Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 65

‫نحو وعي حركي إسلمي ‪ -‬مشكلت الدعوة و الداعية‬

‫فتحى يكن‬
‫مؤسسة الرسالة‬

‫الهداء‬
‫إلى العاملين في الحقل السلمي أيّا كانوا ‪ ،‬وأينما وجدوا ‪....‬‬
‫إلى الذين يعيشون السلم وللسلم‬
‫أقدم هذا الكتاب‬
‫أبو بلل‬

‫مقدمة الطبعة الولى‬


‫في ميدان العمل السلمي ‪ -‬اليوم ‪ -‬مشكلت عديدة تتعرض لها الدعوة كما يتعرض الدعاة ‪ ...‬مشكلت في محيط السرة والمجتمع ‪ ،‬مع‬
‫النفس ومع الجنس ‪ ،‬في نطاق التنظيم و التخطيط ‪ ،‬في دائرة التصور و التفكير ‪...‬‬
‫هذه وغيرها من المشكلت أوجدتها بل فرضتها الظروف والوضاع و المناخات غير السلمية التى تعيشها الدعوة و الداعية في مجتمعات‬
‫منحرفة ل تمت إلى السلم إل بصلة النتساب العفوي الموروث !!‬
‫و الداعية ‪ ...‬مضطر للعيش في مثل هذه البيئة ‪ ...‬فهي ميدان عمله الوحيد ‪ ...‬عليه أن يتفاعل معها ‪ ...‬يؤثر فيها ول يتأثر بلوثاتها ‪...‬‬
‫ومهمة خطيرة ودقيقة كهذه ينبغي أن يأخذ لها الدعاة كل أسباب الوقاية والحماية و المناعة ‪...‬‬
‫وإن من واجب ( الدعوة ) كذلك أن تكون دقيقة غاية الدقة ‪ ،‬واعية تمام الوعي ‪ ،‬مهتمة كل الهتمام في تكوين دعاتها والمنت سبين إليها‬
‫و فق منا هج سليمة محك مة ت سلك لبناء ( الشخ صية ال سلمية ) سبيل الواقع ية ‪ ...‬فل تفر يط ول إفراط ‪ ...‬ول تر خص ول تز مت ‪ ...‬ول‬
‫غلو ول تساهل تحقيقا للتوازن الفطرى الصحيح بين عناصر ( الشخصية ) العقلية منها و النفسية و الجسدية ‪.‬‬
‫إن التناقض المخيف بين ما يؤمن به ( الداعية ) من أفكار وقيم وأخلق ومبادئ ومثل ‪ ،‬وبين ما هو كائن فى المجتمع من مظاهر الجاهلية‬
‫الحدي ثة ‪ .‬سبب رئي سي م ساعد في نشوء كث ير من المشكلت والزمات في حيا ته ‪ ...‬وإن من وا جب ( الدعوة) في كل الحوال أن تتا بع‬
‫بيق ظة وو عي بوا عث هذه المشكلت وعوارض ها بالتشخ يص أولً ‪ ،‬ثم بالحلول الجذر ية ال سليمة تفاديا ل ما قد تخل فه من ع قد وانحرافات ‪،‬‬
‫وشذوذ في حياة الشباب المسلم ‪....‬‬
‫إن على ( الدعوة ) أن ت ستفيد ما و سعها ال ستفادة من تجارب الت طبيق العملي في حيات ها ضمانا لتطو ير و سلمة مناهج ها ‪ ...‬وهذا ما‬
‫يفرض دراسة كافة المشكلت التي يتعرض لها الدعاة في شتى الظروف والحوال ‪...‬‬
‫وهذا الج هد المقمل الذي أضعمه ‪ -‬اليوم ‪ -‬بيمن يدى ( الدعوة و الداعيمة ) إنمما هو محاولة متواضعمة ل ستكتاب أهمل الرأى و الخمبرة ممن‬
‫العامل ين فى الح قل ال سلمي ‪ ،‬تمهيدا لو ضع درا سة تف صيلية شاملة تتناول كا فة المشكلت ال تي توا جه الدعوة و الداع ية في هذا الع صر‬
‫مشفوعة بالحلول التي ينبغي اعتمادها وتبنيها ‪...‬وإني لرجو أن أكون قد أديت بعض الواجب ومعذرة إلى ال ‪ ،‬وال ولى المر و التوفيق‬
‫‪.‬‬
‫الطبعة الولى ‪ 1377 :‬هم ‪ 1967 -‬م‬
‫المؤلف‬

‫مقدمة الطبعة الثانية‬


‫منذ ربع قرن و الحركة السلمية الحديثة تعيش محنا ضارية تقد فيها الشهيد تلو الشهيد ‪ ،‬وتبذل الثمن غاليا من وجودها وحياتها ‪ ،‬دون‬
‫أن يكون لها من ذلك أدنى مردود ؟!‬
‫بل النكى من ذلك أنها هى التي تزرع وسواها يحصد ‪ ...‬وأنها هي التي تبني وسواها الذي يستولي على البناء ؟!‬
‫و الحر كة ال سلمية بالر غم من كل هذا ل يزال أ سلوبها في الع مل ن فس ال سلوب الذي مار سته فى ظل أوضاع غدت في خبر كان ‪ ...‬بل‬
‫وغدت ممارستها له اليوم ‪ ،‬وفي أعقاب التحول الجذري الذي شهدته المنطقة ضربا من النتحار ‪ ،‬وجريمة ل يجوز السكوت عنها ؟!‬
‫هذه الظوا هر هي الحا فز ال ساسي ال تي دفعت ني لو ضع هذا الكتاب بق سميه الول و الثا ني ‪ ،‬م ساهمة في تطويمر التصمور لطبي عة العممل‬
‫السلمي وإسهاما في الوصول بالحركة السلمية إلي مستوى المواجهة مع جاهلية اليوم وتحدياتها المتمادية ‪....‬‬
‫{ وإن ال لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم }‬
‫المؤلف‬ ‫الطبعة الثانية ‪ 1390‬هم ‪1970 -‬م‬

‫موضوعات الكتاب‬
‫‪ -‬الحركة السلمية في مدار الربعين عاما‬
‫‪ -‬المحنة في حياة الدعوة والداعية‬
‫‪ -‬المنعطفات الكبرى في حياة الدعاة‬
‫‪ -‬الداعية بين الفهم والتطبيق‬
‫‪ -‬القيادة بين التوجيه والتنظيم‬
‫‪ -‬العلقات التنظيمية بين الدعوة والداعية‬
‫‪ -‬حاجتنا إلى الطبيعة الحركية‬
‫‪ -‬شخصية الداعية وكيف تبنى‬
‫‪ -‬الداعية وأسلوب الدعوة‬
‫‪ -‬دعاة السلم وتفاوت القابليات‬
‫‪ -‬بين العقائدية والحزبية‬
‫‪ -‬الحركة السلمية بين التكامل والتآكل‬
‫‪ -‬مظاهر وأسباب تشوه الشخصية السلمية الحديثة‬
‫‪ -‬من أمراضنا التنظيمية‬
‫‪ -‬من أمراضنا النفسية‬
‫‪ -‬نحو حركة إسلمية عالمية واحدة‬
‫====================‬

‫الحركة السلمية في مدار الربعين عاما‬


‫‪ -‬في المناهج والساليب‬
‫‪ -‬في التنظيم والتخطيط‬
‫‪ -‬في التصور والتفكير‬
‫‪ -‬في التقييم والتقدير‬
‫إن تعرض ( الحركة السلمية ) في السنوات الخيرة لسلسة متلحقة من المحن والظروف العصبية القاسية يقتضي استنفار العاملين في‬
‫الحقل السلمي في شتى ديار السلم لعادة النظر في ( الخط التجريبي ) الذي مرت به الدعوة السلمية في مدار الربعين سنة الماضية‬
‫ك ما يفرض على المت صدرين للكفاح ال سلمي أن يراجعوا بكمل أما نة وإخلص مخزون النتاج ال سلمي ( الفكري والحر كي ) خلل الفترة‬
‫المنصرمة بكل ما فيه من حسنات وسيئات‬

‫‪ - 1‬في المناهج والساليب ‪:‬‬


‫إن ال ساليب ال تي اعتمد ها التجاه ال سلمي طوال ال سنوات الماض ية كا نت تفت قر دائ ما إلى الك شف والتطو ير لتكون في م ستوى القض ية‬
‫السلمية وفي مستوى الحداث والظروف التي تحيط بها ثم إن ملحظة الفوارق الطبيعية المتعددة بين قطر وقطر وبيئة وأخرى مهم جدا‬
‫في عملية التطوير هذه فما يقاس على الدعوة في بيئة ل يمكن أن يقاس عليها في كل بيئة وما يعتمد من مناهج وأساليب في مكان وزمان‬
‫معينين ل يمكن أن يعتمد جملة وتفصيلً في كل زمان ومكان ‪.‬‬

‫‪ - 2‬في التخطيط والتنظيم ‪:‬‬


‫وإذا كان التجاه السلمي بحاجة إلى تطوير أساليبه ومناهجه فإنه أحوج ما يكون كذلك إلى ملحظة قيمة التخطيط وأثره في بلوغ القضية‬
‫السلمية والحركة السلمية أهدافها وغاياتها وإذا عنينا بالتخطيط والتنظيم لنظرية الحركة السلمية وأسلوبها في تغير واقع إنساني قائم‬
‫بآ خر منشود بكل ما يقتض يه ذلك من فهم شا مل ودق يق للواقع القائم وتقد ير واع للقوى والتجاهات ال تي تع يش ف يه ثم من ت صور عم يق‬
‫للواقمع السملمي المنشود ومدى مما يحتاجمه ممن كفايات وإمكانات فإنمما نريمد بذلك أن نشيمر إلى أن الخفاق الذي كان يمنمى بمه التجاه‬
‫السلمي و النكسات التي كانت تصاب بها الحركة السلمية ناجم بصورة خاصة عن التخبط في طرائق العمل وإهمال جانب التخطيط ‪...‬‬
‫وإذا أرد نا أن نكون صرحاء في معال جة قضايا نا والوقوف طويلً ع ند أخطائ نا حر صا على ال ستفادة من التجارب في الحا ضر والم ستقبل‬
‫فيمكننا القول بأن ( السطحية ) في تحديد الهداف ووضع التصاميم وتقدير البعاد هي إحدى العلل التي ينبغي معالجتها فإذا أمكن افتراضا‬
‫ل ) فمي مجتمعات متحضرة متمدنمة وإذا كانمت الحركات‬
‫اعتبار السمطحية ( توكلً ) فمي بيئات بدائيمة فطريمة فل يمكمن اعتبارهما إل ( تواك ً‬
‫الحزب ية حري صة على تضم ين مخططات ها با ستمرار ع صارة درا ستها وتجارب ها فإن حرص الحر كة ال سلمية ينب غي أن يكون أ شد و هي‬
‫دعوة الحق والهدى والنور ‪.‬‬
‫وأود في سياق الكلم عن أهمية التخطيط أن أشير ولو بإيجاز إلى ( السطحية ) التي تعانى منها الحركة في نطاق التصور والتخطيط ‪...‬‬
‫أمامنا الن سؤالن تشكل الجابة عليها جزءا هاما من تصورنا وتقديرنا لطبيعة العمل السلمي وأهدافه وأبعاده ‪،‬‬
‫السؤال الول ‪:‬‬
‫هل الدعوة إلى ال سلم عمل ية ترق يع جزئي أم هي حر كة هدم وبناء هدم الجاهل ية ب كل صورها وأشكال ها وبناء المجت مع ال سلمي بجم يع‬
‫مقوماته وخصائصه ؟ فإذا كانت الثانية فهل تقوى مناهجنا على القيام بمثل هذه المسئولية الضخمة الجبارة ؟‬
‫السؤال الثاني ‪:‬‬
‫إذا كانت دعوتنا تهدف إلى استئناف حياة إسلمية صحيحة في كل آفاقها وأبعادها فكيف نفسر مطالبتنا غيرنا من الحكام والحكومات أحيانا‬
‫بتحقيق رغباتنا في الحكم ونحن غير مؤمنين أصلً بجدوى المطالبة ل من قريب ول من بعيد؟ ‪...‬‬
‫إن حرص الحركة كل حركة أن تتولى بنفسها تنفيذ برامجها وتحقيق أهدافها منطق سليم ينبغي أن تصدر عنه الحركة السلمية وتتبناه‬
‫ول يس من الخلص والتجرد في شئ زهد ها في تح مل تبعات الح كم والتنف يذ وأن العالم والتار يخ ل يعرفان حر كة من الحركات العقائد ية‬
‫قدمت عصارة نضالها وكفاحها لغير المؤمنين بأهدافها الملتقين معها على دروب النضال والكفاح ‪.‬‬
‫إن الثورة الفرن سية ‪ -‬مثلً ‪ -‬كا نت أمن ية من الما ني ال تي ع مل ل ها ( رو سو ‪ -‬وفولت ير ‪ -‬ومنت سكيو ) والنقلب الشيو عي كان ثمرة‬
‫المخطط الذي وضعه ( ماركس ولينين )‪ ،‬والنازية اللمانية لم تظهر إل في أرض غزاها (هيجل ‪ -‬وفتخته وغوته ‪ -‬ونيتشه)‪.‬‬

‫‪ - 3‬في التصور والفكار ‪:‬‬


‫وحاجمة التجاه السملمي إلى وحدة المحتوى الفكري ل يقمل ضرورة عمن حاجاتمه الخرى الضروريمة وأعنمى بوحدة المحتوى الفكري‬
‫( القواعد الفقهية ) التي تحكم مواقف الحركة وتحدد آراءها وتصوراتها في كل شأن من الشؤون ( العقائدية ‪ -‬الجتماعية ‪ -‬القتصادية ‪-‬‬
‫السياسية ) ‪.‬‬
‫وأود أن ألفت النتباه ‪ -‬هنا إلى ضرورة التمييز بين ( تخمة ) المكتبة السلمية بالكتابات والتآليف السلمية ( وفقر ) الحركة السلمية‬
‫للصول المتبناه كأساس تشريعي للنظم السلمية ‪...‬‬
‫ثم إن ني ل أر يد أن يف هم من قولي ‪ -‬هذا ‪ -‬الدعوة إلي ال حد من أ فق التفك ير ‪ ...‬فعلى ال صعيد الفردي ليب قى باب الجتهاد مفتو حا على‬
‫م صراعيه للباحث ين من أ هل الخت صاص أ ما على ال صعيد الحر كي فإن تب نى الدعوة ال سلمية لوحدة مفاه يم شرع ية أ مر ضروري ينب غي‬
‫تحقيقه ‪...‬‬
‫إن كثيرا من القضايا والمور م ما تتعرض له الحركة السلمية خلل سيرها فيه آراء وأقوال متعددة والتب ني خير سبيل للخروج بالدعوة‬
‫من قلق الخلف وغموضه إلي وضوح الفكر ووحدته ‪.‬‬

‫‪ - 4‬في التقييم والتقدير ‪:‬‬


‫ومن أسوأ ما أصيب به التجاه السلمي استخفاف أصحابه وعدم تقديرهم لثقال المعارك التي يخوضونها فكريا وسياسيا ولعلى ل أجد لهذه‬
‫الظاهرة إل أحد سببين ‪:‬‬
‫أولً ‪ :‬أما تقدير التجاه السلمي ( الزائد ) لقوته وإمكاناته مما يجعله مستهينا بأعدائه وخصومه وهذا ما انهزمت بسببه كتائب المسلمين‬
‫في حنين { ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنك من ال شيئا وضاقت عليكم الرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين }‬
‫ثان يا ‪ :‬أو أ نه شط حة من شطحات التوا كل الذي ل يق يم للعداد المادي وزنا وهذا ما أنكر ته ال ية الكري مة ب صريح دعوت ها إلى ال خذ به‬
‫والستزادة منه { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو ال وعدوكم } ‪.‬‬
‫و من الخ طأ القول بأن الحر كة ال سلمي قليلة المكانات إذا قي ست ب سواها من الحركات فالحر كة ال سلمية فضلً عن كون ها التجاه القرب‬
‫إلي فطرة الجماهير وفضلً عن كون مجالت عملها أوسع بكثير من مجالت غيرها فإن إمكاناتها الذاتية ل بأس بها قطعا ولكن افتقادها إلى‬
‫التخطيط والتنسيق يضيق مجال النتفاع بهذه الطاقات وقد يعمل مع اليام على ضياعها ‪ ..‬ولقد أضحى من المحال بقاء الحركة السلمية‬
‫على ما هي عليه فالسلم اليوم يتعرض في كل مكان لوحدة مصير ‪ ...‬وكل تأخير أو تقصير في بقاء الحركة على هذا الشكل سيكون حتما‬
‫على حساب السلم نفسه‪.‬‬

‫المحنة في حياة الدعوة والداعية ‪:‬‬


‫‪ -‬مدرسة المحنة‬
‫‪ -‬صور من محن الولين‬
‫‪ -‬المحنة بين المس واليوم‬
‫‪ -‬كيف نواجه المحن‬
‫تكاد تكون المحنة من الظواهر الملزمة للحركة السلمية قديما وحديثا فالسلم دعوة تمرد على مظاهر الحياة الجاهلية في كل صورها‬
‫وأشكالها ‪ ...‬تمرد على العادات الجاهلية ‪ ..‬تمرد على الفكار الجاهلية ‪ ..‬وتمرد على النظم والتشاريع الجاهلية وهذه الخاصية التي يمتاز‬
‫بها السلم جعلت الحركة السلمية أكثر تعرضا للمحن وبالتالي جعلت المحنة لديها ذات مفهوم خاص ل يشاركها فيه سواها من الحركات‬
‫الحزبية والسياسية ‪..‬‬

‫‪ -‬المحنة تربية وتمحيص ‪:‬‬


‫فالمحنة من أهم عوامل التكوين والختيار في السلم ‪ ...‬وقد ل يكون للتكوين النظري قيمة ما لم تشترك فيه عوامل الشدة والبلء وتفضيل‬
‫النفس البشرية السلمة وعزوفها عن الخطر يستلزم في كثير من الحيان تعريضها للصعاب والمكاره حتى تكتسب مناعة وقوة تمكنها من‬
‫ال صمود في و جه العوادي والنائبات واليمان ‪ ..‬اليمان نف سه بحا جة إلى المح نة ل سبر غوره وإدراك مداه ‪ ...‬فاليمان القوى الرا سخ هو‬
‫الذي يصمد في ساعة العسر أما اليمان السقيم العليل فسرعان ما تكشفه وتصدعه وصدق ال تعالى حيث يقول { ومن الناس من يقول‬
‫آم نا بال فإذا أوذي في ال ج عل فت نة الناس كعذاب ال ولئن جاء ن صر من ر بك ليقولن إنّ ا ك نا مع كم أو ل يس ال بأعلم ب ما في صدور‬
‫العالمين وليعلمن ال الذين آمنوا وليعلمن المنافقين } لذلك كان ل بد لكل دعوى من دليل فاليمان دعوى بحاجة إلى دليل والثبات في وقت‬
‫الشدة مظ هر من مظا هر هذا اليمان ودل يل وجوده ور سوخه { أح سب الناس أن يتركوا أن يقولوا آم نا و هم ل يفتنون ول قد فت نا الذ ين من‬
‫قبلهم فليعلمن ال الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين }‪.‬‬

‫‪ -‬صور من محن الولين ‪:‬‬


‫هكذا ق ضت سنة ال أن يكون ال حق في صراع أبدى مع البا طل وكل ما بزغ نور لل حق تنادت عنا كب الل يل لطم سه { وأ نه ل ما قام ع بد ال‬
‫يدعوه كادوا يكونون عليمه لبدا * قمل إنمما أدعمو ربمى ول أشرك بمه أحدا } { يريدون ليطفئوا نور ال بأفواههمم وال متمم نوره ولو كره‬
‫الكافرون } ومنذ الخليقة الولي والنبوة الولي منذ ولد الخير ووجد الشر والصراع عنيف ومخيف بينهما والحقيقة التي تتكرر باستمرار‬
‫وتبدو بوضوح هي أن الحق دائما في انتصار وأن الباطل دائما في انتحار { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن‬
‫جندنا لهم الغالبون }‪.‬‬

‫‪ -‬المحنة في حياة إبراهيم ‪:‬‬


‫لم تكن المحنة التي تعرض لها خليل الرحمن إل إحدى حلقات الصراع الممتدة عبر القرون الضاربة في أعماق التاريخ ‪...‬والتي تؤكد على‬
‫الزمن غلبة أهل الحق وهزيمة أهل الباطل ‪...‬نشأ إبراهيم عليه السلم في مجتمع جاهلي كافر بكل القيم متطاول على نواميس ال ‪..‬وأبت‬
‫الفطرة السليمة مجاراة التيار والنسياق مع الرأي العام والرضي والتسليم بالمر الواقع ‪...‬وصمم إبراهيم على التصدي للجاهلية ومقاومتها‬
‫مهما كلف المر ‪..‬وتبدأ المحنة في حياة هذا الفرد العزل من كل سلح ‪..‬فرد يمتطى صهوة الحق وحيدا ‪.....‬ويعلن على المل إيمانه بال‬
‫وكفره بما يعبدون من دونه ‪{..‬قال أ فرأيتم ما كنتم تعبدون من دون ال أنتم وآباؤكم القدمون فإنهم عدو لي إل رب العالمين }‪.‬‬
‫ويجدر بالداع ية ‪ -‬كل داع ية ‪-‬أن ي قف ه نا مليا ‪...‬ي ستشعر عظ مة اليمان الذي اع تز به قلب إبراه يم ‪...‬أ نه وح يد ل يس وراءه جما عة ول‬
‫أن صار ‪...‬وأعزل ل يملك قوة ول سلحا ‪..‬ومنبوذ ح تى من ذوي القرا بة والوالد ين ‪...‬ول كن أ ني لل حق أن ينح ني للبا طل أو يترا جع أمام‬
‫التهد يد والوع يد ‪...‬وتش هد المح نة على إبراه يم ‪....‬ويل قى في النار ‪...‬وير ضى بقضاء ال ويفرح بلقائه ‪..‬و من ال فق العلى كان ال نبي‬
‫المحتسب والر سول الممتحن ي صغي إلى نداء ال وهو في حمأة اللهب الم ستعر ‪ {:‬يا نار كو ني بردا و سلما على إبراه يم وأرادوا به كيدا‬
‫فجعلناهم الخسرين ونجيناه ولوطا إلى الرض التي باركنا فيها للعالمين }‪.‬‬
‫وتمضى قصة المحنة التي تعرض لها أبو النبياء ترسم لهل الحق صورا شتى من صور الرجولة والبطولة حتى ختم ال بأن جعله من‬
‫رسله المصطفين ‪{:‬ومن يرغب عن ملة إبراهيم إل من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الخرة لمن الصالحين }‪.‬‬

‫‪ -‬المحنة في حياة موسى ‪:‬‬


‫وحياة موسى عل يه السلم لم تكن غ ير سلسلة من المآسي واللم ‪ .‬بل المح نة رافقت موسى رضيعا تتقاذ فه المواج ويل فه الظلم وشبت‬
‫معه فتى يانعا هاربا من بطش فرعون ‪.‬وزاد حياته محنة تعرضه لنقمة فرعون من جهة وليذاء قومه وسفههم من جهة أخرى‪.‬‬
‫وظلم ذوي القربى أشد مضاضة‬
‫على المرء من وقع الحسام المهند‬
‫فكان على موسى أن يرد ضربات فرعون بيد ويتقى مكائد قومه باليد الخرى ‪ .‬وهذا لعمري أشد صنوف المحن وأفظع ألوان البلء‪.‬‬
‫فالدعوات قد تتمكن من مجابهة أخطر المحن الخارجية اذا كان صفها الداخلي قويا متربصا ‪..‬فكيف إذا كان متصدعا منهارا ؟ وموسى عليه‬
‫السلم كان هذا النسان الذي تولى قيادة شعب أعطي المقاد على خضوع بما ترادف عليه من جور الفراعنة وما تتابع عليه من ظلم الطغاة‬
‫‪....‬ح تى هان عل يه الهوان ‪ ...‬ألف الذل وال ستسلم ‪..‬وكان الر سول المكلف بدعوة فرعون إلي عبادة ال و هو في أوج سطوته وق مة‬
‫طغيانه ‪{:‬إن فرعون عل في الرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم انه كان من المفسدين }‪.‬‬
‫ويمضى موسى في طريقه حامل كل التبعات ‪...‬متعمدا على ال وحده ‪ ....‬واثقا من نصره وتأييده ‪ ...‬وفي فترة من فترات الضعف البشرى‬
‫ي حس مو سى بالو جل والخوف يختلجان في صدره و هو في قلب المعر كة يجا به فرعون و سحرته وزباني ته ‪...‬ول كن ال سماء سرعان ما‬
‫تتداركه بالمدد وتقذف في قلبه الطمأنينة ‪{:‬فأوجس في نفسه خفية موسى قلنا ل تخف إنك أنت العلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا‬
‫إنما صنعوا كيد ساحر ول يفلح الساحر حيث أتي }‪.‬‬
‫ل كم تداف عت الخطوب وتتاب عت لت سد على مو سى الطر يق وتغلق دو نه المنا فذ والدروب ‪...‬ول كن سرعان ما كا نت تنك شف أمام العزي مة‬
‫واليمان ويمضى الزحف المقدس يشق طريقه عبر الحياة بثقة وتصميم ‪...‬‬
‫لكم حاول قارون أن يفتن الناس بماله ويصر فهم عن موسى ودعوته ‪...‬لكم حاول شراء الضمائر ورمي موسى بشتى التهم والراجيف‬
‫‪..‬ولكن ال كان يكشف ما يضمر ويخرج من هذه التجارب أصلب عودا وأشد صعودا ‪.‬‬
‫ويختم القرآن قصة موسى وفرعون فيقول ‪ {:‬لقد جاء آل فرعون النذر * كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر * أكفاركم خير من‬
‫أولئكم أم لكم براءة في الزبر * أم يقولون نحن جميع منتصر سيهزم الجمع و يولون الدبر * بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر }‪.‬‬

‫المحنة في حياة عيسى ‪:‬‬


‫مما ل ريب فيه أن عيسى عليه السلم كان يتمتع بطاقة ضخمة من الصبر والحتمال فالظروف القاسية والمكائد العديدة والمحن المتتابعة‬
‫التي قاساها كانت كلها تشير إلي عظمة الشخصية التي تحلى بها عيسى بن مريم ‪...‬وما زاد في قسوة الظروف التي أحاطت به وبنشأته‬
‫أ نه وا جه في ما ضي مولده ألوان الشكوك ك ما وا جه في حا ضر دعو ته ضروب الع نت والتمرد ويك في ل كي نقدر مدى ما و صل إل يه الع نت‬
‫والتمرد أن نعرف أن الخوارق والمعجزات التي بلغت على يدي عيسى حدا كبيرا لم يكن لها ذلك الثر المنتظر في استمالة النفوس وتأليف‬
‫القلوب ‪.......‬‬
‫ولكن عيسى عليه السلم لم ينثن أو يتراجع أو يحدث نفسه بشيء من هذا كان يؤمن بأنه رسول وأن عليه البلغ المبين وكان طيب النفس‬
‫حليما ل تخرجه سفاهة المعارضين إلى استعمال العنف واتباع غير سبيل المؤمنين ‪ ...‬مرّ يوما وتلمذته بقرية فدعا أهلها للهدى وذكرهم‬
‫بال والخرة فما كان منهم إل أن شتموه وعيروه فلم يزد عليه السلم إل أن قال خيرا وانصرف وسأله حواريوه عن أمره مع القوم يقولون‬
‫له شرا فل يرد عليهم إل بالخير فقال ‪(:‬كل ينفق مم عنده )‪.‬‬
‫وإنك لتشعر وأنت تصغي إلى تعاليمه بعظمة اليمان ورقة النفس وسمو الخلق وسعة الصدر وغيرها من الصفات التي تحلت بها شخصيته‬
‫الفذة كان كثيرا ما يقول لحواري يه ‪(:‬طو بى ل كم إذا عيرو كم وطردو كم وقالوا علي كم كل كل مة شريرة من أجلي كاذب ين افرحوا وتهللوا لن‬
‫أجركم عظيم في السموات ‪.‬فانهم هكذا طردوا النبياء قبلكم ) (سيخرجونكم من المجامع بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم‬
‫خدمة ال ) ‪.‬‬
‫حاول اليهود أن يخففوا من أثر دعوته وأن يخفوا عن الناس أمره ولكن أسقط في أيديهم فالحق أبلج ‪ ...‬و الصبح منير ‪ ...‬وان ال يقذف‬
‫بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ‪...‬‬
‫ول ما أع يت الحيلة أ هل البا طل جاء هم ر جل ا سمه (يهوذا ال سخريوطى )يدل هم على مخ بأ عي سى و صحبه وكان عي سى حينذاك قد أدرك ما‬
‫يبيت له وعرف أن عيون اليهود تترصده وأن القوم قد ائتمروا به ليقتلوه فأوى إلى البستان يقضي فيه ليلته ومعه بعض حوارييه ‪..‬‬
‫وفي الليل كان اليهود قد عثروا على مكمنه وضربوا نطاقا حوله بانتظار الساعة الحاسمة ليطبقوا عليه وينفذوا مؤامرتهم الكبرى ‪....‬‬
‫أما عيسى روح ال فقد كانت عين ال تحرسه وترعاه فلما هم القوم بما دفعهم إليه حقدهم السود كان محاطا بعناية ال تحجبه عن أعينهم‬
‫قدرته عز وجل ‪.....‬‬
‫وو قع ت حت أيدي هم ر جل شد يد الش به به ع قد ال ل سانه ف ما ا ستطاع كل ما ولم يدر القوم و هم يحملو نه إلى ال ساحة ال صلب أن هم يحملون‬
‫(يهوذا السخريوطي ) نفسه الذي أوقعه ال في شر فعله وقتلوه وهم يحسبون أنهم قتلوا عيسى بن مريم ‪ { ....‬وما قتلوه وما صلبوه‬
‫ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إل اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه ال إليه وكان ال عز وجل‬
‫عزيزا ًحكيما } ‪....‬‬

‫محنة السلم في عهد النبوة ‪:‬‬


‫والمحنة التي واجهت السلم في عهد النبوة لم تكن أقل ضراوة مما تعرضت له الرسالت والرسل من قيل إن لم تزدهم جميعا‪...‬‬
‫كان السلم ثورة على الجاهلية من أول يوم ‪ ...‬ثورة استهدفت نسف القواعد التي يقوم عليها المجتمع الجاهلي ‪....‬‬
‫فل يس من طبي عة ال سلم أن يهادن الوضاع الخر بة أو يع مد إلى ترميم ها وإ صلحها ف هو ل يق بل أن صاف الحلول ول أرباع ها وير فض‬
‫المساومة والترقيع ‪ ...‬وإنما يعتمد سياسة الهدم والبناء ‪ ...‬هدم الجاهلية بكل مرافقها وبناء الحياة السلمية بجميع مقتضياتها ‪.‬‬
‫وإذا كانت هذه طبيعة الدعوة التي نهض بها محمد بن عبد ال صلى ال عليه سلم فبديهي أن تستأسد قوى الجاهلية وتستميت في الدفاع‬
‫عن كيانها المهدد بالنسف والدمار حتى بلغ تحدى المشركين وحربهم للسلم والمسلمين حدا ل يوصف ‪.‬‬

‫‪ -‬حرب العصاب ‪:‬‬


‫تفنن أهل الجاهلية في حرب محمد وابتكروا كل جديد لضرب السلم وحشدوا كل قواهم لعرقلة المسيرة القرآنية ‪....‬‬
‫فعمدوا أولً إلى أسلوب نفسي خسيس يستهدف تدم ير أع صاب الرسول صلى ال عليه وسلم والقضاء على روحه المعنو ية العالية وشنوا‬
‫لذلك حملت عنيفة من السخرية والستهزاء عرض لها القرآن الكريم في أكثر من موضع { وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الرض‬
‫ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وأعناب فتفجر النهار خللها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتى بال والملئكة قبيل‬
‫أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه } السراء ‪..9‬‬
‫وعندما فشلت هذه الساليب الخسيسة عمد المشركون إلى اختلق الشائعات والتهم على رسول ال وبثوها في كل الوساط ليضعفوا الثقة به‬
‫ولي صدوا عن سبيل ال ‪ ...‬ل كم افتروا على من سموه بال مس صادقا وأمينا ورموه ب ما ل يس ف يه ‪ ...‬ول كم سددوا سهامهم إلى ن حر‬
‫ال سلم وأطلقوا حرابهمم إلى صمدر الحركمة ال سلمية الفتيمة { وقمد مكروا مكرهمم وعنمد ال مكرهمم وإن كان مكرهمم لتزول منمه الجبال }‬
‫( إبراهيم ‪)46‬‬
‫وكانت المحنة على ضراوتها وقسوتها ل تزيد محمدا إل صلبة وت صميما صلبة في مواجهة التحدي كائنا ما كان نوعه ومداه وت صميما‬
‫على المضي مهما كانت التضحيات ‪...‬‬
‫قال الوليد بن المغيرة يوما وهو زعيم الجاهلية وطاغية من طغاتها ‪ ( :‬يا معشر قريش أنه قد حضر هذا الموسم وأن وفود العرب ستقدم‬
‫عليكم فيه وقد سمعوا بأمر محمد هذا فأجمعوا فيه رأيا واحدا ول تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا قالوا ‪ :‬نقول كاهن قال ‪ :‬ل وال ما هو بكاهن‬
‫لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمتهم ول سجعهم قالوا نقول مجنون قال ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ول تخالجه‬
‫ول وسوسته قالوا ‪ :‬نقول شاعر ‪ ..‬قال ‪ :‬ما هو بشاعر لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بشاعر‬
‫قال الوليد بن المغيرة ‪ :‬إن أقرب القول فيه أن تقولوا هو ساحر ‪ ..‬يقول السحر فيفرق به بين المرء وأخيه وبين المرء وزوجه وبين المرء‬
‫وعشير ته فتفرقوا ع نه بذلك ) و في الول يد بن المغيرة هذا أنزل ال آيات التهد يد والوع يد لتكون له ولمثاله على مر الع صور عبرة قال‬
‫تعالى { كل إنه كان لياتنا عنيدا * سأرهقه صعودا * إنه فكر وقدر * فقتل كيف قدر * ثم قتل كيف قدر * ثم نظر * ثم عبس وبسر *‬
‫ثم أدبر واستكبر * فقال إن هذا إل سحر يؤثر * إن هذا إل قول البشر * سأصليه سقر * وما أدراك ما سقر * ل تبقى ول تذر * لواحة‬
‫للب شر * علي ها تسعة ع شر } ثم يعرض القرآن الكر يم صورا ش تى من تحدى الجاهل ية للحركة السلمية في الع صر النبوي { أم يقولون‬
‫شاعر نتربص به ريب المنون قل تربصوا فإني معكم من المتربصين * أم تأمرهم أحلمهم بهذا أم هم قوم طاغون * أم يقولون تقوله بل‬
‫ل يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين }‪.‬‬
‫‪ -‬تعرض وإيذاء ومحاولت اغتيال ‪-:‬‬
‫لم يكتمف طغاة مكمة بمما تناولتمه ألسمنتهم ممن كذب وافتراء على السملم وأهله بمل لقمد تجرءوا مرارا على النيمل ممن نمبي السملم نفسمه‬
‫والعتداء عليمه ‪ ،‬يئسموا ممن الحرب النفسمية وحرب العصماب وحرب الشائعات فلجأوا إلى الحرب الحسمية ينالون بهما ممن دعاة السملم‬
‫وفجروا أحقادهم حمما وأضرموا نار العداوة والبغضاء في كل مكان تشفيا وانتقاما ممن صبأ عن دين الباء والجداد وكفر بهبل واللت ‪...‬‬
‫ويجت مع سادة قر يش يوما في ( الح جر ) ويذكرون محمدا وتحد يه ال سافر لمقد ساتهم فقالوا ‪ :‬ما رأي نا م ثل ما صبرنا عل يه من أ مر هذا‬
‫الرجل قط سفّه أحلمنا وفرّق جماعتنا وسب آلهتنا لقد صبرنا منه على أمر عظيم وشتم آباءنا ‪ ...‬وعاب ديننا وفرق جماعتنا فبينما هم‬
‫كذلك إذ مر بهم ر سول ال صلى ال عل يه وسلم فوثبوا عل يه وثبة رجل واحد وأحاطوا به من كل جانب و صاحوا به قائل ين ‪ :‬أنت الذي‬
‫تقول كذا وكذا ؟ فيجيب هم نبي الهدى ب كل ث قة واعتزاز ‪ ( :‬ن عم أ نا الذي أقول ذلك ) يقول ها ب كل صراحة ويعلن ها بملء ف يه ‪ ..‬ي صدع ب ها‬
‫كبرياءهم ‪ ..‬ويصفع طغيانهم ولقد أصابه منهم في ذلك اليوم ما أصابه وأدركهم أبو بكر الصديق رضى ال عنه وقد كادوا يجهزون عليه‬
‫فانبرى يدافع عنه ويقول ( أتقتلون رجلً أن يقول ربى ال ؟؟ )‬
‫ولما أوقع في أيدي المشركين ‪ ..‬وأعجزتهم الحيلة تداعوا إلى مؤتمر عقدوه في دار الندوة وكان المسلمون قد بدأوا بالهجرة إلى المدينة‬
‫وظنوا أن الفرصة قد سنحت للخلص من محمد في غيبة من أصحابه وأتباعه ولما وضعوا خطتهم وحزبوا أمرهم كشف ال مكرهم ورد‬
‫كيدهم { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر ال وال خير الماكرين } وفي أعقاب الهجرة إلى المدينة‬
‫وانتصار السلم على الجاهلية في بدر استأجر صفوان بن أمية عمير بن وهب سرا وندبه للخروج إلى المدينة واغتيال محمد صلى ال‬
‫عل يه وسلم على أن يقضى صفوان له دي نه ويكفل عياله وقدم عم ير إلى المدينة متوشحا سيفه حتى دخل على الر سول وهو في المسجد‬
‫الجاهل ية بين هم فقال‬ ‫فل ما وآه الر سول صلى ال عل يه و سلم قال له ‪ ( :‬أدن يا عم ير ) فد نا ثم قال ‪ :‬أنعموا صباحا وكا نت تح ية أ هل‬
‫الرسول ‪ ( :‬قد أكرمنا ال بتحية خير من تحيتك يا عمير ‪ ...‬بالسلم ‪ ،‬تحية أهل الجنة فقال ‪ :‬أما وال يا محمد إن كنت بها لحديث عهد قال‬
‫الرسول ‪ ( :‬فما جاء بك يا عمير )قال ‪ :‬جئت لهذا السير في أيديكم فأحسنوا إليه ‪،‬‬
‫قال الرسول ‪ :‬فما بال السيف في عنقك ؟‬
‫قال عمير ‪ :‬قبحها ال من سيوف وهل أغنت عنا شيئا‬
‫قال الرسول ‪ :‬اصدقني ما الذي جئت له ؟‬
‫قال عمير ما جئت إل لذلك‬
‫قال الرسول ‪ :‬بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر فذكرتما أصحاب القليب من قريش ثم قلت‪ :‬لول دين على وعيال عندي لخرجت‬
‫حتى أقتل محمدا فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني له وال حائل بينك وبين ذلك ‪.‬‬
‫فقال عمير ‪:‬أشهد أنك رسول ال قد كنا يا رسول ال نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي وهذا أمر لم‬
‫يحضره إل أنا وصفوان فوا ال إني لعلم أن ما أتاك به ال فالحمد ال الذي هداني للسلم وساقني هذا المساق ثم شهد شهادة الحق ‪.‬‬

‫‪ -‬المحنة في حياة الصحابة ‪:‬‬


‫و في ع هد النبوة تعرض دعاة ال سلم لجم يع صنوف اليذاء والتعذ يب ذنب هم أن هم آمنوا بال وكفروا بالطاغوت وجريمت هم أن هم ا ستجابوا‬
‫لنداء الفطرة وارتفعوا فوق الحطام وهذا وحده كان كافيما لتفجيمر الحقاد فمي نفوس المشركيمن ويفقدهمم صموابهم ويدفعهمم إلى التنكيمل‬
‫بالمؤمنين من غير هوادة ول لين ولم تقتصر المحنة على نفر دون نفر أو طبقة دون أخرى بل لقد بلغت الجميع النساء والرجال الصغار‬
‫والكبار العبيد والحرار فقال ابن اسحق ‪ ( :‬إن المشركين عدوا على كل من أسلم واتبع رسول ال من أصحابه فوثبت كل قبيلة على من‬
‫فيها من المسلمين فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش وبرمضاء مكة إذا اشتد الحر‪.‬‬

‫محنة بلل ‪:‬‬


‫كان أمية بن خلف يخرج بلل الحبشي إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره‬
‫ثم يتهدده قائلً إنك ستظل هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد أو تعبد اللت والعزى ‪ ...‬وكان بلل ر ضى ال عنه وأرضاه يردد بكل ت صميم‬
‫وبكل اعتزاز الهتاف السلمي الخالد ‪ :‬أحد أحد ‪ ..‬أحد أحد ‪..‬‬

‫محنة آل ياسر ‪:‬‬


‫وكان بنو مخزوم يخرجون ( آل ياسر ) جميعا ‪ -‬الم والب والولد ‪ -‬يعذبونهم برمضاء مكة ويحرقون أجسادهم بالحديد المحمى ‪ ...‬أما‬
‫ياسر ( الب ) فلم يقو على تحمل العذاب لكبر سنه فمات لتوه وأما سمية ( الم ) فقد أغلظت القول لبى جهل فطعنها عدو ال بحربة في‬
‫أحشائها فكانت أول شهيدة في السلم ‪.‬‬

