فان الطير يفعل ذلك والجين تفعيل ذليك وقيد أخيبر الليه أن العفرييت قيال‬
‫لسليمان أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وهذا تصرف في أعييراض الحييي فييان المييوت والمييرض‬
‫والحركة أعراض والحيوان يقبل في العادة مثل هذه الغراض ليس في هذا قلب جنس إلييى جنييس‬
‫ول في هذا ما يختص الرب بالقدرة عليه ول ما تختييص بييه الملئكيية وكييذلك إحضييار مييا يحضيير مين‬
‫طعام أو نفقة أو ثياب أو غير ذلك من الغيب وهذا إنما هو نقل مال من مكان إلى مكان وهذا تفعله‬
‫النس والجن لكن الجن تفعله والناس ل يبصرون ذلك وهذا بخلف كون الماء القليل نفسييه يفيييض‬
‫حتى يصير كثيرا بأن ينبع من بين الصابع من غير زيادة يزادهييا فهييذا ل يقييدر عليييه أنسييي ول جنييي‬
‫وكذلك الخبار ببعض المور الغائبة مع الكذب في بعض الخبار فهذا تفعله الجيين كييثيرا مييع الكهييان‬
‫وهو معتاد لهم مقدور بخلف اخبارهم بما يأكلون وما ييدخرون ميع تسيمية الليه عليى ذلييك فهيذا ل‬
‫تظهر عليه الشياطين وبنو إسرائيل كانوا مسلمين يسييمون اللييه وأيضييا فخييبر المسيييح وغيييره ميين‬
‫النبياء ليس فيه كذب قط والكهان ل بد لهم من الكذب والرب قد أخبر فييي القييرآن أن الشييياطين‬
‫تنزل على بعض الناس فتخبره ببعض المور الغائبة لكن ذكر الفرق فقال هل انبئكم على مننن تنننزل‬
‫الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون كذلك مسرى الرسول صيلى الليه علييه‬
‫وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد القصى ليريه الرب من آياته فخاصة الرسول ليست مجرد‬
‫قطع هذه المسافة بل قطعها ليريه الرب من اليات الغائبة ما يخبر به فهذا ل يقدر عليه الجن وهييو‬
‫نفسه لم يحتج بالمسرى على نبوته بل جعله مما يؤمن به فأخبرهم به ليؤمنوا به والمقصود إيمانهم‬
‫بما أخبرهم من الغيب الذي رآه تلك الليلة وإل فهم كانوا يعرفون المسجد القصى ولهذا قال ومننا‬
‫جعلنا الرؤيا التي أريناك إل فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن قال ابن عباس هي رؤيا عين أريهييا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به وهذا كما قال في الية ولقنند رآه نزلننة أخننرى عننند‬
‫سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.7‬‬

‫لقد رأى من آيات ربه الكبرى وكذلك ما يخبر به الرسول من أنباء الغيب قال تعالى عالم الغيييب فل يظهيير‬
‫على غيبه أحدا إل من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه وميين خلفييه رصييدا فهننذا غيننب الننرب‬
‫الذي اختص به مثل علمه بما سيكون من تفصيل المور الكبار على وجه الصدق فان هذا ل يقنندر عليننه إل ال ن‬
‫والجن غايتها أن تخبر ببعض المور المستقبلة كالذي يسترقه الجن من السماء مع ما في الجن من الكذب فل بنند‬
‫لهم من الكذب والذي يخبرون به هو مما يعلم بالمنامات وغير المنامات فهنو منن جننس المعتنناد للننناس وأمننا منا‬
‫يخبر به الرسول من المور البعيدة الكبيرة مفصل مثل إخباره إنكم تقاتلون الترك صنغار العينن ذلنف الننوف‬
‫ينتعلون الشعر كأن وجوههم المجان المطرقة وقوله ل تقوم الساعة حتى تخرج نننار مننن أرض الحجنناز تضننيء‬
‫لها أعناق البل ببصرى ونحو ذلك فهذا ل يقدر عليه جني ول إنسي والمقصود أن ما يخننبر بننه غيننر الننبي مننن‬
‫الغيب معتاد معروف نظيره من الجن والنس فهو من جنس المقدور لهم ومنا يخنبر بنه الننبي خنارج عنن قندرة‬
‫هؤلء وهؤلء فهو مننن غيننب ال ن الننذي قننال فيننه فل يظهر على غيبيه أحيدا إل مين ارتضييى مين رسيول‬
‫واليات الخارقة جنسان جنس في نوع العلم وجنس في نوع القدرة فما اختص به النبي من العلم خييارج‬
‫عن قدرة النس والجن وما اختص به من المقدورات خارج عن قدرة النس والجن وقدرة الجن في هذا‬
‫الباب كقدرة النس لن الجن هم من جملة من دعاهم النبياء إلى اليمان وأرسييلت الرسييل اليهييم قييال‬
‫تعالى يا معشر الجن والنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هننذا ومعلييوم أن‬
‫النبي اذا دعا الجن إلى اليمان به فل بد أن ييأتي بآييية خارجيية عين مقييدور الجيين فل بيد أن تكيون آيييات‬
‫النبياء خارجة عن مقدور النس والجن وما يأتي به الكاهن من خبر الجن وغيايته أنييه سيمعه الجنيي لميا‬
‫استرق السمع مثل الذي يستمع إلى حديث قوم وهم له كارهون وما أعطاه الله سليمان مجموعه يخرج‬
‫عن قدرة النس والجن كتسخير الرياح والطير وأما الملئكة فالنبياء ل تدعو الملئكيية إلييى اليمييان بهييم‬
‫بل الملئكة تنزل بالوحي على النبياء وتعينهم وتؤيييدهم والخييوارق الييتي تكييون بأفعييال الملئكيية تختييص‬
‫بالنبياء‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.8‬‬

‫وأتباعهم ل تكون للكفار والسحرة والكهان ولهذا أخبر الله تعالى أن الذي جياء بيالقرآن مليك ل شييطان‬
‫فقال إنه لقول رسول كريم ذي قوة عنند ذي العنرش مكينن مطناع ثنم أمينن ومنا صناحبكم بمجننون ولقند رآه‬
‫بالفق المبين وما هو على الغيب بضنين وما هو بقول شيطان رجيم وقال نزل بننه الننروح الميننن علننى قلبننك‬
‫لتكون من المنذرين وقال قل نزله روح القدس من ربك بالحق وقال من كان عدوا لجبرينل فنانه نزلننه علنى‬
‫قلبك باذن ال وقال هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكننثرهم كنناذبون‬
‫فينبغي أن يتدبر هذا الموضع وتعرف الفروق الكثيرة بين آيات النبياءوبين ما يشتبه بها كما يعرف الفرق‬
‫بين النبي وبين المتنبي وبين ما يجيء به النبي وما يجيء به المتنبي فييالفرق الحاصييل بييين صييفات هييذا‬
‫وصفات هذا وأفعال هذا وأفعال هذا وأمر هذا وأمر هذا وخيبر هيذا وخيبر هيذا وآييات هيذا وآييات هيذا إذ‬
‫الناس محتاجون الى هذا الفرقان أعظم من حاجتهم الى غيره والله تعالى يبينه وييسره ولهذا أخييبر أنييه‬
‫أرسل رسله باليات البينات وكيف يشبه خير الناس بشر الناس ولهذا لما مثلوا الرسول بالساحر وغيييره‬
‫قييييييال تعييييييالى انظننننننر كيننننننف ضننننننربوا لننننننك المثننننننال فضننننننلوا فل يسننننننتطيعون سننننننبيل‬
‫وقد تنازع الناس في الخوارق هل تدل على صلح صاحبها وعلى وليته لله والتحقيق أن ميين كييان مؤمنييا‬
‫بالنبياء لم يستدل على الصلح بمجرد الخوارق التي قييد تكييون للكفييار والفسيياق وإنمييا يسييتدل بمتابعيية‬
‫الرجل للنبي فيميز بين أولياء الله وأعدائه بالفروق التي بينها اللييه ورسييوله كقييوله أل إن أولينناء ال ن ل‬
‫خوف عليهم ول هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون وقد علق السعادة باليمان والتقوى في عييدة مواضييع‬
‫كقوله لما ذكر السحرة ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند ال خير لو كانوا يعلمون وقوله عيين يوسييف‬
‫نصيب برحمتنا من نشاء ول نضيع أجر المحسنين ولجر الخرة خيننر للننذين آمنننوا وكننانوا يتقننون وقوله فييي‬
‫قصة صالح‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.9‬‬

‫وهيييييييذه طريقييييييية الصيييييييحابة والسيييييييلف‬ ‫ونجينننننننننا الننننننننذين آمنننننننننوا وكننننننننانوا يتقننننننننون‬


‫أما دللتها على ولية المعين فالناس متنازعون هل الولي والمؤمن مين ميات علييى ذليك بحييث إذا كيان‬
‫مؤمنا تقيا وقد علم أنه يموت كافرا يكون في تلك الحال عدوا لله أو ينتقل ميين إيمييان وولييية إلييى كفيير‬
‫وعداوة وهما قولن معروفان فمن قال بالول فالولي عنده كالمؤمن عند من علم أنه يمييوت علييى تلييك‬
‫الحال والخوارق ل تدل على ذلك ولذلك قال هؤلء كالقاضي أبي بكير وأبيي يعليى وغيرهميا إنهيا ل تيدل‬
‫وأما من قال الولية تتبدل فالولية هنا كاليمان وقد يعلم أن الرجل مؤمن في الباطن تقي بدلئل كييثيرة‬
‫وقد يطلع الله بعض الناس على خاتمة غيره فهذا ل يمتنع لكن هييذا مثييل الشييهادة لمعييين بالجنيية وفيهييا‬
‫ثلثة أقوال قيل ل يشهد بذلك لغير النبي وهو قول أبييي حنيفيية والوزاعييي وعلييى بيين المييديني وغيرهييم‬
‫وقيل يشهد به لمن جاء به نص إن كان خبرا صحيحا كمن شهد له النبي بالجنة فقط وهذا قول كثير ميين‬
‫أصحابنا وغيرهم وقيل يشهد به لمن استفاض عند المة أنه رجل صالح كعميير بيين عبييد العزيييز والحسيين‬
‫البصري وغيرهما وكان أبو ثور يشهد لحمد بن حنبيل بالجنية وقيد جياء فيي الحيديث اليذي فيي المسيند‬
‫يوشك أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار قالوا بماذا يا رسول الليه قيال بالثنيياء الحسين والثنياء السيييء‬
‫وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال وجبت وجبت ومر‬
‫عليه بجنازة فأثنوا عليها شرا فقال وجبت وجبت فقيل يا رسول الله ميا قوليك وجبيت وجبيت قيال هيذه‬
‫الجنازة أثنيتم عليها الخير فقلت وجبت لها الجنة وهذه الجنازة أثنيتم عليها شيرا فقليت وجبيت لهيا النيار‬
‫أنتم شهداء الله في الرض وفي حديث آخر إذا سمعت جيرانك يقولييون قييد أحسيينت فقييد أحسيينت وإذا‬
‫سمعتهم يقولون قد أسأت فقد أسأت وسئل عن الرجل يعمل العمل لنفسه فيحمده الناس عليييه فقييال‬
‫تلك عاجل بشرى المؤمن والتحقيق أن هذا قد يعلم بأسباب وقد يغلب عليى الظين ول يجيوز للرجيل أن‬
‫يقول بما ل يعلم ولهذا لما قالت أم العلء النصارية لما قدم المهاجرون المدينيية اقييترعت النصييار علييى‬
‫سكناهم فصار لنا عثمان ابن مظعون في السكنى فمرض فمرضناه ثيم تيوفي فجياء رسيول الليه صيلى‬
‫الله عليه وسلم فدخل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.10‬‬

‫فقلت رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي أن قد أكرمك الله قال النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم ومييا‬
‫يدريك أن الله قد أكرمه قالت ل والله ل أدري فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما هو فقد أتيياه اليقييين‬
‫من ربه وإني لرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعييل بييي ول بكييم قييالت فييوالله ل أزكييي‬
‫بعده أحدا أبدا قالت ثم رأيت لعثمان بعد في النوم عينا تجري فقصصتها على رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسييييييييييييييييييييييييييييييييييييييلم فقييييييييييييييييييييييييييييييييييييييال ذاك عملييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه‬
‫وأما من لم يكن مقرا بالنبياء فهذا ل يعرف الولي من غيره إذ اليولي ل يكيون وليييا إل إذا آمين بالرسيل‬
‫لكن قد تدل الخوارق على أن هييؤلء علييى الحييق دون هييؤلء لكييونهم ميين أتبيياع النبييياء كمييا قييد يتنييازع‬
‫المسلمون والكفار في الدين فيؤيد الله المؤمنين بخوارق تدل على صحة دينهم كمييا صييارت النييار علييى‬
‫أبي مسلم بردا وسلما وكما شرب خالد السم وأمثال ذلك فهذه الخوارق هييي ميين جنييس آيييات النبييياء‬
‫وقد يجتمع كفار ومسلمون ومبتدعة وفجار فيؤيد هؤلء بخييوارق تعينهييم عليهييا الجيين والشييياطين ولكيين‬
‫جنهم وشياطينهم أقرب الى السلم فيترجحون بها علييى أولئك الكفييار عنييد ميين ل يعييرف النبييوات كمييا‬
‫يجري لكثير من المبتدعيية والفجييار ميع الكفيار مثيل ميا يجييري للحمديية وغيرهيم ميع عبيياد المشيركين‬
‫البخشية قدام التتار كانت خوارق هؤلء أقوى لكونهم كانوا أقرب الى السلم وعند من هو أحق بالسلم‬
‫منهم ل تظهر خوارقهم بل تظهر خوارق من هو أتم إيمانا منهم وهذا يشبه رد أهل البدع على الكفار بمييا‬
‫فيه بدعة فإنهم وإن ضلوا من هذا الوجه فهم خير ميين أولئك الكفييار لكيين مين أراد أن يسييلك إليى الليه‬
‫على ما جاء به الرسول يضره هؤلء ومن كيان جيائرا نفعيه هيؤلء بيل كلم أبيي حاميد ينفيع المتفلسيف‬
‫ويصير أحسن فان المتفلسف مسلم به إسلم الفلسفة والمؤمن يصير به إيمييانه مثييل إيمييان الفلسييفة‬
‫وهييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييذا بخلف ذاك‬
‫والخوارق ثلثة أنواع إما أن تعين صاحبها على البر والتقوى فهذه أحوال نبينا ومن أتبعه خييوارقهم لحجيية‬
‫في الدين أو حاجة للمسلمين والثاني أن تعينهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.11‬‬

‫على مباحات كمن تعينه الجن على قضاء حوائجه المباحة فهييذا متوسييط وخييوارقه ل ترفعييه ول تخفضييه‬
‫وهذا يشبه تسخير الجن لسليمان والول مثل إرسال نبينا إلى الجن يدعوهم إلى اليمان فهذا أكمل ميين‬
‫إستخدام الجن في بعض المور المباحة كاستخدام سليمان لهم في محاريب وتماثيييل وجفييان كييالجوابي‬
‫وقدور راسيات قال تعالى يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجوابي وقدور راسيات اعملننوا‬
‫آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور وقال تعالى ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه مننن عننذاب السننعير ونبينا‬
‫صلى الله عليه وسلم أرسل اليهم يدعوهم إلى اليمان بالله وعبادته كما أرسل إلى النييس فيياذا اتبعييوه‬
‫صاروا سعداء فهذا أكمل له ولهم من ذاك كما أن العبد الرسول أكمل مين النييبي الملييك ويوسيف وداود‬
‫وسليمان أنبياء ملوك أما محمد فهو عبد رسول كابراهيم وموسى والمسيح وهذا الصنف أفضل وأتباعهم‬
‫أفضل والثالث أن تعينه على محرمات مثل الفواحش والظلم والشرك والقول الباطيل فهييذا مين جنييس‬
‫خوارق السحرة والكهان والكفار والفجار مثل أهل البدع من الرفاعية وغيرهم فانهم يستعينون بها علييى‬
‫الشرك وقتل النفوس بغير حق والفواحش وهذه الثلثة هي التي حرمها الله في قوله والذين ل ينندعون‬
‫مع ال إلها آخر ويقتلون النفننس الننتي حننرم ال ن إل بننالحق ول يزنننون ومننن يفعننل ذلننك يلننق أثامننا ولهذا كانت‬
‫طريقهم من جنس طريق الكهان والشعراء والمجانين وقد نزه الله نيبيه عين أن يكيون مجنونيا وشياعرا‬
‫وكاهنا فإن إخبارهم بالمغيبات عن شياطين تنزل عليهييم كالكهييان وأقييوى أحييوالهم لمييؤلهيهم وهييم ميين‬
‫جنس المجانين وقد قال شيخهم إن أصحاب الحييوال منهييم يموتييون علييى غييير السييلم وأمييا سييماعهم‬
‫ووجدهم فهو شعر الشعراء ولهذا شبههم من رآهيم بعبيياد المشييركين ميين الهنييد الييذين يعبييدون النييداد‬
‫) فصل ( وحقيقة المر أن ما يدل على النبوة هو آية على النبوة وبرهان عليها فل بد أن يكون مختصا بها‬
‫ل يكون مشتركا بين النبياء وغيرهم فإن الدليل هو مستلزم لمدلوله ل يجب أن يكون أعم وجودا منه بل‬
‫إما أن يكون مساويا له في العموم والخصوص أو يكون أخص منه وحينئذ فآية النبي ل تكون لغير النبياء‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.12‬‬

‫لكن إذا كانت معتادة لكل نبي أو لكثير من النبياء لم يقدح هذا فيها فل يضرها أن تكييون معتييادة للنبييياء‬
‫وكون الية خارقة للعادة أو غير خارقة هو وصف لم يصفه القرآن والحديث ول السلف وقد بينا فيي غييير‬
‫هذا الموضع أن هذا وصف ل ينضبط وهو عديم التييأثير فييإن نفييس النبييوة معتييادة للنبييياء خارقيية للعييادة‬
‫بالنسبة إلى غيرهم إن كون الشخص يخبره الله بالغيب خبرا معصوما هذا مختص بهم وليس هذا موجودا‬
‫لغيرهم فضل عن كونه معتادا فآية النبي ل بد أن تكون خارقة للعادة بمعنى أنها ليست معتييادة للدميييين‬
‫وذلك لنها حينئذ ل تكون مختصة بالنبي بل مشتركة وبهذا احتجوا على أنه ل بد أن تكييون خارقيية للعييادة‬
‫لكن ليس في هذا ما يدل على أن كل خارق آية فالكهانة والسحر هو معتاد للسحرة والكهان وهو خييارق‬
‫بالنسبة إلى غيرهم كما أن ما يعرفه أهل الطب والنجوم والفقه والنحو هو معتيياد لنظرائهييم وهييو خييارق‬
‫بالنسبة إلى غيرهم ولهذا إذا أخبر الحاسب بوقت الكسوف والخسوف تعجب الناس إذا كانوا ل يعرفييون‬
‫طريقه فليس في هذا ما يختص بالنبي وكذلك قراءة القرآن بعد أن بعث محمد صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫صارت مشتركة بين النبي وغيره وأما نفس البتداء بيه فهيو مختيص بيالنبي وكيذلك ميا يروييه مين أنبياء‬
‫الغيب عن النبياء لما صار مشتركا بين النبي وغيره لم يبق آية بخلف البتداء فالكهانة مثل وهييو الخبييار‬
‫ببعض الغائبات عن الجن أمر معروف عند الناس وأرض العرب كييانت مملييوءة ميين الكهييان وإنمييا ذهييب‬
‫ذلك بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وهم يكثرون في كل موضع نقص فيه أمر النبوة فهم كثيرون في‬
‫أرض عباد الصنام ويوجدون كثيرا عند النصارى ويوجيدون كيثيرا فييي بلد المسييلمين حيييث نقيص العليم‬
‫واليمان بما جاء به الرسول لن هؤلء أعداء النبياء والله تعالى قد ذكر الفرق بينهم وبين النبياء فقال‬
‫هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون فهؤلء ل بد أن يكون‬
‫في أحدهم كذب وفجور وذلك يناقض النبوة فمن ادعى النبوة وأخبر بغيوب من جنس أخبار الكهان كييان‬
‫ما أخبر به خرقا للعادة عند أولئك القوم لكن ليس خرقا لعادة جنسه من الكهان وهم إذا جعلوا ذلك آييية‬
‫لنبوته كان ذلك لجهلهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.13‬‬

‫بوجود هذا الجنس لغير النبياء كالذين صدقوا مسيلمة الكذاب والسود العنسي والحارث الدمشقي وبابا‬
‫الرومي وغير هؤلء من المتنبئين الكذابين وكان هؤلء يأتون بأمور عجيبة خارقة لعادة أولئك القييوم لكيين‬
‫ليست خارقة لعادة جنسهم ممن ليس بنبي فمن صدقهم ظن أن هييذا مختييص بالنبييياء وكييان ذلييك ميين‬
‫جهله بوجود هذا لغير النبياء كما أنهم كانوا يأتون بأمور تناقض النبوة ولهذا يجب فييي آيييات النبييياء أن ل‬
‫يعارضها من ليس بنبي فكل من عارضها صادرا ممن ليس ميين جنييس النبييياء فليييس ميين أييياتهم ولهييذا‬
‫طلب فرعون أن يعارض ما جاء به موسى لما ادعى أنه سيياحر فجمييع السييحرة ليفعلييوا مثييل مييا يفعييل‬
‫موسى فل تبقى حجته مختصة بالنبوة وأمرهم موسى أن يأتوا أول بخوارقهم فلمييا أتييت وابتلعتهييا العصييا‬
‫التي صارت حية علم السحرة أن هذا ليييس ميين جنييس مقييدورهم فييآمنوا إيمانييا جازمييا ولمييا قييال لهييم‬
‫فرعون لصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى قالوا لن نننؤثرك علننى مننا جاءنننا مننن البينننات‬
‫والذي فطرنا وقالوا آمنا برب العالمين رب موسننى وهننارون فكان مين تميام علمهيم بالسيحر أن السيحر‬
‫معتاد لمثالهم وأن هذا ليس من هذا الجنس بل هذا مختص بمثل هذا فدل على صييدق دعييواه وفرعييون‬
‫وقومه بين معاند وجاهل استخفه فرعون كما قال تعالى فاستخف قومه فأطاعوه فاذا قيل لهم المعجييزة‬
‫هي الفعل الخارق للعادة أو قيل هي الفعل الخارق للعييادة المقيرون بالتحيدي أو قييل مييع ذلييك الخيارق‬
‫للعادة السليم عن المعارضة فكونه خارقا للعادة ليس أمرا مضبوطا فييإنه إن أريييد بييه أنييه لييم يوجييد لييه‬
‫نظير في العالم فهذا باطل فإن آيات النبياء بعضها نظير بعض بل النوع الواحد منه كاحياء المييوتى وهييو‬
‫آية لغير واحد من النبياء وإن قيل إن بعض النبياء كانت آيته ل نظير لها كالقرآن والعصا والناقة لم يلزم‬
‫ذلك في سائر اليات ثم هب أنه ل نظير لها في نوعها لكن وجد خوارق العادات للنبياء غير هييذا فنفييس‬
‫خوارق العادات معتاد جميعه للنبياء بل هو من لوازم نبوتهم مع كون النبياء كثيرين وقد روي أنهييم مييائة‬
‫ألف وأربعة وعشرون ألف نبي وما يأتي به كل واحد من هؤلء ل يكون معدوم النظير في العالم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.14‬‬

‫بل ربما كان نظيره وإن عني بكون المعجيزة هيي الخارقية للعيادة أنهيا خارقية لعيادة أولئك المخياطبين‬
‫بالنبوة بحيث ليس فيهم من يقدر على ذلك فهذا ليس بحجة فييإن أكييثر النيياس ل يقييدرون علييى الكهانيية‬
‫والسحر ونحو ذلك وقد يكون المخاطبون بالنبوة ليييس فيهييم هييؤلء كمييا كييان أتبيياع مسيييلمة والعنسييي‬
‫وأمثالهما ل يقدرون على ما يقدر عليه هؤلء والمبرز في فن من الفنون يقدر على ما ل يقدر عليييه أحييد‬
‫في زمنه وليس هذا دليل على النبوة فكتاب سيبويه مثل مما ل يقدر على مثله عامة الخلق وليس بمعجز‬
‫إذ كان ليس مختصا بالنبياء بل هو موجود لغيرهم وكذلك طب أبقراط بل وعلم العالم الكبير من علميياء‬
‫المسيييييييلمين خيييييييارج عييييييين عيييييييادة النييييييياس ولييييييييس هيييييييو دليل عليييييييى نبيييييييوته‬
‫وأيضا فكون الشيء معتادا هو مييأخوذ ميين العييود وهييذا يختليف بحسييب المييور فالحييائض المعتييادة ميين‬
‫الفقهاء من يقوم تثبت عادتها بمرة ومنهم من يقول بمرتين ومنهم من يقول ل تثبت إل بثلث وأهييل كييل‬
‫بلد لهم عادات في طعامهم ولباسهم وأبنيتهم لم يعتدها غيرهم فما خرج عن ذلك فهو خييارق لعييادتهم ل‬
‫لعادة من اعتاده من غيرهم فلهذا لم يكن في كلم الله ورسوله وسلف المة وأئمتها وصف آيات النبياء‬
‫بمجرد كونها خارقة للعادة ول يجوز أن يجعل مجرد خرق العادة هييو الييدليل فييان هييذا ل ضييابط لييه وهييو‬
‫مشترك بين النبياء وغيرهم ولكن إذا قيل من شرطها أن تكون خارقة للعادة بمعنى أنها ل تكون معتييادة‬
‫للناس فهذا ظاهر يعرفه كل أحييد ويعرفييون أن الميير المعتيياد مثييل الكييل والشييرب والركييوب والسييفر‬
‫وطلوع الشمس وغروبها ونزول المطر في وقته وظهور الثمرة في وقتهييا ليييس دليل ول يييدعي أحييد أن‬
‫مثل هذا دليل له فان فساد هذا ظاهر لكيل أحيد ولكين ليييس مجيرد كيونه خارقيا للعيادة كافيييا لييوجهين‬
‫أحدهما أن كون الشيء معتادا وغير معتاد أمر نسبي إضافي ليس بوصف مضبوط تتميز به الية بل يعتاد‬
‫هؤلء مالم يعتد هؤلء مثل كونه مألوفا ومجربا ومعروفا ونحو ذلك من الصفات الضافية الثاني أن مجرد‬
‫ذلك مشترك بين النبياء وغيرهم وإذا خص ذلك بعدم المعارضة فقد يأتي الرجل بما ل يقييدر الحاضييرون‬
‫على معارضته ويكون معتادا لغيرهم كالكهانة والسحر وقد يأتي بما‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.15‬‬

‫يمكن معارضته وليس بآية لشيء لكونه لم يختييص بالنبييياء وقييد يقييال فييي طييب أبقييراط ونحييو‬
‫سيبويه إنه ل نظير له بل ل بد أن يقال إنه مختص بالنبياء بل معروف أن هذا تعلم بعضه من غيييره‬
‫واستخرج سائره بنظره واذا خص الله طبيبا أو نحويا أو فقيها بما ميزه به على نظرائه لم يكن ذلك‬
‫دليل على نبوته وإن كان خارقا للعادة فان ما يقوله الواحد من هؤلء قد علمييه بسييماع أو تجربيية أو‬
‫قياس وهي طرق معروفة لغير النبياء والنبي قد علمه الله من الغيب الييذي عصييمه اللييه فيييه عيين‬
‫الخطأ ما لم يعلمه إل نبي مثله فان قيل فحينئذ ل يعرف أن الية مختصة بالنبي حتى تعييرف النبييوة‬
‫قيل أما بعد وجود النبياء في العالم فهكذا هو ولهذا يبين الله عز وجل نبوة محمد فييي غييير موضييع‬
‫باعتبارها بنبوة من قبله وتارة يبين أنه لم يرسل ملئكة بل رجال من أهل القرى ليبين أن هذا معتاد‬
‫معروف ليس هو أمرا لم تجر به عادة الرب كقوله تعالى ومننا أرسننلنا قبلننك إل رجننال نننوحي إليهننم‬
‫فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون كما ذكره في سورة النحل والنبياء وقال في يوسف وما أرسلنا‬
‫من قبلك إل رجال نوحي اليهم من اهل القرى أفلم يسيروا في الرص فينظروا كيف كان عاقبة الننذين مننن‬
‫قبلهم ولدار الخرة خير للذين اتقوا أفل تعقلون فان الكفار كانوا يقولون إنما يرسل الله ملكا أو يرسل‬
‫مع البشر ملكا كما قال فرعون أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ول يكاد يبين فلول ألقي عليه أسورة‬
‫من ذهب أو جاء معه الملئكة مقترنين وقال قوم نوح ما هذا إل بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكننم ولننو‬
‫شاء ال لنزل ملئكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الولين وقال مشييركو العييرب لمحمييد مننا لهننذا الرسننول‬
‫يأكل الطعام ويمشي في السواق لول نزل عليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليننه كنننز أو تكننون لننه جنننة‬
‫يأكل منها وقال تعالى وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إل أن قالوا أبعث ال بشننرا رسننول قننل‬
‫لو كان في الرض ملئكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسول وقال تعالى وقالوا لننول‬
‫أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي المر ثم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.16‬‬

‫ل ينظرون ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجل وللبسنا عليهم ما يلبسون بين أنهم ل يطيقون الخذ عن الملئكة‬
‫إن لم يأتوا في صورة البشر ولو جاءوا في صورة لبشر لحصل اللبس وقال تعالى أكان للناس عجبا أن أوحينا‬
‫إلى رجل منهم أن أنذر الناس وكانت العرب ل عهد لها بالنبوة من زمن إسماعيل فقال ال لهم فاسألوا أهل‬
‫الذكر يعني أهل الكتاب إن كنتم ل تعلمون هل أرسل اليهم رجال أو ملئكة ولهذا قال له قل ما كنت بييدعا‬
‫من الرسل وقال وما محمد إل رسول قد خلت من قبله الرسل بين أن هذا الجنس من الناس معروف قد‬
‫تقدم له نظراء وأمثال وهو سبحانه أمر أن يسأل أهل الكتاب وأهل الذكر عما عندهم من العلم في أمننور النبينناء‬
‫هل هو من جنس ما جاء به محمد أو هو مخالف لنه ليتنبين بإخبنار أهنل الكتناب المتنواترة جننس منا جناءت بنه‬
‫النبياء وحينئذ فيعرف قطعا أن محمدا نبي بل هو أحننق بننالنبوة مننن غيننره والثنناني أن يسننألوهم عننن خصننوص‬
‫محمد وذكره عندهم وهذا يعرفه الخاصة منهم ليس هو معروفا كالول يعرفه كل كتابي قننال تعننالى قييل أرأيتييم‬
‫إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد ميين بنييي إسييرائيل علييى مثلييه وقننوله شييهد شيياهد ليننس‬
‫المقصود شاهدا واحدا معينا بل ول يحتم كونه واحدا وقول من قال إنه عبد ال بننن سننلم ليننس بشننيء فننان هننذه‬
‫نزلت بمكة قبل أن يعرف إبن سلم ولكن المقصود جنس الشاهد كما تقنول قنام الندليل وهنو الشناهد النذي يجنب‬
‫تصديقه سواء كان واحدا قد يقترن بخبره ما يدل على صدقه أو كان عددا يحصنل بخنبرهم العلنم بمنا تقنول فنان‬
‫خبرك بهذا صادق وقوله على مثله فان الشاهد من بني إسرائيل على مثل القرآن وهو أن ال بعننث بشننرا وأنننزل‬
‫عليه كتابا أمر فيه بعبادة ال وحده ل شريك له ونهى فيه عن عبادة ما سواه واخبر فيه أنه خلق هذا العالم وحننده‬
‫وأمثال ذلك وقد ذكر في أول هذه السورة التوحيد وبين أن المشركين ليس معهم على الشننرك ل دليننل عقلنني ول‬
‫سمعي فقال تعالى ما خلقنا السماوات والرض وما بينهما إل بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا‬
‫معرضون قل أرأيتم ما تدعون‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.17‬‬

‫من دون الله أروني ماذا خلقوا من الرض أم لهم شرك في السماوات ائتييوني بكتيياب ميين قبييل هييذا أو‬
‫أثرة من علم إن كنتم صادقين ومن أضل ممن يدعو من دون الله من ل يسييتجيب لييه إلييى ييوم القيامية‬
‫وهم عن دعائهم غافلون واذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين وإذا تتلى عليهييم آياتنييا‬
‫بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين أم يقولون افتراه قل إن افتريته فل تملكون لي‬
‫من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم قل ما كنييت بييدعا‬
‫من الرسل وما أدري ما يفعل بي ول بكم إن أتبع إل ما يوحى إلي ومييا أنييا إل نييذير مييبين قييل أرأيتييم أن‬
‫كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني اسرائيل على مثله الننى آخننره ومثننل ذلننك قننوله تعننالى‬
‫ويقول الذين كفروا لست مرسل قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنييده علييم الكتيياب فمننن عنننده‬
‫علم الكتاب شهد بما في الكتاب الول وهو يوجب تصديق الرسول لنه يشهد بالمثننل ويشننهد أيضننا بننالعين وكننل‬
‫من الشهادتين كافية فمتى ثبت الجنس علم قطعا أن العين منه وقال تعالى فان كنت في شك ممييا أنزلنييا اليييك‬
‫فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فل تكونن من الممترين ول تكييونن ميين‬
‫الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين وهذا سواء كان خطابا للرسول والمراد به غيره أو خطابننا لننه‬
‫وهو لغيره بطريق الولى والمقدر قد يكون معدوما أو ممتنعا وهو بحرف ان كقوله قل ان كييان للرحمين وليد‬
‫فأنا أول العابدين و إن كنت قلته فقد علمته والمقصود بيان الحكم علنى هنذا التقندير إن كننت قلتنه فنانت‬
‫عالم به وبما في نفسي وإن كان له ولد فأنا عابده وان كنت شاكا فاسأل ان قدر امكان ذلك فسؤال الذين يقننرءون‬
‫الكتاب قبله اذا أخبروا فما عندهم شاهد له ودليل وحجة ولهذا نهى بعد ذلك عنن المنتراء والتكنذيب وأمنا تقندير‬
‫الممتنع بحرف ان فكثير ومننن ذلننك قننوله فإن استطعت أن تبتغييي نفقييا فييي الرض أو سييلما فييي السييماء‬
‫فتأتيهم بآية فإن كان لكم كيد فكيدون أم من يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم ميين السييماء والرض‬
‫أإله مع الله قل هاتوا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.18‬‬

‫براهانكم إن كنتم صادقين وقالوا لن يدخل الجنة ال من كان هودا أو نصييارى تلييك أمييانيهم قييل‬
‫هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين فأتوا بسورة مثلييه وادعييوا ميين اسييتطعتم ميين دون اللييه إن كنتييم‬
‫صادقين وقد قال تعالى أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني اسرائيل وقال تعالى والذين آتينيياهم‬
‫الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق وقال تعالى ان الذين أوتوا العلم من قبله اذا يتلى عليهييم‬
‫يخرون للذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعيد ربنيا لمفعيول وقننال تعننالى اليذين آتينياهم‬
‫الكتاب من قبله هم به يؤمنون واذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنييه الحييق ميين ربنييا إنييا كنييا ميين قبلييه‬
‫مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا وهذا كله في السور المكية والمقصود الجنس فاذا شهد‬
‫جنس هؤلء مع العلم بصدقهم حصل المطلوب ل يقف العلم على شنهادة كنل واحند واحند فنان هنذا متعنذر‬
‫ومن أنكر أو قال ل أعلم لم يضر إنكاره وإن قال بل أعلم عدم ما شهدوا به علم افننتراؤه فنني الجنننس وعلننم‬
‫في الشخص اذ كان لم يحط علما بجميع نسخ الكتب المتقدمة وما في النبوات كلها فل سبيل لحنند مننن أهننل‬
‫الكتاب أن يعلم انتفاء ذكر محمد في كل نسخة نسخة بكل كتاب من كتننب النبينناء إذ العلننم بننذلك متعننذر ثننم‬
‫هذه النسخ الموجود فيها ذكره في مواضع كثيرة قد ذكر قطعة منها في غير هننذا الموضننع وممننا ينبغنني أن‬
‫يعلم أن أعظم ما كان عليه المشركون قبل محمد وفي مبعثه هو دعوى الشريك ل ن والولنند والقننرآن مملننوء‬
‫من تنزيه ال عن هذين وتنزيهه عن المثل والولد يجمع كل التنزيه فهننذا فنني سننورة الخلص وفنني سننورة‬
‫النعام في مثل قوله وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى‬
‫عما يصفون وفي سورة سبحان وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك فييي الملييك‬
‫وفي سورة الكهف في أولها وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا وفنني آخرهننا افحسيب اليذين كفيروا أن‬
‫يتخذوا عبادي من دوني أولياء ول يشرك بعبييادة ربيه أحيدا وفنني مريننم تنزيهننه عننن الولنند فنني أول‬
‫السورة وآخرها ظاهر وعن الشريك في مثل قصة‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.19‬‬

‫إبراهيم وفي تنزيل وغير ذلك وفي النبياء تنزيهه عن الشريك والولد وكييذلك فييي المييؤمنين مننا‬
‫اتخذ ال من ولد وما كان معه من إله وأول الفرقان الذي له ملك السماوات والرض ولم يتخذ ولدا ولننم‬
‫يكن له شريك في الملك وأما طه والشعراء مما بسييط فيييه قصيية موسييى فالمقصييود العظييم بقصيية‬
‫موسى إثبات الصانع ورسالته إذ كان فرعون منكرا ولهذا عظم ذكرها في القرآن بخلف قصة غيره‬
‫فإن فيها الرد على المشركين المقرين بالصانع ومن جعييل لييه ولييدا ميين المشييركين وأهييل الكتيياب‬
‫ومذهب الفلسفة الملحدة دائر بين التعطيل وبين الشرك والولدة كما يقولونه في اليجاب الييذاتي‬
‫فانه أحد أنواع الولدة وهم ينكرون معاد البدان وقد قرن بين هذا وهذا في الكتاب والسنة في مثل‬
‫قوله ويقول النسان أإذا مامت لسوف أخرج حيا أول يذكر النسان أنا خلقناه من قبل ولننم يننك شننيئا إلننى‬
‫قوله وقالوا إتخذ الرحمن ولدا وهذه في سورة مريم المتضمنة خطاب النصارى ومشركي العييرب لن‬
‫الفلسفة داخلون فيهم فإن اليونان اختلطوا بالروم فكان فيها خطاب هؤلء وهؤلء وفي الصحيحين‬
‫عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله تعالى شتمني ابن آدم وما ينبغييي لييه‬
‫ذلك وكذبني ابن آدم وما ينبغي له ذلك فاما شتمه إياي فقوله إني اتخذت ولدا وأنا الحد الصمد لييم‬
‫ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد وأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وليييس أول الخلييق‬
‫بيييييييييأهون عليييييييييي مييييييييين إعيييييييييادته رواه البخييييييييياري عييييييييين إبييييييييين عبييييييييياس‬
‫ولما كان الشرك أكثر في بني آدم من القول بأن ليه وليدا كيان تنزيهيه عنيه أكيثر وكلهميا يقتضيي‬
‫إثبات مثل وند من بعض الوجوه فان الوليد مين جنييس الوالييد ونظيير لييه وكلهميا يسيتلزم الحاجيية‬
‫والفقر فيمتنع وجود قادر بنفسه فالذي جعل لله شريكا لو فرض مكافئا لزم إفتقار كل منهمييا وهييو‬
‫ممتنع وإن كان غير مكافئ فهو مقهور والولد يتخذ المتخذ لحاجته إلى معاونته ليه كميا يتخيذ الميال‬
‫فان الولد إذا اشتد أعان والده قال تعالى قالوا اتخذ ال ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما‬
‫في الرض وقال تعالى وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شننيئا إدا الننى قننوله ان كننل مننن فنني السننموات‬
‫والرض إل آت الرحمن‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.20‬‬

‫وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والرض كيل ليه قيانتون‬ ‫عبدا وقال تعالى‬
‫فان كون المخلوق مملوكا لخالقه وهو مفتقر اليه من كل وجه والخالق غني عنننه يننناقض اتخنناذ الولنند لنننه‬
‫انما يكون لحاجته اليه في حياته أو ليخلفه بعد موته والرب غني عن كل ما سواه وكننل منا سنواه فقيننر الينه‬
‫وهو الحي الذي ل يمنوت والوالند فني نفسنه مفتقنر النى ولند مخلنوق ل حيلنة لنه فينه بخلف منن يشنتري‬
‫المملوك فانه بإختياره ملكه ويمكنه إزالة ملكه فتعلقه به مننن جنننس تعلقننه بالجننانب والننولدة بغيننر اختيننار‬
‫الوالننننننننننننند والنننننننننننننرب يمتننننننننننننننع ان يحننننننننننننندث شنننننننننننننيء بغينننننننننننننر اختيننننننننننننناره‬
‫واتخاذ الولد هو عوض عن الولدة لمن لم يحصل له فهو أنقص في الولدة ولهذا من قال باليجيياب‬
‫الذاتي بغير مشيئته وقدرته فقوله من جنس قول القائلين بالولدة الحاصلة بغير الختيار بل قييولهم‬
‫شر من قول النصارى ومشركي العرب من بعض الوجوه كما قد بسط الكلم على هذا فيي تفسيير‬
‫قيييييييييييييييييييييل هيييييييييييييييييييييو الليييييييييييييييييييييه أحيييييييييييييييييييييد وغييييييييييييييييييييييره‬
‫والمقصود أن الله قال لمحمد قل ما كنت بدعا من الرسل وقال وما محمنند إل رسننول قنند خلننت مننن‬
‫قبله الرسل فبين أن هذا الجنس ميين النيياس معييروف قييد تقييدم لييه نظييراء وأمثييال فهييو معتيياد فييي‬
‫الدميين وان كان قليل فيهم وأما من جاءهم رسول ما يعرفون قبله رسول كقوم نوح فهييذا بمنزليية‬
‫ما يبتدئه الله من المور وحينئذ فهو يأتي بما يختص به مما يعرفون أن الله صدقه في إرساله فهييذا‬
‫يدل على النوع والشخص وان كانت آيات غيييره تييدل علييى الشييخص إذ النيوع قيد عييرف قبيل هييذا‬
‫فالمقصود أن آيته وبرهانه ل بد أن يكون مختصا بهذا النوع ل يجب أن يختييص بواحييد ميين النييوع ول‬
‫يجوز أن يوجد لغير النوع وقد قلنا إن ما يأتي به أتباع النبياء من ذلك هو مختص بييالنوع فأنييا نقييول‬
‫هذا ل يكون إل لمن اتبع النبياء فصار مختصا بهم وأما ما يوجد لغير النبياء وأتباعهم فهذا هييو الييذي‬
‫ل ييييييييييييييدل عليييييييييييييى النبيييييييييييييوة كخيييييييييييييوارق السيييييييييييييحرة والكهيييييييييييييان‬
‫وقد عرف الناس أن السحرة لهم خوارق ولهذا كانوا إذا طعنوا في نبوة نبي واعتقييدوا علمييه قييالوا‬
‫هو ساحر كما قال المل من قوم فرعون لموسى ان هذا لساحر عليم يرينند أن يخرجكننم مننن أرضننكم‬
‫بسحره فماذا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.21‬‬

‫تأمرون وقال للسحرة لما آمنوا إنه لكبيركم الذي علمكم السحر و ان هذا لمكيير مكرتمييوه فييي‬
‫المدينة لتخرجوا منها أهلها كل هذا من كذب فرعننون وكننانوا يقولننون يا أيهييا السيياحر ادع لنييا ربييك‬
‫وكذلك المسيح قال تعالى وإذ قال عيسى بن مريم يا بني اسرائيل إني رسول الله اليكيم مصيدقا لميا‬
‫بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسيمه أحميد فلمييا جيياءهم بالبينييات قييالوا هيذا‬
‫سحر مبين وقال تعالى عن كفار العرب وان يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر وان نسبوه إلننى‬
‫عدم العلم قالوا مجنون كما قالوا عن نوح مجنون وازدجر وقالوا عن موسى ان رسيولكم اليذي أرسيل‬
‫إليكم لمجنون وقال عن مشركي العرب وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر‬
‫ويقولون انه لمجنون وقد قال تعالى كذلك ما أتى الذين مين قبلهيم مين رسيول إل قيالوا سياحر أو‬
‫مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون فالسحر أمر معتاد في بني آدم كما أن النبوة معتادة في بننني آدم‬
‫والمجانين معتادون فيهم فاذا قالوا عن الشخص انه مجنون فانه يعلم هننل هننو مننن العقلء أو مننن المجننانين‬
‫بنفس ما يقوله ويفعله وكذلك يعرف هل هو من جنس النبياء أو من جنننس السننحرة وكننذلك لمننا قننالوا عننن‬
‫محمد انه شاعر فان الشعراء جنس معروفون فني الننناس وقنالوا إنننه كناهن وشننبهة الشننعر أن القنرآن كلم‬
‫موزون والشعر موزون وشبهة الكهانة أن الكاهن يخبر ببعض المور الغائبة فذكر ال ن تعننالى الفننرق بيننن‬
‫هذين وبين النبي فقال هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل عليى كيل أفياك أثييم يلقيون السيمع‬
‫وأكثرهم كاذبون ثم قال والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم فييي كييل واد يهيمييون وأنهييم يقولييون‬
‫مال يفعلون إل الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وقال وما علمناه الشعر وما ينبغييي‬
‫له إن هو إل ذكر وقرآن مبين وقال تعالى وما هو بقول شاعر قليل ما تؤمنون ول بقول كيياهن قليل‬
‫ما تذكرون تنزيل من رب العالمين ولهذا لما عرض الكفار على كننبيرهم الوحينند أن يقولننوا للننناس هنو‬
‫شاعر‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.22‬‬

‫ومجنون وساحر وكاهن صار يبين لهم أن هذه أقوال فاسدة وأن الفرق معروف بينه وبين هذه الجناس‬
‫فالمقصود أن هذه الجناس كلها موجودة في النيياس معتييادة معروفيية وكييل واحييد منهييا يعييرف بخواصييه‬
‫المستلزمة له وتلك الخواص آيات له مستلزمة له فكذلك النبوة لها خواص مستلزمة لها تعرف بها وتلك‬
‫الخواص خارقة لعادة غير النبياء وان كانت معتادة للنبياء فهي ل توجييد لغيرهييم فهييذا هييذا واللييه أعلييم‬
‫فاذا أتى مدعي النبوة بالمر الخارق للعادة الذي ل يكييون إل لنييبي ل يحصييل مثلييه لسيياحر ول كيياهن ول‬
‫غيرهما كان دليل على نبوته وكل مين السياحر والكياهن يسييتعين بالشييياطين فييان الكهييان تنيزل عليهيم‬
‫الشياطين تخبرهم والسحرة تعلمهم الشياطين قال تعالى واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما‬
‫كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما انننزل علننى الملكيننن ببابننل هنناروت ومنناروت ومننا‬
‫يعلمان من أحد حتى يقول إنما نحن فتنة فل تكفر والساحر ل يتجاوز سحره المور المقدورة للشياطين كمييا‬
‫تقدم بيانه والساحر كما قال تعالى ول يفلح الساحر حيث أتى وقال تعالى ولقنند علمنوا لمننن اشنتراه منناله‬
‫في الخرة من خلق فهم يعلمون أن السحر ل ينفع في الخرة ول يقرب إلى الله وأن ميين اشييتراه ميياله‬
‫في الخرة من خلق فإن مبناه على الشرك والكذب والظلم مقصود صاحبه الظلم والفواحش وهذا مما‬
‫يعلم بصريح العقل أنه من السيييئات فييالنبي ل يييأمر بييه ول يعملييه يسييتعين علييى ذلييك صيياحبه بالشييرك‬
‫والكذب وقد علم بصريح العقل مع ما تواتر عيين النبييياء أنهييم حرمييوا الشييرك فمييتى كييان الرجييل يييأمر‬
‫بالشرك وعبادة غير الله أو يستعين على مطالبه بهذا وبالكذب والفواحش والظلييم علييم قطعييا أنييه ميين‬
‫جنس السحرة ل من جنس النبياء وخوارق هذا يمكن معارضتها وإبطالها من بني جنسه وغير بني جنسه‬
‫وخوارق النبياء ل يمكن غيرهم أن يعارضها ول يمكن أحدا إبطالها ل من جنسهم ول من غير جنسهم فإن‬
‫النبياء يصدق بعضهم بعضا فل يتصور أن نبيا يبطل معجزة آخر وإن أتى بنظيرهييا فهييو يصييدقه ومعجييزة‬
‫كل منهما آية له وللخر أيضا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.23‬‬

‫كما أن معجزات أتباعهم آيات لهم بخلف خوارق السحرة فإنها إنميا تيدل عليى أن صياحبها سياحر ييؤثر‬
‫آثارا غريبة مما هو فساد في العالم ويسر بما يفعله من الشييرك والكييذب والظلييم ويسييتعين علييى ذلييك‬
‫بالشياطين فمقصوده الظلم والفساد والنبي مقصوده العييدل والصييلح وهييذا يسييتعين بالشييياطين وهييذا‬
‫بالملئكة وهذا يأمر بالتوحيد لله وعبادته وحده ل شريك له وهذا إنما يستعين بالشييرك وعبييادة غييير اللييه‬
‫وهذا يعظم إبليس وجنوده وهذا يذم إبليس وجنوده والقرار بالملئكة والجن عام فيي بنييي آدم ليم ينكيير‬
‫ذلك إل شواذ من بعض المم ولهذا قالت المم المكذبة ولو شاء ال لنزل ملئكة حتى قييوم نييوح وعيياد‬
‫وثمود وقوم فرعون قال قوم نوح ما هذا إل بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولننو شناء الن لننزل ملئكنة‬
‫وقال فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيننديهم ومننن خلفهننم‬
‫أل تعبدوا إل ال قالوا لو شاء ربنا لنزل ملئكة فإنا بما أرسلتم به كافرون وفرعون وإن كييان مظهييرا لجحييد‬
‫الصانع فإنه ما قال فلول ألقي عليننه أسننورة مننن ذهننب أو جنناء معننه الملئكننة مقننترنين إل وقد سمع بييذكر‬
‫الملئكة إما معترفا بهم وإما منكرا لهم فذكر الملئكة والجن عام في المم وليس فييي المييم أميية تنكيير‬
‫ذلك إنكارا عاما وإنما يوجد إنكار ذلك في بعضهم مثل من قييد يتفلسييف فينكرهييم لعييدم العلييم ل للعلييم‬
‫بالعدم فل بد في آيات النبياء من أن تكون مع كونها خارقة للعادة أمرا غير معتياد لغيير النبيياء بحييث ل‬
‫يقدر عليه إل الله الذي أرسل النبياء ليس مما يقييدر عليييه غييير النبييياء ل بحيليية ول عزيميية ول اسييتعانة‬
‫بشياطين ول غير ذلك ومن خصائص معجزات النبياء أنه ل يمكن معارضتها فإذا عجز النوع البشري غييير‬
‫النبياء عن معارضتها كان ذلك أعظم دليل على اختصاصها بالنبياء بخلف ما كان موجودا لغيرها فهييذا ل‬
‫يكون آية البتة فأصييل هييذا أن يعييرف وجييود النبييياء فييي العييالم وخصائصييهم كمييا يعلييم وجييود السييحرة‬
‫وخصائصهم ولهذا من لم يكن عارفا بالنبياء من فلسفة اليونان والهند وغيرهييم لييم يكيين لييه فيهييم كلم‬
‫يعرف كما لم يعرف لرسطو وأتباعه فيهم كلم يعرف بل غاية‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.24‬‬

‫من أراد أن يتكلم في ذلك كالفارابي وغيره أن يجعلوا ذلك من جنس المنامات المعتادة ولما أراد طائفة‬
‫كأبي حامد وغيره أن يقرروا إمكان النبوة على أصلهم احتجوا بأن مبدأ الطب ومبييدأ النجييوم ونحييو ذلييك‬
‫كان من النبياء لكون المعارف المعتادة ل تنهض بذلك وهذا إنما يدل على اختصاص من أتى بييذلك بنييوع‬
‫من العلم وهذا ل ينكره عاقل وعلى هذا بنى ابن سينا أمر النبوة أنها ميين قييوى النفييس وقييوى النفييوس‬
‫متفاوتة وكل هذا كلم من ل يعرف النبوة بل هو أجنبي عنها وهو أنقص ممن أراد أن يقرر أن فييي الييدنيا‬
‫فقهاء وأطباء وهو لم يعرف غير الشعراء فاستدل بوجود الشعراء على وجود الفقهيياء والطبيياء بييل هييذا‬
‫المثال أقرب فإن بعد النبوة عن غير النبياء أعظم من بعد الفقيه والطبيب عن الشاعر ولكن هؤلء ميين‬
‫أجهل الناس بالنبوة ورأوا ذكر النبياء قد شاع فأرادوا تخريج ذلك علييى أصييول قييوم لييم يعرفييوا النبييياء‬
‫فان قيل موسى وغيره كانوا موجودين قبل أرسطو فان أرسطو كييان قبييل المسيييح بنحييو ثلثمييائة سيينة‬
‫وأيضا فقد قال الله تعالى ولقد بعثنا في كل أمة رسول أن اعبدوا ال واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى النن‬
‫ومنهم من حقت عليه الضللة فسيروا في الرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين وقال إنا أرسلناك بننالحق‬
‫شيرا ونذيرا وان من أمة إل خل فيها نذير فهذا يبين أن كل أمة قد جاءها رسول فكيف لم يعييرف هييؤلء‬
‫الرسل قلت عن هذا جوابان أحدهما أن كثيرا من هؤلء لم يعرفوا الرسل كما قال ومنهم من حقت عليه‬
‫الضللة فسيروا في الرض فانظروا كيف كننان عاقبننة المكننذبين فلم تبييق أخبييار الرسييول وأقييواله معروفيية‬
‫عندهم الثاني أنه قال تعالى تال لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم فاذا‬
‫كان الشيطان قد زين لهم أعمالهم كان في هؤلء من درست أخبار النبياء عندهم فلم يعرفوها وأرسطو‬
‫لم يأت إلى أرض الشام ويقال ان الذين كانوا قبله كانوا يعرفون النبياء لكيين المعرفيية المجمليية ل تنفييع‬
‫كمعرفة قريش كانوا قد سمعوا بموسى وعيسى وابراهيم سماعا من غير معرفة بأحوالهم‬
‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.25‬‬

‫وأيضا فهم وأمثالهم المشاءون أدركوا السلم وهم من أكفر الناس بما جاءت به الرسل إما أنهم‬
‫ل يطلبون معرفة أخبارهم وما سمعوه حرفوه أو حملوه على أصولهم وكثير من المتفلسفة هم من‬
‫هؤلء فإذا كان هذا حال هؤلء في ديار السلم فما الظن بمن كان ببلد ل تعرف فيها شييريعة نييبي‬
‫بل طريق معرفة النبياء كطريق معرفة نوع من الدميييين خصييهم اللييه بخصييائص يعييرف ذلييك ميين‬
‫أخبارهم واستقراء أحوالهم كما يعرف الطباء والفقهاء ولهذا إنما يقرر الرب تعالى في القرآن أميير‬
‫النبوة وإثبات جنسها بما وقع في العالم من قصة نوح وقومه وهود وقومه وصييالح وقييومه وشييعيب‬
‫ولوط وإبراهيم وموسى وغيرهم فيذكر وجود هؤلء وأن قوما صدقوهم وقوما كييذبوهم ويييبين حييال‬
‫من صدقهم وحال من كذبهم فيعلم بالضطرار حينئذ ثبوت هييؤلء ويتييبين وجييود آثييارهم فييي الرض‬
‫فمن لم يكن رأى في بلدة آثارهم فليسير فييي الرض ولينظير آثيارهم وليسييمع أخبييارهم المتيواترة‬
‫يقول الله تعالى وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيننم وقننوم لننوط وأصننحاب‬
‫مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير فكأين من قرية أهلكناهنا وهني ظالمنة فهني‬
‫خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد أفلم يسننيروا فني الرض فتكننون لهننم قلنوب يعقلنون بهنا أو‬
‫آذان يسمعون بها فإنها ل تعمى البصار ولكن تعمى القلوب التي في الصندور ويسنتعجلونك بالعنذاب ولنن‬
‫يخلف ال وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخننذتها‬
‫وإلي المصير ولهذا قال مؤمن آل فرعون لما أراد إنذار قييومه يننا قننوم إننني أخنناف عليكننم مثننل يننوم‬
‫الحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما ال يريد ظلما للعباد ولهذا لما سمع ورقيية‬
‫بن نوفل والنجاشي وغيرهما القرآن قال ورقة بن نوفل هذا هو النيياموس الييذي كييان يييأتي موسييى‬
‫وقال النجاشي إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة فكان عندهم علم بما جاء بييه‬
‫موسى اعتبروا به ولول ذلك لم يعلموا هذا وكذلك الجن لما سمعت القرآن ولوا إلى قومهم منذرين‬
‫قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.26‬‬

‫لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ولما أراد سبحانه تقرير جنس ما جاء بننه محمنند‬
‫قال إنا أرسلنا إليكم رسول شاهدا عليكم كما أرسييلنا إلييى فرعييون رسييول فعصييا فرعييون الرسييول‬
‫فأخذناه أخذا وبيل وقال تعالى وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشير ميين شيييء‬
‫قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا‬
‫وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ول آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون وهذا كتاب أنزلناه مبارك‬
‫مصدق الذي بين يديه ولتنذرأم القرى ومن حولها فهو سبحانه يثبت وجننود جنننس النبينناء ابتننداء كمننا‬
‫في السور المكية حيث يثبت وجود هذا الجنس وسعادة من اتبعه وشقاء من خالفه ثننم نبننوة عيننن هننذا النننبي‬
‫تكون ظاهرة لن الذي جاء به أكمل مما جاء به جميع النبياء فمن أقننر بجنننس النبينناء كننان إقننراره بنبننوة‬
‫محمد في غاية الظهور أبين مما أقر أن في الدنيا نحاة وأطباء وفقهاء فإذا رأى نحو سننيبويه وطننب أبقننراط‬
‫وفقه الئمة الربعة ونحوهم كان إقراره بذلك من أبين المور ولهذا كان من نازع من اهل الكتاب في نبوة‬
‫محمد إما أن يكون لجهله بما جاء به وهو الغالب على عامتهم أو لعننناده وهننو حننال طلب الرياسننة بالنندين‬
‫منهم والعرب عرفوا ما جاء به محمد فلما أقروا بجنس النبياء لم يبننق عننندهم فنني محمنند شننك وجميننع مننا‬
‫يذكره ال تعالى في القرآن من قصص النبياء يدل على نبوة محمد بطريق الولى إذ كانوا من جنس واحنند‬
‫ونبوته أكمل فينبغي معرفة هذا فإنه أصل عظيم ولهذا جميع مشركي العرب آمنوا به فلننم يحتننج أحنند منهننم‬
‫أن تؤخذ منه جزية فإنهم لما عرفوا نبوته وأنه ل بنند مننن متننابعته أو متابعننة اليهننود والنصننارى عرفننوا أن‬
‫متابعته أولى ومن كان من أهل الكتاب بعضهم آمن به وبعضهم لم يؤمن جهل وعنادا وهؤلء كننان عننندهم‬
‫كتاب ظنوا استغناءهم به فلم يستقرئوا أخبار محمد وما جاء به خننالين مننن الهننوى بخلف مننن لننم يكننن لننه‬
‫كتاب فإنه نظر في المرين نظر خال من الهوى فعرف فضل ما جاء به محمد على ما جاء به غيره ولهننذا‬
‫ل تكاد توجد أمة ل كتاب لها يعرض عليها دين المسنلمين واليهنود والنصنارى إل رجحنت دينن المسنلمين‬
‫كما يجري لنواع المم التي ل كتاب لها فأهل الكتاب مقرون بالجنس منازعون في العين والمتفلسفة من‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.27‬‬


‫اليونان والهند منازعون في وجود كمال الجنس وإن أقروا ببعض صفات النبياء فإنمييا أقييروا منهييا بمييا ل‬
‫يختص بالنبياء بل هو مشترك بينهم وبين غيرهم فلم يؤمن هؤلء بالنبياء البتة هذا هو الذي يجب القطييع‬
‫به ولهذا يذكرون معهم ذكر الجنس الخارج عن أتباعهم فيقال قالت النبييياء والفلسييفة واتفقييت النبييياء‬
‫والفلسفة كما يقال المسلمون واليهود والنصارى وقال أيضا رضي الله عنه‬

‫فصل ومن آياته نصر الرسل على قومهم‬

‫وهذا على وجهين تارة يكون بإهلك المم وإنجاء الرسل وأتباعهم كقوم نوح وهود وصالح وشعيب ولييوط‬
‫وموسى ولهذا يقرن الله بين هييذه القصييص فييي سييور العييراف وهييود والشييعراء ول يييذكر معهييا قصيية‬
‫ابراهيم وإنما ذكر قصة ابراهيم في سيورة النبيياء ومرييم والعنكبييوت والصيافات فيإن هيذه السييور لييم‬
‫يقتصر فيها على ذكر من أهلك من المم بل في سورة النبياء كان المقصود ذكيير النبييياء ولهييذا سييميت‬
‫سورة النبياء فذكر فيها إكرامه للنبياء وإن لم يذكر قومهم كما ذكير قصية داود وسيليمان واييوب وذكير‬
‫آخر الكل إن هذه أمتكم أمة واحدة وبدأ فيها بقصيية إبراهيييم إذ كييان المقصييود ذكيير إكرامييه للنبييياء قبييل‬
‫محمد وابراهيم أكرمهم على الله تعالى وهو خير البرية وهو أبو أكثرهم إذ ليس هو أب نييوح ولييوط لكيين‬
‫لوط من أتباعه وأيوب من ذريته بدليل قوله في سورة النعييام ومننن ذريتننه داود وسننليمان وأيننوب وأمييا‬
‫سورة مريم فذكر الله تعالى فيها انعامه على النبيياء الميذكورين فيهييا فييذكر فيهييا رحمتيه زكريييا وهبتيه‬
‫يحيى وأنه ورث نبوته وغيرها من علم آل يعقوب وأنه آتاه الحكم صبيا وذكر بدء خلق عيسى وما اعطيياه‬
‫الله تعالى من تعليم الكتاب وهو التوراة النبوة وأن الله تعالى جعله مباركييا أينمييا كييان وغييير ذلييك وذكيير‬
‫قصة ابراهيم وحسن خطابه لبيه وأن الله تعالى وهبه اسحاق ويعقوب نبيين ووهبه من رحمته وجعل لييه‬
‫لسان صدق عليا ثم ذكر موسى وأنه خصه الله تعالى بالتقريب والتكليييم ووهبييه أخيياه وغييير ذلييك وذكيير‬
‫اسماعيل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.28‬‬

‫وأنه كان صادق الوعد وكأنه والله أعلم من ذلك أو أعظمه صدقه فيما وعييد بييه أبيياه ميين صييبره‬
‫عند الذبح فوفى بذلك وذكر إدريس وأن الله تعالى رفعه مكانا عليا ثييم قييال أولئك الننذين أنعننم ال ن‬
‫عليهم وأما سورة العنكبوت فإنه ذكر فيها امتحانه للمؤمنين ونصره لهم وحاجتهم الى الصبر والجهاد‬
‫وذكر فيها حسن العاقبة لمن صبر وعاقبة من كذب الرسييل فييذكر قصيية ابراهيييم لنهييا ميين النمييط‬
‫الول ونصرة الله له على قومه وكذلك سورة الصافات قال فيها ولقد ضل قبلهم أكننثر الوليننن ولقنند‬
‫أرسلنا فيهم منذرين فانظر كيف كان عاقبة المنذرين وهذا يقتضيي أنهيا عاقبية رديئة إميا بكيونهم غلبيوا‬
‫وذلوا وإما بكونهم أهلكوا ولهذا ذكر فيها قصة إلياس ولم يذكرها في غيرهييا ولييم يييذكر هلك قييومه‬
‫بل قال فكذبوه فإنهم لمحضرون إل عباد ال المخلصين وإلياس قييد روي ان اللييه تعييالى رفعييه وهييذا‬
‫يقتضي عذابهم في الخره فان إلياس لم يقم فيهم وإلياس المعروف بعد موسى من بني إسييرائيل‬
‫وبعد موسى لم يهلك المكذبين بعذاب الستئصال وبعد نوح لم يهلك جميع النوع وقد بعييث فييي كييل‬
‫أمة نذيرا والله تعالى لم يذكر قط عن قوم إبراهيم أنهم أهلكوا كما ذكر عن غيرهييم بييل ذكيير أنهييم‬
‫ألقوه في النار فجعلها الله عليه بردا وسلما وأرادوا به كيدا فجعلهم الله السفلين الخسرين وفييي‬
‫هذا ظهور برهانه وآيته وأنه أظهره عليهم بالحجة والعلم وأظهره أيضا بالقدرة حيث أذلهييم ونصييره‬
‫وهذا من جنس المجاهد الذي هزم عدوه وتلك من جنس المجاهد الذي قتل عدوه وابراهيم بعد هذا‬
‫لم يقم بينهم بل هاجر وتركهم وأولئك الرسل لم يزالوا مقيمين بييين ظهرانييي قييومهم حييتى هلكييوا‬
‫فلم يوجد في حق قوم ابراهيم سبب الهلك وهو إقامته فيهم وانتظار العذاب النازل وهكييذا محمييد‬
‫مع قومه لم يقم فيهم بل خرج عنهم حتى أظهره الله تعالى عليهم بعد ذلك ومحمد وابراهيم أفضل‬
‫الرسل فإنهم إذا علموا الدعوة حصل المقصود وقد يتوب منهم من يتييوب بعييد ذلييك كمييا تيياب ميين‬
‫قريش من تاب وأما حال إبراهيم فكانت الى الرحمة أميل فلم يسعى في هلك قومه ل بالدعاء ول‬
‫بالمقام ودوام إقامة الحجة عليهم وقد قال تعالى وقال الذين كفروا لرسلهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.29‬‬


‫يفعلوا بعد ذلك ما يستحقون به العذاب أذ النندنيا ليسننت دار الجنزاء التننام وانمننا فيهننا مننن الجننزاء مننا تحصننل بننه‬
‫الحكمة والمصلحة كما في العقوبات الشرعية فمن أراد أعداؤه من أتباع النبينناء أن يهلكننوه فعصننمه الن وجعننل‬
‫صورة الهلك نعمة في حقه ولم يهلك أعداءه بل أخزاهننم ونصننره فهننو أشننبه بننإبراهيم واذا عصننمه مننن كينندهم‬
‫وأظهره حتى صارت الحرب بينه وبينهم سجال ثم كانت العاقبة له فهو أشبه بحال محمد صننلى ال ن عليننه وسننلم‬
‫فان محمدا سيد الجميع وهو خليل ال كما أن ابراهيننم خليلننه والخليلن همننا أفضننل الجميننع وفنني طريقتهمننا مننن‬
‫الرأفة والرحمة ما ليس في طريقة غيرهما ولم يذكر ال عن قوم ابراهيم دينا غير الشرك وكذلك عننن قننوم نننوح‬
‫وأما عاد فذكر عنهم التجبر وعمارة الدنيا وقوم صالح ذكر عنهم الشتغال بالدنيا عن النندين لننم يننذكر عنهننم مننن‬
‫التجبر ما ذكر عن عاد وإنما أهلكهم لما عقروا الناقة وأما أهل مدين فذكر عنهم الظلننم فنني المننوال مننع الشننرك‬
‫قالوا يا شعيب أصلتك تأمرك أن نترك ما يعبد أباؤنا أو أن نفعل في أموالنييا مييا نشيياء وقننوم لننوط ذكننر‬
‫عنهم استحلل الفاحشة ولم يذكروا بالتوحيد بخلف سائر المم وهذا يدل علننى أنهننم لننم يكونننوا مشننركين وانمننا‬
‫ذنبهم استحلل الفاحشة وتوابع ذلك وكانت عقوبتهم أشد إذ ليس فني ذلننك تندين بنل شنر يعلمنون أنننه شنر وهننذه‬
‫المور تدل على حكمة الرب وعقوبته لكل قوم بما يناسبهم فان قوم نوح أغرقهم اذ لم يكن فيهم خير يرجى‬

‫فصل في آيات النبياء وبراهينهم‬

‫وهي الدلة والعلمات المستلزمة لصدقهم والدليل ل يكون إل مستلزما للمدلول عليه مختصا به ل يكون‬
‫مشتركا بينه وبين غيره فإنه يلزم من تحققه تحقق للمدلول وإذا انتفى المدلول انتفى هو فما يوجييد مييع‬
‫وجود الشيء ومع عدمه ل يكون دليل عليه بل الدليل ل يكون ال مع وجوده فما وجد مع النبوة تارة ومييع‬
‫عدم النبوة تارة لم يكن دليل على النبوة بل دليلها ما يلزم من وجوده وجودها وهنا اضطرب‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.30‬‬

‫الناس فقيل دليلها جنس يختص بها وهو الخارق للعادة فل يجوز وجوده لغير نييبي ل سيياحر ول كيياهن ول‬
‫ولي كما يقول ذلك من يقوله من المعتزلة وغيرهم كابن حزم وغيره وقيل بل الدليل هو الخييارق للعييادة‬
‫بشرط الحتجاج به على النبوة والتحدي بمثله وهذا منتف في السحر والكرامة كما يقول ذلك من يقييوله‬
‫من متكلمي أهل الثبات كالقاضيين أبي بكر وأبي يعلى وغيرهما وقد بسط القاضي أبييو بكيير الكلم فييي‬
‫ذلك في كتابه المصنف في الفرق بين المعجزات والكرامييات والحيييل والكهانييات والسييحر والنيرنجيييات‬
‫وهؤلء جعلوا مجرد كونه خارقا للعادة هو الوصف المعتبر وفرق بين أن يقال ل بد أن يكون خارقا للعادة‬
‫وبين أن يقال كونه خارقا للعادة هو المؤثر فإن الول يجعله شرطا ل موجبا والثاني يجعله موجبييا وفييرق‬
‫بين أن يقال العلم والبيان وقراءة القرآن ل يكون إل من حي وبين أن يقييال كييونه حيييا يييوجب أن يكييون‬
‫عالما قارئا ومن هنا دخل الغلط على هؤلء وليس في الكتاب والسنة تعليق الحكم بهذا الوصييف بييل ول‬
‫ذكيير خييرق العييادة ول لفييظ المعجييز وانمييا فيييه آيييات وبراهييين وذلييك يييوجب اختصاصييها بالنبييياء‬
‫وأيضا فقالوا في شرطها أن ل يقدر عليها إل الله ل تكون مقدورة للملئكة ول للجن ول للنس بأن يكون‬
‫جنسها مما ل يقدر عليه إل الله كاحياء الموتى وقلب العصا حية واذا كانت من أفعال العباد لكنهييا خارقيية‬
‫للعادة مثل حمل الجبال والقفز من المشرق الى المغرب والكلم المخلوق الذي يقدر على مثلييه البشيير‬
‫ففيه لهم قولن أحدهما أن ذلك يصح أن يكون معجزة والثاني أن المعجزة انما هي إقدار المخلوق علييى‬
‫ذلك بأن يخلق فيه قدرة خارجة عن قدرته المعتادة وهذا اختيار القاضي أبييي بكيير وميين اتبعييه كالقاضييي‬
‫أبي يعلى وظنوا أن هذا يوجب طرد قولهم إنها ل تكون مقدورة لغير الليه بخلف القيول الول فييانه تقيع‬
‫فيه شبهة اذ كان الجنس معتادا وانما الخارق هو الكثير الخارج عن العادة وهذا الفرق الذي ذكره ضعيف‬
‫فإنه إذا كان قادرا على اليسير فخرق العادة في قدرته حتى جعله قادرا على الكثير فجنس القدرة معتاد‬
‫مثل جنس المقدور وانما خرقت العادة بقدرة خارجة عن العييادة كمييا خرقييت بفعييل خييارج عيين القييدرة‬
‫وعنده أن خلق القدرة خلق‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.31‬‬


‫لمقدورها والقدرة عنده مع الفعل فل فرق وهذا القيول وهييو أن المعجييزة ل تكيون إل مقييدورة لليرب ل‬
‫للعباد قول كثير من أهل الكلم من القدرية والمثبتة للقدر وغيرهم ثم انهم لما طولبوا بالدليل علييى أنييه‬
‫ل يجوز أن تقدر العباد على مثل إبراء الكمه والبرص وإحياء الموتى ونحو ذلك مما ذكيروا أنيه يمتنيع أن‬
‫يكون مقدورا لغير الله اعتمدوا في الدللة على أن القابل للشيء ل يخلو عنييه وعيين ضييده فلييو جيياز أن‬
‫يكون العبد قادرا على هذه المور لوجب أن ل يخلو من ذلك ومن ضده وهو العجيز أو القيدرة عليى ضيد‬
‫ذلك الفعل كما يقولونه في فعل العبد انه اذا لم يقدر على الفعل فل بد أن يكييون عيياجزا أو قييادرا علييى‬
‫ضده هذا احتجاج من يقول القدرة مع الفعل والقدرة عنده ل تصلح للضييدين كالشييعرية فيقييول ل يخلييو‬
‫من القدرة أو العجز فهذه مقدمة والمقدمة الثانية ونحن ل نحييس ميين أنفسيينا عجييزا عيين إبييراء الكمييه‬
‫والبرص وإحياء الموتى ونحو هذه المور لكنا غير قادرين عليها ول يجوز أن نقدر عليها وهؤلء يقولون ل‬
‫يكون الشيء عاجزا إل عما يصح أن يكون قادرا عليه بخلف مال يصح أن يكون قادرا عليييه فل يصييح أن‬
‫يكون عاجزا عنه ولهذا قالوا ل ينبغي أن تسمى هذه معجزات لن ذلك يقتضي أن الله أعجز العبيياد عنهييا‬
‫وإنما يعجز العباد عما يصح قدرتهم عليه هذا كلم القاضي أبي بكيير وميين وافقييه وكل المتقييدمين دعييوى‬
‫مجردة لم يقم على واحدة منها حجة فكيف يجوز أن يكون الفرق بين المعجزة وغيرها مبنيييا علييى مثييل‬
‫هذا الكلم الذي ينازعه فيه أكثر العقلء ولو كان صحيحا لم يفهم إل بكلفة ول يفهمه إل قليل من النيياس‬
‫فكيف اذا كان باطل والذين آمنوا بالرسل لما رأوه وسمعوه من اليات لم يتكلموا بمثل هييذا الفييرق بييل‬
‫ول خطر بقلوبهم ولهذا لما رأى المتأخرون ضعف هذا الفرق كييأبي المعييالي والييرازي والمييدي وغيرهييم‬
‫حذفوا هذا القيد وهو كون المعجزة مما ينفرد الباري بالقدرة عليها وقالوا كل حييادث فهييو مقييدور للييرب‬
‫وأفعال العباد هي أيضا مقدورة للرب وهو خالقها والعبد ليس خالقا لفعله فالعتبار بكونها خارقيية للعييادة‬
‫قد استدل بها على النبوة وتحدى بمثلها فلم يمكن أحدا معارضته هذه القيود الثلثيية وحييذفوا ذلييك القيييد‬
‫وزعم القاضي أبو بكر أن ما يستدل به على أن المعجزات يمتنع دخولها تحت قدرة العباد ل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.32‬‬

‫يصح على أصول القدرية وبسط القول في ذلك بكلم يصح بعضه دون بعض كعادته فييي أمثييال ذلييك ثييم‬
‫جعل هذا الفرق هو الفرق بين المعجزات وبين السحر والحيل فقال وأما على قولنا إن المعجييز ل يكييون‬
‫إل من مقدورات القديم ومما يستحيل دخوله ودخول مثله تحت قدرة العباد فاذا كان كييذلك اسييتحال أن‬
‫يفعل أحد من الخلق شيئا من معجزات الرسل أو ما هو من جنسها لن المحتيال إنميا يحتيال ويفعيل ميا‬
‫يصح دخوله تحت قدرته دون ما يستحيل كونه مقدورا لييه قييال وأمييا القييائلون بييأنه يجييوز أن يكييون فييي‬
‫معجزات الرسل ما يدخل جنسه تحت قدرة العباد وان لم يقدروا على كثيره وما يخرق العادة منه فانهم‬
‫يقولون قد علمنا انه ل حيلة ول شييء مين السيحر يمكين أن يتوصيل بيه السياحر والمشيعبذ اليى فعيل‬
‫الصعود في السماء ول قفز من المشرق الى المغرب وقفز الفراسخ الكثيرة والمشي على الماء وحمل‬
‫الجبال الراسيات هذا أمر ل يتم بحيلة محتال ول سحر ساحر وتكلم على إبطال قول من قال ان السحر‬
‫ل يكون إل تخييل ل حقيقة له وذكر أقوال العلماء والثار عن الصحابة بأن الساحر يقتل بسحره وقول إنه‬
‫يقتل حدا عند أكثرهم وقصاصا عند بعضهم ثم قال باب القول في الفصل بين المعجزة والسحر وهو لييم‬
‫يفرق بين الجنسين بل يجوز أن يكون ما هو معجزة للرسول يظهر على يد الساحر لكن قال الفييرق هييو‬
‫تحدي الرسول بالتيان بمثله وتقريع مخالفه بتعذر مثله عليه فمتى وجد الييذي ينفييرد اللييه بالقييدرة عليييه‬
‫من غير تحد منه واحتجاج لنبوته بظهوره لم يكن معجزا واذا كان كذلك خرج السحر عن أن يكون معجزا‬
‫ومشبها ليات النبياء وكان ما يظهر عند فعل الساحر من جنس بعض معجزات الرسييل ومييا يفعلييه اللييه‬
‫عند تحديهم به غير أن الساحر إذا احتج بالسحر وادعى به النبوة أبطله اللييه بييوجهين أحييدهما أن ينسيييه‬
‫عمل السحر أول يفعل عند سحره شيئا في المسحور من موت أو سقم أو بغض ولم يخلق فيه الصييعود‬
‫الى جهة العلو والقدرة على الدخول في بقرة فاذا منعه هذه السباب بطل السييحر والثيياني أن السيياحر‬
‫تمكن معارضته فان أبواب السحر معلومة عند السحرة فاذا تحدى ساحر بشيييء يفعييل عنييد سييحره لييم‬
‫يلبث أن يجد خلقا من السحرة يفعلون مثل فعله ويعارضونه بييأدق وأبلييغ ممييا أورده والرسييول اذا ظهيير‬
‫عليه مثل ذلك وادعاه آية‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.33‬‬


‫له قال لهم هذا آيتي وحجتي ودليل ذلك أنكم ل تقدرون على مثلييه ول يفعلييه اللييه فييي وقييتي هييذا ومييع‬
‫تحدي ومطالبتي بمثله عند سحر ساحر وفعل كاهن وقد كان يظهر ميين سييحرتكم وكهييانكم وهييي آييية ل‬
‫تظهر اليوم على أحد من الخلق وان دق سحره وعظم في الكهانيية علميه فيياذا ظهيير ذلييك عليييه وامتنييع‬
‫ظهور مثله على يد ساحر أو كاهن مع أنه قد كان يظهيير ميين قبييل صييار هييذا خييرق عييادة البشيير وعييادة‬
‫السحرة والكهنة خاصة قال ولم يبعد أن يقال هذه الية أعظم من غيرها وان لهييا فضييل مزييية ذكيير هييذا‬
‫بعد أن قال فان قال قائل فاذا أجزتم أن يكون من عمل السحر ما يفعل الله عنده سقم الصحيح وموته‬
‫ويفعل عنده بغض المحب وحب المبغض وبغض الوطن والرد اليه من السفر وضيق الصدر والعجييز عيين‬
‫الوطء بالربط والشد الذي يعلمه السحرة والصعود في جهة العلو على خيط أو بعض اللت في الفصييل‬
‫بين هذا وبين معجزات الرسل وكيف تنفصل مع ذلك المعجزات ميين السييحر ويمكيين الفييرق بييين النييبي‬
‫والساحر أو ليس لو قال نبي مبعوث أني أصعد على هذا الخيط نحو السماء وأدخييل جييوف هييذه البقييرة‬
‫وأخرج وأني أفعل فعل أفرق به بين المرء وزوجه وأفعل فعل أقتل بييه هييذا الحييي وأسييقم هييذا الصييحيح‬
‫فهل كان يكون ذلك لو ظهر على يده آيه ودليل على صدقه وما الفصل اذا بين السحر والمعجز ثييم قييال‬
‫في الجواب يقال له جواب هذا قريب وذلك أنا قد بينا في صدر هذا الكتاب أن من حق المعجز أل يكييون‬
‫معجزا حتى يكون واقعا من فعل الله على وجه خرق عادة البشر مع تحدي الرسول باليتان الى آخر مييا‬
‫كتيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييب‬
‫قلت هذا عمدة القوم ولهذا طعن الناس في طريقهم وشنع عليهم ابن حزم وغيره وذلييك أن هييذا الكلم‬
‫مسيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييتدرك مييييييييييييييييييييييييييييييييييييييين وجيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييوه‬
‫أحدها أنه إذا جوز أن يكون ما ينفرد الرب بالقدرة عليه على قوله يأتي به النبي تييارة والسيياحر تييارة ول‬
‫فرق بينهما إل دعوى النبوة والستدلل به والتحدي بالمثل فل حاجة الى كونه مما انفرد البيياري بالقييدرة‬
‫عليه ل سيما وقد ظهر ضعف الفرق بين ما يمتنع قدرة العباد عليه وما ل يمتنع ولهذا أعيرض المتيأخرون‬
‫عن هذا القيد‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.34‬‬

‫الوجه الثاني وبه تنكشف حقيقة طريقهم انييه علييى هييذا لييم تتميييز المعجييزات بوصيف نختيص بييه وانمييا‬
‫امتازت باقترانها بدعوى النبوة وهذا حقيقة قولهم وقد صرحوا به فاليدليل والبرهيان إن اسيتدل بيه كيان‬
‫دليل وان لم يستدل به لم يكن دليل وان اقترنت به الدعوى كان دليل وان لم تقترن به الدعوى لييم يكيين‬
‫دليل عندهم ولهذا لم يجعلوا دللة المعجز دللة عقلية بل دللة وضعية كدلليية اللفيياظ بالصييطلح وهييذا‬
‫مستدرك من وجوه منها أن كون آيات النبياء مساوية في الحييد والحقيقيية لسييحر السييحرة أميير معلييوم‬
‫الفساد بالضطرار من دين الرسل الثاني أن هذا من أعظم القدح في النبياء إذا كانت آياتهم مين جنيس‬
‫سييييييييييييييييييييييييييحر السييييييييييييييييييييييييييحرة وكهانيييييييييييييييييييييييييية الكهييييييييييييييييييييييييييان‬
‫الثالث أنه على هذا التقدير ل تبقى دللة فان الدليل ما يستلزم المدلول ويختييص بيه فيياذا كييان مشييتركا‬
‫بينييه وبييين غيييره لييم يبييق دليل فهييؤلء قييدحوا فييي آيييات النبييياء ولييم يييذكروا دليل علييى صييدقهم‬
‫الرابع أنه على هذا التقدير يمكن الساحر دعوى النبوة وقوله إنه عند ذلك يسلبه الله القدرة على السحر‬
‫أو يأتي بمن يعارضه دعوى مجردة فان المنازع يقول ل نسلم أنه أذا ادعييى النبيوة فل بيد أن يفعيل اللييه‬
‫ذلك ل سيما على أصله وهو أن الله يجوز أن يفعل كل مقدور وهذا مقدور للرب فيجوز أن يفعله وادعى‬
‫أن ما يخرق العادة من المور الطبيعية والطلمسات هييي كالسييحر فقييال ولجييل ذلييك لييم تلتبييس آيييات‬
‫الرسل بما يظهر من جذب حجر المغناطيس وما يوجد ويكون عند كتب الطلمسييات قييال وذلييك أنييه لييو‬
‫ابتدأ نبي باظهار حجر المغناطيس لوجب أن يكون ذلك آية له ولو أن أحدا أخييذ هييذا الحجيير وخييرج الييى‬
‫بعض البلد وادعى أنه آية له عند من لم يره ولم يسمع به لوجب أن ينقضه الله عليه بوجهين أحدهما أن‬
‫يؤثر دواعي خلق من البشر الى حمل جنس تلك الحجارة الى ذلك البلد وكذلك سبيل الزناد الييذي يقييدح‬
‫النار وتعرفه العرب وكذلك سبيل الطلمسات التي يقال انها تنفي الذباب والبق والحيييات والييوجه الخيير‬
‫أن ل يفعييييل اللييييه عنييييد ذلييييك مييييا كييييان يفعلييييه ميييين قبييييل فيقييييال هييييذه دعييييوى مجييييردة‬
‫ومما يوضح ذلك الوجه الخامس وهو أن جعل قدح الزناد وجذب حجر‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.35‬‬


‫المغناطيس والطلمسات من جنس معجزات النبياء وأنه لو بعث نبي ابتداء وجعل ذلك آية لييه جيياز ذلييك‬
‫غلط عظيم وعدم علم بقدر معجزات النبياء وآياتهم وهذا إنما أتاهم حيث جعلوا جنس الخارق هييو الييية‬
‫كما فعلت المعتزلة وأولئك كذبوا بوجود ذلك لغير النبياء وهؤلء ما أمكنهييم تكييذيب ذلييك لدلليية الشييرع‬
‫والخبار المتواترة والعيان على وجود حوادث من هذا النوع فجعلييوا الفييرق افييتراق الييدعوى والسييتدلل‬
‫والتحدي دون الخارق ومعلوم أن ما ليس بدليل ل يصير دليل بدعوى المستدل أنه دليل وقد بسط الكلم‬
‫في ذلك وجوز أن تظهر المعجزات على يد كاذب إذا خلق الله مثلها على يد من يعارضه فعمدته سلمتها‬
‫من المعارضة بالمثل مع أن المثل عنده موجود وآيات النبياء لها أمثال كثيرة لغير النبياء لكيين يقييول إن‬
‫من ادعى التيان فإما أن ل يظهرها الله على يديه وإما أن يقيض من يعارضييه بمثلهييا هييذا عمييدة القييوم‬
‫وليييييييس فرقييييييا حقيقيييييييا بييييييين النييييييبي والسيييييياحر وانمييييييا هييييييو مجييييييرد دعييييييوى‬
‫وهذا يظهر بالوجه السادس وهو أن من الناس من ادعى النبوة وكان كاذبا وظهرت على يده بعيض هييذه‬
‫الخوارق فلم يمنع منها ولم يعارضه أحد بل عرف أن هذا الذي أتى به ليس من آيات النبياء وعرف كذبه‬
‫بطرق متعددة كما في قصة السود العنسي ومسيلمة الكذاب والحييارث الدمشييقي وبابييا الرومييي وغييير‬
‫هيييؤلء ممييين ادعيييى النبيييوة فقييولهم إن الكيييذاب ل ييييأتي بمثيييل هيييذا الجنيييس لييييس كميييا ادعييوه‬
‫الوجه السابع أنه إنما أوجب أن ل يظهر الله الخوارق على يد الكذاب لن ذلييك يفضييي الييى عجييز الييرب‬
‫وهذه عمدة الشعري في أظهر قوليه وهي المشهورة عند قدمائهم وهي التي سلكها القاضي أبييو يعلييى‬
‫ونحوه قال القاضي أبو بكر فان قال قائل من القدرية فلم ل يجوز أن تظهر المعجزات علييى يييد مييدعي‬
‫النبوة ليلبس بذلك على العباد ويضل به عن الدين وانتم تجوزون خلقه الكفر في قلوب الكفار وإضللهم‬
‫فما الفصل بين إضللهم بهذا وبين اضللهم باظهار المعجزات على يد الكاذبين قال فيقال لمن سأل عن‬
‫هذا من القدرية الفصل بين المرين ظاهر معلوم وقد نص القرآن والخبار بأنه يضل ويهدي ويختم علييى‬
‫القلوب والسماع والبصار فاما مطالبتهم بالفرق بييين إضييلل العبيياد بهييذه الضييروب ميين الفعييال وبييين‬
‫إضللهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.36‬‬

‫بإظهار المعجزات على أيدي الكذابين فجوابه أنا لم تحل إضللهم بهذا الضرب لنه إضيلل عين اليدين او‬
‫لقبحه من الله لو وقع أو لستحقاقه الذم عليه تعالى عين ذلييك أو لكييونه ظالمييا لهيم بييالتكليف مييع هييذا‬
‫الفعل كل ذلك باطل محال من تمويههم وإنما احلناه لنيه ييوجب عجيز القيديم عين تميييز الصيادق مين‬
‫الكادب وتعريفنا الفرق بين النبي والمتنبي من جهة الدليل إذ ل دليل في قول كل أحد أثبت النبييوة علييى‬
‫نبوة الرسل وصدقهم إل ظهور أعلم المعجزة على أيديهم أو خبر مين ظهيرت المعجيزة عليى ييده عين‬
‫نبوة آخر مرسل فهذا إجماع ل خلف فيه فلو أظهر الله على يد المتنبي الكاذب ذلك لبطلت دلئل النبوة‬
‫وخرجت المعجزات عن كونها دللة على صدق الرسييول ولييوجب لييذلك عجييز القييديم عيين الدلليية علييى‬
‫صدقهم ولما لم يجز عجزه وارتفاع قدرته عن بعض المقدورات لييم يجييز لييذلك ظهييور المعجييزات علييى‬
‫أيييييييييييدي الكييييييييييذابين بخلف خلييييييييييق الكفيييييييييير فييييييييييي قلييييييييييوب الكييييييييييافرين‬
‫قلت هذا عمدة القوم والمتأخرون عرفوا ضعف هذا فلم يسيلكوه كيأبي المعيالي واليرازي وغيرهميا بيل‬
‫سلكوا الجواب الخر وهو أن العلم بالصدق عند المعجز يحصل ضرورة فهييو عليم ضييروري وبييين ضييعف‬
‫هذا الجواب مع أنه يحتج به وقال فهذا هذا من وجوه أحدها أن يقال إن كان المر كما زعمتم فانما يلزم‬
‫العجز إذا كان خلق الدليل دال على صدقهم جنسه ل يدل بل جنسه يقع مع عدم النبوة ولم يبييق عنييدكم‬
‫جنس من الدلة يخيص النبيوة فليم قلتيم إن تصيديقهم والحيال هيذه ممكين ول ينفعكيم هيذا السيتدلل‬
‫بالجمياع ونحيوه مين الدلية السيمعية لن كلمكيم ميع منكيري النبيوات فيجيب أن تقيميوا عليهيم كيون‬
‫المعجزات دليل على صدق النبي وأما من أقر بنبوتهم بطريق غير طريقكييم فييإنه ل يحتيياج الييى كلمكييم‬
‫فاذا قال لكم منكرو النبوة ل نسلم إمكان طريق يدل على صدقهم لم يكن معكم ما يدل على ذلك وقييد‬
‫أورد هذا السؤال وأجاب عنه بأنه يمكنه تصديقهم بالقول والمعجزات تقييوم مقييام التصييديق بييالقول بييل‬
‫التصديق بالفعل أوكد وضرب المثل بمدعي الوكالة اذا قال قم أو اقعد ففعل ذلك عنييد استشييهاد وكيلييه‬
‫فان العقلء كلهم يعلمون أنه أقام تلك الفعال مقام القول‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.37‬‬


‫قلت وهذا يعود الييى الحتجيياج بالطريقيية الثانييية وهييي العلييم بالتصييديق ضييرورة فل حاجيية الييى طريقيية‬
‫المعجزات الثاني انه يمكن أن يخلق علما ضروريا بصدقهم وقد سلم القاضي أبو بكر ذلك لكيين قييال إذا‬
‫اضطررنا الى العلم بصدق مدعي النبوة وأنه أرسله الينا كان فييي ضييمن هييذا العلييم اضييطراره لنييا الييى‬
‫العلم بذاته والى أنه قد أرسل مدعي النبوة وإذا علمنا ذلك اضييطرارا لييم يكيين للتكليييف بييالعلم بصييدقه‬
‫وجه وخرجنا بذلك عن أن نكون مكلفين بييالعلم بالييدين وهييذا كلم يييؤدي الييى خروجنييا عيين حييد المحنيية‬
‫والتكليف فيقال له اذا حصل العلم الضروري بوجود الخالق وبصدق رسوله كان التكليف بالقرار بالصانع‬
‫وعبادته وحده ل شريك له وبتصديق رسله وطاعة أمره وهذا هو الذي أمرت به الرسل أمرت الخلييق أن‬
‫يعبدوا الله وحده وأن يطيعوا رسله ولم ييأمروا جمييع الخليق بيأن يكتسيبوا علميا نظرييا بوجيود الخيالق‬
‫وصدق رسله لكن من جحد الحق امروه بالقرار به وأقاموا الحجة عليه وبينوا معاندته وأنه جاحييد للحييق‬
‫الذي يعرفه وكذلك الرسول كانوا يعلمون أنه صادق ويكذبونه فليتيدبر هيذا الموضيع فيانه موضيع عظييم‬
‫الوجه الثالث أن يقال نحن نسلن أن المعجزات تدل على الصدق وأنه ل يجوز إظهارها علييى يييد الكيياذب‬
‫لكن هو لن الله منزه عن ذلك وأن حكمته تمنع ذلك ول يجوز عليه كل فعل ممكيين وأنتييم مييع تجييويزكم‬
‫عليه كل ممكن يلزمكم تجويز خلق المعجييزة عليى يييد الكياذب فميا عليم بالعقيل والجميياع مين امتنيياع‬
‫ظهورها على يد الكاذب يدل على فساد أصلكم الوجه الرابع أن يقال لم قلتم إنه ل دليييل علييى صييدقهم‬
‫إل المعجزات وما ذكرتم من الجماع على ذلك ل يصح الستدلل بيه ليوجهين أحيدهما أنيه ل إجمياع فيي‬
‫ذلك بل كثير من الطوائف يقولون إن صدقهم بغير المعجزات الثاني أنه ل يصيح الحتجياج بالجميياع فيي‬
‫ذلك فان الجماع إنما يثبت بعد ثبوت النبيوة والمقيدمات اليتي تعليم بهيا النبيوة ل يحتيج عليهيا بالجمياع‬
‫وقولكم ل دليل سوى المعجز مقدمة ممنوعة وذكر عن الشعري أنه ذكيير جوابييا آخيير فقييال وأيضييا فييإن‬
‫قول القائل ما أنكرتم من جواز إظهار المعجزات على أيدي الكذابين قول متناقض والله على كل شيييء‬
‫قدير ولكن ما طالب السائل باجازته محال ل تصح القدرة عليه ول العجز عنه لنه بمنزلة كونه‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.38‬‬

‫أظهر المعجزات على أيديهم فانه أوجب أنهم صادقون لن المعجز دليل على الصدق ومتضمن له وقوله‬
‫مع ذلك إنهم كاذبون نقض لقوله إنهم صادقون قد ظهييرت المعجييزات علييى أيييديهم فييوجب إحاليية هييذه‬
‫المطالبة وصار هذا بمثابة قول من قال ما أنكرتم من صحة ظهييور الفعييال المحكميية الداليية علييى علييم‬
‫فاعلها والمتضمنة لذلك من جهة الدليل من الجاهل بها في أنه قول باطل متناقض فيجب اذا كييان الميير‬
‫كذلك استحالة ظهور المعجزات على يدي الكاذبين واستحالة ثبوت قدرة قادر عليه وكيف يصح على هذا‬
‫الجواب أن يقال ما أنكرتم وزعمتم أنه من فعل المحال الذي ل يصح حدوثه وتنياول القيدرة ليه هيو مين‬
‫قبيل الجائز قياسا على صحة خلق الكفر وضروب الضلل التي يصح حدوثها وتناول القدرة لها قلييت هييذا‬
‫كلم صحيح اذا علم أنها دليل الصدق يستحيل وجوده بدون الصدق والممتنع غير مقدور فيمتنع أن يظهيير‬
‫على أيدي الكاذبين ما يدل على صدقهم لكن المطالب يقول كيف يستقيم علييى أصييلكم أن يكييون ذلييك‬
‫دليل الصدق وهو أمر حادث مقدور وكل مقدور يصح عندكم أن يفعله الله ولو كان فيييه ميين الفسيياد مييا‬
‫كان فانه عندكم ل ينزه عن فعل ممكن ول يقبح منه فعييل فحينئذ اذا خلييق علييى يييد الكيياذب مثييل هييذه‬
‫الخوارق لم يكن ممتنعا على أصلكم وهي ل تدل على الصدق البتية عليى أصييلكم ويلزمكييم إذا لييم يكيين‬
‫دليل إلهي أل يكون في المقدور دليل على صدق مدعي النبوة فيلييزم أن الييرب سييبحانه ل يصييدق أحييدا‬
‫ادعى النبوة واذا قلتم هذا ممكن بل واقع ونحن نعلم صييدق الصييادق اذا ظهييرت هييذه العلم علييى يييده‬
‫ضرورة قيل فهذا يوجب أن الرب ل يجوز عليه إظهارها على يد كاذب وهذا فعييل ميين الفعييال هييو قييادر‬
‫عليه وهو سبحانه ل يفعله بل هو منزه عنه فأنتم بين أمرييين ان قلتييم ل يمكنييه خلقهييا علييى يييد الكيياذب‬
‫وكان ظهورها ممتنعا فقد قلتم إنه ل يقدر على إحداث حادث قد فعيل مثليه وهيذا تصيريح بعجيزه وأنتيم‬
‫قلتم فليست بدليل فل يلزم عجزه فصارت دللتها مستلزمة لعجزه على أصلكم وان قلتييم يقييدر لكنييه ل‬
‫يفعل فهذا حق وهو ينقض أصلكم وحقيقة المر أن نفس ما يدل على صدق الصادق بمجموعه امتنييع أن‬
‫يحصل للكاذب وحصوله له ممتنع غير مقدور وأما خلق مثل تلك الخارقيية علييى يييد الكيياذب فهييو ممكيين‬
‫والله سبحانه وتعالى قادر عليه‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.39‬‬


‫لكنه ل يفعله لحكمته كما أنه سبحانه يمتنع عليه أن يكذب أو يظلم والمعجز تصديق وتصديق الكاذب هيو‬
‫منزه عنه والدال على الصدق قصد الرب تصديق الصادق وهذا القصد يمتنع حصوله للكاذب فيمتنع جعل‬
‫من ليس برسول رسول وجعل الكاذب صادقا ويمتنع من الرب قصييد المحييال وهييو غييير مقييدور وهييو اذا‬
‫صدق الصادق بفعله علم بالضطرار والدليل أنه صدقه وهذا العلم يمتنييع حصييوله للكيياذب واستشييهادكم‬
‫بالعلم هو من هذا الباب فانتم تقولون إن الرب ل يخلييق شيييئا لشيييء وحينئذ فل يكييون قاصييدا لمييا فييي‬
‫المخلوقات من الحكام فل يكون الحكام دال على العلم على أصلكم فان الحكام إنما هو جعييل الشيييء‬
‫محصل للمطلوب بحيث يجعل لجل ذلك المطلوب وهيذا عنيدهم ل يجيوز فاثبياته علميه وتصيديق رسيله‬
‫مشروط بأن يفعل شيئا لشيء وهذا عندكم ل يجوز فلهذا يقال إنكييم متناقضييون واللييه سييبحانه وتعييالى‬
‫أعلييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‬
‫الوجه الثامن أن حقيقة المر على قول هؤلء الذين جعلوا المعجزة الخارق مع التحييدي أن المعجييز فييي‬
‫الحقيقة ليس ال منع الناس من المعارضة بالمثل سواء كان المعجز في نفسه خارقا أو غير خارق وكييثير‬
‫مما يأتي به الساحر والكاهن أمر معتاد لهم وهييم يجييوزون أن يكييون آييية للنييبي واذا كييان آييية منييع اللييه‬
‫الساحر والكاهن من مثل ما كان يفعل أو قيض له من يعارضه وقالوا هذا أبلغ فانه منييع المعتيياد وكييذلك‬
‫عندهم أحد نوعي المعجزات منعهم من الفعال المعتادة وهو مأخذ من يقييول بالصييرفة واذا كييان كييذلك‬
‫جاز أن يكون كل أمر كالكل والشرب والقيييام والقعييود معجييزة اذا منعهييم أن يفعلييوا كفعلييه وحينئذ فل‬
‫معنى لكونها خارقا ول لختصاص الرب بالقدرة عليها بييل العتبييار بمجييرد عييدم المعارضيية وهييم يقييرون‬
‫بخلف ذلييييييييييييييييييييييييييييييييييييييك واللييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه أعلييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‬
‫الوجه التاسع أنه اذا كانت المعجزة هي مجموع دعوى الرسالة مع التحدي فل حاجة الى كونه خارقا كمييا‬
‫تقدم ويجب اذا تحدى بالمثل أن يقول فليأت بمثل القرآن من يدعي النبوة فإن هذا هييو المعجييز عنييدهم‬
‫وإل كان القرآن مجردا ليس بمعجز فل يطلب مثل القرآن إل ممن يدعي النبوة كما في الساحر والكاهن‬
‫اذا ادعى النبوة سلبه الله ذلك او قيض له من يعارضه وإذا لم يدع النبوة جاز أن يظهر على يده مثل مييا‬
‫يظهر على يد النبي فكذلك يلزمهم مثل هذا في القرآن وسائر المعجزات والله أعلم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.40‬‬

‫فصل في أن الرسول ل بد أن يبين أصول الدين‬

‫وهي البراهين الدالة على أن ما يقوله حق من الخبر والمر فل بد أن يكييون قييد بييين الييدلئل علييى‬
‫صدقه في كل ما أخبر ووجوب طاعته في كل ما أوجب وأمر ومن أعظم أصييول الضييلل العييراض‬
‫عن بيان الرسول للدلة واليات والبراهين والحجج فإن المعرضين عن هذا إما أن يصييدقوه ويقبلييوا‬
‫قوله ويؤمنوا به بل دليل أصل ول علم وإما أن يستدلوا على ذلك بغير أدلته فان لييم يكونييوا عييالمين‬
‫بصدقه فهم ممن يقال له في قبره مييا قولييك فييي هييذا الرجييل الييذي بعييث فيكييم فأمييا المييؤمن أو‬
‫الموقن فيقول هو عبد الله ورسوله جاءنا بالبينات والهدى فآمنا به واتبعناه وأما المنافق أو المرتاب‬
‫فيقول هاء هاء ل أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته فيضرب بمرزبة من حديييد فيصيييح صيييحة‬
‫يسمعها كل شيء إل الثقلين وان استدل على ذلك بغير اليات والدلة التي دعا بها النيياس فهييو مييع‬
‫كونه مبتدعا ل بد أن يخطئ ويضل فان ظن الظان أنه بأدلة وبراهين خارجة عما جاء بيه تييدل علييى‬
‫ما جاء به فهو من جنس ظنه أنه يأتي بعبادات غير ما شرعه توصل الى مقصوده وهييذا الظيين وقييع‬
‫فيه طوائف من النظار الغالطين أصييحاب السييتدلل والعتبييار والنظيير كمييا وقييع فييي الظيين الول‬
‫طوائف من العباد الغالطين أصحاب الرادة والمحبة والزهد وقوله صلى الله عليه وسلم في خطبته‬
‫يوم الجمعة خير الكلم كلم الله وخير الهدي هدي محمد وشر المييور محييدثاتها وكييل بدعيية ضييللة‬
‫يتناول هذا وهذا وقد أرى الله تعالى عباده اليات في الفاق وفي أنفسهم حتى تبين لهم أن ما قاله‬
‫هو حق فأن أرباب العبادة والمحبة والرادة والزهد الذين سلكوا غير ما أمروا بييه ضييلوا كمييا ضييلت‬
‫النصارى ومبتدعة هذه المة من العباد وأرباب النظر والستدلل الذين سلكوا غير دليله وبيانه أيضييا‬
‫ضلوا قال تعالى فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فل يضل ول يشقى ومن أعرض عن ذكري فننان‬
‫له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى‬
‫قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليييوم تنسييى‬
‫وفي الكلم المأثور عن المام أحمد أصول السلم أربعة دال ودليل ومبين ومستدل فالدال هو الن والنندليل‬
‫هو القرآن والمبين هو الرسول قال ال تعالى لتبين للناس ما نزل اليهم والمستدل هم أولو العلننم وأولننو‬
‫اللباب الذين أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم وقد ذكره ابن المنى عن أحمد وهو مننذكور فنني العنندة‬
‫للقاضي أبي يعلى وغيرها إما أن أحمد قال له أو قيل له فاستحسنه ولهذا صننار كننثير مننن النظننار يوجبننون‬
‫العلم والنظر والستدلل وينهون عن التقليد ويقول كثير منهم إن ايمان المقلد ل يصح أو أنه وان صح لكنه‬
‫عاص بترك الستدلل ثم النظر والستدلل الذي يدعون إليننه ويوجبننونه ويجعلننونه أول الواجبننات وأصننل‬
‫العلم هو نظر واستدلل ابتدعوه ليس هو المشروع ل خبرا ول أمرا وهو استدلل فاسد ل يوصل الى العلم‬
‫فانهم جعلوا أصل العلم بالخالق هو الستدلل على ذلك بحدوث الجسام والستدلل علننى حنندوث الجسننام‬
‫بأنها مستلزمة للعراض ل تخلو عننا ول تنفننك منهننا ثننم اسنتدلوا علنى حنندوث العنراض قنالوا فثبنت أن‬
‫الجسام مستلزمة للحوادث ل تخلو عنها فل تكون مثلها ثم كثير منهم قالوا وما لم يخل من الحوادث أو مننا‬
‫لم يسبق الحوادث فهو حادث وظن أن هذه مقدمة بديهية معلومة بالضرورة ل يطلب عليها دليل وكان ذلننك‬
‫بسبب أن لفظ الحوادث يشعر بان لها ابتداء كالحادث المعين والحوادث المحدودة ولو قدرت ألف ألف ألننف‬
‫حادث فإن الحوادث اذا جعلت مقدرة محدودة فل بد أن يكون لها ابتداء فإن مال ابتداء له ليس له حد معيننن‬
‫ابتدأ منه اذ قد قيل ل ابتداء له بل هو قديم أزلي دائم ومعلوم أن هذه الحوادث مالم يسبقها فهننو حننادث فننإنه‬
‫يكون إما معها وإما بعدها وكثير منهم يفطن للفرق بين جنس الحننوادث وبيننن الحننوادث المحنندودة فننالجنس‬
‫مثل أن يقال ما زالت الحوادث توجد شيئا بعد شيء أو ما زال جنسها موجودا أو ما زال ال متكلما اذا شاء‬
‫او ما زال ال فاعل لما يشاء أو ما زال قادرا على أن يفعننل قنندرة يمكننن معهننا اقننتران المقنندور بالقنندرة ل‬
‫تكون قدرة يمتنع معها المقدور فان هذه في‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.42‬‬

‫الحقيقة ليست قدرة ومثل أن يقال في المستقبل ل بد أن الله يخلق شيئا بعد شييء ونعييم أهيل الجنية‬
‫دائم ل يزول ول ينفد وقد يقال فيي النيوعين كلميات الليه ل تنفيذ ول نهايية لهيا ل فيي الماضيي ول فيي‬
‫المستقبل ونحو ذلك فالكلم في دوام الجنس وبقائه وأنه ل ينفد ول ينقضي ول يزول ول ابتييداء لييه غييير‬
‫الكلم فيما يقدر محدودا له ابتداء أوله ابتداء وانتهاء فإن كثيرا من النظار من يقييول جنييس الحييوادث إذا‬
‫قدر له ابتداء وجب أن يكون له انتهاء لنه يمكن فرض تقدمه على ذلك الحد فيكون أكثر مما وجد ومييال‬
‫يتناهى ل يدخله التفاضل فإنه ليس وراء عدم النهاية شيء أكثر منها بخلف مال ابتداء له ول انتهيياء فييإن‬
‫هذا ل يكون شيء فوقه فل يفضي الى التفاضل فيما ل يتناهى وبسط هذا له موضع آخر والمقصييود هنييا‬
‫أن هؤلء جعلوا هذا أصل دينهم وإيمانهم وجعلوا النظر في هذا الدليل هو النظر الواجب على كل مكلييف‬
‫وأنه من لم ينظر في هذا الدليل فاما أنه ل يصح إيمانه فيكييون كييافرا علييى قيول طائفيية منهييم وإمييا أن‬
‫يكون عاصيا على قول آخرين وأما إن يكون مقلدا ل علم له بدينه لكنه ينفعه هذا التقليد ويصير به مؤمنا‬
‫غير عاص والقوال الثلثة باطلة لنهيا مفرعية عليى أصيل باطيل وهيو أن النظير اليذي هيو أصيل اليدين‬
‫واليمان هو هذا النظر في هذا الدليل فيان علمياء المسيلمين يعلميون بالضيطرار أن الرسيول ليم ييدع‬
‫الخلق بهذا النظر ول بهدا الدليل ل عامة الخلق ول خاصييتهم فييامتنع أن يكييون هييذا شييرطا فييي اليمييان‬
‫والعلم وقد شهد القرآن والرسول لمين شييهد ليه مين الصيحابة وغيرهيم بييالعلم وأنهيم عييالمون بصيدق‬
‫الرسول وبما جاء به وعالمون بالله وبأنه ل إله إل الله ولم يكن الموجب لعلمهم هذا الدليل المعيين كميا‬
‫قال تعالى ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل اليك من ربك هو الحق ويهدي الى صراط العزيز الحميد وقييال‬
‫شهد ال أنه ل إله إل هو والملئكة وأولو العلم قائما بالقسط وقال أفمن يعلم أن ما أنزل إليك من ربك الحننق‬
‫كمننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننن هننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننو أعمننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننى‬
‫وقد وصف باليقين والهدى والبصيرة في غير موضع كقوله وبالخرة هم يوقنون وقوله أولئك على هنندى‬
‫من ربهم وقوله قل هذه سبيلي أدعو الى ال على بصيرة أنا ومن اتبعني‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.43‬‬

‫وأمثال ذلك فتبين أن هذا النظر والستدلل الذي أوجبه هؤلء وجعلوه أصل الدين ليس ممييا أوجبييه اللييه‬
‫ورسوله ولو قدر أنه صحيح في نفسه وأن الرسول أخبر بصحته لم يلييزم ميين ذلييك وجييوبه اذ قييد يكييون‬
‫المطلوب أدلة كثيرة ولهذا طعن الرازي وأمثاله على أبي المعالي في قوله إنه ل يعلم حدوث العييالم إل‬
‫بهذا الطريق وقالوا هب أنه يدل على حدوث العالم فمن أين يجب أن ل يكييون ثيم طريييق آخيير وسيلكوا‬
‫هم طرقا أخر فلو كانت هذه الطريق صحيحة عقل وقد شهد لها الرسول والمؤمنييون اليذين ل يجتمعيون‬
‫على ضللة بأنها طريق صحيحة لم تتعين مع إمكان سلوك طرق أخرى كما أنه في القييرآن سييور وآيييات‬
‫قد ثبت بالنص والجماع أنها من آيات الله الدالة على الهدى ومع هييذا فيياذا اهتييدى الرجييل بغيرهييا وقييام‬
‫بالواجب ومات ولم يعلم بها ولم يتمكن من سماعها لم يضره كاليات المكية التي اهتييدى بهييا ميين آميين‬
‫ومات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن ينيزل سيائر القيرآن فاليدليل يجيب طيرده ول يجيب‬
‫عكسه ولهذا أنكر كثير من العلماء على هؤلء ايجيياب سييلوك هييذه الطريييق مييع تسييليمهم أنهييا صييحيحة‬
‫كالخطابي والقاضي أبي يعلى وابن عقيل وغيرهم والشعري نفسه أنكر على ميين أوجييب سييلوكها أيضييا‬
‫في رسالته إلى أهل الثغيير مييع اعتقيياده صيحتها واختصيير منهييا طريقية ذكرهييا فييي أول كتييابه المشييهور‬
‫المسمى باللمع في الرد على أهل البدع وقد اعتنى به أصحابه حتى شرحوه شروحا كثيرة والقاضي أبييو‬
‫بكر شرحه ونقض كتاب عبد الجبار الذي صنفه في نقضه وسماه نقض نقض اللمع وأما أكابر أهل العلييم‬
‫من السلف والخلف فعلموا أنها طريقة باطلة في نفسها مخالفة لصريح المعقول وصحيح المنقييول وانييه‬
‫ل يحصل بها العلم بالصانع ول بغير ذلك بل يوجب سلوكها اعتقادات باطلة توجب مخالفة كثير ممييا جيياء‬
‫به الرسول مع مخالفة صريح المعقول كما أصاب من سلكها من الجهمية والمعتزلة والكلبية والكرامييية‬
‫ومن تبعهم من الطوائف وان لم يعرفوا غورها وحقيقتها فإن أئمة هؤلء الطوائف صار كييل منهييم يلييتزم‬
‫ما يراه لزما ليطردها فيلتزم لوازم مخالفة للشيرع والعقيل فيجييء الخير فيييرد علييه وييبين فسياد ميا‬
‫التزمه ويلتزم هو لوازم أخر لطردها فيقع أيضا في‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.44‬‬

