Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 19

‫دراسة مقارنة‬

‫في مدى استجابة التشريع العراقي لتفاقية المم‬


‫المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2004‬‬

‫المقدمة‬

‫تنصب هذه الدراسة على إتفاقية المتتم المتحتتدة لمكافحتتة الفستتاد التتتي تتتم‬
‫التوقيع عليها متتن قبتتل العتتراق فتتي ‪ (i)2007 /30/8‬ومتتدى إعتبتتار التشتتريع‬
‫العراقي متوائم مع ما تضمنته هذه التفاقية من أحكام‪.‬‬
‫وتمثل إتفاقية المم المتحدة لمكافحة الفساد ميثاقا ً دوليا ً بتتالغ الهميتتة‬
‫لسببين أولهما‪ :‬أنها إتفاقية عالمية النطاق اشترك في أعمالها التمهيدية وفتتي‬
‫المفاوضات التي سبقت إقرارها أكثر من مائة وعشتترين دولتتة بالضتتافة إلتتى‬
‫العديد من المنظمتات الدوليتة‪ .‬وثانيهمتا إن هتتذه التفاقيتتة تمثتل إستتراتيجية‬
‫شاملة لمكافحة الفساد تعتمد علتتى اتختتاذ مجموعتتة متتن التتتدابير التشتتريعية‬
‫وغير التشريعية‪ .‬وتنشئ لنفسها آلية لمراقبة التنفيذ متتن خلل متتؤتمر التتدول‬
‫الطراف‪ .‬وتستهدف التعاون القضائي بين الدول الطراف على كافة أصتتعدة‬
‫مكافحة ظاهرة الفساد‪.‬‬
‫ولشتتك إن التشتتريع العراقتتي متتدعو إلتتى الستتتجابة التشتتريعية لهتتذه‬
‫التفاقية لكي يبدو أكثر توافقا ً أو أتساقا ً مع أحكامها‪.‬‬
‫ولعل هذه الستجابة التشريعية المرجوة يفرضتتها عامتتل قتتانوني مهتتم‪،‬‬
‫وهو أن إنضمام العراق إلى إتفاقية المم المتحدة لمكافحة الفساد والتصديق‬
‫عليها يعني ان المشتترع العراقتتي ستتوف يصتتبح متتن الناحيتتة القانونيتتة ملتتزم‬
‫بأحكامها‪ .‬لن التصتديق علتى معاهتدة دوليتة بحكتم متا تنتص عليته الدستاتير‬
‫والقوانين يجعل من هذه المعاهدة جزء ل يتجزء من النظام القانوني الوطني‪.‬‬
‫ويترتب على ذلتتك ضتترورة تحقيتتق الستتتجابة والمواءمتتة التشتتريعية بيتتن متتا‬
‫تضمنته أحكام المعاهدة وبين الحكام الواردة في التشريع العراقي‪.‬‬
‫عليه فسيتم دراسة هذا البحث دراسة مقارنة بين ما جاءت به التفاقية‬
‫وعلى سبيل الخصوص الفصل الثالث منهتتا والتتذي حتتدد فيتته التجريتتم وإنفتتاذ‬
‫القانون بشأن جرائم الفساد وما جتاء بته المشترع العراقتي بشتأن ذلتك متن‬
‫جهة‪ .‬وسيتم تقسيم الدراسة الى ثلثة مباحث نتناول في الول البناء القانوني‬
‫لجرائم الفساد‪ .‬أما الفصل الثاني فيكون محورا ً لدراسة المستتؤولية الجزائيتتة‬
‫عن جرائم الفساد‪ ،‬والخير فيتضمن النظام الجزائي لجرائم الفساد‪ .‬ومن ثتتم‬
‫ننتهي بالخاتمة والتي تتضمن النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫المبحث الول‬
‫البناء القانوني لجرائم الفساد‬

‫تضمن الفصل الثالث من اتفاقية المم المتحدة لمكافحتتة الفستتاد فتتي‬


‫المواد )‪ (15‬تحت عنوان )التجريم واتفاذ القتتانون الجتترائم التاليتتة ‪ -:‬الرشتتوة‬
‫فتتي القطتتاعين العتتام والختتاص واختلس المتتوال العامتتة والقطتتاع الختتاص‬
‫والمتاجرة في النفوذ وإساءة استغلل الوظائف والثراء غير المشروع وغسل‬
‫العائدات الجرامية والخفاء وإعاقة سير العدالة وتستوعب هذه الجرائم صدر‬
‫المساهمة والشروع وسنتناول هذه الجرائم على وفق ما جتتاءت بتته التفاقيتتة‬
‫وكما هو عليه التي‪-:‬‬
‫أول‪ -:‬الرشوة‪:‬‬
‫تنص اتفاقية المم المتحدة لمكافحة الفساد علتى صتورتين للرشتتوة ‪-:‬‬
‫أولهما الصورة التقليدية للرشوة عندما تقع متن موظتتف عتام وطنتي )م ‪(15‬‬
‫وثانيهما الصورة المستخدمة للرشتتوة حيتتن تقتتع متتن موظتتف عتتام أجنتتبي أو‬
‫موظف في مؤسسة دولية عمومية )م ‪(16‬‬
‫‪ -1‬رشوة الموظف العام الوطني ‪-:‬‬
‫تتضتتمن المتتادة )‪ (15‬متتن اتفاقيتتة مكافحتتة الفستتاد صتتورتين للرشتتوة‬
‫الولى‪ -:‬هي الرشوة التي يجرم فيها فعل كل من وعد موظف عمومي بمزية‬
‫غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها بشكل مباشر أو غير مباشر ستتواء‬
‫لصالح الموظف نفسه أو لصتتالح شتتخص أو كيتتان آختتر لكتتي يقتتوم الموظتتف‬
‫بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجبتتاته الرستتمية أمتتا الصتتورة‬
‫الثانية فهي الرشوة التتتي يجتترم فيهتتا ستتلوك الموظتتف نفستته وهتتو التمتتاس‬
‫موظف عمومي أو قبوله بشتتكل مباشتتر أو غيتتر مباشتتر مزيتتة غيتتر مستتتحقة‬
‫سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيتتان آختتر لكتتي يقتتوم ذلتتك‬
‫الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجباته الرسمية ‪.‬‬
‫ومن دراسة النص أعله ومقارنة بما جاء به المشرع العراقي نجده انتته‬
‫ل يكاد يختلف النموذج القانوني لجريمتتة الرشتتوة فتتي قتتانون العقوبتتات رقتتم‬
‫‪ 111‬لسنة ‪ (ii)1961‬مع ما هو منصوص عليه فتتي المتتادة )‪ (15‬متتن التفاقيتتة‬
‫فالجريمتتة تتتتألف متتن ركنيتتن متتادي ومعنتتوي و يستتبقهما الركتتن او الشتترط‬
‫المفترض ‪.‬‬
‫فأما بالنسبة للركن الخاص والمتمثل بصفة الموظتتف العتتام فيعنتتي أن‬
‫الرشوة ل تقع إل إذا توافرت صتتفة الموظتتف العتتام المختتتص )‪ (iii‬وقتتد نصتتت‬
‫المادة الثانية من التفاقية فقرة ) أ( لتعريف الموظتتف العتتام بتتأنه ‪ ) ..‬أ – أي‬
‫شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو أداريا أو قضتتائيا لتتدى دولتتة طتترف‬
‫سواء كان معينا أو منتخبا ً دائما أو مؤقتا ‪ ،‬مدفوع الجر أم غيتتر متتدفوع الجتتر‬
‫وبصرف النظر عن أقدميه ذلك الشخص( ) ب‪ -‬أي شخص أخر يتتؤدي وظيفتتة‬
‫عمومية ‪ ...‬حسب التعريف الوارد في القانون الداخلي للدولة الطرف ‪(...‬‬
‫ويبدو من التعريف أعله أن التفاقية حاولت قدر المكان من التوستتع فتتي‬
‫مفهوم الموظف العام وذلك لمكافحة الفساد وهو المتتر نفستته التتذي حتترص‬
‫عليه المشرع العراقي عنتتد تعريتتف المكلتتف بخدمتتة عامتتة فتتي الفقتترة )‪(2‬‬
‫المادة )‪ (19‬من قانون العقوبات ‪،‬فجاء بتعريف واسع ليشمل جميع ما جاءت‬
‫به التفاقية من فقرات وحسنا فعل المشرع بشأن ذلك ‪.‬‬
‫أما الركن المادي لجريمة الرشوة وفقا لما يستخلص من المادة )‪ (15‬من‬
‫التفاقية فهو ل يختلف تقريبا عن الركن المادي الذي جاء به المشرع العراقي‬
‫‪ ،‬إذ ينبغي أن يصدر عن الموظف طلب أو قبول لمزية غير مستتتحقة أو وعتتد‬
‫لجل القيام بعمل أو المتنتتاع عتتن القيتتام بعمتتل متتن أعمتتال وظيفتتته لصتتالح‬
‫نفستته أو كيتتان آختتر ‪ .‬فيمتتا يتعلتتق بصتتور الفعتتال التتتي يمكتتن أن يقتتوم بهتتا‬
‫الموظف نجد أن المشتترع العراقتتي قتتد أضتتاف إلتتى ذلتتك الخلل بالواجبتتات‬
‫الوظيفية فضل عن الصورتين أعله)‪ (iv‬ولكن لنا وقفة بما جتتاءت بتته التفاقيتتة‬
‫وهو )الكيان الخر( وتبدو عبارة كيان أخر ذات أهمية خاصة لنهتا تعنتتي تتتوافر‬
‫الرشوة ليس فقط ولو كانت المزية لشخص طبيعي قريب أو صديق لموظف‬
‫وإنما أيضا ولو كانت لصالح كيان أخر والذي يتمثل بالشخص المعنوي أو جهة‬
‫ما‪ .‬فندعوا المشرع العراقي أن يولي هذا المر شيء من الهتمام ويشدد في‬
‫العقوبة عن ما إذا كتان لنفسته أو لغيتره كمتا جتاء فتي نتص المتادة )‪( 307‬‬
‫عقوبات ‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالركن المعنوي للجريمة فالرشوة مثتتل كتتل الجتترائم الفستتاد‬
‫الخرى المشمولة بالتفاقية هي جريمتتة عمتتديه ويعنتتي ذلتتك أن لبتتد لقيامهتتا‬
‫قانونا توافر عناصر العمد وهي عناصر القصد ألجرمتتي والتتذي يتمثتتل بتتالعلم‬