‫محنة عثمان بن مظعون ‪:‬‬


‫ول ما رأي عثمان بن مظعون ما يوا جه إخوا نه الدعاة من البلء والعذاب و هو يغدو ويروح بأمان في جوار ( الول يد بن المغيرة ) قال ل ‪:‬‬
‫وال إن غدوي ورواحي آمنا بجوار رجل من أهل الشرك لنقص كبير في نفسي فما كان منه إل أن مشى إلى الوليد بن المغيرة ورد عليه‬
‫جواره وقال له ‪ :‬لقد أحببت أن ل أستجير بغير ال بعد اليوم ثم خاطب المشركين بكلم أزعجهم فقام إليه لبيد بن ربيعة فلطم عينه فخضبها‬
‫والوليد بن المغيرة قريب يرى ما أصابه فقال له أما وال يا ابن أخي إن كانت عينك عما أصابها لغنية لقد كنت في ذمة منيعة فقال عثمان ‪:‬‬
‫بلى وال إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى ما أصاب أختها في ال وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس ثم أنشد ‪:‬‬
‫يدا ملحد غي وليس بمهتد‬ ‫فإن تك عيني في رضا الرب نالها‬
‫ومن يرضه الرحمن يا قوم يسعد‬ ‫فقد عوض الرحمن منها ثوابه‬
‫سفيه علي دين رسول محمد‬ ‫فإني وإن قلتم غوي مضلل‬
‫علي الرغم من يبغي علينا ويتعدي‬ ‫أريد بذاك ال وأحق ديننا‬
‫هكذا مضت عصبة اليمان في عهد النبوة تشق طريقها إلى المام ل تخاف دركا ول تخشى ‪.‬وتقدم في سبيل ال الشهيد تلو الشهيد ‪.....‬‬
‫وتمضي اليام كالحة كعتمة الليل ‪...‬وتقبل غيرها بمزيد من المحن والبلء ‪..‬ومواكب الحق تتتابع زحفها العتيد علي درب الخلود ‪...‬تحرر‬
‫أصحابها من عبوديةالدنيا وشهواتها ‪...‬فأصبحوا ل يحسون طعم السعادة بغير طاعة ال ‪ ...‬ول يرون الجهاد إل طريقا إلى الشهادة وباب‬
‫إلى الج نة ال والفوز برضاه ‪ {...‬ول تحسبن الذ ين قتلوا في سبيل ال أمواتا بل أحياء عن ربهم يرزقون فرح ين ب ما آتاهم ال من فضله‬
‫وي ستبشرون بالذ ين لم يلحقوا ب هم من خلف هم أل خوف علي هم ول هم يحزنون ي ستبشرون بنع مة من ال وفضمل وأن ال ل يض يع أ جر‬
‫المؤمنين }‪.‬‬

‫نموذج من شهداء السلم في عصر النبوة ‪:‬‬


‫ل كم شهدت أيام ال سلم في ع صر النبوة من أبطال صناديد شرفوا التار يخ ور صعوا ج يد الن سانية بأكال يل الغار والفخار ‪.‬ويك في أن نختار‬
‫منهم (خبيب بن عدي )لندرك أي أثر كان للعقيدة في نفوس هؤلء ‪...‬‬
‫اعت قل خبيب وكان في طري قه من المدي نة إلى (ع ضل والقارة )ليقوم بمهام الدعوة ال تي كل فه ب ها ر سول ال صلى ال عل يه و سلم و ساقه‬
‫المجرمون إلى مكة وباعوه (لحجر بن أبي هارب التميمي ) ليقتله بأبيه الذي قتل في غزوة بدر الكبرى ‪.‬‬
‫وفي اليوم المحدد لقتله أخرجه المشركين إلى (التنعيم ) ليصلبوا ‪...‬فقال لهم إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا ‪.‬قالوا ‪:‬دونك‬
‫فاركع ‪...‬فركع ركعتين أتمهما وأحسنها ثم أقبل على القوم فقال ‪ :‬أما وال لول أن تظنوا أني إنما طولت جزعا من الموت ل ستكثرت من‬
‫الصلة ‪....‬‬
‫وعندما رفع خبيب على الخشبة قال له المشركون ‪ :‬ارجع عن السلم نخلي سبيلك فقال ‪ :‬ل وال ما أحب أن أرجع عن السلم وإن لي ما‬
‫في الرض جميعا‪.‬‬
‫‪-‬ارجع يا خبيب‪....‬‬
‫‪-‬ل أرجع أبدا ‪....‬‬
‫‪-‬أما واللت لئن لم تفعل لنقتلنك ‪...‬‬
‫‪-‬إن قتلي في ال لقليل‬
‫وجعلوا وجهة لغير القبلة ‪..‬‬
‫فقال ‪:‬أما صرفكم وجهي عن القبلة فإن ال يقول ‪{:‬فأينما تولوا فثم وجه ال }ثم قال (اللهم إني ل أرى إل وجه عدو اللهم إنه ليس معنا‬
‫أحد يبلغ رسولك عني السلم فبلغه أنت السلم )‪...‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم في هذا الوقت بين صحبه في المدينة فأخذته غيبة‬
‫ثم قال ‪(:‬هذا جبريل يقرئني من خبيب السلم واقترب من خبيب أربعون رجلً من المشركين بأيديهم الرماح وقالوا ‪ :‬هذا الذي قتل آباءكم في‬
‫بدر ‪ .‬فقال خبيب ‪ :‬اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك فأبلغه الغداة ما يصنع بناء اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا‪ .‬ول تغادر منهم أحدا وهنا‬
‫ألقى معاوية بن أبي سفيان ‪ -‬وكان بين المشركين ‪-‬نفسه إلى الرض فرقا من دعوة خبيب وهرب حكيم بن حزام واختفي جبير بن مطعم‬
‫‪.....‬‬
‫عند ما أخذت الرماح تمزق جسده ا ستدار إلى الكع بة وقال ‪:‬الحمد ل الذي جعل وجهي ن حو قبل ته ال تي ارت ضى لنف سه و نبيه وللمؤمنين ثم‬
‫استدار إلى القوم وأنشد أبياته الخالدة ‪:‬‬
‫قبائلهم واستجمعوا كل مجمع‬ ‫لقد جمع الحزاب حولي وألبو ا‬
‫وقربت من جذع طويل ممنع‬ ‫وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم‬
‫وما جمع الحزاب لي حول مصرعي‬ ‫إلى ال أشكو غربتي ثم كربتي‬
‫فقد بضعوا لحمي وقد يأس مطعمي‬ ‫فذا العرش صبرني على ما يراد بي‬
‫وقد ذرفت عيناي من غير مجزع‬ ‫وقد خيروني الكفر والموت دونه‬
‫ولكن حذاري جحم نار ملفع‬ ‫وما بي حذار الموت إني ميت‬
‫يبارك على أوصال شلو ممزع‬ ‫وذلك في ذات الله وإن يشأ‬
‫على أي جنب كان في ال مصرعي‬ ‫فلست بالي حين أقتل مسلما‬
‫واستمر أعداء ال يمزقون جسد (خبيب ) برماحهم وهو ل يفتر يردد (ل إله إل ال محمد رسول ال ) حتى لفظ نفسه الخير وفاضت روحه‬
‫الزكية الطاهرة إلى المل العلى تشكو إلى ال ظلم الظالمين ‪.‬‬

‫المحنة في عصر التابعين ‪:‬‬


‫وينقضي عصر الصحابة ويأتي عصر التابعين ويطالعنا التاريخ بألوان شتى من محن السلم ففي هذه المرحلة تتكاتف لهدم السلم معاول‬
‫البناء والعداء ويتولى السلطة طغاة متجبرون يسومون المؤمنين سوء العذاب ‪.‬‬

‫الحجاج بن يوسف ‪:‬‬


‫ففي عام ‪ 75‬هجرية يتولى الحجاج بن يوسف الحكم في العراق ويشهد هذا البلد لسلمي في عهده أياما سوداء شأنه شأن كل طاغية مستبد‬
‫هممه إخضاع الناس لقوتمه وجمبروته وإقاممة سملطانه ولو على الجماجمم والشلء كان الحجاج بلء على السملم والمسملمين شوه السملم‬
‫بانتسابه إليه وأساء إلى الدين بتوليه الحكم باسم الدين فكمم الفواه وجرد سيفه للبطش بكل من يخرج عن طاعته ‪.‬‬

‫سعيد بن جبير ‪:‬‬


‫و من سنة ال في خل قه أ نه يه يئ للطغاة رجالً ل يهابون الطغيان ي صنعهم على عي نه ويهب هم الجرأة ف يه وكان سعيد بن جبير أ حد هؤلء‬
‫الذ ين خل صوا من حظ أنف سهم وها نت علي هم دنيا هم ونذروا أنف سهم ل وعند ما صمم الحجاج على قتله والخلص م نه أر سل جنودا بطل به‬
‫فجاءوا به وأدخلوه عليه ‪،‬‬
‫سأله الحجاج عن اسمه‬
‫قال ‪ :‬سعيد بن جبير‬
‫قال الحجاج ‪ :‬بل أنت شقي بن كسير ( تحقيرا وسخرية )‬
‫قال سعيد ‪ :‬بل كانت أمي أعلم باسمي منك‬
‫قال الحجاج ‪ :‬شقيت أنت وشقيت أمك‬
‫قال سعيد ‪:‬الغيب يعلمه غيرك‬
‫قال الحجاج ‪ :‬لبدلنك بالدنيا نارا تلظى‬
‫قال سعيد ‪ :‬لو علمت أن ذلك بيدك لتخذتك إلها‬
‫قال الحجاج ‪ :‬فما قولك في محمد ؟‬
‫قال ‪ :‬نبي الرحمة وإمام الهدى عليه الصلة والسلم‬
‫قال الحجاج ‪ :‬فما بالك لم تضحك ؟‬
‫قال سعيد ‪ :‬وكيف يضحك مخلوق من طين والطين تأكله النار‬
‫قال الحجاج ‪ :‬فما بالنا نضحك‬
‫قال سعيد ‪ :‬لم تستو القلوب وفكر الحجاج بطريقة أخرى لستمالته وإذلله فأمر بالذهب والمال واللؤلؤ والياقوت فجمع بين يديه ولكن أنى‬
‫لهذه المغريات أن تجد لها طريقا إلى قلب شغله حب ال وزهد بالدنيا وما فيها ‪.‬‬
‫فقال سعيد ‪ :‬إن كنت جمعت هذا لتفتدى به من فزع يوم القيا مة فقد أخطأت وإن فزعة واحدة تذهل كل مرضعة ع ما أرضعت ول خ ير في‬
‫شئ جمع للدنيا إل ما طاب وزكا ‪.‬‬
‫فأمر الحجاج بالموسيقى فصدحت ونفخ في الناي وضرب بالعود فبكى سعيد‬
‫فقال له الحجاج ‪ :‬ما يبكيك أهو اللهو ؟‬
‫فقال سعيد ‪ :‬بل هو الحزن أ ما الن فخ فذكر ني يوما عظيما يوم ين فخ في ال صور وأ ما العود فشجرة قط عت في غ ير حق وأ ما الوتار فإن ها‬
‫أمعاء الشياه يبعث بها معك يوم القيامة ‪.‬‬
‫فقال الحجاج ‪ :‬ويلك يا سعيد‬
‫فقال سعيد ‪:‬الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار‬
‫قال الحجاج ‪ :‬اختر يا سعيد أي قتلة تريد أن أقتلك‬
‫فقال سعيد ‪ :‬بل اختر لنفسك يا حجاج فوا ال ما تقتلني قتلة إل قتلك ال مثلها يوم القيامة‬
‫قال الحجاج ‪ :‬أفتريد أن أعفو عنك ؟‬
‫قال سعيد ‪ :‬إن كان العفو فمن ال وأما أنت فل براءة لك ول عذر‬
‫قال الحجاج ‪ :‬اذهبوا به فاقتلوه فلما خرجوا به من الباب ضحك ‪ .‬فأخبر الحجاج بذلك فأمر برده وقال له ‪ :‬ما أضحكك ؟‬
‫قال سعيد ‪ :‬عجبت من جرأتك على ال وحلم ال عنك ‪.‬‬
‫قال الحجاج ‪ :‬اقتلوه ‪.‬‬
‫فقال سعيد ‪ :‬وجهت وجهي للذي فطر السموات والرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين‬
‫قال الحجاج ‪ :‬شدوا به لغير القبلة‬
‫قال سعيد ‪ :‬فأينما تولوا فثم وجه ال‬
‫قال الحجاج ‪ :‬كبوه لوجهه ‪.‬‬
‫قال سعيد ‪ :‬منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى‬
‫قال الحجاج ‪ :‬اذبحوه‬
‫قال سعيد ‪ :‬أما إني أشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له وأن محمدا عبده ورسوله خذها منى حتى تلقاني يوم القيامة ثم دعا سعيد ال‬
‫ل ‪ ( :‬اللهم ل تسلطه على أحد يقتله بعدي ) ثم ذبحوه على النطع رحمه ال وعاش الحجاج بعده خمس عشرة ليلة ثم مات ‪...‬‬
‫قائ ً‬

‫* المحنة بين المس واليوم ‪:‬‬


‫هكذا تبدت معالم الصراع بين الحق والباطل على مدار التاريخ إنها صورة واحدة ذات أشكال متعددة تتغير فيها الزمان والشخاص وتبقى‬
‫الحقيقة هي هي ‪..‬‬
‫إ نه استعلء اليمان في كل زمان واعتزاز ال حق في كل ع صر نماذج من الرجولة صاغتها عقيدة السلم إنه النتاج الفريد الذي تصدره‬
‫مدرسة النبوة في كل حين أهيب الحياة إكسير الحياة ‪.‬‬
‫لقد برهن هذا الدين بما تزاحم في تاريخه الطويل من أبطال ورجال عن جدارته الفذة في خلق البطولة والرجولة ‪.‬‬

‫* حسن البنا المام الشهيد ‪:‬‬


‫وفي مطلع القرن العشرين كانت المة السلمية على موعد مع بطل من أبطال السلم في العصر الحديث ذلكم هو حسن البنا المام الشهيد‬
‫‪ ...‬ولد ح سن الب نا في مجت مع يحك مه القطاع وتتف شى ف يه البدع والخرافات مجت مع ف يه كل خ صائص الجاهل ية الولى وعادات ها وتقاليد ها‬
‫مجتمع أنهكه الستعمار البريطاني وحطم قواه المعنوية والمادية ‪ ،‬وأعلنها حسن البنا صيحة مدوية أيقظت النائمين ونبهت الغافلين وحركت‬
‫مشاعر المؤمنين ‪ ...‬وترددت أصداء هذه الصيحة في كل مكان واستجاب لها المئات من كل جنس وتمخض بها الزمان عن حركة إسلمية‬
‫أصبحت بعد حين ملء عين العالم وسمعه وبصره ‪..‬‬
‫وكان حسن البنا مع هذا دائم التحسب لما يخبأه الزمن من بلء ومحن فكان يهيئ الدعاة من أول الطريق لمواجهة كل الفروض كان يسر‬
‫لهمم فمي أحاديثمه الخاصمة والعاممة ويقول ‪ ( :‬إن الدنيما سمتتألب عليكمم وسمتحاربكم فمي أرزاقكمم وإن السمجون سمتفتح أبوابهما ليوائكمم‬
‫وا ستضافتكم ) وخطب هم يوما فقال { لتبلون في أموال كم وأنفسكم ولت سمعن من الذ ين أوتوا الكتاب من قبلكم و من الذ ين أشركوا أذى كثيرا‬
‫وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم المور } وهذه سنة ال تبارك وتعالى في أصحاب الدعوات والمؤمنين بها والعاملين لها أن يبتليهم‬
‫في أنفسهم وأرزاقهم وأولدهم وباليذاء والكيد والفتراء والكذب والعداء من منافسيهم وخصومهم والذين ل يعرفون حقيقة دعوتهم { فلن‬
‫ت جد ل سنة ال تبديلً ولن ت جد ل سنة ال تحويلً } ما ب عث ال نبيا من ال نبياء ول أر سل ر سولً من لد نه إل بالخ ير والهدا ية وال صراط‬
‫المستقيم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد لهذا جاء نوح ‪..‬وبهذا بعث إبراهيم ‪ .‬ولهذا دعا موسى‬
‫‪ ..‬وفي سبيله أرسل عيسى وبهذه الحقائق هتف محمد صلوات ال وسلمه عليهم أجمعين‪.‬‬
‫تلك سنة ال التي ل تختلف { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفي بربك هاديا ونصيرا} وفي جلسة من جلسات المباسطة قال‬
‫حسن البنا لخوانه ( لقد جاءني سيدنا عمر في الرؤيا ينبئني بأعلى صوته ‪ :‬ستقتل يا حسن ‪ ..‬فنهضت وحمدت ال ثم نمت ثانية فجاءني‬
‫الها تف قائلً ‪ :‬ستقتل يا ح سن ثم ق مت وتهجدت إلى الف جر ) وفعلً لم ي كد أعداء ال سلم يشعرون بقوة الحر كة ال سلمية وخطر ها على‬
‫وجودهم حتى راحوا يصلونها بنار مكرهم وحقدهم ‪.‬‬
‫و في الثا ني ع شر من شباط عام ‪ 1949‬كان أعوان الملك فاروق ينفذون بأ مر ( النجل يز ) جريمت هم البش عة النكراء وق تل ح سن الب نا في‬
‫وضح النهار وفي أكبر شارع من شوارع القاهرة برصاص الطغاة والمستعمرين ومات حسن البنا في وقت كانت المة السلمية أحوج ما‬
‫تكون فيه إليه وإلى أمثاله ‪.‬‬

‫أصحاب العقيدة يدفعون الثمن ‪:‬‬


‫وتشتد المحنة في حياة الدعوة وتؤول قيادة المة إلى حكام طغاة يسومونها سوء العذاب يقتلون رجالهم ويرملون نساءهم وينزلون بهم كل‬
‫من كر و حق على دعوة السلم أن تد فع الث من وتدف عه ب سخاء دماء وضحا يا وشهداء و ما كان لع صبة أن تن كص و قد و عت الم سئولية ق بل‬
‫حمل ها وقدرت التبعات ق بل الت صدي ل ها ل قد م كر بال سلم أبناؤه وأعداؤه وعبئت للن يل م نه قوى الشرق والغرب وج ند لذلك رجال وأموال‬
‫وألسن وأقلم وكتب وإذاعات ‪.‬‬
‫فرواد الجاهل ية ل يخشون غ ير السلم على زعاماتهم ويدركون أن انت صار الحركة يع نى انكشاف أمرهم وانفضاح مكرهم وبالتالي زوالهم‬
‫عن م سرح الخداع والتضل يل إلى ال بد على طر يق (الب نا ) تلح قت موا كب الشهداء وم شت قوا فل المجاهد ين وتتا بع الز حف العت يد ي صدع‬
‫بالحق عروش الطغاة ويزلزل صروح الظالمين ويلقى في قلوب الذين كفروا الرعب على نفس الطريق مضى العالم الفقيه صاحب ( التشريع‬
‫الجنائي في السلم ) مستعليا بإيمانه وفيا لسلمه ‪.‬‬
‫وعلى ن فس الطر يق م ضى رائد الف كر ال سلمي الحد يث و صاحب ( الظلل والمعالم ) و في الكون صدى ق صيدته الع صماء زغار يد به جة‬
‫وأغاني أعراس للشهيد الجديد ‪..‬‬
‫وبللت قبرى بها في خشوع‬ ‫أخي إن ذرفت على الدموع‬
‫وسيروا بها نحو مجد تليد‬ ‫فأوقد لهم من رفاتي الشموع‬
‫فروضات ربى أعدت لنا‬ ‫أخي إن نمت نلق أحبابنا‬
‫فطوبى لنا في ديار الخلود‬ ‫وأطيارها رفرفت حولنا‬
‫ويشرق في الكون فجر جديد‬ ‫أخي ستبيد جيوش الظلم‬
‫تر الفجر يرمقنا من بعيد‬ ‫فأطلق لروحك أشواقها‬
‫إنه طريق واحد تتزاحم فيه خطى الشهداء وإنها أمنية واحدة ترددها قلوب المؤمنين ( الموت في سبيل ال أسمى أمانينا ) ‪.‬‬

‫كيف نواجه المحن ؟ ‪:‬‬


‫إن الحر كة ال سلمية إذ توا جه اليوم ما توا جه من تحديات وضغوط و هي إذ تكا بد ما تكا بد من م حن وبلء ينب غي أن ت ستوي على ياب سة‬
‫وتستقيم على صخر وبالتالي ينبغي أن تنطلق على هدى فل تتحكم في سيرها النفعالت أو تمتد بها العواطف والطفرات ‪.‬‬
‫إن الحركمة السملمية مدعوة لمواجهمة هذه الحرب السمافرة على السملم وأهله بالصمياغة الحسمنة لشبابهما ورجالهما وبالعداد الكاممل ثمم‬
‫بالتخطيط الواعي لكل خطوة من خطاها ‪ ،‬والحركة السلمية في العصر الحديث ينبغي أن تغرس في نفوس عناصرها ودعاتها روح البذل‬
‫والتضحية بأن تضعهم بين الحين والحين أمام مسئوليات ومهمات تعودهم على الزمن الجرأة والتضحية والقدام ‪ :‬وتستأصل من نفوسهم‬
‫عوا مل الض عف والخوف والنهزام إن الحر كة ال سلمية مدعوة لت ضع في تقدير ها وح سابها في مجالت الترب ية والتكو ين ث قل الم سئولية‬
‫وضخامة التبعة التي تنتظرها وتنتظر أفرادها فتسلك بهم كل ما من شأنه أن يعدهم لحياة المجاهدة والمرابطة والكفاح وتنأى عما يخلد بهم‬
‫إلى الرض ويعودهم حياة الدعة والخنوع ‪.‬‬
‫إن السلم في هذه المرحلة بحاجة إلى العناصر المتحركة الجريئة الناضجة أما العناصر الخاملة البليدة فلنها ليست في مستوى المعركة‬
‫التي يخوضها السلم اليوم فليتقدم لحمل المسئوليات أندادها وليبرز إلى المعركة أكفؤها وصدق رسول ال صل ال عليه وسلم حيث يقول ‪:‬‬
‫( رحم ال امرءا عرف حده فوقف عنده )‪.‬‬

‫المنعطفات الكبرى في حياة الدعاة‬


‫‪ #‬الزواج ‪-‬المنعطف الول‬
‫‪ #‬الثراء ‪-‬المنعطف الثاني‬
‫على دروب الحياة عقبات كثيرة ومنعطفات خطيرة تعترض سمبيل الدعاة إلى ال وتتهدد مصمير العامليمن للسملم ‪...‬لكمن العداد السمليم‬
‫والتوج يه القو يم ودوام التحذ ير والتذك ير من شأ نه أن يك سب الفراد منا عة تقي هم غوائل النحراف والتردي وتعد هم على الز من لمواج هة‬
‫مفتن الدنيا ومغرياتها ‪.‬‬
‫والواقمع ‪..‬أن أكثمر الدعاة فمي هذه الزممن تنقصمهم المناعمة النفسمية القويمة تجاه الغراء والغواء ‪...‬فالفكار والمفاهيمم تبقمى شعارات‬
‫ونظريات فارغة ما لم يعد أصحابها والمؤمنين بها إعدادا علميا حسيا يتناسب مع كل ما ينتظرهم في غدهم وفي المستقبل دعوتهم من‬
‫مفاجآت ‪....‬وما لم تتجسد في حياة الدعاة قيم الدعوة ومثلها ‪..‬ويصبح السلم لديهم مقياس كل حكم ومفتاح كل قضية ومصدر كل تصور‬
‫فلن يطول بهم الزمن حتى يميل بهم الهوى وتبعث بهم النزوات ‪...‬‬
‫ومما يزيد المشكلة حدة أن دعاة السلم يعيشون في (مجتمع جاهلي ) ل يمت إلى جوهر الدين بصلة ‪...‬المجتمع تحلل من كل القيم والمثل‬
‫‪..‬وتعطلت ف يه حواس الخ ير ‪..‬مجت مع ازدح مت ف يه عوا مل الف ساد ح تى أ صبح الته تك والباح ية عنوان التقدم والتحض ير وغدا التورع‬
‫والتدين رمز الرجعية والتأخر ‪....‬‬
‫فإذا لم يكن دعاة السلم على جانب كبير من عمق العقيدة وسمو الخلق وقوة اليمان ‪..‬وإذا لم يكونوا شديدي المحاسبة لنفسهم ‪...‬دائمي‬
‫المراق بة لربهم ‪..‬متورعين عن الشبهات ‪...‬مقبل ين على الطاعات ‪.‬حري صين على النوا فل والعبادات فسيصابون حتما بلوثات هذا المجتمع‬
‫‪..‬وسينالهم نصيب كبير من شذوذه وانحرافه ‪.‬‬
‫وفي هذه العجالة سأتناول بالبحث أخطر منعطفين في حياة الدعاة وكيف يمكن تجاوزها بأمان وسلم بإذن ال ‪...‬‬

‫المرأة ‪....‬المنعطف الول‪:‬‬


‫تلعب المرأة في حياة الدعاة ‪ -‬بل وفي حياة الناس أجمعين ‪-‬دورا بالغ الثر ‪...‬فهي إما أن تكون مصدر نعمة أو مبعث نقمة ‪.‬‬
‫وفي حياة (الدعوة ) صور عديدة لكل الحالتين ‪...‬فمن الدعاة من حسن بعد الزواج إسلمهم واستقام خطوهم وكثر إنتاجهم ومنهم من تردت‬
‫بعد الزوج حياتهم فساء إسلمهم وفسدت أخلقهم ثم انطوى ذكرهم عن مسرح الدعوة ووجودها ‪.‬‬
‫ولشك أن لكل نتيجة من هذه النتائج أسبابها ومسبباتها وكما يقول المثل ‪(:‬البعرة تدل على البعير )‪..‬فالذين فشلوا في زواجهم هم الذين لم‬
‫يتقيدوا (بإ سلمية ) الزواج وشرائ طه من أول الطر يق ‪..‬فأعمت هم المظا هر عن الجوا هر وشغلت هم القشور عن اللباب ‪...‬فوقعوا في شر‬
‫فعلتهم وندموا ولكن بعد فوات الوان ‪.‬‬
‫وصيانة للحياة الزوجية من مثل هذه النتكاسات وضع السلم القواعد والسس الكفيلة بتحقيق إسلمية بيت الزوجية وسعادة أفراده وصلح‬
‫ذريته ‪ .‬وإليكم أهم هذه القواعد والسس ‪:‬‬

‫سلمة القصد ‪:‬‬


‫حرص ال سلم على أن يكون الق صد الول من الزواج ‪:‬ا ستكمال الد ين م صداقا لقول الر سول صلى ال عل يه و سلم ‪ (:‬من رز قه ال امرأة‬
‫صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق ال الشطر الباقي ) وفي رواية للبيهقي قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪(:‬إذا تزوج العبد‬
‫فقد استكمل نصف الدين فليتق ال في النصف الباقي )‪.‬‬
‫وحرص السلم كذلك على أن يكون الزواج عاملً أساسيا ‪.‬في تحصين النفس وتزكيتها ودفعها في طريق الطاعة والتعفف ‪ .‬فعن عبد ال‬
‫بن مسعود رضي ال عنه قال ‪ :‬قال ‪ :‬رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪(:‬يا معشر الشباب ‪..‬من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع‬
‫فعليه بالصوم فإنه له وجاء )‪.‬‬
‫يقول أفلطون ‪ :‬إن النسان في قلق دائم وضجر مستمر أو ينظم ثانية إلى جزئه المفصول وشطره المعزول ‪..‬فإذا انضم أحد الشطرين إلى‬
‫الخمر بالزواج كان زواجا مباركا ميمونا ‪....‬وقال الرسمول صملى ال عليمه وسملم ‪(:‬ثلثمة حمق على ال عونهمم ‪:‬المجاهمد فمي سمبيل ال‬
‫والمكا تب الذي ير يد الداء والنا كح الذي ير يد العفاف )‪.‬وكذلك حرص ال سلم على أن يكون الق صد من الزواج ‪:‬بناء الب يت الم سلم ليكون‬
‫(اللب نة ال صالحة ) وحجر الساس في بناء المجتمع السلمي ‪...‬والقرآن الكر يم يعتبر هذا أمن ية غالية من أما ني المؤمنين حيث يصفهم‬
‫بقوله ‪{:‬والذيمن يقولون ربنما همب لنما ممن أزواجنما وذرياتنما قرة أعيمن واجعلنما للمتقيمن إماما} ‪ .‬أمما إذا كانمت رغائب (الجنمس ) مقاصمد‬
‫المتزوجين ‪..‬فستصبح الحياة الجنسية لديهم عبادة ويصبحون هم بالتالي لها عبيدا‪...‬‬

‫حسن الختيار ‪:‬‬


‫ول قد أ كد ال سلم أول ما أ كد على ح سن اختيار شري كة الحياة ورفي قة الع مر ‪.‬واع تبر ح سن الختيار من عوا مل تحق يق ( سلمية )الحياة‬
‫الزوجية ومن تباشير لوفاق ولنس بين الزوجين فقال لرسول صلى ل عليه وسلم ‪(:‬تخيروا لنطفكم فإن العرق نزاع وفي رواية دساس )‪.‬‬
‫ونحن وإن سلمنا بصعوبة وجود (الفتاة المسلمة )في حاضر نا الجتماعي غير أن حسن لختير سيحقق الم ثل فالمثل ‪.‬وقد ل نعدم وجود‬
‫القابليات والستعداد الطبية إن عدمنا وجد العناصر النسائية المطلوبة ‪ .‬السلم أكد على توفر الخلق والدين كشرط أساسي لحسن الختيار‬
‫‪:‬وحذر من مغبة السعي وراء الجمال والمال والنسب ‪.‬وبين أن جمال الخُلق أبقي من جمال الخَلق ‪..‬وأن غني النفس أثمن من غنى المال‬
‫فقال عليمه ال سلم ‪(:‬ل تزوجوا الن ساء لح سنهن فع سى ح سنهن أن يردي هن ول تزوجو هن لموال هن فع سى أموال هن أن يطغي هن ‪..‬ول كن‬
‫تزوجوهن على الدين ولمة خرماء خرقاء ذات دين أفضل )‪.‬‬
‫وحبذا لو يتوفر في المرأة جمال القلب والقالب ‪.‬فهي عندئذ خير النساء لقول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪(:‬خبر نسائكم من إذا نظر إليه‬
‫زوجها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته في نفسه وماله ) ‪.‬‬
‫فليحذر الخوة الذ ين يفتشون عن الشكال ق بل الخ صال و عن الموال دون الخلل ‪..‬ليتمثلوا أو مر ال سلم وليكافحوا رغائب الشيطان في‬
‫نفوسهم وليستجيبوا داعي ال فيهم ‪{:‬وأنكحوا اليامي منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنيهم ال من فضله}‪.‬‬
‫ثم ليعتبروا بقول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪(:‬من تزوج امرأة لعزها لم يزده ال إل ذ ًل ومن تزوجها لمالها لم يزده ال إل فقرا ومن‬
‫تزوج ها لح سبها لم يزده ال إل دناءة ‪.‬و من تزو ج امرأة لم يرد به إل أن ي غض ب صره ويح صن فر جه أو و صل رح مه بارك ال له في ها‬
‫وبارك له فيه )‪.‬‬

‫ل تفريط ول إفراط ‪:‬‬


‫وحذر ال سلم كذلك من عاق بة الن سياق وراء الشهوة وال سراف في العلقات الجن سية ليحا فظ بذلك على شعلة العقول من أن تطفئ ها رياح‬
‫الشهوات وصيانة للنفوس من أن تستعبدها الغرائز والنزوات فقال الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬النساء حبائل الشيطان ولول الشهوة لما‬
‫كان للنساء من سلطنه على الرجال ) وصدق إبراهيم بن أدهم حيث يقول (من تعودوا أفخاذ النساء لم يحي منهم شيء )أي ل يرجى منهم‬
‫خير ‪..‬ويكفي أن يعرف الزواج مدى ما يسببه العمل الجنسي من اختلل عميق في كافة وظائف الجسم حتى يعدلوا عن السراف ويحرصوا‬
‫على التوسمط والقتصماد يقول الدكتور (ج‪.‬مايلن )‪:‬إن نبضات القلب تتسمرع حتمى تكاد تبلغ ‪ ..15‬نبضمة فمي الدقيقمة الواحدة والضغمط‬
‫الشرياني يسجل هو الخر ارتفاعا هائل قد يصل إلى الحد العلى أما التنفس فانه يضاعف سرعته هو الخر والدورة لدموية الدماغية ل‬
‫تسلم كذلك من هذا لتغيير الطارئ فالدماغ يتلقى كمية من الدم أكبر ويجد نفسه في حالة احتقان شديد ولنضف إلى ما تقدم أن حدقة العين‬
‫تتسع والجلد يفرز العرق واللعاب وإفرازات المعدة والهرمونات تزداد غزارة ويتابع الدكتور (مايلن )حديثة فيقول ‪(:‬ينبغي للغريزة الجنسية‬
‫أن تتخذ صفة مثالية كلما تقدم النسان بالعمر على المرء أن ينصرف في كبره إلى العمال الفكرية التي تصرف الذهن عن كل تفكير جنسي‬
‫وهذا ما يثبت صحته رجال انصرفوا إلى الفكر فعاشوا فيما يشبه التبتل والقابليات الفكرية هي آخر ما يضعف عند النسان فمقدور المرء‬
‫حتى سن متقدمة جدا أن يظل مستمتعا بهذه الملذات العقلية المهدئة )‪.‬والواقع أن السلم نهي عن السراف في كل أمر وإن كان حللً طيبا‬
‫والفراط في أي شيء مضر وخير المور أوسطها‪.‬‬
‫وعلى سبيل العلم والمعر فة نذ كر ه نا بأن ( زراد شت ) حدد المدة ب ين الجماع بت سعة أيام وحدد ها ( سقراط ) بعشرة أيام ‪ ،‬أ ما ( لو ثر )‬
‫مؤسس المذهب البروتستانتي فقد نصح بمرتين في السبوع الواحد‪..‬‬

‫شخصية الزوج هي الساس ‪:‬‬


‫وحذر السلم الزوج من التمادي في مجاراة المرأة فيما تهوى حفاظا على شخصية الرجل وقوامته من النهيار والنحسار وفي ذلك الخراب‬
‫كل الخراب لب يت الزوج ية ول من ف يه ويتحدث المام الغزالى عن هذا المع نى في كتاب الحياء فيقول ‪ ( :‬ون فس المرأة على مثال نف سك إن‬
‫ل وإن أرخيمت عذارهما فترا جذبتمك ذراعا وإن كبحتهما وشددت يدك عليهما فمي محمل الشدة ملكتهما )‬
‫أرسملت عنانهما قليلً جمحمت بمك طوي ً‬
‫فشخ صية الر جل تل عب دورا كبيرا في الحياة الزوج ية و ما لم ي كن الر جل في حياة زوج ته كل شئ ت جد ف يه الم ثل العلى والقدوة الح سنة‬
‫وتحمس منمه الحزم والحنان فإن عقمد الزوجيمة سميصاب حتما بالتفكمك وقمد يعتممد بعمض الزواج أن ل بأس ممن التسماهل فمي مطلع الحياة‬
‫الزوج ية فإذا بهم يقعون ضح ية جهله هذا مدى الحياة وال حق يقال أن اليام الولى هي ال تي تر سم م ستقبل الب يت الزو جي كله و من وا جب‬
‫الزواج أن يكونوا أك ثر تح سبا واحتياطا في هذه المرحلة من غير ها ‪ ،‬على الزوج أل يتمادى في اتباع هوى زوج ته إلى حد يف سد خلق ها‬
‫ويسقط بالكلية هيبته عندها وإنما عليه أن يكون حكيما يزن المور بميزان السلم ويضعها في مواضعها ومما يروى عن الحسن بن على‬
‫أنه قال ‪ ( :‬وال ما أصبح رجل يطيع امرأته فيما تهوى إل كبه ال في النار ) وقال عمر بن الخطاب رضى ال عنه‪ ( :‬خالفوا النساء فإن‬
‫في خلفهن البركة ) وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬تعس عبد الزوجة ) وخلصة القول أن الزواج من أخطر المنعطفات التي تمر‬
‫في حياة الدعاة وخسارة كبرى أن يسقط هؤلء عند التجربة الولى بل إن من واجبهم أن يقدموا بين يدي إسلمهم ودعوتهم وقائع نموذجية‬
‫للحياة الزوجية الموفقة وهذا من شأنه أن يكسب الحركة السلمية والقضية السلمية أبرز خصائصها وهي الواقعية ‪...‬‬
‫والحقيقة أن مشكلة الفشل في حياة الدعاة الزوجية باتت من المشكلت الرئيسية لكثرة وقوعها وتزايد خطرها لنها ل تفتأ تفقد الدعوة حينا‬
‫بعد حين زهرة شبابها وخبرة رجالها وإذا كانت الدعوة تستنفد عزيز طاقاتها في تكوين أفرادها فإن من واجبها أن تكون أكثر حرصا على‬
‫صيانة إنتاجها من التلف والبوار وإن كان المهم أن نبنى فمن الهم أن نحافظ على هذا البناء ونصونه من غوائل اليام ‪.‬‬

‫* الدنيا ‪ ..‬المنعطف الثاني ‪:‬‬


‫قلنا فيما تقدم أن حياة الدعاة حافلة بشتى العقبات مليئة بعديد المشكلت ‪ ..‬وما لم تكن الستعدادات الوقائية لدى الدعاة في مستوى يجعلهم‬
‫قادر ين على تخ طى مختلف الظروف بسلم وأمان فان العاق بة قد تكون غ ير مرض ية ومفجعة و من عظ مة هذا الد ين أن نظر ته أحاطت بكل‬
‫الظروف التي يمر بها النسان وتتعرض لها النفس البشرية فبينت أسبابها وعالجت مسبباتها ‪..‬‬

‫نظرة السلم للدنيا ‪:‬‬


‫فال سلم اع تبر الدن يا مر كز التجارب والفحوص البشر ية فد عا الناس لعمارت ها والنتفاع بخيرا ته وثمرات ها ول كن من غ ير تفر يط ول إفراط‬
‫فهو من جانب حض على العمل فيها والكسب منها ومن جانب آخر حذر من أن تصبح غاية ما ترقى إليه النفس ونهاية ما تدركه المال‬
‫فقرر أن الدنيا دار فانية ستمضى فيها البشرية ما قدر لها من عمر ثم نتركها إلى الخرة حيث السعادة والهناء أو التعاسة والشقاء وجاءت‬
‫النذر القرآنية تقول { يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الخرة هي دار القرار }{ فل تغرنكم الحياة الدنيا ول يغرنكم بال الغرور }‪.‬‬

‫عوامل النحراف ‪:‬‬


‫وظني أن عوامل النحراف في حياة الدعاة ل تتعدى سببين رئيسيين ‪:‬‬
‫أولهما ‪-:‬‬
‫افتقار الدعوة إلى الجواء السلمية النظيفة التي تساعدها على صياغة أفرادها صياغة قوية متينة بعيدة عن المؤثرات الخارجية والجواء‬
‫المفروضة ‪.‬‬
‫وثانيهما ‪:‬‬
‫‪ -‬إهمال الحركة السلمية للمناهج التطبيقية في التكوين مما جعل الدراسات السلمية نظرية في أكثر الحيان وجعل القصد منها ل يتعدى‬
‫الثقافة والمتعة والطلع فكثيرا ما كنا نجد في حياة الدعوة خطباء مفوهين ودعاة ل معين وهم أحرص الناس على حياة‬
‫إذ عبت منهم أمورا أنت تأتيها‬ ‫يا واعظ الناس قد أصبحت متهما‬
‫والموبقات لعمري أنت جانيها‬ ‫أصبحت تنصحهم بالوعظ مجتهدا‬
‫وأنت أكثر الناس رغبة فيها‬ ‫تعيب دنيا وناسا راغبين لها‬
‫وقد نرى أفرادا مخلصين وإخوانا مندفعين ل تكاد أيديهم ت صل إلى شئ من متاع الحياة ح تى يخروا صاغرين ‪ ..‬وكثيرون هم الذين حلقوا‬
‫في آفاق الدعوة وبلغوا منازل القيادة ثم سقطوا إلى الرض صرعى المغريات والمفا تن ورضوا بالحياة الدن يا من الخرة { فأ ما من ط غى‬
‫وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى }‪.‬‬

‫نهج السلم في التكوين ‪- :‬‬


‫ول قد ن هج ال سلم في تكو ين الشخ صية الن سانية طريق ين لي صل ب ها إلى ذروة الكمال البشرى ف هو ل مس أول ما ل مس مكا من ال حس‬
‫والشعور والتصور والتفكير عند النسان لتلفته إلى حقائق المور وجواهر الشياء وليكون تعلقه بها وسعيه دائما وأبدا وراءها ‪.‬‬
‫أول ‪:‬‬
‫‪ -‬بين له مقام الدنيا من الخرة ومدى صغارها وتفاهتها عند ال حفاظا عليه من فتنتها وغوايتها { قل متاع الدنيا قليل والخرة خير لمن‬
‫اتقى } ومن لفتات الرسول صلى ال عليه وسلم إلى حقيقة الدنيا أنه مر وأصحابه يوما بشاة ميتة فقال لهم ‪ ( :‬أرأيتم هذه هانت على أهلها‬
‫؟ قالوا ‪ :‬و من هوان ها ألقو ها يا ر سول ال فقال ‪ :‬للدن يا أهون على ال من هذه على أهل ها ) وقال أ بو هريرة ر ضى ال ع نه ‪ :‬قال ر سول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬يا أبا هريرة أل أريك الدنيا جميعها بما فيها؟ فقلت بلى يا رسول ال فأخذ بيدي وأتى بي واديا من أودية المدينة‬
‫فإذا مزبلة فيها رؤوس الناس وعذراتهم وخرقهم وعظامهم ثم قال ‪ :‬يا أبا هريرة هذه الرؤوس كانت تحرص كحرصكم وتأمل كأملكم ثم هي‬
‫اليوم عظام بل جلد ثم هي صائرة رمادا وهذه العذرات هي ألوان أطعمتهم اكتسبوها ثم قذفوها في بطونهم فأصبحت والرياح تصفقها وهذه‬
‫العظام عظام دوابهم التي كانوا ينتجعون عليها أطراف البلد فمن كان باكيا على الدنيا فليبك قال فما برحنا حتى اشتد بكاءنا )‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬‬
‫‪ -‬حذر السلم من أن تصبح الدنيا مبلغ التنافس بين الناس فقال الرسول صلى ال عليه وسلم ( وال ما الفقر أخشى عليكم ولكنى أخشى‬
‫أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم ) ولقد بين الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫أن الحرص على الدن يا يورث الط مع في ها والنشغال ب ها وتكر يس الحياة ل ها فقال ‪ ( :‬من أ صبح والدن يا أ كبر ه مه فل يس من ال في شئ‬
‫وألزم ال قلبه أربع خصال ‪ :‬هما ل ينقطع عنه أبدا وشغل ل يتفرغ منه أبدا وفقرا ل يبلغ غناه أبدا وأملً ل يبلغ منتهاه أبدا ) ‪.‬‬
‫ثالثا ‪:‬‬
‫‪ -‬وحذر السلم من أن يطغى حب الدنيا على القلوب فيشغلها عن التزود لخرتها فحض على الزهد بها وتخليص النفس من أسرها فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬من أحب الدنيا وسر بها ذهب خوف الخرة من قلبه ) ‪.‬‬
‫وفلسفة الزهد في السلم ل تحول بين المرء وبين السعي والعمل والنتاج وعمارة الدنيا كما يفهم بعض الناس وإنما غايتها صيانة النفس‬
‫من عبودية الحياة مع صريح الدعوة إلى السعي والعمل ولقد سئل الرسول صلى ال عليه وسلم عن حقيقة الزهد فقال ‪ ( :‬أما أنه ما هو‬
‫بتحر يم الحلل ول إضا عة المال ول كن الزهد في الدن يا أن تكون ب ما في يد ال أغ نى م نك ب ما في يدك ) و سئل المام أح مد بن حن بل هل‬
‫يكون المرء زاهدا وم عه ألف دينار قال ‪ :‬ن عم ق يل و ما آ ية ذلك قال ‪ :‬آي ته أ نه إذا زادت ل يفرح وإذا نق صت ل يحزن ‪ ..‬والدعاة اليوم في‬
‫خطر شديد من أن تستدرجهم دنياهم وتنحط بهم شهواتهم فيبدأون بالصغائر ثم يقعون في الكبائر وهذه الدنيا التي أخذت زخرفها وازينت‬
‫واكتملت مفاتنها وتعددت ل ينبغي التساهل معها والخلود إليها فمن تساهل فيها قرضت إيمانه وأفسدت إسلمه وصدق محمد بن عبد ال‬
‫صلى ال عليه وسلم حيث يقول محذرا ‪ ( :‬لتأتينكم بعدي دنيا تأكل إيمانكم كما تأكل النار الحطب ) ‪.‬‬
‫فليتمق الدعاة صمواعق السمماء ونزر العذاب وهمم يخوضون الغمرات ويواجهون المنعطفات { أولئك الذيمن اشتروا الحياة الدنيما بالخرة فل‬
‫يخفف عنهم العذاب ول هم ينصرون } ‪.‬‬
‫رابعا ‪:‬‬
‫‪ -‬حض ال سلم على أن يكون الهدف من عمارة الدن يا والع مل في ها وا ستخراج كنوز ها واكتشاف مجهول ها وت سخير أفلك ها إقا مة الخ ير‬
‫وتحقيق العدل واتباع الحق وليس في ميزان السلم فضل لمن ضل هذا الطريق بالغ ما بلغ من العلم والمعرفة والقوة لنه سيكون سببا في‬
‫خراب الدن يا ودمارها واللف تة القرآن ية تل مس صميم هذا المع نى ح يث تقول { من كان ير يد الحياة الدن يا زينت ها نوف إليهم أعمالهم فيها‬
‫وهم فيها ل يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الخرة إل النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون }‪.‬‬