‫مخالفة الشرع والعقل فالجهمية التزموا لجلها نفي أسماء الله وصفاته اذ كانت الصييفات أعراضييا تقييوم‬
‫بالموصوف ول يعقل موصوف بصفة إل الجسم فإذا اعتقدوا حدوثه اعتقدوا حدوث كييل موصييوف بصييفة‬
‫والرب تعالى قديم فالتزموا نفي صيفاته وأسيماؤه مسيتلزمة لصيفاته فنفيوا أسييماءه الحسيينى وصيفاته‬
‫العلى والمعتزلة استعظموا نفي السماء لما فيه من تكييذيب القييرآن تكييذيبا ظيياهر الخييروج عيين العقييل‬
‫والتناقض فإنه ل بد من التمييز بين الرب وغيره بالقلب واللسان فما ل يميز ميين غيييره ل حقيقيية لييه ول‬
‫إثبات وهو حقيقة قول الجهمية فانهم لم يثبتوا في نفس المر شيئا قديما البتة كما أن المتفلسفة الييذين‬
‫سلكوا مسلك المكان والوجوب وجعلوا ذلك بدل الحادث والقديم لم يثبتوا واجبا بنفسه البتة وظهر بهذا‬
‫فساد عقلهم وعظيم جهلهم مع الكفر وذلك أنه يشهد وجيود السيماوات وغيرهيا فهييذه الفلك إن كيانت‬
‫قديمة واجبة فقد ثبت وجود الموجود القديم الواجب وان كانت ممكنة أو محدثيية فل بييد لهييا ميين واجييب‬
‫قديم فإن وجود الممكن بدون الواجب والمحييدث بييدون القييديم ممتنييع فييي بييدائه العقييول فثبييت وجييود‬
‫موجود قديم واجب بنفسه على كل تقدير فاذا كان ما ذكيروه مين نفيي الصيفات عين القيديم واليواجب‬
‫يستلزم نفي القديم مطلقا ونفي الواجب علم أنه باطل وقد بسط هذا في مواضع وبين أن كل من نفييى‬
‫صفة مما أخبر به الرسول لزمه نفي جميع الصفات فل يمكن القول بموجب أدلة العقييول إل مييع القييول‬
‫بصدق الرسول فأدلة العقييول مسييتلزمة لصييدق الرسييول فل يمكيين مييع عييدم تصييديقه القييول بمييوجب‬
‫العقول بل من كذبه فليس معه ل عقل ول سمع كما أخبر الله تعالى عن أهل النار قال تعالى كلما ألقي‬
‫فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بل قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا منا نننزل الن منن شنيء إن أنتنم إل فني‬
‫ضلل كبير وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السننعير فنناعترفوا بننذنبهم فسننحقا لصننحاب السننعير‬
‫وهييييييييييييييييذا مبسييييييييييييييييوط فييييييييييييييييي غييييييييييييييييير هييييييييييييييييذا الموضييييييييييييييييع‬
‫والمقصود هنا أن المعتزلة لما رأوا الجهمية قد نفوا أسماء الله الحسنى استعظموا ذلك وأقروا بالسماء‬
‫ولما رأوا هذه الطريق توجب نفي الصفات نفوا الصفات‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.45‬‬

‫فصاروا متناقضين فان اثبات حي عليم قدير سميع بصير بل حياة ول علييم ول قييدرة ول حكميية ول سييمع‬
‫ول بصر مكابرة للعقل كإثبات مصل بل صلة وصييائم بل صيييام وقييائم بل قيييام ونحييو ذلييك ميين السييماء‬
‫المشتقة كاسماء الفياعلين والصيفات المعدولية عنهيا ولهيذا ذكيروا فيي أصيول الفقيه أن صيدق السيم‬
‫المشتق كالحي والعليم ل ينفك عن صدق المشتق منه كالحياة والعلم وذكروا النزاع مع من ذكييروه ميين‬
‫المعتزلة كأبي علي وأبي هاشم فجاء ابن كلب ومن اتبعه كالشعري والقلنسييي فقييرروا أنييه ل بييد ميين‬
‫إثبات الصفات متابعة للدليل السمعي والعقلي مع إثبات السييماء وقييالوا ليسييت أعراضييا لن العييرض ل‬
‫يبقى زمانين وصفات الرب باقية سلكوا في هذا الفرق وهييو أن العييرض ل يبقييى زمييانين مسييلكا أنكييره‬
‫عليهم جمهور العقلء وقالوا إنهم خالفوا الحس وضرورة العقل وهييم موافقييون لولئك علييى صييحة هييذه‬
‫الطريقة طريقة العراض قالوا وهذه تنفي عن الله أن يقوم به حادث وكل حادث فانمييا يكييون بمشيييئته‬
‫وقدرته قالوا فل يتصف بشيء من هذه المور ل يتكلم بمشيئته وقدرته ول يقوم به فعل اختياري يحصييل‬
‫بمشيئته وقدرته كخلق العالم وغيره بل منهم من قال ل يقوم به فعل بل الخلق هو المخلوق كالشييعري‬
‫ومن وافقه ومنهم من قال بل فعل الرب قديم أزلي وهو من صفاته الزلية وهو قول قدماء الكلبية وهو‬
‫الذي ذكره أصحاب ابن خزيمة لما وقع بينه وبينهم بسبب هذا الصل فكتبوا عقيدة اصطلحوا عليها وفيها‬
‫إثبات الفعل القديم الزلي وكان سبب ذلك أنهم كانوا كلبية يقولييون إنييه ل يتكلييم بمشيييئته وقييدرته بييل‬
‫كلمه المعين لزم لذاته أزل وأبدا وكان ابن خزيمة وغيره على القول المعروف للمسلمين وأهييل السيينة‬
‫أن الله يتكلم بمشيئته وقدرته وكان قد بلغه عن المام أحمد أنه كان يذم الكلبية وأنه أمر بهجر الحارث‬
‫المحاسبي لما بلغه أنه على قول ابن كلب وكان يقول حذروا عن حارث الفقير فإنه جهمي واشتهر هييذا‬
‫عن أحمد وكان بنيسابور طائفة من الجهمية والمعتزليية مميين يقولييون إن القييرآن وغيييره ميين كلم اللييه‬
‫مخلوق ويطلقون القول بأنه متكلم بمشيئته وقدرته لكن مرادهم بذلك أنه يخلييق كلمييا بائنييا عنييه قائمييا‬
‫بغيره كسائر‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.46‬‬

‫المخلوقات وكان من هؤلء من عرف أصل ابن كلب فاراد التفريييق بييين ابيين خزيميية وبييين طائفيية ميين‬
‫أصحابه فأطلعه على حقيقة قولهم فنفر منه وهم كانوا قد بنوا ذلك على أصل ابن كلب واعتقدوا أنييه ل‬
‫تقوم به الحوادث بناء على هذه الطريقة طريقة العراض وابن خزيمة شيخهم وهو الملقب بإمام الئميية‬
‫وأكثر الناس معه ولكن ل يفهمون حقيقة النزاع فاحتاجوا ليذلك اليى ذكير عقييدة ل يقيع فيهيا نيزاع بيين‬
‫الكلبية وبين أهل الحديث والسنة فذكروا فيها أن كلم الله غير مخلوق وأنه لييم يييزل متكلمييا وأن فعلييه‬
‫أيضا غير مخلوق فالمفعول مخلوق ونفس فعل الرب له قديم غير مخلوق وهذا قول الحنفية وكييثير ميين‬
‫الحنبلية والشافعية والمالكية وهو اختيار القاضي أبي يعلى وغيره في آخر عمره وبسييط هييذا لييه موضييع‬
‫آخر والمقصود التنبيه على افتراق المة بسبب هذه الطريقة ولما عرف كثير من الناس باطن قييول ابيين‬
‫كلب وأنه يقول أن الله لم يتكلم بالقرآن العربي وأن كلمييه شيييء واحيد هيو معنيى آيية الكرسيي وآيية‬
‫الدين عرفوا ما فييه مين مخالفية الشيرع والعقيل فنفيروا عنيه وعرفيوا أن هيؤلء يقوليون أنيه ل يتكليم‬
‫بمشيئته وقدرته فأنكروه وكان ممن أنكر ذلك الكرامية وغير الكرامية كاصحاب أبي معاذ التومني وزهير‬
‫البابي وداود بن علي وطوائف فصار كثير من هؤلء يقولييون أنييه يتكلييم بمشيييئته وقييدرته فييانكروه لكيين‬
‫يراعى تلك الطريقة لعتقاده صحتها فيقول إنه لن يكن في الزل متكلمييا لنيه إذا كيان ليم ييزل متكلميا‬
‫بمشيئته لزم وجود حوادث ل تتناهى وأصل الطريقة أن هييذا ممتنييع فصييار حقيقية قييول هييؤلء إنيه صييار‬
‫متكلما بعد أن لم يكن متكلما فخالفوا قول السلف والئمة انه لم يزل متكلما اذا شاء وبسط هذه المور‬
‫لييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه موضييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييع آخيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييير‬
‫والمقصود هنا أن كثيرا من أهل النظر صييار مييا يوجبيونه مين النظيير والسييتدلل ويجعلييونه أصيل اليدين‬
‫واليمان هو هذه الطريقة المبتدعة في الشرع المخالفة للعقل التي انفق سلف المة وأئمتها على ذمهييا‬
‫وذم أهلها فذمهم للجهمية الذين ابتدعوا هذه الطريقة أول متواتر مشهور قد صنف فيه مصنفات وذمهييم‬
‫للكلم والمتكلمين مما عني به أهل هذه الطريقة كذم الشافعي لحفص الفرد الذي كان على قول ضرار‬
‫بن عمرو‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.47‬‬

‫وذم أحمد بن حنبل لبي عيسى محمد بن عيسى برغوث الذي كان على قول حسين النجار وذمهمييا وذم‬
‫أبي يوسف ومالك وغيرهم لمثال هؤلء الييذين سييلكوا هييذه الطريقيية وقييد صيينف فييي ذم الكلم وأهلييه‬
‫مصنفات أيضا وهو متناول لهل هذه الطريقة قطعا فكان ايجاب النظر بهذا التفسير باطل قطعا بل هييذا‬
‫نظر فاسد يناقض الحق واليمان ولهذا صار من يسييلك هييذه الطريقيية ميين حييذاق الطييوائف يتييبين لهييم‬
‫فسادها كما ذكر مثل ذلك أبو حامد الغزالي وأبو عبد الله الرازي وأمثالهما ثم الذي يتبين له فسييادها إذا‬
‫لم يجد عند من يعرفه من المتكلمين في أصول الدين غيرها بقي حائرا مضطربا والقائلون بقييدم العييالم‬
‫من الفلسفة والملحدة وغيرهم تبين لهم فسادها فصار ذلك ميين أعظييم حججهييم علييى قييولهم الباطييل‬
‫فيبطلون قول هؤلء إنه صار فاعل أو فاعل ومتكلما بمشيئته بعد أن لييم يكيين ويثبتييون وجييوب دوام نييوع‬
‫الحوادث ويظنون أنهم إذا أبطلوا كلم أولئك المتكلمين بهييذا حصييل مقصييودهم وهييم أضييل وأجهييل ميين‬
‫أولئك فإن أدلتهم ل توجب قدم شيء بعينه من العالم بل كل ما سوى الله فهو محدث مخلوق كائن بعييد‬
‫أن لم يكن ودلئل كثيرة غير تلك الطريقة وأن كان الفاعل لم يزل فيياعل لمييا يشيياء ومتكلمييا بمييا يشيياء‬
‫وصار كثير من أولئك إذا ظهر له فساد أصل أولئك المتكلمين المبتييدعين وليييس عنييده إل قييولهم وقييول‬
‫هؤلء يميل الى قول هؤلء الملحدة ثم قد يبطن ذلك وقد يظهره لمن يأمنه وابتلى بهييذا كييثير مين أهيل‬
‫النظر والعبيادة والتصييوف وصيياروا يظهيرون هيذا فييي قيالب المكاشيفة ويزعميون أنهيم أهيل التحقييق‬
‫والتوحيد والعرفان فأخذوا من نفي الصفات أن صانع العالم ل داخل العالم ول خيارجه ومين قيول هيؤلء‬
‫أن العالم قديم ولم يروا موجودا سوى العالم فقالوا إنه هو الله وقالوا هو الوجود المطلق والوجود واحد‬
‫وتكلموا في وحدة الوجود وأنه الله بكلم ليس هذا موضع بسطه ثم لما ظهر أن كلمهم يخييالف الشييرع‬
‫والعقل صاروا يقولون يثبت عندنا في الكشف ما يناقض صريح العقل ويقولون القرآن كلييه شيرك وإنمييا‬
‫التوحيد في كلمنا ومن أراد أن يحصل له هذا العلم اللدني العلى فليييترك العقييل والنقييل وصييار حقيقيية‬
‫قولهم الكفر بالله وبكتبه ورسله وباليوم الخر من جنس قول الملحدة الذين يظهرون التشيع‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.48‬‬

‫لكن أولئك لما كان ظاهر قولهم هو ذم الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان صارت وصمة الرفض تنفر عنهييم‬
‫خلقا كثيرا لم يعرفوا باطن أمرهم وهؤلء صاروا ينتسبون الى المعرفة والتوحيييد وأتبيياع شيييوخ الطريييق‬
‫كالفضيل وابراهيم بن أدهم والتستري والجنيد وسهل بن عبد الله وأمثال هؤلء ممن له في المة لسييان‬
‫صدق فاغتر بهؤلء من لم يعرف بيياطن أمرهيم وهييم فييي الحقيقية مين أعظيم خليق اللييه خلقيا لهيؤلء‬
‫المشايخ السادة ولمن هو أفضل منهم من السابقين الولين والنبياء المرسلين وكان من أسباب ذلك أن‬
‫العبادة والتأله والمحبة ونحو ذلك ممييا يتكلييم فيييه شيييوخ المعرفيية والتصييوف أميير معظييم فييي القلييوب‬
‫والرسل إنما بعثوا بدعاء الخلق الى أن يعرفوا الله ويكون أحب إليهم من كل ما سواه فيعبييدوه ويييألهوه‬
‫ول يكون لهم معبود مألوه غيره وقد أنكر جمهور أولئك المتكلمين أن يكون الله محبوبا أو أنه يحب شيئا‬
‫أو يحبه أحد وهذا في الحقيقة إنكار لكونه إلها معبودا فان الله هو المألوه الذي يسييتحق أن يييؤله ويعبييد‬
‫والتأله والتعبد يتضمن غاية الحب بغاية الذل ولكن غلط كييثير ميين أولئك فظنييوا أن اللهييية هييي القييدرة‬
‫على الخلق وإن الله بمعنى الله وإن العباد يألههم الله ل أنهم هم يألهون الله كما ذكر ذلك طائفة منهم‬
‫الشعري وغيره وطائفة ثالثة لما رأت ما دل على أن الله يحب أن يكون محبوبا من أدلة الكتاب والسنة‬
‫وكلم السلف وشيوخ أهل المعرفة صاروا يقرون بأنه محبيوب لكنيه هيو نفسيه ل يحييب شيييئا إل بمعنييى‬
‫المشيئة وجميع الشياء مرادة له فهي محبوبة له وهذه طريقة كثير ميين أهييل النظيير والعبييادة والحييديث‬
‫كأبي إسماعيل النصاري وأبي حامد الغزالي وأبي بكر بن العربي وحقيقة هذا القول أن الله يحب الكفر‬
‫والفسوق والعصيان ويرضاه وهذا هو المشهور من قول الشعري وأصحابه وقد ذكر أبو‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.49‬‬

‫المعالي أنه أول من قال ذلك وكذلك ذكر ابيين عقيييل أن أول ميين قييال إن اللييه يحييب الكفيير والفسييوق‬
‫والعصيان هو الشعري وأصحابه وهم قد يقولون ل يحبه دينا ول يرضاه دينا كما يقولون ل يريد أن يكييون‬
‫فاعله مأجورا وأما هو نفسه فهو محبوب له كسائر المخلوقييات فإنهييا عنييدهم محبوبيية لييه إذ كييان ليييس‬
‫عنييييييدهم إل إرادة واحييييييدة شيييييياملة لكييييييل مخلييييييوق فهييييييو عنييييييدهم محبييييييوب مرضييييييي‬
‫وجماهير المسلمين يعرفون أن هذا القول معلوم الفساد بالضرورة من دين أهل الملييل وان المسييلمين‬
‫واليهود والنصارى متفقون على أن الله ل يحب الشرك ول تكذيب الرسل ول يرضى ذلك بييل هييو يبغييض‬
‫ذلك ويمقته ويكرهه كما ذكر الله في سورة بني إسرائيل ما ذكره من المحرمات ثم قال كل ذلننك كننان‬
‫سيئة عند ربك مكروها وبسط هذه المور له مواضع أخيير والمقصييود هنييا أن الييذين اعرضييوا عيين طريييق‬
‫الرسول في العلم والعمل وقعوا في الضلل والزلل وأن أولئك لما أوجبوا النظير اليذي ابتييدعوه صييارت‬
‫فروعه فاسدة اذ قالوا ان من لييم يسييلكها كفيير أو عصييى فقييد عييرف بالضييطرار ميين دييين السييلم أن‬
‫الصحابة والتابعين لهم باحسان لم يسلكوا طريقهم وهم خير الميية وإن قييالوا ان ميين قيياله ليييس عنييده‬
‫علم ول بصيرة باليمان بل قاله تقليدا محضا من غير معرفة يكون مؤمنا فالكتيياب والسيينة يخييالف ذلييك‬
‫ولو أنهم سلكوا طريقة الرسول لحفظهم الله من هذا التناقض فان ما جاء به الرسول جاء من عند اللييه‬
‫وما ابتدعوه جاءوا به من عند غير الله وقد قال تعالى ولو كان من عند غير ال لوجدوا فيننه اختلفننا كننثير‬
‫وهؤلء بنوا دينهم على النظر والصوفية بنوا دينهم علييى الرادة وكلهمييا لفييظ مجمييل يييدخل فيييه الحييق‬
‫والباطل فالحق هو النظر الشرعي والرادة الشرعية فالنظر الشرعي هو النظر فيما بعييث بييه الرسييول‬
‫من اليات والهدى كما قال شهر رمضان الذي أنزل فيننه القننرآن هنندى للننناس وبينننات مننن الهنندى والفرقننان‬
‫والرادة الشرعية إرادة ما أمر الله به ورسوله والسماع الشرعي سماع ما أحييب اللييه سييماعه كييالقرآن‬
‫والدليل الذي يستدل به هو الدليل الشرعي وهو لذي دل الله به عباده وهداهم به الييى صييراط مسييتقيم‬
‫فانه لما ظهرت البدع والتبس‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.50‬‬

‫الحق بالباطل صار اسم النظر والدليل والسماع والرادة يطلق على ثلثة أمور منهم من يريد بيه‬
‫البدعي دون الشرعي فيريدون بالدليل ما ابتدعوه من الدلة الفاسييدة والنظيير فيهييا وميين السييماع‬
‫والرادة ما ابتدعوه من اتباع ذوقهم ووجدهم وما تهواه أنفسهم وسماع الشعر والغناء الييذي يحييرك‬
‫هذا الوجد التابع لهذه الرادة النفسانية التي مضمونها اتباع مييا تهيوى النفييس بغييير هييدى ميين اللييه‬
‫ومنهم من يريد مطلييق الييدليل والنظيير ومطلييق السييماع والرادة ميين غييير تقييييدها ل بشييرعي ول‬
‫ببدعي فهؤلء يفسرون قوله الذين يستمعون القول بمطلق القول اليذي ييدخل فييه القيرآن والغنياء‬
‫ويستمعون الى هذا وهذا وأولئك يفسرون الرادة بمطلق المحبة للله من غير تقييييدها بشييرعي ول‬
‫بدعي ويجعلون الجميع من أهل الرادة سواء عبد الله بما أمر الله به ورسوله مين التوحييد وطاعية‬
‫الرسول أو كان عابدا للشيطان مشركا عابدا بالبدع وهؤلء أوسطهم وهييم أحسيين حييال ميين الييذين‬
‫قيدوا ذلك بالبدعي وأما القسم الثالث فهييم صيفوة الميية وخيارهييا المتبعييون للرسييول علمييا وعمل‬
‫يدعون إلى النظر والستدلل والعتبار باليات والدلة والبراهين التي بعييث اللييه بهييا رسييوله وتييدبر‬
‫القرآن وما فيه من البيان ويييدعون إلييى المحبيية والرادة الشييرعية وهييي محبيية اللييه وحييده وارادة‬
‫عبادته وحده ل شريك له بما أمر به على لسان رسوله فهم ل يعبيدون إل الليه ويعبيدونه بميا شيرع‬
‫وأمر ويستمعون ما أحب استماعه وهو قوله الذي قال فيه أفلم يدبروا القول وهو الييذي قييال فيييه‬
‫فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه كما قال واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكنننم وقال‬
‫وكتبنا له في اللواح من كل شيء موعظة وتفصيل لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومننك يأخننذوا بأحسنننها‬
‫سبحانه بين القدرة على البتداء كقوله إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم مننن نطفننة‬
‫ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغيننر مخلقننة لنننبين لكننم الية ومثيل قيوله ويقننول النسننان أإذا مننامت‬
‫لسوف‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.51‬‬

‫أخرج حيا أول يذكر النسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيييئا اليننة ومثننل قننوله وضييرب لنييا مثل ونسييي‬
‫خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم وغير ذلك‬
‫فالستدلل على الخالق بخلق النسان في غاية الحسن والستقامة وهييي طريقيية عقلييية صييحيحة وهييي‬
‫شرعية دل القرآن عليها وهدى الناس اليها وبينها وأرشد اليها وهي عقلية فان نفس كون النسييان حادثييا‬
‫بعد أن لم يكن ومولودا ومخلوقا من نطفة ثم من علقة هذا لم يعلم بمجرد خبر الرسول بل هييذا يعلمييه‬
‫الناس كلهم بعقولهم سواء أخبر به الرسول أو لم يخبر لكن الرسيول أمير أن يسيتدل بيه ودل بيه وبينيه‬
‫واحتج به فهو دليل شرعي لن الشارع استدل به وأمر أن يستدل به وهو عقلي لنه بالعقل تعلييم صييحته‬
‫وكثير من المتنازعين في المعرفة هل تحصل بالشرع أو بالعقل ل يسلكونه وهييو عقلييي شييرعي وكييذلك‬
‫غيره من الدلة التي في القرآن مثل الستدلل بالسحاب والمطر هو مذكور في القرآن في غييير موضييع‬
‫وهو عقلي شرعي كما قال تعالى أولم يروا أنا نسوق الماء الى الرض الجزر فنخرج بنه زرعنا تأكنل مننه‬
‫أنعامهم وأنفسم أفل يبصرون فهذا مرئي بالعيون وقال تعالى سنننريهم آياتنننا فنني الفنناق وفنني أنفسننهم حننتى‬
‫يتبين لهم أنه الحق ثم قال أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد فاليات التي يريها الناس حتى يعلمييوا أن‬
‫القرآن حق هي آيات عقلية يستدل بها العقل على أن القرآن حق وهي شييرعية دل الشييرع عليهييا وأميير‬
‫بها والقرآن مملوء من ذكر اليات العقلية اليتي يسيتدل بهييا العقيل وهييي شيرعية لن الشيرع دل عليهيا‬
‫وأرشد اليها ولكن كثيرا من الناس ل يسمي دليل شرعيا إل مييا دل بمجييرد خييبر الرسييول وهييو اصييطلح‬
‫قاصر ولهذا يجعلون أصول الفقه هو لبيان الدلة الشرعية الكتاب والسنة والجماع والكتيياب يريييدون بييه‬
‫أن يعلم مراد الرسول فقط والمقصود من أصول الفقه هو معرفة الحكييام الشييرعية العملييية فيجعلييون‬
‫الدلة الشرعية ما دلت على الحكام العملية فقط ويخرجون ما دل باخبار الرسول عن أن يكون شييرعيا‬
‫فضل عما دل بارشاده وتعليمه ولكن قد يسمون هذا دليل سمعيا ول يسمونه شرعيا وهو اصطلح قاصيير‬
‫والحكام‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.52‬‬

‫العملية أكثر الناس يقولون إنها تعلم بالعقل أيضيا وأن العقيل قيد يعيرف الحسين والقبيح فتكيون الدلية‬
‫العقلية دالة على الحكام العملية أيضا ويجوز أن تسمى شرعية لن الشرع قررها أو وافقها أو دل عليهيا‬
‫وأرشد اليها كما قيل مثل ذلك في المطالب الخبرية كاثبات الرب ووحدانيته وصدق رسله وقييدرته علييى‬
‫المعاد ان الشرع دل عليها وأرشد اليها وبسط هذا له موضع آخر والمقصود هنا أن الشعري بنييى أصييول‬
‫الدين في اللمع ورسالة الثغر على كون النسان مخلوقا محدثا فل بد له ميين محييدث لكييون هييذا الييدليل‬
‫مذكورا في القرآن فيكون شرعيا عقليا لكنه في نفس المر سلك في ذلك طريقة الجهمييية بعينهييا وهييو‬
‫الستدلل على حدوث النسان بأنه مركب من الجواهر الفردة فلم يخل من الحوادث وميا ليم يخيل مين‬
‫الحوادث فهو حادث فجعل العلم بكون النسان محدثا وبكون غيره من الجسييام المشييهودة محييدثا انمييا‬
‫يعلم بهذه الطريقة وهو أنه مؤلف من الجواهر الفردة وهي ل تخلو مين اجتمياع وافيتراق وتليك أعيراض‬
‫حادثة وما لم ينفك من الحوادث فهو محدث وهيذه الطريقية أصيل ضيلل هيؤلء فيانهم أنكيروا المعليوم‬
‫بالحس والمشاهدة والضرورة العقلية مين حيدوث المحيدثات المشيهود حيدوثها وادعيوا أنيه إنميا يشيهد‬
‫حدوث أعراض ل حدوث أعيان مع تنازعهم في العراض ثم قالوا والجسام ل تخلوا من العييراض وهييذا‬
‫صحيح ثم قالوا والعراض حادثة فاضطربوا هنا ثم قالوا وما لم يخل من الحوادث فهو حادث وهذا أصييل‬
‫دينهيييم وهيييو أصيييل فاسيييد مخيييالف للسيييمع والعقيييل كميييا قيييد بسيييط فيييي غيييير هيييذا الموضيييع‬
‫والمتفلسفة أشد مخالفة للعقل والسمع منهم لكنهييم عرفييوا فسيياد طريقتهييم هييذه العقلييية فاسييتطالوا‬
‫عليهم بذلك وسلكوا ما هو أفسد منها كطريقة المكان والوجوب كما قد بسط فييي موضييع آخيير فلبسييوا‬
‫هذا الباطل بالحق الذي جاء به الرسول وهو الستدلل بحدوث النسان وغيره من المحدثات التي يشييهد‬
‫حدوثها فصار في كلمهم حق وباطل من جنس ما أحدثه أهل الكتاب حيث لبسوا الحق بالباطل واحتاجوا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.53‬‬

‫في ذلك الى كتمان الحق الذي جاء به الرسول الذي يخالف ما أحدثوه فصاروا يكرهون ظهور ما جاء بييه‬
‫الرسول بل يمنعون عن قراءة الحاديث وسماعها وقراءة كلم السلف وسماعه ومنهم من يكييره قييراءة‬
‫القرآن وحفظه والذين ل يقدرون على المنع من ذلك صاروا يقرءون حروفه ول يعلميون حيدود ميا انيزل‬
‫الله على رسوله بل إن اشتغلوا بعلومه اشتغلوا بتفسير من يشركهم في بييدعتهم مميين يحرفييون الكلييم‬
‫كلم الله عن مواضعه والصل العقلي الحسي الذي به فارقوا العقل والسمع هو حدوث ما يشييهد حييدوثه‬
‫مثل حدوث الزرع والثمار وحدوث النسان وغيره من الحيوان وحدوث السحاب والمطر ونحيو ذليك مين‬
‫العيان القائمة بنفسها غير حدوث العراض كالحركة والحرارة والبرودة والضوء والظلمة وغير ذلييك بييل‬
‫تلك العيان التي يسمونها أجساما وجواهر هي حادثة فانه معلوم أن النسان مخلوق من نطفيية ثييم ميين‬
‫علقة ثم من مضغة وأن الثمار تخلق من الشجار وأن الزرع يخلق من الحب والشييجر يخلييق ميين النييوى‬
‫قال تعالى ان ال فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكننم الن فننأنى تؤفكننون‬
‫فالق الصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليننم وهنو الننذي جعنل لكنم النجنوم‬
‫لتهتدوا بها في ظلمات البر و البحر قد فصلنا اليات لقوم يعلمننون وهننو الننذي أنشننأكم مننن نفننس واحنندة فمسننتقر‬
‫ومستودع قد فصلنا اليات لقوم يفقهون وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منننه‬
‫خضرا نخرج منه حبا متراكما ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتننون والرمننان مشننتبها‬
‫فهذا النسييان والشييجر والييزرع‬ ‫وغير متشابه انظروا الى ثمره اذا أثمر وينعه ان في ذلكم ليات لقوم يؤمنون‬
‫المخلوق من مادة قد خلق منها عين قائمة بنفسها وهم يقولون إنما هي من الجسم القائم بنفسييه وهييو‬
‫الجوهر العام في اصطلحهم الذي يقولون إنه مركب من الجواهر الفردة وهل الذي خلق من المادة هييو‬
‫أعيان أم لم يخلق إل أعراض قائمة بغيرها وأما العيان فهي الجواهر الفردة وتلك منها شيييء فييي هييذه‬
‫الحوادث ولكن أحدث فيها جمع وتفريق فكان خلق النسان وغيره هو تركيب تلك الجواهر وأحداث هذا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.54‬‬

‫التركيب ل أحداث تلك الجيواهر وأمييا حيدوث تليك الجيواهر فانميا يعلييم بالسييتدلل فيسييتدل علييه بيأن‬
‫الجواهر التي تركبت منها هذه الجسام ل تخلو من اجتماع وافتراق والجتماع والفييتراق حييادث ومييا لييم‬
‫يخل من الحيوادث فهيو حيادث فهيذه طرييق هيؤلء الجهميية أهيل الكلم المحيدث وأميا جمهيور العقلء‬
‫فيقولون بل نحن نعلم حدوث هذه العيان القائمة بنفسها ل نقول إنه لم يحدث إل عرض فان هذا القول‬
‫يقتضي أن تلك الجواهر التي ركب منها آدم باقية لم يزل في كل آدمي منها شيء وهذا مكابرة فان بدن‬
‫آدم ل يحتمل هذا كله ل يحتمل أن يكون فيه جواهر بعدد ذريته ل سيما وكل آدمييي إنمييا خلييق ميين منييي‬
‫أبويه وهم يقولون تلك الجواهر التي في مني البوين باقية بأعيانها في الولد وهم يقولييون إن الجيواهر ل‬
‫تفنى بل تنتقل من حال الى حال وكثير منهم يقول إنها مستغنية عن الرب بعييد أن خلقهييا وتحيييروا فيمييا‬
‫إذا أراد أن يفنيها وكيف يفنيها كما قد ذكر في غير هييذا الموضييع اذ المقصييود هنييا التنييبيه علييى أن أصييل‬
‫الصول معرفة حدوث الشيء من الشيييء كحييدوث النسييان ميين المنييي فهييؤلء ظنييوا أنييه ل يحييدث إل‬
‫العراض ولهذا لما ذكر أبو عبد الله بن الخطيب الرازي فييي كتبييه الكبييار والصييغار الطييرق الداليية علييى‬
‫إثبات الصانع لم يذكر طريقا صحيحا وليس في كتبه وكتب أمثاله طريق صحيح لثبات الصيانع بيل عيدلوا‬
‫عن الطرق العقلية التي يعلمها العقلء بفطرتهييم وهييي الييتي دلتهييم عليهييا الرسييل الييى طييرق سييلكوها‬
‫مخالفة للشرع والعقل ل سيما من سلك طريقة الوجوب والمكان متابعة لبن سينا كالرازي فييان هييؤلء‬
‫من أفسد الناس استدلل كما قد ذكرنا طرق عامة النظار في غير هذا الموضع مثييل كتيياب منييع تعييارض‬
‫العقل والنقل وغير ذلك والمقصود هنا أن الرازي ذكر أن ما يستدل بييه علييى إثبييات الصييانع إمييا حييدوث‬
‫الجسام وإما حدوث صفاتها وإما إمكانها وإمييا إمكييان صييفاتها وذكيير فييي بعييض المواضييع وإمييا الحكييام‬
‫والتقان لكن الحكام والتقان يييدل علييى العلييم ابتييداء والسييتدلل بحييدوث الجسييام وإمكانهييا وإمكييان‬
‫صفاتها طرق فاسدة فان دللة حدوثها مبنية على امتناع حوادث ل أول لها ودللة إمكانها مبنييية علييى مييا‬
‫قامت به الصفات يمتنع أن يكييون واجبييا بنفسييه لنييه مركييب ودلليية صييفاتها مبنييية علييى تماثلهييا فل بييد‬
‫لتخصيص‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.55‬‬

‫بعضها بالصفات من مخصص وهذه كلها طرق باطلة قال وأما الستدلل بحدوث الصفات فهو السييتدلل‬
‫بحدوث العراض وهذه الطريق أجود ما سلكوه من الطرق مع أنها قاصيرة فيان ميدارها علييى أنهيم لييم‬
‫يعرفوا حدوث شيء من العيان وإنما علموا حدوث بعييض الصييفات وهييذا يييدل علييى أنييه ل بييد لهييا ميين‬
‫محدث قال وهذا ل ينفي كون المحدث جسما بخلف تلك الطرق وهذه الطريق تييدل علييى أن العييراض‬
‫كتركيب النسان ل بد له من مركب ول ينفي بها شيء من قدم الجسييام والجييواهر بييل يجييوز أن يكييون‬
‫جميع جواهر النسان وغيره قديمة أزلية لكن حدثت فيها العيراض ويجيوز أن يكيون المحيدث للعيراض‬
‫بعض أجسام العالم فهييذه الطريييق ل تنفييي أن يكييون الييرب بعييض أجسييام العييالم وتلييك باطليية مييع أن‬
‫مضمونها أن الرب ل يتصف بشيء من الصفات فهييي ل تييدل علييى صييانع وإن دلييت علييى صييانع فليييس‬
‫بموجود بل معدوم أو متصف بالوجود والعدم كما قد بسط في غير موضع ولهذا يقييول الييرازي فييي آخيير‬
‫مصنفاته لقد تأملت الطرق الكلمية والمناهج الفلسييفية فمييا رأيتهييا تشييفي غليل ول تييروي غليل ورأيييت‬
‫أقرب الطرق طريقة القرآن اقرأ في الثبات اليه يصعد الكلم الطيب الرحمن على العرش اسننتوى وأقيرأ‬
‫في النفي ليس كمثله شيء ول يحيطون به علما قال ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفييتي ولمييا‬
‫ذكر الرازي الستدلل بحدوث الصفات كالحيوان والنبات والمطر ذكر أن هذه طريقة القرآن ول ريب أن‬
‫القرآن يذكر فيه الستدلل بآيات الله كقوله إن في خلق السماوات والرض واختلف الليل والنهار والفلك‬
‫التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل ال من السماء من ماء فأحيا به الرض بعد موتها وبث فيهننا مننن‬
‫كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والرض ليات لقوم يعقلون وهذا مذكور بعييد قييوله‬
‫وإلهكم إله واحد ل إله إل هو الرحمن الرحيم وقبل قوله ومن الناس من يتخذ من دونه أننندادا يحبننونهم كحننب‬
‫ال لكن القرآن لم يذكر أن هذه صفات حادثة وأنه ليس فيها أحداث عين قائمة بنفسها بل القييرآن يييبين‬
‫أن في خلق‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.56‬‬

‫العيان القائمة بنفسها آيات ويذكر اليات فييي خلييق العيييان والعييراض كقييوله إن فنني خلننق السننماوات‬
‫والرض واختلف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وهي أعيان ثم قييال ومننا أنننزل‬
‫ال من السماء من ماء والماء عين قائمة بنفسها وقوله فأحيا به الرض بعد موتها هو بما يخلقه فيهييا ميين‬
‫النبات وهو أعيان وكذلك قوله وبث فيها من كل دابة وقوله وتصريف الرياح فالرييياح أعيييان وتصييريفها‬
‫أعييراض وقييوله والسنننحاب المسنننخر بينننن السنننماء والرض والسييحاب أعيييان لينننات لقنننوم يعقلنننون‬
‫وقد تقدم أن أصل الشتباه في هذا أن خلييق الشيييء ميين مييادة هييل هييو خلييق عييين أم إحييداث اجتميياع‬
‫وافييييييتراق وأعييييييراض فقييييييط والنيييييياس مختلفييييييون فييييييي هييييييذا علييييييى ثلثيييييية أقييييييوال‬
‫فالقائلون بالجواهر الفردة من أهل الكلم القائلون بأن الجسام مركبيية ميين الجييواهر الصييغار الييتي قييد‬
‫بلغت من الصغر الى حد ل يتميز منها جانب عن جانب يقولون تلك الجواهر باقييية تنقلييت فييي الحييوادث‬
‫ولكن تعتقب عليهييا العييراض الحادثية والسييتدلل بييالعراض علييى حييدوث مييا يلزميه ميين الجييواهر ثييم‬
‫الستدلل بذلك على المحدث غير الستدلل بحدوث هذه العراض على المحدث لها فتلييك هييي طريقيية‬
‫الجهمية المشهورة وهي الييتي سييلكها الشيعري فيي كتبيه كلهييا متابعيية للمعتزليية ولهيذا قييل الشيعرية‬
‫مخييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييانيت المعتزليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييية‬
‫وأما الستدلل بالحوادث على المحدث فهي الطريقة المعروفة لكل أحد لكين تسيمية هيذه أعراضيا هيو‬
‫تسمية القائلين بالجوهر الفرد مع أن الرازي توقف في آخر أمره فيه كمييا ذكيير ذلييك فييي نهاييية العقييول‬
‫وذكر أيضا عن أبي الحسين البصري وأبي المعالي أنهما توقفا فيه والمقصود أن القائلين بالجوهر الفييرد‬
‫يقولون إنما أحدث أعراضا كجمع الجواهر وتفريقها فالمادة التي هي الجواهر المنفردة باقية‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.57‬‬

‫عندهم بأعيانها ولكن أحدث صورا هي أعراض قائمة بهذه الجواهر وأما المتفلسفة فيقولون أحدث صورا‬
‫في مواد باقية كما يقول هؤلء لكن يقولون أحدث صورا هي جيواهر فييي مييادة هييي جييوهر وعنييدهم ثييم‬
‫مادة باقية بعينها والصور الجوهرية كصورة الماء والهواء والتراب والمولدات تعتقب عليهييا وهييذه المييادة‬
‫عندهم جوهر عقلي وكذلك الصورة المجردة جوهر عقلييي ولكيين الجسييم مركييب ميين المييادة والصييورة‬
‫ولهذا قسموا الموجودات فقالوا إما أن يكون الموجود حال بغيره أو محل أو مركبا من الحال والمحييل أو‬
‫ل هذا ول هذا فالحال في غيره هو الصورة والمحل هييو المييادة والمركييب منهمييا هييو الجسييم ومييا ليييس‬
‫كذلك إن كان متعلقا بالجسم فهو النفس وال فهو العقل وهذا التقسيم فيه خطييأ كييثير ميين وجييوه ليييس‬
‫هذا موضعها إذ المقصود أنهم يقولون أيضا انه لم يحدث جسما قائما بنفسه بل إنمييا أحييدث صييورة فييي‬
‫مادة باقية ول ريب ان الجسام بينها قدر مشترك في الطول والعرض والعمق وهو المقدار المجرد الذي‬
‫ل يختص بجسم بعينه ولكن هذا المقدار المجرد هو في الييذهن ل فييي الخييارج كالعيدد المجيرد والسيطح‬
‫المجرد والنقطة المجردة وكالجسم التعليمي وهو الطويل العريض العميق الييذي ل يختييص بمييادة بعينهييا‬
‫فهذه المادة المشتركة التي أثبتوها هي في الذهن وليس بين الجسمين فيي الخييارج شييء اشيتركا فييه‬
‫بعينه فهؤلء جعلوا الجسام مشتركة في جييوهر عقلييي وأولئك جعلوهييا مشييتركة فييي الجييواهر الحسييية‬
‫وهؤلء قالوا اذا خلق كل شيء من شيء فانما أحدثت صورة مييع أن المييادة باقييية بعينهييا لكيين أفسييدت‬
‫صورة وكونت صورة ولهيذا يقوليون عميا تحيت الفليك عيالم الكيون والفسياد ولهيذا قيال ابين رشيد إن‬
‫الجسام المركبة من المادة والصورة هي في عالم الكون والفساد بخلف الفلك فييانه ليييس مركبييا ميين‬
‫مادة وصورة عند الفلسفة قال وإنما ذكر أنه مركب من هذا وهذا ابن سيينا وهيؤلء وهيؤلء تحييروا فيي‬
‫خلق الشيء من مادة كخلق النسان من النطفة والحب من الحب والشجرة من النواة وظنوا أن هييذا ل‬
‫يكون إل مع بقاء اصل تلك المادة إما الجواهر عند قوم وإما المادة المشتركة عند قوم وهم في الحقيقة‬
‫ينكرون أن يخلق الله شيئا من شيء فانه عندهم ل يحدث إل الصورة التي هي عرض عند قوم أو جوهر‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.58‬‬

‫عقلي عند قوم وكلهما لم يخلق من مادة والمادة عندهم باقية بعينها لم يخلييق وليين يخلييق منهييا شيييء‬
‫وقد ذكروا في قوله أم خلقوا من غير شيء ثلثة أمور قال ابن عباس والكثرون أم خلقوا من غير خييالق‬
‫وهو الذي ذكره الخطابي وقال الزجاج وابن كيسان أم خلقييوا عبثييا وسييدى فل يبعثييون ول يحاسييبون ول‬
‫يؤمرون ول ينهون كما يقول فعلت هذا من غير شيء أي لغير علة وقيل أم خلقوا من غير مييادة أي ميين‬
‫غير أب وأم ثم من هؤلء من قال فهم كالجماد ومنهم من قال كالسماوات ظنا منه أنها خلقت ميين غييير‬
‫مادة ذكر الربعة أبو الفييرج وذكيير البغييوي الييوجهين الولييين والييذي ذكرنيياه ميين قييول أولئك المتكلمييين‬
‫والفلسفة معنى آخر وهو أن من قال المادة الباقية بعينها وانما حدث عرض أو صييورة وذلييك لييم يخلييق‬
‫من غيره ولكن أحدث في المادة الباقية فل يكون الله خلق شيئا من شيء لن المادة عنييدهم لييم تخلييق‬
‫أما المتفلسفة فعندهم المادة قديما أزلية باقية بعينهيا وأميا المتكلميون فيالجواهر عنيدهم موجيودة وميا‬
‫زالت موجودة لكن من قال إنها حادثة من أهل الملل وغيرهم قالوا يسييتدل علييى حييدوثها بالييدليل ل أن‬
‫خلقها معلوم للناس فهو عندهم مما يستدل عليه بالدلة الدقيقة الخفية مع أن ما يذكرونه منتهاه إلى أن‬
‫ما ل يخلو عن الحوادث فهو حادث وهو دليل باطل فل دليل عندهم على حدوثها وإذا كييانت لييم تخلييق اذ‬
‫خلق النسان بل هي باقية في النسان والعراض الحادثة لم تخلق من مادة فاذا خلق النسان لم يخلييق‬
‫من شيء ل جواهره ول أعراضه وعلى قولهم ما جعل الله من الماء كل شيء حي ول خلق كل دابة من‬
‫ماء ول خلق آدم من تراب ول ذريته من نطفة بل نفييس الجييواهر الترابييية باقييية بعينهييا لييم تخلييق حينئذ‬
‫ولكن أحدث فيها أعراض أو صورة حادثة وتلك العراض ليست من التراب فلما خلق آدم لم يخلق شيء‬
‫من تراب وكذلك النطفة جواهرها باقية إما الجواهر المنفردة وإما المادة والحادث هييو عييرض أو صييورة‬
‫في مادة ول هذا ول هذا خلق من نطفة وليس قولهم إنه لم يخلق من مييادة معنيياه أن الخييالق أبييدعه ل‬
‫من شيء وأنهم قصدوا بها تعظيم الخالق بل النسان ل ريب أنه جوهر قائم بنفسه وعندهم ذلييك القييائم‬
‫بنفسه ما زال موجودا لم يخلق‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.59‬‬

‫اذ خلق النسان والجوهر الحامل لصورته ما زال موجودا أيضا فلم يخليق عنييد هيؤلء إل العييراض وعنيد‬
‫هؤلء إل صورة مجردة وكلهما ليس هو النسان بل صفة له أو صورة له هذا هو المخلوق عنييدهم بخلييق‬
‫النسان فقط وقد قال تعالى أو ل يذكر النسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شننيئا وقال تعييالى وقنند خلقتننك‬
‫من قبل ولم تك شيئا فقد أمر النسان أن يتذكر أن الله خلقه ولم يك شيئا والنسان اذا تذكر إنما يذكر أنه‬
‫خلق من نطفة وعندهم ما زال جوهر النسان شيئا وذلك الشيء باق وانما حدث أعييراض لتلييك الشييياء‬
‫ومعلوم أن تلك العراض وحدها ليست هي النسان فإن النسان مييأمور منهييي حييي عليييم قييدير متكلييم‬
‫سميع بصير موصوف بالحركة والسكون وهذه صفات الجواهر والعرض ل يبقى زمييانين فييالمخلوق علييى‬
‫قولهم ل يبقى زمانين بل يفنى عقب ما يخلق ولهذا اضطربوا في المعاد فان معرفة المعيياد مبنيييه علييى‬
‫معرفة المبدأ والبعث مبني على الخلق فقال بعضهم هو تفريق تلك الجزاء ثم جمعها وهي باقية بأعيانها‬
‫وقال بعضهم بل يعدمها ويعدم العراض القائمة بها ثم يعيدهما وإذا أعادها فإنه يعيد تلييك الجييواهر الييتي‬
‫كانت باقية إلى أن حصلت في هذا النسان فلهذا اضطربوا لما قيل لهم فالنسييان اذا أكلييه حيييوان آخيير‬
‫فان أعيدت تلك الجواهر من الول نقصت من الثاني وبالعكس أما على قييول ميين يقييول إنهييا تفييرق ثييم‬
‫تجمع فقيل له تلك الجواهر ان جمعت للكل نقصت من المأكول وإن أعيدت للمأكول نقصت ميين الكييل‬
‫وأما الذي يقول تعدم ثم تعاد بأعيانها فقيل له أتعدم لما أكلها الكل أم قبل أن يأكلها فإن كان بعد أن أن‬
‫أكلها فإنها تعاد في الكل فينقص المأكول وان كان قبل الكل فالكل لم يأكل إل أعراضا لم يأكل جواهر‬
‫فهذا مكابرة ثم إن المشهور أن النسان يبلى ويصير ترابا كما خلق من تراب وبذلك أخبر الله فييإن قيييل‬
‫إنه إذا صار ترابا عدمت تلك الجواهر فهو لما خلق من تراب عدمت أيضا تلك الجيواهر فكييونهم يجعلييون‬
‫الجواهر باقية في جميع الستحالت إل إذا صار ترابا تناقض بين ويلزمهييم عليييه الحيييوان المييأكول وغييير‬
‫ذلك وكأن هيذا الضيلل أصيل ضيللهم فيي تصيور الخليق الول والنشيأة الوليى اليتي أمرهيم اليرب أن‬
‫يتذكروها‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.60‬‬

‫ويستدلوا بها على قدرته على الثانية قال تعالى أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون نحنن قندرنا‬
‫بينكم الموت وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما ل تعلمون ولقنند علمتننم النشننأة الولننى فلننو ل‬
‫تذكرون والفلسفة أجود تصورا في هذا الموضع حيث قالوا تفسييد الصيورة الولييى وهيي جيوهر وتحيدث‬
‫صورة أخرى فإن هذا أجود من أن يقال يزول عرض ويحدث عرض ولكن الفلسفة غلطييوا فييي تييوهمهم‬
‫أن هناك مادة باقية بعينها وإنما تفسد صورتها والحق أن المادة التي منها يخلق الثيياني تفسييد وتسييتحيل‬
‫وتفنى وتتلشى وينشئ الله الثاني ويبتدئه ويخلق من غير أن يبقى من الول شيء ل مادة ول صييورة ول‬
‫جوهر ول عرض فاذا خلق الله النسان من المني فالمني استحال وصار علقة والعلقة استحالت وصارت‬
‫مضغة والمضغة استحالت الى عظام وغير عظام والنسييان بعييد أن خلييق خلييق كلييه جييواهره وأعراضييه‬
‫وابتدأه الله ابتداء كما قال تعالى الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق النسان من طيننن ثننم جعنل نسنله مننن‬
‫سللة من ماء مهين وقال تعالى أو ل يذكر النسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شننيئا فالنسان مخلييوق خلييق‬
‫الله جواهره وأعراضه كلها من المني من مادة استحالت ليست باقية بعد خلقه كما تقول المتفلسفة ان‬
‫هناك مادة باقية ولفظ المادة مشترك فالجمهور يريدون بييه مييا منييه خلييق وهييو أصييله وعنصييره وهييؤلء‬
‫يريدون بالمادة جوهرا باقيا وهو محل للصورة الجوهرية فلم يخلق عندهم النسان من مييادة بييل المييادة‬
‫باقية وأحدث صورته فيها كما أن الصور الصناعية كصورة الخاتم والسييرير والثييياب والييبيوت وغييير ذلييك‬
‫إنما أحدث الصانع صورته العرضية في مادة لم تزل موجودة ولم تفسد لكن حولت من صفة الييى صييفة‬
‫فهكذا تقول الجهمية المتكلمة المبتدعة أن الله أحدث صورة عرضية في مادة باقية لم تفسييد فيجعلييون‬
‫خلق النسان بمنزلة عمل الخاتم والسرير والثييوب والمتفلسييفة تقييول أيضييا أن مييادته باقييية لييم تفسييد‬
‫كمادة الصورة الصناعية لكن يقولون أنه أحدث صورة جوهرية وهم قد يخلطون ول يفرقون بييين الصييور‬
‫العرضية والجوهرية فإنهم يسمون صورة النسان صورة في مادة وصورة الخاتم صورة في مادة فيكون‬
‫خلق النسان‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.61‬‬

‫عند هؤلء وهؤلء من جنس ما يحدثه الناس في الصور من المواد ويكيون خلقيه بمنزلية تركييب الحيائط‬
‫من اللبن ولهذا قال من قال منهم إنه يستغني عن الخالق بعييد الخلييق كمييا يسييتغني الحييائط عيين البنيياء‬
‫والشعرية عندهم أن البناء والخياط وسائر أهل الصنائع لييم يحييدثوا فييي تلييك المييواد شيييئا فييإن القييدرة‬
‫المحدثة عندهم ل تتعلق إل بما هو في محلهيا ل خارجيا عين محلهيا ويقوليون ان تليك المصينوعات كلهيا‬
‫مخلوقة لله ليس للنسان فيها صنع وخلييق اللييه لهييا علييى أصييلهم هييو إحييداث أعييراض فيهييا كمييا تقييدم‬
‫فينكرون ما يصنعه النسان وهو في الحقيقة مثل ما يجعلونه مخلوقا للرحمن وهم ل يشييهدون للرحميين‬
‫إحداثا ول إفناء بل إنما يحدث عندهم العراض وهي تفنى بأنفسييها ل بافنييائه وهييي تفنييى عقييب إحييداثها‬
‫وهذا ل يعقل وهم حائرون إذا أراد أن يعدم الجسام كيف يعدمها والمشهور عندهم أنها تعدم بأنفسها اذا‬
‫لم يخلق لها أعراضا فالعرض يفنى عندهم بنفسه والجوهر يفنى بنفسه إذا لم يخلق له عييرض هييذا فييي‬
‫الفناء وأما في الحداث فانهم إستدلوا على حدوثها بدليل باطل لو كان صحيحا للزم حييدوث كييل شيييء‬
‫من غير محدث فحقيقة أصل أهل الكلم المتبعين للجهمية أنه ل يحدث شيئا ول يفنى شيئا بل يحدث كل‬
‫شيء بنفسه ويفنى بنفسه ويلزمهم جواز أن يكون للرب محدثا أيضا بل محدث وهذه الصول هي أصول‬
‫دينهم العقلية التي بها يعارضون الكتاب والسنة والمعقولت الصريحة وهي في الحقيقة ل عقل ول سمع‬
‫كما حكى الله عمن قال لو كنا نسمع أو نعفل ما كنا في أصحاب السعير والخلق يشهدون إحداث الله لمييا‬
‫يحدثه وإفناءه لما يفنيه كالمني الذي استحال وفنى وتلشى وأحدث منه هذا النسان وكالحبة التي فنيت‬
‫واستحالت وأحدث منها اليزرع وكيالهواء اليذي اسيتحال وفنيى وحيدث منيه النيار أو المياء وكالنيار اليتي‬
‫استحالت وحدث منها الدخان فهو سبحانه دائما يحدث ما يحدثه ويكونه ويفني ما يفنيه ويعدمه والنسان‬
‫إذا مات وصار ترابا فني وعدم وكذلك سائر ما على الرض كما قال كننل مننن عليهننا فننان ثيم يعييده مين‬
‫التراب كما خلقه ابتداء من التراب ويخلقه خلقا جديدا ولكن للنشأة الثانية أحكام وصفات ليست للولييى‬
‫فمعرفة النسان بالخلق الول وما يخلقه من بني آدم وغيرهم من الحيوان وما يخلقه من‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.62‬‬

‫الشجر والنبات والثمار وما يخلقه من السحاب والمطر وغييير ذلييك هييو أصييل لمعرفتييه بييالخلق والبعييث‬
‫والمبدأ والمعاد وان لم يعرف أن الله يخلقه كله مين المنيي جيواهره وأعراضيه وإل فميا عييرف أن الليه‬
‫خلقه ومن ظن أن جواهره لم يخلقها اذ خلقه بل جواهر المني وجواهر ما يأكله ويشربه باقية بعينها فيييه‬
‫لم يخلقها أو أن مادته التي تقوم بها صورته لم يخلقها إذ خلقه بل هي باقية أزلية أبدية لم يكن قد عرف‬
‫أنه مخلوق محدث والعلماء ينكرون على من يقييول أن روح النسييان قديميية أزلييية ميين المنتسييبين إلييى‬
‫السلم وهؤلء الذين يقولون إن مادة جسمه باقية بعينها وهي أزلية أبدية أبعد عن العقييل والنقييل منهييم‬
‫وأولئك أنكروا عليهم حيث قالوا النسان مركب من قديم ومحدث من لهوت قييديم وناسييوت محييدث أو‬
‫هؤلء جعلوه مركبا من مادة قديمة أزلية وصورة محدثة وجعلوا القيديم الزليي فييه أخيس ميا فييه وهيو‬
‫المادة فإنها عندهم أخس الموجودات وهي قديمة أزلية وأولئك جعلوا القديم الزلي أشرف ما فيه وهييي‬
‫النفس الناطقة وكل الطائفتين وإن كان ضال فالشريف العالي أولى بالقدم من الخسيس السييافل وهييذا‬
‫أولييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييى بالحييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييدوث‬
‫وأما المتكلمة الجهمية فهم ل يتصورون ما يشهدونه من حدوث هذه الجواهر في جييواهر أخيير ميين مييادة‬
‫ثم يدعون أن الجواهر جميعها أبدعت ابتداء ل من شيء وهم لم يعرفوا قط جوهرا أحييدث ل ميين شيييء‬
‫كما لم يعرفوا عرضا أحدث ل في محل وحقيقة قولهم أن اللييه ل يحييدث شيييئا ميين شيييء ل جييوهرا ول‬
‫عرضا فان الجواهر كلها أحدثت ل من شيء والعراض كذلك والمشهود المعلوم للناس أنمييا هييو إحييداثه‬
‫لما يحدثه من غير مادة ولهذا قال تعالى وقد خلقتك من قبل ولم تك شننيئا ولم يقييل خلقتييك ل ميين شيييء‬
‫وقال تعالى وال خلق كل دابة من ماء ولم يقل خلق كل دابة ل من شيء وقال تعالى وجعلنا مننن المنناء‬
‫كل شيء حي وهذا هو القدرة التي تبهر العقول وهييو أن يقلييب حقييائق الموجييودات فيحيييل الول ويفنيييه‬
‫ويلشيه ويحدث شيئا آخر كما قال فالق الحب والنننوى يخننرج الحنني مننن الميننت ومخنرج الميننت مننن الحنني‬
‫ويخرج الشجرة الحية والسنبلة الحية من النواة والحبة الميتة ويخرج النواة الميتة والحبة الميتة من‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.63‬‬

‫الشجرة والسنبلة الحية كما يخرج النسان الحي من النطفة الميتة والنطفة الميتية مين النسيان‬
‫الحي وعندهم ل يخرج حيا من ميت ول ميتا من حييي فييان الحييي والميييت إنمييا هييو الجييوهر القييائم‬
‫بنفسه فان الحياة عرض ل يقوم إل بجوهر والعرض نفسييه ل يقييوم بعييرض آخيير وان كييان العييرض‬
‫يوصف بأنه حي كما يقال قد أحييت العلم واليمان وأحييت الدين وأحييت السنة والعييدل كمييا يقييال‬
‫أمات البدعة فهؤلء عندهم ل يخرج جوهرا من جوهر ول عرضا من عرض فل يخيرج حييا مين مييت‬
‫ول ميتا من حي بل الجواهر التي كانت في الميت هي بعينها باقية كما كانت ولكن أحدث فيها حييياة‬
‫لم تكن وتلك الحياة لم تخرج من ميت فما أخرج عنييدهم حييي ميين ميييت ول ميييت ميين حييي ولهييذا‬
‫ينكرون أن يقلب الله جنسا الى جنس آخر ويقولون الجواهر كلهييا جنييس واحييد فييإذا خلييق النطفيية‬
‫انسانا لم يقلب عندهم جنسا الى جنس بل نفس الجواهر هي باقية كما كانت وخاصييية الخلييق انمييا‬
‫هي بقلب جنس الى جنس وهذا ل يقدر عليه إل اللييه كمييا قييال تعييالى يننا أيهننا الننناس ضننرب مثننل‬
‫فاستمعوا له إن الذين تدعون مننن دون الن لننن يخلقننوا ذبابننا ولننو اجتمعننوا لننه وإن يسننلبهم الننذباب شننيئا ل‬
‫يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا ال حق قدره ان ال لقوي عزيز ول ريب أن النخليية مييا‬
‫هي من جنس النواة ول السنبلة من جنس الحبة ول النسان من جنس المنييي ول المنييي ميين جنييي‬
‫النسان وهو يخرج هذا من هذا وهذا من هذا فيخرج كل جنس من جنس آخر بعيد عن مماثلته وهذا‬
‫خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه وهو سبحانه إذا جعل البييض أسيود أعيدم ذلييك البيياض‬
‫وجعل موضعه السواد ل أن الجسام تعدم تلك المادة فتحيلها وتلشيها وتجعييل منهييا هييذا المخلييوق‬
‫الجديد ويخلق الضد من ضده كما جعل من الشجر الخضر نارا فاذا حك الخضر بالخضر سييخن مييا‬
‫يسخنه بالحركة حتى ينقلب نفس الخضر فيصير نارا وعلى قولهم ما جعل فيه نارا بل تلك الجواهر‬
‫باقية بعينها وأحدث فيها عرض لم يكن وخلق الشيء من غير جنسه أبلغ فييي قييدرة القييادر الخييالق‬
‫سبحانه وتعالى كما وصف نفسه بذلك في قوله قل اللهم مالننك الملننك تننؤتي الملننك مننن تشنناء وتنننزع‬
‫الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.64‬‬

‫إنك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليييل وتخييرج الحييي ميين الميييت وتخييرج‬
‫الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ولهذا قال للملئكة إني خالق بشرا من طين فيياذا سييويته‬
‫ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين وقال ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكييين الييى‬
‫قدر معلوم فقدرنا فنعيم القيادرون ولهننذا امتنننع اللعيننن كمننا قننال تعننالى وإذ قلنيا للملئكية اسيجدوا لدم‬
‫فسجدوا إل إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا وقال لم أكن لسجد لبشر خلقته من صلصال ميين حمييأ‬
‫مسنون وأيضا فكون الشيء مخلوقا من مادة وعنصر أبلغ في العبودية من كونه خلق ل من شيء وأبعنند عننن‬
‫مشابهة الربوبية فإن الرب هو أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فليس له أصل وجنند منننه ول فننرع‬
‫يحصل عنه فاذا كان المخلوق له أصل وجد منه كان بمنزلة الولد له وإذا خلق له شيء آخننر كننان بمنزلننة الوالنند‬
‫وإذا كان والدا ومولودا كان أبعد عن مشابهة الربوبية والصمدية فانه خرج من غيره ويخرج منه غيننره ل سننيما‬
‫إذا كانت المادة التي خلق منها مهينة كما قال تعالى ألم نخلقكم من ماء مهين وقال تعالى فلينظيير النسييان‬
‫مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السييرائر فمييا‬
‫له من قوة ول ناصر وفي المسند عن بشر ابن جحاش قال بصق رسنول الن صنلى الن عليننه وسنلم فني كفننه‬
‫فوضع عليها إصبعه ثم قال يقول الن تعننالى ابننن آدم أننى تعجزننني وقند خلقتننك مننن مثنل هنذه حنتى إذا سنويتك‬
‫وعدلتك مشيت بين بردين وللرض منك وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغننت الننتراقي قلننت أتصنندق واننني أوان‬
‫الصدقة وكذلك إذا خلق في محل مظلم وضيق كما خلق النسان في ظلمات ثلث كان أبلغ في قدرة القننادر وأدل‬
‫على عبودية النسان وذله لربه وحاجته اليه وقد يقول المعير للرجل مالك أصل ول فصل ولكننن النسننان أصننله‬
‫التراب وفصله الماء المهين ولهذا لما خلق المسيح من غير أب وقعت به الشبهة لطائفة وقالوا انه ابن ال مع أنه‬
‫لم يخلق إل من مادة أمه ومن الروح التي نفخ فيها كما قال تعالى ومريم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.65‬‬

‫ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وقال تعالى أيضننا فتمثل لهييا بشييرا سييويا‬
‫قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنما أنا رسول ربك لهب لك غلمييا زكيييا فمننا خلننق‬
‫من غير مادة تكون كالب له قد يظن فيه أنه ابن ال وأن ال خلقه من ذاته فلهذا كانت النبياء مخلوقننة مننن‬
‫مادة لها أصول ومنها فروع لها والد ومولود والحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفننوا أحنند وحنندوث‬
‫الشيء ل من مادة قد يشبه حدوثه من غير رب خالق وقد يظن أنه حدث من ذات الرب كما قيننل مثننل ذلننك‬
‫في المسيح والملئكة انها بنات ال لما لم يكنن لهنا أب منع أنهنا مخلوقنة منن منادة كمنا ثبنت فني الصنحيح‬
‫صحيح مسلم عن عائشة أن النبي صلى ال عليه وسلم قال خلقت الملئكة من نور وخلق الجان مننن مننارج‬
‫من نار وخلق آدم مما وصف لكم ولما ظن طائفة أنهنا لنم تخلنق منن منادة ظننوا أنهنا قديمنة أزلينة وأيضنا‬
‫فالدليل الذي احتج به كثير من النناس علنى أن كننل حنادث ل يحندث إل مننن شنيء أو فني شنيء فنان كننان‬
‫عرضا ل يحدث إل في محل وان كان عينا قائمة بنفسها لم تحدث إل من مادة فان الحننادث إنمننا يحنندث إذا‬
‫كان حدوثه ممكنا وكان يقبل الوجود والعدم فهو مسبوق بامكان الحدوث وجوازه فل بد لنه منن محنل يقننوم‬
‫به هذا المكان والجواز وقد تنازعوا في هذا هل المكان صفة خارجيننة ل بنند لهننا مننن محننل أو هنني حكننم‬
‫عقلي ل يفتقر إلى غير النذهن والتحقينق أننه نوعنان فالمكننان النذهني وهنو تجنويز الشنيء أو عنندم العلنم‬
‫بامتناعه محله الذهن والمكان الخنارجي المتعلنق بالفاعنل أو المحنل مثنل أن تقنول يمكنن القنادر أن يفعنل‬
‫والمحل مثل أن تقول هذه الرض يمكن أن تزرع وهننذه المننرأة يمكننن أن تحبننل وهننذا ل بنند لننه مننن محننل‬
‫خارجي فاذا قيل عن الرب يمكن أن يخلق فمعناه أنه يقدر على ذلك ويتمكن منه وهذه صننفة قائمننة بننه وإذا‬
‫قيل يمكن أن يحدث حادث فان قيل يمكن حدوثه بدون سبب حادث فهو ممتنننع وإذا كنان الحندوث ل بنند لنه‬
‫من سبب حادث فذاك السبب ان كان قائما بذات الرب فذاته قديمة أزلية واختصاص ذلك الوقت بقيام مشيئة‬
‫أو تمام تمكن ونحو ذلك ل يكون إل لسبب قد أحدثه قبل هذا في غيره فل يحنندث حننادث مبنناين إل مسننبوقا‬
‫بحادث مباين له فالحدوث مسبوق بامكانه ول بد لمكانه من محل ولهذا لم يذكر ال قط‬
‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.66‬‬

‫أنه أحدث شيئا إل من شيء والذي يقول إن جنس الحوادث حدثت ل من شيء هو كقولهم إنها حدثت بل‬
‫سبب حادث مع قولهم إنها كانت ممتنعة ثم صارت ممكنة من غير تجدد سبب بل حقيقة قولهم إن الرب‬
‫صار قادرا بعد أن لم يكن من غير تجدد شيء يوجب ذليك وهييذه الميور كلهيا ميين أقيوال الجهميية أهييل‬
‫الكلم المحدث المبتدع المذموم وهو بناء على قولهم انه تمتنع حوادث ل أول لها وهؤلء وأمثالهم غلطوا‬
‫فيما جاء به الشرع وأخبرت به الرسل كما غلطوا في المعقيولت فكيل واحيد مميا يسيمى شيرعا وعقل‬
‫وسمعا قد وقع فيه اشتباه فالشرع يطلق تارة عليى ميا جياء بيه الرسيول مين الكتياب والسينة هيذا هيو‬
‫الشرع المنزل وهو الحق الذي ليس لحد خلفه ويطلق علييى ميا يضييفه بعيض النيياس الييى الشييرع إمييا‬
‫بالكذب والفتراء وإما بالتأويل والغلط وهذا شرع مبدل ل منزل ول يجب بل ول يجوز اتباعه وكذلك لفظ‬
‫السنة فان السنة التي يجب اتباعها هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والسنة تذكر في الصييول‬
‫والعتقادات وتذكر في العمال والعبادات وكلهما يدخل فيما أخبر به وأمر به فما أخبر به وجب تصديقه‬
‫فيه وما أوجبه وأمر به وجبت طاعته فيه ثم كثير من الناس يضيف إلى السنة ما أدخله بعض الناس فيها‬
‫إما بالكذب وإما بالتأويل مثل أحاديث كثيرة ضعيفة بل موضوعة واستدللت بأقواله على ما ل تدل عليه‬
‫ومثل أقوال أحدثها قوم انتسبوا إلى السنة في بعض المور مثل إثبات الصفات والقييدر فييإن المنتسييبين‬
‫لذلك يضافون إلى السنة لن نفاة الصيفات والقيدر مبتدعية وكيذلك حيب الخلفياء الراشيدين وميوالتهم‬
‫يضاف أهله إلى السنة لن الطاعنين فيهم أهل بدعة ومثل الستدلل بالنصوص على مييوارد النييزاع فييإن‬
‫أهل ذلك يضافون إلى السنة لكونهم يقصدون اتباع القرآن والحييديث والمخييالفون لييذلك يييردون الخبييار‬
‫الصحيحة أو ل يحتجون بالقرآن مبتدعون ثم قد يقول المضافون إلى السنة أشياء ليست من السنة مثييل‬
‫أحاديث كثيرة يروونها في فضائل بعض الصحابة وهي كذب ومثييل نفييي الحكمية والسييباب فييي مسييائل‬
‫القدر ومثل كلمهم في الجسام والعراض وتناهي الحوادث ونحو ذلك مما لم يأخذوه عن الرسول فهذا‬
‫ليس من السنة وان كان أهلها وافقوا السنة في مواضع خالفهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.67‬‬

‫فيها من ينازعهم في هذه المسائل فل يجب اذا كيانوا أصييابوا حيييث وافقيوا السينة أن يصييبوا حييث لييم‬
‫يوافقوها وكذلك مسمى العقل فان مسمى العقل قد مدحه الله في القرآن في غير آية لكن لمييا أحييدث‬
‫قوم من الكلم المبتدع المخالف للكتياب والسينة بيل وهيو فيي نفيس المير مخيالف للمعقيول وصياروا‬
‫يسمون ذلك عقليات وأصول دين وكلما في أصول الدين صار من عرف أنهييم مبتدعيية ضييلل فييي ذلييك‬
‫ينفر عن جنس المعقول والرأي والقياس والكلم والجدل فاذا رأى من يتكلم بهذا الجنس اعتقده مبتدعا‬
‫مبطل كما أن هؤلء لما رأوا ان جنس المنتسبين إلى السنة والشرع والحييديث قييد أخطييأوا فييي مواضييع‬
‫وخالفوا فيها صريح المعقول وهم يقولون أن السنة جاءت بذلك صار هؤلء ينفرون عن جنس ما يسييتدل‬
‫في الصول بالشرع والسنة ويسمونهم حشوية وعامة وكل من هؤلء أدخلوا في مسمى الشرع والعقييل‬
‫والسمع ما هو محمود ومذموم ثم هؤلء قبلوا ميين مسييمى الشييرع والسيينة عنييدهم محمييوده ومييذمومه‬
‫وخالفوا مسمى العقل محموده ومذمومه وأولئك قبلوا مسمى العقل عندهم محموده ومذمومه وخييالفوا‬
‫مسمى الشرع محموده ومذمومه فيجب البيان والتفصيل والستفسار وبيان الفرقان بين الحق والباطييل‬
‫فان ذلك يوجب التصديق بما جاء به الشرع المنزل والسنة الغراء وهو المعقول الحق وهو الكلم الصدق‬
‫وهو الجدل بالتي هي أحسن ويوجب رد ما أدخل في الشرع والسنة وليييس منهييا ورد مييا سييمي معقييول‬
‫وهو باطل وسمي كلما صدقا وهو كذب وسمي جدل بالتي هي أحسن وهو جدل بالباطل بغير علم ولهذا‬
‫حصل من الذين لبسوا الحق بالباطل تبديل لما بدلوه من الدين وتحريف الكلييم عيين مواضييعه ومضيياهاة‬
‫لهل الكتاب مما ذمهم الله عليه والبخاري في أول كتيياب خلييق أفعييال العبيياد ذكيير الييرد علييى المعطليية‬
‫الذين يبيدلون كلم الليه مين الجهميية وذكير مين كلم السيلف والئمية فيهيم ميا عيرف بيه مقصيودهم‬
‫والتبديل نوعان أحدهما ان يناقضوا خبره والثاني أن يناقضوا أمره فان الله بعثه بالهدى ودين الحق وهييو‬
‫صادق فيما أخبر به عن الله آمر بما أمر الله به كما قال من يطننع الرسننول فقنند أطنناع ال ن وأهل التبييديل‬
‫الذين يضيفون الى دينه وشرعه ما ليس منه وهم أهل الشرع المبدل تارة يناقضونه في خبره فينفون‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.68‬‬


‫ما أثبته أو يثبتون ما نفاه كالجهمية الذين ينفون ما أثبته من صفات الله وأسمائه والقدرية الييذين ينفييون‬
‫ما أثبته من قدر الله ومشيئته وخلقه وقدرته والقدرييية المجييبرة الييذين ينفييون مييا أثبتييه ميين عييدل اللييه‬
‫وحكمته ورحمته ويثبتون ما نفاه من الظلم والعبث والبخل ونحو ذلك عنه وأمثال ذلك ومسسائل أصييول‬
‫الدين عامتها من هذا الباب ثم إنهم ايضا يوجبون مالم يوجبه بل حرمه ويحرمون ما لم يحرمه بل أوجبييه‬
‫فيوجبون اعتقاد هذه القوال والمذاهب المناقضية لخيبره وميوالة أملهيا ومعياداة مين خالفهيا ويوجبيون‬
‫النظر المعين في طريقهم الذي أحدثوه كما أوجبوا النظيير فييي دليييل العييراض الييذي اسييتدلوا بييه علييى‬
‫حدوث الجسام وقالوا يجب على كل مكليف أن ينظيير فيييه ليحصييل لييه العليم بإثبييات الصييانع قييالوا لن‬
‫معرفة الله واجبة ول طريق اليها ال هذا النظر وهذا الدليل ولما علم كييثير ميين مييوافقيهم أن السييتدلل‬
‫بهذا الدليل لم يوجه الرسول خالفوهم في إيجابهم ميع ميوافقتهم لهيم عليى صيحته والتحقييق ميا علييه‬
‫السلف أنه ليس بواجب أمرا ول هو صحيح خبرا بل هو باطل منهي عنه شييرعا فييان اللييه تعييالى ل يييأمر‬
‫بقول الكذب والباطل بل ينهى عن ذلك لكن غلطوا حيث اعتقدوا أنه حق وان الدين ل يقوم ال على هذا‬
‫الصل الذي أصلوه كما أن طوائف من أهييل العبييادة والزهييد والرادة والمحبيية والتصييوف سييلكوا طرقييا‬
‫ظنوا أنه ل يوصل الى الله إل بها ثم منهم من يوجبها ويذم من لم يسلكها ومنهم من لم ييير أن سييالكيها‬
‫أفضل من غيرهم ويوسع الرحمة لنه قد علم أن الرسول والصحابة لم يأمروا بهييا النيياس مييع اعتقييادهم‬
‫أنها طرق صحيحة موصلة الييى رضييوان الليه وهيي عنييد التحقييق طييرق مضيلة إنميا توصيل اليى رضيى‬
‫الشيطان وسخط الرحمين كالعبيادات اليتي ابتيدعها ضيلل أهيل الكتياب والمشيركين وخيالفوا بهيا ديين‬
‫المرسلين فهؤلء في الحوال البدعية وأولئك في القوال البدعية والقول الحق هو القرآن والحال الحييق‬
‫هو اليمان كما قال جندب وابن عمر تعلمنا اليمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانا وفييي الصييحيحين عيين‬
‫أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الترجة طعمها‬
‫طيب وريحها طيب ومثل المؤمن الذي ل يقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيب ول ريح لها ومثل المنافق‬
‫الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.69‬‬

‫وطعمهيييا مييير ومثيييل المنيييافق اليييذي ل يقيييرأ القيييرآن مثيييل الحنظلييية طعمهيييا مييير ول رييييح لهيييا‬
‫فالناس أربعة أصناف صاحب قول قرآني وحال ايماني فهم أفضييل الخلييق وصيياحب قييول قرآنييي وحييال‬
‫ليس بايماني وصاحب حال ايماني وليس له قول ومن ليس له ل قول قرآني ول حال ايماني وكييثير ميين‬
‫المنتسبين الى القول والكلم والعلم والنظر والفقه والستدلل ابتدعوا أقوال تخالف القييرآن وكييثير ميين‬
‫المنتسبين الى العمل والعبادة والرادة والمحبة وحسن الخلق والمجاهدة ابتدعوا أحوال وأعمييال تخييالف‬
‫اليمان وصار مع كل طائفة نوع من الحق الذي جيياء بييه الرسييول لكيين ملبييوس بغيييره وصييار كييثير ميين‬
‫الطائفتين ينكر ما عليه الخرى مطلقا كما قالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصننارى ليسننت‬
‫اليهود على شيء وفي كل من الطائفتين شبه من أحدى المتين ففي المنتسبين الى العلم اذا لم يوافقوا‬
‫العلم النبوي ويعملوا به شبه من اليهود وفي أهل العمل اذا لم يوافقييوا العمييل الشييرعي ويعملييوا بعلييم‬
‫شبه من النصارى وصار كثير من أهل الكلم والرأي ينكرون جنس محبة الله وارادته كما صييار كييثير ميين‬
‫أهل الزهد والتصوف ينكر جنس العلم والكلم والنظر وأولئك الذين أنكروا محبة اللييه وإرادتييه بنييوا ذلييك‬
‫على أصل لهم للقدرية المجبرة والنافية وهو أن المحبة والرادة والرضا والمشيئة شيء واحد ول يتعلييق‬
‫ذلك إل بمعدوم وهو ارادة الفاعيل أن يفعيل ميالم يكين فعليه فاعتقيدوا أن المحبية والرادة ل تتعليق إل‬
‫بمعدوم فالموجود ل يحب ول يراد والقديم الزلي ل يحب ول يراد والبيياقي ل يحييب ول يييراد فييانكروا أن‬
‫يكون الله محبوبا أو مرادا وهم لنكار كونه يحب أبلغ وأبلغ فل يثبتون إل مشيئته أن يخلييق فقييط وهييي ل‬
‫تتعلق إل بمعدوم فأما أن يحب موجودا من خلقه فهذا باطل عند الطائفتين لكن المجبرة يقولون محبتييه‬
‫هي مشيئته وقد شاء خلييق كييل شيييء فهييو يحييب كييل شيييء والنفيياة يقولييون محبتييه هييي إرادتييه إثابيية‬
‫المطيعين وهي مشيئة خاصة والييذي جيياء بييه الكتيياب والسيينة واتفييق عليييه سييلف الميية وعليييه مشييايخ‬
‫المعرفة وعموم المسلمين أن الله يحب ويحب كما نطق بذلك الكتياب والسينة فيي مثيل قيوله يحبهننم‬
‫ويحبونه ومثل قوله والذين آمنوا أشد حبا ل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.70‬‬


‫بل ل شيء يستحق أن يحب لذاته محبة مطلقيية إل اللييه‬ ‫وقوله قل إن كنتم تحبون ال فاتبعوني يحببكم ال‬
‫وحده وهذا من معنى كونه معبودا فحيث جاء القرآن بالمر بالعبادة والثناء علييى أهلهييا أو علييى المنيييبين‬
‫الى الله والتوابين اليه أو الوابين أو المطمئنين بذكره أو المحبين له ونحو ذلك فهذا كله يتضييمن محبتييه‬
‫وما ل يحب ممتنع كونه معبودا ومألوها ومطمأنا بذكره ومن أطيع لعوض يؤخذ منه أو لدفع ضييرره فهييذا‬
‫ليس بمعبود ول إله بل قد يكون الشخص كافرا وظالما يبغض ويلعن ومع هذا يعمييل معييه عامييل بعييوض‬
‫فمن جعل العمل لله ل يكون إل لذلك فلم يثبت الرب إلها معبودا ول ربا محمودا وهو حقيقة قول النفيياة‬
‫من الجهمية والقدرية النافية والمثبتة والله سبحانه وتعالى رغب في عبييادته والعمييل لييه بمييا ذكييره ميين‬
‫الوعد ورهب من الكفر به والشرك بما ذكره من الوعيد وهو حق لكنه لم يقل ان العابد لله والعامييل لييه‬
‫ل يحصل له إل ما ذكر بل وقد قال تعالى فل تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين وفيي الحيديث الصيحيح‬
‫يقول الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما ل عين رأت ول أدن سمعت ول خطر على قلب بشير ذخيرا‬
‫بله ما أطلعتهم عليه اقرءوا ان شئتم فل تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملننون وقييد‬
‫ثبت في الحديث الصحيح عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قييال يقيول اللييه يييا أهييل الجنيية ان‬
‫لكم عندي موعدا أريد أن أنجزكموه فيقولون ميا هيو أليم تنضير وجوهنيا وتثقيل موازيننيا وتيدخلنا الجنية‬
‫وتجرنا من النار قال فيكشف الحجاب فينظرون اليه فما أعطاهم شيئا أحب اليهم من النظيير اليييه وهييي‬
‫الزيادة وفي الحديث الذي رواه النسائي لما صلى عمار فأوجز وقال دعييوت فييي الصييلة بييدعاء سييمعته‬
‫من النبي صلى الله عليه وسلم اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما كانت الحياة خيييرا لييي‬
‫وتوفني اذا كانت الوفاة خيرا لي اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب‬
‫والرضا والقصد في الفقر والغنى وأسألك نعيما ل ينفد وقرة عين ل تنقطع وأسييألك الرضييا بعييد القضيياء‬
‫وأسألك برد العيش بعد الموت وأسألك لذة النظر الى وجهك والشوق‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.71‬‬

‫الى لقائك من غير ضراء مضرة ول فتنة مضلة اللهم زينا بزينة اليمان واجعلنا هداة مهتييدين وروى نحييوا‬
‫هذا من وجه آخر فقد أخبر الصادق المصدوق أنه لم يعط أهل الجنة أحب إليهم من النظر اليه وسيين أن‬
‫يدعى بلذة النظر الى وجهه الكريم وأهل الجنة قد تنعمييوا ميين أنييواع النعيييم بالمخلوقييات بمييا هييو غاييية‬
‫النعيم فلما كان نظرهم إليه أحب اليهم من كل أنواع النعييم عليم أن ليذة النظير إلييه أعظيم عنيد أهيل‬
‫الجنة من جميع أنواع اللذات والجنة فيها ما تشتهي النفس وتلذ العييين فمييا لييذت أعينهييم بيياعظم ميين‬
‫لذتها بالنظر اليه واللذة تحصل بادراك المحبوب فلو لم يكن أحب اليهم من كل شيء ما كان النظر اليييه‬
‫أحب اليهم من كل شيء وكانت لذته أعظم من كل لذة والله تعالى وعيد عبياده الميؤمنين بالجنية وهيي‬
‫اسم لدار فيها جميع أنواع اللذات المتعلقة بالمخلوق وبالخالق كما أن النار اسييم لييدار فيهييا أنييواع اللم‬
‫لكن غلط من ظن أن التنعيم بالنظر اليه ليس ميين نعيييم أهييل الجنيية وصييار هييؤلء حزبييين حزبييا أنكييروا‬
‫التنعيم بالنظر اليه وهم المنكرون المحبة قال أبو المعييالي ونحييوه مميين ينكيير محبتييه إنهييم اذا رأوه لييم‬
‫يلتذوا بنفس النظر بل يخلق لهم لذة ببعض المخلوقات مع النظر وكذلك قال من شيياركهم فييي التجهييم‬
‫من أهل الوحدة كابن عربي قال ما التذ عارف بمشاهدة قط وادعييى أبييو المعييالي أن إنكييار محبتييه ميين‬
‫أسرار التوحيد وهو من أسرار توحيد الجهمية المعطلة المبدلة وحكى عن ابن عقيل أنه سمع رجل يقييول‬
‫أسألك لذة النظر الى وجهك الكريم فقال له هب أن له وجها أله وجه يلتذ بالنظر اليه وهذا بناء على هذا‬
‫الصل فانه وشيخه أبا يعلى ونحوهما وافقوا الجهمية في إنكار أن يكييون اللييه محبوبييا واتبعييوا فييي ذلييك‬
‫قول أبي بكر بن الباقلني ونحوه ممن ينكر محبة الله وجعل القول باثباتها قول الحلولية والجواب الثاني‬
‫أن طائفة من الصوفية والعباد شاركوا هؤلء في أن مسمى الجنة ل يدخل فيييه النظيير الييى اللييه وهييؤلء‬
‫لهم نصيب من محبة الله تعالى والتلذذ بعبادته وعندهم نصيب من الخوف والشييوق والغييرام فلمييا ظنيوا‬
‫أن الجنة ل يدخل فيها النظر اليه صاروا يستخفون بمسمى الجنة ويقييول أحييدهم مييا عبييدتك شييوقا الييى‬
‫جنتك ول خوفا من نارك وهم غلطوا من وجهين أحدهما أن ما يطلبييونه ميين النظيير اليييه والتمتييع بييذكره‬
‫ومشاهدته كل ذلك في الجنة‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.72‬‬


‫الثاني أن الواحد من هؤلء لو جاع في الدنيا أياما أو القي في بعض عذابها طار عقله وخرج من قلبه كل‬
‫محبييية ولهيييذا قيييال سيييمنون ‪ %‬ولييييس ليييي فيييي سيييواك حيييظ ‪ %‬فكيفميييا شيييئت فيييامتحني ‪%‬‬
‫ابتلى بعسر البول فصار يطوف على المكاتب ويقول ادعوا لعمكييم الكييذاب وأبييو سييليمان لمييا قييال قييد‬
‫أعطيت من الرضا نصيبا لو ألقاني في النار لكنت راضيا ذكر أنه ابتلى بمييرض فقييال ان لييم تعييافني وإل‬
‫كفرت أو نحو هذا والفضيل بن عياض إبتلي بعسر البول فقال بحبي لك إل فرجت عنييي فبييذل حبييه فييي‬
‫عسر البول فل طاقة لمخلوق بعذاب الخالق ول غنى به عن رحمته وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫لرجل ما تدعو في صلتك قال أسأل الله الجنة وأعوذ به من النييار أمييا أنييي ل أحسيين دنييدنتك ول دندنيية‬
‫معاذ فقال حولها ندندن ودخل على أعرابي قد صار مثل الفرخ فقال هييل كنييت تييدعو اللييه بشيييء قييال‬
‫كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الخره فعجله لي في الدنيا فقال سبحان اللييه انييك ل تسييتطيعه‬
‫ول تطيقه هل قلت اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الخرة حسنة وقنا عذاب النييار والعييدوان فييي الرادة‬
‫والعبادة والعمل حصل من إعراضهم عن العلم الشييرعي واتبيياع الرسييول وقييد قييال تعييال قننل ان كنتننم‬
‫تحبون ال فاتبعوني يحببكم ال قال بعضهم ليس الشأن في أن تحبه الشأن فييي أن يكييون هييو يحبييك وهييو‬
‫إنما يحب من اتبع الرسول وإل فالمشركون وأهل الكتاب يدعون أنهم يحبونه وأولئك غلطوا بنفي محبتييه‬
‫وهؤلء أثبتوا محبة شركية لم يثبتوا محبة توحيدية خالصة وقد قال تعالى ومن الننناس مننن يتخننذ مننن دون‬
‫الننننننننن أنننننننننندادا يحبنننننننننونهم كحنننننننننب الننننننننن والنننننننننذين آمننننننننننوا أشننننننننند حبنننننننننا لننننننننن‬
‫فالقسام ثلثة أولئك معطلة للمحبة وحقيقة قولهم تعطيل العبادة مطلقا وهؤلء مشييركون فييي المحبيية‬
‫فهم مشركون في العبادة أولئك مسييتكبرون عيين عبييادته والكييبر لليهييود وهييؤلء مشييركون فييي عبييادته‬
‫والشرك للنصارى وكل واحد من المستكبرين والمشركين ليسوا مسلمين بل السلم هو الستسلم للييه‬
‫وحده ولفظ‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.73‬‬

‫السلم يتضمن السلم ويتضمن إخلصه لله وقد ذكر ذلك غيير واحيد حيتى أهيل العربيية كيأبي بكير بين‬
‫النباري وغيره وميين المفسييرين ميين يجعلهمييا قييولين كمييا يييذكر طائفيية منهييم البغييوي أن المسييلم هييو‬
‫المستسلم لله وقيل هو المخلص والتحقيق أن المسلم يجمع هذا وهييذا فميين لييم يستسييلم لييه لييم يكيين‬
‫مسلما ومن استسلم لغيره كما يستسلم له لم يكن مسلما ومن استسلم له وحده فهو المسلم كما في‬
‫القرآن بلى من اسلم وجهه ل وهو محسن فله أجره عند ربه ول خوف عليهم ول هننم يحزنننون وقال ومننن‬
‫أحسن دينا ممن أسلم وجهه ل وهو محسن واتبع ملننة ابراهيننم حنيفننا واتخننذ ال ن ابراهيننم خليل والستسلم ليه‬
‫يتضمن الستسلم لقضائه وأمره ونهيه فيتناول فعل المأمور وترك المحظور والصبر على المقدور اننننه‬
‫من يتق ويصبر فان ال ل يضيع أجر المحسنين قال ابن أبي حاتم حدثنا عصام بن وراد حدثنا آدم عيين أبييي‬
‫جعفر عن الربيع عن أبي العالية في قوله بلى من أسلم وجهه ل يقول من أخلص لله قال ابن أبي حيياتم‬
‫وروى عن الربيع نحو ذلك وقال ذكر عن يحيى بن آدم حدثنا ابن المبارك عن حيوة بن شريح عيين عطيياء‬
‫بن دينار عن سعيد بن جبير من أسلم وجهه ل من أسلم أخلص وجهه قال دينييه وقييال أبييو الفييرج أسييلم‬
‫بمعنى أخلص وفي الوجه قولن أحدهما أنه الدين والثاني العمل وقال البغوي من أسلم وجهه لله أخلص‬
‫دينه لله وقيل أخلص عبادته لله وقيل خضع وتواضع لله وأصل السلم الستسلم والخضوع وخص الوجه‬
‫لنه إذا جاد بوجهه في السجود لم يبخل بسائر جوارحه وهو محسن في عمله قيل ميؤمن وقيييل مخلييص‬
‫قلت قول من قال خضع وتواضع لربه هو داخل في قول من قال أخلص دينه أو عمله أو عبادته لله فييان‬
‫هذا إنما يكون اذا خضع له وتواضع له دون غيره فان العبادة والدين والعمل له ل يكييون ال مييع الخضييوع‬
‫له والتواضع وهو مستلزم لذلك ولكين أولئك ذكيروا ميع هيذا أن يكيون هيذا السيلم لليه وحيده فيذكروا‬
‫المعنيين الستلزام وأن يكون لله وقول من قال خضع وتواضع لله يتضمن أيضا أنه أخلص عبادته‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.74‬‬

‫ودينه لله فان ذلك يتضمن الخضوع والتواضع لله دون غيره وأما ذكر التوجه فقد بسط الكلم عليييه فييي‬
‫غير هذا الموضع وتبين أن الله ذكر إسلم الوجه له في قوله فأقم وجهك للدين وذكر توجيه الوجه له في‬
‫قوله إني وجهننت وجهنني للننذي فطننر السننماوات والرض لن الوجه إنما يتييوجه الييى حيييث تييوجه القلييب‬
‫والقلب هو الملك فاذا توجه الوجه نحو جهة كان القليب متوجهيا اليهيا ول يمكين اليوجه أن يتيوجه بيدون‬
‫القلب فكان إسلم الوجه وإقامته وتوجيهه مستلزما لسلم القلب وإقامته وتوجيهه وذلك يستلزم اسلم‬
‫كلييييه للييييه وتييييوجيه كلييييه للييييه وإقاميييية كلييييه للييييه وبسييييط الكلم علييييى مييييا يناسييييب ذلييييك‬
‫وهذا حقيقة دين السلم لكن الذين أنكروا ذلك لهم شبهتان إحداهما أن المحبة تقتضييي المناسييبة قييالوا‬
‫وهي منتفية فل مناسبة بين المحدث والقديم فيقييال لهييم هييذا كلم مجمييل تعنييون بالمناسييبة الييولدة أو‬
‫المماثلة ونحو ذلك مما يجب تنزيه الرب عنه فان الشيء ينسب إلى أصله بأنه ابن فلن والى فرعه بأنه‬
‫ابو فلن وإلى نظيره بأنه مثل فلن ولما سأل المشركون النبي صلى اللييه عليييه وسييلم عيين نسييب ربييه‬
‫أنزل الله تعالى قل هو ال أحد ال الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكننن لننه كفننوا أحنند فلم يخيرج ميين شيييء ول‬
‫يخرج منه شيء ول له مثل فان عنيتم هذا لم نسلم أن المحبة ل بد فيها ميين هييذا وإن أردتييم بالمناسييبة‬
‫أن يكون المحبوب متصفا بمعنى يحبه المحب فهذا لزم للمحبة والرب متصف بكل صفة تحييب وكيل ميا‬
‫يحب فانما هو منه فهو أحق بالمحبة من كل محبوب وإذا كان النسان يحب الملئكة وهم من غير جنسه‬
‫لما اتصفوا به من الصفات الحميدة فالسيبوح القيدوس رب الملئكية واليروح اليذي كيل ميا اتصيفت بيه‬
‫الملئكة وغيرهم فهو من جوده وإحسانه وهو العزيز الرحيم اذ كان المخلوق كثيرا ما يتصف بييالعزة دون‬
‫الرحمة أو تكون فيه رحمة بل عزة وهو سبحانه العزيز الرحيم الغفور الودود المجيييد الييودود فعييول ميين‬
‫الود وقال شعيب إن ربي رحيم ودود وقال تعالى وهو الغفور الودود فقرنه بالرحيم في موضع‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.75‬‬

‫وبالغفور في موضع قال أبو بكر ابن النباري الودود معناه المحب لعباده ميين قييولهم وددت الرجييل أوده‬
‫ودا وودا وودا ويقال وددت الرجل ودادا وودادا وودادة وقييال الخطييابي هييو اسيم مييأخوذ ميين الييود وفيييه‬
‫وجهان أحدهما أن يكون فعول في محل مفعول كما قيل رجل هيوب بمعنى مهيب وفرس ركوب بمعنييى‬
‫مركوب والله سبحانه وتعالى مودود في قلوب أوليائه لما يعرفونه من إحسييانه اليهييم والييوجه الخيير أن‬
‫يكون بمعنى الود أي أنه يود عباده الصالحين بمعنى أنه يرضى عنهم ويتقبييل أعمييالهم ويكييون معنيياه أن‬
‫يوددهم إلى خلقه كقوله سيجعل لهم الرحمن ودا قلت قوله سيجعل لهم الرحمن ودا فسروها بأنه يحبهم‬
‫ويحببهم الى عباده كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا أحب الله العبييد نييادى‬
‫يا جبريل إني أحب فلنا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء إن الله يحييب فلنييا فييأحبه فيحبييه أهييل‬
‫السماء ثم يوضع له القبول في الرض وقال في البغض مثل ذلك وقال عبد ابن حميد أنبأنا عبيد الله بيين‬
‫موسى عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن سعيد بن جبير عين ابين عبياس سننيجعل لهننم الرحمننن ودا قيال‬
‫يحبهم ويحببهم ورواه ابن أبي حاتم أيضا وقال عبد أخيبرني شييبابة عيين ورقيياء عين ابيين أبييي نجييح عين‬
‫مجاهد سيجعل لهم الرحمن ودا قال يحبهم ويحببهم الى المؤمنين أخبرنييا عبييد الييرزاق عيين الثييوري عيين‬
‫مجاهد عن ابن عباس سيجعل لهم الرحمن ودا قال محبة وهذا فيه إثبات حبه لهم بعييد أعمييالهم بقييوله‬
‫سيجعل لهم الرحمن ودا وهو نظير قوله قل ان كنتم تحبون ال ن فنناتبعوني يحببكننم ال ن فهو يحبهيم إذا اتبعيوا‬
‫الرسول ونظير قوله في الحديث الصحيح ول يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت‬
‫سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بهييا وكييذلك قييوله‬
‫وأحسنوا ان ال يحب المحسنين ان ال يحب التوابين ويحب المتطهرين ان ال يحننب المتقيننن إن ال ن يحننب‬
‫الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص وهذه اليات وأشباهها تقتضي أن الله يحب أصحاب هذه‬
‫العمال فهو يحب التوابين وإنما يكونون توابين بعد الذنب ففي هذه الحال‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.76‬‬

‫يحبهم وهذا مبني على الصفات الختيارية فمن نفاها رد هذا كله ولهم قييولن أحييدهما أن المحبيية قديميية‬
‫فهو يحبهم في الزل إذا علم أنهم يموتون على حييال مرضييية ويقولييون أن اللييه يحييب الكفييار فييي حييال‬
‫كفرهم اذا علم أنهم يموتون على اليمان ويبغض المؤمن إذا علم أنه يرتد هذا قول ابن كلب ومين تبعيه‬
‫ثم منهم من يفسر المحبة بالرادة ومنهم من يقول هي صفة زائدة على الرادة والقييول الثيياني يجعلييون‬
‫هذا من باب الفعل فالمحبة عندهم إحسانه اليهم والحسان عندهم ليس قائما به بل بيائن عنيه والكتياب‬
‫والسنة وأقوال السلف والئمة والدلة العقلية إنما تدل عليى القيول الول كميا قيد بسيط فيي غيير هيذا‬
‫الموضع اذ المقصود هنا ذكر اسمه الودود والكثرون على ما ذكره ابن النباري وأنه فعول بمعنييى فاعييل‬
‫أي هو الواد كما قرنه بالغفور وهو الذي يغفر وبالرحيم وهو الذي يرحيم قيال ابين أبيي حياتم حيدثنا أبيي‬
‫حدثنا عيسى بن جعفر قاضي الري حدثنا سفيان في قوله إن ربنني رحيننم ودود قال محييب وقييال قييرئ‬
‫على يونس حدثنا ابن وهب قال وقال ابن زيد قوله الودود قال الرحيم وقد ذكر فيه قولين القول الول‬
‫رواه من تفسير الوالبي عن ابن عباس قوله الودود قال الحبيب والثاني قول ابن زيد الرحيم ومييا ذكييره‬
‫الوالبي أنه الحبيب قد يراد به المعنيان أنه يحب ويحب فان الله يحب من يحبه وأوليياؤه يحبهيم ويحبيونه‬
‫والبغوي ذكر المرين فقال وللييودود معنيييان أن يحييب المييؤمنين وقيييل هيو بمعنييى المييودود أي محبيوب‬
‫المؤمنين وقال أيضييا فييي قييوله وهننو الغفننور الننودود أي المحييب لهييم وقيييل معنيياه المييودود كييالحلوب‬
‫والركوب بمعنى المحلوب والمركوب وقيل يغفر ويود أن يغفر وقيل المتودد إلى أوليائه بييالمغفرة قلييت‬
‫هذا للفظ معروف في اللغة أنه بمعنى الفاعل كقول النبي صلى الله عليه وسلم تزوجييوا الييودود الولييود‬
‫وفعول بمعنى فاعل كثير كالصبور والشكور وأما بمعنى مفعيول فقلييل وأيضيا فيان سيياق القيرآن ييدل‬
‫على أنه أراد أنه هو الذي يود عباده كما أنه هو الذي يرحمهم ويغفيير لهييم فييان شييعيبا قييال واسننتغفروا‬
‫ربكم ثم توبوا اليه إن ربي رحيم ودود فذكر رحمته ووده كما قال تعالى وجعننل بينكننم مننودة ورحمننة وهييو‬
‫أراد‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.77‬‬

‫وصفا يبين لهم أنه سبحانه يغفر الذنب ويقبل على التائب وهو كونه ودودا كما قال إن ال يحب التننوابين‬
‫ويحب المتطهرين وقد ثبت في الصحاح من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يفرح بتوبيية‬
‫التائب أشد من فرح من فقد راحلته بأرض دوية مهلكة ثم وجدها بعد اليأس فهذا الفرح منه بتوبة التائب‬
‫يناسب محبته له ومودته له وكذلك قوله في الية الخييرى وهننو الغفننور الننودود فييانه مثييل قيوله وهننو‬
‫الغفور الرحيم وأيضا فان كونه مودودا أي محبوبا يذكر على الوجه الكامل الذي يتبين اختصاصييه بييه مثييل‬
‫اسم الله فإن الله المعبود هو مودود بذلك ومثل اسييمه الصييمد ومثييل ذي الجلل والكييرام ونحييو ذلييك‬
‫وكونه مودودا ليس بعجيب وإنما العجب جوده واحسانه فانه يتودد إلى عباده كما في الثر يييا عبييدي كييم‬
‫أتودد اليك بالنعم وأنت تتمقت إلي بالمعاصي ول يزال ملييك كريييم يصييعد إلييي منييك بعمييل سيييء وفييي‬
‫الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يقول الله تعالى ميين تقييرب إلييي شييبرا تقربييت اليييه‬
‫ذراعا ومن تقرب مني ذراعا تقربت اليه باعا ومين أتياني يمشيي أتيتيه هرولية وجياء فيي تفسيير اسيمه‬
‫الحنان المنان أن الحنان الذي يقبل على من أعرض عنه والمنان الذ يجييود بييالنوال قبييل السييؤال وأيضييا‬
‫فمبدأ الحب والود منه لكن اسمه الودود يجمع المعنيين كميا قيال الواليبي عين ابين عبياس انيه الحيبيب‬
‫وذلك أنه إذا كان يود عباده فهو مستحق لن يوده العباد بالضرورة ولهذا من قال انه يحب المؤمنين قال‬
‫انهم يحبونه فان كثيرا من الناس يقييول انييه محبييوب وهييو ل يحييب شيييئا مخصوصييا لكيين محبتييه بمعنييى‬
‫مشيئته العامة ومن الناس من قال إنه ل يحب مع أنه يثبت محبته للمؤمنين فالقسمة في المحبة رباعية‬
‫فالسلف وأهل المعرفة أثبتوا النوعين قيالوا إنيه يحيب ويحييب والجهمييية والمعتزلية تنكير المريين وميين‬
‫الناس من قال إنه يحبه المؤمنون وأما هو فل يحب شيئا دون شيء ومنهم من عكس فقال بل هو يحييب‬
‫المؤمنين مع أن ذاته ل يحب كما يقولون إنه يرحم ول يرحم فيياذا قيييل إن الييودود بمعنييى الييواد لييزم أن‬
‫يكون مودودا بخلف العكس فالصواب القطع بأن الودود وان كان ذلك متضمنا لنه يستحق أن يود ليييس‬
‫هو بمعنى المودود فقط ولفظ الوداد بالكسر هو مثل الموادة والتواد وذاك‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.78‬‬

‫يكون من الطرفين كالتحاب وهو سبحانه لما جعل بين الزوجين مودة ورحمة كان كييل منهمييا يييود الخيير‬
‫ويرحمه وهو سبحانه كما ثبت في الحديث الصحيح أرحم بعبيياده ميين الوالييدة بولييدها وقييد بييين الحييديث‬
‫الصحيح أن فرحه بتوبة التائب أعظم من فرح الفاقد ماله ومركوبه فييي مهلكيية إذا وجييدهما بعييد اليييأس‬
‫وهذا الفرح يقتضي أنه أعظم مودة لعبده المؤمن من المؤمنين بعضهم لبعض كيف وكل ود فيي الوجيود‬
‫فهو من فعله فالذي جعل الود في القلوب هو أولى بالود كما قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما في قييوله‬
‫سيجعل لهم الرحمن ودا قال يحبهم وقد دل الحديث الذي في الصحيحين على أن ما يجعلييه ميين المحبيية‬
‫في قلوب الناس هو بعد أن يكون هو قد أحبه وأمر جبريل أن ينييادي بييأن اللييه يحبييه فنييادى جبريييل فييي‬
‫السماء أن الله يحب فلنا فأحبوه وبسط هذا له موضع آخر وفي مناجاة بعض الداعين ليس العجييب مين‬
‫حبي لك مع حاجتي إليك العجب من حبك لي مع غناك عني وفي أثر آخر يا عبدي وحقي انييي ليك محيب‬
‫فبحقي عليك كن لي محبا وروي يا داود حببني إلى عبييادي وحبييب عبييادي إلييي مرهييم بطيياعتي فييأحبهم‬
‫وذكرهم آلئي فيحبوني فانهم ل يعرفون مني إل الحسن الجميل وهو سبحانه كما قال كل ما خلقييه فييانه‬
‫من نعمه على عباده ولهذا يقول فبأي آلء ربكما تكذبان والخير بيديه ل يأتي بالحسنات إل هو ول يييذهب‬
‫بالسيئات إل هو ول حول ول قوة إل به ول ملجأ ول منجييا منيه إل اليييه ووده سيبحانه هيو لمين تياب اليييه‬
‫وأناب اليه كما قال إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا وقال إن ال ن يحننب التننوابين‬
‫ويحننب المتطهريننن فل يسييتوحش أهييل الييذنوب وينفييرون منييه كييأنهم حميير مسييتنفرة فييانه ودود رحيييم‬
‫بالمؤمنين يحب التوابين ويحب المتطهرين ولهذا قال شعيب واستغفروا ربكم ثم توبوا اليه إن ربني رحينم‬
‫ودود وقال هنا وهو الغفور الودود فذكر الودود في الموضعين لبيان مودته للمذنب إذا تيياب اليييه بخلف‬
‫القاسييييييييييييييييييي الجييييييييييييييييييافي الغليييييييييييييييييييظ الييييييييييييييييييذي ل ود فيييييييييييييييييييه‬
‫والحجة الثانية لهم قالوا إن الرادة والمحبة ل تتعلق إل بمعدوم يراد فعله فانه‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.79‬‬

‫لو جاز أن يراد الموجود وأن يراد القديم لجاز أن يكون العالم قديما مع كونه مراد مقدورا كما يقول ذلك‬
‫من يقوله من المتفلسفة فان القائلين إنه موجب بييذاته والعييالم قييديم منهييم ميين يصييفه بييالرادة كييأبي‬
‫البركات وغيره قالوا ومن المعلوم بالضطرار للعقلء إذ قالوا هذا المر حصييل بييالرادة أن يكييون محييدثا‬
‫كائنا بعد أن لم يكن ولهذا ل يجوز أن يقال إن قدرته ومشييئته تعلقيت بوجيوده ول ببقيائه ول بكيونه حييا‬
‫ومن قال إن صفاته قديمة العيان ل يقول إن كلمه وإرادتييه حصييلت بييارادته وقييدرته فيقييال هييذا الييذي‬
‫قالوه صحيح لكن هنا نوعان أحدهما إرادة أن يفعل الشيء ويكون فهذه ل تكييون إل مييع حييدوثه والثانييية‬
‫محبة نفس ذاته من غير أن يفعل في الذات شيء فهذه التي تتعلييق بييالموجود والبيياقي والقييديم وارادة‬
‫الفعل تابعة لهذه فانه لول أن تكون الرادة متعلقة بنفس الشيء الموجود امتنع أن راد ايجيياده فييان ميين‬
‫أراد أن يبني بيتا ليسكنه إنما مراده نفس البيت لسكناه والنتفاع وانما البناء وسيلة إلى ذلك ولييول إرادة‬
‫الغاية المقصودة بالذات لم ترد الوسيلة وإذا بناه فهو مريد له بعد البناء ولهذا يكره خرابه وزواله وكذلك‬
‫من أراد أن يلبس ثوبا فلبسه فهو في حال اللبس مريد له فمن أراد إحداث أمر وفعله كانت إرادة فعلييه‬
‫لغاية مقصودة بعد الفعل هي العلة الغائبة والفعل المطلييوب لغاييية لفيياعله ارادتييان ارادة الفعييل وارادة‬
‫الغاية وهذه هي الصل وتلك تبع لهذه والرادة ارادة ل تتعلق بالمعدوم من جهة كونه معييدوما بييل تتعلييق‬
‫بوجود الفعل لكن يمتنع أن يراد فعله إل اذا كان معدوما فالعدم شرط فيي ارادة فعلييه ولهييذا جعيل مين‬
‫جملة علل الفعل ولهذا كان جماهير العقلء مطبقين على أن كيل مفعيول فهييو حييادث وكيل ميا أرييد أن‬
‫يفعل فانه يكون حادثا وكل ما تعلقت المشيئة والقدرة بفعله فهو حادث ثييم ميين النيياس ميين يقييول هييذا‬
‫مختص بكونه مفعول بالختبار وإل اذا كان معلول لعلة موجبة لم يلزم حدوثه وهو غلط بييل كييل مييا فعييل‬
‫فل يكون ال محدثا سواء كان ذلك ممكنا أو ممتنعا بل نفس كونه مفعول مسييتلزم حييدوثه ونفييس تصيور‬
‫العلم بكونه مفعول يوجب العلم بحدوثه وان لم يخطر بالباب كونه مفعول بالقدرة والختيار ثم قييد يقييال‬
‫ما من مفعول إل وهو مفعول بالختيار والقديم اذا قدر فاعل بل مشيئة كان ذلك‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.80‬‬

‫ممتنعا والموجب بالذات اذا قيل هو موجب بذاته المتصفة بمشيئته وقييدرته لمييا يشيياؤه فهييذا حييق وهييو‬
‫مستلزم لكونه فاعل بمشيئته وقدرته وأما موجب بل مشيئة أو موجب يقارنه موجبه فهذان باطلن وبهما‬
‫ضل من ضل من المتفلسفة القائلين بقدم الفلك ونفي الصفات ولكن من أراد احداث شيء وأحدثه لييم‬
‫يجب أن تنقطع ارادته بل قد يكون مريدا له ما دام موجودا ولول انه مريد لوجوده لما فعله فكل ما شاء‬
‫الرب وجوده فهو مريد لحداثه وبقائه ما دام باقيا وأما الرادة والمحبيية المتعلقيية بالقييديم فليسييت ارادة‬
‫فعل فيه بل هي محبة ذاته وكل ارادة ومحبة فل بييد أن تنتهييي الييى محبييوب لييذاته وكييل فاعييل بييالرادة‬
‫فارادته تستلزم محبة عامة لجلها فعل فالحب أصل وجود كل موجييود والييرب تعييالى يحييب نفسييه وميين‬
‫لوازم حبه نفسه أنها محبة مريدة لما يريد أن يفعله وما أراد فعله فهو يريده لغاية يحبها فالحب هو العلة‬
‫الغائبة التي لجلها كان كل شيء والمتفلسفة يصفونه بالبتهاج والفرح كمييا جيياءت بييه النصييوص النبوييية‬
‫لكنهم يقصرون في معرفة هذا وأمثاله من المور اللهية فانهم يقولون اللذة إدراك الملئم من حيث هييو‬
‫ملئم وهو مدرك لذاته بأفضل إدراك فهو أفضل مدرك لفضل مدرك بأفضل إدارك وقد قصروا في ذلك‬
‫من ثلثة أوجه أحدها أن اللذة والفرح والسرور والبهجية لييس هيو مجيرد الدراك بيل هيو حاصييل عقيب‬
‫الدراك فالدراك موجب له ول بد في وجوده من محبة فهنا ثلثة أمور محبة وادراك محبوب ولذة تحصل‬
‫بالدراك وهذا في اللذة الدنيوية الحسية وغيرها فان النسان يشتهي الحلو ويحبه فيياذا ذاقييه التييذ بييذوقه‬
‫والذوق هو الدراك وكذلك في لذات قلبه يحب الله فانه اذا ذكره وصييلى لييه وجييد حلوة ذلييك كمييا قييال‬
‫صلى الله عليه وسلم جعلت قرة عيني في الصلة وأهل الجنة اذا تجلى لهم فنظيروا اليييه فمييا أعطيياهم‬
‫شيئا أحب اليهم من النظر اليه والله أعلم‬

‫فصل في تمام القول في محبة الله‬

‫وانقسام المراد الى ما يراد لذاته والى ما يراد لغيره‬

‫ثم ذلك الغير ل بد أن يكون مرادا لذاته فالمراد لذاته لزم لجنس الرادة‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.81‬‬

‫والرادة لزمة لجنس الحركة فان الحركة القسرية مستلزمة للحركة الرادية والحركة الرادية مسييتلزمة‬
‫للمراد لذاته فكان جنس الحركات الموجودة في العالم مستلزم للمراد لذاته وهو المعبود الذي يسييتحق‬
‫العبادة لذاته وهو الله ل إله إل هو فلو كان فيهما آلهة إل الله لفسدتا وكييل عمييل ل يييراد بييه وجهييه فهييو‬
‫باطل وكل عامل ل يكون عمله لله بل لغيره فهو المشرك فييانه كمييا قييال اللييه تعييالى فكأنمننا خننر مننن‬
‫السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق فان قوام الشيء بطبيعته الخاصة به فالحي قوامه‬
‫بطبيعته المستلزمة لحركته الرادية وقوامها بالمراد لذاته فاذا لم تكين حركتهيا لرادة المعبيود ليذاته ليم‬
‫يكن لنفسه قوام بل بقيت ساقطة خارة كما ذكر الله تعالى ولهذا يهوي فييي الهاوييية وهييو ذنييب ل يغفيير‬
‫لنه فسد الصل كالمريض الذي فسد قلبه ل ينفع مع ذلك إصلح أعضائه ولفييظ دعيياء اللييه فييي القييرآن‬
‫يراد به دعاء العبادة ودعاء المسألة فدعاء العبادة يكون الله هو المراد به فيكون الله هييو المييراد ودعيياء‬
‫المسألة يكون الله هو المييراد منييه كمييا فييي قييول المصييلي إينناك نعبنند وإينناك نسننتعين فالعبييادة إرادتييه‬
‫والستعانة وسيلة اليى العبيادة فالعبيادة إرادة المقصيود وارادة السيتعانة ارادة الوسييلة اليى المقصيود‬
‫ولهذا قدم قوله إينناك نعبنند وان كيانت ل تحصيل إل بالسيتعانة فيان العلية الغائبية مقدمية فيي التصيور‬
‫والقصد وان كانت مؤخرة في الوجود والحصول وهذا إنما يكون لكونه هو المحبوب لذاته لكن المراد بييه‬
‫محبة مختصة به على سبيل الخضوع له والتعظيم وعليى سيبيل تخصيصيها بيه فيعيبر عنهيا بلفيظ النابية‬
‫والعبادة ونحو ذلك اذ أن لفظ المحبة جنس عام يدخل فيه أنواع كثيرة فل يرضى للييه بالقييدر المشييترك‬
‫بل اذا ذكر من يحب غير الله ذكر الله قال تعالى والذين آمنوا أشد حبا ل واذا ذكر محبتهم لربهم ذكييرت‬
‫محبته لهم وجهادهم كما في قوله فسنوف ينأتي الن بقنوم يحبهنم ويحبنونه أذلنة علنى المنؤمنين أعنزة علنى‬
‫الكافرين يجاهدون في سبيل ال ول يخافون لومة لئم وفي مثل قوله أحب اليكم من ال ورسننوله وجهنناد فنني‬
‫سبيله ولهذا كانت القلوب تطمئن بذكره كما قال تعالى أل بذكر ال تطمئن القلوب فتقديم المفعول يييدل‬
‫على أنها ل تطمئن إل بذكره وهو تعالى‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.82‬‬