‫)‪( v‬‬
‫والرادة‬
‫‪ – 2‬رشوة الموظف العام الجنبي أو الموظف الدولي‬
‫ل يختلتتف النمتتوذج القتتانوني لهتتذه الجريمتتة عتتن رشتتوة الموظتتف العتتام‬
‫الوطني ‪ ،‬المنصوص عليها في المادة )‪ (15‬إل فيما يتعلق بعنصرين هما صفة‬
‫الفاعل في الجريمة ومقابل الرشوة ‪ .‬وفيما يتعلق بصفة الفاعل في الجريمة‬
‫فالمرتشي هو كل من تتوافر فيه صفة الموظتتف العتتام الجنتتبي أو الموظتتف‬
‫الدولي ‪ .‬وقد تصدت الفقتترة )ب( متتن المتتادة الثانيتتة متتن التفاقيتتة لتعريتتف‬
‫الموظف العام الجنبي ‪ ،‬فنصت على أنه ) أي شخص يشغل منصتتبا تشتتريعيا‬
‫أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا لدى بلد أجنبي‪ .....‬أو أي شخص يمتتارس وظيفتتة‬
‫عمومية لصالح بلد أجنبي‪(...‬‬
‫ويبدو أن المشرع العراقي قد عالج ذلك المر فيما يتعلتتق بصتتفه الموظتتف‬
‫الجنبي لنه جاء تعتتبير صتتفة الموظتتف أو المكلتتف بخدمتتة عامتتة علتتى وجتته‬
‫العموم والطلق بصرف النظتتر عتتن صتتفة أو جنستتية ذلتتك الموظتتف)‪ . (vi‬أمتتا‬
‫صفة الموظف الدولي فيستتتخلص ممتتا نصتتت عليتته الفقتترة )ج( متتن المتتادة‬
‫الثانية من التفاقية بأنه )كل مستخدم مدني دولي ‪ ...‬وبالتالي فكل العتتاملين‬
‫في المنظمات والهيئات والكيانات الدولية هم من قبتتل المتتوظفين التتدوليين(‬
‫ويبدوان هذا المفهوم قد جاء واسعا والسبب يعتتود فتتي ذلتتك إلتتى إن إخضتتاع‬
‫هؤلء إلى الحكام التي اشتملت عليها اتفاقية مكافحة الفستتاد بمتتا فتتي ذلتتك‬
‫أمكان مساءلتهم عن جتترائم الفستتاد المنصتتوص عليهتتا فتتي التفاقيتتة ونتتدعو‬
‫المشرع العراقي على أيجاد مثل هذه النصوص ليطال العقاب كل من أرتكب‬
‫جريمة على أرض الدولة وذلك تفعيل لنتص المتادة )‪ (6‬متن قتانون العقوبتات‬
‫الخاص بالختصاص القليمي‬
‫ول شك إن إضافة الموظفين العمتتوميين الجتتانب والتتدوليين فتتي أمكانيتتة‬
‫مساءلتهم عما يرتكبونه من جرائم الرشوة وذلك استجابة لما هو حاصتتل فتتي‬
‫الوقت الحاضتتر متتن تشتتابك و تتتداخل العلقتتات والنشتتطة بيتتن المؤسستتات‬
‫الدوليتتة والتتدول متتن ناحيتتة وبيتتن الكيانتتات القتصتتادية الدوليتتة وغيرهتتا متتن‬
‫الكيانات الخرى والمجتمعات من ناحية أخرى)‪ (vii‬أما العنصر الثاني الذي يميز‬
‫رشوة الموظف العام الجنبي أو الدولي فيتمثتتل فتتي مقابتتل التجتتار بالعمتتل‬
‫)‪(viii‬‬
‫الوظيفي واستغلله وهو الحصول على منفعة تجارية أو الحتفاظ بها‬
‫ثانيا – اختلس الموال العامة‬
‫وهي أحدى أهم جرائم الفساد بالنظر للثار السلبية الماليتتة الناجمتتة عنهتتا‬
‫حيث تمثل أهدارا لموال وممتلكات الدولتة التتي هتي فتي ذات التوقت ملتك‬
‫المجتمع‪ .‬كما تكمن خطورتها في أنها تشكل ضربا من ضتتروب خيانتتة المانتتة‬
‫للموظف التي أودعت إليه من حيث تتتوليه الوظيفتتة وضتترورة الحفتتاظ علتتى‬
‫)‪(ix‬‬
‫الموال والممتلكات التي يضع يده عليها بحكم هذه الوظيفة‬
‫وتنص المادة )‪ (17‬من التفاقية على أن )تعتمد كل دولة طرف متتا قتتد يلتتزم‬
‫من تدابير تشريعية و تدابير أخرى لتجريم قيام موظف عمومي عمدا لصالحه‬
‫هو أو لصالح شخص أو كيان أخر بتتاختلس أو تبديتتد أي ممتلكتتات أو أوراق أو‬
‫أموال مالية عمومية أو خصوصية أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهتتد بهتتا إليتته‬
‫بحكم موقعه أو تسريبها بشكل أخر( ‪.‬‬
‫يتضح من النص أعله إن التفاقية قد توسعت في نطتتاق جريمتتة الرشتتوة‬
‫بالمقارنة مع جريمة الختلس فالجريمة الولى يرتكبها كل موظف عام سواء‬
‫كان وطنيا أم أجنبيتتا أم كتان موظفتتا دوليتتا فتتي مؤسستتة دوليتته‪ .‬أمتتا جريمتتة‬
‫الختلس فل تقع إل من توافرت فيتته صتتفة الموظتتف العتتام التتوطني فقتتط ‪.‬‬
‫ويتضتتمن النمتتوذج القتتانوني لجريمتتة الختلس المتتوال العامتتة التتواردة فتتي‬
‫المادة )‪ (17‬من التفاقيتتة ركنيتتن متادي ومعنتتوي وركتن مفتتترض وهتتو صتتفة‬
‫الموظف العام ويشمل الركن المتتادي علتتى عنصتترين أولهمتتا فعتتل الختلس‬
‫والثتتاني محتتل الختلس ويتمثتتل عنصتتر الختلس فتتي أفعتتال الختلس فتتي‬
‫الستيلء المقترن بنية التملك وهتتو متتا عتتالجته المادتتتان )‪، 315‬ت ‪ (316‬متتن‬
‫قانون العقوبات العراقي ‪ ،‬والتبديد والضرار أو أي استعمال غير مشروع وهو‬
‫تضمنته كذلك المواد ) ‪، 338‬ت ‪، 340‬ت ‪ (341‬والصورة الخيرة تتمثل بمجرد‬
‫استعمال الموال والممتلكات العائدة للدولة على نحو غيتتر مشتتروع ولتتو لتتم‬
‫يقترن هذا الستعمال بنية التملك وهو ما انفرد به كذلك المشرع العراقي في‬
‫معالجة هذا المر عن بقية التشريعات الخرى في المادة )‪ (335‬عقوبات أمتتا‬
‫محل الختلس فيعني المتتوال أو الممتلكتتات أو الوراق الماليتتة ستتواء كتتانت‬
‫عامة أم خاصة أو أي أشياء أخرى ذات قيمة)‪ (x‬ولكتتن يشتتترط إن تكتتون هتتذه‬
‫المتتوال أو الشتتياء قتتد ستتلمت إلتتى موظتتف بستتبب وظيفتتة )‪ (xi‬أمتتا الركتتن‬
‫المعنوي فيجب أن يقع بصورة عمديه وبالتالي تتوافر عناصر القصد الجرامي‬
‫كما تطلقه المادة )‪ (17‬من التفاقية‪.‬‬
‫ثالثا – التجار بالنفوذ‬
‫يتمثتتل جتتوهر النمتتوذج القتتانوني لجريمتتة التجتتار بتتالنفوذ فتتي قيتتام‬
‫الموظف أو أي شخص آخر باستغلل نفوذه الفعلي أو المفترض للحصول من‬
‫الدارة أو السلطة العامة تابعة للدولة على مزية غير مستتتحقة وذلتتك مقابتتل‬
‫أي مزية لصتتالحه أو لصتتالح شتتخص أختتر)‪ (xii‬وقتتد أوضتتحت المتتادة )‪ (18‬متتن‬
‫التفاقية أركان وعناصر التجار بالنفوذ وان هذه الجريمة تتحقق على وفق متتا‬
‫جتتاءت بتته التفاقيتتة بتتتوافر ثلثتتة أركتتان وهتتو الشتترط المفتتترض المتمثتتل‬
‫بالموظف العام‪ .‬ولكن التفاقية هنا لم تقتصر علتتى الموظتتف العتتام فحستتب‬
‫وإنما يمكن إن يكون الفاعل فتتي الجريمتتة شتتخص آختتر ل تتتتوافر فيتته صتتفة‬
‫الوظيفة العامة إذ المهم في هذه الجريمة هو إن يتم استغلل ما قد يكون لتته‬
‫من نفوذ ييسر لته الحصتول علتى مزايتا غيتر مستتحقة متن الوظيفتة العامتة‬
‫ويستوي إن يكون النفوذ فعليا أو مفترضتتا )‪ ، (xiii‬فقتتد يكتتون الفاعتتل موظفتتا‬
‫تتيح له درجته الوظيفية ومتا لته متن اختصتتاص إن يباشتر نفتتوذا فعليتتا ‪ ،‬وقتد‬
‫يكون له محض نفوذ مفترض قد يستخلص منه كونه عضوا في مجلس النواب‬
‫وفيما يتعلق بالركن المادي للجريمة فيشتمل على عدة عناصر وهي طلتتب أو‬
‫قبول أي مزية غير مستتتحقة لصتتالحه أو لصتتالح شتتخص آختتر والطلتتب يعنتتي‬
‫صدور المبادرة من الموظف أو شخص الختتر صتتاحب النفتتوذ)‪ (xiv‬أمتتا القبتتول‬
‫فيفترض إن هناك وعدا أو عرضا ستتبق صتتدوره متتن الشتتخص المستتتفيد ثتتم‬
‫أعقبه قبول الموظف أو الشخص صاحب النفوذ ويجتتب إن ينصتتب الطلتتب أو‬
‫القبول على مزية غير مستحقة ولم تحدد التفاقيتتة متتاذا يقصتتد بالمزيتتة غيتتر‬
‫المستحقة ‪ .‬وهو تعبير يشمل كل صور المقابل العيني والنقدي وكافة المنافع‬
‫والمزايا الخرى أمتا الركتتن المعنتتوي للجريمتتة فيأختتذ صتتورة العمتتد وهتتو متا‬
‫يستفاد صراحة مما هو منصتتوص عليتته فتي المتادة )‪ (18‬متن التفاقيتة التتي‬
‫اشترطت لتجريم التجار بالنفوذ إن يرتكتتب عمتتدا وبالتتتالي فتتأن الخطتتأ غيتتر‬
‫المقصود بكافة صوره ل يكفي لتوافر الركن المعنوي لجريمة التجتتار بتتالنفوذ‬
