Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 23

‫َت َع الَى َم ا‬ ‫ُنثْبِ ُ‬

‫ت لَ هُ‬
‫لَِن ْف ِس ِه‪،‬‬ ‫أَْثبَتَ هُ‬
‫ِ‬
‫ان‬ ‫لِ َس‬ ‫َعلَى‬
‫ك‬‫َس َمائِِه‪َ ،‬وأَ ْف َعالِ ِه‪َ ،‬و َن ْنتَ ِهي ِع ْن َد َذلِ َ‬
‫أ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ه‬‫ص َفاتِِ‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫رسولِ ِه‪ِ ،‬من َذاتِِ‬
‫ه‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬
‫ك َع ْن ُم َما َثلَ ِة أ َْو ُم َش َاب َه ِة َش ْي ٍء‬‫َوالَ نَ ِزي ُد َعلَْي ِه‪َ ،‬و ُنَن ِّز ُه هُ فِي َذلِ َ‬
‫قدرا توحي ُد األسماء‬ ‫ها‬ ‫ِ‬
‫وأعظم‬ ‫التوحيد‬ ‫أبواب‬ ‫أجل‬ ‫من‬ ‫َّ‬
‫فإن‬ ‫‪-‬‬ ‫‪١‬‬ ‫(‬ ‫ِمن م ْخلُوقَاتِِ‬
‫ه‬
‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫ْ َ‬
‫والص فات‪ ،‬الرتباط ه باهلل ع َّز وج َّل في ذات ه وأس مائه وص فاته‪ ،‬إذ كم ال ال ذات‬
‫نفس ه في كتاب ه العزي ز‬
‫بأس مائها الحس نى وص فاتها العلي ا‪ ،‬وق د وص ف اهلل تع الى َ‬
‫وعلى لس ان نبيِّه الك ريم ص لى اهلل علي ه وآل ه وس لم بأكم ل األوص اف كم ا يلي ق‬
‫وحده وأنِس ب ه‪،‬‬
‫بجالل عظمت ه س بحانه‪ ،‬ليع ِّرف العب َد بربِّه‪ ،‬ح تى إذا َع َرف ه َّ‬
‫َ‬
‫واستحى من قربه‪ ،‬وعب َده كأنه يراه‪ ،‬لذلك كان أنفع العلوم علم التوحيد ومنه‬
‫ألن «ش رف العلم بش رف المعل وم‪ ،‬والب اري أش رف‬ ‫علم األس ماء والص فات؛ َّ‬
‫المعلوم ات‪ ،‬ف العلم بأس مائه أش رف العل وم»‪«[ .‬أحك ام الق رآن» البن الع ربي‪( :‬‬
‫أن توحي د األس ماء والص فات ‪ -‬م ع ش رفه وعظيم ق دره ‪ -‬ق د‬ ‫‪ ،])2/804‬غ ير َّ‬
‫األفهام‪ ،‬وافترق الناس فيها إلى أهل‬
‫ُ‬ ‫وض لَّت فيها‬
‫األقدام‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫زلَّت في معظم أبوابه‬
‫تش ٍ‬
‫بيه وتمثي ٍل‪ ،‬ال ذين غَلَ ْوا في اإلثب ات ح تى ش بَّهوا ص فاتِه بص فات خلق ه‪ ،‬وإلى‬
‫صفات كماله سبحانه‪،‬‬‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وتأويل الذين غَلَ وا في التنزيه حتى َس لَبوا هلل‬ ‫ٍ‬
‫تعطيل‬ ‫أهل‬
‫الس نَّة والجماعة ِمن‬
‫أهل ُّ‬
‫أن إثبات الصفات يستلزم التشبيهَ‪ ،‬وهدى اهللُ َ‬ ‫ظنًّا منهم َّ‬
‫همهم في االعتقاد السليم القائم على أصلين راسخين‪:‬‬ ‫وس َّدد فَ َ‬
‫سلف هذه األ َُّمة‪َ ،‬‬
‫بيه‪ -2 ،‬تنزي هٌ بال تعطي ٍل‪ .‬فك ان م ذهب أه ل ُّ‬
‫الس نَّة والجماع ة‬ ‫ات بال تش ٍ‬ ‫‪ -1‬إثب ٌ‬
‫بريئً ا من التشبيه والتعطيل‪ ،‬فال ينفون ما أثبته اهللُ لنفسه‪ ،‬وال يثبتون ما نفاه اهللُ‬
‫يحرف ون ال َكلِ َم عن مواض عه‪ ،‬وال يلح دون في أس ماء اهلل وآيات ه‪،‬‬
‫عن نفس ه‪ ،‬وال ِّ‬
‫وال يمثل ون ص فاتِه بص فات خلق ه‪ ،‬ق ال ابن تيمي ة – رحم ه اهلل – في «مجم وع‬
‫الفتاوى» (‪« :)6/515‬وجماع القول في إثبات الصفات هو القول بما كان عليه‬
‫نفس ه وبم ا وص فه ب ه‬‫وأئمته ا وه و أن يوص ف اهللُ بم ا وص ف ب ه َ‬
‫س لف األ َُّمة َّ‬
‫رس وله‪ ،‬ويُص ان ذل ك عن التحري ف والتمثي ل والتك ييف والتعطي ل؛ ف َّ‬
‫إن اهللَ ليس‬
‫كمثله شيءٌ ال في ذاته وال في صفاته وال في أفعاله‪ ،‬فمن نفى صفاتِه كان معطِّالً‪.‬‬
‫ومن َمثَّل ص فاته بص فات مخلوقات ه ك ان ممثِّالً‪ ،‬وال واجب إثب ات الص فات ونفي‬
‫تعطيل‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫وتنزيها بال‬ ‫مماثلتها لصفات المخلوقات‪ ،‬إثباتًا بال ٍ‬
‫تشبيه‬
‫ً‬
‫الس ِميع الب ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ص ُير﴾ [الش ورى‪:‬‬ ‫﴿و ُه َو َّ ُ َ‬ ‫س َكمثْله َش ْيءٌ﴾‪ ،‬فهذا ردٌّ على الممثِّلة‪َ ،‬‬‫﴿لَْي َ‬
‫قلت‪ :‬وله ذا‬ ‫دما»‪ُ .‬‬ ‫نما والمعطِّل يعب د ع ً‬ ‫‪ ]11‬ردٌّ على المعطِّل ة‪ ،‬فالممثِّل يعب د ص ً‬
‫ت على وج ه التفص يل كإثب ات الس مع والبص ر وس ائر‬ ‫فص فات ِ‬
‫اهلل تع الى تُثبَ ُ‬
‫س َك ِمثْلِ ِه‬
‫الص فات‪ ،‬وتُنفى على وج ه اإلجم ال كنفي المثلي ة في قول ه تع الى‪﴿ :‬لَْي َ‬
‫الس نَّة ال يتج اوزون النص وص الش رعية‪ ،‬ب ل‬
‫َش ْيءٌ﴾ [الش ورى‪ ،]11 :‬فأه ل ُّ‬
‫يعتص مون باأللف اظ الش رعية ال واردة في ب اب األس ماء والص فات نفيً ا وإثباتً ا‪،‬‬
‫الع َرض والجس م‬ ‫ويتوقَّف ون فيم ا لم يص ِّرح الكت اب ُّ‬
‫والس نة بنفي ه وال إثبات ه ك َ‬
‫الس نَّة والجماع ة‬‫اء على ه ذا األص ل العظيم‪ .‬ه ذا‪ ،‬وق د أجم ع أه ل ُّ‬ ‫والج وهر بن ً‬
‫قاطبةً على هذا المعتقد السليم‪ ،‬ونقل ابن عبد البر ‪ -‬رحمه اهلل – عنهم ذلك في‬
‫الس نة مجمع ون على اإلق رار بالص فات‬
‫«التمهي د» [‪ ]7/145‬بقول ه‪« :‬أه ل ُّ‬
‫والس نَّة واإليم ان به ا‪ ،‬وحمله ا على الحقيق ة ال على‬
‫ال واردة كله ا في الق رآن ُّ‬
‫المج از‪ ،‬إالَّ أنهم ال يكيِّف ون ش يئًا من ذل ك‪ ،‬وال يَح ُّدون في ه ص فة مح دودة»‪.‬‬
‫الس نَّة والجماع ة قواع د ُمثلى في ب اب األس ماء والص فات دلَّت عليه ا‬ ‫وأله ل ُّ‬
‫النصوص الشرعية منه ا‪ - :‬صفات اهلل تعالى توقيفية‪ ،‬فال يُثبت منها إالَّ ما أثبته‬
‫اهلل لنفسه‪ ،‬أو ما أثبته له رسوله صلى اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬من غير تحريف وال‬
‫تعطيل وال تكييف وال تمثيل‪ ،‬وال ينفى عن اهلل تعالى إالَّ ما نفاه عن نفسه‪ ،‬أو نفاه‬
‫كمال ِ‬
‫ض دِّه هلل تعالى‪- .‬‬ ‫ثبوت ِ‬ ‫ِ‬
‫اعتقاد ِ‬ ‫عنه رسوله صلى اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬مع‬
‫كل اسم ثبت‬ ‫الصريح وال بُ َّد‪ُّ - .‬‬ ‫العقل‬ ‫ت بالنقل الصحيح وافقت‬ ‫كل ٍ‬
‫صفة َثبَتَ ْ‬ ‫ُّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫إن النفي ليس فيه كمال وال مدح إالَّ‬ ‫ٍ‬
‫لصفة وال عكس‪َّ - .‬‬ ‫متضم ٌن‬
‫ِّ‬ ‫هلل تعالى فهو‬
‫تضمن إثباتًا‪ - .‬الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها‬ ‫إذا َّ‬
‫صفات اهلل تعالى ذاتيةٌ وفعلي ةٌ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫في أسمائه وصفاته‪ ،‬بل يطلق عليه منها كمالها‪- .‬‬
‫ك عن ال ذات وال تتعلَّق به ا مش يئته وقدرت ه‪ ،‬والص فات‬ ‫فات الذاتي ةُ ال تنف ُّ‬
‫فالص ُ‬
‫ول في الص فات‬ ‫الفعلي ة تتعلَّق به ا مش يئته وقدرت ه‪ ،‬وأفعال ه ال منتهى له ا‪ - .‬الق ُ‬
‫ول في بعض ها ك القول في البعض اآلخ ر‪ ،‬ف الكالم في‬
‫ك القول في ال ذات‪ ،‬والق ُ‬
‫ار لل ذات‪.‬‬
‫وج ْح ُد األس ماء والص فات إنك ٌ‬
‫الص فات ف رع عن الكالم في ال ذات‪َ ،‬‬
‫منهج الس لف في ب اب األس ماء والص فات ف بيَّن‬ ‫والمص نِّف ‪ -‬رحم ه اهلل – ق َّرر َ‬