‫اذا ذكر وجلت فحصل لها اضطراب ووجل لما تخافه من دونه وتخشاه من فوات نصيبها منه فالوجييل اذا‬
‫ذكر حاصل بسبب من النسان وإل فنفس ذكر الله يوجب الطمأنينة لنه هييو المعبييود لييذاته والخييير كلييه‬
‫منه قال تعالى نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الليم وقييال تعيالى اعلمننوا أن ال ن‬
‫شديد العقاب وأن ال غفور رحيم وقال علي رضي الله عنه ل يرجون عبييد إل ربييه ول يخييافن عبييد إل ذنبييه‬
‫فالخوف الذي يحصل عند ذكره هو بسبب من العبد وإل فذكر الرب نفسه يحصل الطمأنينة والميين فمييا‬
‫أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك كما قييال ذلييك المريييض الييذي سييئل كيييف‬
‫تجدك فقال أرجو الله وأخاف ذنوبي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما اجتمعا في قلب عبد مثييل هييذا‬
‫الموطن إل أعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف ولم يقل بذكر الله توجل القلوب كما قال أل بذكر ال ن‬
‫تطمئن القلوب بل قال اذا ذكر ال وجلننت قلننوبهم ثننم قننال واذا تليننت عليهننم آينناته زادتهننم ايمانننا وعلننى ربهننم‬
‫يتوكلون وإنما يتوكلون عليه لطمأنينتهم الى كفايته وأنه سبحانه حسييب ميين توكييل عليييه يهييديه وينصييره‬
‫ويرزقه بفضله ورحمته وجوده فالتوكل عليه يتضمن الطمأنينة اليه والكتفاء به عمييا سييواه وكييذلك قييال‬
‫في الية الخرى فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين الذين اذا ذكر ال وجلت قلوبهم والصننابرين علننى‬
‫ما أصابهم والمقيمي الصلة ومما رزقننناهم ينفقننون فهم مخبتييون والمخبييت المطمئن الخاضييع للييه والرض‬
‫الخبت المطمئنة روى ابن أبي حاتم من حديث ابن مهدي عن الثوري عن ابن أبي نجيح وبشر المخبننتين‬
‫قال المطمئنين وعن الضحاك المتواضعين فوصفهم بالطمأنينة مييع الوجييل كمييا وصييفهم هنيياك بالتوكييل‬
‫عليه مع الوجل وكما قال في وصف القرآن تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثننم تليننن جلنودهم وقلننوبهم‬
‫الى ذكر ال فذكر أنه بعد القشعرار تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله فذكره بالذات يييوجب الطمأنينيية‬
‫وإنما القشعرار والوجل عارض بسبب ما في نفس النسان من التقصير فييي حقييه والتعييدي لحييده فهييو‬
‫كالزبد مع ما ينفع الناس الزبد يذهب جفاء وما ينفع الناس يمكث في‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.83‬‬

‫الرض فالخوف مطلوب لغيره ليدعو النفس الييى فعييل الييواجب وتييرك المحييرم وأمييا الطمأنينيية بييذكره‬
‫وفرح القلب به ومحبته فمطلوب لذاته ولهذا يبقى معهم هذا في الجنية فيلهميون التسييبيح كمييا يلهميون‬
‫النفس والمتفلسفة رأوا اللذات في الدنيا ثلثة حسية ووهمية وعقلية والحسية في الدنيا غايتها دفع اللم‬
‫والوهمية خيالت واضحات واللذات الحقيقية هي العلم فجعلوا جنس العلم غاية وغلطوا من وجوه أحدها‬
‫أن العلم بحسب المعلوم فاذا كان المعلوم محبوبيا تكميل النفيس بحبيه كيان العليم بيه كيذلك وان كيان‬
‫مكروها كان العلم به لحذره ودفع ضرره كالعلم بما يضر النسان من شياطين النييس والجيين فلييم يكيين‬
‫المقصود نفس العلم بل المعلوم ولهذا قد يقولون سعادتها في العلييم بييالمور الباقييية وأنهييا تبقييى ببقيياء‬
‫معلومها ثم يظنون أن الفلك والعقول والنفوس أمور باقية وأن بمعرفة هذه تحصل سعادة النفييس وأبييو‬
‫حامد في مثل معراج السالكين ونحوه يشير الى هذا فييان كلميه بيرزخ بييين المسييلمين وبييين الفلسيفة‬
‫ففيفه فلسفة مشوبة باسلم وإسلم مشوب بفلسفة ولهذا كان في كتبه كالحياء وغيره يجعييل المعلييوم‬
‫بالعمال والعمال كلها إنما غايتها هو العلم فقط وهذا حقيقة قول هييؤلء الفلسييفة وكييان يعظييم الزهييد‬
‫جدا ويعتني به أعظم من اعتنائه بالتوحيد الذي جاءت به الرسل وهو عبادة الله وحده ل شريك له وتييرك‬
‫عبادة ما سواه فان هذا التوحيد يتضمن محبة الله وحده وتيرك محبية المخليوق مطلقيا إل اذا أحبيه الليه‬
‫فيكون داخل في محبة الله بخلف من يحبه مع الله فييان هييذا شييرك وهييؤلء المتفلسييفة إنمييا يعظمييون‬
‫تجريد النفس عن الهيولي وهي المادة وهي البدن وهو الزهد في أغييراض البييدن وهييو الزهييد فييي الييدنيا‬
‫وهذا ليس فيه إل تجريد النفس عن الشتغال بهذا فتبقى النفس فارغة فيلقي اليهييا الشيييطان مييا يلقيييه‬
‫ويوهمه أن ذلك من علوم المكاشفات والحقائق وغايته وجود مطلق هو في الذهان ل في العيان ولهييذا‬
‫جعل أبو حامد السلوك إلى إل ثلثة منازل بمنزلة السلوك الى مكة فان السالك اليها له ثلثة أصناف من‬
‫الشغل الول تهيئة السباب كشراء الزاد والراحلة وخرز الراوية والخر السلوك ومفارقة الوطن بالتوجه‬
‫الى الكعبة منزل بعد منزل والثالث الشتغال بأركان الحج ركنا بعد ركن ثم بعد النزوع عن لبسة الحرام‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.84‬‬

‫وطواف الوداع استحق التعرض للملك والسلطنة قال فالعلوم ثلثة قسم يجري مجييرى سييلوك البييوادي‬
‫وقطع العقبات وهو تطهير الباطن عن كدورات الصفات وطلوع تلييك العقبيية الشييامخة الييتي عجييز عنهييا‬
‫الولون والخرون إل الموفقون قال فهذا سلوك للطريق وتحصيل علمه كتحصيييل علييم جهييات الطريييق‬
‫ومنازله وكما ل يغني علم المنازل وطرق البوادي دون سيلكوها فكيذا ل يغنيي عليم تهيذيب الخلق دون‬
‫مباشرة التهذيب لكن المباشرة دون العلم غير ممكن قال وقسم ثالث يجري مجرى نفس الحج وأركييانه‬
‫وهو العلم بالله وصفاته وملئكته وأفعاله وجميع ما ذكرناه في تراجييم علييم المكاشييفة قييال وههنييا نجيياة‬
‫وفوز بالسعادة والنجاة حاصلة لكل سيالك للطرييق اذا كيان غرضيه المقصييد وهيو السييلمة وأمييا الفيوز‬
‫بالسعادة فل ينالها إل العارفون فهم المقربون المنعمون في جوار الله بالروح والريحان وجنة نعيم وأمييا‬
‫الممنوعون دون ذروة الكمال فلهم النجاة والسلمة كما قال الله تعالى فأما إن كان من المقربيننن فننروح‬
‫قال وكل من لم يتوجه الييى‬ ‫وريحان وجنة نعيم وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلم لك من اصحاب اليمين‬
‫المقصد أو انتهض الى جهته ل على قصد المتثال بالمر والعبوديية بيل لغيرض عاجيل فهيو مين اصيحاب‬
‫الشمال ومن الضالين فله نزل من حميم وتصلية جحيم قال واعلم أن هذا هو الحق اليقين عنييد العلميياء‬
‫الراسخين في العلم أعني أنهم أدركوه بمشاهدة من الباطن ومشاهدة الباطن أقوى وأجل من مشيياهدة‬
‫البصار وترقوا فيه عن حد التقليد الى الستبصار قلييت وكلمييه ميين هييذا الجنييس كييثير وميين لييم يعييرف‬
‫حقيقة مقصده يهوله مثل هذا الكلم لن صاحبه يتكلم بخبرة ومعرفية بميا يقيوله ل بمجيرد تقلييد لغييره‬
‫لكن الشأن فيما خبره هل هو حق مطابق ومن سلك مسييلك المتكلمييين الجهمييية والفلسييفة ولييم يكيين‬
‫عنده خبرة بحقائق ما بعق به رسوله وأنزل به كتبه بل ول بحقيائق الميور عقل وكشيفا فيان هيذا الكلم‬
‫غايته وأما من عيرف حقيقية ميا جياءت بيه الرسيل أو عيرف ميع ذليك بيالبراهين العقليية والمكاشيفات‬
‫الشهودية صدقهم فيما أخبروا به فانه يعلم غاية مثييل هييذا الكلم وأنييه إنمييا ينتهييي الييى التعطيييل ولهييذا‬
‫ذاكرني مرة شيخ جليل له معرفة وسلوك وعلم في هذا فقال كلم أبي حامد يشوقك فتسير خلفه وهو‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.85‬‬

‫يشوقك فتسير خلفه منزل بعد منزل فاذا هو ينتهي الى ل شيء وهذا الذي جعله هنا الغاييية وهييو معرفيية‬
‫الله وصفاته وأفعياله وملئكتيه قيد ذكيره فيي المضينون بيه عليى غيير أهليه وهيو فلسيفة محضية قيول‬
‫المشركين من العرب خير منه دع قول اليهود والنصارى بل قوم نوح وهود وصالح ونحوهم كانوا يقييرون‬
‫بالله وبملئكته وصفاته وأفعاله خيرا من هؤلء لكن لم يقروا بعبادته وحييده ل شييريك لييه ول بييأنه أرسييل‬
‫رسول من البشر وهذا حقيقة قول هؤلء فانهم ل يأمرون بعبادة الله وحده ل شريك له ول يثبتون حقيقة‬
‫الرسالة بل النبوة عندهم فيض من جنس المنامات وأولئك الكفار ما كانوا ينازعون في هذا الجنس فييان‬
‫هذا الجنس موجود لجميع بني آدم ومع هذا فقد أخبر الله تعالى عنهم أنهييم كييانوا يقييرون بالملئكيية كمييا‬
‫قال فان أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم أل‬
‫تعبدوا إل ال قالوا لو شاء ربنا لنزل ملئكة وقال قوم نوح ما هذا إل بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولننو‬
‫شاء ال لنزل ملئكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الولين بل فرعون قال لموسى أم أنا خير مننن هننذا الننذي هننو‬
‫مهين ول يكاد يبين فلول ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملئكة مقترنين فاستخف قومه فأطنناعوه إنهننم‬
‫كانوا قوما فاسقين والعبادات كلها عندهم مقصودها تهذيب الخلق والشريعة سياسية مدنيية والعلييم اليذي‬
‫يدعون الوصول اليه ل حقيقة لمعلومه في الخيارج والليه أرسيل رسيوله بالسيلم واليميان بعبيادة الليه‬
‫وحده وتصديق الرسول فيما أخبر فالعمال عبادة الله والعلوم تصديق الرسول وكييان النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر تارة بسورتي الخلص وتارة قولوا آمنا بال وما أنزل الينننا الييية فانهييا‬
‫تتضمن اليمان والسلم وبالية من آل عمران قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.86‬‬

‫والذين سلكوا خلف أبي حامد أو ضاهوه في السلوك كابن سبعين وابن عربي صرحوا بحقيقة ما وصييلوا‬
‫اليه وهو أن الوجود واحد وعلموا أن أبا حامد ل يوافقهم على هييذا فاستضييعفوه ونسييبوه الييى أنييه مقيييد‬
‫بالشرع والعقل وأبو حامد بين علماء المسلمين وبين علماء الفلسفة علماء المسلمين يييذمونه علييى مييا‬
‫شارك فيه الفلسفة مما يخالف دين السلم والفلسفة يعيبونه علييى مييا بقييي معيه ميين السييلم وعلييى‬
‫كونه لم ينسلخ منه بالكلية الى قول الفلسفة ولهذا كان الحفيد ابن رشد ينشد فيه ‪ %‬يوما يمييان اذا مييا‬
‫جئت ذا يمييييييييييييييييييييين ‪ %‬وان لقييييييييييييييييييييييت معيييييييييييييييييييييديا فعيييييييييييييييييييييدناني ‪%‬‬
‫وأبو نصر القشيري وغيره ذموه على الفلسفة وأنشدوا فيه أبياتا معروفة يقولون فيها ‪ %‬برئنا الييى اللييه‬
‫من معشر بهم مرض من كتاب الشفا ‪ % %‬وكم قلت يا قوم أنتم علننى ‪ %‬شننفا حفنرة مالهنا مننن شننفا ‪% %‬‬
‫فلمنا اسننتهانوا بتعريفنننا ‪ %‬رجعننا النى الن حننتى كفنى ‪ % %‬فمناتوا علنى دينن رسنطاليس وعشنننا علنى سنننة‬
‫المصنننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننطفى ‪%‬‬
‫ولهذا كانوا يقولون أبو حامد قد أمرضه الشفاء وكذلك الطرطوسيي والميازري وابين عقييل وأبيو البييان‬
‫وابن حمدين ورفيق أبي حامد أبو نصر المرغيناني وأمثال هؤلء لهم كلم كثير في ذمه على ما دخل فيه‬
‫من الفلسفة ولعلماء الندلس في ذلك مجموع كبير ولهذا لما سلك خلفه ابن عربييي وابيين سييبعين كييان‬
‫ابن سبعين في كتاب اليد وغيره يجعل الغاية هو المقرب وهو نظير المقرب في كلم أبي حامييد ويجعييل‬
‫المراتب خمسة أدناها الفقيه ثم المتكلم ثم الفيلسوف ثم الصوفي الفيلسوف وهو السالك ثييم المحقييق‬
‫وابن عربي له أربع عقائد الولى عقيدة أبييي المعييالي وأتبيياعه مجييردة عيين حجيية والثانييية تلييك العقيييدة‬
‫مبرهنة بحججها الكلمية والثالثة عقيدة الفلسفة ابن سينا وأمثاله الذين يفرقون بين الييواجب والممكيين‬
‫والرابعة التحقيق الذي وصل اليه وهو أن الوجود واحد وهؤلء‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.87‬‬

‫يسلكون مسلك الفلسفة الذي ذكره أبو حامد في ميزان العمل وهو أن الفاضل لييه ثلث عقييائد عقيييدة‬
‫مع العوام يعيش بها في الدنيا كالفقه مثل وعقيدة مع الطلبة يدرسها لهم كالكلم والثالثة ل يطلييع عليهييا‬
‫أحد إل الخواص ولهذا صنف الكتب المضنون بها على أهلها وهي فلسفة محضة سييلك فيهييا مسييلك ابيين‬
‫سيا ولهذا يجعل اللوح المحفوظ هو النفس الفلكية إلى امور أخرى قييد بسييطت فييي غييير هييذا الموضييع‬
‫ذكرنا ألفاظه بعينها في مواضع منها الرد على ابن سبعين وأهل الوحدة وغير ذلك فانه لما انتشيير الكلم‬
‫في مذهب أهل الوحدة وكنت لما دخلت إلى مصر بسببهم ثم صرت في السكندريةجاءني من فضييلئهم‬
‫من يعرف حقيقة أمرهم وقال ان كنت تشرح لنييا كلم هييؤلء وتييبين مقصييودهم ثييم تبطلييه وإل فنحيين ل‬
‫نقبل منك كما ل نقبل من غيرك فان هؤلء ل يفهمون كلمهم فقلييت نعييم أنييا أشييرح لييك مييا شييئت مين‬
‫كلمهم مثل كتاب اليد والحاطة لبن سبعين وغير ذلك فقال لي ل ولكن لوح الصالة فييان هييذا يعرفييون‬
‫وهو في رءوسهم فقلت له هاته فلما أحضره شرحته له شرحا بينا حتى تبين له حقيقة الميير وأن هييؤلء‬
‫ينتهي أمرهم إلى الوجود المطلق فقال هذا حق وذكر لي أنه تناظر اثنان متفلسف سبعيني ومتكلم على‬
‫مذهب ابن التومرت فقال ذاك نحن شيخنا يقول بالوجود المطلق فقال الخر ونحن كذلك إمامنا قلت له‬
‫والمطلق في الذهان ل في العيان فتبين لييه ذلييك وأخييذ يصيينف فييي الييرد عليهييم ولييم أكيين أظيين ابيين‬
‫التومرت يقول بالوجود المطلق حتى وقفت بعد هذا على كلمه المبسوط فوجدته كذلك وأنه كان يقييول‬
‫الحق حقان الحق المقيد والحق المطلق وهو الرب وتبينت أنه ل يثبت شيئا من الصفات ول ما يتميييز بيه‬
‫موجود عن موجود فان ذلك يقيييد شيييئا ميين الطلق وسييألني هييذا عمييا يحتجييون بييه ميين الحييديث مثييل‬
‫الحديث المذكور في العقل وأن أول ما خلق الله تعالى العقل ومثل حديث كنت كنزا ل أعييرف فييأحببت‬
‫أن اعرف وغير ذلك فكتبت له جوابا مبسوطا وذكرت أن هذه الحيياديث موضييوعة وأبييو حامييد وهييؤلء ل‬
‫يعتمدون على هذا وقد نقلوه إما من رسائل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.88‬‬

‫اخوان الصفا أو من كلم أبي حيان التوحيدي أو من نحو ذلك وهؤلء في الحقيقة هم من جنس الباطنييية‬
‫السماعيلية لكن أولئك يتظاهرون بالتشيع والرفض وهؤلء غييالبهم يميلييون الييى التشيييع ويفضييلون عليييا‬
‫ومنهم من يفضله بالعلم الباطن ويفضل أبا بكر في العلم الظاهر كأبي الحسيين الحرلييي وفيييه نييوع ميين‬
‫مذهب الباطنية السماعيلية لكن ل يقول بوحدة الوجود مثل هؤلء ول أظنه يفضل غير النبياء عليهم فهو‬
‫أنبل من هؤلء من وجه لكنه ضعيف المعرفة بالحديث والسير وكلم الصحابة والتابعين فيبنييي لييه أصييول‬
‫على أحاديث موضوعة ويخرج كلمه من تصوف وعقليات وحقائق وهو خير من هؤلء وفي كلمييه أشييياء‬
‫حسييييييينة صيييييييحيحة وأشيييييييياء كيييييييثيرة باطلييييييية والليييييييه سيييييييبحانه وتعيييييييالى أعليييييييم‬
‫الثاني أن صلح النفس في محبة المعلوم المعبود وهي عبادته ل فييي مجييرد علييم ليييس فيييه ذلييك وهييم‬
‫جعلوا غاية النفس التشبه بالله على حسب الطاقة وكذلك جعلييوا حركية الفلييك للتشييبه بيه وهييذا ضيلل‬
‫عظيم فان جنس التشبه يكون بين اثنين مقصودهما واحد كالمام والمؤتم به وليس المر هنا كييذلك بييل‬
‫الرب هو يعرف نفسه ويحب نفسه ويثني على نفسه والعبد نجيياته وسييعادته فييي أن يعييرف ربييه ويحبييه‬
‫ويثني عليه والتشبه به أن يكون هو محبوبا لنفسه مثنيا بنفسه على نفسه وهذا فساد في حقه وضييار بييه‬
‫والقوم أضل مين اليهيود والنصيارى بيل ومين مشيركي العيرب فيانه لييس اليرب عنيدهم رب العيالمين‬
‫وخالقهم ول إلههم ومعبودهم ومشركو العرب كانوا يقرون بانه خالق كييل شيييء ومييا سييواء مخلييوق لييه‬
‫محييييدث وهييييؤلء الضييييالون ل يعييييترفون بييييذلك كمييييا قييييد بسييييط فييييي غييييير هييييذا الموضييييع‬
‫الوجه الثالث أنهم يظنون أن ما عندهم هو علم بالله وليس كذلك بل هو جهل والرازي لما شاركهم فييي‬
‫بعض أمورهم صار حائرا معترفا بذلك لما ذكر أقسام اللذات وأن اللذة العقلية هي الحق وهي لذة العلم‬
‫وأن شرف العلم بشرف المعلوم وهو الرب وأن العلم به ثلث مقامات العلم بالذات والصفات والفعيال‬
‫قال وعلى كل مقام عقدة فالعلم بالذات فيه أن وجود الذات هل هو زائد عليها أم ل وفي الصفات‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.89‬‬

‫هل الصفات زائدة على الذات أم ل وفي الفعال هل الفعل مقارن أم ل ثم قال ومن الذي وصل‬
‫الى هذا الباب أو من الذي ذاق ميين هييذا الشييراب ‪ %‬نهاييية إقييدام العقييول عقييال ‪ %‬وأكييثر سييعي‬
‫العالمين ضلل ‪ % %‬وأرواحنا في وحشة من جسومنا ‪ %‬وغاية دنيانا أذى ووبال ‪ % %‬ولم نسييتفد‬
‫ميييييين بحثنييييييا طييييييول عمرنييييييا ‪ %‬سييييييوى أن جمعنييييييا فيييييييه قيييييييل وقييييييالوا ‪%‬‬
‫لقد تأملت الطرق الكلمية والمناهج الفلسفيه فما رأيتها تشفي عليل ول تييروي غليل ورأيييت أقييرب‬
‫الطرق طريقة القرآن اقرأ في الثبات الرحمن على العرش استوى اليه يصننعد الكلننم الطيننب واقرأ‬
‫في النفي ليس كمثلننه شننيء ول يحيطون بيه علميا ومننن جننرب مثننل تجربننتي عننرف مثننل معرفننتي‬
‫فالسعادة أن يكون العلم المطلوب هو العلننم بننال ومننا يقننرب اليننه ويعلننم أن السننعادة فنني أن يكننون الن هننو‬
‫المحبوب المراد المقصود ول يحتجب بالعلم عن المعلوم كما قال ذلك الشنيخ العنارف للغزالني لمنا قنال لنه‬
‫أخلصت أربعين صباحا فلم يتفجر لي شنيء فقنال يننا بنني أننت أخلصننت للحكمننة لنم يكنن الن هنو مننرادك‬
‫والخلص ل أن يكون ال هو مقصود المرء ومراده فحينئذ تتفجر ينابيع الحكمة من قلبه علننى لسننانه كمننا‬
‫في حديث مكحول عن النبي صلى ال عليه وسلم من أخلص ل أربعين صباحا تفجرت ينننابيع الحكمننة مننن‬
‫قلبه على لسانه ولهذا تقول العامة قيمة كل امرئ ما يحسن والعنارفون يقولنون قيمنة كنل امنرئ منا يطلنب‬
‫وفي السرائيليات يقول اني ل أنظر الى كلم الحكيننم وإنمننا أنظننر الننى همتننه فننالنفس لهننا قننوة الرادة مننع‬
‫الشعور وهما متلزمان وهؤلء لحظوا شعورها وأعرضوا عن أرادتها وهي تتقنوم بمرادهننا ل بمجنرد منا‬
‫تشعر به فانها تشننعر بننالخير والشننر والنننافع والضننار ولكننن ل يجننوز أن يكننون مرادهننا ومحبوبهننا إل مننا‬
‫يصلحها وينفعها وهو الله المعبود الذي ل يستحق العبادة غيره وهو ال ل إله إل هو سبحانه وتعنالى عمنا‬
‫يقول الظالمون علوا كبيرا ثم مع هذا يكون العلم حقا وهو ما أخبرت به الرسل فالعلم الحق هو‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.90‬‬

‫ما أخبروا به والرادة النافعة إرادة ما أمروا بييه وذلييك عبييادة اللييه وحييده ل شييريك لييه فهييذا هييو‬
‫السعادة وهو الذي اتفقت عليه النبياء كلهم فكلهم دعوا الى عبادة اللييه وحييده ل شييريك لييه وذلييك‬
‫إنما يكون بتصديق رسله وطاعتهم فلهذا كانت السعادة متضمنة لهييذين الصييلين السييلم واليمييان‬
‫عبادة الله وحده وتصديق رسله وهو تحقيق شهادة أن ل إله إل اللييه وأن محمييدا رسييول اللييه قييال‬
‫تعالى فلنسألن الذين أرسل اليهم ولنسألن المرسلين قال أبو العالية هما خصلتان يسأل عنهما كييل أحييد‬
‫يقال لمن كنت تعبد وبماذا أجبييت المرسييلين وقييد بسييط هييذا فييي غييير هييذا الموضييع واللييه أعلييم‬
‫واتبع لها أسعد الناس في الدنيا والخرة وخير القرون القرن الذي شاهدوه مؤمنين به وبما يقول إذ‬
‫كانوا أعرف الناس بالفرق بين الحق الذي جاء به وبين ما يخالفه وأعظم محبة لمييا جيياء بييه وبغضييا‬
‫لما خالفه وأعظم جهادا عليه فكانوا أفضل ممن بعدهم في العلم والدين والجهاد أكمل علما بالحق‬
‫والباطل وأعظم محبة للحق وبغضا للباطل وأصبر على متابعيية الحييق واحتمييال الذى فيييه ومييوالة‬
‫أهله ومعاداة أعدائه واتصل بهم ذلك الى القرن الثاني والثالث فظهر ما بعث بييه ميين الهييدى ودييين‬
‫الحق على كل دين في مشارق الرض ومغاربها كما قال صلى الله عليييه وسييلم زويييت لييي الرض‬
‫مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها وكان ل بييد أن يظهيير فييي أمتييه مييا سييبق بييه‬
‫القدر واقتضته نشأة البشر من نوع من التفرق والختلف كما كان فيما غيبر لكين كيانت أمتيه خييير‬
‫المم فكان الخير فيهم أكثر منه في غيرهم والشر فيهم أقل منه في غيرهم كمييا يعييرف ذلييك ميين‬
‫تأمل حالهم وحال بني إسرائيل قبلهم وبنو إسرائيل هم الذين قال الله فيهم ولقد آتينا بني إسننرائيل‬
‫الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين وآتيناهم بينات من المر فما اختلفننوا‬
‫إل من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.91‬‬


‫كانوا فيه يختلفون ثم جعلناك على شريعة من المر فاتبعها ول تتبع أهواء الذين ل يعلمون انهم لن يغنييوا‬
‫عنك من الله شيئا وان الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين وقال لهم موسى يا قييوم اذكييروا‬
‫نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم مالم يؤت أحيدا مين العيالمين فنناذا كننان بنننو‬
‫اسرائيل الذين فضلهم على العالمين في تلك الزمان وكانت هذه المة خيرا منهم كانوا خيرا من غيرهم بطريننق‬
‫الولى فكان مما خصهم ال به أنه ل يعذبهم بعذاب عام ل من السماء ول بأينندي الخلننق فل يهلكهننم بسنننة عامننة‬
‫ول يسلط عليهم عدوا من غيرهم فيجتاحهم كما كان يسلط على بني إسننرائيل عنندوا يجتنناحهم حننتى ل يبقننى لهننم‬
‫دين قائم منصور ومن ل يقتل منهم يبقى مقهورا تحت حكم غيرهم بل ل تزال في هذه المة طائفة ظاهرة علننى‬
‫الحق الى يوم القيامة ول يجتمعننون علننى ضننللة فل تننزال فيهننم أمننة ينندعون الننى الخننبر وينامرون بنالمعروف‬
‫وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون وقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الن عليننه وسنلم أنننه قنال‬
‫سألت ربي ثلثا فأعطناني اثنننتين ومنعننني واحنندة سنألت ربني أن ل يسنلط عليهننم عنندوا مننن غيرهنم فيجتناحهم‬
‫فأعطانيها وسألته أن ل يهلكهم بسنة عامة فأعطانيها وسألته أن ل يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها وهذا البأس نوعان‬
‫أحدهما الفتن التي تجري عليهم والفتنننة تننرد علننى القلننوب فل تعننرف الحننق ول تقصننده فيننؤذي بعضننهم بعضننا‬
‫بالقوال والعمال والثاني أن يعتدي أهل الباطل منهم على اهل الحق منهم فيكون ذلك محنة في حقهم يكفننر ال ن‬
‫بها سيآتهم ويرفع بالصبر عليها درجناتهم وبصننبرهم وتقننواهم ل يضننرهم كينند الظننالمين لهنم بننل تكننون العاقبننة‬
‫للتقوى ويكونون من أولياء ال المتقين وحزب ال المفلحين وجند ال الغالبين إذا كانوا مننن أهننل الصننبر واليقيننن‬
‫فانه من يتق ويصبر فان ال ل يضيع أجر المحسنين والمتعدي منهم إما أن يتوب ال عليه كمنا تناب علنى إخنوة‬
‫يوسف بعد عدوانهم عليه وآثره ال عليهم بصبره وتقواه كما قال لما قالوا أئنك لنت يوسييف قييال أنييا يوسييف‬
‫وهذا أخي قد من الله علينا انه من يتق ويصبر فان الله ل يضيع أجر المحسنين قالوا تالله لقد آثرك اللييه‬
‫علينا وان كنا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.92‬‬

‫لخاطئين قال ل تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين وكمننا فعننل سننبحانه بقننادة‬
‫الحزاب الذين كانوا عدوا ل وللمؤمنين وقال فيهم ل تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ثم قننال عسى اللييه‬
‫أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتهم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم وفي هذا ما دل على أن‬
‫الشخص قد يكون عدوا ل ثم يصير وليا ل مواليا ل ورسوله والمؤمنين فهو سبحانه يتوب علننى مننن تنناب‬
‫ومن لم يتب فالى ال إيابه وعليه حسابه وعلى المؤمنين أن يفعلوا معه ومع غيره ما أمننر ال ن بننه ورسننوله‬
‫من قصد نصيحتهم وإخراجهم من الظلمات الى النور وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكننر كمننا أمننر الن‬
‫ورسوله ل اتباعا للظن وما تهوى النفس حنتى يكننون منن خينر أمننة أخرجنت للنناس ينأمرون بنالمعروف‬
‫وينهون عن المنكر ويؤمنون بال وهؤلء يعلمون الحق ويقصدونه ويرحمون الخلق وهم أهل صدق وعدل‬
‫أعمالهم خالصة ل صواب موافقة لمر ال كما قال تعالى ليبلوكم أيكم أحسيين عمل قننال الفضننيل ابننن‬
‫عياض وغيره أخلصه وأصوبه والخالص أن يكون ل والصواب أن يكون على السنة وهننو كمننا قننالوا فننان‬
‫هذين الصلين هما دين السلم الذي ارتضاه ال كما قال ومن أحسن دينا ممين أسيلم وجهيه لليه وهيو‬
‫محسن واتبع ملة ابراهيم حنيفا واتخذ الله ابراهيم خليل فالذي أسلم وجهه ل هو الذي يخلص نيته لن‬
‫ويبتغي بعمله وجه ال والمحسن هنو الننذي يحسننن عملننه فيعمننل الحسنننات والحسنننات هنني العمننل الصنالح‬
‫والعمل الصالح هو ما أمر ال به ورسوله من واجب ومستحب فما ليس من هذا ول هذا ليس من الحسنننات‬
‫والعمل الصالح فل يكون فاعله محسنا وكذلك قال لمن قال لن يدخل الجنة إل من كييان هيودا أو نصييارى‬
‫قال تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجييره‬
‫عند ربه ول خوف عليهم ول هم يحزنون وقد قال تعالى ومن يبتغ غير السييلم دينييا فليين يقبييل منييه‬
‫وهو في الخرة من الخاسرين والسلم هو دين جميع النبياء والمرسلين ومن اتبعهم من المم كما‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.93‬‬

‫أخبر الله بنحو ذلك في غير موضع من كتابه فييأخبر عيين نييوح وابراهيييم واسييرائيل انهييم كييانوا مسييلمين‬
‫وكذلك عن اتباع موسى وعيسى وغيرهم والسلم هو أن يستسلم لله ل لغيره فيعبد الله ول يشييرك بييه‬
‫شيئا ويتوكل عليه وحده ويرجوه ويخافه وحده ويحب الله المحبة التامة ل يحب مخلوقا كحبه لله ويبغض‬
‫لله ويوالي لله ويعادي لله فمن استكبر عن عبادة الله لم يكن مسلما ومن عبد مييع اللييه غيييره لييم يكيين‬
‫مسلما وإنما تكون عبادته بطاعته وطاعة رسله ميين يطييع الرسييول فقييد أطيياع اللييه فكييل رسييول بعييث‬
‫بشريعة فالعمل بها في وقتها هو دين السلم وأما ما بدل منها فليس من دين السلم وإذا نسخ منها مييا‬
‫نسخ لم يبق من دين السلم كاسييتقبال بيييت المقييدس فييي أول الهجييرة بضييعة عشيير شييهرا ثييم الميير‬
‫باستقبال الكعبة وكلهما في وقته دين السلم فبعد النسخ لييم يبييق دييين السييلم إل أن يييولي المصييلي‬
‫وجهه شطر المسجد الحرام فمن قصد أن يصلي إلى غير تلك الجهة لم يكن على دين السلم لنه يريييد‬
‫أن يعبد الله بما لم يأمره وهكذا كل بدعة تخالف أمر الرسول إما أن تكون من الييدين المبييدل الييذي مييا‬
‫شرعه الله قط أو من المنسوخ الذي نسخه الله بعييد شييرعه كييالتوجه الييى بيييت المقييدس فلهييذا كييانت‬
‫السنة في السلم كالسلم في الدين هو الوسط كما قد شرح هذا في غير موضع والمقصود هنا أنييه اذا‬
‫رد ما تنازع فيه الناس إلى الله والرسول سواء كان في الفروع أو الصول كان ذلك خيييرا وأحمييد عاقبية‬
‫كما قال تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول وأولي المر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه‬
‫الى ال والرسول إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ذلك خير وأحسن تأويل وقال تعالى كان الناس أمة واحدة‬
‫فبعث ال النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ومننا اختلننف فيننه‬
‫إل الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى ال الذين آمنوا لما اختلفننوا فيننه مننن الحننق بنناذنه وال ن‬
‫يهدي من يشاء الى صراط مستقيم وفي صحيح مسلم عن عائشة أن النبي صلى الله عليييه وسييلم كييان اذا‬
‫قام من الليل يقول اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.94‬‬

‫والرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلييف فيييه ميين‬
‫الحق باذنك إنك تهدي من تشاء الى صراط مستقيم وهذه حال أهل العلم والحق والسنة يعرفون الحييق‬
‫الذي جاء به الرسول وهو الذي اتفق عليه صريح المعقول وصيحيح المنقيول وييدعون الييه وييأمرون بيه‬
‫نصحا للعباد وبيانا للهدى والسداد ومن خالف ذلك لم يكن لهم معه هوى ولم يحكمييوا عليييه بالجهييل بييل‬
‫حكمه الى الله والرسول فمنهم من يكفره الرسول ومنهم من يجعله من أهل الفسق أو العصيان ومنهم‬
‫من يعذره ويجعله من أهل الخطأ المغفور والمجتهد من هؤلء المأمور بالجتهاد يجعل له أجرا على فعيل‬
‫ما أمر به من الجتهاد وخطؤه مغفور له كما دل الكتاب وأما أهل البدع فهم أهل أهواء وشييبهات يتبعييون‬
‫أهواءهم فيما يحبونه ويبغضونه ويحكمون بيالظن والشيبه فهيم يتبعيون الظين وميا تهيوى النفيس ولقيد‬
‫جاءهم من ربهم الهدى فكل فريق منهم قد أصل لنفسه أصل دين وضعه إما برأيه وقياسه الذي يسييميه‬
‫عقليات وإما بذوقه وهواه الذي يسييميه ذوقيييات وإمييا بمييا يتييأوله ميين القييرآن ويحييرف فيييه الكلييم عيين‬
‫مواضعه ويقول انه إنما يتبع القرآن كالخوارج وإما بما يدعيه من الحييديث والسيينة ويكييون كييذبا وضييعيفا‬
‫كما يدعيه الروافض من النص واليات وكثير ممن يكون قد وضع دينه برأيه أو ذوقه يحتج من القرآن بما‬
‫يتأوله على غير تأوله ويجعل ذلك حجة ل عمدة وعمدته في الباطن على رأيييه كالجهمييية والمعتزليية فييي‬
‫الصفات والفعال بخلف مسائل الوعد والوعيد فانهم قد يقصدون متابعة النص فالبدع نوعييان نييوع كييان‬
‫قصد أهلها متابعة النص والرسول لكن غلطوا في فهم المنصوص وكذبوا بما يخلف ظنهييم ميين الحييديث‬
‫ومعاني اليات كالخوارج وكذلك الشيعة المسلمين بخلف من كان منافقا زنديقا يظهر التشيييع وهييو فييي‬
‫الباطن ل يعتقد السلم وكذلك المرجئة قصدوا اتباع المر والنهي وتصديق الوعيد مع الوعييد ولهييذا قييال‬
‫عبد الله بن المبارك ويوسف ابيين أسييباط وغيرهمييا ان الثنييتين والسييبعين فرقيية أصييولها أربعية الشيييعة‬
‫والخوارج والمرجئة والقدرية وأما الجهمية النافية للصفات فلم يكن أصل دينهم اتباع الكتاب والرسول‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.95‬‬

‫فانه ليس في الكتاب والسنة نص واحد يدل على قييولهم بييل نصييوص الكتيياب والسيينة متظيياهرة بخلف‬
‫قولهم وإنما يدعون التمسك بالرأي المعقول وقد بسييط القييول علييى بيييان فسيياد حججهييم العقلييية ومييا‬
‫يدعيه بعضهم من السمعيات وبين أن المعقول الصييريح موافييق للمنقييول الصييحيح فييي بطلن قييولهم ل‬
‫مخالف له والمقصود هنا الكلم في أفعال الرب فان الجهمية والمعتزلة ومن اتبعهم صاروا يسلكون فيه‬
‫بأصل أصل بالمعقول ويجعلونه العمدة وخاضيوا فيي ليوازم القيدر برأيهيم المحيض فتفرقيوا فييه تفرقيا‬
‫عظيما وظهر بذلك حكمة نهي النبي صلى الله عليه وسلم لمته عن التنازع في القدر مع أن المتنيازعين‬
‫كان كل منهما يدلي بآية لكن كان ذلك يفضي إلى إيمان كل طائفة ببعض الكتاب دون البعض فكيييف إذا‬
‫كان المتنازعون عمدتهم رأيهم والحديث رواه أهل المسند والسنن مفصل ورواه مسلم مجمل عيين عبييد‬
‫الله بن رباح النصاري أن عبد الله بن عمرو قال هجرت إلى رسييول الليه صييلى اللييه علييه وسييلم يومييا‬
‫فسمع صوت رجلين اختلفا في آية فخرج علينا صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب فقال إنما‬
‫هلك من كان قبلكم باختلفهم في الكتاب وقال المام أحمد في المسند حدثنا أبو معاوية حييدثنا داود بيين‬
‫أبي هند عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال خرج رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم ذات يييوم‬
‫والناس يتكلمون في القدر قال فكأنما يفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب قال فقال مالكم تضربون‬
‫كتاب الله بعضه ببعض بهذا هلك من كان قبلكم قال فما غبطت نفسي بمجلس فيييه رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم لم اشهده ما غبطت نفسي بذلك المجليس أنيي ليم أشيهده وهيذا حيديث محفيوظ مين‬
‫رواية عمرو بن شعيب وقد رواه ابن ماجه من حديث أبي معاوية وكتب أحمد في رسييالته إلييى المتوكييل‬
‫هذا الحديث وجعل يقول في مناظرته لهم يوم الدار في المحنة إنا قييد نهينييا عيين أن نضييرب كتيياب اللييه‬
‫بعضه ببعض وروى هذا المعنى الترمذي من حديث أبي هريرة وقال حديث حسن غريب قال وفي البيياب‬
‫الذي فررت منه فانه كما قييل ان لييه حيياة وعلميا وقيدرة وإرادة وغضييبا ورضييى ونحييو ذلييك قليت هييذا‬
‫يستلزم أن يكون موافقا للمخلوق في مسمى هذه السماء وهذا تشبيه فقيل هذا يلزم مثليه فيي الييذات‬
‫فان قيل بتعطيل الذات فذلك يستلزم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.96‬‬

‫ما فررت منه من ثبوت جسم قديم حامل للعراض والحركات وإذا كان هذا لزما لييك علييى تقييدير نفييي‬
‫الذات كما ثبت انه لزم على تقدير إثباتها كان لزما على تقدير النقيضين النفي والثبات وما كييان كييذلك‬
‫لم يمكن نفيه وأما نحن فقد بينا أن اللزم علييى تقييدير إثباتهييا ل محييذور فيييه وإنمييا المحييذور لزم علييى‬
‫تقدير نفيها وهذا قد بسط في غير هذا الموضع والمقصود هنا أنه يقال لهيؤلء اليذين ينفيون الحكمية ثيم‬
‫الرادة ثم الفعل فيي الفعيال نظييير ميا قييل لولئك فيي الصيفات ويجعيل مبيدأ الكلم مين الرادة فييي‬
‫الموضعين فيقال لمن أثبتهييا ونفييي الحكمية مين المنتسيبين اليى إثبييات القييدر والمنتسييبين الييى السينة‬
‫والجماعة لم نفيتم الحكمة فاذا قالوا لنا ل نعرف من يفعل لحكمة إل من يفعل لغرض يعود اليه وهذا ل‬
‫يكون إل فيمن يجوز عليه اللذة واللم والنتفاع والضرر والله منزه عيين ذلييك فيقييال لهييم مييا قيياله نفيياة‬
‫الرادة وأنتم ل تعقلون ارادة إل فيمن يجوز عليه اللذة واللم والنتفاع والضرر وقد قلتييم ان اللييه تعييالى‬
‫مريد فاما أن تطردوا أصلكم النافي فتنفوا الرادة أو المثبت فتثبتوا اللذة وال فما الفرق فيياذا قييال نفيياة‬
‫الرادة فلهذا نفينا الرادة كما رجحه الرازي في المطالب العالية واحتج به الفلسفة قيل لهييم فييانفوا أن‬
‫يكون فاعل فانكم ل تعملون فاعل غير مقهور إل بارادة ول تعقلون ما يفعل ابتداء إل بارادة أو فاعل حياء‬
‫إل بارادة أو فاعل مطلقا إل بارادة فان قال أتباع أرسطو فلهذا قلنا أنه ل يفعل شيئا وليس بموجب بذاته‬
‫شيئا لكن قلنا ان الفلك يتشبه به أو قال من هو أعظم تعطيل منهم فلهذا نفينا الول بالكلييية ولييم يثبييت‬
‫علة تفعل ول علة يتشييبه بهييا قيييل لهييم فهييذه الحييوادث مشييهودة وحركيية الكييواكب والشييمس والقميير‬
‫مشهودة فهذه الحركات الحادثة وغيرها من الحوادث مثل السحاب والمطر والنبات والحيييوان والمعييدن‬
‫وغير ذلك مما يشهد حدوثه أحدث بنفسه من غير أن يحدثه محدث قديم أو ل بييد للحييوادث ميين محييدث‬
‫قديم فان قالوا بل حدث كل حادث بنفسه من غير أن يحدثه أحد كان هذا ظيياهر الفسيياد يعلييم بضييرورة‬
‫العقل أنه في غاية المكابرة ونهاية السفسطة مع لزوم ما فروا منه فانهم فروا من أن يكييون ثييم فاعييل‬
‫محدث‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.97‬‬

‫وقد أثبتوا فاعل محدثا لكن جعلوا كل حادث هييو يحييدث نفسييه ويفعلهييا فجعلييوا مييا ليييس بشيييء يجعييل‬
‫الشيء وجعلوا المعدوم يحدث الموجود فلزمهم ما فروا منه من إثبات فاعل مييع مييا لزمهييم ميين الكفيير‬
‫العظيم وغاية الجهل وغاية فساد العقل وان قالوا بل كل محدث يحييدثه محييدث وللمحييدث محييدث قيييل‬
‫لهم هذا أيضا ممتنع في صريح العقل فان التسلسل في الفاعل ممتنع بصريح العقل واتفاق العقلء فييانه‬
‫كلما كثر ما يقدر أنه حادث كان أحوج إلى القديم فليس في تقدير حوادث ل تتناهى ما يوجب اسييتغناءها‬
‫عن القديم بل إذا كان المحدث الواحد ل بد له من محدث غيره فمجميوع الحيوادث أوليى بالفتقيار إليى‬
‫محدث لها خارج عنها كلها فان المحدث لمجموعها يمتنع أن يكون واحدا منها فانه يلزم أن يحدث نفسييه‬
‫ويمتنع أن يكون المجموع أحدث المجموع فيان الشييء ل يحيدث نفسيه والمجميوع هيي الحياد الحادثية‬
‫وهيئتها الجتماعية وتلك الهيئة محتاجة الى المجموع الذي هو كل واحد واحد والمجمييوع ليييس إل الحيياد‬
‫واجتماعها وكل ذلك مفتقر إلى محدث مباين لها فل بد للحوادث من قديم ليس بحادث ثم يقيال لهيم إذا‬
‫قدر تسلسل الفاعلين وان ما كان محدثا له محدث وهلم جرا فهذا فيه إثبات ما فررتم منه وهييو أن هييذا‬
‫المحدث فعل هذا وهذا فعل هذا لكن أثبتم مال يتناهى من ذلك في آن واحد فركبتم مييا فررتييم منييه مييع‬
‫لزوم هذه الجهالت التي تقتضي غاية فساد العقل والكفر بالسمع وإذا كان المحذور يلزمهم على تقييدير‬
‫أن يكون الحادث أحدث نفسه أو أحدث كل حادث حادثا آخيير مييع فسيياد هييذين تييبين أنييه ل ينفعييه انكييار‬
‫القديم وان قال بل أقر بالمحدث القديم قيل فقد أقررت بفعل القديم للمحدث وإذا ثبت أن القديم فعل‬
‫المحدث وأنت ل تعلم فاعل إل لجلب منفعة أو دفع مضرة قيل له فما كان جوابك عن هذا كان جوابا عن‬
‫كونه يفعل بارادته وقيل لمثبت الرادة ما كان جوابك عن هذا كان جوابا عن حكمته فقد بين أن من نفي‬
‫الحكمة فل بد أن ينقض قوله ويلزمه مع التناقض نفي الصانع وهو مع نفي الصانع تناقضه أشد والمحذور‬
‫الذي فر منه ألزم فلم يغن عنه فراره من إثبات الحكمة إل زيادة الجهل والشر وهكييذا يقييال لميين نفييى‬
‫حبه‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.98‬‬

‫ورضاه وبغضه وسخطه وهذا مقام شريف من تدبره وتصوره تبين له أنه ل بييد ميين القييرار بمييا جيياء بييه‬
‫الرسول وأنه هو الذي يوافق صريح المعقول وأن من خالفه فهو ممن ل يسمع ول يعقل وهو أسييوأ حييال‬
‫ممن فر من الملك العادل الذي يلزمييه بطعييام امرأتييه وأولده والزكيياة الشييرعية إلييى بلد ملكهييا ظييالم‬
‫ألزمه باخراج أضعاف ذلك لخنايزه وكلبه مع قلة الكسب في بلده وبمنزلة من فر ميين معاشييرة أقييوام‬
‫أهل صلح وعدل ألزموه ما يلزم واحدا منهم ميين المييور المشييتركة إذا كييانوا مقيمييين أو مسييافرين أن‬
‫يخرج مثلما يخرجه الواحد منهم فكره هذا وفر إلى بلد فألزمه أهلها بأن ينفق عليهم ويخدمهم وإل قتلوه‬
‫وما أمكنه الهرب منهم فمن فر من حكم الله ورسوله أمرا وخبرا أو ارتد عن السييلم أو بعييض شييرائعه‬
‫خوفا من محذور في عقله أو علمه أو دينه أو دنياه كان ما يصيبه من الشيير أضييعاف مييا ظنييه شييرا فييي‬
‫اتباع الرسول قال تعالى ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل اليك وما انننزل مننن قبلننك يرينندون أن‬
‫يتحاكموا الى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلل بعيدا واذا قيل لهم تعننالوا الننى‬
‫ما أنزل ال والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا فكيف اذا أصابتهم مصنيبة بمنا قندمت أينديهم ثنم‬
‫جاءوك يحلفون بال ان أردنا إل احسانا وتوفيقا أولئك الذين يعلم ال ما في قلوبهم فننأعرض عنهننم وعظهننم وقننل‬
‫لهم في أنفسهم قول بليغا وما أرسلنا من رسول إل ليطاع باذن ال ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جنناءوك فاسننتغفروا‬
‫ال واستغفر لهم الرسول لوجدوا ال توابا رحيمننا فل وربننك ل يؤمنننون حننتى يحكمننوك فيمننا شننجر بينهننم ثننم ل‬
‫يجنننننننننننندوا فنننننننننننني أنفسننننننننننننهم حرجننننننننننننا ممننننننننننننا قضننننننننننننيت ويسننننننننننننلموا تسننننننننننننليما‬
‫) فصل ( ويقال لهم لم فررتم من إثبات المحبة والحكمة والرادة والفعل فان قالوا لن ذلك ل يعقييل إل‬
‫في حق من يلتذ ويتألم وينتفع ويتضرر والله منزه عن ذلك قيل للفلسفة فأنتم تثبتون أنه مسييتلذ مبتهيج‬
‫فهذا غير محذور عندكم وان قلتم لن ذلك يستلزم لذة حادثة قيل لكم في حلول الحوادث قولن وليييس‬
‫معكم في النفي إل ما يدل على نفي الصفات مطلقا كدليل التركيب وقد عرف فساده من‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.99‬‬

‫وجوه وقيل للجهمية والمعتزلة أن أردتم أن ذلك يقتضي حاجته الى العباد وأنهم يضرونه أو ينفعونه فهذا‬
‫ليس بلزم ولهذا كان الله منزها عن ذلك كما قال النبي صييلى اللييه عليييه وسييلم فييي الحييديث الصييحيح‬
‫اللهي يا عبادي انكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني فالله أجل من أن يحتيياج إلييى‬
‫عباده لينفعوه أو يخاف منهم أن يضروه واذا كان المخلوق العزيز ل يتمكن غيره من قهره فمن له العزة‬
‫جميعا وكل عزة فمن عزته أبعد عن ذلك وكييذلك الحكيييم المخلييوق اذا كيان ل يفعيل بنفسييه مييا يضييرها‬
‫فالحق جل جلله أولى أن ل يفعل ذلك لو كان ممكنا فكيف اذا كان ممتنعا قال تعييالى الننذين يسننارعون‬
‫في الكفر إنهم لن يضروا ال شيئا وقال تعالى وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن السلوى كلوا من طيبات‬
‫ما رزقناكم وما ظلمونا ولكننن كننانوا أنفسننهم يظلمننون فقد بييين أن العصيياة ل يضييرونه ول يظلمييونه كعصيياة‬
‫المخلوقين فان مماليك السيد وجند الملك وأعوان الرجل وشركاءه اذا عصوه فيما يأمرهم ويطلبه منهم‬
‫فقد يحصل له بذلك ضرر في نفسه أو ماله أو عرضه أو غير ذلك وقد يكون ذلك ظلما له والله تعييالى ل‬
‫يقدر أحد على أن يضره ول يظلمه وان كان الكافر على ربيه ظهييرا فمظياهرته عليى ربيه ومعيياداته ليه‬
‫ومشاقته ومحاربته عادت عليه بضرره وظلمه لنفسه وعقوبته في الدنيا والخرة وأما النفع فهو سييبحانه‬
‫غني عن الخلق ل يستطيعون نفعه فينفعوه فما أمرهم به اذا لم يفعلوه لم يضروه بذلك كما قال تعييالى‬
‫ول على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيل ومن كفر فان ال غني عن العالمين وقال ومن يشكر فإنمننا‬
‫يشكر لنفسه ومن كفر فان ربي غني كريم وقال إن تكفروا فان ال غننني عنكننم ول يرضننى لعبنناده الكفننر وان‬
‫تشكروا يرضه لكم ول تزر وازرة وزر أخرى وان أردتم أنه سبحانه ل يريد ول يفعل ما يفييرح بييه ويجعييل‬
‫عباده المؤمنين يفعلون ما يفرح به فمن أين لكم هذا وان سييمى هييذا لييذة فاللفيياظ المجملية الييتي قييد‬
‫يفهم منها معنى فاسد اذا لم ترد في كلم الشارع لم نكن محتاجين‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.100‬‬

‫الى اطلقها كلفظ العشق وان أريد به المحبة التامة وقد أطليق بعضيهم عليى الليه أنيه يعشيق ويعشيق‬
‫وأراد به أنه يحب ويحب محبة تامية فيالمعنى صيحيح والمعنيى فييه نيزاع والليذة يفهيم منهيا ليذة الكيل‬
‫والشرب والجماع كما يفهم من العشق المحبة الفاسدة والتصور الفاسد ونحو ذلك مما يجب تنزيييه اللييه‬
‫عنه فان الذين قالوا ل يجوز وصفه بأنه يعشق منهم من قال لن العشق هو الفييراط فييي المحبيية واللييه‬
‫تعالى ل افراط في حبه ومنهم من قال العشق ل يكون ال مع فساد التصييور للمعشييوق وال فمييع صييحة‬
‫التصور ل يحصل إفراط في الحب وهذا المعنى ل يمدح فاعله فان من تصور في الله مييا هييو منييزه عنييه‬
‫فهو مذموم على تصوره ولوازم تصوره ومنهم من قال لن الشرع لم يرد بهذا اللفظ وفيه إبهييام وإيهييام‬
‫فل يطلق وهذا أقرب وآخرون ينكرون محبة الله وأن يحب ويحب كالمعتزلة والجهمية ومن وافقهييم ميين‬
‫الشعرية وغيرهم فهؤلء يكون الكلم معهم في كونه يحب ويحب كما نطق به الكتاب والسيينة فيي مثيل‬
‫قوله فسوف يأتي ال بقوم يحبهم ويحبونه ل في لفظ العشق كذلك لفظ اللذة فيه إبهام وإيهييام والشييرع‬
‫لم يرد باطلقه ولكن استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم ان اللييه يفييرح بتوبيية التييائب أعظييم ميين‬
‫فرح من وجد راحلته بعد أن أفقدها وأيس منها فييي مفييازة مهلكيية ويئس ميين الحييياة والنجيياة ميين تلييك‬
‫الرض ومن وجود مركبه ومطعمه ومشربه ثم وجد ذلك بعد اليأس قييال النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫فكيف تجدون فرحه بدابته قالوا عظيما يا رسول الله قال لله أشد فرحا بتوبة عبده من هذا براحلته وقد‬
‫نطق الكتاب والسنة بأنه يحب المتقين والمحسنين والصابرين والتوابين والمتطهرين والذين يقاتلون في‬
‫سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص وأنه يرضى عن المؤمنين فاذا كنتم نفيتييم حقيقيية الحييب والرضييى لن‬
‫ذلك يستلزم اللذة بحصول المحبوب قيل لكم إن كان هذا لزما فلزم الحق حق وان لم يكن لزما بطييل‬
‫نفيكم والفرح في النسان هو لذة تحصل في قلبه بحصول محبوبه وقد جاء أيضا وصفه تعالى بييأنه يسيير‬
‫في الثر والكتب المتقدمة وهو مثل لفظ الفرح وأما الضحك فكثير فيي الحياديث ولفيظ البشبشيية جيياء‬
‫أيضا أنه يتبشبش للداخل الى المسجد كما يتبشبش أهل الغائب‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.101‬‬

‫بغائبهم اذا قدم وجاء في الكتاب والسنة ما يلئم ذلك ويناسبه شيء كثير فيقال لمن نفى ذلك لييم نفيتييه‬
‫ولم نفيت هذا المعنى وهو وصف كمال ل نقص فيه ومن يتصف به أكمل ممن ل يتصف به وإنما النقييص‬
‫فيه أن يحتاج فيه الى غيره والله تعالى ل يحتاج الى أحد في شيء بل هو فعال لما يريد لكن القدرية قد‬
‫يشكل هذا على قولهم فان العباد عندهم مستقلون بإحداث فعلهم ولكن هذا مثل إجابة دعائهم وإثييابتهم‬
‫على أفعالهم ونحو ذلك مما فيه أن أفعالهم تقتضي أمورا يفعلها هو وهم ل يفرون من كييونه يجييب عليييه‬
‫أشياء وأنه يفعل ما يجب عليه فيكون العبد قد جعله مريدا لما لم يكن مريدا لييه وحينئذ فيياذا كييان العبييد‬
‫يجعلونه مريدا عندهم فالقول في لوازم الرادة كالقول فيها وهييذا إمييا أن يييدل علييى فسيياد قييولهم فييي‬
‫القدر وهو الصواب وإما أن يكون هو الذي شاء ذلك من العبد فيلزمهم في لوازمها ما يلزمهم فيهييا وامييا‬
‫على قول المثبتة فكل ما يحدث فهو بمشيئته وقدرته فما جعله أحدا مريدا فاعل بل هو الذي يحدث كييل‬
‫شيء ويجعل بعض الشياء سببا لبعض فان قال نافي المحبة والفرح والحكميية ونحييو ذلييك هييذا يسييتلزم‬
‫حاجته الى المخلوق ظهر فساد قوله وان قيل ان ذلك ان كان وصف كمال فقد كان فاقييدا لييه وان كييان‬
‫نقصا فهو منزه عن النقص قيل له هو كمال حين اقتضت الحكميية حييدوثه وحييدوثه قبييل ذلييك قييد يكييون‬
‫نقصا في الحكمة أو يكون ممتنعا غير ممكن كما يقال فييي نظييائر ذلييك وتمييام البسييط فييي هييذا الصيل‬
‫مذكور في غير هذا الموضع والمقصود هنا التنبيه علييى لييوازم ذلييك فييان نفيياة ذلييك نفييوا أن يكييون فييي‬
‫الممكن فعل ينزه عنه فليس عندهم فعل يحسن منه وفعل ينزه عنييه بييل عنييده تقسيييم الفعييال أفعييال‬
‫الرب والعبد الى حسن وقبيح ل يكون عندهم إل بالشرع وذلك ل يرجع الى صفة في الفعييل بييل الشييارع‬
‫عندهم يرجح مثل على مثل والحسن والقبيح إنما يعقل إذا كان الحسن ملئما للفاعل وهو الذي يلتييذ بييه‬
‫والقبيح ينافيه وهو الذي يتألم به والحسن والقبح في أفعال العباد بهذا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.102‬‬

‫العتبار متفق على جوازه وإنما النزاع في كونه يتعلق به المدح والثييواب وهييذا فييي الحقيقيية يرجييع الييى‬
‫اللم واللذة فلهذا سلم الرازي في آخر عمره ما ذكره في كتاب ان الحسن والقبح العقليييين ثابتييان فييي‬
‫أفعال العباد دون الرب اذا كان معناهما يؤول الى اللدة واللم والمعتزلة أثبتوا حسنا وقبحيا عقلييين فيي‬
‫فعل القادر مطلقا سواء كان قديما أو محدثا وقال الحسين ميا للقيادر فعليه والقبييح ميا لييس ليه فعليه‬
‫وقالوا ان ذلك ثابت بدون كونه مستلزما للذة واللم كما ادعوا ثبوت حكمته للفاعل القادر ول تعييود اليييه‬
‫ول يستلزم اللذة فادعوا ما هو خلف الموجود والمعقول ولهذا تسلط عليهم النفاة فكان حجتهييم عليهييم‬
‫أن يثبتوا أن هذا أمر ل يعقل إل مع اللذة واللم ثم يقولون وذلك في حق الله محال فحجتهم مبنية علييى‬
‫مقدمتين أن الحسن والقبح والحكمة مستلزم للذة واللم وذلييك فييي حييق اللييه محييال والمعتزليية منعييوا‬
‫المقدمة الولى فغلبوا معهم والمقدمة الثانية جعلوها محل وفاق وهي مناسييبة المعتزليية لكييونهم ينفييون‬
‫الصفات فنفى الفعل القائم به أولى على أصلهم ونفى مقتضي ذلك أولى علييى أصييلهم وهييذه المقدميية‬
‫التي اشتركوا فيها تقتضي نفي كونه مريدا ونفي كونه فاعل ونفييي حييدوث شيييء مين الحيوادث كمييا أن‬
‫نفي الصفات يقتضي نفي قائم بنفسه موصوف بالصفات فنفي اتصافه بالصفات يستلزم أن ل يكون في‬
‫الوجود شيء يتصف بصفة ونفي فعله وأحداثه يقتضي أن ل يكون في الوجود شيء حادث فكان ما نفوه‬
‫مستلزما نهاية السفسطة وجحد الحقائق ولهذا كان من وافق هؤلء على نفي محبة الله لما أمر بييه ميين‬
‫الصوفية يلزمهم تعطيل المر والنهي وان ل ينفي إل القدر العام وقد الييتزم ذلييك طائفيية ميين محققيهييم‬
‫وكان نفي الصفات يستلزم نفي الصفات وان ل يكون موجودان أحدهما واجب قديم خالق والخر ممكن‬
‫أو محدث أو مخلوق وهكذا التزمه طائفة من محققيهم وهم القائلون بوحدة الوجود وهيم يقوليون بكيون‬
‫العبد أول يشهد الفرق بين الطاعة والمعصييية ثييم يشييهد طاعيية بل معصييية ثييم ل طاعيية ول معصييية بييل‬
‫الوجود واحد فالذين اثبتوا الحسن والقبح في الفعال وأن لها صفات تقتضي‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.103‬‬

‫ذلك قالوا بما قاله جمهييور العقلء ميين المسييلمين وغيرهييم قييال أبييو الخطيياب هييذا قييوله أكييثر الفقهيياء‬
‫والمتكلمين لكن تناقضوا فلم يثبوا لزم ذلك فتسلط عليهم النفاء أكثر الفقهاء والمتكلمين لكن تناقضييوا‬
‫فلم يثبوا لزم ذلك فتسلط عليه النفاء لما نفوا الحسن والقبح في نفس المر قالوا ل فرق في ما يخلقه‬
‫الله وما يأمره به بين فعل وفعل وليس في نفس المر حسن ول قبيح ول صفات تييوجب ذلييك واسييتثنوا‬
‫ما يوجب اللذة واللم لكن اعتقدوا ما اعتقدته المعتزلة أن هذا ل يجوز اثباته في حق الرب وأما في حق‬
‫العبد فظنوا أن الفعال ل تقتضي إل لذة وأما في الدنيا وأمييا كونهييا مشييتملة علييى صييفات تقتضييي لييذة‬
‫وألما في الخرة فذلك عندهم باطل ولم يمكنهم أن يقولوا إن الشارع يأمر بما فييه لييذة مطلقيا وينهييى‬
‫عما فيها ألم مطلقا وكو الفعل يقتضي ما يوجب اللذة هو عندهم من باب التولد وهييم ل يقولييون بييه بييل‬
‫قدرة العبد عندهم ل تتعلق إل بفعل في محلها مع أنها عند شيخهم غير مؤثرة في المقييدور ول يقييول إن‬
‫العبد فاعل في الحقيقة بل كاسب ولم يذكروا بين الكسب والفعل فرقا معقول بل حقيقيية قييولهم قييول‬
‫جهم أن العبد ل قدرة له ول فعل ول كسب والله عندهم فاعل فعل العبد وعله هو نفيس مفعيوله فصييار‬
‫الرب عندهم فاعل لكل ما يوجد من أفعل العباد ويلزمهم أن يكييون هييو الفاعييل للقبييائح وان يتصييف بهييا‬
‫على قولهم أنه بوصف بالصفات الفعلية القائمة بغيره وقييد تناقضييوا فييي هييذا الموضييع فجعلييوه متكلمييا‬
‫بكلم يقوم بغيره وجعلوه عادل ومحسنا بعدل واحسان يقوم بغيره كما قد بسط فييي غييير هييذا الموضييع‬
‫وحينئذ فما بقي يمكنهم ان يفرقوا بين ممكن وممكن من جميع الجناس أي يقولوا هذا يحسن من الرب‬
‫فعله وهذا ينزه عنه بل يجوز عندهم ان يفعل كل ممكن مقدور والظلم عندهم هو فعييل مييا نهييى المييرء‬
‫عنه أو التصرف في ملك الغير وكلهما ممتنع في حق الله فأما ان يكون هناك اميير ممكيين مقييدور وهييو‬
‫منزه عنه فهذا عندهم ل يجوز فلهذا جوزوا عليه كل ما يمكن ول ينزهونه عن فعل لكونه قبيحييا أو نقصييا‬
‫او مذموما ونحو ذلك بل يعلييم مييا يقييع ومييا ل يقييع بييالخبر أي بخييبر الرسييول كمييا علييم بخييبره المييأمور‬
‫والمحظور والوعد‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.104‬‬

‫والوعيد والثواب والعقاب أوبالعادة مع أن العادة يجوز انتقاضها عنييدهم لكيين قييالوا قييد يعلييم بالضييرورة‬
‫عدم ما يجوز وقوعه من غير فرق ل في الوجود ول في العلم بين ما علمييوا انتفيياءه ومييا لييم يعلمييوه إذ‬
‫كان أصل قولهم هو جواز التفريق بين التماثلين بل سبب فالرادة القديمة عندهم ترجح مثل على مثل بل‬
‫سبب في خلق الرب وفي أمره وكذلك عنييدهم قييد يحييدث فييي قلييب العبييد علمييا ضييروريا بييالفرق بييين‬
‫المتماثلين بل سبب فلهذا قالوا أن الشرع ل يأمر وينهى لحكمة ولم يعتمدوا على المناسييبة وقييالوا علييل‬
‫الشرع أمارات كما قالوا ان أعفال العباد أمارة على السعادة والشقاء فقط من غير أن يكييون فييي أحييد‬
‫الفعلين معنى يناسب الثواب أو العقاب ومن أثبت المناسبة من متأخريهم كييأبي حامييد وميين تبعييه قييالوا‬
‫عرفنا بالستقراء أن المأمور به قترن به مصلحة العباد وهو حصول ما ينفعهييم والمنهييى عنييه تقييترن بييه‬
‫المفسدة فإذا وجد المر والنهى علم وجود قرينه الذي علم بعادة الشرع من غير أن يكون الرب أمر بييه‬
‫لتلك المصلحة ول نهى عنه لتلك المفسدة وجمهييوةهم وأئمتهييم علييى أنييه يمتنييع أن يفعييل لحكميية لكيين‬
‫المدي قال إن ذلك جائز غير واجب فلم يجعله واجبا ول ممتنعا‬

‫فصل وهذا الصل دخل في جميع أبواب الدين أصضوله وفروعه في خلق الرب لما‬
‫يخلقه ورزقه واعطائه ومنعه وسائر ما يفعله تبارك وتعالى وجهل في أمره ونهيه‬
‫وجميع ما يأمر به وينهى عنه ودخل في المعاد فعندهم يجوز أن يعذب الله جميع أهل‬
‫العدل والصلح والدين والنبياء والمرسلين بالعذاب البدي وأن ينعم دميع أهل الكذب‬
‫والظلم والفواحش بالنعيم البدي لكن بمجرد الخبر عرفنا أنه ل يفعل هذا ويجوز‬
‫عندهم أن يعذب من ل له ذنب أصل بالعذاب البدي بل هذا واقع عند من يقول بأن‬
‫أطفال الكفار يعذبون في النار مع آبائهم كلهم يجوزون تعذيبهم إذ كان عندهم يجوز‬
‫تعيب كل حي العذاب المؤبد بل ذنب ول غلض ول حكمة لكن هل يقع هذا في أطفال‬
‫المشركين منهم جزم بوقوعه كالقاضي أبي يعلى ومن وافقه ومنهم من توقفت لعدم‬
‫الدليل السمعى عنده ل لمانع عقلي كالقاضي‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.105‬‬

‫أبي بكر ونحوه وليس عندهم من أفعال الرب ما ينزهونه عنييه أو مييا تقتضييي الحكميية وجييوده بييل يجييوز‬
‫عندهم أن يفعل كل ممكن ويجوز أن ل يفعل شيئا من الخير لكن إذا أخبر أنه يفعل شيئا أو أنييه ل يفعلييه‬
‫علم أنه واقع أو غير واقع بالخبر ويجوز عندهم أن يعذب ميين ل ذنييب لييه وميين هييو أبيير النيياس وأعييدلهم‬
‫وأفضلهم عذابا مؤبدا ل يعذبه أحدا من العالمين ويجوز أن ينعم شر الخلق ميين شييياطين النييس والجيين‬
‫نعيما في أعلى درجات الجنة ل ينعم مثله لمخلوق لكن لما أخبر بييأن المييؤمنين يييدخلون الجنيية والكفييار‬
‫يدخلون النار علم ما يقع مع أنه لو وقع ضده لم يكن بينهما فرق عندهم ثم مع مجيء الخبر فكثير منهييم‬
‫وافقه أما في جنس الفساق مطلقا فيجوزون أن يدخل جميعهم الجنة ويجوزون أن يدخل جميعهييم النييار‬
‫ويجوزون أن يدخل بعضهم كما يقوله من يقوله ممن وافييق الشيييعة والشييعرية كالقاضييي أبييي بكيير لن‬
‫القرآن عنده لم يدل على شيء والخبار أخبار آحاد بزعمه فل يحتج بها في ذلك وأما جمهييور المنتسييبين‬
‫الى السنة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم فيقطعون بان الله يعذب بعييض أهييل‬
‫الذنوب بالنار ويعفو عن بعضهم كما قال تعالى ان ال ل يغفر أن يشرك به ويغفر مننا دون ذلننك لمننن يشنناء‬
‫فهذا فيه الخبار بانه يغفر ما دون الشرك وأنه يغفر لميين يشيياء ل لكييل أحييد لكيين هييل الجييزاء والثييواب‬
‫والعقاب مبني على الموازنة بالحكمة والعدل كما اخبر الله بوزن العمييال أو يغفيير ويعييذب بل سييبب ول‬
‫حكمة ول اعتبار الموازنة فيه لهؤلء قولن فمن جوز ذلك فانه يجوز عندهم أن يعذب الله من هو من أبر‬
‫الناس وأكثرهم طاعات وحسنات على سيئة صغيرة عييذابا أعظيم ميين عييذاب أفسييق الفاسييقين ويجيوز‬
‫عندهم أن يغفر لفسق الفاسقين مين المسييلمين وأعظمهييم كبييائر كيل ذنيب ويييدخله الجنيية ابتيداء ميع‬
‫تعذيبهم ذلك في النار على صغيرة ولهذا قال جمهور الناس عن هؤلء إنهم ل ينزهون الرب على السييفه‬
‫والظلم بل يصفونه بالفعال التي يوصف بها المجانين والسفهاء فان المجنون والسييفيه قييد يعطييي مييال‬
‫عظيما لمن ليس هو له بأهل وقد‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.106‬‬

‫يعاقب عقوبة عظيمة من هو أهل للكرام والحسان والرب تعالى أحكم الحاكمين وأعدل العادلين وخييير‬
‫الراحمين والحكمة وضع الشياء مواضعها والظلم وضع الشيء في غير موضييعه وميين تييدبر حكمتييه فييي‬
‫مخلوقاته ومشروعاته رأى ما يبهر العقول فانه مثل خلق العين واللسان ونحوهمييا ميين العضيياء لمنفعيية‬
‫وخلق الرجل والظفر ونحو ذلك لمنفعة فل تقتضي الحكمة أن يستعمل العييين واللسييان حيييث يسييتعمل‬
‫اليد والرجل والظفر ول أن يستعمل الرجل واليد حيث يستعمل العين واللسان وهذا من حكمتييه موجييود‬
‫في أعضاء النسان وسائر الحيوان والنبات وسائر المخلوقات فكيف يجييوز فييي حكمتييه وعييدله ورحمتييه‬
‫في من هو دائما يفعل ما يرضيه من الطاعات والعبادات والحسنات وقد نظر نظرة منهيا عنها أن يعاقبه‬
‫على هذه النظرة بما يعاقب به أفجر الفساق وأن يكون أفجيير الفسيياق فييي أعلييى عليييين وهييو سييبحانه‬
‫يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لكن ل يشاء إل ما يناسب حكمته ورحمته وعدله كما ل يشيياء ويريييد إل مييا‬
‫علم أنه سيكون فلو قيل هل يجوز أن يشاء ما علم أنه ل يكون لييم يجيير ذلييك باتفيياقهم لمناقضيية علمييه‬
‫والعلم يطابق المعلوم فكيف يشاء مييا ينيياقض حكمتييه ورحمتييه وعييدله وبسييط هييذه المييور لييه مواضييع‬
‫متعيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييددة‬
‫والمقصود أن هؤلء لما احتاجوا الى إثبات النبوات اضطربوا في صفة النبي وما يجوز عليه وفييي اليييات‬
‫التي بها يعلم صدقه فجوزوا أن يرسل الله من يشاء بميا يشياء ل يشيترطون فيي النيبي إل أن يعليم ميا‬
‫أرسل به لن تبليغ الرسالة بدون العلم ممتنع ومن جوز منهم تكليف ما ل يطاق مطلقييا يلزمييه جييواز أن‬
‫يأمره الله بتبليغ رسالة ل يعلم ما هي وجوزوا من جهة العقل ما ذكره القاضي أبو بكر أن يكون الرسول‬
‫فاعل للكبائر إل أنه ل بد أن يكون عالما بمرسله لكن ما علم بالخبر أن الرسييول ل يتصييف بييه علييم ميين‬
‫جهة الخبر فقط ل لن الله منزه عن إرسال ظالم أو مرتكب للفواحش أو مكاس أو مخنث أو غييير ذلييك‬
‫فانه ل يعلم نفي شيء من ذلك بالعقل لكن بالخبر وهم في السمعيان عمييدتهم الجميياع وأمييا الحتجيياج‬
‫بالكتاب والسنة فأكثر ما يذكرونه تبعا للعقل او الجماع والعقل والجماع مقدمان عندهم على‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.107‬‬

‫الكتاب والسنة فلم يعتمد القاضي أبو بكر وأمثاله في تنزيه النبياء ل عليى دليييل عقليي ول سييمعي مين‬
‫الكتاب والسنة فان العقل عنده ل يمنع أن يرسل الله من شاءاذ كان يجوز عنده على الله فعييل كييل مييا‬
‫يقدر عليه وإنما اعتمد على الجماع فما أجمع المسلمون عليه أنه ل يكون في النبي نزه عنه ثم ذكر مييا‬
‫ظنه إجماعا كعاداته وعادات أمثاله في نقل إجماعات ل يمكن نقلها عن واحد من الصحابة ول ثلثيية ميين‬
‫التابعين ول أربعة من الفقهاء المشهورين كدعواه الجماع على أن الصلة في الدار المغصوبة مجزئة مع‬
‫قوله إن العقل يحيل أن يكون مأمورا به فيدعي الجماع على براءة المأمور من فعل مييا أميير بييه لكييونه‬
‫فعل ما نهي عنه ولهل الكلم والرأي من دعوى الجماعات التي ليست صحيحة بل قد يكون فيهييا نييزاع‬
‫معروف وقد يكون إجماع السلف على خلف ما ادعوا فيه الجماع ما يطول ذكره هنا وقد ذكرنييا قطعيية‬
‫من الجماعات الفروعية حكاها طائفة من أعيان العلماء العالمين بالختلف مع أنها منتقضة وفيهييا نييزاع‬
‫ثابت لم يعرفوه وقد يكيون غيرهيم حكيى الجمياع عليى نقييض قيولهم وربميا كيان مين السيلف كقيول‬
‫الشافعي ما اعلم أحدا قبل شهادة العبد وقبله من الصحابة أنس بن مالك يقول ما أعلم أحييد رد شييهادة‬
‫العبد وكدعوى ابن حزم الجميياع علييى إبطييال القييياس وأكييثر الصييوليين يييذكرون الجميياع علييى إثبييات‬
‫القيييييييييييييييييياس وبسيييييييييييييييييط هيييييييييييييييييذا ليييييييييييييييييه موضيييييييييييييييييع آخييييييييييييييييير‬
‫) فصل ( ولما أرادوا إثبات معجزات النبياء عليهم السلم وأن الله سبحانه ل يظهرها على يد كيياذب مييع‬
‫تجويزهم عليه فعل كل شيء فنفوا منعا فقالوا لو جاز ذلك لزم أن ل يقدر على تصديق من ادعى النبوة‬
‫وما لزم منه نفي القدرة كان ممتنعا فهذا هو المشهور عن الشعري وعليه اعتمد القاضي أبو بكيير وابيين‬
‫فورك والقاضي أبو يعلى وغيرهم وهو مبني على مقدمات أحييدها أن النبييوة ل تثبييت ال بمييا ذكييروه ميين‬
‫المعجزات وأن الرب ل يقدر على إعلم الخلق بأن هذا نبي إل بهذا الطريق وأنه ل يجوز أن يعلمييوا ذلييك‬
‫ضرورة وان اعلم الخلق بان هذا نبي بهذا الطريق‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.108‬‬

‫ممكن فلو قيل لهم ل نسلم أن هذا ممكن على قولكم فانكم إذا جوزتم عليه فعل كل شيء وارادة كييل‬
‫شيء لم يكن فرق بين أن يظهرها على يد صادق أو كاذب ولم يكن ارسيال رسيول يصيدقه بيالمعجزات‬
‫ممكنا على أصلكم ولم يكن لكم حجة على جواز إرسال الرسول وتصديقه بالمعجزات إذ كييان ل طريييق‬
‫عندهم إل خلق المعجز وهذا إنما يكون دليل اذا علم أنه إنما خلقه لتصديق الرسول وأنتم عندكم ل يفعل‬
‫شيئا لشيء ويجوز عليه فعل كل شيء وسلك طائفة منهم طريقا آخر وهي طريقة أبي المعالي وأتبيياعه‬
‫وهو أن العلم بتصديقه لمن أظهر على يديه المعجز علم ضروري وضربوا له مثل بالملك وهذا صييحيح اذا‬
‫منعت أصولهم فان هذه تعلم اذا كان المعلم بصدق رسوله ممن يفعييل شيييئا لحكميية فامييا ميين ل يفعييل‬
‫شيئا لشيء فكيف يعلم أنه خلق هذه المعجزات لتدل على صدقه ل لشيء آخر ولييم ل يجييوز أن يخلقهييا‬
‫للشيء على أصلهم وقالوا أيضا ما ذكره الشعري المعجز علم الصدق ودليلييه فيسييتحيل وجييوده بييدون‬
‫الصدق فيمتنع وجوده على يد الكاذب وهذا كلم صحيح لكن كونه علم الصدق مناقض لصولهم فانه إنما‬
‫يكون علم الصادق اذا كان الرب منزها عن ان يفعله على يد الكاذب أو علييم بالضييطرار أنييه إنمييا فعلييه‬
‫لتصديق الصادق أو أنه ل يفعله على يد كاذب وإذا علم بالضطرار تنزهه عن بعض الفعال بطل أصييلهم‬
‫) فصل ( والمعتزلة قبلهم ظنوا أن مجرد كون الفعل خارقا للعادة هو الية على صدق الرسول فل يجييوز‬
‫ظهور خارق إل لنبي والتزموا طردا لهذا انكار أن يكون للسييحر تييأثير خييارج عيين العييادة مثييل أن يمييوت‬
‫ويمرض بل مباشرة شيء وأنكروا الكهانة وأن تكون الجن تخبر ببعض المغيبات وأنكروا كرامات الولييياء‬
‫فاتى هؤلء فأثبتوا ما أثبته الفقهاء وأهل الحديث من السحر والكهانة والكرامات لكيين قيييل لهييم فميييزوا‬
‫بين هذا وبين المعجزات فقالوا ل فرق في نفس الجنس وليس فييي جنييس مقييدورات الييرب مييا يختييص‬
‫بالنبياء لكن جنس خرق العادة واحد فهييذا اذا اقييترن بييدعوى النبييوة وسييلم عيين المعارضيية عنييد تحييدي‬
‫الرسول بالمثل فهو دليل فهي عندهم لم تدل لكونها في نفسها وجنسها دليل بل اذا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.109‬‬

‫استدل بها المدعي للنبوة كانت دليل وإل لم تكن دليل ومن شرط الييدليل سييلمته عيين المعارضيية وهييي‬
‫عندهم غاية الفرق فاذا قال المدعي للنبوة ائتوا بمثل هذه الية فعجزوا كييان هييذا هييو المعجييز المختييص‬
‫بالنبي وإل فيجوز عندهم أن تكون معجزات الرسول مين جنيس ميا للسيحرة والكهيان مين الخيوارق اذا‬
‫استدل بها الرسول فالحجة عنييده مجمييوع الييدعوى والخييارق ل الخييارق وحييده والعتبييار بالسييلمة عيين‬
‫المعارض بل قد ل يشترطون أن يكيون خارقييا للعيادة لكيين يشييترطون أن ليعييارض وعجييز النياس عين‬
‫المعارضة مع أنه معتاد ل خارق للعادة فالعتبار عندهم بشيئين باقترانه بالدعوى وتحديه لمن دعيياهم أن‬
‫يأتوا بمثله فل يقدرون قالوا وخوارق النبياء يظهر مثلها على يد الساحر والكاهن والصالح ول تييدل علييى‬
‫النبوة لنه لم يدعها قالوا ولو ادعى النبوة أحد من أهل هذه الخوارق مع كذبه لييم يكيين بييد ميين أن اللييه‬
‫يعجزه عنها فل يخلقها على يده أو يقيض له من يعارضه فتبطل حجته واذا قيل لهم لم قلتم ان الله ل بد‬
‫أن يفعل هذا وهذا وعندكم يجوز عليه كل شيء ول يجب عليه فعل شيء ول يجب منه فعل شيء قييالوا‬
‫لنه لو لم يمنعه من ذلك أو يعارضه بآخر لكان قد أتى بمثل ما يأتي به النبي الصادق فتبطل دلليية آيييات‬
‫النبياء فاذا قيل لهم وعلى أصلكم يجوز أنه تبطييل دللتهييا وعنييدكم يجييوز عليييه فعييل كييل شيييء أجييابوا‬
‫بالوجهين المتقدمين إما لزوم أنه ليس بقادر أو أن الدللة معلومة بالضطرار وقد عرف ضعفهما ثم هنييا‬
‫يلزمهم شيء آخر وهو أنه لم قلتم إن المعجز الذي يدل به على صييدق النبييياء مييا ذكرتمييوه ميين مجييرد‬
‫كييييونه خارقييييا مييييع الييييدعوى وعييييدم المعارضيييية فييييان هييييذا يقييييال إنييييه باطييييل ميييين وجييييوه‬
‫) أحدها ( أنه إذا كان ما يأتي به النبي يأتي به السيياحر والكيياهن لكييان أولئك يعارضييون وهييذا ل يعييارض‬
‫فالعتبار إذن بعدم المعارضة فقولوا لكل من ادعى النبوة وقال معجزتي أن ل يدعيها غيري فهييو صييادق‬
‫أو ل يقدر غيري على دعواها فهو صادق أو أفعل أمرا معتادا من الكل والشرب واللباس ومعجزتي أن ل‬
‫يفعله غيري أو ل يقدر غيري على فعله فهو صادق فالتزموا هذا وقالوا المنع من المعتاد‬
‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.110‬‬

‫كإحداث غير المعتاد وعلى هذا فلو قييال الرسييول معجزتييي أنييي أركييب الحمييار أو الفييرس أو آكييل هييذا‬
‫الطعام أو ألبس هذا الثوب أو أعدو إلى ذلك المكان وأمثال ذلك وغيره ل يقدر على ذلييك كييان هييذا آييية‬
‫دعواه وهذا ل ضابط له فان ما يعجز عنه قوم دون قوم ل ينضييبط ولكيين هييذا يفسييد قييول ميين فسييرها‬
‫بخرق العادة فان العادات تختلف وقد ذكروا هذا وقالوا المعجييزة عنييد كييل قييوم مييا كييان خرقييا لعييادتهم‬
‫وقالوا يشترط أن تكون خارقة لعادة من دعاهم وان كان معتادا لغيرهييم وقييالوا إذا كييان المييدعي كييذابا‬
‫فان الله يقيض له من يعارضه من أهل تلك الصناعة أو يمنعه من القدرة عليها وهذا وجه ثان يييدل علييى‬
‫فسييييييييييييييييييييياد ميييييييييييييييييييييا أصيييييييييييييييييييييلوه هيييييييييييييييييييييم والمعتزلييييييييييييييييييييية‬
‫) الوجه الثالث ( المعارضة بالمثل أن يأتي بحجة مثل حجة النبي وحجتييه عنييدهم مجمييوع دعييوى النبييوة‬
‫والثبات بالخارق فيلزم على هذا أن تكون المعارضة بأن يدعي غيره النبييوة ويييأتي بالخييارق وعلييى هييذا‬
‫فليست معارضة الرسول بأن يأتوا بالقرآن أو عشر سور أو سورة بييل أن يييدعي أحييدهم النبييوة ويفعييل‬
‫ذلك وهذا خلف العقل والنقل ولو قال الرسول لقريش ل يقدر أحد منكم أن ييدعي النبيوة وييأتي بمثيل‬
‫القرآن وهذا هو الية وإل فمجرد تلوة القرآن ليس آية بل قد يقرأه المتعلم له فل تكون آيه لنه لم يييدع‬
‫النبوة ولو ادعاها لكان الله ينسيه إياه أو يقيض له من يعارضه كما ذكرتم لكانت قريييش وسييائر العلميياء‬
‫يعلمييييييييييييييييييييييييييييييييييييييون أن هييييييييييييييييييييييييييييييييييييييذا باطييييييييييييييييييييييييييييييييييييييل‬
‫) الرابع ( أنه إذا كان اعتمادكم على عدم المعارضة فقولوا ما قاله غيركم وهو أن آييية سييلمة مييا يقييوله‬
‫من التناقض وأن كل من ادعى النبوة وكان كاذبا فل بد أن يتناقض أو يقيض الله لييه ميين يقييول مثييل مييا‬
‫قال وأما السلمة من التناقض من غير دعوى النبوة فليست دليل فهذا خير من قولكم فييانه قييد علييم أن‬
‫كل ما جاء من عند غير الله فانه ل بد أن يختلف ويتناقض وما جاء من عند الله ل يتناقض كما قال تعالى‬
‫ولو كان من عند غير ال لوجدوا فيه اختلفا كثيرا وأما دعوى الضرورة فمن ادعييى الضييرورة فييي شيييء‬
‫دون شيء مع تماثلهما وعدم الفرق بينهما في نفس المر كانت دعواه مردودة بل كذبا فان وجود العلييم‬
‫الضروري بشيء‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.111‬‬

‫دون شيء ل بد أن يكون لفرق إما في المعلوم وإما في العالم وإل فاذا قدر تساوي المعلومات وتساوي‬
‫حيييييييال العيييييييالم بهيييييييا ليييييييم يعليييييييم بالضيييييييرورة أحيييييييد المتمييييييياثلين دون الخييييييير‬
‫) الخامس ( انه ل بد أن تكون الية التي للنبي أمرا مختصا بالنبياء فان الييدليل مسييتلزم للمييدلول عليييه‬
‫فآية النبي هي دليل صدقه وعلمة صدقه وبرهان صدقه فل توجد قط إل مستلزمة لصدقه وقد ادعوا أن‬
‫آيات صدقهم التي تكون منفكة عن صدقهم تكون لساحر وكاهن ورجييل صييالح ولمييدعي اللهييية لكيين ل‬
‫تكون لمن يكذب في دعوى النبوة فجوزوا وجود الييدليل ميع عيدم المييدلول علييه إل اذا ادعيى المييدلول‬
‫عليه كاذب واستدلوا على ذلك بأن الساعة تخرق عندها خوارق ول تدل على صدق أحد وليو ادعيى مييدع‬
‫النبوة مع تلك الخوارق لدلت قالوا فعلم أن جنس ما هو معجز يوجد بدون صدق النييبي لكيين مييع دعييوى‬
‫النبوة ل يوجد إل مع الصدق والية عندهم الدعوى والخارق والصييدق هييو المييدلول عليييه فل يكييون ذلييك‬
‫كذلك إل مع هذا وأما وجود الخارق مجردا عن الدعوى فليس بدليل ول فرق عنييدهم بييين خييارق وخييارق‬
‫وخارق معتاد عند قوم دون قوم وليس لهم ضابط في العادات ولسائل أن يقول جميع ما يفعله الله ميين‬
‫اليات في العالم فهو دليل على صدق النبياء ومستلزم لييه وإن كييانت اليييات معتييادة لجنييس النبييياء أو‬
‫لجنس الصالحين الذين يتبعون النبياء فهي مستلزمة لصدق مدعي النبييوة فانهييا إذا لييم تكيين إل لنييبي أو‬
‫من يتبعه لزم أن يكون من أحد القسمين والكاذب في دعوى النبييوة ليييس واحييدا منهمييا فالتييابع للنبييياء‬
‫الصالح ل يكذب في دعوى النبوة قط ول يدعيها إل وهو صادق كالنبياء المتبعين لشرع موسى فاذا كييان‬
‫آية نبي إحياء الله الموتى لم يمتنع أن يحي الله الموتى لنبي آخر أو لمن يتبع النبياء كما قد أحيي الميت‬
‫لغير واحد من النبياء ومن تبعهم وكان ذلك آية على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوة من قبله إذا‬
‫كان إحياء الموتى مختصا بالنبياء وأتباعهم وكذلك ما يفعله الله من اليييات والعقوبييات بمكييذبي الرسييل‬
‫كتغريق فرعون وإهلك قوم عاد بالريح الصرصر العاتية وإهلك قوم صالح بالصيحة وأمثال ذلك فان هييذا‬
‫جنس لم يعذب به إل من كذب‬
‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.112‬‬

‫الرسل فهو دليل على صدق الرسل وقد يميت الله بعض النياس بيأنواع معتيادة مين البيأس كيالطواعين‬
‫ونحوها لكن هذا معتاد لغير مكذبي الرسل أما ما عذب الله به مكذبي الرسل فمختييص بهييم ولهييذا كييان‬
‫من آيات الله كما قال وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل باليات إل تخويفا وكيذلك ميا يحيدثه‬
‫من أشراط الساعة كظهور الدجال ويأجوج ومأجوج وظهور الدابة وطلوع الشمس من مغربها بل والنفخ‬
‫في الصور وغير ذلك هو من آيات النبياء فانهم أخبروا به قبل ان يكون فكذبهم المكذبون فاذا ظهر بعييد‬
‫مئين أو ألوف من السنين كما أخبروا به كان هذا من آيات صدقهم ولم يكيين هيذا إل لنييبي أو لمين يخيبر‬
‫عن نبي والخبر عن النبي هو خبر النبي ولهذا كان وجود ما أخبر به الرسول ميين المسييتقبلت ميين آيييات‬
‫نبوته إذا ظهر المخبر به كما كان أخبر فيما مضى عرف صدقه فيما أخبر به إذ كان هذا وهذا ل يمكن أن‬
‫يخبر به إل نبي أو من أخذ عن نبي وهو لم يأخذ عن أحد من النبياء شيئا فدل على نبوته ولهذا يحتج الله‬
‫له في القرآن بذلك كما بسط في غير هذا الموضع وأخبار الكهان فيها كذب كثير والكاهن قد عييرف أنييه‬
‫يكذب كثيرا مع فجوره قال تعالى هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيننم يلقننون السننمع‬
‫وأكثرهم كاذبون والكهانة جنس معييروف ومعييروف أن الكيياهن يتلقييى عيين الشيييطان ول بييد ميين كييذبهم‬
‫وفجورهم والنبي ل يكذب قط ول يكون إل برا تقيا فيالفرق بينهميا ثيابت فيي نفيس صيفاتهما وأفعالهميا‬
‫وآياتهما ل يقول عاقل إن مجرد ما يفعله الكاهن هو دليل إن اقترن بصيادق ولييس بيدليل إذا ليم يقيترن‬
‫بصيييييادق وانيييييه ميييييتى ادعييييياه كييييياذب ليييييم يظهييييير عليييييى ييييييده وهيييييذا أيضيييييا باطيييييل‬
‫ويظهر بالوجه السادس وهو أنه قد ادعى جماعة من الكذابين النبييوة وأتييوا بخييوارق ميين جنييس خييوارق‬
‫الكهان والسحرة ولم يعارضهم أحد في ذلك المكان والزمان وكانوا كاذبين فبطل قييولهم إن الكييذاب إذا‬
‫أتى بمثل خوارق السحرة والكهان فل بييد أن يمنعيه الليه ذلييك الخييارق أو يقييض لييه مين يعارضييه وهييذا‬
‫كالسود العنسي الذي ادعى النبوة باليمن في حياة النبي صلى الله عليييه وسييلم واسييتولى علييى اليميين‬
‫وكان معه‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.113‬‬

‫شيطان سحيق ومحيق وكان يخبر بأشياء غائبة من جنس أخبار الكهييان ومييا عارضييه أحييد وعييرف كييذبه‬
‫بوجوه متعددة وظهر من كذبه وفجوره ما ذكره الله بقوله هل أنبئكم على من تنزل الشننياطين تنننزل علننى‬
‫كل أفاك أثيم وكذلك مسيلمة الكذاب وكذلك الحارث الدمشقي ومكحول الحلبي وبابا الرومييي لعنيية اللييه‬
‫عليهيييييم وغيييييير هيييييؤلء كيييييانت معهيييييم شيييييياطين كميييييا هيييييي ميييييع السيييييحرة والكهيييييان‬
‫) السابع ( أن آيات النبياء ليس من شرطها استدلل النبي بها ول تحديه بالتيان بمثلها بل هي دليل على‬
‫نبوته وان خلت عن هذين القيدين وهذا كإخبار من تقدم بنبوة محمد فانه دليل على صدقه وان كييان هييو‬
‫لم يعلم بما أخبروا به ول يستدل به وأيضا فما كان يظهره الله على يديه من اليات مثييل تكييثير الطعييام‬
‫والشراب مرات كنبع الماء من بين أصابعه غير مرة وتكثير الطعام القليل حتى كفييى أضييعاف ميين كييان‬
‫محتاجا اليه وغير ذلك كله من دلئل النبوة ولم يكن يظهرها للستدلل بهيا ول يتحيدى بمثلهيا بيل لحاجية‬
‫المسييلمين اليهييا وكييذلك إلقيياء الخليييل فييي النييار إنمييا كييان بعييد نبييوته ودعييائه لهييم الييى التوحيييد‬
‫) الثامن ( أن الدليل الدال على المدلول عليه ليس من شرط دللته استدلل أحد به بل مييا كييان النظيير‬
‫الصحيح فيه موصول الى علم فهو دليل وان لم يستدل به أحد فالية أدلة وبراهين تدل سواء استدل بهييا‬
‫النبي أو لم يستدل وما ل يدل اذا لم يستدل به ل يدل إذا استدل بييه ول ينقلييب مييا ليييس بييدليل دليل اذا‬
‫اسيييييييييييييييييييييييييييييتدل بيييييييييييييييييييييييييييييه ميييييييييييييييييييييييييييييدع ليييييييييييييييييييييييييييييدللته‬
‫) التاسيع ( أن يقيال آييات النبيياء ل تكيون إل خارقية للعيادة ول تكيون مميا يقيدر أحيد عليى معارضيتها‬
‫فاختصاصها بالنبي وسلمتها عن المعارضة شرط فيها بل وفي كل دليييل فييانه ل يكيون دليل حييتى يكيون‬
‫مختصا بالمدلول عليه ول يكون مختصا إل اذا سلم عن المعارضة فلم يوجد مع عدم المدلول عليييه مثليه‬
‫وإل اذا وجد هو أو مثله‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.114‬‬


‫بدون المدلول لم يكن مختصا فل يكون دليل لكن كما أنه ل يكفي مجرد كونه خارقييا بعييادة أولئك القييوم‬
‫دون غيرهم فل يكفي أيضا عدم معارضة أولئك القوم بل ل بد أن يكون مما لم يعتده غير النبياء فيكييون‬
‫خارقا لعادة غير النبياء فمتى عرف أنه يوجد لغير النبياء بطليت دللتيه وميتى عيارض غيير النيبي النيبي‬
‫بمثل ما أتى به بطل الختصاص وما ذكره المعتزلة وغيرهم كابن حزم من أن آيات النبييياء مختصيية بهييم‬
‫كلم صحيح لكن كرامات الولياء هي من دلئل النبوة فانهييا ل توجييد إل لميين اتبييع النييبي الصييادق فصييار‬
‫وجودها كوجود ما أخبر به النبي من الغيب وأما ما يأتي به السحرة والكهييان ميين العجييائب فتلييك جنييس‬
‫معتاد لغير النبياء وأتباعهم بل الجنس معروف بالكذب والفجور فهو خارق بالنسبة الييى غييير أهلييه وكييل‬
‫صناعة فهي خارقة عند غير أهلها ول تكون آية وآيات النبياء هي خارقيية لغييير النبييياء وان كييانت معتييادة‬
‫للنبييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييياء‬
‫) العاشر ( أن آيات النبياء خارجة مقدور ميين أرسييل النبييياء اليييه وهييم الجيين والنييس فل تقييدر النييس‬
‫والجن أن يأتوا بمثل معجز النبياء كما قال تعالى قل لئن اجتمعت النننس والجننن علننى أن يننأتوا بمثننل هننذا‬
‫القرآن ل يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيننرا وأما الملئكيية فل تضيير قييدرتهم علييى مثييل ذلييك فييان‬
‫الملئكة انما تنزل على النبياء ل تنزل على السييحرة والكهييان كمييا أن الشييياطين لتتنييزل علييى النبييياء‬
‫والملئكة ل تكذب على الله فاذا كانت اليات من أفعال الملئكة مييث أخبييارهم للنييبي عيين اللييه بييالغيب‬
‫ومثل نصرهم له على عدوه وإهلكهم له نصرا وهلكا خارجين عن العييادة كمييا فعلتييه الملئكيية يييوم بييدر‬
‫وغيره وكما فعلت بقوم لوط وكما فعلت بمريم والمسيح ونحو ذلك وكاتيييانهم لسييليمان بعييرش بلقيييس‬
‫فقد روي أن الملئكة جاءته به وهي أقدر من الجن لم يكن هذا خارجا عما اعتاده النبييياء بييل هييذا ليييس‬
‫لغير النبياء فل يقال ان غير النبياء اعتادوه فنقضت عادتهم بييل هييذا لييم يعتييده إل النبييياء وهييو منيياقض‬
‫لجنس عادات الدميين بمعنى انه ل يوجد فيما‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.115‬‬

‫اعتاده بنو آدم في جميع الصناف غييير النبييياء كمييا اعتييادوا العجييائب ميين السييحر والكهانيية والصييناعات‬
‫العجيبة وما يستعينون علييه بييالجن والنييس والقيوى الطبيعييية مثييل الطلسيم وغيرهييا فكييل هييذا معتيياد‬
‫معروف لغير النبياء وهؤلء جعلوا الطلسم من جنس المعجزات وقالوا لو أتى بها نبي لكانت آية له واذا‬
‫أتى بها من لم يدع النبوة جاز وان ادعاها كاذب سلبه الله علمها أو قيض له من يعارضه وهذا قول قبيييح‬
‫فانه لو جعل شيء من معجزات النبياء وآيياتهم مين جنييس ميا يييأتي بيه سياحر أو كياهن أو مطلسييم أو‬
‫مخدوم من الجن لستوى الجنسان ولم يكن فرق بين النبياء وبين هؤلء ولم يتميز بذلك النبي من غيييره‬
‫وهذا مما عظم غلط هؤلء فيه فلم يعرفوا خصائص النبي وخصائص آياته كما أن المتفلسييفة أبعييد منهييم‬
‫عن اليمان فجعلوا للنبوة ثلث خصائص حصول العلم بل تعلم وقوة نفسييه المييؤثرة فييي هيييولي العييالم‬
‫وتخيل السمع والبصر وهذه الثلثة توجد لكثير من عوام الناس ولم يفرقييوا بييين النييبي والسيياحر إل بييأن‬
‫هذا بر وهذا فاجر والقاضي أبو بكر وأمثاله يجعلون هذا الفيرق سيمعيا والفيرق اليذي ل بيد منيه عنيدهم‬
‫الستدلل بها والتحدي بالمثل وكل ميين هييؤلء وهييؤلء أدخلييوا مييع النبييياء ميين ليييس بنييبي ولييم يعرفييوا‬
‫خصائص النبياء ول خصائص آياتهم فلزمهم جعل من ليس بنبي نبيا أو جعل النبي ليس بنييبي اذ كييان مييا‬
‫ذكروه في النبوة مشتركا بين النبياء وغيرهم فمن ظن أنه يكون لغير النبياء قدح فييي النبييياء أن يكييون‬
‫هذا هو دليلهم بوجود مثل ما جاءوا به لغير النبي ومن ظن أنييه ل يكييون إل لنييبي إذا رأى ميين فعلييه ميين‬
‫متنبئ كاذب وساحر وكاهن ظن أنه نبي واليمان بالنبوة أصل النجاة والسعادة فمن لم يحقق هذا البيياب‬
‫اضطرب عليه باب الهدى والضلل واليمان والكفر ولم يميز بين الخطأ والصواب ولما كان الذين اتبعييوا‬
‫هؤلء وهؤلء من المتأخرين مثل أبي حامد والرازي والمدي وأمثالهم هذا ونحوه مبلغ علمهم بييالنبوة ليم‬
‫يكن لها في قلوبهم من العظمة ما يجب لها فل يستدلون بها على المييور العلمييية الخبرييية وهييي خاصيية‬
‫النبي وهو الخبار عن الغيب والنباء به فل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.116‬‬

‫يستدلون بكلم الله ورسوله على النباء بالغيب التي يقطييع بهييا بييل عمييدتهم مييا يييدعونه ميين العقليييات‬
‫المتناقضة ولهذا يقرون بالحيرة في آخر عمرهم كما قال الرازي ‪ %‬نهاية إقدام العقول عقييال ‪ %‬وأكييثر‬
‫سعي العالمين ضلل ‪ % %‬وأرواحنا في وحشية مين جسيومنا ‪ %‬وحاصيل دنيانيا أذى ووبيال ‪ % %‬وليم‬
‫نسييييييتفد ميييييين بحثنييييييا طييييييول عمرنييييييا ‪ %‬سييييييوى أن جمعنييييييا فيييييييه قيييييييل وقييييييالوا ‪%‬‬
‫لقد تأملت الطيرق الكلميية والمناهيج الفلسيفية فميا رأيتهيا تشيفي عليل ول تيروي غليل ورأييت أقيرب‬
‫الطرق طريقة القرآن اقرأ في الثبات اليه يصعد الكلم الطيب الرحمننن علننى العننرش اسننتوى واقرأ فييي‬
‫النفييي ليننس كمثلننه شننيء ول يحيطننون بننه علمننا وميين جييرب مثييل تجربييتي عييرف مثييل معرفييتي‬
‫) الوجه الحادي عشر ( أن آيات النبياء ممييا يعلييم العقلء أنهييا مختصيية بهيم ليسييت ممييا تكييون لغيرهييم‬
‫فيعلمون أن الله لم يخلق مثلها لغير النبياء وسواء في آياتهم التي كانت في حياة قييومهم وآييياتهم الييتي‬
‫فرق الله بها بين أتباعهم وبين مكذبيهم بنجاة هؤلء وهلك هؤلء ليست من جنس ما يوجد فييي العييادات‬
‫المختلفة لغيرهم وذلك مثل تغريق الله لجميع أهل الرض إل لنوح ومن ركب معه في السفينة فهييذا لييم‬
‫يكن قط في العالم نظيره وكذلك إهلك قوم عيياد إرم ذات العميياد اليتي ليم يخلييق مثلهيا فيي البلد ميع‬
‫كثرتهم وقوتهم وعظم عماراتهم التي لم يخلق مثلها في البلد ثييم أهلكييوا بريييح صرصيير عاتييية مسييخرة‬
‫سبع ليال وثمانية أيام حسوما حتى صاروا كلهم كأنهم أعجاز نخل خاوية ونجا هييود وميين اتبعييه فهييذا لييم‬
‫يوجد نظيره في العالم وكذلك قوم صالح أصحاب مدائن ومساكن في السييهل والجبييل وبسيياتين أهلكييوا‬
‫كلهم بصيحة واحدة فهذا لم يوجد نظيره في العالم وكذلك قوم لوط أصحاب مدائن متعددة رفعييت الييى‬
‫السماء ثم قلبت بهم وأتبعوا بحجارة ميين السييماء تتبييع شيياذهم ونجييا لييوط وأهلييه إل امرأتييه أصييابها مييا‬
‫أصابهم فهذا لم يوجد نظيره في العالم وكذلك قوم فرعون وموسى جمعان‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.117‬‬

‫عظيمان ينفرق لهم البحر كل فرق كالطود العظيم فيسلك هؤلء ويخرجون سالمين فاذا سلك الخييرون‬
‫انطبق عليهم الماء فهذا لم يوجد نظيره في العييالم فهييذه آيييات تعييرف العقلء عمومييا أنهييا ليسييت ميين‬
‫جنس ما يموت به بنو آدم وقد يحصل لبعض الناس طاعون ولبعضهم جدب ونحو ذلك وهييذا ممييا اعتيياده‬
‫الناس وهو من آيات الله من وجه آخر بل كل حادث من آيات الله تعالى ولكين هيذه الييات ليسيت مين‬
‫جنس ما اعتيد وكذلك الكعبة فانها بيت من حجارة بواد غير ذي زرع ليس عندها أحييد يحفظهييا ميين عييدو‬
‫ول عندها بساتين وأمور يرغب الناس فيها فليييس عنييدها رغبيية ول رهبيية ومييع هييذا فقييد حفظهييا بالهيبيية‬
‫والعظمة فكل من يأتيها يأتيها خاضعا ذليل متواضعا في غاية التواضييع وجعييل فيهييا ميين الرغبيية أن يأتيهييا‬
‫الناس من أقطار الرض محبة وشوقا من غير باعث دنيوي وهي على هذه الحال من ألوف ميين السيينين‬
‫وهذا مما ل يعرف في العالم لبنية غيرها والملوك ينبون القصور العظيمة فتبقى مدة ثييم تهييدم ل يرغييب‬
‫أحد في بنائها ول يرهبون من خرابها وكذلك مييا بنييي للعبييادات قييد تتغييير حيياله عييى طييول الزمييان وقييد‬
‫يستولي العدو عليه كما استولى على بيت المقييدس والكعبية لهييا خاصيية ليسييت لغيرهيا وهييذا ممييا حييير‬
‫الفلسفة ونحوهم فانهم يظنون أن المؤثر في هذا العالم هو حركات الفلك وأن ما بني وبقييي فقييد بنييي‬
‫بطالع سعيد فحاروا في طالع الكعبة اذ لم يجييدوا فييي الشييكال الفلكييية مييا يييوجب مثييل هييذه السييعادة‬
‫والفرح والعظمة والدوام والقهر والغلبة وكذلك ما فعل اللييه بأصييحاب الفيييل لمييا قصييدوا تخريبهييا قييال‬
‫تعالى ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم فنني تضننليل وأرسننل عليهننم طيننرا أبابيننل ترميهننم‬
‫بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول قصدها جيش عظيم ومعهم الفيل فهرب أهلها منهم فبرك الفيل‬
‫وامتنع من المسير الى جهتها واذا وجهوه الييى غييير جهتهييا تييوجه ثييم جيياءهم ميين البحيير طييير أبابيييل أي‬
‫جماعات في تفرقة فوجا بعد فوج رموا عليهم حصى هلكوا به كلهم فهذا مما لم يوجد نظيره في العييالم‬
‫فآيات النبياء هي أدلة وبراهين على صدقهم والدليل يجب أن يكون مختصا بالمدلول عليه ل يوجد‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.118‬‬

‫مع عدمه ل يتحقق الدليل إل مع تحقق المدلول كما أن الحادث ل بد له من محدث فيمتنييع وجيود حيادث‬
‫بل محدث ول يكون المحدث إل قادرا فيمتنع وجود الحداث من غير قادر والفعييل ل يكييون ال ميين عييالم‬
‫ونحو ذلك فكذلك ما دل على صدق النبي يمتنع وجوده إل مع كون النبي صادقا ولم يجعلوا آيييات النبييياء‬
‫تدل دللة عقلية مستلزمة للمدلول ول تدل بجنسها ونفسها بل قال بعضهم قييد تييدل وقييد ل تييدل وقييال‬
‫آخرون تدل مع الدعوى ول تدل مع عييدم الييدعوى وهييذا يبطييل كونهييا دليل وآخييرون أرادوا تحقيييق ذلييك‬
‫فقالوا تدل دللة وضعية من جنس دللة اللفظ على مراد المتكلييم تييدل إن قصييد الدلليية ول تييدل بييدون‬
‫ذلك فهي تدل مع الوضع دون غيره فيقال لهم وما يدل على قصد المتكلم هييو أيضييا دليييل مطييرد يمتنييع‬
‫وجوده بدون المدلول ودللته تعلم بالعقل فجمييع الدليية تعليم بالعقيل دللتهيا علييى الميدلول فييان ذلييك‬
‫اللفظ إنما يدل اذا علم أن المتكلم أراد به هذا المعنى وهذا قد يعلم ضرورة وقد يعلييم نظييرا فقييد يعلييم‬
‫قصد المتكلم بالضرورة كما يعلم أحوال النسان بالضيرورة فيفييرق بييين حمييرة الخجيل وصيفرة الوجيل‬
‫وبين حمرة المحموم وصفرة المريض بالضرورة وقد يعلم نظرا واستدلل كما يعلم أن عادته إذا قال كذا‬
‫أن يريد كذا وانه ل ينقض عادته إل اذا بين ما يدل على انتقاضها فيعلم هذا كما يعلم سائر العاديات مثييل‬
‫طلوع الشمس كل يوم والهلل كل شهر وارتفاع الشمس في الصيف وانخفاضها فيي الشيتاء ومين هيذا‬
‫سنة الله في الفرق بين النبياء وأتباعهم وبين مكذبهم قال تعالى قنند خلننت مننن قبلكننم سنننن فسننيروا فنني‬
‫الرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين وقال تعالى فهل ينظرون إل سنة الولين فلن تجد لسنة ال ن تبننديل‬
‫ولن تجد لسنة ال تحويل وقال تعالى أفلم يسيروا في الرض فتكون لهم قلننوب يعقلننون بهننا أو آذان يسننمعون‬
‫بها فانها ل تعمى البصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وقال تعالى وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد‬
‫منهم بطشا فنقبوا في البلد هل من محيص ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو القى السننمع وهننو شننهيد فان‬
‫هذه العجائب واليات التي للنبياء‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.119‬‬