‫وفيما يتعلق بمواءمة أو استجابة المشرع العراقي لنصوص التفاقيتتة نجتتد أن‬
‫التشريع العراقي لم ينص صراحة على جريمة التجار أو استتتغلل النفتتوذ لتتذا‬
‫تدعو المشرع إلتتى ستتد هتتذه الثغتترة التشتتريعية للحيلولتتة دون وقتتوع جتترائم‬
‫الفساد خاصة وأن هذا النتتوع متتن الجتترائم يمثتتل أخطتتر وأهتتم صتتور الفستتاد‬
‫لسيما في الوقت الحالي الذي يشهده العراقي من تطور وتغير في الفلستفة‬
‫القتصادية‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬إساءة استغلل الوظائف‬
‫تتضمن اتفاقية المم المتحتتدة لمكافحتتة الفستتاد صتتورة أختترى متتن صتتور‬
‫الفساد تتميز عن جرائم الرشتتوة والختلس والمتتتاجرة بتتالنفوذ وهتتي إستتاءة‬
‫استغلل الوظائف فتنص المتتادة )‪ (19‬متتن التفاقيتتة علتتى ) تنظتتر كتتل دولتتة‬
‫طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشتتريعية وتتتدابير أختترى لكتتي تجتترم‬
‫تعمد موظف عمومي إستتاءة استتتغلل وظتائفه أو متتوقعه ‪ ،‬أي قيتتام أو عتتدم‬
‫قيام بفعتتل متا ‪ ،‬لتتدى الضتتطلع بوظتتائفه بغتترض الحصتتول علتى مزيتتة غيتتر‬
‫مستحقة لصالحه هو أو لصالح شخص أختتر أو كيتتان أختتر ممتتا يشتتكل انتهاكتتا‬
‫للقوانين ( ‪ .‬أن النموذج القانوني لهذه الجريمة يتسم بالتساع وهو يواجه في‬
‫الواقع الفروض الخرى لنتفاع الموظف على نحتتو غيتتر مشتتروع متتن أعمتتال‬
‫وظيفته بالمخالفة لحكام القانون سواء كان النتفاع لنفسه أو لغيرة‪ .‬ويتواءم‬
‫التشريع العراقي متتع اتفاقيتتة مكافحتتة الفستتاد فيمتتا تنتتص عليتته متتن جريمتتة‬
‫إساءة استغلل الوظيفية وأن تفاوت المسمى الذي يطلق عليه‪ .‬فقد عتتالجت‬
‫المادة )‪ (316‬عقوبات الحكام الخاصة بالموظف التتو المكلتتف بخدمتتة عامتتة‬
‫الذي أستغل وظيفته فاستتولى بغيتر حتق علتتى متال أو متتتاع أو ورقتة مثبتتته‬
‫لحق‪ ,‬غير ذلك مملوك للدولة أو لحتتدى المؤسستتات أو الهيئات التتتي تستتهم‬
‫ألدوله في مالها بنصيب ما أو سهل لغيره أو كان المال مملوك للغير)‪.(xv‬‬
‫خامسا – الثراء غير المشروع‬
‫تمثل جريمة الثتتراء أو الكستتب غيتتر المشتتروع صتتورة للفستتاد متتثيرة‬
‫للجدل و سبب هذا الجدل إن هذه الجريمة تتجسد في الواقع صورة من صور‬
‫الفساد المراوغ والذكي الذي ينفتذ عتبر ثغترات النصتتوص ويختتترق مفاهيمهتتا‬
‫الجامدة متبنيا ً مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات التي تتتوجب تفستتير النصتتوص‬
‫الجزائية تفسيرا ضيقا أو حضر تفسيرها بطريق القياس)‪.(xvi‬‬
‫وقد ورد النموذج القانوني للثراء غير المشروع في المادة ‪ 20‬من اتفاقية‬
‫مكافحة الفساد الني تنص على إن ) تنظتتر كتتل دولتتة طتترف رهنتتا بدستتتورها‬
‫والمبادئ الساسية لنظامها القانوني في أعتاد ما قد يلزم من تدابير تشريعية‬
‫وتدابير أختترى لتجريتتم تعمتتد موظتتف عمتتومي أثتتراء غيتتر مشتتروع أي زيتتادة‬
‫موجودا ته زيادة كبيرة ل يستتتطيع تعليلهتتا بصتتورة معقولتتة قياستتا إلتتى دخلتته‬
‫المشروع(‬
‫ولعل ما يؤكد الجدل الحاصل حول مدى مشروعية تجريتتم الثتتراء غيتتر‬
‫المشروع إن المادة )‪ (20‬متتن التفاقيتتة حيتتن دعتتت التتدول إلتتى تجريتتم هتتذا‬
‫الثراء فأنها جعلت ذلك منوطا بدستتتور الدولتتة والمبتتادئ الساستتية لنظامهتتا‬
‫وهو ما لم تنص عليه بشأن جرائم أخرى نصت عليها تلك التفاقية ‪.‬‬
‫نظر لخطورة هذا النتوع متن الجترائم علتى المجتمتع متن جهتة وعلتى البنتى‬
‫القتصادية للدولة من جهة أخرى حتتاول المشتترع العراقتتي إن يضتتع النمتتوذج‬
‫القانوني متكامل للحاطة بهذا النوع من الجرائم فقد عالج أحكامها متتن خلل‬
‫قانون الكسب غير المشروع رقم ‪ 15‬لسنة ‪ (xvii)1958‬ومن جهة أخرى عالج‬
‫قانون مفوضية النزاهة العامة في العتتراق فتتي القستتم الستتابع والثتتامن منتته‬
‫الحكام الخاصة بالكشف عن المصالح المالية والتتذي يستتري بالتحديتتد علتتى‬
‫المسئولين الكبار في الدولة والتي أشارت أليهم بالتحديد في الفقرة )‪ (5‬من‬
‫القسم الثاني من القانون)‪. (xviii‬‬
‫وندعو المشرع العراقي إلى أيجتاد نصتتوص محتتددة ذات عقوبتات صتتارمة‬
‫خاصة بالكستتب غيتتر المشتتروع وذلتتك وفقتتا لمتتا تمليتته السياستتة التشتتريعية‬
‫الجنائية التي تحدد نصوصها من خلل متتا هتتو موجتتود علتتى أرض الواقتتع فتتي‬
‫الدولة ‪،‬خاصة وقد كثرت في الونه الخيرة من هذا النوع من الجرائم ‪.‬‬
‫سادسا – غسل الموال المتحصلة عن جرائم الفساد‬
‫يعد غسيل الموال المتحصلة من جرائم الفساد أهم وأخطر صتتور الفستتاد‬
‫قاطبة وذلك لسببين أوليهمتتا أن جتترائم الفستتاد هتتي بالستتاس جتترائم ماليتتة‬
‫يمثل النفع المادي فنها الباعث الحقيقي علتتى ارتكابهتتا‪ ،‬وبالتتتالي فتتان تتتأمين‬
‫هتتذا النفتتع المتتادي يتطلتتب متتن الجتتاني الستتراع باستتتخدام الحيتتل ووستتائل‬
‫التمويه التي تمكنه من إضفاء مصتتدر مشتتروع علتتى المتتوال المتحصتتلة متتن‬
‫جرائم الفساد التي ارتكبها)‪ .(xix‬وثانيهما إن غسل عائدات الفستتاد مثتتل غستتل‬
‫أو تبييض عائدات أي جريمة أخرى ل تعتتد فقتتط جريمتتة ماليتتة بتتل هتتي أيضتتا‬
‫وعلى وجه الخصتوص إحتدى جترائم عرقلتة ستير العدالتة لن رستائل غستل‬
‫الموال تزيد من صعوبة كشف الجريمة وتتبع عائداتها المباشتترة)‪ (xx‬ومتتن هنتتا‬
‫تبرز أهمية اتفاقية المم المتحدة لمكافحة الفساد ذلتك لنهتا تحتاول إن تضتع‬
‫حلول للصعوبات والمشتتكلت القانونيتتة الناشتتئة عتتن ظتتاهرة غستتل عتتائدات‬
‫الفساد وقد تضتتمنت المتتادة )‪ (23‬متتن التفاقيتتة النمتتوذج القتتانوني للجريمتتة‬
‫الخاصة بغسل العائدات الجرمية‪ ،‬فضل عن بعتتض الحكتتام الجرائيتتة الخاصتتة‬
‫بالولية القضائية والتي نحاول بيان أحكامها وفقا للتي‪:‬‬
‫‪ -1‬أفعال غسل العائدات المتحصلة عن إحدى جرائم الفساد ‪.‬‬
‫يتضمن النموذج القانوني لتجريم غسل الموال‪ .‬على وفق ما يستفاد من نص‬
‫المادة )‪ (23‬من التفاقية الفعال التالية‪:‬‬
‫أ – إبدال الممتلكات أو أحالتها مع العلم بأنها عائدات إجرامية ‪ ،‬بغرض إخفتتاء‬
‫أو تمويه مصدر تلك الممتلكات غير المشروع ب – أخفتتاء أو تمتتويه الطبيعتتة‬
‫الحقيقية للممتلكات أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو‬
‫ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها مع العلم بان تلك الممتلكات عائدات إجراميتتة‬
‫ج – اكتساب الممتلكات أو حيازتها أو استخدامها مع العلم وقت استلمها بأنها‬
‫عائدات إجرامية‬
‫‪ – 2‬المحل الذي ترد عليه جريمة غسل عائدات الفساد‬
‫تنصب جريمة غسل عائدات الفساد على الممتلكات والعائدات المتحصلة عن‬
‫إحدى جتترائم الفستتاد وقتتد ورد تعريتتف الممتلكتتات والعتتائدات ضتتمن المتتادة‬
‫الثانية من التفاقية الخاصتتة بالمصتتطلحات المستتتخدمة ويقصتتد بالممتلكتتات‬
‫وفقا للفقرة )د( من المادة الثانيتتة ) الموجتتودات بكتتل أنواعهتتا ستتواء كتتانت‬
‫ماديتتة أم غيتتر ماديتتة ‪ ،‬منقولتتة أم غيتتر منقولتتة ملموستتة أم غيتتر ملموستتة‬
‫والمستندات أو الصكوك القانونية التي تثبت ملكية تلك الموجتتودات أو وجتتود‬
‫حق فيها ( أما العائدات الجرامية فهي وفقا للفقرة )هت( من ذات المتتادة) أي‬
‫ممتلكات متأتية أو متحصله عليها بشتكل مباشتر أو غيتر مباشتر متن ارتكتاب‬
