Professional Documents
Culture Documents
مدى استجابة التشريع العراقي لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد
مدى استجابة التشريع العراقي لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد
المقدمة
تنصب هذه الدراسة على إتفاقية المتتم المتحتتدة لمكافحتتة الفستتاد التتتي تتتم
التوقيع عليها متتن قبتتل العتتراق فتتي (i)2007 /30/8ومتتدى إعتبتتار التشتتريع
العراقي متوائم مع ما تضمنته هذه التفاقية من أحكام.
وتمثل إتفاقية المم المتحدة لمكافحة الفساد ميثاقا ً دوليا ً بتتالغ الهميتتة
لسببين أولهما :أنها إتفاقية عالمية النطاق اشترك في أعمالها التمهيدية وفتتي
المفاوضات التي سبقت إقرارها أكثر من مائة وعشتترين دولتتة بالضتتافة إلتتى
العديد من المنظمتات الدوليتة .وثانيهمتا إن هتتذه التفاقيتتة تمثتل إستتراتيجية
شاملة لمكافحة الفساد تعتمد علتتى اتختتاذ مجموعتتة متتن التتتدابير التشتتريعية
وغير التشريعية .وتنشئ لنفسها آلية لمراقبة التنفيذ متتن خلل متتؤتمر التتدول
الطراف .وتستهدف التعاون القضائي بين الدول الطراف على كافة أصتتعدة
مكافحة ظاهرة الفساد.
ولشتتك إن التشتتريع العراقتتي متتدعو إلتتى الستتتجابة التشتتريعية لهتتذه
التفاقية لكي يبدو أكثر توافقا ً أو أتساقا ً مع أحكامها.
ولعل هذه الستجابة التشريعية المرجوة يفرضتتها عامتتل قتتانوني مهتتم،
وهو أن إنضمام العراق إلى إتفاقية المم المتحدة لمكافحة الفساد والتصديق
عليها يعني ان المشتترع العراقتتي ستتوف يصتتبح متتن الناحيتتة القانونيتتة ملتتزم
بأحكامها .لن التصتديق علتى معاهتدة دوليتة بحكتم متا تنتص عليته الدستاتير
والقوانين يجعل من هذه المعاهدة جزء ل يتجزء من النظام القانوني الوطني.
ويترتب على ذلتتك ضتترورة تحقيتتق الستتتجابة والمواءمتتة التشتتريعية بيتتن متتا
تضمنته أحكام المعاهدة وبين الحكام الواردة في التشريع العراقي.
عليه فسيتم دراسة هذا البحث دراسة مقارنة بين ما جاءت به التفاقية
وعلى سبيل الخصوص الفصل الثالث منهتتا والتتذي حتتدد فيتته التجريتتم وإنفتتاذ
القانون بشأن جرائم الفساد وما جتاء بته المشترع العراقتي بشتأن ذلتك متن
جهة .وسيتم تقسيم الدراسة الى ثلثة مباحث نتناول في الول البناء القانوني
لجرائم الفساد .أما الفصل الثاني فيكون محورا ً لدراسة المستتؤولية الجزائيتتة
عن جرائم الفساد ،والخير فيتضمن النظام الجزائي لجرائم الفساد .ومن ثتتم
ننتهي بالخاتمة والتي تتضمن النتائج والتوصيات.
المبحث الول
البناء القانوني لجرائم الفساد
المبحث الثاني
المسؤولية الجزائية عن جرائم الفساد
تخضع جرائم الفساد ككل الجرائم الخرى لنفس القواعد والحكام العامة في
مجال المسؤولية الجزائية التتتي تتتترتب علتتى وقوعهتتا .وقتتد تضتتمنت اتفاقيتتة
المتتم المتحتتدة لمكافحتتة الفستتاد رغتتم ذلتتك بعتتض الحكتتام الخاصتتة بتقريتتر
مسؤولية الشخاص العتبارية عن جرائم الفستتاد وقتتد حتتاولت التفاقيتتة ولتتو
بصورة ضمنية أل تكون الحصانات الوظيفية عائقا ً أو حتتائل ً يحتتول دون تحقتتق
المسؤولية الجزائية لمرتكبي جرائم الفساد .وهذا ما ستتيكون محتتور دراستتتنا
فتتي هتتذا المبحتتث إذ ستتنتناول علتتى مستتتندين الول المستتؤولية الجزائيتتة
للشخاص العتبارية .أما الثاني فيكون محورا ً لدراسة المدى اعتبار الحصانات
الوظيفية قيودا ً للملحقة الجزائية للمتهمين بارتكاب جرائم الفساد.