‫* التربية العملية في السلم ‪- :‬‬


‫والسلم لم يكتف بصياغة النظريات في تكوين الفراد وإنما سلك بهؤلء السبيل التطبيقي العملي والمناهج التربوية التجريبية ومن يراقب‬
‫عن ك ثب نماذج التكو ين الت طبيقي في عهد النبوة سيقف على كث ير من اللفتات والطرائق العمل ية في التكو ين والترب ية فالر سول صلى ال‬
‫عل يه و سلم يك تف من الم سلمين ب ما أ صابوه في دار الر قم من ف قه وتوج يه وإن ما خرج إلى المجت مع الجاهلي يتحدى ب هم أفكار الناس‬
‫ومعتقداتهم ويخوض مع الجاهل ية حربا سافرة هدفها الول والخ ير إعلن العبود ية ل في الرض والخضوع ل سلطانه والنقياد لمره ول قد‬
‫هانت الدنيا في أعين أولئك فكانت بكل ما فيها من مغريات ومفاتن ل ترقى إلى مواطئ أقدامهم حتى وصفهم أعداؤهم بأنهم قوم الموت أحب‬
‫إلى أحدهم من الحياة والتواضع أحب إلى أحدهم من الرفعة ليس لحد منهم في الدنيا رغبة ول نهمة إنما جلوسهم على التراب وأكلهم على‬
‫ركبهم ‪.‬‬
‫كان م صعب بن عم ير وح يد أ مه صاحبة الثراء والجاه وكا نت كل فتاة في م كة تتمناه زوجا ل ها ورفيقا لعمر ها وعند ما أ سلم هدد ته أ مه‬
‫بحرما نه من ثروت ها فلم يبال ثم أق سمت أن ل تذوق طعاما قط ح تى يترك ال سلم فلم يزد أن قال ب كل إبمان وت صميم ‪ ( :‬وال يا أماه لو‬
‫س ما تركت دين محمد ) ولقد حدث الذين كانوا يعرفونه في جاهليته أنهم شاهدوه بعد السلم يسير في‬
‫كانت لك مائة نفس خرجت نفسا نف ً‬
‫طريق مكة وليس عليه إل أثمال بالية ل تكاد تستر جسده وكانت الهجرة حلقة أخرى من حلقات التكوين العملي في المسلمين دعوا فيها إلى‬
‫التخلي عن كل ما يملكون وترك البلد الذي ف يه يعيشون و في هذه ما ف يه من تع طل العمال وبوار التجارة ومفار قة ال هل والعشيرة ول قد‬
‫استجاب المؤمنون لنداء الهجرة وأهدروا في سبيل السلم كل مصالحهم وضحوا بأعز ما لديهم ‪.‬‬
‫ويروى أن صهيبا الرومي حين خرج مهاجرا تصدى له كفار قريش في الطريق وقالوا له لقد أتيتنا صعلوكا حقيرا فكثر مالك عندنا وبلغت‬
‫الذي ثم تر يد أن تخرج بمالك ونف سك وال ما يكون ذلك فقال ل هم صهيب ‪ :‬أرأي تم إن جعلت ل كم مالي أتخلون سبيلي ؟ قالوا ن عم فقال ‪:‬‬
‫فإني جعلت لكم مالي ولما بلغ ذلك رسول ال قال ( ربح صهيب ربح صهيب )‪.‬‬
‫هكذا تجسدت مبادئ السلم في حياة الدعاة كان سلوكهم اليومي وتصرفهم الخاص والعام واقعا حركيا للنظرية السلمية وهذا ما مكنهم من‬
‫مجاوزة جميع المنعطفات ومواجهة كل العقبات بنجاح ‪.‬‬
‫والحركة السلمية في هذا الزمن بأمس الحاجة إلى أن تجتاز بدعاتها مناهج عملية تطبيقية من شأنها أن تستخلص من شأنها الحاجة إلى‬
‫أن تستخلص من نفوسهم عوامل الضعف والوهن وتعدهم لمواجهة مختلف الحتمالت والفرص ‪{...‬والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإن‬
‫ال لمع المحسنين }‪.‬‬
‫الداعية بين الفهم والتطبيق‬
‫‪ #‬التفاعل والتطبيق‬ ‫‪#‬الفهم الصحيح‬
‫‪#‬بين السر والعلنية ‪.‬‬ ‫‪#‬علم وعمل‬
‫في رأى أن م سئولية الدعاة تجاه أنف سهم أض خم بكث ير من م سئولياتهم تجاه المجت مع ‪....‬وخطورة التق صير في ما للدعاة على أنف سهم من‬
‫واجبات يفوق خطورة التقصير فيما للمجتمع عليهم من حقوق فالدعاة ينبغي أن يكونوا قدوة حسنة للمجتمع الذي يعيشون فيه ‪...‬تبدو في‬
‫حياتهم آثار الرسالة التي يدعون الناس إليها ‪...‬وترتسم في خطاهم ملمح المبادئ التي يحملونها ‪.....‬وبذلك يحس كل من حولهم ويشعر‬
‫بالوجود الحركي لهذا الدين وبالتحرك العضوي له وفي هذا ما فيه من أثر بالغ في مجالت الدعوة والتبليغ ‪ .‬ولقد صفع القرآن الكريم أولئك‬
‫الذين يعظون الناس ول يتعظون وينهونهم ول ينتهون فقال تعالى {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفل تعقلون }‪.‬‬
‫{يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ا مال تفعلون كبر مقتا عند ال أن تقولوا ما ل تفعلون}‪.‬ومن هنا كان على الداعية أن يبدأ بنفسه أول ‪...‬‬

‫الفهم الصحيح ‪:‬‬


‫يبدأ بفهم السلم فهما صحيحا عميقا من أصوله ومنابعه الولى ‪...‬من القرآن الكريم والسنة المطهرة ومن السيرة النبوة المعطرة ‪..‬ثم ما‬
‫تذخر به المكتبة السلمية الحديثة من مؤلفات قيمة ثمينة حتى يتكون لديه تصور صحيح عن هذا الدين ‪.‬عن أحكامه وتشريعاته ‪...‬وعن‬
‫خصائصه وميزانه ‪...‬عن عقائده وعبادته ‪....‬وعن أهدافه وغاياته في النفس والمجتمع والدولة ‪...‬وعلى الداعية أن يكون مطلعا على حياة‬
‫النبوة والنبياء من خلل المواقف والحداث والصبر والثبات والبذل والجهاد من خلل السلوك والمعاملة والخلق والعبادة ‪.‬‬
‫وأن يوجه اهتمامه بصورة خاصة إلى القرآن ‪:‬ربيع قلبه ونور بصيرته ومنهج حياته ‪...‬وأن يكون تلقيه لّيات ال وتأثره بها كمن يهبط‬
‫عليه الوحي لول مرة فيدرك أنه المقصود بكل خطاب ‪......‬وأنه المعني في كل أمر ‪...‬وهذا ما يحقق التفاعل معه والتأثر به والندماج في‬
‫أجوائه والفادة منه ‪.‬وإنما تستوي قلوب الدعاة وتثبيت أقدامهم وتستقيم حياتهم بقدر ما يتسع اطلعهم على هذا القرآن ويعمق فهمهم له‬
‫وبقدر تفاعل هم مع الد ين وتأثر هم به و صدق ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ح يث يقول ‪ (:‬من يرد ال به خيرا يفق هه في الد ين ) وقوله‬
‫صلى ال عل يه و سلم ‪(:‬الناس معادن خيار هم في الجاهل ية خيار هم في السلم إن فقهوا )‪........‬والنفوس من السلم كالتر بة من الم طر‬
‫‪....‬ومنها ما ل تنتفع به ول تنفع ‪.‬ولقد ضرب الرسول صلى ال عليه وسلم في ذلك مثل فقال ‪(:‬مثل ما بعثني ال به من الهدى والعلم‬
‫كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها (نقية) قبلت الماء فأنبتت الكل والعشب الكثير ‪...‬وكانت منها (أجادب )أمسكت الماء فنفع ال بها‬
‫الناس فشربوا و سقوا وزرعوا ‪...‬وأ صاب من ها طائ فة أخرى إن ما هي(قيعان ) ل تم سك ماء ول تن بت كل فذلك م ثل من ف قه في د ين ال‬
‫ونفعه ما بعثني به فعلم وعلم ‪.....‬ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى ال الذي أرسلت به ‪)...‬‬
‫وحري بالدعاة أن يبادروا إلى تعلم ال سلم شبابا مبكر ين ق بل أن تمت صهم المشا غل وتض يق ب هم الوقات ‪...‬ور ضي ال عن المهلب ح يث‬
‫يوصي أولده فيقول ‪(:‬تعلموا قبل أن تسودوا حتى ل تشغلكم السيادة عن العلم‪.)....‬‬

‫التفاعل والتطبيق ‪- :‬‬


‫وإذا كان الدعاة بحاجة إلى الفهم السليم عن السلم والتصور الكامل له فهم إلى التفاعل معه أحوج أنهم بحاجة إلى التطبيق العملي لمبادئه‬
‫وأفكاره وسلوكه لتكون حياتهم ترجمانا مبينا لمنطوق السلم صورة كريمة لمعطياته ‪....‬‬
‫إن على الدعاة أن يترسموا خطى الدعوة في كل شأن من شؤونهم ‪ ...‬في أقوالهم وأفعالهم في حياتهم الخاصة والعامة في أنفسهم كأفراد‬
‫وفي بيوتهم كأزواج وآباء وفي مجتمعاتهم كعمال أو أرباب عمل أو موظفين وهذا ما يؤكد عليه على بن أبى طالب كرم ال وجهه بقوله ‪:‬‬
‫( من ن صب نف سه للناس إماما فليبدأ بتعل يم نف سه ق بل تعل يم غيره ولي كن تهذي به ب سيرته ق بل تهذي به بل سانه ومعلم نف سه ومهذب ها أ حق‬
‫بالجلل من معلم الناس ومهذبهم )‪.‬‬
‫وهل يجنى الذين يقولون ما ل يفعلون ويعظون ويرشدون ول يسترشدون إل سخرية العباد وسخط رب العباد يخسرون دينهم ودنياهم وذلك‬
‫هو الخسران المبين قال الشعبي ‪ ( :‬يطلع يوم القيامة قوم من أهل الجنة على قوم من أهل النار فيقولون لهم ‪ :‬ما أدخلكم النار وإنما أدخلنا‬
‫الجنة بفضل تأديبكم وتعليمكم ؟ فيقولون ‪ :‬إنّا كنا نأمر بالخير ول نفعله وننهي عن الشر ونفعله )‬
‫ومن هنا كان من واجب الدعاة أن يتشددوا بالحساب على أنفسهم ويأخذوا ذواتهم بالعزائم حتى تستقيم على طاعة ال عز وجل ‪.‬‬
‫وروى أن ال تعالى قال لعيسى عليه السلم ‪ ( :‬يا ابن مريم عظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس وإل فاستحيى منى ) ‪.‬‬

‫بين السر والعلنية ‪- :‬‬


‫ولي كن الداع ية أحرص على إ صلح سره م نه على إ صلح جهره ولي كن اهتما مه بنظا فة باط نه أك ثر من اهتما مه بنظا فة ظاهرة وحبذا لو‬
‫تح قق الثنان ‪ .‬على الداع ية أن يكون صريحا مع نف سه فل يخادع ها و مع الناس فل يرائي هم ول ينافق هم ولي سمع كل داع ية ما يقوله ا بن‬
‫السماك في هذا المعنى ‪ ( :‬كم من مذكر بال ناس ل بعيد عن ال وكم من داع إلى ال فار من ال وكم من تال لكتاب ال منسلخ عن آيات‬
‫ال ) ‪ .‬فالداع ية ينب غي أن يخ شى ال ل الناس ويخلص له في سره وجهره فل يكون في ظاهره ملكا و في باط نه شيطانا وليحذر أن يكون‬
‫م من عنا هم ال بقوله { ي ستخفون من الناس ول ي ستخفون من ال و هو مع هم } وليعلم أن ال قر يب م نه مطلع عل يه يعرف سره ونجواه‬
‫{ ما يكون من نجوى ثل ثة إل هو رابع هم ول خم سة إل هو سادسهم ول أد نى من ذلك ول أك ثر إل هو مع هم أين ما كانوا ثم ينبئ هم ب ما‬
‫عملوا يوم القيامة إن ال بكل شئ عليم }‪.‬‬

‫ورحم ال رابعة حيث كانت تردد‬


‫أما استحييت تعصيني‬ ‫إذا ما قال لي ربى‬
‫وبالعصيان تأتيني‬ ‫وتخفي الذنب من خلقي‬
‫يحاسبني ويقصيني‬ ‫فما قولي له لما‬
‫وصفوة القول في هذا أن مسئولية الدعاة تجاه المجتمع يجب أل تشغلهم عن مسئوليتهم تجاه أنفسهم وانشغالهم بإصلح الناس ينبغي أن ل‬
‫يصرفهم عن إصلح حالهم وواجبهم أن يؤدوا المسئولية حقها في أنفسهم وفي مجتمعهم ‪.‬‬

‫‪ #‬القيادة بين التوجيه والتنظيم‬


‫‪ #‬أهمية التنظيم‬
‫‪ #‬القيادة مصدر التنظيم‬
‫‪ #‬تعريف القيادة‬
‫‪ #‬الصفات القيادية‬
‫في اعتقادي أن الدعوة ال سلمية في هذا الز من تش كو في ما تش كو م نه فقرا في التنظ يم ول أح سبنى مبالغا إذا قلت أن عنا ية الحر كة في‬
‫تهيئة دعاة موجهين وخطباء مرشدين يفوق عنايته في تكوين قادة منظمين وحتى هذه النسبة الضئيلة في مجال التكوين التنظيمي فغالبا ما‬
‫تسوقها الصدف وقلما يأتي بها القصد والتصميم ‪....‬‬
‫وحتمى المراكمز ( القياديمة ) فمي حياة الدعوة فقمد بات ل يرشمح لهما إل أصمحاب الكفايات ( العلميمة والتوجيهيمة ) دونمما نظمر إلى القدرات‬
‫التنظيمية فل يكاد يبرع أخ في ( الخطابة ) أو ينال آخر ( مؤهل علميا ) حتى يرى نفسه محمولً لتسلم مسئولية من المسئوليات التنظيمية‬
‫ل وهذا ما كان يؤدى في غالب الحيان إلى إخفاقه في كثير من المهمات وبالتالي إلى خسارة الخ نفسه بسبب من ردود‬
‫قد ل يكون لها أه ً‬
‫ل ما كا نت تد فع إلى‬
‫الف عل النف سية ال تي ت صيبه من جراء فشله المتل حق ‪ .‬والمؤ سف أن هذه الحوادث على تتابع ها وتكرار وقوع ها قلي ً‬
‫التفكير والعمل على معالجتها ووضع حد لها ‪.‬‬
‫أهمية التنظيم ‪:‬‬
‫ويمكن نا القول بأن ( التنظ يم ) من أقوى عوا مل نجاح الحركات ف كم من حركات سياسية وحزب ية نج حت بف ضل التخط يط الوا عي والتنظ يم‬
‫الدقيق وأخرى فشلت بسبب الفوضى والرتجال ‪..‬‬
‫وطبيعة السلم تأبى أي شكل من أشكال الفوضى وأي نوع من أنواع الرتجال وليس في الدنيا منهج عنى بتنظيم دقائق الحياة النسانية‬
‫حتى اليومية والخاصة منها عناية السلم ‪.‬‬
‫إن الحركة السلمية تعانى من ضعف المكانيات التنظيمية في أجهزتها المختلفة مما يسبب في كثير من الحيان استنفاد الجهود وضياع‬
‫الوقات من غير طائل ولذلك كان من أهم موضوعات التنظيم ما يتعلق بالقيادة وخصائصها وصفاتها‪.‬‬

‫‪ #‬ما هي القيادة ‪:‬‬


‫فالقيادة كل قيادة هي فن معاملة الطبيعة البشرية والتأثير في السلوك البشرى وتوجيهه نحو هدف معين وبطريقة تضمن بها طاعته وثقته‬
‫واحترامه ويتوقف نجاح ( القائد ) في مهمته هذه على مدى ما يتصف به من مزايا وخصائص علما بأن هناك بعض الصفات الفطرية التي‬
‫قد تساعد على تنمية المكانيات القيادية ولكن إلى حد معين وبقدر معلوم ‪ ....‬ول بد من استكمال ( الشخصية القيادية ) من قدرات أخرى‬
‫فكرية وروحية وجسمية وتنظيمية وأخلقية وشخصية ‪.‬‬
‫ومركز ( القائد ) في الحركة كل حركة مركز حساس وما لم تتوفر في شخصيته الصفات القيادية اللزمة فسيبقى المركز القيادي مزعزعا‬
‫مضطربا بالغا ما بلغ القائد من الثقافة الفكرية أو القدرة الخطابية لن منطق الحركة غير منطق الكلم ‪...‬‬
‫والدعوة جهاز حركمي متكاممل ل يمكمن أن يتحكمم في ضبمط حركاتمه وتقديمر خطأه وتوجيمه سيره وانفعالتمه إل منطمق التنظيمم والتخطيمط‬
‫والنضباط ‪.‬‬

‫‪ #‬الصفاء النفسي والعبق الروحي ‪:‬‬


‫إن من أهم ما ينب غي أن يتم تع به القائد الم سلم صفاء الن فس وع بق الروح وعل يه أن ي ستشعر ث قل الما نة ال تي يحمل ها وأ نه أولى الناس‬
‫بتأديت ها والتفا عل مع ها ك ما ينب غي أل ت صرفه م سئولياته القياد ية وواجبا ته العا مة مه ما كثرت وتضخ مت عن الهتمام بنف سه والنشغال‬
‫بعيوبه وتمحيص ذنوبه ول يخدعنه ما يقوم به من أعمال متلحقات فقد تفقد هذه العمال عنصر ( الخلص ) وتصبح عند ال رمادا تذروه‬
‫الرياح فال ل يق بل إل ما ز كا وطاب و صدق ال العظ يم ح يث يقول { وقدم نا إلى ما عملوا من ع مل فجعلناه هباء منثورا } عل يه أن يكون‬
‫دائم المراقبة ل دائم التفكير بالموت والقبر والجنة والنار حسن العبادة كث ير التنقل محافظا على قيام الل يل { إن ناشئة الل يل هي أشد و طأ‬
‫ل }‪.‬‬
‫وأقوم قي ً‬

‫‪ #‬الصحة البدنية والقوة الجسدية ‪:‬‬


‫وعلى القائد أن ل يهمل شأن صحته وجسمه فالمؤمن القوى خير وأحب إلى ال من المؤمن الضعيف وتكاليف الدعوة وأعباء المسئولية ل‬
‫يقوى على النهوض بها ضعاف الجسام سقام البدان ‪.‬‬
‫إن مركز القيادة مركز التفكير الدائب و العمل المتواصل والجهاد المستمر ‪ ،‬وهذه القدرات مرتبطة ارتباطا عصبيا بمراكزها العضوية من‬
‫الج سم و ما لم ت كن العضاء والحواس والجهزة كل ها بحالة سليمة ونشي طة ف ستفقد القدرة على إمداد الن سان بحاجا ته ومتطلبا ته الحيو ية‬
‫الصحية ‪.‬‬

‫‪ #‬القدرات العقلية والغذية الفكرية ‪:‬‬


‫والعقل كذلك بحا جة إلى المواد الغذائ ية ال تي تح قق نموه ونض جه واتزا نه والغذ ية الفكر ية بالن سبة للقائد يجب أن تكون منو عة فل يقولن‬
‫قائل أننمي اكتفمي بالثقافمة السملمية ممن دون سمائر الثقافات وإذا كان هذا المنطمق مقبولً فمي الماضمي فإنمه مرفوض اليوم وقمد اختلطمت‬
‫الصميحات وتباينمت الراء والمفاهيمم وتعددت الثقافات ومما لم ي كن القائد على م ستوى ح سن ممن الثقا فة والطلع مواكبا الحياة ال سياسية‬
‫وأحداثها اليومية فقد ل يتمكن من مواجهة المسئولية ومغالبة التحديات وقيادة الركب قيادة رشيدة واعية ‪.‬‬

‫صفات لزمة للقيادة ‪:‬‬


‫‪ - 1‬معرفة الدعوة ‪:‬‬
‫ولمعرفمة القائد لدعوتمه تماما يلزم أن يكون ملما جيدا بشئونهما الفكريمة و التوجيهيمة و التنظيميمة ‪ ،‬مواكبا لنشاطهما مطلعا على أعمالهما‬
‫وتصرفاتها ‪.‬‬
‫وضمان نجاح القيادة إن ما يكون في تلحم ها مع القاعدة وعدم انف صالها عن المو كب المتحرك أو انعزال ها في صومعة بل إن الم سئولية‬
‫القياد ية لتتطلب من صاحبها الت صال الدائم بالجنود والتعرف على آرائ هم ومشكلت هم و في ذلك ما ف يه من اطلع ودرا سة تجريب ية مفيدة‬
‫للجانبين ‪.‬‬
‫‪ - 2‬معرفة النفس ‪:‬‬
‫ومن واجب القائد أن يعرف مواطن القوة والضعف في نفسه والقائد الذي ل يعرف قدراته وإمكاناته ل يمكن أن يكون قائدا ناجحا بل ربما‬
‫جر على دعوته الكوارث والضرار ولذلك يجب ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أن يتعرف إلى نقاط الضعف لديه ويعمل على تقويتها‬
‫ب ‪-‬أن يكتشف مواطن القوة عنده ويسعى لدفعها وتنميتها‬
‫ج ‪ -‬أن يحرص على تنمية الثقافة العامة والطلع على مختلف الموضوعات والراء والفكار السياسية والجتماعية والقتصادية الخ ‪..‬‬
‫د ‪ -‬أن يعنى بدراسة شخصيات القادة المسلمين وغيرهم والتعرف على طرق وأساليب قياداتهم وأسباب وعوامل نجاحهم أو فشلهم‪.‬‬

‫‪ - 3‬الرعاية الساهرة ‪:‬‬


‫وقيام القائد بملحظة الفراد وتعرفه عليهم جيدا واطلعه على أحوالهم وأوضاعهم الخاصة والعامة ومشاركتهم كل هذه مما يساعده على‬
‫ضبطهم وكسب ثقتهم وبالتالي على حسن الستفادة من طاقاتهم‪.‬‬

‫‪ - 4‬القدوة الحسنة ‪:‬‬


‫والفراد ينظرون دائما ويتطلعون إلى قادتهمم كأمثلة حسمنة يقتدون بهما ويحذون حذوهما فسملوك القائد ونشاطمه وحيويتمه وأخلقمه وأقواله‬
‫وأعماله ذات أ ثر فعلى على الجما عة بأكمل ها فالر سول صلى ال عل يه و سلم كان ن عم القدوة ل صحابته { ل قد كان ل كم في ر سول ال أ سوة‬
‫ح سنة } و صحابته رضوان ال علي هم كانوا أئ مة صالحين وهداة مهتد ين و صفهم ر سول ال صلى عل يه و سلم بقوله ( صحابتي كالنجوم‬
‫بأيهم اقتديتم اهتديتم )‪.‬‬

‫‪ - 5‬النظر الثاقب ‪- :‬‬


‫قدرة القائد على إجراء تقدير سريع وسليم لي موقف والوصول إلى قرار حاسم في شتى الحوال والظروف من شأنه أن يكسبه ثقة الفراد‬
‫وتقديرهم ‪ ،‬أما التردد والغموض والحيرة والرتباك فمن شأنه أن يخلق الفوضى ويضعف الثقة ويفقد النضباط وصدق رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم حيث يقول ( إن ال يحب البصر الناقد عند ورود الشبهات والعقل الكامل عند هجوم الشهوات ) ‪.‬‬

‫‪ - 6‬الرادة القوية ‪- :‬‬


‫وهي صفة طبيعية إن وجدت في القائد استطاع أن يجذب القلوب بدون تكلف وهذا العنصر من أقوى العناصر التي تتكون منها الشخصية‬
‫القيادية ‪.‬‬
‫‪ -7‬الجاذبية الفطرية ‪:‬‬
‫وهى صفة طبيعية إن وجدت في القائد استطاع أن يجذب القلوب بدون تكلف ‪ ،‬وهذا العنصر من أقوى العناصر التي تتكون منها الشخصية‬
‫القيادية ‪.‬‬

‫‪ - 8‬التفاؤل ‪- :‬‬
‫ويعتبر التفاؤل من المور الجوهرية اللزمة للشخصية القيادية ولذا يجدر بالقائد أن يكون دائما في تفاؤل متطلعا أبدا بأمل وانشراح دون‬
‫أن يصرفه ذلك عن التحسب لما قد تخبته اليام من مفاجآت‪.‬‬
‫إن اليأس عا مل خط ير من عوا مل النهيار والدمار في حياة الفراد والجماعات ‪ ...‬ول يجوز أن ي سمى ( اليأس ) حك مة و ( ال مل ) خ فة‬
‫وتهورا ‪ ...‬كما ل يجوز أن يخضع المل لجوامح العاطفة وطفراتها وإنما ينبغي أن يتلزم مع العقل والتقدير ‪.‬‬
‫والقيادة طلي عة الر كب ورأس القافلة وتأثير ها على ال صف بل يغ وعم يق فإن هي تخاذلت ويئ ست عر ضت ال صف للتخاذل واليأس وإن هي‬
‫صممدت أمام الملمات وثبتمت فمي وجمه التحديات أشاعمت فمي نفوس الفراد والجنود روح الممل والقدام ‪ ...‬فكيمف والسملم اليوم يخوض‬
‫معر كة م صير في الدا خل والخارج وعلى كا فة الم ستويات ومختلف الجبهات فل يجوز بحال الفرار من الز حف والتولي ع نه وإن ما ينب غي‬
‫ال صمود وال صرار ‪ ،‬ال صمود في المعر كة وال صرار على مجاهدة البا طل ب كل مقومات الجهاد { ح تى ل تكون فت نة ويكون الد ين كله ل }‬
‫ومواقف النبوة الخالدة مراكز ثقل في ماضينا السلمي ومواطن تأس واعتبار في حاضرنا الحركي يجب الوقوف عندها طويلً ‪ ...‬لقد واجه‬
‫الر سول صلى ال عل يه وسلم في دعو ته حملت منظ مة من الضطهاد والذى والتشكيك استعمل فيها الحاقدون على السلم أضرى أنواع‬
‫الذى والتنكيل كل ذلك من غير أن تلين للرسول صلى ال عليه وسلم وصحبه قناة بل إن النبي القائد ليرى بعين ( المل ) نصر ال وهو‬
‫يوا جه حشود العداء تضرب ح صارها حول المدي نة تتر بص بالسلم والم سلمين فيحمل ها بشرى وطمأني نة للمؤمن ين ب ين يدي هذا المو قف‬
‫الرهيب حتى ليقول ( المنافقون ) والذين في قلوبهم مرض ( يعدنا محمد كنوز كسري وقيصر وأحدنا ل يستطيع التبرز من شدة الخوف )‬
‫‪ ...‬أما المؤمنون الواثقون بنصر ال فقد كان لهم موقف آخر حكاه القرآن الكريم بكل اعتزاز وتقدير { ولما رأى المؤمنون الحزاب قالوا ‪:‬‬
‫هذا ما وعدنا ال ورسوله وصدق ال ورسوله وما زادهم إل إيمانا وتسليما من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا ال عليه فمنهم من قضى‬
‫ل } إن السملم وهمو يواجمه اليوم التحدي العارم ‪ ....‬تحدى الشعوبيمة باسمم القوميمة ‪ ...‬وتحدى‬
‫نحبمه ومنهمم ممن ينتظمر ومما بدلوا تبدي ً‬
‫الطائفية باسم الوطنية ‪ ....‬وتحدى اللحاد باسم الشتراكية والعدالة الجتماعية ‪ ...‬وتحدى الستعمار باسم العلم والمدنية ‪ ...‬إن السلم‬
‫في موقفه العصيب هذا يجب أن يستنفر الهمم ويستقطب الجهود ويبعث على الثقة والمل { وما النصر إل من عند ال } ‪.‬‬

‫‪ #‬العلقة التنظيمية بين الدعوة والداعية‬


‫‪ - 1‬الطاعة‬
‫‪ #‬لمن تكون الطاعة ؟‬
‫‪ #‬متى يجب العصيان ؟‬
‫‪ #‬عودوا أنفسكم الطاعة‬
‫‪ - 2‬المسئولية ‪- :‬‬
‫‪ #‬الشعور الذاتي بالمسئولية‬
‫‪ #‬التكليف الحركي‬
‫إذا كا نت الحر كة ال سلمية في الع صر الحد يث قد أع طت الجوا نب الفكر ية والتوجيه ية والروح ية ق سطا وافرا من عنايت ها واهتمام ها فلن‬
‫الجانب ( التنظيمي ) لم يحظ منها إل بالقليل من الملحظة والهتمام بالرغم من أنه بمثابة العمود الفقري فيها وإذا كانت هنالك من أسباب‬
‫يعود إليها ف ضل تماسك الدعوة وتلحمها في غي بة ( الرتباط التنظيمي المحكم ) فإن ما يعود إلى ( العقيدة ) أول ثم إلى ( الخوة ) ال تي ل‬
‫تزال ح تى اليوم ال صرة الوحيدة ال تي ت شد المؤمن ين إلى بعض هم وتربط هم بدعوت هم ول يس المق صود بضرورة إقا مة علقات تنظيم ية ب ين‬
‫الدعوة والداعية الستغناء بالتالي عن الروابط ( العقيدية والخوية ) وإنما ينبغي أن تكون لكل علقة حدود ل تتعداها وإل اختل توازن كل‬
‫شئ وتعرضت الحركة لكثير من الزمات والتناقضات والفوضى في كل جهاز من أجهزتها بل وفي كل خطوة من خطواتها إن العلقة بين‬
‫الدعوة والداعية ينبغي أن تكون واضحة من أول يوم يعرف الفرد فيها واجبات علقته بالدعوة ودوره في الحركة ومسئوليته في العمل وما‬
‫شابه ذلك من أمور تحدد شكل ارتباطه ومتطلباته وخصائصه وسأعرض هنا لبعض القواعد الساسية التي ينبغي أن تقوم عليها العلقات‬
‫التنظيمية بين الدعوة والداعية‪.‬‬

‫‪ #‬الطاعة ‪ - :‬إن الطاعة من العوامل الساسية التي تحتاجها العلقات التنظيمية في كل حركة من الحركات ‪ ...‬والحركة كل حركة ل يمكن‬
‫أن تبلغ المستوى التنظيمي المطلوب ما لم يكن عنصر الطاعة قد بلغ لديها ذروة القوة والكمال ‪ ....‬ومفهوم الطاعة في السلم يستمد من‬
‫أصول الدين العقيدية والتشريعية قوته ومداه فطاعة الخ المسلم للقيادة يؤكد امتثاله لمر ال ( فالقيادة ) في السلم هي السلطة التنفيذية‬
‫التي تتولى تطبيق أحكام السلم أو تسعى وتمهد لستئناف حياة إسلمية تطبق فيها هذه الحكام كما هو شأن الحركة السلمية في المرحلة‬
‫الحاضرة وهذه بدون شك أ مر من أمور ال وبذلك ت صبح طا عة الخ الم سلم ل ها من طا عة ال وع صيانها من ع صيان ال ولذلك حض‬
‫القرآن الكريم على ذلك بقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول وأولى المر منكم }‪.‬‬
‫وعبر الرسول صلى ال عليه وسلم عن ذلك بقوله ( من أطاعني فقد أطاع ال ومن عصاني فقد عصى ال ومن يطع المير فقد أطاعني‬
‫ومن يعصى المير فقد عصاني )‪.‬‬

‫‪ #‬لمن تكون الطاعة ؟‬


‫وعلى الخ الم سلم أن ي عد نف سه لمتثال وطا عة ( القيادة ) كائنا من كان القائد طال ما أن قياد ته شرع ية ول يس من خ صائص الطا عة في‬
‫السلم أن تكون لشخص دون شخص كما ينبغي أل تخضع للهواء والذواق الشخصية ويكفي دللة على هذا قول الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم ( اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة) وهذا خالد بن الوليد رضى ال عنه عندما جاءه كتاب عزله من‬
‫قيادة الجيش وتولية أبى عبيدة بن الجراح مكانه امتثل المر وقال ( وال لو أمّر على أمير المؤمنين امرأة لسمعت وأطعت )‪.‬‬

‫متى يجب العصيان ؟‬


‫وإذا كان السلم قد أوجب على الخ المسلم طاعة قيادته بالحق فقد أحله من ذلك في غيره بل وأوجب عليه عصيانها فقال الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم ( على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إل أن يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فل سمع ول طاعة) وعن على‬
‫ل من النصار وأمرهم أن يسمعوا ويطيعوا فأغضبوه‬
‫رضى ال عنه قال ‪ :‬بعث رسول ال صلى ال عليه وسلم سرية واستعمل عليها رج ً‬
‫في شئ فقال اجمعوا لي حط با فجمعوا له ثم قال ‪ :‬أوقدوا نارا فأوقدوا ثم قال ألم يأمر كم ر سول ال صلى ال علي و سلم أن ت سمعوا لي‬
‫وتطيعوا ؟ فقالوا بلى قال فادخلوها فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا ‪:‬إنما فررنا إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم من النار فكانوا كذلك‬
‫حتى سكن غض به فأطفئت النار فل ما رجعوا ذكروا ذلك لر سول ال صلى ال عل يه وسلم فقال ‪ ( :‬لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا وقال ‪ :‬ل‬
‫طاعة في معصية ال إنما الطاعة في المعروف ‪.‬‬

‫‪ #‬عودوا أنفسكم الطاعة ‪:‬‬


‫وعلى الخ المسملم أن يعود نفسمه ويخضعهما لطاعمة وامتثال أممر القيادة وأن ل يدع مجالً ل لقاءات الشيطان ووسموسات الكمبر فمي نفسمه‬
‫فالنفوس العاتية يتعسر قيادتها ويصعب مقادها والكبر مرض عضال يقصم الظهور وباب إلى النفس يدخل منه الشيطان والطاعة والتواضع‬
‫يأباها المتكبرون وتشق على نفوس المكابرين وهذا ( جبلة بن اليهم ) تأبى عليه نفسه العاتية أن يخضع لحكم عمر أمير المؤمنين رضى‬
‫ال عنه فيترك السلم ويتنصر ويفضل الضللة على الهدى قال أبو عمر الشيباني ‪(:‬لما أسلم جبلة بن اليهم الغساني وكان من ملوك آل‬
‫( جفنة ) كتب إلى عمر يستأذنه في القدوم عليه فأذن له عمر فخرج إليه في خمسمائة من أهل بيته فسر عمر وأمر الناس باستقباله فلما‬
‫انتهي إلى عمر رحب به وألطفه وأدنى مجلسه ثم أراد عمر الحج فخرج معه جبلة فبينما هو يطوف بالبيت إذ وطئ إزاره رجل من بنى‬
‫(فزارة ) فانحل فرفع جبلة يده فهشم انف الفزاري فاستعدى علي عمر فبعث إلى جبلة فأتاه فقال ‪ :‬ما هذا ؟ قال ‪ :‬نعم يا أمير المؤمنين إنه‬
‫تعمد حل إزاري ولو ل حرمة الكعبة لضربت بين عيني بالسيف فقال له عمر ‪ :‬قد أقررت فإما ترضى الرجل وإما أن أقيد منكبك قال جبلة ‪:‬‬
‫وماذا تصنع بي ؟ قال عمر ‪ :‬آمر بشم أنفك كما فعلت قال جبلة وكيف ذلك يا أمير المؤمنين وهو سوقة وأنا ملك ؟ قال عمر ‪:‬إن السلم‬
‫جمعك وإياه فليست تفضله بشيء إل بالتقي والعافية قال جبلة ‪ :‬قد ظننت يا أمير المؤمنين إنني أكون في السلم أعز منى في الجاهلية قال‬
‫ع مر ‪:‬دع ع نك هذا فا نك إن لم ترض الر جل اقد ته م نك قال جبلة ‪ :‬إذا انت صر‪ :‬قال ع مر ‪ :‬إن تن صرت ضر بت عن قك ل نك قد أ سلمت فإن‬
‫ارتددت قتل تك فل ما رأى جبلة ال صدق من ع مر قال ‪ :‬أ نا أن ظر في هذا ليل تي هذه ح تى إذا نام الناس خرج جبلة بخيله ورواحله إلى الشام‬
‫هاربا ومنها إلى القسطنطينية وتنصر ‪.‬‬

‫‪ - 2‬المسئولية ‪:‬‬
‫والمسئولية في السلم ذات شقين اثنين مسئولية ( خاصة ) تتصل بخاصة النفس وما يترتب حيالها من تبعات وتكاليف فردية ومسئولية‬
‫( عا مة ) تتجاوز الن فس إلى الناس والمجت مع والعالم و ما يتر تب علي ها كذلك في هذا النطاق من أعباء ومهمات وانطلقا من هذا الت صور‬
‫لنطاق ( المسئولية ) وآفاقها ‪.‬‬
‫نود أن نناقمش ممع الخوة الدعاة مسمئولياتهم الكمبرى مسمئوليتهم الخاصمة ومسمئوليتهم العاممة مسمئولياتهم كأفراد ومسمئوليتهم كجماعمة‬
‫وبالتالي مسئوليتهم الذاتية ومسئوليتهم الحركية فهم أول ( أمناء ) على أنفسهم ينبغي أن يعدوها على الزمن لتكون في مستوى ما ينتظرها‬
‫من أعباء { ون فس و ما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها} وهم كذلك (أو صياء ) على هذا المجتمع‬
‫برسالة الستخلف والتكليف التي ائتمنوا عليها ‪{:‬وكذلك لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}‪ .‬من بات ولم يهتم بأمر‬
‫المسلمين فليس منهم)‪.‬‬
‫وأنها لمسئوليات ضخمة وكبيرة وتنوء بحملها الجبال وهي لذلك تتطلب كبير الجهد وغالي التضحية ‪.‬‬