‫جرم ويقصد بذلك بطبيعة الحال أي جرم منصوص عليه في هذه التفاقية (‬
‫‪ – 3‬مفهوم الجريمة الصلية التي تحصلت عنها الممتلكات أو العائدات‬
‫لكي يتوافر النموذج القانوني لجريمة غستتل المتتوال المتحصتتلة عتتن الفستتاد‬
‫يجب إن تكون هذه الموال متحصله عن جرم أصلي ويقصتتد بتتالجرم الصتتلي‬
‫كل جريمة منصوص عليها في التفاقية من تلتتك التتواردة فتتي الفصتتل الثتتالث‬
‫منها والمخصص للتجريم ‪ .‬ولكن مفهوم الجريمة الصلية مصدر الموال التتتي‬
‫يتم غستتلها ل يقتصتتر بالضتترورة علتتى جتترائم الفستتاد المنصتتوص عليهتتا فتتي‬
‫التفاقية وان كانت تشكل الحد الدنتتى بتتل تستتتوعب أيضتتا أي جتترائم أصتتلية‬
‫أخرى ترد فتتي التشتتريع التتداخلي للدولتتة ‪ .‬وقتتد أشتتارت إلتتى ذلتتك ) أ ( متتن‬
‫الفقرة الثانية من المادة ) ‪ (23‬من التفاقية بقولها‪ :‬لغراض تنفيتتذ أو تطتتبيق‬
‫جريمة غسل العائدات من الجرائم الصلية‪ .‬أما الركن المعنوي متتن الجريمتتة‬
‫فأن جريمة غسل الموال المتحصتلة عتن إحتدى جترائم الفستاد هتي جريمتة‬
‫عمديه ل يكفي لقيامها مجرد توافر التقصير والهمال أو غيتتر ذلتتك متتن صتتور‬
‫الخطأ غير المقصود وهذا ما هو مستخلص من نص المادة ) ‪ (23‬من التفاقية‬
‫‪ .‬ويكمن جوهر العمد في علم الجتاني بتان المتوال أو العتائدات التتي يباشتر‬
‫بصددها وسائل غسل الموال إنما هي أموال أو عائدات متحصتتله متتن أحتتدى‬
‫جرائم الفساد والمشمولة بالتفاقية ‪.‬‬
‫ويبدو إن التشتتريع العراقتتي جتتاء متوافقتتا متتع إحكتتام اتفاقيتتة مكافحتتة‬
‫الفساد سواء من حيث تعريفه لفعال غستتل أو تتتبييض المتتوال أو متتن حيتتث‬
‫نطاق جرائم الفساد مصدر الموال أو العائدات التي يتم غسلها ‪ .‬فمتتن ناحيتتة‬
‫أولى وعلى صعيد أفعال غسل الموال يتضمن قانون مكافحة غسيل المتتوال‬
‫لسنة ‪ 2004‬الصادر بموجب أمر سلطة الئتلف رقم ) ‪ (93‬تجريم العديد من‬
‫صور غسل الموال والتي تمثتتل وفقتا للمتادة الثالثتتة منتته ) كتتل متن يتتدير أو‬
‫يحاول إن يدير تعامل مالي يوظف عتائدات بطريقتة متا لنشتتاط غيتر قتانوني‬
‫عارفا بان المال المستخدم هو عائدات بطريقة ما لنشاط غير قتتانوني أو كتتل‬
‫من ينقل أو يرسل أو يحيل وسيلة نقدية أو مبتتالغ تمثتتل عتتائدات بطريقتتة متتا‬
‫لنشاط غير قانوني عارفا بان هتتذه الوستتيلة النقديتتة أو المتتال يمثتتل عتتائدات‬
‫بطريقة ما لنشاط غير قانوني (‬
‫من ناحيتتة ثانيتتة وعلتتى صتتعيد نطتتاق جتترائم الفستتاد ومصتتدر المتتوال‬
‫والعائدات التي يتم غسلها يبدو التشريع العراقي متوافقا متتع إحكتتام معاهتتدة‬
‫مكافحة الفساد إن لم يكن أكثر توسعا منها في المفهوم الذي يأختتذه لجتترائم‬
‫الفساد كجرائم أصلية فتتي مجتتال غستتيل المتتوال‪ .‬فوفقتتا للمتتادة أعله فتتان‬
‫التجريم ينصب على غسل الموال المتحصلة من أي نشاط غير قانوني ‪.‬‬
‫سابعا – أخفاء الموال المتحصلة عن جرائم الفساد ‪.‬‬
‫يمثل النموذج القانوني للخفاء أهمية خاصة في مكافحة الفساد ‪ ،‬ولعل‬
‫هذه الهمية تراجعت بالنظر لتجريم غسل عائدات الفساد ولكتتون الجريمتتتين‬
‫تشتركان في العديد من العناصر فسواء تعلق المر بالخفاء أو غسيل الموال‬
‫فانه لبد من وقوع جريمة أصلية سابقة عليهما ‪ .‬كما إن الركن المتتادي يكتتاد‬
‫يتشابه إلى حد بعيد في كل من الجريمتين ‪ :‬فهو يتمثل في حيازة أو اكتستتاب‬
‫أو استخدام أموال أو ممتلكتتات يعلتتم الشتتخص بكونهتتا متحصتتله متتن جريمتتة‬
‫سابقة كما إن كل الجريمتين لبد إن ترتكب عمدا ‪ .‬ورغم ذلك فأن خصوصتتية‬
‫غسيل الموال تتمثل في أنها تستتتوعب الفتتروض التتتي تتتتم بوستتائل التمتتويه‬
‫المختلفة والتقنيات المصرفية‪ ،‬ولكن على الرغم من ذلك فإن تجريم الخفتتاء‬
‫يبقى ضروريا ً ليس فقط بعده اعتداء على ملكية الغير وهي في حالة الفساد‪،‬‬
‫بل لن إخفاء شيء متحصل عن جريمتتة يعرقتتل العدالتتة ويحتتول دون كشتتف‬
‫الحقيقة والعثور على الموال غير المشروعة‪ .‬وقد تضتتمنت المتتادة )‪ (24‬متن‬
‫اتفاقية مكافحة الفساد النموذج القانوني لجريمة الخفاء حيث تنص علتتى انتته‬
‫))دون مساس بأحكام المادة )‪ (3‬من هذه التفاقية تنظر كل دولة ظرف فتتي‬
‫اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم القيام عمدا ً عقب‬
‫ارتكاب أي من الفعال المجرمة وفقا ً لهذه التفاقية دون المشاركة فتتي تلتتك‬
‫الجرائم‪ ،‬بإخفتتاء ممتلكتتات أو مواصتتلة الحتفتتاظ بهتتا عنتتدما يكتتون الشتتخص‬
‫المعني على علم بأن تلك الممتلكات متأتية من أي من الفعال المجرمة وفقا ً‬
‫لهذه التفاقية((‪.‬‬
‫ولعل أهم ما يتميز نطاق تجريم إخفتتاء المتتوال المتحصتتلة متتن إحتتدى‬
‫جرائم الفساد المشمولة بالتفاقية أمران أول إن وضع هذا النموذج ألجرمتتي‬
‫موضع التطبيق ل يخل بأعمال نموذج غسيل أموال الفساد‪ .‬وقد نصت المتتادة‬
‫)‪ (24‬من التفاقية على ذلك صراحة‪ .‬وهو ما يعني في واقتتع المتتر العتتتراف‬
‫بما هناك من ازدواجية وتتتداخل بيتتن الجريمتتتين لشتتتراكهما فتتي العديتتد متتن‬
‫العناصر‪ .‬أما المر الثاني الذي يميز النموذج القانوني لخفاء أموال الفساد هو‬
‫أن هتتذه الجريمتتة ل تتحقتتق متتن الناحيتتة القانونيتتة إل مستتتقلة عتتن الجريمتتة‬
‫الصلية التي تحصلت منها الموال التتتي يتتتم إخفاؤهتتا ويعنتتي هتتذا الستتتقلل‬
‫استبعاد اعتبتتار جريمتتة إخفتتاء أمتتوال الفستتاد صتتورة متتن صتتور الشتتتراك أو‬
‫المساهمة في جريمة الفساد ذاتها التي تحصلت منها الموال‪ .‬وقد نصت هذه‬
‫التفاقية على ذلك صراحة في المتتادة )‪ (23‬منهتتا علتتى أن تجريتتم الخفتتاء ل‬
‫يتضمن المشاركة في جريمة الفساد‪.‬ويبدو ان المشرع العراقي جاء منسجما ً‬
‫تماما ً مع النموذج القانوني لتجريم إخفاء الموال المتحصلة عن جرائم الفساد‬
‫الذي تضمنته التفاقية فقد نص قانون العقوبات العراقي فتتي المتتادة )‪(460‬‬
‫منه على جريمة إخفاء أشياء متحصله من جريمتتة‪ .‬ويتستتم النمتتوذج القتتانوني‬
‫لجريمة الخفاء في التشريع العراقي بالتساع من ناحيتين‪:‬‬
‫‪ -1‬انه بجرمه إخفاء الموال أو الشياء الناتجة عن أي جناية أو جنحتتة دون أن‬
‫يحصتتر ذلتتك بجتترائم المتتوال أو الفستتاد‪ .‬وبصتترف النظتتر عتتن طبيعتتة هتتذه‬
‫الجريمة الصلية وستتواء كتتانت موجهتتة ضتتد الفتتراد أو ضتتد الدولتتة أو الدارة‬
‫العامة أو الموال العامة)‪.(xxi‬‬
‫‪ -2‬إن جعل الركن المادي لجريمتتة الخفتتاء شتتامل ً ليتتس فقتتط فتتي مفهتتومه‬
‫التتدقيق بتتل أيض تا ً الحيتتازة الستتتعمال أو التصتترف للشتتياء أو المتتوال ذات‬
‫المصدر غير المشروع‪ ،‬ليشترط فتتي الخفتتاء الحتتراز المتتادي بتتل يكفتتي أن‬
‫يكون سلطان الجاني مبسوط عليه ولو لم يكن في حيازته الفعلية)‪.(xxii‬‬
‫ثامنًا‪ :‬عرقلة سير العدالة‪:‬‬
‫تشكل عرقلة سير العدالة بالتأثير على الشتتهود أو المتتوظفين المنتتوط‬
‫بهم تنفيذ القانون أحدى العقبات التي تحد من مكافحة الفستتاد‪ .‬وقتتد أفتتردت‬
‫إتفاقية المم المتحدة لمكافحة الفساد المادة )‪ (25‬منها لتجريم عرقلتتة ستتير‬
‫العدالة‪ .‬ولكي يتوافر النموذج القانوني لجريمة عرقلة سير العدالة فإن هنتتاك‬
‫أركانا ً يتعين توافرها وفقا ً لما يستخلص من نص المادة )‪ (25‬من التفاقية‪.‬‬
‫‪ -1‬الركتتن المفتتترض‪ :‬ويتمثتتل فتتي أن تنصتتب أفعتتال التهديتتد أو التتترحيب أو‬
