Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 238

‫اﻟﮭداﯾﺔ ﻓﻲ ﺷرح ﺑداﯾﺔ اﻟﻣﺑﺗدي ‪ -‬اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻟث‬

‫ﻣن ﯾرد ﷲ ﺑﮫ ﺧﯾرا ﯾﻔﻘﮭﮫ ﻓﻲ اﻟدﯾن‬ ‫ص ‪-5-‬‬


‫"ﺣدﯾث ﺷرﯾف"‬
‫ﺑﺳم ﷲ اﻟرﺣﻣن اﻟرﺣﯾم‬
‫ﻛﺗﺎب اﻟﺷرﻛﺔ‬
‫"اﻟﺷرﻛﺔ ﺟﺎﺋزة" ﻷﻧﮫ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﺑﻌث واﻟﻧﺎس ﯾﺗﻌﺎﻣﻠون ﺑﮭﺎ ﻓﻘررھم ﻋﻠﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟﺷرﻛﺔ ﺿرﺑﺎن‪ :‬ﺷرﻛﺔ أﻣﻼك‪ ،‬وﺷرﻛﺔ ﻋﻘود‪ .‬ﻓﺷرﻛﺔ اﻷﻣﻼك‪ :‬اﻟﻌﯾن ﯾرﺛﮭﺎ رﺟﻼن أو ﯾﺷﺗرﯾﺎﻧﮭﺎ ﻓﻼ‬
‫ﯾﺟوز ﻷﺣدھﻣﺎ أن ﯾﺗﺻرف ﻓﻲ ﻧﺻﯾب اﻵﺧر إﻻ ﺑﺈذﻧﮫ‪ ،‬وﻛل ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻓﻲ ﻧﺻﯾب ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻛﺎﻷﺟﻧﺑﻲ" وھذه اﻟﺷرﻛﺔ‬
‫ﺗﺗﺣﻘق ﻓﻲ ﻏﯾر اﻟﻣذﻛور ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ﻛﻣﺎ إذا اﺗﮭب رﺟﻼن ﻋﯾﻧﺎ أو ﻣﻠﻛﺎھﺎ ﺑﺎﻻﺳﺗﯾﻼء أو اﺧﺗﻠط ﻣﺎﻟﮭﻣﺎ ﻣن ﻏﯾر‬
‫ﺻﻧﻊ أﺣدھﻣﺎ أو ﺑﺧﻠطﮭﻣﺎ ﺧﻠطﺎ ﯾﻣﻧﻊ اﻟﺗﻣﯾﯾز رأﺳﺎ أو إﻻ ﺑﺣرج‪ ،‬وﯾﺟوز ﺑﯾﻊ أﺣدھﻣﺎ ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻣن ﺷرﯾﻛﮫ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ‬
‫اﻟﺻور وﻣن ﻏﯾر ﺷرﯾﻛﮫ ﺑﻐﯾر إذﻧﮫ إﻻ ﻓﻲ ﺻورة اﻟﺧﻠط واﻻﺧﺗﻼط ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز إﻻ ﺑﺈذﻧﮫ‪ ،‬وﻗد ﺑﯾﻧﺎ اﻟﻔرق ﻓﻲ‬
‫ﻛﻔﺎﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗﮭﻰ‪.‬‬
‫"واﻟﺿرب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺷرﻛﺔ اﻟﻌﻘود‪ ،‬ورﻛﻧﮭﺎ اﻹﯾﺟﺎب واﻟﻘﺑول‪ ،‬وھو أن ﯾﻘول أﺣدھﻣﺎ ﺷﺎرﻛﺗك ﻓﻲ ﻛذا وﻛذا وﯾﻘول‬
‫اﻵﺧر ﻗﺑﻠت" وﺷرطﮫ‪ :‬أن ﯾﻛون اﻟﺗﺻرف اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻘد اﻟﺷرﻛﺔ ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠوﻛﺎﻟﺔ ﻟﯾﻛون ﻣﺎ ﯾﺳﺗﻔﺎد ﺑﺎﻟﺗﺻرف‬
‫ﻣﺷﺗرﻛﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻓﯾﺗﺣﻘق ﺣﻛﻣﮫ اﻟﻣطﻠوب ﻣﻧﮫ "ﺛم ھﻲ أرﺑﻌﺔ أوﺟﮫ‪ :‬ﻣﻔﺎوﺿﺔ‪ ،‬وﻋﻧﺎن‪ ،‬وﺷرﻛﺔ اﻟﺻﻧﺎﺋﻊ‪ ،‬وﺷرﻛﺔ‬
‫اﻟوﺟوه‪ .‬ﻓﺄﻣﺎ ﺷرﻛﺔ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ ﻓﮭﻲ أن ﯾﺷﺗرك اﻟرﺟﻼن ﻓﯾﺗﺳﺎوﯾﺎن ﻓﻲ ﻣﺎﻟﮭﻣﺎ وﺗﺻرﻓﮭﻣﺎ ودﯾﻧﮭﻣﺎ" ﻷﻧﮭﺎ‬
‫ﺷرﻛﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺗﺟﺎرات ﯾﻔوض ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ أﻣر اﻟﺷرﻛﺔ إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق إذ ھﻲ ﻣن‬
‫اﻟﻣﺳﺎواة‪ ،‬ﻗﺎل ﻗﺎﺋﻠﮭم‪:‬‬

‫وﻻ ﺳراة إذا ﺟﮭﺎﻟﮭم ﺳﺎدوا‬ ‫ﻻ ﯾﺻﻠﺢ اﻟﻧﺎس ﻓوﺿﻰ ﻻ ﺳراة ﻟﮭم‬

‫أي ﻣﺗﺳﺎوﯾﯾن‪ .‬ﻓﻼ ﺑد ﻣن ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﺳﺎواة اﺑﺗداء واﻧﺗﮭﺎء وذﻟك ﻓﻲ اﻟﻣﺎل‪ ،‬واﻟﻣراد ﺑﮫ ﻣﺎ ﺗﺻﺢ اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺗﻔﺎﺿل ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﺻﺢ اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻛذا ﻓﻲ اﻟﺗﺻرف‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟو ﻣﻠك أﺣدھﻣﺎ ﺗﺻرﻓﺎ ﻻ ﯾﻣﻠك اﻵﺧر ﻟﻔﺎت‬
‫اﻟﺗﺳﺎوي‪ ،‬وﻛذﻟك ﻓﻲ اﻟدﯾن ﻟﻣﺎ ﻧﺑﯾن إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬وھذه اﻟﺷرﻛﺔ ﺟﺎﺋزة ﻋﻧدﻧﺎ اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎس ﻻ‬
‫ﺗﺟوز‪ ،‬وھو ﻗول‬
‫اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺎﻟك‪ :‬ﻻ أﻋرف ﻣﺎ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ‪ .‬وﺟﮫ اﻟﻘﯾﺎس أﻧﮭﺎ ﺗﺿﻣﻧت اﻟوﻛﺎﻟﺔ‬ ‫ص ‪-6-‬‬
‫ﺑﻣﺟﮭول اﻟﺟﻧس واﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﻣﺟﮭول‪ ،‬وﻛل ذﻟك ﺑﺎﻧﻔراده ﻓﺎﺳد‪ .‬وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن ﻗوﻟﮫ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم "ﻓﺎوﺿوا‬
‫ﻓﺈﻧﮫ أﻋظم ﻟﻠﺑرﻛﺔ" وﻛذا اﻟﻧﺎس ﯾﻌﺎﻣﻠوﻧﮭﺎ ﻣن ﻏﯾر ﻧﻛﯾر وﺑﮫ ﯾﺗرك اﻟﻘﯾﺎس واﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻣﺗﺣﻣﻠﺔ ﺗﺑﻌﺎ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ "وﻻ ﺗﻧﻌﻘد إﻻ ﺑﻠﻔظﺔ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ" ﻟﺑﻌد ﺷراﺋطﮭﺎ ﻋن ﻋﻠم اﻟﻌوام‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﺑﯾﻧﺎ ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ ﺗﻘﺗﺿﯾﮫ ﺗﺟوز‬
‫ﻷن اﻟﻣﻌﺗﺑر ھو اﻟﻣﻌﻧﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺗﺟوز ﺑﯾن اﻟﺣرﯾن اﻟﻛﺑﯾرﯾن ﻣﺳﻠﻣﯾن أو ذﻣﯾﯾن ﻟﺗﺣﻘق اﻟﺗﺳﺎوي‪ ،‬وإن ﻛﺎن أﺣدھﻣﺎ ﻛﺗﺎﺑﯾﺎ واﻵﺧر‬
‫ﻣﺟوﺳﯾﺎ ﺗﺟوز أﯾﺿﺎ" ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ "وﻻ ﺗﺟوز ﺑﯾن اﻟﺣر واﻟﻣﻣﻠوك وﻻ ﺑﯾن اﻟﺻﺑﻲ واﻟﺑﺎﻟﻎ" ﻻﻧﻌدام اﻟﻣﺳﺎواة‪ ،‬ﻷن‬
‫اﻟﺣر اﻟﺑﺎﻟﻎ ﯾﻣﻠك اﻟﺗﺻرف واﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ ،‬واﻟﻣﻣﻠوك ﻻ ﯾﻣﻠك واﺣدا ﻣﻧﮭﻣﺎ إﻻ ﺑﺈذن اﻟﻣوﻟﻰ‪ ،‬واﻟﺻﺑﻲ ﻻ ﯾﻣﻠك اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‬
‫وﻻ ﯾﻣﻠك اﻟﺗﺻرف إﻻ ﺑﺈذن اﻟوﻟﻲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺑﯾن اﻟﻣﺳﻠم واﻟﻛﺎﻓر" وھذا ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ﯾﺟوز ﻟﻠﺗﺳﺎوي ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟوﻛﺎﻟﺔ‬
‫واﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ ،‬وﻻ ﻣﻌﺗﺑر ﺑزﯾﺎدة ﺗﺻرف ﯾﻣﻠﻛﮫ أﺣدھﻣﺎ ﻛﺎﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ ﺑﯾن اﻟﺷﻔﻌوي واﻟﺣﻧﻔﻲ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺟﺎﺋزة‪ .‬وﯾﺗﻔﺎوﺗﺎن ﻓﻲ‬
‫اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ ﻣﺗروك اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﯾﻛره ﻷن اﻟذﻣﻲ ﻻ ﯾﮭﺗدي إﻟﻰ اﻟﺟﺎﺋز ﻣن اﻟﻌﻘود‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﻻ ﺗﺳﺎوي ﻓﻲ‬
‫اﻟﺗﺻرف‪ ،‬ﻓﺈن اﻟذﻣﻲ ﻟو اﺷﺗرى ﺑرأس اﻟﻣﺎل ﺧﻣورا أو ﺧﻧﺎزﯾر ﺻﺢ‪ ،‬وﻟو اﺷﺗراھﺎ ﻣﺳﻠم ﻻ ﯾﺻﺢ "وﻻ ﯾﺟوز‬
‫ﺑﯾن اﻟﻌﺑدﯾن وﻻ ﺑﯾن اﻟﺻﺑﯾﯾن وﻻ ﺑﯾن اﻟﻣﻛﺎﺗﺑﯾن" ﻻﻧﻌدام ﺻﺣﺔ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ ،‬وﻓﻲ ﻛل ﻣوﺿﻊ ﻟم ﺗﺻﺢ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ‬
‫ﻟﻔﻘد ﺷرطﮭﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾﺷﺗرط ذﻟك ﻓﻲ اﻟﻌﻧﺎن ﻛﺎن ﻋﻧﺎﻧﺎ ﻻﺳﺗﺟﻣﺎع ﺷراﺋط اﻟﻌﻧﺎن‪ ،‬إذ ھو ﻗد ﯾﻛون ﺧﺎﺻﺎ وﻗد ﯾﻛون‬
‫ﻋﺎﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﻧﻌﻘد ﻋﻠﻰ اﻟوﻛﺎﻟﺔ واﻟﻛﻔﺎﻟﺔ" أﻣﺎ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻠﺗﺣﻘق اﻟﻣﻘﺻود وھو اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه‪ ،‬وأﻣﺎ‬
‫اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ :‬ﻓﻠﺗﺣﻘق اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﯾﻣﺎ ھو ﻣن ﻣواﺟب اﻟﺗﺟﺎرات وھو ﺗوﺟﮫ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﻧﺣوھﻣﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣﺎ ﯾﺷﺗرﯾﮫ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﯾﻛون ﻋﻠﻰ اﻟﺷرﻛﺔ إﻻ طﻌﺎم أھﻠﮫ وﻛﺳوﺗﮭم" وﻛذا ﻛﺳوﺗﮫ‪ ،‬وﻛذا اﻹدام ﻷن‬
‫ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻌﻘد اﻟﻣﺳﺎواة‪ ،‬وﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻗﺎﺋم ﻣﻘﺎم ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﺻرف‪ ،‬وﻛﺎن ﺷراء أﺣدھﻣﺎ ﻛﺷراﺋﮭﻣﺎ‪ ،‬إﻻ ﻣﺎ‬
‫اﺳﺗﺛﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب‪ ،‬وھو اﺳﺗﺣﺳﺎن ﻷﻧﮫ ﻣﺳﺗﺛﻧﻰ ﻋن اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ ﻟﻠﺿرورة‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺣﺎﺟﺔ اﻟراﺗﺑﺔ ﻣﻌﻠوﻣﺔ اﻟوﻗوع‪،‬‬
‫وﻻ ﯾﻣﻛن إﯾﺟﺎﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺑﮫ وﻻ اﻟﺗﺻرف ﻣن ﻣﺎﻟﮫ‪ ،‬وﻻ ﺑد ﻣن اﻟﺷراء ﻓﯾﺧﺗص ﺑﮫ ﺿرورة‪ .‬واﻟﻘﯾﺎس أن ﯾﻛون‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺷرﻛﺔ ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ "وﻟﻠﺑﺎﺋﻊ أن ﯾﺄﺧذ ﺑﺎﻟﺛﻣن أﯾﮭﻣﺎ ﺷﺎء" اﻟﻣﺷﺗري ﺑﺎﻷﺻﺎﻟﺔ وﺻﺎﺣﺑﮫ ﺑﺎﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‬

‫وﯾرﺟﻊ اﻟﻛﻔﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺗري ﺑﺣﺻﺗﮫ ﻣﻣﺎ أدى ﻷﻧﮫ ﻗﺿﻰ دﯾﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﻣﺎل ﻣﺷﺗرك‬ ‫ص ‪-7-‬‬
‫ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل "وﻣﺎ ﯾﻠزم ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣن اﻟدﯾون ﺑدﻻ ﻋﻣﺎ ﯾﺻﺢ ﻓﯾﮫ اﻻﺷﺗراك ﻓﺎﻵﺧر ﺿﺎﻣن ﻟﮫ" ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ﻟﻠﻣﺳﺎواة‪،‬‬
‫ﻓﻣﻣﺎ ﯾﺻﺢ اﻻﺷﺗراك ﻓﯾﮫ اﻟﺷراء واﻟﺑﯾﻊ واﻻﺳﺗﺋﺟﺎر‪ ،‬وﻣن اﻟﻘﺳم اﻵﺧر اﻟﺟﻧﺎﯾﺔ واﻟﻧﻛﺎح واﻟﺧﻠﻊ واﻟﺻﻠﺢ ﻋن دم‬
‫اﻟﻌﻣد وﻋن اﻟﻧﻔﻘﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل "وﻟو ﻛﻔل أﺣدھﻣﺎ ﺑﻣﺎل ﻋن أﺟﻧﺑﻲ ﻟزم ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾﻠزﻣﮫ" ﻷﻧﮫ ﺗﺑرع‪ ،‬وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺻﺢ‬
‫ﻣن اﻟﺻﺑﻲ واﻟﻌﺑد اﻟﻣﺄذون واﻟﻣﻛﺎﺗب‪ ،‬وﻟو ﺻدر ﻣن اﻟﻣرﯾض ﯾﺻﺢ ﻣن اﻟﺛﻠث وﺻﺎر ﻛﺎﻹﻗراض واﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﻧﻔس‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ ﺗﺑرع اﺑﺗداء وﻣﻌﺎوﺿﺔ ﺑﻘﺎء ﻷﻧﮫ ﯾﺳﺗوﺟب اﻟﺿﻣﺎن ﺑﻣﺎ ﯾؤدي ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﻔول ﻋﻧﮫ إذا‬
‫ﻛﺎﻧت اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺄﻣره‪ ،‬ﻓﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟﺑﻘﺎء ﺗﺗﺿﻣﻧﮫ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ اﻻﺑﺗداء ﻟم ﺗﺻﺢ ﻣﻣن ذﻛره وﺗﺻﺢ ﻣن‬
‫اﻟﺛﻠث ﻣن اﻟﻣرﯾض‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺑرع اﺑﺗداء واﻧﺗﮭﺎء‪ .‬وأﻣﺎ اﻹﻗراض ﻓﻌن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ ﯾﻠزم‬
‫ﺻﺎﺣﺑﮫ‪ ،‬وﻟو ﺳﻠم ﻓﮭو إﻋﺎرة ﻓﯾﻛون ﻟﻣﺛﻠﮭﺎ ﺣﻛم ﻋﯾﻧﮭﺎ ﻻ ﺣﻛم اﻟﺑدل ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺻﺢ ﻓﯾﮫ اﻷﺟل ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق‬
‫ﻣﻌﺎوﺿﺔ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎﻧت اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﻐﯾر أﻣره ﻟم ﺗﻠزم ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻻﻧﻌدام ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ‪ .‬وﻣطﻠق اﻟﺟواب‬
‫ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ﻣﺣﻣول ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﯾد‪ ،‬وﺿﻣﺎن اﻟﻐﺻب واﻻﺳﺗﮭﻼك ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻷﻧﮫ ﻣﻌﺎوﺿﺔ اﻧﺗﮭﺎء‪.‬‬
‫ﻗﺎل "وإن ورث أﺣدھﻣﺎ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺻﺢ ﻓﯾﮫ اﻟﺷرﻛﺔ أو وھب ﻟﮫ ووﺻل إﻟﻰ ﯾده ﺑطﻠت اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ وﺻﺎرت ﻋﻧﺎﻧﺎ"‬
‫ﻟﻔوات اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺻﻠﺢ رأس اﻟﻣﺎل إذ ھﻲ ﺷرط ﻓﯾﮫ اﺑﺗداء وﺑﻘﺎء‪ ،‬وھذا ﻷن اﻵﺧر ﻻ ﯾﺷﺎرﻛﮫ ﻓﯾﻣﺎ أﺻﺎﺑﮫ‬
‫ﻻﻧﻌدام اﻟﺳﺑب ﻓﻲ ﺣﻘﮫ‪ ،‬إﻻ أﻧﮭﺎ ﺗﻧﻘﻠب ﻋﻧﺎﻧﺎ ﻟﻺﻣﻛﺎن‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻣﺳﺎواة ﻟﯾﺳت ﺑﺷرط ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻟدواﻣﮫ ﺣﻛم اﻻﺑﺗداء‬
‫ﻟﻛوﻧﮫ ﻏﯾر ﻻزم "وإن ورث أﺣدھﻣﺎ ﻋرﺿﺎ ﻓﮭو ﻟﮫ وﻻ ﺗﻔﺳد اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ" وﻛذا اﻟﻌﻘﺎر ﻷﻧﮫ ﻻ ﺗﺻﺢ ﻓﯾﮫ اﻟﺷرﻛﺔ‬
‫ﻓﻼ ﺗﺷﺗرط اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﯾﮫ‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪" :‬وﻻ ﺗﻧﻌﻘد اﻟﺷرﻛﺔ إﻻ ﺑﺎﻟدراھم واﻟدﻧﺎﻧﯾر واﻟﻔﻠوس اﻟﻧﺎﻓﻘﺔ"‬


‫وﻗﺎل ﻣﺎﻟك‪ :‬ﺗﺟوز ﺑﺎﻟﻌروض واﻟﻣﻛﯾل واﻟﻣوزون أﯾﺿﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺟﻧس واﺣدا؛ ﻷﻧﮭﺎ ﻋﻘدت ﻋﻠﻰ رأس ﻣﺎل ﻣﻌﻠوم‬
‫ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﻧﻘود‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻷن اﻟﻘﯾﺎس ﯾﺄﺑﺎھﺎ ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣن رﺑﺢ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺿﻣن‪ .‬ﻓﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻣورد اﻟﺷرع‪.‬‬
‫وﻟﻧﺎ أﻧﮫ ﯾؤدي إﻟﻰ رﺑﺢ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺿﻣ ن؛ ﻷﻧﮫ إذا ﺑﺎع ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ رأس ﻣﺎﻟﮫ وﺗﻔﺎﺿل اﻟﺛﻣﻧﺎن ﻓﻣﺎ ﯾﺳﺗﺣﻘﮫ أﺣدھﻣﺎ‬
‫ﻣن اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ ﻣﺎل ﺻﺎﺣﺑﮫ رﺑﺢ ﻣﺎ ﻟم‬

‫ﯾﻣﻠك وﻣﺎ ﻟم ﯾﺿﻣن‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟدراھم واﻟدﻧﺎﻧﯾر ﻷن ﺛﻣن ﻣﺎ ﯾﺷﺗرﯾﮫ ﻓﻲ ذﻣﺗﮫ إذ ھﻲ ﻻ‬ ‫ص ‪-8-‬‬
‫ﺗﺗﻌﯾن ﻓﻛﺎن رﺑﺢ ﻣﺎ ﯾﺿﻣن‪ ،‬وﻷن أول اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ اﻟﻌروض اﻟﺑﯾﻊ وﻓﻲ اﻟﻧﻘود اﻟﺷراء‪ ،‬وﺑﯾﻊ أﺣدھﻣﺎ ﻣﺎﻟﮫ ﻋﻠﻰ‬
‫أن ﯾﻛون اﻵﺧر ﺷرﯾﻛﺎ ﻓﻲ ﺛﻣﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز‪ ،‬وﺷراء أﺣدھﻣﺎ ﺷﯾﺋﺎ ﺑﻣﺎﻟﮫ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﻏﯾره ﺟﺎﺋز‪.‬‬
‫وأﻣﺎ اﻟﻔﻠوس اﻟﻧﺎﻓﻘﺔ ﻓﻸﻧﮭﺎ ﺗروج رواج اﻷﺛﻣﺎن ﻓﺎﻟﺗﺣﻘت ﺑﮭﺎ‪ .‬ﻗﺎﻟوا‪ :‬ھذا ﻗول ﻣﺣﻣد ﻷﻧﮭﺎ ﻣﻠﺣﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧﻘود ﻋﻧده ﺣﺗﻰ‬
‫ﻻ ﺗﺗﻌﯾن ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن‪ ،‬وﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﺛﻧﯾن ﺑواﺣد ﺑﺄﻋﯾﺎﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋرف‪ ،‬أﻣﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮭﻣﺎ‬
‫ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﺗﺟوز اﻟﺷرﻛﺔ واﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺑﮭﺎ ﻷن ﺛﻣﻧﯾﺗﮭﺎ ﺗﺗﺑدل ﺳﺎﻋﺔ ﻓﺳﺎﻋﺔ وﺗﺻﯾر ﺳﻠﻌﺔ‪ .‬وروي ﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف‬
‫ﻣﺛل ﻗول ﻣﺣﻣد‪ ،‬واﻷول أﻗﯾس وأظﮭر‪ ،‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﺻﺣﺔ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺑﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﺟوز اﻟﺷرﻛﺔ ﺑﻣﺎ ﺳوى ذﻟك إﻻ أن ﯾﺗﻌﺎﻣل اﻟﻧﺎس ﺑﺎﻟﺗﺑر" واﻟﻧﻘرة ﻓﺗﺻﺢ اﻟﺷرﻛﺔ ﺑﮭﻣﺎ‪ ،‬ھﻛذا ذﻛر ﻓﻲ‬
‫اﻟﻛﺗﺎب "وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬وﻻ ﺗﻛون اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ ﺑﻣﺛﺎﻗﯾل ذھب أو ﻓﺿﺔ" وﻣراده اﻟﺗﺑر‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ھذه اﻟرواﯾﺔ‬
‫اﻟﺗﺑر ﺳﻠﻌﺔ ﺗﺗﻌﯾن ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن ﻓﻼ ﺗﺻﻠﺢ رأس اﻟﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺎت واﻟﺷرﻛﺎت‪ .‬وذﻛر ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻟﺻرف أن اﻟﻧﻘرة‬
‫ﻻ ﺗﺗﻌﯾن ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻧﻔﺳﺦ اﻟﻌﻘد ﺑﮭﺎ ﺑﮭﻼﻛﮫ ﻗﺑل اﻟﺗﺳﻠﯾم‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﺗﻠك اﻟرواﯾﺔ ﺗﺻﻠﺢ رأس اﻟﻣﺎل ﻓﯾﮭﻣﺎ‪ ،‬وھذا‬
‫ﻟﻣﺎ ﻋرف أﻧﮭﻣﺎ ﺧﻠﻘﺎ ﺛﻣﻧﯾن ﻓﻲ اﻷﺻل‪ ،‬إﻻ أن اﻷول أﺻﺢ؛ ﻷﻧﮭﺎ وإن ﺧﻠﻘت ﻟﻠﺗﺟﺎرة ﻓﻲ اﻷﺻل ﻟﻛن اﻟﺛﻣﻧﯾﺔ‬
‫ﺗﺧﺗص ﺑﺎﻟﺿرب اﻟﻣﺧﺻوص؛ ﻷن ﻋﻧد ذﻟك ﻻ ﺗﺻرف إﻟﻰ ﺷﻲء آﺧر ظﺎھرا إﻻ أن ﯾﺟري اﻟﺗﻌﺎﻣل ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎﻟﮭﻣﺎ‬
‫ﺛﻣﻧﺎ ﻓﻧزل اﻟﺗﻌﺎﻣل ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺿرب ﻓﯾﻛون ﺛﻣﻧﺎ وﯾﺻﻠﺢ رأس اﻟﻣﺎل‪ .‬ﺛم ﻗوﻟﮫ وﻻ ﺗﺟوز ﺑﻣﺎ ﺳوى ذﻟك ﯾﺗﻧﺎول‬
‫اﻟﻣﻛﯾل واﻟﻣوزون واﻟﻌددي اﻟﻣﺗﻘﺎرب‪ ،‬وﻻ ﺧﻼف ﻓﯾﮫ ﺑﯾﻧﻧﺎ ﻗﺑل اﻟﺧﻠط‪ ،‬وﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ رﺑﺢ ﻣﺗﺎﻋﮫ وﻋﻠﯾﮫ‬
‫وﺿﯾﻌﺗﮫ‪ ،‬وإن ﺧﻠطﺎ ﺛم اﺷﺗرﻛﺎ ﻓﻛذﻟك ﻓﻲ ﻗول أﺑﻲ ﯾوﺳف‪ ،‬واﻟﺷرﻛﺔ ﺷرﻛﺔ ﻣﻠك ﻻ ﺷرﻛﺔ ﻋﻘد‪ .‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد‬
‫ﺗﺻﺢ ﺷرﻛﺔ اﻟﻌﻘد‪ .‬وﺛﻣرة اﻻﺧﺗﻼف ﺗظﮭر ﻋﻧد اﻟﺗﺳﺎوي ﻓﻲ اﻟﻣﺎﻟﯾن واﺷﺗراط اﻟﺗﻔﺎﺿل ﻓﻲ اﻟرﺑﺢ‪ ،‬ﻓظﺎھر اﻟرواﯾﺔ‬
‫ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﻷﻧﮫ ﯾﺗﻌﯾن ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن ﺑﻌد اﻟﺧﻠط ﻛﻣﺎ ﺗﻌﯾن ﻗﺑﻠﮫ‪ .‬وﻟﻣﺣﻣد أﻧﮭﺎ ﺛﻣن ﻣن وﺟﮫ ﺣﺗﻰ ﺟﺎز‬
‫اﻟﺑﯾﻊ ﺑﮭﺎ دﯾﻧﺎ ﻓﻲ اﻟذﻣﺔ‪ .‬وﻣﺑﯾﻊ ﻣن ﺣﯾث إﻧﮫ ﯾﺗﻌﯾن ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن‪ ،‬ﻓﻌﻣﻠﻧﺎ ﺑﺎﻟﺷﺑﮭﯾن ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﯾن‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟﻌروض؛ ﻷﻧﮭﺎ ﻟﯾﺳت ﺛﻣﻧﺎ ﺑﺣﺎل وﻟو اﺧﺗﻠﻔﺎ ﺟﻧﺳﺎ ﻛﺎﻟﺣﻧطﺔ واﻟﺷﻌﯾر واﻟزﯾت واﻟﺳﻣن ﻓﺧﻠطﺎ ﻻ ﺗﻧﻌﻘد اﻟﺷرﻛﺔ ﺑﮭﺎ‬
‫ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق‪ .‬واﻟﻔرق ﻟﻣﺣﻣد أن اﻟﻣﺧﻠوط ﻣن ﺟﻧس واﺣد ﻣن ذوات اﻷﻣﺛﺎل‪ ،‬وﻣن ﺟﻧﺳﯾن ﻣن ذوات اﻟﻘﯾم ﻓﺗﺗﻣﻛن‬
‫اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌروض‪ ،‬وإذا ﻟم ﺗﺻﺢ اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﺣﻛم اﻟﺧﻠط ﻗد ﺑﯾﻧﺎه ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻟﻘﺿﺎء‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أراد اﻟﺷرﻛﺔ ﺑﺎﻟﻌروض ﺑﺎع ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻧﺻف ﻣﺎﻟﮫ ﺑﻧﺻف ﻣﺎل‬ ‫ص ‪-9-‬‬
‫اﻵﺧر‪ ،‬ﺛم ﻋﻘد اﻟﺷرﻛﺔ" ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪" :‬وھذه اﻟﺷرﻛﺔ ﻣﻠك" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ أن اﻟﻌروض ﻻ ﺗﺻﻠﺢ رأس ﻣﺎل‬
‫اﻟﺷرﻛﺔ‪ ،‬وﺗﺄوﯾﻠﮫ إذا ﻛﺎن ﻗﯾﻣﺔ ﻣﺗﺎﻋﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺳواء‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﺗﻔﺎوت ﯾﺑﯾﻊ ﺻﺎﺣب اﻷﻗل ﺑﻘدر ﻣﺎ ﺗﺛﺑت ﺑﮫ‬
‫اﻟﺷرﻛﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وأﻣﺎ ﺷرﻛﺔ اﻟﻌﻧﺎن ﻓﺗﻧﻌﻘد ﻋﻠﻰ اﻟوﻛﺎﻟﺔ دون اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ ،‬وھﻲ أن ﯾﺷﺗرك اﺛﻧﺎن ﻓﻲ ﻧوع ﺑر أو طﻌﺎم‪ ،‬أو‬
‫ﯾﺷﺗرﻛﺎن ﻓﻲ ﻋﻣوم اﻟﺗﺟﺎرات وﻻ ﯾذﻛران اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ"‪ ،‬واﻧﻌﻘﺎده ﻋﻠﻰ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻟﺗﺣﻘق ﻣﻘﺻوده ﻛﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه‪ ،‬وﻻ ﺗﻧﻌﻘد‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ؛ ﻷن اﻟﻠﻔظ ﻣﺷﺗق ﻣن اﻷﻋراض ﯾﻘﺎل ﻋن ﻟﮫ‪ :‬أي ﻋرض‪ ،‬وھذا ﻻ ﯾﻧﺑﺊ ﻋن اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ وﺣﻛم اﻟﺗﺻرف‬
‫ﻻ ﯾﺛﺑت ﺑﺧﻼف ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻠﻔظ‪" .‬وﯾﺻﺢ اﻟﺗﻔﺎﺿل ﻓﻲ اﻟﻣﺎل" ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ إﻟﯾﮫ وﻟﯾس ﻣن ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻠﻔظ اﻟﻣﺳﺎواة‪.‬‬
‫"وﯾﺻﺢ أن ﯾﺗﺳﺎوﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎل وﯾﺗﻔﺎﺿﻼ ﻓﻲ اﻟرﺑﺢ" وﻗﺎل زﻓر واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻻ ﺗﺟوز ﻷن اﻟﺗﻔﺎﺿل ﻓﯾﮫ ﯾؤدي إﻟﻰ‬
‫رﺑﺢ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺿﻣن‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻣﺎل إذا ﻛﺎن ﻧﺻﻔﯾن واﻟرﺑﺢ أﺛﻼﺛﺎ ﻓﺻﺎﺣب اﻟزﯾﺎدة ﯾﺳﺗﺣﻘﮭﺎ ﺑﻼ ﺿﻣﺎن‪ ،‬إذ اﻟﺿﻣﺎن‬
‫ﺑﻘدر رأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬وﻷن اﻟﺷرﻛﺔ ﻋﻧدھﻣﺎ ﻓﻲ اﻟرﺑﺢ ﻟﻠﺷرﻛﺔ ﻓﻲ اﻷﺻل‪ ،‬وﻟﮭذا ﯾﺷﺗرطﺎن اﻟﺧﻠط‪ ،‬ﻓﺻﺎر رﺑﺢ اﻟﻣﺎل‬
‫ﺑﻣﻧزﻟﺔ ﻧﻣﺎء اﻷﻋﯾﺎن ﻓﯾﺳﺗﺣق ﺑﻘدر اﻟﻣﻠك ﻓﻲ اﻷﺻل‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻗوﻟﮫ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وآﻟﮫ وﺳﻠم‪" :‬اﻟرﺑﺢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺷرطﺎ‪،‬‬
‫واﻟوﺿﯾﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻗدر اﻟﻣﺎﻟﯾن" وﻟم ﯾﻔﺻل‪ ،‬وﻷن اﻟرﺑﺢ ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺗﺣق ﺑﺎﻟﻣﺎل ﯾﺳﺗﺣق ﺑﺎﻟﻌﻣل ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ؛ وﻗد‬
‫ﯾﻛون أﺣدھﻣﺎ أﺣذق وأھدى وأﻛﺛر ﻋﻣﻼ وأﻗوى ﻓﻼ ﯾرﺿﻰ ﺑﺎﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻣﺳت اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﻔﺎﺿل‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﺷﺗراط ﺟﻣﯾﻊ اﻟرﺑﺢ ﻷﺣدھﻣﺎ ﻷﻧﮫ ﯾﺧرج اﻟﻌﻘد ﺑﮫ ﻣن اﻟﺷرﻛﺔ وﻣن اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ أﯾﺿﺎ إﻟﻰ ﻗرض ﺑﺎﺷﺗراطﮫ ﻟﻠﻌﺎﻣل‬
‫أو إﻟﻰ ﺑﺿﺎﻋﺔ ﺑﺎﺷﺗراطﮫ ﻟرب اﻟﻣﺎل‪ ،‬وھذا اﻟﻌﻘد ﯾﺷﺑﮫ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻣن ﺣﯾث إﻧﮫ ﯾﻌﻣل ﻓﻲ ﻣﺎل اﻟﺷرﯾك‪ ،‬وﯾﺷﺑﮫ‬
‫اﻟﺷرﻛﺔ اﺳﻣﺎ وﻋﻣﻼ ﻓﺈﻧﮭﻣﺎ ﯾﻌﻣﻼن ﻓﻌﻣﻠﻧﺎ ﺑﺷﺑﮫ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ‪ .‬وﻗﻠﻧﺎ‪ :‬ﯾﺻﺢ اﺷﺗراط اﻟرﺑﺢ ﻣن ﻏﯾر ﺿﻣﺎن وﯾﺷﺑﮫ‬
‫اﻟﺷرﻛﺔ ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﺑطل ﺑﺎﺷﺗراط اﻟﻌﻣل ﻋﻠﯾﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز أن ﯾﻌﻘدھﺎ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺑﺑﻌض ﻣﺎﻟﮫ دون اﻟﺑﻌض" ﻷن اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ اﻟﻣﺎل ﻟﯾﺳت ﺑﺷرط ﻓﯾﮫ إذ‬
‫اﻟﻠﻔظ ﻻ ﯾﻘﺗﺿﯾﮫ "وﻻ ﯾﺻﺢ إﻻ ﺑﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ" أن اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ ﺗﺻﺢ ﺑﮫ ﻟﻠوﺟﮫ اﻟذي ذﻛرﻧﺎه "وﯾﺟوز أن ﯾﺷﺗرﻛﺎ وﻣن‬
‫ﺟﮭﺔ أﺣدھﻣﺎ دﻧﺎﻧﯾر وﻣن اﻵﺧر دراھم‪ ،‬وﻛذا ﻣن أﺣدھﻣﺎ دراھم ﺑﯾض وﻣن اﻵﺧر ﺳود" وﻗﺎل زﻓر واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪:‬‬
‫ﻻ ﯾﺟوز‪ ،‬وھذا ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﺷﺗراط اﻟﺧﻠط وﻋدﻣﮫ ﻓﺈن ﻋﻧدھﻣﺎ ﺷرط وﻻ ﯾﺗﺣﻘق ذﻟك ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠﻔﻲ اﻟﺟﻧس‪ ،‬وﺳﻧﺑﯾﻧﮫ‬
‫ﻣن ﺑﻌد إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣﺎ اﺷﺗراه ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻟﻠﺷرﻛﺔ طوﻟب ﺑﺛﻣﻧﮫ دون اﻵﺧر ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ" أﻧﮫ‬ ‫ص ‪-10-‬‬
‫ﯾﺗﺿﻣن اﻟوﻛﺎﻟﺔ دون اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ ،‬واﻟوﻛﯾل ھو اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﺛم ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺷرﯾﻛﮫ ﺑﺣﺻﺗﮫ ﻣﻧﮫ" ﻣﻌﻧﺎه إذا أدى ﻣن ﻣﺎل ﻧﻔﺳﮫ؛ ﻷﻧﮫ وﻛﯾل ﻣن ﺟﮭﺗﮫ ﻓﻲ ﺣﺻﺗﮫ ﻓﺈذا ﻧﻘد‬
‫ﻣن ﻣﺎل ﻧﻔﺳﮫ رﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻻ ﯾﻌرف ذﻟك إﻻ ﺑﻘوﻟﮫ ﻓﻌﻠﯾﮫ اﻟﺣﺟﺔ؛ ﻷﻧﮫ ﯾدﻋﻲ وﺟوب اﻟﻣﺎل ﻓﻲ ذﻣﺔ اﻵﺧر‬
‫وھو ﯾﻧﻛر‪ ،‬واﻟﻘول ﻟﻠﻣﻧﻛر ﻣﻊ ﯾﻣﯾﻧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ھﻠك ﻣﺎل اﻟﺷرﻛﺔ أو أﺣد اﻟﻣﺎﻟﯾن ﻗﺑل أن ﯾﺷﺗرﯾﺎ ﺷﯾﺋﺎ ﺑطﻠت اﻟﺷرﻛﺔ" ﻷن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ﻋﻘد‬
‫اﻟﺷرﻛﺔ اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺗﻌﯾن ﻓﯾﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﮭﺑﺔ واﻟوﺻﯾﺔ‪ ،‬وﺑﮭﻼك اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﯾﺑطل اﻟﻌﻘد ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ واﻟوﻛﺎﻟﺔ اﻟﻣﻔردة؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺗﻌﯾن اﻟﺛﻣﻧﺎن ﻓﯾﮭﻣﺎ ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾﻧﺎن ﺑﺎﻟﻘﺑض ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋرف‪ ،‬وھذا‬
‫ظﺎھر ﻓﯾﻣﺎ إذا ھﻠك اﻟﻣﺎﻻن‪ ،‬وﻛذا إذا ھﻠك أﺣدھﻣﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺎ رﺿﻲ ﺑﺷرﻛﺔ ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﮫ إﻻ ﻟﯾﺷرﻛﮫ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﮫ‪،‬‬
‫ﻓﺈذا ﻓﺎت ذﻟك ﻟم ﯾﻛن راﺿﯾﺎ ﺑﺷرﻛﺗﮫ ﻓﯾﺑطل اﻟﻌﻘد ﻟﻌدم ﻓﺎﺋدﺗﮫ‪ ،‬وأﯾﮭﻣﺎ ھﻠك ھﻠك ﻣن ﻣﺎل ﺻﺎﺣﺑﮫ؛ إن ھﻠك ﻓﻲ ﯾده‬
‫ﻓظﺎھر‪ ،‬وﻛذا إذا ﻛﺎن ھﻠك ﻓﻲ ﯾد اﻵﺧر ﻷﻧﮫ أﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﯾده‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﺧﻠط ﺣﯾث ﯾﮭﻠك ﻋﻠﻰ اﻟﺷرﻛﺔ؛ ﻷﻧﮫ‬
‫ﻻ ﯾﺗﻣﯾز ﻓﯾﺟﻌل اﻟﮭﺎﻟك ﻣن اﻟﻣﺎﻟﯾن‪" .‬وإن اﺷﺗرى أﺣدھﻣﺎ ﺑﻣﺎﻟﮫ وھﻠك ﻣﺎل اﻵﺧر ﻗﺑل اﻟﺷراء ﻓﺎﻟﻣﺷﺗرى ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺷرطﺎ" ﻷن اﻟﻣﻠك ﺣﯾن وﻗﻊ وﻗﻊ ﻣﺷﺗرﻛﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻟﻘﯾﺎم اﻟﺷرﻛﺔ وﻗت اﻟﺷراء ﻓﻼ ﯾﺗﻐﯾر اﻟﺣﻛم ﺑﮭﻼك ﻣﺎل‬
‫اﻵﺧر ﺑﻌد ذﻟك‪ ،‬ﺛم اﻟﺷرﻛﺔ ﺷرﻛﺔ ﻋﻘد ﻋﻧد ﻣﺣﻣد ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻠﺣﺳن ﺑن زﯾﺎد‪ ،‬ﺣﺗﻰ إن أﯾﮭﻣﺎ ﺑﺎع ﺟﺎز ﺑﯾﻌﮫ؛ ﻷن‬
‫اﻟﺷرﻛﺔ ﻗد ﺗﻣت ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺗرى ﻓﻼ ﯾﻧﺗﻘض ﺑﮭﻼك اﻟﻣﺎل ﺑﻌد ﺗﻣﺎﻣﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺷرﯾﻛﮫ ﺑﺣﺻﺔ ﻣن ﺛﻣﻧﮫ" ﻷﻧﮫ اﺷﺗرى ﻧﺻﻔﮫ ﺑوﻛﺎﻟﺗﮫ وﻧﻘد اﻟﺛﻣن ﻣن ﻣﺎل ﻧﻔﺳﮫ وﻗد ﺑﯾﻧﺎه‪ ،‬ھذا‬
‫إذا اﺷﺗرى أﺣدھﻣﺎ ﺑﺄﺣد اﻟﻣﺎﻟﯾن أوﻻ ﺛم ھﻠك ﻣﺎل اﻵﺧر‪ .‬أﻣﺎ إذا ھﻠك ﻣﺎل أﺣدھﻣﺎ ﺛم اﺷﺗرى اﻵﺧر ﺑﻣﺎل اﻵﺧر‪،‬‬
‫إن ﺻرﺣﺎ ﺑﺎﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﺎﻟﻣﺷﺗرى ﻣﺷﺗرك ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺷرطﺎ؛ ﻷن اﻟﺷرﻛﺔ إن ﺑطﻠت ﻓﺎﻟوﻛﺎﻟﺔ‬
‫اﻟﻣﺻرح ﺑﮭﺎ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻓﻛﺎن ﻣﺷﺗرﻛﺎ ﺑﺣﻛم اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ ،‬وﯾﻛون ﺷرﻛﺔ ﻣﻠك وﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺷرﯾﻛﮫ ﺑﺣﺻﺗﮫ ﻣن اﻟﺛﻣن ﻟﻣﺎ‬
‫ﺑﯾﻧﺎه‪ ،‬وإن ذﻛرا ﻣﺟرد اﻟﺷرﻛﺔ وﻟم ﯾﻧﺻﺎ ﻋﻠﻰ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﯾﮭﺎ ﻛﺎن اﻟﻣﺷﺗرى ﻟﻠذي اﺷﺗراه ﺧﺎﺻﺔ؛ ﻷن اﻟوﻗوع ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺷرﻛﺔ ﺣﻛم اﻟوﻛﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣﻧﺗﮭﺎ اﻟﺷرﻛﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺑطﻠت ﯾﺑطل ﻣﺎ ﻓﻲ ﺿﻣﻧﮭﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺻرح ﺑﺎﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻷﻧﮭﺎ‬
‫ﻣﻘﺻودة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﺟوز اﻟﺷرﻛﺔ وإن ﻟم ﯾﺧﻠطﺎ اﻟﻣﺎل" وﻗﺎل زﻓر واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻻ ﺗﺟوز ﻷن اﻟرﺑﺢ ﻓرع اﻟﻣﺎل‪ ،‬وﻻ ﯾﻘﻊ اﻟﻔرع‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺷرﻛﺔ إﻻ ﺑﻌد اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﻲ اﻷﺻل وأﻧﮫ‬

‫ﺑﺎﻟﺧﻠط‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﻣﺣل ھو اﻟﻣﺎل وﻟﮭذا ﯾﺿﺎف إﻟﯾﮫ‪ ،‬وﯾﺷﺗرط ﺗﻌﯾﯾن رأس اﻟﻣﺎل‪،‬‬ ‫ص ‪-11-‬‬
‫ﺑﺧﻼف اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ؛ ﻷﻧﮭﺎ ﻟﯾﺳت ﺑﺷرﻛﺔ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ھو ﯾﻌﻣل ﻟرب اﻟﻣﺎل ﻓﯾﺳﺗﺣق اﻟرﺑﺢ ﻋﻣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠﮫ‪ ،‬أﻣﺎ ھﻧﺎ‬
‫ﺑﺧﻼﻓﮫ‪ ،‬وھذا أﺻل ﻛﺑﯾر ﻟﮭﻣﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﻌﺗﺑر اﺗﺣﺎد اﻟﺟﻧس‪ .‬وﯾﺷﺗرط اﻟﺧﻠط وﻻ ﯾﺟوز اﻟﺗﻔﺎﺿل ﻓﻲ اﻟرﺑﺢ ﻣﻊ‬
‫اﻟﺗﺳﺎوي ﻓﻲ اﻟﻣﺎل‪.‬‬
‫وﻻ ﺗﺟوز ﺷرﻛﺔ اﻟﺗﻘﺑل واﻷﻋﻣﺎل ﻻﻧﻌدام اﻟﻣﺎل‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟرﺑﺢ ﻣﺳﺗﻧدة إﻟﻰ اﻟﻌﻘد دون اﻟﻣﺎل؛ ﻷن‬
‫اﻟﻌﻘد ﯾﺳﻣﻰ ﺷرﻛﺔ ﻓﻼ ﺑد ﻣن ﺗﺣﻘق ﻣﻌﻧﻰ ھذا اﻻﺳم ﻓﯾﮫ ﻓﻠم ﯾﻛن اﻟﺧﻠط ﺷرطﺎ‪ ،‬وﻷن اﻟدراھم واﻟدﻧﺎﻧﯾر ﻻ ﯾﺗﻌﯾﻧﺎن‬
‫ﻓﻼ ﯾﺳﺗﻔﺎد اﻟرﺑﺢ ﺑرأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺳﺗﻔﺎد ﺑﺎﻟﺗﺻرف ﻷﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻧﺻف أﺻﯾل وﻓﻲ اﻟﻧﺻف وﻛﯾل‪ .‬وإذا ﺗﺣﻘﻘت‬
‫اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺻرف ﺑدون اﻟﺧﻠط ﺗﺣﻘﻘت ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻔﺎد ﺑﮫ وھو اﻟرﺑﺢ ﺑدوﻧﮫ‪ ،‬وﺻﺎر ﻛﺎﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻓﻼ ﯾﺷﺗرط اﺗﺣﺎد‬
‫اﻟﺟﻧس واﻟﺗﺳﺎوي ﻓﻲ اﻟرﺑﺢ‪ ،‬وﺗﺻﺢ ﺷرﻛﺔ اﻟﺗﻘﺑل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﺟوز اﻟﺷرﻛﺔ إذا ﺷرط ﻷﺣدھﻣﺎ دراھم ﻣﺳﻣﺎة ﻣن اﻟرﺑﺢ" ﻷﻧﮫ ﺷرط ﯾوﺟب اﻧﻘطﺎع اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﻌﺳﺎه ﻻ‬
‫ﯾﺧرج إﻻ ﻗدر اﻟﻣﺳﻣﻰ ﻷﺣدھﻣﺎ‪ ،‬وﻧظﯾره ﻓﻲ اﻟﻣزارﻋﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﻛل واﺣد ﻣن اﻟﻣﺗﻔﺎوﺿﯾن وﺷرﯾﻛﻲ اﻟﻌﻧﺎن أن ﯾﺑﺿﻊ اﻟﻣﺎل" ﻷﻧﮫ ﻣﻌﺗﺎد ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﺷرﻛﺔ‪ ،‬وﻷن ﻟﮫ أن‬
‫ﯾﺳﺗﺄﺟر ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‪ ،‬واﻟﺗﺣﺻﯾل ﺑﻐﯾر ﻋوض دوﻧﮫ ﻓﯾﻣﻠﻛﮫ‪ ،‬وﻛذا ﻟﮫ أن ﯾودﻋﮫ ﻷﻧﮫ ﻣﻌﺗﺎد وﻻ ﯾﺟد اﻟﺗﺎﺟر ﻣﻧﮫ ﺑدا‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾدﻓﻌﮫ ﻣﺿﺎرﺑﺔ"؛ ﻷﻧﮭﺎ دون اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﺗﺗﺿﻣﻧﮭﺎ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ ﻟﯾس ﻟﮫ ذﻟك ﻷﻧﮫ ﻧوع ﺷرﻛﺔ‪،‬‬
‫واﻷﺻﺢ ھو اﻷول‪ ،‬وھو رواﯾﺔ اﻷﺻل؛ ﻷن اﻟﺷرﻛﺔ ﻏﯾر ﻣﻘﺻودة‪ ،‬وإﻧﻣﺎ اﻟﻣﻘﺻود ﺗﺣﺻﯾل اﻟرﺑﺢ ﻛﻣﺎ إذا‬
‫اﺳﺗﺄﺟره ﺑﺄﺟر ﺑل أوﻟﻰ؛ ﻷﻧﮫ ﺗﺣﺻﯾل ﺑدون ﺿﻣﺎن ﻓﻲ ذﻣﺗﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺷرﻛﺔ ﺣﯾث ﻻ ﯾﻣﻠﻛﮭﺎ ﻷن اﻟﺷﻲء ﻻ‬
‫ﯾﺳﺗﺗﺑﻊ ﻣﺛﻠﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾوﻛل ﻣن ﯾﺗﺻرف ﻓﯾﮫ" ﻷن اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ واﻟﺷراء ﻣن ﺗواﺑﻊ اﻟﺗﺟﺎرة واﻟﺷرﻛﺔ اﻧﻌﻘدت ﻟﻠﺗﺟﺎرة‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺷراء ﺣﯾث ﻻ ﯾﻣﻠك أن ﯾوﻛل ﻏﯾره ﻷﻧﮫ ﻋﻘد ﺧﺎص طﻠب ﻣﻧﮫ ﺗﺣﺻﯾل اﻟﻌﯾن ﻓﻼ ﯾﺳﺗﺗﺑﻊ ﻣﺛﻠﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾده ﻓﻲ اﻟﻣﺎل ﯾد أﻣﺎﻧﺔ" ﻷﻧﮫ ﻗﺑض اﻟﻣﺎل ﺑﺈذن اﻟﻣﺎﻟك ﻻ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺑدل واﻟوﺛﯾﻘﺔ ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟودﯾﻌﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وأﻣﺎ ﺷرﻛﺔ اﻟﺻﻧﺎﺋﻊ" وﺗﺳﻣﻰ ﺷرﻛﺔ اﻟﺗﻘﺑل "ﻛﺎﻟﺧﯾﺎطﯾن واﻟﺻﺑﺎﻏﯾن ﯾﺷﺗرﻛﺎن ﻋﻠﻰ أن ﯾﺗﻘﺑﻼ اﻷﻋﻣﺎل‬
‫وﯾﻛون اﻟﻛﺳب ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻓﯾﺟوز ذﻟك" وھذا ﻋﻧدﻧﺎ‪ .‬وﻗﺎل زﻓر واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻻ ﺗﺟوز ﻷن ھذه ﺷرﻛﺔ ﻻ ﺗﻔﯾد ﻣﻘﺻودھﺎ‬
‫وھو اﻟﺗﺛﻣﯾر؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺑد ﻣن رأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟرﺑﺢ ﺗﺑﺗﻧﻰ ﻋ ﻠﻰ اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎل ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮭﻣﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗررﻧﺎه‪.‬‬

‫وﻟﻧﺎ أن اﻟﻣﻘﺻود ﻣﻧﮫ اﻟﺗﺣﺻﯾل وھو ﻣﻣﻛن ﺑﺎﻟﺗوﻛﯾل‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﻛﺎن وﻛﯾﻼ ﻓﻲ اﻟﻧﺻف‬ ‫ص ‪-12-‬‬
‫أﺻﯾﻼ ﻓﻲ اﻟﻧﺻف ﺗﺣﻘﻘت اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎل اﻟﻣﺳﺗﻔﺎد وﻻ ﯾﺷﺗرط ﻓﯾﮫ اﺗﺣﺎد اﻟﻌﻣل واﻟﻣﻛﺎن ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻣﺎﻟك وزﻓر‬
‫ﻓﯾﮭﻣﺎ؛ ﻷن اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺟوز ﻟﻠﺷرﻛﺔ وھو ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه ﻻ ﯾﺗﻔﺎوت‪.‬‬
‫"وﻟو ﺷرطﺎ اﻟﻌﻣل ﻧﺻﻔﯾن واﻟﻣﺎل أﺛﻼﺛﺎ ﺟﺎز" وﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎس‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز؛ ﻷن اﻟﺿﻣﺎن ﺑﻘدر اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﺎﻟزﯾﺎدة ﻋﻠﯾﮫ‬
‫رﺑﺢ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺿﻣن ﻓﻠم ﯾﺟز اﻟﻌﻘد ﻟﺗﺄدﯾﺗﮫ إﻟﯾﮫ‪ ،‬وﺻﺎر ﻛﺷرﻛﺔ اﻟوﺟوه‪ ،‬وﻟﻛﻧﺎ ﻧﻘول‪ :‬ﻣﺎ ﯾﺄﺧذه ﻻ ﯾﺄﺧذه رﺑﺣﺎ ﻷن‬
‫اﻟرﺑﺢ ﻋﻧد اﺗﺣﺎد اﻟﺟﻧس‪ ،‬وﻗد اﺧﺗﻠف ﻷن رأس اﻟﻣﺎل ﻋﻣل واﻟرﺑﺢ ﻣﺎل ﻓﻛﺎن ﺑدل اﻟﻌﻣل واﻟﻌﻣل ﯾﺗﻘوم ﺑﺎﻟﺗﻘوﯾم‬
‫ﻓﯾﺗﻘدر ﺑﻘدر ﻣﺎ ﻗوم ﺑﮫ ﻓﻼ ﯾﺣرم‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺷرﻛﺔ اﻟوﺟوه؛ ﻷن ﺟﻧس اﻟﻣﺎل ﻣﺗﻔق واﻟرﺑﺢ ﯾﺗﺣﻘق ﻓﻲ اﻟﺟﻧس اﻟﻣﺗﻔق‪،‬‬
‫ورﺑﺢ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺿﻣن ﻻ ﯾﺟوز إﻻ ﻓﻲ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣﺎ ﯾﺗﻘﺑﻠﮫ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣن اﻟﻌﻣل ﯾﻠزﻣﮫ وﯾﻠزم ﺷرﯾﻛﮫ" ﺣﺗﻰ إن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﯾطﺎﻟب ﺑﺎﻟﻌﻣل‬
‫وﯾطﺎﻟب ﺑﺎﻷﺟر "وﯾﺑرأ اﻟداﻓﻊ ﺑﺎﻟدﻓﻊ إﻟﯾﮫ" وھذا ظﺎھر ﻓﻲ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ وﻓﻲ ﻏﯾرھﺎ اﺳﺗﺣﺳﺎن‪ .‬واﻟﻘﯾﺎس ﺧﻼف‬
‫ذﻟك ﻷن اﻟﺷرﻛﺔ وﻗﻌت ﻣطﻠﻘﺔ واﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ‪ .‬وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أن ھذه اﻟﺷرﻛﺔ ﻣﻘﺗﺿﯾﺔ ﻟﻠﺿﻣﺎن؛‬
‫أﻻ ﺗرى أن ﻣﺎ ﯾﺗﻘﺑﻠﮫ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣن اﻟﻌﻣل ﻣﺿﻣون ﻋﻠﻰ اﻵﺧر‪ ،‬وﻟﮭذا ﯾﺳﺗﺣق اﻷﺟر ﺑﺳﺑب ﻧﻔﺎذ ﺗﻘﺑﻠﮫ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫ﻓﺟرى ﻣﺟرى اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ ﻓﻲ ﺿﻣﺎن اﻟﻌﻣل واﻗﺗﺿﺎء اﻟﺑدل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وأﻣﺎ ﺷرﻛﺔ اﻟوﺟوه ﻓﺎﻟرﺟﻼن ﯾﺷﺗرﻛﺎن وﻻ ﻣﺎل ﻟﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ أن ﯾﺷﺗرﯾﺎ ﺑوﺟوھﮭﻣﺎ وﯾﺑﯾﻌﺎ ﻓﺗﺻﺢ اﻟﺷرﻛﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ھذا" ﺳﻣﯾت ﺑﮫ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺷﺗري ﺑﺎﻟﻧﺳﯾﺋﺔ إﻻ ﻣن ﻛﺎن ﻟﮫ وﺟﺎھﺔ ﻋﻧد اﻟﻧﺎس‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﺗﺻﺢ ﻣﻔﺎوﺿﺔ ﻷﻧﮫ ﯾﻣﻛن‬
‫ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ واﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻷﺑدال‪ ،‬وإذا أطﻠﻘت ﺗﻛون ﻋﻧﺎﻧﺎ ﻷن ﻣطﻠﻘﮫ ﯾﻧﺻرف إﻟﯾﮫ وھﻲ ﺟﺎﺋزة ﻋﻧدﻧﺎ ﺧﻼﻓﺎ‬
‫ﻟﻠﺷﺎﻓﻌﻲ‪ ،‬واﻟوﺟﮫ ﻣن اﻟﺟﺎﻧﺑﯾن ﻣﺎ ﻗدﻣﻧﺎه ﻓﻲ ﺷرﻛﺔ اﻟﺗﻘﺑل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ وﻛﯾل اﻵﺧر ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺷﺗرﯾﮫ" ﻷن اﻟﺗﺻرف ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر ﻻ ﯾﺟوز إﻻ ﺑوﻛﺎﻟﺔ أو ﺑوﻻﯾﺔ وﻻ‬
‫وﻻﯾﺔ ﻓﺗﺗﻌﯾن اﻟوﻛﺎﻟﺔ "ﻓﺈن ﺷرطﺎ أن اﻟﻣﺷﺗرى ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻧﺻﻔﺎن واﻟرﺑﺢ ﻛذﻟك ﯾﺟوز‪ ،‬وﻻ ﯾﺟوز أن ﯾﺗﻔﺎﺿﻼ ﻓﯾﮫ‪،‬‬
‫وإن ﺷرطﺎ أن ﯾﻛون اﻟﻣﺷﺗرى ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ أﺛﻼﺛﺎ ﻓﺎﻟرﺑﺢ ﻛذﻟك"‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟرﺑﺢ ﻻ ﯾﺳﺗﺣق إﻻ ﺑﺎﻟﻣﺎل أو اﻟﻌﻣل أو‬
‫ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن ﻓرب اﻟﻣﺎل ﯾﺳﺗﺣﻘﮫ ﺑﺎﻟﻣﺎل‪ ،‬واﻟﻣﺿﺎرب ﯾﺳﺗﺣﻘﮫ ﺑﺎﻟﻌﻣل‪ ،‬واﻷﺳﺗﺎذ اﻟذي ﯾﻠﻘﻲ اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻠﻣﯾذ‬
‫ﺑﺎﻟﻧﺻف ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن‪ ،‬وﻻ ﯾﺳﺗﺣق ﺑﻣﺎ ﺳواھﺎ؛ أﻻ ﺗرى أن ﻣن ﻗﺎل ﻟﻐﯾره ﺗﺻرف ﻓﻲ ﻣﺎﻟك ﻋﻠﻰ أن ﻟﻲ رﺑﺣﮫ ﻟم‬
‫ﯾﺣز‬

‫ﻟﻌدم ھذه اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ‪ .‬واﺳﺗﺣﻘﺎق اﻟرﺑﺢ ﻓﻲ ﺷرﻛﺔ اﻟوﺟوه ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ واﻟﺿﻣﺎن‬ ‫ص ‪-13-‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻗدر اﻟﻣﻠك ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺗرى وﻛﺎن اﻟرﺑﺢ اﻟزاﺋد ﻋﻠﯾﮫ رﺑﺢ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺿﻣن ﻓﻼ ﯾﺻﺢ اﺷﺗراطﮫ إﻻ ﻓﻲ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ‬
‫واﻟوﺟوه ﻟﯾﺳت ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎھﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻌﻧﺎن؛ ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎھﺎ ﻣن ﺣﯾث أن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﯾﻌﻣل ﻓﻲ ﻣﺎل ﺻﺎﺣﺑﮫ‬
‫ﻓﯾﻠﺣق ﺑﮭﺎ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ اﻟﺷرﻛﺔ اﻟﻔﺎﺳدة‬


‫"وﻻ ﺗﺟوز اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﻲ اﻻﺣﺗطﺎب واﻻﺻطﯾﺎد‪ ،‬وﻣﺎ اﺻطﺎده ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ أو اﺣﺗطﺑﮫ ﻓﮭو ﻟﮫ دون ﺻﺎﺣﺑﮫ"‪،‬‬
‫وﻋﻠﻰ ھذا اﻻﺷﺗراك ﻓﻲ أﺧذ ﻛل ﺷﻲء ﻣﺑﺎح؛ ﻷن اﻟﺷرﻛﺔ ﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻣﻌﻧﻰ اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ ،‬واﻟﺗوﻛﯾل ﻓﻲ أﺧذ اﻟﻣﺎل اﻟﻣﺑﺎح‬
‫ﺑﺎطل ﻷن أﻣر اﻟﻣوﻛل ﺑﮫ ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬واﻟوﻛﯾل ﯾﻣﻠﻛﮫ ﺑدون أﻣره ﻓﻼ ﯾﺻﻠﺢ ﻧﺎﺋﺑﺎ ﻋﻧﮫ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺛﺑت اﻟﻣﻠك ﻟﮭﻣﺎ‬
‫ﺑﺎﻷﺧذ وإﺣراز اﻟﻣﺑﺎح‪ ،‬ﻓﺈن أﺧذاه ﻣﻌﺎ ﻓﮭو ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻧﺻﻔﺎن ﻻﺳﺗواﺋﮭﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﺑب اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق‪ ،‬وإن أﺧذه أﺣدھﻣﺎ وﻟم‬
‫ﯾﻌﻣل اﻵﺧر ﺷﯾﺋﺎ ﻓﮭو ﻟﻠﻌﺎﻣل‪ ،‬وإن ﻋﻣل أﺣدھﻣﺎ وأﻋﺎﻧﮫ اﻵﺧر ﻓﻲ ﻋﻣﻠﮫ ﺑﺄن ﻗﻠﻌﮫ أﺣدھﻣﺎ وﺟﻣﻌﮫ اﻵﺧر‪ ،‬أو ﻗﻠﻌﮫ‬
‫وﺟﻣﻌﮫ وﺣﻣﻠﮫ اﻵﺧر ﻓﻠﻠﻣﻌﯾن أﺟر اﻟﻣﺛل ﺑﺎﻟﻐﺎ ﻣﺎ ﺑﻠﻎ ﻋﻧد ﻣﺣﻣد‪ .‬وﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف ﻻ ﯾﺟﺎوز ﺑﮫ ﻧﺻف ﺛﻣن ذﻟك‪،‬‬
‫وﻗد ﻋرف ﻓﻲ ﻣوﺿﻌﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺷﺗرﻛﺎ وﻷﺣدھﻣﺎ ﺑﻐل وﻟﻶﺧر راوﯾﺔ ﯾﺳﺗﻘﻲ ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻣﺎء ﻓﺎﻟﻛﺳب ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻟم ﺗﺻﺢ اﻟﺷرﻛﺔ‪ ،‬واﻟﻛﺳب‬
‫ﻛﻠﮫ ﻟﻠذي اﺳﺗﻘﻰ‪ ،‬وﻋﻠﯾﮫ أﺟر ﻣﺛل اﻟراوﯾﺔ إن ﻛﺎن اﻟﻌﺎﻣل ﺻﺎﺣب اﻟﺑﻐل‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﺻﺎﺣب اﻟراوﯾﺔ ﻓﻌﻠﯾﮫ أﺟر‬
‫ﻣﺛل اﻟﺑﻐل" أﻣﺎ ﻓﺳﺎد اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﻼﻧﻌﻘﺎدھﺎ ﻋﻠﻰ إﺣراز اﻟﻣﺑﺎح وھو اﻟﻣﺎء‪ ،‬وأﻣﺎ وﺟوب اﻷﺟر ﻓﻸن اﻟﻣﺑﺎح إذا ﺻﺎر‬
‫ﻣﻠﻛﺎ ﻟﻠﻣﺣرز وھو اﻟﻣﺳﺗﻘﻲ‪ ،‬وﻗد اﺳﺗوﻓﻰ ﻣﻧﺎﻓﻊ ﻣﻠك اﻟﻐﯾر وھو اﻟﺑﻐل أو اﻟراوﯾﺔ ﺑﻌﻘد ﻓﺎﺳد ﻓﯾﻠزﻣﮫ أﺟره "وﻛل‬
‫ﺷرﻛﺔ ﻓﺎﺳدة ﻓﺎﻟرﺑﺢ ﻓﯾﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻗدر اﻟﻣﺎل‪ ،‬وﯾﺑطل ﺷرط اﻟﺗﻔﺎﺿل" ﻷن اﻟرﺑﺢ ﻓﯾﮫ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻠﻣﺎل ﻓﯾﺗﻘدر ﺑﻘدره‪ ،‬ﻛﻣﺎ‬
‫أن اﻟرﯾﻊ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻠﺑذر ﻓﻲ اﻟزراﻋﺔ‪ ،‬واﻟزﯾﺎدة إﻧﻣﺎ ﺗﺳﺗﺣق ﺑﺎﻟﺗﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬وﻗد ﻓﺳدت ﻓﺑﻘﻲ اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ﻋﻠﻰ ﻗدر رأس‬
‫اﻟﻣﺎل "وإذا ﻣﺎت أﺣد اﻟﺷرﯾﻛﯾن أو ارﺗد وﻟﺣق ﺑدار اﻟﺣرب ﺑطﻠت اﻟﺷرﻛﺔ" ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺗﺿﻣن اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ ،‬وﻻ ﺑد ﻣﻧﮭﺎ‬
‫ﻟﺗﺗﺣﻘق اﻟﺷرﻛﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ ،‬واﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺗﺑطل ﺑﺎﻟﻣوت‪ ،‬وﻛذا ﺑﺎﻻﻟﺗﺣﺎق ﻣرﺗدا إذا ﻗﺿﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻠﺣﺎﻗﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ‬
‫اﻟﻣوت ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه ﻣن ﻗﺑل‪ ،‬وﻻ ﻓرق ﺑﯾن ﻣﺎ إذا ﻋﻠم اﻟﺷرﯾك ﺑﻣوت ﺻﺎﺣﺑﮫ أو ﻟم ﯾﻌﻠم؛ ﻷﻧﮫ ﻋزل ﺣﻛﻣﻲ‪ ،‬وإذا‬
‫ﺑطﻠت اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺑطﻠت اﻟﺷرﻛﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻓﺳﺦ أﺣد اﻟﺷرﯾﻛﯾن اﻟﺷرﻛﺔ وﻣﺎل اﻟﺷرﻛﺔ دراھم ودﻧﺎﻧﯾر ﺣﯾث‬
‫ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ ﻋﻠم اﻵﺧر ﻷﻧﮫ ﻋزل ﻗﺻدي‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬
‫ﻓﺻل‪" :‬وﻟﯾس ﻷﺣد اﻟﺷرﯾﻛﯾن أن ﯾؤدي زﻛﺎة ﻣﺎل اﻵﺧر إﻻ ﺑﺈذﻧﮫ"‬ ‫ص ‪-14-‬‬
‫ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﻣن ﺟﻧس اﻟﺗﺟﺎرة‪" ،‬ﻓﺈن أذن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻟﺻﺎﺣﺑﮫ أن ﯾؤدي زﻛﺎﺗﮫ‪ .‬ﻓﺈن أدى ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ‬
‫ﻓﺎﻟﺛﺎﻧﻲ ﺿﺎﻣن ﻋﻠم ﺑﺄداء اﻷول أو ﻟم ﯾﻌﻠم"‪ ،‬وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾﺿﻣن إذا ﻟم ﯾﻌﻠم وھذا إذا أدﯾﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺗﻌﺎﻗب‪ ،‬أﻣﺎ إذا أدﯾﺎ ﻣﻌﺎ ﺿﻣن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻧﺻﯾب ﺻﺎﺣﺑﮫ‪ .‬وﻋﻠﻰ ھذا اﻻﺧﺗﻼف اﻟﻣﺄﻣور ﺑﺄداء اﻟزﻛﺎة إذا‬
‫ﺗﺻدق ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﯾر ﺑﻌدﻣﺎ أدى اﻵﻣر ﺑﻧﻔﺳﮫ‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﻣﺄﻣور ﺑﺎﻟﺗﻣﻠﯾك ﻣن اﻟﻔﻘﯾر‪ ،‬وﻗد أﺗﻰ ﺑﮫ ﻓﻼ ﯾﺿﻣن ﻟﻠﻣوﻛل‪،‬‬
‫وھذا ﻷن ﻓﻲ وﺳﻌﮫ اﻟﺗﻣﻠﯾك ﻻ وﻗوﻋﮫ زﻛﺎة ﻟﺗﻌﻠﻘﮫ ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣوﻛل‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾطﻠب ﻣﻧﮫ ﻣﺎ ﻓﻲ وﺳﻌﮫ وﺻﺎر ﻛﺎﻟﻣﺄﻣور‬
‫ﺑذﺑﺢ دم اﻹﺣﺻﺎر إذا ذﺑﺢ ﺑﻌدﻣﺎ زال اﻹﺣﺻﺎر وﺣﺞ اﻵﻣر ﻟم ﯾﺿﻣن اﻟﻣﺄﻣور ﻋﻠم أو ﻻ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ‬
‫ﻣﺄﻣور ﺑﺄداء اﻟزﻛﺎة واﻟﻣؤدى ﻟم ﯾﻘﻊ زﻛﺎة ﻓﺻﺎر ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﻣﻘﺻود ﻣن اﻷﻣر إﺧراج ﻧﻔﺳﮫ ﻋن ﻋﮭدة‬
‫اﻟواﺟب؛ ﻷن اﻟظﺎھر أﻧﮫ ﻻ ﯾﻠﺗزم اﻟﺿرر إﻻ ﻟدﻓﻊ اﻟﺿرر‪ ،‬وھذا اﻟﻣﻘﺻود ﺣﺻل ﺑﺄداﺋﮫ وﻋرى أداء اﻟﻣﺄﻣور‬
‫ﻋﻧﮫ ﻓﺻﺎر ﻣﻌزوﻻ ﻋﻠم أو ﻟم ﯾﻌﻠم؛ ﻷﻧﮫ ﻋزل ﺣﻛﻣﻲ‪ .‬وأﻣﺎ دم اﻹﺣﺻﺎر ﻓﻘد ﻗﯾل ھو ﻋﻠﻰ ھذا اﻻﺧﺗﻼف‪ ،‬وﻗﯾل‬
‫ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻓرق‪ .‬ووﺟﮭﮫ أن اﻟدم ﻟﯾس ﺑواﺟب ﻋﻠﯾﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﺻﺑر ﺣﺗﻰ ﯾزول اﻹﺣﺻﺎر‪ .‬وﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺗﻧﺎ اﻷداء‬
‫واﺟب ﻓﺎﻋﺗﺑر اﻹﺳﻘﺎط ﻣﻘﺻودا ﻓﯾﮫ دون دم اﻹﺣﺻﺎر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أذن أﺣد اﻟﻣﺗﻔﺎوﺿﯾن ﻟﺻﺎﺣﺑﮫ أن ﯾﺷﺗري ﺟﺎرﯾﺔ ﻓﯾطﺄھﺎ ﻓﻔﻌل ﻓﮭﻲ ﻟﮫ ﺑﻐﯾر ﺷﻲء ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪،‬‬
‫وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻧﺻف اﻟﺛﻣن" ﻷﻧﮫ أدى دﯾﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﺧﺎﺻﺔ ﻣن ﻣﺎل ﻣﺷﺗرك ﻓﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ ﺻﺎﺣﺑﮫ ﺑﻧﺻﯾﺑﮫ ﻛﻣﺎ‬
‫ﻓﻲ ﺷراء اﻟطﻌﺎم واﻟﻛﺳوة "وھذا" ﻷن اﻟﻣﻠك واﻗﻊ ﻟﮫ ﺧﺎﺻﺔ واﻟﺛﻣن ﺑﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﻣﻠك‪ .‬وﻟﮫ أن اﻟﺟﺎرﯾﺔ دﺧﻠت ﻓﻲ‬
‫اﻟﺷرﻛﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺗﺎت ﺟرﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺷرﻛﺔ إذ ھﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻠﻛﺎن ﺗﻐﯾﯾره ﻓﺄﺷﺑﮫ ﺣﺎل ﻋدم اﻹذن‪ ،‬ﻏﯾر أن اﻹذن‬
‫ﯾﺗﺿﻣن ھﺑﺔ ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻣﻧﮫ؛ ﻷن اﻟوطء ﻻ ﯾﺣل إﻻ ﺑﺎﻟﻣﻠك‪ ،‬وﻻ وﺟﮫ إﻟﻰ إﺛﺑﺎﺗﮫ ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ أﻧﮫ ﻣﺧﺎﻟف ﻣﻘﺗﺿﻰ‬
‫اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﺄﺛﺑﺗﻧﺎه ﺑﺎﻟﮭﺑﺔ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ ﻓﻲ ﺿﻣن اﻹذن‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟطﻌﺎم واﻟﻛﺳوة؛ ﻷن ذﻟك ﻣﺳﺗﺛﻧﻰ ﻋﻧﮭﺎ ﻟﻠﺿرورة ﻓﯾﻘﻊ‬
‫اﻟﻣﻠك ﻟﮫ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻧﻔس اﻟﻌﻘد ﻓﻛﺎن ﻣؤدﯾﺎ دﯾﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﻣﺎل اﻟﺷرﻛﺔ‪ .‬وﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺗﻧﺎ ﻗﺿﻰ دﯾﻧﺎ ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‬
‫"وﻟﻠﺑﺎﺋﻊ أن ﯾﺄﺧذ ﺑﺎﻟﺛﻣن أﯾﮭﻣﺎ ﺷﺎء" ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ﻷﻧﮫ دﯾن وﺟب ﺑﺳﺑب اﻟﺗﺟﺎرة‪ ،‬واﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ ﺗﺿﻣﻧت اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻓﺻﺎر‬
‫ﻛﺎﻟطﻌﺎم واﻟﻛﺳوة‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻟوﻗف‬ ‫ص ‪-15-‬‬


‫ﻗﺎل أﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ‪" :‬ﻻ ﯾزول ﻣﻠك اﻟواﻗف ﻋن اﻟوﻗف إﻻ أن ﯾﺣﻛم ﺑﮫ اﻟﺣﺎﻛم أو ﯾﻌﻠﻘﮫ ﺑﻣوﺗﮫ ﻓﯾﻘول إذا ﻣت ﻓﻘد‬
‫وﻗﻔت داري ﻋﻠﻰ ﻛذا"‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف "ﯾزول ﻣﻠﻛﮫ ﺑﻣﺟرد اﻟﻘول‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬ﻻ ﯾزول ﺣﺗﻰ ﯾﺟﻌل ﻟﻠوﻗف‬
‫وﻟﯾﺎ وﯾﺳﻠﻣﮫ إﻟﯾﮫ"‪.‬‬
‫ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬اﻟوﻗف ﻟﻐﺔ‪ .‬ھو اﻟﺣﺑس ﺗﻘول وﻗﻔت اﻟداﺑﺔ وأوﻗﻔﺗﮭﺎ ﺑﻣﻌﻧﻰ‪ .‬وھو ﻓﻲ اﻟﺷرع ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪:‬‬
‫ﺣﺑس اﻟﻌﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﻠك اﻟواﻗف واﻟﺗﺻدق ﺑﺎﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻌﺎرﯾﺔ‪ .‬ﺛم ﻗﯾل اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻣﻌدوﻣﺔ ﻓﺎﻟﺗﺻدق ﺑﺎﻟﻣﻌدوم ﻻ‬
‫ﯾﺻﺢ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺟوز اﻟوﻗف أﺻﻼ ﻋﻧده‪ ،‬وھو اﻟﻣﻠﻔوظ ﻓﻲ اﻷﺻل‪ .‬واﻷﺻﺢ أﻧﮫ ﺟﺎﺋز ﻋﻧده إﻻ أﻧﮫ ﻏﯾر ﻻزم ﺑﻣﻧزﻟﺔ‬
‫اﻟﻌﺎرﯾﺔ‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﺣﺑس اﻟﻌﯾن ﻋﻠﻰ ﺣﻛم ﻣﻠك ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﯾزول ﻣﻠك اﻟواﻗف ﻋﻧﮫ إﻟﻰ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﺗﻌود‬
‫ﻣﻧﻔﻌﺗﮫ إﻟﻰ اﻟﻌﺑﺎد ﻓﯾﻠزم وﻻ ﯾﺑﺎع وﻻ ﯾوھب وﻻ ﯾورث‪ .‬واﻟﻠﻔظ ﯾﻧﺗظﻣﮭﻣﺎ واﻟﺗرﺟﯾﺢ ﺑﺎﻟدﻟﯾل‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ ﻗول اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ‬
‫ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻟﻌﻣر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﺣﯾن أراد أن ﯾﺗﺻدق ﺑﺄرض ﻟﮫ ﺗدﻋﻰ ﺛﻣﻐﺎ‪" :‬ﺗﺻدق ﺑﺄﺻﻠﮭﺎ ﻻ ﯾﺑﺎع وﻻ‬
‫ﯾورث وﻻ ﯾوھب" وﻷن اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ إﻟﻰ أن ﯾﻠزم اﻟوﻗف ﻣﻧﮫ ﻟﯾﺻل ﺛواﺑﮫ إﻟﯾﮫ ﻋﻠﻰ اﻟدوام‪ ،‬وﻗد أﻣﻛن دﻓﻊ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ .‬إذ ﻟﮫ ﻧظﯾر ﻓﻲ اﻟﺷرع وھو اﻟﻣﺳﺟد ﻓﯾﺟﻌل ﻛذﻟك‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ‬ ‫ﺣﺎﺟﺗﮫ ﺑﺈﺳﻘﺎط اﻟﻣﻠك وﺟﻌﻠﮫ‬
‫اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ ﺣﺑس ﻋن ﻓراﺋض ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ" وﻋن ﺷرﯾﺢ‪ :‬ﺟﺎء ﻣﺣﻣد ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﺑﺑﯾﻊ اﻟﺣﺑﯾس‬
‫ﻷن اﻟﻣﻠك ﺑﺎق ﻓﯾﮫ ﺑدﻟﯾل أﻧﮫ ﯾﺟوز اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﮫ زراﻋﺔ وﺳﻛﻧﻰ وﻏﯾر ذﻟك واﻟﻣﻠك ﻓﯾﮫ ﻟﻠواﻗف؛ أﻻ ﺗرى أن ﻟﮫ‬
‫وﻻﯾﺔ اﻟﺗﺻرف ﻓﯾﮫ ﺑﺻرف ﻏﻼﺗﮫ إﻟﻰ ﻣﺻﺎرﻓﮭﺎ وﻧﺻب اﻟﻘوام ﻓﯾﮭﺎ إﻻ أﻧﮫ ﯾﺗﺻدق ﺑﻣﻧﺎﻓﻌﮫ ﻓﺻﺎر ﺷﺑﯾﮫ اﻟﻌﺎرﯾﺔ‪،‬‬
‫وﻷﻧﮫ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ اﻟﺗﺻدق ﺑﺎﻟﻐﻠﺔ داﺋﻣﺎ وﻻ ﺗﺻدق ﻋﻧﮫ إﻻ ﺑﺎﻟﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻛﮫ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾزال ﻣﻠﻛﮫ‪ ،‬ﻻ إﻟﻰ‬
‫ﻣﺎﻟك ﻷﻧﮫ ﻏﯾر ﻣﺷروع ﻣﻊ ﺑﻘﺎﺋﮫ ﻛﺎﻟﺳﺎﺋﺑﺔ‪ .‬ﺑﺧﻼف اﻹﻋﺗﺎق ﻷﻧﮫ إﺗﻼف‪ ،‬وﺑﺧﻼف اﻟﻣﺳﺟد ﻷﻧﮫ ﺟﻌل ﺧﺎﻟﺻﺎ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬ ‫ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺟوز اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﮫ‪ ،‬وھﻧﺎ ﻟم ﯾﻧﻘطﻊ ﺣق اﻟﻌﺑد ﻋﻧﮫ ﻓﻠم ﯾﺻر ﺧﺎﻟﺻﺎ‬
‫ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب‪ :‬ﻻ ﯾزول ﻣﻠك اﻟواﻗف إﻻ أن ﯾﺣﻛم ﺑﮫ اﻟﺣﺎﻛم أو ﯾﻌﻠﻘﮫ ﺑﻣوﺗﮫ‪ ،‬وھذا ﻓﻲ ﺣﻛم‬
‫اﻟﺣﺎﻛم ﺻﺣﯾﺢ؛ ﻷﻧﮫ ﻗﺿﺎء ﻓﻲ ﻣﺟﺗﮭد ﻓﯾﮫ‪ ،‬أﻣﺎ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﯾﻘﮫ‬

‫ﺑﺎﻟﻣوت ﻓﺎﻟﺻﺣﯾﺢ أﻧﮫ ﻻ ﯾزول ﻣﻠﻛﮫ إﻻ أﻧﮫ ﺗﺻدق ﺑﻣﻧﺎﻓﻌﮫ ﻣؤﺑدا ﻓﯾﺻﯾر ﺑﻣﻧزﻟﺔ‬ ‫ص ‪-16-‬‬
‫اﻟوﺻﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻣؤﺑدا ﻓﯾﻠزم‪ ،‬واﻟﻣراد ﺑﺎﻟﺣﺎﻛم اﻟﻣوﻟﻰ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻔﯾﮫ اﺧﺗﻼف اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ‪ .‬وﻟو وﻗف ﻓﻲ ﻣرض‬
‫ﻣوﺗﮫ ﻗﺎل اﻟطﺣﺎوي‪ :‬ھو ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟوﺻﯾﺔ ﺑﻌد اﻟﻣوت‪ .‬واﻟﺻﺣﯾﺢ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻠزﻣﮫ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﯾﻠزﻣﮫ إﻻ‬
‫أﻧﮫ ﯾﻌﺗﺑر ﻣن اﻟﺛﻠث واﻟوﻗف ﻓﻲ اﻟﺻﺣﺔ ﻣن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺎل‪ ،‬وإذا ﻛﺎن اﻟﻣﻠك ﯾزول ﻋﻧدھﻣﺎ ﯾزول ﺑﺎﻟﻘول ﻋﻧد أﺑﻲ‬
‫ﯾوﺳف وھو ﻗول اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻹﻋﺗﺎق ﻷﻧﮫ إﺳﻘﺎط اﻟﻣﻠك‪ .‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد ﻻ ﺑد ﻣن اﻟﺗﺳﻠﯾم إﻟﻰ اﻟﻣﺗوﻟﻲ ﻷﻧﮫ ﺣق‬
‫ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﻓﯾﮫ ﻓﻲ ﺿﻣن اﻟﺗﺳﻠﯾم إﻟﻰ اﻟﻌﺑد ﻷن اﻟﺗﻣﻠﯾك ﻣن ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وھو ﻣﺎﻟك اﻷﺷﯾﺎء ﻻ ﯾﺗﺣﻘق‬
‫ﻣﻘﺻودا‪ ،‬وﻗد ﯾﻛون ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻐﯾره ﻓﯾﺄﺧذ ﺣﻛﻣﮫ ﻓﯾﻧزل ﻣﻧزﻟﺔ اﻟزﻛﺎة واﻟﺻدﻗﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺻﺢ اﻟوﻗف ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼﻓﮭم" وﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻧﺳﺦ‪ :‬وإذا اﺳﺗﺣق ﻣﻛﺎن ﻗوﻟﮫ إذا ﺻﺢ "ﺧرج ﻣن ﻣﻠك‬
‫اﻟواﻗف وﻟم ﯾدﺧل ﻓﻲ ﻣﻠك اﻟﻣوﻗوف ﻋﻠﯾﮫ" ﻷﻧﮫ ﻟو دﺧل ﻓﻲ ﻣﻠك اﻟﻣوﻗوف ﻋﻠﯾﮫ ﻻ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﯾﮫ ﺑل ﯾﻧﻔذ ﺑﯾﻌﮫ‬
‫ﻛﺳﺎﺋر أﻣﻼﻛﮫ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻟو ﻣﻠﻛﮫ ﻟﻣﺎ اﻧﺗﻘل ﻋﻧﮫ ﺑﺷرط اﻟﻣﺎﻟك اﻷول ﻛﺳﺎﺋر أﻣﻼﻛﮫ‪ .‬ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬ﻗوﻟﮫ ﺧرج‬
‫ﻋن ﻣﻠك اﻟواﻗف ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻗوﻟﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﮫ اﻟذي ﺳﺑق ﺗﻘرﯾره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ووﻗف اﻟﻣﺷﺎع ﺟﺎﺋز ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف" ﻷن اﻟﻘﺳﻣﺔ ﻣن ﺗﻣﺎم اﻟﻘﺑض واﻟﻘﺑض ﻋﻧده ﻟﯾس ﺑﺷرط ﻓﻛذا ﺗﺗﻣﺗﮫ‪.‬‬
‫"وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز" ﻷن أﺻل اﻟﻘﺑض ﻋﻧده ﺷرط ﻓﻛذا ﻣﺎ ﯾﺗم ﺑﮫ‪ ،‬وھذا ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﻘﺳﻣﺔ‪ ،‬وأﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﻻ‬
‫ﯾﺣﺗﻣل اﻟﻘﺳﻣﺔ ﻓﯾﺟوز ﻣﻊ اﻟﺷﯾوع ﻋﻧد ﻣﺣﻣد أﯾﺿﺎ ﻷﻧﮫ ﯾﻌﺗﺑر ﺑﺎﻟﮭﺑﺔ واﻟﺻدﻗﺔ اﻟﻣﻧﻔذة إﻻ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺟد واﻟﻣﻘﺑرة‪،‬‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪،‬‬ ‫ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺗم ﻣﻊ اﻟﺷﯾوع ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﻘﺳﻣﺔ أﯾﺿﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف‪ ،‬ﻷن ﺑﻘﺎء اﻟﺷرﻛﺔ ﯾﻣﻧﻊ اﻟﺧﻠوص‬
‫وﻷن اﻟﻣﮭﺎﯾﺄة ﻓﯾﮭﻣﺎ ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻘﺑﺢ ﺑﺄن ﯾﻘﺑر ﻓﯾﮫ اﻟﻣوﺗﻰ ﺳﻧﺔ‪ ،‬وﯾزرع ﺳﻧﺔ وﯾﺻﻠﻰ ﻓﯾﮫ ﻓﻲ وﻗت وﯾﺗﺧذ إﺻطﺑﻼ‬
‫ﻓﻲ وﻗت‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟوﻗف ﻹﻣﻛﺎن اﻻﺳﺗﻐﻼل وﻗﺳﻣﺔ اﻟﻐﻠﺔ‪ .‬وﻟو وﻗﻔﮫ اﻟﻛل ﺛم اﺳﺗﺣق ﺟزء ﻣﻧﮫ ﺑطل ﻓﻲ اﻟﺑﺎﻗﻲ ﻋﻧد‬
‫ﻣﺣﻣد ﻷن اﻟﺷﯾوع ﻣﻘﺎرن ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﮭﺑﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا رﺟﻊ اﻟواھب ﻓﻲ اﻟﺑﻌض أو رﺟﻊ اﻟوارث ﻓﻲ اﻟﺛﻠﺛﯾن ﺑﻌد‬
‫ﻣوت اﻟﻣرﯾض وﻗد وھﺑﮫ أو أوﻗﻔﮫ ﻓﻲ ﻣرﺿﮫ وﻓﻲ اﻟﻣﺎل ﺿﯾق‪ ،‬ﻷن اﻟﺷﯾوع ﻓﻲ ذﻟك طﺎرئ‪ .‬وﻟو اﺳﺗﺣق ﺟزء‬
‫ﻣﻣﯾز ﺑﻌﯾﻧﮫ ﻟم ﯾﺑطل ﻓﻲ اﻟﺑﺎﻗﻲ ﻟﻌدم اﻟﺷﯾوع وﻟﮭذا ﺟﺎز ﻓﻲ اﻻﺑﺗداء‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﮭﺑﺔ واﻟﺻدﻗﺔ اﻟﻣﻣﻠوﻛﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺗم اﻟوﻗف ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد ﺣﺗﻰ ﯾﺟﻌل آﺧره ﺑﺟﮭﺔ ﻻ ﺗﻧﻘطﻊ أﺑدا‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬إذا ﺳﻣﻰ‬
‫ﻓﯾﮫ ﺟﮭﺔ ﺗﻧﻘطﻊ ﺟﺎز وﺻﺎر ﺑﻌدھﺎ ﻟﻠﻔﻘراء‬

‫وإن ﻟم ﯾﺳﻣﮭم"‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أن ﻣوﺟب اﻟوﻗف زوال اﻟﻣﻠك ﺑدون اﻟﺗﻣﻠﯾك وأﻧﮫ ﯾﺗﺄﺑد ﻛﺎﻟﻌﺗق‪،‬‬ ‫ص ‪-17-‬‬
‫ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻟﺟﮭﺔ ﯾﺗوھم اﻧﻘطﺎﻋﮭﺎ ﻻ ﯾﺗوﻓر ﻋﻠﯾﮫ ﻣﻘﺗﺿﺎه‪ ،‬ﻓﻠﮭذا ﻛﺎن اﻟﺗوﻗﯾت ﻣﺑطﻼ ﻟﮫ ﻛﺎﻟﺗوﻗﯾت ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ‪ .‬وﻷﺑﻲ‬
‫ﯾوﺳف أن اﻟﻣﻘﺻود ھو اﻟﺗﻘرب إﻟﻰ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وھو ﻣوﻓر ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬ﻷن اﻟﺗﻘرب ﺗﺎرة ﯾﻛون ﻓﻲ اﻟﺻرف إﻟﻰ ﺟﮭﺔ‬
‫ﺗﻧﻘطﻊ وﻣرة ﺑﺎﻟﺻرف إﻟﻰ ﺟﮭﺔ ﺗﺗﺄﺑد ﻓﯾﺻﺢ ﻓﻲ اﻟوﺟﮭﯾن وﻗﯾل إن اﻟﺗﺄﺑﯾد ﺷرط ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع‪ ،‬إﻻ أن ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف‬
‫ﻻ ﯾﺷﺗرط ذﻛر اﻟﺗﺄﺑﯾد ﻷن ﻟﻔظﺔ اﻟوﻗف واﻟﺻدﻗﺔ ﻣﻧﺑﺋﺔ ﻋﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ أﻧﮫ إزاﻟﺔ اﻟﻣﻠك ﺑدون اﻟﺗﻣﻠﯾك ﻛﺎﻟﻌﺗق‪ ،‬وﻟﮭذا‬
‫ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ﻓﻲ ﺑﯾﺎن ﻗوﻟﮫ وﺻﺎر ﺑﻌدھﺎ ﻟﻠﻔﻘراء وإن ﻟم ﯾﺳﻣﮭم‪ ،‬وھذا ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد ذﻛر اﻟﺗﺄﺑﯾد‬
‫ﺷرط ﻷن ھذا ﺻدﻗﺔ ﺑﺎﻟﻣﻧﻔﻌﺔ أو ﺑﺎﻟﻐﻠﺔ‪ ،‬وذﻟك ﻗد ﯾﻛون ﻣؤﻗﺗﺎ وﻗد ﯾﻛون ﻣؤﺑدا ﻓﻣطﻠﻘﮫ ﻻ ﯾﻧﺻرف إﻟﻰ اﻟﺗﺄﺑﯾد ﻓﻼ‬
‫ﺑد ﻣن اﻟﺗﻧﺻﯾص‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز وﻗف اﻟﻌﻘﺎر" ﻷن ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ رﺿوان ﷲ ﻋﻠﯾﮭم وﻗﻔوه "وﻻ ﯾﺟوز وﻗف ﻣﺎ ﯾﻧﻘل‬
‫وﯾﺣول"‪.‬‬
‫ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬وھذا ﻋﻠﻰ اﻹرﺳﺎل ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ "وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬إذا وﻗف ﺿﯾﻌﺔ ﺑﺑﻘرھﺎ وأﻛرﺗﮭﺎ وھم‬
‫ﻋﺑﯾده ﺟﺎز" وﻛذا ﺳﺎﺋر آﻻت اﻟﺣراﺳﺔ ﻷﻧﮫ ﺗﺑﻊ ﻟﻸرض ﻓﻲ ﺗﺣﺻﯾل ﻣﺎ ھو اﻟﻣﻘﺻود‪ ،‬وﻗد ﯾﺛﺑت ﻣن اﻟﺣﻛم ﺗﺑﻌﺎ‬
‫ﻣﺎ ﻻ ﯾﺛﺑت ﻣﻘﺻودا ﻛﺎﻟﺷرب ف اﻟﺑﯾﻊ واﻟﺑﻧﺎء ﻓﻲ اﻟوﻗف‪ ،‬وﻣﺣﻣد ﻣﻌﮫ ﻓﯾﮫ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﺟﺎز إﻓراد ﺑﻌض اﻟﻣﻧﻘول‬
‫ﺑﺎﻟوﻗف ﻋﻧده ﻓﻸن ﯾﺟوز اﻟوﻗف ﻓﯾﮫ ﺗﺑﻌﺎ أوﻟﻰ‪" .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬ﯾﺟوز ﺣﺑس اﻟﻛراع واﻟﺳﻼح" وﻣﻌﻧﺎه وﻗﻔﮫ ﻓﻲ‬
‫ﺳﺑﯾل ﷲ‪ ،‬وأﺑو ﯾوﺳف ﻣﻌﮫ ﻓﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟوا‪ ،‬وھو اﺳﺗﺣﺳﺎن‪ .‬واﻟﻘﯾﺎس أن ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه ﻣن ﻗﺑل‪ .‬وﺟﮫ‬
‫اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺷﮭورة ﻓﯾﮫ‪ :‬ﻣﻧﮭﺎ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬وأﻣﺎ ﺧﺎﻟد ﻓﻘد ﺣﺑس أدرﻋﺎ وأﻓراﺳﺎ ﻟﮫ ﻓﻲ‬
‫ﺳﺑﯾل ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وطﻠﺣﺔ ﺣﺑس دروﻋﮫ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ" وﯾروى أﻛراﻋﮫ‪ .‬واﻟﻛراع‪ :‬اﻟﺧﯾل‪ .‬وﯾدﺧل ﻓﻲ ﺣﻛﻣﮫ‬
‫اﻹﺑل؛ ﻷن اﻟﻌرب ﯾﺟﺎھدون ﻋﻠﯾﮭﺎ‪ ،‬وﻛذا اﻟﺳﻼح ﯾﺣﻣل ﻋﻠﯾﮭﺎ وﻋن ﻣﺣﻣد أﻧﮫ ﯾﺟوز وﻗف ﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﺗﻌﺎﻣل ﻣن‬
‫اﻟﻣﻧﻘوﻻت ﻛﺎﻟﻔﺄس واﻟﻣر واﻟﻘدوم واﻟﻣﻧﺷﺎر واﻟﺟﻧﺎزة وﺛﯾﺎﺑﮭﺎ واﻟﻘدور واﻟﻣراﺟل واﻟﻣﺻﺎﺣف‪ .‬وﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف‬
‫ﻻ ﯾﺟوز؛ ﻷن اﻟﻘﯾﺎس إﻧﻣﺎ ﯾﺗرك ﺑﺎﻟﻧص‪ ،‬واﻟﻧص ورد ﻓﻲ اﻟﻛراع واﻟﺳﻼح ﻓﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﯾﮫ‪ .‬وﻣﺣﻣد ﯾﻘول‪ :‬اﻟﻘﯾﺎس‬
‫ﻗد ﯾﺗرك ﺑﺎﻟﺗﻌﺎﻣل ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺻﻧﺎع‪ ،‬وﻗد وﺟد اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻓﻲ ھذه اﻷﺷﯾﺎء‪ .‬وﻋن ﻧﺻﯾر ﺑن ﯾﺣﯾﻰ أﻧﮫ وﻗف ﻛﺗﺑﮫ‬
‫إﻟﺣﺎﻗﺎ ﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟﻣﺻﺎﺣف‪ ،‬وھذا ﺻﺣﯾﺢ ﻷن ﻛل واﺣد ﯾﻣﺳك ﻟﻠدﯾن ﺗﻌﻠﯾﻣﺎ وﺗﻌﻠﻣﺎ وﻗراءة‪ ،‬وأﻛﺛر ﻓﻘﮭﺎء اﻷﻣﺻﺎر‬
‫ﻋﻠﻰ ﻗول ﻣﺣﻣد‪ ،‬وﻣﺎ ﻻ ﺗﻌﺎﻣل ﻓﯾﮫ ﻻ ﯾﺟوز ﻋﻧدﻧﺎ وﻗﻔﮫ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻛل ﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﮫ ﻣﻊ ﺑﻘﺎء أﺻﻠﮫ‬
‫وﯾﺟوز ﺑﯾﻌﮫ ﯾﺟوز وﻗﻔﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﯾﻣﻛن‬

‫اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﻌﻘﺎر واﻟﻛراع واﻟﺳﻼح‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟوﻗف ﻓﯾﮫ ﻻ ﯾﺗﺄﺑد‪ ،‬وﻻ ﺑد ﻣﻧﮫ‬ ‫ص ‪-18-‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟدراھم واﻟدﻧﺎﻧﯾر‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻌﻘﺎر‪ ،‬وﻻ ﻣﻌﺎرض ﻣن ﺣﯾث اﻟﺳﻣﻊ وﻻ ﻣن ﺣﯾث اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻓﺑﻘﻲ‬
‫ﻋﻠﻰ أﺻل اﻟﻘﯾﺎس‪ .‬وھذا ﻷن اﻟﻌﻘﺎر ﯾﺗﺄﺑد‪ ،‬واﻟﺟﮭﺎد ﺳﻧﺎم اﻟدﯾن‪ ،‬ﻓﻛﺎن ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻘرﺑﺔ ﻓﯾﮭﻣﺎ أﻗوى ﻓﻼ ﯾﻛون ﻏﯾرھﻣﺎ‬
‫ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎھﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺻﺢ اﻟوﻗف ﻟم ﯾﺟز ﺑﯾﻌﮫ وﻻ ﺗﻣﻠﯾﻛﮫ‪ ،‬إﻻ أن ﯾﻛون ﻣﺷﺎﻋﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف ﻓﯾطﻠب اﻟﺷرﯾك اﻟﻘﺳﻣﺔ‬
‫ﻓﯾﺻﺢ ﻣﻘﺎﺳﻣﺗﮫ" أﻣﺎ اﻣﺗﻧﺎع اﻟﺗﻣﻠﯾك ﻓﻠﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪ .‬وأﻣﺎ ﺟواز اﻟﻘﺳﻣﺔ ﻓﻸﻧﮭﺎ ﺗﻣﯾﯾز وإﻓراز‪ ،‬ﻏﺎﯾﺔ اﻷﻣر أن اﻟﻐﺎﻟب ﻓﻲ‬
‫ﻏﯾر اﻟﻣﻛﯾل واﻟﻣوزون ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺑﺎدﻟﺔ‪ ،‬إﻻ أن ﻓﻲ اﻟوﻗف ﺟﻌﻠﻧﺎ اﻟﻐﺎﻟب ﻣﻌﻧﻰ اﻹﻓراز ﻧظرا ﻟﻠوﻗف ﻓﻠم ﺗﻛن ﺑﯾﻌﺎ‬
‫وﺗﻣﻠﯾﻛﺎ؛ ﺛم إن وﻗف ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻣن ﻋﻘﺎر ﻣﺷﺗرك ﻓﮭو اﻟذي ﯾﻘﺎﺳم ﺷرﯾﻛﮫ؛ ﻷن اﻟوﻻﯾﺔ ﻟﻠواﻗف وﺑﻌد اﻟﻣوت إﻟﻰ‬
‫وﺻﯾﺔ‪ ،‬وإن وﻗف ﻧﺻف ﻋﻘﺎر ﺧﺎﻟص ﻟﮫ ﻓﺎﻟذي ﯾﻘﺎﺳﻣﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ أو ﯾﺑﯾﻊ ﻧﺻﯾﺑﮫ اﻟﺑﺎﻗﻲ ﻣن رﺟل‪ ،‬ﺛم ﯾﻘﺎﺳﻣﮫ‬
‫اﻟﻣﺷﺗري ﺛم ﯾﺷﺗري ذﻟك ﻣﻧﮫ ﻷن اﻟواﺣد ﻻ ﯾﺟوز أن ﯾﻛون ﻣﻘﺎﺳﻣﺎ وﻣﻘﺎﺳﻣﺎ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻘﺳﻣﺔ ﻓﺿل دراھم‬
‫إن أﻋطﻰ اﻟواﻗف ﻻ ﯾﺟوز ﻻﻣﺗﻧﺎع ﺑﯾﻊ اﻟوﻗف‪ ،‬وإن أﻋطﻰ اﻟواﻗف ﺟﺎز وﯾﻛون ﺑﻘدر اﻟدراھم ﺷراء‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟواﺟب أن ﯾﺑﺗدأ ﻣن ارﺗﻔﺎع اﻟوﻗف ﺑﻌﻣﺎرﺗﮫ ﺷرط ذﻟك اﻟواﻗف أو ﻟم ﯾﺷﺗرط" ﻷن ﻗﺻد اﻟواﻗف ﺻرف‬
‫اﻟﻐﻠﺔ ﻣؤﺑدا‪ ،‬وﻻ ﺗﺑﻘﻰ داﺋﻣﺔ إﻻ ﺑﺎﻟﻌﻣﺎرة ﻓﯾﺛﺑت ﺷرط اﻟﻌﻣﺎرة اﻗﺗﺿﺎء وﻷن اﻟﺧراج ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن وﺻﺎر ﻛﻧﻔﻘﺔ اﻟﻌﺑد‬
‫اﻟﻣوﺻﻰ ﺑﺧدﻣﺗﮫ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﺻﻰ ﻟﮫ ﺑﮭﺎ‪ .‬ﺛم إن ﻛﺎن اﻟوﻗف ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘراء ﻻ ﯾظﻔر ﺑﮭم‪ ،‬وأﻗرب أﻣواﻟﮭم ھذه‬
‫اﻟﻐﻠﺔ ﻓﺗﺟب ﻓﯾﮭﺎ‪ .‬وﻟو ﻛﺎن اﻟوﻗف ﻋﻠﻰ رﺟل ﺑﻌﯾﻧﮫ وآﺧره ﻟﻠﻔﻘراء ﻓﮭو ﻓﻲ ﻣﺎﻟﮫ‪ :‬أي ﻣﺎل ﺷﺎء ﻓﻲ ﺣﺎل ﺣﯾﺎﺗﮫ‪ .‬وﻻ‬
‫ﯾؤﺧذ ﻣن اﻟﻐﻠﺔ؛ ﻷﻧﮫ ﻣﻌﯾن ﯾﻣﻛن ﻣطﺎﻟﺑﺗﮫ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺳﺗﺣق اﻟﻌﻣﺎرة ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻘدر ﻣﺎ ﯾﺑﻘﻰ اﻟﻣوﻗوف ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻔﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫وﻗﻔﮫ‪ ،‬وإن ﺧرب ﯾﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟوﺻف؛ ﻷﻧﮭﺎ ﺑﺻﻔﺗﮭﺎ ﺻﺎرت ﻏﻠﺗﮭﺎ ﻣﺻروﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻣوﻗوف ﻋﻠﯾﮫ‪ .‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟزﯾﺎدة‬
‫ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﻠﯾﺳت ﺑﻣﺳﺗﺣﻘﺔ ﻋﻠﯾﮫ واﻟﻐﻠﺔ ﻣﺳﺗﺣﻘﺔ ﻓﻼ ﯾﺟوز ﺻرﻓﮭﺎ إﻟﻰ ﺷﻲء آﺧر إﻻ ﺑرﺿﺎه‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن اﻟوﻗف‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘراء ﻓﻛذﻟك ﻋﻧد اﻟﺑﻌض‪ ،‬وﻋﻧد اﻵﺧرﯾن ﯾﺟوز ذﻟك‪ ،‬واﻷول أﺻﺢ ﻷن اﻟﺻرف إﻟﻰ اﻟﻌﻣﺎرة ﺿرورة‬
‫إﺑﻘﺎء اﻟوﻗف وﻻ ﺿرورة ﻓﻲ اﻟزﯾﺎدة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن وﻗف دارا ﻋﻠﻰ ﺳﻛﻧﻰ وﻟده ﻓﺎﻟﻌﻣﺎرة ﻋﻠﻰ ﻣن ﻟﮫ ﺳﻛﻧﻰ" ﻷن اﻟﺧراج ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر ﻓﺻﺎر‬
‫ﻛﻧﻔﻘﺔ اﻟﻌﺑد اﻟﻣوﺻﻰ ﺑﺧدﻣﺗﮫ "ﻓﺈن اﻣﺗﻧﻊ ﻣن ذﻟك‪ ،‬أو ﻛﺎن ﻓﻘﯾرا آﺟرھﺎ اﻟﺣﺎﻛم وﻋﻣرھﺎ ﺑﺄﺟرﺗﮭﺎ‪ ،‬وإذا ﻋﻣرھﺎ‬
‫ردھﺎ إﻟﻰ ﻣن ﻟﮫ اﻟﺳﻛﻧﻰ" ﻷن ﻓﻲ ذﻟك رﻋﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘﯾن ﺣق اﻟواﻗف وﺣق ﺻﺎﺣب اﻟﺳﻛﻧﻰ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟو ﻟم ﯾﻌﻣرھﺎ‬
‫ﺗﻔوت اﻟﺳﻛﻧﻰ أﺻﻼ‬

‫واﻷول أوﻟﻰ‪ ،‬وﻻ ﯾﺟﺑر اﻟﻣﻣﺗﻧﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣﺎرة ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن إﺗﻼف ﻣﺎﻟﮫ ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻣﺗﻧﺎع‬ ‫ص ‪-19-‬‬
‫ﺻﺎﺣب اﻟﺑذر ﻓﻲ اﻟﻣزارﻋﺔ ﻓﻼ ﯾﻛون اﻣﺗﻧﺎﻋﮫ رﺿﺎ ﻣﻧﮫ ﺑﺑطﻼن ﺣﻘﮫ ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﺣﯾز اﻟﺗردد‪ ،‬وﻻ ﺗﺻﺢ إﺟﺎرة ﻣن‬
‫ﻟﮫ اﻟﺳﻛﻧﻰ ﻷﻧﮫ ﻏﯾر ﻣﺎﻟك‪ .‬اﻣﺗﻧﺎع ﺻﺎﺣب اﻟﺑذر ﻓﻲ اﻟﻣزارﻋﺔ ﻓﻼ ﯾﻛون اﻣﺗﻧﺎﻋﮫ رﺿﺎ ﻣﻧﮫ ﺑﺑطﻼن ﺣﻘﮫ ﻷﻧﮫ ﻓﻲ‬
‫ﺣﯾز‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣﺎ اﻧﮭدم ﻣن ﺑﻧﺎء اﻟوﻗف وآﻟﺗﮫ ﺻرﻓﮫ اﻟﺣﺎﻛم ﻓﻲ ﻋﻣﺎرة اﻟوﻗف إن اﺣﺗﺎج إﻟﯾﮫ‪ ،‬وإن اﺳﺗﻐﻧﻰ ﻋﻧﮫ‬
‫أﻣﺳﻛﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻋﻣﺎرﺗﮫ ﻓﯾﺻرﻓﮫ ﻓﯾﮭﻣﺎ"؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺑد ﻣن اﻟﻌﻣﺎرة ﻟﯾﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺄﺑﯾد ﻓﯾﺣﺻل ﻣﻘﺻود‬
‫اﻟواﻗف‪ .‬ﻓﺈن ﻣﺳت اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﺎل ﺻرﻓﮭﺎ ﻓﯾﮭﺎ‪ ،‬وإﻻ أﻣﺳﻛﮭﺎ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺗﻌذر ﻋﻠﯾﮫ ذﻟك أوان اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻓﯾﺑطل‬
‫اﻟﻣﻘﺻود‪ ،‬وإن ﺗﻌذر إﻋﺎدة ﻋﯾﻧﮫ إﻟﻰ ﻣوﺿﻌﮫ ﺑﯾﻊ وﺻرف ﺛﻣﻧﮫ إﻟﻰ اﻟﻣرﻣﺔ ﺻرﻓﺎ ﻟﻠﺑدل إﻟﻰ ﻣﺻرف اﻟﻣﺑدل‬
‫"وﻻ ﯾﺟوز أن ﯾﻘﺳﻣﮫ" ﯾﻌﻧﻲ اﻟﻧﻘض "ﺑﯾن ﻣﺳﺗﺣﻘﻲ اﻟوﻗف" ﻷﻧﮫ ﺟزء ﻣن اﻟﻌﯾن وﻻ ﺣق ﻟﻠﻣوﻗوف ﻋﻠﯾﮭم ﻓﯾﮫ‪:‬‬
‫وإﻧﻣﺎ ﺣﻘﮭم ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ‪ ،‬واﻟﻌﯾن ﺣق ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻼ ﯾﺻرف إﻟﯾﮭم ﻏﯾر ﺣﻘﮭم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺟﻌل اﻟواﻗف ﻏﻠﺔ اﻟوﻗف ﻟﻧﻔﺳﮫ أو ﺟﻌل اﻟوﻻﯾﺔ إﻟﯾﮫ ﺟﺎز ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف" ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬ذﻛر‬
‫ﻓﺻﻠﯾن ﺷرط اﻟﻐﻠﺔ ﻟﻧﻔﺳﮫ وﺟﻌل اﻟوﻻﯾﺔ إﻟﯾﮫ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻷول ﻓﮭو ﺟﺎﺋز ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف‪ ،‬وﻻ ﯾﺟوز ﻋﻠﻰ ﻗﯾﺎس ﻗول ﻣﺣﻣد وھو ﻗول ھﻼل اﻟرازي وﺑﮫ ﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪.‬‬
‫وﻗﯾل إن اﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﺷﺗراط اﻟﻘﺑض واﻹﻓراز‪ .‬وﻗﯾل ھﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣﺑﺗدأة‪ ،‬واﻟﺧﻼف‬
‫ﻓﯾﻣﺎ إذا ﺷرط اﻟﺑﻌض ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ وﺑﻌد ﻣوﺗﮫ ﻟﻠﻔﻘراء‪ ،‬وﻓﯾﻣﺎ إذا ﺷرط اﻟﻛل ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ وﺑﻌد ﻣوﺗﮫ‬
‫ﻟﻠﻔﻘراء ﺳواء؛ وﻟو وﻗف وﺷرط اﻟﺑﻌض أو اﻟﻛل ﻷﻣﮭﺎت أوﻻده وﻣدﺑرﯾﮫ ﻣﺎ داﻣوا أﺣﯾﺎء‪ ،‬ﻓﺈذا ﻣﺎﺗوا ﻓﮭو ﻟﻠﻔﻘراء‬
‫واﻟﻣﺳﺎﻛﯾن‪ ،‬ﻓﻘد ﻗﯾل ﯾﺟوز ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق‪ ،‬وﻗد ﻗﯾل ھو ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻼف أﯾﺿﺎ وھو اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻷن اﺷﺗراطﮫ ﻟﮭم ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ‬
‫ﻛﺎﺷﺗراطﮫ ﻟﻧﻔﺳﮫ‪.‬‬
‫وﺟﮫ ﻗول ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ أن اﻟوﻗف ﺗﺑرع ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺗﻣﻠﯾك ﺑﺎﻟطرﯾق اﻟذي ﻗدﻣﻧﺎه‪ ،‬ﻓﺎﺷﺗراطﮫ اﻟﺑﻌض أو اﻟﻛل‬
‫ﻟﻧﻔﺳﮫ ﯾﺑطﻠﮫ؛ ﻷن اﻟﺗﻣﻠﯾك ﻣن ﻧﻔﺳﮫ ﻻ ﯾﺗﺣﻘق ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﺻدﻗﺔ اﻟﻣﻧﻔذة‪ ،‬وﺷرط ﺑﻌض ﺑﻘﻌﺔ اﻟﻣﺳﺟد ﻟﻧﻔﺳﮫ‪ .‬وﻷﺑﻲ‬
‫ﯾوﺳف ﻣﺎ روي "أن اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻛﺎن ﯾﺄﻛل ﻣن ﺻدﻗﺗﮫ" واﻟﻣراد ﻣﻧﮭﺎ ﺻدﻗﺗﮫ اﻟﻣوﻗوﻓﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾﺣل‬
‫اﻷﻛل ﻣﻧﮭﺎ إﻻ ﺑﺎﻟﺷرط‪ ،‬ﻓدل ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺗﮫ‪ ،‬وﻷن اﻟوﻗف إزاﻟﺔ اﻟﻣﻠك إﻟﻰ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﻘرﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه‪،‬‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻻ أﻧﮫ ﯾﺟﻌل ﻣﻠك ﻧﻔﺳﮫ ﻟﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬وھذا‬ ‫ﻓﺈذا ﺷرط اﻟﺑﻌض أو اﻟﻛل ﻟﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬ﻓﻘد ﺟﻌل ﻣﺎ ﺻﺎر ﻣﻣﻠوﻛﺎ‬
‫ﺟﺎﺋز‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا ﺑﻧﻰ ﺧﺎﻧﺎ أو ﺳﻘﺎﯾﺔ أو ﺟﻌل أرﺿﮫ ﻣﻘﺑرة‪ ،‬وﺷرط أن ﯾﻧزﻟﮫ أو ﯾﺷرب ﻣﻧﮫ أو ﯾدﻓن ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻷن‬
‫ﻣﻘﺻوده اﻟﻘرﺑﺔ وﻓﻲ اﻟﺻرف إﻟﻰ ﻧﻔﺳﮫ ذﻟك‪ ،‬ﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ‬

‫اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻧﻔﻘﺔ اﻟرﺟل ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ ﺻدﻗﺔ"‪ .‬وﻟو ﺷرط اﻟواﻗف أن ﯾﺳﺗﺑدل ﺑﮫ‬ ‫ص ‪-20-‬‬
‫أرﺿﺎ أﺧرى إذا ﺷﺎء ذﻟك ﻓﮭو ﺟﺎﺋز ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف‪ ،‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد اﻟوﻗف ﺟﺎﺋز واﻟﺷرط ﺑﺎطل‪ .‬وﻟو ﺷرط اﻟﺧﯾﺎر‬
‫ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ اﻟوﻗف ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﺟﺎز اﻟوﻗف واﻟﺷرط ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف وﻋﻧد ﻣﺣﻣد اﻟوﻗف ﺑﺎطل‪ ،‬وھذا ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ‬
‫ذﻛرﻧﺎ‪.‬‬
‫وأﻣﺎ ﻓﺻل اﻟوﻻﯾﺔ ﻓﻘد ﻧص ﻓﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻗول أﺑﻲ ﯾوﺳف‪ ،‬وھو ﻗول ھﻼل أﯾﺿﺎ وھو ظﺎھر اﻟﻣذھب‪ .‬وذﻛر ھﻼل‬
‫ﻓﻲ وﻗﻔﮫ وﻗﺎل أﻗوام‪ :‬إن ﺷرط اﻟواﻗف اﻟوﻻﯾﺔ ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻛﺎﻧت ﻟﮫ وﻻﯾﺔ‪ ،‬وإن ﻟم ﯾﺷﺗرط ﻟم ﺗﻛن ﻟﮫ وﻻﯾﺔ‪ .‬ﻗﺎل‬
‫ﻣﺷﺎﯾﺧﻧﺎ‪ :‬اﻷﺷﺑﮫ أن ﯾﻛون ھذا ﻗول ﻣﺣﻣد‪ ،‬ﻷن ﻣن أﺻﻠﮫ أن اﻟﺗﺳﻠﯾم إﻟﻰ اﻟﻘﯾم ﺷرط ﻟﺻﺣﺔ اﻟوﻗف‪ ،‬ﻓﺈذا ﺳﻠم ﻟم‬
‫ﯾﺑق ﻟﮫ وﻻﯾﺔ ﻓﯾﮫ‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﻣﺗوﻟﻲ إﻧﻣﺎ ﯾﺳﺗﻔﯾد اﻟوﻻﯾﺔ ﻣن ﺟﮭﺗﮫ ﺑﺷرطﮫ ﻓﯾﺳﺗﺣﯾل أن ﻻ ﯾﻛون ﻟﮫ اﻟوﻻﯾﺔ وﻏﯾره‬
‫ﯾﺳﺗﻔﯾد اﻟوﻻﯾﺔ ﻣﻧﮫ‪ ،‬وﻷﻧﮫ أﻗرب اﻟﻧﺎس إﻟﻰ ھذا اﻟوﻗف ﻓﯾﻛون أوﻟﻰ ﺑوﻻﯾﺗﮫ‪ ،‬ﻛﻣن اﺗﺧذ ﻣﺳﺟدا ﯾﻛون أوﻟﻰ‬
‫ﺑﻌﻣﺎرﺗﮫ وﻧﺻب اﻟﻣؤذن ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻛﻣن أﻋﺗق ﻋﺑدا ﻛﺎن اﻟوﻻء ﻟﮫ ﻷﻧﮫ أﻗرب اﻟﻧﺎس إﻟﯾﮫ‪ .‬وﻟو أن اﻟواﻗف ﺷرط وﻻﯾﺗﮫ‬
‫ﻟﻧﻔﺳﮫ وﻛﺎن اﻟواﻗف ﻏﯾر ﻣﺄﻣون ﻋﻠﻰ اﻟوﻗف ﻓﻠﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻧزﻋﮭﺎ ﻣن ﯾده ﻧظرا ﻟﻠﻔﻘراء‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻟﮫ أن ﯾﺧرج اﻟوﺻﻲ‬
‫ﻧظرا ﻟﻠﺻﻐﺎر‪ ،‬وﻛذا إذا ﺷرط أن ﻟﯾس ﻟﻠﺳﻠطﺎن وﻻ ﻟﻘﺎض أن ﯾﺧرﺟﮭﺎ ﻣن ﯾده وﯾوﻟﯾﮭﺎ ﻏﯾره ﻷﻧﮫ ﺷرط ﻣﺧﺎﻟف‬
‫ﻟﺣﻛم اﻟﺷرع ﻓﺑطل‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪" :‬وإذا ﺑﻧﻰ ﻣﺳﺟدا ﻟم ﯾزل ﻣﻠﻛﮫ ﻋﻧﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﻔرزه ﻋن ﻣﻠﻛﮫ ﺑطرﯾﻘﮫ وﯾﺄذن ﻟﻠﻧﺎس ﺑﺎﻟﺻﻼة ﻓﯾﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺻﻠﻰ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ إﻻ ﺑﮫ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﺻﻼة ﻓﯾﮫ ﻓﻸﻧﮫ ﻻ‬ ‫ﻓﯾﮫ واﺣد زال ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻋن ﻣﻠﻛﮫ" أﻣﺎ اﻹﻓراز ﻓﻸﻧﮫ ﻻ ﯾﺧﻠص‬
‫ﺑد ﻣن اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد‪ ،‬وﯾﺷﺗرط ﺗﺳﻠﯾم ﻧوﻋﮫ‪ ،‬وذﻟك ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺟد ﺑﺎﻟﺻﻼة ﻓﯾﮫ‪ ،‬أو ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﺗﻌذر‬
‫اﻟﻘﺑض ﻓﻘﺎم ﺗﺣﻘق اﻟﻣﻘﺻود ﻣﻘﺎﻣﮫ ﺛم ﯾﻛﺗﻔﻰ ﺑﺻﻼة اﻟواﺣد ﻓﯾﮫ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻛذا ﻋن ﻣﺣﻣد؛ ﻷن‬
‫ﻓﻌل اﻟﺟﻧس ﻣﺗﻌذر ﻓﯾﺷﺗرط أدﻧﺎه‪ .‬وﻋن ﻣﺣﻣد أﻧﮫ ﯾﺷﺗرط اﻟﺻﻼة ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ؛ ﻷن اﻟﻣﺳﺟد ﺑﻧﻲ ﻟذﻟك ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟب‬
‫"وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ﯾزول ﻣﻠﻛﮫ ﺑﻘوﻟﮫ ﺟﻌﻠﺗﮫ ﻣﺳﺟدا" ﻷن اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻋﻧده ﻟﯾس ﺑﺷرط؛ ﻷﻧﮫ إﺳﻘﺎط ﻟﻣﻠك اﻟﻌﺑد‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺳﻘوط ﺣق اﻟﻌﺑد وﺻﺎر ﻛﺎﻹﻋﺗﺎق‪ ،‬وﻗد ﺑﯾﻧﺎه ﻣن ﻗﺑل‪.‬‬ ‫ﻓﯾﺻﯾر ﺧﺎﻟﺻﺎ‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺟﻌل ﻣﺳﺟدا ﺗﺣﺗﮫ ﺳرداب أو ﻓوﻗﮫ ﺑﯾت وﺟﻌل ﺑﺎب اﻟﻣﺳﺟد إﻟﻰ اﻟطرﯾق‪ ،‬وﻋزﻟﮫ ﻋن ﻣﻠﻛﮫ ﻓﻠﮫ أن‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﺑﻘﺎء ﺣق اﻟﻌﺑد ﻣﺗﻌﻠﻘﺎ ﺑﮫ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن اﻟﺳرداب ﻟﻣﺻﺎﻟﺢ‬ ‫ﯾﺑﯾﻌﮫ‪ ،‬وإن ﻣﺎت ﯾورث ﻋﻧﮫ" ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺧﻠص‬
‫اﻟﻣﺳﺟد ﺟﺎز ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳﺟد ﺑﯾت اﻟﻣﻘدس‪ .‬وروى‬
‫اﻟﺣﺳن ﻋﻧﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل‪ :‬إذا ﺟﻌل اﻟﺳﻔل ﻣﺳﺟدا وﻋﻠﻰ ظﮭره ﻣﺳﻛن ﻓﮭو ﻣﺳﺟد؛ ﻷن‬ ‫ص ‪-21-‬‬
‫اﻟﻣﺳﺟد ﻣﻣﺎ ﯾﺗﺄﺑد‪ ،‬وذﻟك ﯾﺗﺣﻘق ﻓﻲ اﻟﺳﻔل دون اﻟﻌﻠو‪ .‬وﻋن ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻰ ﻋﻛس ھذا؛ ﻷن اﻟﻣﺳﺟد ﻣﻌظم‪ ،‬وإذا ﻛﺎن‬
‫ﻓوﻗﮫ ﻣﺳﻛن أو ﻣﺳﺗﻐل ﯾﺗﻌذر ﺗﻌظﯾﻣﮫ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف أﻧﮫ ﺟوز ﻓﻲ اﻟوﺟﮭﯾن ﺣﯾن ﻗدم ﺑﻐداد ورأى ﺿﯾق‬
‫اﻟﻣﻧﺎزل ﻓﻛﺄﻧﮫ اﻋﺗﺑر اﻟﺿرورة‪ .‬وﻋن ﻣﺣﻣد أﻧﮫ ﺣﯾن دﺧل اﻟري أﺟﺎز ذﻟك ﻛﻠﮫ ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذﻟك إن اﺗﺧذ وﺳط داره ﻣﺳﺟدا وأذن ﻟﻠﻧﺎس ﺑﺎﻟدﺧول ﻓﯾﮫ" ﯾﻌﻧﻲ ﻟﮫ أن ﯾﺑﯾﻌﮫ وﯾورث ﻋﻧﮫ؛ ﻷن‬
‫اﻟﻣﺳﺟد ﻣﺎ ﻻ ﯾﻛون ﻷﺣد ﻓﯾﮫ ﺣق اﻟﻣﻧﻊ‪ ،‬وإذا ﻛﺎن ﻣﻠﻛﮫ ﻣﺣﯾطﺎ ﺑﺟواﻧﺑﮫ ﻛﺎن ﻟﮫ ﺣق اﻟﻣﻧﻊ ﻓﻠم ﯾﺻر ﻣﺳﺟدا‪ ،‬وﻷﻧﮫ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ "وﻋن ﻣﺣﻣد أﻧﮫ ﻻ ﯾﺑﺎع وﻻ ﯾورث وﻻ ﯾوھب" اﻋﺗﺑره ﻣﺳﺟدا‪ ،‬وھﻛذا‬ ‫أﺑﻘﻰ اﻟطرﯾق ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﻠم ﯾﺧﻠص‬
‫ﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف أﻧﮫ ﯾﺻﯾر ﻣﺳﺟدا؛ ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ رﺿﻲ ﺑﻛوﻧﮫ ﻣﺳﺟدا وﻻ ﯾﺻﯾر ﻣﺳﺟدا إﻻ ﺑﺎﻟطرﯾق دﺧل ﻓﯾﮫ اﻟطرﯾق‬
‫وﺻﺎر ﻣﺳﺗﺣﻘﺎ ﻛﻣﺎ ﯾدﺧل ﻓﻲ اﻹﺟﺎرة ﻣن ﻏﯾر ذﻛر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺗﺧذ أرﺿﮫ ﻣﺳﺟدا ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ أن ﯾرﺟﻊ ﻓﯾﮫ وﻻ ﯾﺑﯾﻌﮫ وﻻ ﯾورث ﻋﻧﮫ" ﻷﻧﮫ ﺗﺟرد ﻋن ﺣق اﻟﻌﺑﺎد‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬وإذا أﺳﻘط اﻟﻌﺑد ﻣﺎ ﺛﺑت ﻟﮫ ﻣن اﻟﺣق رﺟﻊ إﻟﻰ أﺻﻠﮫ ﻓﺎﻧﻘطﻊ‬ ‫وﺻﺎر ﺧﺎﻟﺻﺎ ‪ ،‬وھذا ﻷن اﻷﺷﯾﺎء ﻛﻠﮭﺎ‬
‫ﺗﺻرﻓﮫ ﻋﻧﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻹﻋﺗﺎق‪ .‬وﻟو ﺧرب ﻣﺎ ﺣول اﻟﻣﺳﺟد واﺳﺗﻐﻧﻲ ﻋﻧﮫ ﯾﺑﻘﻰ ﻣﺳﺟدا ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف ﻷﻧﮫ إﺳﻘﺎط‬
‫ﻣﻧﮫ ﻓﻼ ﯾﻌود إﻟﻰ ﻣﻠﻛﮫ‪ ،‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد ﯾﻌود إﻟﻰ ﻣﻠك اﻟﺑﺎﻧﻲ‪ ،‬أو إﻟﻰ وارﺛﮫ ﺑﻌد ﻣوﺗﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﻋﯾﻧﮫ ﻟﻧوع ﻗرﺑﺔ‪ ،‬وﻗد‬
‫اﻧﻘطﻌت ﻓﺻﺎر ﻛﺣﺻﯾر اﻟﻣﺳﺟد وﺣﺷﯾﺷﮫ إذا اﺳﺗﻐﻧﻲ ﻋﻧﮫ‪ ،‬إﻻ أن أﺑﺎ ﯾوﺳف ﯾﻘول ﻓﻲ اﻟﺣﺻﯾر واﻟﺣﺷﯾش إﻧﮫ‬
‫ﯾﻧﻘل إﻟﻰ ﻣﺳﺟد آﺧر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﻧﻰ ﺳﻘﺎﯾﺔ ﻟﻠﻣﺳﻠﻣﯾن أو ﺧﺎﻧﺎ ﯾﺳﻛﻧﮫ ﺑﻧو اﻟﺳﺑﯾل أو رﺑﺎطﺎ أو ﺟﻌل أرﺿﮫ ﻣﻘﺑرة ﻟم ﯾزل ﻣﻠﻛﮫ ﻋن‬
‫ذﻟك ﺣﺗﻰ ﯾﺣﻛم ﺑﮫ اﻟﺣﺎﻛم ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ"؛ ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﻧﻘطﻊ ﻋن ﺣق اﻟﻌﺑد؛ أﻻ ﺗرى أن ﻟﮫ أن ﯾﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ ﻓﯾﺳﻛن ﻓﻲ‬
‫اﻟﺧﺎن وﯾﻧزل ﻓﻲ اﻟرﺑﺎط وﯾﺷرب ﻣن اﻟﺳﻘﺎﯾﺔ‪ ،‬وﯾدﻓن ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺑرة ﻓﯾﺷﺗرط ﺣﻛم اﻟﺣﺎﻛم أو اﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻌد‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣن ﻏﯾر‬ ‫اﻟﻣوت ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟوﻗف ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘراء‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﺳﺟد؛ ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺑق ﻟﮫ ﺣق اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﮫ ﻓﺧﻠص‬
‫ﺣﻛم اﻟﺣﺎﻛم‪.‬‬
‫"وﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف ﯾزول ﻣﻠﻛﮫ ﺑﺎﻟﻘول" ﻛﻣﺎ ھو أﺻﻠﮫ‪ ،‬إذ اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻋﻧده ﻟﯾس ﺑﺷرط واﻟوﻗف ﻻزم‪.‬‬
‫"وﻋﻧد ﻣﺣﻣد إذا اﺳﺗﻘﻰ اﻟﻧﺎس ﻣن اﻟﺳﻘﺎﯾﺔ وﺳﻛﻧوا اﻟﺧﺎن واﻟرﺑﺎط ودﻓﻧوا ﻓﻲ‬

‫اﻟﻣﻘﺑرة زال اﻟﻣﻠك" ﻷن اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻋﻧده ﺷرط واﻟﺷرط ﺗﺳﻠﯾم ﻧوﻋﮫ‪ ،‬وذﻟك ﺑﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‪.‬‬ ‫ص ‪-22-‬‬
‫وﯾﻛﺗﻔﻰ ﺑﺎﻟواﺣد ﻟﺗﻌذر ﻓﻌل اﻟﺟﻧس ﻛﻠﮫ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺑﺋر اﻟﻣوﻗوﻓﺔ واﻟﺣوض‪ ،‬وﻟو ﺳﻠم إﻟﻰ اﻟﻣﺗوﻟﻲ ﺻﺢ اﻟﺗﺳﻠﯾم‬
‫ﻓﻲ ھذه اﻟوﺟوه ﻛﻠﮭﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﻧﺎﺋب ﻋن اﻟﻣوﻗوف ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻓﻌل اﻟﻧﺎﺋب ﻛﻔﻌل اﻟﻣﻧوب ﻋﻧﮫ‪ ،‬وأﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺟد ﻓﻘد ﻗﯾل ﻻ‬
‫ﯾﻛون ﺗﺳﻠﯾﻣﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺗدﺑﯾر ﻟﻠﻣﺗوﻟﻲ ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻗﯾل ﯾﻛون ﺗﺳﻠﯾﻣﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻣن ﯾﻛﻧﺳﮫ وﯾﻐﻠق ﺑﺎﺑﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺳﻠم إﻟﯾﮫ‬
‫ﺻﺢ اﻟﺗﺳﻠﯾم‪ ،‬واﻟﻣﻘﺑرة ﻓﻲ ھذا ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻣﺳﺟد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﯾل؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﻣﺗوﻟﻲ ﻟﮫ ﻋرﻓﺎ‪ .‬وﻗﯾل ھﻲ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺳﻘﺎﯾﺔ‬
‫واﻟﺧﺎن ﻓﯾﺻﺢ اﻟﺗﺳﻠﯾم إﻟﻰ اﻟﻣﺗوﻟﻲ؛ ﻷﻧﮫ ﻟو ﻧﺻب اﻟﻣﺗوﻟﻲ ﯾﺻﺢ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﺑﺧﻼف اﻟﻌﺎدة‪ ،‬وﻟو ﺟﻌل دارا ﻟﮫ‬
‫ﺑﻣﻛﺔ ﺳﻛﻧﻰ ﻟﺣﺎج ﺑﯾت ﷲ واﻟﻣﻌﺗﻣرﯾن‪ ،‬أو ﺟﻌل داره ﻓﻲ ﻏﯾر ﻣﻛﺔ ﺳﻛﻧﻰ ﻟﻠﻣﺳﺎﻛﯾن‪ ،‬أو ﺟﻌﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﺛﻐر ﻣن‬
‫اﻟﺛﻐور ﺳﻛﻧﻰ ﻟﻠﻐزاة واﻟﻣراﺑطﯾن‪ .‬أو ﺟﻌل ﻏﻠﺔ أرﺿﮫ ﻟﻠﻐزاة ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ودﻓﻊ ذﻟك إﻟﻰ وال ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﮫ‬
‫ﻓﮭو ﺟﺎﺋز‪ ،‬وﻻ رﺟوع ﻓﯾﮫ ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ إﻻ أن ﻓﻲ اﻟﻐﻠﺔ ﺗﺣل ﻟﻠﻔﻘراء دون اﻷﻏﻧﯾﺎء‪ ،‬وﻓﯾﻣﺎ ﺳواه ﻣن ﺳﻛﻧﻰ اﻟﺧﺎن‬
‫واﻻﺳﺗﻘﺎء ﻣن اﻟﺑﺋر واﻟﺳﻘﺎﯾﺔ وﻏﯾر ذﻟك ﯾﺳﺗوي ﻓﯾﮫ اﻟﻐﻧﻲ واﻟﻔﻘﯾر‪ ،‬واﻟﻔﺎرق ھو اﻟﻌرف ﻓﻲ اﻟﻔﺻﻠﯾن‪ .‬ﻓﺈن أھل‬
‫اﻟﻌرف ﯾرﯾدون ﺑذﻟك ﻓﻲ اﻟﻐﻠﺔ اﻟﻔﻘراء‪ ،‬وﻓﻲ ﻏﯾرھﺎ اﻟﺗﺳوﯾﺔ ﺑﯾﻧﮭم وﺑﯾن اﻷﻏﻧﯾﺎء‪ ،‬وﻷن اﻟﺣﺎﺟﺔ ﺗﺷﻣل اﻟﻐﻧﻲ‬
‫واﻟﻔﻘﯾر ﻓﻲ اﻟﺷرب واﻟﻧزول‪ .‬واﻟﻐﻧﻲ ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺻرف ھذا اﻟﻐﻠﺔ ﻟﻐﻧﺎه‪ ،‬وﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻟﺑﯾوع‬ ‫ص ‪-23-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟﺑﯾﻊ ﯾﻧﻌﻘد ﺑﺎﻹﯾﺟﺎب واﻟﻘﺑول إذا ﻛﺎﻧﺎ ﺑﻠﻔظﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ" ﻣﺛل أن ﯾﻘول أﺣدھﻣﺎ ﺑﻌت واﻵﺧر اﺷﺗرﯾت؛ ﻷن‬
‫اﻟﺑﯾﻊ إﻧﺷﺎء ﺗﺻرف‪ ،‬واﻹﻧﺷﺎء ﯾﻌرف ﺑﺎﻟﺷرع واﻟﻣوﺿوع ﻟﻺﺧﺑﺎر ﻗد اﺳﺗﻌﻣل ﻓﯾﮫ ﻓﯾﻧﻌﻘد ﺑﮫ‪ .‬وﻻ ﯾﻧﻌﻘد ﺑﻠﻔظﯾن‬
‫أﺣدھﻣﺎ ﻟﻔظ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل واﻵﺧر ﻟﻔظ اﻟﻣﺎﺿﻲ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻧﻛﺎح‪ ،‬وﻗد ﻣر اﻟﻔرق ھﻧﺎك‪ .‬وﻗوﻟﮫ رﺿﯾت ﺑﻛذا أو أﻋطﯾﺗك‬
‫ﺑﻛذا أو ﺧذه ﺑﻛذا ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ ﻗوﻟﮫ ﺑﻌت واﺷﺗرﯾت؛ ﻷﻧﮫ ﯾؤدي ﻣﻌﻧﺎه‪ ،‬واﻟﻣﻌﻧﻰ ھو اﻟﻣﻌﺗﺑر ﻓﻲ ھذه اﻟﻌﻘود‪ ،‬وﻟﮭذا‬
‫ﯾﻧﻌﻘد ﺑﺎﻟﺗﻌﺎطﻲ ﻓﻲ اﻟﻧﻔﯾس واﻟﺧﺳﯾس ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻟﺗﺣﻘق اﻟﻣراﺿﺎة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أوﺟﺑﺄﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن اﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﻵﺧر ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎء ﻗﺑل ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس وإن ﺷﺎء رد"‪ ،‬وھذا ﺧﯾﺎر‬
‫اﻟﻘﺑول؛ ﻷﻧﮫ ﻟو ﻟم ﯾﺛﺑت ﻟﮫ اﻟﺧﯾﺎر ﯾﻠزﻣﮫ ﺣﻛم اﻟﺑﯾﻊ ﻣن ﻏﯾر رﺿﺎه‪ ،‬وإذا ﻟم ﯾﻔﺳد ﻟﺣﻛم ﺑدون ﻗﺑول اﻵﺧر‬
‫ﻓﻠﻠﻣوﺟب أن ﯾرﺟﻊ ﻋﻧﮫ ﻗﺑل ﻗﺑوﻟﮫ ﻟﺧﻠوه ﻋن إﺑطﺎل ﺣق اﻟﻐﯾر‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﻣﺗد إﻟﻰ آﺧر اﻟﻣﺟﻠس؛ ﻷن اﻟﻣﺟﻠس ﺟﺎﻣﻊ‬
‫اﻟﻣﺗﻔرﻗﺎت ﻓﺎﻋﺗﺑرت ﺳﺎﻋﺎﺗﮫ ﺳﺎﻋﺔ واﺣدة دﻓﻌﺎ ﻟﻠﻌﺳر وﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ﻟﻠﯾﺳر‪ ،‬واﻟﻛﺗﺎب ﻛﺎﻟﺧطﺎب‪ ،‬وﻛذا اﻹرﺳﺎل ﺣﺗﻰ‬
‫اﻋﺗﺑر ﻣﺟﻠس ﺑﻠوغ اﻟﻛﺗﺎب وأداء اﻟرﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬وﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﻘﺑل ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣﺑﯾﻊ وﻻ أن ﯾﻘﺑل اﻟﻣﺷﺗري ﺑﺑﻌض اﻟﺛﻣن‬
‫ﻟﻌدم رﺿﺎ اﻵﺧر ﺑﺗﻔرق اﻟﺻﻔﻘﺔ‪ ،‬إﻻ إذا ﺑﯾن ﻛل واﺣد؛ ﻷﻧﮫ ﺻﻔﻘﺎت ﻣﻌﻧﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وأﯾﮭﻣﺎ ﻗﺎم ﻋن اﻟﻣﺟﻠس ﻗﺑل اﻟﻘﺑول ﺑطل اﻹﯾﺟﺎب؛ ﻷن اﻟﻘﯾﺎم دﻟﯾل اﻹﻋراض" واﻟرﺟوع‪ ،‬وﻟﮫ ذﻟك ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‪ .‬وإذا ﺣﺻل اﻹﯾﺟﺎب واﻟﻘﺑول ﻟزم اﻟﺑﯾﻊ وﻻ ﺧﯾﺎر ﻟواﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ إﻻ ﻣن ﻋﯾب أو ﻋدم رؤﯾﺔ‪.‬‬
‫وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾﺛﺑت ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺧﯾﺎر اﻟﻣﺟﻠس ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬اﻟﻣﺗﺑﺎﯾﻌﺎن ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر ﻣﺎ‬
‫ﻟم ﯾﺗﻔرﻗﺎ" وﻟﻧﺎ أن ﻓﻲ اﻟﻔﺳﺦ إﺑطﺎل ﺣق اﻵﺧر ﻓﻼ ﯾﺟوز‪ .‬واﻟﺣدﯾث ﻣﺣﻣول ﻋﻠﻰ ﺧﯾﺎر اﻟﻘﺑول‪ .‬وﻓﯾﮫ إﺷﺎرة إﻟﯾﮫ‬
‫ﻓﺈﻧﮭﻣﺎ ﻣﺗﺑﺎﯾﻌﺎن ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻻ ﺑﻌدھﺎ أو ﯾﺣﺗﻣﻠﮫ ﻓﯾﺣﻣل ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬واﻟﺗﻔرق ﻓﯾﮫ ﺗﻔرق اﻷﻗوال‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻷﻋواض اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﮭﺎ ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﻘدارھﺎ ﻓﻲ ﺟواز اﻟﺑﯾﻊ" ﻷن‬
‫ﺑﺎﻹﺷﺎرة ﻛﻔﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌرﯾف وﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟوﺻف ﻓﯾﮫ ﻻ ﺗﻔﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ "واﻷﺛﻣﺎن‬ ‫ص ‪-24-‬‬
‫اﻟﻣطﻠﻘﺔﻻ ﺗﺻﺢ إﻻ أن ﺗﻛون ﻣﻌروﻓﺔ اﻟﻘدر واﻟﺻﻔﺔ"؛ ﻷن اﻟﺗﺳﻠﯾم واﻟﺗﺳﻠم واﺟب ﺑﺎﻟﻌﻘد‪ ،‬وھذه اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻣﻔﺿﯾﺔ‬
‫إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻓﯾﻣﺗﻧﻊ اﻟﺗﺳﻠﯾم واﻟﺗﺳﻠم‪ ،‬وﻛل ﺟﮭﺎﻟﺔ ھذه ﺻﻔﺗﮭﺎ ﺗﻣﻧﻊ اﻟﺟواز‪ ،‬ھذا ھو اﻷﺻل‪.‬‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬ﷲ} ﱠ ُ اﻟ ْ ﺑ َﯾ ْﻊ َ و َ ﺣ َ ر ﱠ م َ‬
‫ﻗوﻟﮫ َﺣ َ ل ﱠ‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺛﻣن ﺣﺎل وﻣؤﺟل إذا ﻛﺎن اﻷﺟل ﻣﻌﻠوﻣﺎ" ﻹطﻼق و َ أ‬
‫اﻟر ﱢ ﺑ َﺎ{ ]اﻟﺑﻘرة‪ [275:‬وﻋﻧﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم "أﻧﮫ اﺷﺗرى ﻣن ﯾﮭودي طﻌﺎﻣﺎ إﻟﻰ أﺟل ﻣﻌﻠوم ورھﻧﮫ درﻋﮫ"‪.‬‬
‫وﻻ ﺑد أن ﯾﻛون اﻷﺟل ﻣﻌﻠوﻣﺎ؛ ﻷن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﯾﮫ ﻣﺎﻧﻌﺔ ﻣن اﻟﺗﺳﻠﯾم اﻟواﺟب ﺑﺎﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻓﮭذا ﯾطﺎﻟﺑﮫ ﺑﮫ ﻓﻲ ﻗرﯾب اﻟﻣدة‪،‬‬
‫وھذا ﯾﺳﻠﻣﮫ ﻓﻲ ﺑﻌﯾدھﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أطﻠق اﻟﺛﻣن ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻏﺎﻟب ﻧﻘد اﻟﺑﻠد"؛ ﻷﻧﮫ اﻟﻣﺗﻌﺎرف‪ ،‬وﻓﯾﮫ اﻟﺗﺣري ﻟﻠﺟواز ﻓﯾﺻرف‬
‫إﻟﯾﮫ "ﻓﺈن ﻛﺎﻧت اﻟﻧﻘود ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﺳد إﻻ أن ﯾﺑﯾن أﺣدھﻣﺎ" وھذا إذا ﻛﺎن اﻟﻛل ﻓﻲ اﻟرواج ﺳواء؛ ﻷن‬
‫اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻣﻔﺿﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ إﻻ أن ﺗرﺗﻔﻊ اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﺑﯾﺎن أو ﯾﻛون أﺣدھﻣﺎ أﻏﻠب وأروج ﻓﺣﯾﻧﺋذ ﯾﺻرف إﻟﯾﮫ‬
‫ﺗﺣرﯾﺎ ﻟﻠﺟواز‪ ،‬وھذا إذا ﻛﺎﻧت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎﻧت ﺳواء ﻓﯾﮭﺎ ﻛﺎﻟﺛﻧﺎﺋﻲ واﻟﺛﻼﺛﻲ واﻟﻧﺻرﺗﻲ اﻟﯾوم‬
‫ﺑﺳﻣرﻗﻧد واﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾن اﻟﻌداﻟﻰ ﺑﻔرﻏﺎﻧﺔ ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ إذا أطﻠق اﺳم اﻟدرھم‪ ،‬ﻛذا ﻗﺎﻟوا‪ ،‬وﯾﻧﺻرف إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗدر ﺑﮫ‬
‫ﻣن أي ﻧوع ﻛﺎن؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﻣﻧﺎزﻋﺔ وﻻ اﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟطﻌﺎم واﻟﺣﺑوب ﻣﻛﺎﯾﻠﺔ وﻣﺟﺎزﻓﺔ" وھذا إذا ﺑﺎﻋﮫ ﺑﺧﻼف ﺟﻧﺳﮫ ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪:‬‬
‫"إذا اﺧﺗﻠف اﻟﻧوﻋﺎن ﻓﺑﯾﻌوا ﻛﯾف ﺷﺋﺗم ﺑﻌد أن ﯾﻛون ﯾدا ﺑﯾد" ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺑﺎﻋﮫ ﺑﺟﻧﺳﮫ ﻣﺟﺎزﻓﺔ ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن‬
‫اﺣﺗﻣﺎل اﻟرﺑﺎ وﻷن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻏﯾر ﻣﺎﻧﻌﺔ ﻣن اﻟﺗﺳﻠﯾم واﻟﺗﺳﻠم ﻓﺷﺎﺑﮫ ﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﻘﯾﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﺑﺈﻧﺎء ﺑﻌﯾﻧﮫ ﻻ ﯾﻌرف ﻣﻘداره وﺑوزن ﺣﺟر ﺑﻌﯾﻧﮫ ﻻ ﯾﻌرف ﻣﻘداره"؛ ﻷن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻻ ﺗﻔﺿﻲ إﻟﻰ‬
‫اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻟﻣﺎ أﻧﮫ ﯾﺗﻌﺟل ﻓﯾﮫ اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﯾﻧدر ھﻼﻛﮫ ﻗﺑﻠﮫ ﺑﺧﻼف اﻟﺳﻠم؛ ﻷن اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﯾﮫ ﻣﺗﺄﺧر واﻟﮭﻼك ﻟﯾس ﺑﻧﺎدر‬
‫ﻗﺑﻠﮫ ﻓﺗﺗﺣﻘق اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ أﯾﺿﺎ‪ ،‬واﻷول أﺻﺢ وأظﮭر‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﺻﺑرة طﻌﺎم ﻛل ﻗﻔﯾز ﺑدرھم ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻲ ﻗﻔﯾز واﺣد ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ إﻻ أن ﯾﺳﻣﻲ ﺟﻣﻠﺔ‬
‫ﻗﻔزاﻧﮭﺎ وﻗﺎﻻ ﯾﺟوز ﻓﻲ اﻟوﺟﮭﯾن" ﻟﮫ أﻧﮫ ﺗﻌذر اﻟﺻرف إﻟﻰ اﻟﻛل ﻟﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﻣﺑﯾﻊ واﻟﺛﻣن ﻓﯾﺻرف إﻟﻰ اﻷﻗل وھو‬
‫ﻣﻌﻠوم‪ ،‬وإﻻ أن ﺗزول اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﺑﺗﺳﻣﯾﺔ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻘﻔزان أو ﺑﺎﻟﻛﯾل ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس‪ ،‬وﺻﺎر ھذا ﻛﻣﺎ ﻟو أﻗر وﻗﺎل ﻟﻔﻼن‬
‫ﻋﻠﻲ ﻛل درھم ﻓﻌﻠﯾﮫ درھم واﺣد ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﺑﯾدھﻣﺎ إزاﻟﺗﮭﺎ وﻣﺛﻠﮭﺎ ﻏﯾر ﻣﺎﻧﻊ‪ ،‬وﻛﻣﺎ إذا ﺑﺎع‬

‫ﻋﺑدا ﻣن ﻋﺑدﯾن ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺷﺗري ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر‪ .‬ﺛم إذا ﺟﺎز ﻓﻲ ﻗﻔﯾز واﺣد ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‬ ‫ص ‪-25-‬‬
‫ﻓﻠﻠﻣﺷﺗري اﻟﺧﯾﺎر ﻟﺗﻔرق اﻟﺻﻔﻘﺔ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻛذا إذا ﻛﯾل ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس أو ﺳﻣﻰ ﺟﻣﻠﺔ ﻗﻔزاﻧﮭﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﻋﻠم ذﻟك اﻵن ﻓﻠﮫ‬
‫اﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا رآه وﻟم ﯾﻛن رآه وﻗت اﻟﺑﯾﻊ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﻗطﯾﻊ ﻏﻧم ﻛل ﺷﺎة ﺑدرھم ﻓﺳد اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻌﮭﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻛذﻟك ﻣن ﺑﺎع ﺛوﺑﺎ ﻣذارﻋﺔ‬
‫ﻛل ذراع ﺑدرھم وﻟم ﯾﺳم ﺟﻣﻠﺔ اﻟذراﻋﺎن‪ ،‬وﻛﺎن ﻛل ﻣﻌدود ﻣﺗﻔﺎوت‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﯾﺟوز ﻓﻲ اﻟﻛل ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ ،‬وﻋﻧده‬
‫ﯾﻧﺻرف إﻟﻰ اﻟواﺣد" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ ﻏﯾر أن ﺑﯾﻊ ﺷﺎة ﻣن ﻗطﯾﻊ ﻏﻧم وذراع ﻣن ﺛوب ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﺗﻔﺎوت‪ .‬وﺑﯾﻊ ﻗﻔﯾز ﻣن‬
‫ﺻﺑرة ﯾﺟوز ﻟﻌدم اﻟﺗﻔﺎوت ﻓﻼ ﺗﻔﺿﻲ اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﺗﻘﺿﻲ إﻟﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﻷول ﻓوﺿﺢ اﻟﻔرق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺑﺗﺎع ﺻﺑرة طﻌﺎم ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ﻣﺎﺋﺔ ﻗﻔﯾز ﺑﻣﺎﺋﺔ درھم ﻓوﺟدھﺎ أﻗل ﻛﺎن اﻟﻣﺷﺗري ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎء أﺧذ‬
‫اﻟﻣوﺟود ﺑﺣﺻﺗﮫ ﻣن اﻟﺛﻣن‪ ،‬وإن ﺷﺎء ﻓﺳﺦ اﻟﺑﯾﻊ" ﻟﺗﻔرق اﻟﺻﻔﻘﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﻗﺑل اﻟﺗﻣﺎم‪ ،‬ﻓﻠم ﯾﺗم رﺿﺎه ﺑﺎﻟﻣوﺟود‪،‬‬
‫"وإن وﺟدھﺎ أﻛﺛر ﻓﺎﻟزﯾﺎدة ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ"؛ ﻷن اﻟﺑﯾﻊ وﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﻘدار ﻣﻌﯾن واﻟﻘدر ﻟﯾس ﺑوﺻف‬
‫"وﻣن اﺷﺗرى ﺛوﺑﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻋﺷرة أذرع ﺑﻌﺷرة دراھم أو أرﺿﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ﻣﺎﺋﺔ ذراع ﺑﻣﺎﺋﺔ درھم ﻓوﺟدھﺎ أﻗل‬
‫ﻓﺎﻟﻣﺷﺗري ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬إن ﺷﺎء أﺧذھﺎ ﺑﺟﻣﻠﺔ اﻟﺛﻣن‪ ،‬وإن ﺷﺎء ﺗرك"؛ ﻷن اﻟذراع وﺻف ﻓﻲ اﻟﺛوب؛ أﻻ ﯾرى أﻧﮫ‬
‫ﻋﺑﺎرة ﻋن اﻟطول واﻟﻌرض‪ ،‬واﻟوﺻف ﻻ ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ ﺷﻲء ﻣن اﻟﺛﻣن ﻛﺄطراف اﻟﺣﯾوان ﻓﻠﮭذا ﯾﺄﺧذه ﺑﻛل اﻟﺛﻣن‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف اﻟﻔﺻل اﻷول؛ ﻷن اﻟﻣﻘدار ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ اﻟﺛﻣن ﻓﻠﮭذا ﯾﺄﺧذه ﺑﺣﺻﺗﮫ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﯾﺗﺧﯾر ﻟﻔوات اﻟوﺻف اﻟﻣذﻛور ﻟﺗﻐﯾر‬
‫اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﺧﺗل اﻟرﺿﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن وﺟدھﺎ أﻛﺛر ﻣن اﻟذراع اﻟذي ﺳﻣﺎه ﻓﮭو ﻟﻠﻣﺷﺗري وﻻ ﺧﯾﺎر ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ"؛ ﻷﻧﮫ ﺻﻔﺔ‪ ،‬ﻓﻛﺎن ﺑﻣﻧزﻟﺔ ﻣﺎ إذا‬
‫ﺑﺎﻋﮫ ﻣﻌﯾﺑﺎ‪ ،‬ﻓﺈذا ھو ﺳﻠﯾم "وﻟو ﻗﺎل ﺑﻌﺗﻛﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ﻣﺎﺋﺔ ذراع ﺑﻣﺎﺋﺔ درھم ﻛل ذراع ﺑدرھم ﻓوﺟدھﺎ ﻧﺎﻗﺻﺔ‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﻣﺷﺗري ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎء أﺧذھﺎ ﺑﺣﺻﺗﮭﺎ ﻣن اﻟﺛﻣن‪ ،‬وإن ﺷﺎء ﺗرك"؛ ﻷن اﻟوﺻف وإن ﻛﺎن ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻟﻛﻧﮫ ﺻﺎر‬
‫أﺻﻼ ﺑﺈﻓراده ﺑذﻛر اﻟﺛﻣن ﻓﯾﻧزل ﻛل ذراع ﻣﻧزﻟﺔ ﺛوب؛ وھذا ﻷﻧﮫ ﻟو أﺧذه ﺑﻛل اﻟﺛﻣن ﻟم ﯾﻛن آﺧذا ﻟﻛل ذراع‬
‫ﺑدرھم "وإن وﺟدھﺎ زاﺋدة ﻓﮭو ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎء أﺧذ اﻟﺟﻣﯾﻊ ﻛل ذراع ﺑدرھم‪ ،‬وإن ﺷﺎء ﻓﺳﺦ اﻟﺑﯾﻊ" ﻷﻧﮫ إن‬
‫ﺣﺻل ﻟﮫ اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟذرع ﺗﻠزﻣﮫ زﯾﺎدة اﻟﺛﻣن ﻓﻛﺎن ﻧﻔﻌﺎ ﯾﺷوﺑﮫ ﺿرر ﻓﯾﺗﺧﯾر‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﻠزﻣﮫ اﻟزﯾﺎدة ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ أﻧﮫ‬
‫ﺻﺎر أﺻﻼ‪ ،‬وﻟو أﺧذه ﺑﺎﻷﻗل ﻟم ﯾﻛن آﺧذا ﺑﺎﻟﻣﺷروط‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﻋﺷرة أذرع ﻣن ﻣﺎﺋﺔ ذراع ﻣن دار أو ﺣﻣﺎم ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﺳد ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ھو ﺟﺎﺋز‪،‬‬
‫وإن اﺷﺗرى ﻋﺷرة أﺳﮭم ﻣن ﻣﺎﺋﺔ ﺳﮭم ﺟﺎز ﻓﻲ ﻗوﻟﮭم ﺟﻣﯾﻌﺎ"‬

‫ﻟﮭﻣﺎ أن ﻋﺷرة أذرع ﻣن ﻣﺎﺋﺔ ذراع ﻋﺷر اﻟدار ﻓﺄﺷﺑﮫ ﻋﺷرة أﺳﮭم‪ .‬وﻟﮫ أن اﻟذراع‬ ‫ص ‪-26-‬‬
‫اﺳم ﻟﻣﺎ ﯾذرع ﺑﮫ‪ ،‬واﺳﺗﻌﯾر ﻟﻣﺎ ﯾﺣﻠﮫ اﻟذراع وھو اﻟﻣﻌﯾن دون اﻟﻣﺷﺎع‪ ،‬وذﻟك ﻏﯾر ﻣﻌﻠوم‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺳﮭم‪ .‬وﻻ‬
‫ﻓرق ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﺑﯾن ﻣﺎ إذا ﻋﻠم ﻣن ﺟﻣﻠﺔ اﻟذراﻋﺎن أو ﻟم ﯾﻌﻠم ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ اﻟﺧﺻﺎف ﻟﺑﻘﺎء‬
‫اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ‪.‬‬
‫وﻟو اﺷﺗرى ﻋدﻻ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻋﺷرة أﺛواب ﻓﺈذا ھو ﺗﺳﻌﺔ أو أﺣد ﻋﺷر ﻓﺳد اﻟﺑﯾﻊ ﻟﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﻣﺑﯾﻊ أو اﻟﺛﻣن‪.‬‬
‫"وﻟو ﺑﯾن ﻟﻛل ﺛوب ﺛﻣﻧﺎ ﺟﺎز ﻓﻲ ﻓﺻل اﻟﻧﻘﺻﺎن ﺑﻘدره وﻟﮫ اﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬وﻟم ﯾﺟز ﻓﻲ اﻟزﯾﺎدة" ﻟﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﻌﺷرة‬
‫اﻟﻣﺑﯾﻌﺔ‪ .‬وﻗﯾل ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻻ ﯾﺟوز ﻓﻲ ﻓﺻل اﻟﻧﻘﺻﺎن أﯾﺿﺎ وﻟﯾس ﺑﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا اﺷﺗرى ﺛوﺑﯾن‬
‫ﻋﻠﻰ أﻧﮭﻣﺎ ھروﯾﺎن ﻓﺈذا أﺣدھﻣﺎ ﻣروي ﺣﯾث ﻻ ﯾﺟوز ﻓﯾﮭﻣﺎ‪ ،‬وإن ﺑﯾن ﺛﻣن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﺟﻌل اﻟﻘﺑول ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣروي ﺷرطﺎ ﻟﺟواز اﻟﻌﻘد ﻓﻲ اﻟﮭروي‪ ،‬وھو ﺷرط ﻓﺎﺳد وﻻ ﻗﺑول ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ اﻟﻣﻌدوم ﻓﺎﻓﺗرﻗﺎ‪.‬‬
‫"وﻟو اﺷﺗرى ﺛوﺑﺎ واﺣدا ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻋﺷرة أذرع ﻛل ذراع ﺑدرھم ﻓﺈذا ھو ﻋﺷرة وﻧﺻف أو ﺗﺳﻌﺔ وﻧﺻف‪ ،‬ﻗﺎل‬
‫أﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻓﻲ اﻟوﺟﮫ اﻷول ﯾﺄﺧذه ﺑﻌﺷرة ﻣن ﻏﯾر ﺧﯾﺎر‪ ،‬وﻓﻲ اﻟوﺟﮫ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾﺄﺧذه ﺑﺗﺳﻌﺔ إن ﺷﺎء‬
‫وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻓﻲ اﻟوﺟﮫ اﻷول ﯾﺄﺧذه ﺑﺄﺣد ﻋﺷر إن ﺷﺎء‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾﺄﺧذ ﺑﻌﺷرة إن ﺷﺎء‪ .‬وﻗﺎل‬
‫ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺄﺧذ ﻓﻲ اﻷول ﺑﻌﺷرة وﻧﺻف إن ﺷﺎء‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﺗﺳﻌﺔ وﻧﺻف وﯾﺧﯾر"؛ ﻷن ﻣن‬
‫ﺿرورة ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟذراع ﺑﺎﻟدرھم ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻧﺻﻔﮫ ﺑﻧﺻﻔﮫ ﻓﯾﺟري ﻋﻠﯾﮫ ﺣﻛﻣﮭﺎ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﻟﻣﺎ أﻓرد‬
‫ﻛل ذراع ﺑﺑدل ﻧزل ﻛل ذراع ﻣﻧزﻟﺔ ﺛوب ﻋﻠﻰ ﺣدة وﻗد اﻧﺗﻘض‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن اﻟذراع وﺻف ﻓﻲ‬
‫اﻷﺻل‪ ،‬وإﻧﻣﺎ أﺧذ ﺣﻛم اﻟﻣﻘدار ﺑﺎﻟﺷرط وھو ﻣﻘﯾد ﺑﺎﻟذراع‪ ،‬ﻓﻌﻧد ﻋدﻣﮫ ﻋﺎد اﻟﺣﻛم إﻟﻰ اﻷﺻل‪ .‬وﻗﯾل ﻓﻲ‬
‫اﻟﻛرﺑﺎس اﻟذي ﻻ ﯾﺗﻔﺎوت ﺟواﻧﺑﮫ ﻻ ﯾطﯾب ﻟﻠﻣﺷﺗري ﻣﺎ زاد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷروط؛ ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻣوزون ﺣﯾث ﻻ ﯾﺿره‬
‫اﻟﻔﺻل‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا ﻟو ﻗﺎﻟوا‪ :‬ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ ذراع ﻣﻧﮫ‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع دارا دﺧل ﺑﻧﺎؤھﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ وإن ﻟم ﯾﺳﻣﮫ"‪،‬‬


‫ﻷن اﺳم اﻟدار ﯾﺗﻧﺎول اﻟﻌرﺻﺔ واﻟﺑﻧﺎء ﻓﻲ اﻟﻌرف وﻷﻧﮫ ﻣﺗﺻل ﺑﮭﺎ اﺗﺻﺎل ﻗرار ﻓﯾﻛون ﺗﺑﻌﺎ ﻟﮫ‪.‬‬
‫"وﻣن ﺑﺎع أرﺿﺎ دﺧل ﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣن اﻟﻧﺧل واﻟﺷﺟر وإن ﻟم ﯾﺳﻣﮫ" ﻷﻧﮫ ﻣﺗﺻل ﺑﮭﺎ ﻟﻠﻘرار ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﺑﻧﺎء "وﻻ ﯾدﺧل‬
‫اﻟزرع ﻓﻲ ﺑﯾﻊ اﻷرض إﻻ ﺑﺎﻟﺗﺳﻣﯾﺔ" ﻷﻧﮫ ﻣﺗﺻل ﺑﮭﺎ ﻟﻠﻔﺻل ﻓﺷﺎﺑﮫ اﻟﻣﺗﺎع اﻟذي ﻓﯾﮭﺎ‪.‬‬
‫"وﻣن ﺑﺎع ﻧﺧﻼ أو ﺷﺟرا ﻓﯾﮫ ﺛﻣر ﻓﺛﻣرﺗﮫ ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ إﻻ أن ﯾﺷﺗرط اﻟﻣﺑﺗﺎع" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة‬

‫واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻣن اﺷﺗرى أرﺿﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻧﺧل ﻓﺎﻟﺛﻣرة ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬إﻻ أن ﯾﺷﺗرط اﻟﻣﺑﺗﺎع" وﻷن‬ ‫ص ‪-27-‬‬
‫اﻻﺗﺻﺎل وإن ﻛﺎن ﺧﻠﻘﺔ ﻓﮭو ﻟﻠﻘطﻊ ﻻ ﻟﻠﺑﻘﺎء ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟزرع‪" .‬وﯾﻘﺎل ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ اﻗطﻌﮭﺎ وﺳﻠم اﻟﻣﺑﯾﻊ" وﻛذا إذا ﻛﺎن‬
‫ﻓﯾﮭﺎ زرع؛ ﻷن ﻣﻠك اﻟﻣﺷﺗري ﻣﺷﻐول ﺑﻣﻠك اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﻛﺎن ﻋﻠﯾﮫ ﺗﻔرﯾﻐﮫ وﺗﺳﻠﯾﻣﮫ‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻓﯾﮫ ﻣﺗﺎع‪ .‬وﻗﺎل‬
‫اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺗرك ﺣﺗﻰ ﯾظﮭر ﺻﻼح اﻟﺛﻣر وﯾﺳﺗﺣﺻد اﻟزرع؛ ﻷن اﻟواﺟب إﻧﻣﺎ ھو اﻟﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﻌﺗﺎد‪،‬‬
‫واﻟﻣﻌﺗﺎد أن ﻻ ﯾﻘطﻊ ﻛذﻟك وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا اﻧﻘﺿت ﻣدة اﻹﺟﺎرة وﻓﻲ اﻷرض زرع‪ .‬ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬ھﻧﺎك اﻟﺗﺳﻠﯾم واﺟب‬
‫أﯾﺿﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﺗرك ﺑﺄﺟر‪ ،‬وﺗﺳﻠﯾم اﻟﻌوض ﻛﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﻌوض‪ .،‬وﻻ ﻓرق ﺑﯾن ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺛﻣر ﺑﺣﺎل ﻟﮫ ﻗﯾﻣﺔ أو ﻟم‬
‫ﯾﻛن ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ وﯾﻛون ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﯾن ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ؛ ﻷن ﺑﯾﻌﮫ ﯾﺟوز ﻓﻲ أﺻﺢ اﻟرواﯾﺗﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺑﯾن ﻓﻼ ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺑﯾﻊ‬
‫اﻟﺷﺟر ﻣن ﻏﯾر ذﻛر‪ .‬وأﻣﺎ إذا ﺑﯾﻌت اﻷرض وﻗد ﺑذر ﻓﯾ ﮭﺎ ﺻﺎﺣﺑﮭﺎ وﻟم ﯾﻧﺑت ﺑﻌد ﻟم ﯾدﺧل ﻓﯾﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﻣودع ﻓﯾﮭﺎ‬
‫ﻛﺎﻟﻣﺗﺎع‪ .،‬وﻟو ﻧﺑت وﻟم ﺗﺻر ﻟﮫ ﻗﯾﻣﺔ ﻓﻘد ﻗﯾل ﻻ ﯾدﺧل ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻗد ﻗﯾل ﯾدﺧل ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻛﺄن ھذا ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ‬
‫ﺟواز ﺑﯾﻌﮫ ﻗﺑل أن ﺗﻧﺎﻟﮫ اﻟﻣﺷﺎﻓر واﻟﻣﻧﺎﺟل‪ ،‬وﻻ ﯾدﺧل اﻟزرع واﻟﺛﻣر ﺑذﻛر اﻟﺣﻘوق واﻟﻣراﻓق؛ ﻷﻧﮭﻣﺎ ﻟﯾﺳﺎ ﻣﻧﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫وﻟو ﻗﺎل ﺑﻛل ﻗﻠﯾل وﻛﺛﯾر ھو ﻟﮫ ﻓﯾﮭﺎ وﻣﻧﮭﺎ ﻣن ﺣﻘوﻗﮭﺎ أو ﻗﺎل ﻣن ﻣراﻓﻘﮭﺎ ﻟم ﯾدﺧﻼ ﻓﯾﮫ ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ ،‬وإن ﻟم ﯾﻘل ﻣن‬
‫ﺣﻘوﻗﮭﺎ أو ﻣن ﻣراﻓﻘﮭﺎ دﺧﻼ ﻓﯾﮫ‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﺛﻣر اﻟﻣﺟذوذ واﻟزرع اﻟﻣﺣﺻود ﻓﮭو ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻣﺗﺎع ﻻ ﯾدﺧل إﻻ‬
‫ﺑﺎﻟﺗﺻرﯾﺢ ﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﺛﻣرة ﻟم ﯾﺑد ﺻﻼﺣﮭﺎ أو ﻗد ﺑدا ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ"؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺎل ﻣﺗﻘوم‪ ،‬إﻣﺎ ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﻧﺗﻔﻌﺎ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﺎل أو‬
‫ﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻗد ﻗﯾل ﻻ ﯾﺟوز ﻗﺑل أن ﯾﺑدو ﺻﻼﺣﮭﺎ واﻷول أﺻﺢ "وﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺗري ﻗطﻌﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺎل" ﺗﻔرﯾﻐﺎ‬
‫ﻟﻣﻠك اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬وھذا‪ .‬إذا اﺷﺗراھﺎ ﻣطﻠﻘﺎ أو ﺑﺷرط اﻟﻘطﻊ "وإن ﺷرط ﺗرﻛﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺧﯾل ﻓﺳد اﻟﺑﯾﻊ"؛ ﻷﻧﮫ ﺷرط ﻻ‬
‫ﯾﻘﺗﺿﯾﮫ اﻟﻌﻘد وھو ﺷﻐل ﻣﻠك اﻟﻐﯾر أو ھو ﺻﻔﻘﺔ ﻓﻲ ﺻﻔﻘﺔ وھو إﻋﺎرة أو إﺟﺎرة ﻓﻲ ﺑﯾﻊ‪ ،‬وﻛذا ﺑﯾﻊ اﻟزرع ﺑﺷرط‬
‫اﻟﺗرك ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ ،‬وﻛذا إذا ﺗﻧﺎھﻰ ﻋظﻣﮭﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ ،‬واﺳﺗﺣﺳﻧﮫ ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ‬
‫ﷲ ﻟﻠﻌﺎدة‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﺗﻧﺎه ﻋظﻣﮭﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﺷرط ﻓﯾﮫ اﻟﺟزء اﻟﻣﻌدوم وھو اﻟذي ﯾزﯾد ﻟﻣﻌﻧﻰ ﻣن اﻷرض أو‬
‫اﻟﺷﺟر‪ .‬وﻟو اﺷﺗراھﺎ ﻣطﻠﻘﺎ وﺗرﻛﮭﺎ ﺑﺈذن اﻟﺑﺎﺋﻊ طﺎب ﻟﮫ اﻟﻔﺿل‪ ،‬وإن ﺗرﻛﮭﺎ ﺑﻐﯾر إذﻧﮫ ﺗﺻدق ﺑﻣﺎ زاد ﻓﻲ ذاﺗﮫ‬
‫ﻟﺣﺻوﻟﮫ ﺑﺟﮭﺔ ﻣﺣظورة‪ ،‬وإن ﺗرﻛﮭﺎ ﺑﻌدﻣﺎ ﺗﻧﺎھﻰ ﻋظﻣﮭﺎ ﻟم ﯾﺗﺻدق ﺑﺷﻲء‪ .‬ﻷن ھذا ﺗﻐﯾر ﺣﺎﻟﺔ ﻻ ﺗﺣﻘق زﯾﺎدة‪،‬‬
‫وإن اﺷﺗراھﺎ ﻣطﻠﻘ ﺎ وﺗرﻛﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺧﯾل وﻗد اﺳﺗﺄﺟر اﻟﻧﺧﯾل إﻟﻰ وﻗت اﻹدراك طﺎب ﻟﮫ اﻟﻔﺿل؛ ﻷن اﻹﺟﺎرة‬
‫ﺑﺎطﻠﺔ ﻟﻌدم اﻟﺗﻌﺎرف واﻟﺣﺎﺟﺔ ﻓﺑﻘﻲ اﻹذن ﻣﻌﺗﺑرا‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا اﺷﺗرى اﻟزرع واﺳﺗﺄﺟر اﻷرض إﻟﻰ أن ﯾدرك‬
‫وﺗرﻛﮫ ﺣﯾث ﻻ ﯾطﯾب ﻟﮫ اﻟﻔﺿل؛ ﻷن اﻹﺟﺎرة ﻓﺎﺳدة ﻟﻠﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﺄورﺛت ﺧﺑﺛﺎ‪ ،‬وﻟو‬

‫اﺷﺗراھﺎ ﻣطﻠﻘﺎ ﻓﺄﺛﻣرت ﺛﻣرا آﺧر ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻓﺳد اﻟﺑﯾﻊ؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﺑﯾﻊ‬ ‫ص ‪-28-‬‬
‫ﻟﺗﻌذر اﻟﺗﻣﯾﯾز‪ .‬وﻟو أﺛﻣرت ﺑﻌد اﻟﻘﺑض ﯾﺷﺗرﻛﺎن ﻓﯾﮫ ﻟﻼﺧﺗﻼط‪ ،‬واﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺷﺗري ﻓﻲ ﻣﻘداره؛ ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﯾده‪،‬‬
‫وﻛذا ﻓﻲ اﻟﺑﺎذﻧﺟﺎن واﻟﺑطﯾﺦ‪ ،‬واﻟﻣﺧﻠص أن ﯾﺷﺗري اﻷﺻول ﻟﺗﺣﺻل اﻟزﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻛﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز أن ﯾﺑﯾﻊ ﺛﻣرة وﯾﺳﺗﺛﻧﻲ ﻣﻧﮭﺎ‪ ،‬أرطﺎﻻ ﻣﻌﻠوﻣﺔ" ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻣﺎﻟك رﺣﻣﮫ ﷲ؛ ﻷن اﻟﺑﺎﻗﻲ ﺑﻌد اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء‬
‫ﻣﺟﮭول‪ .،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺑﺎع واﺳﺗﺛﻧﻰ ﻧﺧﻼ ﻣﻌﯾﻧﺎ؛ ﻷن اﻟﺑﺎﻗﻲ ﻣﻌﻠوم ﺑﺎﻟﻣﺷﺎھدة‪ .‬ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬ﻗﺎﻟوا ھذه‬
‫رواﯾﺔ اﻟﺣﺳن وھو ﻗول اﻟطﺣﺎوي؛ أﻣﺎ ﻋﻠﻰ ظﺎھر اﻟرواﯾﺔ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﺟوز؛ ﻷن اﻷﺻل أن ﻣﺎ ﯾﺟوز إﯾراد اﻟﻌﻘد‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻧﻔراده ﯾﺟوز اﺳﺗﺛﻧﺎؤه ﻣن اﻟﻌﻘد‪ ،‬وﺑﯾﻊ ﻗﻔﯾز ﻣن ﺻﺑرة ﺟﺎﺋز ﻓﻛذا اﺳﺗﺛﻧﺎؤه‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟﺣﻣل‬
‫وأطراف اﻟﺣﯾوان؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻌﮫ‪ ،‬ﻓﻛذا اﺳﺗﺛﻧﺎؤه‪.‬‬
‫"وﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﺣﻧطﺔ ﻓﻲ ﺳﻧﺑﻠﮭﺎ واﻟﺑﺎﻗﻼء ﻓﻲ ﻗﺷره" وﻛذا اﻷرز واﻟﺳﻣﺳم‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز‬
‫ﺑﯾﻊ اﻟﺑﺎﻗﻼء اﻷﺧﺿر‪ ،‬وﻛذا اﻟﺟوز واﻟﻠوز واﻟﻔﺳﺗق ﻓﻲ ﻗﺷره اﻷول ﻋﻧده‪ .‬وﻟﮫ ﻓﻲ ﺑﯾﻊ اﻟﺳﻧﺑﻠﺔ ﻗوﻻن‪ ،‬وﻋﻧدﻧﺎ‬
‫ﯾﺟوز ذﻟك ﻛﻠﮫ‪ .‬ﻟﮫ أن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺳﺗور ﺑﻣﺎ ﻻ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻟﮫ ﻓﯾﮫ ﻓﺄﺷﺑﮫ ﺗراب اﻟﺻﺎﻏﺔ إذا ﺑﯾﻊ ﺑﺟﻧﺳﮫ‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻣﺎ روي‬
‫ﻋن اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم "أﻧﮫ ﻧﮭﻰ ﻋن ﺑﯾﻊ اﻟﻧﺧل ﺣﺗﻰ ﯾزھو‪ ،‬وﻋن ﺑﯾﻊ اﻟﺳﻧﺑل ﺣﺗﻰ ﯾﺑﯾض وﯾﺄﻣن‬
‫اﻟﻌﺎھﺔ"؛ وﻷﻧﮫ ﺣب ﻣﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ ﻓﯾﺟوز ﺑﯾﻌﮫ ﻓﻲ ﺳﻧﺑﻠﮫ ﻛﺎﻟﺷﻌﯾر واﻟﺟﺎﻣﻊ ﻛوﻧﮫ ﻣﺎﻻ ﻣﺗﻘوﻣﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺗراب اﻟﺻﺎﻏﺔ؛‬
‫ﻷﻧﮫ إﻧﻣﺎ ﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻌﮫ ﺑﺟﻧﺳﮫ ﻻﺣﺗﻣﺎل اﻟرﺑﺎ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﺑﺎﻋﮫ ﺑﺧﻼف ﺟﻧﺳﮫ ﺟﺎز‪ ،‬وﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺗﻧﺎ ﻟو ﺑﺎﻋﮫ ﺑﺟﻧﺳﮫ ﻻ‬
‫ﯾﺟوز أﯾﺿﺎ ﻟﺷﺑﮭﺔ اﻟرﺑﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾدري ﻗدر ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﻧﺎﺑل‪.‬‬
‫"وﻣن ﺑﺎع دارا دﺧل ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﻣﻔﺎﺗﯾﺢ إﻏﻼﻗﮭﺎ"؛ ﻷﻧﮫ ﯾدﺧل ﻓﯾﮫ اﻹﻏﻼق؛ ﻷﻧﮭﺎ ﻣرﻛﺑﺔ ﻓﯾﮭﺎ ﻟﻠﺑﻘﺎء واﻟﻣﻔﺗﺎح ﯾدﺧل‬
‫ﻓﻲ ﺑﯾﻊ اﻟﻐﻠق ﻣن ﻏﯾر ﺗﺳﻣﯾﺔ؛ ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ ﺑﻌض ﻣﻧﮫ إذ ﻻ ﯾﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ ﺑدوﻧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وأﺟرة اﻟﻛﯾﺎل وﻧﺎﻗد اﻟﺛﻣن ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ" أﻣﺎ اﻟﻛﯾل ﻓﻼ ﺑد ﻣﻧﮫ ﻟﻠﺗﺳﻠﯾم وھو ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ وﻣﻌﻧﻰ ھذا إذا ﺑﯾﻊ‬
‫ﻣﻛﺎﯾﻠﺔ‪ ،‬وﻛذا أﺟرة اﻟوزان واﻟزراع واﻟﻌداد‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﻧﻘد ﻓﺎﻟﻣذﻛور رواﯾﺔ اﺑن رﺳﺗم ﻋن ﻣﺣﻣد؛ ﻷن اﻟﻧﻘد ﯾﻛون ﺑﻌد‬
‫اﻟﺗﺳﻠﯾم؛ أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﯾﻛون ﺑﻌد اﻟوزن واﻟﺑﺎﺋﻊ ھو اﻟﻣﺣﺗﺎج إﻟﯾﮫ ﻟﯾﻣﯾز ﻣﺎ ﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﺣﻘﮫ ﻣن ﻏﯾره أو ﻟﯾﻌرف اﻟﻣﻌﯾب‬
‫ﻟﯾرده‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ اﺑن ﺳﻣﺎﻋﺔ ﻋﻧﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺗري؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺗﺳﻠﯾم اﻟﺟﯾد اﻟﻣﻘدر‪ ،‬واﻟﺟودة ﺗﻌرف ﺑﺎﻟﻧﻘد ﻛﻣﺎ‬
‫ﯾﻌرف اﻟﻘدر ﺑﺎﻟوزن ﻓﯾﻛون ﻋﻠﯾﮫ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وأﺟرة وزان اﻟﺛﻣن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺗري" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ أﻧﮫ ھو اﻟﻣﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺗﺳﻠﯾم اﻟﺛﻣن‬ ‫ص ‪-29-‬‬
‫وﺑﺎﻟوزن ﯾﺗﺣﻘق اﻟﺗﺳﻠﯾم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﺳﻠﻌﺔ ﺑﺛﻣن ﻗﯾل ﻟﻠﻣﺷﺗري ادﻓﻊ اﻟﺛﻣن أوﻻ"؛ ﻷن ﺣق اﻟﻣﺷﺗري ﺗﻌﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﯾﻘدم دﻓﻊ اﻟﺛﻣن‬
‫ﻟﯾﺗﻌﯾن ﺣق اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺑﺎﻟﻘﺑض ﻟﻣﺎ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺗﻌﯾن ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ﻟﻠﻣﺳﺎواة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﺳﻠﻌﺔ ﺑﺳﻠﻌﺔ أو ﺛﻣﻧﺎ ﺑﺛﻣن ﻗﯾل ﻟﮭﻣﺎ ﺳﻠﻣﺎ ﻣﻌﺎ" ﻻﺳﺗواﺋﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﯾن ﻓﻼ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﻘدﯾم‬
‫أﺣدھﻣﺎ ﻓﻲ اﻟدﻓﻊ‪.‬‬

‫ﺑﺎب ﺧﯾﺎر اﻟﺷرط‬


‫ﺧﯾﺎر اﻟﺷرط ﺟﺎﺋز ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ واﻟﻣﺷﺗري "وﻟﮭﻣﺎ اﻟﺧﯾﺎر ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻓﻣﺎ دوﻧﮭﺎ واﻷﺻل" ﻓﯾﮫ ﻣﺎ روي‪ :‬أن‬
‫ﺣﺑﺎن ﺑن ﻣﻧﻘذ ﺑن ﻋﻣرو اﻷﻧﺻﺎري رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﻐﺑن ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺎﻋﺎت‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﮫ اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪:‬‬
‫"إذا ﺑﺎﯾﻌت ﻓﻘل ﻻ ﺧﻼﺑﺔ وﻟﻲ اﻟﺧﯾﺎر ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم"‪" .‬وﻻ ﯾﺟوز أﻛﺛر ﻣﻧﮭﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ" وھو ﻗول زﻓر‬
‫واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪" .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﺟوز إذا ﺳﻣﻰ ﻣدة ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﻟﺣدﯾث اﺑن ﻋﻣر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﻣﺎ أﻧﮫ أﺟﺎز اﻟﺧﯾﺎر إﻟﻰ‬
‫ﺷﮭرﯾن"؛ وﻷن اﻟﺧﯾﺎر إﻧﻣﺎ ﺷرع ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺗروي ﻟﯾﻧدﻓﻊ اﻟﻐﺑن‪ ،‬وﻗد ﺗﻣس اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻷﻛﺛر ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﺗﺄﺟﯾل‬
‫ﻓﻲ اﻟﺛﻣن‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أن ﺷرط اﻟﺧﯾﺎر ﯾﺧﺎﻟف ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻌﻘد وھو اﻟﻠزوم‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﺟوزﻧﺎه ﺑﺧﻼف اﻟﻘﯾﺎس ﻟﻣﺎ‬
‫روﯾﻧﺎه ﻣن اﻟﻧص‪ ،‬ﻓﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﻣدة اﻟﻣذﻛورة ﻓﯾﮫ واﻧﺗﻔت اﻟزﯾﺎدة‪" .‬إﻻ أﻧﮫ إذا أﺟﺎز ﻓﻲ اﻟﺛﻼﺛﺟﺎز ﻋﻧد أﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ" ﺧﻼﻓﺎ ﻟزﻓر‪ ،‬ھو ﯾﻘول‪ :‬إﻧﮫ اﻧﻌﻘد ﻓﺎﺳدا ﻓﻼ ﯾﻧﻘﻠب ﺟﺎﺋزا‪ .‬وﻟﮫ أﻧﮫ أﺳﻘط اﻟﻣﻔﺳد ﻗﺑل ﺗﻘرره ﻓﯾﻌود ﺟﺎﺋزا‬
‫ﻛﻣﺎ إذا ﺑﺎع ﺑﺎﻟرﻗم وأﻋﻠﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس‪ .‬وﻷن اﻟﻔﺳﺎد ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﯾوم اﻟراﺑﻊ‪ ،‬ﻓﺈذا أﺟﺎز ﻗﺑل ذﻟك ﻟم ﯾﺗﺻل اﻟﻣﻔﺳد‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻘد‪ ،‬وﻟﮭذا ﻗﯾل‪ :‬إن اﻟﻌﻘد ﯾﻔﺳد ﺑﻣﺿﻲ ﺟزء ﻣن اﻟﯾوم اﻟراﺑﻊ‪ ،‬وﻗﯾل ﯾﻧﻌﻘد ﻓﺎﺳدا ﺛم ﯾرﺗﻔﻊ اﻟﻔﺳﺎد ﺑﺣذف اﻟﺷرط‪،‬‬
‫وھذا ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﮫ اﻷول‪" .‬وﻟو اﺷﺗرى ﻋﻠﻰ أﻧﮫ إن ﻟم ﯾﻧﻘد اﻟﺛﻣن إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻓﻼ ﺑﯾﻊ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﺟﺎز‪ .‬وإﻟﻰ أرﺑﻌﺔ‬
‫أﯾﺎم ﻻ ﯾﺟوز ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬ﯾﺟوز إﻟﻰ أرﺑﻌﺔ أﯾﺎم أو أﻛﺛر‪ ،‬ﻓﺈن ﻧﻘد ﻓﻲ اﻟﺛﻼث ﺟﺎز‬
‫ﻓﻲ ﻗوﻟﮭم ﺟﻣﯾﻌﺎ"‪.‬‬
‫واﻷﺻل ﻓﯾﮫ أن ھذا ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﺷﺗراط اﻟﺧﯾﺎر إذ اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻣﺳت إﻟﻰ اﻻﻧﻔﺳﺎخ ﻋﻧد ﻋدم اﻟﻧﻘد ﺗﺣرزا ﻋن اﻟﻣﻣﺎطﻠﺔ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻔﺳﺦ ﻓﯾﻛون ﻣﻠﺣﻘﺎ ﺑﮫ‪ .‬وﻗد ﻣر أﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﻠﺣق ﺑﮫ‪ ،‬وﻧﻔﻰ اﻟزﯾﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻼث وﻛذا ﻣﺣﻣد‬
‫ﻓﻲ ﺗﺟوﯾز اﻟزﯾﺎدة‪ .‬وأﺑو ﯾوﺳف أﺧذ ﻓﻲ‬

‫اﻷﺻل ﺑﺎﻷﺛر‪ .‬وﻓﻲ ھذا ﺑﺎﻟﻘﯾﺎس‪ ،‬وﻓﻲ ھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻗﯾﺎس آﺧر وإﻟﯾﮫ ﻣﺎل زﻓر وھو أﻧﮫ‬ ‫ص ‪-30-‬‬
‫ﺑﯾﻊ ﺷرط ﻓﯾﮫ إﻗﺎﻟﺔ ﻓﺎﺳدة ﻟﺗﻌﻠﻘﮭﺎ ﺑﺎﻟﺷرط‪ ،‬واﺷﺗراط اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻣﻧﮭﺎ ﻓﯾﮫ ﻣﻔﺳد ﻟﻠﻌﻘد‪ ،‬ﻓﺎﺷﺗراط اﻟﻔﺎﺳد أوﻟﻰ ووﺟﮫ‬
‫اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺧﯾﺎر اﻟﺑﺎﺋﻊ ﯾﻣﻧﻊ ﺧروج اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻋن ﻣﻠﻛﮫ"؛ ﻷن ﺗﻣﺎم ھذا اﻟﺳﺑب ﺑﺎﻟﻣراﺿﺎة وﻻ ﯾﺗم ﻣﻊ اﻟﺧﯾﺎر وﻟﮭذا‬
‫ﯾﻧﻔذ ﻋﺗﻘﮫ‪ .‬وﻻ ﯾﻣﻠك اﻟﻣﺷﺗري اﻟﺗﺻرف ﻓﯾﮫ وإن ﻗﺑﺿﮫ ﺑﺈذن اﻟﺑﺎﺋﻊ "وﻟو ﻗﺑﺿﮫ اﻟﻣﺷﺗري وھﻠك ﻓﻲ ﯾده ﻓﻲ ﻣدة‬
‫اﻟﺧﯾﺎر ﺿﻣﻧﮫ ﺑﺎﻟﻘﯾﻣﺔ"؛ ﻷن اﻟﺑﯾﻊ ﯾﻧﻔﺳﺦ ﺑﺎﻟﮭﻼك؛ ﻷﻧﮫ ﻛﺎن ﻣوﻗوﻓﺎ‪ ،‬وﻻ ﻧﻔﺎذ ﺑدون اﻟﻣﺣل ﻓﺑﻘﻲ ﻣﻘﺑوﺿﺎ ﻓﻲ ﯾده‬
‫ﻋﻠﻰ ﺳوم اﻟﺷراء وﻓﯾﮫ اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ ،‬وﻟو ھﻠك ﻓﻲ ﯾد اﻟﺑﺎﺋﻊ اﻧﻔﺳﺦ اﻟﺑﯾﻊ وﻻ ﺷﻲء ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺗري اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ اﻟﺻﺣﯾﺢ‬
‫اﻟﻣطﻠق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺧﯾﺎر اﻟﻣﺷﺗري ﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﺧروج اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻋن ﻣﻠك اﻟﺑﺎﺋﻊ"؛ ﻷن اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻲ ﺟﺎﻧب اﻵﺧر ﻻزم‪ ،‬وھذا؛ ﻷن‬
‫اﻟﺧﯾﺎر إﻧﻣﺎ ﯾﻣﻧﻊ ﺧروج اﻟﺑدل‪ .‬ﻋن ﻣﻠك ﻣن ﻟﮫ اﻟﺧﯾﺎر؛ ﻷﻧﮫ ﺷرع ﻧظرا ﻟﮫ دون اﻵﺧر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬إﻻ أن اﻟﻣﺷﺗري ﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﻣﻠﻛﮫ" ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﺧرج ﻋن ﻣﻠك اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﻠو ﻟم ﯾدﺧل ﻓﻲ‬
‫ﻣﻠك اﻟﻣﺷﺗري ﯾﻛون زاﺋﻼ ﻻ إﻟﻰ ﻣﺎﻟك وﻻ ﻋﮭد ﻟﻧﺎ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺷرع‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﻟم ﯾﺧرج اﻟﺛﻣن ﻋن ﻣﻠﻛﮫ‬
‫ﻓﻠو ﻗﻠﻧﺎ ﺑﺄﻧﮫ ﯾدﺧل اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﻲ ﻣﻠﻛﮫ ﻻﺟﺗﻣﻊ اﻟﺑدﻻن ﻓﻲ ﻣﻠك رﺟل واﺣد ﺣﻛﻣﺎ ﻟﻠﻣﻌﺎوﺿﺔ‪ ،‬وﻻ أﺻل ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺷرع؛‬
‫ﻷن اﻟﻣﻌﺎوﺿﺔ ﺗﻘﺗﺿﻲ اﻟﻣﺳﺎواة؛ وﻷن اﻟﺧﯾﺎر ﺷرع ﻧظرا ﻟﻠﻣﺷﺗري ﻟﯾﺗروى ﻓﯾﻘف ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ‪ ،‬وﻟو ﺛﺑت‬
‫اﻟﻣﻠك رﺑﻣﺎ ﯾﻌﺗق ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﻏﯾر اﺧﺗﯾﺎره ﺑﺄن ﻛﺎن ﻗرﯾﺑﮫ ﻓﯾﻔوت اﻟﻧظر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ھﻠك ﻓﻲ ﯾده ھﻠك ﺑﺎﻟﺛﻣن‪ ،‬وﻛذا إذا دﺧﻠﮫ ﻋﯾب" ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺧﯾﺎر ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ‪ .‬ووﺟﮫ اﻟﻔرق أﻧﮫ إذا‬
‫دﺧﻠﮫ ﻋﯾب ﯾﻣﺗﻧﻊ اﻟرد‪ ،‬واﻟﮭﻼك ﻻ ﯾﻌرى ﻋن ﻣﻘدﻣﺔ ﻋﯾب ﻓﯾﮭﻠك‪ ،‬واﻟﻌﻘد ﻗد اﻧﺑرم ﻓﯾﻠزﻣﮫ اﻟﺛﻣن‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﺗﻘدم؛‬
‫ﻷن ﺑدﺧول اﻟﻌﯾب ﻻ ﯾﻣﺗﻧﻊ اﻟرد ﺣﻛﻣﺎ ﺑﺧﯾﺎر اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﯾﮭﻠك واﻟﻌﻘد ﻣوﻗوف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى اﻣرأﺗﮫ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻟم ﯾﻔﺳد اﻟﻧﻛﺎح"؛ ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﻣﻠﻛﮭﺎ ﻟﻣﺎ ﻟﮫ ﻣن اﻟﺧﯾﺎر "وإن‬
‫وطﺋﮭﺎ ﻟﮫ أن ﯾردھﺎ "؛ ﻷن اﻟوطء ﺑﺣﻛم اﻟﻧﻛﺎح "إﻻ إذا ﻛﺎﻧت ﺑﻛرا"؛ ﻷن اﻟوطء ﯾﻧﻘﺻﮭﺎ‪ ،‬وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‬
‫"وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﻔﺳد اﻟﻧﻛﺎح"؛ ﻷﻧﮫ ﻣﻠﻛﮭﺎ "وإن وطﺋﮭﺎ ﻟم ﯾردھﺎ"؛ ﻷن وطﺄھﺎ ﺑﻣﻠك اﻟﯾﻣﯾن ﻓﯾﻣﺗﻧﻊ اﻟرد وإن ﻛﺎﻧت ﺛﯾﺑﺎ؛‬
‫وﻟﮭذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ أﺧوات ﻛﻠﮭﺎ ﺗﺑﺗﻧﻲ ﻋﻠﻰ وﻗوع اﻟﻣﻠك ﻟﻠﻣﺷﺗري ﺑﺷرط اﻟﺧﯾﺎر وﻋدﻣﮫ‪ :‬ﻣﻧﮭﺎ ﻋﺗق اﻟﻣﺷﺗرى ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣﺷﺗري إذا ﻛﺎن ﻗرﯾﺑﺎ ﻟﮫ ﻓﻲ ﻣدة اﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬وﻣﻧﮭﺎ‪ :‬ﻋﺗﻘﮫ إذا ﻛﺎن اﻟﻣﺷﺗري ﺣﻠف إن ﻣﻠﻛت ﻋﺑدا ﻓﮭو ﺣر‪ .‬ﺑﺧﻼف‬

‫ﻣﺎ إذا ﻗﺎل‪ :‬إن اﺷﺗرﯾت ﻓﮭو ﺣر؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺻﯾر ﻛﺎﻟﻣﻧﺷﺊ ﻟﻠﻌﺗق ﺑﻌد اﻟﺷراء ﻓﯾﺳﻘط‬ ‫ص ‪-31-‬‬
‫اﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬وﻣﻧﮭﺎ أن ﺣﯾض اﻟﻣﺷﺗراة ﻓﻲ اﻟﻣدة ﻻ ﯾﺟﺗزأ ﺑﮫ ﻋن اﻻﺳﺗﺑراء ﻋﻧده‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﯾﺟﺗزأ؛ وﻟو ردت ﺑﺣﻛم‬
‫اﻟﺧﯾﺎر إﻟﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻻ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ اﻻﺳﺗﺑراء ﻋﻧده‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﯾﺟب إذا ردت ﺑﻌد اﻟﻘﺑض‪ .‬وﻣﻧﮭﺎ إذا وﻟدت اﻟﻣﺷﺗراة‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣدة ﺑﺎﻟﻧﻛﺎح ﻻ ﺗﺻﯾر أم وﻟد ﻟﮫ ﻋﻧده ﺧﻼﻓﺎ ﻟﮭﻣﺎ‪ .،‬وﻣﻧﮭﺎ إذا ﻗﺑض اﻟﻣﺷﺗري اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺑﺈذن اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺛم أودﻋﮫ ﻋﻧد‬
‫اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﮭﻠك ﻓﻲ ﯾده ﻓﻲ اﻟﻣدة ھﻠك ﻣن ﻣﺎل اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻻرﺗﻔﺎع اﻟﻘﺑض ﺑﺎﻟرد ﻟﻌدم اﻟﻣﻠك ﻋﻧده‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﻣن ﻣﺎل‬
‫اﻟﻣﺷﺗري ﻟﺻﺣﺔ اﻹﯾداع ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﻗﯾﺎم اﻟﻣﻠك‪ .‬وﻣﻧﮭﺎ ﻟو ﻛﺎن اﻟﻣﺷﺗري ﻋﺑدا ﻣﺄذوﻧﺎ ﻟﮫ ﻓﺄﺑرأه اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻣن اﻟﺛﻣن ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣدة ﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺧﯾﺎره ﻋﻧده؛ ﻷن اﻟرد اﻣﺗﻧﺎع ﻋن اﻟﺗﻣﻠك واﻟﻣﺄذون ﻟﮫ ﯾﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﺑطل ﺧﯾﺎره؛ ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﻣﻠﻛﮫ‬
‫ﻛﺎن اﻟرد ﻣﻧﮫ ﺗﻣﻠﯾﻛﺎ ﺑﻐﯾر ﻋوض وھو ﻟﯾس ﻣن أھﻠﮫ‪ .‬وﻣﻧﮭﺎ إذا اﺷﺗرى ذﻣﻲ ﻣن ذﻣﻲ ﺧﻣرا ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر ﺛم‬
‫أﺳﻠم ﺑطل اﻟﺧﯾﺎر ﻋﻧدھﻣﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﻣﻠﻛﮭﺎ ﻓﻼ ﯾﻣﻠك ردھﺎ وھو ﻣﺳﻠم‪ .‬وﻋﻧده ﯾﺑطل اﻟﺑﯾﻊ؛ ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﻣﻠﻛﮭﺎ ﻓﻼ ﯾﺗﻣﻠﻛﮭﺎ‬
‫ﺑﺈﺳﻘﺎط اﻟﺧﯾﺎر ﺑﻌده وھو ﻣﺳﻠم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺷرط ﻟﮫ اﻟﺧﯾﺎر ﻓﻠﮫ أن ﯾﻔﺳﺦ ﻓﻲ اﻟﻣدة وﻟﮫ أن ﯾﺟﯾز‪ ،‬ﻓﺈن أﺟﺎزه ﺑﻐﯾر ﺣﺿرة ﺻﺎﺣﺑﮭﺎ ﺟﺎز‪ .‬وإن‬
‫ﻓﺳﺦ ﻟم ﯾﺟز إﻻ أن ﯾﻛون اﻵﺧر ﺣﺎﺿرا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ﯾﺟوز" وھو ﻗول اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‬
‫واﻟﺷرط ھو اﻟﻌﻠم‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﻛﻧﻰ ﺑﺎﻟﺣﺿرة ﻋﻧﮫ‪ .‬ﻟﮫ أﻧﮫ ﻣﺳﻠط ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺳﺦ ﻣن ﺟﮭﺔ ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻓﻼ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻣﮫ‬
‫ﻛﺎﻹﺟﺎزة وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺷﺗرط رﺿﺎه وﺻﺎر ﻛﺎﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﺗﺻرف ﻓﻲ ﺣق اﻟﻐﯾر وھو اﻟﻌﻘد ﺑﺎﻟرﻓﻊ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﯾﻌرى ﻋن اﻟﻣﺿرة؛ ﻷﻧﮫ‪ .‬ﻋﺳﺎه ﯾﻌﺗﻣد ﺗﻣﺎم اﻟﺑﯾﻊ اﻟﺳﺎﺑق ﻓﯾﺗﺻرف ﻓﯾﮫ ﻓﺗﻠزﻣﮫ ﻏراﻣﺔ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﺑﺎﻟﮭﻼك ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن‬
‫اﻟﺧﯾﺎر ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬أو ﻻ ﯾطﻠب ﻟﺳﻠﻌﺗﮫ ﻣﺷﺗرﯾﺎ ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺧﯾﺎر ﻟﻠﻣﺷﺗري‪ ،‬وھذا ﻧوع ﺿرر ﻓﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻣﮫ‬
‫وﺻﺎر ﻛﻌزل اﻟوﻛﯾل‪ ،‬ﺑﺧﻼف‪ .‬اﻹﺟﺎزة ﻷﻧﮫ ﻻ إﻟزام ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻻ ﻧﻘول إﻧﮫ ﻣﺳﻠط‪ ،‬وﻛﯾف ﯾﻘﺎل ذﻟك وﺻﺎﺣﺑﮫ ﻻ ﯾﻣﻠك‬
‫اﻟﻔﺳﺦ وﻻ ﺗﺳﻠﯾط ﻓﻲ ﻏﯾر‪ .‬ﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛﮫ اﻟﻣﺳﻠط‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﻓﺳﺦ ﻓﻲ ﺣﺎل ﻏﯾﺑﺔ ﺻﺎﺣﺑﮫ وﺑﻠﻐﮫ ﻓﻲ اﻟﻣدة ﺗم اﻟﻔﺳﺦ‬
‫ﻟﺣﺻول اﻟﻌﻠم ﺑﮫ‪ ،‬وﻟو ﺑﻠﻐﮫ ﺑﻌد ﻣﺿﻲ اﻟﻣدة ﺗم اﻟﻌﻘد ﺑﻣﺿﻲ اﻟﻣدة ﻗﺑل اﻟﻔﺳﺦ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻣﺎت ﻣن ﻟﮫ اﻟﺧﯾﺎر ﺑطل ﺧﯾﺎره وﻟم ﯾﻧﺗﻘل إﻟﻰ ورﺛﺗﮫ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﯾورث ﻋﻧﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﺣق ﻻزم‬
‫ﺛﺎﺑت ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﯾﺟري ﻓﯾﮫ اﻹرث ﻛﺧﯾﺎر اﻟﻌﯾب واﻟﺗﻌﯾﯾن‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﺧﯾﺎر ﻟﯾس إﻻ ﻣﺷﯾﺋﺔ وإرادة وﻻ ﯾﺗﺻور‬
‫اﻧﺗﻘﺎﻟﮫ‪ ،‬واﻹرث ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻘﺑل اﻻﻧﺗﻘﺎل‪ .‬ﺑﺧﻼف ﺧﯾﺎر اﻟﻌﯾب؛ ﻷن اﻟﻣورث اﺳﺗﺣق اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺳﻠﯾﻣﺎ ﻓﻛذا اﻟوارث‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ‬
‫ﻧﻔس اﻟﺧﯾﺎر ﻻ ﯾورث‪ ،‬وأﻣﺎ ﺧﯾﺎر اﻟﺗﻌﯾﯾن ﯾﺛﺑت ﻟﻠوارث اﺑﺗداء ﻻﺧﺗﻼط ﻣﻠﻛﮫ ﺑﻣﻠك اﻟﻐﯾر ﻻ أن ﯾورث اﻟﺧﯾﺎر‪.‬‬
‫ﻗﺎل "وﻣن اﺷﺗرى ﺷﯾﺋﺎ وﺷرط اﻟﺧﯾﺎر ﻟﻐﯾره ﻓﺄﯾﮭﻣﺎ أﺟﺎز اﻟﺧﯾﺎر وأﯾﮭﻣﺎ ﻧﻘض‬