‫الشعور الذاتي بالمسئولية ‪:‬‬


‫وحتى يبلغ الداعية في لعداد مستوى المعركة التي تواجه السلم في الداخل والخارج وينبغي أن يكون في (إيمانه )اثبت من الرواسي وفي‬
‫(فهمه)أعمق من اللجج ‪...‬وفي (صبره)أقوى من الشدائد ‪.‬كما ينبغي أن يتولد شعور (ذاتي)بمسئولية العمل للسلم واستعداد كامل لتلبية‬
‫حاجات هذه المسئولية من النفس والجهد فهو ل ينتظر (التكليف الحركي)لينهض بالعباء والمسئوليات ‪...‬وإنما يتوالد في (أعماقه)شعور‬
‫فطري بالمسئولية ويجري في عروقه إحساس رباني بالتكليف ‪.....‬يشعر بأنه مسئول عن (هذا السلم)ولو لم يكن عضوا في جماعة أو‬
‫جنديا في الحركة ‪...‬وحسبه أن يكون مسلما ليتحرك في ذاته الشعور بالواجب تجاه هذا الدين الذي ينتسب إليه والحركة السلمية في هذه‬
‫اليام بمسميس الحاجمة إلى العناصمر التمي تتقمد شعورا و إحسماساً بواجباتهما السملمية ‪...‬العناصمر التمي يغلي فيهما الشعور بالمسمئولية‬
‫غليانا‪...‬العناصر التي ل يهدأ تفكيرها بهذا الدين وبالعمل له ساعة من ليل أو ساعة من النهار ‪.‬‬
‫هكذا كان شعور الرعيل الول من المسلمين بمسئولياتهم تجاه السلم ‪...‬كان شغلهم الشاغل في كل الظروف وفي كل الحوال ‪..‬كان محور‬
‫حياتهم وتفكيرهم ساعة العسر واليسر ‪...‬قال زيد ابن ثابت ‪:‬بعثني رسول ال صلى ال عليه وسلم يوم (أحد)أطلب سعد ابن الربيع ‪.‬فقال لي‬
‫‪(:‬إن رأي ته فأقرئه م ني السلم و قل له يقول لك يا ر سول ال ك يف تجدك ؟قال ‪ :‬فجعلت أطوف ب ين القتلى فأتي ته وهو بآ خر ر مق وف يه‬
‫سبعون ضربة ما بين طعنة رمح وضربة سيف ورمية سهم ‪...‬فقلت ‪:‬يا سعد إن رسول ال صلى ال عليه وسلم يقرأ عليك السلم ويقول‬
‫لك أخبرني كيف تجدك ؟فقال سعد ‪:‬على رسول السلم ‪.‬قل له ‪ :‬يا رسول ال أجد ريح الجنة و قل لقو مي النصار ‪:‬ل عذر لكم عند ال إن‬
‫خلص إلى رسول ال وفيكم عين تطرف ‪....‬وفاضت نفسه من وقته )‪.‬‬
‫التكليف الحركي ‪:‬‬
‫وإذا تجاوز نا نطاق الشعور الذا تي إلى نطاق (التكل يف الحر كي )لمكن نا القول بأن التكل يف الحر كي ل ي صبح ذا أ ثر فعال في حياة الخ إذا‬
‫انعدم ف يه الشعور الذا تي ‪....‬فالعنا صر ال تي ل يحرك ها الح ساس الفطري الذا تي والهتاف العلوي الربا ني ل يم كن أن يؤ ثر في ها التكل يف‬
‫الحركي والدفع البشري واتكال الدعوة على م ثل هذا ال صنف من الناس من شأ نه أن يعرض ها باستمرار للنتكاس والرتكاس ‪.....‬وبالتالي‬
‫يبدد كثيرا من طاقات ها في الهواء وإذا كان الشعور الذا تي بم سئولية الجهاد ال سلمي من خ صائص (الشخ صية ال سلمية)و من ال صفات‬
‫الساسية التي ينبغي أن يتحلى بها الخ الداعية ‪.‬فان اللتزام الدق يق بالتكل يف الحركي مكذلك معنصر أ ساسي (أصيل في جوهر العلقات‬
‫التنظيم ية بين الدعوة والداع ية )‪.‬فالداع ية ‪-‬كل داع ية ينبغي أن يكون متكلفا مع كل ما يناط به أعمال مستعدا لتنفيذ كل ما يكلف به من‬
‫مهمات في حدود الطاعة التي سبق ذكرها ‪.‬‬
‫وتحضر ني في هذا المقام حاد ثة إن دلت على شئ فإن ما تدل على م ستوى النضباط التنظي مي الذي و صلت إل يه الحركة السلمية في عهد‬
‫النبوة وبالتالي حسن اللتزام بالتكليف الحركي ‪:‬‬
‫قال جابر بن عبد ال النصاري ‪:‬خرجنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم في (غزوة ذات الرقاع )‪.‬فنزل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫منزل فقال (من رجل يكلؤنا ‪-‬يحرسنا ‪-‬ليلتنا هذه)فقام رجل من المهاجرين ورجل من النصار هما ‪(:‬عمار بن ياسر ‪-‬وعباد بن بشر)‪..‬فلما‬
‫حرجما إلى فمم الشعمب قال النصماري للمهاجريمن ‪:‬أي الليمل تحمب أكفيكمه ‪.‬أوله أم آخره ؟قال المهاجريمن بمل اكتفمي أوله قال ‪:‬فاضطجمع‬
‫المهاجرين فنام ‪,‬وقام النصاري يصلي وأتى أحد المشركين فلما رأى الرجل يصلي رماه بسهم فوقع فيه فنزعه عباد وثبت قائما ‪.‬ثم رماه‬
‫بسهم آخر فنزعه وثبت قائما ثم عاد بالثالث وثبت فنزعه ثم ركع وسجد ثم أيقظ صاحبه ‪.‬يقال ‪:‬اجلس فقد أصبحت ‪.‬قال ‪:‬فوثب عمار بن‬
‫يا سر ‪ .‬فل ما رآه ما المشرك عرف أن قد عل ما بوجوده فهرب ول ما رأى المهاجر ين ما بالن صاري من الدماء قال ‪ :‬سبحان ال أفل أهببت ني‬
‫أول ما رماك ؟فقال النصاري ‪(:‬كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها حتى أنفذها ‪.‬فلما تابع الرمي ركعت وأيقظتك وأيم ال لول أن‬
‫أضيع ثغرا أمرني رسول ال بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفذها )‪.‬‬
‫والداع ية ‪ -‬كل داع ية ‪-‬على ث غر من ثغور ال سلم ‪...‬أمام م سئولية من الم سئوليات فينب غي أن ل يؤ تي من قبله ويجدر به أن ي صمد في‬
‫موقفه ذاك حتى يلقى ال وهو على مثل حاله فينال بذلك ثواب المرابطين وأجر المجاهدين ‪.‬‬
‫فعن العرباض بن سارية رضي ال عنه قال ‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪(:‬كل عمل ينقطع عن صاحبه إذا مات إل المرابط في سبيل‬
‫ال فانه ينمى له عمله ويجري عليه رزقه إلى اليوم القيامة )‪.‬‬

‫الطبيعة الحركية‬
‫‪#‬ظواهر خطيرة ‪.‬‬
‫‪#‬مركز التفاعل ‪.‬‬
‫‪#‬كيف يتم التفاعل ‪.‬‬
‫‪#‬التلقي للتنفيذ ‪.‬‬
‫‪#‬العقل مركز القيادة ‪.‬‬
‫إن ض عف الطبي عة الحرك ية لدى الجمهرة ال كبرى من دعاة ال سلم ظا هر شائ عة في حياة الدعوة وبالتالي خطيرة على حاضر ها وم ستقبلها‬
‫فهي تغلق دونها أبواب النطلق والتمكين وتحول بينهما وبين الستفادة من كثير من الظروف والسوانح وتطبعها بطابع الرتابة والجهود‬
‫‪....‬وتفقدها أبرز خصائصها وهي الحيوية والحركية والنقلبية ‪.....‬‬
‫وإن مبادئ السلم الفكرية والتوجيهية تملك إمكانات التلقيح والتأثير فيما لو حملتها نفوس متوثبة ونهضت بها هم متحركة عالية ‪.‬‬
‫والمجتمع _نعم هذا المجتمع ‪-‬الذي كثيرا ما نتهمه بما فيه وبما ليس فيه تهربا من تكاليف العمل والجهاد وتبريرا لتقصيرنا في المجالت‬
‫البذل والعطاء إلى درجة أننا خدعنا أنفسنا إلى حد بعيد وتسرب الشك واليأس إلى نفوس الكثيرين من دعاتنا أو كاد وصدق فينا قول القائل‬
‫‪(:‬كاد استماع الوهم يمل أذني حسنة للتفاعل مع هذه الدعوة فيما لو تحركت الهمم وتحفزت وأنا مع كل هذا ل أنكر أن العمل السلمي‬
‫يوا جه في هذا الع صر خ صومات وتحديات فوق ما يت صور الكثير ين ‪....‬ولك ني أن كر أن يؤدي هذا الع مل إلى تخاذل أ هل ال حق والمعر كة‬
‫الفاصلة لم تبدأ بعد ؟كما أنني أنكر أن يكون هذا باعثا على الفوار من الميدان في ساعة العسر حيث يلزم الكر دون الفر ومواجهة التحدي‬
‫بتحد أقوى وأشد ‪{:‬الذين قال لهم الناس ‪:‬إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا ‪:‬حسبنا ال ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة ال‬
‫وفضل لم يمسهم سوء واتبعوا رضوان ال وال ذو فضل عظيم ‪.}....‬‬
‫وأود أن أش ير ه نا إلى أن الم حن والشدائد ي جب أن تبعث في النفوس مع ني ال صرار على ال حق والثبات ودو نه ‪...‬ك ما ينب غي أن تد فع إلى‬
‫مراجعمة الخطاء وتعبئة القوى على الضوء السمتفادة ممن التجارب والحداث ‪....‬ولعمل فمي إصمرار نوح عليمه السملم على دعوة قوممه‬
‫وحرصه على هدايتهم تسعمائة وخمسين عاما وما لقي خللها من أذى واضطهاد من شأنه أن يشحذ الهمم فل تكل ويحفز النفوس فل تمل‬
‫‪{:‬حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ول يرد بأسنا عن القوم المجرمين لقد كان في قصصهم عبرة‬
‫لولي اللباب }‪.‬إن المعر كة ال تي يخوض ها ال سلم في هذا الز من تتطلب عنا صر ذات ن مط مع ين ‪..‬عنا صر تع يش بال سلم ولل سلم ‪...‬‬
‫عنا صر ديدن ها هذا الد ين وحده فلنخجلن من أنف سنا ‪...‬ولنغارن على السلم د ين ال حق ودعوة ال حق ح ين ل نكون من حملة على م ستوى‬
‫المسئولية في الوقت الذي نرى استماتة أهل الباطل وتضحية أهل الضلل وبذل الفاكين في سبيل إفكهم وضللهم ‪{:‬أولئك يدعون إلى النار‬
‫وال يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون }‪.‬‬
‫إن الذين ل يغلي دماءهم وتلتهب نفوسهم وتهتز مشاعرهم بالسلم في كل لحظة من لحظات حياتهم ل يمكن أن يعقد عليهم المل ويناط‬
‫بهم الرجاء ويتحقق على أيديهم انتصار السلم ولنقف هنا قليل نستخلص بواعث العقم وضآلة الثمار في حياة الدعاة والعاملين ‪.....‬‬

‫القلب مركز التفاعل ‪:‬‬


‫و في اعتقادي أن القلب هو المر كز الث قل الذي ي تم ف يه تفا عل الداع ية مع كل ما يرده من توجيهات وتشريعات ‪,...‬ح تى الفكار فان للقلب‬
‫شأن ففي استساغتها ومشاركة للعقل في تذوقها ‪{:‬أفلم يسيروا في الرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها ل تعمى‬
‫البصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور }‪.‬‬
‫واليمان هو ثمرة هذا التفا عل و هو بالتالي وقود الحر كة والحيو ية والثمار ‪...‬و ما لم ت ستمر عمل ية التفا عل هذه فإن الحر كة والحيو ية‬
‫ستنعدمان تباعا إلى أن تصاب الطبيعة التنفيذية بالشلل والعقم نهائيا‪...‬‬
‫ولذلك كان القلب بحا جة إلى عنا ية فائ قة ون صيب من الهتمام كبير وأول خ صائص القلب أ نه ذو ح ساسية مره فة فك ما أ نه قا بل للشراق‬
‫والضياء والصفاء فهو قابل للظلم والذبول الصدأ‪....‬من هنا كان الواجب والداعية أن يعني بقلبه فل يهمله ‪..‬والعناية بالقلب يجب أل تفتر‬
‫سماعة ممن ليمل أو نهار حفاظا على إشرافمه وبهائه ونقائه ومصمداقا لقول الرسمول صملى ال عليمه وسملم (إن للقلوب صمدأ وجلؤهما‬
‫الستغفار )‪.‬‬
‫ودعاة ال سلم أولى من سواهم بالهتمام بقلوب هم لن هم أك ثر تعرضا لمكائد الشيطان وقلوب هم أ شد حا جة إلى الشراق و هي جهاز الر سال‬
‫ومركز الشعاع لديهم ‪...‬وفي حديث عن عائشة رضى ال عنها قالت ‪..‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪(:‬النسان عيناه هاد ‪....‬وأذناه‬
‫قمع ولسانه ترجمان ‪...‬ويداه جناحان ورجله بريد ‪...‬والقلب منه يملك ‪...‬فإذا طاب والملك طابت جنوده )‪.‬‬
‫والعنا ية بالقلب ينب غي أن تكون م ستمرة دائ مة ا ستعداد ل كل طارئ خبيث أو وا فد م ضل ‪...‬لن الشيطان ي سري من ا بن آدم م سرى الدماء‬
‫‪...‬ول يجلو القلوب كإخلص ي العبادة وعلى الخص ناشئة الليل ‪...‬وعمق التبصر والتدبر ليات ال وخاصة عند الصباح (إن قرآن الفجر‬
‫كان مشهودا)والبكاء والتب تل في محراب ال ‪....‬ودوام التفك ير بالموت وال ستعداد له و صدق ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ح يث يقول‬
‫‪(:‬لول أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السموات )‪.‬‬
‫والقلوب كذلك عرضة للقسوة واللين‪......‬فالطاعة تكسبها لينا وإرهاقا والمعصية تزيدها قسوة وجفافا‪ { :‬فطال عليهم المد فقست قلوبهم‬
‫فهي كالحجارة أو أشد قسوة }‪{.‬بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون }‪......‬ورحم ال ابن المبارك إذ يقول ‪:‬‬
‫وقد يورث الذل إدمانها‬ ‫رأيت الذنوب تميت القلوب‬
‫وخير لنفسك عصيانها‬ ‫وترك الذنوب حياة القلوب‬
‫ولقد بين لنا الداعية الول صلى ال عليه وسلم كيف يتم تفاعل القلوب مع ما يفيد إليها من خيرا أو شر فقال ‪(:‬تعرض الفتن على القلوب‬
‫مع كالحصير عودا وعودا فأي قلب أشربها نكت فيها نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين ‪:‬على أبيض مثل الصفاء فل تضره فتنة ما دامت‬
‫السموات والرض والخر أسود مربادا ل يعرف معروفا ول ينكر منكرا‪).......‬‬
‫فعلى الداع ية أن يتر صد قل به با ستمرار ‪.....‬يرا قب حركا ته وي سجل ت صرفاته ‪....‬ول يت ساهل ح تى مع الو سوسة الخاف تة والشعور الخ في‬
‫‪....‬ول يقولن أنها من التوافه الصغيرة فالصغير الحقير إذا اكثر واستمر أنذر بخطر كبير ‪....‬وصدق رسول ال صلى ال عليه وسلم حيث‬
‫يقول ‪(:‬إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه ) وإلى هذا المعنى أشار الشاعر بقوله ‪:‬‬
‫إن الجبال الحصى‬ ‫ل تحقرن صغيرة‬
‫وقال آخر ‪:‬‬
‫إن البعوض تدمي مقلة السد‬ ‫ل تحقرون صغيرا في مخاصمة‬

‫فقلب الداعية ينبغي أن يكون كالمرآة الصافية تنعكس عليه مبادئ السلم ‪.‬ينفعل بها وتنفعل به ‪ ....‬ليسوقها بعدئذ إلى العضاء والجوارح‬
‫مجمو عة رفي عة من ال صفات الكري مة والخلق الفاضلة ‪.‬وبذلك ل يب قى ال سلم بالن سبة للداع ية مجرد نظريات وإن ما يأ خذ صوره العمل ية‬
‫الحسية في حياته وواقعه ‪..‬‬
‫وإن مما يساعد الداعية على التفاعل مع السلم وقوفه أمام مبادئه وأحكامه وتشريعاته موقف المقصود بالخطاب المعني بالمر وهذا من‬
‫شأ نه أن يك سب التل قي فاعل ية التأث ير المبا شر والتفا عل ال سريع ‪...‬وبذلك ت صبح عل قة الداع ية بالسلم علقة جند ية وقيادة وأ مر وتنف يذ‬
‫‪.......‬‬
‫والحقيقة أن تلقي الداعية ليات ال ومبادئ السلم على هذا النحو وبهذه الكيفية من شأنه أن يكسب حياته طعما جديداً يجد حلوته في كل‬
‫معنى من معاني السلم ‪.......‬‬

‫العقل مركز القيادة ‪:‬‬


‫وإن مما يبعث الداعية ‪-‬كذلك ‪-‬على التفاعل مع دعوته وانفعاله بها وبالتالي انطلقه في شتي المجالت والميادين نضوج فكره وعمق فهمه‬
‫وسعة ثقافته لن فاقد الشيء ل يعطيه ‪.....‬وكثيرا ما يحدث أن يتخاذل ضعفاء الثقافة من أهل الحق أمام المثقفين من أهل الباطل ‪...‬‬
‫وكما أن النسان يتفاعل مع القلب فيما يرده من خير أو شر فالقلب كذلك يتفاعل مع العقل فيما يحمله من مفاهيم وأفكار ‪....‬ولفتات القرآن‬
‫العقلية إلى مشاهدة الكون والحياة تؤكد قيمة التفكير والتصور في السلوك النساني ‪...‬ولذلك أسقط السلم الحساب عن المجنون والمعتوه‬
‫وفاقد العقل ‪ .....‬وعناية الداعية بقلبه دون عقله ستجرده ‪ -‬بدون شك ‪ -‬من أقوى أسلحته وأبعثها على انطلقه وانفعاله كما أن عنايته‬
‫بعقله دون قل به ستفقده أ هم عوا مل ال ستقرار والطمئنان والثبات ‪ ،‬وشخ صية الداع ية ل يم كن أن تبلغ در جة الكمال ما لم يتح قق صلح‬
‫القلب والعقل معا‪........‬‬
‫وك ما أن على الداع ية أن يه تم (بالعبادة والمراق بة وذ كر الموت والذ كر سواها من الرياضيات الروح ية )فإن عل يه كذلك أن يه تم (بالتف قه‬
‫والمطالعة والخطابة والكتابة وغيرها من النشاطات الفكرية )‪.‬‬
‫والمتلء الفكري ممن شأنمه أن يجعمل الداعيمة جهاز إرسمال ل يتوقمف ‪....‬أمما الذيمن يحسمون بخوائهمم الفكري فإنهمم يتحاشون المجتمعات‬
‫والناس ويتهربون من المسئوليات ‪...‬وبالتالي تموت فيهم الطبيعة الحركية وينعدم الثمار والعطاء ‪....‬‬
‫وحا جة الداع ية إلى ال سلح الفكري في الع صر الحد يث حا جة مل حة ل يم كن ال ستغناء عن ها أو إهمال ها ‪...‬فال سلم اليوم يع يش في و سط‬
‫يموج بالتجاهات والمذاهب الفكرية والفلسفية ‪ ...‬ويجدر بالدعاة أن يكونوا موضوعين ومنطقين ‪.....‬وليس من م صلحة السلم في شئ‬
‫مواجهات التحديات الفكر ية بالعواطف الفار غة من الكلم والخطب ‪ .....‬بل إن الواجب مقار عة الحجة بالح جة ومقار نة الفكر بالفكر ‪(:‬فأ ما‬
‫الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الرض ‪)...‬‬
‫و عل الداع ية أن ير جع إلى القرآن الكر يم وال سيرة النبو ية يتح سس فيه ما ال ساليب العقل ية البلي غة ال تي كان يوا جه ب ها ال سلم خ صومه‬
‫الجدليين ‪.‬‬
‫وصفوة القول أن الداعية يكون في إعداد وتكوينه على المستوى ما تتطلبه الحركة اليوم ‪...‬قوة في الروح ومتانة في الفكر ‪ ......,‬وسموا‬
‫في الخلق ‪ ...‬وبذلك يمكن أن يتحقق التفاعل بين الدعوة وبين الناس ‪.‬‬
‫‪ #‬حصنوا جبهات المقاومة‬
‫‪ #‬الشخصية السلمية‬
‫‪ #‬العقلية السلمية‬
‫‪ #‬النفسية السلمية‬
‫‪ #‬ل تفريط ول إفراط‬
‫‪ #‬حقيقة التجرد‬

‫دعاة السلم في خطر !‪.....‬‬


‫ل أعنمي أنهمم خطمر ممن عدوهمم ‪...‬وممن مكائد خصمومهم وكمم مؤامرات الحاقديمن عليهمم وعلى السملم ‪....‬فهذه أخطار قمد تهون ‪-‬على‬
‫ضراوتهما وشدتهما ‪-‬أمام أخطار النفمس وانحرافاتهما ‪....‬فالداعيمة بخيمر مما برئ ممن عيوب نفسمه وأمراضهما بالغ مما بلغمت قوة العداء‬
‫والخ صوم ‪.‬و من ه نا نف هم و صية ع مر ا بن الخطاب ر ضي ال ع نه للم سلمين ح يث يقول ‪( :‬كونوا أ شد احترا سا من المعا صي من كم من‬
‫عدوكم فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم ل واعلموا أن عليكم في سيركم حفظه من ال‬
‫فل تعملوا بم ساخط ال وأن تم في سبيل ال )‪.‬أقول هذا لن ني أدرك أن درب الدعاة في هذا الع صر درب محفو فة بالغراء ‪....‬ول قد هد مت‬
‫جاهلية القرن العشرين كل معني من معاني الفضيلة والخير والكرامة ‪....‬وأسفرت عن وجه كالح شاحب ترتسم فيه وتتوافر أسباب الغواية‬
‫والفت نة والشذوذ ‪...‬وأزك مت ماد ية هذا الع صر النوف ح تى أ صبح الن سان ل يف كر إل ب ها ول يع يش إل ل ها ول يح كم على الشياء إل من‬
‫خللها ‪.‬أعمت بصره وبصيرته وأماتت حسه وشعوره ‪ {:‬فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا‬
‫بآياتنا } ‪.‬‬
‫هذه التركمة المثقلة بالعباء والمهمات كان على دعاة السملم أن يواجهوا مسمئولية حملهما بالعدة الكاملة ممن إيمانهمم وأخلقهمم وأفكارهمم‬
‫وبكل ما يملكون من أسباب القوة والمنعة العقيدية والخلقية ‪.‬‬

‫حصنوا جبهات المقاومة ‪:‬‬


‫لذلك كان أخطر ما يواجه الدعاة في هذا الزمن تصدع جبهات المقاومة في نفوسهم وتسليمهم أحيانا بما يسمي (بالمر الواقع ) والرضى‬
‫بالترقيع في إسلمهم والقبول بأنصاف الحلول من مبادئهم وأهدافهم ‪...‬وكثيرا ما كانت سياسة التراخي والتساهل هذه تستدرج عن دائرة‬
‫التصور والتفكير والسلوك السلمي ‪.‬وإذا سلمنا بضخامة العباء وكبر المسئوليات التي تنتظر الدعاة في حاضرهم ومستقبلهم ‪....‬وما هم‬
‫معرضون له من محن وفتن أصبح من أهم ما ينبغي أن يحرصوا عليه ويبادروا إليه هو توفير عوامل (الصيانة ) لنفوسهم وعقولهم ليقووا‬
‫على مغالبة ما يعترض سبيلهم من عقبات ‪.‬‬

‫الشخصية السلمية ‪:‬‬


‫إن الهتمام بتكوين الشخصية السلمية يجب أن يسبق أي عمل آخر ‪....‬فالشخصية السلمية حجر الزاوية في بناء الحركة السلمية ‪...‬‬
‫وكما أن الحركة السلمية ل يمكن أن تنهض بدورها الكبير في قيادة المة بغير الدعاة والعاملين كذلك فإن هؤلء الدعاة ل يمكن أن يقوموا‬
‫بالدور الخطير ما لم تكتمل شخصيتهم السلمية اكتمالً طبيعيا سليما‪......‬فلنناقش إذن العناصر التي تتكون منها الشخصية السلمية ‪.‬‬

‫‪ -1‬العقلية السلمية ‪:‬‬


‫إن العقل ية ال سلمية إحدى مقومات الشخ صية ال سلمية و هي بالتالي مل كة التفك ير والت صور ال سلمي ال صحيح للكون والن سان والحياة‬
‫فالفكار والحكام والمح سوسات والغ يبيات ي جب أن تخ ضع كل ها لتقي يم إ سلمي صحيح ‪.‬وبهذا تكون العقل ية ال سلمية قاعدة فكر ية تع كس‬
‫مفاهيم السلم وأحكامه في كل شأن من الشئون ‪.‬‬
‫فالعقلية السلمية هي (العقلية ) التي تنظر إلى الشياء ‪-‬كل الشياء ‪-‬من خلل السلم ‪...‬وتحكم على المور ‪-‬كل المور ‪-‬بمنظار إسلمي‬
‫فيكون ال سلم بالنسمبة إليهما مقياس كمل قضيمة وحمل كمل مشكلة وزمام كمل أممر ‪....‬ولعله ممن السمباب التمي تؤدي بالدعاة إلى النحراف‬
‫‪-‬أحيانا‪ -‬اضطراب فهمهم وتصورهم للسلم كفكرة وللعمل السلمي كمنهج وأسلوب ‪.‬‬
‫ولتكوين العقلية السلمية لبد من توفر العوامل التالية ‪:‬‬
‫أولً ‪ :‬الفهم الصحيح للكتاب والسنة الذي من شأنه أن يقيم في ذهن الداعية الخطوط الساسية للحياة النسانية كما يريدها السلم ‪....‬‬
‫ثانيا‪ :‬الدراك الكامل لهداف الفكر السلمي من حيث هو ضابط مسلكي وأخلقي دافع للعمل جاعل سلوك النسان متقيدا ومتكلفا بحسبه في‬
‫الحياة الدنيا ونحو الخرة وأنه ليس مجرد نظريات ومثاليات مجردة ‪ ...‬وهذا ما يجعل المفهوم السلمي واقعيا وإيجابيا وذا مفعول عميق‬
‫وقوي في بناء الشخصية السلمية ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ال ستيعاب الكا مل والكافي لجوانب الت صور السلمي دون ما انح صار في جانب من الجوانب ‪....‬فكثيرا ما يؤدي التفريط الجا نبي إلى‬
‫ظواهر وانحرافات خطيرة ‪....‬فالعقل ينمو نموا طبيعيا ما دام يتناول من البحاث والثقافات ما يكفل له غذاءً وفيرا ومتنوعا ‪.....‬ويقف عن‬
‫النمو والنتاج بل قد يتأخر ويسف عن التفكير إذا أهمل أو قدم له الضحل الخفيف من القراءات والمطالعات ‪....‬‬
‫يقول الدكتور صبري القباني في كتابه الول من سلسلة (طبيبك معك )‪:‬إن الدماغ يستطيب تنوع البحاث فينسجم ويستعيد استساغة الفكر‬
‫‪...‬والتفكير ذو النمط الواحد يكده ويجهده مثله في ذلك الذن تمج النغم الواحد المتواتر ومثل عضلت القدم التي يرهقها هبوط المنحدر‬
‫السحيق كما يضنيها صعود المرتقي الطويل ‪....‬لذلك يجب أن نقدم لدمغتنا دراسات منوعة لتحفظ بجدتها ونشاطها ‪.‬من هنا نلحظ أن الذين‬
‫ينصرفون إلى المطالعات (الروحية أو الدبية) فحسب يصابون بالنعزالية والنطوائية ‪....‬كذلك الذين يعكفون على البحوث العلمية المجردة‬
‫ول يقدمون للعقل أغذيته الخرى الضرورية وقد يقعون فريسة عوارض عصبية ونفسية جامحة ‪.‬وحتى يتحقق للعقل اتزانه وعمقه ويجب‬
‫أن ينفتح على كل ما في الحياة من معرفة وعلم وثقافة ‪....‬يأخذ منها بقدر ‪....‬ويدع منها بقدر وفي حدود ما يستسيغه التصور السلمي‬
‫السليم ‪...‬والعقلية السلمية ل يمكن أن تكون إسلمية صافية ما لم تطل على العالم من نافذة السلم ‪....‬تفكر وتقدر وتستحسن وتستقبح‬
‫توازن وتقارن كل ذلك على الضوء السلم ووفق أصوله وقواعده ‪.‬‬

‫النفسية السلمية ‪:‬‬


‫والنف سية ثا ني مقومات (الشخ صية ال سلمية ) بل هي النعكاس الح سي لتفا عل الفكرة ال سلمية وأثر ها في حياة الفرد ‪...‬فميول الن سان‬
‫وغرائزه مربو طة ارتباطا وثيقا بمفاهي مه وت صوراته الفكر ية ‪ ...‬و من ه نا كا نت النف سية ال سلمية هي الكيف ية ال تي يمارس الداع ية على‬
‫ضوئها غرائزه وميوله وحاجاته العضوية ‪.‬وقد يكون من أهم ما تجب العناية به ووضع المناهج له تحويل المفاهيم والفكار السلمية إلى‬
‫سلوك وخلق أي إلى نف سية إ سلمية ‪.‬وهذا ما يفرض إحكام الر بط ب ين العقل ية والنف سية أي ب ين التفك ير والت طبيق ‪...‬ول قد ندد ال سلم‬
‫بانفصال (جزئَى الشخصية )عن بعضها البعض فقال تعالى ‪ {:‬يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما ل تفعلون ؟}‪.‬‬
‫وح تى ت ستقيم الن فس على قوا عد ال سلم التوجيه ية والتشريع ية فل يطغي ها تر خص أو يشقي ها تكلف ‪...‬وينب غي أن يرا عي في ترويض ها‬
‫العوامل التالية ‪:‬‬
‫ل تفريط ول إفراط ‪:‬‬
‫حرص ال سلم من أول يوم على رد الن فس البشر ية إلى فطرت ها و فق من هج دق يق متنا سق يح فظ للروح وللع قل والبدن حقوق هم من غ ير‬
‫تفريط ول إفراط ‪.‬وعلى هذا الساس ينبغي أن تروض النفس ‪...‬فتنشأ طبيعية وتنمو نموا فطريا ل إسراف فيه ول إسفاف ‪...‬ومثل الذين‬
‫يسرفون في حقوق أبدانهم سواء بسواء ‪....‬أولئك ل يمكن أن تستقيم شخصيتهم وتتزن وفق مقاييس السلم وأصوله ‪.‬وقد روي أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم زار عبد ال بن عمرو بن العاص وكانت امرأته تلطف رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪(:‬كيف أنت يا أم عبد‬
‫ال ؟ قالت كيف أكون وعبد ال بن عمرو قد تخلى عن الدنيا ‪.‬قال لها ‪:‬كيف ذلك ؟قالت ‪:‬حرم ل ينام ول يفطر ول يطعم اللحم ول يؤدي إلى‬
‫أهله حقهم ‪.‬قال ‪:‬فأين هو ؟قالت ‪:‬خرج ويوشك أن يرجع الساعة ‪.‬قال ‪:‬فإذا رجع فاحبسيه علىّ فخرج رسول ال صلى ال عليه وسلم وجاء‬
‫عبد ال وأوشك رسول ال في الرجعة ‪.‬فقال ‪:‬يا عبد ال بن عمرو ما هذا الذي بلغني عنك أنك ل تنام ؟قال ‪:‬أردت بذلك المن من الفزع‬
‫الكبر ‪.‬وقال ‪:‬بلغني أنك ل تفطر ‪.‬قال أردت بذلك ما هو خير منه في الجنة ‪.‬وقال بلغني أنك ل تؤدي إلى أهلك حقهن ‪.‬قال أردت بذلك نساء‬
‫خيرا منهن فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬يا عبد ال بن عمرو إن لك في رسول ال أسوة حسنة ورسول ال يصوم ويفطر ويأكل‬
‫الل حم ويؤدي إلى أهله حقوق هم ‪ .‬يا ع بد ال إن ل عل يك حقا وإن لبد نك عل يك حقا وإن لهلك عل يك حقا )‪.‬فالداع ية المو فق هو الذي يتا بع‬
‫قلبه بما يصلحه ويزكيه وينقيه ول يغفل عن مراقبة نفسه ول يقصر في محاسبتها عملً بقول المصطفي صلى ال عليه وسلم ‪(:‬الكيس من‬
‫دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمني على ال الماني )‪.‬‬
‫إلى ذلك أشار ع مر بن الخطاب ر ضي ال ع نه بقوله (حا سبوا أنفسكم ق بل أن تحا سبوا ‪ .‬وزنو ها ق بل أن توزنوا وتهيئوا للعرض الكبر )‪.‬‬
‫وهو إلى الجانب ذلك ل يبخل على بدنه بما أحل له من طيبات المأكل والمشرب والملبس حسبه في ذلك قول ال تعالي ‪ {:‬قل من حرم زينة‬
‫ال ال تي أخرج لعباده والطيبات من الرزق }‪ {.‬قل إن ما حرم ر بي الفوا حش ما ظ هر من ها و ما ب طن وال ثم والب غي بغ ير ال حق }‪ .‬صحيح أن‬
‫النفس أمارة بالسوء ‪....‬وأنها بحاجة إلى ترويض وإحجام حتى يسلس قيادها ولكن كما أن لنا عليها واجبات فإن لها علينا حقوقا ‪ ...‬ومن‬
‫طالب ها بواجبات ها سألته حقوق ها و من حرم ها حق ها جم حت به وأرد ته ‪....‬وهذا ما ين طق به مدلول ال ية الكري مة ‪{:‬ل يكلف ال نف سا إل‬
‫وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت }‪ .‬ويقول الستاذ الشهيد سيد قطب في تفسير هذه الية ‪(:‬هي العقيدة التي تعترف بالنسان إنسانا‬
‫ل حيوانا ول ملكا ول شيطانا ‪...‬تعترف به كما هو بكل ما فيه من ضعف وكل ما فيه من قوة ‪....‬وتأخذه وحدة مؤلفة من جسد ذي نوازع‬
‫وعقل ذي تقدير وروح ذي أشواق ‪ ...‬تفرض عليه من تكاليف ما يطيق ‪.‬وتراعي في التنسيق بين التكليف والطاقة بل مشقة ول إعنات )‪.‬‬
‫هذا وقد حذر الرسول صلى ال عليه وسلم من كل تفريط ونهي عن كل إفراط فعن عائشة رضي ال عنها أن النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫د خل علي ها وعند ها امرأة قال ‪ :‬من هذه ؟قالت هذه فل نة تذ كر من صلتها ‪...‬قال ‪ :‬مه علي كم ب ما تطيقون فو ال ل ي مل ال ح تى تملوا‬
‫‪...‬ومه كلمة نهي وزجر ‪.....‬ومعنى (ل يمل ال ) ل يقطع ثوابه عنكم حتى تملوا فتتركوا فينبغي لكم أن تأخذوا ما تطيقون الدوام عليه‬
‫ليدوم ثوابه وفضله عليكم ‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي ال عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪(:‬إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إل غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا‬
‫واستعينوا بالغدوة والروحة وشئ من الدلجة )‪ .‬ويقول المام النووي في تفسير هذا الحديث ‪(:‬وهذه استعاره تمثيل ومعناه ‪ :‬استعينوا على‬
‫طاعة ال عز وجل بالعمال في وقت نشاطكم وفوارغ قلوبكم بحيث تستلذون العبادة ول تسأمون وتبلغون مقصودكم كما أن المسافر الحاذق‬
‫ي سير في هذه الوقات وي ستريح هو وداب ته في غير ها في صل المق صود بغ ير ت عب وال أعلم )‪.‬ويقول الر سول صلى ال عل يه و سلم ‪(:‬إن‬
‫المنبت ل أرضا قطع ول ظهرا أبقى )‪.‬‬
‫والنفس يشق عليها تقمص طبيعية ليست فيها وممارسة خصال ليست منها ‪,....‬هي إن صبرت على هذا التكليف بادئ المر فستعمله في‬
‫النهاية والعاقل من سما بنفسه دونما ملل منها وسعى مع اليام على تعويدها حمل المزيد من التكاليف والعباء من غير إعياء لها ‪...‬وبذلك‬
‫يبلغ بها ما يريده منها ‪.....‬‬
‫حقيقة التجرد ‪:‬‬
‫ونفس الداعية ل يمكن أن تستكمل خصالها السلمية وخصائصها الربانية ما لم تتجرد ل وتتحرر من كل ما يستبد بها أو يطغيها ‪...‬فإن‬
‫كان المال فلتزهد فيه وإن كانت الشهوة فلتتحرر منها ‪.‬‬
‫لي كن الغ نى بالن فس ل بالفلس ‪.....‬ولت كن العزة بال ل بالجاه ‪...‬ولت كن المرأة و سيلة إح صان وطا عة ل عا مل انحلل وميو عة وروي أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم سئل يوما عن أزهد الناس في الدنيا فقال ‪ (:‬من لم ينس المقابر والبلى وآثر ما يبقى على ما يفنى وعد‬
‫نفسه مع الموتى )‪.‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪(:‬الزهد في الدنيا مفتاح الرغبة في الخرة )‪.‬‬
‫وورد عن ابن السماك قوله ‪(:‬الزاهد الذي إن أصاب الدنيا لم يفرح ‪.‬وإن أصابته الدنيا يحزن يضحك في المل ويبكى في الخل )‬
‫هذه بعض الملمح الخاطفة لمعالم الشخصية السلمية وخصائصها وصفاتها فد تحتاج إلى المزيد من التفصيل والتبسيط وحسبي أن يكون‬
‫فيها ما يحقق بعض الرجاء ‪...‬وال ولي التوفيق ‪.‬‬

‫الداعية وأسلوب الدعوة‬


‫‪ #‬السلوب الحسن‬
‫‪ #‬بين الشدة واللين‬
‫‪ #‬ماذا نريد‬
‫هناك عوا مل ت ساعد على إنجاح الداع ية إلى حد كبير في مجالت الدعوة وتح قق له الخ صب والثمار وتمن حه القدرة على التأث ير والتفا عل‬
‫واليغال بأفكاره في كل وسط وعلى كل صعيد والسلوب الحسن هو أحد العوا مل الح ساسة الها مة ال تي تو فر على الداع ية الوقت والجهد‬
‫وتصل به إلى الغاية المطلوبة بأقل التكاليف وأيسرها فالداعية في كل مجال من مجالت الدعوة والتبليغ في نطاق الكتابة والخطابة والتحدث‬
‫والنقاش في العمل الشعبي والنقابي والسياسي والطل بي بحاجة إلى السلوب الحسن الذي ي صيب الهدف ويبلغ القصد وقد يكون من أبرز‬
‫المور التمي ينبغمي توفرهما لدى الداعيمة ليتمتمع بالسملوب الحسمن تعرفمه على الوسمط الذي يكون ميدانا لنشاطمه وعمله يدرس أوضاعمه‬
‫ومشكلته واتجاهاته وميوله ثم يشخص أسبابه وبواعثه على علم ومعرفة ‪ ،‬علم بخصائص الداء ومعرفة بأسلوب الشفاء والداعية الناضج‬
‫كال طبيب النا جح يعرف من أ ين يبدأ وك يف يبدأ ثم هو ل يبدأ ق بل أن تتو فر لد يه إمكانيات التمح يص والتشخ يص والمعال جة ح تى ل يكون‬
‫عمله سلسلة تجارب فاشلة ومحاولت مرتجلة والمجتمع اليوم يموج بعديد المذاهب والتجاهات ‪ ....‬وكلها تتجاذب الناس بما تطلع عليهم‬
‫من من دعايات منمقة وأساليب مزوقة ‪.‬‬
‫تخاطبهمم ممن حيمث يصمغون ويسممعون ‪ ....‬وتأتيهمم ممن حيمث يحسمون ويشعرون ‪ ....‬تلممس جروحاتهمم وتتحسمس أمراضهمم وتتبنمى‬
‫مشكلتهمم ودعاة السملم يجمب أن ل يكونوا أقمل عنايمة واهتماما بأسماليب دعوتهمم ممن سمواهم فل يخاطبون ( العمال الكادحيمن بلغمة‬
‫القبوريين ) ول يناقشون ( الملحدة الماديين بل سان العاطفيين ) وإن ما يجمعون لكل مقام مقالً مصداقا لقول الر سول صلى ال عل يه وسلم‬
‫( أمرت لخاطب الناس على قدر عقول هم ) إن السلم في هذا الز من بحا جة إلى دعاة يح سنون عرض أفكاره ومبادئه بأ سلوب ش يق جذاب‬
‫يحببون بالسلم فل ينفرون منه ويوضحون أفكاره فل يعقدونها وكم من أدعياء شوهوا السلم بسوء دعوتهم وأساءوا إليه وهم يحسبون‬
‫أنهم يحسنون صنعا ومن هنا كانت وظيفة الدعاة دقيقة وحساسة وتتطلب كثيرا من اللباقة والحكمة ‪.‬‬

‫‪ #‬بين الشدة واللين ‪:‬‬


‫فالنفوس جبلت على حب من أحسن إليها وقد تدفعها القسوة والشدة أحيانا إلى لمكابرة والصرار ولنفور فتأخذها العزة بالثم وليس معنى‬
‫الل ين المداه نة والرياء والنفاق وإن ما بذل الن صح وإ سداء المعروف بأ سلوب د مث مؤ ثر يف تح القلوب ويشرح ال صدور وبخا صة إذا كا نت‬
‫الدعوة ( لجماعة المسلمين ) فإنه ل ينبغي بحال مخاطبتهم بالتوبيخ والتقريع والعنف ألم تر إلى القرآن الكريم في معرض التوجيه الرباني‬
‫لل سلوب الح سن الط يب يخا طب ( مو سى وهارون ) ويو صيهم بمبادأة الطاغ ية ( فرعون ) بالل ين والح سنى { إذه با إلى فرعون إ نه ط غى‬
‫فقول له قو ًل لينا لعله يتذ كر أو يخ شى } بل إن اللفتات القرآن ية والشارات النبو ية إلى الر فق ومجان بة الغل ظة والشدة تؤ كد ب ما ل يحت مل‬
‫الشك ( فاعلية ) هذا السلوب وقيمته التأثيرية يقول ال تعالى في آخر سورة (النحل ) آمرا نبيه بالتزام الحكمة في دعوة الناس{ ادع إلى‬
‫سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين } وفسرها ابن‬
‫كثير بقوله ( أي من احتاج إلى مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسن وبرفق ولين وحسن خطاب ) وفي سورة ( آل عمران ) يشير القرآن‬
‫الكريم إلى فوائد الرفق واللين في كسب النصار والمؤيدين وبالتالي انطلق الدعوة والتفاف القلوب حولها فيقول { فبما رحمة من ال لنت‬
‫لهم ولو كنت فظا غليظ القلب ل انفضوا من حولك } وقد ورد في تفسير هذه الية قول لعبد ال بن عمر جاء فيه ( إني أرى صفة الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم في الكتب المتقدمة إنه ليس بفظ ول غليظ ول صخاب في السواق ول يجزى بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح )‬
‫وفي السيرة النبوية نماذج مختلفة للسلوب الخاذ النافذ الذي كان يبلغ به رسول ال صلى ال عليه وسلم غايته بلباقة وحكمة فقد روى‬
‫أبو أمامة أن غلما شابا أتى النبي صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا نبي ال أتأذن لي في الزنا ؟ فصاح الناس به فقال النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪:‬أدن فدنا حتى جلس بين يديه فقال النبي صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أتحبه لمك ؟ قال ‪ :‬ل جعلني ال فداك قال ‪ :‬كذلك الناس ل يحبونه‬
‫لمهات هم أتح به لبن تك ؟ قال ‪ :‬ل جعل ني ال فداك ‪ .‬قال ‪ :‬كذلك الناس ل يحبو نه لبنات هم ‪ ..‬أتح به لخ تك ؟ وزاد ا بن عوف أ نه ذ كر الع مة‬
‫والخالة وهو يقول في كل واحدة ‪:‬ل جعلني ال فداك فوضع رسول ال يده على صدره وقال ( اللهم طهر قلبه واغفر ذنبه وحصن فرجه فلم‬
‫يكن شئ أبغض إليه منه يعنى الزنا ‪..‬‬
‫وأ سلوب الداع ية ينب غي أن يكون متجددا في حدود ما ي سمح به ال سلم ومرو نة ال سلم تقت ضي الدعوة بأ سلوب الع صر ولغ ته وبمختلف‬
‫الوسائل المشروعة التي تضمن نقل السلم إلى الناس في أبهي صورة وأحسن وجه وهذا منطق المرونة في قول الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم ( الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها ) وقوله ( خذوا الحكمة من أي وعاء خرجت )‪.‬‬