‫وج وب اإليم ان بم ا أثبت ه اهللُ لنفس ه في كتاب ه؛ ألن ه ال أح َد أعلم من اهلل باهلل‪:‬‬
‫﴿أَأَْنتُ ْم أَ ْعلَ ُم أَِم اهللُ﴾ [البقرة‪ ،]140 :‬ووجوب اإليمان بما أثبته رسوله صلى اهلل‬
‫علي ه وآل ه وس لم؛ ألن ه ال مخل وق أعلم بخالق ه من رس وله ص لى اهلل علي ه وآل ه‬
‫ِ‬
‫وحى﴾‬ ‫اله َوى إِ ْن ُه َو إِالَّ َو ْح ٌي يُ َ‬
‫﴿و َم ا َي ْنط ُق َع ِن َ‬ ‫وس لم ال ذي ق ال اهلل في ِّ‬
‫حقه‪َ :‬‬
‫ييف وال تش ٍ‬
‫بيه وال تمثي ٍل‪ ،‬وتنزي ه اهلل تع الى عن‬ ‫[النجم‪ ،]4-3 :‬من غ ير تك ٍ‬
‫تنزيها ال يفضي إلى التعطيل بتأويل المعاني أو تحريف األلفاظ‬
‫النقائص والعيوب ً‬
‫عن م دلولها ب دعوى التنزي ه‪ ،‬ونفي ك ِّل م ا نف اه اهللُ عن نفس ه في كتاب ه أو نف اه‬
‫يتضمن كم ال‬
‫رس وله م ع اعتق اد ثب وت كم ال ضدِّه هلل تع الى‪ ،‬فنفي الم وت عن ه َّ‬
‫يتضمن كمال َقيُّوميته‪،‬‬
‫يتضمن كمال عدله‪ ،‬ونفي النوم َّ‬‫حياته‪ ،‬ونفي الظلم عنه َّ‬
‫المنفي من الكم ال والجالل‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ات ِ‬
‫ض ِّد‬ ‫وعلى ه ذا فك ُّل نفي عن اهلل يتض َّمن إثب َ‬
‫س ا على إثبات‬
‫ؤس ً‬
‫فكان منهج السلف الجامع بين احترام النصوص واإليمان بها ُم َّ‬
‫س على نفي الكم ال أو نفي بعض ه‬
‫مؤس ٌ‬
‫الكم ال بخالف منهج الخل ف فم ذهبهم َّ‬
‫الظن بها إذ ظاهرها ‪-‬عندهم‪ -‬التشبيه َفن َف ْوا‬
‫مع االعتراض على النصوص وسوء ِّ‬
‫أن الس لف ‪-‬رحمهم اهلل‪ -‬أعلم باهلل وص فاته من ال َخلَ ف؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫ك َّ‬
‫وأول وا‪ ،‬وال ش َّ‬
‫َّ‬
‫ق دوتهم رس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وآل ه وس لم وأص حابه الك رام‪ ،‬وال يخفى َّ‬
‫أن‬
‫الن بي ص لى اهلل علي ه وآل ه وس لم ك ان أعلم الن ِ‬
‫اس بربِّه‪ ،‬فمن الممتن ع أن يك ون‬
‫خواص رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم وأصحابه مع ِ‬
‫حرص ه صلى اهلل عليه‬ ‫ُّ‬
‫ُ‬
‫ممن ج اء من بع دهم من‬
‫وآل ه وس لم على إف ادتهم وتعليمهم أجه َل باهلل وص فاته َّ‬
‫والمقاييس اليوناني ةَ الوثني ةَ!!‬
‫َ‬ ‫العقول اآلدمي ةَ‬
‫َ‬ ‫مصدر التلقي‬
‫َ‬ ‫ال َخلَف الذين اتخذوا‬
‫إن أح وال الس لف وجه ادهم وحرص هم على نق ل الش ريعة ص افيةً من األدران‬ ‫ف َّ‬
‫محمد الص الح‬
‫والش وائب‪ ،‬ومج انبتهم للب دع تمن ع ق ولهم بغ ير الح ق‪ .‬ونق ل َّ‬
‫رمضان تلميذ الشيخ عبد الحميد بن باديس في «تعليقه على العقائد» (‪َّ )73‬‬
‫أن‬
‫ش َر فَ ِر ِ‬
‫يق‬ ‫اإلمام ابن باديس كان وقت الدرس يمتثل بالبيتين التاليين‪َ « :‬فنَ ْح ُن َم ْع َ‬
‫يه *** ِم ْن غَْي ِر َت ْع ِط ٍ‬
‫يل‬ ‫الت ْن ِز ِ‬
‫ات َو َّ‬ ‫َ‬ ‫الجن َِّة َن ُق ُ‬
‫ول بِا ِإل ْثب ِ‬
‫يق َ‬‫ين فِي طَ ِر ِ‬ ‫السن َِّة *** َّ ِ ِ‬
‫السالك َ‬ ‫ُّ‬
‫والَ تَ ْش بِ ٍيه» وزاد عليه ا معلِّ ًق ا فق ال‪« :‬المعطِّل ون‪ :‬هم ال ذين ينف ون الص ِ‬
‫فات‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫اإللهي ة‪ ،‬والمش بِّهون‪ :‬هم ال ذين يش بِّهونها بص فات المخل وقين‪ ،‬وكالهم ا في‬
‫وينزهونه ا عن التش بيه‬
‫الس نِّيون‪ :‬فهم ال ذين يثبتونه ا ل ه تع الى‪ِّ ،‬‬
‫ض الل‪َّ ،‬أما ُّ‬
‫تعطيل اللفظ عن داللة معناه الحقيقي أو الخروج به إلى‬
‫ُ‬ ‫بالمخلوقات‪ .‬والتعطيل‪:‬‬
‫معنًى آخر‪ ،‬والتشبيه‪ :‬تشبيه اهلل بمخلوقاته‪ .‬فنحن نثبت هلل ما أثبته اهلل لنفسه من‬
‫شيء من ذلك بالمخلوقات‪ ،‬وال غراب ةَ‬ ‫صفات‪ ،‬وال نشبِّهه في ٍ‬
‫ٍ‬ ‫أقوال أو ٍ‬
‫أفعال أو‬ ‫ٍ‬
‫نفس ا ولكن ال‬ ‫ه‬ ‫جنبي‬ ‫بين‬ ‫أن‬ ‫يثبت‬ ‫ان‬ ‫اإلنس‬ ‫في‬ ‫ه‬ ‫تكييف‬ ‫دم‬ ‫ع‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫في إثب ات ش ٍ‬
‫يء‬
‫ً‬
‫يس تطيع تكييفه ا ك ذلك نثبت ص فات اهلل بال كي ف» )‪ ،‬لَِق ْولِ ِه َت َع الَى‪:‬‬
‫﴿ويُ َح ِّذ ُر ُك ُم اهللُ َن ْف َس هُ﴾(‪ -٢‬آي ة‪ 28( :‬و‪ )30‬من س ورة آل عم ران)‪،‬‬ ‫َ‬
‫ك﴾(‪ -٣‬آية (‪ )116‬من‬ ‫﴿َت ْعلَ ُم َما ِفي َن ْف ِس ي َوالَ أَ ْعلَ ُم َم ا فِي َن ْف ِس َ‬
‫ث‬‫«ب َع َ‬ ‫‪:‬‬‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ع‬ ‫اهلل‬ ‫ي‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ر‬‫ه‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ب‬‫َ‬‫أ‬ ‫ِ‬
‫يث‬ ‫ِ‬
‫د‬ ‫ح‬‫س ورة المائ دة)‪ ،‬ولِ‬
‫َ‬ ‫َُ ْ َ َ َ ُ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ب‬ ‫ي‬‫ب‬ ‫خ‬‫ُ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫اهلل ص لَّى اهلل علَي ِه وآلِ ِه وس لَّم ع َش ر ًة‪ِ ،‬‬
‫م‬ ‫ِ‬ ‫ول‬
‫َر ُس ُ‬
‫ُ ْ َْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ب ِن عامر األنصاري‪ ،‬شهد أ ُ‬
‫ُح ًدا‪،‬‬ ‫بن َع ِد ِّ‬
‫ب ُ‬ ‫ي(‪ -٤‬هو الصحابي ُخَب ْي ُ‬ ‫صا ِر ُّ‬
‫األَنْ َ‬
‫ص لَّى اهللُ عليه وآله وسلم‪ ،‬وهو أول َمن َس َّن الركعتين‬
‫واستشهد في عهد النبي َ‬
‫عند القتل‪ ،‬وكان فيمن بعثه النبي صلى اهلل عليه وآله وسلم مع بني لحيان‪ ،‬فلما‬
‫ص اروا ب الرجيع غ دروا بهم‪ ،‬واستص رخوا عليهم‪ ،‬وقتل وا فيهم‪ ،‬وأس روا خبيبً ا‬
‫وب اعوه بمك ة‪ ،‬فقتل وه بمن قت ل الن بي ص لى اهلل علي ه وآل ه وس لم من ق ومهم‪،‬‬
‫وصلبوه بالتنعيم‪ .‬انظر‪« :‬االستيعاب» البن عبد البر‪« ،)1/440( :‬أسد الغابة»‬
‫البن األث ير‪« ، )2/104( :‬س ير أعالم النبالء» لل ذهبي‪« ،)1/246( :‬اإلص ابة»‬
‫الح َرِم لَِي ْق ُتلُوهُ قَ َ‬
‫ال‪:‬‬ ‫ن‬
‫َُ َ َ‬‫م‬‫البن حجر‪َ ،) )1/418( :‬فلَ َّما َخرجوا ِ‬
‫ب َك ا َن فِي ِ‬
‫اهلل‬ ‫َي َج ْن ٍ‬ ‫ين أُ ْقتَ ُل ُم ْس لِ ًما *** َعلَى أ ِّ‬‫ح‬‫ت أُبالِي ِ‬
‫َ‬ ‫َولَ ْس ُ َ‬
‫ص َر ِعي‬
‫َم ْ‬
‫إللَ ِه(‪ -٥‬قال الحافظ ابن حجر ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬في «الفتح»‬
‫اِ‬ ‫َوذَلِ َ‬
‫ك فِي ذَ ِ‬
‫ات‬
‫(‪« :)13/381‬قال عياض‪ :‬ذات الشيء نفسه وحقيقته‪ ،‬وقد استعمل أهل الكالم‬
‫ال ذات ب األلف والالم‪ ،‬وغلطهم أك ثر النح اة‪ ،‬وج وزه بعض هم؛ ألنه ا ت رد بمع نى‬
‫النفس وحقيقة الشيء‪ ،‬وجاء في الشعر لكنه شاذ‪ ،‬واستعمال البخاري لها دال‬
‫أن الم راد به ا نفس الش يء على طريق ة المتكلِّمين في ح ِّق اهلل‬
‫على م ا تق دم من َّ‬
‫قلت‪ :‬وإضافة لفظة «الذات» إلى اهلل تعالى‬
‫تعالى‪ ،‬ففرق بين النعوت والذات»‪ُ .‬‬
‫يص ُّح إذا ك ان بمع نى نفس الموص وف بص فات الكم ال ال تي ال نقص فيه ا‬
‫وحقيقت ه‪ ،‬ال أن «ال ذات» ص فة ل ه وال ذاتً ا مج َّردة عن الص فات‪ ،‬وال ص فات‬
‫مجردة عن الذات‪ ،‬إذ ال يمكن وجود الذات إالَّ بما به تصير ذاتً ا من الصفات‪،‬‬