‫اﻧﺗﻘض" وأﺻل ھذا أن اﺷﺗراط اﻟﺧﯾﺎر ﻟﻐﯾره ﺟﺎﺋز اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎس ﻻ ﯾﺟوز‬ ‫ص ‪-32-‬‬
‫وھو ﻗول زﻓر؛ ﻷن اﻟﺧﯾﺎر ﻣن ﻣواﺟب اﻟﻌﻘد وأﺣﻛﺎﻣﮫ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺟوز اﺷﺗراطﮫ ﻟﻐﯾره ﻛﺎﺷﺗراط اﻟﺛﻣن ﻋﻠﻰ ﻏﯾر‬
‫اﻟﻣﺷﺗري‪ ..‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﺧﯾﺎر ﻟﻐﯾر اﻟﻌﺎﻗد ﻻ ﯾﺛﺑت إﻻ ﺑطرﯾق اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ ﻋن اﻟﻌﺎﻗد ﻓﯾﻘدر اﻟﺧﯾﺎر ﻟﮫ اﻗﺗﺿﺎء ﺛم ﯾﺟﻌل ھو‬
‫ﻧﺎﺋﺑﺎ ﻋﻧﮫ ﺗﺻﺣﯾﺣﺎ ﻟﺗﺻرﻓﮫ‪ ،‬وﻋﻧد ذﻟك ﯾﻛون ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ اﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬ﻓﺄﯾﮭﻣﺎ أﺟﺎز ﺟﺎز‪ ،‬وأﯾﮭﻣﺎ ﻧﻘض اﻧﺗﻘض‬
‫"وﻟو أﺟﺎز أﺣدھﻣﺎ وﻓﺳﺦ اﻵﺧر ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺳﺎﺑق" ﻟوﺟوده ﻓﻲ زﻣﺎن ﻻ ﯾزاﺣﻣﮫ ﻓﯾﮫ ﻏﯾره‪ ،‬وﻟو ﺧرج اﻟﻛﻼﻣﺎن‬
‫ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣﻌﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﺗﺻرف اﻟﻌﺎﻗد ﻓﻲ رواﯾﺔ وﺗﺻرف اﻟﻔﺎﺳﺦ ﻓﻲ أﺧرى‪ .‬وﺟﮫ اﻷول أن ﺗﺻرف اﻟﻌﺎﻗد أﻗوى؛ ﻷن‬
‫اﻟﻧﺎﺋب ﯾﺳﺗﻔﯾد اﻟوﻻﯾﺔ ﻣﻧﮫ‪ .‬وﺟﮫ اﻟﺛﺎﻧﻲ أن اﻟﻔﺳﺦ أﻗوى؛ ﻷن اﻟﻣﺟﺎز ﯾﻠﺣﻘﮫ اﻟﻔﺳﺦ واﻟﻣﻔﺳوخ ﻻ ﺗﻠﺣﻘﮫ اﻹﺟﺎزة‪،‬‬
‫وﻟﻣﺎ ﻣﻠك ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ اﻟﺗﺻرف رﺟﺣﻧﺎ ﺑﺣﺎل اﻟﺗﺻرف‪ .‬وﻗﯾل اﻷول ﻗول ﻣﺣﻣد واﻟﺛﺎﻧﻲ ﻗول أﺑﻲ ﯾوﺳف‪،‬‬
‫واﺳﺗﺧراج ذﻟك ﻣﻣﺎ إذا ﺑﺎع اﻟوﻛﯾل ﻣن رﺟل واﻟﻣوﻛل ﻣن ﻏﯾره ﻣﻌﺎ؛ ﻓﻣﺣﻣد ﯾﻌﺗﺑر ﻓﯾﮫ ﺗﺻرف اﻟﻣوﻛل‪ ،‬وأﺑو‬
‫ﯾوﺳف ﯾﻌﺗﺑرھﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﻋﺑدﯾن ﺑﺄﻟف درھم ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر ﻓﻲ أﺣدھﻣﺎ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﺳد‪ ،‬وإن ﺑﺎع ﻛل واﺣد‬
‫ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺑﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر ﻓﻲ أﺣدھﻣﺎ ﺑﻌﯾﻧﮫ ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ" واﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ أوﺟﮫ‪:‬‬
‫أﺣدھﺎ‪ :‬أن ﻻ ﯾﻔﺻل اﻟﺛﻣن وﻻ ﯾﻌﯾن اﻟذي ﻓﯾﮫ اﻟﺧﯾﺎر وھو اﻟوﺟﮫ اﻷول ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب وﻓﺳﺎده ﻟﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﺛﻣن واﻟﻣﺑﯾﻊ؛‬
‫ﻷن اﻟذي ﻓﯾﮫ اﻟﺧﯾﺎر ﻛﺎﻟﺧﺎرج ﻋن اﻟﻌﻘد‪ ،‬إذ اﻟﻌﻘد ﻣﻊ اﻟﺧﯾﺎر ﻻ ﯾﻧﻌﻘد ﻓﻲ ﺣق اﻟﺣﻛم ﻓﺑﻘﻲ اﻟداﺧل ﻓﯾﮫ أﺣدھﻣﺎ وھو‬
‫ﻏﯾر ﻣﻌﻠوم‪.‬‬
‫واﻟوﺟﮫ اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬أن ﯾﻔﺻل اﻟﺛﻣن وﯾﻌﯾن اﻟذي ﻓﯾﮫ اﻟﺧﯾﺎر وھو اﻟﻣذﻛور ﺛﺎﻧﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﺟﺎز؛ ﻷن اﻟﻣﺑﯾﻊ‬
‫ﻣﻌﻠوم واﻟﺛﻣن ﻣﻌﻠوم‪ ،‬وﻗﺑول اﻟﻌﻘد ﻓﻲ اﻟذي ﻓﯾﮫ اﻟﺧﯾﺎر وإن ﻛﺎن ﺷرطﺎ ﻻﻧﻌﻘﺎد اﻟﻌﻘد ﻓﻲ اﻵﺧر وﻟﻛن ھذا ﻏﯾر‬
‫ﻣﻛﺳد ﻟﻠﻌﻘد ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﺣﻼ ﻟﻠﺑﯾﻊ ﻛﻣﺎ إذا ﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﻗن وﻣدﺑر‪.‬‬
‫واﻟﺛﺎﻟث‪ :‬أن ﯾﻔﺻل وﻻ ﯾﻌﯾن‪.‬‬
‫واﻟراﺑﻊ‪ :‬أن ﯾﻌﯾن وﻻ ﯾﻔﺻل‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﻘد ﻓﺎﺳد ﻓﻲ اﻟوﺟﮭﯾن‪ :‬إﻣﺎ ﻟﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﻣﺑﯾﻊ أو ﻟﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﺛﻣن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺛوﺑﯾن ﻋﻠﻰ أن ﯾﺄﺧذ أﯾﮭﻣﺎ ﺷﺎء ﺑﻌﺷرة وھو ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻓﮭو ﺟﺎﺋز‪ ،‬وﻛذا اﻟﺛﻼﺛﺔ‪ ،‬ﻓﺈن‬
‫ﻛﺎﻧت أرﺑﻌﺔ أﺛواب ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﺳد" واﻟﻘﯾﺎس أن ﯾﻔﺳد اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻲ اﻟﻛل ﻟﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﻣﺑﯾﻊ‪ ،‬وھو ﻗول زﻓر واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ .‬وﺟﮫ‬
‫اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أن ﺷرع اﻟﺧﯾﺎر‬
‫ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ دﻓﻊ اﻟﻐﺑن ﻟﯾﺧﺗﺎر ﻣﺎ ھو اﻷرﻓق واﻷوﻓق‪ ،‬واﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ھذا اﻟﻧوع ﻣن‬ ‫ص ‪-33-‬‬
‫اﻟﺑﯾﻊ ﻣﺗﺣﻘﻘﺔ؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ اﺧﺗﯾﺎر ﻣن ﯾﺛق ﺑﮫ أو اﺧﺗﯾﺎر ﻣن ﯾﺷﺗرﯾﮫ ﻷﺟﻠﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻣن اﻟﺣﻣل إﻟﯾﮫ إﻻ‬
‫ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ ﻣﺎ ورد ﺑﮫ اﻟﺷرع‪ ،‬ﻏﯾر أن ھذه اﻟ ﺣﺎﺟﺔ ﺗﻧدﻓﻊ ﺑﺎﻟﺛﻼث ﻟوﺟود اﻟﺟﯾد واﻟوﺳط واﻟرديء ﻓﯾﮭﺎ‪،‬‬
‫واﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻻ ﺗﻔﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﺛﻼﺛﺔ ﻟﺗﻌﯾﯾن ﻣن ﻟﮫ اﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬وﻛذا ﻓﻲ اﻷرﺑﻊ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﯾﮭﺎ ﻏﯾر‬
‫ﻣﺗﺣﻘﻘﺔ واﻟرﺧﺻﺔ ﺛﺑوﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟﺣﺎﺟﺔ وﻛون اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻏﯾر ﻣﻔﺿﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻓﻼ ﺗﺛﺑت ﺑﺄﺣدھﻣﺎ‪ .‬ﺛم ﻗﯾل‪ :‬ﯾﺷﺗرط‬
‫أن ﯾﻛون ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﻘد ﺧﯾﺎر اﻟﺷرط ﻣﻊ ﺧﯾﺎر اﻟﺗﻌﯾﯾن‪ ،‬وھو اﻟﻣذﻛور ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪" .‬وﻗﯾل ﻻ ﯾﺷﺗرط وھو‬
‫اﻟﻣذﻛور ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﻛﺑﯾر"‪ ،‬ﻓﯾﻛون ذﻛره ﻋﻠﻰ ھذا اﻻﻋﺗﺑﺎر وﻓﺎﻗﺎ ﻻ ﺷرطﺎ؛ وإذا ﻟم ﯾذﻛر ﺧﯾﺎر اﻟﺷرط ﻻ ﺑد ﻣن‬
‫ﺗوﻗﯾت ﺧﯾﺎر اﻟﺗﻌﯾﯾن ﺑﺎﻟﺛﻼث ﻋﻧده وﺑﻣدة ﻣﻌﻠوﻣﺔ أﯾﺗﮭﺎ ﻛﺎﻧت ﻋﻧدھﻣﺎ‪ .‬ﺛم ذﻛر ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻧﺳﺦ‪ :‬اﺷﺗرى ﺛوﺑﯾن‬
‫وﻓﻲ ﺑﻌﺿﮭﺎ اﺷﺗرى أﺣد اﻟﺛوﺑﯾن وھو اﻟﺻﺣﯾﺢ؛ ﻷن اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أﺣدھﻣﺎ واﻵﺧر أﻣﺎﻧﺔ‪ ،‬واﻷول ﺗﺟوز‬
‫واﺳﺗﻌﺎرة‪ .‬وﻟو ھﻠك أﺣدھﻣﺎ أو ﺗﻌﯾب ﻟزﻣﮫ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﯾﮫ ﺑﺛﻣﻧﮫ وﺗﻌﯾن اﻵﺧر ﻟﻸﻣﺎﻧﺔ ﻻﻣﺗﻧﺎع اﻟرد ﺑﺎﻟﺗﻌﯾب‪ ،‬وﻟو ھﻠﻛﺎ‬
‫ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻣﻌﺎ ﯾﻠزﻣﮫ ﻧﺻف ﺛﻣن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻟﺷﯾوع اﻟﺑﯾﻊ واﻷﻣﺎﻧﺔ ﻓﯾﮭﻣﺎ‪ .‬وﻟو ﻛﺎن ﻓﯾﮫ ﺧﯾﺎر اﻟﺷرط ﻟﮫ أن‬
‫ﯾردھﻣﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ‪ .‬وﻟو ﻣﺎت ﻣن ﻟﮫ اﻟﺧﯾﺎر ﻓﻠوارﺛﮫ أن ﯾرد أﺣدھﻣﺎ؛ ﻷن اﻟﺑﺎﻗﻲ ﺧﯾﺎر اﻟﺗﻌﯾﯾن ﻟﻼﺧﺗﻼط‪ ،‬وﻟﮭذا ﻻ‬
‫ﯾﺗوﻗف ﻓﻲ ﺣق اﻟوارث‪ .‬وأﻣﺎ ﺧﯾﺎر اﻟﺷرط ﻻ ﯾورث وﻗد ذﻛرﻧﺎه ﻣن ﻗﺑل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى دارا ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر ﻓﺑﯾﻌت دار أﺧرى ﺑﺟﻧﺑﮭﺎ ﻓﺄﺧذھﺎ ﺑﺎﻟﺷﻔﻌﺔ ﻓﮭو رﺿﺎ"؛ ﻷن طﻠب‬
‫اﻟﺷﻔﻌﺔ ﯾدل ﻋﻠﻰ اﺧﺗﯾﺎره اﻟﻣﻠك ﻓﯾﮭﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺎ ﺛﺑت إﻻ ﻟدﻓﻊ ﺿرر اﻟﺟوار وذﻟك ﺑﺎﻻﺳﺗداﻣﺔ ﻓﯾﺗﺿﻣن ذﻟك ﺳﻘوط‬
‫اﻟﺧﯾﺎر ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﺛﺑت اﻟﻣﻠك ﻣن وﻗت اﻟﺷراء ﻓﯾﺗﺑﯾن أن اﻟﺟوار ﻛﺎن ﺛﺎﺑﺗﺎ‪ ،‬وھذا اﻟﺗﻘرﯾر ﯾﺣﺗﺎج إﻟﯾﮫ ﻟﻣذھب أﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺷﺗرى اﻟرﺟﻼن ﻋﺑدا ﻋﻠﻰ أﻧﮭﻣﺎ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر ﻓرﺿﻲ أﺣدھﻣﺎ ﻓﻠﯾس ﻟﻶﺧر أن ﯾرده" ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪،‬‬
‫وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻟﮫ أن ﯾرده‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف ﺧﯾﺎر اﻟﻌﯾب وﺧﯾﺎر اﻟرؤﯾﺔ‪ ،‬ﻟﮭﻣﺎ أن إﺛﺑﺎت اﻟﺧﯾﺎر ﻟﮭﻣﺎ إﺛﺑﺎﺗﮫ ﻟﻛل واﺣد‬
‫ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻓﻼ ﯾﺳﻘط ﺑﺈﺳﻘﺎط ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن إﺑطﺎل ﺣﻘﮫ‪ .‬وﻟﮫ أن اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺧرج ﻋن ﻣﻠﻛﮫ ﻏﯾر ﻣﻌﯾب ﺑﻌﯾب اﻟﺷرﻛﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻠو رده أﺣدھﻣﺎ رده ﻣﻌﯾﺑﺎ ﺑﮫ وﻓﯾﮫ إﻟزام ﺿرر زاﺋد‪ ،‬وﻟﯾس ﻣن ﺿرورة إﺛﺑﺎت اﻟﺧﯾﺎر ﻟﮭﻣﺎ اﻟرﺿﺎ ﺑرد أﺣدھﻣﺎ‬
‫ﻟﺗﺻور اﺟﺗﻣﺎﻋﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟرد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﻋﺑدا ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺧﺑﺎز أو ﻛﺎﺗب وﻛﺎن ﺑﺧﻼﻓﮫ ﻓﺎﻟﻣﺷﺗري ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎء أﺧذه ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻟﺛﻣن وإن‬
‫ﺷﺎء ﺗرك"؛ ﻷن ھذا وﺻف ﻣرﻏوب ﻓﯾﮫ ﻓﯾﺳﺗﺣق ﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﺑﺎﻟﺷرط‪ ،‬ﺛم ﻓواﺗﮫ ﯾوﺟب اﻟﺗﺧﯾﯾر؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺎ رﺿﻲ ﺑﮫ‬
‫دوﻧﮫ‪ ،‬وھذا ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ اﺧﺗﻼف اﻟﻧوع ﻟﻘﻠﺔ اﻟﺗﻔﺎوت ﻓﻲ‬
‫اﻷﻏراض‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻔﺳد اﻟﻌﻘد ﺑﻌدﻣﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ وﺻف اﻟذﻛورة واﻷﻧوﺛﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﯾواﻧﺎت‬ ‫ص ‪-34-‬‬
‫وﺻﺎر ﻛﻔوات وﺻف اﻟﺳﻼﻣﺔ‪ ،‬وإذا أﺧذه أﺧذه ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻟﺛﻣن؛ ﻷن اﻷوﺻﺎف ﻻ ﯾﻘﺎﺑﻠﮭﺎ ﺷﻲء ﻣن اﻟﺛﻣن ﻟﻛوﻧﮭﺎ‬
‫ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋرف‪.‬‬

‫ﺑﺎب ﺧﯾﺎر اﻟرؤﯾﺔ‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺷﯾﺋﺎ ﻟم ﯾره ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ ﺟﺎﺋز‪ ،‬وﻟﮫ اﻟﺧﯾﺎر إذا رآه‪ ،‬إن ﺷﺎء أﺧذه ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻟﺛﻣن "وإن ﺷﺎء رده"‬
‫وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻻ ﯾﺻﺢ اﻟﻌﻘد أﺻﻼ؛ ﻷن اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻣﺟﮭول‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻣن اﺷﺗرى ﺷﯾﺋﺎ ﻟم‬
‫ﯾره ﻓﻠﮫ اﻟﺧﯾﺎر إذا رآه"؛ وﻷن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﺑﻌدم اﻟرؤﯾﺔ ﻻ ﺗﻔﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟو ﻟم ﯾواﻓﻘﮫ ﯾرده‪ ،‬ﻓﺻﺎر‬
‫ﻛﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟوﺻف ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﯾن اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﮫ‪" .‬وﻛذا إذا ﻗﺎل رﺿﯾت ﺛم رآه ﻟﮫ أن ﯾرده" ﻷن اﻟﺧﯾﺎر ﻣﻌﻠق ﺑﺎﻟرؤﯾﺔ‬
‫ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ ﻓﻼ ﯾﺛﺑت ﻗﺑﻠﮭﺎ‪ ،‬وﺣق اﻟﻔﺳﺦ ﻗﺑل اﻟرؤﯾﺔ ﺑﺣﻛم أﻧﮫ ﻋﻘد ﻏﯾر ﻻزم ﻻ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺣدﯾث‪ ،‬وﻷن اﻟرﺿﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﺷﻲء ﻗﺑل اﻟﻌﻠم ﺑﺄوﺻﺎﻓﮫ ﻻ ﯾﺗﺣﻘق ﻓﻼ ﯾﻌﺗﺑر ﻗوﻟﮫ رﺿﯾت ﻗﺑل اﻟرؤﯾﺔ ﺑﺧﻼف ﻗوﻟﮫ رددت‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﻣﺎ ﻟم ﯾره ﻓﻼ ﺧﯾﺎر ﻟﮫ" وﻛﺎن أﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ ﯾﻘول‪ :‬أوﻻ ﻟﮫ اﻟﺧﯾﺎر اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺧﯾﺎر اﻟﻌﯾب وﺧﯾﺎر‬
‫اﻟﺷرط وھذا؛ ﻷن ﻟزوم اﻟﻌﻘد ﺑﺗﻣﺎم اﻟرﺿﺎ زواﻻ وﺛﺑوﺗﺎ وﻻ ﯾﺗﺣﻘق ذﻟك إﻻ ﺑﺎﻟﻌﻠم ﺑﺄوﺻﺎف اﻟﻣﺑﯾﻊ‪ ،‬وذﻟك ﺑﺎﻟرؤﯾﺔ‬
‫ﻓﻠم ﯾﻛن اﻟﺑﺎﺋﻊ راﺿﯾﺎ ﺑﺎﻟزوال‪ .‬ووﺟﮫ اﻟﻘول اﻟﻣرﺟوع إﻟﯾﮫ أﻧﮫ ﻣﻌﻠق ﺑﺎﻟﺷراء ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ ﻓﻼ ﯾﺛﺑت دوﻧﮫ‪ .‬وروي أن‬
‫ﻋﺛﻣﺎن ﺑن ﻋﻔﺎن ﺑﺎع أرﺿﺎ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺑﺻرة ﻣن طﻠﺣﺔ ﺑن ﻋﺑﯾد ﷲ ﻓﻘﯾل ﻟطﻠﺣﺔ‪ :‬إﻧك ﻗد ﻏﺑﻧت‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻟﻲ اﻟﺧﯾﺎر؛ ﻷﻧﻲ‬
‫اﺷﺗرﯾت ﻣﺎ ﻟم أره‪ .‬وﻗﯾل ﻟﻌﺛﻣﺎن‪ :‬إﻧك ﻗد ﻏﺑﻧت‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻟﻲ اﻟﺧﯾﺎر؛ ﻷﻧﻲ ﺑﻌت ﻣﺎ ﻟم أره‪ .‬ﻓﺣﻛﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﺟﺑﯾر ﺑن‬
‫ﻣطﻌم‪ .‬ﻓﻘﺿﻰ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر ﻟطﻠﺣﺔ‪ ،‬وﻛﺎن ذﻟك ﺑﻣﺣﺿر ﻣن اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭم‪ .‬ﺛم ﺧﯾﺎر اﻟرؤﯾﺔ ﻏﯾر ﻣؤﻗت ﺑل‬
‫ﯾﺑﻘﻰ إﻟﻰ أن ﯾوﺟد ﻣﺎ ﯾﺑطﻠﮫ‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﺑطل ﺧﯾﺎر اﻟﺷرط ﻣن ﺗﻌﯾب أو ﺗﺻرف ﯾﺑطل ﺧﯾﺎر اﻟرؤﯾﺔ‪ ،‬ﺛم إن ﻛﺎن ﺗﺻرﻓﺎ‬
‫ﻻ ﯾﻣﻛن رﻓﻌﮫ ﻛﺎﻹﻋﺗﺎق واﻟﺗدﺑﯾر أو ﺗﺻرﻓﺎ ﯾوﺟب ﺣﻘﺎ ﻟﻠﻐﯾر ﻛﺎﻟﺑﯾﻊ اﻟﻣطﻠق واﻟرھن واﻹﺟﺎرة ﯾﺑطﻠﮫ ﻗﺑل اﻟرؤﯾﺔ‬
‫وﺑﻌدھﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﻟزم ﺗﻌذر اﻟﻔﺳﺦ ﻓﺑطل اﻟﺧﯾﺎر وإن ﻛﺎن ﺗﺻرﻓﺎ ﻻ ﯾوﺟب ﺣﻘﺎ ﻟﻠﻐﯾر ﻛﺎﻟﺑﯾﻊ ﺑﺷرط اﻟﺧﯾﺎر‪،‬‬
‫واﻟﻣﺳﺎوﻣﺔ واﻟﮭﺑﺔ ﻣن ﻏﯾر ﺗﺳﻠﯾم ﻻ ﯾﺑطﻠﮫ ﻗﺑل اﻟرؤﯾﺔ؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾرﺑو ﻋﻠﻰ ﺻرﯾﺢ اﻟرﺿﺎ وﯾﺑطﻠﮫ ﺑﻌد اﻟرؤﯾﺔ‬
‫ﻟوﺟود دﻻﻟﺔ اﻟرﺿﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻧظر إﻟﻰ وﺟﮫ اﻟﺻﺑرة‪ ،‬أو إﻟﻰ ظﺎھر اﻟﺛوب ﻣطوﯾﺎ أو إﻟﻰ وﺟﮫ اﻟﺟﺎرﯾﺔ أو إﻟﻰ وﺟﮫ اﻟداﺑﺔ وﻛﻔﻠﮭﺎ‬
‫ﻓﻼ ﺧﯾﺎر ﻟﮫ" واﻷﺻل ﻓﻲ ھذا أن رؤﯾﺔ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻏﯾر ﻣﺷروط ﻟﺗﻌذره ﻓﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑرؤﯾﺔ ﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠم‬
‫ﺑﺎﻟﻣﻘﺻود‪ .‬وﻟو دﺧل ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ أﺷﯾﺎء‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻻ ﺗﺗﻔﺎوت‬

‫آﺣﺎدھﺎ ﻛﺎﻟﻣﻛﯾل واﻟﻣوزون‪ ،‬وﻋﻼﻣﺗﮫ أن ﯾﻌرض ﺑﺎﻟﻧﻣوذج ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑرؤﯾﺔ واﺣد ﻣﻧﮭﺎ إﻻ‬ ‫ص ‪-35-‬‬
‫إذا ﻛﺎن اﻟﺑﺎﻗﻲ أردأ ﻣﻣﺎ رأى ﻓﺣﯾﻧﺋذ ﯾﻛون ﻟﮫ اﻟﺧﯾﺎر‪ .‬وإن ﻛﺎن ﺗﺗﻔﺎوت آﺣﺎدھﺎ ﻛﺎﻟﺛﯾﺎب واﻟدواب ﻻ ﺑد ﻣن رؤﯾﺔ‬
‫ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﺎ‪ ،‬واﻟﺟوز واﻟﺑﯾض ﻣن ھذا اﻟﻘﺑﯾل ﻓﯾﻣﺎ ذﻛره اﻟﻛرﺧﻲ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻛون ﻣﺛل اﻟﺣﻧطﺔ واﻟﺷﻌﯾر‬
‫ﻟﻛوﻧﮭﺎ ﻣﺗﻘﺎرﺑﺔ‪ .‬إذا ﺛﺑت ھذا ﻓﻧﻘول‪ :‬اﻟﻧظر إﻟﻰ وﺟﮫ اﻟﺻﺑرة ﻛﺎف؛ ﻷﻧﮫ ﯾﻌرف وﺻف اﻟﺑﻘﯾﺔ؛ ﻷﻧﮫ ﻣﻛﯾل ﯾﻌرض‬
‫ﺑﺎﻟﻧﻣوذج‪ ،‬وﻛذا اﻟﻧظر إﻟﻰ ظﺎھر اﻟﺛوب ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻠم ﺑﮫ اﻟﺑﻘﯾﺔ إﻻ إذا ﻛﺎن ﻓﻲ طﯾﮫ ﻣﺎ ﯾﻛون ﻣﻘﺻودا ﻛﻣوﺿﻊ اﻟﻌﻠم‪،‬‬
‫واﻟوﺟﮫ ھو اﻟﻣﻘﺻود ﻓﻲ اﻵدﻣﻲ‪ ،‬وھو واﻟﻛﻔل ﻓﻲ اﻟدواب ﻓﯾﻌﺗﺑر رؤﯾﺔ اﻟﻣﻘﺻود وﻻ ﯾﻌﺗﺑر رؤﯾﺔ ﻏﯾره‪ .‬وﺷرط‬
‫ﺑﻌﺿﮭم رؤﯾﺔ اﻟﻘواﺋم‪ .‬واﻷول ھو اﻟﻣروي ﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬وﻓﻲ ﺷﺎة اﻟﻠﺣم ﻻ ﺑد ﻣن اﻟﺟس ﻷن‬
‫اﻟﻣﻘﺻود وھو اﻟﻠﺣم ﯾﻌرف ﺑﮫ‪ .‬وﻓﻲ ﺷﺎة اﻟﻘﻧﯾﺔ ﻻ ﺑد ﻣن رؤﯾﺔ اﻟﺿرع‪ .‬وﻓﯾﻣﺎ ﯾطﻌم ﻻ ﺑد ﻣن اﻟذوق ﻷن ذﻟك ھو‬
‫اﻟﻣﻌرف ﻟﻠﻣﻘﺻود‪ .‬ﻗﺎل‪" :‬وإن رأى ﺻﺣن اﻟدار ﻓﻼ ﺧﯾﺎر ﻟﮫ وإن ﻟم ﯾﺷﺎھد ﺑﯾوﺗﮭﺎ" وﻛذﻟك إذا رأى ﺧﺎرج اﻟدار‬
‫أو رأى أﺷﺟﺎر اﻟﺑﺳﺗﺎن ﻣن ﺧﺎرج‪ .‬وﻋﻧد زﻓر ﻻ ﺑد ﻣن دﺧول داﺧل اﻟﺑﯾوت‪ ،‬واﻷﺻﺢ أن ﺟواب اﻟﻛﺗﺎب ﻋﻠﻰ‬
‫وﻓﺎق ﻋﺎدﺗﮭم ﻓﻲ اﻷﺑﻧﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺈن دورھم ﻟم ﺗﻛن ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ ﯾوﻣﺋذ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﯾوم ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟدﺧول ﻓﻲ داﺧل اﻟدار‬
‫ﻟﻠﺗﻔﺎوت‪ ،‬واﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟظﺎھر ﻻ ﯾوﻗﻊ اﻟﻌﻠم ﺑﺎﻟداﺧل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻧظر اﻟوﻛﯾل ﻛﻧظر اﻟﻣﺷﺗري ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾرده إﻻ ﻣن ﻋﯾب‪ ،‬وﻻ ﯾﻛون ﻧظر اﻟرﺳول ﻛﻧظر اﻟﻣﺷﺗري‪ ،‬وھذا‬
‫ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وﻗﺎﻻ‪ :‬ھﻣﺎ ﺳواء‪ ،‬وﻟﮫ أن ﯾرده" ﻗﺎل ﻣﻌﻧﺎه اﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﻘﺑض‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺷراء‬
‫ﻓرؤﯾﺗﮫ ﺗﺳﻘط اﻟﺧﯾﺎر ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع‪.‬‬
‫ﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﺗوﻛل ﺑﺎﻟﻘﺑض دون إﺳﻘﺎط اﻟﺧﯾﺎر ﻓﻼ ﯾﻣﻠك ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗوﻛل ﺑﮫ وﺻﺎر ﻛﺧﯾﺎر اﻟﻌﯾب واﻟﺷرط واﻹﺳﻘﺎط‬
‫ﻗﺻدا‪ .‬وﻟﮫ أن اﻟﻘﺑض ﻧوﻋﺎن‪ :‬ﺗﺎم وھو أن ﯾﻘﺑﺿﮫ وھو ﯾراه‪ .‬وﻧﺎﻗص‪ ،‬وھو أن ﯾﻘﺑﺿﮫ ﻣﺳﺗورا وھذا؛ ﻷن ﺗﻣﺎﻣﮫ‬
‫ﺑﺗﻣﺎم اﻟﺻﻔﻘﺔ وﻻ ﺗﺗم ﻣﻊ ﺑﻘﺎء ﺧﯾﺎر اﻟرؤﯾﺔ واﻟﻣوﻛل ﻣﻠﻛﮫ ﺑﻧوﻋﯾﮫ‪ ،‬ﻓﻛذا اﻟوﻛﯾل‪ .‬وﻣﺗﻰ ﻗﺑض اﻟﻣوﻛل وھو ﯾراه‬
‫ﺳﻘط اﻟﺧﯾﺎر ﻓﻛذا اﻟوﻛﯾل ﻹطﻼق اﻟﺗوﻛﯾل‪ .‬وإذا ﻗﺑﺿﮫ ﻣﺳﺗورا اﻧﺗﮭﻰ اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﺎﻟﻧﺎﻗص ﻣﻧﮫ ﻓﻼ ﯾﻣﻠك إﺳﻘﺎطﮫ‬
‫ﻗﺻدا ﺑﻌد ذﻟك‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺧﯾﺎر اﻟﻌﯾب؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﺗﻣﺎم اﻟﺻﻔﻘﺔ ﻓﯾﺗم اﻟﻘﺑض ﻣﻊ ﺑﻘﺎﺋﮫ‪ ،‬وﺧﯾﺎر اﻟﺷرط ﻋﻠﻰ ھذا‬
‫اﻟﺧﻼف‪ .‬وﻟو ﺳﻠم ﻓﺎﻟﻣوﻛل ﻻ ﯾﻣﻠك اﻟﺗﺎم ﻣﻧﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺳﻘط ﺑﻘﺑﺿﮫ؛ ﻷن اﻻﺧﺗﯾﺎر وھو اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر ﯾﻛون‬
‫ﺑﻌده‪ ،‬ﻓﻛذا ﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ وﻛﯾﻠﮫ‪ ،‬وﺑﺧﻼف اﻟرﺳول؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻠك ﺷﯾﺋﺎ وإﻧﻣﺎ إﻟﯾﮫ ﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟرﺳﺎﻟﺔ وﻟﮭذا ﻻ ﯾﻣﻠك اﻟﻘﺑض‪،‬‬
‫واﻟﺗﺳﻠﯾم إذا ﻛﺎن رﺳوﻻ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺑﯾﻊ اﻷﻋﻣﻰ وﺷراؤه ﺟﺎﺋز وﻟﮫ اﻟﺧﯾﺎر إذا اﺷﺗرى" ﻷﻧﮫ اﺷﺗرى ﻣﺎ ﻟم ﯾره وﻗد ﻗررﻧﺎه ﻣن ﻗﺑل "ﺛم ﯾﺳﻘط‬
‫ﺧﯾﺎره ﺑﺟﺳﮫ اﻟﻣﺑﯾﻊ إذا ﻛﺎن ﯾﻌرف ﺑﺎﻟﺟس‪ ،‬وﯾﺷﻣﮫ إذا ﻛﺎن ﯾﻌرف‬

‫ﺑﺎﻟﺷم وﯾذوﻗﮫ إذا ﻛﺎن ﯾﻌرف ﺑﺎﻟذوق" ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﺻﯾر "وﻻ ﯾﺳﻘط ﺧﯾﺎره ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺎر‬ ‫ص ‪-36-‬‬
‫ﺣﺗﻰ ﯾوﺻف ﻟﮫ" ﻷن اﻟوﺻف ﯾﻘﺎم ﻣﻘﺎم اﻟرؤﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﻠم‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ إذا وﻗف ﻓﻲ ﻣﻛﺎن‬
‫ﻟو ﻛﺎن ﺑﺻﯾرا ﻟرآه وﻗﺎل‪ :‬ﻗد رﺿﯾت ﺳﻘط ﺧﯾﺎره‪ ،‬ﻷن اﻟﺗﺷﺑﮫ ﯾﻘﺎم ﻣﻘﺎم اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ اﻟﻌﺟز ﻛﺗﺣرﯾك‬
‫اﻟﺷﻔﺗﯾن ﯾﻘﺎم ﻣﻘﺎم اﻟﻘراءة ﻓﻲ ﺣق اﻷﺧرس ﻓﻲ اﻟﺻﻼة‪ ،‬وإﺟراء اﻟﻣوﺳﻰ ﻣﻘﺎم اﻟﺣﻠق ﻓﻲ ﺣق ﻣن ﻻ ﺷﻌر ﻟﮫ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺣﺞ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺣﺳن‪ :‬ﯾوﻛل وﻛﯾﻼ ﺑﻘﺑﺿﮫ وھو ﯾراه وھذا أﺷﺑﮫ ﺑﻘول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻷن رؤﯾﺔ اﻟوﻛﯾل ﻛرؤﯾﺔ اﻟﻣوﻛل‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر آﻧﻔﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن رأى أﺣد اﻟﺛوﺑﯾن ﻓﺎﺷﺗراھﻣﺎ ﺛم رأى اﻵﺧر ﺟﺎز ﻟﮫ أن ﯾردھﻣﺎ" ﻷن رؤﯾﺔ أﺣدھﻣﺎ ﻻ ﺗﻛون رؤﯾﺔ‬
‫اﻵﺧر ﻟﻠﺗﻔﺎوت ﻓﻲ اﻟﺛﯾﺎب ﻓﺑﻘﻲ اﻟﺧﯾﺎر ﻓﯾﻣﺎ ﻟم ﯾره‪ ،‬ﺛم ﻻ ﯾرده وﺣده ﺑل ﯾردھﻣﺎ ﻛﻲ ﻻ ﯾﻛون ﺗﻔرﯾﻘﺎ ﻟﻠﺻﻔﻘﺔ ﻗﺑل‬
‫اﻟﺗﻣﺎم‪ ،‬وھذا؛ ﻷن اﻟﺻﻔﻘﺔ ﻻ ﺗﺗم ﻣﻊ ﺧﯾﺎر اﻟرؤﯾﺔ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض وﺑﻌده‪ ،‬وﻟﮭذا ﯾﺗﻣﻛن ﻣن اﻟرد ﺑﻐﯾر ﻗﺿﺎء وﻻ رﺿﺎ‬
‫وﯾﻛون ﻓﺳﺧﺎ ﻣن اﻷﺻل‪.‬‬
‫"وﻣن ﻣﺎت وﻟﮫ ﺧﯾﺎر اﻟرؤﯾﺔ ﺑطل ﺧﯾﺎره" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺟري ﻓﯾﮫ اﻹرث ﻋﻧدﻧﺎ‪ ،‬وﻗد ذﻛرﻧﺎه ﻓﻲ ﺧﯾﺎر اﻟﺷرط‪.‬‬
‫"وﻣن رأى ﺷﯾﺋﺎ ﺛم اﺷﺗراه ﺑﻌد ﻣدة‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻔﺔ اﻟﺗﻲ رآه ﻓﻼ ﺧﯾﺎر ﻟﮫ" ﻷن اﻟﻌﻠم ﺑﺄوﺻﺎﻓﮫ ﺣﺎﺻل ﻟﮫ‬
‫ﺑﺎﻟرؤﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬وﺑﻔواﺗﮫ ﯾﺛﺑت اﻟﺧﯾﺎر إﻻ إذا ﻛﺎن ﻻ ﯾﻌﻠﻣﮫ ﻣرﺋﯾﮫ ﻟﻌدم اﻟرﺿﺎ ﺑﮫ "وإن وﺟده ﻣﺗﻐﯾرا ﻓﻠﮫ اﻟﺧﯾﺎر"‬
‫ﻷن ﺗﻠك اﻟرؤﯾﺔ ﻟم ﺗﻘﻊ ﻣﻌﻠﻣﺔ ﺑﺄوﺻﺎﻓﮫ ﻓﻛﺄﻧﮫ ﻟم ﯾره‪ ،‬وإن اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻐﯾر ﻓﺎﻟﻘول ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ ﻷن اﻟﺗﻐﯾر ﺣﺎدث وﺳﺑب‬
‫اﻟﻠزوم ظﺎھر‪ ،‬إﻻ إذا ﺑﻌدت اﻟﻣدة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟوا ﻷن اﻟظﺎھر ﺷﺎھد ﻟﻠﻣﺷﺗري‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ اﻟرؤﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ‬
‫أﻣر ﺣﺎدث واﻟﻣﺷﺗري ﯾﻧﻛره ﻓﯾﻛون اﻟﻘول ﻗوﻟﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﻋدل زطﻲ وﻟم ﯾره ﻓﺑﺎع ﻣﻧﮫ ﺛوﺑﺎ أو وھﺑﮫ وﺳﻠﻣﮫ ﻟم ﯾرد ﺷﯾﺋﺎ ﻣﻧﮭﺎ إﻻ ﻣن ﻋﯾب‪ ،‬وﻛذﻟك‬
‫ﺧﯾﺎر اﻟﺷرط"؛ ﻷﻧﮫ ﺗﻌذر اﻟرد ﻓﯾﻣﺎ ﺧرج ﻋن ﻣﻠﻛﮫ‪ ،‬وﻓﻲ رد ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﺗﻔرﯾق اﻟﺻﻔﻘﺔ ﻗﺑل اﻟﺗﻣﺎم؛ ﻷن ﺧﯾﺎر اﻟرؤﯾﺔ‬
‫واﻟﺷرط ﯾﻣﻧﻌﺎن ﺗﻣﺎﻣﮭﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺧﯾﺎر اﻟﻌﯾب ﻷن اﻟﺻﻔﻘﺔ ﺗﺗم ﻣﻊ ﺧﯾﺎر اﻟﻌﯾب ﺑﻌد اﻟﻘﺑض وإن ﻛﺎﻧت ﻻ ﺗﺗم ﻗﺑﻠﮫ‬
‫وﻓﯾﮫ وﺿﻊ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ‪ .‬ﻓﻠو ﻋﺎد إﻟﯾﮫ ﺑﺳﺑب ھو ﻓﺳﺦ ﻓﮭو ﻋﻠﻰ ﺧﯾﺎر اﻟرؤﯾﺔ‪ ،‬ﻛذا ذﻛره ﺷﻣس اﻷﺋﻣﺔ اﻟﺳرﺧﺳﻲ‪ .‬وﻋن‬
‫أﺑﻲ ﯾوﺳف أﻧﮫ ﻻ ﯾﻌود ﺑﻌد ﺳﻘوطﮫ ﻛﺧﯾﺎر اﻟﺷرط‪ ،‬وﻋﻠﯾﮫ اﻋﺗﻣد اﻟﻘدوري‪.‬‬

‫ﺑﺎب ﺧﯾﺎر اﻟﻌﯾب‬


‫"وإذا اطﻠﻊ اﻟﻣﺷﺗري ﻋﻠﻰ ﻋﯾب ﻓﻲ اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﮭو ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬إن ﺷﺎء أﺧذه ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻟﺛﻣن وإن‬

‫ﺷﺎء رده" ﻷن ﻣطﻠق اﻟﻌﻘد ﯾﻘﺗﺿﻲ وﺻف اﻟﺳﻼﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻧد ﻓوﺗﮫ ﯾﺗﺧﯾر ﻛﻲ ﻻ ﯾﺗﺿرر‬ ‫ص ‪-37-‬‬
‫ﺑﻠزوم ﻣﺎ ﻻ ﯾرﺿﻰ ﺑﮫ‪" ،‬وﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﻣﺳﻛﮫ وﯾﺄﺧذ اﻟﻧﻘﺻﺎن" ﻷن اﻷوﺻﺎف ﻻ ﯾﻘﺎﺑﻠﮭﺎ ﺷﻲء ﻣن اﻟﺛﻣن ﻓﻲ‬
‫ﻣﺟرد اﻟﻌﻘد؛ وﻷﻧﮫ ﻟم ﯾرض ﺑزواﻟﮫ ﻋن ﻣﻠﻛﮫ ﺑﺄﻗل ﻣن اﻟﻣﺳﻣﻰ ﻓﯾﺗﺿرر ﺑﮫ‪ ،‬ودﻓﻊ اﻟﺿرر ﻋن اﻟﻣﺷﺗري ﻣﻣﻛن‬
‫ﺑﺎﻟرد ﺑدون ﺗﺿرره‪ ،‬واﻟﻣراد ﻋﯾب ﻛﺎن ﻋﻧد اﻟﺑﺎﺋﻊ وﻟم ﯾره اﻟﻣﺷﺗري ﻋﻧد اﻟﺑﯾﻊ وﻻ ﻋﻧد اﻟﻘﺑض؛ ﻷن ذﻟك رﺿﺎ‬
‫ﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛل ﻣﺎ أوﺟب ﻧﻘﺻﺎن اﻟﺛﻣن ﻓﻲ ﻋﺎدة اﻟﺗﺟﺎر ﻓﮭو ﻋﯾب"؛ ﻷن اﻟﺗﺿرر ﺑﻧﻘﺻﺎن اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬وذﻟك ﺑﺎﻧﺗﻘﺎص‬
‫اﻟﻘﯾﻣﺔ واﻟﻣرﺟﻊ ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺗﮫ ﻋرف أھﻠﮫ‪.‬‬
‫"واﻹﺑﺎق واﻟﺑول ﻓﻲ اﻟﻔراش واﻟﺳرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻐﯾر ﻋﯾب ﻣﺎ ﻟم ﯾﺑﻠﻎ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺑﻠﻎ ﻓﻠﯾس ذﻟك ﺑﻌﯾب ﺣﺗﻰ ﯾﻌﺎوده ﺑﻌد‬
‫اﻟﺑﻠوغ" وﻣﻌﻧﺎه‪ :‬إذا ظﮭرت ﻋﻧد اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﻲ ﺻﻐره ﺛم ﺣدﺛت ﻋﻧد اﻟﻣﺷﺗري ﻓﻲ ﺻﻐره ﻓﻠﮫ أن ﯾرده؛ ﻷﻧﮫ ﻋﯾن‬
‫ذﻟك‪ ،‬وإن ﺣدﺛت ﺑﻌد ﺑﻠوﻏﮫ ﻟم ﯾرده؛ ﻷﻧﮫ ﻏﯾره‪ ،‬وھذا؛ ﻷن ﺳﺑب ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﯾﺧﺗﻠف ﺑﺎﻟﺻﻐر واﻟﻛﺑر‪ ،‬ﻓﺎﻟﺑول‬
‫ﻓﻲ اﻟﻔراش ﻓﻲ اﻟﺻﻐر ﻟﺿﻌف اﻟﻣﺛﺎﻧﺔ‪ ،‬وﺑﻌد اﻟﻛﺑر ﻟداء ﻓﻲ ﺑﺎطﻧﮫ‪ ،‬واﻹﺑﺎق ﻓﻲ اﻟﺻﻐر ﻟﺣب اﻟﻠﻌب واﻟﺳرﻗﺔ ﻟﻘﻠﺔ‬
‫اﻟﻣﺑﺎﻻة‪ ،‬وھﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﻛﺑر ﻟﺧﺑث ﻓﻲ اﻟﺑﺎطن‪ ،‬واﻟﻣراد ﻣن اﻟﺻﻐﯾر ﻣن ﯾﻌﻘل‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟذي ﻻ ﯾﻌﻘل ﻓﮭو ﺿﺎل ﻻ آﺑق‬
‫ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق ﻋﯾﺑﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﺟﻧون ﻓﻲ اﻟﺻﻐر ﻋﯾب أﺑدا" وﻣﻌﻧﺎه‪ :‬إذا ﺟن ﻓﻲ اﻟﺻﻐر ﻓﻲ ﯾد اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺛم ﻋﺎوده ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﺷﺗري ﻓﯾﮫ أو‬
‫ﻓﻲ اﻟﻛﺑر ﯾرده؛ ﻷﻧﮫ ﻋﯾن اﻷول‪ ،‬إذ اﻟﺳﺑب ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﯾن ﻣﺗﺣد وھو ﻓﺳﺎد اﻟﺑﺎطن‪ ،‬وﻟﯾس ﻣﻌﻧﺎه أﻧﮫ ﻻ ﯾﺷﺗرط‬
‫اﻟﻣﻌﺎودة ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﺷﺗري؛ ﻷن ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ إزاﻟﺗﮫ وإن ﻛﺎن ﻗﻠﻣﺎ ﯾزول ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﻣﻌﺎودة ﻟﻠرد‪.‬‬
‫"ﻗﺎل‪" :‬واﻟﺑﺧر واﻟدﻓر ﻋﯾب ﻓﻲ اﻟﺟﺎرﯾﺔ"؛ ﻷن اﻟﻣﻘﺻود ﻗد ﯾﻛون اﻻﺳﺗﻔراش وطﻠب اﻟوﻟد وھﻣﺎ ﯾﺧﻼن ﺑﮫ‪،‬‬
‫وﻟﯾس ﺑﻌﯾب ﻓﻲ اﻟﻐﻼم؛ ﻷن اﻟﻣﻘﺻود اﻻﺳﺗﺧدام وﻻ ﯾﺧﻼن ﺑﮫ‪ ،‬إﻻ أن ﯾﻛون ﻣن داء؛ ﻷن اﻟداء ﻋﯾب‪.‬‬
‫"واﻟزﻧﺎ ووﻟد اﻟزﻧﺎ ﻋﯾب ﻓﻲ اﻟﺟﺎرﯾﺔ دون اﻟﻐﻼم"؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺧل ﺑﺎﻟﻣﻘﺻود ﻓﻲ اﻟﺟﺎرﯾﺔ وھو اﻻﺳﺗﻔراش وطﻠب‬
‫اﻟوﻟد‪ ،‬وﻻ ﯾﺧل ﺑﺎﻟﻣﻘﺻود ﻓﻲ اﻟﻐﻼم وھو اﻻﺳﺗﺧدام‪ ،‬إﻻ أن ﯾﻛون اﻟزﻧﺎ ﻋﺎدة ﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟوا؛ ﻷن اﺗﺑﺎﻋﮭن ﯾﺧل‬
‫ﺑﺎﻟﺧدﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﻛﻔر ﻋﯾب ﻓﯾﮭﻣﺎ"؛ ﻷن طﺑﻊ اﻟﻣﺳﻠم ﯾﻧﻔر ﻋن ﺻﺣﺑﺗﮫ؛ وﻷﻧﮫ ﯾﻣﺗﻧﻊ ﺻرﻓﮫ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻛﻔﺎرات ﻓﺗﺧﺗل‬
‫اﻟرﻏﺑﺔ‪ ،‬ﻓﻠو اﺷﺗراه ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻛﺎﻓر ﻓوﺟده ﻣﺳﻠﻣﺎ ﻻ ﯾرده؛ ﻷﻧﮫ زوال اﻟﻌﯾب‪ .‬وﻋﻧد اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﯾرده؛ ﻷن اﻟﻛﺎﻓر‬
‫ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻓﯾﮫ اﻟﻣﺳﻠم‪ ،‬وﻓوات اﻟﺷرط‬

‫ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻌﯾب‪ .‬ﻗﺎل‪" :‬ﻓﻠو ﻛﺎﻧت اﻟﺟﺎرﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻻ ﺗﺣﯾض أو ھﻲ ﻣﺳﺗﺣﺎﺿﺔ ﻓﮭو‬ ‫ص ‪-38-‬‬
‫ﻋﯾب "؛ ﻷن ارﺗﻔﺎع اﻟدم واﺳﺗﻣراره ﻋﻼﻣﺔ اﻟداء‪ ،‬وﯾﻌﺗﺑر ﻓﻲ اﻻرﺗﻔﺎع أﻗﺻﻰ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺑﻠوغ وھو ﺳﺑﻊ ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ‬
‫ﻓﯾﮭﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وﯾﻌرف ذﻟك ﺑﻘول اﻷﻣﺔ ﻓﺗرد إذا اﻧﺿم إﻟﯾﮫ ﻧﻛول اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض وﺑﻌده وھو‬
‫اﻟﺻﺣﯾﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺣدث ﻋﻧد اﻟﻣﺷﺗري ﻋﯾب ﻓﺎطﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﯾب ﻛﺎن ﻋﻧد اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﻠﮫ أن ﯾرﺟﻊ ﺑﺎﻟﻧﻘﺻﺎن وﻻ ﯾرد‬
‫اﻟﻣﺑﯾﻊ"؛ ﻷن ﻓﻲ اﻟرد إﺿرارا ﺑﺎﻟﺑﺎﺋﻊ؛ ﻷﻧﮫ ﺧرج ﻋن ﻣﻠﻛﮫ ﺳﺎﻟﻣﺎ‪ ،‬وﯾﻌود ﻣﻌﯾﺑﺎ ﻓﺎﻣﺗﻧﻊ‪ ،‬وﻻ ﺑد ﻣن دﻓﻊ اﻟﺿرر‬
‫ﻋﻧﮫ ﻓﺗﻌﯾن اﻟرﺟوع ﺑﺎﻟﻧﻘﺻﺎن إﻻ أن ﯾرﺿﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ أن ﯾﺄﺧذه ﺑﻌﯾﺑﮫ؛ ﻷﻧﮫ رﺿﻲ ﺑﺎﻟﺿرر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺛوﺑﺎ ﻓﻘطﻌﮫ ﻓوﺟد ﺑﮫ ﻋﯾﺑﺎ رﺟﻊ ﺑﺎﻟﻌﯾب"؛ ﻷﻧﮫ اﻣﺗﻧﻊ اﻟرد ﺑﺎﻟﻘطﻊ ﻓﺈﻧﮫ ﻋﯾب ﺣﺎدث "ﻓﺈن ﻗﺎل‬
‫اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ :‬أﻧﺎ أﻗﺑﻠﮫ ﻛذﻟك ﻛﺎن ﻟﮫ ذﻟك"؛ ﻷن اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻟﺣﻘﮫ وﻗد رﺿﻲ ﺑﮫ "ﻓﺈن ﺑﺎﻋﮫ اﻟﻣﺷﺗري ﻟم ﯾرﺟﻊ ﺑﺷﻲء"؛‬
‫ﻷن اﻟرد ﻏﯾر ﻣﻣﺗﻧﻊ ﺑرﺿﺎ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﯾﺻﯾر ھو ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ ﺣﺎﺑﺳﺎ ﻟﻠﻣﺑﯾﻊ ﻓﻼ ﯾرﺟﻊ ﺑﺎﻟﻧﻘﺻﺎن "ﻓﺈن ﻗطﻊ اﻟﺛوب وﺧﺎطﮫ‬
‫أو ﺻﺑﻐﮫ أﺣﻣر‪ ،‬أو ﻟت اﻟﺳوﯾق ﺑﺳﻣن ﺛم اطﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﯾب رﺟﻊ ﺑﻧﻘﺻﺎﻧﮫ" ﻻﻣﺗﻧﺎع اﻟرد ﺑﺳﺑب اﻟزﯾﺎدة؛ ﻷﻧﮫ ﻻ‬
‫وﺟﮫ إﻟﻰ اﻟﻔﺳﺦ ﻓﻲ اﻷﺻل ﺑدوﻧﮭﺎ؛ ﻷﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻧﻔك ﻋﻧﮫ‪ ،‬وﻻ وﺟﮫ إﻟﯾﮫ ﻣﻌﮭﺎ؛ ﻷن اﻟزﯾﺎدة ﻟﯾﺳت ﺑﻣﺑﯾﻌﺔ ﻓﺎﻣﺗﻧﻊ‬
‫أﺻﻼ "وﻟﯾس ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ أن ﯾﺄﺧذه"؛ ﻷن اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻟﺣق اﻟﺷرع ﻻ ﻟﺣﻘﮫ "ﻓﺈن ﺑﺎﻋﮫ اﻟﻣﺷﺗري ﺑﻌدﻣﺎ رأى اﻟﻌﯾب رﺟﻊ‬
‫ﺑﺎﻟﻧﻘﺻﺎن" ﻷن اﻟرد ﻣﻣﺗﻧﻊ أﺻﻼ ﻗﺑﻠﮫ ﻓﻼ ﯾﻛون ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ ﺣﺎﺑﺳﺎ ﻟﻠﻣﺑﯾﻊ‪ .‬وﻋن ھذا ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬إن ﻣن اﺷﺗرى ﺛوﺑﺎ ﻓﻘطﻌﮫ‬
‫ﻟﺑﺎﺳﺎ ﻟوﻟده اﻟﺻﻐﯾر وﺧﺎطﮫ ﺛم اطﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﯾب ﻻ ﯾرﺟﻊ ﺑﺎﻟﻧﻘﺻﺎن‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن اﻟوﻟد ﻛﺑﯾرا ﯾرﺟﻊ؛ ﻷن اﻟﺗﻣﻠﯾك‬
‫ﺣﺻل ﻓﻲ اﻷول ﻗﺑل اﻟﺧﯾﺎطﺔ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻌدھﺎ ﺑﺎﻟﺗﺳﻠﯾم إﻟﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﻋﺑدا ﻓﺄﻋﺗﻘﮫ أو ﻣﺎت ﻋﻧده ﺛم اطﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﯾب رﺟﻊ ﺑﻧﻘﺻﺎﻧﮫ" أﻣﺎ اﻟﻣوت؛ ﻓﻸن اﻟﻣﻠك ﯾﻧﺗﮭﻲ‬
‫ﺑﮫ واﻻﻣﺗﻧﺎع ﺣﻛﻣﻲ ﻻ ﯾﻔﻌﻠﮫ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻹﻋﺗﺎق ﻓﺎﻟﻘﯾﺎس ﻓﯾﮫ أن ﻻ ﯾرﺟﻊ؛ ﻷن اﻻﻣﺗﻧﺎع ﺑﻔﻌﻠﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﻘﺗل‪ ،‬وﻓﻲ‬
‫اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن‪ :‬ﯾرﺟﻊ؛ ﻷن اﻟﻌﺗق إﻧﮭﺎء اﻟﻣﻠك؛ ﻷن اﻵدﻣﻲ ﻣﺎ ﺧﻠق ﻓﻲ اﻷﺻل ﻣﺣﻼ ﻟﻠﻣﻠك‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺛﺑت اﻟﻣﻠك ﻓﯾﮫ‬
‫ﻣوﻗﺗﺎ إﻟﻰ اﻹﻋﺗﺎق ﻓﻛﺎن إﻧﮭﺎء ﻓﺻﺎرت ﻛﺎﻟﻣوت‪ ،‬وھذا؛ ﻷن اﻟﺷﻲء ﯾﺗﻘرر ﺑﺎﻧﺗﮭﺎﺋﮫ ﻓﯾﺟﻌل ﻛﺄن اﻟﻣﻠك ﺑﺎق واﻟرد‬
‫ﻣﺗﻌذر‪ .‬واﻟﺗدﺑﯾر واﻻﺳﺗﯾﻼد ﺑﻣﻧزﻟﺗﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﺗﻌذر اﻟﻧﻘل ﻣﻊ ﺑﻘﺎء اﻟﻣﺣل ﺑﺎﻷﻣر اﻟﺣﻛﻣﻲ "وإن أﻋﺗﻘﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎل ﻟم‬
‫ﯾرﺟﻊ ﺑﺷﻲء" ﻷﻧﮫ ﺣﺑس ﺑدﻟﮫ وﺣﺑس اﻟﺑدل ﻛﺣﺑس اﻟﻣﺑدل‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬أﻧﮫ ﯾرﺟﻊ؛ ﻷﻧﮫ إﻧﮭﺎء‬
‫ﻟﻠﻣﻠك وإن ﻛﺎن ﺑﻌوض‪" .‬ﻓﺈن ﻗﺗل اﻟﻣﺷﺗري اﻟﻌﺑد أو ﻛﺎن طﻌﺎﻣﺎ ﻓﺄﻛﻠﮫ ﻟم ﯾرﺟﻊ ﺑﺷﻲء ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ‬
‫ﷲ أﻣﺎ اﻟﻘﺗل ﻓﺎﻟﻣذﻛور ظﺎھر اﻟرواﯾﺔ وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﯾرﺟﻊ" ﻷن‬

‫ﻗﺗل اﻟﻣوﻟﻰ ﻋﺑده ﻻ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﺣﻛم دﻧﯾﺎوي ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﻣوت ﺣﺗف أﻧﻔﮫ ﻓﯾﻛون إﻧﮭﺎء‪.‬‬ ‫ص ‪-39-‬‬
‫ووﺟﮫ اﻟظﺎھر أن اﻟﻘﺗل ﻻ ﯾوﺟد إﻻ ﻣﺿﻣوﻧﺎ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺳﻘط اﻟﺿﻣﺎن ھﺎھﻧﺎ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﻣﻠك ﻓﯾﺻﯾر ﻛﺎﻟﻣﺳﺗﻔﯾد ﺑﮫ‬
‫ﻋوﺿﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻹﻋﺗﺎق؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾوﺟب اﻟﺿﻣﺎن ﻻ ﻣﺣﺎﻟﺔ ﻛﺈﻋﺗﺎق اﻟﻣﻌﺳر ﻋﺑدا ﻣﺷﺗرﻛﺎ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻷﻛل ﻓﻌﻠﻰ‬
‫اﻟﺧﻼف‪ ،‬ﻓﻌﻧدھﻣﺎ ﯾرﺟﻊ وﻋﻧده ﻻ ﯾرﺟﻊ اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف إذا ﻟﺑس اﻟﺛوب ﺣﺗﻰ ﺗﺧرق ﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﺻﻧﻊ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻣﺎ ﯾﻘﺻد ﺑﺷراﺋﮫ وﯾﻌﺗﺎد ﻓﻌﻠﮫ ﻓﯾﮫ ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻹﻋﺗﺎق‪ .‬وﻟﮫ أﻧﮫ ﺗﻌذر اﻟرد ﺑﻔﻌل ﻣﺿﻣون ﻣﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﺄﺷﺑﮫ‬
‫اﻟﺑﯾﻊ واﻟﻘﺗل‪ ،‬وﻻ ﻣﻌﺗﺑر ﺑﻛوﻧﮫ ﻣﻘﺻودا؛ أﻻ ﯾرى أن اﻟﺑﯾﻊ ﻣﻣﺎ ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺷراء ﺛم ھو ﯾﻣﻧﻊ اﻟرﺟوع‪ ،‬ﻓﺈن أﻛل‬
‫ﺑﻌض اﻟطﻌﺎم ﺛم ﻋﻠم ﺑﺎﻟﻌﯾب ﻓﻛذا اﻟﺟواب ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ؛ ﻷن اﻟطﻌﺎم ﻛﺷﻲء واﺣد ﻓﺻﺎر ﻛﺑﯾﻊ‬
‫اﻟﺑﻌض‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ أﻧﮫ ﯾرﺟﻊ ﺑﻧﻘﺻﺎن اﻟﻌﯾب ﻓﻲ اﻟﻛل‪ ،‬وﻋﻧﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﯾرد ﻣﺎ ﺑﻘﻲ؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺿره اﻟﺗﺑﻌﯾض‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺑﯾﺿﺎ أو ﺑطﯾﺧﺎ أو ﻗﺛﺎء أو ﺧﯾﺎرا أو ﺟوزا ﻓﻛﺳره ﻓوﺟده ﻓﺎﺳدا ﻓﺈن ﻟم ﯾﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ رﺟﻊ‬
‫ﺑﺎﻟﺛﻣن ﻛﻠﮫ"؛ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﻣﺎل ﻓﻛﺎن اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺎطﻼ‪ ،‬وﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﻓﻲ اﻟﺟوز ﺻﻼح ﻗﺷره ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﯾل ﻷن ﻣﺎﻟﯾﺗﮫ‬
‫ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﻠب "وإن ﻛﺎن ﯾﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ ﻣﻊ ﻓﺳﺎده ﻟم ﯾرده"؛ ﻷن اﻟﻛﺳر ﻋﯾب ﺣﺎدث "و" ﻟﻛﻧﮫ "ﯾرﺟﻊ ﺑﻧﻘﺻﺎن‬
‫اﻟﻌﯾب" دﻓﻌﺎ ﻟﻠﺿرر ﺑﻘدر اﻹﻣﻛﺎن‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾرده؛ ﻷن اﻟﻛﺳر ﺑﺗﺳﻠﯾطﮫ‪ .‬ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬اﻟﺗﺳﻠﯾط ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻛﺳر ﻓﻲ ﻣﻠك اﻟﻣﺷﺗري ﻻ ﻓﻲ ﻣﻠﻛﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺛوﺑﺎ ﻓﻘطﻌﮫ‪ ،‬وﻟو وﺟد اﻟﺑﻌض ﻓﺎﺳدا وھو ﻗﻠﯾل ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ‬
‫اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺧﻠو ﻋن ﻗﻠﯾل ﻓﺎﺳد‪ .‬واﻟﻘﻠﯾل ﻣﺎ ﻻ ﯾﺧﻠو ﻋﻧﮫ اﻟﺟوز ﻋﺎدة ﻛﺎﻟواﺣد واﻻﺛﻧﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺋﺔ‪ ،‬وإن ﻛﺎن‬
‫اﻟﻔﺎﺳد ﻛﺛﯾرا ﻻ ﯾﺟوز وﯾرﺟﻊ ﺑﻛل اﻟﺛﻣن؛ ﻷﻧﮫ ﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﻣﺎل وﻏﯾره ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﺣر واﻟﻌﺑد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﻋﺑدا ﻓﺑﺎﻋﮫ اﻟﻣﺷﺗري ﺛم رد ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻌﯾب ﻓﺈن ﻗﺑل ﺑﻘﺿﺎء اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺈﻗرار أو ﺑﯾﻧﺔ أو ﺑﺈﺑﺎء ﯾﻣﯾن‬
‫ﻟﮫ أن ﯾرده ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺋﻌﮫ"؛ ﻷﻧﮫ ﻓﺳﺦ ﻣن اﻷﺻل ﻓﺟﻌل اﻟﺑﯾﻊ ﻛﺄن ﻟم ﯾﻛن ﻏﺎﯾﺔ اﻷﻣر أﻧﮫ أﻧﻛر ﻗﯾﺎم اﻟﻌﯾب ﻟﻛﻧﮫ‬
‫ﺻﺎر ﻣﻛذﺑﺎ ﺷرﻋﺎ ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬وﻣﻌﻧﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻹﻗرار أﻧﮫ أﻧﻛر اﻹﻗرار ﻓﺄﺛﺑت ﺑﺎﻟﺑﯾﻧﺔ‪ ،‬وھذا ﺑﺧﻼف اﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ‬
‫إذا رد ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻌﯾب ﺑﺎﻟﺑﯾﻧﺔ ﺣﯾث ﯾﻛون ردا ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﻛل؛ ﻷن اﻟﺑﯾﻊ ھﻧﺎك واﺣد واﻟﻣوﺟود ھﺎھﻧﺎ ﺑﯾﻌﺎن‪ ،‬ﻓﯾﻔﺳﺦ‬
‫اﻟﺛﺎﻧﻲ واﻷول ﻻ ﯾﻧﻔﺳﺦ "وإن ﻗﺑل ﺑﻐﯾر ﻗﺿﺎء اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾرده"؛ ﻷﻧﮫ ﺑﯾﻊ ﺟدﯾد ﻓﻲ ﺣق ﺛﺎﻟث وإن ﻛﺎن‬
‫ﻓﺳﺧﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﮭﻣﺎ واﻷول ﺛﺎﻟﺛﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫"وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬وإن رد ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺈﻗراره ﺑﻐﯾر ﻗﺿﺎء ﺑﻌﯾب ﻻ ﯾﺣدث ﻣﺛﻠﮫ ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ أن ﯾﺧﺎﺻم اﻟذي‬
‫ﺑﺎﻋﮫ" وﺑﮭذا ﯾﺗﺑﯾن أن اﻟﺟواب ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺣدث ﻣﺛﻠﮫ وﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﺣدث ﺳواء وﻓﻲ ﺑﻌض‬

‫رواﯾﺎت اﻟﺑﯾوع‪ :‬إن ﻛﺎن ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﺣدث ﻣﺛﻠﮫ ﯾرﺟﻊ ﺑﺎﻟﻧﻘﺻﺎن ﻟﻠﺗﯾﻘن ﺑﻘﯾﺎم اﻟﻌﯾب ﻋﻧد‬ ‫ص ‪-40-‬‬
‫اﻟﺑﺎﺋﻊ اﻷول‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﻋﺑدا ﻓﻘﺑﺿﮫ ﻓﺎدﻋﻰ ﻋﯾﺑﺎ ﻟم ﯾﺟﺑر ﻋﻠﻰ دﻓﻊ اﻟﺛﻣن ﺣﺗﻰ ﯾﺣﻠف اﻟﺑﺎﺋﻊ أو ﯾﻘﯾم اﻟﻣﺷﺗري‬
‫ﺑﯾﻧﺔ" ﻷﻧﮫ أﻧﻛر وﺟوب دﻓﻊ اﻟﺛﻣن ﺣﯾث أﻧﻛر ﺗﻌﯾن ﺣﻘﮫ ﺑدﻋوى اﻟﻌﯾب‪ ،‬ودﻓﻊ اﻟﺛﻣن أوﻻ ﻟﯾﺗﻌﯾن ﺣﻘﮫ ﺑﺈزاء ﺗﻌﯾن‬
‫اﻟﻣﺑﯾﻊ؛ وﻷﻧﮫ ﻟو ﻗﺿﻲ ﺑﺎﻟدﻓﻊ ﻓﻠﻌﻠﮫ ﯾظﮭر اﻟﻌﯾب ﻓﯾﻧﺗﻘض اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻼ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﮫ ﺻوﻧﺎ ﻟﻘﺿﺎﺋﮫ "ﻓﺈن ﻗﺎل‬
‫اﻟﻣﺷﺗري ﺷﮭودي ﺑﺎﻟﺷﺎم اﺳﺗﺣﻠف اﻟﺑﺎﺋﻊ ودﻓﻊ اﻟﺛﻣن" ﯾﻌﻧﻲ إذا ﺣﻠف وﻻ ﯾﻧﺗظر ﺣﺿور اﻟﺷﮭود؛ ﻷن ﻓﻲ‬
‫اﻻﻧﺗظﺎر ﺿررا ﺑﺎﻟﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬وﻟﯾس ﻓﻲ اﻟدﻓﻊ ﻛﺛﯾر ﺿرر ﺑﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﻋﻠﻰ ﺣﺟﺗﮫ‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻧﻛل أﻟزم اﻟﻌﯾب؛ ﻷﻧﮫ ﺣﺟﺔ‬
‫ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﻋﺑدا ﻓﺎدﻋﻰ إﺑﺎﻗﺎ ﻟم ﯾﺣﻠف اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺣﺗﻰ ﯾﻘﯾم اﻟﻣﺷﺗري اﻟﺑﯾﻧﺔ أﻧﮫ أﺑق ﻋﻧده" واﻟﻣراد‬
‫اﻟﺗﺣﻠﯾف ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻟم ﯾﺄﺑق ﻋﻧده؛ ﻷن اﻟﻘول وإن ﻛﺎن ﻗوﻟﮫ وﻟﻛن إﻧﻛﺎره إﻧﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﺑﻌد ﻗﯾﺎم اﻟﻌﯾب ﺑﮫ ﻓﻲ ﯾد‬
‫اﻟﻣﺷﺗري وﻣﻌرﻓﺗﮫ ﺑﺎﻟﺣﺟﺔ "ﻓﺈذا أﻗﺎﻣﮭﺎ ﺣﻠف ﺑﺎ ﻟﻘد ﺑﺎﻋﮫ وﺳﻠﻣﮫ إﻟﯾﮫ وﻣﺎ أﺑق ﻋﻧده ﻗط" ﻛذا ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب‪،‬‬
‫وإن ﺷﺎء ﺣﻠﻔﮫ ﺑﺎ ﻣﺎ ﻟﮫ ﺣق اﻟرد ﻋﻠﯾك ﻣن اﻟوﺟﮫ اﻟذي ﯾدﻋﻲ أو ﺑﺎ ﻣﺎ أﺑق ﻋﻧدك ﻗط أﻣﺎ ﻻ ﯾﺣﻠﻔﮫ ﺑﺎ ﻟﻘد‬
‫ﺑﺎﻋﮫ وﻣﺎ ﺑﮫ ھذا اﻟﻌﯾب وﻻ ﺑﺎ ﻟﻘد ﺑﺎﻋﮫ وﺳﻠﻣﮫ وﻣﺎ ﺑﮫ ھذا اﻟﻌﯾب؛ ﻷن ﻓﯾﮫ ﺗرك اﻟﻧظر ﻟﻠﻣﺷﺗري؛ ﻷن اﻟﻌﯾب ﻗد‬
‫ﯾﺣدث ﺑﻌد اﻟﺑﯾﻊ ﻗﺑل اﻟﺗﺳﻠﯾم وھو ﻣوﺟب ﻟﻠرد‪ ،‬واﻷول ذھول ﻋﻧﮫ واﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾوھم ﺗﻌﻠﻘﮫ ﺑﺎﻟﺷرطﯾن ﻓﯾﺗﺄوﻟﮫ ﻓﻲ‬
‫اﻟﯾﻣﯾن ﻋﻧد ﻗﯾﺎﻣﮫ وﻗت اﻟﺗﺳﻠﯾم دون اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وﻟو ﻟم ﯾﺟد اﻟﻣﺷﺗري ﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﯾﺎم اﻟﻌﯾب ﻋﻧده وأراد ﺗﺣﻠﯾف اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻣﺎ‬
‫ﯾﻌﻠم أﻧﮫ أﺑق ﻋﻧده ﯾﺣﻠف ﻋﻠﻰ ﻗوﻟﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫واﺧﺗﻠف اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ ﻋﻠﻰ ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻟﮭﻣﺎ أن اﻟدﻋوى ﻣﻌﺗﺑرة ﺣﺗﻰ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻓﻛذا ﯾﺗرﺗب‬
‫اﻟﺗﺣﻠﯾف‪ .‬وﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻟﺑﻌض أن اﻟﺣﻠف ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ دﻋوى ﺻﺣﯾﺣﺔ‪ ،‬وﻟﯾﺳت ﺗﺻﺢ إﻻ ﻣن ﺧﺻم وﻻ‬
‫ﯾﺻﯾر ﺧﺻﻣﺎ ﻓﯾﮫ إﻻ ﺑﻌد ﻗﯾﺎم اﻟﻌﯾب‪ .‬وإذا ﻧﻛل ﻋن اﻟﯾﻣﯾن ﻋﻧدھﻣﺎ ﯾﺣﻠف ﺛﺎﻧﯾﺎ ﻟﻠرد ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﮫ اﻟذي ﻗدﻣﻧﺎه‪ .‬ﻗﺎل‬
‫رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬إذا ﻛﺎﻧت اﻟدﻋوى ﻓﻲ إﺑﺎق اﻟﻛﺑﯾر ﯾﺣﻠف ﻣﺎ أﺑق ﻣﻧذ ﺑﻠﻎ ﻣﺑﻠﻎ اﻟرﺟﺎل؛ ﻷن اﻹﺑﺎق ﻓﻲ اﻟﺻﻐر ﻻ‬
‫ﯾوﺟب رده ﺑﻌد اﻟﺑﻠوغ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ وﺗﻘﺎﺑﺿﺎ ﻓوﺟد ﺑﮭﺎ ﻋﯾﺑﺎ ﻓﻘﺎل اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ :‬ﺑﻌﺗك ھذه وأﺧرى ﻣﻌﮭﺎ وﻗﺎل اﻟﻣﺷﺗري‪:‬‬
‫ﺑﻌﺗﻧﯾﮭﺎ وﺣدھﺎ ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺷﺗري"؛ ﻷن اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﻣﻘدار اﻟﻣﻘﺑوض ﻓﯾﻛون اﻟﻘول ﻟﻠﻘﺎﺑض ﻛﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻐﺻب "وﻛذا إذا اﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻘدار اﻟﻣﺑﯾﻊ واﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺑوض" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﻋﺑدﯾن ﺻﻔﻘﺔ واﺣدة ﻓﻘﺑض أﺣدھﻣﺎ ووﺟد ﺑﺎﻵﺧر ﻋﯾﺑﺎ ﻓﺈﻧﮫ‬ ‫ص ‪-41-‬‬
‫ﯾﺄﺧذھﻣﺎ أو ﯾدﻋﮭﻣﺎ"؛ ﻷن اﻟﺻﻔﻘﺔ ﺗﺗم ﺑﻘﺑﺿﮭﻣﺎ ﻓﯾﻛون ﺗﻔرﯾﻘﮭﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﻣﺎم وﻗد ذﻛرﻧﺎه‪ ،‬وھذا؛ ﻷن اﻟﻘﺑض ﻟﮫ ﺷﺑﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻘد ﻓﺎﻟﺗﻔرﯾق ﻓﯾﮫ ﻛﺎﻟﺗﻔرﯾق ﻓﻲ اﻟﻌﻘد‪ .‬وﻟو وﺟد ﺑﺎﻟﻣﻘﺑوض ﻋﯾﺑﺎ اﺧﺗﻠﻔوا ﻓﯾﮫ‪ .‬وﯾروى ﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‬
‫أﻧﮫ ﯾرده ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬واﻷﺻﺢ أﻧﮫ ﯾﺄﺧذھﻣﺎ أو ﯾردھﻣﺎ؛ ﻷن ﺗﻣﺎم اﻟﺻﻔﻘﺔ ﺗﻌﻠق ﺑﻘﺑض اﻟﻣﺑﯾﻊ وھو اﺳم ﻟﻠﻛل ﻓﺻﺎر‬
‫ﻛﺣﺑس اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻟﻣﺎ ﺗﻌﻠق زواﻟﮫ ﺑﺎﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﺛﻣن ﻻ ﯾزول دون ﻗﺑض ﺟﻣﯾﻌﮫ وﻟو ﻗﺑﺿﮭﻣﺎ ﺛم وﺟد ﺑﺄﺣدھﻣﺎ ﻋﯾﺑﺎ ﯾرده‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﺧﻼﻓﺎ ﻟزﻓر‪ .‬ھو ﯾﻘول‪ :‬ﻓﯾﮫ ﺗﻔرﯾق اﻟﺻﻔﻘﺔ وﻻ ﯾﻌرى ﻋن ﺿرر؛ ﻷن اﻟﻌﺎدة ﺟرت ﺑﺿم اﻟﺟﯾد إﻟﻰ‬
‫اﻟرديء ﻓﺄﺷﺑﮫ ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض وﺧﯾﺎر اﻟرؤﯾﺔ واﻟﺷرط‪ .‬وﻟﻧﺎ أﻧﮫ ﺗﻔرﯾق اﻟﺻﻔﻘﺔ ﺑﻌد اﻟﺗﻣﺎم؛ ﻷن ﺑﺎﻟﻘﺑض ﺗﺗم اﻟﺻﻔﻘﺔ‬
‫ﻓﻲ ﺧﯾﺎر اﻟﻌﯾب وﻓﻲ ﺧﯾﺎر اﻟرؤﯾﺔ واﻟﺷرط ﻻ ﺗﺗم ﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ ،‬وﻟﮭذا ﻟو اﺳﺗﺣق أﺣدھﻣﺎ ﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾرد‬
‫اﻵﺧر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺷﯾﺋﺎ ﻣﻣﺎ ﯾﻛﺎل أو ﯾوزن ﻓوﺟد ﺑﺑﻌﺿﮫ ﻋﯾﺑﺎ رده ﻛﻠﮫ أو أﺧذه ﻛﻠﮫ" وﻣراده ﺑﻌد اﻟﻘﺑض؛ ﻷن‬
‫اﻟﻣﻛﯾل إذا ﻛﺎن ﻣن ﺟﻧس واﺣد ﻓﮭو ﻛﺷﻲء واﺣد؛ أﻻ ﯾرى أﻧﮫ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﺳم واﺣد وھو اﻟﻛر وﻧﺣوه‪ .‬وﻗﯾل ھذا إذا‬
‫ﻛﺎن ﻓﻲ وﻋﺎء واﺣد‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻓﻲ وﻋﺎءﯾن ﻓﮭو ﺑﻣﻧزﻟﺔ ﻋﺑدﯾن ﺣﺗﻰ ﯾرد اﻟوﻋﺎء اﻟذي وﺟد ﻓﯾﮫ اﻟﻌﯾب دون اﻵﺧر‪.‬‬
‫"وﻟو اﺳﺗﺣق ﺑﻌﺿﮫ ﻓﻼ ﺧﯾﺎر ﻟﮫ ﻓﻲ رد ﻣﺎ ﺑﻘﻲ"؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺿره اﻟﺗﺑﻌﯾض‪ ،‬واﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﺗﻣﺎم اﻟﺻﻔﻘﺔ؛‬
‫ﻷن ﺗﻣﺎﻣﮭﺎ ﺑرﺿﺎ اﻟﻌﺎﻗد ﻻ ﺑرﺿﺎ اﻟﻣﺎﻟك‪ ،‬وھذا إذا ﻛﺎن ﺑﻌد اﻟﻘﺑض‪ ،‬أﻣﺎ ﻟو ﻛﺎن ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻓﻠﮫ أن ﯾرد ﻣﺎ ﺑﻘﻲ‬
‫ﻟﺗﻔرق اﻟﺻﻔﻘﺔ ﻗﺑل اﻟﺗﻣﺎم‪ .‬ﻗﺎل "وإن ﻛﺎن ﺛوﺑﺎ ﻓﻠﮫ اﻟﺧﯾﺎر"؛ ﻷن اﻟﺗﺷﻘﯾص ﻓﯾﮫ ﻋﯾب وﻗد ﻛﺎن وﻗت اﻟﺑﯾﻊ ﺣﯾث‬
‫ظﮭر اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﻛﯾل واﻟﻣوزون‪ .‬ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ ﻓوﺟد ﺑﮭﺎ ﻗرﺣﺎ ﻓداواه أو ﻛﺎﻧت داﺑﺔ‬
‫ﻓرﻛﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻓﮭو رﺿﺎ"؛ ﻷن ذﻟك دﻟﯾل ﻗﺻده اﻻﺳﺗﺑﻘﺎء ﺑﺧﻼف ﺧﯾﺎر اﻟﺷرط؛ ﻷن اﻟﺧﯾﺎر ھﻧﺎك ﻟﻼﺧﺗﺑﺎر‬
‫وأﻧﮫ ﺑﺎﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﻓﻼ ﯾﻛون اﻟرﻛوب ﻣﺳﻘطﺎ "وإن رﻛﺑﮭﺎ ﻟﯾردھﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺋﻌﮭﺎ أو ﻟﯾﺳﻘﯾﮭﺎ أو ﻟﯾﺷﺗري ﻟﮭﺎ ﻋﻠﻔﺎ‬
‫ﻓﻠﯾس ﺑرﺿﺎ" أﻣﺎ اﻟرﻛوب ﻟﻠرد؛ ﻓﻸﻧﮫ ﺳﺑب اﻟرد واﻟﺟواب ﻓﻲ اﻟﺳﻘﻲ واﺷﺗراء اﻟﻌﻠف ﻣﺣﻣول ﻋﻠﻰ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻻ‬
‫ﯾﺟد ﺑدا ﻣﻧﮫ‪ ،‬إﻣﺎ ﻟﺻﻌوﺑﺗﮭﺎ أو ﻟﻌﺟزه أو ﻟﻛون اﻟﻌﻠف ﻓﻲ ﻋدل واﺣد‪ ،‬وأﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﯾﺟد ﺑدا ﻣﻧﮫ ﻻﻧﻌدام ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‬
‫ﯾﻛون رﺿﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﻋﺑدا ﻗد ﺳرق وﻟم ﯾﻌﻠم ﺑﮫ ﻓﻘطﻊ ﻋﻧد اﻟﻣﺷﺗري ﻟﮫ أن ﯾرده وﯾﺄﺧذ اﻟﺛﻣن ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾرﺟﻊ ﺑﻣﺎ ﺑﯾن ﻗﯾﻣﺗﮫ ﺳﺎرﻗﺎ إﻟﻰ ﻏﯾر ﺳﺎرق" وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف إذا ﻗﺗل ﺑﺳﺑب وﺟد ﻓﻲ ﯾد‬
‫اﻟﺑﺎﺋﻊ‪.‬‬

‫واﻟﺣﺎﺻل أﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ﻋﻧده وﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻌﯾب ﻋﻧدھﻣﺎ‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﻣوﺟود ﻓﻲ ﯾد‬ ‫ص ‪-42-‬‬
‫اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺳﺑب اﻟﻘطﻊ واﻟﻘﺗل وأﻧﮫ ﻻ ﯾﻧﺎﻓﻲ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻓﻧﻔذ اﻟﻌﻘد ﻓﯾﮫ ﻟﻛﻧﮫ ﻣﺗﻌﯾب ﻓﯾرﺟﻊ ﺑﻧﻘﺻﺎﻧﮫ ﻋﻧد ﺗﻌذر رده وﺻﺎر‬
‫ﻛﻣﺎ إذا اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ ﺣﺎﻣﻼ ﻓﻣﺎﺗت ﻓﻲ ﯾده ﺑﺎﻟوﻻدة ﻓﺈﻧﮫ ﯾرﺟﻊ ﺑﻔﺿل ﻣﺎ ﺑﯾن ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ ﺣﺎﻣﻼ إﻟﻰ ﻏﯾر ﺣﺎﻣل‪ .‬وﻟﮫ‬
‫أن ﺳﺑب اﻟوﺟوب ﻓﻲ ﯾد اﻟﺑﺎﺋﻊ واﻟوﺟوب ﯾﻔﺿﻲ إﻟﻰ اﻟوﺟود ﻓﯾﻛون اﻟوﺟود ﻣﺿﺎﻓﺎ إﻟﻰ اﻟﺳﺑب اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬وﺻﺎر‬
‫ﻛﻣﺎ إذا ﻗﺗل اﻟﻣﻐﺻوب أو ﻗطﻊ ﺑﻌد اﻟرد ﺑﺟﻧﺎﯾﺔ وﺟدت ﻓﻲ ﯾد اﻟﻐﺎﺻب‪ ،‬وﻣﺎ ذﻛر ﻣن اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣﻣﻧوع‪.‬‬
‫وﻟو ﺳرق ﻓﻲ ﯾد اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺛم ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﺷﺗري ﻓﻘطﻊ ﺑﮭﻣﺎ ﻋﻧدھﻣﺎ ﯾرﺟﻊ ﺑﺎﻟﻧﻘﺻﺎن ﻛﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ .‬وﻋﻧده ﻻ ﯾرده ﺑدون‬
‫رﺿﺎ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻟﻠﻌﯾب اﻟﺣﺎدث وﯾرﺟﻊ ﺑرﺑﻊ اﻟﺛﻣن‪ ،‬وإن ﻗﺑﻠﮫ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﺑﺛﻼﺛﺔ اﻷرﺑﺎع؛ ﻷن اﻟﯾد ﻣن اﻵدﻣﻲ ﻧﺻﻔﮫ وﻗد‬
‫ﺗﻠﻔت ﺑﺎﻟﺟﻧﺎﯾﺗﯾن وﻓﻲ إﺣداھﻣﺎ رﺟوع ﻓﯾﺗﻧﺻف؛ وﻟو ﺗداوﻟﺗﮫ اﻷﯾدي ﺛم ﻗطﻊ ﻓﻲ ﯾد اﻷﺧﯾر رﺟﻊ اﻟﺑﺎﻋﺔ ﺑﻌﺿﮭم‬
‫ﻋﻠﻰ ﺑﻌض ﻋﻧده ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﯾرﺟﻊ اﻷﺧﯾر ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺋﻌﮫ وﻻ ﯾرﺟﻊ ﺑﺎﺋﻌﮫ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺋﻌﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ‬
‫اﻟﻌﯾب‪ .‬وﻗوﻟﮫ "ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب وﻟم ﯾﻌﻠم اﻟﻣﺷﺗري" ﯾﻔﯾد ﻋﻠﻰ ﻣذھﺑﮭﻣﺎ؛ ﻷن اﻟﻌﻠم ﺑﺎﻟﻌﯾب رﺿﺎ ﺑﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﻔﯾد ﻋﻠﻰ ﻗوﻟﮫ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ؛ ﻷن اﻟﻌﻠم ﺑﺎﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ﻻ ﯾﻣﻧﻊ اﻟرﺟوع‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﻋﺑدا وﺷرط اﻟﺑراءة ﻣن ﻛل ﻋﯾب ﻓﻠﯾس ﻟﮫ أن ﯾرده ﺑﻌﯾب وإن ﻟم ﯾﺳم اﻟﻌﯾوب ﺑﻌددھﺎ" وﻗﺎل‬
‫اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻻ ﺗﺻﺢ اﻟﺑراءة ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣذھﺑﮫ أن اﻹﺑراء ﻋن اﻟﺣﻘوق اﻟﻣﺟﮭوﻟﺔ ﻻ ﯾﺻﺢ‪ .‬ھو ﯾﻘول‪ :‬إن ﻓﻲ اﻹﺑراء‬
‫ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻣﻠﯾك ﺣﺗﻰ ﯾرﺗد ﺑﺎﻟرد‪ ،‬وﺗﻣﻠﯾك اﻟﻣﺟﮭول ﻻ ﯾﺻﺢ‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻘﺎط ﻻ ﺗﻔﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ‬
‫وإن ﻛﺎن ﻓﻲ ﺿﻣﻧﮫ اﻟﺗﻣﻠﯾك ﻟﻌدم اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﻼ ﺗﻛون ﻣﻔﺳدة‪ ،‬وﯾدﺧل ﻓﻲ ھذه اﻟﺑراءة اﻟﻌﯾب اﻟﻣوﺟود‬
‫واﻟﺣﺎدث ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻓﻲ ﻗول أﺑﻲ ﯾوﺳف‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾدﺧل ﻓﯾﮫ اﻟﺣﺎدث وھو ﻗول زﻓر رﺣﻣﮫ ﷲ؛‬
‫ﻷن اﻟﺑراءة ﺗﺗﻧﺎول اﻟﺛﺎﺑت‪ .‬وﻷﺑﻲ ﯾوﺳف أن اﻟﻐرض إﻟزام اﻟﻌﻘد ﺑﺈﺳﻘﺎط ﺣﻘﮫ ﻋن ﺻﻔﺔ اﻟﺳﻼﻣﺔ وذﻟك ﺑﺎﻟﺑراءة‬
‫ﻋن اﻟﻣوﺟود واﻟﺣﺎدث‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻟﺑﯾﻊ اﻟﻔﺎﺳد‬


‫"وإذا ﻛﺎن أﺣد اﻟﻌوﺿﯾن أو ﻛﻼھﻣﺎ ﻣﺣرﻣﺎ ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﺳد ﻛﺎﻟﺑﯾﻊ ﺑﺎﻟﻣﯾﺗﺔ واﻟدم واﻟﺧﻧزﯾر واﻟﺧﻣر‪ ،‬وﻛذا إذا ﻛﺎن‬
‫ﻏﯾر ﻣﻣﻠوك ﻛﺎﻟﺣر" ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬ھذه ﻓﺻول ﺟﻣﻌﮭﺎ‪ ،‬وﻓﯾﮭﺎ ﺗﻔﺻﯾل ﻧﺑﯾﻧﮫ إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻧﻘول‪ :‬اﻟﺑﯾﻊ‬
‫ﺑﺎﻟﻣﯾﺗﺔ واﻟدم ﺑﺎطل‪ ،‬وﻛذا ﺑﺎﻟﺣر ﻻﻧﻌدام رﻛن اﻟﺑﯾﻊ وھو ﻣﺑﺎدﻟﺔ اﻟﻣﺎل ﺑﺎﻟﻣﺎل‪ ،‬ﻓﺈن ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﻻ ﺗﻌد ﻣﺎﻻ ﻋﻧد أﺣد‬
‫واﻟﺑﯾﻊ ﺑﺎﻟﺧﻣر واﻟﺧﻧزﯾر ﻓﺎﺳد ﻟوﺟود ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺑﯾﻊ وھو ﻣﺑﺎدﻟﺔ اﻟﻣﺎل ﺑﺎﻟﻣﺎل ﻓﺈﻧﮫ ﻣﺎل ﻋﻧد اﻟﺑﻌض واﻟﺑﺎطل ﻻ ﯾﻔﯾد‬
‫ﻣﻠك‬

‫اﻟﺗﺻرف‪ ،‬وﻟو ھﻠك اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﺷﺗري ﻓﯾﮫ ﯾﻛون أﻣﺎﻧﺔ ﻋﻧد ﺑﻌض اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ ﻷن‬ ‫ص ‪-43-‬‬
‫اﻟﻌﻘد ﻏﯾر ﻣﻌﺗﺑر ﻓﺑﻘﻲ اﻟﻘﺑض ﺑﺈذن اﻟﻣﺎﻟك وﻋﻧد اﻟﺑﻌض ﯾﻛون ﻣﺿﻣوﻧﺎ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻛون أدﻧﻰ ﺣﺎﻻ ﻣن اﻟﻣﻘﺑوض‬
‫ﻋﻠﻰ ﺳوم اﻟﺷراء‪ .‬وﻗﯾل اﻷول ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ واﻟﺛﺎﻧﻲ ﻗوﻟﮭﻣﺎ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺑﯾﻊ أم اﻟوﻟد واﻟﻣدﺑر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ‬
‫ﻧﺑﯾﻧﮫ إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬واﻟﻔﺎﺳد ﯾﻔﯾد اﻟﻣﻠك ﻋﻧد اﺗﺻﺎل اﻟﻘﺑض ﺑﮫ وﯾﻛون اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻣﺿﻣوﻧﺎ ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﺷﺗري ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫وﻓﯾﮫ ﺧﻼف اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ وﺳﻧﺑﯾﻧﮫ ﺑﻌد ھذا‪ .‬وﻛذا ﺑﯾﻊ اﻟﻣﯾﺗﺔ واﻟدم واﻟﺣر ﺑﺎطل ﻷﻧﮭﺎ ﻟﯾﺳت أﻣواﻻ ﻓﻼ ﺗﻛون‬
‫ﻣﺣﻼ ﻟﻠﺑﯾﻊ‪ .‬وأﻣﺎ ﺑﯾﻊ اﻟﺧﻣر واﻟﺧﻧزﯾر إن ﻛﺎن ﻗوﺑل ﺑﺎﻟدﯾن ﻛﺎﻟدراھم واﻟدﻧﺎﻧﯾر ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ ﺑﺎطل‪ ،‬وﻏن ﻛﺎن ﻗوﺑل ﺑﻌﯾن‬
‫ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﺳد ﺣﺗﻰ ﯾﻣﻠك ﻣﺎ ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ وإن ﻛﺎن ﻻ ﯾﻣﻠك ﻋﯾن اﻟﺧﻣر واﻟﺧﻧزﯾر‪ .‬ووﺟﮫ اﻟﻔرق أن اﻟﺧﻣر ﻣﺎل‪ ،‬وﻛذا‬
‫اﻟﺧﻧزﯾر ﻣﺎل ﻋﻧد أھل اﻟذﻣﺔ إﻻ أﻧﮫ ﻏﯾر ﻣﺗﻘوم ﻟﻣﺎ أن اﻟﺷرع أﻣر ﺑﺈھﺎﻧﺗﮫ وﺗرك إﻋزازه وﻓﻲ ﺗﻣﻠﻛﮫ ﺑﺎﻟﻌﻘد‬
‫ﻣﻘﺻودا إﻋزاز ﻟﮫ‪ ،‬وھذا ﻷﻧﮫ ﻣﺗﻰ اﺷﺗراھﻣﺎ ﺑﺎﻟدراھم ﻓﺎﻟدراھم ﻏﯾر ﻣﻘﺻودة ﻟﻛوﻧﮭﺎ وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻣﺎ أﻧﮭﺎ ﺗﺟب ﻓﻲ‬
‫اﻟذﻣﺔ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ اﻟﻣﻘﺻود اﻟﺧﻣر ﻓﺳﻘط اﻟﺗﻘوم أﺻﻼ ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا اﺷﺗرى اﻟﺛوب ﺑﺎﻟﺧﻣر ﻷن اﻟﻣﺷﺗري ﻟﻠﺛوب إﻧﻣﺎ‬
‫ﯾﻘﺻد ﺗﻣﻠك اﻟﺛوب ﺑﺎﻟﺧﻣر وﻓﯾﮫ إﻋزاز ﻟﻠﺛوب دون اﻟﺧﻣر ﻓﺑﻘﻲ ذﻛر اﻟﺧﻣر ﻣﻌﺗﺑرا ﻓﻲ ﺗﻣﻠك اﻟﺛوب ﻻ ﻓﻲ ﺣق‬
‫ﻧﻔس اﻟﺧﻣر ﺣﺗﻰ ﻓﺳدت اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ ووﺟﺑت ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺛوب دون اﻟﺧﻣر‪ ،‬وﻛذا إذا ﺑﺎع اﻟﺧﻣر ﺑﺎﻟﺛوب ﻷﻧﮫ ﯾﻌﺗﺑر ﺷراء‬
‫اﻟﺛوب ﺑﺎﻟﺧﻣر ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﻘﺎﯾﺿﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺑﯾﻊ أم اﻟوﻟد واﻟﻣدﺑر واﻟﻣﻛﺎﺗب ﻓﺎﺳد" وﻣﻌﻧﺎه ﺑﺎطل ﻷن اﺳﺗﺣﻘﺎق اﻟﻌﺗق ﻗد ﺛﺑت ﻷم اﻟوﻟد ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬أﻋﺗﻘﮭﺎ وﻟدھﺎ" وﺳﺑب اﻟﺣرﯾﺔ اﻧﻌﻘد ﻓﻲ اﻟﻣدﺑر ﻓﻲ اﻟﺣﺎل ﻟﺑطﻼن اﻷھﻠﯾﺔ ﺑﻌد اﻟﻣوت‪ ،‬واﻟﻣﻛﺎﺗب‬
‫اﺳﺗﺣق ﯾدا ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ ﻻزﻣﺔ ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣوﻟﻰ‪ ،‬وﻟو ﺛﺑت اﻟﻣﻠك ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ ﻟﺑطل ذﻟك ﻛﻠﮫ ﻓﻼ ﯾﺟوز‪ ،‬وﻟو رﺿﻲ‬
‫اﻟﻣﻛﺎﺗب ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﻔﯾﮫ رواﯾﺗﺎن‪ ،‬واﻷظﮭر اﻟﺟواز‪ ،‬واﻟﻣراد اﻟﻣدﺑر اﻟﻣطﻠق دون اﻟﻣﻘﯾد‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻣطﻠق ﺧﻼف اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ وﻗد ذﻛرﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﻌﺗﺎق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻣﺎﺗت أم اﻟوﻟد أو اﻟﻣدﺑر ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﺷﺗري ﻓﻼ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻋﻠﯾﮫ ﻗﯾﻣﺗﮭﻣﺎ"‬
‫وھو رواﯾﺔ ﻋﻧﮫ ﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﻣﻘﺑوض ﺑﺟﮭﺔ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﯾﻛون ﻣﺿﻣوﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻛﺳﺎﺋر اﻷﻣوال‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﻣدﺑر وأم اﻟوﻟد‬
‫ﯾدﺧﻼن ﺗﺣت اﻟﺑﯾﻊ ﺣﺗﻰ ﯾﻣﻠك ﻣﺎ ﯾﺿم إﻟﯾﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﻛﺎﺗب ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﯾد ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق ﻓﻲ ﺣﻘﮫ‬
‫اﻟﻘﺑض وھذا اﻟﺿﻣﺎن ﺑﮫ وﻟﮫ أن ﺟﮭﺔ اﻟﺑﯾﻊ إﻧﻣﺎ ﺗﻠﺣق ﺑﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﺣل ﯾﻘﺑل اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ وھﻣﺎ ﻻ ﯾﻘﺑﻼن ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺑﯾﻊ‬
‫ﻓﺻﺎرا ﻛﺎﻟﻣﻛﺎﺗب‪ ،‬وﻟﯾس دﺧوﻟﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻲ ﺣق أﻧﻔﺳﮭﻣﺎ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ذﻟك ﻟﯾﺛﺑت‬
‫ﺣﻛم اﻟﺑﯾﻊ ﻓﯾﻣﺎ ﺿم إﻟﯾﮭﻣﺎ ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎل اﻟﻣﺷﺗري ﻻ ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺣﻛم ﻋﻘده ﺑﺎﻧﻔراده‪،‬‬ ‫ص ‪-44-‬‬
‫وإﻧﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﺣﻛم اﻟدﺧول ﻓﯾﻣﺎ ﺿﻣﮫ إﻟﯾﮫ‪ ،‬ﻛذا ھذا‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﺳﻣك ﻗﺑل أن ﯾﺻطﺎد" ﻷﻧﮫ ﺑﺎع ﻣﺎﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ "وﻻ ﻓﻲ ﺣظﯾرة إذا ﻛﺎن ﻻ ﯾؤﺧذ إﻻ ﺑﺻﯾد"؛‬
‫ﻷﻧﮫ ﻏﯾر ﻣﻘدور اﻟﺗﺳﻠﯾم‪ ،‬وﻣﻌﻧﺎه إذا أﺧذه ﺛم أﻟﻘﺎه ﻓﯾﮭﺎ ﻟو ﻛﺎن ﯾؤﺧذ ﻣن ﻏﯾر ﺣﯾﻠﺔ ﺟﺎز‪ ،‬إﻻ إذا اﺟﺗﻣﻌت ﻓﯾﮭﺎ‬
‫ﺑﺄﻧﻔﺳﮭﺎ وﻟم ﯾﺳد ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻣدﺧل ﻟﻌدم اﻟﻣﻠك‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺑﯾﻊ اﻟطﯾر ﻓﻲ اﻟﮭواء" ﻷﻧﮫ ﻏﯾر ﻣﻣﻠوك ﻗﺑل اﻷﺧذ‪ ،‬وﻛذا ﻟو أرﺳﻠﮫ ﻣن ﯾده ﻷﻧﮫ ﻏﯾر ﻣﻘدور‬
‫اﻟﺗﺳﻠﯾم "وﻻ ﺑﯾﻊ اﻟﺣﻣل وﻻ اﻟﻧﺗﺎج" ﻟﻧﮭﻲ اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻋن ﺑﯾﻊ اﻟﺣﺑل وﺣﺑل اﻟﺣﺑﻠﺔ وﻷن ﻓﯾﮫ‬
‫ﻏررا‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ اﻟﻠﺑن ﻓﻲ اﻟﺿرع" ﻟﻠﻐرر ﻓﻌﺳﺎه اﻧﺗﻔﺎخ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﯾﻧﺎزع ﻓﻲ ﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺣﻠب‪ ،‬ورﺑﻣﺎ ﯾزداد ﻓﯾﺧﺗﻠط اﻟﻣﺑﯾﻊ‬
‫ﺑﻐﯾره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ اﻟﺻوف ﻋﻠﻰ ظﮭر اﻟﻐﻧم" ﻷﻧﮫ ﻣن أوﺻﺎف اﻟﺣﯾوان‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﯾﻧﺑت ﻣن أﺳﻔل ﻓﯾﺧﺗﻠط اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺑﻐﯾره‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف اﻟﻘواﺋم؛ ﻷﻧﮭﺎ ﺗزﯾد ﻣن أﻋﻠﻰ‪ ،‬وﺑﺧﻼف اﻟﻘﺻﯾل ﻷﻧﮫ ﯾﻣﻛن ﻗﻠﻌﮫ‪ ،‬واﻟﻘطﻊ ﻓﻲ اﻟﺻوف ﻣﺗﻌﯾن ﻓﯾﻘﻊ اﻟﺗﻧﺎزع‬
‫ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ اﻟﻘطﻊ‪ ،‬وﻗد ﺻﺢ أﻧﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم "ﻧﮭﻰ ﻋن ﺑﯾﻊ اﻟﺻوف ﻋﻠﻰ ظﮭر اﻟﻐﻧم‪ ،‬وﻋن ﻟﺑن ﻓﻲ‬
‫ﺿرع‪ ،‬وﻋن ﺳﻣن ﻓﻲ ﻟﺑن" وھو ﺣﺟﺔ ﻋﻠﻰ أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﻲ ھذا اﻟﺻوف ﺣﯾث ﺟوز ﺑﯾﻌﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﯾروى‬
‫ﻋﻧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺟذع ﻓﻲ ﺳﻘف وذراع ﻣن ﺛوب ذﻛرا اﻟﻘطﻊ أو ﻟم ﯾذﻛراه" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﺳﻠﯾم إﻻ ﺑﺿرر‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ‬
‫إذا ﺑﺎع ﻋﺷرة دراھم ﻣن ﻧﻘرة ﻓﺿﺔ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺿرر ﻓﻲ ﺗﺑﻌﯾﺿﮫ‪ ،‬وﻟو ﻟم ﯾﻛن ﻣﻌﯾﻧﺎ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ وﻟﻠﺟﮭﺎﻟﺔ‬
‫أﯾﺿﺎ‪ ،‬وﻟو ﻗطﻊ اﻟﺑﺎﺋﻊ اﻟذراع أو ﻗﻠﻊ اﻟﺟذع ﻗﺑل أن ﯾﻔﺳﺦ اﻟﻣﺷﺗري ﯾﻌود ﺻﺣﯾﺣﺎ ﻟزوال اﻟﻣﻔﺳد‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا‬
‫ﺑﺎع اﻟﻧوى ﻓﻲ اﻟﺗﻣر أو اﻟﺑذر ﻓﻲ اﻟﺑطﯾﺦ ﺣﯾث ﻻ ﯾﻛون ﺻﺣﯾﺣﺎ‪ .‬وإن ﺷﻘﮭﻣﺎ وأﺧرج اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻷن ﻓﻲ وﺟودھﻣﺎ‬
‫اﺣﺗﻣﺎﻻ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺟذع ﻓﻌﯾن ﻣوﺟود‪ .‬ﻗﺎل‪" :‬وﺿرﺑﺔ اﻟﻘﺎﻧص" وھو ﻣﺎ ﯾﺧرج ﻣن اﻟﺻﯾد ﺑﺿرب اﻟﺷﺑﻛﺔ ﻣرة ﻷﻧﮫ‬
‫ﻣﺟﮭول وﻷن ﻓﯾﮫ ﻏررا‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺑﯾﻊ اﻟﻣزاﺑﻧﺔ‪ ،‬وھو ﺑﯾﻊ اﻟﺛﻣر ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺧﯾل ﺑﺗﻣر ﻣﺟذوذ ﻣﺛل ﻛﯾﻠﮫ ﺧرﺻﺎ" ﻷﻧﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‬
‫"ﻧﮭﻰ ﻋن اﻟﻣزاﺑﻧﺔ واﻟﻣﺣﺎﻗﻠﺔ" ﻓﺎﻟﻣزاﺑﻧﺔ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ ،‬واﻟﻣﺣﺎﻗﻠﺔ ﺑﯾﻊ اﻟﺣﻧطﺔ ﻓﻲ ﺳﻧﺑﻠﮭﺎ ﺑﺣﻧطﺔ ﻣﺛل ﻛﯾﻠﮭﺎ ﺧرﺻﺎ؛‬
‫وﻷﻧﮫ ﺑﺎع ﻣﻛﯾﻼ ﺑﻣﻛﯾل ﻣن ﺟﻧﺳﮫ ﻓﻼ ﺗﺟوز ﺑطرﯾق اﻟﺧرص ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺎ ﻣوﺿوﻋﯾن ﻋﻠﻰ اﻷرض‪ ،‬وﻛذا اﻟﻌﻧب‬
‫ﺑﺎﻟزﺑﯾب ﻋﻠﻰ ھذا‪.‬‬
‫وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺟ وز ﻓﯾﻣﺎ دون ﺧﻣﺳﺔ أوﺳق ﻷﻧﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم "ﻧﮭﻰ ﻋن‬
‫اﻟﻣزاﺑﻧﺔ ورﺧص ﻓﻲ اﻟﻌراﯾﺎ"‪ ,‬وھو أن ﯾﺑﺎع ﺑﺧرﺻﮭﺎ ﺗﻣرا ﻓﯾﻣﺎ دون ﺧﻣﺳﺔ أوﺳق"‪.‬‬ ‫ص ‪-45-‬‬
‫ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬اﻟﻌرﯾﺔ‪ :‬اﻟﻌطﯾﺔ ﻟﻐﺔ‪ ،‬وﺗﺄوﯾﻠﮫ أن ﯾﺑﯾﻊ اﻟﻣﻌرى ﻟﮫ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺧﯾل ﻣن اﻟﻣﻌري ﺑﺗﻣر ﻣﺟذوذ‪ ،‬وھو ﺑﯾﻊ ﻣﺟﺎزا‬
‫ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﻣﻠﻛﮫ ﻓﯾﻛون ﺑرا ﻣﺑﺗدأ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺈﻟﻘﺎء اﻟﺣﺟر واﻟﻣﻼﻣﺳﺔ واﻟﻣﻧﺎﺑزة"‪ .‬وھذه ﺑﯾوع ﻛﺎﻧت ﻓﻲ اﻟﺟﺎھﻠﯾﺔ‪ ،‬وھو أن ﯾﺗراوض‬
‫اﻟرﺟﻼن ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻌﺔ‪ :‬أي ﯾﺗﺳﺎوﻣﺎن‪ ،‬ﻓﺈذا ﻟﻣﺳﮭﺎ اﻟﻣﺷﺗري أو ﻧﺑذھﺎ إﻟﯾﮫ اﻟﺑﺎﺋﻊ أو وﺿﻊ اﻟﻣﺷﺗري ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺣﺻﺎة ﻟزم‬
‫اﻟﺑﯾﻊ؛ ﻓﺎﻷول ﺑﯾﻊ اﻟﻣﻼﻣﺳﺔ واﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﻣﻧﺎﺑذة‪ ،‬واﻟﺛﺎﻟث إﻟﻘﺎء اﻟﺣﺟر‪ ،‬وﻗد "ﻧﮭﻰ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻋن ﺑﯾﻊ‬
‫اﻟﻣﻼﻣﺳﺔ واﻟﻣﻧﺎﺑذة" وﻷن ﻓﯾﮫ ﺗﻌﻠﯾﻘﺎ ﺑﺎﻟﺧطر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ ﺛوب ﻣن ﺛوﺑﯾن" ﻟﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﻣﺑﯾﻊ؛ وﻟو ﻗﺎل‪ :‬ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر ﻓﻲ أن ﯾﺄﺧذ أﯾﮭﻣﺎ ﺷﺎء ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ‬
‫اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ‪ ،‬وﻗد ذﻛرﻧﺎه ﺑﻔروﻋﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﻣراﻋﻲ وﻻ إﺟﺎرﺗﮭﺎ" اﻟﻣراد اﻟﻛﻸ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻸﻧﮫ ورد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ ﻻﺷﺗراك اﻟﻧﺎس‬
‫ﻓﯾﮫ ﺑﺎﻟﺣدﯾث‪ ،‬وأﻣﺎ اﻹﺟﺎرة ﻓﻸﻧﮭﺎ ﻋﻘدت ﻋﻠﻰ اﺳﺗﮭﻼك ﻋﯾن ﻣﺑﺎح‪ ،‬وﻟو ﻋﻘد ﻋﻠﻰ اﺳﺗﮭﻼك ﻋﯾن ﻣﻣﻠوك ﺑﺄن‬
‫اﺳﺗﺄﺟر ﺑﻘرة ﻟﯾﺷرب ﻟﺑﻧﮭﺎ ﻻ ﯾﺟوز ﻓﮭذا أوﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﻧﺣل" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وأﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ وﻗﺎل ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺟوز‬
‫إذا ﻛﺎن ﻣﺣرزا‪ ،‬وھو ﻗول اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻷﻧﮫ ﺣﯾوان ﻣﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ ﺣﻘﯾﻘﺔ وﺷرﻋﺎ ﻓﯾﺟوز ﺑﯾﻌﮫ وإن ﻛﺎن ﻻ ﯾؤﻛل‬
‫ﻛﺎﻟﺑﻐل واﻟﺣﻣﺎر‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أﻧﮭﻣﺎ ﻣن اﻟﮭوام ﻓﻼ ﯾﺟوز ﺑﯾﻌﮫ ﻛﺎﻟزﻧﺎﺑﯾر واﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﻣﺎ ﯾﺧرج ﻣﻧﮫ ﻻ ﺑﻌﯾﻧﮫ ﻓﻼ ﯾﻛون‬
‫ﻣﻧﺗﻔﻌﺎ ﺑﮫ ﻗﺑل اﻟﺧروج‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﺑﺎع ﻛوارة ﻓﯾﮭﺎ ﻋﺳل ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣن اﻟﻧﺣل ﯾﺟوز ﺗﺑﻌﺎ ﻟﮫ‪ ،‬ﻛذا ذﻛره اﻟﻛرﺧﻲ رﺣﻣﮫ‬
‫ﷲ‪" .‬وﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ دود اﻟﻘز ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ" ﻷﻧﮫ ﻣن اﻟﮭوام‪ ،‬وﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾﺟوز إذا ظﮭر ﻓﯾﮫ‬
‫اﻟﻘز ﺗﺑﻌﺎ ﻟﮫ‪ .‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾﺟوز ﻛﯾﻔﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﻧﺗﻔﻌﺎ ﺑﮫ "وﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ ﺑﯾﺿﺔ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ وﻋﻧدھﻣﺎ ﯾﺟوز" ﻟﻣﻛﺎن اﻟﺿرورة‪ .‬وﻗﯾل أﺑو ﯾوﺳف ﻣﻊ أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ دود اﻟﻘز‬
‫واﻟﺣﻣﺎم إذا ﻋﻠم ﻋددھﺎ وأﻣﻛن ﺗﺳﻠﯾﻣﮭﺎ ﺟﺎز ﺑﯾﻌﮭﺎ ﻷﻧﮫ ﻣﺎل ﻣﻘدور اﻟﺗﺳﻠﯾم‪" .‬وﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻵﺑق" ﻟﻧﮭﻲ اﻟﻧﺑﻲ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻋﻧﮫ وﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻠﯾﻣﮫ "إﻻ أن ﯾﺑﯾﻌﮫ ﻣن رﺟل زﻋم أﻧﮫ ﻋﻧده" ﻷن اﻟﻣﻧﮭﻲ ﻋﻧﮫ ﺑﯾﻊ‬
‫آﺑق ﻣطﻠق وھو أن ﯾﻛون آﺑﻘﺎ ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن وھذا ﻏﯾر آﺑق ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣﺷﺗري؛ وﻷﻧﮫ إذا ﻛﺎن ﻋﻧد اﻟﻣﺷﺗري‬
‫اﻧﺗﻔﻰ اﻟﻌﺟز ﻋن اﻟﺗﺳﻠﯾم وھو اﻟﻣﺎﻧﻊ‪ ،‬ﺛم ﻻ ﯾﺻﯾر ﻗﺎﺑﺿﺎ ﺑﻣﺟرد اﻟﻌﻘد إذا ﻛﺎن ﻓﻲ ﯾده وﻛﺎن أﺷﮭد ﻋﻧده أﺧذه ﻷﻧﮫ‬

‫أﻣﺎﻧﺔ ﻋﻧده وﻗﺑض اﻷﻣﺎﻧﺔ ﻻ ﯾﻧوب ﻋن ﻗﺑض اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﻟم ﯾﺷﮭد ﯾﺟب أن ﯾﺻﯾر‬ ‫ص ‪-46-‬‬
‫ﻗﺎﺑﺿﺎ ﻷﻧﮫ ﻗﺑض ﻏﺻب‪ ،‬ﻟو ﻗﺎل ھو ﻋﻧد ﻓﻼن ﻓﺑﻌﮫ ﻣﻧﻲ ﻓﺑﺎﻋﮫ ﻻ ﯾﺟوز ﻷﻧﮫ آﺑق ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن وﻷﻧﮫ ﻻ‬
‫ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻠﯾﻣﮫ‪ .‬وﻟو ﺑﺎع اﻵﺑق ﺛم ﻋﺎد ﻣن اﻹﺑﺎق ﻻ ﯾﺗم ذﻟك اﻟﻌﻘد؛ ﻷﻧﮫ وﻗﻊ ﺑﺎطﻼ ﻻﻧﻌدام اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻛﺑﯾﻊ اﻟطﯾر‬
‫ﻓﻲ اﻟﮭواء‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﯾﺗم اﻟﻌﻘد إذا ﻟم ﯾﻔﺳﺦ ﻷن اﻟﻌﻘد اﻧﻌﻘد ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺎﻧﻊ ﻗد ارﺗﻔﻊ وھو‬
‫اﻟﻌﺟز ﻋن اﻟﺗﺳﻠﯾم‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا أﺑق ﺑﻌد اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وھﻛذا ﯾروى ﻋن ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺑﯾﻊ ﻟﺑن اﻣرأة ﻓﻲ ﻗدح" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾﺟوز ﺑﯾﻌﮫ ﻷﻧﮫ ﻣﺷروب طﺎھر‪ ،‬وﻟﻧﺎ أﻧﮫ ﺟزء‬
‫اﻵدﻣﻲ وھو ﺑﺟﻣﯾﻊ أﺟزاﺋﮫ ﻣﻛرم ﻣﺻون ﻋن اﻻﺑﺗذال ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وﻻ ﻓرق ﻓﻲ ظﺎھر اﻟرواﯾﺔ ﺑﯾن ﻟﺑن اﻟﺣرة واﻷﻣﺔ‪.‬‬
‫وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ ﻟﺑن اﻷﻣﺔ ﻷﻧﮫ ﯾﺟوز إﯾراد اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻓﻛذا ﻋﻠﻰ ﺟزﺋﮭﺎ‪ .‬ﻗﻠﻧﺎ‪:‬‬
‫اﻟرق ﻗد ﺣل ﻧﻔﺳﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻠﺑن ﻓﻼ رق ﻓﯾﮫ ﻷﻧﮫ ﯾﺧﺗص ﺑﻣﺣل ﯾﺗﺣﻘق ﻓﯾﮫ اﻟﻘوة اﻟﺗﻲ ھﻲ ﺿده وھو اﻟﺣﻲ وﻻ ﺣﯾﺎة‬
‫ﻓﻲ اﻟﻠﺑن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ ﺷﻌر اﻟﺧﻧزﯾر" ﻷﻧﮫ ﻧﺟس اﻟﻌﯾن ﻓﻼ ﯾﺟوز ﺑﯾﻌﮫ إھﺎﻧﺔ ﻟﮫ‪ ،‬وﯾﺟوز اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﮫ ﻟﻠﺧرز‬
‫ﻟﻠﺿرورة ﻓﺈن ذﻟك اﻟﻌﻣل ﻻ ﯾﺗﺄﺗﻰ ﺑدوﻧﮫ‪ ،‬وﯾوﺟد ﻣﺑﺎح اﻷﺻل ﻓﻼ ﺿرورة إﻟﻰ اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وﻟو وﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﻣﺎء اﻟﻘﻠﯾل‬
‫أﻓﺳده ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف‪ .‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ﻻ ﯾﻔﺳده ﻷن إطﻼق اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﮫ دﻟﯾل طﮭﺎرﺗﮫ وﻷﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ‬
‫ﷲ أن اﻹطﻼق ﻟﻠﺿرورة ﻓﻼ ﯾظﮭر إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺗﻌ ﻣﺎل وﺣﺎﻟﺔ اﻟوﻗوع ﺗﻐﺎﯾرھﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ ﺷﻌور اﻹﻧﺳﺎن وﻻ اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﮭﺎ" ﻷن اﻵدﻣﻲ ﻣﻛرم ﻻ ﻣﺑﺗذل ﻓﻼ ﯾﺟوز أن ﯾﻛون ﺷﻲء ﻣن‬
‫أﺟزاﺋﮫ ﻣﮭﺎﻧﺎ وﻣﺑﺗذﻻ وﻗد ﻗﺎل‪ :‬ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻟﻌن ﷲ اﻟواﺻﻠﺔ واﻟﻣﺳﺗوﺻﻠﺔ" اﻟﺣدﯾث‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾرﺧص‬
‫ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﺧذ ﻣن اﻟوﺑر ﻓﯾزﯾد ﻓﻲ ﻗرون اﻟﻧﺳﺎء وذواﺋﺑﮭن‪.‬‬
‫ﻗﺎل "وﻻ ﺑﯾﻊ ﺟﻠود اﻟﻣﯾﺗﺔ ﻗﺑل أن ﺗدﺑﻎ" ﻷﻧﮫ ﻏﯾر ﻣﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ‪ ،‬ﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ ﺗﻧﺗﻔﻌوا ﻣن اﻟﻣﯾﺗﺔ‬
‫ﺑﺈھﺎب" وھو اﺳم ﻟﻐﯾر اﻟﻣدﺑوغ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋرف ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻟﺻﻼة "وﻻ ﺑﺄس ﺑﺑﯾﻌﮭﺎ واﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﮭﺎ ﺑﻌد اﻟدﺑﺎغ"‬
‫ﻷﻧﮭﺎ ﻗد طﮭرت ﺑﺎﻟدﺑﺎغ‪ ،‬وﻗد ذﻛرﻧﺎه ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻟﺻﻼة "وﻻ ﺑﺄس ﺑﺑﯾﻊ ﻋظﺎم اﻟﻣﯾﺗﺔ وﻋﺻﺑﮭﺎ وﺻوﻓﮭﺎ وﻗرﻧﮭﺎ‬
‫وﺷﻌرھﺎ ووﺑرھﺎ واﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑذﻟك ﻛﻠﮫ"؛ ﻷﻧﮭﺎ طﺎھرة ﻻ ﯾﺣﻠﮭﺎ اﻟﻣوت؛ ﻟﻌدم اﻟﺣﯾﺎة وﻗد ﻗررﻧﺎه ﻣن ﻗﺑل‪ .‬واﻟﻔﯾل‬
‫ﻛﺎﻟﺧﻧزﯾر ﻧﺟس اﻟﻌﯾن ﻋﻧد ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ وﻋﻧدھﻣﺎ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺳﺑﺎع ﺣﺗﻰ ﯾﺑﺎع ﻋظﻣﮫ وﯾﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن اﻟﺳﻔل ﻟرﺟل وﻋﻠوه ﻵﺧر ﻓﺳﻘطﺎ أو ﺳﻘط اﻟﻌﻠو وﺣده ﻓﺑﺎع ﺻﺎﺣب‬ ‫ص ‪-47-‬‬
‫اﻟﻌﻠو ﻋﻠوه ﻟم ﯾﺟز" ﻷن ﺣق اﻟﺗﻌﻠﻲ ﻟﯾس ﺑﻣﺎل ﻷن اﻟﻣﺎل ﻣﺎ ﯾﻣﻛن إﺣرازه واﻟﻣﺎل ھو اﻟﻣﺣل ﻟﻠﺑﯾﻊ‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟﺷرب ﺣﯾث ﯾﺟوز ﺑﯾﻌﮫ ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻸرض ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻟرواﯾﺎت وﻣﻔردا ﻓﻲ رواﯾﺔ‪ ،‬وھو اﺧﺗﯾﺎر ﻣﺷﺎﯾﺦ ﺑﻠﺧﻲ رﺣﻣﮭم ﷲ‬
‫ﻷﻧﮫ ﺣظ ﻣن اﻟﻣﺎء وﻟﮭذا ﯾﺿﻣن ﺑﺎﻹﺗﻼف وﻟﮫ ﻗﺳط ﻣن اﻟﺛﻣن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧذﻛره ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻟﺷرب‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺑﯾﻊ اﻟطرﯾق وھﺑﺗﮫ ﺟﺎﺋز وﺑﯾﻊ ﻣﺳﯾل اﻟﻣﺎء وھﺑﺗﮫ ﺑﺎطل " واﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﺣﺗﻣل وﺟﮭﯾن‪ :‬ﺑﯾﻊ رﻗﺑﺔ اﻟطرﯾق‬
‫واﻟﻣﺳﯾل‪ ،‬وﺑﯾﻊ ﺣق اﻟﻣرور واﻟﺗﺳﯾﯾل‪ .‬ﻓﺈن ﻛﺎن اﻷول ﻓوﺟﮫ اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﻣﺳﺄﻟﺗﯾن أن اﻟطرﯾق ﻣﻌﻠوم ﻷن ﻟﮫ طوﻻ‬
‫وﻋرﺿﺎ ﻣﻌﻠوﻣﺎ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﻣﺳﯾل ﻓﻣﺟﮭول ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾدرى ﻗدر ﻣﺎ ﯾﺷﻐﻠﮫ ﻣن اﻟﻣﺎء وإن ﻛﺎن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻔﻲ ﺑﯾﻊ ﺣق‬
‫اﻟﻣرور رواﯾﺗﺎن ووﺟﮫ اﻟﻔرق ﻋﻠﻰ إﺣداھﻣﺎ ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﺣق اﻟﺗﺳﯾﯾل أن ﺣق اﻟﻣرور ﻣﻌﻠوم ﻟﺗﻌﻠﻘﮫ ﺑﻣﺣل ﻣﻌﻠوم‬
‫وھو اﻟطرﯾق‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻣﺳﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﺳطﺢ ﻓﮭو ﻧظﯾر ﺣق اﻟﺗﻌﻠﻲ وﻋﻠﻰ اﻷرض ﻣﺟﮭول ﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻣﺣﻠﮫ‪ .‬ووﺟﮫ اﻟﻔرق‬
‫ﺑﯾن ﺣق اﻟﻣرور وﺣق اﻟﺗﻌﻠﻲ ﻋﻠﻰ إﺣدى اﻟرواﯾﺗﯾن أن ﺣق اﻟﺗﻌﻠﻲ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻌﯾن ﻻ ﺗﺑﻘﻰ وھو اﻟﺑﻧﺎء ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ‪،‬‬
‫أﻣﺎ ﺣق اﻟﻣرور ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻌﯾن ﺗﺑﻘﻰ وھو اﻷرض ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻷﻋﯾﺎن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﺟﺎرﯾﺔ ﻓﺈذا ھو ﻏﻼم" ﻓﻼ ﺑﯾﻊ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺑﺎع ﻛﺑﺷﺎ ﻓﺈذا ھو ﻧﻌﺟﺔ ﺣﯾث ﯾﻧﻌﻘد اﻟﺑﯾﻊ‬
‫وﯾﺗﺧﯾر‪ .‬واﻟﻔرق ﯾﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﺻل اﻟذي ذﻛرﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح ﻟﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ وھو أن اﻹﺷﺎرة ﻣﻊ اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ إذا‬
‫اﺟﺗﻣﻌﺗﺎ ﻓﻔﻲ ﻣﺧﺗﻠﻔﻲ اﻟﺟﻧس ﯾﺗﻌﻠق اﻟﻌﻘد ﺑﺎﻟﻣﺳﻣﻰ وﯾﺑطل ﻻﻧﻌداﻣﮫ‪ ،‬وﻓﻲ ﻣﺗﺣدي اﻟﺟﻧس ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﮫ‬
‫وﯾﻧﻌﻘد ﻟوﺟوده وﯾﺗﺧﯾر ﻟﻔوات اﻟوﺻف ﻛﻣن اﺷﺗرى ﻋﺑدا ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺧﺑﺎز ﻓﺈذا ھو ﻛﺎﺗب‪ ،‬وﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺗﻧﺎ اﻟذﻛر‬
‫واﻷﻧﺛﻰ ﻣن ﺑﻧﻲ آدم ﺟﻧﺳﺎن ﻟﻠﺗﻔﺎوت ﻓﻲ اﻷﻏراض‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺣﯾواﻧﺎت ﺟﻧس واﺣد ﻟﻠﺗﻘﺎرب ﻓﯾﮭﺎ وھو اﻟﻣﻌﺗﺑر ﻓﻲ‬
‫ھذا دون اﻷﺻل ﻛﺎﻟﺧل واﻟدﺑس ﺟﻧﺳﺎن‪ .‬واﻟوذاري واﻟزﻧدﻧﯾﺟﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟوا ﺟﻧﺳﺎن ﻣﻊ اﺗﺣﺎد أﺻﻠﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ ﺑﺄﻟف درھم ﺣﺎﻟﺔ أو ﻧﺳﯾﺋﺔ ﻓﻘﺑﺿﮭﺎ ﺛم ﺑﺎﻋﮭﺎ ﻣن اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺑﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻗﺑل أن ﯾﻧﻘد‬
‫اﻟﺛﻣن اﻷول ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺑﯾﻊ اﻟﺛﺎﻧﻲ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺟوز ﻷن اﻟﻣﻠك ﻗد ﺗم ﻓﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟﻘﺑض ﻓﺻﺎر اﻟﺑﯾﻊ ﻣن‬
‫اﻟﺑﺎﺋﻊ وﻣن ﻏﯾره ﺳواء وﺻﺎر ﻛﻣﺎ ﻟو ﺑﺎع ﺑﻣﺛل اﻟﺛﻣن اﻷول أو ﺑﺎﻟزﯾﺎدة أو ﺑﺎﻟﻌرض‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻗول ﻋﺎﺋﺷﺔ رﺿﻲ ﷲ‬
‫ﻋﻧﮭﺎ‪ :‬ﻟﺗﻠك اﻟﻣرأة وﻗد ﺑﺎﻋت ﺑﺳﺗﻣﺎﺋﺔ ﺑﻌدﻣﺎ اﺷﺗرت ﺑﺛﻣﺎﻧﻣﺎﺋﺔ‪ :‬ﺑﺋﺳﻣﺎ ﺷرﯾت واﺷﺗرﯾت‪ ،‬أﺑﻠﻐﻲ زﯾد ﺑن أرﻗم أن ﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ أﺑطل ﺣﺟﮫ وﺟﮭﺎده ﻣﻊ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم إن ﻟم ﯾﺗب؛ وﻷن اﻟﺛﻣن ﻟم ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺿﻣﺎﻧﮫ ﻓﺈذا‬
‫وﺻل‬

‫إﻟﯾﮫ اﻟﻣﺑﯾﻊ ووﻗﻌت اﻟﻣﻘﺎﺻﺔ ﺑﻘﻲ ﻟﮫ ﻓﺿل ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ وذﻟك ﺑﻼ ﻋوض‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا‬ ‫ص ‪-48-‬‬
‫ﺑﺎع ﺑﺎﻟﻌرض ﻷن اﻟﻔﺿل إﻧﻣﺎ ﯾظﮭر ﻋﻧد اﻟﻣﺟﺎﻧﺳﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ ﺑﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﺛم ﺑﺎﻋﮭﺎ وأﺧرى ﻣﻌﮭﺎ ﻣن اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻗﺑل أن ﯾﻧﻘد اﻟﺛﻣن ﺑﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ‬
‫ﺟﺎﺋز ﻓﻲ اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﺷﺗرھﺎ ﻣن اﻟﺑﺎﺋﻊ وﯾﺑطل ﻓﻲ اﻷﺧرى" ﻷﻧﮫ ﻻ ﺑد أن ﯾﺟﻌل ﺑﻌض اﻟﺛﻣن ﺑﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﺷﺗرھﺎ‬
‫ﻣﻧﮫ ﻓﯾﻛون ﻣﺷﺗرﯾﺎ ﻟﻸﺧرى ﺑﺄﻗل ﻣﻣﺎ ﺑﺎع وھو ﻓﺎﺳد ﻋﻧدﻧﺎ‪ ،‬وﻟم ﯾوﺟد ھذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﻲ ﺻﺎﺣﺑﺗﮭﺎ وﻻ ﯾﺷﯾﻊ اﻟﻔﺳﺎد‬
‫ﻷﻧﮫ ﺿﻌﯾف ﻓﯾﮭﺎ ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﺟﺗﮭدا ﻓﯾﮫ أو؛ ﻷﻧﮫ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﺷﺑﮭﺔ اﻟرﺑﺎ‪ ،‬أو؛ ﻷﻧﮫ طﺎرئ؛ ﻷﻧﮫ ﯾظﮭر ﺑﺎﻧﻘﺳﺎم اﻟﺛﻣن أو‬
‫اﻟﻣﻘﺎﺻﺔ ﻓﻼ ﯾﺳري إﻟﻰ ﻏﯾرھﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى زﯾﺗﺎ ﻋﻠﻰ أن ﯾزﻧﮫ ﺑظرﻓﮫ ﻓﯾطرح ﻋﻧﮫ ﻣﻛﺎن ﻛل ظرف ﺧﻣﺳﯾن رطﻼ ﻓﮭو ﻓﺎﺳد‪ ،‬وﻟو‬
‫اﺷﺗرى ﻋﻠﻰ أن ﯾطرح ﻋﻧﮫ ﺑوزن اﻟظرف ﺟﺎز "؛ ﻷن اﻟﺷرط اﻷول ﻻ ﯾﻘﺗﺿﯾﮫ اﻟﻌﻘد واﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾﻘﺗﺿﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺳﻣﻧﺎ ﻓﻲ زق ﻓرد اﻟظرف وھو ﻋﺷرة أرطﺎل ﻓﻘﺎل اﻟﺑﺎﺋﻊ اﻟزق ﻏﯾر ھذا وھو ﺧﻣﺳﺔ أرطﺎل‬
‫ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺷﺗري"‪ ،‬ﻷﻧﮫ إن اﻋﺗﺑر اﺧﺗﻼﻓﺎ ﻓﻲ ﺗﻌﯾﯾن اﻟزق اﻟﻣﻘﺑوض ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻘﺎﺑض ﺿﻣﯾﻧﺎ ﻛﺎن أو‬
‫أﻣﯾﻧﺎ‪ ،‬وإن اﻋﺗﺑر اﺧﺗﻼﻓﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﻣن ﻓﮭو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﺛﻣن ﻓﯾﻛون اﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺷﺗري؛ ﻷﻧﮫ ﯾﻧﻛر‬
‫اﻟزﯾﺎدة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أﻣر اﻟﻣﺳﻠم ﻧﺻراﻧﯾﺎ ﺑﺑﯾﻊ ﺧﻣر أو ﺷراﺋﮭﺎ ﻓﻔﻌل ﺟﺎز ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وﻗﺎﻻ ﻻ ﯾﺟوز‪ :‬ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣﺳﻠم" وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف اﻟﺧﻧزﯾر‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا ﺗوﻛﯾل اﻟﻣﺣرم ﻏﯾره ﺑﺑﯾﻊ ﺻﯾده‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﻣوﻛل ﻻ ﯾﻠﯾﮫ ﻓﻼ‬
‫ﯾوﻟﯾﮫ ﻏﯾره؛ وﻷن ﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﻟﻠوﻛﯾل ﯾﻧﺗﻘل إﻟﻰ اﻟﻣوﻛل ﻓﺻﺎر ﻛﺄﻧﮫ ﺑﺎﺷره ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻓﻼ ﯾﺟوز‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‬
‫أن اﻟﻌﺎﻗد ھو اﻟوﻛﯾل ﺑﺄھﻠﯾﺗﮫ ووﻻﯾﺗﮫ‪ ،‬واﻧﺗﻘﺎل اﻟﻣﻠك إﻟﻰ اﻵﻣر أﻣر ﺣﻛﻣﻲ ﻓﻼ ﯾﻣﺗﻧﻊ ﺑﺳﺑب اﻹﺳﻼم ﻛﻣﺎ إذا‬
‫ورﺛﮭﻣﺎ‪ ،‬ﺛم إن ﻛﺎن ﺧﻣرا ﯾﺧﻠﻠﮭﺎ وإن ﻛﺎن ﺧﻧزﯾرا ﯾﺳﯾﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﻋﺑدا ﻋﻠﻰ أن ﯾﻌﺗﻘﮫ اﻟﻣﺷﺗري أو ﯾدﺑره أو ﯾﻛﺎﺗﺑﮫ أو أﻣﺔ ﻋﻠﻰ أن ﯾﺳﺗوﻟدھﺎ ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﺳد"؛ ﻷن‬
‫ھذا ﺑﯾﻊ وﺷرط وﻗد ﻧﮭﻰ اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋن ﺑﯾﻊ وﺷرط‪ .‬ﺛم ﺟﻣﻠﺔ اﻟﻣذھب ﻓﯾﮫ أن ﯾﻘﺎل‪ :‬ﻛل ﺷرط‬
‫ﯾﻘﺗﺿﯾﮫ اﻟﻌﻘد ﻛﺷرط اﻟﻣﻠك ﻟﻠﻣﺷﺗري ﻻ ﯾﻔﺳد اﻟﻌﻘد ﻟﺛﺑوﺗﮫ ﺑدون اﻟﺷرط‪ ،‬وﻛل ﺷرط ﻻ ﯾﻘﺗﺿﯾﮫ اﻟﻌﻘد وﻓﯾﮫ ﻣﻧﻔﻌﺔ‬
‫ﻷﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن أو ﻟﻠﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ وھو ﻣن أھل اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ﯾﻔﺳده ﻛﺷرط أن ﻻ ﯾﺑﯾﻊ اﻟﻣﺷﺗري اﻟﻌﺑد اﻟﻣﺑﯾﻊ؛ ﻷن‬
‫ﻓﯾﮫ زﯾﺎدة ﻋﺎرﯾﺔ ﻋن اﻟﻌوض ﻓﯾؤدي إﻟﻰ اﻟرﺑﺎ‪ ،‬أو؛ ﻷﻧﮫ ﯾﻘﻊ ﺑﺳﺑﺑﮫ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻓﯾﻌرى اﻟﻌﻘد ﻋن ﻣﻘﺻوده إﻻ أن‬
‫ﯾﻛون‬

‫ﻣﺗﻌﺎرﻓﺎ؛ ﻷن اﻟﻌرف ﻗﺎض ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎس‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﻻ ﯾﻘﺗﺿﯾﮫ اﻟﻌﻘد وﻻ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻓﯾﮫ ﻷﺣد‬ ‫ص ‪-49-‬‬
‫ﻻ ﯾﻔﺳده وھو اﻟظﺎھر ﻣن اﻟﻣذھب ﻛﺷرط أن ﻻ ﯾﺑﯾﻊ اﻟﻣﺷﺗري اﻟداﺑﺔ اﻟﻣﺑﯾﻌﺔ ﻷﻧﮫ اﻧﻌدﻣت اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﻓﻼ ﯾؤدي إﻟﻰ‬
‫اﻟرﺑﺎ‪ ،‬وﻻ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ‪ .‬إذا ﺛﺑت ھذا ﻓﻧﻘول‪ :‬إن ھذه اﻟﺷروط ﻻ ﯾﻘﺗﺿﯾﮭﺎ اﻟﻌﻘد؛ ﻷن ﻗﺿﯾﺗﮫ اﻹطﻼق ﻓﻲ‬
‫اﻟﺗﺻرف واﻟﺗﺧﯾﯾر ﻻ اﻹﻟزام ﺣﺗﻣﺎ‪ ،‬واﻟﺷرط ﯾﻘﺗﺿﻲ ذﻟك وﻓﯾﮫ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻟﻠﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ وإن‬
‫ﻛﺎن ﯾﺧﺎﻟﻔﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺗق وﯾﻘﯾﺳﮫ ﻋﻠﻰ ﺑﯾﻊ اﻟﻌﺑد ﻧﺳﻣﺔ ﻓﺎﻟﺣﺟﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‪ ،‬وﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻧﺳﻣﺔ أن ﯾﺑﺎع ﻣﻣن‬
‫ﯾﻌﻠم أﻧﮫ ﯾﻌﺗﻘﮫ ﻻ أن ﯾﺷﺗرط ﻓﯾﮫ‪ ،‬ﻓﻠو أﻋﺗﻘﮫ اﻟﻣﺷﺗري ﺑﻌدﻣﺎ اﺷﺗراه ﺑﺷرط اﻟﻌﺗق ﺻﺢ اﻟﺑﯾﻊ ﺣﺗﻰ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺛﻣن‬
‫ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﺑﻘﻰ ﻓﺎﺳدا ﺣﺗﻰ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻘﯾﻣﺔ؛ ﻷن اﻟﺑﯾﻊ ﻗد وﻗﻊ ﻓﺎﺳدا ﻓﻼ ﯾﻧﻘﻠب ﺟﺎﺋزا ﻛﻣﺎ‬
‫إذا ﺗﻠف ﺑوﺟﮫ آﺧر‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن ﺷرط اﻟﻌﺗق ﻣن ﺣﯾث ذاﺗﮫ ﻻ ﯾﻼﺋم اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‪ ،‬وﻟﻛن‬
‫ﻣن ﺣﯾث ﺣﻛﻣﮫ ﯾﻼﺋﻣﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﻣﻧﮫ ﻟﻠﻣﻠك واﻟﺷﻲء ﺑﺎﻧﺗﮭﺎﺋﮫ ﯾﺗﻘرر‪ ،‬وﻟﮭذا ﻻ ﯾﻣﻧﻊ اﻟﻌﺗق اﻟرﺟوع ﺑﻧﻘﺻﺎن اﻟﻌﯾب‪ ،‬ﻓﺈذا‬
‫ﺗﻠف ﻣن وﺟﮫ آﺧر ﻟم ﺗﺗﺣﻘق اﻟﻣﻼءﻣﺔ ﻓﯾﺗﻘرر اﻟﻔﺳﺎد‪ ،‬وإذا وﺟد اﻟﻌﺗق ﺗﺣﻘﻘت اﻟﻣﻼءﻣﺔ ﻓﯾرﺟﺢ ﺟﺎﻧب اﻟﺟواز‬
‫ﻓﻛﺎن اﻟﺣﺎل ﻗﺑل ذﻟك ﻣوﻗوﻓﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذﻟك ﻟو ﺑﺎع ﻋﺑدا ﻋﻠﻰ أن ﯾﺳﺗﺧدﻣﮫ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺷﮭرا أو دارا ﻋﻠﻰ أن ﯾﺳﻛﻧﮭﺎ أو ﻋﻠﻰ أن ﯾﻘرﺿﮫ اﻟﻣﺷﺗري‬
‫درھﻣﺎ أو ﻋﻠﻰ أن ﯾﮭدي ﻟﮫ ھدﯾﺔ"؛ ﻷﻧﮫ ﺷرط ﻻ ﯾﻘﺗﺿﯾﮫ اﻟﻌﻘد وﻓﯾﮫ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻷﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن؛ وﻷﻧﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة‬
‫واﻟﺳﻼم ﻧﮭﻰ ﻋن ﺑﯾﻊ وﺳﻠف؛ وﻷﻧﮫ ﻟو ﻛﺎن اﻟﺧدﻣﺔ واﻟﺳﻛﻧﻰ ﯾﻘﺎﺑﻠﮭﻣﺎ ﺷﻲء ﻣن اﻟﺛﻣن ﯾﻛون إﺟﺎرة ﻓﻲ ﺑﯾﻊ‪ ،‬وﻟو‬
‫ﻛﺎن ﻻ ﯾﻘﺎﺑﻠﮭﻣﺎ ﯾﻛون إﻋﺎرة ﻓﻲ ﺑﯾﻊ‪ .‬وﻗد ﻧﮭﻰ اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻋن ﺻﻔﻘﺗﯾن ﻓﻲ ﺻﻔﻘﺔ‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﻋﯾﻧﺎ ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﯾﺳﻠﻣﮫ إﻟﻰ رأس اﻟﺷﮭر ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﺳد"؛ ﻷن اﻷﺟل ﻓﻲ اﻟﻣﺑﯾﻊ اﻟﻌﯾن ﺑﺎطل ﻓﯾﻛون‬
‫ﺷرطﺎ ﻓﺎﺳدا‪ ،‬وھذا؛ ﻷن اﻷﺟل ﺷرع ﺗرﻓﯾﮭﺎ ﻓﯾﻠﯾق ﺑﺎﻟدﯾون دون اﻷﻋﯾﺎن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ إﻻ ﺣﻣﻠﮭﺎ ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﺳد" واﻷﺻل أن ﻣﺎ ﻻ ﯾﺻﺢ إﻓراده ﺑﺎﻟﻌﻘد ﻻ ﯾﺻﺢ اﺳﺗﺛﻧﺎؤه ﻣن‬
‫اﻟﻌﻘد‪ ،‬واﻟﺣﻣل ﻣن ھذا اﻟﻘﺑﯾل‪ ،‬وھذا؛ ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ أطراف اﻟﺣﯾوان ﻻﺗﺻﺎﻟﮫ ﺑﮫ ﺧﻠﻘﺔ وﺑﯾﻊ اﻷﺻل ﯾﺗﻧﺎوﻟﮭﻣﺎ‬
‫ﻓﺎﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﯾﻛون ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻣوﺟب ﻓﻼ ﯾﺻﺢ ﻓﯾﺻﯾر ﺷرطﺎ ﻓﺎﺳدا‪ ،‬واﻟﺑﯾﻊ ﯾﺑطل ﺑﮫ واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ واﻹﺟﺎرة واﻟرھن‬
‫ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺑﯾﻊ؛ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺑطل اﻟﺷروط اﻟﻔﺎﺳدة‪ ،‬ﻏﯾر أن اﻟﻣﻔﺳد ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻣﺎ ﯾﺗﻣﻛن ﻓﻲ ﺻﻠب اﻟﻌﻘد ﻣﻧﮭﺎ‪ ،‬واﻟﮭﺑﺔ‬
‫واﻟﺻدﻗﺔ واﻟﻧﻛﺎح واﻟﺧﻠﻊ واﻟﺻﻠﺢ ﻋن دم اﻟﻌﻣد ﻻ ﺗﺑطل ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟﺣﻣل‪ ،‬ﺑل ﯾﺑطل اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء؛ ﻷن ھذه اﻟﻌﻘود ﻻ‬
‫ﺗﺑطل اﻟﺷروط اﻟﻔﺎﺳدة‪ ،‬وﻛذا اﻟوﺻﯾﺔ ﻻ ﺗﺑطل ﺑﮫ‪ ،‬ﻟﻛن ﯾﺻﺢ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﺣﺗﻰ ﯾﻛون‬

‫اﻟﺣﻣل ﻣﯾراﺛﺎ واﻟﺟﺎرﯾﺔ وﺻﯾﺔ؛ ﻷن اﻟوﺻﯾﺔ أﺧت اﻟﻣﯾراث واﻟﻣﯾراث ﯾﺟري ﻓﯾﻣﺎ ﻓﻲ‬ ‫ص ‪-50-‬‬
‫اﻟﺑطن‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا اﺳﺗﺛﻧﻰ ﺧدﻣﺗﮭﺎ؛ ﻷن اﻟﻣﯾراث ﻻ ﯾﺟري ﻓﯾﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺛوﺑﺎ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻘطﻌﮫ اﻟﺑﺎﺋﻊ وﯾﺧﯾطﮫ ﻗﻣﯾﺻﺎ أو ﻗﺑﺎء ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﺳد"؛ ﻷﻧﮫ ﺷرط ﻻ ﯾﻘﺗﺿﯾﮫ‬
‫اﻟﻌﻘد وﻓﯾﮫ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻷﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن؛ وﻷﻧﮫ ﯾﺻﯾر ﺻﻔﻘﺔ ﻓﻲ ﺻﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﻧﻌﻼ ﻋﻠﻰ أن ﯾﺣذوھﺎ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻗﺎل أو ﯾﺷرﻛﮭﺎ ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﺳد" ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬ﻣﺎ ذﻛره‬
‫ﺟواب اﻟﻘﯾﺎس‪ ،‬ووﺟﮭﮫ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻓﻲ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن‪ :‬ﯾﺟوز ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻓﯾﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﺻﺑﻎ اﻟﺛوب‪ ،‬وﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﺟوزﻧﺎ‬
‫اﻻﺳﺗﺻﻧﺎع‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬واﻟﺑﯾﻊ إﻟﻰ اﻟﻧﯾروز واﻟﻣﮭرﺟﺎن وﺻوم اﻟﻧﺻﺎرى وﻓطر اﻟﯾﮭود إذا ﻟم ﯾﻌرف اﻟﻣﺗﺑﺎﯾﻌﺎن ذﻟك ﻓﺎﺳد ﻟﺟﮭﺎﻟﺔ‬
‫اﻷﺟل" وھﻲ ﻣﻔﺿﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﻻﺑﺗﻧﺎﺋﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻣﺎﻛﺳﺔ إﻻ إذا ﻛﺎﻧﺎ ﯾﻌرﻓﺎﻧﮫ ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﻌﻠوﻣﺎ ﻋﻧدھﻣﺎ‪،‬‬
‫أو ﻛﺎن اﻟﺗﺄﺟﯾل إﻟﻰ ﻓطر اﻟﻧﺻﺎرى ﺑﻌدﻣﺎ ﺷرﻋوا ﻓﻲ ﺻوﻣﮭم؛ ﻷن ﻣدة ﺻوﻣﮭم ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﺑﺎﻷﯾﺎم ﻓﻼ ﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز اﻟﺑﯾﻊ إﻟﻰ ﻗدوم اﻟﺣﺎج "‪ ،‬وﻛذﻟك إﻟﻰ اﻟﺣﺻﺎد واﻟدﯾﺎس واﻟﻘطﺎف واﻟﺟزاز؛ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺗﻘدم وﺗﺗﺄﺧر‪،‬‬
‫وﻟو ﻛﻔل إﻟﻰ ھذه اﻷوﻗﺎت ﺟﺎز؛ ﻷن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﯾﺳﯾرة ﻣﺗﺣﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ وھذه اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﯾﺳﯾرة ﻣﺳﺗدرﻛﺔ ﻻﺧﺗﻼف‬
‫اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ رﺿﻲ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻧﮭم ﻓﯾﮭﺎ وﻷﻧﮫ ﻣﻌﻠوم اﻷﺻل؛ أﻻ ﯾرى أﻧﮭﺎ ﺗﺣﺗﻣل اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﻲ أﺻل اﻟدﯾن ﺑﺄن ﺗﻛﻔل‬
‫ﺑﻣﺎ ذاب ﻋﻠﻰ ﻓﻼن ﻓﻔﻲ اﻟوﺻف أوﻟﻰ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺑﯾﻊ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺣﺗﻣﻠﮭﺎ ﻓﻲ أﺻل اﻟﺛﻣن‪ ،‬ﻓﻛذا ﻓﻲ وﺻﻔﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ‬
‫إذا ﺑﺎع ﻣطﻠﻘﺎ ﺛم أﺟل اﻟﺛﻣن إﻟﻰ ھذه اﻷوﻗﺎت ﺣﯾث ﺟﺎز؛ ﻷن ھذا ﺗﺄﺟﯾل ﻓﻲ اﻟدﯾن وھذه اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﯾﮫ ﻣﺗﺣﻣﻠﺔ‬
‫ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ ،‬وﻻ ﻛذﻟك اﺷﺗراطﮫ ﻓﻲ أﺻل اﻟﻌﻘد؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺑطل ﺑﺎﻟﺷرط اﻟﻔﺎﺳد‪" .‬وﻟو ﺑﺎع إﻟﻰ ھذه اﻵﺟﺎل ﺛم‬
‫ﺗراﺿﯾﺎ ﺑﺈﺳﻘﺎط اﻷﺟل ﻗﺑل أن ﯾﺄﺧذ اﻟﻧﺎس ﻓﻲ اﻟﺣﺻﺎد واﻟدﯾﺎس وﻗﺑل ﻗدوم اﻟﺣﺎج ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ أﯾﺿﺎ‪ .‬وﻗﺎل زﻓر‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز؛ ﻷﻧﮫ وﻗﻊ ﻓﺎﺳدا ﻓﻼ ﯾﻧﻘﻠب ﺟﺎﺋزا وﺻﺎر ﻛﺈﺳﻘﺎط اﻷﺟل ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح إﻟﻰ أﺟل" وﻟﻧﺎ أن اﻟﻔﺳﺎد‬
‫ﻟﻠﻣﻧﺎزﻋﺔ وﻗد ارﺗﻔﻊ ﻗﺑل ﺗﻘرره وھذه اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺷرط زاﺋد ﻻ ﻓﻲ ﺻﻠب اﻟﻌﻘد ﻓﯾﻣﻛن إﺳﻘﺎطﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺑﺎع‬
‫اﻟدرھم ﺑﺎﻟدرھﻣﯾن ﺛم أﺳﻘطﺎ اﻟدرھم اﻟزاﺋد؛ ﻷن اﻟﻔﺳﺎد ﻓﻲ ﺻﻠب اﻟﻌﻘد‪ ،‬وﺑﺧﻼف اﻟﻧﻛﺎح إﻟﻰ أﺟل؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺗﻌﺔ وھو‬
‫ﻋﻘد ﻏﯾر ﻋﻘد اﻟﻧﻛﺎح‪ ،‬وﻗوﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ﺛم ﺗراﺿﯾﺎ ﺧرج وﻓﺎﻗﺎ؛ ﻷن ﻣن ﻟﮫ اﻷﺟل ﯾﺳﺗﺑد ﺑﺈﺳﻘﺎطﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﺧﺎﻟص‬
‫ﺣﻘﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﺣر وﻋﺑد أو ﺷﺎة ذﻛﯾﺔ وﻣﯾﺗﺔ ﺑطل اﻟﺑﯾﻊ ﻓﯾﮭﻣﺎ" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وﻗﺎل أﺑو‬
‫ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ :‬إن ﺳﻣﻰ ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺛﻣﻧﺎ ﺟﺎز ﻓﻲ اﻟﻌﺑد‬

‫واﻟﺷﺎة اﻟذﻛﯾﺔ "وإن ﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﻋﺑد وﻣدﺑر أو ﺑﯾن ﻋﺑده وﻋﺑد ﻏﯾره ﺻﺢ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻲ‬ ‫ص ‪-51-‬‬
‫اﻟﻌﺑد ﺑﺣﺻﺗﮫ ﻣن اﻟﺛﻣن" ﻋﻧد ﻋﻠﻣﺎﺋﻧﺎ اﻟﺛﻼﺛﺔ‪ ،‬وﻗﺎل زﻓر رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻓﺳد ﻓﯾﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻣﺗروك اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ ﻋﺎﻣدا ﻛﺎﻟﻣﯾﺗﺔ‪،‬‬
‫واﻟﻣﻛﺎﺗب وأم اﻟوﻟد ﻛﺎﻟﻣدﺑر ﻟﮫ اﻻﻋﺗﺑﺎر ﺑﺎﻟﻔﺻل اﻷول‪ ،‬إذ ﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﺑﯾﻊ ﻣﻧﺗﻔﯾﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻛل وﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﻔﺳﺎد‬
‫ﺑﻘدر اﻟﻣﻔﺳد ﻓﻼ ﯾﺗﻌدى إﻟﻰ اﻟﻘن‪ ،‬ﻛﻣن ﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ وأﺧﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﺳم ﺛﻣن ﻛل واﺣد‬
‫ﻣﻧﮭﻣﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺟﮭول وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وھو اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﻔﺻﻠﯾن أن اﻟﺣر ﻻ ﯾدﺧل ﺗﺣت اﻟﻌﻘد أﺻﻼ؛ ﻷﻧﮫ‬
‫ﻟﯾس ﺑﻣﺎل واﻟﺑﯾﻊ ﺻﻔﻘﺔ واﺣدة ﻓﻛﺎن اﻟﻘﺑول ﻓﻲ اﻟﺣر ﺷرطﺎ ﻟﻠﺑﯾﻊ ﻓﻲ اﻟﻌﺑد وھذا ﺷرط ﻓﺎﺳد‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻧﻛﺎح؛ ﻷﻧﮫ‬
‫ﻻ ﯾﺑطل ﺑﺎﻟﺷروط اﻟﻔﺎﺳدة‪.‬‬
‫وأﻣﺎ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻲ ھؤﻻء ﻣوﻗوف وﻗد دﺧﻠوا ﺗﺣت اﻟﻌﻘد ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ وﻟﮭذا ﯾﻧﻔذ ﻓﻲ ﻋﺑد اﻟﻐﯾر ﺑﺈﺟﺎزﺗﮫ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎﺗب‬
‫ﺑرﺿﺎه ﻓﻲ اﻷﺻﺢ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻣدﺑر ﺑﻘﺿﺎء اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ ،‬وﻛذا ﻓﻲ أم اﻟوﻟد ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ ،‬إﻻ أن‬
‫اﻟﻣﺎﻟك ﺑﺎﺳﺗﺣﻘﺎﻗﮫ اﻟﻣﺑﯾﻊ وھؤﻻء ﺑﺎﺳﺗﺣﻘﺎﻗﮭم أﻧﻔﺳﮭم ردوا اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻛﺎن ھذا إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﺑﻘﺎء‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا اﺷﺗرى ﻋﺑدﯾن‬
‫وھﻠك أﺣدھﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض‪ ،‬وھذا ﻻ ﯾﻛون ﺷرط اﻟﻘﺑول ﻓﻲ ﻏﯾر اﻟﻣﺑﯾﻊ وﻻ ﺑﯾﻌﺎ ﺑﺎﻟﺣﺻﺔ اﺑﺗداء وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺷﺗرط‬
‫ﺑﯾﺎن ﺛﻣن ﻛل واﺣد ﻓﯾﮫ‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ أﺣﻛﺎﻣﮫ‬


‫"وإذا ﻗﺑض اﻟﻣﺷﺗري اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ اﻟﻔﺎﺳد ﺑﺄﻣر اﻟﺑﺎﺋﻊ وﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻋوﺿﺎن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣﺎل ﻣﻠك اﻟﻣﺑﯾﻊ‬
‫وﻟزﻣﺗﮫ ﻗﯾﻣﺗﮫ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ وإن ﻗﺑﺿﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺣظور ﻓﻼ ﯾﻧﺎل ﺑﮫ ﻧﻌﻣﺔ اﻟﻣﻠك؛ وﻷن اﻟﻧﮭﻲ‬
‫ﻧﺳﺦ ﻟﻠﻣﺷروﻋﯾﺔ ﻟﻠﺗﺿﺎد‪ ،‬وﻟﮭذا ﻻ ﯾﻔﯾده ﻗﺑض اﻟﻘﺑض‪ ،‬وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﺑﺎع ﺑﺎﻟﻣﯾﺗﺔ أو ﺑﺎع اﻟﺧﻣر ﺑﺎﻟدراھم‪ .‬وﻟﻧﺎ أن‬
‫رﻛن اﻟﺑﯾﻊ ﺻدر ﻣن أھﻠﮫ‪ .‬ﻣﺿﺎﻓﺎ إﻟﻰ ﻣﺣﻠﮫ ﻓوﺟب اﻟﻘول ﺑﺎﻧﻌﻘﺎده‪ ،‬وﻻ ﺧﻔﺎء ﻓﻲ اﻷھﻠﯾﺔ واﻟﻣﺣﻠﯾﺔ‪ .‬ورﻛﻧﮫ‪ :‬ﻣﺑﺎدﻟﺔ‬
‫اﻟﻣﺎل ﺑﺎﻟﻣﺎل‪ ،‬وﻓﯾﮫ اﻟﻛﻼم واﻟﻧﮭﻲ ﯾﻘرر اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ﻋﻧدﻧﺎ ﻻﻗﺗﺿﺎﺋﮫ اﻟﺗﺻور ﻓﻧﻔس اﻟﺑﯾﻊ ﻣﺷروع‪ ،‬وﺑﮫ ﺗﻧﺎل ﻧﻌﻣﺔ‬
‫اﻟﻣﻠك وإﻧﻣﺎ اﻟﻣﺣظور ﻣﺎ ﯾﺟﺎوره ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ وﻗت اﻟﻧداء‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟﻣﻠك ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻛﻲ ﻻ ﯾؤدي إﻟﻰ‬
‫ﺗﻘرﯾر اﻟﻔﺳﺎد اﻟﻣﺟﺎور إذ ھو واﺟب اﻟرﻓﻊ ﺑﺎﻻﺳﺗرداد ﻓﺑﺎﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ أوﻟﻰ؛ وﻷن اﻟﺳﺑب ﻗد ﺿﻌف‬
‫ﻟﻣﻛﺎن اﻗﺗراﻧﮫ ﺑﺎﻟﻘﺑﯾﺢ ﻓﯾﺷﺗرط اﻋﺗﺿﺎده ﺑﺎﻟﻘﺑض ﻓﻲ إﻓﺎدة اﻟﺣﻛم ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﮭﺑﺔ‪ ،‬واﻟﻣﯾﺗﺔ ﻟﯾﺳت ﺑﻣﺎل ﻓﺎﻧﻌدم اﻟرﻛن‪،‬‬
‫وﻟو ﻛﺎن اﻟﺧﻣر ﻣﺛﻣﻧﺎ ﻓﻘد ﺧرﺟﻧﺎه وﺷﻲء آﺧر وھو أن ﻓﻲ اﻟﺧﻣر اﻟواﺟب ھو اﻟﻘﯾﻣﺔ وھﻲ ﺗﺻﻠﺢ ﺛﻣﻧﺎ ﻻ ﻣﺛﻣﻧﺎ‪ .‬ﺛم‬
‫ﺷرط أن ﯾﻛون اﻟﻘﺑض ﺑﺈذن اﻟﺑﺎﺋﻊ وھو اﻟظﺎھر‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﮫ دﻻﻟﺔ ﻛﻣﺎ إذا ﻗﺑﺿﮫ ﻓﻲ ﻣﺟﻠس اﻟﻌﻘد‬

‫اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ‪ ،‬وھو اﻟﺻﺣﯾﺢ؛ ﻷن اﻟﺑﯾﻊ ﺗﺳﻠﯾط ﻣﻧﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺑض‪ ،‬ﻓﺈذا ﻗﺑﺿﮫ ﺑﺣﺿرﺗﮫ ﻗﺑل‬ ‫ص ‪-52-‬‬
‫اﻻﻓﺗراق وﻟم ﯾﻧﮭﮫ ﻛﺎن ﺑﺣﻛم اﻟﺗﺳﻠﯾط اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬وﻛذا اﻟﻘﺑض ﻓﻲ اﻟﮭﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﻠس اﻟﻌﻘد ﯾﺻﺢ اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ‪ ،‬وﺷرط أن‬
‫ﯾﻛون ﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻋوﺿﺎن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣﺎل ﻟﯾﺗﺣﻘق رﻛن اﻟﺑﯾﻊ وھو ﻣﺑﺎدﻟﺔ اﻟﻣﺎل ﻓﯾﺧرج ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺎﻟﻣﯾﺗﺔ واﻟدم‬
‫واﻟﺣر واﻟرﯾﺢ واﻟﺑﯾﻊ ﻣﻊ ﻧﻔﻲ اﻟﺛﻣن‪ ،‬وﻗوﻟﮫ ﻟزﻣﺗﮫ ﻗﯾﻣﺗﮫ‪ ،‬ﻓﻲ ذوات اﻟﻘﯾم‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ ﻓﻲ ذوات اﻷﻣﺛﺎل ﻓﯾﻠزﻣﮫ اﻟﻣﺛل؛‬
‫ﻷﻧﮫ ﻣﺿﻣون ﺑﻧﻔﺳﮫ ﺑﺎﻟﻘﺑض ﻓﺷﺎﺑﮫ اﻟﻐﺻب‪ ،‬وھذا؛ ﻷن اﻟﻣﺛل ﺻورة وﻣﻌﻧﻰ أﻋدل ﻣن اﻟﻣﺛل ﻣﻌﻧﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﻛل واﺣد ﻣن اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﻓﺳﺧﮫ" رﻓﻌﺎ ﻟﻠﻔﺳﺎد‪ ،‬وھذا ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ظﺎھر؛ ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﻔد ﺣﻛﻣﮫ ﻓﯾﻛون اﻟﻔﺳﺦ‬
‫اﻣﺗﻧﺎﻋﺎ ﻣﻧﮫ‪ ،‬وﻛذا ﺑﻌد اﻟﻘﺑض إذا ﻛﺎن اﻟﻔﺳﺎد ﻓﻲ ﺻﻠب اﻟﻌﻘد ﻟﻘوﺗﮫ‪ ،‬وإن ﻛﺎن اﻟﻔﺳﺎد ﺑﺷرط زاﺋد ﻓﻠﻣن ﻟﮫ اﻟﺷرط‬
‫ذﻟك دون ﻣن ﻋﻠﯾﮫ ﻟﻘوة اﻟﻌﻘد‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﻟم ﺗﺗﺣﻘق اﻟﻣراﺿﺎة ﻓﻲ ﺣق ﻣن ﻟﮫ اﻟﺷرط‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﺑﺎﻋﮫ اﻟﻣﺷﺗري ﻧﻔذ ﺑﯾﻌﮫ"؛ ﻷﻧﮫ ﻣﻠﻛﮫ ﻓﻣﻠك اﻟﺗﺻرف ﻓﯾﮫ وﺳﻘط ﺣق اﻻﺳﺗرداد ﻟﺗﻌﻠق ﺣق اﻟﻌﺑد‬
‫ﺑﺎﻟﺛﺎﻧﻲ وﻧﻘض اﻷول ﻟﺣق اﻟﺷرع وﺣق اﻟﻌﺑد ﻣﻘدم ﻟﺣﺎﺟﺗﮫ وﻷن اﻷول ﻣﺷروع ﺑﺄﺻﻠﮫ دون وﺻﻔﮫ‪ ،‬واﻟﺛﺎﻧﻲ‬
‫ﻣﺷروع ﺑﺄﺻﻠﮫ ووﺻﻔﮫ ﻓﻼ ﯾﻌﺎرﺿﮫ ﻣﺟرد اﻟوﺻف؛ وﻷﻧﮫ ﺣﺻل ﺑﺗﺳﻠﯾط ﻣن ﺟﮭﺔ اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺗﺻرف‬
‫اﻟﻣﺷﺗري ﻓﻲ اﻟدار اﻟﻣﺷﻔوﻋﺔ؛ ﻷن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺣق اﻟﻌﺑد وﯾﺳﺗوﯾﺎن ﻓﻲ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ وﻣﺎ ﺣﺻل ﺑﺗﺳﻠﯾط ﻣن‬
‫اﻟﺷﻔﯾﻊ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﻋﺑدا ﺑﺧﻣر أو ﺧﻧزﯾر ﻓﻘﺑﺿﮫ وأﻋﺗﻘﮫ أو ﺑﺎﻋﮫ أو وھﺑﮫ وﺳﻠﻣﮫ ﻓﮭو ﺟﺎﺋز وﻋﻠﯾﮫ اﻟﻘﯾﻣﺔ"‬
‫ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ أﻧﮫ ﻣﻠﻛﮫ ﺑﺎﻟﻘﺑض ﻓﺗﻧﻔذ ﺗﺻرﻓﺎﺗﮫ‪ ،‬وﺑﺎﻹﻋﺗﺎق ﻗد ھﻠك ﻓﺗﻠزﻣﮫ اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺑﯾﻊ واﻟﮭﺑﺔ اﻧﻘطﻊ اﻻﺳﺗرداد‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ ،‬واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ واﻟرھن ﻧظﯾر اﻟﺑﯾﻊ؛ ﻷﻧﮭﻣﺎ ﻻزﻣﺎن‪ .‬إﻻ أﻧﮫ ﯾﻌود ﺣق اﻻﺳﺗرداد ﺑﻌﺟز اﻟﻣﻛﺎﺗب وﻓك اﻟرھن‬
‫ﻟزوال اﻟﻣﺎﻧﻊ‪ .‬وھذا ﺑﺧﻼف اﻹﺟﺎرة؛ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻔﺳﺦ ﺑﺎﻷﻋذار‪ ،‬ورﻓﻊ اﻟﻔﺳﺎد ﻋذر؛ وﻷﻧﮭﺎ ﺗﻧﻌﻘد ﺷﯾﺋﺎ ﻓﺷﯾﺋﺎ ﻓﯾﻛون‬
‫اﻟرد اﻣﺗﻧﺎﻋﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﯾس ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ اﻟﻔﺎﺳد أن ﯾﺄﺧذ اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺣﺗﻰ ﯾرد اﻟﺛﻣن "؛ ﻷن اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻣﻘﺎﺑل ﺑﮫ ﻓﯾﺻﯾر ﻣﺣﺑوﺳﺎ ﺑﮫ‬
‫ﻛﺎﻟرھن "وإن ﻣﺎت اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﺎﻟﻣﺷﺗري أﺣق ﺑﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗوﻓﻲ اﻟﺛﻣن"؛ ﻷﻧﮫ ﯾﻘدم ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ‪ ،‬ﻓﻛذا ﻋﻠﻰ ورﺛﺗﮫ‬
‫وﻏرﻣﺎﺋﮫ ﺑﻌد وﻓﺎﺗﮫ ﻛﺎﻟراھن ﺛم إن ﻛﺎﻧت دراھم اﻟﺛﻣن ﻗﺎﺋﻣﺔ ﯾﺄﺧذھﺎ ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ؛ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺗﻌﯾن ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ اﻟﻔﺎﺳد‪ ،‬وھو‬
‫اﻷﺻﺢ؛ ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻐﺻب‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧت ﻣﺳﺗﮭﻠﻛﺔ أﺧذ ﻣﺛﻠﮭﺎ ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع دارا ﺑﯾﻌﺎ ﻓﺎﺳدا ﻓﺑﻧﺎھﺎ اﻟﻣﺷﺗري ﻓﻌﻠﯾﮫ ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ" ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ورواه ﯾﻌﻘوب ﻋﻧﮫ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر ﺛم ﺷك ﺑﻌد ذﻟك ﻓﻲ اﻟرواﯾﺔ‪" .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﻧﻘض اﻟﺑﻧﺎء وﺗرد‬
‫اﻟدار" واﻟﻐرس ﻋﻠﻰ ھذا اﻻﺧﺗﻼف‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أن ﺣق اﻟﺷﻔﯾﻊ أﺿﻌف ﻣن ﺣق اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺣﺗﻰ‬ ‫ص ‪-53-‬‬
‫ﯾﺣﺗﺎج ﻓﯾﮫ إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء وﯾﺑطل ﺑﺎﻟﺗﺄﺧﯾر‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺣق اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬ﺛم أﺿﻌف اﻟﺣﻘﯾن ﻻ ﯾﺑطل ﺑﺎﻟﺑﻧﺎء ﻓﺄﻗواھﻣﺎ أوﻟﻰ‪،‬‬
‫وﻟﮫ أن اﻟﺑﻧﺎء واﻟﻐرس ﻣﻣﺎ ﯾﻘﺻد ﺑﮫ اﻟدوام وﻗد ﺣﺻل ﺑﺗﺳﻠﯾط ﻣن ﺟﮭﺔ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﯾﻧﻘطﻊ ﺣق اﻻﺳﺗرداد ﻛﺎﻟﺑﯾﻊ‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف ﺣق اﻟﺷﻔﯾﻊ؛ ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾوﺟد ﻣﻧﮫ اﻟﺗﺳﻠﯾط وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺑطل ﺑﮭﺑﺔ اﻟﻣﺷﺗري وﺑﯾﻌﮫ ﻓﻛذا ﺑﺑﻧﺎﺋﮫ وﺷك ﯾﻌﻘوب ﻓﻲ‬
‫ﺣﻔظ اﻟرواﯾﺔ ﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وﻗد ﻧص ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻟﺷﻔﻌﺔ ﻓﺈن ﺣق اﻟﺷﻔﻌﺔ ﻣﺑﻧﻲ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻧﻘطﺎع ﺣق اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺑﺎﻟﺑﻧﺎء وﺛﺑوﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺗﻼف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ ﺑﯾﻌﺎ ﻓﺎﺳدا وﺗﻘﺎﺑﺿﺎ ﻓﺑﺎﻋﮭﺎ ورﺑﺢ ﻓﯾﮭﺎ ﺗﺻدق ﺑﺎﻟرﺑﺢ وﯾطﯾب ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ ﻣﺎ رﺑﺢ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺛﻣن" واﻟﻔرق أن اﻟﺟﺎرﯾﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻓﯾﺗﻌﻠق اﻟﻌﻘد ﺑﮭﺎ ﻓﯾﺗﻣﻛن اﻟﺧﺑث ﻓﻲ اﻟرﺑﺢ‪ ،‬واﻟدراھم واﻟدﻧﺎﻧﯾر ﻻ ﯾﺗﻌﯾﻧﺎن‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘود ﻓﻠم ﯾﺗﻌﻠق اﻟﻌﻘد اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ ﻓﻠم ﯾﺗﻣﻛن اﻟﺧﺑث ﻓﻼ ﯾﺟب اﻟﺗﺻدق‪ ،‬وھذا ﻓﻲ اﻟﺧﺑث اﻟذي ﺳﺑﺑﮫ ﻓﺳﺎد‬
‫اﻟﻣﻠك‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﺧﺑث ﻟﻌدم اﻟﻣﻠك ﻓﻌﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد ﯾﺷﻣل اﻟﻧوﻋﯾن ﻟﺗﻌﻠق اﻟﻌﻘد ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﺣﻘﯾﻘﺔ‪ ،‬وﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﻌﯾن ﺷﺑﮭﺔ‬
‫ﻣن ﺣﯾث إﻧﮫ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﺳﻼﻣﺔ اﻟﻣﺑﯾﻊ أو ﺗﻘدﯾر اﻟﺛﻣن‪ ،‬وﻋﻧد ﻓﺳﺎد اﻟﻣﻠك ﺗﻧﻘﻠب اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺷﺑﮭﺔ واﻟﺷﺑﮭﺔ ﺗﻧزل إﻟﻰ‬
‫ﺷﺑﮭﺔ اﻟﺷﺑﮭﺔ‪ ،‬واﻟﺷﺑﮭﺔ ھﻲ اﻟﻣﻌﺗﺑرة دون اﻟﻧﺎزل ﻋﻧﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذﻟك إذا ادﻋﻰ ﻋﻠﻰ آﺧر ﻣﺎﻻ ﻓﻘﺿﺎه إﯾﺎه‪ ،‬ﺛم ﺗﺻﺎدﻗﺎ أﻧﮫ ﻟم ﯾﻛن ﻋﻠﯾﮫ ﺷﻲء وﻗد رﺑﺢ اﻟﻣدﻋﻲ ﻓﻲ‬
‫اﻟدراھم ﯾطﯾب ﻟﮫ اﻟرﺑﺢ"؛ ﻷن اﻟﺧﺑث ﻟﻔﺳﺎد اﻟﻣﻠك ھﺎھﻧﺎ؛ ﻷن اﻟدﯾن وﺟب ﺑﺎﻟﺗﺳﻣﯾﺔ ﺛم اﺳﺗﺣق ﺑﺎﻟﺗﺻﺎدق‪ ،‬وﺑدل‬
‫اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻣﻣﻠوك ﻓﻼ ﯾﻌﻣل ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﻌﯾن‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻛره‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﻧﮭﻰ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋن اﻟﻧﺟش" وھو أن ﯾزﯾد ﻓﻲ اﻟﺛﻣن وﻻ ﯾرﯾد اﻟﺷراء ﻟﯾرﻏب‬
‫ﻏﯾره وﻗﺎل‪" :‬ﻻ ﺗﻧﺎﺟﺷوا"‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻋن اﻟﺳوم ﻋﻠﻰ ﺳوم ﻏﯾره" ﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ ﯾﺳﺗم اﻟرﺟل ﻋﻠﻰ ﺳوم أﺧﯾﮫ وﻻ ﯾﺧطب‬
‫ﻋﻠﻰ ﺧطﺑﺔ أﺧﯾﮫ"؛ وﻷن ﻓﻲ ذﻟك إﯾﺣﺎﺷﺎ وإﺿرارا‪ ،‬وھذا إذا ﺗراﺿﻰ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدان ﻋﻠﻰ ﻣﺑﻠﻎ ﺛﻣﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎوﻣﺔ‪،‬‬
‫ﻓﺄﻣﺎ إذا ﻟم ﯾرﻛن أﺣدھﻣﺎ إﻟﻰ اﻵﺧر ﻓﮭو ﺑﯾﻊ ﻣن ﯾزﯾد وﻻ ﺑﺄس ﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧذﻛره‪ ،‬وﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه ﻣﺣﻣل اﻟﻧﮭﻲ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻧﻛﺎح أﯾﺿﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻋن ﺗﻠﻘﻲ اﻟﺟﻠب" وھذا إذا ﻛﺎن ﯾﺿر ﺑﺄھل اﻟﺑﻠد ﻓﺈن ﻛﺎن ﻻ ﯾﺿر ﻓﻼ ﺑﺄس ﺑﮫ‪ ،‬إﻻ إذا ﻟﺑس اﻟﺳﻌر ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟواردﯾن ﻓﺣﯾﻧﺋذ ﯾﻛره ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن اﻟﻐرور واﻟﺿرر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻋن ﺑﯾﻊ اﻟﺣﺎﺿر ﻟﻠﺑﺎدي" ﻓﻘد ﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ ﯾﺑﻊ اﻟﺣﺎﺿر‬ ‫ص ‪-54-‬‬
‫ﻟﻠﺑﺎدي" وھذا إذا ﻛﺎن أھل اﻟﺑﻠد ﻓﻲ ﻗﺣط وﻋوز‪ ،‬وھو أن ﯾﺑﯾﻊ ﻣن أھل اﻟﺑدو طﻣﻌﺎ ﻓﻲ اﻟﺛﻣن اﻟﻐﺎﻟﻲ ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن‬
‫اﻹﺿرار ﺑﮭم أﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﻛن ﻛذﻟك ﻓﻼ ﺑﺄس ﺑﮫ ﻻﻧﻌدام اﻟﺿرر‪.‬‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬ذ َ}ر ُ وا اﻟ ْ ﺑ َﯾ ْﻊ َ { ]اﻟﺟﻣﻌﺔ‪ [9:‬ﺛم ﻓﯾﮫ إﺧﻼل ﺑواﺟب اﻟﺳﻌﻲ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﺑﯾﻊ ﻋﻧد أذان اﻟﺟﻣﻌﺔ" ﻗﺎل ﷲ و َ‬
‫ﺑﻌض اﻟوﺟوه‪ ،‬وﻗد ذﻛرﻧﺎ اﻷذان اﻟﻣﻌﺗﺑر ﻓﯾﮫ ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻟﺻﻼة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛل ذﻟك ﯾﻛره" ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪" ،‬وﻻ ﯾﻔﺳد ﺑﮫ اﻟﺑﯾﻊ"؛ ﻷن اﻟﻔﺳﺎد ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ ﺧﺎرج زاﺋد ﻻ ﻓﻲ ﺻﻠب اﻟﻌﻘد وﻻ‬
‫ﻓﻲ ﺷراﺋط اﻟﺻﺣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل "وﻻ ﺑﺄس ﺑﺑﯾﻊ ﻣن ﯾزﯾد" وﺗﻔﺳﯾره ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ .‬وﻗد ﺻﺢ أن اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﺑﺎع ﻗدﺣﺎ وﺣﻠﺳﺎ ﺑﺑﯾﻊ‬
‫ﻣن ﯾزﯾد؛ وﻷﻧﮫ ﺑﯾﻊ اﻟﻔﻘراء واﻟﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ إﻟﻰ "ﻧوع ﻣﻧﮫ"‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻣﻠك ﻣﻣﻠوﻛﯾن ﺻﻐﯾرﯾن أﺣدھﻣﺎ ذو رﺣم ﻣﺣرم ﻣن اﻵﺧر ﻟم ﯾﻔرق ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻛذﻟك إن ﻛﺎن أﺣدھﻣﺎ‬
‫ﻛﺑﯾرا" واﻷﺻل ﻓﯾﮫ ﻗوﻟﮫ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم‪" :‬ﻣن ﻓرق ﺑﯾن واﻟدة ووﻟدھﺎ ﻓرق ﷲ ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن أﺣﺑﺗﮫ ﯾوم‬
‫اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ"‪ .‬ووھب اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻟﻌﻠﻲ رﺿﻲ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻧﮫ ﻏﻼﻣﯾن أﺧوﯾن ﺻﻐﯾرﯾن ﺛم ﻗﺎل ﻟﮫ‪" :‬ﻣﺎ‬
‫ﻓﻌل اﻟﻐﻼﻣﺎن؟" ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺑﻌت أﺣدھﻣﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪" :‬أدرك أدرك"‪ ،‬وﯾروى‪" :‬رده رده"؛ وﻷن اﻟﺻﻐﯾر ﯾﺳﺗﺄﻧس ﺑﺎﻟﺻﻐﯾر‬
‫وﺑﺎﻟﻛﺑﯾر واﻟﻛﺑﯾر ﯾﺗﻌﺎھده ﻓﻛﺎن ﻓﻲ ﺑﯾﻊ أﺣدھﻣﺎ ﻗطﻊ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎس‪ ،‬واﻟﻣﻧﻊ ﻣن اﻟﺗﻌﺎھد وﻓﯾﮫ ﺗرك اﻟﻣرﺣﻣﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺻﻐﺎر‪ ،‬وﻗد أوﻋد ﻋﻠﯾﮫ ﺛم اﻟﻣﻧﻊ ﻣﻌﻠول ﺑﺎﻟﻘراﺑﺔ اﻟﻣﺣرﻣﺔ ﻟﻠﻧﻛﺎح ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾدﺧل ﻓﯾﮫ ﻣﺣرم ﻏﯾر ﻗرﯾب وﻻ ﻗرﯾب‬
‫ﻏﯾر ﻣﺣرم‪ ،‬وﻻ ﯾدﺧل ﻓﯾﮫ اﻟزوﺟﺎن ﺣﺗﻰ ﺟﺎز اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ؛ ﻷن اﻟﻧص ورد ﺑﺧﻼف اﻟﻘﯾﺎس ﻓﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣورده‪ ،‬وﻻ ﺑد ﻣن اﺟﺗﻣﺎﻋﮭﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻠﻛﮫ ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎن أﺣد اﻟﺻﻐﯾرﯾن ﻟﮫ واﻵﺧر ﻟﻐﯾره ﻻ ﺑﺄس ﺑﺑﯾﻊ‬
‫واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﺣق ﻣﺳﺗﺣق ﻻ ﺑﺄس ﺑﮫ ﻛدﻓﻊ أﺣدھﻣﺎ ﺑﺎﻟﺟﻧﺎﯾﺔ وﺑﯾﻌﮫ ﺑﺎﻟدﯾن ورده ﺑﺎﻟﻌﯾب؛ ﻷن‬
‫اﻟﻣﻧظور إﻟﯾﮫ دﻓﻊ اﻟﺿرر ﻋن ﻏﯾره ﻻ اﻹﺿرار ﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻓرق ﻛره ﻟﮫ ذﻟك وﺟﺎز اﻟﻌﻘد" وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز ﻓﻲ ﻗراﺑﺔ اﻟوﻻد وﯾﺟوز ﻓﻲ‬
‫ﻏﯾرھﺎ‪ .‬وﻋﻧﮫ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ذﻟك ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ ،‬ﻓﺈن اﻷﻣر ﺑﺎﻹدراك واﻟرد ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ اﻟﻔﺎﺳد‪.‬‬
‫وﻟﮭﻣﺎ أن رﻛن اﻟﺑﯾﻊ ﺻدر ﻣن أھﻠﮫ ﻓﻲ ﻣﺣﻠﮫ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ اﻟﻛراھﺔ ﻟﻣﻌﻧﻰ ﻣﺟﺎور ﻓﺷﺎﺑﮫ ﻛراھﺔ اﻻﺳﺗﯾﺎم "وإن ﻛﺎﻧﺎ‬
‫ﻛﺑﯾرﯾن ﻓﻼ ﺑﺄس ﺑﺎﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ"؛ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ ﻣﺎ ورد ﺑﮫ اﻟﻧص‪ ،‬وﻗد ﺻﺢ "أﻧﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‬
‫ﻓرق ﺑﯾن ﻣﺎرﯾﺔ وﺳﯾرﯾن وﻛﺎﻧﺗﺎ أﻣﺗﯾن أﺧﺗﯾن" وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻹﻗﺎﻟﺔ‬ ‫ص ‪-55-‬‬


‫"اﻹﻗﺎﻟﺔ ﺟﺎﺋزة ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﺑﻣﺛل اﻟﺛﻣن اﻷول" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻣن أﻗﺎل ﻧﺎدﻣﺎ ﺑﯾﻌﺗﮫ أﻗﺎل ﷲ ﻋﺛرﺗﮫ‬
‫ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ" وﻷن اﻟﻌﻘد ﺣﻘﮭﻣﺎ ﻓﯾﻣﻠﻛﺎن رﻓﻌﮫ دﻓﻌﺎ ﻟﺣﺎﺟﺗﮭﻣﺎ "ﻓﺈن ﺷرطﺎ أﻛﺛر ﻣﻧﮫ أو أﻗل ﻓﺎﻟﺷرط ﺑﺎطل وﯾرد‬
‫ﻣﺛل اﻟﺛﻣن اﻷول"‪ .‬واﻷﺻل أن اﻹﻗﺎﻟﺔ ﻓﺳﺦ ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﺑﯾﻊ ﺟدﯾد ﻓﻲ ﺣق ﻏﯾرھﻣﺎ إﻻ أن ﻻ ﯾﻣﻛن ﺟﻌﻠﮫ‬
‫ﻓﺳﺧﺎ ﻓﺗﺑطل‪ ،‬وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ھو ﺑﯾﻊ إﻻ أن ﻻ ﯾﻣﻛن ﺟﻌﻠﮫ ﺑﯾﻌﺎ‬
‫ﻓﯾﺟﻌل ﻓﺳﺧﺎ إﻻ أن ﻻ ﯾﻣﻛن ﻓﺗﺑطل‪ .‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ھو ﻓﺳﺦ إﻻ إذا ﺗﻌذر ﺟﻌﻠﮫ ﻓﺳﺧﺎ ﻓﯾﺟﻌل ﺑﯾﻌﺎ إﻻ أن ﻻ‬
‫ﯾﻣﻛن ﻓﺗﺑطل‪ .‬ﻟﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ أن اﻟﻠﻔظ ﻟﻠﻔﺳﺦ واﻟرﻓﻊ‪ .‬وﻣﻧﮫ ﯾﻘﺎل‪ :‬أﻗﻠﻧﻲ ﻋﺛراﺗﻲ ﻓﺗوﻓر ﻋﻠﯾﮫ ﻗﺿﯾﺗﮫ‪ .‬وإذا ﺗﻌذر‬
‫ﯾﺣﻣل ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺗﻣﻠﮫ وھو اﻟﺑﯾﻊ؛ أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﺑﯾﻊ ﻓﻲ ﺣق اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬وﻷﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﻣﺑﺎدﻟﺔ اﻟﻣﺎل ﺑﺎﻟﻣﺎل‬
‫ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ‪ .‬وھذا ھو ﺣد اﻟﺑﯾﻊ وﻟﮭذا ﯾﺑطل ﺑﮭﻼك اﻟﺳﻠﻌﺔ وﯾرد ﺑﺎﻟﻌﯾب وﺗﺛﺑت ﺑﮫ اﻟﺷﻔﻌﺔ وھذه أﺣﻛﺎم اﻟﺑﯾﻊ‪ .‬وﻷﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن اﻟﻠﻔظ ﯾﻧﺑﺊ ﻋن اﻟرﻓﻊ واﻟﻔﺳﺦ ﻛﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ ،‬واﻷﺻل إﻋﻣﺎل اﻷﻟﻔﺎظ ﻓﻲ ﻣﻘﺗﺿﯾﺎﺗﮭﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﯾﺣﺗﻣل اﺑﺗداء اﻟﻌﻘد ﻟﯾﺣﻣل ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻧد ﺗﻌذره؛ ﻷﻧﮫ ﺿده واﻟﻠﻔظ ﻻ ﯾﺣﺗﻣل ﺿده ﻓﺗﻌﯾن اﻟﺑطﻼن‪ ،‬وﻛوﻧﮫ ﺑﯾﻌﺎ ﻓﻲ ﺣق‬
‫اﻟﺛﺎﻟث أﻣر ﺿروري؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺛﺑت ﺑﮫ ﻣﺛل ﺣﻛم اﻟﺑﯾﻊ وھو اﻟﻣﻠك ﻻ ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺻﯾﻐﺔ‪ ،‬إذ ﻻ وﻻﯾﺔ ﻟﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻏﯾرھﻣﺎ‪ ،‬إذا ﺛﺑت ھذا ﻧﻘول‪ :‬إذا ﺷرط اﻷﻛﺛر ﻓﺎﻹﻗﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻣن اﻷول ﻟﺗﻌذر اﻟﻔﺳﺦ ﻋﻠﻰ اﻟزﯾﺎدة‪ ،‬إذ رﻓﻊ ﻣﺎ ﻟم‬
‫ﯾﻛن ﺛﺎﺑﺗﺎ ﻣﺣﺎل ﻓﯾﺑطل اﻟﺷرط؛ ﻷن اﻹﻗﺎﻟﺔ ﻻ ﺗﺑطل ﺑﺎﻟﺷروط اﻟﻔﺎﺳدة‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺑﯾﻊ؛ ﻷن اﻟزﯾﺎدة ﯾﻣﻛن إﺛﺑﺎﺗﮭﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﻘد ﻓﯾﺗﺣﻘق اﻟرﺑﺎ أو ﻻ ﯾﻣﻛن إﺛﺑﺎﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻟرﻓﻊ‪ ،‬وﻛذا إذا ﺷرط اﻷﻗل ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه إﻻ أن ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻋﯾب‬
‫ﻓﺣﯾﻧﺋذ ﺟﺎزت اﻹﻗﺎﻟﺔ ﺑﺎﻷﻗل؛ ﻷن اﻟﺣط ﯾﺟﻌل ﺑﺈزاء ﻣﺎ ﻓﺎت ﺑﺎﻟﻌﯾب‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﻓﻲ ﺷرط اﻟزﯾﺎدة ﯾﻛون ﺑﯾﻌﺎ؛ ﻷن‬
‫اﻷﺻل ھو اﻟﺑﯾﻊ ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ وﻋﻧد ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ﺟﻌﻠﮫ ﺑﯾﻌﺎ ﻣﻣﻛن ﻓﺈذا زاد ﻛﺎن ﻗﺎﺻدا ﺑﮭذا‬
‫اﺑﺗداء اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وﻛذا ﻓﻲ ﺷرط اﻷﻗل ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ؛ ﻷﻧﮫ ھو اﻷﺻل ﻋﻧده‪ ،‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ھو‬
‫ﻓﺳﺦ ﺑﺎﻟﺛﻣن اﻷول ﻻ ﺳﻛوت ﻋن ﺑﻌض اﻟﺛﻣن اﻷول‪ ،‬وﻟو ﺳﻛت ﻋن اﻟﻛل وأﻗﺎل ﯾﻛون ﻓﺳﺧﺎ ﻓﮭذا أوﻟﻰ‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫ﻣﺎ إذا زاد‪ ،‬وإذا دﺧﻠﮫ ﻋﯾب ﻓﮭو ﻓﺳﺦ ﺑﺎﻷﻗل ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه‪ .‬وﻟو أﻗﺎل ﺑﻐﯾر ﺟﻧس اﻟﺛﻣن اﻷول ﻓﮭو ﻓﺳﺦ ﺑﺎﻟﺛﻣن اﻷول‬
‫ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وﯾﺟﻌل اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ ﻟﻐوا ﻋﻧدھﻣﺎ ﺑﯾﻊ ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻟو وﻟدت اﻟﻣﺑﯾﻌﺔ وﻟدا ﺛم ﺗﻘﺎﯾﻼ ﻓﺎﻹﻗﺎﻟﺔ ﺑﺎطﻠﺔ‬
‫ﻋﻧده ﻷن اﻟوﻟد ﻣﺎﻧﻊ ﻣن اﻟﻔﺳﺦ‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﺗﻛون ﺑﯾﻌﺎ واﻹﻗﺎﻟﺔ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻓﻲ اﻟﻣﻧﻘول‪ ،‬وﻏﯾره ﻓﺳﺦ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‬
‫وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‬

‫وﻛذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﻘول ﻟﺗﻌذر اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻌﻘﺎر ﯾﻛون ﺑﯾﻌﺎ ﻋﻧده‬ ‫ص ‪-56-‬‬
‫ﻹﻣﻛﺎن اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬ﻓﺈن ﺑﯾﻊ اﻟﻌﻘﺎر ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﺟﺎﺋز ﻋﻧده‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وھﻼك اﻟﺛﻣن ﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﺻﺣﺔ اﻹﻗﺎﻟﺔ وھﻼك اﻟﻣﺑﯾﻊ ﯾﻣﻧﻊ ﻣﻧﮭﺎ" ﻷن رﻓﻊ اﻟﺑﯾﻊ ﯾﺳﺗدﻋﻲ ﻗﯾﺎﻣﮫ وھو ﻗﺎﺋم‬
‫ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ دون اﻟﺛﻣن "ﻓﺈن ھﻠك ﺑﻌض اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺟﺎزت اﻹﻗﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺎﻗﻲ"؛ ﻟﻘﯾﺎم اﻟﺑﯾﻊ ﻓﯾﮫ‪ ،‬وإن ﺗﻘﺎﯾﺿﺎ ﺗﺟوز اﻹﻗﺎﻟﺔ‬
‫ﺑﻌد ھﻼك أﺣدھﻣﺎ وﻻ ﺗﺑطل ﺑﮭﻼك أﺣدھﻣﺎ ﻷن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣﺑﯾﻊ ﻓﻛﺎن اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺑﺎﻗﯾﺎ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬
‫ﺑﺎب اﻟﻣراﺑﺣﺔ واﻟﺗوﻟﯾﺔ‬
‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟﻣراﺑﺣﺔ ﻧﻘل ﻣﺎ ﻣﻠﻛﮫ ﺑﺎﻟﻌﻘد اﻷول ﺑﺎﻟﺛﻣن اﻷول ﻣﻊ زﯾﺎدة رﺑﺢ‪ ،‬واﻟﺗوﻟﯾﺔ ﻧﻘل ﻣﺎ ﻣﻠﻛﮫ ﺑﺎﻟﻌﻘد اﻷول‬
‫ﺑﺎﻟﺛﻣن اﻷول ﻣن ﻏﯾر زﯾﺎدة رﺑﺢ" واﻟﺑﯾﻌﺎن ﺟﺎﺋز ان؛ ﻻﺳﺗﺟﻣﺎع ﺷراﺋط اﻟﺟواز‪ ،‬واﻟﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ إﻟﻰ ھذا اﻟﻧوع‬
‫ﻣن اﻟﺑﯾﻊ؛ ﻷن اﻟﻐﺑﻲ اﻟذي ﻻ ﯾﮭﺗدي ﻓﻲ اﻟﺗﺟﺎرة ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ أن ﯾﻌﺗﻣد ﻓﻌل اﻟذﻛﻲ اﻟﻣﮭﺗدي وﺗطﯾب ﻧﻔﺳﮫ ﺑﻣﺛل ﻣﺎ‬
‫اﺷﺗرى وﺑزﯾﺎدة رﺑﺢ ﻓوﺟب اﻟﻘول ﺑﺟوازھﻣﺎ‪ ،‬وﻟﮭذا ﻛﺎن ﻣﺑﻧﺎھﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺎﻧﺔ واﻻﺣﺗراز ﻋن اﻟﺧﯾﺎﻧﺔ وﻋن‬
‫ﺷﺑﮭﺗﮭﺎ‪ ،‬وﻗد ﺻﺢ أن اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻟﻣﺎ أراد اﻟﮭﺟرة اﺑﺗﺎع أﺑو ﺑﻛر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﺑﻌﯾرﯾن ﻓﻘﺎل ﻟﮫ‬
‫اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم‪" :‬وﻟﻧﻲ أﺣدھﻣﺎ"‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ھو ﻟك ﺑﻐﯾر ﺷﻲء‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬أﻣﺎ ﺑﻐﯾر ﺛﻣن‬
‫ﻓﻼ"‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﺻﺢ اﻟﻣراﺑﺣﺔ واﻟﺗوﻟﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﻛون اﻟﻌوض ﻣﻣﺎ ﻟﮫ ﻣﺛل"؛ ﻷﻧﮫ إذا ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ ﻣﺛل ﻟو ﻣﻠﻛﮫ ﻣﻠﻛﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﯾﻣﺔ وھﻲ ﻣﺟﮭوﻟﺔ "وﻟو ﻛﺎن اﻟﻣﺷﺗري ﺑﺎﻋﮫ ﻣراﺑﺣﺔ ﻣﻣن ﯾﻣﻠك ذﻟك اﻟﺑدل وﻗد ﺑﺎﻋﮫ ﺑرﺑﺢ درھم أو ﺑﺷﻲء‬
‫ﻣن اﻟﻣﻛﯾل ﻣوﺻوف ﺟﺎز" ﻷﻧﮫ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ اﻟوﻓﺎء ﺑﻣﺎ اﻟﺗزم "وإن ﺑﺎﻋﮫ ﺑرﺑﺢ اﻹل ﯾﺎزده ﻻ ﯾﺟوز" ﻷﻧﮫ ﺑﺎﻋﮫ‬
‫ﺑرأس اﻟﻣﺎل وﺑﺑﻌض ﻗﯾﻣﺗﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﻣن ذوات اﻷﻣﺛﺎل‪.‬‬
‫"وﯾﺟوز أن ﯾﺿﯾف إﻟﻰ رأس اﻟﻣﺎل أﺟرة اﻟﻘﺻﺎر واﻟطراز واﻟﺻﺑﻎ واﻟﻘﺗل وأﺟرة ﺣﻣل اﻟطﻌﺎم" ﻷن اﻟﻌرف‬
‫ﺟﺎر ﺑﺈﻟﺣﺎق ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﺑرأس اﻟﻣﺎل ﻓﻲ ﻋﺎدة اﻟﺗﺟﺎر؛ وﻷن ﻛل ﻣﺎ ﯾزﯾد ﻓﻲ اﻟﻣﺑﯾﻊ أو ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺗﮫ ﯾﻠﺣق ﺑﮫ ھذا ھو‬
‫اﻷﺻل‪ ،‬وﻣﺎ ﻋددﻧﺎه ﺑﮭذه اﻟﺻﻔﺔ؛ ﻷن اﻟﺻﺑﻎ وأﺧواﺗﮫ ﯾزﯾد ﻓﻲ اﻟﻌﯾن واﻟﺣﻣل ﯾزﯾد ﻓﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ إذ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﺗﺧﺗﻠف‬
‫ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﻣﻛﺎن "وﯾﻘول ﻗﺎم ﻋﻠﻲ ﺑﻛذا وﻟم ﯾﻘل اﺷﺗرﯾﺗﮫ ﺑﻛذا" ﻛﻲ ﻻ ﯾﻛون ﻛﺎذﺑﺎ وﺳوق اﻟﻐﻧم ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺣﻣل‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف أﺟرة اﻟراﻋﻲ وﻛراء ﺑﯾت اﻟﺣﻔظ؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾزﯾد ﻓﻲ اﻟﻌﯾن واﻟﻣﻌﻧﻰ‪ ،‬وﺑﺧﻼف أﺟرة اﻟﺗﻌﻠﯾم ﻷن ﺛﺑوت‬
‫اﻟزﯾﺎدة ﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﯾﮫ وھو ﺣذاﻗﺗﮫ "ﻓﺈن اطﻠﻊ اﻟﻣﺷﺗري ﻋﻠﻰ ﺧﯾﺎﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻣراﺑﺣﺔ ﻓﮭو ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر" ﻋﻧد‬

‫أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ إن ﺷﺎء أﺧذه ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻟﺛﻣن وإن ﺷﺎء ﺗرﻛﮫ "وإن اطﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﺧﯾﺎﻧﺔ‬ ‫ص ‪-57-‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﺗوﻟﯾﺔ أﺳﻘطﮭﺎ ﻣن اﻟﺛﻣن‪ ،‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺣط ﻓﯾﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺧﯾر ﻓﯾﮭﻣﺎ"‬
‫ﻟﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ أن اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻟﻠﺗﺳﻣﯾﺔ؛ ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﻌﻠوﻣﺎ‪ ،‬واﻟﺗوﻟﯾﺔ واﻟﻣراﺑﺣﺔ ﺗروﯾﺞ وﺗرﻏﯾب ﻓﯾﻛون وﺻﻔﺎ ﻣرﻏوﺑﺎ‬
‫ﻓﯾﮫ ﻛوﺻف اﻟﺳﻼﻣﺔ ﻓﯾﺗﺧﯾر ﺑﻔواﺗﮫ‪ ،‬وﻷﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أن اﻷﺻل ﻓﯾﮫ ﻛوﻧﮫ ﺗوﻟﯾﺔ وﻣراﺑﺣﺔ وﻟﮭذا ﯾﻧﻌﻘد‬
‫ﺑﻘوﻟﮫ وﻟﯾﺗك ﺑﺎﻟﺛﻣن اﻷول أو ﺑﻌﺗك ﻣراﺑﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻣن اﻷول إذا ﻛﺎن ذﻟك ﻣﻌﻠوﻣﺎ ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻷول‬
‫وذﻟك ﺑﺎﻟﺣط‪ ،‬ﻏﯾر أﻧﮫ ﯾﺣط ﻓﻲ اﻟﺗوﻟﯾﺔ ﻗدر اﻟﺧﯾﺎﻧﺔ ﻣن رأس اﻟﻣﺎل وﻓﻲ اﻟﻣراﺑﺣﺔ ﻣﻧﮫ وﻣن اﻟرﺑﺢ‪ ،‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﻟو ﻟم ﯾﺣط ﻓﻲ اﻟﺗوﻟﯾﺔ ﻻ ﺗﺑﻘﻰ ﺗوﻟﯾﺔ؛ ﻷﻧﮫ ﯾزﯾد ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻣن اﻷول ﻓﯾﺗﻐﯾر اﻟﺗﺻرف ﻓﺗﻌﯾن اﻟﺣط وﻓﻲ‬
‫اﻟﻣراﺑﺣﺔ ﻟو ﻟم ﯾﺣط ﺗﺑﻘﻰ ﻣراﺑﺣﺔ وإن ﻛﺎن ﯾﺗﻔﺎوت اﻟرﺑﺢ ﻓﻼ ﯾﺗﻐﯾر اﻟﺗﺻرف ﻓﺄﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺎﻟﺗﺧﯾﯾر‪ ،‬ﻓﻠو ھﻠك‬
‫ﻗﺑل أن ﯾرده أو ﺣدث ﻓﯾﮫ ﻣﺎ ﯾﻣﻧﻊ اﻟﻔﺳﺦ ﯾﻠزﻣﮫ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺛﻣن ﻓﻲ اﻟرواﯾﺎت اﻟظﺎھرة؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺟرد ﺧﯾﺎر ﻻ ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ‬
‫ﺷﻲء ﻣن اﻟﺛﻣن ﻛﺧﯾﺎر اﻟرؤﯾﺔ واﻟﺷرط‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺧﯾﺎر اﻟﻌﯾب؛ ﻷﻧﮫ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺗﺳﻠﯾم اﻟﻔﺎﺋت ﻓﯾﺳﻘط ﻣﺎ ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ ﻋﻧد‬
‫ﻋﺟزه‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺛوﺑﺎ ﻓﺑﺎﻋﮫ ﺑرﺑﺢ ﺛم اﺷﺗراه‪ ،‬ﻓﺈن ﺑﺎﻋﮫ ﻣراﺑﺣﺔ طرح ﻋﻧﮫ ﻛل رﺑﺢ ﻛﺎن ﻗﺑل ذﻟك‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن‬
‫اﺳﺗﻐرق اﻟﺛﻣن ﻟم ﯾﺑﻌﮫ ﻣراﺑﺣﺔ‪ ،‬وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﺑﯾﻌﮫ ﻣراﺑﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻣن اﻷﺧﯾر"‪.‬‬
‫ﺻورﺗﮫ‪ :‬إذا اﺷﺗرى ﺛوﺑﺎ ﺑﻌﺷرة وﺑﺎﻋﮫ ﺑﺧﻣﺳﺔ ﻋﺷر ﺛم اﺷﺗراه ﺑﻌﺷرة ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺑﯾﻌﮫ ﻣراﺑﺣﺔ ﺑﺧﻣﺳﺔ وﯾﻘول ﻗﺎم ﻋﻠﻲ‬
‫ﺑﺧﻣﺳﺔ‪ ،‬وﻟو اﺷﺗراه ﺑﻌﺷرة وﺑﺎﻋﮫ ﺑﻌﺷرﯾن ﻣراﺑﺣﺔ ﺛم اﺷﺗراه ﺑﻌﺷرة ﻻ ﯾﺑﯾﻌﮫ ﻣراﺑﺣﺔ أﺻﻼ‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﯾﺑﯾﻌﮫ‬
‫ﻣراﺑﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺷرة ﻓﻲ اﻟﻔﺻﻠﯾن‪ ،‬ﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﻌﻘد اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻋﻘد ﻣﺗﺟدد ﻣﻧﻘطﻊ اﻷﺣﻛﺎم ﻋن اﻷول ﻓﯾﺟوز ﺑﻧﺎء‬
‫اﻟﻣراﺑﺣﺔ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا ﺗﺧﻠل ﺛﺎﻟث‪ ،‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن ﺷﺑﮭﺔ ﺣﺻول اﻟرﺑﺢ ﺑﺎﻟﻌﻘد اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺛﺎﺑﺗﺔ؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺗﺄﻛد‬
‫ﺑﮫ ﺑﻌدﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﺷرف اﻟﺳﻘوط ﺑﺎﻟظﮭور ﻋﻠﻰ ﻋﯾب اﻟﺷﺑﮭﺔ ﻛﺎﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ ﺑﯾﻊ اﻟﻣراﺑﺣﺔ اﺣﺗﯾﺎطﺎ وﻟﮭذا ﻟم ﺗﺟز‬
‫اﻟﻣراﺑﺣﺔ ﻓﯾﻣﺎ أﺧذ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻟﺷﺑﮭﺔ اﻟﺣطﯾطﺔ ﻓﯾﺻﯾر ﻛﺄﻧﮫ اﺷﺗرى ﺧﻣﺳﺔ وﺛوﺑﺎ ﺑﻌﺷرة ﻓﯾطرح ﻋﻧﮫ ﺧﻣﺳﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫ﻣﺎ إذا ﺗﺧﻠل ﺛﺎﻟث؛ ﻷن اﻟﺗﺄﻛﯾد ﺣﺻل ﺑﻐﯾره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺷﺗرى اﻟﻌﺑد اﻟﻣﺄذون ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﺟﺎرة ﺛوﺑﺎ ﺑﻌﺷرة وﻋﻠﯾﮫ دﯾن ﯾﺣﯾط ﺑرﻗﺑﺗﮫ ﻓﺑﺎﻋﮫ ﻣن اﻟﻣوﻟﻰ‬
‫ﺑﺧﻣﺳﺔ ﻋﺷر ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺑﯾﻌﮫ ﻣراﺑﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺷرة‪ ،‬وﻛذﻟك إن ﻛﺎن اﻟﻣوﻟﻰ اﺷﺗراه ﻓﺑﺎﻋﮫ ﻣن اﻟﻌﺑد" ﻷن ﻓﻲ ھذا‬
‫اﻟﻌﻘد ﺷﺑﮭﺔ اﻟﻌدم ﺑﺟوازه ﻣﻊ اﻟﻣﻧﺎﻓﻲ ﻓﺎﻋﺗﺑر ﻋدﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻣراﺑﺣﺔ وﺑﻘﻲ اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻟﻸول ﻓﯾﺻﯾر ﻛﺄن اﻟﻌﺑد‬
‫اﺷﺗراه ﻟﻠﻣوﻟﻰ ﺑﻌﺷرة ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻷول‪ ،‬وﻛﺄﻧﮫ ﯾﺑﯾﻌﮫ ﻟﻠﻣوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﯾﻌﺗﺑر اﻟﺛﻣن اﻷول‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن ﻣﻊ اﻟﻣﺿﺎرب ﻋﺷرة دراھم ﺑﺎﻟﻧﺻف ﻓﺎﺷﺗرى ﺛوﺑﺎ ﺑﻌﺷرة وﺑﺎﻋﮫ ﻣن‬ ‫ص ‪-58-‬‬
‫رب اﻟﻣﺎل ﺑﺧﻣﺳﺔ ﻋﺷر ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺑﯾﻌﮫ ﻣراﺑﺣﺔ ﺑﺎﺛﻧﻲ ﻋﺷر وﻧﺻف" ﻷن ھذا اﻟﺑﯾﻊ وإن ﻗﺿﻲ ﺑﺟوازه ﻋﻧدﻧﺎ ﻋﻧد‬
‫ﻋدم اﻟرﺑﺢ ﺧﻼﻓﺎ ﻟزﻓر رﺣﻣﮫ ﷲ ﻣﻊ أﻧﮫ اﺷﺗرى ﻣﺎﻟﮫ ﺑﻣﺎﻟﮫ ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن اﺳﺗﻔﺎدة وﻻﯾﺔ اﻟﺗﺻرف وھو ﻣﻘﺻود‬
‫واﻻﻧﻌﻘﺎد ﯾﺗﺑﻊ اﻟﻔﺎﺋدة ﻓﻔﯾﮫ ﺷﺑﮭﺔ اﻟﻌدم؛ أﻻ ﺗرى أﻧﮫ وﻛﯾل ﻋﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ اﻷول ﻣن وﺟﮫ ﻓﺎﻋﺗﺑر اﻟﺑﯾﻊ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻋدﻣﺎ‬
‫ﻓﻲ ﺣق ﻧﺻف اﻟرﺑﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ ﻓﺎﻋورت أو وطﺋﮭﺎ وھﻲ ﺛﯾب ﯾﺑﯾﻌﮭﺎ ﻣراﺑﺣﺔ وﻻ ﯾﺑﯾن" ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺣﺗﺑس ﻋﻧده ﺷﯾﺋﺎ‬
‫ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ اﻟﺛﻣن؛ ﻷن اﻷوﺻﺎف ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻻ ﯾﻘﺎﺑﻠﮭﺎ اﻟﺛﻣن‪ ،‬وﻟﮭذا ﻟو ﻓﺎﺗت ﻗﺑل اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻻ ﯾﺳﻘط ﺷﻲء ﻣن اﻟﺛﻣن‪ ،‬وﻛذا‬
‫ﻣﻧﺎﻓﻊ اﻟﺑﺿﻊ ﻻ ﯾﻘﺎﺑﻠﮭﺎ اﻟﺛﻣن‪ ،‬واﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﻧﻘﺻﮭﺎ اﻟوطء‪ ،‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻷول‬
‫أﻧﮫ ﻻ ﯾﺑﯾﻊ ﻣن ﻏﯾر ﺑﯾﺎن‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا اﺣﺗﺑس ﺑﻔﻌﻠﮫ وھو ﻗول اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ "ﻓﺄﻣﺎ إذا ﻓﻘﺄ ﻋﯾﻧﮭﺎ ﺑﻧﻔﺳﮫ أو ﻓﻘﺄھﺎ‬
‫أﺟﻧﺑﻲ ﻓﺄﺧذ أرﺷﮭﺎ ﻟم ﯾﺑﻌﮭﺎ ﻣراﺑﺣﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺑﯾن" ﻷﻧﮫ ﺻﺎر ﻣﻘﺻودا ﺑﺎﻹﺗﻼف ﻓﯾﻘﺎﺑﻠﮭﺎ ﺷﻲء ﻣن اﻟﺛﻣن‪ ،‬وﻛذا إذا‬
‫وطﺋﮭﺎ وھﻲ ﺑﻛر ﻷن اﻟﻌذرة ﺟزء ﻣن اﻟﻌﯾن ﯾﻘﺎﺑﻠﮭﺎ اﻟﺛﻣن وﻗد ﺣﺑﺳﮭﺎ‪.‬‬
‫"وﻟو اﺷﺗرى ﺛوﺑﺎ ﻓﺄﺻﺎﺑﮫ ﻗرض ﻓﺄر أو ﺣرق ﻧﺎر ﯾﺑﯾﻌﮫ ﻣراﺑﺣﺔ ﻣن ﻏﯾر ﺑﯾﺎن‪ ،‬وﻟو ﺗﻛﺳر ﺑﻧﺷره وطﯾﮫ ﻻ‬
‫ﯾﺑﯾﻌﮫ ﻣراﺑﺣﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺑﯾن" واﻟﻣﻌﻧﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﻏﻼﻣﺎ ﺑﺄﻟف درھم ﻧﺳﯾﺋﺔ ﻓﺑﺎﻋﮫ ﺑرﺑﺢ ﻣﺎﺋﺔ وﻟم ﯾﺑﯾن ﻓﻌﻠم اﻟﻣﺷﺗري‪ ،‬ﻓﺈن ﺷﺎء رده‪ ،‬وإن‬
‫ﺷﺎء ﻗﺑل"؛ ﻷن ﻟﻸﺟل ﺷﺑﮭﺎ ﺑﺎﻟﻣﺑﯾﻊ؛ أﻻ ﯾرى أﻧﮫ ﯾزاد ﻓﻲ اﻟﺛﻣن ﻷﺟل اﻷﺟل‪ ،‬واﻟﺷﺑﮭﺔ ﻓﻲ ھذا ﻣﻠﺣﻘﺔ ﺑﺎﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‬
‫ﻓﺻﺎر ﻛﺄﻧﮫ اﺷﺗرى ﺷﯾﺋﯾن وﺑﺎع أﺣدھﻣﺎ ﻣراﺑﺣﺔ ﺑﺛﻣﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬واﻹﻗدام ﻋﻠﻰ اﻟﻣراﺑﺣﺔ ﯾوﺟب اﻟﺳﻼﻣﺔ ﻋن ﻣﺛل ھذه‬
‫اﻟﺧﯾﺎﻧﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ظﮭرت ﯾﺧﯾر ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﯾب "وإن اﺳﺗﮭﻠﻛﮫ ﺛم ﻋﻠم ﻟزﻣﮫ ﺑﺄﻟف وﻣﺎﺋﺔ"؛ ﻷن اﻷﺟل ﻻ ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ ﺷﻲء‬
‫ﻣن اﻟﺛﻣن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻛﺎن وﻻه إﯾﺎه وﻟم ﯾﺑﯾن رده إنﺷﺎء"؛ ﻷن اﻟﺧﯾﺎﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺗوﻟﯾﺔ ﻣﺛﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻣراﺑﺣﺔ؛ ﻷﻧﮫ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻣن‬
‫اﻷول "وإن ﻛﺎن اﺳﺗﮭﻠﻛﮫ ﺛم ﻋﻠم ﻟزﻣﮫ ﺑﺄﻟف ﺣﺎﻟﺔ" ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‪ ،‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﯾرد اﻟﻘﯾﻣﺔ‬
‫وﯾﺳﺗرد ﻛل اﻟﺛﻣن‪ ،‬وھو ﻧظﯾر ﻣﺎ إذا اﺳﺗوﻓﻰ اﻟزﯾوف ﻣﻛﺎن اﻟﺟﯾﺎد وﻋﻠم ﺑﻌد اﻻﺗﻔﺎق‪ ،‬وﺳﯾﺄﺗﯾك ﻣن ﺑﻌد إن ﺷﺎء‬
‫ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬وﻗﯾل ﯾﻘوم ﺑﺛﻣن ﺣﺎل وﺑﺛﻣن ﻣؤﺟل ﻓﯾرﺟﻊ ﺑﻔﺿل ﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻟو ﻟم ﯾﻛن اﻷﺟل ﻣﺷروطﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻘد‬
‫وﻟﻛﻧﮫ ﻣﻧﺟم ﻣﻌﺗﺎد ﻗﯾل ﻻ ﺑد ﻣن ﺑﯾﺎﻧﮫ؛ ﻷن اﻟﻣﻌروف ﻛﺎﻟﻣﺷروط‪ ،‬وﻗﯾل ﯾﺑﯾﻌﮫ وﻻ ﯾﺑﯾﻧﮫ؛ ﻷن اﻟﺛﻣن ﺣﺎل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن وﻟﻰ رﺟﻼ ﺷﯾﺋﺎ ﺑﻣﺎ ﻗﺎم ﻋﻠﯾﮫ وﻟم ﯾﻌﻠم اﻟﻣﺷﺗري ﺑﻛم ﻗﺎم ﻋﻠﯾﮫ ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﺳد" ﻟﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﺛﻣن "ﻓﺈن‬
‫أﻋﻠﻣﮫ اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬ﯾﻌﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس ﻓﮭو ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬إن ﺷﺎء أﺧذه وإن ﺷﺎء ﺗرﻛﮫ "‬