‫تارة تعلم بمجرد الخبار المتواترة وان لم نشاهد شيئا من آثارها وتارة تشاهد بالعيان آثارها الداليية علييى‬
‫ما حدث كما قال تعالى وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وقال تعالى فتلك بيوتهم خاوية بما ظلمننوا‬
‫وقال تعالى وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفل تعقلون وقال تعالى ان فنني ذلننك ليننات للمتوسننمين‬
‫وانها لبسبيل مقيم ان في ذلك لية للمؤمنين وان كان أصحاب اليكة لظالمين فانتقمنا منهم وانهما لبامام مبين أي‬
‫لبطريق موضح متبين لمن مر به آثارهم وهذا الخبار كانت منتشرة متواترة في العالم وقيد عليم النياس‬
‫أنها آيات للنبياء وعقوبة لمكذبيهم لهذا كانوا يذكرونها عند نظائرها للعتبار كما قال ميؤمن آل فرعييون‬
‫يا قوم إني أخاف مثل يوم الخرة مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين مننن بعنندهم ومننا الن يرينند ظلمننا للعبنناد‬
‫وقال شعيب ويا قوم ل يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قننوم هننود أو قننوم صننالح ومننا‬
‫قوم لوط منكم ببعيد والقرآن آيته باقية على طول الزمان من حين جاء به الرسول تتلى آيييات التحييدي بييه‬
‫ويتلى قوله فليأتوا بحديث مثله ان كانوا صادقين فأتوا بعشر سور مثله و بسورة مننن مثلننه ويتلى قييوله‬
‫قل لئن اجتمعت النس والجن على أن يأتوا بمثل هننذا القننرآن ل يننأتون بمثلننه ولننو كننان بعضننهم لبعننض ظهيننرا‬
‫فنفس إخبار الرسول بهذا في أول المر وقطعه بذلك مع علمه بكثرة الخلق دليل علييى أنييه كييان خارقييا‬
‫يعجز الثقلين عن معارضته وهذا ل يكون لغير النبياء ثم مع طول الزمان قد سمعه الموافييق والمخييالف‬
‫والعرب والعجم وليس في المم من أظهر كتابا يقرأه الناس وقال انه مثله وهذا يعرفه كل أحد وما ميين‬
‫كلم تكلم به الناس وان كان في أعلى طبقات الكلم لفظا ومعنى إل وقد قال الناس نظيره وما يشييبهه‬
‫ويقاربه سواء كان شعرا أو خطابة أو كلما في العلوم والحكمة والستدلل والوعظ والرسائل وغير ذلك‬
‫وما وجد من ذلك شيء إل ووجد ما يشبهه ويقاربه والقرآن ممييا يعلييم النيياس عربهييم وعجمهييم أنييه لييم‬
‫يوجد‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.120‬‬

‫له نظير مع حرص العرب وغير العرب على معارضته فلفظه آية ونظمه آية وإخباره بالغيوب آييية وأمييره‬
‫ونهيه آية ووعده ووعيده آية وجللته وعظمته وسلطانه على القلوب آييية واذا ترجييم بغييير العربييي كييانت‬
‫معانيه آية كل ذلك ل يوجد له نظير في العالم واذا قيل إن التوراة والنجيل والزبور لييم يوجييد لهييا نظييير‬
‫أيضا لم يضرنا ذلك فإنا قلنا إن آيات النبياء ل تكون لغيرهم وان كانت لجنس النبياء كالخبار بغيب اللييه‬
‫فهذه آية يشتركون فيها وكذلك إحياء الموتى قد كان آية لغير واحد من النبياء غير المسيح كما كان ذلك‬
‫لموسى وغيره وليس المقصود هنا ذكر تفضيل بعض النبياء على بعييض بييل المقصييود أن جنييس النبييياء‬
‫متميزون عن غيرهييم باليييات والييدلئل الداليية علييى صييدقهم الييتي يعلييم العقلء أنهييا لييم توجييد لغيرهييم‬
‫فيعلمون أنها ليست لغيرهم لعادة ول خرق عادة بل اذا عبر عنها بأنها خيرق عيادة وبأنهيا مين العجييائب‬
‫فالمر العجيب هو الخارج عن نظائره وخارق العادة ما خرج عن المر المعتاد فالمراد بذلك أنهييا خارجيية‬
‫عن المر المعتاد لغير النبياء وأنها من العجائب الخارجة عن النظائر فل يوجد نظيرهييا لغييير النبييياء واذا‬
‫وجد نظيرها سواء كان أعظم منها أو دونها لنبي فذلك توكيد لها أنهييا ميين خصييائص النبييياء فييان النبييياء‬
‫يصدق بعضهم بعضا فآية كل نبي لجميع النبياء كما أن آيات أتباعهم آيات لهم أيضا وهذا أيضييا ميين آيييات‬
‫النبياء وهيو تصيديق بعضيهم لبعيض فل يوجيد مين أصيحاب الخيوارق العجيبية اليتي تكيون بغيير النبيياء‬
‫كالسحرة والكهنة واهل الطبائع والصناعات ال من يخالف بعضهم بعضا فيما يدعو اليه ويأمر بييه ويعييادي‬
‫بعضهم بعضا وكذلك أتباعهم اذا كانوا من أهل الستقامة فما أتى بييه الول ميين اليييات فهييو دليييل علييى‬
‫نبوته ونبوة من يبشر به وما أتى به الثاني فهو دليل على نبوته ونبوة من يصدقه ممن تقدم فما أتييى بييه‬
‫موسى والمسيح وغيرهما من اليات فهي آيات لنبوة محمد لخبارهم بنبوته فكيان هيذا الخيبر ممييا دليت‬
‫آياتهم على صدقه وما أتى به محمد من اليات فهو دليل على إثبات جنس النبياء مطلقا وعلى نبوة كييل‬
‫من سمي في القرآن خصوصا اذا كان هذا مما أخبر به‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.121‬‬

‫محمد صلى الله عليه وسلم عن الله ودلت على صدقه فيما يخبر به عن الله وحينئذ فاذا قدر أن التوراة‬
‫أو النجيل أو الزبور معجز لما فيه من العلوم والخبار عن الغيوب والمر والنهي ونحو ذلك لم ينازع فييي‬
‫ذلك بل هذا دليل على نبوتهم صلوات الله عليهم وعلى نبييوة ميين أخييبروا بنبييوته وميين قييال إنهييا ليسييت‬
‫بمعجزة فان أراد ليست معجزة من جهة اللفظ والنظم كالقرآن فهذا ممكن وهييذا يرجييع فيييه الييى أهييل‬
‫اللغة العبرانية وأما كون التوراة معجزة من حيييث المعيياني لمييا فيهييا مين الخبييار عيين الغيييوب أو الميير‬
‫والنهي فهذا ل ريب فيه ومما يدل على أن كتب النبياء معجزة ان فيهييا الخبيار بنبيوة محمييد صييلى الليه‬
‫عليه وسلم قبل أن يبعث بمدة طويلة وهذا ل يمكن علمه بيدون إعلم الليه لهييم وهيذا بخلف مين أخييبر‬
‫بنبوته من الكهان والهواتف فان هذا إنما كان عند قرب مبعثه لما ظهرت دلئل ذلك واسترقته الجن ميين‬
‫الملئكة فتحدثت به وسمعته الجن من أتباع النبياء فالنبي الثاني اذا كان قييد أخييبر بمييا هييو موجييود فييي‬
‫كتاب النبي الول وقد وصل اليه من جهته لم يكن آية له فان العلماء يشيياركونه فييي هييذا وأمييا اذا أخييبر‬
‫بقدر زائد لم يوجد في خبر الول او كان ممن لم يصل إليه خبر نبي غيره كان ذلك آية له كما يوجد فييي‬
‫نبوة أشعيا وداود وغيرهما من صفات النبي مال يوجد مثله في تيوراة موسييى فهييذه الكتييب معجييزة لمييا‬
‫فيها من أخبار الغيب الذي ل يعلمه إل نبي وكذلك فيها من المر والنهي والوعد والوعيد ما ل يأتي بييه إل‬
‫نبي أو تابع نبي وما أتى أتباع النبياء من جهة كونهم أتباعا لهم مثل أمرهم بما أمروا به ونهيهم عما نهييوا‬
‫عنه ووعدهم بما وعدوا به ووعيدهم بما يوعدون به فانه من خصائص النبياء والكذاب المييدعي للنبييوة ل‬
‫يأمر بجميع ما أمرت به النبياء وينهى عن كل ما نهوا عنه فييان ذلييك يفسييد مقصييوده وهييو كيياذب فيياجر‬
‫شيطان من أعظم شياطين النس والذي يعينه على ذلك من أعظم شياطين الجيين وهييؤلء ل يتصييور أن‬
‫يأمروا بما أمرت به النبياء وينهوا عما نهوا عنه لن ذلك يناقض مقصييودهم بييل وان أمييروا بييالبغض فييي‬
‫ابتداء المر من يخدعونه ويربطونه فل بد أن يناقضوا فيأمروا بما نهت عنه النبياء ول يوجبوا ما أمرت به‬
‫النبياء كما جرى مثل ذلك لمن ادعى النبوة من الكذابين ولمن أظهر موافقة النبياء وهو في‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.122‬‬

‫الباطن من المنافقين كالملحدة الباطنييية الييذين يظهييرون السييلم والتشيييع ابتييداء ثييم إنهييم يسييتحلون‬
‫الشرك والفواحش والظلم ويسقطون الصلة والصيام وغير ذلييك ممييا جيياءت بييه الشييريعة فميين أظهيير‬
‫خلف ما أبطن وكان مطاعا في الناس فل بد أن يظهر من باطنه ما يناقض ما أظهره فكيف بمن ادعييى‬
‫النبوة وأظهر انه صادق على الله وهو في الباطن كاذب على الله بل من أظهر خلف ما أبطن من آحيياد‬
‫الناس يظهر حاله لمن خبره في مدة فان الجسد مطيع للقلب والقلب هييو الملييك المييدبر لييه كمييا قييال‬
‫صلى الله عليه وسلم أل ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح لها سائر الجسييد واذا فسييدت فسييد لهييا‬
‫سائر الجسد أل وهي القلب فاذا كان القلب كاذبا عليى الليه فياجرا كيان ذليك أعظيم الفسياد فل بيد أن‬
‫يظهر الفساد على الجوارح وذلك الفساد يناقض حال الصادق علييى اللييه وقييد بسييط هييذا فييي غييير هييذا‬
‫الموضع وذكر أن آيات النبياء الدالة على صدقهم كثيرة متنوعة وان النبي الصادق خير النيياس والكيياذب‬
‫على الله شر الناس وبينهما من الفروق مال يحصيه إل الله فكييف يشيتبه هيذا بهييذا بيل لهييذا ميين دلئل‬
‫صدقه ولهذا من دلئل كذبه مال يمكن إحصاؤه وكل من خص دليل الصدق بشيييء معييين فقييد غلييط بييل‬
‫آيات النبياء هي من آيات الله الدالة على أمره ونهيه ووعده ووعييده وآييات اللييه كيثيرة متنوعية كآيييات‬
‫وجوده ووحدانيته وعلمه وقييدرته وحكمتييه ورحمتييه سييبحانه وتعييالى والقييرآن مملييوء ميين تفصيييل آييياته‬
‫وتصريفها وضرب المثال في ذلك وهو يسميها آيات وبراهين وقد ذكرنييا الفييرق بييين اليييات والمقيياييس‬
‫الكليييييييية اليييييييتي ل تيييييييدل ال عليييييييى أمييييييير كليييييييي فيييييييي غيييييييير هيييييييذا الموضيييييييع‬
‫) الوجه الثاني عشر ( أن ما يأتي به الساحر والكاهن وأهل الطبائع والصناعات والحيييل وكييل ميين ليييس‬
‫من أتباع النبياء ل يكون إل من مقدور النس والجن فما يقدر عليه النس من ذلك هييو وأنييواعه والحيييل‬
‫فيه كثير وما يقدر عليه الجن هو من جنس مقدور النس وإنما يختلفيون فيي الطرييق فيان السياحر قيد‬
‫يقدر على أن يقتل انسانا بالسحر أو يمرضه أويفسد عقله أو حسه وحركته وكلمه بحيييث ل يجييامع أو ل‬
‫يمشي أو ل يتكلم ونحو ذلك وهذا كله مما يقدر النس على مثله لكن بطرق‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.123‬‬

‫أخرى والجن يطيرون في الهواء وعلى الماء ويحملون الجسام الثقيلة كما قال العفريت لسييليمان أنننا‬
‫آتيك به قبل أن تقوم مننن مقامننك وهذا الجنيس يكيون لميين هيو دون النيس والجين مين الحييوان كييالطيور‬
‫والحيتان والنس يقدر على جنسه ولهذا لم يكن هذا الجنس آييية لنييبي لوجييوده لغييير النبييياء فكييثير ميين‬
‫الناس تحمله الجن بل شياطين الجن وتطير به في الهواء وتذهب به الى مكان بعييد كميا كيان العفرييت‬
‫يحمل عرش بلقيس من اليمن الى مكان بعيد ونحن نعرف من هييؤلء عييددا كييثيرا وليسييوا صييالحين بييل‬
‫فيهم كفار ومنافقون وفساق وجهال ل يعرفون الشريعة والشياطين تحملهم وتطير بهم ميين مكييان الييى‬
‫مكان وتحملهم الى عرفات فيشهدون عرفات من غيير إحيرام ول تلبيية ول طيواف بيالبيت وهيذا الفعيل‬
‫حرام والجهال يحسبون أنه من كرامات الصالحين فتفعله الجن بمن يحب ذلك مكرا به وخديعة أو خدمة‬
‫لمن يستخدمهم من هؤلء الجهال بالشريعة وان كان له زهد وعبادة وكذلك الجن كثيرا ما يييأتون النيياس‬
‫بما يأخذونه من أموال الناس من طعام وشراب ونفقة وماء وغير ذلك وهو من جنس ما يسرقه النسييي‬
‫ويأتي به الى النسي لكن الجن تأتي بالطعام والشراب في مكان العدم ولهذا لم يكن مثل هذا آية لنييبي‬
‫وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يضع يده في الماء فينبع الماء من بين أصابعه وهذا ل يقدر عليه ل‬
‫إنس ول جن وكذلك الطعام القليل يصير كثيرا وهذا ل يقدر عليه ل الجن ول النس ولم يأت النبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم قط بطعام من الغيب ول شراب وإنما كان هذا قد يحصل لبعض أصحابه كما أتى خييبيب‬
‫بن عدي وهو أسير بمكة بقطف من عنب وهذا الجنس ليس من خصائص النبياء ومريم عليها السلم لم‬
‫تكن نبية وكانت تؤتى بطعام فان هذا قد يكون من حلل فيكون كرامة يأتي به إما ملك وإما جني مسييلم‬
‫وقد يكون حراما فليس كل ما كان من آيات النبياء يكون كرامة للصالحين وهؤلء يسوون بين هذا وهييذا‬
‫ويقولون الفرق هو دعوى النبوة والتحدي بالمثل وهذا غلط فان آيات النبياء التي دلت على نبييوتهم هييي‬
‫أعلى مما يشتركون فيه هم وأتباعهم مثل التيان بالقرآن ومثل الخبار بأحوال النبياء المتقدمين وأممهم‬
‫والخبار بما يكون يوم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.124‬‬

‫القيامة وأشراط الساعة ومثل إخراج الناقة مين الرض ومثيل قليب العصيا حيية وشيق البحير ومثيل أن‬
‫يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن اللييه وتسييخير الجيين لسييليمان لييم يكيين مثلييه‬
‫لغيره لكن من الجن المؤمنين من يعاون المؤمنين ومن الجن الفساق والكفار ميين يعيياون الفسيياق كمييا‬
‫يعاون النس بعضهم بعضا فإما طاعة مثل طاعة سليمان فهذا لم يكن لغير سليمان ومحمييد صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم أعطي أفضل مما أعطي سليمان فانه أرسل الى الجن وأمروا أن يؤمنييوا بييه ويطيعييوه فهييو‬
‫يدعوهم الى عبادة الله وطاعته ل يأمرهم بخدمته وقضاء حوائجه كما كان سييليمان يييأمرهم ول يقهرهييم‬
‫باليد كما كان سليمان يقهرهم بل يفعل فيهم كما يفعل في النس فيجاهدهم الجيين المؤمنيون ويقيمييون‬
‫الحدود على منافقيهم فيتصرف فيهم تصرف العبد الرسييول ل تصييرف النييبي الملييك كمييا كييان سييليمان‬
‫يتصرف فيهم والصالحون من أمته المتبعون له يتبعونه فيميا كيان ييأمر بيه النيس والجين وآخيرون دون‬
‫هؤلء قد يستخدمون بعض الجن في مباحات كما قد يستخدمون بعض النس وقد يكون ذلك مما ينقييص‬
‫دينهم ل سيما ان كان بسبب غير مباح وآخرون شر من هؤلء يستخدمون الجيين فييي أمييور محرميية ميين‬
‫الظلم والفواحش فيقتلون نفوسا بغير حق ويعينونهم على ما يطلبونه من الفاحشيية كمييا يحضييرون لهييم‬
‫امرأة أو صبيا أو يجذبونه اليه وآخرون يستخدمونهم في الكفر فهذه المور ليست من كرامات الصالحين‬
‫فان كرامات الصالحين هو ما كان سببه اليمييان والتقييوى ل مييا كييان سييببه الكفيير والفسييوق والعصيييان‬
‫وأيضا فالصالحون سابقوهم ل يستخدمونهم إل في طاعة الله ورسوله ومن هو دون هؤلء ل يسييتخدمهم‬
‫إل في مباح وأما استخدامهم في المحرمات فهو حرام وان كانوا إنما خدموه لطيياعته للييه كمييا لييو خييدم‬
‫النس رجل صالحا لطاعته لله ثم استخدمهم فيمييا ل يجييوز فهييذا بمنزليية ميين أنعييم عليييه بطيياعته نعميية‬
‫فصرفها الى معصية الله فهو آثم بذلك وكثير من هؤلء يسلب تلك النعمة ثم قد يسييلب الطاعيية فيصييير‬
‫فاسقا ومنهم من يرتد عن دين السلم فطاعة الجن للنسان ليست أعظم من طاعة النس بييل النييس‬
‫أجل وأعظم وأفضل وطاعتهم أنفع واذا كان المطاع من النس قد يطاع في طاعة الله فيكييون محمييودا‬
‫مثابا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.125‬‬

‫وقد يطاع في معصية الله فيكون مذموما آثما فكذلك المطاع من الجن الذي يطيعه الناس والمطاع من‬
‫النس قد يكون مطاعا لصلحه ودينه وقد يكون مطاعا لملكه وقوته وقد يكون مطاعا لنفعه لمن يخدمه‬
‫بالمعاوضة فكذلك المطاع من الجن قد يطاع لقول وملك محمود أو ميذموم ثيم المليك اذا سيار بالعيدل‬
‫حمد وإن سار بالظلم فعاقبته مذمومة وقد يهلكه أعوانه فكذلك المطيياع ميين لجيين اذا ظلمهييم أو ظلييم‬
‫النس بهم أو بغيرهم كانت عاقبته مذمومة وقد تقتله الجن أو تسلط عليه من النس من يقتله وكل هيذا‬
‫واقع نعرف من ذلك من الوقائع ما يطول وصفه كما نعرف من ذلك من وقائع النييس مييا يطييول وصييفه‬
‫وليس آيات النبياء في شيء من هذا الجنس ونبينا صلى الله عليييه وسييلم لمييا أسيري بيه مين المسييجد‬
‫الحرام الى المسجد القصى إنما أسري به ليرى من آيات ربه الكبرى وهذا هو الذي كييان ميين خصائصييه‬
‫أن مسراه كان هذا كما قال تعالى أفتمارونه على ما يرى ولقد رآه نزلة أخرى عننند سنندرة المنتهننى عننندها‬
‫جنة المأوى وقال تعالى وما جعلنا الرؤيا التي أريناك ال فتنة للناس قال ابن عبيياس هييي رؤيييا عييين أريهييا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة اسري به فهذا الذي كان من خصائصه ومن أعلم نبوته وأما مجرد‬
‫قطع تلك المسافة فهذا يكون لمن تحمله الجن وقد قيال العفرييت لسيليمان أنننا آتيننك بننه قبننل أن تقننوم‬
‫مقامك وحمل العرش من القصر من اليمن الى الشام أبلغ من ذلك وقال الذي عنننده علننم مننن الكتنناب أنننا‬
‫آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك فهذا أبلغ من قطع المسافة التي بين المسجدين فييي ليليية ومحمييد صييلى‬
‫الله عليه وسلم أفضل من الذي عنده علم من الكتاب ومن سليمان فكأن الذي خصه الله به أفضل ميين‬
‫ذلك وهو أنه أسري به في ليلة ليريه من آياته فالخاصة ان السراء كان ليريه من آياته الكبرى كمييا رآه‬
‫نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى اذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغننى فهييذا ميا‬
‫حصل مثله ل لسليمان ول لغيره والجن وان قدروا على حمل بعض الناس فيي الهيواء فل يقيدرون عليى‬
‫إصعاده الى السماء واراءته آيات ربه الكبرى فكان ما آتاه الله محمدا خارجا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.126‬‬

‫عن قدرة الجن والنس وانما كان الذي صحبه فيي معراجيه جبرييل اليذي اصيطفاه الليه لرسيالته والليه‬
‫يصطفي من الملئكة رسل ومن الناس وكان المقصود من السراء أن يريه ما رآه من آييياته الكييبرى ثييم‬
‫يخبر به الناس فلما أخبر به كذب به من كذب من المشركين وصدق به الصييديق وأمثيياله ميين المييؤمنين‬
‫فكان ذلك ابتلء ومحنة للناس كما قال وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إل فتنة للناس أي محنة وابتلء للناس‬
‫ليتميز المؤمن عن الكافر وكان فيما أخبرهم به أنه رأى الجنة والنار وهذا مما يخييوفهم بييه قييال تعييالى‬
‫ونخوفهم فما يزيدهم إل طغيانا كبيرا والرسول لما أخبرهم بما رآه كييذبوه فييي السييراء وأنكييروا أن يكييون‬
‫أسري به الى المسجد القصى فلما سألوه عن صفته فوصييفه لهييم وقييد علمييوا أنييه لييم يييره قبييل ذلييك‬
‫وصدقه من رآه منهم كان ذلك دليل على صدقه في المسرى فلم يمكنهم مع ذلك تكذيبه فيميا ليم ييروه‬
‫وأخبر الله تعالى بالمسرى الى المسجد القصى لنهم قد علمييوا صييدقه فييي ذلييك بمييا أخييبرهم بيه مين‬
‫علماته فل يمكنهم تكذيبه في ذلك وذكر أنه رأى من آيات ربه الكبرى ولم يعين ما رآه وهو جبريل الذي‬
‫رآه في صورته التي خلق عليها مرتين لن رؤية جبريييل هييي ميين تمييام نبييوته وممييا يييبين ان الييذي أتيياه‬
‫بالقرآن ملك ل شيطان كما قال في سورة إذا الشمس كورت انننه لقننول رسننول كريننم ذي قننوة عننند ذي‬
‫العرش مكين مطاع ثم أمين ثم قال وما صاحبكم بمجنون ولقد رآه بالفق المبين وما هو علنى الغينب بضننين‬
‫ومننننننننا هننننننننو بقننننننننول شننننننننيطان رجيننننننننم فننننننننأين تننننننننذهبون إن هننننننننو إل ذكننننننننر للعننننننننالمين‬
‫) فصل ( ومما يبين ضعف طريقة هؤلء أنهم قالوا المعجزات ل تدل بجنسها على النبوة بييل يوجييد مثييل‬
‫المعجز من كل وجه ول يدل على النبوة كأشراط الساعة وكما يوجد للسييحرة والكهييان والصييالحين ميين‬
‫الخوارق التي تماثل آيات النبياء فيما زعمه هييؤلء قييالوا لكيين الفييرق أن هييذا يييدعي النبييوة ويحتييج بهييا‬
‫ويتحداهم بالمثل فل يقدر أحد على معارضته وأولئك لو ادعوا النبوة لمنعهم الله منها وان كانوا قبل ذلك‬
‫غير ممنوعين منها أو لقيض لهم من يعارضهم ولو عارضوا بها نبيا لمنعهم الله إياهيا ليسيلم دلييل النبيوة‬
‫قالوا والمعجز انما يدل دللة وضعية بالجعل والقصد كدللة اللفاظ‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.127‬‬

‫والعقد والخط والعلمات التي يجعلها الناس بينهم فيقال لهم هذه المييور كلهييا انمييا تييدل إذا تقييدم علييم‬
‫المدلول بها أن الدال جعلها علمة كما يوكل الرجل وكيل ويجعل بينييه وبينييه علميية إمييا وضييع يييده علييى‬
‫ترقوته وإما وضع خنصره وإما وضع يده على رأسه فمن جاء بهذه العلمة علم أن موكله أرسله فأمييا إذا‬
‫لم يتقدم ذلك لم تكن دللة جعلية وضعية اصطلحية وآيات النبياء لما لم تتقدم قبلها من الرب مواضييعة‬
‫بينه وبين العباد قالوا هي تشبه ما إذا قال الرجل لمييوكله والرسييول لمرسييله انييك أرسييلتني الييى هييؤلء‬
‫القوم فان كنت أرسلتني فقم واقعد ليعلموا انك أرسييلتني فيياذا قييام وقعييد عقييب طلييب الرسييول علييم‬
‫الحاضرون أنه قام وقعد ليعلمهم أنه رسوله وان كان بدون طلبه قد يقوم ويقعد لمور أخرى فيقال لهييم‬
‫هنا لما علم الحاضرون انتفاء داع يدعوه إل قصد التصديق علموا أنه قصد تصديقه ولهذا لو جوزوا قيييامه‬
‫لحاجة عرضت أو لحية أو عقرب وقعت في ثيابه أو لغير ذلك لم يجعلوا ذلك دليل والسبر والتقسيم ممييا‬
‫يعلم به الدليل وان لم يقصده الدليل حتى أن الرجل المشهور إذا خرج فييي غييير وقييت خروجييه المعتيياد‬
‫فقد يعرف كثير من الناس لي شيء خرج لعلمهم بانتفاء غيره وأن خروجه له مناسب وان لم يكيين هنييا‬
‫أحد طلب الستدلل فخروج النسان عن عادته قد يكون لسباب فاذا اقترن بسييبب صييالح وعلييم انتفيياء‬
‫غيره علم أنه لذاك السبب وهذا إنما يكون ممن يفعل لداع يييدعوه والييرب تعييالى عنييدهم ل يفعييل لييداع‬
‫يدعوه فلزمهم إما إبطال أصلهم وإما إبطال هذه الدللة وايضا فيقال لهم بل الدليل دل لجنسه وهو هذا‬
‫الفعل الذي لم يفعل إل لهذا الطلب ومتى وجد هذا كان جنسه دليل وليست الدعوى جزءا من الدليل بل‬
‫طلب العلم بهذا الفعل مع الفعل هو الدليل ولهذا لو قال فافعل ما يدل علييى صييدقي وقييام وقعييد لييم‬
‫يدل على صدقه بخلف ما إذا قال فقم واقعد ولو قال فأظهر ما يدل علييى صييدقي فل بييد أن يظهيير مييا‬
‫يدل جنسه أنه دليل كقول أو خط أو غير ذلك أو خلعة تختص بمثل ذلك ففرق بيين أن يطليب فعل معينيا‬
‫أو دليل مطلقا وهو إذا طلب فعل معينا كقيام أو وضع يد على الرأس أو صييلة ركعييتين أو غييير ذلييك ميين‬
‫الفعال دل على‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.128‬‬

‫صدقه وان كان ذلك معتادا له أن يفعله فليس من شرط دللته أن يخرج عن عادته لكن شرط دللته أن‬
‫يعلم أنه فعله لجل العلم بحيث ل يكون هنيياك سييبب داع غييير العلم وحينئذ فهيو دال لجنسييه وكييذلك‬
‫يقال الرب إذا خرق العادة لمدعي الرسالة عقب مطالبته بآية علم أن اللييه لييم يخلييق تلييك الدليية علييى‬
‫صدقه فهذا يدل وهذا انما يتم مع كون الرب يفعل شيئا لجل شييء آخير وحينئذ فقيد يكيون مين شيرط‬
‫الدليل مطالبة الطالب بدليل ل أن نفس الدعوى هييي جييزء الييدليل وفييرق بييين طلبييه ميين الييرب آييية أو‬
‫طلبهم منه آية وبين الدعوى فاظهار ما يظهره الرب عقب طلبهم أو طلبه قد يقال فيه أن الطلييب جييزء‬
‫الدليل وأنه لو أظهره بدون الطلب لم يدل وأما نفس دعوى النبوة فليست جزءا وعلى هذا فاذا قدر أنييه‬
‫يفعل ذلك عند طلبه أو طلب غيره آية دل على صدقه لكن هييذا يكييون إذا علييم أنييه لييم يفعلييه إل لعلم‬
‫أولئك بصدقه وهذا ل يكون إل بأن يتميز جنس ما دل به عن غيره ول يجوز أن يدل مييع وجييود مثلييه ميين‬
‫غير دللة بل متى قدر وجود مثله من غير دللة بطل كونه دليل ولو كانت الدعوى جزءا من الدليل لكانت‬
‫المعارضة ل تكون إل مع دعوى النبوة فلو أتوا بمثل القرآن مين غيير دعيوى النبيوة ليم يكونيوا عارضيوه‬
‫وهذا خلف ما في القرآن وخلف ما أجمع المسلمون بل العقلء والله أعلم وهم يسمون ما يكون بقصد‬
‫الدال كالكلم دليل وضعيا فالقوال والفعال التي يقصد بها الدللة كالعقد وما يجعله الرجل علميية ونحييو‬
‫ذلك يسمونه دليل وضعيا ويسمون ما يدل مطلقا دليل عقليا والجود أن يقال جميع الدليية عقلييية بمعنييى‬
‫أن العقل إذا تصورها علم أنهيا تيدل فيان اليدليل هيو ميا يكيون النظير الصيحيح فييه مفضييا اليى العليم‬
‫بالمدلول عليه وإنما يكون النظر الصحيح لمن يعقل دللة الدليل فمن لييم يعقييل كييون الييدليل مسييتلزما‬
‫للمدلول لم يستدل به ومن عقل ذلك استدل به فهو يدل بصفة هو فييي نفسييه عليهييا ل بصييفة هييي فييي‬
‫المستدل لكن كونه عقليا يرجع إلى أن المستدل علمه بعقله وهذا صفة فيي المسيتدل ل فييه أو الجيود‬
‫أن يقال الدليل قد يدل بمجرده وقد يدل بقصد الدال على دللته فالول ل يحتاج الييى قصييد الدلليية كمييا‬
‫تقول النحاة أن الصوات تدل بالطبع وتدل بالوضع فالذي يدل بالطبع كالنحنحة‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.129‬‬

‫والسييعال والبكيياء ونحييو ذلييك ميين الصييوات وهييذا ليييس كلمييا وحينئذ فمييا يييدل بقصييد الييدال أحييق‬
‫بالدللةودللته أكمل ولهذا كانت دللة الكلم على مقصود المتكلم وهي دلليية سييمعية أكمييل ميين جميييع‬
‫أنواع الدلة على مراده وهو البيان الييذي علميه اللييه النسييان وامتيين بييذلك علييى عبيياده فمنهييا مييا يييدل‬
‫بمجرده ومنها ما يدل بقصد الدال فاذا انضم اليه ما يعرف أنه قصد الدللة دل فالدليل هنا فييي الحقيقيية‬
‫قصد الدال للدللة وهي دللة ل تنتقض اذا لم يجوز عليه الكذب وإنما الييذي دل بييه علييى قصييده هييو دل‬
‫بجعله دليل لم يدل بمجرده فهو دليل بالختيار ل بمجرده فالقوال والفعال التي يقصييد بهييا الدلليية تييدل‬
‫باختيار الدال بها ل بمجردها ودللتها تعلم بالعقل وقد تفتقر من العقل الى أكثر ممييا يفتقيير اليييه العقلييي‬
‫المجرد لنها تحتاج الى أن يعلم قصد الدال ولكن ما يحصل بها من الدلليية أوضييح وأكييثر كييالكلم وعلييى‬
‫هذا فاذا أريد تقسيمها الى عقلي ووضعي أي الى عقلي مجرد والى وضعي يحتاج مييع العقييل الييى قصييد‬
‫من الدال فهو تقسيم صحيح فدال يعلم بمجرد العقل وهذا ل يحتاج مع العقل إلى السمع أو غيره وحينئذ‬
‫فاذا قيل في السمعيات انها ليست عقلية أي ل يكفي فيها مجرد العقل بل ل بد من انضمام السمع اليييه‬
‫وكذلك ذكر الرازي وغيره أن السمع المحض ل يدل ل بد من العقل وهذا صحيح فييان العقييل شيرط فييي‬
‫جميع العلوم التي تختص بالعقلء والله أعلم ومما يلزم أولئك ان ما كان يظهر على يد النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم في كل وقت من الوقات ليس دليل على نبوته لنه لم يكن كلما ظهر شيء ميين ذلييك احتييج‬
‫به وتحدى الناس بالتيان بمثله بل لم ينقل عنه التحدي إل في القرآن خاصة ول نقل التحييدي عيين غيييره‬
‫من النبياء مثل موسى والمسيح وصالح ولكن السحرة لما عارضوا موسى أبطل معارضتهم وهييذا الييذي‬
‫قالوه يوجب أن ل تكون كرامات الولياء من جملة المعجزات وقد ذكر غير واحد من العلماء أن كرامييات‬
‫الولياء معجزات لنبيهم وهي من آيات نبوته وهذا هو الصواب كقصيية أبييي مسييلم الخييولني وغيييره ممييا‬
‫جرى لهذه المة من اليات ومثل ما كان يظهر على أيدي الحواريين وعلى يد موسى وأتبيياعه لنييه جعييل‬
‫التحدي بالمثل جزءا من دليله وآيته فل يكون دليل حتى يتحداهم بالمثل بييل قييد علييم أن نفييس اسييتدلل‬
‫المستدل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.130‬‬

‫بالدليل يوجب اختصاصه بالمدلول عليه وكل من أتى بآية هي دليل وبرهان وحجة فقد علم أنه يقول انها‬
‫مستلزمة للمدلول عليه ل يوجد مع عدمه فل يمكن أحدا أن يعارضها فيأتي بمثلها مع عدم المدلول عليه‬
‫وهؤلء جعلوا من جملة الدليل دعوى النبوة والحتجاج به والتحدي بالمثل ثلثية أشيياء وهيذه الثلثية هيي‬
‫أجزاء الدليل ودعوى النبوة هو الذي تقام عليه البينة والذي تقام عليه الحجة ليس هيو جيزءا مين الحجية‬
‫والدعوى تسمى مدلول عليها ونفس المدعي يسمى مدلول عليييه وثبييوت المييدعي يسييمى مييدلول عليييه‬
‫والعلم بثبوته يسمى مدلول عليه فهنا دعوى النبوة وهنا النبوة المدعاة قبييل أن يعلييم ثبوتهييا وهنييا ثبوتهييا‬
‫في نفس المر وهنا علم الناس بثبوتها وكذلك سائر الدعاوي فمن ادعى تحريم النبيذ المتنازع فيييه فهنييا‬
‫دعواه التحريم ونفس التحريم هل هو ثابت أم منتف وثبوت التحريييم فييي نفييس الميير والعلييم بييالتحريم‬
‫وكذلك من أدعى حقا عند الحاكم فهنا دعواه الحق وهنا نفس المدعي وهو اسييتحقاقه ذلييك الحييق وهنييا‬
‫ثبوت هذا الستحقاق في نفس المر وهنا العلم باستحقاقه فالبينة والحجة يجب أن يقارن المدلول عليييه‬
‫الذي هو المدعي وثبوته في نفس المر سواء ادعاه مدع أو لم يدعه وسواء علمه عالم أو لم يعلمه فان‬
‫الدليل مستلزم لحرمة النبيد واستحقاق الحق وثبوت الحرمة في نفس المر يستلزم للحرمة وأما مجرد‬
‫الحرمة المتصورة فليست مستلزمة لوجودها في نفس المر بل قد يتصور فييي الذهييان مييال يوجييد فييي‬
‫العيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييان واللييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه أعلييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‬
‫) فصل ( وقد ذكر القاضي أبو بكر ان من المثبتة المجيزين للكرامات من أجاب عن حجة النفاة بأن قال‬
‫الدلة على ضربين عقلية ووضعية فالعقلي يدل لنفسه وجنسه والوضعي يدل مع المواطأة ول يدل مثلييه‬
‫مع عدمها كعقد العشرة وضعف أبو بكر هذا بأن قال لهم أن يقولوا إذا كييانت المعجييزات تجييري مجييرى‬
‫القول فحيث قصدت دلت وعنده أن المر ليس كذلك قلت بل هذا القائل أحسيين لنهييا تييدل إذا قصييدت‬
‫بها الدللة مثل قيام المر وقعوده إذا طلب ذلك منه ومثل العلمة التي تكون للشخص إذا جعلهييا علميية‬
‫فحيث قصد الدللة به دل لكن لزم هذا أن ل يكون إل إذا طلب الستدلل بها لنفس الدعوى ثم أنه ذكر‬
‫أن الخارق للعادة‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.131‬‬

‫ل بد أن يكون خارقا لعادة جميع المرسييل اليهييم ثيم جيوز أن يكييون ممييا اعتياده كييثير منهييم بشييرط أن‬
‫يمنعهم عن المعارضة فيكون ذلك خرق عادة ثم قال في الكرامات ل يجوز أن تكثر حتى تصير عادة لن‬
‫من حق المعجز على قولنا وقولهم ان يكون خارقا للعادة فل تجوز إدامة ظهييوره فيصييير عييادة بييل يقييع‬
‫نادرا وقد جوزوا في السحر والكهانة أن يكون عادة لكن عند دعوى النبوة يمنعهم من المعارضة فكييانت‬
‫الكرامات أولى بذلك هي عادة للصالحين وإذا ادعى النبوة صادق منع من المعارضة فهذا اضطراب آخيير‬
‫وادعى اجماع المة على أنها ل تظهر على فاسق ولييول الجميياع لجييوز ذلييك لنييه ل ينقييض دليييل النبييوة‬
‫فصارت تدل على الولية بالجماع على أنها ل تظهر ال على يد نبي أو ولي فبهييذا الجميياع يعلييم أن ميين‬
‫ظهرت على يده هو ولي لله إذا لم يدع النبوة وهذا تناقض من وجهين أحدهما أنهم قد قالوا إنهييا ل تييدل‬
‫على الولية لن الولي من مات على اليمان وهذا غير معلوم الثاني أنه يقال اذا جييوزت أن يظهيير علييى‬
‫يد الساحر والكاهن ونحوهما من الكفار ما هو من جنس المعجزات والكرامات وقلت يجب أن ل يستثنى‬
‫من السحر شيء ل يفعل عنده إل ما ورد الجماع والتوقيييف علييى أنييه ل يكييون بضييرب ميين السييحر ول‬
‫يفعل عنده كفلق البحر ونحوه فيكون الفييرق بييين السييحر وغيييره إنمييا يعلييم بهييذا الجميياع ان ثبييت وال‬
‫فعندك يجوز أن يظهر على يد الساحر كل ما يظهر على يد النيبي إذا ليم ييدع النبيوة ول يحتيج بيذلك إذا‬
‫ادعى النبوة وعارضه معارض بالمثل فكيف تقول مع هذا إن الخوارق تيدل عليى الوليية بالجمياع وانيت‬
‫تجوز ظهورها على أيدي الكفار من السحرة والكهان فان قال السحر والكهانة كانييا قبييل الرسييول فلمييا‬
‫جاء بطل قيل أنت قد أثبت أن نفسه سحر بعد النبوة وان السحر كان على عهد الصحابة وقتلوا السيياحر‬
‫وذكرت اجماع الفقهاء على أن السيحر يكيون مين المسييلمين وأهيل الكتيياب والسياحر ليييس بيولي للييه‬
‫والسحر عندك هو من جنس الكرامات الجميع خارق للعادة لم يستدل به علييى النبييوة فكيييف تقييول مييع‬
‫هذا إن الخوارق ل تكون إل لنبي أو ولي وأنت أثبتها للكفار وهذا كله مين جهية أنيه أخيذ جنيس الخيوارق‬
‫مشتركا فجوز أن يكون للنبي وغير النبي مع قوله ان الخارق ل بد أن يكون خارقا لعادة جميييع المرسييل‬
‫اليهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.132‬‬

‫ولكن عنده هذا يحصل بعدم المعارضة وحينئذ فاشتراط كونه خارقا ومختصا بمقدور الرب باطل وهو قد‬
‫حكى ان الجماع على أن المعجز ل بد أن يكون خارقا للعيادة فقيال اعلميوا رحمكيم الليه أن الكيل مين‬
‫سييائر المييم قييد شييرطوا فييي صييفة المعجييز أن يكييون خارقييا للعييادة ثييم قييال فييي فصييول الكرامييات‬
‫) فصل ( ويقال لهم ان من الناس من ل يشترط في الية المعجزة أن تكون خارقا للعادة وهذا كما ذكيير‬
‫إجماع الناس على أنه ل يدل على صدق النبي ال المعجزات فقال في الستدلل علييى انهييا لييو لييم تييدل‬
‫لزم عجز القديم إذ ل دليل بقول كل احد أثبت النبوة على نبوة الرسل وصدقهم ال ظهور المعجزة فهييذا‬
‫إجماع ل خلف فيه فلو ظهرت على يد المتنبي لبطلت دللة النبوة ولوجب عجز القييديم عيين دليييل يييدل‬
‫على نبوتهم وهو نفسه قد ذكر في ذلك عدة أقوال في غير هذا الكتاب وأيضا فالسييتدلل بالجميياع إنمييا‬
‫يكون بعد ثبوت النبوة فل يحتج على مقدمات دليل النبوة بمجرد الجماع وهييؤلء إنمييا أوقعهييم فييي هييذه‬
‫المناقضات أن القدرية يجعلون لربهم شريعة بالقياس على خلقه ويقولون ل يجييوز أن يفعييل كييذا ول أن‬
‫يفعل كذا كقولهم ل يجوز أن يضل هذا فإنا لو جوزنا عليه الضلل لجاز أن يظهر المعجييزات علييى أيييدي‬
‫الكذابين فان غاية ذلك أنه اضلل واذا جاز ذلك لم يبق دليل على صدق النبياء ولييم يفييرق بييين الصييادق‬
‫والكاذب فعارضهم هؤلء بأن قالوا يجوز أن يفعل كل ممكن مقدور ليييس يجييب أن ينييزه عيين فعييل ميين‬
‫الفعال وليس في الممكنات ما هو قبيح أو ظلم أو شيء بل كل ذلك حسن وعدل فلييه أن يفعلييه فقيييل‬
‫لهم فجوزوا اظهار المعجزات على أيدي الكذابين ففتقوا لهم فتقا فقالوا هذا يلزم منه عجييز الييرب عيين‬
‫أن ينصب دليل يدل على صدق النبي وان كان يمكنه أن يعرف صدقهم بالضرورة فذاك يوجب أن يعرفوا‬
‫نفسه بالضرورة وهو يرفع التكليف والتحقيق ان اظهيار المعجيزات الدالية عليى صيدق النبيياء عليى ييد‬
‫الكاذب ل يجوز لكن قيل لمتناع ذلك في نفسه كما قاله الشعري وقيل لن ذلك يمتنع في حكمة الييرب‬
‫وعدله وهذا أصح فانه قادر على ذلك لكن لو فعله بطلت دللة المعجز على الصدق وهييذا كمييا أنييه قييادر‬
‫على سلب العقول ولو فعل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.133‬‬

‫ذلك لبطلت العلوم وهو سبحانه لو فعل ذلك قادر على تعريف الصدق بالضرورة وقادر على أن ل يعرف‬
‫بذلك ول يميز للناس بين الصادق والكاذب لكنه ل يفعل هذا المقدور ونحن نعلم بالضطرار أنييه ل يفعييل‬
‫ذلك وأنه ل يبعث أنبياء صادقين يبلغون رسالته ويأمر الناس باتباعهم ويتوعد ميين كييذبهم فيقييوم آخييرون‬
‫كذابون يدعون مثل ذلك وهو يسوي بين هؤلء وهؤلء في جميع ما يفرق به بين الصادق والكاذب بل قييد‬
‫علمنا من سنته أنه ل يسوي في دلئل الصدق والكذب بين المحدث الصادق والكاذب والشيياهد الصييادق‬
‫والكاذب وبين الذي يعامل الناس بالصدق والكذب وبين الذي يظهر السلم صيادقا واليذي يظهيره نفاقيا‬
‫وكذبا بل يميز هذا من هذا بالدلئل الكثيرة كما يميز بين العادل وبين الظالم وبييين المييين وبييين الخييائن‬
‫فان هذا مقتضى سنته التي ل تتبدل وحكمته التي هييو منييزه عيين نقيضييها وعييدله سييبحانه بتسييويته بييين‬
‫المتماثلت وتفريقه بين المختلفات فكيف يسوي بين أفضل الناس وأكملهييم صييدقا وبييين أكييذب النيياس‬
‫وشرهم كذبا فيما يعود الى فساد العالم في العقول والديان والبضياع والميوال والييدنيا والخيرة وقيول‬
‫القدري اذا جاز عليه اضلل من أضله جاز عليه اضلل بعض النياس يقيال ليه أول لييس اظهيار المعجيزة‬
‫على أيدي الكذابين من باب الضلل بل لو ظهرت على يده لكانت ل تييدل علييى الصييدق فلييم يكيين دليل‬
‫يفرق بين الصدق والكذب وعدم الدليل يوجب عدم العلم بذلك الدليل ل يوجب اعتقاد نقيضه ولو كان ل‬
‫يظهرها ال على يد كاذب لكانت إنما تدل على الكذب فالشتراك بين الصيينفين يرفييع دللتهييا واختصيياص‬
‫أحدهما بها يوجب دللتها على المختص ويقال ثانيييا تجيويز اضيلل طائفيية معينية بمعنييى أنييه حصييل لهييم‬
‫الضلل لعدم نظرهم واستدللهم وقصدهم الحق وجعل قلوبهم معرضة عيين طلييب الحييق وقصييده وأنهييا‬
‫تكذب الصادق ليس هو مثل اضلل العالم كله ورفع ما يعرف به الحق من الباطل بل مثل هذا مثييل ميين‬
‫قال اذا جاز ان يعمي طائفة من الناس جاز أن يعمي جميع الناس فل يرى أحييد شيييئا واذا جيياز أن يصييم‬
‫بعض الناس جاز أن يصم جميعهم فل يسمع أحد شيئا وإذا جاز أن يزمن بعض الناس أو يشييل يييديه جيياز‬
‫إزمان جميع الناس وإشلل أيديهم حتى‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.134‬‬

‫ل يقدر أحد في العالم على شيء ول بطش بيده واذا جاز أن يجنن بعض النيياس جيياز أن يجنيين جميعهييم‬
‫حتى ل يبقى في الرض ال مجنون ل عاقل واذا جيياز أن يميييت بعيض النيياس جيياز أن يميتهييم كلهييم فييي‬
‫ساعة واحدة مع بقاء العالم على ما هو عليه وأن يقال اذا جاز أن يضييل بعييض النيياس عيين قبييول بعييض‬
‫الحق جاز أن يضله عن قبول لكل حق حتى ل يصدق أحدا في شيء ول يقبل شيئا لما يقال لييه فل يأكييل‬
‫ول يشرب ول يلبس ول ينام وان كل من أضل جاز أن يفعل به هذا كله وهييذا كلييه ممييا يعييرف بضييرورة‬
‫العقل الفرق بينهما ومن سوى بين هذا وهذا كان مصابا في عقله وآيات النبياء هي من هييذا البيياب فلييو‬
‫لم يميز بين الصادق والكاذب لكان قد بعث أنبياء يبلغون رسالته ويأمرون بما أمر به مين أطياعهم سيعد‬
‫في الدنيا والخرة ومن كذبهم شقي في الدنيا والخرة وآخرين كذابين يبلغون عنييه مييالم يقلييه ويييأمرون‬
‫بما نهى عنه وينهون عما أمر به ومن اتبعهم شقي في الدنيا والخرة ولم يجعل لحد سييبيل الييى التمييييز‬
‫بين هؤلء وهؤلء وهذا أعظم من أن يقال انه خلق أطعمة نافعة وسموما قاتلة ولم يميز بينهمييا بييل كييل‬
‫ما أكله الناس جاز أن يكون من هذا وهذا ومعلوم أن من جوز مثل هذا على الله فهو مصيياب فييي عقلييه‬
‫ثم ان الله جعل الشياء متلزمة وكل ملزوم هو دليل على لزمه فالصدق له لوازم كثيرة فييان ميين كييان‬
‫يصدق ويتحرى الصدق كان من لوازمه أنه ل يتعمد الكذب ول يخييبر بخييبرين متناقضييين عمييدا ول يبطيين‬
‫خلف ما يظهر ول يأتي هؤلء بوجه وهؤلء بوجه ول يخون أمانته ول يجحد حقا هو عليه الييى أمثييال هييذه‬
‫المور التي يمتنع أن تكون لزمة ال لصادق فاذا انتفت انتفى الصدق وإذا وجدت كانت مستلزمة لصييدقه‬
‫والكاذب بالعكس لوازمه بخلف ذلك وهذا لن النسان حي نيياطق والنطييق ميين لييوازمه الظيياهرة لبنييي‬
‫جنسه ومن لوازم النطق الخبر فانه ألزم له من المر والطلب حتى قد قيل ان جمييع أنيواع الكلم يعييود‬
‫الى الخبر فلزم أن يكون من لوازم النسان أخباره وظهور أخباره وكثرته وان هذا ل بد من وجوده حيييث‬
‫كان وحينئذ فاذا كان كذابا عرف الناس كذبه لكثرة ما يظهر منه ميين الخييبر عيين الشيييء بخلف مييا هييو‬
‫عليه من أحوال نفسه وغيره ومما رآه وسمعه وقيل له في الشهادة والغيب ولهذا كل من كان كاذبا‬

‫ظهر عليه كذبه بعد مدة سواء كان مدعيا للنبوة أو كان كاذبا في العلم ونقله أو في الشهادة أو في غييير‬
‫ذلك وان كان مطاعا كان ظهور كذبه أكثر لما فيه من الفساد وفي الصحيح عين النيبي صيلى اللييه عليييه‬
‫وسلم أنه قال ثلثة ل يكلمهم الله ول ينظر اليهم يوم القيامة ول يزكيهم ولهييم عييذاب أليييم ملييك كييذاب‬
‫وشيخ زان وعائل مستكبر ويروى وفقير مختال ولهذا كثير من أهل الدول كانوا يتواصون بالكذب وكتمان‬
‫أمورهم ثم يظهر كالقرامطة ولهذا امتنع اتفاق الناس على الكذاب والكتمان ميين غييير تواطييؤ لمييا جعييل‬
‫الله في النفوس من الداعي الى الصدق والبيان وجعل الله في القلوب هداية ومعرفة بين هذا وهذا ولم‬
‫يعرف قط في بني آدم أنه اشتبه صادق بكاذب ال مدة قليلة ثيم يظهير المير ولييس هيذا كالضيلل فيي‬
‫أمور خفية ومشتبهة على أكثر الناس فان التمييز بين الصادق والكاذب يظهيير لجمهييور النيياس وعييامتهم‬
‫بعد مدة ول يطول اشتباه ذلك عليهم وإنما يشييتبه الميير عليهييم فيمييا لييم يتعمييد فيييه الكييذب بييل أخطييأ‬
‫أصحابه فأخذ عنهم تقليدا لهم وأما مع كون أصحابه يتعمدون الكذب فهذا ل يخفى على عامة الناس‬

‫) فصل (‬

‫وقد تقدم ذكر بعض الفروق بين آيات النبياء وغيرهم وبينها وبين غيرها ميين الفييروق مييال يكييان يحصييى‬
‫الول أن النبي صادق فيما يخبر به عن الكتب ل يكذب قط ومن خالفهم من السييحرة والكهييان ل بييد أن‬
‫يكذب كما قال هل أنبؤكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم الثاني من جهة ما يييأمر بيه هييذا‬
‫ويفعله ومن جهة ما يأمر به هذا ويفعله فان النبياء ل يأمرون ال بالعدل وطلب الخرة وعبادة الله وحده‬
‫وأعمييالهم الييبر والتقييوى ومخييالفوهم يييأمرون بالشييرك والظلييم ويعظمييون الييدنيا وفييي أعمييالهم الثييم‬
‫والعدوان الثالث أن السحر والكهانة ونحوهما أمور معتادة معروفة لصحابها ليست خارقة لعادتهم وآيات‬
‫النبياء ل تكون ال لهم ولمن اتبعهم الرابع أن الكهانة والسحر يناله النسان بتعلمه وسعيه واكتسابه وهذا‬
‫مجرب عند الناس بخلف النبوة فانه ل ينالها أحد باكتسابه الخامس أن النبوة لو قدر أنها تنييال بالكسييب‬
‫فانما تنال بالعمال الصالحة والصدق والعدل والتوحيد ل تحصل مع الكذب على من دون الله‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.136‬‬

‫فضل عن أن تحصل مع الكذب على الله فالطريق الذي تحصل به لو حصلت بالكسييب مسييتلزم للصييدق‬
‫على الله فيما يخبر به السادس أن ما يأتي به الكهان والسحرة ل يخرج عن كونه مقييدور للجيين والنييس‬
‫وهم مأمورون بطاعة الرسل وآيات الرسل ل يقدر عليها ل جن ول إنس بل هييي خارقيية لعييادة كييل ميين‬
‫أرسل النبي اليه قل لئن اجتمعت النس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ل يأتون بمثله ولو كان بعضننهم‬
‫لبعض ظهيرا السابع أن هذه يمكيين أن تعييارض بمثلهييا وآيييات النبييياء ل يمكيين أحييدا أن يعارضييها بمثلهييا‬
‫الثامن أن تلك ليست خارقة لعادات بني آدم بل كل ضرب منها معتاد لطائفة غير النبياء فليست معتادة‬
‫لغير الصادقين على الله ولمن صدقهم التاسع أن هذه ل يقدر عليها مخلوق ل الملئكة ول غيرهم كانزال‬
‫القرآن وتكليم موسى وتلك تقدر عليها الجن والشياطين العاشر أنه إذا كييان ميين اليييات مييا يقييدر عليييه‬
‫الملئكة فان الملئكة ل تكذب على الله ول تقول لبشيير ان الليه أرسيلك ولييم يرسيله وانمييا يفعيل ذليك‬
‫الشياطين والكرامات معتادة في الصالحين منا وميين قبلنييا ليسييت خارقيية لعييادة الصييالحين وهييذه تنييال‬
‫بالصلح بدعائهم وعبادتهم ومعجزات النبياء ل تنال بذلك ولو طلبها الناس حتى يأذن الله فيهييا قننل إنمننا‬
‫اليات عند ال قل ان ال قادر على أن ينزل آية الحادي عشيير أن النييبي قيد تقيدمه أنبييياء فهيو ل ييأمر ال‬
‫بجنس ما أمرت به الرسل قبله فله نظراء يعتبر بهم وكذلك الساحر والكاهن له نظراء يعتبر بهم والثاني‬
‫عشر أن النبي ل يأمر ال بمصالح العباد في المعاش والمعاد فيأمر بالمعروف وينهيى عين المنكير فييأمر‬
‫بالتوحيد والخلص والصدق وينهى عن الشرك والكييذب والظلييم فييالعقول والفطيير تييوافقه كمييا تييوافقه‬
‫النبياء قبله فيصدقه صريح المعقول وصحيح المنقول الخارج عما جاء به والله أعلم‬

‫فصل‬

‫ومن تدبر هذا وغيره تبين له أن جميع ما ابتدعه المتكلمييون وغيرهييم ممييا يخييالف الكتيياب والسيينة فييانه‬
‫باطل ول ريب أن المؤمن يعلم من حيث الجملة ان ما خالف الكتاب والسنة فهييو باطييل لكيين كييثير ميين‬
‫الناس ل يعلم ذلك في المسائل المفصلة ل يعرف ما‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.137‬‬

‫الذي يوافق الكتاب والسنة وما الذي يخالفه كما قد أصيياب كييثير مين النيياس فييي الكتييب المصيينفة فييي‬
‫الكلم في أصول الدين وفي الرأي والتصوف وغير ذلك فكثير منهم قد اتبع طائفة يظيين أن مييا يقولييونه‬
‫هو الحق وكلهم على خطأ وضلل ولقد أحسن المام أحمد في قوله في خطبته وان كانت مييأثورة عميين‬
‫تقييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييدم‬
‫الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهييل العلييم يييدعون ميين ضييل الييى الهييدى‬
‫ويصبرون منهم على الذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصييرون بنييور اللييه أهييل العمييى فكييم ميين قتيييل‬
‫لبليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه فما أحسيين اثرهييم علييى النيياس وأقبييح أثيير النيياس عليهيم‬
‫ينفون عن كتاب الله تحرييف الغييالين وانتحيال المبطلييين وتأويييل الجياهلين اليذين عقييدوا ألويية البدعيية‬
‫وأطلقوا عنان الفتنة فهم مختلفون في الكتاب محالفون للكتاب مجمعون على مفارقيية الكتيياب يقولييون‬
‫على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلم ويخييدعون جهييال النيياس بمييا‬
‫يشييييييييييييبهون عليهييييييييييييم فنعييييييييييييوذ بييييييييييييالله ميييييييييييين فتيييييييييييين المضييييييييييييلين‬
‫فهؤلء أهل البدع من أهل الكلم وغيرهم كما قال مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب متفقييون علييى‬
‫مفارقة الكتاب وتصديق ما ذكره أنك ل تجد طائفة منهم توافق الكتاب والسنة فيما جعلوه أصول دينهييم‬
‫بل لكل طائفة أصول دين لهم فهي أصول دينهم الذي هم عليه ليس هي أصول الدين الذي بعث الله بييه‬
‫رسوله وأنزل به كتابه وما هم عليه من الدين ليس كله موافقييا للرسييول ول كلييه مخالفييا لييه بييل بعضييه‬
‫موافق وبعضه مخالف بمنزلة أهل الكتاب الذين لبسوا الحق بالباطل كميا قييال تعيالى يننا بننني إسننرائيل‬
‫اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكننم‬
‫ول تكونوا أول كافر به ول تشتروا بآياتي ثمنا قليل وإياي فاتقون ولتلبسوا الحق بالباطل وتكتمننوا الحننق وأنتننم‬
‫تعلمون وقال تعالى يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون لكن بعض الطوائف‬
‫أكثر مخالفة للرسول من بعض وبعضها أظهر مخالفة ولكن الظهور أمر نسبي فمن عرف السنة ظهرت‬
‫له مخالفة من خالفها فقد تظهر مخالفة بعضهم للسنة لبعض الناس لعلمه بالسنة دون من‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.138‬‬

‫ل يعلم منها ما يعلمه هو وقد تكون السنة في ذلك معلومة عند جمهور المة فتظهر مخالفة ميين خالفهييا‬
‫كما تظهر للجمهور مخالفة الرافضة للسنة وعند الجمهور هم المخالفون للسيينة فيقولييون أنييت سيينى أو‬
‫رافضي وكذلك الخوارج لما كانوا أهل سيف وقتال ظهرت مخالفتهم للجماعة حين كانوا يقيياتلون النيياس‬
‫وأما اليوم فل يعرفهم أكثر الناس وبدع القدرية والمرجئة ونحوهم ل تظهر مخالفتها بظهور هذين وهاتان‬
‫البدعتان ظهرتا لما قتل عثمان في الفتنة في خلفة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وظهرت الخوارق‬
‫بمفارقة أهل الجماعة واستحلل دمائهم وأموالهم حتى قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبييي طييالب متبعييا‬
‫في ذلك لمر النبي صلى الله عليه وسلم قال المام أحمد بن حنبل صح الحديث في الخوارج من عشرة‬
‫أوجه وهذه قد رواها صاحبه مسلم بن الحجاج في صحيحه وروى البخاري قطعة منهييا واتفقييت الصييحابة‬
‫على قتال الخوارج حتى ان ابن عمر مع امتناعه عن الدخول في فرقة كسعد وغيره من السابقين ولهذا‬
‫لم يبايعوا لحد ال في الجماعة قال عند الموت ما آسى على شيء إل على أني لم أقاتل الطائفة الباغية‬
‫مع علي يريد بذلك قتال الخوارج وال فهو لم يبايع ل لعلي ول غيره ولييم يبييايع معاوييية ال بعييد ان اجتمييع‬
‫الناس عليه فكيف يقاتل احدى الطائفتين وانما أراد المارقة التي قال فيها النبي صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫تمرق مارقة على حين فرقة من الناس يقتلهم أدنى الطائفتين الى الحق وهذا حدث به أبييو سييعيد فلمييا‬
‫بلغ ابن عمر قول النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج وأمره بقتالهم تحسر على ترك قتييالهم فكييان‬
‫قتالهم ثابتا بالسنة الصحيحة الصريحة وباتفاق الصحابة بخلف فتنة الجمل وصييفين فييان أكييثر السييابقين‬
‫الولين كرهوا القتال في هذا وهذا وكثير من الصحابة قاتلوا إما من هييذا الجييانب وإمييا ميين هييذا الجييانب‬
‫فكانت الصحابة في ذلك على ثلثة اقوال لكن الذي دلت عليه السنة الصحيحة أن علييي بيين أبييي طييالب‬
‫كان أولى بالحق وأن ترك القتال بالكلية كان خيرا وأولى ففي الصحيحين عن أبي سعيد أن النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم قال تمرق مارقة على حين فرقة من السلم يقتلهم أولييى الطيائفتين بييالحق وقييد ثبييت‬
‫عنه أنه جعل القاعد فيها خيرا من القائم والقائم خيرا من الماشي والماشي خيرا من الساعي وانه أثنى‬
‫على من صالح ولم يثن على من قاتل ففي البخاري وغيره عن أبي بكرة ان النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال عن الحسن ان ابني هذا سيد‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.139‬‬

‫وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين فاثنى على الحسن في اصلح الله به بين الفئتين وفي صييحيح‬
‫مسييلم وبعيض نسيخ البخيياري أن النييبي صيلى اللييه علييه وسييلم قييال لعمييار تقتلييك الفئة الباغييية وفيي‬
‫الصحيحين أيضا أنه قال ل تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ل يضييرهم ميين خييذلهم حييتى تقييوم‬
‫الساعة قال معاذ وهم بالشام وفي صحيح مسلم عنه أنه قال ل يزال أهل المغييرب ظيياهرين ل يضييرهم‬
‫من خذلهم قال أحمد بيين حنبييل وغيييره أهييل المغييرب أهييل الشييام أي أنهييا أول المغييرب فييان التغريييب‬
‫والتشريق أمر نسبي فلكل بلد غرب وشرق وهو صلى الله عليه وسلم تكلم بمدينته فما تغرب عنها فهو‬
‫غرب وما تشرق عنها فهو شرق وهي مسامته أول الشام من ناحية الفرات كما أن مكة مسامته لحييران‬
‫وسميساط ونحوهما وتصويب قتالهم ان كان بعييد الصييلح فلييم يقييع الصييلح وإن كييان عنييد بغيهييم فييي‬
‫القتتال وان لم يكن اصلح فهؤلء البغاة لم يكن في اصحاب علي من يقاتلهم بل تركوا قتالهم إما عجزا‬
‫وإما تفريطا فترك الصلح المأمور به وعلى هذا قوتلوا ابتداء قتال غير مأمور به ولما صار قتالهم مأمورا‬
‫به لم يقاتلوا القتال المأمور به بل نكل أصحاب علي عن القتال إما عجزا وإمييا تفريطييا والبغيياة المييأمور‬
‫بقتالهم هم الذين بغوا بعد القتتال وامتنعوا مين الصيلح الميأمور بيه فصيياروا بغياة مقيياتلين والبغياة اذا‬
‫ابتدأوا بالقتال جاز قتالهم بالتفاق كما يجوز قتال الغييواة قطيياع الطريييق اذا قيياتلوا باتفيياق النيياس فأمييا‬
‫الباغي من غير قتال فليس في النص أن الله أمر بقتاله بل الكفار إنما يقاتلون بشرط الحراب كما ذهب‬
‫اليه جمهور العلماء وكما دل عليه الكتاب والسنة كما هو مبسوط في موضعه والصييديق قاتييل المرتييدين‬
‫الذين ارتدوا عما كانوا فيه على عهد الرسول من دينه وهم أنواع منهم من آمن بمتنبئ كذاب ومنهم من‬
‫لم يقر ببعض فرائض السلم التي أقر بها مع الرسول ومنهم من ترك السلم بالكلية ولهذا تسمى هييذه‬
‫وأمثالها من الحروب بين المسلمين فتنا كما سماها النبي صلى الله عليه وسييلم والملحييم مييا كييان بييين‬
‫المسلمين والكفار وبسط هذا له موضع آخر والمقصود هنا أن الخوارج ظهروا في الفتنة وكفروا عثمييان‬
‫وعليا ومن والهما وباينوا المسلمين في الدار وسموا دارهم دار الهجرة وكانوا كما وصفهم النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم يقتلون أهل السلم ويدعون أهل الوثان وكانوا أعظم الناس صلة‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.140‬‬

‫وصياما وقراءة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يحقر أحدكم صلته مع صلتهم وصيامه مع صيييامهم‬
‫وقراءته مع قراءتهم يقرأون القرآن ل يجاوز حناجرهم يمرقون من السلم كما يمرق السهم من الرمييية‬
‫ومروقهم منه خروجهم باستحللهم دماء المسلمين وأموالهم فييانه قييد ثبييت عنييه فييي الصييحيح أنيه قييال‬
‫المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهيياجر مين هجيير مييا نهيى اللييه عنيه وهيم بسيطوا فيي‬
‫المسلمين أيديهم وألسنتهم فخرجوا منه ولم يحكم علي وأئمة الصحابة فيهم بحكمهم في المرتييدين بييل‬
‫جعلوهم مسلمين وسعد بن أبي وقاص وهو أفضل من كان قيد بقيي بعيد عليي وهيو مين أهيل الشيورى‬
‫واعتزل في الفتنة فلم يقاتل ل مع علي ول مع معاوية ولكنه ممن تكلم في الخوارج وتأول فيهيم قيوله‬
‫وما يضل به ال الفاسفين الذين ينقضون عهد ال من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر ال به أن يوصل ويفسدون فنني‬
‫الرض أولئك هم الخاسرون وحدث أيضا طوائف الشيعة اللهية الغلة فرفع الى علي منهم طائفيية ادعييوا‬
‫فيه اللهية فأمرهم بالرجوع فأصروا فأمهلهم ثلثا ثم أميير بأخاديييد مين نييار فخييدت وألقيياهم فيهييا فييرأى‬
‫قتلهم بالنار وأما ابن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم بالنار لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن‬
‫يعذب بعذاب الله ولضربت أعناقهم لقوله صلى الله علييه وسييلم مين بييدل دينييه فيياقتلوه رواه البخيياري‬
‫وأكثر الفقهاء على قول ابن عباس وروي أنه بلغيه أن ابين السيوداء يسيب أبيا بكيير وعمير فطليب قتلييه‬
‫فهرب منه فاما قتله على السب أو لنه كان متهما بالزندقة وقيل إنه هو الذي ابتدع بدعة الرافضية وأنيه‬
‫كان قصده افساد دين السلم وهذا يستحق القتل باتفاق المسلمين والذين يسبون أبا بكيير وعميير فيهييم‬
‫تزندق كالسماعيلية والنصيرية فهؤلء يستحقون القتل بالتفاق وفيهم من يعتقد بنبييوة النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم كالمامية فهؤلء في قتلهم نزاع وتفصيل مذكور في غير هذا الموضييع وتييواتر عيين علييي بيين‬
‫أبي طالب أنه قال خير هذه المة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر وهذا متفق علييه بيين قيدماء الشييعة وكلهيم‬
‫كانوا يفضلوا أبا بكر وعمر وانما كان النزاع في علي وعثمان حين صار لهذا شيعة ولهذا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.141‬‬

‫شيعة وأما أبو بكر وعمر فلم يكن أحد يتشيع لهما بيل جميييع المية كيانت متفقية عليهميا حيتى الخيوارج‬
‫فانهم يتولونهما وانما يتبرءون من علي وعثمان وروي أن معاوية قال لبن عباس أنت على ملة علييي أم‬
‫عثمان قال ل على ملة علي ول عثمان أنا على ملة رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم وكييان كييل ميين‬
‫الشيعتين يذم الخر بما برأه الله منه فكان بعض شيعة عثمان يتكلمون في علي بالباطييل وبعييض شيييعة‬
‫علي يتكلمون في عثمان بالباطل والشيعتان مع سييائر الميية متفقيية علييى تقييديم أبييي بكيير وعميير قيييل‬
‫لشريك بن عبد الله القاضي أنت من شيعة علي وأنت تفضل أبا بكر وعمر فقال كييل شيييعة علييي علييى‬
‫هذا هو يقول على أعواد هذا المنبر خير هذه المة بعد نبيها أبو بكر ثم عميير أفكنييا نكييذبه واللييه مييا كييان‬
‫كذابا وقد روى البخاري في صحيحه من حديث محمد بن الحنفية أنه قال له يا ابت من خييير النيياس بعييد‬
‫رسول الله فقال يا بني أو ما تعرف قال ل قال أبو بكر قال ثم من قال ثم عمر وهو مييروي ميين حييديث‬
‫الهمدانيين شيعة علي عن أبيه وروي عن علييي أنيه قييال ‪ %‬ولييو كنييت بوابييا علييى بيياب الجنية ‪ %‬لقلييت‬
‫لهميييييييييييييييييييييييييييييييييييييدان ادخليييييييييييييييييييييييييييييييييييييي بسيييييييييييييييييييييييييييييييييييييلم ‪%‬‬
‫وقد روي عنه انه قال ل أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إل جلدته حد المفتري وقد ثبت عن علي‬
‫رضي الله عنه بالحاديث الثابتة بل المتواترة أنه قتل الغالية كالذين يعتقدون إلهيته بعد أن استتابهم ثلثا‬
‫كسائر المرتدين وأنه كان يبالغ في عقوبة من يسب أبا بكر وعمر وأنه كان يقول انهمييا خييير هييذه الميية‬
‫بعد نبيها وهذا مبسوط في مواضع والمقصود هنا أن هاتين البدعتين حدثتا في ذلك الييوقت ثييم فييي آخيير‬
‫عصر الصحابة حدثت القدرية وتكلم فيهم من بقي من الصحابة كابن عمر وابن عباس ووائلة بن السييقع‬
‫وغيرهم وحدثت أيضا بدعة المرجئة في اليمان والثار عن الصحابة ثابتة بمخالفتهم وأنهم قييالوا اليمييان‬
‫يزيد وينقص كما ثبت ذلك عن الصحابة كما هو مذكور في موضعه وأما الجهمية نفاة السييماء والصييفات‬
‫فإنما حدثوا في أواخر الدولة الموية وكثير من السلف لييم يييدخلهم فييي الثنييتين والسييبعين فرقيية منهييم‬
‫يوسف ابن أسباط وعبد الله بن المبارك قالوا أصول البدع أربعة الخوارج والشيعة‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.142‬‬

‫والقدرية والمرجئة فقيل لهم الجهمية فقالوا ليس هييؤلء ميين أميية محمييد ولهييذا تنييازع ميين بعييدهم ميين‬
‫أصحاب أحمد وغيرهم هل هم من الثنتين والسبعين على قولين ذكرهما عن أصحاب أحمد أبييو عبييد اللييه‬
‫بن حامد في كتابه في الصول والتحقيق أن التجهم المحض وهو نفي السماء والصفات كما يحكييي عيين‬
‫جهم والغالية من الملحدة ونحوهم من نفي اسماء الله الحسنى كفر بيين مخييالف لميا عليم بالضيطرار‬
‫من دين الرسول وأما نفي الصفات مع اثبات السماء كقول المعتزلة فهو دون هذا لكنه عظيم أيضا وأما‬
‫من أثبت الصفات المعلومات بالعقل والسمع وإنما نازع في قيام المور الختيارييية بييه كييابن كلب وميين‬
‫اتبعه فهؤلء ليسوا جهمية بل وافقوا جهما في بعض قوله وإن كانوا خالفوه في بعضه وهؤلء مين اقيرب‬
‫الطوائف الى السلف وأهل السنة والحديث وكذلك السالمية والكرامية ونحو هؤلء يوافقييون فييي جمليية‬
‫أقوالهم المشهورة فيثبتون السماء والصفات والقضاء والقدر في الجملة ليسوا من الجهمييية والمعتزليية‬
‫النفاة للصفات وهم أيضا يخالفون الخوارج والشيعة فيقولون باثبات خلفة الربعة وتقديم أبي بكر وعمر‬
‫ول يقولون بخلود أحد من أهل القبلة في النار لكن الكرامية والكلبيية وأكيثر الشيعرية ميرجئة وأقربهيم‬
‫الكلبية يقولون اليمان هو التصديق بالقلب والقول باللسان والعمال ليسييت منيه كميا يحكيى هييذا عين‬
‫كثير من فقهاء الكوفة مثييل أبييي حنيفيية وأصييحابه وأمييا الشييعري فييالمعروف عنييه وعيين أصييحابه أنهييم‬
‫يوافقون جهما في قوله في اليمان وأنه مجرد تصديق القلب أو معرفة القلب لكن قد يظهرون مع ذلييك‬
‫قول أهل الحديث ويتأولونه ويقولون بالستثناء على الموافاة فليسوا موافقين لجهييم ميين كييل وجييه وإن‬
‫كانوا أقرب الطوائف اليه في اليمان وفي القدر أيضا فانه رأس الجبرييية يقييول ليييس للعبييد فعييل البتيية‬
‫والشعري يوافقه على أن العبد ليس بفاعل ول له قدرة مؤثرة في الفعل ولكن يقول هو كاسييب وجهييم‬
‫ل يثبت له شيئا لكن هذا الكسب يقول أكثر الناس انه ل يعقل فرق بين الفعل الذي نفاه والكسب الييذي‬
‫أثبته وقالوا عجائب الكلم ثلثة طفرة النظام وأحوال أبي هاشم وكسب الشعري وأنشدوا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.143‬‬

‫‪ %‬مما يقال ول حقيقة عنده ‪ %‬معقوله تدنو الى الفهام ‪ % %‬الكسب عنييد الشييعري والحييا ‪ %‬ل عنييد‬
‫البهشيييييييييييييييييييييييييييييييييييمي وطفيييييييييييييييييييييييييييييييييييرة النظيييييييييييييييييييييييييييييييييييام ‪%‬‬
‫وأما الكرامية فلهم في اليمان قول ما سبقهم اليه أحد قالوا هييو القييرار باللسييان وإن لييم يعتقييد بقلبيه‬
‫وقالوا المنافق هو مؤمن ولكنه مخلد في النار وبعض الناس يحكييي عنهييم أن المنييافق فييي الجنيية وهييذا‬
‫غلط عليهم بل هم يجعلونه مؤمنا مع كونه مخلدا في النار فينازعون في السم ل في الحكم وقييد بسييط‬
‫القول على منشأ الغلط حيث ظنوا أن اليمان ل يكون ال شيئا متماثل عند جميع النيياس اذا ذهييب بعضييه‬
‫ذهب سائره ثم قالت الخوارج والمعتزلة وهو أداء الواجبات واجتناب المحرمات فاسم المؤمن مثل اسم‬
‫البر والتقى وهو المستحق للثواب فاذا ترك بعض ذلك زال عنه اسم اليمان والسلم ثم قالت الخييوارج‬
‫ومن لم يستحق هذا ول هذا فهو كافر وقالت المعتزلة بل ينزل منزلة بييين المنزلييتين فنسييميه فاسييقا ل‬
‫مسلما ول كافرا ونقول انه مخلد في النار وهذا هو الذي امتازت به المعتزلة وال فسائر بدعهم قد قالهييا‬
‫غيرهم فهم وافقوا الخوارج في حكمه ونازعوهم ونازعوا غيرهم في السم وقالت الجهمية والمرجئة بل‬
‫العمال ليست من اليمان لكنه شيئان أو ثلثة يتفق فيها جميع الناس التصديق بالقلب والقييول باللسييان‬
‫أو المحبة والخضوع مع ذلك وقالت الجهمية والشعرية والكرامية بييل ليييس إل شيييئا واحييدا يتماثييل فيييه‬
‫الناس وهؤلء الطوائف أصل غلطهم ظنهم أن اليمان يتماثل فيه الناس وأنه اذا ذهب بعضييه ذهييب كلييه‬
‫وكل المرين غلط فان الناس ل يتماثلون ل فيما وجب منه ول فيما يقع منهم بل اليمان الذي وجب على‬
‫بعض الناس قد ل يكون مثل الذي يجب على غيره كما كان اليمان بمكة لم يكن الواجب منييه كييالواجب‬
‫بالمدينة ول كان في آخر المر كما كان في أوله ول يجب على أهل الضعف والعجز من اليمان ما يجييب‬
‫على أهل القوة والقدرة في العقول والبدان بل أهل العلم بالقرآن والسنة ومعاني ذلك يجب عليهم من‬
‫تفصيل اليمان مال يجب على من لم يعرف ما عرفوا وأهل الجهاد يجب عليهم من اليمييان فييي تفصيييل‬
‫الجهاد مال يجب على غيرهم وكذلك ولة المر واهل الموال يجب على كل من معرفة مييا أميير اللييه بييه‬
‫ونهى عنه وأخبر‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.144‬‬

‫به مال يجب على غيره والقرار بذلك من اليمان ومعلوم أنه وان كان الناس كلهم يشتركون في القرار‬
‫بالخالق وتصديق الرسول جملة فالتفصيل ل يحصل بالجملة ومن عرف ذلك مفصل لم يكيين مييا أميير بييه‬
‫ووجب عليه مثل من لم يعرف ذلك وايضا فليييس النيياس متميياثلين فييي فعييل مييا أمييروا بيه ميين اليقييين‬
‫والمعرفة والتوحيد وحب الله وخشية الله والتوكل على الله والصبر لحكم الله وغييير ذلييك ممييا هييو ميين‬
‫ايمان القلوب ول في لوازم ذلك التي تظهر على البدان واذا قدر أن بعض ذلك زال لم يييزل سييائره بييل‬
‫يزيد اليمان تارة وينقص تارة كما ثبت ذلك عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل عميير بيين‬
‫حبيب الخطمي وغيره انهم قالوا اليمان يزيد وينقص كما قد بسط في غير هذا الموضع إذ المقصود هنييا‬
‫أن طوائف أهل البدع من أهل الكلم وغيرهم ليس فيهم ميين يوافييق الرسييول فييي أصييول دينييه ل فيمييا‬
‫اشتركوا فيه ول فيما انفرد به بعضهم فييانهم وان اشييتركوا فييي مقييالت فليييس إجميياعهم حجيية ول هييم‬
‫معصومون من الجتماع على خطأ وقد زعم طائفة ان إجماع المتكلمين في المسييائل الكلمييية كاجميياع‬
‫الفقهاء وهذا غلط بل السلف قد استفاض عنهم ذم المتكلمين وذم أهل الكلم مطلقا ونفس ما اشتركوا‬
‫فيه من إثبات الصانع بطريقة العراض وأنها لزمة للجسم أو متعاقبة عليه فل يخلو منها وما لم يخل من‬
‫الحوادث فهو حادث لمتناع حوادث ل أول لها وأن الله يمتنع أن يقال أنه لم يزل متكلما بمشيئته وقدرته‬
‫او يمتنع أن يقال أنه لم يزل فعال وأنه صار فاعل أو فاعل ومتكلما بمشييئته مبتيدع فيي السيلم أول ميا‬
‫عرف أنه قاله الجهم بن صفوان مقدم الجهمية وأبو الهذيل العلف مقدم المعتزليية ولهييذا طييرداه فقييال‬
‫بامتناع الحوادث في المستقبل وقال الجهم بفناء الجنة والنار وقال أبو الهذيل بانقطاع حركاتهما كما قييد‬
‫بسط فروع هذا الصل الذي اشتركوا فيه ثم افترقوا بعد ذلك في فروعه فائمتهم كانوا يقولون كلم الله‬
‫القرآن وغيره مخلوق وكذلك سائر ما يوصف به الرب ليس له صفة قامت به لن ذلك عييرض عنييدهم ل‬
‫يقوم ال بجسم والجسم حادث فقالوا القرآن وغيره من كلم الله مخلييوق وكييذلك سييائر مييا يوصييف بييه‬
‫الرب فجاء بعدهم مثل ابن كلب وابن كرام والشعري وغيرهم من‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.145‬‬

‫شاركهم في أصل قولهم لكن قالوا بثبوت الصفات لله وأنها قديمة لكن منهم من قال ل تسمى أعراضييا‬
‫لن العرض ل يبقى زمانين وصفات الرب باقية كما يقوله الشعري وغيره ومنهم من قال تسمى أعراضا‬
‫وهي قديمة وليس كل عرض حادثا كابن كرام وغيره ثم افترقوا في القرآن وغيييره ميين كلم اللييه فقييال‬
‫ابن كلب ومن اتبعه هو صفة من الصفات قديمة كسائر الصفات ثم قال ول يجوز أن يكون صوتا لنييه ل‬
‫يبقى ول معاني متعددة فإنها ان كان لها عدد مقدر فليس قدر بأولى من قدر وإن كانت غير متناهية لزم‬
‫ثبوت معان في آن واحد ل نهاية لها وهذا ممتنع فقال انه معنى واحد وهو معنى آية الكرسي وآيية اليدين‬
‫والتوراة والنجيل وقال جمهور العقلء إن تصور هذا القول تصورا تاما يوجب العلم بفساده وقال طائفيية‬
‫بل كلمه قديم العين وهو حروف أو حروف وأصوات قديمة أزلية مييع أنهييا مترتبيية فييي نفسييها وأن تلييك‬
‫الحروف والصييوات باقييية أزل وأبييدا وجمهييور العقلء يقولييون ان فسيياد هييذا معلييوم بالضييرورة وهاتييان‬
‫الطائفتان تقولن انه ل يتكلم بمشيئته وقدرته وقال آخرون كالهشامية والكرامية بل هو متكلييم بمشيييئته‬
‫وقدرته وكلمه قائم بذاته ول يمتنع قيام الحوادث لكن يمتنع أن يكون لم يزل متكلما فييإن ذلييك يسييتلزم‬
‫وجود حوادث ل أول لها وهو ممتنع فهذه الربعة في القرآن وكلم الله هي أقوال المشركين فييي امتنيياع‬
‫دوام كيييييييييييييون اليييييييييييييرب فعيييييييييييييال بمشييييييييييييييئته أو متكلميييييييييييييا بمشييييييييييييييئته‬
‫وأما أئمة السنة والحديث كعبد الله بن المبارك واحمد بن حنبل وغيرهما فقالوا لم يزل الرب متكلمييا اذا‬
‫شاء وكيف شاء فذكروا أنه يتكلم بمشيئته وقدرته وأنه لم يزل كذلك وهذا يناقض الصييل الييذي اشييترك‬
‫فيه المتكلمون من الجهمية والمعتزلة ومن تلقى عنهم فل هم موافقون للكتاب والسنة وكلم السييلف ل‬
‫فيما اتفقوا عليه ول فيما تنازعوا فيه ولهذا يوجد فييي عاميية أصييول الييدين لكييل منهييم قييول وليييس فييي‬
‫أقوالهم ما يوافق الكتاب والسنة كأقوالهم في كلم الله واقوالهم في ارادته ومشيئته وفييي علمييه وفييي‬
‫قدرته وفي غير ذلك من صفاته وإن كان بعضهم اقرب الى السنة والسلف من بعض ولكن قد شاع ذلك‬
‫بين أهل العلم والدين منهم فكثير من أهل العلم والدين المنتسبين الى السنة والجماعة من قد يوافقهم‬
‫على بعض أقوالهم في مسألة القرآن أو‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.146‬‬

‫غيرهما اذ كان ل يعرف ال ذلك القول أو ما هو أبعد عن السنة منه اذ كانوا في كتبهم ل يحكون غير ذلك‬
‫اذ كانوا ل يعرفون السنة واقوال الصحابة وما دل عليه الكتاب والسيينة ل يعرفييون ال قييولهم وقييول ميين‬
‫يخالفهم من أهل الكلم ويظنون أنه ليس للمة ال هذان القولن أو الثلثة وهم يعتمدون فييي السييمعيات‬
‫على ما يظنونه من الجماع وليس لهم معرفة بالكتاب والسنة بل يعتمدون علييى القييياس العقلييي الييذي‬
‫هو أصل كلمهم وعلى الجماع واصل كلمهم العقلي باطل والجميياع الييذين يظنييونه انمييا هييو اجميياعهم‬
‫واجماع نظرائهم من أهل الكلم ليس هو إجماع أمة محمد ول علمائها واللييه تعييالى إنمييا جعييل العصييمة‬
‫للمؤمنين من أمة محمد فهم الذين ل يجتمعون على ضللة ول خطأ كما ذكر على ذلييك الييدلئل الكييثيرة‬
‫وكل ما اجتمعوا عليه فهو مأثور عن الرسول فإن الرسول بييين الييدين كلييه وهييم معصييومون أن يخطئوا‬
‫كلهم ويضلوا عما جاء به محمد بل هم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فل يبقى معروف ال أمييروا‬
‫به ول منكر ال نهوا عنه وهم أمة وسط عدل خيار شهداء الله في الرض فل يشهدون ال بحق فإجماعهم‬
‫هو على علم موروث عن الرسول جاء من عند الله وذلك ل يكون ال حقا وأما من كان إجماعهم على ما‬
‫ابتدعه رأس من رءوسهم فيجوز أن يكون إجماعهم خطأ اذ ليسوا هم المؤمنين ول أمة محمد وانميا هيم‬
‫فرقة منهم واذا قيل المعتييبر ميين أميية محمييد بعلمائهييا قيييل اذا اتفقييت علماؤهييا علييى شيييء فالبيياقون‬
‫يسلمون لهم ما اتفقوا عليه ل ينازعونهم فيه فصار هذا اجماعا من المؤمنين ومن نييازعهم بعلييم فهييذا ل‬
‫يثبت الجماع دونه كائنا من كان وأما من ليس من أهل العلم فيما تكلموا فيه فذاك وجوده كعدمه وقول‬
‫من قال العتبار بالمجتهدين دون غيرهم وأنه ل يعتبر بخلف أهل الحديث أو أهيل الصيول ونحيوهم كلم‬
‫ل حقيقة له فإن المجتهدين ان أريد بهم من له قدرة على معرفة جميع الحكام بأدلتها فليس فييي الميية‬
‫من هو كذلك بل أفضل المة كان يتعلم ممن هو دونه شيئا من السنة ليس عنده وإن عني به ميين يقييدر‬
‫على معرفة الستدلل على الحكام في الجملة فهذا موجود في كثير من أهل الحديث والصييول والكلم‬
‫وإن كان بعض الفقهاء أمهر منهم بكثير من الفروع أو بأدلتها الخاصيية أو بنقييل القييوال فيهييا فقييد يكييون‬
‫أمهر منه في معرفة اعيان الدلة كالحاديث‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.147‬‬

‫والفرق بين صحيحها وضعيفها ودللت اللفاظ عليها والتمييز بين ما هو دليييل شييرعي ومييا ليييس‬
‫بدليل وبالجملة العصمة إنما هي للمؤمنين لمة محمد ل لبعضهم لكن اذا اتفق علماؤهم على شيء‬
‫فسائرهم موافقون للعلماء واذا تنازعوا ولو كان المنازع واحدا وجييب رد مييا تنييازعوا فيييه الييى اللييه‬
‫والرسول وما أحد شذ بقول فاسد عن الجمهور ال وفي الكتيياب والسيينة ميا يييبين فسياد قيوله وإن‬
‫كان القائل كثيرا كقول سعيد في أن المطلقة ثلثا تباح بالعقد فحديث عائشة فييي الصييحيحين يييدل‬
‫على خلفه مع دللة القرآن أيضا وكذلك غيره وأما القول الذي يدل عليه الكتياب والسينة فل يكيون‬
‫شاذا وأن القائل به أقل من القائل بذاك القول فل عييبرة بكييثرة القييائل باتفيياق النيياس ولهييذا كييان‬
‫السلف من الصحابة والتيابعين لهيم باحسيان ييردون عليى مين أخطيأ بالكتياب والسينة ل يحتجيون‬
‫بالجماع ال علمة وقد يبعث معه نشابه أو سيفه أو شييئا مين السيلح المختيص بيه أو يركبيه دابتيه‬
‫المختصة به ونحو ذلك مما يعلم الناس أنه قصد به تخصيصه وإن كانت تلك الفعال تفعل مع أمثاله‬
‫وقد تفعل لغير الرسول ممن يقصد اكرامه وتشريفه لكن هي خارقة لعادته بمعنى أنييه لييم يعتييد أن‬
‫يفعل ذلك مع عموم الناس ول يفعله ال مع من ميييزه بولييية أو رسييالة أو وكاليية والولييية والوكاليية‬
‫تتضمن الرسالة فكل من هؤلء هو في معنى رسوله الى من وله أني قييد وليتييه والييى ميين أرسييله‬
‫بأني أرسلته فهذه عادة معروفة فييي العلمييات والييدلئل الييتي يييبين بهييا المرسييل أن هييذا رسييولي‬
‫وجنس خرق العادة ل يستلزم الكرام بل تخييرق عييادته بالهانيية تييارة وبييالكرام أخييرى فقييد يخييرج‬
‫ويركب في وقت لم تجر عادته به بل لعقوبة قوم وآيات الرب تعالى قييد تكييون تخويفييا لعبييادة كمييا‬
‫قال وما نرسل باليات ال تخويفا وقد يهلك بها كما أهلك أمما مكذبين واذا قص قصصييهم قييال ان‬
‫في ذلك ليات وكان إهلكهم خرقا للعادة دل بها على أنه عاقبهم بذنوبهم وتكييذيبهم للرسييل وأن مييا‬
‫فعلوه من الذنوب مما ينهى عنه ويعاقب فاعله بمثل تلك العقوبة فهييذه خييرق عييادات لهانيية قييوم‬
‫وعقوبتهم لما فعلوه من الذنوب تجري مجرى قييوله عيياقبتهم لنهييم كييذبوا رسييولي وعصييوه ولهييذا‬
‫يقول سبحانه كلما قص قصة من كذب رسله وعقوبته إييياهم يقييول فكيننف كننان عننذابي ونننذر ولقنند‬
‫يسرنا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.148‬‬

‫القرآن للذكر فهل من مدكر كما يقول في موضع آخننر إن في ذلييك ليييات وإن كنييا لمبتلييين و إن فييي‬
‫ذلك لية وما كان أكثرهم مؤمنين وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الليم واذا كانت تلك العلمات ممييا‬
‫جرت عادته انه يفعلها مع من أرسله ويهلك بها من كذب رسله كانت أبلغ في الدللة وكانت معتييادة فييي‬
‫هذا النوع وهؤلء تكلموا بلفظ لم يحققوا معناه وهو لفظة خرق العادة وقالوا العادات تنقسم الييى عاميية‬
‫وخاصة فمنها ما يشترك فيه جميع الناس في جميع العصار كالكل والشرب واتقاء الحر والبرد والخاص‬
‫منها ما يكون كعادة للملئكة فقط أو للجن فقط أو للنس دون غيرهم قييالوا ولهييذا صييح أن يكييون لكييل‬
‫قبيل منهم ضرب من التحدي وخرق لما هو عادة لهم دون غيرهم وحجة عليهم دون ما سواهم ومنها مييا‬
‫يكون عادة لبعض البشر نحو اعتياد بعضهم صناعة أو تجارة أو رياضة في ركوب الخيل والعمييل بالسييلح‬
‫لكن هذه كلها مقدورات للبشر قالوا وآية الرسل ل تكون مقدورة لمخلوق بل ل تكون ال مما ينفرد اللييه‬
‫بالقدرة عليه فاذا قالوا هذا ظن الظان أنهم اشترطوا أمرا عظيما ولم يشترطوا شيييئا فييإنهم قييالوا فييي‬
‫جنس الفعال التي ل تقدر الناس ال على اليسير منها كحمييل الجبييال ونقلهييا أن المعجييزة هنييا إقييدارهم‬
‫على الفعل ل نفس الفعل ورجحوا هذا على قول من يقيول نفييس الفعيل آيية لن جنيس الفعييل مقييدور‬
‫وليس هذا بفرق طائل فإنه ل فرق بين تخصيصهم بالفعل أو بالقدرة عليه فاذا كان إقدارهم على الكييثير‬
‫الذي لم تجر به العادة معجزة كان نفس الكثير الذي لم تجر به العادة معجييزة وهييؤلء عنييدهم أن قييدرة‬
‫العباد ل تؤثر في وجود شيء ول يكون مقدورها ال في محلها فهم في الحقيقة لم يثبتوا قييدرة فكييل مييا‬
‫في الوجود هو مقدور لله عنييدهم ولهييذا عييدل ابيو المعييالي وميين اتبعييه كييالرازي عيين هييذا الفييرق فليم‬
‫يشترطوا أن يكون مما ينفرد الرب بالقدرة عليه وإذ كانت جميييع الحيوادث عنييدهم كييذلك وقييالوا ان مييا‬
‫يحصل على يد الساحر والكاهن وعامل الطلسمات وعند الطبيعة الغريبة هيو مميا ينفيرد اليرب بالقيدرة‬
‫عليه ويكون آية للنبي وهذا معتاد لغير النبييياء فلييم يبييق لقييولهم خييرق للعييادة معنييى معقييول بييل قييالوا‬
‫واللفظ للقاضي أبي بكر الواجب على هذا الصل أن يكون‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.149‬‬

‫خرق العادة الذي يفعله الله مما يخرق عادة جميع القبيل الذين تحداهم الرسول بمثلييه ويحتييج بييه علييى‬
‫نبوته فإن أرسل ملكا الى الملئكة أظهر على يده ما هو خرق لعادتهم وإن أرسل بشرا أرسله بما يخرق‬
‫عادة البشر وان أرسل جنيا أظهر على يديه ما هو خارق لعادة الجن فيقال السحر والكهانة معتاد للبشيير‬
‫وأنتم تقولون يجوز أن يكون ما يأتي به الساحر والكاهن آية بشرط أن ل يمكن معارضته فلم يبق لكييونه‬
‫خارقا للعادة معنى يعقل عندكم ولهذا قال محققوهم انه ل يشترط فيي الييات أن تكيون خارقية للعيادة‬
‫كما قد حكينا لفظهم في غير هذا الموضع كمييا تقييدم وانمييا الشييرط أنهييا ل تعييارض وأن تقييترن بييدعوى‬
‫النبوة هذان الشرطان هما المعتبران وقد بينا في غير موضع أن كل من الشرطين باطل والول يقتضييي‬
‫أن يكيييييييييييييييون الميييييييييييييييدلول علييييييييييييييييه جيييييييييييييييزءا مييييييييييييييين اليييييييييييييييدليل‬
‫وآيات النبوة أنواع متعددة منها ما يكون قبل وجوده ومنها ما يكون بعد موته ومنها مييا يكييون فييي غيبتييه‬
‫والمقصود هنا كان هو الكلم على المثال الذي ذكروه وأن ما ضرب من المثلة على الوجه الصحيح فييانه‬
‫ولله الحمد يدل على صدق الرسول وعلى فساد أصولهم ولكن هييم ضييربوا مثييال اذا اعتييبر علييى الييوجه‬
‫الصحيح كان حجة ولله الحمد على صدق النبي وعلى فساد ما ذكييروه فييي المعجييزات حيييث قييالوا هييي‬
‫الفعل الخارق للعادة المقترن بييدعوى النبييوة والسييتدلل بييه وتحييدي النييبي ميين دعيياهم أن يييأتوا بمثلييه‬
‫وشرط بعضهم أن يكون مما ينفرد الرب بالقدرة عليه وهذه الربعة هييي الييتي شييرط القاضييي أبييو بكيير‬
‫ومن سلك مسلكه كابن اللبان وابيين شيياذان والقاضييي أبييي يعلييى وغيرهييم أن يكييون ممييا ينفييرد الييرب‬
‫بالقدرة عليه على أحد القولين أو منه ومن الجنس الخر اذا وقع على وجه يخرق العادة وطريييق متعييذر‬
‫على غيرهم مثله على القول الخر قالوا وهذا لفظ القاضي أبي بكر والثاني أن يكون ذلك الشيء الييذي‬
‫يظهر على أيديهم مما يخرق العادة وينقضها ومتى لم يكن كذلك لم يكن معجييزا والثييالث أن يكييون غييير‬
‫النبي ممنوعا من إظهار ذلك على يده على الوجه الذي ظهر عليه ودعا الييى معارضييته مييع كييونه خارقييا‬
‫للعادة والرابع أن يكون واقعا مفعول عند تحدي الرسول بمثله وادعائه آية لنبوته وتقريعه بالعجز عنه من‬
‫خالفه وكذبه‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.150‬‬

‫قيييييييالوا فهيييييييذه هيييييييي الشيييييييرائط والوصييييييياف اليييييييتي تختيييييييص بهيييييييا المعجيييييييزات‬


‫فيقال لهم الشرط الول قد عرف أنه ل حقيقة له ولهذا أعرض عنه أكييثرهم والثيياني أيضييا ل حقيقيية لييه‬
‫فإنهم لم يميزوا ما يخرق العادة مما ل يخرقها ولهذا ذهب من ذهب من محققيهم الى الغاء هذا الشييرط‬
‫فهم ل يعتبرون خرق عادة جميع البشر بل ما اعتاده السحرة والكهان وأهييل الطلسييم عنييدهم يجييوز أن‬
‫يكون آية إذا لم يعارض وما اعتاده أهل صناعة أو علم أو شجاعة ليييس هيو عنييدهم آيية وإن لييم يعييارض‬
‫فالمور العجيبة التي خص الله بالقدار عليها بعض الناس لم يجعلوها خرق عادة والمور المحرمة أو هي‬
‫كفر كالسحر والكهانة والطلمسات جعلوها خرق عادة وجعلوهييا آييية بشييرط أن ل يعييارض وهييو الشييرط‬
‫الثالث وهو في الحقيقة خاصة المعجزة عندهم لكن كون غير الرسول ممنوعا منه أن اعتبروا أنه ممنوع‬
‫مطلقا فهذا ل يعلم وإن اعتبروا انه ممنوع من المرسل اليهم فهذا ل يكفي بل يمكن كييل سيياحر وكيياهن‬
‫أن يدعي النبوة ويقول أنني كذا قالوا لو فعل هذا لكان الله يمنعه فعل ذلك أو يقيض له من يعارضه قلنا‬
‫من أين لكم ذلك ومن أين يعلم الناس ذلك ويعلمون ان كل كاذب فل بد أن يمنع ميين فعييل الميير الييذي‬
‫اعتاده هو وغيره قبل ذلك أو أن يعارض والواقع خلف ذلك فما أكثر من ادعييى النبييوة أو السييتغناء عيين‬
‫النبياء وأن طريقه فوق طريق النبياء وأن الرب يخيياطبه بل رسييالة وأتييى بخيوارق مين جنيس مييا تيأتي‬
‫السييييييييييحرة والكهييييييييييان ولييييييييييم يكيييييييييين فيميييييييييين دعيييييييييياه ميييييييييين يعارضييييييييييه‬
‫وأما الرابع وهو أن يكون عند تحدي الرسول فبه يحييترزون عين الكرامييات وهيو شييرط باطييل بيل آيييات‬
‫النبياء آيات وإن لم ينطقوا بالتحدي بالمثل وهي دلئل علييى النبييوة وصييدق المخييبر بهييا والييدليل مغيياير‬
‫للمدلول عليه ليس المدلول عليه جزءا من الدليل لكن اذا قالوا الدليل هو دعاء الرسول لزمه أن يريهيم‬
‫آية وخلق تلك الية عقب سؤاله وإن كان ذلك قد يخلقه بغير سؤاله لحكمة أخرى فهييذا متييوجه فالييدليل‬
‫هو مجموع طلب العلمة مع فعل ما جعله علمة كما ان العباد اذا دعوا الله فأجابهم كان ما فعلييه إجابيية‬
‫لدعائهم ودليل على أن الله سمع دعاءهم وأجابهم كما أنهم اذا استسقوه فسقاهم واستنصروه فنصرهم‬
‫وإن كان قد يفعل ذلك بل دعاء فل يكون‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.151‬‬

‫هناك دليل على إجابة دعاء فهو دليل على إجابة الدعاء اذا وقع عقب الدعاء ول يكون دليل اذا وقع علييى‬
‫غير هذا الوجه وكذلك الرسول اذا قال لمرسييله أعطنييي علميية فأعطيياه مييا شييرفه بييه كييان دليل علييى‬
‫رسالته وإن كان قد يفعل ذلك لحكمة أخرى لكن فعل ذلك عقب سؤاله آية لنبييوته هييو الييذي يختييص بييه‬
‫وكذلك اذا علم أنه فعله اكراما له مع دعواه النبوة علم أنه قد أكرمه بما يكرم به الصييادقين عليييه فعلييم‬
‫أنه صادق لن ما فعله بيه مختيص بالصيادقين البيرار دون الكياذبين علييه الفجيار وعليى هيذا فكراميات‬
‫الولياء هي من آيات النبياء فإنها مختصة بمن شهد لهم بالرسالة وكل ما استلزم صدق الشهادة بنبوتهم‬
‫فهو دليل على صدق هذه الشهادة سواء كان الشاهد بنبوتهم المخبر بها هم أو غيرهم بل غيرهم إذا أخبر‬
‫بنبوتهم وأظهر الله على يديه ما يدل على صدق هذا الخبر كان هذا أبلغ في الدللة على صدقهم ميين أن‬
‫يظهر على أيديهم فقد تبين أنه ليس من شرط دلئل النبوة لقييترانه بييدعوى النبييوة ول الحتجيياج بييه ول‬
‫التحدي بالمثل ول تقريع من يخالفه بل كل هذه المور قد تقع في بعض اليات لكن ل يجب أن ما ل يقييع‬
‫معه ل يكون آية بل هذا إبطال لكثر آيات النبياء لخلوها عيين هييذا الشييرط ثييم هييو شييرط بل حجيية فييان‬
‫الدليل على المدلول عليه هو ما استلزم وجوده وهذا ل يكون ال عند عدم المعارض المساوي او الراجييح‬
‫وما كان كذلك فهو دليل سواء قال المستدل به ائتوا بمثله وانتم ل تقدرون على التيييان بمثلييه وقرعهييم‬
‫وعجزهم أو لم يقل ذلك فهو اذا كان في نفسه مما ل يقدرون على التيييان بمثلييه سييواء ذكيير المسييتدل‬
‫هذا أو لم يذكره ل بذكره يصير دليل ول بعدم ذكره تنتفي دللته وهييؤلء قييالوا ل يكييون دليل ال اذا ذكييره‬
‫المستدل وهذا باطل وكذلك الدليل هو دليل سواء استدل به مستدل أو لم يستدل وهؤلء قييالو ل يكييون‬
‫دليل النبوة دليل ال اذا استدل بييه النييبي حييين ادعييى النبييوة فجعييل نفييس دعييواه واسييتدلله والمطالبيية‬
‫بالمعارضة وتقريعهم بالعجز عنها كلها جزءا من الدليل وهذا غلط عظيم بييل السييكوت عيين هييذه المييور‬
‫أبلع في الدللة والنطق بها ل يقوي الدليل والله تعالى لم يقل فليأتوا بحديث مثله ال حييين قييالوا افييتراه‬
‫لم يجعل هذا القول شرطا في الدليل بل نفس عجزهم عن المعارضية هيو مين تميام الييدليل وهيم أنمييا‬
‫شرطوا ذلك لن كرامات‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.152‬‬

‫الولياء عندهم متى اقترن بها دعوى النبوة كانت آية للنبوة وجنس السحر والكهانة متى اقترن به‬
‫دعوى النبوة كان دليل على النبوة عندهم لكن قالوا الساحر والكاهن لو ادعى النبوة لكان يمتنع من‬
‫ذلك أو يعارض بمثله وأما الصالح فل يدعي فكان أصلهم أن مييا يييأتي بييه النييبي والسيياحر والكيياهن‬
‫والولي من جنس واحد ل يتميز بعضه عن بعض بوصف لكن خاصة النبي اقتران الدعوى والستدلل‬
‫والتحدي بالمثل بما يأتي به فلم يجعلوا ليات النبياء خاصيية تتميييز بهيا عين السيحر والكهانيية وعميا‬
‫يكون لحاد المؤمنين ولم يجعلوا للنبي مزية على عموم الميؤمنين ول عليى السيحرة والكهيان مين‬
‫جهة اليات التي يدل الله بها العباد على صدقه وهذا افتراء عظيم على النبياء وعلى آياتهم وتسوية‬
‫بين أفضل الخلق وشرار الخلق بل تسوية بين ما يدل على النبوة وما يدل على نقيضها فإن ما يأتي‬
‫به السحرة والكهان ل يكون ال لكذاب فاجر عدو لله فهو مناقض للنبييوة فليم يفرقيوا بيين ميا يييدل‬
‫على النبوة وعلى نقيضها وبين مال يدل عليها ول على نقيضها فييإن آيييات النبييياء تييدل علييى النبييوة‬
‫وعجائب السحرة والكهان تدل على نقيض النبوة وأن صاحبها ليس ببر ول عدل ول ولييي للييه فضييل‬
‫عن أن يكون نبيا بل يمتنع أن يكون الساحر والكاهن نبيا بل هو من أعداء الله والنبياء أفضيل خليق‬
‫الله وايمان المؤمنين وصلحهم ل ينيياقض النبييوة ول يسييتلزمها فهييؤلء سيووا بييين الجنيياس الثلثية‬
‫فكانوا بمنزلة من سوى بين عبادة الرحمن وعبادة الشيطان والوثان فإن الكهان والسحرة يأمرون‬
‫بالشرك وعبادة الوثان وما فيه طاعة للشيطان والنبياء ل يأمرون ال بعبادة الله وحده وينهون عيين‬
‫عبادة ما سوى الله وطاعة الشياطين فسوى هؤلء بين هذا وهذا ولييم يبييق الفييرق ال مجييرد تلفييظ‬
‫المدعي بأني نبي فإن تلفظ به كان نبيا وإن لم يتلفظ به لم يكن نبيا فالكذاب المتنييبي اذا أتييى بمييا‬
‫يأتي الساحر والكاهن وقال أنا نبي كيان نبييا وقيولهم إنيه اذا فعيل ذليك منيع منيه وعيورض دعيوى‬
‫مجردة فهي ل تقبل لو لم يعلم بطلنها فكيف وقد علم بطلنها وإن كثيرا ادعوا ذلك ولييم يعارضييهم‬
‫ممن ادعوه أحد ول منعوا من ذلك فليزم عليى قيول هيؤلء التسييوية بييين النيبي الصيادق والمتنيبي‬
‫الكاذب وقد قال تعالى فمن أظلم ممن كذب على ال وكذب بالصدق اذ جاءه أليس في جهنم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.153‬‬

‫مثوى للكافرين والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون ولم يفرق هؤلء بين هنؤلء وهنؤلء ول‬
‫بين آيات هؤلء وآيات هؤلء وقال تعالى وما قدروا الله حق قدره اذ قييالوا مييا أنييزل اللييه علييى بشيير ميين‬
‫شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهييدى للنيياس تجعلييونه قراطيييس تبييدونها وتخفييون‬
‫كثيرا وعلمتم مالم تعلموا أنتم ول آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون وهذا كتاب أنزلناه مبارك‬
‫مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالخرة يؤمنون به وهم علييى صييلتهم‬
‫يحافظون ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح اليه شيء ومن قييال سييأنزل‬
‫مثل ما أنزل الله ولو ترى اذ الظالمون في غمرات الموت والملئكيية باسييطوا أيييديهم أخرجييوا أنفسييكم‬
‫اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ولقييد جئتمونييا‬
‫فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شييفعاءكم الييذين زعمتييم‬
‫أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون فنسأل ال العظيم أن يهنندينا الننى الصننراط‬
‫المستقيم صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصنالحين النذين عبندوه وحنده ل شنريك لنه‬
‫وآمنوا بما أرسل به رسله وبما جاءوا به من اليات وفرق بين الحق والباطل والهدى والضلل والغنني والرشنناد‬
‫وطريق أولياء ال المتقين وأعداء الن الضننالين والمغضننوب عليهننم فكننان ممننن صنندق الرسننل فيمننا اخننبروا بننه‬
‫وأطنننننننننننننناعهم فيمننننننننننننننا أمننننننننننننننروا بننننننننننننننه ول حننننننننننننننول ول قننننننننننننننوة إل بننننننننننننننال‬
‫وهؤلء يجوزون أن يامر الله بكل شيء وأن ينهى عن كل شيء فل يبقى عندهم فرق بين النبي الصييادق‬
‫والمتنبي الكاذب ل من جهة نفسه فإنهم ل يشترطون فيه ال مجرد كونه في الباطن مقرا بالصييانع وهييذا‬
‫موجود في عامة الخلق ول من جهة آياته ول من جهة ما يأمر به والفلسفة من هذا الوجه أجود قول في‬
‫النبياء فإنهم يشترطون في النبي اختصاصه بالعلم من غير تعلم وبالقدرة على التأثير الغريييب والتخييييل‬
‫ويفرقون بين الساحر والنبي بأن النبي يقصد العدل ويأمر بييه بخلف السيياحر ولهييذا عييدل الغزالييي فييي‬
‫النبوة عن طريق أولئك المتكلمين الى طريق الفلسفة‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.154‬‬

‫فاستدل بما يفعله النبي ويأمر به على نبوته وهي طريق صحيحة لكيين انمييا أثبييت بهييا نبييوة مثييل‬
‫نبوة الفلسفة وأولئك خير من الفلسفة من جهة أنهم لما أقروا بنبوة محمد صدقوه فيمييا أخييبر بييه‬
‫من أمور النبياء وغيرهم وكان عندهم معصوما من الكييذب فيمييا يبلغييه عيين اللييه فييانتفعوا بالشييرع‬
‫والسمعيات وبها صار فيهم من السلم ما تميزوا به على أولئك فإن أولئك ل ينتفعون بأخبار النبييياء‬
‫اذ كانوا عندهم يخاطبون الجمهور بالتخييييل فهييم يكييذبون عنييدهم للمصييلحة ولكيين آخييرون سييلكوا‬
‫مسلك التأويل وقالوا انهم ل يكذبون ولكن أسرفوا فيييه ففييي الجمليية ظهييور الفلسييفة والملحييدة‬
‫والباطنية على هؤلء تارة ومقاومتهم لهم تارة ل بد له مين أسيباب فيي حكمية اليرب وعيدله ومين‬
‫أعظم اسبابه تفريط أولئك وجهلهم بما جاء به النبياء فالنبوة التي ينتسبون الى نصرها لم يعرفوهييا‬
‫ولم يعرفوا دليلهييا ول قييدروها قييدرها وهييذا يظهيير ميين جهييات متعييددة ول حيول ول قيوة إل بييالله‬
‫) فصل ( قد ذكرنا في غير موضع أن أصول الدين الذي بعث الله به رسوله محمدا صلى الله عليييه‬
‫وسلم قد بينها الله في القييرآن أحسيين بيييان وبييين دلئل الربوبييية والوحدانييية ودلئل أسييماء الييرب‬
‫وصفاته وبين دلئل نبوة أنبيائه وبين المعاد بين إمكانه وقدرته عليييه فييي غييير موضييع وبييين وقوعيية‬
‫بالدلة السمعية والعقلية فكان في بيان الله أصول اليدين الحيق وهيو ديين الليه وهيي أصيول ثابتية‬
‫صحيحة معلومة فتضمن بيان العلم النافع والعمييل الصييالح الهييدى ودييين الحييق وأهييل البييدع الييذين‬
‫ابتدعوا أصول دين يخالف ذلك ليس فيما ابتدعوه ل هدى ول دين حق فابتدعوا ما زعمييوا أنييه أدليية‬
‫وبراهين على إثبات الصانع وصدق الرسول وإمكان المعاد أو وقوعه وفيمييا ابتييدعوه مييا خييالفوا بييه‬
‫الشرع وكل ما خالفوه من الشرع فقد خالفوا فيه العقل أيضا فإن الذي بعث الله به محمدا وغيييره‬
‫من النبياء هو حق وصدق وتدل عليه الدلة العقلية فهو ثابت بالسمع والعقل والذين خالفوا الرسيل‬
‫ليس معهم ل سمع ول عقل كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله كلما ألقي فيهننا فننوج سنألهم خزنتهننا ألنم‬
‫يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل ال من شيء ان أنتم إل فني ضنلل كنبير وقنالوا لنو‬
‫كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.155‬‬

‫فسحقا لصحاب السعير وقال تعالى لمكذبي الرسل أفلم يسيروا في الرض فتكييون لهييم قلييوب يعقلييون‬
‫بها أو آذان يسمعون بها فإنها ل تعمى البصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ذكننر ذلننك بعند قنوله‬
‫وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقييوم ابراهيييم وقييوم لييوط وأصييحاب مييدين وكييذب‬
‫موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالميية وهييي خاوييية‬
‫على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد ثم قال أفلم يسيروا في الرض الية ثييم قييال وكييأين ميين قرييية‬
‫أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير فذكر إهلك من أهلننك وأملءه لمننن أملننى لئل يغننتر المغننتر‬
‫فيقننننننننول نحننننننننن لننننننننم يهلكنننننننننا وقنننننننند بسننننننننط هننننننننذا فنننننننني غيننننننننر هننننننننذا الموضننننننننع‬
‫والمقصود هنا أن ما جاء به الرسول يدل عليه السمع والعقل وهو حق في نفسه كالحكم الذي يحكم بييه‬
‫فإنه يحكم بالعدل وهو الشرع فالعدل هو الشرع والشرع هو العدل ولهيذا ييأمر نيبيه أن يحكيم بالقسيط‬
‫وأن يحكم بما أنزل الله والذي أنزل الله هو القسط والقسط هو الذي أنزل الله وكذلك الحييق والصييدق‬
‫هو ما أخبرت به الرسل وما أخبرت به فهو الحق والصدق والسلف والئمة ذمييوا أهييل الكلم المبتييدعين‬
‫الذين خالفوا الكتاب والسنة ومن خالف الكتاب والسنة لم يكن كلمه ال باطل فالكلم الذي ذمه السلف‬
‫يذم لنه باطل ولنه يخالف الشرع ولكن لفظ الكلم لما كان مجمل لم يعرف كثير من الناس الفرق بين‬
‫الكلم الذي ذموه وغيره فمن الناس من يظن أنهم إنما أنكييروا كلم القدرييية فقييط كمييا ذكييره الييبيهقي‬
‫وابن عساكر في تفسير كلم الشافعي ونحوه ليخرجوا أصحابهم عن الذم وليس كذلك بل الشافعي أنكر‬
‫كلم الجهمية كلم حفص الفرد وأمثاله وهؤلء كانت منازعتهم في الصفات والقرآن والرؤية ل في القييدر‬
‫وكذلك أحمد بن حنبل خصومه من أهل الكلم هم الجهمية الذين ناظروه فييي القييرآن مثييل أبييي عيسييى‬
‫محمد بن عيسى برغوث صاحب حسين النجار وأمثاله ولم يكونوا قدرية ول كان النزاع في مسائل القدر‬
‫ولهذا يصرح أحمد وأمثاله من السلف بذم الجهمية بل يكفرونهم أعظم ميين سييائر الطييوائف وقييال عبييد‬
‫الله بن المبارك ويوسف بن أسباط وغيرهما أصول أهل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.156‬‬