‫َّ‬
‫وال يمكن وجود الصفات إالَّ بما به تصير صفات من الذات‪[ .‬انظر‪« :‬مجموع‬
‫الفتاوى» البن تيمية‪َ ) ])206 ،6/142( ،)338 ،5/330( :‬وإِ ْن يَ َشأْ ***‬
‫ع(‪« -٦‬أوصال ِشلو ممزع» قال ابن حجر‬ ‫صِ‬
‫ال َش ْل ٍو ُم َم َّز ِ‬ ‫ُيبَا ِر ُك َعلَى أ َْو َ‬
‫–رحم ه اهلل‪ -‬في «الفتح» (‪« :)7/384‬األوص ال جم ع وص ل‪ :‬وه و العض و‪،‬‬
‫والش لو بكس ر المعجم ة‪ :‬الجس د‪ ،‬وق د يطل ق على العض و‪ ،‬ولكن الم راد ب ه هن ا‬
‫ثم المهمل ة‪ :‬المقط ع‪ ،‬ومع نى الكالم أعض اء جس د‬
‫الجس د‪ ،‬والمم زع ب الزاي َّ‬
‫يقطع»)‬
‫ص لَّى اهللُ َع ْلَ ِه َوآلِ ِه َو َس لَّ َم‬ ‫َفلَ َّما قُتِ َل ُه َو َوأ ْ‬
‫َص َحابُهُ أَ ْخَب َر النَّبِ ُّي َ‬
‫ي(‪ -٧‬أخرج ه البخ اري‬ ‫ُص يبُوا» َر َواهُ البُ َخ ا ِر ُّ‬ ‫َص حابهُ َخب ر ُهم ي وم أ ِ‬
‫أ ْ َ َ ََ ْ ََْ‬
‫في «الجه اد» (‪ )6/165‬ب اب ه ل يستأس ر الرج ل؟ ومن لم يستأس ر‪ ،‬ومن رك ع‬
‫درا (‬
‫ركع تين عن د القت ل‪ ،‬وفي «المغ ازي» (‪ )7/308‬ب اب فض ل من يش هد ب ً‬
‫‪ )7/378‬باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان‪ ،‬وفي «التوحيد» (‪ )13/381‬باب‬
‫ما يذكر في الذات والنعوت وأسامي اهلل تعالى‪ ،‬من حديث أبي هريرة رضي اهلل‬
‫عنه)‪َ ،‬ولَِق ْولِ ِه َت َع الَى‪﴿ :‬قُ ِل ا ْدعُ واْ اهللَ أَ ِو ا ْدعُ واْ ال َّر ْح َم َن أَيًّا َّما‬
‫الح ْس نَى﴾(‪ -٨‬آي ة (‪ )110‬من س ورة اإلس راء)‪،‬‬‫تَ ْدعُواْ َفلَ هُ األَ ْس َماءُ ُ‬
‫س نَى فَ ا ْدعُوهُ بِ َه ا﴾(‪ -٩‬آي ة (‪ )180‬من س ورة‬ ‫الح‬ ‫اء‬ ‫م‬ ‫س‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫أل‬ ‫ا‬ ‫﴿و ِ‬
‫هلل‬
‫ُ‬
‫َ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫أن أس ماء اهلل الحس نى أعالم وأوص اف دالَّة‬
‫األع راف‪ .‬اس تدل المص نف ب اآليتين َّ‬
‫وأن المنهج ه و عين المنهج في ال ذات والص فات‬ ‫على ص فات كمال ه س بحانه‪َّ ،‬‬
‫علم ا َّ‬
‫أن اإليم ان باالس م ‪-‬عن د أه ل‬ ‫وه و عقي دة الس لف في اإلثب ات والتنزي ه‪ً ،‬‬
‫الس نة والجماع ة‪ -‬ال يتم إال بأرك ان ثالث ة‪ - :‬ال ركن األول‪ :‬اإليم ان باالس م‪،‬‬
‫ُّ‬
‫يتض َّمن‪ :‬إثب ات االس م حقيق ة َّأوالً‪ ،‬فأس ماء اهلل وص فاته تطل ق على اهلل حقيق ة ال‬
‫مج ًازا خالفً ا للمتكلِّمين‪ ،‬ق ال ابن تيمي ة ‪-‬رحم ه اهلل‪ -‬في «مجم وع الفت اوى» (‬
‫‪« :)5/196‬وق د اتف ق أه ل اإلثب ات على َّ‬
‫أن اهلل حي حقيق ة‪ ،‬عليم حقيق ة‪ ،‬ق دير‬
‫حقيقة‪ ،‬سميع حقيقة‪ ،‬بعيد حقيقة»‪ ،‬وتنزيه اهلل تعالى عن مماثلة المخلوقين ثانيً ا‪،‬‬
‫وذلك باالعتصام بالقاعدة العامة في الصفات التي ذكرها المصنف ‪-‬رحمه اهلل‪-‬‬
‫الس ِميع الب ِ‬
‫ص ُير﴾ [الش ورى‪:‬‬ ‫ِ ِِ‬
‫س َكمثْل ه َش ْيءٌ َو ُه َو َّ ُ َ‬
‫إثباتً ا ونفيً ا‪ ،‬لقوله تع الى‪﴿ :‬لَْي َ‬
‫﴿ه ْل َت ْعلَ ُم لَ هُ َس ِميًّا﴾ [مريم‪ ،]65 :‬فاألسماء تتفق وتتماثل‬
‫‪ ،]11‬وقوله تعالى‪َ :‬‬
‫وال يعني تماثلها تماثل المسميات‪ ،‬وإنما تختلف باختالف اإلضافة والتخصيص‪،‬‬
‫خاص باهلل تعالى‪ ،‬وما‬
‫ٌّ‬ ‫فما أضيف إلى اهلل فال يدخل في معناه المخلوق‪ ،‬بل هو‬
‫اص ب المخلوق‪،‬‬
‫أُض يف إلى المخل وق فال ي دخل في معن اه الخ الق‪ ،‬ب ل ه و خ ٌّ‬
‫فالقدر الذي تتفق فيه األسماء هو عند اإلطالق فقط وال يعني اتفاق المسميات‬
‫عن د اإلض افة والتخص يص‪ ،‬واإليم ان ب َّ‬
‫أن أس ماء اهلل حس نى ثالثً ا‪ ،‬وأنه ا متض َّمنة‬
‫لص فات بالغ ة في الحس ن وغاي ة في الكم ال‪ ،‬ال نقص فيه ا بوج ه من الوج وه ال‬
‫كل ٍ‬
‫اسم على‬ ‫تقديرا‪ ،‬ويكون الحسن في أسماء اهلل تعالى َّإما باعتبار ِّ‬
‫احتماالً وال ً‬
‫انف راده‪ ،‬أو باعتب ار ض مه إلى غ يره‪ ،‬فيجم ع في االس م إذا ض م إلى غ يره حس نًا‬
‫الح ْس نَى﴾‬ ‫على حس ن وكم االً ف وق كم ال‪ ،‬لقول ه تع الى‪﴿ :‬و ِ‬
‫َس َماءُ ُ‬
‫هلل األ ْ‬ ‫َ‬
‫دل علي ه االس م من مع نى‪،‬‬ ‫[األع راف‪ - .]180 :‬ال ركن الث اني‪ :‬اإليم ان بم ا َّ‬
‫بأن لكل ٍ‬
‫اسم من أسمائه الحسنى له من جهة اللفظ‬ ‫ويتضمن‪ - :‬أوال‪ :‬اإليمان َّ‬
‫معنى معلوم يخصه غير االسم اآلخر‪ ،‬وهو غير معلوم من جهة الحقيقة والكيفية‬
‫بإجماع السلف‪[ .‬انظر‪« :‬ذم التأويل» البن قدامة‪ ،])27( :‬أي‪ :‬قطع الطمع عن‬
‫﴿وال يُ ِحيطُ و َن بِ ِه ِعل ًْم ا﴾ [ط ه‪،]110 :‬‬
‫إدراك الحقيق ة والكيفي ة‪ ،‬لقول ه تع الى‪َ :‬‬
‫أن الس لف يفوض ون علم الحق ائق والكيفي ات في الص فات إلى اهلل‬ ‫والمعل وم َّ‬
‫تعالى‪ ،‬مع إثبات اللفظ والمعنى هلل تعالى‪ - .‬ثانيً ا‪ :‬اإليمان َّ‬
‫بأن أسماء اهلل تعالى‬
‫أعالم باعتب ار داللته ا على ال ذات‪ ،‬وليس مع نى االس م ه و ال ذات فق ط‪ ،‬وهي‬
‫أوص اف باعتب ار م ا دلَّت علي ه من المع اني‪ ،‬فاألس ماء مترادف ة من حيث ال ذات‬
‫مسمى واحد وهو ذات اهلل المقدسة‪ ،‬وهي متباينة‬ ‫جميع ا في داللتها على ًّ‬
‫فتتفق ً‬
‫الخاص‪ ،‬فمعنى الخالق غير‬ ‫ٍ‬
‫واحد منها على معناه‬ ‫كل‬
‫من جهة الصفات لداللة ِّ‬
‫ّ‬
‫معنى الرزاق‪ ،‬والرحيم غير العزيز‪ ،‬والعزيز غير الحكيم‪ ،‬والحكيم غير الغفور‪،‬‬
‫جميعا على صفات الكمال المطلق الذي ال يعتريه نقص وال عيب بأي‬
‫وهي دالة ً‬
‫وجه من الوجوه‪ ،‬لذلك كانت أسماء اهلل حسنى‪ ،‬أي‪ :‬بالغة في الحسن إلى غاية‪،‬‬
‫تجردت األسماء‬ ‫موصوف بصفات الكمال المطلق‪ ،‬فلو َّ‬
‫ٌ‬ ‫ال حسنة‪ ،‬واهلل سبحانه‬
‫تدل على معنى‪،‬‬ ‫أعالما محضة جامدة ال ُّ‬
‫الحسنى عن المعاني واألوصاف لكانت ً‬
‫والَْنَت َفى الف رق بين اس م وآخ ر‪ ،‬وال م ا ِعيب على أه ل الش رك إق رارهم ببعض‬
‫أن نفي أس ماء اهلل‬ ‫علم ا َّ‬
‫األس ماء كالخ الق وال رزاق وإنك ارهم اس م ال رحمن‪ً ،‬‬
‫َس َماء‬ ‫الحسنى وتجريدها عن معانيها من أعظم اإللحاد فيها‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬و ِ‬
‫هلل األ ْ‬ ‫َ‬
‫َس َمآئِِه َس يُ ْج َز ْو َن َم ا َك انُواْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ُيلْح ُدو َن في أ ْ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْح ْس نَى فَ ا ْدعُوهُ ب َه ا َو َذ ُرواْ الذ َ‬
‫ال ُ‬
‫َي ْع َملُ و َن﴾ [األع راف‪ - .]180 :‬ال ركن الث الث‪ :‬اإليم ان باآلث ار المترتب ة على‬
‫متعد فال عالقة له‬ ‫وصف الزم غير ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫االسم ذي وصف متعدٍّ‪َّ ,‬أما االسم ُّ‬
‫الدال على‬
‫إالَّ بالركنين السابقين مثل اسم «الحي» فيتضمن صفة الحياة وهو وصف الزم ال‬