‫ﻷن اﻟﻔﺳﺎد ﻟم ﯾﺗﻘرر‪ ،‬ﻓﺈذا ﺣﺻل اﻟﻌﻠم ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس ﺟﻌل ﻛﺎﺑﺗداء اﻟﻌﻘد وﺻﺎر ﻛﺗﺄﺧﯾر‬ ‫ص ‪-59-‬‬
‫اﻟﻘﺑول إﻟﻰ آﺧر اﻟﻣﺟﻠس وﺑﻌد اﻻﻓﺗراق ﻗد ﺗﻘرر ﻓﻼ ﯾﻘﺑل اﻹﺻﻼح‪ ،‬وﻧظﯾره ﺑﯾﻊ اﻟﺷﻲء ﺑرﻗﻣﮫ إذا ﻋﻠم ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺟﻠس‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺗﺧﯾر؛ ﻷن اﻟرﺿﺎ ﻟم ﯾﺗم ﻗﺑﻠﮫ ﻟﻌدم اﻟﻌﻠم ﻓﯾﺗﺧﯾر ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺧﯾﺎر اﻟرؤﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺷﯾﺋﺎ ﻣﻣﺎ ﯾﻧﻘل وﯾﺣول ﻟم ﯾﺟز ﻟﮫ ﺑﯾﻌﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﻘﺑﺿﮫ"‬
‫ﻷﻧﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻧﮭﻰ ﻋن ﺑﯾﻊ ﻣﺎ ﻟم ﯾﻘﺑض وﻷن ﻓﯾﮫ ﻏرر اﻧﻔﺳﺎخ اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻟﮭﻼك‪" .‬وﯾﺟوز‬
‫ﺑﯾﻊ اﻟﻌﻘﺎر ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز" رﺟوﻋﺎ إﻟﻰ‬
‫إطﻼق اﻟﺣدﯾث واﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟﻣﻧﻘول وﺻﺎر ﻛﺎﻹﺟﺎرة‪ ،‬وﻟﮭﻣﺎ أن رﻛن اﻟﺑﯾﻊ ﺻدر ﻣن أھﻠﮫ ﻓﻲ ﻣﺣﻠﮫ‪ ،‬وﻻ ﻏرر ﻓﯾﮫ؛‬
‫ﻷن اﻟﮭﻼك ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺎر ﻧﺎدر‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﻧﻘول‪ ،‬واﻟﻐرر اﻟﻣﻧﮭﻲ ﻋﻧﮫ ﻏرر اﻧﻔﺳﺎخ اﻟﻌﻘد‪ ،‬واﻟﺣدﯾث ﻣﻌﻠول ﺑﮫ ﻋﻣﻼ‬
‫ﺑدﻻﺋل اﻟﺟواز واﻹﺟﺎرة‪ ،‬ﻗﯾل ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف؛ وﻟو ﺳﻠم ﻓﺎﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻹﺟﺎرة اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ وھﻼﻛﮭﺎ ﻏﯾر ﻧﺎدر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﻣﻛﯾﻼ ﻣﻛﺎﯾﻠﺔ أو ﻣوزوﻧﺎ ﻣوازﻧﺔ ﻓﺎﻛﺗﺎﻟﮫ أو اﺗزﻧﮫ ﺛم ﺑﺎﻋﮫ ﻣﻛﺎﯾﻠﺔ أو ﻣوازﻧﺔ ﻟم ﯾﺟز‬
‫ﻟﻠﻣﺷﺗرى ﻣﻧﮫ أن ﯾﺑﯾﻌﮫ وﻻ أن ﯾﺄﻛﻠﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﻌﯾد اﻟﻛﯾل واﻟوزن" ﻷن اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻧﮭﻰ ﻋن ﺑﯾﻊ‬
‫اﻟطﻌﺎم ﺣﺗﻰ ﯾﺟري ﻓﯾﮫ ﺻﺎﻋﺎن‪ :‬ﺻﺎع اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬وﺻﺎع اﻟﻣﺷﺗري؛ وﻷﻧﮫ ﯾﺣﺗﻣل أن ﯾزﯾد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷروط وذﻟك‬
‫ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ واﻟﺗﺻرف ﻓﻲ ﻣﺎل اﻟﻐﯾر ﺣرام ﻓﯾﺟب اﻟﺗﺣرز ﻋﻧﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺑﺎﻋﮫ ﻣﺟﺎزﻓﺔ؛ ﻷن اﻟزﯾﺎدة ﻟﮫ‪ ،‬وﺑﺧﻼف‬
‫ﻣﺎ إذا ﺑﺎع اﻟﺛوب ﻣذارﻋﺔ؛ ﻷن اﻟزﯾﺎدة ﻟﮫ إذ اﻟذرع وﺻف ﻓﻲ اﻟﺛوب‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻘدر‪ ،‬وﻻ ﻣﻌﺗﺑر ﺑﻛﯾل اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻗﺑل‬
‫اﻟﺑﯾﻊ وإن ﻛﺎن ﺑﺣﺿرة اﻟﻣﺷﺗري؛ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺻﺎع اﻟﺑﺎﺋﻊ واﻟﻣﺷﺗري وھو اﻟﺷرط‪ ،‬وﻻ ﺑﻛﯾﻠﮫ ﺑﻌد اﻟﺑﯾﻊ ﺑﻐﯾﺑﺔ‬
‫اﻟﻣﺷﺗري؛ ﻷن اﻟﻛﯾل ﻣن ﺑﺎب اﻟﺗﺳﻠﯾم؛ ﻷن ﺑﮫ ﯾﺻﯾر اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻣﻌﻠوﻣﺎ وﻻ ﺗﺳﻠﯾم إﻻ ﺑﺣﺿرﺗﮫ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎﻟﮫ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺑﻌد‬
‫اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺣﺿرة اﻟﻣﺷﺗري ﻓﻘد ﻗﯾل ﻻ ﯾﻛﺗﻔﻰ ﺑﮫ ﻟظﺎھر اﻟﺣدﯾث‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ اﻋﺗﺑر ﺻﺎﻋﯾن واﻟﺻﺣﯾﺢ أﻧﮫ ﯾﻛﺗﻔﻰ ﺑﮫ؛ ﻷن‬
‫اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺻﺎر ﻣﻌﻠوﻣﺎ ﺑﻛﯾل واﺣد وﺗﺣﻘق ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﺳﻠﯾم‪ ،‬وﻣﺣﻣل اﻟﺣدﯾث اﺟﺗﻣﺎع اﻟﺻﻔﻘﺗﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺑﯾن ﻓﻲ ﺑﺎب‬
‫اﻟﺳﻠم إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬وﻟو اﺷﺗرى اﻟﻣﻌدود ﻋدا ﻓﮭو ﻛﺎﻟﻣذروع ﻓﯾﻣﺎ ﯾروى ﻋﻧﮭﻣﺎ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﻣﺎل اﻟرﺑﺎ‪،‬‬
‫وﻛﺎﻟﻣوزون ﻓﯾﻣﺎ ﯾروى ﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺗﺣل ﻟﮫ اﻟزﯾﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷروط‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﺗﺻرف ﻓﻲ اﻟﺛﻣن ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﺟﺎﺋز" ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣطﻠق وھو اﻟﻣﻠك وﻟﯾس ﻓﯾﮫ ﻏرر اﻻﻧﻔﺳﺎخ ﺑﺎﻟﮭﻼك ﻟﻌدم‬
‫ﺗﻌﯾﻧﮭﺎ ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﺑﯾﻊ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﻟﻠﻣﺷﺗري أن ﯾزﯾد ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ ﻓﻲ اﻟﺛﻣن وﯾﺟوز ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ أن ﯾزﯾد ﻟﻠﻣﺷﺗري ﻓﻲ‬

‫اﻟﻣﺑﯾﻊ‪ ،‬وﯾﺟوز أن ﯾﺣط ﻣن اﻟﺛﻣن وﯾﺗﻌﻠق اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ﺑﺟﻣﯾﻊ ذﻟك" ﻓﺎﻟزﯾﺎدة واﻟﺣط‬ ‫ص ‪-60-‬‬
‫ﯾﻠﺗﺣﻘﺎن ﺑﺄﺻل اﻟﻌﻘد ﻋﻧدﻧﺎ‪ ،‬وﻋﻧد زﻓر واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻻ ﯾﺻﺣﺎن ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻻﻟﺗﺣﺎق‪ ،‬ﺑل ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر‬
‫اﺑﺗداء اﻟﺻﻠﺔ‪ ،‬ﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺻﺣﯾﺢ اﻟزﯾﺎدة ﺛﻣﻧﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺻﯾر ﻣﻠﻛﮫ ﻋوض ﻣﻠﻛﮫ ﻓﻼ ﯾﻠﺗﺣق ﺑﺄﺻل اﻟﻌﻘد‪ ،‬وﻛذا‬
‫اﻟﺣط؛ ﻷن ﻛل اﻟﺛﻣن ﺻﺎر ﻣﻘﺎﺑﻼ ﺑﻛل اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﻼ ﯾﻣﻛن إﺧراﺟﮫ ﻓﺻﺎر ﺑرا ﻣﺑﺗدأ‪ ،‬وﻟﻧﺎ أﻧﮭﻣﺎ ﺑﺎﻟﺣط واﻟزﯾﺎدة‬
‫ﯾﻐﯾران اﻟﻌﻘد ﻣن وﺻف ﻣﺷروع إﻟﻰ وﺻف ﻣﺷروع وھو ﻛوﻧﮫ راﺑﺣﺎ أو ﺧﺎﺳرا أو ﻋدﻻ‪ ،‬وﻟﮭﻣﺎ وﻻﯾﺔ اﻟرﻓﻊ‬
‫ﻓﺄوﻟﻰ أن ﯾﻛون ﻟﮭﻣﺎ وﻻﯾﺔ اﻟﺗﻐﯾر‪ ،‬وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا أﺳﻘطﺎ اﻟﺧﯾﺎر أو ﺷرطﺎه ﺑﻌد اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﺛم إذا ﺻﺢ ﯾﻠﺗﺣق ﺑﺄﺻل‬
‫اﻟﻌﻘد؛ ﻷن وﺻف اﻟﺷﻲء ﯾﻘوم ﺑﮫ ﻻ ﺑﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺣط اﻟﻛل؛ ﻷﻧﮫ ﺗﺑدﯾل ﻷﺻﻠﮫ ﻻ ﺗﻐﯾﯾر ﻟوﺻﻔﮫ ﻓﻼ ﯾﻠﺗﺣق ﺑﮫ‪،‬‬
‫وﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻻﻟﺗﺣﺎق ﻻ ﺗﻛون اﻟزﯾﺎدة ﻋوﺿﺎ ﻋن ﻣﻠﻛﮫ‪ ،‬وﯾظﮭر ﺣﻛم اﻻﻟﺗﺣﺎق ﻓﻲ اﻟﺗوﻟﯾﺔ واﻟﻣراﺑﺣﺔ ﺣﺗﻰ‬
‫ﯾﺟوز ﻋﻠﻰ اﻟﻛل ﻓﻲ اﻟزﯾﺎدة وﯾﺑﺎﺷر ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﻗﻲ ﻓﻲ اﻟﺣط وﻓﻲ اﻟﺷﻔﻌﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺄﺧذ ﺑﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﺣط‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﻛﺎن‬
‫ﻟﻠﺷﻔﯾﻊ أن ﯾﺄﺧذ ﺑدون اﻟزﯾﺎدة ﻟﻣﺎ ﻓﻲ اﻟزﯾﺎدة ﻣن إﺑطﺎل ﺣﻘﮫ اﻟﺛﺎﺑت ﻓﻼ ﯾﻣﻠﻛﺎﻧﮫ‪ ،‬ﺛم اﻟزﯾﺎدة ﻻ ﺗﺻﺢ ﺑﻌد ھﻼك‬
‫اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻋﻠﻰ ظﺎھر اﻟرواﯾﺔ؛ ﻷن اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻟم ﯾﺑق ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﯾﺻﺢ اﻻﻋﺗﯾﺎض ﻋﻧﮫ واﻟﺷﻲء ﯾﺛﺑت ﺛم ﯾﺳﺗﻧد‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟﺣط ﻷﻧﮫ ﺑﺣﺎل ﯾﻣﻛن إﺧراج اﻟﺑدل ﻋﻣﺎ ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ ﻓﯾﻠﺗﺣق ﺑﺄﺻل اﻟﻌﻘد اﺳﺗﻧﺎدا‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﺑﺛﻣن ﺣﺎل ﺛم أﺟﻠﮫ أﺟﻼ ﻣﻌﻠوﻣﺎ ﺻﺎر ﻣؤﺟﻼ"؛ ﻷن اﻟﺛﻣن ﺣﻘﮫ ﻓﻠﮫ أن ﯾؤﺧره ﺗﯾﺳﯾرا ﻋﻠﻰ ﻣن‬
‫ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﯾﻣﻠك إﺑراءه ﻣطﻠﻘﺎ ﻓﻛذا ﻣؤﻗﺗﺎ‪ ،‬وﻟو أﺟﻠﮫ إﻟﻰ أﺟل ﻣﺟﮭول إن ﻛﺎﻧت اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻣﺗﻔﺎﺣﺷﺔ ﻛﮭﺑوب‬
‫اﻟرﯾﺢ ﻻ ﯾﺟوز‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧت ﻣﺗﻘﺎرﺑﺔ ﻛﺎﻟﺣﺻﺎد واﻟدﯾﺎس ﯾﺟوز؛ ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ وﻗد ذﻛرﻧﺎه ﻣن ﻗﺑل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛل دﯾن ﺣﺎل إذا أﺟﻠﮫ ﺻﺎﺣﺑﮫ ﺻﺎر ﻣؤﺟﻼ"؛ ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ "إﻻ اﻟﻘرض" ﻓﺈن ﺗﺄﺟﯾﻠﮫ ﻻ ﯾﺻﺢ؛ ﻷﻧﮫ إﻋﺎرة‬
‫وﺻﻠﺔ ﻓﻲ اﻻﺑﺗداء ﺣﺗﻰ ﯾﺻﺢ ﺑﻠﻔظﺔ اﻹﻋﺎرة‪ ،‬وﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ ﻣن ﻻ ﯾﻣﻠك اﻟﺗﺑرع ﻛﺎﻟوﺻﻲ واﻟﺻﺑﻲ وﻣﻌﺎوﺿﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻻﻧﺗﮭﺎء‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻻﺑﺗداء ﻻ ﯾﻠزم اﻟﺗﺄﺟﯾل ﻓﯾﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻹﻋﺎرة‪ ،‬إذ ﻻ ﺟﺑر ﻓﻲ اﻟﺗﺑرع‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻻﻧﺗﮭﺎء‬
‫ﻻ ﯾﺻﺢ؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺻﯾر ﺑﯾﻊ اﻟدراھم ﺑﺎﻟدراھم ﻧﺳﯾﺋﺔ وھو رﺑﺎ‪ ،‬وھذا ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا أوﺻﻰ أن ﯾﻘرض ﻣن ﻣﺎﻟﮫ أﻟف‬
‫درھم ﻓﻼﻧﺎ إﻟﻰ ﺳﻧﺔ ﺣﯾث ﯾﻠزم اﻟورﺛﺔ ﻣن ﺛﻠﺛﮫ أن ﯾﻘرﺿوه وﻻ ﯾطﺎﻟﺑوه ﻗﺑل اﻟﻣدة؛ ﻷﻧﮫ وﺻﯾﺔ ﺑﺎﻟﺗﺑرع ﺑﻣﻧزﻟﺔ‬
‫اﻟوﺻﯾﺔ ﺑﺎﻟﺧدﻣﺔ واﻟﺳﻛﻧﻰ ﻓﯾﻠزم ﺣﻘﺎ ﻟﻠﻣوﺻﻲ‪ ،‬وﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻟرﺑﺎ‬
‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟرﺑﺎ ﻣﺣرم ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﯾل أو ﻣوزون إذا ﺑﯾﻊ ﺑﺟﻧﺳﮫ ﻣﺗﻔﺎﺿﻼ" ﻓﺎﻟﻌﻠﺔ ﻋﻧدﻧﺎ اﻟﻛﯾل‬

‫ﻣﻊ اﻟﺟﻧس واﻟوزن ﻣﻊ اﻟﺟﻧس‪ .‬ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬وﯾﻘﺎل اﻟﻘدر ﻣﻊ اﻟﺟﻧس وھو‬ ‫ص ‪-61-‬‬
‫أﺷﻣل‪ .‬واﻷﺻل ﻓﯾﮫ اﻟﺣدﯾث اﻟﻣﺷﮭور وھو ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬اﻟﺣﻧطﺔ ﺑﺎﻟﺣﻧطﺔ ﻣﺛﻼ ﺑﻣﺛل ﯾدا ﺑﯾد‪،‬‬
‫واﻟﻔﺿل رﺑﺎ" وﻋد اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺳﺗﺔ‪ :‬اﻟﺣﻧطﺔ واﻟﺷﻌﯾر واﻟﺗﻣر واﻟﻣﻠﺢ واﻟذھب واﻟﻔﺿﺔ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻣﺛﺎل‪ .‬وﯾروى‬
‫ﺑرواﯾﺗﯾن ﺑﺎﻟرﻓﻊ ﻣﺛل وﺑﺎﻟﻧﺻب ﻣﺛﻼ‪ .‬وﻣﻌﻧﻰ اﻷول ﺑﯾﻊ اﻟﺗﻣر‪ ،‬وﻣﻌﻧﻰ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﯾﻌوا اﻟﺗﻣر‪ ،‬واﻟﺣﻛم ﻣﻌﻠوم ﺑﺈﺟﻣﺎع‬
‫اﻟﻘﺎﺋﺳﯾن ﻟﻛن اﻟﻌﻠﺔ ﻋﻧدﻧﺎ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‪ .‬وﻋﻧد اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬اﻟطﻌم ﻓﻲ اﻟﻣطﻌوﻣﺎت واﻟﺛﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺛﻣﺎن‪،‬‬
‫واﻟﺟﻧﺳﯾﺔ ﺷرط‪ ،‬واﻟﻣﺳﺎواة ﻣﺧﻠص‪ .‬واﻷﺻل ھو اﻟﺣرﻣﺔ ﻋﻧده ﻷﻧﮫ ﻧص ﻋﻠﻰ ﺷرطﯾن اﻟﺗﻘﺎﺑض واﻟﻣﻣﺎﺛﻠﺔ وﻛل‬
‫ذﻟك ﯾﺷﻌر ﺑﺎﻟﻌزة واﻟﺧطر ﻛﺎﺷﺗراط اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح‪ ،‬ﻓﯾﻌﻠل ﺑﻌﻠﺔ ﺗﻧﺎﺳب إظﮭﺎر اﻟﺧطر واﻟﻌزة وھو اﻟطﻌم‬
‫ﻟﺑﻘﺎء اﻹﻧﺳﺎن ﺑﮫ واﻟﺛﻣﻧﯾﺔ ﻟﺑﻘﺎء اﻷﻣوال اﻟﺗﻲ ھﻲ ﻣﻧﺎط اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﺑﮭﺎ‪ ،‬وﻻ أﺛر ﻟﻠﺟﻧﺳﯾﺔ ﻓﻲ ذﻟك ﻓﺟﻌﻠﻧﺎه ﺷرطﺎ‬
‫واﻟﺣﻛم ﻗد ﯾدور ﻣﻊ اﻟﺷرط‪ .‬وﻟﻧﺎ أﻧﮫ أوﺟب اﻟﻣﻣﺎﺛﻠﺔ ﺷرطﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ وھو اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺳوﻗﮫ ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬إذ‬
‫ھو ﯾﻧﺑﺊ ﻋن اﻟﺗﻘﺎﺑل وذﻟك ﺑﺎﻟﺗﻣﺎﺛل‪ ،‬أو ﺻﯾﺎﻧﺔ ﻷﻣوال اﻟﻧﺎس ﻋن اﻟﺗوى‪ ،‬أو ﺗﺗﻣﯾﻣﺎ ﻟﻠﻔﺎﺋدة ﺑﺎﺗﺻﺎل اﻟﺗﺳﻠﯾم ﺑﮫ‪ ،‬ﺛم‬
‫ﯾﻠزم ﻋﻧد ﻓوﺗﮫ ﺣرﻣﺔ اﻟرﺑﺎ واﻟﻣﻣﺎﺛﻠﺔ ﺑﯾن اﻟﺷﯾﺋﯾن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻورة واﻟﻣﻌﻧﻰ‪ ،‬واﻟﻣﻌﯾﺎر ﯾﺳوى اﻟذات‪ ،‬واﻟﺟﻧﺳﯾﺔ‬
‫ﺗﺳوى اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﯾظﮭر اﻟﻔﺿل ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﯾﺗﺣﻘق اﻟرﺑﺎ‪ ،‬ﻷن اﻟرﺑﺎ ھو اﻟﻔﺿل اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻷﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﻌﺎوﺿﺔ اﻟﺧﺎﻟﻲ ﻋن ﻋوض ﺷرط ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﻌﺗﺑر اﻟوﺻف ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻌد ﺗﻔﺎوﺗﺎ ﻋرﻓﺎ‪ ،‬أو ﻷن ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎره ﺳد ﺑﺎب‬
‫اﻟﺑﯾﺎﻋﺎت‪ ،‬أو ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﺟﯾدھﺎ وردﯾﺋﮭﺎ ﺳواء" واﻟطﻌم واﻟﺛﻣﻧﯾﺔ ﻣن أﻋظم وﺟوه اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ‪،‬‬
‫واﻟﺳﺑﯾل ﻓﻲ ﻣﺛﻠﮭﺎ اﻹطﻼق ﺑﺄﺑﻠﻎ اﻟوﺟوه ﻟﺷدة اﻻﺣﺗﯾﺎج إﻟﯾﮭﺎ دون اﻟﺗﺿﯾﯾق ﻓﯾﮫ ﻓﻼ ﻣﻌﺗﺑر ﺑﻣﺎ ذﻛره‪ .‬إذا ﺛﺑت ھذا‬
‫ﻧﻘول إذا‪ :‬ﺑﯾﻊ اﻟﻣﻛﯾل أو اﻟﻣوزون ﺑﺟﻧﺳﮫ ﻣﺛﻼ ﺑﻣﺛل ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ ﻓﯾﮫ ﻟوﺟوب ﺷرط اﻟﺟواز‪ ،‬وھو اﻟﻣﻣﺎﺛﻠﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﻌﯾﺎر؛ أﻻ ﺗرى إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾروى ﻣﻛﺎن ﻗوﻟﮫ‪ ،‬ﻣﺛﻼ ﺑﻣﺛل ﻛﯾﻼ ﺑﻛﯾل‪ ،‬وﻓﻲ اﻟذھب ﺑﺎﻟذھب وزﻧﺎ ﺑوزن "وإن ﺗﻔﺎﺿﻼ‬
‫ﻟم ﯾﺟز" ﻟﺗﺣﻘق اﻟرﺑﺎ "وﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﺟﯾد ﺑﺎﻟرديء ﻣﻣﺎ ﻓﯾﮫ اﻟرﺑﺎ إﻻ ﻣﺛﻼ ﺑﻣﺛل" ﻹھدار اﻟﺗﻔﺎوت ﻓﻲ اﻟوﺻف‬
‫"وﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﺣﻔﻧﺔ ﺑﺎﻟﺣﻔﻧﺗﯾن واﻟﺗﻔﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﺗﻔﺎﺣﺗﯾن" ﻷن اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﺎﻟﻣﻌﯾﺎر وﻟم ﯾوﺟد ﻓﻠم ﯾﺗﺣﻘق اﻟﻔﺿل‪ ،‬وﻟﮭذا‬
‫ﻛﺎن ﻣﺿﻣوﻧﺎ ﺑﺎﻟﻘﯾﻣﺔ ﻋﻧد اﻹﺗﻼف‪ .‬وﻋﻧد اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ اﻟﻌﻠﺔ ھﻲ اﻟطﻌم وﻻ ﻣﺧﻠص وھو اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﯾﺣرم‪،‬‬
‫وﻣﺎ دون ﻧﺻف اﻟﺻﺎع ﻓﮭو ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﺣﻔﻧﺔ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺗﻘدﯾر ﻓﻲ اﻟﺷرع ﺑﻣﺎ دوﻧﮫ‪ ،‬وﻟو ﺗﺑﺎﯾﻌﺎ ﻣﻛﯾﻼ أو ﻣوزوﻧﺎ ﻏﯾر‬
‫ﻣطﻌوم ﺑﺟﻧﺳﮫ ﻣﺗﻔﺎﺿﻼ ﻛﺎﻟﺟص واﻟﺣدﯾد ﻻ ﯾﺟوز ﻋﻧدﻧﺎ ﻟوﺟود اﻟﻘدر واﻟﺟﻧس‪ .‬وﻋﻧده ﯾﺟوز ﻟﻌدم اﻟطﻌم‬
‫واﻟﺛﻣﻧﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻋدم اﻟوﺻﻔﺎن اﻟﺟﻧس واﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺿﻣوم إﻟﯾﮫ ﺣل اﻟﺗﻔﺎﺿل واﻟﻧﺳﺎء" ﻟﻌدم اﻟﻌﻠﺔ اﻟﻣﺣرﻣﺔ‪.‬‬

‫واﻷﺻل ﻓﯾﮫ اﻹﺑﺎﺣﺔ‪ .‬وإذا وﺟدا‪ .‬ﺣرم اﻟﺗﻔﺎﺿل واﻟﻧﺳﺎء ﻟوﺟود اﻟﻌﻠﺔ‪ .‬وإذا وﺟد‬ ‫ص ‪-62-‬‬
‫أﺣدھﻣﺎ وﻋدم اﻵﺧر ﺣل اﻟﺗﻔﺎﺿل وﺣرم اﻟﻧﺳﺎء ﻣﺛل أن ﯾﺳﻠم ھروﯾﺎ ﻓﻲ ھروي أو ﺣﻧطﺔ ﻓﻲ ﺷﻌﯾر‪ ،‬ﻓﺣرﻣﺔ رﺑﺎ‬
‫اﻟﻔﺿل ﺑﺎﻟوﺻﻔﯾن وﺣرﻣﺔ اﻟﻧﺳﺎء ﺑﺄﺣدھﻣﺎ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬اﻟﺟﻧس ﺑﺎﻧﻔراده ﻻ ﯾﺣرم اﻟﻧﺳﺎء ﻷن ﺑﺎﻟﻧﻘدﯾﺔ وﻋدﻣﮭﺎ ﻻ‬
‫ﯾﺛﺑت إﻻ ﺷﺑﮭﺔ اﻟﻔﺿل‪ ،‬وﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻔﺿل ﻏﯾر ﻣﺎﻧﻊ ﻓﯾﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟواﺣد ﺑﺎﻻﺛﻧﯾن ﻓﺎﻟﺷﺑﮭﺔ أوﻟﻰ‪ .‬وﻟﻧﺎ أﻧﮫ ﻣﺎل‬
‫اﻟرﺑﺎ ﻣن وﺟﮫ ﻧظرا إﻟﻰ اﻟﻘدر أو اﻟﺟﻧس واﻟﻧﻘدﯾﺔ أوﺟﺑت ﻓﺿﻼ ﻓﻲ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻓﺗﺗﺣﻘق ﺷﺑﮭﺔ اﻟرﺑﺎ وھﻲ ﻣﺎﻧﻌﺔ‬
‫ﻛﺎﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ إذا أﺳﻠم اﻟﻧﻘود ﻓﻲ اﻟزﻋﻔران وﻧﺣوه ﯾﺟوز‪ ،‬وإن ﺟﻣﻌﮭﻣﺎ اﻟوزن ﻷﻧﮭﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﻔﻘﺎن ﻓﻲ ﺻﻔﺔ‬
‫اﻟوزن‪ ،‬ﻓﺈن اﻟزﻋﻔران ﯾوزن ﺑﺎﻷﻣﻧﺎء وھو ﻣﺛﻣن ﯾﺗﻌﯾن ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن‪ ،‬واﻟﻧﻘود ﺗوزن ﺑﺎﻟﺳﻧﺟﺎت وھو ﺛﻣن ﻻ ﯾﺗﻌﯾن‬
‫ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن‪ .‬وﻟو ﺑﺎع ﺑﺎﻟﻧﻘود ﻣوازﻧﺔ وﻗﺑﺿﮭﺎ ﺻﺢ اﻟﺗﺻرف ﻓﯾﮭﺎ ﻗﺑل اﻟوزن‪ ،‬وﻓﻲ اﻟزﻋﻔران وأﺷﺑﺎھﮫ ﻻ ﯾﺟوز‪ ،‬ﻓﺈذا‬
‫اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﯾﮫ ﺻورة وﻣﻌﻧﻰ وﺣﻛﻣﺎ ﻟم ﯾﺟﻣﻌﮭﻣﺎ اﻟﻘدر ﻣن ﻛل وﺟﮫ ﻓﺗﻧزل اﻟﺷﺑﮭﺔ ﻓﯾﮫ إﻟﻰ ﺷﺑﮭﺔ اﻟﺷﺑﮭﺔ وھﻲ ﻏﯾر‬
‫ﻣﻌﺗﺑرة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛل ﺷﻲء ﻧص رﺳول ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋﻠﻰ ﺗﺣرﯾم اﻟﺗﻔﺎﺿل ﻓﯾﮫ ﻛﯾﻼ ﻓﮭو ﻣﻛﯾل أﺑدا‪ ،‬وإن ﺗرك‬
‫اﻟﻧﺎس اﻟﻛﯾل ﻓﯾﮫ ﻣﺛل اﻟﺣﻧطﺔ واﻟﺷﻌﯾر واﻟﺗﻣر واﻟﻣﻠﺢ وﻛل ﻣﺎ ﻧص ﻋﻠﻰ ﺗﺣرﯾم اﻟﺗﻔﺎﺿل ﻓﯾﮫ وزﻧﺎ ﻓﮭو ﻣوزون‬
‫أﺑدا‪ ،‬وإن ﺗرك اﻟﻧﺎس اﻟوزن ﻓﯾﮫ ﻣﺛل اﻟذھب واﻟﻔﺿﺔ" ﻷن اﻟﻧص أﻗوى ﻣن اﻟﻌرف واﻷﻗوى ﻻ ﯾﺗرك ﺑﺎﻷدﻧﻰ‬
‫"وﻣﺎ ﻟم ﯾﻧص ﻋﻠﯾﮫ ﻓﮭو ﻣﺣﻣول ﻋﻠﻰ ﻋﺎدات اﻟﻧﺎس" ﻷﻧﮭﺎ دﻻﻟﺔ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف أﻧﮫ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻌرف ﻋﻠﻰ‬
‫ﺧﻼف اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﮫ أﯾﺿﺎ ﻷن اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻟﻣﻛﺎن اﻟﻌﺎدة ﻓﻛﺎﻧت ھﻲ اﻟﻣﻧظور إﻟﯾﮭﺎ وﻗد ﺗﺑدﻟت‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ھذا‬
‫ﻟو ﺑﺎع اﻟﺣﻧطﺔ ﺑﺟﻧﺳﮭﺎ ﻣﺗﺳﺎوﯾﺎ وزﻧﺎ‪ ،‬أو اﻟذھب ﺑﺟﻧﺳﮫ ﻣﺗﻣﺎﺛﻼ ﻛﯾﻼ ﻻ ﯾﺟوز ﻋﻧدھﻣﺎ‪ ،‬وإن ﺗﻌﺎرﻓوا ذﻟك ﻟﺗوھم‬
‫اﻟﻔﺿل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھو اﻟﻣﻌﯾﺎر ﻓﯾﮫ‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا ﺑﺎع ﻣﺟﺎزﻓﺔ إﻻ أﻧﮫ ﯾﺟوز اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﺣﻧطﺔ وﻧﺣوھﺎ وزﻧﺎ ﻟوﺟود‬
‫اﻹﺳﻼم ﻓﻲ ﻣﻌﻠوم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛل ﻣﺎ ﯾﻧﺳب إﻟﻰ اﻟرطل ﻓﮭو وزﻧﻲ" ﻣﻌﻧﺎه ﻣﺎ ﯾﺑﺎع ﺑﺎﻷواﻗﻲ ﻷﻧﮭﺎ ﻗدرت ﺑطرﯾق اﻟوزن ﺣﺗﻰ ﯾﺣﺗﺳب ﻣﺎ‬
‫ﯾﺑﺎع ﺑﮭﺎ وزﻧﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺳﺎﺋر اﻟﻣﻛﺎﯾﯾل‪ ،‬وإذا ﻛﺎن ﻣوزوﻧﺎ ﻓﻠو ﺑﯾﻊ ﺑﻣﻛﯾﺎل ﻻ ﯾﻌرف وزﻧﮫ ﺑﻣﻛﯾﺎل ﻣﺛﻠﮫ ﻻ ﯾﺟوز‬
‫ﻟﺗوھم اﻟﻔﺿل ﻓﻲ اﻟوزن ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﻓﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻋﻘد اﻟﺻرف ﻣﺎ وﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺟﻧس اﻷﺛﻣﺎن ﯾﻌﺗﺑر ﻓﯾﮫ ﻗﺑض ﻋوﺿﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة‬
‫واﻟﺳﻼم‪" :‬واﻟﻔﺿﺔ ﺑﺎﻟﻔﺿﺔ ھﺎء وھﺎء" ﻣﻌﻧﺎه ﯾدا ﺑﯾد‪ ،‬وﺳﻧﺑﯾن اﻟﻔﻘﮫ ﻓﻲ اﻟﺻرف إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣﺎ ﺳواه ﻣﻣﺎ ﻓﯾﮫ اﻟرﺑﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻓﯾﮫ اﻟﺗﻌﯾﯾن وﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﻓﯾﮫ اﻟﺗﻘﺎﺑض ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻠﺷﺎﻓﻌﻲ‬

‫ﻓﻲ ﺑﯾﻊ اﻟطﻌﺎم"‪ .‬ﻟﮫ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﺣدﯾث اﻟﻣﻌروف "ﯾدا ﺑﯾد" وﻷﻧﮫ‬ ‫ص ‪-63-‬‬
‫إذا ﻟم ﯾﻘﺑض ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس ﻓﯾﺗﻌﺎﻗب اﻟﻘﺑض وﻟﻠﻧﻘد ﻣزﯾﺔ ﻓﺗﺛﺑت ﺷﺑﮭﺔ اﻟرﺑﺎ‪ .‬وﻟﻧﺎ أﻧﮫ ﻣﺑﯾﻊ ﻣﺗﻌﯾن ﻓﻼ ﯾﺷﺗرط ﻓﯾﮫ‬
‫اﻟﻘﺑض ﻛﺎﻟﺛوب‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﻔﺎﺋدة اﻟﻣطﻠوﺑﺔ إﻧﻣﺎ ھو اﻟﺗﻣﻛن ﻣن اﻟﺗﺻرف وﯾﺗرﺗب ذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﯾﯾن‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟﺻرف ﻷن اﻟﻘﺑض ﻓﯾﮫ ﻟﯾﺗﻌﯾن ﺑﮫ؛ وﻣﻌﻧﻰ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم "ﯾدا ﺑﯾد" ﻋﯾﻧﺎ ﺑﻌﯾن‪ ،‬وﻛذا رواه ﻋﺑﺎدة ﺑن‬
‫اﻟﺻﺎﻣت رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ وﺗﻌﺎﻗب اﻟﻘﺑض ﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﺗﻔﺎوﺗﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎل ﻋرﻓﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻧﻘد واﻟﻣؤﺟل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﺑﯾﺿﺔ ﺑﺎﻟﺑﯾﺿﺗﯾن واﻟﺗﻣرة ﺑﺎﻟﺗﻣرﺗﯾن واﻟﺟوزة ﺑﺎﻟﺟوزﺗﯾن" ﻻﻧﻌدام اﻟﻣﻌﯾﺎر ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق اﻟرﺑﺎ‪.‬‬
‫واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﯾﺧﺎﻟﻔﻧﺎ ﻓﯾﮫ ﻟوﺟود اﻟطﻌم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﻔﻠس ﺑﺎﻟﻔﻠﺳﯾن ﺑﺄﻋﯾﺎﻧﮭﻣﺎ" ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف‪ ،‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز ﻷن اﻟﺛﻣﻧﯾﺔ‬
‫ﺗﺛﺑت ﺑﺎﺻطﻼح اﻟﻛل ﻓﻼ ﺗﺑطل ﺑﺎﺻطﻼﺣﮭﻣﺎ‪ ،‬وإذا ﺑﻘﯾت أﺛﻣﺎﻧﺎ ﻻ ﺗﺗﻌﯾن ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺎ ﺑﻐﯾر أﻋﯾﺎﻧﮭﻣﺎ وﻛﺑﯾﻊ‬
‫اﻟدرھم ﺑﺎﻟدرھﻣﯾن‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﺛﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﮭﻣﺎ ﺗﺛﺑت ﺑﺎﺻطﻼﺣﮭﻣﺎ إذ ﻻ وﻻﯾﺔ ﻟﻠﻐﯾر ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ ﻓﺗﺑطل ﺑﺎﺻطﻼﺣﮭﻣﺎ‬
‫وإذا ﺑطﻠت اﻟﺛﻣﻧﯾﺔ ﺗﺗﻌﯾن ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن وﻻ ﯾﻌود وزﻧﯾﺎ ﻟﺑﻘﺎء اﻻﺻطﻼح ﻋﻠﻰ اﻟﻌد إذ ﻓﻲ ﻧﻘﺿﮫ ﻓﻲ ﺣق اﻟﻌد ﻓﺳﺎد اﻟﻌﻘد‬
‫ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﺟوزة ﺑﺎﻟﺟوزﺗﯾن ﺑﺧﻼف اﻟﻧﻘود ﻷﻧﮭﺎ ﻟﻠﺛﻣﻧﯾﺔ ﺧﻠﻘﺔ‪ ،‬وﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺎ ﺑﻐﯾر أﻋﯾﺎﻧﮭﻣﺎ ﻷﻧﮫ ﻛﺎﻟﺊ‬
‫ﺑﺎﻟﻛﺎﻟﺊ وﻗد ﻧﮭﻲ ﻋﻧﮫ‪ ،‬وﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن أﺣدھﻣﺎ ﺑﻐﯾر ﻋﯾﻧﮫ ﻷن اﻟﺟﻧس ﺑﺎﻧﻔراده ﯾﺣرم اﻟﻧﺳﺎء‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﺣﻧطﺔ ﺑﺎﻟدﻗﯾق وﻻ ﺑﺎﻟﺳوﯾق" ﻷن اﻟﻣﺟﺎﻧﺳﺔ ﺑﺎﻗﯾﺔ ﻣن وﺟﮫ ﻷﻧﮭﻣﺎ ﻣن أﺟزاء اﻟﺣﻧطﺔ‬
‫واﻟﻣﻌﯾﺎر ﻓﯾﮭﻣﺎ اﻟﻛﯾل‪ ،‬ﻟﻛن اﻟﻛﯾل ﻏﯾر ﻣﺳو ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ وﺑﯾن اﻟﺣﻧطﺔ ﻻﻛﺗﻧﺎزھﻣﺎ ﻓﯾﮫ وﺗﺧﻠﺧل ﺣﺑﺎت اﻟﺣﻧطﺔ ﻓﻼ ﯾﺟوز‬
‫وإن ﻛﺎن ﻛﯾﻼ ﺑﻛﯾل "وﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟدﻗﯾق ﺑﺎﻟدﻗﯾق ﻣﺗﺳﺎوﯾﺎ ﻛﯾﻼ" ﻟﺗﺣﻘق اﻟﺷرط "وﺑﯾﻊ اﻟدﻗﯾق ﺑﺎﻟﺳوﯾق ﻻ ﯾﺟوز"‬
‫ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻣﺗﻔﺎﺿﻼ‪ ،‬وﻻ ﻣﺗﺳﺎوﯾﺎ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟدﻗﯾق ﺑﺎﻟﻣﻘﻠﯾﺔ وﻻ ﺑﯾﻊ اﻟﺳوﯾق ﺑﺎﻟﺣﻧطﺔ‪ ،‬ﻓﻛذا ﺑﯾﻊ‬
‫أﺟزاﺋﮭﻣﺎ ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﺟﺎﻧﺳﺔ ﻣن وﺟﮫ‪ .‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﯾﺟوز ﻷﻧﮭﻣﺎ ﺟﻧﺳﺎن ﻣﺧﺗﻠﻔﺎن ﻻﺧﺗﻼف اﻟﻣﻘﺻود‪ .‬ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬ﻣﻌظم‬
‫اﻟﻣﻘﺻود وھو اﻟﺗﻐذي ﯾﺷﻣﻠﮭﻣﺎ ﻓﻼ ﯾﺑﺎﻟﻰ ﺑﻔوات اﻟﺑﻌض ﻛﺎﻟﻣﻘﻠﯾﺔ ﻣﻊ ﻏﯾر اﻟﻣﻘﻠﯾﺔ واﻟﻌﻠﻛﺔ ﺑﺎﻟﻣﺳوﺳﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﻠﺣم ﺑﺎﻟﺣﯾوان" ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬إذا ﺑﺎﻋﮫ ﺑﻠﺣم ﻣن ﺟﻧﺳﮫ ﻻ ﯾﺟوز‬
‫إﻻ إذا ﻛﺎن اﻟﻠﺣم اﻟﻣﻔرز أﻛﺛر ﻟﯾﻛون اﻟﻠﺣم ﺑﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن اﻟﻠﺣم واﻟﺑﺎﻗﻲ ﺑﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﺳﻘط‪ ،‬إذ ﻟو ﻟم ﯾﻛن ﻛذﻟك‬
‫ﯾﺗﺣﻘق اﻟرﺑﺎ ﻣن ﺣﯾث زﯾﺎدة‬
‫اﻟﺳﻘط أو ﻣن ﺣﯾث زﯾﺎدة اﻟﻠﺣم ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﺧل ﺑﺎﻟﺳﻣﺳم‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﺑﺎع اﻟﻣوزون ﺑﻣﺎ‬ ‫ص ‪-64-‬‬
‫ﻟﯾس ﺑﻣوزون‪ ،‬ﻷن اﻟﺣﯾوان ﻻ ﯾوزن ﻋﺎدة وﻻ ﯾﻣﻛن ﻣﻌرﻓﺔ ﺛﻘﻠﮫ ﺑﺎﻟوزن ﻷﻧﮫ ﯾﺧﻔف ﻧﻔﺳﮫ ﻣرة ﺑﺻﻼﺑﺗﮫ وﯾﺛﻘل‬
‫أﺧرى‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺗﻠك اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻷن اﻟوزن ﻓﻲ اﻟﺣﺎل ﯾﻌرف ﻗدر اﻟدھن إذا ﻣﯾز ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن اﻟﺛﺟﯾر‪ ،‬وﯾوزن اﻟﺛﺟﯾر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟرطب ﺑﺎﻟﺗﻣر ﻣﺛﻼ ﺑﻣﺛل ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ" وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﺣﯾن‬
‫ﺳﺄل ﻋﻧﮫ "أو ﯾﻧﻘص إذا ﺟف؟ ﻓﻘﯾل ﻧﻌم‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ إذا" وﻟﮫ أن اﻟرطب ﺗﻣر ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﺣﯾن أھدى إﻟﯾﮫ رطب‪" :‬أ و ﻛل ﺗﻣر ﺧﯾﺑر ھﻛذا؟" ﺳﻣﺎه ﺗﻣرا‪ .‬وﺑﯾﻊ اﻟﺗﻣر ﺑﻣﺛﻠﮫ ﺟﺎﺋز ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪،‬‬
‫وﻷﻧﮫ ﻟو ﻛﺎن ﺗﻣرا ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺄول اﻟﺣدﯾث‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻏﯾر ﺗﻣر ﻓﺑﺂﺧره‪ ،‬وھو ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬إذا‬
‫اﺧﺗﻠف اﻟﻧوﻋﺎن ﻓﺑﯾﻌوا ﻛﯾف ﺷﺋﺗم" وﻣدار ﻣﺎ روﯾﺎه ﻋﻠﻰ زﯾد ﺑن ﻋﯾﺎش وھو ﺿﻌﯾف ﻋﻧد اﻟﻧﻘﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذا اﻟﻌﻧب ﺑﺎﻟزﺑﯾب" ﯾﻌﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻼف واﻟوﺟﮫ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه‪ .‬وﻗﯾل ﻻ ﯾﺟوز ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟﺣﻧطﺔ اﻟﻣﻘﻠﯾﺔ‬
‫ﺑﻐﯾر اﻟﻣﻘﻠﯾﺔ‪ ،‬واﻟرطب ﺑﺎﻟرطب ﯾﺟوز ﻣﺗﻣﺎﺛﻼ ﻛﯾﻼ ﻋﻧدﻧﺎ ﻷﻧﮫ ﺑﯾﻊ اﻟﺗﻣر ﺑﺎﻟﺗﻣر‪ ،‬وﻛذا ﺑﯾﻊ اﻟﺣﻧطﺔ اﻟرطﺑﺔ أو‬
‫اﻟﻣﺑﻠوﻟﺔ ﺑﻣﺛﻠﮭﺎ أو ﺑﺎﻟﯾﺎﺑﺳﺔ‪ ،‬أو اﻟﺗﻣر أو اﻟزﺑﯾب اﻟﻣﻧﻘﻊ ﺑﺎﻟﻣﻧﻘﻊ ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣﺗﻣﺎﺛﻼ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮭﻣﺎ‬
‫ﷲ‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ﻻ ﯾﺟوز ﺟﻣﯾﻊ ذﻟك ﻷﻧﮫ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ أﻋدل اﻷﺣوال وھو اﻟﻣﺎل‪ ،‬وأﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾﻌﺗﺑره ﻓﻲ اﻟﺣﺎل‪ ،‬وﻛذا أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﻋﻣﻼ ﺑﺈطﻼق اﻟﺣدﯾث إﻻ أﻧﮫ ﺗرك ھذا اﻷﺻل ﻓﻲ ﺑﯾﻊ‬
‫اﻟرطب ﺑﺎﻟﺗﻣر ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎه ﻟﮭﻣﺎ‪ .‬ووﺟﮫ اﻟﻔرق ﻟﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ﺑﯾن ھذه اﻟﻔﺻول وﺑﯾن اﻟرطب ﺑﺎﻟرطب أن‬
‫اﻟﺗﻔﺎوت ﻓﯾﻣﺎ ﯾظﮭر ﻣﻊ ﺑﻘﺎء اﻟﺑدﻟﯾن ﻋﻠﻰ اﻻﺳم اﻟذي ﻋﻘد ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻌﻘد‪ ،‬وﻓﻲ اﻟرطب ﺑﺎﻟﺗﻣر ﻣﻊ ﺑﻘﺎء أﺣدھﻣﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ذﻟك ﻓﯾﻛون ﺗﻔﺎوﺗﺎ ﻓﻲ ﻋﯾن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟرطب ﺑﺎﻟرطب اﻟﺗﻔﺎوت ﺑﻌد زوال ذﻟك اﻻﺳم ﻓﻠم ﯾﻛن ﺗﻔﺎوﺗﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻼ ﯾﻌﺗﺑر‪ .‬وﻟو ﺑﺎع اﻟﺑﺳر ﺑﺎﻟﺗﻣر ﻣﺗﻔﺎﺿﻼ ﻻ ﯾﺟوز ﻷن اﻟﺑﺳر ﺗﻣر‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻛﻔرى ﺣﯾث ﯾﺟوز‬
‫ﺑﯾﻌﮫ ﺑﻣﺎ ﺷﺎء ﻣن اﻟﺗﻣر اﺛﻧﺎن ﺑواﺣد ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﺗﻣر‪ ،‬ﻓﺈن ھذا اﻻﺳم ﻟﮫ ﻣن أول ﻣﺎ ﺗﻧﻌﻘد ﺻورﺗﮫ ﻻ ﻗﺑﻠﮫ‪ ،‬واﻟﻛﻔرى‬
‫ﻋددي ﻣﺗﻔﺎوت‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﺑﺎع اﻟﺗﻣر ﺑﮫ ﻧﺳﯾﺋﺔ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﺟﮭﺎﻟﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟزﯾﺗون ﺑﺎﻟزﯾت واﻟﺳﻣﺳم ﺑﺎﻟﺷﯾرج ﺣﺗﻰ ﯾﻛون اﻟزﯾت واﻟﺷﯾرج أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﻓﻲ اﻟزﯾﺗون‬
‫واﻟﺳﻣﺳم ﻓﯾﻛون اﻟدھن ﺑﻣﺛﻠﮫ واﻟزﯾﺎدة ﺑﺎﻟﺛﺟﯾر" ﻷن ﻋﻧد ذﻟك ﯾﻌرى ﻋن اﻟرﺑﺎ إذ ﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن اﻟدھن ﻣوزون‪،‬‬
‫وھذا ﻷن ﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻟو ﻛﺎن أﻛﺛر أو ﻣﺳﺎوﯾﺎ ﻟﮫ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺛﺟﯾر وﺑﻌض اﻟدھن أو اﻟﺛﺟﯾر وﺣده ﻓﺿل‪ ،‬وﻟو ﻟم ﯾﻌﻠم ﻣﻘدار ﻣﺎ‬
‫ﻓﯾﮫ ﻻ ﯾﺟوز ﻻﺣﺗﻣﺎل اﻟرﺑﺎ‪ ،‬واﻟﺷﺑﮭﺔ ﻓﯾﮫ‬

‫ﻛﺎﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‪ ،‬واﻟﺟوز ﺑدھﻧﮫ واﻟﻠﺑن ﺑﺳﻣﻧﮫ واﻟﻌﻧب ﺑﻌﺻﯾره واﻟﺗﻣر ﺑدﺑﺳﮫ ﻋﻠﻰ ھذا‬ ‫ص ‪-65-‬‬
‫اﻻﻋﺗﺑﺎر‪ .‬واﺧﺗﻠﻔوا ﻓﻲ اﻟﻘطن ﺑﻐزﻟﮫ‪ ،‬واﻟﻛرﺑﺎس ﺑﺎﻟﻘطن ﯾﺟوز ﻛﯾﻔﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﻠﺣﻣﺎن اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑﻌﺿﮭﺎ ﺑﺑﻌض ﻣﺗﻔﺎﺿﻼ" وﻣراده ﻟﺣم اﻹﺑل واﻟﺑﻘر واﻟﻐﻧم؛ ﻓﺄﻣﺎ اﻟﺑﻘر‬
‫واﻟﺟواﻣﯾس ﺟﻧس واﺣد‪ ،‬وﻛذا اﻟﻣﻌز ﻣﻊ اﻟﺿﺄن وﻛذا اﻟﻌراب ﻣﻊ اﻟﺑﺧﺎﺗﻲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذﻟك أﻟﺑﺎن اﻟﺑﻘر واﻟﻐﻧم" وﻋن اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻻ ﯾﺟوز ﻷﻧﮭﺎ ﺟﻧس واﺣد ﻻﺗﺣﺎد اﻟﻣﻘﺻود‪ .‬وﻟﻧﺎ أن‬
‫اﻷﺻول ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻛﻣل ﻧﺻﺎب أﺣدھﻣﺎ ﺑﺎﻵﺧر ﻓﻲ اﻟزﻛﺎة‪ ،‬ﻓﻛذا أﺟزاؤھﺎ إذا ﻟم ﺗﺗﺑدل ﺑﺎﻟﺻﻧﻌﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذا ﺧل اﻟدﻗل ﺑﺧل اﻟﻌﻧب" ﻟﻼﺧﺗﻼف ﺑﯾن أﺻﻠﯾﮭﻣﺎ‪ ،‬ﻓﻛذا ﺑﯾن ﻣﺎءﯾﮭﻣﺎ وﻟﮭذا ﻛﺎن ﻋﺻﯾراھﻣﺎ ﺟﻧﺳﯾن‪.‬‬
‫وﺷﻌر اﻟﻣﻌز وﺻوف اﻟﻐﻧم ﺟﻧﺳﺎن ﻻﺧﺗﻼف اﻟﻣﻘﺎﺻد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذا ﺷﺣم اﻟﺑطن ﺑﺎﻷﻟﯾﺔ أو ﺑﺎﻟﻠﺣم" ﻷﻧﮭﺎ أﺟﻧﺎس ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻻﺧﺗﻼف اﻟﺻور واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻟﻣﻧﺎﻓﻊ اﺧﺗﻼﻓﺎ‬
‫ﻓﺎﺣﺷﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﺧﺑز ﺑﺎﻟﺣﻧطﺔ واﻟدﻗﯾق ﻣﺗﻔﺎﺿﻼ" ﻷن اﻟﺧﺑز ﺻﺎر ﻋددﯾﺎ أو ﻣوزوﻧﺎ ﻓﺧرج ﻣن أن ﯾﻛون‬
‫ﻣﻛﯾﻼ ﻣن ﻛل وﺟﮫ واﻟﺣﻧطﺔ ﻣﻛﯾﻠﺔ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﻻ ﺧﯾر ﻓﯾﮫ‪ ،‬واﻟﻔﺗوى ﻋﻠﻰ اﻷول‪ ،‬وھذا إذا‬
‫ﻛﺎﻧﺎ ﻧﻘدﯾن؛ ﻓﺈن ﻛﺎﻧت اﻟﺣﻧطﺔ ﻧﺳﯾﺋﺔ ﺟﺎز أﯾﺿﺎ‪ ،‬وإن ﻛﺎن اﻟﺧﺑز ﻧﺳﯾﺋﺔ ﯾﺟوز ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ وﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟﻔﺗوى‪ ،‬وﻛذا اﻟﺳﻠم ﻓﻲ اﻟﺧﺑز ﺟﺎﺋز ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬وﻻ ﺧﯾر ﻓﻲ اﺳﺗﻘراﺿﮫ ﻋددا أو وزﻧﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‬
‫ﻷﻧﮫ ﯾﺗﻔﺎوت ﺑﺎﻟﺧﺑز واﻟﺧﺑﺎز واﻟﺗﻧور واﻟﺗﻘدم واﻟﺗﺄﺧر‪ .‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾﺟوز ﺑﮭﻣﺎ ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل‪ ،‬وﻋﻧد أﺑﻲ‬
‫ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾﺟوز وزﻧﺎ وﻻ ﯾﺟوز ﻋددا ﻟﻠﺗﻔﺎوت ﻓﻲ آﺣﺎده‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ رﺑﺎ ﺑﯾن اﻟﻣوﻟﻰ وﻋﺑده" ﻷن اﻟﻌﺑد وﻣﺎ ﻓﻲ ﯾده ﻣﻠك ﻟﻣوﻻه ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق اﻟرﺑﺎ‪ ،‬وھذا إذا ﻛﺎن ﻣﺄذوﻧﺎ ﻟﮫ‬
‫وﻟم ﯾﻛن ﻋﻠﯾﮫ دﯾن‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻋﻠﯾﮫ دﯾن ﻻ ﯾﺟوز ﻷن ﻣﺎ ﻓﻲ ﯾده ﻟﯾس ﻣﻠك اﻟﻣوﻟﻰ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‬
‫وﻋﻧدھﻣﺎ ﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﺣق اﻟﻐرﻣﺎء ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻷﺟﻧﺑﻲ ﻓﯾﺗﺣﻘق اﻟرﺑﺎ ﻛﻣﺎ ﯾﺗﺣﻘق ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﻣﻛﺎﺗﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺑﯾن اﻟﻣﺳﻠم واﻟﺣرﺑﻲ ﻓﻲ دار اﻟﺣرب" ﺧﻼﻓﺎ ﻷﺑﻲ ﯾوﺳف واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ اﻻﻋﺗﺑﺎر‬
‫ﺑﺎﻟﻣﺳﺗﺄﻣن ﻣﻧﮭم ﻓﻲ دارﻧﺎ‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ رﺑﺎ ﺑﯾن اﻟﻣﺳﻠم واﻟﺣرﺑﻲ ﻓﻲ دار اﻟﺣرب" وﻷن‬
‫ﻣﺎﻟﮭم ﻣﺑﺎح ﻓﻲ دارھم ﻓﺑﺄي طرﯾق أﺧذه‬

‫اﻟﻣﺳﻠم أﺧذ ﻣﺎﻻ ﻣﺑﺎﺣﺎ إذا ﻟم ﯾﻛن ﻓﯾﮫ ﻏدر‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﺳﺗﺄﻣن ﻣﻧﮭم ﻷن ﻣﺎﻟﮫ ﺻﺎر‬ ‫ص ‪-66-‬‬
‫ﻣﺣظورا ﺑﻌﻘد اﻷﻣﺎن‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻟﺣﻘوق‬
‫"وﻣن اﺷﺗرى ﻣﻧزﻻ ﻓوﻗﮫ ﻣﻧزل ﻓﻠﯾس ﻟﮫ اﻷﻋﻠﻰ إﻻ أن ﯾﺷﺗرﯾﮫ ﺑﻛل ﺣق ھو ﻟﮫ أو ﺑﻣراﻓﻘﮫ أو ﺑﻛل ﻗﻠﯾل وﻛﺛﯾر‬
‫ھو ﻓﯾﮫ أو ﻣﻧﮫ‪ .‬وﻣن اﺷﺗرى ﺑﯾﺗﺎ ﻓوﻗﮫ ﺑﯾت ﺑﻛل ﺣق ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ اﻷﻋﻠﻰ‪ ،‬وﻣن اﺷﺗرى دارا ﺑﺣدودھﺎ ﻓﻠﮫ اﻟﻌﻠو‬
‫واﻟﻛﻧﯾف" ﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﻣﻧزل واﻟﺑﯾت واﻟدار‪ ،‬ﻓﺎﺳم اﻟدار ﯾﻧﺗظم اﻟﻌﻠو ﻷﻧﮫ اﺳم ﻟﻣﺎ أدﯾر ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺣدود‪ ،‬واﻟﻌﻠو ﻣن‬
‫ﺗواﺑﻊ اﻷﺻل وأﺟزاﺋﮫ ﻓﯾدﺧل ﻓﯾﮫ‪ .‬واﻟﺑﯾت اﺳم ﻟﻣﺎ ﯾﺑﺎت ﻓﯾﮫ‪ ،‬واﻟﻌﻠو ﻣﺛﻠﮫ‪ ،‬واﻟﺷﻲء ﻻ ﯾﻛون ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻣﺛﻠﮫ ﻓﻼ ﯾدﺧل‬
‫ﻓﯾﮫ إﻻ ﺑﺎﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬واﻟﻣﻧزل ﺑﯾن اﻟدار واﻟﺑﯾت ﻷﻧﮫ ﯾﺗﺄﺗﻰ ﻓﯾﮫ ﻣراﻓق اﻟﺳﻛﻧﻰ ﻣﻊ ﺿرب ﻗﺻور إذ ﻻ ﯾﻛون‬
‫ﻓﯾﮫ ﻣﻧزل اﻟدواب‪ ،‬ﻓﻠﺷﺑﮭﮫ ﺑﺎﻟدار ﯾدﺧل اﻟﻌﻠو ﻓﯾﮫ ﺗﺑﻌﺎ ﻋﻧد ذﻛر اﻟﺗواﺑﻊ‪ ،‬وﻟﺷﺑﮭﮫ ﺑﺎﻟﺑﯾت ﻻ ﯾدﺧل ﻓﯾﮫ ﺑدوﻧﮫ‪ .‬وﻗﯾل‬
‫ﻓﻲ ﻋرﻓﻧﺎ ﯾدﺧل اﻟﻌﻠو ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ذﻟك ﻷن ﻛل ﻣﺳﻛن ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﻔﺎرﺳﯾﺔ ﺧﺎﻧﮫ وﻻ ﯾﺧﻠو ﻋن ﻋﻠو‪ ،‬وﻛﻣﺎ ﯾدﺧل اﻟﻌﻠو‬
‫ﻓﻲ اﺳم اﻟدار ﯾدﺧل اﻟﻛﻧﯾف ﻷﻧﮫ ﻣن ﺗواﺑﻌﮫ‪ ،‬وﻻ ﺗدﺧل اﻟظﻠﺔ إﻻ ﺑذﻛر ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻷﻧﮫ‬
‫ﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ ھواء اﻟطرﯾق ﻓﺄﺧذ ﺣﻛﻣﮫ‪ .‬وﻋﻧدھﻣﺎ إن ﻛﺎن ﻣﻔﺗﺣﮫ ﻓﻲ اﻟدار ﯾدﺧل ﻣن ﻏﯾر ذﻛر ﺷﻲء ﻣﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻷﻧﮫ‬
‫ﻣن ﺗواﺑﻌﮫ ﻓﺷﺎﺑﮫ اﻟﻛﻧﯾف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺑﯾﺗﺎ ﻓﻲ دار أو ﻣﻧزﻻ أو ﻣﺳﻛﻧﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ اﻟطرﯾق إﻻ أن ﯾﺷﺗرﯾﮫ ﺑﻛل ﺣق ھو ﻟﮫ أو‬
‫ﺑﻣراﻓﻘﮫ أو ﺑﻛل ﻗﻠﯾل وﻛﺛﯾر‪ ،‬وﻛذا اﻟﺷرب واﻟﻣﺳﯾل" ﻷﻧﮫ ﺧﺎرج اﻟﺣدود إﻻ أﻧﮫ ﻣن اﻟﺗواﺑﻊ ﻓﯾدﺧل ﺑذﻛر اﻟﺗواﺑﻊ‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف اﻹﺟﺎرة ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻌﻘد ﻟﻼﻧﺗﻔﺎع ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق إﻻ ﺑﮫ‪ ،‬إذ اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر ﻻ ﯾﺷﺗري اﻟطرﯾق ﻋﺎدة وﻻ ﯾﺳﺗﺄﺟره ﻓﯾدﺧل‬
‫ﺗﺣﺻﯾﻼ ﻟﻠﻔﺎﺋدة اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻣﻧﮫ‪ ،‬أﻣﺎ اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﺎﻟﻣﺑﯾﻊ ﻣﻣﻛن ﺑدوﻧﮫ ﻷن اﻟﻣﺷﺗري ﻋﺎدة ﯾﺷﺗرﯾﮫ‪ ،‬وﻗد ﯾﺗﺟر ﻓﯾﮫ ﻓﯾﺑﯾﻌﮫ‬
‫ﻣن ﻏﯾره ﻓﺣﺻﻠت اﻟﻔﺎﺋدة‪ ،‬وﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق‬
‫"وﻣن اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ ﻓوﻟدت ﻋﻧده ﻓﺎﺳﺗﺣﻘﮭﺎ رﺟل ﺑﺑﯾﻧﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺄﺧذھﺎ ووﻟدھﺎ‪ ،‬وإن أﻗر ﺑﮭﺎ ﻟرﺟل ﻟم ﯾﺗﺑﻌﮭﺎ‬
‫وﻟدھﺎ" ووﺟﮫ اﻟﻔرق أن اﻟﺑﯾﻧﺔ ﺣﺟﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻛﺎﺳﻣﮭﺎ ﻣﺑﯾﻧﺔ ﻓﯾظﮭر ﺑﮭﺎ ﻣﻠﻛﮫ ﻣن اﻷﺻل واﻟوﻟد ﻛﺎن ﻣﺗﺻﻼ‬
‫ﺑﮭﺎ ﻓﯾﻛون ﻟﮫ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻹﻗرار ﺣﺟﺔ ﻗﺎﺻرة ﯾﺛﺑت اﻟﻣﻠك ﻓﻲ اﻟﻣﺧﺑر ﺑﮫ ﺿرورة ﺻﺣﺔ اﻹﺧﺑﺎر‪ ،‬وﻗد اﻧدﻓﻌت ﺑﺈﺛﺑﺎﺗﮫ ﺑﻌد اﻻﻧﻔﺻﺎل‬
‫ﻓﻼ ﯾﻛون اﻟوﻟد ﻟﮫ‪ .‬ﺛم ﻗﯾل‪ :‬ﯾدﺧل اﻟوﻟد ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻷم ﺗﺑﻌﺎ‪ ،‬وﻗﯾل‬

‫ﯾﺷﺗرط اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻟوﻟد وإﻟﯾﮫ ﺗﺷﯾر اﻟﻣﺳﺎﺋل‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ إذا ﻟم ﯾﻌﻠم ﺑﺎﻟزواﺋد‪ .‬ﻗﺎل‬ ‫ص ‪-67-‬‬
‫ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﺗدﺧل اﻟزواﺋد ﻓﻲ اﻟﺣﻛم‪ ،‬ﻓﻛذا اﻟوﻟد إذا ﻛﺎن ﻓﻲ ﯾد ﻏﯾره ﻻ ﯾدﺧل ﺗﺣت اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻷم ﺗﺑﻌﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﻋﺑدا ﻓﺈذا ھو ﺣر وﻗد ﻗﺎل اﻟﻌﺑد ﻟﻠﻣﺷﺗري اﺷﺗرﻧﻲ ﻓﺈﻧﻲ ﻋﺑد ﻟﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺣﺎﺿرا أو‬
‫ﻏﺎﺋﺑﺎ ﻏﯾﺑﺔ ﻣﻌروﻓﺔ ﻟم ﯾﻛن ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺑد ﺷﻲء‪ ،‬وإن ﻛﺎن اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻻ ﯾدرى أﯾن ھو رﺟﻊ اﻟﻣﺷﺗري ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺑد ورﺟﻊ‬
‫ھو ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ وإن ارﺗﮭن ﻋﺑدا ﻣﻘرا ﺑﺎﻟﻌﺑودﯾﺔ ﻓوﺟده ﺣرا ﻟم ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻛل ﺣﺎل"‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﻻ ﯾرﺟﻊ ﻓﯾﮭﻣﺎ ﻷن اﻟرﺟوع ﺑﺎﻟﻣﻌﺎوﺿﺔ أو ﺑﺎﻟﻛﻔﺎﻟﺔ واﻟﻣوﺟود ﻟﯾس إﻻ اﻹﺧﺑﺎر ﻛﺎذﺑﺎ ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا‬
‫ﻗﺎل اﻷﺟﻧﺑﻲ ذﻟك أو ﻗﺎل اﻟﻌﺑد ارﺗﮭﻧﻲ ﻓﺈﻧﻲ ﻋﺑد وھﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﻣﺷﺗري ﺷرع ﻓﻲ اﻟﺷراء ﻣﻌﺗﻣدا‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﻣره وإﻗراره أﻧﻲ ﻋﺑد‪ ،‬إذ اﻟﻘول ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﯾﺟﻌل اﻟﻌﺑد ﺑﺎﻷﻣر ﺑﺎﻟﺷراء ﺿﺎﻣﻧﺎ ﻟﻠﺛﻣن ﻟﮫ ﻋﻧد ﺗﻌذر‬
‫رﺟوﻋﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ دﻓﻌﺎ ﻟﻠﻐرور واﻟﺿرر‪ ،‬وﻻ ﺗﻌذر إﻻ ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﻌرف ﻣﻛﺎﻧﮫ‪ ،‬واﻟﺑﯾﻊ ﻋﻘد ﻣﻌﺎوﺿﺔ ﻓﺄﻣﻛن أن‬
‫ﯾﺟﻌل اﻵﻣر ﺑﮫ ﺿﺎﻣﻧﺎ ﻟﻠﺳﻼﻣﺔ ﻛﻣﺎ ھو ﻣوﺟﺑﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟرھن ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﻣﻌﺎوﺿﺔ ﺑل ھو وﺛﯾﻘﺔ ﻻﺳﺗﯾﻔﺎء ﻋﯾن‬
‫ﺣﻘﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﺟوز اﻟرھن ﺑﺑدل اﻟﺻرف واﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ ﻣﻊ ﺣرﻣﺔ اﻻﺳﺗﺑدال ﻓﻼ ﯾﺟﻌل اﻷﻣر ﺑﮫ ﺿﻣﺎﻧﺎ ﻟﻠﺳﻼﻣﺔ‪،‬‬
‫وﺑﺧﻼف اﻷﺟﻧﺑﻲ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻌﺑﺄ ﺑﻘوﻟﮫ ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق اﻟﻐرور‪ .‬وﻧظﯾر ﻣﺳﺄﻟﺗﻧﺎ ﻗول اﻟﻣوﻟﻰ ﺑﺎﯾﻌوا ﻋﺑدي ھذا ﻓﺈﻧﻲ ﻗد‬
‫أذﻧت ﻟﮫ ﺛم ظﮭر اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ﻓﺈﻧﮭم ﯾرﺟﻌون ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻘﯾﻣﺗﮫ‪ ،‬ﺛم ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺿرب إﺷﻛﺎل ﻋﻠﻰ ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ ﻷن اﻟدﻋوى ﺷرط ﻓﻲ ﺣرﯾﺔ اﻟﻌﺑد ﻋﻧده‪ ،‬واﻟﺗﻧﺎﻗض ﯾﻔﺳد اﻟدﻋوى‪ .‬وﻗﯾل إذا ﻛﺎن اﻟوﺿﻊ ﻓﻲ ﺣرﯾﺔ‬
‫اﻷﺻل ﻓﺎﻟدﻋوى ﻓﯾﮭﺎ ﻟﯾس ﺑﺷرط ﻋﻧده ﻟﺗﺿﻣﻧﮫ ﺗﺣرﯾم ﻓرج اﻷم‪ .‬وﻗﯾل ھو ﺷرط ﻟﻛن اﻟﺗﻧﺎﻗض ﻏﯾر ﻣﺎﻧﻊ ﻟﺧﻔﺎء‬
‫اﻟﻌﻠوق وإن ﻛﺎن اﻟوﺿﻊ ﻓﻲ اﻹﻋﺗﺎق ﻓﺎﻟﺗﻧﺎﻗض ﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﻻﺳﺗﺑداد اﻟﻣوﻟﻰ ﺑﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﻣﺧﺗﻠﻌﺔ ﺗﻘﯾم اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟطﻠﻘﺎت اﻟﺛﻼث ﻗﺑل اﻟﺧﻠﻊ واﻟﻣﻛﺎﺗب ﯾﻘﯾﻣﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻋﺗﺎق ﻗﺑل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ادﻋﻰ ﺣﻘﺎ ﻓﻲ دار" ﻣﻌﻧﺎه ﺣﻘﺎ ﻣﺟﮭوﻻ "ﻓﺻﺎﻟﺣﮫ اﻟذي ﻓﻲ ﯾده ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺔ درھم ﻓﺎﺳﺗﺣﻘت اﻟدار إﻻ‬
‫ذراﻋﺎ ﻣﻧﮭﺎ ﻟم ﯾرﺟﻊ ﺑﺷﻲء" ﻷن ﻟﻠﻣدﻋﻲ أن ﯾﻘول دﻋواي ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺎﻗﻲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ادﻋﺎھﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﻓﺻﺎﻟﺣﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺔ درھم ﻓﺎﺳﺗﺣق ﻣﻧﮭﺎ ﺷﻲء رﺟﻊ ﺑﺣﺳﺎﺑﮫ" ﻷن اﻟﺗوﻓﯾق ﻏﯾر ﻣﻣﻛن‬
‫ﻓوﺟب اﻟرﺟوع ﺑﺑدﻟﮫ ﻋﻧد ﻓوات ﺳﻼﻣﺔ اﻟﻣﺑدل‪ ،‬ودﻟت اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺻﻠﺢ ﻋن اﻟﻣﺟﮭول ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠوم ﺟﺎﺋز‬
‫ﻷن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺳﻘط ﻻ ﺗﻔﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ‪ .‬وﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ ﺑﯾﻊ اﻟﻔﺿوﻟﻲ‬ ‫ص ‪-68-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﻣﻠك ﻏﯾره ﺑﻐﯾر أﻣره ﻓﺎﻟﻣﺎﻟك ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬إن ﺷﺎء أﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ؛ وإن ﺷﺎء ﻓﺳﺦ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﻧﻌﻘد ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺻدر ﻋن وﻻﯾﺔ ﺷرﻋﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺑﺎﻟﻣﻠك أو ﺑﺈذن اﻟﻣﺎﻟك وﻗد ﻓﻘدا‪ ،‬وﻻ اﻧﻌﻘﺎد إﻻ ﺑﺎﻟﻘدرة‬
‫اﻟﺷرﻋﯾﺔ‪ .‬وﻟﻧﺎ أﻧﮫ ﺗﺻرف ﺗﻣﻠﯾك وﻗد ﺻدر ﻣن أھﻠﮫ ﻓﻲ ﻣﺣﻠﮫ ﻓوﺟب اﻟﻘول ﺑﺎﻧﻌﻘﺎده‪ ،‬إذ ﻻ ﺿرر ﻓﯾﮫ ﻟﻠﻣﺎﻟك ﻣﻊ‬
‫ﺗﺧﯾﯾره‪ ،‬ﺑل ﻓﯾﮫ ﻧﻔﻌﮫ ﺣﯾث ﯾﻛﻔﻲ ﻣؤﻧﺔ طﻠب اﻟﻣﺷﺗري وﻗرار اﻟﺛﻣن وﻏﯾره‪ ،‬وﻓﯾﮫ ﻧﻔﻊ اﻟﻌﺎﻗد ﻟﺻون ﻛﻼﻣﮫ ﻋن‬
‫اﻹﻟﻐﺎء‪ ،‬وﻓﯾﮫ ﻧﻔﻊ اﻟﻣﺷﺗري ﻓﺛﺑت ﻟﻠﻘدرة اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﺗﺣﺻﯾﻼ ﻟﮭذه اﻟوﺟوه‪ ،‬ﻛﯾف وإن اﻹذن ﺛﺎﺑت دﻻﻟﺔ ﻷن اﻟﻌﺎﻗل‬
‫ﯾﺄذن ﻓﻲ اﻟﺗﺻرف اﻟﻧﺎﻓﻊ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﮫ اﻹﺟﺎزة إذا ﻛﺎن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻗﯾﺎ واﻟﻣﺗﻌﺎﻗدان ﺑﺣﺎﻟﮭﻣﺎ" ﻷن اﻹﺟﺎزة ﺗﺻرف ﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻓﻼ ﺑد ﻣن‬
‫ﻗﯾﺎﻣﮫ وذﻟك ﺑﻘﯾﺎم اﻟﻌﺎﻗدﯾن واﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ‪ .‬وإذا أﺟﺎز اﻟﻣﺎﻟك ﻛﺎن اﻟﺛﻣن ﻣﻣﻠوﻛﺎ ﻟﮫ أﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﯾده ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟوﻛﯾل‪،‬‬
‫ﻷن اﻹﺟﺎزة اﻟﻼﺣﻘﺔ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟوﻛﺎﻟﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬وﻟﻠﻔﺿوﻟﻲ أن ﯾﻔﺳﺦ ﻗﺑل اﻹﺟﺎزة دﻓﻌﺎ ﻟﻠﺣﻘوق ﻋن ﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟﻔﺿوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح ﻷﻧﮫ ﻣﻌﺑر ﻣﺣض‪ ،‬ھذا إذا ﻛﺎن اﻟﺛﻣن دﯾﻧﺎ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻋرﺿﺎ ﻣﻌﯾﻧﺎ إﻧﻣﺎ ﺗﺻﺢ اﻹﺟﺎزة إذا ﻛﺎن‬
‫اﻟﻌرض ﺑﺎﻗﯾﺎ أﯾﺿﺎ‪ .‬ﺛم اﻹﺟﺎزة إﺟﺎزة ﻧﻘد ﻻ إﺟﺎزة ﻋﻘد ﺣﺗﻰ ﯾﻛون اﻟﻌرض اﻟﺛﻣن ﻣﻣﻠوﻛﺎ ﻟﻠﻔﺿوﻟﻲ‪ ،‬وﻋﻠﯾﮫ ﻣﺛل‬
‫اﻟﻣﺑﯾﻊ إن ﻛﺎن ﻣﺛﻠﯾﺎ أو ﻗﯾﻣﺗﮫ إن ﻟم ﯾﻛن ﻣﺛﻠﯾﺎ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﺷراء ﻣن وﺟﮫ واﻟﺷراء ﻻ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ اﻹﺟﺎزة‪ .‬وﻟو ھﻠك‬
‫اﻟﻣﺎﻟك ﻻ ﯾﻧﻔذ ﺑﺈﺟﺎزة اﻟوارث ﻓﻲ اﻟﻔﺻﻠﯾن ﻷﻧﮫ ﺗوﻗف ﻋﻠﻰ إﺟﺎزة اﻟﻣورث ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﻼ ﯾﺟوز ﺑﺈﺟﺎزة ﻏﯾره‪ .‬وﻟو‬
‫أﺟﺎز اﻟﻣﺎﻟك ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ وﻻ ﯾﻌﻠم ﺣﺎل اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻲ ﻗول أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أوﻻ‪ ،‬وھو ﻗول ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ‬
‫ﷲ ﻷن اﻷﺻل ﺑﻘﺎؤه‪ ،‬ﺛم رﺟﻊ أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ وﻗﺎل‪ :‬ﻻ ﯾﺻﺢ ﺣﺗﻰ ﯾﻌﻠم ﻗﯾﺎﻣﮫ ﻋﻧد اﻹﺟﺎزة ﻷن اﻟﺷك وﻗﻊ‬
‫ﻓﻲ ﺷرط اﻹﺟﺎزة ﻓﻼ ﯾﺛﺑت ﻣﻊ اﻟﺷك‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻏﺻب ﻋﺑدا ﻓﺑﺎﻋﮫ وأﻋﺗﻘﮫ اﻟﻣﺷﺗري ﺛم أﺟﺎز اﻟﻣوﻟﻰ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﻟﻌﺗق ﺟﺎﺋز" اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ‪ ،‬وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭم ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز ﻷﻧﮫ ﻻ ﻋﺗق ﺑدون اﻟﻣﻠك‪ ،‬ﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ‬
‫ﻋﺗق ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻠك اﺑن آدم" واﻟﻣوﻗوف ﻻ ﯾﻔﯾد اﻟﻣﻠك‪ ،‬وﻟو ﺛﺑت ﻓﻲ اﻵﺧرة ﯾﺛﺑت ﻣﺳﺗﻧدا وھو ﺛﺎﺑت ﻣن وﺟﮫ دون‬
‫وﺟﮫ‪ ،‬واﻟﻣﺻﺣﺢ ﻟﻺﻋﺗﺎق اﻟﻣﻠك اﻟﻛﺎﻣل ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺻﺢ أن ﯾﻌﺗق اﻟﻐﺎﺻب ﺛم ﯾؤدي اﻟﺿﻣﺎن‪ ،‬وﻻ أن‬
‫ﯾﻌﺗق اﻟﻣﺷﺗري واﻟﺧﯾﺎر ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ ﺛم ﯾﺟﯾز اﻟﺑﺎﺋﻊ ذﻟك‪ ،‬وﻛذا ﻻ ﯾﺻﺢ ﺑﯾﻊ اﻟﻣﺷﺗري ﻣن اﻟﻐﺎﺻب ﻓﯾﻣﺎ ﻧﺣن ﻓﯾﮫ ﻣﻊ أﻧﮫ‬
‫أﺳرع ﻧﻔﺎذا ﺣﺗﻰ ﻧﻔذ ﻣن اﻟﻐﺎﺻب إذا أدى اﻟﺿﻣﺎن‬

‫وﻛذا ﻻ ﯾﺻﺢ إﻋﺗﺎق اﻟﻣﺷﺗري ﻣن اﻟﻐﺎﺻب إذا أدى اﻟﻐﺎﺻب اﻟﺿﻣﺎن‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن‬ ‫ص ‪-69-‬‬
‫اﻟﻣﻠك ﺛﺑت ﻣوﻗوﻓﺎ ﺑﺗﺻرف ﻣطﻠق ﻣوﺿوع ﻹﻓﺎدة اﻟﻣﻠك‪ ،‬وﻻ ﺿرر ﻓﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر ﻓﺗوﻗف اﻹﻋﺗﺎق ﻣرﺗﺑﺎ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫وﯾﻧﻔذ ﺑﻧﻔﺎذه ﻓﺻﺎر ﻛﺈﻋﺗﺎق اﻟﻣﺷﺗري ﻣن اﻟراھن وﻛﺈﻋﺗﺎق اﻟوارث ﻋﺑدا ﻣن اﻟﺗرﻛﺔ وھﻲ ﻣﺳﺗﻐرﻗﺔ ﺑﺎﻟدﯾون ﯾﺻﺢ‪،‬‬
‫وﯾﻧﻔذ إذا ﻗﺿﻰ اﻟدﯾون ﺑﻌد ذﻟك‪ ،‬ﺑﺧﻼف إﻋﺗﺎق اﻟﻐﺎﺻب ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻷن اﻟﻐﺻب ﻏﯾر ﻣوﺿوع ﻹﻓﺎدة اﻟﻣﻠك‪،‬‬
‫وﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﺧﯾﺎر اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﻣطﻠق‪ ،‬وﻗران اﻟﺷرط ﺑﮫ ﯾﻣﻧﻊ اﻧﻌﻘﺎده ﻓﻲ ﺣق اﻟﺣﻛم أﺻﻼ‪،‬‬
‫وﺑﺧﻼف ﺑﯾﻊ اﻟﻣﺷﺗري ﻣن اﻟﻐﺎﺻب إذا ﺑﺎع ﻷن ﺑﺎﻹﺟﺎزة ﯾﺛﺑت ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ ﻣﻠك ﺑﺎت‪ ،‬ﻓﺈذا طرأ ﻋﻠﻰ ﻣﻠك ﻣوﻗوف‬
‫ﻟﻐﯾره أﺑطﻠﮫ‪ ،‬وأﻣﺎ إذا أدى اﻟﻐﺎﺻب اﻟﺿﻣﺎن ﯾﻧﻔذ إﻋﺗﺎق اﻟﻣﺷﺗري ﻣﻧﮫ ﻛذا ذﻛره ھﻼل رﺣﻣﮫ ﷲ وھو اﻷﺻﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻗطﻌت ﯾد اﻟﻌﺑد ﻓﺄﺧذ أرﺷﮭﺎ ﺛم أﺟﺎز اﻟﻣوﻟﻰ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﻷرش ﻟﻠﻣﺷﺗري" ﻷن اﻟﻣﻠك ﻗد ﺗم ﻟﮫ ﻣن وﻗت‬
‫اﻟﺷراء‪ ،‬ﻓﺗﺑﯾن أن اﻟﻘطﻊ ﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻛﮫ وھذه ﺣﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺣﻣد‪ ،‬واﻟﻌذر ﻟﮫ أن اﻟﻣﻠك ﻣن وﺟﮫ ﯾﻛﻔﻲ ﻻﺳﺗﺣﻘﺎق‬
‫اﻷرش ﻛﺎﻟﻣﻛﺎﺗب إذا ﻗطﻌت ﯾده وأﺧذ اﻷرش ﺛم رد ﻓﻲ اﻟرق ﯾﻛون اﻷرش ﻟﻠﻣوﻟﻰ‪ ،‬ﻓﻛذا إذا ﻗطﻌت ﯾد اﻟﻣﺷﺗرى‬
‫ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﺷﺗري واﻟﺧﯾﺎر ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ ﺛم أﺟﯾز اﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎﻷرش ﻟﻠﻣﺷﺗري‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻹﻋﺗﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪" .‬وﯾﺗﺻدق ﺑﻣﺎ زاد‬
‫ﻋﻠﻰ ﻧﺻف اﻟﺛﻣن" ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺿﻣﺎﻧﮫ أو ﻓﯾﮫ ﺷﺑﮭﺔ ﻋدم اﻟﻣﻠك‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﺑﺎﻋﮫ اﻟﻣﺷﺗري ﻣن آﺧر ﺛم أﺟﺎز اﻟﻣوﻟﻰ اﻟﺑﯾﻊ اﻷول ﻟم ﯾﺟز اﻟﺑﯾﻊ اﻟﺛﺎﻧﻲ" ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ ،‬وﻷن ﻓﯾﮫ ﻏرر‬
‫اﻻﻧﻔﺳﺎخ ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر ﻋدم اﻹﺟﺎزة ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ اﻷول واﻟﺑﯾﻊ ﯾﻔﺳد ﺑﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻹﻋﺗﺎق ﻋﻧدھﻣﺎ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾؤﺛر ﻓﯾﮫ‬
‫اﻟﻐرر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻟم ﯾﺑﻌﮫ اﻟﻣﺷﺗري ﻓﻣﺎت ﻓﻲ ﯾده أو ﻗﺗل ﺛم أﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ ﻟم ﯾﺟز" ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ أن اﻹﺟﺎزة ﻣن ﺷروطﮭﺎ‬
‫ﻗﯾﺎم اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ وﻗد ﻓﺎت ﺑﺎﻟﻣوت وﻛذا ﺑﺎﻟﻘﺗل‪ ،‬إذ ﻻ ﯾﻣﻛن إﯾﺟﺎب اﻟﺑدل ﻟﻠﻣﺷﺗري ﺑﺎﻟﻘﺗل ﺣﺗﻰ ﯾﻌد ﺑﺎﻗﯾﺎ ﺑﺑﻘﺎء‬
‫اﻟﺑدل ﻷﻧﮫ ﻻ ﻣﻠك ﻟﻠﻣﺷﺗري ﻋﻧد اﻟﻘﺗل ﻣﻠﻛﺎ ﯾﻘﺎﺑل ﺑﺎﻟﺑدل ﻓﺗﺣﻘق اﻟﻔوات‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺑﯾﻊ اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻷن ﻣﻠك اﻟﻣﺷﺗري‬
‫ﺛﺎﺑت ﻓﺄﻣﻛن إﯾﺟﺎب اﻟﺑدل ﻟﮫ ﻓﯾﻛون اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻗﺎﺋﻣﺎ ﺑﻘﯾﺎم ﺧﻠﻔﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﻋﺑد ﻏﯾره ﺑﻐﯾر أﻣره وأﻗﺎم اﻟﻣﺷﺗري اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ إﻗرار اﻟﺑﺎﺋﻊ أو رب اﻟﻌﺑد أﻧﮫ ﻟم ﯾﺄﻣره ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ‬
‫وأراد رد اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻟم ﺗﻘﺑل ﺑﯾﻧﺗﮫ" ﻟﻠﺗﻧﺎﻗض ﻓﻲ اﻟدﻋوى‪ ،‬إذ اﻹﻗدام ﻋﻠﻰ اﻟﺷراء إﻗرار ﻣﻧﮫ ﺑﺻﺣﺗﮫ‪ ،‬واﻟﺑﯾﻧﺔ ﻣﺑﻧﯾﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ اﻟدﻋوى "وإن أﻗر اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺑذﻟك ﻋﻧد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑطل اﻟﺑﯾﻊ" إن طﻠب اﻟﻣﺷﺗري ذﻟك‪ ،‬ﻷن اﻟﺗﻧﺎﻗض ﻻ‬
‫ﯾﻣﻧﻊ ﺻﺣﺔ اﻹﻗرار‪ ،‬وﻟﻠﻣﺷﺗري أن ﯾﺳﺎﻋده‬

‫ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﯾﺗﺣﻘق اﻻﺗﻔﺎق ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬ﻓﻠﮭذا ﺷرط طﻠب اﻟﻣﺷﺗري‪.‬‬ ‫ص ‪-70-‬‬
‫ﻗﺎل رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬وذﻛر ﻓﻲ اﻟزﯾﺎدات أن اﻟﻣﺷﺗري إذا ﺻدق ﻣدﻋﯾﮫ ﺛم أﻗﺎم اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ إﻗرار اﻟﺑﺎﺋ ﻊ أﻧﮫ ﻟﻠﻣﺳﺗﺣق‬
‫ﺗﻘﺑل‪ .‬وﻓرﻗوا أن اﻟﻌﺑد ﻓﻲ ھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﺷﺗري‪ .‬وﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﯾد ﻏﯾره وھو اﻟﻣﺳﺗﺣق‪ ،‬وﺷرط‬
‫اﻟرﺟوع ﺑﺎﻟﺛﻣن أن ﻻ ﯾﻛون اﻟﻌﯾن ﺳﺎﻟﻣﺎ ﻟﻠﻣﺷﺗري‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع دارا ﻟرﺟل وأدﺧﻠﮭﺎ اﻟﻣﺷﺗري ﻓﻲ ﺑﻧﺎﺋﮫ ﻟم ﯾﺿﻣن اﻟﺑﺎﺋﻊ" ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وھو ﻗول‬
‫أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ آﺧرا‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﻘول أوﻻ‪ :‬ﯾﺿﻣن اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬وھو ﻗول ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ وھﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻏﺻب‬
‫اﻟﻌﻘﺎر وﺳﻧﺑﯾﻧﮫ إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬وﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻟﺳﻠم‬
‫اﻟﺳﻠم‪ :‬ﻋﻘد ﻣﺷروع ﺑﺎﻟﻛﺗﺎب وھو آﯾﺔ اﻟﻣداﯾﻧﺔ‪ ،‬ﻓﻘد ﻗﺎل اﺑن ﻋﺑﺎس رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﻣﺎ‪ :‬أﺷﮭد أن ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﺣل‬
‫ﯾن َ آﻣ َ ﻧ ُوا إ ِذ َ ا ﺗ َد َ اﯾ َﻧﺗ ُم ْ ﺑ ِ د َ ﯾ ْن ٍ إ ِﻟ َﻰ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰذ ِ‪} :‬‬
‫ﻗوﻟﮫ ﮭ َﺎ اﻟ ﱠ‬
‫وﺗﻼ َﺎ أ َ ﯾ ﱡ‬
‫اﻟﺳﻠف اﻟﻣﺿﻣون وأﻧزل ﻓﯾﮭﺎ أطول آﯾﺔ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ‪ ،‬ﯾ‬
‫أ َﺟ َ ل ٍ ﻣ ُﺳ َ ﻣ ّ ًﻰ ﻓ َﺎﻛ ْ ﺗ ُ ﺑ ُوه ُ { ]اﻟﺑﻘرة‪ .[282:‬وﺑﺎﻟﺳﻧﺔ وھو ﻣﺎ روي "أﻧﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻧﮭﻰ ﻋن ﺑﯾﻊ ﻣﺎ ﻟﯾس ﻋﻧد‬
‫اﻹﻧﺳﺎن ورﺧص ﻓﻲ اﻟﺳﻠم"‪ ,‬واﻟﻘﯾﺎس وإن ﻛﺎن ﯾﺄﺑﺎه وﻟﻛﻧﺎ ﺗرﻛﻧﺎه ﺑﻣﺎ روﯾﻧﺎه‪ .‬ووﺟﮫ اﻟﻘﯾﺎس أﻧﮫ ﺑﯾﻊ اﻟﻣﻌدوم إذ‬
‫اﻟﻣﺑﯾﻊ ھو اﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وھو ﺟﺎﺋز ﻓﻲ اﻟﻣﻛﯾﻼت واﻟﻣوزوﻧﺎت" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻣن أﺳﻠم ﻣﻧﻛم ﻓﻠﯾﺳﻠم ﻓﻲ ﻛﯾل ﻣﻌﻠوم‬
‫ووزن ﻣﻌﻠوم إﻟﻰ أﺟل ﻣﻌﻠوم" واﻟﻣراد ﺑﺎﻟﻣوزوﻧﺎت ﻏﯾر اﻟدراھم واﻟدﻧﺎﻧﯾر ﻷﻧﮭﻣﺎ أﺛﻣﺎن‪ ،‬واﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ ﻻ ﺑد أن‬
‫ﯾﻛون ﻣﺛﻣﻧﺎ ﻓﻼ ﯾﺻﺢ اﻟﺳﻠم ﻓﯾﮭﻣﺎ ﺛم ﻗﯾل ﯾﻛون ﺑﺎطﻼ‪ ،‬وﻗﯾل ﯾﻧﻌﻘد ﺑﯾﻌﺎ ﺑﺛﻣن ﻣؤﺟل ﺗﺣﺻﯾﻼ ﻟﻣﻘﺻود اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن‬
‫ﺑﺣﺳب اﻹﻣﻛﺎن‪ ،‬واﻟﻌﺑرة ﻓﻲ اﻟﻌﻘود ﻟﻠﻣﻌﺎﻧﻲ واﻷول أﺻﺢ ﻷن اﻟﺗﺻﺣﯾﺢ إﻧﻣﺎ ﯾﺟب ﻓﻲ ﻣﺣل أوﺟﺑﺎ اﻟﻌﻘد ﻓﯾﮫ وﻻ‬
‫ﯾﻣﻛن ذﻟك‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذا ﻓﻲ اﻟﻣذروﻋﺎت" ﻷﻧﮫ ﯾﻣﻛن ﺿﺑطﮭﺎ ﺑذﻛر اﻟذرع واﻟﺻﻔﺔ واﻟﺻﻧﻌﺔ‪ ،‬وﻻ ﺑد ﻣﻧﮭﺎ ﻟﺗرﺗﻔﻊ اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ‬
‫ﻓﯾﺗﺣﻘق ﺷرط ﺻﺣﺔ اﻟﺳﻠم‪ ،‬وﻛذا ﻓﻲ اﻟﻣﻌدودات اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺗﻔﺎوت ﻛﺎﻟﺟوز واﻟﺑﯾض‪ ،‬ﻷن اﻟﻌددي اﻟﻣﺗﻘﺎرب ﻣﻌﻠوم‬
‫اﻟﻘدر ﻣﺿﺑوط اﻟوﺻف ﻣﻘدور اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﯾﺟوز اﻟﺳﻠم ﻓﯾﮫ‪ ،‬واﻟﺻﻐﯾر واﻟﻛﺑﯾر ﻓﯾﮫ ﺳواء ﻻﺻطﻼح اﻟﻧﺎس ﻋﻠﻰ‬
‫إھدار اﻟﺗﻔﺎوت‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺑطﯾﺦ واﻟرﻣﺎن ﻷﻧﮫ ﯾﺗﻔﺎوت آﺣﺎده ﺗﻔﺎوﺗﺎ ﻓﺎﺣﺷﺎ‪ ،‬وﺑﺗﻔﺎوت اﻵﺣﺎد ﻓﻲ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﯾﻌرف‬
‫اﻟﻌددي‬

‫اﻟﻣﺗﻘﺎرب‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز ﻓﻲ ﺑﯾض اﻟﻧﻌﺎﻣﺔ ﻷﻧﮫ ﯾﺗﻔﺎوت آﺣﺎده‬ ‫ص ‪-71-‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬ﺛم ﻛﻣﺎ ﯾﺟوز اﻟﺳﻠم ﻓﯾﮭﺎ ﻋددا ﯾﺟوز ﻛﯾﻼ‪ .‬وﻗﺎل زﻓر رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز ﻛﯾﻼ ﻷﻧﮫ ﻋددي وﻟﯾس‬
‫ﺑﻣﻛﯾل‪ .‬وﻋﻧﮫ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز ﻋددا أﯾﺿﺎ ﻟﻠﺗﻔﺎوت‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﻣﻘدار ﻣرة ﯾﻌرف ﺑﺎﻟﻌدد وﺗﺎرة ﺑﺎﻟﻛﯾل‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﺻﺎر‬
‫ﻣﻌدودا ﺑﺎﻻﺻطﻼح ﻓﯾﺻﯾر ﻣﻛﯾﻼ ﺑﺎﺻطﻼﺣﮭﻣﺎ وﻛذا ﻓﻲ اﻟﻔﻠوس ﻋددا‪ .‬وﻗﯾل ھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ﻻ ﯾﺟوز ﻷﻧﮭﺎ أﺛﻣﺎن‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﺛﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﮭﻣﺎ ﺑﺎﺻطﻼﺣﮭﻣﺎ ﻓﺗﺑطل‬
‫ﺑﺎﺻطﻼﺣﮭﻣﺎ وﻻ ﺗﻌود وزﻧﯾﺎ وﻗد ذﻛرﻧﺎه ﻣن ﻗﺑل‪.‬‬
‫"وﻻ ﯾﺟوز اﻟﺳﻠم ﻓﻲ اﻟﺣﯾوان" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺟوز ﻷﻧﮫ ﯾﺻﯾر ﻣﻌﻠوﻣﺎ ﺑﺑﯾﺎن اﻟﺟﻧس واﻟﺳن واﻟﻧوع‬
‫واﻟﺻﻔﺔ‪ ،‬واﻟﺗﻔﺎوت ﺑﻌد ذﻟك ﯾﺳﯾر ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﺛﯾﺎب‪ .‬وﻟﻧﺎ أﻧﮫ ﺑﻌد ذﻛر ﻣﺎ ذﻛر ﯾﺑﻘﻰ ﻓﯾﮫ ﺗﻔﺎوت ﻓﺎﺣش ﻓﻲ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‬
‫ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺑﺎطﻧﺔ ﻓﯾﻔﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺛﯾﺎب ﻷﻧﮫ ﻣﺻﻧوع اﻟﻌﺑﺎد ﻓﻘﻠﻣﺎ ﯾﺗﻔﺎوت اﻟﺛوﺑﺎن إذا ﻧﺳﺟﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻧوال واﺣد‪ .‬وﻗد ﺻﺢ "أن اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻧﮭﻰ ﻋن اﻟﺳﻠم ﻓﻲ اﻟﺣﯾوان" وﯾدﺧل ﻓﯾﮫ ﺟﻣﯾﻊ‬
‫أﺟﻧﺎﺳﮫ ﺣﺗﻰ اﻟﻌﺻﺎﻓﯾر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﻓﻲ أطراﻓﮫ ﻛﺎﻟرءوس واﻷﻛﺎرع" ﻟﻠﺗﻔﺎوت ﻓﯾﮭﺎ إذ ھو ﻋددي ﻣﺗﻔﺎوت ﻻ ﻣﻘدر ﻟﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﻓﻲ اﻟﺟﻠود ﻋددا وﻻ ﻓﻲ اﻟﺣطب ﺣزﻣﺎ وﻻ ﻓﻲ اﻟرطﺑﺔ ﺟرزا" ﻟﻠﺗﻔﺎوت ﻓﯾﮭﺎ‪ ،‬إﻻ إذا ﻋرف ذﻟك ﺑﺄن ﺑﯾن‬
‫ﻟﮫ طول ﻣﺎ ﯾﺷد ﺑﮫ اﻟﺣزﻣﺔ أﻧﮫ ﺷﺑر أو ذراع ﻓﺣﯾﻧﺋذ ﯾﺟوز إذا ﻛﺎن ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﻻ ﯾﺗﻔﺎوت‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز اﻟﺳﻠم ﺣﺗﻰ ﯾﻛون اﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ ﻣوﺟودا ﻣن ﺣﯾن اﻟﻌﻘد إﻟﻰ ﺣﯾن اﻟﻣﺣل‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎن ﻣﻧﻘطﻌﺎ‬
‫ﻋﻧد اﻟﻌﻘد ﻣوﺟودا ﻋﻧد اﻟﻣﺣل أو ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس أو ﻣﻧﻘطﻌﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن ذﻟك ﻻ ﯾﺟوز" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪:‬‬
‫ﯾﺟوز إذا ﻛﺎن ﻣوﺟودا وﻗت اﻟﻣﺣل ﻟوﺟود اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺳﻠﯾم ﺣﺎل وﺟوﺑﮫ‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ‬
‫ﺗﺳﻠﻔوا ﻓﻲ اﻟﺛﻣﺎر ﺣﺗﻰ ﯾﺑدو ﺻﻼﺣﮭﺎ" وﻷن اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺳﻠﯾم ﺑﺎﻟﺗﺣﺻﯾل ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﺳﺗﻣرار اﻟوﺟود ﻓﻲ ﻣدة‬
‫اﻷﺟل ﻟﯾﺗﻣﻛن ﻣن اﻟﺗﺣﺻﯾل‪" .‬وﻟو اﻧﻘطﻊ ﺑﻌد اﻟﻣﺣل ﻓرب اﻟﺳﻠم ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬إن ﺷﺎء ﻓﺳﺦ اﻟﺳﻠم‪ ،‬وإن ﺷﺎء اﻧﺗظر‬
‫وﺟوده" ﻷن اﻟﺳﻠم ﻗد ﺻﺢ واﻟﻌﺟز اﻟطﺎرئ ﻋﻠﻰ ﺷرف اﻟزوال ﻓﺻﺎر ﻛﺈﺑﺎق اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز اﻟﺳﻠم ﻓﻲ اﻟﺳﻣك اﻟﻣﺎﻟﺢ وزﻧﺎ ﻣﻌﻠوﻣﺎ وﺿرﺑﺎ ﻣﻌﻠوﻣﺎ" ﻷﻧﮫ ﻣﻌﻠوم اﻟﻘدر‬
‫ﻣﺿﺑوط اﻟوﺻف ﻣﻘدور اﻟﺗﺳﻠﯾم إذ ھو ﻏﯾر ﻣﻧﻘطﻊ "وﻻ ﯾﺟوز اﻟﺳﻠم ﻓﯾﮫ ﻋددا"‬ ‫ص ‪-72-‬‬
‫ﻟﻠﺗﻔﺎوت‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺧﯾر ﻓﻲ اﻟﺳﻠم ﻓﻲ اﻟﺳﻣك اﻟطري إﻻ ﻓﻲ ﺣﯾﻧﮫ وزﻧﺎ ﻣﻌﻠوﻣﺎ وﺿرﺑﺎ ﻣﻌﻠوﻣﺎ" ﻷﻧﮫ ﯾﻧﻘطﻊ ﻓﻲ زﻣﺎن‬
‫اﻟﺷﺗﺎء‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎن ﻓﻲ ﺑﻠد ﻻ ﯾﻧﻘطﻊ ﯾﺟوز ﻣطﻠﻘﺎ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺟوز وزﻧﺎ ﻻ ﻋددا ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ‬
‫ﷲ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز ﻓﻲ ﻟﺣم اﻟﻛﺑﺎر ﻣﻧﮭﺎ وھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻘطﻊ اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟﺳﻠم ﻓﻲ اﻟﻠﺣم ﻋﻧده‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺧﯾر ﻓﻲ اﻟﺳﻠم ﻓﻲ اﻟﻠﺣم ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬إذا وﺻف ﻣن اﻟﻠﺣم ﻣوﺿﻌﺎ ﻣﻌﻠوﻣﺎ ﺑﺻﻔﺔ‬
‫ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﺟﺎز" ﻷﻧﮫ ﻣوزون ﻣﺿﺑوط اﻟوﺻف وﻟﮭذا ﯾﺿﻣن ﺑﺎﻟﻣﺛل‪ .‬وﯾﺟوز اﺳﺗﻘراﺿﮫ وزﻧﺎ وﯾﺟري ﻓﯾﮫ رﺑﺎ‬
‫اﻟﻔﺿل‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻟﺣم اﻟطﯾور ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن وﺻف ﻣوﺿﻊ ﻣﻧﮫ‪ .‬وﻟﮫ أﻧﮫ ﻣﺟﮭول ﻟﻠﺗﻔﺎوت ﻓﻲ ﻗﻠﺔ اﻟﻌظم وﻛﺛرﺗﮫ أو‬
‫ﻓﻲ ﺳﻣﻧﮫ وھزاﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼف ﻓﺻول اﻟﺳﻧﺔ‪ ،‬وھذه اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻣﻔﺿﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ‪ .‬وﻓﻲ ﻣﺧﻠوع اﻟﻌظم ﻻ ﯾﺟوز‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﮫ اﻟﺛﺎﻧﻲ وھو اﻷﺻﺢ‪ ،‬واﻟﺗﺿﻣﯾن ﺑﺎﻟﻣﺛل ﻣﻣﻧوع‪ .‬وﻛذا اﻻﺳﺗﻘراض‪ ،‬وﺑﻌد اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﺎﻟﻣﺛل أﻋدل ﻣن‬
‫اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ ،‬وﻷن اﻟﻘﺑض ﯾﻌﺎﯾن ﻓﯾﻌرف ﻣﺛل اﻟﻣﻘﺑوض ﺑﮫ ﻓﻲ وﻗﺗﮫ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟوﺻف ﻓﻼ ﯾﻛﺗﻔﻰ ﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز اﻟﺳﻠم إﻻ ﻣؤﺟﻼ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺟوز ﺣﺎﻻ ﻹطﻼق اﻟﺣدﯾث ورﺧص ﻓﻲ اﻟﺳﻠم‪ .‬وﻟﻧﺎ‬
‫ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬إﻟﻰ أﺟل ﻣﻌﻠوم" ﻓﯾﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﺷرع رﺧﺻﺔ دﻓﻌﺎ ﻟﺣﺎﺟﺔ اﻟﻣﻔﺎﻟﯾس ﻓﻼ ﺑد ﻣن‬
‫اﻷﺟل ﻟﯾﻘدر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﺻﯾل ﻓﯾﮫ ﻓﯾﺳﻠم‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻟم ﯾوﺟد اﻟﻣرﺧص ﻓﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎﻓﻲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز إﻻ ﺑﺄﺟل ﻣﻌﻠوم" ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻷن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﯾﮫ ﻣﻔﺿﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬واﻷﺟل أدﻧﺎه‬
‫ﺷﮭر وﻗﯾل ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم‪ ،‬وﻗﯾل أﻛﺛر ﻣن ﻧﺻف ﯾوم‪ .‬واﻷول أﺻﺢ "وﻻ ﯾﺟوز اﻟﺳﻠم ﺑﻣﻛﯾﺎل رﺟل ﺑﻌﯾﻧﮫ وﻻ ﺑذراع‬
‫رﺟل ﺑﻌﯾﻧﮫ" ﻣﻌﻧﺎه إذا ﻟم ﯾﻌرف ﻣﻘداره ﻷﻧﮫ ﺗﺄﺧر ﻓﯾﮫ اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓرﺑﻣﺎ ﯾﺿﯾﻊ ﻓﯾؤدي إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ وﻗد ﻣر ﻣن ﻗﺑل‪،‬‬
‫وﻻ ﺑد أن ﯾﻛون اﻟﻣﻛﯾﺎل ﻣﻣﺎ ﻻ ﯾﻧﻘﺑض وﻻ ﯾﻧﺑﺳط ﻛﺎﻟﻘﺻﺎع ﻣﺛﻼ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻣﻣﺎ ﯾﻧﻛﺑس ﺑﺎﻟﻛﺑس ﻛﺎﻟزﻧﺑﯾل‬
‫واﻟﺟراب ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﻧﺎزﻋﺔ إﻻ ﻓﻲ ﻗرب اﻟﻣﺎء ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻓﯾﮫ‪ ،‬ﻛذا روي ﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﻓﻲ طﻌﺎم ﻗرﯾﺔ ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ" أو ﺛﻣرة ﻧﺧﻠﺔ ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ ﻷﻧﮫ ﻗد ﯾﻌﺗرﯾﮫ آﻓﺔ ﻓﻼ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺳﻠﯾم وإﻟﯾﮫ أﺷﺎر ﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﺣﯾث ﻗﺎل "أرأﯾت ﻟو أذھب ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺛﻣر ﺑم ﯾﺳﺗﺣل أﺣدﻛم ﻣﺎل أﺧﯾﮫ؟" وﻟو ﻛﺎﻧت اﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ‬
‫ﻗرﯾﺔ ﻟﺑﯾﺎن اﻟﺻﻔﺔ ﻻ ﺑﺄس ﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟوا ﻛﺎﻟﺧﺷﻣراﻧﻲ ﺑﺑﺧﺎرى واﻟﺑﺳﺎﺧﻲ ﺑﻔرﻏﺎﻧﺔ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺻﺢ اﻟﺳﻠم ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ إﻻ ﺑﺳﺑﻊ ﺷراﺋط‪ :‬ﺟﻧس ﻣﻌﻠوم"‬ ‫ص ‪-73-‬‬
‫ﻛﻘوﻟﻧﺎ ﺣﻧطﺔ أو ﺷﻌﯾر "وﻧوع ﻣﻌﻠوم" ﻛﻘوﻟﻧﺎ ﺳﻘﯾﺔ أو ﺑﺧﺳﯾﺔ "وﺻﻔﺔ ﻣﻌﻠوﻣﺔ" ﻛﻘوﻟﻧﺎ ﺟﯾد أو رديء "وﻣﻘدار‬
‫ﻣﻌﻠوم" ﻛﻘوﻟﻧﺎ ﻛذا ﻛﯾﻼ ﺑﻣﻛﯾﺎل ﻣﻌروف وﻛذا وزﻧﺎ "وأﺟل ﻣﻌﻠوم" واﻷﺻل ﻓﯾﮫ ﻣﺎ روﯾﻧﺎ واﻟﻔﻘﮫ ﻓﯾﮫ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‬
‫"وﻣﻌرﻓﺔ ﻣﻘدار رأس اﻟﻣﺎل إذا ﻛﺎن ﯾﺗﻌﻠق اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ ﻣﻘداره" ﻛﺎﻟﻣﻛﯾل واﻟﻣوزون واﻟﻣﻌدود "وﺗﺳﻣﯾﺔ اﻟﻣﻛﺎن‬
‫اﻟذي ﯾوﻓﯾﮫ ﻓﯾﮫ إذا ﻛﺎن ﻟﮫ ﺣﻣل وﻣؤﻧﺔ" وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺗﺳﻣﯾﺔ رأس اﻟﻣﺎل إذا ﻛﺎن ﻣﻌﯾﻧﺎ وﻻ إﻟﻰ ﻣﻛﺎن‬
‫اﻟﺗﺳﻠﯾم وﯾﺳﻠﻣﮫ ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻓﮭﺎﺗﺎن ﻣﺳﺄﻟﺗﺎن‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻷوﻟﻰ أن اﻟﻣﻘﺻود ﯾﺣﺻل ﺑﺎﻹﺷﺎرة ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﺛﻣن‬
‫واﻷﺟرة وﺻﺎر ﻛﺎﻟﺛوب‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ رﺑﻣﺎ ﯾوﺟد ﺑﻌﺿﮭﺎ زﯾوﻓﺎ وﻻ ﯾﺳﺗﺑدل ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس‪ ،‬ﻓﻠو ﻟم ﯾﻌﻠم ﻗدره ﻻ‬
‫ﯾدري ﻓﻲ ﻛم ﺑﻘﻲ أو رﺑﻣﺎ ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ ﺗﺣﺻﯾل اﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ ﻓﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ رد رأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬واﻟﻣوھوم ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﻘد‬
‫ﻛﺎﻟﻣﺗﺣﻘق ﻟﺷرﻋﮫ ﻣﻊ اﻟﻣﻧﺎﻓﻲ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن رأس اﻟﻣﺎل ﺛوﺑﺎ ﻷن اﻟذرع وﺻف ﻓﯾﮫ ﻻ ﯾﺗﻌﻠق اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻘداره‪ .‬وﻣن ﻓروﻋﮫ إذا أﺳﻠم ﻓﻲ ﺟﻧﺳﯾن وﻟم ﯾﺑﯾن رأس ﻣﺎل ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬أو أﺳﻠم ﺟﻧﺳﯾن وﻟم ﯾﺑﯾن ﻣﻘدار‬
‫أﺣدھﻣﺎ‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ أن ﻣﻛﺎن اﻟﻌﻘد ﯾﺗﻌﯾن ﻟوﺟود اﻟﻌﻘد اﻟﻣوﺟب ﻟﻠﺗﺳﻠﯾم‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻻ ﯾزاﺣﻣﮫ ﻣﻛﺎن آﺧر ﻓﯾﮫ‬
‫ﻓﯾﺻﯾر ﻧظﯾر أول أوﻗﺎت اﻹﻣﻛﺎن ﻓﻲ اﻷواﻣر ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﻘرض واﻟﻐﺻب‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻏﯾر‬
‫واﺟب ﻓﻲ اﻟﺣﺎل ﻓﻼ ﯾﺗﻌﯾن‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻘرض واﻟﻐﺻب‪ ،‬وإذا ﻟم ﯾﺗﻌﯾن ﻓﺎﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﯾﮫ ﺗﻔﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ‪ ،‬ﻷن ﻗﯾم‬
‫اﻷﺷﯾﺎء ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﻣﻛﺎن ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﺑﯾﺎن‪ ،‬وﺻﺎر ﻛﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﺻﻔﺔ‪ ،‬وﻋن ھذا ﻗﺎل ﻣن ﻗﺎل ﻣن اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ‬
‫رﺣﻣﮭم ﷲ إن اﻻﺧﺗﻼف ﻓﯾﮫ ﻋﻧده ﯾوﺟب اﻟﺗﺧﺎﻟف ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺻﻔﺔ‪ .‬وﻗﯾل ﻋﻠﻰ ﻋﻛﺳﮫ ﻷن ﺗﻌﯾن اﻟﻣﻛﺎن ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻌﻘد‬
‫ﻋﻧدھﻣﺎ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف اﻟﺛﻣن واﻷﺟرة واﻟﻘﺳﻣﺔ‪.‬‬
‫وﺻورﺗﮭﺎ‪ :‬إذا اﻗﺗﺳﻣﺎ دارا وﺟﻌﻼ ﻣﻊ ﻧﺻﯾب أﺣدھﻣﺎ ﺷﯾﺋﺎ ﻟﮫ ﺣﻣل وﻣؤﻧﺔ‪ .‬وﻗﯾل ﻻ ﯾﺷﺗرط ذﻟك ﻓﻲ اﻟﺛﻣن‪.‬‬
‫واﻟﺻﺣﯾﺢ أﻧﮫ ﯾﺷﺗرط إذا ﻛﺎن ﻣؤﺟﻼ‪ ،‬وھو اﺧﺗﯾﺎر ﺷﻣس اﻷﺋﻣﺔ اﻟﺳرﺧﺳﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻣﻛﺎن‬
‫اﻟدار وﻣﻛﺎن ﺗﺳﻠﯾم اﻟداﺑﺔ ﻟﻺﯾﻔﺎء‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ ﺣﻣل وﻣؤﻧﺔ ﻻ ﯾﺣﺗﺎج ﻓﯾﮫ إﻟﻰ ﺑﯾﺎن ﻣﻛﺎن اﻹﯾﻔﺎء ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع" ﻷﻧﮫ ﻻ ﺗﺧﺗﻠف ﻗﯾﻣﺗﮫ "وﯾوﻓﯾﮫ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي أﺳﻠم ﻓﯾﮫ" ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬وھذه رواﯾﺔ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر واﻟﺑﯾوع‪ .‬وذﻛر ﻓﻲ اﻹﺟﺎرات أﻧﮫ‬
‫ﯾوﻓﯾﮫ ﻓﻲ أي ﻣﻛﺎن ﺷﺎء‪ ،‬وھو اﻷﺻﺢ ﻷن اﻷﻣﺎﻛن ﻛﻠﮭﺎ ﺳواء‪ ،‬وﻻ وﺟوب ﻓﻲ اﻟﺣﺎل‪ .‬وﻟو ﻋﯾﻧﺎ ﻣﻛﺎﻧﺎ‪ ،‬ﻗﯾل ﻻ‬
‫ﯾﺗﻌﯾن ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻔﯾد‪ ،‬وﻗﯾل ﯾﺗﻌﯾن ﻷﻧﮫ ﯾﻔﯾد ﺳﻘوط ﺧطر اﻟطرﯾق‪ ،‬وﻟو ﻋﯾن اﻟﻣﺻر ﻓﯾﻣﺎ ﻟﮫ ﺣﻣل وﻣؤﻧﺔ ﯾﻛﺗﻔﻰ ﺑﮫ‬
‫ﻷﻧﮫ ﻣﻊ ﺗﺑﺎﯾن أطراﻓﮫ ﻛﺑﻘﻌﺔ واﺣدة ﻓﯾﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺻﺢ اﻟﺳﻠم ﺣﺗﻰ ﯾﻘﺑض رأس اﻟﻣﺎل ﻗﺑل أن ﯾﻔﺎرﻗﮫ ﻓﯾﮫ" أﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣن‬ ‫ص ‪-74-‬‬
‫اﻟﻧﻘود ﻓﻸﻧﮫ اﻓﺗراق ﻋن دﯾن ﺑدﯾن‪ ،‬وﻗد "ﻧﮭﻰ اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋن اﻟﻛﺎﻟﺊ ﺑﺎﻟﻛﺎﻟﺊ وإن ﻛﺎن ﻋﯾﻧﺎ"‪ ،‬ﻓﻸن‬
‫اﻟﺳﻠم أﺧذ ﻋﺎﺟل ﺑﺂﺟل‪ ،‬إذ اﻹﺳﻼم واﻹﺳﻼف ﯾﻧﺑﺋﺎن ﻋن اﻟﺗﻌﺟﯾل ﻓﻼ ﺑد ﻣن ﻗﺑض أﺣد اﻟﻌوﺿﯾن ﻟﯾﺗﺣﻘق ﻣﻌﻧﻰ‬
‫اﻻﺳم‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻻ ﺑد ﻣن ﺗﺳﻠﯾم رأس اﻟﻣﺎل ﻟﯾﺗﻘﻠب اﻟﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ ﻓﯾﮫ ﻓﯾﻘدر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺳﻠﯾم‪ ،‬وﻟﮭذا ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬ﻻ ﯾﺻﺢ اﻟﺳﻠم إذا‬
‫ﻛﺎن ﻓﯾﮫ ﺧﯾﺎر اﻟﺷرط ﻟﮭﻣﺎ أو ﻷﺣدھﻣﺎ ﻷﻧﮫ ﯾﻣﻧﻊ ﺗﻣﺎم اﻟﻘﺑض ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﺎﻧﻌﺎ ﻣن اﻻﻧﻌﻘﺎد ﻓﻲ ﺣق اﻟﺣﻛم‪ ،‬وﻛذا ﻻ‬
‫ﯾﺛﺑت ﻓﯾﮫ ﺧﯾﺎر اﻟرؤﯾﺔ ﻷﻧﮫ ﻏﯾر ﻣﻔﯾد‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺧﯾﺎر اﻟﻌﯾب ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﺗﻣﺎم اﻟﻘﺑض‬
‫وﻟو أﺳﻘط ﺧﯾﺎر اﻟﺷرط ﻗﺑل اﻻﻓﺗراق ورأس اﻟﻣﺎل ﻗﺎﺋم ﺟﺎز ﺧﻼﻓﺎ ﻟزﻓر‪ ،‬وﻗد ﻣر ﻧظﯾره "وﺟﻣﻠﺔ اﻟﺷروط‬
‫ﺟﻣﻌوھﺎ ﻓﻲ ﻗوﻟﮭم إﻋﻼم رأس اﻟﻣﺎل وﺗﻌﺟﯾﻠﮫ وإﻋﻼم اﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ وﺗﺄﺟﯾﻠﮫ وﺑﯾﺎن ﻣﻛﺎن اﻹﯾﻔﺎء واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﺣﺻﯾﻠﮫ‪ ،‬ﻓﺈن أﺳﻠم ﻣﺎﺋﺗﻲ درھم ﻓﻲ ﻛر ﺣﻧطﺔ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻧﮭﺎ دﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ وﻣﺎﺋﺔ ﻧﻘد ﻓﺎﻟﺳﻠم ﻓﻲ ﺣﺻﺔ‬
‫اﻟدﯾن ﺑﺎطل" ﻟﻔوات اﻟﻘﺑض "وﯾﺟوز ﻓﻲ ﺣﺻﺔ اﻟﻧﻘد" ﻻﺳﺗﺟﻣﺎع ﺷراﺋطﮫ وﻻ ﯾﺷﯾﻊ اﻟﻔﺳﺎد ﻷن اﻟﻔﺳﺎد طﺎرئ‪ ،‬إذ‬
‫اﻟﺳﻠم وﻗﻊ ﺻﺣﯾﺣﺎ‪ ،‬وﻟﮭذا ﻟو ﻧﻘد رأس اﻟﻣﺎل ﻗﺑل اﻻﻓﺗراق ﺻﺢ إﻻ أﻧﮫ ﯾﺑطل ﺑﺎﻻﻓﺗراق ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟدﯾن‬
‫ﻻ ﯾﺗﻌﯾن ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬أﻻ ﺗرى أﻧﮭﻣﺎ ﻟو ﺗﺑﺎﯾﻌﺎ ﻋﯾﻧﺎ ﺑدﯾن ﺛم ﺗﺻﺎدﻗﺎ أن ﻻ دﯾن ﻻ ﯾﺑطل اﻟﺑﯾﻊ ﻓﯾﻧﻌﻘد ﺻﺣﯾﺣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ رأس ﻣﺎل اﻟﺳﻠم واﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض" أﻣﺎ اﻷول ﻓﻠﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن ﺗﻔوﯾت اﻟﻘﺑض‬
‫اﻟﻣﺳﺗﺣق ﺑﺎﻟﻌﻘد‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻸن اﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ ﻣﺑﯾﻊ واﻟﺗﺻرف ﻓﻲ اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻻ ﯾﺟوز‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﺟوز اﻟﺷرﻛﺔ واﻟﺗوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ" ﻷﻧﮫ ﺗﺻرف ﻓﯾﮫ "ﻓﺈن ﺗﻘﺎﯾﻼ اﻟﺳﻠم ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ أن ﯾﺷﺗري‬
‫ﻣن اﻟﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ ﺑرأس اﻟﻣﺎل ﺷﯾﺋﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﻘﺑﺿﮫ ﻛﻠﮫ" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ ﺗﺄﺧذ إﻻ ﺳﻠﻣك أو رأس‬
‫ﻣﺎﻟك" أي ﻋﻧد اﻟﻔﺳﺦ‪ ،‬وﻷﻧﮫ أﺧذ ﺷﺑﮭﺎ ﺑﺎﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﻼ ﯾﺣل اﻟﺗﺻرف ﻓﯾﮫ ﻗﺑل ﻗﺑﺿﮫ‪ ،‬وھذا ﻷن اﻹﻗﺎﻟﺔ ﺑﯾﻊ ﺟدﯾد ﻓﻲ‬
‫ﺣق ﺛﺎﻟث‪ ،‬وﻻ ﯾﻣﻛن ﺟﻌل اﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ ﻣﺑﯾﻌﺎ ﻟﺳﻘوطﮫ ﻓﺟﻌل رأس اﻟﻣﺎل ﻣﺑﯾﻌﺎ ﻷﻧﮫ دﯾن ﻣﺛﻠﮫ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺟب‬
‫ﻗﺑﺿﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﻓﻲ ﺣﻛم اﻻﺑﺗداء ﻣن ﻛل وﺟﮫ‪ ،‬وﻓﯾﮫ ﺧﻼف زﻓر رﺣﻣﮫ ﷲ‪ ،‬واﻟﺣﺟﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﺳﻠم ﻓﻲ ﻛر ﺣﻧطﺔ ﻓﻠﻣﺎ ﺣل اﻷﺟل اﺷﺗرى اﻟﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ ﻣن رﺟل ﻛرا وأﻣر رب اﻟﺳﻠم ﺑﻘﺑﺿﮫ ﻗﺿﺎء‬
‫ﻟم ﯾﻛن ﻗﺿﺎء‪ ،‬وإن أﻣره أن ﯾﻘﺑﺿﮫ ﻟﮫ ﺛم ﯾﻘﺑﺿﮫ ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﺎﻛﺗﺎﻟﮫ ﻟﮫ ﺛم اﻛﺗﺎﻟﮫ ﻟﻧﻔﺳﮫ ﺟﺎز" ﻷﻧﮫ اﺟﺗﻣﻌت‬
‫اﻟﺻﻔﻘﺗﺎن ﺑﺷرط اﻟﻛﯾل ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﻛﯾل ﻣرﺗﯾن ﻟﻧﮭﻲ اﻟﻧﺑﻲ‬

‫ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻋن ﺑﯾﻊ اﻟطﻌﺎم ﺣﺗﻰ ﯾﺟري ﻓﯾﮫ ﺻﺎﻋﺎن‪ ،‬وھذا ھو ﻣﺣﻣل‬ ‫ص ‪-75-‬‬
‫اﻟﺣدﯾث ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر واﻟﺳﻠم وإن ﻛﺎن ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻟﻛن ﻗﺑض اﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ ﻻﺣق وأﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﺑﺗداء اﻟﺑﯾﻊ ﻷن اﻟﻌﯾن ﻏﯾر‬
‫اﻟدﯾن ﺣﻘﯾﻘﺔ‪ .‬وإن ﺟﻌل ﻋﯾﻧﮫ ﻓﻲ ﺣق ﺣﻛم ﺧﺎص وھو ﺣرﻣﺔ اﻻﺳﺗﺑدال ﻓﯾﺗﺣﻘق اﻟﺑﯾﻊ ﺑﻌد اﻟﺷراء‪ ،‬وإن ﻟم ﯾﻛن‬
‫ﺳﻠﻣﺎ وﻛﺎن ﻗرﺿﺎ ﻓﺄﻣره ﺑﻘﺑض اﻟﻛر ﺟﺎز ﻷن اﻟﻘرض إﻋﺎرة وﻟﮭذا ﯾﻧﻌﻘد ﺑﻠﻔظ اﻹﻋﺎرة ﻓﻛﺎن اﻟﻣردود ﻋﯾن‬
‫اﻟﻣﺄﺧوذ ﻣطﻠﻘﺎ ﺣﻛﻣﺎ ﻓﻼ ﺗﺟﺗﻣﻊ اﻟﺻﻔﻘﺗﺎن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﺳﻠم ﻓﻲ ﻛر ﻓﺄﻣر رب اﻟﺳﻠم أن ﯾﻛﯾﻠﮫ اﻟﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ ﻓﻲ ﻏراﺋر رب اﻟﺳﻠم ﻓﻔﻌل وھو ﻏﺎﺋب ﻟم ﯾﻛن‬
‫ﻗﺿﺎء" ﻷن اﻷﻣر ﺑﺎﻟﻛﯾل ﻟم ﯾﺻﺢ ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺻﺎدف ﻣﻠك اﻵﻣر‪] ،‬ﻷن[ ﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻟدﯾن دون اﻟﻌﯾن ﻓﺻﺎر اﻟﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ‬
‫ﻣﺳﺗﻌﯾرا ﻟﻠﻐراﺋر ﻣﻧﮫ وﻗد ﺟﻌل ﻣﻠك ﻧﻔﺳﮫ ﻓﯾﮭﺎ ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ ﻟو ﻛﺎن ﻋﻠﯾﮫ دراھم دﯾن ﻓدﻓﻊ إﻟﯾﮫ ﻛﯾﺳﺎ ﻟﯾزﻧﮭﺎ اﻟﻣدﯾون‬
‫ﻓﯾﮫ ﻟم ﯾﺻر ﻗﺎﺑﺿﺎ‪ .‬وﻟو ﻛﺎﻧت اﻟﺣﻧطﺔ ﻣﺷﺗراة واﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺑﺣﺎﻟﮭﺎ ﺻﺎر ﻗﺎﺑﺿﺎ ﻷن اﻷﻣر ﻗد ﺻﺢ ﺣﯾث ﺻﺎدف‬
‫ﻣﻠﻛﮫ ﻷﻧﮫ ﻣﻠك اﻟﻌﯾن ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﻟو أﻣره ﺑﺎﻟطﺣن ﻛﺎن اﻟطﺣﯾن ﻓﻲ اﻟﺳﻠم ﻟﻠﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ وﻓﻲ اﻟﺷراء‬
‫ﻟﻠﻣﺷﺗري ﻟﺻﺣﺔ اﻷﻣر‪ ،‬وﻛذا إذا أﻣره أن ﯾﺻﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺑﺣر ﻓﻲ اﻟﺳﻠم ﯾﮭﻠك ﻣن ﻣﺎل اﻟﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ وﻓﻲ اﻟﺷراء ﻣن‬
‫ﻣﺎل اﻟﻣﺷﺗري‪ ،‬وﯾﺗﻘرر اﻟﺛﻣن ﻋﻠﯾﮫ ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ ،‬وﻟﮭذا ﯾﻛﺗﻔﻰ ﺑذﻟك اﻟﻛﯾل ﻓﻲ اﻟﺷراء ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻷﻧﮫ ﻧﺎﺋب ﻋﻧﮫ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻛﯾل واﻟﻘﺑض ﺑﺎﻟوﻗوع ﻓﻲ ﻏراﺋر اﻟﻣﺷﺗري‪ ،‬وﻟو أﻣره ﻓﻲ اﻟﺷراء أن ﯾﻛﯾﻠﮫ ﻓﻲ ﻏراﺋر اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﻔﻌل ﻟم ﯾﺻر‬
‫ﻗﺎﺑﺿﺎ ﻷﻧﮫ اﺳﺗﻌﺎر ﻏراﺋره وﻟم ﯾﻘﺑﺿﮭﺎ ﻓﻼ ﺗﺻﯾر اﻟﻐراﺋر ﻓﻲ ﯾده‪ ،‬ﻓﻛذا ﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻓﯾﮭﺎ‪ ،‬وﺻﺎر ﻛﻣﺎ ﻟو أﻣره أن‬
‫ﯾﻛﯾﻠﮫ وﯾﻌزﻟﮫ ﻓﻲ ﻧﺎﺣﯾﺔ ﻣن ﺑﯾت اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻷن اﻟﺑﯾت ﺑﻧواﺣﯾﮫ ﻓﻲ ﯾده ﻓﻠم ﯾﺻر اﻟﻣﺷﺗري ﻗﺎﺑﺿﺎ‪ .‬وﻟو اﺟﺗﻣﻊ اﻟدﯾن‬
‫واﻟﻌﯾن واﻟﻐراﺋر ﻟﻠﻣﺷﺗري‪ ،‬إن ﺑدأ ﺑﺎﻟﻌﯾن ﺻﺎر ﻗﺎﺑﺿﺎ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻌﯾن ﻓﻠﺻﺣﺔ اﻷﻣر ﻓﯾﮫ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟدﯾن ﻓﻼﺗﺻﺎﻟﮫ ﺑﻣﻠﻛﮫ‬
‫وﺑﻣﺛﻠﮫ ﯾﺻﯾر ﻗﺎﺑﺿﺎ‪ ،‬ﻛﻣن اﺳﺗﻘرض ﺣﻧطﺔ وأﻣره أن ﯾزرﻋﮭﺎ ﻓﻲ أرﺿﮫ‪ ،‬وﻛﻣن دﻓﻊ إﻟﻰ ﺻﺎﺋﻎ ﺧﺎﺗﻣﺎ وأﻣره أن‬
‫ﯾزﯾده ﻣن ﻋﻧده ﻧﺻف دﯾﻧﺎر‪ ،‬وإن ﺑدأ ﺑﺎﻟدﯾن ﻟم ﯾﺻر ﻗﺎﺑﺿﺎ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟدﯾن ﻓﻠﻌدم ﺻﺣﺔ اﻷﻣر‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﻌﯾن ﻓﻸﻧﮫ‬
‫ﺧﻠطﮫ ﺑﻣﻠﻛﮫ ﻗﺑل اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﺻﺎر ﻣﺳﺗﮭﻠﻛﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﯾﻧﺗﻘض اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وھذا اﻟﺧﻠط ﻏﯾر ﻣرﺿﻲ ﺑﮫ ﻣن‬
‫ﺟﮭﺗﮫ ﻟﺟواز أن ﯾﻛون ﻣراده اﻟﺑداءة ﺑﺎﻟﻌﯾن وﻋﻧدھﻣﺎ ھو ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎء ﻧﻘض اﻟﺑﯾﻊ وإن ﺷﺎء ﺷﺎرﻛﮫ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺧﻠوط ﻷن اﻟﺧﻠط ﻟﯾس ﺑﺎﺳﺗﮭﻼك ﻋﻧدھﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﺳﻠم ﺟﺎرﯾﺔ ﻓﻲ ﻛر ﺣﻧطﺔ وﻗﺑﺿﮭﺎ اﻟﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ ﺛم ﺗﻘﺎﯾﻼ ﻓﻣﺎﺗت ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﺷﺗري ﻓﻌﻠﯾﮫ ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ ﯾوم‬
‫ﻗﺑﺿﮭﺎ‪ ،‬وﻟو ﺗﻘﺎﯾﻼ ﺑﻌد ھﻼك اﻟﺟﺎرﯾﺔ ﺟﺎز" ﻷن ﺻﺣﺔ اﻹﻗﺎﻟﺔ ﺗﻌﺗﻣد ﺑﻘﺎء اﻟﻌﻘد وذﻟك ﺑﻘﯾﺎم اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻓﻲ‬
‫اﻟﺳﻠم اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ إﻧﻣﺎ ھو اﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ ﻓﺻﺣت اﻹﻗﺎﻟﺔ ﺣﺎل ﺑﻘﺎﺋﮫ‪ ،‬وإذا ﺟﺎز اﺑﺗداء ﻓﺄوﻟﻰ أن ﯾﺑﻘﻰ اﻧﺗﮭﺎء‪ ،‬ﻷن‬
‫اﻟﺑﻘﺎء أﺳﮭل‪ ،‬وإذا اﻧﻔﺳﺦ اﻟﻌﻘد‬

‫ﻓﻲ اﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ اﻧﻔﺳﺦ ﻓﻲ اﻟﺟﺎرﯾﺔ ﺗﺑﻌﺎ ﻓﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ ردھﺎ وﻗد ﻋﺟز ﻓﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ رد‬ ‫ص ‪-76-‬‬
‫ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ "وﻟو اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ ﺑﺄﻟف درھم ﺛم ﺗﻘﺎﯾﻼ ﻓﻣﺎﺗت ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﺷﺗري ﺑطﻠت اﻹﻗﺎﻟﺔ‪ ،‬وﻟو ﺗﻘﺎﯾﻼ ﺑﻌد ﻣوﺗﮭﺎ‬
‫ﻓﺎﻹﻗﺎﻟﺔ ﺑﺎطﻠﺔ" ﻷن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ إﻧﻣﺎ ھو اﻟﺟﺎرﯾﺔ ﻓﻼ ﯾﺑﻘﻰ اﻟﻌﻘد ﺑﻌد ھﻼﻛﮭﺎ ﻓﻼ ﺗﺻﺢ اﻹﻗﺎﻟﺔ اﺑﺗداء وﻻ‬
‫ﺗﺑﻘﻰ اﻧﺗﮭﺎء ﻻﻧﻌدام ﻣﺣﻠﮫ‪ ،‬وھذا ﺑﺧﻼف ﺑﯾﻊ اﻟﻣﻘﺎﯾﺿﺔ ﺣﯾث ﺗﺻﺢ اﻹﻗﺎﻟﺔ وﺗﺑﻘﻰ ﺑﻌد ھﻼك أﺣد اﻟﻌوﺿﯾن ﻷن ﻛل‬
‫واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣﺑﯾﻊ ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﺳﻠم إﻟﻰ رﺟل دراھم ﻓﻲ ﻛر ﺣﻧطﺔ ﻓﻘﺎل اﻟﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ ﺷرطت ردﯾﺋﺎ وﻗﺎل رب اﻟﺳﻠم ﻟم ﺗﺷﺗرط ﺷﯾﺋﺎ‬
‫ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ" ﻷن رب اﻟﺳﻠم ﻣﺗﻌﻧت ﻓﻲ إﻧﻛﺎره اﻟﺻﺣﺔ ﻷن اﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ ﯾرﺑو ﻋﻠﻰ رأس اﻟﻣﺎل ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﺎدة‪ ،‬وﻓﻲ ﻋﻛﺳﮫ ﻗﺎﻟوا‪ :‬ﯾﺟب أن ﯾﻛون اﻟﻘول ﻟرب اﻟﺳﻠم ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻷﻧﮫ ﯾدﻋﻲ اﻟﺻﺣﺔ وإن ﻛﺎن‬
‫ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻣﻧﻛرا‪ .‬وﻋﻧدھﻣﺎ اﻟﻘول ﻟﻠﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ ﻷﻧﮫ ﻣﻧﻛر وإن أﻧﻛر اﻟﺻﺣﺔ‪ ،‬وﺳﻧﻘرره ﻣن ﺑﻌد إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‬
‫"وﻟو ﻗﺎل اﻟﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ أﺟل وﻗﺎل رب اﻟﺳﻠم ﺑل ﻛﺎن ﻟﮫ أﺟل ﻓﺎﻟﻘول ﻗول رب اﻟﺳﻠم" ﻷن اﻟﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ‬
‫ﻣﺗﻌﻧت ﻓﻲ إﻧﻛﺎره ﺣﻘﺎ ﻟﮫ وھو اﻷﺟل‪ ،‬واﻟﻔﺳﺎد ﻟﻌدم اﻷﺟل ﻏﯾر ﻣﺗﯾﻘن ﻟﻣﻛﺎن اﻻﺟﺗﮭﺎد ﻓﻼ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻧﻔﻊ ﻓﻲ رد‬
‫رأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻋدم اﻟوﺻف‪ ،‬وﻓﻲ ﻋﻛﺳﮫ اﻟﻘول ﻟرب اﻟﺳﻠم ﻋﻧدھﻣﺎ ﻷﻧﮫ ﯾﻧﻛر ﺣﻘﺎ ﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﻛون اﻟﻘول‬
‫ﻗوﻟﮫ وإن أﻧﻛر اﻟﺻﺣﺔ ﻛرب اﻟﻣﺎل إذا ﻗﺎل ﻟﻠﻣﺿﺎرب ﺷرطت ﻟك ﻧﺻف اﻟرﺑﺢ إﻻ ﻋﺷرة وﻗﺎل اﻟﻣﺿﺎرب ﻻ ﺑل‬
‫ﺷرطت ﻟﻲ ﻧﺻف اﻟرﺑﺢ ﻓﺎﻟﻘول ﻟرب اﻟﻣﺎل ﻷﻧﮫ ﯾﻧﻛر اﺳﺗﺣﻘﺎق اﻟرﺑﺢ وإن أﻧﻛر اﻟﺻﺣﺔ‪ .‬وﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ‬
‫ﷲ اﻟﻘول ﻟﻠﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ ﻷﻧﮫ ﯾدﻋﻲ اﻟﺻﺣﺔ وﻗد اﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻘد واﺣد ﻓﻛﺎﻧﺎ ﻣﺗﻔﻘﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺻﺣﺔ ظﺎھرا‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﻼزم ﻓﻼ ﯾﻌﺗﺑر اﻻﺧﺗﻼف ﻓﯾﮫ ﻓﯾﺑﻘﻰ ﻣﺟرد دﻋوى اﺳﺗﺣﻘﺎق اﻟرﺑﺢ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺳﻠم ﻓﻼزم‬
‫ﻓﺻﺎر اﻷﺻل أن ﻣن ﺧرج ﻛﻼﻣﮫ ﺗﻌﻧﺗﺎ ﻓﺎﻟﻘول ﻟﺻﺎﺣﺑﮫ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق‪ ،‬وإن ﺧرج ﺧﺻوﻣﺔ ووﻗﻊ اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻋﻘد‬
‫واﺣد ﻓﺎﻟﻘول ﻟﻣدﻋﻲ اﻟﺻﺣﺔ ﻋﻧده‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﻟﻠﻣﻧﻛر وإن أﻧﻛر اﻟﺻﺣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز اﻟﺳﻠم ﻓﻲ اﻟﺛﯾﺎب إذا ﺑﯾن طوﻻ وﻋرﺿﺎ ورﻗﻌﺔ" ﻷﻧﮫ أﺳﻠم ﻓﻲ ﻣﻌﻠوم ﻣﻘدور اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪،‬‬
‫وإن ﻛﺎن ﺛوب ﺣرﯾر ﻻ ﺑد ﻣن ﺑﯾﺎن وزﻧﮫ أﯾﺿﺎ ﻷﻧﮫ ﻣﻘﺻود ﻓﯾﮫ‪" .‬وﻻ ﯾﺟوز اﻟﺳﻠم ﻓﻲ اﻟﺟواھر وﻻ ﻓﻲ اﻟﺧرز"‬
‫ﻷن آﺣﺎدھﺎ ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ ﺗﻔﺎوﺗﺎ ﻓﺎﺣﺷﺎ وﻓﻲ ﺻﻐﺎر اﻟﻠؤﻟؤ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﺎع وزﻧﺎ ﯾﺟوز اﻟﺳﻠم ﻷﻧﮫ ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻠم ﺑﺎﻟوزن "وﻻ ﺑﺄس‬
‫ﺑﺎﻟﺳﻠم ﻓﻲ اﻟﻠﺑن واﻵﺟر إذا ﺳﻣﻰ ﻣﻠﺑﻧﺎ ﻣﻌﻠوﻣﺎ" ﻷﻧﮫ ﻋددي ﻣﺗﻘﺎرب ﻻ ﺳﯾﻣﺎ إذا ﺳﻣﻲ اﻟﻣﻠﺑن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛل ﻣﺎ أﻣﻛن ﺿﺑط ﺻﻔﺗﮫ وﻣﻌرﻓﺔ ﻣﻘداره ﺟﺎز اﻟﺳﻠم ﻓﯾﮫ" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻔﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ "وﻣﺎ ﻻ ﯾﺿﺑط‬
‫ﺻﻔﺗﮫ وﻻ ﯾﻌرف ﻣﻘداره ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺳﻠم ﻓﯾﮫ" ﻷﻧﮫ دﯾن‪ ،‬وﺑدون اﻟوﺻف‬

‫ﯾﺑﻘﻰ ﻣﺟﮭوﻻ ﺟﮭﺎﻟﺔ ﺗﻔﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ "وﻻ ﺑﺄس ﺑﺎﻟﺳﻠم ﻓﻲ طﺳت أو ﻗﻣﻘﻣﺔ أو‬ ‫ص ‪-77-‬‬
‫ﺧﻔﯾن أو ﻧﺣو ذﻟك إذا ﻛﺎن ﯾﻌرف" ﻻﺳﺗﺟﻣﺎع ﺷراﺋط اﻟﺳﻠم "وإن ﻛﺎن ﻻ ﯾﻌرف ﻓﻼ ﺧﯾر ﻓﯾﮫ" ﻷﻧﮫ دﯾن ﻣﺟﮭول‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن اﺳﺗﺻﻧﻊ ﺷﯾﺋﺎ ﻣن ذﻟك ﺑﻐﯾر أﺟل ﺟﺎز اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ" ﻟﻺﺟﻣﺎع اﻟﺛﺎﺑت ﺑﺎﻟﺗﻌﺎﻣل‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎس ﻻ ﯾﺟوز‬
‫ﻷﻧﮫ ﺑﯾﻊ اﻟﻣﻌدوم‪ ،‬واﻟﺻﺣﯾﺢ أﻧﮫ ﯾﺟوز ﺑﯾﻌﺎ ﻻ ﻋدة‪ ،‬واﻟﻣﻌدوم ﻗد ﯾﻌﺗﺑر ﻣوﺟودا ﺣﻛﻣﺎ‪ ،‬واﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻌﯾن دون‬
‫اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﺟﺎء ﺑﮫ ﻣﻔروﻏﺎ ﻻ ﻣن ﺻﻧﻌﺗﮫ أو ﻣن ﺻﻧﻌﺗﮫ ﻗﺑل اﻟﻌﻘد ﻓﺄﺧذه ﺟﺎز‪ ،‬وﻻ ﯾﺗﻌﯾن إﻻ ﺑﺎﻻﺧﺗﯾﺎر‪ ،‬ﺣﺗﻰ‬
‫ﻟو ﺑﺎﻋﮫ اﻟﺻﺎﻧﻊ ﻗﺑل أن ﯾراه اﻟﻣﺳﺗﺻﻧﻊ ﺟﺎز‪ ،‬وھذا ﻛﻠﮫ ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وھو ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إذا رآه‪ ،‬إن ﺷﺎء أﺧذه‪ ،‬وإن ﺷﺎء ﺗرﻛﮫ" ﻷﻧﮫ اﺷﺗرى ﺷﯾﺋﺎ ﻟم ﯾره وﻻ ﺧﯾﺎر ﻟﻠﺻﺎﻧﻊ‪ ،‬ﻛذا‬
‫ذﻛره ﻓﻲ اﻟﻣﺑﺳوط وھو اﻷﺻﺢ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﺑﺎع ﻣﺎ ﻟم ﯾره‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن ﻟﮫ اﻟﺧﯾﺎر أﯾﺿﺎ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ‬
‫ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ إﻻ ﺑﺿرر وھو ﻗطﻊ اﻟﺻرم وﻏﯾره‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف أﻧﮫ ﻻ ﺧﯾﺎر ﻟﮭﻣﺎ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺻﺎﻧﻊ ﻓﻠﻣﺎ‬
‫ذﻛرﻧﺎ‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﻣﺳﺗﺻﻧﻊ ﻓﻸن ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟﺧﯾﺎر ﻟﮫ إﺿرارا ﺑﺎﻟﺻﺎﻧﻊ ﻷﻧﮫ رﺑﻣﺎ ﻻ ﯾﺷﺗرﯾﮫ ﻏﯾره ﺑﻣﺛﻠﮫ وﻻ ﯾﺟوز‬
‫ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﺗﻌﺎﻣل ﻓﯾﮫ ﻟﻠﻧﺎس ﻛﺎﻟﺛﯾﺎب ﻟﻌدم اﻟﻣﺟوز وﻓﯾﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﺗﻌﺎﻣل إﻧﻣﺎ ﯾﺟوز إذا أﻣﻛن إﻋﻼﻣﮫ ﺑﺎﻟوﺻف ﻟﯾﻣﻛن‬
‫اﻟﺗﺳﻠﯾم‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﻗﺎل ﺑﻐﯾر أﺟل ﻷﻧﮫ ﻟو ﺿرب اﻷﺟل ﻓﯾﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﺗﻌﺎﻣل ﯾﺻﯾر ﺳﻠﻣﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﺧﻼﻓﺎ ﻟﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻟو‬
‫ﺿرﺑﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﺗﻌﺎﻣل ﻓﯾﮫ ﯾﺻﯾر ﺳﻠﻣﺎ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﻠﻔظ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟﻼﺳﺗﺻﻧﺎع ﻓﯾﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ ﻗﺿﯾﺗﮫ وﯾﺣﻣل‬
‫اﻷﺟل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺟﯾل‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﻻ ﺗﻌﺎﻣل ﻓﯾﮫ ﻷﻧﮫ اﺳﺗﺻﻧﺎع ﻓﺎﺳد ﻓﯾﺣﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠم اﻟﺻﺣﯾﺢ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ‬
‫دﯾن ﯾﺣﺗﻣل اﻟﺳﻠم‪ ،‬وﺟواز اﻟﺳﻠم ﺑﺈﺟﻣﺎع ﻻ ﺷﺑﮭﺔ ﻓﯾﮫ وﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻠﮭم اﻻﺳﺗﺻﻧﺎع ﻧوع ﺷﺑﮭﺔ ﻓﻛﺎن اﻟﺣﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠم‬
‫أوﻟﻰ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬
‫ﻣﺳﺎﺋل ﻣﻧﺛورة‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﻛﻠب واﻟﻔﮭد واﻟﺳﺑﺎع‪ ،‬اﻟﻣﻌﻠم وﻏﯾر اﻟﻣﻌﻠم ﻓﻲ ذﻟك ﺳواء" وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف أﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز‬
‫ﺑﯾﻊ اﻟﻛﻠب اﻟﻌﻘور ﻷﻧﮫ ﻏﯾر ﻣﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﻛﻠب‪ ،‬ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬إن ﻣن‬
‫اﻟﺳﺣت ﻣﮭر اﻟﺑﻐﻲ وﺛﻣن اﻟﻛﻠب" وﻷﻧﮫ ﻧﺟس اﻟﻌﯾن واﻟﻧﺟﺎﺳﺔ ﺗﺷﻌر ﺑﮭوان اﻟﻣﺣل وﺟواز اﻟﺑﯾﻊ ﯾﺷﻌر ﺑﺈﻋزازه‬
‫ﻓﻛﺎن ﻣﻧﺗﻔﯾﺎ‪ .‬وﻟﻧﺎ "أﻧﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻧﮭﻰ ﻋن ﺑﯾﻊ اﻟﻛﻠب إﻻ ﻛﻠب ﺻﯾد أو ﻣﺎﺷﯾﺔ" وﻷﻧﮫ ﻣﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ ﺣراﺳﺔ‬
‫واﺻطﯾﺎدا ﻓﻛﺎن ﻣﺎ ﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻌﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﮭوام اﻟﻣؤذﯾﺔ؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻧﺗﻔﻊ ﺑﮭﺎ‪ ،‬واﻟﺣدﯾث ﻣﺣﻣول‬

‫ﻋﻠﻰ اﻻﺑﺗداء ﻗﻠﻌﺎ ﻟﮭم ﻋن اﻻﻗﺗﻧﺎء وﻻ ﻧﺳﻠم ﻧﺟﺎﺳﺔ اﻟﻌﯾن‪ ،‬وﻟو ﺳﻠم ﻓﯾﺣرم اﻟﺗﻧﺎول دون‬ ‫ص ‪-78-‬‬
‫اﻟﺑﯾﻊ‪.‬‬
‫وﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﺧﻣر واﻟﺧﻧزﯾر" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬إن اﻟذي ﺣرم ﺷرﺑﮭﺎ ﺣرم ﺑﯾﻌﮭﺎ وأﻛل‬
‫ﺛﻣﻧﮭﺎ" وﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﻣﺎل ﻓﻲ ﺣﻘﻧﺎ‪ ،‬وﻗد ذﻛرﻧﺎه‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وأھل اﻟذﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺎﻋﺎت ﻛﺎﻟﻣﺳﻠﻣﯾن" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺣدﯾث‪" :‬ﻓﺄﻋﻠﻣﮭم أن ﻟﮭم ﻣﺎ‬
‫ﻟﻠﻣﺳﻠﻣﯾن وﻋﻠﯾﮭم ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن" وﻷﻧﮭم ﻣﻛﻠﻔون ﻣﺣﺗﺎﺟون ﻛﺎﻟﻣﺳﻠﻣﯾن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬إﻻ ﻓﻲ اﻟﺧﻣر واﻟﺧﻧزﯾر ﺧﺎﺻﺔ" ﻓﺈن ﻋﻘدھم ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻣر ﻛﻌﻘد اﻟﻣﺳﻠم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺻﯾر‪ ،‬وﻋﻘدھم ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻧزﯾر‬
‫ﻛﻌﻘد اﻟﻣﺳﻠم ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺎة؛ ﻷﻧﮭﺎ أﻣوال ﻓﻲ اﻋﺗﻘﺎدھم‪ ،‬وﻧﺣن أﻣرﻧﺎ ﺑﺄن ﻧﺗرﻛﮭم وﻣﺎ ﯾﻌﺗﻘدون‪ .‬دل ﻋﻠﯾﮫ ﻗول ﻋﻣر‪:‬‬
‫وﻟوھم ﺑﯾﻌﮭﺎ وﺧذوا اﻟﻌﺷر ﻣن أﺛﻣﺎﻧﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻗﺎل ﻟﻐﯾره ﺑﻊ ﻋﺑدك ﻣن ﻓﻼن ﺑﺄﻟف درھم ﻋﻠﻰ أﻧﻲ ﺿﺎﻣن ﻟك ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻣن اﻟﺛﻣن ﺳوى اﻷﻟف‬
‫ﻓﻔﻌل ﻓﮭو ﺟﺎﺋز وﯾﺄﺧذ اﻷﻟف ﻣن اﻟﻣﺷﺗري واﻟﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻣن اﻟﺿﺎﻣن‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻟم ﯾﻘل ﻣن اﻟﺛﻣن ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ‬
‫ﺑﺄﻟف وﻻ ﺷﻲء ﻋﻠﻰ اﻟﺿﻣﯾن" وأﺻﻠﮫ أن اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﺛﻣن واﻟﻣﺛﻣن ﺟﺎﺋز ﻋﻧدﻧﺎ‪ ،‬وﺗﻠﺗﺣق ﺑﺄﺻل اﻟﻌﻘد ﺧﻼﻓﺎ‬
‫ﻟزﻓر واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﻷﻧﮫ ﺗﻐﯾﯾر ﻟﻠﻌﻘد ﻣن وﺻف ﻣﺷروع إﻟﻰ وﺻف ﻣﺷروع وھو ﻛوﻧﮫ ﻋدﻻ أو ﺧﺎﺳرا أو راﺑﺣﺎ‪ ،‬ﺛم‬
‫ﻗد ﻻ ﯾﺳﺗﻔﯾد اﻟﻣﺷﺗري ﺑﮭﺎ ﺷﯾﺋﺎ ﺑﺄن زاد ﻓﻲ اﻟﺛﻣن وھو ﯾﺳﺎوي اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺑدوﻧﮭﺎ ﻓﯾﺻﺢ اﺷﺗراطﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺟﻧﺑﻲ ﻛﺑدل‬
‫اﻟﺧﻠﻊ ﻟﻛن ﻣن ﺷرطﮭﺎ اﻟﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺗﺳﻣﯾﺔ وﺻورة‪ ،‬ﻓﺈذا ﻗﺎل ﻣن اﻟﺛﻣن وﺟد ﺷرطﮭﺎ ﻓﯾﺻﺢ‪ ،‬وإذا ﻟم ﯾﻘل ﻟم ﯾوﺟد ﻓﻠم‬
‫ﯾﺻﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ وﻟم ﯾﻘﺑﺿﮭﺎ ﺣﺗﻰ زوﺟﮭﺎ ﻓوطﺋﮭﺎ اﻟزوج ﻓﺎﻟﻧﻛﺎح ﺟﺎﺋز" ﻟوﺟود ﺳﺑب اﻟوﻻﯾﺔ‪ ،‬وھو‬
‫اﻟﻣﻠك ﻓﻲ اﻟرﻗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻣﺎل وﻋﻠﯾﮫ اﻟﻣﮭر‪" .‬وھذا ﻗﺑض" ﻷن وطء اﻟزوج ﺣﺻل ﺑﺗﺳﻠﯾط ﻣن ﺟﮭﺗﮫ ﻓﺻﺎر ﻓﻌﻠﮫ‬
‫ﻛﻔﻌﻠﮫ "إن ﻟم ﯾطﺄھﺎ ﻓﻠﯾس ﺑﻘﺑض" واﻟﻘﯾﺎس أن ﯾﺻﯾر ﻗﺎﺑﺿﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﺗﻌﯾﯾب ﺣﻛﻣﻲ ﻓﯾﻌﺗﺑر ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾب اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ‪ .‬وﺟﮫ‬
‫اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أن ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ اﺳﺗﯾﻼء ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣل وﺑﮫ ﯾﺻﯾر ﻗﺎﺑﺿﺎ وﻻ ﻛذﻟك اﻟﺣﻛﻣﻲ ﻓﺎﻓﺗرﻗﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﻋﺑدا ﻓﻐﺎب ﻓﺄﻗﺎم اﻟﺑﺎﺋﻊ اﻟﺑﯾﻧﺔ أﻧﮫ ﺑﺎﻋﮭﺎ إﯾﺎه‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎﻧت ﻏﯾﺑﺗﮫ ﻣﻌروﻓﺔ ﻟم ﯾﺑﻊ ﻓﻲ دﯾن‬
‫اﻟﺑﺎﺋﻊ" ﻷﻧﮫ ﯾﻣﻛن إﯾﺻﺎل اﻟﺑﺎﺋﻊ إﻟﻰ ﺣﻘﮫ ﺑدون اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وﻓﯾﮫ إﺑطﺎل ﺣق اﻟﻣﺷﺗري "وإن ﻟم ﯾدر أﯾن ھو ﺑﯾﻊ اﻟﻌﺑد‬
‫وأوﻓﻰ اﻟﺛﻣن" ﻷن ﻣﻠك اﻟﻣﺷﺗري ظﮭر ﺑﺈﻗراره‬

‫ﻓﯾظﮭر ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﮫ اﻟذي أﻗر ﺑﮫ ﻣﺷﻐوﻻ ﺑﺣﻘﮫ‪ ،‬وإذا ﺗﻌذر اﺳﺗﯾﻔﺎؤه ﻣن اﻟﻣﺷﺗري ﯾﺑﯾﻌﮫ‬ ‫ص ‪-79-‬‬
‫اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﯾﮫ ﻛﺎﻟراھن إذا ﻣﺎت واﻟﻣﺷﺗري إذا ﻣﺎت ﻣﻔﻠﺳﺎ واﻟﻣﺑﯾﻊ ﻟم ﯾﻘﺑض‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﻘﺑض؛ ﻷن ﺣﻘﮫ ﻟم‬
‫ﯾﺑق ﻣﺗﻌﻠﻘﺎ ﺑﮫ‪ ،‬ﺛم إن ﻓﺿل ﺷﻲء ﯾﻣﺳك ﻟﻠﻣﺷﺗري؛ ﻷﻧﮫ ﺑدل ﺣﻘﮫ وإن ﻧﻘص ﯾﺗﺑﻊ ھو أﯾﺿﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻛﺎن اﻟﻣﺷﺗري اﺛﻧﯾن ﻓﻐﺎب أﺣدھﻣﺎ ﻓﻠﻠﺣﺎﺿر أن ﯾدﻓﻊ اﻟﺛﻣن ﻛﻠﮫ وﯾﻘﺑﺿﮫ‪ ،‬وإذا ﺣﺿر اﻵﺧر ﻟم ﯾﺄﺧذ‬
‫ﻧﺻﯾﺑﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﻧﻘد ﺷرﯾﻛﮫ اﻟﺛﻣن ﻛﻠﮫ وھو ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬إذا دﻓﻊ اﻟﺣﺎﺿر اﻟﺛﻣن ﻛﻠﮫ‬
‫ﻟم ﯾﻘﺑض إﻻ ﻧﺻﯾﺑﮫ وﻛﺎن ﻣﺗطوﻋﺎ ﺑﻣﺎ أدى ﻋن ﺻﺎﺣﺑﮫ" ﻷﻧﮫ ﻗﺿﻰ دﯾن ﻏﯾره ﺑﻐﯾر أﻣره ﻓﻼ ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ وھو‬
‫أﺟﻧﺑﻲ ﻋن ﻧﺻﯾب ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻓﻼ ﯾﻘﺑﺿﮫ‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﻣﺿطر ﻓﯾﮫ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﻧﺻﯾﺑﮫ إﻻ ﺑﺄداء ﺟﻣﯾﻊ‬
‫اﻟﺛﻣن؛ ﻷن اﻟﺑﯾﻊ ﺻﻔﻘﺔ واﺣدة‪ ،‬وﻟﮫ ﺣق اﻟﺣﺑس ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﺷﻲء ﻣﻧﮫ‪ ،‬واﻟﻣﺿطر ﯾرﺟﻊ ﻛﻣﻌﯾر اﻟرھن‪ ،‬وإذا ﻛﺎن ﻟﮫ‬
‫أن ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ ﻛﺎن ﻟﮫ ﺣق اﻟﺣﺑس ﻋﻧﮫ إﻟﻰ أن ﯾﺳﺗوﻓﻲ ﺣﻘﮫ ﻛﺎﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺷراء إذا ﻗﺿﻰ اﻟﺛﻣن ﻣن ﻣﺎل ﻧﻔﺳﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ ﺑﺄﻟف ﻣﺛﻘﺎل ذھب وﻓﺿﺔ ﻓﮭﻣﺎ ﻧﺻﻔﺎن" ﻷﻧﮫ أﺿﺎف اﻟﻣﺛﻘﺎل إﻟﯾﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺳواء ﻓﯾﺟب‬
‫ﻣن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻣﺛﻘﺎل ﻟﻌدم اﻷوﻟوﯾﺔ‪ ،‬وﺑﻣﺛﻠﮫ ﻟو اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ ﺑﺄﻟف ﻣن اﻟذھب واﻟﻔﺿﺔ ﯾﺟب ﻣن‬
‫اﻟذھب ﻣﺛﺎﻗﯾل وﻣن اﻟﻔﺿﺔ دراھم وزن ﺳﺑﻌﺔ ﻷﻧﮫ أﺿﺎف اﻷﻟف إﻟﯾﮭﻣﺎ ﻓﯾﻧﺻرف إﻟﻰ اﻟوزن اﻟﻣﻌﮭود ﻓﻲ ﻛل‬
‫واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻟﮫ ﻋﻠﻰ آﺧر ﻋﺷرة دراھم ﺟﯾﺎد ﻓﻘﺿﺎه زﯾوﻓﺎ وھو ﻻ ﯾﻌﻠم ﻓﺄﻧﻔﻘﮭﺎ أو ھﻠﻛت ﻓﮭو ﻗﺿﺎء ﻋﻧد أﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ﯾرد ﻣﺛل زﯾوﻓﮫ وﯾرﺟﻊ ﺑدراھﻣﮫ" ﻷن ﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻟوﺻف ﻣرﻋﻲ‬
‫ﻛﮭو ﻓﻲ اﻷﺻل‪ ،‬وﻻ ﯾﻣﻛن رﻋﺎﯾﺗﮫ ﺑﺈﯾﺟﺎب ﺿﻣﺎن اﻟوﺻف ﻷﻧﮫ ﻻ ﻗﯾﻣﺔ ﻟﮫ ﻋﻧد اﻟﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑﺟﻧﺳﮫ ﻓوﺟب اﻟﻣﺻﯾر‬
‫إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﻣن ﺟﻧس ﺣﻘﮫ‪ .‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﺗﺟوز ﺑﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﺟوز اﻻﺳﺗﺑدال ﺟﺎز ﻓﯾﻘﻊ ﺑﮫ اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء وﻻ ﯾﺑﻘﻰ‬
‫ﺣﻘﮫ إﻻ ﻓﻲ اﻟﺟودة‪ ،‬وﻻ ﯾﻣﻛن ﺗدارﻛﮭﺎ ﺑﺈﯾﺟﺎب ﺿﻣﺎﻧﮭﺎ ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ ،‬وﻛذا ﺑﺈﯾﺟﺎب ﺿﻣﺎن اﻷﺻل ﻷﻧﮫ إﯾﺟﺎب ﻟﮫ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ وﻻ ﻧظﯾر ﻟﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وإذا أﻓرخ طﯾر ﻓﻲ أرض رﺟل ﻓﮭو ﻟﻣن أﺧذه" وﻛذا إذا ﺑﺎض ﻓﯾﮭﺎ "وﻛذا إذا ﺗﻛﻧس ﻓﯾﮭﺎ ظﺑﻲ" ﻷﻧﮫ‬
‫ﻣﺑﺎح ﺳﺑﻘت ﯾده إﻟﯾﮫ وﻷﻧﮫ ﺻﯾد وإن ﻛﺎن ﯾؤﺧذ ﺑﻐﯾر ﺣﯾﻠﺔ واﻟﺻﯾد ﻟﻣن أﺧذه‪ ،‬وﻛذا اﻟﺑﯾض؛ ﻷﻧﮫ أﺻل اﻟﺻﯾد‬
‫وﻟﮭذا ﯾﺟب اﻟﺟزاء ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣرم ﺑﻛﺳره أو ﺷﯾﮫ‪ ،‬وﺻﺎﺣب اﻷرض ﻟم ﯾﻌد أرﺿﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﻧﺻب ﺷﺑﻛﺔ ﻟﻠﺟﻔﺎف‬
‫وﻛذا إذا دﺧل اﻟﺻﯾد داره‬
‫أو وﻗﻊ ﻣﺎ ﻧﺛر ﻣن اﻟﺳﻛر واﻟدراھم ﻓﻲ ﺛﯾﺎﺑﮫ ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛﻔﮫ أو ﻛﺎن ﻣﺳﺗﻌدا ﻟﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ‬ ‫ص ‪-80-‬‬
‫إذا ﻋﺳل اﻟﻧﺣل ﻓﻲ أرﺿﮫ ﻷﻧﮫ ﻋد ﻣن أﻧزاﻟﮫ ﻓﯾﻣﻠﻛﮫ ﺗﺑﻌﺎ ﻷرﺿﮫ ﻛﺎﻟﺷﺟر اﻟﻧﺎﺑت ﻓﯾﮭﺎ واﻟﺗراب اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ‬
‫أرﺿﮫ ﺑﺟرﯾﺎن اﻟﻣﺎء‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻟﺻرف‬ ‫ص ‪-81-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟﺻرف ھو اﻟﺑﯾﻊ إذا ﻛﺎن ﻛل واﺣد ﻣن ﻋوﺿﯾﮫ ﻣن ﺟﻧس اﻷﺛﻣﺎن" ﺳﻣﻲ ﺑﮫ ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻧﻘل ﻓﻲ ﺑدﻟﯾﮫ‬
‫ﻣن ﯾد إﻟﻰ ﯾد‪ .‬واﻟﺻرف ھو اﻟﻧﻘل واﻟرد ﻟﻐﺔ‪ ،‬أو ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾطﻠب ﻣﻧﮫ إﻻ اﻟزﯾﺎدة إذ ﻻ ﯾﻧﺗﻔﻊ ﺑﻌﯾﻧﮫ‪ ،‬واﻟﺻرف ھو‬
‫اﻟزﯾﺎدة ﻟﻐﺔ ﻛذا ﻗﺎﻟﮫ اﻟﺧﻠﯾل وﻣﻧﮫ ﺳﻣﯾت اﻟﻌﺑﺎدة اﻟﻧﺎﻓﻠﺔ ﺻرﻓﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﺑﺎع ﻓﺿﺔ ﺑﻔﺿﺔ أو ذھﺑﺎ ﺑذھب ﻻ ﯾﺟوز إﻻ ﻣﺛﻼ ﺑﻣﺛل وإن اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ اﻟﺟودة واﻟﺻﯾﺎﻏﺔ" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬اﻟذھب ﺑﺎﻟذھب ﻣﺛﻼ ﺑﻣﺛل وزﻧﺎ ﺑوزن ﯾدا ﺑﯾد واﻟﻔﺿل رﺑﺎ" اﻟﺣدﯾث‪ .‬وﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة‬
‫واﻟﺳﻼم‪" :‬ﺟﯾدھﺎ وردﯾﺋﮭﺎ ﺳواء" وﻗد ذﻛرﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﺑﯾوع‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺑد ﻣن ﻗﺑض اﻟﻌوﺿﯾن ﻗﺑل اﻻﻓﺗراق" ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻟﻘول ﻋﻣر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬وإن اﺳﺗﻧظرك أن ﯾدﺧل‬
‫ﺑﯾﺗﮫ ﻓﻼ ﺗﻧظره‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻻ ﺑد ﻣن ﻗﺑض أﺣدھﻣﺎ ﻟﯾﺧرج اﻟﻌﻘد ﻋن اﻟﻛﺎﻟﺊ ﺑﺎﻟﻛﺎﻟﺊ ﺛم ﻻ ﺑد ﻣن ﻗﺑض اﻵﺧر ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ‬
‫ﻟﻠﻣﺳﺎواة ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق اﻟرﺑﺎ‪ ،‬وﻷن أﺣدھﻣﺎ ﻟﯾس ﺑﺄوﻟﻰ ﻣن اﻵﺧر ﻓوﺟب ﻗﺑﺿﮭﻣﺎ ﺳواء ﻛﺎﻧﺎ ﯾﺗﻌﯾﻧﺎن ﻛﺎﻟﻣﺻوغ أو ﻻ‬
‫ﯾﺗﻌﯾﻧﺎن ﻛﺎﻟﻣﺿروب أو ﯾﺗﻌﯾن أﺣدھﻣﺎ وﻻ ﯾﺗﻌﯾن اﻵﺧر ﻹطﻼق ﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻷﻧﮫ إن ﻛﺎن ﯾﺗﻌﯾن ﻓﻔﯾﮫ ﺷﺑﮭﺔ ﻋدم‬
‫اﻟﺗﻌﯾﯾن ﻟﻛوﻧﮫ ﺛﻣﻧﺎ ﺧﻠﻘﺔ ﻓﯾﺷﺗرط ﻗﺑﺿﮫ اﻋﺗﺑﺎرا ﻟﻠﺷﺑﮭﺔ ﻓﻲ اﻟرﺑﺎ‪ ،‬واﻟﻣراد ﻣﻧﮫ اﻻﻓﺗراق ﺑﺎﻷﺑدان‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ذھﺑﺎ‬
‫ﻋن اﻟﻣﺟﻠس ﯾﻣﺷﯾﺎن ﻣﻌﺎ ﻓﻲ ﺟﮭﺔ واﺣدة أو ﻧﺎﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس أو أﻏﻣﻲ ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ ﻻ ﯾﺑطل اﻟﺻرف ﻟﻘول اﺑن ﻋﻣر‬
‫رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ وإن وﺛب ﻣن ﺳطﺢ ﻓﺛب ﻣﻌﮫ‪ ،‬وﻛذا اﻟﻣﻌﺗﺑر ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه ﻓﻲ ﻗﺑض رأس ﻣﺎل اﻟﺳﻠم‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺧﯾﺎر‬
‫اﻟﻣﺧﯾرة ﻷﻧﮫ ﯾﺑطل ﺑﺎﻹﻋراض ﻓﯾﮫ‪" .‬وإن ﺑﺎع اﻟذھب ﺑﺎﻟﻔﺿﺔ ﺟﺎز اﻟﺗﻔﺎﺿل" ﻟﻌدم اﻟﻣﺟﺎﻧﺳﺔ "ووﺟب اﻟﺗﻘﺎﺑض"‬
‫ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬اﻟذھب ﺑﺎﻟورق رﺑﺎ إﻻ ھﺎء وھﺎء" "ﻓﺈن اﻓﺗرﻗﺎ ﻓﻲ اﻟﺻرف ﻗﺑل ﻗﺑض اﻟﻌوﺿﯾن أو‬
‫أﺣدھﻣﺎ ﺑطل اﻟﻌﻘد" ﻟﻔوات اﻟﺷرط وھو اﻟﻘﺑض وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺻﺢ ﺷرط اﻟﺧﯾﺎر ﻓﯾﮫ وﻻ اﻷﺟل ﻷن ﺑﺄﺣدھﻣﺎ ﻻ ﯾﺑﻘﻰ‬
‫اﻟﻘﺑض ﻣﺳﺗﺣﻘﺎ وﺑﺎﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾﻔوت اﻟﻘﺑض اﻟﻣﺳﺗﺣق‪ ،‬إﻻ إذا أﺳﻘط اﻟﺧﯾﺎر ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس ﻓﯾﻌود إﻟﻰ اﻟﺟواز ﻻرﺗﻔﺎﻋﮫ ﻗﺑل‬
‫ﺗﻘرره وﻓﯾﮫ ﺧﻼف زﻓر رﺣﻣﮫ ﷲ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ ﺛﻣن اﻟﺻرف ﻗﺑل ﻗﺑﺿﮫ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﺑﺎع دﯾﻧﺎرا ﺑﻌﺷرة‬ ‫ص ‪-82-‬‬
‫دراھم وﻟم ﯾﻘﺑض اﻟﻌﺷرة ﺣﺗﻰ اﺷﺗرى ﺑﮭﺎ ﺛوﺑﺎ ﻓﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﻲ اﻟﺛوب ﻓﺎﺳد" ﻷن اﻟﻘﺑض ﻣﺳﺗﺣق ﺑﺎﻟﻌﻘد ﺣﻘﺎ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬وﻓﻲ ﺗﺟوﯾزه ﻓواﺗﮫ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﺟوز اﻟﻌﻘد ﻓﻲ اﻟﺛوب ﻛﻣﺎ ﻧﻘل ﻋن زﻓر‪ ،‬ﻷن اﻟدراھم ﻻ ﺗﺗﻌﯾن‬
‫ﻓﯾﻧﺻرف اﻟﻌﻘد إﻟﻰ ﻣطﻠﻘﮭﺎ‪ ،‬وﻟﻛﻧﺎ ﻧﻘول‪ :‬اﻟﺛﻣن ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺻرف ﻣﺑﯾﻊ ﻷن اﻟﺑﯾﻊ ﻻ ﺑد ﻟﮫ ﻣﻧﮫ وﻻ ﺷﻲء ﺳوى‬
‫اﻟﺛﻣﻧﯾن ﻓﯾﺟﻌل ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣﺑﯾﻌﺎ ﻟﻌدم اﻷوﻟوﯾﺔ وﺑﯾﻊ اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻻ ﯾﺟوز‪ ،‬وﻟﯾس ﻣن ﺿرورة ﻛوﻧﮫ‬
‫ﻣﺑﯾﻌﺎ أن ﯾﻛون ﻣﺗﻌﯾﻧﺎ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟذھب ﺑﺎﻟﻔﺿﺔ ﻣﺟﺎزﻓﺔ" ﻷن اﻟﻣﺳﺎواة ﻏﯾر ﻣﺷروطﺔ ﻓﯾﮫ وﻟﻛن ﯾﺷﺗرط اﻟﻘﺑض ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس‬
‫ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺑﯾﻌﮫ ﺑﺟﻧﺳﮫ ﻣﺟﺎزﻓﺔ ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن اﺣﺗﻣﺎل اﻟرﺑﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﺟﺎرﯾﺔ ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ أﻟف ﻣﺛﻘﺎل ﻓﺿﺔ وﻓﻲ ﻋﻧﻘﮭﺎ طوق ﻓﺿﺔ ﻗﯾﻣﺗﮫ أﻟف ﻣﺛﻘﺎل ﺑﺄﻟﻔﻲ ﻣﺛﻘﺎل ﻓﺿﺔ‬
‫وﻧﻘد ﻣن اﻟﺛﻣن أﻟف ﻣﺛﻘﺎل ﺛم اﻓﺗرﻗﺎ ﻓﺎﻟذي ﻧﻘد ﺛﻣن اﻟﻔﺿﺔ" ﻷن ﻗﺑض ﺣﺻﺔ اﻟطوق واﺟب ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس ﻟﻛوﻧﮫ‬
‫ﺑدل اﻟﺻرف‪ ،‬واﻟظﺎھر ﻣﻧﮫ اﻹﺗﯾﺎن ﺑﺎﻟواﺟب "وﻛذا ﻟو اﺷﺗراھﺎ ﺑﺄﻟﻔﻲ ﻣﺛﻘﺎل أﻟف ﻧﺳﯾﺋﺔ وأﻟف ﻧﻘدا ﻓﺎﻟﻧﻘد ﺛﻣن‬
‫اﻟطوق" ﻷن اﻷﺟل ﺑﺎطل ﻓﻲ اﻟﺻرف ﺟﺎﺋز ﻓﻲ ﺑﯾﻊ اﻟﺟﺎرﯾﺔ‪ ،‬واﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺟواز وھو اﻟظﺎھر ﻣﻧﮭﻣﺎ‬
‫"وﻛذﻟك إن ﺑﺎع ﺳﯾﻔﺎ ﻣﺣﻠﻰ ﺑﻣﺎﺋﺔ درھم وﺣﻠﯾﺗﮫ ﺧﻣﺳون ﻓدﻓﻊ ﻣن اﻟﺛﻣن ﺧﻣﺳﯾن ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ وﻛﺎن اﻟﻣﻘﺑوض‬
‫ﺣﺻﺔ اﻟﻔﺿﺔ وإن ﻟم ﯾﺑﯾن ذﻟك ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻛذﻟك إن ﻗﺎل‪ :‬ﺧذ ھذه اﻟﺧﻣﺳﯾن ﻣن ﺛﻣﻧﮭﻣﺎ" ﻷن اﻻﺛﻧﯾن ﻗد ﯾراد‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰﻣ‪ِ:‬ﻧ ْ}ﮭ ُﻣ َﺎ اﻟﻠ ﱡؤ ْ ﻟ ُؤ ُ و َ اﻟ ْ ﻣ َر ْ ﺟ َ ﺎن ُ { ]اﻟرﺣﻣن‪ [22:‬واﻟﻣراد أﺣدھﻣﺎ ﻓﯾﺣﻣل ﻋﻠﯾﮫ‬
‫ﷲر ُ ج ُ‬
‫ﺑذﻛرھﻣﺎ اﻟواﺣد‪ ،‬ﻗﺎلﯾ َﺧ ْ‬
‫ﻟظﺎھر ﺣﺎﻟﮫ "ﻓﺈن ﻟم ﯾﺗﻘﺎﺑﺿﺎ ﺣﺗﻰ اﻓﺗرﻗﺎ ﺑطل اﻟﻌﻘد ﻓﻲ اﻟﺣﻠﯾﺔ" ﻷﻧﮫ ﺻرف ﻓﯾﮭﺎ "وﻛذا ﻓﻲ اﻟﺳﯾف إن ﻛﺎن ﻻ‬
‫ﯾﺗﺧﻠص إﻻ ﺑﺿرر" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺳﻠﯾﻣﮫ ﺑدون اﻟﺿرر وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺟوز إﻓراده ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ ﻛﺎﻟﺟذع ﻓﻲ اﻟﺳﻘف "وإن‬
‫ﻛﺎن ﯾﺗﺧﻠص ﺑﻐﯾر ﺿرر ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻲ اﻟﺳﯾف وﺑطل ﻓﻲ اﻟﺣﻠﯾﺔ" ﻷﻧﮫ أﻣﻛن إﻓراده ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟطوق‬
‫واﻟﺟﺎرﯾﺔ‪ ،‬وھذا إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻔﺿﺔ اﻟﻣﻔردة أزﯾد ﻣﻣﺎ ﻓﯾﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎﻧت ﻣﺛﻠﮫ أو أﻗل ﻣﻧﮫ أو ﻻ ﯾدري ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺑﯾﻊ‬
‫ﻟﻠرﺑﺎ أو ﻻﺣﺗﻣﺎﻟﮫ‪ ،‬وﺟﮭﺔ اﻟﺻﺣﺔ ﻣن وﺟﮫ وﺟﮭﺔ اﻟﻔﺳﺎد ﻣن وﺟﮭﯾن ﻓﺗرﺟﺣت‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع إﻧﺎء ﻓﺿﺔ ﺛم اﻓﺗرﻗﺎ وﻗد ﻗﺑض ﺑﻌض ﺛﻣﻧﮫ ﺑطل اﻟﺑﯾﻊ ﻓﯾﻣﺎ ﻟم ﯾﻘﺑض وﺻﺢ ﻓﯾﻣﺎ ﻗﺑض وﻛﺎن‬
‫اﻹﻧﺎء ﻣﺷﺗرﻛﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ" ﻷﻧﮫ ﺻرف ﻛﻠﮫ ﻓﺻﺢ ﻓﯾﻣﺎ وﺟد ﺷرطﮫ وﺑطل ﻓﯾﻣﺎ ﻟم ﯾوﺟد واﻟﻔﺳﺎد طﺎرئ ﻷﻧﮫ ﯾﺻﺢ ﺛم‬
‫ﯾﺑطل ﺑﺎﻻﻓﺗراق ﻓﻼ ﯾﺷﯾﻊ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو اﺳﺗﺣق ﺑﻌض اﻹﻧﺎء ﻓﺎﻟﻣﺷﺗري ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎء أﺧذ اﻟﺑﺎﻗﻲ ﺑﺣﺻﺗﮫ وإن ﺷﺎء‬

‫رده" ﻷن اﻟﺷرﻛﺔ ﻋﯾب ﻓﻲ اﻹﻧﺎء‪" .‬وﻣن ﺑﺎع ﻗطﻌﺔ ﻧﻘرة ﺛم اﺳﺗﺣق ﺑﻌﺿﮭﺎ أﺧذ ﻣﺎ‬ ‫ص ‪-83-‬‬
‫ﺑﻘﻲ ﺑﺣﺻﺗﮭﺎ وﻻ ﺧﯾﺎر ﻟﮫ" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺿره اﻟﺗﺑﻌﯾض‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع درھﻣﯾن ودﯾﻧﺎرا ﺑدرھم ودﯾﻧﺎرﯾن ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ وﺟﻌل ﻛل ﺟﻧس ﺑﺧﻼﻓﮫ" وﻗﺎل زﻓر واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‬
‫رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف إذا ﺑﺎع ﻛر ﺷﻌﯾر وﻛر ﺣﻧطﺔ ﺑﻛري ﺷﻌﯾر وﻛري ﺣﻧطﺔ‪ :‬وﻟﮭﻣﺎ أن ﻓﻲ‬
‫اﻟﺻرف إﻟﻰ ﺧﻼف اﻟﺟﻧس ﺗﻐﯾﯾر ﺗﺻرﻓﮫ ﻷﻧﮫ ﻗﺎﺑل اﻟﺟﻣﻠﺔ ﺑﺎﻟﺟﻣﻠﺔ‪ ،‬وﻣن ﻗﺿﯾﺗﮫ اﻻﻧﻘﺳﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺷﯾوع ﻻ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺗﻌﯾﯾن‪ ،‬واﻟﺗﻐﯾﯾر ﻻ ﯾﺟوز وإن ﻛﺎن ﻓﯾﮫ ﺗﺻﺣﯾﺢ اﻟﺗﺻرف‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا اﺷﺗرى ﻗﻠﺑﺎ ﺑﻌﺷرة وﺛوﺑﺎ ﺑﻌﺷرة ﺛم ﺑﺎﻋﮭﻣﺎ‬
‫ﻣراﺑﺣﺔ ﻻ ﯾﺟوز وإن أﻣﻛن ﺻرف اﻟرﺑﺢ إﻟﻰ اﻟﺛوب‪ ،‬وﻛذا إذا اﺷﺗرى ﻋﺑدا ﺑﺄﻟف درھم ﺛم ﺑﺎﻋﮫ ﻗﺑل ﻧﻘد اﻟﺛﻣن‬
‫ﻣن اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻣﻊ ﻋﺑد آﺧر ﺑﺄﻟف وﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻻ ﯾﺟوز ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺗرى ﺑﺄﻟف وإن أﻣﻛن ﺗﺻﺣﯾﺣﮫ ﺑﺻرف اﻷﻟف إﻟﯾﮫ‪.‬‬
‫وﻛذا إذا ﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﻋﺑده وﻋﺑد ﻏﯾره وﻗﺎل ﺑﻌﺗك أﺣدھﻣﺎ ﻻ ﯾﺟوز وإن أﻣﻛن ﺗﺻﺣﯾﺣﮫ ﺑﺻرﻓﮫ إﻟﻰ ﻋﺑده‪ .‬وﻛذا إذا‬
‫ﺑﺎع درھﻣﺎ وﺛوﺑﺎ ﺑدرھم وﺛوب واﻓﺗرﻗﺎ ﻣن ﻏﯾر ﻗﺑض ﻓﺳد اﻟﻌﻘد ﻓﻲ اﻟدرھﻣﯾن وﻻ ﯾﺻرف اﻟدرھم إﻟﻰ اﻟﺛوب ﻟﻣﺎ‬
‫ذﻛرﻧﺎ‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﺗﺣﺗﻣل ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﻔرد ﺑﺎﻟﻔرد ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﺟﻧس ﺑﺎﻟﺟﻧس‪ ،‬وأﻧﮫ طرﯾق ﻣﺗﻌﯾن‬
‫ﻟﺗﺻﺣﯾﺣﮫ ﻓﯾﺣﻣل ﻋﻠﯾﮫ ﺗﺻﺣﯾﺣﺎ ﻟﺗﺻرﻓﮫ‪ ،‬وﻓﯾﮫ ﺗﻐﯾﯾر وﺻﻔﮫ ﻻ أﺻﻠﮫ ﻷﻧﮫ ﯾﺑﻘﻰ ﻣوﺟﺑﮫ اﻷﺻﻠﻲ وھو ﺛﺑوت‬
‫اﻟﻣﻠك ﻓﻲ اﻟﻛل ﺑﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﻛل‪ ،‬وﺻﺎر ھذا ﻛﻣﺎ إذا ﺑﺎع ﻧﺻف ﻋﺑد ﻣﺷﺗرك ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﻏﯾره ﯾﻧﺻرف إﻟﻰ ﻧﺻﯾﺑﮫ‬
‫ﺗﺻﺣﯾﺣﺎ ﻟﺗﺻرﻓﮫ ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﻋد ﻣن اﻟﻣﺳﺎﺋل‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻣراﺑﺣﺔ ﻓﻸﻧﮫ ﯾﺻﯾر ﺗوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻠب ﺑﺻرف اﻟرﺑﺢ ﻛﻠﮫ إﻟﻰ اﻟﺛوب‪ .‬واﻟطرﯾق ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻏﯾر‬
‫ﻣﺗﻌﯾن ﻷﻧﮫ ﯾﻣﻛن ﺻرف اﻟزﯾﺎدة ﻋﻠﻰ اﻷﻟف إﻟﻰ اﻟﻣﺷﺗري‪ .‬وﻓﻲ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ أﺿﯾف اﻟﺑﯾﻊ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﻛر وھو ﻟﯾس ﺑﻣﺣل‬
‫ﻟﻠﺑﯾﻊ واﻟﻣﻌﯾن ﺿده‪ .‬وﻓﻲ اﻷﺧﯾرة اﻟﻌﻘد اﻧﻌﻘد ﺻﺣﯾﺣﺎ واﻟﻔﺳﺎد ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺑﻘﺎء وﻛﻼﻣﻧﺎ ﻓﻲ اﻻﺑﺗداء‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع أﺣد ﻋﺷر درھﻣﺎ ﺑﻌﺷرة دراھم ودﯾﻧﺎر ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ وﺗﻛون اﻟﻌﺷرة ﺑﻣﺛﻠﮭﺎ واﻟدﯾﻧﺎر ﺑدرھم" ﻷن‬
‫ﺷرط اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻲ اﻟدراھم اﻟﺗﻣﺎﺛل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟظﺎھر أﻧﮫ أراد ﺑﮫ ذﻟك ﻓﺑﻘﻲ اﻟدرھم ﺑﺎﻟدﯾﻧﺎر وھﻣﺎ ﺟﻧﺳﺎن وﻻ‬
‫ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺗﺳﺎوي ﻓﯾﮭﻣﺎ‪" .‬وﻟو ﺗﺑﺎﯾﻌﺎ ﻓﺿﺔ ﺑﻔﺿﺔ أو ذھﺑﺎ ﺑذھب وأﺣدھﻣﺎ أﻗل وﻣﻊ أﻗﻠﮭﻣﺎ ﺷﻲء آﺧر ﺗﺑﻠﻎ ﻗﯾﻣﺗﮫ‬
‫ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻔﺿﺔ ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ ﻣن ﻏﯾر ﻛراھﯾﺔ‪ ،‬وإن ﻟم ﺗﺑﻠﻎ ﻓﻣﻊ اﻟﻛراھﺔ‪ ،‬وإن ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ ﻗﯾﻣﺔ ﻛﺎﻟﺗراب ﻻ ﯾﺟوز‬
‫اﻟﺑﯾﻊ" ﻟﺗﺣﻘق اﻟرﺑﺎ إذ اﻟزﯾﺎدة ﻻ ﯾﻘﺎﺑﻠﮭﺎ ﻋوض ﻓﯾﻛون رﺑﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻛﺎن ﻟﮫ ﻋﻠﻰ آﺧر ﻋﺷرة دراھم ﻓﺑﺎﻋﮫ اﻟذي ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻌﺷرة دﯾﻧﺎرا ﺑﻌﺷرة دراھم‬

‫ودﻓﻊ اﻟدﯾﻧﺎر وﺗﻘﺎﺻﺎ اﻟﻌﺷرة ﺑﺎﻟﻌﺷرة ﻓﮭو ﺟﺎﺋز" وﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ إذا ﺑﺎع ﺑﻌﺷرة‬ ‫ص ‪-84-‬‬
‫ﻣطﻠﻘﺔ‪ .‬ووﺟﮭﮫ أﻧﮫ ﯾﺟب ﺑﮭذا اﻟﻌﻘد ﺛﻣن ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ ﺗﻌﯾﯾﻧﮫ ﺑﺎﻟﻘﺑض ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ ،‬واﻟدﯾن ﻟﯾس ﺑﮭذه اﻟﺻﻔﺔ ﻓﻼ ﺗﻘﻊ‬
‫اﻟﻣﻘﺎﺻﺔ ﺑﻧﻔس اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻟﻌدم اﻟﻣﺟﺎﻧﺳﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺗﻘﺎﺻﺎ ﯾﺗﺿﻣن ذﻟك ﻓﺳﺦ اﻷول واﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟدﯾن‪ ،‬إذ ﻟوﻻ ذﻟك ﯾﻛون‬
‫اﺳﺗﺑداﻻ ﺑﺑدل اﻟﺻرف‪ ،‬وﻓﻲ اﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟدﯾن ﺗﻘﻊ اﻟﻣﻘﺎﺻﺔ ﺑﻧﻔس اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺑﯾﻧﮫ‪ ،‬واﻟﻔﺳﺦ ﻗد ﯾﺛﺑت ﺑطرﯾق‬
‫اﻻﻗﺗﺿﺎء ﻛﻣﺎ إذا ﺗﺑﺎﯾﻌﺎ ﺑﺄﻟف ﺛم ﺑﺄﻟف وﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ‪ ،‬وزﻓر ﯾﺧﺎﻟﻔﻧﺎ ﻓﯾﮫ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻘول ﺑﺎﻻﻗﺗﺿﺎء‪ ،‬وھذا إذا ﻛﺎن اﻟدﯾن‬
‫ﺳﺎﺑﻘﺎ‪ .‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻻﺣﻘﺎ ﻓﻛذﻟك ﻓﻲ أﺻﺢ اﻟرواﯾﺗﯾن ﻟﺗﺿﻣﻧﮫ اﻧﻔﺳﺎخ اﻷول واﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ دﯾن ﻗﺎﺋم وﻗت ﺗﺣوﯾل اﻟﻌﻘد‬
‫ﻓﻛﻔﻰ ذﻟك ﻟﻠﺟواز‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﺑﯾﻊ درھم ﺻﺣﯾﺢ ودرھﻣﻲ ﻏﻠﺔ ﺑدرھﻣﯾن ﺻﺣﯾﺣﯾن ودرھم ﻏﻠﺔ" واﻟﻐﻠﺔ ﻣﺎ ﯾرده ﺑﯾت اﻟﻣﺎل‬
‫وﯾﺄﺧذه اﻟﺗﺟﺎر‪ .‬ووﺟﮭﮫ ﺗﺣﻘق اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ اﻟوزن وﻣﺎ ﻋرف ﻣن ﺳﻘوط اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺟودة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن اﻟﻐﺎﻟب ﻋﻠﻰ اﻟدراھم اﻟﻔﺿﺔ ﻓﮭﻲ ﻓﺿﺔ‪ ،‬وإذا ﻛﺎن اﻟﻐﺎﻟب ﻋﻠﻰ اﻟدﻧﺎﻧﯾر اﻟذھب ﻓﮭﻲ ذھب‪،‬‬
‫وﯾﻌﺗﺑر ﻓﯾﮭﻣﺎ ﻣن ﺗﺣرﯾم اﻟﺗﻔﺎﺿل ﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻓﻲ اﻟﺟﯾﺎد ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﺧﺎﻟﺻﺔ ﺑﮭﺎ وﻻ ﺑﯾﻊ ﺑﻌﺿﮭﺎ ﺑﺑﻌض إﻻ‬
‫ﻣﺗﺳﺎوﯾﺎ ﻓﻲ اﻟوزن‪ .‬وﻛذا ﻻ ﯾﺟوز اﻻﺳﺗﻘراض ﺑﮭﺎ إﻻ وزﻧﺎ" ﻷن اﻟﻧﻘود ﻻ ﺗﺧﻠو ﻋن ﻗﻠﯾل ﻏش ﻋﺎدة ﻷﻧﮭﺎ ﻻ‬
‫ﺗﻧطﺑﻊ إﻻ ﻣﻊ اﻟﻐش‪ ،‬وﻗد ﯾﻛون اﻟﻐش ﺧﻠﻘﯾﺎ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟرديء ﻣﻧﮫ ﻓﯾﻠﺣق اﻟﻘﻠﯾل ﺑﺎﻟرداءة‪ ،‬واﻟﺟﯾد واﻟرديء ﺳواء‬
‫"وإن ﻛﺎن اﻟﻐﺎﻟب ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ اﻟﻐش ﻓﻠﯾﺳﺎ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟدراھم واﻟدﻧﺎﻧﯾر" اﻋﺗﺑﺎرا ﻟﻠﻐﺎﻟب‪ ،‬ﻓﺈن اﺷﺗرى ﺑﮭﺎ ﻓﺿﺔ ﺧﺎﻟﺻﺔ‬
‫ﻓﮭو ﻋﻠﻰ اﻟوﺟوه اﻟﺗﻲ ذﻛرﻧﺎھﺎ ﻓﻲ ﺣﻠﯾﺔ اﻟﺳﯾف‪" .‬وإن ﺑﯾﻌت ﺑﺟﻧﺳﮭﺎ ﻣﺗﻔﺎﺿﻼ ﺟﺎز ﺻرﻓﺎ ﻟﻠﺟﻧس إﻟﻰ ﺧﻼف‬
‫اﻟﺟﻧس" ﻓﮭﻲ ﻓﻲ ﺣﻛم ﺷﯾﺋﯾن ﻓﺿﺔ وﺻﻔر وﻟﻛﻧﮫ ﺻرف ﺣﺗﻰ ﯾﺷﺗرط اﻟﻘﺑض ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس ﻟوﺟود اﻟﻔﺿﺔ ﻣن‬
‫اﻟﺟﺎﻧﺑﯾن‪ ،‬ﻓﺈذا ﺷرط اﻟﻘﺑض ﻓﻲ اﻟﻔﺿﺔ ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ اﻟﺻﻔر ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺗﻣﯾز ﻋﻧﮫ إﻻ ﺑﺿرر‪.‬‬
‫ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬وﻣﺷﺎﯾﺧﻧﺎ رﺣﻣﮭم ﷲ ﻟم ﯾﻔﺗوا ﺑﺟواز ذﻟك ﻓﻲ اﻟﻌداﻟﻰ واﻟﻐطﺎرﻓﺔ ﻷﻧﮭﺎ أﻋز اﻷﻣوال ﻓﻲ‬
‫دﯾﺎرﻧﺎ‪ ،‬ﻓﻠو أﺑﯾﺢ اﻟﺗﻔﺎﺿل ﻓﯾﮫ ﯾﻧﻔﺗﺢ ﺑﺎب اﻟرﺑﺎ‪ ،‬ﺛم إن ﻛﺎﻧت ﺗروج ﺑﺎﻟوزن ﻓﺎﻟﺗﺑﺎﯾﻊ واﻻﺳﺗﻘراض ﻓﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟوزن‪ ،‬وإن‬
‫ﻛﺎﻧت ﺗروج ﺑﺎﻟﻌد ﻓﺑﺎﻟﻌد‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧت ﺗروج ﺑﮭﻣﺎ ﻓﺑﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻷن اﻟﻣﻌﺗﺑر ھو اﻟﻣﻌﺗﺎد ﻓﯾﮭﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﻛن ﻓﯾﮭﻣﺎ‬
‫ﻧص‪ ،‬ﺛم ھﻲ ﻣﺎ داﻣت ﺗروج ﺗﻛون أﺛﻣﺎﻧﺎ ﻻ ﺗﺗﻌﯾن ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن‪ ،‬وإذا ﻛﺎﻧت ﻻ ﺗروج ﻓﮭﻲ ﺳﻠﻌﺔ ﺗﺗﻌﯾن ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن‪ ،‬وإذا‬
‫ﻛﺎﻧت ﯾﺗﻘﺑﻠﮭﺎ اﻟﺑﻌض دون اﻟﺑﻌض ﻓﮭﻲ ﻛﺎﻟزﯾوف ﻻ ﯾﺗﻌﻠق اﻟﻌﻘد ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ ﺑل ﺑﺟﻧﺳﮭﺎ زﯾوﻓﺎ إن ﻛﺎن اﻟﺑﺎﺋﻊ ﯾﻌﻠم‬
‫ﺑﺣﺎﻟﮭﺎ ﻟﺗﺣﻘق اﻟرﺿﺎ ﻣﻧﮫ‪ ،‬وﺑﺟﻧﺳﮭﺎ ﻣن اﻟﺟﯾﺎد إن ﻛﺎن ﻻ ﯾﻌﻠم ﻟﻌدم اﻟرﺿﺎ ﻣﻧﮫ‪.‬‬

‫"وإذا اﺷﺗرى ﺑﮭﺎ ﺳﻠﻌﺔ ﻓﻛﺳدت وﺗرك اﻟﻧﺎس اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﮭﺎ ﺑطل اﻟﺑﯾﻊ ﻋﻧد أﺑﻲ‬ ‫ص ‪-85-‬‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ :‬ﻋﻠﯾﮫ ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ ﯾوم اﻟﺑﯾﻊ‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ آﺧر ﻣﺎ ﺗﻌﺎﻣل‬
‫اﻟﻧﺎس ﺑﮭﺎ" ﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﻌﻘد ﻗد ﺻﺢ إﻻ أﻧﮫ ﺗﻌذر اﻟﺗﺳﻠﯾم ﺑﺎﻟﻛﺳﺎد وأﻧﮫ ﻻ ﯾوﺟب اﻟﻔﺳﺎد‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا اﺷﺗرى ﺑﺎﻟرطب‬
‫ﻓﺎﻧﻘطﻊ أواﻧﮫ‪ .‬وإذا ﺑﻘﻲ اﻟﻌﻘد وﺟﺑت اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ ،‬ﻟﻛن ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ وﻗت اﻟﺑﯾﻊ ﻷﻧﮫ ﻣﺿﻣون ﺑﮫ‪ ،‬وﻋﻧد‬
‫ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾوم اﻻﻧﻘطﺎع ﻷﻧﮫ أوان اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن اﻟﺛﻣن ﯾﮭﻠك ﺑﺎﻟﻛﺳﺎد؛ ﻷن‬
‫اﻟﺛﻣﻧﯾﺔ ﺑﺎﻻﺻطﻼح وﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻓﯾﺑﻘﻰ ﺑﯾﻌﺎ ﺑﻼ ﺛﻣن ﻓﯾﺑطل‪ ،‬وإذا ﺑطل اﻟﺑﯾﻊ ﯾﺟب رد اﻟﻣﺑﯾﻊ إن ﻛﺎن ﻗﺎﺋﻣﺎ وﻗﯾﻣﺗﮫ إن‬
‫ﻛﺎن ھﺎﻟﻛﺎ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ اﻟﻔﺎﺳد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺎﻟﻔﻠوس" ﻷﻧﮭﺎ ﻣﺎل ﻣﻌﻠوم‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎﻧت ﻧﺎﻓﻘﺔ ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ ﺑﮭﺎ وإن ﻟم ﺗﺗﻌﯾن ﻷﻧﮭﺎ أﺛﻣﺎن‬
‫ﺑﺎﻻﺻطﻼح‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧت ﻛﺎﺳدة ﻟم ﯾﺟز اﻟﺑﯾﻊ ﺑﮭﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﻌﯾﻧﮭﺎ ﻷﻧﮭﺎ ﺳﻠﻊ ﻓﻼ ﺑد ﻣن ﺗﻌﯾﯾﻧﮭﺎ "وإذا ﺑﺎع ﺑﺎﻟﻔﻠوس‬
‫اﻟﻧﺎﻓﻘﺔ ﺛم ﻛﺳدت ﺑطل اﻟﺑﯾﻊ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﺧﻼﻓﺎ ﻟﮭﻣﺎ" وھو ﻧظﯾر اﻻﺧﺗﻼف اﻟذي ﺑﯾﻧﺎه‪" .‬وﻟو‬
‫اﺳﺗﻘرض ﻓﻠوﺳﺎ ﻧﺎﻓﻘﺔ ﻓﻛﺳدت ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺛﻠﮭﺎ" ﻷﻧﮫ إﻋﺎرة‪ ،‬وﻣوﺟﺑﮫ رد اﻟﻌﯾن‬
‫ﻣﻌﻧﻰ واﻟﺛﻣﻧﯾﺔ ﻓﺿل ﻓﯾﮫ إذ اﻟﻘرض ﻻ ﯾﺧﺗص ﺑﮫ‪ .‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﺗﺟب ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﺑطل وﺻف اﻟﺛﻣﻧﯾﺔ ﺗﻌذر ردھﺎ‬
‫ﻛﻣﺎ ﻗﺑض ﻓﯾﺟب رد ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا اﺳﺗﻘرض ﻣﺛﻠﯾﺎ ﻓﺎﻧﻘطﻊ‪ ،‬ﻟﻛن ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾوم اﻟﻘﺑض‪ ،‬وﻋﻧد‬
‫ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾوم اﻟﻛﺳﺎد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر ﻣن ﻗﺑل‪ ،‬وأﺻل اﻻﺧﺗﻼف ﻓﯾﻣن ﻏﺻب ﻣﺛﻠﯾﺎ ﻓﺎﻧﻘطﻊ‪ ،‬وﻗول ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ‬
‫ﷲ أﻧظر ﻟﻠﺟﺎﻧﺑﯾن‪ ،‬وﻗول أﺑﻲ ﯾوﺳف أﯾﺳر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺷﯾﺋﺎ ﺑﻧﺻف درھم ﻓﻠوس ﺟﺎز وﻋﻠﯾﮫ ﻣﺎ ﯾﺑﺎع ﺑﻧﺻف درھم ﻣن اﻟﻔﻠوس وﻛذا إذا ﻗﺎل ﺑداﻧق‬
‫ﻓﻠوس أو ﺑﻘﯾراط ﻓﻠوس ﺟﺎز"‪ .‬وﻗﺎل زﻓر‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ذﻟك ﻷﻧﮫ اﺷﺗرى ﺑﺎﻟﻔﻠوس وأﻧﮭﺎ ﺗﻘدر ﺑﺎﻟﻌدد ﻻ‬
‫ﺑﺎﻟداﻧق واﻟدرھم ﻓﻼ ﺑد ﻣن ﺑﯾﺎن ﻋددھﺎ‪ ،‬وﻧﺣن ﻧﻘول‪ :‬ﻣﺎ ﯾﺑﺎع ﺑﺎﻟداﻧق وﻧﺻف اﻟدرھم ﻣن اﻟﻔﻠوس ﻣﻌﻠوم ﻋﻧد‬
‫اﻟﻧﺎس واﻟﻛﻼم ﻓﯾﮫ ﻓﺄﻏﻧﻰ ﻋن ﺑﯾﺎن اﻟﻌدد‪ .‬وﻟو ﻗﺎل ﺑدرھم ﻓﻠوس أو ﺑدرھﻣﻲ ﻓﻠوس ﻓﻛذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ‬
‫ﷲ ﻷن ﻣﺎ ﯾﺑﺎع ﺑﺎﻟدرھم ﻣن اﻟﻔﻠوس ﻣﻌﻠوم وھو اﻟﻣراد ﻻ وزن اﻟدرھم ﻣن اﻟﻔﻠوس‪ .‬وﻋن ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﻻ‬
‫ﯾﺟوز ﺑﺎﻟدرھم وﯾﺟوز ﻓﯾﻣﺎ دون اﻟدرھم‪ ،‬ﻷن ﻓﻲ اﻟﻌﺎدة اﻟﻣﺑﺎﯾﻌﺔ ﺑﺎﻟﻔﻠوس ﻓﯾﻣﺎ دون اﻟدرھم ﻓﺻﺎر ﻣﻌﻠوﻣﺎ ﺑﺣﻛم‬
‫اﻟﻌﺎدة‪ ،‬وﻻ ﻛذﻟك اﻟدرھم ﻗﺎﻟوا‪ :‬وﻗول أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﺻﺢ ﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ دﯾﺎرﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻋطﻰ ﺻﯾرﻓﯾﺎ درھﻣﺎ وﻗﺎل أﻋطﻧﻲ ﺑﻧﺻﻔﮫ ﻓﻠوﺳﺎ وﺑﻧﺻﻔﮫ ﻧﺻﻔﺎ إﻻ ﺣﺑﺔ ﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻲ اﻟﻔﻠوس‬
‫وﺑطل ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻋﻧدھﻣﺎ" ﻷن ﺑﯾﻊ ﻧﺻف درھم ﺑﺎﻟﻔﻠوس ﺟﺎﺋز وﺑﯾﻊ اﻟﻧﺻف‬