‫العنف ضد شاهد أو موظف منوط به تطبيق القانون من ناحية وأن يكون ذلك‬
‫بشأن الجراءات المتعلقة بإحدى جرائم الفساد المنصوص عليها في التفاقية‬
‫)‪. (xxiii‬‬
‫‪ -2‬الركن المادي‪ :‬ويتمثل في استتتخدام مظتتاهر التتتأثير المختلفتتة لكتي يحيتتد‬
‫الشاهد عن شهادته أما بالشهادة الزور أو بدفعه لعدم الدلء ابتتتداء بشتتهادته‬
‫أو فيما يتعلق بما تحت يتتديه متتن أدلتتة بشتتأن ارتكتتاب إحتتدى جتترائم الفستتاد‬
‫المشمولة بالتفاقية‪.‬‬
‫‪ -3‬الركن المعنوي‪ :‬وينبغي أن يتوافر في صورة العمد كما ورد فتتي المتتادة )‬
‫‪ (25‬متتن التفاقيتتة‪ .‬ويعنتتي ذلتتك أن يكتتون الستتلوك المكتتون للركتتن المتتادي‬
‫للجريمة إراديا مع علم الجاني بأن ما يقوم به من عنف أو تهديد أو ترهيتتب أو‬
‫وعد بجريمة إنما يهدف التأثير على الشاهد أو الموظف‪.‬‬
‫ً‬
‫ويلحتتظ إن التجريتتم التتوارد فتتي التشتتريع العراقتتي يبتتدو متوافق تا متتع‬
‫التجريم الوارد في المادة )‪ (25‬متتن التفاقيتتة‪ ،‬وهتتو يتستتم بالشتتمول بتتالنظر‬
‫لفئات الشخاص التي يسبغ عليها الحماية )‪.(xxiv‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫المسؤولية الجزائية عن جرائم الفساد‬

‫تخضع جرائم الفساد ككل الجرائم الخرى لنفس القواعد والحكام العامة في‬
‫مجال المسؤولية الجزائية التتتي تتتترتب علتتى وقوعهتتا‪ .‬وقتتد تضتتمنت اتفاقيتتة‬
‫المتتم المتحتتدة لمكافحتتة الفستتاد رغتتم ذلتتك بعتتض الحكتتام الخاصتتة بتقريتتر‬
‫مسؤولية الشخاص العتبارية عن جرائم الفستتاد وقتتد حتتاولت التفاقيتتة ولتتو‬
‫بصورة ضمنية أل تكون الحصانات الوظيفية عائقا ً أو حتتائل ً يحتتول دون تحقتتق‬
‫المسؤولية الجزائية لمرتكبي جرائم الفساد‪ .‬وهذا ما ستتيكون محتتور دراستتتنا‬
‫فتتي هتتذا المبحتتث إذ ستتنتناول علتتى مستتتندين الول المستتؤولية الجزائيتتة‬
‫للشخاص العتبارية‪ .‬أما الثاني فيكون محورا ً لدراسة المدى اعتبار الحصانات‬
‫الوظيفية قيودا ً للملحقة الجزائية للمتهمين بارتكاب جرائم الفساد‪.‬‬
‫أول‪ :‬المسؤولية الجزائية للشخاص العتبارية‪:‬‬
‫يعد الخذ بالمسؤولية الجزائية للشخاص العتبارية أو المعنوية ضتترورة‬
‫تقتضيها مكافحتتة الفستتاد التتذي يضتتع فتتي اطتتار مؤسستتات القطتتاع الختتاص‬
‫والكيانتتات القتصتتادية والمؤسستتات المصتترفية الختترى‪ .‬وإذا كتتان تقريتتر‬
‫المسؤولية الجزائية لمثل هتتذه الكيانتتات أو الشتتخاص العتباريتتة لتتن يفضتتي‬
‫بطبيعة الحال الى تطبيق العقوبات السالبة للحرية التي ل يتصتتور تطبيقهتتا إل‬
‫بالنسبة للشخاص الطبيعية)‪ .(xxv‬فأن هذا ل يمنع تطبيق جزاءات من نوع آختتر‬
‫كالمصادرة أو الغرامتتة أو حرمتتانه متتن مزاولتتة نشتتاطه ولتتو لمتتدة مؤقتتتة أو‬
‫الوقف أو الحل‪ .‬كما ان الخذ بالمسؤولية الجزائية للشتتخاص العتباريتتة عتتن‬
‫إحدى جرائم الفساد ل يمنع في ذات التوقت متن تتوافر المستؤولية الجزائيتة‬
‫للشخاص الطبيعية التي يتسبب اليها قانونا ً أرتكاب أحتتدى هتتذه الجتترائم)‪.(xxvi‬‬
‫وقد كّرست المادة )‪ (26‬من التفاقيتتة مبتتدأ المستتؤولية القانونيتتة للشتتخاص‬
‫العتبارية في صورها المعروفة الجزائية والمدنيتتة والداريتتة وذلتتك علتتى نحتتو‬
‫يمكتتن فيتته اخضتتاعها العقوبتتات جزائيتتة أو غيتتر جزائيتتة‪ .‬وتنتتص المتتادة ) ‪(26‬‬
‫المشار إليها على إن‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعتمد كل دولة طرف ما قتتد يلتتزم متتن تتتدابير تتفتتق متتع مبادئهتتا القانونيتتة‬
‫لتقرير مسؤولية الشخصيات العتبارية عن المشتتاركة فتتي الفعتتال المجرمتتة‬
‫وفقا ً لهذه التفاقية‪.‬‬
‫ب‪ -‬رهنتتا ً بالمبتتادئ القانونيتتة للدولتتة الطتترف يجتتوز أن تكتتون مستتؤولية‬
‫الشخصيات‪.‬‬
‫ج‪ -‬ل تمس تلك المسؤولية بالمسؤولية الجزائيتتة للشخصتتيات الطبيعيتتة التتتي‬
‫ارتكبت الجرائم‪.‬‬
‫د‪ -‬تكفل كل دولة طرف على وجه الخصتتوص اخضتتاع الشخصتتيات العتباريتتة‬
‫التي تلقى عليها المسؤولية وفقا ً لهذه المادة لعقوبات جزائيتة أو غيتر جزائيتة‬
‫فعالة ومتناسبة ورادعة بما فيها العقوبات النقدية‪.‬‬
‫وقتتد كتترس التشتتريع العراقتتي مبتتدأ المستتؤولية الجزائيتتة للشتتخاص‬
‫المعنوية في اطار الحكام العامة لقانون العقوبات بما يجعل منها مبدأ ينطبق‬
‫على كل الجرائم التي يتصتور وقوعهتا بمناستبة النشتاط التذي تمارسته هتذه‬
‫الشخاص)‪.(xxvii‬‬
‫فقتتد نصتتت المتتادة )‪ (8‬متتن قتتانون العقوبتتات العراقتتي النافتتذ علتتى‬
‫)الشتتخاص المعنويتتة فيمتتا عتتدا مصتتالح الحكومتتة ودوائرهتتا الرستتمية وشتتبه‬
‫الرسمية مسئولة جزائي تا ً عتتن الجتترائم التتتي يرتكبهتتا ممثلوهتتا أو متتديروها أو‬
‫وكلؤها لحسابها أو باسمها‪ .‬ول يجوز الحكتتم عليهتا بغيتتر الغرامتتة والمصتتادرة‬
‫والتدابير الحترازية المقررة للجريمة قانونا ً فإذا كتتان القتتانون يقتترر للجريمتتة‬
‫عقوبة أصلية غير الغرامة أبدلت بالغرامة ول يمنتع ذلتك متن معاقبتة مرتكتب‬
‫الجريمة شخصيا ً بالعقوبات المقررة للجريمة في القانون(‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬الحصانات الوظيفة‪:‬‬
‫يتطلب أداء الوظيفة العامة أحيان تا ً العتتتراف للمتتوظفين أو لفئة منهتتم‬
‫بعض الحصانات الوظيفة التي تمكنهم من أداء مهامهم وواجباتهم على النحتتو‬
‫المطلوب ول تعد هتتذه الحصتتانات الوظيفيتتة فتتي حقيقتهتتا موانتتع للمستتؤولية‬
‫الجزائيتتة أو للعقتتاب ولكنهتتا تمثتتل قيتتودا ً أو إجتتراءات علتتى تحريتتك التتدعوى‬
‫الجزائية ضدهم عن الجرائم التي يرتكبونها بستتبب أو بمناستتبة وضتتيفتهم واذا‬
‫كانت جرائم الفساد تعد في الغالب من الجرائم التي تقتتع بستتبب او بمناستتبة‬
‫أداء النشاط الوظيفي‪ ،‬فقد حاولت إتفاقية المم المتحدة لمكافحة الفساد أن‬
‫تحد من مثل هذه الحصتتانات أو المتيتتازات دون أن تلغهتتا تمام تا ً آختتذة بتتذلك‬
‫موقفا ً وسطا ً بين ضرورات هذه الحصانات من ناحية وبيتتن مقتضتتيات فاعليتتة‬
‫الملحقة الجزائية عن جرائم الفساد من ناحية أخرى‪ .‬ويستخلص هذا الموقف‬
‫مما تنص عليه المادة )‪ (30‬فقرة )‪ (2‬من التفاقية متتن أن ))تتختتذ كتتل دولتتة‬
‫طرف وفقا ً لنظامهتتا القتتانوني ومبادئهتتا الدستتتورية متتا قتتد يلتتزم متتن تتتدابير‬
‫لرساء أو إبقاء توازن مناسب بين أي حصانات أو امتيتتازات قضتتائية ممنوحتتة‬
‫لموظفيها العموميين من أجتل أداء وظتائفهم وإمكانيتة القيتام عنتد الضترورة‬
‫بعمليات تحقيق وملحظة ومقاضاة فعالتتة فتتي الفعتتال المجرمتتة وفقتا ً لهتتذه‬
‫التفاقية((‪.‬‬
‫ً‬
‫هذا وان منح الموظفين أو بعض فئات منهم حصانة أو امتيازا يحتتد متتن‬
‫مساءلتهم أو ملحقتهم الجزائية عن الجرائم التي تقع منهم بسبب أو بمناسبة‬
‫عملهم التوظيفي ل يبتدو متستقا ً متن الناحيتة القانونيتة متع المبتادئ الحديثتة‬
‫وأهمها مبدأ المساواة أمام القانون الجزائي ول متفقا ً مع الناحية الواقعية متتع‬
‫ضرورات مكافحة الفساد‪ .‬فهذه الحصانات أيا ً كانت تستتميتها أو نطاقهتتا تميتتز‬
‫في المركز الجرائي بين الفراد المتهمين بمخالفة أحكتتام القتتانون الجتتزائي‪.‬‬
‫ول يبرر ذلك التذرع بمبدأ الفصل بين السلطات أو ضتتمان استتتقلل الستتلطة‬
‫التنفيذية في مواجهة السلطة القضائية‪ .‬أمتتا متتن الناحيتتة الواقعيتتة فتتان هتتذه‬