‫‪ #‬ماذا نريد ‪:‬‬


‫و قد يكون من خ ير ما يح قق ال سلوب الح سن لدى الداع ية إدرا كه الوا ضح العم يق ل ما ير يد ‪ ...‬فتقو يم الت صور والتشخ يص الواضح ين‬
‫للغايات والهداف يملى على الداعية السلوب الذي ينبغي التزامه وتبنيه ‪.‬‬
‫وإدراك الداعية لما يريد يوفر عل يه الوقت والجهد ويجعل سيره وانطلقه على هدى ونور فل يخبط خبط عشواء دونما تقد ير للعواقب أو‬
‫تح سب للنتائج وإلى هذا المع نى يش ير التوج يه الربا ني الكر يم فيقول { يا أي ها الذ ين آمنوا اتقوا ال وقولوا قول سديدا ي صلح ل كم أعمال كم‬
‫ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع ال ورسوله فقد فاز فوزا عظيما} فيجدر بالداعية أن يعرف ماذا يريد من كل خطوة يخطوها ومن كل عمل يقوم‬
‫به سواء في مجال الخطابة والكتابة والمناقشة أو في مجال العمل الشعبي والنقابي والطلبي وصدق الحسن البصري حيث يقول ( العامل‬
‫على غير علم كالسائر على غير طريق والعمل على غير ما يريد يفسد أكثر مما يصلح ) وفي الحكم ‪ (:‬من سلك طريقا بغير دليل ضل ومن‬
‫تمسك بغير أصل ذل ) ‪.‬‬

‫دعاة السلم وتفاوت القابليات‬


‫‪ #‬مراتب التفاوت وأشكاله ‪.‬‬
‫‪ #‬عوامل التفاوت وأسبابه‪.‬‬
‫تتفاوت الستعدادات والقابليات الحركية لدى العاملين في الحقل السلمي تفاوتا ملحوظا‪ .‬ويبدو هذا التفاوت في حياة هؤلء الخاصة والعامة‬
‫كما يتجسد كذلك في صلتهم بالتنظيم وانضباطهم به وفي نشاطهم الجتماعي ومدى نجاحهم فيه ‪.........‬‬

‫مراتب هذا التفاوت وأشكاله ‪:‬‬


‫ويمكننا تصنيف هذا التفاوت في القابليات إلى ثلثة أشكال ‪:‬‬
‫الشكل الول ‪:‬‬
‫تكون فيه الستعدادات والقابليات لدى الخ من أحسن ما يكون فهما وإيمانا وتفاعل وانضباطا‪.....‬والذين يتمتعون بمثل هذا المستوى من‬
‫الستعدادات ‪-‬هم بحق ‪-‬ركيزة الدعوة وقوة الدفع فيها ‪.‬وتوافرهم في الوجود الحركي من أهم عوامل استقراره وإثماره ‪....‬‬
‫الشكل الثاني ‪:‬‬
‫وتكون فيه الستعدادات لدى الخ بين مد وجزر وقوة وضعف فهو بين إقبال وإدبار وتفاؤل وتشاؤم تبعا لظروفه الخاصة وظروف الحركة‬
‫العامة ‪ ...‬وهذا الصنف من الناس تجدر العناية بهم من حيث معرفة مشكلتهم وأسبابها فقد تكون مشكلتهم خارجة عن إراداتهم مفروضة‬
‫على حياتهم فينبغي مساعدتهم على حلها والخروج بهم من أجوائها وقد تكون ناجمة عن ضعف في تكوينهم السلمي فيجب إكمال جوانب‬
‫النقص لديهم‪.‬‬
‫الشكل الثالث ‪:‬‬
‫ويكون فيمه السمتعدادات والقابليات لدى الخ معدوممة فطريا بمعنمى أن التكويمن العصمبي والرادي والقدرات الفكريمة والنفسمية ليسمت فمي‬
‫م ستوى يمك نه من النتاج والعطاء و قد يكون هذا ال صنف عبئا على الحر كة في مرحلت ها الحاضرة ل نه يع يش على ح سابها ويتغذى بدم ها‬
‫يأخذ منها ول يعطى لها وفي أمثال هؤلء ل يجوز أن تستهلك الطاقات وتصرف الجهود وتهدر المكانيات ‪.‬‬

‫عوامل هذا التفاوت وأسبابه ‪:‬‬


‫وبديهي أن يكون لهذا التفاوت عوامل كثيرة ل حصر لها منها الفطري ومنها الوراثي ومنها الكتسابي وإذا تجاوز نا العاملين الولين إلى‬
‫العامل الخير الذي يدخل في نطاق القدرة البشرية لمكننا تحديد السباب الرئيسية لنشأته ‪ ...‬وهذا التشخيص يمكننا بالتالي من معالجة‬
‫ما يمكن معالجته من الضعف والوهن وبعث القابليات واستنهاضها وجعل أصحابها في مستوى المسئولية وعلى قدر حملها‪.‬‬

‫العامل الول ‪:‬‬


‫ويتعلق بمدى ف هم الخ ل سلمه ف قد يكون فه مه لل سلم سطحيا مم سوخا و قد ل يكون واضحا تمام الوضوح أو قد يكون فهما جزئيا غ ير‬
‫متكامل ولهذا حض السلم على استكمال العدة الفكرية بحسن التفقه في الدين ومعرفة أعراضه وغاياته فقال الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫( من يرد ال به خيرا يفقهه في الدين )‪.‬‬

‫العامل الثاني ‪:‬‬


‫ويتعلق بمدى تفاعل الخ مع مبادئ السلم في حياته الخاصة والعامة فقد يكون عالما بالسلم غير عامل به يدعو الناس إلى ما يخالفهم‬
‫إليه ويسبقهم إلى ما ينهاهم عنه وهذا من شأنه أن يعدم في نفسه حوافز الخير ويجعله في دوامة من القلق والشقاء ل يخرج منها حتى‬
‫تنقطع آخر صلة له بالسلم ولقد ندد القرآن الكريم بهذا الصنف من الناس حين قال { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون‬
‫الكتاب أفل تعقلون } { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما ل تفعلون كبر مقتا عند ال أن تقولوا ما ل تفعلون }‪.‬‬

‫العامل الثالث ‪:‬‬


‫ويتعلق بمدى قرب الخ من ال وصلته به فالداعية ل يمكن أن تكتمل شخصيته ويستقيم خطوه وتزكو نفسه وينشرح صدره ويكثر إنتاجه‬
‫ويعم إثماره ما لم يتحرر من عبود ية غ ير ال وي ستشعر قرب ال م نه ورقاب ته عل يه وهذا ل يمكن أن يتأ تى بغ ير مجاهدة الن فس وميول ها‬
‫حتى تعطى المقاد وتسلس القياد ‪.‬‬

‫العامل الرابع ‪:‬‬


‫ويتعلق بمدى تملك الخ لزمام نف سه وقوام ته على أهوائه وغرائزه فإذا كا نت حياة الخ مليئة بالمغريات والمفا تن و جب أن يكون مح صنا‬
‫تحصينا قويا دائم الستعداد لمقاومة نوازع الشر وإلقاءات الشيطان فيه مدركا بوعي وعمق قول ال تعالى { إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه‬
‫عدوا } ذاكرا قول الرسول صلى ال عليه وسلم (إن الشيطان ليسرى من ابن آدم مسرى الدماء )‬
‫‪ #‬بين العقائدية والحزبية‬
‫‪ #‬بين الحزبية والنسانية‬
‫‪ #‬بين العقائد والشخصانية‬
‫‪ #‬بين التجرد والمساومة‬

‫شخصية الداعية وكيف تبنى ؟‬


‫في الحقيقة أننا كحركة إسلمية بحاجة إلى تغيير مفاهيمنا ونظراتنا في كثير من المسائل والمور المتعلقة بالعمل السلمي وحركتنا ينبغي‬
‫أن تتميز في شخصيتها وطبيعة عملها ونوعية أفرادها عن سائر الحركات السياسية والحزبية الحديثة ‪.‬‬

‫بين الحزبية والنسانية ‪:‬‬


‫و في اعتقادي أن الحر كة ال سلمية تأثرت إلى حد بال جو الحز بي الذي تعي شه البلد العرب ية في هذه الحق بة من الز من ح تى كادت تتلوث‬
‫طبي عة الع مل ال سلمي وأ ساليبه في ب عض الحيان بالروح الضي قة ال تي ل تت فق بحال ونز عة النفتاح والن سانية في ال سلم وإذا قلت إن‬
‫طبيعة العمل السلمي غير طبيعة العمل الحزبي فلن التصور العقيدي والمبادئ التشريعية والتوجيهية التي يقوم عليها المنهج السلمي ل‬
‫تتفق في شئ مع ما تقوم عليه الحركات الحزبية من تصورات ومبادئ إن للسلم طبائع خاصة مميزة في عقيدته ومبادئه وأساليبه وأهدافه‬
‫وغايا ته ك ما أن له مقاي يس ثاب تة ل يس للظروف والحداث المتحر كة من سلطان علي ها أو تأث ير في ها فعقائد ية ال سلم تفرض ها نظر ته إلى‬
‫الكون والنسمان والحياة نظرتمه اللهيمة التمي تتجلى فمي اليمان بوجود خالق لهذا الكون ومما لهذا الله على النسمان ممن حقوق ومما فمي‬
‫شريعته من ضمان لحياة طيبة في الدنيا وفي الخرة ثم ما يترتب على الخذ بها أو العراض عنها من ثواب وعقاب ونظرته النسانية التي‬
‫تتجلى في عظيم المنزلة التي رشح النسان إليها وكريم الوظيفة التي خلق من أجلها وجلل الغاية التي يعمل لها ويجاهد في سبيلها ‪.‬‬
‫فالداعية المسلم يريد الخير لكل الناس ويسعى لسعاد جميع البشر برسالة السلم ل يتعصب لجنس أو لون ول لجماعة أو حزب وإنما هو‬
‫روح جديدة تسرى في جسم هذه ال مة فتحي يه بال حق ونور و ضئ ين ير الدروب ويحيى القلوب ويهدى الحيارى سواء السبيل وهو مع هذا‬
‫وذاك ل ير بط ب ين ( الجهد والجزاء ) أو بين الع مل والنتيجة ) إل بمقدار ما يحسه من قبول ور ضى ال تبارك وتعالى فل يكون إقباله أو‬
‫إدباره في مجالت العمل والكفاح ما يستتبعانه من نصر أو هزيمة فل يطربه رضى الناس عنه أو يسخطه غضبهم عليه وإنما له في حياة‬
‫الداع ية الول صلى ال عل يه و سلم الم ثل العلى والقدوة الح سنة ح يث يقول ( الل هم إن لم ي كن بك غ ضب على فل أبالي ) هذه الطبي عة‬
‫الن سانية ال تي ج بل السلم ب ها تتنا فى كل المنافاة مع طبائع الحركات الحزب ية الخرى و من فضائل هذه الطبيعة إن ها تك سب العامل ين في‬
‫الحقل السلمي صفات النفتاح للناس جميعا فهم دعاة خير ومنابر هدى ومشاعل نور يقرعون كل باب ويرشدون كل ضال { وكذلك جعلناكم‬
‫أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } ‪.‬‬
‫والطار العقائدي الذي يقيد به السلم ميدان العمل السلمي يعتمد على ناحيتين اثنتين ‪:‬‬
‫أولهما ‪ - :‬وضوح الغاية في أعماق الداعية حتى ل يزيغ به هوى أو تنحرف له رغبة فعن ابن عباس رضى ال عنه قال ‪:‬جاء رجل إلى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬يا رسول ال لنى أقف الموقف أريد وجه ال وأريد أن يرى موطني فلم يرد عليه رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم حتى نزل قوله تعالى ‪ { :‬فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملً صالحا ول يشرك بعبادة ربه أحدا }‬
‫وثانيه ما ‪ - :‬سلمة الو سيلة وضمان مشروعيت ها وموافقت ها لروح ال سلم بذلك تتح قق صيانة الع مل ال سلمي من كل انحراف يم كن أن‬
‫تت سببه القاعدة الحزب ية ال تي تقول ب تبرير الو سائل من أ جل الغايات فإذا كا نت طبائع الحركات الحزب ية تعت مد مثلً الطر يق الملتو ية غ ير‬
‫الكريمة في سبيل تحقيق أهدافها وتستسيغ من أجل ذلك كل لون من ألوان الخداع والتضليل فإن الحركة السلمية تأبى عليها عقيدتها هذا‬
‫النوع من الوسائل ‪.‬‬

‫بين العقائدية والشخصانية ‪:‬‬


‫وتبدو عقائديمة السملم فمي دعوتمه إلى التمسمك بالمبادئ والمثمل ل بالشخاص والزعماء وبذلك يصمبح العممل السملمي فمي مأممن ممن‬
‫النحرافات الفردية فإذا كانت ( الشخصانية ) جرثومة في فناء الحركات الحزبية فإن ( العقائدية ) عامل بقاء الحركة السلمية واستمرارها‬
‫إن العقيدة ال تي غر سها ال سلم في نفوس أ صحابه جعلت هم يخا صمون في ال حق أقرب الناس إلي هم ويوادون في ال أب عد الخلق عن هم فل‬
‫تساهل مع قريب أو حبيب في حد من حدود ال أو أمر من أمور السلم { يا أيها الذين آمنو ل تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا‬
‫الكفر على اليمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون } فل طاعة لمخلوق في معصية الخالق فهذه ( أم حبيبة ) زوج الرسول ال صلى‬
‫ال عل يه و سلم تم نع أبا ها ( المشرك ) من الجلوس على فراش الر سول صلى ال عل يه و سلم وتقول له مغاض بة ( إ نه فراش ر سول ال‬
‫وإ نك مشرك ن جس ) وهذا م صعب بن عم ير يقول ل مه ( المشر كة ) ال تي أق سمت أن ل تذوق طعاما ح تى يعود إلى دين ها ويترك ال سلم‬
‫( وال يا أماه لو كانت لك مائة نفس خرجت نفسا نفسا ما تركت دين محمد ) بهذه العقائدية الفذة يقي السلم دعوته ودعاته من جميع‬
‫المؤثرات العاطفيمة والشخصمية ففمي معركمة ( بدر ) التقمى الباء بالبناء والخوة بالخوة خالفمت بينهمم المبادئ ‪ ،‬كان أبمو بكمر فمي صمف‬
‫المسلمين وكان ابنة عبد الرحمن في صف المشركين كان عتبة بن ربيعة أول من بارز المسلمين وكان ولده أبو حذيفة من أهل السابقة في‬
‫السلم وعندما سجت جثة عتبة لترمى في ( القليب ) نظر الرسول إلى أبى حذيفة فإذا هو كئيب قد تغير لونه فقال له ( يا أبا حذيفة لعلك‬
‫قد دخلك من شأن أبيك شئ فقال ‪ :‬ل وال يا رسول ال ما شككت في أبى ول في مصرعه ولكنني كنت أعرف من أبى رأيا وحلما وفضلً‬
‫فكنت أرجو أن يهديه ذلك إلى السلم فلما رأيت ما أصابه وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له أحزنني ذلك ‪.‬‬

‫‪ #‬بين التجرد والمساومة ‪:‬‬


‫وعقائد ية السلم ل ها في آفاق ( الترب ية ) أع مق ال ثر فالتجرد ل من كل هوى وغا ية شخ صية والخلص له في ال سر والعلن ية والثبات‬
‫على الحق تكاد تكون كلها من خ صائص العقائدية التي يؤكد عليها السلم في جميع مجالته العبادية والتوجيهية والتشريعية ولهذا تأبى‬
‫عقيدة السلم على أصحابها أي لون من ألوان المساومة مهما كان الثمن غالبا والعرض سخيا فهذه قريش تقترح على رسول ال أن يعبد‬
‫( آلهتها ) شهرا لتعبد هي ( إلهه ) شهرا آخر فيرد عليهم محمد صلى ال عليه وسلم بالقول الفصل من رب العالمين { قل يا أيها الكافرون‬
‫ل أعبد ما تعبدون ول أنتم عابدون ما أعبد ول أنا عابد ما عبدتم ول أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولى دين } وجاء ( عتبة بن ربيعة )‬
‫يوما إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم يعرض عليه العروض السخية يعرض عليه الملك والمال والسلطان على أن يترك المر الذي بعث‬
‫به ويتخلى عن السلم فالتفت إليه الرسول صلى ال عليه وسلم مستعليا بإيمانه معتزا بدينه قائلً ( ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم‬
‫ول الشرف فيكم ول الملك عليكم ولكن ال بعثنى إليكم رسول وأنزل على كتابا وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فان تقبلوا منى ما جئتكم‬
‫به فهو حظكم في الدنيا والخرة وإن تردوه على أصبر لمر ال حتى يحكم ال بيني وبينكم )‪.‬‬

‫‪ #‬كلمة أخيرة ‪:‬‬


‫ولعل سر ما للسلم من أثر في تأصيل عقائديته وعمقها في نفوس أصحابها يعود إلى استشعارهم فضل ال وهم في ذروة النصر وقمة‬
‫النجاح فل يرون النصر إل من عند ال ول يحسون بغير فضل ال عليهم وبذلك تبقى النفوس طيعة متواضعة ل تخرجها عن سمتها الصيل‬
‫عاديات الكبر والغرور {وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم ل يشكرون }‪.‬‬

‫الحركة السلمية بين التكامل والتآكل‬


‫‪ #‬في التربية والتكوين‬
‫‪ #‬في المواجهة والعمل الحركي ‪.‬‬
‫المراقب لما يجرى في نطاق العمل للسلم خلل نصف القرن الماضي تبدو له ملمح ظاهرة مخيفة وهي أن العمال والتجارب التي قامت‬
‫في هذا النطاق تجريان في دوامة مغلقة من التكامل والتآكل والمقصود بالتكامل والتآكل هو أن التجارب التي قامت ل تكاد عناصرها تتكامل‬
‫ح تى تأ خذ بالنفراط ق بل أن تح قق الهدف الرئي سي من وجود ها بإقا مة المجت مع ال سلمي وا ستئناف الحياة ال سلمية وتبدو مل مح هذه‬
‫الظاهرة بشكل بارز وملحوظ على صعيد ( المنطقة العربية ) حيث عجزت الحركات السلمية عن تحق يق ولو تجر بة واحدة في قطر واحد‬
‫على ال قل هذا فضلً عن أن الحر كة في عدد من القطار تراج عت تراجعا مخيفا أمام التيارات الماد ية الغاز ية وأخلت خطوط دفاع ها الولى‬
‫ال مر الذي م كن لهذا القوى الجاهل ية في بلد الم سلمين و سهل ل ها سبيل الو صول إلى ال سلطة واغت صابها و من ثم ا ستخدامها وت سخيرها‬
‫لحرب السلم بوجه عام ولضرب الحركة السلمية بوجه خاص ‪.‬‬

‫تشخيصات ‪:‬‬
‫والعاملون في الح قل ال سلمي الم سلمون بوجود هذه الظاهرة متباينون في تقدير هم ل سباب نشوئ ها وا ستفحالها فمن هم من يعتبر ها أمرا‬
‫طبيعيا ونتي جة محتو مة لنح سار الخ ير وطغيان ال شر على العالم وبالتالي لحتم ية ( الغر بة ) ال تي سيؤول إلي ها ال سلم في آ خر الزمان‬
‫ويستدلون على ذلك بأحاديث للرسول العظم صلى ال عليه وسلم منها قوله ( يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على‬
‫الج مر ) وقوله ( خ ير القرون قر ني ثم الذي يل يه ثم الذي يل يه والخرون أراذل )ومن هم من يرد ال سباب إلى سوء الوضاع الجتماع ية‬
‫والقتصادية والسياسية التي تعيشها المة في أعقاب سقوط الدولة السلمية وانتقاض الحكم السلمي وإلى المؤامرات التي تتكاتف فيها‬
‫القوى العالمية الثلث ( الصهيونية والشيوعية والصليبية ) لضرب التجاه السلمي وعزل الفكرة السلمية عن الحياة طورا بإثارة النعرات‬
‫الع صبية والقوم ية وطورا آ خر بإنشاء الحركات الماد ية اللحاد ية والتبشير ية وب كل الطرق وال ساليب ال تي من شأن ها تشك يك الم سلمين‬
‫بمعتقداتهم وتشريعاتهم ومنهم من يعزو المر إلى قلة المكانيات البشرية والفنية والمادية التي تمتلكها الحركة السلمية المعاصرة وإنها‬
‫دون مستوى المواجهة مع الجاهلية العاتية ‪..‬‬

‫* مناقشات ‪:‬‬
‫ولحقيقة أن كل ما ورد من آراء في مناقشة أسباب بروز ظاهرة ( التكامل والتآكل ) في نطاق التجارب المعاصرة للعمل السلمي هي من‬
‫السباب ولكنها ليست السباب كلها بل إنها في الحقيقة ليست السباب الرئيسية الجوهرية الكامنة وراء هذه القضية ‪...‬‬
‫فالذين يعتبرون ( الظاهرة ) أمرا طبيعيا ونتيجة محتومة لنحسار الخير وطغيان الشر محقون ولكن إلى حد فالشر كان موجودا منذ الخليقة‬
‫ودعوات الرسل والنبياء جميعا ليس لها من مبرر لول وجود الشر وانحراف البشرية وحاجتها إلى الصلح والتقويم بل إن طغيان الباطل‬
‫وجنده ينبغي أن يحفز الحق وأهله لمزيد من الصرار و التمرد والثبات ‪ ..‬وقد قيل للحق يوما يوما ( أين كنت في صولة الباطل ؟ قال كنت‬
‫اجتث جذوره) ‪ ...‬والواقع أن الباطل ل يذيع ويشيع إل في غفلة أهل الحق وضعفهم وانعزالهم عن ميادين البذل والجهاد ‪.‬‬
‫وأصمحاب هذا الرأي مخطئون إذا اعتقدوا بأن ل أممل فمي الصملح وهمم فمي ذلك خارجون عمن دائرة التصمور السملمي لن اعتقادهمم هذا‬
‫سيدفعهم بدون شك إلى الن سحاب من المعر كة والفرار من الز حف وبالتالي سيصابون باليأس و سيلقون ال سلح ول يس مع نى هذا سوى‬
‫الستسلم والنهزام إن السلم يطالب أتباعه والمؤمنين به أن يعملوا ويبذلوا قصارى جهدهم وصادق جهادهم ليس إل ‪ ...‬أما النصر فإنه‬
‫من شأن ال وقدره كما إنه في صحائف غيبه وعلمه وحري بأهل الحق أن يفرغوا طاقاتهم ويبذلوا ما وسعهم البذل فيما يحقق رضاء ال‬
‫أول وحتمى ولو لم يكونوا ضامنيمن للنصمر واثقيمن منمه وهذا معنمى قوله تعالى { إن ال اشترى ممن المؤمنيمن أنفسمهم وأموالهمم بأن لهمم‬
‫الج نة } وأ ما الذ ين يردون ال مر إلى سوء الوضاع وتردى الق يم وطغيان الجاهل ية وف ساد الز من فن حن نعترف مع هم بأن ال سلم يو جه‬
‫تحديات في غاية القوة والشراسة والخبث ولكن هذا ينبغي أن ل يكون ‪ ،‬وليس هو السبب الساسي الذي أدى إلى وقف المسيرة السلمية‬
‫وتخبط ها وإلى نشوء ظاهرة التكا مل والتآ كل في حيات ها وث مة نق طة أخرى تجدر الشارة إلي ها كذلك و هي أن الوضاع ال سيئة ال تي علي ها‬
‫العالم بصورة عامة والمة السلمية بصورة خاصة ستزداد يوما بعد يوم ما لم تتدارك الحركة السلمية المر وتنقذ الموقف أما أن ننتظر‬
‫تغ ير الوضاع بش كل عفوي وبدون ث من يبذل وتضح ية تقدم فإن ذلك لضلل ما بعده ضلل ؟إن من وا جب الحر كة السلمية أن تف كر اليوم‬
‫بغ ير العقل ية ال تي كا نت تف كر في ها بال مس لن ال مس وظرو فه وأوضا عه لم ي عد في وا قع اليوم إل ذكريات م ضت وهيهات أن تعود إن‬
‫النظمة التي كانت تسمح إلى حدها بممارسة النشاطات لحزبية المختلفة قد بادت وانقرضت وحلت محلها أنظمة حزبية بوليسية حاقدة على‬
‫السلم وضليعة في التآمر عليه وعبثا تنتظر الحركة تغير الحال من غير بذل جهد ودفع ثمن ( أل إن سلعة ال غالية أل إن سلعة ال الجنة‬
‫) وأ ما الذ ين يعزون بروز ظاهرة التكاممل والتآ كل في حياة الدعوة إلى قلة في المكانيات وض عف في الطاقات فأ نا ل ست مع هم في شئ‬
‫فالحر كة في الوا قع ل تش كو فقرا في المكانيات بقدر ما تش كو من عدم الهتمام بهذه المكانيات وتنميت ها وتطوير ها وال ستفادة من ها على‬
‫الزمن لقد مرت في تاريخ الحركة السلمية المعاصرة فرص وظروف كان في صفوفها من المكانيات المختلفة ما لم يكن عند سواها من‬
‫الحركات التي سبقتها إلى السلطة وإلى الحكم في أكثر من قطر ؟ ولكن إهمالها لهذه المكانيات وعدم الستفادة منها فيما يتلءم مع طبيعتها‬
‫واخت صاصاتها وقدرات ها وبالتالي عدم ا ستيعابها فكريا وتوجيهيا وحركيا أدى إلى فقدان بعض ها وإلى ن مو الب عض ال خر نموا وحشيا غ ير‬
‫طبيعي فيه كثير من التشويه والنحراف ‪.‬‬

‫أين يكمن الدواء إذن ؟‬


‫إن الدواء يك من من وج هة نظري أك ثر ما يك من في ( الج سم الحر كي ) نف سه وإن ك نت ل أن كر كذلك أ ثر الضغوط الخارج ية على الحر كة‬
‫السلمية ‪....‬‬
‫إنه يبدو في الفوضى الفكرية بين القادة والفراد وفي فقدان الطاعة والنظام في العاملين وفي فقدان النقياد في الجنود كما يبدو في فتور‬
‫الشعور بالم سئولية في الجم يع و في الخواء الرو حي و في التر خص وعدم أ خذ الن فس بعزائم المور ‪ ....‬ال صفوف معو جة مضطر بة ‪...‬‬
‫والقلوب خاوية حائرة ‪ ...‬والسجدة خامدة جامدة ل حرارة فيها ول شوق ؟‬
‫التصور لطبيعة العمل سطحي‪ ...‬وخطط المواجهة مرتجلة ‪ ...‬والعمل ضعيف منقطع ل استمرار فيه ول ثبات عليه ‪.‬‬
‫وحتى نكون موضوعين في مواجهة هذه المعضلة ل بد من تحديد مواطن الدواء بدقة ومناقشة الموضوع بتفصيل أملً في الوصول إلى ما‬
‫يعيننا على الخروج من هذه الدوامة التي استطار شرها واستفحل أمرها‪..‬‬

‫* في نطاق التربية والتكوين ‪:‬‬


‫إن بناء الشخ صية الم سلمة هو الخطوة الولي في نطاق التحض ير لبناء الدولة ال سلمية كائنا ما كان أ سلوب الحر كة ومنهج ها في الع مل‬
‫والشخ صية ال سلمية ل يم كن أن تب نى وت تم ولدت ها ما لم ت سلم من مؤثرات المجت مع الجاهلي و من ازدواج ية التل قي والتوج يه وتجدر‬
‫الشارة هنا كذلك إلى أن المقصود ببناء الشخصية المسلمة هو تكوين طليعة قيادية و تنظيم حركي طليعي في مستوى ما تتطلبه المواجهة‬
‫مع جاهلية اليوم إن أبرز الصفات التي ينبغي توفرها في الشخصية السلمية هي ‪- :‬‬
‫أولً ‪ -:‬النخلع من الجاهلية انخلعا كليا سواء في الحاسيس والمشاعر أو الفكر والتصورات و في العمال والتصرفات‪.‬‬
‫ثانيا ‪ - :‬اللتزام بالسملم وأحكاممه التزما كاملً يجعله محور الحياة ومنطلق التفكيمر وقاعدة التصمور ومصمدر الحكمم فمي كمل قضيمة‬
‫وموضوع‪..‬‬
‫ثالثا ‪ - :‬اعتبار الجهاد في سبيل إعلء كل مة ل في الرض هو الغا ية ال ساسية من الوجود و ما يح تم هذا الت صور من ا ستعداد كا مل‬
‫للتضحية بكل شئ في سبيل هذه الغاية ومن قبيل النقد الذاتي البناء القول بأن المناهج والساليب المعتمدة دون مستوى القدرة على تكوين‬
‫شخ صية إ سلمية هذه ملمح ها وموا صفاتها والوا قع أن كل ما يم كن أن تقد مه هذه المنا هج ل يعدو أن يكون ق سطا من الثقا فة ال سلمية‬
‫العامة والتوجيهات الروحية والخلقية مما يجعلها دون القدرة على صياغة الفرد المسلم الصياغة المنشودة التي تؤهله ليكون رجل العقيدة‬
‫الذي يؤمن بها ويعيشها ويضحي بالنفس والغالي من أجلها إن الغاية الساسية من التربية والتكوين السلميين تحقيق التفاعل بين السلم‬
‫وبين الفراد بحيث يتحقق من هذا التفاعل تجريدهم من ذواتهم تجريدهم من القيم الرضية كلها ‪ ....‬تجريدهم من العتزاز بكل ما يعتز به‬
‫من حطام وأهواء ليعتزوا بالحق وحده الحق مجردا من أشخاصهم الحق متلبسا بذواتهم ولكنه متميز فيها تميزا واضحا بحيث تتبع ذواتهم‬
‫الحمق ول تتبمع أهواءهمم أو مشاعرهمم الشخصمية وذلك بأن يتجردوا ل يتجردوا له تجردا خالصما فيمه واتخاذه سمياسة مضطردة فمي كمل‬
‫الحوال والظروف وعلى كل صعيد لن تكون نتائجه إل قتل روح التضحية في الفراد وتحويل الحركة السلمية إلى مدرسة نظرية أو اتجاه‬
‫فكري مجرد ‪.‬‬

‫متطلبات التربية والتكوين ‪:‬‬


‫إن للتربية والتكوين السلمي متطلبات ينبغي توفرها لنجاح العملية ‪.....‬وبغير هذه المتطلبات ستفشل كل محاولة في حقل التربية السلمية‬
‫وسوف ل تتحقق ولدة الفرد المسلم الذي يمثل العمود الفقري في العمل السلمي برمته ‪.....‬وفي رأيي أن أهم متطلبات التربية هي ‪:‬‬
‫أولً‪ :‬المنهج السليم ‪:‬‬
‫الذي يحقق إعداد الفرد المسلم والجيل المسلم ‪....‬المنهج الذي تتكامل فيه جوانب التربية كلها والروحية والخلقية والحركية مما يحقق‬
‫التكا مل والتوازن في بناء الشخ صية السلمية ويحول دون طغيان جانب من هذه الجوا نب على ال خر ح تى ل يؤدي هذا الطغيان إلى تشوه‬
‫الشخصية وعدم تكاملها ‪....‬‬
‫إن المن هج الذي تحتا جه الحر كة هو ن فس المن هج الذي أخرج من متاهات الجاهل ية خ ير أ مة أخر جت للناس والذي يملك أن يخرج في كل‬
‫زمان ومكان الج يل القائم على ال حق المجاهد ين من أجله الذي ل يضره من خال فه ح تى يأ تي أ مر ال ‪.....‬وبغ ير هذا الن مط من الناس ل‬
‫يمكن للحركة السلمية أن تواجه الواقع الجاهلي وتحقق النصر عليه ‪(...‬كتب عمر بن الخطاب رضي ال عنه خطابا إلى عمرو بن العاص‬
‫وقد استبطأ فتح مصر جاء فيه ‪ (:‬أما بعد فقد عجبت لبطائكم عن فتح مصر ‪......‬تقاتلونهم منذ السنين ‪...‬ما ذاك إل لما أحدثتم وأحببتم‬
‫من الدن يا ما أ حب عدو كم ‪...‬وإن ال تبارك وتعالى ل ين صر قوما إل ب صدق نيات هم ) و في و صيته إلى سعد بن معاذ قائد الم سلمين إلى‬
‫فارس يقول ‪(:‬أما بعد ‪:‬فإني أو صيك ومن معك من الجناد بتقوى ال على كل حال ‪...‬فإن تقوى أف ضل العدة على العدو وأقوى المكيدة في‬
‫الحرب ‪...‬أوصيك ومن معك من الجناد بأن تكونوا أشد احتراسا من المعاصي منكم من عدوكم فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم‬
‫وإن ما ين صر الم سلمون بمع صية عدو هم ل ‪...‬ولو ل ذلك لم ت كن ل نا ب هم قوة لن عدد نا ل يس كعدد هم ول عدت نا كعدت هم فإن ا ستوينا في‬
‫المع صية كان ل هم الف ضل علي نا في القوة واعلموا أن علي كم في سيركم حف ظة من ال يعلمون ما ما تفعلون فا ستحيوا من هم ول تعملوا‬
‫بمعاصي ال وأنتم في سيبله ‪.)...‬‬

‫ثانيا ‪:‬القدوة الحسنة ‪:‬‬


‫وهي عامل أساسي وهام في نجاح عملية التربية ‪...‬وإنه ل يكفي للداعية المربي أن يكون فقيهًا عالما أو خطيبا لمعا بل ل بد وأن يكون‬
‫فوق هذا ومعه تقيا ورعا عاملً بعلمه فإذا خالف العمل العلم منع الرشد وحجب الهدى وانعدم الثر ورحم ال مالك بن دينار حيث يقول ( إن‬
‫العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفاء )‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬البيئة الصالحة ‪:‬‬


‫ويتوقف نجاح التربية كذلك على مدى صلح البيئة وتوفر العزلة الشعورية التي يتعين تهيئيها للعناصر المراد تربيتها وتكوينها وقد يكون‬
‫أقرب إلى الم ستحيل نجاح عمل ية الترب ية هذه في مجتمعات جاهل ية مقطو عة ال صلة بال سلم و حل هذه المشكلة مرهون بمدى إمكان عزل‬
‫الحركة للعناصر السلمية وتهيئة المناخات والجواء المناسبة لها وبخاصة أثناء مرحلة التكوين الولى وقبل ندبها للمهام الحركية العامة‬
‫إن فكرة عزل العناصر السلمية عن البيئة الجاهلية في مراحل التكوين جديرة بالدراسة والتأمل كما أن التفكير والتأمل والبحث عن كيفية‬
‫تحقيق هذا العزل أجدر ‪...‬‬
‫إن عملية تكوين الشخصية السلمية ل يمكن أن تكون ناجحة النجاح المرجو المؤهل ما لم تتم في بيئة إسلمية ل مكان فيها للمؤثرات‬
‫الجاهل ية والوا قع الذي تعي شه الحر كة ال سلمية اليوم ل يعطي ها قوا مة التوج يه أو يفرد ها بالتح كم في حياة الفرد الم سلم وإن ما يج عل هذا‬
‫الفرد في بيئة مضطربة تتنازعه شتى المؤثرات والضغوط فإذا استطاعت الحركة أن تهيئ لفرادها الجو السلمي ‪ ...‬إما في محيط السرة‬
‫أو في نطاق العمل وأن تحول بينهم وبين التعايش العقيدى والخلقي مع المجتمع الجاهلي فإنها بذلك تكون قد وقفت على أول الطريق الذي‬
‫يضمن لها خلق روح التمرد في نفوس أفرادها وإعدادهم ليكونوا نواة الطليعة المباركة وأمل السلم العظيم ولنا عودة لهذا الموضوع في‬
‫مكان آخر من هذا الكتاب ‪.‬‬

‫في العمل الحركي والمواجهة ‪:‬‬


‫وأما العامل الثاني الذي يكمن وراء بروز ظاهرة التكامل والتآكل في حياة الحركة السلمية المعاصرة فيعود إلى عدم وضوح الطريق وإلى‬
‫التخ بط في ميدان الع مل وإلى ال سير النفعالي غ ير المرت كز على رؤ يا واض حة وت صور سليم ومتكا مل للو سائل وللغايات والهداف ويم كن‬
‫تحديد أبرز معالم النحراف في الجسم الحركي فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬عدم وضوح الطريق القوم لقامة الدولة السلمية وتحقيق النقلب السلمي‬
‫‪ - 2‬عفوية السير وعدم اللتزام حتى بما يوضع من مخططات مما كان يعرض في كثير من الحيان إلى استنفاد الجهود والقوى في معارك‬
‫جانبية وأعمال جزئية ل تخدم مصلحة السلم الحقيقة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬عدم تبنى سياسة الخذ بزمام المبادرة مما كان يجعل انفعال الحركة بالحداث بطيئا مما فوت ويفوت عليها كثيرا من الفرص والسوانح‬
‫النفسية والزمنية ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الضياع بين اللتزام بالخط الصيل للعمل أل وهو التبليغ وبين النطلق السياسي ومحاولة الستفادة من كل الظروف‪.‬‬
‫‪ - 5‬عدم تبنى أسلوب معين لستلم الحكم السلمي ‪.‬‬
‫‪ - 6‬المبالغة في الحذر من تبنى استخدام القوة ( ابتداء أو انتهاء ) ‪.‬‬
‫‪ - 7‬عدم وضوح التنظيم الحكم في الكيان الحركي ومن ظواهر ذلك بروز السئلة التالية ‪:‬‬
‫هل القيادة فردية أم جماعية ؟ وهل الشورى ملزمة أم غير ملزمة ؟ وهل العمل سرى أم علني ؟ وهل نحن معهد فكرى أم تنظيم حركي وإذا‬
‫كان الخر فهل نحن في مستواه؟‪.‬‬
‫هذه السئلة وغيرها تحتاج إلى أجوبة وأجوبة واضحة كما تخرج الحركة من متاهات التخبط والضياع والجوبة التي تتبناها الحركة في‬
‫هذا النطاق يجب أن تعتمد على قوة الدليل الشرعي وليس على الهواء والعواطف إن من حق السلم على الحركة السلمية اليوم وفي كل‬
‫يوم أن يكون ت صورها لطبي عة الع مل ال سلمي وفهم ها له موافقا غا ية المواف قة لروح الخ طة ال تي انتهج ها أول تج مع حر كي في تار يخ‬
‫السلم ومن شأن هذا التصور أن يفرض على الحركة السير وفق الخط الصيل الذي سلكته النبوة في مواجهة الواقع الجاهلي والتحضير‬
‫لقا مة المجت مع المسلم ولم يكن من عواقب اختلف الت صور الحديث لطبيعة الع مل وأهدا فه إل ضياع الجهود وا ستنفاد القوى في ما ل طائل‬
‫تح ته ك ما أدى التفر يط في التبع ية الحرك ية للجما عة ال سلمية الولى وعدم اللتزام الفعلي الدق يق بتوجيهات ها في ما يتعلق ب فن المواج هة‬
‫ال سلمية الفردي والجماعمي إلى انعطاف الخطمى وبعدهما فمي أكثمر الحيان عن المحور ال ساسي والهدف الرئيسمي المنشود لقمد ممر على‬
‫الحركة السلمية حين من الدهر كانت كثير من الجهود تضيع في قضايا جانبية وشؤون آنية ل ترتبط ل من قريب ول من بعيد بالهدف‬
‫البعيد الذي بفرض أن تفرد له الحركة كل قواها وإمكانياتها ‪...‬‬
‫إن معرفة الحركة السلمية لهدافها ولخط سيرها وطبيعته وخصائصه من شأنه أن يحول الخطى كل الخطى ويصب القوى كل القوى في‬
‫هذا التجاه كما أن من شأنه أن يصون الجهود المبذولة من الضياع والهدر فضلً عن أنه الطريق القصر لبلوغ الغاية وتحقيق الهدف ‪.‬‬

‫* إعادة تعبيد الناس ل ‪:‬‬


‫إن على الحر كة ال سلمية أن تدرك أن مهمت ها الرئي سية ينح صر في إعادة تعب يد الناس لرب هم كأفراد ومجتمعات ‪ ...‬وهذه المه مة ل يم كن‬
‫تحقيقها ما لم تقم للسلم دولة تستمد حكمها وتشريعها منه وتعود في كافه شؤونها إليه وتسير في كل خطوة من خطاها على هديه القويم‬
‫وصراطه المستقيم إن على الحركة السلمية حين تدرك أن مهمتها الساسية هي إخضاع المجتمع النساني لحاكمية ل وعبوديته أن تبقى‬
‫دفة سيرها محولة في هذا التجاه كائنا ما كانت الظروف ‪.‬‬
‫إن قضا يا المشار كة في تحر ير البلد ت صبح من غ ير ضمان في توح يد الشعوب والقطار على غ ير ال سلم كتشي يد بناء على غ ير أ ساس‬
‫وبالتالي كنوع من أنواع التعا يش مع الجاهل ية وبهذا المقياس ستتغير نظرة الحر كة إلى أمور كثيرة كانت في ما م ضى تعطيها الولو ية من‬
‫جهد ها ووقت ها إن ال سلم بحا جة ما سة إلى مو طئ قدم يقدم في ها للبشر ية نموذجا عمليا للمجت مع الم سلم ول ما يحق قه من عدالة وم ساواة‬
‫وأمن واستقرار وإن الفكار والمذاهب والفلسفات المادية التي غزت العالم في العصر الحديث ما كان لها أن تصل إلى ما وصلت إليه لو لم‬
‫يكن لها في الساس موطئ قدم واحدة‪.‬‬