‫ﺑﻧﺻف إﻻ ﺣﺑﺔ رﺑﺎ ﻓﻼ ﯾﺟوز "وﻋﻠﻰ ﻗﯾﺎس ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﺑطل ﻓﻲ‬ ‫ص ‪-86-‬‬
‫اﻟﻛل" ﻷن اﻟﺻﻔﻘﺔ ﻣﺗﺣدة واﻟﻔﺳﺎد ﻗوي ﻓﯾﺷﯾﻊ وﻗد ﻣر ﻧظﯾره‪ ،‬وﻟو ﻛرر ﻟﻔظ اﻹﻋطﺎء ﻛﺎن ﺟواﺑﮫ ﻛﺟواﺑﮭﻣﺎ ھو‬
‫اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻷﻧﮭﻣﺎ ﺑﯾﻌﺎن "وﻟو ﻗﺎل أﻋطﻧﻲ ﻧﺻف درھم ﻓﻠوﺳﺎ وﻧﺻﻔﺎ إﻻ ﺣﺑﺔ ﺟﺎز" ﻷﻧﮫ ﻗﺎﺑل اﻟدرھم ﺑﻣﺎ ﯾﺑﺎع ﻣن‬
‫اﻟﻔﻠوس ﺑﻧﺻف درھم وﺑﻧﺻف درھم إﻻ ﺣﺑﺔ ﻓﯾﻛون ﻧﺻف درھم إﻻ ﺣﺑﺔ ﺑﻣﺛﻠﮫ وﻣﺎ وراءه ﺑﺈزاء اﻟﻔﻠوس‪ .‬ﻗﺎل‬
‫رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬وﻓﻲ أﻛﺛر ﻧﺳﺦ اﻟﻣﺧﺗﺻر ذﻛر اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬وﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‬ ‫ص ‪-87-‬‬


‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ:‬ﻔ }ﱠﻠ َﮭ َﺎ ز َ ﻛ َر ِ ﯾ ﱠﺎ{ ]آل ﻋﻣران‪ [37:‬ﺛم ﻗﯾل‪ :‬ھﻲ ﺿم اﻟذﻣﺔ إﻟﻰ اﻟذﻣﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ :‬ھﻲ اﻟﺿم ﻟﻐﺔ‪ ،‬ﻗﺎل ﷲ و َ ﻛ‬
‫اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ‪ ،‬وﻗﯾل ﻓﻲ اﻟدﯾن‪ ،‬واﻷول أﺻﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺿرﺑﺎن‪ :‬ﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس‪ ،‬وﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻣﺎل‪ .‬ﻓﺎﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس ﺟﺎﺋزة واﻟﻣﺿﻣون ﺑﮭﺎ إﺣﺿﺎر اﻟﻣﻛﻔول‬
‫ﺑﮫ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز ﻷﻧﮫ ﻛﻔل ﺑﻣﺎ ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻠﯾﻣﮫ‪ ،‬إذ ﻻ ﻗدرة ﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻧﻔس اﻟﻣﻛﻔول ﺑﮫ‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻣﺎل ﻷن ﻟﮫ وﻻﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎل ﻧﻔﺳﮫ‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬اﻟزﻋﯾم ﻏﺎرم" وھذا ﯾﻔﯾد‬
‫ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﻧوﻋﯾﮫ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻠﯾﻣﮫ ﺑطرﯾﻘﮫ ﺑﺄن ﯾﻌﻠم اﻟطﺎﻟب ﻣﻛﺎﻧﮫ ﻓﯾﺧﻠﻲ ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾﻧﮫ أو ﯾﺳﺗﻌﯾن‬
‫ﺑﺄﻋوان اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ذﻟك واﻟﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ إﻟﯾﮫ‪ ،‬وﻗد أﻣﻛن ﺗﺣﻘق ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ وھو اﻟﺿم ﻓﻲ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﻧﻌﻘد إذا ﻗﺎل ﺗﻛﻔﻠت ﺑﻧﻔس ﻓﻼن أو ﺑرﻗﺑﺗﮫ أو ﺑروﺣﮫ أو ﺑﺟﺳده أو ﺑرأﺳﮫ وﻛذا ﺑﺑدﻧﮫ وﺑوﺟﮭﮫ" ﻷن‬
‫ھذه اﻷﻟﻔﺎظ ﯾﻌﺑر ﺑﮭﺎ ﻋن اﻟﺑدن إﻣﺎ ﺣﻘﯾﻘﺔ أو ﻋرﻓﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر ﻓﻲ اﻟطﻼق‪ ،‬ﻛذا إذا ﻗﺎل ﺑﻧﺻﻔﮫ أو ﺑﺛﻠﺛﮫ أو ﺑﺟزء‬
‫ﻣﻧﮫ ﻷن اﻟﻧﻔس اﻟواﺣدة ﻓﻲ ﺣق اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻻ ﺗﺗﺟزأ ﻓﻛﺎن ذﻛر ﺑﻌﺿﮭﺎ ﺷﺎﺋﻌﺎ ﻛذﻛر ﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺎل ﺗﻛﻔﻠت ﺑﯾد‬
‫ﻓﻼن أو ﺑرﺟﻠﮫ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻌﺑر ﺑﮭﻣﺎ ﻋن اﻟﺑدن ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﺻﺢ إﺿﺎﻓﺔ اﻟطﻼق إﻟﯾﮭﻣﺎ وﻓﯾﻣﺎ ﺗﻘدم ﺗﺻﺢ "وﻛذا إذا ﻗﺎل‬
‫ﺿﻣﻧﺗﮫ" ﻷﻧﮫ ﺗﺻرﯾﺢ ﺑﻣوﺟﺑﮫ "أو ﻗﺎل" ھو "ﻋﻠﻲ" ﻷﻧﮫ ﺻﯾﻐﺔ اﻻﻟﺗزام "أو ﻗﺎل إﻟﻲ" ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ ﻋﻠﻲ ﻓﻲ‬
‫ھذا اﻟﻣﻘﺎم‪ .‬ﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬وﻣن ﺗرك ﻣﺎﻻ ﻓﻠورﺛﺗﮫ‪ ،‬وﻣن ﺗرك ﻛﻼ أو ﻋﯾﺎﻻ ﻓﺈﻟﻲ" "وﻛذا إذا ﻗﺎل أﻧﺎ‬
‫زﻋﯾم ﺑﮫ أو ﻗﺑﯾل ﺑﮫ" ﻷن اﻟزﻋﺎﻣﺔ ھﻲ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ وﻗد روﯾﻧﺎ ﻓﯾﮫ‪ .‬واﻟﻘﺑﯾل ھو اﻟﻛﻔﯾل‪ ،‬وﻟﮭذا ﺳﻣﻲ اﻟﺻك ﻗﺑﺎﻟﺔ‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺎل أﻧﺎ ﺿﺎﻣن ﻟﻣﻌرﻓﺗﮫ ﻷﻧﮫ اﻟﺗزم اﻟﻣﻌرﻓﺔ دون اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﺷرط ﻓﻲ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﻛﻔول ﺑﮫ ﻓﻲ وﻗت ﺑﻌﯾﻧﮫ ﻟزﻣﮫ إﺣﺿﺎره إذا طﺎﻟﺑﮫ ﻓﻲ ذﻟك اﻟوﻗت"‬
‫وﻓﺎء ﺑﻣﺎ اﻟﺗزﻣﮫ‪" ،‬ﻓﺈن أﺣﺿره وإﻻ ﺣﺑﺳﮫ اﻟﺣﺎﻛم"‪ ,‬ﻻﻣﺗﻧﺎﻋﮫ ﻋن إﯾﻔﺎء ﺣق ﻣﺳﺗﺣق ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻟﻛن ﻻ ﯾﺣﺑﺳﮫ أول‬
‫ﻣرة ﻟﻌﻠﮫ ﻣﺎ درى ﻟﻣﺎذا ﯾدﻋﻲ‪ .‬وﻟو ﻏﺎب اﻟﻣﻛﻔول‬

‫ﺑﻧﻔﺳﮫ أﻣﮭﻠﮫ اﻟﺣﺎﻛم ﻣدة ذھﺎﺑﮫ وﻣﺟﯾﺋﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ﻣﺿت وﻟم ﯾﺣﺿره ﯾﺣﺑﺳﮫ ﻟﺗﺣﻘق اﻣﺗﻧﺎﻋﮫ‬ ‫ص ‪-88-‬‬
‫ﻋن إﯾﻔﺎء اﻟﺣق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذا إذا ارﺗد واﻟﻌﯾﺎذ ﺑﺎ وﻟﺣق ﺑدار اﻟﺣرب" وھذا ﻷﻧﮫ ﻋﺎﺟز ﻓﻲ اﻟﻣدة ﻓﯾﻧظر ﻛﺎﻟذي أﻋﺳر‪ ،‬وﻟو ﺳﻠﻣﮫ‬
‫ﻗﺑل ذﻟك ﺑرئ ﻷن اﻷﺟل ﺣﻘﮫ ﻓﯾﻣﻠك إﺳﻘﺎطﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟدﯾن اﻟﻣؤﺟل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أﺣﺿره وﺳﻠﻣﮫ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﯾﻘدر اﻟﻣﻛﻔول ﻟﮫ أن ﯾﺧﺎﺻﻣﮫ ﻓﯾﮫ ﻣﺛل أن ﯾﻛون ﻓﻲ ﻣﺻر ﺑرئ اﻟﻛﻔﯾل ﻣن‬
‫اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ" ﻷﻧﮫ أﺗﻰ ﺑﻣﺎ اﻟﺗزﻣﮫ وﺣﺻل اﻟﻣﻘﺻود ﺑﮫ‪ ،‬وھذا ﻷﻧﮫ ﻣﺎ اﻟﺗزم اﻟﺗﺳﻠﯾم إﻻ ﻣرة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﻔل ﻋﻠﻰ أن ﯾﺳﻠﻣﮫ ﻓﻲ ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﺳﻠﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﺳوق ﺑرئ" ﻟﺣﺻول اﻟﻣﻘﺻود‪ ،‬وﻗﯾل ﻓﻲ‬
‫زﻣﺎﻧﻧﺎ‪ :‬ﻻ ﯾﺑرأ ﻷن اﻟظﺎھر اﻟﻣﻌﺎوﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻻ ﻋﻠﻰ اﻹﺣﺿﺎر ﻓﻛﺎن اﻟﺗﻘﯾﯾد ﻣﻔﯾدا "وإن ﺳﻠﻣﮫ ﻓﻲ ﺑرﯾﺔ ﻟم‬
‫ﯾﺑرأ" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺧﺎﺻﻣﺔ ﻓﯾﮭﺎ ﻓﻠم ﯾﺣﺻل اﻟﻣﻘﺻود‪ ،‬وﻛذا إذا ﺳﻠﻣﮫ ﻓﻲ ﺳواد ﻟﻌدم ﻗﺎض ﯾﻔﺻل اﻟﺣﻛم‬
‫ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻟو ﺳﻠم ﻓﻲ ﻣﺻر آﺧر ﻏﯾر اﻟﻣﺻر اﻟذي ﻛﻔل ﻓﯾﮫ ﺑرئ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻟﻠﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺧﺎﺻﻣﺔ ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫وﻋﻧدھﻣﺎ ﻻ ﯾﺑرأ ﻷﻧﮫ ﻗد ﺗﻛون ﺷﮭوده ﻓﯾﻣﺎ ﻋﯾﻧﮫ‪ .‬وﻟو ﺳﻠﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﺳﺟن وﻗد ﺣﺑﺳﮫ ﻏﯾر اﻟطﺎﻟب ﻻ ﯾﺑرأ ﻷﻧﮫ ﻻ‬
‫ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺧﺎﺻﻣﺔ ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻣﺎت اﻟﻣﻛﻔول ﺑﮫ ﺑرئ اﻟﻛﻔﯾل ﺑﺎﻟﻧﻔس ﻣن اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ" ﻷﻧﮫ ﻋﺟز ﻋن إﺣﺿﺎره‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﺳﻘط اﻟﺣﺿور‬
‫ﻋن اﻷﺻﯾل ﻓﯾﺳﻘط اﻹﺣﺿﺎر ﻋن اﻟﻛﻔﯾل‪ ،‬وﻛذا إذا ﻣﺎت اﻟﻛﻔﯾل ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺑق ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﻛﻔول ﺑﻧﻔﺳﮫ‬
‫وﻣﺎﻟﮫ ﻻ ﯾﺻﻠﺢ ﻹﯾﻔﺎء ھذا اﻟواﺟب ﺑﺧﻼف اﻟﻛﻔﯾل ﺑﺎﻟﻣﺎل‪ .‬وﻟو ﻣﺎت اﻟﻣﻛﻔول ﻟﮫ ﻓﻠﻠوﺻﻲ أن ﯾطﺎﻟب اﻟﻛﻔﯾل‪ ،‬ﻓﺈن ﻟم‬
‫ﯾﻛن ﻓﻠوارﺛﮫ ﻟﻘﯾﺎﻣﮫ ﻣﻘﺎم اﻟﻣﯾت‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻛﻔل ﺑﻧﻔس آﺧر وﻟم ﯾﻘل إذا دﻓﻌت إﻟﯾك ﻓﺄﻧﺎ ﺑريء ﻓدﻓﻌﮫ إﻟﯾﮫ ﻓﮭو ﺑريء" ﻷﻧﮫ ﻣوﺟب اﻟﺗﺻرف‬
‫ﻓﯾﺛﺑت ﺑدون اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﺷﺗرط ﻗﺑول اﻟطﺎﻟب اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء اﻟدﯾن‪ ،‬وﻟو ﺳﻠم اﻟﻣﻛﻔول ﺑﮫ ﻧﻔﺳﮫ‬
‫ﻣن ﻛﻔﺎﻟﺗﮫ ﺻﺢ ﻷﻧﮫ ﻣطﺎﻟب ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻓﻛﺎن ﻟﮫ وﻻﯾﺔ اﻟدﻓﻊ‪ ،‬وﻛذا إذا ﺳﻠﻣﮫ إﻟﯾﮫ وﻛﯾل اﻟﻛﻔﯾل أو رﺳوﻟﮫ ﻟﻘﯾﺎﻣﮭﻣﺎ‬
‫ﻣﻘﺎﻣﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﺗﻛﻔل ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ إن ﻟم ﯾواف ﺑﮫ إﻟﻰ وﻗت ﻛذا ﻓﮭو ﺿﺎﻣن ﻟﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ وھو أﻟف ﻓﻠم ﯾﺣﺿره إﻟﻰ‬
‫ذﻟك اﻟوﻗت ﻟزﻣﮫ ﺿﻣﺎن اﻟﻣﺎل" ﻷن اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻣﺎل ﻣﻌﻠﻘﺔ ﺑﺷرط ﻋدم اﻟﻣواﻓﺎة‪ ،‬وھذا اﻟﺗﻌﻠﯾق ﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬ﻓﺈذا وﺟد‬
‫اﻟﺷرط ﻟزﻣﮫ اﻟﻣﺎل "وﻻ ﯾﺑرأ ﻋن اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس" ﻷن‬

‫وﺟوب اﻟﻣﺎل ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻻ ﯾﻧﺎﻓﻲ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﻧﻔﺳﮫ إذ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻟﻠﺗوﺛق‪ .‬وﻗﺎل‬ ‫ص ‪-89-‬‬
‫اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻻ ﺗﺻﺢ ھذه اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻷﻧﮫ ﺗﻌﻠﯾق ﺳﺑب وﺟوب اﻟﻣﺎل ﺑﺎﻟﺧطر ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﺑﯾﻊ‪ .‬وﻟﻧﺎ أﻧﮫ ﯾﺷﺑﮫ اﻟﺑﯾﻊ وﯾﺷﺑﮫ اﻟﻧذر‬
‫ﻣن ﺣﯾث إﻧﮫ اﻟﺗزام‪ .‬ﻓﻘﻠﻧﺎ‪ :‬ﻻ ﯾﺻﺢ ﺗﻌﻠﯾﻘﮫ ﺑﻣطﻠق اﻟﺷرط ﻛﮭﺑوب اﻟرﯾﺢ وﻧﺣوه‪ .‬وﯾﺻﺢ ﺑﺷرط ﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻣﻼ‬
‫ﺑﺎﻟﺷﺑﮭﯾن واﻟﺗﻌﻠﯾق ﺑﻌدم اﻟﻣواﻓﺎة ﻣﺗﻌﺎرف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻛﻔل ﺑﻧﻔس رﺟل وﻗﺎل إن ﻟم ﯾواف ﺑﮫ ﻏدا ﻓﻌﻠﯾﮫ اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﻓﺈن ﻣﺎت اﻟﻣﻛﻔول ﻋﻧﮫ ﺿﻣن اﻟﻣﺎل" ﻟﺗﺣﻘق‬
‫اﻟﺷرط وھو ﻋدم اﻟﻣواﻓﺎة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ادﻋﻰ ﻋﻠﻰ آﺧر ﻣﺎﺋﺔ دﯾﻧﺎر ﺑﯾﻧﮭﺎ أو ﻟم ﯾﺑﯾﻧﮭﺎ ﺣﺗﻰ ﺗﻛﻔل ﺑﻧﻔﺳﮫ رﺟل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ إن ﻟم ﯾواف ﺑﮫ ﻏدا‬
‫ﻓﻌﻠﯾﮫ اﻟﻣﺎﺋﺔ ﻓﻠم ﯾواف ﺑﮫ ﻏدا ﻓﻌﻠﯾﮫ اﻟﻣﺎﺋﺔ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ ،‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪:‬‬
‫إن ﻟم ﯾﺑﯾﻧﮭﺎ ﺣﺗﻰ ﺗﻛﻔل ﺑﮫ رﺟل ﺛم ادﻋﻰ ﺑﻌد ذﻟك ﻟم ﯾﻠﺗﻔت إﻟﻰ دﻋواه" ﻷﻧﮫ ﻋﻠق ﻣﺎﻻ ﻣطﻠﻘﺎ ﺑﺧطر؛ أﻻ ﯾرى‬
‫أﻧﮫ ﻟم ﯾﻧﺳﺑﮫ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻻ ﺗﺻﺢ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟوﺟﮫ وإن ﺑﯾﻧﮭﺎ وﻷﻧﮫ ﻟم ﺗﺻﺢ اﻟدﻋوى ﻣن ﻏﯾر ﺑﯾﺎن ﻓﻼ‬
‫ﯾﺟب إﺣﺿﺎر اﻟﻧﻔس‪ ،‬وإذا ﻟم ﯾﺟب ﻻ ﺗﺻﺢ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس ﻓﻼ ﺗﺻﺢ ﺑﺎﻟﻣﺎل ﻷﻧﮫ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺑﯾن‪.‬‬
‫وﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﻣﺎل ذﻛر ﻣﻌرﻓﺎ ﻓﯾﻧﺻرف إﻟﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬واﻟﻌﺎدة ﺟرت ﺑﺎﻹﺟﻣﺎل ﻓﻲ اﻟدﻋﺎوى ﻓﺗﺻﺢ اﻟدﻋوى ﻋﻠﻰ‬
‫اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺑﯾﺎن‪ ،‬ﻓﺈذا ﺑﯾن اﻟﺗﺣق اﻟﺑﯾﺎن ﺑﺄﺻل اﻟدﻋوى ﻓﺗﺑﯾن ﺻﺣﺔ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﺟوز اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس ﻓﻲ اﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ" ﻣﻌﻧﺎه‪ :‬ﻻ ﯾﺟﺑر ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻋﻧده‪،‬‬
‫وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﺟﺑر ﻓﻲ ﺣد اﻟﻘذف ﻷن ﻓﯾﮫ ﺣق اﻟﻌﺑد وﻓﻲ اﻟﻘﺻﺎص ﻷﻧﮫ ﺧﺎﻟص ﺣق اﻟﻌﺑد ﻓﯾﻠﯾق ﺑﮭﻣﺎ اﻻﺳﺗﯾﺛﺎق ﻛﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ ﻛﻔﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺣد‬ ‫اﻟﺗﻌزﯾر‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺣدود اﻟﺧﺎﻟﺻﺔ‬
‫ﻣن ﻏﯾر ﻓﺻل" وﻷن ﻣﺑﻧﻰ اﻟﻛل ﻋﻠﻰ اﻟدرء ﻓﻼ ﯾﺟب ﻓﯾﮭﺎ اﻻﺳﺗﯾﺛﺎق‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺳﺎﺋر اﻟﺣﻘوق ﻷﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻧدرئ‬
‫ﺑﺎﻟﺷﺑﮭﺎت ﻓﯾﻠﯾق ﺑﮭﺎ اﻻﺳﺗﯾﺛﺎق ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻌزﯾر "وﻟو ﺳﻣﺣت ﻧﻔﺳﮫ ﺑﮫ ﯾﺻﺢ ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع" ﻷﻧﮫ أﻣﻛن ﺗرﺗﯾب ﻣوﺟﺑﮫ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﻷن ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻧﻔس ﻓﯾﮭﺎ واﺟب ﻓﯾطﺎﻟب ﺑﮫ اﻟﻛﻔﯾل ﻓﯾﺗﺣﻘق اﻟﺿم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺣﺑس ﻓﯾﮭﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﺷﮭد ﺷﺎھدان ﻣﺳﺗوران أو ﺷﺎھد ﻋدل ﯾﻌرﻓﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ" ﻷن اﻟﺣﺑس ﻟﻠﺗﮭﻣﺔ ھﺎھﻧﺎ‪،‬‬
‫واﻟﺗﮭﻣﺔ ﺗﺛﺑت ﺑﺄﺣد ﺷطري اﻟﺷﮭﺎدة‪ :‬إﻣﺎ اﻟﻌدد أو اﻟﻌداﻟﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺣﺑس ﻓﻲ ﺑﺎب اﻷﻣوال ﻷﻧﮫ أﻗﺻﻰ ﻋﻘوﺑﺔ ﻓﯾﮫ‬
‫ﻓﻼ ﯾﺛﺑت إﻻ ﺑﺣﺟﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ‪ .‬وذﻛر ﻓﻲ ﻛﺗﺎب‬

‫أدب اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﻋﻠﻰ ﻗوﻟﮭﻣﺎ ﻻ ﯾﺣﺑس ﻓﻲ اﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص ﺑﺷﮭﺎدة اﻟواﺣد ﻟﺣﺻول‬ ‫ص ‪-90-‬‬
‫اﻻﺳﺗﯾﺛﺎق ﺑﺎﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟرھن واﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺟﺎﺋزان ﻓﻲ اﻟﺧراج" ﻷﻧﮫ دﯾن ﻣطﺎﻟب ﺑﮫ ﻣﻣﻛن اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء ﻓﯾﻣﻛن ﺗرﺗﯾب ﻣوﺟب اﻟﻌﻘد‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﺧذ ﻣن رﺟل ﻛﻔﯾﻼ ﺑﻧﻔﺳﮫ ﺛم ذھب ﻓﺄﺧذ ﻣﻧﮫ ﻛﻔﯾﻼ آﺧر ﻓﮭﻣﺎ ﻛﻔﯾﻼن" ﻷن ﻣوﺟﺑﮫ اﻟﺗزام اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ‬
‫وھﻲ ﻣﺗﻌددة واﻟﻣﻘﺻود اﻟﺗوﺛق‪ ،‬وﺑﺎﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﯾزداد اﻟﺗوﺛق ﻓﻼ ﯾﺗﻧﺎﻓﯾﺎن "وأﻣﺎ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻣﺎل ﻓﺟﺎﺋزة ﻣﻌﻠوﻣﺎ ﻛﺎن‬
‫اﻟﻣﻛﻔول ﺑﮫ أو ﻣﺟﮭوﻻ إذا ﻛﺎن دﯾﻧﺎ ﺻﺣﯾﺣﺎ ﻣﺛل أن ﯾﻘول ﺗﻛﻔﻠت ﻋﻧﮫ ﺑﺄﻟف أو ﺑﻣﺎ ﻟك ﻋﻠﯾﮫ أو ﺑﻣﺎ ﯾدرﻛك ﻓﻲ‬
‫ھذا اﻟﺑﯾﻊ" ﻷن ﻣﺑﻧﻰ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗوﺳﻊ ﻓﯾﺗﺣﻣل ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟدرك إﺟﻣﺎع وﻛﻔﻰ ﺑﮫ ﺣﺟﺔ‪،‬‬
‫وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﻛﻔل ﻟﺷﺟﺔ ﺻﺣت اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ وإن اﺣﺗﻣﻠت اﻟﺳراﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎر‪ ،‬وﺷرط أن ﯾﻛون دﯾﻧﺎ ﺻﺣﯾﺣﺎ وﻣراده‬
‫أن ﻻ ﯾﻛون ﺑدل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬وﺳﯾﺄﺗﯾك ﻓﻲ ﻣوﺿﻌﮫ إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﻣﻛﻔول ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎء طﺎﻟب اﻟذي ﻋﻠﯾﮫ اﻷﺻل وإن ﺷﺎء طﺎﻟب ﻛﻔﯾﻠﮫ" ﻷن اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺿم اﻟذﻣﺔ إﻟﻰ‬
‫اﻟذﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ وذﻟك ﯾﻘﺗﺿﻲ ﻗﯾﺎم اﻷول ﻻ اﻟﺑراءة ﻋﻧﮫ‪ ،‬إﻻ إذا ﺷرط ﻓﯾﮫ اﻟﺑراءة ﻓﺣﯾﻧﺋذ ﺗﻧﻌﻘد ﺣواﻟﺔ اﻋﺗﺑﺎرا‬
‫ﻟﻠﻣﻌﻧﻰ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن اﻟﺣواﻟﺔ ﺑﺷرط أن ﻻ ﯾﺑرأ ﺑﮭﺎ اﻟﻣﺣﯾل ﺗﻛون ﻛﻔﺎﻟﺔ "وﻟو طﺎﻟب أﺣدھﻣﺎ ﻟﮫ أن ﯾطﺎﻟب اﻵﺧر وﻟﮫ‬
‫أن ﯾطﺎﻟﺑﮭﻣﺎ" ﻷن ﻣﻘﺗﺿﺎه اﻟﺿم‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﺎﻟك إذا اﺧﺗﺎر ﺗﺿﻣﯾن أﺣد اﻟﻐﺎﺻﺑﯾن ﻷن اﺧﺗﯾﺎره أﺣدھﻣﺎ ﯾﺗﺿﻣن‬
‫اﻟﺗﻣﻠﯾك ﻣﻧﮫ ﻓﻼ ﯾﻣﻛﻧﮫ اﻟﺗﻣﻠﯾك ﻣن اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻻ ﺗﺗﺿﻣن اﻟﺗﻣﻠﯾك ﻓوﺿﺢ اﻟﻔرق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﺗﻌﻠﯾق اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﺷروط" ﻣﺛل أن ﯾﻘول ﻣﺎ ﺑﺎﯾﻌت ﻓﻼﻧﺎ ﻓﻌﻠﻲ أو ﻣﺎ ذاب ﻟك ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻌﻠﻲ أو ﻣﺎ‬
‫ﺎء َ}ﺑ ِ ﮫِ ﺣِﻣ ْل ُ ﺑ َ ﻌ ِﯾر ٍ و َ أ َ ﻧ َﺎ ﺑ ِ ﮫِ ز َ ﻋ ِﯾم ٌ { ]ﯾوﺳف‪ [72:‬واﻹﺟﻣﺎع ﻣﻧﻌﻘد‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬
‫ﻗوﻟﮫَن ْ ﺟ َ‬
‫ﻏﺻﺑك ﻓﻌﻠﻲ‪ .‬واﻷﺻل ﻓﯾﮫو َ ﻟِﻣ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ ﺿﻣﺎن اﻟدرك‪ ،‬ﺛم اﻷﺻل أﻧﮫ ﯾﺻﺢ ﺗﻌﻠﯾﻘﮭﺎ ﺑﺷرط ﻣﻼﺋم ﻟﮭﺎ ﻣﺛل أن ﯾﻛون ﺷرطﺎ ﻟوﺟوب اﻟﺣق ﻛﻘوﻟﮫ‬
‫إذا اﺳﺗﺣق اﻟﻣﺑﯾﻊ‪ ،‬أو ﻹﻣﻛﺎن اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء ﻣﺛل ﻗوﻟﮫ إذا ﻗدم زﯾد وھو ﻣﻛﻔول ﻋﻧﮫ‪ ،‬أو ﻟﺗﻌذر اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء ﻣﺛل ﻗوﻟﮫ إذا‬
‫ﻏﺎب ﻋن اﻟﺑﻠدة‪ ،‬وﻣﺎ ذﻛر ﻣن اﻟﺷروط ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ ﻻ ﯾﺻﺢ اﻟﺗﻌﻠﯾق ﺑﻣﺟرد اﻟﺷرط ﻛﻘوﻟﮫ إن ھﺑت‬
‫اﻟرﯾﺢ أو ﺟﺎء اﻟﻣطر وﻛذا إذا ﺟﻌل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ أﺟﻼ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﺗﺻﺢ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ وﯾﺟب اﻟﻣﺎل ﺣﺎﻻ ﻷن اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻟﻣﺎ ﺻﺢ‬
‫ﺗﻌﻠﯾﻘﮭﺎ ﺑﺎﻟﺷرط ﻻ ﺗﺑطل ﺑﺎﻟﺷروط اﻟﻔﺎﺳدة ﻛﺎﻟطﻼق واﻟﻌﺗﺎق‪" .‬ﻓﺈن ﻗﺎل ﺗﻛﻔﻠت ﺑﻣﺎ ﻟك ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻘﺎﻣت اﻟﺑﯾﻧﺔ ﺑﺄﻟف‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﺿﻣﻧﮫ اﻟﻛﻔﯾل" ﻷن اﻟﺛﺎﺑت ﺑﺎﻟﺑﯾﻧﺔ ﻛﺎﻟﺛﺎﺑت ﻣﻌﺎﯾﻧﺔ ﻓﯾﺗﺣﻘق ﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﺻﺢ اﻟﺿﻣﺎن ﺑﮫ "وإن ﻟم ﺗﻘم اﻟﺑﯾﻧﺔ‬
‫ﻓﺎﻟﻘول ﻗول‬
‫اﻟﻛﻔﯾل ﻣﻊ ﯾﻣﯾﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﻘدار ﻣﺎ ﯾﻌﺗرف ﺑﮫ" ﻷﻧﮫ ﻣﻧﻛر ﻟﻠزﯾﺎدة "ﻓﺈن اﻋﺗرف اﻟﻣﻛﻔول‬ ‫ص ‪-91-‬‬
‫ﻋﻧﮫ ﺑﺄﻛﺛر ﻣن ذﻟك ﻟم ﯾﺻدق ﻋﻠﻰ ﻛﻔﯾﻠﮫ" ﻷﻧﮫ إﻗرار ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر وﻻ وﻻﯾﺔ ﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ "وﯾﺻدق ﻓﻲ ﺣق ﻧﻔﺳﮫ"‬
‫ﻟوﻻﯾﺗﮫ ﻋﻠﯾﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﺟوز اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺄﻣر اﻟﻣﻛﻔول ﻋﻧﮫ وﺑﻐﯾر أﻣره" ﻹطﻼق ﻣﺎ روﯾﻧﺎ وﻷﻧﮫ اﻟﺗزام اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ وھو ﺗﺻرف ﻓﻲ‬
‫ﺣق ﻧﻔﺳﮫ وﻓﯾﮫ ﻧﻔﻊ ﻟﻠطﺎﻟب وﻻ ﺿرر ﻓﯾﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣطﻠوب ﺑﺛﺑوت اﻟرﺟوع إذ ھو ﻋﻧد أﻣره وﻗد رﺿﻲ ﺑﮫ "ﻓﺈن‬
‫ﻛﻔل ﺑﺄﻣره رﺟﻊ ﺑﻣﺎ أدى ﻋﻠﯾﮫ" ﻷﻧﮫ ﻗﺿﻰ دﯾﻧﮫ ﺑﺄﻣره "وإن ﻛﻔل ﺑﻐﯾر أﻣره ﻟم ﯾرﺟﻊ ﺑﻣﺎ ﯾؤدﯾﮫ" ﻷﻧﮫ ﻣﺗﺑرع‬
‫ﺑﺄداﺋﮫ‪ ،‬وﻗوﻟﮫ رﺟﻊ ﺑﻣﺎ أدى ﻣﻌﻧﺎه إذا أدى ﻣﺎ ﺿﻣﻧﮫ‪ ،‬أﻣﺎ إذا أدى ﺧﻼﻓﮫ رﺟﻊ ﺑﻣﺎ ﺿﻣن ﻷﻧﮫ ﻣﻠك اﻟدﯾن ﺑﺎﻷداء‬
‫ﻓﻧزل ﻣﻧزﻟﺔ اﻟطﺎﻟب‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا ﻣﻠﻛﮫ ﺑﺎﻟﮭﺑﺔ أو ﺑﺎﻹرث‪ ،‬وﻛﻣﺎ إذا ﻣﻠﻛﮫ اﻟﻣﺣﺗﺎل ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺣواﻟﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟﻣﺄﻣور ﺑﻘﺿﺎء اﻟدﯾن ﺣﯾث ﯾرﺟﻊ ﺑﻣﺎ أدى؛ ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ ﺷﻲء ﺣﺗﻰ ﯾﻣﻠك اﻟدﯾن ﺑﺎﻷداء‪ ،‬وﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا‬
‫ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻛﻔﯾل اﻟطﺎﻟب ﻋن اﻷﻟف ﻋﻠﻰ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻷﻧﮫ إﺳﻘﺎط ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا أﺑرأ اﻟﻛﻔﯾل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﯾس ﻟﻠﻛﻔﯾل أن ﯾطﺎﻟب اﻟﻣﻛﻔول ﻋﻧﮫ ﺑﺎﻟﻣﺎل ﻗﺑل أن ﯾؤدي ﻋﻧﮫ" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ ﻗﺑل اﻷداء‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟوﻛﯾل‬
‫ﺑﺎﻟﺷراء ﺣﯾث ﯾرﺟﻊ ﻗﺑل اﻷداء ﻷﻧﮫ اﻧﻌﻘد ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻣﺑﺎدﻟﺔ ﺣﻛﻣﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻟوزم ﺑﺎﻟﻣﺎل ﻛﺎن ﻟﮫ أن ﯾﻼزم اﻟﻣﻛﻔول ﻋﻧﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﺧﻠﺻﮫ" وﻛذا إذا ﺣﺑس ﻛﺎن ﻟﮫ أن ﯾﺣﺑﺳﮫ ﻷﻧﮫ ﻟﺣﻘﮫ‬
‫ﻣﺎ ﻟﺣﻘﮫ ﻣن ﺟﮭﺗﮫ ﻓﯾﻌﺎﻣﻠﮫ ﺑﻣﺛﻠﮫ "وإذا أﺑرأ اﻟطﺎﻟب اﻟﻣﻛﻔول ﻋﻧﮫ أو اﺳﺗوﻓﻰ ﻣﻧﮫ ﺑرئ اﻟﻛﻔﯾل" ﻷن ﺑراءة‬
‫اﻷﺻﯾل ﺗوﺟب ﺑراءة اﻟﻛﻔﯾل ﻷن اﻟدﯾن ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ "وإن أﺑرأ اﻟﻛﻔﯾل ﻟم ﯾﺑرأ اﻷﺻﯾل ﻋﻧﮫ" ﻷﻧﮫ ﺗﺑﻊ‪ ،‬وﻷن‬
‫ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ وﺑﻘﺎء اﻟدﯾن ﻋﻠﻰ اﻷﺻﯾل ﺑدوﻧﮫ ﺟﺎﺋز "وﻛذا إذا أﺧر اﻟطﺎﻟب ﻋن اﻷﺻﯾل ﻓﮭو ﺗﺄﺧﯾر ﻋن اﻟﻛﻔﯾل‪،‬‬
‫وﻟو أﺧر ﻋن اﻟﻛﻔﯾل ﻟم ﯾﻛن ﺗﺄﺧﯾرا ﻋن اﻟذي ﻋﻠﯾﮫ اﻷﺻل" ﻷن اﻟﺗﺄﺧﯾر إﺑراء ﻣوﻗت ﻓﯾﻌﺗﺑر ﺑﺎﻹﺑراء اﻟﻣؤﺑد‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﻔل ﺑﺎﻟﻣﺎل اﻟﺣﺎل ﻣؤﺟﻼ إﻟﻰ ﺷﮭر ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺗﺄﺟل ﻋن اﻷﺻﯾل ﻷﻧﮫ ﻻ ﺣق ﻟﮫ إﻻ اﻟدﯾن ﺣﺎل وﺟود‬
‫اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻓﺻﺎر اﻷﺟل داﺧﻼ ﻓﯾﮫ‪ ،‬أﻣﺎ ھﺎھﻧﺎ ﻓﺑﺧﻼﻓﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻛﻔﯾل رب اﻟﻣﺎل ﻋن اﻷﻟف ﻋﻠﻰ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻓﻘد ﺑرئ اﻟﻛﻔﯾل واﻟذي ﻋﻠﯾﮫ اﻷﺻل" ﻷﻧﮫ أﺿﺎف‬
‫اﻟﺻﻠﺢ إﻟﻰ اﻷﻟف اﻟدﯾن وھﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﺻﯾل ﻓﺑرئ ﻋن ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻷﻧﮫ إﺳﻘﺎط وﺑراءﺗﮫ ﺗوﺟب ﺑراءة اﻟﻛﻔﯾل‪ ،‬ﺛم ﺑرﺋﺎ‬
‫ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻋن ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﺑﺄداء اﻟﻛﻔﯾل‪ ،‬وﯾرﺟﻊ اﻟﻛﻔﯾل ﻋﻠﻰ اﻷﺻﯾل ﺑﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ إن ﻛﺎﻧت اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺄﻣره‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا‬
‫ﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ ﺟﻧس آﺧر ﻷﻧﮫ ﻣﺑﺎدﻟﺔ ﺣﻛﻣﯾﺔ ﻓﻣﻠﻛﮫ ﻓﯾرﺟﻊ ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻷﻟف‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﺻﺎﻟﺣﮫ ﻋﻣﺎ اﺳﺗوﺟب ﺑﺎﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‬

‫ﻻ ﯾﺑرأ اﻷﺻﯾل؛ ﻷن ھذا إﺑراء اﻟﻛﻔﯾل ﻋن اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ‪.‬‬ ‫ص ‪-92-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻗﺎل ﻟﻛﻔﯾل ﺿﻣن ﻟﮫ ﻣﺎﻻ ﻗد ﺑرﺋت إﻟﻲ ﻣن اﻟﻣﺎل رﺟﻊ اﻟﻛﻔﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﻔول ﻋﻧﮫ" ﻣﻌﻧﺎه ﺑﻣﺎ ﺿﻣن ﻟﮫ‬
‫ﺑﺄﻣره ﻷن اﻟﺑراءة اﻟﺗﻲ اﺑﺗداؤھﺎ ﻣن اﻟﻣطﻠوب واﻧﺗﮭﺎؤھﺎ إﻟﻰ اﻟطﺎﻟب ﻻ ﺗﻛون إﻻ ﺑﺎﻹﯾﻔﺎء‪ ،‬ﻓﯾﻛون ھذا إﻗرارا‬
‫ﺑﺎﻷداء ﻓﯾرﺟﻊ "وإن ﻗﺎل أﺑرأﺗك ﻟم ﯾرﺟﻊ اﻟﻛﻔﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﻔول ﻋﻧﮫ" ﻷﻧﮫ ﺑراءة ﻻ ﺗﻧﺗﮭﻲ إﻟﻰ ﻏﯾره وذﻟك‬
‫ﺑﺎﻹﺳﻘﺎط ﻓﻠم ﯾﻛن إﻗرارا ﺑﺎﻹﯾﻔﺎء‪ .‬وﻟو ﻗﺎل ﺑرﺋت ﻗﺎل ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ھو ﻣﺛل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻷﻧﮫ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﺑراءة ﺑﺎﻷداء‬
‫إﻟﯾﮫ واﻹﺑراء ﻓﯾﺛﺑت اﻷدﻧﻰ إذ ﻻ ﯾرﺟﻊ اﻟﻛﻔﯾل ﺑﺎﻟﺷك‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ھو ﻣﺛل اﻷول ﻷﻧﮫ أﻗر ﺑﺑراءة‬
‫اﺑﺗداؤھﺎ ﻣن اﻟﻣطﻠوب وإﻟﯾﮫ اﻹﯾﻔﺎء دون اﻹﺑراء‪ .‬وﻗﯾل ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ إذا ﻛﺎن اﻟطﺎﻟب ﺣﺎﺿرا ﯾرﺟﻊ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺑﯾﺎن إﻟﯾﮫ ﻷﻧﮫ ھو اﻟﻣﺟﻣل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز ﺗﻌﻠﯾق اﻟﺑراءة ﻣن اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﺷرط" ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻣﻠﯾك ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﺋر اﻟﺑراءات‪ .‬وﯾروى‬
‫أﻧﮫ ﯾﺻﺢ ﻷن ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ دون اﻟدﯾن ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻓﻛﺎن إﺳﻘﺎطﺎ ﻣﺣﺿﺎ ﻛﺎﻟطﻼق‪ ،‬وﻟﮭذا ﻻ ﯾرﺗد اﻹﺑراء ﻋن‬
‫اﻟﻛﻔﯾل ﺑﺎﻟرد ﺑﺧﻼف إﺑراء اﻷﺻﯾل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛل ﺣق ﻻ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﯾﻔﺎؤه ﻣن اﻟﻛﻔﯾل ﻻ ﺗﺻﺢ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﮫ ﻛﺎﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص" ﻣﻌﻧﺎه ﺑﻧﻔس اﻟﺣد ﻻ ﺑﻧﻔس‬
‫ﻣن ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺣد ﻷﻧﮫ ﯾﺗﻌذر إﯾﺟﺎﺑﮫ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﻻ ﺗﺟري ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺗﻛﻔل ﻋن اﻟﻣﺷﺗري ﺑﺎﻟﺛﻣن ﺟﺎز" ﻷﻧﮫ دﯾن ﻛﺳﺎﺋر اﻟدﯾون "وإن ﺗﻛﻔل ﻋن اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺑﺎﻟﻣﺑﯾﻊ ﻟم ﺗﺻﺢ"‬
‫ﻷﻧﮫ ﻋﯾن ﻣﺿﻣون ﺑﻐﯾره وھو اﻟﺛﻣن واﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻷﻋﯾﺎن اﻟﻣﺿﻣوﻧﺔ وإن ﻛﺎﻧت ﺗﺻﺢ ﻋﻧدﻧﺎ ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻠﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ‬
‫ﷲ‪ ،‬ﻟﻛن ﺑﺎﻷﻋﯾﺎن اﻟﻣﺿﻣوﻧﺔ ﺑﻧﻔﺳﮭﺎ ﻛﺎﻟﻣﺑﯾﻊ ﺑﯾﻌﺎ ﻓﺎﺳدا واﻟﻣﻘﺑوض ﻋﻠﻰ ﺳوم اﻟﺷراء واﻟﻣﻐﺻوب‪ ،‬ﻻ ﺑﻣﺎ ﻛﺎن‬
‫ﻣﺿﻣوﻧﺎ ﺑﻐﯾره ﻛﺎﻟﻣﺑﯾﻊ واﻟﻣرھون‪ ،‬وﻻ ﺑﻣﺎ ﻛﺎن أﻣﺎﻧﺔ ﻛﺎﻟودﯾﻌﺔ واﻟﻣﺳﺗﻌﺎر واﻟﻣﺳﺗﺄﺟر وﻣﺎل اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ واﻟﺷرﻛﺔ‪.‬‬
‫وﻟو ﻛﻔل ﺑﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض أو ﺑﺗﺳﻠﯾم اﻟرھن ﺑﻌد اﻟﻘﺑض إﻟﻰ اﻟراھن أو ﺑﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر‬
‫ﺟﺎز ﻷﻧﮫ اﻟﺗزم ﻓﻌﻼ واﺟﺑﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر داﺑﺔ ﻟﻠﺣﻣل ﻋﻠﯾﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎﻧت ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺻﺢ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﺣﻣل" ﻷﻧﮫ ﻋﺎﺟز ﻋﻧﮫ "وإن ﻛﺎﻧت‬
‫ﺑﻐﯾر ﻋﯾﻧﮭﺎ ﺟﺎزت اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ" ﻷﻧﮫ ﯾﻣﻛﻧﮫ اﻟﺣﻣل ﻋﻠﻰ داﺑﺔ ﻧﻔﺳﮫ واﻟﺣﻣل ھو اﻟﻣﺳﺗﺣق "وﻛذا ﻣن اﺳﺗﺄﺟر ﻋﺑدا‬
‫ﻟﻠﺧدﻣﺔ ﻓﻛﻔل ﻟﮫ رﺟل ﺑﺧدﻣﺗﮫ ﻓﮭو ﺑﺎطل" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﺻﺢ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ إﻻ ﺑﻘﺑول اﻟﻣﻛﻔول ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‬

‫وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ آﺧرا‪ :‬ﯾﺟوز إذا ﺑﻠﻐﮫ أﺟﺎز‪ ،‬وﻟم‬ ‫ص ‪-93-‬‬
‫ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻧﺳﺦ اﻹﺟﺎزة‪ ،‬واﻟﺧﻼف ﻓﻲ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس واﻟﻣﺎل ﺟﻣﯾﻌﺎ‪ .‬ﻟﮫ أﻧﮫ ﺗﺻرف اﻟﺗزام ﻓﯾﺳﺗﺑد ﺑﮫ‬
‫اﻟﻣﻠﺗزم‪ ،‬وھذا وﺟﮫ ھذه اﻟرواﯾﺔ ﻋﻧﮫ‪ .‬ووﺟﮫ اﻟﺗوﻗف ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﻔﺿوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن ﻓﯾﮫ ﻣﻌﻧﻰ‬
‫اﻟﺗﻣﻠﯾك وھو ﺗﻣﻠﯾك اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﻣﻧﮫ ﻓﯾﻘوم ﺑﮭﻣﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ واﻟﻣوﺟود ﺷطره ﻓﻼ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ ﻣﺎ وراء اﻟﻣﺟﻠس "إﻻ ﻓﻲ‬
‫ﻣﺳﺄﻟﺔ واﺣدة وھﻲ أن ﯾﻘول اﻟﻣرﯾض ﻟوارﺛﮫ ﺗﻛﻔل ﻋﻧﻲ ﺑﻣﺎ ﻋﻠﻲ ﻣن اﻟدﯾن ﻓﻛﻔل ﺑﮫ ﻣﻊ ﻏﯾﺑﺔ اﻟﻐرﻣﺎء ﺟﺎز"‬
‫ﻷن ذﻟك وﺻﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ وﻟﮭذا ﺗﺻﺢ وإن ﻟم ﯾﺳم اﻟﻣﻛﻔول ﻟﮭم‪ ،‬وﻟﮭذا ﻗﺎﻟوا‪ :‬إﻧﻣﺎ ﺗﺻﺢ إذا ﻛﺎن ﻟﮫ ﻣﺎل أو ﯾﻘﺎل‬
‫إﻧﮫ ﻗﺎﺋم ﻣﻘﺎم اﻟطﺎﻟب ﻟﺣﺎﺟﺗﮫ إﻟﯾﮫ ﺗﻔرﯾﻐﺎ ﻟذﻣﺗﮫ وﻓﯾﮫ ﻧﻔﻊ اﻟطﺎﻟب ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﺣﺿر ﺑﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺻﺢ ﺑﮭذا‬
‫اﻟﻠﻔظ‪ ،‬وﻻ ﯾﺷﺗرط اﻟﻘﺑول ﻷﻧﮫ ﯾراد ﺑﮫ اﻟﺗﺣﻘﯾق دون اﻟﻣﺳﺎوﻣﺔ ظﺎھرا ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻷﻣر ﺑﺎﻟﻧﻛﺎح‪ ،‬وﻟو‬
‫ﻗﺎل اﻟﻣرﯾض ذﻟك ﻷﺟﻧﺑﻲ اﺧﺗﻠف اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻣﺎت اﻟرﺟل وﻋﻠﯾﮫ دﯾون وﻟم ﯾﺗرك ﺷﯾﺋﺎ ﻓﺗﻛﻔل ﻋﻧﮫ رﺟل ﻟﻠﻐرﻣﺎء ﻟم ﺗﺻﺢ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ‬
‫ﷲ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﺗﺻﺢ" ﻷﻧﮫ ﻛﻔل ﺑدﯾن ﺛﺎﺑت ﻷﻧﮫ وﺟب ﻟﺣق اﻟطﺎﻟب‪ ،‬وﻟم ﯾوﺟد اﻟﻣﺳﻘط وﻟﮭذا ﯾﺑﻘﻰ ﻓﻲ ﺣق أﺣﻛﺎم‬
‫اﻵﺧرة‪ ،‬وﻟو ﺗﺑرع ﺑﮫ إﻧﺳﺎن ﯾﺻﺢ‪ ،‬وﻛذا ﯾﺑﻘﻰ إذا ﻛﺎن ﺑﮫ ﻛﻔﯾل أو ﻣﺎل‪ .‬وﻟﮫ أﻧﮫ ﻛﻔل ﺑدﯾن ﺳﺎﻗط ﻷن اﻟدﯾن ھو‬
‫اﻟﻔﻌل ﺣﻘﯾﻘﺔ وﻟﮭذا ﯾوﺻف ﺑﺎﻟوﺟوب‪ .‬ﻟﻛﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﻛم ﻣﺎل ﻷﻧﮫ ﯾﺋول إﻟﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺂل وﻗد ﻋﺟز ﺑﻧﻔﺳﮫ وﺑﺧﻠﻔﮫ ﻓﻔﺎت‬
‫ﻋﺎﻗﺑﺔ اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء ﻓﯾﺳﻘط ﺿرورة‪ ،‬واﻟﺗﺑرع ﻻ ﯾﻌﺗﻣد ﻗﯾﺎم اﻟدﯾن‪ ،‬وإذا ﻛﺎن ﺑﮫ ﻛﻔﯾل أو ﻟﮫ ﻣﺎل ﻓﺧﻠﻔﮫ أو اﻹﻓﺿﺎء إﻟﻰ‬
‫اﻷداء ﺑﺎق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻛﻔل ﻋن رﺟل ﺑﺄﻟف ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺄﻣره ﻓﻘﺿﺎه اﻷﻟف ﻗﺑل أن ﯾﻌطﯾﮫ ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺎل ﻓﻠﯾس ﻟﮫ أن ﯾرﺟﻊ ﻓﯾﮭﺎ"‬
‫ﻷﻧﮫ ﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﺣق اﻟﻘﺎﺑض ﻋﻠﻰ اﺣﺗﻣﺎل ﻗﺿﺎﺋﮫ اﻟدﯾن ﻓﻼ ﯾﺟوز اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ھذا اﻻﺣﺗﻣﺎل‪ ،‬ﻛﻣن ﻋﺟل زﻛﺎﺗﮫ‬
‫ودﻓﻌﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﺳﺎﻋﻲ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻣﻠﻛﮫ ﺑﺎﻟﻘﺑض ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧذﻛر‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟدﻓﻊ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﻷﻧﮫ ﺗﻣﺣض‬
‫أﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﯾده "وإن رﺑﺢ اﻟﻛﻔﯾل ﻓﯾﮫ ﻓﮭو ﻻ ﯾﺗﺻدق ﺑﮫ" ﻷﻧﮫ ﻣﻠﻛﮫ ﺣﯾن ﻗﺑﺿﮫ‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻗﺿﻰ اﻟدﯾن ﻓظﺎھر‪ ،‬وﻛذا‬
‫إذا ﻗﺿﻰ اﻟﻣطﻠوب ﺑﻧﻔﺳﮫ وﺛﺑت ﻟﮫ ﺣق اﻻﺳﺗرداد ﻷﻧﮫ وﺟب ﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﻔول ﻋﻧﮫ ﻣﺛل ﻣﺎ وﺟب ﻟﻠطﺎﻟب ﻋﻠﯾﮫ‪،‬‬
‫إﻻ أﻧﮫ أﺧرت اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ إﻟﻰ وﻗت اﻷداء ﻓﻧزل ﻣﻧزﻟﺔ اﻟدﯾن اﻟﻣؤﺟل‪ ،‬وﻟﮭذا ﻟو أﺑرأ اﻟﻛﻔﯾل اﻟﻣطﻠوب ﻗﺑل أداﺋﮫ‬
‫ﯾﺻﺢ‪ ،‬ﻓﻛذا إذا ﻗﺑﺿﮫ ﯾﻣﻠﻛﮫ إﻻ أن ﻓﯾﮫ ﻧوع ﺧﺑث ﻧﺑﯾﻧﮫ ﻓﻼ ﯾﻌﻣل ﻣﻊ اﻟﻣﻠك ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﻌﯾن وﻗد ﻗررﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﺑﯾوع‬
‫"وﻟو ﻛﺎﻧت اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﻛر ﺣﻧطﺔ ﻓﻘﺑﺿﮭﺎ اﻟﻛﻔﯾل ﻓﺑﺎﻋﮭﺎ ورﺑﺢ ﻓﯾﮭﺎ ﻓﺎﻟرﺑﺢ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﻛم" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ أﻧﮫ ﻣﻠﻛﮫ‪.‬‬
‫"وأﺣب إﻟﻲ أن ﯾرده ﻋﻠﻰ اﻟذي ﻗﺿﺎه اﻟﻛر وﻻ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﻛم" وھذا ﻋﻧد‬

‫أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﻲ رواﯾﺔ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ ،‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪:‬‬ ‫ص ‪-94-‬‬
‫ھو ﻟﮫ وﻻ ﯾرده ﻋﻠﻰ اﻟذي ﻗﺿﺎه وھو رواﯾﺔ ﻋﻧﮫ‪ ،‬وﻋﻧﮫ أﻧﮫ ﯾﺗﺻدق ﺑﮫ‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ رﺑﺢ ﻓﻲ ﻣﻠﻛﮫ ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﮫ اﻟذي‬
‫ﺑﯾﻧﺎه ﻓﯾﺳﻠم ﻟﮫ‪ .‬وﻟﮫ أﻧﮫ ﺗﻣﻛن اﻟﺧﺑث ﻣﻊ اﻟﻣﻠك‪ ،‬إﻣﺎ ﻷﻧﮫ ﺑﺳﺑﯾل ﻣن اﻻﺳﺗرداد ﺑﺄن ﯾﻘﺿﯾﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬أو ﻷﻧﮫ رﺿﻲ ﺑﮫ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر ﻗﺿﺎء اﻟﻛﻔﯾل‪ ،‬ﻓﺈذا ﻗﺿﺎه ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻟم ﯾﻛن راﺿﯾﺎ ﺑﮫ وھذا اﻟﺧﺑث ﯾﻌﻣل ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻓﯾﻛون ﺳﺑﯾﻠﮫ اﻟﺗﺻدق‬
‫ﻓﻲ رواﯾﺔ‪ ،‬وﯾرده ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻷن اﻟﺧﺑث ﻟﺣﻘﮫ‪ ،‬وھذا أﺻﺢ ﻟﻛﻧﮫ اﺳﺗﺣﺑﺎب ﻻ ﺟﺑر ﻷن اﻟﺣق ﻟﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻛﻔل ﻋن رﺟل ﺑﺄﻟف ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺄﻣره ﻓﺄﻣره اﻷﺻﯾل أن ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾﮫ ﺣرﯾرا ﻓﻔﻌل ﻓﺎﻟﺷراء ﻟﻠﻛﻔﯾل واﻟرﺑﺢ‬
‫اﻟذي رﺑﺣﮫ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﮭو ﻋﻠﯾﮫ" وﻣﻌﻧﺎه اﻷﻣر ﺑﺑﯾﻊ اﻟﻌﯾﻧﺔ ﻣﺛل أن ﯾﺳﺗﻘرض ﻣن ﺗﺎﺟر ﻋﺷرة ﻓﯾﺗﺄﺑﻰ ﻋﻠﯾﮫ وﯾﺑﯾﻊ ﻣﻧﮫ‬
‫ﺛوﺑﺎ ﯾﺳﺎوي ﻋﺷرة ﺑﺧﻣﺳﺔ ﻋﺷر ﻣﺛﻼ رﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﻧﯾل اﻟزﯾﺎدة ﻟﯾﺑﯾﻌﮫ اﻟﻣﺳﺗﻘرض ﺑﻌﺷرة وﯾﺗﺣﻣل ﻋﻠﯾﮫ ﺧﻣﺳﺔ؛ ﺳﻣﻲ‬
‫ﺑﮫ ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن اﻹﻋراض ﻋن اﻟدﯾن إﻟﻰ اﻟﻌﯾن‪ ،‬وھو ﻣﻛروه ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن اﻹﻋراض ﻋن ﻣﺑرة اﻹﻗراض ﻣطﺎوﻋﺔ‬
‫ﻟﻣذﻣوم اﻟﺑﺧل‪ .‬ﺛم ﻗﯾل‪ :‬ھذا ﺿﻣﺎن ﻟﻣﺎ ﯾﺧﺳر اﻟﻣﺷﺗري ﻧظرا إﻟﻰ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﻲ وھو ﻓﺎﺳد وﻟﯾس ﺑﺗوﻛﯾل وﻗﯾل ھو‬
‫ﺗوﻛﯾل ﻓﺎﺳد؛ ﻷن اﻟﺣرﯾر ﻏﯾر ﻣﺗﻌﯾن‪ ،‬وﻛذا اﻟﺛﻣن ﻏﯾر ﻣﺗﻌﯾن ﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻣﺎ زاد ﻋﻠﻰ اﻟدﯾن‪ ،‬وﻛﯾﻔﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﺎﻟﺷراء‬
‫ﻟﻠﻣﺷﺗري وھو اﻟﻛﻔﯾل واﻟرﺑﺢ‪ :‬أي اﻟزﯾﺎدة ﻋﻠﯾﮫ ﻷﻧﮫ اﻟﻌﺎﻗد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻛﻔل ﻋن رﺟل ﺑﻣﺎ ذاب ﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ أو ﺑﻣﺎ ﻗﺿﻰ ﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻐﺎب اﻟﻣﻛﻔول ﻋﻧﮫ ﻓﺄﻗﺎم اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻛﻔﯾل ﺑﺄن ﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﻔول ﻋﻧﮫ أﻟف درھم ﻟم ﺗﻘﺑل ﺑﯾﻧﺗﮫ" ﻷن اﻟﻣﻛﻔول ﺑﮫ ﻣﺎل ﻣﻘﺿﻲ ﺑﮫ وھذا ﻓﻲ ﻟﻔظﺔ‬
‫اﻟﻘﺿﺎء ظﺎھر‪ ،‬وﻛذا ﻓﻲ اﻷﺧرى ﻷن ﻣﻌﻧﻰ ذاب ﺗﻘرر وھو ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء أو ﻣﺎل ﯾﻘﺿﻰ ﺑﮫ وھذا ﻣﺎض أرﯾد ﺑﮫ‬
‫اﻟﻣﺳﺗﺄﻧف ﻛﻘوﻟﮫ‪ :‬أطﺎل ﷲ ﺑﻘﺎءك ﻓﺎﻟدﻋوى ﻣطﻠق ﻋن ذﻟك ﻓﻼ ﺗﺻﺢ‪" .‬وﻣن أﻗﺎم اﻟﺑﯾﻧﺔ أن ﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻓﻼن ﻛذا‬
‫وأن ھذا ﻛﻔﯾل ﻋﻧﮫ ﺑﺄﻣره ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻘﺿﻰ ﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻔﯾل وﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﻔول ﻋﻧﮫ‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧت اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﻐﯾر أﻣره ﯾﻘﺿﻰ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻔﯾل ﺧﺎﺻﺔ" وإﻧﻣﺎ ﺗﻘﺑل ﻷن اﻟﻣﻛﻔول ﺑﮫ ﻣﺎل ﻣطﻠق‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﺗﻘدم‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺧﺗﻠف ﺑﺎﻷﻣر وﻋدﻣﮫ ﻷﻧﮭﻣﺎ‬
‫ﯾﺗﻐﺎﯾران‪ ،‬ﻷن اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺄﻣر ﺗﺑرع اﺑﺗداء وﻣﻌﺎوﺿﺔ اﻧﺗﮭﺎء‪ ،‬وﺑﻐﯾر أﻣر ﺗﺑرع اﺑﺗداء واﻧﺗﮭﺎء‪ ،‬ﻓﺑدﻋواه أﺣدھﻣﺎ ﻻ‬
‫ﯾﻘﺿﻰ ﻟﮫ ﺑﺎﻵﺧر‪ ،‬وإذا ﻗﺿﻲ ﺑﮭﺎ ﺑﺎﻷﻣر ﺛﺑت أﻣره‪ ،‬وھو ﯾﺗﺿﻣن اﻹﻗرار ﺑﺎﻟﻣﺎل ﻓﯾﺻﯾر ﻣﻘﺿﯾﺎ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬واﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‬
‫ﺑﻐﯾر أﻣره ﻻ ﺗﻣس ﺟﺎﻧﺑﮫ ﻷﻧﮫ ﺗﻌﺗﻣد ﺻﺣﺗﮭﺎ ﻗﯾﺎم اﻟدﯾن ﻓﻲ زﻋم اﻟﻛﻔﯾل ﻓﻼ ﯾﺗﻌدى إﻟﯾﮫ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺄﻣره ﯾرﺟﻊ‬
‫اﻟﻛﻔﯾل ﺑﻣﺎ أدى ﻋﻠﻰ اﻵﻣر‪ .‬وﻗﺎل زﻓر رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾرﺟﻊ؛ ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ أﻧﻛر ﻓﻘد ظﻠم ﻓﻲ زﻋﻣﮫ ﻓﻼ ﯾظﻠم ﻏﯾره‬
‫وﻧﺣن ﻧﻘول ﺻﺎر ﻣﻛذﺑﺎ ﺷرﻋﺎ ﻓﺑطل ﻣﺎ زﻋﻣﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع دارا وﻛﻔل رﺟل ﻋﻧﮫ ﺑﺎﻟدرك ﻓﮭو ﺗﺳﻠﯾم" ﻷن اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻟو ﻛﺎﻧت ﻣﺷروطﺔ‬

‫ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﺗﻣﺎﻣﮫ ﺑﻘﺑوﻟﮫ‪ ،‬ﺛم ﺑﺎﻟدﻋوى ﯾﺳﻌﻰ ﻓﻲ ﻧﻘض ﻣﺎ ﺗم ﻣن ﺟﮭﺗﮫ‪ ،‬وإن ﻟم ﺗﻛن‬ ‫ص ‪-95-‬‬
‫ﻣﺷروطﺔ ﻓﯾﮫ ﻓﺎﻟﻣراد ﺑﮭﺎ أﺣﻛﺎم اﻟﺑﯾﻊ وﺗرﻏﯾب اﻟﻣﺷﺗري ﻓﯾﮫ إذ ﻻ ﯾرﻏب ﻓﯾﮫ دون اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻓﻧزل ﻣﻧزﻟﺔ اﻹﻗرار‬
‫ﺑﻣﻠك اﻟﺑﺎﺋﻊ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو ﺷﮭد وﺧﺗم وﻟم ﯾﻛﻔل ﻟم ﯾﻛن ﺗﺳﻠﯾﻣﺎ وھو ﻋﻠﻰ دﻋواه" ﻷن اﻟﺷﮭﺎدة ﻻ ﺗﻛون ﻣﺷروطﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ وﻻ‬
‫ھﻲ ﺑﺈﻗرار ﺑﺎﻟﻣﻠك ﻷن اﻟﺑﯾﻊ ﻣرة ﯾوﺟد ﻣن اﻟﻣﺎﻟك وﺗﺎرة ﻣن ﻏﯾره‪ ،‬وﻟﻌﻠﮫ ﻛﺗب اﻟﺷﮭﺎدة ﻟﯾﺣﻔظ اﻟﺣﺎدﺛﺔ ﺑﺧﻼف ﻣﺎ‬
‫ﺗﻘدم‪ ،‬ﻗﺎﻟوا‪ :‬إذا ﻛﺗب ﻓﻲ اﻟﺻك ﺑﺎع وھو ﯾﻣﻠﻛﮫ أو ﺑﯾﻌﺎ ﺑﺎﺗﺎ ﻧﺎﻓذا وھو ﻛﺗب ﺷﮭد ﺑذﻟك ﻓﮭو ﺗﺳﻠﯾم‪ ،‬إﻻ إذا ﻛﺗب‬
‫اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ إﻗرار اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ اﻟﺿﻣﺎن‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﻟرﺟل ﺛوﺑﺎ وﺿﻣن ﻟﮫ اﻟﺛﻣن أو ﻣﺿﺎرب ﺿﻣن ﺛﻣن ﻣﺗﺎع رب اﻟﻣﺎل ﻓﺎﻟﺿﻣﺎن ﺑﺎطل" ﻷن‬
‫اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ اﻟﺗزام اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ وھﻲ إﻟﯾﮭﻣﺎ ﻓﯾﺻﯾر ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺿﺎﻣﻧﺎ ﻟﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬وﻷن اﻟﻣﺎل أﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ أﯾدﯾﮭﻣﺎ واﻟﺿﻣﺎن‬
‫ﺗﻐﯾﯾر ﻟﺣﻛم اﻟﺷرع ﻓﯾرد ﻋﻠﯾﮫ ﻛﺎﺷﺗراطﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣودع واﻟﻣﺳﺗﻌﯾر "وﻛذا رﺟﻼن ﺑﺎﻋﺎ ﻋﺑدا ﺻﻔﻘﺔ واﺣدة وﺿﻣن‬
‫أﺣدھﻣﺎ ﻟﺻﺎﺣﺑﮫ ﺣﺻﺗﮫ ﻣن اﻟﺛﻣن" ﻷﻧﮫ ﻟو ﺻﺢ اﻟﺿﻣﺎن ﻣﻊ اﻟﺷرﻛﺔ ﯾﺻﯾر ﺿﺎﻣﻧﺎ ﻟﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬وﻟو ﺻﺢ ﻓﻲ ﻧﺻﯾب‬
‫ﺻﺎﺣﺑﮫ ﺧﺎﺻﺔ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻗﺳﻣﺔ اﻟدﯾن ﻗﺑل ﻗﺑﺿﮫ وﻻ ﯾﺟوز ذﻟك‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺑﺎﻋﺎ ﺑﺻﻔﻘﺗﯾن ﻷﻧﮫ ﻻ ﺷرﻛﺔ؛ أﻻ‬
‫ﺗرى أن ﻟﻠﻣﺷﺗري أن ﯾﻘﺑل ﻧﺻﯾب أﺣدھﻣﺎ وﯾﻘﺑض إذا ﻧﻘد ﺛﻣن ﺣﺻﺗﮫ وإن ﻗﺑل اﻟﻛل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺿﻣن ﻋن آﺧر ﺧراﺟﮫ وﻧواﺋﺑﮫ وﻗﺳﻣﺗﮫ ﻓﮭو ﺟﺎﺋز‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺧراج ﻓﻘد ذﻛرﻧﺎه وھو" ﯾﺧﺎﻟف اﻟزﻛﺎة‪،‬‬
‫ﻷﻧﮭﺎ ﻣﺟرد ﻓﻌل وﻟﮭذا ﻻ ﺗؤدى ﺑﻌد ﻣوﺗﮫ ﻣن ﺗرﻛﺗﮫ إﻻ ﺑوﺻﯾﺔ‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﻧواﺋب‪ ،‬ﻓﺈن أرﯾد ﺑﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻛون ﺑﺣق ﻛﻛري‬
‫اﻟﻧﮭر اﻟﻣﺷﺗرك وأﺟر اﻟﺣﺎرس واﻟﻣوظف ﻟﺗﺟﮭﯾز اﻟﺟﯾش وﻓداء اﻷﺳﺎرى وﻏﯾرھﺎ ﺟﺎزت اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻻﺗﻔﺎق‪ ،‬وإن أرﯾد ﺑﮭﺎ ﻣﺎ ﻟﯾس ﺑﺣق ﻛﺎﻟﺟﺑﺎﯾﺎت ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻧﺎ ﻓﻔﯾﮫ اﺧﺗﻼف اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ رﺣﻣﮭم ﷲ‪ ،‬وﻣﻣن ﯾﻣﯾل إﻟﻰ‬
‫اﻟﺻﺣﺔ اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻲ اﻟﺑزدوي‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﻘﺳﻣﺔ ﻓﻘد ﻗﯾل‪ :‬ھﻲ اﻟﻧواﺋب ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ أو ﺣﺻﺔ ﻣﻧﮭﺎ واﻟرواﯾﺔ ﺑﺄو‪ ،‬وﻗﯾل ھﻲ‬
‫اﻟﻧﺎﺋﺑﺔ اﻟﻣوظﻔﺔ اﻟراﺗﺑﺔ‪ ،‬واﻟﻣراد ﺑﺎﻟﻧواﺋب ﻣﺎ ﯾﻧوﺑﮫ ﻏﯾر راﺗب واﻟﺣﻛم ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه‪.‬‬
‫"وﻣن ﻗﺎل ﻵﺧر ﻟك ﻋﻠﻲ ﻣﺎﺋﺔ إﻟﻰ ﺷﮭر وﻗﺎل اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ھﻲ ﺣﺎﻟﺔ"‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻣدﻋﻲ‪ ،‬وﻣن ﻗﺎل ﺿﻣﻧت ﻟك‬
‫ﻋن ﻓﻼن ﻣﺎﺋﺔ إﻟﻰ ﺷﮭر وﻗﺎل اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ھﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﺿﺎﻣن"‪ .‬ووﺟﮫ اﻟﻔرق أن اﻟﻣﻘر أﻗر ﺑﺎﻟدﯾن‪ .‬ﺛم‬
‫ادﻋﻰ ﺣﻘﺎ ﻟﻧﻔﺳﮫ وھو ﺗﺄﺧﯾر اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ إﻟﻰ أﺟل وﻓﻲ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻣﺎ أﻗر‬

‫ﺑﺎﻟدﯾن ﻷﻧﮫ ﻻ دﯾن ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ أﻗر ﺑﻣﺟرد اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﻌد اﻟﺷﮭر‪ ،‬وﻷن‬ ‫ص ‪-96-‬‬
‫اﻷﺟل ﻓﻲ اﻟدﯾون ﻋﺎرض ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺛﺑت إﻻ ﺑﺷرط ﻓﻛﺎن اﻟﻘول ﻗول ﻣن أﻧﻛر اﻟﺷرط ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬أﻣﺎ اﻷﺟل‬
‫ﻓﻲ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻓﻧوع ﻣﻧﮭﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﺛﺑت ﻣن ﻏﯾر ﺷرط ﺑﺄن ﻛﺎن ﻣؤﺟﻼ ﻋﻠﻰ اﻷﺻﯾل‪ ،‬واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ أﻟﺣق اﻟﺛﺎﻧﻲ‬
‫ﺑﺎﻷول‪ ،‬وأﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﯾﻣﺎ ﯾروى ﻋﻧﮫ أﻟﺣق اﻷول ﺑﺎﻟﺛﺎﻧﻲ واﻟﻔرق ﻗد أوﺿﺣﻧﺎه‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ ﻓﻛﻔل ﻟﮫ رﺟل ﺑﺎﻟدرك ﻓﺎﺳﺗﺣﻘت ﻟم ﯾﺄﺧذ اﻟﻛﻔﯾل ﺣﺗﻰ ﯾﻘﺿﻰ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺛﻣن ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ"‬
‫ﻷن ﺑﻣﺟرد اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ﻻ ﯾﻧﺗﻘض اﻟﺑﯾﻊ ﻋﻠﻰ ظﺎھر اﻟرواﯾﺔ ﻣﺎ ﻟم ﯾﻘض ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺛﻣن ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﻠم ﯾﺟب ﻟﮫ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻷﺻﯾل رد اﻟﺛﻣن ﻓﻼ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻔﯾل‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ ﻷن اﻟﺑﯾﻊ ﯾﺑطل ﺑﮭﺎ ﻟﻌدم اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻓﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺑﺎﺋﻊ واﻟﻛﻔﯾل‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف أﻧﮫ ﯾﺑطل اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺎﻻﺳﺗﺣﻘﺎق‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﻗﯾﺎس ﻗوﻟﮫ ﯾرﺟﻊ ﺑﻣﺟرد اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق وﻣوﺿﻌﮫ‬
‫أواﺋل اﻟزﯾﺎدات ﻓﻲ ﺗرﺗﯾب اﻷﺻل‪" .‬وﻣن اﺷﺗرى ﻋﺑدا ﻓﺿﻣن ﻟﮫ رﺟل ﺑﺎﻟﻌﮭدة ﻓﺎﻟﺿﻣﺎن ﺑﺎطل" ﻷن ھذه اﻟﻠﻔظﺔ‬
‫ﻣﺷﺗﺑﮭﺔ ﻗد ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺻك اﻟﻘدﯾم وھو ﻣﻠك اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﻼ ﯾﺻﺢ ﺿﻣﺎﻧﮫ‪ ،‬وﻗد ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘد وﻋﻠﻰ ﺣﻘوﻗﮫ وﻋﻠﻰ‬
‫اﻟدرك وﻋﻠﻰ اﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬وﻟﻛل ذﻟك وﺟﮫ ﻓﺗﻌذر اﻟﻌﻣل ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟدرك ﻷﻧﮫ اﺳﺗﻌﻣل ﻓﻲ ﺿﻣﺎن اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ﻋرﻓﺎ‪،‬‬
‫وﻟو ﺿﻣن اﻟﺧﻼص ﻻ ﯾﺻﺢ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻷﻧﮫ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺗﺧﻠﯾص اﻟﻣﺑﯾﻊ وﺗﺳﻠﯾﻣﮫ ﻻ ﻣﺣﺎﻟﺔ وھو‬
‫ﻏﯾر ﻗﺎدر ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ھو ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟدرك وھو ﺗﺳﻠﯾم اﻟﺑﯾﻊ أو ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻓﺻﺢ‪.‬‬
‫ﺑﺎب ﻛﻔﺎﻟﺔ اﻟرﺟﻠﯾن‬
‫"وإذا ﻛﺎن اﻟدﯾن ﻋﻠﻰ اﺛﻧﯾن وﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻛﻔﯾل ﻋن ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻛﻣﺎ إذا اﺷﺗرﯾﺎ ﻋﺑدا ﺑﺄﻟف درھم وﻛﻔل ﻛل واﺣد‬
‫ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻋن ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻓﻣﺎ أدى أﺣدھﻣﺎ ﻟم ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺷرﯾﻛﮫ ﺣﺗﻰ ﯾزﯾد ﻣﺎ ﯾؤدﯾﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺻف ﻓﯾرﺟﻊ ﺑﺎﻟزﯾﺎدة"‬
‫ﻷن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﺻف أﺻﯾل وﻓﻲ اﻟﻧﺻف اﻵﺧر ﻛﻔﯾل‪ ،‬وﻻ ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﺑﯾن ﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺣق اﻷﺻﺎﻟﺔ وﺑﺣق‬
‫اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻷن اﻷول دﯾن واﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣطﺎﻟﺑﺔ‪ ،‬ﺛم ھو ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻸول ﻓﯾﻘﻊ ﻋن اﻷول‪ ،‬وﻓﻲ اﻟزﯾﺎدة ﻻ ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻓﯾﻘﻊ ﻋن‬
‫اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻟو وﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﻧﺻف ﻋن ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻓﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻠﺻﺎﺣﺑﮫ أن ﯾرﺟﻊ ﻷن أداء ﻧﺎﺋﺑﮫ ﻛﺄداﺋﮫ ﻓﯾؤدي إﻟﻰ‬
‫اﻟدور "وإذا ﻛﻔل رﺟﻼن ﻋن رﺟل ﺑﻣﺎل ﻋﻠﻰ أن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻛﻔﯾل ﻋن ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻓﻛل ﺷﻲء أداه أﺣدھﻣﺎ رﺟﻊ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺷرﯾﻛﮫ ﺑﻧﺻﻔﮫ ﻗﻠﯾﻼ ﻛﺎن أو ﻛﺛﯾرا" وﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ أن ﺗﻛون اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻛل ﻋن اﻷﺻﯾل وﺑﺎﻟﻛل‬
‫ﻋن اﻟﺷرﯾك واﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﻣﺗﻌددة ﻓﺗﺟﺗﻣﻊ اﻟﻛﻔﺎﻟﺗﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر وﻣوﺟﺑﮭﺎ اﻟﺗزام اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﻓﺗﺻﺢ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻋن اﻟﻛﻔﯾل‬
‫ﻛﻣﺎ ﺗﺻﺢ‬

‫اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﻋن اﻷﺻﯾل وﻛﻣﺎ ﺗﺻﺢ اﻟﺣواﻟﺔ ﻣن اﻟﻣﺣﺗﺎل ﻋﻠﯾﮫ‪ .‬وإذا ﻋرف ھذا ﻓﻣﺎ أداه‬ ‫ص ‪-97-‬‬
‫أﺣدھﻣﺎ وﻗﻊ ﺷﺎﺋﻌﺎ ﻋﻧﮭﻣﺎ إذ اﻟﻛل ﻛﻔﺎﻟﺔ ﻓﻼ ﺗرﺟﯾﺢ ﻟﻠﺑﻌض ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻌض ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﺗﻘدم ﻓﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺷرﯾﻛﮫ‬
‫ﺑﻧﺻﻔﮫ وﻻ ﯾؤدي إﻟﻰ اﻟدور ﻷن ﻗﺿﯾﺗﮫ اﻻﺳﺗواء‪ ،‬وﻗد ﺣﺻل ﺑرﺟوع أﺣدھﻣﺎ ﺑﻧﺻف ﻣﺎ أدى ﻓﻼ ﯾﻧﺗﻘض ﺑرﺟوع‬
‫اﻵﺧر ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﺗﻘدم‪ ،‬ﺛم ﯾرﺟﻌﺎن ﻋﻠﻰ اﻷﺻﯾل ﻷﻧﮭﻣﺎ أدﯾﺎ ﻋﻧﮫ أﺣدھﻣﺎ ﺑﻧﻔﺳﮫ واﻵﺧر ﺑﻧﺎﺋﺑﮫ "وإن ﺷﺎء‬
‫رﺟﻊ ﺑﺎﻟﺟﻣﯾﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﻔول ﻋﻧﮫ" ﻷﻧﮫ ﻛﻔل ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺎل ﻋﻧﮫ ﺑﺄﻣره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أﺑرأ رب اﻟﻣﺎل أﺣدھﻣﺎ أﺧذ اﻵﺧر ﺑﺎﻟﺟﻣﯾﻊ ﻷن إﺑراء اﻟﻛﻔﯾل ﻻ ﯾوﺟب" ﺑراءة اﻷﺻﯾل ﻓﺑﻘﻲ اﻟﻣﺎل ﻛﻠﮫ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻷﺻﯾل واﻵﺧر ﻛﻔﯾل ﻋﻧﮫ ﺑﻛﻠﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه وﻟﮭذا ﯾﺄﺧذه ﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﻓﺗرق اﻟﻣﺗﻔﺎوﺿﺎن ﻓﻸﺻﺣﺎب اﻟدﯾون أن ﯾﺄﺧذوا أﯾﮭﻣﺎ ﺷﺎءوا ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻟدﯾن" ﻷن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ‬
‫ﻛﻔﯾل ﻋن ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋرف ﻓﻲ اﻟﺷرﻛﺔ "وﻻ ﯾرﺟﻊ أﺣدھﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺑﮫ ﺣﺗﻰ ﯾؤدي أﻛﺛر ﻣن اﻟﻧﺻف" ﻟﻣﺎ‬
‫ﻣر ﻣن اﻟوﺟﮭﯾن ﻓﻲ ﻛﻔﺎﻟﺔ اﻟرﺟﻠﯾن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛوﺗب اﻟﻌﺑدان ﻛﺗﺎﺑﺔ واﺣدة وﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻛﻔﯾل ﻋن ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻓﻛل ﺷﻲء أداه أﺣدھﻣﺎ رﺟﻊ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺻﺎﺣﺑﮫ ﺑﻧﺻﻔﮫ" ووﺟﮭﮫ أن ھذا اﻟﻌﻘد ﺟﺎﺋز اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ‪ ،‬وطرﯾﻘﮫ أن ﯾﺟﻌل ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ أﺻﯾﻼ ﻓﻲ ﺣق وﺟوب‬
‫اﻷﻟف ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﻛون ﻋﺗﻘﮭﻣﺎ ﻣﻌﻠﻘﺎ ﺑﺄداﺋﮫ وﯾﺟﻌل ﻛﻔﯾﻼ ﺑﺎﻷﻟف ﻓﻲ ﺣق ﺻﺎﺣﺑﮫ‪ ،‬وﺳﻧذﻛره ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎﺗب إن ﺷﺎء ﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬وإذا ﻋرف ذﻟك ﻓﻣﺎ أداه أﺣدھﻣﺎ رﺟﻊ ﺑﻧﺻﻔﮫ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻻﺳﺗواﺋﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻟو رﺟﻊ ﺑﺎﻟﻛل ﻻ ﺗﺗﺣﻘق‬
‫اﻟﻣﺳﺎواة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو ﻟم ﯾؤدﯾﺎ ﺷﯾﺋﺎ ﺣﺗﻰ أﻋﺗق اﻟﻣوﻟﻰ أﺣدھﻣﺎ ﺟﺎز اﻟﻌﺗق" ﻟﻣﺻﺎدﻓﺗﮫ ﻣﻠﻛﮫ وﺑرئ ﻋن اﻟﻧﺻف ﻷﻧﮫ ﻣﺎ‬
‫رﺿﻲ ﺑﺎﻟﺗزام اﻟﻣﺎل إﻻ ﻟﯾﻛون اﻟﻣﺎل وﺳﯾﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﺗق وﻣﺎ ﺑﻘﻲ وﺳﯾﻠﺔ ﻓﯾﺳﻘط وﯾﺑﻘﻰ اﻟﻧﺻف ﻋﻠﻰ اﻵﺧر؛ ﻷن‬
‫اﻟﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﻘﺎﺑل ﺑرﻗﺑﺗﮭﻣﺎ‪ .‬وإﻧﻣﺎ ﺟﻌل ﻋﻠﻰ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ اﺣﺗﯾﺎﻻ ﻟﺗﺻﺣﯾﺢ اﻟﺿﻣﺎن‪ ،‬وإذا ﺟﺎء اﻟﻌﺗق‬
‫اﺳﺗﻐﻧﻰ ﻋﻧﮫ ﻓﺎﻋﺗﺑر ﻣﻘﺎﺑﻼ ﺑرﻗﺑﺗﮭﻣﺎ ﻓﻠﮭذا ﯾﺗﻧﺻف‪ ،‬وﻟﻠﻣوﻟﻰ أن ﯾﺄﺧذ ﺑﺣﺻﺔ اﻟذي ﻟم ﯾﻌﺗق أﯾﮭﻣﺎ ﺷﺎء اﻟﻣﻌﺗق‬
‫ﺑﺎﻟﻛﻔﺎﻟﺔ وﺻﺎﺣﺑﮫ ﺑﺎﻷﺻﺎﻟﺔ‪ ،‬وإن أﺧذ اﻟذي أﻋﺗق رﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺑﮫ ﺑﻣﺎ ﯾؤدي ﻷﻧﮫ ﻣؤد ﻋﻧﮫ ﺑﺄﻣره‪ ،‬وإن أﺧذ‬
‫اﻵﺧر ﻟم ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺗق ﺑﺷﻲء ﻷﻧﮫ أدى ﻋن ﻧﻔﺳﮫ وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﺑﺎب ﻛﻔﺎﻟﺔ اﻟﻌﺑد وﻋﻧﮫ‬


‫"وﻣن ﺿﻣن ﻋن ﻋﺑد ﻣﺎﻻ ﻻ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﻌﺗق وﻟم ﯾﺳم ﺣﺎﻻ وﻻ ﻏﯾره ﻓﮭو ﺣﺎل"‬

‫ﻷن اﻟﻣﺎل ﺣﺎل ﻋﻠﯾﮫ ﻟوﺟود اﻟﺳﺑب وﻗﺑول اﻟذﻣﺔ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﻻ ﯾطﺎﻟب ﻟﻌﺳرﺗﮫ‪ ،‬إذ ﺟﻣﯾﻊ‬ ‫ص ‪-98-‬‬
‫ﻣﺎ ﻓﻲ ﯾده ﻣﻠك اﻟﻣوﻟﻰ وﻟم ﯾرض ﺑﺗﻌﻠﻘﮫ ﺑﮫ واﻟﻛﻔﯾل ﻏﯾر ﻣﻌﺳر‪ ،‬ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﻛﻔل ﻋن ﻏﺎﺋب أو ﻣﻔﻠس‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟدﯾن اﻟﻣؤﺟل ﻷﻧﮫ ﻣﺗﺄﺧر ﺑﻣؤﺧر‪ ،‬ﺛم إذا أدى رﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺑد ﺑﻌد اﻟﻌﺗق ﻷن اﻟطﺎﻟب ﻻ ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ إﻻ ﺑﻌد‬
‫اﻟﻌﺗق‪ ،‬ﻓﻛذا اﻟﻛﻔﯾل ﻟﻘﯾﺎﻣﮫ ﻣﻘﺎﻣﮫ‪" .‬وﻣن ادﻋﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺑد ﻣﺎﻻ وﻛﻔل ﻟﮫ رﺟل ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻓﻣﺎت اﻟﻌﺑد ﺑرئ اﻟﻛﻔﯾل"‬
‫ﻟﺑراءة اﻷﺻﯾل ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻣﻛﻔول ﻋﻧﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ ﺣرا‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ادﻋﻰ رﻗﺑﺔ اﻟﻌﺑد ﻓﻛﻔل ﺑﮫ رﺟل ﻓﻣﺎت اﻟﻌﺑد ﻓﺄﻗﺎم اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﺑﯾﻧﺔ أﻧﮫ ﻛﺎن ﻟﮫ ﺿﻣن اﻟﻛﻔﯾل ﻗﯾﻣﺗﮫ" ﻷن‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﻟﻰ ردھﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﯾﺧﻠﻔﮭﺎ ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ‪ ،‬وﻗد اﻟﺗزم اﻟﻛﻔﯾل ذﻟك وﺑﻌد اﻟﻣوت ﺗﺑﻘﻰ اﻟﻘﯾﻣﺔ واﺟﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺻﯾل‬
‫ﻓﻛذا ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻔﯾل‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻷول‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﻔل اﻟﻌﺑد ﻋن ﻣوﻻه ﺑﺄﻣره ﻓﻌﺗق ﻓﺄداه أو ﻛﺎن اﻟﻣوﻟﻰ ﻛﻔل ﻋﻧﮫ ﻓﺄداه ﺑﻌد اﻟﻌﺗق ﻟم ﯾرﺟﻊ واﺣد‬
‫ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺑﮫ" وﻗﺎل زﻓر‪ :‬ﯾرﺟﻊ‪ ،‬وﻣﻌﻧﻰ اﻟوﺟﮫ اﻷول أن ﻻ ﯾﻛون ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺑد دﯾن ﺣﺗﻰ ﺗﺻﺢ ﻛﻔﺎﻟﺗﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﻣﺎل ﻋن اﻟﻣوﻟﻰ إذا ﻛﺎن ﺑﺄﻣره‪ ،‬أﻣﺎ ﻛﻔﺎﻟﺗﮫ ﻋن اﻟﻌﺑد ﻓﺗﺻﺢ ﻋﻠﻰ ﻛل ﺣﺎل‪ .‬ﻟﮫ أﻧﮫ ﺗﺣﻘق اﻟﻣوﺟب ﻟﻠرﺟوع وھو‬
‫اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺄﻣره واﻟﻣﺎﻧﻊ وھو اﻟرق ﻗد زال‪ .‬وﻟﻧﺎ أﻧﮭﺎ وﻗﻌت ﻏﯾر ﻣوﺟﺑﺔ ﻟﻠرﺟوع ﻷن اﻟﻣوﻟﻰ ﻻ ﯾﺳﺗوﺟب ﻋﻠﻰ ﻋﺑده‬
‫دﯾﻧﺎ وﻛذا اﻟﻌﺑد ﻋﻠﻰ ﻣوﻻه‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﻧﻘﻠب ﻣوﺟﺑﺔ أﺑدا ﻛﻣن ﻛﻔل ﻋن ﻏﯾره ﺑﻐﯾر أﻣره ﻓﺄﺟﺎزه‪" .‬وﻻ ﺗﺟوز اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‬
‫ﺑﻣﺎل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺣر ﺗﻛﻔل ﺑﮫ أو ﻋﺑد" ﻷﻧﮫ دﯾن ﺛﺑت ﻣﻊ اﻟﻣﻧﺎﻓﻲ ﻓﻼ ﯾظﮭر ﻓﻲ ﺣق ﺻﺣﺔ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻟو ﻋﺟز‬
‫ﻧﻔﺳﮫ ﺳﻘط‪ ،‬وﻻ ﯾﻣﻛن إﺛﺑﺎﺗﮫ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟوﺟﮫ ﻓﻲ ذﻣﺔ اﻟﻛﻔﯾل‪ ،‬وإﺛﺑﺎﺗﮫ ﻣطﻠﻘﺎ ﯾﻧﺎﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺿم ﻷن ﻣن ﺷرطﮫ‬
‫اﻻﺗﺣﺎد‪ ،‬وﺑدل اﻟﺳﻌﺎﯾﺔ ﻛﻣﺎل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻷﻧﮫ ﻛﺎﻟﻣﻛﺎﺗب ﻋﻧده‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻟﺣواﻟﺔ‬ ‫ص ‪-99-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وھﻲ ﺟﺎﺋزة ﺑﺎﻟدﯾون" ﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻣن أﺣﯾل ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻲء ﻓﻠﯾﺗﺑﻊ" وﻷﻧﮫ اﻟﺗزم ﻣﺎ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﺳﻠﯾﻣﮫ ﻓﺗﺻﺢ ﻛﺎﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ اﺧﺗﺻت ﺑﺎﻟدﯾون ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻧﺑﺊ ﻋن اﻟﻧﻘل واﻟﺗﺣوﯾل‪ ،‬واﻟﺗﺣوﯾل ﻓﻲ اﻟدﯾن ﻻ ﻓﻲ اﻟﻌﯾن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﺻﺢ اﻟﺣواﻟﺔ ﺑرﺿﺎ اﻟﻣﺣﯾل واﻟﻣﺣﺗﺎل واﻟﻣﺣﺗﺎل ﻋﻠﯾﮫ" أﻣﺎ اﻟﻣﺣﺗﺎل ﻓﻸن اﻟدﯾن ﺣﻘﮫ وھو اﻟذي ﯾﻧﺗﻘل ﺑﮭﺎ‬
‫واﻟذﻣم ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ ﻓﻼ ﺑد ﻣن رﺿﺎه‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﻣﺣﺗﺎل ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻸﻧﮫ ﯾﻠزﻣﮫ اﻟدﯾن وﻻ ﻟزوم ﺑدون اﻟﺗزاﻣﮫ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﻣﺣﯾل‬
‫ﻓﺎﻟﺣواﻟﺔ ﺗﺻﺢ ﺑدون رﺿﺎه ذﻛره ﻓﻲ اﻟزﯾﺎدات ﻷن اﻟﺗزام اﻟدﯾن ﻣن اﻟﻣﺣﺗﺎل ﻋﻠﯾﮫ ﺗﺻرف ﻓﻲ ﺣق ﻧﻔﺳﮫ وھو ﻻ‬
‫ﯾﺗﺿرر ﺑﮫ ﺑل ﻓﯾﮫ ﻧﻔﻌﮫ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ إذا ﻟم ﯾﻛن ﺑﺄﻣره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺗﻣت اﻟﺣواﻟﺔ ﺑرئ اﻟﻣﺣﯾل ﻣن اﻟدﯾن ﺑﺎﻟﻘﺑول" وﻗﺎل زﻓر‪ :‬ﻻ ﯾﺑرأ اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ ،‬إذ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ‬
‫ﻋﻘد ﺗوﺛق‪ ،‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﺣواﻟﺔ ﻟﻠﻧﻘل ﻟﻐﺔ‪ ،‬وﻣﻧﮫ ﺣواﻟﺔ اﻟﻐراس واﻟدﯾن ﻣﺗﻰ اﻧﺗﻘل ﻋن اﻟذﻣﺔ ﻻ ﯾﺑﻘﻰ ﻓﯾﮭﺎ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‬
‫ﻓﻠﻠﺿم واﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ وﻓﺎق اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻠﻐوﯾﺔ واﻟﺗوﺛق ﺑﺎﺧﺗﯾﺎر اﻷﻣﻺ واﻷﺣﺳن ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺟﺑر‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺑول إذا ﻧﻘد اﻟﻣﺣﯾل ﻷﻧﮫ ﯾﺣﺗﻣل ﻋود اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ إﻟﯾﮫ ﺑﺎﻟﺗوى ﻓﻠم ﯾﻛن ﻣﺗﺑرﻋﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾرﺟﻊ اﻟﻣﺣﺗﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﯾل إﻻ أن ﯾﺗوى ﺣﻘﮫ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾرﺟﻊ وإن ﺗوي ﻷن‬
‫اﻟﺑراءة ﺣﺻﻠت ﻣطﻠﻘﺔ ﻓﻼ ﺗﻌود إﻻ ﺑﺳﺑب ﺟدﯾد‪ .‬وﻟﻧﺎ أﻧﮭﺎ ﻣﻘﯾدة ﺑﺳﻼﻣﺔ ﺣﻘﮫ ﻟﮫ إذ ھو اﻟﻣﻘﺻود‪ ،‬أو ﺗﻧﻔﺳﺦ‬
‫اﻟﺣواﻟﺔ ﻟﻔواﺗﮫ ﻷﻧﮫ ﻗﺎﺑل ﻟﻠﻔﺳﺦ ﻓﺻﺎر ﻛوﺻف اﻟﺳﻼﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺑﯾﻊ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﺗوى ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أﺣد اﻷﻣرﯾن‪ :‬إﻣﺎ أن ﯾﺟﺣد اﻟﺣواﻟﺔ وﯾﺣﻠف وﻻ ﺑﯾﻧﺔ ﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬أو‬
‫ﯾﻣوت ﻣﻔﻠﺳﺎ" ﻷن اﻟﻌﺟز ﻋن اﻟوﺻول ﯾﺗﺣﻘق ﺑﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ وھو اﻟﺗوى ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ "وﻗﺎﻻ ھذان اﻟوﺟﮭﺎن‪.‬‬
‫ووﺟﮫ ﺛﺎﻟث وھو أن ﯾﺣﻛم اﻟﺣﺎﻛم ﺑﺈﻓﻼﺳﮫ ﺣﺎل ﺣﯾﺎﺗﮫ "‬

‫وھذا ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ أن اﻹﻓﻼس ﻻ ﯾﺗﺣﻘق ﺑﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻧده ﺧﻼﻓﺎ ﻟﮭﻣﺎ‪ ،‬ﻷن ﻣﺎل ﷲ ﻏﺎد‬ ‫ص ‪-100-‬‬
‫وراﺋﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا طﺎﻟب اﻟﻣﺣﺗﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻣﺣﯾل ﺑﻣﺛل ﻣﺎل اﻟﺣواﻟﺔ ﻓﻘﺎل اﻟﻣﺣﯾل أﺣﻠت ﺑدﯾن ﻟﻲ ﻋﻠﯾك ﻟك ﯾﻘﺑل ﻗوﻟﮫ وﻛﺎن‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺛل اﻟدﯾن" ﻷن ﺳﺑب اﻟرﺟوع ﻗد ﺗﺣﻘق وھو ﻗﺿﺎء دﯾﻧﮫ ﺑﺄﻣره إﻻ أن اﻟﻣﺣﯾل ﯾدﻋﻲ ﻋﻠﯾﮫ دﯾﻧﺎ وھو ﯾﻧﻛر‬
‫واﻟﻘول ﻟﻠﻣﻧﻛر‪ ،‬وﻻ ﺗﻛون اﻟﺣواﻟﺔ إﻗرارا ﻣﻧﮫ ﺑﺎﻟدﯾن ﻋﻠﯾﮫ ﻷﻧﮭﺎ ﻗد ﺗﻛون ﺑدوﻧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا طﺎﻟب اﻟﻣﺣﯾل اﻟﻣﺣﺗﺎل ﺑﻣﺎ أﺣﺎﻟﮫ ﺑﮫ ﻓﻘﺎل إﻧﻣﺎ أﺣﻠﺗك ﻟﺗﻘﺑﺿﮫ ﻟﻲ وﻗﺎل اﻟﻣﺣﺗﺎل ﻻ ﺑل أﺣﻠﺗﻧﻲ ﺑدﯾن‬
‫ﻛﺎن ﻟﻲ ﻋﻠﯾك ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺣﯾل" ﻷن اﻟﻣﺣﺗﺎل ﯾدﻋﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟدﯾن وھو ﯾﻧﻛر وﻟﻔظﺔ اﻟﺣواﻟﺔ ﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟوﻛﺎﻟﺔ‬
‫ﻓﯾﻛون اﻟﻘول ﻗوﻟﮫ ﻣﻊ ﯾﻣﯾﻧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أودع رﺟﻼ أﻟف درھم وأﺣﺎل ﺑﮭﺎ ﻋﻠﯾﮫ آﺧر ﻓﮭو ﺟﺎﺋز ﻷﻧﮫ أﻗدر ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬ﻓﺈن ھﻠﻛت ﺑرئ"‬
‫ﻟﺗﻘﯾدھﺎ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﻣﺎ اﻟﺗزم اﻷداء إﻻ ﻣﻧﮭﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻣﻘﯾدة ﺑﺎﻟﻣﻐﺻوب ﻷن اﻟﻔوات إﻟﻰ ﺧﻠف ﻛﻼ ﻓوات‪،‬‬
‫وﻗد ﺗﻛون اﻟﺣواﻟﺔ ﻣﻘﯾدة ﺑﺎﻟدﯾن أﯾﺿﺎ‪ ،‬وﺣﻛم اﻟﻣﻘﯾدة ﻓﻲ ھذه اﻟﺟﻣﻠﺔ أن ﻻ ﯾﻣﻠك اﻟﻣﺣﯾل ﻣطﺎﻟﺑﺔ اﻟﻣﺣﺗﺎل ﻋﻠﯾﮫ ﻷﻧﮫ‬
‫ﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﺣق اﻟﻣﺣﺗﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺛﺎل اﻟرھن وإن ﻛﺎن أﺳوة ﻟﻠﻐرﻣﺎء ﺑﻌد ﻣوت اﻟﻣﺣﯾل‪ ،‬وھذا ﻷﻧﮫ ﻟو ﺑﻘﻲ ﻟﮫ ﻣطﺎﻟﺑﺗﮫ‬
‫ﻓﯾﺄﺧذه ﻣﻧﮫ ﻟﺑطﻠت اﻟﺣواﻟﺔ وھﻲ ﺣق اﻟﻣﺣﺗﺎل‪ .‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺗﻌﻠق ﻟﺣﻘﮫ ﺑﮫ ﺑل ﺑذﻣﺗﮫ ﻓﻼ ﺗﺑطل اﻟﺣواﻟﺔ‬
‫ﺑﺄﺧذ ﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ أو ﻋﻧده‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﻛره اﻟﺳﻔﺎﺗﺞ وھﻲ ﻗرض اﺳﺗﻔﺎد ﺑﮫ اﻟﻣﻘرض ﺳﻘوط ﺧطر اﻟطرﯾق" وھذا ﻧوع ﻧﻔﻊ اﺳﺗﻔﯾد ﺑﮫ وﻗد ﻧﮭﻰ‬
‫رﺳول ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋن ﻗرض ﺟر ﻧﻔﻌﺎ‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب أدب اﻟﻘﺎﺿﻲ‬ ‫ص ‪-101-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﺻﺢ وﻻﯾﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﺗﻰ ﯾﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ اﻟﻣوﻟﻰ ﺷراﺋط اﻟﺷﮭﺎدة وﯾﻛون ﻣن أھل اﻻﺟﺗﮭﺎد" أﻣﺎ اﻷول‬
‫ﻓﻸن ﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎء ﯾﺳﺗﻘﻰ ﻣن ﺣﻛم اﻟﺷﮭﺎدة ﻷن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣن ﺑﺎب اﻟوﻻﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻛل ﻣن ﻛﺎن أھﻼ ﻟﻠﺷﮭﺎدة ﯾﻛون‬
‫أھﻼ ﻟﻠﻘﺿﺎء وﻣﺎ ﯾﺷﺗرط ﻷھﻠﯾﺔ اﻟﺷﮭﺎدة ﯾﺷﺗرط ﻷھﻠﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎء‪ .‬واﻟﻔﺎﺳق أھل ﻟﻠﻘﺿﺎء ﺣﺗﻰ ﻟو ﻗﻠد ﯾﺻﺢ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ‬
‫ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻘﻠد ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻘﺑل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷﮭﺎدﺗﮫ‪ ،‬وﻟو ﻗﺑل ﺟﺎز ﻋﻧدﻧﺎ‪ .‬وﻟو ﻛﺎن‬
‫اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋدﻻ ﻓﻔﺳق ﺑﺄﺧذ اﻟرﺷوة أو ﻏﯾره ﻻ ﯾﻧﻌزل وﯾﺳﺗﺣق اﻟﻌزل‪ ،‬وھذا ھو ظﺎھر اﻟﻣذھب وﻋﻠﯾﮫ ﻣﺷﺎﯾﺧﻧﺎ‬
‫رﺣﻣﮭم ﷲ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬اﻟﻔﺎﺳق ﻻ ﯾﺟوز ﻗﺿﺎؤه ﻛﻣﺎ ﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻋﻧده‪ ،‬وﻋن ﻋﻠﻣﺎﺋﻧﺎ اﻟﺛﻼﺛﺔ‬
‫رﺣﻣﮭم ﷲ ﻓﻲ اﻟﻧوادر أﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز ﻗﺿﺎؤه‪ .‬وﻗﺎل ﺑﻌض اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ رﺣﻣﮭم ﷲ‪ :‬إذا ﻗﻠد اﻟﻔﺎﺳق اﺑﺗداء ﯾﺻﺢ‪ ،‬وﻟو ﻗﻠد‬
‫وھو ﻋدل ﯾﻧﻌزل ﺑﺎﻟﻔﺳق ﻷن اﻟﻣﻘﻠد اﻋﺗﻣد ﻋداﻟﺗﮫ ﻓﻠم ﯾﻛن راﺿﯾﺎ ﺑﺗﻘﻠﯾده دوﻧﮭﺎ‪ .‬وھل ﯾﺻﻠﺢ اﻟﻔﺎﺳق ﻣﻔﺗﯾﺎ؟ ﻗﯾل ﻻ‬
‫ﻷﻧﮫ ﻣن أﻣور اﻟدﯾن وﺧﺑره ﻏﯾر ﻣﻘﺑول ﻓﻲ اﻟدﯾﺎﻧﺎت‪ ،‬وﻗﯾل ﯾﺻﻠﺢ ﻷﻧﮫ ﯾﺟﺗﮭد ﻛل اﻟﺟﮭد ﻓﻲ إﺻﺎﺑﺔ اﻟﺣق ﺣذار‬
‫اﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﺧطﺈ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﺎﻟﺻﺣﯾﺢ أن أھﻠﯾﺔ اﻻﺟﺗﮭﺎد ﺷرط اﻷوﻟوﯾﺔ‪ .‬ﻓﺄﻣﺎ ﺗﻘﻠﯾد اﻟﺟﺎھل ﻓﺻﺣﯾﺢ ﻋﻧدﻧﺎ ﺧﻼﻓﺎ‬
‫ﻟﻠﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ ،‬وھو ﯾﻘول‪ :‬إن اﻷﻣر ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء ﯾﺳﺗدﻋﻲ اﻟﻘدرة ﻋﻠﯾﮫ وﻻ ﻗدرة دون اﻟﻌﻠم‪ .‬وﻟﻧﺎ أﻧﮫ ﯾﻣﻛﻧﮫ أن‬
‫ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻔﺗوى ﻏﯾره‪ ،‬وﻣﻘﺻود اﻟﻘﺿﺎء ﯾﺣﺻل ﺑﮫ وھو إﯾﺻﺎل اﻟﺣق إﻟﻰ ﻣﺳﺗﺣﻘﮫ‪ .‬وﯾﻧﺑﻐﻲ ﻟﻠﻣﻘﻠد أن ﯾﺧﺗﺎر ﻣن‬
‫ھو اﻷﻗدر واﻷوﻟﻰ ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻣن ﻗﻠد إﻧﺳﺎﻧﺎ ﻋﻣﻼ وﻓﻲ رﻋﯾﺗﮫ ﻣن ھو أوﻟﻰ ﻣﻧﮫ ﻓﻘد ﺧﺎن ﷲ‬
‫ورﺳوﻟﮫ وﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن"‪ .‬وﻓﻲ ﺣد اﻻﺟﺗﮭﺎد ﻛﻼم ﻋرف ﻓﻲ أﺻول اﻟﻔﻘﮫ‪.‬‬
‫وﺣﺎﺻﻠﮫ أن ﯾﻛون ﺻﺎﺣب ﺣدﯾث ﻟﮫ ﻣﻌرﻓﺔ ﺑﺎﻟﻔﻘﮫ ﻟﯾﻌرف ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻵﺛﺎر أو ﺻﺎﺣب ﻓﻘﮫ ﻟﮫ ﻣﻌرﻓﺔ ﺑﺎﻟﺣدﯾث ﻟﺋﻼ‬
‫ﯾﺷﺗﻐل ﺑﺎﻟﻘﯾﺎس ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﮫ وﻗﯾل أن ﯾﻛون ﻣﻊ ذﻟك ﺻﺎﺣب ﻗرﯾﺣﺔ ﯾﻌرف ﺑﮭﺎ ﻋﺎدات اﻟﻧﺎس ﻷن ﻣن‬
‫اﻷﺣﻛﺎم ﻣﺎ ﯾﺑﺗﻧﻲ ﻋﻠﯾﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺑﺄس ﺑﺎﻟدﺧول ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﻟﻣن ﯾﺛق ﺑﻧﻔﺳﮫ أن ﯾؤدي ﻓرﺿﮫ" ﻷن اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭم ﺗﻘﻠدوه‬
‫وﻛﻔﻰ ﺑﮭم ﻗدوة‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻓرض ﻛﻔﺎﯾﺔ ﻟﻛوﻧﮫ أﻣرا ﺑﺎﻟﻣﻌروف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﻛره اﻟدﺧول ﻓﯾﮫ ﻟﻣن ﯾﺧﺎف اﻟﻌﺟز ﻋﻧﮫ وﻻ ﺑﺄس ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ اﻟﺣﯾف ﻓﯾﮫ" ﻛﻲ‬ ‫ص ‪-102-‬‬
‫ﻻ ﯾﺻﯾر ﺷرطﺎ ﻟﻣﺑﺎﺷرﺗﮫ اﻟﻘﺑﯾﺢ‪ ،‬وﻛره ﺑﻌﺿﮭم اﻟدﺧول ﻓﯾﮫ ﻣﺧﺗﺎرا ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻣن ﺟﻌل ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻛﺄﻧﻣﺎ ذﺑﺢ ﺑﻐﯾر ﺳﻛﯾن" واﻟﺻﺣﯾﺢ أن اﻟدﺧول ﻓﯾﮫ رﺧﺻﺔ طﻣﻌﺎ ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻌدل واﻟﺗرك ﻋزﯾﻣﺔ ﻓﻠﻌﻠﮫ‬
‫ﯾﺧطﺊ ظﻧﮫ وﻻ ﯾوﻓق ﻟﮫ أو ﻻ ﯾﻌﯾﻧﮫ ﻋﻠﯾﮫ ﻏﯾره‪ ،‬وﻻ ﺑد ﻣن اﻹﻋﺎﻧﺔ إﻻ إذا ﻛﺎن ھو أھﻼ ﻟﻠﻘﺿﺎء دون ﻏﯾره‬
‫ﻓﺣﯾﻧﺋذ ﯾﻔﺗرض ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺗﻘﻠد ﺻﯾﺎﻧﺔ ﻟﺣﻘوق اﻟﻌﺑﺎد وإﺧﻼء ﻟﻠﻌﺎﻟم ﻋن اﻟﻔﺳﺎد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﻻ ﯾطﻠب اﻟوﻻﯾﺔ وﻻ ﯾﺳﺄﻟﮭﺎ" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻣن طﻠب اﻟﻘﺿﺎء وﻛل إﻟﻰ ﻧﻔﺳﮫ‬
‫وﻣن أﺟﺑر ﻋﻠﯾﮫ ﻧزل ﻋﻠﯾﮫ ﻣﻠك ﯾﺳدده" وﻷن ﻣن طﻠﺑﮫ ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ ﻓﯾﺣرم‪ ،‬وﻣن أﺟﺑر ﻋﻠﯾﮫ ﯾﺗوﻛل ﻋﻠﻰ رﺑﮫ‬
‫ﻓﯾﻠﮭم‪" .‬ﺛم ﯾﺟوز اﻟﺗﻘﻠد ﻣن اﻟﺳﻠطﺎن اﻟﺟﺎﺋر ﻛﻣﺎ ﯾﺟوز ﻣن اﻟﻌﺎدل" ﻷن اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭم ﺗﻘﻠدوه ﻣن‬
‫ﻣﻌﺎوﯾﺔ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ واﻟﺣق ﻛﺎن ﺑﯾد ﻋﻠﻲ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻓﻲ ﻧوﺑﺗﮫ‪ ،‬واﻟﺗﺎﺑﻌﯾن ﺗﻘﻠدوه ﻣن اﻟﺣﺟﺎج وﻛﺎن ﺟﺎﺋزا‬
‫إﻻ إذا ﻛﺎن ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ ﻣن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺣق ﻷن اﻟﻣﻘﺻود ﻻ ﯾﺣﺻل ﺑﺎﻟﺗﻘﻠد‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﯾﻣﻛﻧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻗﻠد اﻟﻘﺿﺎء ﯾﺳﻠم إﻟﯾﮫ دﯾوان اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﻛﺎن ﻗﺑﻠﮫ" وھو اﻟﺧراﺋط اﻟﺗﻲ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺳﺟﻼت وﻏﯾرھﺎ‪،‬‬
‫ﻷﻧﮭﺎ وﺿﻌت ﻓﯾﮭﺎ ﻟﺗﻛون ﺣﺟﺔ ﻋﻧد اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻓﺗﺟﻌل ﻓﻲ ﯾد ﻣن ﻟﮫ وﻻﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎء‪ .‬ﺛم إن ﻛﺎن اﻟﺑﯾﺎض ﻣن ﺑﯾت اﻟﻣﺎل‬
‫ﻓظﺎھر‪ ،‬وﻛذا إذا ﻛﺎن ﻣن ﻣﺎل اﻟﺧﺻوم ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻷﻧﮭم وﺿﻌوھﺎ ﻓﻲ ﯾده ﻟﻌﻣﻠﮫ وﻗد اﻧﺗﻘل إﻟﻰ اﻟﻣوﻟﻰ‪ ،‬وﻛذا‬
‫إذا ﻛﺎن ﻣن ﻣﺎل اﻟﻘﺎﺿﻲ ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻷﻧﮫ اﺗﺧذه ﺗدﯾﻧﺎ ﻻ ﺗﻣوﻻ‪ ،‬وﯾﺑﻌث أﻣﯾﻧﯾن ﻟﯾﻘﺑﺿﺎھﺎ ﺑﺣﺿرة اﻟﻣﻌزول أو‬
‫أﻣﯾﻧﮫ وﯾﺳﺄﻻﻧﮫ ﺷﯾﺋﺎ ﻓﺷﯾﺋﺎ‪ ،‬وﯾﺟﻌﻼن ﻛل ﻧوع ﻣﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﺧرﯾطﺔ ﻛﻲ ﻻ ﯾﺷﺗﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﻟﻰ‪ ،‬وھذا اﻟﺳؤال ﻟﻛﺷف‬
‫اﻟﺣﺎل ﻻ ﻟﻺﻟزام‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﻧظر ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﻣﺣﺑوﺳﯾن" ﻷﻧﮫ ﻧﺻب ﻧﺎظرا "ﻓﻣن اﻋﺗرف ﺑﺣق أﻟزﻣﮫ إﯾﺎه" ﻷن اﻹﻗرار ﻣﻠزم "وﻣن‬
‫أﻧﻛر ﻟم ﯾﻘﺑل ﻗول اﻟﻣﻌزول ﻋﻠﯾﮫ إﻻ ﺑﺑﯾﻧﺔ" ﻷﻧﮫ ﺑﺎﻟﻌزل اﻟﺗﺣق ﺑﺎﻟرﻋﺎﯾﺎ‪ ،‬وﺷﮭﺎدة اﻟﻔرد ﻟﯾﺳت ﺑﺣﺟﺔ ﻻ ﺳﯾﻣﺎ إذا‬
‫ﻛﺎﻧت ﻋﻠﻰ ﻓﻌل ﻧﻔﺳﮫ "ﻓﺈن ﻟم ﺗﻘم ﺑﯾﻧﺔ ﻟم ﯾﻌﺟل ﺑﺗﺧﻠﯾﺗﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﻧﺎدى ﻋﻠﯾﮫ وﯾﻧظر ﻓﻲ أﻣره" ﻷن ﻓﻌل اﻟﻘﺎﺿﻲ‬
‫اﻟﻣﻌزول ﺣق ظﺎھر ﻓﻼ ﯾﻌﺟل ﻛﻲ ﻻ ﯾؤدي إﻟﻰ إﺑطﺎل ﺣق اﻟﻐﯾر‪" .‬وﯾﻧظر ﻓﻲ اﻟوداﺋﻊ وارﺗﻔﺎع اﻟوﻗوف ﻓﯾﻌﻣل‬
‫ﻓﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﮫ اﻟﺑﯾﻧﺔ أو ﯾﻌﺗرف ﺑﮫ ﻣن ھو ﻓﻲ ﯾده" ﻷن ﻛل ذﻟك ﺣﺟﺔ‪" .‬وﻻ ﯾﻘﺑل ﻗول اﻟﻣﻌزول" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‬
‫"إﻻ أن ﯾﻌﺗرف اﻟذي ھو ﻓﻲ ﯾده أن اﻟﻣﻌزول ﺳﻠﻣﮭﺎ إﻟﯾﮫ ﻓﯾﻘﺑل ﻗوﻟﮫ ﻓﯾﮭﺎ" ﻷﻧﮫ ﺛﺑت ﺑﺈﻗراره أن اﻟﯾد ﻛﺎﻧت‬
‫ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻓﯾﺻﺢ إﻗرار اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻛﺄﻧﮫ ﻓﻲ ﯾده ﻓﻲ اﻟﺣﺎل‪ ،‬إﻻ إذا ﺑدأ ﺑﺎﻹﻗرار ﻟﻐﯾره ﺛم‬

‫أﻗر ﺑﺗﺳﻠﯾم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﯾﺳﻠم ﻣﺎ ﻓﻲ ﯾده إﻟﻰ اﻟﻣﻘر ﻟﮫ اﻷول ﻟﺳﺑق ﺣﻘﮫ وﯾﺿﻣن ﻗﯾﻣﺗﮫ‬ ‫ص ‪-103-‬‬
‫ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺑﺈﻗراره اﻟﺛﺎﻧﻲ وﯾﺳﻠم إﻟﻰ اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ﻣن ﺟﮭﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟﻠس ﻟﻠﺣﻛم ﺟﻠوﺳﺎ ظﺎھرا ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺟد" ﻛﻲ ﻻ ﯾﺷﺗﺑﮫ ﻣﻛﺎﻧﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻐرﺑﺎء وﺑﻌض اﻟﻣﻘﯾﻣﯾن‪ ،‬واﻟﻣﺳﺟد‬
‫اﻟﺟﺎﻣﻊ أوﻟﻰ ﻷﻧﮫ أﺷﮭر‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﻛره اﻟﺟﻠوس ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺟد ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻷﻧﮫ ﯾﺣﺿره اﻟﻣﺷرك وھو‬
‫ﻧﺟس ﺑﺎﻟﻧص واﻟﺣﺎﺋض وھﻲ ﻣﻣﻧوﻋﺔ ﻋن دﺧوﻟﮫ‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬إﻧﻣﺎ ﺑﻧﯾت اﻟﻣﺳﺎﺟد ﻟذﻛر ﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ واﻟﺣﻛم"‪ .‬وﻛﺎن رﺳول ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﯾﻔﺻل اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺗﻛﻔﮫ وﻛذا اﻟﺧﻠﻔﺎء اﻟراﺷدون ﻛﺎﻧوا‬
‫ﯾﺟﻠﺳون ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺟد ﻟﻔﺻل اﻟﺧﺻوﻣﺎت‪ ،‬وﻷن اﻟﻘﺿﺎء ﻋﺑﺎدة ﻓﯾﺟوز إﻗﺎﻣﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺟد ﻛﺎﻟﺻﻼة‪ .‬وﻧﺟﺎﺳﺔ‬
‫اﻟﻣﺷرك ﻓﻲ اﻋﺗﻘﺎده ﻻ ﻓﻲ ظﺎھره ﻓﻼ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن دﺧوﻟﮫ‪ ،‬واﻟﺣﺎﺋض ﺗﺧﺑر ﺑﺣﺎﻟﮭﺎ ﻓﯾﺧرج اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﯾﮭﺎ أو إﻟﻰ ﺑﺎب‬
‫اﻟﻣﺳﺟد أو ﯾﺑﻌث ﻣن ﯾﻔﺻل ﺑﯾﻧﮭﺎ وﺑﯾن ﺧﺻﻣﮭﺎ ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻓﻲ اﻟداﺑﺔ‪ .‬وﻟو ﺟﻠس ﻓﻲ داره ﻻ ﺑﺄس ﺑﮫ‬
‫وﯾﺄذن ﻟﻠﻧﺎس ﺑﺎﻟدﺧول ﻓﯾﮭﺎ‪ ،‬وﯾﺟﻠس ﻣﻌﮫ ﻣن ﻛﺎن ﯾﺟﻠس ﻗﺑل ذﻟك ﻷن ﻓﻲ ﺟﻠوﺳﮫ وﺣده ﺗﮭﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﻘﺑل ھدﯾﺔ إﻻ ﻣن ذي رﺣم ﻣﺣرم أو ﻣﻣن ﺟرت ﻋﺎدﺗﮫ ﻗﺑل اﻟﻘﺿﺎء ﺑﻣﮭﺎداﺗﮫ" ﻷن اﻷول ﺻﻠﺔ اﻟرﺣم‬
‫واﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟﯾس ﻟﻠﻘﺿﺎء ﺑل ﺟرى ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎدة‪ ،‬وﻓﯾﻣﺎ وراء ذﻟك ﯾﺻﯾر آﻛﻼ ﺑﻘﺿﺎﺋﮫ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎﻧت ﻟﻠﻘرﯾب ﺧﺻوﻣﺔ‬
‫ﻻ ﯾﻘﺑل ھدﯾﺗﮫ‪ ،‬وﻛذا إذا زاد اﻟﻣﮭدي ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺗﺎد أو ﻛﺎﻧت ﻟﮫ ﺧﺻوﻣﺔ ﻷﻧﮫ ﻷﺟل اﻟﻘﺿﺎء ﻓﯾﺗﺣﺎﻣﺎه‪ .‬وﻻ ﯾﺣﺿر‬
‫دﻋوة إﻻ أن ﺗﻛون ﻋﺎﻣﺔ ﻷن اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻷﺟل اﻟﻘﺿﺎء ﻓﯾﺗﮭم ﺑﺎﻹﺟﺎﺑﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﯾدﺧل ﻓﻲ ھذا اﻟﺟواب ﻗرﯾﺑﮫ‬
‫وھو ﻗوﻟﮭﻣﺎ‪ .‬وﻋن ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﯾﺟﯾﺑﮫ وإن ﻛﺎﻧت ﺧﺎﺻﺔ ﻛﺎﻟﮭدﯾﺔ‪ ،‬واﻟﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻟو ﻋﻠم اﻟﻣﺿﯾف أن‬
‫اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﺣﺿرھﺎ ﻻ ﯾﺗﺧذھﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺷﮭد اﻟﺟﻧﺎزة وﯾﻌود اﻟﻣرﯾض" ﻷن ذﻟك ﻣن ﺣﻘوق اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن‪ ،‬ﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻟﻠﻣﺳﻠم ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣﺳﻠم ﺳﺗﺔ ﺣﻘوق" وﻋد ﻣﻧﮭﺎ ھذﯾن‪" .‬وﻻ ﯾﺿﯾف أﺣد اﻟﺧﺻﻣﯾن دون ﺧﺻﻣﮫ" ﻷن اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم‬
‫ﻧﮭﻰ ﻋن ذﻟك‪ ،‬وﻷن ﻓﯾﮫ ﺗﮭﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وإذا ﺣﺿرا ﺳوى ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺟﻠوس واﻹﻗﺑﺎل" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬إذا اﺑﺗﻠﻲ أﺣدﻛم ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء‬
‫ﻓﻠﯾﺳو ﺑﯾﻧﮭم ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس واﻹﺷﺎرة واﻟﻧظر" "وﻻ ﯾﺳﺎر أﺣدھﻣﺎ وﻻ ﯾﺷﯾر إﻟﯾﮫ وﻻ ﯾﻠﻘﻧﮫ ﺣﺟﺔ" ﻟﻠﺗﮭﻣﺔ وﻷن ﻓﯾﮫ‬
‫ﻣﻛﺳرة ﻟﻘﻠب اﻵﺧر ﻓﯾﺗرك ﺣﻘﮫ "وﻻ ﯾﺿﺣك ﻓﻲ وﺟﮫ أﺣدھﻣﺎ" ﻷﻧﮫ ﯾﺟﺗرئ ﻋﻠﻰ ﺧﺻﻣﮫ "وﻻ ﯾﻣﺎزﺣﮭم وﻻ‬
‫واﺣدا ﻣﻧﮭم" ﻷﻧﮫ ﯾذھب ﺑﻣﮭﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎء‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﻛره ﺗﻠﻘﯾن اﻟﺷﺎھد" وﻣﻌﻧﺎه أن ﯾﻘول ﻟﮫ أﺗﺷﮭد ﺑﻛذا وﻛذا‪ ،‬وھذا ﻷﻧﮫ إﻋﺎﻧﺔ‬ ‫ص ‪-104-‬‬
‫ﻷﺣد اﻟﺧﺻﻣﯾن ﻓﯾﻛره ﻛﺗﻠﻘﯾن اﻟﺧﺻم‪ .‬واﺳﺗﺣﺳﻧﮫ أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﻲ ﻏﯾر ﻣوﺿﻊ اﻟﺗﮭﻣﺔ ﻷن اﻟﺷﺎھد ﻗد‬
‫ﯾﺣﺻر ﻟﻣﮭﺎﺑﺔ اﻟﻣﺟﻠس ﻓﻛﺎن ﺗﻠﻘﯾﻧﮫ إﺣﯾﺎء ﻟﻠﺣق ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻹﺷﺧﺎص واﻟﺗﻛﻔﯾل‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ اﻟﺣﺑس‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺛﺑت اﻟﺣق ﻋﻧد اﻟﻘﺎﺿﻲ وطﻠب ﺻﺎﺣب اﻟﺣق ﺣﺑس ﻏرﯾﻣﮫ ﻟم ﯾﻌﺟل ﺑﺣﺑﺳﮫ وأﻣره ﺑدﻓﻊ ﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ"‬
‫ﻷن اﻟﺣﺑس ﺟزاء اﻟﻣﻣﺎطﻠﺔ ﻓﻼ ﺑد ﻣن ظﮭورھﺎ‪ ،‬وھذا إذا ﺛﺑت اﻟﺣق ﺑﺈﻗراره ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﻌرف ﻛوﻧﮫ ﻣﻣﺎطﻼ ﻓﻲ أول‬
‫اﻟوھﻠﺔ ﻓﻠﻌﻠﮫ طﻣﻊ ﻓﻲ اﻹﻣﮭﺎل ﻓﻠم ﯾﺳﺗﺻﺣب اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﻓﺈذا اﻣﺗﻧﻊ ﺑﻌد ذﻟك ﺣﺑﺳﮫ ﻟظﮭور ﻣطﻠﮫ‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﺛﺑت ﺑﺎﻟﺑﯾﻧﺔ‬
‫ﺣﺑﺳﮫ ﻛﻣﺎ ﺛﺑت ﻟظﮭور اﻟﻣطل ﺑﺈﻧﻛﺎره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن اﻣﺗﻧﻊ ﺣﺑﺳﮫ ﻓﻲ ﻛل دﯾن ﻟزﻣﮫ ﺑدﻻ ﻋن ﻣﺎل ﺣﺻل ﻓﻲ ﯾده ﻛﺛﻣن اﻟﻣﺑﯾﻊ أو اﻟﺗزﻣﮫ ﺑﻌﻘد ﻛﺎﻟﻣﮭر‬
‫واﻟﻛﻔﺎﻟﺔ" ﻷﻧﮫ إذا ﺣﺻل اﻟﻣﺎل ﻓﻲ ﯾده ﺛﺑت ﻏﻧﺎه ﺑﮫ‪ ،‬وإﻗداﻣﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺗزاﻣﮫ ﺑﺎﺧﺗﯾﺎره دﻟﯾل ﯾﺳﺎره إذ ھو ﻻ ﯾﻠﺗزم‬
‫إﻻ ﻣﺎ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ أداﺋﮫ‪ ،‬واﻟﻣراد ﺑﺎﻟﻣﮭر ﻣﻌﺟﻠﮫ دون ﻣؤﺟﻠﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺣﺑﺳﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﺳوى ذﻟك إذا ﻗﺎل إﻧﻲ ﻓﻘﯾر إﻻ أن ﯾﺛﺑت ﻏرﯾﻣﮫ أن ﻟﮫ ﻣﺎﻻ ﻓﯾﺣﺑﺳﮫ" ﻷﻧﮫ ﻟم ﺗوﺟد دﻻﻟﺔ‬
‫اﻟﯾﺳﺎر ﻓﯾﻛون اﻟﻘول ﻗول ﻣن ﻋﻠﯾﮫ اﻟدﯾن‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻟﻣدﻋﻲ إﺛﺑﺎت ﻏﻧﺎه‪ ،‬وﯾروى أن اﻟﻘول ﻟﻣن ﻋﻠﯾﮫ اﻟدﯾن ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ‬
‫ذﻟك ﻷن اﻷﺻل ھو اﻟﻌﺳرة‪ .‬وﯾروى أن اﻟﻘول ﻟﮫ إﻻ ﻓﯾﻣﺎ ﺑدﻟﮫ ﻣﺎل‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻧﻔﻘﺔ اﻟﻘول ﻗول اﻟزوج إﻧﮫ ﻣﻌﺳر‪،‬‬
‫وﻓﻲ إﻋﺗﺎق اﻟﻌﺑد اﻟﻣﺷﺗرك اﻟﻘول ﻟﻠﻣﻌﺗق‪ ،‬واﻟﻣﺳﺄﻟﺗﺎن ﺗؤدﯾﺎن اﻟﻘوﻟﯾن اﻷﺧﯾرﯾن‪ ،‬واﻟﺗﺧرﯾﺞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب‬
‫أﻧﮫ ﻟﯾس ﺑدﯾن ﻣطﻠق ﺑل ھو ﺻﻠﺔ ﺣﺗﻰ ﺗﺳﻘط اﻟﻧﻔﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣوت ﻋﻠﻰ اﻻﺗﻔﺎق‪ ،‬وﻛذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﺿﻣﺎن‬
‫اﻹﻋﺗﺎق‪ ،‬ﺛم ﻓﯾﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻘول ﻗول اﻟﻣدﻋﻲ إن ﻟﮫ ﻣﺎﻻ‪ ،‬أو ﺛﺑت ذﻟك ﺑﺎﻟﺑﯾﻧﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻘول ﻗول ﻣن ﻋﻠﯾﮫ ﯾﺣﺑﺳﮫ‬
‫ﺷﮭرﯾن أو ﺛﻼﺛﺔ ﺛم ﯾﺳﺄل ﻋﻧﮫ ﻓﺎﻟﺣﺑس ﻟظﮭور ظﻠﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﺎل‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺣﺑﺳﮫ ﻣدة ﻟﯾظﮭر ﻣﺎﻟﮫ ﻟو ﻛﺎن ﯾﺧﻔﯾﮫ ﻓﻼ ﺑد‬
‫ﻣن أن ﺗﻣﺗد اﻟﻣدة ﻟﯾﻔﯾد ھذه اﻟﻔﺎﺋدة ﻓﻘدره ﺑﻣﺎ ذﻛره‪ ،‬وﯾروى ﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻟﺗﻘدﯾر ﺑﺷﮭر أو أرﺑﻌﺔ إﻟﻰ ﺳﺗﺔ أﺷﮭر‪.‬‬
‫واﻟﺻﺣﯾﺢ أن اﻟﺗﻘدﯾر ﻣﻔوض إﻟﻰ رأي اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻﺧﺗﻼف أﺣوال اﻷﺷﺧﺎص ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻟم ﯾظﮭر ﻟﮫ ﻣﺎل ﺧﻠﻲ ﺳﺑﯾﻠﮫ" ﯾﻌﻧﻲ ﺑﻌد ﻣﺿﻲ اﻟﻣدة ﻷﻧﮫ اﺳﺗﺣق اﻟﻧظرة إﻟﻰ اﻟﻣﯾﺳرة ﻓﯾﻛون ﺣﺑﺳﮫ‬
‫ﺑﻌد ذﻟك ظﻠﻣﺎ ; وﻟو ﻗﺎﻣت اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ إﻓﻼﺳﮫ ﻗﺑل اﻟﻣدة ﺗﻘﺑل ﻓﻲ رواﯾﺔ‪ ،‬وﻻ ﺗﻘﺑل ﻓﻲ رواﯾﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ‬
‫اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ رﺣﻣﮭم ﷲ‪ .‬ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ﺧﻠﻲ ﺳﺑﯾﻠﮫ وﻻ ﯾﺣول‬

‫ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﻏرﻣﺎﺋﮫ‪ ،‬وھذا ﻛﻼم ﻓﻲ اﻟﻣﻼزﻣﺔ وﺳﻧذﻛره ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻟﺣﺟر إن ﺷﺎء ﷲ‬ ‫ص ‪-105-‬‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬
‫وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬رﺟل أﻗر ﻋﻧد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑدﯾن ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺣﺑﺳﮫ ﺛم ﯾﺳﺄل ﻋﻧﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻣوﺳرا أﺑد ﺣﺑﺳﮫ‪ ،‬وإن‬
‫ﻛﺎن ﻣﻌﺳرا ﺧﻠﻰ ﺳﺑﯾﻠﮫ‪ ،‬وﻣراده إذا أﻗر ﻋﻧد ﻏﯾر اﻟﻘﺎﺿﻲ أو ﻋﻧده ﻣرة وظﮭرت ﻣﻣﺎطﻠﺗﮫ واﻟﺣﺑس أوﻻ وﻣدﺗﮫ ﻗد‬
‫ﺑﯾﻧﺎه ﻓﻼ ﻧﻌﯾده‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺣﺑس اﻟرﺟل ﻓﻲ ﻧﻔﻘﺔ زوﺟﺗﮫ" ﻷﻧﮫ ظﺎﻟم ﺑﺎﻻﻣﺗﻧﺎع "وﻻ ﯾﺣﺑس واﻟد ﻓﻲ دﯾن وﻟده" ﻷﻧﮫ ﻧوع ﻋﻘوﺑﺔ‬
‫ﻓﻼ ﯾﺳﺗﺣﻘﮫ اﻟوﻟد ﻋﻠﻰ اﻟواﻟد ﻛﺎﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص "إﻻ إذا اﻣﺗﻧﻊ ﻣن اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﯾﮫ" ﻷن ﻓﯾﮫ إﺣﯾﺎء ﻟوﻟده‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻻ‬
‫ﯾﺗدارك ﻟﺳﻘوطﮭﺎ ﺑﻣﺿﻲ اﻟزﻣﺎن‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم اﻟﺻواب‪.‬‬
‫ﺑﺎب ﻛﺗﺎب اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﻘﺑل ﻛﺗﺎب اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق إذا ﺷﮭد ﺑﮫ ﻋﻧده" ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺑﯾن "ﻓﺈن ﺷﮭدوا ﻋﻠﻰ‬
‫ﺧﺻم ﺣﺎﺿر ﺣﻛم ﺑﺎﻟﺷﮭﺎدة" ﻟوﺟود اﻟﺣﺟﺔ "وﻛﺗب ﺑﺣﻛﻣﮫ" وھو اﻟﻣدﻋو ﺳﺟﻼ "وإن ﺷﮭدوا ﺑﮫ ﺑﻐﯾر ﺣﺿرة‬
‫اﻟﺧﺻم ﻟم ﯾﺣﻛم" ﻷن اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺎﺋب ﻻ ﯾﺟوز "وﻛﺗب ﺑﺎﻟﺷﮭﺎدة" ﻟﯾﺣﻛم اﻟﻣﻛﺗوب إﻟﯾﮫ ﺑﮭﺎ وھذا ھو اﻟﻛﺗﺎب‬
‫اﻟﺣﻛﻣﻲ‪ ،‬وھو ﻧﻘل اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‪ ،‬وﯾﺧﺗص ﺑﺷراﺋط ﻧذﻛرھﺎ إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬وﺟوازه ﻟﻣﺳﺎس اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻷن‬
‫اﻟﻣدﻋﻲ ﻗد ﯾﺗﻌذر ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﺷﮭوده وﺧﺻﻣﮫ ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺷﮭﺎدة‪ .‬وﻗوﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق ﯾﻧدرج ﺗﺣﺗﮫ‬
‫اﻟدﯾن واﻟﻧﻛﺎح واﻟﻧﺳب واﻟﻣﻐﺻوب واﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﻣﺟﺣودة واﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ اﻟﻣﺟﺣودة ﻷن ﻛل ذﻟك ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟدﯾن‪ ،‬وھو‬
‫ﯾﻌرف ﺑﺎﻟوﺻف ﻻ ﯾﺣﺗﺎج ﻓﯾﮫ إﻟﻰ اﻹﺷﺎرة‪ ،‬وﯾﻘﺑل ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺎر أﯾﺿﺎ ﻷن اﻟﺗﻌرﯾف ﻓﯾﮫ ﺑﺎﻟﺗﺣدﯾد‪ .‬وﻻ ﯾﻘﺑل ﻓﻲ‬
‫اﻷﻋﯾﺎن اﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻹﺷﺎرة‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﯾﻘﺑل ﻓﻲ اﻟﻌﺑد دون اﻷﻣﺔ ﻟﻐﻠﺑﺔ اﻹﺑﺎق ﻓﯾﮫ‬
‫دوﻧﮭﺎ‪ .‬وﻋﻧﮫ أﻧﮫ ﯾﻘﺑل ﻓﯾﮭﻣﺎ ﺑﺷراﺋط ﺗﻌرف ﻓﻲ ﻣوﺿﻌﮭﺎ‪ .‬وﻋن ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﯾﻘﺑل ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ ﯾﻧﻘل‬
‫وﯾﺣول وﻋﻠﯾﮫ اﻟﻣﺗﺄﺧرون رﺣﻣﮭم ﷲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﻘﺑل اﻟﻛﺗﺎب إﻻ ﺑﺷﮭﺎدة رﺟﻠﯾن أو رﺟل واﻣرأﺗﯾن" ﻷن اﻟﻛﺗﺎب ﯾﺷﺑﮫ اﻟﻛﺗﺎب ﻓﻼ ﯾﺛﺑت إﻻ ﺑﺣﺟﺔ ﺗﺎﻣﺔ‬
‫وھذا ﻷﻧﮫ ﻣﻠزم ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﺣﺟﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻛﺗﺎب اﻻﺳﺗﺋﻣﺎن ﻣن أھل اﻟﺣرب ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﻣﻠزم‪ ،‬وﺑﺧﻼف رﺳول‬
‫اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣزﻛﻰ ورﺳوﻟﮫ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻷن اﻹﻟزام ﺑﺎﻟﺷﮭﺎدة ﻻ ﺑﺎﻟﺗزﻛﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟب أن ﯾﻘرأ اﻟﻛﺗﺎب ﻋﻠﯾﮭم ﻟﯾﻌرﻓوا ﻣﺎ ﻓﯾﮫ أو ﯾﻌﻠﻣﮭم ﺑﮫ" ﻷﻧﮫ ﻻ ﺷﮭﺎدة ﺑدون اﻟﻌﻠم "ﺛم ﯾﺧﺗﻣﮫ‬
‫ﺑﺣﺿرﺗﮭم وﯾﺳﻠﻣﮫ إﻟﯾﮭم" ﻛﻲ ﻻ ﯾﺗوھم اﻟﺗﻐﯾﯾر‪ ،‬وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد‬

‫رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ ،‬ﻷن ﻋﻠم ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب واﻟﺧﺗم ﺑﺣﺿرﺗﮭم ﺷرط‪ ،‬وﻛذا ﺣﻔظ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب‬ ‫ص ‪-106-‬‬
‫ﻋﻧدھﻣﺎ وﻟﮭذا ﯾدﻓﻊ إﻟﯾﮭم ﻛﺗﺎب آﺧر ﻏﯾر ﻣﺧﺗوم ﻟﯾﻛون ﻣﻌﮭم ﻣﻌﺎوﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻔظﮭم‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‬
‫آﺧرا‪ :‬ﺷﻲء ﻣن ذﻟك ﻟﯾس ﺑﺷرط‪ ،‬واﻟﺷرط أن ﯾﺷﮭدھم أن ھذا ﻛﺗﺎﺑﮫ وﺧﺗﻣﮫ وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف أن اﻟﺧﺗم ﻟﯾس‬
‫ﺑﺷرط أﯾﺿﺎ ﻓﺳﮭل ﻓﻲ ذﻟك ﻟﻣﺎ اﺑﺗﻠﻲ ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء وﻟﯾس اﻟﺧﺑر ﻛﺎﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ‪ .‬واﺧﺗﺎر ﺷﻣس اﻷﺋﻣﺔ اﻟﺳرﺧﺳﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‬
‫ﻗول أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا وﺻل إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟم ﯾﻘﺑﻠﮫ إﻻ ﺑﺣﺿرة اﻟﺧﺻم" ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ أداء اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻼ ﺑد ﻣن ﺣﺿوره‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف ﺳﻣﺎع اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻛﺎﺗب ﻷﻧﮫ ﻟﻠﻧﻘل ﻻ ﻟﻠﺣﻛم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈذا ﺳﻠﻣﮫ اﻟﺷﮭود إﻟﯾﮫ ﻧظر إﻟﻰ ﺧﺗﻣﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺷﮭدوا أﻧﮫ ﻛﺗﺎب ﻓﻼن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠﻣﮫ إﻟﯾﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﻠس ﺣﻛﻣﮫ‬
‫وﻗرأه ﻋﻠﯾﻧﺎ وﺧﺗﻣﮫ ﻓﺗﺣﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻗرأه ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻم وأﻟزﻣﮫ ﻣﺎ ﻓﯾﮫ" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪.‬‬
‫وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬إذا ﺷﮭدوا أﻧﮫ ﻛﺗﺎﺑﮫ وﺧﺎﺗﻣﮫ ﻗﺑﻠﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ ،‬وﻟم ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ظﮭور اﻟﻌداﻟﺔ‬
‫ﻟﻠﻔﺗﺢ‪ ،‬واﻟﺻﺣﯾﺢ أﻧﮫ ﯾﻔض اﻟﻛﺗﺎب ﺑﻌد ﺛﺑوت اﻟﻌداﻟﺔ‪ ،‬ﻛذا ذﻛره اﻟﺧﺻﺎف رﺣﻣﮫ ﷲ ﻷﻧﮫ رﺑﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ زﯾﺎدة‬
‫اﻟﺷﮭود وإﻧﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﮭم أداء اﻟﺷﮭﺎدة ﺑﻌد ﻗﯾﺎم اﻟﺧﺗم‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﻘﺑﻠﮫ اﻟﻣﻛﺗوب إﻟﯾﮫ إذا ﻛﺎن اﻟﻛﺎﺗب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو‬
‫ﻣﺎت أو ﻋزل أو ﻟم ﯾﺑق أھﻼ ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻗﺑل وﺻول اﻟﻛﺗﺎب ﻻ ﯾﻘﺑﻠﮫ ﻷﻧﮫ اﻟﺗﺣق ﺑواﺣد ﻣن اﻟرﻋﺎﯾﺎ‪ ،‬وﻟﮭذا ﻻ ﯾﻘﺑل‬
‫إﺧﺑﺎره ﻗﺎﺿﯾﺎ آﺧر ﻓﻲ ﻏﯾر ﻋﻣﻠﮫ أو ﻓﻲ ﻏﯾر ﻋﻣﻠﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻛذا ﻟو ﻣﺎت اﻟﻣﻛﺗوب إﻟﯾﮫ إﻻ إذا ﻛﺗب إﻟﻰ ﻓﻼن ﺑن ﻓﻼن‬
‫ﻗﺎﺿﻲ ﺑﻠدة ﻛذا وإﻟﻰ ﻛل ﻣن ﯾﺻل إﻟﯾﮫ ﻣن ﻗﺿﺎة اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻷن ﻏﯾره ﺻﺎر ﺗﺑﻌﺎ ﻟﮫ وھو ﻣﻌرف‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا‬
‫ﻛﺗب اﺑﺗداء إﻟﻰ ﻛل ﻣن ﯾﺻل إﻟﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺷﺎﯾﺧﻧﺎ رﺣﻣﮭم ﷲ ﻷﻧﮫ ﻏﯾر ﻣﻌرف‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﻣﺎت اﻟﺧﺻم ﯾﻧﻔذ‬
‫اﻟﻛﺗﺎب ﻋﻠﻰ وارﺛﮫ ﻟﻘﯾﺎﻣﮫ ﻣﻘﺎﻣﮫ‪" .‬وﻻ ﯾﻘﺑل ﻛﺗﺎب اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص" ﻷن ﻓﯾﮫ ﺷﺑﮭﺔ‬
‫اﻟﺑدﻟﯾﺔ ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺷﮭﺎدة‪ ،‬وﻷن ﻣﺑﻧﺎھﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻘﺎط وﻓﻲ ﻗﺑوﻟﮫ ﺳﻌﻲ ﻓﻲ إﺛﺑﺎﺗﮭﻣﺎ‪.‬‬

‫ﻓﺻل آﺧر‪" :‬وﯾﺟوز ﻗﺿﺎء اﻟﻣرأة ﻓﻲ ﻛل ﺷﻲء إﻻ ﻓﻲ اﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص"‬


‫اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺷﮭﺎدﺗﮭﺎ‪ .‬وﻗد ﻣر اﻟوﺟﮫ‪" .‬وﻟﯾس ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺳﺗﺧﻠف ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء إﻻ أن ﯾﻔوض إﻟﯾﮫ ذﻟك" ﻷﻧﮫ ﻗﻠد‬
‫اﻟﻘﺿﺎء دون اﻟﺗﻘﻠﯾد ﺑﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﺗوﻛﯾل اﻟوﻛﯾل‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﺄﻣور ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﺟﻣﻌﺔ ﺣﯾث ﯾﺳﺗﺧﻠف ﻷﻧﮫ ﻋﻠﻰ ﺷرف‬
‫اﻟﻔوات ﻟﺗوﻗﺗﮫ ﻓﻛﺎن اﻷﻣر ﺑﮫ إذﻧﺎ ﺑﺎﻻﺳﺗﺧﻼف دﻻﻟﺔ وﻻ ﻛذﻟك اﻟﻘﺿﺎء‪ .‬وﻟو ﻗﺿﻰ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻣﺣﺿر ﻣن اﻷول أو‬
‫ﻗﺿﻰ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﺄﺟﺎز اﻷول ﺟﺎز ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ ،‬وھذا‬

‫ﻷﻧﮫ ﺣﺿره رأي اﻷول وھو اﻟﺷرط‪ ،‬وإذا ﻓوض إﻟﯾﮫ ﯾﻣﻠﻛﮫ ﻓﯾﺻﯾر اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻧﺎﺋﺑﺎ ﻋن‬ ‫ص ‪-107-‬‬
‫اﻷﺻﯾل ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻣﻠك اﻷول ﻋزﻟﮫ إﻻ إذا ﻓوض إﻟﯾﮫ اﻟﻌزل ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا رﻓﻊ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﻛم ﺣﺎﻛم أﻣﺿﺎه إﻻ أن ﯾﺧﺎﻟف اﻟﻛﺗﺎب أو اﻟﺳﻧﺔ أو اﻹﺟﻣﺎع ﺑﺄن ﯾﻛون ﻗوﻻ ﻻ‬
‫دﻟﯾل ﻋﻠﯾﮫ‪ .‬وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬وﻣﺎ اﺧﺗﻠف ﻓﯾﮫ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻓﻘﺿﻰ ﺑﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺛم ﺟﺎء ﻗﺎض آﺧر ﯾرى ﻏﯾر ذﻟك‬
‫أﻣﺿﺎه" واﻷﺻل أن اﻟﻘﺿﺎء ﻣﺗﻰ ﻻﻗﻰ ﻓﺻﻼ ﻣﺟﺗﮭدا ﻓﯾﮫ ﯾﻧﻔذه وﻻ ﯾرده ﻏﯾره‪ ،‬ﻷن اﺟﺗﮭﺎد اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻛﺎﺟﺗﮭﺎد‬
‫اﻷول‪ ،‬وﻗد ﯾرﺟﺢ اﻷول ﺑﺎﺗﺻﺎل اﻟﻘﺿﺎء ﺑﮫ ﻓﻼ ﯾﻧﻘض ﺑﻣﺎ ھو دوﻧﮫ‪" .‬وﻟو ﻗﺿﻰ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﮭد ﻓﯾﮫ ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟرأﯾﮫ‬
‫ﻧﺎﺳﯾﺎ ﻟﻣذھﺑﮫ ﻧﻔذ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻋﺎﻣدا ﻓﻔﯾﮫ رواﯾﺗﺎن" ووﺟﮫ اﻟﻧﻔﺎذ أﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﺧطﺄ ﺑﯾﻘﯾن‪،‬‬
‫وﻋﻧدھﻣﺎ ﻻ ﯾﻧﻔذ ﻓﻲ اﻟوﺟﮭﯾن ﻷﻧﮫ ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ھو ﺧطﺄ ﻋﻧده وﻋﻠﯾﮫ اﻟﻔﺗوى‪ ،‬ﺛم اﻟﻣﺟﺗﮭد ﻓﯾﮫ أن ﻻ ﯾﻛون ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻣﺎ‬
‫ذﻛرﻧﺎ‪ .‬واﻟﻣراد ﺑﺎﻟﺳﻧﺔ اﻟﻣﺷﮭورة ﻣﻧﮭﺎ وﻓﯾﻣﺎ اﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺟﻣﮭور ﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﺑﻌض وذﻟك ﺧﻼف وﻟﯾس‬
‫ﺑﺎﺧﺗﻼف واﻟﻣﻌﺗﺑر اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﺻدر اﻷول‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛل ﺷﻲء ﻗﺿﻰ ﺑﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟظﺎھر ﺑﺗﺣرﯾم ﻓﮭو ﻓﻲ اﻟﺑﺎطن ﻛذﻟك ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ" وﻛذا‬
‫إذا ﻗﺿﻰ ﺑﺈﺣﻼل‪ ،‬وھذا إذا ﻛﺎﻧت اﻟدﻋوى ﺑﺳﺑب ﻣﻌﯾن وھﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻗﺿﺎء اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻘود واﻟﻔﺳوخ ﺑﺷﮭﺎدة‬
‫اﻟزور وﻗد ﻣرت ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﻘﺿﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﺋب إﻻ أن ﯾﺣﺿر ﻣن ﯾﻘوم ﻣﻘﺎﻣﮫ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺟوز ﻟوﺟود‬
‫اﻟﺣﺟﺔ وھﻲ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻓظﮭر اﻟﺣق‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻟﺷﮭﺎدة ﻟﻘطﻊ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ‪ ،‬وﻻ ﻣﻧﺎزﻋﺔ دون اﻹﻧﻛﺎر وﻟم ﯾوﺟد‪،‬‬
‫وﻷﻧﮫ ﯾﺣﺗﻣل اﻹﻗرار واﻹﻧﻛﺎر ﻣن اﻟﺧﺻم ﻓﯾﺷﺗﺑﮫ وﺟﮫ اﻟﻘﺿﺎء ﻷن أﺣﻛﺎﻣﮭﻣﺎ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪ ،‬وﻟو أﻧﻛر ﺛم ﻏﺎب ﻓﻛذﻟك‬
‫ﻷن اﻟﺷرط ﻗﯾﺎم اﻹﻧﻛﺎر وﻗت اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬وﻓﯾﮫ ﺧﻼف أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ ،‬وﻣن ﯾﻘوم ﻣﻘﺎﻣﮫ ﻗد ﯾﻛون ﻧﺎﺋﺑﺎ ﺑﺈﻧﺎﺑﺗﮫ‬
‫ﻛﺎﻟوﻛﯾل أو ﺑﺈﻧﺎﺑﺔ اﻟﺷرع ﻛﺎﻟوﺻﻲ ﻣن ﺟﮭﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ ،‬وﻗد ﯾﻛون ﺣﻛﻣﺎ ﺑﺄن ﻛﺎن ﻣﺎ ﯾدﻋﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺎﺋب ﺳﺑﺑﺎ ﻟﻣﺎ‬
‫ﯾدﻋﯾﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎﺿر وھذا ﻓﻲ ﻏﯾر ﺻورة ﻓﻲ اﻟﻛﺗب‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺷرطﺎ ﻟﺣﻘﮫ ﻓﻼ ﻣﻌﺗﺑر ﺑﮫ ﻓﻲ ﺟﻌﻠﮫ ﺧﺻﻣﺎ ﻋن‬
‫اﻟﻐﺎﺋب وﻗد ﻋرف ﺗﻣﺎﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ‪ .‬ﻗﺎل‪" :‬وﯾﻘرض اﻟﻘﺎﺿﻲ أﻣوال اﻟﯾﺗﺎﻣﻰ وﯾﻛﺗب ذﻛر اﻟﺣق" ﻷن ﻓﻲ‬
‫اﻹﻗراض ﻣﺻﻠﺣﺗﮭم ﻟﺑﻘﺎء اﻷﻣوال ﻣﺣﻔوظﺔ ﻣﺿﻣوﻧﺔ‪ ،‬واﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﺧراج واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻟﯾﺣﻔظﮫ‬
‫"وإن أﻗرض اﻟوﺻﻲ ﺿﻣن" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﺧراج‪ ،‬واﻷب ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟوﺻﻲ ﻓﻲ أﺻﺢ اﻟرواﯾﺗﯾن ﻟﻌﺟزه‬
‫ﻋن اﻻﺳﺗﺧراج‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻟﺗﺣﻛﯾم‬ ‫ص ‪-108-‬‬


‫"وإذا ﺣﻛم رﺟﻼن رﺟﻼ ﻓﺣﻛم ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ورﺿﯾﺎ ﺑﺣﻛﻣﮫ ﺟﺎز" ﻷن ﻟﮭﻣﺎ وﻻﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺳﮭﻣﺎ ﻓﺻﺢ ﺗﺣﻛﯾﻣﮭﻣﺎ وﯾﻧﻔذ‬
‫ﺣﻛﻣﮫ ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ‪ ،‬وھذا إذا ﻛﺎن اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺻﻔﺔ اﻟﺣﺎﻛم ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻓﯾﺷﺗرط أھﻠﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬وﻻ‬
‫ﯾﺟوز ﺗﺣﻛﯾم اﻟﻛﺎﻓر واﻟﻌﺑد واﻟذﻣﻲ واﻟﻣﺣدود ﻓﻲ اﻟﻘذف واﻟﻔﺎﺳق واﻟﺻﺑﻲ ﻻﻧﻌدام أھﻠﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎء اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺄھﻠﯾﺔ‬
‫اﻟﺷﮭﺎدة واﻟﻔﺎﺳق إذا ﺣﻛم ﯾﺟب أن ﯾﺟوز ﻋﻧدﻧﺎ ﻛﻣﺎ ﻣر ﻓﻲ اﻟﻣوﻟﻰ "وﻟﻛل واﺣد ﻣن اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن أن ﯾرﺟﻊ ﻣﺎ ﻟم‬
‫ﯾﺣﻛم ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ" ﻷﻧﮫ ﻣﻘﻠد ﻣن ﺟﮭﺗﮭﻣﺎ ﻓﻼ ﯾﺣﻛم إﻻ ﺑرﺿﺎھﻣﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ "وإذا ﺣﻛم ﻟزﻣﮭﻣﺎ" ﻟﺻدور ﺣﻛﻣﮫ ﻋن وﻻﯾﺔ‬
‫ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ "وإذا رﻓﻊ ﺣﻛﻣﮫ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓواﻓق ﻣذھﺑﮫ أﻣﺿﺎه" ﻷﻧﮫ ﻻ ﻓﺎﺋدة ﻓﻲ ﻧﻘﺿﮫ ﺛم ﻓﻲ إﺑراﻣﮫ ﻋﻠﻰ ذﻟك‬
‫اﻟوﺟﮫ "وإن ﺧﺎﻟﻔﮫ أﺑطﻠﮫ" ﻷن ﺣﻛﻣﮫ ﻻ ﯾﻠزﻣﮫ ﻟﻌدم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﻧﮫ‪.‬‬
‫"وﻻ ﯾﺟوز اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص" ﻷﻧﮫ ﻻ وﻻﯾﺔ ﻟﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ دﻣﮭﻣﺎ وﻟﮭذا ﻻ ﯾﻣﻠﻛﺎن اﻹﺑﺎﺣﺔ ﻓﻼ ﯾﺳﺗﺑﺎح‬
‫ﺑرﺿﺎھﻣﺎ ﻗﺎﻟوا‪ :‬وﺗﺧﺻﯾص اﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص ﯾدل ﻋﻠﻰ ﺟواز اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﺳﺎﺋر اﻟﻣﺟﺗﮭدات ﻛﺎﻟطﻼق واﻟﻧﻛﺎح‬
‫وﻏﯾرھﻣﺎ‪ ،‬وھو ﺻﺣﯾﺢ إﻻ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻔﺗﻰ ﺑﮫ‪ ،‬وﯾﻘﺎل ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺣﻛم اﻟﻣوﻟﻰ دﻓﻌﺎ ﻟﺗﺟﺎﺳر اﻟﻌوام وإن ﺣﻛﻣﺎه ﻓﻲ دم‬
‫ﺧطﺈ ﻓﻘﺿﻰ ﺑﺎﻟدﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻟم ﯾﻧﻔذ ﺣﻛﻣﮫ ﻷﻧﮫ ﻻ وﻻﯾﺔ ﻟﮫ ﻋﻠﯾﮭم إذ ﻻ ﺗﺣﻛﯾم ﻣن ﺟﮭﺗﮭم‪ .‬وﻟو ﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺗل‬
‫ﺑﺎﻟدﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﮫ رده اﻟﻘﺎﺿﻲ وﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟدﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻷﻧﮫ ﻣﺧﺎﻟف ﻟرأﯾﮫ وﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﻧص أﯾﺿﺎ إﻻ إذا ﺛﺑت اﻟﻘﺗل‬
‫ﺑﺈﻗراره ﻷن اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻻ ﺗﻌﻘﻠﮫ‪.‬‬
‫"وﯾﺟوز أن ﯾﺳﻣﻊ اﻟﺑﯾﻧﺔ وﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﻧﻛول وﻛذا ﺑﺎﻹﻗرار" ﻷﻧﮫ ﺣﻛم ﻣواﻓق ﻟﻠﺷرع‪ ،‬وﻟو أﺧﺑر ﺑﺈﻗرار أﺣد‬
‫اﻟﺧﺻﻣﯾن أو ﺑﻌداﻟﺔ اﻟﺷﮭود وھﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻛﯾﻣﮭﻣﺎ ﯾﻘﺑل ﻗوﻟﮫ ﻷن اﻟوﻻﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ وﻟو أﺧﺑر ﺑﺎﻟﺣﻛم ﻻ ﯾﻘﺑل ﻗوﻟﮫ‬
‫ﻻﻧﻘﺿﺎء اﻟوﻻﯾﺔ ﻛﻘول اﻟﻣوﻟﻰ ﺑﻌد اﻟﻌزل‪.‬‬
‫"وﺣﻛم اﻟﺣﺎﻛم ﻷﺑوﯾﮫ وزوﺟﺗﮫ ووﻟده ﺑﺎطل واﻟﻣوﻟﻰ واﻟﻣﺣﻛم ﻓﯾﮫ ﺳواء" وھذا ﻷﻧﮫ ﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻟﮭؤﻻء‬
‫ﻟﻣﻛﺎن اﻟﺗﮭﻣﺔ ﻓﻛذﻟك ﻻ ﯾﺻﺢ اﻟﻘﺿﺎء ﻟﮭم‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺣﻛم ﻋﻠﯾﮭم ﻷﻧﮫ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻋﻠﯾﮭم ﻻﻧﺗﻔﺎء اﻟﺗﮭﻣﺔ ﻓﻛذا‬
‫اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬وﻟو ﺣﻛﻣﺎ رﺟﻠﯾن ﻻ ﺑد ﻣن اﺟﺗﻣﺎﻋﮭﻣﺎ ﻷﻧﮫ أﻣر ﯾﺣﺗﺎج ﻓﯾﮫ إﻟﻰ اﻟرأي‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﻣﺳﺎﺋل ﺷﺗﻰ ﻣن ﻛﺗﺎب اﻟﻘﺿﺎء‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن ﻋﻠو ﻟرﺟل وﺳﻔل ﻵﺧر ﻓﻠﯾس ﻟﺻﺎﺣب اﻟﺳﻔل أن ﯾﺗد ﻓﯾﮫ وﺗدا‬

‫وﻻ ﯾﻧﻘب ﻓﯾﮫ ﻛوة ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ" ﻣﻌﻧﺎه ﺑﻐﯾر رﺿﺎ ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻠو "وﻗﺎﻻ‪:‬‬ ‫ص ‪-109-‬‬
‫ﯾﺻﻧﻊ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺿر ﺑﺎﻟﻌﻠو" وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف إذا أراد ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻠو أن ﯾﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﻠوه‪ .‬ﻗﯾل ﻣﺎ ﺣﻛﻲ ﻋﻧﮭﻣﺎ‬
‫ﺗﻔﺳﯾر ﻟﻘول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﻼ ﺧﻼف‪ .‬وﻗﯾل اﻷﺻل ﻋﻧدھﻣﺎ اﻹﺑﺎﺣﺔ ﻷﻧﮫ ﺗﺻرف ﻓﻲ ﻣﻠﻛﮫ واﻟﻣﻠك ﯾﻘﺗﺿﻲ‬
‫اﻹطﻼق واﻟﺣرﻣﺔ ﺑﻌﺎرض اﻟﺿرر ﻓﺈذا أﺷﻛل ﻟم ﯾﺟز اﻟﻣﻧﻊ واﻷﺻل ﻋﻧده اﻟﺣظر ﻷﻧﮫ ﺗﺻرف ﻓﻲ ﻣﺣل ﺗﻌﻠق ﺑﮫ‬
‫ﺣق ﻣﺣﺗرم ﻟﻠﻐﯾر ﻛﺣق اﻟﻣرﺗﮭن واﻟﻣﺳﺗﺄﺟر واﻹطﻼق ﺑﻌﺎرض ﻓﺈذا أﺷﻛل ﻻ ﯾزول اﻟﻣﻧﻊ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻌرى ﻋن‬
‫ﻧوع ﺿرر ﺑﺎﻟﻌﻠو ﻣن ﺗوھﯾن ﺑﻧﺎء أو ﻧﻘﺿﮫ ﻓﯾﻣﻧﻊ ﻋﻧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﻧت زاﺋﻐﺔ ﻣﺳﺗطﯾﻠﺔ ﺗﻧﺷﻌب ﻣﻧﮭﺎ زاﺋﻌﺔ ﻣﺳﺗطﯾﻠﺔ وھﻲ ﻏﯾر ﻧﺎﻓذة ﻓﻠﯾس ﻷھل اﻟزاﺋﻐﺔ اﻷوﻟﻰ أن‬
‫ﯾﻔﺗﺣوا ﺑﺎﺑﺎ ﻓﻲ اﻟزاﺋﻐﺔ اﻟﻘﺻوى" ﻷن ﻓﺗﺣﮫ ﻟﻠﻣرور وﻻ ﺣق ﻟﮭم ﻓﻲ اﻟﻣرور إذ ھو ﻷھﻠﮭﺎ ﺧﺻوﺻﺎ ﺣﺗﻰ ﻻ‬
‫ﯾﻛون ﻷھل اﻷوﻟﻰ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻊ ﻓﯾﮭﺎ ﺣق اﻟﺷﻔﻌﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻧﺎﻓذة ﻷن اﻟﻣرور ﻓﯾﮭﺎ ﺣق اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬ﻗﯾل اﻟﻣﻧﻊ ﻣن اﻟﻣرور‬
‫ﻻ ﻣن ﻓﺗﺢ اﻟﺑﺎب ﻷﻧﮫ رﻓﻊ ﺑﻌض ﺟداره‪ .‬واﻷﺻﺢ أن اﻟﻣﻧﻊ ﻣن اﻟﻔﺗﺢ ﻷن ﺑﻌد اﻟﻔﺗﺢ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ اﻟﻣﻧﻊ ﻣن اﻟﻣرور‬
‫ﻓﻲ ﻛل ﺳﺎﻋﺔ‪ .‬وﻷﻧﮫ ﻋﺳﺎه ﯾدﻋﻲ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻘﺻوى ﺑﺗرﻛﯾب اﻟﺑﺎب "وإن ﻛﺎﻧت ﻣﺳﺗدﯾرة ﻗد ﻟزق طرﻓﺎھﺎ ﻓﻠﮭم‬
‫أن ﯾﻔﺗﺣوا" ﺑﺎﺑﺎ ﻷن ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭم ﺣق اﻟﻣرور ﻓﻲ ﻛﻠﮭﺎ إذ ھﻲ ﺳﺎﺣﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ وﻟﮭذا ﯾﺷﺗرﻛون ﻓﻲ اﻟﺷﻔﻌﺔ إذا‬
‫ﺑﯾﻌت دار ﻣﻧﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ادﻋﻰ ﻓﻲ دار دﻋوى وأﻧﻛرھﺎ اﻟذي ھﻲ ﻓﻲ ﯾده ﺛم ﺻﺎﻟﺣﮫ ﻣﻧﮭﺎ ﻓﮭو ﺟﺎﺋز وھﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻹﻧﻛﺎر" وﺳﻧذﻛرھﺎ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬واﻟﻣدﻋﻲ وإن ﻛﺎن ﻣﺟﮭوﻻ ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠوم ﻋن ﻣﺟﮭول‬
‫ﺟﺎﺋز ﻋﻧدﻧﺎ ﻷﻧﮫ ﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﺎﻗط ﻓﻼ ﺗﻔﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋرف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ادﻋﻰ دارا ﻓﻲ ﯾد رﺟل أﻧﮫ وھﺑﮭﺎ ﻟﮫ ﻓﻲ وﻗت ﻛذا ﻓﺳﺋل اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻓﻘﺎل ﺟﺣدﻧﻲ اﻟﮭﺑﺔ ﻓﺎﺷﺗرﯾﺗﮭﺎ ﻣﻧﮫ‬
‫وأﻗﺎم اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺷراء ﻗﺑل اﻟوﻗت اﻟذي ﯾدﻋﻲ ﻓﯾﮫ اﻟﮭﺑﺔ ﻻ ﺗﻘﺑل ﺑﯾﻧﺗﮫ" ﻟظﮭور اﻟﺗﻧﺎﻗض إذ ھو ﯾدﻋﻲ‬
‫اﻟﺷراء ﺑﻌد اﻟﮭﺑﺔ وھم ﯾﺷﮭدون ﺑﮫ ﻗﺑﻠﮭﺎ‪ ،‬وﻟو ﺷﮭدوا ﺑﮫ ﺑﻌدھﺎ ﺗﻘﺑل ﻟوﺿوح اﻟﺗوﻓﯾق‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ادﻋﻰ اﻟﮭﺑﺔ ﺛم أﻗﺎم‬
‫اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺷراء ﻗﺑﻠﮭﺎ وﻟم ﯾﻘل ﺟﺣدﻧﻲ اﻟﮭﺑﺔ ﻓﺎﺷﺗرﯾﺗﮭﺎ ﻟم ﺗﻘﺑل أﯾﺿﺎ ذﻛره ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻧﺳﺦ ﻷن دﻋوى اﻟﮭﺑﺔ‬
‫إﻗرار ﻣﻧﮫ ﺑﺎﻟﻣﻠك ﻟﻠواھب ﻋﻧدھﺎ‪ ،‬ودﻋوى اﻟﺷراء رﺟوع ﻋﻧﮫ ﻓﻌد ﻣﻧﺎﻗﺿﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ادﻋﻰ اﻟﺷراء ﺑﻌد اﻟﮭﺑﺔ‬
‫ﻷﻧﮫ ﺗﻘرر ﻣﻠﻛﮫ ﻋﻧدھﺎ‪.‬‬
‫"وﻣن ﻗﺎل ﻵﺧر‪ :‬اﺷﺗرﯾت ﻣﻧﻲ ھذه اﻟﺟﺎرﯾﺔ ﻓﺄﻧﻛر اﻵﺧر إن أﺟﻣﻊ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻋﻠﻰ ﺗرك‬

‫اﻟﺧﺻوﻣﺔ وﺳﻌﮫ أن ﯾطﺄھﺎ" ﻷن اﻟﻣﺷﺗري ﻟﻣﺎ ﺟﺣده ﻛﺎن ﻓﺳﺧﺎ ﻣن ﺟﮭﺗﮫ‪ ،‬إذ اﻟﻔﺳﺦ‬ ‫ص ‪-110-‬‬
‫ﯾﺛﺑت ﺑﮫ ﻛﻣﺎ إذا ﺗﺟﺎﺣدا ﻓﺈذا ﻋزم اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻋﻠﻰ ﺗرك اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺛم اﻟﻔﺳﺦ‪ ،‬وﺑﻣﺟرد اﻟﻌزم إن ﻛﺎن ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟﻔﺳﺦ ﻓﻘد‬
‫اﻗﺗرن ﺑﺎﻟﻔﻌل وھو إﻣﺳﺎك اﻟﺟﺎرﯾﺔ وﻧﻘﻠﮭﺎ وﻣﺎ ﯾﺿﺎھﯾﮫ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﺗﻌذر اﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﺛﻣن ﻣن اﻟﻣﺷﺗري ﻓﺎت رﺿﺎ‬
‫اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﯾﺳﺗﺑد ﺑﻔﺳﺧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻗر أﻧﮫ ﻗﺑض ﻣن ﻓﻼن ﻋﺷرة دراھم ﺛم ادﻋﻰ أﻧﮭﺎ زﯾوف ﺻدق" وﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻧﺳﺦ اﻗﺗﺿﻰ‪ ،‬وھو‬
‫ﻋﺑﺎرة ﻋن اﻟﻘﺑض أﯾﺿﺎ‪ .‬ووﺟﮭﮫ أن اﻟزﯾوف ﻣن ﺟﻧس اﻟدراھم إﻻ أﻧﮭﺎ ﻣﻌﯾﺑﺔ‪ ،‬وﻟﮭذا ﻟو ﺗﺟوز ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺻرف‬
‫واﻟﺳﻠم ﺟﺎز‪ ،‬واﻟﻘﺑض ﻻ ﯾﺧﺗص ﺑﺎﻟﺟﯾﺎد ﻓﯾﺻدق ﻷﻧﮫ أﻧﻛر ﻗﺑض ﺣﻘﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا أﻗر أﻧﮫ ﻗﺑض اﻟﺟﯾﺎد أو ﺣﻘﮫ‬
‫أو اﻟﺛﻣن أو اﺳﺗوﻓﻰ ﻹﻗراره ﺑﻘﺑض اﻟﺟﯾﺎد ﺻرﯾﺣﺎ أو دﻻﻟﺔ ﻓﻼ ﯾﺻدق واﻟﻧﺑﮭرﺟﺔ ﻛﺎﻟزﯾوف وﻓﻲ اﻟﺳﺗوﻗﺔ ﻻ‬
‫ﯾﺻدق ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﻣن ﺟﻧس اﻟدراھم‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﺗﺟوز ﺑﮫ ﻓﯾﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻻ ﯾﺟوز‪ .‬واﻟزﯾف ﻣﺎ زﯾﻔﮫ ﺑﯾت اﻟﻣﺎل‪،‬‬
‫واﻟﻧﺑﮭرﺟﺔ ﻣﺎ ﯾرده اﻟﺗﺟﺎر‪ ،‬واﻟﺳﺗوﻗﺔ ﻣﺎ ﯾﻐﻠب ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻐش‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻗﺎل ﻵﺧر ﻟك ﻋﻠﻲ أﻟف درھم ﻓﻘﺎل ﻟﯾس ﻟﻲ ﻋﻠﯾك ﺷﻲء ﺛم ﻗﺎل ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻧﮫ ﺑل ﻟﻲ ﻋﻠﯾك أﻟف درھم‬
‫ﻓﻠﯾس ﻋﻠﯾﮫ ﺷﻲء" ﻷن إﻗراره ھو اﻷول وﻗد ارﺗد ﺑرد اﻟﻣﻘر ﻟﮫ‪ ،‬واﻟﺛﺎﻧﻲ دﻋوى ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﺣﺟﺔ أو ﺗﺻدﯾق‬
‫ﺧﺻﻣﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺎل ﻟﻐﯾره اﺷﺗرﯾت وأﻧﻛر اﻵﺧر ﻟﮫ أن ﯾﺻدﻗﮫ‪ ،‬ﻷن أﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﻻ ﯾﺗﻔرد ﺑﺎﻟﻔﺳﺦ ﻛﻣﺎ‬
‫ﻻ ﯾﺗﻔرد ﺑﺎﻟﻌﻘد‪ ،‬واﻟﻣﻌﻧﻰ أﻧﮫ ﺣﻘﮭﻣﺎ ﻓﺑﻘﻲ اﻟﻌﻘد ﻓﻌﻣل اﻟﺗﺻدﯾق‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ﯾﺗﻔرد ﺑرد اﻹﻗرار ﻓﺎﻓﺗرﻗﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ادﻋﻰ ﻋﻠﻰ آﺧر ﻣﺎﻻ ﻓﻘﺎل ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟك ﻋﻠﻲ ﺷﻲء ﻗط ﻓﺄﻗﺎم اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ أﻟف وأﻗﺎم ھو اﻟﺑﯾﻧﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻗﺑﻠت ﺑﯾﻧﺗﮫ" وﻛذﻟك ﻋﻠﻰ اﻹﺑراء‪ .‬وﻗﺎل زﻓر رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﺗﻘﺑل ﻷن اﻟﻘﺿﺎء ﯾﺗﻠو اﻟوﺟوب وﻗد‬
‫أﻧﻛره ﻓﯾﻛون ﻣﻧﺎﻗﺿﺎ‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﺗوﻓﯾق ﻣﻣﻛن ﻷن ﻏﯾر اﻟﺣق ﻗد ﯾﻘﺿﻰ وﯾﺑرأ ﻣﻧﮫ دﻓﻌﺎ ﻟﻠﺧﺻوﻣﺔ واﻟﺷﻐب؛ أﻻ‬
‫ﺗرى أﻧﮫ ﯾﻘﺎل ﻗﺿﻰ ﺑﺑﺎطل وﻗد ﯾﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻓﯾﺛﺑت ﺛم ﯾﻘﺿﻰ‪ ،‬وﻛذا إذا ﻗﺎل ﻟﯾس ﻟك ﻋﻠﻲ ﺷﻲء ﻗط ﻷن‬
‫اﻟﺗوﻓﯾق أظﮭر "وﻟو ﻗﺎل ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟك ﻋﻠﻲ ﺷﻲء ﻗط وﻻ أﻋرﻓك ﻟم ﺗﻘﺑل ﺑﯾﻧﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء" وﻛذا ﻋﻠﻰ اﻹﺑراء‬
‫ﻟﺗﻌذر اﻟﺗوﻓﯾق ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻛون ﺑﯾن اﺛﻧﯾن‪ ،‬أﺧذ وإﻋطﺎء وﻗﺿﺎء واﻗﺗﺿﺎء وﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑدون اﻟﻣﻌرﻓﺔ‪ .‬وذﻛر اﻟﻘدوري‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﺗﻘﺑل أﯾﺿﺎ ﻷن اﻟﻣﺣﺗﺟب أو اﻟﻣﺧدرة ﻗد ﯾؤذى ﺑﺎﻟﺷﻐب ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺑﮫ ﻓﯾﺄﻣر ﺑﻌض وﻛﻼﺋﮫ ﺑﺈرﺿﺎﺋﮫ وﻻ‬
‫ﯾﻌرﻓﮫ ﺛم ﯾﻌرﻓﮫ ﺑﻌد ذﻟك ﻓﺄﻣﻛن اﻟﺗوﻓﯾق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ادﻋﻰ ﻋﻠﻰ آﺧر أﻧﮫ ﺑﺎﻋﮫ ﺟﺎرﯾﺗﮫ ﻓﻘﺎل ﻟم أﺑﻌﮭﺎ ﻣﻧك ﻗط ﻓﺄﻗﺎم اﻟﻣﺷﺗري اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺷراء ﻓوﺟد‬
‫ﺑﮭﺎ أﺻﺑﻌﺎ زاﺋدة ﻓﺄﻗﺎم اﻟﺑﺎﺋﻊ اﻟﺑﯾﻧﺔ أﻧﮫ ﺑرئ إﻟﯾﮫ ﻣن ﻛل ﻋﯾب ﻟم ﺗﻘﺑل‬
‫ﺑﯾﻧﺔ اﻟﺑﺎﺋﻊ" وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮭﺎ ﺗﻘﺑل اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ .‬ووﺟﮫ اﻟظﺎھر أن‬ ‫ص ‪-111-‬‬
‫ﺷرط اﻟﺑراءة ﺗﻐﯾﯾر ﻟﻠﻌﻘد ﻣن اﻗﺗﺿﺎء وﺻف اﻟﺳﻼﻣﺔ إﻟﻰ ﻏﯾره ﻓﯾﺳﺗ دﻋﻲ وﺟود اﻟﺑﯾﻊ وﻗد أﻧﻛره ﻓﻛﺎن ﻣﻧﺎﻗﺿﺎ‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف اﻟدﯾن ﻷﻧﮫ ﻗد ﯾﻘﺿﻰ وإن ﻛﺎن ﺑﺎطﻼ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ذﻛر ﺣق ﻛﺗب ﻓﻲ أﺳﻔﻠﮫ وﻣن ﻗﺎم ﺑﮭذا اﻟذﻛر اﻟﺣق ﻓﮭو وﻟﻲ ﻣﺎ ﻓﯾﮫ إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬أو ﻛﺗب ﻓﻲ‬
‫ﺷراء ﻓﻌﻠﻰ ﻓﻼن ﺧﻼص ذﻟك وﺗﺳﻠﯾﻣﮫ إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑطل اﻟذﻛر ﻛﻠﮫ‪ ،‬وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪.‬‬
‫وﻗﺎﻻ‪ :‬إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ھو ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻼص وﻋﻠﻰ ﻣن ﻗﺎم ﺑذﻛر اﻟﺣق‪ ،‬وﻗوﻟﮭﻣﺎ اﺳﺗﺣﺳﺎن ذﻛره ﻓﻲ اﻹﻗرار"‬
‫ﻷن اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﯾﻧﺻرف إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﯾﮫ ﻷن اﻟذﻛر ﻟﻼﺳﺗﯾﺛﺎق‪ ،‬وﻛذا اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﻛﻼم اﻻﺳﺗﺑداد وﻟﮫ أن اﻟﻛل ﻛﺷﻲء‬
‫واﺣد ﺑﺣﻛم اﻟﻌطف ﻓﯾﺻرف إﻟﻰ اﻟﻛل ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﻣﻌطوﻓﺔ ﻣﺛل ﻗوﻟﮫ ﻋﺑده ﺣر واﻣرأﺗﮫ طﺎﻟق وﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟﻣﺷﻲ إﻟﻰ ﺑﯾت ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ؛ وﻟو ﺗرك ﻓرﺟﺔ ﻗﺎﻟوا‪ :‬ﻻ ﯾﻠﺗﺣق ﺑﮫ وﯾﺻﯾر ﻛﻔﺎﺻل اﻟﺳﻛوت‪ ،‬وﷲ‬
‫أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻟﻣوارﯾث‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻣﺎت ﻧﺻراﻧﻲ ﻓﺟﺎءت اﻣرأﺗﮫ ﻣﺳﻠﻣﺔ وﻗﺎﻟت أﺳﻠﻣت ﺑﻌد ﻣوﺗﮫ وﻗﺎﻟت اﻟورﺛﺔ أﺳﻠﻣت ﻗﺑل ﻣوﺗﮫ‬
‫ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟورﺛﺔ" وﻗﺎل زﻓر رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬اﻟﻘول ﻗوﻟﮭﺎ ﻷن اﻹﺳﻼم ﺣﺎدث ﻓﯾﺿﺎف إﻟﻰ أﻗرب اﻷوﻗﺎت‪ .‬وﻟﻧﺎ أن‬
‫ﺳﺑب اﻟﺣرﻣﺎن ﺛﺎﺑت ﻓﻲ اﻟﺣﺎل ﻓﯾﺛﺑت ﻓﯾﻣﺎ ﻣﺿﻰ ﺗﺣﻛﯾﻣﺎ ﻟﻠﺣﺎل ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺟرﯾﺎن ﻣﺎء اﻟطﺎﺣوﻧﺔ؛ وھذا ظﺎھر ﻧﻌﺗﺑره‬
‫ﻟﻠدﻓﻊ؛ وﻣﺎ ذﻛره ﯾﻌﺗﺑره ﻟﻼﺳﺗﺣﻘﺎق؛ "وﻟو ﻣﺎت اﻟﻣﺳﻠم وﻟﮫ اﻣرأة ﻧﺻراﻧﯾﺔ ﻓﺟﺎءت ﻣﺳﻠﻣﺔ ﺑﻌد ﻣوﺗﮫ وﻗﺎﻟت‬
‫أﺳﻠﻣت ﻗﺑل ﻣوﺗﮫ وﻗﺎﻟت اﻟورﺛﺔ أﺳﻠﻣت ﺑﻌد ﻣوﺗﮫ ﻓﺎﻟﻘول ﻗوﻟﮭم أﯾﺿﺎ"‪ ،‬وﻻ ﯾﺣﻛم اﻟﺣﺎل ﻷن اﻟظﺎھر ﻻ ﯾﺻﻠﺢ‬
‫ﺣﺟﺔ ﻟﻼﺳﺗﺣﻘﺎق وھﻲ ﻣﺣﺗﺎﺟﺔ إﻟﯾﮫ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟورﺛﺔ ﻓﮭم اﻟداﻓﻌون وﯾﺷﮭد ﻟﮭم ظﺎھر اﻟﺣدوث أﯾﺿﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻣﺎت وﻟﮫ ﻓﻲ ﯾد رﺟل أرﺑﻌﺔ آﻻف درھم ودﯾﻌﺔ ﻓﻘﺎل اﻟﻣﺳﺗودع ھذا اﺑن اﻟﻣﯾت ﻻ وارث ﻟﮫ ﻏﯾره‬
‫ﻓﺈﻧﮫ ﯾدﻓﻊ اﻟﻣﺎل إﻟﯾﮫ" ﻷﻧﮫ أﻗر أن ﻣﺎ ﻓﻲ ﯾده ﺣق اﻟوارث ﺧﻼﻓﺔ ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا أﻗر أﻧﮫ ﺣق اﻟﻣورث وھو ﺣﻲ‬
‫أﺻﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا أﻗر ﻟرﺟل أﻧﮫ وﻛﯾل اﻟﻣودع ﺑﺎﻟﻘﺑض أو أﻧﮫ اﺷﺗراه ﻣﻧﮫ ﺣﯾث ﻻ ﯾؤﻣر ﺑﺎﻟدﻓﻊ إﻟﯾﮫ ﻷﻧﮫ أﻗر‬
‫ﺑﻘﯾﺎم ﺣق اﻟﻣودع إذ ھو ﺣﻲ ﻓﯾﻛون إﻗرارا ﻋﻠﻰ ﻣﺎل اﻟﻐﯾر‪ ،‬وﻻ ﻛذﻟك ﺑﻌد ﻣوﺗﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣدﯾون إذا أﻗر ﺑﺗوﻛﯾل‬
‫ﻏﯾره ﺑﺎﻟﻘﺑض ﻷن اﻟدﯾون ﺗﻘﺿﻰ ﺑﺄﻣﺛﺎﻟﮭﺎ ﻓﯾﻛون إﻗرارا ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ ﻓﯾؤﻣر ﺑﺎﻟدﻓﻊ إﻟﯾﮫ "ﻓﻠو ﻗﺎل اﻟﻣودع ﻵﺧر ھذا‬
‫اﺑﻧﮫ أﯾﺿﺎ وﻗﺎل اﻷول ﻟﯾس ﻟﮫ اﺑن ﻏﯾري ﻗﺿﻰ ﺑﺎﻟﻣﺎل ﻟﻸول" ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﺻﺢ‬
‫إﻗراره ﻟﻸول اﻧﻘطﻊ ﯾده ﻋن اﻟﻣﺎل ﻓﯾﻛون ھذا إﻗرارا ﻋﻠﻰ اﻷول ﻓﻼ ﯾﺻﺢ إﻗراره‬ ‫ص ‪-112-‬‬
‫ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻷول اﺑﻧﺎ ﻣﻌروﻓﺎ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﺣﯾن أﻗر ﻟﻸول ﻻ ﻣﻛذب ﻟﮫ ﻓﺻﺢ‪ ،‬وﺣﯾن أﻗر ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ ﻟﮫ ﻣﻛذب ﻓﻠم‬
‫ﯾﺻﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻗﺳم اﻟﻣﯾراث ﺑﯾن اﻟﻐرﻣﺎء واﻟورﺛﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾؤﺧذ ﻣﻧﮭم ﻛﻔﯾل وﻻ ﻣن وارث وھذا ﺷﻲء اﺣﺗﺎط ﺑﮫ‬
‫ﺑﻌض اﻟﻘﺿﺎة وھو ظﻠم" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾؤﺧذ اﻟﻛﻔﯾل‪ ،‬واﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﯾﻣﺎ إذا ﺛﺑت اﻟدﯾن‬
‫واﻹرث ﺑﺎﻟﺷﮭﺎدة وﻟم ﯾﻘل اﻟﺷﮭود ﻻ ﻧﻌﻠم ﻟﮫ وارﺛﺎ ﻏﯾره‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻧﺎظر ﻟﻠﻐﯾب‪ ،‬واﻟظﺎھر أن ﻓﻲ اﻟﺗرﻛﺔ‬
‫وارﺛﺎ ﻏﺎﺋﺑﺎ أو ﻏرﯾﻣﺎ ﻏﺎﺋﺑﺎ‪ ،‬ﻷن اﻟﻣوت ﻗد ﯾﻘﻊ ﺑﻐﺗﺔ ﻓﯾﺣﺗﺎط ﺑﺎﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ .‬ﻛﻣﺎ إذا دﻓﻊ اﻵﺑق واﻟﻠﻘطﺔ إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺑﮫ‬
‫وأﻋطﻰ اﻣرأة اﻟﻐﺎﺋب اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻣن ﻣﺎﻟﮫ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن ﺣق اﻟﺣﺎﺿر ﺛﺎﺑت ﻗطﻌﺎ‪ ،‬أو ظﺎھرا ﻓﻼ ﯾؤﺧر‬
‫ﻟﺣق ﻣوھوم إﻟﻰ زﻣﺎن اﻟﺗﻛﻔﯾل ﻛﻣن أﺛﺑت اﻟﺷراء ﻣﻣن ﻓﻲ ﯾده أو أﺛﺑت اﻟدﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺑد ﺣﺗﻰ ﺑﯾﻊ ﻓﻲ دﯾﻧﮫ ﻻ‬
‫ﯾﻛﻔل‪ ،‬وﻷن اﻟﻣﻛﻔول ﻟﮫ ﻣﺟﮭول ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﻛﻔل ﻷﺣد اﻟﻐرﻣﺎء ﺑﺧﻼف اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻷن ﺣق اﻟزوج ﺛﺎﺑت وھو‬
‫ﻣﻌﻠوم‪ .‬وأﻣﺎ اﻵﺑق واﻟﻠﻘطﺔ ﻓﻔﯾﮫ رواﯾﺗﺎن‪ ،‬واﻷﺻﺢ أﻧﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻼف‪ .‬وﻗﯾل إن دﻓﻊ ﺑﻌﻼﻣﺔ اﻟﻠﻘطﺔ أو إﻗرار اﻟﻌﺑد‬
‫ﯾﻛﻔل ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع ﻷن اﻟﺣق ﻏﯾر ﺛﺎﺑت‪ ،‬وﻟﮭذا ﻛﺎن ﻟﮫ أن ﯾﻣﻧﻊ‪ .‬وﻗوﻟﮫ ظﻠم‪ :‬أي ﻣﯾل ﻋن ﺳواء اﻟﺳﺑﯾل‪ ،‬وھذا ﯾﻛﺷف‬
‫ﻋن ﻣذھﺑﮫ رﺣﻣﮫ ﷲ أن اﻟﻣﺟﺗﮭد ﯾﺧطﺊ وﯾﺻﯾب ﻻ ﻛﻣﺎ ظﻧﮫ اﻟﺑﻌض‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﻧت اﻟدار ﻓﻲ ﯾد رﺟل وأﻗﺎم اﻵﺧر اﻟﺑﯾﻧﺔ أن أﺑوه ﻣﺎت وﺗرﻛﮭﺎ ﻣﯾراﺛﺎ ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن أﺧوه ﻓﻼن اﻟﻐﺎﺋب‬
‫ﻗﺿﻲ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﻧﺻف وﺗرك اﻟﻧﺻف اﻵﺧر ﻓﻲ ﯾد اﻟذي ھﻲ ﻓﻲ ﯾده وﻻ ﯾﺳﺗوﺛق ﻣﻧﮫ ﺑﻛﻔﯾل‪ ،‬وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪.‬‬
‫وﻗﺎﻻ‪ :‬إن ﻛﺎن اﻟذي ھﻲ ﻓﻲ ﯾده ﺟﺎﺣدا أﺧذ ﻣﻧﮫ وﺟﻌل ﻓﻲ ﯾد أﻣﯾن‪ ،‬وإن ﻟم ﯾﺟﺣد ﺗرك ﻓﻲ ﯾده" ﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﺟﺎﺣد‬
‫ﺧﺎﺋن ﻓﻼ ﯾﺗرك اﻟﻣﺎل ﻓﻲ ﯾده‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﻘر ﻷﻧﮫ أﻣﯾن‪ .‬وﻟﮫ أن اﻟﻘﺿﺎء وﻗﻊ ﻟﻠﻣﯾت ﻣﻘﺻودا واﺣﺗﻣﺎل ﻛوﻧﮫ ﻣﺧﺗﺎر‬
‫اﻟﻣﯾت ﺛﺎﺑت ﻓﻼ ﺗﻧﻘض ﯾده ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﻘرا وﺟﺣوده ﻗد ارﺗﻔﻊ ﺑﻘﺿﺎء اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ ،‬واﻟظﺎھر ﻋدم اﻟﺟﺣود ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻟﺻﯾرورة اﻟﺣﺎدﺛﺔ ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﻟﮫ وﻟﻠﻘﺎﺿﻲ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎﻧت اﻟدﻋوى ﻓﻲ ﻣﻧﻘول ﻓﻘد ﻗﯾل ﯾؤﺧذ ﻣﻧﮫ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ﻷﻧﮫ‬
‫ﯾﺣﺗﺎج ﻓﯾﮫ إﻟﻰ اﻟﺣﻔظ واﻟﻧزع أﺑﻠﻎ ﻓﯾﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻌﻘﺎر ﻷﻧﮭﺎ ﻣﺣﺻﻧﺔ ﺑﻧﻔﺳﮭﺎ وﻟﮭذا ﯾﻣﻠك اﻟوﺻﻲ ﺑﯾﻊ اﻟﻣﻧﻘول ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻛﺑﯾر اﻟﻐﺎﺋب دون اﻟﻌﻘﺎر‪ ،‬وﻛذا ﺣﻛم وﺻﻲ اﻷم واﻷخ واﻟﻌم ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻐﯾر‪ .‬وﻗﯾل اﻟﻣﻧﻘول ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻼف أﯾﺿﺎ‪،‬‬
‫وﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﯾﮫ أظﮭر ﻟﺣﺎﺟﺗﮫ إﻟﻰ اﻟﺣﻔظ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﻻ ﯾؤﺧذ اﻟﻛﻔﯾل ﻷﻧﮫ إﻧﺷﺎء ﺧﺻوﻣﺔ واﻟﻘﺎﺿﻲ إﻧﻣﺎ‬
‫ﻧﺻب ﻟﻘطﻌﮭﺎ ﻻ ﻹﻧﺷﺎﺋﮭﺎ‪ ،‬وإذا ﺣﺿر اﻟﻐﺎﺋب ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ إﻋﺎدة اﻟﺑﯾﻧﺔ وﯾﺳﻠم اﻟﻧﺻف إﻟﯾﮫ ﺑذﻟك اﻟﻘﺿﺎء ﻷن‬
‫أﺣد اﻟورﺛﺔ ﯾﻧﺗﺻب ﺧﺻﻣﺎ ﻋن اﻟﺑﺎﻗﯾن ﻓﯾﻣﺎ‬

‫ﯾﺳﺗﺣق ﻟﮫ وﻋﻠﯾﮫ دﯾﻧﺎ ﻛﺎن أو ﻋﯾﻧﺎ ﻷن اﻟﻣﻘﺿﻲ ﻟﮫ وﻋﻠﯾﮫ إﻧﻣﺎ ھو اﻟﻣﯾت ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‬ ‫ص ‪-113-‬‬
‫وواﺣد ﻣن اﻟورﺛﺔ ﯾﺻﻠﺢ ﺧﻠﯾﻔﺔ ﻋﻧﮫ ﻓﻲ ذﻟك‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻷﻧﮫ ﻋﺎﻣل ﻓﯾﮫ ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﻼ ﯾﺻﻠﺢ ﻧﺎﺋﺑﺎ ﻋن‬
‫ﻏﯾره‪ ،‬وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺳﺗوﻓﻲ إﻻ ﻧﺻﯾﺑﮫ وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﻗﺎﻣت اﻟﺑﯾﻧﺔ ﺑدﯾن اﻟﻣﯾت‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ إﻧﻣﺎ ﯾﺛﺑت اﺳﺗﺣﻘﺎق‪ ،‬اﻟﻛل ﻋﻠﻰ‬
‫أﺣد اﻟورﺛﺔ إذا ﻛﺎن اﻟﻛل ﻓﻲ ﯾده‪ .‬ذﻛره ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻛون ﺧﺻﻣﺎ ﺑدون اﻟﯾد ﻓﯾﻘﺗﺻر اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫ﯾده‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻗﺎل ﻣﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﻛﯾن ﺻدﻗﺔ ﻓﮭو ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﯾﮫ اﻟزﻛﺎة‪ ،‬وإن أوﺻﻰ ﺑﺛﻠث ﻣﺎﻟﮫ ﻓﮭو ﻋﻠﻰ ﻛل ﺷﻲء"‬
‫واﻟﻘﯾﺎس أن ﯾﻠزﻣﮫ اﻟﺗﺻدق ﺑﺎﻟﻛل‪ ،‬وﺑﮫ ﻗﺎل زﻓر رﺣﻣﮫ ﷲ ﻟﻌﻣوم اﺳم اﻟﻣﺎل ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟوﺻﯾﺔ‪.‬‬
‫وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أن إﯾﺟﺎب اﻟﻌﺑد ﻣﻌﺗﺑر ﺑﺈﯾﺟﺎب ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﯾﻧﺻرف إﯾﺟﺎﺑﮫ إﻟﻰ ﻣﺎ أوﺟب اﻟﺷﺎرع ﻓﯾﮫ اﻟﺻدﻗﺔ ﻣن‬
‫اﻟﻣﺎل‪ .‬أﻣﺎ اﻟوﺻﯾﺔ ﻓﺄﺧت اﻟﻣﯾراث ﻷﻧﮭﺎ ﺧﻼﻓﺔ ﻛﮭﻲ ﻓﻼ ﯾﺧﺗص ﺑﻣﺎل دون ﻣﺎل‪ ،‬وﻷن اﻟظﺎھر اﻟﺗزام اﻟﺻدﻗﺔ ﻣن‬
‫ﻓﺎﺿل ﻣﺎﻟﮫ وھو ﻣﺎل اﻟزﻛﺎة‪ ،‬أﻣﺎ اﻟوﺻﯾﺔ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﺣﺎل اﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻓﯾﻧﺻرف إﻟﻰ اﻟﻛل وﺗدﺧل ﻓﯾﮫ اﻷرض اﻟﻌﺷرﯾﺔ‬
‫ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﻷﻧﮭﺎ ﺳﺑب اﻟﺻدﻗﺔ‪ ،‬إذ ﺟﮭﺔ اﻟﺻدﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺷرﯾﺔ راﺟﺣﺔ ﻋﻧده‪ ،‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‬
‫ﻻ ﺗدﺧل ﻷﻧﮭﺎ ﺳﺑب اﻟﻣؤﻧﺔ‪ ،‬إذ ﺟﮭﺔ اﻟﻣؤﻧﺔ راﺟﺣﺔ ﻋﻧده‪ ،‬وﻻ ﺗدﺧل أرض اﻟﺧراج ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع ﻷﻧﮫ ﯾﺗﻣﺣض ﻣؤﻧﺔ‪.‬‬
‫وﻟو ﻗﺎل ﻣﺎ أﻣﻠﻛﮫ ﺻدﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﻛﯾن ﻓﻘد ﻗﯾل ﯾﺗﻧﺎول ﻛل ﻣﺎل ﻷﻧﮫ أﻋم ﻣن ﻟﻔظ اﻟﻣﺎل‪ .‬واﻟﻣﻘﯾد إﯾﺟﺎب اﻟﺷرع وھو‬
‫ﻣﺧﺗص ﺑﻠﻔظ اﻟﻣﺎل ﻓﻼ ﻣﺧﺻص ﻓﻲ ﻟﻔظ اﻟﻣﻠك ﻓﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣوم‪ ،‬واﻟﺻﺣﯾﺢ أﻧﮭﻣﺎ ﺳواء ﻷن اﻟﻣﻠﺗزم ﺑﺎﻟﻠﻔظﯾن‬
‫اﻟﻔﺎﺿل ﻋن اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪" ،‬ﺛم إذا ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ ﻣﺎل ﺳوى ﻣﺎ دﺧل ﺗﺣت اﻹﯾﺟﺎب ﯾﻣﺳك ﻣن ذﻟك ﻗوﺗﮫ‪ ،‬ﺛم إذا‬
‫أﺻﺎب ﺷﯾﺋﺎ ﺗﺻدق ﺑﻣﺛل ﻣﺎ أﻣﺳك" ﻷن ﺣﺎﺟﺗﮫ ھذه ﻣﻘدﻣﺔ وﻟم ﯾﻘدر ﻣﺣﻣد ﺑﺷﻲء ﻻﺧﺗﻼف أﺣوال اﻟﻧﺎس ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫وﻗﯾل اﻟﻣﺣﺗرف ﯾﻣﺳك ﻗوﺗﮫ ﻟﯾوم وﺻﺎﺣب اﻟﻐﻠﺔ ﻟﺷﮭر وﺻﺎﺣب اﻟﺿﯾﺎع ﻟﺳﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺳب اﻟﺗﻔﺎوت ﻓﻲ ﻣدة‬
‫وﺻوﻟﮭم إﻟﻰ اﻟﻣﺎل‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا ﺻﺎﺣب اﻟﺗﺟﺎرة ﯾﻣﺳك ﺑﻘدر ﻣﺎ ﯾرﺟﻊ إﻟﯾﮫ ﻣﺎﻟﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أوﺻﻰ إﻟﯾﮫ وﻟم ﯾﻌﻠم اﻟوﺻﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﺑﺎع ﺷﯾﺋﺎ ﻣن اﻟﺗرﻛﺔ ﻓﮭو وﺻﻲ واﻟﺑﯾﻊ ﺟﺎﺋز‪ ،‬وﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ‬
‫اﻟوﻛﯾل ﺣﺗﻰ ﯾﻌﻠم"‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻷول أﯾﺿﺎ ﻷن اﻟوﺻﺎﯾﺔ إﻧﺎﺑﺔ ﺑﻌد‬
‫اﻟﻣوت ﻓﺗﻌﺗﺑر ﺑﺎﻹﻧﺎﺑﺔ ﻗﺑﻠﮫ وھﻲ اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ .‬ووﺟﮫ اﻟﻔرق ﻋﻠﻰ اﻟظﺎھر أن اﻟوﺻﺎﯾﺔ ﺧﻼﻓﺔ ﻹﺿﺎﻓﺗﮭﺎ إﻟﻰ زﻣﺎن‬
‫ﺑطﻼن اﻹﻧﺎﺑﺔ ﻓﻼ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠم ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺗﺻرف اﻟوارث‪ .‬أﻣﺎ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﺈﻧﺎﺑﺔ ﻟﻘﯾﺎم وﻻﯾﺔ اﻟﻣﻧوب ﻋﻧﮫ ﻓﯾﺗوﻗف‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠم‪ ،‬وھذا ﻷﻧﮫ ﻟو ﺗوﻗف ﻻ ﯾﻔوت اﻟﻧظر ﻟﻘدرة اﻟﻣوﻛل‪ ،‬وﻓﻲ اﻷول ﯾﻔوت ﻟﻌﺟز اﻟﻣوﺻﻲ "وﻣن‬

‫أﻋﻠﻣﮫ ﻣن اﻟﻧﺎس ﺑﺎﻟوﻛﺎﻟﺔ ﯾﺟوز ﺗﺻرﻓﮫ" ﻷﻧﮫ إﺛﺑﺎت ﺣق ﻻ إﻟزام أﻣر‪.‬‬ ‫ص ‪-114-‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﻛون اﻟﻧﮭﻲ ﻋن اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺷﮭد ﻋﻧده ﺷﺎھدان أو رﺟل ﻋدل" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪،‬‬
‫وﻗﺎﻻ‪ :‬ھو واﻷول ﺳواء ﻷﻧﮫ ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت وﺑﺎﻟواﺣد ﻓﯾﮭﺎ ﻛﻔﺎﯾﺔ‪ .‬وﻟﮫ أﻧﮫ ﺧﺑر ﻣﻠزم ﻓﯾﻛون ﺷﮭﺎدة ﻣن وﺟﮫ‬
‫ﻓﯾﺷﺗرط أﺣد ﺷطرﯾﮭﺎ وھو اﻟﻌدد أو اﻟﻌداﻟﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻷول‪ ،‬وﺑﺧﻼف رﺳول اﻟﻣوﻛل ﻷن ﻋﺑﺎرﺗﮫ ﻛﻌﺑﺎرة اﻟﻣرﺳل‬
‫ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻹرﺳﺎل‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف إذا أﺧﺑر اﻟﻣوﻟﻰ ﺑﺟﻧﺎﯾﺔ ﻋﺑده واﻟﺷﻔﯾﻊ واﻟﺑﻛر واﻟﻣﺳﻠم اﻟذي ﻟم ﯾﮭﺎﺟر‬
‫إﻟﯾﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺑﺎع اﻟﻘﺎﺿﻲ أو أﻣﯾﻧﮫ ﻋﺑدا ﻟﻠﻐرﻣﺎء وأﺧذ اﻟﻣﺎل ﻓﺿﺎع واﺳﺗﺣق اﻟﻌﺑد ﻟم ﯾﺿﻣن" ﻷن أﻣﯾن اﻟﻘﺎﺿﻲ‬
‫ﻗﺎﺋم ﻣﻘﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ واﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻘﺎم اﻹﻣﺎم وﻛل واﺣد ﻣﻧﮭم ﻻ ﯾﻠﺣﻘﮫ ﺿﻣﺎن ﻛﻲ ﻻ ﯾﺗﻘﺎﻋد ﻋن ﻗﺑول ھذه اﻷﻣﺎﻧﺔ‬
‫ﻓﯾﺿﯾﻊ اﻟﺣﻘوق وﯾرﺟﻊ اﻟﻣﺷﺗري ﻋﻠﻰ اﻟﻐرﻣﺎء‪ ،‬ﻷن اﻟﺑﯾﻊ واﻗﻊ ﻟﮭم ﻓﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮭم ﻋﻧد ﺗﻌذر اﻟرﺟوع ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻗد‪،‬‬
‫ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻌﺎﻗد ﻣﺣﺟورا ﻋﻠﯾﮫ وﻟﮭذا ﯾﺑﺎع ﺑطﻠﺑﮭم "وإن أﻣر اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوﺻﻲ ﺑﺑﯾﻌﮫ ﻟﻠﻐرﻣﺎء ﺛم اﺳﺗﺣق أو‬
‫ﻣﺎت ﻗﺑل اﻟﻘﺑض وﺿﺎع اﻟﻣﺎل رﺟﻊ اﻟﻣﺷﺗري ﻋﻠﻰ اﻟوﺻﻲ" ﻷﻧﮫ ﻋﺎﻗد ﻧﯾﺎﺑﺔ ﻋن اﻟﻣﯾت وإن ﻛﺎن ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ‬
‫ﻋﻧﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﺑﺎﻋﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ورﺟﻊ اﻟوﺻﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻐرﻣﺎء" ﻷﻧﮫ ﻋﺎﻣل ﻟﮭم‪ ،‬وإن ظﮭر ﻟﻠﻣﯾت ﻣﺎل ﯾرﺟﻊ اﻟﻐرﯾم ﻓﯾﮫ ﺑدﯾﻧﮫ‪ .‬ﻗﺎﻟوا‪ :‬وﯾﺟوز‬
‫أن ﯾﻘﺎل ﯾرﺟﻊ ﺑﺎﻟﻣﺎﺋﺔ اﻟﺗﻲ ﻏرﻣﮭﺎ أﯾﺿﺎ ﻷﻧﮫ ﻟﺣﻘﮫ ﻓﻲ أﻣر اﻟﻣﯾت‪ ،‬واﻟوارث إذا ﺑﯾﻊ ﻟﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻐرﯾم ﻷﻧﮫ إذا ﻟم‬
‫ﯾﻛن ﻓﻲ اﻟﺗرﻛﺔ دﯾن ﻛﺎن اﻟﻌﺎﻗد ﻋﺎﻣﻼ ﻟﮫ‪.‬‬