‫يتعدى إلى الغير‪ ،‬لذلك ليس له أثر‪ .‬والمراد باآلثار هو الحكم والمقتضى‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫َّ‬
‫ظهور األحكام وآثار االسم الدال على وصف ُم َتع ٍّد ال بُ َّد منه‪ ،‬إذ هو من مقتضى‬
‫الكم ال المق دس والمل ك الت ام‪ ،‬فاس م «ال رحمن» و«ال رحيم» مش َّتقان من ص فة‬
‫الرحم ة‪ ،‬وتتعلَّق بهم ا اآلث ار‪ ،‬و«ال رحمن» أش د مبالغ ة من «ال رحيم»‪،‬‬
‫فـ‪« ‬ال رحمن»‪ :‬ذو الرحم ة الواس عة ال تي ش ملت الخل ق في أرزاقهم وأس باب‬
‫وأما «الرحيم»‬ ‫وعمت المؤمن والكافر والصالح والطالح‪َّ ،‬‬ ‫معايشهم ومصالحهم َّ‬
‫يم ا﴾ [األح زاب‪،]43 :‬‬ ‫اص ب المؤمنين لقول ه تع الى‪﴿ :‬و َك ا َن بِ الْم ْؤ ِمنِ ِ‬
‫ين َرح ً‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫فخ ٌّ‬
‫فأهل التقوى من عباده المتبعين ألنبيائه ورسله لهم الرحمة المطلقة ومن عداهم‬
‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫﴿و َر ْح َمتِي َو ِس َع ْ‬
‫س أَ ْكتُُب َها للَّذ َ‬
‫ين‬ ‫ت ُك َّل َش ْيء فَ َ‬ ‫فلهم نص يب منه ا‪ ،‬ق ال تع الى‪َ :‬‬
‫ين ُهم بِآيَاتِنَ ا ُي ْؤ ِمنُ و َن﴾ [األعراف‪ ،]156 :‬وقد بيَّن‬ ‫َّ ِ‬ ‫َيَّت ُق و َن َو ُي ْؤتُ و َن َّ‬
‫الز َك اةَ َوالذ َ‬
‫أن ظه ور آث ار الرحم ة من أعظم األدل ة على كم ال‬ ‫ابن القيم –رحم ه اهلل‪َّ -‬‬
‫«إن ظهور آثار هذه الصفة في الوجود كظهور أثر صفة‬ ‫الموصوف حيث قال‪َّ :‬‬
‫الربوبي ة والمل ك والق درة‪ ،‬ف َّ‬
‫إن م ا هلل على خلق ه من اإلحس ان واإلنع ام ش اهد‬
‫أن الموجودات كلَّها شاهدة له بالربوبية التامة‬ ‫كل ٍ‬
‫شيء كما َّ‬ ‫تام ٍة وسعت َّ‬ ‫ٍ‬
‫برحمة َّ‬
‫الكاملة‪ ،‬وما في العالم من آثار التدبير والتصريف اإللهي شاهد بملكه سبحانه‪،‬‬
‫فجع ُل صفة الرحمة واسم الرحمة مج ًازا كجع ل صفة المل ك والربوبية مج ًازا‪،‬‬
‫وال ف رق بينهم ا في ش رع وال عق ل وال لغ ة‪ .‬وإذا أردت أن تع رف بطالن ه ذا‬
‫القول‪ ،‬فانظر إلى ما في الوجود من آثار رحمته الخاصة والعامة‪ ،‬فبرحمته أرسل‬
‫إلين ا رس وله ص لى اهلل علي ه وآل ه وس لم وأن زل علين ا كتاب ه‪ ،‬وعلمن ا من الجهال ة‪،‬‬
‫وبص رنا من العمى‪ ،‬وأرش دنا من الغي‪ ،‬وبرحمت ه عرفن ا من‬
‫وه دانا من الض اللة‪َّ ،‬‬
‫أسمائه وصفاته وأفعاله ما عرفنا به أنه ربنا وموالنا‪ ...‬وبرحمته وضع رحمته بين‬
‫عباده ليتراحموا بها‪ ،‬وكذالك بين سائر الحيوان‪ .‬فهذا ال تراحم ال ذي بينهم بعض‬
‫آث ار الرحم ة ال تي هي ص فته ونعمت ه‪ ،‬واش تق لنفس ه اس م «ال رحمن ال رحيم»‪.‬‬
‫[«مختص ر الص واعق المرس لة» للموص لي‪﴿ ،) ])2/316( :‬الَّ ِذي َخلَ َق‬
‫الم ْر َعى‪ ،‬فَ َج َعلَ ُه‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫خ‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ي‬ ‫فَس َّوى‪ ،‬والَّ ِذي قَ َّدر َفه َدى‪ ،‬والَّ ِ‬
‫ذ‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال لِ َما‬‫َح َوى﴾(‪ -١٠‬آية‪ )5 ،4، 3، 2( :‬من سورة األعلى)‪َ ﴿ ،‬ف َّع ٌ‬ ‫اء أ ْ‬
‫غُثَ ً‬
‫يُ ِري ُد﴾(‪ -١١‬آي ة‪ )107( :‬من س ورة ه ود‪ ،‬آي ة‪ )16( :‬من س ورة ال بروج)‪،‬‬
‫ات‬‫الس مو ِ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِّ‬ ‫ا‬ ‫ق‬
‫ً‬ ‫ز‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫اهلل م ا الَ يملِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫﴿ويعب ُدو َن ِ‬
‫م‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُْ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض َش يئًا والَ يس ت ِ‬
‫َ‬‫اهلل‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ال‬‫َ‬ ‫ث‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أل‬ ‫ا‬ ‫هلل‬ ‫ا‬
‫ْ‬ ‫و‬‫ُ‬‫ب‬‫ر‬ ‫ض‬‫ْ‬ ‫َ‬‫ت‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬‫ن‬‫َ‬ ‫و‬‫َواألَ ْر ِ ْ َ َ ْ َ ُ‬
‫يع‬‫ط‬
‫َي ْعلَ ُم َوأَنتُ ْم الَ َت ْعلَ ُم و َن﴾(‪ -١٢‬آي ة‪ )74 ،73( :‬من س ورة النحل)‪،‬‬
‫وء وال َف ْح َش ِاء وأَن َت ُقولُ واْ َعلَى ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل َم ا الَ‬ ‫َ‬ ‫﴿إِنَّ َم ا يَ أْ ُم ُر ُك ْم ب ُّ َ‬
‫س َك ِمثْلِ ِه َش ْي ٌء‬ ‫َت ْعلَ ُم و َن﴾(‪ -١٣‬آي ة‪ )169( :‬من س ورة البق رة)‪﴿ ،‬لَْي َ‬
‫ير﴾(‪ -١٤‬آي ة‪ )11( :‬من س ورة الش ورى‪ .‬والمص نِّف‬ ‫الس ِميع الب ِ‬
‫َو ُه َو َّ ُ َ ُ‬
‫ص‬
‫تدل به ذه اآلي ات على ص فات اهلل س بحانه بع دما اس َّ‬
‫تدل‬ ‫‪-‬رحم ه اهلل‪ -‬اس َّ‬
‫بالمنصوص على الذات واألسماء‪ ،‬وأنها من حيث تعلُّ ُقها بذات اهلل تعالى صفات‬
‫ذاتي ة وهي ال تي لم ي زل وال ي زال متص ًفا به ا‪ ،‬كالحي اة والعلم والق درة والس مع‬
‫وتسمى بالصفات االختيارية وهي صفات متعلقة بمشيئة‬
‫َّ‬ ‫والبصر‪ ،‬وصفات فعلية‬
‫﴿و َي ْف َع ُل اهللُ َم ا‬
‫اهلل وقدرت ه‪ ،‬إن ش اء فعله ا وإن لم يش أ لم يفعله ا‪ ،‬لقول ه تع الى‪َ :‬‬
‫ال لِّ َم ا يُ ِري ُد﴾ [هود‪ ،107 :‬البروج‪:‬‬ ‫شاءُ﴾ [إبراهيم‪ ،]27 :‬وقوله تعالى‪َ ﴿ :‬ف َّع ٌ‬
‫يَ َ‬
‫‪ ،]16‬وأفعال ه س بحانه ال منتهى له ا وال حص ر‪ ،‬ك الخلق واإلعط اء واإلنب ات‬
‫واإلخ راج‪ ،‬واإلنع ام‪ ،‬واألم ر والنهي وغيره ا‪ .‬فالص فات الفعلي ة من حيث قيامه ا‬
‫بال ذات تس َّمى ص فات ذات‪ ،‬ومن حيث تعلقه ا بم ا ينش أ عنه ا من األق وال‬
‫تسمى صفات أفعال‪ ،‬فمثالً‪ :‬صفة الكالم‪ ،‬فإنها صفة ذات وصفة فعل‪،‬‬
‫واألفعال َّ‬
‫فمن حيث قيامه ا بال ذات لكونه ا متكلم ة أزالً وأب ًدا فهي ص فة ذات‪ ،‬ومن حيث‬
‫تعلقها بالمشيئة واإلرادة فهي صفة فعل‪ ،‬ومرجع معاني الصفات الذاتية والفعلية‬
‫إلى اس مي «الحي» و«القي وم»‪ ،‬ف ترجع لـ‪« ‬الحي» ص فات ال ذات ولـ «القي وم»‬
‫صفات الفعل‪ .‬هذا‪ ،‬وجدير بالتنبيه َّ‬
‫أن ما يطلق على اهلل تعالى على سبيل اإلخبار‬
‫عنه تع الى ج ائز إذا كان اللفظ داالًّ على مع نى حس ن أو على أقل تق دير ال يدل‬
‫ذم أص الً‪ ،‬كاأللف اظ العام ة ال تي يقص د باإلخب ار به ا َّ‬
‫أن اهلل تع الى ذو حقيق ة‬ ‫على ٍّ‬
‫موج ودة في الخ ارج‪ ،‬ك أن يق ول مخ ًبرا‪ :‬اهلل تع الى ذات‪ ،‬وش يء‪ ،‬وموج ود‪ ،‬أو‬
‫والس نة‬
‫كاأللف اظ الخاص ة باهلل تع الى ال تطل ق على غ يره‪ ،‬ولم ي رد في الكت اب ُّ‬
‫التس مية أو الوصف به ا إالَّ أنه ا ُّ‬
‫تدل على مع نى معين ال عم وم في ه وال إطالق ال‬
‫يلي ق إالَّ باهلل تع الى‪ ،‬والمخل وق ال يتص ف به ا لقص وره عن االتص اف بمعانيه ا‪،‬‬
‫مث ل‪ :‬الق ديم‪ ،‬الق ائم بنفس ه‪ ،‬واجب الوج ود‪ ،‬أزلي س رمدي‪ ،‬ونح و ذل ك‪ ،‬فه ذه‬
‫وغيره ا يج وز إطالقه ا على اهلل تع الى من ب اب اإلخب ار عن ه دون الوص ف‬