‫* مجاهدون ل فلسفة ‪:‬‬


‫ونقطة أخرى تجدر الشارة إليها في هذا المقام كذلك وهي أن الحركة السلمية ينبغي أن تكون (ثكنة ) لتخريج المجاهدين والبطال قبل أن‬
‫تكون معهدا فكريا لن شر الثقا فة والمفاه يم ال سلمية المجردة ب ين الناس إن نا بحا جة إلى الو عي والع مق والحك مة م ثل ما ن حن بحا جة إلى‬
‫الجرأة والتضح ية والقدام وإن طغيان مبدأ تحرى ال سلمة والمبالغمة ف يه واتخاذه سياسة مضطردة في كل الحوال و الظروف وعلى كمل‬
‫صعيد لن تكون نتائجه إل قتل روح التضحية في الفراد وتحويل الحركة السلمية إلى مدرسة نظرية أو اتجاه فكرى مجرد ‪.‬‬
‫إن القاعدة ال تي ي جب أن ت صدر عن ها الحر كة في هذا الشأن هي أن تكون م صلحة السلم فوق كل اعتبار وحيث ما تحققت م صلحة السلم‬
‫وجمب القدام مهمما كلف ذلك ممن تضحيات ‪....‬وأن الصمل الذي يجمب أن تعتمده الحركمة فمي تقييمم المواقمف والمعارك والمواجهات همو‬
‫الستيعاب ال صحيح لطبيعة المعر كة وخ صائصها وتشخ يص أبعادها وانعكاساتها وردود فعل ها كل ذلك في ضوء التحسب الكا مل للمفاجآت‬
‫والمضاعفات الطارئة التي قد تقع من غير توقع أو حسبان ‪....‬‬
‫و من التهور والخ فة خوض أي معر كة مه ما كا نت جانب ية صغيرة ‪ -‬من غ ير ت صور صحيح ل ها وإعداد الكفايات اللز مة لخوض ها ‪....‬لن‬
‫قبول الرتجال في كل قضية سيعود على الرتجال في كل قضية وهو مغامرة بالسلم وعلى حساب السلم وهذا يدخل في حكم ما حذرنا‬
‫مممممممممممممممممممممه ‪....‬‬
‫ممممممممممممممممممممما عنم‬
‫مممممممممممممممممممممه ونهينم‬
‫منم‬
‫أ ما إذا تو فر ال ستعداد الكا مل ‪ -‬في نطاق القدرة الم ستطاعة ‪ -‬و في ضوء الت صور ال صحيح لطبي عة المعر كة وحاجات ها ومتطلبات ها أ صبح‬
‫خوضها واجبا والهروب منها جببنا وتخاذل ‪......‬وما كان المؤمنون يوما جبناء ول متخاذلين ‪.‬‬
‫إن من واجب الحركة السلمية كيما تكون على مستوى المسئولية أن تعيد النظر في منطلقاتها الساسية ‪....‬وفي تنظيماتها الداخلية وفي‬
‫مناهجها التربوية وخط سيرها ووسائل عملها وأسلوب مواجهتها أن تعرف ما هو دورها في المجتمع و ما هي مبررات وجودها ‪...‬ول‬
‫بأس بعد ذلك أن تبدأ ولو من نقطة الصفر ‪....‬‬
‫إن الحر كة ال سلمية في كل مكان وإن العامل ين في الح قل ال سلمي حيث ما كانوا ‪.....‬مدعوون جميعا ‪ -‬كل في نطاق ا ستطاعته وقدر ته‬
‫‪-‬السهام في تطوير العمل السلمي المعاصر والخروج به من دوامة التكامل والتآكل والبلوغ به المستوى المطلوب وعيا وإعداد وتنظيما‬
‫وتخطيطا ‪.‬‬

‫مظاهر وأسباب تشوه الشخصية السلمية الحديثة ‪.‬‬


‫‪ #‬تعريف الشخصية السلمية‪.‬‬
‫‪ #‬تعريف العقلية السلمية ‪.‬‬
‫تعريف النفسية السلمية ‪.‬‬
‫ملمح التشوه ‪:‬‬
‫‪ -‬ضعف الورع ‪.‬‬
‫التأثير بمظاهر الحياة ‪.‬‬
‫التراجع أمام الضغوط ‪.‬‬
‫الخوف من المجتمع ‪.‬‬
‫‪ #‬مناقشة أسباب التشوه ‪.‬‬
‫‪ -‬فساد مناهج التربية ‪.‬‬
‫‪ -‬فساد مقاصد التربية ‪.‬‬
‫‪-‬فساد المربي ‪.‬‬
‫ل أجدنى مبالغا إذا قلت إن الشخصية السلمية الحديثة تختلف اختلفا كبيرا عن الشخصية السلمية التي عاشت في صدر السلم والتي‬
‫كان أصحابها في الحقيقة صورة معبرة عن شتى مجالت حياتهم وقبل الدخول في مناقشة أسباب التشوه الذي أصاب الشخصية السلمية‬
‫الحديثة ل بد من تعريف الشخصية أول بشكلها التجريدي ومن ثم تعريفها بمواصفاتها السلمية وبيان مظاهر التشوه التي أصيبت بها هذه‬
‫الشخصية في العصر الحاضر ‪.‬‬

‫‪ #‬تعريف الشخصية ‪:‬‬


‫كل شخ صية تتكون من عقل ية ونف سية ول عل قة للش كل والزي والقا مة في ذلك ك ما قد يتو هم الب عض ف كم من أناس ل هم أج سام ضخ مة‬
‫وقامات مديدة وأشكال ح سنة و هم ضعاف الشخ صية و كم من أناس ق صار القامات قبيحي الشكال هزيلي الجسام ويتمتعون بشخ صيات فذة‬
‫ول أنكر أن تكون هذه المظاهر ( الجسمية ) إضافات مساعدة لقوة الشخصية بشرط توفر العوامل الساسية في تكوين الشخصية كما توفر‬
‫ذلك ( الطالوت ) حيث يشير القرآن الكريم إلى ذلك فيقول{ إن ال اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم وال يؤتى ملكه من يشاء‬
‫وال واسع عليم }‪.‬‬

‫‪ #‬تعريف الشخصية السلمية ‪:‬‬


‫وإذا كانت الشخصية تتكون من عقلية ونفسية فالشخصية السلمية بالتالي تتكون من العقلية السلمية والنفسية السلمية ‪..‬‬
‫فماذا نعنى أولً بالعقلية السلمية ثم ماذا نعنى بالنفسية السلمية ؟‬
‫نع نى بالعقل ية السلمية العقل ية ال تي تف كر وتحلل وتحكم على أساس السلم وعلى أساس نظر ته الكل ية للكون والنسان والحياة ‪ .‬العقل ية‬
‫ال تي ت صدر في كل شأن من الشؤون عن ال سلم سواء في شؤون العقيدة أم في شئون التشر يع أم في شئون الخلق و سواء في نطاق‬
‫التصرفات الخاصة أو في نطاق التصرفات العامة ‪ .‬العقلية التي تفسر الحداث كل الحداث وتحللها وتحكم عليها من وجهة نظر السلم ‪.‬‬
‫وأساس العقلية السلمية ومنطلقها الول اليمان بوجود ال وسائر الغيبيات الخرى وبالتالي رد القول بمادية الحياة واعتبار حق التشريع‬
‫والحاكمية ل ل للناس‪.‬‬
‫ونعنى بالنفسية التي تقوم بتصريف الغرائز والميول وفق أحكام الشرع النفسية التي تستفتى السلم وتلتزم بما يفتى به وتتقيد فل يتحكم‬
‫بها هوى أو تقودها شهوة أو تستبد بها مصلحة ‪.‬‬
‫والنفسية السلمية هي بالتالي التجسيد الفعلي والتطبيق العملي والترجمة الحسية للعقلية السلمية إنها الثر الفعلي لليمان مصداقا لقوله‬
‫صلى ال عليه وسلم ( ليس اليمان بالتمني ول بالتحلي ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل )‬
‫من هنا يتبين أن السلم يكون النسان المسلم ويكون شخصيته السلمية بتثبيت العقيدة السلمية والشريعة السلمية في تفكيره أي يجعل‬
‫تفكيره إ سلميا ح تى تتكون لد يه العقل ية ال سلمية ثم ببيان حدود الشباعات والميول وبدف عه إلى اللتزام ب ها وبتروي ضه على ذلك سواء‬
‫بالتكاليف العباد ية أو بالترب ية الروحية حتى تتكون لد يه النفسية السلمية وح تى ي صبح بعقلي ته السلمية ونفسيته السلمية ذا شخصية‬
‫إسلمية أي يصبح إنسانا مسلما يفقه معنى الحياة ورسالته في الحياة ‪.‬‬
‫يفهم أن الحياة طريق الخرة وأن ليس للنسان إل ما سعى وأن سعيه سوف يرى والخرة خير وأبقى وإنها لهي الحيوان لو كانوا يعلمون‬
‫‪.‬‬
‫يف هم هذا فيفرغ قل به من هموم الدن يا وحظوظ الن فس ويلزم حب ال والع مل لخر ته فل تكون الدن يا أ كبر ه مه ول محور تفكيره ول شغله‬
‫الشاغل وإنما يكون أكبر همه ومحور تفكيره وشغله الشاغل كسب رضاء ال بالتزام أوامره وبالنزول عند أحكامه وبالجهاد في سبيله فهو‬
‫يدرك أن الدنيا إلى زوال وفناء ولو كانت باقية لبقيت لمن كانوا قبله { إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الموال‬
‫والولد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الخرة عذاب شديد ومغفرة من ال ورضوان وما الحياة‬
‫الدنيا إل متاع الغرور } الحديد‪.‬‬

‫‪ #‬تشوه الشخصية السلمية الحديثة ‪:‬‬


‫والمد قق المقارن ب ين الشخ صية الولى والشخ صية ال سلمية الحدي ثة يرى مظا هر تشوه واض حة المعالم في الشخ صية ال سلمية الحدي ثة‬
‫وأبرز مظاهر التشوه هذه هي ما يلي ‪:‬‬
‫‪ #‬ضعف الورع بشكل عام في حين كان صاحب الشخصية السلمية الولى شديد المراقبة ل شديد التورع عن محارمه وكانت قاعدته في‬
‫ذلك قوله صلى ال عل يه وسلم ( دع ما يري بك إلى ما ل يري بك ) وقوله ( ل يبلغ الع بد أن يكون من المتق ين ح تى يدع ما ل بأس به حذرا‬
‫م ما به بأس ) ويروى عن ع بد ال ا بن دينار إ نه قال ( خر جت مع ع مر بن الخطاب ر ضى ال ع نه إلى م كة فعر سنا في ب عض الطر يق‬
‫فانحدر إليه راع من الج بل فقال له يا راعى بعني شاة من هذا الغنم ‪ ..‬فقال ‪ :‬إنني مملوك‪ ..‬فقال ‪ :‬قل لسيدك أكلها الذئب قال فأين ال ؟‬
‫فبكى عمر ثم غدا إلى المملوك فاشتراه من موله فاعتقه وقال ‪ :‬أعتقتك في الدنيا هذه الكلمة فأرجو أن تعتقك في الخرة )‪.‬‬
‫‪ #‬التأثر بمظاهر الدنيا ‪ :‬ففي حين كانت الدنيا ل تساوى لدى المسلم الول جناح بعوضة ينظر إليها من خلل قوله تعالى { وما هذه الحياة‬
‫الدنيا إل لهو ولعب وإن الدار الخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون } ومن خلل قوله صلى ال عليه وسلم ( الدنيا دار من ل دار له ولها‬
‫يجمع من ل عقل له )‪.‬‬
‫إن انم ساخ قي مة الدن يا في قلوب الم سلمين الول ين هو الذي صيرهم أبطا ًل وجعل هم عمال قة وج عل الدن يا تخ ضع ل هم وج عل خ صومهم‬
‫يتناقلون أخبارهم فيقولون ( رأينا قوما الموت أحب إلى أحدهم من الحياة والتواضع أحب إلى أحدهم من الرفعة ليس لحد منهم في الدنيا‬
‫رغبة ول نهمة )‪.‬‬
‫‪ #‬الخوف على الحياة والرزق ‪ :‬في حين كان الولون ل يخافون إل ال يقولون الحق ول يخشون في ال لومة لئم ول يمنعهم خوف على‬
‫حياة ورزق من الصدع بالحق والمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح للناس هي جوهر رسالة المسلم فإذا لم ينهض بها خوفا من‬
‫المجتممع كان ضعيمف اليمان بعيدا عمن ال نادا عمما أممر ال فمي كتابمه { وقمل الحمق ممن ربكمم فممن شاء فليؤممن وممن شاء فليكفمر }‬
‫{ والعصر إن النسان لفي خسر إل الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}‬
‫ونادا عن أمر الرسول صلى ال عليه وسلم ( أمرت أن أقول الحق ولو كان مرا ) (أمرت أن أقول الحق ول أخشى في ال لومة لئم ) ( كنا‬
‫ن سمع أن الر جل يتعلق بالر جل يوم القيا مة و هو ل يعر فه فيقول له ؟ مالك إلى و ما بي ني وبي نك معر فة ؟ فيقول ‪ :‬ك نت ترا ني على الخ طأ‬
‫وعلى المنكر ول تنهاني ؟ )‪.‬‬

‫‪ #‬مناقشة أسباب هذا التشوه ‪:‬‬


‫ولتشوه الشخصية السلمية الحديثة أسباب متعددة أبرزها أن البيئة التي تجري فيها عملية تكوين الشخصية هذه بيئة غير إسلمية ولها‬
‫مؤثراتها الحتمية على كل من يعيش فيها بقصد وبغير قصد ولما كان هذا العامل من العوامل (القهرية ) التي جرت مناقشتها في مكان ما‬
‫من هذا الكتاب فقد وجدنا أن نتجاوزها إلى سواها من العوامل الواقعة في نطاق (إمكانية الحركة )في المرحلة الحاضرة ‪...‬‬
‫‪ -1‬فساد المناهج ‪:‬‬
‫إن المنا هج المعتمدة دون القدرة على تكو ين الشخ صية ال سلمية ‪...‬و ما يم كن أن تقد مه هذه المنا هج ل يعدو أن تكون ق سطا ي سيرا من‬
‫الثقافة السلمية الفكرية المجردة وبهذه ل يمكن بحال أن يحقق صياغة الشخصية السلمية المطلوبة ‪...‬‬
‫إن نوعية العلم ونوعية التوجيه يلعبان دورا أساسيا وحساسا في نطاق التربية والتكوين ‪...‬وسوء الختيار قد يضر بدل أن ينفع ‪...‬وصدق‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم حيث يقول ‪(:‬أن من العلم جهلً ) إلى هذا المعنى أشار عيسى عليه السلم بقوله ( ما أكثر الشجر ليس كله‬
‫بمثمر وما أكثر الثمر وليس كله بطيب وما أكثر العلوم وليس كلها بنافع ) ويروى أن أعرابيا جاء إلى الرسول صلى ال عليه وسلم وسأله‬
‫أن يعلمه من غرائب العلم قال له الرسول صلى ال عليه وسلم ‪(:‬وماذا صنعت في رأس العلم ؟) فقال ‪:‬وما رأس العلم ؟ قال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪(:‬هل عرفت الرب تعالى ؟)قال ‪:‬نعم ‪...‬قال؟ ( فما صنعت في حقه ؟) قال ‪ :‬ما شاء ال ‪...‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم (هل‬
‫عرفت الموت؟ ) قال ‪:‬نعم ‪...‬قال ‪(:‬فما أعددت له؟) قال ‪:‬ما شاء ال ‪...‬قال صلى ال عليه وسلم ‪(:‬اذهب فاحكم ما هناك ثم تعال نعلمك من‬
‫غرائب العلم ) وسئل صلى ال عليه وسلم ‪:‬أي العمال أفضل ؟ فقال ‪(:‬العلم بال عز وجل )فقيل ‪:‬أي العلم تريد ؟فقال ‪(:‬العلم بال سبحانه )‬
‫فقيل له ‪:‬نسأل عن العمل وتجيب عن العلم ؟ فقال عليه السلم ‪(:‬إن قليل العمل ينفع مع العلم بال وإن كثير العمل ل ينفع مع الجهل بال )‪.‬‬
‫يقول المام الغزالي في الحياء (العلم بال نور الب صار من الظلم وقوة البدان من الض عف يبلغ به الع بد منازل البرار والدرجات العلي ‪،‬‬
‫التفكر فيه يعدل بالصيام ‪.....‬ومدارسته بالقيام ‪...‬به يطاع ال عز وجل وبه يعبد‪....‬وبه يوحد وبه يمجد وبه يتورع وبه توصل الرحام‬
‫وبه يعرف الحلل والحرام وهو إمام والعمل تابعه يلهمه السعداء ويحرمه الشقياء )‪.‬‬

‫‪ -2‬فساد المقاصد ‪:‬‬


‫إن سلمة المقاصد من أبرز عوامل نجاح وأثمار التربية فإذا قصد من تعلم السلم المباهاة والمفاخرة وحصول العجاب من الناس انعدمت‬
‫الفائدة المرجوة وأ صبح العلم وزرا على صاحبه ‪...‬و قد ا ستعاذ الر سول صلى ال عل يه و سلم ‪ (:‬من علم ل ين فع وقلب ل يخ شع ودعاء ل‬
‫ي سمع ) وقال صلى ال عل يه و سلم ‪(:‬إذا أ تى علي يوم ل أزداد ف يه علما يقرب ني إلى ال عز و جل فل بورك في طلوع ش مس ذلك اليوم )‬
‫وقال ‪(:‬من طلب العلم ليجاري به العلماء ويماري به السفهاء ويصرف به وجوه الناس إليه أدخله ال النار )وقال ‪(:‬من تعلم علما لغير ال‬
‫أو أراد به غير ال فليتبوأ مقعده من النار )‪.‬‬

‫‪ -3‬فساد المربي ‪:‬‬


‫والعامل الثالث الكامن من وراء تشوه الشخصية السلمية هو ضمور القدوة الحسنة وفساد المربي نفسه ‪....‬‬
‫إن من الخطأ الشائع في نطاق التربية والتعليم أن يظن أن في مكان أي إنسان أوتي نصيبا من العلم والثقافة السلمية وأوتي مقدرة على‬
‫الكلم والتحدث أن يكون مربيا ناجحا وأن يعهد إليه بتربية الخرين ‪...‬‬
‫إن لنجاح الترب ية متطلبات ي جب توفر ها في شخ صية المر بي فالعلم لوحده ل يك في والقدرات الكلم ية لوحد ها ل تك في لن المر بي ي جب أن‬
‫يكون أولً وآخرا القدوة الح سنة ل من يقوم على تربيت هم ‪ .:‬و صدق علي ا بن أ بي طالب ح يث يقول ‪ (:‬من ن صب نف سه للناس إماما فليبدأ‬
‫بتعليم نفسه قبل تعليم غيره وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه ومعلم نفسه ومهذبها أحق بالجلل من معلم الناس ومهذبهم ‪. )...‬‬
‫فالمربي هو الذي يعرف كيف يعطي حاجة تلمذته من التوجيه كما ونوعا يعظهم من حيث يسمعون ويتعلمون يتابعهم بالموعظة الحسنة‬
‫والكلممة المؤثرة ‪.....‬مهمتمه فيهمم لي ست مهممة (تسمميع )لمما يحفظون أو (تف سير ) لمما يجهلون وإنمما مهممة غرس الخيمر في نفوسمهم‬
‫وصياغتهم على السلم تماما كما يصيغ (الصائغ ) من الذهب الخام الحلي الجميلة المتنوعة ‪...‬‬
‫والمر بي هو الذي يؤ ثر بل سان حاله ق بل أن يؤ ثر بل سان مقاله ول يخالف الناس إلى ما ينها هم ع نه ‪....‬يقول ا بن م سعود ‪ (:‬سيأتي على‬
‫الناس زمان تملح فيه عذوبة القلوب فل ينتفع بالعلم يومئذ عالمه ول متعلمه فتكون قلوب علمائهم مثل السباخ من ذوات الملح ينزل عليها‬
‫ق طر ال سماء فل يو جد ل ها عذو بة ‪...‬وبذلك إذا مالت قلوب العلماء إلى حب الدن يا وإيثار ها على الخرة فع ند ذلك ي سلبها ال تعالى يناب يع‬
‫الحك مة ويط فئ م صابيح الهدى من قلوب هم في خبرك عالم هم ح ين تلقاه إ نه يخشى ال بل سانه والفجور ظا هر في عل مه ف ما أخ طب الل سن‬
‫يومئذ و ما أجدب القلوب ؟فوال الذي ل إله إل هو ما ذلك إل لن المعلم ين علموا لغ ير ال تعالى والمتعلم ين تعلموا لغ ير ال تعالى ‪).....‬‬
‫وصدق رسول ال صلى ال عليه وسلم حيث يقول ‪(:‬العلماء ثلثة ‪:‬رجل عاش بعلمه وعاش الناس به ورجل عاش الناس به وأهلك نفسه‬
‫ورجل عاش بعلمه ولم يعيش به غيره )‪.‬‬

‫الخلصة ‪:‬‬
‫إن الحر كة ال سلمية ح ين تح سن اختيار (المن هج ) اللزم لترب ية العنا صر المراد تربيت ها بح يث تتو فر في مواد هذا المن هج فاعل ية التأث ير‬
‫والتفا عل وح ين تتو فر ( سلمة المقا صد ) لدى المرب ين والمعلم ين والمتعلم ين وعند ما يتح قق عزل هؤلء عزل شعوريا عن كل مؤثرات‬
‫المجتمع الجاهلي عند ذلك يمكن أن تتحقق ولدة الشخصية السلمية كما يريدها السلم ‪.....‬‬

‫من أمرضنا التنظيمية‬


‫‪ #‬الشورى الملزمة ‪.‬‬
‫‪ #‬القيادة الجماعية ‪.‬‬
‫تعتبر الشورى من أهم المرتكزات التي يقوم عليها نظام الحكم في السلم ‪....‬ولقد أساء إلى مفهوم الشورى بقصد وبغير قصد كثيرون من‬
‫الباحث ين والكتاب قديما وحديثا ح يث خرجوا به عن الت صور ال صيل المتوا فق مع روح الد ين وأ صول التشر يع ‪ ....‬بل إن ب عض المحدث ين‬
‫منهم أعطوا الشورى مفهوما كمفهوم الديمقراطية مما يعتبر انحدار بالفكر السلمي وانحرافا عن حقيقة معنى الشورى في النظام السلمي‬
‫‪...‬‬
‫إن الشورى غير الديمقراطية تماما ‪ ...‬وهي تخالفها من وجوه عدة ‪ ....‬فالديمقراطية كلمة يونانية تعني (حاكمية الشعب وسيادته في الدول‬
‫الديمقراط ية ) وهي تج عل الشعب م صدر ال سلطات ف هو الذي يشرع القوان ين وي سن الد ساتير ‪....‬أ ما الشورى في السلم فإنها ل تعدو أن‬
‫تكون استطلع رأي فرد أو فريق من الناس في تفسير حكم شرعي أو فهمه أو اجتهاد في أمر من أمور في ضوء التشريع السلمي وفي‬
‫حدود أصوله وقواعده ‪...‬‬
‫إن (الش عب ) في الن ظم الديمقراط ية هو الذي يح كم نف سه بنظام ي صنعه بنف سه ‪...‬أ ما في ال سلم فإن الش عب يح كم بنظام (منزّل ) ل يملك‬
‫مممممممممممممممممممممممت الظروف والحوال ‪...‬‬
‫تعديله أو تبديله كائنا ممممممممممممممممممممممممما كانم‬
‫والنظام الديمقراطي يجعل الكثرية صاحبه الصلحية في نقض المور وإبرامها بصرف النظر عن أخطائها و صوابها بينما تتقيد الشورى‬
‫بمبدأ شرع ية المقرات والت صرفات دون ما كثرة المؤيد ين ل ها أو قلت هم ‪(...,...‬فالك يف) في الشورى ال سلمية هو الذي ت ستهدفه المشورة‬
‫وتتقيد به للوصول إلى السلم والقوم ولو كان لفرد واحد في الجماعة كلها ‪....‬‬

‫الشورى من حيث المبدأ ‪:‬‬


‫إن الشورى من حيث المبدأ سمة أصيلة من سمات النظام السلمي ‪...‬ووجوبها وفرضيتها قرآنية ونبوية وتاريخية كثيرة منها قوله تعالى‬
‫‪ {:‬وشاورهم في المر فإذا عزمت فتوكل على ال إن ال يحب المتوكلين }‪.‬وقوله { وأمرهم شورى بينهم }‪ .‬وبينهما قوله صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪(:‬ما تشاور قوم قط إل هدوا إلى رشد أمرهم )‪.‬وقوله ‪(:‬ما خاب من استخار ول ندم من استشار ول عال من اقتصد ) ‪.....‬ومن أجل‬
‫ذلك أجمع المسلمون على أن الشورى في كل ما لم يثبت ملزم فيه من كتاب أو سنة أو أساس تشريعي دائم ل يجوز إهماله ‪....‬‬
‫ومبدأ الشورى هذا ل يس نظر ية من النظريات التقليد ية ذات الطا بع الدعائي الرمزي بل إن ها على الع كس من هذا تماما فالوا قع الت طبيقي‬
‫لمبدأ الشورى كانت سمة بارزة على مدار التاريخ السلمي ‪....‬‬

‫الشورى من حيث التطبيق ‪:‬‬


‫وإذا كانت الشورى مبدأ صريحا من مبادئ التشريع السلمي وسمة أصيلة من سمات النظام السلمي إل أن الشكل الذي يستلزمه تطبيق‬
‫هذا المبدأ موضع خلف وهو موضوع البحث ‪...‬‬
‫ويتركز الخلف بصورة أساسية حول الشكل الذي يجري فيه تطبيق الشورى من حيث كونها ملزمة في نتيجتها ‪...‬‬
‫وتمهيدا للوصول إلى جواب في هذا الشأن لبد من معرفة مفهوم وشكل القيادة أو الرئاسة في السلم ‪....‬هل المير أو صاحب الصلحية‬
‫فرد أم مجموعة أفراد ؟ وهل القيادة فردية أم جماعية ؟ ‪.‬‬

‫القيادة في السلم فردية ‪:‬‬


‫والحقيقة التي ل لبس فيها هو أن القائد في النظام السلمي هو صاحب الصلحية في تدبير شؤون المة وتصريف أمورها وهو وإن كان‬
‫ملزما بالستشارة واستطلع آراء أهل الحل والعقد في المة إل أنه ليس ملزما باتباع رأي الكثرية في كافة الشؤون والحوال ‪....‬‬
‫وتفسير آية الشورى واضح الدللة على القول الفصل بعد المشورة إنما يعود إلى القائد صاحب الصلحية وليس إلى الكثرية وهذا صريح‬
‫قوله تعالى { وشاورهم في المر فإذا عزمت فتوكل على ال }‪....‬‬
‫وليس مفهوم (الفردية ) في قيادة السلم كمفهوم الفردية في النظم الديكتاتورية ‪....‬فالقائد وإن كان يمارس صلحياته كفرد غير إنه مقيد‬
‫بتشريع ليس له أن يتقدم عليه أو يتأخر عنه بينما يتصرف القائد في النظام الدكتاتورية على هواه من غير ضوابط ول قيود ‪....‬‬
‫إن مركز القائد في السلم هو مركز النائب عن المة ل المتسلط عليها والمنفذ لمر ال ل المستبد بها ‪...‬فهو الذي ينوب عن المة في‬
‫الحكم وفي تنفيذ شرع ال ‪....‬بل هو الذي يضع الحكام الشرعية موضع التنفيذ بل ويجعلها قانونا ‪...‬وبذلك تجب طاعته ما تقيد بالشرع‬
‫والتزم حدوده ‪.....‬أما إذا حاد عن الشرع فل طاعة له على المة بل واجب عليها عصيانه وخلعه ‪......‬‬
‫ولقد خطب أبو بكر الصديق رضي ال عنه حين ولي الخلفة فقال ‪ (:‬أيها الناس قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن‬
‫أسأت فقوموني ‪ ،‬الصدق أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه‬
‫إن شاء ال أحد كم الجهاد فإ نه ل يد عه قوم إل ضرب هم ال بالذل ‪ ،‬أطيعو ني ما أط عت ال ور سوله فإذا ع صيته فل طا عة لي علي كم قوموا‬
‫إلى صلتكم يرحمكم ال ) ‪.‬‬
‫وخطب عمر بن العزيز حين ولي الخلفة فبين أن عمله في رئاسة الدولة تنفيذي ل تشريعي فقال ‪(:‬أيها الناس ‪...‬إنه ل كتاب بعد القرآن‬
‫ول نبي بعد محمد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬أل وإني لست بخيركم بقاض ولكني منفذ ‪.‬ولست بمبتدع ولكني متبع ‪...‬ولست ولكني أثقلكم حملً‬
‫وإن الرجل الهارب من المام الظالم ليس بظلم ‪ ...‬أل ل طاعة لمخلوق في معصية الخالق )‪.....‬‬
‫من هنا يتبين أن البيعة للقائد في السلم إنما تقوم على تنفيذ كتاب ال وسنة رسول ال صلى ال عليه وسلم وبذلك تكون القيادة في النظام‬
‫السلمي لفرد ل لمجموعة من الفراد ومقيدة وليست مطلقة ‪.‬‬

‫مساوئ القيادة الجماعية ‪:‬‬


‫تعنى القيادة الجماعية تركيز السلطات التشريعية والتنفيذية في أيدي مجموعة من الناس بحيث يجري تصريفها وممارستها وتقريرها والبت‬
‫بها بشكل جماعي أي وفق ما تراه الكثرية وبحيث تنحصر صلحيات من يسمي قائدا في أمور شكلية وإدارية بحتة وتنفيذية أحيانا وبحيث‬
‫تكون صلحيات (المسئول الول ) على قدم المساواة تقريبا مع صلحيات أعضاء القيادة ‪...‬‬
‫ويبرر الخذون بنظام القيادة الجماعية وجهة نظر هم فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬صون الجماعة المسلمة من خطر طغيان العتبارات الشخصية ‪..‬‬
‫‪ -2‬تنخفض نسبة الخطاء التي من شأنها أن تتكاثر ‪-‬عند حد زعمهم ‪ -‬إذا كانت القيادة فردية ‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم توفر قادة أفذاذ في كل حين لملء هذا المكان الحساس على الوجه الكمل ‪.‬‬
‫هذا فضلً عمن أن هؤلء يحاولون إيجاد ممبررات شرعيمة لرائهمم بتحميمل بعمض اليات والحاديمث والحداث التاريخيمة ممن التفسميرات‬
‫والتأويلت ما ل يتفق والمفهوم السلمي الصيل لشكل القيادة في السلم ولمعنى الشورى والطاعة والجندية السلمية ‪....‬‬

‫ويكفي القيادة الجماعية سوءا أنها ليست من السلم ول تتفق مع طبيعته التشريعية وشواهده التاريخية ‪.‬وهي فضلً عن كل هذا وذاك فيها‬
‫كثير من المثالب والعيوب ولها كثير من السيئات والمضار نذكر منها على سبيل المثال ما يلي ‪:‬‬
‫أ‪-‬من مساوئ القيادة الجماعية أنها تساعد على ضياع المسئوليات وعلى إضعاف السلطة التنفيذية وإناطة المسئولية بشخص القائد يعطي‬
‫الجماعة طابعا حركيا ‪.........‬‬
‫ب‪-‬مسئولية القائد في السلم ليست شكلية ول تقليدية ول رمزية ‪....‬بل إن السلم اعتبره الطاقة المحركة والقوة الدافعة في حياة الجماعة‬
‫المسملمة ‪....‬بينمما تكرس (القيادة الجماعيمة ) شكليمة القيادة ورمزيتهما وتجعلهما فمي مسمتوى واحمد ممع مسمؤليات المشتركيمن فمي القيادة‬
‫الجماعية ‪....‬‬
‫ج‪-‬كذلك يصطدم منطوق القيادة الجماعية مع مفهوم الطاعة ‪.....‬فالطاعة في السلم لفرد واحد وهو (المير) وليست لمجموعة من الفراد‬
‫‪...‬فكيف يمكن أن تكون معصية المير من معصية ال ‪ -‬كما جاء في الحديث الصحيح ‪ -‬إذا كانت القيادة جماعية وصلحية القائد كصلحية‬
‫معاونيه؟‬
‫د‪-‬ومن مضار القيادة الجماعية إنها معيقة للسير مبددة للطاقات والوقات لن ارتباط كل صغيرة وكبيرة برأي مجموعة من الناس سيؤدي‬
‫حتما إلى شلل العمال في حين أن إناطتها بشخص القائد يعين على سرعة حلها وسهولة تصريفها وال أعلم ‪...‬‬

‫‪ #‬الشورى غير ملزمة بنتيجتها ‪:‬‬


‫إن توسيع صلحيات المير أو القائد في السلم ل تعنى كما قلنا إنه مطلق التصرف كما قد يتوهم البعض والوصول إلى جواب حاسم هنا‬
‫يتحتم معرفة نوعية الراء الموجودة وكيف ينبغي للقائد أن يتصرف حيال كل منها‪.‬‬
‫إن الراء الموجودة كل الراء ل تعدوا أن تكون واحدة من ثلثة ‪:‬‬
‫أولً ‪ - :‬فهي إما أن تكون حكما شرعيا فيه نص واضح فليس لقائد أو لمير حبال ذلك إل التنفيذ ثانيا ‪- :‬أو أن تكون حكما شرعيا خلفيا‬
‫ويتقيد تصرف القائد حيال هذا النوع من الراء بقوة الدليل الذي يمكن الوصول إليه عن طريق المجتهدين من أهل الحل والعقد ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ - :‬أو أن تكون رأيا في موضوع طارئ كر سم سياسة أو تحد يد عل قة أو ما شا به ذلك وللقائد حيال هذا النوع من الراء أن ير جح‬
‫جانب الصواب بعد الستشارة بصرف النظر عن موقف الكثرية أو القلية فالرسول صلى ال عليه وسلم خرج بالمسلمين من المدينة يوم‬
‫بدر والمسملمون كارهون للخروج { يجادلونمك فمي الحمق بعدمما تمبين كأنمما يسماقون إلى الموت وهمم ينظرون } وهمو الذي اسمتصوب رأى‬
‫الحباب بن المنذر في تغ ير المو قع الع سكري من غ ير الرجوع إلى رأى الخر ين و هو الذي أ ستصوب رأى سعد بن معاذ في م سألة بناء‬
‫العريش ورأى أبى بكر في مصير أسرى بدر ‪.‬‬
‫وهو الذي استعمل أبا لبابه على المدينة وعمر بن أم مكتوم على الصلة ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير كل ذلك من غير أن يرجع إلى‬
‫رأى الكثرية أو القلية‪..‬‬
‫والرسول صلى ال عليه وسلم بقى مصرا على الخروج لملقاة المشركين يوم أحد بالرغم من تراجع المسلمين عن رأيهم في الخروج وقال‬
‫لهم قولته المشهورة (ما كان لنبي لبس لمته أن يضعها حتى يقاتل ) ولقد درج المسلمين جميعا بعد عصر النبوة على نفس الطريق فقد‬
‫كان القائد أو الم ين يقرر ال سياسة وير سل الوفود ويع ين الولة ويعزل هم ويج هز الجيوش ويخوض الحروب كل ذلك من غ ير التزام برأي‬
‫أكثرية أو أقلية وإنما كان يستصوبه هو وترتاح إليه نفسه هو بعد استمزاج الراء وأخذ المشورة‪.‬‬
‫فأبو بكر رضى ال عنه أنفذ جيش المسلمين إلى الشام بالرغم من معارضة كبار الصحابة لذلك وعلى رأسهم عمر ابن الخطاب الذي قال‬
‫لبى بكر ( كيف ترسل هذا الجيش والعرب قد اضطربت عليك ) قال أبو بكر ( وال لو لعبت الكلب بخلخيل نساء المدينة ما رددت جيشا‬
‫أنفذه رسول ال )وحين عزم أبو بكر على قتال المرتدين وقال له عمر وغيره ( إذا منعك العرب الزكاة فاصبر عليهم ) قال رضى ال عنه (‬
‫وال لقاتلنهم ما استمسك السيف بيدي ) وحين سألوه قائلين ( ومع من تقاتلهم ؟ قال ‪ :‬وحدي حتى تنفذ سالفتي أي تقطع عنقي ‪..‬‬
‫واكتفي هنا بهذا القدر من الشواهد التاريخية التي سيقت على سبيل المثال ل الحصر للتأكيد على أن صاحب الصلحية لبد وأن يكون فردا‬
‫ول يجوز أن يكون أكثمر ممن ذلك لن واقمع الصمواب يحتمم أن يكون المرجمح واحمد فلبمد وأن يختلفوا واختلفهمم سميضطرهم للرجوع إلى‬
‫التحكيم والذي يرجح التحكيم عادة واحد فإعطاء القائد صلحية الترجيح من الساس يصبح أفضل وأسلم ومن باب أولى ‪ ..‬وال أعلم ‪.‬‬

‫‪ #‬مواصفات القيادة وفلسفة الطاعة ‪:‬‬


‫ونقطة أخرى أود أن أشير إليها كذلك في معرض الكلم عن مفهوم القيادة أو المارة وشكلها ومواصفاتها في السلم وهي أن السلم حين‬
‫قرر أن الم ير يطاع بالمعروف وأن طاع ته من طا عة ال ومع صيته من مع صية ال وأ نه ل بد ل كل جما عة من أم ير فرد أقول ح ين قرر‬
‫السلم ذلك لم يشر ل من قريب ول من بعيد إلى أن القائد حتى يطاع يجب أن يكون من أفذاذ الرجال وأكثرهم علما وأوسعهم جاها وأقواهم‬
‫شخصية وإنه إذا اختل شرط من هذه الشروط بطل وجوب طاعته وجاز عندئذ معصيته أو استبدال الفردية بالجماعية ؟‪.‬‬
‫بل إن مفهوم السلم معاكس لهذا الت صور المنحرف تماما حيث أوجب الطا عة والخضوع للقائد كائنا من كان ولو كان من دون الناس في‬
‫كل شئ طال ما أن هم ارتضوه أو ارتض ته الكثر ية قائدا علي ها وأميرا ل ها و من ذلك قوله صلى ال عل يه و سلم ( ا سمعوا وأطيعوا ولو تأ مر‬
‫عليكم عبد حبشي رأسه كالزبيبة )وقوله( المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم )‬
‫لقد برزت تلكم المعاني في حوادث متعددة في التاريخ السلمي منها تقليد أسامة قيادة جيش المسلمين وفي الجيش من هو أكبر منه سنا‬
‫وقدرا وأوسع جاها وعلما ولم يمنع هذا من التزام الناس بطاعته والخضوع لرأيه ذلك أن السلم يريد تعويد المسلمين على الطاعة للسلم‬
‫والطا عة بالمعروف ب صرف الن ظر ع من يكون القائد ح تى تكون الطا عة لل حق المجرد ل لكون القائد في م ستوى عل مي مع ين فإن كان دون‬
‫ذلك جاز مخالفتمه ول لكونمه ذا شخصمية فذة فإن لم يكمن كذلك جازت معصميته علما بأن الحسمن والفضمل والمثمل توفمر تلك المواصمفات‬
‫القيادية في شخص القائد‪.‬‬

‫الخلصة ‪:‬‬
‫يتبين لنا مما تقدم أن الشورى صفة أساسية من صفات النظام السلمي وإنها سمة أصيلة من سمات التشريع ثم تأكد لنا أن المور التي‬
‫ل لشورى وموضعا للجتهاد وإن المور التمي يطلب لهما حكمم شرعمي اجتهادي يكون خضوعهما لقوة‬
‫ورد فيهما نمص ل يمكمن أن تكون مح ً‬
‫الدليل ل للكثرية العددية وأما فيما عدا ذلك من تفصيلت ومشتقات فإن الترجيح يعود إلى المير أو القائد صاحب الصلحية بعد المشورة‬
‫وتقل يب الراء ك ما تبين ل نا أن القيادة في ال سلم ل يم كن أن تكون جماع ية وأن القائد والم ير فرد ل أك ثر وأن القيادة لم ت كن في ح قب‬
‫ل عن‬
‫التاريخ السلمي كله قيادة جماعية وإنما قام هذا المفهوم في أدمغة المسلمين حديثا كنتيجة من نتائج التلوث بالنظمة الوضعية فض ً‬
‫كونه هروبا غير منظور من تكاليف الطاعة والخضوع لرأى فرد من الناس وبالتالي مظهرا من مظاهر النانية النفسية وحب الذات وكراهية‬
‫النقياد والتبعية وإن هذا النقياد والتبعية في حقيقتها انقيادا وتبعية للشرع وللسلم‪.‬‬