‫ﻓﺻل آﺧر‪" :‬وإذا ﻗﺎل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻗد ﻗﺿﯾت ﻋﻠﻰ ھذا ﺑﺎﻟرﺟم ﻓﺎرﺟﻣﮫ أو ﺑﺎﻟﻘطﻊ ﻓﺎﻗطﻌﮫ أو ﺑﺎﻟﺿرب ﻓﺎﺿرﺑﮫ‬
‫وﺳﻌك أن ﺗﻔﻌل"‬
‫وﻋن ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ رﺟﻊ ﻋن ھذا وﻗﺎل‪ :‬ﻻ ﺗﺄﺧذ ﺑﻘوﻟﮫ ﺣﺗﻰ ﺗﻌﺎﯾن اﻟﺣﺟﺔ‪ ،‬ﻷن ﻗوﻟﮫ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﻐﻠط واﻟﺧطﺄ‬
‫واﻟﺗدارك ﻏﯾر ﻣﻣﻛن‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذه اﻟرواﯾﺔ ﻻ ﯾﻘﺑل ﻛﺗﺎﺑﮫ‪ .‬واﺳﺗﺣﺳن اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ ھذه اﻟرواﯾﺔ ﻟﻔﺳﺎد ﺣﺎل أﻛﺛر اﻟﻘﺿﺎة‬
‫ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻧﺎ إﻻ ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ إﻟﯾﮫ‪ .‬وﺟﮫ ظﺎھر اﻟرواﯾﺔ أﻧﮫ أﺧﺑر ﻋن أﻣر ﯾﻣﻠك إﻧﺷﺎءه ﻓﯾﻘﺑل ﻟﺧﻠوه ﻋن‬
‫اﻟﺗﮭﻣﺔ‪ ،‬وﻷن طﺎﻋﺔ أوﻟﻲ اﻷﻣر واﺟﺑﺔ‪ ،‬وﻓﻲ ﺗﺻدﯾﻘﮫ طﺎﻋﺔ‪ .‬وﻗﺎل اﻹﻣﺎم أﺑو ﻣﻧﺻور رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬إن ﻛﺎن ﻋدﻻ‬
‫ﻋﺎﻟﻣﺎ ﯾﻘﺑل ﻗوﻟﮫ ﻻﻧﻌدام ﺗﮭﻣﺔ اﻟﺧطﺈ واﻟﺧﯾﺎﻧﺔ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻋدﻻ ﺟﺎھﻼ ﯾﺳﺗﻔﺳر‪ ،‬ﻓﺈن أﺣﺳن اﻟﺗﻔﺳﯾر وﺟب ﺗﺻدﯾﻘﮫ‬
‫وإﻻ ﻓﻼ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﺟﺎھﻼ ﻓﺎﺳﻘﺎ أو ﻋﺎﻟﻣﺎ ﻓﺎﺳﻘﺎ ﻻ ﯾﻘﺑل إﻻ أن ﯾﻌﺎﯾن ﺳﺑب اﻟﺣﻛم ﻟﺗﮭﻣﺔ اﻟﺧطﺈ واﻟﺧﯾﺎﻧﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻋزل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻘﺎل ﻟرﺟل أﺧذت ﻣﻧك أﻟﻔﺎ ودﻓﻌﺗﮭﺎ إﻟﻰ ﻓﻼن ﻗﺿﯾت ﺑﮭﺎ‬

‫ﻋﻠﯾك ﻓﻘﺎل اﻟرﺟل أﺧذﺗﮭﺎ ظﻠﻣﺎ ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ ،‬وﻛذا ﻟو ﻗﺎل ﻗﺿﯾت ﺑﻘطﻊ ﯾدك‬ ‫ص ‪-115-‬‬
‫ﻓﻲ ﺣق‪ ،‬ھذا إذا ﻛﺎن اﻟذي ﻗطﻌت ﯾده واﻟذي أﺧذ ﻣﻧﮫ اﻟﻣﺎل ﻣﻘرﯾن أﻧﮫ ﻓﻌل ذﻟك وھو ﻗﺎض" ووﺟﮭﮫ أﻧﮭﻣﺎ ﻟﻣﺎ‬
‫ﺗواﻓﻘﺎ أﻧﮫ ﻓﻌل ذﻟك ﻓﻲ ﻗﺿﺎﺋﮫ ﻛﺎن اﻟظﺎھر ﺷﺎھدا ﻟﮫ‪ .‬إذ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﺟور ظﺎھرا "وﻻ ﯾﻣﯾن ﻋﻠﯾﮫ" ﻷﻧﮫ‬
‫ﺛﺑت ﻓﻌﻠﮫ ﻓﻲ ﻗﺿﺎﺋﮫ ﺑﺎﻟﺗﺻﺎدق وﻻ ﯾﻣﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ‪.‬‬
‫"وﻟو أﻗر اﻟﻘﺎطﻊ واﻵﺧذ ﺑﻣﺎ أﻗر ﺑﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﺿﻣن أﯾﺿﺎ" ﻷﻧﮫ ﻓﻌﻠﮫ ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﻘﺿﺎء ودﻓﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺻﺣﯾﺢ‬
‫ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﻌﺎﯾﻧﺎ‪.‬‬
‫"وﻟو زﻋم اﻟﻣﻘطوع ﯾده أو اﻟﻣﺄﺧوذ ﻣﺎﻟﮫ أﻧﮫ ﻓﻌل ﻗﺑل اﻟﺗﻘﻠﯾد أو ﺑﻌد اﻟﻌزل ﻓﺎﻟﻘول ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أﯾﺿﺎ" ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ‬
‫ﻷﻧﮫ أﺳﻧد ﻓﻌﻠﮫ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻌﮭودة ﻣﻧﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﺿﻣﺎن ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﻗﺎل طﻠﻘت أو أﻋﺗﻘت وأﻧﺎ ﻣﺟﻧون واﻟﺟﻧون ﻣﻧﮫ‬
‫ﻛﺎن ﻣﻌﮭودا‪.‬‬
‫"وﻟو أﻗر اﻟﻘﺎطﻊ أو اﻵﺧذ ﻓﻲ ھذا اﻟﻔﺻل ﺑﻣﺎ أﻗر ﺑﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺿﻣﺎن" ﻷﻧﮭﻣﺎ أﻗرا ﺑﺳﺑب اﻟﺿﻣﺎن‪ ،‬وﻗول‬
‫اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻘﺑول ﻓﻲ دﻓﻊ اﻟﺿﻣﺎن ﻋن ﻧﻔﺳﮫ ﻻ ﻓﻲ إﺑطﺎل ﺳﺑب اﻟﺿﻣﺎن ﻋﻠﻰ ﻏﯾره‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻷول ﻷﻧﮫ ﺛﺑت ﻓﻌﻠﮫ‬
‫ﻓﻲ ﻗﺿﺎﺋﮫ ﺑﺎﻟﺗﺻﺎدق "وﻟو ﻛﺎن اﻟﻣﺎل ﻓﻲ ﯾد اﻵﺧذ ﻗﺎﺋﻣﺎ وﻗد أﻗر ﺑﻣﺎ أﻗر ﺑﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ واﻟﻣﺄﺧوذ ﻣﻧﮫ اﻟﻣﺎل ﺻدق‬
‫اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ أﻧﮫ ﻓﻌﻠﮫ ﻓﻲ ﻗﺿﺎﺋﮫ أو ادﻋﻰ أﻧﮫ ﻓﻌﻠﮫ ﻓﻲ ﻏﯾر ﻗﺿﺎﺋﮫ ﯾؤﺧذ ﻣﻧﮫ" ﻷﻧﮫ أﻗر أن اﻟﯾد ﻛﺎﻧت ﻟﮫ ﻓﻼ‬
‫ﯾﺻدق ﻓﻲ دﻋوى ﺗﻣﻠﻛﮫ إﻻ ﺑﺣﺟﺔ‪ ،‬وﻗول اﻟﻣﻌزول ﻓﯾﮫ ﻟﯾس ﺑﺣﺟﺔ‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻟﺷﮭﺎدات‬ ‫ص ‪-116-‬‬


‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬ﯾ}َﺄ ْب َ اﻟﺷ ﱡ ﮭ َد َ اء ُ إ ِذ َ ا‬
‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟﺷﮭﺎدة ﻓرض ﺗﻠزم اﻟﺷﮭود وﻻ ﯾﺳﻌﮭم ﻛﺗﻣﺎﻧﮭﺎ إذا طﺎﻟﺑﮭم اﻟﻣدﻋﻲ" ﻟﻘوﻟﮫ و َ ﻻ َ‬
‫اﻟﺷ ﱠ ﮭ َﺎد َة َ و َ ﻣ َن ْ ﯾ َﻛ ْ ﺗ ُﻣ ْ ﮭ َﺎ ﻓ َ ﺈ ِﻧ ﱠ ﮫ ُ آﺛِم ٌ ﻗ َﻠ ْ ﺑ ُ ﮫ ُ { ]اﻟﺑﻘرة‪ [283:‬وإﻧﻣﺎ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪} :‬‬
‫وﻗوﻟﮫَﻛ ْ ﺗ ُ ﻣ ُوا‬
‫ﻣ َﺎ د ُ ﻋ ُوا{ ]اﻟﺑﻘرة‪282:‬و[ َ ﻻ َ ﺗ‬
‫ﯾﺷﺗرط طﻠب اﻟﻣدﻋﻲ ﻷﻧﮭﺎ ﺣﻘﮫ ﻓﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ طﻠﺑﮫ ﻛﺳﺎﺋر اﻟﺣﻘوق‪.‬‬
‫"واﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻲ اﻟﺣدود ﯾﺧﯾر ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺷﺎھد ﺑﯾن اﻟﺳﺗر واﻹظﮭﺎر" ﻷﻧﮫ ﺑﯾن ﺣﺳﺑﺗﯾن إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺣد واﻟﺗوﻗﻲ ﻋن اﻟﮭﺗك‬
‫"واﻟﺳﺗر أﻓﺿل" ﻟﻘوﻟﮫ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻟﻠذي ﺷﮭد ﻋﻧده "ﻟو ﺳﺗرﺗﮫ ﺑﺛوﺑك ﻟﻛﺎن ﺧﯾرا ﻟك" وﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم "ﻣن ﺳﺗر ﻋﻠﻰ ﻣﺳﻠم ﺳﺗر ﷲ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ واﻵﺧرة" وﻓﯾﻣﺎ ﻧﻘل ﻣن ﺗﻠﻘﯾن اﻟدرء ﻋن اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم وأﺻﺣﺎﺑﮫ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭم دﻻﻟﺔ ظﺎھرة ﻋﻠﻰ أﻓﺿﻠﯾﺔ اﻟﺳﺗر "إﻻ أﻧﮫ ﯾﺟب أن ﯾﺷﮭد ﺑﺎﻟﻣﺎل ﻓﻲ‬
‫اﻟﺳرﻗﺔ ﻓﯾﻘول‪ :‬أﺧذ" إﺣﯾﺎء ﻟﺣق اﻟﻣﺳروق ﻣﻧﮫ "وﻻ ﯾﻘول ﺳرق" ﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺗر‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻟو ظﮭرت اﻟﺳرﻗﺔ‬
‫ﻟوﺟب اﻟﻘطﻊ واﻟﺿﻣﺎن ﻻ ﯾﺟﺎﻣﻊ اﻟﻘطﻊ ﻓﻼ ﯾﺣﺻل إﺣﯾﺎء ﺣﻘﮫ‪.‬‬
‫"واﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ ﻣراﺗب‪ :‬ﻣﻧﮭﺎ اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻲ اﻟزﻧﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻓﯾﮭﺎ أرﺑﻌﺔ ﻣن اﻟرﺟﺎل" ﻟﻘوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰو َ‪} :‬اﻟﻼ ﱠﺗِﻲ ﯾ َﺄ ْ ﺗِﯾن َ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬ﯾ َﺄ} ْﺗ ُوا ﺑ ِﺄ َر ْ ﺑ َﻌ َ ﺔِ ﺷ ُ ﮭ َد َ اء َ {‬
‫وﻟﻘوﻟﮫُم ﱠ ﻟ َم ْ‬
‫ﺛ‬ ‫ﻋ َ ﻠَﺷ َْﯾ ْﮭ ِن ﱠ أ َر ْ ﺑ َﻌ َ ﺔ ً ﻣ ِﻧ ْ ﻛ ُم ْ { ]اﻟﻧﺳﺎء‪[15:‬‬
‫َﺎﺳ ْ ﺗ‬
‫اﻟ ْﻔ َ ﺎﺣ ِﺷ َﺔ َ ﻣ ِن ْ ﻧِﺳ َ ﺎﺋِﻛ ُم ْﮭ ِ ﻓد ُوا‬
‫]اﻟﻧور‪" [4:‬وﻻ ﺗﻘﺑل ﻓﯾﮭﺎ ﺷﮭﺎدة اﻟﻧﺳﺎء" ﻟﺣدﯾث اﻟزھري رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬ﻣﺿت اﻟﺳﻧﺔ ﻣن ﻟدن رﺳول ﷲ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم واﻟﺧﻠﯾﻔﺗﯾن ﻣن ﺑﻌده أن ﻻ ﺷﮭﺎدة ﻟﻠﻧﺳﺎء ﻓﻲ اﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص‪ ،‬وﻷن ﻓﯾﮭﺎ ﺷﺑﮭﺔ اﻟﺑدﻟﯾﺔ‬
‫ﻟﻘﯾﺎﻣﮭﺎ ﻣﻘﺎم ﺷﮭﺎدة اﻟرﺟﺎل ﻓﻼ ﺗﻘﺑل ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻧدرئ ﺑﺎﻟﺷﺑﮭﺎت "وﻣﻧﮭﺎ اﻟﺷﮭﺎدة ﺑﺑﻘﯾﺔ اﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص ﺗﻘﺑل ﻓﯾﮭﺎ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰﮭ‪ ِ :‬د}ُوا ﺷ َﮭ ِ ﯾد َﯾ ْن ِ ﻣ ِن ْ ر ِ ﺟ َ ﺎﻟِﻛ ُم ْ { ]اﻟﺑﻘرة‪" [282:‬وﻻ ﺗﻘﺑل ﻓﯾﮭﺎ ﺷﮭﺎدة اﻟﻧﺳﺎء"‬
‫اﺳ ْ ﺗ َﺷ ْ‬
‫ﻟﻘوﻟﮫ‬
‫ﺷﮭﺎدة رﺟﻠﯾن" و َ‬
‫ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣﺎ ﺳوى ذﻟك ﻣن اﻟﺣﻘوق ﯾﻘﺑل ﻓﯾﮭﺎ ﺷﮭﺎدة رﺟﻠﯾن أو رﺟل واﻣرأﺗﯾن ﺳواء ﻛﺎن اﻟﺣق ﻣﺎﻻ أو ﻏﯾر‬
‫ﻣﺎل" ﻣﺛل‪ :‬اﻟﻧﻛﺎح واﻟطﻼق واﻟﻌﺗﺎق واﻟﻌدة واﻟﺣواﻟﺔ واﻟوﻗف واﻟﺻﻠﺢ "واﻟوﻛﺎﻟﺔ واﻟوﺻﯾﺔ" واﻟﮭﺑﺔ واﻹﻗرار‬
‫واﻹﺑراء واﻟوﻟد واﻟوﻻد واﻟﻧﺳب‬
‫وﻧﺣو ذﻟك‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة اﻟﻧﺳﺎء ﻣﻊ اﻟرﺟﺎل إﻻ ﻓﻲ اﻷﻣوال‬ ‫ص ‪-117-‬‬
‫وﺗواﺑﻌﮭﺎ ﻷن اﻷﺻل ﻓﯾﮭﺎ ﻋدم اﻟﻘﺑول ﻟﻧﻘﺻﺎن اﻟﻌﻘل واﺧﺗﻼل اﻟﺿﺑط وﻗﺻور اﻟوﻻﯾﺔ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺻﻠﺢ ﻟﻺﻣﺎرة‬
‫وﻟﮭذا ﻻ ﺗﻘﺑل ﻓﻲ اﻟﺣدود‪ ،‬وﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة اﻷرﺑﻊ ﻣﻧﮭن وﺣدھن إﻻ أﻧﮭﺎ ﻗﺑﻠت ﻓﻲ اﻷﻣوال ﺿرورة‪ ،‬واﻟﻧﻛﺎح‬
‫أﻋظم ﺧطرا وأﻗل وﻗوﻋﺎ ﻓﻼ ﯾﻠﺣق ﺑﻣﺎ ھو أدﻧﻰ ﺧطرا وأﻛﺛر وﺟودا‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻷﺻل ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻘﺑول ﻟوﺟود ﻣﺎ‬
‫ﯾﺑﺗﻧﻰ ﻋﻠﯾﮫ أھﻠﯾﺔ اﻟﺷﮭﺎدة وھو اﻟﻣﺷﺎھدة واﻟﺿﺑط واﻷداء‪ ،‬إذ ﺑﺎﻷول ﯾﺣﺻل اﻟﻌﻠم ﻟﻠﺷﺎھد‪ ،‬وﺑﺎﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾﺑﻘﻰ‪،‬‬
‫وﺑﺎﻟﺛﺎﻟث ﯾﺣﺻل اﻟﻌﻠم ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ وﻟﮭذا ﯾﻘﺑل إﺧﺑﺎرھﺎ ﻓﻲ اﻷﺧﺑﺎر‪ ،‬وﻧﻘﺻﺎن اﻟﺿﺑط ﺑزﯾﺎدة اﻟﻧﺳﯾﺎن اﻧﺟﺑر ﺑﺿم‬
‫اﻷﺧرى إﻟﯾﮭﺎ ﻓﻠم ﯾﺑق ﺑﻌد ذﻟك إﻻ اﻟﺷﺑﮭﺔ ﻓﻠﮭذا ﻻ ﺗﻘﺑل ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻧدرئ ﺑﺎﻟﺷﺑﮭﺎت‪ ،‬وھذه اﻟﺣﻘوق ﺗﺛﺑت ﻣﻊ اﻟﺷﺑﮭﺎت‬
‫وﻋدم ﻗﺑول اﻷرﺑﻊ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻘﯾﺎس ﻛﻲ ﻻ ﯾﻛﺛر ﺧروﺟﮭن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﻘﺑل ﻓﻲ اﻟوﻻدة واﻟﺑﻛﺎرة واﻟﻌﯾوب ﺑﺎﻟﻧﺳﺎء ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ ﻻ ﯾطﻠﻊ ﻋﻠﯾﮫ اﻟرﺟﺎل ﺷﮭﺎدة اﻣرأة واﺣدة" ﻟﻘوﻟﮫ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﺷﮭﺎدة اﻟﻧﺳﺎء ﺟﺎﺋزة ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟرﺟﺎل اﻟﻧظر إﻟﯾﮫ" واﻟﺟﻣﻊ اﻟﻣﺣﻠﻰ ﺑﺎﻷﻟف واﻟﻼم‬
‫ﯾراد ﺑﮫ اﻟﺟﻧس ﻓﯾﺗﻧﺎول اﻷﻗل‪ .‬وھو ﺣﺟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﻲ اﺷﺗراط اﻷرﺑﻊ‪ ،‬وﻷﻧﮫ إﻧﻣﺎ ﺳﻘطت اﻟذﻛورة‬
‫ﻟﯾﺧف اﻟﻧظر ﻷن ﻧظر اﻟﺟﻧس إﻟﻰ اﻟﺟﻧس أﺧف ﻓﻛذا ﯾﺳﻘط اﻋﺗﺑﺎر اﻟﻌدد إﻻ أن اﻟﻣﺛﻧﻰ واﻟﺛﻼث أﺣوط ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن‬
‫ﻣﻌﻧﻰ اﻹﻟزام "ﺛم ﺣﻛﻣﮭﺎ ﻓﻲ اﻟوﻻدة ﺷرﺣﻧﺎه ﻓﻲ اﻟطﻼق"‬
‫وأﻣﺎ ﺣﻛم اﻟﺑﻛﺎرة ﻓﺈن ﺷﮭدن أﻧﮭﺎ ﺑﻛر ﯾؤﺟل ﻓﻲ اﻟﻌﻧﯾن ﺳﻧﺔ وﯾﻔرق ﺑﻌدھﺎ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺄﯾدت ﺑﻣؤﯾد إذ اﻟﺑﻛﺎرة أﺻل‪،‬‬
‫وﻛذا ﻓﻲ رد اﻟﻣﺑﯾﻌﺔ إذا اﺷﺗراھﺎ ﺑﺷرط اﻟﺑﻛﺎرة‪ ،‬ﻓﺈن ﻗﻠن إﻧﮭﺎ ﺛﯾب ﯾﺣﻠف اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻟﯾﻧﺿم ﻧﻛوﻟﮫ إﻟﻰ ﻗوﻟﮭن واﻟﻌﯾب‬
‫ﯾﺛﺑت ﺑﻘوﻟﮭن ﻓﯾﺣﻠف اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬وأﻣﺎ ﺷﮭﺎدﺗﮭن ﻋﻠﻰ اﺳﺗﮭﻼل اﻟﺻﺑﻲ ﻻ ﺗﻘﺑل ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﻲ ﺣق اﻹرث‬
‫ﻷﻧﮫ ﻣﻣﺎ ﯾطﻠﻊ ﻋﻠﯾﮫ اﻟرﺟﺎل إﻻ ﻓﻲ ﺣق اﻟﺻﻼة ﻷﻧﮭﺎ ﻣن أﻣور اﻟدﯾن‪ .‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﺗﻘﺑل ﻓﻲ ﺣق اﻹرث أﯾﺿﺎ ﻷﻧﮫ‬
‫ﺻوت ﻋﻧد اﻟوﻻدة وﻻ ﯾﺣﺿرھﺎ اﻟرﺟﺎل ﻋﺎدة ﻓﺻﺎر ﻛﺷﮭﺎدﺗﮭن ﻋﻠﻰ ﻧﻔس اﻟوﻻدة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺑد ﻓﻲ ذﻟك ﻛﻠﮫ ﻣن اﻟﻌداﻟﺔ وﻟﻔظﺔ اﻟﺷﮭﺎدة‪ ،‬ﻓﺈن ﻟم ﯾذﻛر اﻟﺷﺎھد ﻟﻔظﺔ اﻟﺷﮭﺎدة وﻗﺎل أﻋﻠم أو أﺗﯾﻘن ﻟم‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰﺗ‪َ:‬ر}ْ ﺿ َو ْ ن َ ﻣ ِن ْ اﻟﺷ ﱡ ﮭ َ د َاء ِ { ]اﻟﺑﻘرة‪ [282:‬وﻟﻘوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰو َ‪ :‬أ}َﺷ ْﮭ ِ د ُوا‬
‫ﻓﻠﻘوﻟﮫِﻣ ﱠن ْ‬
‫ﻣ‬ ‫ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدﺗﮫ" أﻣﺎ اﻟﻌداﻟﺔ‬
‫ذ َ و َ ي ْ ﻋ َ د ْ ل ٍ ﻣ ِﻧ ْﻛ ُم ْ { ]اﻟطﻼق‪ [2 :‬وﻷن اﻟﻌداﻟﺔ ھﻲ اﻟﻣﻌﯾﻧﺔ ﻟﻠﺻدق‪ ،‬ﻷن ﻣن ﯾﺗﻌﺎطﻰ ﻏﯾر اﻟﻛذب ﻗد ﯾﺗﻌﺎطﺎه‪ .‬وﻋن‬
‫أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أن اﻟﻔﺎﺳق إذا ﻛﺎن وﺟﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﺎس ذا ﻣروءة ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺳﺗﺄﺟر ﻟوﺟﺎھﺗﮫ وﯾﻣﺗﻧﻊ‬
‫ﻋن اﻟﻛذب ﻟﻣروءﺗﮫ‪ ،‬واﻷول أﺻﺢ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟو ﻗﺿﻰ ﺑﺷﮭﺎدة اﻟﻔﺎﺳق ﯾﺻﺢ ﻋﻧدﻧﺎ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ‬
‫ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺻﺢ‪ ،‬واﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣﻌروﻓﺔ‪.‬‬
‫وأﻣﺎ ﻟﻔظﺔ اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻸن اﻟﻧﺻوص ﻧطﻘت ﺑﺎﺷﺗراطﮭﺎ إذ اﻷﻣر ﻓﯾﮭﺎ ﺑﮭذه اﻟﻠﻔظﺔ‪ ،‬وﻷن‬ ‫ص ‪-118-‬‬
‫ﻓﯾﮭﺎ زﯾﺎدة ﺗوﺣﯾد‪ ،‬ﻓﺈن ﻗوﻟﮫ أﺷﮭد ﻣن أﻟﻔﺎظ اﻟﯾﻣﯾن ﻛﻘوﻟﮫ أﺷﮭد ﺑﺎ ﻓﻛﺎن اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن اﻟﻛذب ﺑﮭذه اﻟﻠﻔظﺔ أﺷد‪.‬‬
‫وﻗوﻟﮫ ﻓﻲ ذﻟك ﻛﻠﮫ إﺷﺎرة إﻟﻰ ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ ﺗﻘدم ﺣﺗﻰ ﯾﺷﺗرط اﻟﻌداﻟﺔ‪ ،‬وﻟﻔظﺔ اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻲ ﺷﮭﺎدة اﻟﻧﺳﺎء ﻓﻲ اﻟوﻻدة‬
‫وﻏﯾرھﺎ ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻷﻧﮭﺎ ﺷﮭﺎدة ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن ﻣﻌﻧﻰ اﻹﻟزام ﺣﺗﻰ اﺧﺗص ﺑﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء وﻟﮭذا ﯾﺷﺗرط ﻓﯾﮫ اﻟﺣرﯾﺔ‬
‫واﻹﺳﻼم‪.‬‬
‫"ﻗﺎل أﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﻘﺗﺻر اﻟﺣﺎﻛم ﻋﻠﻰ ظﺎھر اﻟﻌداﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﻠم وﻻ ﯾﺳﺄل ﻋن ﺣﺎل اﻟﺷﮭود ﺣﺗﻰ ﯾطﻌن‬
‫اﻟﺧﺻم" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬اﻟﻣﺳﻠﻣون ﻋدول ﺑﻌﺿﮭم ﻋﻠﻰ ﺑﻌض‪ ،‬إﻻ ﻣﺣدودا ﻓﻲ ﻗذف" وﻣﺛل ذﻟك‬
‫ﻣروي ﻋن ﻋﻣر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ ،‬وﻷن اﻟظﺎھر ھو اﻻﻧزﺟﺎر ﻋﻣﺎ ھو ﻣﺣرم دﯾﻧﮫ‪ ،‬وﺑﺎﻟظﺎھر ﻛﻔﺎﯾﺔ إذ ﻻ وﺻول‬
‫إﻟﻰ اﻟﻘطﻊ‪" .‬إﻻ ﻓﻲ اﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺳﺄل ﻋن اﻟﺷﮭود" ﻷﻧﮫ ﯾﺣﺗﺎل ﻹﺳﻘﺎطﮭﺎ ﻓﯾﺷﺗرط اﻻﺳﺗﻘﺻﺎء ﻓﯾﮭﺎ‪،‬‬
‫وﻷن اﻟﺷﺑﮭﺔ ﻓﯾﮭﺎ دارﺋﺔ‪ ،‬وإن طﻌن اﻟﺧﺻم ﻓﯾﮭم ﺳﺄل ﻋﻧﮭم ﻷﻧﮫ ﺗﻘﺎﺑل اﻟظﺎھران ﻓﯾﺳﺄل طﻠﺑﺎ ﻟﻠﺗرﺟﯾﺢ "وﻗﺎل أﺑو‬
‫ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ :‬ﻻ ﺑد أن ﯾﺳﺄل ﻋﻧﮭم ﻓﻲ اﻟﺳر واﻟﻌﻼﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺳﺎﺋر اﻟﺣﻘوق" ﻷن اﻟﻘﺿﺎء ﻣﺑﻧﺎه ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺣﺟﺔ وھﻲ ﺷﮭﺎدة اﻟﻌدول ﻓﯾﺗﻌرف ﻋن اﻟﻌداﻟﺔ‪ ،‬وﻓﯾﮫ ﺻون ﻗﺿﺎﺋﮫ ﻋن اﻟﺑطﻼن‪ .‬وﻗﯾل ھذا اﺧﺗﻼف ﻋﺻر‬
‫وزﻣﺎن واﻟﻔﺗوى ﻋﻠﻰ ﻗوﻟﮭﻣﺎ ﻓﻲ ھذا اﻟزﻣﺎن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﺛم اﻟﺗزﻛﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳر أن ﯾﺑﻌث اﻟﻣﺳﺗورة إﻟﻰ اﻟﻣﻌدل ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻧﺳب واﻟﺣﻠﻲ واﻟﻣﺻﻠﻰ وﯾردھﺎ اﻟﻣﻌدل" ﻛل‬
‫ذﻟك ﻓﻲ اﻟﺳر ﻛﻲ ﻻ ﯾظﮭر ﻓﯾﺧدع أو ﯾﻘﺻد "وﻓﻲ اﻟﻌﻼﻧﯾﺔ ﻻ ﺑد أن ﯾﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﻣﻌدل واﻟﺷﺎھد" ﻟﺗﻧﺗﻔﻲ ﺷﺑﮭﺔ‬
‫ﺗﻌدﯾل ﻏﯾره‪ ،‬وﻗد ﻛﺎﻧت اﻟﻌﻼﻧﯾﺔ وﺣدھﺎ ﻓﻲ اﻟﺻدر اﻷول‪ ،‬ووﻗﻊ اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﺎﻟﺳر ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻧﺎ ﺗﺣرزا ﻋن اﻟﻔﺗﻧﺔ‪.‬‬
‫وﯾروى ﻋن ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﺗزﻛﯾﺔ اﻟﻌﻼﻧﯾﺔ ﺑﻼء وﻓﺗﻧﺔ‪ .‬ﺛم ﻗﯾل‪ :‬ﻻ ﺑد أن ﯾﻘول اﻟﻣﻌدل ھو ﻋدل ﺟﺎﺋز اﻟﺷﮭﺎدة‬
‫ﻷن اﻟﻌﺑد ﻗد ﯾﻌدل‪ ،‬وﻗﯾل ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﻘوﻟﮫ ھو ﻋدل ﻷن اﻟﺣرﯾﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ ﺑﺎﻟدار وھذا أﺻﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وﻓﻲ ﻗول ﻣن رأى أن ﯾﺳﺄل ﻋن اﻟﺷﮭود ﻟم ﯾﻘﺑل ﻗول اﻟﺧﺻم إﻧﮫ ﻋدل" ﻣﻌﻧﺎه ﻗول اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ وﻋن‬
‫أﺑﻲ ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ أﻧﮫ ﯾﺟوز ﺗزﻛﯾﺗﮫ‪ ،‬ﻟﻛن ﻋﻧد ﻣﺣﻣد ﯾﺿم ﺗزﻛﯾﺔ اﻵﺧر إﻟﻰ ﺗزﻛﯾﺗﮫ ﻷن اﻟﻌدد ﻋﻧده‬
‫ﺷرط‪ .‬ووﺟﮫ اﻟظﺎھر أن ﻓﻲ زﻋم اﻟﻣدﻋﻲ وﺷﮭوده أن اﻟﺧﺻم ﻛﺎذب ﻓﻲ إﻧﻛﺎره ﻣﺑطل ﻓﻲ إﺻراره ﻓﻼ ﯾﺻﻠﺢ‬
‫ﻣﻌدﻻ‪ ،‬وﻣوﺿوع اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ إذا ﻗﺎل ھم ﻋدول إﻻ أﻧﮭم أﺧطﺋوا أو ﻧﺳوا‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻗﺎل ﺻدﻗوا أو ھم ﻋدول ﺻدﻗﺔ ﻓﻘد‬
‫اﻋﺗرف ﺑﺎﻟﺣق‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن رﺳول اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﯾﺳﺄل ﻋن اﻟﺷﮭود واﺣدا ﺟﺎز واﻻﺛﻧﺎن أﻓﺿل"‬ ‫ص ‪-119-‬‬
‫وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز إﻻ اﺛﻧﺎن‪ ،‬واﻟﻣراد ﻣﻧﮫ اﻟﻣزﻛﻲ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا‬
‫اﻟﺧﻼف رﺳول اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣزﻛﻲ واﻟﻣﺗرﺟم ﻋن اﻟﺷﺎھد ﻟﮫ أن اﻟﺗزﻛﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺷﮭﺎدة ﻷن وﻻﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎء‬
‫ﺗﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ ظﮭور اﻟﻌداﻟﺔ وھو ﺑﺎﻟﺗزﻛﯾﺔ ﻓﯾﺷﺗرط ﻓﯾﮫ اﻟﻌدد ﻛﻣﺎ ﺗﺷﺗرط اﻟﻌداﻟﺔ ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﺗﺷﺗرط اﻟذﻛورة ﻓﻲ اﻟﻣزﻛﻲ‬
‫واﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﻟﯾس ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺷﮭﺎدة وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺷﺗرط ﻓﯾﮫ ﻟﻔظﺔ اﻟﺷﮭﺎدة وﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء‪،‬‬
‫واﺷﺗراط اﻟﻌدد أﻣر ﺣﻛﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻼ ﯾﺗﻌداھﺎ "وﻻ ﯾﺷﺗرط أھﻠﯾﺔ اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻲ اﻟﻣزﻛﻲ ﻓﻲ ﺗزﻛﯾﺔ اﻟﺳر"‬
‫ﺣﺗﻰ ﺻﻠﺢ اﻟﻌﺑد ﻣزﻛﯾﺎ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ ﻓﻲ ﺗزﻛﯾﺔ اﻟﻌﻼﻧﯾﺔ ﻓﮭو ﺷرط‪ ،‬وﻛذا اﻟﻌدد ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻟﺧﺻﺎف رﺣﻣﮫ ﷲ‬
‫ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﮭﺎ ﺑﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء‪ .‬ﻗﺎﻟوا‪ :‬ﯾﺷﺗرط اﻷرﺑﻌﺔ ﻓﻲ ﺗزﻛﯾﺔ ﺷﮭود اﻟزﻧﺎ ﻋﻧد ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬وﻣﺎ ﯾﺗﺣﻣﻠﮫ اﻟﺷﺎھد ﻋﻠﻰ ﺿرﺑﯾن‪:‬‬


‫أﺣدھﻣﺎ‪ :‬ﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﺣﻛﻣﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻣﺛل اﻟﺑﯾﻊ واﻹﻗرار واﻟﻐﺻب واﻟﻘﺗل وﺣﻛم اﻟﺣﺎﻛم‪ ،‬ﻓﺈذا ﺳﻣﻊ ذﻟك اﻟﺷﺎھد أو رآه‬
‫وﺳﻌﮫ أن ﯾﺷﮭد ﺑﮫ وإن ﻟم ﯾﺷﮭد ﻋﻠﯾﮫ" ﻷﻧﮫ ﻋﻠم ﻣﺎ ھو اﻟﻣوﺟب ﺑﻧﻔﺳﮫ وھو اﻟرﻛن ﻓﻲ إطﻼق اﻷداء‪ .‬ﻗﺎل ﷲ‬
‫ﺷ َﮭ} ِ د َ ﺑ ِﺎﻟ ْﺣ َ ق ﱢ و َ ھ ُم ْ ﯾ َﻌ ْ ﻠ َ ﻣ ُون َ { ]اﻟزﺧرف‪ [86:‬وﻗﺎل اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬إذا ﻋﻠﻣت ﻣﺛل‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬
‫إ ِﻻ ﱠ ﻣ َن ْ‬
‫اﻟﺷﻣس ﻓﺎﺷﮭد وإﻻ ﻓدع"‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وﯾﻘول أﺷﮭد أﻧﮫ ﺑﺎع وﻻ ﯾﻘول أﺷﮭدﻧﻲ" ﻷﻧﮫ ﻛذب‪" ،‬وﻟو ﺳﻣﻊ ﻣن وراء اﻟﺣﺟﺎب ﻻ ﯾﺟوز ﻟﮫ أن‬
‫ﯾﺷﮭد‪ ،‬وﻟو ﻓﺳر ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﻘﺑﻠﮫ" ﻷن اﻟﻧﻐﻣﺔ ﺗﺷﺑﮫ اﻟﻧﻐﻣﺔ ﻓﻠم ﯾﺣﺻل اﻟﻌﻠم "إﻻ إذا ﻛﺎن دﺧل اﻟﺑﯾت وﻋﻠم أﻧﮫ‬
‫ﻟﯾس ﻓﯾﮫ أﺣد ﺳواه ﺛم ﺟﻠس ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎب وﻟﯾس ﻓﻲ اﻟﺑﯾت ﻣﺳﻠك ﻏﯾره ﻓﺳﻣﻊ إﻗرار اﻟداﺧل وﻻ ﯾراه ﻟﮫ أن‬
‫ﯾﺷﮭد" ﻷﻧﮫ ﺣﺻل اﻟﻌﻠم ﻓﻲ ھذه اﻟﺻورة‪" .‬وﻣﻧﮫ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟﺣﻛم ﻓﯾﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻣﺛل اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺷﮭﺎدة‪ ،‬ﻓﺈذا‬
‫ﺳﻣﻊ ﺷﺎھدا ﯾﺷﮭد ﺑﺷﻲء ﻟم ﯾﺟز ﻟﮫ أن ﯾﺷﮭد ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدﺗﮫ إﻻ أن ﯾﺷﮭد ﻋﻠﯾﮭﺎ" ﻷن اﻟﺷﮭﺎدة ﻏﯾر ﻣوﺟﺑﺔ‬
‫ﺑﻧﻔﺳﮭﺎ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﺗﺻﯾر ﻣوﺟﺑﺔ ﺑﺎﻟﻧﻘل إﻟﻰ ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻹﻧﺎﺑﺔ واﻟﺗﺣﻣﯾل وﻟم ﯾوﺟد "وﻛذا ﻟو ﺳﻣﻌﮫ‬
‫ﯾﺷﮭد اﻟﺷﺎھد ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻟم ﯾﺳﻊ ﻟﻠﺳﺎﻣﻊ أن ﯾﺷﮭد" ﻷﻧﮫ ﻣﺎ ﺣﻣﻠﮫ وإﻧﻣﺎ ﺣﻣل ﻏﯾره‪.‬‬
‫"وﻻ ﯾﺣل ﻟﻠﺷﺎھد إذا رأى ﺧطﮫ أن ﯾﺷﮭد إﻻ أن ﯾﺗذﻛر اﻟﺷﮭﺎدة" ﻷن اﻟﺧط ﯾﺷﺑﮫ اﻟﺧط ﻓﻠم ﯾﺣﺻل اﻟﻌﻠم‪ .‬ﻗﯾل‬
‫ھذا ﻋﻠﻰ ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﯾﺣل ﻟﮫ أن ﯾﺷﮭد‪ .‬وﻗﯾل ھذا ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق‪ ،‬وإﻧﻣﺎ اﻟﺧﻼف ﻓﯾﻣﺎ إذا وﺟد‬
‫اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻓﻲ دﯾواﻧﮫ أو ﻗﺿﯾﺗﮫ‪ ،‬ﻷن ﻣﺎ ﯾﻛون‬

‫ﻓﻲ ﻗﻣطره ﻓﮭو ﺗﺣت ﺧﺗﻣﮫ ﯾؤﻣن ﻋﻠﯾﮫ ﻣن اﻟزﯾﺎدة واﻟﻧﻘﺻﺎن ﻓﺣﺻل ﻟﮫ اﻟﻌﻠم ﺑذﻟك وﻻ‬ ‫ص ‪-120-‬‬
‫ﻛذﻟك اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻲ اﻟﺻك ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﯾد ﻏﯾره‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا إذا ﺗذﻛر اﻟﻣﺟﻠس اﻟذي ﻛﺎن ﻓﯾﮫ اﻟﺷﮭﺎدة أو أﺧﺑره ﻗوم ﻣﻣن‬
‫ﯾﺛق ﺑﮫ أﻧﺎ ﺷﮭدﻧﺎ ﻧﺣن وأﻧت‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﺷﺎھد أن ﯾﺷﮭد ﺑﺷﻲء ﻟم ﯾﻌﺎﯾﻧﮫ إﻻ اﻟﻧﺳب واﻟﻣوت واﻟﻧﻛﺎح واﻟدﺧول ووﻻﯾﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﺈﻧﮫ‬
‫ﯾﺳﻌﮫ أن ﯾﺷﮭد ﺑﮭذه اﻷﺷﯾﺎء إذا أﺧﺑره ﺑﮭﺎ ﻣن ﯾﺛق ﺑﮫ " وھذا اﺳﺗﺣﺳﺎن‪ .‬واﻟﻘﯾﺎس أن ﻻ ﺗﺟوز ﻷن اﻟﺷﮭﺎدة‬
‫ﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن اﻟﻣﺷﺎھدة وذﻟك ﺑﺎﻟﻌﻠم وﻟم ﯾﺣﺻل ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﺑﯾﻊ‪ .‬وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أن ھذه أﻣور ﺗﺧﺗص ﺑﻣﻌﺎﯾﻧﺔ أﺳﺑﺎﺑﮭﺎ‬
‫ﺧواص ﻣن اﻟﻧﺎس‪ ،‬وﯾﺗﻌﻠق ﺑﮭﺎ أﺣﻛﺎم ﺗﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻘرون‪ ،‬ﻓﻠو ﻟم ﺗﻘﺑل ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺷﮭﺎدة ﺑﺎﻟﺗﺳﺎﻣﻊ أدى إﻟﻰ‬
‫اﻟﺣرج وﺗﻌطﯾل اﻷﺣﻛﺎم‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺑﯾﻊ ﻷﻧﮫ ﯾﺳﻣﻌﮫ ﻛل أﺣد‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺟوز ﻟﻠﺷﺎھد أن ﯾﺷﮭد ﺑﺎﻻﺷﺗﮭﺎر وذﻟك‬
‫ﺑﺎﻟﺗواﺗر أو ﺑﺈﺧﺑﺎر ﻣن ﯾﺛق ﺑﮫ ﻛﻣﺎ ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب‪ .‬وﯾﺷﺗرط أن ﯾﺧﺑره رﺟﻼن ﻋدﻻن أو رﺟل واﻣرأﺗﺎن ﻟﯾﺣﺻل‬
‫ﻟﮫ ﻧوع ﻋﻠم‪ .‬وﻗﯾل ﻓﻲ اﻟﻣوت ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﺈﺧﺑﺎر واﺣد أو واﺣدة ﻷﻧﮫ ﻗﻠﻣﺎ ﯾﺷﺎھد ﻏﯾر اﻟواﺣد إذ اﻹﻧﺳﺎن ﯾﮭﺎﺑﮫ وﯾﻛرھﮫ‬
‫ﻓﯾﻛون ﻓﻲ اﺷﺗراط اﻟﻌدد ﺑﻌض اﻟﺣرج‪ ،‬وﻻ ﻛذﻟك اﻟﻧﺳب واﻟﻧﻛﺎح‪ ،‬وﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾطﻠق أداء اﻟﺷﮭﺎدة‪ .‬أﻣﺎ إذا ﻓﺳر‬
‫ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أﻧﮫ ﯾﺷﮭد ﺑﺎﻟﺗﺳﺎﻣﻊ ﻟم ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻛﻣﺎ أن ﻣﻌﺎﯾﻧﺔ اﻟﯾد ﻓﻲ اﻷﻣﻼك ﺗطﻠق اﻟﺷﮭﺎدة‪ ،‬ﺛم إذا ﻓﺳر ﻻ ﺗﻘﺑل ﻛذا‬
‫ھذا‪ .‬وﻟو رأى إﻧﺳﺎﻧﺎ ﺟﻠس ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء ﯾدﺧل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺧﺻوم ﺣل ﻟﮫ أن ﯾﺷﮭد ﻋﻠﻰ ﻛوﻧﮫ ﻗﺎﺿﯾﺎ وﻛذا إذا رأى‬
‫رﺟﻼ واﻣرأة ﯾﺳﻛﻧﺎن ﺑﯾﺗﺎ وﯾﻧﺑﺳط ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ إﻟﻰ اﻵﺧر اﻧﺑﺳﺎط اﻷزواج ﻛﻣﺎ إذا رأى ﻋﯾﻧﺎ ﻓﻲ ﯾد ﻏﯾره‪.‬‬
‫وﻣن ﺷﮭد أﻧﮫ ﺷﮭد دﻓن ﻓﻼن أو ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﺟﻧﺎزﺗﮫ ﻓﮭو ﻣﻌﺎﯾﻧﺔ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﻓﺳر ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻗﺑﻠﮫ ﺛم ﻗﺻر اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻓﻲ‬
‫اﻟﻛﺗﺎب ﻋﻠﻰ ھذه اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺧﻣﺳﺔ ﯾﻧﻔﻲ اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺗﺳﺎﻣﻊ ﻓﻲ اﻟوﻻء واﻟوﻗف‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ آﺧرا أﻧﮫ‬
‫ﯾﺟوز ﻓﻲ اﻟوﻻء ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻧﺳب ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬اﻟوﻻء ﻟﺣﻣﺔ ﻛﻠﺣﻣﺔ اﻟﻧﺳب"‪ .‬وﻋن ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ‬
‫ﷲ أﻧﮫ ﯾﺟوز ﻓﻲ اﻟوﻗف ﻷﻧﮫ ﯾﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻣر اﻷﻋﺻﺎر‪ ،‬إﻻ أﻧﺎ ﻧﻘول اﻟوﻻء ﯾﺑﺗﻧﻰ ﻋﻠﻰ زوال اﻟﻣﻠك وﻻ ﺑد ﻓﯾﮫ ﻣن‬
‫اﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ ﻓﻛذا ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺑﺗﻧﻰ ﻋﻠﯾﮫ‪ .‬وأﻣﺎ اﻟوﻗف ﻓﺎﻟﺻﺣﯾﺢ أﻧﮫ ﺗﻘﺑل اﻟﺷﮭﺎدة ﺑﺎﻟﺗﺳﺎﻣﻊ ﻓﻲ أﺻﻠﮫ دون ﺷراﺋطﮫ‪ ،‬ﻷن‬
‫أﺻﻠﮫ ھو اﻟذي ﯾﺷﺗﮭر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻛﺎن ﻓﻲ ﯾده ﺷﻲء ﺳوى اﻟﻌﺑد واﻷﻣﺔ وﺳﻌك أن ﺗﺷﮭد أﻧﮫ ﻟﮫ" ﻷن اﻟﯾد أﻗﺻﻰ ﻣﺎ ﯾﺳﺗدل ﺑﮫ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣﻠك إذ ھﻲ ﻣرﺟﻊ اﻟدﻻﻟﺔ ﻓﻲ اﻷﺳﺑﺎب ﻛﻠﮭﺎ ﻓﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﮭﺎ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﯾﺷﺗرط ﻣﻊ ذﻟك أن ﯾﻘﻊ‬
‫ﻓﻲ ﻗﻠﺑﮫ أﻧﮫ ﻟﮫ‪ .‬ﻗﺎﻟوا‪ :‬وﯾﺣﺗﻣل أن ﯾﻛون ھذا ﺗﻔﺳﯾرا ﻹطﻼق ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﻲ اﻟرواﯾﺔ ﻓﯾﻛون ﺷرطﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻻﺗﻔﺎق‪.‬‬

‫وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬دﻟﯾل اﻟﻣﻠك اﻟﯾد ﻣﻊ اﻟﺗﺻرف‪ ،‬وﺑﮫ ﻗﺎل ﺑﻌض ﻣﺷﺎﯾﺧﻧﺎ‬ ‫ص ‪-121-‬‬
‫رﺣﻣﮭم ﷲ ﻷن اﻟﯾد ﻣﺗﻧوﻋﺔ إﻟﻰ إﻧﺎﺑﺔ وﻣﻠك‪ .‬ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬واﻟﺗﺻرف ﯾﺗﻧوع أﯾﺿﺎ إﻟﻰ ﻧﯾﺎﺑﺔ وأﺻﺎﻟﺔ‪ .‬ﺛم اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫وﺟوه‪ :‬إن ﻋﺎﯾن اﻟﻣﺎﻟك اﻟﻣﻠك ﺣل ﻟﮫ أن ﯾﺷﮭد‪ ،‬وﻛذا إذا ﻋﺎﯾن اﻟﻣﻠك ﺑﺣدوده دون اﻟﻣﺎﻟك اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ ﻷن اﻟﻧﺳب‬
‫ﯾﺛﺑت ﺑﺎﻟﺗﺳﺎﻣﻊ ﻓﯾﺣﺻل ﻣﻌرﻓﺗﮫ‪ ،‬وإن ﻟم ﯾﻌﺎﯾﻧﮭﺎ أو ﻋﺎﯾن اﻟﻣﺎﻟك دون اﻟﻣﻠك ﻻ ﯾﺣل ﻟﮫ‪.‬‬
‫وأﻣﺎ اﻟﻌﺑد واﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﯾﻌرف أﻧﮭﻣﺎ رﻗﯾﻘﺎن ﻓﻛذﻟك ﻷن اﻟرﻗﯾق ﻻ ﯾﻛون ﻓﻲ ﯾد ﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻻ ﯾﻌرف‬
‫أﻧﮭﻣﺎ رﻗﯾﻘﺎن إﻻ أﻧﮭﻣﺎ ﺻﻐﯾران ﻻ ﯾﻌﺑران ﻋن أﻧﻔﺳﮭﻣﺎ ﻓﻛذﻟك ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾد ﻟﮭﻣﺎ‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧﺎ ﻛﺑﯾرﯾن ﻓذﻟك ﻣﺻرف‬
‫اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻷن ﻟﮭﻣﺎ ﯾدا ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺳﮭﻣﺎ ﻓﯾدﻓﻊ ﯾد اﻟﻐﯾر ﻋﻧﮭﻣﺎ ﻓﺎﻧﻌدم دﻟﯾل اﻟﻣﻠك‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﯾﺣل‬
‫ﻟﮫ أن ﯾﺷﮭد ﻓﯾﮭﻣﺎ أﯾﺿﺎ اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟﺛﯾﺎب‪ ،‬واﻟﻔرق ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬
‫ﺑﺎب ﻣن ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدﺗﮫ وﻣن ﻻ ﺗﻘﺑل‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة اﻷﻋﻣﻰ"‪ .‬وﻗﺎل زﻓر رﺣﻣﮫ ﷲ وھو رواﯾﺔ ﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﺗﻘﺑل ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺟري ﻓﯾﮫ‬
‫اﻟﺗﺳﺎﻣﻊ ﻷن اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻓﯾﮫ إﻟﻰ اﻟﺳﻣﺎع وﻻ ﺧﻠل ﻓﯾﮫ‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ :‬ﯾﺟوز إذا ﻛﺎن ﺑﺻﯾرا‬
‫وﻗت اﻟﺗﺣﻣل ﻟﺣﺻول اﻟﻌﻠم ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ‪ ،‬واﻷداء ﯾﺧﺗص ﺑﺎﻟﻘول وﻟﺳﺎﻧﮫ ﻏﯾر ﻣوف واﻟﺗﻌرﯾف ﯾﺣﺻل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻛﻣﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﻣﯾت‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻷداء ﯾﻔﺗﻘر إﻟﻰ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﺎﻹﺷﺎرة ﺑﯾن اﻟﻣﺷﮭود ﻟﮫ واﻟﻣﺷﮭود ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﻣﯾز‬
‫اﻷﻋﻣﻰ إﻻ ﺑﺎﻟﻧﻐﻣﺔ‪ ،‬وﻓﯾﮫ ﺷﺑﮭﺔ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﺣرز ﻋﻧﮭﺎ ﺑﺟﻧس اﻟﺷﮭود واﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺗﻌرﯾف اﻟﻐﺎﺋب دون اﻟﺣﺎﺿر ﻓﺻﺎر‬
‫ﻛﺎﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص‪ .‬وﻟو ﻋﻣﻲ ﺑﻌد اﻷداء ﯾﻣﺗﻧﻊ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ ،‬ﻷن ﻗﯾﺎم أھﻠﯾﺔ‬
‫اﻟﺷﮭﺎدة ﺷرط وﻗت اﻟﻘﺿﺎء ﻟﺻﯾرورﺗﮭﺎ ﺣﺟﺔ ﻋﻧده وﻗد ﺑطﻠت وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﺧرس أو ﺟن أو ﻓﺳق‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ‬
‫إذا ﻣﺎﺗوا أو ﻏﺎﺑوا‪ ،‬ﻷن اﻷھﻠﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣوت ﻗد اﻧﺗﮭت وﺑﺎﻟﻐﯾﺑﺔ ﻣﺎ ﺑطﻠت‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ اﻟﻣﻣﻠوك" ﻷن اﻟﺷﮭﺎدة ﻣن ﺑﺎب اﻟوﻻﯾﺔ وھو ﻻ ﯾﻠﻲ ﻧﻔﺳﮫ ﻓﺄوﻟﻰ أن ﻻ ﺗﺛﺑت ﻟﮫ اﻟوﻻﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﯾره "وﻻ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ:‬ﻘ ْ ﺑ}َﻠ ُوا ﻟ َ ﮭ ُم ْ ﺷ َ ﮭ َﺎد َة ً أ َ ﺑ َد ً ا{ ]اﻟﻧور‪ [4:‬وﻷﻧﮫ ﻣن ﺗﻣﺎم اﻟﺣد ﻟﻛوﻧﮫ‬
‫اﻟﻣﺣدود ﻓﻲ ﻗذف وإن ﺗﺎب" ﻟﻘوﻟﮫو َ ﻻ َ ﺗ‬
‫ﻣﺎﻧﻌﺎ ﻓﯾﺑﻘﻰ ﺑﻌد اﻟﺗوﺑﺔ ﻛﺄﺻﻠﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﺣدود ﻓﻲ ﻏﯾر اﻟﻘذف ﻷن اﻟرد ﻟﻠﻔﺳق وﻗد ارﺗﻔﻊ ﺑﺎﻟﺗوﺑﺔ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ ﺗﻘﺑل إذا ﺗﺎب ﻟﻘوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰإ‪ ِ :‬ﻻ} ﱠ اﻟ ﱠ ذ ِ ﯾن َ ﺗ َﺎﺑ ُوا{ ]اﻟﻧور‪ [5:‬اﺳﺗﺛﻧﻰ اﻟﺗﺎﺋب‪.‬‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰﻟ‪َ :‬ﺋِ}ك َ ھ ُم ْ اﻟ ْﻔ َ ﺎﺳ ِ ﻘ ُون َ {‬
‫ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﯾﻧﺻرف إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﯾﮫ وھو ﻗوﻟﮫو َ أ ُو ْ‬

‫]اﻟﻧور‪ [4:‬أو ھو اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣﻧﻘطﻊ ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻟﻛن‪" .‬وﻟو ﺣد اﻟﻛﺎﻓر ﻓﻲ ﻗذف ﺛم أﺳﻠم ﺗﻘﺑل‬ ‫ص ‪-122-‬‬
‫ﺷﮭﺎدﺗﮫ" ﻷن ﻟﻠﻛﺎﻓر ﺷﮭﺎدة ﻓﻛﺎن ردھﺎ ﻣن ﺗﻣﺎم اﻟﺣد‪ ،‬وﺑﺎﻹﺳﻼم ﺣدﺛت ﻟﮫ ﺷﮭﺎدة أﺧرى‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻌﺑد إذا ﺣد ﺛم‬
‫أﻋﺗق ﻷﻧﮫ ﻻ ﺷﮭﺎدة ﻟﻠﻌﺑد أﺻﻼ ﻓﺗﻣﺎم ﺣده ﯾرد ﺷﮭﺎدﺗﮫ ﺑﻌد اﻟﻌﺗق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺷﮭﺎدة اﻟواﻟد ﻟوﻟده ووﻟد وﻟده‪ ،‬وﻻ ﺷﮭﺎدة اﻟوﻟد ﻷﺑوﯾﮫ وأﺟداده" واﻷﺻل ﻓﯾﮫ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة‬
‫واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة اﻟوﻟد ﻟواﻟده و ﻻ اﻟواﻟد ﻟوﻟده وﻻ اﻟﻣرأة ﻟزوﺟﮭﺎ وﻻ اﻟزوج ﻻﻣرأﺗﮫ وﻻ اﻟﻌﺑد ﻟﺳﯾده وﻻ‬
‫اﻟﻣوﻟﻰ ﻟﻌﺑده وﻻ اﻷﺟﯾر ﻟﻣن اﺳﺗﺄﺟره" وﻷن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﺑﯾن اﻷوﻻد واﻵﺑﺎء ﻣﺗﺻﻠﺔ وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺟوز أداء اﻟزﻛﺎة إﻟﯾﮭم‬
‫ﻓﺗﻛون ﺷﮭﺎدة ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻣن وﺟﮫ أو ﺗﺗﻣﻛن ﻓﯾﮫ اﻟﺗﮭﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل اﻟﻌﺑد اﻟﺿﻌﯾف‪ :‬واﻟﻣراد ﺑﺎﻷﺟﯾر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟوا اﻟﺗﻠﻣﯾذ اﻟﺧﺎص اﻟذي ﯾﻌد ﺿرر أﺳﺗﺎذه ﺿرر ﻧﻔﺳﮫ وﻧﻔﻌﮫ ﻧﻔﻊ‬
‫ﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬وھو ﻣﻌﻧﻰ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ ﺷﮭﺎدة ﻟﻠﻘﺎﻧﻊ ﺑﺄھل اﻟﺑﯾت" وﻗﯾل اﻟﻣراد اﻷﺟﯾر ﻣﺳﺎﻧﮭﺔ أو‬
‫ﻣﺷﺎھرة أو ﻣﯾﺎوﻣﺔ ﻓﯾﺳﺗوﺟب اﻷﺟر ﺑﻣﻧﺎﻓﻌﮫ ﻋﻧد أداء اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﯾﺻﯾر ﻛﺎﻟﻣﺳﺗﺄﺟر ﻋﻠﯾﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﻟﻶﺧر" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﺗﻘﺑل ﻷن اﻷﻣﻼك ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻣﺗﻣﯾزة واﻷﯾدي‬
‫ﻣﺗﺣﯾزة وﻟﮭذا ﯾﺟري اﻟﻘﺻﺎص واﻟﺣﺑس ﺑﺎﻟدﯾن ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻻ ﻣﻌﺗﺑر ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن اﻟﻧﻔﻊ ﻟﺛﺑوﺗﮫ ﺿﻣﻧﺎ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻐرﯾم‬
‫إذا ﺷﮭد ﻟﻣدﯾوﻧﮫ اﻟﻣﻔﻠس‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻷن اﻻﻧﺗﻔﺎع ﻣﺗﺻل ﻋﺎدة وھو اﻟﻣﻘﺻود ﻓﯾﺻﯾر ﺷﺎھدا ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻣن وﺟﮫ‬
‫أو ﯾﺻﯾر ﻣﺗﮭﻣﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺷﮭﺎدة اﻟﻐرﯾم ﻷﻧﮫ ﻻ وﻻﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﮭود ﺑﮫ‪" .‬وﻻ ﺷﮭﺎدة اﻟﻣوﻟﻰ ﻟﻌﺑده" ﻷﻧﮫ ﺷﮭﺎدة‬
‫ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻣن ﻛل ﺟﮭﺔ إذا ﻟم ﯾﻛن ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺑد دﯾن أو ﻣن وﺟﮫ إن ﻛﺎن ﻋﻠﯾﮫ دﯾن ﻷن اﻟﺣﺎل ﻣوﻗوف ﻣراﻋﻰ "وﻻ‬
‫ﻟﻣﻛﺎﺗﺑﮫ" ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪" .‬وﻻ ﺷﮭﺎدة اﻟﺷرﯾك ﻟﺷرﯾﻛﮫ ﻓﯾﻣﺎ ھو ﻣن ﺷرﻛﺗﮭﻣﺎ" ﻷﻧﮫ ﺷﮭﺎدة ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻣن وﺟﮫ ﻻﺷﺗراﻛﮭﻣﺎ‪،‬‬
‫وﻟو ﺷﮭد ﺑﻣﺎ ﻟﯾس ﻣن ﺷرﻛﺗﮭﻣﺎ ﺗﻘﺑل ﻻﻧﺗﻔﺎء اﻟﺗﮭﻣﺔ‪" .‬وﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة اﻷخ ﻷﺧﯾﮫ وﻋﻣﮫ" ﻻﻧﻌدام اﻟﺗﮭﻣﺔ ﻷن‬
‫اﻷﻣﻼك وﻣﻧﺎﻓﻌﮭﺎ ﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ وﻻ ﺑﺳوطﺔ ﻟﺑﻌﺿﮭم ﻓﻲ ﻣﺎل اﻟﺑﻌض‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة اﻟﻣﺧﻧث" وﻣراده اﻟﻣﺧﻧث ﻓﻲ اﻟرديء ﻣن اﻷﻓﻌﺎل ﻷﻧﮫ ﻓﺎﺳق‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟذي ﻓﻲ ﻛﻼﻣﮫ ﻟﯾن‬
‫وﻓﻲ أﻋﺿﺎﺋﮫ ﺗﻛﺳر ﻓﮭو ﻣﻘﺑول اﻟﺷﮭﺎدة‪" .‬وﻻ ﻧﺎﺋﺣﺔ وﻻ ﻣﻐﻧﯾﺔ" ﻷﻧﮭﻣﺎ ﯾرﺗﻛﺑﺎن ﻣﺣرﻣﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة‬
‫واﻟﺳﻼم "ﻧﮭﻰ ﻋن اﻟﺻوﺗﯾن اﻷﺣﻣﻘﯾن اﻟﻧﺎﺋﺣﺔ واﻟﻣﻐﻧﯾﺔ"‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﻣدﻣن اﻟﺷرب ﻋﻠﻰ اﻟﻠﮭو" ﻷﻧﮫ ارﺗﻛب ﻣﺣرم دﯾﻧﮫ‪" .‬وﻻ ﻣن ﯾﻠﻌب ﺑﺎﻟطﯾور" ﻷﻧﮫ ﯾورث ﻏﻔﻠﺔ وﻷﻧﮫ‬
‫ﻗد ﯾﻘف ﻋﻠﻰ ﻋورات اﻟﻧﺳﺎء ﺑﺻﻌوده ﻋﻠﻰ ﺳطﺣﮫ ﻟﯾطﯾر طﯾره وﻓﻲ‬

‫ﺑﻌض اﻟﻧﺳﺦ‪ :‬وﻻ ﻣن ﯾﻠﻌب ﺑﺎﻟطﻧﺑور وھو اﻟﻣﻐﻧﻲ‪.‬‬ ‫ص ‪-123-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﻣن ﯾﻐﻧﻲ ﻟﻠﻧﺎس" ﻷﻧﮫ ﯾﺟﻣﻊ اﻟﻧﺎس ﻋﻠﻰ ارﺗﻛﺎب ﻛﺑﯾرة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﻣن ﯾﺄﺗﻲ ﺑﺎﺑﺎ ﻣن اﻟﻛﺑﺎﺋر اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﮭﺎ اﻟﺣد" ﻟﻠﻔﺳق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﻣن ﯾدﺧل اﻟﺣﻣﺎم ﻣن ﻏﯾر ﻣﺋزر" ﻷن ﻛﺷف اﻟﻌورة ﺣرام‪" .‬أو ﯾﺄﻛل اﻟرﺑﺎ أو ﯾﻘﺎﻣر ﺑﺎﻟﻧرد‬
‫واﻟﺷطرﻧﺞ"‪ .‬ﻷن ﻛل ذﻟك ﻣن اﻟﻛﺑﺎﺋر‪ ،‬وﻛذﻟك ﻣن ﺗﻔوﺗﮫ اﻟﺻﻼة ﻟﻼﺷﺗﻐﺎل ﺑﮭﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ ﻣﺟرد اﻟﻠﻌب ﺑﺎﻟﺷطرﻧﺞ‬
‫ﻓﻠﯾس ﺑﻔﺳق ﻣﺎﻧﻊ ﻣن اﻟﺷﮭﺎدة‪ ،‬ﻷن ﻟﻼﺟﺗﮭﺎد ﻓﯾﮫ ﻣﺳﺎﻏﺎ‪ .‬وﺷرط ﻓﻲ اﻷﺻل أن ﯾﻛون آﻛل اﻟرﺑﺎ ﻣﺷﮭورا ﺑﮫ ﻷن‬
‫اﻹﻧﺳﺎن ﻗﻠﻣﺎ ﯾﻧﺟو ﻋن ﻣﺑﺎﺷرة اﻟﻌﻘود اﻟﻔﺎﺳدة وﻛل ذﻟك رﺑﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﻣن ﯾﻔﻌل اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻣﺳﺗﺣﻘرة ﻛﺎﻟﺑول ﻋﻠﻰ اﻟطرﯾق واﻷﻛل ﻋﻠﻰ اﻟطرﯾق" ﻷﻧﮫ ﺗﺎرك ﻟﻠﻣروءة‪ ،‬وإذا ﻛﺎن‬
‫ﻻ ﯾﺳﺗﺣﻲ ﻋن ﻣﺛل ذﻟك ﻻ ﯾﻣﺗﻧﻊ ﻋن اﻟﻛذب ﻓﯾﺗﮭم‪" .‬وﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة ﻣن ﯾظﮭر ﺳب اﻟﺳﻠف" ﻟظﮭور ﻓﺳﻘﮫ‬
‫ﺑﺧﻼف ﻣن ﯾﻛﺗﻣﮫ‪" .‬وﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة أھل اﻷھواء إﻻ اﻟﺧطﺎﺑﯾﺔ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﺗﻘﺑل ﻷﻧﮫ أﻏﻠظ وﺟوه‬
‫اﻟﻔﺳق‪ .‬وﻟﻧﺎ أﻧﮫ ﻓﺳق ﻣن ﺣﯾث اﻻﻋﺗﻘﺎد وﻣﺎ أوﻗﻌﮫ ﻓﯾﮫ إﻻ ﺗدﯾﻧﮫ ﺑﮫ وﺻﺎر ﻛﻣن ﯾﺷرب اﻟﻣﺛﻠث أو ﯾﺄﻛل ﻣﺗروك‬
‫اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ ﻋﺎﻣدا ﻣﺳﺗﺑﯾﺣﺎ ﻟذﻟك‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻔﺳق ﻣن ﺣﯾث اﻟﺗﻌﺎطﻲ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﺧطﺎﺑﯾﺔ ﻓﮭم ﻣن ﻏﻼة اﻟرواﻓض ﯾﻌﺗﻘدون اﻟﺷﮭﺎدة ﻟﻛل ﻣن ﺣﻠف ﻋﻧدھم‪ .‬وﻗﯾل ﯾرون اﻟﺷﮭﺎدة ﻟﺷﯾﻌﺗﮭم واﺟﺑﺔ‬
‫ﻓﺗﻣﻛﻧت اﻟﺗﮭﻣﺔ ﻓﻲ ﺷﮭﺎدﺗﮭم ﻟظﮭور ﻓﺳﻘﮭم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة أھل اﻟذﻣﺔ ﺑﻌﺿﮭم ﻋﻠﻰ ﺑﻌض وإن اﺧﺗﻠﻔت ﻣﻠﻠﮭم"‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺎﻟك واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ :‬ﻻ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ْ:‬ﻛ َ ﺎ}ﻓِر ُ ون َ ھ ُم ُ اﻟظ ﱠ ﺎﻟِﻣ ُون َ { ]اﻟﺑﻘرة‪ [254 :‬ﻓﯾﺟب اﻟﺗوﻗف ﻓﻲ ﺧﺑره‪ ،‬وﻟﮭذا ﻻ‬
‫ﺗﻘﺑل ﻷﻧﮫ ﻓﺎﺳق‪ ،‬ﻗﺎل ﷲ و َ اﻟ‬
‫ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﻠم ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﻣرﺗد‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻣﺎ روي أن اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم أﺟﺎز ﺷﮭﺎدة اﻟﻧﺻﺎرى‬
‫ﺑﻌﺿﮭم ﻋﻠﻰ ﺑﻌض‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻣن أھل اﻟوﻻﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ وأوﻻده اﻟﺻﻐﺎر ﻓﯾﻛون ﻣن أھل اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ ﺟﻧﺳﮫ‪،‬‬
‫واﻟﻔﺳق ﻣن ﺣﯾث اﻻﻋﺗﻘﺎد ﻏﯾر ﻣﺎﻧﻊ ﻷﻧﮫ ﯾﺟﺗﻧب ﻣﺎ ﯾﻌﺗﻘده ﻣﺣرم دﯾﻧﮫ‪ ،‬واﻟﻛذب ﻣﺣظور اﻷدﯾﺎن‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣرﺗد‬
‫ﻷﻧﮫ ﻻ وﻻﯾﺔ ﻟﮫ‪ ،‬وﺑﺧﻼف ﺷﮭﺎدة اﻟذﻣﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﻠم ﻷﻧﮫ ﻻ وﻻﯾﺔ ﻟﮫ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﯾﮫ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﯾﺗﻘول ﻋﻠﯾﮫ ﻷﻧﮫ ﯾﻐﯾظﮫ‬
‫ﻗﮭره إﯾﺎه‪ ،‬وﻣﻠل اﻟﻛﻔر وإن اﺧﺗﻠﻔت ﻓﻼ ﻗﮭر ﻓﻼ ﯾﺣﻣﻠﮭم اﻟﻐﯾظ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻘول‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة اﻟﺣرﺑﻲ ﻋﻠﻰ اﻟذﻣﻲ" أراد ﺑﮫ وﷲ أﻋﻠم اﻟﻣﺳﺗﺄﻣن ﻷﻧﮫ ﻻ وﻻﯾﺔ ﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ ﻷن اﻟذﻣﻲ ﻣن‬
‫أھل دارﻧﺎ وھو أﻋﻠﻰ ﺣﺎﻻ ﻣﻧﮫ‪ ،‬وﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة اﻟذﻣﻲ ﻋﻠﯾﮫ‬

‫ﻛﺷﮭﺎدة اﻟﻣﺳﻠم ﻋﻠﯾﮫ وﻋﻠﻰ اﻟذﻣﻲ "وﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة اﻟﻣﺳﺗﺄﻣﻧﯾن ﺑﻌﺿﮭم ﻋﻠﻰ ﺑﻌض إذا‬ ‫ص ‪-124-‬‬
‫ﻛﺎﻧوا ﻣن أھل دار واﺣدة‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎﻧوا ﻣن دارﯾن ﻛﺎﻟروم واﻟﺗرك ﻻ ﺗﻘﺑل" ﻷن اﺧﺗﻼف اﻟدارﯾن ﯾﻘطﻊ اﻟوﻻﯾﺔ‬
‫وﻟﮭذا ﯾﻣﻧﻊ اﻟﺗوارث‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟذﻣﻲ ﻷﻧﮫ ﻣن أھل دارﻧﺎ‪ ،‬وﻻ ﻛذﻟك اﻟﻣﺳﺗﺄﻣن‪" .‬وإن ﻛﺎﻧت اﻟﺣﺳﻧﺎت أﻏﻠب ﻣن‬
‫اﻟﺳﯾﺋﺎت واﻟرﺟل ﻣﻣن ﯾﺟﺗﻧب اﻟﻛﺑﺎﺋر ﻗﺑﻠت ﺷﮭﺎدﺗﮫ وإن أﻟم ﺑﻣﻌﺻﯾﺔ" ھذا ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻓﻲ ﺣد اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﻣﻌﺗﺑرة‪،‬‬
‫إذ ﻻ ﺑد ﻣن ﺗوﻗﻲ اﻟﻛﺑﺎﺋر ﻛﻠﮭﺎ وﺑﻌد ذﻟك ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻐﺎﻟب ﻛﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻹﻟﻣﺎم ﺑﻣﻌﺻﯾﺔ ﻻ ﺗﻧﻘدح ﺑﮫ اﻟﻌداﻟﺔ‬
‫اﻟﻣﺷروطﺔ ﻓﻼ ﺗرد ﺑﮫ اﻟﺷﮭﺎدة اﻟﻣﺷروﻋﺔ ﻷن ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎر اﺟﺗﻧﺎﺑﮫ اﻟﻛل ﺳد ﺑﺎﺑﮫ وھو ﻣﻔﺗوح إﺣﯾﺎء ﻟﻠﺣﻘوق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة اﻷﻗﻠف" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺧل ﺑﺎﻟﻌداﻟﺔ إﻻ إذا ﺗرﻛﮫ اﺳﺗﺧﻔﺎﻓﺎ ﺑﺎﻟدﯾن ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺑق ﺑﮭذا اﻟﺻﻧﯾﻊ ﻋدﻻ‬
‫"واﻟﺧﺻﻲ" ﻷن ﻋﻣر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻗﺑل ﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻘﻣﺔ اﻟﺧﺻﻲ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻗطﻊ ﻋﺿو ﻣﻧﮫ ظﻠﻣﺎ ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا‬
‫ﻗطﻌت ﯾده‪" .‬ووﻟد اﻟزﻧﺎ" ﻷن ﻓﺳق اﻷﺑوﯾن ﻻ ﯾوﺟب ﻓﺳق اﻟوﻟد ﻛﻛﻔرھﻣﺎ وھو ﻣﺳﻠم‪.‬‬
‫وﻗﺎل ﻣﺎﻟك رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﺗﻘﺑل ﻓﻲ اﻟزﻧﺎ ﻷﻧﮫ ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻏﯾره ﻛﻣﺛﻠﮫ ﻓﯾﺗﮭم‪ .‬ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬اﻟﻌدل ﻻ ﯾﺧﺗﺎر ذﻟك وﻻ‬
‫ﯾﺳﺗﺣﺑﮫ‪ ،‬واﻟﻛﻼم ﻓﻲ اﻟﻌدل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺷﮭﺎدة اﻟﺧﻧﺛﻰ ﺟﺎﺋزة" ﻷﻧﮫ رﺟل أو اﻣرأة وﺷﮭﺎدة اﻟﺟﻧﺳﯾن ﻣﻘﺑوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧص‪" .‬وﺷﮭﺎدة اﻟﻌﻣﺎل ﺟﺎﺋزة"‬
‫واﻟﻣراد ﻋﻣﺎل اﻟﺳﻠطﺎن ﻋﻧد ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ‪ ،‬ﻷن ﻧﻔس اﻟﻌﻣل ﻟﯾس ﺑﻔﺳق إﻻ إذا ﻛﺎﻧوا أﻋواﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟظﻠم‪ .‬وﻗﯾل‬
‫اﻟﻌﺎﻣل إذا ﻛﺎن وﺟﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﺎس ذا ﻣروءة ﻻ ﯾﺟﺎزف ﻓﻲ ﻛﻼﻣﮫ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻛﻣﺎ ﻣر ﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻔﺎﺳق‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟوﺟﺎھﺗﮫ ﻻ ﯾﻘدم ﻋﻠﻰ اﻟﻛذب ﺣﻔظﺎ ﻟﻠﻣروءة وﻟﻣﮭﺎﺑﺗﮫ ﻻ ﯾﺳﺗﺄﺟر ﻋﻠﻰ اﻟﺷﮭﺎدة اﻟﻛﺎذﺑﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺷﮭد اﻟرﺟﻼن أن أﺑﺎھﻣﺎ أوﺻﻰ إﻟﻰ ﻓﻼن واﻟوﺻﻲ ﯾدﻋﻲ ذﻟك ﻓﮭو ﺟﺎﺋز اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ‪ ،‬وإن أﻧﻛر‬
‫اﻟوﺻﻲ ﻟم ﯾﺟز" وﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎس‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز إن ادﻋﻰ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا إذا ﺷﮭد اﻟﻣوﺻﻲ ﻟﮭﻣﺎ ﺑذﻟك أو ﻏرﯾﻣﺎن ﻟﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣﯾت دﯾن أو ﻟﻠﻣﯾت ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ دﯾن أو ﺷﮭد اﻟوﺻﯾﺎن أﻧﮫ أوﺻﻰ إﻟﻰ ھذا اﻟرﺟل ﻣﻌﮭﻣﺎ‪ .‬وﺟﮫ اﻟﻘﯾﺎس أﻧﮭﺎ ﺷﮭﺎدة‬
‫ﻟﻠﺷﺎھد ﻟﻌود اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ إﻟﯾﮫ‪ .‬وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ وﻻﯾﺔ ﻧﺻب اﻟوﺻﻲ إذا ﻛﺎن طﺎﻟﺑﺎ واﻟﻣوت ﻣﻌروف‪،‬‬
‫ﻓﯾﻛﻔﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﮭذه اﻟﺷﮭﺎدة ﻣؤﻧﺔ اﻟﺗﻌﯾﯾن ﻻ أن ﯾﺛﺑت ﺑﮭﺎ ﺷﻲء ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﻘرﻋﺔ واﻟوﺻﯾﺎن إذا أﻗرا أن ﻣﻌﮭﻣﺎ ﺛﺎﻟﺛﺎ‬
‫ﯾﻣﻠك اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻧﺻب ﺛﺎﻟث ﻣﻌﮭﻣﺎ ﻟﻌﺟزھﻣﺎ ﻋن اﻟﺗﺻرف ﺑﺎﻋﺗراﻓﮭﻣﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا أﻧﻛرا وﻟم ﯾﻌرف اﻟﻣوت ﻷﻧﮫ‬
‫ﻟﯾس ﻟﮫ وﻻﯾﺔ ﻧﺻب اﻟوﺻﻲ ﻓﺗﻛون اﻟﺷﮭﺎدة ھﻲ اﻟﻣوﺟﺑﺔ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻐرﯾﻣﯾن ﻟﻠﻣﯾت ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ دﯾن ﺗﻘﺑل اﻟﺷﮭﺎدة وإن ﻟم‬
‫ﯾﻛن اﻟﻣوت ﻣﻌروﻓﺎ ﻷﻧﮭﻣﺎ ﯾﻘران ﻋﻠﻰ‬

‫أﻧﻔﺳﮭﻣﺎ ﻓﯾﺛﺑت اﻟﻣوت ﺑﺎﻋﺗراﻓﮭﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﮭﻣﺎ "وإن ﺷﮭدا أن أﺑﺎھﻣﺎ اﻟﻐﺎﺋب وﻛﻠﮫ ﺑﻘﺑض‬ ‫ص ‪-125-‬‬
‫دﯾوﻧﮫ ﺑﺎﻟﻛوﻓﺔ ﻓﺎدﻋﻰ اﻟوﻛﯾل أو أﻧﻛره ﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدﺗﮭﻣﺎ" ﻷن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﻣﻠك ﻧﺻب اﻟوﻛﯾل ﻋن اﻟﻐﺎﺋب‪ ،‬ﻓﻠو‬
‫ﺛﺑت إﻧﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﺑﺷﮭﺎدﺗﮭﻣﺎ وھﻲ ﻏﯾر ﻣوﺟﺑﺔ ﻟﻣﻛﺎن اﻟﺗﮭﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺳﻣﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ ﺟرح وﻻ ﯾﺣﻛم ﺑذﻟك" ﻷن اﻟﻔﺳق ﻣﻣﺎ ﻻ ﯾدﺧل ﺗﺣت اﻟﺣﻛم ﻷن ﻟﮫ اﻟدﻓﻊ‬
‫ﺑﺎﻟﺗوﺑﺔ ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق اﻹﻟزام‪ ،‬وﻷﻧﮫ ھﺗك اﻟﺳر واﻟﺳﺗر واﺟب واﻹﺷﺎﻋﺔ ﺣرام‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾرﺧص ﺿرورة إﺣﯾﺎء‬
‫اﻟﺣﻘوق وذﻟك ﻓﯾﻣﺎ ﯾدﺧل ﺗﺣت اﻟﺣﻛم "إﻻ إذا ﺷﮭدوا ﻋﻠﻰ إﻗرار اﻟﻣدﻋﻲ ﺑذﻟك ﺗﻘﺑل" ﻷن اﻹﻗرار ﻣﻣﺎ ﯾدﺧل‬
‫ﺗﺣت اﻟﺣﻛم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو أﻗﺎم اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺑﯾﻧﺔ أن اﻟﻣدﻋﻲ اﺳﺗﺄﺟر اﻟﺷﮭود ﻟم ﺗﻘﺑل" ﻷﻧﮫ ﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ ﺟرح ﻣﺟرد‪،‬‬
‫واﻻﺳﺗﺋﺟﺎر وإن ﻛﺎن أﻣرا زاﺋدا ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻼ ﺧﺻم ﻓﻲ إﺛﺑﺎﺗﮫ ﻷن اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ذﻟك أﺟﻧﺑﻲ ﻋﻧﮫ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو أﻗﺎم‬
‫اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺑﯾﻧﺔ أن اﻟﻣدﻋﻲ اﺳﺗﺄﺟر اﻟﺷﮭود ﺑﻌﺷرة دراھم ﻟﯾؤدوا اﻟﺷﮭﺎدة وأﻋطﺎھم اﻟﻌﺷرة ﻣن ﻣﺎﻟﻲ اﻟذي‬
‫ﻛﺎن ﻓﻲ ﯾده ﺗﻘﺑل ﻷﻧﮫ ﺧﺻم ﻓﻲ ذﻟك ﺛم ﯾﺛﺑت اﻟﺟرح ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻛذا إذا أﻗﺎﻣﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻲ ﺻﺎﻟﺣت اﻟﺷﮭود ﻋﻠﻰ‬
‫ﻛذا ﻣن اﻟﻣﺎل‪ .‬ودﻓﻌﺗﮫ إﻟﯾﮭم ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﯾﺷﮭدوا ﻋﻠﻲ ﺑﮭذا اﻟﺑﺎطل وﻗد ﺷﮭدوا وطﺎﻟﺑﮭم ﺑرد ذﻟك اﻟﻣﺎل‪ ،‬وﻟﮭذا ﻗﻠﻧﺎ‬
‫إﻧﮫ ﻟو أﻗﺎم اﻟﺑﯾﻧﺔ أن اﻟﺷﺎھد ﻋﺑد أو ﻣﺣدود ﻓﻲ ﻗذف أو ﺷﺎرب ﺧﻣر أو ﻗﺎذف أو ﺷرﯾك اﻟﻣدﻋﻲ ﺗﻘﺑل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺷﮭد وﻟم ﯾﺑرح ﺣﺗﻰ ﻗﺎل أوھﻣت ﺑﻌض ﺷﮭﺎدﺗﻲ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻋدﻻ ﺟﺎزت ﺷﮭﺎدﺗﮫ" وﻣﻌﻧﻰ ﻗوﻟﮫ‬
‫أوھﻣت أي أﺧطﺄت ﺑﻧﺳﯾﺎن ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺣق ﻋﻠﻲ ذﻛره أو ﺑزﯾﺎدة ﻛﺎﻧت ﺑﺎطﻠﺔ‪ .‬ووﺟﮭﮫ أن اﻟﺷﺎھد ﻗد ﯾﺑﺗﻠﻰ ﺑﻣﺛﻠﮫ‬
‫ﻟﻣﮭﺎﺑﺔ ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻛﺎن اﻟﻌذر واﺿﺣﺎ ﻓﺗﻘﺑل إذا ﺗدارﻛﮫ ﻓﻲ أواﻧﮫ وھو ﻋدل‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺎم ﻋن اﻟﻣﺟﻠس‬
‫ﺛم ﻋﺎد وﻗﺎل أوھﻣت‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﯾوھم اﻟزﯾﺎدة ﻣن اﻟﻣدﻋﻲ ﺑﺗﻠﺑﯾس وﺧﯾﺎﻧﺔ ﻓوﺟب اﻻﺣﺗﯾﺎط‪ ،‬وﻷن اﻟﻣﺟﻠس إذا اﺗﺣد ﻟﺣق‬
‫اﻟﻣﻠﺣق ﺑﺄﺻل اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﺻﺎر ﻛﻛﻼم واﺣد‪ ،‬وﻻ ﻛذﻟك إذا اﺧﺗﻠف‪ .‬وﻋﻠﻰ ھذا إذا وﻗﻊ اﻟﻐﻠط ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣدود أو‬
‫ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻧﺳب وھذا إذا ﻛﺎن ﻣوﺿﻊ ﺷﺑﮭﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﻛن ﻓﻼ ﺑﺄس ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﻛﻼم أﺻﻼ ﻣﺛل أن ﯾدع ﻟﻔظﺔ‬
‫اﻟﺷﮭﺎدة وﻣﺎ ﯾﺟري ﻣﺟرى ذﻟك وإن ﻗﺎم ﻋن اﻟﻣﺟﻠس ﺑﻌد أن ﯾﻛون ﻋدﻻ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮭﻣﺎ‬
‫ﷲ أﻧﮫ ﯾﻘﺑل ﻗوﻟﮫ ﻓﻲ ﻏﯾر اﻟﻣﺟﻠس إذا ﻛﺎن ﻋدﻻ‪ ،‬واﻟظﺎھر ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﺷﮭﺎدة‬


‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟﺷﮭﺎدة إذا واﻓﻘت اﻟدﻋوى ﻗﺑﻠت‪ ،‬وإن ﺧﺎﻟﻔﺗﮭﺎ ﻟم ﺗﻘﺑل" ﻷن ﺗﻘدم اﻟدﻋوى ﻓﻲ‬
‫ﺣﻘوق اﻟﻌﺑﺎد ﺷرط ﻗﺑول اﻟﺷﮭﺎدة‪ ،‬وﻗد وﺟدت ﻓﯾﻣﺎ ﯾواﻓﻘﮭﺎ واﻧﻌدﻣت ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧﺎﻟﻔﮭﺎ‪.‬‬ ‫ص ‪-126-‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﻌﺗﺑر اﺗﻔﺎق اﻟﺷﺎھدﯾن ﻓﻲ اﻟﻠﻔظ واﻟﻣﻌﻧﻰ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﺷﮭد أﺣدھﻣﺎ ﺑﺄﻟف واﻵﺧر ﺑﺄﻟﻔﯾن ﻟم‬
‫ﺗﻘﺑل اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻧده وﻋﻧدھﻣﺎ ﺗﻘﺑل ﻋﻠﻰ اﻷﻟف إذا ﻛﺎن اﻟﻣدﻋﻲ ﯾدﻋﻲ اﻷﻟﻔﯾن"‪ .‬وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻣﺎﺋﺔ واﻟﻣﺎﺋﺗﺎن‬
‫واﻟطﻠﻘﺔ واﻟطﻠﻘﺗﺎن واﻟطﻠﻘﺔ واﻟﺛﻼث‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أﻧﮭﻣﺎ اﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻟف أو اﻟطﻠﻘﺔ وﺗﻔرد أﺣدھﻣﺎ ﺑﺎﻟزﯾﺎدة ﻓﯾﺛﺑت ﻣﺎ‬
‫اﺟﺗﻣﻌﺎ ﻋﻠﯾﮫ دون ﻣﺎ ﺗﻔرد ﺑﮫ أﺣدھﻣﺎ ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻷﻟف واﻷﻟف واﻟﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮭﻣﺎ اﺧﺗﻠﻔﺎ‬
‫ﻟﻔظﺎ‪ ،‬وذﻟك ﯾدل ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼف اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻷﻧﮫ ﯾﺳﺗﻔﺎد ﺑﺎﻟﻠﻔظ‪ ،‬وھذا ﻷن اﻷﻟف ﻻ ﯾﻌﺑر ﺑﮫ ﻋن اﻷﻟﻔﯾن ﺑل ھﻣﺎ ﺟﻣﻠﺗﺎن‬
‫ﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺗﺎن ﻓﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺷﺎھد واﺣد ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا اﺧﺗﻠف ﺟﻧس اﻟﻣﺎل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺷﮭد أﺣدھﻣﺎ ﺑﺎﻷﻟف واﻵﺧر ﺑﺄﻟف وﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ واﻟﻣدﻋﻲ ﯾدﻋﻲ أﻟﻔﺎ وﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻗﺑﻠت اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ‬
‫اﻷﻟف" ﻻﺗﻔﺎق اﻟﺷﺎھدﯾن ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻟﻔظﺎ وﻣﻌﻧﻰ‪ ،‬ﻷن اﻷﻟف واﻟﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﺟﻣﻠﺗﺎن ﻋطف إﺣداھﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺧرى‬
‫واﻟﻌطف ﯾﻘرر اﻷول وﻧظﯾره اﻟطﻠﻘﺔ واﻟطﻠﻘﺔ واﻟﻧﺻف واﻟﻣﺎﺋﺔ واﻟﻣﺎﺋﺔ واﻟﺧﻣﺳون‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻌﺷرة واﻟﺧﻣﺳﺔ‬
‫ﻋﺷر ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﺣرف اﻟﻌطف ﻓﮭو ﻧظﯾر اﻷﻟف واﻷﻟﻔﯾن "وإن ﻗﺎل اﻟﻣدﻋﻲ ﻟم ﯾﻛن ﻟﻲ ﻋﻠﯾﮫ إﻻ اﻷﻟف‬
‫ﻓﺷﮭﺎدة اﻟذي ﺷﮭد ﺑﺎﻷﻟف وﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﺑﺎطﻠﺔ" ﻷﻧﮫ ﻛذﺑﮫ اﻟﻣدﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺷﮭود ﺑﮫ‪ ،‬وﻛذا إذا ﺳﻛت إﻻ ﻋن دﻋوى‬
‫اﻷﻟف ﻷن اﻟﺗﻛذﯾب ظﺎھر ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﺗوﻓﯾق‪ ،‬وﻟو ﻗﺎل ﻛﺎن أﺻل ﺣﻘﻲ أﻟف وﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ وﻟﻛﻧﻲ اﺳﺗوﻓﯾت ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ‬
‫أو أﺑرأﺗﮫ ﻋﻧﮭﺎ ﻗﺑﻠت ﻟﺗوﻓﯾﻘﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺷﮭدا ﺑﺄﻟف وﻗﺎل أﺣدھﻣﺎ ﻗﺿﺎه ﻣﻧﮭﺎ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻗﺑﻠت ﺷﮭﺎدﺗﮭﻣﺎ ﺑﺎﻷﻟف" ﻻﺗﻔﺎﻗﮭﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ "وﻟم ﯾﺳﻣﻊ‬
‫ﻗوﻟﮫ إﻧﮫ ﻗﺿﺎه" ﻷﻧﮫ ﺷﮭﺎدة ﻓرد "إﻻ أن ﯾﺷﮭد ﻣﻌﮫ آﺧر" وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ‪ ،‬ﻷن‬
‫ﺷﺎھد اﻟﻘﺿﺎء ﻣﺿﻣون ﺷﮭﺎدﺗﮫ أن ﻻ دﯾن إﻻ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ‪ .‬وﺟواﺑﮫ ﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﻧﺑﻐﻲ ﻟﻠﺷﺎھد" إذا ﻋﻠم ﺑذﻟك "أن ﻻ ﯾﺷﮭد ﺑﺄﻟف ﺣﺗﻰ ﯾﻘر اﻟﻣدﻋﻲ أﻧﮫ ﻗﺑض ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ" ﻛﻲ ﻻ ﯾﺻﯾر‬
‫ﻣﻌﯾﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟظﻠم‪" .‬وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬رﺟﻼن ﺷﮭدا ﻋﻠﻰ رﺟل ﺑﻘرض أﻟف درھم ﻓﺷﮭد أﺣدھﻣﺎ أﻧﮫ ﻗد‬
‫ﻗﺿﺎھﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺷﮭﺎدة ﺟﺎﺋزة ﻋﻠﻰ اﻟﻘرض" ﻻﺗﻔﺎﻗﮭﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﺗﻔرد أﺣدھﻣﺎ ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪ .‬وذﻛر اﻟطﺣﺎوي‬
‫ﻋن أﺻﺣﺎﺑﻧﺎ أﻧﮫ ﻻ ﺗﻘﺑل‪ ،‬وھو ﻗول زﻓر رﺣﻣﮫ ﷲ ﻷن اﻟﻣدﻋﻲ أﻛذب ﺷﺎھد اﻟﻘﺿﺎء‪ .‬ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬ھذا إﻛذاب ﻓﻲ ﻏﯾر‬
‫اﻟﻣﺷﮭود ﺑﮫ اﻷول وھو اﻟﻘرض وﻣﺛﻠﮫ ﻻ ﯾﻣﻧﻊ اﻟﻘﺑول‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺷﮭد ﺷﺎھدان أﻧﮫ ﻗﺗل زﯾدا ﯾوم اﻟﻧﺣر ﺑﻣﻛﺔ وﺷﮭد آﺧران أﻧﮫ ﻗﺗﻠﮫ ﯾوم‬ ‫ص ‪-127-‬‬
‫اﻟﻧﺣر ﺑﺎﻟﻛوﻓﺔ واﺟﺗﻣﻌوا ﻋﻧد اﻟﺣﺎﻛم ﻟم ﯾﻘﺑل اﻟﺷﮭﺎدﺗﯾن" ﻷن إﺣداھﻣﺎ ﻛﺎذﺑﺔ ﺑﯾﻘﯾن وﻟﯾﺳت إﺣداھﻣﺎ ﺑﺄوﻟﻰ ﻣن‬
‫اﻷﺧرى "ﻓﺈن ﺳﺑﻘت إﺣداھﻣﺎ وﻗﺿﻰ ﺑﮭﺎ ﺛم ﺣﺿرت اﻷﺧرى ﻟم ﺗﻘﺑل" ﻷن اﻷوﻟﻰ ﺗرﺟﺣت ﺑﺎﺗﺻﺎل اﻟﻘﺿﺎء ﺑﮭﺎ‬
‫ﻓﻼ ﺗﻧﺗﻘض ﺑﺎﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪.‬‬
‫"وإذا ﺷﮭدا ﻋﻠﻰ رﺟل أﻧﮫ ﺳرق ﺑﻘرة واﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ ﻟوﻧﮭﺎ ﻗطﻊ‪ ،‬وإن ﻗﺎل أﺣدھﻣﺎ ﺑﻘرة وﻗﺎل اﻵﺧر ﺛورا ﻟم‬
‫ﯾﻘطﻊ" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ "وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾﻘطﻊ ﻓﻲ اﻟوﺟﮭﯾن" ﺟﻣﯾﻌﺎ‪ ،‬وﻗﯾل اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﻟوﻧﯾن‬
‫ﯾﺗﺷﺎﺑﮭﺎن ﻛﺎﻟﺳواد واﻟﺣﻣرة ﻻ ﻓﻲ اﻟﺳواد واﻟﺑﯾﺎض‪ ،‬وﻗﯾل ھو ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻷﻟوان‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﺳرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺳوداء‬
‫ﻏﯾرھﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺿﺎء ﻓﻠم ﯾﺗم ﻋﻠﻰ ﻛل ﻓﻌل ﻧﺻﺎب اﻟﺷﮭﺎدة وﺻﺎر ﻛﺎﻟﻐﺻب ﺑل أوﻟﻰ‪ ،‬ﻷن أﻣر اﻟﺣد أھم وﺻﺎر‬
‫ﻛﺎﻟذﻛورة واﻷﻧوﺛﺔ‪ .‬وﻟﮫ أن اﻟﺗوﻓﯾق ﻣﻣﻛن ﻷن اﻟﺗﺣﻣل ﻓﻲ اﻟﻠﯾﺎﻟﻲ ﻣن ﺑﻌﯾد واﻟﻠوﻧﺎن ﯾﺗﺷﺎﺑﮭﺎن أو ﯾﺟﺗﻣﻌﺎن ﻓﻲ‬
‫واﺣد ﻓﯾﻛون اﻟﺳواد ﻣن ﺟﺎﻧب وھذا ﯾﺑﺻره واﻟﺑﯾﺎض ﻣن ﺟﺎﻧب آﺧر وھذا اﻵﺧر ﯾﺷﺎھده‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻐﺻب ﻷن‬
‫اﻟﺗﺣﻣل ﻓﯾﮫ ﺑﺎﻟﻧﮭﺎر ﻋﻠﻰ ﻗرب ﻣﻧﮫ‪ ،‬واﻟذﻛورة واﻷﻧوﺛﺔ ﻻ ﯾﺟﺗﻣﻌﺎن ﻓﻲ واﺣدة‪ ،‬وﻛذا اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺑﺎﻟﻘرب‬
‫ﻣﻧﮫ ﻓﻼ ﯾﺷﺗﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺷﮭد ﻟرﺟل أﻧﮫ اﺷﺗرى ﻋﺑدا ﻣن ﻓﻼن ﺑﺄﻟف وﺷﮭد آﺧر أﻧﮫ اﺷﺗراه ﺑﺄﻟف وﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻓﺎﻟﺷﮭﺎدة‬
‫ﺑﺎطﻠﺔ" ﻷن اﻟﻣﻘﺻود إﺛﺑﺎت اﻟﺳﺑب وھو اﻟﻌﻘد وﯾﺧﺗﻠف ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﺛﻣن ﻓﺎﺧﺗﻠف اﻟﻣﺷﮭود ﺑﮫ وﻟم ﯾﺗم اﻟﻌدد ﻋﻠﻰ‬
‫ﻛل واﺣد‪ ،‬وﻷن اﻟﻣدﻋﻲ ﯾﻛذب أﺣد ﺷﺎھدﯾﮫ وﻛذﻟك إذا ﻛﺎن اﻟﻣدﻋﻲ ھو اﻟﺑﺎﺋﻊ وﻻ ﻓرق ﺑﯾن أن ﯾدﻋﻲ اﻟﻣدﻋﻲ أﻗل‬
‫اﻟﻣﺎﻟﯾن أو أﻛﺛرھﻣﺎ ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ "وﻛذﻟك اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ" ﻷن اﻟﻣﻘﺻود ھو اﻟﻌﻘد إن ﻛﺎن اﻟﻣدﻋﻲ ھو اﻟﻌﺑد ﻓظﺎھر‪ ،‬وﻛذا إذا‬
‫ﻛﺎن ھو اﻟﻣوﻟﻰ ﻷن اﻟﻌﺗق ﻻ ﯾﺛﺑت ﻗﺑل اﻷداء ﻓﻛﺎن اﻟﻣﻘﺻود إﺛﺑﺎت اﻟﺳﺑب "وﻛذا اﻟﺧﻠﻊ واﻹﻋﺗﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺎل‬
‫واﻟﺻﻠﺢ ﻋن دم اﻟﻌﻣد إذا ﻛﺎن اﻟﻣدﻋﻲ ھو اﻟﻣرأة أو اﻟﻌﺑد أو اﻟﻘﺎﺗل" ﻷن اﻟﻣﻘﺻود إﺛﺑﺎت اﻟﻌﻘد واﻟﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ‬
‫إﻟﯾﮫ‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧت اﻟدﻋوى ﻣن ﺟﺎﻧب آﺧر ﻓﮭو ﺑﻣﻧزﻟﺔ دﻋوى اﻟدﯾن ﻓﯾﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻣن اﻟوﺟوه ﻷﻧﮫ ﺛﺑت اﻟﻌﻔو واﻟﻌﺗق‬
‫واﻟطﻼق ﺑﺎﻋﺗراف ﺻﺎﺣب اﻟﺣق ﻓﺑﻘﻲ اﻟدﻋوى ﻓﻲ اﻟدﯾن وﻓﻲ اﻟرھن‪ ،‬إن ﻛﺎن اﻟﻣدﻋﻰ ھو اﻟرھن ﻻ ﯾﻘﺑل ﻷﻧﮫ ﻻ‬
‫ﺣظ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟرھن ﻓﻌرﯾت اﻟﺷﮭﺎدة ﻋن اﻟدﻋوى‪ ،‬وإن ﻛﺎن اﻟﻣرﺗﮭن ﻓﮭو ﺑﻣﻧزﻟﺔ دﻋوى اﻟدﯾن‪ .‬وﻓﻲ اﻹﺟﺎرة إن‬
‫ﻛﺎن ذﻟك ﻓﻲ أول اﻟﻣدة ﻓﮭو ﻧظﯾر اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﺑﻌد ﻣﺿﻲ اﻟﻣدة واﻟﻣدﻋﻲ ھو اﻵﺟر ﻓﮭو دﻋوى اﻟدﯾن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻧﻛﺎح ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺟوز ﺑﺄﻟف اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ھذا ﺑﺎطل ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح أﯾﺿﺎ" وذﻛر‬

‫ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻟﻲ ﻗول أﺑﻲ ﯾوﺳف ﻣﻊ ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أن ھذا اﺧﺗﻼف ﻓﻲ‬ ‫ص ‪-128-‬‬
‫اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻷن اﻟﻣﻘﺻود ﻣن اﻟﺟﺎﻧﺑﯾن اﻟﺳﺑب ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﺑﯾﻊ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن اﻟﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح ﺗﺎﺑﻊ‪ ،‬واﻷﺻل‬
‫ﻓﯾﮫ اﻟﺣل واﻻزدواج واﻟﻣﻠك وﻻ اﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﻣﺎ ھو اﻷﺻل ﻓﯾﺛﺑت‪ ،‬ﺛم إذا وﻗﻊ اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﺗﺑﻊ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻷﻗل‬
‫ﻻﺗﻔﺎﻗﮭﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﯾﺳﺗوي دﻋوى أﻗل اﻟﻣﺎﻟﯾن أو أﻛﺛرھﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ‪ .‬ﺛم ﻗﯾل‪ :‬ﻻﺧﺗﻼف ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣرأة ھﻲ‬
‫اﻟﻣدﻋﯾﺔ وﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻣدﻋﻲ ھو اﻟزوج إﺟﻣﺎع ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻻ ﺗﻘﺑل‪ ،‬ﻷن ﻣﻘﺻودھﺎ ﻗد ﯾﻛون اﻟﻣﺎل وﻣﻘﺻوده ﻟﯾس‬
‫إﻻ اﻟﻌﻘد‪ .‬وﻗﯾل اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﻔﺻﻠﯾن وھذا أﺻﺢ واﻟوﺟﮫ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬
‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ اﻹرث‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻗﺎم ﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ دار أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧت ﻷﺑﯾﮫ أﻋﺎرھﺎ أو أودﻋﮭﺎ اﻟذي ھﻲ ﻓﻲ ﯾده ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺄﺧذھﺎ وﻻ ﯾﻛﻠف اﻟﺑﯾﻧﺔ‬
‫أﻧﮫ ﻣﺎت وﺗرﻛﮭﺎ ﻣﯾراﺛﺎ ﻟﮫ" وأﺻﻠﮫ أﻧﮫ ﻣﺗﻰ ﺛﺑت ﻣﻠك اﻟﻣورث ﻻ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﮫ ﻟﻠوارث ﺣﺗﻰ ﯾﺷﮭد اﻟﺷﮭود أﻧﮫ ﻣﺎت‬
‫وﺗرﻛﮭﺎ ﻣﯾراﺛﺎ ﻟﮫ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ ،‬ﺧﻼﻓﺎ ﻷﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬ھو ﯾﻘول‪ :‬إن ﻣﻠك اﻟوارث‬
‫ﻣﻠك اﻟﻣورث ﻓﺻﺎرت اﻟﺷﮭﺎدة ﺑﺎﻟﻣﻠك ﻟﻠﻣورث ﺷﮭﺎدة ﺑﮫ ﻟﻠوارث‪ ،‬وھﻣﺎ ﯾﻘوﻻن‪ :‬إن ﻣﻠك اﻟوارث ﻣﺗﺟدد ﻓﻲ ﺣق‬
‫اﻟﻌﯾن ﺣﺗﻰ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ اﻻﺳﺗﺑراء ﻓﻲ اﻟﺟﺎرﯾﺔ اﻟﻣوروﺛﺔ‪ ،‬وﯾﺣل ﻟﻠوارث اﻟﻐﻧﻲ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺻدﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣورث اﻟﻔﻘﯾر‬
‫ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﻧﻘل‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﺎﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ ﻗﯾﺎم ﻣﻠك اﻟﻣورث وﻗت اﻟﻣوت ﻟﺛﺑوت اﻻﻧﺗﻘﺎل ﺿرورة‪ ،‬وﻛذا ﻋﻠﻰ‬
‫ﻗﯾﺎم ﯾده ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧذﻛره‪ ،‬وﻗد وﺟدت اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﯾد ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻛﺗﺎب ﻷن ﯾد اﻟﻣﺳﺗﻌﯾر واﻟﻣودع واﻟﻣﺳﺗﺄﺟر‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻣﻘﺎم ﯾده ﻓﺄﻏﻧﻰ ذﻟك ﻋن اﻟﺟر واﻟﻧﻘل "وإن ﺷﮭدوا أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﯾد ﻓﻼن ﻣﺎت وھﻲ ﻓﻲ ﯾده ﺟﺎزت‬
‫اﻟﺷﮭﺎدة" ﻷن اﻷﯾدي ﻋﻧد اﻟﻣوت ﺗﻧﻘﻠب ﯾد ﻣﻠك ﺑواﺳطﺔ اﻟﺿﻣﺎن واﻷﻣﺎﻧﺔ ﺗﺻﯾر ﻣﺿﻣوﻧﺔ ﺑﺎﻟﺗﺟﮭﯾل ﻓﺻﺎر‬
‫ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ ﻗﯾﺎم ﻣﻠﻛﮫ وﻗت اﻟﻣوت‪" .‬وإن ﻗﺎﻟوا ﻟرﺟل ﺣﻲ ﻧﺷﮭد أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣدﻋﻲ ﻣﻧذ ﺷﮭر ﻟم‬
‫ﺗﻘﺑل" وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮭﺎ ﺗﻘﺑل ﻷن اﻟﯾد ﻣﻘﺻودة ﻛﺎﻟﻣﻠك؛ وﻟو ﺷﮭدوا أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﻠﻛﮫ ﺗﻘﺑل ﻓﻛذا ھذا‬
‫ﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﺷﮭدوا ﺑﺎﻷﺧذ ﻣن اﻟﻣدﻋﻲ‪ .‬وﺟﮫ اﻟظﺎھر وھو ﻗوﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﺷﮭﺎدة ﻗﺎﻣت ﺑﻣﺟﮭول ﻷن اﻟﯾد ﻣﻧﻘﺿﯾﺔ‬
‫وھﻲ ﻣﺗﻧوﻋﺔ إﻟﻰ ﻣﻠك وأﻣﺎﻧﺔ وﺿﻣﺎن ﻓﺗﻌذر اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﻣﺟﮭول‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﻠك ﻷﻧﮫ ﻣﻌﻠوم ﻏﯾر ﻣﺧﺗﻠف‪،‬‬
‫وﺑﺧﻼف اﻵﺧذ ﻷﻧﮫ ﻣﻌﻠوم وﺣﻛﻣﮫ ﻣﻌﻠوم وھو وﺟوب اﻟرد‪ ،‬وﻷن ﯾد ذي اﻟﯾد ﻣﻌﺎﯾن وﯾد اﻟﻣدﻋﻲ ﻣﺷﮭود ﺑﮫ‪،‬‬
‫وﻟﯾس اﻟﺧﺑر ﻛﺎﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ‪" .‬وإن أﻗر ﺑذﻟك اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ دﻓﻌت إﻟﻰ اﻟﻣدﻋﻲ" ﻷن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻘر ﺑﮫ ﻻ ﺗﻣﻧﻊ‬
‫ﺻﺣﺔ اﻹﻗرار "وإن ﺷﮭد ﺷﺎھدان أﻧﮫ أﻗر أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣدﻋﻲ دﻓﻌت إﻟﯾﮫ" ﻷن اﻟﻣﺷﮭود ﺑﮫ ھﺎھﻧﺎ اﻹﻗرار‬
‫وھو ﻣﻌﻠوم‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺷﮭﺎدة‬ ‫ص ‪-129-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺷﮭﺎدة ﺟﺎﺋزة ﻓﻲ ﻛل ﺣق ﻻ ﯾﺳﻘط ﺑﺎﻟﺷﺑﮭﺔ" وھذا اﺳﺗﺣﺳﺎن ﻟﺷدة اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﯾﮭﺎ‪ ،‬إذ ﺷﺎھد‬
‫اﻷﺻل ﻗد ﯾﻌﺟز ﻋن أداء اﻟﺷﮭﺎدة ﻟﺑﻌض اﻟﻌوارض‪ ،‬ﻓﻠو ﻟم ﺗﺟز اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺷﮭﺎدة أدى إﻟﻰ إﺗواء اﻟﺣﻘوق‪،‬‬
‫وﻟﮭذا ﺟوزﻧﺎ اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺷﮭﺎدة وإن ﻛﺛرت‪ ،‬إﻻ أن ﻓﯾﮭﺎ ﺷﺑﮭﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻟﺑدﻟﯾﺔ أو ﻣن ﺣﯾث إن ﻓﯾﮭﺎ زﯾﺎدة‬
‫اﺣﺗﻣﺎل‪ ،‬وﻗد أﻣﻛن اﻻﺣﺗراز ﻋﻧﮫ ﺑﺟﻧس اﻟﺷﮭود ﻓﻼ ﺗﻘﺑل ﻓﯾﻣﺎ ﺗﻧدرئ ﺑﺎﻟﺷﺑﮭﺎت ﻛﺎﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص‪.‬‬
‫"وﺗﺟوز ﺷﮭﺎدة ﺷﺎھدﯾن ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدة ﺷﺎھدﯾن"‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز إﻻ اﻷرﺑﻊ ﻋﻠﻰ ﻛل أﺻل‬
‫اﺛﻧﺎن ﻷن ﻛل ﺷﺎھدﯾن ﻗﺎﺋﻣﺎن ﻣﻘﺎم ﺷﺎھد واﺣد ﻓﺻﺎرا ﻛﺎﻟﻣرأﺗﯾن‪.‬‬
‫وﻟﻧﺎ ﻗول ﻋﻠﻲ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدة رﺟل إﻻ ﺷﮭﺎدة رﺟﻠﯾن‪ ،‬وﻷن ﻧﻘل ﺷﮭﺎدة اﻷﺻل ﻣن اﻟﺣﻘوق‬
‫ﻓﮭﻣﺎ ﺷﮭدا ﺑﺣق ﺛم ﺷﮭدا ﺑﺣق آﺧر ﻓﺗﻘﺑل‪" .‬وﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة واﺣد ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدة واﺣد" ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ ،‬وھو ﺣﺟﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺎﻟك رﺣﻣﮫ ﷲ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﺣق ﻣن اﻟﺣﻘوق ﻓﻼ ﺑد ﻣن ﻧﺻﺎب اﻟﺷﮭﺎدة‪.‬‬
‫"وﺻﻔﺔ اﻹﺷﮭﺎد أن ﯾﻘول ﺷﺎھد اﻷﺻل ﻟﺷﺎھد اﻟﻔرع‪ :‬اﺷﮭد ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدﺗﻲ أﻧﻲ أﺷﮭد أن ﻓﻼن ﺑن ﻓﻼن أﻗر‬
‫ﻋﻧدي ﺑﻛذا وأﺷﮭدﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ" ﻷن اﻟﻔرع ﻛﺎﻟﻧﺎﺋب ﻋﻧﮫ ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﺗﺣﻣﯾل واﻟﺗوﻛﯾل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ ،‬وﻻ ﺑد أن‬
‫ﯾﺷﮭد ﻛﻣﺎ ﯾﺷﮭد ﻋﻧد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﯾﻧﻘﻠﮫ إﻟﻰ ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء "وإن ﻟم ﯾﻘل أﺷﮭدﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ ﺟﺎز" ﻷن ﻣن ﺳﻣﻊ‬
‫إﻗرار ﻏﯾره ﺣل ﻟﮫ اﻟﺷﮭﺎدة وإن ﻟم ﯾﻘل ﻟﮫ اﺷﮭد "وﯾﻘول ﺷﺎھد اﻟﻔرع ﻋﻧد اﻷداء أﺷﮭد أن ﻓﻼﻧﺎ أﺷﮭدﻧﻲ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺷﮭﺎدﺗﮫ أن ﻓﻼﻧﺎ أﻗر ﻋﻧده ﺑﻛذا وﻗﺎل ﻟﻲ اﺷﮭد ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدﺗﻲ ﺑذﻟك" ﻷﻧﮫ ﻻ ﺑد ﻣن ﺷﮭﺎدﺗﮫ‪ ،‬وذﻛر ﺷﮭﺎدة اﻷﺻل‬
‫وذﻛر اﻟﺗﺣﻣﯾل‪ ،‬وﻟﮭﺎ ﻟﻔظ أطول ﻣن ھذا وأﻗﺻر ﻣﻧﮫ‪ ،‬وﺧﯾر اﻷﻣور أوﺳطﮭﺎ‪" .‬وﻣن ﻗﺎل أﺷﮭدﻧﻲ‪ :‬ﻓﻼن ﻋﻠﻰ‬
‫ﻧﻔﺳﮫ ﻟم ﯾﺷﮭد اﻟﺳﺎﻣﻊ ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدﺗﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﻘول ﻟﮫ اﺷﮭد ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدﺗﻲ" ﻷﻧﮫ ﻻ ﺑد ﻣن اﻟﺗﺣﻣﯾل‪ ،‬وھذا ظﺎھر‬
‫ﻋﻧد ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ﻷن اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻧده ﺑﺷﮭﺎدة اﻟﻔروع واﻷﺻول ﺟﻣﯾﻌﺎ ﺣﺗﻰ اﺷﺗرﻛوا ﻓﻲ اﻟﺿﻣﺎن ﻋﻧد اﻟرﺟوع‪،‬‬
‫وﻛذا ﻋﻧدھﻣﺎ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺑد ﻣن ﻧﻘل ﺷﮭﺎدة اﻷﺻول ﻟﯾﺻﯾر ﺣﺟﺔ ﻓﯾظﮭر ﺗﺣﻣﯾل ﻣﺎ ھو ﺣﺟﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة ﺷﮭود اﻟﻔرع إﻻ أن ﯾﻣوت ﺷﮭود اﻷﺻل أو ﯾﻐﯾﺑوا ﻣﺳﯾرة ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻓﺻﺎﻋدا أو ﯾﻣرﺿوا‬
‫ﻣرﺿﺎ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻌون ﻣﻌﮫ ﺣﺿور ﻣﺟﻠس اﻟﺣﺎﻛم" ﻷن ﺟوازھﺎ ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﺗﻣس ﻋﻧد ﻋﺟز اﻷﺻل وﺑﮭذه‬
‫اﻷﺷﯾﺎء ﯾﺗﺣﻘق اﻟﻌﺟز‪ .‬وإﻧﻣﺎ اﻋﺗﺑرﻧﺎ اﻟﺳﻔر ﻷن اﻟﻣﻌﺟز ﺑﻌد اﻟﻣﺳﺎﻓﺔ وﻣدة اﻟﺳﻔر ﺑﻌﯾدة ﺣﻛﻣﺎ ﺣﺗﻰ أدﯾر ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻋدة‬
‫ﻣن اﻷﺣﻛﺎم ﻓﻛذا ﺳﺑﯾل‬

‫ھذا اﻟﺣﻛم‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ إن ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻟو ﻏدا ﻷداء اﻟﺷﮭﺎدة ﻻ‬ ‫ص ‪-130-‬‬
‫ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﺑﯾت ﻓﻲ أھﻠﮫ ﺻﺢ اﻹﺷﮭﺎد إﺣﯾﺎء ﻟﺣﻘوق اﻟﻧﺎس‪ ،‬ﻗﺎﻟوا‪ :‬اﻷول أﺣﺳن واﻟﺛﺎﻧﻲ أرﻓق وﺑﮫ أﺧذ اﻟﻔﻘﯾﮫ أﺑو‬
‫اﻟﻠﯾث‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻋدل ﺷﮭود اﻷﺻل ﺷﮭود اﻟﻔرع ﺟﺎز" ﻷﻧﮭم ﻣن أھل اﻟﺗزﻛﯾﺔ "وﻛذا إذا ﺷﮭد ﺷﺎھدان ﻓﻌدل أﺣدھﻣﺎ‬
‫اﻵﺧر ﺻﺢ" ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ ،‬ﻏﺎﯾﺔ اﻷﻣر أن ﻓﯾﮫ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻟﻛن اﻟﻌدل ﻻ ﯾﺗﮭم ﺑﻣﺛﻠﮫ ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﮭم ﻓﻲ‬
‫ﺷﮭﺎدة ﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬ﻛﯾف وأن ﻗوﻟﮫ ﻓﻲ ﺣق ﻧﻔﺳﮫ وإن ردت ﺷﮭﺎدة ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻓﻼ ﺗﮭﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﺳﻛﺗوا ﻋن ﺗﻌدﯾﻠﮭم ﺟﺎز وﻧظر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﮭم" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﺗﻘﺑل ﻷﻧﮫ ﻻ ﺷﮭﺎدة إﻻ ﺑﺎﻟﻌداﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻟم ﯾﻌرﻓوھﺎ ﻟم ﯾﻧﻘﻠوا اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻼ ﯾﻘﺑل‪ .‬وﻷﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‬
‫أن اﻟﻣﺄﺧوذ ﻋﻠﯾﮭم اﻟﻧﻘل دون اﻟﺗﻌدﯾل‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻗد ﯾﺧﻔﻰ ﻋﻠﯾﮭم‪ ،‬وإذا ﻧﻘﻠوا ﯾﺗﻌرف اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻌداﻟﺔ ﻛﻣﺎ إذا ﺣﺿروا‬
‫ﺑﺄﻧﻔﺳﮭم وﺷﮭدوا‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن أﻧﻛر ﺷﮭود اﻷﺻل اﻟﺷﮭﺎدة ﻟم ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدة اﻟﺷﮭود اﻟﻔرع" ﻷن اﻟﺗﺣﻣﯾل ﻟم ﯾﺛﺑت ﻟﻠﺗﻌﺎرض ﺑﯾن‬
‫اﻟﺧﺑرﯾن وھو ﺷرط‪" .‬وإذا ﺷﮭد رﺟﻼن ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدة رﺟﻠﯾن ﻋﻠﻰ ﻓﻼﻧﺔ ﺑﻧت ﻓﻼن اﻟﻔﻼﻧﯾﺔ ﺑﺄﻟف درھم‪ ،‬وﻗﺎﻻ‬
‫أﺧﺑراﻧﺎ أﻧﮭﻣﺎ ﯾﻌرﻓﺎﻧﮭﺎ ﻓﺟﺎء ﺑﺎﻣرأة وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﻧدري أھﻲ ھذه أم ﻻ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻘﺎل ﻟﻠﻣدﻋﻲ ھﺎت ﺷﺎھدﯾن ﯾﺷﮭدان‬
‫أﻧﮭﺎ ﻓﻼﻧﺔ" ﻷن اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻗد ﺗﺣﻘﻘت واﻟﻣدﻋﻲ ﯾدﻋﻲ اﻟﺣق ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎﺿرة وﻟﻌﻠﮭﺎ ﻏﯾرھﺎ ﻓﻼ‬
‫ﺑد ﻣن ﺗﻌرﯾﻔﮭﺎ ﺑﺗﻠك اﻟﻧﺳﺑﺔ‪ ،‬وﻧظﯾر ھذا إذا ﺗﺣﻣﻠوا اﻟﺷﮭﺎدة ﺑﺑﯾﻊ ﻣﺣدودة ﺑذﻛر ﺣدودھﺎ وﺷﮭدوا ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺗري ﻻ‬
‫ﺑد ﻣن آﺧرﯾن ﯾﺷﮭدان ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺣدود ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻛذا إذا أﻧﻛر اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ أن اﻟﺣدود اﻟﻣذﻛورة‬
‫ﻓﻲ اﻟﺷﮭﺎدة ﺣدود ﻣﺎ ﻓﻲ ﯾده‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذا ﻛﺗﺎب اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ" ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺷﮭﺎدة إﻻ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻛﻣﺎل دﯾﺎﻧﺗﮫ ووﻓور‬
‫وﻻﯾﺗﮫ ﯾﻧﻔرد ﺑﺎﻟﻧﻘل "وﻟو ﻗﺎﻟوا ﻓﻲ ھذﯾن اﻟﺑﺎﺑﯾن اﻟﺗﻣﯾﻣﯾﺔ ﻟم ﯾﺟز ﺣﺗﻰ ﯾﻧﺳﺑوھﺎ إﻟﻰ ﻓﺧذھﺎ" وھﻲ اﻟﻘﺑﯾﻠﺔ‬
‫اﻟﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﺗﻌرﯾف ﻻ ﺑد ﻣﻧﮫ ﻓﻲ ھذا‪ ،‬وﻻ ﯾﺣﺻل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻣﺔ وھﻲ ﻋﺎﻣﺔ إﻟﻰ ﺑﻧﻲ ﺗﻣﯾم ﻷﻧﮭم‬
‫ﻗوم ﻻ ﯾﺣﺻون‪ ،‬وﯾﺣﺻل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﺧذ ﻷﻧﮭﺎ ﺧﺎﺻﺔ‪ .‬وﻗﯾل اﻟﻔرﻏﺎﻧﯾﺔ ﻧﺳﺑﺔ ﻋﺎﻣﺔ واﻷوزﺟﻧدﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪،‬‬
‫"وﻗﯾل اﻟﺳﻣرﻗﻧدﯾﺔ واﻟﺑﺧﺎرﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ" وﻗﯾل إﻟﻰ اﻟﺳﻛﺔ اﻟﺻﻐﯾرة ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬وإﻟﻰ اﻟﻣﺣﻠﺔ اﻟﻛﺑﯾرة واﻟﻣﺻر ﻋﺎﻣﺔ‪ .‬ﺛم‬
‫اﻟﺗﻌرﯾف وإن ﻛﺎن ﯾﺗم ﺑذﻛر اﻟﺟد ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‬

‫ﺧﻼﻓﺎ ﻷﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﻋﻠﻰ ظﺎھر اﻟرواﯾﺎت‪ ،‬ﻓذﻛر اﻟﻔﺧذ ﯾﻘوم ﻣﻘﺎم اﻟﺟد ﻷﻧﮫ‬ ‫ص ‪-131-‬‬
‫اﺳم اﻟﺟد اﻷﻋﻠﻰ ﻓﻧزل ﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺟد اﻷدﻧﻰ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪" :‬ﻗﺎل أﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﺷﺎھد اﻟزور أﺷﮭره ﻓﻲ اﻟﺳوق وﻻ أﻋزره‪.‬‬
‫وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻧوﺟﻌﮫ ﺿرﺑﺎ وﻧﺣﺑﺳﮫ" وھو ﻗول اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ ﻣﺎ روي ﻋن ﻋﻣر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ أﻧﮫ ﺿرب‬
‫ﺷﺎھد اﻟزور أرﺑﻌﯾن ﺳوطﺎ وﺳﺧم وﺟﮭﮫ‪ ،‬وﻷن ھذه ﻛﺑﯾرة ﯾﺗﻌدى ﺿررھﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﺑﺎد وﻟﯾس ﻓﯾﮭﺎ ﺣد ﻣﻘدر ﻓﯾﻌزر‪.‬‬
‫وﻟﮫ أن ﺷرﯾﺣﺎ ﻛﺎن ﯾﺷﮭر وﻻ ﯾﺿرب‪ ،‬وﻷن اﻻﻧزﺟﺎر ﯾﺣﺻل ﺑﺎﻟﺗﺷﮭﯾر ﻓﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﮫ‪ ،‬واﻟﺿرب وإن ﻛﺎن ﻣﺑﺎﻟﻐﺔ‬
‫ﻓﻲ اﻟزﺟر وﻟﻛﻧﮫ ﯾﻘﻊ ﻣﺎﻧﻌﺎ ﻋن اﻟرﺟوع ﻓوﺟب اﻟﺗﺧﻔﯾف ﻧظرا إﻟﻰ ھذا اﻟوﺟﮫ‪ .‬وﺣدﯾث ﻋﻣر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‬
‫ﻣﺣﻣول ﻋﻠﻰ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﺑدﻻﻟﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ إﻟﻰ اﻷرﺑﻌﯾن واﻟﺗﺳﺧﯾم ﺛم ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺗﺷﮭﯾر ﻣﻧﻘول ﻋن ﺷرﯾﺢ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﺈﻧﮫ‬
‫ﻛﺎن ﯾﺑﻌﺛﮫ إﻟﻰ ﺳوﻗﮫ إن ﻛﺎن ﺳوﻗﯾﺎ‪ ،‬وإﻟﻰ ﻗوﻣﮫ إن ﻛﺎن ﻏﯾر ﺳوﻗﻲ ﺑﻌد اﻟﻌﺻر أﺟﻣﻊ ﻣﺎ ﻛﺎﻧوا‪ ،‬وﯾﻘول‪ :‬إن‬
‫ﺷرﯾﺣﺎ ﯾﻘرﺋﻛم اﻟﺳﻼم وﯾﻘول‪ :‬إﻧﺎ وﺟدﻧﺎ ھذا ﺷﺎھد زور ﻓﺎﺣذروه وﺣذروا اﻟﻧﺎس ﻣﻧﮫ‪ .‬وذﻛر ﺷﻣس اﻷﺋﻣﺔ‬
‫اﻟﺳرﺧﺳﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﯾﺷﮭر ﻋﻧدھﻣﺎ أﯾﺿﺎ‪ .‬واﻟﺗﻌزﯾر واﻟﺣﺑس ﻋﻠﻰ ﻗدر ﻣﺎ ﯾراه اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻧدھﻣﺎ‪ ،‬وﻛﯾﻔﯾﺔ‬
‫اﻟﺗﻌزﯾر ذﻛرﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﺣدود‪.‬‬
‫"وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬ﺷﺎھدان أﻗرا أﻧﮭﻣﺎ ﺷﮭدا ﺑزور ﻟم ﯾﺿرﺑﺎ وﻗﺎﻻ ﯾﻌزران" وﻓﺎﺋدﺗﮫ أن ﺷﺎھد اﻟزور ﻓﻲ‬
‫ﺣق ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻣن اﻟﺣﻛم ھو اﻟﻣﻘر ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ ﺑذﻟك‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ ﻻ طرﯾق إﻟﻰ إﺛﺑﺎت ذﻟك ﺑﺎﻟﺑﯾﻧﺔ ﻷﻧﮫ ﻧﻔﻲ ﻟﻠﺷﮭﺎدة‬
‫واﻟﺑﯾﻧﺎت ﻟﻺﺛﺑﺎت‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب وإﻟﯾﮫ اﻟﻣرﺟﻊ واﻟﻣﺂب‪.‬‬
‫ﻛﺗﺎب اﻟرﺟوع ﻋن اﻟﺷﮭﺎدة‬ ‫ص ‪-132-‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬إذا رﺟﻊ اﻟﺷﮭود ﻋن ﺷﮭﺎدﺗﮭم ﻗﺑل اﻟﺣﻛم ﺑﮭﺎ ﺳﻘطت" ﻷن اﻟﺣق إﻧﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء واﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﻘﺿﻲ‬
‫ﺑﻛﻼم ﻣﺗﻧﺎﻗض وﻻ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ ﻷﻧﮭﻣﺎ ﻣﺎ أﺗﻠﻔﺎ ﺷﯾﺋﺎ ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﻋﻲ وﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﮭود ﻋﻠﯾﮫ "ﻓﺈن ﺣﻛم‬
‫ﺑﺷﮭﺎدﺗﮭم ﺛم رﺟﻌوا ﻟم ﯾﻔﺳﺦ اﻟﺣﻛم" ﻷن آﺧر ﻛﻼﻣﮭم ﯾﻧﺎﻗض أوﻟﮫ ﻓﻼ ﯾﻧﻘض اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﺗﻧﺎﻗض وﻷﻧﮫ ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺻدق ﻣﺛل اﻷول‪ ،‬وﻗد ﺗرﺟﺢ اﻷول ﺑﺎﺗﺻﺎل اﻟﻘﺿﺎء ﺑﮫ "وﻋﻠﯾﮭم ﺿﻣﺎن ﻣﺎ أﺗﻠﻔوه ﺑﺷﮭﺎدﺗﮭم" ﻹﻗرارھم‬
‫ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺳﮭم ﺑﺳﺑب اﻟﺿﻣﺎن‪ ،‬واﻟﺗﻧﺎﻗض ﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﺻﺣﺔ اﻹﻗرار‪ ،‬وﺳﻧﻘرره ﻣن ﺑﻌد إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬
‫"وﻻ ﯾﺻﺢ اﻟرﺟوع إﻻ ﺑﺣﺿرة اﻟﺣﺎﻛم" ﻷﻧﮫ ﻓﺳﺦ ﻟﻠﺷﮭﺎدة ﻓﯾﺧﺗص ﺑﻣﺎ ﺗﺧﺗص ﺑﮫ اﻟﺷﮭﺎدة ﻣن اﻟﻣﺟﻠس وھو‬
‫ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺎﺿﻲ أي ﻗﺎض ﻛﺎن‪ ،‬وﻷن اﻟرﺟوع ﺗوﺑﺔ واﻟﺗوﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺳب اﻟﺟﻧﺎﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺳر ﺑﺎﻟﺳر واﻹﻋﻼن ﺑﺎﻹﻋﻼن‪.‬‬
‫وإذا ﻟم ﯾﺻﺢ اﻟرﺟوع ﻓﻲ ﻏﯾر ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ ،‬ﻓﻠو ادﻋﻰ اﻟﻣﺷﮭود ﻋﻠﯾﮫ رﺟوﻋﮭﻣﺎ وأراد ﯾﻣﯾﻧﮭﻣﺎ ﻻ ﯾﺣﻠﻔﺎن‪،‬‬
‫وﻛذا ﻻ ﺗﻘﺑل ﺑﯾﻧﺗﮫ ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ ﻷﻧﮫ ادﻋﻰ رﺟوﻋﺎ ﺑﺎطﻼ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو أﻗﺎم اﻟﺑﯾﻧﺔ أﻧﮫ رﺟﻊ ﻋﻧد ﻗﺎﺿﻲ ﻛذا وﺿﻣﻧﮫ اﻟﻣﺎل‬
‫ﺗﻘﺑل ﻷن اﻟﺳﺑب ﺻﺣﯾﺢ‪" .‬وإذا ﺷﮭد ﺷﺎھدان ﺑﻣﺎل ﻓﺣﻛم اﻟﺣﺎﻛم ﺑﮫ ﺛم رﺟﻌﺎ ﺿﻣﻧﺎ اﻟﻣﺎل اﻟﻣﺷﮭود ﻋﻠﯾﮫ" ﻷن‬
‫اﻟﺗﺳﺑﯾب ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺗﻌدي ﺳﺑب اﻟﺿﻣﺎن ﻛﺣﺎﻓر اﻟﺑﺋر وﻗد ﺳﺑﺑﺎ ﻟﻺﺗﻼف ﺗﻌدﯾﺎ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ‬
‫ﯾﺿﻣﻧﺎن ﻷﻧﮫ ﻻ ﻋﺑرة ﻟﻠﺗﺳﺑﯾب ﻋﻧد وﺟود اﻟﻣﺑﺎﺷرة‪ .‬ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬ﺗﻌذر إﯾﺟﺎب اﻟﺿﻣﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑﺎﺷر وھو اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻷﻧﮫ‬
‫ﻛﺎﻟﻣﻠﺟﺈ إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬وﻓﻲ إﯾﺟﺎﺑﮫ ﺻرف اﻟﻧﺎس ﻋن ﺗﻘﻠده وﺗﻌذر اﺳﺗﯾﻔﺎﺋﮫ ﻣن اﻟﻣدﻋﻲ ﻷن اﻟﺣﻛم ﻣﺎض ﻓﺎﻋﺗﺑر‬
‫اﻟﺗﺳﺑﯾب‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺿﻣﻧﺎن إذا ﻗﺑض اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻣﺎل دﯾﻧﺎ ﻛﺎن أو ﻋﯾﻧﺎ‪ ،‬ﻷن اﻹﺗﻼف ﺑﮫ ﯾﺗﺣﻘق‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻻ ﻣﻣﺎﺛﻠﺔ ﺑﯾن‬
‫أﺧذ اﻟﻌﯾن وإﻟزام اﻟدﯾن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن رﺟﻊ أﺣدھﻣﺎ ﺿﻣن اﻟﻧﺻف" واﻷﺻل أن اﻟﻣﻌﺗﺑر ﻓﻲ ھذا ﺑﻘﺎء ﻣن ﺑﻘﻲ ﻻ رﺟوع ﻣن رﺟﻊ وﻗد ﺑﻘﻲ‬
‫ﻣن ﯾﺑﻘﻰ ﺑﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻧﺻف اﻟﺣق "وإن ﺷﮭدا ﺑﺎﻟﻣﺎل ﺛﻼﺛﺔ ﻓرﺟﻊ أﺣدھم ﻓﻼ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮫ" ﻷﻧﮫ ﺑﻘﻲ ﻣن ﺑﻘﻲ‬
‫ﺑﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻛل اﻟﺣق‪ ،‬وھذا ﻷن اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ﺑﺎق‬

‫ﺑﺎﻟﺣﺟﺔ‪ ،‬واﻟﻣﺗﻠف ﻣﺗﻰ اﺳﺗﺣق ﺳﻘط اﻟﺿﻣﺎن ﻓﺄوﻟﻰ أن ﯾﻣﺗﻧﻊ "ﻓﺈن رﺟﻊ اﻵﺧر ﺿﻣن‬ ‫ص ‪-133-‬‬
‫اﻟراﺟﻌﺎن ﻧﺻف اﻟﺣق" ﻷن ﺑﺑﻘﺎء أﺣدھم ﯾﺑﻘﻰ ﻧﺻف اﻟﺣق "وإن ﺷﮭد رﺟل واﻣرأﺗﺎن ﻓرﺟﻌت اﻣرأة ﺿﻣﻧت‬
‫رﺑﻊ اﻟﺣق" ﻟﺑﻘﺎء ﺛﻼﺛﺔ اﻷرﺑﺎع ﺑﺑﻘﺎء ﻣن ﺑﻘﻲ "وإن رﺟﻌﺗﺎ ﺿﻣﻧﺗﺎ ﻧﺻف اﻟﺣق" ﻷن ﺑﺷﮭﺎدة اﻟرﺟل ﺑﻘﻲ ﻧﺻف‬
‫اﻟﺣق "وإن ﺷﮭد رﺟل وﻋﺷرة ﻧﺳوة ﺛم رﺟﻊ ﺛﻣﺎن ﻓﻼ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮭن" ﻷﻧﮫ ﺑﻘﻲ ﻣن ﯾﺑﻘﻰ ﺑﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻛل اﻟﺣق‬
‫"ﻓﺈن رﺟﻌت أﺧرى ﻛﺎن ﻋﻠﯾﮭن رﺑﻊ اﻟﺣق" ﻷﻧﮫ ﺑﻘﻲ اﻟﻧﺻف ﺑﺷﮭﺎدة اﻟرﺟل واﻟرﺑﻊ ﺑﺷﮭﺎدة اﻟﺑﺎﻗﯾﺔ ﻓﺑﻘﻲ ﺛﻼﺛﺔ‬
‫اﻷرﺑﺎع "وإن رﺟﻊ اﻟرﺟل واﻟﻧﺳﺎء ﻓﻌﻠﻰ اﻟرﺟل ﺳدس اﻟﺣق وﻋﻠﻰ اﻟﻧﺳوة ﺧﻣﺳﺔ أﺳداﺳﮫ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ وﻋﻧدھﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟرﺟل اﻟﻧﺻف وﻋﻠﻰ اﻟﻧﺳوة اﻟﻧﺻف" ﻷﻧﮭن وإن ﻛﺛرن ﯾﻘﻣن ﻣﻘﺎم رﺟل واﺣد وﻟﮭذا‬
‫ﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدﺗﮭن إﻻ ﺑﺎﻧﺿﻣﺎم رﺟل واﺣد‪.‬‬
‫وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن ﻛل اﻣرأﺗﯾن ﻗﺎﻣﺗﺎ ﻣﻘﺎم رﺟل واﺣد‪ ،‬ﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻓﻲ ﻧﻘﺻﺎن ﻋﻘﻠﮭن‪:‬‬
‫"ﻋدﻟت ﺷﮭﺎدة اﺛﻧﺗﯾن ﻣﻧﮭن ﺑﺷﮭﺎدة رﺟل واﺣد" ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﺷﮭد ﺑذﻟك ﺳﺗﺔ رﺟﺎل ﺛم رﺟﻌوا "وإن رﺟﻊ‬
‫اﻟﻧﺳوة اﻟﻌﺷرة دون اﻟرﺟل ﻛﺎن ﻋﻠﯾﮭن ﻧﺻف اﻟﺣق ﻋﻠﻰ اﻟﻘوﻟﯾن" ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪.‬‬
‫"وﻟو ﺷﮭد رﺟﻼن واﻣرأة ﺑﻣﺎل ﺛم رﺟﻌوا ﻓﺎﻟﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ دون اﻟﻣرأة" ﻷن اﻟواﺣدة ﻟﯾﺳت ﺑﺷﺎھدة ﺑل ھﻲ‬
‫ﺑﻌض اﻟﺷﺎھد ﻓﻼ ﯾﺿﺎف إﻟﯾﮫ اﻟﺣﻛم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﺷﮭد ﺷﺎھدان ﻋﻠﻰ اﻣرأة ﺑﺎﻟﻧﻛﺎح ﺑﻣﻘدار ﻣﮭر ﻣﺛﻠﮭﺎ ﺛم رﺟﻌﺎ ﻓﻼ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻛذﻟك إذا ﺷﮭدا‬
‫ﺑﺄﻗل ﻣن ﻣﮭر ﻣﺛﻠﮭﺎ" ﻷن ﻣﻧﺎﻓﻊ اﻟﺑﺿﻊ ﻏﯾر ﻣﺗﻘوﻣﺔ ﻋﻧد اﻹﺗﻼف ﻷن اﻟﺗﺿﻣﯾن ﯾﺳﺗدﻋﻲ اﻟﻣﻣﺎﺛﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋرف‪،‬‬
‫وإﻧﻣﺎ ﺗﺿﻣن وﺗﺗﻘوم ﺑﺎﻟﺗﻣﻠك ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺻﯾر ﻣﺗﻘوﻣﺔ ﺿرورة اﻟﻣﻠك إﺑﺎﻧﺔ ﻟﺧطر اﻟﻣﺣل "وﻛذا إذا ﺷﮭدا ﻋﻠﻰ رﺟل‬
‫ﯾﺗزوج اﻣرأة ﺑﻣﻘدار ﻣﮭر ﻣﺛﻠﮭﺎ" ﻷﻧﮫ إﺗﻼف ﺑﻌوض ﻟﻣﺎ أن اﻟﺑﺿﻊ ﻣﺗﻘوم ﺣﺎل اﻟدﺧول ﻓﻲ اﻟﻣﻠك واﻹﺗﻼف‬
‫ﺑﻌوض ﻛﻼ إﺗﻼف‪ ،‬وھذا ﻷن ﻣﺑﻧﻰ اﻟﺿﻣﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻣﺎﺛﻠﺔ وﻻ ﻣﻣﺎﺛﻠﺔ ﺑﯾن اﻹﺗﻼف ﺑﻌوض وﺑﯾﻧﮫ ﺑﻐﯾر ﻋوض‬
‫"وإن ﺷﮭدا ﺑﺄﻛﺛر ﻣن ﻣﮭر اﻟﻣﺛل ﺛم رﺟﻌﺎ ﺿﻣﻧﺎ اﻟزﯾﺎدة" ﻷﻧﮭﻣﺎ أﺗﻠﻔﺎھﺎ ﻣن ﻏﯾر ﻋوض‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﺷﮭدا ﺑﺑﯾﻊ ﺷﻲء ﺑﻣﺛل اﻟﻘﯾﻣﺔ أو أﻛﺛر ﺛم رﺟﻌﺎ ﻟم ﯾﺿﻣﻧﺎ" ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﺈﺗﻼف ﻣﻌﻧﻰ‪ .‬ﻧظرا إﻟﻰ‬
‫اﻟﻌوض "وإن ﻛﺎن ﺑﺄﻗل ﻣن اﻟﻘﯾﻣﺔ ﺿﻣﻧﺎ اﻟﻧﻘﺻﺎن" ﻷﻧﮭﻣﺎ أﺗﻠﻔﺎ ھذا اﻟﺟزء ﺑﻼ ﻋوض‪ .‬وﻻ ﻓرق ﺑﯾن أن ﯾﻛون‬
‫اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺎﺗﺎ أو ﻓﯾﮫ ﺧﯾﺎر اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬ﻷن اﻟﺳﺑب ھو اﻟﺑﯾﻊ اﻟﺳﺎﺑق ﻓﯾﺿﺎف اﻟﺣﻛم ﻋﻧد ﺳﻘوط اﻟﺧﯾﺎر إﻟﯾﮫ ﻓﯾﺿﺎف اﻟﺗﻠف‬
‫إﻟﯾﮭم "وإن ﺷﮭدا ﻋﻠﻰ رﺟل أﻧﮫ طﻠق اﻣرأﺗﮫ ﻗﺑل اﻟدﺧول ﺑﮭﺎ ﺛم رﺟﻌﺎ ﺿﻣﻧﺎ ﻧﺻف اﻟﻣﮭر" ﻷﻧﮭﻣﺎ أﻛدا ﺿﻣﺎﻧﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺷرف اﻟﺳﻘوط‪،‬‬

‫أﻻ ﺗرى أﻧﮭﺎ ﻟو طﺎوﻋت اﺑن اﻟزوج أو ارﺗدت ﺳﻘط اﻟﻣﮭر أﺻﻼ وﻷن اﻟﻔرﻗﺔ ﻗﺑل‬ ‫ص ‪-134-‬‬
‫اﻟدﺧول ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻔﺳﺦ ﻓﯾوﺟب ﺳﻘوط ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﮭر ﻛﻣﺎ ﻣر ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح‪ ،‬ﺛم ﯾﺟب ﻧﺻف اﻟﻣﮭر اﺑﺗداء ﺑطرﯾق‬
‫اﻟﻣﺗﻌﺔ ﻓﻛﺎن واﺟﺑﺎ ﺑﺷﮭﺎدﺗﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﺷﮭدا أﻧﮫ أﻋﺗق ﻋﺑده ﺛم رﺟﻌﺎ ﺿﻣﻧﺎ ﻗﯾﻣﺗﮫ" ﻷﻧﮭﻣﺎ أﺗﻠﻔﺎ ﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻌﺑد ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﻏﯾر ﻋوض واﻟوﻻء‬
‫ﻟﻠﻣﻌﺗق ﻷن اﻟﻌﺗق ﻻ ﯾﺗﺣول إﻟﯾﮭﻣﺎ ﺑﮭذا اﻟﺿﻣﺎن ﻓﻼ ﯾﺗﺣول اﻟوﻻء "وإن ﺷﮭدوا ﺑﻘﺻﺎص ﺛم رﺟﻌوا ﺑﻌد اﻟﻘﺗل‬
‫ﺿﻣﻧوا اﻟدﯾﺔ وﻻ ﯾﻘﺗص ﻣﻧﮭم" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﻘﺗص ﻣﻧﮭم ﻟوﺟود اﻟﻘﺗل ﻣﻧﮭم ﺗﺳﺑﯾﺑﺎ ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﻣﻛره ﺑل‬
‫أوﻟﻰ‪ ،‬ﻷن اﻟوﻟﻲ ﯾﻌﺎن واﻟﻣﻛره ﯾﻣﻧﻊ‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﻘﺗل ﻣﺑﺎﺷرة ﻟم ﯾوﺟد‪ ،‬وﻛذا ﺗﺳﺑﯾﺑﺎ ﻷن اﻟﺗﺳﺑﯾب ﻣﺎ ﯾﻔﺿﻲ إﻟﯾﮫ‬
‫ﻏﺎﻟﺑﺎ‪ ،‬وھﺎھﻧﺎ ﻻ ﯾﻔﺿﻲ ﻷن اﻟﻌﻔو ﻣﻧدوب‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﻛره ﻷﻧﮫ ﯾؤﺛر ﺣﯾﺎﺗﮫ ظﺎھرا‪ ،‬وﻷن اﻟﻔﻌل اﻻﺧﺗﯾﺎري ﻣﻣﺎ‬
‫ﯾﻘطﻊ اﻟﻧﺳﺑﺔ‪ ،‬ﺛم ﻻ أﻗل ﻣن اﻟﺷﺑﮭﺔ وھﻲ دارﺋﺔ ﻟﻠﻘﺻﺎص‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﺎل ﻷﻧﮫ ﯾﺛﺑت ﻣﻊ اﻟﺷﺑﮭﺎت واﻟﺑﺎﻗﻲ ﯾﻌرف‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣﺧﺗﻠف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا رﺟﻊ ﺷﮭود اﻟﻔرع ﺿﻣﻧوا" ﻷن اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻲ ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء ﺻدرت ﻣﻧﮭم ﻓﻛﺎن اﻟﺗﻠف ﻣﺿﺎﻓﺎ إﻟﯾﮭم‬
‫"وﻟو رﺟﻊ ﺷﮭود اﻷﺻل وﻗﺎﻟوا ﻟم ﻧﺷﮭد ﺷﮭود اﻟﻔرع ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدﺗﻧﺎ ﻓﻼ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮭم" ﻷﻧﮭم أﻧﻛروا اﻟﺳﺑب‬
‫وھو اﻹﺷﮭﺎد ﻓﻼ ﯾﺑطل اﻟﻘﺿﺎء ﻷﻧﮫ ﺧﺑر ﻣﺣﺗﻣل ﻓﺻﺎر ﻛرﺟوع اﻟﺷﺎھد‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﻘﺿﺎء "وإن ﻗﺎﻟوا‬
‫أﺷﮭدﻧﺎھم وﻏﻠطﻧﺎ ﺿﻣﻧوا وھذا ﻋﻧد ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬وﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ ﻻ ﺿﻣﺎن‬
‫ﻋﻠﯾﮭم" ﻷن اﻟﻘﺿﺎء وﻗﻊ ﺑﺷﮭﺎدة اﻟﻔروع ﻷن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻣﺎ ﯾﻌﺎﯾن ﻣن اﻟﺣﺟﺔ وھﻲ ﺷﮭﺎدﺗﮭم‪ .‬وﻟﮫ أن اﻟﻔروع‬
‫ﻧﻘﻠوا ﺷﮭﺎدة اﻷﺻول ﻓﺻﺎر ﻛﺄﻧﮭم ﺣﺿروا "وﻟو رﺟﻊ اﻷﺻول واﻟﻔروع ﺟﻣﯾﻌﺎ ﯾﺟب اﻟﺿﻣﺎن ﻋﻧدھﻣﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻔروع ﻻ ﻏﯾر" ﻷن اﻟﻘﺿﺎء وﻗﻊ ﺑﺷﮭﺎدﺗﮭم‪ :‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ اﻟﻣﺷﮭود ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬إن ﺷﺎء ﺿﻣن‬
‫اﻷﺻول وإن ﺷﺎء ﺿﻣن اﻟﻔروع‪ ،‬ﻷن اﻟﻘﺿﺎء وﻗﻊ ﺑﺷﮭﺎدة اﻟﻔروع ﻣن اﻟوﺟﮫ اﻟذي ذﻛرا وﺑﺷﮭﺎدة اﻷﺻول ﻣن‬
‫اﻟوﺟﮫ اﻟذي ذﻛر ﻓﯾﺗﺧﯾر ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬واﻟﺟﮭﺗﺎن ﻣﺗﻐﺎﯾرﺗﺎن ﻓﻼ ﯾﺟﻣﻊ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﺿﻣﯾن "وإن ﻗﺎل ﺷﮭود اﻟﻔرع ﻛذب‬
‫ﺷﮭود اﻷﺻل أو ﻏﻠطوا ﻓﻲ ﺷﮭﺎدﺗﮭم ﻟم ﯾﻠﺗﻔت إﻟﻰ ذﻟك" ﻷن ﻣﺎ أﻣﺿﻲ ﻣن اﻟﻘﺿﺎء ﻻ ﯾﻧﺗﻘض ﺑﻘوﻟﮭم‪ ،‬وﻻ ﯾﺟب‬
‫اﻟﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮭم ﻷﻧﮭم ﻣﺎ رﺟﻌوا ﻋن ﺷﮭﺎدﺗﮭم إﻧﻣﺎ ﺷﮭدوا ﻋﻠﻰ ﻏﯾرھم ﺑﺎﻟرﺟوع‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن رﺟﻊ اﻟﻣزﻛون ﻋن اﻟﺗزﻛﯾﺔ ﺿﻣﻧوا وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾﺿﻣﻧون" ﻷﻧﮭم أﺛﻧوا‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺷﮭود ﺧﯾرا ﻓﺻﺎروا ﻛﺷﮭود اﻹﺣﺻﺎن‪ .‬وﻟﮫ أن اﻟﺗزﻛﯾﺔ إﻋﻣﺎل ﻟﻠﺷﮭﺎدة‪ ،‬إذ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﻌﻣل ﺑﮭﺎ إﻻ‬
‫ﺑﺎﻟﺗزﻛﯾﺔ ﻓﺻﺎرت ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻋﻠﺔ اﻟﻌﻠﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺷﮭود اﻹﺣﺻﺎن ﻷﻧﮫ ﺷرط ﻣﺣض "وإذا ﺷﮭد ﺷﺎھدان ﺑﺎﻟﯾﻣﯾن‬
‫وﺷﺎھدان ﺑوﺟود اﻟﺷرط ﺛم رﺟﻌوا‬

‫ﻓﺎﻟﺿﻣﺎن ﻋﻠﻰ ﺷﮭود اﻟﯾﻣﯾن ﺧﺎﺻﺔ" ﻷﻧﮫ ھو اﻟﺳﺑب‪ ،‬واﻟﺗﻠف ﯾﺿﺎف إﻟﻰ ﻣﺛﺑﺗﻲ‬ ‫ص ‪-135-‬‬
‫اﻟﺳﺑب دون اﻟﺷرط اﻟﻣﺣض‪ :‬أﻻ ﺗرى أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺷﮭﺎدة اﻟﯾﻣﯾن دون ﺷﮭود اﻟﺷرط‪ ،‬وﻟو رﺟﻊ ﺷﮭود‬
‫اﻟﺷرط وﺣدھم اﺧﺗﻠف اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ ﻓﯾﮫ‪ .‬وﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﯾﻣﯾن اﻟﻌﺗﺎق واﻟطﻼق ﻗﺑل اﻟدﺧول‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻟوﻛﺎﻟﺔ‬ ‫ص ‪-136-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬ﻛل ﻋﻘد ﺟﺎز أن ﯾﻌﻘده اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻧﻔﺳﮫ ﺟﺎز أن ﯾوﻛل ﺑﮫ ﻏﯾره" ﻷن اﻹﻧﺳﺎن ﻗد ﯾﻌﺟز ﻋن اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﺑﻧﻔﺳﮫ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر ﺑﻌض اﻷﺣوال ﻓﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ أن ﯾوﻛل ﻏﯾره ﻓﯾﻛون ﺑﺳﺑﯾل ﻣﻧﮫ دﻓﻌﺎ ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ‪ .‬وﻗد ﺻﺢ أن اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ‬
‫ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وﻛل ﺑﺎﻟﺷراء ﺣﻛﯾم ﺑن ﺣزام وﺑﺎﻟﺗزوﯾﺞ ﻋﻣر ﺑن أم ﺳﻠﻣﺔ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﺟوز اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻓﻲ ﺳﺎﺋر اﻟﺣﻘوق" ﻟﻣﺎ ﻗدﻣﻧﺎ ﻣن اﻟﺣﺎﺟﺔ إذ ﻟﯾس ﻛل أﺣد ﯾﮭﺗدي إﻟﻰ وﺟوه‬
‫اﻟﺧﺻوﻣﺎت‪ .‬وﻗد ﺻﺢ أن ﻋﻠﯾﺎ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ وﻛل ﻋﻘﯾﻼ‪ ،‬وﺑﻌدﻣﺎ أﺳن وﻛل ﻋﺑد ﷲ ﺑن ﺟﻌﻔر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‬
‫"وﻛذا ﺑﺈﯾﻔﺎﺋﮭﺎ واﺳﺗﯾﻔﺎﺋﮭﺎ إﻻ ﻓﻲ اﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص ﻓﺈن اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻻ ﺗﺻﺢ ﺑﺎﺳﺗﯾﻔﺎﺋﮭﺎ ﻣﻊ ﻏﯾﺑﺔ اﻟﻣوﻛل ﻋن‬
‫اﻟﻣﺟﻠس" ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻧدرئ ﺑﺎﻟﺷﺑﮭﺎت وﺷﺑﮭﺔ اﻟﻌﻔو ﺛﺎﺑﺗﺔ ﺣﺎل ﻏﯾﺑﺔ اﻟﻣوﻛل‪ ،‬ﺑل ھو اﻟظﺎھر ﻟﻠﻧدب اﻟﺷرﻋﻲ‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫ﻏﯾﺑﺔ اﻟﺷﺎھد ﻷن اﻟظﺎھر ﻋدم اﻟرﺟوع‪ ،‬وﺑﺧﻼف ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺣﺿرة ﻻﻧﺗﻔﺎء ھذه اﻟﺷﺑﮭﺔ‪ ،‬وﻟﯾس ﻛل أﺣد ﯾﺣﺳن‬
‫اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء‪ .‬ﻓﻠو ﻣﻧﻊ ﻋﻧﮫ ﯾﻧﺳد ﺑﺎب اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء أﺻﻼ‪ ،‬وھذا اﻟذي ذﻛرﻧﺎه ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪.‬‬
‫"وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﺗﺟوز اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺑﺈﺛﺑﺎت اﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﺷﮭود أﯾﺿﺎ" وﻣﺣﻣد ﻣﻊ أﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻗﯾل ﻣﻊ أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮭم ﷲ‪ ،‬وﻗﯾل ھذا اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﻏﯾﺑﺗﮫ دون ﺣﺿرﺗﮫ ﻷن ﻛﻼم اﻟوﻛﯾل ﯾﻧﺗﻘل إﻟﻰ‬
‫اﻟﻣوﻛل ﻋﻧد ﺣﺿوره ﻓﺻﺎر ﻛﺄﻧﮫ ﻣﺗﻛﻠم ﺑﻧﻔﺳﮫ‪ .‬ﻟﮫ أن اﻟﺗوﻛﯾل إﻧﺎﺑﺔ وﺷﺑﮭﺔ اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ ﯾﺗﺣرز ﻋﻧﮭﺎ ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺎب "ﻛﻣﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺷﮭﺎدة وﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء" وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺷرط ﻣﺣض ﻷن اﻟوﺟوب‬
‫ﻣﺿﺎف إﻟﻰ اﻟﺟﻧﺎﯾﺔ واﻟظﮭور إﻟﻰ اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﯾﺟري ﻓﯾﮫ اﻟﺗوﻛﯾل ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﺋر اﻟﺣﻘوق‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف اﻟﺗوﻛﯾل‬
‫ﺑﺎﻟﺟواب ﻣن ﺟﺎﻧب ﻣن ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺣد واﻟﻘﺻﺎص‪ .‬وﻛﻼم أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﯾﮫ أظﮭر ﻷن اﻟﺷﺑﮭﺔ ﻻ ﺗﻣﻧﻊ اﻟدﻓﻊ‪،‬‬
‫ﻏﯾر أن إﻗرار اﻟوﻛﯾل ﻏﯾر ﻣﻘﺑول ﻋﻠﯾﮫ ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن ﺷﺑﮭﺔ ﻋدم اﻷﻣر ﺑﮫ‪.‬‬
‫"وﻗﺎل أﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ إﻻ ﻣن ﻏﯾر رﺿﺎ اﻟﺧﺻم إﻻ أن‬

‫ﯾﻛون اﻟﻣوﻛل ﻣرﯾﺿﺎ أو ﻏﺎﺋﺑﺎ ﻣﺳﯾرة ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻓﺻﺎﻋدا‪ .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﺟوز اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﻐﯾر‬ ‫ص ‪-137-‬‬
‫رﺿﺎ اﻟﺧﺻم" وھو ﻗول اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬وﻻ ﺧﻼف ﻓﻲ اﻟﺟواز إﻧﻣﺎ اﻟﺧﻼف ﻓﻲ اﻟﻠزوم‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﺗوﻛﯾل‬
‫ﺗﺻرف ﻓﻲ ﺧﺎﻟص ﺣﻘﮫ ﻓﻼ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ رﺿﺎ ﻏﯾره ﻛﺎﻟﺗوﻛﯾل ﺑﺗﻘﺎﺿﻲ اﻟدﯾون‪ .‬وﻟﮫ أن اﻟﺟواب ﻣﺳﺗﺣق ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺧﺻم وﻟﮭذا ﯾﺳﺗﺣﺿره‪ ،‬واﻟﻧﺎس ﻣﺗﻔﺎوﺗون ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻠو ﻗﻠﻧﺎ ﺑﻠزوﻣﮫ ﯾﺗﺿرر ﺑﮫ ﻓﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ رﺿﺎه‬
‫ﻛﺎﻟﻌﺑد اﻟﻣﺷﺗرك إذا ﻛﺎﺗﺑﮫ أﺣدھﻣﺎ ﯾﺗﺧﯾر اﻵﺧر‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣرﯾض واﻟﻣﺳﺎﻓر ﻷن اﻟﺟواب ﻏﯾر ﻣﺳﺗﺣق ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ‬
‫ھﻧﺎﻟك‪ ،‬ﺛم ﻛﻣﺎ ﯾﻠزم اﻟﺗوﻛﯾل ﻋﻧده ﻣن اﻟﻣﺳﺎﻓر ﯾﻠزم إذا أراد اﻟﺳﻔر ﻟﺗﺣﻘق اﻟﺿرورة‪ ،‬وﻟو ﻛﺎﻧت اﻟﻣرأة ﻣﺧدرة ﻟم‬
‫ﺗﺟر ﻋﺎدﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟﺑروز وﺣﺿور ﻣﺟﻠس اﻟﺣﻛم ﻗﺎل اﻟرازي رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﻠزم اﻟﺗوﻛﯾل ﻷﻧﮭﺎ ﻟو ﺣﺿرت ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ أن‬
‫ﺗﻧطق ﺑﺣﻘﮭﺎ ﻟﺣﯾﺎﺋﮭﺎ ﻓﯾﻠزم ﺗوﻛﯾﻠﮭﺎ‪ .‬ﻗﺎل‪ :‬وھذا ﺷﻲء اﺳﺗﺣﺳﻧﮫ اﻟﻣﺗﺄﺧرون‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺷرط اﻟوﻛﺎﻟﺔ أن ﯾﻛون اﻟﻣوﻛل ﻣﻣن ﯾﻣﻠك اﻟﺗﺻرف وﺗﻠزﻣﮫ اﻷﺣﻛﺎم" ﻷن اﻟوﻛﯾل ﯾﻣﻠك اﻟﺗﺻرف‬
‫ﻣن ﺟﮭﺔ اﻟﻣوﻛل ﻓﻼ ﺑد أن ﯾﻛون اﻟﻣوﻛل ﻣﺎﻟﻛﺎ ﻟﯾﻣﻠﻛﮫ ﻣن ﻏﯾره‪" .‬و" ﯾﺷﺗرط أن ﯾﻛون "اﻟوﻛﯾل ﻣﻣن ﯾﻌﻘل اﻟﻌﻘد‬
‫وﯾﻘﺻده" ﻷﻧﮫ ﯾﻘوم ﻣﻘﺎم اﻟﻣوﻛل ﻓﻲ اﻟﻌﺑﺎرة ﻓﯾﺷﺗرط أن ﯾﻛون ﻣن أھل اﻟﻌﺑﺎرة ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎن ﺻﺑﯾﺎ ﻻ ﯾﻌﻘل أو‬
‫ﻣﺟﻧوﻧﺎ ﻛﺎن اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﺎطﻼ‪" .‬وإذا وﻛل اﻟﺣر اﻟﻌﺎﻗل اﻟﺑﺎﻟﻎ أو اﻟﻣﺄذون ﻣﺛﻠﮭﻣﺎ ﺟﺎز" ﻷن اﻟﻣوﻛل ﻣﺎﻟك ﻟﻠﺗﺻرف‬
‫واﻟوﻛﯾل ﻣن أھل اﻟﻌﺑﺎرة "وإن وﻛﻼ ﺻﺑﯾﺎ ﻣﺣﺟورا ﯾﻌﻘل اﻟﺑﯾﻊ واﻟﺷراء أو ﻋﺑدا ﻣﺣﺟورا ﺟﺎز‪ ،‬وﻻ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﮭﻣﺎ‬
‫اﻟﺣﻘوق وﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣوﻛﻠﮭﻣﺎ" ﻷن اﻟﺻﺑﻲ ﻣن أھل اﻟﻌﺑﺎرة؛ أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﯾﻧﻔذ ﺗﺻرﻓﮫ ﺑﺈذن وﻟﯾﮫ‪ ،‬واﻟﻌﺑد ﻣن أھل‬
‫اﻟﺗﺻرف ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ ﻣﺎﻟك ﻟﮫ وإﻧﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣوﻟﻰ‪ ،‬واﻟﺗوﻛﯾل ﻟﯾس ﺗﺻرﻓﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﮫ إﻻ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺻﺢ‬
‫ﻣﻧﮭﻣﺎ اﻟﺗزام اﻟﻌﮭدة‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺻﺑﻲ ﻟﻘﺻور أھﻠﯾﺗﮫ واﻟﻌﺑد ﻟﺣق ﺳﯾده ﻓﺗﻠزم اﻟﻣوﻛل‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أن‬
‫اﻟﻣﺷﺗري إذا ﻟم ﯾﻌﻠم ﺑﺣﺎل اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺛم ﻋﻠم أﻧﮫ ﺻﺑﻲ أو ﻣﺟﻧون ﻟﮫ ﺧﯾﺎر اﻟﻔﺳﺦ ﻷﻧﮫ دﺧل ﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ أن ﺣﻘوﻗﮫ‬
‫ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻌﺎﻗد‪ ،‬ﻓﺈذا ظﮭر ﺧﻼﻓﮫ ﯾﺗﺧﯾر ﻛﻣﺎ إذا ﻋﺛر ﻋﻠﻰ ﻋﯾب‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﻌﻘد اﻟذي ﯾﻌﻘده اﻟوﻛﻼء ﻋﻠﻰ ﺿرﺑﯾن‪ :‬ﻛل ﻋﻘد ﯾﺿﯾﻔﮫ اﻟوﻛﯾل إﻟﻰ ﻧﻔﺳﮫ ﻛﺎﻟﺑﯾﻊ واﻹﺟﺎرة ﻓﺣﻘوﻗﮫ‬
‫ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟوﻛﯾل دون اﻟﻣوﻛل"‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣوﻛل؛ ﻷن اﻟﺣﻘوق ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﺣﻛم اﻟﺗﺻرف‪،‬‬
‫واﻟﺣﻛم وھو اﻟﻣﻠك ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣوﻛل‪ ،‬ﻓﻛذا ﺗواﺑﻌﮫ وﺻﺎر ﻛﺎﻟرﺳول واﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﻧﻛﺎح‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟوﻛﯾل ھو اﻟﻌﺎﻗد‬
‫ﺣﻘﯾﻘﺔ؛ ﻷن اﻟﻌﻘد ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﻛﻼم‪ ،‬وﺻﺣﺔ ﻋﺑﺎرﺗﮫ ﻟﻛوﻧﮫ آدﻣﯾﺎ وﻛذا ﺣﻛﻣﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺳﺗﻐﻧﻲ ﻋن إﺿﺎﻓﺔ اﻟﻌﻘد إﻟﻰ‬
‫اﻟﻣوﻛل‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﺳﻔﯾرا ﻋﻧﮫ ﻟﻣﺎ اﺳﺗﻐﻧﻰ ﻋن ذﻟك ﻛﺎﻟرﺳول‪ ،‬وإذا ﻛﺎن ﻛذﻟك ﻛﺎن أﺻﯾﻼ ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق ﻓﺗﺗﻌﻠق ﺑﮫ‬

‫وﻟﮭذا ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب "ﯾﺳﻠم اﻟﻣﺑﯾﻊ وﯾﻘﺑض اﻟﺛﻣن وﯾطﺎﻟب ﺑﺎﻟﺛﻣن إذا اﺷﺗرى‪،‬‬ ‫ص ‪-138-‬‬
‫وﯾﻘﺑض اﻟﻣﺑﯾﻊ وﯾﺧﺎﺻم ﻓﻲ اﻟﻌﯾب وﯾﺧﺎﺻم ﻓﯾﮫ"؛ ﻷن ﻛل ذﻟك ﻣن اﻟﺣﻘوق واﻟﻣﻠك ﯾﺛﺑت ﻟﻠﻣوﻛل ﺧﻼﻓﺔ ﻋﻧﮫ‪،‬‬
‫اﻋﺗﺑﺎرا ﻟﻠﺗوﻛﯾل اﻟﺳﺎﺑق ﻛﺎﻟﻌﺑد ﯾﺗﮭب وﯾﺻطﺎد ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﻌﺑد اﻟﺿﻌﯾف‪ :‬وﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻌﯾب ﺗﻔﺻﯾل ﻧذﻛره‬
‫إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛل ﻋﻘد ﯾﺿﯾﻔﮫ إﻟﻰ ﻣوﻛﻠﮫ ﻛﺎﻟﻧﻛﺎح واﻟﺧﻠﻊ واﻟﺻﻠﺢ ﻋن دم اﻟﻌﻣد ﻓﺈن ﺣﻘوﻗﮫ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣوﻛل دون‬
‫اﻟوﻛﯾل ﻓﻼ ﯾطﺎﻟب وﻛﯾل اﻟزوج ﺑﺎﻟﻣﮭر وﻻ ﯾﻠزم وﻛﯾل اﻟﻣرأة ﺗﺳﻠﯾﻣﮭﺎ"؛ ﻷن اﻟوﻛﯾل ﻓﯾﮭﺎ ﺳﻔﯾر ﻣﺣض؛ أﻻ ﯾرى‬
‫أﻧﮫ ﻻ ﯾﺳﺗﻐﻧﻰ ﻋن إﺿﺎﻓﺔ اﻟﻌﻘد إﻟﻰ اﻟﻣوﻛل‪ ،‬وﻟو أﺿﺎﻓﮫ إﻟﻰ ﻧﻔﺳﮫ ﻛﺎن اﻟﻧﻛﺎح ﻟﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟرﺳول‪ ،‬وھذا؛ ﻷن‬
‫اﻟﺣﻛم ﻓﯾﮭﺎ ﻻ ﯾﻘﺑل اﻟﻔﺻل ﻋن اﻟﺳﺑب؛ ﻷﻧﮫ إﺳﻘﺎط ﻓﯾﺗﻼﺷﻰ ﻓﻼ ﯾﺗﺻور ﺻدوره ﻣن ﺷﺧص وﺛﺑوت ﺣﻛﻣﮫ ﻟﻐﯾره‬
‫ﻓﻛﺎن ﺳﻔﯾرا‪ .‬واﻟﺿرب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن أﺧواﺗﮫ اﻟﻌﺗق ﻋﻠﻰ ﻣﺎل واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ واﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﻛﺎر‪ .‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ھو‬
‫ﺟﺎر ﻣﺟرى اﻟﺑﯾﻊ ﻓﮭو ﻣن اﻟﺿرب اﻷول‪ ،‬واﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﮭﺑﺔ واﻟﺗﺻدق واﻹﻋﺎرة واﻹﯾداع واﻟرھن واﻹﻗراض ﺳﻔﯾر‬
‫أﯾﺿﺎ؛ ﻷن اﻟﺣﻛم ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﺑﺎﻟﻘﺑض‪ ،‬وأﻧﮫ ﯾﻼﻗﻲ ﻣﺣﻼ ﻣﻣﻠوﻛﺎ ﻟﻠﻐﯾر ﻓﻼ ﯾﺟﻌل أﺻﯾﻼ‪ ،‬وﻛذا إذا ﻛﺎن اﻟوﻛﯾل ﻣن‬
‫ﺟﺎﻧب اﻟﻣﻠﺗﻣس‪ ،‬وﻛذا اﻟﺷرﻛﺔ واﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﺎﻻﺳﺗﻘراض ﺑﺎطل ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟﻣﻠك ﻟﻠﻣوﻛل ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا طﺎﻟب اﻟﻣوﻛل اﻟﻣﺷﺗري ﺑﺎﻟﺛﻣن" "ﻓﻠﮫ أن ﯾﻣﻧﻌﮫ إﯾﺎه"؛ ﻷﻧﮫ أﺟﻧﺑﻲ ﻋن اﻟﻌﻘد وﺣﻘوﻗﮫ ﻟﻣﺎ أن اﻟﺣﻘوق‬
‫إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻗد "ﻓﺈن دﻓﻌﮫ إﻟﯾﮫ ﺟﺎز وﻟم ﯾﻛن ﻟﻠوﻛﯾل أن ﯾطﺎﻟﺑﮫ ﺑﮫ ﺛﺎﻧﯾﺎ "؛ ﻷن ﻧﻔس اﻟﺛﻣن اﻟﻣﻘﺑوض ﺣﻘﮫ وﻗد وﺻل‬
‫إﻟﯾﮫ‪ ،‬وﻻ ﻓﺎﺋدة ﻓﻲ اﻷﺧذ ﻣﻧﮫ ﺛم اﻟدﻓﻊ إﻟﯾﮫ‪ ،‬وﻟﮭذا ﻟو ﻛﺎن ﻟﻠﻣﺷﺗري ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﻛل دﯾن ﯾﻘﻊ اﻟﻣﻘﺎﺻﺔ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﻟﮫ‬
‫ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ دﯾن ﯾﻘﻊ اﻟﻣﻘﺎﺻﺔ ﺑدﯾن اﻟﻣوﻛل أﯾﺿﺎ دون دﯾن اﻟوﻛﯾل وﺑدﯾن اﻟوﻛﯾل إذا ﻛﺎن وﺣده إن ﻛﺎن ﯾﻘﻊ اﻟﻣﻘﺎﺻﺔ‬
‫ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ ﻟﻣﺎ أﻧﮫ ﯾﻣﻠك اﻹﺑراء ﻋﻧﮫ ﻋﻧدھﻣﺎ وﻟﻛﻧﮫ ﯾﺿﻣﻧﮫ ﻟﻠﻣوﻛل ﻓﻲ اﻟﻔﺻﻠﯾن‪.‬‬
‫ﺑﺎب اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ واﻟﺷراء‬
‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ اﻟﺷراء‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن وﻛل رﺟﻼ ﺑﺷراء ﺷﻲء ﻓﻼ ﺑد ﻣن ﺗﺳﻣﯾﺔ ﺟﻧﺳﮫ وﺻﻔﺗﮫ أو ﺟﻧﺳﮫ وﻣﺑﻠﻎ ﺛﻣﻧﮫ" ﻟﯾﺻﯾر اﻟﻔﻌل‬
‫اﻟﻣوﻛل ﺑﮫ ﻣﻌﻠوﻣﺎ ﻓﯾﻣﻛﻧﮫ اﻻﺋﺗﻣﺎر‪" ،‬إﻻ أن ﯾوﻛﻠﮫ وﻛﺎﻟﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﯾﻘول‪ :‬اﺑﺗﻊ ﻟﻲ ﻣﺎ رأﯾت"؛ ﻷﻧﮫ ﻓوض اﻷﻣر إﻟﻰ‬
‫رأﯾﮫ‪ ،‬ﻓﺄي ﺷﻲء ﯾﺷﺗرﯾﮫ ﯾﻛون ﻣﻣﺗﺛﻼ‪ .‬واﻷﺻل ﻓﯾﮫ أن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ‬

‫اﻟﯾﺳﯾرة ﺗﺗﺣﻣل ﻓﻲ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻛﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟوﺻف اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ‪ ،‬ﻷن ﻣﺑﻧﻰ اﻟﺗوﻛﯾل ﻋﻠﻰ‬ ‫ص ‪-139-‬‬
‫اﻟﺗوﺳﻌﺔ؛ ﻷﻧﮫ اﺳﺗﻌﺎﻧﺔ‪ .‬وﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎر ھذا اﻟﺷرط ﺑﻌض اﻟﺣرج وھو ﻣدﻓوع "ﺛم إن ﻛﺎن اﻟﻠﻔظ ﯾﺟﻣﻊ أﺟﻧﺎﺳﺎ أو ﻣﺎ‬
‫ھو ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻷﺟﻧﺎس ﻻ ﯾﺻﺢ اﻟﺗوﻛﯾل وإن ﺑﯾن اﻟﺛﻣن "؛ ﻷن ﺑذﻟك اﻟﺛﻣن ﯾوﺟد ﻣن ﻛل ﺟﻧس ﻓﻼ ﯾدرى ﻣراد‬
‫اﻵﻣر ﻟﺗﻔﺎﺣش اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ "وإن ﻛﺎن ﺟﻧﺳﺎ ﯾﺟﻣﻊ أﻧواﻋﺎ ﻻ ﯾﺻﺢ إﻻ ﺑﺑﯾﺎن اﻟﺛﻣن أو اﻟﻧوع"؛ ﻷﻧﮫ ﺑﺗﻘدﯾر اﻟﺛﻣن‬
‫ﯾﺻﯾر اﻟﻧوع ﻣﻌﻠوﻣﺎ‪ ،‬وﺑذﻛر اﻟﻧوع ﺗﻘل اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﻼ ﺗﻣﻧﻊ اﻻﻣﺗﺛﺎل‪.‬‬
‫ﻣﺛﺎﻟﮫ‪ :‬إذا وﻛﻠﮫ ﺑﺷراء ﻋﺑد أو ﺟﺎرﯾﺔ ﻻ ﯾﺻﺢ؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺷﻣل أﻧواﻋﺎ ﻓﺈن ﺑﯾن اﻟﻧوع ﻛﺎﻟﺗرﻛﻲ واﻟﺣﺑﺷﻲ أو اﻟﮭﻧدي أو‬
‫اﻟﺳﻧدي أو اﻟﻣوﻟد ﺟﺎز‪ ،‬وﻛذا إذا ﺑﯾن اﻟﺛﻣن ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‪ ،‬وﻟو ﺑﯾن اﻟﻧوع أو اﻟﺛﻣن وﻟم ﯾﺑﯾن اﻟﺻﻔﺔ واﻟﺟودة واﻟرداءة‬
‫واﻟﺳطﺔ ﺟﺎز؛ ﻷﻧﮫ ﺟﮭﺎﻟﺔ ﻣﺳﺗدرﻛﺔ‪ ،‬وﻣراده ﻣن اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣذﻛورة ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻧوع‪.‬‬
‫"وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬وﻣن ﻗﺎل ﻵﺧر اﺷﺗر ﻟﻲ ﺛوﺑﺎ أو داﺑﺔ أو دارا ﻓﺎﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺑﺎطﻠﺔ" ﻟﻠﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﻔﺎﺣﺷﺔ‪ ،‬ﻓﺈن‬
‫اﻟداﺑﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﺳم ﻟﻣﺎ ﯾدب ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻌرف ﯾطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﺧﯾل واﻟﺣﻣﺎر واﻟﺑﻐل ﻓﻘد ﺟﻣﻊ‬
‫أﺟﻧﺎﺳﺎ‪ ،‬وﻛذا اﻟﺛوب؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺗﻧﺎول اﻟﻣﻠﺑوس ﻣن اﻷطﻠس إﻟﻰ اﻟﻛﺳﺎء وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺻﺢ ﺗﺳﻣﯾﺗﮫ ﻣﮭرا وﻛذا اﻟدار ﺗﺷﻣل‬
‫ﻣﺎ ھو ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻷﺟﻧﺎس؛ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺧﺗﻠف اﺧﺗﻼﻓﺎ ﻓﺎﺣﺷﺎ ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻷﻏراض واﻟﺟﯾران واﻟﻣراﻓق واﻟﻣﺣﺎل واﻟﺑﻠدان‬
‫ﻓﯾﺗﻌذر اﻻﻣﺗﺛﺎل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وإن ﺳﻣﻰ ﺛﻣن اﻟدار ووﺻف ﺟﻧس اﻟدار واﻟﺛوب ﺟﺎز" ﻣﻌﻧﺎه ﻧوﻋﮫ‪ ،‬وﻛذا إذا ﺳﻣﻰ ﻧوع اﻟداﺑﺔ ﺑﺄن ﻗﺎل‬
‫ﺣﻣﺎرا أو ﻧﺣوه‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن دﻓﻊ إﻟﻰ آﺧر دراھم وﻗﺎل اﺷﺗر ﻟﻲ ﺑﮭﺎ طﻌﺎﻣﺎ ﻓﮭو ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻧطﺔ ودﻗﯾﻘﮭﺎ" اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ‪ .‬واﻟﻘﯾﺎس أن‬
‫ﯾﻛون ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣطﻌوم اﻋﺗﺑﺎرا ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﯾﻣﯾن ﻋﻠﻰ اﻷﻛل إذ اﻟطﻌﺎم اﺳم ﻟﻣﺎ ﯾطﻌم‪ .‬وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أن‬
‫اﻟﻌرف أﻣﻠك وھو ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه إذا ذﻛر ﻣﻘروﻧﺎ ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ واﻟﺷراء وﻻ ﻋرف ﻓﻲ اﻷﻛل ﻓﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟوﺿﻊ‪ ،‬وﻗﯾل‬
‫إن ﻛﺛرت اﻟدراھم ﻓﻌﻠﻰ اﻟﺣﻧطﺔ‪ ،‬وإن ﻗﻠت ﻓﻌﻠﻰ اﻟﺧﺑز‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن ذﻟك ﻓﻌﻠﻰ اﻟدﻗﯾق‪ .‬ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺷﺗرى‬
‫اﻟوﻛﯾل وﻗﺑض ﺛم اطﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﯾب ﻓﻠﮫ أن ﯾرده ﺑﺎﻟﻌﯾب ﻣﺎ دام اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﻲ ﯾده"؛ ﻷﻧﮫ ﻣن ﺣﻘوق اﻟﻌﻘد وھﻲ ﻛﻠﮭﺎ‬
‫إﻟﯾﮫ "ﻓﺈن ﺳﻠﻣﮫ إﻟﻰ اﻟﻣوﻛل ﻟم ﯾرده إﻻ ﺑﺈذﻧﮫ"؛ ﻷﻧﮫ اﻧﺗﮭﻰ ﺣﻛم اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ ،‬وﻷن ﻓﯾﮫ إﺑطﺎل ﯾده اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻓﻼ ﯾﺗﻣﻛن‬
‫ﻣﻧﮫ إﻻ ﺑﺈذﻧﮫ‪ ،‬وﻟﮭذا ﻛﺎن ﺧﺻﻣﺎ ﻟﻣن ﯾدﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺗري دﻋوى ﻛﺎﻟﺷﻔﯾﻊ وﻏﯾره ﻗﺑل اﻟﺗﺳﻠﯾم إﻟﻰ اﻟﻣوﻛل ﻻ ﺑﻌده‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﻌﻘد اﻟﺻرف واﻟﺳﻠم"؛ ﻷﻧﮫ ﻋﻘد ﯾﻣﻠﻛﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻓﯾﻣﻠك اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﮫ‬ ‫ص ‪-140-‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ ،‬وﻣراده اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﺎﻹﺳﻼم دون ﻗﺑول اﻟﺳﻠم؛ ﻷن ذﻟك ﻻ ﯾﺟوز‪ ،‬ﻓﺈن اﻟوﻛﯾل ﯾﺑﯾﻊ طﻌﺎﻣﺎ ﻓﻲ ذﻣﺗﮫ ﻋﻠﻰ‬
‫أن ﯾﻛون اﻟﺛﻣن ﻟﻐﯾره‪ ،‬وھذا ﻻ ﯾﺟوز‪" .‬ﻓﺈن ﻓﺎرق اﻟوﻛﯾل ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﺑطل اﻟﻌﻘد" ﻟوﺟود اﻻﻓﺗراق ﻣن‬
‫ﻏﯾر ﻗﺑض "وﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻟﻣوﻛل"؛ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﻌﺎﻗد واﻟﻣﺳﺗﺣق ﺑﺎﻟﻌﻘد ﻗﺑض اﻟﻌﺎﻗد وھو اﻟوﻛﯾل ﻓﯾﺻﺢ ﻗﺑﺿﮫ‬
‫وإن ﻛﺎن ﻻ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﮫ اﻟﺣﻘوق ﻛﺎﻟﺻﺑﻲ واﻟﻌﺑد اﻟﻣﺣﺟور ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟرﺳول؛ ﻷن اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻻ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻘﺑض‪ ،‬وﯾﻧﺗﻘل ﻛﻼﻣﮫ إﻟﻰ اﻟﻣرﺳل ﻓﺻﺎر ﻗﺑض اﻟرﺳول ﻗﺑض ﻏﯾر اﻟﻌﺎﻗد ﻓﻠم ﯾﺻﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا دﻓﻊ اﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺷراء اﻟﺛﻣن ﻣن ﻣﺎﻟﮫ وﻗﺑض اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﻠﮫ أن ﯾرﺟﻊ ﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﻛل"؛ ﻷﻧﮫ اﻧﻌﻘدت‬
‫ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻣﺑﺎدﻟﺔ ﺣﻛﻣﯾﺔ وﻟﮭذا إذا اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ اﻟﺛﻣن ﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎن وﯾرد اﻟﻣوﻛل ﺑﺎﻟﻌﯾب ﻋﻠﻰ اﻟوﻛﯾل وﻗد ﺳﻠم اﻟﻣﺷﺗري‬
‫ﻟﻠﻣوﻛل ﻣن ﺟﮭﺔ اﻟوﻛﯾل ﻓﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ وﻷن اﻟﺣﻘوق ﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت راﺟﻌﺔ إﻟﯾﮫ وﻗد ﻋﻠﻣﮫ اﻟﻣوﻛل ﯾﻛون راﺿﯾﺎ ﺑدﻓﻌﮫ‬
‫ﻣن ﻣﺎﻟﮫ "ﻓﺈن ھﻠك اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﻲ ﯾده ﻗﺑل ﺣﺑﺳﮫ ھﻠك ﻣن ﻣﺎل اﻟﻣوﻛل وﻟم ﯾﺳﻘط اﻟﺛﻣن"؛ ﻷن ﯾده ﻛﯾد اﻟﻣوﻛل‪ ،‬ﻓﺈذا‬
‫ﻟم ﯾﺣﺑﺳﮫ ﯾﺻﯾر اﻟﻣوﻛل ﻗﺎﺑﺿﺎ ﺑﯾده‪.‬‬
‫"وﻟﮫ أن ﯾﺣﺑﺳﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗوﻓﻲ اﻟﺛﻣن" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ أﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻣن اﻟﻣوﻛل‪ .‬وﻗﺎل زﻓر‪ :‬ﻟﯾس ﻟﮫ ذﻟك؛ ﻷن‬
‫اﻟﻣوﻛل ﺻﺎر ﻗﺎﺑﺿﺎ ﺑﯾده ﻓﻛﺄﻧﮫ ﺳﻠﻣﮫ إﻟﯾﮫ ﻓﯾﺳﻘط ﺣق اﻟﺣﺑس‪ .‬ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬ھذا ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﺣرز ﻋﻧﮫ ﻓﻼ ﯾﻛون راﺿﯾﺎ‬
‫ﺑﺳﻘوط ﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﺑس‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﻗﺑﺿﮫ ﻣوﻗوف ﻓﯾﻘﻊ ﻟﻠﻣوﻛل إن ﻟم ﯾﺣﺑﺳﮫ وﻟﻧﻔﺳﮫ ﻋﻧد ﺣﺑﺳﮫ "ﻓﺈن ﺣﺑﺳﮫ ﻓﮭﻠك‬
‫ﻛﺎن ﻣﺿﻣوﻧﺎ ﺿﻣﺎن اﻟرھن ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف وﺿﻣﺎن اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻋﻧد ﻣﺣﻣد" وھو ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وﺿﻣﺎن‬
‫اﻟﻐﺻب ﻋﻧد زﻓر رﺣﻣﮫ ﷲ؛ ﻷﻧﮫ ﻣﻧﻊ ﺑﻐﯾر ﺣق‪ ،‬ﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻣﻧﮫ ﻓﻛﺎن ﺣﺑﺳﮫ ﻻﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﺛﻣن ﻓﯾﺳﻘط‬
‫ﺑﮭﻼﻛﮫ وﻷﺑﻲ ﯾوﺳف أﻧﮫ ﻣﺿﻣون ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻟﻼﺳﺗﯾﻔﺎء ﺑﻌد أن ﻟم ﯾﻛن وھو اﻟرھن ﺑﻌﯾﻧﮫ ﺑﺧﻼف اﻟﻣﺑﯾﻊ؛ ﻷن اﻟﺑﯾﻊ‬
‫ﯾﻧﻔﺳﺦ ﺑﮭﻼﻛﮫ وھﺎ ھﻧﺎ ﻻ ﯾﻧﻔﺳﺦ أﺻل اﻟﻌﻘد‪ .‬ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬ﯾﻧﻔﺳﺦ ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣوﻛل واﻟوﻛﯾل‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا رده اﻟﻣوﻛل ﺑﻌﯾب‬
‫ورﺿﻲ اﻟوﻛﯾل ﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا وﻛﻠﮫ ﺑﺷراء ﻋﺷرة أرطﺎل ﻟﺣم ﺑدرھم ﻓﺎﺷﺗرى ﻋﺷرﯾن رطﻼ ﺑدرھم ﻣن ﻟﺣم ﯾﺑﺎع ﻣﻧﮫ ﻋﺷرة‬
‫أرطﺎل ﺑدرھم ﻟزم اﻟﻣوﻛل ﻣﻧﮫ ﻋﺷرة ﺑﻧﺻف درھم ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﻠزﻣﮫ اﻟﻌﺷرون ﺑدرھم" وذﻛر ﻓﻲ‬
‫ﺑﻌض اﻟﻧﺳﺦ ﻗول ﻣﺣﻣد ﻣﻊ ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد ﻟم ﯾذﻛر اﻟﺧﻼف ﻓﻲ اﻷﺻل‪ .‬ﻷﺑﻲ ﯾوﺳف أﻧﮫ أﻣره ﺑﺻرف‬
‫اﻟدرھم ﻓﻲ‬

‫اﻟﻠﺣم وظن أن ﺳﻌره ﻋﺷرة أرطﺎل‪ ،‬ﻓﺈذا اﺷﺗرى ﺑﮫ ﻋﺷرﯾن ﻓﻘد زاده ﺧﯾرا وﺻﺎر ﻛﻣﺎ‬ ‫ص ‪-141-‬‬
‫إذا وﻛﻠﮫ ﺑﺑﯾﻊ ﻋﺑده ﺑﺄﻟف ﻓﺑﺎﻋﮫ ﺑﺄﻟﻔﯾن‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ أﻣره ﺑﺷراء ﻋﺷرة أرطﺎل وﻟم ﯾﺄﻣره ﺑﺷراء اﻟزﯾﺎدة ﻓﯾﻧﻔذ‬
‫ﺷراؤھﺎ ﻋﻠﯾﮫ وﺷراء اﻟﻌﺷرة ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﻛل ﺑﺧﻼف ﻣﺎ اﺳﺗﺷﮭد ﺑﮫ؛ ﻷن اﻟزﯾﺎدة ھﻧﺎك ﺑدل ﻣﻠك اﻟﻣوﻛل ﻓﯾﻛون ﻟﮫ‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا اﺷﺗرى ﻣﺎ ﯾﺳﺎوي ﻋﺷرﯾن رطﻼ ﺑدرھم ﺣﯾث ﯾﺻﯾر ﻣﺷﺗرﯾﺎ ﻟﻧﻔﺳﮫ ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع؛ ﻷن اﻵﻣر ﯾﺗﻧﺎول‬
‫اﻟﺳﻣﯾن وھذا ﻣﮭزول ﻓﻠم ﯾﺣﺻل ﻣﻘﺻود اﻵﻣر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو وﻛﻠﮫ ﺑﺷراء ﺷﻲء ﺑﻌﯾﻧﮫ ﻓﻠﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺷﺗرﯾﮫ ﻟﻧﻔﺳﮫ" ﻷﻧﮫ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﻐرﯾر اﻵﻣر ﺣﯾث اﻋﺗﻣد ﻋﻠﯾﮫ‬
‫وﻷن ﻓﯾﮫ ﻋزل ﻧﻔﺳﮫ وﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﯾل إﻻ ﺑﻣﺣﺿر ﻣن اﻟﻣوﻛل‪ ،‬ﻓﻠو ﻛﺎن اﻟﺛﻣن ﻣﺳﻣﻰ ﻓﺎﺷﺗرى ﺑﺧﻼف‬
‫ﺟﻧﺳﮫ أو ﻟم ﯾﻛن ﻣﺳﻣﻰ ﻓﺎﺷﺗرى ﺑﻐﯾر اﻟﻧﻘود أو وﻛل وﻛﯾﻼ ﺑﺷراﺋﮫ ﻓﺎﺷﺗرى اﻟﺛﺎﻧﻲ وھو ﻏﺎﺋب ﯾﺛﺑت اﻟﻣﻠك ﻟﻠوﻛﯾل‬
‫اﻷول ﻓﻲ ھذه اﻟوﺟوه؛ ﻷﻧﮫ ﺧﺎﻟف أﻣر اﻵﻣر ﻓﯾﻧﻔذ ﻋﻠﯾﮫ‪ .‬وﻟو اﺷﺗرى اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﺣﺿرة اﻟوﻛﯾل اﻷول ﻧﻔذ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣوﻛل اﻷول؛ ﻷﻧﮫ ﺣﺿره رأﯾﮫ ﻓﻠم ﯾﻛن ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن وﻛﻠﮫ ﺑﺷراء ﻋﺑد ﺑﻐﯾر ﻋﯾﻧﮫ‪ :‬ﻓﺎﺷﺗرى ﻋﺑدا ﻓﮭو ﻟﻠوﻛﯾل إﻻ أن ﯾﻘول ﻧوﯾت اﻟﺷراء ﻟﻠﻣوﻛل أو‬
‫ﯾﺷﺗرﯾﮫ ﺑﻣﺎل اﻟﻣوﻛل"‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ وﺟوه‪ :‬إن أﺿﺎف اﻟﻌﻘد إﻟﻰ دراھم اﻵﻣر ﻛﺎن ﻟﻶﻣر وھو اﻟﻣراد ﻋﻧدي ﺑﻘوﻟﮫ أو ﯾﺷﺗرﯾﮫ‬
‫ﺑﻣﺎل اﻟﻣوﻛل دون اﻟﻧﻘد ﻣن ﻣﺎﻟﮫ؛ ﻷن ﻓﯾﮫ ﺗﻔﺻﯾﻼ وﺧﻼﻓﺎ‪ ،‬وھذا ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع وھو ﻣطﻠق‪ .‬وإن أﺿﺎﻓﮫ إﻟﻰ دراھم‬
‫ﻧﻔﺳﮫ ﻛﺎن ﻟﻧﻔﺳﮫ ﺣﻣﻼ ﻟﺣﺎﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺣل ﻟﮫ ﺷرﻋﺎ أو ﯾﻔﻌﻠﮫ ﻋﺎدة إذ اﻟﺷراء ﻟﻧﻔﺳﮫ ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ اﻟﻌﻘد إﻟﻰ دراھم ﻏﯾره‬
‫ﻣﺳﺗﻧﻛر ﺷرﻋﺎ وﻋرﻓﺎ‪ .‬وإن أﺿﺎﻓﮫ إﻟﻰ دراھم ﻣطﻠﻘﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﻧواھﺎ ﻟﻶﻣر ﻓﮭو ﻟﻶﻣر‪ ،‬وإن ﻧواھﺎ ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﻠﻧﻔﺳﮫ؛ ﻷن‬
‫ﻟﮫ أن ﯾﻌﻣل ﻟﻧﻔﺳﮫ وﯾﻌﻣل ﻟﻶﻣر ﻓﻲ ھذا اﻟﺗوﻛﯾل‪ ،‬وإن ﺗﻛﺎذﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﯾﺔ ﯾﺣﻛم اﻟﻧﻘد ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع؛ ﻷﻧﮫ دﻻﻟﺔ ظﺎھرة‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ ،‬وإن ﺗواﻓﻘﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻟم ﺗﺣﺿره اﻟﻧﯾﺔ ﻗﺎل ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ھو ﻟﻠﻌﺎﻗد؛ ﻷن اﻷﺻل أن ﻛل أﺣد‬
‫ﯾﻌﻣل ﻟﻧﻔﺳﮫ إﻻ إذا ﺛﺑت ﺟﻌﻠﮫ ﻟﻐﯾره وﻟم ﯾﺛﺑت‪ .‬وﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺣﻛم اﻟﻧﻘد؛ ﻷن ﻣﺎ أوﻗﻌﮫ ﻣطﻠﻘﺎ‬
‫ﯾﺣﺗﻣل اﻟوﺟﮭﯾن ﻓﯾﺑﻘﻰ ﻣوﻗوﻓﺎ‪ ،‬ﻓﻣن أي اﻟﻣﺎﻟﯾن ﻧﻘد ﻓﻘد ﻓﻌل ذﻟك اﻟﻣﺣﺗﻣل ﻟﺻﺎﺣﺑﮫ وﻷن ﻣﻊ ﺗﺻﺎدﻗﮭﻣﺎ ﯾﺣﺗﻣل‬
‫اﻟﻧﯾﺔ ﻟﻶﻣر‪ ،‬وﻓﯾﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ ﺣﻣل ﺣﺎﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻼح ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻛﺎذب‪ .‬واﻟﺗوﻛﯾل ﺑﺎﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟطﻌﺎم ﻋﻠﻰ ھذه‬
‫اﻟوﺟوه‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻣر رﺟﻼ ﺑﺷراء ﻋﺑد ﺑﺄﻟف ﻓﻘﺎل ﻗد ﻓﻌﻠت وﻣﺎت ﻋﻧدي وﻗﺎل اﻵﻣر‬

‫اﺷﺗرﯾﺗﮫ ﻟﻧﻔﺳك ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻵﻣر‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن دﻓﻊ إﻟﯾﮫ اﻷﻟف ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺄﻣور"؛‬ ‫ص ‪-142-‬‬
‫ﻷن ﻓﻲ اﻟوﺟﮫ اﻷول أﺧﺑر ﻋﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻠك اﺳﺗﺋﻧﺎﻓﮫ وھو اﻟرﺟوع ﺑﺎﻟﺛﻣن ﻋﻠﻰ اﻵﻣر وھو ﯾﻧﻛر واﻟﻘول ﻟﻠﻣﻧﻛر‪ .‬وﻓﻲ‬
‫اﻟوﺟﮫ اﻟﺛﺎﻧﻲ ھو أﻣﯾن ﯾرﯾد اﻟﺧروج ﻋن ﻋﮭدة اﻷﻣﺎﻧﺔ ﻓﯾﻘﺑل ﻗوﻟﮫ‪ .‬وﻟو ﻛﺎن اﻟﻌﺑد ﺣﯾﺎ ﺣﯾن اﺧﺗﻠﻔﺎ‪ ،‬إن ﻛﺎن اﻟﺛﻣن‬
‫ﻣﻧﻘودا ﻓﺎﻟﻘول ﻟﻠﻣﺄﻣور؛ ﻷﻧﮫ أﻣﯾن‪ ،‬وإن ﻟم ﯾﻛن ﻣﻧﻘودا ﻓﻛذﻟك ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ؛ ﻷﻧﮫ ﯾﻣﻠك‬
‫اﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﺷراء ﻓﻼ ﯾﺗﮭم ﻓﻲ اﻹﺧﺑﺎر ﻋﻧﮫ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬اﻟﻘول ﻟﻸﻣر؛ ﻷﻧﮫ ﻣوﺿﻊ ﺗﮭﻣﺔ ﺑﺄن‬
‫اﺷﺗراه ﻟﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا رأى اﻟﺻﻔﻘﺔ ﺧﺎﺳرة أﻟزﻣﮭﺎ اﻵﻣر‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺛﻣن ﻣﻧﻘودا؛ ﻷﻧﮫ أﻣﯾن ﻓﯾﮫ ﻓﯾﻘﺑل ﻗوﻟﮫ‬
‫ﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك وﻻ ﺛﻣن ﻓﻲ ﯾده ھﺎھﻧﺎ‪ ،‬وإن ﻛﺎن أﻣره ﺑﺷراء ﻋﺑد ﺑﻌﯾﻧﮫ ﺛم اﺧﺗﻠﻔﺎ واﻟﻌﺑد ﺣﻲ ﻓﺎﻟﻘول ﻟﻠﻣﺄﻣور ﺳواء ﻛﺎن‬
‫اﻟﺛﻣن ﻣﻧﻘودا أو ﻏﯾر ﻣﻧﻘود‪ ،‬وھذا ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع؛ ﻷﻧﮫ أﺧﺑر ﻋﻣﺎ ﯾﻣﻠك اﺳﺗﺋﻧﺎﻓﮫ‪ ،‬وﻻ ﺗﮭﻣﺔ ﻓﯾﮫ؛ ﻷن اﻟوﻛﯾل ﺑﺷراء‬
‫ﺷﻲء ﺑﻌﯾﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻠك ﺷراءه ﻟﻧﻔﺳﮫ ﺑﻣﺛل ذﻟك اﻟﺛﻣن ﻓﻲ ﺣﺎل ﻏﯾﺑﺗﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻏﯾر اﻟﻣﻌﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ‬
‫ذﻛرﻧﺎه ﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪.‬‬
‫"وﻣن ﻗﺎل ﻵﺧر ﺑﻌﻧﻲ ھذا اﻟﻌﺑد ﻟﻔﻼن ﻓﺑﺎﻋﮫ ﺛم أﻧﻛر أن ﯾﻛون ﻓﻼن أﻣره ﺛم ﺟﺎء ﻓﻼن وﻗﺎل أﻧﺎ أﻣرﺗﮫ ﺑذﻟك ﻓﺈن‬
‫ﻓﻼﻧﺎ ﯾﺄﺧذه"؛ ﻷن ﻗوﻟﮫ اﻟﺳﺎﺑق إﻗرار ﻣﻧﮫ ﺑﺎﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻋﻧﮫ ﻓﻼ ﯾﻧﻔﻌﮫ اﻹﻧﻛﺎر اﻟﻼﺣق‪" .‬ﻓﺈن ﻗﺎل ﻓﻼن ﻟم آﻣره ﻟم ﯾﻛن‬
‫ﻟﮫ"؛ ﻷن اﻹﻗرار ﯾرﺗد ﺑرده "إﻻ أن ﯾﺳﻠﻣﮫ اﻟﻣﺷﺗرى ﻟﮫ ﻓﯾﻛون ﺑﯾﻌﺎ ﻋﻧﮫ وﻋﻠﯾﮫ اﻟﻌﮭدة"؛ ﻷﻧﮫ ﺻﺎر ﻣﺷﺗرﯾﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﺗﻌﺎطﻲ‪ ،‬ﻛﻣن اﺷﺗرى ﻟﻐﯾره ﺑﻐﯾر أﻣره ﺣﺗﻰ ﻟزﻣﮫ ﺛم ﺳﻠﻣﮫ اﻟﻣﺷﺗرى ﻟﮫ‪ ،‬ودﻟت اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻋﻠﻰ‬
‫وﺟﮫ اﻟﺑﯾﻊ ﯾﻛﻔﻲ ﻟﻠﺗﻌﺎطﻲ وإن ﻟم ﯾوﺟد ﻧﻘد اﻟﺛﻣن‪ ،‬وھو ﯾﺗﺣﻘق ﻓﻲ اﻟﻧﻔﯾس واﻟﺧﺳﯾس ﻻﺳﺗﺗﻣﺎم اﻟﺗراﺿﻲ وھو‬
‫اﻟﻣﻌﺗﺑر ﻓﻲ اﻟﺑﺎب‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻣر رﺟﻼ أن ﯾﺷﺗري ﻟﮫ ﻋﺑدﯾن ﺑﺄﻋﯾﺎﻧﮭﻣﺎ وﻟم ﯾﺳم ﻟﮫ ﺛﻣﻧﺎ ﻓﺎﺷﺗرى ﻟﮫ أﺣدھﻣﺎ ﺟﺎز"؛ ﻷن اﻟﺗوﻛﯾل‬
‫ﻣطﻠق‪ ،‬وﻗد ﻻ ﯾﺗﻔق اﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ "إﻻ ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﻐﺎﺑن اﻟﻧﺎس ﻓﯾﮫ"؛ ﻷﻧﮫ ﺗوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺷراء‪ ،‬وھذا ﻛﻠﮫ‬
‫ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع "وﻟو أﻣره ﺑﺄن ﯾﺷﺗرﯾﮭﻣﺎ ﺑﺄﻟف وﻗﯾﻣﺗﮭﻣﺎ ﺳواء‪ ،‬ﻓﻌﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ إن اﺷﺗرى أﺣدھﻣﺎ‬
‫ﺑﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ أو أﻗل ﺟﺎز‪ ،‬وإن اﺷﺗرى ﺑﺄﻛﺛر ﻟم ﯾﻠزم اﻵﻣر"؛ ﻷﻧﮫ ﻗﺎﺑل اﻷﻟف ﺑﮭﻣﺎ وﻗﯾﻣﺗﮭﻣﺎ ﺳواء ﻓﯾﻘﺳم ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‬
‫ﻧﺻﻔﯾن دﻻﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻛﺎن آﻣرا ﺑﺷراء ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺑﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﺛم اﻟﺷراء ﺑﮭﺎ ﻣواﻓﻘﺔ وﺑﺄﻗل ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ إﻟﻰ ﺧﯾر‬
‫واﻟزﯾﺎدة إﻟﻰ ﺷر ﻗﻠت اﻟزﯾﺎدة أو ﻛﺛرت ﻓﻼ ﯾﺟوز "إﻻ أن ﯾﺷﺗري اﻟﺑﺎﻗﻲ ﺑﺑﻘﯾﺔ اﻷﻟف ﻗﺑل أن ﯾﺧﺗﺻﻣﺎ‬
‫اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ"؛ ﻷن ﺷراء اﻷول ﻗﺎﺋم وﻗد ﺣﺻل ﻏرﺿﮫ اﻟﻣﺻرح ﺑﮫ وھو ﺗﺣﺻﯾل اﻟﻌﺑدﯾن ﺑﺎﻷﻟف وﻣﺎ ﺛﺑت‬
‫اﻻﻧﻘﺳﺎم إﻻ دﻻﻟﺔ واﻟﺻرﯾﺢ ﯾﻔوﻗﮭﺎ "وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ :‬إن اﺷﺗرى أﺣدھﻣﺎ ﺑﺄﻛﺛر ﻣن ﻧﺻف‬
‫اﻷﻟف ﺑﻣﺎ ﯾﺗﻐﺎﺑن اﻟﻧﺎس ﻓﯾﮫ وﻗد ﺑﻘﻲ ﻣن‬