أول :المسؤولية الجزائية للشخاص العتبارية:
يعد الخذ بالمسؤولية الجزائية للشخاص العتبارية أو المعنوية ضتترورة
تقتضيها مكافحتتة الفستتاد التتذي يضتتع فتتي اطتتار مؤسستتات القطتتاع الختتاص
والكيانتتات القتصتتادية والمؤسستتات المصتترفية الختترى .وإذا كتتان تقريتتر
المسؤولية الجزائية لمثل هتتذه الكيانتتات أو الشتتخاص العتباريتتة لتتن يفضتتي
بطبيعة الحال الى تطبيق العقوبات السالبة للحرية التي ل يتصتتور تطبيقهتتا إل
بالنسبة للشخاص الطبيعية) .(xxvفأن هذا ل يمنع تطبيق جزاءات من نوع آختتر
كالمصادرة أو الغرامتتة أو حرمتتانه متتن مزاولتتة نشتتاطه ولتتو لمتتدة مؤقتتتة أو
الوقف أو الحل .كما ان الخذ بالمسؤولية الجزائية للشتتخاص العتباريتتة عتتن
إحدى جرائم الفساد ل يمنع في ذات التوقت متن تتوافر المستؤولية الجزائيتة
للشخاص الطبيعية التي يتسبب اليها قانونا ً أرتكاب أحتتدى هتتذه الجتترائم).(xxvi
وقد كّرست المادة ) (26من التفاقيتتة مبتتدأ المستتؤولية القانونيتتة للشتتخاص
العتبارية في صورها المعروفة الجزائية والمدنيتتة والداريتتة وذلتتك علتتى نحتتو
يمكتتن فيتته اخضتتاعها العقوبتتات جزائيتتة أو غيتتر جزائيتتة .وتنتتص المتتادة ) (26
المشار إليها على إن:
أ -تعتمد كل دولة طرف ما قتتد يلتتزم متتن تتتدابير تتفتتق متتع مبادئهتتا القانونيتتة
لتقرير مسؤولية الشخصيات العتبارية عن المشتتاركة فتتي الفعتتال المجرمتتة
وفقا ً لهذه التفاقية.
ب -رهنتتا ً بالمبتتادئ القانونيتتة للدولتتة الطتترف يجتتوز أن تكتتون مستتؤولية
الشخصيات.
ج -ل تمس تلك المسؤولية بالمسؤولية الجزائيتتة للشخصتتيات الطبيعيتتة التتتي
ارتكبت الجرائم.
د -تكفل كل دولة طرف على وجه الخصتتوص اخضتتاع الشخصتتيات العتباريتتة
التي تلقى عليها المسؤولية وفقا ً لهذه المادة لعقوبات جزائيتة أو غيتر جزائيتة
فعالة ومتناسبة ورادعة بما فيها العقوبات النقدية.
وقتتد كتترس التشتتريع العراقتتي مبتتدأ المستتؤولية الجزائيتتة للشتتخاص
المعنوية في اطار الحكام العامة لقانون العقوبات بما يجعل منها مبدأ ينطبق
على كل الجرائم التي يتصتور وقوعهتا بمناستبة النشتاط التذي تمارسته هتذه
الشخاص).(xxvii
فقتتد نصتتت المتتادة ) (8متتن قتتانون العقوبتتات العراقتتي النافتتذ علتتى
)الشتتخاص المعنويتتة فيمتتا عتتدا مصتتالح الحكومتتة ودوائرهتتا الرستتمية وشتتبه
الرسمية مسئولة جزائي تا ً عتتن الجتترائم التتتي يرتكبهتتا ممثلوهتتا أو متتديروها أو
وكلؤها لحسابها أو باسمها .ول يجوز الحكتتم عليهتا بغيتتر الغرامتتة والمصتتادرة
والتدابير الحترازية المقررة للجريمة قانونا ً فإذا كتتان القتتانون يقتترر للجريمتتة
عقوبة أصلية غير الغرامة أبدلت بالغرامة ول يمنتع ذلتك متن معاقبتة مرتكتب
الجريمة شخصيا ً بالعقوبات المقررة للجريمة في القانون(.
ثانيًا :الحصانات الوظيفة:
يتطلب أداء الوظيفة العامة أحيان تا ً العتتتراف للمتتوظفين أو لفئة منهتتم
بعض الحصانات الوظيفة التي تمكنهم من أداء مهامهم وواجباتهم على النحتتو
المطلوب ول تعد هتتذه الحصتتانات الوظيفيتتة فتتي حقيقتهتتا موانتتع للمستتؤولية
الجزائيتتة أو للعقتتاب ولكنهتتا تمثتتل قيتتودا ً أو إجتتراءات علتتى تحريتتك التتدعوى
الجزائية ضدهم عن الجرائم التي يرتكبونها بستتبب أو بمناستتبة وضتتيفتهم واذا
كانت جرائم الفساد تعد في الغالب من الجرائم التي تقتتع بستتبب او بمناستتبة
أداء النشاط الوظيفي ،فقد حاولت إتفاقية المم المتحدة لمكافحة الفساد أن
تحد من مثل هذه الحصتتانات أو المتيتتازات دون أن تلغهتتا تمام تا ً آختتذة بتتذلك
موقفا ً وسطا ً بين ضرورات هذه الحصانات من ناحية وبيتتن مقتضتتيات فاعليتتة
الملحقة الجزائية عن جرائم الفساد من ناحية أخرى .ويستخلص هذا الموقف
مما تنص عليه المادة ) (30فقرة ) (2من التفاقية متتن أن ))تتختتذ كتتل دولتتة
طرف وفقا ً لنظامهتتا القتتانوني ومبادئهتتا الدستتتورية متتا قتتد يلتتزم متتن تتتدابير
لرساء أو إبقاء توازن مناسب بين أي حصانات أو امتيتتازات قضتتائية ممنوحتتة
لموظفيها العموميين من أجتل أداء وظتائفهم وإمكانيتة القيتام عنتد الضترورة
بعمليات تحقيق وملحظة ومقاضاة فعالتتة فتتي الفعتتال المجرمتتة وفقتا ً لهتتذه
التفاقية((.