‫الهواء أربع الشيعة والخوارج والمرجئة والقدرية فقيل لهم الجهمية فقالوا الجهمية ليسوا من أمة محمد‬
‫ولهذا ذكر أبو عبد الله بن حامد عن اصحاب أحمييد فييي الجهمييية هيل هيم مين الثنيتين والسيبعين فرقية‬
‫وجهين أحدهما أنهم ليسوا منهم لخروجهم عن السلم وطائفيية تظيين أن الكلم الييذي ذمييه السييلف هييو‬
‫مطلق النظر والحتجاج والمناظرة ويزعم من يزعم من هؤلء أن قوله ول تجادلوا أهل الكتاب ال بننالتي‬
‫هي أحسن منسوخ بآية السيف وهؤلء أيضا غالطون فييان اللييه تعييالى قييد أخييبر عين قييوم نييوح وابراهييم‬
‫بمجادلتهم للكفار حتى قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا وقال عن قييوم ابراهيييم وحنناجه قننومه الننى‬
‫قوله وتلك حجتنا آتيناها ابراهيم على قومه وذكر محاجة ابراهيم للكييافر والقييرآن فيييه ميين منيياظرة الكفييار‬
‫والحتجاج عليهم ما فيه شفاء وكفاية وقوله تعالى ول تجادلوا أهل الكتنناب ال بننالتي هنني أحسننن ال الننذين‬
‫ظلموا منهم وقوله وجادلهم بالتي هي أحسن ليس في القرآن ما ينسخهما ولكن بعض الناس يظن أن من‬
‫المجادلة ترك الجهاد بالسيف وكل ما كان متضمنا لترك الجهاد المأمور بييه فهييو منسييوخ بآيييات السيييف‬
‫والجهاد والمجادلة قد تكون مع أهل الذمة والهدنة والمان ومن ل يجيوز قتيياله بالسيييف وقييد تكيون فييي‬
‫ابتداء الدعوة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجاهد الكفار بالقرآن وقد تكييون لبيييان الحييق وشييفاء‬
‫القلوب من الشبه مع من يطلب الستهداء والبيان وبسط هذا له موضع آخر والمقصود هنا أن المبتدعين‬
‫الذين ابتدعوا كلما وأصول تخالف الكتاب وهي أيضا مخالفة للميزان وهييو العييدل فهييي مخالفيية للسييمع‬
‫والعقل كما ابتدعوا في اثبات الصييانع إثبيياته بحييدوث الجسييام وأثبتييوا حييدوث الجسييام بأنهييا مسييتلزمة‬
‫للعراض ل تنفك عنها قالوا وما ليخلوا عن الحوادث فهو حادث لمتناع ل أول لها فهؤلء إذا حقق عليهم‬
‫ما قالوه لم يوجدوا قد أثبتوا العلييم بالصييانع ول أثبتييوا النبييوة ول أثبتييوا المعيياد وهييذه هييي أصييول الييدين‬
‫واليمان بل كلمهم في الخلق والبعث المبدأ والمعاد وفي اثبات الصانع ليييس فييه تحقيييق العلييم ل عقل‬
‫ول نقل وهم معترفون بذلك كما قال الرازي لقد تأملت الطرق الكلمية‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.157‬‬

‫والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليل ول تروي غليل ورأيت أقرب الطرق طريقيية القييرآن أقييرأ فييي‬
‫النفي ليس كمثله شيء و ل يحيطون به علما وأقرأ في الثبات الرحمن على العرش استوى اليه يصننعد‬
‫الكلم الطيب أأمنتم من في السماء ثم قال ومن جرب مثل تجربييتي عييرف مثييل معرفييتي وكييذلك الغزالييي‬
‫وابن عقيل وغيرهما يقولون ما يشبه هييذا وهييو كمييا قييالوا فييان الييرازي قييد جمييع مييا جمعييه ميين طييرق‬
‫المتكلمين والفلسفة ومع هذا فليس في كتبه اثبات الصانع كما قد بسط هذا في غير هذا الموضع وبييين‬
‫جميع ما ذكره في اثبات الصانع وأنه ليس فيه ذلك وليس فيه أيضا اثبات النبوة فان النبييوة مبناهييا علييى‬
‫أن الله قادر وأنه يحدث اليات لتصدق بها الرسل وليس في كتبه اثبات ان الله قادر ول مريد بييل كلمييه‬
‫فيه تقرير حجج من نفي قدرته وارادته دون الجانب الخر كما قد بينا ذلك في الكلم على مييا ذكييره فييي‬
‫مسألة القدرة والرادة مع أنه ولله الحمد الدلة الدالة على اثبات الصانع واثبييات قييدرته ومشيييئته تفييوق‬
‫الحصيييييياء لكيييييين ميييييين لييييييم يجعييييييل اللييييييه لييييييه نييييييورا فمييييييا لييييييه ميييييين نييييييور‬
‫وسبب ذلك إعراضهم عيين الفطييرة العقلييية والشييرعة النبوييية بمييا ابتييدعه المبتييدعون ممييا أفسييدوا بييه‬
‫الفطرة والشرعة فصاروا يسفسطون في العقليات ويقرمطون فييي السييمعيات كمييا قييد بييين هييذا فييي‬
‫مواضع وأيضا فإذا عرف أن الله قادر كما قييد عرفييه غيييره فليييس عنييده فييي النبييوة ال طريييق أصييحابه‬
‫الشعرية الذين سلكوا مسلك الجهمية في أفعال الله تعالى أو طريق الفلسفة ولهييذا يقييول ميين يقييول‬
‫من علماء الزيدية وهم يميلون الى العتزال مع تشيع الزيدية يقولون نحن ل نتكلييم فييي الشييافعي فييإنه‬
‫إمام لكن هؤلء صاروا جهمية يعني القييدر فلسييفة والشييافعي لييم يكيين جهميييا ول فيلسييوفا وهييؤلء لييم‬
‫يعرفوا آيات النبياء والفرق بينها وبين غيرها لكن ادعوا ان ما يأتي به الكهان والسحرة وغيرهم قد يكون‬
‫من آيات النبياء لكن بشرط أن ل يقدر أحييد ميين المرسييل اليهييم علييى معارضييته وهييذه خاصيية المعجييز‬
‫عندهم وهذا فاسد من وجوه كثيرة كما قد بسط في غير هذا الموضع وأما كلمه في المعاد فأبعد‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.158‬‬

‫من هذا وهذا كما قد بين ايضا وكذلك كلم من تقدمه من الجهمية وأتباعهم من الشعرية وغيرهييم وميين‬
‫المعتزلة فإنك ل تجد في كلمهم الذي ابتدعوه ل إثبات الربوبييية ول النبييوة ول المعيياد والشييعري نفسييه‬
‫وأتباعه ليس في كتبهم إثبات الربوبية ول المعاد وكذلك من سلك سبيلهم في أدلتهيم مين أتبياع الفقهياء‬
‫كالقاضي أبي يعلى وابن عقيل وابن الزاغوني وغيرهم والمعتزلة كذلك أيضا وكذلك الكرامية وقد تأملت‬
‫كلم أئمة هؤلء الطوائف كأبي الحسين البصري ونحوه من المعتزلة وكابن الهيضم من الكرامييية وكييأبي‬
‫الحسن نفسه والقاضي أبي بكر وأبي المعالي الجويني وأبي اسحاق السيفراييني وأبييي بكير بيين فيورك‬
‫وأبي القاسم القشيري وأبي الحسن التميمي والقاضي أبي يعلى وابن عقيييل وابيين الزاغييوني غفيير اللييه‬
‫لهم ورحمهم أجمعين وتأملت ما وجدته في الصفات من المقالت مثل كتاب الملل والنحل للشهرستاني‬
‫وكتاب مقالت السلميين للشعري وهو أجمع كتاب رأيته في هذا الفن وقد ذكر فيه مييا ذكيير أنييه مقاليية‬
‫أهل السنة والحديث وأنه يختارها وهي أقرب ما ذكره من المقالت الى السنة والحديث لكيين فيييه أمييور‬
‫لم يقلها أحد من أهل السنة والحديث ونفس مقالة أهل السنة والحديث لم يكن يعرفها ول هو خييبير بهييا‬
‫فالكتب المصنفة في مقالت الطوائف التي صنفها هؤلء ليس فيهييا مييا جيياء بييه الرسييول ومييا دل عليييه‬
‫القرآن لفي المقالت المجردة ول في المقالت التي يذكر فيها الدلة فإن جميع هؤلء دخلوا فييي الكلم‬
‫المذموم الذي عابه السلف وذموه ولكن بعضهم أقرب الى السنة من بعض وقييد يكييون هييذا أقييرب فييي‬
‫بعض وهذا أقرب في مواضع وهذا لكون أصل اعتمادهم لم يكن علييى القييرآن والحييديث بخلف الفقهيياء‬
‫فإنهم في كثير مما يقولونه إنما يعتمدون على القرآن والحديث فلهذا كانوا أكثر متابعة لكن ما تكلم فيييه‬
‫أولئك أجل ولهذا يعظمون من وجه ويذمون من وجه فإن لهم حسنات وفضائل وسعيا مشكورا وخطأهم‬
‫بعد الجتهاد مغفور والشعري أعلم بمقالت المختلفين من الشهرستاني ولهذا ذكر عشر طييوائف وذكيير‬
‫مقالت لم يذكرها الشهرستاني وهو أعلم بمقالت أهل السنة وأقرب اليهم وأوسع علما من‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.159‬‬

‫الشهرستاني والشهرستاني أعلم باختلف المختلفين ومقالتهم من الغزالي ولهذا ذكر لهييم فييي القييرآن‬
‫أربع مقالت وعدد طوائف من أهيل القبلية والغزالييي حصير أهيل العليم اللهيي فيي أربعية اصيناف فيي‬
‫الفلسفة والباطنية والمتكلمين والصوفية فلم يعرف مقالت أهل الحديث والسنة ول مقالت الفقهاء ول‬
‫مقالت أئمة الصوفية ولكن ذكر عنهم العمل وذكر عن بعضهم اعتقادا يخالفهم فييه أئمتهيم وأبيو طيالب‬
‫أعلم منهما بأقوال الصوفية ومع هذا فلم يعرف مقالة الكابر كالفضيل بن عياض ونحوه وأبييو الوليييد بيين‬
‫رشد الحفيد حصر أهل العلم اللهي في ثلثة في الحشوية والباطنية والشييعرية والباطنييية عنييده يييدخل‬
‫فيهم باطنية الصوفية وباطنية الفلسفة ومن هنا دخل ابن سبعين وابن عربي فأخييذوا مييذاهب الفلسييفة‬
‫وادخلوها في التصوف وأبو حامد يدخل في بعض هذا فإن ابن سينا تكلم في مقييالت العييارفين بتصييوف‬
‫فاسد ثم ان هؤلء مع هذا لما لم يجدوا الصحابة والتابعين تكلموا بمثل كلمهم بل ول نقل ذلك عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم صار منهم من يقول كانوا مشغولين بالجهاد عن هذا الباب وأنهم هم حققوا ما لييم‬
‫يحققه الصحابة ويقولون أيضا ان الرسول لم يعلمهم هذا لئل يشتغلوا به عيين الجهيياد فييانه كييان محتاجييا‬
‫اليهم في الجهاد وهكذا يقول من يقول من مبتدعة أهل الزهييد والتصييوف إذا دخلييوا فييي عبييادات منهييي‬
‫عنها ومذمومة في الشرع قالوا كان الصحابة مشغولين عنها بالجهاد وكان النبي صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫يخاف أن يشتغلوا بها عن الجهاد واهل السيف قد يظن من يظن منهم أن لهم من الجهاد وقتيال العيداء‬
‫مالم يكن مثله للصحابة وأن الصحابة كانوا مشغولين بالعلم والعبادة عن مثل جهيادهم ومين أهيل الكلم‬
‫من يقول بل الصحابة كانوا على عقائدهم وأصولهم لكيين لييم يتكلمييوا بييذلك لعييدم حيياجتهم اليييه فهييؤلء‬
‫جمعوا بين أمرين بين أن ابتدعوا أقوال باطلة ظنوا أنها هي أصول الييدين ل يكييون علمييا بالييدين ال ميين‬
‫وافقهم عليها وأنهم علموا وبينوا من الحق مالم يبينه الرسول والصحابة وإذا تدبر الخبير حقيقيية مييا هييم‬
‫عليه تبين له أنه ليس عند القوم فيما ابتدعوه ل علم ول دين ل شرع ول عقييل وآخييرون لمييا رأوا ابتييداع‬
‫هؤلء وأن الصحابة والتابعين لم يكونوا يقولون مثل قيولهم ظنيوا أنهييم كييانوا كالعامية اليذين ل يعرفييون‬
‫الدلة والحجج وأنهم كانوا ل يفهمون ما في‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.160‬‬

‫كييان‬ ‫القرآن مما تشابه على من تشابه عليه وهموتو أنه اذا كان الوقف على قوله وما يعلم تأويله إل ال‬
‫المراد أنه ل يفهم معناه ال الله ل الرسول ول الصحابة فصاروا ينسبون الصحابة بل والرسول الييى عييدم‬
‫العلم بالسمع والعقل وجعلوهم مثل أنفسهم ل يسمعون ول يعقلون وظنوا أن هذه طريقة السلف وهييي‬
‫الجهل البسيط التي ل يعقل صاحبها ول يسمع وهذا وصف أهل النار ل وصف افضييل الخلييق بعييد النبييياء‬
‫قال ابن مسعود رضي الله عنه من كان منكم مستنا فليسيتن بمين قيد مييات فيان الحيي ل ييؤمن عليييه‬
‫الفتنة أولئك أصحاب محمد أبر هذه المة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوم اختارهم الله لصحبة نييبيه‬
‫واقامة دينه فاعرفوا لهم حقهم وتمسكوا بهديهم فانهم كانوا على الهدى المسييتقيم وقييال أيضييا ان اللييه‬
‫نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه وابتعثه برسالته ثييم نظيير فييي‬
‫قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد بعد قلبه فجعلهييم وزراء نييبيه يقيياتلون‬
‫على دينه فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح وقييد‬
‫ثبت في الصحيحين من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال خير القرون القرن الذي بعثييت‬
‫فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وقد قال تعالى والسابقون الولون من المهاجرين والنصار والننذين‬
‫اتبعوهم باحسان فرضي عن السابقين مطلقا ورضي عمن اتبعهم باحسان وذلك متناول لكييل ميين اتبعهييم‬
‫الى يوم القيامة كما ذكر ذلك أهل العلم قال ابن أبي حاتم قرئ على يونس بن عبد العلييى أخبرنييا ابيين‬
‫وهب حدثني عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم في قوله والننذين اتبعننوهم باحسننان قيال مين بقيي مين أهيل‬
‫السييييييييلم إلييييييييى أن تقييييييييوم السيييييييياعة وبسييييييييط هييييييييذا لييييييييه موضييييييييع آخيييييييير‬
‫والمقصود هنا أن الهدى البيان والدلة والبراهين في القرآن فإن الله تعالى أرسل رسيوله بالهيدى وديين‬
‫الحق وأرسله باليات البينات وهي الدلة البينة الدالة على الحق وكذلك سييائر الرسييل وميين الممتنييع أن‬
‫يرسل الله رسول يأمر الناس بتصديقه ول يكون هناك ما يعرفون به صدقه وكذلك من قييال إنييي رسييول‬
‫الله فمن الممتنع أن يجعل مجرد الخبر المحتمل للصدق والكذب دليل له وحجة على الناس‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.161‬‬

‫هذا ل يظن بأجهل الخلق فكيف بأفضل الناس وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنييه قييال‬
‫ما من نبي من النبياء ال وقد أوتي من اليات ما آمن على مثله البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحيياه‬
‫الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة قال تعالى ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى‬
‫من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم ال ويلعنهم اللعنون فالبينات جمع بينة وهي الدليية والييبراهين‬
‫التي هي بينة في نفسها وبها يتبين غيرها يقال بين المر أي تبين في نفسه ويقال بين غيره فالبين اسييم‬
‫لما ظهر في نفسه ولما أظهر غيره وكذلك المبين كقوله فاحشة مبينة أي متبينة فهذا شييأن الدليية فييان‬
‫مقدماتها تكون معلومة بنفسها كالمقدمات الحسييية والبديهييية وبهيا يتيبين غيرهييا فيسييتدل عليى الخفيي‬
‫بالجلي والهدى مصدر هداه هدى والهدى هو بيان ما ينتفع بييه النيياس ويحتيياجون اليييه وهييو ضييد الضييللة‬
‫فالضال يضل عن مقصوده وطريق مقصوده وهو سييبحانه بييين فييي كتبييه مييا يهييدي النيياس فعرفهييم مييا‬
‫يقصدون وما يسلكون من الطرق عرفهم أن الله هو المقصود المعبود وحده وأنييه ل يجييوز عبييادة غيييره‬
‫وعرفهم الطريق وهو ما يعبدونه به ففي الهييدى بيييان المعبييود ومييا يعبييد بييه والبينييات فيهييا بيييان الدليية‬
‫والبراهين على ذلك فليس ما يخبر به ويأمر به من الهدى قييول مجييردا عيين دليلييه ليؤخييذ تقليييدا واتباعييا‬
‫للظن بل هو مبين باليات البينات وهي الدلة اليقينيية والييبراهين القطعييية وكييان عنييد أهييل الكتيياب مين‬
‫البينات الدالة على نبوة محمد وصحة ما جاء به أمور متعددة كبشارات كتبهم وغير ذلك فكييانوا يكتمييونه‬
‫قال تعالى ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من ال فإنه كان عنييدهم شييهادة ميين اللييه تشييهد بمييا جيياء بييه‬
‫محمد وبمثله فكتموها وقال تعالى شهر رمضننان الننذي أنننزل فيننه القننرآن هنندى للننناس وبينننات مننن الهنندى‬
‫والفرقان فانزله هاديا للناس وبينات من الهدى والفرقان فهو يهدي الناس إلييى صييراط مسييتقيم يهييديهم‬
‫الى صراط العزيز الحميد الذي له ما في السماوات وما في الرض بما فيه من الخبر والمر وهييو بينييات‬
‫دللت وبراهين من الهدى من الدلة الهادية المبينيية للحييق وميين الفرقييان المفييرق بييين الحييق والباطييل‬
‫والخير والشر والصدق والكذب والمأمور والمحظور والحلل والحرام‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.162‬‬

‫وذلك أن الدليل ل يتم ال بالجواب عن المعارض فالدلة تشتبه كثيرا بما يعارضها فل بييد مين الفييرق بييين‬
‫الدليل الدال على الحق وبين ما عارضه ليتبين ان الذي عارضه باطل فالييدليل يحصييل بييه الهييدى وبيييان‬
‫الحق لكن ل بد مع ذلك من الفرقان وهو الفرق بين ذلك الدليل وبين ما عارضه والفرق بين خييبر الييرب‬
‫والخبر الذي يخالفه فالفرقان يحصل به التمييز بين المشتبهات وميين لييم يحصييل لييه الفرقييان كييان فييي‬
‫اشتباه وحيرة والهدى التام ل يكون ال مع الفرقان فلهذا قييال أو ل هنندى للننناس ثييم قييال وبينننات مننن‬
‫الهدى والفرقان فالبينات الدلة على ما تقدم من الهدى وهي بينييات ميين الهييدى الييذي هييو دلييل علييى أن‬
‫الول هدى ومن الفرقان الذي يفرق بين البينات والشبهات والحجج الصحيحة والفاسدة فالهدى مثييل أن‬
‫يؤمر بسلوك الطريق إلى الله كما يؤمر قاصد الحج بسلوك طريق مكة مع دليل يوصله والبينات ما يييدل‬
‫ويبين أن ذلك هو الطريق وأن سالكه سالك للطريق ل ضال والفرقان أن يفرق بين ذاك الطريق وغيييره‬
‫وبين الدليل الذي يسلكه ويدل الناس عليه وبين غيرهم ممن يدعي الدللة وهو جاهل مضل وهذا وامثاله‬
‫مما يبين أن في القرآن الدلة الدالة للناس على تحقيق ما فيه من الخبار والوامر كثير وقيد بسيط هيذا‬
‫في غير هذا الموضع والمقصود هنا الكلم عليى النبيوة فيإن المتكلميين المبتيدعين تكلميوا فيي النبيوات‬
‫بكلم كثير لبسوا فيه الحق بالباطل كمييا فعلييوا مثييل ذلييك فييي غييير النبييوات كاللهيييات وكالمعيياد وعنييد‬
‫التحقيق لم يعرفوا النبوة ولم يثبتوا ما يدل عليها فليس عندهم ل هدى ول بينات والله سبحانه أنزل فييي‬
‫كتبه البينات والهدى فمن تصور الشيء على وجهه فقد اهتدى اليه وميين عييرف دليييل ثبييوته فقييد عييرف‬
‫البينات فالتصور الصحيح اهتداء والدليل الذي يبين التصديق بذلك التصور بينات والله أنزل الكتيياب هييدى‬
‫للناس وبينات من الهدى والفرقان والقرآن اثبت الصفات على وجه التفصيل ونفييي عنهييا التمثيييل وهييي‬
‫طريقة الرسل جاءوا باثبات مفصل ونفي مجمل وأعداؤهم جاءوا بنفييي مفصييل وإثبييات مجمييل فلييو لييم‬
‫يكن الحق فيما بينه الرسول للناس وأظهر لهم بل كان الحق في نقيضيه لليزم أن يكيون عيدم الرسيول‬
‫خيرا من وجوده إذ كان وجوده لم يفدهم عند هؤلء علما ول هدى بل ذكر أقوال تدل على الباطل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.163‬‬

‫وطلب منهم أن يتعلموا الهدى بعقولهم ونظرهم ثم ينظروا فيما جاء به فأما أن يتييأولوه ويحرفييوا الكلييم‬
‫عن مواضعه وإما أن يعوضوه فذكرنا هذا ونحوه مما يبين أن الهيدى مييأخوذ عيين الرسييول وأنيه قيد بييين‬
‫للمة ما يجب اعتقاده من أصول الدين في الصفات وغيرهييا فكييان الجييواب خطابييا مييع ميين يقيير بنبييوته‬
‫ويشهد له بأنه رسيول الليه فليم ييذكر فييه دلئل النبيوة وذكير أن الشيبهات العقليية اليتي تعيارض خيبر‬
‫الرسول باطلة وذكر في ذلك ما هو موجود في هذا الجواب ثم بعد ذلك حييدثت أمييور أوجبييت أن يبسييط‬
‫الكلم في هذا الباب ويتكلم على حجج النفاة ويبين بطلنها ويتكلم على ما أثبتوه من أنه يجب تقديم مييا‬
‫يزعمون أنه معقول على ما علم بخبر الرسول وبسط في ذلك من الكلم والقواعد ما ليس هذا موضعه‬
‫وتكلم مع الفلسفة والملحدة الذين يقولون ان الرسل خاطبوا خطابا قصدوا به التخييل الييى العاميية مييا‬
‫ينفعهم ل أنهم قصدوا الخبار بالحقائق وهؤلء لم يكن وقت الجواب قصد مخيياطبتهم اذ كييان هييؤلء فييي‬
‫الحقيقة مكذبين المرسل يقولون أنهم كذبوا لما رأوه مصلحة بل كان الخطاب مع من يقر بأن الرسييول‬
‫ل يقول ال الحق باطنا وظاهرا ثم بعد هذا طلب الكلم على تقرير أصول الدين بأدلتها العقلية وان كانت‬
‫مستفادة من تعليم الرسول وذكر فيها ما ذكر من دلئل النبوة في مصنف يتضييمن شييرح عقيييدة صيينفها‬
‫شيخ المنظار بمصر شمس الدين الصبهاني فطلييب منييي شييرحها فشييرحتها وذكييرت فيهييا ميين الييدلئل‬
‫العقلية ما يعلم به أصول الدين وبعدها جاء كتاب من النصارى يتضمن الحتجاج لييدينهم بالعقييل والسييمع‬
‫واحتجوا بما ذكروه من القرآن فأوجب ذلك أن يرد عليهم ويبين فساد ما احتجوا به ميين الدليية السييمعية‬
‫من القرآن ومن كلم النبياء المتقدمين وما احتجوا به من العقل وأنهم مخالفون للنبياء وللعقييل خييالفوا‬
‫المسيح ومن قبله وحرفوا كلمهم كما خالفوا العقل وبين ما يحتجون به ميين نصييوص النبييياء وانهييا هييي‬
‫وغيرها من نصوص النبياء التي عندهم حجة عليهم ل لهم وبين الجواب الصحيح لمن حرف دين المسيييح‬
‫وهم لم يطالبوا ببيان دلئل نبوة نبينا لكن اقتضت المصلحة أن يذكر من هييذا مييا يناسييبه ويبسييط الكلم‬
‫في ذلك بسطا أكثر من غيره وقلوب كثير من الناس يجول فيها أمر النبوات وما جاءت به الرسل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.164‬‬

‫وهم وإن أظهروا تصديقهم والشهادة لهم ففييي قليوبهم ميرض ونفيياق اذ كييان مييا جعلييوه أصييول‬
‫لدينهم معارض لما جاءت به النبياء وهم لم يتعلموا ما جاءت به النبيياء وليم يأخيذوا عنهيم اليدلئل‬
‫والصول والبينات والبراهين وإذا وجب أن يؤخذ عن النبياء مييا أخييبروا بييه ميين أصييول الييدين وميين‬
‫تصديق خبرهم مع وجود ما يعارضه فلن يؤخذ عنهم ما بينوا به تلك العقييائد ميين اليييات والييبراهين‬
‫أولى وأحرى فإنه بهذا يتبين ذاك وإل فتصديق الخبر متوقف على دليل صحته أو على صدق المخييبر‬
‫به وتصديقه بدون أن يعلم أنه في نفسه حق أو أن المخبر به صادق قول بل علم والرسول صلوات‬
‫الله عليه وسلمه قد أرسل بالبينات والهدى بين الحكام الخبرية والطلبية وأدلتها الداليية عليهييا بييين‬
‫المسائل والوسائل بين الدين ما يقال وما يعمييل وبييين اصييوله الييتي بهييا يعلييم أنييه دييين حييق وهييذا‬
‫المعنى قد ذكره الله تعالى في غير موضع وبين أنه أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره علييى‬
‫الدين كله ذكر هذا في سورة التوبة والفتح والصف والهدى هيو هييدى الخلييق الييى الحييق وتعريفهيم‬
‫ذلك وإرشادهم اليه وهذا ل يكون ال بذكر الدلة واليات الدالة على أن هذا هدى وال فمجرد خبر لم‬
‫يعلم أنه حق ولم يقم دليل على أنه حق ليس بهدي وهو سبحانه اذا ذكر النبياء نبينا وغيره ذكر انييه‬
‫أرسلهم باليات البينات وهي الدلة والبراهين البينة المعلومة علما يقينيا اذ كيان كيل دلييل ل بيد أن‬
‫ينتهي الى مقدمات بينة بنفسها قد تسمى بديهيات وقد تسمى ضروريات وقيد تسيمى أولييات وقيد‬
‫يقال هي معلومة بأنفسها فالرسل صلوات الله عليهم بعثوا باليييات البينييات وفييي الصييحيحين عنييه‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من نبي من النبياء إل وقد أوتييي ميين اليييات مييا آميين علييى مثلييه‬
‫البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله الي فييأرجو أن أكييون اكييثرهم تابعييا يييوم القياميية وهييو‬
‫سبحانه اذا خاطب جنس النس ذكر جنس النبياء وأثبت جنس ما جاءوا به واذا خاطب أهل الكتيياب‬
‫المقرين بنبوة موسى خاطبهم باثبات نبي بعده كما قال في سورة البقرة في خطابه لبني اسرائيل‬
‫لما ذكر ما ذكره من أحوالهم مع موسى وذكرهم بإنعامه عليهم وبما فعلوه من السيييئات ومغفرتييه‬
‫لها قال تعالى ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.165‬‬

‫عيسى بن مريم البينات وأيدناه بييروح القييدس أفكلمييا جيياءكم رسييول بمييا ل تهييوى انفسييكم اسييتكبرتم‬
‫ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ثم ذكر محمدا فقننال ولما جياءهم رسيول مين عنيد الليه مصيدق لميا معهيم‬
‫وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنيية اللييه علييى الكييافرين‬
‫بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء ميين عبيياده‬
‫فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين فذكر سننبحانه أنننه أرسننل المسننيح اليهننم بالبينننات بعنند مننا‬
‫أرسل قبله الرسل وأنهم تارة يكذبون الرسل وتارة يقتلونهم وذكر أنه أرسل عيسى بالبينات لنه جاء بنسخ بعض‬
‫شرع التوراة بخلف من قبله ولهذا لم يذكر ذلك عنهم وقال في موسى إنه أتاه الكتاب لنهم كانوا مقريننن بنبننوته‬
‫ولكن حرفوا كتابه في المعنى باتفاق الناس وحرفوا اللفظ أحيانا وفي بعض المواضع وهو تعالى قد ذكر في غير‬
‫موضع أنه أرسل موسى باليات البينات فقال لما ناجاه وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم‬
‫يعقب يا موسى ل تخف إني ل يخاف لدي المرسلون ال من ظلم ثم بييدل حسيينا بعييد سييوء فيياني غفييور‬
‫رحيم وادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات الى فرعون وقومه انهم كنانوا فاسنقين‬
‫وقال في سورة القصص يا موسى أقبل ول تخف انك من المنين اسلك يدك في جيبييك تخييرج بيضيياء ميين‬
‫غير سوء واضمم اليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربييك الييى فرعييون وملئه انهييم كييانوا قومييا‬
‫فاسقين وقال تعالى فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلت فاستكبروا‬
‫وكانوا قوما مجرمين وقد قال تعالى لما قص قصص الرسل نوح وهود وصالح وشعيب ونصره لهننم وإهلك‬
‫أعدائهم ثم ذكر النبياء عموما فقال وما أرسلنا في قرية من نبي ال أخييذنا أهلهييا بالبأسيياء والضييراء لعلهييم‬
‫يضرعون الى قوله أو لم يهد للذين يرثون الرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على‬
‫قلوبهم فهم ل يسمعون تلك القرى نقص عليك ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كييذبوا‬
‫من قبل كذلك يطبع الله على قلوب‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.166‬‬

‫الكافرين وما وجدنا لكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين فقد أخننبر أن أهننل القننرى كلهننم‬
‫الذين أهلكهم جاءتهم رسلهم بالبينات ولكن شابه متأخروهم متقدميهم فما كان هننؤلء ليؤمنننوا بمننا كننذب بننه‬
‫أشباههم كذلك يطبع ال على قلوب الكافرين وهذا كقوله تعالى كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول‬
‫ال قالوا ساحر أو مجنون قال تعالى ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا الى فرعون وملئه فظلموا بها‬
‫فانظر كيف كان عاقبة المفسدين فننبين سننبحانه أنننه بعننث موسننى بآينناته وقننال فنني أثننناء القصننة إني‬
‫رسول من رب العالمين حقيق على أن ل أقول على الله ال الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فارسل‬
‫معي بني اسرائيل فأخبر أنه جاء ببينة من ال أي بآية بينة من ال بدليل من الن وبرهنان فهني آينة مننه‬
‫وعلمة منه على صدقي واني رسول منه فإن قوله من ربكم متعلننق بالرسننول وباليننة يقننال فلن قنند جنناء‬
‫بعلمة من فلن فالعلمة منه والرسول منه والية منه كما قال فذانك برهانان من ربك فدل على أن كل‬
‫واحد من الرسول ومن آيات الرسول هو من ال تعالى قننال لننه فرعننون ان كنت جئت بآييية فييأت بهييا ان‬
‫كنت من الصادقين وذكر القصة ومعارضة السحرة له الى أن قال فأوحينا الى موسى أن ألق عصاك‬
‫فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صيياغرين وألقييي‬
‫السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون قال فرعييون آمنتييم بييه قبييل إن آذن‬
‫لكم أن هييذا لمكيير مكرتمييوه فييي المدينيية لتخرجييوا منهييا أهلهييا فسييوف تعلمييون لقطعيين أيييديكم‬
‫وأرجلكم من خلف ثم لصلبنكم أجمعين قالوا انا الى ربنا منقلبون وما تنقييم منييا ال أن آمنييا بآيييات‬
‫ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسليمن فذكر السحرة أنهم آمنوا بآيات ربهننم لمننا جنناءتهم‬
‫قد جئتكييم ببينيية ميين‬ ‫وهم من أعلم الناس بالسحر لما علموا أن هذه اليات آيات من ال كمننا قننال موسننى‬
‫ربكم الى قوله فارسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلت فاسييتكبروا‬
‫وكانوا قوما مجرمين الى قوله فأغرقناهم في اليم بأنهم كييذبوا بآياتنييا وكييانوا عنهييا غييافلين وليننس‬
‫المراد باليات هنا كتابا منزل فان موسى لما ذهب الى فرعون‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.167‬‬

‫لم تكن التوراة قد نزلت وإنما أنزلت التوراة بعد أن غرق فرعون وخلص ببني اسرائيل فاحتياجوا‬
‫الى شريعة يعملون بها قال تعالى ولقد آتينا موسى الكتاب منن بعند منا أهلكننا القنرون الولنى بصنائر‬
‫للناس وهدى ولكن تكذيبهم بآياته إنكارهم أن تكون آية من اللييه وقييولهم إنهييا سييحر كمييا أخييبر اللييه‬
‫تعالى عنهم بقوله وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين وكانوا عنها غافلين لم‬
‫يذكروها ويتأملوا ما دلت عليه مين صيدق موسيى وانيه مرسيل مين الليه فالتكيذيب ضيد التصيديق‬
‫والغفلة عنها ضد النظر فيها ولهذا قيل النظر تجريد العقل عن الغفلت وقيل هو تحديق العقل نحييو‬
‫المرئي والول هو النظر الطلبي وهو طلب ما يدله على الحق والثياني هيو النظير السيتدللي وهيو‬
‫النظر في الدليل الذي يوصله الى الحق وهذا الثاني هو الذي يوجب العلم فذمهم على الغفليية عيين‬
‫آياته يتضمن النوعين النظر فيها والتأمل لها والتذكر لها ضد الغفلة عنها وهي آيات معينة فييإذا جييرد‬
‫العقل عن الغفلة عنها وصدقه للنظر فيها حصل له العلم بها وقد يحصل العلم بها ولكن يمتنييع عيين‬
‫اتباعها لهواه كما قال الله عن قوم فرعون وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فإن الحييق إذا‬
‫ظهر صار معلوما بالضرورة واليات والدلئل الظاهرة تدل على لوازمها بالضرورة لكن اتباع الهييوى‬
‫يصد عن التصديق بها واتباع ما أوجبييه العلييم بهييا وهييذه حييال عاميية المكييذبين مثييل مكييذبي محمييد‬
‫وموسى وغيرهما فإنهم علموا صدقهما علما يقينيا لما ظهر من آيات الصيدق ودلئليه الكيثيرة لكيين‬
‫اتباع الهوى صد قال تعالى فإنهم ل يكذبونك ولكن الظالمين بآيات ال يجحدون وقال تعالى عيين قييوم‬
‫فرعون وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا وقال موسى لفرعون لقد علمننت مننا أنننزل هننؤلء‬
‫ال رب السماوات والرض بصائر ولهذا قال وكانوا عنها غافلين فعلموا أنها حييق وغفلييوا عنهييا كمييا‬
‫يغفل النسان عما يعلمه ومنه الغفلة عن ذكر الله تعالى قال تعيالى ول تطننع مننن أغفلنننا قلبننه عننن‬
‫ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا وقال تعالى واذكر ربك في نفسك تضننرعا وخيفننة ودون الجهننر مننن‬
‫القول بالغدو والصال‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.168‬‬

‫ول تكن من الغافلين وقال تعالى ان الذين ل يرجون لقاءنيا ورضيوا بالحيياة اليدنيا واطميأنوا بهيا‬
‫والذين هم عن آياته غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكذبون فذكر الننذين هننم عننن آينناته غننافلون‬
‫هنا كما ذكرهم هناك وهناك وصفهم بالتكذيب بها مع الغفلة عنها وضد الغفلة التذكر والتذكر لياته سبحانه‬
‫يوجب العلم بها وحضورها في القلب وهو موجب لتباعها ال أن يمنعه هوى قال تعننالى ان شيير الييدواب‬
‫عند الله الصم البكم الذين ل يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لسييمعهم ولييو أسييمعهم لتولييوا وهييم‬
‫معرضون فهو سبحانه لو علم فيهم خيرا وهو قصد الحق لفهمهم لكنهم ل خينر فيهننم فلننو أفهمهننم لتولنوا‬
‫وهم معرضننون وقننال تعننالى ولقد أرسلنا موسييى بآياتنييا الييى فرعييون وملئه فقييال انييي رسييول رب‬
‫العالمين فلما جاءهم بآياتنا اذا هم منها يضحكون وما نريهم من آية إل هي أكبر من أختها وأخييذناهم‬
‫بالعذاب لعلهم يرجعون وقد ذكر اليات التي هي دلئل النبوة منه في غير موضع غيننر مننا تقنندم كقننوله‬
‫تعالى فائتياه فقول انا رسول ربك فارسل معنا بنييي اسييرائيل ول تعييذبهم قييد جئنيياك بآييية ميين ربييك‬
‫والسلم على من اتبع الهدى انا قد أوحي الينا أن العذاب على من كذب وتولى قال فميين ربكمييا يييا‬
‫موسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى قال فما بال القرون الولييى قييال علمهييا عنييد‬
‫ربي في كتاب ل يضل ربي ول ينسى الذي جعل لكم الرض مهادا وسلك لكم فيها سبل وأنييزل ميين‬
‫السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى كلوا وارعوا أنعامكم ان في ذلك ليييات لولييى النهييى‬
‫منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى قييال أجئتنييا‬
‫لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى فلنأتينك بسحر مثله الى قوله عن السحرة لن نؤثرك على ما‬
‫جاءنا من البينات وقال تعالى ورسول الى بني إسرائيل اني قد جئتكم بآية من ربكييم وقننال تعننالى‬
‫وقالوا لو ل يأتينا بآية من ربه أو لم تأتهم بينة ما في الصحف الولى فاليننات الننتي هنني دلئل النبننوة‬
‫وبراهينها هي آيات من ال وعلمات مننه أنننه أرسنل الرسنول وكمننا أن اليننات الننتي هني كلمننه تتضنمن‬
‫إخباره لعباده وأمره ففيها‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.169‬‬

‫العلم واللزام فكذلك دلئل النبوة هي آيات منييه تتضييمن إخبيياره لعبيياده بييأن هييذا رسييوله وأمييره لهييم‬
‫بطاعته ففيها العلم واللزام وكما أن آياته القولية زعم المكذبون أنها ليست كلمه ول منه بل هييي ميين‬
‫قول البشر وزعموا أن الرسول افتراهيا أو مين معيه أو تعلمهيا مين غيييره فكيذلك الييات الفعليية زعيم‬
‫المكذبون أنها ليست آية منه وعلمة ودللة منه على أن الرسول ورسوله بل مما يفعله الرسول فيكذب‬
‫وهذه من فعل المخلوقين لكنها عجيبة فهي سحر سحر بها الناس فلم يكن من المكييذبين مين قيال انهييا‬
‫من الله ولكن لم يخلقها لنصدقك بها بل خلقها ل لشيء أو خلقها وان كنت كاذبا فإنه قد يخلق مثل هذه‬
‫على أيدي الكذابين ليضل بها الناس فإن هذا وان كان يقال انه قبيح فانه ل يقبح منه شيييء كمييا أنييه لييم‬
‫يكن في المكذبين من قال ان الكلم كلم الله لكنه كذب اذ الكذب وإن كان قبيحا من المخلوق فالخالق‬
‫ل يقبح منه شيء وهذا لنه من المعلوم بالفطرة الضييرورية لجميييع بنييي آدم ان اللييه ل يكييذب ول يفعيل‬
‫القبائح فل يؤيد الكذاب بآيته ليضل بها الناس لكن قالوا ليست آية من الله بل هي سحر من عندك وهييم‬
‫وإن كانوا قد يعلمون أن الله خالق كل شيء ففرق بين ما يفعله البشر ويتوصلون إليه بالكتسيياب وبييين‬
‫مال قدرة لهم على التوصل إليه بسبب من السباب وفرق بييين مييا قييد علمييوا أنييه يخلقييه لغييير تصييديق‬
‫الرسل كالسحر فإنه لم يزل معروفا في بني آدم فقد علموا انه ل يخلقه آية وعلمة لنبي اذ كان موجودا‬
‫لغير النبياء معتادا منهم وإن كان عجيبا خارجا عن العادة عند من لم يعرفه بل كييان المكييذبون يطيالبون‬
‫الرسل باليات كقول فرعون فات بآية ان كنت من الصادقين وقول قوم صالح له إنما أنت من المسحرين‬
‫ما أنت ال بشر مثلنا فأت بآية ان كنت من الصادقين وكانت النبياء تأتي باليات وهي آيييات بينييات فيكييذبون‬
‫بها كما يكذب المعاند بالحق الظاهر المعلوم كمييا قييال فرعييون إنييه سيياحر ولمييا غلييب السييحرة وآمنييوا‬
‫واعترفوا بأن هذه آية من الله قال لهم فرعون إنه لكبيركم الذي علمكم السحر وان هذا لمكر مكرتموه فنني‬
‫المدينة لتخرجوا منها أهلها وهذا كذب ظاهر فإن موسى جاء من السام ولم يجتمع بالسحرة إنمييا فرعييون‬
‫جمعهم ولم يكن دين موسى دين السحرة ول مقصودة مقصودهم بل هم وهو في غاية التعادي والتباين‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.170‬‬

‫وكذلك سائر السحرة والكهنة مع النبياء من أعظيم النيياس ذمييا لهيم وأميرا بقتلهييم مييع تصييديق النبيياء‬
‫بعضهم ببعض وايجاب بعضهم اليمان ببعض وهم يأمرون بقتل من يكييذب نبيييا ويييأمرون بقتييل السييحرة‬
‫ومن آمن بهم والسحرة يذم بعضهم بعضا والنبياء يصدق بعضهم بعضا وهؤلء يأمرون بعبادة اللييه وحييده‬
‫والصدق والعدل ويتبرءون من الشرك وأهله وهؤلء يحبون أهل الشرك ويوالونهم ويبغضون أهل التوحيد‬
‫والعدل فهذان جنسان متعاديان كتعادي الملئكة والشياطين كما قال تعالى وكذلك جعلنا لكل نننبي عنندوا‬
‫شياطين النس والجن يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون‬
‫ولتصغي اليه أفئدة الذين ل يؤمنون بالخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقننترفون فمن جعييل النييبي سيياحرا أو‬
‫مجنونا هو بمنزلة من جعييل السيياحر أو المجنييون نبيييا وهييذا ميين أعظييم الفرييية والتسييوية بييين الضييداد‬
‫المختلفة وهو شر من قول من يجعل العاقل مجنونييا والمجنييون عيياقل أو يجعييل الجاهييل عالمييا والعييالم‬
‫جاهل فإن الفرق بين النبي وبين الساحر والمجنييون أعظييم ميين الفييرق بييين العاقييل والمجنييون والعييالم‬
‫والجاهل وموسى صلوات الله عليه أمر بتصديق من يأتي بعده من النبييياء الصييادقين كمييا أميير بتكييذيب‬
‫الكذابين وأما السحرة فإنه أمر بقتلهم وفي التوراة سأقيم لبني اسرائيل ميين إخييوتهم نبيييا مثلييك اجعييل‬
‫كلمي على فمه كلكم يسمعون وهذا يقتضي طاعة من يقوم بعده من النبياء ثم ميين النيياس ميين يعييين‬
‫هذا فاليهود يقولون هو يوشع والنصارى يقولون هو المسيح وبعض المسييلمين يقولييون هيو محميد صييلى‬
‫الله عليه وسلم يحتجون على ذلك بحجج كثيرة قد ذكرت في غير هذا الموضع ومنهم من يقول بييل هييذا‬
‫اسم جنس وهو عام في كل نبي يأتي بعده لئل يكيذبوه كميا فعليت اليهيود وانكيروا النسيخ وهيذا القيول‬
‫أقرب فيدخل في هذا المسيح ومحمد ومن قبلهما من أنبياء بني اسرائيل فان المقصود أمرهييم بتصييديق‬
‫النبياء وطاعتهم وأن الله سبحانه ينزل على النبياء كلمه فالذي يقولييونه هيو كلم الليه ميا سيمعوا منيه‬
‫وبسط هذا له موضع آخر وقد بسط القول في أن النيياس يعلمييون بالضييرورة أن اليييات الييتي يييأتي بهييا‬
‫النبياء آيات من الله وعلمة أعلم بها عباده أنه أرسلهم وأمرهم بطاعتهم والذين كذبوا بها كانوا يقولييون‬
‫ليست من الله بل هي سحر أو كهانة أو نحو ذلك‬

‫ل يقرون بأنها آية من الله ويقولون مع ذلك قد يخلقها الله لغير التصديق أو يخلقهيا ليضييل بهيا الخلييق أو‬
‫نحو ذلك فإن بسط هذه المور له موضع آخر والمقصيود هنيا أن الرسيول بيين للنياس الدلية واليبراهين‬
‫الدالة على أصول الدين كلها كما قد ذكر سبحانه هذا في مواضع كقوله ان الننذين يكتمننون مننا أنزلنننا مننن‬
‫البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم ال وقوله شهر رمضان الذي أنننزل فيننه القننرآن‬
‫هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ومن ذلك قوله تعالى لقد من ال على المؤمنين اذ بعننث فيهننم رسننول‬
‫من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفنني ضننلل مننبين وقد وصييف‬
‫الرسول بذلك في مواضع فذكر هذا في البقرة في دعيوة ابراهييم وفيي قيوله تعيالى كمننا أرسننلنا فيكننم‬
‫رسول منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة وفي قوله واذكروا نعمة ال عليكم ومننا أنننزل‬
‫عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به وهنا لم يذكر يتلو عليهم آياته ويزكيهم لحكمة تختص بييذلك وذكيير هييذا‬
‫في آل عمران في قوله لقد من ال على المؤمنين إذ بعث فيهم رسول من أنفسهم يتلو عليهننم آينناته ويزكيهننم‬
‫ويعلمهم الكتاب والحكمة وقد قال واذكرن ما يتلى فنني بيننوتكن مننن آيننات ال ن والحكمننة وهذا شبه الموضييع‬
‫الثالث في البقرة فأخبر في غير موضع عيين الرسييول أنييه يتلييو عليهييم آييياته ويزكيهييم ويعلمهييم الكتيياب‬
‫والحكمة فالتلوة والتزكية عامة لجميع المؤمنين فتلوة اليات يحصل بها العلم فإن اليات هي العلمييات‬
‫والدللت فاذا سمعوها دلتهم على المطلوب من تصديق الرسول فيما أخبر والقرار بوجوب طاعته وأما‬
‫التزكية فهي تحصل بطاعته فيما يأمرهم به من عبادة الله وحده وطاعته فالتزكية تكون بطاعة مرة كما‬
‫أن تلوة آياته يحصل بها العلم وسميت آيات القرآن آيات وقيل انها آيات الله كقوله تلك آيات ال نتلوهننا‬
‫عليك بالحق لنها علمات ودللت على الله وعلى ما أراد فهي تدل على مييا أخييبر بييه وعلييى مييا أميير بييه‬
‫ونهى عنه وتدل أيضا على أن الرسول صادق اذ‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.172‬‬

‫كانت مما ل يستطيع النس والجن أن يأتوا بمثلها وقد تحداهم بذلك كما قد بسييط هييذا فييي غييير‬
‫هذا الموضع وأيضا فهي نفسها فيها من بينات الدلة والبراهين ما يبين الحق فهييي آيييات مين وجييوه‬
‫متعددة ثم قال ويعلمهم الكتاب والحكمة وهذا لمن يعلم ذلك منهم وقد يتعلم الشخص منهييم بعييض‬
‫الكتاب والحكمة فالكتاب هو الكلم المنزل الييذي يكتيب والحكميية هييي السينة وهييي معرفية اليدين‬
‫والعمل به وقد قال تعالى وما تغني اليات والنذر عن قوم ل يؤمنون وقال تعالى واتخذوا آياتي وما‬
‫أنذروا هزوا ففرق بين اليات الدالة على العلم التي يعلم بالعقل انها دلئل للييرب وبييين النييذر وهييو‬
‫الخبار عن المخوف كاخبار النبياء بما يستحقه العصاة من العذاب فهذا يعلييم بييالخبر والنييذر ولهييذا‬
‫قال وما كنا معذبين حتى نبعث رسول وأما اليات فتعلم دللتها بالعقل والنبياء جاءوا باليات والنذر‬
‫وقال تعالى وما أرسلنا من قبلك إل رجال نوحي اليهم فاسألوا أهننل الننذكر ان كنتننم ل تعلمننون بالبينات‬
‫والزبر وقال تعالى فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جيياءوا بالبينييات والزبيير والكتيياب المنييير‬
‫ومثل هذا كثير يذكر أن جميع النبياء جاءوا باليات التي تعلنم دللتهنا بالعقنل ولمنا كنان كنثير منن النناس‬
‫مقصرين فيما جاء به الرسول قد أخرجوا ما تعلم دللته بالعقل عن مسمى الشرع تنازع النناس فني معرفنة‬
‫ال وتوحيده وأصول الدين هل يجب ويحصل بالشرع أو يجب بالشرع ويحصل بالعقننل أو يجننب ويحصننل‬
‫بالعقل على ثلثة أقوال مشهورة لصحاب المام أحمد وغيرهم مننن أتبنناع الئمننة الربعنة فطائفننة يقولنون‬
‫يجب بالشرع ويحصل به وهو قول السالمية وغيرهم مثل الشيخ أبي الفرج المقدسي وهننذا هننو الننذي حكنناه‬
‫عن أهل السنة من أصحاب أحمد وغيرهم وكذلك من شابههم مثننل ابننن دربنناس وابننن شننكر وغيرهمننا مننن‬
‫أصحاب الشافعي وهو المشهور عن أهل الحديث والفقه الذين يذمون الكلم وهذا مما وقع فيننه النننزاع بيننن‬
‫صدقة بن الحسين الحنبلي المتكلم وبين طائفة من أصحاب أحمد وكذلك بين أبي الفرج بن الجوزي وطائفننة‬
‫منهم أولئك يقولون الوجوب والحصول بالشرع وهؤلء يقولون الحصول بالعقل والوجوب بالشرع‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.173‬‬


‫وقد ذكر المدي ثلثة اقوال في طرق العلم قيل بالعقل فقط والسمع ل يحصل به كقييول الييرازي وقيييل‬
‫بالسمع فقط وهو الكتاب والسنة وقيل بكل منهما ورجح هذا وهو الصحيح والقول الثاني أنهييا ل تجييب إل‬
‫بالشرع لكن يحصل بالعقل وهو قول الشعري وأصحابه ومن وافقهم كالقاضي أبي يعلى وابن الزاغييوني‬
‫وابن عقيل وغيرهم والقول الثالث أنها تحصل بالعقل وتجب به وهو قول ميين يييوجب بالعقييل كالمعتزليية‬
‫والكرامية وغيرهم من أتباع الئمة كأبي الحسن المدي وأبييي الخطيياب وغيرهييم وهييو قييول طائفيية ميين‬
‫المالكية والشافعية وعليه أكثر الحنفية ونقلوه عن أبي حنيفة نفسه وقد صرح هؤلء قبل المعتزلة وقبييل‬
‫أبي بكر الرازي وأبي الخطاب وغيرهم أن مين ليم ييأته رسيول يسيتحق العقوبية فيي الخيرة لمخييالفته‬
‫موجب العقل وقد ذكرنا في غير هذا الموضع أن أعدل القوال أن الفعال مشتملة على أوصاف تقتضييي‬
‫حسنها ووجوبها وتقتضي قبحها وتحريمها وأن ذلك قد يعلم بالعقل لكن الليه ل يعيذب أحيدا إل بعيد بليوغ‬
‫الرسالة كما قال وما كنا معذبين حتى نبعث رسول ولم يفرق سبحانه بين نوع ونوع وذكرنا أن هذه الييية‬
‫يحتج بها الشعري وأصحابه ومن وافقهم كالقاضي أبي يعلى وأتبيياعه وهييم يجييوزون أن اللييه يعييذب فييي‬
‫الخرة بل ذنب حتى قالوا يعذب أطفال الخرة فاحتجوا بها على المعتزلة والية حجة على الطائفتين كما‬
‫قيييييييييييييييييد بسيييييييييييييييييط فيييييييييييييييييي غيييييييييييييييييير هيييييييييييييييييذا الموضيييييييييييييييييع‬
‫) فصل ( وقد ذكر الله تعالى في القرآن الحجة على من أنكر قدرته وعلييى ميين أنكيير حكمتييه فييأول مييا‬
‫أنزل الله تعالى اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق النسننان مننن علننق اقننرأ وربننك الكننرم الننذي علننم بننالقلم علننم‬
‫النسان ما لم يعلم فذكر أنه الكرم وهو أبلغ من الكريم وهو المحسن غاية الحسان ومن كرمييه أنييه علييم‬
‫بالقلم علم النسان مالم يعلم فعلمه العلوم بقلبيه والتعيبير عنهيا بلسيانه وأن يكتيب ذليك بيالقلم فيذكر‬
‫التعليم بالقلم يتناول علم العبارة والنطق وعبارة المعاني والعلوم فإذا كان قد علمه هذه العلييوم فكيييف‬
‫يمتنع عليه أن يعلمه ما يأمره به وما يخبره به وبيان ذلك أنه قال في أول السورة اقننرأ باسننم بننك الننذي‬
‫خلق خلق النسان من علق ومعلوم أن من رأى العلقيية قطعيية مين دم فقيييل لييه هييذه العلقية يصييير منهييا‬
‫انسان بعلم كذا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.174‬‬

‫وكذا لكان يتعجب من هذا غاية التعجب وينكره أعظم النكار ومعلوم أن نقييل النسييان ميين كييونه علقيية‬
‫إلى أن يصير انسانا عالما قادرا كاتبا أعظم من جعل مثل هذا النسان يعلم ما أمر الله به ومييا أخييبر بييه‬
‫فمن قدر على أن ينقله من الصغر إلى أن يجعله عالما قارئا كاتبا كان أن يقدر على جعله عالما بما أميير‬
‫به وبما أخبر به أولى وأحرى وهذا كما استدل على قدرته على اعيادة الخليق بقيدرته عليى البتيداء وقيد‬
‫أخبر الله تعالى عن الكفار أنهم تعجبوا من التوحيد ومن النبييوة وميين المعيياد فقييال تعييالى والقننرآن ذي‬
‫الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولت حين مننناص وعجبننوا أن جنناءهم‬
‫منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل اللهة إلهننا واحنندا أن هننذا لشننيء عجنناب فذكر تعجبهييم ميين‬
‫التوحيد والنبوة وقال تعالى أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشننر الننذين آمنننوا أن‬
‫لهم قدم صدق عند ربهم وهذا أيضا تعجب من أن أرسيل اليهييم رجييل منهييم وقييوله أكننان للننناس عجبننا أن‬
‫أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس دل على أنه منذر لجنس الناس وأنييه ميين جنييس النيياس ل يختييص بييه‬
‫العرب دون غيرهم وان كان أول ما أرسل اليهم وبلسانهم وقال تعالى ق والقننران المجينند بننل عجبننوا أن‬
‫جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب أإذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد وقال تعييالى وان تعجننب‬
‫فعجب قولهم أإذا كنا ترابا أإنننا لفنني خلننق جدينند أولئك الننذين كفننروا بربهننم وأولئك الغلل فنني أعننناقهم وأولئك‬
‫أصننحاب النننار هننم فيهننا خالنندون وقال تعالى بننل عجبننت ويسننخرون وإذا ذكننروا ل يننذكرون وإذا رأوا آيننة‬
‫يستسخرون فالرسول كان يعجب من تكذيبهم لما جاءهم به من آيات النبيياء وهيم يعجبيون مميا جياء بيه‬
‫لكونه خارجا عما اعتادوه من النظائر فإنهم لم يعرفوا قبل مجيئه ل توحيدا ول نبيوة ول معييادا قييال قننل‬
‫هلم شهداءكم الذين يشهدون أن ال حرم هذا فإن شهدوا فل تشهد معهم ول تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والننذين‬
‫ل يؤمنون بالخرة وهم بربهم يعدلون وأما حكمته في إرسال بشر فقد ذكر أنه من جنسهم وأنييه بلسييانهم‬
‫فهو أتم في الحكمة والرحمة وذكر أنهم ل يمكنهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.175‬‬


‫الخذ عن الملك وأنه لو نزل ملكا لكان يجعله في صورة بشر ليأخذوا عنه ولهذا لييم يكيين البشيير‬
‫يرون الملئكة إل في صورة الدميين كما كان جبريل يأتي في صورة دحية الكلييبي وكمييا أتييى مييرة‬
‫في صورة أعرابي ولما جاءوا ابراهيم وامرأته حاضرة كانوا في صورة بشر وبشروها باسحاق وميين‬
‫وراء إسحاق يعقوب قال تعالى وما منع الناس أن يؤمنوا اذ جاءهم الهدى ال ان قالوا أبعننث ال ن بشننرا‬
‫رسول قل لو كان في الرض ملئكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم مننن السننماء ملكننا رسننول وأما قييدرته‬
‫على تعريف الخلق بأنه نبيه فكما تقدم فإنه إذا كان قادرا على أن يهدي النسييان الييذي كييان علقيية‬
‫ومضغة إلى أنواع العلوم بأنواع من الطرق انعاما عليه وفي ذلك من بيان قييدرته وحكمتييه ورحمتييه‬
‫ما فيه فكيف ل يقييدر أن يعرفيه صييدق مين أرسييله اليييه وهييذا أعظيم النعييم عليييه والحسييان اليييه‬
‫والتعريف بهذا دون تعريف النسان ما عرفه به من أنواع العلوم فإنه إذا كان هييداهم إلييى ان يعلييم‬
‫بعضهم صدق رسول من أرسله اليه بشر مثله بعلمات يأتي بها الرسول وان كان لم تتقدم مواطأة‬
‫وموافقة بيين المرسيل والمرسيل اليهيم فمين هيدى عبياده إليى أن يرسيلوا رسيول بعلمية ويعليم‬
‫المرسل إليه أنها علمة تدل على صدقه قطعييا فكيييف ل يقييدر هييو أن يرسييل رسييول ويجعييل معييه‬
‫علمات يعرف بها عباده أنه قد أرسله وهذا كمن جعل غيره قديرا عليما حكيما فهو أولييى أن يكييون‬
‫قديرا عليما حكيما فمن جعل الناس يعلمون صيدق رسيول يرسيله بعيض خلقيه بعلميات يعليم بهيا‬
‫المرسل صدق رسوله فمن هدى العباد الى هذا فهو أقدر على أن يعلمهييم صييدق رسييوله بعلمييات‬
‫يعرفييييون بهييييا صييييدقه وإن لييييم يكيييين قبييييل ذلييييك قييييد تقييييدم بينهييييم وبينييييه مواطييييأة‬
‫وللناس طرق في دللة المعجزة على صدق الرسول طريق الحكمة وطريق القدرة وطريييق العلييم‬
‫والضرورة وطريق سنته وعادته التي بها يعرف أيضا ما يفعل وهو جنييس المواطييأة وطريييق العييدل‬
‫وطريق الرحمة وكلها طرق صحيحة وكلما كان الناس إلى الشيء أحوج كان الرب به أجود وكييذلك‬
‫كلما كانوا إلى بعض العلم أحوج كان به أجود فإنه سبحانه الكرم الذي علم بالقلم علننم النسننان مننالم‬
‫يعلم وهو الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى وهو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.176‬‬

‫هدى فكيف ل يقدر أن يهدي عباده إلى أن يعلمون أن هذا رسوله وأن ما جاء بنه منن الينات آيننة مننن‬
‫ال وهي شهادة من ال له بصدقه وكيف تقتضي حكمته أن يسوي بين الصادق والكاذب فيؤينند الكنناذب مننن‬
‫آيات الصدق بمثل ما يؤيد به الصادق حتى ل يعرف هذا من هذا وأن يرسل رسول يأمر الخلق باليمان به‬
‫وطاعته ول يجعل لهم طريقا إلى معرفة صدقه وهذا كتكليفهم بما ل يقدرون عليه ومننال يقنندرون علننى أن‬
‫يعلموه وهذا ممتنع في صفة الرب وهو منزه عنه سبحانه فإنه ل يكلف نفسا إل وسعها وقنند علننم مننن سنننته‬
‫وعادته أنه ل يؤيد الكذاب بمثل ما أيد به الصادق قط بل ل بد أن يفضننحه ول ينصننره بننل ل بنند أن يهلكننه‬
‫وإذا نصر ملكا ظالما مسلطا فهو لم يدع النبوة ول كذب عليه بل هو ظالم سلطه على ظالم كمنا قنال تعنالى‬
‫وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بخلف من قال انه أرسله فهذا ل يؤيده تأييدا مستمرا ال مع الصدق‬
‫لكنه قد يمهله مدة ثم يهلكه كما فعل بمننن كننذب الرسننل أنهننم يكيدون كيدا وأكيييد كيييدا فمهييل الكييافرين‬
‫أمهلهم رويدا ولفظ النبي كلفظ الرسول هو في الصل إنما قيل مضافا الى ال فيقال رسول ال ثم عننرف‬
‫باللم فكانت اللم تعاقب الضافة كقوله فارسلنا الى فرعون رسول فعصى فرعون الرسول وقوله ل‬
‫تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسييللون منهييم لييو اذا وكننذلك‬
‫اسم النبي يقال نبي ال كما قال فلم تقتلون أنبياء الله من قبل ان كنتم مييؤمنين وقيننل لهننم ل تجعلييوا‬
‫دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا فتقولون يا محمد بل قولوا يا نبي ال يننا رسننول ال ن ورسننول‬
‫فعول بمعنى مفعول أي مرسل فرسول ال الذي أرسله ال فكذلك نبي ال ن هننو بمعنننى مفعننول أي منبننأ الن‬
‫الذي نبأه ال وهذا أجود من أن يقال انه بمعنى فاعل أي منبئ فانه إذا نبأه ال فهو نبي ال سننواء أنبننأ بننذلك‬
‫غيره أو لم ينبئه فالذي صار به النبي نبيا أن ينبئه ال وهذا مما يبين ما امتنناز بننه عننن غيننره فننإنه إذا كننان‬
‫الذي ينبئه ال كما أن الرسول هو الذي يرسله ال فما نبأ ال حق وصدق ليس فيه كننذب ل خطننأ ول عمنندا‬
‫وما يوحيه الشيطان هو من إيحائه ليس‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.177‬‬


‫من إنباء الله فالذي اصطفاه الله لنبائه وجعله نبيا له كالذي اصطفاه لرسالته وجعله رسول له فكمييا أن‬
‫رسول الله ل يكون رسول لغيره فل يقبل أمر غير الله فكذلك نبي الله ل يكييون نبيييا لغيير اللييه فل يقبييل‬
‫أنباء أحد إل أنباء الله واذا أخبر بما أنبأ الله وجب اليمان به فإنه صييادق مصييدوق ليييس فييي شيييء ممييا‬
‫أنبأه الله به شيء من وحي الشيطان وهذا بخلف غير النبي فإنه وإن كان قد يلهم ويحدث ويييوحى اليييه‬
‫أشياء من الله ويكون حقا فقد يلقي اليه الشيطان أشياء ويشتبه هذا بهذا فإنه ليس نبيا لله كما أن الذي‬
‫يأمر بطاعة الله غير الرسول وإن كان أكثر ما يأمر به هو طاعة الله فقد يغلييط ويييأمر بغييير طاعيية اللييه‬
‫بخلف الرسول المبلغ عن الله فإنه ل يأمر ال بطاعة الله قال تعالى من يطع الرسول فقد أطاع ال وقال‬
‫تعالى وما أرسلنا من رسول إل ليطاع باذن ال فنبي الله هو اليذي ينيبئه الليه ل غييره ولهيذا أوجيب الليه‬
‫اليمان بما أوتيه النبيون فقال تعالى قولوا آمنا بال وما أنزل الينا وما أنزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق‬
‫ويعقوب والسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم ل نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون‬
‫وقال تعالى آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بال وملئكته وكتبه ورسننله ل نفننرق بيننن‬
‫أحد من رسله وقال تعالى ولكن البر من آمن بال واليوم والخر والملئكة والكتنناب والنننبيين وليس كييل مييا‬
‫أوحي اليه الوحي العام يكون نبيا فإنه قد يوحي الى غير الناس قال تعييالى وأوحننى ربننك الننى النحننل أن‬
‫اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون وقال تعالى وأوحي في كل سماء أمرها وقال تعالى عيين‬
‫يوسف وهو صغير فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا اليه لتنبئنهم بأمرهم هننذا وهننم ل‬
‫يشعرون وقال تعالى وأوحينا الى أم موسى أن أرضعيه وقال تعالى وإذ أوحيننت الننى الحننواريين أن آمنننوا‬
‫بي وبرسولي وقوله وما كان لبشر أن يكلمه ال ال وحيا يتناول وحي النبياء وغيرهم كالمحدثين الملهمييين‬
‫كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال قد كان‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.178‬‬

‫في المم قبلكم محدثون فان يكن في أمتي أحد فعمر منهم وقال عبادة بن الصامت رؤيييا المييؤمن كلم‬
‫يكلم به الرب عبده في منامه فهؤلء المحدثون الملهمون المخاطبون يوحى اليهم هذا الحديث الذي هييو‬
‫لهم خطاب وإلهام وليسوا بأنبياء معصومين مصدقين في كل ما يقع لهم فإنه قد يوسوس لهم الشيطان‬
‫بأشياء ل تكون من ايحاء الرب بل من ايحاء الشيطان وإنما يحصل الفرقان بمييا جيياءت بييه النبييياء فهييم‬
‫الذين يفرقون بين وحي الرحمن ووحي الشيييطان فييإن الشييياطين أعييداؤهم وهييم يوحييون بخلف وحييي‬
‫النبياء قال تعالى وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين النس والجن يوحي بعضهم الى بعض زخننرف القننول‬
‫غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون وقال تعالى وان الشياطين ليوحون الى أوليننائهم ليجننادلوكم‬
‫وان اطعتموهم انكم لمشركون وقد غلط في النبوة طوائف غير الذين كذبوا بها إما ظاهرا وباطنا وإما باطنا‬
‫كالمنافق المحض بل الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل الى الرسول وإلى من قبله وهم خلق كثير فيهم‬
‫شعبة نفاق وان لم يكونوا مكذبين للرسول من كييل وجييه بييل قييد يعظمييونه بقلييوبهم ويعتقييدون وجييوب‬
‫طاعته في أمور دون أمور وأبعد هؤلء عن النبوة المتفلسفة والباطنية والملحدة فإن هييؤلء لييم يعرفييوا‬
‫النبوة ال من جهة القدر المشترك بين بني آدم وهييو المنييام وليييس فييي كلم أرسييطو وأتبيياعه كلم فييي‬
‫النبوة والفارابي جعلها من جنس المنامات فقط ولهذا يفضل هييو وأمثيياله الفيلسييوف علييى النييبي وابيين‬
‫سينا عظمها أكثر من ذليك فجعيل للنيبي ثلث خصيائص أحيدها أن ينيال العليم بل تعليم ويسيميها القيوة‬
‫القدسية وهي القوة الحدسية عنده والثاني أن يتخيل في نفسه ما يعلمه فيرى في نفسه صييورا نورانييية‬
‫ويسمع في نفسه أصواتا كما يرى النائم في نومه صورا تكلمه ويسمع كلمهم وذلك موجود في نفسييه ل‬
‫في الخارج فهكذا عند هؤلء جميع ما يختص به النبي مما يييراه ويسييمعه دون الحاضييرين انمييا يييراه فييي‬
‫نفسه ويسمعه في نفسه وكذلك الممرور عندهم والثالث أن يكون له قوة يتصرف بها في هيولي العييالم‬
‫باحداث أمور غريبة وهي عندهم آيات النبياء وعندهم ليييس فييي العييالم حييادث ال عيين قييوة نفسييانية أو‬
‫ملكية أو طبعية كالنفس الفلكية والنسانية والشكال الفلكية والطبائع التي للعناصر‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.179‬‬

‫الربعة والمولدات ل يقرون بأن فوق الفلك نفسه شيء يفعل ويحدث شيئا فل يتكلييم ول يتحييرك‬
‫بوجه من الوجوه ل ملك ول غير ملك فضل عن رب العالم والعقول التي يثبتونها عندهم ليييس فيهييا‬
‫تحول من حال الى حال البتة ل بارادة ول قول ول عمل ول غييير ذلييك وكييذلك المبييدأ الول وهييؤلء‬
‫عندهم جميع ما يحصل في نفوس النبياء إنما هو من فيض العقل الفعال ثم انهم لمييا سييمعوا كلم‬
‫النبياء أرادوا الجمييع بينيه وبيين أقيوالهم فصيياروا يأخيذون ألفيياظ النبيياء فيضيعونها علييى معيانيهم‬
‫ويسمون تلك المعاني اللفياظ المنقولية عين النبيياء ثيم يتكلمييون ويصيفون الكتيب بتليك اللفيياظ‬
‫المأخوذة عن النبياء فيظن من لم يعرف مراد النبياء ومرادهم أنهم عنوا بها ما عنته النبييياء وضييل‬
‫بذلك طوائف وهذا موجود في كلم ابن سينا ومن أخييذ عنييه وقييد ذكيير الغزالييي ذلييك عنهييم تعريفييا‬
‫بمذهبهم وربما حذر عنه ووقع في كلمه طائفة من هذا فيي الكتيب المضينون بهيا عليى غيير أهلهيا‬
‫وفي غير ذلك حتى في كتابه الحياء يقول الملك والملكوت والجبروت ومقصييوده الجسييم والنفييس‬
‫والعقل الذي أثبتته الفلسفة ويذكر اللوح المحفوظ ومراده به النفس الفلكية الى غير ذلك مما قييد‬
‫بسط في غير هذا الموضع وهو في التهافت وغيره يكفرهم وفي المضنون بيه ييذكر ميا هيو حقيقية‬
‫مذهبهم حتى يذكر في النبوات عين ما قالوه وكذلك في اللهيات وهذه الصفات الثلث التي جعلوها‬
‫خاصة النبياء توجد لعموم الناس بل توجد لكثير من الكفار من المشييركين وأهييل الكتيياب فييإنه قييد‬
‫يكون لحدهم من العلم والعبادة ما يتميز به على غيره من الكفار ويحصل له بذلك حدس وفراسيية‬
‫يكون أفضل من غيره وأما التخييل في نفسه فهذا حاصل لجميع الناس الذين يييرون فييي مناميياتهم‬
‫ما يرون لكن هو يقول أن خاصة النبي أن يحصل له في اليقظة ما حصييل لغيييره فييي المنييام وهييذا‬
‫موجود لكثير من الناس قد يحصل له في اليقظة ما يحصل لغيره فييي المنييام ويكفيييك أنهييم جعليوا‬
‫مثل هذا يحصل للممرور وللساحر ولكن قالوا الساحر قصده فاسد والممرور ناقص العقل فجعلييوا‬
‫ما يحصل للنبياء من جنس ما يحصل للمجانين والسحرة وهييذا قيول الكفييار فييي النبييياء كمييا قييال‬
‫تعالى وكذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.180‬‬

‫عقل وهذا القدر الذي فرقوا به موجننود فنني عامننة الننناس فلننم يكننن عننندهم للنبينناء مزيننة علننى السننحرة‬
‫والمجانين ال ما يشاركهم فيه عموم المنؤمنين وكنذلك منا أثبتنوه مننن القننوة الفعالنة المتصنرفة هني عننندهم‬
‫تحصل للساحر وغيره وذلك أنهم ل يعرفون الجن والشياطين وقد أخبروا بأمور عجيبة فنني العننالم فأحننالوا‬
‫ذلك على قوة نفس النسان فما يأتي بننه النبينناء مننن اليننات والسننحرة والكهننان ومننا يخننبر بننه المصننروع‬
‫والممرور هو عندهم كله من قوة نفس النسان فالخبر بالغيب هو لتصالها بالنفس الفلكية ويسننمونها اللننوح‬
‫المحفوظ والتصرف هو بالقوة النفسانية وهذا حذق ابن سينا وتصرفه لما أخبر بأمور فنني العننالم غريبننة لننم‬
‫يمكنه التكذيب بها فاراد اخراجها على أصولهم وصرح بذلك في إشارته وقال هذه المور لننم نثبتهننا ابتننداء‬
‫بل لما تحققنا أن في العالم أمورا من هذا الجنس أردنا أن نبين أسبابها وأما أرسطو وأتباعه فلم يعرفوا هننذه‬
‫المور الغريبة ولم يتكلموا عليها ول على آيات النبياء ولكن كان السحر موجننودا فيهننم وهننؤلء مننن أبعنند‬
‫المم عن العلوم الكلية واللهية فان حدوث هذه الغرائب من الجن واقترانهم بالسحرة والكهان مما قد عرفة‬
‫عامة المم وذكروه فنني كتبهننم غيننر العننرب مثننل الهننند والننترك وغيرهننم مننن المشننركين وعبنناد الصنننام‬
‫وأصحاب الطلسم والعزائم وعرفوا أن كثيرا من هذه الخوارق هو من الجن والشياطين وهؤلء الجهال لم‬
‫يعرفوا ذلك ولهذا كان من اصلهم أن النبوة مكتسبة وكان السهروردي المقتول يطلب أن يكون نبيننا وكننذلك‬
‫ابن سبعين وغيره والنبوة الحق هي إنباء ال لعبده ونبي ال منن كنان الن هننو النذي يننبئه ووحينه مننن الن‬
‫وهؤلء وحيهم من الشياطين فهم من جنس المتنبئين الكذابين كمسيلمة الكذاب وأمثاله بل أولئك أحذق منهننم‬
‫فإنهم كانت تأتيهم أرواح فتكلمهم وتخبرهم بأمور غائبة وهي موجودة في الخارج ل في أنفسهم وهننؤلء ل‬
‫يعرفون مثل هذا ووجود الجن والشياطين في الخارج وسماع كلمهم أكثر من أن يمكننن سننطر عشننره هنننا‬
‫وكذلك صرعهم للنس وتكلمهم على‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.181‬‬

‫ألسنتهم والفرق بين النبي والساحر أعظم من الفرق بين الليل والنهار والنييبي يييأتيه ملييك كريييم‬
‫من عند الله ينبئه عن الله والساحر والكاهن انما معه شيطان يأمره ويخبره قال تعالى هننل أنننبئكم‬
‫على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون فل الخبر كالخبر ول الميير‬
‫كالمر ول مخبر هذا كمخبر هذا ول آمر هذا كآمر هذا كما أنه ليس هذا مثيل هيذا ولهيذا قيال تعيالى‬
‫لما ذكر الذي جاء بالقرآن الى محمد وأنه ملك منفصل ليس خيال في نفسه كما يقييوله هييؤلء قييال‬
‫تعالى انه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون ولقنند رآه‬
‫بالفق المبين وما هو على الغيب بضنين وما هو بقول شيطان رجيم فاين تذهبون ان هو ال ذكننر للعننالمين‬
‫لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إل أن يشاء ال رب العالمين فالقرآن قول رسول أرسله اللييه لييم‬
‫يرسله الشيطان وهو ملك كريم ذو قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمييين فهييو مطيياع عنييد ذي‬
‫العرش في المل العلى والشياطين ل يطاعون في السماوات بييل ول يصييعدون اليهييا وابليييس ميين‬
‫حين أهبط منها لم يصعد اليها ولهذا كان أصح القولين أن جنة آدم جنة التكليف لم تكن في السييماء‬
‫فإن إبليس دخل الى جنة التكليف جنة آدم بعد إهباطه من السماء وقول الله له فاخرج منهننا فإنننك‬
‫رجيم وإن عليك لعنتي الى يوم الدين وقوله قال فاخرج منها مذموما مدحورا لكن كانت في مكان عال‬
‫في الرض من ناحية المشرق ثم لما أكل من الشجرة أهبط منها الى الرض كما قد بسط هذا فييي‬
‫غير هذا الموضع ولفظ الجنة في غير موضييع ميين القييرآن يييراد بييه بسييتان فييي الرض كقييوله انننا‬
‫بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة وقوله واضرب لهم مثل رجلين جعلنا لحنندهما جنننتين مننن أعننناب الننى‬
‫قوله كلتا الجنتين أتت أكلها ولم تظلم منه شيئا الى قوله ودخل جنته وهو ظالم لنفسه وقوله تعييالى ومثننل‬
‫الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة ال وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة اليننة الننى قننوله أيننود أحنندكم أن‬
‫تكون له جنة من نخيل وأعناب الية وقوله تعالى لقد كان لسبأ في‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.182‬‬

‫مساكنهم آية جنتان عن يمين وشمال الى قوله وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتييي أكييل خمييط وأثييل‬
‫وشيء من سدر قليل وقوله كم تركوا من جنات وعيون الية وقوله أتتركون فيما ههنا آمنين فييي‬
‫جنات وعيون وجنة الجزاء والثواب التي في السماء لم يدخلها الشننيطان بعنند أن أهبننط مننن السننماء وهننو‬
‫أهبط من السماء لما امتنع من السجود لدم قبل أن يدخل آدم النى جننة التكليننف النتي وسننوس لننه وأخرجنه‬
‫منها وجنة الجزاء مخلوقة أيضا وقد أنكر بعض أهل البدع أن تكون مخلوقة وقال ان آدم لم ينندخلها لكونهننا‬
‫لم تخلق بعد فأنكر ذلك من أنكره من علماء السنة وقد ذكر أبو العالية وغيره مننن السننلف أن الشننجرة الننتي‬
‫نهي عنها آدم كان لها غائط فلما أكل احتاج الى الغائط وجنة الجزاء ليس فيها هذا لكن ال أعلم بصحة هننذا‬
‫النقل وإنما المقصود أن بعض السلف كان يقول إنها فني السنماء وبعضنهم يقننول إنهنا فنني مكنان عنال مننن‬
‫الرض ولفظ الجنة في القرآن قد ذكر فيما شاء ال من المواضع وأريد به جنننة فنني الرض وجنننة الجننزاء‬
‫مخصوصة بمماتهم كقوله قيل ادخل الجنة قال ياليت قومي يعلمون بما غفر لييي ربييي وجعلنييي ميين‬
‫المكرمين فإن أرواح المؤمنين تدخل الجنة من حين الموت كما في هذه الية قيل ادخل الجنيية قييال يييا‬
‫ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين قال تعالى وما أنزلنا علييى قييومه بعييده‬
‫من جند من السماء وما كنا منزلين إن كانت إل صييحة واحييدة فيياذا هيم خاميدون وقننال تعننالى ول‬
‫تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقييون وقننال تعننالى لمننا ذكننر أحننوال‬
‫الموتى عند الموت فأما ان كان من المقربين فروح وريحيان وجنية نعييم وأميا ان كيان مين أصيحاب‬
‫اليمين فسلم لك من اصحاب اليمين وأما ان كان من المكذبين الضالين فنييزل ميين حميييم وتصييلية‬
‫جحيم وهذا غير ما ذكره في أول السورة من انقسامهم يوم القيامة الكننبرى الننى سننابقين وأصننحاب يميننن‬
‫ومكذبين فانه سبحانه ذكر في أول السورة انقسامهم يننوم القيامننة الكننبرى وذكننر فنني آخرهننا انقسننامهم عننند‬
‫الموت وهو القيامة الصغرى كما قال المغيرة بن شعبة من مات فقد قامت قيامته وكذلك قال علقمننة وسننعيد‬
‫بن جبير عن ميت أما هذا فقد قامت‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.183‬‬

‫أغرقوا فادخلوا نارا وقال عن آل فرعون النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم القيامة تقوم الساعة أدخلوا‬
‫آل فرعون اشد العذاب وبسط هذا له موضع آخر والمقصود هنا الكلم على النبييوة فهييؤلء المتفلسييفة مييا‬
‫قدروا النبوة حق قدرها وقد ضل بهم طوائف من المتصوفة المدعين للتحقيق وغيرهم وابن عربي وابيين‬
‫سبعين ضلوا بهم فانهم اعتقدوا مذهبهم وتصوفوا عليه ولهييذا يقييول ابيين عربييي ان الولييياء أفضييل ميين‬
‫النبياء وسائر الولياء يأخذون عن خاتم النبياء علم التوحيد وإنه هيو يأخييذ ميين المعييدن الييذي يأخييذ منيه‬
‫الملك الذي يوحي به الى الرسول فإن الملك عنده هو الخيال الذي في النفس وهو جبريل عندهم وذلك‬
‫الخيال تابع للعقل فالنبي عندهم يأخذ عن هذا الخيال ما يسمعه من الصوت في نفسه ولهذا يقولييون أن‬
‫موسى كلم من سماء عقله والصوت الذي سمعه كان في نفسه ل في الخارج ويدعي أحدهم أنه أفضييل‬
‫من موسى وكما ادعى ابن عربي أنه أفضل مين محميد فيانه يأخيذ عين العقيل اليذي يأخيذ منيه الخييال‬
‫والخيال عنده هو الملك الذي يأخذ منه النبي فلهذا قال فإنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي‬
‫يوحى به الى النبي قال فإن عرفت هذا فقد حصل لك العلم النافع وبسط الكلم على هؤلء لييه مواضييع‬
‫أخر والمقصود هنا الكلم على النبوة فالنبي هو الذي ينبئه الله وهو ينبئ بما أنبأ الله بيه فييإن أرسييل ميع‬
‫ذلك الى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله اليه فهو رسول وأما اذا كان انما يعمل بالشريعة قبله‬
‫ولم يرسل هو الى أحد يبلغه عن الله رسالة فهو نبي وليس برسول قال تعالى وما أرسلنا من قبلننك مننن‬
‫رسول ول نبي إل اذا تمنى ألقي الشيطان في أمنيته وقوله من رسننول ول نننبي فذكر ارسييال يعييم النييوعين‬
‫وقد خص أحدهما بأنه رسول فان هذا هو الرسول المطلق الذي أمره بتبليغ رسالته الى من خييالف اللييه‬
‫كنوح وقد ثبت في الصحيح أنه أول رسول بعث الى أهل الرض وقد كان قبله أنبياء كشيت وإدريس‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.184‬‬

‫وقبلهما آدم كان نبيا مكلما قال ابن عباس كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهييم علييى السييلم فييأولئك‬
‫النبياء يأتيهم وحي من الله بما يفعلونه ويأمرون به المييؤمنين الييذين عنييدهم لكييونهم مييؤمنين بهييم كمييا‬
‫يكون أهل الشريعة الواحدة يقبلون ما يبلغه العلماء عيين الرسييول وكييذلك أنبييياء بنييي اسييرائيل يييأمرون‬
‫بشريعة التوراة وقد يوحى الى أحدهم وحي خاص في قصة معينة ولكن كانوا في شرع التييوراة كالعييالم‬
‫الذي يفهمه الله في قضية معنى يطابق القرآن كما فهم الله سليمان حكم القضية الييتي حكييم فيهييا هييو‬
‫وداود فالنبياء ينبئهم الله فيخبرهم بأمره وبنهيه وخبره وهم ينبئون المؤمنين بهم ما أنبييأهم اللييه بيه مين‬
‫الخبر والمر والنهي فإن أرسلوا الى كفار يدعونهم الى توحيد الله وعبادته وحده ل شييريك لييه ول بييد أن‬
‫يكذب الرسل قوم قال تعالى كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول ال قالوا ساحر أو مجنننون وقييال مننا‬
‫يقال لك ال ما قد قيل للرسل من قبلك فان الرسل ترسل الى مخالفين فيكذبهم بعضهم وقننال وميا أرسيلنا‬
‫من قبلم إل رجال نوحي اليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الرض فينظروا كيييف كييان عاقبيية الييذين‬
‫من قبلهم ولدار الخرة خير للذين اتقييوا أفل تعقلييون حييتى اذا اسييتيأس الرسييل وظنييوا أنهييم قييد كييذبوا‬
‫جاءهم نصرنا فنجى من نشاء ول يرد بأسنا عن القوم المجرمين وقال انا لننصر رسلنا والذين آمنوا في‬
‫الحياة الدنيا ويوم يقوم الشهاد فقوله وما أرسلنا ميين قبلييك ميين رسييول ول نييبي دليننل علننى أن النننبي‬
‫مرسل ول يسمى رسول عند الطلق لنه لم يرسل الى قوم بما ل يعرفونه بل كان يأمر المؤمنين بمننا يعرفننونه‬
‫أنه حق كالعلم ولهذا قال النبي صلى ال علينه وسنلم العلمنناء ورثننة النبينناء ولينس منن شنرط الرسنول أن يننأتي‬
‫بشريعة جديدة فان يوسف كان رسول وكان على ملة ابراهيم وداود وسليمان كانننا رسننولين وكانننا علننى شننريعة‬
‫التوراة قال تعالى عن مؤمن آل فرعون ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم‬
‫به حتى اذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسول وقننال تعننالى انا أوحينييا اليييك كمييا أوحينييا الييى نييوح‬
‫والنبيين من بعده وأوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقييوب والسييباط وعيسييى وأيييوب ويييونس‬
‫وهارون وسليمان‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.185‬‬

‫وآتينا داود زبورا ورسل قد قصصناهم عليك من قبل ورسل لم نقصصهم عليك وكلم اللييه موسيى‬
‫تكليما والرسال اسم عام يتناول إرسال الملئكة وإرسال الرياح وإرسننال الشننياطين وإرسننال النننار قننال‬
‫تعالى يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس وقال تعالى جاعل الملئكة رسل أولي أجنحة فهنا جعل‬
‫الملئكة كلهم رسل والملننك فنني اللغننة هننو حامننل اللوكننة وهنني الرسننالة وقنند قننال فنني موضننع آخننر الله‬
‫يصطفي من الملئكة رسل ومن الناس فهننؤلء الننذين يرسننلهم بننالوحي كمننا قننال وما كان لبشيير أن‬
‫يكلمه الله إل وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسول فيوحي باذنه ما يشاء وقال تعالى وهو الييذي‬
‫يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وقال تعالى إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين توزهم أزا لكن‬
‫الرسول المضاف الى ال اذا قيل رسول ال فهم من يأتي برسننالة ال ن مننن الملئكننة والبشننر كمننا قننال الله‬
‫يصطفي من الملئكة رسل ومن الناس وقالت الملئكة يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا اليييك وأمننا‬
‫عموم الملئكة والرياح والجن فإن إرسالها لتفعل فعل ل لتبلغ رسالة قال تعالى اذكروا نعمة اللييه عليكييم‬
‫إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا فرسل ال ن الننذين‬
‫يبلغون عن ال أمره ونهيه هم رسل ال عند الطلق وأما من أرسله ال ليفعل فعل بمشيئة ال وقدرته فهذا‬
‫عام يتناول كل الخلق كما أنهم كلهم يفعلون بمشيئته وإذنه المتضمن لمشيئته لكن أهل اليمان يفعلون بأمره‬
‫ما يحبه ويرضاه ويعبدونه وحده ويطيعون رسله والشياطين يفعلون بأهوائهم وهم عاصون لمننره متبعننون‬
‫لما يسخطه وان كانوا يفعلون بمشيئته وقدرته وهذا كلفظ البعث يتناول البعث الشرعي كمننا قننال هو الييذي‬
‫بعث في الميين رسول منهم ويتناول البعث العام الكوني كقوله فاذا جاء وعييد أولهمييا بعثنييا عليكييم‬
‫عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلل الديار وقال تعننالى واذ تأذن ربييك ليبعثيين عليهييم إلييى يييوم‬
‫القيامة من يسومهم سوء العذاب فالعام بحكم مشيئته وقدرته والخاص هو أيضا بحكم مشيئته وقدرته‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.186‬‬

‫وهو مع ذلك بحكم أمره ورضاه ومحبته وصاحب الخاص من أولييياء الليه يكرميه ويثبتيه وأميا مين خيالف‬
‫أمره فإنه يستحق العقوبة ولو كان فاعل بحكم المشيئة فإن ذلك ل يغنييي عنييه ميين اللييه شيييئا ول يحتييج‬
‫بالمشيئة على المعاصي ال من تكون حجته داحضة ويكون متناقضا متبعا لهواه ليس عنييده عليم بميا هيو‬
‫عليه كالمشركين الذين قالوا ولو شاء ال ما أشركنا ول آبانا ول حرمنا من شيء كما قيد بسيط فيي غييير‬
‫هييييييييييييييييييييييييييييذا الموضييييييييييييييييييييييييييييع واللييييييييييييييييييييييييييييه أعلييييييييييييييييييييييييييييم‬
‫) فصل ( الدليل الذي هو الية والبرهان يجب طرده كما تقدم فإنه لو كان تارة يتحقق مع وجود المدلول‬
‫عليه وتارة يتحقق مع عدمه فإذا تحقق لم يعلم هل وجد المدلول أم ل فإنه كما يوجييد مييع وجييوده يوجييد‬
‫مع عدمه ولهذا كان الدليل إما مساويا للمدلول عليه وإما أخص منه ل يكون أعم من المدلول ولهييذا لييم‬
‫يكن للمور المعتادة دللة على ما هو أخص كطلوع الشمس والقمر والكواكب ل يدل على صدق أحد ول‬
‫كذبه ل مدعي النبوة ول غيره فإنها توجد مع كذب الكاذب كما توجد مع صدق الصادق لكن يدل عليى مييا‬
‫هو أعم منها وهو وجود الرب وقدرته ومشيئته وحكمته فان وجود ذاتيه وصيفاته ثيابت سيواء كيانت هيذه‬
‫المخلوقات موجودة أو لم تكن فيلزم من وجود المخلوق وجود خييالقه ول يلييزم ميين عييدمه عييدم خييالقه‬
‫فلهذا كانت المخلوقات كلها آيات للرب فما من مخلوق إل وهو آية له هو دليل وبرهان وعلمة على ذاته‬
‫وصفاته ووحدانيته وإذا عدم كان غيره من المخلوقات يدل على ما دل عليه ويجتمع على المعلوم الواحد‬
‫من الدلة ما ل يحصيه ال الله وقد يكون الشيء مستلزما لدليل معين فإذا عدم عرف انتفاؤه وهييذا ممييا‬
‫يكون لزما ملزوما فتكون الملزمة من الطرفين فيكون كل منهما دليل وإذا قدر انتفاؤه كييان دليل علييى‬
‫انتفاء الخر كالدلة على الحكام الشرعية فما من حكم إل جعييل اللييه عليييه دليل وإذا قييدر انتفيياء جميييع‬
‫الدلة الشرعية على حكم علم أنه ليس حكما شرعيا وكذلك ما تتوفر الههم والدواعي على نقله فإنه اذا‬
‫نقل دل التواتر على وجوده وإذا لم ينقل مع توفر الهمم والدواعي على نقله لو كان موجودا علم أنه لييم‬
‫يوجد كالمور الظاهرة التي يشترك فيها الناس مثل موت ملك وتبدل ملك‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.187‬‬

‫بملك وبناء مدينة ظاهرة وحدوث حادث عظيم في المسجد أو البلييد فمثييل هييذه المييور ل بييد أن ينقلهييا‬
‫الناس اذا وقعت فإذا لم تنقل نقل عاما بل نقلها واحد علييم أنييه قييد كييذب وهييذا مبسييوط فييي غييير هييذا‬
‫الموضع وقد بسط في غير هذا الموضع الفرق بين الية التي هي علمة تدل علييى نفييس المعلييوم وبييين‬
‫القياس الشمولي الذي ل يدل ال على قدر كلي مشترك ل يدل على شيء معين اذ كييان ل بييد فيييه ميين‬
‫قضية كلية وأن ذلك القياس ل يفيد العلم بأعيان المور الموجييودة ول يفيييد معرفيية شيييء ل الخييالق ول‬
‫نبي من أنبيائه ول نحو ذلك بل اذا قيل كل محدث فل بد له من محيدث دل عليى محيدث مطليق ل ييدل‬
‫على عينه بخلف آيات الله فانها تدل على عينه وبينا أن القرآن ذكر السييتدلل بآيييات اللييه وقييد يسييتدل‬
‫بالقياس الشمولي والتمثيلي لكن دللة اليات أكمل وأتم وتبين غلط من عظم دلليية القييياس الشييمولي‬
‫المنطقي وأنهم من أبعد الناس عن العلم والبيان وذكرنا أيضا غلط من فضييل الشييمولي علييى التمييثيلي‬
‫وأنهما من جنس واحد والتمثيلي أنفع وإنما اليات تكون أحسن وقد ذكر أبو الفرج بن الجييوزي مييا ذكييره‬
‫أبو بكر بن النباري وغيره في اليات آيات القرآن مثل قوله قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم علننى أعقننابكم‬
‫تنكصون مستكبرين ثلثة اقوال قال في معنيى اليية ثلثية أقيوال أحيدها أنهيا العلمية فمعنيى آيية علمية‬
‫لنقطاع الكلم الذي قبلها وبعدها قال الشاعر ‪ %‬أل أبلغ لديك بني تميم ‪ %‬بآيية مييا يحبييون الطعامييا ‪%‬‬
‫وقييييال النابغيييية ‪ %‬تييييوهمت آيييييات لهييييا فعرفتهييييا ‪ %‬لسييييتة أعييييوام وذا العييييام سييييابع ‪%‬‬
‫قال وهذا اختيار أبي عبيد قلت أما أن الية هي العلمة في اللغة فهذا صحيح وما استشهد به من الشييعر‬
‫يشهد لذلك وأما تسمية الية من القرآن آية لنهيا علمية صيحيح لكين قيول القيائل إنهيا علمية لنقطياع‬
‫الكلم الذي قبلها وبعدها ليس بطائل فإن هذا المعنييى الحيد والفصيل فاليية مفصيولة عمييا قبلهيا وعميا‬
‫بعدها وليس معنى كونها آية هو هذا وكيف وآخر اليات آية مثل آخر سورة النيياس وكييذلك آخيير آييية ميين‬
‫السورة وليس بعدها شيء وأول اليات آية وليس قبلها شيء مثل أول آية من‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.188‬‬

‫القرآن ومن السورة وإذا قرئت الية وحدها كانت آية وليس معها غيرها وقد قام النييبي صييلى الليه علييه‬
‫وسلم بآية يرددها حتى أصبح ان تعذبهم فانهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيننز الحكيننم فهيي آيية فيي‬
‫نفسها ل لكونها منقطعة مما قبلها وما بعدها وأيضا فكونه علمة علييى هييذا النقطيياع قييدر مشييترك بييين‬
‫جميع الشياء التي يتميز بعضها عن بعض ول تسمى آيات والسورة متميييزة عمييا قبلهييا ومييا بعييدها وهييي‬
‫آيات كثيرة وأيضا فالكلم الذي قبلها منقطع وما قبلها آية فليست دللة الثانية على النقطيياع بييأولى ميين‬
‫دللة الولى عليه وأيضا فكيف يكون كونها آية علمة للتمييز بينها وبين غيرها والله سييماها آييياته فقييال‬
‫تلك آيات ال نتلوها عليك بالحق والصواب أنها آية من آيات الله أي علمة من علماته ودللة من أدلة اللييه‬
‫وبيان من بيانه فان كل آية قد بين فيها من أمره وخبره ما هي دليل عليه وعلمة عليه فهي آية من آياته‬
‫وهي أيضا دالة على كلم الله المباين لكلم المخلوقين فهي دللة على الله سبحانه وعلى ما أرسييل بهييا‬
‫رسوله ولما كانت كل آية مفصولة بمقاطع الي التي يختم بها كل آية صارت كل جملة مفصولة بمقيياطع‬
‫الي آية ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف على رءوس الي كما نعتييت قراءتييه الحمنند ل ن رب‬
‫العالمين ويقف الرحمن الرحيم ويقف مالك يوم الدين ويقف ويسمى أصحاب الوقف وقف السنة لن كل‬
‫آية لها فصل ومقطع تتميز به عن الخرى قال والوجه الثاني أنهييا سيميت آييية لنهييا جماعيية حييروف مين‬
‫القرآن وطائفة منه قال أبو عمر الشيباني يقال خرج القوم بآيتهم أي بجماعتهم وأنشدوا ‪ %‬خرجنييا ميين‬
‫النقييييييييييبين لحييييييييييي مثلنييييييييييا ‪ %‬بآياتنييييييييييا نزجييييييييييي اللقيييييييييياح المطييييييييييافل ‪%‬‬
‫قلت هذا فيه نظر فإن قولهم خرج القوم بآيتهم قد يراد به بالعلمة التي تجمعهم مثل الراية واللواء فإن‬
‫العادة أن كل قوم لهم أمير تكون له آية يعرفون بها فاذا أخرج المييير آيتهيم اجتمعييوا اليييه ولهييذا سيمى‬
‫ذلك علما والعلم هي العلمة والية ويسمى راية لنه يرى فخروجهم بآيتهم أي بالعلم والية التي تجمعهم‬
‫فيستدل به على خروجهم جميعهم فإن المير المطاع اذا خرج لم يتخلف أحد‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.189‬‬

‫بخلف ما اذا خرج بعض أمرائه وإل فلفظ الية هي العلمة وهذا معلوم بالضطرار من اللغيية والشييتراك‬
‫في اللفظ ل يثبت بأمر محتمل قال والثالث أنها سميت آية لنها عجب وذلك أن قارئها يستدل اذا قرأهييا‬
‫على مباينتها لكلم المخلوقين وهذا كما يقييول فلن آيية مين الييات أي عجيب مين العجيائب ذكيره ابيين‬
‫النباري قلت هذا القول هو داخل في معنى كونها آية من آيييات اللييه فييإن آيييات اللييه كلهييا عجيبيية فإنهييا‬
‫خارجة عن قدرة البشر وعما قد يشبه بها من مقدور البشر والقييرآن كلييه عجييب تعجبييت بييه الجيين كمييا‬
‫حكى عنهم تعالى انهم قالوا انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا فييإنه كلم‬
‫خارج عن المعهود من الكلم وهو كما في الحديث ل تنقضي عجائبه ول يشبع منه العلماء ول يخلييق عيين‬
‫كثرة الرد وكل آية لله خرجت عن المعتيياد فهييي عجييب كمييا قييال تعييالى أم حسننبت أن أصننحاب الكهننف‬
‫والرقيم كانوا من آياتنا عجبننا فاليات العلميات والدللية ومنهيا ميألوف معتياد ومنهييا خييارج عين الميألوف‬
‫المعتاد وآيات القرآن من هذا الباب فالقرآن عجب ل لن مسمى الييية هييو مسييمى العجييب بييل مسييمى‬
‫الية أعم ولهذا قال كانوا من آياتنا عجبا ولكن لفظ الية قد يخص في العرف بما يحدثه اللييه وإنهييا غييير‬
‫المعتاد دائما كما قال النبي صلى الله عليييه وسييلم ان الشييمس والقميير آيتييان مين آيييات الليه وانهمييا ل‬
‫تخسفان لموت أحد ول لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله يخوف بهما عباده وقد قال تعييالى ومننا منعنننا‬
‫أن نرسل باليات ال أن كذب بها الولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلمننوا بهنا ومنا نرسنل باليننات ال تخويفنا‬
‫وفي الحديث الصحيح لما دخلت أسماء على عائشة وهي في الصلة فسألتها فقالت سبحان الله فقييالت‬
‫آية فأشارت أي نعم وتسمى صلة الكسوف صلة اليات وهي مشييروعة فييي أحييد القييولين فييي مييذهب‬
‫أحمد في جميع اليات التي يحصل بها التخويف كانتثار الكواكب والظلمة الشديدة وتصييلى للزلزليية نييص‬
‫عليه كما جاء الثر بذلك فهذه اليات أخص من مطلق اليات وقد قال تعالى وما تأتيهم من آية مننن آيننات‬
‫ربهم ال كانوا عنها معرضين وقال صلى الله عليه وسلم ثلث آيييات يتعلمهيين خييير لييه ميين ثلث خلفييات‬
‫سمان‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.190‬‬

‫) فصل ( والدليل الذي هو الية والعلمة ينقسم إلى ما يدل بنفسه وإلى ما يدل بدللة الييدال بييه‬
‫فيكون الدليل في الحقيقة هو الدال به اليذي قصيد أن يييدل بيه وقييد جعييل ذلييك علمية وآيية ودليل‬
‫والذي يدل بنفسه يعلم أنه يدل بنفسه وان لم يعلم أن أحدا جعله دليل وان كان في نفس المر كل‬
‫مخلوق قد جعله الله آية ودللة وهو سبحانه عليم مريد فل يمكن أن يقييال لييم يييرد بالمخلوقييات أن‬
‫تكون أدلة له ول أنها ليست دليل يجعلها أدلة كما قد يطلقه طائفة من النظار ولكن يستدل بهييا مييع‬
‫عدم النظر في كونها جعلت أدلة كما قد يطلقه اذ كان فيها مقاصد كثيرة غير الدللة والييذي جعلهييا‬
‫دليل وهو الله جعل ذاتها يستدل بها مع قطع النظر عن كونها هي دليل فمييا ميين مخلييوق إل ويمكيين‬
‫الستدلل به على الخالق والمحدث نفسه يعلم بصريح العقل أن له محيدثا وهيذه الدلية اليتي تيدل‬
‫بنفسها قد تسمى الدلة العقلية ويسمى النوع الخر الدلة الوضعية لكونهييا انميا دليت بوضييع واضيع‬
‫والتحقيق أن كلهما عقلي إذا نظر فيه العقل علم مدلوله لكن هذه تدل بنفسييها وتلييك تييدل بقصييد‬
‫الدال بها فيعلم بها قصده وقصده هو الدال بها كالكلم فإنه يدل بقصد المتكلم به وارادته وهو يييدل‬
‫على مراده وهو يدلنا بالكلم على ما أراد ثم يستدل بارادته علييى لوازمهييا فييإن اللزم أبييدا مييدلول‬
‫عليه بملزومه واليات التي تدل بنفسها مجردة نوعان منها ما هو ملزوم مدلول عليه بذاته ل يمكيين‬
‫وجود ذاته دون وجود لزمه المدلول عليه مثل دللة المخلوقات على الخالق ومنها ما هييو مسييتلزم‬
‫له مدة طويلة أو قصيرة فتدل عليه تلك المدة مثل نجوم السماوات فإنه يستدل بها علييى الجهييات‬
‫والمكنة وعلى غيرها من النجوم وعلى الزمان ماضيه وغابره ما دام العالم على هذه الصيورة قييال‬
‫تعالى وألقي في الرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبل لعلكم تهتدون وعلمات وبالتجم هننم يهتنندون‬
‫وقال تعالى وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا اليات لقوم يعلمننون‬
‫ثم قال وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا اليات لقوم يفقهون ثم قال وهننو الننذي‬
‫أنزل من السماء ماء فأخرجنا به‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.191‬‬

‫وألقي فييي‬ ‫نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا الى قوله ان في ذلكم ليات لقوم يؤمنون وقوله‬
‫الرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبل لعلكم تهتدون وعلمات هنني علمننات ألقاهننا فنني الرض‬
‫وهذا قول الكثرين قالت طائفة هي معالم الطرق يستدل بها بالنهار ويستدل بالنجم بالليل وقالت طائفة هنني‬
‫الجبال وهي أيضا مما يستدل به ولهذا سننماها ال ن أعلمننا فنني قننوله وله الجواري المنشييآت فييي البحيير‬
‫كالعلم فبأي آلء ربكما تكذبان أي كالجبال والعلم جمع علم والعلم ما يعلم به كالعلمننة ومنننه أعلم‬
‫الطرق المنصوبة ومنه يقال لدلئل النبوة أعلم النبوة ويقال للراية المرفوعة انها علم وإنهننا جعلنت علمننة‬
‫لصاحبها وأتباعه والعالم بالفتح مثل الخاتم ما يعلم به كما أن الخاتم ما يختم به وهننو بمعنننى العننالم ويسننمى‬
‫كل صنف من المخلوقات عالما لنه علم وبرهان على الخالق تعالى بخلف العالم بالكسننر فننانه الننذي يعلننم‬
‫كالخاتم بالكسر فإنه الذي يختم قال تعالى ولكن رسول الله وخاتم النبيين لنه ختمهم كما يسمى الماحي‬
‫والحاشر والعاقب وقد قرئ وخاتم أي ختموا به فالجبال أعلم وهي علمات لمن فنني الننبر والبحننر يسننتدل‬
‫بها على ما يقاربها من المكنة فانه يلزم من وجودها وجوده وهي ل تزال دالة ما دامت موجودة ومنندلولها‬
‫موجودا وهي أثبت من غيرها فقد يكون عندها قرية وسكان فيكون علما عليهم ثم قد تخرب القرية ويننذهب‬
‫السكان فتزول الدللة لزوال الملزوم وهذا كله مما يبين أن الدليل قد يكون معينا بل اليات كلها معينننة وأن‬
‫يكون مطابقا ملزما لمدلوله ليس أحدهما أعم من الخر كالثريا مع الدبران وكالجدي مع بنات نعش ونحننو‬
‫ذلك فتبين غلط من ذكر أنه يحصر الدلة فيقال إما أن يستدل بالعام على الخاص أو بالخاص على العننام أو‬
‫بأحد الخاصين على الخر والول هو القياس الشمولي والثاني هو الستقراء والثالث هو التمثيل وقد بينا ما‬
‫في هذا الكلم من الغلط في حصره وفي حكم أقسامه فإن هؤلء المقسمون للمور العامة كثيرا ما يغلطننون‬
‫في هذا وهذا إذ كان المقسم يجب أن يستوفي جميع القسام ول يدخل فيها ما ليس منها كالحاد وهم يغلطون‬
‫فيها كثيرا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.192‬‬

‫لعدم إحاطتهم بأقسام المقسوم كما يقسييمون أقسييام الموجييودات أو أقسييام مييدارك العلييم أو أقسييام‬
‫العلوم أو غير ذلك وليس معهم دليل على الحصر ال عدم العلم وحصر القسيام فيي المقسيوم هيو ميين‬
‫الستقراء ثم إذا حكموا على تلك القسام بأحكيام فقيد يغلطيون أيضيا كميا قيد ذكير هيذا فيي غيير هيذا‬
‫الموضع مثل غلط من حصر الدلة في هذه النواع مين أهيل المنطيق ومين تبعهيم وقيد بسيط هيذا فيي‬
‫مواضع وذلك مثل قييولهم الييدليل إمييا أن يسييتدل بالعييام علييى الخيياص أو بالخيياص علييى العييام أو بأحييد‬
‫الخاصين على الخر فان الدليل أول ل يكون قط أعم من المدلول عليه إما مسيياويا لييه وإمييا أخيص منيه‬
‫فإن الدليل ملزوم للمدلول عليه والملزوم حيييث تحقييق تحقييق اللزم وإذا انتفييى اللزم انتفييى الملييزوم‬
‫فحيث تحقق الدليل تحقق المدلول عليه فإذا كان مساويا له أو أخص كان حيث تحقق المدلول كمييا أنييه‬
‫حيث تحقق ما هو ناطق النطق الذي يختص النسان تحقق النسان وتحقق أيضا ما هو أعم من النسييان‬
‫وهو ثبوت حيوان وجسم حساس تام متحرك بالرادة بمعنى أنه تحقق مطلق هذا الجنس وإل فلم يوجييد‬
‫شيء أعم من النسان بمجرد وجوده لكن وجد من صفاته ما يشبه به غييره ويصيح اطلقيه علييه وعليى‬
‫غيره وهو مسمى الجسم والحيوان ونحو ذلك وكذلك إذا وجد آية أو خبر يييدل علييى اليجيياب أو التحريييم‬
‫لزم ثبوت اليجاب أو التحريم وقد ثبت اليجاب والتحريم بآية أخرى أو خبر آخر فلهذا قيييل الييدليل يجييب‬
‫طرده ول يجب عكسه وإذا كان الدليل ل يكون أعم من المدلول عليه فقولهم إما أن يستدل بالعام على‬
‫الخاص إنما أرادوا به القياس الشمولي الييذي هيو مقيدمتان صيغرى وكييبرى كقولنييا النبييذ المتنييازع فييه‬
‫مسكر وكل مسكر حرام أو كل مسكر خمر كما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه قال كل مسكر خمر وكل مسكر حرام بين أن المسكر موصييوف بييأنه خميير وبييأنه حييرام‬
‫ولم يقصد القياس الشمولي وهو أن يستدل على أن المسكر حرام فالرسول أجل من هذا شييرعا وعقل‬
‫صلى الله عليه وسلم فإنه بكلمه تثبت الحكام وغيره إذا قال كل مسكر خمر أو حرام احتاج أن يستدل‬
‫عليه وأما هو فيستدل بنفس كلمه والنظم الشمولي المنطقي‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.193‬‬

‫ل يوجد في كلم فصيح بل هو طويل ل يحتاج اليه كما قد بسط فييي مواضييع وبييين أن الييدليل قييد يكييون‬
‫مقدمة واحدة وقد يكون مقدمتين وقد يكون ثلث مقدمات وأربعا وأكثر بحسب ما يحتاج اليييه المسييتدل‬
‫الطالب لدللة نفسه أو الطالب ليدل غيره فإنه قد ل يحتياج ال الييى مقدمية واحييدة مثيل مين عيرف أن‬
‫الخمر حرام لكن لم يعرف أن كل مسكر هو خمر فإذا عرف بالنص أن كل مسكر خمر عرف أن مسكر‬
‫حرام وكان علمه موقوفا على مقدمة واحدة بخلف من لم يكن عرف بعد أن الخمر حييرام فيحتيياج الييى‬
‫مقدمة ثانية ثم ان كان عرف أن محمدا رسول الله بنصوصه المتواترة كفاه ذلك وإن كان لم يقر بنبييوته‬
‫احتاج الى مقدمة ثالثة وهو اليمان بأنه رسول الله ل يقول على الله ال الحق ويذكر له من دلئل النبييوة‬
‫وأعلمها ما يعرف به ذلك فيهتدي أن كان طالب علم وتقوم عليه الحجة ان لم يكن كييذلك فقييول هييؤلء‬
‫في مثل هذا انا استدللنا بالعام على الخاص لبس عظيم فإن المدلول علييه وهيو تحرييم النبيييذ المتنيازع‬
‫فيه مثل وان كان أخص من تحريم المسكر والخمر فالدليل ليس هو القضية العامة بل الييدليل أن النبيييذ‬
‫المتنازع فيه مسكر وهو احدى المقدمتين وهذه قضية خاصة أخص ميين مسييمى المسييكر فييإن المسييكر‬
‫يتناول المتفق على تحريمه والمتنازع فيه وهذا هو الحد الوسط وهو المتكرر فييي المقييدمتين الييذي هييو‬
‫محمول في الصغرى موضوع في الكبرى فالستدلل وقع بإسكاره على أنه خمر ومحرم ومسييكر النبيييذ‬
‫المتنازع فيه أخص من مسمى المسكر والخمر والمقدمة الثانية الكييبرى وهيي قولنيا وكيل مسييكر خميير‬
‫ليست هي الدليل بل ل بد من الصغرى معها وهي خاصة فالمدلول عليه ان كييان تحريييم النبيييذ المتنييازع‬
‫فيه فهذا انما يدل على تحريمه أنه مسكر وليس اسكاره أعم منه بل يلزم من ثبوت اسكاره ثبييوته فييان‬
‫ثبوت الموصوف بدون الصفة ممتنع فاسكاره دل على تحريمه وليس تحريمه أعم من اسكاره بل جنييس‬
‫السكار والحرام أعم من هذا المسكر فهذا المحرم لكن هذا العيام لييس هيو اليدليل بييدون الخيياص بيل‬
‫قوله كل مسكر حرام يدل عليى تحرييم كيل مسيكر مطلقيا مين غييير تعيييين فيكييون السييكار مسييتلزما‬
‫للتحريم والمسكر أخص من الحرام وهذا إستدلل بالخاص على العام فوجود المسييكر أخيص مين وجييود‬
‫الحرام حيث‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.194‬‬