‫اﻷﻟف ﻣﺎ ﯾﺷﺗرى ﺑﻣﺛﻠﮫ اﻟﺑﺎﻗﻲ ﺟﺎز"؛ ﻷن اﻟﺗوﻛﯾل ﻣطﻠق ﻟﻛﻧﮫ ﯾﺗﻘﯾد ﺑﺎﻟﻣﺗﻌﺎرف وھو‬ ‫ص ‪-143-‬‬
‫ﻓﯾﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ ،‬وﻟﻛن ﻻ ﺑد أن ﯾﺑﻘﻰ ﻣن اﻷﻟف ﺑﺎﻗﯾﺔ ﯾﺷﺗرى ﺑﻣﺛﻠﮭﺎ اﻟﺑﺎﻗﻲ ﻟﯾﻣﻛﻧﮫ ﺗﺣﺻﯾل ﻏرض اﻵﻣر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻟﮫ ﻋﻠﻰ آﺧر أﻟف درھم ﻓﺄﻣره أن ﯾﺷﺗري ﺑﮭﺎ ھذا اﻟﻌﺑد ﻓﺎﺷﺗراه ﺟﺎز"؛ ﻷن ﻓﻲ ﺗﻌﯾﯾن اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺗﻌﯾﯾن‬
‫اﻟﺑﺎﺋﻊ؛ وﻟو ﻋﯾن اﻟﺑﺎﺋﻊ ﯾﺟوز ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧذﻛره إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن أﻣره أن ﯾﺷﺗري ﺑﮭﺎ ﻋﺑدا ﺑﻐﯾر ﻋﯾﻧﮫ ﻓﺎﺷﺗراه ﻓﻣﺎت ﻓﻲ ﯾده ﻗﺑل أن ﯾﻘﺑﺿﮫ اﻵﻣر ﻣﺎت ﻣن ﻣﺎل‬
‫اﻟﻣﺷﺗري‪ ،‬وإن ﻗﺑﺿﮫ اﻵﻣر ﻓﮭو ﻟﮫ" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ "وﻗﺎﻻ‪ :‬ھو ﻻزم ﻟﻶﻣر إذا ﻗﺑﺿﮫ‬
‫اﻟﻣﺄﻣور" وﻋﻠﻰ ھذا إذا أﻣره أن ﯾﺳﻠم ﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ أو ﯾﺻرف ﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أن اﻟدراھم واﻟدﻧﺎﻧﯾر ﻻ ﯾﺗﻌﯾﻧﺎن ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﻌﺎوﺿﺎت دﯾﻧﺎ ﻛﺎﻧت أو ﻋﯾﻧﺎ‪ ،‬أﻻ ﯾرى أﻧﮫ ﻟو ﺗﺑﺎﯾﻌﺎ ﻋﯾﻧﺎ ﺑدﯾن ﺛم ﺗﺻﺎدﻗﺎ أن ﻻ دﯾن ﻻ ﯾﺑطل اﻟﻌﻘد ﻓﺻﺎر‬
‫اﻹطﻼق واﻟﺗﻘﯾﯾد ﻓﯾﮫ ﺳواء ﻓﯾﺻﺢ اﻟﺗوﻛﯾل وﯾﻠزم اﻵﻣر؛ ﻷن ﯾد اﻟوﻛﯾل ﻛﯾده‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮭﺎ ﺗﺗﻌﯾن‬
‫ﻓﻲ اﻟوﻛﺎﻻت؛ أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﻟو ﻗﯾد اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻌﯾن ﻣﻧﮭﺎ أو ﺑﺎﻟدﯾن ﻣﻧﮭﺎ ﺛم اﺳﺗﮭﻠك اﻟﻌﯾن أو أﺳﻘط اﻟدﯾن ﺑطﻠت‬
‫اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ ،‬وإذا ﺗﻌﯾﻧت ﻛﺎن ھذا ﺗﻣﻠﯾك اﻟدﯾن ﻣن ﻏﯾر ﻣن ﻋﻠﯾﮫ اﻟدﯾن ﻣن دون أن ﯾوﻛﻠﮫ ﺑﻘﺑﺿﮫ وذﻟك ﻻ ﯾﺟوز‪ ،‬ﻛﻣﺎ‬
‫إذا اﺷﺗرى ﺑدﯾن ﻋﻠﻰ ﻏﯾر اﻟﻣﺷﺗري أو ﯾﻛون أﻣرا ﺑﺻرف ﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ إﻻ ﺑﺎﻟﻘﺑض ﻗﺑﻠﮫ وذﻟك ﺑﺎطل ﻛﻣﺎ إذا ﻗﺎل‬
‫أﻋط ﻣﺎﻟﻲ ﻋﻠﯾك ﻣن ﺷﺋت‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻋﯾن اﻟﺑﺎﺋﻊ؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺻﯾر وﻛﯾﻼ ﻋﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻘﺑض ﺛم ﯾﺗﻣﻠﻛﮫ‪ ،‬وﺑﺧﻼف ﻣﺎ‬
‫وھو ﻣﻌﻠوم‪ .‬وإذا ﻟم ﯾﺻﺢ اﻟﺗوﻛﯾل ﻧﻔذ اﻟﺷراء ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺄﻣور ﻓﯾﮭﻠك ﻣن‬ ‫إذا أﻣره ﺑﺎﻟﺗﺻدق؛ ﻷﻧﮫ ﺟﻌل اﻟﻣﺎل‬
‫ﻣﺎﻟﮫ إﻻ إذا ﻗﺑﺿﮫ اﻵﻣر ﻣﻧﮫ ﻻﻧﻌﻘﺎد اﻟﺑﯾﻊ ﺗﻌﺎطﯾﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن دﻓﻊ إﻟﻰ آﺧر أﻟﻔﺎ وأﻣره أن ﯾﺷﺗري ﺑﮭﺎ ﺟﺎرﯾﺔ ﻓﺎﺷﺗراھﺎ ﻓﻘﺎل اﻵﻣر اﺷﺗرﯾﺗﮭﺎ ﺑﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ‪ .‬وﻗﺎل‬
‫اﻟﻣﺄﻣور اﺷﺗرﯾﺗﮭﺎ ﺑﺄﻟف ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺄﻣور" وﻣراده إذا ﻛﺎﻧت ﺗﺳﺎوي أﻟﻔﺎ؛ ﻷﻧﮫ أﻣﯾن ﻓﯾﮫ وﻗد ادﻋﻰ اﻟﺧروج‬
‫ﻋن ﻋﮭدة اﻷﻣﺎﻧﺔ واﻵﻣر ﯾدﻋﻲ ﻋﻠﯾﮫ ﺿﻣﺎن ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ وھو ﯾﻧﻛر‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎﻧت ﺗﺳﺎوي ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻵﻣر؛‬
‫ﻷﻧﮫ ﺧﺎﻟف ﺣﯾث اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ ﺗﺳﺎوي ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ واﻷﻣر ﺗﻧﺎول ﻣﺎ ﯾﺳﺎوي أﻟﻔﺎ ﻓﯾﺿﻣن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻟم ﯾﻛن دﻓﻊ إﻟﯾﮫ اﻷﻟف ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻵﻣر" أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻓﻠﻠﻣﺧﺎﻟﻔﺔ وإن ﻛﺎﻧت ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ‬
‫أﻟﻔﺎ ﻓﻣﻌﻧﺎه أﻧﮭﻣﺎ ﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎن؛ ﻷن اﻟﻣوﻛل واﻟوﻛﯾل ﻓﻲ ھذا ﯾﻧزﻻن ﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺑﺎﺋﻊ واﻟﻣﺷﺗري وﻗد وﻗﻊ اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ‬
‫اﻟﺛﻣن وﻣوﺟﺑﮫ اﻟﺗﺣﺎﻟف‪ .‬ﺛم ﯾﻔﺳﺦ اﻟﻌﻘد اﻟذي ﺟرى ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻓﺗﻠزم اﻟﺟﺎرﯾﺔ اﻟﻣﺄﻣور‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو أﻣره أن ﯾﺷﺗري ﻟﮫ ھذا اﻟﻌﺑد وﻟم ﯾﺳم ﻟﮫ ﺛﻣﻧﺎ ﻓﺎﺷﺗراه ﻓﻘﺎل اﻵﻣر اﺷﺗرﯾﺗﮫ‬

‫ﺑﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ وﻗﺎل اﻟﻣﺄﻣور ﺑﺄﻟف وﺻدق اﻟﺑﺎﺋﻊ اﻟﻣﺄﻣور ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺄﻣور ﻣﻊ ﯾﻣﯾﻧﮫ"‬ ‫ص ‪-144-‬‬
‫ﻗﯾل ﻻ ﺗﺣﺎﻟف ھﺎھﻧﺎ؛ ﻷﻧﮫ ارﺗﻔﻊ اﻟﺧﻼف ﺑﺗﺻدﯾق اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬إذ ھو ﺣﺎﺿر وﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ھو ﻏﺎﺋب‪ ،‬ﻓﺎﻋﺗﺑر‬
‫اﻻﺧﺗﻼف‪ ،‬وﻗﯾل ﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎن ﻛﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ ،‬وﻗد ذﻛر ﻣﻌظم ﯾﻣﯾن اﻟﺗﺣﺎﻟف وھو ﯾﻣﯾن اﻟﺑﺎﺋﻊ واﻟﺑﺎﺋﻊ ﺑﻌد اﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﺛﻣن‬
‫أﺟﻧﺑﻲ ﻋﻧﮭﻣﺎ وﻗﺑﻠﮫ أﺟﻧﺑﻲ ﻋن اﻟﻣوﻛل إذ ﻟم ﯾﺟر ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﺑﯾﻊ ﻓﻼ ﯾﺻدق ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﺑﻘﻰ اﻟﺧﻼف‪ ،‬وھذا ﻗول اﻹﻣﺎم أﺑﻲ‬
‫ﻣﻧﺻور رﺣﻣﮫ ﷲ وھو أظﮭر‪ .‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﺷراء ﻧﻔس اﻟﻌﺑد‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻗﺎل اﻟﻌﺑد ﻟرﺟل‪ :‬اﺷﺗر ﻟﻲ ﻧﻔﺳﻲ ﻣن اﻟﻣوﻟﻰ ﺑﺄﻟف ودﻓﻌﮭﺎ إﻟﯾﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ﻗﺎل اﻟرﺟل ﻟﻠﻣوﻟﻰ‪ :‬اﺷﺗرﯾﺗﮫ‬
‫ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﺑﺎﻋﮫ ﻋﻠﻰ ھذا ﻓﮭو ﺣر واﻟوﻻء ﻟﻠﻣوﻟﻰ"؛ ﻷن ﺑﯾﻊ ﻧﻔس اﻟﻌﺑد ﻣﻧﮫ إﻋﺗﺎق وﺷراء اﻟﻌﺑد ﻧﻔﺳﮫ ﻗﺑول‬
‫اﻹﻋﺗﺎق ﺑﺑدل واﻟﻣﺄﻣور ﺳﻔﯾر ﻋﻧﮫ إذ ﻻ ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺣﻘوق ﻓﺻﺎر ﻛﺄﻧﮫ اﺷﺗرى ﺑﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬وإذا ﻛﺎن إﻋﺗﺎﻗﺎ أﻋﻘب‬
‫اﻟوﻻء "وإن ﻟم ﯾﻌﯾن ﻟﻠﻣوﻟﻰ ﻓﮭو ﻋﺑد ﻟﻠﻣﺷﺗري" ﻷن اﻟﻠﻔظ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟﻠﻣﻌﺎوﺿﺔ وأﻣﻛن اﻟﻌﻣل ﺑﮭﺎ إذا ﻟم ﯾﻌﯾن‬
‫ﻓﯾﺣﺎﻓظ ﻋﻠﯾﮭﺎ‪ .‬ﺑﺧﻼف ﺷراء اﻟﻌﺑد ﻧﻔﺳﮫ؛ ﻷن اﻟﻣﺟﺎز ﻓﯾﮫ ﻣﺗﻌﯾن‪ ،‬وإذا ﻛﺎن ﻣﻌﺎوﺿﺔ ﯾﺛﺑت اﻟﻣﻠك ﻟﮫ "واﻷﻟف‬
‫ﻟﻠﻣوﻟﻰ"؛ ﻷﻧﮫ ﻛﺳب ﻋﺑده "وﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺗري أﻟف ﻣﺛﻠﮫ" ﺛﻣﻧﺎ ﻟﻠﻌﺑد ﻓﺈﻧﮫ ﻓﻲ ذﻣﺗﮫ ﺣﯾث ﻟم ﯾﺻﺢ اﻷداء‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟوﻛﯾل ﺑﺷراء اﻟﻌﺑد ﻣن ﻏﯾره ﺣﯾث ﻻ ﯾﺷﺗرط ﺑﯾﺎﻧﮫ؛ ﻷن اﻟﻌﻘدﯾن ھﻧﺎك ﻋﻠﻰ ﻧﻣط واﺣد‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﯾن اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ‬
‫ﺗﺗوﺟﮫ ﻧﺣو اﻟﻌﺎﻗد‪ ،‬أﻣﺎ ھﺎھﻧﺎ ﻓﺄﺣدھﻣﺎ إﻋﺗﺎق ﻣﻌﻘب ﻟﻠوﻻء وﻻ ﻣطﺎﻟﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟوﻛﯾل واﻟﻣوﻟﻰ ﻋﺳﺎه ﻻ ﯾرﺿﺎه‬
‫وﯾرﻏب ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻣﺣﺿﺔ ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﺑﯾﺎن‪.‬‬
‫"وﻣن ﻗﺎل ﻟﻌﺑد اﺷﺗر ﻟﻲ ﻧﻔﺳك ﻣن ﻣوﻻك ﻓﻘﺎل ﻟﻣوﻻه ﺑﻌﻧﻲ ﻧﻔﺳﻲ ﻟﻔﻼن ﺑﻛذا ﻓﻔﻌل ﻓﮭو ﻟﻶﻣر"؛ ﻷن اﻟﻌﺑد‬
‫ﯾﺻﻠﺢ وﻛﯾﻼ ﻋن ﻏﯾره ﻓﻲ ﺷراء ﻧﻔﺳﮫ؛ ﻷﻧﮫ أﺟﻧﺑﻲ ﻋن ﻣﺎﻟﯾﺗﮫ‪ ،‬واﻟﺑﯾﻊ ﯾرد ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﺣﯾث إﻧﮫ ﻣﺎل إﻻ أن ﻣﺎﻟﯾﺗﮫ‬
‫ﻓﻲ ﯾده ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻣﻠك اﻟﺑﺎﺋﻊ اﻟﺣﺑس ﺑﻌد اﻟﺑﯾﻊ ﻓﺈذا أﺿﺎﻓﮫ إﻟﻰ اﻵﻣر ﺻﻠﺢ ﻓﻌﻠﮫ اﻣﺗﺛﺎﻻ ﻓﯾﻘﻊ‪ .‬اﻟﻌﻘد ﻟﻶﻣر‪" .‬وإن‬
‫ﻋﻘد ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﮭو ﺣر"؛ ﻷﻧﮫ إﻋﺗﺎق وﻗد رﺿﻲ ﺑﮫ اﻟﻣوﻟﻰ دون اﻟﻣﻌﺎوﺿﺔ‪ ،‬واﻟﻌﺑد وإن ﻛﺎن وﻛﯾﻼ ﺑﺷراء ﺷﻲء‬
‫ﻣﻌﯾن وﻟﻛﻧﮫ أﺗﻰ ﺑﺟﻧس ﺗﺻرف آﺧر وﻓﻲ ﻣﺛﻠﮫ ﯾﻧﻔذ ﻋﻠﻰ اﻟوﻛﯾل "وﻛذا ﻟو ﻗﺎل ﺑﻌﻧﻲ ﻧﻔﺳﻲ وﻟم ﯾﻘل ﻟﻔﻼن ﻓﮭو‬
‫ﺣر"؛ ﻷن اﻟﻣطﻠق ﯾﺣﺗﻣل اﻟوﺟﮭﯾن ﻓﻼ ﯾﻘﻊ اﻣﺗﺛﺎﻻ ﺑﺎﻟﺷك ﻓﯾﺑﻘﻰ اﻟﺗﺻرف واﻗﻌﺎ ﻟﻧﻔﺳﮫ‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ‬ ‫ص ‪-145-‬‬


‫ﻗﺎل‪ " :‬واﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ واﻟﺷراء ﻻ ﯾﺟوز ﻟﮫ أن ﯾﻌﻘد ﻣﻊ أﺑﯾﮫ وﺟده وﻣن ﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻟﮫ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪.‬‬
‫وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﺟوز ﺑﯾﻌﮫ ﻣﻧﮭم ﺑﻣﺛل اﻟﻘﯾﻣﺔ إﻻ ﻣن ﻋﺑده أو ﻣﻛﺎﺗﺑﮫ" ﻷن اﻟﺗوﻛﯾل ﻣطﻠق وﻻ ﺗﮭﻣﺔ إذ اﻷﻣﻼك ﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ‬
‫واﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻣﻧﻘطﻌﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻌﺑد؛ ﻷﻧﮫ ﺑﯾﻊ ﻣن ﻧﻔﺳﮫ؛ ﻷن ﻣﺎ ﻓﻲ ﯾد اﻟﻌﺑد ﻟﻠﻣوﻟﻰ وﻛذا ﻟﻠﻣوﻟﻰ ﺣق ﻓﻲ ﻛﺳب‬
‫اﻟﻣﻛﺎﺗب وﯾﻧﻘﻠب ﺣﻘﯾﻘﺔ ﺑﺎﻟﻌﺟز‪ .‬وﻟﮫ أن ﻣواﺿﻊ اﻟﺗﮭﻣﺔ ﻣﺳﺗﺛﻧﺎة ﻋن اﻟوﻛﺎﻻت‪ ،‬وھذا ﻣوﺿﻊ اﻟﺗﮭﻣﺔ ﺑدﻟﯾل ﻋدم‬
‫ﻗﺑول اﻟﺷﮭﺎدة وﻷن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﺑﯾﻧﮭم ﻣﺗﺻﻠﺔ ﻓﺻﺎر ﺑﯾﻌﺎ ﻣن ﻧﻔﺳﮫ ﻣن وﺟﮫ‪ ،‬واﻹﺟﺎرة واﻟﺻرف ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ ﯾﺟوز ﺑﯾﻌﮫ ﺑﺎﻟﻘﻠﯾل واﻟﻛﺛﯾر واﻟﻌرض ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز ﺑﯾﻌﮫ‬
‫ﺑﻧﻘﺻﺎن ﻻ ﯾﺗﻐﺎﺑن اﻟﻧﺎس ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﺟوز إﻻ ﺑﺎﻟدراھم واﻟدﻧﺎﻧﯾر"؛ ﻷن ﻣطﻠق اﻷﻣر ﯾﺗﻘﯾد ﺑﺎﻟﻣﺗﻌﺎرف؛ ﻷن‬
‫اﻟﺗﺻرﻓﺎت ﻟدﻓﻊ اﻟﺣﺎﺟﺎت ﻓﺗﺗﻘﯾد ﺑﻣواﻗﻌﮭﺎ‪ ،‬واﻟﻣﺗﻌﺎرف اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺛﻣن اﻟﻣﺛل وﺑﺎﻟﻧﻘود وﻟﮭذا ﯾﺗﻘﯾد اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﺷراء اﻟﻔﺣم‬
‫واﻟﺟﻣد واﻷﺿﺣﯾﺔ ﺑزﻣﺎن اﻟﺣﺎﺟﺔ‪ ،‬وﻷن اﻟﺑﯾﻊ ﺑﻐﺑن ﻓﺎﺣش ﺑﯾﻊ ﻣن وﺟﮫ ھﺑﺔ ﻣن وﺟﮫ‪ ،‬وﻛذا اﻟﻣﻘﺎﯾﺿﺔ ﺑﯾﻊ ﻣن‬
‫وﺟﮫ ﺷراء ﻣن وﺟﮫ ﻓﻼ ﯾﺗﻧﺎوﻟﮫ ﻣطﻠق اﺳم اﻟﺑﯾﻊ وﻟﮭذا ﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ اﻷب واﻟوﺻﻲ‪ .‬وﻟﮫ أن اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ ﻣطﻠق‬
‫ﻓﯾﺟري ﻋﻠﻰ إطﻼﻗﮫ ﻓﻲ ﻏﯾر ﻣوﺿﻊ اﻟﺗﮭﻣﺔ‪ ،‬واﻟﺑ ﯾﻊ ﺑﺎﻟﻐﺑن أو ﺑﺎﻟﻌﯾن ﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻧد ﺷدة اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺛﻣن واﻟﺗﺑرم‬
‫ﻣن اﻟﻌﯾن‪ ،‬واﻟﻣﺳﺎﺋل ﻣﻣﻧوﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھو اﻟﻣروي ﻋﻧﮫ وأﻧﮫ ﺑﯾﻊ ﻣن ﻛل وﺟﮫ‪،‬‬
‫ﺣﺗﻰ أن ﻣن ﺣﻠف ﻻ ﯾﺑﯾﻊ ﯾﺣﻧث ﺑﮫ‪ ،‬ﻏﯾر أن اﻷب واﻟوﺻﻲ ﻻ ﯾﻣﻠﻛﺎﻧﮫ ﻣﻊ أﻧﮫ ﺑﯾﻊ؛ ﻷن وﻻﯾﺗﮭﻣﺎ ﻧظرﯾﺔ وﻻ ﻧظر‬
‫ﻓﯾﮫ‪ ،‬واﻟﻣﻘﺎﯾﺿﺔ ﺷراء ﻣن ﻛل وﺟﮫ وﺑﯾﻊ ﻣن ﻛل وﺟﮫ ﻟوﺟود ﺣد ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺷراء ﯾﺟوز ﻋﻘده ﺑﻣﺛل اﻟﻘﯾﻣﺔ وزﯾﺎدة ﯾﺗﻐﺎﺑن اﻟﻧﺎس ﻓﻲ ﻣﺛﻠﮭﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾﺟوز ﺑﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﻐﺎﺑن اﻟﻧﺎس‬
‫ﻓﻲ ﻣﺛﻠﮫ" ﻷن اﻟﺗﮭﻣﺔ ﻓﯾﮫ ﻣﺗﺣﻘﻘﺔ ﻓﻠﻌﻠﮫ اﺷﺗراه ﻟﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻟم ﯾواﻓﻘﮫ أﻟﺣﻘﮫ ﺑﻐﯾره ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎن وﻛﯾﻼ‬
‫ﺑﺷراء ﺷﻲء ﺑﻌﯾﻧﮫ ﻗﺎﻟوا ﯾﻧﻔذ ﻋﻠﻰ اﻵﻣر؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻠك ﺷراءه ﻟﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬وﻛذا اﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﻧﻛﺎح إذا زوﺟﮫ اﻣرأة ﺑﺄﻛﺛر‬
‫ﻣن ﻣﮭر ﻣﺛﻠﮭﺎ ﺟﺎز ﻋﻧده؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺑد ﻣن اﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻣوﻛل ﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻓﻼ ﺗﺗﻣﻛن ھذه اﻟﺗﮭﻣﺔ‪ ،‬وﻻ ﻛذﻟك اﻟوﻛﯾل‬
‫ﺑﺎﻟﺷراء؛ ﻷﻧﮫ ﯾطﻠق اﻟﻌﻘد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟذي ﻻ ﯾﺗﻐﺎﺑن اﻟﻧﺎس ﻓﯾﮫ ﻣﺎ ﻻ ﯾدﺧل ﺗﺣت ﺗﻘوﯾم اﻟﻣﻘوﻣﯾن‪ ،‬وﻗﯾل ﻓﻲ اﻟﻌروض اﻹل ﻧﯾم وﻓﻲ‬
‫اﻟﺣﯾواﻧﺎت اﻹل ﯾﺎزده وﻓﻲ اﻟﻌﻘﺎرات اﻹل دوازده" ﻷن اﻟﺗﺻرف ﯾﻛﺛر وﺟوده‬

‫ﻓﻲ اﻷول وﯾﻘل ﻓﻲ اﻷﺧﯾر وﯾﺗوﺳط ﻓﻲ اﻷوﺳط وﻛﺛرة اﻟﻐﺑن ﻟﻘﻠﺔ اﻟﺗﺻرف‪.‬‬ ‫ص ‪-146-‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا وﻛﻠﮫ ﺑﺑﯾﻊ ﻋﺑد ﻓﺑﺎع ﻧﺻﻔﮫ ﺟﺎز ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ"؛ ﻷن اﻟﻠﻔظ ﻣطﻠق ﻋن ﻗﯾد اﻻﻓﺗراق‬
‫واﻻﺟﺗﻣﺎع؛ أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﻟو ﺑﺎع اﻟﻛل ﺑﺛﻣن اﻟﻧﺻف ﯾﺟوز ﻋﻧده ﻓﺈذا ﺑﺎع اﻟﻧﺻف ﺑﮫ أوﻟﻰ "وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز"؛ ﻷﻧﮫ‬
‫ﻏﯾر ﻣﺗﻌﺎرف ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن ﺿرر اﻟﺷرﻛﺔ "إﻻ أن ﯾﺑﯾﻊ اﻟﻧﺻف اﻵﺧر ﻗﺑل أن ﯾﺧﺗﺻﻣﺎ"؛ ﻷن ﺑﯾﻊ اﻟﻧﺻف ﻗد ﯾﻘﻊ‬
‫وﺳﯾﻠﺔ إﻟﻰ اﻻﻣﺗﺛﺎل ﺑﺄن ﻻ ﯾﺟد ﻣن ﯾﺷﺗرﯾﮫ ﺟﻣﻠﺔ ﻓﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ أن ﯾﻔرق‪ ،‬ﻓﺈذا ﺑﺎع اﻟﺑﺎﻗﻲ ﻗﺑل ﻧﻘض اﻟﺑﯾﻊ اﻷول ﺗﺑﯾن‬
‫أﻧﮫ وﻗﻊ وﺳﯾﻠﺔ‪ ،‬وإذا ﻟم ﯾﺑﻊ ظﮭر أﻧﮫ ﻟم ﯾﻘﻊ وﺳﯾﻠﺔ ﻓﻼ ﯾﺟوز‪ ،‬وھذا اﺳﺗﺣﺳﺎن ﻋﻧدھﻣﺎ‪" .‬وإن وﻛﻠﮫ ﺑﺷراء ﻋﺑد‬
‫ﻓﺎﺷﺗرى ﻧﺻﻔﮫ ﻓﺎﻟﺷراء ﻣوﻗوف‪ ،‬ﻓﺈن اﺷﺗرى ﺑﺎﻗﯾﮫ ﻟزم اﻟﻣوﻛل"؛ ﻷن ﺷراء اﻟﺑﻌض ﻗد ﯾﻘﻊ وﺳﯾﻠﺔ إﻟﻰ اﻻﻣﺗﺛﺎل‬
‫ﺑﺄن ﻛﺎن ﻣوروﺛﺎ ﺑﯾن ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻓﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺷراﺋﮫ ﺷﻘﺻﺎ ﺷﻘﺻﺎ‪ ،‬ﻓﺈذا اﺷﺗرى اﻟﺑﺎﻗﻲ ﻗﺑل رد اﻵﻣر اﻟﺑﯾﻊ ﺗﺑﯾن أﻧﮫ‬
‫وﻗﻊ وﺳﯾﻠﺔ ﻓﯾﻧﻔذ ﻋﻠﻰ اﻵﻣر‪ ،‬وھذا ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق‪ .‬واﻟﻔرق ﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أن ﻓﻲ اﻟﺷراء ﺗﺗﺣﻘق اﻟﺗﮭﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ .‬وآﺧر‬
‫أن اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ ﯾﺻﺎدف ﻣﻠﻛﮫ ﻓﯾﺻﺢ ﻓﯾﻌﺗﺑر ﻓﯾﮫ إطﻼﻗﮫ واﻷﻣر ﺑﺎﻟﺷراء ﺻﺎدف ﻣﻠك اﻟﻐﯾر ﻓﻠم ﯾﺻﺢ ﻓﻼ ﯾﻌﺗﺑر‬
‫ﻓﯾﮫ اﻟﺗﻘﯾﯾد واﻹطﻼق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻣر رﺟﻼ ﺑﺑﯾﻊ ﻋﺑده ﻓﺑﺎﻋﮫ وﻗﺑض اﻟﺛﻣن أو ﻟم ﯾﻘﺑض ﻓرده اﻟﻣﺷﺗري ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻌﯾب ﻻ ﯾﺣدث ﻣﺛﻠﮫ‬
‫ﺑﻘﺿﺎء اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺑﯾﻧﺔ أو ﺑﺈﺑﺎء ﯾﻣﯾن أو ﺑﺈﻗرار ﻓﺈﻧﮫ ﯾرده ﻋﻠﻰ اﻵﻣر" ﻷن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﯾﻘن ﺑﺣدوث اﻟﻌﯾب ﻓﻲ ﯾد‬
‫اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﻠم ﯾﻛن ﻗﺿﺎؤه ﻣﺳﺗﻧدا إﻟﻰ ھذه اﻟﺣﺟﺞ‪ .‬وﺗﺄوﯾل اﺷﺗراطﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻌﻠم أﻧﮫ ﻻ ﯾﺣدث ﻣﺛﻠﮫ‬
‫ﻓﻲ ﻣدة ﺷﮭر ﻣﺛﻼ ﻟﻛﻧﮫ اﺷﺗﺑﮫ ﻋﻠﯾﮫ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ھذه اﻟﺣﺟﺞ ﻟظﮭور اﻟﺗﺎرﯾﺦ‪ ،‬أو ﻛﺎن ﻋﯾﺑﺎ ﻻ ﯾﻌرﻓﮫ إﻻ‬
‫اﻟﻧﺳﺎء أو اﻷطﺑﺎء‪ ،‬وﻗوﻟﮭن وﻗول اﻟطﺑﯾب ﺣﺟﺔ ﻓﻲ ﺗوﺟﮫ اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻻ ﻓﻲ اﻟرد ﻓﯾﻔﺗﻘر إﻟﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﻟرد‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو‬
‫ﻛﺎن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﺎﯾن اﻟﺑﯾﻊ واﻟﻌﯾب ظﺎھر ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺷﻲء ﻣﻧﮭﺎ وھو رد ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﻛل ﻓﻼ ﯾﺣﺗﺎج اﻟوﻛﯾل إﻟﻰ رد‬
‫وﺧﺻوﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذﻟك إن رده ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻌﯾب ﯾﺣدث ﻣﺛﻠﮫ ﺑﺑﯾﻧﺔ أو ﺑﺈﺑﺎء ﯾﻣﯾن"؛ ﻷن اﻟﺑﯾﻧﺔ ﺣﺟﺔ ﻣطﻠﻘﺔ‪ ،‬واﻟوﻛﯾل ﻣﺿطر ﻓﻲ‬
‫اﻟﻧﻛول ﻟﺑﻌد اﻟﻌﯾب ﻋن ﻋﻠﻣﮫ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﻋدم ﻣﻣﺎرﺳﺗﮫ اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﻠزم اﻵﻣر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻛﺎن ذﻟك ﺑﺈﻗراره ﻟزم اﻟﻣﺄﻣور "؛ ﻷن اﻹﻗرار ﺣﺟﺔ ﻗﺎﺻرة وھو ﻏﯾر ﻣﺿطر إﻟﯾﮫ ﻹﻣﻛﺎﻧﮫ اﻟﺳﻛوت‬
‫واﻟﻧﻛول‪ ،‬إﻻ أن ﻟﮫ أن ﯾﺧﺎﺻم اﻟﻣوﻛل ﻓﯾﻠزﻣﮫ ﺑﺑﯾﻧﺔ أو ﺑﻧﻛوﻟﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟرد ﺑﻐﯾر ﻗﺿﺎء واﻟﻌﯾب ﯾﺣدث‬
‫ﻣﺛﻠﮫ ﺣﯾث ﻻ ﯾﻛون ﻟﮫ أن ﯾﺧﺎﺻم ﺑﺎﺋﻌﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﺑﯾﻊ‬

‫ﺟدﯾد ﻓﻲ ﺣق ﺛﺎﻟث واﻟﺑﺎﺋﻊ ﺛﺎﻟﺛﮭﻣﺎ‪ ،‬واﻟرد ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء ﻓﺳﺦ ﻟﻌﻣوم وﻻﯾﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ ،‬ﻏﯾر أن‬ ‫ص ‪-147-‬‬
‫اﻟﺣﺟﺔ ﻗﺎﺻرة وھﻲ اﻹﻗرار‪ ،‬ﻓﻣن ﺣﯾث اﻟﻔﺳﺦ ﻛﺎن ﻟﮫ أن ﯾﺧﺎﺻﻣﮫ‪ ،‬وﻣن ﺣﯾث اﻟﻘﺻور ﻻ ﯾﻠزم اﻟﻣوﻛل إﻻ‬
‫ﺑﺣﺟﺔ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن اﻟﻌﯾب ﻻ ﯾﺣدث ﻣﺛﻠﮫ واﻟرد ﺑﻐﯾر ﻗﺿﺎء ﺑﺈﻗراره ﯾﻠزم اﻟﻣوﻛل ﻣن ﻏﯾر ﺧﺻوﻣﺔ ﻓﻲ رواﯾﺔ؛ ﻷن‬
‫اﻟرد ﻣﺗﻌﯾن وﻓﻲ ﻋﺎﻣﺔ اﻟرواﯾﺎت ﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺧﺎﺻﻣﮫ ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ واﻟﺣق ﻓﻲ وﺻف اﻟﺳﻼﻣﺔ ﺛم ﯾﻧﺗﻘل إﻟﻰ اﻟرد ﺛم‬
‫إﻟﻰ اﻟرﺟوع ﺑﺎﻟﻧﻘﺻﺎن ﻓﻠم ﯾﺗﻌﯾن اﻟرد‪ ،‬وﻗد ﺑﯾﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ ﺑﺄطول ﻣن ھذا‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻗﺎل ﻵﺧر أﻣرﺗك ﺑﺑﯾﻊ ﻋﺑدي ﺑﻧﻘد ﻓﺑﻌﺗﮫ ﺑﻧﺳﯾﺋﺔ وﻗﺎل اﻟﻣﺄﻣور أﻣرﺗﻧﻲ ﺑﺑﯾﻌﮫ وﻟم ﺗﻘل ﺷﯾﺋﺎ ﻓﺎﻟﻘول‬
‫ﻗول اﻵﻣر"؛ ﻷن اﻵﻣر ﯾﺳﺗﻔﺎد ﻣن ﺟﮭﺗﮫ وﻻ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن اﺧﺗﻠف ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣﺿﺎرب ورب اﻟﻣﺎل ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺿﺎرب" ﻷن اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ اﻟﻌﻣوم‪ ،‬أﻻ‬
‫ﺗرى أﻧﮫ ﯾﻣﻠك اﻟﺗﺻرف ﺑذﻛر ﻟﻔظ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻓﻘﺎﻣت دﻻﻟﺔ اﻹطﻼق‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ادﻋﻰ رب اﻟﻣﺎل اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ‬
‫ﻓﻲ ﻧوع واﻟﻣﺿﺎرب ﻓﻲ ﻧوع آﺧر ﺣﯾث ﯾﻛون اﻟﻘول ﻟرب اﻟﻣﺎل؛ ﻷﻧﮫ ﺳﻘط اﻹطﻼق ﺑﺗﺻﺎدﻗﮭﻣﺎ ﻓﻧزل إﻟﻰ اﻟوﻛﺎﻟﺔ‬
‫اﻟﻣﺣﺿﺔ ﺛم ﻣطﻠق اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ ﯾﻧﺗظﻣﮫ ﻧﻘدا وﻧﺳﯾﺋﺔ إﻟﻰ أي أﺟل ﻛﺎن ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﯾﺗﻘﯾد ﺑﺄﺟل‬
‫ﻣﺗﻌﺎرف واﻟوﺟﮫ ﻗد ﺗﻘدم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻣر رﺟﻼ ﺑﺑﯾﻊ ﻋﺑده ﻓﺑﺎﻋﮫ وأﺧذ ﺑﺎﻟﺛﻣن رھﻧﺎ ﻓﺿﺎع ﻓﻲ ﯾده أو أﺧذ ﺑﮫ ﻛﻔﯾﻼ ﻓﺗوي اﻟﻣﺎل ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻼ‬
‫ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮫ" ﻷن اﻟوﻛﯾل أﺻﯾل ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق وﻗﺑض اﻟﺛﻣن ﻣﻧﮭﺎ واﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺗوﺛق ﺑﮫ‪ ،‬واﻻرﺗﮭﺎن وﺛﯾﻘﺔ ﻟﺟﺎﻧب‬
‫اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء ﻓﯾﻣﻠﻛﮭﻣﺎ ﺑﺧﻼف اﻟوﻛﯾل ﺑﻘﺑض اﻟدﯾن؛ ﻷﻧﮫ ﯾﻔﻌل ﻧﯾﺎﺑﺔ وﻗد أﻧﺎﺑﮫ ﻓﻲ ﻗﺑض اﻟدﯾن دون اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ وأﺧذ‬
‫اﻟرھن واﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ ﯾﻘﺑض أﺻﺎﻟﺔ وﻟﮭذا ﻻ ﯾﻣﻠك اﻟﻣوﻛل ﺣﺟره ﻋﻧﮫ‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪" :‬وإذا وﻛل وﻛﯾﻠﯾن ﻓﻠﯾس ﻷﺣدھﻣﺎ أن ﯾﺗﺻرف ﻓﯾﻣﺎ وﻛﻼ ﺑﮫ دون اﻵﺧر"‬
‫وھذا ﻓﻲ ﺗﺻرف ﯾﺣﺗﺎج ﻓﯾﮫ إﻟﻰ اﻟرأي ﻛﺎﻟﺑﯾﻊ واﻟﺧﻠﻊ وﻏﯾر ذﻟك‪ ،‬ﻷن اﻟﻣوﻛل رﺿﻲ ﺑرأﯾﮭﻣﺎ ﻻ ﺑرأي أﺣدھﻣﺎ‪،‬‬
‫واﻟﺑدل وإن ﻛﺎن ﻣﻘدرا وﻟﻛن اﻟﺗﻘدﯾر ﻻ ﯾﻣﻧﻊ اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟرأي ﻓﻲ اﻟزﯾﺎدة واﺧﺗﯾﺎر اﻟﻣﺷﺗري‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬إﻻ أن ﯾوﻛﻠﮭﻣﺎ ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ" ﻷن اﻻﺟﺗﻣﺎع ﻓﯾﮭﺎ ﻣﺗﻌذر ﻟﻺﻓﺿﺎء إﻟﻰ اﻟﺷﻐب ﻓﻲ ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء واﻟرأي‬
‫ﯾﺣﺗﺎج إﻟﯾﮫ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻟﺗﻘوﯾم اﻟﺧﺻوﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬أو ﺑطﻼق زوﺟﺗﮫ ﺑﻐﯾر ﻋوض أو ﺑﻌﺗق ﻋﺑده ﺑﻐﯾر ﻋوض أو ﺑرد ودﯾﻌﺔ ﻋﻧده أو‬
‫ﻗﺿﺎء دﯾن ﻋﻠﯾﮫ" ﻷن ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﻻ ﯾﺣﺗﺎج ﻓﯾﮭﺎ إﻟﻰ اﻟرأي ﺑل ھو ﺗﻌﺑﯾر ﻣﺣض‪،‬‬ ‫ص ‪-148-‬‬
‫وﻋﺑﺎرة اﻟﻣﺛﻧﻰ واﻟواﺣد ﺳواء‪ .‬وھذا ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺎل ﻟﮭﻣﺎ طﻠﻘﺎھﺎ إن ﺷﺋﺗﻣﺎ أو ﻗﺎل أﻣرھﺎ ﺑﺄﯾدﯾﻛﻣﺎ ﻷﻧﮫ ﺗﻔوﯾض‬
‫إﻟﻰ رأﯾﮭﻣﺎ؛ أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﺗﻣﻠﯾك ﻣﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﻠس‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻋﻠق اﻟطﻼق ﺑﻔﻌﻠﮭﻣﺎ ﻓﺎﻋﺗﺑره ﺑدﺧوﻟﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﯾس ﻟﻠوﻛﯾل أن ﯾوﻛل ﻓﯾﻣﺎ وﻛل ﺑﮫ" ﻷﻧﮫ ﻓوض إﻟﯾﮫ اﻟﺗﺻرف دون اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﮫ‪ ،‬وھذا ﻷﻧﮫ رﺿﻲ ﺑرأﯾﮫ‬
‫واﻟﻧﺎس ﻣﺗﻔﺎوﺗون ﻓﻲ اﻵراء‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬إﻻ أن ﯾﺄذن ﻟﮫ اﻟﻣوﻛل" ﻟوﺟود اﻟرﺿﺎ "أو ﯾﻘول ﻟﮫ اﻋﻣل ﺑرأﯾك" ﻹطﻼق اﻟﺗﻔوﯾض إﻟﻰ رأﯾﮫ‪ ،‬وإذا ﺟﺎز‬
‫ﻓﻲ ھذا اﻟوﺟﮫ ﯾﻛون اﻟﺛﺎﻧﻲ وﻛﯾﻼ ﻋن اﻟﻣوﻛل ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻣﻠك اﻷول ﻋزﻟﮫ وﻻ ﯾﻧﻌزل ﺑﻣوﺗﮫ وﯾﻧﻌزﻻن ﺑﻣوت‬
‫اﻷول‪ ،‬وﻗد ﻣر ﻧظﯾره ﻓﻲ أدب اﻟﻘﺎﺿﻲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن وﻛل ﺑﻐﯾر إذن ﻣوﻛﻠﮫ ﻓﻌﻘد وﻛﯾﻠﮫ ﺑﺣﺿرﺗﮫ ﺟﺎز" ﻷن اﻟﻣﻘﺻود ﺣﺿور رأي اﻷول وﻗد ﺣﺿر‪،‬‬
‫وﺗﻛﻠﻣوا ﻓﻲ ﺣﻘوﻗﮫ‪" .‬وإن ﻋﻘد ﻓﻲ ﺣﺎل ﻏﯾﺑﺗﮫ ﻟم ﯾﺟز" ﻷﻧﮫ ﻓﺎت رأﯾﮫ إﻻ أن ﯾﺑﻠﻐﮫ ﻓﯾﺟﯾزه "وﻛذا ﻟو ﺑﺎع ﻏﯾر‬
‫اﻟوﻛﯾل ﻓﺑﻠﻐﮫ ﻓﺄﺟﺎزه" ﻷﻧﮫ ﺣﺿر رأﯾﮫ "وﻟو ﻗدر اﻷول اﻟﺛﻣن ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ ﻓﻌﻘد ﺑﻐﯾﺑﺗﮫ ﯾﺟوز" ﻷن اﻟرأي ﻓﯾﮫ ﯾﺣﺗﺎج‬
‫إﻟﯾﮫ ﻟﺗﻘدﯾر اﻟﺛﻣن ظﺎھرا وﻗد ﺣﺻل‪ ،‬وھذا ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا وﻛل وﻛﯾﻠﯾن وﻗدر اﻟﺛﻣن‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﻓوض إﻟﯾﮭﻣﺎ ﻣﻊ‬
‫ﺗﻘدﯾر اﻟﺛﻣن ظﮭر أن ﻏرﺿﮫ اﺟﺗﻣﺎع رأﯾﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟزﯾﺎدة واﺧﺗﯾﺎر اﻟﻣﺷﺗري ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﻘدر اﻟﺛﻣن‬
‫وﻓوض إﻟﻰ اﻷول ﻛﺎن ﻏرﺿﮫ رأﯾﮫ ﻓﻲ ﻣﻌظم اﻷﻣر وھو اﻟﺗﻘدﯾر ﻓﻲ اﻟﺛﻣن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا زوج اﻟﻣﻛﺎﺗب أو اﻟﻌﺑد أو اﻟذﻣﻲ اﺑﻧﺗﮫ وھﻲ ﺻﻐﯾرة ﺣرة ﻣﺳﻠﻣﺔ أو ﺑﺎع أو اﺷﺗرى ﻟﮭﺎ ﻟم ﯾﺟز"‬
‫ﻣﻌﻧﺎه اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ ﻣﺎﻟﮭﺎ ﻷن اﻟرق واﻟﻛﻔر ﯾﻘطﻌﺎن اﻟوﻻﯾﺔ؛ أﻻ ﯾرى أن اﻟﻣرﻗوق ﻻ ﯾﻣﻠك إﻧﻛﺎح ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻛﯾف ﯾﻣﻠك‬
‫إﻧﻛﺎح ﻏﯾره‪ ،‬وﻛذا اﻟﻛﺎﻓر ﻻ وﻻﯾﺔ ﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﻠم ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﻘﺑل ﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻷن ھذه وﻻﯾﺔ ﻧظرﯾﺔ ﻓﻼ ﺑد ﻣن‬
‫اﻟﺗﻔوﯾض إﻟﻰ اﻟﻘﺎدر اﻟﻣﺷﻔق ﻟﯾﺗﺣﻘق ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻧظر‪ ،‬واﻟرق ﯾزﯾل اﻟﻘدرة واﻟﻛﻔر ﯾﻘطﻊ اﻟﺷﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﻠم ﻓﻼ‬
‫ﺗﻔوض إﻟﯾﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫"ﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد‪ :‬واﻟﻣرﺗد إذا ﻗﺗل ﻋﻠﻰ ردﺗﮫ واﻟﺣرﺑﻲ ﻛذﻟك" ﻷن اﻟﺣرﺑﻲ أﺑﻌد ﻣن اﻟذﻣﻲ ﻓﺄوﻟﻰ ﺑﺳﻠب‬
‫اﻟوﻻﯾﺔ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﻣرﺗد ﻓﺗﺻرﻓﮫ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﮫ وإن ﻛﺎن ﻧﺎﻓذا ﻋﻧدھﻣﺎ ﻟﻛﻧﮫ ﻣوﻗوف ﻋﻠﻰ وﻟده وﻣﺎل وﻟده ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع ﻷﻧﮭﺎ‬
‫وﻻﯾﺔ ﻧظرﯾﺔ وذﻟك ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻟﻣﻠﺔ وھﻲ ﻣﺗرددة‪ ،‬ﺛم ﺗﺳﺗﻘر ﺟﮭﺔ اﻻﻧﻘطﺎع إذا ﻗﺗل ﻋﻠﻰ اﻟردة ﻓﯾﺑطل وﺑﺎﻹﺳﻼم ﯾﺟﻌل‬
‫ﻛﺄﻧﮫ ﻟم ﯾزل ﻣﺳﻠﻣﺎ ﻓﯾﺻﺢ‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ واﻟﻘﺑض‬ ‫ص ‪-149-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ وﻛﯾل ﺑﺎﻟﻘﺑض" ﻋﻧدﻧﺎ ﺧﻼﻓﺎ ﻟزﻓر‪ .‬ھو ﯾﻘول رﺿﻲ ﺑﺧﺻوﻣﺗﮫ واﻟﻘﺑض ﻏﯾر اﻟﺧﺻوﻣﺔ‬
‫وﻟم ﯾرض ﺑﮫ‪ .‬وﻟﻧﺎ أن ﻣن ﻣﻠك ﺷﯾﺋﺎ ﻣﻠك إﺗﻣﺎﻣﮫ وإﺗﻣﺎم اﻟﺧﺻوﻣﺔ واﻧﺗﮭﺎؤھﺎ ﺑﺎﻟﻘﺑض‪ ،‬واﻟﻔﺗوى اﻟﯾوم ﻋﻠﻰ ﻗول‬
‫زﻓر رﺣﻣﮫ ﷲ ﻟظﮭور اﻟﺧﯾﺎﻧﺔ ﻓﻲ اﻟوﻛﻼء‪ ،‬وﻗد ﯾؤﺗﻣن ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻣن ﻻ ﯾؤﺗﻣن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎل‪ ،‬وﻧظﯾره اﻟوﻛﯾل‬
‫ﺑﺎﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ﯾﻣﻠك اﻟﻘﺑض ﻋﻠﻰ أﺻل اﻟرواﯾﺔ ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎه وﺿﻌﺎ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﻌرف ﺑﺧﻼﻓﮫ وھو ﻗﺎض ﻋﻠﻰ اﻟوﺿﻊ‬
‫واﻟﻔﺗوى ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﯾﻣﻠك‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺎ وﻛﯾﻠﯾن ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻻ ﯾﻘﺑﺿﺎن إﻻ ﻣﻌﺎ" ﻷﻧﮫ رﺿﻲ ﺑﺄﻣﺎﻧﺗﮭﻣﺎ ﻻ ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ أﺣدھﻣﺎ‪ ،‬واﺟﺗﻣﺎﻋﮭﻣﺎ‬
‫ﻣﻣﻛن ﺑﺧﻼف اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟوﻛﯾل ﺑﻘﺑض اﻟدﯾن ﯾﻛون وﻛﯾﻼ ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ" ﺣﺗﻰ ﻟو أﻗﯾﻣت ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫اﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﻣوﻛل أو إﺑراﺋﮫ ﺗﻘﺑل ﻋﻧده‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾﻛون ﺧﺻﻣﺎ وھو‪ ،‬رواﯾﺔ اﻟﺣﺳن ﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻷن اﻟﻘﺑض ﻏﯾر‬
‫اﻟﺧﺻوﻣﺔ‪ ،‬وﻟﯾس ﻛل ﻣن ﯾؤﺗﻣن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎل ﯾﮭﺗدي ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺎت ﻓﻠم ﯾﻛن اﻟرﺿﺎ ﺑﺎﻟﻘﺑض رﺿﺎ ﺑﮭﺎ‪ .‬وﻷﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ وﻛﻠﮫ ﺑﺎﻟﺗﻣﻠك ﻷن اﻟدﯾون ﺗﻘﺿﻰ ﺑﺄﻣﺛﺎﻟﮭﺎ‪ ،‬إذ ﻗﺑض اﻟدﯾن ﻧﻔﺳﮫ ﻻ ﯾﺗﺻور إﻻ أﻧﮫ ﺟﻌل اﺳﺗﯾﻔﺎء‬
‫اﻟﻌﯾن ﺣﻘﮫ ﻣن وﺟﮫ‪ ،‬ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟوﻛﯾل ﺑﺄﺧذ اﻟﺷﻔﻌﺔ واﻟرﺟوع ﻓﻲ اﻟﮭﺑﺔ واﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺷراء واﻟﻘﺳﻣﺔ واﻟرد ﺑﺎﻟﻌﯾب‪،‬‬
‫وھذه أﺷﺑﮫ ﺑﺄﺧذ اﻟﺷﻔﻌﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﻛون ﺧﺻﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻛﻣﺎ ﯾﻛون ﺧﺻﻣﺎ ﻗﺑل اﻷﺧذ ھﻧﺎﻟك‪ .‬واﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺷراء ﻻ‬
‫ﯾﻛون ﺧﺻﻣﺎ ﻗﺑل ﻣﺑﺎﺷرة اﻟﺷراء‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﻣﺑﺎدﻟﺔ ﺗﻘﺗﺿﻲ ﺣﻘوﻗﺎ وھو أﺻﯾل ﻓﯾﮭﺎ ﻓﯾﻛون ﺧﺻﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟوﻛﯾل ﺑﻘﺑض اﻟﻌﯾن ﻻ ﯾﻛون وﻛﯾﻼ ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ" ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ﻷﻧﮫ أﻣﯾن ﻣﺣض‪ ،‬واﻟﻘﺑض ﻟﯾس ﺑﻣﺑﺎدﻟﺔ ﻓﺄﺷﺑﮫ‬
‫اﻟرﺳول "ﺣﺗﻰ أن ﻣن وﻛل وﻛﯾﻼ ﺑﻘﺑض ﻋﺑد ﻟﮫ ﻓﺄﻗﺎم اﻟذي ھو ﻓﻲ ﯾده اﻟﺑﯾﻧﺔ أن اﻟﻣوﻛل ﺑﺎﻋﮫ إﯾﺎه وﻗف اﻷﻣر‬
‫ﺣﺗﻰ ﯾﺣﺿر اﻟﻐﺎﺋب" وھذا اﺳﺗﺣﺳﺎن‪ ،‬واﻟﻘﯾﺎس أن ﯾدﻓﻊ إﻟﻰ اﻟوﻛﯾل ﻷن اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻗﺎﻣت ﻷﻋﻠﻰ ﺧﺻم ﻓﻠم ﺗﻌﺗﺑر‪ .‬وﺟﮫ‬
‫اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أﻧﮫ ﺧﺻم ﻓﻲ ﻗﺻر ﯾده ﻟﻘﯾﺎﻣﮫ ﻣﻘﺎم اﻟﻣوﻛل ﻓﻲ اﻟﻘﺑض ﻓﺗﻘﺻر ﯾده ﺣﺗﻰ ﻟو ﺣﺿر اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺗﻌﺎد اﻟﺑﯾﻧﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا أﻗﺎم اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣوﻛل ﻋزﻟﮫ ﻋن ذﻟك ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻘﺑل ﻓﻲ ﻗﺻر ﯾده ﻛذا ھذا‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذﻟك اﻟﻌﺗﺎق واﻟطﻼق وﻏﯾر ذﻟك" وﻣﻌﻧﺎه إذا أﻗﺎﻣت اﻟﻣرأة اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق‬

‫واﻟﻌﺑد واﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺗﺎق ﻋﻠﻰ اﻟوﻛﯾل ﺑﻧﻘﻠﮭم ﺗﻘﺑل ﻓﻲ ﻗﺻر ﯾده ﺣﺗﻰ ﯾﺣﺿر اﻟﻐﺎﺋب‬ ‫ص ‪-150-‬‬
‫اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ دون اﻟﻌﺗق واﻟطﻼق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أﻗر اﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣوﻛﻠﮫ ﻋﻧد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺟﺎز إﻗراره ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﺟوز ﻋﻧد ﻏﯾر اﻟﻘﺎﺿﻲ"‬
‫ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ إﻻ أﻧﮫ ﯾﺧرج ﻋن اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪.‬‬
‫وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ﯾﺟوز إﻗراره ﻋﻠﯾﮫ وإن أﻗر ﻓﻲ ﻏﯾر ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء‪ .‬وﻗﺎل زﻓر واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ :‬ﻻ‬
‫ﯾﺟوز ﻓﻲ اﻟوﺟﮭﯾن وھو ﻗول أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أوﻻ‪ ،‬وھو اﻟﻘﯾﺎس ﻷﻧﮫ ﻣﺄﻣور ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ وھﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺔ‬
‫واﻹﻗرار ﯾﺿﺎده ﻷﻧﮫ ﻣﺳﺎﻟﻣﺔ‪ ،‬واﻷﻣر ﺑﺎﻟﺷﻲء ﻻ ﯾﺗﻧﺎول ﺿده وﻟﮭذا ﻻ ﯾﻣﻠك اﻟﺻﻠﺢ واﻹﺑراء وﯾﺻﺢ إذا اﺳﺗﺛﻧﻰ‬
‫اﻹﻗرار‪ ،‬وﻛذا ﻟو وﻛﻠﮫ ﺑﺎﻟﺟواب ﻣطﻠﻘﺎ ﯾﺗﻘﯾد ﺑﺟواب ھو ﺧﺻوﻣﺔ ﻟﺟرﯾﺎن اﻟﻌﺎدة ﺑذﻟك وﻟﮭذا ﯾﺧﺗﺎر ﻓﯾﮭﺎ اﻷھدى‬
‫ﻓﺎﻷھدى‪ .‬وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أن اﻟﺗوﻛﯾل ﺻﺣﯾﺢ ﻗطﻌﺎ وﺻﺣﺗﮫ ﺑﺗﻧﺎوﻟﮫ ﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛﮫ ﻗطﻌﺎ وذﻟك ﻣطﻠق اﻟﺟواب دون‬
‫أﺣدھﻣﺎ ﻋﯾﻧﺎ‪ .‬وطرﯾق اﻟﻣﺟﺎز ﻣوﺟود ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺑﯾﻧﮫ إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﯾﺻرف إﻟﯾﮫ ﺗﺣرﯾﺎ ﻟﻠﺻﺣﺔ ﻗطﻌﺎ؛ وﻟو‬
‫اﺳﺗﺛﻧﻰ اﻹﻗرار‪ ،‬ﻓﻌن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺻﺢ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ‪ .‬وﻋن ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﯾﺻﺢ ﻷن‬
‫ﻟﻠﺗﻧﺻﯾص زﯾﺎدة دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻛﮫ إﯾﺎه؛ وﻋﻧد اﻹطﻼق ﯾﺣﻣل ﻋﻠﻰ اﻷوﻟﻰ‪ .‬وﻋﻧﮫ أﻧﮫ ﻓﺻل ﺑﯾن اﻟطﺎﻟب واﻟﻣطﻠوب‬
‫وﻟم ﯾﺻﺣﺣﮫ ﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﺟﺑورا ﻋﻠﯾﮫ وﯾﺧﯾر اﻟطﺎﻟب ﻓﯾﮫ؛ ﻓﺑﻌد ذﻟك ﯾﻘول أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬إن اﻟوﻛﯾل‬
‫ﻗﺎﺋم ﻣﻘﺎم اﻟﻣوﻛل‪ ،‬وإﻗراره ﻻ ﯾﺧﺗص ﺑﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻛذا إﻗرار ﻧﺎﺋﺑﮫ‪ .‬وھﻣﺎ ﯾﻘوﻻن‪ :‬إن اﻟﺗوﻛﯾل ﯾﺗﻧﺎول ﺟواب‬
‫ﯾﺳﻣﻰ ﺧﺻوﻣﺔ ﺣﻘﯾﻘﺔ أو ﻣﺟﺎزا‪ ،‬واﻹﻗرار ﻓﻲ ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء ﺧﺻوﻣﺔ ﻣﺟﺎزا‪ ،‬إﻣﺎ ﻷﻧﮫ ﺧرج ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ‬
‫اﻟﺧﺻوﻣﺔ‪ ،‬أو ﻷﻧﮫ ﺳﺑب ﻟﮫ ﻷن اﻟظﺎھر إﺗﯾﺎﻧﮫ ﺑﺎﻟﻣﺳﺗﺣق وھو اﻟﺟواب ﻓﻲ ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء ﻓﯾﺧﺗص ﺑﮫ‪ ،‬ﻟﻛن إذا‬
‫أﻗﯾﻣت اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ إﻗراره ﻓﻲ ﻏﯾر ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء ﯾﺧرج ﻣن اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾؤﻣر ﺑدﻓﻊ اﻟﻣﺎل إﻟﯾﮫ ﻷﻧﮫ ﺻﺎر‬
‫ﻣﻧﺎﻗﺿﺎ وﺻﺎر ﻛﺎﻷب أو اﻟوﺻﻲ إذا أﻗر ﻓﻲ ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء ﻻ ﯾﺻﺢ وﻻ ﯾدﻓﻊ اﻟﻣﺎل إﻟﯾﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻛﻔل ﺑﻣﺎل ﻋن رﺟل ﻓوﻛﻠﮫ ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺎل ﺑﻘﺑﺿﮫ ﻋن اﻟﻐرﯾم ﻟم ﯾﻛن وﻛﯾﻼ ﻓﻲ ذﻟك أﺑدا" ﻷن اﻟوﻛﯾل‬
‫ﻣن ﯾﻌﻣل ﻟﻐﯾره‪ ،‬وﻟو ﺻﺣﺣﻧﺎھﺎ ﺻﺎر ﻋﺎﻣﻼ ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ إﺑراء ذﻣﺗﮫ ﻓﺎﻧﻌدم اﻟرﻛن‪ ،‬وﻷن ﻗﺑول ﻗوﻟﮫ ﻣﻼزم ﻟﻠوﻛﺎﻟﺔ‬
‫ﻟﻛوﻧﮫ أﻣﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻟو ﺻﺣﺣﻧﺎھﺎ ﻻ ﯾﻘﺑل ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﺑرﺋﺎ ﻧﻔﺳﮫ ﻓﯾﻧﻌدم ﺑﺎﻧﻌدام ﻻزﻣﮫ‪ ،‬وھو ﻧظﯾر ﻋﺑد ﻣدﯾون أﻋﺗﻘﮫ ﻣوﻻه‬
‫ﺣﺗﻰ ﺿﻣن ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻟﻠﻐرﻣﺎء وﯾطﺎﻟب اﻟﻌﺑد ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻟدﯾن‪ ،‬ﻓﻠو وﻛﻠﮫ اﻟطﺎﻟب ﺑﻘﺑض اﻟﻣﺎل ﻋن اﻟﻌﺑد ﻛﺎن ﺑﺎطﻼ ﻟﻣﺎ‬
‫ﺑﯾﻧﺎه‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ادﻋﻰ أﻧﮫ وﻛﯾل اﻟﻐﺎﺋب ﻓﻲ ﻗﺑض دﯾﻧﮫ ﻓﺻدﻗﮫ اﻟﻐرﯾم أﻣر ﺑﺗﺳﻠﯾم اﻟدﯾن إﻟﯾﮫ"‬

‫ﻷﻧﮫ إﻗرار ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ ﻷن ﻣﺎ ﯾﻘﺿﯾﮫ ﺧﺎﻟص ﻣﺎﻟﮫ "ﻓﺈن ﺣﺿر اﻟﻐﺎﺋب ﻓﺻدﻗﮫ وإﻻ دﻓﻊ‬ ‫ص ‪-151-‬‬
‫إﻟﯾﮫ اﻟﻐرﯾم اﻟدﯾن ﺛﺎﻧﯾﺎ" ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺛﺑت اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء ﺣﯾث أﻧﻛر اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ ،‬واﻟﻘول ﻓﻲ ذﻟك ﻗوﻟﮫ ﻣﻊ ﯾﻣﯾﻧﮫ ﻓﯾﻔﺳد اﻷداء‬
‫"وﯾرﺟﻊ ﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻟوﻛﯾل إن ﻛﺎن ﺑﺎﻗﯾﺎ ﻓﻲ ﯾده" ﻷن ﻏرﺿﮫ ﻣن اﻟدﻓﻊ ﺑراءة ذﻣﺗﮫ وﻟم ﺗﺣﺻل ﻓﻠﮫ أن ﯾﻧﻘض‬
‫ﻗﺑﺿﮫ "وإن ﻛﺎن" ﺿﺎع "ﻓﻲ ﯾده ﻟم ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ" ﻷﻧﮫ ﺑﺗﺻدﯾﻘﮫ اﻋﺗرف أﻧﮫ ﻣﺣق ﻓﻲ اﻟﻘﺑض وھو ﻣظﻠوم ﻓﻲ‬
‫ھذا اﻷﺧذ‪ ،‬واﻟﻣظﻠوم ﻻ ﯾظﻠم ﻏﯾره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬إﻻ أن ﯾﻛون ﺿﻣﻧﮫ ﻋﻧد اﻟدﻓﻊ" ﻷن اﻟﻣﺄﺧوذ ﺛﺎﻧﯾﺎ ﻣﺿﻣون ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ زﻋﻣﮭﻣﺎ‪ ،‬وھذه ﻛﻔﺎﻟﺔ أﺿﯾﻔت إﻟﻰ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﺑض ﻓﺗﺻﺢ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﻣﺎ ذاب ﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻓﻼن‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن اﻟﻐرﯾم ﻟم ﯾﺻدﻗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ودﻓﻌﮫ إﻟﯾﮫ ﻋﻠﻰ‬
‫ادﻋﺎﺋﮫ‪ ،‬ﻓﺈن رﺟﻊ ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻐرﯾم رﺟﻊ اﻟﻐرﯾم ﻋﻠﻰ اﻟوﻛﯾل ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺻدﻗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ دﻓﻌﮫ‬
‫إﻟﯾﮫ ﻋﻠﻰ رﺟﺎء اﻹﺟﺎزة‪ ،‬ﻓﺈذا اﻧﻘطﻊ رﺟﺎؤه رﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻛذا إذا دﻓﻌﮫ إﻟﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﺗﻛذﯾﺑﮫ إﯾﺎه ﻓﻲ اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ .‬وھذا‬
‫أظﮭر ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟوﺟوه ﻛﻠﮭﺎ ﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺳﺗرد اﻟﻣدﻓوع ﺣﺗﻰ ﯾﺣﺿر اﻟﻐﺎﺋب ﻷن اﻟﻣؤدى ﺻﺎر ﺣﻘﺎ ﻟﻠﻐﺎﺋب‪،‬‬
‫إﻣﺎ ظﺎھرا أو ﻣﺣﺗﻣﻼ ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا دﻓﻌﮫ إﻟﻰ ﻓﺿوﻟﻲ ﻋﻠﻰ رﺟﺎء اﻹﺟﺎزة ﻟم ﯾﻣﻠك اﻻﺳﺗرداد ﻻﺣﺗﻣﺎل اﻹﺟﺎزة‪،‬‬
‫وﻷن ﻣن ﺑﺎﺷر اﻟﺗﺻرف ﻟﻐرض ﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﻧﻘﺿﮫ ﻣﺎ ﻟم ﯾﻘﻊ اﻟﯾﺄس ﻋن ﻏرﺿﮫ‪" .‬وﻣن ﻗﺎل إﻧﻲ وﻛﯾل ﺑﻘﺑض‬
‫اﻟودﯾﻌﺔ ﻓﺻدﻗﮫ اﻟﻣودع" ﻟم ﯾؤﻣر ﺑﺎﻟﺗﺳﻠﯾم إﻟﯾﮫ ﻷﻧﮫ أﻗر ﻟﮫ ﺑﻣﺎل اﻟﻐﯾر‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟدﯾن‪ .‬وﻟو ادﻋﻰ أﻧﮫ ﻣﺎت أﺑوه‬
‫وﺗرك اﻟودﯾﻌﺔ ﻣﯾراﺛﺎ ﻟﮫ وﻻ وارث ﻟﮫ ﻏﯾره‪ ،‬وﺻدﻗﮫ اﻟﻣودع أﻣر ﺑﺎﻟدﻓﻊ إﻟﯾﮫ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺑﻘﻰ ﻣﺎﻟﮫ ﺑﻌد ﻣوﺗﮫ‪ ،‬ﻓﻘد‬
‫اﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻣﺎل اﻟوارث‪ .‬وﻟو ادﻋﻰ أﻧﮫ اﺷﺗرى اﻟودﯾﻌﺔ ﻣن ﺻﺎﺣﺑﮭﺎ ﻓﺻدﻗﮫ اﻟﻣودع ﻟم ﯾؤﻣر ﺑﺎﻟدﻓﻊ إﻟﯾﮫ ﻷﻧﮫ‬
‫ﻣﺎ دام ﺣﯾﺎ ﻛﺎن إﻗرارا ﺑﻣﻠك اﻟﻐﯾر ﻷﻧﮫ ﻣن أھﻠﮫ ﻓﻼ ﯾﺻدﻗﺎن ﻓﻲ دﻋوى اﻟﺑﯾﻊ ﻋﻠﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن وﻛل وﻛﯾﻼ ﯾﻘﺑض ﻣﺎﻟﮫ ﻓﺎدﻋﻰ اﻟﻐرﯾم أن ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺎل ﻗد اﺳﺗوﻓﺎه ﻓﺈﻧﮫ ﯾدﻓﻊ اﻟﻣﺎل إﻟﯾﮫ" ﻷن اﻟوﻛﺎﻟﺔ‬
‫ﻗد ﺛﺑﺗت واﻻﺳﺗﯾﻔﺎء ﻟم ﯾﺛﺑت ﺑﻣﺟرد دﻋواه ﻓﻼ ﯾؤﺧر اﻟﺣق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺗﺑﻊ رب اﻟﻣﺎل ﻓﯾﺳﺗﺣﻠﻔﮫ" رﻋﺎﯾﺔ ﻟﺟﺎﻧﺑﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﺳﺗﺣﻠف اﻟوﻛﯾل ﻷﻧﮫ ﻧﺎﺋب‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن وﻛﻠﮫ ﺑﻌﯾب ﻓﻲ ﺟﺎرﯾﺔ ﻓﺎدﻋﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ رﺿﺎ اﻟﻣﺷﺗري ﻟم ﯾرد ﻋﻠﯾﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﺣﻠف اﻟﻣﺷﺗري ﺑﺧﻼف‬
‫ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟدﯾن" ﻷن اﻟﺗدارك ﻣﻣﻛن ھﻧﺎﻟك ﺑﺎﺳﺗرداد ﻣﺎ ﻗﺑﺿﮫ اﻟوﻛﯾل إذا ظﮭر اﻟﺧطﺄ ﻋﻧد ﻧﻛوﻟﮫ‪ ،‬وھﺎھﻧﺎ ﻏﯾر‬
‫ﻣﻣﻛن ﻷن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻟﻔﺳﺦ ﻣﺎض ﻋﻠﻰ اﻟﺻﺣﺔ وإن ظﮭر اﻟﺧطﺄ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻛﻣﺎ ھو ﻣذھﺑﮫ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﯾﺳﺗﺣﻠف اﻟﻣﺷﺗري ﻋﻧده ﺑﻌد ذﻟك ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻔﯾد‪ ،‬وأﻣﺎ ﻋﻧدھﻣﺎ ﻗﺎﻟوا‪ :‬ﯾﺟب أن ﯾﺗﺣد اﻟﺟواب ﻋﻠﻰ ھذا ﻓﻲ اﻟﻔﺻﻠﯾن‬
‫وﻻ ﯾؤﺧر‪ ،‬ﻷن اﻟﺗدارك ﻣﻣﻛن ﻋﻧدھﻣﺎ ﻟﺑطﻼن اﻟﻘﺿﺎء‪ .‬وﻗﯾل اﻷﺻﺢ ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أن ﯾؤﺧر ﻓﻲ‬
‫اﻟﻔﺻﻠﯾن‬

‫ﻷﻧﮫ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻧظر ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗﺣﻠف اﻟﻣﺷﺗري ﻟو ﻛﺎن ﺣﺎﺿرا ﻣن ﻏﯾر دﻋوى اﻟﺑﺎﺋﻊ‬ ‫ص ‪-152-‬‬
‫ﻓﯾﻧﺗظر ﻟﻠﻧظر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن دﻓﻊ إﻟﻰ رﺟل ﻋﺷرة دراھم ﯾﻧﻔﻘﮭﺎ ﻋﻠﻰ أھﻠﮫ ﻓﺄﻧﻔق ﻋﻠﯾﮭم ﻋﺷرة ﻣن ﻋﻧده ﻓﺎﻟﻌﺷرة ﺑﺎﻟﻌﺷرة" ﻷن‬
‫اﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق وﻛﯾل ﺑﺎﻟﺷراء واﻟﺣﻛم ﻓﯾﮫ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه وﻗد ﻗررﻧﺎه ﻓﮭذا ﻛذﻟك‪ .‬وﻗﯾل ھذا اﺳﺗﺣﺳﺎن وﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎس ﻟﯾس‬
‫ﻟﮫ ذﻟك وﯾﺻﯾر ﻣﺗﺑرﻋﺎ‪ .‬وﻗﯾل اﻟﻘﯾﺎس واﻻﺳﺗﺣﺳﺎن ﻓﻲ ﻗﺿﺎء اﻟدﯾن ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﺷراء‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻹﻧﻔﺎق ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺷراء‬
‫ﻓﻼ ﯾدﺧﻼﻧﮫ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﺑﺎب ﻋزل اﻟوﻛﯾل‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﻠﻣوﻛل أن ﯾﻌزل اﻟوﻛﯾل ﻋن اﻟوﻛﺎﻟﺔ" ﻷن اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺣﻘﮫ ﻓﻠﮫ أن ﯾﺑطﻠﮫ‪ ،‬إﻻ إذا ﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﺣق اﻟﻐﯾر ﺑﺄن ﻛﺎن‬
‫وﻛﯾﻼ ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ ﯾطﻠب ﻣن ﺟﮭﺔ اﻟطﺎﻟب ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن إﺑطﺎل ﺣق اﻟﻐﯾر‪ ،‬وﺻﺎر ﻛﺎﻟوﻛﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣﻧﮭﺎ ﻋﻘد‬
‫اﻟرھن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻟم ﯾﺑﻠﻐﮫ اﻟﻌزل ﻓﮭو ﻋﻠﻰ وﻛﺎﻟﺗﮫ وﺗﺻرﻓﮫ ﺟﺎﺋز ﺣﺗﻰ ﯾﻌﻠم" ﻷن ﻓﻲ اﻟﻌزل إﺿرارا ﺑﮫ ﻣن ﺣﯾث‬
‫إﺑطﺎل وﻻﯾﺗﮫ أو ﻣن ﺣﯾث رﺟوع اﻟﺣﻘوق إﻟﯾﮫ ﻓﯾﻧﻘد ﻣن ﻣﺎل اﻟﻣوﻛل وﯾﺳﻠم اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﯾﺿﻣﻧﮫ ﻓﯾﺗﺿرر ﺑﮫ‪ ،‬وﯾﺳﺗوي‬
‫اﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﻧﻛﺎح وﻏﯾره ﻟﻠوﺟﮫ اﻷول‪ ،‬وﻗد ذﻛرﻧﺎ اﺷﺗراط اﻟﻌدد أو اﻟﻌداﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺧﺑر ﻓﻼ ﻧﻌﯾده‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﺑطل اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺑﻣوت اﻟﻣوﻛل وﺟﻧوﻧﮫ ﺟﻧوﻧﺎ ﻣطﺑﻘﺎ وﻟﺣﺎﻗﮫ ﺑدار اﻟﺣرب ﻣرﺗدا" ﻷن اﻟﺗوﻛﯾل ﺗﺻرف‬
‫ﻏﯾر ﻻزم ﻓﯾﻛون ﻟدواﻣﮫ ﺣﻛم اﺑﺗداﺋﮫ ﻓﻼ ﺑد ﻣن ﻗﯾﺎم اﻷﻣر وﻗد ﺑطل ﺑﮭذه اﻟﻌوارض‪ ،‬وﺷرط أن ﯾﻛون اﻟﺟﻧون‬
‫ﻣطﺑﻘﺎ ﻷن ﻗﻠﯾﻠﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻹﻏﻣﺎء‪ ،‬وﺣد اﻟﻣطﺑق ﺷﮭر ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﻣﺎ ﯾﺳﻘط ﺑﮫ اﻟﺻوم‪ .‬وﻋﻧﮫ أﻛﺛر ﻣن‬
‫ﯾوم وﻟﯾﻠﺔ ﻷﻧﮫ ﺗﺳﻘط ﺑﮫ اﻟﺻﻠوات اﻟﺧﻣس ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﻣﯾت‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬ﺣول ﻛﺎﻣل ﻷﻧﮫ ﯾﺳﻘط ﺑﮫ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌﺑﺎدات‬
‫ﻓﻘدر ﺑﮫ اﺣﺗﯾﺎطﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻟوا‪ :‬اﻟﺣﻛم اﻟﻣذﻛور ﻓﻲ اﻟﻠﺣﺎق ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻷن ﺗﺻرﻓﺎت اﻟﻣرﺗد ﻣوﻗوﻓﺔ ﻋﻧده ﻓﻛذا وﻛﺎﻟﺗﮫ‪ ،‬ﻓﺈن أﺳﻠم ﻧﻔذ‪،‬‬
‫وإن ﻗﺗل أو ﻟﺣق ﺑدار اﻟﺣرب ﺑطﻠت اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ ﻋﻧدھﻣﺎ ﺗﺻرﻓﺎﺗﮫ ﻧﺎﻓذة ﻓﻼ ﺗﺑطل وﻛﺎﻟﺗﮫ إﻻ أن ﯾﻣوت أو ﯾﻘﺗل‬
‫ﻋﻠﻰ ردﺗﮫ أو ﯾﺣﻛم ﺑﻠﺣﺎﻗﮫ وﻗد ﻣر ﻓﻲ اﻟﺳﯾر وإن ﻛﺎن اﻟﻣوﻛل اﻣرأة ﻓﺎرﺗدت ﻓﺎﻟوﻛﯾل ﻋﻠﻰ وﻛﺎﻟﺗﮫ ﺣﺗﻰ ﺗﻣوت أو‬
‫ﺗﻠﺣق ﺑدار اﻟﺣرب ﻷن ردﺗﮭﺎ ﻻ ﺗؤﺛر ﻓﻲ ﻋﻘودھﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋرف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا وﻛل اﻟﻣﻛﺎﺗب ﺛم ﻋﺟز أو اﻟﻣﺄذون ﻟﮫ ﺛم ﺣﺟر ﻋﻠﯾﮫ أو اﻟﺷرﯾﻛﺎن ﻓﺎﻓﺗرﻗﺎ‪ ،‬ﻓﮭذه اﻟوﺟوه ﺗﺑطل اﻟوﻛﺎﻟﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟوﻛﯾل‪ ،‬ﻋﻠم أو ﻟم ﯾﻌﻠم" ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ أن ﺑﻘﺎء اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﯾﻌﺗﻣد ﻗﯾﺎم اﻷﻣر‬

‫وﻗد ﺑطل ﺑﺎﻟﺣﺟر واﻟﻌﺟز واﻻﻓﺗراق‪ ،‬وﻻ ﻓرق ﺑﯾن اﻟﻌﻠم وﻋدﻣﮫ ﻷن ھذا ﻋزل ﺣﻛﻣﻲ‬ ‫ص ‪-153-‬‬
‫ﻓﻼ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠم ﻛﺎﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ إذا ﺑﺎﻋﮫ اﻟﻣوﻛل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻣﺎت اﻟوﻛﯾل أو ﺟن ﺟﻧوﻧﺎ ﻣطﺑﻘﺎ ﺑطﻠت اﻟوﻛﺎﻟﺔ" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺻﺢ أﻣره ﺑﻌد ﺟﻧوﻧﮫ وﻣوﺗﮫ "وإن ﻟﺣق‬
‫ﺑدار اﻟﺣرب ﻣرﺗدا ﻟم ﯾﺟز ﻟﮫ اﻟﺗﺻرف إﻻ أن ﯾﻌود ﻣﺳﻠﻣﺎ"‪.‬‬
‫ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬وھذا ﻋﻧد ﻣﺣﻣد‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف ﻻ ﺗﻌود اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ .‬ﻟﻣﺣﻣد أن اﻟوﻛﺎﻟﺔ إطﻼق ﻷﻧﮫ رﻓﻊ‬
‫اﻟﻣﺎﻧﻊ‪ .‬أﻣﺎ اﻟوﻛﯾل ﯾﺗﺻرف ﺑﻣﻌﺎن ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺑﮫ وإﻧﻣﺎ ﻋﺟز ﺑﻌﺎرض اﻟﻠﺣﺎق ﻟﺗﺑﺎﯾن اﻟدارﯾن‪ ،‬ﻓﺈذا زال اﻟﻌﺟز‬
‫واﻹطﻼق ﺑﺎق ﻋﺎد وﻛﯾﻼ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﯾوﺳف أﻧﮫ إﺛﺑﺎت وﻻﯾﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ‪ ،‬ﻷن وﻻﯾﺔ أﺻل اﻟﺗﺻرف ﺑﺄھﻠﯾﺗﮫ ووﻻﯾﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ‬
‫ﺑﺎﻟﻣﻠك وﺑﺎﻟﻠﺣﺎق ﻟﺣق ﺑﺎﻷﻣوات وﺑطﻠت اﻟوﻻﯾﺔ ﻓﻼ ﺗﻌود ﻛﻣﻠﻛﮫ ﻓﻲ أم اﻟوﻟد واﻟﻣدﺑر‪ .‬وﻟو ﻋﺎد اﻟﻣوﻛل ﻣﺳﻠﻣﺎ وﻗد‬
‫ﻟﺣق ﺑدار اﻟﺣرب ﻣرﺗدا ﻻ ﺗﻌود اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟظﺎھر‪ .‬وﻋن ﻣﺣﻣد أﻧﮭﺎ ﺗﻌود ﻛﻣﺎ ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟوﻛﯾل‪ .‬واﻟﻔرق ﻟﮫ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟظﺎھر أن ﻣﺑﻧﻰ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣوﻛل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻠك وﻗد زال وﻓﻲ ﺣق اﻟوﻛﯾل ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻰ ﻗﺎﺋم ﺑﮫ وﻟم ﯾزل‬
‫ﺑﺎﻟﻠﺣﺎق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن وﻛل آﺧر ﺑﺷﻲء ﺛم ﺗﺻرف ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻓﯾﻣﺎ وﻛل ﺑﮫ ﺑطﻠت اﻟوﻛﺎﻟﺔ" وھذا اﻟﻠﻔظ ﯾﻧﺗظم وﺟوھﺎ‪ :‬ﻣﺛل أن‬
‫ﯾوﻛﻠﮫ ﺑﺈﻋﺗﺎق ﻋﺑده أو ﺑﻛﺗﺎﺑﺗﮫ ﻓﺄﻋﺗﻘﮫ أو ﻛﺎﺗﺑﮫ اﻟﻣوﻛل ﺑﻧﻔﺳﮫ أو ﯾوﻛﻠﮫ ﺑﺗزوﯾﺞ اﻣرأة أو ﺑﺷراء ﺷﻲء ﻓﻔﻌﻠﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ‬
‫أو ﯾوﻛﻠﮫ ﺑطﻼق اﻣرأﺗﮫ ﻓطﻠﻘﮭﺎ اﻟزوج ﺛﻼﺛﺎ أو واﺣدة واﻧﻘﺿت ﻋدﺗﮭﺎ أو ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ ﻓﺧﺎﻟﻌﮭﺎ‪ ،‬ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﺗﺻرف‬
‫ﺑﻧﻔﺳﮫ ﺗﻌذر ﻋﻠﻰ اﻟوﻛﯾل اﻟﺗﺻرف ﻓﺑطﻠت اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﺗزوﺟﮭﺎ ﺑﻧﻔﺳﮫ وأﺑﺎﻧﮭﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻟﻠوﻛﯾل أن ﯾزوﺟﮭﺎ ﻣﻧﮫ‬
‫ﻷن اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻗد اﻧﻘﺿت‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺗزوﺟﮭﺎ اﻟوﻛﯾل وأﺑﺎﻧﮭﺎ ﻟﮫ أن ﯾزوج اﻟﻣوﻛل ﻟﺑﻘﺎء اﻟﺣﺎﺟﺔ‪ ،‬وﻛذا ﻟو وﻛﻠﮫ‬
‫ﺑﺑﯾﻊ ﻋﺑده ﻓﺑﺎﻋﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬ﻓﻠو رد ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻌﯾب ﺑﻘﺿﺎء ﻗﺎض؛ ﻓﻌن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﻟﯾس ﻟﻠوﻛﯾل أن ﯾﺑﯾﻌﮫ‬
‫ﻣرة أﺧرى ﻷن ﺑﯾﻌﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻣﻧﻊ ﻟﮫ ﻣن اﻟﺗﺻرف ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﻌزل‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻟﮫ أن ﯾﺑﯾﻌﮫ ﻣرة أﺧرى‬
‫ﻷن اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺑﺎﻗﯾﺔ ﻷﻧﮫ إطﻼق واﻟﻌﺟز ﻗد زال‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا وﻛﻠﮫ ﺑﺎﻟﮭﺑﺔ ﻓوھب ﺑﻧﻔﺳﮫ ﺛم رﺟﻊ ﻟم ﯾﻛن ﻟﻠوﻛﯾل أن‬
‫ﯾﮭب ﻷﻧﮫ ﻣﺧﺗﺎر ﻓﻲ اﻟرﺟوع ﻓﻛﺎن ذﻟك دﻟﯾل ﻋدم اﻟﺣﺎﺟﺔ‪ .‬أﻣﺎ اﻟرد ﺑﻘﺿﺎء ﺑﻐﯾر اﺧﺗﯾﺎره ﻓﻠم ﯾﻛن دﻟﯾل زوال‬
‫اﻟﺣﺎﺟﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻋﺎد إﻟﯾﮫ ﻗدﯾم ﻣﻠﻛﮫ ﻛﺎن ﻟﮫ أن ﯾﺑﯾﻌﮫ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻟدﻋوى‬ ‫ص ‪-154-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟﻣدﻋﻲ ﻣن ﻻ ﯾﺟﺑر ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوﻣﺔ إذا ﺗرﻛﮭﺎ واﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﯾﺟﺑر ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوﻣﺔ" وﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻔرق‬
‫ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻣن أھم ﻣﺎ ﯾﺑﺗﻧﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺳﺎﺋل اﻟدﻋوى‪ ،‬وﻗد اﺧﺗﻠﻔت ﻋﺑﺎرات اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ رﺣﻣﮭم ﷲ ﻓﯾﮫ‪ ،‬ﻓﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ﻗﺎل ﻓﻲ‬
‫اﻟﻛﺗﺎب وھو ﺣد ﻋﺎم ﺻﺣﯾﺢ‪ .‬وﻗﯾل اﻟﻣدﻋﻲ ﻣن ﻻ ﯾﺳﺗﺣق إﻻ ﺑﺣﺟﺔ ﻛﺎﻟﺧﺎرج‪ ،‬واﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﯾﻛون ﻣﺳﺗﺣﻘﺎ‬
‫ﺑﻘوﻟﮫ ﻣن ﻏﯾر ﺣﺟﺔ ﻛذي اﻟﯾد‪ ،‬وﻗﯾل اﻟﻣدﻋﻲ ﻣن ﯾﺗﻣﺳك ﺑﻐﯾر اﻟظﺎھر واﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﯾﺗﻣﺳك ﺑﺎﻟظﺎھر‪ .‬وﻗﺎل‬
‫ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﻲ اﻷﺻل‪ :‬اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ھو اﻟﻣﻧﻛر‪ ،‬وھذا ﺻﺣﯾﺢ ﻟﻛن اﻟﺷﺄن ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺗﮫ واﻟﺗرﺟﯾﺢ ﺑﺎﻟﻔﻘﮫ ﻋﻧد‬
‫اﻟﺣذاق ﻣن أﺻﺣﺎﺑﻧﺎ رﺣﻣﮭم ﷲ ﻷن اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻟﻠﻣﻌﺎﻧﻲ دون اﻟﺻور‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻣودع إذا ﻗﺎل رددت اﻟودﯾﻌﺔ ﻓﺎﻟﻘول ﻟﮫ‬
‫ﻣﻊ اﻟﯾﻣﯾن وإن ﻛﺎن ﻣدﻋﯾﺎ ﻟﻠرد ﺻورة ﻷﻧﮫ ﯾﻧﻛر اﻟﺿﻣﺎن ﻣﻌﻧﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﻘﺑل اﻟدﻋوى ﺣﺗﻰ ﯾذﻛر ﺷﯾﺋﺎ ﻣﻌﻠوﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻧﺳﮫ وﻗدره" ﻷن ﻓﺎﺋدة اﻟدﻋوى اﻹﻟزام ﺑواﺳطﺔ إﻗﺎﻣﺔ‬
‫اﻟﺣﺟﺔ‪ ،‬واﻹﻟزام ﻓﻲ اﻟﻣﺟﮭول ﻻ ﯾﺗﺣﻘق‪.‬‬
‫"ﻓﺈن ﻛﺎن ﻋﯾﻧﺎ ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻛﻠف إﺣﺿﺎرھﺎ ﻟﯾﺷﯾر إﻟﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟدﻋوى"‪ ،‬وﻛذا ﻓﻲ اﻟﺷﮭﺎدة واﻻﺳﺗﺣﻼف‪ ،‬ﻷن‬
‫اﻹﻋﻼم ﺑﺄﻗﺻﻰ ﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﺷرط وذﻟك ﺑﺎﻹﺷﺎرة ﻓﻲ اﻟﻣﻧﻘول ﻷن اﻟﻧﻘل ﻣﻣﻛن واﻹﺷﺎرة أﺑﻠﻎ ﻓﻲ اﻟﺗﻌرﯾف‪ ،‬وﯾﺗﻌﻠق‬
‫ﺑﺎﻟدﻋوى وﺟوب اﻟﺣﺿور‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻘﺿﺎة ﻣن آﺧرھم ﻓﻲ ﻛل ﻋﺻر‪ ،‬ووﺟوب اﻟﺟواب إذا ﺣﺿر ﻟﯾﻔﯾد‬
‫ﺣﺿوره وﻟزوم إﺣﺿﺎر اﻟﻌﯾن اﻟﻣدﻋﺎة ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ واﻟﯾﻣﯾن إذا أﻧﻛره‪ ،‬وﺳﻧذﻛره إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻟم ﺗﻛن ﺣﺎﺿرة ذﻛر ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ ﻟﯾﺻﯾر اﻟﻣدﻋﻰ ﻣﻌﻠوﻣﺎ" ﻷن اﻟﻌﯾن ﻻ ﺗﻌرف ﺑﺎﻟوﺻف‪ ،‬واﻟﻘﯾﻣﺔ ﺗﻌرف‬
‫ﺑﮫ وﻗد ﺗﻌذر ﻣﺷﺎھدة اﻟﻌﯾن‪ .‬وﻗﺎل اﻟﻔﻘﯾﮫ أﺑو اﻟﻠﯾث‪ :‬ﯾﺷﺗرط ﻣﻊ ﺑﯾﺎن اﻟﻘﯾﻣﺔ ذﻛر اﻟذﻛورة واﻷﻧوﺛﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ادﻋﻰ ﻋﻘﺎرا ﺣدده وذﻛر أﻧﮫ ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ وأﻧﮫ ﯾطﺎﻟﺑﮫ ﺑﮫ" ﻷﻧﮫ ﺗﻌذر اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﺎﻹﺷﺎرة‬
‫ﻟﺗﻌذر اﻟﻧﻘل ﻓﯾﺻﺎر إﻟﻰ اﻟﺗﺟدﯾد ﻓﺈن اﻟﻌﻘﺎر ﯾﻌرف ﺑﮫ‪ ،‬وﯾذﻛر اﻟﺣدود‬
‫اﻷرﺑﻌﺔ‪ ،‬وﯾذﻛر أﺳﻣﺎء أﺻﺣﺎب اﻟﺣدود وأﻧﺳﺎﺑﮭم‪ ،‬وﻻ ﺑد ﻣن ذﻛر اﻟﺟد ﻷن ﺗﻣﺎم‬ ‫ص ‪-155-‬‬
‫اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﮫ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋرف ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن اﻟرﺟل ﻣﺷﮭورا ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑذﻛره‪ ،‬ﻓﺈن ذﻛر ﺛﻼﺛﺔ‬
‫ﻣن اﻟﺣدود ﯾﻛﺗﻔﻰ ﺑﮭﺎ ﻋﻧدﻧﺎ ﺧﻼﻓﺎ ﻟزﻓر ﻟوﺟود اﻷﻛﺛر‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻏﻠط ﻓﻲ اﻟراﺑﻌﺔ ﻷﻧﮫ ﯾﺧﺗﻠف ﺑﮫ اﻟﻣدﻋﻰ‬
‫وﻻ ﻛذﻟك ﺑﺗرﻛﮭﺎ‪ ،‬وﻛﻣﺎ ﯾﺷﺗرط اﻟﺗﺣدﯾد ﻓﻲ اﻟدﻋوى ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ اﻟﺷﮭﺎدة‪ .‬وﻗوﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب وذﻛر أﻧﮫ ﻓﻲ ﯾد‬
‫اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻻ ﺑد ﻣﻧﮫ ﻷﻧﮫ إﻧﻣﺎ ﯾﻧﺗﺻب ﺧﺻﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻓﻲ ﯾده‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻌﻘﺎر ﻻ ﯾﻛﺗﻔﻰ ﺑذﻛر اﻟﻣدﻋﻲ وﺗﺻدﯾق‬
‫اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ أﻧﮫ ﻓﻲ ﯾده ﺑل ﻻ ﺗﺛﺑت اﻟﯾد ﻓﯾﮫ إﻻ ﺑﺎﻟﺑﯾﻧﺔ‪ ،‬أو ﻋﻠم اﻟﻘﺎﺿﻲ ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻧﻔﯾﺎ ﻟﺗﮭﻣﺔ اﻟﻣواﺿﻌﺔ إذ‬
‫اﻟﻌﻘﺎر ﻋﺳﺎه ﻓﻲ ﯾد ﻏﯾرھﻣﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﻧﻘول ﻷن اﻟﯾد ﻓﯾﮫ ﻣﺷﺎھدة‪ .‬وﻗوﻟﮫ وأﻧﮫ ﯾطﺎﻟﺑﮫ ﺑﮫ ﻷن اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺣﻘﮫ ﻓﻼ ﺑد‬
‫ﻣن طﻠﺑﮫ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﯾﺣﺗﻣل أن ﯾﻛون ﻣرھوﻧﺎ ﻓﻲ ﯾده أو ﻣﺣﺑوﺳﺎ ﺑﺎﻟﺛﻣن ﻓﻲ ﯾده‪ ،‬وﺑﺎﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﯾزول ھذا اﻻﺣﺗﻣﺎل‪،‬‬
‫وﻋن ھذا ﻗﺎﻟوا ﻓﻲ اﻟﻣﻧﻘول ﯾﺟب أن ﯾﻘول ﻓﻲ ﯾده ﺑﻐﯾر ﺣق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻛﺎن ﺣﻘﺎ ﻓﻲ اﻟذﻣﺔ ذﻛر أﻧﮫ ﯾطﺎﻟﺑﮫ ﺑﮫ" ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ ،‬وھذا ﻷن ﺻﺎﺣب اﻟذﻣﺔ ﻗد ﺣﺿر ﻓﻠم ﯾﺑق إﻻ‬
‫اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﻟﻛن ﻻ ﺑد ﻣن ﺗﻌرﯾﻔﮫ ﺑﺎﻟوﺻف ﻷﻧﮫ ﯾﻌرف ﺑﮫ‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺻﺣت اﻟدﻋوى ﺳﺄل اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻧﮭﺎ" ﻟﯾﻧﻛﺷف ﻟﮫ وﺟﮫ اﻟﺣﻛم "ﻓﺈن اﻋﺗرف ﻗﺿﻲ ﻋﻠﯾﮫ ﺑﮭﺎ"‬
‫ﻷن اﻹﻗرار ﻣوﺟب ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻓﯾﺄﻣره ﺑﺎﻟﺧروج ﻋﻧﮫ "وإن أﻧﻛر ﺳﺄل اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﺑﯾﻧﺔ" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬‬
‫أﻟك ﺑﯾﻧﺔ؟" ﻓﻘﺎل ﻻ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪" :‬ﻟك ﯾﻣﯾﻧﮫ" ﺳﺄل ورﺗب اﻟﯾﻣﯾن ﻋﻠﻰ ﻓﻘد اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﺳؤال ﻟﯾﻣﻛﻧﮫ اﻻﺳﺗﺣﻼف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن أﺣﺿرھﺎ ﻗﺿﻲ ﺑﮭﺎ" ﻻﻧﺗﻔﺎء اﻟﺗﮭﻣﺔ ﻋﻧﮭﺎ "وإن ﻋﺟز ﻋن ذﻟك وطﻠب ﯾﻣﯾن ﺧﺻﻣﮫ اﺳﺗﺣﻠﻔﮫ ﻋﻠﯾﮭﺎ"‬
‫ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻻ ﺑد ﻣن طﻠﺑﮫ ﻷن اﻟﯾﻣﯾن ﺣﻘﮫ؛ أﻻ ﯾرى أﻧﮫ ﻛﯾف أﺿﯾف إﻟﯾﮫ ﺑﺣرف اﻟﻼم ﻓﻼ ﺑد ﻣن طﻠﺑﮫ‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻟﯾﻣﯾن‬
‫"وإذا ﻗﺎل اﻟﻣدﻋﻲ ﻟﻲ ﺑﯾﻧﺔ ﺣﺎﺿرة وطﻠب اﻟﯾﻣﯾن ﻟم ﯾﺳﺗﺣﻠف" ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ ،‬ﻣﻌﻧﺎه ﺣﺎﺿرة ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺻر وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ﯾﺳﺗﺣﻠف ﻷن اﻟﯾﻣﯾن ﺣﻘﮫ ﺑﺎﻟﺣدﯾث اﻟﻣﻌروف‪ ،‬ﻓﺈذا طﺎﻟﺑﮫ ﺑﮫ ﯾﺟﯾﺑﮫ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ‬
‫ﷲ أن ﺛﺑوت اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻌﯾن ﻣرﺗب ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺟز ﻋن إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ ﻓﻼ ﯾﻛون ﺣﻘﮫ دوﻧﮫ‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت‬
‫اﻟﺑﯾﻧﺔ ﺣﺎﺿرة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس‪ .‬وﻣﺣﻣد ﻣﻊ أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ ﻓﯾﻣﺎ ذﻛره اﻟﺧﺻﺎف‪ ،‬وﻣﻊ أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻓﯾﻣﺎ ذﻛره‬
‫اﻟطﺣﺎوي رﺣﻣﮫ ﷲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗرد اﻟﯾﻣﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﻋﻲ" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﻋﻲ‬

‫واﻟﯾﻣﯾن ﻋﻠﻰ ﻣن أﻧﻛر" ﻗﺳم واﻟﻘﺳﻣﺔ ﺗﻧﺎﻓﻲ اﻟﺷرﻛﺔ‪ ،‬وﺟﻌل ﺟﻧس اﻷﯾﻣﺎن ﻋﻠﻰ‬ ‫ص ‪-156-‬‬
‫اﻟﻣﻧﻛرﯾن وﻟﯾس وراء اﻟﺟﻧس ﺷﻲء‪ ،‬وﻓﯾﮫ ﺧﻼف اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﻘﺑل ﺑﯾﻧﺔ ﺻﺎﺣب اﻟﯾد ﻓﻲ اﻟﻣﻠك اﻟﻣطﻠق‪ ،‬وﺑﯾﻧﺔ اﻟﺧﺎرج أوﻟﻰ"‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﯾﻘﺿﻰ ﺑﺑﯾﻧﺔ ذي اﻟﯾد‬
‫ﻻﻋﺗﺿﺎدھﺎ ﺑﺎﻟﯾد ﻓﯾﺗﻘوى اﻟظﮭور وﺻﺎر ﻛﺎﻟﻧﺗﺎج واﻟﻧﻛﺎح ودﻋوى اﻟﻣﻠك ﻣﻊ اﻹﻋﺗﺎق واﻻﺳﺗﯾﻼد واﻟﺗدﺑﯾر‪ .‬وﻟﻧﺎ أن‬
‫ﺑﯾﻧﺔ اﻟﺧﺎرج أﻛﺛر إﺛﺑﺎﺗﺎ أو إظﮭﺎرا ﻷن ﻗدر ﻣﺎ أﺛﺑﺗﮫ اﻟﯾد ﻻ ﯾﺛﺑﺗﮫ ﺑﯾﻧﺔ ذي اﻟﯾد‪ ،‬إذ اﻟﯾد دﻟﯾل ﻣطﻠق اﻟﻣﻠك‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟﻧﺗﺎج ﻷن اﻟﯾد ﻻ ﺗدل ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻛذا ﻋﻠﻰ اﻹﻋﺗﺎق وأﺧﺗﯾﮫ وﻋﻠﻰ اﻟوﻻء اﻟﺛﺎﺑت ﺑﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻧﻛل اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻋن اﻟﯾﻣﯾن ﻗﺿﻲ ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻟﻧﻛول وأﻟزﻣﮫ ﻣﺎ ادﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻻ ﯾﻘﺿﻰ‬
‫ﺑﮫ ﺑل ﯾرد اﻟﯾﻣﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﻋﻲ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺣﻠف ﯾﻘﺿﻲ ﺑﮫ ﻷن اﻟﻧﻛول ﯾﺣﺗﻣل اﻟﺗورع ﻋن اﻟﯾﻣﯾن اﻟﻛﺎذﺑﺔ واﻟﺗرﻓﻊ ﻋن‬
‫اﻟﺻﺎدﻗﺔ واﺷﺗﺑﺎه اﻟﺣﺎل ﻓﻼ ﯾﻧﺗﺻب ﺣﺟﺔ ﻣﻊ اﻻﺣﺗﻣﺎل‪ ،‬وﯾﻣﯾن اﻟﻣدﻋﻲ دﻟﯾل اﻟظﮭور ﻓﯾﺻﺎر إﻟﯾﮫ‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﻧﻛول‬
‫دل ﻋﻠﻰ ﻛوﻧﮫ ﺑﺎذﻻ أو ﻣﻘرا‪ ،‬إذ ﻟوﻻ ذﻟك ﻷﻗدم ﻋﻠﻰ اﻟﯾﻣﯾن إﻗﺎﻣﺔ ﻟﻠواﺟب ودﻓﻌﺎ ﻟﻠﺿرر ﻋن ﻧﻔﺳﮫ ﻓﺗرﺟﺢ ھذا‬
‫اﻟﺟﺎﻧب‪ ،‬وﻻ وﺟﮫ ﻟرد اﻟﯾﻣﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﻋﻲ ﻟﻣﺎ ﻗدﻣﻧﺎه‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﻧﺑﻐﻲ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻘول ﻟﮫ إﻧﻲ أﻋرض ﻋﻠﯾك اﻟﯾﻣﯾن ﺛﻼﺛﺎ‪ ،‬ﻓﺈن ﺣﻠﻔت وإﻻ ﻗﺿﯾت ﻋﻠﯾك ﺑﻣﺎ ادﻋﺎه"‬
‫وھذا اﻹﻧذار ﻹﻋﻼﻣﮫ ﺑﺎﻟﺣﻛم إذ ھو ﻣوﺿﻊ اﻟﺧﻔﺎء‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈذا ﻛرر اﻟﻌرض ﻋﻠﯾﮫ ﺛﻼث ﻣرات ﻗﺿﻲ ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻟﻧﻛول" وھذا اﻟﺗﻛرار ذﻛره اﻟﺧﺻﺎف رﺣﻣﮫ ﷲ ﻟزﯾﺎدة‬
‫اﻻﺣﺗﯾﺎط واﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ إﺑﻼء اﻟﻌذر‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻣذھب أﻧﮫ ﻟو ﻗﺿﻲ ﺑﺎﻟﻧﻛول ﺑﻌد اﻟﻌرض ﻣرة ﺟﺎز ﻟﻣﺎ ﻗدﻣﻧﺎه ھو‬
‫اﻟﺻﺣﯾﺢ واﻷول أوﻟﻰ‪ ،‬ﺛم اﻟﻧﻛول ﻗد ﯾﻛون ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ﻛﻘوﻟﮫ ﻻ أﺣﻠف‪ ،‬وﻗد ﯾﻛون ﺣﻛﻣﯾﺎ ﺑﺄن ﯾﺳﻛت‪ ،‬وﺣﻛﻣﮫ ﺣﻛم‬
‫اﻷول إذا ﻋﻠم أﻧﮫ ﻻ آﻓﺔ ﺑﮫ ﻣن طرش أو ﺧرس ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻛﺎﻧت اﻟدﻋوى ﻧﻛﺎﺣﺎ ﻟم ﯾﺳﺗﺣﻠف اﻟﻣﻧﻛر" ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ ،‬وﻻ ﯾﺳﺗﺣﻠف ﻋﻧده ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح‬
‫واﻟرﺟﻌﺔ واﻟﻔﻲء ﻓﻲ اﻹﯾﻼء واﻟرق واﻻﺳﺗﯾﻼد واﻟﻧﺳب واﻟوﻻء واﻟﺣدود واﻟﻠﻌﺎن‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد‬
‫رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ :‬ﯾﺳﺗﺣﻠف ﻓﻲ ذﻟك ﻛﻠﮫ إﻻ ﻓﻲ اﻟﺣدود واﻟﻠﻌﺎن‪.‬‬
‫وﺻورة اﻻﺳﺗﯾﻼد‪ :‬أن ﺗﻘول اﻟﺟﺎرﯾﺔ أﻧﺎ أم وﻟد ﻟﻣوﻻي وھذا اﺑﻧﻲ ﻣﻧﮫ وأﻧﻛر اﻟﻣوﻟﻰ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟو ادﻋﻰ اﻟﻣوﻟﻰ ﺛﺑت‬
‫اﻻﺳﺗﯾﻼد ﺑﺈﻗراره وﻻ ﯾﻠﺗﻔت إﻟﻰ إﻧﻛﺎرھﺎ‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﻧﻛول إﻗرار ﻷﻧﮫ ﯾدل ﻋﻠﻰ ﻛوﻧﮫ ﻛﺎذﺑﺎ ﻓﻲ اﻹﻧﻛﺎر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ‬
‫ﻗدﻣﻧﺎه‪ ،‬إذ ﻟوﻻ ذﻟك ﻷﻗدم ﻋﻠﻰ اﻟﯾﻣﯾن اﻟﺻﺎدﻗﺔ‬

‫إﻗﺎﻣﺔ ﻟﻠواﺟب ﻓﻛﺎن إﻗرارا أو ﺑدﻻ ﻋﻧﮫ‪ ،‬واﻹﻗرار ﯾﺟري ﻓﻲ ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﻟﻛﻧﮫ إﻗرار‬ ‫ص ‪-157-‬‬
‫ﻓﯾﮫ ﺷﺑﮭﺔ‪ ،‬واﻟﺣدود ﺗﻧدرئ ﺑﺎﻟﺷﺑﮭﺎت‪ ،‬واﻟﻠﻌﺎن ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣد‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻧﮫ ﺑذل ﻷن ﻣﻌﮫ ﻻ‬
‫ﺗﺑﻘﻰ اﻟﯾﻣﯾن واﺟﺑﺔ ﻟﺣﺻول اﻟﻣﻘﺻود وإﻧزاﻟﮫ ﺑﺎذﻻ أوﻟﻰ ﻛﻲ ﻻ ﯾﺻﯾر ﻛﺎذﺑﺎ ﻓﻲ اﻹﻧﻛﺎر‪ ،‬واﻟﺑذل ﻻ ﯾﺟري ﻓﻲ‬
‫ھذه اﻷﺷﯾﺎء‪ .‬وﻓﺎﺋدة اﻻﺳﺗﺣﻼف اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻟﻧﻛول ﻓﻼ ﯾﺳﺗﺣﻠف‪ ،‬إﻻ أن ھذا ﺑذل ﻟدﻓﻊ اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻓﯾﻣﻠﻛﮫ اﻟﻣﻛﺎﺗب‬
‫واﻟﻌﺑد اﻟﻣﺄذون ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺿﯾﺎﻓﺔ اﻟﯾﺳﯾرة‪ ،‬وﺻﺣﺗﮫ ﻓﻲ اﻟدﯾن ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ زﻋم اﻟﻣدﻋﻲ وھو ﻣﺎ ﯾﻘﺑﺿﮫ ﺣﻘﺎ ﻟﻧﻔﺳﮫ‪،‬‬
‫واﻟﺑذل ﻣﻌﻧﺎه ھﺎھﻧﺎ ﺗرك اﻟﻣﻧﻊ وأﻣر اﻟﻣﺎل ھﯾن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺳﺗﺣﻠف اﻟﺳﺎرق‪ ،‬ﻓﺈن ﻧﻛل ﺿﻣن وﻟم ﯾﻘطﻊ" ﻷن اﻟﻣﻧوط ﺑﻔﻌﻠﮫ ﺷﯾﺋﺎن‪ :‬اﻟﺿﻣﺎن وﯾﻌﻣل ﻓﯾﮫ اﻟﻧﻛول‪.‬‬
‫واﻟﻘطﻊ وﻻ ﯾﺛﺑت ﺑﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﺷﮭد ﻋﻠﯾﮭﺎ رﺟل واﻣرأﺗﺎن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ادﻋت اﻟﻣرأة طﻼﻗﺎ ﻗﺑل اﻟدﺧول اﺳﺗﺣﻠف اﻟزوج‪ ،‬ﻓﺈن ﻧﻛل ﺿﻣن ﻧﺻف اﻟﻣﮭر ﻓﻲ ﻗوﻟﮭم ﺟﻣﯾﻌﺎ"‬
‫ﻷن اﻻﺳﺗﺣﻼف ﯾﺟري ﻓﻲ اﻟطﻼق ﻋﻧدھم ﻻ ﺳﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻣﻘﺻود ھو اﻟﻣﺎل‪ ،‬وﻛذا ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح إذا ادﻋت ھﻲ‬
‫اﻟﺻداق ﻷن ذﻟك دﻋوى اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﺛم ﯾﺛﺑت اﻟﻣﺎل ﺑﻧﻛوﻟﮫ وﻻ ﯾﺛﺑت اﻟﻧﻛﺎح‪ ،‬وﻛذا ﻓﻲ اﻟﻧﺳب إذا ادﻋﻰ ﺣﻘﺎ ﻛﺎﻹرث‬
‫واﻟﺣﺟر ﻓﻲ اﻟﻠﻘﯾط‪ ،‬واﻟﻧﻔﻘﺔ واﻣﺗﻧﺎع اﻟرﺟوع ﻓﻲ اﻟﮭﺑﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﻣﻘﺻود ھذه اﻟﺣﻘوق‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺳﺗﺣﻠف ﻓﻲ اﻟﻧﺳب‬
‫اﻟﻣﺟرد ﻋﻧدھﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﯾﺛﺑت ﺑﺈﻗراره ﻛﺎﻷب واﻻﺑن ﻓﻲ ﺣق اﻟرﺟل واﻷب ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣرأة‪ ،‬ﻷن ﻓﻲ دﻋواھﺎ اﻻﺑن‬
‫ﺗﺣﻣﯾل اﻟﻧﺳب ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر واﻟﻣوﻟﻰ واﻟزوج ﻓﻲ ﺣﻘﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ادﻋﻰ ﻗﺻﺎﺻﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﯾره ﻓﺟﺣده اﺳﺗﺣﻠف" ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع "ﺛم إن ﻧﻛل ﻋن اﻟﯾﻣﯾن ﻓﯾﻣﺎ دون اﻟﻧﻔس‬
‫ﯾﻠزﻣﮫ اﻟﻘﺻﺎص‪ ،‬وإن ﻧﻛل ﻓﻲ اﻟﻧﻔس ﺣﺑس ﺣﺗﻰ ﯾﺣﻠف أو ﯾﻘر" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻟزﻣﮫ‬
‫اﻷرش ﻓﯾﮭﻣﺎ ﻷن اﻟﻧﻛول إﻗرار ﻓﯾﮫ ﺷﺑﮭﺔ ﻋﻧدھﻣﺎ ﻓﻼ ﯾﺛﺑت ﺑﮫ اﻟﻘﺻﺎص وﯾﺟب ﺑﮫ اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﺧﺻوﺻﺎ إذا ﻛﺎن‬
‫اﻣﺗﻧﺎع اﻟﻘﺻﺎص ﻟﻣﻌﻧﻰ ﻣن ﺟﮭﺔ ﻣن ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا أﻗر ﺑﺎﻟﺧطﺄ واﻟوﻟﻲ ﯾدﻋﻲ اﻟﻌﻣد‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن‬
‫اﻷطراف ﯾﺳﻠك ﺑﮭﺎ ﻣﺳﻠك اﻷﻣوال ﻓﯾﺟري ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺑذل‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻷﻧﻔس ﻓﺈﻧﮫ ﻟو ﻗﺎل اﻗطﻊ ﯾدي ﻓﻘطﻌﮭﺎ ﻻ ﯾﺟب‬
‫اﻟﺿﻣﺎن‪ ،‬وھذا إﻋﻣﺎل ﻟﻠﺑذل إﻻ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺑﺎح ﻟﻌدم اﻟﻔﺎﺋدة‪ ،‬وھذا اﻟﺑذل ﻣﻔﯾد ﻻﻧدﻓﺎع اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺑﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﻘطﻊ اﻟﯾد‬
‫ﻟﻶﻛﻠﺔ وﻗﻠﻊ اﻟﺳن ﻟﻠوﺟﻊ‪ ،‬وإذا اﻣﺗﻧﻊ اﻟﻘﺻﺎص ﻓﻲ اﻟﻧﻔس واﻟﯾﻣﯾن ﺣق ﻣﺳﺗﺣق ﯾﺣﺑس ﺑﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺳﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻗﺎل اﻟﻣدﻋﻲ ﻟﻲ ﺑﯾﻧﺔ ﺣﺎﺿرة ﻗﯾل‪ ،‬ﻟﺧﺻﻣﮫ أﻋطﮫ ﻛﻔﯾﻼ ﺑﻧﻔﺳك ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم" ﻛﻲ ﻻ ﯾﻐﯾب ﻧﻔﺳﮫ ﻓﯾﺿﯾﻊ‬
‫ﺣﻘﮫ واﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔس ﺟﺎﺋزة ﻋﻧدﻧﺎ وﻗد ﻣر ﻣن ﻗﺑل‪ ،‬وأﺧذ اﻟﻛﻔﯾل‬

‫ﺑﻣﺟرد اﻟدﻋوى اﺳﺗﺣﺳﺎن ﻋﻧدﻧﺎ ﻷن ﻓﯾﮫ ﻧظرا ﻟﻠﻣدﻋﻲ وﻟﯾس ﻓﯾﮫ ﻛﺛﯾر ﺿرر ﺑﺎﻟﻣدﻋﻰ‬ ‫ص ‪-158-‬‬
‫ﻋﻠﯾﮫ وھذا ﻷن اﻟﺣﺿور ﻣﺳﺗﺣق ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻣﺟرد اﻟدﻋوى ﺣﺗﻰ ﯾﻌدى ﻋﻠﯾﮫ وﯾﺣﺎل ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن أﺷﻐﺎﻟﮫ ﻓﺻﺢ اﻟﺗﻛﻔﯾل‬
‫ﺑﺈﺣﺿﺎره واﻟﺗﻘدﯾر ﺑﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻣروي ﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ ،‬وھو اﻟﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬وﻻ ﻓرق ﻓﻲ اﻟظﺎھر ﺑﯾن اﻟﺧﺎﻣل‬
‫واﻟوﺟﯾﮫ واﻟﺣﻘﯾر ﻣن اﻟﻣﺎل واﻟﺧطﯾر‪ ،‬ﺛم ﻻ ﺑد ﻣن ﻗوﻟﮫ ﻟﻲ ﺑﯾﻧﺔ ﺣﺎﺿرة ﻟﻠﺗﻛﻔﯾل وﻣﻌﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﻣﺻر‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﻗﺎل‬
‫اﻟﻣدﻋﻲ ﻻ ﺑﯾﻧﺔ ﻟﻲ أو ﺷﮭودي ﻏﯾب ﻻ ﯾﻛﻔل ﻟﻌدم اﻟﻔﺎﺋدة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻓﻌل وإﻻ أﻣر ﺑﻣﻼزﻣﺗﮫ" ﻛﻲ ﻻ ﯾذھب ﺣﻘﮫ "إﻻ أن ﯾﻛون ﻏرﯾﺑﺎ ﻓﯾﻼزم ﻣﻘدار ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺎﺿﻲ" وﻛذا‬
‫ﻻ ﯾﻛﻔل إﻻ إﻟﻰ آﺧر اﻟﻣﺟﻠس‪ ،‬ﻓﺎﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣﻧﺻرف إﻟﯾﮭﻣﺎ ﻷن ﻓﻲ أﺧذ اﻟﻛﻔﯾل واﻟﻣﻼزﻣﺔ زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ذﻟك إﺿرارا‬
‫ﺑﮫ ﺑﻣﻧﻌﮫ ﻋن اﻟﺳﻔر وﻻ ﺿرر ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﻘدار ظﺎھرا‪ ،‬وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﻣﻼزﻣﺔ ﻧذﻛرھﺎ ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻟﺣﺟر إن ﺷﺎء ﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ ﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﯾﻣﯾن واﻻﺳﺗﺣﻼف‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﯾﻣﯾن ﺑﺎ ﻋز وﺟل دون ﻏﯾره" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻣن ﻛﺎن ﻣﻧﻛم ﺣﺎﻟﻔﺎ ﻓﻠﯾﺣﻠف ﺑﺎ أو‬
‫ﻟﯾذر" وﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻣن ﺣﻠف ﺑﻐﯾر ﷲ ﻓﻘد أﺷرك" "وﻗد ﺗؤﻛد ﺑذﻛر أوﺻﺎﻓﮫ" وھو اﻟﺗﻐﻠﯾظ‪،‬‬
‫وذﻟك ﻣﺛل ﻗوﻟﮫ‪ :‬ﻗل وﷲ اﻟذي ﻻ إﻟﮫ إﻻ ھو ﻋﺎﻟم اﻟﻐﯾب واﻟﺷﮭﺎدة اﻟرﺣﻣن اﻟرﺣﯾم‪ ،‬اﻟذي ﯾﻌﻠم ﻣن اﻟﺳر ﻣﺎ ﯾﻌﻠم‬
‫ﻣن اﻟﻌﻼﻧﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺎ ﻟﻔﻼن ھذا ﻋﻠﯾك وﻻ ﻗﺑﻠك ھذا اﻟﻣﺎل اﻟذي ادﻋﺎه وھو ﻛذا وﻛذا وﻻ ﺷﻲء ﻣﻧﮫ‪ .‬وﻟﮫ أن ﯾزﯾد ﻓﻲ‬
‫اﻟﺗﻐﻠﯾظ ﻋﻠﻰ ھذا وﻟﮫ أن ﯾﻧﻘص ﻣﻧﮫ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﯾﺣﺗﺎط ﻓﯾﮫ ﻛﻲ ﻻ ﯾﺗﻛرر ﻋﻠﯾﮫ اﻟﯾﻣﯾن‪ ،‬ﻷن اﻟﻣﺳﺗﺣق ﯾﻣﯾن واﺣدة‪،‬‬
‫واﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎء ﻏﻠظ وإن ﺷﺎء ﻟم ﯾﻐﻠظ ﻓﯾﻘول‪ :‬ﻗل ﺑﺎ أو وﷲ‪ ،‬وﻗﯾل‪ :‬ﻻ ﯾﻐﻠظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌروف ﺑﺎﻟﺻﻼح‬
‫وﯾﻐﻠظ ﻋﻠﻰ ﻏﯾره‪ ،‬وﻗﯾل‪ :‬ﯾﻐﻠظ ﻓﻲ اﻟﺧطﯾر ﻣن اﻟﻣﺎل دون اﻟﺣﻘﯾر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺳﺗﺣﻠف ﺑﺎﻟطﻼق وﻻ ﺑﺎﻟﻌﺗﺎق" ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻗﯾل ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻧﺎ إذا أﻟﺢ اﻟﺧﺻم ﺳﺎغ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺣﻠف‬
‫ﺑذﻟك ﻟﻘﻠﺔ اﻟﻣﺑﺎﻻة ﺑﺎﻟﯾﻣﯾن ﺑﺎ وﻛﺛرة اﻻﻣﺗﻧﺎع ﺑﺳﺑب اﻟﺣﻠف ﺑﺎﻟطﻼق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺳﺗﺣﻠف اﻟﯾﮭودي ﺑﺎ اﻟذي أﻧزل اﻟﺗوراة ﻋﻠﻰ ﻣوﺳﻰ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺳﻼم‪ ،‬واﻟﻧﺻراﻧﻲ ﺑﺎ اﻟذي أﻧزل‬
‫اﻹﻧﺟﯾل ﻋﻠﻰ ﻋﯾﺳﻰ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺳﻼم" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻻﺑن ﺻورﯾﺎ اﻷﻋور‪" :‬أﻧﺷدك ﺑﺎ اﻟذي أﻧزل‬
‫اﻟﺗوراة ﻋﻠﻰ ﻣوﺳﻰ أن ﺣﻛم اﻟزﻧﺎ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻛم ھذا" وﻷن اﻟﯾﮭودي ﯾﻌﺗﻘد ﻧﺑوة ﻣوﺳﻰ واﻟﻧﺻراﻧﻲ ﻧﺑوة ﻋﯾﺳﻰ‬
‫ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ اﻟﺳﻼم ﻓﯾﻐﻠظ ﻋﻠﻰ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺑذﻛر اﻟﻣﻧزل ﻋﻠﻰ ﻧﺑﯾﮫ‬

‫ﯾﺳﺗﺣﻠف "اﻟﻣﺟوﺳﻲ ﺑﺎ اﻟذي ﺧﻠق اﻟﻧﺎر" وھﻛذا ذﻛر ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﻲ اﻷﺻل‪.‬‬ ‫ص ‪-159-‬‬
‫ﯾروى ﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﻲ اﻟﻧوادر أﻧﮫ ﻻ ﯾﺳﺗﺣﻠف أﺣدا إﻻ ﺑﺎ ﺧﺎﻟﺻﺎ‪ .‬وذﻛر اﻟﺧﺻﺎف رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ‬
‫ﻻ ﯾﺳﺗﺣﻠف ﻏﯾر اﻟﯾﮭودي واﻟﻧﺻراﻧﻲ إﻻ ﺑﺎ ‪ ،‬وھو اﺧﺗﯾﺎر ﺑﻌض ﻣﺷﺎﯾﺧﻧﺎ ﻷن ﻓﻲ ذﻛر اﻟﻧﺎر ﻣﻊ اﺳم ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‬
‫ﺗﻌظﯾﻣﺎ وﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﻌظم‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻛﺗﺎﺑﯾن ﻷن ﻛﺗب ﷲ ﻣﻌظﻣﺔ "واﻟوﺛﻧﻲ ﻻ ﯾﺣﻠف إﻻ ﺑﺎ " ﻷن اﻟﻛﻔرة‬
‫َق ِ َ و َاﻟ اﻷ َر ْ ض َ ﻟ َ ﯾ َﻘ ُوﻟ ُن ﱠ ﷲ ﱠ ُ {‬
‫َﺎو َ ﻠات‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬ﺳ َ}ﺄ َﻟ ْﺗ َ ﮭ ُم ْ ﻣﺳ ﱠَن ْﻣ ﺧ‬
‫ﷲ ﻟ َ ﺋِن ْ‬
‫ﺑﺄﺳرھم ﯾﻌﺗﻘدون ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬ﻗﺎل و َ‬
‫]ﻟﻘﻣﺎن‪.[25:‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺣﻠﻔون ﻓﻲ ﺑﯾوت ﻋﺑﺎدﺗﮭم" ﻷن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﺣﺿرھﺎ ﺑل ھو ﻣﻣﻧوع ﻋن ذﻟك‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟب ﺗﻐﻠﯾظ اﻟﯾﻣﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﻠم ﺑزﻣﺎن وﻻ ﻣﻛﺎن" ﻷن اﻟﻣﻘﺻود ﺗﻌظﯾم اﻟﻣﻘﺳم ﺑﮫ وھو ﺣﺎﺻل ﺑدون‬
‫ذﻟك‪ ،‬وﻓﻲ إﯾﺟﺎب ذﻟك ﺣرج ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﯾث ﯾﻛﻠف ﺣﺿورھﺎ وھو ﻣدﻓوع‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ادﻋﻰ أﻧﮫ اﺑﺗﺎع ﻣن ھذا ﻋﺑده ﺑﺄﻟف ﻓﺟﺣد اﺳﺗﺣﻠف ﺑﺎ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﻛﻣﺎ ﺑﯾﻊ ﻗﺎﺋم ﻓﯾﮫ وﻻ ﯾﺳﺗﺣﻠف ﺑﺎ ﻣﺎ‬
‫ﺑﻌت" ﻷﻧﮫ ﻗد ﯾﺑﺎع اﻟﻌﯾن ﺛم ﯾﻘﺎل ﻓﯾﮫ "وﯾﺳﺗﺣﻠف ﻓﻲ اﻟﻐﺻب ﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﺳﺗﺣق ﻋﻠﯾك رده وﻻ ﯾﺣﻠف ﺑﺎ ﻣﺎ‬
‫ﻏﺻﺑت" ﻷﻧﮫ ﻗد ﯾﻐﺻب ﺛم ﯾﻔﺳﺦ ﺑﺎﻟﮭﺑﺔ واﻟﺑﯾﻊ "وﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح ﺑﺎ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﻛﻣﺎ ﻧﻛﺎح ﻗﺎﺋم ﻓﻲ اﻟﺣﺎل" ﻷﻧﮫ ﻗد ﯾطرأ‬
‫ﻣﺎ طﻠﻘﮭﺎ" ﻷن‬ ‫ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺧﻠﻊ "وﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺎ ﻣﺎ ھﻲ ﺑﺎﺋن ﻣﻧك اﻟﺳﺎﻋﺔ ﺑﻣﺎ ذﻛرت وﻻ ﯾﺳﺗﺣﻠف ﺑﺎ‬
‫اﻟﻧﻛﺎح ﻗد ﯾﺟدد ﺑﻌد اﻹﺑﺎﻧﺔ ﻓﯾﺣﻠف ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎﺻل ﻓﻲ ھذه اﻟوﺟوه‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟو ﺣﻠف ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺑب ﯾﺗﺿرر اﻟﻣدﻋﻰ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وھذا ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻗول أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾﺣﻠف ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺑب إﻻ إذا ﻋرض ﺑﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻓﺣﯾﻧﺋذ ﯾﺣﻠف ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺣﺎﺻل‪ .‬وﻗﯾل‪ :‬ﯾﻧظر إﻟﻰ إﻧﻛﺎر اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ إن أﻧﻛر اﻟﺳﺑب ﯾﺣﻠف ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وإن أﻧﻛر اﻟﺣﻛم ﯾﺣﻠف ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺣﺎﺻل‪ .‬ﻓﺎﻟﺣﺎﺻل ھو اﻷﺻل ﻋﻧدھﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺳﺑﺑﺎ ﯾرﺗﻔﻊ إﻻ إذا ﻛﺎن ﻓﯾﮫ ﺗرك اﻟﻧظر ﻓﻲ ﺟﺎﻧب اﻟﻣدﻋﻲ ﻓﺣﯾﻧﺋذ‬
‫ﯾﺣﻠف ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺑب ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع‪ ،‬وذﻟك أن ﺗدﻋﻲ ﻣﺑﺗوﺗﺔ ﻧﻔﻘﺔ اﻟﻌدة واﻟزوج ﻣﻣن ﻻ ﯾراھﺎ‪ ،‬أو ادﻋﻰ ﺷﻔﻌﺔ ﺑﺎﻟﺟوار‬
‫واﻟﻣﺷﺗري ﻻ ﯾراھﺎ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟو ﺣﻠف ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎﺻل ﯾﺻدق ﻓﻲ ﯾﻣﯾﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﻌﺗﻘده ﻓﯾﻔوت اﻟﻧظر ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣدﻋﻲ‪ ،‬وإن‬
‫ﻛﺎن ﺳﺑﺑﺎ ﻻ ﯾرﺗﻔﻊ ﺑراﻓﻊ ﻓﺎﻟﺗﺣﻠﯾف ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺑب ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع "ﻛﺎﻟﻌﺑد اﻟﻣﺳﻠم إذا ادﻋﻰ اﻟﻌﺗق ﻋﻠﻰ ﻣوﻻه‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻷﻣﺔ واﻟﻌﺑد اﻟﻛﺎﻓر" ﻷﻧﮫ ﯾﻛرر اﻟرق ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟردة واﻟﻠﺣﺎق وﻋﻠﯾﮫ ﺑﻧﻘض اﻟﻌﮭد واﻟﻠﺣﺎق‪ ،‬وﻻ ﯾﻛرر ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺑد‬
‫اﻟﻣﺳﻠم‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ورث ﻋﺑدا وادﻋﺎه آﺧر ﯾﺳﺗﺣﻠف ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻣﮫ" ﻷﻧﮫ ﻻ ﻋﻠم ﻟﮫ ﺑﻣﺎ ﺻﻧﻊ‬ ‫ص ‪-160-‬‬
‫اﻟﻣورث ﻓﻼ ﯾﺣﻠف ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺗﺎت "وإن وھب ﻟﮫ أو اﺷﺗراه ﯾﺣﻠف ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺗﺎت" ﻟوﺟود اﻟﻣطﻠق ﻟﻠﯾﻣﯾن إذ اﻟﺷراء‬
‫ﺳﺑب ﻟﺛﺑوت اﻟﻣﻠك وﺿﻌﺎ وﻛذا اﻟﮭﺑﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ادﻋﻰ ﻋﻠﻰ آﺧر ﻣﺎﻻ ﻓﺎﻓﺗدى ﯾﻣﯾﻧﮫ أو ﺻﺎﻟﺣﮫ ﻣﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺷرة ﻓﮭو ﺟﺎﺋز" وھو ﻣﺄﺛور ﻋن ﻋﺛﻣﺎن‬
‫رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪" .‬وﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺳﺗﺣﻠﻔﮫ ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟﯾﻣﯾن أﺑدا" ﻷﻧﮫ أﺳﻘط ﺣﻘﮫ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻟﺗﺣﺎﻟف‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺧﺗﻠف اﻟﻣﺗﺑﺎﯾﻌﺎن ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﺎدﻋﻰ أﺣدھﻣﺎ ﺛﻣﻧﺎ وادﻋﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ أﻛﺛر ﻣﻧﮫ أو اﻋﺗرف اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺑﻘدر ﻣن‬
‫اﻟﻣﺑﯾﻊ وادﻋﻰ اﻟﻣﺷﺗري أﻛﺛر ﻣﻧﮫ ﻓﺄﻗﺎم أﺣدھﻣﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻗﺿﻰ ﻟﮫ ﺑﮭﺎ" ﻷن ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧب اﻵﺧر ﻣﺟرد اﻟدﻋوى‬
‫واﻟﺑﯾﻧﺔ أﻗوى ﻣﻧﮭﺎ "وإن أﻗﺎم ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺑﯾﻧﺔ ﻛﺎﻧت اﻟﺑﯾﻧﺔ اﻟﻣﺛﺑﺗﺔ ﻟﻠزﯾﺎدة أوﻟﻰ" ﻷن اﻟﺑﯾﻧﺎت ﻟﻺﺛﺑﺎت وﻻ‬
‫ﺗﻌﺎرض ﻓﻲ اﻟزﯾﺎدة "وﻟو ﻛﺎن اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﺛﻣن واﻟﻣﺑﯾﻊ ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻓﺑﯾﻧﺔ اﻟﺑﺎﺋﻊ أوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﺛﻣن وﺑﯾﻧﺔ اﻟﻣﺷﺗري‬
‫أوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻣﺑﯾﻊ" ﻧظرا إﻟﻰ زﯾﺎدة اﻹﺛﺑﺎت‪" .‬وإن ﻟم ﯾﻛن ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺑﯾﻧﺔ ﻗﯾل ﻟﻠﻣﺷﺗري إﻣﺎ أن ﺗرﺿﻰ‬
‫ﺑﺎﻟﺛﻣن اﻟذي ادﻋﺎه اﻟﺑﺎﺋﻊ وإﻻ ﻓﺳﺧﻧﺎ اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وﻗﯾل ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ إﻣﺎ أن ﺗﺳﻠم ﻣﺎ ادﻋﺎه اﻟﻣﺷﺗري ﻣن اﻟﻣﺑﯾﻊ وإﻻ ﻓﺳﺧﻧﺎ‬
‫اﻟﺑﯾﻊ" ﻷن اﻟﻣﻘﺻود ﻗطﻊ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ‪ ،‬وھذه ﺟﮭﺔ ﻓﯾﮫ ﻷﻧﮫ رﺑﻣﺎ ﻻ ﯾرﺿﯾﺎن ﺑﺎﻟﻔﺳﺦ ﻓﺈذا ﻋﻠﻣﺎ ﺑﮫ ﯾﺗراﺿﯾﺎن ﺑﮫ‬
‫"ﻓﺈن ﻟم ﯾﺗراﺿﯾﺎ اﺳﺗﺣﻠف اﻟﺣﺎﻛم ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ دﻋوى اﻵﺧر" وھذا اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻋﻠﻰ وﻓﺎق‬
‫اﻟﻘﯾﺎس‪ ،‬ﻷن اﻟﺑﺎﺋﻊ ﯾدﻋﻲ زﯾﺎدة اﻟﺛﻣن واﻟﻣﺷﺗري ﯾﻧﻛره‪ ،‬واﻟﻣﺷﺗري ﯾدﻋﻲ وﺟوب ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺑﻣﺎ ﻧﻘد واﻟﺑﺎﺋﻊ‬
‫ﯾﻧﻛره‪ ،‬ﻓﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣﻧﻛر ﻓﯾﺣﻠف؛ ﻓﺄﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﻘﺑض ﻓﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﻘﯾﺎس ﻷن اﻟﻣﺷﺗري ﻻ ﯾدﻋﻲ ﺷﯾﺋﺎ ﻷن اﻟﻣﺑﯾﻊ‬
‫ﺳﺎﻟم ﻟﮫ ﻓﺑﻘﻲ دﻋوى اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﻲ زﯾﺎدة اﻟﺛﻣن واﻟﻣﺷﺗري ﯾﻧﻛرھﺎ ﻓﯾﻛﺗﻔﻰ ﺑﺣﻠﻔﮫ‪ ،‬ﻟﻛﻧﺎ ﻋرﻓﻧﺎه ﺑﺎﻟﻧص وھو ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬إذا اﺧﺗﻠف اﻟﻣﺗﺑﺎﯾﻌﺎن واﻟﺳﻠﻌﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ ﺗﺣﺎﻟﻔﺎ وﺗرادا"‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺑﺗدئ ﺑﯾﻣﯾن اﻟﻣﺷﺗري" وھذا ﻗول ﻣﺣﻣد وأﺑﻲ ﯾوﺳف آﺧرا‪ ،‬وھو رواﯾﺔ ﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وھو‬
‫اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻷن اﻟﻣﺷﺗري أﺷدھﻣﺎ إﻧﻛﺎرا ﻷﻧﮫ ﯾطﺎﻟب أوﻻ ﺑﺎﻟﺛﻣن وﻷﻧﮫ ﯾﺗﻌﺟل ﻓﺎﺋدة اﻟﻧﻛول وھو إﻟزام اﻟﺛﻣن‪ ،‬وﻟو‬
‫ﺑدئ ﺑﯾﻣﯾن اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺗﺗﺄﺧر اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﺑﯾﻊ إﻟﻰ زﻣﺎن اﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﺛﻣن‪ .‬وﻛﺎن أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾﻘول أوﻻ‪:‬‬
‫ﯾﺑدأ ﺑﯾﻣﯾن اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬إذا اﺧﺗﻠف اﻟﻣﺗﺑﺎﯾﻌﺎن ﻓﺎﻟﻘول ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻟﺑﺎﺋﻊ" ﺧﺻﮫ‬

‫ﺑﺎﻟذﻛر‪ ،‬وأﻗل ﻓﺎﺋدﺗﮫ اﻟﺗﻘدﯾم‪" .‬وإن ﻛﺎن ﺑﯾﻊ ﻋﯾن ﺑﻌﯾن أو ﺛﻣن ﺑﺛﻣن ﺑدأ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﯾﻣﯾن‬ ‫ص ‪-161-‬‬
‫أﯾﮭﻣﺎ ﺷﺎء" ﻻﺳﺗواﺋﮭﻣﺎ "وﺻﻔﺔ اﻟﯾﻣﯾن أن ﯾﺣﻠف اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺑﺎ ﻣﺎ ﺑﺎﻋﮫ ﺑﺄﻟف وﯾﺣﻠف اﻟﻣﺷﺗري ﺑﺎ ﻣﺎ اﺷﺗراه‬
‫ﺑﺄﻟﻔﯾن" وﻗﺎل ﻓﻲ اﻟزﯾﺎدات‪ :‬ﯾﺣﻠف ﺑﺎ ﻣﺎ ﺑﺎﻋﮫ ﺑﺄﻟف وﻟﻘد ﺑﺎﻋﮫ ﺑﺄﻟﻔﯾن‪ ،‬ﯾﺣﻠف اﻟﻣﺷﺗري ﺑﺎ ﻣﺎ اﺷﺗراه ﺑﺄﻟﻔﯾن‬
‫وﻟﻘد اﺷﺗراه ﺑﺄﻟف ﯾﺿﻣن اﻹﺛﺑﺎت إﻟﻰ اﻟﻧﻔﻲ ﺗﺄﻛﯾدا‪ ،‬واﻷﺻﺢ اﻻﻗﺗﺻﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔﻲ ﻷن اﻷﯾﻣﺎن ﻋﻠﻰ ذﻟك وﺿﻌت‪،‬‬
‫دل ﻋﻠﯾﮫ ﺣدﯾث اﻟﻘﺳﺎﻣﺔ "ﺑﺎ ﻣﺎ ﻗﺗﻠﺗم وﻻ ﻋﻠﻣﺗم ﻟﮫ ﻗﺎﺗﻼ"‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﺣﻠﻔﺎ ﻓﺳﺦ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ" وھذا ﯾدل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻧﻔﺳﺦ ﺑﻧﻔس اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺛﺑت ﻣﺎ ادﻋﺎه‬
‫ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻓﯾﺑﻘﻰ ﺑﯾﻊ ﻣﺟﮭول ﻓﯾﻔﺳﺧﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻗطﻌﺎ ﻟﻠﻣﻧﺎزﻋﺔ‪ .‬أو ﯾﻘﺎل إذا ﻟم ﯾﺛﺑت اﻟﺑدل ﯾﺑﻘﻰ ﺑﯾﻌﺎ ﺑﻼ ﺑدل‬
‫وھو ﻓﺎﺳد وﻻ ﺑد ﻣن اﻟﻔﺳﺦ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ اﻟﻔﺎﺳد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻧﻛل أﺣدھﻣﺎ ﻋن اﻟﯾﻣﯾن ﻟزﻣﮫ دﻋوى اﻵﺧر" ﻷﻧﮫ ﺟﻌل ﺑﺎذﻻ ﻓﻠم ﯾﺑق دﻋواه ﻣﻌﺎرﺿﺎ ﻟدﻋوى اﻵﺧر‬
‫ﻓﻠزم اﻟﻘول ﺑﺛﺑوﺗﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ اﻷﺟل أو ﻓﻲ ﺷرط اﻟﺧﯾﺎر أو ﻓﻲ اﺳﺗﯾﻔﺎء ﺑﻌض اﻟﺛﻣن ﻓﻼ ﺗﺣﺎﻟف ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ" ﻷن ھذا‬
‫اﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﻏﯾر اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ واﻟﻣﻌﻘود ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﺣط واﻹﺑراء‪ ،‬وھذا ﻷن ﺑﺎﻧﻌداﻣﮫ ﻻ ﯾﺧﺗل ﻣﺎ‬
‫ﺑﮫ ﻗوام اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ وﺻف اﻟﺛﻣن وﺟﻧﺳﮫ ﺣﯾث ﯾﻛون ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﻘدر ﻓﻲ ﺟرﯾﺎن‬
‫اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻷن ذﻟك ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ ﻧﻔس اﻟﺛﻣن ﻓﺈن اﻟﺛﻣن دﯾن وھو ﯾﻌرف ﺑﺎﻟوﺻف‪ ،‬وﻻ ﻛذﻟك اﻷﺟل ﻷﻧﮫ ﻟﯾس‬
‫ﺑوﺻف؛ أﻻ ﺗرى أن اﻟﺛﻣن ﻣوﺟود ﺑﻌد ﻣﺿﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﻘول ﻗول ﻣن ﯾﻧﻛر اﻟﺧﯾﺎر واﻷﺟل ﻣﻊ ﯾﻣﯾﻧﮫ" ﻷﻧﮭﻣﺎ ﯾﺛﺑﺗﺎن ﺑﻌﺎرض اﻟﺷرط واﻟﻘول ﻟﻣﻧﻛر اﻟﻌوارض‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ھﻠك اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺛم اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻟم ﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ واﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺷﺗري‪.‬‬
‫وﻗﺎل ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎن وﯾﻔﺳﺦ اﻟﺑﯾﻊ ﻋﻠﻰ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﮭﺎﻟك" وھو ﻗول اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا إذا‬
‫ﺧرج اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻋن ﻣﻠﻛﮫ أو ﺻﺎر ﺑﺣﺎل ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ رده ﺑﺎﻟﻌﯾب‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﯾدﻋﻲ ﻏﯾر اﻟﻌﻘد اﻟذي‬
‫ﯾدﻋﯾﮫ ﺻﺎﺣﺑﮫ واﻵﺧر ﯾﻧﻛره وأﻧﮫ ﯾﻔﯾد دﻓﻊ زﯾﺎدة اﻟﺛﻣن ﻓﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎن؛ ﻛﻣﺎ إذا اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ ﺟﻧس اﻟﺛﻣن ﺑﻌد ھﻼك‬
‫اﻟﺳﻠﻌﺔ‪ ،‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ أن اﻟﺗﺣﺎﻟف ﺑﻌد اﻟﻘﺑض ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻘﯾﺎس ﻷﻧﮫ ﺳﻠم ﻟﻠﻣﺷﺗري ﻣﺎ‬
‫ﯾدﻋﯾﮫ وﻗد ورد اﻟﺷرع ﺑﮫ ﻓﻲ ﺣﺎل ﻗﯾﺎم اﻟﺳﻠﻌﺔ‪ ،‬واﻟﺗﺣﺎﻟف ﻓﯾﮫ ﯾﻔﺿﻲ إﻟﻰ‬

‫اﻟﻔﺳﺦ‪ ،‬وﻻ ﻛذﻟك ﺑﻌد ھﻼﻛﮭﺎ ﻻرﺗﻔﺎع اﻟﻌﻘد ﻓﻠم ﯾﻛن ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎه وﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺑﺎﻟﻲ ﺑﺎﻻﺧﺗﻼف‬ ‫ص ‪-162-‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﺳﺑب ﺑﻌد ﺣﺻول اﻟﻣﻘﺻود‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾراﻋﻰ ﻣن اﻟﻔﺎﺋدة ﻣﺎ ﯾوﺟﺑﮫ اﻟﻌﻘد‪ ،‬وﻓﺎﺋدة دﻓﻊ زﯾﺎدة اﻟﺛﻣن ﻟﯾﺳت ﻣن‬
‫ﻣوﺟﺑﺎﺗﮫ وھذا إذا ﻛﺎن اﻟﺛﻣن دﯾﻧﺎ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻋﯾﻧﺎ ﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎن ﻷن اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﻲ أﺣد اﻟﺟﺎﻧﺑﯾن ﻗﺎﺋم ﻓﺗوﻓر ﻓﺎﺋدة اﻟﻔﺳﺦ ﺛم‬
‫ﯾرد ﻣﺛل اﻟﮭﺎﻟك إن ﻛﺎن ﻟﮫ ﻣﺛل أو ﻗﯾﻣﺗﮫ إن ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ ﻣﺛل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ھﻠك أﺣد اﻟﻌﺑدﯾن ﺛم اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ اﻟﺛﻣن ﻟم ﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ إﻻ أن ﯾرﺿﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ أن ﯾﺗرك ﺣﺻﺔ‬
‫اﻟﮭﺎﻟك ﻣن اﻟﺛﻣن‪ .‬وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬اﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺷﺗري ﻣﻊ ﯾﻣﯾﻧﮫ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ إﻻ أن ﯾﺷﺎء اﻟﺑﺎﺋﻊ أن‬
‫ﯾﺄﺧذ اﻟﻌﺑد اﻟﺣﻲ وﻻ ﺷﻲء ﻟﮫ‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎن ﻓﻲ اﻟﺣﻲ وﯾﻔﺳﺦ اﻟﻌﻘد ﻓﻲ اﻟﺣﻲ‪ ،‬واﻟﻘول ﻗول‬
‫اﻟﻣﺷﺗري ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﮭﺎﻟك‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬ﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎن ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ وﯾرد اﻟﺣﻲ وﻗﯾﻣﺔ اﻟﮭﺎﻟك" ﻷن ھﻼك ﻛل اﻟﺳﻠﻌﺔ ﻻ‬
‫ﯾﻣﻧﻊ اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻋﻧده ﻓﮭﻼك اﻟﺑﻌض أوﻟﻰ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﯾوﺳف أن اﻣﺗﻧﺎع اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻟﻠﮭﻼك ﻓﯾﺗﻘدر ﺑﻘدره‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أن‬
‫اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻘﯾﺎس ﻓﻲ ﺣﺎل ﻗﯾﺎم اﻟﺳﻠﻌﺔ وھﻲ اﺳم ﻟﺟﻣﯾﻊ أﺟزاﺋﮭﺎ ﻓﻼ ﺗﺑﻘﻰ اﻟﺳﻠﻌﺔ ﺑﻔوات ﺑﻌﺿﮭﺎ‪ ،‬وﻷﻧﮫ‬
‫ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻓﻲ اﻟﻘﺎﺋم إﻻ ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر ﺣﺻﺗﮫ ﻣن اﻟﺛﻣن ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﻘﺳﻣﺔ وھﻲ ﺗ ﻌرف ﺑﺎﻟﺣذر واﻟظن ﻓﯾؤدي‬
‫إﻟﻰ اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻣﻊ اﻟﺟﮭل وذﻟك ﻻ ﯾﺟوز إﻻ أن ﯾرﺿﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ أن ﯾﺗرك ﺣﺻﺔ اﻟﮭﺎﻟك أﺻﻼ ﻷﻧﮫ ﺣﯾﻧﺋذ ﯾﻛون اﻟﺛﻣن‬
‫ﻛﻠﮫ ﺑﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﻘﺎﺋم وﯾﺧرج اﻟﮭﺎﻟك ﻋن اﻟﻌﻘد ﻓﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎن‪ .‬ھذا ﺗﺧرﯾﺞ ﺑﻌض اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ وﯾﺻرف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻋﻧدھم إﻟﻰ‬
‫اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻛﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ وﻗﺎﻟوا‪ :‬إن اﻟﻣراد ﻣن ﻗوﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر ﯾﺄﺧذ اﻟﺣﻲ وﻻ ﺷﻲء ﻟﮫ‪ ،‬ﻣﻌﻧﺎه‪ :‬ﻻ ﯾﺄﺧذ ﻣن‬
‫ﺛﻣن اﻟﮭﺎﻟك ﺷﯾﺋﺎ أﺻﻼ‪ .‬وﻗﺎل ﺑﻌض اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ‪ :‬ﯾﺄﺧذ ﻣن ﺛﻣن اﻟﮭﺎﻟك ﺑﻘدر ﻣﺎ أﻗر ﺑﮫ اﻟﻣﺷﺗري‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﻻ ﯾﺄﺧذ‬
‫اﻟزﯾﺎدة‪ .‬وﻋﻠﻰ ﻗول ھؤﻻء ﯾﻧﺻرف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء إﻟﻰ ﯾﻣﯾن اﻟﻣﺷﺗري ﻻ إﻟﻰ اﻟﺗﺣﺎﻟف‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ أﺧذ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺑﻘول‬
‫اﻟﻣﺷﺗري ﻓﻘد ﺻدﻗﮫ ﻓﻼ ﯾﺣﻠف اﻟﻣﺷﺗري‪ ،‬ﺛم ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻋﻠﻰ ﻗول ﻣﺣﻣد ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﻘﺎﺋم‪ .‬وإذا ﺣﻠﻔﺎ وﻟم ﯾﺗﻔﻘﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻓﺎدﻋﻰ أﺣدھﻣﺎ اﻟﻔﺳﺦ أو ﻛﻼھﻣﺎ ﯾﻔﺳﺦ اﻟﻌﻘد ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ وﯾﺄﻣر اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣﺷﺗري ﺑرد اﻟﺑﺎﻗﻲ وﻗﯾﻣﺔ اﻟﮭﺎﻟك‪.‬‬
‫واﺧﺗﻠﻔوا ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾره ﻋﻠﻰ ﻗول أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬واﻟﺻﺣﯾﺢ أﻧﮫ ﯾﺣﻠف اﻟﻣﺷﺗري ﺑﺎ ﻣﺎ اﺷﺗرﯾﺗﮭﻣﺎ ﺑﻣﺎ‬
‫ﯾدﻋﯾﮫ اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬ﻓﺈن ﻧﻛل ﻟزﻣﮫ دﻋوى اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬وإن ﺣﻠف ﯾﺣﻠف اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺑﺎ ﻣﺎ ﺑﻌﺗﮭﻣﺎ ﺑﺎﻟﺛﻣن اﻟذي ﯾدﻋﯾﮫ اﻟﻣﺷﺗري‪،‬‬
‫ﻓﺈن ﻧﻛل ﻟزﻣﮫ دﻋوى اﻟﻣﺷﺗري‪ ،‬وإن ﺣﻠف ﯾﻔﺳﺧﺎن‬
‫اﻟﻌﻘد ﻓﻲ اﻟﻘﺎﺋم وﺗﺳﻘط ﺣﺻﺗﮫ ﻣن اﻟﺛﻣن وﯾﻠزم اﻟﻣﺷﺗري ﺣﺻﺔ اﻟﮭﺎﻟك وﯾﻌﺗﺑر ﻗﯾﻣﺗﮭﻣﺎ‬ ‫ص ‪-163-‬‬
‫ﻓﻲ اﻻﻧﻘﺳﺎم ﯾوم اﻟﻘﺑض‪.‬‬
‫"وإن اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﮭﺎﻟك ﯾوم اﻟﻘﺑض ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬وأﯾﮭﻣﺎ أﻗﺎم اﻟﺑﯾﻧﺔ ﺗﻘﺑل ﺑﯾﻧﺗﮫ‪ .‬وإن أﻗﺎﻣﺎھﺎ ﻓﺑﯾﻧﺔ‬
‫اﻟﺑﺎﺋﻊ أوﻟﻰ" وھو ﻗﯾﺎس ﻣﺎ ذﻛر ﻓﻲ ﺑﯾوع اﻷﺻل "اﺷﺗرى ﻋﺑدﯾن وﻗﺑﺿﮭﻣﺎ ﺛم رد أﺣدھﻣﺎ ﺑﺎﻟﻌﯾب وھﻠك اﻵﺧر‬
‫ﻋﻧده ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ ﺛﻣن ﻣﺎ ھﻠك ﻋﻧده وﯾﺳﻘط ﻋﻧﮫ ﺛﻣن ﻣﺎ رده وﯾﻧﻘﺳم اﻟﺛﻣن ﻋﻠﻰ ﻗﯾﻣﺗﮭﻣﺎ‪ .‬ﻓﺈن اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺔ‬
‫اﻟﮭﺎﻟك ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﺑﺎﺋﻊ" ﻷن اﻟﺛﻣن ﻗد وﺟب ﺑﺎﺗﻔﺎﻗﮭﻣﺎ ﺛم اﻟﻣﺷﺗري ﯾدﻋﻲ زﯾﺎدة اﻟﺳﻘوط ﺑﻧﻘﺻﺎن ﻗﯾﻣﺔ اﻟﮭﺎﻟك‬
‫واﻟﺑﺎﺋﻊ ﯾﻧﻛره واﻟﻘول ﻟﻠﻣﻧﻛر "وإن أﻗﺎﻣﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻓﺑﯾﻧﺔ اﻟﺑﺎﺋﻊ أوﻟﻰ" ﻷﻧﮭﺎ أﻛﺛر إﺛﺑﺎﺗﺎ ظﺎھرا ﻹﺛﺑﺎﺗﮭﺎ اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ‬
‫ﻗﯾﻣﺔ اﻟﮭﺎﻟك وھذا ﻟﻔﻘﮫ‪ .‬وھو أن ﻓﻲ اﻷﯾﻣﺎن ﺗﻌﺗﺑر اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺗوﺟﮫ ﻋﻠﻰ أﺣد اﻟﻌﺎﻗدﯾن وھﻣﺎ ﯾﻌرﻓﺎن ﺣﻘﯾﻘﺔ‬
‫اﻟﺣﺎل ﻓﺑﻧﻲ اﻷﻣر ﻋﻠﯾﮭﺎ واﻟﺑﺎﺋﻊ ﻣﻧﻛر ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻠذا ﻛﺎن اﻟﻘول ﻗوﻟﮫ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺑﯾﻧﺎت ﯾﻌﺗﺑر اﻟظﺎھر ﻷن اﻟﺷﺎھدﯾن ﻻ‬
‫ﯾﻌﻠﻣﺎن ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺣﺎل ﻓﺎﻋﺗﺑر اﻟظﺎھر ﻓﻲ ﺣﻘﮭﻣﺎ واﻟﺑﺎﺋﻊ ﻣدع ظﺎھرا ﻓﻠﮭذا ﺗﻘﺑل ﺑﯾﻧﺗﮫ أﯾﺿﺎ وﺗﺗرﺟﺢ ﺑﺎﻟزﯾﺎدة‬
‫اﻟظﺎھرة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ ،‬وھذا ﯾﺑﯾن ﻟك ﻣﻌﻧﻰ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه ﻣن ﻗول أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ وﻗﺑﺿﮭﺎ ﺛم ﺗﻘﺎﯾﻼ ﺛم اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ اﻟﺛﻣن ﻓﺈﻧﮭﻣﺎ ﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎن وﯾﻌود اﻟﺑﯾﻊ اﻷول" وﻧﺣن ﻣﺎ‬
‫أﺛﺑﺗﻧﺎ اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻓﯾﮫ ﺑﺎﻟﻧص ﻷﻧﮫ ورد ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ اﻟﻣطﻠق واﻹﻗﺎﻟﺔ ﻓﺳﺦ ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن‪ ،‬وإﻧﻣﺎ أﺛﺑﺗﻧﺎه ﺑﺎﻟﻘﯾﺎس ﻷن‬
‫اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣﻔروﺿﺔ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض واﻟﻘﯾﺎس ﯾواﻓﻘﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر وﻟﮭذا ﻧﻘﯾس اﻹﺟﺎرة ﻋﻠﻰ اﻟﺑﯾﻊ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض واﻟوارث‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻗد واﻟﻘﯾﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﯾن ﻓﯾﻣﺎ إذا اﺳﺗﮭﻠﻛﮫ ﻓﻲ ﯾد اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻏﯾر اﻟﻣﺷﺗري‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو ﻗﺑض اﻟﺑﺎﺋﻊ اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺑﻌد اﻹﻗﺎﻟﺔ ﻓﻼ ﺗﺣﺎﻟف ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻣﺣﻣد" ﻷﻧﮫ ﯾرى‬
‫اﻟﻧص ﻣﻌﻠوﻻ ﺑﻌد اﻟﻘﺑض أﯾﺿﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﺳﻠم ﻋﺷرة دراھم ﻓﻲ ﻛر ﺣﻧطﺔ ﺛم ﺗﻘﺎﯾﻼ ﺛم اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ اﻟﺛﻣن ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺳﻠم إﻟﯾﮫ وﻻ ﯾﻌود‬
‫اﻟﺳﻠم" ﻷن اﻹﻗﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺳﻠم ﻻ ﺗﺣﺗﻣل اﻟﻧﻘض ﻷﻧﮫ إﺳﻘﺎط ﻓﻼ ﯾﻌود اﻟﺳﻠم‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻹﻗﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ؛ أﻻ ﺗرى‬
‫أن رأس ﻣﺎل اﻟﺳﻠم ﻟو ﻛﺎن ﻋرﺿﺎ ﻓرده ﺑﺎﻟﻌﯾب وھﻠك ﻗﺑل اﻟﺗﺳﻠﯾم إﻟﻰ رب اﻟﺳﻠم ﻻ ﯾﻌود اﻟﺳﻠم وﻟو ﻛﺎن ذﻟك ﻓﻲ‬
‫ﺑﯾﻊ اﻟﻌﯾن ﯾﻌود اﻟﺑﯾﻊ دل ﻋﻠﻰ اﻟﻔرق ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺧﺗﻠف اﻟزوﺟﺎن ﻓﻲ اﻟﻣﮭر ﻓﺎدﻋﻰ اﻟزوج أﻧﮫ ﺗزوﺟﮭﺎ ﺑﺄﻟف وﻗﺎﻟت ﺗزوﺟﻧﻲ ﺑﺄﻟﻔﯾن ﻓﺄﯾﮭﻣﺎ أﻗﺎم اﻟﺑﯾﻧﺔ‬
‫ﺗﻘﺑل ﺑﯾﻧﺗﮫ" ﻷﻧﮫ ﻧور دﻋواه ﺑﺎﻟﺣﺟﺔ‪" .‬وإن أﻗﺎﻣﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻓﺎﻟﺑﯾﻧﺔ ﺑﯾﻧﺔ اﻟﻣرأة"‬

‫ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺛﺑت اﻟزﯾﺎدة‪ ،‬ﻣﻌﻧﺎه إذا ﻛﺎن ﻣﮭر ﻣﺛﻠﮭﺎ أﻗل ﻣﻣﺎ ادﻋﺗﮫ "وإن ﻟم ﯾﻛن ﻟﮭﻣﺎ ﺑﯾﻧﺔ‬ ‫ص ‪-164-‬‬
‫ﺗﺣﺎﻟﻔﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻻ ﯾﻔﺳﺦ اﻟﻧﻛﺎح" ﻷن أﺛر اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻓﻲ اﻧﻌدام اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬وأﻧﮫ ﻻ ﯾﺧل ﺑﺻﺣﺔ اﻟﻧﻛﺎح ﻷن‬
‫اﻟﻣﮭر ﺗﺎﺑﻊ ﻓﯾﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺑﯾﻊ ﻷن ﻋدم اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ ﯾﻔﺳده ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر ﻓﯾﻔﺳﺦ‪" ،‬وﻟﻛن ﯾﺣﻛم ﻣﮭر اﻟﻣﺛل‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻣﺛل‬
‫ﻣﺎ اﻋﺗرف ﺑﮫ اﻟزوج أو أﻗل ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ﻗﺎل اﻟزوج" ﻷن اﻟظﺎھر ﺷﺎھد ﻟﮫ "وإن ﻛﺎن ﻣﺛل ﻣﺎ ادﻋﺗﮫ اﻟﻣرأة أو‬
‫أﻛﺛر ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ادﻋﺗﮫ اﻟﻣرأة‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻣﮭر اﻟﻣﺛل أﻛﺛر ﻣﻣﺎ اﻋﺗرف ﺑﮫ اﻟزوج وأﻗل ﻣﻣﺎ ادﻋﺗﮫ اﻟﻣرأة ﻗﺿﻰ ﻟﮭﺎ‬
‫ﺑﻣﮭر اﻟﻣﺛل" ﻷﻧﮭﻣﺎ ﻟﻣﺎ ﺗﺣﺎﻟﻔﺎ ﻟم ﺗﺛﺑت اﻟزﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﻣﮭر اﻟﻣﺛل وﻻ اﻟﺣط ﻋﻧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬ذﻛر اﻟﺗﺣﺎﻟف أوﻻ ﺛم اﻟﺗﺣﻛﯾم‪ ،‬وھذا ﻗول اﻟﻛرﺧﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻷن ﻣﮭر اﻟﻣﺛل ﻻ اﻋﺗﺑﺎر ﻟﮫ ﻣﻊ‬
‫وﺟود اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ وﺳﻘوط اﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺑﺎﻟﺗﺣﺎﻟف وﻟﮭذا ﯾﻘدم ﻓﻲ اﻟوﺟوه ﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬وﯾﺑدأ ﺑﯾﻣﯾن اﻟزوج ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد‬
‫ﺗﻌﺟﯾﻼ ﻟﻔﺎﺋدة اﻟﻧﻛول ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺗري‪ ،‬وﺗﺧرﯾﺞ اﻟرازي ﺑﺧﻼﻓﮫ وﻗد اﺳﺗﻘﺻﯾﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح وذﻛرﻧﺎ ﺧﻼف أﺑﻲ‬
‫ﯾوﺳف ﻓﻼ ﻧﻌﯾده‪.‬‬
‫"وﻟو ادﻋﻰ اﻟزوج اﻟﻧﻛﺎح ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻌﺑد واﻟﻣرأة ﺗدﻋﯾﮫ ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﺟﺎرﯾﺔ ﻓﮭو ﻛﺎﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ‪ ،‬إﻻ أن ﻗﯾﻣﺔ‬
‫اﻟﺟﺎرﯾﺔ إذا ﻛﺎﻧت ﻣﺛل ﻣﮭر اﻟﻣﺛل ﯾﻛون ﻟﮭﺎ ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ دون ﻋﯾﻧﮭﺎ" ﻷن ﺗﻣﻠﻛﮭﺎ ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ وﻟم ﯾوﺟد‬
‫ﻓوﺟﺑت اﻟﻘﯾﻣﺔ "وإن اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ اﻹﺟﺎرة ﻗﺑل اﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﺗﺣﺎﻟﻔﺎ وﺗرادا" ﻣﻌﻧﺎه اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ اﻟﺑدل أو ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺑدل ﻷن اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻋﻠﻰ وﻓﺎق اﻟﻘﯾﺎس ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ ،‬واﻹﺟﺎرة ﻗﺑل اﻟﻘﺑض اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻧظﯾر اﻟﺑﯾﻊ‬
‫ﻗﺑل ﻗﺑض اﻟﻣﺑﯾﻊ وﻛﻼﻣﻧﺎ ﻗﺑل اﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ "ﻓﺈن وﻗﻊ اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻷﺟرة ﯾﺑدأ ﺑﯾﻣﯾن اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر" ﻷﻧﮫ ﻣﻧﻛر‬
‫ﻟوﺟوب اﻷﺟرة "وإن وﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﯾﺑدأ ﺑﯾﻣﯾن اﻟﻣؤﺟر‪ ،‬وأﯾﮭﻣﺎ ﻧﻛل ﻟزﻣﮫ دﻋوى ﺻﺎﺣﺑﮫ‪ ،‬وأﯾﮭﻣﺎ أﻗﺎم اﻟﺑﯾﻧﺔ‬
‫ﻗﺑﻠت‪ ،‬وﻟو أﻗﺎﻣﺎھﺎ ﻓﺑﯾﻧﺔ اﻟﻣؤﺟر أوﻟﻰ إن ﻛﺎن اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻷﺟرة‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻓﺑﯾﻧﺔ اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر‬
‫أوﻟﻰ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻓﯾﮭﻣﺎ ﻗﺑﻠت ﺑﯾﻧﺔ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾدﻋﯾﮫ ﻣن اﻟﻔﺿل" ﻧﺣو أن ﯾدﻋﻲ ھذا ﺷﮭرا ﺑﻌﺷرة‬
‫واﻟﻣﺳﺗﺄﺟر ﺷﮭرﯾن ﺑﺧﻣﺳﺔ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺷﮭرﯾن ﺑﻌﺷرة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن اﺧﺗﻠﻔﺎ ﺑﻌد اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء ﻟم ﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎ وﻛﺎن اﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف‬
‫ظﺎھر‪ ،‬ﻷن ھﻼك اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﯾﻣﻧﻊ اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻋﻧدھﻣﺎ‪ ،‬وﻛذا ﻋﻠﻰ أﺻل ﻣﺣﻣد ﻷن اﻟﮭﻼك إﻧﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﻋﻧده ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻟﻣﺎ أن ﻟﮫ ﻗﯾﻣﺔ ﺗﻘوم ﻣﻘﺎﻣﮫ ﻓﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎن ﻋﻠﯾﮭﺎ‪ ،‬وﻟو ﺟرى اﻟﺗﺣﺎﻟف ھﺎھﻧﺎ وﻓﺳﺦ اﻟﻌﻘد ﻓﻼ ﻗﯾﻣﺔ ﻷن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻻ‬
‫ﺗﺗﻘوم ﺑﻧﻔﺳﮭﺎ ﺑل ﺑﺎﻟﻌﻘد وﺗﺑﯾن أﻧﮫ ﻻ ﻋﻘد‪ .‬وإذا اﻣﺗﻧﻊ ﻓﺎﻟﻘول ﻟﻠﻣﺳﺗﺄﺟر ﻣﻊ ﯾﻣﯾﻧﮫ ﻷﻧﮫ ھو‬

‫اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻋﻠﯾﮫ "وإن اﺧﺗﻠﻔﺎ ﺑﻌد اﺳﺗﯾﻔﺎء ﺑﻌض اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﺗﺣﺎﻟﻔﺎ وﻓﺳﺦ اﻟﻌﻘد ﻓﯾﻣﺎ‬ ‫ص ‪-165-‬‬
‫ﺑﻘﻲ وﻛﺎن اﻟﻘول ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻗول اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر" ﻷن اﻟﻌﻘد ﯾﻧﻌﻘد ﺳﺎﻋﺔ ﻓﺳﺎﻋﺔ ﻓﯾﺻﯾر ﻓﻲ ﻛل ﺟزء ﻣن اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻛﺄن‬
‫اﺑﺗداء اﻟﻌﻘد ﻋﻠﯾﮭﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺑﯾﻊ ﻷن اﻟﻌﻘد ﻓﯾﮫ دﻓﻌﺔ واﺣدة‪ ،‬ﻓﺈذا ﺗﻌذر ﻓﻲ اﻟﺑﻌض ﺗﻌذر ﻓﻲ اﻟﻛل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺧﺗﻠف اﻟﻣوﻟﻰ واﻟﻣﻛﺎﺗب ﻓﻲ ﻣﺎل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻟم ﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎن وﺗﻔﺳﺦ‬
‫اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ" وھو ﻗول اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﻷﻧﮫ ﻋﻘد ﻣﻌﺎوﺿﺔ ﯾﻘﺑل اﻟﻔﺳﺦ ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬واﻟﺟﺎﻣﻊ أن اﻟﻣوﻟﻰ ﯾدﻋﻲ ﺑدﻻ زاﺋدا‬
‫ﯾﻧﻛره اﻟﻌﺑد واﻟﻌﺑد ﯾدﻋﻲ اﺳﺗﺣﻘﺎق اﻟﻌﺗق ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻧد أداء اﻟﻘدر اﻟذي ﯾدﻋﯾﮫ واﻟﻣوﻟﻰ ﯾﻧﻛره ﻓﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎن ﻛﻣﺎ إذا اﺧﺗﻠﻔﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺛﻣن‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أن اﻟﺑدل ﻣﻘﺎﺑل ﺑﻔك اﻟﺣﺟر ﻓﻲ ﺣق اﻟﯾد واﻟﺗﺻرف ﻟﻠﺣﺎل وھو ﺳﺎﻟم ﻟﻠﻌﺑد وإﻧﻣﺎ ﯾﻧﻘﻠب‬
‫ﻣﻘﺎﺑﻼ ﺑﺎﻟﻌﺗق ﻋﻧد اﻷداء ﻓﻘﺑﻠﮫ ﻻ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻓﺑﻘﻲ اﺧﺗﻼﻓﺎ ﻓﻲ ﻗدر اﻟﺑدل ﻻ ﻏﯾر ﻓﻼ ﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺧﺗﻠف اﻟزوﺟﺎن ﻓﻲ ﻣﺗﺎع اﻟﺑﯾت ﻓﻣﺎ ﯾﺻﻠﺢ ﻟﻠرﺟﺎل ﻓﮭو ﻟﻠرﺟل ﻛﺎﻟﻌﻣﺎﻣﺔ" ﻷن اﻟظﺎھر ﺷﺎھد ﻟﮫ "وﻣﺎ‬
‫ﯾﺻﻠﺢ ﻟﻠﻧﺳﺎء ﻓﮭو ﻟﻠﻣرأة ﻛﺎﻟوﻗﺎﯾﺔ" ﻟﺷﮭﺎدة اﻟظﺎھر ﻟﮭﺎ "وﻣﺎ ﯾﺻﻠﺢ ﻟﮭﻣﺎ ﻛﺎﻵﻧﯾﺔ ﻓﮭو ﻟﻠرﺟل" ﻷن اﻟﻣرأة وﻣﺎ‬
‫ﻓﻲ ﯾدھﺎ ﻓﻲ ﯾد اﻟزوج واﻟﻘول ﻓﻲ اﻟدﻋﺎوى ﻟﺻﺎﺣب اﻟﯾد‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﯾﺧﺗص ﺑﮭﺎ ﻷﻧﮫ ﯾﻌﺎرﺿﮫ ظﺎھر أﻗوى ﻣﻧﮫ‪،‬‬
‫وﻻ ﻓرق ﺑﯾن ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﺣﺎل ﻗﯾﺎم اﻟﻧﻛﺎح أو ﺑﻌدﻣﺎ وﻗﻌت اﻟﻔرﻗﺔ‪" .‬ﻓﺈن ﻣﺎت أﺣدھﻣﺎ واﺧﺗﻠﻔت‬
‫ورﺛﺗﮫ ﻣﻊ اﻵﺧر ﻓﻣﺎ ﯾﺻﻠﺢ ﻟﻠرﺟﺎل واﻟﻧﺳﺎء ﻓﮭو ﻟﻠﺑﺎﻗﻲ ﻣﻧﮭﻣﺎ" ﻷن اﻟﯾد ﻟﻠﺣﻲ دون اﻟﻣﯾت‪ ،‬وھذا اﻟذي ذﻛرﻧﺎه‬
‫ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪.‬‬
‫وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾدﻓﻊ إﻟﻰ اﻟﻣرأة ﻣﺎ ﯾﺟﮭز ﺑﮫ ﻣﺛﻠﮭﺎ‪ ،‬واﻟﺑﺎﻗﻲ ﻟﻠزوج ﻣﻊ ﯾﻣﯾﻧﮫ ﻷن اﻟظﺎھر أن اﻟﻣرأة‬
‫ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺎﻟﺟﮭﺎز وھذا أﻗوى ﻓﯾﺑطل ﺑﮫ ظﺎھر ﯾد اﻟزوج‪ ،‬ﺛم ﻓﻲ اﻟﺑﺎﻗﻲ ﻻ ﻣﻌﺎرض ﻟظﺎھر ﻓﯾﻌﺗﺑر "واﻟطﻼق واﻟﻣوت‬
‫ﺳواء" ﻟﻘﯾﺎم اﻟورﺛﺔ ﻣﻘﺎم ﻣورﺛﮭم "وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬وﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻠرﺟﺎل ﻓﮭو ﻟﻠرﺟل‪ ،‬وﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻠﻧﺳﺎء ﻓﮭو ﻟﻠﻣرأة‪ ،‬وﻣﺎ‬
‫ﯾﻛون ﻟﮭﻣﺎ ﻓﮭو ﻟﻠرﺟل أو ﻟورﺛﺗﮫ" ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ ﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ "واﻟطﻼق واﻟﻣوت ﺳواء" ﻟﻘﯾﺎم اﻟوارث ﻣﻘﺎم اﻟﻣورث‬
‫"وإن ﻛﺎن أﺣدھﻣﺎ ﻣﻣﻠوﻛﺎ ﻓﺎﻟﻣﺗﺎع ﻟﻠﺣر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺣﯾﺎة" ﻷن ﯾد اﻟﺣر أﻗوى "وﻟﻠﺣﻲ ﺑﻌد اﻟﻣﻣﺎت" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾد‬
‫ﻟﻠﻣﯾت ﻓﺧﻠت ﯾد اﻟﺣﻲ ﻋن اﻟﻣﻌﺎرض "وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وﻗﺎﻻ‪ :‬اﻟﻌﺑد اﻟﻣﺄذون ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﺟﺎرة‬
‫واﻟﻣﻛﺎﺗب ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺣر" ﻷن ﻟﮭﻣﺎ ﯾدا ﻣﻌﺗﺑرة ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺎت‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﯾﻣن ﻻ ﯾﻛون ﺧﺻﻣﺎ‬ ‫ص ‪-166-‬‬


‫"وإن ﻗﺎل اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ھذا اﻟﺷﻲء أودﻋﻧﯾﮫ ﻓﻼن اﻟﻐﺎﺋب أو رھﻧﮫ ﻋﻧدي أو ﻏﺻﺑﺗﮫ ﻣﻧﮫ وأﻗﺎم ﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك‬
‫ﻓﻼ ﺧﺻوﻣﺔ ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن اﻟﻣدﻋﻲ" وﻛذا إذا ﻗﺎل‪ :‬آﺟرﻧﯾﮫ وأﻗﺎم اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻷﻧﮫ أﺛﺑت ﺑﺑﯾﻧﺗﮫ أن ﯾده ﻟﯾﺳت ﺑﯾد ﺧﺻوﻣﺔ‪.‬‬
‫وﻗﺎل اﺑن ﺷﺑرﻣﺔ‪ :‬ﻻ ﺗﻧدﻓﻊ اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻷﻧﮫ ﺗﻌذر إﺛﺑﺎت اﻟﻣﻠك ﻟﻠﻐﺎﺋب ﻟﻌدم اﻟﺧﺻم ﻋﻧﮫ ودﻓﻊ اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﺷﯾﺋﺎن ﺛﺑوت اﻟﻣﻠك ﻟﻠﻐﺎﺋب وﻻ ﺧﺻم ﻓﯾﮫ ﻓﻠم ﯾﺛﺑت‪ ،‬ودﻓﻊ ﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻣدﻋﻲ وھو ﺧﺻم ﻓﯾﮫ‬
‫ﻓﯾﺛﺑت وھو ﻛﺎﻟوﻛﯾل ﺑﻧﻘل اﻟﻣرأة وإﻗﺎﻣﺗﮭﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ﻛﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه ﻣن ﻗﺑل‪ ،‬وﻻ ﺗﻧدﻓﻊ ﺑدون إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻛﻣﺎ‬
‫ﻗﺎﻟﮫ اﺑن أﺑﻲ ﻟﯾﻠﻰ ﻷﻧﮫ ﺻﺎر ﺧﺻﻣﺎ ﺑظﺎھر ﯾده‪ ،‬ﻓﮭو ﺑﺈﻗراره ﯾرﯾد أن ﯾﺣول ﺣﻘﺎ ﻣﺳﺗﺣﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻼ ﯾﺻدق‬
‫إﻻ ﺑﺎﻟﺣﺟﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا ادﻋﻰ ﺗﺣول اﻟدﯾن ﻣن ذﻣﺗﮫ إﻟﻰ ذﻣﺔ ﻏﯾره‪.‬‬
‫"وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬إن ﻛﺎن اﻟرﺟل ﺻﺎﻟﺣﺎ ﻓﺎﻟﺟواب ﻛﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎه‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻣﻌروﻓﺎ ﺑﺎﻟﺣﯾل ﻻ ﺗﻧدﻓﻊ ﻋﻧﮫ‬
‫اﻟﺧﺻوﻣﺔ" ﻷن اﻟﻣﺣﺗﺎل ﻣن اﻟﻧﺎس ﻗد ﯾدﻓﻊ ﻣﺎﻟﮫ إﻟﻰ ﻣﺳﺎﻓر ﯾودﻋﮫ إﯾﺎه وﯾﺷﮭد ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺷﮭود ﻓﯾﺣﺗﺎل ﻹﺑطﺎل ﺣق‬
‫ﻏﯾره‪ ،‬ﻓﺈذا اﺗﮭﻣﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﮫ ﻻ ﯾﻘﺑﻠﮫ‪.‬‬
‫"وﻟو ﻗﺎل اﻟﺷﮭود‪ :‬أودﻋﮫ رﺟل ﻻ ﻧﻌرﻓﮫ ﻻ ﺗﻧدﻓﻊ ﻋﻧﮫ اﻟﺧﺻوﻣﺔ" ﻻﺣﺗﻣﺎل أن ﯾﻛون اﻟﻣودع ھو ھذا اﻟﻣدﻋﻲ‪،‬‬
‫وﻷﻧﮫ ﻣﺎ أﺣﺎﻟﮫ إﻟﻰ ﻣﻌﯾن ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻣدﻋﻲ اﺗﺑﺎﻋﮫ‪ ،‬ﻓﻠو اﻧدﻓﻌت ﻟﺗﺿرر ﺑﮫ اﻟﻣدﻋﻲ‪ ،‬وﻟو ﻗﺎﻟوا ﻧﻌرﻓﮫ ﺑوﺟﮭﮫ وﻻ‬
‫ﻧﻌرﻓﮫ ﺑﺎﺳﻣﮫ وﻧﺳﺑﮫ ﻓﻛذﻟك اﻟﺟواب ﻋﻧد ﻣﺣﻣد ﻟﻠوﺟﮫ اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﺗﻧدﻓﻊ ﻷﻧﮫ أﺛﺑت ﺑﺑﯾﻧﺗﮫ أن اﻟﻌﯾن‬
‫وﺻل إﻟﯾﮫ ﻣن ﺟﮭﺔ ﻏﯾره ﺣﯾث ﻋرﻓﮫ اﻟﺷﮭود ﺑوﺟﮭﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻔﺻل اﻷول ﻓﻠم ﺗﻛن ﯾده ﯾد ﺧﺻوﻣﺔ وھو‬
‫اﻟﻣﻘﺻود‪ ،‬واﻟﻣدﻋﻲ ھو اﻟذي أﺿر ﺑﻧﻔﺳﮫ ﺣﯾث ﻧﺳﻲ ﺧﺻﻣﮫ أو أﺿره ﺷﮭوده‪ ،‬وھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣﺧﻣﺳﺔ ﻛﺗﺎب‬
‫اﻟدﻋوى وﻗد ذﻛرﻧﺎ اﻷﻗوال اﻟﺧﻣﺳﺔ‪" .‬وإن ﻗﺎل‪ :‬اﺑﺗﻌﺗﮫ ﻣن اﻟﻐﺎﺋب ﻓﮭو ﺧﺻم" ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ زﻋم أن ﯾده ﯾد ﻣﻠك‬
‫اﻋﺗرف ﺑﻛوﻧﮫ ﺧﺻﻣﺎ "وإن ﻗﺎل اﻟﻣدﻋﻲ‪ :‬ﻏﺻﺑﺗﮫ ﻣﻧﻲ أو ﺳرﻗﺗﮫ ﻣﻧﻲ ﻻ ﺗﻧدﻓﻊ اﻟﺧﺻوﻣﺔ وإن أﻗﺎم ذو اﻟﯾد‬
‫اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟودﯾﻌﺔ" ﻷﻧﮫ إﻧﻣﺎ ﺻﺎر ﺧﺻﻣﺎ ﺑدﻋوى اﻟﻔﻌل ﻋﻠﯾﮫ ﻻ ﺑﯾده‪ ،‬ﺑﺧﻼف دﻋوى اﻟﻣﻠك اﻟﻣطﻠق ﻷﻧﮫ ﺧﺻم‬
‫ﻓﯾﮫ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﯾده ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺻﺢ دﻋواه ﻋﻠﻰ ﻏﯾر ذي اﻟﯾد وﯾﺻﺢ دﻋوى اﻟﻔﻌل‪" .‬وإن ﻗﺎل اﻟﻣدﻋﻲ‪ :‬ﺳرق ﻣﻧﻲ‬
‫وﻗﺎل ﺻﺎﺣب اﻟﯾد‪ :‬أودﻋﻧﯾﮫ ﻓﻼن وأﻗﺎم اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻟم ﺗﻧدﻓﻊ اﻟﺧﺻوﻣﺔ" وھذا ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف وھو‬
‫اﺳﺗﺣﺳﺎن‪ ،‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬ﺗﻧدﻓﻊ ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾدع اﻟﻔﻌل ﻋﻠﯾﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﻗﺎل‪ :‬ﻏﺻب ﻣﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺳم ﻓﺎﻋﻠﮫ‪.‬‬
‫وﻟﮭﻣﺎ أن ذﻛر اﻟﻔﻌل ﯾﺳﺗدﻋﻲ اﻟﻔﺎﻋل‬

‫ﻻ ﻣﺣﺎﻟﺔ‪ ،‬واﻟظﺎھر أﻧﮫ ھو اﻟذي ﻓﻲ ﯾده إﻻ أﻧﮫ ﻟم ﯾﻌﯾﻧﮫ درءا ﻟﻠﺣد ﺷﻔﻘﺔ ﻋﻠﯾﮫ وإﻗﺎﻣﺔ‬ ‫ص ‪-167-‬‬
‫ﻟﺣﺳﺑﺔ اﻟﺳر ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﻗﺎل‪ :‬ﺳرﻗت‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻐﺻب ﻷﻧﮫ ﻻ ﺣد ﻓﯾﮫ ﻓﻼ ﯾﺣﺗرز ﻋن ﻛﺷﻔﮫ "وإن ﻗﺎل‬
‫اﻟﻣدﻋﻲ‪ :‬اﺑﺗﻌﺗﮫ ﻣن ﻓﻼن وﻗﺎل ﺻﺎﺣب اﻟﯾد‪ :‬أودﻋﻧﯾﮫ ﻓﻼن ذﻟك أﺳﻘطت اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺑﻐﯾر ﺑﯾﻧﺔ" ﻷﻧﮭﻣﺎ ﺗواﻓﻘﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ أن أﺻل اﻟﻣﻠك ﻓﯾﮫ ﻟﻐﯾره ﻓﯾﻛون وﺻوﻟﮭﺎ إﻟﻰ ﯾد ذي اﻟﯾد ﻣن ﺟﮭﺗﮫ ﻓﻠم ﺗﻛن ﯾده ﯾد ﺧﺻوﻣﺔ إﻻ أن ﯾﻘﯾم اﻟﺑﯾﻧﺔ‬
‫أن ﻓﻼﻧﺎ وﻛﻠﮫ ﺑﻘﺑﺿﮫ ﻷﻧﮫ أﺛﺑت ﺑﺑﯾﻧﺗﮫ ﻛوﻧﮫ أﺣق ﺑﺈﻣﺳﺎﻛ ﮭﺎ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﺑﺎب ﻣﺎ ﯾدﻋﯾﮫ اﻟرﺟﻼن‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ادﻋﻰ اﺛﻧﺎن ﻋﯾﻧﺎ ﻓﻲ ﯾد آﺧر ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﯾزﻋم أﻧﮭﺎ ﻟﮫ وأﻗﺎﻣﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﺑﮭﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‬
‫ﻓﻲ ﻗول‪ :‬ﺗﮭﺎﺗرﺗﺎ‪ ،‬وﻓﻲ ﻗول ﯾﻘرع ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ؛ ﻷن إﺣدى اﻟﺑﯾﻧﺗﯾن ﻛﺎذﺑﺔ ﺑﯾﻘﯾن ﻻﺳﺗﺣﺎﻟﺔ اﺟﺗﻣﺎع اﻟﻣﻠﻛﯾن ﻓﻲ اﻟﻛل ﻓﻲ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ واﺣدة وﻗد ﺗﻌذر اﻟﺗﻣﯾﯾز ﻓﯾﺗﮭﺎﺗران أو ﯾﺻﺎر إﻟﻰ اﻟﻘرﻋﺔ ﻷن اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم أﻗرع ﻓﯾﮫ وﻗﺎل‪:‬‬
‫"اﻟﻠﮭم أﻧت اﻟﺣﻛم ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ" وﻟﻧﺎ ﺣدﯾث ﺗﻣﯾم ﺑن طرﻓﺔ‪" :‬أن رﺟﻠﯾن اﺧﺗﺻﻣﺎ إﻟﻰ رﺳول ﷲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‬
‫ﻓﻲ ﻧﺎﻗﺔ وأﻗﺎم ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻓﻘﺿﻰ ﺑﮭﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻧﺻﻔﯾن"‪ .‬وﺣدﯾث اﻟﻘرﻋﺔ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻻﺑﺗداء ﺛم ﻧﺳﺦ‪ ،‬وﻷن‬
‫اﻟﻣطﻠق ﻟﻠﺷﮭﺎدة ﻓﻲ ﺣق ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣﺣﺗﻣل اﻟوﺟود ﺑل ﯾﻌﺗﻣد أﺣدھﻣﺎ ﺳﺑب اﻟﻣﻠك واﻵﺧر اﻟﯾد ﻓﺻﺣت‬
‫اﻟﺷﮭﺎدﺗﺎن ﻓﯾﺟب اﻟﻌﻣل ﺑﮭﻣﺎ ﻣﺎ أﻣﻛن‪ ،‬وﻗد أﻣﻛن ﺑﺎﻟﺗﻧﺻﯾف إذ اﻟﻣﺣل ﯾﻘﺑﻠﮫ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﻧﺻف ﻻﺳﺗواﺋﮭﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﺑب‬
‫اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ادﻋﻰ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻧﻛﺎح اﻣرأة وأﻗﺎﻣﺎ ﺑﯾﻧﺔ ﻟم ﯾﻘض ﺑواﺣدة ﻣن اﻟﺑﯾﻧﺗﯾن" ﻟﺗﻌذر اﻟﻌﻣل ﺑﮭﻣﺎ؛ ﻷن‬
‫اﻟﻣﺣل ﻻ ﯾﻘﺑل اﻻﺷﺗراك‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾرﺟﻊ إﻟﻰ ﺗﺻدﯾق اﻟﻣرأة ﻷﺣدھﻣﺎ" ﻷن اﻟﻧﻛﺎح ﻣﻣﺎ ﯾﺣﻛم ﺑﮫ ﺑﺗﺻﺎدق اﻟزوﺟﯾن‪ ،‬وھذا إذا ﻟم ﺗؤﻗت‬
‫اﻟﺑﯾﻧﺗﺎن‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ إذا وﻗﺗﺎ ﻓﺻﺎﺣب اﻟوﻗت اﻷول أوﻟﻰ "وإن أﻗرت ﻷﺣدھﻣﺎ ﻗﺑل إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻓﮭﻲ اﻣرأﺗﮫ" ﻟﺗﺻﺎدﻗﮭﻣﺎ‬
‫"وإن أﻗﺎم اﻵﺧر اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻗﺿﻲ ﺑﮭﺎ" ﻷن اﻟﺑﯾﻧﺔ أﻗوى ﻣن اﻹﻗرار "وﻟو ﺗﻔرد أﺣدھﻣﺎ ﺑﺎﻟدﻋوى واﻟﻣرأة ﺗﺟﺣد‬
‫ﻓﺄﻗﺎم اﻟﺑﯾﻧﺔ وﻗﺿﻰ ﺑﮭﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﮫ ﺛم ادﻋﻰ اﻵﺧر وأﻗﺎم اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺛل ذﻟك ﻻ ﯾﺣﻛم ﺑﮭﺎ" ﻷن اﻟﻘﺿﺎء اﻷول‬
‫ﻗد ﺻﺢ ﻓﻼ ﯾﻧﻘض ﺑﻣﺎ ھو ﻣﺛﻠﮫ ﺑل ھو دوﻧﮫ "إﻻ أن ﯾؤﻗت ﺷﮭود اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺳﺎﺑﻘﺎ" ﻷﻧﮫ ظﮭر اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ اﻷول‬
‫ﺑﯾﻘﯾن‪ .‬وﻛذا إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣرأة ﻓﻲ ﯾد اﻟزوج وﻧﻛﺎﺣﮫ ظﺎھر ﻻ ﺗﻘﺑل ﺑﯾﻧﺔ اﻟﺧﺎرج إﻻ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺳﺑق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو ادﻋﻰ اﺛﻧﺎن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ أﻧﮫ اﺷﺗرى ﻣﻧﮫ ھذا اﻟﻌﺑد" ﻣﻌﻧﺎه ﻣن ﺻﺎﺣب اﻟﯾد "وأﻗﺎﻣﺎ ﺑﯾﻧﺔ ﻓﻛل‬
‫واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎء أﺧذ ﻧﺻف اﻟﻌﺑد ﺑﻧﺻف اﻟﺛﻣن وإن ﺷﺎء ﺗرك "‬

‫ﻷن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻧﺻﻔﯾن ﻻﺳﺗواﺋﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﺑب ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﻔﺿوﻟﯾﯾن إذا ﺑﺎع‬ ‫ص ‪-168-‬‬
‫ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣن رﺟل وأﺟﺎز اﻟﻣﺎﻟك اﻟﺑﯾﻌﯾن ﯾﺧﯾر ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻷﻧﮫ ﺗﻐﯾر ﻋﻠﯾﮫ ﺷرط ﻋﻘده‪ ،‬ﻓﻠﻌل رﻏﺑﺗﮫ‬
‫ﻓﻲ ﺗﻣﻠك اﻟﻛل ﻓﯾرده وﯾﺄﺧذ ﻛل اﻟﺛﻣن‪" .‬ﻓﺈن ﻗﺿﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﮫ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻓﻘﺎل أﺣدھﻣﺎ‪ :‬ﻻ أﺧﺗﺎر ﻟم ﯾﻛن ﻟﻶﺧر أن‬
‫ﯾﺄﺧذ ﺟﻣﯾﻌﮫ" ﻷﻧﮫ ﺻﺎر ﻣﻘﺿﯾﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﻧﺻف ﻓﺎﻧﻔﺳﺦ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﯾﮫ‪ ،‬وھذا ﻷﻧﮫ ﺧﺻم ﻓﯾﮫ ﻟظﮭور اﺳﺗﺣﻘﺎﻗﮫ ﺑﺎﻟﺑﯾﻧﺔ‬
‫ﻟوﻻ ﺑﯾﻧﺔ ﺻﺎﺣﺑﮫ ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﻟو ﻗﺎل ذﻟك ﻗﺑل ﺗﺧﯾﯾر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﯾث ﯾﻛون ﻟﮫ أن ﯾﺄﺧذ اﻟﺟﻣﯾﻊ ﻷﻧﮫ ﯾدﻋﻲ اﻟﻛل وﻟم‬
‫ﯾﻔﺳﺦ ﺳﺑﺑﮫ‪ ،‬واﻟﻌود إﻟﻰ اﻟﻧﺻف ﻟﻠﻣزاﺣﻣﺔ وﻟم ﺗوﺟد‪ ،‬وﻧظﯾره ﺗﺳﻠﯾم أﺣد اﻟﺷﻔﯾﻌﯾن ﻗﺑل اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬وﻧظﯾر اﻷول‬
‫ﺗﺳﻠﯾﻣﮫ ﺑﻌد اﻟﻘﺿﺎء وﻟو ذﻛر ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺗﺎرﯾﺧﺎ ﻓﮭو ﻟﻸول ﻣﻧﮭﻣﺎ" ﻷﻧﮫ أﺛﺑت اﻟﺷراء ﻓﻲ زﻣﺎن ﻻ ﯾﻧﺎزﻋﮫ ﻓﯾﮫ‬
‫أﺣد ﻓﺎﻧدﻓﻊ اﻵﺧر ﺑﮫ "وﻟو وﻗﺗت إﺣداھﻣﺎ وﻟم ﺗؤﻗت اﻷﺧرى ﻓﮭو ﻟﺻﺎﺣب اﻟوﻗت" ﻟﺛﺑوت ﻣﻠﻛﮫ ﻓﻲ ذﻟك اﻟوﻗت‬
‫واﺣﺗﻣل اﻵﺧر أن ﯾﻛون ﻗﺑﻠﮫ أو ﺑﻌده ﻓﻼ ﯾﻘﺿﻲ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺷك "وإن ﻟم ﯾذﻛرا ﺗﺎرﯾﺧﺎ وﻣﻊ أﺣدھﻣﺎ ﻗﺑض ﻓﮭو أوﻟﻰ"‬
‫وﻣﻌﻧﺎه أﻧﮫ ﻓﻲ ﯾده ﻷن ﺗﻣﻛﻧﮫ ﻣن ﻗﺑﺿﮫ ﯾدل ﻋﻠﻰ ﺳﺑق ﺷراﺋﮫ‪ ،‬وﻷﻧﮭﻣﺎ اﺳﺗوﯾﺎ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت ﻓﻼ ﺗﻧﻘض اﻟﯾد اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺷك‪ ،‬وﻛذا ﻟو ذﻛر اﻵﺧر وﻗﺗﺎ ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪ .‬إﻻ أن ﯾﺷﮭدوا أن ﺷراءه ﻛﺎن ﻗﺑل ﺷراء ﺻﺎﺣب اﻟﯾد ﻷن اﻟﺻرﯾﺢ‬
‫ﯾﻔوق اﻟدﻻﻟﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ادﻋﻰ أﺣدھﻣﺎ ﺷراء واﻵﺧر ھﺑﺔ وﻗﺑﺿﺎ" ﻣﻌﻧﺎه ﻣن واﺣد "وأﻗﺎﻣﺎ ﺑﯾﻧﺔ وﻻ ﺗﺎرﯾﺦ ﻣﻌﮭﻣﺎ ﻓﺎﻟﺷراء‬
‫أوﻟﻰ" ﻷن اﻟﺷراء أﻗوى ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﻌﺎوﺿﺔ ﻣن اﻟﺟﺎﻧﺑﯾن‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﯾﺛﺑت اﻟﻣﻠك ﺑﻧﻔﺳﮫ واﻟﻣﻠك ﻓﻲ اﻟﮭﺑﺔ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻘﺑض‪ ،‬وﻛذا اﻟﺷراء واﻟﺻدﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﻘﺑض ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‬
‫"واﻟﮭﺑﺔ واﻟﻘﺑض واﻟﺻدﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﻘﺑض ﺳواء ﺣﺗﻰ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ" ﻻﺳﺗواﺋﮭﻣﺎ ﻓﻲ وﺟﮫ اﻟﺗﺑرع‪ ،‬وﻻ ﺗرﺟﯾﺢ‬
‫ﺑﺎﻟﻠزوم ﻷﻧﮫ ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﻣﺂل واﻟﺗرﺟﯾﺢ ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻗﺎﺋم ﻓﻲ اﻟﺣﺎل‪ ،‬وھذا ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﻘﺳﻣﺔ ﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬وﻛذا ﻓﯾﻣﺎ‬
‫ﯾﺣﺗﻣﻠﮭﺎ ﻋﻧد اﻟﺑﻌض ﻷن اﻟﺷﯾوع طﺎرئ‪ .‬وﻋﻧد اﻟﺑﻌض ﻻ ﯾﺻﺢ ﻷﻧﮫ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﮭﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺷﺎﺋﻊ وﺻﺎر ﻛﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﺑﯾﻧﺗﯾن‬
‫ﻋﻠﻰ اﻻرﺗﮭﺎن وھذا أﺻﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ادﻋﻰ أﺣدھﻣﺎ اﻟﺷراء وادﻋت اﻣرأﺗﮫ أﻧﮫ ﺗزوﺟﮭﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﮭﻣﺎ ﺳواء" ﻻﺳﺗواﺋﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘوة ﻓﺈن ﻛل‬
‫واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻋﻘد ﻣﻌﺎوﺿﺔ ﯾﺛﺑت اﻟﻣﻠك ﺑﻧﻔﺳﮫ وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬اﻟﺷراء أوﻟﻰ وﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟزوج‬
‫اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻷﻧﮫ أﻣﻛن اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻟﺑﯾﻧﺗﯾن ﺑﺗﻘدﯾم اﻟﺷراء‪ ،‬إذ اﻟﺗزوج ﻋﻠﻰ ﻋﯾن ﻣﻣﻠوﻛﺔ ﻟﻠﻐﯾر ﺻﺣﯾﺢ وﺗﺟب ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻋﻧد‬
‫ﺗﻌذر ﺗﺳﻠﯾﻣﮫ "وإن ادﻋﻰ أﺣدھﻣﺎ رھﻧﺎ وﻗﺑﺿﺎ واﻵﺧر ھﺑﺔ وﻗﺑﺿﺎ وأﻗﺎﻣﺎ ﺑﯾﻧﺔ ﻓﺎﻟرھن أوﻟﻰ" وھذا اﺳﺗﺣﺳﺎن‪،‬‬
‫وﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎس اﻟﮭﺑﺔ أوﻟﻰ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺛﺑت اﻟﻣﻠك واﻟرھن ﻻ ﯾﺛﺑﺗﮫ‪ .‬وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أن‬

‫اﻟﻣﻘﺑوض ﺑﺣﻛم اﻟرھن ﻣﺿﻣون وﺑﺣﻛم اﻟﮭﺑﺔ ﻏﯾر ﻣﺿﻣون وﻋﻘد اﻟﺿﻣﺎن أﻗوى‪.‬‬ ‫ص ‪-169-‬‬
‫ﺑﺧﻼف اﻟﮭﺑﺔ ﺑﺷرط اﻟﻌوض ﻷﻧﮫ ﺑﯾﻊ اﻧﺗﮭﺎء واﻟﺑﯾﻊ أوﻟﻰ ﻣن اﻟرھن ﻷﻧﮫ ﻋﻘد ﺿﻣﺎن ﯾﺛﺑت اﻟﻣﻠك ﺻورة وﻣﻌﻧﻰ‪،‬‬
‫واﻟرھن ﻻ ﯾﺛﺑﺗﮫ إﻻ ﻋﻧد اﻟﮭﻼك ﻣﻌﻧﻰ ﻻ ﺻورة ﻓﻛذا اﻟﮭﺑﺔ ﺑﺷرط اﻟﻌوض "وإن أﻗﺎم اﻟﺧﺎرﺟﺎن اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣﻠك واﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻓﺻﺎﺣب اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻷﻗدم أوﻟﻰ" ﻷﻧﮫ أﺛﺑت أﻧﮫ أول اﻟﻣﺎﻟﻛﯾن ﻓﻼ ﯾﺗﻠﻘﻰ اﻟﻣﻠك إﻻ ﻣن ﺟﮭﺗﮫ وﻟم ﯾﺗﻠق‬
‫اﻵﺧر ﻣﻧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو ادﻋﯾﺎ اﻟﺷراء ﻣن واﺣد" ﻣﻌﻧﺎه ﻣن ﻏﯾر ﺻﺎﺣب اﻟﯾد "وأﻗﺎﻣﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﯾﺧﯾن ﻓﺎﻷول أوﻟﻰ" ﻟﻣﺎ‬
‫ﺑﯾﻧﺎ أﻧﮫ أﺛﺑﺗﮫ ﻓﻲ وﻗت ﻻ ﻣﻧﺎزع ﻟﮫ ﻓﯾﮫ "وإن أﻗﺎم ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺷراء ﻣن آﺧر وذﻛرا ﺗﺎرﯾﺧﺎ‬
‫ﻓﮭﻣﺎ ﺳواء" ﻷﻧﮭﻣﺎ ﯾﺛﺑﺗﺎن اﻟﻣﻠك ﻟﺑﺎﺋﻌﯾﮭﻣﺎ ﻓﯾﺻﯾر ﻛﺄﻧﮭﻣﺎ ﺣﺿرا ﺛم ﯾﺧﯾر ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻛﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻣن ﻗﺑل‬
‫"وﻟو وﻗﺗت إﺣدى اﻟﺑﯾﻧﺗﯾن وﻗﺗﺎ وﻟم ﺗؤﻗت اﻷﺧرى ﻗﺿﻰ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻧﺻﻔﯾن" ﻷن ﺗوﻗﯾت إﺣداھﻣﺎ ﻻ ﯾدل ﻋﻠﻰ ﺗﻘدم‬
‫اﻟﻣﻠك ﻟﺟواز أن ﯾﻛون اﻵﺧر أﻗدم‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺑﺎﺋﻊ واﺣدا ﻷﻧﮭﻣﺎ اﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﻠك ﻻ ﯾﺗﻠﻘﻰ إﻻ ﻣن‬
‫ﺟﮭﺗﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا أﺛﺑت أﺣدھﻣﺎ ﺗﺎرﯾﺧﺎ ﯾﺣﻛم ﺑﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﺗﺑﯾن أﻧﮫ ﺗﻘدم ﺷراء ﻏﯾره‪" .‬وﻟو ادﻋﻰ أﺣدھﻣﺎ اﻟﺷراء ﻣن رﺟل‬
‫واﻵﺧر اﻟﮭﺑﺔ واﻟﻘﺑض ﻣن ﻏﯾره واﻟﺛﺎﻟث اﻟﻣﯾراث ﻣن أﺑﯾﮫ واﻟراﺑﻊ اﻟﺻدﻗﺔ واﻟﻘﺑض ﻣن آﺧر ﻗﺿﻰ ﺑﯾﻧﮭم‬
‫أرﺑﺎﻋﺎ" ﻷﻧﮭم ﯾﺗﻠﻘون اﻟﻣﻠك ﻣن ﺑﺎﻋﺗﮭم ﻓﯾﺟﻌل ﻛﺄﻧﮭم ﺣﺿروا وأﻗﺎﻣوا اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻠك اﻟﻣطﻠق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن أﻗﺎم اﻟﺧﺎرج اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻠك ﻣؤرخ وﺻﺎﺣب اﻟﯾد ﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻠك أﻗدم ﺗﺎرﯾﺧﺎ ﻛﺎن أوﻟﻰ" وھذا ﻋﻧد‬
‫أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف وھو رواﯾﺔ ﻋن ﻣﺣﻣد‪ .‬وﻋﻧﮫ أﻧﮫ ﻻ ﺗﻘﺑل ﺑﯾﻧﺔ ذي اﻟﯾد رﺟﻊ إﻟﯾﮫ ﻷن اﻟﺑﯾﻧﺗﯾن ﻗﺎﻣﺗﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣطﻠق اﻟﻣﻠك وﻟم ﯾﺗﻌرﺿﺎ ﻟﺟﮭﺔ اﻟﻣﻠك ﻓﻛﺎن اﻟﺗﻘدم واﻟﺗﺄﺧر ﺳواء‪.‬‬
‫وﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻣﺗﺿﻣﻧﺔ ﻣﻌﻧﻰ اﻟدﻓﻊ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻣﻠك إذا ﺛﺑت ﻟﺷﺧص ﻓﻲ وﻗت ﻓﺛﺑوﺗﮫ ﻟﻐﯾره ﺑﻌده ﻻ ﯾﻛون‬
‫إﻻ ﺑﺎﻟﺗﻠﻘﻲ ﻣن ﺟﮭﺗﮫ وﺑﯾﻧﺔ ذي اﻟﯾد ﻋﻠﻰ اﻟدﻓﻊ ﻣﻘﺑوﻟﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف ﻟو ﻛﺎﻧت اﻟدار ﻓﻲ أﯾدﯾﮭﻣﺎ واﻟﻣﻌﻧﻰ ﻣﺎ‬
‫ﺑﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻟو أﻗﺎم اﻟﺧﺎرج وذو اﻟﯾد اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻠك ﻣطﻠق ووﻗﺗت إﺣداھﻣﺎ دون اﻷﺧرى ﻓﻌﻠﻰ ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد‬
‫اﻟﺧﺎرج أوﻟﻰ‪.‬‬
‫وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف وھو رواﯾﺔ ﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ :‬ﺻﺎﺣب اﻟوﻗت أوﻟﻰ ﻷﻧﮫ أﻗدم وﺻﺎر ﻛﻣﺎ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﺷراء إذا‬
‫أرﺧت إﺣداھﻣﺎ ﻛﺎن ﺻﺎﺣب اﻟﺗﺎرﯾﺦ أوﻟﻰ‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن ﺑﯾﻧﺔ ذي اﻟﯾد إﻧﻣﺎ ﺗﻘﺑل ﻟﺗﺿﻣﻧﮭﺎ ﻣﻌﻧﻰ اﻟدﻓﻊ‪ ،‬وﻻ دﻓﻊ ھﺎھﻧﺎ‬
‫ﺣﯾث وﻗﻊ اﻟﺷك ﻓﻲ اﻟﺗﻠﻘﻲ ﻣن ﺟﮭﺗﮫ‪،‬‬