‫والتس مية‪ ،‬وم ا يطل ق علي ه من ب اب اإلخب ار ال يجب أن يك ون توقيفيًّا‪ ،‬ق ال ابن‬
‫القيم ‪-‬رحم ه اهلل‪ -‬في «ب دائع الفوائ د» (‪« :)1/161‬إن م ا ي دخل في ب اب‬
‫مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء والموجود‬
‫اإلخبار عنه تعالى أوسع َّ‬
‫والقائم بنفسه فإنه يخبر به عنه وال يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا» )‪.‬‬
‫درا توحي ُد األس ماء والص فات‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫‪  -١‬ف َّ‬
‫إن من أج ِّل أب واب التوحي د وأعظمه ا ق ً‬
‫الرتباط ه باهلل ع َّز وج َّل في ذات ه وأس مائه وص فاته‪ ،‬إذ كم ال ال ذات بأس مائها‬
‫نفسه في كتابه العزيز وعلى لسان‬
‫الحسنى وصفاتها العليا‪ ،‬وقد وصف اهلل تعالى َ‬
‫بجالل عظمته‬ ‫نبيِّه الكريم صلى اهلل عليه وآله وسلم بأكمل األوصاف كما يليق َ‬
‫وحده وأنِس ب ه‪ ،‬واس تحى من قرب ه‪،‬‬ ‫س بحانه‪ ،‬ليع ِّرف العب َد بربِّه‪ ،‬ح تى إذا َع َرف ه َّ‬
‫وعب َده كأن ه ي راه‪ ،‬ل ذلك ك ان أنف ع العل وم علم التوحي د ومن ه علم األس ماء‬
‫ألن «شرف العلم بشرف المعلوم‪ ،‬والباري أشرف المعلومات‪ ،‬فالعلم‬ ‫والصفات؛ َّ‬
‫بأس مائه أش رف العل وم»‪«[ .‬أحك ام الق رآن» البن الع ربي‪ ،])2/804( :‬غ ير َّ‬
‫أن‬
‫توحيد األسماء والصفات ‪ -‬مع شرفه وعظيم قدره ‪ -‬قد زلَّت في معظم أبوابه‬
‫ٍ‬
‫وتمثيل‪ ،‬الذين‬ ‫ٍ‬
‫تشبيه‬ ‫األفهام‪ ،‬وافترق الناس فيها إلى أهل‬ ‫وض لَّت فيها‬
‫األقدام‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وتأويل الذين‬ ‫غَلَ ْوا في اإلثبات حتى شبَّهوا صفاتِه بصفات خلقه‪ ،‬وإلى أهل ٍ‬
‫تعطيل‬
‫أن إثبات الصفات‬ ‫صفات كماله سبحانه‪ ،‬ظنًّا منهم َّ‬ ‫ِ‬ ‫غَلَوا في التنزيه حتى َسلَبوا هلل‬
‫وس َّدد‬ ‫ِ‬
‫الس نَّة والجماع ة من س لف ه ذه األ َُّمة‪َ ،‬‬ ‫يس تلزم التش بيهَ‪ ،‬وه دى اهللُ أه َل ُّ‬
‫ات بال تش ٍ‬
‫بيه‪،‬‬ ‫همهم في االعتق اد الس ليم الق ائم على أص لين راس خين‪ -1 :‬إثب ٌ‬ ‫فَ َ‬
‫‪ -2‬تنزيهٌ بال ٍ‬
‫تعطيل‪.‬‬
‫السنَّة والجماعة بريئً ا من التشبيه والتعطيل‪ ،‬فال ينفون ما أثبته‬
‫فكان مذهب أهل ُّ‬
‫يحرفون ال َكلِ َم عن مواضعه‪ ،‬وال‬
‫اهللُ لنفسه‪ ،‬وال يثبتون ما نفاه اهللُ عن نفسه‪ ،‬وال ِّ‬
‫يلحدون في أسماء اهلل وآياته‪ ،‬وال يمثلون صفاتِه بصفات خلقه‪ ،‬قال ابن تيمية –‬
‫رحم ه اهلل – في «مجم وع الفت اوى» (‪« :)6/515‬وجم اع الق ول في إثب ات‬
‫وأئمته ا وه و أن يوص ف اهللُ بم ا‬
‫الص فات ه و الق ول بم ا ك ان علي ه س لف األ َُّمة َّ‬
‫نفس ه وبم ا وص فه ب ه رس وله‪ ،‬ويُص ان ذل ك عن التحري ف والتمثي ل‬
‫وص ف ب ه َ‬
‫والتكييف والتعطيل؛ َّ‬
‫فإن اهللَ ليس كمثله شيءٌ ال في ذاته وال في صفاته وال في‬
‫أفعال ه‪ ،‬فمن نفى ص فاتِه ك ان معطِّالً‪ .‬ومن َمثَّل ص فاته بص فات مخلوقات ه ك ان‬
‫ممثِّالً‪ ،‬وال واجب إثب ات الص فات ونفي مماثلته ا لص فات المخلوق ات‪ ،‬إثباتً ا بال‬
‫س َك ِمثْلِ ِه َش ْيءٌ﴾‪ ،‬فه ذا ردٌّ على‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫﴿‬ ‫الى‪:‬‬ ‫تع‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫كم‬ ‫‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ل‬ ‫تعطي‬ ‫بال‬ ‫ا‬ ‫وتنزيه‬
‫ً‬
‫تش ٍ‬
‫بيه‬
‫ص ُير﴾ [الش ورى‪ ]11 :‬ردٌّ على المعطِّل ة‪ ،‬فالممثِّل‬ ‫الس ِميع الب ِ‬
‫﴿و ُه َو َّ ُ َ‬ ‫الممثِّل ة‪َ ،‬‬
‫صنما والمعطِّل يعبد ً‬
‫عدما»‪.‬‬ ‫يعبد ً‬
‫ت على وجه التفصيل كإثبات السمع والبصر‬ ‫قلت‪ :‬ولهذا فصفات ِ‬
‫اهلل تعالى تُثبَ ُ‬ ‫ُ‬
‫س‬
‫وس ائر الص فات‪ ،‬وتُنفى على وج ه اإلجم ال كنفي المثلي ة في قول ه تع الى‪﴿ :‬لَْي َ‬
‫السنَّة ال يتجاوزون النصوص الشرعية‪ ،‬بل‬ ‫َك ِمثْلِ ِه َش ْيءٌ﴾ [الشورى‪ ،]11 :‬فأهل ُّ‬
‫يعتص مون باأللف اظ الش رعية ال واردة في ب اب األس ماء والص فات نفيً ا وإثباتً ا‪،‬‬
‫الع َرض والجس م‬ ‫ويتوقَّف ون فيم ا لم يص ِّرح الكت اب ُّ‬
‫والس نة بنفي ه وال إثبات ه ك َ‬
‫بناء على هذا األصل العظيم‪.‬‬
‫والجوهر ً‬
‫الس نَّة والجماعة قاطب ةً على هذا المعتقد السليم‪ ،‬ونقل ابن‬
‫هذا‪ ،‬وقد أجمع أهل ُّ‬
‫عب د ال بر ‪ -‬رحم ه اهلل – عنهم ذل ك في «التمهي د» [‪ ]7/145‬بقول ه‪« :‬أه ل‬
‫والس نَّة واإليمان‬
‫الس نة مجمعون على اإلقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫بها‪ ،‬وحملها على الحقيقة ال على المجاز‪ ،‬إالَّ أنهم ال يكيِّفون شيئًا من ذل ك‪ ،‬وال‬
‫يَ ُّ‬
‫حدون فيه صفة محدودة»‪.‬‬
‫الس نَّة والجماع ة قواع د ُمثلى في ب اب األس ماء والص فات دلَّت عليه ا‬
‫وأله ل ُّ‬
‫النصوص الشرعية منها‪:‬‬
‫‪ -‬صفات اهلل تعالى توقيفية‪ ،‬فال يُثبت منها إالَّ ما أثبته اهلل لنفسه‪ ،‬أو ما أثبته له‬
‫رس وله ص لى اهلل علي ه وآل ه وس لم‪ ،‬من غ ير تحري ف وال تعطي ل وال تك ييف وال‬
‫تمثيل‪ ،‬وال ينفى عن اهلل تعالى إالَّ ما نفاه عن نفسه‪ ،‬أو نفاه عنه رسوله صلى اهلل‬
‫كمال ِ‬
‫ضدِّه هلل تعالى‪.‬‬ ‫ثبوت ِ‬ ‫ِ‬
‫اعتقاد ِ‬ ‫عليه وآله وسلم‪ ،‬مع‬
‫الصريح وال بُ َّد‪.‬‬ ‫العقل‬ ‫كل ٍ‬
‫َ‬ ‫ت بالنقل الصحيح وافقت َ‬ ‫صفة َثبَتَ ْ‬ ‫‪ُّ -‬‬
‫لصفة وال عكس‪.‬‬ ‫متضمن ٍ‬
‫كل اسم ثبت هلل تعالى فهو ِّ ٌ‬ ‫‪ُّ -‬‬
‫إن النفي ليس فيه كمال وال مدح إالَّ إذا َّ‬
‫تضمن إثباتًا‪.‬‬ ‫‪َّ -‬‬
‫‪ -‬الص فة إذا ك انت منقس مة إلى كم ال ونقص لم ت دخل بمطلقه ا في أس مائه‬
‫وصفاته‪ ،‬بل يطلق عليه منها كمالها‪.‬‬
‫تنفك عن الذات وال تتعلَّق‬
‫فالصفات الذاتي ةُ ال ُّ‬
‫ُ‬ ‫صفات اهلل تعالى ذاتيةٌ وفعليةٌ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫بها مشيئته وقدرته‪ ،‬والصفات الفعلية تتعلَّق بها مشيئته وقدرته‪ ،‬وأفعاله ال منتهى‬
‫لها‪.‬‬
‫والقول في بعضها كالقول في البعض‬
‫ُ‬ ‫القول في الصفات كالقول في الذات‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫وج ْح ُد األس ماء‬
‫اآلخ ر‪ ،‬ف الكالم في الص فات ف رع عن الكالم في ال ذات‪َ ،‬‬
‫إنكار للذات‪.‬‬
‫والصفات ٌ‬
‫منهج الس لف في ب اب األس ماء والص فات ف بيَّن‬ ‫والمص نِّف ‪ -‬رحم ه اهلل – ق َّرر َ‬
‫وج وب اإليم ان بم ا أثبت ه اهللُ لنفس ه في كتاب ه؛ ألن ه ال أح َد أعلم من اهلل باهلل‪:‬‬
‫﴿أَأَْنتُ ْم أَ ْعلَ ُم أَِم اهللُ﴾ [البقرة‪ ،]140 :‬ووجوب اإليمان بما أثبته رسوله صلى اهلل‬
‫علي ه وآل ه وس لم؛ ألن ه ال مخل وق أعلم بخالق ه من رس وله ص لى اهلل علي ه وآل ه‬
‫ِ‬
‫وحى﴾‬ ‫اله َوى إِ ْن ُه َو إِالَّ َو ْح ٌي يُ َ‬