‫من أمراضنا النفسية‬


‫‪ #‬دعاة السلم أحوج الناس للتعرف إلى عيوبهم‬
‫‪ #‬دعاة السلم في طاعة ال ‪.‬‬
‫‪ #‬دعاة السلم والحدود الشرعية للعلقات الخوية ‪.‬‬
‫‪ #‬دعاة السلم أحوج الناس للتعرف إلى عيوبهم ‪- :‬‬
‫النسان خطاء بطبعه لن عوامل الخير والشر لديه في صراع دائم وعراك مستمر فهو بين ارتفاع وهبوط واستقامة وانحراف إلى أن يتغلب‬
‫جانب وينتصر فريق على فريق { قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها } وإلى هذا المعنى يشير الرسول صلى ال عليه وسلم في حديثه‬
‫حيث يقول ( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيها نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيها نكتة بيضاء‬
‫ح تى ت صير على قلب ين على أب يض م ثل ال صفاء فل تضره فت نة ما دا مت ال سموات والرض وال خر أ سود مربادا ل يعرف معروفا ول ين كر‬
‫منكرا ) ‪.‬‬
‫والن سان بخ ير ما دام ي حس بخطئه ثم يع مل على ت صحيحه ف كل ب نى آدم خطاء وخ ير الخطائ ين التوابون أ ما الذ ين انعدم في هم الح ساس‬
‫بالخطيئة فلسنا في مجال الحديث عنهم في هذا المقام ‪ ...‬هذا بالنسبة للعامة من الناس أما الخاصة ‪ ...‬فيجب أن ل يكتفوا برقابتهم الذاتية‬
‫على أنفسهم وإنما ينبغي أن يحرصوا على كشف خبايا نفوسهم وسبر أغوار قلوبهم ينقبون عن العيوب ويفتشون عن الفات والذنوب حتى‬
‫تطهر أرواحهم وتزكوا أفئدتهم وتصفو قلوبهم وتتصل بالمل العلى فل يكون بينها وبين ل حجاب ‪.‬‬
‫هكذا كان شأن الرعيل الول الذي عرف طريق الخرة فسلكها وأدرك طول السفر فتزود له وصدق ال تعالى حيث يقول { وتزودوا فإن خير‬
‫الزاد التقوى واتقوني يا أولى اللباب } ‪.‬‬
‫ودعاة السلم ينبغي أن يكونوا أشد الناس حرصا على معرفة عيوبهم والتنقيب عن ذنوبهم ليكونوا على الزمن هداة مهتدين وقدوة صالحة‬
‫للناس أجمعين وعليهم أن ل يحقروا عيبا أو يستصغروا ذنبا فالصغائر باب إلى الكبائر ومن تعود محقرات الذنوب هانت عليه موبقاتها ومن‬
‫حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه والوسائل التي يمكن بها التعرف على العيوب كثيرة أهمها ‪- :‬‬
‫أولً‪- :‬‬
‫أن يحرص الخ على مجالسة العلماء العاملين والدعاة الصالحين على خفايا الفات يسترشدهم ويستنصحهم ويطالبهم بمكاشفته ومصارحته‬
‫بما يرون من عيوبه ولقد حث الرسول صلى ال عليه وسلم على تتبع هذا السبيل في كثير من أحاديثه فعن ابن عباس قال قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ( إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قالوا يا رسول ال وما رياض الجنة ؟ قال مجالس العلم ) وعن أبى أمامة قال ‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ( إن لقمان قال لبنه يا بنى ‪ :‬عليك بمجالسة العلماء واسمع كلم الحكماء فإن ال ليحيى القلب الميت بنور‬
‫الحكمة كما يحيى الرض الميتة بوابل المطر ) وعن ابن عباس قال ‪ :‬قيل يا رسول ال أي جلسائنا خير ؟ قال ‪ ( :‬من ذكركم بال رؤيته‬
‫وزاد في علمكم منطقه وذكركم بالخرة عمله )‪.‬‬
‫ثانيا ‪- :‬‬
‫أن يتخذ له أخا متدينا متورعا تقيا صادقا يجعله رقيبا على نفسه وسلوكه وتصرفاته ينصحه إذ ضل ويقومه إذا أخطأ يذكره إذا نسى وهذه‬
‫من فضائل الخوة ال سلمية ومحامد ها عن أ بى سعيد الخدرى ر ضى ال ع نه أ نه سمع ال نبي صلى ال عل يه و سلم يقول ( ل ت صاحب إل‬
‫ل عن أ نه من العشرة المبشر ين بالج نة كان يقول‬
‫مؤمنا ول يأ كل طعا مك إل ت قي ) وع مر ا بن الخطاب ر ضى ال ع نه على جلل قدره فض ً‬
‫باستمرار ( رحم ال امراء أهدى إلى عيوبي ) وكان يسأل حذيفة ويقول له ( أنت صاحب سر رسول ال صلى ال عليه وسلم في المنافقين‬
‫فهل ترى على شيئا من آثار النفاق ؟ )‪.‬‬
‫ثالثا ‪- :‬‬
‫أن يتعرف الخ على عيوبه من عيوب الناس فكل ما رآه قبيحا مذموما عندهم فليتجنبه ولقد قيل لعيس بن مريم عليه السلم من أدبك قال‬
‫"‪ ( :‬ما أدبنى أحد رأيت جهل الجاهل شينا فاجتنبته )‪.‬‬
‫هذا بالنسبة للوسائل التي تعين الخ الداعية على معرفة نفسه وسبر أغوارها وكشف مجهولها وإدراك أمراضها وعيوبها وبعدئذ ينبغي أن‬
‫يبدأ طورا جديدا من أطوار العمل وهو طور المعالجة والتطبيب لنه إذا كان من المهم أن نعرف عيوبنا ونكتشف عللنا وأمراض نا فإن من‬
‫الهم أن نبادر إلى معالجتها وتطبيبها ‪.‬‬
‫ولمعالجة النفوس ومغالبة الذنوب والعيوب سبيل واحد هو التوبة الصادقة وتبدأ التوبة بعقد النية في الباطن على هجر كل ما حظره الشرع‬
‫واجتناب كل ما يؤدى للوقوع فيه وذلك عملً بقول الرسول صلى ال عليه وسلم ( من اجتنب الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع‬
‫في الشبهات وقع في الحرام ) ويترتب على الخ الداعية خلف عقد( النية ) أن يداوم التفكير في ذنوبه مستشعرا الخوف من ال عز وجل‬
‫مؤكدا تصميمه وحرصه على الوفاء بما عاهد ال مقبلً على الطاعات مكثرا من نوافل العبادات وبخاصة قيام الليل { ومن الليل فتهجد به‬
‫نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } وقد سئل إبراهيم ابن أدهم يوما بم يتم الورع فقال ( بتسوية جمع الخلق من قلبك وانشغالك‬
‫عن عيوبهم بذنبك وعليك باللفظ الجميل من قلب ذليل لرب جليل فكر في ذنبك وتب إلى ربك يثبت الورع في قلبك واحسم الطمع إل من ربك‬
‫)‪.‬‬
‫إن من بركة العبادة إذا احسن أداؤها مظهرا وجوهرا إنها تستخلص النفس البشرية من تربيتها وتعمل على تزكيتها وتطهيرها والسمو بها‬
‫في معارج الكمال والربانية وهذا معنى قول ال تعالى { إن الصلة تنهي عن الفحشاء والمنكر } ومعنى قوله صلى ال عليه مسلم ( أرأيتم‬
‫لو أن نهرا بباب أحد كم يغت سل ف يه كل يوم خ مس مرات هل يب قى من در نه شئ ؟ قالوا ‪ :‬ل يب قى من در نه شئ قال فكذلك م ثل ال صلوات‬
‫الخمس يمحو ال بهن الخطايا )‪.‬‬
‫فنسأل ال تعالى أن يوفقنا لطاعته ويعصمنا عن معصيته ومخالفته وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ‪.‬‬

‫‪ #‬دعاة السلم وداء الكبر ‪.‬‬


‫دعاة السلم أكثر تعرضا لمكائد الشيطان وإلقاءات الشر وتلبيس إبليس من سواهم من الناس ذلك أن الناس قد فرغ الشيطان منهم وغرر‬
‫بهم وأصبحوا من حزبه وجنده { يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إل غرورا } ودعاة السلم كذلك أكثر تعرضا لمراض القلوب وآفات‬
‫النفوس من عوام الناس الذ ين ما تت قلوب هم وأظل مت نفو سهم { خ تم ال على قلوب هم وعلى سمعهم وعلى أب صارهم غشاوة ول هم عذاب‬
‫عظ يم } لذلك أجد نى دائ ما في حا جة إلى أن أك تب وأتحدث عن المشكلت والمراض ال تي توا جه الدعاة إلى ال تنبي ها للنفوس من الغفلة‬
‫وإنذارا لها من الخطار التي تحيط بها وتذكيرا بما يلزمها من أخذ بأسباب الوقاية والحماية صيانة لهذه النفوس من العلل والفات وحفاظا‬
‫عليها من الفتن والنحراف عملً بقول ال تعالى { وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين }‪.‬‬

‫‪ #‬الكبر ‪- :‬‬
‫والكبر يكاد يكون من أشد المراض خطرا على دعاة السلم فالمجالت التي يعمل فيها الدعاة مرتع خصب لظهور هذا الداء ونموه وعتوه‬
‫لذلك كان الرسمول صملى ال عليمه وسملم وهمو سميد المتواضعيمن كثيرا مما يجأر إلى ال بالدعاء فيقول ( اللهمم إنمي أعوذ بمك ممن نفخمة‬
‫الكبرياء ) وليس من قبيل العبث أن يعرض علينا القرآن الكريم في أكثر من موضع قصة إبليس الذي خرج من رحمة ال إلى سخطه وهبط‬
‫من سمائه إلى أرضه حين قال { أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين }‪.‬‬
‫‪ #‬أسبابه ‪:‬‬
‫والكبر داء تعددت أسبابه وكثرت مسبباته‪..‬‬
‫‪ #‬غرور العلم ‪:‬‬
‫فهناك غرور العلم وهمو أشمد أنواع الغرور على الطلق ودعاة السملم أكثمر الناس تعرضا للصمابة بجرثوممه الفتاك فالخطابمة والكتابمة‬
‫والتعليم والتوجيه وسواها من وسائل الدعوة فضلً عن الشهادات والدرجات العلمية واللقاب الجامعية فإنها تعتبر من أوسع مداخل الشيطان‬
‫إلى النفمس البشريمة لنهما مجلبمة للشهرة ملفتمة للنظار مثيرة للعجاب وفمي هذا مما فيمه ممن عواممل الشباع والملء لرغائب النفمس‬
‫وجوعاتها البشرية وهذا ما لفت الرسول صلى ال عليه وسلم النظر إليه بقوله ( آفة العلم الخيلء ) ولقد حذر الرسول عليه الصلة السلم‬
‫من مغبة النسياق إليه والوقوف فيه فقال ( من تعلم العلم ليجارى به العلماء ويمارى به السفهاء ويضرب به وجوه الناس إليه أدخله ال‬
‫النار ) ‪.‬‬
‫فعلى دعاة السملم أن يكونوا شديدي الحتراس ممن الوقوع فمي هذا المرض العضال وليعلموا أن ال الذي منحهمم ملكمة الخطابمة وموهبمة‬
‫الكتابة وقوة التفكير قادر على أن يسلبهم هذه النعم من حيث ل يشعرون وإن من حق ال عليهم أن يكونوا شاكرين لفضله غير جاحدين ول‬
‫كافرين { ولئن شكرتم لزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد } ‪.‬‬
‫وإن من علئم الشكر لنعمة ال تعالى وفضله زيادة الخوف منه والقبال على طاعته والدبار عن معصيته والتواضع لجلله وعظمته فضلً‬
‫عن تسخير العلم لتعليم الناس وهدايتهم وتوجيههم وإرشادهم وعلى دعاة السلم أن يحاسبوا أنفسهم دبر كل حديث ألقوه أو خطاب ارتجلوه‬
‫أو مقال كتبوه أو اجتماع أداروه ليطمئنوا إلى أن مشا عر الع جب وأحا سيس ال كبر لم توقظ ها طل قة ل سان أو ح سن بيان أو مظا هر إعجاب‬
‫واستحسان وأن عليهم أن ينظفوا مشاعرهم من كل ما يشوبها ويلوثها وليعلموا أن ال ل يقبل من العمال إل ما خلص له وأنه هو القائل‬
‫على لسان نبيه صلى ال عليه وسلم ( الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني فيها قسمته )‪.‬‬
‫‪ #‬غرور التدين ‪:‬‬
‫وهناك نوع آخر من الغرور يسمى التدين وأك ثر ما ي صيب هذا الداء المتنطعين الذين يشادون الدين ويبالغون في التدين وقد يصيب كذلك‬
‫الشخاص الذين لم ينم تدينهم نموا طبيعيا أو يتوفر تدريجيا مرحليا لهذا حرص السلم على العتدال والتوسط في كل أمر حتى في التدين‬
‫وجاءت أحاديث الرسول صلى ال عليه وسلم تنهي عن التفريط والفراط والغلو والبالغة في كل شئ فقال صلى ال عليه وسلم ( ما شاد‬
‫هذا الد ين أ حد إل ق صمه ) ( إن هذا الد ين شد يد فأوغلوا ف يه بر فق )( أل هلك المتنطعون أل هلك المتنطعون ) كل ذلك لي سد على الن فس‬
‫البشرية مداخل الشيطان وليكلفها ما تطيق فإن المنبت ل ظهرا أبقى ول أرضا قطع وأن ال يحب من العمال أدومها وإن كان قليلً )‪.‬‬
‫إن التدين الصحيح ينبغي أن يكون عاملً من عوامل تزكية النفس وطريقا يصل بالمتدينين إلى ذروة الكمال البشرية حتى يتحقق في كمال‬
‫العبود ية كمال الحر ية الكاملة من كل النزعات والهواء ويوم يكون التدين رمزا للمباهاة والتفا خر وم صدرا للغرور والت كبر ي صبح المتد ين‬
‫في خطر كبير و شر م ستطير لن التدين لد يه يكون قد فقد حقيقته ومعناه و من خلل هذا المع نى ن ستطيع أن نستشف مع نى قول ال لداود‬
‫عليه السلم ( أنين المذنبين أحب إلى من صياح العابدين )‪.‬‬
‫فليتدبر الدعاة أمورهم وليخلصوا ل قلوبهم وليزدهم التدين تواضعا وإياهم والغرور فإنه قاصم للظهور مبدد للحسنات موجب لسخط ال و‬
‫العياذ بال تعالى ‪ ،‬ويروى في هذا القبيل أن رجلً ببني إسرائيل كان يقال له خليع بنى إسرائيل لكثرة فساده ‪ ،‬مر برجل آخر يقال له عابد‬
‫بنى إسرائيل ‪ ،‬وكان على رأس العابد غمامة تظله فلما مر الخليع به قال الخليع في نفسه ‪ :‬أنا خليع بنى إسرائيل وهذا عابد بنى إسرائيل‬
‫فلو جلست إليه لعل ال يرحمني فجلس إليه فقال العابد ‪ :‬أنا عابد بنى إسرائيل وهذا خليع بنى إسرائيل فكيف يجلس إلى فأنف منه وقال له‬
‫قم عنى فأوحى ال إلى نبي ذلك الزمن ( مرهما فليستأنفا العمل فقد غفرت للخليع وأحبطت عمل العابد وتحولت الغمامة إلى رأس الخليع )‪.‬‬
‫‪ #‬غرور الشخصية ‪:‬‬
‫وثممة نوع آخمر ممن الغرور يسممى بغرور الشخصمية وغرور الشخصمية يتأتمى ممن إعجاب المرء بنفسمه بشكله أو صمورته أو هيبتمه أو‬
‫شخصيته أو قامته أو لباسه أو ما أشبه ذلك ‪ ،‬فالشكل الحسن واللحية المهيبة واللباس النيق والعمامة الكبيرة والجبة الفضفاضة وسواها‬
‫من المظا هر قد تكون عا مل غوا ية ومنفذا من منا فذ الشيطان إلى الن فس البشر ية وبخا صة إذا قوبلت من الخر ين بال ستحسان والمد يح‬
‫والطراء والطناب والعجاب وهنا تكمن الحكمة في قول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪(:‬لقد قصمت ظهر أخيك )‪.‬‬
‫ويكفي أن يعلم الخوة الدعاة أن المظاهر ل تغني عن الجواهر شيئا فالعبرة بما في الباطن والقيمة تكمن في اللباب ل في القشور ؟وصدق‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم حيث يقول ‪(:‬إن ال ل ينظر إلى أجسادكم ول إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم )‪.‬‬
‫وحبذا لو يتوفر حسن المظهر وحسن الجوهر ‪......‬‬
‫إن على الدعاة السلم أن يغالبوا خداع المظهر باعتماد الجوهر وإذا داخلهم شئ من وسوسات الشيطان وأح سوا في نفو سهم بانتفاخ من‬
‫نفخ إبليس وهم أمام المرآة معجبين بأشكالهم فليمعنوا التفكير بما تحت الجلد وفيما داخل هذا الهيكل وعندها سيدركون حقيقة هذا الجسد‬
‫فتحت الجلد تجري الدماء والصديد في المعاء تعيش الديدان والقذار وفي الكليتين يتجمع البول { قتل النسان ما أكفره من أي شئ خلقه‬
‫من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره كل لما يقض ما أمره} ‪.‬‬
‫ثمم ليعودوا بأفكارهمم إلى الوراء قليلً يوم كانوا كتلة مخاطبمة تعيمش بيمن الدماء ثمم جعمل ال لهمم السمماع والبصمار والفئدة والطراف‬
‫وأخرج هم من مجرى البول ليشكروه ول ليكفروه وليلتزموا حدود هم فل يتجاوزو ها وليعرفوا أن قيمت هم الحقيق ية ل تك من في هذا الحطام‬
‫البالي وإنما تعدوه إلى القيم الروحية والخلقية والنسانية التي يتحلون بها‪.‬‬

‫دعاة السلم في طاعة ال‬


‫من واجبات الخ الداعي أن يتابع نفسه وروحه بما يصلحها ويزكيها ‪...‬وعليه أن ل يتساهل أو يلين في مراقبتها ومحاسبتها لن النفس‬
‫أمارة بالسوء ومداخل الشيطان إليها أكثر من أن تحصى (والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعجز من اتبع نفسه هواها وتمنى‬
‫على ال الما ني ) و من و صايا ع مر بن الخطاب في هذا المع نى قوله ‪ (:‬حا سبوا أنف سكم ق بل أن تحا سبوا وزنو ها ق بل أن توزنوا وتهيئوا‬
‫للعرض ال كبر }‪.‬إن ضغوط الجاهل ية ال تي يواجه ها الداع ية في حيا ته كثيرة ومتعددة ‪.....‬ف هو يش عر بغرب ته وشذوذ المجت مع من حوله‬
‫‪.....‬وهو يحس بأن كل مظاهر المدينة الحديثة ليس لها الهداف للغواء والغراء وتقويض القيم والمثل العليا وتدمير الخلق والمكارم‬
‫وإشاعة الرذائل والفواحش في المجتمع ‪........‬‬
‫و هو لذلك بحا جة ما سة إلى ( صيانة) نف سه من التأ ثر والنحراف ليقوى على الم ضي في الطر يق الذي ير ضي ال وليتم كن من مكاف حة‬
‫الجاهلية وتسديد الضربات القاضية إليها على كل صعيد ‪.‬‬
‫ل جديا ف ستبقى ‪-‬ل محالة ‪-‬كل مة فار غة ل يس ل ها في واق عه أد نى مدلول أو تأث ير‬
‫وم سألة (ال صيانة ) هذه إن لم تت خذ في حياة الخ شك ً‬
‫‪........‬‬
‫ممن أجمل ذلك اقترح على الخوة سمواء كانوا أفرادا مبتدئيمن أو دعاة لمعيمن أو قادة ومسمئولين أن يكون لهمم ممع أنفسمهم موعمد يوممي‬
‫للمحاسبة والصيانة ‪...‬واقترح أن تجري المحاسبة يوميا على المور التالية ومدى التزام الخ بها ‪:‬‬
‫‪ -1‬إن قيام الليل (مدرسة روحية ) ل تفوت ‪....‬ومولد الطاقة اليمانية ل يعدله آخر ول غنى بسواه ‪....‬وهذا سر قول ال تعالى فيه ‪ {:‬إن‬
‫ناشئة الليل هي أشد وطأَ وأقوم قيل}‪...‬فهل قمت شيئا من ليلتك الفائتة نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا أم أنك كنت من النائمين‬
‫الغافل ين ساعة ينزل رب نا تبارك وتعالى في ثلث الليمل الخ ير فيقول ( هل من م ستغفر فأغ فر له من يدعو ني فأ ستجيب له من ي سألني‬
‫فأعطية ؟)‪.‬‬
‫ثم أين أنت يا أخي من الذين وصفهم ال تعالى بقوله ‪ {:‬تتجافى جنوبهم عن المضاجع }و{كانوا قيلً من الليل ما يهجعون }‪ {.‬أمن هو قانت‬
‫آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون إنما يتذكر أولوا اللباب }‪.‬‬
‫روى ال طبراني في ال كبير عن سلمان الفار سي ر ضي ال ع نه قال ‪:‬قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم (علي كم بقيام الليمل فإ نه دأب‬
‫الصالحين قبلكم ومقربة لكم إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الثم ومطردة للداء عن الجسد)‪.‬‬
‫‪ -2‬ثم هل تعلم يا أخي بأن ل ملئكة يتعاقبون فينا بالليل والنهار وإنهم يجتمعون في صلة الفجر والعصر ثم يعرجون إلى السماء فيسألهم‬
‫ال ‪-‬و هو أعلم ب هم ‪ -‬ك يف ترك تم عبادي ؟فيقولون تركنا هم و هم ي صلون وأتينا هم و هم ي صلون ‪...‬ف هل أد يت صلة الف جر في وقت ها مع‬
‫الجماعة فكنت من الذين قال فيهم رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪(:‬من صلى الصبح فهو ذمة ال فانظر يا ابن آدم ل يطلبنك ال من ذمته‬
‫شيء)‪.‬‬
‫روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي ال عنه قال ‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪(:‬إن أثقل صلة على المنافقين صلة العشاء‬
‫ل ليصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال‬
‫وصلة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلة فتقام ثم آمر رج ً‬
‫معهم حزم من حطب ل يشهدون الصلة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار )‪.‬‬
‫‪ -3‬واعلم يا أخي قلبك بحاجة إلى عذب معين القرآن يمنحه السكينة والطمأنينة ويكسبه الشفافية والرهاف وإن المؤمنين هم الذين لهم‬
‫قلوب ح ية ناب ضة مره فة ‪ {:‬إن ما المؤمن ين الذ ين إذا ذ كر ال وجلت قلوب هم }‪....‬ف هل قرأت وردا من القرآن ب عد صلة الف جر وذكرت ال‬
‫خاليا متضرعا حتى فاضت عيناك ؟! أم أنك من الذين طال عليهم المد فقست قلوبهم فهي كالحجارة !‬
‫ألم تسمع يا أخي إلى قول ال تعالى‪{:‬إن قرآن الفجر كان مشهودا}‪.‬وقول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪(:‬إن الذي ليس في جوفه شيء من‬
‫القرآن كالبيت الخرب )‪.‬وقوله ‪(:‬من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير أنه ل يوحي إليه ل ينبغي لصاحب القرآن أن يجد (أي‬
‫يغضب ) مع من جد ول يجهل مع من جهل وفي جوفه كلم ال )ثم ل تنس أن تقرا القرآن وكأنه يتنزل عليك لول مرة ‪.‬‬
‫ل في الغاية التي من أجلها تأكل وفي هذه النعم والطيبات التي هيأها لك ال لتكون غذاء‬
‫‪ -4‬وحين تجلس على مائدة الطعام فهل فكرت قلي ً‬
‫وقوة تعنيك على شكره وطاعته وتمدك بالقوة للجهاد في سبيله ‪.‬‬
‫ثم هل دققت في المصادر التي حصلت منها على هذه الطعمة والشربه وتحريت عن الحلل الطيب منها وتعففت عن الخبيث ‪...‬‬
‫‪ -5‬وح ين تخرج من بي تك ‪....‬ينب غي أن تدرك أن السلم د ين ع مل ل ك سل ود ين سعي ل بطالة ‪.‬وإن من واج بك كمسلم أن تنت شر في‬
‫ل متكسبا ‪....‬فهل قمت اليوم بقسطك من هذا الجهاد وأديته بإتقان وإخلص عملً بقوله صلى ال‬
‫الرض وتبتغي من فضل ال متاجرا عام ً‬
‫عليه وسلم ‪(:‬إن ال يحب إذا عمل أحدكم عملً أن يتقنه )‪.....‬‬
‫ثم هل طهرت مالك بالنفاق على الفقراء والمساكين وأصحاب الحاجات وأديت الزكاة المفروضة فيه عليك ‪.‬وكنت بذلك من المشركين ‪.‬‬
‫روى البخاري عن المقداد بن معد يكرب عن النبي صلى ال عليه وسلم إنه قال ‪(:‬ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده )‪.‬‬
‫‪ -6‬وفي الشوارع التي تمر بها وفي المجتمعات التي تغشاها هل كنت دائم المراقبة ل !‬
‫‪ -‬هل وقع بصرك على الحرام فغضضته واستغفرت ال لعلمك بأن النظرة الولى لك والثانية عليك وإن النظرة سهم من سهام إبليس ‪.‬‬
‫هل دعتك امرأة ذات منصب وجمال فأعرضت وقلت أن ني أخاف ال ثم رددت بينك وب ين نفسك { رب السجن أحب إلى م ما يدعون ني إل يه‬
‫وإل تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين } ‪.‬‬
‫‪-‬هل تحريت في تجارتك عن الحلل من الرزق وإن كان قليلً ؟‪....‬‬
‫‪-‬هل فرط منك ما تعتبره مخالفة شرعية ؟‬
‫هل استشعرت في كل عمل رقابة ال ووزنته بميزان السلم وتورعت عن الشبهات وكنت من المتقين الذين عناهم الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم بقوله ‪(:‬ل يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما ل بأس به حذرا مما به بأس )‪.‬‬
‫‪ -7‬والن ا سأل نف سك عن مدى ا ستفادة ال سلم من ظروف عملك ‪ .‬هل يش عر زملؤك بأثرك ال سلمي في هم ‪ ...‬هل ق مت بزيارت هم في‬
‫منازلهمم لتوثيمق الصملة بهمم ومحاولة اجتذابهمم إلى الفكرة وإلى الحركمة إن ممن واجبمك أن تتحرك فمي كمل ميدان وأن تترك وراءك أثرا‬
‫إ سلميا في كل مكان واذ كر دائ ما قول الر سول صلى ال عل يه و سلم ‪(:‬لئن يهدي ال بك رجل واحدا خيرا لك م ما طل عت عل يه الش مس‬
‫وغربت )‪.‬‬
‫إن لديك يا أخي متسعا من الوقت خارج وقت عملك ‪ ....‬وإن من واجبك أن تتقدم منه قسطا وافرا لدعوتك ‪...‬والوقت كالسكين إن لم تقطعه‬
‫قطعك ووصية الرسول صلى ال عليه وسلم في هذا قوله ‪(:‬نعم العطية كلمة حق تسمعها ثم تحملها إلى أخ لك مسلم فتعملها إياه )‪.‬‬
‫روى مسلم في صحيحه عن أبى هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪(:‬من دعا إلى هدى كان له من الجر مثل‬
‫أجور من تبعه ل ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضللة كان عليه من الثم مثل آثام من اتبعه ل ينقص ذلك من آثامهم شيئا )‪.‬‬
‫‪ -8‬ثم ل تنس أن تسأل نفسك عن الوقات التي توفرها وتنظمها لتنمية ثقافتك السلمية والعامة ‪ ....‬فأنت تعيش في مجتمع تشعبت ثقافاته‬
‫وتعددت اتجاهاتمه وتباينمت أفكاره وتصموراته ‪ ....‬وهذا ممما يفرض عليمك الحاطمة بمما حولك ممن أفكار وتصمورات لتتمكمن ممن التحليمل‬
‫والتشخيص والمناقشة والنقد والصلح ‪.....‬‬
‫‪-‬فهل طالعت شيئا عن السلم طيلة هذا اليوم ؟‬
‫‪-‬هل قرأت شيئا تعتبره مفيدا لثقافتك العامة الفكرية والسياسية ‪...‬‬
‫روى ابن عبد البر في كتاب العلم عن معاذ بن جبل رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪(:‬تعلموا العلم فإن تعلمه ل‬
‫خشية وطلبه عبادة ومذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن ل يعلمه صدقة وبذله لهله قربة لنه معالم الحلل والحرام ومنار سبل‬
‫أهل الجنة وهو النيس في الوحشية والصاحب في الغربة والمحدث في الخلوة والدليل على السراء والضراء والسلح على العداء والزين‬
‫عند الخلء يرفع ال به أقواما فيجعلهم في الخير قادة قائمة تقتفي آثارهم ويقتدي بفعالهم وينتهي إلى رأيهم ‪-‬الحديث )‪.‬‬
‫‪-9‬والن ا سأل نف سك عن مدى ا ستعدادها للبذل والتضح ية في سبيل ال ‪....‬إن أثقالً كثيرة تشدك إلى الحطام وتمر غك في الرغام ف هل‬
‫حاولت أن تتخفف من هذه الثقال وتتحرر من سلطانها عليك ؟‬
‫‪-‬إن الخوف على الحياة ثقل ويقعد بك عن الجهاد في سبيل ال ينبغي أن تتحرر منه ‪.....‬‬
‫وإن الخوف على المصلحة المادية ثقل يحول بينك وبين التفرغ لدعوتك وإسلمك يجب أن تتخلص منه ‪.‬‬
‫‪ -‬وإن التعلق بالزوجة والولد والهل والعشيرة أثقال تعيق النطلق يجب التفلت من سلطانها‬
‫إن عليك في كل الحوال أن تغلب مصلحة السلم على كل مصلحة وتخضع أهواءك لما جاء به الشرع وتكون مستعدا دائما وأبدا للموت في‬
‫سبيل ال ‪.‬‬
‫روى البخاري وم سلم عن ع بد ال بن أ بي أو فى ر ضي ال ع نه قال ‪:‬قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ‪ (:‬اعلموا أن الج نة ت حت ظلل‬
‫السيوف )‪.‬‬
‫وروى مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر رضي ال عنه قال ‪:‬سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬وهو على المنبر يقول {وأعدوا‬
‫لهم ما استطعتم من قوة ‪... }...‬وأل أن القوة الرمي ‪ ،‬أل إن القوة الرمي أل إن القوة الرمي )‪.‬‬
‫وروى الترمذي عن أ بي هريرة ر ضي ال ع نه قال ‪ :‬قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ‪ (:‬من ل قي ال بغ ير أ ثر من جهاد ل قي ال وف يه‬
‫ثلمة )‪.‬‬
‫‪ -.1‬وأخيرا ل آ خر هل فكرت في هذا الج سد ‪ ...‬في ح قه عل يك وفي ما ينب غي أن توفره له ليكون قويا جدا قادرا على تح مل أعباء ال سفر‬
‫الطويل والجهاد المرير ‪.....‬ينبغي أن تدرك أن المؤمن القوي خير إلى ال من المؤمن الضعيف ‪....‬‬
‫‪-‬فهل أديت بعض التمارين الرياضية (المنتظمة ) هذا الصباح‬
‫‪ -‬هل مارست شيئا من الرماية والسباحة والسير وركوب الخيل والدراجة والسيارة ‪.‬‬
‫‪-‬هل حاولت المتناع عن كل ما يرهق البدن ويتعبه فاقتصدت في السهر والكل والشرب وامتنعت تماما عن التدخين وتناول القهوة والشاي‬
‫والمثلجات ‪.‬‬
‫إن عل يك يا أ خي أن ت عد نف سك لتكون جنديا في معر كة السلم ب كل ما تتضم نه كل مة الجند ية من مع ني ‪...‬وال يتولى ال صالحين ويهدي نا‬
‫جميعا سواء السبيل ‪.....‬‬

‫دعاة السلم والحدود الشرعية للعلقات الخوية‬


‫إن من حق السلم على دعاته والمنتسبين إليه أن يستفتوه في كل شؤونهم وأن ينزلوا عند حكمة في كافة أمورهم وأن يسلموا له في شتى‬
‫الظروف والحوال من غ ير ض يق ول حرج حق ي ستحقوا بذلك در جة اليمان ‪ {:‬فل ور بك ل يؤمنون ح تى يحكموك في ما ش جر بين هم ثم ل‬
‫يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما }‪.‬‬
‫وإن شر ما يصيب الدعاة ‪-‬أحيانا ‪ -‬احتكامهم لهوائهم وهدم خلوصهم من حظوظ أنفسهم وفي ذلك الجحود والكفر بالمبادئ التي يحملونها‬
‫وبالتالي التناقض مع الشريعة التي ينتسبون إليها ‪.‬‬
‫وهذا ل يس من صفات المؤمن ين في ش يء ول هو من أخلق الدعاة من قر يب أو بع يد و صدق ال تعالى ح يث يقول { ما كان لمؤ من ول‬
‫مؤمنة إذا قضى ال ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم }‪.‬‬
‫هكذا ينبغي أن يكون شأن المسلم مع السلم تبعية مطلقة وموالة واثقة وجندية مخلصة صادقة ‪.....‬‬

‫الخوة والحب في ال‬


‫إن موضوع الخوة السلمية والحب في ال من الموضوعات التي كثر الحديث عنها وتعددت الكتابات فيها ‪....‬ولست بالذي يود أن يضيف‬
‫شيئا إلى ما كتبه الخرون في الجانب التجريدي من الموضوع كذلك لست بالذي يود أن يناقش القضية من هذا الجانب ‪.‬‬
‫إنما مرادي توضيح الحدود الشرعية للعلقة الخوية والحب في ال منعا لكل التباس ودفعا لكل انحراف قد يؤدى بالمتحابين في ال ‪ -‬بقصد‬
‫أو بدون قصد ‪ -‬إلى مال يرضي ال عز وجل ‪.‬‬
‫وصيانة لهذا العقد المقدس الطاهر من كل ما يسئ إلى قدسيته وطهارته وإلى بهائه ونقائه ‪.‬‬

‫الخوة في المفهوم الشرع‬


‫والخوة في ن ظر ال سلم هي ال صرة العقيد ية ال تي ت شد الم سلمين بعض هم لب عض ‪ .‬و هي الرباط الربا ني الذي ير بط ب ين قلوب هم بل هي‬
‫وشيجة القوى في ال ‪ .‬وهي من أوثق عرى اليمان كما يقرر ذلك الرسول صلى ال عليه وسلم بقوله ( أوثق عرى اليمان الحب في ال‬
‫والبغض في ال )‪.‬‬
‫والخوة هي إحدى المقومات الساسية التي يعتمد عليها السلم في بناء المجتمع السلمي وإحكام الربط بين أفراده وأبنائه ‪.‬‬
‫ويوم أقام الرسول صلى ال عليه وسلم المجتمع السلمي الول في المدينة كانت الخوة الدعامة الثانية في صرح الدولة السلمية الفتية‬
‫بعد العقيدة التي تمثلت في بناء المسجد النبوي الشريف ‪.‬‬
‫ولهذا ع مل ال سلم على توث يق عرى ال حب والخوة ب ين المؤمن ين ‪ .‬وو عد المتحاب ين ف يه الح سنى يوم القيا مة وأجزل ل هم ال جر والعطاء‬
‫فقال رسمول ال صلى ال عليمه و سلم ‪(:‬مما تحاب اثنان في ال إل كان أحبهمما إلى ال أشدهمما حبا لصماحبه ) وقال ‪(:‬ين صب لطائ فة من‬
‫الناسي كراسي حول العرش يوم القيا مة وجوههم كالق مر ليلة البدر يفزع الناس وهم ل يفزعون ويخاف الناس وهم ل يخافون وهم أولياء‬
‫ال الذين ل خوف عليهم ول هم يحزنون فقيل من هؤلء يا رسول ال ‪ :‬فقال هم المتحابون في ال تعالي )‪.‬‬
‫وإذا كان السلم قد كرم الخوة ورفع شأنها ودفع إليها وأثاب عليها فإن ما فعل ذلك ل ما ين تج عنها من خ ير ول ما تدفعه من شر في حياة‬
‫الخوة المتحابين فالسلم لم يعتبر الخوة غاية بذاتها وإنما اعتبرها وسيلة لكثير من المقاصد والغايات ‪.....‬‬

‫الخوة مقاصدها وأهدافها‬


‫أولً‪:‬‬
‫فالخوة في نظر السلم وسيلة من وسائل التعاون على الطاعات والتذكير بال والتواصي بالحق والتواصي بالصبر ومن هنا كان على الخ‬
‫المسلم أن يتخير لصحبته وإخوانه الخيار فقال الرسول ال صلى ال عليه وسلم ‪(:‬من أراد ال به خيرا رزقه خليلً صالحا إن نسي ذكّرة‬
‫وإن ذكر أعانه )‪.‬‬
‫وقال عيسى عليه السلم ‪(:‬جالسوا من تذكركم بال رؤيته ومن يزيد في علمكم كلمه ومن يرغبكم في الخرة عمله )‪.‬‬
‫وقال عمر بن الخطاب رضي ال عنه ‪(:‬عليك بإخوان الصدق فعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلء )‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬‬
‫والخوة كذلك وسيلة يستعين بها الخوان على قضاء حوائج الزمان ومغالبة الصعاب ومواجهة الزمات ‪.‬‬
‫قمد ل يطيمق النسمان تحممل العباء وحيدا ومواجهمة المسمئوليات فريدا فل بمد له ممن إنسمان آخمر تطمئن إليمه نفسمه وتأنمس بمه روحمه‬
‫فيستنهضان همم بعضها البعض ويشدان أزر بعضهما البعض مصداقا لقوله تعالى ‪ {:‬سنشد عضدك بأخيك }‪.‬وهذا موسى عليه السلم عندما‬
‫ألقيت عليه تكاليف النبوة سأل ربه أن يجعل أخاه هارون رفيقا له في مهمته ومعينا له في دعوته {واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي‬
‫* أشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا ؟}‪.‬‬

‫ل تفريط ول إفراط‬
‫ولكن على الرغم من كل هذا ومما للخوة من شأن وما لها من حسنات فإن السلم حرص على العتدال في كل شيء حتى في العبادات‬
‫ل ‪.....‬‬
‫والرسول صلى ال عليه وسلم كان ل يخير بين أمرين إل اختار أوسطهم أو أيسرهما ما لم يكن باط ً‬
‫والتطرف وضع شاذ كائنا ما كان موضعه ومنطوقه ‪...‬وهو بالتالي سلوك غير طبيعي قد يؤدي إلى الكثير من المضاعفات والنحرافات ‪.‬‬
‫والخوة السلمية هي العل قة الطبيع ية الفطر ية ال تي ل تج نح جنوح (الع شق ) ول تبلغ مبلغ (الوله والت يم ) بل ينب غي أن ل ت صل إلى حد‬
‫ذوبان الم حب بالمحبوب لن ها إن و صلت إلى هذا ال حد ف ستفقد بدون شك ضوا بط ال صيانة الشرع ية و قد تخالط ها ‪ -‬بق صد وبغ ير ق صد ‪-‬‬
‫أحا سيس ودوا فع بشر ية خف ية مغل فة تت ساقط أغلفت ها على الزمان وي قع ما لم ي كن بالح سبان ‪ .‬والعا قل من تدارك ال مر ق بل فوات الوان‬
‫‪.‬ورحم ال امرءا عرف حدود الشرع فالتزمها وعرف حدود نفسه فوقف عندما ‪.‬‬
‫ومن هنا كان على المتحابين في ال أن يتقوا ال في كل خاطرة من خواطر أنفسهم وأن يقعدوا أخوتهم وفق تصور السلم ومفهومه وأن‬
‫يكونوا مع أنف سهم صرحاء وليلجموا العاط فة بلجام الع قل ولينيروا الع قل بهدى ال سلم وإيا هم والتر خص في ال صغائر فإن ها طريق هم إلى‬
‫الكبائر ‪....‬‬
‫إن قلوب الدعاة ينب غي أن تب قى معا بد ل يع بد في ها غ ير ال ‪....‬وليحذروا الشرك فإن دبي به وأثره قوي ولت كن أخوة الر سول مع أ بي ب كر‬
‫رضي ال عنه قدوتهم ومثالهم والتي لم تمنع الرسول صلى ال عليه وسلم من أن يقول ‪(:‬لو كنت متخذا من أهل الرض خليلً لتخذت أبا‬
‫بكر خليلً )وليذكروا قول أحد الصالحين وقد بلغ من العمر الستين قال ‪( :‬وقفت على باب قلبي أربعين عاما حتى ل يدخله غير ال )‪.‬‬

‫نحو حركة إسلمية عالمية واحدة‬


‫‪ #‬مبررات قيامها ‪.‬‬
‫‪ #‬تجارب في نطاق العمل للسلم ‪.‬‬
‫‪ -‬طريق الوعظ والرشاد ‪.‬‬
‫‪ -‬طريق القوة والثورة المسلحة ‪.‬‬
‫‪ -‬طريق التثقيف وبث الفكار ‪.‬‬
‫‪ #‬الحركة السلمية وظروف المنطقة ومنطق المواجهة ‪.‬‬
‫‪ #‬ملمح الحركة السلمية العالمية الواحدة ‪:‬‬
‫‪ -‬النقلبية ‪.‬‬
‫‪ -‬اللمركزية ‪.‬‬
‫‪ -‬الفكرية ‪.‬‬
‫‪ -‬العلمية ‪.‬‬
‫‪ -‬الربانية ‪.‬‬
‫تشعبت طرائق العمل للسلم في العصر الحديث مما يبعث على الخوف والقلق من أن يؤدى هذا التشعب إلى تشوه الصورة السليمة الصيلة‬
‫لطبيعة العمل السلمي وخصائصه وبالتالي إلى استنزاف القوى والفعاليات السلمية في مماحكات كلمية ومنافسات حزبية رخيصة ل أقول‬
‫أن ها ل تخدم ال سلم أو القض ية ال سلمية فح سب ‪ ،‬وإن ما أقول أن ها قد تؤدى إن لم ت كن قد أدت إلى بلبلة عقول الناس وتنفير هم و في‬
‫النهاية خسرانهم وجعلهم في جانب العاملين لهدم السلم وما أكثرهم في هذه اليام ؟‪.‬‬
‫ومنطق المواجهة في العصر الحديث فضلً عن منطق الشرع والسلم يقضيان ويحتمان تلحم القوى السلمية واحتشادها في مسيرة واحدة‬
‫لضرب الجاهلية وإقامة دولة تحتكم إلى شرعة ال وتأخذ طريقها إلى هداية العالمين ‪.....‬‬

‫مبررات قيام حركة إسلمية عالمية واحدة‬


‫إن ال مبررات ال تي تح تم قيام حر كة إ سلمية عالم ية واحدة أ كبر من أن تنا قش وأك ثر من أن ت عد والعاملون في الح قل ال سلمي مدعوون‬
‫لتمحي صها ودرا ستها ح تى يكون الع مل وال سعي ليجاد الحر كة ال سلمية المنشودة قائ ما على قنا عة وإيمان ول يس على عاط فة مشبو هة‬
‫وحماس عفوي مؤقت ‪ .....‬إن السلم يواجه في هذا العصر تحديات ضارية من أكثر من جهة واتجاه ‪...‬وأحكام السلم وقوانينه المنبثقة‬
‫عن الشرعيمة ال سلمية معطلة فمي سمائر أنحاء الوطمن ال سلمي ‪....‬بمل إن حكمم الطاغوت والنظممة والفكار الماديمة الوضيعمة المضادة‬
‫للسلم والحاقدة عليه والمتناقضة مع فلسفته الكونية ومبادئه الخلقية هي السائدة ‪....‬والفكار المادية والفلسفات اللحادية عصفت بأدمغة‬
‫الجيال ‪ ......‬وم ستوى النحلل الخل قي و صل إلى الدرك ال سفل ‪...‬وجور النظ مة الحاك مة وظلم القوان ين القائ مة وعدم توفير ها للعدالة‬
‫والحرية والمساواة مكن للغزو الماركسي اليساري الملحد من أن يجتاح المة باسم تحقيق العدالة ونصفة المظلومين ورفع مستوى الفقراء‬
‫والكادحين ‪....‬‬
‫ثم إن المعر كة الدائرة رحا ها اليوم ب ين السلم وب ين (الجاهل ية ) لم تعد في م ستوى الب حث العل مي المجرد أو في حدود المناق شة الفكر ية‬
‫الهادفة ‪....‬بل أضحى هذا الصراع دمويا ضاريا بكل ما في هاتين الكلمتين من معني ؟‬
‫إن الجاهلية اليوم تستخدم في حربها للسلم ودعاته كل السلحة الفتاكة ‪ ،‬السلحة المبيدة ‪ ،‬السلحة الخبيثة ‪....‬إن القتل والسحل والسجن‬
‫والتعذ يب والتشر يد ‪ ،‬وإن حملت الرجاف والتشك يك والتخو ين والتهام كل هذه وغير ها من الو سائل المعتمدة لدى (الجاهل ية ) لضرب‬
‫السلم وتصفية العاملين له في كل مكان ‪.......‬‬
‫ثمم إن العالم بات يعيمش حالة ضياع ‪....‬وأصمبح يئن تحمت وطأة النحراف والشذوذ والفراغ ‪...‬العالم الذي أعمتمه مظاهمر المدنيمة الحديثمة‬
‫وأحرق ته نار الثورة الجن سية وهد ته ال صراعات البوهيم ية (الهيب ية والوجود ية الخ ‪)......‬م ما يتهدد الوجود الن ساني والخلق الن سانية‬
‫والفكار النسانية ‪-‬حتى المجردة منها ‪ -‬بالفناء الكامل ‪.‬‬
‫وث مة مبررا آ خر يح تم قيام حر كة إ سلمية عالم ية واحدة و هو أن التحديات ال تي توا جه ال سلم إن ما هي في حقيقت ها تحديات (حركات‬
‫عالم ية ) كالحر كة ال صهيونية والحر كة الما سونية والحر كة الشيوع ية والحر كة التبشير ية ال صليبية ‪....‬م ثل هذه الحركات العالم ية ذات‬
‫القدرات والمكانيات البشرية والمادية والفنية الهائلة ل يمكن ‪-‬بل ل يجوز ‪ -‬مواجهتها إل على نفس مستواها وبنفس وسائلها وسوى ذلك‬
‫ل يعني غير التراجع والندثار ؟‬
‫هذه المبررات وغيرها تحتم بما ل يدع مجالً للتباطؤ والشك والتلكؤ قيام حركة إسلمية عالمية واحدة تكون في مستوى المواجهة تفكيرا‬
‫وتنظيما و تخطيطا وإعدادا وصمدق ال تعالى حيمث يقول ‪ {:‬وأعدوا لهمم مما اسمتطعتم ممن قوة وممن رباط الخيمل ترهبون بمه عدو ال‬
‫وعدوكم }‪.‬‬