‫كان مسكر كان الحرام موجودا وليس اذا كان الحرام موجودا يجب وجود المسكر لن المحرمات كييثيرة‬
‫كالدم والميتة ولحم الخنزير فالحد الوسط وهو المسكر دل على ثبوت العم وهو التحريييم ميين الخييص‬
‫في الخص وهو النبيذ المتنازع فيه فالمدلول عليه التحريم وهو أعم من المسكر فهييو اسييتدلل بالخيياص‬
‫على العام لكن المعنى العام الكلي ل يوجد في الخارج عاما كليا بل معينا فهييو اسييتدلل علييى نييوع ميين‬
‫أنواعه وهو التحريم الثابت في النبيذ المتنازع فيه وهذا أخص من مطلق التحريم كما أن مسييكره أخييص‬
‫من مطلق المسكر ومن هنا ظنوا أنهم استدلوا بالعام عليى الخياص حييث اسيتدلوا بتحرييم كيل مسيكر‬
‫على تحريم هذا المسكر وليس المر كذلك بل الذي دل على تحريم هذا المسكر ليس هو مجرد القضييية‬
‫العامة الكليةبل ل بد معها من قضية أخص منها جزئية مثل قولنا هييذا النبيييذ مسييكر وبهييذا الخيياص يعلييم‬
‫ثبوت ذلك ل بمجرد العام والدليل هنا ليس هو أعم من المدلول عليه ول يمكن ذلك قط وأمييا قييولهم ان‬
‫الستدلل بالخاص على العام هو الستقراء فمجرد الخاص ان لم يستلزم العام ل يدل عليه والمسييتقرئ‬
‫ان لم يحصر الفراد ل يعلم أن ذلك المعنى شامل لها فما استدل بخاص على عام بل بعام مثله مطييابق‬
‫له وقولهم في قياس التمثيل انه استدلل بخاص على خاص ليييس كيذلك فيان مجيرد ثبيوت الحكيم فيي‬
‫صورة ل يستلزم ثبوته في أخرى ان لم يكن بينهما قدر مشترك ول يثبت بذلك حتى يقوم دليييل علييى أن‬
‫ذلك المشترك مستلزم للحكم والمشترك هو الذي يسمى في قييياس التمثيييل الجييامع والوصييف والعليية‬
‫والمناط ونحو ذلك فإن لم يقم دليل على أن الحكم متعلق به لزم له لم يصح الستدلل وهذا المشترك‬
‫في قياس التمثيل هو الحد الوسط في قياس الشمول بعينه فالمعنى في القياسين واحد ولكن التييأليف‬
‫والنظم متنوع اذا أراد أن يثبت تحريم النبيذ بقياس الشمول قال هذا هو حرام لنه شراب مسكر فيكون‬
‫حراما قياسا على المسكر من العنب فالدليل هو المسكر وهو المشترك وهو الحد الوسط ثييم ل يكفييي‬
‫ذلك حتى يبين أن العلة في الصل هي المشترك فيقول وعصير العنب حرم لكونه مسكرا وهذا الوصييف‬
‫موجود في الفرع الذي هو صورة النزاع فيجب اشتراكهما في التحريم وقييوله انييه حييرام لكييونه مسييكرا‬
‫هي المقدمة الكبرى في قياس‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.195‬‬

‫الشمول وهي قولنا كل مسكر حرام فثبت أن علة التحريم هي السكر إما بالنص وهو قييوله كييل مسييكر‬
‫حرام وإما بدللة القرآن وهو أنه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصييلة وإمييا بالمناسييبة‬
‫وإما بالدوران وإما بالسبر والتقسيم كما قد عييرف فييي موضييعه وهييو نظييير مييا يسييتدل بييه علييى ثبييوت‬
‫القضية الكبرى ثم الدليل قد يكون قطعيا وقد يكون ظنيا لخصوص المادة ل تعلق لذلك بصييورة القييياس‬
‫فمن جعل قياس الشمول هو القطعي دون قياس التمثيل فقط غلط كما أن من جعييل مسييمى القييياس‬
‫هو التمثيل دون الشمول فلم يفهم معناه والذي عليه جمهور العلماء أن كل منهما قياس قد يكون قطعيا‬
‫وقد يكون ظنيا وطائفة يقولون اسم القياس ل يستعمل ال في الشمول كما يقوله ابن حزم ومن يقييوله‬
‫من المنطقيين وطائفة يقولون ل يستعمل حقيقة إل في التمثيل ومن هؤلء من يقول ليس في العقليات‬
‫قياس وهذا مبسوط في مواضع والمقصود هنا التنبيه على جنس الدلة وأيضا فالدليل قييد يكييون مطابقييا‬
‫للمدلول عليه ملزما له ليس أعم منه كالكواكب التي في السماء المتلزمة التي يستدل بكل منها علييى‬
‫الخر وكالناطقية والنسانية التي يستدل بثبوت كل منهما على ثبوت الخر وهذا خارج عن تقسيمهم فان‬
‫هذا ليس استدلل بعام على خاص ول بخاص على عام ول بخياص علييى نظييره بطريييق التمثيييل بيل هيو‬
‫استدلل بأحد المتلزمين على الخر قييد يكونيان عيامين وخاصييين فييالكواكب خاصية والعيام كالسييتدلل‬
‫بالحيوانية على الحس والحركة ال أنه استدلل بعام على عام ملزم له وكييذلك السييتدلل بكييونه جسييما‬
‫على وجود جنس العرض والستدلل بوجود جنس العرض على وجود جنييس الجسييم هييو اسييتدلل بأحييد‬
‫العامين المتلزمين على الخر والمقصود هنييا أن هييذه المعينييات كييالنجوم والجبييال والطييرق كلهييا آيييات‬
‫وأعلم وعلمات على ما هو لزم لها في العادة وكذلك قد يستدل على منزل الشخص بما هو ملزم ميين‬
‫دور الجيران والباب وغير ذلك وشجرة هناك وغير ذلك من العلمات الييتي يييذكرها النيياس يسييتدلون بهييا‬
‫ويدلون غيرهم بها وسميت الجبال أعلما لنها مرتفعة عالية والعالي يظهيير ويعلييم ويعييرف قبييل الشيييء‬
‫المنخفض ولهذا يوصف‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.196‬‬

‫ويقال ظهر الخطيب على المنبر ومنه قوله النبي صييلى‬ ‫العالي بالظهور كقوله فما استطاعوا أن يظهروه‬
‫الله عليه وسلم في الحديث الصحيح وأنت الظاهر فليس فوقك شيييء فأدخييل معنييى العلييو فييي اسييمه‬
‫الظاهر لن الظاهر يعلو والعالي يظهر وكذلك العالي يعرف قبل غيره ومنه قيل عرف الديك أصله فعييل‬
‫بمعنى مفعول أي معروف كما يقال كره بمعنى مكروهيه ومنيه العيراف وهيي أمكنية عاليية بيين الجنية‬
‫والنار وقد قيل في قوله وعلمات وبالنجم أن العلمات هي النجوم منهييا مييا يكييون علميية ل يهتييدى بييه‬
‫ومنها ما يهتدى به وقول الكثرين أصح فإن العلمات كلها يهتدى بها ولنه قال وألقي في الرض رواسنني‬
‫أن تميد بكم وأنهارا وسبل لعلكم تهتدون وعلمات وهذا كله مما ألقيياه فييي الرض وهييو منصييوب بييألقى أو‬
‫بفعل من جنسه كما قال بعضهم أي وجعل في الرض أنهارا لن اللقاء من جنس الجعل وبسط مييا فييي‬
‫هذا من إعراب ومعان له مقام آخر والمقصود هنيا ذكير العلميات والعلميات ييدخل فيهيا ميا تقيدم مين‬
‫الرواسي والسبل فإن كونها رواسي وسبل يسلكها الناس غير كونها علمييات والعطييف قيد يكييون لتغياير‬
‫الصفات مع اتحاد الذات كقوله الننذي خلننق فسننوى والننذي قنندر فهنندى وأمثاله فكيف اذا كييانت العلمييات‬
‫تتناول هذا وغيره فإن الجبال أعلم وهي علمات وكذلك الطرق يستدل بها السييالك فيهييا ولهييذا يسييمى‬
‫الطريق إماما لن السالك يأتم به وكذلك يسمون ما يستدل به المستدل طريقا ومسلكا ويقال لصييحاب‬
‫هذا القول عدة طرق ومسالك حتى أطلقوا على ما يصنف من الحتجاج على مسائل النزاع طريقة لنييه‬
‫فيه أدلة المصنف على موارد النزاع ومن هييذا البيياب السييتدلل علييى المييرض بعلمييات لييه والسييتدلل‬
‫بالصوات فان كانت كلما كانت الدللة قصدية إرادية قصد المتكلم أن يدل بها وهي دللة وضييعية عقلييية‬
‫وان كانت غير كلم كانت الدللة عقلية طبعية كميا يسيتدل بالصيوات اليتي هيي بكياء وانتحياب وضيحك‬
‫وقهقهة ونحنحة وتنخيم ونحيو ذليك عليى أحيوال المصيوت ومين اليدلئل الشيعائر مثيل شيعائر السيلم‬
‫الظاهرة التي تدل على أن الدار دار السلم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.197‬‬

‫كالذان والجمع والعياد وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال كان رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم إذا غزا قوما لم يغز حتى يصبح فإن سمع أذانا أمسك وان لم يسيمع أذانيا أغيار بعيدما يصييبح هييذا‬
‫لفظ البخاري ولفظ مسلم كان يغير اذا طلع الفجر وكان يستمع الذان فإن سمع أذانييا أمسييك وإل أغييار‬
‫فسمع رجل يقول الله اكبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفطرة ثم قال أشييهد أن ل إلييه‬
‫إل الله فقال خرجت من النار وعن عصام المزني قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا بعث السييرية‬
‫يقول اذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مناديا فل تقتلوا أحييدا رواه أبييو داود والترمييذي وابيين ميياجه وميين هييذا‬
‫النوع دلئل الجهات ومنه دلئل القبلة يستدل عليها بالنجوم والشمس والقمر والرياح والطرق وغير ذلك‬
‫مييييييين اليييييييدلئل كميييييييا قيييييييد ذكييييييير النييييييياس ميييييييا ذكيييييييروه مييييييين دلئل القبلييييييية‬
‫) فصل ( والنوع الثاني ما يدل بقصد الدال به كالكلم وكالعقد باليد والشارة بها أو بالعين أو الحيياجب أو‬
‫غير ذلك من العضاء وقد يسمى ذلك رمزا ووحيا وكذلك الخط خط الكتابة بخلف الستدلل بآثار خطى‬
‫النسان فإن هذا من النوع الول وكذلك القيافة وهي من النوع الول وهو الستدلل بالشبه على النسب‬
‫وكذلك القائف قد يعرف بالثر من هو الواطئ وأين ذهب ومن هيذا النيوع المييال اليتي جعليت علميات‬
‫على حدود الحرم والميال تجعل في الطرقات فإنه قصد بها الدللة علييى الطريييق أي قصييد النيياس بهييا‬
‫ذلك وهذا النوع قسمان منه ما يكون بالتفاق والمواطأة بين اثنين فصاعدا كما يتفييق الرجييل مييع وكيلييه‬
‫على علمة لمن يرسله اليه مثل وضع خنصره في خنصييره ومثييل وضييع يييده علييى ترقييوته كمييا روي أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم جعل ذلك علمة مع بعض الناس وكما يجعل الملييوك وغيرهييم لهييم علمييات‬
‫عند بعض الناس من جاء بها عرفوا أنه مرسل من جهته ومن هذا الباب شييعائر النياس فييي الحييرب كيل‬
‫طائفة يعرف أصحابها بشيعارها ولهييذا قيال الفقهيياء ويجعييل لكييل طائفية شييعارا يتييداعون بيه كميا كييان‬
‫للمهاجرين شعار وللنصار شيعار ومين هيذا البياب العلم والراييات للمقيدمين فيان الرايية تيرى فيعليم‬
‫صاحبها وكذلك‬
‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.198‬‬

‫العلم يعلم فيعلم صاحبه وقد تميز راية عن راية لما يختص به صاحبها ويسمى ذلك رنكا وقد يكييون ذلييك‬
‫اسم الشخص وقد يكون غير ذلك لكن قد اتفق مع غيره على أن هذا علمة وآية لييه فمييتى رؤي اسييتدل‬
‫به على أنه هو المضاف اليه ذلك العلم ويجعل هذا على الدور والثياب والدواب ومنه الوسم الييذي تعلييم‬
‫به إبل الصدقة وإبل الجزية فإن الوسم علمة مقصييودة للواسييم وأمييا السيييما فهييي علميية بنفسييها لييم‬
‫يقصدها مثل سيما المؤمنين وسيما المنافقين قال تعالى فييي المييؤمنين سننيماهم فنني وجننوههم مننن أثننر‬
‫السجود وقال في المنافقين فلعرفتهم بسيماهم وقال عتل بعد ذلك زنيم قيل له زنمة من الشر يعرف بها‬
‫ومنه سيما المؤمنين يوم القيامة التي بها يعرفهم نبيهم وهو أنهيم غير محجليين مين آثيار الوضيوء فهيذه‬
‫علمة وآية لكنها من النوع الول لم يقصد المسلمون أن يتوضئوا ليعرفوا بالوضوء لكن من اللييوازم لهييم‬
‫الوضوء للصلة وقد جعل الله أثر ذلك نورا في وجوههم وأيديهم وليس هذا لغيرهم فإن هذا الوضييوء لييم‬
‫يكن لغيرهم والحديث الذي يييروى هييذا وضييوئي ووضييوء النييبيين ميين قبلييي ضييعيف بخلف الصييلة فييي‬
‫المواقيت الخمس فإن النبياء كانوا يصلون في هذه المواقيت كما قال هييذا وقتييك ووقييت النبييياء قبلييك‬
‫والوسم والسيما من الوسم متفقان في الشتقاق الوسط فييان أصييل سيييما سييوما فلمييا سييكنت الييواو‬
‫وانكسر ما قبلها قلبت ياء مثل ميقات وميعاد ونحو ذلييك والسييم أيضييا ميين هييذا البيياب وهييو علييم علييى‬
‫المسمى ودليل عليه وآيه عليه وهذا المعنى ظاهر فيييه فلييذلك قييال الكوفيييون انييه مشييتق ميين الوسييم‬
‫والسمة وهي العلمة وقال البصريون بل هو مشتق من السمو فإنه يقييال فييي تصييغيره سييمي ل وسيييم‬
‫وفي جمعه أسماء ل أوسام وفي تصريفه سميت ول وسمت وكل القولين حق لكيين قييول البصييريين أتييم‬
‫فإنه مشتق منه على قولهم في الشتقاق الصغر وهو اتفاق اللفظين في الحروف وتأليفهييا وعلييى قييول‬
‫الكوفيين هو مشتق منه من الشتقاق الوسط وهو اتفاق اللفظين في الحروف ل فييي ترتيبهييا كمييا قلنييا‬
‫في الوسم والسيما والسمو هو العلو والسامي هو العالي والعلييو مسييتلزم للظهييور كمييا تقييدم فالعييالي‬
‫ظاهر والظاهر عال‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.199‬‬

‫فكان السم بعلوه يظهر فيدل على المسمى لنه يظهر باللسان والخط ويظهر للسمع المسمى فيعييرف‬
‫بالقلب وقد تقدم أنهم يسمون الجبال أعلما لما فيها من الظهور ودللة السم على مسماه دللة قصدية‬
‫فان المسمى يسمى بالسم ليعرف به المسمى وليدل عليه يقصد به الدللة على مجرد نفسييه كأسييماء‬
‫العلم للشخاص وتارة يقصد به الدللة على ما في اللفظ من المعنى كالسييماء المشييتقة مثييل العييالم‬
‫والحي والقادر ومن هذا الباب تسمية المعبودين آلهة سموها بما ل تسييتحقه كمييا يسييمى الجاهييل عالمييا‬
‫والعاجز قادرا والكذاب نبيا فلهذا قال تعالى ان هي إل اسماء سميتموها أنتم وآباؤكم مننا أنننزل الن بهننا مننن‬
‫سلطان والنوع الثاني من هذه الدللة القصدية أن يقصد اليدال الدللية مين غيير مواطيأة ميع المسيتدلين‬
‫على أنه دليل لكن هم يعلمون أنه قصد الدللة لعلمهم بأحواله مثل ما يرسل الرجييل شيييئا ميين ملبسييه‬
‫المختص به مع شخص فيعلمون أنه أرسلها علمة على أنه أرسله قال سعيد بن جييبير عيين ابيين عبيياس‬
‫ان في ذلك لية للمؤمنين قال العلمة تكون بين الرجل وأهله رواه ابيين المنييذر حييدثنا موسييى بيين هييارون‬
‫حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان عن سماك عن سعيد بن جيبير عين ابين عبياس ورواه‬
‫ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد يحيى بن سعيد القطان حدثنا أبو اسييامة حييدثني سييفيان عيين سييماك عيين‬
‫سعيد بن جبير عن ابن عباس ان في ذلك لية قال علمة ألم تر إلى الرجل إذا أراد أن يرسل إلييى أهلييه‬
‫في حاجة أرسل بخاتمه أو ثبوته فعرفوا أنه حق فتارة يرسل خاتمه معه فيعلمون أنه أرسله ليعلموا أنييه‬
‫أرسله إذ كانوا قد علموا أن الخاتم معه وأنه ليس في إرساله مع ذلك الشخص الذي ل يعرفونه مقصييود‬
‫له إل أن يكون علمة على أنه أرسله اليهم فيصدقونه فيما أخبر عنه وتارة يرسل معييه عمييامته أو نعليييه‬
‫وقد علموا أنه ل يخلع عمامته ويبعثها مع ذلك الشخص إل لتكون علمة على صدقه كما فعل النبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم في غزاة الفتح لما كانت راية الخزرج مع سعد بن عبادة وكان فيه حدة وقييال ل قريييش‬
‫بعد اليوم اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة قيل للنبي صلى الله علييه وسييلم إنيه يخيياف منيه أن‬
‫يضع السيف في أهل مكة فقال قولوا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.200‬‬


‫له يعطى الراية لبنه قيس فقيل انه ل يقبل منه فقال هذه عمامتي قولوا له قد أميير رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم بذلك فلما رأى عمامته مع من جاء بها علم أنه ليس له في إعطييائه عمييامته مقصييود إل‬
‫أن تكون علمة ولم يكن قبل ذلك قد واطأه على ذلك وكذلك لما أعطى أبا هريرة نعليييه ليخييرج فيبشيير‬
‫الناس بما ذكره له فإنهم إذا أرادوا معه نعليه علموا أنه لم يعطه النعلين إل علمة وكذلك قد يكييون بييين‬
‫الشخص وبين غيره سر لم يطلع عليه المرسل فيقول له اعطني علمة فيقول قل له بعلمة مييا تكلمييت‬
‫أنت وهو في كذا وكذا أو ما فعلت أنت وهو كذا وكييذا فيعلييم المرسييل اليييه أن المرسييل هييو أعلييم هييذا‬
‫الرسول بهذا المر اذ كان غيره لم يعلمه ويعلم أنه ليس له في إعلمه به مقصود إل أن يكون علمة لييه‬
‫على تصديقه ثم أكثر هذه اليات التي هي علمات للناس يرسلونها مع من يرسلونه ليعييرف صييدقه هييي‬
‫قطعية عند المستدل بها المرسل اليه ميين الهييل والصييدقاء والييوكلء والنييواب وغيرهييم يييأتيهم الرجييل‬
‫بعلمة وهي مستدلة على حيهم فيعلمون قطعا أن هذا جاء من عنده ويعلمون قطعا أنه لم يرسييله بتلييك‬
‫العلمة ال ليعلموا صدقه ل يخطر لسعد بن عبادة حين رأى عمامة النبي صييلى اللييه عليييه وسييلم معهييم‬
‫أنهم أخذوها بغير قصده بأن تكون سقطت منه ونحو ذلك بل قد علم أنها كانت علييى رأسييه وهييو راكييب‬
‫في الجيش وقد أرسلها مع هذا وكذلك خاتم الشخص الذي يعلمون أنه ل ينزع خيياتمه ميين يييده ويعطيهييا‬
‫لغيره ليعبث بها عنه وهو ل يختم بها شيئا إل لذلك وقد يقع في مثل ذلك احتمالت فيستعمل المستدلون‬
‫التقسيم فإن الستدلل مداره على أنه أرسله بالعلمة وأنه إنما أرسله بها ليبين صدقه فقييد يعييرض فييي‬
‫المقدمة الولى أنه أخذها بغير اختياره أو أن الخاتم سقط منه أو ان كان مسافرا أنه قتييل أو مييات فقييد‬
‫يقع مثل ذلك وقد يؤخذ خاتم الرجل بغير أمره ويختم به كتابه كما حكى أن مروان فعل مثل ذلك بعثمان‬
‫والمقدمة الثانية أنه قد يرسله بالخاتم ليختم به شيئا أو ليصلحه ونحو ذلك فإذا عرض مثل هذا الحتمييال‬
‫وقوى توقفوا وإن عرفوا انتفاء ذلك مثل أن يكون قد ذهب من عندهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.201‬‬

‫قريبا وليس له ما يختم به ونحو ذلك قطعوا بأنه أرسله علمة ثم بعد هذا قد يعلمون أنه أرسله لكيين قييد‬
‫يكذب عليه ولكن العهدة في هذا على المرسل فإن ارسال العلمة هو إعلم منه لهم بأني أرسلته اليكييم‬
‫فهذا الفعل هو مثل هذا القيول يجييري مجييرى إعلمهييم وإخبييارهم بييأنه أرسييله وتصييديقه فييي قيوله هييو‬
‫أرسلني والخبار تارة يكون بالقول وتارة يكون بالعمل كما يعلم الرجل غيره بالشارة بيده ورأسه وعينه‬
‫وغير ذلك وان لم يتقدم بينهما مواضعة لكن يعلم قصده ضرورة مثل أن يسأله عن شيء هل كان فيرفع‬
‫رأسه أو يخفضه أو يشير بيده أو يكون قائما فيشير اليه اجلس أو قاعيدا مطلوبيا فيشيير الييه أن اهيرب‬
‫فقد جاء عدوك أو نحو ذلك من الشارات التي هي أعمال بالعضاء وهي تييدل دلليية ضييرورية تعلييم ميين‬
‫قصد الدال كما يدل القول وقد تكون أقوى من دللة القول لكن دللة القول أعم وأوسع فإنه يييدل علييى‬
‫المور الغائبة وعلى المور المعضلة وهذه الدلة العيانية هي أقوى من وجه ولكن ليس فيهييا ميين السييعة‬
‫للمعيييييييييييييييييييياني الكييييييييييييييييييييثيرة مييييييييييييييييييييا فييييييييييييييييييييي القييييييييييييييييييييوال‬
‫) فصل ( وخاصة الدليل أن يكون مستلزما للمدلول فكل ما استلزم شيئا كان دليل عليييه ول يكييون دليل‬
‫إل إذا كان مستلزما له ثم دلله الدليل تعلم كما يعلم لزوم اللزم للملزوم وهذا ل بد أن يعلم بالضييرورة‬
‫أو بدليل ينتهي الى الضرورة وعلى هذا فآيات النبياء هي أدلة صدقهم وهي ما يسييتلزم صييدقهم ويمتنييع‬
‫وجوده بدون صدقهم فل يمكن أن يكون ما يدل على النبوة موجودا بدون النبوة ثم كونه مستلزما للنبوة‬
‫ودليل عليها يعلم بالضرورة أو بما ينتهي إلى الضرورة فآيات النبياء صلوات اللييه عليهييم وسييلمه ل تحييد‬
‫بحدود يدخل فيها غير آياتهم كحد بعضهم كالمعتزلة وغيرهم بأنها خرق العييادة ولييم يعييرف مسييمى هييذه‬
‫العبارة بل ظن أن خوارق السحرة والكهان والصالحين خرق للعييادة فكييذبها وحييد بعضييهم بأنهييا الخييارق‬
‫للعادة إذا لم يعارضه أحد وجعل هذا فصل احترز به عن تلك المور فقال المعجزة هي الخييارق المقيرون‬
‫بالتحدي بالمثل مع عدم المعارضة وجوز أن يأتي غير النبياء بمثل ما أتوا به سواء مييع المعارضيية وجعييل‬
‫ما يأتي به الساحر والكاهن معجزات مع عدم المعارضة وحقيقة المعجز هذا ما لم يعارض ول حاجة إلييى‬
‫كونه خارقا للعادة‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.202‬‬


‫بل المور المعتادة إذا لم تعارض كانت آية وهذا باطل قطعا ثم مسيلمة والسييود العنسييي وغيرهمييا لييم‬
‫يعارضوا ثم يقال ما يعني بعييدم المعارضيية فييي ذلييك المكييان والزمييان فالسييحرة والكهييان ل يعارضييون‬
‫والعنسي ومسيلمة لم يعارضا في مكانهم ووقت اغرائهم وإن قال ل يعارض البتيية فميين أييين يعلييم هييذا‬
‫العدم فإن قيل فما آيات النبياء قيل هي آيات النبيياء اليتي تعليم أنهيا مختصية بالنبيياء وأنهيا مسيتلزمة‬
‫لصدقهم ول تكون إل مع صدقهم وهي ل بد أن تكون خارقة للعادة خارجيية عين قييدرة النييس والجيين ول‬
‫يمكن أحدا أن يعارضها لكن كونها خارقة للعادة ول تمكن معارضتها هو من لوازمها ليس هو حدا مطابقييا‬
‫لها والعلم بأنها مستلزمة لصدقهم قد يكون ضروريا كانشيقاق القمير وجعيل العصيا حيية وخيروج الناقية‬
‫فمجرد العلم بهذه اليات يوجب علما ضروريا بأن اللييه جعلهييا آييية لصييدق هييذا الييذي اسييتدل بهييا وذلييك‬
‫يستلزم أنها خارقة للعادة وأنه ل يمكن معارضتها فهذا من جملة صفاتها ل أن هذا وحده كاف فيهييا وهييذا‬
‫اذا قال من قال أن فلنا أرسلني اليكم فإنه يأتي بما يعلم أنه علمة والعلمية واليدليل واليية حييدها أنهيا‬
‫تدل على المطلوب وآيات النبياء تدل على صدقهم وهذا ل يكون ال مع كونها مستلزمة لصدقهم فيمتنييع‬
‫أن تكون معتادة لغيرهم ويمتنع أن يأتي من يعارضهم بمثلها ول يمتنع أن يأتي نبي آخر بمثلها ول أن يأتي‬
‫من يصدقهم بمثلها فان تصديقه لهم يتضمن صدقهم فلم يأت إل مع صدقهم وقد تكون اليات تدل علييى‬
‫جنس الصدق وهو صدق صاحبها فيلزم صدقه اذا قال أنا نبي ولكن يمتنع أن يكييون لكيياذب فهييذا ونحييوه‬
‫مما تنكشف به حقيقة هذا الباب وهو من أهم المور وإذا فسر خرق العادة بأنها خرق لعادات غير النبياء‬
‫أي ل يكون لغير جنسهم وجنس من صدقهم وفسر عدم المعارضة بييأنه ل يقييدر أن يييأتي بهييا ميين ليييس‬
‫بنيييييييبي أو متبيييييييع لنيييييييبي كيييييييان المعنيييييييى واحيييييييدا واتحيييييييدت التفاسيييييييير الثلثييييييية‬
‫) فصل ( والله سبحانه دل عباده بالدللت العيانييية المشييهودة والييدللت المسييموعة وهييي كلمييه لكيين‬
‫عامتهم تعذر عليهم أن يسمعوا كلمه منه فأرسل اليهم بكلمه رسل وأنزل اليهم كتبا والمخلوق اذا قصد‬
‫إعلم من يتعذر أن يسمع منه أرسل اليه رسل وكتييب اليييه كتبييا كمييا يفعييل النيياس ولة المييور وغيرهييم‬
‫يرسلون‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.203‬‬

‫الى من بعد عنهم رسول ويكتبون اليه كتبا ثم انه سبحانه جعل مع الرسل آيات هن علمات وبراهين هي‬
‫أفعال يفعلها مع الرسل يخصهم بما ل يوجييد لغيرهييم فيعلييم العبيياد لختصاصييهم بهييا أن ذلييك إعلم منييه‬
‫للعباد وإخبار لهم أن هؤلء رسلي كما يعلمهم بكلمه المسموع منه ومن رسوله ولهذا قييد يعلييم برسييالة‬
‫رسول بإخبار رسول أخبر عنه وقد يخبر عن ارساله بكلمه لمن سمع كلمه منه كما أخبر موسى وغيييره‬
‫بالوحي الذي يوحيه اليهم فآيات النبياء هي علمات وبراهين من الله تتضمن إعلم اللييه لعبيياده وإخبيياره‬
‫فالدليل وهو الية والعلمة ل يدل إل إذا كان مختصا بالمدلول عليه مستلزما له إما مساويا له وأما أخص‬
‫منه ل يكون أعم منه غير مستلزم له فل يتصور أن يوجد الدليل بدون المدلول عليه فاليييات الييتي أعلييم‬
‫الله بها رسالة رسله وصدقهم ل بد أن تكون مختصة بهم مسييتلزمة لصييدقهم فييان العلم والخبييار بييأن‬
‫هذا رسول وتصديقه في قوله إن الله أرسلني ل يتصور أن يوجد لغير رسييول واليييات الييتي جعلهييا اللييه‬
‫علمات هي أعلم بالفعل الذي قد يكون اقوى من القول فل يتصور أن تكون آيات الرسول إل دالة عليى‬
‫صدقهم ومدلولها أنهم صادقون ل يجوز أن توجد بيدون صيدق الرسيل البتية وكيون اليرب أراد بهيا إعلم‬
‫عباده بصدقهم وصدقهم بها في إخبارهم أنه أرسلهم وكونها آية وعلمة على صدقهم أمر يعلم كما تعلييم‬
‫دللة سائر الدلة كما يعلم من الرجل أصدقاؤه ووكلؤه أنه أرسل هذا بهييذه العلمييات فتييارة يعلييم ذلييك‬
‫بالضرورة بعد تصور المر وتارة يحتاج الى نظر هل هذه العلمة منه أو من غيره وهل هييو أرسييله بهييا أو‬
‫غيره وهل قصد بها العلم والتصديق أم ل وهل يعلم من حال الذاكر أنه أرسله أنييه صييادق فقييد يرسييل‬
‫من يعلمون هم صدقه وأنه ل يكذب فيعلمون صدقه بمجرد قوله هو أرسلني من غير آية ول علمة ولهذا‬
‫إذا قال من صدقه إنه رأى رؤيا صدقه وجزم بصدقه من قد خبر صدقه والرؤيييا جييزء ميين سييتة وأربعييين‬
‫جزءا من النبوة وكذلك لو أخبر بغير ذلك كما أخبر عمران بن حصين أن الملئكة تسلم عليييه فلييم يشييك‬
‫الذين أخبرهم في صدقه من غير آية فمن كان يعلم صييدق موسييى والمسيييح ومحمييد وغيرهييم وأنهييم ل‬
‫يكذبون في أخف المور فكيف بالكذب على الله إذا أخبرهم أحدهم بما‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.204‬‬


‫جاءه من الوحي والرسالة وما غاب من الملئكة فإنه قد يجزم بصدقه من غييير آيية ل سيييما ان كييان مييا‬
‫يقوله لهم مما يؤيد صدقه ولهذا لم يكن من شرط اليمان بالنبييياء وجييود اليييات بييل قييد يعلييم صييدقهم‬
‫بدون ذلك كما قد بين في موضع آخر وتارة يحتياجون إليى العلمية وتييارة يعلميون كييذبه بيأن ييذكر عين‬
‫صاحبهم ما يعلمون هم خلفه ويصفه بما علموا نقيضه وقد يظهر لهم من قصده أنه كذاب ملبس طالب‬
‫أغراض له إما مييال يعطييونه أو وليية يولييونه أو امييرأة يزوجيونه بهييا أو غيير ذليك مين أغييراض النفيوس‬
‫فيسألونه عن مقصوده فإذا عرفوا مقصوده فقد يعلمون كذبه أو صدقه ومثل هذا كثير في عادات الناس‬
‫فكثيرا ما يجيء الرجل بما يزعم أنه علمة وتكون مشتركة فيقال له ما تريد فيذكر مراده فيعلمون كذبه‬
‫فدلئل الصدق والكذب ل تنحصر كدلئل الحب والبغض هي كييثيرة جييدا وهييذا يعرفييه ميين جييرب عييادات‬
‫النيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييياس‬
‫) فصل ( فاليات التي تكون آيات للنبياء هي دليل وبرهان والله تعالى سماها برهانا في قوله لموسييى‬
‫فذانك برهانان من ربك وهي العصا واليد وسماها برهانا وآيات في مواضع كييثيرة ميين القييرآن فحييدها حييد‬
‫الدليل والبرهان وهي أن تكون مستلزمة لصدق النبي فل يتصور أن توجد مع انتفياء صيدق مين أخيبر أن‬
‫الله أرسله فليس له إل حالن إما أن يكون الله أرسله فيكون صادقا أو ل يكون أرسله فل يكييون صييادقا‬
‫فآيات الصدق ل توجد إل مع أحد النقيضين وهو الصدق ل توجد قط مع الخر وهو انتفيياء الصييدق كسييائر‬
‫الدلة التي هي البراهين واليات والعلمة فإنها ل توجد إل مع تحقق المدلول عليه ل توجد مع عدمه قييط‬
‫اذ كانت مستلزمة له يلزم من وجود الدليل وجود المدلول عليه فل يوجد الدليل مع عيدم الميدلول علييه‬
‫فل توجد آياتهم مع عدم صدقهم فيجب أن يتصور هذا الموضع فإنه حق معلوم بعييد تصييوره لكييل العقلء‬
‫بالضرورة فل يمكن أحدا كذب النبي أن يأتي بمثلها فإنه لو أتى بمثلها مع تكذيب النبي لكانت قد وجييدت‬
‫مع قوله اني صادق ومع قول هذا المكذب إنه كاذب فلم تختص بصدقه ولييم تسييتلزمه فل يلييزم إذا قييال‬
‫إني صادق أن يكون صادقا وهذا قد أتى‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.205‬‬

‫بمثل ما أتى به وقال انه كاذب ول يكون إعلما من الله لعباده وإخبارا لهم بييأني أرسييلته ول تصييديقا لييه‬
‫كما لو قال رجل إن فلنا أرسلني وجاء بعلمة ذكر أنه خصه بها مثل أن يقول العلمة أنه أعطاني خيياتمه‬
‫فيقول المكذب وأنا أيضا أعطاني خاتمه الخرى لصلحها له أو لختم بها كييذا وأنييت إنمييا أعطيياك خيياتمه‬
‫لتصلحها أو أن تختم بها فإذا أتى المكذب له بمثل ما أتى به امتنع كونها آية ولكن لو كان قد جاء بالخيياتم‬
‫غيره لمر آخر أرسله له لم يمتنع ذلك بل قد جرت عادته معهم بأنه من ارسله يرسييل معيه خيياتمه فقييد‬
‫صار ارسال الخاتم عادة له يدل على صدق من أرسله فهو يميز رسله بالخاتم ل يخص بهييا واحييدا منهييم‬
‫وهي عادة منه لرسله ليست لغيرهم ل عادة ول غير عادة فهذا شأن اليات والعلمات التي يقصد الييدال‬
‫بهيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا أن ييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييدل بهيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا‬
‫) فصل ( والله تعالى سماها آيات وبراهين وهو اسم مطابق لمسماه مطرد ل ينتقييض فل تكييون قييط إل‬
‫آيات لهم وبراهين وأما تسميتها بخرق العادة فللناس في ذلك ثلثة أقوال أحدها أن ذلك حييد لهييا مطييرد‬
‫منعكس فكل خرق هو معجزة للنبي فهو خرق عادة والثاني أن خرق العادة شرط فيهييا وليييس بحييد لهييا‬
‫فيجب أن تكون خارقة لعادة ولكن ليس كل خارق للعادة يكون آيية لنيبي كأشيراط السياعة بيل أن يقييع‬
‫على وجه مخصوص مثل دعوى النبوة والسييتدلل بهييا والتحييدي بمثلهييا ميع عجييز النيياس عيين معارضييته‬
‫والقول الثالث أن كونها خارقيية للعييادة ليييس بحييد ول شييرط قييال القاضييي أبيو بكيير فييي منيياظرته فييي‬
‫الكرامات ويقال لهم أيضا إن من الناس من ل يشترط في الية المعجزة أن تكون خارقة للعييادة ويقييول‬
‫إنما تكون آية اذا كانت من فعل الله مع التحيدي بمثلهييا ودعيوى النبييوة فيدللتها عليى وجيه ل يمكين أن‬
‫يشترك في ادعائه الصادق والكاذب فإذا ظهرت على هذا الوجه كييانت آييية لميين فعلييت علييى يييده قييال‬
‫المجيبون بهذا ولهذا لم تكن أشراط الساعة آية لحد وان خرقت العادة اذ لم يكن معها دعوى نبوة ولن‬
‫موت زيد عند قول الرسول آيتي أن يميت الله زيدا عند دعائي موته فإذا مات عند دعوته صار ذلييك آييية‬
‫له وإن كان فعل الموت في النسان وغيره من الحيوان معتادا قال ان قالوا لو كان كذلك لكان من قال‬
‫آيتي‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.206‬‬


‫أن تطلع الشمس وتغرب ويأتي الليل والنهار والضياء والظلم وفعل ذلك مع دعواه الرسالة كان آييية لييه‬
‫وإن لم يكن المفعول من ذلك خارقا للعادة فلما لم يكن كذلك وإن كان واقعا من فعييل اللييه مييع دعييوى‬
‫النبوة لكونه غير خارق للعادة بطل ما قلتموه يقال لهم قد أجبنا عن هييذا حييين قلنييا ويكييون الواقييع ميين‬
‫فعل الله مع دعوى النبييوة ممييا ل يشييترك فيييه الصييادق والكيياذب ويسييتوي مييع ظهييوره دعييوى المحييق‬
‫والمبطل وطلوع الشمس وغروبها ولو قال النبي آيتي أن يظلنا السحاب الساعة وتزلزل الرض وتحدث‬
‫المطار بدعوى فحدث ذلك لكان آية له وإن كييان مثييل ذلييك قييد يحييدث فييي العصيير ويشيياهد فييإذا قييال‬
‫المتنبي انني معارضه وآيتي في كوني نبيا ظهور مثل ذلك منع منه ولم يحدث قلت هذا الذي ذكييروه هييو‬
‫أيضا خرق للعادة فإن ظهور مثل ذلك على هذا الوجه مما لم تجر به العادة وهو نفسه القاضي أبييو بكيير‬
‫في هذا الكتاب كتاب البيان عن الفرق بين المعجزات والكرامات والحيل والكهانة والسييحر والنيرنجيييات‬
‫قد قال قبل هذا باب القول في معنى العادة وانخراقها والعادة التي اذا انخرقت دلت على صدق الرسل‬
‫والعتياد للمر وتفصيل ذلك وتنزيله واعلموا رحمكم الله أن الكل من سائر المم قد شرطوا فييي صييفة‬
‫المعجز أن يكون خارقا للعادة وإذا كان ذلك واجبا وجب معرفة هذه العادة ومعرفة انخرافهييا فقييد حكييي‬
‫هنا الجماع وهناك صرح بالختلف وقوى ذلك القول وسبب ذلك اضطرابهم في معنى العييادة وانخراقهييا‬
‫فان كل قوم يفهمون غير ما يفهمه الخرون والله تعالى انما سماها آيات وهذا القول الذي ذكييره وقييواه‬
‫وهو ل يشترط فيها أن تكون خارقة للعادة هو حقيقة قول القاضي وأمثاله من المتكلمين الشعرية وميين‬
‫وافقهم كالقاضي أبي يعلى وأمثاله فإن المعجزات عندهم ل تختص بجنس من الجناس المقييدورات بييل‬
‫خاصتها أن النبي يحتج بها ويتحدى بمثلها فل يمكيين معارضييته فاشييترطوا لهييا وصييفين أن تكييون مقترنيية‬
‫بدعوى النبوة وجعلوا المدلول جزءا من الدليل وأنها ل تعارض وبالول فرقوا بينهييا وبييين الكرامييات وبييه‬
‫وبالثاني فرقوا بينها وبين السحر والكهانة وصرحوا بأن جميع خييوارق السييحرة والكهييان يجييوز أن تكييون‬
‫معجزة لنبي لكن إذا كانت معجزة لم تمكن معارضتها فلو ادعى ساحر أو كاهن النبوة لكان الله‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.207‬‬

‫يعجزه عن تلك الخوارق التي علم أن غيره من السحرة والكهان يفعل مثلهييا وليييس بنييبي ومييا يييأتي بييه‬
‫النبياء من المعجزات جوزوا أن يأتي بمثله السيياحر والكيياهن إل مييا منييع منييه السييمع للجميياع علييى أن‬
‫الساحر ل يقلب العصا حية وهذا الفرق ليس يختص به أحد النوعين ول ضابط له وصرحوا بأنه ل يستثنى‬
‫من الخوارق إل ما انعقد عليه الجميياع وصييرحوا بييأن العجييائب الطبيعييية مثيل جييذب حجيير المغنيياطيس‬
‫الحديد يجوز أن يكون معجزة لكن بشرط أن ل يعارض وكذلك الطلسم وكذلك المور المعتادة يجوز أن‬
‫تكون معجزة بشرط أن يمنع غيره منها فتكون المعجزة منع المعتاد فالخاصة عندهم فيها أنها ل تعييارض‬
‫وأنها تقترن بدعوى النبوة وقد يشترطون أن تكون خارقة للعادة لكن يكتفون بمنع المعارض فهييو وحييده‬
‫خرق للعادة فل يشترطون هذا وهذا وقد اشترط القاضي أبو بكيير أن يكييون ممييا يختييص الييرب بالقييدرة‬
‫عليه ول حقيقة له فإن جميع الحوادث كذلك عندهم وكل ما خرج عن محيل قييدرة العبييد فييالرب عنييدهم‬
‫مختص بفعله كخوارق السحرة والكهان وحقيقيية الميير أنييه ل فييرق عنييدهم بييين المعجييزات والكرامييات‬
‫والسحر والكهانة لكن هذه إذا لم تقترن بدعوى النبوة لم تكن آية وإذا اقترنت بها كانت آية بشرط أن ل‬
‫تعارض ثم انه لما أثبت النبوة قال انه يجوز على النبي فعل كل شيء من الكبييائر ال أن يمنييع ميين ذلييك‬
‫سمع كما قال كل ما كان معجزة للنبياء يجوز أن يأتي به الساحر إل أن يمنع منه سمع اذ كان في نفس‬
‫المر ل فرق بين فعل وفعل بل يجوز من الرب كل شيء فيجوز أن يبعث كل أحييد ول يقيييم علييى نبييوته‬
‫دليل هذا حقيقة قولهم انه يجوز أن يبعث كل احد وإنه اذا بعثه ل يقيييم دليل علييى نبييوته بييل يلييزم العبيياد‬
‫بتصديقه بل دليل يدلهم على صدقه فإن غاية هذا تكليف مال يطاق وهم يجوزونه وهذا الذي قالوه باطييل‬
‫من وجوه متعددة قد بسطت في غير هذا الموضع منها أنهم جعلوا المدلول عليه وهيو اخبييارالنبي بنبييوته‬
‫وشهودها وثبوتها جزءا من الدليل قالوا لنها لو كانت معجزة لجنسها لم تقييع ال معجيزة والخيوارق الييتي‬
‫تكون أمام الساعة ليست معجزة لحد فعلم ان الدليل هو مجموع دعوى النبوة والخييارق والجييواب عيين‬
‫هذا من وجهين أحدهما أن تلك من آيات الله تعالى‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.208‬‬


‫فالخوارق التي ل يقدر عليها العباد كلها آيات الله تعالى وهي دالة على ما تظهر دللتها عليه تييارة تكييون‬
‫تخويفا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الشمس والقمر آيتان من آييات الليه وإنهميا ل تنكسيفان‬
‫لموت أحد ول لحياته ولكنهما آيتان من آيات اللييه يخييوف بهمييا عبيياده والتخويييف يتضييمن الميير بطيياعته‬
‫والنهي عن معصيته وأشراط الساعة آيات على قربها وعلى جزاء العمييال وهييو يتضييمن الميير بالطاعيية‬
‫والنهي عن المعصية والثاني أن يقال هي آيات على صدق النبياء فييإنهم أخييبروا بهييا وهييي آييية علييى مييا‬
‫اخبروا به وعلى صدقهم وأيضا فييإن عاميية معجييزات الرسييول لييم يكيين يتحييدى بهييا ويقيول ائتييوا بمثلهييا‬
‫والقرآن انما تحداهم لما قالوا إنه افتراه ولم يتحدهم به ابتداء وسائر المعجزات لم يتحد بها وليس فيمييا‬
‫نقل تحد إل بالقرآن لكن قد علم أنهم ل يأتون بمثل آيات النبياء فهذا لزم لها لكن ليس من شرط ذلييك‬
‫أن يقارن خبره وايضا فمن آيات النبياء ما كان قبل ولدتهم وقبل إنبائهم وما يكون بعد موتهم فإن الييية‬
‫دليل على صدق الخبر بأنه رسول الله وهذا الدليل ل يختص ل بمكان ول زمان ول يكييون هييذا الييدليل إل‬
‫من جنس ل يقدر عليه النس كلهم ول الجن فل بييد أن يكييون جنسييه معجييزا أعجييز النييس والجيين وأمييا‬
‫قولهم خاصة المعجز عدم المعارضة فهذا باطل وإن كان عدم المعارضة لزما له فإن هذا العدم ل يعلييم‬
‫إذ يمكن أن يعارضه من ليس هناك إذا كان مما يعلم أنه معتاد مثل خوارق السحرة والكهان فإنه وإن لم‬
‫يمكن أن يعارض في هذا الموضع ففي السحرة والكهان من يفعل مثلها مع أنه ليس بنبي ودليييل النبييوة‬
‫يمتنع ثبوته بدون النبوة وإذا قالوا الدليل هو مجموع الدعوى والدليل تبين خطأهم وان القوم لييم يعرفييوا‬
‫دلئل النبوة ول اقاموا دليل على نبوة النبياء كما لم يقيموا دليل على وجود الييرب فليييس فييي كتبهييم مييا‬
‫يدل على الرب تعييالى ول علييى رسييوله مييع أن هييذا هييو المقصييود ميين أصييول الييدين وايضييا فمسيييلمة‬
‫والعنسي لم يكن عندهما من يعارضهما وأيضا فالمعارض ان اعتبروه في المييدعوين وهييذا مقتضييى فييي‬
‫خرق العادة وإن العادات تختلف فلكل قوم عادة قالوا فالمعتبر خرق عادة من أرسييل اليهييم وعلييى هييذا‬
‫فإذا أرسل الى بني اسرائيل ففعل مالم يقدروا عليه كان آية وإن كان ذلك‬

‫مما يقدر عليه العرب ويقدر عليه السحرة والكهان وصرحوا بأن السحر الذي قال الله فيه ومننا يعلمننان‬
‫من أحد حتى يقول انما نحن فتنة فل تكفننر يجوز أن يكيون مين معجيزات النبيياء اذا ليم يعيارض وقيد قيال‬
‫الرازي أن السمعيات ل يحتج بها لن دللتها مشروطة بعدم المعارض العقلي وذليك غيير معليوم وكيذلك‬
‫يقال في معجزات هؤلء إن خاصتها عدم المعارضة فإن اعتبروا أن أحييدا ميين الخلييق ل يعييارض فهييذا ل‬
‫يعلم وإن اكتفوا بأن ل يعارض في ذلك المكان والزمان فكثير من الصناعات والعجائب والعلوم من هييذا‬
‫الباب وهم ل ينكرون هذا بل يقولون المعجز هو هذا مع دعوى النبوة وقد تبين أن الشيء فييي نفسييه إذا‬
‫لم يكن دليل لم يصر دليل باستدلل المستدل به بل هو في نفسه دليل وإن لم يستدل به اذ كان الييدليل‬
‫هو المستلزم للمدلول فدليل صدق النبي هو يدل على أنه نبي وأن الخييبر بنبييوته صييدق وإن كييان هييو ل‬
‫يستدل بذلك ول يتحدى بمثلها وقد ل يخبر بنبوة نفسه ويكون له دلئل تدل على نبوته كما كانت قبييل أن‬
‫يولد وفي المكنة البعيدة فتبين أن قول هؤلء هو أنه ل يعلم ميا يسييتدل بيه علييى نبيوة النبيياء وهيذا اذا‬
‫انضم الى أصلهم وهو أن الرب يجوز عليه فعل كل شيء صارا شاهدين بأنه علييى أصييلهم ل دليييل علييى‬
‫النبوة اذ كان عندهم ل فرق بين فعل من الرب وفعل وعندهم ل فرق بين جنس وجنييس فييي اختصاصييه‬
‫بالنبياء به فليس في أجناس المعقولت ما يكون آية تختص بالنبياء فيستلزم نبوتهم بل ما كان لهييم قييد‬
‫يكون عند غيرهم حتى السحرة والكهان وهم أعداؤهم وفرقوا بعدم المعارضة وهذا فرق غير معلوم وهو‬
‫مجرد دعوى قالوا لو ادعى الساحر والكيياهن النبيوة لكيان الليه ينسييه الكهانيية والسيحر ولكيان ليه مين‬
‫يعارضه لن السييحر والكهانيية هييي معجييزة عنييدهم وفييي هييذه القييوال ميين الفسيياد عقل وشييرعا وميين‬
‫المناقضة لدين السلم وللحق ما يطول وصفه ول ريب أن قول من أنكر وجود هذه الخوارق أقل فسادا‬
‫من هذا ولهذا يشنع عليهم ابن حزم وغيره بالشناعات العظيمة ولهذا يقيم أكابر فضييلئهم مييدة يطلبييون‬
‫الفرق بين المعجزات والسحر فل يجدون فرقييا اذ ل فييرق عنييدهم فييي نفييس الميير والتحقيييق أن آيييات‬
‫النبياء مستلزمة للنبوة ولصدق الخبر بالنبوة فل يوجد إل مع الشهادة للرسول بأنه‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.210‬‬

‫رسول ل يوجد مع التكذيب بذلك ول مع عدم ذلك البتة وليسييت مين جنييس مييا يقييدر عليييه ل النييس ول‬
‫الجن فان ما يقدر عليه النس والجن يفعلونه فل يكون مختصا بالنبياء ومعنى كونها خارقة للعادة أنهييا ل‬
‫توجد إل للنبوة ل مرة ول أقل ول أكثر فالعادة هنا تثبت بمرة والقاضي أبو بكر يقول ان مييا فعييل مييرات‬
‫يسيرة ل يكون معتادا وفي كلمه في هذا الباب من الضطراب ما يطول وصفه وهييو رأس هييؤلء الييذين‬
‫اتبعوه كالقاضي أبي يعلى وأبي المعالي والرازي والمدي وغيرهم وما يأتي بييه السييحرة والكهييان يمتنييع‬
‫أن يكون آية لنبي بل هو آية على الكفر فكيف يكون آية للنبوة وهييو مقييدور للشييياطين وآيييات النبييياء ل‬
‫يقدر عليها جن ول إنس وآيات النبياء آيات لجنسها فحيث كانت آية للييه تييدل علييى مثييل مييا أخييبرت بييه‬
‫النبياء وإن شئت قلت هي آيات لله يدل بها على صييدق النبييياء تييارة وعلييى غييير ذلييك تييارة ومييا يكييون‬
‫للسحرة والكهان ل يكون من آيات النبياء بل آيات النبياء مختصة بهم وأما كرامييات الولييياء فهييي أيضييا‬
‫من آيات النبياء فإنها إنما تكون لمن تشهد لهم بالرسالة فهي دليل على صدق الشاهد لهم بالنبوة وأيضا‬
‫فإن كرامات الولياء معتادة من الصالحين ومعجزت النبياء فوق ذلك فانشييقاق القميير والتيييان بييالقرآن‬
‫وانقلب العصا حية وخروج الدابة من صخرة لم يكن مثله للولياء وكذلك خلق الطييير ميين الطييين ولكيين‬
‫آياتهم صغار وكبار كما قال تعالى فأراه الية الكبرى فلله تعالى آية كبيرة وصغيرة وقال عن نبيه محمييد‬
‫لقد رأى من آيات ربه الكبرى فاليات الكبرى مختصة بهم وأما اليات الصغرى فقد تكون للصالحين مثل‬
‫تكثير الطعام فهذا قد وجد لغير واحد من الصالحين لكن لم يوجد كما وجد للنبي صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫أنه أطعم الجيش من شيء يسير فقد يوجد لغيرهم من جنس ما وجد لهم لكن ل يماثلون في قدره فهم‬
‫مختصون إما بجنس اليات فل يكون لمثلهم كالتيان بالقرآن وانشقاق القمر وقلييب العصييا حييية وانفلق‬
‫البحر وأن يخلق من الطين كهيئة الطير وإما بقدرها وكيفيتها كنار الخليل فإن أبا مسلم الخولني وغيييره‬
‫صارت النار عليهم بردا وسلما لكن لم تكن مثل نييار ابراهييم فيي عظمتهيا كمييا وصيفوها فهيو مشييارك‬
‫للخليل في جنس الية كما هو مشارك في جنس اليمان محبة‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.211‬‬

‫الله وتوحيده ومعلوم أن الذي امتاز به الخليل من هذا ل يماثله فيه أبو مسييلم وأمثيياله وكييذلك الطيييران‬
‫في الهواء فإن الجن ل تزال تحمل ناسا وتطير بهم من مكان إلى مكان كالعفريت الذي قال لسييليمان‬
‫أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك لكن قول الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك‬
‫ل يقدر عليه العفريت ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم الى بيت المقدس ليريه الله من آياته الكبرى‬
‫أمر اختص به بخلف من يحمل من مكان الى مكان ل ليريه الله من آياته الكبرى أمر اختص به ول يعرج‬
‫الى السماء فهؤلء كثيرون وهذا مبسوط في غير هذا الموضع والمقصود هنا أن هؤلء حقيقة قييولهم انييه‬
‫ليس للنبوة آية تختص بها كما أن حقيقة قولهم إن الله ل يقدر أن يأتي بآية تختص بها وإنه لو كان قييادرا‬
‫على ذلك لم يلزم أن يفعله بل ولم يفعله فهذان أمران متعلقان بالرب اذ هييو عنييدهم ل يقييدر أن يفعييل‬
‫شيئا لشيء والية انما تكون آية اذا فعلها لتدل ولو قييدر أنيه قيادر فهيم يجيوزون علييه فعيل كيل شييء‬
‫فيمكن أنه لم يجعل على صدق النبي دليل وأما الذي ذكرناه عنهم هنا فييإنه يقتضييي أنييه ل دليييل عنييدهم‬
‫على نبوة النبي بل كل ما قدر دليل فإنه يمكن وقوعه مع عدم النبييوة فل يكييون دليل فهييم هنيياك حقيقيية‬
‫قولهم انا ل نعلم على النبوة دليل وهنا حقيقة قولهم إنه ل دليل على النبوة ولهذا كييان كلمهييم فييي هييذا‬
‫الباب منتهاه التعطيل ولهذا عدل الغزالي وغيره عن طريقهم في الستدلل بالمعجزات لكون المعجزات‬
‫على أصلهم ل تدل على نبوة نبي وليس عندهم في نفس المر معجزات وإنما يقولييون المعجييزات علييم‬
‫الصدق لنها في نفس المر كذلك وهم صادقون في هذا لكن على اصلهم ليسييت دليل علييى الصييدق ول‬
‫دليل على الصدق فآيات النبياء تدل على صدقهم دللة معلومة بالضرورة تارة وبييالنظر أخييرى وهييم قييد‬
‫يقولون إنه يحصل العلم الضروري بأن الله صدقه بها وهي الطريقة الييتي سييلكها أبييو المعييالي والييرازي‬
‫وغيرهما وهي طريقة صحيحة في نفسها لكن تناقض بعض أصولهم فالقدس ليس في آيات النبياء لكيين‬
‫في القوال الفاسدة التي تنافض ما هو معلوم بالضرورة عقل وما هو أصييل اليمييان شييرعا وميين عييرف‬
‫تناقضهم في الستدلل يعرف أن الفة في فساد قولهم ل في جهة صحة الدللة فقد‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.212‬‬

‫يظهر بلسانه ما ليس في قلبه كالمنافقين الذين يقولون في أول سورة المنافقون نشهد أنك لرسول ال‬
‫وال يعلم أنك لرسوله وال يشهد أن المنافقين لكاذبون ولقد صدق المام أحمد في قوله علماء الكلم زنادقيية‬
‫وطريقة القرآن فيها الهدى والنور والشفاء سماها آيات وبراهين فآيات النبياء مستلزمة لصدقهم وصدق‬
‫من صدقهم وشهد لهم بالنبوة واليات التي يبعث الله بها انبياء قييد يكييون مثلهييا لنبييياء أخيير مثييل إحييياء‬
‫الموتى فقد كان لغير واحد من النبياء وقد يكون إحياء الموتى على يد أتباع النبياء كما قيد وقييع لطائفيية‬
‫من هذه المة ومن أتباع عيسى فإن هؤلء يقولون نحن إنما أحيى الله الموتى على أيدينا لتباع محمد أو‬
‫المسيح فبايماننا بهم وتصديقنا لهم أحيى الله الموتى على أيدينا فكان إحياء المييوتى مسييتلزما لتصييديقه‬
‫عيسى ومحمدا لم يكن قط مع تكذيبهما فصار آية لنبوتهم وهو أيضا آية لنبوة موسييى وغيييره ميين أنبييياء‬
‫بني اسرائيل الذين أحيى الله الموتى على أيديهم وليس مدلول اليات هو مجرد دعواه أن اللييه أرسييلني‬
‫وإخباره عن نفسه بذلك لن ذلك معلوم بالحس لمن سمعه وبالتواتر لمن لم يسمعه بل صدقه فييي هييذا‬
‫الخبر وهو ثبوت نبوته فالية مستلزمة لصدقه وثبوت نبوته ومن أخبر غيره عن إرسال الله له وأتييى هييذا‬
‫المخبر بآية كانت أيضا آية على صدق هذا المخبر وثبوت نبوة النييبي فييان ميين أخييبر عيين نبييوة نييبي ميين‬
‫النبياء وأتى بآية على صدقه في خبره كانت تلييك آييية ودليل علييى نبييوة النييبي وأن إخبييار المخييبر بنبييوته‬
‫صدق بل كون غيره هو المخبر التي بالعلمة أبلغ ولهذا كييانت ميين أعظييم آيييات النييبي إخبييار غيييره ميين‬
‫النبياء بنبوته فإن قال آخر إنه كذب وأتى بمثل تلك الية بطلت الدللة المعينة ول يلزم مين بطلن دليييل‬
‫معين بطلن سائر الدلة فان الدليل يجب طرده ول يجب عكسه ولو جاء من قال إن فلنا أرسلني ومعه‬
‫شخص فصدقه وقال إنه أمرني أن أخبركم بأني رسوله بعلمة كيت وكيت لكان ذلك أبلغ وكل ميين علييم‬
‫صدق النبي فقد صدقه أنه أن يعلم الناس أن الله يشهد له بالنبوة ويحكييم بينييه وبييين منييازعيه بتصييديقه‬
‫وتكذيبهم وذلك بآياته وعلماته يبين بها أنه مصدق للرسول وقد يصدقه‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.213‬‬

‫بكلمه الذي قد بين أنه كلمه فكونه في نفسه آية وعلمة إذ كان ل يمكن الجيين والنييس أن يييأتوا بمثلييه‬
‫فهو من أعظم اليات وبغير ذلك فاليات كلها شهادة بالنبوة وإخبيار بهيا وتصيديق للمخيبر فهييي تسيتلزم‬
‫ثبوت النبوة في نفسها وأن صاحب اليات قد نبأه اللييه وأوحييى اليييه كمييا أوحييي إلييى غيييره ميين النبييياء‬
‫وتستلزم أيضا صدق الخبار بأنه نبي فهو اذا قال إني نبي كان صادقا وكذلك كييل ميين أخييبر بنبييوته فييإنه‬
‫يكون صادقا وثبوت الشيء وصدق من أخبر به متلزمان فكل حق ثييابت إذا أخييبر بييه مخييبر فهييو صييادق‬
‫وكل خبر صادق فقد تحقق مخبره فالخبر الصادق هو ومخييبره متلزمييان يلييزم ميين صييدق الخييبر تحقييق‬
‫مخبره ومن تحقق الشيء صدق المخبر به بخلف الكذب فإنه ومخبره ليسا متلزمين بييل الخييبر الكييذب‬
‫يوجد مع انتفاء مخبره والمخبر به يتحقق علييى صييفة خلف مييا فييي الخييبر الكيياذب فلهييذا كييانت اليييات‬
‫والعلمات والدلئل ونحو هذا كما تدل على المدلول وأنه حق ثابت فهي أيضا تدل على صييدق ميين أخييبر‬
‫به كائنا من كان فمن قال اني ابن فلن وقامت بينة بنسبة فهي تثبت صدقه وصدق كل من قال هو ابيين‬
‫فلن وكذلك البينة التي تشهد برؤية الهلل هي تشهد بصدق كل من أخبر بطلوعه وكييذلك كييل دليييل دل‬
‫على مدلول فهو دليل على صدق كل ميين أخييبر بييذلك المييدلول عليييه وكييذلك اذا قييال الصييادق ان اللييه‬
‫أرسلني فهذا خبر منه عن ارسال الله فالية الدالة على صدقه تييدل علييى صييدق كييل ميين قييال ان اللييه‬
‫أرسله فاليات الدالة على صدق محمد اذا قال ما أمره الله به في قوله قل يا أيها الناس إني رسننول ال ن‬
‫اليكم جميعا هي دالة على صدق كل من قال أشهد أن محمدا رسول الله فجميع آياته وآيات النبياء الذين‬
‫أخبروا بنبوته كموسى والمسيح وأنبياء بني اسرائيل وغيرهم كلها آيات ومعجزات تييبين صييدق كييل واحييد‬
‫من المؤمنين به الذين يقول أحدهم أشهد أن محمدا رسول الله سواء قالها مجردة أو قالها في صلته أو‬
‫عقب طهارته أو متى ما قالها ليست آيات النبوة دالة على أنه وحده هو الصييادق فييي قييوله انييي رسييول‬
‫الله اليكم جميعا بل اليات تصدقه وتصدق كل من شييهد لييه بالرسييالة وهكييذا سييائر الدليية الداليية علييى‬
‫مدلول فإنها تدل على صدق من أخبر بذلك المدلول عليه من جميع الخلق وقد عرف أن الدليل ل بد أن‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.214‬‬

‫يكون مختصا بالمدلول عليه مستلزما له فآيات النبياء وسييائر أنييواع اليييات والدليية ل تكييون مييع نقيييض‬
‫المدلول عليه أي مع عدمه فإنها اذا كانت مع وجوده وعدمه لم تكن دالة على وجوده ول على عدمه ولم‬
‫يكن الستدلل بها على وجوه أولى به من الستدلل على عدمه كالمور المعتادة التي توجد مع الصييادق‬
‫والكاذب كطلوع الشمس وغروبها فإن هذه ل تييدل علييى صييدق أحييد ول كييذبه وكييذلك خيوارق السييحرة‬
‫والكهان هي معتادة مع صدق أحدهم ومع كذبه فل تدل علييى الصييدق اذ كييان كييذبهم أكييثر ميين صييدقهم‬
‫كالذين يخبرون بكلمة صدق وعشر كذب قال تعالى هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك‬
‫أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون فكيف إذا كان مع الصدق مائة كذبة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫لما سئل عن الكهان كما روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت سييأل نيياس رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسوا بشيء قييالوا ييا‬
‫رسول الله فانهم يحدثون أحيانا بالشيء يكون حقا فقال رسول الله صلى الله عليه وسييلم تلييك الكلميية‬
‫من الحق يحفظها الجني فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة فيلييزم ميين‬
‫هذا أن آيات النبياء ل يكون مثلها لمن يكذبهم وهو الذي يخبر بكيذبهم والنيياس فيهيم رجلن إمييا مصييدق‬
‫وإما مكذب فالمكذب لهم يمتنع أن يأتي بمثل آياتهم ومتى كذب مكذب لمدعي النبييوة وأتييى بمثييل آيتييه‬
‫سواء دل على أن تلك ليست من آيات النبياء ول تدل على صدق النبي لكن ل يلزم أن تييدل علييى كييذبه‬
‫فإن الدليل المعين إذا بطل ل يستلزم انتفاء المدلول عليه فقد تكون له آيات أخر تدل على نبوته وصدق‬
‫الصادق وكذب الكاذب يعرف بوجوه كثيرة جدا وكذلك النبوة لها آثار مستلزمة لها بدون إخبار النبي بييانه‬
‫نبي وكذب المتنبي الذي يزين له الشيطان أن يقول إنه نبي له آثار تستلزم انتفاء النبوة وأنييه كيياذب إمييا‬
‫عمدا وإما أن الشيطان قد لبس عليه فإن الخبر عند كثير من الناس ينقسم الى صدق وكذب فالمطييابق‬
‫هو الصدق والمخالف هو الكذب وأثبت بعضهم واسطه بين‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.215‬‬

‫الصدق والكذب وهو مالم يتعمده النسان قييال فهييذا ليييس بصييدق لنييه غييير مطييابق وليييس بكييذب لن‬
‫صاحبه لم يتعمد الكذب بل أخطأ ولس كل من أخطأ يقال انه كاذب كالناسي في الصلة إذا قال صييليت‬
‫أربعا ولم يصل إل ثلثا كما قال النبي صلى الله عليه وسييلم لمييا قييال لييه ذو اليييدين أقصيرت الصييلة أم‬
‫نسيت فقال لم أنس ولم تقصر فقال بلى قد نسيت فقال أكما يقول ذو اليييدين قييالوا نعييم والييذي يييدل‬
‫عليه القرآن أن كل من تكلم بل علم فأخطأ فهو كاذب كالذين حرموا وحللوا وأوجبوا وان كان الشيييطان‬
‫قد زين لهم ذلك وأوهمهم أنه حق ولهذا قال قل هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم‬
‫وهي تتنزل على من يظن أنه يصدقها قال تعالى ومن يعش عنن ذكنر الرحمنن نقينض لنه شننيطانا فهننو لننه‬
‫قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون وقال تعالى وقال الشيطان لمنا قضنى المنر ان الن‬
‫وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وكذلك الذي تدل عليه الشرع أن كل من أخبر بخبر ليس لييه أن يخييبر‬
‫به وهو غير مطابق فإنه يسمى كاذبا وإن كان لم يتعمد الكذب كقول النبي صييلى اللييه عليييه وسييلم لمييا‬
‫قيل له ان أبا السنابل قال ما أنت بناكحنة حنتى يمنر علينك أربعنة أشنهر وعشنر فقنال كنذب منن قالهنا إن لنه‬
‫لجرين أنه جاهد مجاهد ولما قال سعد بن عبادة في يوم الفتح اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة وحكاه أبننو‬
‫سفيان لرسول ال صلى ال عليه وسلم قال كذب سعد ولكن هذا يوم تعظم ال فيه الكعبة ويوم تكسننى فيننه الكعبننة‬
‫وكذلك قال عبادة بن الصامت لما قيل له إن أبا محمد يقول الوتر واجب فقال كذب أبو محمد وكننذلك ابننن عبنناس‬
‫لما قيل له إن نوفا يقول إن موسى بني اسرائيل ليس هو موسى الخضر فقال كذب نوف وأيضا من أخننبر الننناس‬
‫خبرا طلب أن يصدقوه فيه وقد نهوا عن تصديقه ال ببينة فإنه أيضا كاذب كما قال تعالى في القرآن لييول جيياءوا‬
‫عليه بأربعة شهداء فإذا لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الليه هييم الكيياذبون وقننال فنني القنناذفين فاجلييدوهم‬
‫ثمانين جلدة ول تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون ال الذين تابوا من بعد‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.216‬‬

‫ذلك وأصلحوا فان الله غفور رحيم وكذلك أن القاذف وإن كان قد رأى الفاحشة بعينه لكنننه إذا أخننبر‬
‫بها الناس فهو يطلب منهم أن يصدقوه بمجرد خبره ولينس لهنم ذلننك بنل لينس لهنم أن يصندقوه حنتى يننأتي‬
‫بأربعة شهداء وهو ل يخبر الناس ليكذبوه بل يخبرهم ليعتقدوا ثبوت ما أخبرهم به ويعتقدوا أن المقذوف قد‬
‫فعل الفاحشة وهم ليس لهم أن يقولوا ذلك إل بأربعة شهداء فإذا لم يأت بأربعة شننهداء فهننو عننند الن كنناذب‬
‫لنه أخبر الناس بأن هذا فعل الفاحشة وقال خبرا طلب به تصديقهم وأن يظهر أن هذا فعلها فحقيقيننة خننبره‬
‫أن هذا فعل فاحشة ظاهرة يرتب عليها هذا بل ان كان فعل شيئا فقد فعله سرا لم يعلم به الناس وقد علننم أن‬
‫الذنب إذا كتم لم يضر ال صاحبه ولكن إذا أعلن فلم ينكر ضر الناس وهذا لم يعلنه وأكثر المسلمين إذا فعل‬
‫أحدهم فاحشة باطنة تاب منها ومن إعلنها يتشبه الناس بعضهم ببعض في ذلك فلهننذا نهننى الن عننن فعلهننا‬
‫وعن التكلم بها صدقا وغير صدق فإنها اذا فعلت وكتمت خف أمرها وإذا أظهرت كننان فيهننا مفاسنند كننثيرة‬
‫قال النبي صلى ال عليه وسلم من ابتلي من هذه القاذورات بشيء فليستتر بستر ال فإن من يبد لنا صننفحته‬
‫نقم عليه كتاب ال وقال كل أمتي معافى ال المجاهدين وإن من المهاجنندة ان يننبيت الرجننل علننى الننذنب قنند‬
‫ستره ال فيصبح يقول يا فلن فعلت البارحة كنذا وكننذا فقند نهننى الن تعنالى صناحبها أن يظهرهنا ويعلنهننا‬
‫فكيف القاذف بخلف ما اذا أقر بها عند ولي أمر ليقيم عليه الحد أو يشهد بها نصاب تام لقامة الحنند فننذاك‬
‫فيه منفعة وصلح وقد يخبر بها بعض الناس سرا لمن يعلمنه كيننف يتننوب ويسنتفتيه ويستشننيره فيمنا يفعنل‬
‫فعلى ذلك المفتى والمشير أن يكتم عليه ذلك ول يشيع الفاحشة وبسط هذا له موضع آخر والمقصود هننا أن‬
‫الناس في من قال اني رسول قسمان إما مصدق وإما غير مصدق فمن ليس بمصدق ل يمكنه أن يأتي بمثل‬
‫آيات النبياء سواء قال انه كاذب أو توقف في التصديق والتكذيب وكذلك المؤمنننون أتبنناع النبينناء اذا أتننوا‬
‫بآية كانت دليل على نبوة النبي الذي اتبعوه فل يمكن من ل يصدق النبي أن يعارضهم ومتى عارضننهم لننم‬
‫تكن من آيات النبياء ولهذا كان أبو مسلم لما قال له السود العنسي أتشهد أني رسول ال قال ما أسمع قننال‬
‫أتشهد أن‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.217‬‬

‫محمدا رسول الله قال نعم فألقاه في النار فصارت عليه بردا وسلما فكرامات الصالحين هي مستلزمة‬
‫لصدقهم في قولهم ان محمد رسول ولثبوت نبوته فهي من جملة آيات النبياء وآياتهم وما خصهم الله به‬
‫ل يكون لغير النبياء واذا قال القائل معجزات النبياء وآياتهم وما خصهم الله به فهذا كلم مجمييل فييانه ل‬
‫ريب أن الله خص النبياء بخصائص ل توجد لغيرهم ول ريب ان ميين آييياتهم مييا ل يقييدر ان يييأتي بييه غييير‬
‫النبياء بل النبي الواحد له آيات لم يأت بها غيره من النبياء كالعصا واليد لموسى وفرق البحيير فييإن هييذا‬
‫لم يكن لغير موسى وكانشقاق القمر والقرآن وتفجير الماء من بين الصابع وغير ذلك ميين اليييات الييتي‬
‫لم تكن لغير محمد من النبياء وكالناقة التي لصالح فإن تلك الية لم يكن مثلهييا لغيييره وهيو خييروج ناقية‬
‫من الرض بخلف احياء الموتى فانه اشترك فيه كثير من النبياء بل ومن الصييالحين وملييك سييليمان لييم‬
‫يكن لغيره كما قال رب اغفر لي وهب لي ملكا ل ينبغي لحنند مننن بعنندي فطاعة الجين والطييير وتسييخير‬
‫الريح تحمله من مكان الى مكان له ولمن معه لم يكن مثل هذه الية لغير سليمان وفي الصحيحين عيين‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من نبي من النبياء إل وقد أوتي ميين اليييات مييا آميين علييى مثلييه‬
‫البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة وهو ميين حييين‬
‫أتى بالقرآن وهو بمكة يقرأ على الناس قل لئن اجتمعت النننس والجننن علننى أن يننأتوا بمثننل هننذا القننرآن ل‬
‫يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا فقد ظهر أن من آيات النبياء ما يختص به النبي ومنهييا مييا يييأتي‬
‫به عدد من النبياء ومنها ما يشترك فيه النبياء كلهم ويختصون بييه وهييو الخبييار عيين اللييه بغيبييه الييذي ل‬
‫يعلمه ال الله قال عالم الغيب فل يظهر على غيبه أحدا إل من ارتضى من رسول فننإنه يسننلك مننن بيننن يننديه‬
‫ومن خلفه رصدا ليعلم ان قد أبلغوا رسالت ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا لكن ما يظهر علييى‬
‫المؤمنين بهم من اليات بسبب اليمان بهم فيه قولن قال طائفة ليس ذلك مين آيياتهم وهيذا قيول مين‬
‫يقول من شرط المعجزة أن تقارن دعوى النبييوة ل تقييدم عليهييا ول تتييأخر عنهييا كمييا قيياله هييؤلء الييذين‬
‫يجعلون خاصة المعجزة التحدي بالمثل وعدم المعارضة‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.218‬‬

‫ول تكون إل مع الدعوى كما تقدم وهيو قيول قييد عيرف فسيياده مين وجيوه والقيول الثيياني وهيو القيول‬
‫الصحيح أن آيات الولياء هي من جملة آيات النبياء فإنها مستلزمة لنبوتهم ولصييدق الخييبر بنبييوتهم فييإنه‬
‫لول ذلك لما كان هؤلء أولياء ولم تكن لهييم كرامييات لكيين يحتيياج أن يفييرق بييين كرامييات الولييياء وبييين‬
‫خوارق السحرة والكهان وما يكون للكفار والفساق وأهل الضلل والغي بإعانة الشياطين لهم كما يفييرق‬
‫بييين ذلييك وبييين آيييات النبييياء والفييروق بييين ذلييك كييثيرة كمييا قييد بسييط فييي غييير هييذا الموضييع‬
‫) فصل ( فقد تبين أن من آيات النبياء ما يظهر مثله على اتبيياعهم ويكيون مييا يظهير عليى أتبيياعهم مين‬
‫آياتهم فان ذلك مختص بمن يشهد بنبوتهم فهو مستلزم له ل تكون تلك اليات ال لمن أخييبر بنبييوتهم وإذا‬
‫لم يخبر بنبوتهم لم تكن له تلك اليات وهذا حد الدليل وهو أن يكون مستلزما للمييدلول عليييه فييإذا عييدم‬
‫المدلول عليه عدم الدليل ولهذا من السلف من يأتي باليات دللة على صييحة السييلم وصييدق الرسييول‬
‫كمييييا ذكيييير أن خالييييد بيييين الوليييييد شييييرب السييييم لمييييا طلييييب منييييه آييييية ولييييم يضييييره‬
‫) فصل ( في معنى خرق العادة وأن العتبار أن تكييون خارقيية لعييادة غييير النبييياء مطلقييا بحيييث تختييص‬
‫بالنبياء فل توجد ال مع الخبار بنبوتهم وأما إخبار الكهان ببعض المور الغائبة لخبار الشياطين لهم بييذلك‬
‫وسحر السحرة بحيث يموت النسان من السحر أو يمرض ويمنع من النكاح ونحييو ذلييك ممييا هييو باعانيية‬
‫الشياطين فهذا أمر موجود في العالم كثير معتاد يعرفه الناس ليس هييذا ميين خييرق العييادة بييل هييو ميين‬
‫العجائب الغريبة التي يختص بها بعض الناس كما يختص قوم بخفة اليد والشعبذة وقوم بالسباحة الغريبة‬
‫حتى يضطجع أحدهم على الماء وكما يختييص قييوم بالقيافيية حييتى يبيياينوا بهييا غيرهييم وكمييا يختييص قييوم‬
‫بالعيافة ونحو ذلك مما هو موجود ولهذا كان مكذبو الرسل يجعلون آياتهم من جنس السحر وهذا مستقر‬
‫في نفوسهم أن الساحر ليس برسول ول نبي كما في قصة موسى لما قالوا ان هذا لساحر عليم يريد أن‬
‫يخرجكم من أرضكم بسحرة فماذا تأمرون قال تعالى كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إل قننالوا سنناحر‬
‫أو مجنون‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.219‬‬

‫وهذا لحيرتهم وضللتهم تارة ينسبون إلى الجنون وعدم العقل وتارة الى الحذق والخييبرة الييتي ينييال بهييا‬
‫السحر فان السحر ل يقدر عليه ول يحسنه كل أحد لكن العجييائب والخييوارق المقييدورة للنيياس منهييا مييا‬
‫سببه من الناس بحذقهم في ذلك الفن كما يحذق الرجل في صناعة من الصناعات وكما يحييذق الشيياعر‬
‫والخطيب والعالم في شعره وخطابته وعلمه وكما يحذق بعض الناس فيي رميي النشياب وحميل الرميح‬
‫وركوب الخيل فهذه كلها قد يأتي الشخص منها بما ل يقدر عليه أهل البلد بل أهل القليم لكنها مييع ذلييك‬
‫مقدورة مكتسبة معتاده بدون النبوة قد فعل مثلها ناس آخيرون قبلهيم أو فيي مكيان آخير فليسيت هيي‬
‫خارقة لعادة غير النبياء مطلقا بل توجد معتادة لطائفة من الناس وهييم ل يقولييون انهييم أنبييياء ول يخييبر‬
‫أحد عنهم بأنهم أنبياء ومن هنا دخل الغلط على كثير من الناس فإنهم لما رأوا آيات النبياء خارقة للعادة‬
‫لم يعتد الناس مثلها اخذوا مسمى خرق العادة ولم يميزوا بين ما يختص بييه النبييياء وميين أخييبر بنبييوتهم‬
‫وبين ما يوجد معتادا لغيرهم واضطربوا في مسمى هييذا السييم كمييا اضييطربوا فييي مسييمى المعجييزات‬
‫ولهذا لم يسمها الله في كتابه إل آيات وبراهين فإن ذلك اسيم ييدل عليى مقصيودها ويختيص بهيا ل يقيع‬
‫على غيرها لم يسمها معجزة ول خرق عادة وان كان ذلك من بعييض صييفاتها فهييي ل تكييون آييية وبرهانييا‬
‫حتى تكون قد خرقت العادة وعجز الناس عن التيان بمثلها لكن هذا بعض صفاتها وشرط فيها وهييو ميين‬
‫لوازمها لكن شرط الشيء ولزمه قد يكون أعم منه وهؤلء جعليوا مسيمى المعجيزة وخيرق العيادة هيو‬
‫الحد المطابق لها طردا وعسكا كما أن بعض الناس يجعل اسمها أنها عجييائب وآيييات النبييياء اذا وصييفت‬
‫بذلك فينبغي أن تقيد بما يختص بها فيقال العجائب التي أتت بهييا النبييياء وخييوارق العييادات والمعجييزات‬
‫التي ظهرت على أيديهم أو التي ل يقدر عليها البشر أو ل يقدر عليها النييس والجيين أو ل يقييدر عليهييا ال‬
‫الله بمعنى أنه ل يقدر عليها أحد بحيلة واكتساب كما يقدرون على السحر والكهانة فبييذلك تتميييز آييياتهم‬
‫عما ليس من آياتهم وإل فلفظ العجائب قد يدخل فيه بعض الناس الشعبذة ونحوها والتعجييب فييي اللغيية‬
‫يكون من أمر خرج عن نظائره وما خرج عن نظائره فقد خرق تلك العادة المعينة في نظائره فهيو أيضييا‬
‫خارق للعادة وهذا شرط في آيات النبياء أن‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.220‬‬

‫ل يكون لها نظير لغير النبياء ومن يصدقهم فإذا وجد نظيرها من كل وجه لغييير النبييياء وميين شييهد لهييم‬
‫بالنبوة لم تكن تلك من آياتهم بل كانت مشتركة بين من يخبر بنبوتهم ومن ل يخبر بنبييوتهم كمييا يشييترك‬
‫هؤلء وهؤلء في الطب والصناعات وأما السحر والكهانة فهو من إعانة الشياطين لبني آدم فإن الكيياهن‬
‫يخبره الجن وكذلك الساحر انما يقتل ويمرض ويصعد في الهواء ونحو ذلك باعانة الشياطين له فأمورهم‬
‫خارجة عما اعتاده النس باعانية الشيياطين لهيم قيال تعيالى ويننوم يحشننرهم جميعننا يننا معشننر الجننن قنند‬
‫استكثرتم من النس وقال أوليائهم من النس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنننا أجلنننا النذي أجلنت لننا قنال الننار‬
‫مثواكم خالدين فيها إل ما شاء ال فالجن والنس قد استمتع بعضهم ببعض فاسييتخدم هييؤلء هييؤلء وهييؤلء‬
‫هؤلء في أمور كثيرة كل منهم فعل للخر ما هو غرضه ليعينه علييى غرضييه والسييحر والكهانيية ميين هييذا‬
‫الباب وكيذلك ميا يوجيد لعبياد الكفيار مين المشيركين وأهيل الكتياب ولعبياد المنيافقين والملحيدين مين‬
‫المظهرين للسلم والمبتدعين منهم كلها باعانة الجن والشياطين لكن الشياطين تظهر عند كل قوم بمييا‬
‫ل ينكرونه فإذا كان القوم كفارا ل ينكرون السحر والكهانة كما كانت العرب وكالهنييد واليترك المشيركين‬
‫ظهروا بهذا الوصف لن هذا معظم عند تلك المة وإن كان هذا مذموما عند أولئك كما قد ظهر ذم هؤلء‬
‫عند أهل الملل من المسلمين واليهود والنصارى أظهرته الشياطين فيمن يظهر العبادة ول يكون مخلصييا‬
‫لله في عبادته متبعا للنبياء بل يكون فيه شرك ونفاق وبدعة فتظهر له هذه المور التي ظهييرت للكهييان‬
‫والسحرة حتى يظن أولئك أن هذه من كرامات الصالحين وأن ما هو عليه هذا الشخص ميين العبييادة هييو‬
‫طريق أولياء الله وإن كان مخالفا لطريق النبياء حتى يعتقد من يعتقد أن لله طريقا يسلكها اليه أولييياؤه‬
‫غير اليمان بالنبياء وتصديقهم وقد يعتقد بعض هؤلء أن في هؤلء ميين هييو أفضييل ميين النبييياء وحقيقيية‬
‫المر أن هؤلء عارضوا النبياء كما كانت تعارضهم السحرة والكهان كما عارضت السحرة لموسييى وكميا‬
‫كان كثير من المنافقين يتحاكمون إلى بعض الكهان دون النبي صييلى اللييه عليييه وسييلم ويجعلييونه نظييير‬
‫النبي وكان في العرب عدة من هؤلء وكان بالمدينة منهم أبو‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.221‬‬

‫برزة السلمي قبل أن يسلم كان كاهنا وقد قيل ان الذي أنزل الله تعالى فيه الم تر الى الننذين يزعمننون‬
‫أنهم آمنوا بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا الى الطاغوت وقد أمننروا أن يكفننروا بننه ويرينند‬
‫الشيطان أن يضلهم ضلل بعيدا وقد ذكر قصته غير واحد من المفسرين ولما كييان الييذين يعارضييون آيييات‬
‫النبياء من السحرة والكهان ل يأتون بمثل آياتهم بل يكون بينهما شبه كشبه الشعر بالقرآن ولهييذا قييالوا‬
‫في النبي إنه ساحر وكاهن وشاعر مجنون قال تعالى انظر كيف ضربوا لك المثال فضلوا فل يستطيعون‬
‫سبيل فجعلوا له مثل ل يماثله بل بينهما شبه مع وجود الفارق المبين وهذا هو القياس الفاسييد فلمييا كييان‬
‫الشعر كلما له فواصل ومقاطع والقرآن آيييات لييه فواصييل ومقيياطع قييالوا شيياعر ولكيين شييتان وكييذلك‬
‫الكاهن يخبر ببعض المغيبات ولكن يكذب كثيرا وهو يخبر بذلك عن الشياطين وعليه من آثارهم مييا يييدل‬
‫على أنه أفاك أثيم كما قال تعالى هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيننم يلقننون السننمع‬
‫وأكثرهم كاذبون ثم قال والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهنم يقولننون منال يفعلنون‬
‫فذكر سبحانه الفرق بين النبي وبييين الكياهن والشياعر وكييذلك السياحر لميا كييان يتصيرف فيي العقيول‬
‫والنفوس بما يغيرها وكان من سمع القرآن وكلم الرسول خضع له عقله ولبه وانقادت لييه نفسييه وقلبييه‬
‫صاروا يقولون ساحر وشتان وكذلك مجنون لما كان المجنون يخالف عادات الكفار وغيرهم لكن بما فيييه‬
‫فساد ل صلح والنبياء جاءوا بما يخالف عادات الكفار لكيين بمييا فيييه صييلح ل فسيياد قييالوا مجنييون قييال‬
‫تعالى كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إل قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون فتييارة‬
‫يصفونه بغاية الحذر والخبرة والمعرفة فيقولون سيياحر وتييارة بغاييية الجهييل والغبيياوة والحمييق فيقولييون‬
‫مجنون وقد ضلوا في هذا وهذا كما قال تعالى انظر كيف ضربوا لك المثال فضلوا فل يسننتطيعون سننبيل‬
‫فهم بمنزلة السائر في الطريق وقد ضل عنها يأخييذ يمينييا وشييمال ول يهتييدي الييى السييبيل الييتي تسييلك‬
‫والسبيل التي يجب سلوكها قول الصدق والعمل بالعدل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.222‬‬

‫والكهانيية والسييحر ينيياقض النبييوة فييإن هييؤلء تعينهييم الشييياطين تخييبرهم وتعيياونهم بتصييرفات خارقيية‬
‫ومقصودهم الكفر والفسوق والعصيان والنبياء تعينهييم الملئكيية هييم الييذين يييأتونهم فيخييبرونهم بييالغيب‬
‫ويعاونونهم بتصرفات خارقة كما كانت الملئكة تعين النبي صلى الله عليه وسييلم فييي مغازييية مثييل يييوم‬
‫بدر أمده الله بألف من الملئكة ويوم حنين قال ويوم حنين اذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضنناقت‬
‫عليكم الرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الن سنكينته علنى رسنوله وعلنى المنؤمنين وأننزل جننودا لنم‬
‫تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ثم يتوب ال من بعد ذلك على من يشاء وال غفور رحينننم وقال‬
‫تعالى ان ل تنصروه فقد نصره ال إذ أخرجه الذين كفروا ثنناني اثنيننن إذ همننا فنني الغننار اذ يقننول لصنناحبه ل‬
‫تحزن ان ال معنا فأنزل ال سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وقال تعالى اذ يوحي ربننك الننى الملئكننة إننني‬
‫معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعننب وقد بييين سييبحانه أن الييذي جيياء بييالقرآن ملييك‬
‫كريم ليس بشيطان فقال إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أميننن ومننا صنناحبكم‬
‫بمجنون ولقد رآه بالفق المبين وما هو على الغيب بضنين وما هو بقول شيطان رجيم فأين تذهبون ولمييا كييانت‬
‫النبياء مؤيدة بالملئكة والسحرة والكهان تقترن بهم الشياطين كان من الفروق التي بينهم الفروق التي‬
‫بين الملئكة والشياطين والمتفلسفة الذين لم يعرفوا الملئكة والجن كابن سييينا وأمثيياله ظنييوا أن هييذه‬
‫الخوارق من قوى النفس قالوا والفرق بين النبي والساحر أن النبي يييأمر بييالخير والسيياحر يييأمر بالشيير‬
‫وجعلوا ما يحصل للممرور من هذا الجنس اذ لييم يعرفييوا صييرع الجيين للنسييان وإن الجنييي يتكلييم علييى‬
‫لسان النسان كما قد عرف ذلك الخاصة والعامة وعرفه علماء المة وأئمتها كما قد بسط في غييير هييذا‬
‫الموضع والجهمية المجبرة الذين قالوا ان الله قد يفعل كيل ممكيين مقييدور ل ينزهييونه عيين فعيل شيييء‬
‫ويقولون انه يفعل بل سبب ول حكمة وهو الخالق بجميع الحوادث لم يفرقوا بين ما تأتي بييه الملئكيية ول‬
‫ما تأتي به الشياطين بل الجميع يضيفونه الى الله على حد واحد ليس في ذلييك حسيين ول قبيييح عنييدهم‬
‫حتى يأتي الرسول فقبل ثبوت‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.223‬‬

‫الرسالة ل يميزون بين شيء من الخير والشر والحسن والقبيح فلهذا لم يفرقوا بين آيات النبيياء‬
‫وخوارق السحرة والكهان بل قالوا ما يأتي به السحرة والكهان يجوز أن يكون من آيات النبياء ومييا‬
‫ياتي به النبياء يجوز أن يظهر على أيييدي السييحرة والكهييان لكيين ان دل علييى انتفيياء ذلييك نييص أو‬
‫إجماع نفوه مع أنه جائز عندهم أن يفعله الله لكن بالخبر علموا أنييه لييم يفعلييه فهييؤلء لمييا رأوا مييا‬
‫جاءت به النبياء وعلموا أن آياتهم تدل على صدقهم وعلموا ذلك اما بضرورة وإمييا بنظيير واحتيياجوا‬
‫الى بيان دلئل النبوة على أصلهم كان غاية ما قالوا أنه كل شيء يمكن أن يكون آية للنييبي بشييرط‬
‫أن يقترن بدعواه وبشرط أن يتحدى بالتيان بالمثل فل يعارض ومعنى التحدي بالمثل أن يقول لمن‬
‫دعاهم ائتوا بمثله وزعموا أنه اذا كان هناك سحرة وكهان وكانت معجزته من جنس مييا يظهيير علييى‬
‫أيديهم من السحر والكهانة فإن الله ل بد أن يمنعهم عن مثل ما كانوا يفعلونه وأن من ادعى منهييم‬
‫النبوة فانه يمنعه من تلك الخوارق أو يقيض له من يعارضييه بمثلهييا فهييذا غاييية تحقيقهييم وفيييه ميين‬
‫الفساد ما يطول وصفه وطاعة الجن والشياطين لسليمان صيلوات الليه علييه ليم تكين مين جنيس‬
‫معاونتهم للسحرة والكهان والكفار وأهل الضلل والغي ولييم تكيين الييية والمعجييزة والكراميية الييتي‬
‫أكرمه الله بها هي ما كانوا يعتادونه مع النييس فييإن ذلييك انمييا كييان يكييون فييي أمييور معتييادة مثييل‬
‫اخبارهم أحيانا ببعض الغائبات ومثل إمراضهم وقتلهم لبعض النس كما أن النسي قد يمرض ويقتل‬
‫غيره ثم هم انما يعاونون النس على الثيم والعيدوان إذا كيانت الناسيي مين أهيل الثيم والعيدوان‬
‫يفعلون ما تهواه الشياطين فتفعل الشياطين بعض ما يهوونه قال تعييالى ويننوم يحشننرهم جميعننا يننا‬
‫معشر الجن قد استكثرتم من النس وقال أوليائهم مننن النننس ربنننا اسننتمتع بعضنننا ببعننض وأما التسيخير‬
‫الذي سخروه لسليمان فلم يكن لغيره من النبياء فضل عمن ليس بنبي وقد سأل ربه ملكا ل ينبغي‬
‫لحد من بعده فقال رب اغفر لي وهب لي ملكا ل ينبغي لحد من بعدي إنك أنت الوهاب قال تعالى‬
‫فسخروا له الريح تجري بأمره رخنناء حيننث أصنناب والشننياطين كننل بننناء وغننواص وآخريننن مقرنيننن فنني‬
‫الصفاد هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.224‬‬

‫حساب وقال تعالى ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره على الرض التي باركنا فيها وكنييا بكييل‬
‫شيء عالمين ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عمل دون ذلك وكنا له حافظين وقال تعالى‬
‫ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلناله عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن‬
‫ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السيعير يعمليون ليه ميا يشياء مين محياريب وتماثييل‬
‫وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل دواد شكرا وقليل من عبادي الشكور فلمييا قضييينا عليييه‬
‫الموت ما دلهم على موته إل دابة الرض تأكل منسأته فلما خيير تييبينت الجيين أن لييو كييانوا يعلمييون‬
‫الغيب ما لبثوا في العذاب المهين وكذلك ما ذكره من قول العفريت له أنا آتيك به قبل أن تقييوم ميين‬
‫مقامك فهذه الطاعة من التسخبر بغير اختيارهم في مثل هذه العمال الظاهرة العظيمننة ليننس ممننا فعلتننه‬
‫بأحد من النس وكان ذلك بغير أن يفعل شيئا مما يهوونه من العزائم والقسام والطلسم الشركية كما يزعم‬
‫الكفار أن سليمان سخرهم بهذا فنزهه ال عن ذلك بقوله واتبعوا ما تتليو الشيياطين عليى مليك سيليمان‬
‫وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وأمننا طاعننة الجننن لنبينننا وغيننره مننن‬
‫الرسل كموسى فهذا نوع آخر فان هذا طاعتهم فيما أمرهم ال به من عبادته وطنناعته كطاعننة النننس لنبينننا‬
‫حيث أرسل الى الطائفتين فدعاهم الى عبادة ال وحنده وطناعته ونهناهم عننن معصننيته النتي بهننا يسننتحقون‬
‫العذاب في الخرة وكذلك الرسل دعوهم إلى ذلك وسليمان منهم لكن هذا انما ينتفع به منهم من آمننن طوعننا‬
‫ومن لم يؤمن فإنه يكون بحسب شريعة ذلك الرسول هل يترك حتى يكون ال هو الذي ينتقم منننه أو يجاهنند‬
‫وسليمان كان على شريعة التوراة واستخدامه لمن لم يؤمن منهم هو مثل استخدام السير الكافر فحننال نبينننا‬
‫مع الجن والنس أكمل من حال سليمان وغيره فإن طنناعتهم لسننليمان كنانت طاعننة ملكيننة فيمننا يشناء وأمننا‬
‫طاعتهم لمحمد فطاعة نبوة ورسالة فيما يأمرهم به مننن عبننادة الن وطاعننة الن واجتننناب معصننية الن فننان‬
‫سليمان كان نبيا ملكا ومحمد صلى ال عليه وسلم كان عبدا رسول مثل ابراهيم وموسى وسليمان مثل داود‬
‫ويوسف وغيرهما مع أن داود‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.225‬‬

‫وسليمان ويوسف هم رسل أيضا دعوا إلى توحيد الله وعبادته كما أخبر الله أن يوسييف دعييا أهييل مصيير‬
‫لكن بغير معاداة لمن لم يؤمن ول إظهار مناوأة بالذم والعيب والطعن لما هم عليه كما كان نبينا أول مييا‬
‫انزل عليه الوحي وكانت قريش اذ ذاك تقره ول تنكر عليه إلى أن أظهر عيب آلهتهييم ودينهييم وعيييب مييا‬
‫كانت عليه آباؤهم وسفه أحلمهم فهنالك عادوه وآذوه وكان ذلك جهادا باللسان قبل أن يؤمر بجهاد اليييد‬
‫قال تعالى ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا فل تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا وكييذلك موسييى مييع‬
‫فرعون أمره أن يؤمن بالله وأن يرسل معه بني إسرائيل وان كييره ذلييك وجاهييد فرعييون بييالزامه بييذلك‬
‫بالييييييات اليييييتي كيييييان الليييييه يعييييياقبهم بهييييا إليييييى أن أهلكييييه اللييييه وقييييومه عليييييى يييييديه‬
‫) فصل ( فالذين سموا هذه اليات خوارق العادات وعجائب ومعجزات اذا جعلوا ذلك شرطا فيهييا وصييفة‬
‫لزمة لها بحيث ل تكون اليات ال كذلك فهذا صحيح وإن كانت هذه المور قييد تجعييل أمييرا عامييا فتكييون‬
‫متناولة ليات النبياء وغيرها كالحيوان الذي ينقسم الى انسان وغير انسان وأما اذا جعلوا ذلييك حييدا لهييا‬
‫وضابطا فل بد أن يقيدوا كلمهم مثل أن يقولوا خييوارق للعييادات الييتي تختييص النبييياء أو يقولييوا خييوارق‬
‫عادات الناس كلهم غير النبياء فإن آييياتهم ل بييد أن تخييرق عييادة كييل أميية ميين المييم وكييل طائفيية ميين‬
‫الطوائف ل تختص آياتهم بخرق عادة بلد معين ول من أرسلوا اليه بل تخرق عادة جميع الخلق إل النبياء‬
‫فإنها اذا كانت معتادة للنبياء مثل الخبر الصادق بغيب الله تعالى الذي ل يعرف إل من جهتهييم فمييا كييان‬
‫معتادا للنبياء دون غيرهم فهو من أعظم آياتهم وبراهينهم وإن كان معتادا لهم فإن الدليل هو ما يستلزم‬
‫المدلول عليه فإذا لم يكن ذلك معتادا ال لنبي كان مستلزما للنبوة وكان من أتى به ل يكون إل نبيييا وهييو‬
‫المطلوب بل لو كان مستلزما للصدق ول يأتي به ال صادق لكان المخبر عن نبوة نبي إما نبييوة نفسييه أو‬
‫نبوة غيرها إذا كان كاذبا لم يحصل له مثل ذلك الدليل الذي هو مسييتلزم للصييدق ول يحصييل أيضييا لميين‬
‫كذب بنبوة نبي صادق اذ هو أيضا كاذب وانما يحصييل لميين أخييبر بنبييوة نييبي صييادق وحينئذ فيكييون ذلييك‬
‫الدليل مستلزما للخبر الصادق بنبوة النبي وهذا هو المطلوب‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.226‬‬

‫فإن مدلول اليات سواء سميت معجزات أو غيرها هو الخييبر الصييادق بنبييوة النييبي ومييدلولها إخبييار اللييه‬
‫وشهادته بأنه نبي وأن الله أرسله فقول الله محمد رسول ال ن وقوله إننني رسننول ال ن إليكننم وقييول كييل‬
‫مؤمن انه رسول الله كل ذلك خبر عن رسالته وهذا هو مدلول اليييات وقييد يكييون مييدلول اليييات نفييس‬
‫النبوة التي هي مخبر هذا الخبر ويكون الدليل مثل خبر من الخبار وهيذا مين جنيس الول فميا دل عليى‬
‫نفس النبوة دل على صدق المخبر بها وما دل على صدق المخبر بهيا دل عليهيا وأميا نفيس إخبيار اليرب‬
‫بالنبوة وإعلمه بها وشهادته بها قول وعمل فهو إخبار منه بها وهو الصييادق فييي خييبره فإخبيياره هيو دلييل‬
‫عليها فإنه ل يقول ال الحق ول يخبر ال بالصدق وايضا فهو الذي أنشأ الرسالة وإرساله بكلمه قييد يكييون‬
‫إنشاء للرسالة وقد يكون إخبارا عن إرساله كالذي يرسل رسول من البشر قد يرسله والنيياس يسييمعون‬
‫فيقول له اذهب الى فلن فقل له كذا وكذا وقد يرسله بينه وبينه ثم يقول للناس إني قد أرسلته ويرسله‬
‫بعلمات وآيات يعرف بها المرسل اليه صدقه وكذلك اذا وصفت بأنها معجزات فل بييد أن يعجييز كييل ميين‬
‫ليس بنبي ولم يشهد للنبي بالنبوة فتعجز جميع المكذبين للرسول والشاكين في نبوته من الجن والنييس‬
‫وكذلك إذا قيل هي عجائب والعجب ما خرج عن نظيره فلم يكن له نظير فل بد أن يكييون ميين العجييائب‬
‫التي ل نظير لها أصل عند غير النبياء ل من الجن ول من النس فإذا كان ليس لها نظير فييي شيييء آخيير‬
‫فهذا يؤيد أنها من خصائص النبياء ومن آياتهم فهذا الموضع من فهمه فهما جيدا تبين له الفرقان في هذا‬
‫النوع فإن كثيرا من الناس يصفها بأنها خوارق ومعجزات وعجائب ونحو ذلييك ول يحقييق الفييرق بييين ميين‬
‫يجب أن يخرق عادته ومعجزه ومن ل يجب أن يكون في حقه كذلك فالواجب أن يخرق عادة كل من لييم‬
‫يقر بنبوة النبياء فل يكون لمكذب بنبوتهم ول لشاك وقولنا يخرق عادتهم هو من باب العييادة الييتي تثبييت‬
‫بمرة ليس من شرط فسادها أن تقع غير مرة مع انتفاء الشهادة بالنبوة بل متى وقعت مييرة واحييدة مييع‬
‫انتفاء الشهادة بالنبوة لم تكن مختصة بشهادة النبوة ول بالنبوة فل يجب أن تكون آية وقولنا ول يجب أن‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.227‬‬

‫تخرق عادات النبياء ولم نقل ول يجوز أن تخرق عادات النبياء بل قد تكون خارقة أيضييا لعييادات النبييياء‬
‫وقد خص بها نبي واحد مثل أكثر آيات النبياء فإن كل نبي خص بآيات لكن ل يجب فييي آيييات النبييياء ان‬
‫تكون مختصة بنبي بل ول يجب أن يختص ظهورها على يد النبي بل متى اختصت به وهي ميين خصائصييه‬
‫كانت آيه له سواء وجدت قبل ولدته أو بعد موته أو على يد أحد من الشاهدين له بالنبوة فكل هييذه ميين‬
‫آيات النبياء والذين قالوا من شرط اليات أن تقارن دعوى النبوة غلطييوا غلطييا عظيمييا وسييبب غلطهييم‬
‫أنهم لم يعرفوا ما يخص باليات ولم يضبطوا خارق العادة بضابط يميز بينهييا وبييين غيرهييا بييل جعلييوا مييا‬
‫للسحرة والكهان هو أيضا من آيات النبياء إذا اقترن بدعوى النبييوة ولييم يعارضييه معييارض وجعلييوا عييدم‬
‫المعارض هو الفارق بين النبي وغيره وجعلوا دعواه النبوة جزءا من الية فقالوا هذا الخارق إن وجييد مييع‬
‫دعوى النبوة كان معجزة وإن وجد بدون دعوى النبوة لم يكن معجزة فاحتاجوا لييذلك أن يجعلييوه مقارنييا‬
‫للدعوى قالوا والدليل على ذلك أن مثل آيات النبياء يأتي في آخر الزمان إذا جاءت أشراط الساعة ومع‬
‫ذلك ليس هو من آياتهم وكذلك قالوا في كرامات الولياء وليس المر كذلك بل أشراط الساعة هي ميين‬
‫آيات النبياء من وجوه منها أنهم أخبروا بها قبل وقوعها فإذا جاءت كما أخبروا كان ذلك من آياتهم ومنهييا‬
‫أنهم أخبروا بالساعة فهذه الشراط مصدقة لخبرهم بالساعة وكل من آمن بالسيياعة آمين بالنبيياء وكيل‬
‫من كذب النبياء كذب الساعة قال تعالى وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين النس والجن يننوحي بعضننهم‬
‫الى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ولتصغي اليه أفئدة الننذين ل يؤمنننون‬
‫بالخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون وقال تعالى وهننذا كتناب أنزلنناه مبننارك مصندق النذي بينن يننديه‬
‫ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالخرة يؤمنون به فكل من آمن بالخرة فقد آمن بييالقرآن فيياذا‬
‫جاءت أشراط الساعة كانت دليل على صدق خييبرهم أن السيياعة حييق وأن القييرآن حييق وكييان هييذا ميين‬
‫اليات الدالة على صدق ما جاء به الرسول من القرآن وهو المطلوب فل يوجد خرق عادة‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.228‬‬

‫لجميع الناس إل وهو من آيات النبياء وكذلك الذي يقتلييه الييدجال ثييم يحييييه فيقييوم فيقييول أنييت العييور‬
‫الكذاب الذي أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما ازددت فيك إل بصيرة فيريد الدجال أن‬
‫يقتله فل يقدر على ذلك فهذا الرجل بعد أن قتل وقام يقول للدجال أنت العور الكذاب الييذي أخبرنييا بييه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما ازددت فيك بهذا القتل إل بصيرة ثم يريد الدجال أن يقتلييه فل‬
‫يقدر عليه فعجزه عن قتله ثانيا مع تكذيب الرجل له بعيد أن قتليه وشييهادته للرسييول محمييد صيلى اللييه‬
‫عليه وسلم بالرسالة هو من خوارق العادات التي ل توجد إل لمن شهد للنبياء بالرسالة وهذا الرجييل هييو‬
‫من خيار أهل الرض المسلمين فهذا الخارق الذي جرى فيه هو من خصييائص ميين شييهد لمحمييد بييالنبوة‬
‫فهو من أعلم النبوة ودلئلها وكونه قتل أول أبلغ في الدللة فإن ذلك لم يزغه ولم يؤثر فيه وعلييم أنييه ل‬
‫يسلط عليه مرة ثانية فكان هذا اليقين واليمان مع عجزه عنه هو ميين خييوارق اليييات ومعلييوم أن قتلييه‬
‫ممكن في العادة فعجزه عن قتله ثانيا هو الخارق للعادة ودل ذلك على أن إحياء الله له لم يكن معجييزة‬
‫للدجال ول ليبين بها صدقه لكن أحياه ليكذب الدجال وليبين أن محمييدا رسييول اللييه وأن الييدجال كييذاب‬
‫وأنه هو العور الكذاب الذي أنذر به النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال ما من نبي إل وقييد أنيذر أمتيه‬
‫العور الدجال وسأقول لكم فيه قول لم يقله نبي لمته إنه أعور وإن الله ليس بأعور مكتوب بييين عينيييه‬
‫كافر يقرأه كل مؤمن قارئ وغير قارئ وفي بعض الحاديث الصحيحة واعلمييوا أن أحييدا منكييم ليين يييرى‬
‫ربه حتى يموت فذكر لهم آيات ظاهرة يشترك فيها الناس تبين لهم كذبه فيما يدعيه من الربوبية اذ كييان‬
‫كثير من الناس يجوزون ظهور الله في البشر النصارى وغير النصارى وما يأتي به الدجال إنما يحار فيييه‬
‫ويراه معارضا ليات النبياء من لم يحكم الفرقان فقييوم يكييذبون أن يييأتي بعجيييب ويقولييون مييا معييه ال‬
‫التمويه كما قالوا في السحر والكهانة مثل كثير من المعتزلة والظاهرييية كييابن حييزم وقييوم يقولييون لمييا‬
‫ادعى اللهية كانت الدعوى معلومة البطلن فلم يظهر الخارق كما يقول ذلك القاضييي أبييو بكيير وطائفيية‬
‫ويدعون أن النصارى اعتقدت في المسيح اللهية لكونه أتى بالخوارق مع إقييراره بالعبودييية فكيييف بميين‬
‫يدعي اللهية ولكن هذا الخارق الذي يظهره‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.229‬‬

‫الله في هذا الرجل الصالح الذي طلب منه الدجال أن يؤمن به فلييم يفعييل بييل كييذبه وقييال أنييت العييور‬
‫الدجال الذي أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم فقتله ثم أحياه الله فقال له أنت العورالدجال فكذبه‬
‫قبل أن قتل وبعد ما أحياه الله وأراد الدجال قتلييه ثانييية فلييم يمكيين فعجييزه عيين قتلييه ثانيييا ميين أعظييم‬
‫الخوارق مع تكذيبه وأما إحياؤه مع تكذيبه له أول وعجزه ثانيا عن قتله فليييس بخييارق فهييذا إحييياء معييين‬
‫معه دلئل معدودة تبين أنه من اليات الدالة على صدق الرسول ل عليى صيدق اليدجال وتيبين بيذلك أن‬
‫اليات جميعها تدل على صدق النبياء فان آيات الله مرة أو مرتين أو ثلثا ل يشترط في ذلييك تكييرار بييل‬
‫شرطها ان ل يكون لها نظير في العالم لغير النبياء ومن يشهد بالنبوة ولم يوجيد لغيرهيم كييان هييذا دليل‬
‫على أنها مختصة بالنبياء ومن أطلق خرق العادة ولم يفسره ويبينه فلم يعييرف خاصييتها بييل ظيين أن مييا‬
‫وجد من السحر والكهانة خرق عادة أو ظن أن خرق العادة أن ل يعارضييها معييارض ميين المرسييل اليهييم‬
‫وكثير من المتنبئين الكذابين أتوا بخوارق من جنس خوارق السحرة والكهان ولم يكيين ميين أولئك القييوم‬
‫من أتى بمثلها لكن قد علم أن في العالم مثلهييا فييي غييير ذلييك المكييان أو فييي غييير ذلييك الزمييان وإنمييا‬
‫الخارق كما قال في القرآن قل لئن اجتمعت النس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ل يأتون بمثلننه ولنو‬
‫كان بعضهم لبعض ظهيرا ولهذا قال في آيات التحدي أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشننر سنور مثلنه مفترينات‬
‫وادعوا من استطعتم من دون ال إن كنتم صادقين وقال في تلك الية فننان لننم يسننتجيبوا لكننم فنناعلموا أن مننا‬
‫أنزل بعلم ال وأن ل إله إل هو فلم يكتف بعجز المييدعوين بييل أمرهييم أن يييدعوا الييى معيياونتهم كييل ميين‬
‫استطاعوا أن يدعوه من دون الله وهذا تعجيز لجميع الخلق النس والجن والملئكيية وقييال فييي البقييرة‬
‫وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون ال ان كنتننم صننادقين أي‬
‫ادعوا كل من يشهد لكم فيوافقكم على أن هذا ليس من عند الله ادعوا كل من لم يقيير بييأن هييذا منييزل‬
‫من الله فهذا تعجيز لكل من لم يؤمن به ومن آمن به وبقي في ريب بل قد علم أنه من عنييد اللييه وهييذا‬
‫التحدي في البقرة وهي مدنية بعد يونس وهود ولهذا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.230‬‬

‫قال وإن كنتم في ريب وهناك قال ام يقولون افتراه فهذا تحد لكل مرتاب وذاك تحييد لكييل مثييل مكييذب‬
‫ولهذا قيل في ذلك من استطعتم فإنه أبلغ وقيل في هذا شهداءكم وقد قال بعض المفسييرين شييهداءكم‬
‫آلهتكم وقال بعضهم من يشهد أن الذي جئتم به مثل القرآن والصواب أن شهداءهم الذين يشهدون لهييم‬
‫كما ذكره ابن اسحاق باسناده المعروف عن ابن عباس قال شهداءكم من استطعتم ميين أعييوانكم علييى‬
‫ما أنتم عليه وقال السدي عن أبي مالك شييهداءكم ميين دون اللييه أي شييركاءكم فييإن هييؤلء هييم الييذين‬
‫يتصور منهم المعارضة اذا كانوا في ريب منه أما من أيقن أنه من عند الله فانه يمتنع أن يقصد معارضته‬
‫لعلمه بان الخلق عاجزون عن ذلك والله تعالى شهد لمحمد بما أظهره من اليات فادعوا من يشهد لكييم‬
‫وهؤلء يشهدون من دون الله ل يشهدون بما شهد الله به فتكون شهادتهم مضادة لشهادة الله كمييا قييال‬
‫لكن ال يشهد بما أنزل اليك أنزله بعلمه والملئكة يشهدون وقال قل كفى بال شهيدا بيني وبينكم ومننن عنننده‬
‫علم الكتاب كما قال شهد ال أنه ل إله إل هو والملئكة وأولو العلم وقد قلنا يجوز أن تكييون آييياتهم خارقيية‬
‫لعادة جميع الخلق ال للنبي لكن ل يجب هذا فيها فإن قيل قد ذكرتم أن آيننات النبينناء هنني الخننوارق الننتي‬
‫تخرق عادة جميع الثقلين فل تكون لغير النبياء ولغير من شهد لهم بالنبوة وهذا كلم صحيح فصلتم به بين آيات‬
‫النبياء وغيرهم بفصل مطرد منعكس بخلف من قال هي خرق العادة ولم يميننز بينهننا وبيننن غيرهننا وتكلننم فنني‬
‫خرق العادة بكلم متناقض تارة يمنع وجود السحر والكهانة وتارة يجعل هذا الجنس من اليات ولكن الفرق عدم‬
‫المعارضة لكن لم يذكروا الفرق في نفس المر ونفس كونها معجزة وخارقنا وآيننة لمناذا كنان ومنا هننو الوصنف‬
‫الذي امتازت به حتى صارت آية ودليل دون غيرها فذكرتم الدليل لكن لم تذكروا الحقيقة التي بهننا صننار النندليل‬
‫يا‬ ‫دليل قيل ل بد أن تكون مما يعجز عنها النس والجن فان هننذين الثقليننن بعننث اليهننم الرسننل كمننا قننال تعننالى‬
‫معشر الجن والنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قييالوا شييهدنا‬
‫على أنفسنا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.231‬‬