‫﴿و َم ا َي ْنط ُق َع ِن َ‬ ‫وس لم ال ذي ق ال اهلل في ِّ‬
‫حقه‪َ :‬‬
‫بيه وال تمثي ٍل‪ ،‬وتنزي ه اهلل تع الى عن‬ ‫ييف وال تش ٍ‬ ‫[النجم‪ ،]4-3 :‬من غ ير تك ٍ‬
‫تنزيها ال يفضي إلى التعطيل بتأويل المعاني أو تحريف األلفاظ‬
‫النقائص والعيوب ً‬
‫عن م دلولها ب دعوى التنزي ه‪ ،‬ونفي ك ِّل م ا نف اه اهللُ عن نفس ه في كتاب ه أو نف اه‬
‫يتضمن كم ال‬
‫رس وله م ع اعتق اد ثب وت كم ال ضدِّه هلل تع الى‪ ،‬فنفي الم وت عن ه َّ‬
‫يتضمن كمال َقيُّوميته‪،‬‬
‫يتضمن كمال عدله‪ ،‬ونفي النوم َّ‬
‫حياته‪ ،‬ونفي الظلم عنه َّ‬
‫المنفي من الكمال والجالل‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫إثبات ِ‬
‫ض ِّد‬ ‫يتضمن َ‬
‫فكل نفي عن اهلل َّ‬
‫وعلى هذا ُّ‬
‫س ا على إثبات‬
‫ؤس ً‬
‫فكان منهج السلف الجامع بين احترام النصوص واإليمان بها ُم َّ‬
‫س على نفي الكم ال أو نفي بعض ه‬
‫مؤس ٌ‬
‫الكم ال بخالف منهج الخل ف فم ذهبهم َّ‬
‫الظن بها إذ ظاهرها ‪-‬عندهم‪ -‬التشبيه َفن َف ْوا‬
‫مع االعتراض على النصوص وسوء ِّ‬
‫أن الس لف ‪-‬رحمهم اهلل‪ -‬أعلم باهلل وص فاته من ال َخلَ ف؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫ك َّ‬
‫وأول وا‪ ،‬وال ش َّ‬
‫َّ‬
‫ق دوتهم رس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وآل ه وس لم وأص حابه الك رام‪ ،‬وال يخفى َّ‬
‫أن‬
‫الن بي ص لى اهلل علي ه وآل ه وس لم ك ان أعلم الن ِ‬
‫اس بربِّه‪ ،‬فمن الممتن ع أن يك ون‬
‫خواص رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم وأصحابه مع ِ‬
‫حرص ه صلى اهلل عليه‬ ‫ُّ‬
‫ُ‬
‫ممن ج اء من بع دهم من‬
‫وآل ه وس لم على إف ادتهم وتعليمهم أجه َل باهلل وص فاته َّ‬
‫والمقاييس اليوناني ةَ الوثني ةَ!!‬
‫َ‬ ‫العقول اآلدمي ةَ‬
‫َ‬ ‫مصدر التلقي‬
‫َ‬ ‫ال َخلَف الذين اتخذوا‬
‫إن أح وال الس لف وجه ادهم وحرص هم على نق ل الش ريعة ص افيةً من األدران‬ ‫ف َّ‬
‫والشوائب‪ ،‬ومجانبتهم للبدع تمنع قولهم بغير الحق‪.‬‬
‫محمد الصالح رمضان تلميذ الشيخ عبد الحميد بن باديس في «تعليقه على‬ ‫ونقل َّ‬
‫أن اإلمام ابن باديس كان وقت الدرس يمتثل بالبيتين التاليين‪:‬‬ ‫العقائد» (‪َّ )73‬‬
‫الجن َِّة‬ ‫السالِ ِك ِ‬ ‫شر فَ ِر ِيق ُّ ِ‬
‫ين في طَ ِر ِيق َ‬ ‫السنَّة *** َّ َ‬ ‫« َفنَ ْح ُن َم ْع َ َ‬
‫الت ْن ِز ِيه *** ِم ْن غَْي ِر َت ْع ِط ٍ‬
‫يل َوالَ تَ ْشبِ ٍيه»‬ ‫ول بِا ِإل ْثب ِ‬
‫ات َو َّ‬ ‫َ‬ ‫َن ُق ُ‬
‫فات اإللهي ة‪،‬‬‫وزاد عليه ا معلِّ ًق ا فق ال‪« :‬المعطِّل ون‪ :‬هم ال ذين ينف ون الص ِ‬
‫َُ‬
‫والمش بِّهون‪ :‬هم ال ذين يش بِّهونها بص فات المخل وقين‪ ،‬وكالهم ا في ض الل‪َّ ،‬أما‬
‫وينزهونها عن التشبيه بالمخلوقات‪.‬‬
‫السنِّيون‪ :‬فهم الذين يثبتونها له تعالى‪ِّ ،‬‬
‫ُّ‬
‫والتعطي ل‪ :‬تعطي ُل اللف ظ عن دالل ة معن اه الحقيقي أو الخ روج ب ه إلى معنًى آخ ر‪،‬‬
‫والتش بيه‪ :‬تش بيه اهلل بمخلوقات ه‪ .‬فنحن نثبت هلل م ا أثبت ه اهلل لنفس ه من أق ٍ‬
‫وال أو‬
‫شيء من ذلك بالمخلوقات‪ ،‬وال غرابةَ في إثبات‬ ‫صفات‪ ،‬وال نشبِّهه في ٍ‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أفعال أو‬
‫نفس ا ولكن ال يس تطيع‬ ‫ٍ‬
‫ش يء م ع ع دم تكييف ه في اإلنس ان يثبت أن بين جنبي ه ً‬
‫تكييفها كذلك نثبت صفات اهلل بال كيف»‪.‬‬
‫‪ -٢‬آية‪ 28( :‬و‪ )30‬من سورة آل عمران‪.‬‬
‫‪ -٣‬آية (‪ )116‬من سورة المائدة‪.‬‬
‫اس َّ‬
‫تدل المص نِّف ‪-‬رحم ه اهلل‪ -‬على القاع دة األولى من عقي دة اإلثب ات والتنزي ه‬
‫بالنص وص الش رعية على ال ذات واألس ماء والص فات الذاتي ة والفعلي ة‪ ،‬وس يأتي‬
‫المزيد من النصوص الشرعية في القواعد الالحقة‪.‬‬
‫والمالحظ َّ‬
‫أن المص نِّف ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬أثبت النفس هلل تعالى‪ ،‬ومراده بالنفس هي‬
‫ذات ه اإللهي ة المقدس ة‪ ،‬وال يقص د ب ذلك ذاتً ا منفك ةً عن الص فات وال ص فة ٍ‬
‫ذات‬
‫كما قاله بعض الناس‪ ،‬وإنما هي نفس الموصوف وحقيقته‪ ،‬قال ابن تيمية ‪-‬رحم ه‬
‫اهلل‪ -‬في «مجموع الفت اوى» (‪« :)14/196‬ونفسه‪ :‬هي ذاته المقدس ة»‪ ،‬وقال‬
‫في موض ع آخ ر من ه (‪« :)9/292‬ويُ راد بنفس الش يء ذاتُ ه وعينُ ه‪ ،‬كم ا يُق ال‪:‬‬
‫نفس ه وعينَ ه‪ ،‬وق د ق ال تع الى ‪َ﴿ :‬ت ْعلَ ُم َم ا فِي َن ْف ِس ي َوالَ أَ ْعلَ ُم َم ا فِي‬ ‫رأيت زي ًدا َ‬
‫الر ْح َم ةَ﴾ [األنعام‪:‬‬ ‫ب َربُّ ُك ْم َعلَى َن ْف ِس ِه َّ‬‫ك﴾ [المائدة‪ ،]116 :‬وقال ‪َ ﴿ :‬كتَ َ‬ ‫َن ْف ِس َ‬
‫س هُ﴾ [آل عم ران‪ ،]28 :‬وفي الح ديث‬ ‫﴿ويُ َح ِّذ ُر ُك ُم اهللُ َن ْف َ‬
‫‪ ،]54‬وق ال تع الى‪َ :‬‬
‫ْت ب ْع َد ِك أَرب ع َكلِم ٍ‬
‫ات لَ و و ِز َّن بِم ا ُقلْتِ ِ‬
‫يه‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫الصحيح أنه قال ألم المؤمنين‪« :‬لََق ْد ُقل ُ َ‬
‫ض ا َن ْف ِس ِه‪،‬‬ ‫اهلل ِزنَةَ َعر ِش ِه‪ ،‬س ْبحا َن ِ‬
‫اهلل ِر َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬
‫اهلل َع َد َد َخل ِْق ِه‪ ،‬س ْبحا َن ِ‬
‫ُ َ‬
‫لَو َز َن ْت ُه َّن‪ :‬س ْبحا َن ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫اد َكلِ َماتِ ِه»‪[ .‬أخرج ه الترم ذي في «ال دعوات» (‪ ،)5/556‬ب اب‬ ‫س بحا َن ِ ِ‬
‫اهلل م َد َ‬ ‫ُْ َ‬
‫في دعاء النبي صلى اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬والنسائي في «السهو» (‪ )3/77‬باب‬
‫ن وع آخ ر من ع دد التس بيح‪ ،‬وابن ماج ه في «األدب» (‪ ،)2/1251‬ب اب فض ل‬
‫التس بيح‪ ،‬من ح ديث ابن عب اس عن جويري ة رض ي اهلل عنه ا‪ ،‬والح ديث ص َّححه‬
‫األلب اني في «ص حيح الترم ذي» ب رقم (‪ ،)3555‬و«ص حيح ابن ماج ه» ب رقم (‬
‫‪ ،])3808‬وفي الح ديث اإللهي الصحيح عن الن بي ص لى اهلل علي ه وآل ه وس لم‪:‬‬
‫ين يَ ْذ ُك ُرنِي‪ ،‬إِ ْن ذَ َك َرنِي فِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول اهللُ َت َع الَى‪ :‬أَنَ ا ع ْن َد ظَ ِّن َع ْب دي بي َوأَنَ ا َم َع هُ ح َ‬
‫«ي ُق ُ‬‫َ‬
‫َن ْف ِس ِه ذَ َك ْرتُهُ فِي َن ْف ِس ي َوإِ ْن ذَ َك َرنِي فِي َم ٍإل ذَ َك ْرتُهُ فِي َم ٍإل َخ ْي ٍر ِم ْن ُه ْم»‪[ .‬أخرجه‬
‫﴿ويُ َح ِّذ ُر ُك ُم اهللُ‬
‫البخ اري في «التوحي د» (‪ ،)13/384‬ب اب ق ول اهلل تع الى‪َ :‬‬
‫سهُ﴾‪ ،‬وأخرجه مسلم في «الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار» (‪ )17/2‬باب‬ ‫َن ْف َ‬
‫الحث على ذكر اهلل تعالى‪ ،‬من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه]‪ .‬فهذه المواضع‬
‫الم راد بلف ظ النفس فيه ا عن د جمه ور العلم اء‪ :‬اهلل نفس ه ال تي هي ذات ه المتص فة‬