‫الحصانات أيا ً كان تستميتها تعرقتل الكشتف عتن جترائم الفستاد أو تحتد متن‬
‫فاعلية إجتتراءات التحقيتتق والملحظتتة فتتي مواجهتتة مرتكتتبي جتترائم الفستتاد‬
‫لسيما وان هذه الحصانات مضافا ً اليها ما يتمتع بها كبار الموظفين من سلطة‬
‫فعلية تتمثتتل فتتي الغتتالب عائقتا ً يحتتول دون تعزيتتز الدلتتة ويستتهم فتتي بطتتء‬
‫إجراءات الكشف عن الحقيقة‪.‬‬
‫ومتتن جتتانب التشتتريع العراقتتي فقتتد كتتان متتن خلل قتتانون أصتتول‬
‫المحاكمات الجزائية رقتتم ‪ 23‬لستتنة ‪ ،1971‬متبنيتا ً نظتتام الحصتتانة لمتتوظفي‬
‫الدولة فقد نصت المادة )‪ (136‬فقتترة )ب( متتن القتتانون المتتذكور علتتى )) ل‬
‫يجوز إحالة المتهتتم علتتى المحكمتتة فتتي جريمتتة ارتكبتتت أثنتتاء تأديتتة وظيفتتته‬
‫الرسمية أو بسببها إل بإذن من التتوزير التتتابع لتته متتع مراعتتاة متتا تنتتص عليتته‬
‫القوانين الخرى((‪.‬‬
‫وكتتذلك بمقتضتتى المتتادة )‪ (25‬متتن قتتانون انضتتباط متتوظفي الدولتتة‬
‫الملغتتي رقتتم )‪ (67‬لستتنة ‪ 1976‬ل يجتتوز لقاضتتي التحقيتتق تحريتتك التتدعوى‬
‫الجزائية ومن ثم القيام بأي إجراء من إجراءات التحقيق ما لم يقرر الوزير أو‬
‫اللجنة أو المجلس العام ذلك)‪ (xxviii‬إل أن قانون انضباط موظفي الدولة النافتتذ‬
‫رقم ‪ 14‬لسنة ‪ 1991‬لم يتضمن مثل هذا النتص وهتذا ممتا يتدلل علتى رغبتة‬
‫المشرع في رفع الحصانة عن الموظفين التتذين يعملتتون فتتي القطتتاع العتتام‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى وجد المشرع العراقي أن في إبقاء الفقرة )ب( من المتتادة )‬
‫‪ (136‬أصول تعارض مع أحكام المر رقم ‪ 55‬لسنة ‪ 2004‬الختتاص بمفوضتتية‬
‫النزاهة العامة‪ ،‬إذ يؤدي تطبيقها إلى هدر التحقيقات التي تقوم بها المفوضتتية‬
‫عند عدم موافقة الوزير المختتتص علتتى إحالتتة قضتتايا الفستتاد إلتتى المحكمتتة‬
‫المختصة كما يشترط هذه الفقرة وكذلك لغرض تطبيق مبتتدأ ستتيادة القتتانون‬
‫على جميع المواطنين من دون محاباة لذا فقتد عمتد إلتى الغتاء هتذه الفقترة‬
‫)‪(xxix‬‬
‫استنادا ً إلى قانون تعديل قتتانون أصتتول المحاكمتتات الجزائيتتة رقتتم )‪(23‬‬
‫عليه فيمكن أن ننتهي بتتالقول إلتتى أن التشتتريع العراقتتي ل يمنتتح أي حصتتانة‬
‫إجرائية تحد من ملحظة الموظفين فيمتتا يرتكبتتونه متتن جتترائم فستتاد تتعلتتق‬
‫بعملهم الوظيفي فيمكن تحريك الدعوة الجزائية ضتتد أي موظتتف ولتتو بشتتأن‬
‫جريمتتة تتعلتتق بتتوظيفته دون حاجتتة لطلتتب أو أذن جهتتة الدارة التتتي ينتمتتي‬
‫إليها)‪.(xxx‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫النظام الجزائي لجرائم الفساد‬

‫ستناول في هذا المبحث المبادئ العامة للنظام الجزائي بشتتأن جتترائم‬


‫الفساد والعقوبات التي اقرتها اتفاقية المم المتحتتدة لمكافحتتة الفستتاد وهتتي‬
‫الصادرة والعقوبات التبعية والجزائية المدنية‪.‬‬
‫أول‪ :‬المبادئ العامة للنظام الجزائي لجرائم الفساد‪:‬‬
‫لم تضع اتفاقية مكافحة الفساد عقوبة محددة لجرائم الفساد وهو أمتتر‬
‫طبيعي حيث يترك ذلك للتشريعات الداخلية‪ ،‬فقتتد نصتتت الفقتترة الولتتى متتن‬
‫المادة )‪ (30‬متن التفاقيتة علتى أن ))تجعتل كتل دولتة طتترف ارتكتتاب فعتل‬
‫مجرم وفقا ً لهذه التفاقية خاضعا ً لعقوبات تراعي فيها جسامة ذلك الجتترم((‪.‬‬
‫وهذا وأن أهم المبادئ التي يتسم بها النظام الجزائي لجرائم الفساد وفقا ً لما‬
‫يستخلص من أحكام التفاقية تتمثل بالتي‪:‬‬
‫‪ -1‬تنوع العقوبات والتدابير التي تضمنها النظام الجزائي‪:‬‬
‫اشتملت اتفاقية المتتم المتحتتدة لمكافحتتة الفستتاد علتتى جتتزاءات ذات‬
‫طبيعة مالية مثل المصادرة )م ‪ (31‬والتعويض علتتى الضتترار )م ‪ .(35‬فض تل ً‬
‫على الجزاءات ذات الطبيعة المدنية الخالصة مثتتل إلغتتاء أو فستتخ العقتتود )م‬
‫‪ .(34‬كما أجازت اتخاذ بعض التدابير المؤقتة مثل تنحية الموظف العمومي أو‬
‫وقفه عن العمل أو نقلتته الفقتترة )‪ (6‬المتتادة )‪ (30‬وتضتتمنت التفاقيتتة أيض تا ً‬
‫بعض العقوبات التبعية الخرى مثل حرمان الشخص الذي صتتدر حكتتم بتتإدانته‬
‫من تولي الوظائف أو المناصب العمومية الفقتترة )‪ (7‬متتن المتتادة )‪ .(3‬فضتتل‬
‫عن كتل ذلتك فقتد نصتت التفاقيتة علتى هتذه الجتزاءات ل تمنتع متن توقيتع‬
‫الجزاءات التأديبيتتة فتتي مواجهتتة المستتتخدمين المتتدنيين )فقتترة )‪) (8‬م ‪(30‬‬
‫وهتتذا كلتته بالضتتافة التتى العقوبتتات الستتالبة للحريتتة المنصتتوص عليهتتا فتتي‬
‫التشريعات الداخلية والتي ما زالت تعد العماد الساسي في هذا الشأن‪.‬‬
‫‪ -2‬مراعاة التقرير الجزائي‪:‬‬
‫ويعنتتي ذلتتك أن يراعتتي فتتي تقتتدير العقوبتتة المقتتررة متتدى جستتامة الجتترم‬
‫والضرار المترتبة عليه)‪ (xxxi‬وقد أشارت لذلك الفقرة الولتتى متتن المتتادة )‪(3‬‬
‫من التفاقية‪) .‬تجعل كل دولة طرف ارتكاب فعل مجرم وفقا ً لهتتذه التفاقيتتة‬
‫خاضعا ً لعقوبات تراعي فيها جسامة ذلك الجرم(‪ .‬كما أشارت التفاقيتتة أيضتتا ً‬
‫إلى مراعاة مبدأ التفرد في مرحلة التنفيذ العقابي لسيما فيما يتعلق بالفراج‬
‫الشرطي‪ .‬فتنص الفقتترة الخامستتة متتن المتتادة )‪ (30‬متتن التفاقيتتة علتتى أن‬
‫)تأخذ كل دولة طرف بعين العتبار جسامة الجرائم المعنيتتة لتتدى النظتتر فتتي‬
‫إمكانية الفراج المبكر أو المشتتروط عتتن الشتتخاص المتتدانين بارتكتتاب تلتتك‬
‫الجرائم(‪.‬‬
‫‪ -3‬احترام حقوق الدفاع وقزينة البراءة‪:‬‬
‫ومؤدى ذلك أل يترتب علتتى توقيتتع بعتتض التتتدابير أو الجتتراءات بحتتق‬
‫الموظفين المتهمين بإركاب إحدى جرائم الفستتاد المشتتمولة بهتتذه التفاقيتتة‬
‫الخلل بحقوق الدفاع أو مبدأ افتراض البراءة‪ .‬ففيمتتا يتعلتتق بتتإحترام حقتتوق‬
‫الدفاع يبدو ان التفاقية تميتتل ضتتمنيا ً التتى الختتذ ببتتدائل تغنتتي عتتن التوقيتتف‬
‫لضمان حضور المدعى عليه الجراءات الجزائية‪ .‬إذ تنص المتتادة )‪ (30‬فقتترة‬
‫)‪ (4‬من التفاقية على أنه )في حالتتة الفعتتال المجرمتتة وفق تا ً لهتتذه التفاقيتتة‬
‫تتخذ كل دولة طرف تدابير مناسبة وفقا ً لقانونهتتا التتداخلي ومتتع إيلء العتبتتار‬
‫التتواجب بحقتتوق التتدفاع لضتتمان أن تراعتتي الشتتروط المفروضتتة بخصتتوص‬
‫قرارات الفراج الى حين المحاكمة أو الستئناف ضرورة حضور المدعى عليه‬
‫في الجراءات الجنائية اللحقة(‪ .‬أما بالنسبة لحترام قرينة البراءة فانه يمثتتل‬
‫قيدا ً يحد من سلطة اتخاذ بعض التدابير التحفظيتتة مثتتل وقتتف الموظتتف عتتن‬
‫أداء عملته التوظيفي لحيتن انتهتاء محتاكمته‪ .‬فتي هتذا المعنتى تنتص الفقترة‬
‫السادسة من المادة )‪ (30‬من التفاقية على أن ))تنظر كل دولة طتترف‪ ،‬بمتتا‬
‫يتوافق مع المبتادئ الساستية لنظامهتا القتانوني فتي ارستاء إجتتراءات تجيتتز‬
‫للسلطة المختصة عند القتضاء تنحية الموظف العمومي المتهم بإركاب فعتتل‬
‫مجرم وفقا ً لهذه التفاقية أو وقفه عن العمل أو نقله مع مراعاة مبدأ افتراض‬
‫البراءة((‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬عقوبة المصادرة‪:‬‬
‫‪ -1‬مفهوم عقوبة المصادرة‪:‬‬
‫المصادرة عقوبة مالية تتمثل في نزع ملكية المال العائدة التتى الجتتاني‬
‫بغير مقابل وإضافتة الى ملك الدولة وترد المصتتادر علتتى المتتوال المتحصتتلة‬
‫من الجريمة وكذلك على الموال أو الشياء التتتي تعتتد حيازتهتتا أو صتتناعتها أو‬