ً
هذا وان منح الموظفين أو بعض فئات منهم حصانة أو امتيازا يحتتد متتن
مساءلتهم أو ملحقتهم الجزائية عن الجرائم التي تقع منهم بسبب أو بمناسبة
عملهم التوظيفي ل يبتدو متستقا ً متن الناحيتة القانونيتة متع المبتادئ الحديثتة
وأهمها مبدأ المساواة أمام القانون الجزائي ول متفقا ً مع الناحية الواقعية متتع
ضرورات مكافحة الفساد .فهذه الحصانات أيا ً كانت تستتميتها أو نطاقهتتا تميتتز
في المركز الجرائي بين الفراد المتهمين بمخالفة أحكتتام القتتانون الجتتزائي.
ول يبرر ذلك التذرع بمبدأ الفصل بين السلطات أو ضتتمان استتتقلل الستتلطة
التنفيذية في مواجهة السلطة القضائية .أمتتا متتن الناحيتتة الواقعيتتة فتتان هتتذه
الحصانات أيا ً كان تستميتها تعرقتل الكشتف عتن جترائم الفستاد أو تحتد متن
فاعلية إجتتراءات التحقيتتق والملحظتتة فتتي مواجهتتة مرتكتتبي جتترائم الفستتاد
لسيما وان هذه الحصانات مضافا ً اليها ما يتمتع بها كبار الموظفين من سلطة
فعلية تتمثتتل فتتي الغتتالب عائقتا ً يحتتول دون تعزيتتز الدلتتة ويستتهم فتتي بطتتء
إجراءات الكشف عن الحقيقة.
ومتتن جتتانب التشتتريع العراقتتي فقتتد كتتان متتن خلل قتتانون أصتتول
المحاكمات الجزائية رقتتم 23لستتنة ،1971متبنيتا ً نظتتام الحصتتانة لمتتوظفي
الدولة فقد نصت المادة ) (136فقتترة )ب( متتن القتتانون المتتذكور علتتى )) ل
يجوز إحالة المتهتتم علتتى المحكمتتة فتتي جريمتتة ارتكبتتت أثنتتاء تأديتتة وظيفتتته
الرسمية أو بسببها إل بإذن من التتوزير التتتابع لتته متتع مراعتتاة متتا تنتتص عليتته
القوانين الخرى((.
وكتتذلك بمقتضتتى المتتادة ) (25متتن قتتانون انضتتباط متتوظفي الدولتتة
الملغتتي رقتتم ) (67لستتنة 1976ل يجتتوز لقاضتتي التحقيتتق تحريتتك التتدعوى
الجزائية ومن ثم القيام بأي إجراء من إجراءات التحقيق ما لم يقرر الوزير أو
اللجنة أو المجلس العام ذلك) (xxviiiإل أن قانون انضباط موظفي الدولة النافتتذ
رقم 14لسنة 1991لم يتضمن مثل هذا النتص وهتذا ممتا يتدلل علتى رغبتة
المشرع في رفع الحصانة عن الموظفين التتذين يعملتتون فتتي القطتتاع العتتام.
ومن جهة أخرى وجد المشرع العراقي أن في إبقاء الفقرة )ب( من المتتادة )
(136أصول تعارض مع أحكام المر رقم 55لسنة 2004الختتاص بمفوضتتية
النزاهة العامة ،إذ يؤدي تطبيقها إلى هدر التحقيقات التي تقوم بها المفوضتتية
عند عدم موافقة الوزير المختتتص علتتى إحالتتة قضتتايا الفستتاد إلتتى المحكمتتة
المختصة كما يشترط هذه الفقرة وكذلك لغرض تطبيق مبتتدأ ستتيادة القتتانون
على جميع المواطنين من دون محاباة لذا فقتد عمتد إلتى الغتاء هتذه الفقترة
)(xxix
استنادا ً إلى قانون تعديل قتتانون أصتتول المحاكمتتات الجزائيتتة رقتتم )(23
عليه فيمكن أن ننتهي بتتالقول إلتتى أن التشتتريع العراقتتي ل يمنتتح أي حصتتانة
إجرائية تحد من ملحظة الموظفين فيمتتا يرتكبتتونه متتن جتترائم فستتاد تتعلتتق
بعملهم الوظيفي فيمكن تحريك الدعوة الجزائية ضتتد أي موظتتف ولتتو بشتتأن
جريمتتة تتعلتتق بتتوظيفته دون حاجتتة لطلتتب أو أذن جهتتة الدارة التتتي ينتمتتي
إليها).(xxx
المبحث الثالث
النظام الجزائي لجرائم الفساد