‫بص فاته ليس الم راد به ا ذاتً ا منفك ة عن الص فات وال الم راد به ا ص فة لل ذات‪،‬‬
‫يظن طائفة أنها الذات المج ّردة‬
‫وطائفة من الناس يجعلونها من باب الصفات كما ّ‬
‫عن الصفات وكال القولين خطأ»‪.‬‬
‫ُح ًدا‪ ،‬واستشهد في‬ ‫ي ب ِن عامر األنصاري‪ ،‬شهد أ ُ‬ ‫بن َع ِد ِّ‬
‫ب ُ‬‫‪ -٤‬هو الصحابي ُخَب ْي ُ‬
‫ص لَّى اهللُ علي ه وآل ه وس لم‪ ،‬وه و أول َمن َس َّن الركع تين عن د القت ل‪،‬‬‫عه د الن بي َ‬
‫وك ان فيمن بعث ه الن بي ص لى اهلل علي ه وآل ه وس لم م ع ب ني لحي ان‪ ،‬فلم ا ص اروا‬
‫ب الرجيع غ دروا بهم‪ ،‬واستص رخوا عليهم‪ ،‬وقتل وا فيهم‪ ،‬وأس روا خبيبً ا وب اعوه‬
‫بمك ة‪ ،‬فقتل وه بمن قت ل الن بي ص لى اهلل علي ه وآل ه وس لم من ق ومهم‪ ،‬وص لبوه‬
‫بالتنعيم‪.‬‬
‫انظ ر‪« :‬االس تيعاب» البن عب د ال بر‪« ،)1/440( :‬أس د الغاب ة» البن األث ير‪( :‬‬
‫‪« ، )2/104‬س ير أعالم النبالء» لل ذهبي‪« ،)1/246( :‬اإلص ابة» البن حج ر‪( :‬‬
‫‪.)1/418‬‬
‫‪ -٥‬ق ال الحاف ظ ابن حج ر ‪-‬رحم ه اهلل‪ -‬في «الفتح» (‪« :)13/381‬ق ال‬
‫عي اض‪ :‬ذات الش يء نفس ه وحقيقت ه‪ ،‬وق د اس تعمل أه ل الكالم ال ذات ب األلف‬
‫والالم‪ ،‬وغلطهم أك ثر النح اة‪ ،‬وج وزه بعض هم؛ ألنه ا ت رد بمع نى النفس وحقيق ة‬
‫الشيء‪ ،‬وجاء في الشعر لكنه شاذ‪ ،‬واستعمال البخاري لها دال على ما تقدم من‬
‫أن الم راد به ا نفس الش يء على طريق ة المتكلِّمين في ح ِّق اهلل تع الى‪ ،‬فف رق بين‬
‫َّ‬
‫النعوت والذات»‪.‬‬
‫يصح إذا كان بمعنى نفس الموصوف‬
‫قلت‪ :‬وإضافة لفظة «الذات» إلى اهلل تعالى ُّ‬
‫ُ‬
‫بص فات الكم ال ال تي ال نقص فيه ا وحقيقت ه‪ ،‬ال أن «ال ذات» ص فة ل ه وال ذاتً ا‬
‫مج َّردة عن الص فات‪ ،‬وال ص فات مج َّردة عن ال ذات‪ ،‬إذ ال يمكن وج ود ال ذات‬
‫إالَّ بم ا ب ه تص ير ذاتً ا من الص فات‪ ،‬وال يمكن وج ود الص فات إالَّ بم ا ب ه تص ير‬
‫صفات من الذات‪[ .‬انظر‪« :‬مجموع الفتاوى» البن تيمية‪( ،)338 ،5/330( :‬‬
‫‪.])206 ،6/142‬‬
‫‪« -٦‬أوصال ِشلو ممزع» قال ابن حجر –رحمه اهلل‪ -‬في «الفتح» (‪:)7/384‬‬
‫«األوصال جمع وصل‪ :‬وهو العضو‪ ،‬والشلو بكسر المعجمة‪ :‬الجسد‪ ،‬وقد يطلق‬
‫ثم المهملة‪ :‬المقطع‪،‬‬
‫على العضو‪ ،‬ولكن المراد به هنا الجسد‪ ،‬والممزع بالزاي َّ‬
‫ومعنى الكالم أعضاء جسد يقطع»‪.‬‬
‫‪ -٧‬أخرجه البخاري في «الجهاد» (‪ )6/165‬باب هل يستأسر الرجل؟ ومن لم‬
‫يستأس ر‪ ،‬ومن رك ع ركع تين عن د القت ل‪ ،‬وفي «المغ ازي» (‪ )7/308‬ب اب فض ل‬
‫بدرا (‪ )7/378‬باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان‪ ،‬وفي «التوحيد» (‬
‫من يشهد ً‬
‫‪ )13/381‬باب ما يذكر في الذات والنعوت وأسامي اهلل تعالى‪ ،‬من حديث أبي‬
‫هريرة رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫‪ -٨‬آية (‪ )110‬من سورة اإلسراء‪.‬‬
‫‪ -٩‬آية (‪ )180‬من سورة األعراف‪.‬‬
‫أن أسماء اهلل الحسنى أعالم وأوصاف دالَّة على صفات‬
‫استدل المصنف باآليتين َّ‬
‫كمال ه س بحانه‪َّ ،‬‬
‫وأن المنهج ه و عين المنهج في ال ذات والص فات وه و عقي دة‬
‫الس نة‬ ‫علم ا َّ‬
‫أن اإليم ان باالس م ‪-‬عن د أه ل ُّ‬ ‫الس لف في اإلثب ات والتنزي ه‪ً ،‬‬
‫والجماعة‪ -‬ال يتم إال بأركان ثالثة‪:‬‬
‫يتضمن‪ :‬إثبات االسم حقيقة َّأوالً‪ ،‬فأسماء اهلل‬
‫‪ -‬الركن األول‪ :‬اإليمان باالسم‪َّ ،‬‬
‫مجازا خالفً ا للمتكلِّمين‪ ،‬قال ابن تيمية ‪-‬رحمه‬
‫وصفاته تطلق على اهلل حقيقة ال ً‬
‫اهلل‪ -‬في «مجم وع الفت اوى» (‪« :)5/196‬وق د اتف ق أه ل اإلثب ات على َّ‬
‫أن اهلل‬
‫حي حقيق ة‪ ،‬عليم حقيق ة‪ ،‬ق دير حقيق ة‪ ،‬س ميع حقيق ة‪ ،‬بعي د حقيق ة»‪ ،‬وتنزي ه اهلل‬
‫تعالى عن مماثلة المخلوقين ثانيً ا‪ ،‬وذلك باالعتصام بالقاعدة العامة في الصفات‬
‫ِ ِِ‬
‫س َكمثْل ه َش ْيءٌ‬ ‫التي ذكرها المصنف ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬إثباتً ا ونفيً ا‪ ،‬لقوله تعالى‪﴿ :‬لَْي َ‬
‫﴿ه ْل َت ْعلَ ُم لَ هُ َس ِميًّا﴾‬
‫ص ُير﴾ [الش ورى‪ ،]11 :‬وقول ه تع الى‪َ :‬‬ ‫الس ِميع الب ِ‬
‫َو ُه َو َّ ُ َ‬
‫[مريم‪ ،]65 :‬فاألسماء تتفق وتتماثل وال يعني تماثلها تماثل المسميات‪ ،‬وإنما‬
‫تختل ف ب اختالف اإلض افة والتخص يص‪ ،‬فم ا أض يف إلى اهلل فال ي دخل في معن اه‬
‫خاص باهلل تعالى‪ ،‬وما أُضيف إلى المخلوق فال ي دخل في معن اه‬
‫المخلوق‪ ،‬بل هو ٌّ‬
‫خاص بالمخلوق‪ ،‬فالقدر الذي تتفق فيه األسماء هو عند اإلطالق‬
‫الخالق‪ ،‬بل هو ٌّ‬
‫فقط وال يعني اتفاق المسميات عند اإلضافة والتخصيص‪ ،‬واإليمان َّ‬
‫بأن أسماء‬
‫اهلل حس نى ثالثً ا‪ ،‬وأنه ا متض َّمنة لص فات بالغ ة في الحس ن وغاي ة في الكم ال‪ ،‬ال‬
‫تقديرا‪ ،‬ويكون الحسن في أسماء اهلل‬
‫نقص فيها بوجه من الوجوه ال احتماالً وال ً‬
‫تع الى َّإما باعتب ار ك ِّل اس ٍم على انف راده‪ ،‬أو باعتب ار ض مه إلى غ يره‪ ،‬فيجم ع في‬
‫االس م إذا ض م إلى غ يره حس نًا على حس ن وكم االً ف وق كم ال‪ ،‬لقول ه تع الى‪:‬‬
‫الح ْسنَى﴾ [األعراف‪.]180 :‬‬ ‫﴿و ِ‬
‫َس َماءُ ُ‬
‫هلل األ ْ‬ ‫َ‬
‫دل عليه االسم من معنى‪ ،‬ويتضمن‪:‬‬‫‪ -‬الركن الثاني‪ :‬اإليمان بما َّ‬
‫اسم من أسمائه الحسنى له من جهة اللفظ معنى معلوم‬ ‫بأن لكل ٍ‬‫‪ -‬أوال‪ :‬اإليمان َّ‬
‫يخص ه غ ير االس م اآلخ ر‪ ،‬وه و غ ير معل وم من جه ة الحقيق ة والكيفي ة بإجم اع‬
‫الس لف‪[ .‬انظ ر‪« :‬ذم التأوي ل» البن قدام ة‪ ،])27( :‬أي‪ :‬قط ع الطم ع عن إدراك‬
‫﴿وال يُ ِحيطُو َن بِ ِه ِعل ًْم ا﴾ [طه‪ ،]110 :‬والمعلوم‬
‫الحقيقة والكيفية‪ ،‬لقوله تعالى‪َ :‬‬
‫أن الس لف يفوض ون علم الحق ائق والكيفي ات في الص فات إلى اهلل تع الى‪ ،‬م ع‬ ‫َّ‬
‫إثبات اللفظ والمعنى هلل تعالى‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيً ا‪ :‬اإليم ان ب َّ‬
‫أن أس ماء اهلل تع الى أعالم باعتب ار داللته ا على ال ذات‪ ،‬وليس‬
‫مع نى االس م ه و ال ذات فق ط‪ ،‬وهي أوص اف باعتب ار م ا دلَّت علي ه من المع اني‪،‬‬
‫جميع ا في داللته ا على مس ًّمى واح د‬
‫فاألس ماء مترادف ة من حيث ال ذات فتتف ق ً‬
‫كل ٍ‬
‫واحد منه ا على‬ ‫وهو ذات اهلل المقدسة‪ ،‬وهي متباينة من جهة الصفات لداللة ِّ‬
‫الخاص‪ ،‬فمعنى الخالق غير معنى الرزاق‪ ،‬والرحيم غير العزيز‪ ،‬والعزيز غير‬
‫ّ‬ ‫معناه‬
‫جميع ا على ص فات الكم ال المطل ق‬
‫الحكيم‪ ،‬والحكيم غ ير الغف ور‪ ،‬وهي دال ة ً‬
‫ال ذي ال يعتري ه نقص وال عيب ب أي وج ه من الوج وه‪ ،‬ل ذلك ك انت أس ماء اهلل‬
‫موصوف بصفات‬
‫ٌ‬ ‫حسنى‪ ،‬أي‪ :‬بالغة في الحسن إلى غاية‪ ،‬ال حسنة‪ ،‬واهلل سبحانه‬