‫استعمالها أو بيعها أو عرضها للبيع جريمة في ذاتها كتتالمواد المختتدرة والنقتتود‬
‫المزيفة)‪.(xxxii‬‬
‫وتعد المصادرة حجر الزاوية في قلب النظتام العقتابي لجترائم الفستاد‬
‫حيث ل تقل ردعا ً عن العقوبات السالبة للحرية‪ ،‬لنهتتا تعنتتي ببستتاطة حرمتتان‬
‫الجناة من كل ثمار وعائدات مشروعهم الجرامي‪ .‬وقد تصدرت الفقتترة ) ذ (‬
‫من المادة الثانية للتفاقية لتعريف المصادرة بقولها ))يقصد بتعتبير المصتادرة‬
‫التي تشمل التجريد حيثما إنطبق الحرمان الدائم من الممتلكتتات بتتأمر صتتادر‬
‫عن محكمة أو سلطة مختصة أخرى((‬
‫‪ -2‬محل المصادرة‬
‫يستتتفاد متتن نتتص الفقتترة الولتتى متتن المتتادة )‪ (31‬متتن التفاقيتتة ان‬
‫المصادرة كعقوبة تطبق بشأن جرائم الفساد المشمولة بالتفاقيتتة تشتتمل متتا‬
‫يلي‪:‬‬
‫ً‬
‫أ‪ -‬العتتائدات الجراميتتة المتأتيتتة متتن أفعتتال مجرمتتة وفق تا لهتتذه التفاقيتتة أو‬
‫ممتلكات تعادل قيمتها قيمة تلك العائدات‪ .‬ويقصد بتعبير العتتائدات الجراميتتة‬
‫وفقا ً للفقرة )هت( من المتتادة الثانيتتة للتفاقيتتة الخاصتتة بتحديتتد المصتتطلحات‬
‫))أي ممتلكات متأتيتتة أو ستحصتتل عليهتتا بشتتكل مباشتتر أو غيتتر مباشتتر متتن‬
‫إرتكاب جرم((‪ .‬ومؤدى ذلك ان المصتتادرة تنصتتب ليتتس فقتتط علتتى المتتوال‬
‫المتحصلة مباشتترة عتتن إحتتدى جتترائم الفستتاد مثتتل المتتوال التتذي اختلستتها‬
‫الموظف أو مبلغ الرشوة الذي حصل عليتته‪ .‬بتتل تشتتتمل المصتتادرة أيضتا ً متتا‬
‫عادل قيمة هذه الموال‪ .‬ويعني ذلك كافة الممتلكات الخرى التتتي آلتتت إليهتتا‬
‫عائدات الفساد سواء تم ذلتتك بإستتتخدام وستتائل وتقنيتتات غستتل المتتوال أو‬
‫بإستخدام الطرق العادية لتغيير هيئة هذه العائدات‪.‬‬
‫ب‪ -‬الممتلكات أو العائدات أو الدوات الخرى التي استخدمت أو كانت معتتدة‬
‫للستخدام في إرتكاب أفعال مجرمة وفقا ً لهذه التفاقية‪ .‬وهي تشتمل كل ما‬
‫يتصتتور أن يكتتون قتتد أستتتخدم بالفعتتل فتتي إرتكتتاب إحتتدى جتترائم الفستتاد‬
‫كالرشوة أو الختلس أو الكسب الغير المشروع أو كان معتتدا ً لكتتي يستتتخدم‬
‫في إرتكاب إحدى هذه الجرائم حتى ولو يستخدم بالفعل‪ .‬ومن الجدير بالتتذكر‬
‫قد اعتبر المشرع العراقي عقوبة المصادرة بأعتبارهتتا احتتدى صتتور العقوبتتات‬
‫التكميلية في المواد )‪(107 _101‬‬
‫ثالثًا‪ :‬العقوبات التبعية‪:‬‬
‫يترتب علتتى الحكتتم بتتأدانه أحتتد الشتتخاص عتتن إحتتدى جتترائم الفستتاد‬
‫وتوقيتتع بعتتض العقوبتتات التبعيتتة فتتي متتواجهته مثتتل حرمتتانه متتن حتتق تتتولي‬
‫الوظتتائف العموميتتة أو بعتتض حقتتوقه المدنيتتة لفتتترة زمنيتتة‪ .‬وتطبتتق هتتذه‬
‫العقوبات بمعزل عن العقوبات الخرى مثل عقوبة سلب الحريتتة أو الغرامتتة‪.‬‬
‫وقد نصت المتتادة )‪ (30‬فقتترة )‪ (7‬متتن التفاقيتتة علتتى أن ))تنظتتر كتل دولتتة‬
‫طرف حينما تسوغ جسامة الجرم ذلك‪ .‬وبمتتا يتوافتتق متتع المبتتادئ الساستتية‬
‫لنظامها القتتانوني فتتي إتختتاذ إجتتراءات إستتقاط الهليتتة بتأمر قضتتائي أو بتتأي‬
‫وسيلة مناسبة أخرى ولفترة زمنيتتة يحتتددها قانونهتتا التتداخلي عتتن الشتتخاص‬
‫المدانين بإرتكاب أفعال مجرمة وفقا ً لهذه التفاقية للقيام بما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬تولي منصب عمومي‪ .‬ب‪ -‬تولي منصب في منشتتأة مملوكتتة كلي تا ً أو جزئيتا ً‬
‫للدولة((‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬الجزاءات المدنية‪:‬‬
‫يترتب على حكم الدانة عن إحدى جرائم الفساد توقيع جتتزاءات مدنيتتة‬
‫بالضافة الى العقوبتتات الجزائيتتة وتتمثتل هتتذه الجتزاءات فتي التعتويض عتن‬
‫الضرار الناشئة عن جرائم الفساد )م ‪ 35‬من التفاقية( وفسخ العقود وإلغتتاء‬
‫المتيازات)م ‪24‬من التفاقية(‪.‬‬
‫ففيما يتعلق بجزاء التعويض عن الضتترار الناجمتتة عتتن جتترائم الفستتاد‬
‫تنص المادة )‪ (35‬من التفاقية على أن ))تتخذ كل دولتتة طتترف متتا قتتد يلتتزم‬
‫من تدابير وفقا ً لمبادئ قانونهتا التتداخلي لضتتمان حتق الكيانتات أو الشتتخاص‬
‫الذين أصابهم ضرر نتيجة لفعل فساد في رفع دعوى قضائية ضد المستتؤولين‬
‫عن أحداث ذلك الضرر بغية الحصول على تعويض‪ .‬ويتضح من النص أعله أن‬
‫الحق في التعويض عن الضرار الناشئة عن جتترائم الفستتاد مقتترر للشتتخاص‬
‫الطبيعيين كما هو مقرر أيضا ً للشخاص المعنويين سواء كانت عامة أم خاصة‬
‫ويطبق على حق المطالبة بالتعويض المبادئ والحكام العامة المنصوص عليها‬
‫في القانون الداخلي للدولتتة‪ .‬ومتتؤدى ذلتتك بطبيعتتة الحتتال أن تتتتوافر عناصتتر‬
‫المسئولية المدنية الموجبة للتعويض من خطأ وضتترر وعلقتتة ستتببية ‪ .‬وفيمتتا‬
‫يتعلتتق بفستتخ العقتتود وإلغتتاء حقتتوق المتيتتاز لجتتزاءات مترتبتتة علتتى جتترائم‬
‫الفساد‪ .‬فقد وردت ضمن المتتادة )‪ (34‬متتن التفاقيتتة تحتتت عنتتوان )عتتواقب‬
‫أفعال الفساد( والتي تنص على أنتته )متتع إيلء العتبتتار التتواجب لمتتا اكتستتبته‬
‫الطراف الغير من حقوق بحسن نية‪ .‬وتتخذ كل دولتتة طتترف‪ ،‬وفق تا ً للمبتتادئ‬
‫الساسية لقانونها الداخلي تدابير تنتتاول عتتواقب الفستتاد‪ .‬وفتتي هتتذا الستتياق‬
‫يجوز للدول الطراف أن تعتتتبر الفستتاد عتتامل ً ذا أهميتتة فتتي إتختتاذ إجتتراءات‬
‫قانونية لللغاء أو فسخ عقد أو سحب إمتياز أو غير ذلك من الصكوك المماثلة‬
‫أو اتخاذ أي إجراء آخر(‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن هذه الجراءات غيتتر الجزائيتتة المنصتتوص عليهتتا‬
‫في المادة )‪ (34‬من التفاقية غير محددة على سبيل الحصر‪ ،‬حيث أورد النص‬
‫صورا ً لها ثم أعقب ذلك بعبارة )أو أي إجراء آخر((‪.‬‬
‫وهي تفترض حال تطبيقها توافر الستتباب القانونيتتة الموجبتتة لهتتا مثتتل‬
‫إبطال أو فسخ العقود القانونية وتبقتتى إمكانيتتة تطتتبيق مثتتل هتتذه الجتتزاءات‬
‫منوط في ظل التفاقية بأمرين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬عدم المساس بحقوق الغير حسني النية التي تكون قتتد اكتستتبت مثل ً‬
‫وفقا ً لحد العقود وهذا مبدأ عام ستتبق الشتتارة إليتته فتتي مواضتتع أختترى متتن‬
‫التفاقية كما في حالة المصادرة )الفقرة )‪ (9‬من المادة )‪ (31‬من التفاقية(‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬مراعاة المبادئ الساسية للقانون الداخلي للدولة حيث من المتصور‬
‫أن تختلف النظم التشريعية من دولة لخرى في هذا الشأن‪.‬‬
‫وقتتد اعتمتتد المشتترع العراقتتي الجتتزاءات المدنيتتة لمواجهتتة ظتتاهرة الفستتاد‬
‫لسيما في القوانين الخاصة منه ‪ ,‬فقد نصت الفقرة الرابعة من المتتادة )‪(62‬‬
‫من قانون البنك المركتتزي العراقتتي لستتنة ‪ 2004‬علتتى ) ل تحتتول العقوبتتات‬
‫الدارية المنصتتوص عليهتتا فتتي هتتذه المتتادة والتتتي يفرضتتها البنتتك المركتتزي‬
‫العراقي من اتخاذ أي اجراءات مدنية او جنائية لمحاسبة هذا الشخص تقضتتي‬
‫بها احكام أي قانون اخر ( ‪ .‬وكذلك ما نصت عليه ايضا الفقرة )‪ (5‬من المادة‬
‫)‪ (56‬من قتتانون المصتتارف العراقتتي لستتنة ‪ 2004‬واذ تنتتص علتتى ) ل يمنتتع‬
‫فتترض البنتتك المركتتزي العراقتتي أي متتن الجتتراءات او العقوبتتات الداريتتة‬
‫المنصوص عليها في هذه المتتادة قيتتام مستتاءلة مدنيتتة او جزائيتتة لحكتتام أي‬
‫قانون اخر (‪.‬‬
‫الخاتمة‬