‫الكافرين والنس والجن منهم من آمن بالرسل ومنهم منن كنذبهم فل بند أن يكنون ممنا ل يقندر عليهنا‬
‫جنس النس والجن ثم الكرامات يخص بها المؤمنين من الطائفتين وأما آيات النبياء التي بها تثبننت نبننوتهم‬
‫وبها وجب على الناس اليمان بهم فهي أمننر يخنص النبيناء ل يكننون للوليناء ول لغيرهنم بننل يكنون مننن‬
‫المعجزات الخارقة للعادات الناقضة لعننادات جميننع النننس والجننن غيننر النبينناء فمننا كنان النننس أو الجننن‬
‫يقدرون عليه فل يكون وحده آية للنبي وما تقدر عليه الملئكة فذاك قد يكون من آياتهم لنهم لم يرسلوا الى‬
‫الملئكة والملئكة ل تفعل شيئا ال بإذن ال فما تفعله الملئكة معهم فهو بإذن ال وهو ما خص به النبينناء‬
‫بخلف النس والجن وخاصتها التي تمتاز بها عن غيرها أن تكون آية ودليل على نبوتهم فكننل مننا اسننتلزم‬
‫نبوتهم فهو آية لهم وما ل يستلزم نبوتهم فليس بآية وليست مختصة بجنننس مننن الموجننودات بننل تكننون فنني‬
‫جنس العلم والخبار بغيب الرب الذي اختص به وتكون فنني جنننس القنندرة والتصننرف والتننأثير فنني العننالم‬
‫وهي مقدورة للرب فله سبحانه أن يجعلها في أي جنس كان من المقدورات ولهذا تنوعت آيات النبينناء بننل‬
‫النبي الواحد تتنوع آياته فليس القرآن الذي هو قول ال وكلمه من جنس انشننقاق القمننر ول هننذا وهننذا مننن‬
‫جنس تكثير الطعام والشراب كنبنع المناء منن بينن الصنابع وهنذا كمنا أن آينات النرب الدالنة علنى قندرته‬
‫ومشيئته وحكمته وأمره ونهيه ل تختص بنوع فكذلك آيات أنبيائه فهذا مما ينبغي أن يعرف ولكننن خاصننتها‬
‫أنها ل تكون إل مستلزمة لصدق النبي وصدق الخبر بأنه من نبي فل تكون لمن يكذبه قط ول يقدر أحد من‬
‫مكذبي النبياء أن يأتي بمثل آيات النبياء وأما مصدقوهم فهننم معننترفون بننأن مننا يننأتون بننه هننو مننن آيننات‬
‫النبياء مع أنه ل تصل آيات التباع الننى مثننل آيننات المتبننوع مطلقننا وإن كننانوا قنند يشنناركونه فنني بعضننها‬
‫كاحياء الموتى وتكثير الطعام والشراب فل يشركونه في القرآن وفلق البحر وانشقاق القمننر لن ال ن فضننل‬
‫النبياء على غيرهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.232‬‬

‫وفضل بعض النبيين على بعض فل بد أن يمتاز الفاضل بما ل يقدر المفضول على مثله اذ لو أتى بمثل ما‬
‫أتيييييييييييييييييييييييييييييى لكيييييييييييييييييييييييييييييان مثليييييييييييييييييييييييييييييه ل دونيييييييييييييييييييييييييييييه‬
‫) فصل ( وكثير من هؤلء مضطربون في مسمى العادة التي تخرق والتحقيق أن العادة أمر إضافي فقييد‬
‫يعتاد قوم مالم يعتده غيرهم فهذه إذا خرقت فليست إل لصدق النبي ل توجد بدون صدقه والييرب تعيالى‬
‫في الحقيقة ل ينقض عادته التي هي سنته التي قال فيها سنة ال التي قد خلت من قبل ولن تجنند لسنننة الن‬
‫تبديل وقال فهل ينظرون إل سنة الولين فلن تجد لسنة ال تبديل ولن تجد لسنة ال تحويل وهي التسوية بين‬
‫المتماثلين والتفريق بين المختلفين فهو سبحانه إذا ميز بعض المخلوقييات بصييفات يمتيياز بهييا عيين غيييره‬
‫ويختصه بها قرن بذلك من المور ما يمتاز به عن غيره ويختص بيه ول ريييب أن النبييوة يمتيياز بهييا النبييياء‬
‫ويختصون بها والله تعالى يصطفي من الملئكة رسل ومن الناس وهييو أعلييم حيييث يجعييل رسييالته فميين‬
‫خصه بذلك كان له من الخصائص التي ل تكون لغيره ما يناسب ذلك فيستدل بتلييك الخصيائص علييى أنيه‬
‫من أهل الختصاص بالنبوة وتلك سنته وعادته في أمثاله يميزهم بخصائص يمتازون بها عن غيرهم ويعلم‬
‫أن أصحابها من ذلك الصنف المخصوص الذين هم النبياء مثل ولم تكن له سبحانه عادة بييان يجعييل مثييل‬
‫آيات النبياء لغيرهم حتى يقال إنه خرق عادته ونقضها بل عادته وسنته المطردة أن تلك اليييات ل تكييون‬
‫ال مع النبوة والخبار بها ل مع التكذيب بها أو الشك فيها كما أن سنته وعادته أن محبته ورضاه وثييوابه ل‬
‫يكون إل لمن عبده وأطاعه وأن سنته وعادته أن يجعل العاقبة للمتقين وسينته وعييادته أنييه ينصيير رسييله‬
‫والذين آمنوا كما قال تعالى ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الدبار ثم ل يجدون وليا ول نصيرا سنننة ال ن الننتي‬
‫قد خلت من قبل ولن تجد لسنة ال تبديل وكل ما يظن أنه خرقه من العادات فله أسباب انخرقت فيهييا تلييك‬
‫العادات فعادته وسنته ل تتبدل اذ أفعاله جارية على وجه الحكمة والعدل هذا قييول الجمهييور وأمييا مين ل‬
‫يثبت سببا ول حكمة ول عدل فإنهم يقولون انيه يخيرق عيادات ل لسيبب ول لحكمية ويجيوزون أن يقليب‬
‫الجبل ياقوتا والبحر لبنا والحجارة آدميين ونحو‬
‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.233‬‬

‫ذلك مع بقاء العالم على حاله ثم يقولون مع هذا ولكن نعلم بالضرورة أنه لم يفعل ذلك ويقولون العقييل‬
‫هو علوم ضرورية كالعلوم بجاري العادات وهذا تناقض بين فإنهم اذا جوزوا هذا ولم يعلموا فرقا بييين مييا‬
‫يقع منه وما ل يقع كان الجزم بوقوع هذا دون هذا جهل وغاية ما عندهم ان قالوا يخلييق فييي قلوبنييا علييم‬
‫ضروري بأن هذا لم يقع ويخلق في قلوبنا علم ضروري بأن الله خرق العادة لتصديق هذا النبي فيقال اذا‬
‫كان قد جعل الله في قلوبكم علما ضروريا كما جعله في قلوب أمثالكم فأنتم صادقون فيما تخييبرون بييه‬
‫عن أنفسكم من العلم الضروري لكن خطاكم اعتقادكم أن العادات قد ينقضها الله بل سييبب ول لحكميية‬
‫فهذا ليس معلوما لكم بالضرورة وخطاكم من حيث جوزتم ان يكون شيئان متساويان من كييل وجييه ثييم‬
‫يعلم بضرورة أو نظر ثبوت أحدهما وانتفاء الخر فإن هذا تفريق بين المتماثلين وهذا قدح في البييديهيات‬
‫فإن أصل العلوم العقلية النظرية اعتبار الشيء بمثله وأن حكمه حكم مثله فإذا جوزتم أن يكون الشيئان‬
‫متماثلين من كل وجه وأن العقل يجزم بثبوت أحدهما وانتفاء الخر كيان هيذا قيدحا فيي أصيل كيل عليم‬
‫وعقل وإذا قلتم ان العادات جميعها سواء وان الله يفعل ما يفعل بل سبب ول حكمة بل محض المشيييئة‬
‫مع القدرة رجحتم هذا على هذا وقلتم ل فرق بين قلب الجبال بواقيت والبحار لبنييا وبييين غييير ذلييك ميين‬
‫العادات وجوزتم أن يجعل الله الحجارة آدميين علماء من غير سبب تغير به المخلوقييات كييان هييذا قييدحا‬
‫في العقل فل أنتم عرفتييم سيينة اللييه المعتييادة فييي خلقييه ول عرفتييم خاصيية العقييل وهييو التسييوية بييين‬
‫المتماثلين فإنه سبحانه لم يخرق قط عادة ال لسبب يناسب ذلييك فلييق البحيير لموسييى وغييير ذلييك ميين‬
‫اليات التي بعث بها فإن ذلك خلقه ليكييون آيية وعلمية وكيان ذلييك بسيبب نبيوة موسيى وانجيائه قيومه‬
‫وبسبب تكذيب فرعون ومن جوز أن ذلك البحر أو غيره ينفلق كما انفلق لموسى من غير أن يكون هناك‬
‫سبب إلهي يناسب ذلك فهو مصاب في عقله ولهذا اضطرب أصيحاب هييذا القيول وليم يكين عنيدهم ميا‬
‫يفرقون بين دلئل النبوة وغيرها وكانت آيات النبياء والعلم بأنها آيييات ان حققوهييا علييى وجههييا فسييدت‬
‫أصولهم وإن طردوا أصولهم كذبوا العقل والسمع ولم يمكنهم ل تصديق النبياء ول العلم بغير ذلك من‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.234‬‬

‫أفعيييال الليييه تعيييالى اليييتي يفعلهيييا بأسيييباب وحكيييم كميييا قيييد بسيييط هيييذا فيييي موضيييع آخييير‬
‫) فصل ( ودليل الشيء مشروط بتصور المدلول عليه فل يعرف آيات النبياء إل من عرف مييا اختيص بيه‬
‫النبياء وامتازوا به عمن سواهم والنبوة مشتقة من النباء والنبي فعيل وفعيل قد يكون بمعنى فاعييل أي‬
‫منبئ وبمعنى مفعول أي منبأ وهما هنا متلزمان فالنبي الذي ينبئ بما أنبأه الله به والنبي الذي نبييأه اللييه‬
‫وهو منبأ بما أنبأه الله به وما أنبأه الله به ل يكون كذبا وما أنبأ به النبي عن الليه ل يكيون يطييابق كييذبا ل‬
‫خطأ ول عمدا فل بد أن يكون صادقا فيما يخبر به عن الله يطابق خييبره مخييبره ل تكييون فيييه مخالفيية ل‬
‫عمدا ول خطأ وهذا معنى قول من قال هم معصومون فيما يبلغونه عن الله لكن لفظ الصادق وإن النبي‬
‫صادق مصدوق نطق به القرآن وهو مدلول اليات والبراهين ولفظ العصمة في القرآن جيياء فييي قييوله‬
‫وال يعصمك من الناس أي من أذاهم فمعنى هذا اللفظ في القرآن هو الذي يحفظه الله عن الكذب خطييأ‬
‫وعمدا والتعبير عن حقائق اليمان بعبارات القرآن أولى من التعبير عنها بغيرها فان ألفاظ القييرآن يجييب‬
‫اليمان بها وهي تنزيل من حكيم حميد والمة متفقة عليها ويجب القرار بمضمونها قبييل أن تفهييم وفيهييا‬
‫من الحكم والمعاني مال تنقضي عجائبه واللفاظ المحدثة فيها إجمال واشتباه ونزاع ثم قد يجعل اللفييظ‬
‫حجة بمجرده وليس هو قول الرسول الصادق المصدوق وقد يضطرب في معنيياه وهييذا أميير يعرفييه ميين‬
‫جربه من كلم الناس فالعتصام بحبل الله يكون بالعتصام بالقرآن والسلم كما قال تعالى واعتصننموا‬
‫بحبل ال جميعا ومتى ذكرت ألفاظ القرآن والحديث وبين معناها بيانا شافيا فإنهييا تنظييم جميييع مييا يقيوله‬
‫الناس من المعاني الصحيحة وفيها زيادات عظيمة ل توجد في كلم الناس وهي محفوظة مما دخييل فييي‬
‫كلم الناس من الباطل كما قال إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون وقال تعييالى وإنننه لكتنناب عزيننز ل‬
‫يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه تنزيل من حكيم حميد وقال تعالى كتناب أحكمنت آينناته ثننم فصنلت منن‬
‫لدن حكيم خبير وقال تلك آيات الكتاب الحكيم وفيه‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.235‬‬


‫من دلئل الربوبية والنبوة والمعاد مال يوجد في كلم أحد من العباد ففيه أصييول الييدين المفيييدة لليقييين‬
‫وهي أصول دين الله ورسوله ل اصول دين محدث ورأي مبتييدع وقييد يكييون معصييوما علييى لغيية القييرآن‬
‫بمعنى أن الله عصمه من الشياطين شياطين النس والجن وأن يغيروا ما بعث به أو يمنعييوه عيين تبليغييه‬
‫فل يكتم ول يكذب كما قال تعالى عالم الغيب فل يظهر علننى غيبننه أحنندا إل مننن ارتضننى مننن رسننول فننإنه‬
‫يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ليعلم أن قد أبلغوا رسالت ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كننل شننيء عننددا‬
‫فهو يسلك الوحي من بين يدي الرسول وميين خلفييه وهييذا فييي معنييى عصييمته ميين النيياس فهييو المؤيييد‬
‫المعصوم بما يحفظه الله من النس والجن حتى يبلغ رسالت ربه كما أمر فل يكون فيها كذب ول كتمان‬
‫ولفظ النباء يتضمن معنى العلم والخبار لكنه في عامة موارد استعماله أخص من مطليق الخبيار فهيو‬
‫يستعمل في الخبار بالمور الغائبة المختصة دون المشاهدة المشتركة كما قال وأنبئكم بمننا تننأكلون ومننا‬
‫تدخرون في بيوتكم وقال فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير وقال قل هو نبأ عظيم أنتننم‬
‫عنه معرضون وقال عم يتساءلون عن النبأ العظيم الذين هم فيه مختلفون وقال وإن يأت الحزاب يودوا لننو‬
‫أنهم بادون في العراب يسألون عن أنبائكم ولو كان فيكم ما قاتلوا إل قليل وقال ولتعلمن نبأه بعد حينننن وقال‬
‫لكل نبأ مستقر وقال أنبئوني بأسماء هؤلء إن كنتم صادقين الى قوله قال يا آدم أنننبئهم بأسننمائهم فلمننا أنبننأهم‬
‫بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون وقوله يعتننذرون‬
‫اليكم اذا رجعتم اليهم قل ل تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا ال من أخباركم وسيرى ال عملكم ورسوله ثننم تننردون‬
‫الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون فهذا في خطاب المنافقين ولم يقل والمؤمنييون لنهييم لييم‬
‫يكونوا يطلعون المؤمنين على ما في بطونهم وهذا بخلف قوله يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لهننا‬
‫فإنها أمور مشهودة يعرفها‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.236‬‬

‫الناس لكن العجب كون الرض تخبر بذلك فالعجب في المخبر ل في الخبر كشهادة العضاء وقييال قننل‬
‫آلذكرين حرم أم النثيين أم ما اشتملت عليه أرحام النثيين نبئوني بعلم ان كنتم صادقين وجمع النبي أنبياء مثل‬
‫ولي وأولياء ووصي وأوصياء وقوي وأقوياء ويشبهه حبيب وأحباء كما قال تعالى وقالت اليهود والنصارى‬
‫نحن أبناء ال ن وأحبنناؤه ففعيل اذا كييان معتل أو مضياعفا جميع علييى أفعلء بخلف حكيييم وحكمياء وعلييم‬
‫وعلماء وهو من النبا وأصله الهمزة وقد قرئ به وهي قراءة نافع يقرأ النبئ لكن لما كثر استعماله لينييت‬
‫همزته كما فعل مثل ذلك في الذرية وفي البرية وقد قيل هو من النبو وهو العلييو فمعنييى النييبي المعلييى‬
‫الرفيع المنزلة والتحقيق أن هذا المعنى داخل في الول فمن أنبييأه اللييه وجعلييه منييبئا عنييه فل يكييون ال‬
‫رفيع القدر عليا وأما لفظ العلو والرفعة فل يدل على خصوص النبوة اذ كييان هييذا يوصييف بييه ميين ليييس‬
‫بنبي بل يوصف بأنه العلى كما قال ول تهنوا ول تحزنوا وأنتم العلون وقراءة الهمز قاطعة بأنه مهموز‬
‫وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أنا نبي الله ولست بنييبئ الليه فميا رأيييت ليه إسينادا ل‬
‫مسندا ول مرسل ول رأيته في شيء من كتييب الحييديث ول السييير المعروفيية ومثييل هييذا ل يعتمييد عليييه‬
‫واللفظان مشتركان في الشتقاق الكبر فكلهما فيه النون والبيياء وفيي هييذا الهميزه وفيي هييذا الحيرف‬
‫المعتل لكن الهمزة أشرف فإنها أقوى قال سبويه هي نبوة من الخلق تشبه التهوع فييالمعنى الييذي يييدل‬
‫عليه ويمكن أن تلين فتصير حرفا معتل فيعبر عنه باللفظين بخلف المعتل فإنه ل يجعل همييزة فليو كيان‬
‫أصله نبي مثل علي ووصي وولي لم يجز أن يقال بالهمز كما ل يقال علييئ ووصيييء ووليييء بييالهمز وإذا‬
‫كان أصله الهمز جاز تليين الهمزة وإن لم يكثر استعماله كما في لفظ خبئ وخبيئة وأيضييا فييإن تصييريفه‬
‫أنبأ ونبأ وينبئ بالهمزة ولم يستعمل فيه نبا ينبو وإنما يقال هذا ينبو عنه والميياء ينبييو عيين القييدم اذا كييان‬
‫يجفو عنها ويقال النبوة وفي فلن نبوة عنا أي مجانبة فيجب القطع بأن النييبي ميياخوذ ميين النبيياء ل ميين‬
‫النبييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييوة واللييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه أعلييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‬
‫) فصل ( قد تقدم أن للناس في وجه دللة المعجزات وهي آيات النبياء على‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.237‬‬

‫نبوتهم طرقا متعددة منهم من قال دللتها على التصديق تعلم بالضييرورة ومنهييم ميين قييال تعلييم بييالنظر‬
‫والستدلل وكل القولين صحيح فإن كثيرا من العلوم في هييذا البيياب كدلليية الخبييار المتييواترة فييإنه قييد‬
‫يحصل بالخبر علم ضروري وقد يحصل العلم بالستدلل وطائفة منهم الكعبي وأبو الحسين البصري وأبو‬
‫الخطاب أنه نظري والتحقيق أن كل القولين حق فإنه يحصل بهيا عليم ضييروري والدلية النظرييية توافيق‬
‫ذلك وكذلك كثير من الدلة والعلمات واليات من الناس من يعرف استلزامها للوازمها بالضرورة ويكون‬
‫اللزوم عنده بينا ل يحتاج فيه إلى وسط ودليل ومنهم من يفتقر إلى دليل ووسط يبين له ان هييذا الييدليل‬
‫مستلزم لهذا الحكم لزم له ومن تأمل معارف الناس وجد أكثرها مين هيذا الضيرب فقيد يجييء المخيبر‬
‫اليهم بخبر فيعرف كثير منهم صدقه أو كذبه بالضرورة لمور تقترن بخبره وآخرون يشكون فييي هييذا ثييم‬
‫قد يتبين لبعضهم بأدلة وقد ل يتبين وكثير من الناس يعلم صدق المخبر بل آييية البتيية بييل إذا أخييبره وهييو‬
‫خبير بحاله أو بحال ذلك المخبر به أو بهما علم بالضرورة إما صدقه وإما كذبه وموسييى بيين عمييران لمييا‬
‫جاء إلى مصر فقال لهارون وغيره ان الله أرسلني علميوا صيدقه قبيل أن يظهير لهيم الييات ولميا قيال‬
‫لهارون ان الله قد أمرك أن تؤازرني صدقه هارون في هذا لما يعلم من حاله قديما ولمييا رأى ميين تغييير‬
‫حاله الدال على صدقه وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر حاله لخديجة وغيرها وذهبيت بيه اليى‬
‫ورقة بن نوفل وكان عالما بالكتاب الول فذكر له النبي صلى الله عليه وسلم مييا يييأتيه علييم أنييه صييادق‬
‫وقال هذا هو الناموس الذي كان يأتي موسى ياليتني فيها جذعا ياليتني أكييون حيييا حييين يخرجييك قومييك‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أومخرجي هم قال نعم لم ييأت أحييد بمثيل ميا جئت بيه إل عيودي‬
‫وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا وكذلك النجاشي لمييا سييمع القييرآن قييال إن هييذا والييذي جيياء بييه‬
‫موسى ليخرج من مشكاة واحدة وكذلك أبو بكر وزيد بن حارثة وغيرهما علموا صدقه علما ضييروريا لمييا‬
‫أخبرهم بما جاء به وقرأ عليهم ما أنزل عليه وبقي القرآن الذي قرأه آية وما يعرفون من صيدقه وأميانته‬
‫مع غير ذلك من القرائن يوجب علما ضروريا بأنه صادق وخبر الواحد المجهول من آحاد الناس قد تقترن‬
‫به القرائن يعرف بها صدقه بالضرورة فكيف‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.238‬‬

‫بمن عرف صدقه وأمانته وأخبر بمثل هذا المر الذي ل يقوله إل من هو من أصدق الناس أو من أكييذبهم‬
‫وهم يعلمون أنه من الصنف الول دون الثاني فإذا كان العلم بصدقه بل آية قد يكون علما ضروريا فكيف‬
‫بالعلم بكون الية علمة على صدقه وجميع الدلة ل بد أن تعرف دللتها بالضرورة فإن الدليية النظرييية ل‬
‫بد أن تنتهي إلى مقدمات ضرورية وأكثر الخلق اذا علميوا مييا جيياء بيه موسييى والمسيييح ومحمييد علمييوا‬
‫صدقهم بالضرورة ولهذا ل يوجد أحد قدح في نبوتهم إل أحد رجلين إما رجييل جاهييل لييم يعييرف أحيوالهم‬
‫واما رجل معاند متبع لهييواه وعاميية ميين كييذبهم فييي حييياتهم كييان معانييدا فالرؤسيياء كييذبوهم لئل تييزول‬
‫رئاستهم أو مأكلتهم والتباع طاعة لكبرائهم كما أخبر الله بمثل ذلك في غير موضع من القرآن لييم يكيين‬
‫التكذيب لقيام حجة تدل على الكذب فإنه يمتنع قيام دليل يدل علييى الكييذب فالمكييذب مفييتر متكلييم بل‬
‫علم ول دليل قطعا وكذلك كل من كذب بشيء من الحق أو صييدق بشيييء ميين الباطييل يمتنييع أن يكيون‬
‫عليه دليل صحيح فإن الدليل الصحيح يستلزم مدلوله فإذا كان المدلول منتفيا امتنع أن يكون علييه دلييل‬
‫صحيح وكثير من الناس قد يكون شاكا لعدم طلبه العلم وإعراضه عنييه فالمكييذب متكلييم بل علييم قطعييا‬
‫والشاك معرض عن طلب العلم مقصر مفرط ولو طلب العلم تبين له الحق اذا كان متمكنا ميين معرفيية‬
‫أدلة الحق وأما من لم يصل اليه الدليل ول يتمكن من الوصول اليه فهذا عاجز وأما الذين سلكوا طريييق‬
‫الحكمة فلهم أيضا مسالك مثل أن يقال ان الله سييبحانه وتعييالى اذا بعييث رسييول أميير النيياس بتصييديقه‬
‫وطاعته فل بد أن ينصب لهم دليل يدلهم على صدقه فإن ارسال رسول بدون علمة وآية تعرف المرسل‬
‫اليهم أنه رسول قبح وسفه في صيرائح العقيول وهيو نقيص فيي جمييع الفطير وهيو سيبحانه منيزه عين‬
‫النقائص والعيوب ولهيذا ينكير عليى المشيركين أنهيم يصيفونه بميا هيو عنيدهم عييب ونقيص ل يرضيونه‬
‫لنفسهم مثل كون مملوك أحدهم شريكه يساويه فإن هذا من النقائص والعيوب الييتي ينزهييون أنفسييهم‬
‫عنها ويعيبون ذلك على من فعله من الناس فإذا كان هذا عيبا ونقصا ل يرضاه الخلييق لنفسييهم لمنافيياته‬
‫الحكمة والعدل فإن الحكمة والعدل تقتضي وضع كل شيء موضعه الذي يليييق بييه ويصييلح بييه فل تكييون‬
‫العين‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.239‬‬

‫النبوات‬
‫كالرجل ول المام الذي يؤتم به فييي الييدين والييدنيا فييي آخيير المراتييب والسييفلة ميين أتبيياعه فييي أعلييى‬
‫المراتب فكذلك المالك ل يكون مملوكه مساويا له فإن ذلك يناقض كون أحييدهما مالكييا والخيير مملوكييا‬
‫ولهذا جاءت الشريعة بأن المرأة ل تتزوج عبدها لتناقض الحكام فيان اليزوج سيييد الميرأة وحيياكم عليهييا‬
‫والمالك سيد المملوك وحاكم عليه فإذا جعل مملوكهيا زوجهيا اليذي هيو سييدها تناقضيت الحكيام فهيذا‬
‫وأمثاله مما يبين أن هذه القضية مستقرة في فطر العقلء ولهذا قال تعالى ضرب لكننم مثل مننن أنفسننكم‬
‫هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيمنا رزقننناكم فنأنتم فينه سنواء تخنافونهم كخيفتكننم أنفسنكم أي كمننا يخناف‬
‫بعضكم بعضا كذلك يفصل اليات لقوم يعقلون بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي مننن أضننل ال ن‬
‫ومالهم من ناصرين وكذلك كل أحد يعلم بفطرته أن الذكر أفضل من النثى وكييانت العييرب أشييد كراهييية‬
‫للبنات من غيرهم حتى كان منهم ن يئد البنات ويدفن البنت وهي حيية حيتى قييال تعييالى وإذا المننوءودة‬
‫سئلت بأي ذنب قتلت وقال تعالى وإذا بشر أحدهم بالنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القننوم مننن‬
‫سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب وكانوا ل يورثييون النيياث وقييد قييالت أم مريييم ولننس‬
‫الذكر كالنثى وكان من الكفار من جعل له الناث أولدا وشركاء قال تعالى أفرأيتننم اللت والعننزى ومننناة‬
‫الثالثة الخرى ألكم الذكر وله النثى تلك إذا قسمة ضيزى ان هي إل أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم وقال تعييالى‬
‫ان الذين ل يؤمنون بالخرة ليسمون الملئكة تسمية النثى وما لهم به من علم ان يتبعننون ال الظننن وان الظننن‬
‫ل يغني من الحق شيئا وقال تعالى ويجعلون ل البنات سبحانه ولهم ما يشتهون وإذا بشر أحنندهم بنالنثى ظنل‬
‫وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب أل سنناء مننا‬
‫يحكمون يعني ساء الحكم حكمهم أي بئس الحكييم حكمهييم كمييا يقييال بئسييما فعييل وبئسييما حكييم حيييث‬
‫حكموا بأن لله البنات ولهم ما يشتهون فهذا حكم جائر كما أن تلك القسيمة قسيمة جيائرة عوجياء فهيذا‬
‫حكمهم بينهم وبين ربهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.240‬‬

‫النبوات‬
‫وهذا قسمهم يجعلون لنفسهم أفضل النوعين ولربهم أدنى النوعين وهو مثل السوء ولله المثييل العلييى‬
‫فالواجب أن يكون أفضل النواع وأكملها لله وما فيها نقص وعيب فالمخلوق أحق بها من الخالق اذ كييان‬
‫كل كمال في المخلوق فهو من خالقه فيمتنع أن يكون النقص خلق الكمل والفلسفة يقولييون بعبييارتهم‬
‫كل كمال في المعلول فهو من العلة وأيضا فييالموجود الييواجب أكمييل ميين الممكيين والقييديم أكمييل مين‬
‫المحدث والغني أكمل من الفقير فيمتنييع اتصيياف الكمييل بالنقييائص واتصيياف النقييص بالكمييالت ولهييذا‬
‫يوصف سبحانه بأنه الكرم والكبر والعلى وأنه أرحم الراحمين وخير الحاكمين وخير الغييافرين وأحسيين‬
‫الخالقين فل يوصف قط ال بما يوجب اختصاصييه بالكميالت والممييادح والمحاسيين الييتي ل يسياويه فيهييا‬
‫غيره فضل عن أن يكون لغيره النوع الفاضل وله النوع المفضول ولهذا عاب الله المشركين بان جعلننوا‬
‫ل ما ذرأ من الحرث والنعام نصيبا فقالوا هذا ل بزعمهم وهذا لشركائنا فما كنان لشنركائهم فل يصنل النى الن‬
‫وما كان ل فهو يصل الى شركائهم ساء ما يحكمننون فبئس الحكييم حكمهييم فييي هييذا كمييا أنييه بئس الحكييم‬
‫حكمهم في جعل الذكور لهم والناث له وساء بمعنى بئس كقوله سنناء مثل القننوم الننذين كننذبوا بآياتنننا أي‬
‫بئس مثل مثلهم ولهذا قالوا في قوله ساء ما يحكمون بئسما يقضون وقال تعالى أفاصفاكم ربكم بننالبنين‬
‫واتخذ من الملئكة اناثا انكم لتقولون قول عظيما وقال تعالى وجعلوا له مننن عبنناده جننزءا ان النسننان لكفننور‬
‫مبين أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثل ظل وجهننه مسننودا وهننو‬
‫كظيم أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين وجعلوا الملئكننة الننذين هننم عبنناد الرحمننن إناثننا أشننهدوا‬
‫خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون فهذه الطريقة وهي أن ما يستحقه المخلوق من الكمال الذي ل نقص فييه‬
‫فالخالق أولى به وما ينزه عنه المخلوق من العيوب المذمومة فالخالق تعالى أولى بتنزيهه عن كل عيييب‬
‫وذم وهو سبحانه القدوس السلم الحميد المجيد من ابلغ الطرق البرهانييية وهييي مسييتعملة فييي القييرآن‬
‫في غير موضع فلذلك يقال الواحد من الناس قادر على ارسال رسول‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.241‬‬


‫وعلى أن يرسل نشابة وعلمة يعرف المرسل اليهم بها صدقه فكيف ل يقدر الرب على ذلك ثييم‬
‫اذا أرسله اليهم وأمرهم بتصديقه وطاعته ولم يعرفهم أنه رسوله كان هذا مين أقبييح الميور فكيييف‬
‫يجوز مثل هذا على الله ولو بعثه بعلمة ل تدلهم على صدقه كان ذلك عيبييا مييذموما فكييل مييا تييرك‬
‫من لوازم الرسالة اما أن يكون لعدم القدرة واما أن يكون للجهييل والسييفة وعييدم الحكمية والييرب‬
‫أحق بالتنزيه عن هذا وهذا من المخلوق فإذا أرسل رسول فل بد أن يعرفهم أنه رسوله ويييبين ذلييك‬
‫وما جعله آية وعلمة ودليل على صدقه امتنع أن يوجد بدون الصدق فامتنع أن يكون للكاذب المتنبي‬
‫فان ذلك يقدح في الدللة فهذا ونحوه مما تعرف به دللة اليات ميين جهيية حكميية الييرب فكيييف اذا‬
‫انضم الى ذلك ان هذه سنته وعادته وأن هذا مقتضى عدله وكل ذلك عند التصور التام يوجب علمييا‬
‫ضروريا بصدق الرسول الصادق وأنه ل يجوز أن يسييوي بييين الصييادق والكيياذب فيكييون مييا يظهييره‬
‫النبي من اليات يظهر مثله على يد الكاذب اذ لو فعل هذا لتعذر عليى الخليق التميييز بيين الصيادق‬
‫والكاذب وحينئذ فل يجوز أن يؤمروا بتصديق الصادق ول يذموا على ترك تصييديقه وطيياعته اذ الميير‬
‫بذلك بدون دليله تكليف مال يطاق وهذا ل يجوز في عدله وحكمته ولو قدر أنه جيائز عقل فيإنه غيير‬
‫واقييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييع‬
‫) فصل ( وقد دل القرآن على أنه سبحانه ل يؤيد الكذاب عليه بييل ل بييد أن يظهيير كييذبه وأن ينتقيم‬
‫منه فقال تعالى ولو تقول علينا بعض القاويل لخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد‬
‫عنه حاجزين ذكر هذا بعد قوله فل أقسم بما تبصرون ومال تبصرون اننه لقنول رسنول كرينم ومنا هنو‬
‫بقول شاعر قليل ما تؤمنون ول بقول كاهن قليل ما تذكرون تنزيل من رب العالمين ثم قييال ولننو تقننول‬
‫علينا بعض القاويل لخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين هذا بتقدير أن‬
‫يتقول بعض القاول فكيف بمن يتقول الرساله كلها وقوله لخذنا منه باليمين ثننم لقطعنننا منننه الننوتين‬
‫الوتين عرق في الباطن يقال هو نياط القلب اذا قطع مات النسان عاجل وذلييك يتضييمن هلكييه لييو‬
‫تقول على الله وقوله لخذنا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.242‬‬

‫النبوات‬
‫منه باليمين قيل لخذنا بيمينه كما يفعل بمن يهان عند القتل فيقننال خننذ بيننده فيجنر بيننده ثننم يقتننل فهننذا‬
‫هلك بعزة وقدرة من الفاعل وإهانة وتعجيل هلك للمقتول وقيل لخذنا منه بيياليمين أي بننالقوة والقنندرة‬
‫فان الميامن أقوى ممن يأخذ بشماله كمننا قننال فاخذناهم أخذ عزيييز مقتييدر وكمننا قننال ان بطييش ربييك‬
‫لشديد لكنه قال أخذنا منه ولم يقل لخذناه فهذا يقوي القول الول وقال تعالى أم يقولون افترى على‬
‫الله كذبا فإن يشأ يختم على قلبك ثم قال ويمحو الله الباطل ويحييق الحيق بكلميياته فقننوله ويمحييو‬
‫الله الباطل عطف جملة على جملة قالوا وليس من جنواب الشننرط لنننه قننال ويحننق الحنق بالضننم وهننو‬
‫معطوف على قوله يمحو الله الباطل فمحوه للباطل وإحقاقه الحق خبر منه ل بد أن يفعله فقد بين أننه ل‬
‫بد أن يمحو الباطل ويحق الحق بكلماته فانه اذا أنزل كلماته دل بها على أننه ننبي صنادق إذا كنانت آينة لنه‬
‫وبين بها الحق من الباطل وهو أيضا يحق الحق ويبطل الباطل بكلماته فإنه إذا أنزل كلماته دل بها على أنه‬
‫نبي صادق إذا كانت آية له وبين بها الحق من الباطل وهو أيضا يحننق الحننق ويبطننل الباطننل بكلمنناته الننتي‬
‫تكون بها الشياء فيحق الحق بما يظهره من اليات وما ينصر به أهل الحنق كمنا تقندمت كلمتنه بنذلك كمنا‬
‫قال ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين انهم لهم المنصورون وان جندنا لهم الغالبون وقال وتمت‬
‫كلمات ربك صدقا وعدل وقال وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت ميين القييانتين وقننال تعننالى أتييى‬
‫أمر الله فل تستعجلوه وأمره يتضمن ما يأمر به وهو الكننائن بكلمنناته وقننال تعننالى انما أمييره إذا أراد‬
‫شيئا أن يقول له كن فيكون وكلماته صدق وعدل والعدل وضع الشياء مواضعها فمن عدله أن يجعننل‬
‫الصادق عليه المبلغ لرسالته حيث يصلح من كرامته ونصره وأن يجعننل الكناذب عليننه حيننث يليننق بننه مننن‬
‫اهانته وذله قال تعالى ان الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكييذلك‬
‫نجزي المفترين قال ابو قلبة هي لكل مفتر الننى يننوم القيامننة ومننن أعظننم الفننتراء عليننه دعننوى النبننوة‬
‫والرسالة‬
‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.243‬‬

‫النبوات‬
‫كذبا كما قال تعالى ومن أظلم ممن افترى على ال كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح اليه شيء ومن قال سأنزل‬
‫مثل ما أنزل ال وذكر في هذا الكلم جميع أصناف الكاذبين الذين يعارضون رسله الصادقين كما ذكر فيما‬
‫قبله حال الكاذبين في قوله وما قدروا ال حق قدره إذ قالوا ما أنزل ال على بشر مننن شننيء قننل مننن أنننزل‬
‫الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلمننوا أنتننم‬
‫ول آباؤكم قل ال ثم ذرهم في خوضهم يلعبون وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القننرى‬
‫ومن حولها والذين يؤمنون بالخرة يؤمنون به وهم على صلتهم يحافظون ثم قال ومن أظلم ممننن افننترى علننى‬
‫ال كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء الية فان الكاذب إما أن يقييول ان غيييري أنييزل علييي وإمييا أن‬
‫يقول أنا أصنف مثل هذا القرآن وإذا قال غيري أنزل علي فأما أن يعينه فيقول أن الله أنزلييه علييي وإمييا‬
‫أن يقول أوحي ول يعين من أوحاه فذكر الصناف الثلثة فقال ومن أظلم ممن افترى على ال كذبا أو قننال‬
‫أوحي إلي ولم يوح اليه شيء فهذان نوعان من جنس ثم قال ومن لم يقل أو قييال اذ كييان هييذا معارضييا ل‬
‫يدعي أنه رسول فقال ومن قال سأنزل مثل ما أنزل ال وهؤلء المعارضون قد تحييداهم فييي غييير موضييع‬
‫وقال قل لئن اجتمعت النس والجن على أن يأتوا بمثل هنذا القنرآن ل ينأتون بمثلنه ولنو كنان بعضننهم لبعننض‬
‫ظهيرا والرسول أخبر بهذا خبرا تاما في أول المر وهذا ل يمكن إل مع قطعه أنه علييى الحييق وإلييى الن‬
‫لم يوجد أحد أنزل مثل ما أنزل الله قوله ومن قال سأنزل ولم يقل أقدر أن أنزل فإن قوله سييأنزل هييو‬
‫وعد بالفعل وبه يحصل المقصود بخلف قوله أقدر فانه ل يحصيل بيه غييرض المعيارض وإنمييا يحصيل إذا‬
‫فعل فمن وعد بانزال مثل ما أنزل كان من أظلم الناس وأكيذبهم اذ كيان قيد تيبين عجيز جمييع الثقليين‬
‫النس والجن عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن وقوله مثل ما أنزل ال ن يقتضي أن كيل مييا أنزلييه الليه عليى‬
‫أوليائه فهو معجز ل يقدر عليه ال الله كالتوراة والنجيل والزبور وهذا حق فإن في ذلك مين أنبياء الغييب‬
‫مال يعلمه ال الله‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.244‬‬

‫النبوات‬
‫وفيه أيضا من تأييد الرسل بذلك مال يقدر على أن يرسل بتلك الرسييالة إل اللييه فل يقييدر أحييد أن ينييزل‬
‫مثييييل مييييا أنييييزل اللييييه علييييى نييييبيه فيكييييون بييييه مثييييل الرسييييول ول أن يرسييييل بييييه غيييييره‬
‫) فصل ( والستدلل بالحكمة أن يعرف أول حكمته ثم يعرف أن من حكمته أنه ل يسوي بين الصادق بما‬
‫يظهر به صدقه وبأن ينصره ويعزه ويجعل له العاقبة ويجعل له لسان صدق في العالمين والكيياذب عليييه‬
‫يبين كذبه ويخذله ويذله ويجعل عاقبته عاقبة سوء ويجعل له لسان الذم واللعنيية فييي العييالمين كمييا قييد‬
‫وقع فهذا هو الواقع لكن المقصود أن نبين أن ما وقع منه فهو واجب الوقوع في حكمته ل يجييوز أن يقييع‬
‫منه ضد ذلك فهذا استدلل ببيان أنه يجب أن يقع منه ما يقع ويمتنع أن يقييع منييه ضييده وذلييك ببيييان أنييه‬
‫حكيم وأن حكمته توجب أن يبين صدق النبياء وينصرهم ويبين كذب الكاذبين ويذلهم كييذلك يفعييل بأتبيياع‬
‫النبيين وبأعدائهم كما أخبر بذلك في كتابه وبين أن هذا حق عليه يجب أن يفعلييه ويمتنييع أن يفعييل ضييده‬
‫كما قال تعالى ولقد أرسلنا من قبلك رسل الى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الننذين أجرمننوا وكننان حقننا‬
‫علينا نصر المؤمنين وكما قال كتب ال لغلبن أنا ورسلي إن ال لقننوي عزيننز وقوله لغلبيين قسييم أقسييم‬
‫الله عليه فهو جواب قسم تقديره والله لغلبن أنا ورسلي وهيذا يتضيمن إخبياره بوقيوع ذليك وأنيه كتيب‬
‫على نفسه ذلك وأمر به نفسه وأوجبه على نفسه فإن صيغة القسم تتضييمن الييتزام مييا حلييف عليييه إمييا‬
‫حضا عليه وأمرا به وإما منعا منه ونهيا عنه ولهذا كان في شرع من قبلنا يجب الوفاء بذلك ول كفارة فيه‬
‫وكذلك كان في أول السلم ولهذا كان أبو بكر ل يحنييث فييي يمييين حييتى أنييزل اللييه كفييارة اليمييين كمييا‬
‫ذكرت ذلك عائشة ولهذا أمر أيوب أن يأخذ بيده ضغثا فيضرب به ول يحنث فإن ذلك صار واجبييا بيياليمين‬
‫كوجوب المنذور الواجب بالنذر يحتذى به حذو الواجب بالشرع والضرب بالضييغث يجييوز فييي الحييدود اذا‬
‫كان المضروب ل يحتمل التفريق كما جاء في الحديث ولو كان في شيرعهم كفيارة لغنيت عين الضيرب‬
‫مطلقا لكن النسان قد يلتزم مال يعلم عاقبته ثم يندم عليه والرب تعالى عالم بعواقب المور فل يحلييف‬
‫على أمر ليفعلنه‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.245‬‬

‫النبوات‬
‫إل وهو يعلم عاقبته واليمين موجبة ولهذا قال تعالى كتب ال لغلبن وكتب مثل كتييب فييي قييوله كتننب‬
‫ربكم على نفسه الرحمة فهي كتابة تتضمن خبرا وايجابا ومنه قوله تعالى وما من دابة فنني الرض إل علننى‬
‫ال رزقها وفي الحديث الصحيح اللهي يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكييم محرمييا فل‬
‫تظالموا وقد بسط هذا الصل في مواضع مثل الكلم في مسألة القدر المختييار ومسييألة العيدل والظلييم‬
‫وغير ذلك فان كثيرا من المتكلمين يقول ان القادر المختار ل يفعل ال بوصف الجواز فيفعييل الفعييل فييي‬
‫حال تردده بين أن يفعل وأن ل يفعل ومنهم من يقول يفعله مع رجحان أن يفعل رجحانا ل ينتهي إلى حد‬
‫الوجوب وهو قول محميد بين الهيضيم الكراميي ومحميود الخيوارزمي المعيتزلي وبهيذا اسيتطال عليهيم‬
‫الفلسفة فقالوا الرب موجب لن الممكن ل يقع حتى يحصل المؤثر التام الموجب له والتحقيق أن الرب‬
‫يخلق بمشيئته وقدرته وهو موجب لكل ما يخلقه بمشيئته وقدرته لييس موجبييا بمجييرد الييذات ول موجبييا‬
‫بمعنى أن موجبه يقارنه فإن هذا ممتنع فهذان معنيان باطلن وهو قادر يفعل بمشيئته فما شاء كان ومييا‬
‫لم يشأ لم يكن فما شاءه وجب كونه وما لم يشييأه امتنييع كييونه ولهييذا قييال كييثير ميين النظييار إن الرادة‬
‫موجبة للمراد وعلى هذا فقولنا يجوز أن يكون ويجوز أن ل يكون إنما هو جواز الشيء بمعنى الشك فييي‬
‫أيهما هو الواقع وإل ففي نفس المر أحدهما هو الواقع ليس في نفييس الميير ظنيييا مييترددا بييين الوقييوع‬
‫وعدم الوقوع والمكان الذهني قد يراد به عدم العلم بالمتناع وقد يراد به الشك في الواقع وكل النوعين‬
‫عدم علم والمكان الخارجي يراد به أن وجوده في الخارج ممكن ل ممتنع كييولدة النسيياء ونبييات الرض‬
‫وأما الجزم بالوقوع وعدمه فيحتاج الى دليل وفي نفس المر ما ثم ال ما يقع أو ل يقع والواقع ل بد ميين‬
‫وقوعه ووقوعه واجب لزم وما ل يقع فوقوعه ممتنع لكن واجب بغيييره وممتنييع لغيييره وهييو واجييب ميين‬
‫جهات من جهة علم الرب من وجهين ومن جهة إرادته من وجهين ومن جهة كلمه من وجهين ومن جهيية‬
‫كتابته من وجهين ومن جهة رحمته ومن جهة عدله أما علمه فما علم انييه سيييكون فل بييد أن يكييون ومييا‬
‫علم أنه ل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.246‬‬

‫يكون فل يكون وهذا مما يعترف به جميع الطوائف إل من ينكر العلم السييابق كغلة القدرييية الييذين تييبرأ‬
‫منهم الصحابة ومن جهة أنه يعلم ما في ذلك الفعل من الحكمة فيدعوه علمه إلى فعلييه أو مييا فيييه ميين‬
‫الفساد فيدعوه الى تركه وهذا يعرفه من يقر بأن العلم داع ومن يقر بالحكمة ومن جهة إرادتييه فييإنه مييا‬
‫شاء كان وما لم يشأ لم يكن ومن جهة حكمته وهي الغاية المرادة لنفسها الييتي يفعييل لجلهييا فيياذا كييان‬
‫مريدا للغاية المطلوبة لزم أن يريد ما يوجب حصولها ومن جهة كلمه من وجهين من جهيية أنييه اخييبر بييه‬
‫وخبره مطابق لعلمه ومن جهة أنه أوجبه على نفسه وأقسم ليفعلنه وهذا ميين جهيية إيجييابه علييى نفسييه‬
‫والتزامه أن يفعله ومن جهة كتابته إييياه فييي اللييوح وهييو يكتييب مييا علييم أن سيييكون وقييد يكتييب إيجييابه‬
‫والتزامه كما قال كتب ال لغلبن أنا ورسننلي وقال كتننب ربكننم علننى نفسننه الرحمننة فهذه عشييرة أوجييه‬
‫تقتضي الجزم بوقوع ما سيكون وأن ذلك واجب حتم ل بد منه فما فييي نفييس الميير جييواز يسييتوي فيييه‬
‫الطرفان الوجود والعدم وإنما هذا في ذهن النسان لعدم علمه بما هيو الواقييع ثيم مين عليم بعيض تلييك‬
‫السباب علم الواقع فتارة يعلم لنه أخبر بعلمه وهو ما أخبرت النبييياء بوقييوعه كالقياميية والجييزاء وتييارة‬
‫يعلم من جهة المشيئة لنه جرت به سنته الشاملة التي ل تتبييدل وتيارة يعليم مين جهيية حكمتيه كميا قييد‬
‫بسط في غير هذا الموضع والحكمة والعدل والرحمة والعادة تعلم بالعقل كما قد عرف من حكمة الييرب‬
‫وعدله وسنته ويستدل بذلك على العلم والخبر والكتاب كما أن العلم والخبر والكتاب يعلم بإخبار النبييياء‬
‫ويستدل بذلك على العدل والحكمة والرحمة والجهمييية المجيبرة ل تجييزم بثبييوت ول انتفيياء إل ميين جهية‬
‫الخبر أو العادة اذ كانوا ل يثبتون الحكمة والعدل والرحمة فيي الحقيقية كميا قيد بسيط فيي غيير موضيع‬
‫وحكي عن الجهم أنه كان يخرج فينظر الجذمي ثييم يقييول أرحييم الراحمييين يفعييل هييذا يقييول أنييه يفعييل‬
‫لمحض المشيئة ولو كان يفعل بالرحمة لما فعل هذا وهذا من جهله لم يعرف ما في البتلء من الحكميية‬
‫والرحمة والمصلحة والمجبرة المثبتة للقدر المتبعون لجهم والقدرية النفاة مناقضون لهم كما قييد بسييط‬
‫الكلم على ذلك في غير موضع وما زال العقلء يستدلون بما علموه من صفات الرب على ما‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.247‬‬

‫يفعله كقول خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم لما قال لها لقد خشيت على نفسييي فقييالت كل واللييه ل‬
‫يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتصدق الحديث وتكسييب المعييدوم وتعييين‬
‫على نوائب الحق فاستدلت بما فيه من مكارم الخلق ومحاسيين العمييال علييى أن اللييه ل يخزيييه ومنييه‬
‫قوله تعالى قل هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم فان الشيطان إنما ينزل على مييا‬
‫يناسبه ويطلبه وهو يريد الكذب والثم فينزل على من يكون كذلك وبسط هذا له موضع آخر والكلم فييي‬
‫النبوة فرع على إثبات الحكمة التي توجب فعيل ميا تقتضييه الحكمية ويمتنيع فعيل ميا تنفييه فنقيول هيو‬
‫سبحانه وتعالى حكيم يضع كل شيء موضعه المناسب له فل يجوز عليييه ان يسييوي بييين جنييس الصييادق‬
‫والكاذب والعادل والظالم والعالم والجاهل والمصلح والمفسد بييل يفييرق بييين هييذه النييواع بمييا يناسييب‬
‫الصادق العادل العالم المصلح من الكرامة وما يناسب الكاذب الظالم الجاهل المفسييد ميين الهييوان كمييا‬
‫قال تعالى أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فنني الرض أم نجعننل المتقيننن كالفجننار وقال‬
‫أفنجعل المسننلمين كننالمجرمين وهذا استفهام انكييار علييى ميين ظيين ذلييك وهييو يتضييمن تقرييير المخيياطبين‬
‫واعترافهم بان هذا ل يجوز عليه وأن ذلك بين معروف يجب اعترافهم بييه وإقرارهييم بييه كمييا يقييال لميين‬
‫ادعى امرا ممتنعا مثل نعم كثيرة فييي موضييع صييغير فيقييال لييه أههنييا كييانت هييذه النعييم أي هييذا ممتنييع‬
‫فاعترف بالحق وإذا ادعى على من هو معروف بالصدق والمانة أنه نقب داره وأخيذ مياله قييل ليه أهيذا‬
‫فعل هذا ومنه قوله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخننذوني وأمنني إلهيننن مننن دون ال ن وقوله تعييالى‬
‫ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملئكة أهؤلء إياكم كانوا يعبدون ونظائره كثيرة وكذلك قوله أم حسب الذين‬
‫اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء مننا يحكمننون فإن هييذا‬
‫استفهام إنكار على حسب أنه يسوي بين هؤلء وهؤلء فبين أن هذا الحساب باطل وأن التسوية ممتنعيية‬
‫في حقه ل يجوز أن يظن به بل من ظن ذلك فقد ظن بربه ظن السوء وذلك ظيين أهييل الجاهلييية الييذين‬
‫يظنون بالله ظن السوء‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.248‬‬

‫يفعله كقول خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم لما قال لها لقد خشيت على نفسييي فقييالت كل واللييه ل‬
‫يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتصدق الحديث وتكسييب المعييدوم وتعييين‬
‫على نوائب الحق فاستدلت بما فيه من مكارم الخلق ومحاسيين العمييال علييى أن اللييه ل يخزيييه ومنييه‬
‫قوله تعالى قل هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم فان الشيطان إنما ينزل على مييا‬
‫يناسبه ويطلبه وهو يريد الكذب والثم فينزل على من يكون كذلك وبسط هذا له موضع آخر والكلم فييي‬
‫النبوة فرع على إثبات الحكمة التي توجب فعيل ميا تقتضييه الحكمية ويمتنيع فعيل ميا تنفييه فنقيول هيو‬
‫سبحانه وتعالى حكيم يضع كل شيء موضعه المناسب له فل يجوز عليييه ان يسييوي بييين جنييس الصييادق‬
‫والكاذب والعادل والظالم والعالم والجاهل والمصلح والمفسد بييل يفييرق بييين هييذه النييواع بمييا يناسييب‬
‫الصادق العادل العالم المصلح من الكرامة وما يناسب الكاذب الظالم الجاهل المفسييد ميين الهييوان كمييا‬
‫قال تعالى أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فنني الرض أم نجعننل المتقيننن كالفجننار وقال‬
‫أفنجعل المسننلمين كننالمجرمين وهذا استفهام انكييار علييى ميين ظيين ذلييك وهييو يتضييمن تقرييير المخيياطبين‬
‫واعترافهم بان هذا ل يجوز عليه وأن ذلك بين معروف يجب اعترافهم بييه وإقرارهييم بييه كمييا يقييال لميين‬
‫ادعى امرا ممتنعا مثل نعم كثيرة فييي موضييع صييغير فيقييال لييه أههنييا كييانت هييذه النعييم أي هييذا ممتنييع‬
‫فاعترف بالحق وإذا ادعى على من هو معروف بالصدق والمانة أنه نقب داره وأخيذ مياله قييل ليه أهيذا‬
‫فعل هذا ومنه قوله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخننذوني وأمنني إلهيننن مننن دون ال ن وقوله تعييالى‬
‫ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملئكة أهؤلء إياكم كانوا يعبدون ونظائره كثيرة وكذلك قوله أم حسب الذين‬
‫فإن هييذا‬ ‫اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء مننا يحكمننون‬
‫استفهام إنكار على حسب أنه يسوي بين هؤلء وهؤلء فبين أن هذا الحساب باطل وأن التسوية ممتنعيية‬
‫في حقه ل يجوز أن يظن به بل من ظن ذلك فقد ظن بربه ظن السوء وذلك ظيين أهييل الجاهلييية الييذين‬
‫يظنون بالله ظن السوء‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.248‬‬

‫فمن جوز ذلك على الله فقد ظن بربه ظن السوء وقوله تعالى فيما جرى يييوم أحييد وطائفننة قنند‬
‫أهمتهم أنفسهم يظنون بال غير الحق ظن الجاهلية فسره ابن عباس وغيره بأنهم ظنوا أن الله لم يقدر‬
‫ما جرى وأنه ل ينصر رسوله فكما أن القدر يجب اليمان به ويعلم أن كل ما كان فقد سبق به علييم‬
‫الرب فكذلك يعلم أنه ل بد أن ينصر رسله والذين آمنوا وكما انه ل يجييوز أن يقييع خلف المقييدر فل‬
‫يجوز أن ل ينصر رسله والذين آمنوا ومثله قوله تعالى فيما أنزله عام الحديبية لمييا ظيين ظييانون أن‬
‫الرسول وأتباعه ل ينصرون فقال تعالى ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشننركات الظننانين‬
‫بال ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب ال عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنننم وسنناءت مصننيرا وهذا يييدل‬
‫على أن هذا ظن سوء بالله ل يجوز أن يظن به أن يفعل ذلك ومن ينفي الحكمة يقييول يجييوز عليييه‬
‫فعل كل شيء وليس عنده ظن سوء بالله وإن قيل لما أخبر أنه بنصره كان ضد ذلك ظن سوء لن‬
‫خبره ل يقع بخلف مخبره قيل عن هذا جوابان أحدهما أن هؤل يلزمهييم تجييويز إخلف الوعييد عليييه‬
‫لن هذا من باب الفعال المقدورة وهو يجوزون كل مقدور وإذا قيل إخلف الوعد قبيييح فهييم ليييس‬
‫عندهم شيء قبيح ينزهون الرب عنه الثاني أنه إذا علم أنه يفعله ولييو بييالعلم الضييروري فإنمييا ذاك‬
‫لنه واقع ولو قدر أن رجل ظن أن الله ل يفعل ما سيفعله مما ليس فيه ذم مثل أن يظن أنه يموت‬
‫بعد شهر لم يقل أن هذا ظن سوء وإنما يكون ظن سوء اذا كييان المظنييون عيبييا قبيحييا ل يجييوز أن‬
‫يضاف الى المظنون به ومنه قوله تعالى إذا جاءوكم من فوقكم ومن أسنفل منكنم واذ زاغنت البصنار‬
‫وبلغت القلوب الحناجر ويظنون بال الظنونا فهذا ذم لمن ظن بالله الظنون وميين ذلييك قييوله تعييالى‬
‫أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون وهذا يقتضي أن هذا ممتنع علييه ومين حكيم بجيوازه‬
‫فقد حكم حكما باطل جائرا ممتنعا كالذين جوزوا أن تكون له بنات وهم يكرهون أن تكون لهم بنات‬
‫فيجوزون على الله ما هو قبيح عندهم قال تعالى ويجعلون ل البنننات سننبحانه ولهننم مننا يشننتهون وإذا‬
‫بشر أحدهم بالنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.249‬‬

‫النبوات‬
‫على هون أم يدسه في التراب أل ساء ما يحكمييون وممننا يننبين حكمتننه أن نقننول أفعنناله المحكمننة‬
‫المتقنة دلت على علمه وهذا مما وقع التفاق عليه من هؤلء فإنهم يسلمون أن الحكام والتقننان ينندل علننى‬
‫علم الفاعل وهذا أمر ضروري عندهم وعند غيرهم وهو من أعظم الدلة العقلية التي يجب ثبننوت منندلولها‬
‫والحكام والتقان انما هو أن يضع كل شيء في محله المناسننب لتحصننل بننه الحكمننة المقصننودة منننه مثننل‬
‫الذي يخيط قميصا فيجعل الطوق على قدر العنق والكمين على قدر اليدين وكننذلك الننذي يبننني النندار يجعننل‬
‫الحيطان متماثلة ليعتدل السقف والذي يصنع البريننق يوسنع منا ينندخل منننه المنناء ويضننيق منا يخنرج مننه‬
‫وحكمة الرب في جميع المخلوقات باهرة قنند بهننرت العقلء واعننترف بهننا جميننع الطننوائف والفلسننفة مننن‬
‫أعظم الناس إثباتا لها وهم يثبتون العناية والحكمة الغائية وإن كان فيهنم منن قصنر فني أمنر الرادة والعلنم‬
‫وكذلك المتكلمون كلهم متفقون على إثبات الحكمة في مخلوقاته وإن كانوا في الرادة وفعله لغاية متنازعين‬
‫وذلك مثلما في خلق النسان وأدنى ذلك أن العين والفم والذن فيها مياه ورطوبة فماء العين ملح وماء الفننم‬
‫عذب وماء الذن مر فان العين شحمة والملوحة تحفظها أن تذوب وهذه أيضا حكمننة تمليننح البحننر فننان لننه‬
‫سببا وحكمة فسببه سبوخة أرضه وملوحتها فهي توجب ملوحة مائه وحكمتها أنها تمنع نتن الماء بما يموت‬
‫فيه من الحيتان العظيمة فإنه لول ملوحة مائه لنتن ولو أنتن لفسد الهننواء لملقنناته لننه فهلننك الننناس بفسنناده‬
‫وإذا وقع أحيانا قتل خلق كثير فإنه يفسد الهواء حتى يموت بسننبب ذلننك خلننق كننثير ومنناء الذن مننر ليمنننع‬
‫دخول الهوام إلى الذن وماء الفم عذب ليطيب به ما يأكله فلو جعل ال ماء الفم مرا لفسد الطعام على أكلته‬
‫ولو جعل ماء الذن عذبا لدخل الذباب في الدماغ ونظائر هذا كثيرة فل يجوز أن يفعل بخلف ذلك مثل أن‬
‫يجعل العينين في القدمين ويجعل الوجه خشنا غليظا كالقدمين فننانه يفسنند مصننلحة النظننر والمشنني بننل مننن‬
‫الحكمة أنه جعل العينين في أعلى البدن في مقدمه ليرى بها ما أمامه فيدري أين يمشي وجعل الرجل خشنة‬
‫تصبر على ما تلقيه من التراب وغيره والعين لطيفة يفسدها أدنى شيء فجعل لهننا أجفانننا تغطيهننا واهنندابا‬
‫فنقول هذا ومثله من مخلوقات الرب دل على‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.250‬‬

‫النبوات‬
‫أنه قد أحكم ما خلقه وأتقنه ووضع كل شيء بالموضع المناسب له وهذا يوجب العلم الضروري أنه عالم‬
‫فيميز بين هذا وبين هذا حتى خص هذا بهذا وهذا بهذا وهو أيضا يوجب العلم الضروري بأنه أراد تخصييص‬
‫هذا بهذا وهذا بهذا فدل على علمه وإرادته وهذا مما يسلمونه فنقول ودل أيضا على أنه جعييل هييذا لهييذا‬
‫فجعل ماء العين والبحر ملحا للحكمة المذكورة وجعل العين في أعلى البدن وجعييل لهييا أجفانييا للحكميية‬
‫المذكورة وكذلك إذا أنزل المطر وقت الحاجة اليه علم أنه أنزله ليحيي به الرض وكذلك إذا دعاه الناس‬
‫مضطرين فأنزل المطر علم أنه أنزله ليحيي الرض لجابة دعائهم فل يتصور أن يعلم أنييه أراد هييذا لهييذا‬
‫ول يتصور الحكام والتقان إل اذا فعل هذا للحكمة المطلوبة فكان ما علم من إحكامه وإتقانه دليل علييى‬
‫علمه وعلى حكمته أيضا وأنه يفعل لحكمة والذين استدلوا بالحكام على علمه ولييم يثبتييوا الحكميية وأنييه‬
‫يفعل هذا لهذا متناقضون عند عامة العقلء وحذاقهم معترفون بتناقضهم فإنه ل معنى للحكام إل الفعييل‬
‫لحكمة مقصودة فإذا انتفت الحكمة ولم يكن فعله لحكمة انتفى الحكام وإذا انتفى الحكام انتفييى دليييل‬
‫العلم وإذا كان الحكام معلوما بالضرورة ودللتييه علييى العلييم معلوميية بالضييرورة علييم أن حكمتييه ثابتيية‬
‫بالضرورة وهو المطلوب وأيضا فإذا ثبت أنه عام فنفس العلم يوجب أنه ل يفعل قبيحا ول يجوز أن يفعل‬
‫القبيح ال من هو جاهل كما قد بسط في غير هذا الموضع وبين أن العالم يعلم ما الييذي يصييلح أن يفعييل‬
‫وإن فعل هذا أولى من فعل هذا وإذا كان مريدا للفعل وقد علم أن الفعل علييى هييذا الييوجه هييو الصييلح‬
‫امتنع أن يريد الوجه الخر والنسان ل يريد القبيح ال لنقص علمه ما أن يفعل بل علم بل لمجرد الشييهوة‬
‫أو يظن خطأ فيظن أن هذا الفعل يصلح وهو ل يصلح فإنما يقع القبيح في فعله لفعله مع الجهل البسيييط‬
‫أو المركب والرب منزه عن هذا وهذا فيمتنع أن يفعل القبيح وأيضا فييإنه قييد ثبييت أنييه مريييد وأن الرادة‬
‫تخصص المراد عن غيره وهذا انما يكون اذا كان التخصيص لرجحان المراد اما لكييونه أحييب الييى المريييد‬
‫وأفضل عنده فأما اذا ساوى غيره من كل وجه امتنع ترجيح الرادة له فكان اثبات الرادة مستلزما اثبات‬
‫الحكمة وال لم تكن الرادة فقد تبين ثبوت‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.251‬‬

‫النبوات‬
‫حكمته من جهة علمه ومن جهة نفس أفعياله المتقنيية المحكمية الييتي تييدل علييى علميه بالتفياق‬
‫وهذه أصول عظيمة من تصورها تصورا جيدا انكشف له حقائق هذا الموضع الشريف وإذا ثبييت أنييه‬
‫حكيم وأن حكمته لزمة لعلمه ولزمة لرادته وهما لزمان لذاته كانت حكمته من لوازم ذاته فيمتنييع‬
‫أن يفعل ال لحكمة وبحكمة ويمتنع أن يفعل عليى خلف الحكمية ومعليوم بصيريح العقييل أن العلييم‬
‫خير من الجهل والصدق خير من الكذب والعدل خير من الظليم والصيلح خييير مين الفسيياد ولهيذا‬
‫وجب اتصافه تعالى بالرحمة والعلم والصدق والعدل والصلح دون نقيض ذلك وهذا ثابت في خلقييه‬
‫وأمره فكما أنه في خلقه عادل حكيم رحيم فكذلك هو في أمره وما شرعه من الدين فإنه ل يكييون‬
‫ال عدل وحكمة ورحمة ليس هو كما تقول الجهمية المجبرة ومن اتبعهم من أهل الكلم والييرأي أنييه‬
‫يأمر العباد بما ل مصلحة لهم فيه اذا فعلوه وأن ما أمر به ل يجييب أن يفعييل علييى حكميية وينكييرون‬
‫تعليل الحكام او يقولون أن علل الشرع أمارات محضة فهذا كله باطل كما قييد بسييط فييي مواضييع‬
‫بل ما يأمر به مصلحة ل مفسدة وحسن ل قبيح وخير ل فساد وحكمة وعدل ورحمة والحمد لله رب‬
‫العالمين فإذا قدر رجلن ادعيا على الرب الرسالة أو توليا علييى النيياس أو كانييا ميين عييرض النيياس‬
‫أحدهما عام صادق عادل مصلح والخر جاهل ظالم كيياذب مفسييد ثييم قييدر أن ذلييك العييالم العييادل‬
‫عوقب في الدنيا والخرة فاذل في الدنيا وقهر وأهلك وجعل فييي الخييرة فييي جهنييم وذلييك الظييالم‬
‫الكاذب الجاهل أكرم في الدنيا والخرة وجعل في الدرجات العلى كان معلومييا بالضييطرار أن هييذا‬
‫نقيض الحكمة والعدل وهو أعظم سفها وظلما من تعذيب ماء البحر وماء العين فإن هذا غايته موت‬
‫شخص أو النوع وهذا أقل فسادا من إهلك خيار الخلق وتعذيبهم وإكرام شرار الخلق وإهييانتهم وإذا‬
‫كان هذا أعظم مناقضة للحكمة والعدل من غيره وتبين بييالبراهين اليقينييية أن الييرب ل يجييوز عليييه‬
‫خلف الحكمة والعدل علم بالضطرار أن الرب سبحانه ل يسيوي بيين هيؤلء وهيؤلء فضيل عين أن‬
‫يفضل الشرار على الخيار وهو سبحانه أنكر التسييوية فقييال أم حسننب الننذين اجننترحوا السننيئات أن‬
‫نجعلهم كالذين آمنوا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.252‬‬

‫النبوات‬
‫أفنجعييل المسييلمين‬ ‫وعملوا الصالحات سواء محييياهم ومميياتهم سيياء مييا يحكمييون وقننال تعننالى‬
‫كالمجرمين مالكم كيف تحكمون وقنند جعنل منن جنوز أن الن ل ينصننر رسنوله والمننؤمنين فني النندنيا‬
‫والخرة ويعذبهم في الخرة في جهنم وأن الفراعنة يكرمهم فني الخنرة والمننازع عننده ل فنرق بيننن هنذا‬
‫وهذا بالنسبة الى الرب وإلى ارادته وحكمته وعلمه بل انمننا علننم وقننوع أحنندهما بمجننرد الخننبر ل لمتننناع‬
‫أحدهما ووجوب الخر والخبر إنما هو خبر النبياء وذلك موقوف على العلم بصدقهم وهو يستلزم صنندقهم‬
‫وعلى أصله يمتنع العلم بصدقهم فانه يجوز أن يسوي ال بين الصادق والكاذب علننى أصننله اذ كننان يجننوز‬
‫عليه عنده كل مقدور وعنده ل يجوز أن يفعل فعل لحكمة فل يجوز على اصله أن يخلنق الن آيننة لينندل بننه‬
‫على صدقهم وإذا قال تجوبز ذلك يقتضى أنه ل يقدر على خلق ما به يبين صدق الصادق فلذلك منعت مننن‬
‫ذلك لنه يقضي الى تعجيزه قيل له انما يفضي الى عجزه اذا كان خلق دليل الصدق ممكنا وعلى أصننلك ل‬
‫يمكن إقامة الدليل على امكانه فإن الدليل يستلزم المدلول ويمتنع ثبوته مع عدمه وأي شننيء قنندرته جنناز أن‬
‫يخلقه على أصلك على يد الكاذب وأنت ل تنزهه عن فعل ممكن وإذا قلت أنزهننه عننن فعننل ممكننن يسننتلزم‬
‫عجزه كان هذا تناقضا فإن فعل الممكن ل يستلزم العجز بل امتنناع الممكنن يسننتلزم العجنز وبينان ذلنك أن‬
‫يقال ما خلقه على يد الصادق هو قادر على أن يخلقه على يد الكاذب أم ل فننان قلنت ليننس بقنادر فقند أثبننت‬
‫عجزه وان قلت هو قادر على ذلك فالمقدور عندك ل ينزه عن شيء منه وإن قلت هذا المقدور أنزهننه عنننه‬
‫لئل يلزم عجزه كان حقيقة قولك أثبت عجزه ل نفي عجزه فجعلته عاجزا لئل تجعلننه عنناجزا فجمعننت بيننن‬
‫النقيضين بين اثبات العجز ونفيه وإنما لزمه هذا لنه ل ينزه الننرب عننن فعننل مقنندور فاسننتوت المقنندورات‬
‫كلها في الجواز عليه عنده ولم يحكم بثبوت مقدور إل بالعادة او الخبر والعادة يجوز انتقاضها عنده والخبر‬
‫موقوف على العلم بصدق المخبر ول طريق له الى ذلك فتبين أن كل من لم ينزه الرب عننن السنوء والسنفه‬
‫ويصفه بالحكمة والعدل لم يمكنه أن يعلم نبوة نبي ول المعاد ول صدق الرب في شننيء مننن الخبننار فهننذه‬
‫طريقة من يجعل وجه دللة المعجز على صدق النبياء‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.253‬‬

‫النبوات‬
‫لئل يلزم العجز وأما الطريق الثانية وهيي أجيود وهيي اليتي اختارهيا أبيو المعيالي وأمثياله فهيو أن دللية‬
‫المعجز على التصديق معلومة بالضطرار وهذه طريقة صحيحة لمن اعتقد أن يفعل لحكمة وأما إذا قيييل‬
‫انه ل يفعل لحكمة انتفى العلم الضطراري والمثلة التي يذكرونها كالملك الذي جعل آييية لرسييوله أمييرا‬
‫خارجا عن عادته انما دلت للعلم بأن الملك يفعل شيئا لشيء فإذا نفوا هذا بطلييت الدلليية وكييذلك دليييل‬
‫القدرة هو دليل صحيح لكن مع إثبييات الحكميية فييإنه سييبحانه وتعييالى قييادر علييى أن يميييز بييين الصييادق‬
‫والكاذب اذ كان قادرا على أن يهدي عباده الى ما هو أدق من هذا فهداهم الى أسهل لكيين هييذا يسييتلزم‬
‫اثبات حكمته ورحمته فمن لم يثبت له حكمة ورحمة امتنع عليه العلم بشيييء ميين أفعيياله الغائبيية وأيضييا‬
‫فآيات النبياء تصديق بالفعل فهي تدل اذا علم أن من صدقه الرب فهو صادق وذلك يتضمن تنزيهييه عيين‬
‫الكييذب وعليى أصييلهم ل يعليم ذليك فييإن مييا يخلقيه مين الحييروف والصيوات عنييدهم هيو مخلييوق مين‬
‫المخلوقات فيجوز أن يتكلم كلما يدل على شيء وقد أراد به شيئا آخيير فييإن هييذا ميين بيياب المفعييولت‬
‫عندهم والكلم النفسي ل سبيل لحد الى العلم به فعلى اصلهم يجوز الكذب في الكلم المخلوق العربي‬
‫وهو الذي يستدل به الناس فل يبقى طريييق اليى العليم بييأنه صييادق فيميا يخلقييه مين الكلم ولهييذا نجيد‬
‫حذاقهم في السمعيات انما يفرون الى ما علم بالضطرار من قصد الرسييول ل الييى السييتدلل بييالقرآن‬
‫فالقاضي أبو بكر عمدته أن يقول هذا مما وقفنا عليه الرسول وعلمنا قصده بالضطرار كمييا يقييول مثييل‬
‫ذلك في تخليد أهل النار وفيما علمه من الحكام اذ كانوا ل يعتمدون علييى القييول المسييموع ل خييبرا ول‬
‫أمرا فهم ل طريق عندهم الى التمييز بين ما يقع وما ل يقع مثل التمييز بين كونه يثيب المحسن ويعاقب‬
‫المسيء أو ل يفعله ففي الجملة جميع أفعاله من ارسال النبياء ومجازاة العباد وقيييام القياميية ل طريييق‬
‫لهم الى العلم بذلك ال من جهة الخبر وطريق الخبر على أصلهم مسييدود وهييم يعلمييون صييدق الرسييول‬
‫وصدق خبره معلوم في أنفسهم لكن يناقض أصولهم لكن مع هذا هم واقفة فيما أخبرت به الرسييل ميين‬
‫الوعيد فضعف علمهم بما أخبرت به الرسل فصاروا في نقص عظيم في علمهم وايمانهم بما اخبرت بييه‬
‫الرسل وما أمرت به وفي أصل ثبوت الرسالة هذه‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.254‬‬

‫النبوات‬
‫السمعيات وأما العقليات فمدارها علييى حيدوث الجسيم وقيد عيرف فسيياد أصييلهم فيهييا فهييذه أصيولهم‬
‫العقلية والسمعية وهم ل يعلمون أيضا ما يفعله الرب من غير الخييبر ال ميين جهيية العييادة والعييادة يجييوز‬
‫عندهم نقضها بل سبب ول لحكمة ويجوزون أن تصبح الجبال بواقيت والبحار زيبقا فإذا احتجييوا بالعييادات‬
‫فقيل لهم عندكم يجوز نقضها بل سبب ول حكمة أجابوا بأن الشيء قد يعلم جوازه ويعلم بالضييرورة أنييه‬
‫ل يقع وهذا أيضا جمع بين النقيضين وهم يقولون العقل هييو العلييم بجييواز الجييائزات وامتنيياع الممتنعييات‬
‫ووجوب الواجبات كالعلم بأن الجبل لم ينقلب ياقوتا ثم يجعلون هذا من الجييائز علييى أصييلهم ليييس فييي‬
‫الفعال ل واجب ول ممتنع بل كل مقدور فإنه جائز الوجود وجائز العدم ل يعلم أحد الطرفين ال بخييبر أو‬
‫عادة ل بسبب يقتضيه ول حكمة تستلزمه كما ان المرجيح ليه عنيدهم مجيرد الرادة ل بسيبب ول حكمية‬
‫وإذا علم جواز الشيء وعدمه ولم يعلم ما يوجب أحدهما أمتنع أن يعلم بالضرورة ثبوت أحدهما والنيياس‬
‫إنما يعلمون أن الجبال لم تنقلب بواقيت لعلمهم بأن هيذا ممتنيع وأن الليه اذا أراد قلبهييا بيواقيت أحيدث‬
‫أسبابا تقتضي ذلك فأما انقلب العادة بل سبب فهذا ممتنع عند العقلء وجميع ما خرق الله به العادة كان‬
‫لسباب تقتضيه ولحكم فعل لجلها لم يكن ترجيحا بل مرجح كما يقوله هؤلء فهذا هذا ول حييول ول قييوة‬
‫ال بالله ولو لم يتعلق هذا باليمان بالرسول وبما أخبر بييه الرسييول واحتجنييا الييى ان نميييز بييين الصييحيح‬
‫والفاسد في الدلة والصول لما ورد على ما قاله هؤلء من هذه السؤالت لم تكن بنا حاجة الييى كشييف‬
‫السرار لكن لما تكلموا في اثبات النبوة صاروا يوردون عليها أسئلة في غاية القوة والظهيور ول يجيبييون‬
‫عنها ال بأجوبة ضعيفة كما ذكرنا كلمهم فصييار طييالب العلييم واليمييان والهييدي مين عنييدهم ل سيييما إذا‬
‫اعتقد أنهم أنصار السلم ونظاره والقائمون ببراهينه وأدلته إذا عرف حقيقة ما عندهم لم يجد ما ذكييروه‬
‫يدل على ثبوت نبوة النبياء بل وجده يقدح في النبييياء ويييورث الشييك فيهييا أو الطعيين فيهييا وأنهييا حجيية‬
‫لمكذب النبياء أعظم مما هي حجة لمصدق النبياء فافسد طريق اليمان والعلييم وانفتييح طريييق النفيياق‬
‫والجهل ل سيما على من لم يعرف ال ما قالوه والذي يفهم ما قالوه ل يكون‬

‫إل فاضل قد قطع درجة الفقهاء ودرجة من قلد المتكلمين فيصير هييؤلء إمييا منييافقين وإمييا فييي قلييوبهم‬
‫مرض ويظن الظان أنه ليس في المر على نبوة النبياء براهين قطعية ول يعليم أن هييذا انمييا هييو لجهييل‬
‫هؤلء أصولهم الفاسدة التي بنوا عليها الستدلل وقدحهم في اللهية وأنهم لييم ينزهييوا الييرب عيين فعييل‬
‫شيء من الشر ول أثبتوا له حكمة ول عدل فكان ما جهلوه من آيات النبياء إذ كان العلم بآيات اللييه ومييا‬
‫قصه لخلقه من الدلئل والبراهين مستلزما لثبوت علمه وحكمته ورحمته وعدله فإذا انتفى اللزم انتفييى‬
‫الملزوم وهم في الصل انما قصدوا الرد على القدرية الذين قالوا إن الله لم يشأ كل شيييء ولييم يخلييق‬
‫أفعال العباد وهو مقصود صحيح لكن ظنوا أن هذا ل يتم إل بجحد حكمته وعدله ورحمته فغلطوا في ذلك‬
‫كما أن المعتزلة أيضا غلطوا من جهات كثيرة وظنوا أنه ل تثبت حكمته وعدله ورحمته إن لم يجحد خلقه‬
‫لكل شيء وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ويجحييد اتصييافه بييالكلم والرادة وغييير ذلييك ميين اقييوال‬
‫المعتزلة التي هي من أقوال هؤلء فإن هؤلء في الصفات خييير ميين المعتزليية وفييي الفعييال ميين بعييض‬
‫الوجوه ولهذا لما ظهر للغزالي ونحوه ضعف طريق الستدلل بييالمعجزات الييذي سييلكه شيييوخه وهييو ل‬
‫يعرف غيره أعرض عنها وذكر أنه إنما علم ثبوت النبوة بقرائن تعجز عنهييا العبييارة وهييي عليوم ضييرورية‬
‫حصلت له على الطول وجعل الدليل على النبوة هو العلم بنأ ما جاء به حق من غير جهتييه وهييذه طريييق‬
‫صحيحة قد سلك الجاحظ نحوا منها ولكن النبوة التي علمها أبو حامييد هييي النبييوة الييتي تثبتهييا الفلسييفة‬
‫وهي من جنس المنامات ولهذا استدل على جوازها بمبدأ الطب والهندسة ونحو ذلك وأمر النبييوة أعظييم‬
‫من هذا بكثير وتلك النبوة موجودة لخلييق ميين النيياس فلهييذا ل يوجييد للنبييوة مييا تسييتحقه ميين التصييديق‬
‫والحترام ول يعتمدون عليها في استفادة شيء من العلم الخبري وهي النباء بالغيب وهي خاصيية النبييوة‬
‫والرازي كلمه في النبوة متردد بين نبوة الفلسفة ونبوة اصحابه هؤلء كمييا تييرى وليييس فييي واحييد ميين‬
‫الطريقين إثبات النبوة التي خص الله بها أنبياءه فلهذا ضعفت معرفة هؤلء بالنبييياء وضييعف أخييذ العلييم‬
‫من طريقهم ل سيما وقد عارضوا كثيرا مما جاء عنهم بالعقليات ودخلوا فيما‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.256‬‬

‫النبوات‬
‫هو أبعد عن الهدى والعلم من العقليات والذوقيات التي من سلكها ضل ضلل بعيدا وإنما ينجو من سييلك‬
‫منها شيئا إذا لطف الله فعرفه السلوك خلف طريق النبياء فمن لم يهتد بما جاءت به النبييياء فهييو أبعييد‬
‫الناس عن الهدى تلك آيات ال نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد ال وآياته يؤمنون ويل لكل افاك أثيم يسمع‬
‫آيات ال تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعننذاب أليننم وإذا علننم مننن آياتنننا شننيئا اتخننذها هننزؤا‬
‫أولئك لهم عذاب مهين وإذا قيل لهم اركعوا ل يركعون ويل يومئذ للمكذبين فبأي حديث بعده يؤمنننون وكيننف‬
‫تكفرون وأنتم تتلى عيكم آيات ال وفيكم رسوله ومن يعتصم بال فقد هنندي الننى صننراط مسننتقيم ولهذا اعييترف‬
‫الرازي بهذا في آخر مصنفاته حيث قييال ولقييد تييأملت الطييرق الكلميية والمناهييج الفلسييفية فمييا رأيتهييا‬
‫تشفي عليل ول تروي غليل ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن اقرأ في الثبات اليه يصعد الكلم الطيب‬
‫الرحمن على العرش استوى وأقرأ في النفي ليننس كمثلننه شننيء ول يحيطننون بننه علمننا ومن جييرب مثييل‬
‫تجربتي عرف مثل معرفتي وأكثر النتفاع بكلم هؤلء هو فيما يثبتونه مين فسياد أقيوال سيائر الطيوائف‬
‫وتناقضها وكذلك كلم عامة طيوائف المتكلميين ينتفييع بكلم كيل طائفية فييي بيييان فسياد قيول الطائفيية‬
‫الخرى ل في معرفة ما جاء به الرسول فليس في طوائف أهل الهواء والبدع من يعرف حقيقة مييا جيياء‬
‫به الرسول ولكن يعرف كل طائفة منه ما يعرفه فليسوا كفارا جاحدين له وليسييوا عييارفين بييه ‪ %‬فلقييد‬
‫عرفيييييييت وميييييييا عرفيييييييت حقيقييييييية ‪ %‬ولقيييييييد جهليييييييت وميييييييا جهليييييييت خميييييييول ‪%‬‬
‫وبسيييييط هيييييذه الميييييور ليييييه موضيييييع آخييييير ولكييييين نبهنيييييا هنيييييا عليييييى طرييييييق الحكمييييية‬
‫) فصل ( وإذا عرفت حكمة الرب وعدله تبين أنه إنما يرسل من اصطفاه لرسالته واختاره لها كما قال‬
‫ال يصطفي من الملئكة رسل ومن الناس وكما قال لموسى وأنا اخترتك فاسننتمع لمننا يننوحى وأنه إذا أبلييغ‬
‫الرسالة وقام بالواجب وصبر على تكذيب المكذبين وأذاهم كما مضت به سنته في‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.257‬‬

‫النبوات‬
‫الرسل قال كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إل قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طنناغون‬
‫وقال تعالى ما يقال لك إل ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفننرة وذو عقنناب أليننم وقال تعييالى ألننم‬
‫يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم ل يعلمهم ال ال جاءتهم رسننلهم بالبينننات فننردوا‬
‫ايديهم في أفواهم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا اليه مريب قننالت رسننلهم أفنني الن شننك‬
‫فاطر السماوات والرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم النى أجنل مسنمى قنالوا إن أنتنم إل بشنر مثلننا‬
‫تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين قالت لهم رسلهم إن نحننن إل بشننر مثلكننم ولكننن الن‬
‫يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إل باذن ال وعلى ال فليتننوك المؤمنننون ومننا لنننا أل‬
‫نتوكل على ال وقد هدانا سبلنا ولنصنبرن علنى منا آذيتموننا وعلنى الن فليتوكنل المتوكلنون وقنال النذين كفنروا‬
‫لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فننأوحى اليهننم ربهننم لنهلكننن الظننالمين ولنسننكننكم الرض مننن‬
‫بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد واستفتحوا وخنناب كننل جبننار عنينند مننن ورائه جهنننم ويسننقى مننن منناء‬
‫صديد يتجرعه ول يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ الى سييائر مييا‬
‫أخبر به من أحوال الرسل والرسل صادقون مصيدقون مين عنيد الليه يخيبرون بيالحق وييأمرون بالعيدل‬
‫ويدعون الى عبادة الليه وحيده ل شيريك لييه وأهييل الكييذب الميدعون للنبييوة ضيد هيؤلء كيياذبون ييأتيهم‬
‫الشياطين الكاذبون يأمرون بما نهى الله عنه وينهون عما أمر الله بييه فييإنهم ل بييد أن يييأمروا بتصييديقهم‬
‫واعتقاد نبوتهم وطاعتهم وذلك مما نهى الله عنه ول بد أن ينهوا عن متابعة من يكييذبهم ويعيياديهم وذلييك‬
‫مما أمر الله به فإنه يمتنع في حكمة الرب وعدله أن يسوي بين هييؤلء خيييار الخلييق وبييين هييؤلء شييرار‬
‫الخلق ل في سلطان العلم وبراهينه وأدلته ول في سلطان النصر والتأييد بل يجب في حكمتييه أن يظهيير‬
‫اليات والبراهين الدالة على صدق هؤلء وينصرهم ويؤيدهم ويعزهم ويبقى لهم سييلطان الصييدق ويفعييل‬
‫ذلك بمن اتبعهم وان يظهر اليات المبينة لكذب أولئك ويذلهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.258‬‬

‫النبوات‬
‫ويخزيهم ويفعل ذلك بمن اتبعهم كما قد وقع في هؤلء وهؤلء وقد دل القرآن على السييتدلل بهييذا فييي‬
‫غير موضع والدلة والبراهين كما تقدم نوعييان نييوع يييدل بمجييرده بحيييث يمتنييع وجييوده غييير دال كدلليية‬
‫حدوث الحادث على محدث فهذا يدل بمجرده وان قدر أن أحدا لم يقصد الدللة به لكن الرب بكل شيء‬
‫عليم وهو مريد لخلق ما خلقه ولصفاته لكن ل يشترط في الستدلل بهذا أن يعلم أن دال قصييد أن يييدل‬
‫به والنوع الثاني ما هو دليل بقصد الدال وجعله فهذا لول القصد وجعله دليل لم يكن دليل فهو انمييا قصييد‬
‫به الدللة فهذا مقصوده مجرد الدللة وذلك بمجرده هو الدليل وهذا كييالكلم الييذي يييدل بقصييد المتكلييم‬
‫وغير ذلك مثل الشارة بالرأس والعييين والحيياجب واليييد ومثيل الكتابيية ومثييل العقييد ومثييل العلم الييتي‬
‫نصبت على الطرق وجعلت علمة على حدود الرض وغير ذلك ومن ذلك العلمات التي يبعثهييا الشييخص‬
‫مع رسوله ووكيله إلى أهله سواء كان قد تواطأ معهييم عليهييا مثييل أن يقييول علمتييه أن يضييع يييده علييى‬
‫ترقوته أو يضع خنصره في خنصره ونحو ذلك أو كانت علمة قصد بها العلم من غير تقدم مواطأة مثييل‬
‫إعطائه عمامته أو نعليه كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم عمامته علمة على ولية قيس بيين سييعد‬
‫وعزل أبيه عن المارة يوم الفتح وكما أعطى أبا هريرة نعليه علمة على ما أرسله به وكما يعطي الرجل‬
‫لرسوله خاتمه ونحو ذلك فهذه الدلئل دلت بالقصد والجعل وقد كان يمكن أن ل تجعييل دليل فيياذا كييانت‬
‫آيات النبياء من هذا الجنس فهي إنما تدل مع قصييد الييرب الييى جعلهييا دليل وجعلييه لهييا دليل بييأن يجعييل‬
‫المدلول لزما لها فكل مين ظهيرت عليى ييده كيان نبيييا صييادقا فيإن اليدليل ل يكيون دليل إل مييع كيونه‬
‫مستلزما للمدلول فيمتنع أن يكون دليل اذا وجد معه عدم المدلول أو وجييد ضييد المييدلول فآيييات النبييياء‬
‫الدالة على صدقهم يمتنع وجودها بدون صدق النبي ووجودها مع مدعي النبوة كاذبا أعظم استحالة فإنهييا‬
‫اذا كانت ممتنعة مع عدم نبوة صييادقة وإن لييم تكيين هنيياك نبييوة كاذبيية فمييع الكاذبيية أشييد امتناعييا فهييي‬
‫مستلزمة للنبوة ل تكون مع عدم النبوة البتة والكاذب قد عدمت في حقه النبوة ووجييد فييي حقييه ضييدها‬
‫وهو الكذب في دعواها يمتنع كونه نبيا صادقا فيمتنع أن يخلق الييرب مييا يييدل علييى صييدق النبييياء بييدون‬
‫صدقهم لمتناع‬
‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.259‬‬

‫النبوات‬
‫وجود الملزوم دون لزمه ومع كذبهم لمتناع وجود الشيء مع ضده والكذب ضد الصدق فيمتنع أن يكون‬
‫قوله أنا نبي صدقا وكذبا فاذا استلزم الصدق امتنع وجود الكذب وخلييق دليييل الصييدق مييع عييدم الصييدق‬
‫ممتنع غير مقدور لكن الممكن المقدور أن ما جعله دليل على الصييدق يخلقييه بييدون الصييدق فيكييون قييد‬
‫خلقه وليس بدليل حينئذ ويمكن أن يخلق على يد الكاذب ما يدل انه دليل على صدقه وليس بدليل مثييل‬
‫خوارق السحرة والكهان كما كان يجري لمسيلمة والعنسي وغيرهما لكن هييذه ليسييت دليل علييى النبييوة‬
‫لوجودها معتادة لغير النبياء وليست خارقة لعادة غير النبياء بل هي معتادة للسحرة والكهييان فييالتفريط‬
‫ممن ظنها دليل ل سيما ول بد أن تكون دليل على كذب صاحبها فإن الشييياطين ل تقييترن إل بكيياذب كمييا‬
‫قال تعالى هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفنناك أثيننم ول يجوز أن يظهيير اليرب ميا جعليه‬
‫دليل للنبوة مع عدم النبوة كما أنه ل يجييوز أن يتكلييم بييالكلم الييذي جعلييه لبيييان معييان بييدون إرادة تلييك‬
‫المعاني بل ذلك ممتنع من وجوه من جهة حكمته ومن جهة عادته وميين جهيية عييدله ورحمتييه وميين جهيية‬
‫علمه وإعلمه وغير ذلك كما قد بسط في مواضع ومن جهيية قييدرته أيضييا فييإنه قييادر علييى هييدي عبييادة‬
‫وتعريفهم وذلك إنما يكون بتخصيص الصادق بما يستلزم صدقه فاذا ما سوي بين الصادق والكيياذب فييإنه‬
‫يمتنع التعريف والممتنع ليس بمقدور فقدرته تقتضي خلق الفرق وقد يقال هو قادر لكن ل يفعل مقدوره‬
‫فيقال فعله له ممكن ول يمكن إل على هذا الوجه فيكون قادرا على هذا الوجه فإن قيل هو قييادر ولكيين‬
‫ل يفعله قيل إن أريد أنه يمتنع فهذا باطل وإن أريد أنه يمكن فعله ولكن ل يفعله لم يكن على هذا النفي‬
‫دليل بل وجوده يدل على أنه فعله وأيضا فأفعال الرب إما واجبة وإما ممتنعة وإذا لم يكيين ممتنعييا تعييين‬
‫أنه واجب وأنه قد فعله وهذا قد فعله وهذا مبسوط فييي غييير هييذا الموضييع والمقصييود هنييا أن هييذا كلييه‬
‫يستلزم أن الرب منزه عن أن يفعل بعض المور الممكنيية المقييدورة لكييون ذلييك يسييتلزم أمييرا ينيياقض‬
‫حكمته ولكون فعل الشيء ل يكون إل مع لوازمه وانتفاء أضداده فيمتنع فعله بدون لييوازمه أو مييع ضييده‬
‫كما يمتنع جعل الدليل دليل مع وجوده بل مدلول أو مع وجود‬

‫النبوات‬
‫ضد المدلول معه والذين قالوا يجوز منه فعل كل شيء ول ينزه عن شيء يتعذر على أصلهم وجود دليل‬
‫جعلي قصدي ل الكلم ول الفعال فيمتنع على أصلهم كون كلم الرب يدل على مراده أو كون آياته الييتي‬
‫قصد بها الدللة على صدق النبياء أو غيرهم تدل لنه يقدر أن يفعل ذلك وغير ذلييك كمييا يقييدر أن يظهيير‬
‫على يد الكاذب ما أظهره على يد الصادق وهم يقولون المعجزة هي الخييارق المقييرون بالتحييدي بالمثييل‬
‫وعدم المعارضة وهذا يقدر على إظهاره على يد الصادق فمن سوى بين جميع المييور وجعييل إرادتييه لهييا‬
‫سواء لم يفرق بين هذا وهذا فقالوا نحن نستدل على أنه لم يظهرها على يد الكاذب بييأنه لييو فعييل ذلييك‬
‫لبطلت قدرته على تصديق الصادقين باليات فإنه إنما يستدل على صدقهم باليات فلو أظهرها علييى يييد‬
‫الكاذب لم يبق قادرا هذه عمدة أكثرهم وعليها اعتمد القاضي أبو بكر في كتيياب المعجييزات فيقييال لهييم‬
‫هذا ل يبطل قدرته على ذلك ولكن هذا ييوجب أنيه ليم يفعيل المقييدور فيليزم مين ذلييك أنيه سيوى بييين‬
‫الصادق والكاذب ولم يبين صدقه وهذا مقدور ممكن وكل مقدور ممكن فهو عندكم جائز عليه فلييم يكيين‬
‫اللزم رفع قدرته بل اللزم أنه لم يفعل مقدوره وهذا جائز عنيدكم ومميا يوضيح هيذا أن يقيال هيو قيادر‬
‫على إظهار ذلك على يد الكاذب أم ل فإن قلتم ليس بقادر أبطلتم قدرته وإن قلتييم هييو قييادر فثبييت أنييه‬
‫قادر على إظهار ذلك عليى ييد الصيادق والكياذب فبقيي مشيتركا ل يخيص أحيدهما فل يكيون حينئذ دليل‬
‫فمجرد القدرة لم يوجب اختصاص الصادق به وان قلتم ل يقدر على إظهاره على يد الكاذب فقد رفعتييم‬
‫القدرة فأنتم بين أمرين إن أثبتم القدرة العامة فل اختصاص لهييا وإن نفيتييم القييدرة علييى أحييدهما بطييل‬
‫استدللكم بشمول القدرة وأيضا فالقدرة إنما تكون على ممكن وعلى أصلكم ل يمكيين تصييديق الصييادق‬
‫فهم استدلوا بمقدمتين وكلهما باطلة قالوا لو لم يكن دليل رفع القدرة وهذا باطل بل يلزم أنه لم يفعل‬
‫المقدور وهذا جائز عندهم فل يجب عندهم شيء من الفعال ثم قالوا وهو قادر على ذلك وعلييى أصييلهم‬
‫ليس هو بقادر على ذلك فإنهم قالوا يمكنه تصديق النبياء بالفعل كما يمكنه التصديق بالقول فيقال لهييم‬
‫كلهما يدل بالقصد والجعل وهذا إنما يكون ممن يقصد أن يفعل الشيء ليدل وعندكم هيو ل يفعيل شييئا‬
‫لشيء فيلزم على‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.261‬‬

‫النبوات‬
‫أصلكم أن ل يفعل شيئا لجل أنه يدل به عباده ل فعل ول كلما إذ كان هذا عندكم ممتنعا وهو فعل شيء‬
‫لمقصود آخر غير فعله واذا كان هذا ممتنعا عندكم لم يكن مقدورا فل يقدر على أصلكم أن ينصب لعباده‬
‫دليل ليدلهم به على شيء بل هذا عندهم فعل لغرض وهو ممتنييع عليييه وإن قلتييم هيو وأن لييم يقصييد أن‬
‫يفعل شيئا لحكمة لكن قد يفعل الشيئين المتلزمين فيستدل بأحدهما على الخر قيل هذا إنما يكون بعييد‬
‫أن يثبت التلزم وأن أحدهما مستلزم للخر وهذا معلوم فيما يدل بمجرده فإنه يمتنع وجوده بدون لزمييه‬
‫إما ما يدل بالجعل والقصد فيمكن وجوده بدون ما جعل مدلول له واللزوم إنما يكون بالقصد وهو عندكم‬
‫يمتنع أن يفعل شيئا لجل شيء فبطلت الدلة القصدية على أصلكم وهي أخص بالدللة من غيرها ولهييذا‬
‫ل يكادون يستدلون بكلم الله بل يعتمدون في السمعيات إما على ما علم بالضرورة أو الجماع وحقيقيية‬
‫المر أن الدلة الجعلية القصدية ل بد فيهييا مين إرادة الييرب ومشيييئته أن تكييون أدليية فل بييد أن يريييد أن‬
‫يجعل هذا الفعل ليدل وهم ل يجوزون أن يريد شيئا لشيء بل كل مخلوق هو عندهم مراد من نفسه لييم‬
‫يرد لغيره فامتنع أن يكون يريد الرب جعل شيء دليل على أصلهم فتبين أنه على أصلهم غير قييادر علييى‬
‫نصب ما يقصد به دللة العباد وهدايتهم وإعلمهم ل قول ول فعل فبطلييت المقدميية الكييبرى وبتقييدير أن‬
‫يكون قادرا على ذلك فهو إذا أظهر على يد الكاذب ما يظهر على يد الصادق كان لم يفعل هييذا المقييدور‬
‫ولم يجعل ذلك دليل على الصدق ل يلزم أن ل يكون قادرا فهم اعتمدوا على هذه الحجة وقالوا هييذا هييذا‬
‫وهذا هذا فقد تبين أن من لم يثبت حكمة الرب يلزمه نفي إرادته ومشيئته كما تقيدم ويلزميه أيضيا نفيي‬
‫قدرته على أن يفعل شيئا لشيء فل يمكنه أن ينصب دليل ليدل بييه عبيياده علييى صييدق صييادق ول كييذب‬
‫كاذب وهم يقولون من فعل شيئا لحكمة دليل على حاجته ونقصه لنه فعل لغرض والغرض هييو الشييهوة‬
‫وذلك يتضمن الحاجة وهذا بعينه يقال في الرادة أن من أراد فإنمييا يريييد لغييرض وشييهوة فقييولهم بنفييي‬
‫الحكمة يتضمن نفي الرادة ونفي القدرة وقد بسط هذا في غير هذا الموضع وبين أن مين نفيى الحكمية‬
‫يلزمه نفي الرادة ومن نفى الرادة يلزمه نفي فعل الرب ونفي الحداث ومن نفى‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.262‬‬

‫النبوات‬
‫ذلك يلزمه امتناع حدوث حادث في الوجود وأن أثبييات الحكميية لزم لكييل طائفيية علييى أي قييول‬
‫قالوه كما قد بسط في غير هذا الموضع إذ المقصود التنبيه على أن أثبات آيات النبييياء والسييتدلل‬
‫بكلم الله وآياته التي أراد أن يدل بها عباده بدون إثبات حكمته ممتنع ولهذا اضطرب كلم من نفييى‬
‫حكمته في آيات النبياء وفي كلم الرب سبحانه وهي اليات التي بعثت بها النبياء القولييية والفعلييية‬
‫واضطربوا في الستدلل على ما جاءت به النبياء كميا قييد نبيه علييه والليه سيبحانه وتعيالى أعليم‬
‫) فصل ( وأما الستدلل بسنته وعادته فهو أيضا طريق برهاني ظاهر لجميييع الخلييق وهييم متفقييون‬
‫عليه من يقول بالحكمة ومن يقول بمجرد المشيئة فإنه قد علم عادته سبحانه في طلييوع الشييمس‬
‫والقمر والكواكب والشهور والعوام وعادته في خلق النسان وغيره ميين المخلوقييات وعييادته فيمييا‬
‫عرفه الناس من المطياعم والمشيارب والغذيية والدويية ولغيات الميم كيالعلم بنحيو كلم العيرب‬
‫وتصريفه والعلم بالطب وغير ذلك كذلك سنته تعالى في النبياء الصادقين وأتبيياعهم وفيميين كييذبهم‬
‫أو كذب عليهم فأولئك ينصرهم ويعزهم ويجعل لهييم العاقبيية المحمييودة والخييرون يهلكهييم ويييذلهم‬
‫ويجعل لهم العاقبة المذمومة كما فعل بقوم نوح وبعاد وثمود وقوم لوط واصييحاب مييدين وفرعييون‬
‫وقومه وكما فعل بمن كذب محمدا من قومه قريش ومن سييائر العييرب وسييائر المييم غييير العييرب‬
‫وكما فعل من نصر أنبيائه وأتباعهم قال تعالى ولقد سبقت كلمتنا لعبادنننا المرسننلين أنهننم المنصننورون‬
‫وان جندنا لهم الغالبون وقال انا لننصر رسلنا والذين آمنننوا فنني الحينناة النندنيا ويننوم يقننوم الشننهاد وقال‬
‫تعالى ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد وما ظلمننناهم ولكننن ظلمننوا أنفسننهم فمننا أغنننت‬
‫عنهم آلهتهم التي يدعون من دون ال من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهننم غيننر تتننبيب وقال تعييالى‬
‫وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم ابراهيم وقوم لوط وأصحاب منندين وكننذب موسننى‬
‫فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير وقال تعيالى أولننم يسننيروا فنني الرض فينظننروا كيننف كننان‬
‫عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.263‬‬

‫النبوات‬
‫وأثاروا الرض وعمروها اكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهييم ولكيين‬
‫كييانوا أنفسييهم يظلميون ثيم كيان عاقبية اليذين أسيياءوا السيوءى أن كيذبوا بآيييات اللييه وكييانوا بهييا‬
‫يستهزئون وقال تعالى أولم يسيروا في الرض فينظروا كيف كييان عاقبيية الييذين كييانوا ميين قبلهييم‬
‫كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله ميين واق ذلييك‬
‫بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب وقننال تعننالى كييذبت‬
‫قبلهم قوم نوح والحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به‬
‫الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب وقال تعالى أفلم يسيييروا فييي الرض فينظييروا كيييف كييان عاقبيية‬
‫الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فلمييا‬
‫جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحيياق بهييم مييا كييانوا بييه يسييتهزئون فلمييا رأوا‬
‫بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيميانهم لميا رأوا بأسينا سينة‬
‫الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون وقننال تعننالى ولو قيياتلكم الييذين كفييروا لولييوا‬
‫الدبار ثم ل يجدون وليا ول نصيرا سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبييديل وقننال‬
‫تعالى واقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى المم فلما جاءهم نذير ما‬
‫زادهم إل نفورا استكبارا في الرض ومكر السيء ول يحيق المكر السيء إل بأهله فهل ينظييرون إل‬
‫سنة الولين فلن تجد لسنة الله تبديل ولن تجد لسنة الله تحويل وقال تعالى وإن كيانوا ليسيتفزونك‬
‫من الرض ليخرجوك منها وإذا ل يلبثون خلفك إل قليل وقال تعالى وان كادوا ليفتنونييك عيين الييذي‬
‫أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لتخذوك خليل ولول أن ثبتناك لقد كييدت تركيين اليهييم شيييئا قليل‬
‫اذا لذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم ل تجد لك علينا نصيرا وقد قيل آية الحاقة وآيننة الشننورى‬
‫تبين أنه لو افترى عليه لعاقبة فهذه سنته في الكاذبين وحقيقة السننتدلل بسنننته وعننادته هننو اعتبننار الشننيء‬
‫بنظيره‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.264‬‬

‫النبوات‬
‫وأثاروا الرض وعمروها اكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهييم ولكيين‬
‫كييانوا أنفسييهم يظلميون ثيم كيان عاقبية اليذين أسيياءوا السيوءى أن كيذبوا بآيييات اللييه وكييانوا بهييا‬
‫يستهزئون وقال تعالى أولم يسيروا في الرض فينظروا كيف كييان عاقبيية الييذين كييانوا ميين قبلهييم‬
‫كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله ميين واق ذلييك‬
‫بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب وقننال تعننالى كييذبت‬
‫قبلهم قوم نوح والحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به‬
‫الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب وقال تعالى أفلم يسيييروا فييي الرض فينظييروا كيييف كييان عاقبيية‬
‫الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فلمييا‬
‫جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحيياق بهييم مييا كييانوا بييه يسييتهزئون فلمييا رأوا‬
‫بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيميانهم لميا رأوا بأسينا سينة‬
‫الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون وقننال تعننالى ولو قيياتلكم الييذين كفييروا لولييوا‬
‫الدبار ثم ل يجدون وليا ول نصيرا سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبييديل وقننال‬
‫تعالى واقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى المم فلما جاءهم نذير ما‬
‫زادهم إل نفورا استكبارا في الرض ومكر السيء ول يحيق المكر السيء إل بأهله فهل ينظييرون إل‬
‫سنة الولين فلن تجد لسنة الله تبديل ولن تجد لسنة الله تحويل وقال تعالى وإن كيانوا ليسيتفزونك‬
‫من الرض ليخرجوك منها وإذا ل يلبثون خلفك إل قليل وقال تعالى وان كادوا ليفتنونييك عيين الييذي‬
‫أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لتخذوك خليل ولول أن ثبتناك لقد كييدت تركيين اليهييم شيييئا قليل‬
‫اذا لذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم ل تجد لك علينا نصيرا وقد قيل آية الحاقة وآيننة الشننورى‬
‫تبين أنه لو افترى عليه لعاقبة فهذه سنته في الكاذبين وحقيقة السننتدلل بسنننته وعننادته هننو اعتبننار الشننيء‬
‫بنظيره‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.264‬‬

‫النبوات‬
‫وهو التسوية بين المتماثلين والتفريق بين المختلفين وهو العتبار المامور به في القيرآن كقيوله تعيالى‬
‫قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل ال وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين وال ن يؤينند بنصننره‬
‫من يشاء إن في ذلك لعبرة لولي البصار وقال تعالى هننو الننذي أخننرج الننذين كفننروا مننن أهننل الكتنناب مننن‬
‫ديارهم لول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من ال فأتاهم ال من حيننث لننم يحتسننبوا‬
‫وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي البصننار وقال تعييالى لقنند‬
‫كان في قصصهم عبرة لولي اللباب وإنما تكون العبرة به بالقياس والتمثيل كما قال ابن عبياس فيي ديية‬
‫الصابع هن سواء واعتبروهيا بديية السيينان فيإذا عرفييت قصيص النبيياء ومين اتبعهييم ومين كييذبهم وأن‬
‫متبعيهم كان لهم النجاة والعافية والنصر والسعادة ولمكذبيهم الهلك والبوار جعل الميير فييي المسييتقبل‬
‫مثلما كان في الماضي فعلم أن من صدقهم كان سعيدا ومن كذبهم كان شقيا وهييذه سيينة اللييه وعييادته‬
‫ولهذا يقول سبحانه في تحقيق عادته وسنته وأنه ل ينقضها ول يبدلها أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة‬
‫في الزبر يقول فاذا لم يكونوا خيرا منهم فكيف ينجون من العذاب مع مماثلتهم لهم هذا بطريييق العتبييار‬
‫والقياس ثم قال أم لكن براءة في الزبر أي معكم خبر مين الليه بيأنه ل يعيذبكم فنفيي اليدليلين العقليي‬
‫والسمعي ثم ذكر قولهم نحن جميع منتصر وانا نغلب مين يغالبنيا فقيال تعيالى سننيهزم الجمننع ويولننون‬
‫الدبر وهذا مما أنبأه من الغيب في حال ضعف السلم واستبعاد عامة الناس ذلك ثم كان كما أخييبر وقييد‬
‫قال للمؤمنين في تحقيق سنته وعادته أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم‬
‫البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنننوا معننه مننتى نصننر ال ن أل ان نصننر ال ن قريننب وقال‬
‫لمحمد ما يقال لك ال ما قد قيل للرسل من قبلك وقال كننذلك منا أتننى النذين مننن قبلهننم مننن رسنول إل قنالوا‬
‫ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون وقال تعالى‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.265‬‬

‫النبوات‬
‫وهو التسوية بين المتماثلين والتفريق بين المختلفين وهو العتبار المامور به في القيرآن كقيوله تعيالى‬
‫قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل ال وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين وال ن يؤينند بنصننره‬
‫من يشاء إن في ذلك لعبرة لولي البصار وقال تعالى هننو الننذي أخننرج الننذين كفننروا مننن أهننل الكتنناب مننن‬
‫ديارهم لول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من ال فأتاهم ال من حيننث لننم يحتسننبوا‬
‫وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي البصننار وقال تعييالى لقنند‬
‫كان في قصصهم عبرة لولي اللباب وإنما تكون العبرة به بالقياس والتمثيل كما قال ابن عبياس فيي ديية‬
‫الصابع هن سواء واعتبروهيا بديية السيينان فيإذا عرفييت قصيص النبيياء ومين اتبعهييم ومين كييذبهم وأن‬
‫متبعيهم كان لهم النجاة والعافية والنصر والسعادة ولمكذبيهم الهلك والبوار جعل الميير فييي المسييتقبل‬
‫مثلما كان في الماضي فعلم أن من صدقهم كان سعيدا ومن كذبهم كان شقيا وهييذه سيينة اللييه وعييادته‬
‫ولهذا يقول سبحانه في تحقيق عادته وسنته وأنه ل ينقضها ول يبدلها أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة‬
‫في الزبر يقول فاذا لم يكونوا خيرا منهم فكيف ينجون من العذاب مع مماثلتهم لهم هذا بطريييق العتبييار‬
‫والقياس ثم قال أم لكن براءة في الزبر أي معكم خبر مين الليه بيأنه ل يعيذبكم فنفيي اليدليلين العقليي‬
‫والسمعي ثم ذكر قولهم نحن جميع منتصر وانا نغلب مين يغالبنيا فقيال تعيالى سننيهزم الجمننع ويولننون‬
‫الدبر وهذا مما أنبأه من الغيب في حال ضعف السلم واستبعاد عامة الناس ذلك ثم كان كما أخييبر وقييد‬
‫قال للمؤمنين في تحقيق سنته وعادته أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم‬
‫البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنننوا معننه مننتى نصننر ال ن أل ان نصننر ال ن قريننب وقال‬
‫لمحمد ما يقال لك ال ما قد قيل للرسل من قبلك وقال كننذلك منا أتننى النذين مننن قبلهننم مننن رسنول إل قنالوا‬
‫ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون وقال تعالى‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.265‬‬

‫النبوات‬
‫وفييي الصيحيحين عين‬ ‫وقال الذين ل يعلمون لول يكلمنا ال أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثننل قننولهم‬
‫أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقييذة حييتى‬
‫لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قييال نعييم وفييي الصييحيحين عيين أبييي‬
‫سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ليأخذن أمتي ما أخييذ المييم قبلهييا‬
‫شبرا بشبر وذراعا بذراع قالوا يا رسول الله فارس والروم قال ومن النيياس إل هييؤلء وفييي السيينن لمييا‬
‫قال به بعض أصحابه أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال الله أكبر قلتم كما قييال قييوم موسييى‬
‫اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ثم قال انه السنن لتركبن سنن من كان قبلكم وقال تعالى قد خلت من قبلكننم‬
‫سنن فسيروا في الرض فانظروا كيف كننان عاقبننة المكننذبين ولهذا احتج ميين احتييج بسيينة اللييه وعييادته فييي‬
‫مكذبي الرسل كقول شعيب ويا قوم ل يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نننوح أو قننوم هننود أو‬
‫قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد وقال مؤمن آل فرعون يا قوم إني أخاف عليكم مثننل يننوم الحننزاب مثننل‬
‫دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما ال يريد ظلما للعباد وقال تعالى كدأب آل فرعون والذين من‬
‫قبلهم والدأب العادة في ثلثة مواضع قال تعالى إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ول أولدهم مننن ال ن‬
‫شيا وأولئك هم وقود النار كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم ال بذنوبهم والن شننديد العقنناب‬
‫قال ابن قتيبة وغيره الدأب العادة ومعناه كعييادة آل فرعييون يريييد كفيير اليهييود كييل فريييق بنييبيهم وقييال‬
‫الزجاج هو الجتهاد أي دأب هؤلء وهو اجتهادهم في كفرهم وتظاهرهم علييى النييبي كتظيياهر آل فرعييون‬
‫على موسى وقال عطاء والكسائي وأبو عبيدة كسنة آل فرعون وقال النضر بن شميل كعادة آل فرعون‬
‫يريد عادة هؤلء الكفار في تكذيب الرسل وجحود الحيق كعيادة آل فرعيون وقيال طائفية نظيم اليية أن‬
‫الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ول أولدهم عند حلول النقمة والعقوبة مثل آل فرعون وكفييار المييم‬
‫الخالية أخذناهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.266‬‬