‫تجارب في نطاق العمل للسلم‬


‫وقبل أن نناقش المواصفات العامة والملمح الساسية التي ينبغي توفرها في الحركة السلمية العالمية الواحدة لبد وأن نستعرض التجارب‬
‫التي قامت في نطاق العمل للسلم في العصر الحديث تلمسا للعبرة واستزادة للخبرة وال الهادي إلى سواء السبيل‪.....‬‬

‫‪ -1‬طريق الوعظ والرشاد (أو تجربة جماعة التبليغ )‬


‫وهو السلوب الذي يمارسه الوعاظ والمرشدون بشكل انفرادي في غالب الحيان والذي تمارسه جماعة التبليغ بشكل جماعي ‪....‬وجماعة‬
‫التبليغ تلزم أتباعها ببذل أوقات معينة للقيام بهذا الواجب ساعة في السبوع أو يوما في الشهر أو شهرا في السنة يقومون فيها بالدعوة‬
‫إلى السلم في سائر أنحاء الوطن السلمي ‪......‬‬
‫وجما عة التبل يغ مع حرارة دعات ها في الدعوة إلى ال وحما سهم و صدقهم وإخل صهم و صفائهم إل أ نه ل يقدر ل ها أن تك سب الجولة مع‬
‫الجاهلية العاتية إن بقي أسلوبها الحالي نفس السلوب في المستقبل أو أصبح سياسة مضطردة في سائر مراحل العمل وفي مختلف الظروف‬
‫‪.....‬‬
‫أ‪ -‬إن هذا السملوب ل يفضمي بنتيجتمه إلى إقاممة تجممع حركمي منظمم قادر على مواجهمة الجاهليمة وتحدياتهما المتزايدة وبالتالي إلى إيجاد‬
‫المجتمع السلمي وإقامة الدولة السلمية واستئناف الحياة السلمية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬ثم إن م ثل هذا ال سلوب سيبقى نطاق عمله مح صورا في الم ساجد ورواد ها بمع نى أن أثره لن يم تد إلى الخر ين الذ ين يمثلون اليوم‬
‫السواد العظم من الناس وإلى قطاعاتهم المختلفة ‪.....‬‬
‫ج‪ -‬كما أن هذا السلوب لن يتمكن من مواجهة تحديات الفكار والفلسفات المادية يرد عليها لنه ينتهج في غالب الحيان أسلوب الموعظة‬
‫العاطفية المؤثرة وأسلوب الترغيب والترهيب وهذا ل يمكن أن يؤثر في غير المتدينين أصلً‪.....‬‬
‫د‪ -‬ومن مظاهر هذا السلوب أنه ليس في تخطيطه ‪ -‬وال أعلم ‪-‬أن يتابع البذور حتى تنمو وتصبح غرسا ليجنبها بعد ذلك ثمراُ ‪.‬‬
‫وقمد يكون مماثلً للسملوب الذي انتهجمه (طاهمر الجزائري ) و(جمال الديمن الفغانمي ) والذي عمبر عنمه بقوله (قمل كلمتمك واممش ) وهذه‬
‫الطريقة غير مضمونة النتيجة فضلً عن كونها بطيئة الثر قليلة الثمر ‪........‬‬
‫يقول الستاذ أبو العلى المودودي (أمير الجماعة السلمية بباكستان )مشيرا إلى عقم أسلوب الوعظ والرشاد ‪(:‬يصبح من العبث الدعوة‬
‫إلى ال سلم على طري قة التبش ير الم سيحي ‪ .‬ولو طب عت ملي ين النشرات تد عو إلى التم سك بال سلم وت صيح بالناس أن (اتقوا ال ) صباح‬
‫مساء ‪ .‬لما كانت ذات فائدة تذكر ) ‪.‬‬
‫إذ ما هي الفائدة العمل ية ال تي ستنجم عن تأك يد أن ال سلم صالح ل كل زمان ومكان وأن فوائده ومزاياه ل يس ل ها مث يل عن طر يق القلم‬
‫والخطابة ؟ إن حاجة العصر تتطلب إبراز هذه المزايا بصورة عملية في عالم الواقع ‪.....‬إن مشاكل العالم المادية لن تحل لمجرد القول بأن‬
‫ال سلم يملك حل ها ‪....‬إن قي مة ال سلم الذات ية ل بد وأن تبرز إلى الوجود في هيئة نظام عملي مهي من يل مس الناس آثاره ويجنون ثماره‬
‫‪...‬إننا نعيش في عالم يقوم على الصراع والكفاح ‪ ...‬والخطابة والوعظ لن تفلح في تغيير مجراه ‪.‬‬
‫ولكن الكفاح الثائر وحده هو الذي يستطيع ذلك)‪(.....‬رسالة المسلمين ودواؤهم ص ‪.) 15‬‬

‫‪ -2‬طريق القوة و الثورة المسلحة‬


‫ولقد قامت في العصر الحديث محاولت عدة في نطق العمل للسلم اتسمت بطابع الثورة وتوسلت القوة أساسا لمواجهة التحديات واستئناف‬
‫الحياة السلمية ‪.....‬‬
‫من هذه التجارب تجر بة (الشه يد أح مد بن عرفان ) في اله ند الذي ا ستجاب له عدد كبير من الناس فجند هم وح مل أمام هم را ية الجهاد‬
‫واستطاعوا أن يؤسسوا دولة إسلمية في مدينة (بشاور ) شمالي الهند‪.‬غير أن النجليز تآمروا عليها بدهاء ‪ ،‬وألبوا المسلمين من رجال‬
‫القبائل ضدها مما أدى إلي قيام معركة عنيفة بين الطرفين قتل المام وكبار أصحابه وذلك عام ‪ 1246‬هم ‪.‬‬
‫ومنها تجربة الشهيد (الشيخ عز الدين القسام ) الذي استحيا من ال يقرئ تلميذه أحكام الجهاد ثم ل ينفر معهم إلي النجليز الذين كانوا‬
‫يحتلون فلسطين في ذلك الحين ‪ .‬فما كان منه إل أن استنفر تلميذه وأتباعه وتدرب على القتال ودربهم عليه وأعلن الجهاد على أعداء ال‬
‫حتى سقط شهيدا عام ‪ 1936‬م ‪.‬‬
‫ومنها تجربة الشهيد ( نواب صفوي ) زعيم حركة الفدائيين المسلمين في إيران التي تؤمن بأن القوة والعداء هي السبيل الوحيد لتطهير‬
‫أرض السلم من ال صهيونية والم ستعمرين وإقا مة ح كم السلم ‪.....‬ول قد قاو مت الحر كة أعداء السلم في إيران مقاو مة البطال إلى أن‬
‫سقط نواب صفوي وعصبة من إخوانه البرار برصاص الخونة المجرمين عام ‪. 1956‬‬
‫ول يس من شأن ه نا أن تنا قش بالتف صيل ال سلوب الذي اعتمد ته هذه الحركات في مواج هة خ صومها غ ير أن نا نود الشارة إلي أن من طق‬
‫الع صر ومن طق المواج هة ومن طق ال سلم وإن كان يح تم امتلك القوة وأ سبابها ول كن بشرط أن يتح قق التو سل ب ها وا ستعمالها كجزء من‬
‫استراتيجية وليس الستراتيجية كلها ‪...‬‬
‫ولنا أن نثبت هنا ما أشار إليه الشهيد حسن البنا في معرض مناقشته لموضوع استخدام القوة في نطاق العمل للسلم ‪.‬‬
‫قال رحمة ال ‪(:‬ويتساءل كثير الناس ‪:‬هل في عزم الخوان المسلمين أن يستخدموا القوة في تحقيق أغراضهم والوصول إلى غايتهم ‪:‬وهل‬
‫يفكر الخوان المسلمين في إعداد ثورة عامة على النظام السياسي أو النظام الجتماعي ؟ول أريد أن أدع هؤلء المتسائلين في حيرة بل إني‬
‫أنتهز الفرصة فأكشف اللثام عن الجواب السافر لهذا التساؤل فأقول في وضوح وجلء وليسمع من يشاء ‪:‬أما القوة فشعار السلم في كل‬
‫نظمه وتشريعاته فالقرآن الكريم ينادي في وضوح وجلء ‪ {:‬وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو ال وعدوكم‬
‫}‪.‬‬
‫ولكن الخوان الم سلمين أع مق فكرا وأبعد نظرا من أن ت ستهويهم سطحية العمال والفكر فل يغو صوا إلى أعماق ها ول يزنوا نتائج ها و ما‬
‫يقصد منا وما يراد بها ‪.‬‬
‫فهم يعلمون أن أول درجة من درجات القوة قوة العقيدة واليمان ثم قوة الخوة و الترابط ويلي ذلك قوة الساعد والسلح ‪.‬‬
‫ول يصلح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوفر لها هذه المعاني جميعا ‪.‬‬
‫وأن ها إذا ا ستخدمت قوة ال ساعد وال سلح و هي مفك كة الو صال مضطر بة النظام أو ضعي فة العقيدة خامدة اليمان ف سيكون م صيرها الفناء‬
‫والهلك ‪....‬هذه نظرة ونظرة أخرى هل أو صى ال سلم ‪-‬والقوة شعاره ‪ -‬با ستخدام القوة في كل الظروف والحوال ؟ أم حدد لذلك حدودا‬
‫واشترط شروطا وو جه القوة توجيها محدودا ؟ونظرة ثال ثة هل تكون القوة أول علج أم أن آ خر الدواء الكلي ؟و هل من الوا جب أن يوازن‬
‫النسان بين نتائج استخدام القوة النافعة ونتائجها الضارة وما يحيط بهذا الستخدام من ظروف ؟ أم من واجبه أن يستخدم القوة وليكن بعد‬
‫ذلك ما يكون ؟ ‪.‬‬
‫هذه نظرات يلقيها الخوان المسلمين على أسلوب استخدام القوة قبل أن يقدموا عليها )‪.‬‬
‫(رسالة المؤتمر الخامس عام ‪1357‬هم‪).‬‬

‫‪ -3‬طريق التثقيف وبث الفكار ‪.‬‬


‫(أو تجربة حزب التحرير السلمي )‬
‫يؤ من حزب التحر ير ال سلمي بأن عمل ية إنقاذ ال مة م ما تتخ بط ف يه من أمراض وعلل ت تم بإعادة ثقت ها ب صحة ال سلم وأحكا مه ‪...‬وأن‬
‫طريقه إلى ذلك ثورة فكرية سياسية تدمر الفكار الباطلة وتحطم الحكم الفاسد ‪.‬‬
‫ولهذا وضع الحزب مجموعة من الكتب والنشرات في شتي الموضوعات كما أنه يوالي إصدار نشرات فكرية وسياسية بين الحين والخر إما‬
‫بيانا لحكم السلم أو تحديدا لموقف الحزب من قضية ‪....‬‬
‫وآراء ال سلميين في حزب التحر ير مختل فة فمن هم من ي شك في نشأة الحزب وأهدا فه وغايا ته ‪....‬فيع تبر أن قيا مه لم ي كن ذاتيا وإن ما‬
‫بغرض بلبلة أفكار الناس وتشكيكهمم بالحركات السملمية الصملية التمي سمبقته أو على القمل بتشكيمك أفراد هذه الحركات بحركاتهمم‬
‫وجماعاتهم ‪.‬‬
‫وي ستدل أ صحاب هذا القول على ذلك بالغموض الذي يكت نف حزب التحر ير والبهام الذي يح يط بقياد ته ك ما ي ستدلون على ذلك ب ما ورد في‬
‫مقدمة رسالة (التكتل الحزبي ) التي تعتبر كل التجمعات والتكتلت والحركات التي سبقت حزب التحرير فاشلة متناقضة وقائمة على أساس‬
‫مغلوط ‪....‬كما يستدلون على ذلك ‪-‬كذلك ‪-‬بانحصار نشاط الحزب في رصد العناصر السلمية العاملة دون غيرها ومحاولة امتصاصها عن‬
‫طر يق تشكيك ها بانحراف خط سير الجما عة ال تي تنت سب إلي ها وبض عف أفكار ها وتبا ين هذه الفكار وعدم وحدت ها وأخيرا بعدم نجاح ها في‬
‫إقامة الدولة السلمية خلل السنوات الطويلة من حياتها ثم بإيهام هذه العناصر بقوة الحزب وقدرته (السحرية ) على إقامة الدولة بسرعة‬
‫ل وأن قيامها لم يعد بحاجة إل إلى إعلن ويقول أصحاب هذا الرأي أن نتائج النفسية المقصودة لهذا‬
‫حتى ليخيل إلى بعضهم أنها قامت فع ً‬
‫السلوب الذي يتبعه حزب التحرير هو تدمير نفسية هؤلء الذين يجتذبهم الحزب لفترة من الزمن ثم ل يلبث أن يلفظهم إما عناصر شوهاء‬
‫موتورة ضررها للسلم أكبر من نفعها أو عناصر مسخية معدومة النتاج مبلبلة التفكير صدمها الواقع المرير بعد المل العريض ‪....‬‬
‫ومنهم من يعتبر حزب التحرير تجربة من التجارب التي مرت وتمر بالعمل السلمي وأن لهذه التجربة حسناتها كما أن لها سيئاتها ‪...‬وأن‬
‫هذه التجربة أكدت فشلها لعدم بلوغها أهدافها بالسرعة التي حددتها لنفسها والتي سبق أن اعتبرتها حجة على سابقاتها والتي هي اليوم‬
‫تبررها لنفسها فتقول في إحدى نشراته الداخلية (سؤال وجواب )‪(:‬ومن ذلك يتبن أن ما يبدو من عدم ظهور أي تأثير للحزب بين الناس من‬
‫حيث الفكار السلمية الساسية ليس ناتجا عن خطأ في فهم الطريقة ول عن إساءة في تطبيقها ول عن انحراف عنها وإنما طبيعة الطريقة‬
‫نفسمها ل تجعمل بروز آثارهما سمريعا ‪....‬وطبيعمة المجتمعات ول سميما المجتمعات المتأخرة فكريا يكون انتقال الحرارة إليهما بطيئا جدا أي‬
‫يكون تأثرها بالفكار يحتاج إلى المدى الطويل والجرعات القوية ‪)......‬‬
‫وأنا أود أن استعرض آراء الناس كل الناس في حزب التحرير وإنما قصدي الستفادة من دراسة الحزب كتجربة من تجارب العمل للسلم‬
‫في العصر الحديث بصرف النظر عن موقف الخرين منه ‪ ،‬سيما وأنه لم يقم أي دليل قطعي يصم الحزب بما يشين تبعيته أو مقاصده ‪....‬‬
‫وإطلق ما يطلقه الناس أو إشاعة ما يشيعونه أسلوب غوغائي يجب أن يترفع عنه أصحاب الرسالت والنقد الموضوعي المنطقي الهادف‬
‫هو السلوب السلم لثبات ما للحزب وما عليه وهو الطريق القوم للبلوغ بالحركة السلمية المستوى اللئق بها كحركة عالمية رائدة ‪.‬‬
‫وفي ما يلي سأستعرض بعضا من المآ خذ ال تي يؤ خذ ب ها الحزب كتجر بة من التجارب في نطاق التمه يد والتحض ير لنشأة الحر كة ال سلمية‬
‫العالمية الواحدة ‪:‬‬
‫‪ -1‬أخ طأ ( حزب التحر ير ) ح ين اعت مد الف كر ‪ -‬أولً وآخرا ‪ -‬و سيلة لبناء الشخ صية ال سلمية ‪ ...‬وح ين يأ خذ الحزب على حر كة‬
‫( الخوان المسلمين ) استغراقها في التربية و التكوين الروحي والخلقي تأخذ عليه بالتالي استغراقه في اعتماد الفكر إلى حد السفاف ‪،‬‬
‫في الوقت الذي ل تهمل هي فيه ( الفكر ) كذلك ‪.‬‬
‫وأسلوب الرسول صلى ال عليه وسلم واضح الدللة في أنه كان يعتمد التوعية الفكرية و التربية الروحية والخلقية و الجهادية في بناء‬
‫الشخصية السلمية ‪.‬‬
‫‪ -2‬وأخطأ حزب التحرير ‪ -‬كذلك ‪ -‬حين قرر مبدأ القفز من مرحلة ( الثقافة ) إلى مرحلة ( التفاعل ) ‪ ...‬ذلك أن الحزب بانتقاله من‬
‫مرحلة التثقيف الداخلي إلى مرحلة التفاعل أي ضرب الفكار و الكيانات الجاهلية يكون كمن يود قطع واد من غير جسر ‪ ...‬ذلك أن مرحلة‬
‫( التثقيف ) ل تكفي للوقوف بالحزب في مواجهة التحدي الجاهلة دفعة واحدة ‪ ..‬كما أنه ل تؤهل أفراد الحزب للصمود أمام هذا التحدي‬
‫الشرس ‪ ...‬فكان ول بد من مرحلة يتسلل فيها الحزب إلى الناس ويتخذ له بينهم مواطئ أقدام ‪ ،‬وقواعد ارتكاز وحماية ‪ ...‬تماما كما كانت‬
‫هجرة الرسول صلى ال عليه وسلم أشبه بعملية احتشاد ‪ ،‬ومرحلة استنفار ‪ ،‬وقاعدة حماية قبل أن يعلن النفير وتدق ساعة الصفر ‪.‬‬
‫‪ -3‬وأخطأ حزب التحرير مرة أخرى حين اعتمد القوى و الفعاليات ( غير الذاتية ) أي غير الحزبية أو حسب تعبيره واصطلحه ( طلب‬
‫النصرة ) في عملية الوصول إلى الحكم ‪ ...‬فحزب التحرير يرى أن يستعين بالقوة للوصول إلى السلطة واستئناف الحياة السلمية لكنه ل‬
‫يرى ضرورة كذلك لمتلك هذه القوة أساسا ‪...‬‬
‫يقول الحزب في نشرة ( جواب و سؤال ) ول قد طلب الحزب الن صرة في سورية ليتم كن من القيام بح مل الدعوة وليأ خذ الح كم ‪ ...‬وطلب‬
‫النصرة في العراق ليتمكن من القيام بحمل الدعوة وليأخذ احكم ‪ ،‬وظل الحال كذلك حتى أوائل عام ‪ 1964‬دون أن يجد من يلبى النصرة ) ثم‬
‫يقول ‪ (:‬فقد يكون طلب النصرة من رئيس دولة فيحتاج المر إلى وفد واحد أو إلى شاب واحد ‪ ...‬وقد يكون طلب النصرة من رئيس كتلة‬
‫أو قائد جماعة أو زعيم قبيلة أومن سفير أو ما شاكل ذلك فيحتاج المر إلى اختيار معرفين وعدة شباب ‪ ،‬وقد ل يحتاج إل إلى شاب واحد‬
‫خبير ‪)...‬‬
‫غر يب من طق ( طلب الن صرة ) هذا لدى حزب التحر ير ح يث أ نه مرفوض بدا هة ‪ ...‬فأ ما أ نه مرفوض بدا هة لكو نه طلبا لن يح ظى يوما‬
‫بالقبول من أحد ‪ ...‬واعتماد الحركة على قواها الذاتية ‪ ،‬وتمكين عناصرها الصميمة من بعض القطاعات الستراتيجية هو السلوب القوم‬
‫والسلم في تحقيق ما تهدف إليه ‪ ،‬وبخاصة في ظروف سيئة كالظروف التي تعيشها البلد السلمية في ظل أنظمة ( المخابرات الداخلية‬
‫والستخبارات الخارجية ) ؟‪.‬‬
‫إن من طق ( طلب الن صرة ) الذي يعتمده حزب التحر ير لتحق يق النقلب ال سلمي للو صول إلى ال سلطة من طق غ ير سديد ‪ ،‬و من شأ نه أن‬
‫يجعل أن يجعل النقلب السلمي المنشود صيحة في واد ونفخة في رماد ؟‬
‫‪ -4‬وأخطأ حزب التحرير ‪ -‬أيضا ‪ -‬حين التزم بفكرة تبنى الحكام والفكار بشكلها التعميمى ‪ ...‬حيث أعطى لكل سؤال جوابا ‪ ،‬وتبنى لكل‬
‫قض ية حكما ‪ ....‬إن هذا ال مر يبدو في ظاهره ولول مرة جميلً ورائعا وبخا صة للشباب المحدودى الثقا فة ال سلمية ‪ ،‬ولك نه في نتائ جه‬
‫وأبعاده من شأ نه أن يم سخ الثقا فة ال سلمية ويض يق الف كر ال سلمي ويح جر عل يه ض من دائرة الك تب ال تي أ صدرها حزب التحر ير دون‬
‫سواها ‪.‬‬
‫إن فكرة التبني في المور الخلفية الكبرى و المصيرية الهامة ذات النعكاس الحركي و السياسي جيد ومفيد ‪ ،‬ولكن إطلقها بحيث تشمل كل‬
‫شأن من التشريع سيئ ومخيف ؟‪.‬‬
‫وأود هنا أن أنقل فقرة وردت في كتاب ( معالم في الطريق ) للشهيد سيد قطب تعبر عن هذا المعنى أفصح تعبير ‪ ...‬قال رحمه ال ‪ (:‬ولقد‬
‫يخيل لبعض المخلصين المتعجلين ‪ ،‬ممن ل يتدبرون طبيعة هذا الدين ‪ ،‬وطبيعة مه الرباني القويم ‪ ،‬وعلمه بطبائع البشر وحاجات الحياة‬
‫‪ ...‬نقول لقد يخيل لبعض هؤلء أن عرض أسس النظام السلمي ‪ -‬بل التشريعات السلمية كذلك ‪ -‬على الناس مما ييسر لهم طريق‬
‫الدعوة ويحبب الناس في هذا الدين ‪ ...‬فالذين يريدون من السلم اليوم أن يصوغ نظريات وأن يصوغ قوالب نظام ‪ ،‬وأن يصوغ تشريعات‬
‫للحياة ‪ ،‬بين ما ل يس على و جه الرض مجت مع قد قرر فعلً تحك يم شري عة ال وحد ها ‪ ،‬ور فض كل شري عة سواها ‪ ،‬مع تمل كه لل سلطة ال تي‬
‫تفرض هذا وتنفذه ‪.‬‬
‫الذين يريدون من السلم هذا ل يدركون طبيعة هذا الدين ‪ ،‬ول كيف يعمل في الحياة كما يريد له ال ) ‪.‬‬
‫وأكت في ه نا بهذا القدر من المآ خذ ال تي برزت خلل التجر بة ال تي مار سها حزب التحر ير و من خلل محتواه الفكري و الحر كي لنت قل إلى‬
‫تجربة أخرى من تجارب العمل السلمي في العصر الحديث ‪...‬‬

‫طريق اليمان العميق و التكوين الدقيق و العمل المتواصل‬


‫( أو تجربة حركة الخوان المسلمين )‬
‫حركة الخوان المسلمين هي الحركة الممتدة عبر أكثر أقطار العالم السلمي وإن لم تصبح بعد حركة واحدة تخطيطا وتنظيما ‪...‬‬
‫و قد أو ضح مؤ سس الحركة المام الشه يد ح سن الب نا من أول يوم طر يق دعو ته وأ سلوبها وو سائلها فقال ‪ (:‬أي ها الخوان ل قد أراد ال أن‬
‫نورث هذه التركة مثقلة بالتبعات ‪ ...‬وأن يشرق نور دعوتكم في ثنايا هذا الظلم ‪ ...‬وأن يهيئكم ال لعلء كلمته وإظهار شريعته ‪ ،‬وإقامة‬
‫دولته من جديد ‪.‬‬
‫أ ما ك يف نع مل لهذه الهداف ؟ إن الخ طب والقوال و المكاتبات و الدروس و المحاضرات وتشخ يص الداء وو صف الدواء كل ذلك وحده ل‬
‫يجدي نفعا ول يحقق غاية ول يصل بالداعين إلى هدف من الهداف ‪ ،‬ولكن للدعوات وسائل لبد من الخذ بها و العمل لها ‪ ...‬و الوسائل‬
‫العامة للدعوات ل تتغير ول تتبدل ول تعدو هذه المور ‪:‬‬
‫‪ -2‬التكوين الدقيق‬ ‫‪ -1‬اليمان العميق ‪.‬‬
‫‪ -3‬العمل المتواصل ‪.‬‬
‫أيها الخوان ‪ :‬أنتم لستم جمعية خيرية ول حزبا سياسيا ول هيئة موضعية لغراض محدودة المقاصد ‪ .‬ولكنكم روح جديد يسرى في قلب‬
‫هذه ال مة فيحي يه بالقرآن ‪ ,‬ونور جد يد يشرق فيبدد ظلم المادة بمعر فة ال ‪ ،‬و صوت داو يعلو مرددا دعوة الر سول صلى ال عل يه و سلم‬
‫ومن الحق الذي ل غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلى عنه الناس ‪.‬‬
‫إذا ق يل ل كم إلم تدعون ؟ فقولوا ند عو إلي ال سلم الذي جاء به مح مد صلى ال عل يه و سلم والحكو مة جزء م نه والحر ية فري ضة من‬
‫فرائضه ‪ ،‬فإن قيل لكم هذه سياسة ! فقولوا هذا هو السلم ونحن ل نعرف هذه القسام ‪.‬‬
‫وإن ق يل لكم أن تم دعاة ثورة ‪ ،‬فقولوا ن حن دعاة حق و سلم نعتقده ونع تز به ‪ ،‬فإن ثر تم علي نا ووقف تم في طر يق دعوت نا ف قد أذن ال أن‬
‫ندفع عن أنفسنا وكنتم الثائرين الظالمين ‪ .‬وإن قيل لكم إنكم تستعينون بالشخاص والهيئات فقولوا ‪ { :‬سلم عليكم ل نبتغي الجاهلين }‪.‬‬
‫من خلل ما تقدم يتبين لنا أن حركة الخوان المسلمين تتميز بعموميته عن سائر الحركات الخرى ‪ -‬فهي دعوة فكرية من حيث أنه تدعو‬
‫إلى اللتزام بالفكار السلمية ولفظ وترك كل ما عدا ذلك من أفكار وتشريعات ومبادئ وفلسفات (من أجل تكوين العقلية السلمية )‪.‬‬
‫‪ -‬وهي دعوة تربوية من حيث أنها تدعو إلى اللتزام بأخلق السلم وآدابه وإلى تزكية النفس والسمو به في مدارج الربانية ‪(....‬من أجل‬
‫تكوين النفسية السلمية )‪.‬‬
‫‪ -‬وهي دعوة جهادية من حيث أنها تدعو إلى العداد الجهادي بكافة وسائلة وأسبابه ‪.....‬حتى يكون للحق القوة التي تحميه وحتى تتمكن‬
‫الدعوة من مواج هة التحديات ومجاوزة الملمات ‪....‬و قد أشار المام الب نا إلى هذا المع ني في (ر سالة إلى أي شئ ند عو الناس ) فقال ‪ :‬ما‬
‫أحكم ذلك القائل ‪(:‬القوة أضمن طريق لحقاق الحق وما أجمل أن تسير القوة والحق جنبا إلى جنب ‪.‬‬
‫فهذا الجهاد في سبيل نشر الدعوة السلمية فضل عن الحتفاظ بمقدسات السلم فريضة أخرى فرضها ال على المسلمين كما فرض عليهم‬
‫الصوم والصلة والحج والزكاة وفعل الخير وترك الشر وألزمهم إياها وندبهم إليها ولم يعذر في ذلك أحدا فيه قوة واستطاعه ‪.‬‬
‫وأنها لية زاجرة رادعة وموعظة بالغة ‪ {:‬انفروا خفافا وثقال وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل ال }‪.‬‬
‫ولقد كان المام الشهيد يؤكد على هذه المعاني الجهادية في أكثر أحاديثه وخطبه لن الحق العزل لن يحقق شيئا ولن يصل إلى شئ ولنه‬
‫ل قيمة لحق ل تسنده القوة ‪....‬ولقد جاء تركيز هذا المعني واضحا في الخطاب الذي ألقاه في المؤتمر الخامس للحركة عام ‪ 1357‬هجرية‬
‫ح يث قال ‪(:‬و في الو قت الذي يكون ف يه من كم ‪ -‬مع شر الخوان الم سلمين ‪ -‬ثلثمائة كتي بة قد جهزت كل نف سها روح يا باليمان والعقيدة‬
‫‪.‬وفكريا بالعلم والثقا فة وج سميا بالتدر يب والريا ضة ‪ ....‬في هذا الو قت طالبو ني بأن أخوض ب كم لجاج البحار واقت حم ب كم عنان ال سماء‬
‫وأغزو بكم كل عنيد جبار فإني فاعل إن شاء ال وصدق رسول ال صلى ال عليه وسلم القائل ‪(:‬ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة )‪.....‬‬

‫الحركة السلمية وظروف المنطقة ومنطق المواجهة ‪:‬‬


‫ول قد كان مقدرا لحر كة الخوان الم سلمين أن تن جح وتح قق الهدف من وجود ها ب عد أن أ صبحت ملء ع ين العالم و سمعه وب صره لول أن‬
‫تكات فت علي ها معاول الهدم من كل جا نب وتآمرت علي ها قوى ال ستعمار من كل ج هة وتلح قت على رأ سها الضربات والم حن ‪....‬بدأت‬
‫باستشهاد مؤسسها المرحوم حسن البنا عام ‪ 1948‬ثم باستشهاد عدد ضخم من رجالتها وقادتها ممن يعتبرون عمالقة ليس على المستوى‬
‫الحركي الحزبي الضيق ولكن على المستوى العالمي الفسيح ‪....‬‬
‫ولقد كان من النتائج ذلك انكماش نشاط الحركة وانحسارها عن معترك الصراع السياسي وإن بقى وجودها الفكري والعقائدي قائما‪.....‬كما‬
‫كان من نتائج المح نة ال تي لح قت بالحر كة ال سلمية أن تحك مت أنظ مة الك فر في بلد الم سلمين وع مل الغزو المار ك سي المل حد عمله في‬
‫تخر يب عقول الناس وأدمغت هم ‪....‬وبذلك تغ ير في المنط قة ‪ -‬على ال قل العرب ية ‪ -‬كل ش يء ‪.....‬فالحياة الديمقراط ية ال تي ت سمح بحر ية‬
‫الع مل الحز بي ذه بت إلى غ ير رج عة ‪ .....‬والن ظم القائ مة في المنط قة معبأة بالح قد ال سود على ال سلم والم سلمين ‪ ......‬والمواجهات‬
‫الحزبية لم تعد في مستوى النقاش والحوار العقائدي وإنما غدت دموية غوغائية شرسة ‪....‬إلى غير ذلك من الظروف والوضاع مما يحتم‬
‫على الحركة السلمية رسم استراتيجية جديدة للعمل تمكنها من التحرك والنتاج والتطور لتكون الحركة السلمية العالمية المنشودة لتصبح‬
‫في مستوى المواجهة الفعلية مع التحديات العلمية التي يواجهها السلم في العصر الحديث ‪......‬‬

‫ملمح الحركة السلمية الواحدة ‪:‬‬


‫إن الحركات السلمية المعاصرة وإن لم تتمكن حتى اليوم من تحقيق الهدف الساسي من وجودها وهو إقامة الدولة السلمية واستئناف‬
‫الحياة السلمية إل أنها خلفت وراءها ثورة كبيرة إنها تركت ميراثا فكريا ضخما مما يمهد السبيل أمام نشأة حركة إسلمية عالمية واحدة‬
‫تكون في مستوي المواجهة مع الجاهلية القرن العشرين ‪........‬‬
‫النقلبية‪:‬‬
‫إن ال صفة ال ساسية ال تي ي جب أن تت صف ب ها الحر كة ال سلمية المنشودة هي ( النقلب ية ) فالسلم من هج انقل بي ول يس منه جا ترقيع يا‬
‫‪....‬وتحقيق المنهج النقلبي يحتم بالتالي قيام تجمع حركي انقلبي ‪.‬ويعين على الحركة التي تتصدر للعمل أن تكون في مستوي تحقيق‬
‫النقلب السلمي وعيا ونهجا وكفاية ‪.....‬‬
‫إن الحركمة السملمية هذه أحوج مما تكون إلى اسمتراتيجية انقلبيمة تبلغ بهما التنفيمذ العملي لهدافهما ومبادئهما ‪.....‬وأعنمي بالسمتراتيجية‬
‫بالواقع السلمي المنشود بكل ما يقتضيه هذا التغيير من فهم شامل‬ ‫النقلبية (نظرية الحركة وأسلوبها في تغيير الواقع الجاهلي القائم‬
‫ودق يق للوا قع القائم وتقد ير واع للقوى والعوا مل ال تي تحر كه وتؤ ثر ف يه ‪....‬وبالتالي ت صور عم يق للوا قع ال سلمي المرت قب ومدى ما‬
‫يحتاجه من كفايات وإمكانيات على كل صعيد ‪).....‬‬
‫وينبغي أن يكون في مضمون هذه الستراتيجية حرص الحركة السلمية على أن تتولى هي بنفسها تحقيق منهجها في الحكم السلمي ‪....‬‬
‫ول يس من الخلص والتجرد في شئ ‪ -‬ك ما يت صور الب عض ‪ -‬زهد ها في تولي الح كم ‪....‬ذلك أن العالم والتار يخ ل يعرفان حر كة على‬
‫الطلق قدمت ع صارة نضال ها وكفاح ها لغ ير المؤمن ين بأهدافها الملتق ين معها على دروب الكفاح والنضال ‪....‬فالدولة السلمية الولى لم‬
‫تأت إل نتيجة لجهاد الرسول صلى ال عليه وسلم ومن معه من المسلمين ‪....‬والثورة الفرنسية لم تكن إل أمنية من الماني التي عمل لها‬
‫روسو وفولت ير ومونتسكيو والنقلب الشيوعي جاء ثمرة المخطط الذي وضعه ماركس ولينين وإيجلز والناز ية اللمان ية لم تظهر إل في‬
‫أرض غزاها هيكل وفيخته وغوته ونيتشه ‪.......‬‬
‫هذا الت صور من شأ نه أن (يق يم ) إدراك الحر كة لم سئولياتها ومهمات ها صحيحا و سليما ف ما هي بجمع ية توجيه ية ت قف ع ند حدود الو عظ‬
‫والرشاد ‪...‬ول هي بمنتدى أد بي لقا مة المحاضرات والمناظرات ‪....‬ول هي بمع هد شر عي لتخر يج علماء في الشرع ية والف كر ال سلمي‬
‫‪....‬ول هي بدار نشر لطباعة الكتب والمؤلفات السلمية نشرا للثقافة وإحياء للتراث ‪...‬‬
‫ولكن ها الدعوة ال تي قدر ل ها أن تح مل موار يث النبوة ور سالة ال سلم في الع صر الحد يث ‪ ....‬إن تحمل ها أبعاد ها وتكاليف ها ‪ ...‬إن تحمل ها‬
‫فكرا يكشف زيف الفكار والمبادئ والفلسفات المادية الطاغية ‪....‬وجهادا يتصدى للباطل في كل أشكاله ويطيح بالطواغيت ‪ -‬كل الطواغيت‬
‫‪ -‬حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله ل ‪ ...‬وحتى تقوم الدولة السلمية التي تنشر الخير وتحقق الطمأنينة والعدالة والمساواة وتخرج‬
‫الناس من عبادة العباد إلى عبادة ال الواحد القهار ومن ضيق الدنيا إلى سعة السلم ومن جور الديان إلى عدالة السلم ‪.....‬‬
‫وإن مثمل هذه المهمات والتبعات لتتطلب ممن الحركمة التمي تقوم بهما أن تكون فمي مسمتوي عال وعال جدا ممن العداد والكفايمة على كافمة‬
‫المستويات ‪......‬‬

‫اللمركزية ‪:‬‬
‫وصفة رئي سية أخرى يجب أن تت صف بها الحركة السلمية العالم ية الواحدة وهي صفة اللمركز ية أو مجاوزة النتماء القطري الم صطنع‬
‫‪....‬‬
‫والهجرة في عصر النبوة لم تكن في معناها العميق إل لفتة إلى اللمركزية في العمل السلمي وإشارة إلى أن تحقيق السلم قد يكون سهلً‬
‫وممكنا في مكان ‪ ،‬و صعبا وم ستحيلً في آ خر ‪....‬وعند ما ي صبح من الضروري إفراغ الج هد ب ما هو مم كن ومي سور حفاظا على الطاقات‬
‫والوقات من التلف والضياع ‪..‬‬
‫وهذا المنطق بالذات يفرض وجود تخطيط عالمي للعمل السلمي في العصر الحديث ‪.‬‬
‫من شأ نه أن يو جه الطاقات ‪ -‬كل الطاقات ‪ -‬ويح شد القوى ‪ -‬كل القوى وت سخر المكانيات كل ها ويع مل على دفع ها وحشد ها ح يث يؤ مل‬
‫الثمار والعطاء ‪.....‬‬

‫الفكرية ‪:‬‬
‫بمعني أن تعتمد الحركة السلمية الفكر وليس العاطفة ‪ -‬أساسا لنطلقها ‪....‬فهي دعوة الحجة والدليل ودعوة العقل والمنطق ‪.‬‬
‫وهي الميزة التي امتازت بها دعوة السلم وتمتاز عن سواها من الدعوات قديما وحديثا ‪....‬‬
‫ومن شرائط هذه الفكرية أن يكون للفهم للسلم والدعوة إليه والحاجة فيه مبنية على عميق التصور وكلية النظر ووضوح الرؤيا‪.....‬‬
‫وممن شرائطهما ‪ -‬كذلك ‪ -‬أن تكون المواجهمة ممع الجاهليمة قائممة على الدراسمة مسمبقة ومركزة لفكار هذه الجاهليمة ومبادئهما ووسمائلها‬
‫واستراتيجيتها ‪....‬‬

‫العلمية ‪:‬‬
‫بمعنى أن تسعى الحركة للستفادة من كل التجارب العلمية التي أنتجتها الحضارة النسانية ومن كل ما تفتقت عنه عقول البشر في شتى‬
‫الحقول والميادين ‪.....‬ما دامت كلها وسائل يمكن الفادة منها والنتفاع بها واستخدامها وتسخيرها فيما يعود على البشرية بالخير والنفع‬
‫‪......‬‬
‫و من مل مح هذه العلم ية ا ستفادة الحر كة من أحدث النظريات في ح قل التنظ يم ‪....‬و من أح سن الو سائل وأوقع ها في ح قل العلم ‪...‬و من‬
‫أفضل الساليب الحركية في حقل العمل الشعبي والطلبي والسياسي وغيره ‪......‬‬
‫ومن ملمح هذه العلمية اعتماد الحركة على معرفة واسعة ودقيقة للمجتمع الذي تعيش فيه لوضاعه النفسية والفكرية والسياسية والحزبية‬
‫ولرتباطاته الدولية وعلئقه الخارجية ‪.....‬‬

‫الربانية ‪:‬‬
‫وأخيرا أن تعت مد الحر كة ال سلمية الترب ية الربان ية سبيلً لتكو ين أفراد ها وطلئع صفها فالشخ صية ال سلمية ل تتح قق ولدت ها بالتوع ية‬
‫الفكرية المجردة بل لبد لذلك من تربية وتعهد حتى يصبح السلم وحده المقياس الساسي لشباع الميول والنوازع ولدوافع الخير والشر‬
‫ولحدود الحلل ‪....‬والحرام ‪....‬‬
‫إن الشخصية السلمية هي العنصر الساسي في عملية التحضير لتحقيق النقلب السلمي وإقامة الدولة السلمية ‪...‬ونجاح الحركة في‬
‫تكويمن الشخصمية السملمية سميملكها أقوى المكانيات وأشدهما فعاليمة فمي مغالبمة الصمعاب وفمي بلوغ المانمي والمال ولهذا وجمب إعداد‬
‫( الطليعة السلمية ) إعداد غير عادي لن مهمتها كذلك غير عادية ‪ ...‬إعدادها نفسيا ومعنويا ‪....‬إعدادها عقيديا وأخلقيا ‪...‬إعدادها‬
‫حركيا للقيام بالدور الكبير ‪.......‬‬
‫إن الحركة السلمية في كل مكان مدعوة لمواجهة مصيرها المشترك ‪.‬لمواجهة مسئولياتها الضخمة بإعادة النظر في تجاربها وبرسم قواعد‬
‫سيرها في ضوء حاضرها ومستقبلها بمستوى السرعة و الدقة و الكفاية التي يتطلبها العصر و التي تتطلبها المواجهة جاهلية هي غاية في‬
‫المكر و الشراسة ‪ ...‬وعند ذلك فقط يتحقق فيها التفسير العلمي لقوله تعالى { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به‬
‫عدو ال وعدوكم } ‪.‬‬

‫فهرس‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪5‬‬ ‫مقدمة الطبعة الولى‬
‫‪7‬‬ ‫مقدمة الطبعة الثانية‬
‫‪.1‬‬ ‫الحركة السلمية في مدار الربعين عاما‬
‫‪17‬‬ ‫المحنة في حياة الدعوة و الداعية ‪.‬‬
‫‪47‬‬ ‫المنعطفات الكبرى في حياة الدعاة‬
‫‪65‬‬ ‫الداعية بين الفهم و التطبيق‬
‫‪73‬‬ ‫القيادة بين التوجيه و التنظيم‬
‫‪83‬‬ ‫العلقة التنظيمية بين الدعوة و الداعية‬
‫‪95‬‬ ‫الطبيعة الحركية‬
‫‪1.5‬‬ ‫شخصية الداعية‬
‫‪1.8‬‬ ‫الشخصية السلمية‬
‫‪117‬‬ ‫الداعية وأسلوب الدعوة‬
‫‪125‬‬ ‫دعاة السلم وتفاوت القابليات‬
‫‪131‬‬ ‫بين العقائدية و الحزبية‬
‫‪.14‬‬ ‫الحركة السلمية بين التكامل و التآكل‬
‫‪158‬‬ ‫مظاهر وأسباب تشوه الشخصية السلمية الحديثة‬
‫‪169‬‬ ‫من أمراضنا التنظيمية‬
‫‪183‬‬ ‫من أمراضنا النفسية‬
‫‪213‬‬ ‫نحو حركة إسلمية عالمية واحدة ‪.‬‬

You might also like