‫تجردت األسماء الحسنى عن المع اني واألوصاف لكانت‬ ‫الكم ال المطلق‪ ،‬فلو َّ‬
‫أعالم ا محضة جامدة ال ُّ‬
‫تدل على معنى‪ ،‬والَْنَت َفى الفرق بين اسم وآخر‪ ،‬وال ما‬ ‫ً‬
‫ِعيب على أهل الشرك إقرارهم ببعض األسماء كالخالق والرزاق وإنكارهم اسم‬
‫أن نفي أسماء اهلل الحسنى وتجريدها عن معانيها من أعظم اإللحاد‬ ‫علما َّ‬
‫الرحمن‪ً ،‬‬
‫ْح ُدو َن فِي‬
‫هلل األَس ماء الْحس نَى فَ ا ْدعُوهُ بِه ا وذَرواْ الَّ ِذين يل ِ‬
‫َُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َْ ُْ‬
‫فيه ا‪ ،‬ق ال تع الى‪﴿ :‬و ِ‬
‫َ‬
‫َس َمآئِِه َسيُ ْج َز ْو َن َما َكانُواْ َي ْع َملُو َن﴾ [األعراف‪.]180 :‬‬
‫أْ‬
‫‪ -‬الركن الثالث‪ :‬اإليمان باآلثار المترتبة على االسم ذي وصف متعدٍّ‪َّ ,‬أما االسم‬
‫ف الزم غ ير متع ٍّد فال عالق ة ل ه إالَّ ب الركنين الس ابقين مث ل اس م‬ ‫دال على وص ٍ‬ ‫ال ُّ‬
‫يتعدى إلى الغير‪ ،‬لذلك ليس‬ ‫«الحي» فيتضمن صفة الحياة وهو وصف الزم ال َّ‬
‫له أثر‪.‬‬
‫إن ظه ور األحك ام وآث ار االس م ال دال‬‫والم راد باآلث ار ه و الحكم والمقتض ى‪ ،‬ف َّ‬
‫على وص ف ُم َتع ٍّد ال بُ َّد من ه‪ ،‬إذ ه و من مقتض ى الكم ال المق دس والمل ك الت ام‪،‬‬
‫فاس م «ال رحمن» و«ال رحيم» مش َّتقان من ص فة الرحم ة‪ ،‬وتتعلَّق بهم ا اآلث ار‪،‬‬
‫و«الرحمن» أشد مبالغة من «الرحيم»‪ ،‬فـ‪« ‬الرحمن»‪ :‬ذو الرحمة الواسعة التي‬
‫وعمت المؤمن والكافر‬
‫شملت الخلق في أرزاقهم وأسباب معايشهم ومصالحهم َّ‬
‫﴿و َك ا َن‬
‫اص ب المؤمنين لقول ه تع الى‪َ :‬‬
‫وأما «ال رحيم» فخ ٌّ‬
‫والص الح والط الح‪َّ ،‬‬
‫يم ا﴾ [األح زاب‪ ،]43 :‬فأه ل التق وى من عب اده المتبعين ألنبيائ ه‬ ‫بِ الْم ْؤ ِمنِ ِ‬
‫ين َرح ً‬
‫ُ َ‬
‫ورس له لهم الرحم ة المطلق ة ومن ع داهم فلهم نص يب منه ا‪ ،‬ق ال تع الى‪:‬‬
‫َّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫﴿و َر ْح َمتِي َو ِس َع ْ‬
‫ين ُهم‬
‫الز َك اةَ َوالذ َ‬ ‫س أَ ْكتُُب َها للَّذ َ‬
‫ين َيَّت ُق و َن َو ُي ْؤتُ و َن َّ‬
‫ت ُك َّل َش ْيء فَ َ‬ ‫َ‬
‫أن ظه ور‬‫بِآيَاتِنَ ا ُي ْؤ ِمنُ و َن﴾ [األع راف‪ ،]156 :‬وق د بيَّن ابن القيم –رحم ه اهلل‪َّ -‬‬
‫«إن ظهور آثار‬ ‫آثار الرحمة من أعظم األدلة على كمال الموصوف حيث قال‪َّ :‬‬
‫هذه الصفة في الوجود كظهور أثر صفة الربوبية والملك والقدرة‪َّ ،‬‬
‫فإن ما هلل على‬
‫يء كم ا َّ‬
‫أن‬ ‫تام ٍة وس عت ك َّل ش ٍ‬ ‫خلق ه من اإلحس ان واإلنع ام ش اهد برحم ٍة َّ‬
‫الموج ودات كلَّه ا ش اهدة ل ه بالربوبي ة التام ة الكامل ة‪ ،‬وم ا في الع الم من آث ار‬
‫الت دبير والتص ريف اإللهي ش اهد بملك ه س بحانه‪ ،‬فجع ُل ص فة الرحم ة واس م‬
‫مجازا‪ ،‬وال فرق بينهما في شرع وال‬
‫مجازا كجعل صفة الملك والربوبية ً‬
‫الرحمة ً‬
‫عقل وال لغة‪.‬‬
‫وإذا أردت أن تعرف بطالن هذا القول‪ ،‬فانظر إلى ما في الوجود من آثار رحمته‬
‫الخاص ة والعام ة‪ ،‬فبرحمت ه أرس ل إلين ا رس وله ص لى اهلل علي ه وآل ه وس لم وأن زل‬
‫وبصرنا من العمى‪ ،‬وأرش دنا‬
‫علينا كتابه‪ ،‬وعلمنا من الجهالة‪ ،‬وهدانا من الضاللة‪َّ ،‬‬
‫من الغي‪ ،‬وبرحمت ه عرفن ا من أس مائه وص فاته وأفعال ه م ا عرفن ا ب ه أن ه ربن ا‬
‫وموالن ا‪ ...‬وبرحمت ه وض ع رحمت ه بين عب اده لي تراحموا به ا‪ ،‬وك ذالك بين س ائر‬
‫الحيوان‪.‬‬
‫فهذا التراحم الذي بينهم بعض آثار الرحمة التي هي صفته ونعمته‪ ،‬واشتق لنفسه‬
‫اسم «الرحمن الرحيم»‪«[ .‬مختصر الصواعق المرسلة» للموصلي‪.])2/316( :‬‬
‫‪ -١٠‬آية‪ )5 ،4، 3، 2( :‬من سورة األعلى‪.‬‬
‫‪ -١١‬آية‪ )107( :‬من سورة هود‪ ،‬آية‪ )16( :‬من سورة البروج‪.‬‬
‫‪ -١٢‬آية‪ )74 ،73( :‬من سورة النحل‪.‬‬
‫‪ -١٣‬آية‪ )169( :‬من سورة البقرة‪.‬‬
‫‪ -١٤‬آية‪ )11( :‬من سورة الشورى‪.‬‬
‫والمص نِّف ‪-‬رحم ه اهلل‪ -‬اس َّ‬
‫تدل به ذه اآلي ات على ص فات اهلل س بحانه بع دما‬
‫َّ‬
‫استدل بالمنصوص على الذات واألسماء‪ ،‬وأنها من حيث تعلُّ ُقها بذات اهلل تعالى‬
‫ص فات ذاتي ة وهي ال تي لم ي زل وال ي زال متص ًفا به ا‪ ،‬كالحي اة والعلم والق درة‬
‫وتسمى بالصفات االختيارية وهي صفات متعلقة‬
‫والسمع والبصر‪ ،‬وصفات فعلية َّ‬
‫﴿و َي ْف َع ُل‬
‫بمشيئة اهلل وقدرته‪ ،‬إن شاء فعلها وإن لم يشأ لم يفعلها‪ ،‬لقوله تعالى‪َ :‬‬
‫ال لِّ َم ا يُ ِري ُد﴾ [ه ود‪،107 :‬‬
‫ش اءُ﴾ [إب راهيم‪ ،]27 :‬وقول ه تع الى‪َ ﴿ :‬ف َّع ٌ‬
‫اهللُ َم ا يَ َ‬
‫ال بروج‪ ،]16 :‬وأفعال ه س بحانه ال منتهى له ا وال حص ر‪ ،‬ك الخلق واإلعط اء‬
‫واإلنبات واإلخراج‪ ،‬واإلنعام‪ ،‬واألمر والنهي وغيرها‪.‬‬
‫تسمى صفات ذات‪ ،‬ومن حيث تعلقها‬
‫فالصفات الفعلية من حيث قيامها بالذات َّ‬
‫بم ا ينش أ عنه ا من األق وال واألفع ال تس َّمى ص فات أفع ال‪ ،‬فمثالً‪ :‬ص فة الكالم‪،‬‬
‫فإنها صفة ذات وصفة فعل‪ ،‬فمن حيث قيامها بالذات لكونها متكلمة أزالً وأب ًدا‬
‫فهي ص فة ذات‪ ،‬ومن حيث تعلقه ا بالمش يئة واإلرادة فهي ص فة فع ل‪ ،‬ومرج ع‬
‫معاني الصفات الذاتية والفعلية إلى اسمي «الحي» و«القيوم»‪ ،‬فترجع لـ‪« ‬الحي»‬
‫صفات الذات ولـ «القيوم» صفات الفعل‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وجدير بالتنبيه َّ‬
‫أن ما يطلق على اهلل تعالى على سبيل اإلخبار عنه تعالى جائز‬
‫إذا ك ان اللف ظ داالًّ على مع نى حس ن أو على أق ل تق دير ال ي دل على ٍّ‬
‫ذم أص الً‪،‬‬
‫أن اهلل تع الى ذو حقيق ة موج ودة في‬‫كاأللف اظ العام ة ال تي يقص د باإلخب ار به ا َّ‬
‫الخ ارج‪ ،‬ك أن يق ول مخ ًبرا‪ :‬اهلل تع الى ذات‪ ،‬وش يء‪ ،‬وموج ود‪ ،‬أو كاأللف اظ‬
‫والس نة التس مية أو‬
‫الخاص ة باهلل تع الى ال تطل ق على غ يره‪ ،‬ولم ي رد في الكت اب ُّ‬
‫الوصف بها إالَّ أنها ُّ‬
‫تدل على معنى معين ال عموم فيه وال إطالق ال يليق إالَّ باهلل‬
‫تع الى‪ ،‬والمخل وق ال يتص ف به ا لقص وره عن االتص اف بمعانيه ا‪ ،‬مث ل‪ :‬الق ديم‪،‬‬
‫الق ائم بنفس ه‪ ،‬واجب الوج ود‪ ،‬أزلي س رمدي‪ ،‬ونح و ذل ك‪ ،‬فه ذه وغيره ا يج وز‬
‫إطالقه ا على اهلل تع الى من ب اب اإلخب ار عن ه دون الوص ف والتس مية‪ ،‬وم ا يطل ق‬
‫عليه من باب اإلخبار ال يجب أن يكون توقيفيًّا‪ ،‬قال ابن القيم ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬في‬
‫مما‬
‫«بدائع الفوائد» (‪« :)1/161‬إن ما يدخل في باب اإلخبار عنه تعالى أوسع َّ‬
‫ي دخل في باب أس مائه وص فاته كالش يء والموج ود والقائم بنفس ه فإنه يخ بر به‬
‫عنه وال يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا»‪.‬‬
‫‪ ‬‬

You might also like