‫النبوات‬
‫فلن تغني عنهم أموالهم ول أولدهم وفي تفسير أبي روق عن الضحاك عيين ابيين عبيياس كييدأب فرعييون‬
‫قال كصنيع آل فرعون قال ابن أبي حاتم وروى عن مجاهد والضحاك وأبي مالك وعكرمة نحو ذلييك قييال‬
‫وروي عن الربيع بن أنس كشبه آل فرعون وعن السدي قال ذكر الذين كفييروا كمثيل اليذين مين قبلهيم‬
‫في التكذيب والجحود قلت فهؤلء جعلوا الشبيه في العمل فإن لفظ الدأب يدل عليه قال الجوهري دأب‬
‫فلن في عمله أي جد وتعب دأبا ودءوبا فهو دئب وأدأبته أنا والييدائبان الليييل والنهييار قييال والييدأب يعنييي‬
‫بالتسكين العادة والشأن وقد يحرك قال الفراء أصله من دأبت إل أن العييرب حييولت معنيياه إلييى الشييأن‬
‫قلت الزجاج جعل ما في القرآن ميين الييدأب الييذي هييو الجتهيياد والصييواب مييا قيياله الجمهييور أن الييدأب‬
‫بالتسكين هو العادة وهو غير الدأب بالتحريك إذا زاد اللفييظ زاد المعنييى والييذي فييي القييرآن مسييكن مييا‬
‫علمنا أحدا قرأه بالتحريك وهذا معروف في اللغة يقال فلن دأبه كذا وكذا أي هذا عييادته وعملييه الملزم‬
‫له وإن لم يكن في ذلك تعب واجتهاد ومنه قوله تعالى وسخر لكم الشننمس والقمننر دائبيننن والدائب نظييير‬
‫الدائم والباء والميم متقاربان ومنه اللزب واللزم قال ابن عطية دائبين أي متميياديين ومنييه قييول النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم لصاحب الجمل الذي بكى وأجهش اليه ان هذا الجمل شكا إلي أنك تجيعييه وتييدئبه‬
‫أي تديمه في العمل له والخدمة قال وظاهر الية أن معناه دائبين في الطلوع والغروب ومييا بينهمييا ميين‬
‫المنافع للناس التي ل تحصى كثرة قال وحكى الطبري عن مقاتل بن حييان يرفعيه اليى ابيين عبيياس أنيه‬
‫قال معناه دائبين في طاعة الله قيال وهيذا قيول ان كيان ييراد بيه أن الطاعيةانقيادهما للتسيخير فيذلك‬
‫موجود في طاعة قوله وسخر وإن كان يراد أنها طاعة مقدورة كطاعة العبادة من البشر فهذا بعيد قلييت‬
‫ليس هذا ببعيد بل عليه دلت الدلة الكثيرة كما هو مذكور في مواضع وقالت طائفية منهيم البغيوي وهيذا‬
‫لفظه دائبين يجريان فيما يعود الى مصالح عباد الله ل يفتران قال ابين عبياس دءوبهميا فيي طاعية الليه‬
‫ولفظ أبي الفرج داءبين في اصلح ما يصلحانه من النبات وغيره ل يفييتران قييال ومعنييى الييدءوب مييرور‬
‫الشيء على عادة جارية فيه قلت‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.267‬‬

‫النبوات‬
‫واذا كان دأبهم هو عادتهم وعملهم الذي كانوا مصرين عليييه فالمقصييود أن هييؤلء أشييبهوهم فييي العمييل‬
‫فيشبهونهم في الجزاء فيحيق بهم ما حاق بأولئك هذا هو المقصود ليييس المقصييود التشييبيه فييي الجييزاء‬
‫كقوله ان الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ول أولدهم من ال شيئا وأولئك هم وقود النار كدأب آل فرعننون‬
‫والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم ال بذنوبهم وال شديد العقاب أي فهؤلء ل تدفع عنهم أموالهم وأولدهييم‬
‫عذاب الله اذا جاءهم كدأب آل فرعون وكذلك قوله ولنو تننرى اذ يتنوفى الننذين كفنروا الملئكنة يضنربون‬
‫وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيننديكم وان الن ليننس بظلم للعبينند الننى قننوله كنندأب آل‬
‫فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كننانوا ظننالمين فهذا كلييه‬
‫يقتضي التشبيه في العذاب وأما الطائفة الخرى فجعلوا الدأب نفس فعل الرب بهم وعقييوبته لهييم قييال‬
‫مكي بن أبي طالب الكاف في كدأب في موضع نصب نعت لمحذوف تقديره غيرناهم كمييا غيييروا تغييييرا‬
‫مثل عادتنا في آل فرعون ومثلها الية الولى ال أن الولى العادة في العذاب تقديره فعلنا بهم ذلييك فعل‬
‫مثل عادتنا في آل فرعون وقد جمع بعضهم بين المعنيين فقال أبو الفرج كدأب آل فرعييون أي كعييادتهم‬
‫والمعنى كذب أولئك فنزل بهم العذاب كما نزل بأولئك قلت الدأب العادة وهو مصدر يضاف الى الفاعل‬
‫تارة وإلى المفعول أخرى فاذا أضيف الى الفاعل كان المعنى كفعل آل فرعون وإذا أضيف إلى المفعول‬
‫كان المعنى كعادتهم في العذاب والمصائب التي نزلت بهم يقال هذه عادة هؤلء لما فعلوه ولما يصيبهم‬
‫وهي عادة الرب وسنته فيهم والتحقيق أن اللفظ يتناول المرين جميعا وقد تقدم عن الفييراء والجييوهري‬
‫أن الدأب العادة والشأن وهذا كقوله قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الرض فننانظروا كيننف كننان عاقبننة‬
‫المكذبين روى ابن أبي حاتم بالسناد المعروف عن مجاهد قد خلت من قبلكم سنن من الكفار والمؤمنين‬
‫في الخير والشر وعن أبي اسحاق أي قد مضت مني وقائع نقمة في أهل التكذيب لرسلي والشييرك بييي‬
‫عاد‬

‫النبوات‬
‫وثمود وقوم لوط وأصحاب مدين فرأوا مثلت قد مضت مني فيهم فقد فسرت السنن بأعمييالهم‬
‫وبجزائهم قال البغوي معنى الية قد مضييت وسييلفت منييي فيميين كييان قبلكييم ميين المييم الماضييية‬
‫الكافرة بامهالي واستدراجي إياهم حتى يبلغ الكتاب فيهم أجلي الذي أجلته لهلكهم وأداليية أنبيييائي‬
‫فسيروا في الرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين أي آخرة المكذبين منهم قال وهذا في حيزب‬
‫واحد يقول فانا أمهلهم وأستدرجهم حتى يبلييغ أجلييي الييذي أجلييت ميين نصييرة النييبي وأوليييائه قلييت‬
‫ونظير هذا قوله تعالى أفلم يسيروا في الرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها ل‬
‫تعمى البصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وقوله أو لم يسيروا في الرض فينظروا كيننف كننان‬
‫عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الرض وعمروهننا أكننثر ممننا عمروهننا وجنناءتهم رسننلهم‬
‫بالبينات فما كان ال ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وقوله في الية الخرى كانوا أكثر منهننم وأشنند‬
‫قوة وآثارا في الرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عننندهم مننن‬
‫العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بال وحده وكفرنا بما كنننا بننه مشننركين فلننم‬
‫يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة ال التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون فهذا كله يييبين أن‬
‫سييينة الليييه وعيييادته مطيييردة ل تنتقيييض فيييي إكيييرام مصيييدقي الرسيييل وإهانييية مكيييذبيهم‬
‫) فصل ( آيات النبياء كما قد عرف هي مسيتلزمة لثبيوت النبيوة وصيدق المخيبر بهييا والشيياهد بهيا‬
‫قيلزم من وجودها وجود النبوة وصدق المخبر بها ويمتنع أن تكون مع التكذيب بها وكذب المخبر بهييا‬
‫فل يجوز وجودها لمن كذب النبياء ول لمن أقر بنبوة كذاب سواء كان هو نفسييه المييدعي للنبييوة أو‬
‫ادعى نبوة غيره وهذان الصنفان هما المذكوران في قوله ومن أظلم ممن افترى على ال كذبا أو قال‬
‫أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل ال وهؤلء كلهم من أظلم الكاذبين كما قال‬
‫فمن أظلم ممن كذب على ال وكذب بالصدق اذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين ثم قال والذي جاء‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.269‬‬

‫النبوات‬
‫بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون فالمخبر بالنبوة مع ثبوتها هو الذي جنناء بالصنندق وصنندق بننه‬
‫والمخبر بها مع انتفائها هو الذي كذب على ال والمكذب بها مننع ثبوتهننا هننو الننذي كننذب بننالحق لمننا جنناءه‬
‫فدلئل النبوة هي مستلزمة لصدق من أثبت نبوة هي نبوة حق يمتنع أن تكون لمننن نفننى هننذه أو أثبننت نبننوة‬
‫ليست بنبوة وكذلك كل دليل دل على إثبات الصننانع دل علننى صنندق المننؤمنين بننه المخننبرين بمننا دل عليننه‬
‫الدليل على كذب من نفى ذلك ويمتنع أن تكون تلك الدلة دالة على نفي ذلك أو على صدق الخبر بنفي ذلك‬
‫أو على صدق من جعل صفات الرب ثابتة لغيره وما دل علننى أن هننذه النندار ملننك لزينند ينندل علننى صنندق‬
‫المخبر بذلك وكذب النافي له ويمتنع أن يدل مع انتفاء الملك وما دل على علم شخص وعنندله فننإنه مسننتلزم‬
‫لذلك ولصدق المخبر به وكذلك النافي له يمتنع أن يدل على صدق النافي أو يدل مع انتفاء العلم والعدل فإن‬
‫ما استلزم ثبوت شنيء وصنندقه اسنتلزم كننذب نقيضننه وكنان عنندم اللزم مسنتلزما لعنندم الملنزوم فمنا كننان‬
‫مستلزما لثبوت النبوة وصدق المخبر بها كان مستلزما لكذب مننن نفاهننا فننامتنع أن يكننون موجننودا مننع مننن‬
‫نفاها وامتنع أن يكون موجودا مع انتفائها فإن ذلك يستلزم الجمع بين النقيضين فدليل كل مدلول عليه يمتنع‬
‫ثبوته مع عدم المدلول عليه فانه مستلزم لثبوته فلو وجد مع عدمه للزم الجمع بين النقيضننين فمننا كننان دليل‬
‫على نبوة شخص فهو دليل على جنس النبوة فإن نبوة الشخص ل تثبنت إل منع ثبنوت جننس النبنوة فيمتننع‬
‫وجود ذلك الدليل مع عدم النبوة وثبوت أحد النقيضين مسننتلزم لنفنني الخننر فثبننوت صنندق المخننبر بثبوتهننا‬
‫مستلزم لكذب المخبر بانتفائها فهذا أمر عقلي مقطوع به معلوم بالبديهة بعد تصوره فنني جميننع الدلننة أدلننة‬
‫النبوة وغيرها فل يجوز أن يكون منا دل علنى النبنوة وعلنى صندق المخنبر بهنا وكنذب المكنذب بهنا دليل‬
‫للمكذب بها ول دليل مع انتفائها كالمتنبي الذي يدعي النبوة ول نبوة معه فل يتصور أن يكون معه ول مننع‬
‫المصدق بنبوته شيء من دلئل النبوة وأما كون دليل من دلئل النبوة مع المصدق بها كائنننا مننن كننان فهننذا‬
‫حق بل هذا هو الواجب فمن صدق بها بل دليل كان متكلما بل علم فكل من صدق بالنبوة بعلننم فمعننه دليننل‬
‫من أدلتها وإخبار أهل التواتر بما جاءت به النبياء من اليات‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.270‬‬


‫النبوات‬
‫هو من أدلة ثبوتها فكل من آمن بالرسول عن بصيرة فل بد أن يكون في قلبه علم بأنه نبي حق إما علم‬
‫ضروري أو علم نظري بدليل من الدلة والعلوم النظرية مع أدلتها تبقى ضييرورية وقييد تكييون فييي نفييس‬
‫المر علوم ضرورية ول يمكنه التعبير عما يدل عليها كالذي يجده النسان في نفسه ويعلمييه ميين العلييوم‬
‫البديهية والضرورية وغير ذلك فإن كثيرا من الناس ل يمكنهم بيان الدلة لغيرهم على وجود ذليك عنيدهم‬
‫واذا عرف هذا فقولنا دلئل النبوة مختصة بالنبياء ل تكون لغيرهم له معنيان أحدهما أنه ل يشاركهم فيها‬
‫من يكذب بنبوتهم ل من يدعي نبوة كاذبة وهذا ظاهر بين فإن الييدليل علييى الشيييء ل يكييون دليل علييى‬
‫وجوده وعلى عدمه فل يكون ما يدل النبوة أو غيرها وعلى صدق المخبر بييذلك دليل علييى كييذب المخييبر‬
‫بذلك ول دليل على النبوة مع انتفاء النبوة والمعنى الثاني أنها ل توجد إل مع النبي فهذا إن أريد به أنهييا ل‬
‫توجد إل والنبوة ثابتة فهو صحيح وإن كانت مع ذلك دليل على نبي فل يمتنع أن يكون الشيء الواحد دليل‬
‫على أمور كثيرة لكن يمتنع أن يوجد مع انتفاء مدلوله فما دل على النبوة قد يدل على أمييور أخييرى ميين‬
‫أمور الرب تبارك وتعالى لكن ل يمكن أن يدل مع انتفاء النبوة أي مع كون النبوة المدلول عليها باطلة ل‬
‫حقيقة لها ولكن قد يدل مع موت النبي ومع غيبته فان موته وغيبته ل ينفي نبوته وليس من شييرط دليييل‬
‫النبي أن يكون موجودا في محل المدلول عليه ول فييي مكييانه ول زمييانه وقييول ميين اشييترط فييي آيييات‬
‫النبياء أن تكون مقترنة بالدعوى في غاية الفساد والتنيياقض كمييا قييد بسييط ل سيييما واليييات قييد تكييون‬
‫مخلوقة نائية عن النبي وعن مكانه وكذلك سائر الدلة ل سيما مييا يجييري مجييرى الخييبر فالخبييار الداليية‬
‫على وجود المخبر به ل يجب أن تكون مقارنة المخبر به ل في محله ول زمييانه ول مكييانه وآيييات النبييياء‬
‫هي شهادة من الله وإخبار منه بنبوتهم فل يجب أن تكون في محل النبوة ول زمانها ول مكانها لكن يجوز‬
‫ذلك فل يمتنع أن يكون الدليل في محل المدلول عليه أو في مكيانه لكين يجيوز ذليك فييه فالنسيان قيد‬
‫تقوم به أمور تدل على بعض المور التي فيه وقد تعلم أموره بخبر غيره وببعض آثاره المنفصلة عنه فاذا‬
‫أريد بأن آيات النبياء مختصة بهم وأنها ل تكون لغيرهم أنها ل تكون مع انتفاء النبوة المدلول عليهييا فهييذا‬
‫صحيح‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.271‬‬

‫النبوات‬
‫لنه يستلزم الجمع بين النقيضين وأما إذا أريد أنها ل توجد إل في ذات النبي أو مقترنة بخييبره عيين نبييوته‬
‫أو في المكان الذي كان فيه أو في الزمان فهذا كله غلط وخطأ ممن ظنه وجهل بين بحقائق الدليية وان‬
‫كان من الدلة وآيات النبوة ما يكون في ذات النبي ويكون مقترنييا بقييوله إنييي رسييول اللييه ويكييون فييي‬
‫المكان الذي هو فيه وفي زمانه فهذا يمكن وهو الواقع فإن النبي صلى الله عليه وسييلم بييل وغيييره ميين‬
‫النبياء كان في نفس أقوالهم وأفعالهم وصفاتهم وأخلقهم وسيرهم أمور كثيرة تدل على نبوتهم وكييذلك‬
‫لما قال إني رسول الله أتى مع ذلك بآيات دلت على صدقه وكذلك في مكانه وزمانه ظهر ميين انشييقاق‬
‫القمر وغيره ما دل على نبوته لكن آيات النبياء أعم من ذلك كما أن دليل كل شيء أعم ميين أن يختييص‬
‫بمعنى المدلول وزمانه ومكانه وبهذا يظهر خطأ كثير من الناس في عدم معرفتهيم بجنيس آيييات النبيياء‬
‫لعدم تحقيقهم جنس الدلة والبراهين وأن خاصة الدليل أنه يلزم من تحققه تحقييق المييدلول عليييه فقييط‬
‫سواء كان مقارنا للمدلول عليه أو كان حال في محله أو مجاوزا لمحله أو لم يكن كذلك والنبوة قييد قييال‬
‫طائفة من الناس إنها صفة في النبي وقال طائفة ليسيت صيفة ثبوتيية فيي النيبي بيل هيي مجيرد تعليق‬
‫الخطاب اللهي به بقول الرب إني أرسلتك فهي عندهم صفة إضافية كما يقولونه في الحكييام الشييرعية‬
‫انها صفات اضافية للفعال ل صفات حقيقية والصحيح أن النبوة تجمع هذا وهذا فهي تتضمن صفة ثبوتييية‬
‫في النبي وصفة إضافية هي مجرد تعلق الخطاب اللهي به بقول الرب إني أرسلتك فهييي عنييدهم صييفة‬
‫إضافية كما يقولونه في الحكام الشرعية إنها صفات إضافية للفعال ل صفات حقيقية لكن على القوال‬
‫الثلثة ليس من شرط أدلتها أن تكون حالة في ذات النبي ولكيين يجييوز أن تكييون لهييا أدليية قائمية بييذات‬
‫النبي كما كان في محمد صلى الله عليه وسلم عدة أدلية مين دلئل النبيوة كميا هيو مبسيوط فيي دلئل‬
‫نبوته اذ المقصود هنا الكلم على جنس آيات النبياء ل على شيء معين ل دليل معين ول نبي معين فيياذا‬
‫عرف أن دلئل النبوة يمتنع ثبوتها لشخص ل نبييوة فييه إذا ادعاهييا أو ادعيييت لييه كييذبا ويمتنييع ثبوتهييا مييع‬
‫المكذب بالنبوة الصادقة وإنها ل توجد إل والنبوة ثابتة وأنها دليل علييى صييدق المخييبر بييالنبوة ميين جميييع‬
‫الخلق فكل من آمن أن محمدا رسول الله فقد أخبر عن نبوته كما أخبر هو عن نبوة‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.272‬‬

‫النبوات‬
‫فهذا الخبر وهو الشهادة بأنه‬ ‫نفسه بما أمره الله به حيث قال قل يا أيها الناس إني رسول ال اليكم جميعا‬
‫رسول الله الى الناس جميعا سواء وجد منه او من غيره هو مدلول علييه بجمييع دلئل النبيوة فياذا وجيد‬
‫هذا الخبر في غير النبي ووجد ما يدل على صدق هذا الخبر كان ذلك من دلئل النبوة كما وجييد هييذا فييي‬
‫خلق كثير من المؤمنين ومن دلئل النبوة وجود العلم الضروري بخبر أهل التييواتر الييذين أخييبروا باليييات‬
‫فهذا العلم الضروري هو بمنزلة المشاهدة لليات وكذلك ما يوجد لهل اليمان مما يستلزم صدق خبرهم‬
‫بأن محمدا رسول كما يوجد لمته من اليات الكثيرة عند تحقيق أمره ونصره وطاعته والجهاد عيين دينييه‬
‫والذب عنه وبيان ما أرسل به كما وجد أمثال ذلك للصحابة والتابعين وسائر المؤمنين الييى يييوم القياميية‬
‫) فصل ( فجميع ما يختص بالسحرة والكهان هو مناقض للنبوة فوجود ذلييك يييدل علييى أن صيياحبه ليييس‬
‫بنبي ويمتنع أن يكون شيء من ذلك دليل على النبوة فييإن مييا اسييتلزم عييدم الشيييء ل يسييتلزم وجييوده‬
‫وكذلك ما يأتي به أهل الطلسم وعبادة الكواكب ومخاطبتها كل ذلك مناقض للنبوة فييان النييبي ل يكييون‬
‫إل مؤمنا وهؤلء كفار فوجود ما يناقض اليمان هو مناقض للنبوة بطريق الولى وهو آييية ودليييل وبرهييان‬
‫على عدم النبوة فيمتنع أن يكون دليل على وجودها وجميع مييا يختيص بالسيحرة والكهييان وغيرهيم ممين‬
‫ليس بنبي ل يخرج عن مقدور النس والجن وأعني بالمقدور ما يمكنهم التوصل اليه بطريق من الطييرق‬
‫فان من الناس من يقول ان المقدور ل بد أن يكييون فييي محييل القييدرة وليييس هييذا هييو لغيية العييرب ول‬
‫غيرهم من المم ل لغة القرآن والحديث ول غيرهما وإنما يدعون ذلك من جهة العقل وقييولهم فييي ذلييك‬
‫باطل من جهة العقل لكن المقصود هنا التكلم باللغة المعروفة لغة العرب وغيرهم التي كان نبينييا صييلى‬
‫الله عليه وسلم وغيره يخاطب بها الناس كقوله في الحديث الصحيح لبي مسعود بما ضرب غلمه اعلم‬
‫أبا مسعود اعلم أبا مسعود لله أقدر عليك منك على هذا فجعل نفس المملوك مقدورا عليه لسيييده كمييا‬
‫يقول الناس القوة على الضعيف ضعف في القوة ويقولون فلن قادر على فلن وفلن عجز عن فلن‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.273‬‬

‫النبوات‬
‫ويقولون فلن ناسج هذا الثوب وبنى هذه الدار ومنه قوله تعالى ويصنننع الفلننك فجعييل الفلييك مصيينوعة‬
‫لنوح ومنه قوله تعالى وال خلقكم وما تعملون أي والصنام التي تعملونها وتنحتونها فجعل ما في الصنام‬
‫من التأليف معمول لهم كما جعل تأليف السفية مصنوعا لهم وهييذا كييثير والمقصييود هنييا أن مييا يييأتي بييه‬
‫السحرة والكهان ونحوهم هو مما يصنعه النس والجن ل يخرج ذلييك عنهييم والنييس والجيين قييد أرسييلت‬
‫اليهم الرسل فآيات النبياء خارجة عن قدرة النس والجن ل يقدر عليها ل النييس ول الجيين وللييه الحمييد‬
‫والمنة ومقدورات الجن هي من جنس مقدورات النس لكن تختلف في المواضع فإن النسي يقدر على‬
‫أن يضرب غيره حتى يميرض أو يميوت بيل يقيدر أن يكلميه بكلم يميرض بيه أو يميوت فميا يقيدر علييه‬
‫الساحر من سحر بعض الناس حتى يمرض أو يموت هو من مقدور الجيين وهييومن جنييس مقييدور النييس‬
‫ومنعه من الجماع هو من جنس المرض المانع لييه ميين ذلييك والحيب والبغييض لبعييض النياس كميا يفعليه‬
‫الساحر هو من استعانته بالشياطين وهو من جنس مقدور النيس بيل شييياطين النييس قيد ييؤثرون مين‬
‫البغض والحب أعظم مما تؤثره شياطين الجن والجن تقدر على الطيران فيي الهيواء وهيو مين العميال‬
‫والطيور تطير فهو من جنس مقدور النس لكن يختلف المحييل بييأن هييؤلء سيييرهم فييي الهييواء والنييس‬
‫سيرهم على الرض وكذلك المشي على الماء وطي الرض وهو قطع المسافة البعيدة في زمييان قريييب‬
‫هو من هذا الجنس هو مما تفعله الجن وهو مما تفعله الجن ببعض الناس وقد أخبر الله عن العفريت أنه‬
‫قال لسليمان عن عرش بلقيش وهو باليمن وسليمان بالشام أنا آتيك به قبننل أن تقننوم مننن مقامننك ولهييذا‬
‫يوجد كثير من الكفار والفساق والجهال تطير بهم الجن في الهواء وتمشي بهم علييى الميياء وتقطييع بهييم‬
‫المسافة البعيدة في المدة القريبة وليس شيء من ذلييك مين آيييات النبيياء ولليه الحمييد والمنيية إذ كييان‬
‫مقدور النس والجن والخبار ببعض المور الغائبة التي يأتي بها الكهان هو أيضا من مقييدور الجيين فييإنهم‬
‫تارة يرون الغائب فيخبرون به وتارة يسترقون السمع ميين السييماء فيخييبرون بييه وتييارة يسييترقون وهييم‬
‫يكذبون في ذلك كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنهم وما تخبر به النبياء من الغيب ل يقييدر عليييه‬
‫إنس ول جن‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.274‬‬

‫النبوات‬
‫ول كذب فيه وأخبار الكهان وغيرهم كذبها أكثر من صدقها وكذلك كل من تعود الخبار عن الغائب فاخبار‬
‫الجن ل بد أن تكذب فإنه من طلب منهم الخبار بالمغيب كان مين جنيس الكهيان وكيذبوا فيي بعيض ميا‬
‫يخبرون به وإن كانوا صادقين في البعض وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عيين‬
‫الكهان فقيل له إن منا قوما يأتون الكهان قال فل تأتوهم وثبت عنه في الصحيح أنه قال من أتييى عرافييا‬
‫فسأله عن شيء لم تقبل له صلة أربعين يوما وفي السنن عنه أنه قال ميين اقتبييس شييعبة ميين النجييوم‬
‫فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد والنبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به من المسيجد الحييرام‬
‫الى المسجد القصى لم يكن المقصود مجرد وصوله الى القصييى بييل المقصييود مييا ذكييره اللييه بقييوله‬
‫لنريه من آياتنا كما قال في سورة النجم ولقنند رآه نزلننة أخننرى عننند سنندرة المنتهننى عننندها جنننة المننأوى إذ‬
‫يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقنند رأى مننن آيننات ربننه الكننبرى وما رآه مختيص بالنبييياء ل‬
‫يكون ذلك لمن خالفهم ول يريه الله تعييالى ميا أراه محمييد حيين أسيري بيه وكيذلك صييلته بالنبيياء فيي‬
‫المسجد القصى وركوبه على البراق هذا كله من خصائص النبياء والذين تحملهم الجن وتطييير بهييم ميين‬
‫مكان الى مكان أكثرهم ل يدري كيف حمل بل يحمل الرجل الى عرفات ويرجع وما يييدري كيييف حملتييه‬
‫الشياطين ول يدعونه يفعل ما أمر الله به كما أمر الله به بل قد يقف بعرفات من غييير إحييرام ول إتمييام‬
‫مناسك الحج وقد يذهبون به الى مكة ويطوف بالبيت من غير إحرام اذا حاذى الميقات وذلك واجب فييي‬
‫أحد قولي العلماء ومستحب في الخر فيفوته المشييروع أو يوقعييونه فييي الييذنب ويغرونييه بييأن هييذا مين‬
‫كرامات الصالحين وليس هو مما يكرم الله به وليه بل هو مما أضلته به الشياطين وأوهمته أن مييا فعلييه‬
‫قربة وطاعة أو يكون صاحبه له عند الله منزلة عظيمة وليس هيو قربية وطاعية وصياحبه ل ييزداد بيذلك‬
‫منزلة عند الله فإن التقرب الى الله انما يكون بواجب أو مستحب وهييذا ليييس بييواجب ول مسييتحب بييل‬
‫يضلون صاحبه ويصدونه عن تكميل ما يحبه الله منه من عبادته وطاعته وطاعة رسوله ويوهمونه أن هذا‬
‫من افضل الكرامات حتى يبقى طالبا له عامل عليه وهم بسبب اعانتهم له على ذلك قد‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.275‬‬

‫استعملوه في بعض ما يريدون مما ينقص قدره عند الله أو وقوعه في ذنوب وإن لم يعييرف انهييا‬
‫ذنوب فيكون ضال ناقصا وإن غفر له ذلك لعدم علمه فإنه نقص درجته وخفض منزلتييه بييذلك الييذي‬
‫أوهموه أنه رفع درجته وأعلى منزلته وهذا من جنس ما تفعله السحرة فإن الساحر قييد يصييعد فييي‬
‫الهواء والناس ينظرونه وقد يركب شيئا من الجمادات إما قصبة واما خابية وإمييا مكنسيية وإمييا غييير‬
‫ذلك فيصعد به في الهواء وذلك أن الشياطين تحمله وتفعل الشياطين هذا ونحوه بكييثير ميين العبيياد‬
‫والضلل من عباد المشركين وأهل الكتاب والضلل من المسلمين فتحملهم ميين مكييان الييى مكييان‬
‫وقد يرى أحدهم بما يركبه إما فرس وإما غيره وهو شيطان تصور له في صورة مركييوب وقييد يييرى‬
‫أنه يمشي في الهواء من غير مركوب والشيطان قد حمله والحكايات في هييذا كييثيرة معروفيية عنييد‬
‫من يعرف هذا الباب ونحن نعرف من هذا أمورا يطول وصفها وكذلك المشي على الماء قييد يجعييل‬
‫له الجن ما يمشي عليه وهو يظن أنه يمشي على الماء وقد يخيلون أليه أنه التقى طرفا النهرليعييبر‬
‫والنهر لم يتغير في نفسه ولكن خيلوا اليه ذلك وليس هذا ولليه الحميد شييء مين جنيس معجيزات‬
‫النبياء وقد يمشي على الماء قوم بتأييد الله لهم وإعانته إياهم بالملئكيية كمييا يحكييى عيين المسيييح‬
‫وكما جرى للعلء بن الحضرمي في عبور الجيش ولبي مسلم الخولني وذلك اعانة على الجهاد في‬
‫سبيل الله كما يؤيد الله المؤمنين بالملئكة ليس هو من فعييل الشييياطين والفيرق بينهميا مين جهية‬
‫السبب ومن جهة الغاية أما السبب فإن الصالحون يسمون الله ويذكرونه ويفعلون ما يحبه الله ميين‬
‫توحيده وطاعته فييسر لهم بذلك ما ييسره ومقصودهم به نصر الدين والحسان الى المحتاجين وما‬
‫تفعله الشياطين يحصل بسبب الشرك والكذب والفجور والمقصود به العانة على مثل ذلك والجيين‬
‫فيهم مسلم وكافر فالمسلمون منهم يعاونون النس المسلمين كما يعاون المسلمون بعضهم بعضييا‬
‫والكفار مع الكفار والجن الذين يطيعون النس وتستخدمهم النس ثلثة أصناف أعلها أن يييأمروهم‬
‫بما أمر الله به ورسله فيأمرونهم بعبادة الله وحده وطاعة رسله فإن الله أوجب على الجيين طاعيية‬
‫الرسل كما أوجب ذلك على النس وقال تعالى ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد اسننتكثرتم مننن‬
‫النس وقال أولياؤهم من النس ربنا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.276‬‬

‫استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي اجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إل ما شيياء اللييه إن‬
‫ربك حكيم عليم وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون يييا معشيير الجيين والنييس ألييم‬
‫يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على انفسنا وغرتهييم‬
‫الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كييانوا كيافرين ذليك أن لييم يكين ربييك مهلييك القيرى بظلييم‬
‫وأهلها غافلون ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون فالرسننل تكننون مننن النننس الننى‬
‫الثقلين والنذر من الجن باتفاق العلماء واختلفوا هل يكون في الجن رسل والكثرون على أنه ل رسننل فيهننم‬
‫كما قال تعالى وما أرسلنا من قبلك إل رجال نوحي اليهم من أهل القرى وعن الحسننن البصننري قننال‬
‫لم يبعث ال نبيا من أهل البادية ول من الجن ول من النساء ذكره عنه طائفة منهننم البغننوي وابننن الجننوزي‬
‫وقال قتادة ما نعلم أن ال أرسل رسول قط إل من أهل القرى لنهم كانوا أعلم وأحلم من أهل العمننور رواه‬
‫ابن أبي حاتم وذكره طائفة ونبينا محمد صلى ال عليه وسلم قد أرسل إلى الثقلين وقد آمن به مننن آمننن مننن‬
‫جن نصيبين فسمعوا القرآن وولوا الى قومهم منذرين ثم أتوا فبايعوه على السلم بشعب معروف بمكة بين‬
‫البطح وبين جبل حراء وسألوه الطعام لهم ولدوابهم فقال لكم كل عظم ذكر اسم ال ن عليننه أوفننر مننا يكننون‬
‫لحما وكل بعرة علف لدوابكم قال النبي صلى ال عليه وسلم فل تستنجوا بهما فانهما زاد إخوانكم من الجننن‬
‫والحاديث بذلك كثيرة مشهورة فني الصنحيح والسننن والمسننند وكتنب التفسنير والفقننه وغيرهنا وقنند روى‬
‫الترمذي وغيره أنه قرأ عليهم سورة الرحمن وهي خطاب للثقلين وقد اتفق العلماء على أن كفارهم يدخلون‬
‫النار كما أخبر ال بذلك في قوله قال ادخلوا في أمم قبلكم من الجن والنييس فييي النييار كلمييا دخلييت‬
‫أمة لعنت أختها وقال ال تعالى لملن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين وقال لملن جهنم من‬
‫الجنة والناس أجمعين وأما مؤمنوهم فأكثر العلماء على أنهم ينندخلون الجننة وقنال طائفنة بنل يصنيرون‬
‫ترابا كالدواب والول أصح وهو قول الوزاعي وابن أبي ليلى وأبي يوسف ومحمد ونقننل ذلننك عننن مالننك‬
‫والشافي وأحمد بن حنبل وهو قول أصحابهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.277‬‬

‫واحتج عليه الوزاعي وغيره بقوله ولكل درجات مما عملوا بعد ذكره أهل الجنيية وأهييل النييار ميين الجيين‬
‫والنس كما قال في سورة النعام وفي الحقاف ولكل درجات مما عملوا بعد ذكر هل الجنة والنار وقال‬
‫عبد الرحمن بن زيد بن أسلم درجات أهل النار تذهب سفول ودرجييات أهييل الجنيية تييذهب صييعودا فنبينييا‬
‫صلى الله عليه وسلم هو مع الجن كما هو مع النس والنييس معييه إمييا مييؤمن بييه وإمييا مسييلم لييه وإمييا‬
‫مسالم له وإما خائف منه وكذلك الجن منهم المؤمن بييه ومنهييم المسييلم لييه مييع نفيياق ومنهييم المعاهييد‬
‫المسالم لمؤمني الجن ومنهم الحربي الخائف من المؤمنين وكان هذا أفضل مما أوتيه سليمان فان الله‬
‫سخر الجن لسليمان تطيعه طاعة الملوك فإن سليمان كان نبيا ملكا مثل داود ويوسف وأما محمييد فهييو‬
‫عبد رسول مثل ابراهيم وموسى وعيسى وهؤلء أفضييل ميين أولئك فأولييياء اللييه المتبعييون لمحمييد إنمييا‬
‫يستخدمون الجن كما يستخدمون النس في عبادة الله وطاعته كما كان محمييد صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫يستعمل النس ل في غرض له غير ذلك ومن الناس من يستخدم ميين يسييتخدمه ميين النييس فييي أمييور‬
‫مباحة كذلك فيهم من يستخدم الجن في أمور مباحة لكن هؤلء ل يخدمهم النس والجن ال بعييوض مثييل‬
‫أن يخدموهم كما يخدمونهم أو يعينونهم على بعض مقاصدهم وإل فلييس أحيد مين النيس والجين يفعيل‬
‫شيئا إل لغرض والنيس والجيين اذا خيدموا الرجييل الصييالح فييي بعيض أغراضييه المباحيية فاميا أن يكونيوا‬
‫مخلصين يطلبون الجر من الله وإل طلبوه منه إما دعاءه لهم وإما نفعه لهم بجاهه أو غير ذلك والقسييم‬
‫الثالث أن يستخدم الجن في أمور محظورة أو بأسباب محظييورة مثييل قتيل نفييس وإمراضييها بغييير حييق‬
‫ومثل منع شخص من الوطء ومثل تبغيض شخص الى شخص ومثل جلب من يهواه الشييخص اليييه فهييذا‬
‫من السحر وقد يقع مثله لكثير من النيياس ول يعييرف السييحر بيل يكييون موافقييا للشييياطين علييى بعييض‬
‫أغراضهم مثل شرك أو بدعة وضللة أو ظلم أو فاحشة فيخدمونه ليفعل ميايهوونه وهيذا كيثير فيي عبياد‬
‫المشركين وأهل الكتاب وأهل الضلل من المسلمين وكثير من هؤلء ل يعرف أن ذلك من الشياطين بل‬
‫يظنه من كرامات الصالحين ومنهم من يعرف أنه من الشياطين ويرى أنه بذلك حصييل لييه ملييك وطاعيية‬
‫ونيل ما يشتهيه من الرياسة والشهوات وقتل عدوه فيدخل في‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.278‬‬

‫ذلك كما تدخل الملوك الظلمة في أغراضهم وليس أحد من الناس تطيعه الجن طاعة مطلقة كما كييانت‬
‫تطيع سليمان بتسخير من الله وأمر منه من غير معارضة كما أن الطير كانت تطيعه والريح قال تعييالى‬
‫ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يننديه بننإذن ربننه ومننن‬
‫يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير يعملون له ما يشاء مننن محنناريب وتماثيننل وجفننان كننالجواب وقنندور‬
‫راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليننل مننن عبننادي الشننكور والجن والنس فيهييم المييؤمن المطيييع والمسييلم‬
‫الجاهل أو المنافق أو العاصي وفيهم الكافر وكل ضرب يميل الى بني جنسه والييذي أعطيياه اللييه تعييالى‬
‫سليمان خارج عن قدرة الجن والنس فإنه ل يستطيع أحد أن يسخر الجيين مطلقييا لطيياعته ول يسييتخدم‬
‫أحدا منهم ال بمعاوضة إما عمل مذموم تحبه الجن وإما قوم تخضع له الشياطين كالقسام والعزائم فان‬
‫كل جني فوقه من هو أعلى منه فقد يخدمون بعض الناس طاعة لميين فييوقهم كمييا يخييدم بعييض النييس‬
‫لمن أمرهم سلطانهم بخدمته لكتاب معه منه وهيم كيارهون طياعته وقيد يأخيذون منيه ذليك الكتياب ول‬
‫يطيعونه وقد يقتلونه أو يمرضونه فكثير من الناس قتلته الجن كما يصرعونهم والصرع لجل الزنييا وتييارة‬
‫يقولون إنه آذاهم إما بصب نجاسة عليهم وإما بغير ذلك فيصرعون صرع عقوبيية وانتقييام وتييارة يفعلييون‬
‫ذلك عبثا كما يعبث شياطين النس بالناس والجن أعظم شيطنة وأقل عقل وأكثر جهل والجني قييد يحييب‬
‫النسي كما يحب النسي النسي وكما يحب الرجل المرأة والمرأة الرجييل ويغييار عليييه ويخييدمه بأشييياء‬
‫واذا صار مع غيره فقد يعاقبه بالقتل وغيره كل هذا واقع ثم الذي يخدمونه تييارة يسييرقون لييه شيييئا ميين‬
‫أموال الناس مما لم يذكر اسم الله عليه ويأتونه إما بطعام وإما شراب واما لبيياس وامييا نقييد وإمييا غييير‬
‫ذلك وتارة يأتونه في المفاوز بماء عذب وطعام وغير ذلك وليس شيء من ذلك من معجزات النبييياء ول‬
‫كرامات الصالحين فإن ذلك انما يفعلونه بسبب شرك وظلم وفاحشة وهو لو كان مباحا لم يجز أن يفعل‬
‫بهذا السبب فكيف اذا كان في نفسه ظلما محرما لكونه من الظلم والفواحش ونحو ذلييك وقييد يخييبرون‬
‫بأمور غائبة مما رأوه وسمعوه ويدخلون في جوف النسان قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الشيطان‬
‫يجري من النسان مجرى الدم لكن‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.279‬‬

‫إنما سلطانهم كما قال الله إنه ليس له سلطان على الذين آمننوا وعلننى ربهنم يتوكلنون انمنا سنلطانه‬
‫على الذين يتولونه والذين هم به مشركون ولما قال الشيطان رب بما أغويتني لزينن لهنم فني الرض‬
‫ولغوينهم أجمعين إل عبادك منهم المخلصين قال الله تعالى ان عبادي ليس لك عليهم سلطان ثم قييال‬
‫إل أي لكن من اتبعك من الغاوين وان جهنم لموعدهم أجمعين لهنا سنبعة أبنواب لكنل بناب منهنم جنزء‬
‫مقسوم فأهل الخلص واليمان ل سلطان له عليهم ولهذا يهربون من الييبيت الييذي تقييرأ فيييه سييورة‬
‫البقرة ويهربون من قراءة آية الكرسي وآخر سورة البقرة وغير ذلك من قوارع القرآن وميين الجيين‬
‫من يخبر بأمور مستقبلة للكهان وغير الكهان مما يسرقونه من السمع والكهانة كانت ظاهرة كييثيرة‬
‫بأرض العرب فلما ظهر التوحيد هربت الشياطين وبطلت أو قلت ثم انها تظهر فييي المواضييع الييتي‬
‫يختفي فيها أثر التوحيد وقد كان حول المدينيية بعييد أن هيياجر النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم كهييان‬
‫يتحاكمون اليهم وكان أبو بردة بن نيار كاهنا ثم أسلم بعد ذلك وهو من أسلم والصنام لها شييياطين‬
‫كانت تتراءى للسدنة أحيانا وتكلمهم أحيانا قال أبي بن كعب مع كل صنم جنية وقال ابن عباس في‬
‫كل صنم شيطان يتراءى للسدنة فيكلمهم والشياطين كما قال الله تقترن بما يجانسها بأهل الكذب‬
‫والفجور قال تعالى هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيننم يلقننون السننمع وأكننثرهم‬
‫كاذبون فكيف يجوز أن يقال إن مثل هذا يكون معجزة لنييبي أو كراميية لييولي وهييذا ينيياقض اليمييان‬
‫ويضاده والنبياء والولياء أعداء هؤلء قال تعالى ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما ينندعو حزبننه‬
‫ليكونوا من أصحاب السعير وقال تعالى ألم أعهد اليكم يننا بننني آدم أن ل تعبنندوا الشننيطان إننه لكنم عنندو‬
‫مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبل كثيرا أفلم تكونوا تعقلون وهييذا يظهيير الفييرق‬
‫بين إخبار النبياء عن الغيب ما ل سبيل لمخلوق الى علمه إل منه كما قييال تعييالى عننالم الغيننب فل‬
‫يظهر على غيبه أحدا ال من ارتضى من رسول فإنه يسنلك منن بينن ينديه ومنن خلفنه رصندا ليعلنم أن قند‬
‫أبلغوا رسالت ربهم وأحاط بما لديهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.280‬‬

‫النبوات‬
‫وأحصى كل شيء عددا فقوله على غيبه هو غيبه الذي اختص به وأما ما يعلمننه بعننض المخلننوقين‬
‫فهو غيب عمن لم يعلمه وهو شهادة لمن علمه فهذا أيضا تخبر منه النبياء بما ل يمكن الشياطين أن تخننبر‬
‫به كما في إخبار اللمسيح بقوله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم فإن الجن قنند يخننبرون بمننا‬
‫يأكله بعض الناس وبما يدخرونه لكن الشياطين انما تتسلط على من ل يذكر اسم ال كالذي ل يذكر اسم ال‬
‫اذا دخل فيدخلون معه وإن لم يذكر اسم ال اذا أكل فانهم يأكلون معه وكذلك اذا ادخر شننيئا ولننم يننذكر اسننم‬
‫ال عليه عرفوا به وقد يسرقون بعضه كما جرى هذا لكثير من الناس وأما من يذكر اسنم الن علنى طعنامه‬
‫وعلى ما يجتازه فل سلطان لهم عليه ل يعرفون ذلك ول يستطيعون أخذه والمسيح عليه السلم كننان يخننبر‬
‫المؤمنين بما يأكلون وما يدخرون مما ذكر اسم ال عليه والشياطين ل تعلم به ولهذا من يكون إخبنناره عننن‬
‫شياطين تخبره ل يكاشف أهل اليمان والتوحيد وأهل القلوب المنورة بنور ال بل يهرب منهم ويعترف أنه‬
‫ل يكاشف هؤلء وأمثالهم وتعنترف الجنن والننس النذين خنوارقهم بمعاوننة الجنن لهنم أنهنم ل يمكنهنم أن‬
‫يظهروا هذه الخوارق بحضرة أهل اليمان والقرآن ويقولون أحوالنا ل تظهر قدام الشرع والكتنناب والسنننة‬
‫وإنما تظهر عند الكفار والفجار وهذا لن أولئك أولياء الشياطين ولهم شياطين يعاونون شياطين المخدومين‬
‫ويتفقون على ما يفعلونه من الخوارق الشيطانية كدخول النار مع كونها لم تصننر عليهننم بننردا وسننلما فننإن‬
‫الخليل لما ألقى في النار صارت عليه بردا وسلما وكذلك أبو مسلم الخولني لمننا قننال لننه السننود العنسنني‬
‫المتنبي أتشهد أني رسول ال قال ما أسمع قال أتشهد أن محمدا رسول ال قننال نعننم فننأمر بنننار فأوقنندت لننه‬
‫وألقي فيها فجاءوا اليه فوجدوه يصلي فيها وقد صنارت علينه بنردا وسنلما فقندم المديننة بعند منوت الننبي‬
‫صلى ال عليه وسلم وأخذه عمر فأجلسه بينه وبين أبي بكر وقال الحمد ل الذي لم يمتننني حننتى أراننني فنني‬
‫أمة محمد من فعل به كما فعل بابراهيم وأما اخوان الشياطين فاذا دخلت فيهم الشننياطين فقنند ينندخلون النننار‬
‫ول تحرقهم كما يضرب أحدهم الف سوط ول يحس بذلك فإن الشياطين تتلقى ذلك وهذا أمر كثير معننروف‬
‫قد رأينا من ذلك ما يطول وصفه وقد ضربنا نحن من الشياطين في‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.281‬‬

‫النبوات‬
‫النس ما شاء الله حتى خرجوا من النس ولم يعاودوه وفيهم من يخرج بالذكر والقرآن وفيهم من يخرج‬
‫بالوعظ والتخويف وفيهم من ل يخرج إل بالعقوبة كالنس فهؤلء الشياطين اذا كانوا مع جنسهم الييذين ل‬
‫يهابونهم فعلوا هذه المور وأما اذا كانوا عند أهل ايمان وتوحيد وفي بيوت الله التي يذكر فيها اسييمه لييم‬
‫يجترئوا على ذلك بل يخافون الرجل الصالح أعظم مما يخافه فجار النس ولهذا ل يمكنهييم عمييل سييماع‬
‫المكاء والتصدية في المساجد المعمورة بذكر الله ول بين أهل اليمان والشريعة المتبعين للرسييول إنمييا‬
‫يمكنهم ذلك في الماكن الييتي تأتيهييا الشييياطين كالمسيياجد المهجييورة والمشيياهد والمقييابر والحمامييات‬
‫والمواخير فالمواضع التي نهى النبي صلى الله علييه وسيلم عين الصيلة فيهيا كيالمقبرة وأعطيان البيل‬
‫والحمام وغيرها فتكون حال هؤل فيها أقوى لنها مواضع الشييياطين كالميياخور والمزبليية والحمييام ونحييو‬
‫ذلك بخلف المكنة التي ظهر فيها اليمان والقرآن والتوحيد التي أثنى الله على أهلهيا وقيال فيهيم ال ن‬
‫نور السماوات والرض مثل نوره مشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من‬
‫شجرة مباركة زيتونة ل شرقية ول غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهنندي ال ن لنننوره‬
‫من يشاء ويضرب ال المثال للناس وال بكل شيء عليم في بيوت أذن ال أن ترفع ويذكر فيهننا اسنمه يسنبح لنه‬
‫فيها بالغدو والصال رجال ل تلهيهم تجارة ول بيع عن ذكر ال وإقام الصلة وإيتاء الزكاة يخافون يومننا تتقلننب‬
‫فيه القلوب والبصار ليجزيهم ال أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله وال يرزق من يشنناء بغيننر حسنناب فهذه‬
‫أمكنة النور والصالحين والملئكة ل تتسلط عليها الشياطين بكل ما تريد بل كيدهم فيهييا ضييعيف كمييا أن‬
‫كيدهم في شهر رمضان ضعيف اذ كانوا فيه يسلسلون لكن لم يبطل فعلهم بالكلية بييل ضييعف فشييرهم‬
‫فيه على أهل الصوم قليل بخلف أهييل الشييراب وأهيل الظلمييات فييإن الشييياطين هنالييك محييالهم وهيم‬
‫يحبون الظلمة ويكرهون النور ولهذا ينتشرون بالليل كما جاء في الحديث الصحيح ولهذا أمر الله بييالتعوذ‬
‫من شر غاسق اذا وقب وخوارق الجن كالخبييار ببعييض المييور الغائبيية وكالتصييرفات الموافقيية لغييراض‬
‫بعض النس كثيرة معروفة في جميع المم فقد كانت في العرب‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.282‬‬

‫النبوات‬
‫كثيرة وكذلك في الهند وفي الترك والفرس والبربر وسائر المم فهي أمور معتادة للجن والنييس وآيييات‬
‫النبياء كما تقدم خارجة عن مقدور النس والجن فييإنهم مبعوثييون الييى النييس والجيين فيمتنييع أن تكييون‬
‫آياتهم أمورا معروفة فيمن بعثوا اليه اذ يقال هذه موجودة كثيرا للنييس فل يختييص بهييا النبييياء بييل هييذه‬
‫الخوارق هي آية وعلمة على فجور صاحبها وكذبه فهي ضييد آيييات النبييياء الييتي تسييتلزم صييدق صيياحبها‬
‫وعدله ولهذا يكون كثير من الذين تخييدمهم الشييياطين ميين أهييل الشييياطين وهييذا معييروف لكييثير مميين‬
‫تخدمه الشياطين بل من طوائف المخدومين من يكونون كلهم من هذا الباب كالبويي الذي للترك وأكييثر‬
‫المولهين من هذا الباب وهم يصعدون بهم في الهواء ويدخلون المدن والحصون بالليييل والبييواب مغلقيية‬
‫ويدخلون على كثير من رؤساء الناس ويظنون أن هؤلء صالحون قد طاروا في الهواء ول يعرف أن الجن‬
‫طارت بهم وهذه الخوال الشيطانية تبطل أو تضعف إذا ذكر الله وتوحيده وقرئت قوارع القرآن ل سيييما‬
‫آية الكرسي فإنها تبطل عامة هذه الخييوارق الشيييطانية وأمييا آيييات النبييياء والولييياء فتقييوى بييذكر اللييه‬
‫وتوحيده والجن المؤمنون قد يعينون المؤمنين بشيء من الخوارق كما يعين النس المؤمنييون للمييؤمنين‬
‫بما يمكنهم من العانة وما ل يكون إل مع القرار بنبييوة النبييياء فهييو ميين آييياتهم فوجييوده يؤيييد آييياتهم ل‬
‫يناقضها مع أن آيات النبياء التي يدعون اعلى من هذا وأعلى من كرامات الولياء فييإن تلييك هييي اليييات‬
‫الكبرى والذين ذكر عنهم إنكار كرامات الولياء من المعتزليية وغيرهييم كييأبي اسيحاق السييفراييني وأبيي‬
‫محمد بن أبي زيد وكما ذكر ذلييك أبييو محمييد بين حييزم ل ينكييرون الييدعوات المجابيية ول ينكييرون الرؤيييا‬
‫الصادقة فإن هذا متفق عليه بين المسلمين وهو أن الله تعالى قد يخص بعضهم بما يريه من المبشييرات‬
‫وقد كان سعد بن أبي وقاص معروفا باجابة الدعاء فإن النبي صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال اللهييم سييدد‬
‫رميته وأجب دعوته وحكاياته في ذلك مشهورة وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه‬
‫قال لم يبق بعدي من النبوة ال الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له وثبت عنه في الصحيح أنييه‬
‫قال ان من عباد الله من لو أقسم على الله لبره ذكر ذلك لما أقسم أنس بن النضيير أنييه ل تكسيير ثنييية‬
‫الربيع‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.283‬‬


‫فاستجاب الله ذلك وايضا فإن منهم البراء بن مالك أخو أنس بن مالك وكانوا اذا اشتد الحرب يقولون يييا‬
‫براء أقسم على ربك فيقسم على ربه فينصرون والقسم قيل هو من جنس الدعاء لكن هو طلييب مؤكييد‬
‫بالقسم فالسائل يخضضع ويقول أعطني والمقسم يقول أقسم عليك لتعطينييي وهييو خاضييع سييائل لكيين‬
‫من الناس من يدعي له من الكرامات مال يجوز ان يكون للنبياء كقول بعضهم ان للييه عبييادا لييو شيياءوا‬
‫من الله أن ل يقيم القيامة لما اقامها وقول بعضهم إنه يعطي كيين أي شيييء أرادة قييال لييه كيين فيكييون‬
‫وقول بعضهم ل يعرب عن قدرته ممكن كما ل يعزب عن قدرة ربه محال فييانه لمييا كييثر فييي الغلة ميين‬
‫يقول بالحلول والتحاد وإلهية بعض البشر كما قيياله النصييارى فييي المسيييح صيياروا يجعلييون مييا هييو ميين‬
‫خصائص الربوبية لبعض البشر وهذا كفر وأيضا فإن كثيرا من الناس ل يكون من أهل الصلح وتكييون لييه‬
‫خوارق شيطانية كما لعباد المشركين وأهل الكتاب فتتجلى لهم على أنها كرامات فمن الناس من يكييذب‬
‫بها ومنهم من يجعل أهلها من أولياء الله وذلك لن الطييائفتين ظنيت أن مثيل هيذه الخييوارق ل يكيون إل‬
‫لولياء الله ولم يميزوا بين الخوارق الشيطانية التي هي جنس مييا للسييحرة والكهييان ولعبيياد المشييركين‬
‫وأهل الكتاب وللمتنبئين الكذابين وبين الكرامات الرحمانية التي يكرم الله بها عباده الصييالحين فلمييا لييم‬
‫يميزوا بين هذا وهذا وكان كثير من الكفار والفجار وأهل الضلل والبدع لهم خوارق شيطانية صييار هييؤلء‬
‫منهم حزبين حزبا قد شاهدوا ذلك وأخبرهم به من يعرفون صدقه فقالوا هؤلء اولياء الله وحزبييا رأوا أن‬
‫أولئك خارجون عن الشريعة وعن طاعة الله ورسوله فقالوا ليس هؤلء من الولياء اليذين لهييم كراميات‬
‫فكذبوا بوجود ما رآه أولئك وأولئك قد عاينوا ذلك أو تواتر عندهم فصار تكييذيب هييؤلء مثييل تكييذيب ميين‬
‫ينكر السحر والكهانة والجن وصرعهم للنس إذا كذب ذلك عند من رأى ذلك أو ثبت عنده ومن كذب بما‬
‫تيقن غيره وجوده نقصت حرمته عنه هذا المتيقن وكان عنده إما جاهل وإما معاندا فربمييا رد عليييه كييثيرا‬
‫من الحق بسبب ذلك ولهذا صار كثير من المنتسبين إلى زهييد أو فقيير أو تصييرف أو ولييه أو غييير ذلييك ل‬
‫يقبلون قولهم ول يعبأون بخلفهم لنهم كذبوا بحق‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.284‬‬

‫قد تيقنه هؤلء وأنكروا وجوده وكذبوا بما ليم يحيطيوا بعلميه وقيد ييدخلون انكيار ذليك فيي الشيرع كميا‬
‫أدخلت المعتزلة ونحوهم إنكار كرامات الولياء وإنكار السحر والكهانة في الشرع بناء على أن ذلك يقدح‬
‫في آيات النبياء فجمعوا بين التكذيب بهذه المور الموجودة وبين عدم العلم بآيات النبيياء والفيرق بينهيا‬
‫وبين غيرها حيث ظنوا أن هذه الخوارق الشيطانية من جنس آيات النبياء وأنها نظير لها فلييو وقعييت لييم‬
‫يكن للنبياء ما يتميزون بييه والييذين ردوا علييى هيؤلء ميين الشييعرية ونحييوهم يشيياركونهم فييي هييذا فييي‬
‫التسوية بين الجنسين وأنه ل فرق لكن هؤلء لما تيقنوا وجودها جعلوا الفرق ما ليس بفرق وهو اقترانهييا‬
‫بالدعوى والتحدي بمثلها وعدم المعارضة وهم يقولون إنا نعلم بالضرورة أن الييرب إنمييا خلقهييا لتصييديق‬
‫النبي وهذا كلم صحيح لكنه يستلزم بطلن ما أصلوه مين أنيه ل يخليق شييئا لشييء وأيضيا فاختصاصيها‬
‫بوجود العلم الضروري عندها دون غيرها ل بد أن يكون لمر أوجب التخصيص وهم يقولون بل قد تستوي‬
‫المور ويوجد العلم الضروري ببعضها دون بعض كما قالوا مثل ذلك في العادات انه يجوز انخراقهييا كلهييا‬
‫بل سبب على أعظم الوجوه كجعل الجبال بواقيت لكن يعلم بالضرورة أن هذا ل يقييع فكييذلك قييالوا فييي‬
‫المعجزات يجوز أن يخلقها على يد كاذب إنما خلقها علييى يييد الصييادق بمييا ادعييى ميين العلييم الضييروري‬
‫صحيح وأما قولهم إن المعلوم به يماثل غيره فغلط عظيم بل هم لم يعرفوا الفرق بمنزلة العييامي الييذي‬
‫أوردت عليه شبهات السوفسطائية فهو يعلم بالضرورة أنها باطلة ولكن ل يعرف الفرق بينها وبين الحييق‬
‫ولكن العامي يقول فيها فساد ل أعرفه ل يقول دلئل الحق كدلئل الباطييل وهييؤلء ادعييوا السييتواء فييي‬
‫نفس المر فغلطوا غلطا عظيما ولو قالوا بينهما فرق لكنه لم يتخلص لنييا لكييان قييولهم حقييا وكييانوا قييد‬
‫ذكروا عدم العلم ل العلم بالعدم كما يقول ذلك كثير من الناس يقول ما أعييرف الفييرق بينهمييا وذلييك أن‬
‫العلم الضروري يحصل ببعض الخبار دون بعض وقد قيل إنا نعلم أنه متواتر بحصول علمنا الضييروري بييه‬
‫والتحقيق انه اذا حصل له علم ضروري كان قد حصل الخبر‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.285‬‬

‫الذي يوجبه لهم وقد ل يحصل لغيرهم والعلم يحصل بعدد المخبرين وبصفاتهم وبأمور أخييرى تنضييم الييى‬
‫الخبر ومن جعل العتبار بمجرد العدد فقد غلط والكثرون يقولون العلم الحاصل بييه ضييروري وقيييل انييه‬
‫نظري وهو اختيار الكعبي وأبي الحسين وأبي الخطاب والتحقيق أنه قد يكون ضروريا وقييد يكييون نظريييا‬
‫وقد يجتمع فيه المران يكون ضروريا ثم إذا نظر فيه وجد أنه يوجب العلم وكذلك العلييم الحاصييل عقييب‬
‫اليات قد يكون ضروريا وقد يكون نظريا وكل نظري فإن منتهيياه أنييه ضييروري ولهييذا قييال أبييو المعييالي‬
‫المرتضى عندنا أن جميع العلوم ضرورية أي بعد حصول أسبابها ول بد من فرق في نفس الميير بييين مييا‬
‫يوجبه العلم ومال يوجبه وأصل خطأ الطائفتين أنهم لييم يعرفييوا آيييات النبييياء ومييا خصييهم اللييه بييه ولييم‬
‫يقدروا قدر النبوة ولم يقدروا آيات النبياء قدرها بل جعلوا هذه الخوارق الشيطانية مين جنسييها فإمييا ان‬
‫يكذبوا بوجودها وإما أن يسيووا بينهمييا ويييدعوا فرقيا ل حقيقية لييه ولهيذا يوجيد كييثير مميين يكييذب بهييذه‬
‫الخوارق الشيطانية أن تكون لبعض الشخاص لما يراه من نقص دينه وعلمه فاذا عاينها بعد ذلك أو ثبتت‬
‫عنده خضع لذلك الشخص الذي كان عنده إما كافرا وإما ضال وإما مبتدعا جاهل وذلك لنه أنكيير وجودهييا‬
‫معتقدا أنها ل توجد إل للصالحين فلما تيقن وجودها جعلها دليل على الصييلح وهييو غييالط فييي الصييل بييل‬
‫هذه من الشياطين من جنس ما للسحرة والكهان ومن جنس ميا للكفييار مين المشييركين وأهيل الكتياب‬
‫فإن لمشركي الهند والترك وغيرهم ولعباد النصارى ميين هييذه الخييوارق الشيييطانية أمييورا كييثيرة يطييول‬
‫وصفها أكثر وأعظم من أكثر مما يوجد منها لهل الضلل والبدع من المسلمين وما يوجد منها للمنييافقين‬
‫فإن الشياطين ل تتمكن من إغواء المسلمين وإن كان فيهم جهل وظلم كما تتمكن من إغواء المشركين‬
‫وأهل الكتاب ولهذا ثنى في القرآن قصة موسى مع السحرة وذكر ما يقولوه الكفار لنبيائهم فإنه ما جاء‬
‫نبي صادق قط ال قيل فيه إنه ساحر أو مجنون كما قال تعالى كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسننول إل‬
‫قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون وذلك أن الرسول يأتي بما يخالف عاداتهم ويفعييل مييا‬
‫يرونه غير نافع ويترك ما يرونه نافعا وهذا فعل المجنون فإن المجنون‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.286‬‬

‫فاسد العلم والقصد ومن كان مبلغه من العلم إرادة الحياة الدنيا كان عنيده مين تيرك ذليك وطليب ميال‬
‫يعلمه مجنونا ثم النبي مع هذا ييأتي بيأمور خارجية عين قيدرة النياس مين إعلم بيالغيوب وأميور خارقية‬
‫لعاداتهم فيقولون هو ساحر وهذا موجود في المنيافقين الملحيدين المتظياهرين بالسيلم مين الفلسيفة‬
‫ونحوهم يقولون ان ما أخبرت به النبياء من الغيوب والجنة والنار هو من جنس قييول المجييانين وعنييدهم‬
‫خوارقهم من جنس خوارق السحرة والممرورين المجانين كما ذكر ابن سينا وغيره لكن الفرق بينهما أن‬
‫النبي حسن القصد بخلف الساحر وأنه يعلم ما يقول بخلف المجنون لكن معجزات النبياء عندهم قييوى‬
‫نفسانية ليس مع هذا ول هذا شيء خارج عن قوة النفس والقاضيان أبيو بكير وأبيو يعليى ومين وافقهميا‬
‫متوقفون في وجود المخدوم الذي تخدمه الجن قالوا ل يقطع بوجوده وكذلك الكاهن ذكروا فييه القييولين‬
‫قول من يقول إنه المتخرص وقول من يقول إنه مخدوم وهم متوقفون فيييه ل يقطعييون بوجييود مخييدوم‬
‫كاهن كما يقطعون بوجود الساحر لنه في زمانهم وجد الساحر والقرآن أخبرنا بالسحر في سورة البقرة‬
‫بخلف الكاهن فإن القرآن ذكر اسمه ولو تدبروا لعلموا ان الكاهن هو المذكور في قوله هل أنبئكم علننى‬
‫من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون وفي الصحيح عن النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم أنه قيل له ان منا قوما يأتون الكهان قال فل تأتوهم وسئل عن الكهان وما يخبرون به فيأخبر‬
‫أن الجن تسترق السمع وتخبرهم به فالكتاب والسنة أثبتا وجود الكاهن وأحمييد قييد نييص علييى أنييه يقتييل‬
‫كالساحر لكن الكاهن إنما عنده أخبييار والسيياحر عنييده تصييرف بقتييل وإمييراض وغييير ذلييك وهييذا تطلبييه‬
‫النفوس أكثر وابن صياد كان كاهنا ولهذا قال له النبي صلى الله عليه وسييلم قييد خبييأت لييك خييبيئا فقييال‬
‫الدخ فقال اخسأ فلن تعدو قدرك انما أنت من إخوان الكهان ولما قضى في الجنين بغرة قيال حميل بين‬
‫مالك أيودي من ل شرب ول أكل ول نطق ول استهل قتل ذلك يطل فقال إنما أنييت ميين إخييوان الكهييان‬
‫من أجل سجعه الذي سجع فكانوا يسجعون أساجيع وقد رأيت من‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.287‬‬

‫هؤلء شيوخا يسجعون أساجيع كأساجيع الكهان ويكييون كيثير منهييا صييدقا ولهييذا جمييع اللييه بييين الكيياهن‬
‫والشاعر في قوله وما هو بقول شنناعر قليل مننا تؤمنننون ول بقننول كنناهن قليل مننا تننذكرون تنزيننل مننن رب‬
‫العالمين وكذلك في الشعراء ذكر الكاهن والشاعر بعييد قييوله وإنننه لتنزيننل رب العننالمين نننزل بننه الننروح‬
‫المين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين الى قوله هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنننزل علننى‬
‫كل أفاك اثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون والرسول في آية الحاقة محمد وقال ايضا انه لقول رسول كريم‬
‫ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون ولقد رآه بالفق المبين ومننا هننو علننى الغيننب‬
‫بضنين وما هو بقول شيطان رجيم فأين تذهبون إن هو إل ذكر للعالمين فلما أخبر به أنه قول رسول هو ملك‬
‫من الملئكة نفى أن يكون قول شيطان ولما أخبر هناك أنه قول رسول من البشر نفييى أن يكييون قييول‬
‫شاعر أو كاهن فهذا تنزيه للقرآن نفسه ونزه الرسول أن يكون على الغيب بظنييين أي متهييم وأن يكييون‬
‫بمجنون فالجنون فساد في العلم والتهمة فساد في القصد كما قالوا ساحر أو مجنون وقال في الطييور‬
‫فما أنت بنعمة ربك بكاهن ول مجنون أم يقولون شاعر نتربص بننه ريننب المنننون قننل تربصننوا فننإني معكننم مننن‬
‫المتربصين وقد أخبر عن النبياء قبله أنه ما أتى الذين من قبلهم من رسول ال قننالوا سنناحر أو مجنننون وليم‬
‫يقولوا كاهن لن الكاهن عند العرب هو الذي يتكلم بكلم مسجوع وله قرين من الجن وهذا السييم ليييس‬
‫بذم عند أهل الكتاب بل يسمون أكثر العلماء بهذا السم ويسمون هارون وأولده الييذين عنييدهم التييوراة‬
‫بهذا السم والقدر المشييترك العلييم بييالمور الغائبيية والحكييم بهييا فعلميياء أهييل الكتيياب يخييبرون بييالغيب‬
‫ويحكمون به عن الوحي الذي أوحاه الله وكهان العرب كانت تفعل ذلك عن وحي الشياطين وتمتاز بأنهييا‬
‫تسجع الكلم بخلف اسم السيياحر فييإنه اسييم معييروف فييي جميييع المييم وقييد يييدخل فييي ذلييك عنييدهم‬
‫المخدوم الذي تخبره الشياطين ببعض المور الغائبة ولكون الساحر يأتي‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.288‬‬

‫بالخوارق شبهوا به النبي وقالوا ساحر فدل ذلك على قدر مشترك لكن الفرقييان بينهمييا أعظييم كييالفرق‬
‫بين الملئكة والشياطين وأهل الجنة وأهل النار وخيار الناس وشرارهم وهيذا أعظيم الفيروق بيين الحيق‬
‫والباطل والكفار قالوا عن النبياء انهم مجانين وسحرة فكما يعلم بضييرورة العقييل وجييود أعظييم الفييرق‬
‫بينهم وبين المجانين وأنهم أعقل الناس وأبعدهم عن الجنون فكذلك يعلم بضرورة العقييل أعظييم الفييرق‬
‫بينهم وبين السحرة وأنهم أفضل الناس وأبعدهم عن السحر فالساحر يفسد الدراك حتى يسمع النسان‬
‫الشيء ويراه ويتصور خلف ما هو عليه والنبياء يصححون سمع النسان وبصره وعقله والذين خييالفوهم‬
‫صم بكم عمي فهم ل يعقلون فالسحرة يزييدون النيياس عمييى وصيمما وبكمييا والنبييياء يرفعييون عميياهم‬
‫وصممهم وبكمهم كما في الصحيح عن عطاء بن يسار أنه سأل عبييد اللييه بيين عمييرو روى عبييد اللييه بيين‬
‫سلم أنه قيل له أخبرنا ببعض صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فييي التييوراة فقييال انييه لموصييوف‬
‫في التوراة ببعض صفته في القرآن يا أيها النبي إنا أرسننلناك شنناهدا ومبشننرا ونننذيرا وحرزا للميييين انييت‬
‫عبدي سميتك المتوكل لست بفظ ول غليظ ول سخاب بالسواق ول تجزي بالسيئة السيئة ولكيين تجييزي‬
‫بالسيئة الحسنة وتعفو وتغفر ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجيياء فأفتييح بييه أعينييا عميييا وآذانييا صييما‬
‫وقلوبا غلفا بأن يقولوا ل اله ال الله وهذا مذكور عند أهل الكتاب في نبوة أشعيا ولفظ التييوراة قييد يييراد‬
‫به جميع الكتب التي نزلت قبل النجيل فيقال التوراة والنجيل ويراد بالتوراة الكتاب الذي جاء به موسى‬
‫وما بعده من نبوة النبياء المتبعين لكتاب موسى قد يسمى هذا كله توراة فإن االتوراة تفسيير بالشييريعة‬
‫فكل من دان بشريعة التوراة قيل لنبوته انهيا مين التيوراة وكيثير مميا يعيزوه كعيب الحبيار ونحيوه إليى‬
‫التوراة هو من هذا الباب ل يختص ذلك بالكتيياب المنييزل علييى موسييى كلفييظ الشييريعة عنييد المسييلمين‬
‫يتناول القرآن والحاديث النبوية وما استخرج من ذلك كما قد بسط هذا في موضييع آخيير والمقصييود هنييا‬
‫أن النبياء يفتحييون العييين العمييي والذان الصييم والقلييوب الغلييف والسييحرة يفسييدون السييمع والبصيير‬
‫والعقل حتى‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.289‬‬

‫يخيل للنسان الشياء بخلف ما هي عليه فيتغير حسه وعقله قال في قصة موسى سحروا أعيننن الننناس‬
‫واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم وهذا يقتضي أن أعين الناس قد حصل فيها تغير ولهذا قال تعييالى ولننو‬
‫فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت ابصارنا بل نحن قوم مسننحورون فقييد علمييوا‬
‫أن السحر يغير الحساس كما يوجب المرض والقتل وهذا كله من جنس مقدور النس فإن النسان يقدر‬
‫أن يفعل في غيره ما يفسد إدراكه وما يمرضه ويقتله فهذا مع كونه ظلما وشييرا هييو ميين جنييس مقييدور‬
‫البشر والجني إذا اراد أن يرى قرينه أمورا غائبة سأل عنها مثلها له فاذا سأل عن المسييروق أراه شييكل‬
‫ذلك المال وإذا سأل عن شخص أراه صورته ونحو ذلك وقد يظن الرائي أنه رأى عينه وإنمييا رأى نظيييره‬
‫وقد يتمثل الجني في صورة النسي حتى يظن الظيان أنيه النسييي وهييذا كيثير كميا تصيور لقريييش فيي‬
‫صورة سراقة ابن مالك بن جعشم وكان من اشراف بني كنانة قال تعالى وإذ زين لهم الشيطان أعمننالهم‬
‫وقال ل غالب لكم اليوم من الناس وأني جار لكم الية فلما عاين الملئكة ولى هاربا ولما رجعوا ذكييروا ذلييك‬
‫لسراقة فقال والله ما علمت بحربكم حتى بلغني هزيمتكم وهذا واقع كثيرا حتى انه يتصييور لميين يعظييم‬
‫شخصا في صورته فاذا استغاث به أتاه فيظن ذلك الشخص انه شييخه المييت وقيد يقيول ليه إنيه بعيض‬
‫النبياء أو بعض الصحابة الموات ويكون هو الشيطان وكثير من الناس أهل العبادة والزهد من يييأتيه فييي‬
‫اليقظة من يقول إنه رسول الله ويظن ذلك حقا وميين يييرى إذا زار بعييض قبييور النبييياء أو الصييالحين أن‬
‫صاحب القبر قد خرج اليه فيظن أنه صاحب القبر ذلك النبي أو الرجل الصالح وإنما هو شيطان أتى فييي‬
‫صورته إن كان يعرفها وإل أتى في صورة انسان قال إنه ذلك الميت وكذلك يأتي كييثيرا ميين النيياس فييي‬
‫مواضع ويقول انه الخضر وإنما كان جنيا من الجن ولهذا لم يجييترئ الشيييطان علييى أن يقييول لحييد ميين‬
‫الصحابة إنه الخضر ول قال أحد من الصحابة إني رأيت الخضر وإنما وقع هيذا بعيد الصيحابة وكلميا تيأخر‬
‫المر كثر حتى إنه يأتي‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.290‬‬

‫اليهود والنصارى ويقول انه الخضر ولليهود كنيسة معروفة بكنيسية الخضير وكيثير مين كنيائس النصيارى‬
‫يقصدها هذا الخضر والخضر الذي يأتي هذا الشخص غير الخضر الذي يأتي هييذا ولهييذا يقييول ميين يقييول‬
‫منهم لكل ولي خضر وإنما هو جني معه والذين يدعون الكواكب تتنزل عليهم أشخاص يسمونها روحانييية‬
‫الكواكب وهو شيطان نزل عليه لما أشرك ليغويه كما تدخل الشياطين في الصنام وتتكلم أحيانييا لبعييض‬
‫الناس وتتراءى للسدنة أحيانا ولغيرهم أيضا وقد يستغيث المشرك بشيخ له غائب فيحكييى الجنييي صييوته‬
‫لذلك الشيخ حتى يظن أنه سمع صوت ذلك المريد مع بعد المسافة بينهميا ثيم ان الشييخ يجيبيه فيحكيي‬
‫الجني صوت الشيخ للمريد حتى يظن أن شيخه سمع صوته وأجييابه وإل فصييوت النسييان يمتنييع أن يبلييغ‬
‫مسيرة يوم ويومين وأكثر وقد يحصل للمريد من يؤذيه فيدفعه الجني ويخيل للمريد أن الشيخ هييو دفعييه‬
‫وقد يضرب الرجل بحجر فيدفعه عنه الجني ثم يصيب الشيييخ بمثييل ذلييك حييتى يقييول انييي اتقيييت عنييك‬
‫الضرب وهذا أثره في وقد يكونون يأكلون طعاما فيصور نظيره للشيخ ويجعل يده فيه ويجعل الشيييطان‬
‫يده في طعام أولئك حتى يتوهم الشيخ وهم ان يد الشيخ امتدت من الشام الى مصر وصارت فييي ذلييك‬
‫الناء وعمر بن الخطاب لما نادى يا سارية الجبل قال ان لله جندا يبلغونهم صييوتي فعلييم أن صييوته انمييا‬
‫يبلغ بما ييسره الله من تبليغ بعض الملئكة او صالحي الجن فيهتفون بمثل صوته كالذي ينيادي ابنيه وهيو‬
‫بعيد ل يسمع يا فل فيسمعه من يريد إبلغه فينادي يا فلن فيسمع ذلييك الصييوت وهييو المقصييود بصييوت‬
‫أبيه وإل فصوت البشر ليس في قوته أن يبلغ مسافة ايييام وقييد قلنييا أن آيييات النبييياء الييتي اختصيوا بهييا‬
‫خارجة عن قدرة الجن والنس قال تعالى قل لئن اجتمعت النس والجن على أن ينناتوا بمثننل هننذا القننرآن ل‬
‫يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا وأما اذا كانت ممييا تقييدر عليييه الملئكيية فهييذا ممييا يؤيييدها فييإن‬
‫الملئكة ل يطيعون من يكذب على الله ول يؤيدونه بالخوارق فاذا أيد به كما أيد الله بييه نييبيه والمييؤمنين‬
‫يوم بدر ويوم حنين كان هذا من أعلم صدقه وإنه صادق على الله في دعوى النبوة فإنها‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.291‬‬

‫ل تؤيد الكذاب لكن الشياطين تؤيد الكذب والملئكة تؤيد الصدق والتأييد بحسب اليمان فمن كان إيمانه‬
‫أقوى من غيره كان جنده من الملئكة أقوى وان كان ايمييانه ضيعيفا كييانت ملئكتيه بحسييب ذلييك كملييك‬
‫النسان وشيطانه فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما منكم من أحييد إل‬
‫وكل به قرينه من الملئكة وقرينه من الجن قالوا وبك يا رسول اللييه قييال وبييي لكيين اللييه أعييانني عليييه‬
‫فأسلم وفي حديث آخر فل يأمرني إل بخير وهو في صحيح مسلم ميين وجهييين ميين حييديث ابيين مسييعود‬
‫ومن حديث عائشة وقال ابن مسعود ان للقلب لمة من الملييك ولميية مين الشيييطان فلمية المليك إيعيياد‬
‫الخير وتصديق بالحق ولمة الشيطان ايعاد بالشر وتكذيب بالحق فاذا كانت حسيينات النسييان أقييوى أيييد‬
‫بالملئكة تأييدا يقهر به الشيطان وإن كييانت سيييئاته اقيوى كييان جنييد الشيييطان معييه أقييوى وقييد يلتقييي‬
‫شيطان المؤمن بشيطان الكافر فشيطان المؤمن مهزول ضعيف وشيطان الكافر سمين قوي فكمييا أن‬
‫النسان بفجوره يؤيد شيطانه على ملكه وبصييلحه يؤيييد ملكييه علييى شيييطانه فكييذلك الشخصييان يغلييب‬
‫أحدهما الخر لن الخر لم يؤيد ملكه فلم يؤيده أو ضعف عنه لنه ليس معه إيمان يعينه كالرجل الصييالح‬
‫اذا كيييان ابنيييه فييياجرا ليييم يمكنيييه اليييدفع عنيييه لفجيييوره وبسيييط هيييذه الميييور ليييه موضيييع آخييير‬
‫والمقصود هنا الكلم على الفرق بين آيات النبياء وغيرهم وأن من قال أن آيات النبياء والسحر والكهانة‬
‫والكرامات وغير ذلك من جنس واحد فقد غلط ايضا والطائفتان لم يعرفوا قدر آيات النبياء بييل جعلوهييا‬
‫مييييين هيييييذا الجنيييييس فهيييييؤلء نفيييييوه وهيييييؤلء أثبتيييييوه وذكيييييروا فرقيييييا ل حقيقييييية ليييييه‬
‫واذا قال القائل آيات النبياء ل يقدر عليها إل الله أو أن اللييه يخترعهييا ويبتييدئها بقييدرته أو أنهييا مين فعييل‬
‫الفاعل المختار ونحو ذلك قيل له هذا كلم مجمل فقد يقال عن كل ميا يكيون انيه ل يقيدر علييه إل الليه‬
‫فإن الله خالق كل شيء وغيره ل يستقل باحداث شيء وعلى هذا فل فرق بين المعجييزات وغيرهييا وقييد‬
‫يقال ل يقدر عليها إل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.292‬‬

‫الله أي هي خارجة عن مقدورات العباد فإن مقدوراته على قسمين منها ما يفعله بواسييطة قييدرة العبييد‬
‫كأفعال العباد وما يصنعونه ومنها ما يفعله بدون ذلك كإنزال المطر فإن أراد هذا القائل أنها خارجيية عيين‬
‫مقدور النس بمعنى أنه ل يقع منهم ل بإعانة الجن ول بغير ذلك فهذا كلم صحيح وإن أراد أنه خارج عيين‬
‫مقدورهم فقط وإن كان مقدورا للجن فهذا ليس بصحيح فإن الرسل أرسلوا إلى النس والجن والسييحر‬
‫والكهانة وغير ذلك تقدر الجن على إيصالها إلى النس وهي مناقضة ليات النبياء كمييا قييال تعييالى هننل‬
‫أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفنناك أثيننم وإن أراد أنها خارجيية عيين مقييدور الملئكيية والنييس‬
‫والجن أو أن الله يفعلها بل سبب فهذا أيضا باطل فمن أين له أن الله يخلقها بل سبب ومن أين له أنييه ل‬
‫يخلقها بواسطة الملئكة الذين هم رسله في عامة ما يخلقه فمن أين له أن جبريل لييم ينفييخ فييي مريييم‬
‫حتى حملت بالمسيح وقد أخبر الله بذلك وهو وأمه مما جعلهما آية للعالمين قال تعالى وجعلنا ابن مريم‬
‫وأمه آية وآويناهما الى ربوة ذات قرر ومعين وخلق المسيح بل أب من أعظيم الييات وكيان بواسيطة نفيخ‬
‫جبريل قال تعالى فأرسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت إني أعوذ بننالرحمن منننك إن كنننت تقيننا قننال‬
‫إنما أنا رسول ربك لهب لك غلما زكيا قالت انى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ولننم أك بغيننا وقال تعييالى‬
‫ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وكذلك طمس أبصار قوم لييوط كييان بواسييطة‬
‫الملئكة والذي عنده علم من الكتاب لما قال عفريت من الجن لسليمان أنننا آتيننك بننه قبننل أن تقننوم مننن‬
‫مقامك واني عليه لقوي أمين قال الذي عنده علم من الكتاب انا آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك أتته به الملئكة‬
‫كذلك ذكره المفسرون عن ابن عباس وغيره أن الملئكة أتته به أسرع مما كان يييأتي بييه العفريييت وقييد‬
‫أخبر الله تعالى أنه أيد محمدا صلى الله عليه وسلم بالملئكة وبالريح وقال تعالى فأرسننلنا عليهننم ريحننا‬
‫وجنودا لم تروها وكان ال بما تعملون بصيرا وقال تعالى يوم حنين‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.293‬‬

‫فأنزل ال سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وقال تعالى يوم الغييار فننأنزل‬
‫ال سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وقال تعالى اذ يوحي ربننك النى الملئكننة أنني معكنم فثبتنوا النذين‬
‫آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب وقد ثبت في الصحيح أن النسان يصييوره ملييك فييي الرحييم‬
‫بإذن الله ويقول الملك أي رب نطفة أي رب علقة أي رب مضييغة فيياذا كييان الخلييق المعتيياد يكييون‬
‫بتوسط الملئكة فإنه يقرر التوحيد بقوله تعالى يا أيها الناس اعبدوا ربكم اليات ثييم النبييوة بقييوله‬
‫وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فننأتوا ثم المعياد وكييذلك النعيام يقيرر التوحييد ثيم النبييوة فييي‬
‫وسطها ثم يختمها بأصول الشرائع والتوحيييد أيضييا وهييو ملية ابراهيييم وهييذا مبسيوط فييي غييير هييذا‬
‫الموضع والمقصود أنه قد يبين انفراده بالخلق والنفع والضر والتيان باليات وغير ذلييك وإن ذلييك ل‬
‫يقدر عليه غيره قال تعالى أفمن يخلق كمن ل يخلق وقال تعييالى وجعلننوا ل ن شننركاء الجننن وخلقهننم‬
‫وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون بديع السننماوات والرض انننى يكننون لننه ولنند‬
‫ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شنيء عليننك ذلكننم الن ربكننم ل إلننه إل هننو خنالق كننل شنيء‬
‫فاعبدون وهو على كل شيء وكيل ل تدركه البصار وهو اللطيف الخبير قد جاءكم بصائر من ربكننم فمننن‬
‫ابصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفينظ وكنذلك نفصنل اليننات وليقولنوا درسنت ولنننبينه لقنوم‬
‫يعلمون اتبع ما أوحي إليك من ربك ل إله إل هو وأعرض عنن المشنركين ولنو شناء الن منا أشنركوا ومنا‬
‫جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل ول تسبوا الذين يدعون من دون ال فيسبوا ال عدوا بغيننر علننم‬
‫كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم ألى ربهم مرجعهم فينبئهم بمننا كننانوا يعملننون وأقسننموا بننال جهنند أيمننانهم لئن‬
‫جاءتهم آية ليؤمنن بهنا قنل إنمنا الينات عنند الن ومنا يشنعركم أنهنا إذا جناءت ل يؤمننون ونقلنب أفئدتهنم‬
‫وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.294‬‬

‫طغيانهم يعمهون ففي هذه اليات تقرير التوحيد حتى في إنزال اليننات قننال إنما الييات عنيد الليه وكننذلك‬
‫قوله في العنكبوت وقالوا لول أنزل عليه آيات من ربه قل إنما اليات عند الله وإنما انييا نييذير مييبين أو لييم‬
‫يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون قييل كفييى بييالله بينييي‬
‫وبينكم شهيدا يعلم ما في السموات والرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بييالله أولئك هييم الخاسييرون‬
‫وقال أيضا وقالوا لول أنزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم ل يعلمييون‬
‫هذا بعد قوله فان استطعت أن تبتغي نفقا في الرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شنناء الن لجمعهننم علننى‬
‫الهدى فل تكونن من الجاهلين وهو أرسله بآيات بان بها الحق وقامت بها الحجة وكانوا يطلبيون آييات تعنتيا‬
‫فيظن من يظن أنهم يهتدون بها لكن ل يحصل بها المقصود وقد تكون موجبة لعذاب الستئصييال فتكييون‬
‫ضررا بل نفع وبين سبحانه أنه قادر على انزال اليات وأنها ليست إل عنده وغيير أفعيال العبياد قيد اتفيق‬
‫الناس على أنه ل يخلقه ال الله وإنما تنازعوا في أفعال العباد والصواب انها أفعال لهم وهي مخلوقة لله‬
‫لكن آيات النبياء ل تكون مما يقدر عليه العبد كما قال قل إنما اليات عند ال والملئكة إنمييا هييي سييبب‬
‫من السباب كما في خلق المسيح من غير أب فجبريل إنما كان مقدوره النفخ فيها وهذا ل يوجب الخلق‬
‫بل هو بمنزلة النزال في حق غير المسيح وكذلك المسيح لما خلق من الطين كهيئة الطير إنما مقييدوره‬
‫تصوير الطين وإنما حصول الحياة فيه فباذن الله يحيي ويميت وهذا ميين خصائصييه ولهييذا قييال الخليييل‬
‫ربي الذي يحيي ويميت وفي القرآن في غير مواضع يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي وكنتم‬
‫أمواتا فأحياكم يحيي الرض بعد موتها وال يحيي ويميت وما يتولد عن أفعييال الملئكيية وغيرهييم ليسييوا‬
‫مستقلين به بل لهم فيه شركة كطمس ابصار اللوطية وقلب مدينتهم وكذلك النصيير إنمييا يقييدرون علييى‬
‫القتال كالنس‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.295‬‬

‫والنصر هو من عند الله كما قال تعالى وما جعله ال إل بشرى ولتطمئن به قلننوبكم ومننا النصننر إل‬
‫من عند ال والقرآن إنما يقدرون على النزول به ل على إحداثه ابتداء فهم يقدرون على التيان بمثله‬
‫من عند الله وأما الجن والنس فل يقدرون على التيان بمثله لن الله ل يكلم بمثلييه الجيين والنييس‬
‫ابتداء ولهذا قال ل يأتون بمثله وقال تعالى فأتوا بسورة من مثله وقال فأتوا بعشر سور مثله وقال‬
‫فليأتوا بحديث مثله ان كانوا صادقين لم يكلفهم نفس الحداث بل طالبهم بالتيان بمثلييه إمييا إحييداثا‬
‫وإما تبليغا عن الله أو عن مخلوق ليظهر عجزهم من جميع الجهات فقد يقال فنفييس أفعييال العبيياد‬
‫ليست من اليات إذ كانت مقدورة ومفعولة للعبد وإن كان ذلك بأقدار الله تعالى ول نفييس القييدرة‬
‫على ذلك الفعل فإن المقصود من القدرة هييو الفعييل بييل اليييات خارجيية عيين مقييدور جميييع العبيياد‬
‫الملئكة والجن والنس وهي أيضا ل تنال بالكتساب فإن النس والجن قد يقييدرون بأسييباب مباينيية‬
‫لهم على أمور كما يقدرون على قتل من يقتلونه وإمراضه ونحو ذلك وآيات النبياء ل يقييدر أحييد أن‬
‫يتوصل اليها بسبب والسحر والكهانة مما يمكين التوصيل الييه بسيبب كاليذي ييأتي بيأقوال وأفعيال‬
‫تحدثه بها الجن فالنبوة ل تنال بكسب العبيد ول آياتها تحصل بكسب العبيياد وهييذا ميين الفييروق بييين‬
‫آيات النبياء وبين السحر والكهانة وبينهما فروق كثرة أكثر من عشرة أحدها أن ما تخبر به النبياء ل‬
‫يكون ال صدقا وأما ما يخبرهم به من خالفهم من السحرة والكهان وعباد المشركين وأهييل الكتيياب‬
‫وأهل البدع والفجور من المسلمين فإنه ل بد فيه من الكذب الثاني أن النبياء ل تأمر ال بالعييدل ول‬
‫تفعل ال العدل وهؤلء المخالفون لهم ل بد لهم من الظلم فإن من خالف العييدل ل يكييون ال ظلمييا‬
‫فيدخلون فييي العييدوان علييى الخلييق وفعييل الفييواحش والشييرك والقييول علييى اللييه بل علييم وهييي‬
‫المحرمات التي حرمها الله مطلقا كما قال تعالى قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطننن‬
‫والثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بال ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على‬
‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.296‬‬

‫الله مال تعلمون الثالث أن ما يأتي به من يخالفهم معتاد لغير النبياء كما هو معتنناد للسننحرة والكهننان‬
‫وعباد المشركين وأهل الكتاب وأهل البدع والفجور وآيات النبياء هي معتادة أنها تدل على خبر ال وأمننره‬
‫على حكمه فتدل على أنهننم أنبينناء وعلنى صنندق منن أخننبر بنبننوتهم سنواء كنانوا هنم المخننبرين أو غيرهننم‬
‫وكرامات الولياء هي من هذا فإنهم يخبرون بنبوة النبياء وكذلك أشراط الساعة هي أيضا تدل على صدق‬
‫النبياء اذ كانوا قد أخبروا بها فالذي جعله أولئك من كرامات الولياء وأشراط الساعة ناقضا ليات النبياء‬
‫اذ هو من جنسها ول يدل عليها فأولئك كذبوا بالموجود وهننؤلء سننووا بيننن اليننات وغيرهننا فلننم تكننن فنني‬
‫الحقيقة عندهم آية وكانت اليات عند أولئك منتقضة وأولئك نصروا جهلهم بالتكذيب بالحق وهؤلء نصروا‬
‫جهلهم أيضا بقول الباطل فقالوا ان اليننة هنني المقرونننة بالنندعوى الننتي ل تعننارض وزعمننوا أنننه ل يمكننن‬
‫معارضة السحر والكهانة اذا جعل آية وأنه اذا لم يعارض كان آية وهو تكذيب بالحق أيضننا فننإنه قنند ادعنناه‬
‫غير نبي ولم يعارض فالطائفتان أدخلت في اليننات مننا لينس منهنا وأخرجنت منهنا منا هننو منهننا فكرامنات‬
‫الولياء واشراط الساعة من آيات النبياء وأخرجوها والسحر والكهانة ليس من آينناتهم وأدخلوهننا أو سننووا‬
‫بينها وبين اليات بل ونوابها الرابع أن آيات النبياء والنبوة لننو قنندر أنهننا تنننال بالكتسنناب فهنني انمننا تنننال‬
‫بعبادة ال وطاعته فإنه ل يقول عاقل ان أحدا يصير نبيا بالكذب والظلم بل بالصنندق والعنندل سنواء قننال ان‬
‫النبوة جزاء على العمل أو قال انه اذا زكى نفسنه فناض علينه منا يفينض علنى النبيناء فعلنى القنولين هني‬
‫مستلزمة للتزام الصدق والعدل وحينئذ فيمتنع أن صاحبها يكننذب علننى الن فننإن ذلننك يفسنندها بخلف مننن‬
‫خالف النبياء من السحرة والكهان وعباد المشننركين وأهننل البنندع والفجننور مننن أهنل الملننل واهننل الكتنناب‬
‫والمسلمين فإن هؤلء تحصل لهم الخوارق مع الكذب والثم بل خوارقهم‬

‫النبوات‬
‫مع ذلك أشد لنهم يخالفون النبياء وما ناقض الصدق والعدل لييم يكيين إل كييذبا وظلميا فكيل مين خيالف‬
‫طريق النبياء ل بد له من الكذب والظلم اما عمدا واما جهل وقوله تعالى تنزل على كل أفنناك أثيننم ليس‬
‫من شرطه أن يتعمد الكذب بل من كان جاهل يتكلم بل علم فيكذب فان الشييياطين تنيزل عليييه أيضيا اذ‬
‫من أخبر عن الشيء بخلف ما هو عليه من غير اجتهاد يعذر به فهو كذاب ولهييذا يصييف اللييه المشييركين‬
‫بالكذب وكثير منهم ل يتعمد ذلك وكذلك قال النبي صلى اللييه عليييه وسييلم لمييا أفييتى ابييو السيينابل بييأن‬
‫المتوفي عنها الحامل ل تحل بوضع الحمل بل تعتد أبعد الجلين فقال كذب أبو السنابل أي في قوله بييأن‬
‫المتوفي عنها الحامل ل تحل بوضع الحمل بل تعتد أبعد الجلين وكذلك لما قال بعضهم ابن الكيوع حبييط‬
‫عمله قال النبي صلى الله عليه وسلم كذب من قالها انه لجاهد مجاهد ونظائره كثيرة فالنبياء ل يقع في‬
‫إخبارهم عن الله كذب ل عمدا ول خطأ وكل من خالفهم ل بد أن يقع في خبره عيين اللييه كييذب ضييرورة‬
‫فإن خبره اذا لم يكن مطابقا لخبرهم كان مخالفا له فيكون كذبا فالييذي تنييزل عليييه الشييياطين اذا ظيين‬
‫واعتقد انهم جاءوا من عند الله وأخبر بذلك كان كاذبا وكذلك اذا قال عما أوحوه اليه إن الله أوحيياه اليييه‬
‫كان كاذبا قال تعالى ان الشياطين ليوحون الى أوليائهم ليجادلوكم ولما شاع خبر المختار بن أبي عبيد وهييو‬
‫أول من ظهر في السلم بالكذب في هذا وثبت في الصحيح عن النبي صلى اللييه عليييه وسييلم انييه قييال‬
‫يكون في ثقيف كذاب ومبير فكان الكذاب هو المختار بن أبي عبيد وكان يتشيع لعلي ولهذا يوجد الكييذب‬
‫في الشيعة اكثر مما يوجد في جميع الطوائف والمبير هو الحجاج بن يوسف وكييان ظالمييا معتييديا وكييان‬
‫يتشيع لعثمان والمختار يتشيع لعلي فذكر لبن عمر وابن عباس امر المختار وقيل لحدهما إنه يزعم أنييه‬
‫يوحى اليه فقال صدق ان الشياطين ليوحون الى أوليائهم وقيل للخر إنه يزعم أنه ينزل عليه فقال صييدق‬
‫هل أنبئكم على من تنزل الشننياطين تنننزل علننى كننل أفنناك أثيننم الخامس أن ما يييأتي بييه السييحرة والكهييان‬
‫والمشركون وأهل البدع من أهل الملل ل يخرج عن كونه مقدورا للنس والجن‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.298‬‬

‫النبوات‬
‫وآيات النبياء ل يقدر على مثلها ل النس ول الجن كما قال تعالى قل لئن اجتمعت النننس والجننن علننى أن‬
‫يأتوا بمثل هذا القرآن ل يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا السادس أن ما يأتي به السحرة والكهييان‬
‫وكل مخالف للرسل تمكن معارضته بمثله وأقوى منه كما هو الواقع لمن عرف هذا الباب وآيييات النبييياء‬
‫ل يمكن أحدا أن يعارضها ل بمثلها ول بأقوى منها وكذلك كرامات الصالحين ل تعارض ل بمثلها ول بييأقوى‬
‫منها بل قد يكون بعض آيات أكبر من بعض وكذلك آيات الصالحين لكنها متصادقة متعاونة علييى مطلييوب‬
‫واحد وهو عبادة الله وتصديق رسله فهيي آييات ودلئل وبراهيين متعاضيدة عليى مطليوب واحيد والدلية‬
‫بعضها أدل وأقوى من بعض ولهذا كان المشايخ الذين يتحاسدون ويتعادون ويقهر بعضهم بعضييا بخييوارقه‬
‫إما بقتل وإمراض وإما بسلب حاله وعزله عن مرتبته وإما غير ذلك خوارقهم شيطانية ليسييت ميين آيييات‬
‫النبياء والولياء وكثير من هؤلء يكون في الباطن كافرا منافقا وكثير منهم يموت على غير السلم وكثير‬
‫منهم يكون مسلما مع ظلم يعرف انه ظلم ومنهم من يكون جاهل يحسب أن ما هو عليه مما أمر الله به‬
‫ورسوله هذا كما يقع للملوك المتنازعين على الملك من قهر بعضهم لبعض فهذا خارج عن سيينة رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين السابع أن آيات النبياء هييي الخارقيية للعييادات عييادات‬
‫النس والجن بخلف خوارق مخالفيهم فإن كل ضرب منها معتاد لطائفة غير النبياء وآيات النبياء ليست‬
‫معتادة لغير الذين يصدقون على الله ويصدقون من صدق على الله وهم الذين جيياءوا بالصييدق وصييدقوا‬
‫وتلك معتادة لمن يفتري الكذب على الله أو يكذب بالحق لما جاءه فتلك آيات على كذب أصحابها وآيييات‬
‫النبياء آيات على صدق أصحابها فإن الله سبحانه ل يخلى الصادق مما يدل على صدقه ول يخلي الكاذب‬
‫مما يدل على كذبه إذ من نعته ما أخبر به في قوله أم يقولون افترى على ال كذبا فإن يشأ ال ن يختننم علننى‬
‫قلبك ثم قال خبرا مبتديا ويمح ال الباطل ويحق الحق بكلماته فهو سبحانه ل بييد أن يمحيق الباطييل ويحيق‬
‫الحق بكلماته وقال تعالى‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.299‬‬

‫النبوات‬
‫وما خلقنا السماء والرض وما بينهما لعبين لو أردنا أن نتخذ لهوا لتخذناه من لدنا إن كنا فنناعلين بننل نقننذف‬
‫بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون كما أخبر فيي موضييع أنيه لييم يخليق الخلييق‬
‫عبثا ول سدى وإنما خلقهم بالحق وللحق فل بد أن يجزي هؤلء وهؤلء باظهار صدق هؤلء وإظهار كييذب‬
‫هؤلء كما قال بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق الثامن ان هذه ل يقدر عليهييا مخلييوق فل‬
‫تكون مقدورة للملئكة ول للجن ول للنس وإن كانت الملئكة قد يكون لهم فيها سبب بخلف تلك فإنهييا‬
‫إما مقدورة للنس أو للجن أو مما يمكنهم التوصل اليها بسبب وأما كرامييات الصييالحين فهييي ميين آيييات‬
‫النبياء كما تقدم ولكن ليست من آيياتهم الكيبرى ول يتوقيف اثبيات النبيوة عليهيا وليسيت خارقية لعيادة‬
‫الصالحين بل هي معتادة في الصالحين من أهل الملل في أهل الكتاب والمسييلمين وآيييات النبييياء الييتي‬
‫يختصون بها خارقة لعادة الصالحين التاسع أن خوارق غير النبياء والصالحين من السييحرة والكهييان أهيل‬
‫الشرك والبدع تنال بأفعالهم كعباداتهم ودعييائهم وشييركهم وفجييورهم ونحييو ذلييك وأمييا آيييات النبييياء فل‬
‫تحصل بشيء من ذلك بل الله يفعلها آية وعلمة لهم وقد يكرمهم بمثل كرامات الصييالحين وأعظييم ميين‬
‫ذلك مما يقصد به إكرامهم لكن هذا النوع يقصد بييه الكييرام والدلليية بخلف اليييات المجييردة كانشييقاق‬
‫القمر وقلب العصا حية وإخراج يده بيضاء والتيان بالقرآن والخبييار بييالغيب الييذي يختيص اللييه بيه فييأمر‬
‫اليات الى الله ل إلى اختيار المخلوق والله يأتي بها بحسب علمه وحكمته وعدله ومشيئته ورحمتييه كمييا‬
‫ينزل ما ينزله من آيات القرآن وكما يخلق من يشاء من المخلوقات بخلف مييا حصييل باختيييار العبييد إمييا‬
‫لكونه يفعل ما يوجبه أو يدعو الله به فيجيبه فالخوارق التي ليست آيييات تييارة تكييون بييدعاء العبييد واللييه‬
‫تعالى يجيب دعوة المضطر وان كان كافرا لكن للمؤمنين من إجابة الدعاء ما ليس لغيرهم وتييارة تكييون‬
‫بسعيه في أسبابها مثل توجهه بنفسه وأعوانه وبمن يطيعه ميين الجيين والنييس فييي حصييولها وأمييا آيييات‬
‫النبياء فل تحصل بشيء من ذلك العاشر أن النبي قد خلت من قبله أنبياء يعتبر بهم فل‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.300‬‬


‫النبوات‬
‫يأمر إل بما أمرت به النبياء من عبادة الله وحده والعمل بطاعته والتصديق باليوم الخر واليمان بجميييع‬
‫الكتب والرسل فل يمكن خروجه عما اتفقت عليه النبياء وأما السحرة والكهان والمشركون وأهل البييدع‬
‫من أهل الملل فإنهم يخرجون عما اتفقت عليه النبياء فكلهم يشركون مييع تنييوعهم ويكييذبون ببعييض مييا‬
‫جاء به النبياء والنبياء كلهم منزهون عن الشرك وعن التكذيب بشيء من الحق الذي بعث اللييه بييه نبيييا‬
‫قال تعالى واسأل من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون وقال تعييالى ومننا أرسننلنا‬
‫من قبلك من رسول إل نوحي اليه أن ل إله إل انا فاعبنندون وقال تعيالى ولقنند بعثنننا فنني كننل أمننة رسننول ان‬
‫اعبدوا ال واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى ال ومنهم من حقت عليه الضللة وقال تعالى آمن الرسننول بمننا‬
‫أنزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بال وملئكته وكتبه ورسله ل نفننرق بيننن أحنند مننن رسننله وقال تعييالى‬
‫قولوا آمنا بال وما أنزل الينا وما أنزل الى ابراهيننم واسننماعيل وإسننحاق ويعقننوب والسننباط ومننا أوتنني موسننى‬
‫وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم ل نفرق بين أحد منهم ونحن لنه مسنلمون فنان آمننوا بمثنل منا آمنتنم بنه فقند‬
‫اهتدوا وإن تلوا فإنما هم في شقاق وقال تعالى ولكننن الننبر مننن آمننن بننال واليننوم الخننر والملئكننة والكتنناب‬
‫والنبيين وقال تعالى ان الذين يكفرون بال ورسله ويريدون أن يفرقوا بين ال ورسله ويقولننون نننؤمن ببعننض‬
‫ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سننبيل أولئك هننم الكننافرون حقننا وقال تعييالى وإذ أخننذ ال ن ميثنناق‬
‫النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قننال أأقررتننم واخننذتم‬
‫على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين وقال شننرع لكننم مننن النندين مننا وصننى بننه‬
‫نوحا والذي أوحينا اليك وما وصننينا بننه ابراهيننم وموسننى وعيسننى أن أقيمننوا النندين ول تتفرقننوا فيننه كننبر علننى‬
‫المشركين ما تدعوهم اليه ال يجتبي اليه من يشاء ويهدي اليه من ينيب‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.301‬‬

‫النبوات‬
‫وقال تعالى يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليننم وإن هننذه أمتكننم أمننة واحندة‬
‫وأنا ربكم فاتقون ثم قال فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون وقال تعالى لمييا ذكيير النبييياء‬
‫ان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وتقطعوا أمرهم بينهم كل الينننا راجعننون فمننن يعمنل مننن الصنالحات‬
‫وهو مؤمن فل كفران لسعيه وإنا له كاتبون قال تعالى وقالوا لن يدخل الجنة إل من كان هودا أو نصارى تلك‬
‫أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من اسلم وجهننه لن وهننو محسننن فلننه أجننره عننند ربننه ول خنوف‬
‫عليهم ول هم يحزنون فالنبياء يصدق متأخرهم متقدمهم ويبشير متقيدمهم بمتيأخرهم كمييا بشيير المسييح‬
‫ومن قبله بمحمد وكما صدق محمد جميع النبيين قبله ولهذا يقول يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزل‬
‫مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وقال ننننزل‬
‫عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والنجيل من قبننل هنندى للننناس وأنننزل الفرقننان إن الننذين‬
‫كفروا بآيات ال لهم عذاب شديد وقال وأنزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه‬
‫والنبياء وأتباعهم كلهم مؤمنون مسلمون يعبدون الله وحده بما أمر ويصدقون بجميع ما جاءت به النبياء‬
‫ومن خالفهم ل يكون ال مشركا ومكذبا ببعض ما أنزل اللييه وبييين الطييائفتين فييروق كييثيرة غييير خييوارق‬
‫العادات الحادي عشر أن النبي هو وسييائر المييؤمنين ل يخييبرون إل بحييق ول يييأمرون ال بعييدل فيييأمرون‬
‫بالمعروف وينهون عن المنكر ويأمرون بمصييالح العبيياد فييي المعيياش والمعيياد ل يييأمرون بييالفواحش ول‬
‫الظلم ول الشرك ول القول بغير علم فهم بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها ل بتبديلها وتغييرها فل يييأمرون‬
‫إل بما يوافق المعروف في العقول الذي تتلقاه القلوب السليمة بالقبول فكمييا أنهييم هييم ل يختلفييون فل‬
‫يناقض بعضهم بعضا بل دينهم وملتهم واحد وإن تنوعت الشرائع فهم أيضا‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.302‬‬


‫النبوات‬
‫موافقون لموجب الفطرة التي فطر الله عليها عباده موافقون للدلة العقلية ل يناقضونها قط بيل الدلية‬
‫العقلية الصحيحة كلها توافق النبياء ل تخالفهم وآيات اللييه السييمعية والعقلييية العيانييية والسييماعية كلهييا‬
‫متوافقة متصادقة متعاضدة ل يناقض بعضا بعضا كما قد بسط هذا في غير هذا الموضع والذين يخييالفون‬
‫النبياء من أهل الكفر وأهل البدع كالسحرة والكهان وسائر أنيواع الكفييار وكالمبتييدعين مين أهييل الملييل‬
‫أهل العلم وأهل العبادة فهؤلء مخالفون للدلة السمعية والعقلية للسييماعية والعيانييية مخييالفون لصييريح‬
‫المعقول وصحيح المنقول كما أخبر الله عنهم بقوله كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نننذير الييية‬
‫فهؤلء يخالفون أقوال النبياء إما بالتكذيب وإما بالتحريف من التأويل وإما بالعراض عنها وكتمانهييا فأمييا‬
‫أن ل يذكروها أو يذكروا ألفاظها ويقولون ليس لها معنى يعرفه مخلوق كما أخبر الله عن أهل الكتاب أن‬
‫منهم من يكذب في اللفظ ومنهم من يحرف الكلم في المعنى ومنهم جهال ل يفقهون مييا يقييرأون قييال‬
‫تعالى أفتطمعون أن يؤمنوا لكم الى قننوله فويننل لهننم ممننا كتبننت أيننديهم وويننل لهننم ممننا يكسننبون وكذلك هيم‬
‫مخالفون للدلة العقلية فالنبياء كملوا الفطرة وبصروا الخلق كما تقدم في صفة محمد صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم ان الله يفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا ومخالفوهم يفسدون الحس والعقل كما أفسدوا‬
‫الدلة السمعية والحس والعقل بهما تعرف الدلة والطرق ثلثة الحس والعقل والخييبر فمخييالفوا النبييياء‬
‫أفسدوا هذا وهذا وهذا أما إفسادهم لما جاء عن النبييياء فظيياهر وأمييا إفسييادهم للحييس والعقييل فييإنهم‬
‫قسمان قسم أصحاب خوارق حسية كالسييحرة والكهييان وضييلل العبيياد وقسييم أصييحاب كلم واسييتدلل‬
‫بالقياس والمعقول وكل منهما يفسد الحس والعقل أما أصحاب الحال الشيطاني فقد عييرف أن السييحر‬
‫يغير الحس والعقل حتى يخيل الى النسان الشيء بخلف مييا هييو وكييذلك سييائر الخييوارق الشيييطانية ل‬
‫تأتي إل مع نوع فساد في الحس أو العقييل كييالمولهين الييذين ل تييأتيهم إل مييع زوال عقييولهم وآخرييين ل‬
‫تأتيهم إل في الظلم وآخرين تتمثل لهم الجن في صورة النس فيظنون أنهم إنس أو يرونهم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.303‬‬

‫النبوات‬
‫مثال الشيء فيظنون أن الذي رأوه هيو الشيييء نفسيه أو يسيمعونهم صييوتا يشيبه صيوت مين يعرفيونه‬
‫فيظنون أنه صوت ذلك المعروف عندهم وهذا كثير موجود في أهل العبادات البدعية التي فيهييا نيوع ميين‬
‫الشرك ومخالفة للشريعة وأما أصحاب الكلم والمقال البهتاني فإنهم بنوا أصولهم العقلية واصول دينهم‬
‫الذي ابتدعوه على مخالفة الحس والعقل فأهل الكلم أصل كلمهم في الجواهر والعييراض مبنييي علييى‬
‫مخالفة الحس والعقل فانهم يقولون إنا ل نشهد بل ول نعلم في زماننا حدوث شيء من العيان القائميية‬
‫بنفسها بل كل ما نشهد حدوثه بل كل ما حدث من قبل أن يخلق آدم إنما تحييدث أعييراض فييي الجييواهر‬
‫التي هي باقية ل تستحيل قط بل تجتمع وتتفرق والخلق عندهم الموجود في زماننا انما هو جمع وتفريييق‬
‫ل ابتداع عين وجوهر قائم بنفسه ول خلق لشيء قييائم بنفسييه ل انسييان ول غيييره وإنمييا يخلييق أعراضييا‬
‫ويقولون ان كا ما تشاهده من العيان فإنها مركبة من جواهر كل جوهر منها ل يتميز يمينييه عيين شييماله‬
‫وهذا مخالفة للحس والعقل كالول ويقول كثير منهم إن العراض ل تبقى زمييانين ويقولييون انييه ل يفنييى‬
‫ويعدم في زماننا شيء من العيان بل كما ل يحدث شيء من العيان ل يفنييى شيييء ميين العيييان فهييذا‬
‫أصل علمهم ودينهم ومعقولهم الذي بنوا عليه حدوث العالم واثبات الصانع وهيو مخيالف للحيس والعقيل‬
‫ويقول الذين يثبتون الجوهر الفرد ان الفلك والرحى وغيرهما يتفكك كلما اسيتدار ويقيول كيثير منهيم إن‬
‫كل شيء فإنه يمكن رؤيته وسمعه ولمسه الى غير ذلك من المور التي جعلوهييا أصييول علمهييم ودينهييم‬
‫وهيييييييييييييييييييييييييييي مكيييييييييييييييييييييييييييابرة الحيييييييييييييييييييييييييييس والعقيييييييييييييييييييييييييييل‬
‫والمتفلسفة أضل من هؤلء فانهم يجعلون ما في الذهن ثابتا في الخارج فيدعون أن مييا يتصييوره العقييل‬
‫من المعاني الغائبة الكلية موجودة في الجواهر قائمة بأنفسها إما مجردة عيين العيييان وإمييا مقترنيية بهييا‬
‫وكذلك العدد والمقدار والخلء والدهر والمييادة يييدعون وجييود ذلييك فييي الخييارج وكييذلك مييا يثبتييونه ميين‬
‫العقول والعلة الولى الذي يسميه متأخروهم واجب الوجود وعامة ما يثبتونه من العقليات إنما‬
‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.304‬‬

‫النبوات‬
‫يوجد في الذهن فالذي ل ريب في وجوده نفس النسان وما يقوم بها ثم ظنوا ما يقوم بها من العقليييات‬
‫موجودا في الخارج فكان افسادهم للعقل أعظم كما أن افساد المتكلمييين للحييس أعظييم مييع أن هييؤلء‬
‫المتفلسفة عمدتهم هي العلوم العقلية والعقليات عندهم أصح ميين الحسيييات وأولئك المتكلمييون أصييول‬
‫علمهييم هييي الحسيييات ثييم يسييتدلون بهييا علييى العقليييات وبسييط هييذه المييور لييه موضييع آخيير‬
‫والمقصود هنا التنبيه على أن من خالف النبياء فإنه كما أنه مكذب لما جاءوا به من النبوة والسييمع فهييو‬
‫مخالف للحس والعقل فقد فسد عليه الدلة العقلية والنقلية والله سبحانه وتعالى أعلم‬

‫ءءءء ءءءءءءءء ءءءءء ‪1‬ء ءءءء ‪.305‬‬

You might also like