‫يتضح من مجمل ما تم بحثه لموضوع النموذج القانوني لجرائم الفساد ‪,‬‬


‫إن المشرع العراقي فيما يتعلق بجرائم الفساد قتتد جتتاء متتن حيتتث المبتتدأ‬
‫متوائما مع اتفاقية المم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪ 2004‬سواء كتتان‬
‫ذلك على صعيد القوانين العامة أو القوانين الخاصة ولم يبتعتتد عتتن أحكتتام‬
‫التفاقية إل على سبيل الستثناء‪ .‬فمن خلل دراستنا لحكام هتتذه التفاقيتتة‬
‫وتحليل نصوصها ومقارنتها مع التشريع العراقي وجدنا أن هناك من الحكام‬
‫ما يجب أن تتضمنه التشريعات العراقية لسيما وان العراق قد أصبح عضتتو‬
‫في هذه التفاقية ‪ .‬عليه فبناء على الدراسة المتقدمة وما وصلت إليتته متتن‬
‫نتائج نتقدم بالتوصيات التالية‪. -:‬‬
‫تقنين نصوص خاصة بتجريم أو تشديد العقوبات بشتتان جتترائم‬ ‫‪.1‬‬
‫الرشوة المقدمة من الكيانات التي تمثل أشتتخاص معنويتتة التتتي لهتتا‬
‫نفتتوذ أو اثتتر فاعتتل فتتي الفستتاد الداري أو المتتالي تتميتتز عتتن تلتتك‬
‫النصوص التي عالجت أحكام الرشوة وفقا للمبادئ العامة في قانون‬
‫العقوبات‬
‫تشتتريع قتتوانين خاصتتة بمستتاءلة المتتوظفين التتدوليين التتذين‬ ‫‪.2‬‬
‫يعملتتون فتتي المنظمتتات أو إلهيتتات الدوليتتة أو القليميتتة والتتتي لهتتا‬
‫مقرات داخل العراق ‪.‬‬
‫تقنين نصوص خاصة باستغلل النفوذ أو التجتتار بتتالنفوذ وذلتتك‬ ‫‪.3‬‬
‫لما يمثله من خطر جسيم ذات اثر على البنى التحتية القتصادية في‬
‫العراق الذي يشهد تطورا ملحوظا في الونة الخيرة‬
‫تشريع قوانين خاصة بالكسب غير المشروع تتضمن عقوبتتات‬ ‫‪.4‬‬
‫صتتارمة تتتردع الشتتخاص أو المتتوظفين التتذين يلجتتؤا إلتتى استتتغلل‬
‫الوظيفة وجعلها الوسيلة غير المشروعة للتربح المادي‬
‫تشريع قانون خاص بمفوضية النزاهتتة وذلتتك لمتتا يعتتتري هتتذا‬ ‫‪.5‬‬
‫القانون من أخطتاء قانونيتتة ولغويتة فضتل عمتا جتاء بتته متن هيكليتتة‬
‫والختصاصات ل تتفق مع الستراتيجية الواجب إتباعهتتا فتتي مكافحتتة‬
‫الفساد في العراق‬
‫تنمية العلقات من المنظمتتات الدوليتتة ذات العلقتتة بمكافحتتة‬ ‫‪.6‬‬
‫الفساد وترسيخ الشفافية وغسيل الموال وخاصة منظمتتة الشتتفافية‬
‫الدوليتتة والمشتتاركة فتتي جهتتود البنتتك التتدولي فتتي مجتتال مكافحتتة‬
‫الفساد ‪.‬‬
‫تنمية قدرات ومهارات الموظفين العموميين العلمية والداريتتة‬ ‫‪.7‬‬
‫والفنية ‪.‬‬
‫‪ ()i‬انضم العراق إلى إتفاقية المم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪ 2004‬بموجب قانون‬
‫رقم )‪ (35‬لسنة ‪ 2007‬والذي تم نشره بجريدة الوقائع العراقية في العدد ‪ 4047‬بتاريخ‬
‫‪.30/8/2004‬‬
‫‪ ()ii‬عالج قانون العقوبات العراقي جريمة الرشوة في الفصل الول من الباب السادس‬
‫في المواد )‪.(314-307‬‬
‫‪ ()iii‬د‪ .‬ماهر عبد شويش الدرة‪ -‬شرح قانون العقوبات‪ -‬القسم الخاص‪ -‬المكتبة القانونية‪-‬‬
‫بغداد‪ -‬طبعة منقحة‪ -2007 -‬ص ‪52‬‬
‫‪ ()iv‬د‪ .‬فخري عبد الرزاق الحديثي‪ -‬شرح قانون العقوبات‪ -‬القسم الخاص‪ -‬مطبعة الزمان‪-‬‬
‫بغداد‪ -1996 -‬ص ‪.75‬‬
‫‪ ()v‬د‪ .‬واثبة السعدي‪ -‬قانون العقوبات‪-‬القسم الخاص‪ -‬مطابع التعليم العالي‪ -‬بغداد‪-‬‬
‫‪ -1989‬ص ‪24‬‬
‫‪ ()vi‬د‪ .‬ماهر عبد شويش الدرة‪ -‬المرجع السابق‪ -‬ص ‪.52‬‬
‫‪ (7(vii‬د‪ .‬محمد المين البشري‪ -‬الفساد والجريمة المنظمة‪ -‬الرياض‪ -‬مكتبة فهد الوطنية‪-‬‬
‫‪ -2007‬ص ‪.74‬‬
‫‪ ()viii‬د‪ .‬عباس أبو شامة‪ -‬عولمة الجريمة القتصادية‪ -‬الرياض مكتبة فهد الوطنية‪-2007 -‬‬
‫ص ‪.42‬‬
‫‪ ()ix‬د‪ .‬عوض محمد‪ -‬الجرائم المضرة بالمصلحة العامة‪ -‬دار المطبوعات الجامعية‪-‬‬
‫السكندرية‪ -1985 -‬ص ‪.95‬‬
‫‪ ()x‬د‪ .‬فخري عبد الرزاق الحديثي‪ -‬المرجع السابق‪ -‬ص ‪.85‬‬
‫‪ ()xi‬د‪ .‬واثبة السعدي‪ -‬المرجع السابق‪ -‬ص ‪.32‬‬
‫‪ ()xii‬د‪ .‬صباح كرم شعبان‪ -‬جرائم استغلل النفوذ‪ -‬دار الشؤون الثقافية العامة‪ -‬بغداد‪ -‬ط‬
‫‪ -1986 -2‬ص ‪.27‬‬
‫‪xiii‬‬
‫‪() Mohammad Mohabbat Khan - Political and administrative‬‬
‫‪corruption: concepts, comparative experiences and Bangladesh case -‬‬
‫‪www.unpan1.un.org/intradoc/groups/public/documents/APCITY/UNPAN‬‬
‫‪019105.pdf.page.‬‬
‫‪ ()xiv‬د‪ .‬صباح كرم شعبان‪ -‬المرجع السابق‪ -‬ص ‪.74‬‬
‫‪ ()xv‬د‪ .‬سعد إبراهيم العظمي‪ -‬موسوعة مصطلحات القانون الجنائي‪ -‬ج ‪ -1‬دار الشؤون‬
‫الثقافية العامة‪ -‬بغداد‪ -2002 -‬ص ‪216‬‬
‫‪ ()xvi‬د‪ .‬رمسيس بهنام‪ -‬الجرائم المضرة بالمصلحة العمومية‪ -‬منشأة المعرف‪-‬‬
‫السكندرية‪ -1968 -‬ص ‪.327‬‬
‫‪ ()xvii‬د‪ .‬صباح كرم شعبان‪ -‬المرجع السابق‪ -‬ص ‪.44‬‬
‫‪ ()xviii‬تم إصدار المر رقم )‪ (55‬من قبل سلطة الئتلف المؤقتة والخاص بتشكيل‬
‫مفوظية النزاهة العامة في العراق لسنة ‪ 2004‬وقد جاء القانون على ثمانية أقسام‬
‫تضمنت مواد تنظم سلوك الموظفين العموميين في العراق وإجراءات وأساليب مكافحة‬
‫الفساد‪.‬‬
‫‪ ()xix‬د‪ .‬سيد شوربجي عبد المولى‪ -‬مواجهة الجرائم القتصادية في الدول العربية‪-‬‬
‫الرياض‪ -‬مكتبة فهد الوطنية‪ -2006 -‬ص ‪.23‬‬
‫‪ ()xx‬د‪ .‬عباس أبو شامة‪ -‬المرجع السابق‪ -‬ص ‪.62‬‬
‫‪ ()xxi‬د‪ .‬فخري عبد الرزاق الحديثي‪ -‬المرجع السابق‪ -‬ص ‪.438‬‬
‫‪ ()xxii‬د‪ .‬سعد إبراهيم العظمي‪ -‬موسوعة مصطلحات القانون الجنائي‪ -‬ج ‪ -2‬دار الشؤون‬
‫الثقافية العامة‪ -‬بغداد‪ -2002 -‬ص ‪180‬‬
‫‪xxiii‬‬
‫‪()Mlada Bukovansky - Corruption is bad: Normative dimensions of‬‬
‫– ‪the anti-corruption movement‬‬
‫‪www.rspas.anu.edu.au/ir/pubs/work_papers/02-5.pdf.page.‬‬
‫‪ ()xxiv‬عالج قانون العقوبات العراقي أحكام الجرائم المخلة بسير العدالة في الباب الرابع‬
‫منه من خلل المواد )‪.(273 – 233‬‬
‫‪ ()xxv‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ -‬شرح قانون العقوبات‪ -‬القسم العام‪ -‬الجزء الثاني‪-‬‬
‫منشورات دار الحلبي‪ -‬بيروت‪ -‬طبعة منقحة‪ -2007-‬ص ‪.1303‬‬
‫‪ ()xxvi‬د‪ .‬فخري عبد الرزاق الحديثي‪ -‬شرح قانون العقوبات‪-‬القسم العام‪ -‬مطبعة زمان‪-‬‬
‫بغداد‪ -1992 -‬ص ‪.536‬‬
‫‪ ()xxvii‬د‪ .‬فخري عبد الرزاق الحديثي‪ -‬المرجع السابق‪ -‬ص ‪.537‬‬
‫‪ ()xxviii‬د‪ .‬صالح عبد الزهرة الحسون‪ ،‬الموسوعة القضائية‪ ،‬دار الرائد العربي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،1988‬ص ‪.304‬‬
‫‪ ()xxix‬نصت المادة الولى من قانون التعديل على )تلغى الفقرة )ب( من المادة )‪(136‬‬
‫من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم )‪ (3‬لسنة ‪ (1971‬المادة الثنية بعد هذا‬
‫القانون نافذا ً اعتبارا ً من تاريخ نفاذ المر رقم )‪ (155‬الصادر عن سلطة الئتلف المؤقتة‬
‫في ‪.(27/1/2004‬‬
‫‪ ()xxx‬ذهب المشرع اللبناني خلف هذا التجاه‪ ،‬إذ اخذت بالحصانة الدارية فيما يتعلق‬
‫بتحريك الدعوى الجزائية بنص المادة )‪ (352/2‬من قانون أصول المحاكمات الجزائية‬
‫اللبناني(‪.‬‬
‫‪ ()xxxi‬د‪ .‬أكرم نشأت إبراهيم‪ -‬الحدود القانونية لسلطة القاضي الجنائي في تقدير العقوبة‪-‬‬
‫دار ومطابع الشعب‪ -1965 -‬ص ‪.66‬‬
‫‪ ()xxxii‬القاضي عبد الستار البزركان‪ -‬قانون العقوبات‪ -‬القسم العام‪ -‬بين التشريع والقضاء‬
‫والفقه‪ -‬المكتبة القانونية‪ -‬بغداد‪ -2007 -‬ص ‪.446‬‬

You might also like