‫وﻋﻠﻰ ھذا إذا ﻛﺎﻧت اﻟدار ﻓﻲ أﯾدﯾﮭﻣﺎ وﻟو ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﯾد ﺛﺎﻟث‪ ،‬اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺑﺣﺎﻟﮭﺎ ﻓﮭﻣﺎ ﺳواء‬ ‫ص ‪-170-‬‬
‫ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬اﻟذي وﻗت أوﻟﻰ‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬اﻟذي أطﻠق أوﻟﻰ ﻷﻧﮫ ادﻋﻰ أوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻠك ﺑدﻟﯾل‬
‫اﺳﺗﺣﻘﺎق اﻟزواﺋد ورﺟوع اﻟﺑﺎﻋﺔ ﺑﻌﺿﮭم ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻌض‪ .‬وﻷﺑﻲ ﯾوﺳف أن اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﯾوﺟب اﻟﻣﻠك ﻓﻲ ذﻟك اﻟوﻗت‬
‫ﺑﯾﻘﯾن‪ .‬واﻹطﻼق ﯾﺣﺗﻣل ﻏﯾر اﻷوﻟﯾﺔ‪ ،‬واﻟﺗرﺟﯾﺢ ﺑﺎﻟﺗﯾﻘن؛ ﻛﻣﺎ ﻟو ادﻋﯾﺎ اﻟﺷراء‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أن اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﯾﺿﺎﻣﮫ‬
‫اﺣﺗﻣﺎل ﻋدم اﻟﺗﻘدم ﻓﺳﻘط اﻋﺗﺑﺎره ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ ﻟو أﻗﺎﻣﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻠك ﻣطﻠق‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺷراء ﻷﻧﮫ أﻣر ﺣﺎدث‬
‫ﻓﯾﺿﺎف إﻟﻰ أﻗرب اﻷوﻗﺎت ﻓﯾﺗرﺟﺢ ﺟﺎﻧب ﺻﺎﺣب اﻟﺗﺎرﯾﺦ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن أﻗﺎم اﻟﺧﺎرج وﺻﺎﺣب اﻟﯾد ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺗﺎج ﻓﺻﺎﺣب اﻟﯾد أوﻟﻰ" ﻷن اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻗﺎﻣت‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻻ ﺗدل ﻋﻠﯾﮫ ﻓﺎﺳﺗوﯾﺎ‪ ،‬وﺗرﺟﺣت ﺑﯾﻧﺔ ذي اﻟﯾد ﺑﺎﻟﯾد ﻓﯾﻘﺿﻲ ﻟﮫ وھذا ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ ﻋﯾﺳﻰ‬
‫ﺑن أﺑﺎن إﻧﮫ ﺗﺗﮭﺎﺗر اﻟﺑﯾﻧﺗﺎن وﯾﺗرك ﻓﻲ ﯾده ﻻ ﻋﻠﻰ طرﯾق اﻟﻘﺿﺎء‪ ,‬وﻟو ﺗﻠﻘﻰ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ اﻟﻣﻠك ﻣن رﺟل أﻗﺎم‬
‫اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺗﺎج ﻋﻧده ﻓﮭو ﺑﻣﻧزﻟﺔ إﻗﺎﻣﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺗﺎج ﻓﻲ ﯾد ﻧﻔﺳﮫ "وﻟو أﻗﺎم أﺣدھﻣﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻠك واﻵﺧر‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺗﺎج ﻓﺻﺎﺣب اﻟﻧﺗﺎج أوﻟﻰ أﯾﮭﻣﺎ ﻛﺎن" ﻷن ﺑﯾﻧﺗﮫ ﻗﺎﻣت ﻋﻠﻰ أوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻠك ﻓﻼ ﯾﺛﺑت ﻟﻶﺧر إﻻ ﺑﺎﻟﺗﻠﻘﻲ ﻣن‬
‫ﺟﮭﺗﮫ‪ ،‬وﻛذﻟك إذا ﻛﺎﻧت اﻟدﻋوى ﺑﯾن ﺧﺎرﺟﯾن ﻓﺑﯾﻧﺔ اﻟﻧﺗﺎج أوﻟﻰ ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ "وﻟو ﻗﺿﻰ ﺑﺎﻟﻧﺗﺎج ﻟﺻﺎﺣب اﻟﯾد ﺛم‬
‫أﻗﺎم ﺛﺎﻟث اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺗﺎج ﯾﻘﺿﻲ ﻟﮫ إﻻ أن ﯾﻌﯾدھﺎ ذو اﻟﯾد" ﻷن اﻟﺛﺎﻟث ﻟم ﯾﺻر ﻣﻘﺿﯾﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺗﻠك اﻟﻘﺿﯾﺔ‪،‬‬
‫وﻛذا اﻟﻣﻘﺿﻲ ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻟﻣﻠك اﻟﻣطﻠق إذا أﻗﺎم اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺗﺎج ﺗﻘﺑل وﯾﻧﻘض اﻟﻘﺿﺎء ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻧص واﻷول‬
‫ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻻﺟﺗﮭﺎد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذﻟك اﻟﻧﺳﺞ ﻓﻲ اﻟﺛﯾﺎب اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻧﺳﺞ إﻻ ﻣرة" ﻛﻐزل اﻟﻘطن "وﻛذﻟك ﻛل ﺳﺑب ﻓﻲ اﻟﻣﻠك ﻻ ﯾﺗﻛرر" ﻷﻧﮫ‬
‫ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻧﺗﺎج ﻛﺣﻠب اﻟﻠﺑن واﺗﺧﺎذ اﻟﺟﺑن واﻟﻠﺑد واﻟﻣرﻋزى وﺟز اﻟﺻوف‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﯾﺗﻛرر ﻗﺿﻲ ﺑﮫ ﻟﻠﺧﺎرج‬
‫ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻣﻠك اﻟﻣطﻠق وھو ﻣﺛل اﻟﺧز واﻟﺑﻧﺎء واﻟﻐرس وزراﻋﺔ اﻟﺣﻧطﺔ واﻟﺣﺑوب‪ ،‬ﻓﺈن أﺷﻛل ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ أھل‬
‫اﻟﺧﺑرة ﻷﻧﮭم أﻋرف ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﺈن أﺷﻛل ﻋﻠﯾﮭم ﻗﺿﻲ ﺑﮫ ﻟﻠﺧﺎرج ﻷن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺑﯾﻧﺗﮫ ھو اﻷﺻل واﻟﻌدول ﻋﻧﮫ ﺑﺧﺑر‬
‫اﻟﻧﺗﺎج‪ ،‬ﻓﺈذا ﻟم ﯾﻌﻠم ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ اﻷﺻل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن أﻗﺎم اﻟﺧﺎرج اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻠك اﻟﻣطﻠق وﺻﺎﺣب اﻟﯾد اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺷراء ﻣﻧﮫ ﻛﺎن ﺻﺎﺣب اﻟﯾد أوﻟﻰ"‬
‫ﻷن اﻷول إن ﻛﺎن ﯾدﻋﻲ أوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻠك ﻓﮭذا ﺗﻠﻘﻰ ﻣﻧﮫ‪ ،‬وﻓﻲ ھذا ﻻ ﺗﻧﺎﻓﻲ ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا أﻗر ﺑﺎﻟﻣﻠك ﻟﮫ ﺛم ادﻋﻰ‬
‫اﻟﺷراء ﻣﻧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن أﻗﺎم ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺷراء ﻣن اﻵﺧر وﻻ ﺗﺎرﯾﺦ ﻣﻌﮭﻣﺎ‬ ‫ص ‪-171-‬‬
‫ﺗﮭﺎﺗرت اﻟﺑﯾﻧﺗﺎن وﺗﺗرك اﻟدار ﻓﻲ ﯾد ذي اﻟﯾد" ﻗﺎل‪ :‬وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف‪ .‬وﻋﻠﻰ ﻗول ﻣﺣﻣد ﯾﻘﺿﻲ‬
‫ﺑﺎﻟﺑﯾﻧﺗﯾن وﯾﻛون ﻟﻠﺧﺎرج ﻷن اﻟﻌﻣل ﺑﮭﻣﺎ ﻣﻣﻛن ﻓﯾﺟﻌل ﻛﺄﻧﮫ اﺷﺗرى ذو اﻟﯾد ﻣن اﻵﺧر وﻗﺑض ﺛم ﺑﺎع اﻟدار ﻷن‬
‫اﻟﻘﺑض دﻻﻟﺔ اﻟﺳﺑق ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ ،‬وﻻ ﯾﻌﻛس اﻷﻣر ﻷن اﻟﺑﯾﻊ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻻ ﯾﺟوز وإن ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺎر ﻋﻧده‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ‬
‫أن اﻹﻗدام ﻋﻠﻰ اﻟﺷراء إﻗرار ﻣﻧﮫ ﺑﺎﻟﻣﻠك ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ ﻓﺻﺎر ﻛﺄﻧﮭﻣﺎ ﻗﺎﻣﺗﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻗرارﯾن وﻓﯾﮫ اﻟﺗﮭﺎﺗر ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع‪ ،‬ﻛذا‬
‫ھﺎھﻧﺎ‪ ،‬وﻷن اﻟﺳﺑب ﯾراد ﻟﺣﻛﻣﮫ وھو اﻟﻣﻠك وﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﻘﺿﺎء ﻟذي اﻟﯾد إﻻ ﺑﻣﻠك ﻣﺳﺗﺣق ﻓﺑﻘﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﻟﮫ ﺑﻣﺟرد‬
‫اﻟﺳﺑب وأﻧﮫ ﻻ ﯾﻔﯾده‪ .‬ﺛم ﻟو ﺷﮭدت اﻟﺑﯾﻧﺗﺎن ﻋﻠﻰ ﻧﻘد اﻟﺛﻣن ﻓﺎﻷﻟف ﺑﺎﻷﻟف ﻗﺻﺎص ﻋﻧدھﻣﺎ إذا اﺳﺗوﯾﺎ ﻟوﺟود ﻗﺑض‬
‫ﻣﺿﻣون ﻣن ﻛل ﺟﺎﻧب‪ ،‬وإن ﻟم ﯾﺷﮭدوا ﻋﻠﻰ ﻧﻘد اﻟﺛﻣن ﻓﺎﻟﻘﺻﺎص ﻣذھب ﻣﺣﻣد ﻟﻠوﺟوب ﻋﻧده‪ .‬وﻟو ﺷﮭد اﻟﻔرﯾﻘﺎن‬
‫ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ واﻟﻘﺑض ﺗﮭﺎﺗرﺗﺎ ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع‪ ،‬ﻷن اﻟﺟﻣﻊ ﻏﯾر ﻣﻣﻛن ﻋﻧد ﻣﺣﻣد ﻟﺟواز ﻛل واﺣد ﻣن اﻟﺑﯾﻌﯾن ﺑﺧﻼف اﻷول‪.‬‬
‫وإن وﻗﺗت اﻟﺑﯾﻧﺗﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺎر وﻟم ﺗﺛﺑﺗﺎ ﻗﺑﺿﺎ ووﻗت اﻟﺧﺎرج أﺳﺑق ﯾﻘﺿﻰ ﻟﺻﺎﺣب اﻟﯾد ﻋﻧدھﻣﺎ ﻓﯾﺟﻌل ﻛﺄن‬
‫اﻟﺧﺎرج اﺷﺗرى أوﻻ ﺛم ﺑﺎع ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻣن ﺻﺎﺣب اﻟﯾد‪ ،‬وھو ﺟﺎﺋز ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺎر ﻋﻧدھﻣﺎ‪ .‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد ﯾﻘﺿﻲ‬
‫ﻟﻠﺧﺎرج ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺻﺢ ﻟﮫ ﺑﯾﻌﮫ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻓﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻛﮫ‪ ،‬وإن أﺛﺑﺗﺎ ﻗﺑﺿﺎ ﯾﻘﺿﻲ ﻟﺻﺎﺣب اﻟﯾد ﻷن اﻟﺑﯾﻌﯾن‬
‫ﺟﺎﺋزان ﻋﻠﻰ اﻟﻘوﻟﯾن‪ ،‬وإن ﻛﺎن وﻗت ﺻﺎﺣب اﻟﯾد أﺳﺑق ﯾﻘﺿﻰ ﻟﻠﺧﺎرج ﻓﻲ اﻟوﺟﮭﯾن ﻓﯾﺟﻌل ﻛﺄﻧﮫ اﺷﺗراھﺎ ذو اﻟﯾد‬
‫وﻗﺑض ﺛم ﺑﺎع وﻟم ﯾﺳﻠم أو ﺳﻠم ﺛم وﺻل إﻟﯾﮫ ﺑﺳﺑب آﺧر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن أﻗﺎم أﺣد اﻟﻣدﻋﯾﯾن ﺷﺎھدﯾن واﻵﺧر أرﺑﻌﺔ ﻓﮭﻣﺎ ﺳواء" ﻷن ﺷﮭﺎدة ﻛل اﻟﺷﺎھدﯾن ﻋﻠﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻧﻔراد‪ ،‬واﻟﺗرﺟﯾﺢ ﻻ ﯾﻘﻊ ﺑﻛﺛرة اﻟﻌﻠل ﺑل ﺑﻘوة ﻓﯾﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋرف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﻧت دار ﻓﻲ ﯾد رﺟل ادﻋﺎھﺎ اﺛﻧﺎن أﺣدھﻣﺎ ﺟﻣﯾﻌﮭﺎ واﻵﺧر ﻧﺻﻔﮭﺎ وأﻗﺎﻣﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻓﻠﺻﺎﺣب اﻟﺟﻣﯾﻊ‬
‫ﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎﻋﮭﺎ وﻟﺻﺎﺣب اﻟﻧﺻف رﺑﻌﮭﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ" اﻋﺗﺑﺎرا ﺑطرﯾق اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﺻﺎﺣب اﻟﻧﺻف ﻻ‬
‫ﯾﻧﺎزع اﻵﺧر ﻓﻲ اﻟﻧﺻف ﻓﺳﻠم ﻟﮫ ﺑﻼ ﻣﻧﺎزع واﺳﺗوت ﻣﻧﺎزﻋﺗﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﺻف اﻵﺧر ﻓﯾﻧﺻف ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ "وﻗﺎﻻ‪ :‬ھﻲ‬
‫ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ أﺛﻼﺛﺎ" ﻓﺎﻋﺗﺑرا طرﯾق اﻟﻌول واﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ‪ ،‬ﻓﺻﺎﺣب اﻟﺟﻣﯾﻊ ﯾﺿرب ﺑﻛل ﺣﻘﮫ ﺳﮭﻣﯾن وﺻﺎﺣب اﻟﻧﺻف‬
‫ﺑﺳﮭم واﺣد ﻓﺗﻘﺳم أﺛﻼﺛﺎ‪ ،‬وﻟﮭذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻧظﺎﺋر وأﺿداد ﻻ ﯾﺣﺗﻣﻠﮭﺎ ھذا اﻟﻣﺧﺗﺻر وﻗد ذﻛرﻧﺎ ﻓﻲ اﻟزﯾﺎدات‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو ﻛﺎﻧت ﻓﻲ أﯾدﯾﮭﻣﺎ ﺳﻠم ﻟﺻﺎﺣب اﻟﺟﻣﯾﻊ ﻧﺻﻔﮭﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﻘﺿﺎء وﻧﺻﻔﮭﺎ‬ ‫ص ‪-172-‬‬
‫ﻻ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﻘﺿﺎء" ﻷﻧﮫ ﺧﺎرج ﻓﻲ اﻟﻧﺻف ﻓﯾﻘﺿﻲ ﺑﺑﯾﻧﺗﮫ‪ ،‬واﻟﻧﺻف اﻟذي ﻓﻲ ﯾدﯾﮫ ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻻ ﯾدﻋﯾﮫ ﻷن‬
‫ﻣدﻋﺎه اﻟﻧﺻف وھو ﻓﻲ ﯾده ﺳﺎﻟم ﻟﮫ‪ ،‬وﻟو ﻟم ﯾﻧﺻرف إﻟﯾﮫ دﻋواه ﻛﺎن ظﺎﻟﻣﺎ ﺑﺈﻣﺳﺎﻛﮫ وﻻ ﻗﺿﺎء ﺑدون اﻟدﻋوى‬
‫ﻓﯾﺗرك ﻓﻲ ﯾده‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺗﻧﺎزﻋﺎ ﻓﻲ داﺑﺔ وأﻗﺎم ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺑﯾﻧﺔ أﻧﮭﺎ ﻧﺗﺟت ﻋﻧده‪ ،‬وذﻛرا ﺗﺎرﯾﺧﺎ وﺳن اﻟداﺑﺔ ﯾواﻓق أﺣد‬
‫اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾن ﻓﮭو أوﻟﻰ" ﻷن اﻟﺣﺎل ﯾﺷﮭد ﻟﮫ ﻓﯾﺗرﺟﺢ "وإن أﺷﻛل ذﻟك ﻛﺎﻧت ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ" ﻷﻧﮫ ﺳﻘط اﻟﺗوﻗﯾت ﻓﺻﺎر‬
‫ﻛﺄﻧﮭﻣﺎ ﻟم ﯾذﻛرا ﺗﺎرﯾﺧﺎ‪ .‬وإن ﺧﺎﻟف ﺳن اﻟداﺑﺔ اﻟوﻗﺗﯾن ﺑطﻠت اﻟﺑﯾﻧﺗﺎن‪ ،‬ﻛذا ذﻛره اﻟﺣﺎﻛم رﺣﻣﮫ ﷲ ﻷﻧﮫ ظﮭر ﻛذب‬
‫اﻟﻔرﯾﻘﯾن ﻓﯾﺗرك ﻓﻲ ﯾد ﻣن ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﯾده‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن ﻋﺑد ﻓﻲ ﯾد رﺟل أﻗﺎم رﺟﻼن ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺑﯾﻧﺔ أﺣدھﻣﺎ ﺑﻐﺻب واﻵﺧر ﺑودﯾﻌﺔ ﻓﮭو ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ"‬
‫ﻻﺳﺗواﺋﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ اﻟﺗﻧﺎزع ﺑﺎﻷﯾدي‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺗﻧﺎزﻋﺎ ﻓﻲ داﺑﺔ أﺣدھﻣﺎ راﻛﺑﮭﺎ واﻵﺧر ﻣﺗﻌﻠق ﺑﻠﺟﺎﻣﮭﺎ ﻓﺎﻟراﻛب أوﻟﻰ" ﻷن ﺗﺻرﻓﮫ أظﮭر ﻓﺈﻧﮫ‬
‫ﯾﺧﺗص ﺑﺎﻟﻣﻠك "وﻛذﻟك إذا ﻛﺎن أﺣدھﻣﺎ راﻛﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﺳرج واﻵﺧر ردﯾﻔﮫ ﻓﺎﻟراﻛب أوﻟﻰ" ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺎ‬
‫راﻛﺑﯾن ﺣﯾث ﺗﻛون ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻻﺳﺗواﺋﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﺻرف "وﻛذا إذا ﺗﻧﺎزﻋﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﯾر وﻋﻠﯾﮫ ﺣﻣل ﻷﺣدھﻣﺎ ﻓﺻﺎﺣب‬
‫اﻟﺣﻣل أوﻟﻰ" ﻷﻧﮫ ھو اﻟﻣﺗﺻرف "وﻛذا إذا ﺗﻧﺎزﻋﺎ ﻓﻲ ﻗﻣﯾص أﺣدھﻣﺎ ﻻﺑﺳﮫ واﻵﺧر ﻣﺗﻌﻠق ﺑﻛﻣﮫ ﻓﺎﻟﻼﺑس‬
‫أوﻟﻰ" ﻷﻧﮫ أظﮭرھﻣﺎ ﺗﺻرﻓﺎ "وﻟو ﺗﻧﺎزﻋﺎ ﻓﻲ ﺑﺳﺎط أﺣدھﻣﺎ ﺟﺎﻟس ﻋﻠﯾﮫ واﻵﺧر ﻣﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﻓﮭو ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ" ﻣﻌﻧﺎه‬
‫ﻻ ﻋﻠﻰ طرﯾق اﻟﻘﺿﺎء ﻷن اﻟﻘﻌود ﻟﯾس ﺑﯾد ﻋﻠﯾﮫ ﻓﺎﺳﺗوﯾﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن ﺛوب ﻓﻲ ﯾد رﺟل وطرف ﻣﻧﮫ ﻓﻲ ﯾد آﺧر ﻓﮭو ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻧﺻﻔﺎن" ﻷن اﻟزﯾﺎدة ﻣن ﺟﻧس اﻟﺣﺟﺔ ﻓﻼ‬
‫ﺗوﺟب زﯾﺎدة ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وإذا ﻛﺎن ﺻﺑﻲ ﻓﻲ ﯾد رﺟل وھو ﯾﻌﺑر ﻋن ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬أﻧﺎ ﺣر ﻓﺎﻟﻘول ﻗوﻟﮫ" ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﯾد ﻧﻔﺳﮫ "وﻟو ﻗﺎل‬
‫أﻧﺎ ﻋﺑد ﻟﻔﻼن ﻓﮭو ﻋﺑد ﻟﻠذي ھو ﻓﻲ ﯾده" ﻷﻧﮫ أﻗر ﺑﺄﻧﮫ ﻻ ﯾد ﻟﮫ ﺣﯾث أﻗر ﺑﺎﻟرق "وإن ﻛﺎن ﻻ ﯾﻌﺑر ﻋن ﻧﻔﺳﮫ‬
‫ﻓﮭو ﻋﺑد ﻟﻠذي ھو ﻓﻲ ﯾده" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾد ﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ ﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﻻ ﯾﻌﺑر ﻋﻧﮭﺎ وھو ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻣﺗﺎع‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا‬
‫ﻛﺎن ﯾﻌﺑر‪ ،‬ﻓﻠو ﻛﺑر وادﻋﻰ اﻟﺣرﯾﺔ ﻻ ﯾﻛون اﻟﻘول ﻗوﻟﮫ ﻷﻧﮫ ظﮭر اﻟرق ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ﺣﺎل ﺻﻐره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن اﻟﺣﺎﺋط ﻟرﺟل ﻋﻠﯾﮫ ﺟذوع أو ﻣﺗﺻل ﺑﺑﻧﺎﺋﮫ وﻵﺧر ﻋﻠﯾﮫ ھرادي ﻓﮭو‬

‫ﻟﺻﺎﺣب اﻟﺟذوع واﻻﺗﺻﺎل‪ ،‬واﻟﮭرادي ﻟﯾﺳت ﺑﺷﻲء" ﻷن ﺻﺎﺣب اﻟﺟذوع ﺻﺎﺣب‬ ‫ص ‪-173-‬‬
‫اﺳﺗﻌﻣﺎل واﻵﺧر ﺻﺎﺣب ﺗﻌﻠق ﻓﺻﺎر ﻛداﺑﺔ ﺗﻧﺎزﻋﺎ ﻓﯾﮭﺎ وﻷﺣدھﻣﺎ ﺣﻣل ﻋﻠﯾﮭﺎ وﻟﻶﺧر ﻛوز ﻣﻌﻠق ﺑﮭﺎ‪ ،‬واﻟﻣراد‬
‫ﺑﺎﻻﺗﺻﺎل ﻣداﺧﻠﺔ ﻟﺑن ﺟداره ﻓﯾﮫ وﻟﺑن ھذا ﻓﻲ ﺟداره وﻗد ﯾﺳﻣﻰ اﺗﺻﺎل ﺗرﺑﯾﻊ‪ ،‬وھذا ﺷﺎھد ظﺎھر ﻟﺻﺎﺣﺑﮫ ﻷن‬
‫ﺑﻌض ﺑﻧﺎﺋﮫ ﻋﻠﻰ ﺑﻌض ﺑﻧﺎء ھذا اﻟﺣﺎﺋط‪ .‬وﻗوﻟﮫ اﻟﮭرادي ﻟﯾﺳت ﺑﺷﻲء ﯾدل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻻ اﻋﺗﺑﺎر ﻟﻠﮭرادي أﺻﻼ‪،‬‬
‫وﻛذا اﻟﺑواري ﻷن اﻟﺣﺎﺋط ﻻ ﺗﺑﻧﻰ ﻟﮭﺎ أﺻﻼ ﺣﺗﻰ ﻟو ﺗﻧﺎزﻋﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺋط وﻷﺣدھﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ ھرادي وﻟﯾس ﻟﻶﺧر ﻋﻠﯾﮫ‬
‫ﺷﻲء ﻓﮭو ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ "وﻟو ﻛﺎن ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﺟذوع ﺛﻼﺛﺔ ﻓﮭو ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ" ﻻﺳﺗواﺋﮭﻣﺎ وﻻ ﻣﻌﺗﺑر ﺑﺎﻷﻛﺛر ﻣﻧﮭﺎ‬
‫ﺑﻌد اﻟﺛﻼﺛﺔ "وإن ﻛﺎن ﺟذوع أﺣدھﻣﺎ أﻗل ﻣن ﺛﻼﺛﺔ ﻓﮭو ﻟﺻﺎﺣب اﻟﺛﻼﺛﺔ وﻟﻶﺧر ﻣوﺿﻊ ﺟذﻋﮫ" ﻓﻲ رواﯾﺔ‪ ،‬وﻓﻲ‬
‫رواﯾﺔ ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣﺎ ﺗﺣت ﺧﺷﺑﺗﮫ‪ ،‬ﺛم ﻗﯾل ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﺧﺷب ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻗﯾل ﻋﻠﻰ ﻗدر ﺧﺷﺑﮭﻣﺎ‪ ،‬واﻟﻘﯾﺎس أن ﯾﻛون‬
‫ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻧﺻﻔﯾن ﻷﻧﮫ ﻻ ﻣﻌﺗﺑر ﺑﺎﻟﻛﺛرة ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺣﺟﺔ‪ .‬وﺟﮫ اﻟﺛﺎﻧﻲ أن اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﻣن ﻛل واﺣد ﺑﻘدر ﺧﺷﺑﺗﮫ‪ .‬ووﺟﮫ‬
‫اﻷول أن اﻟﺣﺎﺋط ﯾﺑﻧﻰ ﻟوﺿﻊ ﻛﺛﯾر اﻟﺟذوع دون اﻟواﺣد واﻟﻣﺛﻧﻰ ﻓﻛﺎن اﻟظﺎھر ﺷﺎھدا ﻟﺻﺎﺣب اﻟﻛﺛﯾر‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ‬
‫ﯾﺑﻘﻰ ﻟﮫ ﺣق اﻟوﺿﻊ ﻷن اﻟظﺎھر ﻟﯾس ﺑﺣﺟﺔ ﻓﻲ اﺳﺗﺣﻘﺎق ﯾده "وﻟو ﻛﺎن ﻷﺣدھﻣﺎ ﺟذوع وﻟﻶﺧر اﺗﺻﺎل ﻓﺎﻷول‬
‫أوﻟﻰ" وﯾروى اﻟﺛﺎﻧﻲ أوﻟﻰ‪ .‬وﺟﮫ اﻷول أن ﻟﺻﺎﺣب اﻟﺟذوع اﻟﺗﺻرف وﻟﺻﺎﺣب اﻻﺗﺻﺎل اﻟﯾد واﻟﺗﺻرف أﻗوى‪.‬‬
‫وﺟﮫ اﻟﺛﺎﻧﻲ أن اﻟﺣﺎﺋطﯾن ﺑﺎﻻﺗﺻﺎل ﯾﺻﯾران ﻛﺑﻧﺎء واﺣد ﻣن ﺿرورة اﻟﻘﺿﺎء ﻟﮫ ﺑﺑﻌﺿﮫ اﻟﻘﺿﺎء ﺑﻛﻠﮫ ﺛم ﯾﺑﻘﻰ‬
‫ﻟﻶﺧر ﺣق وﺿﻊ ﺟذوﻋﮫ ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ ،‬وھذه رواﯾﺔ اﻟطﺣﺎوي وﺻﺣﺣﮭﺎ اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﻧت دار ﻣﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﯾد رﺟل ﻋﺷرة أﺑﯾﺎت وﻓﻲ ﯾد آﺧر ﺑﯾت ﻓﺎﻟﺳﺎﺣﺔ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻧﺻﻔﺎن" ﻻﺳﺗواﺋﮭﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﮭﺎ وھو اﻟﻣرور ﻓﯾﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ادﻋﻰ رﺟﻼن أرﺿﺎ" ﯾﻌﻧﻲ ﯾدﻋﻲ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ "أﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﯾده ﻟم ﯾﻘض أﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﯾد واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ‬
‫ﺣﺗﻰ ﯾﻘﯾﻣﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ أﻧﮭﺎ ﻓﻲ أﯾدﯾﮭﻣﺎ" ﻷن اﻟﯾد ﻓﯾﮭﺎ ﻏﯾر ﻣﺷﺎھدة ﻟﺗﻌذر إﺣﺿﺎرھﺎ وﻣﺎ ﻏﺎب ﻋن ﻋﻠم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﺎﻟﺑﯾﻧﺔ‬
‫ﺗﺛﺑﺗﮫ "وإن أﻗﺎم أﺣدھﻣﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﺟﻌﻠت ﻓﻲ ﯾده" ﻟﻘﯾﺎم اﻟﺣﺟﺔ ﻷن اﻟﯾد ﺣق ﻣﻘﺻود "وإن أﻗﺎﻣﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ ﺟﻌﻠت ﻓﻲ‬
‫أﯾدﯾﮭﻣﺎ" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ ﻓﻼ ﯾﺳﺗﺣق ﻷﺣدھﻣﺎ ﻣن ﻏﯾر ﺣﺟﺔ "وإن ﻛﺎن أﺣدھﻣﺎ ﻗد ﻟﺑن ﻓﻲ اﻷرض أو ﺑﻧﻲ أو ﺣﻔر ﻓﮭﻲ‬
‫ﻓﻲ ﯾده" ﻟوﺟود اﻟﺗﺻرف واﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﻓﯾﮭﺎ‪.‬‬

‫ﺑﺎب دﻋوى اﻟﻧﺳب‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺑﺎع ﺟﺎرﯾﺔ ﻓﺟﺎءت ﺑوﻟد ﻓﺎدﻋﺎه اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﺈن ﺟﺎءت ﺑﮫ ﻷﻗل ﻣن ﺳﺗﺔ أﺷﮭر ﻣن‬

‫ﯾوم ﺑﺎع ﻓﮭو اﺑن اﻟﺑﺎﺋﻊ وأﻣﮫ أم وﻟد ﻟﮫ" وﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎس ھو ﻗول زﻓر واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮭﻣﺎ‬ ‫ص ‪-174-‬‬
‫ﷲ دﻋوﺗﮫ ﺑﺎطﻠﺔ" ﻷن اﻟﺑﯾﻊ اﻋﺗراف ﻣﻧﮫ ﺑﺄﻧﮫ ﻋﺑد ﻓﻛﺎن ﻓﻲ دﻋواه ﻣﻧﺎﻗﺿﺎ وﻻ ﻧﺳب ﺑدون اﻟدﻋوى‪ .‬وﺟﮫ‬
‫اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أن اﺗﺻﺎل اﻟﻌﻠوق ﺑﻣﻠﻛﮫ ﺷﮭﺎدة ظﺎھرة ﻋﻠﻰ ﻛوﻧﮫ ﻣﻧﮫ ﻷن اﻟظﺎھر ﻋدم اﻟزﻧﺎ‪ .‬وﻣﺑﻧﻰ اﻟﻧﺳب ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺧﻔﺎء ﻓﯾﻌﻔﻰ ﻓﯾﮫ اﻟﺗﻧﺎﻗض‪ ،‬وإذا ﺻﺣت اﻟدﻋوى اﺳﺗﻧدت إﻟﻰ وﻗت اﻟﻌﻠوق ﻓﺗﺑﯾن أﻧﮫ ﺑﺎع أم وﻟده ﻓﯾﻔﺳﺦ اﻟﺑﯾﻊ ﻷن‬
‫ﺑﯾﻊ أم اﻟوﻟد ﻻ ﯾﺟوز "وﯾرد اﻟﺛﻣن" ﻷﻧﮫ ﻗﺑﺿﮫ ﺑﻐﯾر ﺣق "وإن ادﻋﺎه اﻟﻣﺷﺗري ﻣﻊ دﻋوة اﻟﺑﺎﺋﻊ أو ﺑﻌده ﻓدﻋوة‬
‫اﻟﺑﺎﺋﻊ أوﻟﻰ" ﻷﻧﮭﺎ أﺳﺑق ﻻﺳﺗﻧﺎدھﺎ إﻟﻰ وﻗت اﻟﻌﻠوق وھذه دﻋوة اﺳﺗﯾﻼد "وإن ﺟﺎءت ﺑﮫ ﻷﻛﺛر ﻣن ﺳﻧﺗﯾن ﻣن‬
‫وﻗت اﻟﺑﯾﻊ ﻟم ﺗﺻﺢ دﻋوة اﻟﺑﺎﺋﻊ" ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾوﺟد اﺗﺻﺎل اﻟﻌﻠوق ﺑﻣﻠﻛﮫ ﺗﯾﻘﻧﺎ وھو اﻟﺷﺎھد واﻟﺣﺟﺔ "إﻻ إذا ﺻدﻗﮫ‬
‫اﻟﻣﺷﺗري" ﻓﯾﺛﺑت اﻟﻧﺳب وﯾﺣﻣل ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﯾﻼد ﺑﺎﻟﻧﻛﺎح‪ ،‬وﻻ ﯾﺑطل اﻟﺑﯾﻊ ﻷﻧﺎ ﺗﯾﻘﻧﺎ أن اﻟﻌﻠوق ﻟم ﯾﻛن ﻓﻲ ﻣﻠﻛﮫ ﻓﻼ‬
‫ﯾﺛﺑت ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻌﺗق وﻻ ﺣﻘﮫ‪ ،‬وھذه دﻋوة ﺗﺣرﯾر وﻏﯾر اﻟﻣﺎﻟك ﻟﯾس ﻣن أھﻠﮫ‪" .‬وإن ﺟﺎءت ﺑﮫ ﻷﻛﺛر ﻣن ﺳﺗﺔ‬
‫أﺷﮭر ﻣن وﻗت اﻟﺑﯾﻊ وﻷﻗل ﻣن ﺳﻧﺗﯾن ﻟم ﺗﻘﺑل دﻋوة اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻓﯾﮫ إﻻ أن ﯾﺻدﻗﮫ اﻟﻣﺷﺗري" ﻷﻧﮫ اﺣﺗﻣل أن ﻻ‬
‫ﯾﻛون اﻟﻌﻠوق ﻓﻲ ﻣﻠﻛﮫ ﻓﻠم ﺗوﺟد اﻟﺣﺟﺔ ﻓﻼ ﺑد ﻣن ﺗﺻدﯾﻘﮫ‪ ،‬وإذا ﺻدﻗﮫ ﯾﺛﺑت اﻟﻧﺳب وﯾﺑطل اﻟﺑﯾﻊ واﻟوﻟد ﺣر واﻷم‬
‫أم وﻟد ﻟﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﺗﺻﺎدﻗﮭﻣﺎ واﺣﺗﻣﺎل اﻟﻌﻠوق ﻓﻲ ﻣﻠﻛﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻣﺎت اﻟوﻟد ﻓﺎدﻋﺎه اﻟﺑﺎﺋﻊ وﻗد ﺟﺎءت ﺑﮫ ﻷﻗل ﻣن ﺳﺗﺔ أﺷﮭر ﻟم ﯾﺛﺑت اﻻﺳﺗﯾﻼد ﻓﻲ اﻷم" ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺎﺑﻌﺔ‬
‫ﻟﻠوﻟد وﻟم ﯾﺛﺑت ﻧﺳﺑﮫ ﺑﻌد اﻟﻣوت ﻟﻌدم ﺣﺎﺟﺗﮫ إﻟﻰ ذﻟك ﻓﻼ ﯾﺗﺑﻌﮫ اﺳﺗﯾﻼد اﻷم "وإن ﻣﺎﺗت اﻷم ﻓﺎدﻋﺎه اﻟﺑﺎﺋﻊ وﻗد‬
‫ﺟﺎءت ﺑﮫ ﻷﻗل ﻣن ﺳﺗﺔ أﺷﮭر ﯾﺛﺑت اﻟﻧﺳب ﻓﻲ اﻟوﻟد وأﺧذه اﻟﺑﺎﺋﻊ"؛ ﻷن اﻟوﻟد ھو اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﻧﺳب ﻓﻼ ﯾﺿره‬
‫ﻓوات اﻟﺗﺑﻊ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﻛﺎن اﻟوﻟد أﺻﻼ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺿﺎف إﻟﯾﮫ ﯾﻘﺎل أم اﻟوﻟد‪ ،‬وﺗﺳﺗﻔﯾد اﻟﺣرﯾﺔ ﻣن ﺟﮭﺗﮫ ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة‬
‫واﻟﺳﻼم‪" :‬أﻋﺗﻘﮭﺎ وﻟدھﺎ" واﻟﺛﺎﺑت ﻟﮭﺎ ﺣق اﻟﺣرﯾﺔ وﻟﮫ ﺣﻘﯾﻘﺗﮭﺎ‪ ،‬واﻷدﻧﻰ ﯾﺗﺑﻊ اﻷﻋﻠﻰ "وﯾرد اﻟﺛﻣن ﻛﻠﮫ ﻓﻲ ﻗول‬
‫أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾرد ﺣﺻﺔ اﻟوﻟد وﻻ ﯾرد ﺣﺻﺔ اﻷم" ﻷﻧﮫ ﺗﺑﯾن أﻧﮫ ﺑﺎع أم وﻟده‪ ،‬وﻣﺎﻟﯾﺗﮭﺎ ﻏﯾر ﻣﺗﻘوﻣﺔ ﻋﻧده ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﻘد واﻟﻐﺻب ﻓﻼ ﯾﺿﻣﻧﮭﺎ اﻟﻣﺷﺗري‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﻣﺗﻘوﻣﺔ ﻓﯾﺿﻣﻧﮭﺎ‪.‬‬
‫وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬وإذا ﺣﻣﻠت اﻟﺟﺎرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻠك رﺟل ﻓﺑﺎﻋﮭﺎ ﻓوﻟدت ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﺷﺗري ﻓﺎدﻋﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ اﻟوﻟد وﻗد‬
‫أﻋﺗق اﻟﻣﺷﺗري اﻷم ﻓﮭو اﺑﻧﮫ ﯾرد ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺣﺻﺗﮫ ﻣن اﻟﺛﻣن‪ .‬وﻟو ﻛﺎن اﻟﻣﺷﺗري إﻧﻣﺎ أﻋﺗق اﻟوﻟد ﻓدﻋواه ﺑﺎطﻠﺔ‪.‬‬
‫ووﺟﮫ اﻟﻔرق أن اﻷﺻل ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺎب اﻟوﻟد‪ ،‬واﻷم ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻷول ﻗﺎم اﻟﻣﺎﻧﻊ ﻣن اﻟدﻋوة‬
‫واﻻﺳﺗﯾﻼد وھو اﻟﻌﺗق ﻓﻲ اﻟﺗﺑﻊ وھو اﻷم ﻓﻼ ﯾﻣﺗﻧﻊ ﺛﺑوﺗﮫ ﻓﻲ اﻷﺻل وھو اﻟوﻟد‪ ،‬وﻟﯾس ﻣن ﺿروراﺗﮫ‪ .‬ﻛﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫وﻟد‬

‫اﻟﻣﻐرور ﻓﺈﻧﮫ ﺣر وأﻣﮫ أﻣﺔ ﻟﻣوﻻھﺎ‪ ،‬وﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗوﻟدة ﺑﺎﻟﻧﻛﺎح‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‬ ‫ص ‪-175-‬‬
‫ﻗﺎم اﻟﻣﺎﻧﻊ ﺑﺎﻷﺻل وھو اﻟوﻟد ﻓﯾﻣﺗﻧﻊ ﺛﺑوﺗﮫ ﻓﯾﮫ وﻓﻲ اﻟﺗﺑﻊ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﻛﺎن اﻹﻋﺗﺎق ﻣﺎﻧﻌﺎ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﻧﻘض ﻛﺣق‬
‫اﺳﺗﻠﺣﺎق اﻟﻧﺳب وﺣق اﻻﺳﺗﯾﻼد ﻓﺎﺳﺗوﯾﺎ ﻣن ھذا اﻟوﺟﮫ‪ ،‬ﺛم اﻟﺛﺎﺑت ﻣن اﻟﻣﺷﺗري ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻹﻋﺗﺎق واﻟﺛﺎﺑت ﻓﻲ اﻷم‬
‫ﺣق اﻟﺣرﯾﺔ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟوﻟد ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ ﺣق اﻟدﻋوة واﻟﺣق ﻻ ﯾﻌﺎرض اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‪ ،‬واﻟﺗدﺑﯾر ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻹﻋﺗﺎق ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺣﺗﻣل‬
‫اﻟﻧﻘض وﻗد ﺛﺑت ﺑﮫ ﺑﻌض آﺛﺎر اﻟﺣرﯾﺔ‪ .‬وﻗوﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻷول ﯾرد ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺣﺻﺗﮫ ﻣن اﻟﺛﻣن ﻗوﻟﮭﻣﺎ وﻋﻧده ﯾرد‬
‫ﺑﻛل اﻟﺛﻣن ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻛﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻓﻲ ﻓﺻل اﻟﻣوت‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﻋﺑدا وﻟد ﻋﻧده وﺑﺎﻋﮫ اﻟﻣﺷﺗري ﻣن آﺧر ﺛم ادﻋﺎه اﻟﺑﺎﺋﻊ اﻷول ﻓﮭو اﺑﻧﮫ وﯾﺑطل اﻟﺑﯾﻊ" ﻷن‬
‫اﻟﺑﯾﻊ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﻧﻘض‪ ،‬وﻣﺎ ﻟﮫ ﻣن ﺣق اﻟدﻋوة ﻻ ﯾﺣﺗﻣﻠﮫ ﻓﯾﻧﻘض اﻟﺑﯾﻊ ﻷﺟﻠﮫ‪ ،‬وﻛذا إذا ﻛﺎﺗب اﻟوﻟد أو رھﻧﮫ أو أﺟره‬
‫أو ﻛﺎﺗب اﻷم أو رھﻧﮭﺎ أو زوﺟﮭﺎ ﺛم ﻛﺎﻧت اﻟدﻋوة ﻷن ھذه اﻟﻌوارض ﺗﺣﺗﻣل اﻟﻧﻘض ﻓﯾﻧﻘض ذﻟك ﻛﻠﮫ وﺗﺻﺢ‬
‫اﻟدﻋوة‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻹﻋﺗﺎق واﻟﺗدﺑﯾر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ ،‬وﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ادﻋﺎه اﻟﻣﺷﺗري أوﻻ ﺛم ادﻋﺎه اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺣﯾث ﻻ ﯾﺛﺑت‬
‫اﻟﻧﺳب ﻣن اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻷن اﻟﻧﺳب اﻟﺛﺎﺑت ﻣن اﻟﻣﺷﺗري ﻻ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﻧﻘض ﻓﺻﺎر ﻛﺈﻋﺗﺎﻗﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ادﻋﻰ ﻧﺳب أﺣد اﻟﺗوأﻣﯾن ﺛﺑت ﻧﺳﺑﮭﻣﺎ ﻣﻧﮫ" ﻷﻧﮭﻣﺎ ﻣن ﻣﺎء واﺣد‪ ،‬ﻓﻣن ﺿرورة ﺛﺑوت ﻧﺳب أﺣدھﻣﺎ‬
‫ﺛﺑوت ﻧﺳب اﻵﺧر‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﺗوأﻣﯾن وﻟدان ﺑﯾن وﻻدﺗﮭﻣﺎ أﻗل ﻣن ﺳﺗﺔ أﺷﮭر ﻓﻼ ﯾﺗﺻور ﻋﻠوق اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺣﺎدﺛﺎ‬
‫ﻷﻧﮫ ﻻ ﺣﺑل ﻷﻗل ﻣن ﺳﺗﺔ أﺷﮭر‪.‬‬
‫وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬إذا ﻛﺎن ﻓﻲ ﯾده ﻏﻼﻣﺎن ﺗوأﻣﺎن وﻟدا ﻋﻧده ﻓﺑﺎع أﺣدھﻣﺎ وأﻋﺗﻘﮫ اﻟﻣﺷﺗري ﺛم ادﻋﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ‬
‫اﻟذي ﻓﻲ ﯾده ﻓﮭﻣﺎ اﺑﻧﺎه وﺑطل ﻋﺗق اﻟﻣﺷﺗري؛ ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﺛﺑت ﻧﺳب اﻟوﻟد اﻟذي ﻋﻧده ﻟﻣﺻﺎدﻓﺔ اﻟﻌﻠوق واﻟدﻋوة ﻣﻠﻛﮫ‬
‫إذ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣﻔروﺿﺔ ﻓﯾﮫ ﺛﺑت ﺑﮫ ﺣرﯾﺔ اﻷﺻل ﻓﯾﮫ ﻓﯾﺛﺑت ﻧﺳب اﻵﺧر‪ ،‬وﺣرﯾﺔ اﻷﺻل ﻓﯾﮫ ﺿرورة ﻷﻧﮭﻣﺎ‬
‫ﺗوأﻣﺎن‪ ،‬ﻓﺗﺑﯾن أن ﻋﺗق اﻟﻣﺷﺗري وﺷراءه ﻻﻗﻰ ﺣرﯾﺔ اﻷﺻل ﻓﺑطل‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟوﻟد واﺣدا ﻷن ھﻧﺎك‬
‫ﯾﺑطل اﻟﻌﺗق ﻓﯾﮫ ﻣﻘﺻودا ﻟﺣق دﻋوة اﻟﺑﺎﺋﻊ وھﻧﺎ ﺛﺑت ﺗﺑﻌﺎ ﻟﺣرﯾﺗﮫ ﻓﯾﮫ ﺣرﯾﺔ اﻷﺻل ﻓﺎﻓﺗرﻗﺎ "وﻟو ﻟم ﯾﻛن أﺻل‬
‫اﻟﻌﻠوق ﻓﻲ ﻣﻠﻛﮫ ﺛﺑت ﻧﺳب اﻟوﻟد اﻟذي ﻋﻧده‪ ،‬وﻻ ﯾﻧﻘض اﻟﺑﯾﻊ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﺎع" ﻷن ھذه دﻋوة ﺗﺣرﯾر ﻻﻧﻌدام ﺷﺎھد‬
‫اﻻﺗﺻﺎل ﻓﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻣﺣل وﻻﯾﺗﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻛﺎن اﻟﺻﺑﻲ ﻓﻲ ﯾد رﺟل ﻓﻘﺎل‪ :‬ھو اﺑن ﻋﺑدي ﻓﻼن اﻟﻐﺎﺋب ﺛم ﻗﺎل‪ :‬ھو اﺑﻧﻲ ﻟم ﯾﻛن اﺑﻧﮫ أﺑدا وإن‬
‫ﺟﺣد اﻟﻌﺑد أن ﯾﻛون اﺑﻧﮫ" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ "وﻗﺎﻻ‪ :‬إذا ﺟﺣد اﻟﻌﺑد ﻓﮭو اﺑن اﻟﻣوﻟﻰ" وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف إذا‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ھو اﺑن ﻓﻼن وﻟد ﻋﻠﻰ ﻓراﺷﮫ ﺛم ادﻋﺎه ﻟﻧﻔﺳﮫ‪.‬‬

‫ﻟﮭﻣﺎ أن اﻹﻗرار ارﺗد ﺑرد اﻟﻌﺑد ﻓﺻﺎر ﻛﺄن ﻟم ﯾﻛن اﻹﻗرار‪ ،‬واﻹﻗرار ﺑﺎﻟﻧﺳب ﯾرﺗد‬ ‫ص ‪-176-‬‬
‫ﺑﺎﻟرد وإن ﻛﺎن ﻻ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﻧﻘض؛ أﻻ ﯾرى أﻧﮫ ﯾﻌﻣل ﻓﯾﮫ اﻹﻛراه واﻟﮭزل ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا أﻗر اﻟﻣﺷﺗري ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ‬
‫ﺑﺈﻋﺗﺎق اﻟﻣﺷﺗرى ﻓﻛذﺑﮫ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺛم ﻗﺎل أﻧﺎ أﻋﺗﻘﺗﮫ ﯾﺗﺣول اﻟوﻻء إﻟﯾﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺻدﻗﮫ ﻷﻧﮫ ﯾدﻋﻲ ﺑﻌد ذﻟك ﻧﺳﺑﺎ‬
‫ﺛﺎﺑﺗﺎ ﻣن اﻟﻐﯾر‪ ،‬وﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﺻدﻗﮫ وﻟم ﯾﻛذﺑﮫ ﻷﻧﮫ ﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﺣق اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر ﺗﺻدﯾﻘﮫ ﻓﯾﺻﯾر ﻛوﻟد‬
‫اﻟﻣﻼﻋﻧﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺛﺑت ﻧﺳﺑﮫ ﻣن ﻏﯾر اﻟﻣﻼﻋن؛ ﻷن ﻟﮫ أن ﯾﻛذب ﻧﻔﺳﮫ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أن اﻟﻧﺳب ﻣﻣﺎ ﻻ ﯾﺣﺗﻣل‬
‫اﻟﻧﻘض ﺑﻌد ﺛﺑوﺗﮫ واﻹﻗرار ﺑﻣﺛﻠﮫ ﻻ ﯾرﺗد ﺑﺎﻟرد ﻓﺑﻘﻲ ﻓﺗﻣﺗﻧﻊ دﻋوﺗﮫ‪ ،‬ﻛﻣن ﺷﮭد ﻋﻠﻰ رﺟل ﺑﻧﺳب ﺻﻐﯾر ﻓردت‬
‫ﺷﮭﺎدﺗﮫ ﻟﺗﮭﻣﺔ ﺛم ادﻋﺎه ﻟﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬وھذا ﻷﻧﮫ ﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﺣق اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر ﺗﺻدﯾﻘﮫ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﺻدﻗﮫ ﺑﻌد اﻟﺗﻛذﯾب‬
‫ﯾﺛﺑت اﻟﻧﺳب ﻣﻧﮫ‪ ،‬وﻛذا ﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﺣق اﻟوﻟد ﻓﻼ ﯾرﺗد ﺑرد اﻟﻣﻘر ﻟﮫ‪ .‬وﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟوﻻء ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف‪ ،‬وﻟو ﺳﻠم‬
‫ﻓﺎﻟوﻻء ﻗد ﯾﺑطل ﺑﺎﻋﺗراض اﻷﻗوى ﻛﺟر اﻟوﻻء ﻣن ﺟﺎﻧب اﻷم إﻟﻰ ﻗوم اﻷب‪ .‬وﻗد اﻋﺗرض ﻋﻠﻰ اﻟوﻻء اﻟﻣوﻗوف‬
‫ﻣﺎ ھو أﻗوى وھو دﻋوى اﻟﻣﺷﺗري ﻓﯾﺑطل ﺑﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻧﺳب ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ .‬وھذا ﯾﺻﻠﺢ ﻣﺧرﺟﺎ ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮫ ﻓﯾﻣن‬
‫ﯾﺑﯾﻊ اﻟوﻟد وﯾﺧﺎف ﻋﻠﯾﮫ اﻟدﻋوة ﺑﻌد ذﻟك ﻓﯾﻘطﻊ دﻋواه إﻗراره ﺑﺎﻟﻧﺳب ﻟﻐﯾره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن اﻟﺻﺑﻲ ﻓﻲ ﯾد ﻣﺳﻠم وﻧﺻراﻧﻲ ﻓﻘﺎل اﻟﻧﺻراﻧﻲ‪ :‬ھو اﺑﻧﻲ وﻗﺎل اﻟﻣﺳﻠم ھو ﻋﺑدي ﻓﮭو اﺑن‬
‫اﻟﻧﺻراﻧﻲ وھو ﺣر" ﻷن اﻹﺳﻼم ﻣرﺟﺢ ﻓﯾﺳﺗدﻋﻲ ﺗﻌﺎرﺿﺎ‪ ،‬وﻻ ﺗﻌﺎرض ﻷن ﻧظر اﻟﺻﺑﻲ ﻓﻲ ھذا أوﻓر ﻷﻧﮫ‬
‫ﯾﻧﺎل ﺷرف اﻟﺣرﯾﺔ ﺣﺎﻻ وﺷرف اﻹﺳﻼم ﻣﺂﻻ‪ ،‬إذ دﻻﺋل اﻟوﺣداﻧﯾﺔ ظﺎھرة‪ ،‬وﻓﻲ ﻋﻛﺳﮫ اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻹﺳﻼم ﺗﺑﻌﺎ‬
‫وﺣرﻣﺎﻧﮫ ﻋن اﻟﺣرﯾﺔ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﻓﻲ وﺳﻌﮫ اﻛﺗﺳﺎﺑﮭﺎ "وﻟو ﻛﺎﻧت دﻋوﺗﮭﻣﺎ دﻋوة اﻟﺑﻧوة ﻓﺎﻟﻣﺳﻠم أوﻟﻰ" ﺗرﺟﯾﺣﺎ‬
‫ﻟﻺﺳﻼم وھو أوﻓر اﻟﻧظرﯾن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ادﻋت اﻣرأة ﺻﺑﯾﺎ أﻧﮫ اﺑﻧﮭﺎ ﻟم ﺗﺟز دﻋواھﺎ ﺣﺗﻰ ﺗﺷﮭد اﻣرأة ﻋﻠﻰ اﻟوﻻدة" وﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ أن ﺗﻛون‬
‫اﻟﻣرأة ذات زوج ﻷﻧﮭﺎ ﺗدﻋﻲ ﺗﺣﻣﯾل اﻟﻧﺳب ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر ﻓﻼ ﺗﺻدق إﻻ ﺑﺣﺟﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟرﺟل ﻷﻧﮫ ﯾﺣﻣل ﻧﻔﺳﮫ‬
‫اﻟﻧﺳب‪ ،‬ﺛم ﺷﮭﺎدة اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻓﯾﮭﺎ ﻷن اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﻌﯾﯾن اﻟوﻟد‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻧﺳب ﻓﯾﺛﺑت ﺑﺎﻟﻔراش اﻟﻘﺎﺋم‪ ،‬وﻗد ﺻﺢ أن اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻗﺑل ﺷﮭﺎدة اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟوﻻدة "وﻟو‬
‫ﻛﺎﻧت ﻣﻌﺗدة ﻓﻼ ﺑد ﻣن ﺣﺟﺔ ﺗﺎﻣﺔ" ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻗد ﻣر ﻓﻲ اﻟطﻼق‪ ،‬وإن ﻟم ﺗﻛن ﻣﻧﻛوﺣﺔ وﻻ ﻣﻌﺗدة ﻗﺎﻟوا‪:‬‬
‫ﯾﺛﺑت اﻟﻧﺳب ﻣﻧﮭﺎ ﺑﻘوﻟﮭﺎ ﻷن ﻓﯾﮫ إﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮭﺎ دون ﻏﯾرھﺎ‪" .‬وإن ﻛﺎن ﻟﮭﺎ زوج وزﻋﻣت أﻧﮫ اﺑﻧﮭﻣﺎ ﻣﻧﮫ‬
‫وﺻدﻗﮭﺎ ﻓﮭو اﺑﻧﮭﻣﺎ وإن ﻟم ﺗﺷﮭد اﻣرأة" ﻷﻧﮫ اﻟﺗزم ﻧﺳﺑﮫ ﻓﺄﻏﻧﻰ ذﻟك ﻋن اﻟﺣﺟﺔ‪" .‬وإن ﻛﺎن اﻟﺻﺑﻲ ﻓﻲ أﯾدﯾﮭﻣﺎ‬
‫وزﻋم‬

‫اﻟزوج أﻧﮫ اﺑﻧﮫ ﻣن ﻏﯾرھﺎ وزﻋﻣت أﻧﮫ اﺑﻧﮭﺎ ﻣن ﻏﯾره ﻓﮭو اﺑﻧﮭﻣﺎ" ﻷن اﻟظﺎھر أن‬ ‫ص ‪-177-‬‬
‫اﻟوﻟد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻟﻘﯾﺎم أﯾدﯾﮭﻣﺎ أو ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻔراش ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬ﺛم ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﯾرﯾد إﺑطﺎل ﺣق ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻓﻼ ﯾﺻدق ﻋﻠﯾﮫ‪،‬‬
‫وھو ﻧظﯾر ﺛوب ﻓﻲ ﯾد رﺟﻠﯾن ﯾﻘول ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ھو ﺑﯾﻧﻲ وﺑﯾن رﺟل آﺧر ﻏﯾر ﺻﺎﺣﺑﮫ ﯾﻛون اﻟﺛوب ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‬
‫إﻻ أن ھﻧﺎك ﯾدﺧل اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ﻓﻲ ﻧﺻﯾب اﻟﻣﻘر ﻷن اﻟﻣﺣل ﯾﺣﺗﻣل اﻟﺷرﻛﺔ‪ ،‬وھﺎھﻧﺎ ﻻ ﯾدﺧل ﻷن اﻟﻧﺳب ﻻ ﯾﺣﺗﻣﻠﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺷﺗرى ﺟﺎرﯾﺔ ﻓوﻟدت وﻟدا ﻋﻧده ﻓﺎﺳﺗﺣﻘﮭﺎ رﺟل ﻏرم اﻷب ﻗﯾﻣﺔ اﻟوﻟد ﯾوم ﯾﺧﺎﺻم" ﻷﻧﮫ وﻟد‬
‫اﻟﻣﻐرور ﻓﺈن اﻟﻣﻐرور ﻣن ﯾطﺄ اﻣرأة ﻣﻌﺗﻣدا ﻋﻠﻰ ﻣﻠك ﯾﻣﯾن أو ﻧﻛﺎح ﻓﺗﻠد ﻣﻧﮫ ﺛم ﺗﺳﺗﺣق‪ ،‬ووﻟد اﻟﻣﻐرور ﺣر‬
‫ﺑﺎﻟﻘﯾﻣﺔ ﺑﺈﺟﻣﺎع اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭم‪ ،‬وﻷن اﻟﻧظر ﻣن اﻟﺟﺎﻧﺑﯾن واﺟب ﻓﯾﺟﻌل اﻟوﻟد ﺣر اﻷﺻل ﻓﻲ ﺣق أﺑﯾﮫ‬
‫رﻗﯾﻘﺎ ﻓﻲ ﺣق ﻣدﻋﯾﮫ ﻧظرا ﻟﮭﻣﺎ‪ ،‬ﺛم اﻟوﻟد ﺣﺎﺻل ﻓﻲ ﯾده ﻣن ﻏﯾر ﺻﻧﻌﮫ ﻓﻼ ﯾﺿﻣﻧﮫ إﻻ ﺑﺎﻟﻣﻧﻊ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ وﻟد‬
‫اﻟﻣﻐﺻوﺑﺔ‪ ،‬ﻓﻠﮭذا ﺗﻌﺗﺑر ﻗﯾﻣﺔ اﻟوﻟد ﯾوم اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻷﻧﮫ ﯾوم اﻟﻣﻧﻊ‪.‬‬
‫"وﻟو ﻣﺎت اﻟوﻟد ﻻ ﺷﻲء ﻋﻠﻰ اﻷب" ﻻﻧﻌدام اﻟﻣﻧﻊ‪ ،‬وﻛذا ﻟو ﺗرك ﻣﺎﻻ ﻷن اﻹرث ﻟﯾس ﺑﺑدل ﻋﻧﮫ‪ ،‬واﻟﻣﺎل ﻷﺑﯾﮫ‬
‫ﻷﻧﮫ ﺣر اﻷﺻل ﻓﻲ ﺣﻘﮫ ﻓﯾرﺛﮫ "وﻟو ﻗﺗﻠﮫ اﻷب ﯾﻐرم ﻗﯾﻣﺗﮫ" ﻟوﺟود اﻟﻣﻧﻊ وﻛذا ﻟو ﻗﺗﻠﮫ ﻏﯾره ﻓﺄﺧذ دﯾﺗﮫ‪ ،‬ﻷن‬
‫ﺳﻼﻣﺔ ﺑدﻟﮫ ﻟﮫ ﻛﺳﻼﻣﺗﮫ‪ ،‬وﻣﻧﻊ ﺑدﻟﮫ ﻛﻣﻧﻌﮫ ﻓﯾﻐرم ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺣﯾﺎ "وﯾرﺟﻊ ﺑﻘﯾﻣﺔ اﻟوﻟد ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺋﻌﮫ" ﻷﻧﮫ‬
‫ﺿﻣن ﻟﮫ ﺳﻼﻣﺗﮫ ﻛﻣﺎ ﯾرﺟﻊ ﺑﺛﻣﻧﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻌﻘر ﻷﻧﮫ ﻟزﻣﮫ ﻻﺳﺗﯾﻔﺎء ﻣﻧﺎﻓﻌﮭﺎ ﻓﻼ ﯾرﺟﻊ ﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‬
‫ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻹﻗرار‬ ‫ص ‪-178-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أﻗر اﻟﺣر اﻟﺑﺎﻟﻎ اﻟﻌﺎﻗل ﺑﺣق ﻟزﻣﮫ إﻗراره ﻣﺟﮭوﻻ ﻛﺎن ﻣﺎ أﻗر ﺑﮫ أو ﻣﻌﻠوﻣﺎ"‪.‬‬
‫اﻋﻠم أن اﻹﻗرار إﺧﺑﺎر ﻋن ﺛﺑوت اﻟﺣق‪ ،‬وأﻧﮫ ﻣﻠزم ﻟوﻗوﻋﮫ دﻻﻟﺔ؛ أﻻ ﺗرى ﻛﯾف أﻟزم رﺳول ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫وﺳﻠم ﻣﺎﻋزا رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ اﻟرﺟم ﺑﺈﻗراره وﺗﻠك اﻟﻣرأة ﺑﺎﻋﺗراﻓﮭﺎ‪ .‬وھو ﺣﺟﺔ ﻗﺎﺻرة ﻟﻘﺻور وﻻﯾﺔ اﻟﻣﻘر ﻋن‬
‫ﻏﯾره ﻓﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﯾﮫ‪ .‬وﺷرط اﻟﺣرﯾﺔ ﻟﯾﺻﺢ إﻗراره ﻣطﻠﻘﺎ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻌﺑد اﻟﻣﺄذون ﻟﮫ وإن ﻛﺎن ﻣﻠﺣﻘﺎ ﺑﺎﻟﺣر ﻓﻲ ﺣق‬
‫اﻹﻗرار‪ ،‬ﻟﻛن اﻟﻣﺣﺟور ﻋﻠﯾﮫ ﻻ ﯾﺻﺢ إﻗراره ﺑﺎﻟﻣﺎل وﯾﺻﺢ ﺑﺎﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص ﻷن إﻗراره ﻋﮭد ﻣوﺟﺑﺎ ﻟﺗﻌﻠق‬
‫اﻟدﯾن ﺑرﻗﺑﺗﮫ وھﻲ ﻣﺎل اﻟﻣوﻟﻰ ﻓﻼ ﯾﺻدق ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﺄذون ﻷﻧﮫ ﻣﺳﻠط ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﺟﮭﺗﮫ‪ ،‬وﺑﺧﻼف اﻟﺣد واﻟدم‬
‫ﻷﻧﮫ ﻣﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ أﺻل اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ ذﻟك‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺻﺢ إﻗرار اﻟﻣوﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺑد ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻻ ﺑد ﻣن اﻟﺑﻠوغ واﻟﻌﻘل ﻷن‬
‫إﻗرار اﻟﺻﺑﻲ واﻟﻣﺟﻧون ﻏﯾر ﻻزم ﻻﻧﻌدام أھﻠﯾﺔ اﻻﻟﺗزام‪ ،‬إﻻ إذا ﻛﺎن اﻟﺻﺑﻲ ﻣﺄذوﻧﺎ ﻟﮫ ﻷﻧﮫ ﻣﻠﺣق ﺑﺎﻟﺑﺎﻟﻎ ﺑﺣﻛم‬
‫اﻹذن‪ ،‬وﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﻣﻘر ﺑﮫ ﻻ ﺗﻣﻧﻊ ﺻﺣﺔ اﻹﻗرار؛ ﻷن اﻟﺣق ﻗد ﯾﻠزم ﻣﺟﮭوﻻ ﺑﺄن أﺗﻠف ﻣﺎﻻ ﻻ ﯾدري ﻗﯾﻣﺗﮫ أو‬
‫ﯾﺟرح ﺟراﺣﺔ ﻻ ﯾﻌﻠم أرﺷﮭﺎ أو ﺗﺑﻘﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻗﯾﺔ ﺣﺳﺎب ﻻ ﯾﺣﯾط ﺑﮫ ﻋﻠﻣﮫ‪ ،‬واﻹﻗرار إﺧﺑﺎر ﻋن ﺛﺑوت اﻟﺣق‬
‫ﻓﯾﺻﺢ ﺑﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ﻷن اﻟﻣﺟﮭول ﻻ ﯾﺻﻠﺢ ﻣﺳﺗﺣﻘﺎ‪" ،‬وﯾﻘﺎل ﻟﮫ‪ :‬ﺑﯾن اﻟﻣﺟﮭول" ﻷن اﻟﺗﺟﮭﯾل‬
‫ﻣن ﺟﮭﺗﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا أﻋﺗق أﺣد ﻋﺑدﯾﮫ "ﻓﺈن ﻟم ﯾﺑﯾن أﺟﺑره اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﯾﺎن" ﻷﻧﮫ ﻟزﻣﮫ اﻟﺧروج ﻋﻣﺎ‬
‫ﻟزﻣﮫ ﺑﺻﺣﯾﺢ إﻗراره وذﻟك ﺑﺎﻟﺑﯾﺎن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻗﺎل‪ :‬ﻟﻔﻼن ﻋﻠﻲ ﺷﻲء ﻟزﻣﮫ أن ﯾﺑﯾن ﻣﺎ ﻟﮫ ﻗﯾﻣﺔ ﻷﻧﮫ أﺧﺑر ﻋن اﻟوﺟوب ﻓﻲ ذﻣﺗﮫ‪ ،‬وﻣﺎ ﻻ ﻗﯾﻣﺔ ﻟﮫ ﻻ‬
‫ﯾﺟب ﻓﯾﮭﺎ"‪ ،‬ﻓﺈذا ﺑﯾن ﻏﯾر ذﻟك ﯾﻛون رﺟوﻋﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﻘول ﻗوﻟﮫ ﻣﻊ ﯾﻣﯾﻧﮫ إن ادﻋﻰ اﻟﻣﻘر ﻟﮫ أﻛﺛر ﻣن ذﻟك" ﻷﻧﮫ ھو اﻟﻣﻧﻛر ﻓﯾﮫ "وﻛذا إذا ﻗﺎل ﻟﻔﻼن ﻋﻠﻲ‬
‫ﺣق" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻛذا ﻟو ﻗﺎل‪ :‬ﻏﺻﺑت ﻣﻧﮫ ﺷﯾﺋﺎ وﯾﺟب أن ﯾﺑﯾن ﻣﺎ ھو ﻣﺎل ﯾﺟري ﻓﯾﮫ اﻟﺗﻣﺎﻧﻊ ﺗﻌوﯾﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎدة‪.‬‬
‫"وﻟو ﻗﺎل‪ :‬ﻟﻔﻼن ﻋﻠﻲ ﻣﺎل ﻓﺎﻟﻣرﺟﻊ إﻟﯾﮫ ﻓﻲ ﺑﯾﺎﻧﮫ ﻷﻧﮫ اﻟﻣﺟﻣل وﯾﻘﺑل ﻗوﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﯾل واﻟﻛﺛﯾر" ﻷن ﻛل ذﻟك‬
‫ﻣﺎل ﻓﺈﻧﮫ اﺳم ﻟﻣﺎ ﯾﺗﻣول ﺑﮫ "إﻻ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺻدق ﻓﻲ أﻗل ﻣن درھم" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻌد ﻣﺎﻻ ﻋرﻓﺎ "وﻟو ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎل ﻋظﯾم ﻟم‬
‫ﯾﺻدق ﻓﻲ أﻗل ﻣن‬

‫ﻣﺎﺋﺗﻲ درھم" ﻷﻧﮫ أﻗر ﺑﻣﺎل ﻣوﺻوف ﻓﻼ ﯾﺟوز إﻟﻐﺎء اﻟوﺻف واﻟﻧﺻﺎب ﻋظﯾم ﺣﺗﻰ‬ ‫ص ‪-179-‬‬
‫اﻋﺗﺑر ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻏﻧﯾﺎ ﺑﮫ‪ ،‬واﻟﻐﻧﻲ ﻋظﯾم ﻋﻧد اﻟﻧﺎس‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺻدق ﻓﻲ أﻗل ﻣن ﻋﺷرة دراھم وھﻲ‬
‫ﻧﺻﺎب اﻟﺳرﻗﺔ ﻷﻧﮫ ﻋظﯾم ﺣﯾث ﺗﻘطﻊ ﺑﮫ اﻟﯾد اﻟﻣﺣﺗرﻣﺔ‪ ،‬وﻋﻧﮫ ﻣﺛل ﺟواب اﻟﻛﺗﺎب‪ ،‬وھذا إذا ﻗﺎل ﻣن اﻟدراھم‪.‬‬
‫أﻣﺎ إذا ﻗﺎل ﻣن اﻟدﻧﺎﻧﯾر ﻓﺎﻟﺗﻘدﯾر ﻓﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟﻌﺷرﯾن‪ ،‬وﻓﻲ اﻹﺑل ﺑﺧﻣس وﻋﺷرﯾن ﻷﻧﮫ أدﻧﻰ ﻧﺻﺎب ﯾﺟب ﻓﯾﮫ ﻣن ﺟﻧﺳﮫ‬
‫وﻓﻲ ﻏﯾر ﻣﺎل اﻟزﻛﺎة ﺑﻘﯾﻣﺔ اﻟﻧﺻﺎب "وﻟو ﻗﺎل‪ :‬أﻣوال ﻋظﺎم ﻓﺎﻟﺗﻘدﯾر ﺑﺛﻼﺛﺔ ﻧﺻب ﻣن أي ﻓن ﺳﻣﺎه" اﻋﺗﺑﺎرا‬
‫ﻷدﻧﻰ اﻟﺟﻣﻊ "وﻟو ﻗﺎل‪ :‬دراھم ﻛﺛﯾرة ﻟم ﯾﺻدق ﻓﻲ أﻗل ﻣن ﻋﺷرة" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ "وﻋﻧدھﻣﺎ ﻟم ﯾﺻدق‬
‫ﻓﻲ أﻗل ﻣن ﻣﺎﺋﺗﯾن" ﻷن ﺻﺎﺣب اﻟﻧﺻﺎب ﻣﻛﺛر ﺣﺗﻰ وﺟب ﻋﻠﯾﮫ ﻣواﺳﺎة ﻏﯾره‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ دوﻧﮫ‪ .‬وﻟﮫ أن اﻟﻌﺷرة‬
‫أﻗﺻﻰ ﻣﺎ ﯾﻧﺗﮭﻲ إﻟﯾﮫ اﺳم اﻟﺟﻣﻊ‪ ،‬ﯾﻘﺎل ﻋﺷرة دراھم ﺛم ﯾﻘﺎل أﺣد ﻋﺷر درھﻣﺎ ﻓﯾﻛون ھو اﻷﻛﺛر ﻣن ﺣﯾث اﻟﻠﻔظ‬
‫ﻓﯾﻧﺻرف إﻟﯾﮫ "وﻟو ﻗﺎل دراھم ﻓﮭﻲ ﺛﻼﺛﺔ" ﻷﻧﮭﺎ أﻗل اﻟﺟﻣﻊ اﻟﺻﺣﯾﺢ "إﻻ أن ﯾﺑﯾن أﻛﺛر ﻣﻧﮭﺎ" ﻷن اﻟﻠﻔظ ﯾﺣﺗﻣﻠﮫ‬
‫وﯾﻧﺻرف إﻟﻰ اﻟوزن اﻟﻣﻌﺗﺎد "وﻟو ﻗﺎل‪ :‬ﻛذا ﻛذا درھﻣﺎ ﻟم ﯾﺻدق ﻓﻲ أﻗل ﻣن أﺣد ﻋﺷر درھﻣﺎ" ﻷﻧﮫ ذﻛر‬
‫ﻋددﯾن ﻣﺑﮭﻣﯾن ﻟﯾس ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﺣرف اﻟﻌطف وأﻗل ذﻟك ﻣن اﻟﻣﻔﺳر أﺣد ﻋﺷر "وﻟو ﻗﺎل‪ :‬ﻛذا وﻛذا درھﻣﺎ ﻟم ﯾﺻدق‬
‫ﻓﻲ أﻗل ﻣن أﺣد وﻋﺷرﯾن" ﻷﻧﮫ ذﻛر ﻋددﯾن ﻣﺑﮭﻣﯾن ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﺣرف اﻟﻌطف‪ ،‬وأﻗل ذﻟك ﻣن اﻟﻣﻔﺳر أﺣد وﻋﺷرون‬
‫ﻓﯾﺣﻣل ﻛل وﺟﮫ ﻋﻠﻰ ﻧظﯾره " وﻟو ﻗﺎل ﻛذا درھﻣﺎ ﻓﮭو درھم" ﻷﻧﮫ ﺗﻔﺳﯾر ﻟﻠﻣﺑﮭم "وﻟو ﺛﻠث ﻛذا ﺑﻐﯾر واو ﻓﺄﺣد‬
‫ﻋﺷر" ﻷﻧﮫ ﻻ ﻧظﯾر ﻟﮫ ﺳواه "وإن ﺛﻠث ﺑﺎﻟواو ﻓﻣﺎﺋﺔ وأﺣد وﻋﺷرون‪ ،‬وإن رﺑﻊ ﯾزاد ﻋﻠﯾﮭﺎ أﻟف" ﻷن ذﻟك‬
‫ﻧظﯾره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻗﺎل‪ :‬ﻟﮫ ﻋﻠﻲ أو ﻗﺑﻠﻲ ﻓﻘد أﻗر ﺑﺎﻟدﯾن" ﻷن " ﻋﻠﻲ " ﺻﯾﻐﺔ إﯾﺟﺎب‪ ،‬وﻗﺑﻠﻲ ﯾﻧﺑﺊ ﻋن اﻟﺿﻣﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ‬
‫ﻣر ﻓﻲ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪" .‬وﻟو ﻗﺎل اﻟﻣﻘر ھو ودﯾﻌﺔ ووﺻل ﺻدق" ﻷن اﻟﻠﻔظ ﯾﺣﺗﻣﻠﮫ ﻣﺟﺎزا ﺣﯾث ﯾﻛون اﻟﻣﺿﻣون ﻋﻠﯾﮫ‬
‫ﺣﻔظﮫ واﻟﻣﺎل ﻣﺣﻠﮫ ﻓﯾﺻدق ﻣوﺻوﻻ ﻻ ﻣﻔﺻوﻻ‪.‬‬
‫ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻧﮫ‪ :‬وﻓﻲ ﻧﺳﺦ اﻟﻣﺧﺗﺻر ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ ﻗﺑﻠﻲ إﻧﮫ إﻗرار ﺑﺎﻷﻣﺎﻧﺔ ﻷن اﻟﻠﻔظ ﯾﻧﺗظﻣﮭﻣﺎ ﺣﺗﻰ ﺻﺎر‬
‫ﻗوﻟﮫ‪ :‬ﻻ ﺣق ﻟﻲ ﻗﺑل ﻓﻼن إﺑراء ﻋن اﻟدﯾن واﻷﻣﺎﻧﺔ ﺟﻣﯾﻌﺎ‪ ،‬واﻷﻣﺎﻧﺔ أﻗﻠﮭﻣﺎ واﻷول أﺻﺢ‪" .‬وﻟو ﻗﺎل ﻋﻧدي أو‬
‫ﻣﻌﻲ أو ﻓﻲ ﺑﯾﺗﻲ أو ﻓﻲ ﻛﯾﺳﻲ أو ﻓﻲ ﺻﻧدوﻗﻲ ﻓﮭو إﻗرار ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﯾده" ﻷن ﻛل ذﻟك إﻗرار ﺑﻛون اﻟﺷﻲء ﻓﻲ‬
‫ﯾده وذﻟك ﯾﺗﻧوع إﻟﻰ ﻣﺿﻣون وأﻣﺎﻧﺔ ﻓﯾﺛﺑت وأﻗﻠﮭﺎ وھو اﻷﻣﺎﻧﺔ‪" .‬وﻟو ﻗﺎل ﻟﮫ رﺟل‪ :‬ﻟﻲ ﻋﻠﯾك أﻟف ﻓﻘﺎل اﺗزﻧﮭﺎ أو‬
‫اﻧﺗﻘدھﺎ أو أﺟﻠﻧﻲ ﺑﮭﺎ أو ﻗد ﻗﺿﯾﺗﻛﮭﺎ ﻓﮭو إﻗرار" ﻷن اﻟﮭﺎء ﻓﻲ اﻷول واﻟﺛﺎﻧﻲ ﻛﻧﺎﯾﺔ ﻋن اﻟﻣذﻛور ﻓﻲ اﻟدﻋوى‪،‬‬
‫ﻓﻛﺄﻧﮫ ﻗﺎل‪ :‬اﺗزن اﻷﻟف اﻟﺗﻲ ﻟك ﻋﻠﻲ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﻟم ﯾذﻛر ﺣرف اﻟﻛﻧﺎﯾﺔ ﻻ ﯾﻛون‬

‫إﻗرارا ﻟﻌدم اﻧﺻراﻓﮫ إﻟﻰ اﻟﻣذﻛور‪ ،‬واﻟﺗﺄﺟﯾل إﻧﻣﺎ ﯾﻛون ﻓﻲ ﺣق واﺟب‪ ،‬واﻟﻘﺿﺎء ﯾﺗﻠو‬ ‫ص ‪-180-‬‬
‫اﻟوﺟوب ودﻋوى اﻹﺑراء ﻛﺎﻟﻘﺿﺎء ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻛذا دﻋوى اﻟﺻدﻗﺔ واﻟﮭﺑﺔ ﻷن اﻟﺗﻣﻠﯾك ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟوﺟوب‪،‬‬
‫وﻛذا ﻟو ﻗﺎل أﺣﻠﺗك ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻼن ﻷﻧﮫ ﺗﺣوﯾل اﻟدﯾن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻗر ﺑدﯾن ﻣؤﺟل ﻓﺻدﻗﮫ اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟدﯾن وﻛذﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﺄﺟﯾل ﻟزﻣﮫ اﻟدﯾن ﺣﺎﻻ" ﻷﻧﮫ أﻗر ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ‬
‫ﺑﻣﺎل وادﻋﻰ ﺣﻘﺎ ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﯾﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا أﻗر ﺑﻌﺑد ﻓﻲ ﯾده وادﻋﻰ اﻹﺟﺎرة‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻹﻗرار ﺑﺎﻟدراھم اﻟﺳود ﻷﻧﮫ‬
‫ﺻﻔﺔ ﻓﯾﮫ وﻗد ﻣرت اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺳﺗﺣﻠف اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻷﺟل" ﻷﻧﮫ ﻣﻧﻛر ﺣﻘﺎ ﻋﻠﯾﮫ واﻟﯾﻣﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻛر‪" .‬وإن ﻗﺎل‪ :‬ﻟﮫ ﻋﻠﻲ ﻣﺎﺋﺔ‬
‫ودرھم ﻟزﻣﮫ ﻛﻠﮭﺎ دراھم‪ .‬وﻟو ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎﺋﺔ وﺛوب ﻟزﻣﮫ ﺛوب واﺣد‪ ،‬واﻟﻣرﺟﻊ ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣﺎﺋﺔ إﻟﯾﮫ" وھو اﻟﻘﯾﺎس‬
‫ﻓﻲ اﻷول‪ ،‬وﺑﮫ ﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﻷن اﻟﻣﺎﺋﺔ ﻣﺑﮭﻣﺔ واﻟدرھم ﻣﻌطوف ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟواو اﻟﻌﺎطﻔﺔ ﻻ ﺗﻔﺳﯾرا ﻟﮭﺎ ﻓﺑﻘﯾت اﻟﻣﺎﺋﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ إﺑﮭﺎﻣﮭﺎ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪.‬‬
‫وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن وھو اﻟﻔرق أﻧﮭم اﺳﺗﺛﻘﻠوا ﺗﻛرار اﻟدرھم ﻓﻲ ﻛل ﻋدد واﻛﺗﻔوا ﺑذﻛره ﻋﻘﯾب اﻟﻌددﯾن‪ .‬وھذا ﻓﯾﻣﺎ‬
‫ﯾﻛﺛر اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﮫ وذﻟك ﻋﻧد ﻛﺛرة اﻟوﺟوب ﺑﻛﺛرة أﺳﺑﺎﺑﮫ وذﻟك ﻓﻲ اﻟدراھم واﻟدﻧﺎﻧﯾر واﻟﻣﻛﯾل واﻟﻣوزون‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺛﯾﺎب‬
‫وﻣﺎ ﻻ ﯾﻛﺎل وﻻ ﯾوزن ﻓﻼ ﯾﻛﺛر وﺟوﺑﮭﺎ ﻓﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‪" .‬وﻛذا إذا ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎﺋﺔ وﺛوﺑﺎن" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ "ﺑﺧﻼف ﻣﺎ‬
‫إذا ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎﺋﺔ وﺛﻼﺛﺔ أﺛواب" ﻷﻧﮫ ذﻛر ﻋددﯾن ﻣﺑﮭﻣﯾن وأﻋﻘﺑﮭﺎ ﺗﻔﺳﯾرا إذ اﻷﺛواب ﻟم ﺗذﻛر ﺑﺣرف اﻟﻌطف‬
‫ﻓﺎﻧﺻرف إﻟﯾﮭﻣﺎ ﻻﺳﺗواﺋﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﻔﺳﯾر ﻓﻛﺎﻧت ﻛﻠﮭﺎ ﺛﯾﺎﺑﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻗر ﺑﺗﻣر ﻓﻲ ﻗوﺻرة ﻟزﻣﮫ اﻟﺗﻣر واﻟﻘوﺻرة" وﻓﺳره ﻓﻲ اﻷﺻل ﺑﻘوﻟﮫ‪ :‬ﻏﺻﺑت ﺗﻣرا ﻓﻲ ﻗوﺻرة‪.‬‬
‫ووﺟﮭﮫ أن اﻟﻘوﺻرة وﻋﺎء ﻟﮫ وظرف ﻟﮫ‪ ،‬وﻏﺻب اﻟﺷﻲء وھو ﻣظروف ﻻ ﯾﺗﺣﻘق ﺑدون اﻟظرف ﻓﯾﻠزﻣﺎﻧﮫ وﻛذا‬
‫اﻟطﻌﺎم ﻓﻲ اﻟﺳﻔﯾﻧﺔ واﻟﺣﻧطﺔ ﻓﻲ اﻟﺟواﻟق‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺎل‪ :‬ﻏﺻﺑت ﺗﻣرا ﻣن ﻗوﺻرة ﻷن ﻛﻠﻣﺔ ﻣن ﻟﻼﻧﺗزاع‬
‫ﻓﯾﻛون اﻹﻗرار ﺑﻐﺻب اﻟﻣﻧزوع‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻗر ﺑداﺑﺔ ﻓﻲ إﺻطﺑل ﻟزﻣﮫ اﻟداﺑﺔ ﺧﺎﺻﺔ" ﻷن اﻹﺻطﺑل ﻏﯾر ﻣﺿﻣون ﺑﺎﻟﻐﺻب ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‬
‫وأﺑﻲ ﯾوﺳف وﻋﻠﻰ ﻗﯾﺎس ﻗول ﻣﺣﻣد ﯾﺿﻣﻧﮭﻣﺎ وﻣﺛﻠﮫ اﻟطﻌﺎم ﻓﻲ اﻟﺑﯾت‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻗر ﻟﻐﯾره ﺑﺧﺎﺗم ﻟزﻣﮫ اﻟﺣﻠﻘﺔ واﻟﻔص" ﻷن اﺳم اﻟﺧﺎﺗم ﯾﺷﻣل اﻟﻛل‪" .‬وﻣن أﻗر ﻟﮫ ﺑﺳﯾف ﻓﻠﮫ اﻟﻧﺻل‬
‫واﻟﺟﻔن واﻟﺣﻣﺎﺋل" ﻷن اﻻﺳم ﯾﻧطوي ﻋﻠﻰ اﻟﻛل‪" .‬وﻣن أﻗر ﺑﺣﺟﻠﺔ ﻓﻠﮫ اﻟﻌﯾدان واﻟﻛﺳوة" ﻻﻧطﻼق اﻻﺳم ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻛل ﻋرﻓﺎ‪" .‬وإن ﻗﺎل ﻏﺻﺑت ﺛوﺑﺎ ﻓﻲ ﻣﻧدﯾل ﻟزﻣﺎه‬

‫ﺟﻣﯾﻌﺎ" ﻷﻧﮫ ظرف ﻷن اﻟﺛوب ﯾﻠف ﻓﯾﮫ‪" .‬وﻛذا ﻟو ﻗﺎل ﻋﻠﻲ ﺛوب ﻓﻲ ﺛوب" ﻷﻧﮫ‬ ‫ص ‪-181-‬‬
‫ظرف‪ .‬ﺑﺧﻼف ﻗوﻟﮫ‪ :‬درھم ﻓﻲ درھم ﺣﯾث ﯾﻠزﻣﮫ واﺣد ﻷﻧﮫ ﺿرب ﻻ ظرف "وإن ﻗﺎل‪ :‬ﺛوب ﻓﻲ ﻋﺷرة أﺛواب‬
‫ﻟم ﯾﻠزﻣﮫ إﻻ ﺛوب واﺣد ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬ﻟزﻣﮫ أﺣد ﻋﺷر ﺛوﺑﺎ" ﻷن اﻟﻧﻔﯾس ﻣن اﻟﺛﯾﺎب ﻗد ﯾﻠف ﻓﻲ‬
‫ﻋﺷرة أﺛواب ﻓﺄﻣﻛن ﺣﻣﻠﮫ ﻋﻠﻰ اﻟظرف‪ .‬وﻷﺑﻲ ﯾوﺳف أن ﺣرف " ﻓﻲ " ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﺑﯾن واﻟوﺳط أﯾﺿﺎ‪ ،‬ﻗﺎل‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ:‬ﺎد}ْ ﺧ ُ ﻠِﻲ ﻓِﻲ ﻋ ِ ﺑ َﺎد ِي{ ]اﻟﻔﺟر‪ [29:‬أي ﺑﯾن ﻋﺑﺎدي‪ ،‬ﻓوﻗﻊ اﻟﺷك واﻷﺻل ﺑراءة اﻟذﻣم‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﻛل‬
‫ﻓ‬ ‫ﷲ‬
‫ﺛوب ﻣوﻋﻰ وﻟﯾس ﺑوﻋﺎء ﻓﺗﻌذر ﺣﻣﻠﮫ ﻋﻠﻰ اﻟظرف ﻓﺗﻌﯾن اﻷول ﻣﺣﻣﻼ‪.‬‬
‫"وﻟو ﻗﺎل‪ :‬ﻟﻔﻼن ﻋﻠﻲ ﺧﻣﺳﺔ ﻓﻲ ﺧﻣﺳﺔ ﯾرﯾد اﻟﺿرب واﻟﺣﺳﺎب ﻟزﻣﮫ ﺧﻣﺳﺔ" ﻷن اﻟﺿرب ﻻ ﯾﻛﺛر اﻟﻣﺎل‪.‬‬
‫وﻗﺎل اﻟﺣﺳن‪ :‬ﯾﻠزﻣﮫ ﺧﻣﺳﺔ وﻋﺷرون وﻗد ذﻛرﻧﺎه ﻓﻲ اﻟطﻼق "وﻟو ﻗﺎل أردت ﺧﻣﺳﺔ ﻣﻊ ﺧﻣﺳﺔ ﻟزﻣﮫ ﻋﺷرة"‬
‫ﻷن اﻟﻠﻔظ ﯾﺣﺗﻣﻠﮫ‪" .‬وﻟو ﻗﺎل ﻟﮫ ﻋﻠﻲ ﻣن درھم إﻟﻰ ﻋﺷرة أو ﻗﺎل ﻣﺎ ﺑﯾن درھم إﻟﻰ ﻋﺷرة ﻟزﻣﮫ ﺗﺳﻌﺔ ﻋﻧد أﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻓﯾﻠزﻣﮫ اﻻﺑﺗداء وﻣﺎ ﺑﻌده وﺗﺳﻘط اﻟﻐﺎﯾﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﻠزﻣﮫ اﻟﻌﺷرة ﻛﻠﮭﺎ" ﻓﺗدﺧل اﻟﻐﺎﯾﺗﺎن‪ .‬وﻗﺎل زﻓر‪ :‬ﯾﻠزﻣﮫ‬
‫ﺛﻣﺎﻧﯾﺔ وﻻ ﺗدﺧل اﻟﻐﺎﯾﺗﺎن‪" .‬وﻟو ﻗﺎل ﻟﮫ ﻣن داري ﻣﺎ ﺑﯾن ھذا اﻟﺣﺎﺋط إﻟﻰ ھذا اﻟﺣﺎﺋط ﻓﻠﮫ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ وﻟﯾس ﻟﮫ ﻣن‬
‫اﻟﺣﺎﺋطﯾن ﺷﻲء" وﻗد ﻣرت اﻟدﻻﺋل ﻓﻲ اﻟطﻼق‪.‬‬
‫ﻓﺻل‪" :‬وﻣن ﻗﺎل‪ :‬ﻟﺣﻣل ﻓﻼﻧﺔ ﻋﻠﻲ أﻟف درھم‪ ،‬ﻓﺈن ﻗﺎل أوﺻﻰ ﻟﮫ ﻓﻼن أو ﻣﺎت أﺑوه‬
‫ﻓورﺛﮫ ﻓﺎﻹﻗرار ﺻﺣﯾﺢ"‬
‫ﻷﻧﮫ أﻗر ﺑﺳﺑب ﺻﺎﻟﺢ ﻟﺛﺑوت اﻟﻣﻠك ﻟﮫ "ﺛم إذا ﺟﺎءت ﺑﮫ ﻓﻲ ﻣدة ﯾﻌﻠم أﻧﮫ ﻛﺎن ﻗﺎﺋﻣﺎ وﻗت اﻹﻗرار ﻟزﻣﮫ‪ ،‬ﻓﺈن‬
‫ﺟﺎءت ﺑﮫ ﻣﯾﺗﺎ ﻓﺎﻟﻣﺎل ﻟﻠﻣوﺻﻲ واﻟﻣورث ﺣﺗﻰ ﯾﻘﺳم ﺑﯾن ورﺛﺗﮫ" ﻷﻧﮫ إﻗرار ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟﮭﻣﺎ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﻧﺗﻘل إﻟﻰ‬
‫اﻟﺟﻧﯾن ﺑﻌد اﻟوﻻدة وﻟم ﯾﻧﺗﻘل "وﻟو ﺟﺎءت ﺑوﻟدﯾن ﺣﯾﯾن ﻓﺎﻟﻣﺎل ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻟو ﻗﺎل اﻟﻣﻘر ﺑﺎﻋﻧﻲ أو أﻗرﺿﻧﻲ ﻟم‬
‫ﯾﻠزﻣﮫ ﺷﻲء" ﻷﻧﮫ ﺑﯾن ﻣﺳﺗﺣﯾﻼ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن أﺑﮭم اﻹﻗرار ﻟم ﯾﺻﺢ ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف‪ ،‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬ﯾﺻﺢ" ﻷن اﻹﻗرار ﻣن اﻟﺣﺟﺞ ﻓﯾﺟب إﻋﻣﺎﻟﮫ‬
‫وﻗد أﻣﻛن ﺑﺎﻟﺣﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺑب اﻟﺻﺎﻟﺢ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﯾوﺳف أن اﻹﻗرار ﻣطﻠﻘﮫ ﯾﻧﺻرف إﻟﻰ اﻹﻗرار ﺑﺳﺑب اﻟﺗﺟﺎرة‪،‬‬
‫وﻟﮭذا ﺣﻣل إﻗرار اﻟﻌﺑد اﻟﻣﺄذون ﻟﮫ وأﺣد اﻟﻣﺗﻔﺎوﺿﯾن ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﺻﯾر ﻛﻣﺎ إذا ﺻرح ﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻗر ﺑﺣﻣل ﺟﺎرﯾﺔ أو ﺣﻣل ﺷﺎة ﻟرﺟل ﺻﺢ إﻗراره وﻟزﻣﮫ" ﻷن ﻟﮫ وﺟﮭﺎ ﺻﺣﯾﺣﺎ وھو اﻟوﺻﯾﺔ ﺑﮫ ﻣن‬
‫ﺟﮭﺔ ﻏﯾره ﻓﺣﻣل ﻋﻠﯾﮫ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻗر ﺑﺷرط اﻟﺧﯾﺎر ﺑطل اﻟﺷرط" ﻷن اﻟﺧﯾﺎر ﻟﻠﻔﺳﺦ واﻹﺧﺑﺎر ﻻ ﯾﺣﺗﻣﻠﮫ‬ ‫ص ‪-182-‬‬
‫"وﻟزﻣﮫ اﻟﻣﺎل" ﻟوﺟود اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﻣﻠزﻣﺔ وﻟم ﺗﻧﻌدم ﺑﮭذا اﻟﺷرط اﻟﺑﺎطل‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء وﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎه‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺛﻧﻰ ﻣﺗﺻﻼ ﺑﺈﻗراره ﺻﺢ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء وﻟزﻣﮫ اﻟﺑﺎﻗﻲ" ﻷن اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣﻊ اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻋﺑﺎرة ﻋن اﻟﺑﺎﻗﻲ‬
‫وﻟﻛن ﻻ ﺑد ﻣن اﻻﺗﺻﺎل‪" ،‬وﺳواء اﺳﺗﺛﻧﻰ اﻷﻗل أو اﻷﻛﺛر‪ ،‬ﻓﺈن اﺳﺗﺛﻧﻰ اﻟﺟﻣﯾﻊ ﻟزﻣﮫ اﻹﻗرار وﺑطل اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء"‬
‫ﻷﻧﮫ ﺗﻛﻠم ﺑﺎﻟﺣﺎﺻل ﺑﻌد اﻟﺛﻧﯾﺎ وﻻ ﺣﺎﺻل ﺑﻌده ﻓﯾﻛون رﺟوﻋﺎ‪ ،‬وﻗد ﻣر اﻟوﺟﮫ ﻓﻲ اﻟطﻼق‪.‬‬
‫"وﻟو ﻗﺎل‪ :‬ﻟﮫ ﻋﻠﻲ ﻣﺎﺋﺔ درھم إﻻ دﯾﻧﺎرا أو إﻻ ﻗﻔﯾز ﺣﻧطﺔ ﻟزﻣﮫ ﻣﺎﺋﺔ درھم إﻻ ﻗﯾﻣﺔ اﻟدﯾﻧﺎر أو اﻟﻘﻔﯾز" وھذا‬
‫ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف " وﻟو ﻗﺎل ﻟﮫ ﻋﻠﻲ ﻣﺎﺋﺔ درھم إﻻ ﺛوﺑﺎ ﻟم ﯾﺻﺢ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬ﻻ ﯾﺻﺢ‬
‫ﻓﯾﮭﻣﺎ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﯾﺻﺢ ﻓﯾﮭﻣﺎ‪ .‬وﻟﻣﺣﻣد أن اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣﺎ ﻟوﻻه ﻟدﺧل ﺗﺣت اﻟﻠﻔظ‪ ،‬وھذا ﻻ ﯾﺗﺣﻘق ﻓﻲ ﺧﻼف‬
‫اﻟﺟﻧس‪ .‬وﻟﻠﺷﺎﻓﻌﻲ أﻧﮭﻣﺎ اﺗﺣدا ﺟﻧﺳﺎ ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﻣﺟﺎﻧﺳﺔ ﻓﻲ اﻷول ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻟﺛﻣﻧﯾﺔ‪ ،‬وھذا‬
‫ﻓﻲ اﻟدﯾﻧﺎر ظﺎھر‪ .‬واﻟﻣﻛﯾل واﻟﻣوزون أوﺻﺎﻓﮭﺎ أﺛﻣﺎن‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﺛوب ﻓﻠﯾس ﺑﺛﻣن أﺻﻼ وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺟب ﺑﻣطﻠق ﻋﻘد اﻟﻣﻌﺎوﺿﺔ وﻣﺎ ﯾﻛون ﺛﻣﻧﺎ ﺻﻠﺢ ﻣﻘدرا ﺑﺎﻟدراھم ﻓﺻﺎر‬
‫ﻣﺳﺗﺛﻧﻰ ﻣن اﻟدراھم‪ ،‬وﻣﺎ ﻻ ﯾﻛون ﺛﻣﻧﺎ ﻻ ﯾﺻﻠﺢ ﻣﻘدرا ﻓﺑﻘﻲ اﻟﻣﺳﺗﺛﻧﻰ ﻣن اﻟدراھم ﻣﺟﮭوﻻ ﻓﻼ ﯾﺻﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻗر ﺑﺣق وﻗﺎل إن ﺷﺎء ﷲ ﻣﺗﺻﻼ" ﺑﺈﻗراره "ﻟم ﯾﻠزﻣﮫ اﻹﻗرار" ﻷن اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﺑﻣﺷﯾﺋﺔ ﷲ إﻣﺎ إﺑطﺎل‬
‫أو ﺗﻌﻠﯾق؛ ﻓﺈن ﻛﺎن اﻷول ﻓﻘد ﺑطل‪ ،‬وإن ﻛﺎن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻛذﻟك‪ ،‬إﻣﺎ ﻷن اﻹﻗرار ﻻ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﺗﻌﻠﯾق ﺑﺎﻟﺷرط‪ ،‬أو ﻷﻧﮫ‬
‫ﺷرط ﻻ ﯾوﻗف ﻋﻠﯾﮫ ﻛﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻓﻲ اﻟطﻼق‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺎل ﻟﻔﻼن ﻋﻠﻲ ﻣﺎﺋﺔ درھم إذا ﻣت أو إذا ﺟﺎء رأس‬
‫اﻟﺷﮭر أو إذا أﻓطر اﻟﻧﺎس ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ ﺑﯾﺎن اﻟﻣدة ﻓﯾﻛون ﺗﺄﺟﯾﻼ ﻻ ﺗﻌﻠﯾﻘﺎ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛذﺑﮫ اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ﻓﻲ اﻷﺟل‬
‫ﯾﻛون اﻟﻣﺎل ﺣﺎﻻ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻗر ﺑدار واﺳﺗﺛﻧﻰ ﺑﻧﺎءھﺎ ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﻠﻠﻣﻘر ﻟﮫ اﻟدار واﻟﺑﻧﺎء" ﻷن اﻟﺑﻧﺎء داﺧل ﻓﻲ ھذا اﻹﻗرار ﻣﻌﻧﻰ ﻻ‬
‫ﻟﻔظﺎ‪ ،‬واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﺗﺻرف ﻓﻲ اﻟﻣﻠﻔوظ‪ ،‬واﻟﻔص ﻓﻲ اﻟﺧﺎﺗم واﻟﻧﺧﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺳﺗﺎن ﻧظﯾر اﻟﺑﻧﺎء ﻓﻲ اﻟدار ﻷﻧﮫ ﯾدﺧل ﻓﯾﮫ‬
‫ﺗﺑﻌﺎ ﻻ ﻟﻔظﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺎل إﻻ ﺛﻠﺛﮭﺎ أو إﻻ ﺑﯾﺗﺎ ﻣﻧﮭﺎ ﻷﻧﮫ داﺧل ﻓﯾﮫ ﻟﻔظﺎ "وﻟو ﻗﺎل ﺑﻧﺎء ھذا اﻟدار ﻟﻲ‬
‫واﻟﻌرﺻﺔ ﻟﻔﻼن ﻓﮭو ﻛﻣﺎ ﻗﺎل" ﻷن اﻟﻌرﺻﺔ ﻋﺑﺎرة ﻋن اﻟﺑﻘﻌﺔ دون اﻟﺑﻧﺎء‪ ،‬ﻓﻛﺄﻧﮫ ﻗﺎل ﺑﯾﺎض ھذه اﻷرض دون‬
‫اﻟﺑﻧﺎء ﻟﻔﻼن‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺎل ﻣﻛﺎن اﻟﻌرﺻﺔ أرﺿﺎ ﺣﯾث ﯾﻛون اﻟﺑﻧﺎء ﻟﻠﻣﻘر ﻟﮫ ﻷن اﻹﻗرار ﺑﺎﻷرض إﻗرار‬
‫ﺑﺎﻟﺑﻧﺎء ﻛﺎﻹﻗرار‬

‫ﺑﺎﻟدار‪" .‬وﻟو ﻗﺎل ﻟﮫ ﻋﻠﻲ أﻟف درھم ﻣن ﺛﻣن ﻋﺑد اﺷﺗرﯾﺗﮫ ﻣﻧﮫ وﻟم أﻗﺑﺿﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ذﻛر‬ ‫ص ‪-183-‬‬
‫ﻋﺑدا ﺑﻌﯾﻧﮫ ﻗﯾل ﻟﻠﻣﻘر ﻟﮫ إن ﺷﺋت ﻓﺳﻠم اﻟﻌﺑد وﺧذ اﻷﻟف وإﻻ ﻓﻼ ﺷﻲء ﻟك" ﻗﺎل‪ :‬وھذا ﻋﻠﻰ وﺟوه‪:‬‬
‫أﺣدھﺎ‪ :‬ھذا وھو أن ﯾﺻدﻗﮫ وﯾﺳﻠم اﻟﻌﺑد‪ ،‬وﺟواﺑﮫ ﻣﺎ ذﻛر‪ ،‬ﻷن اﻟﺛﺎﺑت ﺑﺗﺻﺎدﻗﮭﻣﺎ ﻛﺎﻟﺛﺎﺑت ﻣﻌﺎﯾﻧﺔ‪ .‬واﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬أن‬
‫ﯾﻘول اﻟﻣﻘر ﻟﮫ‪ :‬اﻟﻌﺑد ﻋﺑدك ﻣﺎ ﺑﻌﺗﻛﮫ وإﻧﻣﺎ ﺑﻌﺗك ﻋﺑدا ﻏﯾر ھذا وﻓﯾﮫ اﻟﻣﺎل ﻻزم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘر ﻹﻗراره ﺑﮫ ﻋﻧد ﺳﻼﻣﺔ‬
‫اﻟﻌﺑد ﻟﮫ وﻗد ﺳﻠم ﻓﻼ ﯾﺑﺎﻟﻰ ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﺳﺑب ﺑﻌد ﺣﺻول اﻟﻣﻘﺻود‪.‬‬
‫واﻟﺛﺎﻟث‪ :‬أن ﯾﻘول اﻟﻌﺑد ﻋﺑدي ﻣﺎ ﺑﻌﺗك‪ .‬وﺣﻛﻣﮫ أن ﻻ ﯾﻠزم اﻟﻣﻘر ﺷﻲء ﻷﻧﮫ ﻣﺎ أﻗر ﺑﺎﻟﻣﺎل إﻻ ﻋوﺿﺎ ﻋن اﻟﻌﺑد‬
‫ﻓﻼ ﯾﻠزﻣﮫ دوﻧﮫ‪ ،‬وﻟو ﻗﺎل ﻣﻊ ذﻟك إﻧﻣﺎ ﺑﻌﺗك ﻏﯾره ﯾﺗﺣﺎﻟﻔﺎن ﻷن اﻟﻣﻘر ﯾدﻋﻲ ﺗﺳﻠﯾم ﻣن ﻋﯾﻧﮫ واﻵﺧر ﯾﻧﻛر واﻟﻣﻘر‬
‫ﻟﮫ ﯾدﻋﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻷﻟف ﺑﺑﯾﻊ ﻏﯾره واﻵﺧر ﯾﻧﻛره‪ ،‬وإذا ﺗﺣﺎﻟﻔﺎ ﺑطل اﻟﻣﺎل‪ ،‬ھذا إذا ذﻛر ﻋﺑدا ﺑﻌﯾﻧﮫ "وإن ﻗﺎل ﻣن‬
‫ﺛﻣن ﻋﺑد اﺷﺗرﯾﺗﮫ وﻟم ﯾﻌﯾﻧﮫ ﻟزﻣﮫ اﻷﻟف وﻻ ﯾﺻدق ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ ﻣﺎ ﻗﺑﺿت ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﺻل أم ﻓﺻل" ﻷﻧﮫ‬
‫رﺟوع ﻓﺈﻧﮫ أﻗر ﺑوﺟوب اﻟﻣﺎل رﺟوﻋﺎ إﻟﻰ ﻛﻠﻣﺔ ﻋﻠﻲ‪ ،‬وإﻧﻛﺎره اﻟﻘﺑض ﻓﻲ ﻏﯾر اﻟﻣﻌﯾن ﯾﻧﺎﻓﻲ اﻟوﺟوب أﺻﻼ ﻷن‬
‫اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻛﺎﻧت أو طﺎرﺋﺔ ﺑﺄن اﺷﺗرى ﻋﺑدا ﺛم ﻧﺳﯾﺎه ﻋﻧد اﻻﺧﺗﻼط ﺑﺄﻣﺛﺎﻟﮫ ﺗوﺟب ھﻼك اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﯾﻣﺗﻧﻊ‬
‫وﺟوب ﻧﻘد اﻟﺛﻣن‪ ،‬وإذا ﻛﺎن ﻛذﻟك ﻛﺎن رﺟوﻋﺎ ﻓﻼ ﯾﺻﺢ وإن ﻛﺎن ﻣوﺻوﻻ‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد‪ :‬إن وﺻل‬
‫ﺻدق وﻟم ﯾﻠزﻣﮫ ﺷﻲء‪ ،‬وإن ﻓﺻل ﻟم ﯾﺻدق إذا أﻧﻛر اﻟﻣﻘر ﻟﮫ أن ﯾﻛون ذﻟك ﻣن ﺛﻣن ﻋﺑد‪ ،‬وإن أﻗر أﻧﮫ ﺑﺎﻋﮫ‬
‫ﻣﺗﺎﻋﺎ ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﻘر‪ .‬ووﺟﮫ ذﻟك أﻧﮫ أﻗر ﺑوﺟوب اﻟﻣﺎل ﻋﻠﯾﮫ وﺑﯾن ﺳﺑﺑﺎ وھو اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬ﻓﺈن واﻓﻘﮫ اﻟطﺎﻟب ﻓﻲ‬
‫اﻟﺳﺑب وﺑﮫ ﻻ ﯾﺗﺄﻛد اﻟوﺟوب إﻻ ﺑﺎﻟﻘﺑض‪ ،‬واﻟﻣﻘر ﯾﻧﻛره ﻓﯾﻛون اﻟﻘول ﻟﮫ‪ ،‬وإن ﻛذﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺳﺑب ﻛﺎن ھذا ﻣن اﻟﻣﻘر‬
‫ﺑﯾﺎﻧﺎ ﻣﻐﯾرا ﻷن ﺻدر ﻛﻼﻣﮫ ﻟﻠوﺟوب ﻣطﻠﻘﺎ وآﺧره ﯾﺣﺗﻣل اﻧﺗﻔﺎءه ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر ﻋدم اﻟﻘﺑض واﻟﻣﻐﯾر ﯾﺻﺢ‬
‫ﻣوﺻوﻻ ﻻ ﻣﻔﺻوﻻ‪" .‬وﻟو ﻗﺎل اﺑﺗﻌت ﻣﻧﮫ ﺑﯾﻌﺎ إﻻ أﻧﻲ ﻟم أﻗﺑﺿﮫ ﻓﺎﻟﻘول ﻗوﻟﮫ" ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﻣن ﺿرورة‬
‫اﻟﺑﯾﻊ اﻟﻘﺑض‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻹﻗرار ﺑوﺟوب اﻟﺛﻣن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذا ﻟو ﻗﺎل ﻣن ﺛﻣن ﺧﻣر أو ﺧﻧزﯾر" وﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ إذا ﻗﺎل ﻟﻔﻼن ﻋﻠﻲ أﻟف ﻣن ﺛﻣن ﺧﻣر أو ﺧﻧزﯾر‬
‫"ﻟزﻣﮫ اﻷﻟف وﻟم ﯾﻘﺑل ﺗﻔﺳﯾره ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﺻل أم ﻓﺻل" ﻷﻧﮫ رﺟوع ﻷن ﺛﻣن اﻟﺧﻣر واﻟﺧﻧزﯾر ﻻ ﯾﻛون‬
‫واﺟﺑﺎ وأول ﻛﻼﻣﮫ ﻟﻠوﺟوب "وﻗﺎﻻ‪ :‬إذا وﺻل ﻻ ﯾﻠزﻣﮫ ﺷﻲء" ﻷﻧﮫ ﺑﯾن ﺑﺂﺧر ﻛﻼﻣﮫ أﻧﮫ ﻣﺎ أراد ﺑﮫ اﻹﯾﺟﺎب‬
‫وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﻗﺎل ﻓﻲ آﺧره إن ﺷﺎء ﷲ‪ .‬ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬ذاك ﺗﻌﻠﯾق وھذا إﺑطﺎل‪.‬‬

‫"وﻟو ﻗﺎل ﻟﮫ ﻋﻠﻲ أﻟف ﻣن ﺛﻣن ﻣﺗﺎع أو أﻗرﺿﻧﻲ أﻟﻔﺎ وﺑﯾن أﻧﮭﺎ زﯾوف أو ﻧﺑﮭرﺟﺔ‬ ‫ص ‪-184-‬‬
‫وﻗﺎل اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ھﻲ ﺟﯾﺎد ﻟزﻣﮫ اﻟﺟﯾﺎد ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬إن ﻗﺎل ذﻟك ﻣوﺻوﻻ ﯾﺻدق وإن ﻗﺎل‬
‫ﻣﻔﺻوﻻ ﻻ ﯾﺻدق" وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف إذا ﻗﺎل ھﻲ ﺳﺗوﻗﺔ أو رﺻﺎص وﻋﻠﻰ ھذا إذا ﻗﺎل‪ ،‬إﻻ أﻧﮭﺎ زﯾوف‪ ،‬وﻋﻠﻰ‬
‫ھذا إذا ﻗﺎل ﻟﻔﻼن ﻋﻠﻲ أﻟف درھم زﯾوف ﻣن ﺛﻣن ﻣﺗﺎع‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﺑﯾﺎن ﻣﻐﯾر ﻓﯾﺻﺢ ﺑﺷرط اﻟوﺻل ﻛﺎﻟﺷرط‬
‫واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء‪ ،‬وھذا ﻷن اﺳم اﻟدراھم ﯾﺣﺗﻣل اﻟزﯾوف ﺑﺣﻘﯾﻘﺗﮫ‪ ،‬واﻟﺳﺗوﻗﺔ ﺑﻣﺟﺎزه إﻻ أن ﻣطﻠﻘﮫ ﯾﻧﺻرف إﻟﻰ اﻟﺟﯾﺎد‬
‫ﻓﻛﺎن ﺑﯾﺎن ﻣﻐﯾرا ﻣن ھذااﻟوﺟﮫ وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﻗﺎل إﻻ أﻧﮭﺎ وزن ﺧﻣﺳﺔ وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن ھذا رﺟوع ﻷن‬
‫ﻣطﻠق اﻟﻌﻘد ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻟﺳﻼﻣﺔ ﻋن اﻟﻌﯾب واﻟزﯾﺎﻓﺔ ﻋﯾب‪ ،‬ودﻋوى اﻟﻌﯾب رﺟوع ﻋن ﺑﻌض ﻣوﺟﺑﮫ‪ ،‬وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا‬
‫ﻗﺎل ﺑﻌﺗك ﻣﻌﯾﺑﺎ وﻗﺎل اﻟﻣﺷﺗري ﺑﻌﺗﻧﯾﮫ ﺳﻠﯾﻣﺎ ﻓﺎﻟﻘول ﻟﻠﻣﺷﺗري ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ واﻟﺳﺗوﻗﺔ ﻟﯾﺳت ﻣن ﺟﻧس اﻷﺛﻣﺎن واﻟﺑﯾﻊ‬
‫ﯾرد ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻣن ﻓﻛﺎن رﺟوﻋﺎ وﻗوﻟﮫ إﻻ أﻧﮭﺎ وزن ﺧﻣﺳﺔ ﯾﺻﺢ اﺳﺗﺛﻧﺎء‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻣﻘدار ﺑﺧﻼف اﻟﺟودة ﻷن اﺳﺗﺛﻧﺎء‬
‫اﻟوﺻف ﻻ ﯾﺟوز ﻛﺎﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟﺑﻧﺎء ﻓﻲ اﻟدار ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺎل ﻟﮫ ﻋﻠﻲ ﻛر ﺣﻧطﺔ ﻣن ﺛﻣن ﻋﺑد إﻻ أﻧﮭﺎ ردﯾﺋﺔ ﻷن‬
‫اﻟرداءة ﻧوع ﻻ ﻋﯾب‪ .‬ﻓﻣطﻠق اﻟﻌﻘد ﻻ ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻟﺳﻼﻣﺔ ﻋﻧﮭﺎ‪ ،‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻓﻲ ﻏﯾر رواﯾﺔ اﻷﺻول ﻓﻲ‬
‫اﻟﻘرض أﻧﮫ ﯾﺻدق ﻓﻲ اﻟزﯾوف إذا وﺻل‪ ،‬ﻷن اﻟﻘرض ﯾوﺟب رد ﻣﺛل اﻟﻣﻘﺑوض‪ ،‬وﻗد ﯾﻛون زﯾﻔﺎ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻐﺻب‪ .‬وﺟﮫ اﻟظﺎھر أن اﻟﺗﻌﺎﻣل ﺑﺎﻟﺟﯾﺎد‬
‫ﻓﺎﻧﺻرف ﻣطﻠﻘﮫ إﻟﮭﺎ "وﻟو ﻗﺎل ﻟﻔﻼن ﻋﻠﻲ أﻟف درھم زﯾوف وﻟم ﯾذﻛر اﻟﺑﯾﻊ واﻟﻘرض ﻗﯾل ﯾﺻدق" ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع‬
‫ﻷن اﺳم اﻟدراھم ﯾﺗﻧﺎوﻟﮭﺎ "وﻗﯾل ﻻ ﯾﺻدق" ﻷن ﻣطﻠق اﻹﻗرار ﯾﻧﺻرف إﻟﻰ اﻟﻌﻘود ﻟﺗﻌﯾﻧﮭﺎ ﻣﺷروﻋﺔ‪ ،‬ﻻ إﻟﻰ‬
‫اﻻﺳﺗﮭﻼك اﻟﻣﺣرم "وﻟو ﻗﺎل اﻏﺗﺻﺑت ﻣﻧﮫ أﻟﻔﺎ أو ﻗﺎل أودﻋﻧﻲ ﺛم ﻗﺎل ھﻲ زﯾوف أو ﻧﺑﮭرﺟﺔ ﺻدق وﺻل أم‬
‫ﻓﺻل " ﻷن اﻹﻧﺳﺎن ﯾﻐﺻب ﻣﺎ ﯾﺟد وﯾودع ﻣﺎ ﯾﻣﻠك ﻓﻼ ﻣﻘﺗﺿﻰ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺟﯾﺎد وﻻ ﺗﻌﺎﻣل‪ ،‬ﻓﯾﻛون ﺑﯾﺎن اﻟﻧوع‬
‫ﻓﯾﺻﺢ وإن ﻓﺻل وﻟﮭذا ﻟو ﺟﺎء زاد اﻟﻣﻐﺻوب‪ ،‬واﻟودﯾﻌﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﯾب ﻛﺎن اﻟﻘول ﻟﮫ‪ ،‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪:‬‬
‫أﻧﮫ ﻻ ﯾﺻدق ﻓﯾﮫ ﻣﻔﺻوﻻ اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟﻘرض إذ اﻟﻘﺑض ﻓﮭﯾﻣﺎ ھو اﻟﻣوﺟب ﻟﻠﺿﻣﺎن وﻟو ﻗﺎل‪ :‬ھﻲ ﺳﺗوﻗﺔ أو‬
‫رﺻﺎص ﺑﻌد ﻣﺎ أﻗر ﺑﺎﻟﻐﺻب واﻟودﯾﻌﺔ ووﺻل ﺻدق وإن ﻓﺻل ﻟم ﯾﺻدق ﻷن ﺳﺗوﻗﺔ ﻟﯾﺳت ﻣن ﺟﻧس اﻟدراھم‬
‫ﻟﻛن اﻻﺳم ﯾﺗﻧﺎوﻟﮭﺎ ﻣﺟﺎزا ﻓﻛﺎن ﺑﯾﺎﻧﺎ ﻣﻐﯾرا ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟوﺻل‪.‬‬
‫"وﻟو ﻗﺎل ﻓﻲ ھذا ﻛﻠﮫ أﻟﻔﺎ إﻻ أﻧﮫ ﯾﻧﻘص ﻛذا ﻟم ﯾﺻدق وإن وﺻل ﺻدق" ﻷن ھذا اﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟﻣﻘدار واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء‬
‫ﯾﺻﺢ ﻣوﺻوﻻ ﺑﺧﻼف اﻟزﯾﺎﻓﺔ ﻷﻧﮭﺎ وﺻف واﺳﺗﺛﻧﺎء اﻷوﺻﺎف ﻻ ﯾﺻﺢ واﻟﻠﻔظ ﯾﺗﻧﺎول اﻟﻣﻘدار دون اﻟوﺻف‪،‬‬
‫وھو ﺗﺻرف ﻟﻔظﻲ ﻛﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ وﻟو ﻛﺎن اﻟﻔﺻل ﺿرورة اﻧﻘطﺎع اﻟﻛﻼم ﺑﺎﻧﻘطﺎع ﻧﻔﺳﮫ ﻓﮭو واﺻل ﻟﻌدم إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ‬
‫اﻻﺣﺗراز ﻋﻧﮫ "وﻣن أﻗر ﺑﻐﺻب‬

‫ﺛوب ﺛم ﺟﺎء ﺑﺛوب ﻣﻌﯾب ﻓﺎﻟﻘول ﻟﮫ" ﻷن اﻟﻐﺻب ﻻ ﯾﺧﺗص ﺑﺎﻟﺳﻠﯾم‪" .‬وﻣن ﻗﺎل‬ ‫ص ‪-185-‬‬
‫ﻵﺧر‪ :‬أﺧذت ﻣﻧك أﻟف درھم ودﯾﻌﺔ ﻓﮭﻠﻛت ﻓﻘﺎل ﻻ ﺑل أﺧذﺗﮭﺎ ﻏﺻﺑﺎ ﻓﮭو ﺿﺎﻣن‪ ،‬وإن ﻗﺎل أﻋطﯾﺗﻧﯾﮭﺎ ودﯾﻌﺔ‬
‫ﻓﻘﺎل ﻻ ﺑل ﻏﺻﺑﺗﻧﯾﮭﺎ ﻟم ﯾﺿﻣن" واﻟﻔرق أن ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻷول أﻗر ﺑﺳﺑب اﻟﺿﻣﺎن وھو اﻷﺧذ ﺛم ادﻋﻰ ﻣﺎ ﯾﺑرﺋﮫ‬
‫وھو اﻹذن واﻵﺧر ﯾﻧﻛره ﻓﯾﻛون اﻟﻘول ﻟﮫ ﻣﻊ اﻟﯾﻣﯾن‪ .‬وﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ أﺿﺎف اﻟﻔﻌل إﻟﻰ ﻏﯾره وذاك ﯾدﻋﻲ ﻋﻠﯾﮫ ﺳﺑب‬
‫اﻟﺿﻣﺎن وھو اﻟﻐﺻب ﻓﻛﺎن اﻟﻘول ﻟﻣﻧﻛره ﻣﻊ اﻟﯾﻣﯾن واﻟﻘﺑض ﻓﻲ ھذا ﻛﺎﻷﺧذ واﻟدﻓﻊ ﻛﺎﻹﻋطﺎء‪.‬‬
‫ﻓﺈن ﻗﺎل ﻗﺎﺋل‪ :‬إﻋطﺎؤه واﻟدﻓﻊ إﻟﯾﮫ ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﺑﻘﺑﺿﮫ‪.‬‬
‫ﻓﻧﻘول‪ :‬ﻗد ﯾﻛون ﺑﺎﻟﺗﺧﻠﯾﺔ واﻟوﺿﻊ ﺑﯾن ﯾدﯾﮫ‪ ،‬وﻟو اﻗﺗﺿﻰ ذﻟك ﻓﺎﻟﻣﻘﺗﺿﻰ ﺛﺎﺑت ﺿرورة ﻓﻼ ﯾظﮭر ﻓﻲ اﻧﻌﻘﺎده‬
‫ﺳﺑب اﻟﺿﻣﺎن‪ ،‬وھذا ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺎل‪ :‬أﺧذﺗﮭﺎ ﻣﻧك ودﯾﻌﺔ وﻗﺎل اﻵﺧر ﻻ ﺑل ﻗرﺿﺎ ﺣﯾث ﯾﻛون اﻟﻘول ﻟﻠﻣﻘر‬
‫وإن أﻗر ﺑﺎﻷﺧذ ﻷﻧﮭﻣﺎ ﺗواﻓﻘﺎ ھﻧﺎﻟك ﻋﻠﻰ أن اﻷﺧذ ﻛﺎن ﺑﺎﻹذن إﻻ أن اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ﯾدﻋﻲ ﺳﺑب اﻟﺿﻣﺎن وھو اﻟﻘرض‬
‫واﻵﺧر ﯾﻧﻛر ﻓﺎﻓﺗرﻗﺎ‪" .‬وإن ﻗﺎل ھذه اﻷﻟف ﻛﺎﻧت ودﯾﻌﺔ ﻟﻲ ﻋﻧد ﻓﻼن ﻓﺄﺧذﺗﮭﺎ ﻓﻘﺎل ﻓﻼن ھﻲ ﻟﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺄﺧذھﺎ"‬
‫ﻷﻧﮫ أﻗر ﺑﺎﻟﯾد ﻟﮫ وادﻋﻰ اﺳﺗﺣﻘﺎﻗﮭﺎ ﻋﻠﯾﮫ وھو ﯾﻧﻛر واﻟﻘول ﻟﻠﻣﻧﻛر‪" .‬وﻟو ﻗﺎل‪ :‬آﺟرت داﺑﺗﻲ ھذه ﻓﻼﻧﺎ ﻓرﻛﺑﮭﺎ‬
‫وردھﺎ‪ ،‬أو ﻗﺎل‪ :‬آﺟرت ﺛوﺑﻲ ھذا ﻓﻼﻧﺎ ﻓﻠﺑﺳﮫ ورده وﻗﺎل ﻓﻼن ﻛذﺑت وھﻣﺎ ﻟﻲ ﻓﺎﻟﻘول ﻗوﻟﮫ" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ "وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد‪ :‬اﻟﻘول ﻗول اﻟذي أﺧذ ﻣﻧﮫ اﻟداﺑﺔ واﻟﺛوب" وھو اﻟﻘﯾﺎس وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف‬
‫اﻹﻋﺎرة واﻹﺳﻛﺎن‪" .‬وﻟو ﻗﺎل ﺧﺎط ﻓﻼن ﺛوﺑﻲ ھذا ﺑﻧﺻف درھم ﺛم ﻗﺑﺿﺗﮫ وﻗﺎل ﻓﻼن اﻟﺛوب ﺛوﺑﻲ ﻓﮭو ﻋﻠﻰ ھذا‬
‫اﻟﺧﻼف ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ" وﺟﮫ اﻟﻘﯾﺎس ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه ﻓﻲ اﻟودﯾﻌﺔ‪.‬‬
‫وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن وھو اﻟﻔرق أن اﻟﯾد ﻓﻲ اﻹﺟﺎرة واﻹﻋﺎرة ﺿرورﯾﺔ ﺗﺛﺑت ﺿرورة اﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ وھو‬
‫اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻓﯾﻛون ﻋدﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ وراء اﻟﺿرورة ﻓﻼ ﯾﻛون إﻗرارا ﻟﮫ ﺑﺎﻟﯾد ﻣطﻠﻘﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟودﯾﻌﺔ ﻷن اﻟﯾد ﻓﯾﮭﺎ ﻣﻘﺻودة‬
‫واﻹﯾداع إﺛﺑﺎت اﻟﯾد ﻗﺻدا ﻓﯾﻛون اﻹﻗرار ﺑﮫ اﻋﺗراﻓﺎ ﺑﺎﻟﯾد ﻟﻠﻣودع‪.‬‬
‫ووﺟﮫ آﺧر‪ :‬أن ﻓﻲ اﻹﺟﺎرة واﻹﻋﺎرة واﻹﺳﻛﺎن أﻗر ﺑﯾد ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻣن ﺟﮭﺗﮫ ﻓﯾﻛون اﻟﻘول ﻗوﻟﮫ ﻓﻲ ﻛﯾﻔﯾﺗﮫ‪ .‬وﻻ ﻛذﻟك‬
‫ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟودﯾﻌﺔ ﻷﻧﮫ ﻗﺎل ﻓﯾﮭﺎ ﻛﺎﻧت ودﯾﻌﺔ‪ ،‬وﻗد ﺗﻛون ﻣن ﻏﯾر ﺻﻧﻌﮫ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﻗﺎل أودﻋﺗﮭﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ھذا‬
‫اﻟﺧﻼف‪ ،‬وﻟﯾس ﻣدار اﻟﻔرق ﻋﻠﻰ ذﻛر اﻷﺧذ ﻓﻲ طرف اﻟودﯾﻌﺔ وﻋدﻣﮫ ﻓﻲ اﻟطرف اﻵﺧر وھو اﻹﺟﺎرة وأﺧﺗﺎه؛‬
‫ﻷﻧﮫ ذﻛر اﻷﺧذ ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟطرف اﻵﺧر ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻹﻗرار أﯾﺿﺎ‪ ،‬وھذا ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺎل اﻗﺗﺿﯾت ﻣن‬
‫ﻓﻼن أﻟف درھم ﻛﺎﻧت ﻟﻲ ﻋﻠﯾﮫ أو أﻗرﺿﺗﮫ أﻟﻔﺎ ﺛم أﺧذﺗﮭﺎ ﻣﻧﮫ وأﻧﻛر اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ﺣﯾث‬ ‫ص ‪-186-‬‬
‫ﯾﻛون اﻟﻘول ﻗوﻟﮫ ﻷن اﻟدﯾون ﺗﻘﺿﻰ ﺑﺄﻣﺛﺎﻟﮭﺎ‪ ،‬وذﻟك إﻧﻣﺎ ﯾﻛون ﺑﻘﺑض ﻣﺿﻣون‪ ،‬ﻓﺈذا أﻗر ﺑﺎﻻﻗﺗﺿﺎء ﻓﻘد أﻗر ﺑﺳﺑب‬
‫اﻟﺿﻣﺎن ﺛم ادﻋﻰ ﺗﻣﻠﻛﮫ ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻣﺎ ﯾدﻋﯾﮫ ﻣن اﻟدﯾن ﻣﻘﺎﺻﺔ واﻵﺧر ﯾﻧﻛره‪.‬‬
‫أﻣﺎ ھﺎھﻧﺎ اﻟﻣﻘﺑوض ﻋﯾن ﻣﺎ ادﻋﻰ ﻓﯾﮫ اﻹﺟﺎرة وﻣﺎ أﺷﺑﮭﮭﺎ ﻓﺎﻓﺗرﻗﺎ‪ ،‬ﻟو أﻗر أن ﻓﻼﻧﺎ زرع ھذه اﻷرض أو ﺑﻧﻰ ھذه‬
‫اﻟدار أو ﻏرس ھذا اﻟﻛرم وذﻟك ﻛﻠﮫ ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﻘر ﻓﺎدﻋﺎھﺎ ﻓﻼن وﻗﺎل اﻟﻣﻘر ﻻ ﺑل ذﻟك ﻛﻠﮫ ﻟﻲ اﺳﺗﻌﻧت ﺑك ﻓﻔﻌﻠت‬
‫أو ﻓﻌﻠﺗﮫ ﺑﺄﺟر ﻓﺎﻟﻘول ﻟﻠﻣﻘر ﻷﻧﮫ ﻣﺎ أﻗر ﻟﮫ ﺑﺎﻟﯾد وإﻧﻣﺎ أﻗر ﺑﻣﺟرد ﻓﻌل ﻣﻧﮫ‪ ،‬وﻗد ﯾﻛون ذﻟك ﻓﻲ ﻣﻠك ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﻘر‬
‫وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﻗﺎل ﺧﺎط ﻟﻲ اﻟﺧﯾﺎط ﻗﻣﯾﺻﻲ ھذا ﺑﻧﺻف درھم وﻟم ﯾﻘل ﻗﺑﺿﺗﮫ ﻣﻧﮫ ﻟم ﯾﻛن إﻗرارا ﺑﺎﻟﯾد وﯾﻛون‬
‫اﻟﻘول ﻟﻠﻣﻘر ﻟﻣﺎ أﻧﮫ أﻗر ﺑﻔﻌل ﻣﻧﮫ وﻗد ﯾﺧﯾط ﺛوﺑﺎ ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﻘر ﻛذا ھذا‪.‬‬

‫ﺑﺎب إﻗرار اﻟﻣرﯾض‬


‫ﻗﺎل‪ " :‬وإذا أﻗر اﻟرﺟل ﻓﻲ ﻣرض ﻣوﺗﮫ ﺑدﯾون وﻋﻠﯾﮫ دﯾون ﻓﻲ ﺻﺣﺗﮫ ودﯾون ﻟزﻣﺗﮫ ﻓﻲ ﻣرﺿﮫ ﺑﺄﺳﺑﺎب‬
‫ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﻓدﯾن اﻟﺻﺣﺔ واﻟدﯾن اﻟﻣﻌروف اﻷﺳﺑﺎب ﻣﻘدم" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬دﯾن اﻟﻣرض ودﯾن اﻟﺻﺣﺔ‬
‫ﯾﺳﺗوﯾﺎن ﻻﺳﺗواء ﺳﺑﺑﮭﻣﺎ وھو اﻹﻗرار اﻟﺻﺎدر ﻋن ﻋﻘل ودﯾن‪ ،‬وﻣﺣل اﻟوﺟوب اﻟذﻣﺔ اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺣﻘوق ﻓﺻﺎر‬
‫ﻛﺈﻧﺷﺎء اﻟﺗﺻرف ﻣﺑﺎﯾﻌﺔ وﻣﻧﺎﻛﺣﺔ‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻹﻗرار ﻻ ﯾﻌﺗﺑر دﻟﯾﻼ إذا ﻛﺎن ﻓﯾﮫ إﺑطﺎل ﺣق اﻟﻐﯾر‪ ،‬وﻓﻲ إﻗرار‬
‫اﻟﻣرﯾض ذﻟك ﻷن ﺣق ﻏرﻣﺎء اﻟﺻﺣﺔ ﺗﻌﻠق ﺑﮭذا اﻟﻣﺎل اﺳﺗﯾﻔﺎء‪ ،‬وﻟﮭذا ﻣﻧﻊ ﻣن اﻟﺗﺑرع واﻟﻣﺣﺎﺑﺎة إﻻ ﺑﻘدر اﻟﺛﻠث‪.‬‬
‫ﺑﺧﻼف اﻟﻧﻛﺎح ﻷﻧﮫ ﻣن اﻟﺣواﺋﺞ اﻷﺻﻠﯾﺔ وھو ﺑﻣﮭر اﻟﻣﺛل‪ ،‬وﺑﺧﻼف اﻟﻣﺑﺎﯾﻌﺔ ﺑﻣﺛل اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻷن ﺣق اﻟﻐرﻣﺎء ﺗﻌﻠق‬
‫ﺑﺎﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻻ ﺑﺎﻟﺻورة‪ ،‬وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺻﺣﺔ ﻟم ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﺎل ﻟﻘدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻻﻛﺗﺳﺎب ﻓﯾﺗﺣﻘق اﻟﺗﺛﻣﯾر‪ ،‬وھذه ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﺟز‬
‫وﺣﺎﻟﺗﺎ اﻟﻣرض ﺣﺎﻟﺔ واﺣدة ﻷﻧﮫ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺣﺟر‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺣﺎﻟﺗﻲ اﻟﺻﺣﺔ واﻟﻣرض؛ ﻷن اﻷوﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ إطﻼق وھذه‬
‫ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺟز ﻓﺎﻓﺗرﻗﺎ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﺗﻘدم اﻟدﯾون اﻟﻣﻌروﻓﺔ اﻷﺳﺑﺎب ﻷﻧﮫ ﻻ ﺗﮭﻣﺔ ﻓﻲ ﺛﺑوﺗﮭﺎ إذ اﻟﻣﻌﺎﯾن ﻻ ﻣرد ﻟﮫ‪ ،‬وذﻟك ﻣﺛل‬
‫ﺑدل ﻣﺎل ﻣﻠﻛﮫ أو اﺳﺗﮭﻠﻛﮫ وﻋﻠم وﺟوﺑﮫ ﺑﻐﯾر إﻗراره أو ﺗزوج اﻣرأة ﺑﻣﮭر ﻣﺛﻠﮭﺎ‪ ،‬وھذا اﻟدﯾن ﻣﺛل دﯾن اﻟﺻﺣﺔ ﻻ‬
‫ﯾﻘدم أﺣدھﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧر ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻟو أﻗر ﺑﻌﯾن ﻓﻲ ﯾده ﻵﺧر ﻟم ﯾﺻﺢ ﻓﻲ ﺣق ﻏرﻣﺎء اﻟﺻﺣﺔ ﻟﺗﻌﻠق ﺣﻘﮭم ﺑﮫ‪،‬‬
‫وﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣرﯾض أن ﯾﻘﺿﻲ دﯾن ﺑﻌض اﻟﻐرﻣﺎء د ون اﻟﺑﻌض؛ ﻷن ﻓﻲ إﯾﺛﺎر اﻟﺑﻌض إﺑطﺎل ﺣق اﻟﺑﺎﻗﯾن‪،‬‬
‫وﻏرﻣﺎء اﻟﺻﺣﺔ واﻟﻣرض ﻓﻲ ذﻟك ﺳواء‪ ،‬إﻻ إذا ﻗﺿﻰ ﻣﺎ اﺳﺗﻘرض ﻓﻲ ﻣرﺿﮫ أو ﻧﻘد ﺛﻣن ﻣﺎ اﺷﺗرى ﻓﻲ‬
‫ﻣرﺿﮫ وﻗد ﻋﻠم ﺑﺎﻟﺑﯾﻧﺔ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈذا ﻗﺿﯾت" ﯾﻌﻧﻲ اﻟدﯾون اﻟﻣﻘدﻣﺔ "وﻓﺿل ﺷﻲء ﯾﺻرف إﻟﻰ ﻣﺎ أﻗر ﺑﮫ ﻓﻲ‬ ‫ص ‪-187-‬‬
‫ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرض" ﻷن اﻹﻗرار ﻓﻲ ذاﺗﮫ ﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ رد ﻓﻲ ﺣق ﻏرﻣﺎء اﻟﺻﺣﺔ ﻓﺈذا ﻟم ﯾﺑق ﺣﻘﮭم ظﮭرت ﺻﺣﺗﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻟم ﯾﻛن ﻋﻠﯾﮫ دﯾون ﻓﻲ ﺻﺣﺗﮫ ﺟﺎز إﻗراره" ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺗﺿﻣن إﺑطﺎل ﺣق اﻟﻐﯾر وﻛﺎن اﻟﻣﻘر ﻟﮫ أوﻟﻰ ﻣن‬
‫اﻟورﺛﺔ ﻟﻘول ﻋﻣر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬إذا أﻗر اﻟﻣرﯾض ﺑدﯾن ﺟﺎز ذﻟك ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﺗرﻛﺗﮫ وﻷن ﻗﺿﺎء اﻟدﯾن ﻣن‬
‫اﻟﺣواﺋﺞ اﻷﺻﻠﯾﺔ وﺣق اﻟورﺛﺔ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺗرﻛﺔ ﺑﺷرط اﻟﻔراغ وﻟﮭذا ﺗﻘدم ﺣﺎﺟﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﻛﻔﯾن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وﻟو أﻗر اﻟﻣرﯾض ﻟوارﺛﮫ ﻻ ﯾﺻﺢ إﻻ أن ﯾﺻدﻗﮫ ﻓﯾﮫ ﺑﻘﯾﺔ اﻟورﺛﺔ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ أﺣد ﻗوﻟﯾﮫ‪ :‬ﯾﺻﺢ‬
‫ﻷﻧﮫ إظﮭﺎر ﺣق ﺛﺎﺑت ﻟﺗرﺟﺢ ﺟﺎﻧب اﻟﺻدق ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﺻﺎر ﻛﺎﻹﻗرار ﻷﺟﻧﺑﻲ وﺑوارث آﺧر وﺑودﯾﻌﺔ ﻣﺳﺗﮭﻠﻛﺔ‬
‫ﻟﻠوارث‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ وﺻﯾﺔ ﻟوارث وﻻ إﻗرار ﻟﮫ ﺑﺎﻟدﯾن" وﻷﻧﮫ ﺗﻌﻠق ﺣق اﻟورﺛﺔ ﺑﻣﺎﻟﮫ‬
‫ﻓﻲ ﻣرﺿﮫ وﻟﮭذا ﯾﻣﻧﻊ ﻣن اﻟﺗﺑرع ﻋﻠﻰ اﻟوارث أﺻﻼ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﺗﺧﺻﯾص اﻟﺑﻌض ﺑﮫ إﺑطﺎل ﺣق اﻟﺑﺎﻗﯾن‪ ،‬وﻷن ﺣﺎﻟﺔ‬
‫اﻟﻣرض ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺗﻐﻧﺎء واﻟﻘراﺑﺔ ﺳﺑب اﻟﺗﻌﻠق‪ ،‬إﻻ أن ھذا اﻟﺗﻌﻠق ﻟم ﯾظﮭر ﻓﻲ ﺣق اﻷﺟﻧﺑﻲ ﻟﺣﺎﺟﺗﮫ إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺻﺣﺔ؛ ﻷﻧﮫ ﻟو اﻧﺣﺟر ﻋن اﻹﻗرار ﺑﺎﻟﻣرض ﯾﻣﺗﻧﻊ اﻟﻧﺎس ﻋن اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣﻌﮫ‪ ،‬وﻗﻠﻣﺎ ﺗﻘﻊ اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣﻊ اﻟوارث‬
‫وﻟم ﯾظﮭر ﻓﻲ ﺣق اﻹﻗرار ﺑوارث آﺧر ﻟﺣﺎﺟﺗﮫ أﯾﺿﺎ‪ ،‬ﺛم ھذا اﻟﺗﻌﻠق ﺣق ﺑﻘﯾﺔ اﻟورﺛﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺻدﻗوه ﻓﻘ د أﺑطﻠوه‬
‫ﻓﯾﺻﺢ إﻗراره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أﻗر ﻷﺟﻧﺑﻲ ﺟﺎز وإن أﺣﺎط ﺑﻣﺎﻟﮫ" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪ ،‬واﻟﻘﯾﺎس أن ﻻ ﯾﺟوز إﻻ ﻓﻲ اﻟﺛﻠث ﻷن اﻟﺷرع ﻗﺻر‬
‫ﺗﺻرﻓﮫ ﻋﻠﯾﮫ‪ .‬إﻻ أﻧﺎ ﻧﻘول‪ :‬ﻟﻣﺎ ﺻﺢ إﻗراره ﻓﻲ اﻟﺛﻠث ﻛﺎن ﻟﮫ اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ ﺛﻠث اﻟﺑﺎﻗﻲ ﻷﻧﮫ اﻟﺛﻠث ﺑﻌد اﻟدﯾن ﺛم‬
‫وﺛم ﺣﺗﻰ ﯾﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻛل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻗر ﻷﺟﻧﺑﻲ ﺛم ﻗﺎل‪ :‬ھو اﺑﻧﻲ ﺛﺑت ﻧﺳﺑﮫ ﻣﻧﮫ وﺑطل إﻗراره‪ ،‬ﻓﺈن أﻗر ﻷﺟﻧﺑﯾﺔ ﺛم ﺗزوﺟﮭﺎ ﻟم ﯾﺑطل‬
‫إﻗراره ﻟﮭﺎ" ووﺟﮫ اﻟﻔرق أن دﻋوة اﻟﻧﺳب ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ وﻗت اﻟﻌﻠوق ﻓﺗﺑﯾن أﻧﮫ أﻗر ﻻﺑﻧﮫ ﻓﻼ ﯾﺻﺢ وﻻ ﻛذﻟك‬
‫اﻟزوﺟﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ زﻣﺎن اﻟﺗزوج ﻓﺑﻘﻲ إﻗراره ﻷﺟﻧﺑﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن طﻠق زوﺟﺗﮫ ﻓﻲ ﻣرﺿﮫ ﺛﻼﺛﺎ ﺛم أﻗر ﻟﮭﺎ ﺑدﯾن ﻓﻠﮭﺎ اﻷﻗل ﻣن اﻟدﯾن وﻣن ﻣﯾراﺛﮭﺎ ﻣﻧﮫ" ﻷﻧﮭﻣﺎ‬
‫ﻣﺗﮭﻣﺎن ﻓﯾﮫ ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻌدة‪ ،‬وﺑﺎب اﻹﻗرار ﻣﺳدود ﻟﻠوارث ﻓﻠﻌﻠﮫ أﻗدم ﻋﻠﻰ ھذا اﻟطﻼق ﻟﯾﺻﺢ إﻗراره ﻟﮭﺎ زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﯾراﺛﮭﺎ وﻻ ﺗﮭﻣﺔ ﻓﻲ أﻗل اﻷﻣرﯾن ﻓﯾﺛﺑت وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪" :‬وﻣن أﻗر ﺑﻐﻼم ﯾوﻟد ﻣﺛﻠﮫ ﻟﻣﺛﻠﮫ وﻟﯾس ﻟﮫ ﻧﺳب ﻣﻌروف أﻧﮫ اﺑﻧﮫ وﺻدﻗﮫ‬ ‫ص ‪-188-‬‬
‫اﻟﻐﻼم ﺛﺑت ﻧﺳﺑﮫ ﻣﻧﮫ وإن ﻛﺎن ﻣرﯾﺿﺎ"‬
‫ﻷن اﻟﻧﺳب ﻣﻣﺎ ﯾﻠزﻣﮫ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﯾﺻﺢ إﻗراره ﺑﮫ وﺷرط أن ﯾوﻟد ﻣﺛﻠﮫ ﻟﻣﺛﻠﮫ ﻛﻲ ﻻ ﯾﻛون ﻣﻛذﺑﺎ ﻓﻲ اﻟظﺎھر‪ ،‬وﺷرط‬
‫أن ﻻ ﯾﻛون ﻟﮫ ﻧﺳب ﻣﻌروف ﻷﻧﮫ ﯾﻣﻧﻊ ﺛﺑوﺗﮫ ﻣن ﻏﯾره‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﺷرط ﺗﺻدﯾﻘﮫ ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﯾد ﻧﻔﺳﮫ إذ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻲ‬
‫ﻏﻼم ﯾﻌﺑر ﻋن ﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺻﻐﯾر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر ﻣن ﻗﺑل‪ ،‬وﻻ ﯾﻣﺗﻧﻊ ﺑﺎﻟﻣرض ﻷن اﻟﻧﺳب ﻣن اﻟﺣواﺋﺞ اﻷﺻﻠﯾﺔ‬
‫"وﯾﺷﺎرك اﻟورﺛﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﯾراث" ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﺛﺑت ﻧﺳﺑﮫ ﻣﻧﮫ ﺻﺎر ﻛﺎﻟوارث اﻟﻣﻌروف ﻓﯾﺷﺎرك ورﺛﺗﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز إﻗرار اﻟرﺟل ﺑﺎﻟواﻟدﯾن واﻟوﻟد واﻟزوﺟﺔ واﻟﻣوﻟﻰ" ﻷﻧﮫ أﻗر ﺑﻣﺎ ﯾﻠزﻣﮫ وﻟﯾس ﻓﯾﮫ ﺗﺣﻣﯾل اﻟﻧﺳب‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر‪" .‬وﯾﻘﺑل إﻗرار اﻟﻣرأة ﺑﺎﻟواﻟدﯾن واﻟزوج واﻟﻣوﻟﻰ" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ "وﻻ ﯾﻘﺑل ﺑﺎﻟوﻟد" ﻷن ﻓﯾﮫ ﺗﺣﻣﯾل اﻟﻧﺳب‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر وھو اﻟزوج ﻷن اﻟﻧﺳب ﻣﻧﮫ "إﻻ أن ﯾﺻدﻗﮭﺎ اﻟزوج" ﻷن اﻟﺣق ﻟﮫ "أو ﺗﺷﮭد ﺑوﻻدﺗﮫ ﻗﺎﺑﻠﺔ" ﻷن‬
‫ﻗول اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻓﻲ ھذا ﻣﻘﺑول وﻗد ﻣر ﻓﻲ اﻟطﻼق‪ ،‬وﻗد ذﻛرﻧﺎ ﻓﻲ إﻗرار اﻟﻣرأة ﺗﻔﺻﯾﻼ ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻟدﻋوى‪ ،‬وﻻ ﺑد ﻣن‬
‫ﺗﺻدﯾق ھؤﻻء‪ ،‬وﯾﺻﺢ اﻟﺗﺻدﯾق ﻓﻲ اﻟﻧﺳب ﺑﻌد ﻣوت اﻟﻣﻘر ﻷن اﻟﻧﺳب ﯾﺑﻘﻰ ﺑﻌد اﻟﻣوت‪ ،‬وﻛذا ﺗﺻدﯾق اﻟزوﺟﺔ‬
‫ﻷن ﺣﻛم اﻟﻧﻛﺎح ﺑﺎق‪ ،‬وﻛذا ﺗﺻدﯾق اﻟزوج ﺑﻌد ﻣوﺗﮭﺎ ﻷن اﻹرث ﻣن أﺣﻛﺎﻣﮫ‪ .‬وﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻻ ﯾﺻﺢ ﻷن‬
‫اﻟﻧﻛﺎح اﻧﻘطﻊ ﺑﺎﻟﻣوت وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺣل ﻟﮫ ﻏﺳﻠﮭﺎ ﻋﻧدﻧﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾﺻﺢ اﻟﺗﺻدﯾق ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻹرث ﻷﻧﮫ ﻣﻌدوم ﺣﺎﻟﺔ‬
‫اﻹﻗرار‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﺑﻌد اﻟﻣوت واﻟﺗﺻدﯾق ﯾﺳﺗﻧد إﻟﻰ أول اﻹﻗرار‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻗر ﺑﻧﺳب ﻣن ﻏﯾر اﻟواﻟدﯾن واﻟوﻟد ﻧﺣو اﻷخ واﻟﻌم ﻻ ﯾﻘﺑل إﻗراره ﻓﻲ اﻟﻧﺳب" ﻷن ﻓﯾﮫ ﺣﻣل اﻟﻧﺳب‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر "ﻓﺈن ﻛﺎن ﻟﮫ وارث ﻣﻌروف ﻗرﯾب أو ﺑﻌﯾد ﻓﮭو أوﻟﻰ ﺑﺎﻟﻣﯾراث ﻣن اﻟﻣﻘر ﻟﮫ" ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﻟم ﯾﺛﺑت ﻧﺳﺑﮫ‬
‫ﻣﻧﮫ ﻻ ﯾزاﺣم اﻟوارث اﻟﻣﻌروف "وإن ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ وارث اﺳﺗﺣق اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ﻣﯾراﺛﮫ" ﻷن ﻟﮫ وﻻﯾﺔ اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ‬
‫ﻣﺎل ﻧﻔﺳﮫ ﻋﻧد ﻋدم اﻟوارث؛ أﻻ ﯾرى أن ﻟﮫ أن ﯾوﺻﻲ ﺑﺟﻣﯾﻌﮫ ﻓﯾﺳﺗﺣق ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺎل وإن ﻟم ﯾﺛﺑت ﻧﺳﺑﮫ ﻣﻧﮫ ﻟﻣﺎ‬
‫ﻓﯾﮫ ﻣن ﺣﻣل اﻟﻧﺳب ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر‪ ،‬وﻟﯾﺳت ھذه وﺻﯾﺔ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﺣﺗﻰ أن ﻣن أﻗر ﺑﺄخ ﺛم أوﺻﻰ ﻵﺧر ﺑﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎﻟﮫ ﻛﺎن‬
‫ﻟﻠﻣوﺻﻰ ﻟﮫ ﺛﻠث ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺎل ﺧﺎﺻﺔ وﻟو ﻛﺎن اﻷول وﺻﯾﺔ ﻻﺷﺗرﻛﺎ ﻧﺻﻔﯾن ﻟﻛﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺗﮫ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو أﻗر ﻓﻲ‬
‫ﻣرﺿﮫ ﺑﺄخ وﺻدﻗﮫ اﻟﻣﻘر ﻟﮫ ﺛم أﻧﻛر اﻟﻣﻘر وراﺛﺗﮫ ﺛم أوﺻﻰ ﺑﻣﺎﻟﮫ ﻛﻠﮫ ﻹﻧﺳﺎن ﻛﺎن ﻣﺎﻟﮫ ﻟﻠﻣوﺻﻰ ﻟﮫ؛ وﻟو ﻟم‬
‫ﯾوص ﻷﺣد ﻛﺎن ﻟﺑﯾت اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﻷن رﺟوﻋﮫ ﺻﺣﯾﺢ ﻷن اﻟﻧﺳب ﻟم ﯾﺛﺑت ﻓﺑطل إﻗراره‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻣﺎت أﺑوه ﻓﺄﻗر ﺑﺄخ ﻟم ﯾﺛﺑت ﻧﺳب أﺧﯾﮫ" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ "وﯾﺷﺎرﻛﮫ ﻓﻲ اﻹرث"‬ ‫ص ‪-189-‬‬
‫ﻷن إﻗراره ﺗﺿﻣن ﺷﯾﺋﯾن‪ :‬ﺣﻣل اﻟﻧﺳب ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر وﻻ وﻻﯾﺔ ﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬واﻻﺷﺗراك ﻓﻲ اﻟﻣﺎل وﻟﮫ ﻓﯾﮫ وﻻﯾﺔ ﻓﯾﺛﺑت‬
‫ﻛﺎﻟﻣﺷﺗري وإذا أﻗر ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺑﺎﻟﻌﺗق ﻟم ﯾﻘﺑل إﻗراره ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻟﺛﻣن وﻟﻛﻧﮫ ﯾﻘﺑل ﻓﻲ ﺣق اﻟﻌﺗق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻣﺎت وﺗرك اﺑﻧﯾن وﻟﮫ ﻋﻠﻰ آﺧر ﻣﺎﺋﺔ درھم ﻓﺄﻗر أﺣدھﻣﺎ أن أﺑوه ﻗﺑض ﻣﻧﮭﺎ ﺧﻣﺳﯾن ﻻ ﺷﻲء ﻟﻠﻣﻘر‬
‫وﻟﻶﺧر ﺧﻣﺳون" ﻷن ھذا إﻗرار ﺑﺎﻟدﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﯾت ﻷن اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء إﻧﻣﺎ ﯾﻛون ﺑﻘﺑض ﻣﺿﻣون‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛذﺑﮫ أﺧوه‬
‫اﺳﺗﻐرق اﻟدﯾن ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻛﻣﺎ ھو اﻟﻣذھب ﻋﻧدﻧﺎ‪ ،‬ﻏﺎﯾﺔ اﻷﻣر أﻧﮭﻣﺎ ﺗﺻﺎدﻗﺎ ﻋﻠﻰ ﻛون اﻟﻣﻘﺑوض ﻣﺷﺗرﻛﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬ﻟﻛن‬
‫اﻟﻣﻘر ﻟو رﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺑض ﺑﺷﻲء ﻟرﺟﻊ اﻟﻘﺎﺑض ﻋﻠﻰ اﻟﻐرﯾم ورﺟﻊ اﻟﻐرﯾم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘر ﻓﯾؤدي إﻟﻰ اﻟدور‪ ،‬وﷲ‬
‫ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬
‫ﻛﺗﺎب اﻟﺻﻠﺢ‬ ‫ص ‪-190-‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺿرب‪ :‬ﺻﻠﺢ ﻣﻊ إﻗرار‪ ،‬وﺻﻠﺢ ﻣﻊ ﺳﻛوت‪ ،‬وھو أن ﻻ ﯾﻘر اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ وﻻ ﯾﻧﻛر‬
‫اﻟﺻ ﱡ ﻠ ْ ﺢ ُ ﺧ َ ﯾ ْ ر ٌ { ]اﻟﻧﺳﺎء‪ [128:‬وﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪} :‬‬
‫وﺻﻠﺢ ﻣﻊ إﻧﻛﺎر وﻛل ذﻟك ﺟﺎﺋز" ﻹطﻼق ﻗوﻟﮫ و َ‬
‫واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻛل ﺻﻠﺢ ﺟﺎﺋز ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن إﻻ ﺻﻠﺣﺎ أﺣل ﺣراﻣﺎ أو ﺣرم ﺣﻼﻻ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز ﻣﻊ‬
‫إﻧﻛﺎر أو ﺳﻛوت ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ ،‬وھذا ﺑﮭذه اﻟﺻﻔﺔ ﻷن اﻟﺑدل ﻛﺎن ﺣﻼﻻ ﻋﻠﻰ اﻟداﻓﻊ ﺣراﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧذ ﻓﯾﻧﻘﻠب اﻷﻣر‪،‬‬
‫وﻷن اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﯾدﻓﻊ اﻟﻣﺎل ﻟﻘطﻊ اﻟﺧﺻوﻣﺔ وھذا رﺷوة‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻣﺎ ﺗﻠوﻧﺎ وأول ﻣﺎ روﯾﻧﺎ وﺗﺄوﯾل آﺧره أﺣل‬
‫ﺣراﻣﺎ ﻟﻌﯾﻧﮫ ﻛﺎﻟﺧﻣر أو ﺣرم ﺣﻼﻻ ﻟﻌﯾﻧﮫ ﻛﺎﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﯾطﺄ اﻟﺿرة وﻷن ھذا ﺻﻠﺢ ﺑﻌد دﻋوى ﺻﺣﯾﺣﺔ‬
‫ﻓﯾﻘﺿﻰ ﺑﺟوازه ﻷن اﻟﻣدﻋﻲ ﯾﺄﺧذه ﻋوﺿﺎ ﻋن ﺣﻘﮫ ﻓﻲ زﻋﻣﮫ وھذا ﻣﺷروع‪ ،‬واﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﯾدﻓﻌﮫ ﻟدﻓﻊ‬
‫اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻋن ﻧﻔﺳﮫ وھذا ﻣﺷروع أﯾﺿﺎ إذ اﻟﻣﺎل وﻗﺎﯾﺔ اﻷﻧﻔس ودﻓﻊ اﻟرﺷوة ﻟدﻓﻊ اﻟظﻠم أﻣر ﺟﺎﺋز‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن وﻗﻊ اﻟﺻﻠﺢ ﻋن إﻗرار اﻋﺗﺑر ﻓﯾﮫ ﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺎﻋﺎت إن وﻗﻊ ﻋن ﻣﺎل ﺑﻣﺎل" ﻟوﺟود ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺑﯾﻊ‬
‫وھو ﻣﺑﺎدﻟﺔ اﻟﻣﺎل ﺑﺎﻟﻣﺎل ﺑﺗراﺿﯾﮭﻣﺎ ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﺑﺗراﺿﮭﻣﺎ "ﻓﺗﺟري ﻓﯾﮫ اﻟﺷﻔﻌﺔ إذا ﻛﺎن ﻋﻘﺎرا وﯾرد‬
‫ﺑﺎﻟﻌﯾب وﯾﺛﺑت ﻓﯾﮫ ﺧﯾﺎر اﻟﺷرط واﻟرؤﯾﺔ‪ ،‬وﯾﻔﺳده ﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﺑدل" ﻷﻧﮭﺎ اﻟﻣﻔﺿﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ دون ﺟﮭﺎﻟﺔ‬
‫اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻋﻧﮫ ﻷﻧﮫ ﯾﺳﻘط‪ ،‬وﯾﺷﺗرط اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻠﯾم اﻟﺑدل "وإن ﻛﺎن ﻋن ﻣﺎل ﺑﻣﻧﺎﻓﻊ ﯾﻌﺗﺑر ﺑﺎﻹﺟﺎرات" ﻟوﺟود‬
‫ﻣﻌﻧﻰ اﻹﺟﺎرة وھو ﺗﻣﻠﯾك اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﺑﻣﺎل واﻻﻋﺗﺑﺎر ﻓﻲ اﻟﻌﻘود ﻟﻣﻌﺎﻧﯾﮭﺎ ﻓﯾﺷﺗرط اﻟﺗوﻗﯾت ﻓﯾﮭﺎ وﯾﺑطل اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻣوت‬
‫أﺣدھﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣدة ﻷﻧﮫ إﺟﺎرة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟﺻﻠﺢ ﻋن اﻟﺳﻛوت واﻹﻧﻛﺎر ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻻﻓﺗداء اﻟﯾﻣﯾن وﻗطﻊ اﻟﺧﺻوﻣﺔ وﻓﻲ ﺣق اﻟﻣدﻋﻲ‬
‫ﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻌﺎوﺿﺔ" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪.‬‬
‫"وﯾﺟوز أن ﯾﺧﺗﻠف ﺣﻛم اﻟﻌﻘد ﻓﻲ ﺣﻘﮭﻣﺎ ﻛﻣﺎ ﯾﺧﺗﻠف ﺣﻛم اﻹﻗﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن وﻏﯾرھﻣﺎ" وھذا ﻓﻲ‬
‫اﻹﻧﻛﺎر ظﺎھر‪ ،‬وﻛذا ﻓﻲ اﻟﺳﻛوت ﻓﻸﻧﮫ ﯾﺣﺗﻣل اﻹﻗرار واﻟﺟﺣود ﻓﻼ ﯾﺛﺑت ﻛوﻧﮫ ﻋرﺿﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﮫ ﺑﺎﻟﺷك‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺻﺎﻟﺢ ﻋن دار ﻟم ﯾﺟب ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺷﻔﻌﺔ" ﻣﻌﻧﺎه إذا ﻛﺎن ﻋن إﻧﻛﺎر أو ﺳﻛوت‬ ‫ص ‪-191-‬‬
‫ﻷﻧﮫ ﯾﺄﺧذھﺎ ﻋﻠﻰ أﺻل ﺣﻘﮫ وﯾدﻓﻊ اﻟﻣﺎل دﻓﻌﺎ ﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻣدﻋﻲ وزﻋم اﻟﻣدﻋﻲ ﻻ ﯾﻠزﻣﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺻﺎﻟﺢ‬
‫ﻋﻠﻰ دار ﺣﯾث ﯾﺟب ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺷﻔﻌﺔ ﻷن اﻟﻣدﻋﻲ ﯾﺄﺧذھﺎ ﻋوﺿﺎ ﻋن اﻟﻣﺎل ﻓﻛﺎن ﻣﻌﺎوﺿﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﮫ ﻓﺗﻠزﻣﮫ اﻟﺷﻔﻌﺔ‬
‫ﺑﺈﻗراره وإن ﻛﺎن اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﯾﻛذﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن اﻟﺻﻠﺢ ﻋن إﻗرار واﺳﺗﺣق ﺑﻌض اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻋﻧﮫ رﺟﻊ اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺣﺻﺔ ذﻟك ﻣن اﻟﻌوض"‬
‫ﻷﻧﮫ ﻣﻌﺎوﺿﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ﻛﺎﻟﺑﯾﻊ وﺣﻛم اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ھذا "وإن وﻗﻊ اﻟﺻﻠﺢ ﻋن ﺳﻛوت أو إﻧﻛﺎر ﻓﺎﺳﺗﺣق‬
‫اﻟﻣﺗﻧﺎزع ﻓﯾﮫ رﺟﻊ اﻟﻣدﻋﻲ ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ ورد اﻟﻌوض" ﻷن اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺎ ﺑذل اﻟﻌوض إﻻ ﻟﯾدﻓﻊ ﺧﺻوﻣﺗﮫ ﻋن‬
‫ﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ظﮭر اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ﺗﺑﯾن أن ﻻ ﺧﺻوﻣﺔ ﻟﮫ ﻓﯾﺑﻘﻰ اﻟﻌوض ﻓﻲ ﯾده ﻏﯾر ﻣﺷﺗﻣل ﻋﻠﻰ ﻏرﺿﮫ ﻓﯾﺳﺗرده‪،‬‬
‫وإن اﺳﺗﺣق ﺑﻌض ذﻟك رد ﺣﺻﺗﮫ ورﺟﻊ ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻓﯾﮫ ﻷﻧﮫ ﺧﻼ اﻟﻌوض ﻓﻲ ھذا اﻟﻘدر ﻋن اﻟﻐرض‪ .‬وﻟو‬
‫اﺳﺗﺣق اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﯾﮫ ﻋن إﻗرار رﺟﻊ ﺑﻛل اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻋﻧﮫ ﻷﻧﮫ ﻣﺑﺎدﻟﺔ‪ ،‬وإن اﺳﺗﺣق ﺑﻌﺿﮫ رﺟﻊ ﺑﺣﺻﺗﮫ‪ .‬وإن‬
‫ﻛﺎن ا ﻟﺻﻠﺢ ﻋن إﻧﻛﺎر أو ﺳﻛوت رﺟﻊ إﻟﻰ اﻟدﻋوى ﻓﻲ ﻛﻠﮫ أو ﺑﻘدر اﻟﻣﺳﺗﺣق إذا اﺳﺗﺣق ﺑﻌﺿﮫ ﻷن اﻟﻣﺑدل ﻓﯾﮫ‬
‫ھو اﻟدﻋوى‪ ،‬وھذا ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺑﺎع ﻣﻧﮫ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﻛﺎر ﺷﯾﺋﺎ ﺣﯾث ﯾرﺟﻊ ﺑﺎﻟﻣدﻋﻰ ﻷن اﻹﻗدام ﻋﻠﻰ اﻟﺑﯾﻊ إﻗرار‬
‫ﻣﻧﮫ ﺑﺎﻟﺣق ﻟﮫ‪ ،‬وﻻ ﻛذﻟك اﻟﺻﻠﺢ ﻷﻧﮫ ﻗد ﯾﻘﻊ ﻟدﻓﻊ اﻟﺧﺻوﻣﺔ‪ ،‬وﻟو ھﻠك ﺑدل اﻟﺻﻠﺢ ﻗﺑل اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﺎﻟﺟواب ﻓﯾﮫ‬
‫ﻛﺎﻟﺟواب ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ﻓﻲ اﻟﻔﺻﻠﯾن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ادﻋﻰ ﺣﻘﺎ ﻓﻲ دار وﻟم ﯾﺑﯾﻧﮫ ﻓﺻوﻟﺢ ﻣن ذﻟك ﺛم اﺳﺗﺣق ﺑﻌض اﻟدار ﻟم ﯾرد ﺷﯾﺋﺎ ﻣن اﻟﻌوض ﻷن‬
‫دﻋواه ﯾﺟوز أن ﯾﻛون ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻘﻲ" ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا اﺳﺗﺣق ﻛﻠﮫ ﻷﻧﮫ ﯾﻌرى اﻟﻌوض ﻋﻧد ذﻟك ﻋن ﺷﻲء ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ ﻓﯾرﺟﻊ‬
‫ﺑﻛﻠﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗدﻣﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﺑﯾوع‪ .‬وﻟو ادﻋﻰ دارا ﻓﺻﺎﻟﺣﮫ ﻋﻠﻰ ﻗطﻌﺔ ﻣﻧﮭﺎ ﻟم ﯾﺻﺢ اﻟﺻﻠﺢ ﻷن ﻣﺎ ﻗﺑﺿﮫ ﻣن ﻋﯾن‬
‫ﺣﻘﮫ وھو ﻋﻠﻰ دﻋواه ﻓﻲ اﻟﺑﺎﻗﻲ‪ .‬واﻟوﺟﮫ ﻓﯾﮫ أﺣد أﻣرﯾن‪ :‬إﻣﺎ أن ﯾزﯾد درھﻣﺎ ﻓﻲ ﺑدل اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﺻﯾر ذﻟك ﻋوﺿﺎ‬
‫ﻋن ﺣﻘﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻘﻲ‪ ،‬أو ﯾﻠﺣق ﺑﮫ ذﻛر اﻟﺑراءة ﻋن دﻋوى اﻟﺑﺎﻗﻲ‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪" :‬واﻟﺻﻠﺢ ﺟﺎﺋز ﻋن دﻋوى اﻷﻣوال"‬


‫ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺑﯾﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﻣﻧﺎﻓﻊ" ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻣﻠك ﺑﻌﻘد اﻹﺟﺎرة ﻓﻛذا ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ‪ ،‬واﻷﺻل ﻓﯾﮫ أن اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺟب ﺣﻣﻠﮫ ﻋﻠﻰ أﻗرب اﻟﻌﻘود‬
‫إﻟﯾﮫ وأﺷﺑﮭﮭﺎ ﺑﮫ اﺣﺗﯾﺎﻻ ﻟﺗﺻﺣﯾﺢ ﺗﺻرف اﻟﻌﺎﻗد ﻣﺎ أﻣﻛن‪.‬‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ:‬ن ْ} ﻋ ُ ﻔِﻲ َ ﻟ َﮫ ُ ﻣ ِن ْ‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺻﺢ ﻋن ﺟﻧﺎﯾﺔ اﻟﻌﻣد واﻟﺧطﺄ" أﻣﺎ اﻷول ﻓﻠﻘوﻟ ﮫ ﻓ َﻣ‬

‫‪ -192-‬أ َ ﺧ ِﯾﮫِ ﺷ َﻲ ْ ء ٌ ﻓ َﺎﺗ ﱢ ﺑ َﺎع ٌ { ]اﻟﺑﻘرة‪ [178:‬اﻵﯾﺔ ﻗﺎل اﺑن ﻋﺑﺎس رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﻣﺎ‪ :‬إﻧﮭﺎ ﻧزﻟت‬ ‫ص‬
‫ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋن دم اﻟﻌﻣد وھو ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻧﻛﺎح‪ ،‬ﺣﺗﻰ أن ﻣﺎ ﺻﻠﺢ ﻣﺳﻣﻰ ﻓﯾﮫ ﺻﻠﺢ ھﺎھﻧﺎ إذ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣﺑﺎدﻟﺔ‬
‫اﻟﻣﺎل ﺑﻐﯾر اﻟﻣﺎل إﻻ أن ﻋﻧد ﻓﺳﺎد اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ ھﻧﺎ ﯾﺻﺎر إﻟﻰ اﻟدﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﻣوﺟب اﻟدم‪ .‬وﻟو ﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ ﺧﻣر ﻻ ﯾﺟب‬
‫ﺷﻲء ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺟب ﺑﻣطﻠق اﻟﻌﻔو‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح ﯾﺟب ﻣﮭر اﻟﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻔﺻﻠﯾن ﻷﻧﮫ اﻟﻣوﺟب اﻷﺻﻠﻲ‪ ،‬وﯾﺟب ﻣﻊ‬
‫اﻟﺳﻛوت ﻋﻧﮫ ﺣﻛﻣﺎ‪ ،‬وﯾدﺧل ﻓﻲ إطﻼق ﺟواب اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺟﻧﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﻔس وﻣﺎ دوﻧﮭﺎ‪ ،‬وھذا ﺑﺧﻼف اﻟﺻﻠﺢ ﻋن ﺣق‬
‫اﻟﺷﻔﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎل ﺣﯾث ﻻ ﯾﺻﺢ ﻷﻧﮫ ﺣق اﻟﺗﻣﻠك‪ ،‬وﻻ ﺣق ﻓﻲ اﻟﻣﺣل ﻗﺑل اﻟﺗﻣﻠك‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﻘﺻﺎص ﻓﻣﻠك اﻟﻣﺣل ﻓﻲ‬
‫ﺣق اﻟﻔﻌل ﻓﯾﺻﺢ اﻻﻋﺗﯾﺎض ﻋﻧﮫ وإذا ﻟم ﯾﺻﺢ اﻟﺻﻠﺢ ﺗﺑطل اﻟﺷﻔﻌﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺑطل ﺑﺎﻹﻋراض واﻟﺳﻛوت‪ ،‬واﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﻧﻔس ﺑﻣﻧزﻟﺔ ﺣق اﻟﺷﻔﻌﺔ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺟب اﻟﻣﺎل ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧﮫ‪ ،‬ﻏﯾر أن ﻓﻲ ﺑطﻼن اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ رواﯾﺗﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋرف‬
‫ﻓﻲ ﻣوﺿﻌﮫ‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﺛﺎﻧﻲ وھو ﺟﻧﺎﯾﺔ اﻟﺧطﺄ ﻓﻸن ﻣوﺟﺑﮭﺎ اﻟﻣﺎل ﻓﯾﺻﯾر ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﻻ ﺗﺻﺢ اﻟزﯾﺎدة ﻋﻠﻰ‬
‫ﻗدر اﻟدﯾﺔ ﻷﻧﮫ ﻣﻘدر ﺷرﻋﺎ ﻓﻼ ﯾﺟوز إﺑطﺎﻟﮫ ﻓﺗرد اﻟزﯾﺎدة‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺻﻠﺢ ﻋن اﻟﻘﺻﺎص ﺣﯾث ﺗﺟوز اﻟزﯾﺎدة ﻋﻠﻰ‬
‫ﻗدر اﻟدﯾﺔ ﻷن اﻟﻘﺻﺎص ﻟﯾس ﺑﻣﺎل وإﻧﻣﺎ ﯾﺗﻘوم ﺑﺎﻟﻌﻘد‪ ،‬وھذا إذا ﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ أﺣد ﻣﻘﺎدﯾر اﻟدﯾﺔ‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻏﯾر ذﻟك ﺟﺎز ﻷﻧﮫ ﻣﺑﺎدﻟﺔ ﺑﮭﺎ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﯾﺷﺗرط اﻟﻘﺑض ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس ﻛﻲ ﻻ ﯾﻛون اﻓﺗراﻗﺎ ﻋن دﯾن ﺑدﯾن‪ .‬وﻟو ﻗﺿﻰ‬
‫اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺄﺣد ﻣﻘﺎدﯾرھﺎ ﻓﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ ﺟﻧس آﺧر ﻣﻧﮭﺎ ﺑﺎﻟزﯾﺎدة ﺟﺎز ﻷﻧﮫ ﺗﻌﯾن اﻟﺣق ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء ﻓﻛﺎن ﻣﺑﺎدﻟﺔ ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟﺻﻠﺢ اﺑﺗداء ﻷن ﺗراﺿﯾﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻟﻣﻘﺎدﯾر ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﺣق اﻟﺗﻌﯾﯾن ﻓﻼ ﺗﺟوز اﻟزﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻌﯾن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز ﻋن دﻋوى ﺣد" ﻷﻧﮫ ﺣق ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﺣﻘﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﺟوز اﻻﻋﺗﯾﺎض ﻋن ﺣق ﻏﯾره‪ ،‬وﻟﮭذا ﻻ‬
‫ﯾﺟوز اﻻﻋﺗﯾﺎض إذا ادﻋت اﻟﻣرأة ﻧﺳب وﻟدھﺎ ﻷﻧﮫ ﺣق اﻟوﻟد ﻻ ﺣﻘﮭﺎ‪ ،‬وﻛذا ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻣﺎ أﺷرﻋﮫ إﻟﻰ‬
‫طرﯾق اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻷﻧﮫ ﺣق اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻼ ﯾﺟوز أن ﯾﺻﺎﻟﺢ واﺣد ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻔراد ﻋﻧﮫ؛ وﯾدﺧل ﻓﻲ إطﻼق اﻟﺟواب ﺣد‬
‫اﻟﻘذف ﻷن اﻟﻣﻐﻠب ﻓﯾﮫ ﺣق اﻟﺷرع‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ادﻋﻰ رﺟل ﻋﻠﻰ اﻣرأة ﻧﻛﺎﺣﺎ وھﻲ ﺗﺟﺣد ﻓﺻﺎﻟﺣﺗﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎل ﺑذﻟﺗﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﺗرك اﻟدﻋوى ﺟﺎز وﻛﺎن‬
‫ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺧﻠﻊ" ﻷﻧﮫ أﻣﻛن ﺗﺻﺣﯾﺣﮫ ﺧﻠﻌﺎ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺑﮫ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ زﻋﻣﮫ وﻓﻲ ﺟﺎﻧﺑﮭﺎ ﺑدﻻ ﻟﻠﻣﺎل ﻟدﻓﻊ اﻟﺧﺻوﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻟوا‪ :‬وﻻ ﯾﺣل ﻟﮫ أن ﯾﺄﺧذ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ إذا ﻛﺎن ﻣﺑطﻼ ﻓﻲ دﻋواه‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ادﻋت اﻣرأة ﻋﻠﻰ رﺟل ﻧﻛﺎﺣﺎ ﻓﺻﺎﻟﺣﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎل ﺑذﻟﮫ ﻟﮭﺎ ﺟﺎز" ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬ھﻛذا ذﻛر ﻓﻲ‬
‫ﺑﻌض ﻧﺳﺦ اﻟﻣﺧﺗﺻر‪ ،‬وﻓﻲ ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻗﺎل‪ :‬ﻟم ﯾﺟز‪ .‬وﺟﮫ اﻷول أن‬

‫ﯾﺟﻌل زﯾﺎدة ﻓﻲ ﻣﮭرھﺎ‪ .‬وﺟﮫ اﻟﺛﺎﻧﻲ أﻧﮫ ﺑذل ﻟﮭﺎ اﻟﻣﺎل ﻟﺗﺗرك اﻟدﻋوى ﻓﺈن ﺟﻌل ﺗرك‬ ‫ص ‪-193-‬‬
‫اﻟدﻋوى ﻣﻧﮭﺎ ﻓرﻗﺔ ﻓﺎﻟزوج ﻻ ﯾﻌطﻲ اﻟﻌوض ﻓﻲ اﻟﻔرﻗﺔ‪ ،‬وإن ﻟم ﯾﺟﻌل ﻓﺎﻟﺣﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﮫ ﻗﺑل اﻟدﻋوى ﻓﻼ‬
‫ﺷﻲء ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ اﻟﻌوض ﻓﻠم ﯾﺻﺢ‪ .‬ﻗﺎل‪" :‬وإن ادﻋﻰ ﻋﻠﻰ رﺟل أﻧﮫ ﻋﺑده ﻓﺻﺎﻟﺣﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎل أﻋطﺎه ﺟﺎز وﻛﺎن ﻓﻲ‬
‫ﺣق اﻟﻣدﻋﻲ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻹﻋﺗﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺎل" ﻷﻧﮫ أﻣﻛن ﺗﺻﺣﯾﺣﮫ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟوﺟﮫ ﻓﻲ ﺣﻘﮫ ﻟزﻋﻣﮫ وﻟﮭذا ﯾﺻﺢ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺣﯾوان ﻓﻲ اﻟذﻣﺔ إﻟﻰ أﺟل وﻓﻲ ﺣق اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﯾﻛون ﻟدﻓﻊ اﻟﺧﺻوﻣﺔ؛ ﻷﻧﮫ ﯾزﻋم أﻧﮫ ﺣر ﻓﺟﺎز إﻻ أﻧﮫ ﻻ وﻻء‬
‫ﻟﮫ ﻹﻧﻛﺎر اﻟﻌﺑد إﻻ أن ﯾﻘﯾم اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻓﺗﻘﺑل وﯾﺛﺑت اﻟوﻻء‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻗﺗل اﻟﻌﺑد اﻟﻣﺄذون ﻟﮫ رﺟﻼ ﻋﻣدا ﻟم ﯾﺟز ﻟﮫ أن ﯾﺻﺎﻟﺢ ﻋن ﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬وإن ﻗﺗل ﻋﺑد ﻟﮫ رﺟﻼ ﻋﻣدا‬
‫ﻓﺻﺎﻟﺣﮫ ﺟﺎز" ووﺟﮫ اﻟﻔرق أن رﻗﺑﺗﮫ ﻟﯾﺳت ﻣن ﺗﺟﺎرﺗﮫ وﻟﮭذا ﻻ ﯾﻣﻠك اﻟﺗﺻرف ﻓﯾﮫ ﺑﯾﻌﺎ ﻓﻛذا اﺳﺗﺧﻼﺻﺎ ﺑﻣﺎل‬
‫اﻟﻣوﻟﻰ وﺻﺎر ﻛﺎﻷﺟﻧﺑﻲ‪ ،‬أﻣﺎ ﻋﺑده ﻓﻣن ﺗﺟﺎرﺗﮫ وﺗﺻرﻓﮫ ﻓﯾﮫ ﻧﺎﻓذ ﺑﯾﻌﺎ ﻓﻛذا اﺳﺗﺧﻼﺻﺎ‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﻣﺳﺗﺣق‬
‫ﻛﺎﻟزاﺋل ﻋن ﻣﻠﻛﮫ وھذا ﺷراؤه ﻓﯾﻣﻠﻛﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻏﺻب ﺛوﺑﺎ ﯾﮭودﯾﺎ ﻗﯾﻣﺗﮫ دون اﻟﻣﺎﺋﺔ ﻓﺎﺳﺗﮭﻠﻛﮫ ﻓﺻﺎﻟﺣﮫ ﻣﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺔ درھم ﺟﺎز ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪.‬‬
‫وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد‪ :‬ﯾﺑطل اﻟﻔﺿل ﻋﻠﻰ ﻗﯾﻣﺗﮫ ﺑﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﻐﺎﺑن اﻟﻧﺎس ﻓﯾﮫ" ﻷن اﻟواﺟب ھﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ وھﻲ‬
‫ﻣﻘدرة ﻓﺎﻟزﯾﺎدة ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺗﻛون رﺑﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ ﻋرض ﻷن اﻟزﯾﺎدة ﻻ ﺗظﮭر ﻋﻧد اﺧﺗﻼف اﻟﺟﻧس‪،‬‬
‫وﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﯾﺗﻐﺎﺑن اﻟﻧﺎس ﻓﯾﮫ ﻷﻧﮫ ﯾدﺧل ﺗﺣت ﺗﻘوﯾم اﻟﻣﻘوﻣﯾن ﻓﻼ ﺗظﮭر اﻟزﯾﺎدة‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أن ﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻟﮭﺎﻟك‬
‫ﺑﺎق ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎن ﻋﺑدا وﺗرك أﺧذ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﯾﻛون اﻟﻛﻔن ﻋﻠﯾﮫ أو ﺣﻘﮫ ﻓﻲ ﻣﺛﻠﮫ ﺻورة وﻣﻌﻧﻰ‪ ،‬ﻷن ﺿﻣﺎن اﻟﻌدوان‬
‫ﺑﺎﻟﻣﺛل‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﻧﺗﻘل إﻟﻰ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء ﻓﻘﺑﻠﮫ إذا ﺗراﺿﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺛر ﻛﺎن اﻋﺗﯾﺎﺿﺎ ﻓﻼ ﯾﻛون رﺑﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺻﻠﺢ‬
‫ﺑﻌد اﻟﻘﺿﺎء ﻷن اﻟﺣق ﻗد اﻧﺗﻘل إﻟﻰ اﻟﻘﯾﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن اﻟﻌﺑد ﺑﯾن رﺟﻠﯾن أﻋﺗﻘﮫ أﺣدھﻣﺎ وھو ﻣوﺳر ﻓﺻﺎﻟﺣﮫ اﻵﺧر ﻋﻠﻰ أﻛﺛر ﻣن ﻧﺻف ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻓﺎﻟﻔﺿل‬
‫ﺑﺎطل" وھذا ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق‪ ،‬وأﻣﺎ ﻋﻧدھﻣﺎ ﻓﻠﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪ .‬واﻟﻔرق ﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺗق ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﮭﺎ‬
‫وﺗﻘدﯾر اﻟﺷرع ﻻ ﯾﻛون دون ﺗﻘدﯾر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻼ ﯾﺟوز اﻟزﯾﺎدة ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﺗﻘدم ﻷﻧﮭﺎ ﻏﯾر ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﮭﺎ‬
‫"وإن ﺻﺎﻟﺣﮫ ﻋﻠﻰ ﻋروض ﺟﺎز" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ أﻧﮫ ﻻ ﯾظﮭر اﻟﻔﺿل‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻟﺗﺑرع ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ واﻟﺗوﻛﯾل ﺑﮫ‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن وﻛل رﺟﻼ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧﮫ ﻓﺻﺎﻟﺢ ﻟم ﯾﻠزم اﻟوﻛﯾل ﻣﺎ ﺻﺎﻟﺢ ﻋﻧﮫ إﻻ أن ﯾﺿﻣﻧﮫ‬

‫واﻟﻣﺎل ﻻزم ﻟﻠﻣوﻛل" وﺗﺄوﯾل ھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ إذا ﻛﺎن اﻟﺻﻠﺢ ﻋن دم اﻟﻌﻣد أو ﻛﺎن اﻟﺻﻠﺢ‬ ‫ص ‪-194-‬‬
‫ﻋن ﺑﻌض ﻣﺎ ﯾدﻋﯾﮫ ﻣن اﻟدﯾن ﻷﻧﮫ إﺳﻘﺎط ﻣﺣض ﻓﻛﺎن اﻟوﻛﯾل ﻓﯾﮫ ﺳﻔﯾرا وﻣﻌﺑرا ﻓﻼ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮫ ﻛﺎﻟوﻛﯾل‬
‫ﺑﺎﻟﻧﻛﺎح إﻻ أن ﯾﺿﻣﻧﮫ ﻷﻧﮫ ﺣﯾﻧﺋذ ھو ﻣؤاﺧذ ﺑﻌﻘد اﻟﺿﻣﺎن ﻻ ﺑﻌﻘد اﻟﺻﻠﺢ‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺻﻠﺢ ﻋن ﻣﺎل ﺑﻣﺎل ﻓﮭو‬
‫ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﺗرﺟﻊ اﻟﺣﻘوق إﻟﻰ اﻟوﻛﯾل ﻓﯾﻛون اﻟﻣطﺎﻟب ﺑﺎﻟﻣﺎل ھو اﻟوﻛﯾل دون اﻟﻣوﻛل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﺻﺎﻟﺢ رﺟل ﻋﻧﮫ ﺑﻐﯾر أﻣره ﻓﮭو ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ أوﺟﮫ‪ :‬إن ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻣﺎل وﺿﻣﻧﮫ ﺗم اﻟﺻﻠﺢ" ﻷن اﻟﺣﺎﺻل‬
‫ﻟﻠﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻟﯾس إﻻ اﻟﺑراءة وﻓﻲ ﺣﻘﮭﺎ ھو واﻷﺟﻧﺑﻲ ﺳواء ﻓﺻﻠﺢ أﺻﯾﻼ ﻓﯾﮫ إذا ﺿﻣﻧﮫ‪ ،‬ﻛﺎﻟﻔﺿوﻟﻲ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ إذا‬
‫ﺿﻣن اﻟﺑدل وﯾﻛون ﻣﺗﺑرﻋﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻛﻣﺎ ﻟو ﺗﺑرع ﺑﻘﺿﺎء اﻟدﯾن ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺑﺄﻣره وﻻ ﯾﻛون ﻟﮭذا‬
‫اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﺷﻲء ﻣن اﻟﻣدﻋﻰ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ذﻟك ﻟﻠذي ﻓﻲ ﯾده ﻷن ﺗﺻﺣﯾﺣﮫ ﺑطرﯾق اﻹﺳﻘﺎط‪ ،‬وﻻ ﻓرق ﻓﻲ ھذا ﺑﯾن ﻣﺎ إذا‬
‫ﻛﺎن ﻣﻘرا أو ﻣﻧﻛرا "وﻛذﻟك إن ﻗﺎل ﺻﺎﻟﺣﺗك ﻋﻠﻰ أﻟﻔﻲ ھذه أو ﻋﻠﻰ ﻋﺑدي ھذا ﺻﺢ اﻟﺻﻠﺢ وﻟزﻣﮫ ﺗﺳﻠﯾﻣﮭﺎ"‬
‫ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ أﺿﺎﻓﮫ إﻟﻰ ﻣﺎل ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻘد اﻟﺗزم ﺗﺳﻠﯾﻣﮫ ﻓﺻﺢ اﻟﺻﻠﺢ "وﻛذﻟك ﻟو ﻗﺎل ﻋﻠﻲ أﻟف وﺳﻠﻣﮭﺎ" ﻷن اﻟﺗﺳﻠﯾم إﻟﯾﮫ‬
‫ﯾوﺟب ﺳﻼﻣﺔ اﻟﻌوض ﻟﮫ ﻓﯾﺗم اﻟﻌﻘد ﻟﺣﺻول ﻣﻘﺻوده "وﻟو ﻗﺎل ﺻﺎﻟﺣﺗك ﻋﻠﻰ أﻟف ﻓﺎﻟﻌﻘد ﻣوﻗوف‪ ،‬ﻓﺈن أﺟﺎزه‬
‫اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﺟﺎز وﻟزﻣﮫ اﻷﻟف‪ ،‬وإن ﻟم ﯾﺟزه ﺑطل" ﻷن اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﻌﻘد إﻧﻣﺎ ھو اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻷن دﻓﻊ‬
‫اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺣﺎﺻل ﻟﮫ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﻔﺿوﻟﻲ ﯾﺻﯾر أﺻﯾﻼ ﺑواﺳطﺔ إﺿﺎﻓﺔ اﻟﺿﻣﺎن إﻟﻰ ﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻟم ﯾﺿﻔﮫ ﺑﻘﻲ ﻋﺎﻗدا‬
‫ﻣن ﺟﮭﺔ اﻟﻣطﻠوب ﻓﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ إﺟﺎزﺗﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬ووﺟﮫ آﺧر وھو أن ﯾﻘول ﺻﺎﻟﺣﺗك ﻋﻠﻰ ھذه اﻷﻟف أو ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻌﺑد وﻟم ﯾﻧﺳﺑﮫ إﻟﻰ ﻧﻔﺳﮫ‬
‫ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﻋﯾﻧﮫ ﻟﻠﺗﺳﻠﯾم ﺻﺎر ﺷﺎرطﺎ ﺳﻼﻣﺗﮫ ﻟﮫ ﻓﯾﺗم ﺑﻘوﻟﮫ‪ .‬وﻟو اﺳﺗﺣق اﻟﻌﺑد أو وﺟد ﺑﮫ ﻋﯾﺑﺎ ﻓرده ﻓﻼ ﺳﺑﯾل ﻟﮫ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻷﻧﮫ اﻟﺗزم اﻹﯾﻔﺎء ﻣن ﻣﺣل ﺑﻌﯾﻧﮫ وﻟم ﯾﻠﺗزم ﺷﯾﺋﺎ ﺳواه‪ ،‬ﻓﺈن ﺳﻠم اﻟﻣﺣل ﻟﮫ ﺗم اﻟﺻﻠﺢ‪ ،‬وإن ﻟم ﯾﺳﻠم‬
‫ﻟﮫ ﻟم ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺷﻲء‪ .‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ دراھم ﻣﺳﻣﺎة وﺿﻣﻧﮭﺎ ودﻓﻌﮭﺎ ﺛم اﺳﺗﺣﻘت أو وﺟدھﺎ زﯾوﻓﺎ‬
‫ﺣﯾث ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ ﻷﻧﮫ ﺟﻌل ﻧﻔﺳﮫ أﺻﯾﻼ ﻓﻲ ﺣق اﻟﺿﻣﺎن وﻟﮭذا ﯾﺟﺑر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺳﻠﯾم‪ ،‬ﻓﺈذا ﻟم ﯾﺳﻠم ﻟﮫ ﻣﺎ ﺳﻠﻣﮫ ﯾرﺟﻊ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺑدﻟﮫ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟدﯾن‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛل ﺷﻲء وﻗﻊ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻠﺢ وھو ﻣﺳﺗﺣق ﺑﻌﻘد اﻟﻣداﯾﻧﺔ ﻟم ﯾﺣﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎوﺿﺔ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺣﻣل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ‬
‫اﺳﺗوﻓﻰ ﺑﻌض ﺣﻘﮫ وأﺳﻘط ﺑﺎﻗﯾﮫ‪ ،‬ﻛﻣن ﻟﮫ ﻋﻠﻰ آﺧر أﻟف‬

‫درھم ﻓﺻﺎﻟﺣﮫ ﻋﻠﻰ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ‪ ،‬وﻛﻣن ﻟﮫ ﻋﻠﻰ آﺧر أﻟف ﺟﯾﺎد ﻓﺻﺎﻟﺣﮫ ﻋﻠﻰ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ‬ ‫ص ‪-195-‬‬
‫زﯾوف ﺟﺎز وﻛﺄﻧﮫ أﺑرأه ﻋن ﺑﻌض ﺣﻘﮫ" وھذا ﻷن ﺗﺻرف اﻟﻌﺎﻗل ﯾﺗﺣرى ﺗﺻﺣﯾﺣﮫ ﻣﺎ أﻣﻛن‪ ،‬وﻻ وﺟﮫ‬
‫ﻟﺗﺻﺣﯾﺣﮫ ﻣﻌﺎوﺿﺔ ﻹﻓﺿﺎﺋﮫ إﻟﻰ اﻟرﺑﺎ ﻓﺟﻌل إﺳﻘﺎطﺎ ﻟﻠﺑﻌض ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻷوﻟﻰ وﻟﻠﺑﻌض واﻟﺻﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‬
‫"وﻟو ﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ أﻟف ﻣؤﺟﻠﺔ ﺟﺎز وﻛﺄﻧﮫ أﺟل ﻧﻔس اﻟﺣق" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺟﻌﻠﮫ ﻣﻌﺎوﺿﺔ ﻷن ﺑﯾﻊ اﻟدراھم ﺑﻣﺛﻠﮭﺎ‬
‫ﻧﺳﯾﺋﺔ ﻻ ﯾﺟوز ﻓﺣﻣﻠﻧﺎه ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺄﺧﯾر "وﻟو ﺻﺎﻟﺣﮫ ﻋﻠﻰ دﻧﺎﻧﯾر إﻟﻰ ﺷﮭر ﻟم ﯾﺟز" ﻷن اﻟدﻧﺎﻧﯾر ﻏﯾر ﻣﺳﺗﺣﻘﺔ ﺑﻌﻘد‬
‫اﻟﻣداﯾﻧﺔ ﻓﻼ ﯾﻣﻛن ﺣﻣﻠﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺄﺧﯾر‪ ،‬وﻻ وﺟﮫ ﻟﮫ ﺳوى اﻟﻣﻌﺎوﺿﺔ‪ ،‬وﺑﯾﻊ اﻟدراھم ﺑﺎﻟدﻧﺎﻧﯾر ﻧﺳﯾﺋﺔ ﻻ ﯾﺟوز ﻓﻠم‬
‫ﯾﺻﺢ اﻟﺻﻠﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو ﻛﺎﻧت ﻟﮫ أﻟف ﻣؤﺟﻠﺔ ﻓﺻﺎﻟﺣﮫ ﻋﻠﻰ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﻟم ﯾﺟز" ﻷن اﻟﻣﻌﺟل ﺧﯾر ﻣن اﻟﻣؤﺟل وھو ﻏﯾر‬
‫ﻣﺳﺗﺣق ﺑﺎﻟﻌﻘد ﻓﯾﻛون ﺑﺈزاء ﻣﺎ ﺣطﮫ ﻋﻧﮫ‪ ،‬وذﻟك اﻋﺗﯾﺎض ﻋن اﻷﺟل وھو ﺣرام "وإن ﻛﺎن ﻟﮫ أﻟف ﺳود ﻓﺻﺎﻟﺣﮫ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﺑﯾض ﻟم ﯾﺟز" ﻷن اﻟﺑﯾض ﻏﯾر ﻣﺳﺗﺣﻘﺔ ﺑﻌﻘد اﻟﻣداﯾﻧﺔ وھﻲ زاﺋدة وﺻﻔﺎ ﻓﯾﻛون ﻣﻌﺎوﺿﺔ اﻷﻟف‬
‫ﺑﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ وزﯾﺎدة وﺻف وھو رﺑﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺻﺎﻟﺢ ﻋن اﻷﻟف اﻟﺑﯾض ﻋﻠﻰ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﺳود ﺣﯾث ﯾﺟوز ﻷﻧﮫ‬
‫إﺳﻘﺎط ﻛﻠﮫ ﻗدرا ووﺻﻔﺎ‪ ،‬وﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ ﻗدر اﻟدﯾن وھو أﺟود ﻷﻧﮫ ﻣﻌﺎوﺿﺔ اﻟﻣﺛل ﺑﺎﻟﻣﺛل‪ ،‬وﻻ ﻣﻌﺗﺑر‬
‫ﺑﺎﻟﺻﻔﺔ إﻻ أﻧﮫ ﯾﺷﺗرط اﻟﻘﺑض ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﻋﻠﯾﮫ أﻟف درھم وﻣﺎﺋﺔ دﯾﻧﺎر ﻓﺻﺎﻟﺣﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺔ درھم ﺣﺎﻟﺔ‬
‫أو إﻟﻰ ﺷﮭر ﺻﺢ اﻟﺻﻠﺢ ﻷﻧﮫ أﻣﻛن أن ﯾﺟﻌل إﺳﻘﺎطﺎ ﻟﻠدﻧﺎﻧﯾر ﻛﻠﮭﺎ واﻟدراھم إﻻ ﻣﺎﺋﺔ وﺗﺄﺟﯾﻼ ﻟﻠﺑﺎﻗﻲ ﻓﻼ ﯾﺟﻌل‬
‫ﻣﻌﺎوﺿﺔ ﺗﺻﺣﯾﺣﺎ ﻟﻠﻌﻘد أو ﻷن ﻣﻌﻧﻰ اﻹﺳﻘﺎط ﻓﯾﮫ أﻟزم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻟﮫ ﻋﻠﻰ آﺧر أﻟف درھم ﻓﻘﺎل أد إﻟﻲ ﻏدا ﻣﻧﮭﺎ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻋﻠﻰ أﻧك ﺑريء ﻣن اﻟﻔﺿل ﻓﻔﻌل ﻓﮭو‬
‫ﺑريء‪ ،‬ﻓﺈن ﻟم ﯾدﻓﻊ إﻟﯾﮫ اﻟﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻏدا ﻋﺎد ﻋﻠﯾﮫ اﻷﻟف وھو ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ﻻ‬
‫ﯾﻌود ﻋﻠﯾﮫ" ﻷﻧﮫ إﺑراء ﻣطﻠق؛ أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﺟﻌل أداء اﻟﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻋوﺿﺎ ﺣﯾث ذﻛره ﺑﻛﻠﻣﺔ ﻋﻠﻰ وھﻲ ﻟﻠﻣﻌﺎوﺿﺔ‪،‬‬
‫واﻷداء ﻻ ﯾﺻﺢ ﻋوﺿﺎ ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﺳﺗﺣﻘﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﺟرى وﺟوده ﻣﺟرى ﻋدﻣﮫ ﻓﺑﻘﻲ اﻹﺑراء ﻣطﻠﻘﺎ ﻓﻼ ﯾﻌود ﻛﻣﺎ إذا ﺑدأ‬
‫ﺑﺎﻹﺑراء‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن ھذا إﺑراء ﻣﻘﯾد ﺑﺎﻟﺷرط ﻓﯾﻔوت ﺑﻔواﺗﮫ ﻷﻧﮫ ﺑدأ ﺑﺄداء اﻟﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻓﻲ اﻟﻐد وأﻧﮫ ﯾﺻﻠﺢ ﻏرﺿﺎ‬
‫ﺣذار إﻓﻼﺳﮫ وﺗوﺳﻼ إﻟﻰ ﺗﺟﺎرة أرﺑﺢ ﻣﻧﮫ‪ ،‬وﻛﻠﻣﺔ ﻋﻠﻰ إن ﻛﺎﻧت ﻟﻠﻣﻌﺎوﺿﺔ ﻓﮭﻲ ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ﻟﻠﺷرط ﻟوﺟود ﻣﻌﻧﻰ‬
‫اﻟﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻓﯾﮫ ﻓﯾﺣﻣل ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻧد ﺗﻌذر اﻟﺣﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎوﺿﺔ ﺗﺻﺣﯾﺣﺎ ﻟﺗﺻرﻓﮫ أو ﻷﻧﮫ ﻣﺗﻌﺎرف‪ ،‬واﻹﺑراء ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻘﯾد‬
‫ﺑﺎﻟﺷرط وإن ﻛﺎن ﻻ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺣواﻟﺔ‪ ،‬وﺳﺗﺧرج اﻟﺑداءة ﺑﺎﻹﺑراء إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬وھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ وﺟوه‪ :‬أﺣدھﺎ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‪.‬‬

‫واﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬إذا ﻗﺎل ﺻﺎﻟﺣﺗك ﻣن اﻷﻟف ﻋﻠﻰ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﺗدﻓﻌﮭﺎ إﻟﻲ ﻏدا وأﻧت ﺑريء ﻣن‬ ‫ص ‪-196-‬‬
‫اﻟﻔﺿل ﻋﻠﻰ أﻧك إن ﻟم ﺗدﻓﻌﮭﺎ إﻟﻲ ﻏدا ﻓﺎﻷﻟف ﻋﻠﯾك ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﮫ‪ .‬وﺟواﺑﮫ أن اﻷﻣر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎل ﻷﻧﮫ أﺗﻰ ﺑﺻرﯾﺢ‬
‫اﻟﺗﻘﯾﯾد ﻓﯾﻌﻣل ﺑﮫ‪.‬‬
‫واﻟﺛﺎﻟث‪ :‬إذا ﻗﺎل أﺑرأﺗك ﻣن ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻣن اﻷﻟف ﻋﻠﻰ أن ﺗﻌطﯾﻧﻲ اﻟﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻏدا واﻹﺑراء ﻓﯾﮫ واﻗﻊ أﻋطﻰ‬
‫اﻟﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ أو ﻟم ﯾﻌط ﻷﻧﮫ أطﻠق اﻹﺑراء أوﻻ‪ ،‬وأداء اﻟﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻻ ﯾﺻﻠﺢ ﻋوﺿﺎ ﻣطﻠﻘﺎ وﻟﻛﻧﮫ ﯾﺻﻠﺢ ﺷرطﺎ ﻓوﻗﻊ‬
‫اﻟﺷك ﻓﻲ ﺗﻘﯾﯾده ﺑﺎﻟﺷرط ﻓﻼ ﯾﺗﻘﯾد ﺑﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺑدأ ﺑﺄداء ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻷن اﻹﺑراء ﺣﺻل ﻣﻘروﻧﺎ ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﻣن ﺣﯾث‬
‫إﻧﮫ ﻻ ﯾﺻﻠﺢ ﻋوﺿﺎ ﯾﻘﻊ ﻣطﻠﻘﺎ‪ ،‬وﻣن ﺣﯾث إﻧﮫ ﯾﺻﻠﺢ ﺷرطﺎ ﻻ ﯾﻘﻊ ﻣطﻠﻘﺎ ﻓﻼ ﯾﺛﺑت اﻹطﻼق ﺑﺎﻟﺷك ﻓﺎﻓﺗرﻗﺎ‪.‬‬
‫واﻟراﺑﻊ‪ :‬إذا ﻗﺎل أد إﻟﻲ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻋﻠﻰ أﻧك ﺑريء ﻣن اﻟﻔﺿل وﻟم ﯾؤﻗت ﻟﻸداء وﻗﺗﺎ‪ .‬وﺟواﺑﮫ أﻧﮫ ﯾﺻﺢ اﻹﺑراء‬
‫وﻻ ﯾﻌود اﻟدﯾن ﻷن ھذا إﺑراء ﻣطﻠق‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﻟم ﯾؤﻗت ﻟﻸداء وﻗﺗﺎ ﻻ ﯾﻛون اﻷداء ﻏرﺿﺎ ﺻﺣﯾﺣﺎ ﻷﻧﮫ واﺟب‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ﻣطﻠق اﻷزﻣﺎن ﻓﻠم ﯾﺗﻘﯾد ﺑل ﯾﺣﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎوﺿﺔ وﻻ ﯾﺻﻠﺢ ﻋوﺿﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﺗﻘدم ﻷن اﻷداء ﻓﻲ‬
‫اﻟﻐد ﻏرض ﺻﺣﯾﺢ‪.‬‬
‫واﻟﺧﺎﻣس‪ :‬إذا ﻗﺎل إن أدﯾت إﻟﻲ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ أو ﻗﺎل إذا أدﯾت أو ﻣﺗﻰ أدﯾت‪ .‬ﻓﺎﻟﺟواب ﻓﯾﮫ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺻﺢ اﻹﺑراء ﻷﻧﮫ‬
‫ﻋﻠﻘﮫ ﺑﺎﻟﺷرط ﺻرﯾﺣﺎ‪ ،‬وﺗﻌﻠﯾق اﻟﺑراءات ﺑﺎﻟﺷروط ﺑﺎطل ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣن ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻣﻠﯾك ﺣﺗﻰ ﯾرﺗد ﺑﺎﻟرد‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ‬
‫ﺗﻘدم ﻷﻧﮫ ﻣﺎ أﺗﻰ ﺑﺻرﯾﺢ اﻟﺷرط ﻓﺣﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻘﯾﯾد ﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻗﺎل ﻵﺧر ﻻ أﻗر ﻟك ﺑﻣﺎﻟك ﺣﺗﻰ ﺗؤﺧره ﻋﻧﻲ أو ﺗﺣط ﻋﻧﻲ ﻓﻔﻌل ﺟﺎز ﻋﻠﯾﮫ" ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﻣﻛره‪،‬‬
‫وﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ إذا ﻗﺎل ذﻟك ﺳرا‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻗﺎل ﻋﻼﻧﯾﺔ ﯾؤﺧذ ﺑﮫ‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ اﻟدﯾن اﻟﻣﺷﺗرك‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن اﻟدﯾن ﺑﯾن ﺷرﯾﻛﯾن ﻓﺻﺎﻟﺢ أﺣدھﻣﺎ ﻣن ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﺛوب ﻓﺷرﯾﻛﮫ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬إن ﺷﺎء اﺗﺑﻊ اﻟذي‬
‫ﻋﻠﯾﮫ اﻟدﯾن ﺑﺻﻔﺔ‪ ،‬وإن ﺷﺎء أﺧذ ﻧﺻف اﻟﺛوب إﻻ أن ﯾﺿﻣن ﻟﮫ ﺷرﯾﻛﮫ رﺑﻊ اﻟدﯾن" وأﺻل ھذا أن اﻟدﯾن‬
‫اﻟﻣﺷﺗرك ﺑﯾن اﺛﻧﯾن إذا ﻗﺑض أﺣدھﻣﺎ ﺷﯾﺋﺎ ﻣﻧﮫ ﻓﻠﺻﺎﺣﺑﮫ أن ﯾﺷﺎرﻛﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺑوض ﻷﻧﮫ ازداد ﺑﺎﻟﻘﺑض‪ ،‬إذ ﻣﺎﻟﯾﺔ‬
‫اﻟدﯾن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﻋﺎﻗﺑﺔ اﻟﻘﺑض‪ ،‬وھذه اﻟزﯾﺎدة راﺟﻌﺔ إﻟﻰ أﺻل اﻟﺣق ﻓﺗﺻﯾر ﻛزﯾﺎدة اﻟوﻟد واﻟﺛﻣرة وﻟﮫ ﺣق‬
‫اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ‪ ،‬وﻟﻛﻧﮫ ﻗﺑل اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﺑﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻟك اﻟﻘﺎﺑض‪ ،‬ﻷن اﻟﻌﯾن ﻏﯾر اﻟدﯾن ﺣﻘﯾﻘﺔ وﻗد ﻗﺑﺿﮫ ﺑدﻻ ﻋن ﺣﻘﮫ‪،‬‬

‫ﻓﯾﻣﻠﻛﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﻧﻔذ ﺗﺻرﻓﮫ ﻓﯾﮫ وﯾﺿﻣن ﻟﺷرﯾﻛﮫ ﺣﺻﺗﮫ‪ ،‬واﻟدﯾن اﻟﻣﺷﺗرك ﯾﻛون واﺟﺑﺎ‬ ‫ص ‪-197-‬‬
‫ﺑﺳﺑب ﻣﺗﺣد ﻛﺛﻣن اﻟﻣﺑﯾﻊ إذا ﻛﺎن ﺻﻔﻘﺔ واﺣدة وﺛﻣن اﻟﻣﺎل اﻟﻣﺷﺗرك واﻟﻣوروث ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ وﻗﯾﻣﺔ اﻟﻣﺳﺗﮭﻠك‬
‫اﻟﻣﺷﺗرك‪ .‬إذا ﻋرﻓﻧﺎ ھذا ﻓﻧﻘول ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻛﺗﺎب‪ :‬ﻟﮫ أن ﯾﺗﺑﻊ اﻟذي ﻋﻠﯾﮫ اﻷﺻل ﻷن ﻧﺻﯾﺑﮫ ﺑﺎق ﻓﻲ ذﻣﺗﮫ ﻷن‬
‫اﻟﻘﺎﺑض ﻗﺑض ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻟﻛن ﻟﮫ ﺣق اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ‪ ،‬وإن ﺷﺎء أﺧذ ﻧﺻف اﻟﺛوب ﻷن ﻟﮫ ﺣق اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ إﻻ أن ﯾﺿﻣن ﻟﮫ‬
‫ﺷرﯾﻛﮫ رﺑﻊ اﻟدﯾن ﻷن ﺣﻘﮫ ﻓﻲ ذﻟك‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو اﺳﺗوﻓﻰ ﻧﺻف ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻣن اﻟدﯾن ﻛﺎن ﻟﺷرﯾﻛﮫ أن ﯾﺷﺎرﻛﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﻗﺑض" ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ "ﺛم ﯾرﺟﻌﺎن ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻐرﯾم ﺑﺎﻟﺑﺎﻗﻲ" ﻷﻧﮭﻣﺎ ﻟﻣﺎ اﺷﺗرﻛﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺑوض ﻻ ﺑد أن ﯾﺑﻘﻰ اﻟﺑﺎﻗﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺷرﻛﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو اﺷﺗرى أﺣدھﻣﺎ ﺑﻧﺻﯾﺑﮫ ﻣن اﻟدﯾن ﺳﻠﻌﺔ ﻛﺎن ﻟﺷرﯾﻛﮫ أن ﯾﺿﻣﻧﮫ رﺑﻊ اﻟدﯾن" ﻷﻧﮫ ﺻﺎر ﻗﺎﺑﺿﺎ ﺣﻘﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺻﺔ ﻛﺎﻣﻼ‪ ،‬ﻷن ﻣﺑﻧﻰ اﻟﺑﯾﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻣﺎﻛﺳﺔ ﺑﺧﻼف اﻟﺻﻠﺢ ﻷن ﻣﺑﻧﺎه ﻋﻠﻰ اﻹﻏﻣﺎض واﻟﺣطﯾطﺔ‪ ،‬ﻓﻠو أﻟزﻣﻧﺎه‬
‫دﻓﻊ رﺑﻊ اﻟدﯾن ﯾﺗﺿرر ﺑﮫ ﻓﯾﺗﺧﯾر اﻟﻘﺎﺑض ﻛﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ ،‬وﻻ ﺳﺑﯾل ﻟﻠﺷرﯾك ﻋﻠﻰ اﻟﺛوب ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﻷﻧﮫ ﻣﻠﻛﮫ ﺑﻌﻘده‬
‫واﻻﺳﺗﯾﻔﺎء ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺻﺔ ﺑﯾن ﺛﻣﻧﮫ وﺑﯾن اﻟدﯾن‪ .‬وﻟﻠﺷرﯾك أن ﯾﺗﺑﻊ اﻟﻐرﯾم ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻷن ﺣﻘﮫ ﻓﻲ ذﻣﺗﮫ ﺑﺎق‬
‫ﻷن اﻟﻘﺎﺑض اﺳﺗوﻓﻰ ﻧﺻﯾﺑﮫ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟﻛن ﻟﮫ ﺣق اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻠﮫ أن ﻻ ﯾﺷﺎرﻛﮫ‪ ،‬ﻓﻠو ﺳﻠم ﻟﮫ ﻣﺎ ﻗﺑض ﺛم ﺗوى ﻣﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻐرﯾم ﻟﮫ أن ﯾﺷﺎرك اﻟﻘﺎﺑض ﻷﻧﮫ رﺿﻲ ﺑﺎﻟﺗﺳﻠﯾم ﻟﯾﺳﻠم ﻟﮫ ﻣﺎ ﻓﻲ ذﻣﺔ اﻟﻐرﯾم وﻟم ﯾﺳﻠم‪ ،‬وﻟو وﻗﻌت اﻟﻣﻘﺎﺻﺔ ﺑدﯾن‬
‫ﻛﺎن ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﻗﺑل ﻟم ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺷرﯾك ﻷﻧﮫ ﻗﺎض ﺑﻧﺻﯾﺑﮫ ﻻ ﻣﻘﺗض‪ ،‬وﻟو أﺑرأه ﻋن ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻓﻛذﻟك ﻷﻧﮫ إﺗﻼف‬
‫وﻟﯾس ﺑﻘﺑض‪ ،‬وﻟو أﺑرأه ﻋن اﻟﺑﻌض ﻛﺎﻧت ﻗﺳﻣﺔ اﻟﺑﺎﻗﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣن اﻟﺳﮭﺎم‪ ،‬وﻟو أﺧر أﺣدھﻣﺎ ﻋن ﻧﺻﯾﺑﮫ‬
‫ﺻﺢ ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻹﺑراء اﻟﻣطﻠق‪ ،‬وﻻ ﯾﺻﺢ ﻋﻧدھﻣﺎ ﻷﻧﮫ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻗﺳﻣﺔ اﻟدﯾن ﻗﺑل اﻟﻘﺑض‪ ،‬وﻟو‬
‫ﻏﺻب أﺣدھﻣﺎ ﻋﯾﻧﺎ ﻣﻧﮫ أو اﺷﺗراھﺎ ﺷراء ﻓﺎﺳدا وھﻠك ﻓﻲ ﯾده ﻓﮭو ﻗﺑض واﻻﺳﺗﺋﺟﺎر ﺑﻧﺻﯾﺑﮫ ﻗﺑض‪ ،‬وﻛذا‬
‫اﻹﺣراق ﻋﻧد ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ﺧﻼﻓﺎ ﻷﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ واﻟﺗزوج ﺑﮫ إﺗﻼف ﻓﻲ ظﺎھر اﻟرواﯾﺔ‪ ،‬وﻛذا اﻟﺻﻠﺢ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﺟﻧﺎﯾﺔ اﻟﻌﻣد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن اﻟﺳﻠم ﺑﯾن ﺷرﯾﻛﯾن ﻓﺻﺎﻟﺢ أﺣدھﻣﺎ ﻣن ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻋﻠﻰ رأس اﻟﻣﺎل ﻟم ﯾﺟز ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد‬
‫رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾﺟوز اﻟﺻﻠﺢ" اﻋﺗﺑﺎرا ﺑ ﺳﺎﺋر اﻟدﯾون‪ ،‬وﺑﻣﺎ إذا اﺷﺗرﯾﺎ ﻋﺑدا ﻓﺄﻗﺎل‬
‫أﺣدھﻣﺎ ﻓﻲ ﻧﺻﯾﺑﮫ‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﻟو ﺟﺎز ﻓﻲ ﻧﺻﯾﺑﮫ ﺧﺎﺻﺔ ﯾﻛون ﻗﺳﻣﺔ اﻟدﯾن ﻓﻲ اﻟذﻣﺔ‪ ،‬وﻟو ﺟﺎز ﻓﻲ ﻧﺻﯾﺑﮭﻣﺎ ﻻ ﺑد‬
‫ﻣن إﺟﺎزة اﻵﺧر ﺑﺧﻼف ﺷراء اﻟﻌﯾن‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ ﺻﺎر واﺟﺑﺎ ﺑﺎﻟﻌﻘد واﻟﻌﻘد ﻗﺎم ﺑﮭﻣﺎ ﻓﻼ ﯾﻧﻔرد أﺣدھﻣﺎ‬
‫ﺑرﻓﻌﮫ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻟو ﺟﺎز ﻟﺷﺎرﻛﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺑوض‪ ،‬ﻓﺈذا ﺷﺎرﻛﮫ ﻓﯾﮫ رﺟﻊ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ ﻣن ﻋﻠﯾﮫ ﺑذﻟك ﻓﯾؤدي‬
‫إﻟﻰ ﻋود اﻟﺳﻠم ﺑﻌد ﺳﻘوطﮫ‪ .‬ﻗﺎﻟوا‪ :‬ھذا إذا ﺧﻠطﺎ رأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﻓﺈن ﻟم ﯾﻛوﻧﺎ ﻗد ﺧﻠطﺎه‬ ‫ص ‪-198-‬‬
‫ﻓﻌﻠﻰ اﻟوﺟﮫ اﻷول ھو ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻼف‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻟوﺟﮫ اﻟﺛﺎﻧﻲ ھو ﻋﻠﻰ اﻻﺗﻔﺎق‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ اﻟﺗﺧﺎرج‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﻧت اﻟﺷرﻛﺔ ﺑﯾن ورﺛﺔ ﻓﺄﺧرﺟوا أﺣدھم ﻣﻧﮭﺎ ﺑﻣﺎل أﻋطوه إﯾﺎه واﻟﺗرﻛﺔ ﻋﻘﺎر أو ﻋروض ﺟﺎز ﻗﻠﯾﻼ‬
‫ﻛﺎن ﻣﺎ أﻋطوه إﯾﺎه أو ﻛﺛﯾرا" ﻷﻧﮫ أﻣﻛن ﺗﺻﺣﯾﺣﮫ ﺑﯾﻌﺎ‪ .‬وﻓﯾﮫ أﺛر ﻋﺛﻣﺎن‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﺻﺎﻟﺢ ﺗﻣﺎﺿر اﻷﺷﺟﻌﯾﺔ اﻣرأة‬
‫ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ﺑن ﻋوف رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻋن رﺑﻊ ﺛﻣﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﻣﺎﻧﯾن أﻟف دﯾﻧﺎر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻛﺎﻧت اﻟﺗرﻛﺔ ﻓﺿﺔ ﻓﺄﻋطوه ذھﺑﺎ أو ﻛﺎن ذھﺑﺎ ﻓﺄﻋطوه ﻓﺿﺔ ﻓﮭو ﻛذﻟك" ﻷﻧﮫ ﺑﯾﻊ اﻟﺟﻧس ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟﺟﻧس ﻓﻼ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺗﺳﺎوي وﯾﻌﺗﺑر اﻟﺗﻘﺎﺑض ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس ﻷﻧﮫ ﺻرف ﻏﯾر أن اﻟذي ﻓﻲ ﯾده ﺑﻘﯾﺔ اﻟﺗرﻛﺔ إن ﻛﺎن‬
‫ﺟﺎﺣدا ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑذﻟك اﻟﻘﺑض ﻷﻧﮫ ﻗﺑض ﺿﻣﺎن ﻓﯾﻧوب ﻋن ﻗﺑض اﻟﺻﻠﺢ وإن ﻛﺎن ﻣﻘرا ﻻ ﺑد ﻣن ﺗﺟدﯾد اﻟﻘﺑض ﻷﻧﮫ‬
‫ﻗﺑض أﻣﺎﻧﺔ ﻓﻼ ﯾﻧوب ﻋن ﻗﺑض اﻟﺻﻠﺢ "وإن ﻛﺎﻧت اﻟﺗرﻛﺔ ذھﺑﺎ وﻓﺿﺔ وﻏﯾر ذﻟك ﻓﺻﺎﻟﺣوه ﻋﻠﻰ ذھب أو ﻓﺿﺔ‬
‫ﻓﻼ ﺑد أن ﯾﻛون ﻣﺎ أﻋطوه أﻛﺛر ﻣن ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻣن ذﻟك اﻟﺟﻧس ﺣﺗﻰ ﯾﻛون ﻧﺻﯾﺑﮫ ﺑﻣﺛﻠﮫ واﻟزﯾﺎدة ﺑﺣﻘﮫ ﻣن ﺑﻘﯾﺔ‬
‫اﻟﺗرﻛﺔ" اﺣﺗرازا ﻋن اﻟرﺑﺎ‪ ،‬وﻻ ﺑد ﻣن اﻟﺗﻘﺎﺑض ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻘﺎﺑل ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻣن اﻟذھب واﻟﻔﺿﺔ ﻷﻧﮫ ﺻرف ﻓﻲ ھذا اﻟﻘدر‪،‬‬
‫وﻟو ﻛﺎن ﺑدل اﻟﺻﻠﺢ ﻋرﺿﺎ ﺟﺎز ﻣطﻠﻘﺎ ﻟﻌدم اﻟرﺑﺎ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺗرﻛﺔ دراھم ودﻧﺎﻧﯾر وﺑدل اﻟﺻﻠﺢ دراھم‬
‫ودﻧﺎﻧﯾر أﯾﺿﺎ ﺟﺎز اﻟﺻﻠﺢ ﻛﯾﻔﻣﺎ ﻛﺎن ﺻرﻓﺎ ﻟﻠﺟﻧس إﻟﻰ ﺧﻼف اﻟﺟﻧس ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﻟﻛن ﯾﺷﺗرط اﻟﺗﻘﺎﺑض‬
‫ﻟﻠﺻرف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺗرﻛﺔ دﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎس ﻓﺄدﺧﻠوه ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ أن ﯾﺧرﺟوا اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻋﻧﮫ وﯾﻛون اﻟدﯾن ﻟﮫ‬
‫ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ ﺑﺎطل" ﻷن ﻓﯾﮫ ﺗﻣﻠﯾك اﻟدﯾن ﻣن ﻏﯾر ﻣن ﻋﻠﯾﮫ وھو ﺣﺻﺔ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ "وإن ﺷرطوا أن ﯾﺑرأ اﻟﻐرﻣﺎء ﻣﻧﮫ‬
‫وﻻ ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮭم ﺑﻧﺻﯾب اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ ﺟﺎﺋز" ﻷﻧﮫ إﺳﻘﺎط وھو ﺗﻣﻠﯾك اﻟدﯾن ﻣﻣن ﻋﻠﯾﮫ اﻟدﯾن وھو ﺟﺎﺋز‪،‬‬
‫وھذه ﺣﯾﻠﺔ اﻟﺟواز‪ ،‬وأﺧرى أن ﯾﻌﺟﻠوا ﻗﺿﺎء ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻣﺗﺑرﻋﯾن‪ ،‬وﻓﻲ اﻟوﺟﮭﯾن ﺿرر ﺑﺑﻘﯾﺔ اﻟورﺛﺔ‪ .‬واﻷوﺟﮫ أن‬
‫ﯾﻘرﺿوا اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻣﻘدار ﻧﺻﯾﺑﮫ وﯾﺻﺎﻟﺣوا ﻋﻣﺎ وراء اﻟدﯾن‪ .‬وﯾﺟﯾﻠﮭم ﻋﻠﻰ اﺳﺗﯾﻔﺎء ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻣن اﻟﻐرﻣﺎء‪ ،‬وﻟو ﻟم‬
‫ﯾﻛن ﻓﻲ اﻟﺗرﻛﺔ دﯾن وأﻋﯾﺎﻧﮭﺎ ﻏﯾر ﻣﻌﻠوﻣﺔ واﻟﺻ ﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﯾل واﻟﻣوزون‪ ،‬ﻗﯾل ﻻ ﯾﺟوز ﻻﺣﺗﻣﺎل اﻟرﺑﺎ‪ ،‬وﻗﯾل‬
‫ﯾﺟوز ﻷﻧﮫ ﺷﺑﮭﺔ اﻟﺷﺑﮭﺔ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎﻧت اﻟﺗرﻛﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﻛﯾل واﻟﻣوزون ﻟﻛﻧﮭﺎ أﻋﯾﺎن ﻏﯾر ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﻗﯾل ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻛوﻧﮫ‬
‫ﺑﯾﻌﺎ إذ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻋﻧﮫ ﻋﯾن واﻷﺻﺢ أﻧﮫ ﯾﺟوز ﻷﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻔﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻋﻧﮫ ﻓﻲ ﯾد اﻟﺑﻘﯾﺔ ﻣن‬
‫اﻟورﺛﺔ‪،‬‬
‫وإن ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﯾت دﯾن ﻣﺳﺗﻐرق ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺻﻠﺢ وﻻ اﻟﻘﺳﻣﺔ ﻷن اﻟﺗرﻛﺔ ﻟم ﯾﺗﻣﻠﻛﮭﺎ‬ ‫ص ‪-199-‬‬
‫اﻟوارث‪ ،‬وإن ﻟم ﯾﻛن ﻣﺳﺗﻐرﻗﺎ ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﺻﺎﻟﺣوا ﻣﺎ ﻟم ﯾﻘﺿوا دﯾﻧﮫ ﻓﺗﻘدم ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻣﯾت‪ ،‬وﻟو ﻓﻌﻠوا ﻗﺎﻟوا ﯾﺟوز‪.‬‬
‫وذﻛر اﻟﻛرﺧﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﻲ اﻟﻘﺳﻣﺔ أﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺟوز اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ وﺗﺟوز ﻗﯾﺎﺳﺎ‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ‬ ‫ص ‪-200-‬‬


‫اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ‪ :‬ﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن اﻟﺿرب ﻓﻲ اﻷرض؛ ﺳﻣﻲ ﺑﮭﺎ ﻷن اﻟﻣﺿﺎرب ﯾﺳﺗﺣق اﻟرﺑﺢ ﺑﺳﻌﯾﮫ وﻋﻣﻠﮫ‪ ،‬وھﻲ‬
‫ﻣﺷروﻋﺔ ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ إﻟﯾﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻧﺎس ﺑﯾن ﻏﻧﻲ ﺑﺎﻟﻣﺎل ﻏﺑﻲ ﻋن اﻟﺗﺻرف ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﺑﯾن ﻣﮭﺗد ﻓﻲ اﻟﺗﺻرف ﺻﻔر اﻟﯾد‬
‫ﻋﻧﮫ‪ ،‬ﻓﻣﺳت اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺷرع ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺗﺻرف ﻟﯾﻧﺗظم ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻐﺑﻲ واﻟذﻛﻲ واﻟﻔﻘﯾر واﻟﻐﻧﻲ‪ .‬وﺑﻌث‬
‫اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم واﻟﻧﺎس ﯾﺑﺎﺷروﻧﮫ ﻓﻘررھم ﻋﻠﯾﮫ وﺗﻌﺎﻣﻠت ﺑﮫ اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ‪ ،‬ﺛم اﻟﻣدﻓوع إﻟﻰ اﻟﻣﺿﺎرب‬
‫أﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﯾده ﻷﻧﮫ ﻗﺑﺿﮫ ﺑﺄﻣر ﻣﺎﻟﻛﮫ ﻻ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺑدل واﻟوﺛﯾﻘﺔ‪ ،‬وھو وﻛﯾل ﻓﯾﮫ ﻷﻧﮫ ﯾﺗﺻرف ﻓﯾﮫ ﺑﺄﻣر ﻣﺎﻟﻛﮫ‪،‬‬
‫وإذا رﺑﺢ ﻓﮭو ﺷرﯾك ﻓﯾﮫ ﻟﺗﻣﻠﻛﮫ ﺟزءا ﻣن اﻟﻣﺎل ﺑﻌﻣﻠﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻓﺳدت ظﮭرت اﻹﺟﺎرة ﺣﺗﻰ اﺳﺗوﺟب اﻟﻌﺎﻣل أﺟر‬
‫ﻣﺛﻠﮫ‪ ،‬وإذا ﺧﺎﻟف ﻛﺎن ﻏﺎﺻﺑﺎ ﻟوﺟود اﻟﺗﻌدي ﻣﻧﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎل ﻏﯾره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻋﻘد ﻋﻠﻰ اﻟﺷرﻛﺔ ﺑﻣﺎل ﻣن أﺣد اﻟﺟﺎﻧﺑﯾن" وﻣراده اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟرﺑﺢ وھو ﯾﺳﺗﺣق ﺑﺎﻟﻣﺎل ﻣن‬
‫أﺣد اﻟﺟﺎﻧﺑﯾن "واﻟﻌﻣل ﻣن اﻟﺟﺎﻧب اﻵﺧر" وﻻ ﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺑدوﻧﮭﺎ؛ أﻻ ﺗرى أن اﻟرﺑﺢ ﻟو ﺷرط ﻛﻠﮫ ﻟرب اﻟﻣﺎل ﻛﺎن‬
‫ﺑﺿﺎﻋﺔ‪ ،‬وﻟو ﺷرط ﺟﻣﯾﻌﮫ ﻟﻠﻣﺿﺎرب ﻛﺎن ﻗرﺿﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﺻﺢ إﻻ ﺑﺎﻟﻣﺎل اﻟذي ﺗﺻﺢ ﺑﮫ اﻟﺷرﻛﺔ" وﻗد ﺗﻘدم ﺑﯾﺎﻧﮫ ﻣن ﻗﺑل‪ ،‬وﻟو دﻓﻊ إﻟﯾﮫ ﻋرﺿﺎ وﻗﺎل ﺑﻌﮫ‬
‫واﻋﻣل ﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻓﻲ ﺛﻣﻧﮫ ﺟﺎز ﻟﮫ ﻷﻧﮫ ﯾﻘﺑل اﻹﺿﺎﻓﺔ ﻣن ﺣﯾث إﻧﮫ ﺗوﻛﯾل وإﺟﺎرة ﻓﻼ ﻣﺎﻧﻊ ﻣن اﻟﺻﺣﺔ‪ ،‬وﻛذا إذا‬
‫ﻗﺎل ﻟﮫ اﻗﺑض ﻣﺎ ﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻓﻼن واﻋﻣل ﺑﮫ ﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺟﺎز ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺎل ﻟﮫ اﻋﻣل ﺑﺎﻟدﯾن اﻟذي ﻓﻲ‬
‫ذﻣﺗك ﺣﯾث ﻻ ﺗﺻﺢ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ‪ ،‬ﻷن ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻻ ﯾﺻﺢ ھذا اﻟﺗوﻛﯾل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر ﻓﻲ اﻟﺑﯾوع‪.‬‬
‫وﻋﻧدھﻣﺎ ﯾﺻﺢ ﻟﻛن ﯾﻘﻊ اﻟﻣﻠك ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺗرى ﻟﻶﻣر ﻓﯾﺻﯾر ﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺑﺎﻟﻌرض‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺷرطﮭﺎ أن ﯾﻛون اﻟرﺑﺢ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻣﺷﺎﻋﺎ ﻻ ﯾﺳﺗﺣق أﺣدھﻣﺎ دراھم ﻣﺳﻣﺎة" ﻣن اﻟرﺑﺢ ﻷن ﺷرط ذﻟك‬
‫ﯾﻘطﻊ اﻟﺷرﻛﺔ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ وﻻ ﺑد ﻣﻧﮭﺎ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﺷرﻛﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﺷرط زﯾﺎدة ﻋﺷرة ﻓﻠﮫ أﺟر ﻣﺛﻠﮫ" ﻟﻔﺳﺎده ﻓﻠﻌﻠﮫ ﻻ ﯾرﺑﺢ إﻻ ھذا اﻟﻘدر ﻓﺗﻧﻘطﻊ اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟرﺑﺢ‪ ،‬وھذا‬
‫ﻷﻧﮫ اﺑﺗﻐﻰ ﻋن ﻣﻧﺎﻓﻌﮫ ﻋوﺿﺎ وﻟم ﯾﻧل ﻟﻔﺳﺎده‪ ،‬واﻟرﺑﺢ ﻟرب اﻟﻣﺎل ﻷﻧﮫ‬
‫ﻧﻣﺎء ﻣﻠﻛﮫ‪ ،‬وھذا ھو اﻟﺣﻛم ﻓﻲ ﻛل ﻣوﺿﻊ ﻟم ﺗﺻﺢ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ وﻻ ﺗﺟﺎوز ﺑﺎﻷﺟر اﻟﻘدر‬ ‫ص ‪-201-‬‬
‫اﻟﻣﺷروط ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻣﺣﻣد ﻛﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺷرﻛﺔ‪ ،‬وﯾﺟب اﻷﺟر وإن ﻟم ﯾرﺑﺢ ﻓﻲ رواﯾﺔ اﻷﺻل ﻷن‬
‫أﺟر اﻷﺟﯾر ﯾﺟب ﺑﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ أو اﻟﻌﻣل وﻗد وﺟد‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف أﻧﮫ ﻻ ﯾﺟب اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ‬
‫ﻣﻊ أﻧﮭﺎ ﻓوﻗﮭﺎ‪ ،‬واﻟﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ اﻟﻔﺎﺳدة ﻏﯾر ﻣﺿﻣون ﺑﺎﻟﮭﻼك اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟﺻﺣﯾﺣﺔ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻋﯾن ﻣﺳﺗﺄﺟرة ﻓﻲ‬
‫ﯾده‪ ،‬وﻛل ﺷرط ﯾوﺟب ﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟرﺑﺢ ﯾﻔﺳده ﻻﺧﺗﻼل ﻣﻘﺻوده‪ ،‬وﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻟﺷروط اﻟﻔﺎﺳدة ﻻ ﯾﻔﺳدھﺎ‪،‬‬
‫وﯾﺑطل اﻟﺷرط ﻛﺎﺷﺗراط اﻟوﺿﯾﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺿﺎرب‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺑد أن ﯾﻛون اﻟﻣﺎل ﻣﺳﻠﻣﺎ إﻟﻰ اﻟﻣﺿﺎرب وﻻ ﯾد ﻟرب اﻟﻣﺎل ﻓﯾﮫ" ﻷن اﻟﻣﺎل أﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﯾده ﻓﻼ ﺑد ﻣن‬
‫اﻟﺗﺳﻠﯾم إﻟﯾﮫ‪ ،‬وھذا ﺑﺧﻼف اﻟﺷرﻛﺔ ﻷن اﻟﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻣن أﺣد اﻟﺟﺎﻧﺑﯾن واﻟﻌﻣل ﻣن اﻟﺟﺎﻧب اﻵﺧر‪ ،‬ﻓﻼ ﺑد‬
‫ﻣن أن ﯾﺧﻠص اﻟﻣﺎل ﻟﻠﻌﺎﻣل ﻟﯾﺗﻣﻛن ﻣن اﻟﺗﺻرف ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﺷرﻛﺔ ﻣن اﻟﺟﺎﻧﺑﯾن ﻓﻠو ﺷرط ﺧﻠوص اﻟﯾد ﻷﺣدھﻣﺎ ﻟم ﺗﻧﻌﻘد اﻟﺷرﻛﺔ‪ ،‬وﺷرط اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ رب‬
‫اﻟﻣﺎل ﻣﻔﺳد ﻟﻠﻌﻘد ﻷﻧﮫ ﯾﻣﻧﻊ ﺧﻠوص ﯾد اﻟﻣﺿﺎرب ﻓﻼ ﯾﺗﻣﻛن ﻣن اﻟﺗﺻرف ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق اﻟﻣﻘﺻود ﺳواء ﻛﺎن اﻟﻣﺎﻟك‬
‫ﻋﺎﻗدا أو ﻏﯾر ﻋﺎﻗد ﻛﺎﻟﺻﻐﯾر ﻷن ﯾد اﻟﻣﺎﻟك ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻟﮫ‪ ،‬وﺑﻘﺎء ﯾده ﯾﻣﻧﻊ اﻟﺗﺳﻠﯾم إﻟﻰ اﻟﻣﺿﺎرب‪ ،‬وﻛذا أﺣد‬
‫اﻟﻣﺗﻔﺎوﺿﯾن وأﺣد ﺷرﯾﻛﻲ اﻟﻌﻧﺎن إذا دﻓﻊ اﻟﻣﺎل ﻣﺿﺎرﺑﺔ وﺷرط ﻋﻣل ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﻠك ﻟﮫ وإن ﻟم ﯾﻛن ﻋﺎﻗدا‪،‬‬
‫واﺷﺗراط اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻗد ﻣﻊ اﻟﻣﺿﺎرب وھو ﻏﯾر ﻣﺎﻟك ﯾﻔﺳده إن ﻟم ﯾﻛن ﻣن أھل اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻓﯾﮫ ﻛﺎﻟﻣﺄذون‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف اﻷب واﻟوﺻﻲ ﻷﻧﮭﻣﺎ ﻣن أھل أن ﯾﺄﺧذا ﻣﺎل اﻟﺻﻐﯾر ﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺑﺄﻧﻔﺳﮭﻣﺎ ﻓﻛذا اﺷﺗراطﮫ ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ ﺑﺟزء ﻣن‬
‫اﻟﻣﺎل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وإذا ﺻﺣت اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ﺟﺎز ﻟﻠﻣﺿﺎرب أن ﯾﺑﯾﻊ وﯾﺷﺗري وﯾوﻛل وﯾﺳﺎﻓر وﯾﺑﺿﻊ وﯾودع" ﻹطﻼق‬
‫اﻟﻌﻘد واﻟﻣﻘﺻود ﻣﻧﮫ اﻻﺳﺗرﺑﺎح وﻻ ﯾﺗﺣﺻل إﻻ ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرة‪ ،‬ﻓﯾﻧﺗظم اﻟﻌﻘد ﺻﻧوف اﻟﺗﺟﺎرة وﻣﺎ ھو ﻣن ﺻﻧﯾﻊ‬
‫اﻟﺗﺟﺎر‪ ،‬واﻟﺗوﻛﯾل ﻣن ﺻﻧﯾﻌﮭم‪ ،‬وﻛذا اﻹﺑﺿﺎع واﻹﯾداع واﻟﻣﺳﺎﻓرة؛ أﻻ ﺗرى أن اﻟﻣودع ﻟﮫ أن ﯾﺳﺎﻓر ﻓﺎﻟﻣﺿﺎرب‬
‫أوﻟﻰ‪ ،‬ﻛﯾف وأن اﻟﻠﻔظ دﻟﯾل ﻋﻠﯾﮫ ﻷﻧﮭﺎ ﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن اﻟﺿرب ﻓﻲ اﻷرض وھو اﻟﺳﯾر‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‬
‫أﻧﮫ ﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺳﺎﻓر‪ .‬وﻋﻧﮫ وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ أﻧﮫ إن دﻓﻊ ﻓﻲ ﺑﻠده ﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺳﺎﻓر ﻷﻧﮫ ﺗﻌرﯾض ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﮭﻼك ﻣن ﻏﯾر ﺿرورة وإن دﻓﻊ ﻓﻲ ﻏﯾر ﺑﻠده ﻟﮫ أن ﯾﺳﺎﻓر إﻟﻰ ﺑﻠده ﻷﻧﮫ ھو اﻟﻣراد ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟب‪ ،‬واﻟظﺎھر ﻣﺎ‬
‫ذﻛر ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺿﺎرب إﻻ أن ﯾﺄذن ﻟﮫ رب اﻟﻣﺎل أو ﯾﻘول ﻟﮫ اﻋﻣل ﺑرأﯾك" ﻷن اﻟﺷﻲء ﻻ‬ ‫ص ‪-202-‬‬
‫ﯾﺗﺿﻣن ﻣﺛﻠﮫ ﻟﺗﺳﺎوﯾﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘوة ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﯾﮫ أو اﻟﺗﻔوﯾض اﻟﻣطﻠق إﻟﯾﮫ وﻛﺎن ﻛﺎﻟﺗوﻛﯾل‪ ،‬ﻓﺈن اﻟوﻛﯾل‬
‫ﻻ ﯾﻣﻠك أن ﯾوﻛل ﻏﯾره إﻻ إذا ﻗﯾل ﻟﮫ اﻋﻣل ﺑرأﯾك‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻹﯾداع واﻹﺑﺿﺎع ﻷﻧﮫ دوﻧﮫ ﻓﯾﺗﺿﻣﻧﮫ‪ ،‬وﺑﺧﻼف‬
‫اﻹﻗراض ﺣﯾث ﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ‪ .‬وإن ﻗﯾل ﻟﮫ اﻋﻣل ﺑرأﯾك ﻷن اﻟﻣراد ﻣﻧﮫ اﻟﺗﻌﻣﯾم ﻓﯾﻣﺎ ھو ﻣن ﺻﻧﯾﻊ اﻟﺗﺟﺎر وﻟﯾس‬
‫اﻹﻗرار ﻣﻧﮫ وھو ﺗﺑرع ﻛﺎﻟﮭﺑﺔ واﻟﺻدﻗﺔ ﻓﻼ ﯾﺣﺻل ﺑﮫ اﻟﻐرض وھو اﻟرﺑﺢ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺗﺟوز اﻟزﯾﺎدة ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟدﻓﻊ‬
‫ﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻓﻣن ﺻﻧﯾﻌﮭم‪ ،‬وﻛذا اﻟﺷرﻛﺔ واﻟﺧﻠط ﺑﻣﺎل ﻧﻔﺳﮫ ﻓﯾدﺧل ﺗﺣت ھذا اﻟﻘول‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﺧص ﻟﮫ رب اﻟﻣﺎل اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ ﺑﻠد ﺑﻌﯾﻧﮫ أو ﻓﻲ ﺳﻠﻌﺔ ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ ﻟم ﯾﺟز ﻟﮫ أن ﯾﺗﺟﺎوزھﺎ" ﻷﻧﮫ ﺗوﻛﯾل‪.‬‬
‫وﻓﻲ اﻟﺗﺧﺻﯾص ﻓﺎﺋدة ﻓﯾﺗﺧﺻص‪ ،‬وﻛذا ﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾدﻓﻌﮫ ﺑﺿﺎﻋﺔ إﻟﻰ ﻣن ﯾﺧرﺟﮭﺎ ﻣن ﺗﻠك اﻟﺑﻠدة ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻠك‬
‫اﻹﺧراج ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻓﻼ ﯾﻣﻠك ﺗﻔوﯾﺿﮫ إﻟﻰ ﻏﯾره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﺧرج إﻟﻰ ﻏﯾر ذﻟك اﻟﺑﻠد ﻓﺎﺷﺗرى ﺿﻣن" وﻛﺎن ذﻟك ﻟﮫ‪ ،‬وﻟﮫ رﺑﺣﮫ ﻷﻧﮫ ﺗﺻرف ﺑﻐﯾر أﻣره وإن ﻟم‬
‫ﯾﺷﺗر ﺣﺗﻰ رده إﻟﻰ اﻟﻛوﻓﺔ وھﻲ اﻟﺗﻲ ﻋﯾﻧﮭﺎ ﺑرئ ﻣن اﻟﺿﻣﺎن ﻛﺎﻟﻣودع إذا ﺧﺎﻟف ﻓﻲ اﻟودﯾﻌﺔ ﺛم ﺗرك ورﺟﻊ‬
‫اﻟﻣﺎل ﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﮫ ﻟﺑﻘﺎﺋﮫ ﻓﻲ ﯾده ﺑﺎﻟﻌﻘد اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬وﻛذا إذا رد ﺑﻌﺿﮫ واﺷﺗرى ﺑﺑﻌﺿﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺻر ﻛﺎن‬
‫اﻟﻣردود واﻟﻣﺷﺗرى ﻓﻲ اﻟﻣﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ ،‬ﺛم ﺷرط اﻟﺷراء ﺑﮭﺎ ھﺎھﻧﺎ وھو رواﯾﺔ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪،‬‬
‫وﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺿﻣﻧﮫ ﺑﻧﻔس اﻹﺧراج‪ .‬واﻟﺻﺣﯾﺢ أن ﺑﺎﻟﺷراء ﯾﺗﻘرر اﻟﺿﻣﺎن ﻟزوال اﺣﺗﻣﺎل اﻟرد إﻟﻰ‬
‫اﻟﻣﺻر اﻟذي ﻋﯾﻧﮫ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﺿﻣﺎن ﻓوﺟوﺑﮫ ﺑﻧﻔس اﻹﺧراج‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﺷرط اﻟﺷراء ﻟﻠﺗﻘرر ﻻ ﻷﺻل اﻟوﺟوب‪ ،‬وھذا ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺎل ﻋﻠﻰ‬
‫أن ﯾﺷﺗري ﻓﻲ ﺳوق اﻟﻛوﻓﺔ ﺣﯾث ﻻ ﯾﺻﺢ اﻟﺗﻘﯾﯾد ﻷن اﻟﻣﺻر ﻣﻊ ﺗﺑﺎﯾن أطراﻓﮫ ﻛﺑﻘﻌﺔ واﺣدة ﻓﻼ ﯾﻔﯾد اﻟﺗﻘﯾﯾد‪ ،‬إﻻ‬
‫إذا ﺻرح ﺑﺎﻟﻧﮭﻲ ﺑﺄن ﻗﺎل اﻋﻣل ﻓﻲ اﻟﺳوق وﻻ ﺗﻌﻣل ﻓﻲ ﻏﯾر اﻟﺳوق ﻷﻧﮫ ﺻرح ﺑﺎﻟﺣﺟر واﻟوﻻﯾﺔ إﻟﯾﮫ وﻣﻌﻧﻰ‬
‫اﻟﺗﺧﺻﯾص أن ﯾﻘول ﻟﮫ ﻋﻠﻰ أن ﺗﻌﻣل ﻛذا أو ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻛذا‪ ،‬وﻛذا إذا ﻗﺎل ﺧذ ھذا اﻟﻣﺎل ﺗﻌﻣل ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﻛوﻓﺔ ﻷﻧﮫ‬
‫ﺗﻔﺳﯾر ﻟﮫ‪ ،‬أو ﻗﺎل ﻓﺎﻋﻣل ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﻛوﻓﺔ ﻷن اﻟﻔﺎء ﻟﻠوﺻل أو ﻗﺎل ﺧذه ﺑﺎﻟﻧﺻف ﺑﺎﻟﻛوﻓﺔ ﻷن اﻟﺑﺎء ﻟﻺﻟﺻﺎق‪.‬‬
‫أﻣﺎ إذا ﻗﺎل ﺧذ ھذا اﻟﻣﺎل واﻋﻣل ﺑﮫ ﺑﺎﻟﻛوﻓﺔ ﻓﻠﮫ أن ﯾﻌﻣل ﻓﯾﮭﺎ وﻓﻲ ﻏﯾرھﺎ ﻷن اﻟواو ﻟﻠﻌطف ﻓﯾﺻﯾر ﺑﻣﻧزﻟﺔ‬
‫اﻟﻣﺷورة‪ ،‬وﻟو ﻗﺎل ﻋﻠﻰ أن ﺗﺷﺗري ﻣن ﻓﻼن وﺗﺑﯾﻊ ﻣﻧﮫ ﺻﺢ اﻟﺗﻘﯾﯾد ﻷﻧﮫ ﻣﻔﯾد ﻟزﯾﺎدة اﻟﺛﻘﺔ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫ﻣﺎ إذا ﻗﺎل ﻋﻠﻰ أن ﺗﺷﺗري ﺑﮭﺎ ﻣن أھل اﻟﻛوﻓﺔ‬

‫أو دﻓﻊ ﻓﻲ اﻟﺻرف ﻋﻠﻰ أن ﯾﺷﺗري ﺑﮫ ﻣن اﻟﺻﯾﺎرﻓﺔ وﯾﺑﯾﻊ ﻣﻧﮭم ﻓﺑﺎع ﺑﺎﻟﻛوﻓﺔ ﻣن‬ ‫ص ‪-203-‬‬
‫ﻏﯾر أھﻠﮭﺎ أو ﻣن ﻏﯾر اﻟﺻﯾﺎرﻓﺔ ﺟﺎز؛ ﻷن ﻓﺎﺋدة اﻷول اﻟﺗﻘﯾﯾد ﺑﺎﻟﻣﻛﺎن‪ ،‬وﻓﺎﺋدة اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗﻘﯾﯾد ﺑﺎﻟﻧوع‪ ،‬وھذا ھو‬
‫اﻟﻣراد ﻋرﻓﺎ ﻻ ﻓﯾﻣﺎ وراء ذﻟك‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذﻟك إن وﻗت ﻟﻠﻣﺿﺎرﺑﺔ وﻗﺗﺎ ﺑﻌﯾﻧﮫ ﯾﺑطل اﻟﻌﻘد ﺑﻣﺿﯾﮫ" ﻷﻧﮫ ﺗوﻛﯾل ﻓﯾﺗوﻗت ﺑﻣﺎ وﻗﺗﮫ واﻟﺗوﻗﯾت ﻣﻔﯾد‬
‫وأﻧﮫ ﺗﻘﯾﯾد ﺑﺎﻟزﻣﺎن ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﺗﻘﯾﯾد ﺑﺎﻟﻧوع واﻟﻣﻛﺎن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﯾس ﻟﻠﻣﺿﺎرب أن ﯾﺷﺗري ﻣن ﯾﻌﺗق ﻋﻠﻰ رب اﻟﻣﺎل ﻟﻘراﺑﺔ أو ﻏﯾرھﺎ" ﻷن اﻟﻌﻘد وﺿﻊ ﻟﺗﺣﺻﯾل اﻟرﺑﺢ‬
‫وذﻟك ﺑﺎﻟﺗﺻرف ﻣرة ﺑﻌد أﺧرى‪ ،‬وﻻ ﯾﺗﺣﻘق ﻓﯾﮫ ﻟﻌﺗﻘﮫ وﻟﮭذا ﻻ ﯾدﺧل ﻓﻲ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺷراء ﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻠك ﺑﺎﻟﻘﺑض‬
‫ﻛﺷراء اﻟﺧﻣر واﻟﺷراء ﺑﺎﻟﻣﯾﺗﺔ‪ .‬ﺑﺧﻼف اﻟﺑﯾﻊ اﻟﻔﺎﺳد ﻷﻧﮫ ﯾﻣﻛﻧﮫ ﺑﯾﻌﮫ ﺑﻌد ﻗﺑﺿﮫ ﻓﯾﺗﺣﻘق اﻟﻣﻘﺻود‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو ﻓﻌل ﺻﺎر ﻣﺷﺗرﯾﺎ ﻟﻧﻔﺳﮫ دون اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ" ﻷن اﻟﺷراء ﻣﺗﻰ وﺟد ﻧﻔﺎذا ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺗري ﻧﻔذ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫ﻛﺎﻟوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺷراء إذا ﺧﺎﻟف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻣﺎل رﺑﺢ ﻟم ﯾﺟز ﻟﮫ أن ﯾﺷﺗري ﻣن ﯾﻌﺗق ﻋﻠﯾﮫ" ﻷﻧﮫ ﯾﻌﺗق ﻋﻠﯾﮫ ﻧﺻﯾﺑﮫ وﯾﻔﺳد ﻧﺻﯾب رب‬
‫اﻟﻣﺎل أو ﯾﻌﺗق ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺗﻼف اﻟﻣﻌروف ﻓﯾﻣﺗﻧﻊ اﻟﺗﺻرف ﻓﻼ ﯾﺣﺻل اﻟﻣﻘﺻود "وإن اﺷﺗراھم ﺿﻣن ﻣﺎل‬
‫اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ" ﻷﻧﮫ ﯾﺻﯾر ﻣﺷﺗرﯾﺎ اﻟﻌﺑد ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﯾﺿﻣن ﺑﺎﻟﻧﻘد ﻣن ﻣﺎل اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ وإن ﻟم ﯾﻛن ﻓﻲ اﻟﻣﺎل رﺑﺢ ﺟﺎز أن‬
‫ﯾﺷﺗرﯾﮭم ﻷﻧﮫ ﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻣن اﻟﺗﺻرف‪ ،‬إذ ﻻ ﺷرﻛﺔ ﻟﮫ ﻓﯾﮫ ﻟﯾﻌﺗق ﻋﻠﯾﮫ "ﻓﺈن زادت ﻗﯾﻣﺗﮭم ﺑﻌد اﻟﺷراء ﻋﺗق ﻧﺻﯾﺑﮫ‬
‫ﻣﻧﮭم" ﻟﻣﻠﻛﮫ ﺑﻌض ﻗرﯾﺑﮫ "وﻟم ﯾﺿﻣن ﻟرب اﻟﻣﺎل ﺷﯾﺋﺎ" ﻷﻧﮫ ﻻ ﺻﻧﻊ ﻣن ﺟﮭﺗﮫ ﻓﻲ زﯾﺎدة اﻟﻘﯾﻣﺔ وﻻ ﻓﻲ ﻣﻠﻛﮫ‬
‫اﻟزﯾﺎدة‪ ،‬ﻷن ھذا ﺷﻲء ﯾﺛﺑت ﻣن طرﯾق اﻟﺣﻛم ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ورﺛﮫ ﻣﻊ ﻏﯾره "وﯾﺳﻌﻰ اﻟﻌﺑد ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺔ ﻧﺻﯾﺑﮫ‬
‫ﻣﻧﮫ" ﻷﻧﮫ اﺣﺗﺳﺑت ﻣﺎﻟﯾﺗﮫ ﻋﻧده ﻓﯾﺳﻌﻰ ﻓﯾﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟورﺛﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻣﻊ اﻟﻣﺿﺎرب أﻟف ﺑﺎﻟﻧﺻف ﻓﺎﺷﺗرى ﺑﮭﺎ ﺟﺎرﯾﺔ ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ أﻟف ﻓوطﺋﮭﺎ ﻓﺟﺎءت ﺑوﻟد ﯾﺳﺎوي أﻟﻔﺎ‬
‫ﻓﺎدﻋﺎه ﺛم ﺑﻠﻐت ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻐﻼم أﻟﻔﺎ وﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ واﻟﻣدﻋﻲ ﻣوﺳر‪ ،‬ﻓﺈن ﺷﺎء رب اﻟﻣﺎل اﺳﺗﺳﻌﻰ اﻟﻐﻼم ﻓﻲ أﻟف‬
‫وﻣﺎﺋﺗﯾن وﺧﻣﺳﯾن‪ ،‬وإن ﺷﺎء أﻋﺗق" ووﺟﮫ ذﻟك أن اﻟدﻋوة ﺻﺣﯾﺣﺔ ﻓﻲ اﻟظﺎھر ﺣﻣﻼ ﻋﻠﻰ ﻓراش اﻟﻧﻛﺎح‪ ،‬ﻟﻛﻧﮫ‬
‫ﻟم ﯾﻧﻔذ ﻟﻔﻘد ﺷرطﮫ وھو اﻟﻣﻠك ﻟﻌدم ظﮭور اﻟرﺑﺢ ﻷن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ‪ :‬أﻋﻧﻲ اﻷم واﻟوﻟد ﻣﺳﺗﺣق ﺑرأس اﻟﻣﺎل‪،‬‬
‫ﻛﻣﺎل اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ إذا ﺻﺎر أﻋﯾﺎﻧﺎ ﻛل ﻋﯾن ﻣﻧﮭﺎ ﯾﺳﺎوي رأس اﻟﻣﺎل ﻻ ﯾظﮭر اﻟرﺑﺢ ﻛذا ھذا‪ ،‬ﻓﺈذا زادت ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻐﻼم‬
‫اﻵن ظﮭر اﻟرﺑﺢ ﻓﻧﻔذت اﻟدﻋوة اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا أﻋﺗق اﻟوﻟد ﺛم ازدادت اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ .‬ﻷن ذﻟك إﻧﺷﺎء اﻟﻌﺗق‪ ،‬ﻓﺈذا‬
‫ﺑطل ﻟﻌدم اﻟﻣﻠك ﻻ ﯾﻧﻔذ ﺑﻌد ذﻟك ﺑﺣدوث اﻟﻣﻠك‪ ،‬أﻣﺎ ھذا‬

‫ﻓﺈﺧﺑﺎر ﻓﺟﺎز أن ﯾﻧﻔذ ﻋﻧد ﺣدوث اﻟﻣﻠك ﻛﻣﺎ إذا أﻗر ﺑﺣرﯾﺔ ﻋﺑد ﻏﯾره ﺛم اﺷﺗراه‪ ،‬وإذا‬ ‫ص ‪-204-‬‬
‫ﺻﺣت اﻟدﻋوة وﺛﺑت اﻟﻧﺳب ﻋﺗق اﻟوﻟد ﻟﻘﯾﺎم ﻣﻠﻛﮫ ﻓﻲ ﺑﻌﺿﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﺿﻣن ﻟرب اﻟﻣﺎل ﺷﯾﺋﺎ ﻣن ﻗﯾﻣﺔ اﻟوﻟد ﻷن‬
‫ﻋﺗﻘﮫ ﺛﺑت ﺑﺎﻟﻧﺳب واﻟﻣﻠك واﻟﻣﻠك آﺧرھﻣﺎ ﻓﯾﺿﺎف إﻟﯾﮫ وﻻ ﺻﻧﻊ ﻟﮫ ﻓﯾﮫ‪ ،‬وھذا ﺿﻣﺎن إﻋﺗﺎق ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﺗﻌدي‬
‫وﻟم ﯾوﺟد "وﻟﮫ أن ﯾﺳﺗﺳﻌﻲ اﻟﻐﻼم" ﻷﻧﮫ اﺣﺗﺑﺳت ﻣﺎﻟﯾﺗﮫ ﻋﻧده‪ ،‬وﻟﮫ أن ﯾﻌﺗق ﻷن اﻟﻣﺳﺗﺳﻌﻰ ﻛﺎﻟﻣﻛﺎﺗب ﻋﻧد أﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﯾﺳﺗﺳﻌﯾﮫ ﻓﻲ أﻟف وﻣﺎﺋﺗﯾن وﺧﻣﺳﯾن‪ ،‬ﻷن اﻷﻟف ﻣﺳﺗﺣق ﺑرأس اﻟﻣﺎل واﻟﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ رﺑﺢ واﻟرﺑﺢ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‬
‫ﻓﻠﮭذا ﯾﺳﻌﻰ ﻟﮫ ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﻘدار‪ .‬ﺛم إذا ﻗﺑض رب اﻟﻣﺎل اﻷﻟف ﻟﮫ أن ﯾﺿﻣن اﻟﻣدﻋﻲ ﻧﺻف ﻗﯾﻣﺔ اﻷم ﻷن اﻷﻟف‬
‫اﻟﻣﺄﺧوذ ﻟﻣﺎ اﺳﺗﺣق ﺑرأس اﻟﻣﺎل ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﻘدﻣﺎ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء ظﮭر أن اﻟﺟﺎرﯾﺔ ﻛﻠﮭﺎ رﺑﺢ ﻓﯾﻛون ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻗد ﺗﻘدﻣت‬
‫دﻋوة ﺻﺣﯾﺣﺔ ﻻﺣﺗﻣﺎل اﻟﻔراش اﻟﺛﺎﺑت ﺑﺎﻟﻧﻛﺎح وﺗوﻗف ﻧﻔﺎذھﺎ ﻟﻔﻘد اﻟﻣﻠك‪ ،‬ﻓﺈذا ظﮭر اﻟﻣﻠك ﻧﻔذت ﺗﻠك اﻟدﻋوة‬
‫وﺻﺎرت اﻟﺟﺎرﯾﺔ أم وﻟد ﻟﮫ وﯾﺿﻣن ﻧﺻﯾب رب اﻟﻣﺎل ﻷن ھذا ﺿﻣﺎن ﺗﻣﻠك وﺿﻣﺎن اﻟﺗﻣﻠك ﻻ ﯾﺳﺗدﻋﻲ ﺻﻧﻌﺎ‬
‫ﻛﻣﺎ إذا اﺳﺗوﻟد ﺟﺎرﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﻛﺎح ﺛم ﻣﻠﻛﮭﺎ ھو وﻏﯾره وراﺛﺔ ﯾﺿﻣن ﻧﺻﯾب ﺷرﯾﻛﮫ ﻛذا ھذا؛ ﺑﺧﻼف ﺿﻣﺎن اﻟوﻟد‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻟﻣﺿﺎرب ﯾﺿﺎرب‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا دﻓﻊ اﻟﻣﺿﺎرب اﻟﻣﺎل إﻟﻰ ﻏﯾره ﻣﺿﺎرﺑﺔ وﻟم ﯾﺄذن ﻟﮫ رب اﻟﻣﺎل ﻟم ﯾﺿﻣن ﺑﺎﻟدﻓﻊ وﻻ ﯾﺗﺻرف‬
‫اﻟﻣﺿﺎرب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺣﺗﻰ ﯾرﺑﺢ‪ ،‬ﻓﺈذا رﺑﺢ ﺿﻣن اﻷول ﻟرب اﻟﻣﺎل" وھذا رواﯾﺔ اﻟﺣﺳن ﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ .‬وﻗﺎل أﺑو‬
‫ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد‪ :‬إذا ﻋﻣل ﺑﮫ ﺿﻣن رﺑﺢ أو ﻟم ﯾرﺑﺢ‪ ،‬وھذا ظﺎھر اﻟرواﯾﺔ‪ .‬وﻗﺎل زﻓر رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺿﻣن ﺑﺎﻟدﻓﻊ‬
‫ﻋﻣل أو ﻟم ﯾﻌﻣل‪ ،‬وھو رواﯾﺔ ﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﻷن اﻟﻣﻣﻠوك ﻟﮫ اﻟدﻓﻊ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻹﯾداع‪ ،‬وھذا اﻟدﻓﻊ‬
‫ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن اﻟدﻓﻊ إﯾداع ﺣﻘﯾﻘﺔ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺗﻘرر ﻛوﻧﮫ ﻟﻠﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺑﺎﻟﻌﻣل ﻓﻛﺎن اﻟﺣﺎل ﻣراﻋﻰ ﻗﺑﻠﮫ‪.‬‬
‫وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أن اﻟدﻓﻊ ﻗﺑل اﻟﻌﻣل إﯾداع وﺑﻌده إﺑﺿﺎع‪ ،‬واﻟﻔﻌﻼن ﯾﻣﻠﻛﮭﻣﺎ اﻟﻣﺿﺎرب ﻓﻼ ﯾﺿﻣن ﺑﮭﻣﺎ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ إذا‬
‫رﺑﺢ ﻓﻘد أﺛﺑت ﻟﮫ ﺷرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎل ﻓﯾﺿﻣن ﻛﻣﺎ ﻟو ﺧﻠطﮫ ﺑﻐﯾره‪ ،‬وھذا إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺻﺣﯾﺣﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎﻧت‬
‫ﻓﺎﺳدة ﻻ ﯾﺿﻣﻧﮫ اﻷول‪ ،‬وإن ﻋﻣل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻷﻧﮫ أﺟﯾر ﻓﯾﮫ وﻟﮫ أﺟر ﻣﺛﻠﮫ ﻓﻼ ﺗﺛﺑت اﻟﺷرﻛﺔ ﺑﮫ‪ .‬ﺛم ذﻛر ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب‬
‫ﯾﺿﻣن اﻷول وﻟم ﯾذﻛر اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ .‬وﻗﯾل ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﻻ ﯾﺿﻣن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وﻋﻧدھﻣﺎ ﯾﺿﻣن ﺑﻧﺎء‬
‫ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼﻓﮭم ﻓﻲ ﻣودع اﻟﻣودع‪ .‬وﻗﯾل رب اﻟﻣﺎل ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎء ﺿﻣن اﻷول وإن ﺷﺎء ﺿﻣن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع‬
‫وھو اﻟﻣﺷﮭور‪ ،‬وھذا ﻋﻧدھﻣﺎ ظﺎھر وﻛذا ﻋﻧده‪ ،‬ووﺟﮫ اﻟﻔرق ﻟﮫ ﺑﯾن ھذه وﺑﯾن ﻣودع اﻟﻣودع أن اﻟﻣودع اﻟﺛﺎﻧﻲ‬
‫ﯾﻘﺑﺿﮫ ﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻷول ﻓﻼ ﯾﻛون ﺿﺎﻣﻧﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻣﺿﺎرب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾﻌﻣل ﻓﯾﮫ ﻟﻧﻔﻊ ﻧﻔﺳﮫ ﻓﺟﺎز أن ﯾﻛون ﺿﺎﻣﻧﺎ‪ .‬ﺛم إن ﺿﻣن اﻷول‬ ‫ص ‪-205-‬‬
‫ﺻﺣت اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺑﯾن اﻷول وﺑﯾن اﻟﺛﺎﻧﻲ وﻛﺎن اﻟرﺑﺢ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺷرطﺎ ﻷﻧﮫ ظﮭر أﻧﮫ ﻣﻠﻛﮫ ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن ﻣن‬
‫ﺣﯾن ﺧﺎﻟف ﺑﺎﻟدﻓﻊ إﻟﻰ ﻏﯾره ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﮫ اﻟذي رﺿﻲ ﺑﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا دﻓﻊ ﻣﺎل ﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬وإن ﺿﻣن اﻟﺛﺎﻧﻲ رﺟﻊ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻷول ﺑﺎﻟﻌﻘد ﻷﻧﮫ ﻋﺎﻣل ﻟﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣودع وﻷﻧﮫ ﻣﻐرور ﻣن ﺟﮭﺗﮫ ﻓﻲ ﺿﻣن اﻟﻌﻘد‪ .‬وﺗﺻﺢ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ‬
‫واﻟرﺑﺢ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺷرطﺎ ﻷن ﻗرار اﻟﺿﻣﺎن ﻋﻠﻰ اﻷول ﻓﻛﺄﻧﮫ ﺿﻣﻧﮫ اﺑﺗداء‪ ،‬وﯾطﯾب اﻟرﺑﺢ ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ وﻻ ﯾطﯾب‬
‫ﻟﻸﻋﻠﻰ ﻷن اﻷﺳﻔل ﯾﺳﺗﺣﻘﮫ ﺑﻌﻣﻠﮫ وﻻ ﺧﺑث ﻓﻲ اﻟﻌﻣل‪ ،‬واﻷﻋﻠﻰ ﯾﺳﺗﺣﻘﮫ ﺑﻣﻠﻛﮫ اﻟﻣﺳﺗﻧد ﺑﺄداء اﻟﺿﻣﺎن وﻻ ﯾﻌرى‬
‫ﻋن ﻧوع ﺧﺑث‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈذا دﻓﻊ رب اﻟﻣﺎل ﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺑﺎﻟﻧﺻف وأذن ﻟﮫ ﺑﺄن ﯾدﻓﻌﮫ إﻟﻰ ﻏﯾره ﻓدﻓﻌﮫ ﺑﺎﻟﺛﻠث وﻗد ﺗﺻرف اﻟﺛﺎﻧﻲ‬
‫ورﺑﺢ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن رب اﻟﻣﺎل ﻗﺎل ﻟﮫ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺎ رزق ﷲ ﻓﮭو ﺑﯾﻧﻧﺎ ﻧﺻﻔﺎن ﻓﻠرب اﻟﻣﺎل اﻟﻧﺻف وﻟﻠﻣﺿﺎرب اﻟﺛﺎﻧﻲ‬
‫اﻟﺛﻠث وﻟﻠﻣﺿﺎرب اﻷول اﻟﺳدس " ﻷن اﻟدﻓﻊ إﻟﻰ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻗد ﺻﺢ ﻟوﺟود اﻷﻣر ﺑﮫ ﻣن ﺟﮭﺔ اﻟﻣﺎﻟك ورب‬
‫اﻟﻣﺎل ﺷرط ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻧﺻف ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ رزق ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻠم ﯾﺑق ﻟﻸول إﻻ اﻟﻧﺻف ﻓﯾﺗﺻرف ﺗﺻرﻓﮫ إﻟﻰ ﻧﺻﯾﺑﮫ وﻗد‬
‫ﺟﻌل ﻣن ذﻟك ﺑﻘدر ﺛﻠث اﻟﺟﻣﯾﻊ ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ ﻓﯾﻛون ﻟﮫ ﻓﻠم ﯾﺑق إﻻ اﻟﺳدس‪ ،‬وﯾطﯾب ﻟﮭﻣﺎ ذﻟك ﻷن ﻓﻌل اﻟﺛﺎﻧﻲ واﻗﻊ‬
‫ﻟﻸول ﻛﻣن اﺳﺗؤﺟر ﻋﻠﻰ ﺧﯾﺎطﺔ ﺛوب ﺑدرھم واﺳﺗﺄﺟر ﻏﯾره ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻧﺻف درھم "وإن ﻛﺎن ﻗﺎل ﻟﮫ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺎ‬
‫رزﻗك ﷲ ﻓﮭو ﺑﯾﻧﻧﺎ ﻧﺻﻔﺎن ﻓﻠﻠﻣﺿﺎرب اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺛﻠث واﻟﺑﺎﻗﻲ ﺑﯾن اﻟﻣﺿﺎرب اﻷول ورب اﻟﻣﺎل ﻧﺻﻔﺎن" ﻷﻧﮫ‬
‫ﻓوض إﻟﯾﮫ اﻟﺗﺻرف وﺟﻌل ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻧﺻف ﻣﺎ رزق اﻷول وﻗد رزق اﻟﺛﻠﺛﯾن ﻓﯾﻛون ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻷول ﻷﻧﮫ ﺟﻌل‬
‫ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻧﺻف ﺟﻣﯾﻊ اﻟرﺑﺢ ﻓﺎﻓﺗرﻗﺎ "وﻟو ﻛﺎن ﻗﺎل ﻟﮫ ﻓﻣﺎ رﺑﺣت ﻣن ﺷﻲء ﻓﺑﯾﻧﻲ وﺑﯾﻧك ﻧﺻﻔﺎن وﻗد دﻓﻊ إﻟﻰ ﻏﯾره‬
‫ﺑﺎﻟﻧﺻف ﻓﻠﻠﺛﺎﻧﻲ اﻟﻧﺻف واﻟﺑﺎﻗﻲ ﺑﯾن اﻷول ورب اﻟﻣﺎل " ﻷن اﻷول ﺷرط ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ ﻧﺻف اﻟرﺑﺢ وذﻟك ﻣﻔوض إﻟﯾﮫ‬
‫ﻣن ﺟﮭﺔ رب اﻟﻣﺎل ﻓﯾﺳﺗﺣﻘﮫ‪ .‬وﻗد ﺟﻌل رب اﻟﻣﺎل ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻧﺻف ﻣﺎ رﺑﺢ اﻷول وﻟم ﯾرﺑﺢ إﻻ اﻟﻧﺻف ﻓﯾﻛون ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‬
‫"وﻟو ﻛﺎن ﻗﺎل ﻟﮫ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺎ رزق ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻠﻲ ﻧﺻﻔﮫ أو ﻗﺎل ﻓﻣﺎ ﻛﺎن ﻣن ﻓﺿل ﻓﺑﯾﻧﻲ وﺑﯾﻧك ﻧﺻﻔﺎن وﻗد دﻓﻊ‬
‫إﻟﻰ آﺧر ﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺑﺎﻟﻧﺻف ﻓﻠرب اﻟﻣﺎل اﻟﻧﺻف وﻟﻠﻣﺿﺎرب اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﻧﺻف وﻻ ﺷﻲء ﻟﻠﻣﺿﺎرب اﻷول" ﻷﻧﮫ‬
‫ﺟﻌل ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻧﺻف ﻣطﻠق اﻟﻔﺿل ﻓﯾﻧﺻرف ﺷرط اﻷول اﻟﻧﺻف ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ إﻟﻰ ﺟﻣﯾﻊ ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻓﯾﻛون ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﺷرط‬
‫وﯾﺧرج اﻷول ﺑﻐﯾر ﺷﻲء‪ ،‬ﻛﻣن اﺳﺗؤﺟر ﻟﯾﺧﯾط ﺛوﺑﺎ ﺑدرھم ﻓﺎﺳﺗﺄﺟر ﻏﯾره ﻟﯾﺧﯾطﮫ ﺑﻣﺛﻠﮫ "وإن ﺷرط ﻟﻠﻣﺿﺎرب‬
‫اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺛﻠﺛﻲ اﻟرﺑﺢ ﻓﻠرب اﻟﻣﺎل اﻟﻧﺻف وﻟﻠﻣﺿﺎرب اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﻧﺻف وﯾﺿﻣن اﻟﻣﺿﺎرب اﻷول ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ ﺳدس اﻟرﺑﺢ‬
‫ﻓﻲ ﻣﺎﻟﮫ" ﻷﻧﮫ ﺷرط ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ ﺷﯾﺋﺎ ھو ﻣﺳﺗﺣق ﻟرب اﻟﻣﺎل‬

‫ﻓﻠم ﯾﻧﻔذ ﻓﻲ ﺣﻘﮫ ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن اﻹﺑطﺎل‪ ،‬ﻟﻛن اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺳﮭﺎ ﺻﺣﯾﺣﺔ ﻟﻛون اﻟﻣﺳﻣﻰ‬ ‫ص ‪-206-‬‬
‫ﻣﻌﻠوﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻘد ﯾﻣﻠﻛﮫ وﻗد ﺿﻣن ﻟﮫ اﻟﺳﻼﻣﺔ ﻓﯾﻠزﻣﮫ اﻟوﻓﺎء ﺑﮫ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻏره ﻓﻲ ﺿﻣن اﻟﻌﻘد وھو ﺳﺑب اﻟرﺟوع‬
‫ﻓﻠﮭذا ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وھو ﻧظﯾر ﻣن اﺳﺗؤﺟر ﻟﺧﯾﺎطﺔ ﺛوب ﺑدرھم ﻓدﻓﻌﮫ إﻟﻰ ﻣن ﯾﺧﯾطﮫ ﺑدرھم وﻧﺻف‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺷرط اﻟﻣﺿﺎرب ﻟرب اﻟﻣﺎل ﺛﻠث اﻟرﺑﺢ وﻟﻌﺑد رب اﻟﻣﺎل ﺛﻠث اﻟرﺑﺢ‬
‫ﻋﻠﻰ أن ﯾﻌﻣل ﻣﻌﮫ وﻟﻧﻔﺳﮫ ﺛﻠث اﻟرﺑﺢ ﻓﮭو ﺟﺎﺋز"‬
‫ﻷن ﻟﻠﻌﺑد ﯾدا ﻣﻌﺗﺑرة ﺧﺻوﺻﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﺄذوﻧﺎ ﻟﮫ واﺷﺗراط اﻟﻌﻣل إذن ﻟﮫ‪ ،‬وﻟﮭذا ﻻ ﯾﻛون ﻟﻠﻣوﻟﻰ وﻻﯾﺔ أﺧذ ﻣﺎ‬
‫أودﻋﮫ اﻟﻌﺑد وإن ﻛﺎن ﻣﺣﺟورا ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻟﮭذا ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﻣوﻟﻰ ﻣن ﻋﺑده اﻟﻣﺄذون ﻟﮫ‪ ،‬وإذا ﻛﺎن ﻛذﻟك ﻟم ﯾﻛن ﻣﺎﻧﻌﺎ‬
‫ﻣن اﻟﺗﺳﻠﯾم واﻟﺗﺧﻠﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺎل واﻟﻣﺿﺎرب‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﺷﺗراط اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ رب اﻟﻣﺎل ﻷﻧﮫ ﻣﺎﻧﻊ ﻣن اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ‬
‫ﻣر‪ ،‬وإذا ﺻﺣت اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﯾﻛون اﻟﺛﻠث ﻟﻠﻣﺿﺎرب ﺑﺎﻟﺷرط واﻟﺛﻠﺛﺎن ﻟﻠﻣوﻟﻰ‪ ،‬ﻷن ﻛﺳب اﻟﻌﺑد ﻟﻠﻣوﻟﻰ إذا ﻟم ﯾﻛن‬
‫ﻋﻠﯾﮫ دﯾن‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻋﻠﯾﮫ دﯾن ﻓﮭو ﻟﻠﻐرﻣﺎء‪ .‬ھذا إذا ﻛﺎن اﻟﻌﺎﻗد ھو اﻟﻣوﻟﻰ‪" ،‬وﻟو ﻋﻘد اﻟﻌﺑد اﻟﻣﺄذون ﻋﻘد‬
‫اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻣﻊ أﺟﻧﺑﻲ وﺷرط اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﻟﻰ ﻻ ﯾﺻﺢ إن ﻟم ﯾﻛن ﻋﻠﯾﮫ دﯾن" ﻷن ھذا اﺷﺗراط اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣﺎﻟك‪" ،‬وإن ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺑد دﯾن ﺻﺢ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ" ﻷن اﻟﻣوﻟﻰ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻷﺟﻧﺑﻲ ﻋﻧده ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋرف‪ ،‬وﷲ‬
‫أﻋﻠم‪.‬‬
‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ اﻟﻌزل واﻟﻘﺳﻣﺔ‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻣﺎت رب اﻟﻣﺎل أو اﻟﻣﺿﺎرب ﺑطﻠت اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ" ﻷﻧﮫ ﺗوﻛﯾل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘدم‪ ،‬وﻣوت اﻟﻣوﻛل ﯾﺑطل‬
‫اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ ،‬وﻛذا ﻣوت اﻟوﻛﯾل وﻻ ﺗورث اﻟوﻛﺎﻟﺔ وﻗد ﻣر ﻣن ﻗﺑل‪" .‬وإن ارﺗد رب اﻟﻣﺎل ﻋن اﻹﺳﻼم" واﻟﻌﯾﺎذ ﺑﺎ‬
‫"وﻟﺣق ﺑدار اﻟﺣرب ﺑطﻠت اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ" ﻷن اﻟﻠﺣوق ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻣوت؛ أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﯾﻘﺳم ﻣﺎﻟﮫ ﺑﯾن ورﺛﺗﮫ وﻗﺑل‬
‫ﻟﺣوﻗﮫ ﯾﺗوﻗف ﺗﺻرف ﻣﺿﺎرﺑﮫ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻷﻧﮫ ﯾﺗﺻرف ﻟﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﺗﺻرﻓﮫ ﺑﻧﻔﺳﮫ "وﻟو ﻛﺎن‬
‫اﻟﻣﺿﺎرب ھو اﻟﻣرﺗد ﻓﺎﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﮭﺎ" ﻷن ﻟﮫ ﻋﺑﺎرة ﺻﺣﯾﺣﺔ‪ ،‬وﻻ ﺗوﻗف ﻓﻲ ﻣﻠك رب اﻟﻣﺎل ﻓﺑﻘﯾت‬
‫اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻋزل رب اﻟﻣﺎل اﻟﻣﺿﺎرب وﻟم ﯾﻌﻠم ﺑﻌزﻟﮫ ﺣﺗﻰ اﺷﺗرى وﺑﺎع ﻓﺗﺻرﻓﮫ ﺟﺎﺋز" ﻷﻧﮫ وﻛﯾل ﻣن ﺟﮭﺗﮫ‬
‫وﻋزل اﻟوﻛﯾل ﻗﺻدا ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻣﮫ "وإن ﻋﻠم ﺑﻌزﻟﮫ واﻟﻣﺎل ﻋروض ﻓﻠﮫ أن ﯾﺑﯾﻌﮭﺎ وﻻ ﯾﻣﻧﻌﮫ اﻟﻌزل ﻣن‬
‫ذﻟك" ﻷن ﺣﻘﮫ ﻗد ﺛﺑت ﻓﻲ اﻟرﺑﺢ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾظﮭر ﺑﺎﻟﻘﺳﻣﺔ وھﻲ ﺗﺑﺗﻧﻰ ﻋﻠﻰ رأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﻧﻘض ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬ﺛم ﻻ ﯾﺟوز أن ﯾﺷﺗري ﺑﺛﻣﻧﮭﺎ ﺷﯾﺋﺎ آﺧر" ﻷن اﻟﻌزل إﻧﻣﺎ ﻟم ﯾﻌﻣل ﺿرورة‬ ‫ص ‪-207-‬‬
‫ﻣﻌرﻓﺔ رأس اﻟﻣﺎل وﻗد اﻧدﻓﻌت ﺣﯾث ﺻﺎر ﻧﻘدا ﻓﯾﻌﻣل اﻟﻌزل "ﻓﺈن ﻋزﻟﮫ ورأس اﻟﻣﺎل دراھم أو دﻧﺎﻧﯾر وﻗد‬
‫ﻧﺿت ﻟم ﯾﺟز ﻟﮫ أن ﯾﺗﺻرف ﻓﯾﮭﺎ" ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﻓﻲ إﻋﻣﺎل ﻋزﻟﮫ إﺑطﺎل ﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻟرﺑﺢ ﻓﻼ ﺿرورة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ :‬وھذا اﻟذي ذﻛره إذا ﻛﺎن ﻣن ﺟﻧس رأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﻓﺈن ﻟم ﯾﻛن ﺑﺄن ﻛﺎن دراھم ورأس اﻟﻣﺎل دﻧﺎﻧﯾر أو ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻘﻠب ﻟﮫ أن ﯾﺑﯾﻌﮭﺎ ﺑﺟﻧس رأس اﻟﻣﺎل اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ ﻷن اﻟرﺑﺢ ﻻ ﯾظﮭر إﻻ ﺑﮫ وﺻﺎر ﻛﺎﻟﻌروض‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا ﻣوت‬
‫رب اﻟﻣﺎل وﻟﺣوﻗﮫ ﺑﻌد اﻟردة ﻓﻲ ﺑﯾﻊ اﻟﻌروض وﻧﺣوھﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﻓﺗرﻗﺎ وﻓﻲ اﻟﻣﺎل دﯾون وﻗد رﺑﺢ اﻟﻣﺿﺎرب ﻓﯾﮫ أﺟﺑره اﻟﺣﺎﻛم ﻋﻠﻰ اﻗﺗﺿﺎء اﻟدﯾون" ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ‬
‫اﻷﺟﯾر واﻟرﺑﺢ ﻛﺎﻷﺟر ﻟﮫ "وإن ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ رﺑﺢ ﻟم ﯾﻠزﻣﮫ اﻻﻗﺗﺿﺎء" ﻷﻧﮫ وﻛﯾل ﻣﺣض واﻟﻣﺗﺑرع ﻻ ﯾﺟﺑر ﻋﻠﻰ‬
‫إﯾﻔﺎء ﻣﺎ ﺗﺑرع ﺑﮫ‪" ،‬وﯾﻘﺎل ﻟﮫ وﻛل رب اﻟﻣﺎل ﻓﻲ اﻻﻗﺗﺿﺎء" ﻷن ﺣﻘوق اﻟﻌﻘد ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻗد‪ ،‬ﻓﻼ ﺑد ﻣن ﺗوﻛﯾﻠﮫ‬
‫وﺗوﻛﻠﮫ ﻛﻲ ﻻ ﯾﺿﯾﻊ ﺣﻘﮫ‪ .‬وﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬ﯾﻘﺎل ﻟﮫ أﺟل ﻣﻛﺎن ﻗوﻟﮫ وﻛل‪ ،‬واﻟﻣراد ﻣﻧﮫ اﻟوﻛﺎﻟﺔ وﻋﻠﻰ‬
‫ھذا ﺳﺎﺋر اﻟوﻛﺎﻻت واﻟﺑﯾﺎع واﻟﺳﻣﺳﺎر ﯾﺟﺑران ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ﻷﻧﮭﻣﺎ ﯾﻌﻣﻼن ﺑﺄﺟر ﻋﺎدة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣﺎ ھﻠك ﻣن ﻣﺎل اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻓﮭو ﻣن اﻟرﺑﺢ دون رأس اﻟﻣﺎل" ﻷن اﻟرﺑﺢ ﺗﺎﺑﻊ وﺻرف اﻟﮭﻼك إﻟﻰ ﻣﺎ ھو‬
‫اﻟﺗﺑﻊ أوﻟﻰ ﻛﻣﺎ ﯾﺻرف اﻟﮭﻼك إﻟﻰ اﻟﻌﻔو ﻓﻲ اﻟزﻛﺎة "ﻓﺈن زاد اﻟﮭﺎﻟك ﻋﻠﻰ اﻟرﺑﺢ ﻓﻼ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺿﺎرب"‬
‫ﻷﻧﮫ أﻣﯾن "وإن ﻛﺎﻧﺎ ﯾﻘﺗﺳﻣﺎن اﻟرﺑﺢ واﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺑﺣﺎﻟﮭﺎ ﺛم ھﻠك اﻟﻣﺎل ﺑﻌﺿﮫ أو ﻛﻠﮫ ﺗرادا اﻟرﺑﺢ ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗوﻓﻲ‬
‫رب اﻟﻣﺎل رأس اﻟﻣﺎل" ﻷن ﻗﺳﻣﺔ اﻟرﺑﺢ ﻻ ﺗﺻﺢ ﻗﺑل اﺳﺗﯾﻔﺎء رأس اﻟﻣﺎل ﻷﻧﮫ ھو اﻷﺻل وھذا ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﮫ وﺗﺑﻊ‬
‫ﻟﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ھﻠك ﻣﺎ ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﺿﺎرب أﻣﺎﻧﺔ ﺗﺑﯾن أن ﻣﺎ اﺳﺗوﻓﯾﺎه ﻣن رأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﻓﯾﺿﻣن اﻟﻣﺿﺎرب ﻣﺎ اﺳﺗوﻓﺎه ﻷﻧﮫ‬
‫أﺧذه ﻟﻧﻔﺳﮫ وﻣﺎ أﺧذه رب اﻟﻣﺎل ﻣﺣﺳوب ﻣن رأس ﻣﺎﻟﮫ "وإذا اﺳﺗوﻓﻰ رأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﻓﺈن ﻓﺿل ﺷﻲء ﻛﺎن ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‬
‫ﻷﻧﮫ رﺑﺢ وإن ﻧﻘص ﻓﻼ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺿﺎرب" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ "وﻟو اﻗﺗﺳﻣﺎ اﻟرﺑﺢ وﻓﺳﺧﺎ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺛم ﻋﻘداھﺎ ﻓﮭﻠك‬
‫اﻟﻣﺎل ﻟم ﯾﺗرادا اﻟرﺑﺢ اﻷول" ﻷن اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ اﻷوﻟﻰ ﻗد اﻧﺗﮭت واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻋﻘد ﺟدﯾد‪ ،‬وھﻼك اﻟﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻻ‬
‫ﯾوﺟب اﻧﺗﻘﺎض اﻷول ﻛﻣﺎ إذا دﻓﻊ إﻟﯾﮫ ﻣﺎﻻ آﺧر‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ اﻟﻣﺿﺎرب‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﻟﻠﻣﺿﺎرب أن ﯾﺑﯾﻊ ﺑﺎﻟﻧﻘد واﻟﻧﺳﯾﺋﺔ" ﻷن ﻛل ذﻟك ﻣن ﺻﻧﯾﻊ‬

‫اﻟﺗﺟﺎر ﻓﯾﻧﺗظﻣﮫ إطﻼق اﻟﻌﻘد إﻻ إذا ﺑﺎع إﻟﻰ أﺟل ﻻ ﯾﺑﯾﻊ اﻟﺗﺟﺎر إﻟﯾﮫ ﻷن ﻟﮫ اﻷﻣر اﻟﻌﺎم‬ ‫ص ‪-208-‬‬
‫اﻟﻣﻌروف ﺑﯾن اﻟﻧﺎس‪ ،‬وﻟﮭذا ﻛﺎن ﻟﮫ أن ﯾﺷﺗري داﺑﺔ ﻟﻠرﻛوب‪ ،‬وﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺷﺗري ﺳﻔﯾﻧﺔ ﻟﻠرﻛوب‪ ،‬وﻟﮫ أن‬
‫ﯾﺳﺗﻛرﯾﮭﺎ اﻋﺗﺑﺎرا ﻟﻌﺎدة اﻟﺗﺟﺎر‪ ،‬وﻟﮫ أن ﯾﺄذن ﻟﻌﺑد اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺟﺎرة ﻓﻲ اﻟرواﯾﺔ اﻟﻣﺷﮭورة ﻷﻧﮫ ﻣن ﺻﻧﯾﻊ‬
‫اﻟﺗﺟﺎر‪ .‬وﻟو ﺑﺎع ﺑﺎﻟﻧﻘد ﺛم أﺧر اﻟﺛﻣن ﺟﺎز ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع‪ ،‬أﻣﺎ ﻋﻧدھﻣﺎ ﻓﻸن اﻟوﻛﯾل ﯾﻣﻠك ذﻟك ﻓﺎﻟﻣﺿﺎرب أوﻟﻰ‪ ،‬إﻻ أن‬
‫اﻟﻣﺿﺎرب ﻻ ﯾﺿﻣن ﻷن ﻟﮫ أن ﯾﻘﺎﯾل ﺛم ﯾﺑﯾﻊ ﻧﺳﯾﺋﺔ‪ ،‬وﻻ ﻛذﻟك اﻟوﻛﯾل ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻠك ذﻟك‪ .‬وأﻣﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف‬
‫ﻓﻸﻧﮫ ﯾﻣﻠك اﻹﻗﺎﻟﺔ ﺛم اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺎﻟﻧﺳﺎء‪ .‬ﺑﺧﻼف اﻟوﻛﯾل ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻠك اﻹﻗﺎﻟﺔ‪.‬‬
‫"وﻟو اﺣﺗﺎل ﺑﺎﻟﺛﻣن ﻋﻠﻰ اﻷﯾﺳر أو اﻷﻋﺳر ﺟﺎز" ﻷن اﻟﺣواﻟﺔ ﻣن ﻋﺎدة اﻟﺗﺟﺎر‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟوﺻﻲ ﯾﺣﺗﺎل ﺑﻣﺎل‬
‫اﻟﯾﺗﯾم ﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر ﻓﯾﮫ اﻷﻧظر‪ ،‬ﻷن ﺗﺻرﻓﮫ ﻣﻘﯾد ﺑﺷرط اﻟﻧظر‪ ،‬واﻷﺻل أن ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ اﻟﻣﺿﺎرب ﺛﻼﺛﺔ أﻧواع‪:‬‬
‫ﻧوع ﯾﻣﻠﻛﮫ ﺑﻣطﻠق اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ وھو ﻣﺎ ﯾﻛون ﻣن ﺑﺎب اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ وﺗواﺑﻌﮭﺎ وھو ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ ،‬وﻣن ﺟﻣﻠﺗﮫ اﻟﺗوﻛﯾل‬
‫ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ واﻟﺷراء ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ إﻟﯾﮫ واﻟرھن واﻻرﺗﮭﺎن ﻷﻧﮫ إﯾﻔﺎء واﺳﺗﯾﻔﺎء واﻹﺟﺎرة واﻻﺳﺗﺋﺟﺎر واﻹﯾداع واﻹﺑﺿﺎع‬
‫واﻟﻣﺳﺎﻓرة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه ﻣن ﻗﺑل‪.‬‬
‫وﻧوع ﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ ﺑﻣطﻠق اﻟﻌﻘد وﯾﻣﻠﻛﮫ إذا ﻗﯾل ﻟﮫ اﻋﻣل ﺑرأﯾك‪ ،‬وھو ﻣﺎ ﯾﺣﺗﻣل أن ﯾﻠﺣق ﺑﮫ ﻓﯾﻠﺣق ﻋﻧد وﺟود‬
‫اﻟدﻻﻟﺔ‪ ،‬وذﻟك ﻣﺛل دﻓﻊ اﻟﻣﺎل ﻣﺿﺎرﺑﺔ أو ﺷرﻛﺔ إﻟﻰ ﻏﯾره وﺧﻠط ﻣﺎل اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺑﻣﺎﻟﮫ أو ﺑﻣﺎل ﻏﯾره ﻷن رب‬
‫اﻟﻣﺎل رﺿﻲ ﺑﺷرﻛﺗﮫ ﻻ ﺑﺷرﻛﺔ ﻏﯾره‪ ،‬وھو أﻣر ﻋﺎرض ﻻ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺗﺟﺎرة ﻓﻼ ﯾدﺧل ﺗﺣت ﻣطﻠق اﻟﻌﻘد‬
‫وﻟﻛﻧﮫ ﺟﮭﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺛﻣﯾر‪ ،‬ﻓﻣن ھذا اﻟوﺟﮫ ﯾواﻓﻘﮫ ﻓﯾدﺧل ﻓﯾﮫ ﻋﻧد وﺟود اﻟدﻻﻟﺔ وﻗوﻟﮫ اﻋﻣل ﺑرأﯾك دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك‪.‬‬
‫وﻧوع ﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ ﺑﻣطﻠق اﻟﻌﻘد وﻻ ﺑﻘوﻟﮫ اﻋﻣل ﺑرأﯾك إﻻ أن ﯾﻧص ﻋﻠﯾﮫ رب اﻟﻣﺎل وھو اﻻﺳﺗداﻧﺔ‪ ،‬وھو أن ﯾﺷﺗري‬
‫ﺑﺎﻟدراھم واﻟدﻧﺎﻧﯾر ﺑﻌدﻣﺎ اﺷﺗرى ﺑرأس اﻟﻣﺎل اﻟﺳﻠﻌﺔ وﻣﺎ أﺷﺑﮫ ذﻟك ﻷﻧﮫ ﯾﺻﯾر اﻟﻣﺎل زاﺋدا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﻧﻌﻘد ﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ وﻻ ﯾرﺿﻰ ﺑﮫ وﻻ ﯾﺷﻐل ذﻣﺗﮫ ﺑﺎﻟدﯾن‪ ،‬وﻟو أذن ﻟﮫ رب اﻟﻣﺎل ﺑﺎﻻﺳﺗداﻧﺔ ﺻﺎر اﻟﻣﺷﺗرى ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻧﺻﻔﯾن‬
‫ﺑﻣﻧزﻟﺔ ﺷرﻛﺔ اﻟوﺟوه وأﺧذ اﻟﺳﻔﺎﺗﺞ ﻷﻧﮫ ﻧوع ﻣن اﻻﺳﺗداﻧﺔ‪ ،‬وﻛذا إﻋطﺎؤھﺎ ﻷﻧﮫ إﻗراض واﻟﻌﺗق ﺑﻣﺎل وﺑﻐﯾر ﻣﺎل‬
‫واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﺗﺟﺎرة واﻹﻗراض واﻟﮭﺑﺔ واﻟﺻدﻗﺔ ﻷﻧﮫ ﺗﺑرع ﻣﺣض‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾزوج ﻋﺑدا وﻻ أﻣﺔ ﻣن ﻣﺎل اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ" وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف أﻧﮫ ﯾزوج اﻷﻣﺔ ﻷﻧﮫ ﻣن ﺑﺎب اﻻﻛﺗﺳﺎب؛ أﻻ‬
‫ﺗرى أﻧﮫ ﯾﺳﺗﻔﯾد ﺑﮫ اﻟﻣﮭر وﺳﻘوط اﻟﻧﻔﻘﺔ‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﺗﺟﺎرة واﻟﻌﻘد ﻻ ﯾﺗﺿﻣن إﻻ اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرة وﺻﺎر‬
‫ﻛﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ واﻹﻋﺗﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺎل ﻷﻧﮫ‬

‫اﻛﺗﺳﺎب‪ ،‬وﻟﻛن ﻟﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن ﺗﺟﺎرة ﻻ ﯾدﺧل ﺗﺣت اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻓﻛذا ھذا‪.‬‬ ‫ص ‪-209-‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن دﻓﻊ ﺷﯾﺋﺎ ﻣن ﻣﺎل اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ إﻟﻰ رب اﻟﻣﺎل ﺑﺿﺎﻋﺔ ﻓﺎﺷﺗرى رب اﻟﻣﺎل وﺑﺎع ﻓﮭو ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ"‬
‫وﻗﺎل زﻓر‪ :‬ﺗﻔﺳد اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻷن رب اﻟﻣﺎل ﻣﺗﺻرف ﻓﻲ ﻣﺎل ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻼ ﯾﺻﻠﺢ وﻛﯾﻼ ﻓﯾﮫ ﻓﯾﺻﯾر ﻣﺳﺗردا وﻟﮭذا ﻻ‬
‫ﺗﺻﺢ إذا ﺷرط اﻟﻌﻣل ﻋﻠﯾﮫ اﺑﺗداء‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﺗﺧﻠﯾﺔ ﻓﯾﮫ ﻗد ﺗﻣت وﺻﺎر اﻟﺗﺻرف ﺣﻘﺎ ﻟﻠﻣﺿﺎرب ﻓﯾﺻﻠﺢ رب اﻟﻣﺎل‬
‫وﻛﯾﻼ ﻋﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﺻرف واﻹﺑﺿﺎع ﺗوﻛﯾل ﻣﻧﮫ ﻓﻼ ﯾﻛون اﺳﺗردادا‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺷرط اﻟﻌﻣل ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻻﺑﺗداء ﻷﻧﮫ‬
‫ﯾﻣﻧﻊ اﻟﺗﺧﻠﯾﺔ‪ ،‬وﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا دﻓﻊ اﻟﻣﺎل إﻟﻰ رب اﻟﻣﺎل ﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺣﯾث ﻻ ﯾﺻﺢ ﻷن اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺗﻧﻌﻘد ﺷرﻛﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺎل رب اﻟﻣﺎل وﻋﻣل اﻟﻣﺿﺎرب وﻻ ﻣﺎل ھﺎھﻧﺎ‪ ،‬ﻓﻠو ﺟوزﻧﺎه ﯾؤدي إﻟﻰ ﻗﻠب اﻟﻣوﺿوع‪ ،‬وإذا ﻟم ﺗﺻﺢ ﺑﻘﻲ ﻋﻣل‬
‫رب اﻟﻣﺎل ﺑﺄﻣر اﻟﻣﺿﺎرب ﻓﻼ ﺗﺑطل ﺑﮫ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ اﻷوﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻋﻣل اﻟﻣﺿﺎرب ﻓﻲ اﻟﻣﺻر ﻓﻠﯾﺳت ﻧﻔﻘﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺎل‪ ،‬وإن ﺳﺎﻓر ﻓطﻌﺎﻣﮫ وﺷراﺑﮫ وﻛﺳوﺗﮫ ورﻛوﺑﮫ"‬
‫وﻣﻌﻧﺎه ﺷراء وﻛراء ﻓﻲ اﻟﻣﺎل‪ .‬ووﺟﮫ اﻟﻔرق أن اﻟﻧﻔﻘﺔ ﺗﺟب ﺑﺈزاء اﻻﺣﺗﺑﺎس ﻛﻧﻔﻘﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻧﻔﻘﺔ اﻟﻣرأة‪،‬‬
‫واﻟﻣﺿﺎرب ﻓﻲ اﻟﻣﺻر ﺳﺎﻛن ﺑﺎﻟﺳﻛﻧﻰ اﻷﺻﻠﻲ‪ ،‬وإذا ﺳﺎﻓر ﺻﺎر ﻣﺣﺑوﺳﺎ ﺑﺎﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻓﯾﺳﺗﺣق اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻓﯾﮫ‪ ،‬وھذا‬
‫ﺑﺧﻼف اﻷﺟﯾر ﻷﻧﮫ ﯾﺳﺗﺣق اﻟﺑدل ﻻ ﻣﺣﺎﻟﺔ ﻓﻼ ﯾﺗﺿرر ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق ﻣن ﻣﺎﻟﮫ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻣﺿﺎرب ﻓﻠﯾس ﻟﮫ إﻻ اﻟرﺑﺢ وھو‬
‫ﻓﻲ ﺣﯾز اﻟﺗردد‪ ،‬ﻓﻠو أﻧﻔق ﻣن ﻣﺎﻟﮫ ﯾﺗﺿرر ﺑﮫ‪ ،‬وﺑﺧﻼف اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ اﻟﻔﺎﺳدة ﻷﻧﮫ أﺟﯾر‪ ،‬وﺑﺧﻼف اﻟﺑﺿﺎﻋﺔ ﻷﻧﮫ‬
‫ﻣﺗﺑرع‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﺑﻘﻲ ﺷﻲء ﻓﻲ ﯾده ﺑﻌدﻣﺎ ﻗدم ﻣﺻره رده ﻓﻲ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ" ﻻﻧﺗﮭﺎء اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﺧروﺟﮫ دون‬
‫اﻟﺳﻔر ﻓﺈن ﻛﺎن ﺑﺣﯾث ﯾﻐدو ﺛم ﯾروح ﻓﯾﺑﯾت ﺑﺄھﻠﮫ ﻓﮭو ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺳوﻗﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺻر‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﺑﯾت ﺑﺄھﻠﮫ‬
‫ﻓﻧﻔﻘﺗﮫ ﻓﻲ ﻣﺎل اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻷن ﺧروﺟﮫ ﻟﻠﻣﺿﺎرﺑﺔ‪ ،‬واﻟﻧﻔﻘﺔ ھﻲ ﻣﺎ ﯾﺻرف إﻟﻰ اﻟﺣﺎﺟﺔ اﻟراﺗﺑﺔ وھو ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪،‬‬
‫وﻣن ذﻟك ﻏﺳل ﺛﯾﺎﺑﮫ وأﺟرة أﺟﯾر ﯾﺧدﻣﮫ وﻋﻠف داﺑﺔ ﯾرﻛﺑﮭﺎ واﻟدھن ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﯾﮫ ﻋﺎدة ﻛﺎﻟﺣﺟﺎز‪ ،‬وإﻧﻣﺎ‬
‫ﯾطﻠق ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ذﻟك ﺑﺎﻟﻣﻌروف ﺣﺗﻰ ﯾﺿﻣن اﻟﻔﺿل إن ﺟﺎوزه اﻋﺗﺑﺎرا ﻟﻠﻣﺗﻌﺎرف ﺑﯾن اﻟﺗﺟﺎر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وأﻣﺎ اﻟدواء ﻓﻔﻲ ﻣﺎﻟﮫ" ﻓﻲ ظﺎھر اﻟرواﯾﺔ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﯾدﺧل ﻓﻲ اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻷﻧﮫ ﻹﺻﻼح‬
‫ﺑدﻧﮫ وﻻ ﯾﺗﻣﻛن ﻣن اﻟﺗﺟﺎرة إﻻ ﺑﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﻧﻔﻘﺔ‪ ،‬وﺟﮫ اﻟظﺎھر أن اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻣﻌﻠوﻣﺔ اﻟوﻗوع وإﻟﻰ اﻟدواء‬
‫ﺑﻌﺎرض اﻟﻣرض‪ ،‬وﻟﮭذا ﻛﺎﻧت ﻧﻔﻘﺔ اﻟﻣرأة ﻋﻠﻰ اﻟزوج ودواؤھﺎ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا رﺑﺢ أﺧذ رب اﻟﻣﺎل ﻣﺎ أﻧﻔق ﻣن رأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﻓﺈن ﺑﺎع اﻟﻣﺗﺎع ﻣراﺑﺣﺔ‬ ‫ص ‪-210-‬‬
‫ﺣﺳب ﻣﺎ أﻧﻔق ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﺎع ﻣن اﻟﺣﻣﻼن وﻧﺣوه‪ ،‬وﻻ ﯾﺣﺗﺳب ﻣﺎ أﻧﻔق ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ" ﻷن اﻟﻌرف ﺟﺎر ﺑﺈﻟﺣﺎق‬
‫اﻷول دون اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻷن اﻷول ﯾوﺟب زﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﺑزﯾﺎدة اﻟﻘﯾﻣﺔ واﻟﺛﺎﻧﻲ ﻻ ﯾوﺟﺑﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻣﻌﮫ أﻟف ﻓﺎﺷﺗرى ﺑﮭﺎ ﺛﯾﺎﺑﺎ ﻓﻘﺻرھﺎ أو ﺣﻣﻠﮭﺎ ﺑﻣﺎﺋﺔ ﻣن ﻋﻧده وﻗد ﻗﯾل ﻟﮫ اﻋﻣل ﺑرأﯾك ﻓﮭو‬
‫ﻣﺗطوع" ﻷﻧﮫ اﺳﺗداﻧﺔ ﻋﻠﻰ رب اﻟﻣﺎل ﻓﻼ ﯾﻧﺗظﻣﮫ ھذا اﻟﻣﻘﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر "وإن ﺻﺑﻐﮭﺎ أﺣﻣر ﻓﮭو ﺷرﯾك ﺑﻣﺎ زاد‬
‫اﻟﺻﺑﻎ ﻓﯾﮫ وﻻ ﯾﺿﻣن" ﻷﻧﮫ ﻋﯾن ﻣﺎل ﻗﺎﺋم ﺑﮫ ﺣﺗﻰ إذا ﺑﯾﻊ ﻛﺎن ﻟﮫ ﺣﺻﺔ اﻟﺻﺑﻎ وﺣﺻﺔ اﻟﺛوب اﻷﺑﯾض ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺑﺧﻼف اﻟﻘﺻﺎرة واﻟﺣﻣل ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﻌﯾن ﻣﺎل ﻗﺎﺋم ﺑﮫ‪ ،‬وﻟﮭذا إذا ﻓﻌﻠﮫ اﻟﻐﺎﺻب ﺿﺎع وﻻ ﯾﺿﯾﻊ إذا‬
‫ﺻﺑﻎ اﻟﻣﻐﺻوب‪ ،‬وإذا ﺻﺎر ﺷرﯾﻛﺎ ﺑﺎﻟﺻﺑﻎ اﻧﺗظﻣﮫ ﻗوﻟﮫ اﻋﻣل ﺑرأﯾك اﻧﺗظﺎﻣﮫ اﻟﺧﻠطﺔ ﻓﻼ ﯾﺿﻣﻧﮫ‪.‬‬

‫ﻓﺻل آﺧر‪ :‬ﻗﺎل "ﻓﺈن ﻛﺎن ﻣﻌﮫ أﻟف ﺑﺎﻟﻧﺻف ﻓﺎﺷﺗرى ﺑﮭﺎ ﺑزا ﻓﺑﺎﻋﮫ ﺑﺄﻟﻔﯾن ﺛم اﺷﺗرى‬
‫ﺑﺎﻷﻟﻔﯾن ﻋﺑدا ﻓﻠم ﯾﻧﻘدھﻣﺎ ﺣﺗﻰ ﺿﺎﻋﺎ ﯾﻐرم رب اﻟﻣﺎل أﻟﻔﺎ وﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ واﻟﻣﺿﺎرب‬
‫ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ وﯾﻛون رﺑﻊ اﻟﻌﺑد ﻟﻠﻣﺿﺎرب وﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎﻋﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ"‪.‬‬
‫ﻗﺎل رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ھذا اﻟذي ذﻛره ﺣﺎﺻل اﻟﺟواب‪ ،‬ﻷن اﻟﺛﻣن ﻛﻠﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺿﺎرب إذ ھو اﻟﻌﺎﻗد‪ ،‬إﻻ أن ﻟﮫ ﺣق‬
‫اﻟرﺟوع ﻋﻠﻰ رب اﻟﻣﺎل ﺑﺄﻟف وﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺑﯾن ﻓﯾﻛون ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻷﺟرة‪ .‬ووﺟﮭﮫ أﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﻧض اﻟﻣﺎل ظﮭر‬
‫اﻟرﺑﺢ وﻟﮫ ﻣﻧﮫ وھو ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا اﺷﺗرى ﺑﺎﻷﻟﻔﯾن ﻋﺑدا ﺻﺎر ﻣﺷﺗرﯾﺎ رﺑﻌﮫ ﻟﻧﻔﺳﮫ وﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎﻋﮫ ﻟﻠﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺣﺳب اﻧﻘﺳﺎم اﻷﻟﻔﯾن‪ ،‬وإذا ﺿﺎﻋت اﻷﻟﻔﺎن وﺟب ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺛﻣن ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه‪ ،‬وﻟﮫ اﻟرﺟوع ﺑﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎع اﻟﺛﻣن ﻋﻠﻰ رب‬
‫اﻟﻣﺎل ﻷﻧﮫ وﻛﯾل ﻣن ﺟﮭﺗﮫ ﻓﯾﮫ وﯾﺧرج ﻧﺻﯾب اﻟﻣﺿﺎرب وھو اﻟرﺑﻊ ﻣن اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻷﻧﮫ ﻣﺿﻣون ﻋﻠﯾﮫ وﻣﺎل‬
‫اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ أﻣﺎﻧﺔ وﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻣﻧﺎﻓﺎة وﯾﺑﻘﻰ ﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎع اﻟﻌﺑد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﻓﯾﮫ ﻣﺎ ﯾﻧﺎﻓﻲ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ‬
‫"وﯾﻛون رأس اﻟﻣﺎل أﻟﻔﯾن وﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ" ﻷﻧﮫ دﻓﻊ ﻣرة أﻟﻔﺎ وﻣرة أﻟﻔﺎ وﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ "وﻻ ﯾﺑﯾﻌﮫ ﻣراﺑﺣﺔ إﻻ ﻋﻠﻰ‬
‫أﻟﻔﯾن" ﻷﻧﮫ اﺷﺗراه ﺑﺄﻟﻔﯾن‪ ،‬وﯾظﮭر ذﻟك ﻓﯾﻣﺎ إذا ﺑﯾﻊ اﻟﻌﺑد ﺑﺄرﺑﻌﺔ آﻻف ﻓﺣﺻﺔ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺛﻼﺛﺔ آﻻف ﯾرﻓﻊ رأس‬
‫اﻟﻣﺎل وﯾﺑﻘﻰ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ رﺑﺢ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻛﺎن ﻣﻌﮫ أﻟف ﻓﺎﺷﺗرى رب اﻟﻣﺎل ﻋﺑدا ﺑﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ وﺑﺎﻋﮫ إﯾﺎه ﺑﺄﻟف ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺑﯾﻌﮫ ﻣراﺑﺣﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ" ﻷن ھذا اﻟﺑﯾﻊ ﻣﻘﺿﻲ ﺑﺟوازه ﻟﺗﻐﺎﯾر اﻟﻣﻘﺎﺻد دﻓﻌﺎ ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ وإن ﻛﺎن ﺑﯾﻊ ﻣﻠﻛﮫ ﺑﻣﻠﻛﮫ إﻻ أن ﻓﯾﮫ ﺷﺑﮭﺔ‬
‫اﻟﻌدم‪ ،‬وﻣﺑﻧﻰ اﻟﻣراﺑﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺎﻧﺔ واﻻﺣﺗراز ﻋن ﺷﺑﮭﺔ‬

‫اﻟﺧﯾﺎﻧﺔ ﻓﺎﻋﺗﺑر أﻗل اﻟﺛﻣﻧﯾن‪ ،‬وﻟو اﺷﺗرى اﻟﻣﺿﺎرب ﻋﺑدا ﺑﺄﻟف وﺑﺎﻋﮫ ﻣن رب اﻟﻣﺎل‬ ‫ص ‪-211-‬‬
‫ﺑﺄﻟف وﻣﺎﺋﺗﯾن ﺑﺎﻋﮫ ﻣراﺑﺣﺔ ﺑﺄﻟف وﻣﺎﺋﺔ ﻷﻧﮫ اﻋﺗﺑر ﻋدﻣﺎ ﻓﻲ ﺣق ﻧﺻف اﻟرﺑﺢ وھو ﻧﺻﯾب رب اﻟﻣﺎل وﻗد ﻣر‬
‫ﻓﻲ اﻟﺑﯾوع‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻣﻌﮫ أﻟف ﺑﺎﻟﻧﺻف ﻓﺎﺷﺗرى ﺑﮭﺎ ﻋﺑدا ﻗﯾﻣﺗﮫ أﻟﻔﺎن ﻓﻘﺗل اﻟﻌﺑد رﺟﻼ ﺧطﺄ ﻓﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎع اﻟﻔداء ﻋﻠﻰ‬
‫رب اﻟﻣﺎل ورﺑﻌﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺿﺎرب" ﻷن اﻟﻔداء ﻣؤﻧﺔ اﻟﻣﻠك ﻓﯾﺗﻘدر ﺑﻘدر اﻟﻣﻠك وﻗد ﻛﺎن اﻟﻣﻠك ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ أرﺑﺎﻋﺎ‪ ،‬ﻷﻧﮫ‬
‫ﻟﻣﺎ ﺻﺎر اﻟﻣﺎل ﻋﯾﻧﺎ واﺣدا ظﮭر اﻟرﺑﺢ وھو أﻟف ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ وأﻟف ﻟرب اﻟﻣﺎل ﺑرأس ﻣﺎﻟﮫ ﻷن ﻗﯾﻣﺗﮫ أﻟﻔﺎن‪ ،‬وإذا ﻓدﯾﺎ‬
‫ﺧرج اﻟﻌﺑد ﻋن اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ‪ ،‬أﻣﺎ ﻧﺻﯾب اﻟﻣﺿﺎرب ﻓﻠﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه‪ ،‬وأﻣﺎ ﻧﺻﯾب رب اﻟﻣﺎل ﻓﻠﻘﺿﺎء اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻧﻘﺳﺎم‬
‫اﻟﻔداء ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ ﻟﻣﺎ أﻧﮫ ﯾﺗﺿﻣن ﻗﺳﻣﺔ اﻟﻌﺑد ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ واﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺗﻧﺗﮭﻲ ﺑﺎﻟﻘﺳﻣﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﺗﻘدم ﻷن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺛﻣن ﻓﯾﮫ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺿﺎرب وإن ﻛﺎن ﻟﮫ ﺣق اﻟرﺟوع ﻓﻼ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻘﺳﻣﺔ‪ ،‬وﻷن اﻟﻌﺑد ﻛﺎﻟزاﺋل ﻋن ﻣﻠﻛﮭﻣﺎ ﺑﺎﻟﺟﻧﺎﯾﺔ‪ ،‬ودﻓﻊ‬
‫اﻟﻔداء ﻛﺎﺑﺗداء اﻟﺷراء ﻓﯾﻛون اﻟﻌﺑد ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ أرﺑﺎﻋﺎ ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﯾﺧدم اﻟﻣﺿﺎرب ﯾوﻣﺎ ورب اﻟﻣﺎل ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﺗﻘدم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻣﻌﮫ أﻟف ﻓﺎﺷﺗرى ﺑﮭﺎ ﻋﺑدا ﻓﻠم ﯾﻧﻘدھﺎ ﺣﺗﻰ ھﻠﻛت ﯾدﻓﻊ رب اﻟﻣﺎل ذﻟك اﻟﺛﻣن ورأس اﻟﻣﺎل ﺟﻣﯾﻊ‬
‫ﻣﺎ ﯾدﻓﻊ إﻟﯾﮫ رب اﻟﻣﺎل" ﻷن اﻟﻣﺎل أﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﯾده وﻻ ﯾﺻﯾر ﻣﺳﺗوﻓﯾﺎ‪ ،‬واﻻﺳﺗﯾﻔﺎء إﻧﻣﺎ ﯾﻛون ﺑﻘﺑض ﻣﺿﻣون‬
‫وﺣﻛم اﻷﻣﺎﻧﺔ ﯾﻧﺎﻓﯾﮫ ﻓﯾرﺟﻊ ﻣرة ﺑﻌد أﺧرى‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟوﻛﯾل إذا ﻛﺎن اﻟﺛﻣن ﻣدﻓوﻋﺎ إﻟﯾﮫ ﻗﺑل اﻟﺷراء وھﻠك ﺑﻌد‬
‫اﻟﺷراء ﺣﯾث ﻻ ﯾرﺟﻊ إﻻ ﻣرة ﻷﻧﮫ أﻣﻛن ﺟﻌﻠﮫ ﻣﺳﺗوﻓﯾﺎ‪ ،‬ﻷن اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺗﺟﺎﻣﻊ اﻟﺿﻣﺎن ﻛﺎﻟﻐﺎﺻب إذا ﺗوﻛل ﺑﺑﯾﻊ‬
‫اﻟﻣﻐﺻوب‪ ،‬ﺛم ﻓﻲ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ ھذه اﻟﺻورة ﯾرﺟﻊ ﻣرة‪ ،‬وﻓﯾﻣﺎ إذا اﺷﺗرى ﺛم دﻓﻊ اﻟﻣوﻛل إﻟﯾﮫ اﻟﻣﺎل ﻓﮭﻠك ﻻ ﯾرﺟﻊ‬
‫ﻷﻧﮫ ﺛﺑت ﻟﮫ ﺣق اﻟرﺟوع ﺑﻧﻔس اﻟﺷراء ﻓﺟﻌل ﻣﺳﺗوﻓﯾﺎ ﺑﺎﻟﻘﺑض ﺑﻌده‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻣدﻓوع إﻟﯾﮫ ﻗﺑل اﻟﺷراء أﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﯾده‬
‫وھو ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺎﻧﺔ ﺑﻌده ﻓﻠم ﯾﺻر ﻣﺳﺗوﻓﯾﺎ‪ ،‬ﻓﺈذا ھﻠك رﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ ﻣرة ﺛم ﻻ ﯾرﺟﻊ ﻟوﻗوع اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ اﻻﺧﺗﻼف‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻛﺎن ﻣﻊ اﻟﻣﺿﺎرب أﻟﻔﺎن ﻓﻘﺎل دﻓﻌت إﻟﻲ أﻟﻔﺎ ورﺑﺣت أﻟﻔﺎ وﻗﺎل رب اﻟﻣﺎل ﻻ ﺑل دﻓﻌت إﻟﯾك أﻟﻔﯾن‬
‫ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺿﺎرب" وﻛﺎن أﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ ﯾﻘول أوﻻ اﻟﻘول ﻗول رب اﻟﻣﺎل وھو ﻗول زﻓر‪ ،‬ﻷن اﻟﻣﺿﺎرب ﯾدﻋﻲ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟرﺑﺢ وھو ﯾﻧﻛر واﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﻧﻛر‪ ،‬ﺛم رﺟﻊ إﻟﻰ ﻣﺎ ذﻛر ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ﻷن اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‬
‫ﻓﻲ ﻣﻘدار اﻟﻣﻘﺑوض وﻓﻲ ﻣﺛﻠﮫ اﻟﻘول ﻗول اﻟﻘﺎﺑض ﺿﻣﯾﻧﺎ ﻛﺎن أو أﻣﯾﻧﺎ ﻷﻧﮫ أﻋرف ﺑﻣﻘدار اﻟﻣﻘﺑوض؛‬

‫وﻟو اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻣﻊ ذﻟك ﻓﻲ ﻣﻘدار اﻟرﺑﺢ ﻓﺎﻟﻘول ﻓﯾﮫ ﻟرب اﻟﻣﺎل ﻷن اﻟرﺑﺢ ﯾﺳﺗﺣق ﺑﺎﻟﺷرط‬ ‫ص ‪-212-‬‬
‫وھو ﯾﺳﺗﻔﺎد ﻣن ﺟﮭﺗﮫ‪ ،‬وأﯾﮭﻣﺎ أﻗﺎم اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ادﻋﻰ ﻣن ﻓﺿل ﻗﺑﻠت ﻷن اﻟﺑﯾﻧﺎت ﻟﻺﺛﺑﺎت‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻛﺎن ﻣﻌﮫ أﻟف درھم ﻓﻘﺎل ھﻲ ﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻟﻔﻼن ﺑﺎﻟﻧﺻف وﻗد رﺑﺢ أﻟﻔﺎ وﻗﺎل ﻓﻼن ھﻲ ﺑﺿﺎﻋﺔ ﻓﺎﻟﻘول‬
‫ﻗول رب اﻟﻣﺎل" ﻷن اﻟﻣﺿﺎرب ﯾدﻋﻲ ﻋﻠﯾﮫ ﺗﻘوﯾم ﻋﻣﻠﮫ أو ﺷرطﺎ ﻣن ﺟﮭﺗﮫ أو ﯾدﻋﻲ اﻟﺷرﻛﺔ وھو ﯾﻧﻛر‪" ،‬وﻟو‬
‫ﻗﺎل اﻟﻣﺿﺎرب أﻗرﺿﺗﻧﻲ وﻗﺎل رب اﻟﻣﺎل ھو ﺑﺿﺎﻋﺔ أو ودﯾﻌﺔ ﻓﺎﻟﻘول ﻟرب اﻟﻣﺎل واﻟﺑﯾﻧﺔ ﺑﯾﻧﺔ اﻟﻣﺿﺎرب"‪ ،‬ﻷن‬
‫اﻟﻣﺿﺎرب ﯾدﻋﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺗﻣﻠك وھو ﯾﻧﻛر‪ " .‬وﻟو ادﻋﻰ رب اﻟﻣﺎل اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﻓﻲ ﻧوع وﻗﺎل اﻵﺧر ﻣﺎ ﺳﻣﯾت ﻟﻲ‬
‫ﺗﺟﺎرة ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ ﻓﺎﻟﻘول ﻟﻠﻣﺿﺎرب" ﻷن اﻷﺻل ﻓﯾﮫ اﻟﻌﻣوم واﻹطﻼق‪ ،‬واﻟﺗﺧﺻﯾص ﯾﻌﺎرض اﻟﺷرط‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻷن اﻷﺻل ﻓﯾﮫ اﻟﺧﺻوص‪" .‬وﻟو ادﻋﻰ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻧوﻋﺎ ﻓﺎﻟﻘول ﻟرب اﻟﻣﺎل" ﻷﻧﮭﻣﺎ اﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺗﺧﺻﯾص‪ ،‬واﻹذن ﯾﺳﺗﻔﺎد ﻣن ﺟﮭﺗﮫ‪ ،‬واﻟﺑﯾﻧﺔ ﺑﯾﻧﺔ اﻟﻣﺿﺎرب ﻟﺣﺎﺟﺗﮫ إﻟﻰ ﻧﻔﻲ اﻟﺿﻣﺎن وﻋدم ﺣﺎﺟﺔ اﻵﺧر إﻟﻰ‬
‫اﻟﺑﯾﻧﺔ‪ ،‬وﻟو وﻗﺗت اﻟﺑﯾﻧﺗﺎن وﻗﺗﺎ ﻓﺻﺎﺣب اﻟوﻗت اﻷﺧﯾر أوﻟﻰ ﻷن آﺧر اﻟﺷرطﯾن ﯾﻧﻘض اﻷول‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻟودﯾﻌﺔ‬ ‫ص ‪-213-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟودﯾﻌﺔ أﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣودع إذا ھﻠﻛت ﻟم ﯾﺿﻣﻧﮭﺎ" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻟﯾس ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗﻌﯾر‬
‫ﻏﯾر اﻟﻣﻐل ﺿﻣﺎن وﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗودع ﻏﯾر اﻟﻣﻐل ﺿﻣﺎن" وﻷن ﺑﺎﻟﻧﺎس ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻻﺳﺗﯾداع‪ ،‬ﻓﻠو ﺿﻣﻧﺎه ﯾﻣﺗﻧﻊ‬
‫اﻟﻧﺎس ﻋن ﻗﺑول اﻟوداﺋﻊ ﻓﺗﺗﻌطل ﻣﺻﺎﻟﺣﮭم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﻠﻣودع أن ﯾﺣﻔظﮭﺎ ﺑﻧﻔﺳﮫ وﺑﻣن ﻓﻲ ﻋﯾﺎﻟﮫ" ﻷن اﻟظﺎھر أﻧﮫ ﯾﻠﺗزم ﺣﻔظ ﻣﺎل ﻏﯾره ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﮫ اﻟذي‬
‫ﯾﺣﻔظ ﻣﺎل ﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺟد ﺑدا ﻣن اﻟدﻓﻊ إﻟﻰ ﻋﯾﺎﻟﮫ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ ﻣﻼزﻣﺔ ﺑﯾﺗﮫ وﻻ اﺳﺗﺻﺣﺎب اﻟودﯾﻌﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺧروﺟﮫ ﻓﻛﺎن اﻟﻣﺎﻟك راﺿﯾﺎ ﺑﮫ "ﻓﺈن ﺣﻔظﮭﺎ ﺑﻐﯾرھم أو أودﻋﮭﺎ ﻏﯾرھم ﺿﻣن" ﻷن اﻟﻣﺎﻟك رﺿﻲ ﺑﯾده ﻻ ﺑﯾد‬
‫ﻏﯾره‪ ،‬واﻷﯾدي ﺗﺧﺗﻠف ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻧﺔ‪ ،‬وﻷن اﻟﺷﻲء ﻻ ﯾﺗﺿﻣن ﻣﺛﻠﮫ ﻛﺎﻟوﻛﯾل ﻻ ﯾوﻛل ﻏﯾره‪ ،‬واﻟوﺿﻊ ﻓﻲ ﺣرز‬
‫ﻏﯾره إﯾداع‪ ،‬إﻻ إذا اﺳﺗﺄﺟر اﻟﺣرز ﻓﯾﻛون ﺣﺎﻓظﺎ ﺑﺣرز ﻧﻔﺳﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬إﻻ أن ﯾﻘﻊ ﻓﻲ داره ﺣرﯾق ﻓﯾﺳﻠﻣﮭﺎ إﻟﻰ ﺟﺎره أو ﯾﻛون ﻓﻲ ﺳﻔﯾﻧﺔ ﻓﺧﺎف اﻟﻐرق ﻓﯾﻠﻘﯾﮭﺎ إﻟﻰ ﺳﻔﯾﻧﺔ‬
‫أﺧرى" ﻷﻧﮫ ﺗﻌﯾن طرﯾﻘﺎ ﻟﻠﺣﻔظ ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻓﯾرﺗﺿﯾﮫ اﻟﻣﺎﻟك‪ ،‬وﻻ ﯾﺻدق ﻋﻠﻰ ذﻟك إﻻ ﺑﺑﯾﻧﺔ ﻷﻧﮫ ﯾدﻋﻲ‬
‫ﺿرورة ﻣﺳﻘطﺔ ﻟﻠﺿﻣﺎن ﺑﻌد ﺗﺣﻘق اﻟﺳﺑب ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ادﻋﻰ اﻹذن ﻓﻲ اﻹﯾداع‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن طﻠﺑﮭﺎ ﺻﺎﺣﺑﮭﺎ ﻓﺣﺑﺳﮭﺎ وھو ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻠﯾﻣﮭﺎ ﺿﻣﻧﮭﺎ" ﻷﻧﮫ ﻣﺗﻌد ﺑﺎﻟﻣﻧﻊ‪ ،‬وھذا ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ طﺎﻟﺑﮫ ﻟم‬
‫ﯾﻛن راﺿﯾﺎ ﺑﺈﻣﺳﺎﻛﮫ ﺑﻌده ﻓﯾﺿﻣﻧﮫ ﺑﺣﺑﺳﮫ ﻋﻧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﺧﻠطﮭﺎ اﻟﻣودع ﺑﻣﺎﻟﮫ ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﺗﻣﯾز ﺿﻣﻧﮭﺎ ﺛم ﻻ ﺳﺑﯾل ﻟﻠﻣودع ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻗﺎﻻ‪ :‬إذا‬
‫ﺧﻠطﮭﺎ ﺑﺟﻧﺳﮭﺎ ﺷرﻛﮫ إن ﺷﺎء" ﻣﺛل أن ﯾﺧﻠط اﻟدراھم اﻟﺑﯾض ﺑﺎﻟﺑﯾض واﻟﺳود ﺑﺎﻟﺳود واﻟﺣﻧطﺔ ﺑﺎﻟﺣﻧطﺔ واﻟﺷﻌﯾر‬
‫ﺑﺎﻟﺷﻌﯾر‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻋﯾن ﺣﻘﮫ ﺻورة وأﻣﻛﻧﮫ ﻣﻌﻧﻰ ﺑﺎﻟﻘﺳﻣﺔ ﻓﻛﺎن اﺳﺗﮭﻼﻛﺎ ﻣن وﺟﮫ دون‬
‫وﺟﮫ ﻓﯾﻣﯾل إﻟﻰ أﯾﮭﻣﺎ ﺷﺎء‪ .‬وﻟﮫ أﻧﮫ اﺳﺗﮭﻼك ﻣن ﻛل وﺟﮫ ﻷﻧﮫ ﻓﻌل ﯾﺗﻌذر ﻣﻌﮫ اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻋﯾن ﺣﻘﮫ‪ ،‬وﻻ ﻣﻌﺗﺑر‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺳﻣﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﻣن ﻣوﺟﺑﺎت اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﻼ ﺗﺻﻠﺢ ﻣوﺟﺑﺔ ﻟﮭﺎ‪ ،‬وﻟو أﺑرأ اﻟﺧﺎﻟط ﻻ ﺳﺑﯾل ﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺧﻠوط ﻋﻧد أﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺣق ﻟﮫ إﻻ ﻓﻲ اﻟدﯾن وﻗد ﺳﻘط‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﺑﺎﻹﺑراء ﺗﺳﻘط ﺧﯾرة اﻟﺿﻣﺎن ﻓﯾﺗﻌﯾن اﻟﺷرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺧﻠوط‪،‬‬
‫وﺧﻠط اﻟﺧل ﺑﺎﻟزﯾت وﻛل ﻣﺎﺋﻊ ﺑﻐﯾر ﺟﻧﺳﮫ‬
‫ﯾوﺟب اﻧﻘطﺎع ﺣق اﻟﻣﺎﻟك إﻟﻰ اﻟﺿﻣﺎن‪ ،‬وھذا ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع ﻷﻧﮫ اﺳﺗﮭﻼك ﺻورة وﻛذا‬ ‫ص ‪-214-‬‬
‫ﻣﻌﻧﻰ ﻟﺗﻌذر اﻟﻘﺳﻣﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﺧﺗﻼف اﻟﺟﻧس‪ ،‬وﻣن ھذا اﻟﻘﺑﯾل ﺧﻠط اﻟﺣﻧطﺔ ﺑﺎﻟﺷﻌﯾر ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻷن أﺣدھﻣﺎ ﻻ‬
‫ﯾﺧﻠو ﻋن ﺣﺑﺎت اﻵﺧر ﻓﺗﻌذر اﻟﺗﻣﯾﯾز واﻟﻘﺳﻣﺔ‪ .‬وﻟو ﺧﻠط اﻟﻣﺎﺋﻊ ﺑﺟﻧﺳﮫ ﻓﻌﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﯾﻧﻘطﻊ ﺣق اﻟﻣﺎﻟك إﻟﻰ‬
‫ﺿﻣﺎن ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ ،‬وﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف ﯾﺟﻌل اﻷﻗل ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻟﻸﻛﺛر اﻋﺗﺑﺎرا ﻟﻠﻐﺎﻟب أﺟزاء‪ ،‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد ﺷرﻛﮫ ﺑﻛل ﺣﺎل‬
‫ﻷن اﻟﺟﻧس ﻻ ﯾﻐﻠب اﻟﺟﻧس ﻋﻧده ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر ﻓﻲ اﻟرﺿﺎع‪ ،‬وﻧظﯾره ﺧﻠط اﻟدراھم ﺑﻣﺛﻠﮭﺎ إذاﺑﺔ ﻷﻧﮫ ﯾﺻﯾر ﻣﺎﺋﻌﺎ‬
‫ﺑﺎﻹذاﺑﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن اﺧﺗﻠطت ﺑﻣﺎﻟﮫ ﻣن ﻏﯾر ﻓﻌﻠﮫ ﻓﮭو ﺷرﯾك ﻟﺻﺎﺣﺑﮭﺎ" ﻛﻣﺎ إذا اﻧﺷق اﻟﻛﯾﺳﺎن ﻓﺎﺧﺗﻠطﺎ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺿﻣﻧﮭﺎ‬
‫ﻟﻌدم اﻟﺻﻧﻊ ﻣﻧﮫ ﻓﯾﺷﺗرﻛﺎن وھذا ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن أﻧﻔق اﻟﻣودع ﺑﻌﺿﮭﺎ ﺛم رد ﻣﺛﻠﮫ ﻓﺧﻠطﮭﺎ ﺑﺎﻟﺑﺎﻗﻲ ﺿﻣن اﻟﺟﻣﯾﻊ" ﻷﻧﮫ ﺧﻠط ﻣﺎل ﻏﯾره ﺑﻣﺎﻟﮫ ﻓﯾﻛون‬
‫اﺳﺗﮭﻼﻛﺎ ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﮫ اﻟذي ﺗﻘدم‪ .‬ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺗﻌدى اﻟﻣودع ﻓﻲ اﻟودﯾﻌﺔ ﺑﺄن ﻛﺎﻧت داﺑﺔ ﻓرﻛﺑﮭﺎ أو ﺛوﺑﺎ ﻓﻠﺑﺳﮫ أو‬
‫ﻋﺑدا ﻓﺎﺳﺗﺧدﻣﮫ أو أودﻋﮭﺎ ﻏﯾره ﺛم أزال اﻟﺗﻌدي ﻓردھﺎ إﻟﻰ ﯾده زال اﻟﺿﻣﺎن" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻻ ﯾﺑرأ ﻋن‬
‫اﻟﺿﻣﺎن ﻷن ﻋﻘد اﻟودﯾﻌﺔ ارﺗﻔﻊ ﺣﯾن ﺻﺎر ﺿﺎﻣﻧﺎ ﻟﻠﻣﻧﺎﻓﺎة ﻓﻼ ﯾﺑرأ إﻻ ﺑﺎﻟرد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎﻟك وﻟﻧﺎ أن اﻷﻣر ﺑﺎق‬
‫ﻹطﻼﻗﮫ‪ ،‬وارﺗﻔﺎع ﺣﻛم اﻟﻌﻘد ﺿرورة ﺛﺑوت ﻧﻘﯾﺿﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ارﺗﻔﻊ ﻋﺎد ﺣﻛم اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا اﺳﺗﺄﺟره ﻟﻠﺣﻔظ ﺷﮭرا‬
‫ﻓﺗرك اﻟﺣﻔظ ﻓﻲ ﺑﻌﺿﮫ ﺛم ﺣﻔظ ﻓﻲ اﻟﺑﺎﻗﻲ ﻓﺣﺻل اﻟرد إﻟﻰ ﻧﺎﺋب اﻟﻣﺎﻟك‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن طﻠﺑﮭﺎ ﺻﺎﺣﺑﮭﺎ ﻓﺟﺣدھﺎ ﺿﻣﻧﮭﺎ" ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ طﺎﻟﺑﮫ ﺑﺎﻟرد ﻓﻘد ﻋزﻟﮫ ﻋن اﻟﺣﻔظ ﻓﺑﻌد ذﻟك ھو ﺑﺎﻹﻣﺳﺎك‬
‫ﻏﺎﺻب ﻣﺎﻧﻊ ﻓﯾﺿﻣﻧﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺈن ﻋﺎد إﻟﻰ اﻻﻋﺗراف ﻟم ﯾﺑرأ ﻋن اﻟﺿﻣﺎن ﻻرﺗﻔﺎع اﻟﻌﻘد‪ ،‬إذ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟرد رﻓﻊ ﻣن‬
‫ﺟﮭﺗﮫ واﻟﺟﺣود ﻓﺳﺦ ﻣن ﺟﮭﺔ اﻟﻣودع ﻛﺟﺣود اﻟوﻛﯾل اﻟوﻛﺎﻟﺔ وﺟﺣود أﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن اﻟﺑﯾﻊ ﻓﺗم اﻟرﻓﻊ‪ ،‬أو ﻷن‬
‫اﻟﻣودع ﯾﻧﻔرد ﺑﻌزل ﻧﻔﺳﮫ ﺑﻣﺣﺿر ﻣن اﻟﻣﺳﺗودع ﻛﺎﻟوﻛﯾل ﯾﻣﻠك ﻋزل ﻧﻔﺳﮫ ﺑﺣﺿرة اﻟﻣوﻛل‪ ،‬وإذا ارﺗﻔﻊ ﻻ ﯾﻌود‬
‫إﻻ ﺑﺎﻟﺗﺟدﯾد ﻓﻠم ﯾوﺟد اﻟرد إﻟﻰ ﻧﺎﺋب اﻟﻣﺎﻟك‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺧﻼف ﺛم اﻟﻌود إﻟﻰ اﻟوﻓﺎق‪ ،‬وﻟو ﺟﺣدھﺎ ﻋﻧد ﻏﯾر ﺻﺎﺣﺑﮭﺎ‬
‫ﻻ ﯾﺿﻣﻧﮭﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف ﺧﻼﻓﺎ ﻟزﻓر ﻷن اﻟﺟﺣود ﻋﻧد ﻏﯾره ﻣن ﺑﺎب اﻟﺣﻔظ ﻷن ﻓﯾﮫ ﻗطﻊ طﻣﻊ اﻟطﺎﻣﻌﯾن‪،‬‬
‫وﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻠك ﻋزل ﻧﻔﺳﮫ ﺑﻐﯾر ﻣﺣﺿر ﻣﻧﮫ أو طﻠﺑﮫ ﻓﺑﻘﻲ اﻷﻣر ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺑﺣﺿرﺗﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﻠﻣودع أن ﯾﺳﺎﻓر اﻟودﯾﻌﺔ وإن ﻛﺎن ﻟﮭﺎ ﺣﻣل وﻣؤﻧﺔ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻟﯾس ﻟﮫ ذﻟك إذا ﻛﺎن ﻟﮭﺎ‬
‫ﺣﻣل وﻣؤﻧﺔ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻟﯾس ﻟﮫ ذﻟك ﻓﻲ‬

‫اﻟوﺟﮭﯾن‪ ،‬ﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ إطﻼق اﻷﻣر‪ ،‬واﻟﻣﻔﺎزة ﻣﺣل ﻟﻠﺣﻔظ إذا ﻛﺎن اﻟطرﯾق‬ ‫ص ‪-215-‬‬
‫آﻣﻧﺎ وﻟﮭذا ﯾﻣﻠك اﻷب واﻟوﺻﻲ ﻓﻲ ﻣﺎل اﻟﺻﺑﻲ‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﺗﻠزﻣﮫ ﻣؤﻧﺔ اﻟرد ﻓﯾﻣﺎ ﻟﮫ ﺣﻣل وﻣؤﻧﺔ‪ ،‬واﻟظﺎھر أﻧﮫ ﻻ‬
‫ﯾرﺿﻰ ﺑﮫ ﻓﯾﺗﻘﯾد‪ ،‬واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﯾﻘﯾده ﺑﺎﻟﺣﻔظ اﻟﻣﺗﻌﺎرف وھو اﻟﺣﻔظ ﻓﻲ اﻷﻣﺻﺎر وﺻﺎر ﻛﺎﻻﺳﺗﺣﻔﺎظ ﺑﺄﺟر‪.‬‬
‫ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬ﻣؤﻧﺔ اﻟرد ﺗﻠزﻣﮫ ﻓﻲ ﻣﻠﻛﮫ ﺿرورة اﻣﺗﺛﺎل أﻣره ﻓﻼ ﯾﺑﺎﻟﻲ ﺑﮫ واﻟﻣﻌﺗﺎد ﻛوﻧﮭم ﻓﻲ اﻟﻣﺻر ﻻ ﺣﻔظﮭم‪ ،‬وﻣن‬
‫ﯾﻛون ﻓﻲ اﻟﻣﻔﺎزة ﯾﺣﻔظ ﻣﺎﻟﮫ ﻓﯾﮭﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻻﺳﺗﺣﻔﺎظ ﺑﺄﺟر ﻷﻧﮫ ﻋﻘد ﻣﻌﺎوﺿﺔ ﻓﯾﻘﺗﺿﻲ اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﻲ ﻣﻛﺎن اﻟﻌﻘد‬
‫"وإذا ﻧﮭﺎه اﻟﻣودع أن ﯾﺧرج اﻟودﯾﻌﺔ ﻓﺧرج ﺑﮭﺎ ﺿﻣن" ﻷن اﻟﺗﻘﯾﯾد ﻣﻔﯾد إذ اﻟﺣﻔظ ﻓﻲ اﻟﻣﺻر أﺑﻠﻎ ﻓﻛﺎن‬
‫ﺻﺣﯾﺣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أودع رﺟﻼن ﻋﻧد رﺟل ودﯾﻌﺔ ﻓﺣﺿر أﺣدھﻣﺎ وطﻠب ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻣﻧﮭﺎ ﻟم ﯾدﻓﻊ إﻟﯾﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﺣﺿر اﻵﺧر‬
‫ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾدﻓﻊ إﻟﯾﮫ ﻧﺻﯾﺑﮫ" وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬ﺛﻼﺛﺔ اﺳﺗودﻋوا رﺟﻼ أﻟﻔﺎ ﻓﻐﺎب اﺛﻧﺎن ﻓﻠﯾس‬
‫ﻟﻠﺣﺎﺿر أن ﯾﺄﺧذ ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻋﻧده‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻟﮫ ذﻟك‪ ،‬واﻟﺧﻼف ﻓﻲ اﻟﻣﻛﯾل واﻟﻣوزون‪ ،‬وھو اﻟﻣراد ﺑﺎﻟﻣذﻛور ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺧﺗﺻر‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ طﺎﻟﺑﮫ ﺑدﻓﻊ ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻓﯾؤﻣر ﺑﺎﻟدﻓﻊ إﻟﯾﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟدﯾن اﻟﻣﺷﺗرك‪ ،‬وھذا ﻷﻧﮫ ﯾطﺎﻟﺑﮫ ﺑﺗﺳﻠﯾم ﻣﺎ ﺳﻠم‬
‫إﻟﯾﮫ وھو اﻟﻧﺻف‪ ،‬وھذا ﻛﺎن ﻟﮫ أن ﯾﺄﺧذه ﻓﻛذا ﯾؤﻣر ھو ﺑﺎﻟدﻓﻊ إﻟﯾﮫ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ طﺎﻟﺑﮫ ﺑدﻓﻊ ﻧﺻﯾب اﻟﻐﺎﺋب‬
‫ﻷﻧﮫ ﯾطﺎﻟﺑﮫ ﺑﺎﻟﻣﻔرز وﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎع‪ ،‬واﻟﻣﻔرز اﻟﻣﻌﯾن ﯾﺷﺗﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻘﯾن‪ ،‬وﻻ ﯾﺗﻣﯾز ﺣﻘﮫ إﻻ ﺑﺎﻟﻘﺳﻣﺔ‪ ،‬وﻟﯾس‬
‫ﻟﻠﻣودع وﻻﯾﺔ اﻟﻘﺳﻣﺔ وﻟﮭذا ﻻ ﯾﻘﻊ دﻓﻌﮫ ﻗﺳﻣﺔ ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟدﯾن اﻟﻣﺷﺗرك ﻷﻧﮫ ﯾطﺎﻟﺑﮫ ﺑﺗﺳﻠﯾم ﺣﻘﮫ ﻷن‬
‫اﻟدﯾون ﺗﻘﺿﻰ ﺑﺄﻣﺛﺎﻟﮭﺎ‪ .‬ﻗوﻟﮫ ﻟﮫ أن ﯾﺄﺧذه‪.‬‬
‫ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬ﻟﯾس ﻣن ﺿرورﺗﮫ أن ﯾﺟﺑر اﻟﻣودع ﻋﻠﻰ اﻟدﻓﻊ ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻟﮫ أﻟف درھم ودﯾﻌﺔ ﻋﻧد إﻧﺳﺎن وﻋﻠﯾﮫ أﻟف‬
‫ﻟﻐﯾره ﻓﻠﻐرﯾﻣﮫ أن ﯾﺄﺧذه إذا ظﻔر ﺑﮫ‪ ،‬وﻟﯾس ﻟﻠﻣودع أن ﯾدﻓﻌﮫ إﻟﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن أودع رﺟل ﻋﻧد رﺟﻠﯾن ﺷﯾﺋﺎ ﻣﻣﺎ ﯾﻘﺳم ﻟم ﯾﺟز أن ﯾدﻓﻌﮫ أﺣدھﻣﺎ إﻟﻰ اﻵﺧر وﻟﻛﻧﮭﻣﺎ ﯾﻘﺗﺳﻣﺎﻧﮫ‬
‫ﻓﯾﺣﻔظ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻧﺻﻔﮫ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻣﻣﺎ ﻻ ﯾﻘﺳم ﺟﺎز أن ﯾﺣﻔظ أﺣدھﻣﺎ ﺑﺈذن اﻵﺧر" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪،‬‬
‫وﻛذﻟك اﻟﺟواب ﻋﻧده ﻓﻲ اﻟﻣرﺗﮭﻧﯾن واﻟوﻛﯾﻠﯾن ﺑﺎﻟﺷراء إذا ﺳﻠم أﺣدھﻣﺎ إﻟﻰ اﻵﺧر‪ .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻷﺣدھﻣﺎ أن ﯾﺣﻔظ ﺑﺈذن‬
‫اﻵﺧر ﻓﻲ اﻟوﺟﮭﯾن‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ رﺿﻲ ﺑﺄﻣﺎﻧﺗﮭﻣﺎ ﻓﻛﺎن ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ أن ﯾﺳﻠم إﻟﻰ اﻵﺧر وﻻ ﯾﺿﻣﻧﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﻻ‬
‫ﯾﻘﺳم‪ .‬وﻟﮫ أﻧﮫ رﺿﻲ ﺑﺣﻔظﮭﻣﺎ وﻟم ﯾرض ﺑﺣﻔظ أﺣدھﻣﺎ ﻛﻠﮫ ﻷن اﻟﻔﻌل ﻣﺗﻰ أﺿﯾف إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻘﺑل اﻟوﺻف‬
‫ﺑﺎﻟﺗﺟزي ﺗﻧﺎول اﻟﺑﻌض دون اﻟﻛل ﻓوﻗﻊ اﻟﺗﺳﻠﯾم إﻟﻰ اﻵﺧر ﻣن ﻏﯾر رﺿﺎ‬

‫اﻟﻣﺎﻟك ﻓﯾﺿﻣن اﻟداﻓﻊ وﻻ ﯾﺿﻣن اﻟﻘﺎﺑض ﻷن ﻣودع اﻟﻣودع ﻋﻧده ﻻ ﯾﺿﻣن‪ ،‬وھذا‬ ‫ص ‪-216-‬‬
‫ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﻻ ﯾﻘﺳم ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ أودﻋﮭﻣﺎ وﻻ ﯾﻣﻛﻧﮭﻣﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎع ﻋﻠﯾﮫ آﻧﺎء اﻟﻠﯾل واﻟﻧﮭﺎر وأﻣﻛﻧﮭﻣﺎ اﻟﻣﮭﺎﯾﺄة ﻛﺎن اﻟﻣﺎﻟك‬
‫راﺿﯾﺎ ﺑدﻓﻊ اﻟﻛل إﻟﻰ أﺣدھﻣﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣوال‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻗﺎل ﺻﺎﺣب اﻟودﯾﻌﺔ ﻟﻠﻣودع ﻻ ﺗﺳﻠﻣﮫ إﻟﻰ زوﺟﺗك ﻓﺳﻠﻣﮭﺎ إﻟﯾﮭﺎ ﻻ ﯾﺿﻣن‪ .‬وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬إذا‬
‫ﻧﮭﺎه أن ﯾدﻓﻌﮭﺎ إﻟﻰ أﺣد ﻣن ﻋﯾﺎﻟﮫ ﻓدﻓﻌﮭﺎ إﻟﻰ ﻣن ﻻ ﺑد ﻟﮫ ﻣﻧﮫ ﻻ ﯾﺿﻣن" ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟودﯾﻌﺔ داﺑﺔ ﻓﻧﮭﺎه ﻋن‬
‫اﻟدﻓﻊ إﻟﻰ ﻏﻼﻣﮫ‪ ،‬وﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﺷﯾﺋﺎ ﯾﺣﻔظ ﻓﻲ ﯾد اﻟﻧﺳﺎء ﻓﻧﮭﺎه ﻋن اﻟدﻓﻊ إﻟﻰ اﻣرأﺗﮫ وھو ﻣﺣﻣل اﻷول ﻷﻧﮫ ﻻ‬
‫ﯾﻣﻛن إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻌﻣل ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة ھذا اﻟﺷرط‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻣﻔﯾدا ﻓﯾﻠﻐو "وإن ﻛﺎن ﻟﮫ ﻣﻧﮫ ﺑد ﺿﻣن" ﻷن اﻟﺷرط ﻣﻔﯾد‬
‫ﻷن ﻣن اﻟﻌﯾﺎل ﻣن ﻻ ﯾؤﺗﻣن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎل وﻗد أﻣﻛن اﻟﻌﻣل ﺑﮫ ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة ھذا اﻟﺷرط ﻓﺎﻋﺗﺑر "وإن ﻗﺎل اﺣﻔظﮭﺎ ﻓﻲ‬
‫ھذا اﻟﺑﯾت ﻓﺣﻔظﮭﺎ ﻓﻲ ﺑﯾت آﺧر ﻣن اﻟدار ﻟم ﯾﺿﻣن" ﻷن اﻟﺷرط ﻏﯾر ﻣﻔﯾد‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺑﯾﺗﯾن ﻓﻲ دار واﺣدة ﻻ‬
‫ﯾﺗﻔﺎوﺗﺎن ﻓﻲ اﻟﺣرز "وإن ﺣﻔظﮭﺎ ﻓﻲ دار أﺧرى ﺿﻣن" ﻷن اﻟدارﯾن ﯾﺗﻔﺎوﺗﺎن ﻓﻲ اﻟﺣرز ﻓﻛﺎن ﻣﻔﯾدا ﻓﯾﺻﺢ‬
‫اﻟﺗﻘﯾﯾد‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن اﻟﺗﻔﺎوت ﺑﯾن اﻟﺑﯾﺗﯾن ظﺎھرا ﺑﺄن ﻛﺎﻧت اﻟدار اﻟﺗﻲ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺑﯾﺗﺎن ﻋظﯾﻣﺔ واﻟﺑﯾت اﻟذي ﻧﮭﺎه ﻋن اﻟﺣﻔظ‬
‫ﻓﯾﮫ ﻋورة ظﺎھرة ﺻﺢ اﻟﺷرط‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أودع رﺟﻼ ودﯾﻌﺔ ﻓﺄودﻋﮭﺎ آﺧر ﻓﮭﻠﻛت ﻓﻠﮫ أن ﯾﺿﻣن اﻷول وﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺿﻣن اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ ،‬وھذا ﻋﻧد‬
‫أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻟﮫ أن ﯾﺿﻣن أﯾﮭﻣﺎ ﺷﺎء‪ ،‬ﻓﺈن ﺿﻣن اﻵﺧر رﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻷول" ﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﻗﺑض اﻟﻣﺎل ﻣن ﯾد‬
‫ﺿﻣﯾن ﻓﯾﺿﻣﻧﮫ ﻛﻣودع اﻟﻐﺎﺻب‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﻣﺎﻟك ﻟم ﯾرض ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ ﻏﯾره‪ ،‬ﻓﯾﻛون اﻷول ﻣﺗﻌدﯾﺎ ﺑﺎﻟﺗﺳﻠﯾم واﻟﺛﺎﻧﻲ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺑض ﻓﯾﺧﯾر ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬ﻏﯾر أﻧﮫ إن ﺿﻣن اﻷول ﻟم ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻷﻧﮫ ﻣﻠﻛﮫ ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن ﻓظﮭر أﻧﮫ أودع ﻣﻠك‬
‫ﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬وإن ﺿﻣن اﻟﺛﺎﻧﻲ رﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻷول ﻷﻧﮫ ﻋﺎﻣل ﻟﮫ ﻓﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻣﺎ ﻟﺣﻘﮫ ﻣن اﻟﻌﮭدة‪ ،‬وﻟﮫ أﻧﮫ ﻗﺑض اﻟﻣﺎل ﻣن‬
‫ﯾد أﻣﯾن ﻷﻧﮫ ﺑﺎﻟدﻓﻊ ﻻ ﯾﺿﻣن ﻣﺎ ﻟم ﯾﻔﺎرﻗﮫ ﻟﺣﺿور رأﯾﮫ ﻓﻼ ﺗﻌدي ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻓﺈذا ﻓﺎرﻗﮫ ﻓﻘد ﺗرك اﻟﺣﻔظ اﻟﻣﻠﺗزم‬
‫ﻓﯾﺿﻣﻧﮫ ﺑذﻟك‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻣﺳﺗﻣر ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ وﻟم ﯾوﺟد ﻣﻧﮫ ﺻﻧﻊ ﻓﻼ ﯾﺿﻣﻧﮫ ﻛﺎﻟرﯾﺢ إذا أﻟﻘت ﻓﻲ ﺣﺟره‬
‫ﺛوب ﻏﯾره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻛﺎن ﻓﻲ ﯾده أﻟف ﻓﺎدﻋﺎه رﺟﻼن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ أﻧﮭﺎ ﻟﮫ أودﻋﮭﺎ إﯾﺎه وأﺑﻰ أن ﯾﺣﻠف ﻟﮭﻣﺎ ﻓﺎﻷﻟف‬
‫ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ وﻋﻠﯾﮫ أﻟف أﺧرى ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ" وﺷرح ذﻟك أن دﻋوى ﻛل واﺣد ﺻﺣﯾﺣﺔ ﻻﺣﺗﻣﺎﻟﮭﺎ اﻟﺻدق ﻓﯾﺳﺗﺣق اﻟﺣﻠف‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻛر ﺑﺎﻟﺣدﯾث وﯾﺣﻠف ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻔراد ﻟﺗﻐﺎﯾر اﻟﺣﻘﯾن‪ ،‬وﺑﺄﯾﮭﻣﺎ ﺑدأ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺟﺎز ﻟﺗﻌذر اﻟﺟﻣﻊ‬
‫ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ وﻋدم اﻷوﻟوﯾﺔ‪ .‬وﻟو ﺗﺷﺎﺣﺎ أﻗرع ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﺗطﯾﯾﺑﺎ ﻟﻘﻠﺑﮭﻣﺎ وﻧﻔﯾﺎ ﻟﺗﮭﻣﺔ اﻟﻣﯾل‪ ،‬ﺛم إن ﺣﻠف ﻷﺣدھﻣﺎ ﯾﺣﻠف‬

‫ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻓﺈن ﺣﻠف ﻓﻼ ﺷﻲء ﻟﮭﻣﺎ ﻟﻌدم اﻟﺣﺟﺔ‪ ،‬وإن ﻧﻛل أﻋﻧﻲ ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ ﯾﻘﺿﻲ ﻟﮫ ﻟوﺟود‬ ‫ص ‪-217-‬‬
‫اﻟﺣﺟﺔ‪ ،‬وإن ﻧﻛل ﻟﻸول ﯾﺣﻠف ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ وﻻ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﻧﻛول‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا أﻗر ﻷﺣدھﻣﺎ ﻷن اﻹﻗرار ﺣﺟﺔ ﻣوﺟﺑﺔ‬
‫ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻓﯾﻘﺿﻲ ﺑﮫ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻧﻛول إﻧﻣﺎ ﯾﺻﯾر ﺣﺟﺔ ﻋﻧد اﻟﻘﺿﺎء ﻓﺟﺎز أن ﯾؤﺧره ﻟﯾﺣﻠف ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ ﻓﯾﻧﻛﺷف وﺟﮫ اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬وﻟو ﻧﻛل ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ‬
‫أﯾﺿﺎ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﮭﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻧﺻﻔﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛر ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ﻻﺳﺗواﺋﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺟﺔ ﻛﻣﺎ إذا أﻗﺎﻣﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ وﯾﻐرم أﻟﻔﺎ‬
‫أﺧرى ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻷﻧﮫ أوﺟب اﻟﺣق ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺑﺑذﻟﮫ أو ﺑﺈﻗراره وذﻟك ﺣﺟﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﮫ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺻرف إﻟﯾﮭﻣﺎ ﺻﺎر‬
‫ﻗﺎﺿﯾﺎ ﻧﺻف ﺣق ﻛل واﺣد ﺑﻧﺻف ﺣق اﻵﺧر ﻓﯾﻐرﻣﮫ‪ ،‬ﻓﻠو ﻗﺿﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻸول ﺣﯾن ﻧﻛل ذﻛر اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻲ‬
‫اﻟﺑزدوي ﻓﻲ ﺷرح اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر أﻧﮫ ﯾﺣﻠف ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ وإذا ﻧﻛل ﯾﻘﺿﻲ ﺑﮭﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻷن اﻟﻘﺿﺎء ﻟﻸول ﻻ ﯾﺑطل ﺣق‬
‫اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻷﻧﮫ ﯾﻘدﻣﮫ إﻣﺎ ﺑﻧﻔﺳﮫ أو ﺑﺎﻟﻘرﻋﺔ وﻛل ذﻟك ﻻ ﯾﺑطل ﺣق اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ .‬وذﻛر اﻟﺧﺻﺎف أﻧﮫ ﯾﻧﻔذ ﻗﺿﺎؤه ﻟﻸول‪،‬‬
‫ووﺿﻊ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺑد وإﻧﻣﺎ ﻧﻔذ ﻟﻣﺻﺎدﻓﺗﮫ ﻣﺣل اﻻﺟﺗﮭﺎد ﻷن ﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻣن ﻗﺎل ﯾﻘﺿﻲ ﻟﻸول وﻻ ﯾﻧﺗظر‬
‫ﻟﻛوﻧﮫ إﻗرار دﻻﻟﺔ ﺛم ﻻ ﯾﺣﻠف ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ ﻣﺎ ھذا اﻟﻌﺑد ﻟﻲ ﻷن ﻧﻛوﻟﮫ ﻻ ﯾﻔﯾد ﺑﻌدﻣﺎ ﺻﺎر ﻟﻸول‪ ،‬وھل ﯾﺣﻠﻔﮫ ﺑﺎ ﻣﺎ‬
‫ﻟﮭذا ﻋﻠﯾك ھذا اﻟﻌﺑد وﻻ ﻗﯾﻣﺗﮫ وھو ﻛذا وﻛذا وﻻ أﻗل ﻣﻧﮫ‪ .‬ﻗﺎل‪ :‬ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﺣﻠﻔﮫ ﻋﻧد ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ ﺧﻼﻓﺎ ﻷﺑﻲ‬
‫ﯾوﺳف ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣودع إذا أﻗر اﻟودﯾﻌﺔ ودﻓﻊ ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء إﻟﻰ ﻏﯾره ﯾﺿﻣﻧﮫ ﻋﻧد ﻣﺣﻣد ﺧﻼﻓﺎ ﻟﮫ وھذه ﻓرﯾﻌﺔ ﺗﻠك‬
‫اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ وﻗد وﻗﻊ ﻓﯾﮫ ﺑﻌض اﻹطﻧﺎب وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻟﻌﺎرﯾﺔ‬ ‫ص ‪-218-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬اﻟﻌﺎرﯾﺔ ﺟﺎﺋزة"؛ ﻷﻧﮭﺎ ﻧوع إﺣﺳﺎن "وﻗد اﺳﺗﻌﺎر اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم دروﻋﺎ ﻣن ﺻﻔوان"‪" ,‬وھﻲ‬
‫ﺗﻣﻠﯾك اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﺑﻐﯾر ﻋوض" وﻛﺎن اﻟﻛرﺧﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾﻘول‪ :‬ھو إﺑﺎﺣﺔ اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﻣﻠك اﻟﻐﯾر‪ ،‬ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻧﻌﻘد ﺑﻠﻔظﺔ‬
‫اﻹﺑﺎﺣﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾﺷﺗرط ﻓﯾﮭﺎ ﺿرب اﻟﻣدة‪ ،‬وﻣﻊ اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻻ ﯾﺻﺢ اﻟﺗﻣﻠﯾك وﻟذﻟك ﯾﻌﻣل ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻧﮭﻲ‪ ،‬وﻻ ﯾﻣﻠك اﻹﺟﺎرة‬
‫ﻣن ﻏﯾره‪ ،‬وﻧﺣن ﻧﻘول‪ :‬إﻧﮫ ﯾﻧﺑﺊ ﻋن اﻟﺗﻣﻠﯾك‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻌﺎرﯾﺔ ﻣن اﻟﻌرﯾﺔ وھﻲ اﻟﻌطﯾﺔ وﻟﮭذا ﺗﻧﻌﻘد ﺑﻠﻔظ اﻟﺗﻣﻠﯾك‪،‬‬
‫واﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻣﻠك ﻛﺎﻷﻋﯾﺎن‪.‬‬
‫واﻟﺗﻣﻠﯾك ﻧوﻋﺎن‪ :‬ﺑﻌوض‪ ،‬وﺑﻐﯾر ﻋوض‪ .‬ﺛم اﻷﻋﯾﺎن ﺗﻘﺑل اﻟﻧوﻋﯾن‪ ،‬ﻓﻛذا اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ‪ ،‬واﻟﺟﺎﻣﻊ دﻓﻊ اﻟﺣﺎﺟﺔ‪ ،‬وﻟﻔظﺔ‬
‫اﻹﺑﺎﺣﺔ اﺳﺗﻌﯾرت ﻟﻠﺗﻣﻠﯾك‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻹﺟﺎرة‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻧﻌﻘد ﺑﻠﻔظﺔ اﻹﺑﺎﺣﺔ‪ ،‬وھﻲ ﺗﻣﻠﯾك‪ .‬واﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻻ ﺗﻔﺿﻲ إﻟﻰ‬
‫اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ؛ ﻟﻌدم اﻟﻠزوم ﻓﻼ ﺗﻛون ﺿﺎﺋرة‪ .‬وﻷن اﻟﻣﻠك ﯾﺛﺑت ﺑﺎﻟﻘﺑض وھو اﻻﻧﺗﻔﺎع‪ .‬وﻋﻧد ذﻟك ﻻ ﺟﮭﺎﻟﺔ‪ ،‬واﻟﻧﮭﻲ‬
‫ﻣﻧﻊ ﻋن اﻟﺗﺣﺻﯾل ﻓﻼ ﯾﺗﺣﺻل اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻛﮫ‪ .‬وﻻ ﯾﻣﻠك اﻹﺟﺎرة ﻟدﻓﻊ زﯾﺎدة اﻟﺿرر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧذﻛره إن ﺷﺎء‬
‫ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﺻﺢ ﺑﻘوﻟﮫ أﻋرﺗك"؛ ﻷﻧﮫ ﺻرﯾﺢ ﻓﯾﮫ "وأطﻌﻣﺗك ھذه اﻷرض"؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺳﺗﻌﻣل ﻓﯾﮫ "وﻣﻧﺣﺗك ھذا اﻟﺛوب‬
‫وﺣﻣﻠﺗك ﻋﻠﻰ ھذه اﻟداﺑﺔ إذا ﻟم ﯾرد ﺑﮫ اﻟﮭﺑﺔ"؛ ﻷﻧﮭﻣﺎ ﻟﺗﻣﻠﯾك اﻟﻌﯾن‪ ،‬وﻋﻧد ﻋدم إرادﺗﮫ اﻟﮭﺑﺔ ﺗﺣﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻣﻠﯾك‬
‫اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﺗﺟوزا‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وأﺧدﻣﺗك ھذا اﻟﻌﺑد"؛ ﻷﻧﮫ أذن ﻟﮫ ﻓﻲ اﺳﺗﺧداﻣﮫ "وداري ﻟك ﺳﻛﻧﻰ"؛ ﻷن ﻣﻌﻧﺎه ﺳﻛﻧﺎھﺎ ﻟك "وداري ﻟك‬
‫ﻋﻣرى ﺳﻛﻧﻰ "؛ ﻷﻧﮫ ﺟﻌل ﺳﻛﻧﺎھﺎ ﻟﮫ ﻣدة ﻋﻣره‪ .‬وﺟﻌل ﻗوﻟﮫ ﺳﻛﻧﻰ ﺗﻔﺳﯾرا ﻟﻘوﻟﮫ ﻟك؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺣﺗﻣل ﺗﻣﻠﯾك اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ‬
‫ﻓﺣﻣل ﻋﻠﯾﮫ ﺑدﻻﻟﺔ آﺧره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﻠﻣﻌﯾر أن ﯾرﺟﻊ ﻓﻲ اﻟﻌﺎرﯾﺔ ﻣﺗﻰ ﺷﺎء" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬اﻟﻣﻧﺣﺔ ﻣردودة واﻟﻌﺎرﯾﺔ ﻣؤداة"‬
‫وﻷن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﺗﻣﻠك ﺷﯾﺋﺎ ﻓﺷﯾﺋﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺳب ﺣدوﺛﮭﺎ ﻓﺎﻟﺗﻣﻠﯾك ﻓﯾﻣﺎ ﻟم ﯾوﺟد ﻟم ﯾﺗﺻل ﺑﮫ اﻟﻘﺑض ﻓﯾﺻﺢ اﻟرﺟوع ﻋﻧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﻌﺎرﯾﺔ أﻣﺎﻧﺔ إن ھﻠﻛت ﻣن ﻏﯾر ﺗﻌد ﻟم ﯾﺿﻣن" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺿﻣن‬
‫ﻷﻧﮫ ﻗﺑض ﻣﺎل ﻏﯾره ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻻ ﻋن اﺳﺗﺣﻘﺎق ﻓﯾﺿﻣﻧﮫ‪ ،‬واﻹذن ﺛﺑت ﺿرورة اﻻﻧﺗﻔﺎع‬ ‫ص ‪-219-‬‬
‫ﻓﻼ ﯾظﮭر ﻓﯾﻣﺎ وراءه‪ ،‬وﻟﮭذا ﻛﺎن واﺟب اﻟرد وﺻﺎر ﻛﺎﻟﻣﻘﺑوض ﻋﻠﻰ ﺳوم اﻟﺷراء‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﻠﻔظ ﻻ ﯾﻧﺑﺊ ﻋن‬
‫اﻟﺗزام اﻟﺿﻣﺎن؛ ﻷﻧﮫ ﻟﺗﻣﻠﯾك اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﺑﻐﯾر ﻋوض أو ﻹﺑﺎﺣﺗﮭﺎ‪ ،‬واﻟﻘﺑض ﻟم ﯾﻘﻊ ﺗﻌدﯾﺎ ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﺄذوﻧﺎ ﻓﯾﮫ‪ ،‬واﻹذن وإن‬
‫ﺛﺑت ﻷﺟل اﻻﻧﺗﻔﺎع ﻓﮭو ﻣﺎ ﻗﺑﺿﮫ إﻻ ﻟﻼﻧﺗﻔﺎع ﻓﻠم ﯾﻘﻊ ﺗﻌدﯾﺎ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ وﺟب اﻟرد ﻣؤﻧﺔ ﻛﻧﻔﻘﺔ اﻟﻣﺳﺗﻌﺎر ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣﺳﺗﻌﯾر ﻻ ﻟﻧﻘض اﻟﻘﺑض‪ .‬واﻟﻣﻘﺑوض ﻋﻠﻰ ﺳوم اﻟﺷراء ﻣﺿﻣون ﺑﺎﻟﻌﻘد؛ ﻷن اﻷﺧذ ﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻟﮫ ﺣﻛم اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺎ ﻋرف ﻓﻲ ﻣوﺿﻌﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﯾس ﻟﻠﻣﺳﺗﻌﯾر أن ﯾؤاﺟر ﻣﺎ اﺳﺗﻌﺎره؛ ﻓﺈن آﺟره ﻓﻌطب ﺿﻣن"؛ ﻷن اﻹﻋﺎرة دون اﻹﺟﺎرة واﻟﺷﻲء ﻻ‬
‫ﯾﺗﺿﻣن ﻣﺎ ھو ﻓوﻗﮫ‪ ،‬وﻷﻧﺎ ﻟو ﺻﺣﺣﻧﺎه ﻻ ﯾﺻﺢ إﻻ ﻻزﻣﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﺣﯾﻧﺋذ ﯾﻛون ﺑﺗﺳﻠﯾط ﻣن اﻟﻣﻌﯾر‪ ،‬وﻓﻲ وﻗوﻋﮫ‬
‫ﻻزﻣﺎ زﯾﺎدة ﺿرر ﺑﺎﻟﻣﻌﯾر ﻟﺳد ﺑﺎب اﻻﺳﺗرداد إﻟﻰ اﻧﻘﺿﺎء ﻣدة اﻹﺟﺎرة ﻓﺄﺑطﻠﻧﺎه‪ ،‬وﺿﻣﻧﮫ ﺣﯾن ﺳﻠﻣﮫ؛ ﻷﻧﮫ إذا ﻟم‬
‫ﺗﺗﻧﺎوﻟﮫ اﻟﻌﺎرﯾﺔ ﻛﺎن ﻏﺻﺑﺎ‪ ،‬وإن ﺷﺎء اﻟﻣﻌﯾر ﺿﻣن اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر؛ ﻷﻧﮫ ﻗﺑﺿﮫ ﺑﻐﯾر إذن اﻟﻣﺎﻟك ﻟﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬ﺛم إن ﺿﻣن‬
‫اﻟﻣ ﺳﺗﻌﯾر ﻻ ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر؛ ﻷﻧﮫ ظﮭر أﻧﮫ آﺟر ﻣﻠك ﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬وإن ﺿﻣن اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤاﺟر إذا‬
‫ﻟم ﯾﻌﻠم أﻧﮫ ﻛﺎن ﻋﺎرﯾﺔ ﻓﻲ ﯾده دﻓﻌﺎ ﻟﺿرر اﻟﻐرور‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻋﻠم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﮫ أن ﯾﻌﯾره إذا ﻛﺎن ﻣﻣﺎ ﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﻣﺳﺗﻌﻣل" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﻌﯾره؛ ﻷﻧﮫ إﺑﺎﺣﺔ‬
‫اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ ﻣن ﻗﺑل‪ ،‬واﻟﻣﺑﺎح ﻟﮫ ﻻ ﯾﻣﻠك اﻹﺑﺎﺣﺔ‪ ،‬وھذا؛ ﻷن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻏﯾر ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻣﻠك ﻟﻛوﻧﮭﺎ ﻣﻌدوﻣﺔ‪،‬‬
‫وإﻧﻣﺎ ﺟﻌﻠﻧﺎھﺎ ﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻹﺟﺎرة ﻟﻠﺿرورة‪ .‬وﻗد اﻧدﻓﻌت ﺑﺎﻹﺑﺎﺣﺔ ھﺎھﻧﺎ‪ .‬وﻧﺣن ﻧﻘول‪ :‬ھو ﺗﻣﻠﯾك اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻓﯾﻣﻠك اﻹﻋﺎرة ﻛﺎﻟﻣوﺻﻰ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺧدﻣﺔ‪ ،‬واﻟﻣﻧﺎﻓﻊ اﻋﺗﺑرت ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻣﻠك ﻓﻲ اﻹﺟﺎرة ﻓﺗﺟﻌل ﻛذﻟك ﻓﻲ‬
‫اﻹﻋﺎرة دﻓﻌﺎ ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﻻ ﺗﺟوز ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧﺗﻠف ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﻣﺳﺗﻌﻣل دﻓﻌﺎ ﻟﻣزﯾد اﻟﺿرر ﻋن اﻟﻣﻌﯾر؛ ﻷﻧﮫ رﺿﻲ‬
‫ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎﻟﮫ ﻻ ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل ﻏﯾره‪.‬‬
‫ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬وھذا إذا ﺻدرت اﻹﻋﺎرة ﻣطﻠﻘﺔ‪ .‬وھﻲ ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ أوﺟﮫ‪:‬‬
‫أﺣدھﺎ‪ :‬أن ﺗﻛون ﻣطﻠﻘﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت واﻻﻧﺗﻔﺎع وﻟﻠﻣﺳﺗﻌﯾر ﻓﯾﮫ أن ﯾﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ أي ﻧوع ﺷﺎء ﻓﻲ أي وﻗت ﺷﺎء ﻋﻣﻼ‬
‫ﺑﺎﻹطﻼق‪.‬‬
‫واﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬أن ﺗﻛون ﻣﻘﯾدة ﻓﯾﮭﻣﺎ وﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺟﺎوز ﻓﯾﮫ ﻣﺎ ﺳﻣﺎه ﻋﻣﻼ ﺑﺎﻟﺗﻘﯾﯾد إﻻ إذا‬

‫ﻛﺎن ﺧﻼﻓﺎ إﻟﻰ ﻣﺛل ذﻟك أو إﻟﻰ ﺧﯾر ﻣﻧﮫ واﻟﺣﻧطﺔ ﻣﺛل اﻟﺣﻧطﺔ‪ ،‬واﻟﺷﻌﯾر ﺧﯾر ﻣن‬ ‫ص ‪-220-‬‬
‫اﻟﺣﻧطﺔ إذا ﻛﺎن ﻛﯾﻼ‪ .‬واﻟﺛﺎﻟث‪ :‬أن ﺗﻛون ﻣﻘﯾدة ﻓﻲ ﺣق اﻟوﻗت ﻣطﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺣق اﻻﻧﺗﻔﺎع‪.‬‬
‫واﻟراﺑﻊ‪ :‬ﻋﻛﺳﮫ وﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺗﻌدى ﻣﺎ ﺳﻣﺎه‪ ،‬ﻓﻠو اﺳﺗﻌﺎر داﺑﺔ وﻟم ﯾﺳم ﺷﯾﺋﺎ ﻟﮫ أن ﯾﺣﻣل وﯾﻌﯾر ﻏﯾره ﻟﻠﺣﻣل؛ ﻷن‬
‫اﻟﺣﻣل ﻻ ﯾﺗﻔﺎوت‪ .‬وﻟﮫ أن ﯾرﻛب وﯾرﻛب ﻏﯾره وإن ﻛﺎن اﻟرﻛوب ﻣﺧﺗﻠﻔﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ أطﻠق ﻓﯾﮫ ﻓﻠﮫ أن ﯾﻌﯾن‪ ،‬ﺣﺗﻰ‬
‫ﻟو رﻛب ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾرﻛب ﻏﯾره؛ ﻷﻧﮫ ﺗﻌﯾن رﻛوﺑﮫ‪ ،‬وﻟو أرﻛب ﻏﯾره ﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾرﻛﺑﮫ ﺣﺗﻰ ﻟو ﻓﻌﻠﮫ‬
‫ﺿﻣﻧﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﺗﻌﯾن اﻹرﻛﺎب‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻋﺎرﯾﺔ اﻟدراھم واﻟدﻧﺎﻧﯾر واﻟﻣﻛﯾل واﻟﻣوزون واﻟﻣﻌدود ﻗرض"؛ ﻷن اﻹﻋﺎرة ﺗﻣﻠﯾك اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ‪ ،‬وﻻ ﯾﻣﻛن‬
‫اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﮭﺎ إﻻ ﺑﺎﺳﺗﮭﻼك ﻋﯾﻧﮭﺎ ﻓﺎﻗﺗﺿﻰ ﺗﻣﻠﯾك اﻟﻌﯾن ﺿرورة وذﻟك ﺑﺎﻟﮭﺑﺔ أو ﺑﺎﻟﻘرض واﻟﻘرض أدﻧﺎھﻣﺎ ﻓﯾﺛﺑت‪.‬‬
‫أو؛ ﻷن ﻣن ﻗﺿﯾﺔ اﻹﻋﺎرة اﻻﻧﺗﻔﺎع ورد اﻟﻌﯾن ﻓﺄﻗﯾم رد اﻟﻣﺛل ﻣﻘﺎﻣﮫ‪ .‬ﻗﺎﻟوا‪ :‬ھذا إذا أطﻠق اﻹﻋﺎرة‪.‬‬
‫وأﻣﺎ إذا ﻋﯾن اﻟﺟﮭﺔ ﺑﺄن اﺳﺗﻌﺎر دراھم ﻟﯾﻌﺎﯾر ﺑﮭﺎ ﻣﯾزاﻧﺎ أو ﯾزﯾن ﺑﮭﺎ دﻛﺎﻧﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻗرﺿﺎ وﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ إﻻ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ‬
‫اﻟﻣﺳﻣﺎة‪ ،‬وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا اﺳﺗﻌﺎر آﻧﯾﺔ ﯾﺗﺟﻣل ﺑﮭﺎ أو ﺳﯾﻔﺎ ﻣﺣﻠﻰ ﯾﺗﻘﻠده‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺳﺗﻌﺎر أرﺿﺎ ﻟﯾﺑﻧﻲ ﻓﯾﮭﺎ أو ﻟﯾﻐرس ﻓﯾﮭﺎ ﺟﺎز وﻟﻠﻣﻌﯾر أن ﯾرﺟﻊ ﻓﯾﮭﺎ وﯾﻛﻠﻔﮫ ﻗﻠﻊ اﻟﺑﻧﺎء واﻟﻐرس"‬
‫أﻣﺎ اﻟرﺟوع ﻓﻠﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﺟواز ﻓﻸﻧﮭﺎ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﺗﻣﻠك ﺑﺎﻹﺟﺎرة ﻓﻛذا ﺑﺎﻹﻋﺎرة‪ .‬وإذا ﺻﺢ اﻟرﺟوع ﺑﻘﻲ‬
‫اﻟﻣﺳﺗﻌﯾر ﺷﺎﻏﻼ أرض اﻟﻣﻌﯾر ﻓﯾﻛﻠف ﺗﻔرﯾﻐﮭﺎ‪ ،‬ﺛم إن ﻟم ﯾﻛن وﻗت اﻟﻌﺎرﯾﺔ ﻓﻼ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮫ؛ ﻷن اﻟﻣﺳﺗﻌﯾر ﻣﻐﺗر‬
‫ﻏﯾر ﻣﻐرور ﺣﯾث اﻋﺗﻣد إطﻼق اﻟﻌﻘد ﻣن ﻏﯾر أن ﯾﺳﺑق ﻣﻧﮫ اﻟوﻋد وإن ﻛﺎن وﻗت اﻟﻌﺎرﯾﺔ ورﺟﻊ ﻗﺑل اﻟوﻗت‬
‫ﺻﺢ رﺟوﻋﮫ ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه وﻟﻛﻧﮫ ﯾﻛره ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن ﺧﻠف اﻟوﻋد "وﺿﻣن اﻟﻣﻌﯾر ﻣﺎ ﻧﻘص اﻟﺑﻧﺎء واﻟﻐرس ﺑﺎﻟﻘﻠﻊ"؛‬
‫ﻷﻧﮫ ﻣﻐرور ﻣن ﺟﮭﺗﮫ ﺣﯾث وﻗت ﻟﮫ‪ ،‬واﻟظﺎھر ھو اﻟوﻓﺎء ﺑﺎﻟﻌﮭد وﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ دﻓﻌﺎ ﻟﻠﺿرر ﻋن ﻧﻔﺳﮫ‪ .‬ﻛذا ذﻛره‬
‫اﻟﻘدوري ﻓﻲ اﻟﻣﺧﺗﺻر‪ .‬وذﻛر اﻟﺣﺎﻛم اﻟﺷﮭﯾد أﻧﮫ ﯾﺿﻣن رب اﻷرض ﻟﻠﻣﺳﺗﻌﯾر ﻗﯾﻣﺔ ﻏرﺳﮫ وﺑﻧﺎﺋﮫ وﯾﻛوﻧﺎن ﻟﮫ‪،‬‬
‫إﻻ أن ﯾﺷﺎء اﻟﻣﺳﺗﻌﯾر أن ﯾرﻓﻌﮭﻣﺎ وﻻ ﯾﺿﻣﻧﮫ ﻗﯾﻣﺗﮭﻣﺎ ﻓﯾﻛون ﻟﮫ ذﻟك؛ ﻷﻧﮫ ﻣﻠﻛﮫ‪ .‬ﻗﺎﻟوا‪ :‬إذا ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻘﻠﻊ ﺿرر‬
‫ﺑﺎﻷرض ﻓﺎﻟﺧﯾﺎر إﻟﻰ رب اﻷرض؛ ﻷﻧﮫ ﺻﺎﺣب أﺻل واﻟﻣﺳﺗﻌﯾر ﺻﺎﺣب ﺗﺑﻊ واﻟﺗرﺟﯾﺢ ﺑﺎﻷﺻل‪" ،‬وﻟو‬
‫اﺳﺗﻌﺎرھﺎ ﻟﯾزرﻋﮭﺎ ﻟم ﺗؤﺧذ ﻣﻧﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﺣﺻد اﻟزرع وﻗت أو ﻟم ﯾوﻗت"؛ ﻷن ﻟﮫ ﻧﮭﺎﯾﺔ ﻣﻌﻠوﻣﺔ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺗرك‬
‫ﻣراﻋﺎة اﻟﺣﻘﯾن‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻐرس؛ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﻟﮫ ﻧﮭﺎﯾﺔ ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﻓﯾﻘﻠﻊ دﻓﻌﺎ ﻟﻠﺿرر ﻋن اﻟﻣﺎﻟك‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وأﺟرة رد اﻟﻌﺎرﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗﻌﯾر"؛ ﻷن اﻟرد واﺟب ﻋﻠﯾﮫ ﻟﻣﺎ أﻧﮫ ﻗﺑﺿﮫ ﻟﻣﻧﻔﻌﺔ‬

‫ﻧﻔﺳﮫ واﻷﺟرة ﻣؤﻧﺔ اﻟرد ﻓﺗﻛون ﻋﻠﯾﮫ "وأﺟرة رد اﻟﻌﯾن اﻟﻣﺳﺗﺄﺟرة ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤﺟر" ﻷن‬ ‫ص ‪-221-‬‬
‫اﻟواﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر اﻟﺗﻣﻛﯾن واﻟﺗﺧﻠﯾﺔ دون اﻟرد‪ ،‬ﻓﺈن ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻗﺑﺿﮫ ﺳﺎﻟﻣﺔ ﻟﻠﻣؤﺟر ﻣﻌﻧﻰ ﻓﻼ ﯾﻛون ﻋﻠﯾﮫ ﻣؤﻧﺔ‬
‫رده "وأﺟرة رد اﻟﻌﯾن اﻟﻣﻐﺻوﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺎﺻب"؛ ﻷن اﻟواﺟب ﻋﻠﯾﮫ اﻟرد واﻹﻋﺎدة إﻟﻰ ﯾد اﻟﻣﺎﻟك دﻓﻌﺎ ﻟﻠﺿرر‬
‫ﻋﻧﮫ ﻓﺗﻛون ﻣؤﻧﺗﮫ ﻋﻠﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺳﺗﻌﺎر داﺑﺔ ﻓردھﺎ إﻟﻰ إﺻطﺑل ﻣﺎﻟﻛﮭﺎ ﻓﮭﻠﻛت ﻟم ﯾﺿﻣن" وھذا اﺳﺗﺣﺳﺎن‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎس ﯾﺿﻣن؛ ﻷﻧﮫ‬
‫ﻣﺎ ردھﺎ إﻟﻰ ﻣﺎﻟﻛﮭﺎ ﺑل ﺿﯾﻌﮭﺎ‪ .‬وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أﻧﮫ أﺗﻲ ﺑﺎﻟﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﺗﻌﺎرف؛ ﻷن رد اﻟﻌواري إﻟﻰ دار اﻟﻣﻼك‬
‫ﻣﻌﺗﺎد ﻛﺂﻟﺔ اﻟﺑﯾت‪ ،‬وﻟو ردھﺎ إﻟﻰ اﻟﻣﺎﻟك ﻓﺎﻟﻣﺎﻟك ﯾردھﺎ إﻟﻰ اﻟﻣرﺑط‪ .‬ﻓﺻﺢ رده "وإن اﺳﺗﻌﺎر ﻋﺑدا ﻓرده إﻟﻰ دار‬
‫اﻟﻣﺎﻟك وﻟم ﯾﺳﻠﻣﮫ إﻟﯾﮫ ﻟم ﯾﺿﻣن" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ "وﻟو رد اﻟﻣﻐﺻوب أو اﻟودﯾﻌﺔ إﻟﻰ دار اﻟﻣﺎﻟك وﻟم ﯾﺳﻠﻣﮫ إﻟﯾﮫ‬
‫ﺿﻣن"؛ ﻷن اﻟواﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺎﺻب ﻓﺳﺦ ﻓﻌﻠﮫ‪ ،‬وذﻟك ﺑﺎﻟرد إﻟﻰ اﻟﻣﺎﻟك دون ﻏﯾره‪ ،‬اﻟودﯾﻌﺔ ﻻ ﯾرﺿﻰ اﻟﻣﺎﻟك‬
‫ﺑردھﺎ إﻟﻰ اﻟدار وﻻ إﻟﻰ ﯾد ﻣن ﻓﻲ اﻟﻌﯾﺎل؛ ﻷﻧﮫ ﻟو ارﺗﺿﺎه ﻟﻣﺎ أودﻋﮭﺎ إﯾﺎه‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻌواري؛ ﻷن ﻓﯾﮭﺎ ﻋرﻓﺎ‪،‬‬
‫ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎﻧت اﻟﻌﺎرﯾﺔ ﻋﻘد ﺟوھر ﻟم ﯾردھﺎ إﻻ إﻟﻰ اﻟﻣﻌﯾر؛ ﻟﻌدم ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه ﻣن اﻟﻌرف ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﻌﺎر داﺑﺔ ﻓردھﺎ ﻣﻊ ﻋﺑده أو أﺟﯾره ﻟم ﯾﺿﻣن" واﻟﻣراد ﺑﺎﻷﺟﯾر أن ﯾﻛون ﻣﺳﺎﻧﮭﺔ أو ﻣﺷﺎھرة؛‬
‫ﻷﻧﮭﺎ أﻣﺎﻧﺔ‪ ،‬وﻟﮫ أن ﯾﺣﻔظﮭﺎ ﺑﯾد ﻣن ﻓﻲ ﻋﯾﺎﻟﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟودﯾﻌﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻷﺟﯾر ﻣﯾﺎوﻣﺔ؛ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﻓﻲ ﻋﯾﺎﻟﮫ‪.‬‬
‫"وﻛذا إذا ردھﺎ ﻣﻊ ﻋﺑد رب اﻟداﺑﺔ أو أﺟﯾره"؛ ﻷن اﻟﻣﺎﻟك ﯾرﺿﻰ ﺑﮫ؛ أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﻟو رده إﻟﯾﮫ ﻓﮭو ﯾرده إﻟﻰ‬
‫ﻋﺑده‪ ،‬وﻗﯾل ھذا ﻓﻲ اﻟﻌﺑد اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟدواب‪ ،‬وﻗﯾل ﻓﯾﮫ وﻓﻲ ﻏﯾره وھو اﻷﺻﺢ؛ ﻷﻧﮫ إن ﻛﺎن ﻻ ﯾدﻓﻊ إﻟﯾﮫ‬
‫داﺋﻣﺎ ﯾدﻓﻊ إﻟﯾﮫ أﺣﯾﺎﻧﺎ "وإن ردھﺎ ﻣﻊ أﺟﻧﺑﻲ ﺿﻣن" ودﻟت اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺳﺗﻌﯾر ﻻ ﯾﻣﻠك اﻹﯾداع ﻗﺻدا ﻛﻣﺎ‬
‫ﻗﺎﻟﮫ ﺑﻌض اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ‪ ،‬وﻗﺎل ﺑﻌﺿﮭم‪ :‬ﯾﻣﻠﻛﮫ ﻷﻧﮫ دون اﻹﻋﺎرة‪ ،‬وأوﻟوا ھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺑﺈﻧﮭﺎء اﻹﻋﺎرة ﻻﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣدة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻋﺎر أرﺿﺎ ﺑﯾﺿﺎء ﻟﻠزراﻋﺔ ﯾﻛﺗب إﻧك أطﻌﻣﺗﻧﻲ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﻛﺗب إﻧك‬
‫أﻋرﺗﻧﻲ"؛ ﻷن ﻟﻔظﺔ اﻹﻋﺎرة ﻣوﺿوﻋﺔ ﻟﮫ واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻣوﺿوع ﻟﮫ أوﻟﻰ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ إﻋﺎرة اﻟدار‪ .‬وﻟﮫ أن ﻟﻔظﺔ‬
‫اﻹطﻌﺎم أدل ﻋﻠﻰ اﻟﻣراد؛ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺧص اﻟزراﻋﺔ واﻹﻋﺎرة ﺗﻧﺗظﻣﮭﺎ وﻏﯾرھﺎ ﻛﺎﻟﺑﻧﺎء وﻧﺣوه ﻓﻛﺎﻧت اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑﮭﺎ‬
‫أوﻟﻰ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟدار؛ ﻷﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻌﺎر إﻻ ﻟﻠﺳﻛﻧﻰ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻟﮭﺑﺔ‬ ‫ص ‪-222-‬‬


‫اﻟﮭﺑﺔ ﻋﻘد ﻣﺷروع ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﺗﮭﺎدوا ﺗﺣﺎﺑوا" وﻋﻠﻰ ذﻟك اﻧﻌﻘد اﻹﺟﻣﺎع "وﺗﺻﺢ ﺑﺎﻹﯾﺟﺎب‬
‫واﻟﻘﺑول واﻟﻘﺑض" أﻣﺎ اﻹﯾﺟﺎب واﻟﻘﺑول ﻓﻸﻧﮫ ﻋﻘد‪ ،‬واﻟﻌﻘد ﯾﻧﻌﻘد ﺑﺎﻹﯾﺟﺎب‪ ،‬واﻟﻘﺑول‪ ،‬واﻟﻘﺑض ﻻ ﺑد ﻣﻧﮫ ﻟﺛﺑوت‬
‫اﻟﻣﻠك‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺎﻟك‪ :‬ﯾﺛﺑت اﻟﻣﻠك ﻓﯾﮫ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف اﻟﺻدﻗﺔ‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة‬
‫واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ ﺗﺟوز اﻟﮭﺑﺔ إﻻ ﻣﻘﺑوﺿﺔ" واﻟﻣراد ﻧﻔﻲ اﻟﻣﻠك‪ ،‬ﻷن اﻟﺟواز ﺑدوﻧﮫ ﺛﺎﺑت‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻋﻘد ﺗﺑرع‪ ،‬وﻓﻲ إﺛﺑﺎت‬
‫اﻟﻣﻠك ﻗﺑل اﻟﻘﺑض إﻟزام اﻟﻣﺗﺑرع ﺷﯾﺋﺎ ﻟم ﯾﺗﺑرع ﺑﮫ‪ ،‬وھو اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﻼ ﯾﺻﺢ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟوﺻﯾﺔ؛ ﻷن أوان ﺛﺑوت‬
‫اﻟﻣﻠك ﻓﯾﮭﺎ ﺑﻌد اﻟﻣوت وﻻ إﻟزام ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﺑرع؛ ﻟﻌدم أھﻠﯾﺔ اﻟﻠزوم‪ ،‬وﺣق اﻟوارث ﻣﺗﺄﺧر ﻋن اﻟوﺻﯾﺔ ﻓﻠم ﯾﻣﻠﻛﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻗﺑﺿﮭﺎ اﻟﻣوھوب ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس ﺑﻐﯾر أﻣر اﻟواھب ﺟﺎز" اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ "وإن ﻗﺑض ﺑﻌد اﻻﻓﺗراق ﻟم ﯾﺟز‬
‫إﻻ أن ﯾﺄذن ﻟﮫ اﻟواھب ﻓﻲ اﻟﻘﺑض" واﻟﻘﯾﺎس أن ﻻ ﯾﺟوز ﻓﻲ اﻟوﺟﮭﯾن وھو ﻗول اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ؛ ﻷن اﻟﻘﺑض ﺗﺻرف‬
‫ﻓﻲ ﻣﻠك اﻟواھب‪ ،‬إذ ﻣﻠﻛﮫ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﺑﺎق ﻓﻼ ﯾﺻﺢ ﺑدون إذﻧﮫ‪ ،‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﻘﺑض ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻘﺑول ﻓﻲ اﻟﮭﺑﺔ ﻣن ﺣﯾث‬
‫إﻧﮫ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﯾﮫ ﺛﺑوت ﺣﻛﻣﮫ وھو اﻟﻣﻠك‪ ،‬واﻟﻣﻘﺻود ﻣﻧﮫ إﺛﺑﺎت اﻟﻣﻠك ﻓﯾﻛون اﻹﯾﺟﺎب ﻣﻧﮫ ﺗﺳﻠﯾطﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺑض‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺑض ﺑﻌد اﻻﻓﺗراق؛ ﻷﻧﺎ إﻧﻣﺎ أﺛﺑﺗﻧﺎ اﻟﺗﺳﻠﯾط ﻓﯾﮫ إﻟﺣﺎﻗﺎ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﻘﺑول‪ ،‬واﻟﻘﺑول ﯾﺗﻘﯾد ﺑﺎﻟﻣﺟﻠس‪ ،‬ﻓﻛذا ﻣﺎ‬
‫ﯾﻠﺣق ﺑﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻧﮭﺎه ﻋن اﻟﻘﺑض ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس؛ ﻷن اﻟدﻻﻟﺔ ﻻ ﺗﻌﻣل ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﺻرﯾﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﻧﻌﻘد اﻟﮭﺑﺔ ﺑﻘوﻟﮫ وھﺑت وﻧﺣﻠت وأﻋطﯾت"؛ ﻷن اﻷول ﺻرﯾﺢ ﻓﯾﮫ واﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣﺳﺗﻌﻣل ﻓﯾﮫ‪ .‬ﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬أﻛل أوﻻدك ﻧﺣﻠت ﻣﺛل ھذا؟" وﻛذﻟك اﻟﺛﺎﻟث‪ ،‬ﯾﻘﺎل‪ :‬أﻋطﺎك ﷲ ووھﺑك ﷲ ﺑﻣﻌﻧﻰ واﺣد "وﻛذا‬
‫ﺗﻧﻌﻘد ﺑﻘوﻟﮫ أطﻌﻣﺗك ھذا اﻟطﻌﺎم وﺟﻌﻠت ھذا اﻟﺛوب ﻟك وأﻋﻣرﺗك ھذا اﻟﺷﻲء وﺣﻣﻠﺗك ﻋﻠﻰ ھذه اﻟداﺑﺔ إذا ﻧوى‬
‫ﺑﺎﻟﺣﻣﻼن اﻟﮭﺑﺔ" أﻣﺎ اﻷول ﻓﻸن اﻹطﻌﺎم إذا أﺿﯾف إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾطﻌم ﻋﯾﻧﮫ ﯾراد ﺑﮫ ﺗﻣﻠﯾك اﻟﻌﯾن‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻗﺎل‪:‬‬
‫أطﻌﻣﺗك ھذه اﻷرض ﺣﯾث ﺗﻛون ﻋﺎرﯾﺔ؛ ﻷن ﻋﯾﻧﮭﺎ ﻻ ﺗطﻌم ﻓﯾﻛون اﻟﻣراد أﻛل ﻏﻠﺗﮭﺎ؛ وأﻣﺎ‬

‫اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻸن ﺣرف اﻟﻼم ﻟﻠﺗﻣﻠﯾك‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﺛﺎﻟث ﻓﻠﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم "ﻓﻣن أﻋﻣر‬ ‫ص ‪-223-‬‬
‫ﻋﻣرى ﻓﮭﻲ ﻟﻠﻣﻌﻣر ﻟﮫ وﻟورﺛﺗﮫ ﻣن ﺑﻌده" وﻛذا إذا ﻗﺎل ﺟﻌﻠت ھذه اﻟدار ﻟك ﻋﻣرى ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ .‬وأﻣﺎ اﻟراﺑﻊ ﻓﻸن‬
‫اﻟﺣﻣل ھو اﻹرﻛﺎب ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﯾﻛون ﻋﺎرﯾﺔ ﻟﻛﻧﮫ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﮭﺑﺔ‪ ،‬ﯾﻘﺎل ﺣﻣل اﻷﻣﯾر ﻓﻼﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻓرس وﯾراد ﺑﮫ اﻟﺗﻣﻠﯾك‬
‫ﻓﯾﺣﻣل ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻧد ﻧﯾﺗﮫ‪.‬‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ْ‪ :‬ﻛ}ِﺳ ْ و َ ﺗ ُ ﮭ ُم ْ { ]اﻟﻣﺎﺋدة‪[89:‬‬
‫"وﻟو ﻗﺎل ﻛﺳوﺗك ھذا اﻟﺛوب ﯾﻛون ھﺑﺔ"؛ ﻷﻧﮫ ﯾراد ﺑﮫ اﻟﺗﻣﻠﯾك‪ ،‬ﻗﺎل ﷲ أ َو‬
‫وﯾﻘﺎل ﻛﺳﺎ اﻷﻣﯾر ﻓﻼﻧﺎ ﺛوﺑﺎ‪ :‬أي ﻣﻠﻛﮫ ﻣﻧﮫ "وﻟو ﻗﺎل ﻣﻧﺣﺗك ھذه اﻟﺟﺎرﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﻋﺎرﯾﺔ" ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ ﻣن ﻗﺑل‪".‬وﻟو‬
‫ﻗﺎل داري ﻟك ھﺑﺔ ﺳﻛﻧﻰ أو ﺳﻛﻧﻰ ھﺑﺔ ﻓﮭﻲ ﻋﺎرﯾﺔ"؛ ﻷن اﻟﻌﺎرﯾﺔ ﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﺗﻣﻠﯾك اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ واﻟﮭﺑﺔ ﺗﺣﺗﻣﻠﮭﺎ‬
‫وﺗﺣﺗﻣل ﺗﻣﻠﯾك اﻟﻌﯾن ﻓﯾﺣﻣل اﻟﻣﺣﺗﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛم‪ ،‬وﻛذا إذا ﻗﺎل ﻋﻣرى ﺳﻛﻧﻰ أو ﻧﺣﻠﻲ ﺳﻛﻧﻰ أو ﺳﻛﻧﻰ ﺻدﻗﺔ‬
‫أو ﺻدﻗﺔ ﻋﺎرﯾﺔ أو ﻋﺎرﯾﺔ ھﺑﺔ ﻟﻣﺎ ﻗدﻣﻧﺎه‪" .‬وﻟو ﻗﺎل ھﺑﺔ ﺗﺳﻛﻧﮭﺎ ﻓﮭﻲ ھﺑﺔ"؛ ﻷن ﻗوﻟﮫ ﺗﺳﻛﻧﮭﺎ ﻣﺷورة وﻟﯾس‬
‫ﺑﺗﻔﺳﯾر ﻟﮫ وھو ﺗﻧﺑﯾﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺻود‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻗوﻟﮫ ھﺑﺔ ﺳﻛﻧﻰ؛ ﻷﻧﮫ ﺗﻔﺳﯾر ﻟﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺗﺟوز اﻟﮭﺑﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻘﺳم إﻻ ﻣﺣوزة ﻣﻘﺳوﻣﺔ‪ ،‬وھﺑﺔ اﻟﻣﺷﺎع ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﻘﺳم ﺟﺎﺋزة" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪:‬‬
‫ﺗﺟوز ﻓﻲ اﻟوﺟﮭﯾن؛ ﻷﻧﮫ ﻋﻘد ﺗﻣﻠﯾك ﻓﯾﺻﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎع وﻏﯾره ﻛﺎﻟﺑﯾﻊ ﺑﺄﻧواﻋﮫ‪ ،‬وھذا؛ ﻷن اﻟﻣﺷﺎع ﻗﺎﺑل ﻟﺣﻛﻣﮫ‪،‬‬
‫وھو اﻟﻣﻠك ﻓﯾﻛون ﻣﺣﻼ ﻟﮫ‪ ،‬وﻛوﻧﮫ ﺗﺑرﻋﺎ ﻻ ﯾﺑطﻠﮫ اﻟﺷﯾوع ﻛﺎﻟﻘرض واﻟوﺻﯾﺔ‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﻘﺑض ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﮫ‬
‫ﻓﻲ اﻟﮭﺑﺔ ﻓﯾﺷﺗرط ﻛﻣﺎﻟﮫ واﻟﻣﺷﺎع ﻻ ﯾﻘﺑﻠﮫ إﻻ ﺑﺿم ﻏﯾره إﻟﯾﮫ‪ ،‬وذﻟك ﻏﯾر ﻣوھوب‪ ،‬وﻷن ﻓﻲ ﺗﺟوﯾزه إﻟزاﻣﮫ ﺷﯾﺋﺎ‬
‫ﻟم ﯾﻠﺗزﻣﮫ وھو ﻣؤﻧﺔ اﻟﻘﺳﻣﺔ‪ ،‬وﻟﮭذا اﻣﺗﻧﻊ ﺟوازه ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻟﺋﻼ ﯾﻠزﻣﮫ اﻟﺗﺳﻠﯾم‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﻻ ﯾﻘﺳم؛ ﻷن اﻟﻘﺑض‬
‫اﻟﻘﺎﺻر ھو اﻟﻣﻣﻛن ﻓﯾﻛﺗﻔﻰ ﺑﮫ؛ وﻷﻧﮫ ﻻ ﺗﻠزﻣﮫ ﻣؤﻧﺔ اﻟﻘﺳﻣﺔ‪ .‬واﻟﻣﮭﺎﯾﺄة ﺗﻠزﻣﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﺑرع ﺑﮫ وھو اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ‪،‬‬
‫واﻟﮭﺑﺔ ﻻﻗت اﻟﻌﯾن‪ ،‬واﻟوﺻﯾﺔ ﻟﯾس ﻣن ﺷرطﮭﺎ اﻟﻘﺑض‪ ،‬وﻛذا اﻟﺑﯾﻊ اﻟﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﺑﯾﻊ اﻟﻔﺎﺳد واﻟﺻرف واﻟﺳﻠم‬
‫ﻓﺎﻟﻘﺑض ﻓﯾﮭﺎ ﻏﯾر ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻷﻧﮭﺎ ﻋﻘود ﺿﻣﺎن ﻓﺗﻧﺎﺳب ﻟزوم ﻣؤﻧﺔ اﻟﻘﺳﻣﺔ‪ ،‬واﻟﻘرض ﺗﺑرع ﻣن وﺟﮫ‬
‫وﻋﻘد ﺿﻣﺎن ﻣن وﺟﮫ‪ ،‬ﻓﺷرطﻧﺎ اﻟﻘﺑض اﻟﻘﺎﺻر ﻓﯾﮫ دون اﻟﻘﺳﻣﺔ ﻋﻣﻼ ﺑﺎﻟﺷﺑﮭﯾن‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن اﻟﻘﺑض ﻏﯾر ﻣﻧﺻوص‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﮫ‪" .‬وﻟو وھب ﻣن ﺷرﯾﻛﮫ ﻻ ﯾﺟوز"؛ ﻷن اﻟﺣﻛم ﯾدار ﻋﻠﻰ ﻧﻔس اﻟﺷﯾوع‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن وھب ﺷﻘﺻﺎ ﻣﺷﺎﻋﺎ ﻓﺎﻟﮭﺑﺔ ﻓﺎﺳدة" ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ "ﻓﺈن ﻗﺳﻣﮫ وﺳﻠﻣﮫ ﺟﺎز"؛ ﻷن ﺗﻣﺎﻣﮫ ﺑﺎﻟﻘﺑض وﻋﻧده‬
‫ﻻ ﺷﯾوع‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو وھب دﻗﯾﻘﺎ ﻓﻲ ﺣﻧطﺔ أو دھﻧﺎ ﻓﻲ ﺳﻣﺳم ﻓﺎﻟﮭﺑﺔ ﻓﺎﺳدة‪ ،‬ﻓﺈن طﺣن وﺳﻠم ﻟم ﯾﺟز" وﻛذا اﻟﺳﻣن ﻓﻲ‬
‫اﻟﻠﺑن؛ ﻷن اﻟﻣوھوب ﻣﻌدوم‪ ،‬وﻟﮭذا ﻟو اﺳﺗﺧرﺟﮫ اﻟﻐﺎﺻب ﯾﻣﻠﻛﮫ‬

‫واﻟﻣﻌدوم ﻟﯾس ﺑﻣﺣل ﻟﻠﻣﻠك ﻓوﻗﻊ اﻟﻌﻘد ﺑﺎطﻼ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻧﻌﻘد إﻻ ﺑﺎﻟﺗﺟدﯾد‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﺗﻘدم؛‬ ‫ص ‪-224-‬‬
‫ﻷن اﻟﻣﺷﺎع ﻣﺣل ﻟﻠﺗﻣﻠﯾك‪ ،‬وھﺑﺔ اﻟﻠﺑن ﻓﻲ اﻟﺿرع واﻟﺻوف ﻋﻠﻰ ظﮭر اﻟﻐﻧم واﻟزرع واﻟﻧﺧل ﻓﻲ اﻷرض واﻟﺗﻣر‬
‫ﻓﻲ اﻟﻧﺧﯾل ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻣﺷﺎع؛ ﻷن اﻣﺗﻧﺎع اﻟﺟواز ﻟﻼﺗﺻﺎل وذﻟك ﯾﻣﻧﻊ اﻟﻘﺑض ﻛﺎﻟﺷﺎﺋﻊ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﻧت اﻟﻌﯾن ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣوھوب ﻟﮫ ﻣﻠﻛﮭﺎ ﺑﺎﻟﮭﺑﺔ وإن ﻟم ﯾﺟدد ﻓﯾﮭﺎ ﻗﺑﺿﺎ"؛ ﻷن اﻟﻌﯾن ﻓﻲ ﻗﺑﺿﮫ‬
‫واﻟﻘﺑض ھو اﻟﺷرط‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺑﺎﻋﮫ ﻣﻧﮫ؛ ﻷن اﻟﻘﺑض ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﻣﺿﻣون ﻓﻼ ﯾﻧوب ﻋﻧﮫ ﻗﺑض اﻷﻣﺎﻧﺔ‪ ،‬أﻣﺎ‬
‫ﻗﺑض اﻟﮭﺑﺔ ﻓﻐﯾر ﻣﺿﻣون ﻓﯾﻧوب ﻋﻧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا وھب اﻷب ﻻﺑﻧﮫ اﻟﺻﻐﯾر ھﺑﺔ ﻣﻠﻛﮭﺎ اﻻﺑن ﺑﺎﻟﻌﻘد"؛ ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﻗﺑض اﻷب ﻓﯾﻧوب ﻋن ﻗﺑض اﻟﮭﺑﺔ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﻓرق ﺑﯾن ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻓﻲ ﯾده أو ﻓﻲ ﯾد ﻣودﻋﮫ؛ ﻷن ﯾده ﻛﯾده‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣرھوﻧﺎ أو ﻣﻐﺻوﺑﺎ أو ﻣﺑﯾﻌﺎ ﺑﯾﻌﺎ‬
‫ﻓﺎﺳدا؛ ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﯾد ﻏﯾره أو ﻓﻲ ﻣﻠك ﻏﯾره‪ ،‬واﻟﺻدﻗﺔ ﻓﻲ ھذا ﻣﺛل اﻟﮭﺑﺔ‪ ،‬وﻛذا إذا وھﺑت ﻟﮫ أﻣﮫ وھو ﻓﻲ ﻋﯾﺎﻟﮭﺎ‬
‫واﻷب ﻣﯾت وﻻ وﺻﻲ ﻟﮫ‪ ،‬وﻛذﻟك ﻛل ﻣن ﯾﻌوﻟﮫ‪" .‬وإن وھب ﻟﮫ أﺟﻧﺑﻲ ھﺑﺔ ﺗﻣت ﺑﻘﺑض اﻷب"؛ ﻷﻧﮫ ﯾﻣﻠك ﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟداﺋر ﺑﯾن اﻟﻧﺎﻓﻊ واﻟﺿﺎﺋر ﻓﺄوﻟﻰ أن ﯾﻣﻠك اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ‪" .‬وإن وھب ﻟﻠﯾﺗﯾم ھﺑﺔ ﻓﻘﺑﺿﮭﺎ ﻟﮫ وﻟﯾﮫ وھو وﺻﻲ اﻷب أو‬
‫ﺟد اﻟﯾﺗﯾم أو وﺻﯾﮫ ﺟﺎز"؛ ﻷن ﻟﮭؤﻻء وﻻﯾﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﻟﻘﯾﺎﻣﮭم ﻣﻘﺎم اﻷب "وإن ﻛﺎن ﻓﻲ ﺣﺟر أﻣﮫ ﻓﻘﺑﺿﮭﺎ ﻟﮫ‬
‫ﺟﺎﺋز "؛ ﻷن ﻟﮭﺎ اﻟوﻻﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ ﺣﻔظﮫ وﺣﻔظ ﻣﺎﻟﮫ‪ .‬وھذا ﻣن ﺑﺎﺑﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺑﻘﻰ إﻻ ﺑﺎﻟﻣﺎل ﻓﻼ ﺑد ﻣن وﻻﯾﺔ‬
‫اﻟﺗﺣﺻﯾل "وﻛذا إذا ﻛﺎن ﻓﻲ ﺣﺟر أﺟﻧﺑﻲ ﯾرﺑﯾﮫ"؛ ﻷن ﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ ﯾدا ﻣﻌﺗﺑرة‪ .‬أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﻻ ﯾﺗﻣﻛن أﺟﻧﺑﻲ آﺧر أن‬
‫ﯾﻧزﻋﮫ ﻣن ﯾده ﻓﯾﻣﻠك ﻣﺎ ﯾﺗﻣﺣض ﻧﻔﻌﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﮫ "وإن ﻗﺑض اﻟﺻﺑﻲ اﻟﮭﺑﺔ ﺑﻧﻔﺳﮫ ﺟﺎز" ﻣﻌﻧﺎه إذا ﻛﺎن ﻋﺎﻗﻼ؛ ﻷﻧﮫ‬
‫ﻧﺎﻓﻊ ﻓﻲ ﺣﻘﮫ وھو ﻣن أھﻠﮫ‪ .‬وﻓﯾﻣﺎ وھب ﻟﻠﺻﻐﯾرة ﯾﺟوز ﻗﺑض زوﺟﮭﺎ ﻟﮭﺎ ﺑﻌد اﻟزﻓﺎف ﻟﺗﻔوﯾض اﻷب أﻣورھﺎ إﻟﯾﮫ‬
‫دﻻﻟﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟزﻓﺎف وﯾﻣﻠﻛﮫ ﻣﻊ ﺣﺿرة اﻷب‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻷم وﻛل ﻣن ﯾﻌوﻟﮭﺎ ﻏﯾرھﺎ ﺣﯾث ﻻ ﯾﻣﻠﻛوﻧﮫ إﻻ‬
‫ﺑﻌد ﻣوت اﻷب أو ﻏﯾﺑﺗﮫ ﻏﯾﺑﺔ ﻣﻧﻘطﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ؛ ﻷن ﺗﺻرف ھؤﻻء ﻟﻠﺿرورة ﻻ ﺑﺗﻔوﯾض اﻷب‪ ،‬وﻣﻊ‬
‫ﺣﺿوره ﻻ ﺿرورة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وإذا وھب اﺛﻧﺎن ﻣن واﺣد دارا ﺟﺎز"؛ ﻷﻧﮭﻣﺎ ﺳﻠﻣﺎھﺎ ﺟﻣﻠﺔ وھو ﻗد ﻗﺑﺿﮭﺎ ﺟﻣﻠﺔ ﻓﻼ ﺷﯾوع "وإن وھﺑﮭﺎ‬
‫واﺣد ﻣن اﺛﻧﯾن ﻻ ﯾﺟوز ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻻ ﯾﺻﺢ"؛ ﻷن ھذه ھﺑﺔ اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻣﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬إذ اﻟﺗﻣﻠﯾك واﺣد ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق‬
‫اﻟﺷﯾوع ﻛﻣﺎ إذا رھن ﻣن رﺟﻠﯾن‪ .‬وﻟﮫ أن ھذه ھﺑﺔ اﻟﻧﺻف ﻣن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻟﮭذا ﻟو ﻛﺎﻧت ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﻘﺳم ﻓﻘﺑل‬
‫أﺣدھﻣﺎ ﺻﺢ‪ ،‬وﻷن اﻟﻣﻠك ﯾﺛﺑت ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﺻف ﻓﯾﻛون اﻟﺗﻣﻠﯾك ﻛذﻟك؛ ﻷﻧﮫ ﺣﻛﻣﮫ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا‬
‫اﻻﻋﺗﺑﺎر ﯾﺗﺣﻘق اﻟﺷﯾوع‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟرھن؛ ﻷن ﺣﻛﻣﮫ اﻟﺣﺑس‪ ،‬وﯾﺛﺑت ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻛﺎﻣﻼ‬
‫إذ ﻻ ﺗﺿﺎﯾف ﻓﯾﮫ ﻓﻼ ﺷﯾوع وﻟﮭذا ﻟو ﻗﺿﻰ دﯾن أﺣدھﻣﺎ ﻻ ﯾﺳﺗرد ﺷﯾﺋﺎ ﻣن اﻟرھن‪.‬‬ ‫ص ‪-225-‬‬
‫"وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬إذا ﺗﺻدق ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺗﺎﺟﯾن ﺑﻌﺷرة دراھم أو وھﺑﮭﺎ ﻟﮭﻣﺎ ﺟﺎز‪ ،‬وﻟو ﺗﺻدق ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻏﻧﯾﯾن أو وھﺑﮭﺎ ﻟﮭﻣﺎ ﻟم ﯾﺟز‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﺟوز ﻟﻠﻐﻧﯾﯾن أﯾﺿﺎ" ﺟﻌل ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣﺟﺎزا ﻋن اﻵﺧر‪ ،‬واﻟﺻﻼﺣﯾﺔ‬
‫ﺛﺎﺑﺗﺔ؛ ﻷن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺗﻣﻠﯾك ﺑﻐﯾر ﺑدل‪ ،‬وﻓرق ﺑﯾن اﻟﺻدﻗﺔ واﻟﮭﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻛم‪ .‬وﻓﻲ اﻷﺻل ﺳوى ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻓﻘﺎل‪:‬‬
‫وﻛذﻟك اﻟﺻدﻗﺔ؛ ﻷن اﻟﺷﯾوع ﻣﺎﻧﻊ ﻓﻲ اﻟﻔﺻﻠﯾن ﻟﺗوﻗﻔﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺑض‪ .‬ووﺟﮫ اﻟﻔرق ﻋﻠﻰ ھذه اﻟرواﯾﺔ أن اﻟﺻدﻗﺔ‬
‫ﯾراد ﺑﮭﺎ وﺟﮫ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وھو واﺣد‪ ،‬واﻟﮭﺑﺔ ﯾراد ﺑﮭﺎ وﺟﮫ اﻟﻐﻧﻲ وھﻣﺎ اﺛﻧﺎن‪ .‬وﻗﯾل ھذا ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬واﻟﻣراد‬
‫ﺑﺎﻟﻣذﻛور ﻓﻲ اﻷﺻل اﻟﺻدﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﻧﯾﯾن‪ .‬وﻟو وھب ﻟرﺟﻠﯾن دارا ﻷﺣدھﻣﺎ ﺛﻠﺛﺎھﺎ وﻟﻶﺧر ﺛﻠﺛﮭﺎ ﻟم ﯾﺟز ﻋﻧد أﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬ﯾﺟوز‪ .‬وﻟو ﻗﺎل ﻷﺣدھﻣﺎ ﻧﺻﻔﮭﺎ وﻟﻶﺧر ﻧﺻﻔﮭﺎ ﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف ﻓﯾﮫ رواﯾﺗﺎن‪،‬‬
‫ﻓﺄﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻣر ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮫ‪ ،‬وﻛذا ﻣﺣﻣد‪ .‬واﻟﻔرق ﻷﺑﻲ ﯾوﺳف أن ﺑﺎﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻌﺎض ﯾظﮭر أن ﻗﺻده‬
‫ﺛﺑوت اﻟﻣﻠك ﻓﻲ اﻟﺑﻌض ﻓﯾﺗﺣﻘق اﻟﺷﯾوع‪ ،‬وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺟوز إذا رھن ﻣن رﺟﻠﯾن وﻧص ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻌﺎض‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻟرﺟوع ﻓﻲ اﻟﮭﺑﺔ‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا وھب ھﺑﺔ ﻷﺟﻧﺑﻲ ﻓﻠﮫ اﻟرﺟوع ﻓﯾﮭﺎ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻻ رﺟوع ﻓﯾﮭﺎ ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ‬
‫ﯾرﺟﻊ اﻟواھب ﻓﻲ ھﺑﺗﮫ إﻻ اﻟواﻟد ﻓﯾﻣﺎ ﯾﮭب ﻟوﻟده" وﻷن اﻟرﺟوع ﯾﺿﺎد اﻟﺗﻣﻠﯾك‪ ،‬واﻟﻌﻘد ﻻ ﯾﻘﺗﺿﻲ ﻣﺎ ﯾﺿﺎده‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف ھﺑﺔ اﻟواﻟد ﻟوﻟده ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺗم اﻟﺗﻣﻠﯾك؛ ﻟﻛوﻧﮫ ﺟزءا ﻟﮫ‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪:‬‬
‫"اﻟواھب أﺣق ﺑﮭﺑﺗﮫ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺛب ﻣﻧﮭﺎ" أي ﻣﺎ ﻟم ﯾﻌوض؛ وﻷن اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻟﻌﻘد ھو اﻟﺗﻌوﯾض ﻟﻠﻌﺎدة‪ ،‬ﻓﺗﺛﺑت ﻟﮫ‬
‫وﻻﯾﺔ اﻟﻔﺳﺦ ﻋﻧد ﻓواﺗﮫ‪ ،‬إذ اﻟﻌﻘد ﯾﻘﺑﻠﮫ‪ ،‬واﻟﻣراد ﺑﻣﺎ روي ﻧﻔﻲ اﺳﺗﺑداد واﻟرﺟوع وإﺛﺑﺎﺗﮫ ﻟﻠواﻟد؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺗﻣﻠﻛﮫ ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ‬
‫وذﻟك ﯾﺳﻣﻰ رﺟوﻋﺎ‪ .‬وﻗوﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ﻓﻠﮫ اﻟرﺟوع ﻟﺑﯾﺎن اﻟﺣﻛم‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻛراھﺔ ﻓﻼزﻣﺔ ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪:‬‬
‫"اﻟﻌﺎﺋد ﻓﻲ ھﺑﺗﮫ ﻛﺎﻟﻌﺎﺋد ﻓﻲ ﻗﯾﺋﮫ" وھذا ﻻﺳﺗﻘﺑﺎﺣﮫ‪ .‬ﺛم ﻟﻠرﺟوع ﻣواﻧﻊ ذﻛر ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻓﻘﺎل‪" :‬إﻻ أن ﯾﻌوﺿﮫ ﻋﻧﮭﺎ"‬
‫ﻟﺣﺻول اﻟﻣﻘﺻود "أو ﺗزﯾد زﯾﺎدة ﻣﺗﺻﻠﺔ"؛ ﻷﻧﮫ ﻻ وﺟﮫ إﻟﻰ اﻟرﺟوع ﻓﯾﮭﺎ دون اﻟزﯾﺎدة؛ ﻟﻌدم اﻹﻣﻛﺎن وﻻ ﻣﻊ‬
‫اﻟزﯾﺎدة؛ ﻟﻌدم دﺧوﻟﮭﺎ ﺗﺣت اﻟﻌﻘد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬أو ﯾﻣوت أﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن"؛ ﻷن ﺑﻣوت اﻟﻣوھوب ﻟﮫ ﯾﻧﺗﻘل اﻟﻣﻠك إﻟﻰ اﻟورﺛﺔ‬

‫ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا اﻧﺗﻘل ﻓﻲ ﺣﺎل ﺣﯾﺎﺗﮫ‪ ،‬وإذا ﻣﺎت اﻟواھب ﻓوارﺛﮫ أﺟﻧﺑﻲ ﻋن اﻟﻌﻘد إذ ھو‬ ‫ص ‪-226-‬‬
‫ﻣﺎ أوﺟﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬أو ﺗﺧرج اﻟﮭﺑﺔ ﻋن ﻣﻠك اﻟﻣوھوب ﻟﮫ"؛ ﻷﻧﮫ ﺣﺻل ﺑﺗﺳﻠﯾطﮫ ﻓﻼ ﯾﻧﻘﺿﮫ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﺗﺟدد اﻟﻣﻠك ﺑﺗﺟدد ﺳﺑﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن وھب ﻵﺧر أرﺿﺎ ﺑﯾﺿﺎء ﻓﺄﻧﺑت ﻓﻲ ﻧﺎﺣﯾﺔ ﻣﻧﮭﺎ ﻧﺧﻼ أو ﺑﻧﻰ ﺑﯾﺗﺎ أو دﻛﺎﻧﺎ أو آرﯾﺎ وﻛﺎن ذﻟك زﯾﺎدة‬
‫ﻓﯾﮭﺎ ﻓﻠﯾس ﻟﮫ أن ﯾرﺟﻊ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻧﮭﺎ"؛ ﻷن ھذه زﯾﺎدة ﻣﺗﺻﻠﺔ‪ .‬وﻗوﻟﮫ وﻛﺎن ذﻟك زﯾﺎدة ﻓﯾﮭﺎ؛ ﻷن اﻟدﻛﺎن ﻗد‬
‫ﯾﻛون ﺻﻐﯾرا ﺣﻘﯾرا ﻻ ﯾﻌد زﯾﺎدة أﺻﻼ‪ ،‬وﻗد ﺗﻛون اﻷرض ﻋظﯾﻣﺔ ﯾﻌد ذﻟك زﯾﺎدة ﻓﻲ ﻗطﻌﺔ ﻣﻧﮭﺎ ﻓﻼ ﯾﻣﺗﻧﻊ‬
‫اﻟرﺟوع ﻓﻲ ﻏﯾرھﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﺑﺎع ﻧﺻﻔﮭﺎ ﻏﯾر ﻣﻘﺳوم رﺟﻊ ﻓﻲ اﻟﺑﺎﻗﻲ"؛ ﻷن اﻻﻣﺗﻧﺎع ﺑﻘدر اﻟﻣﺎﻧﻊ "وإن ﻟم ﯾﺑﻊ ﺷﯾﺋﺎ ﻣﻧﮭﺎ ﻟﮫ أن‬
‫ﯾرﺟﻊ ﻓﻲ ﻧﺻﻔﮭﺎ"؛ ﻷن ﻟﮫ أن ﯾرﺟﻊ ﻓﻲ ﻛﻠﮭﺎ ﻓﻛذا ﻓﻲ ﻧﺻﻔﮭﺎ ﺑﺎﻟطرﯾق اﻷوﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن وھب ھﺑﺔ ﻟذي رﺣم ﻣﺣرم ﻣﻧﮫ ﻓﻼ رﺟوع ﻓﯾﮭﺎ" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬إذا ﻛﺎﻧت اﻟﮭﺑﺔ ﻟذي‬
‫رﺣم ﻣﺣرم ﻣﻧﮫ ﻟم ﯾرﺟﻊ ﻓﯾﮭﺎ"؛ وﻷن اﻟﻣﻘﺻود ﻓﯾﮭﺎ ﺻﻠﺔ اﻟرﺣم وﻗد ﺣﺻل "وﻛذﻟك ﻣﺎ وھب أﺣد اﻟزوﺟﯾن‬
‫ﻟﻶﺧر"؛ ﻷن اﻟﻣﻘﺻود ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺻﻠﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘراﺑﺔ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﻧظر إﻟﻰ ھذا اﻟﻣﻘﺻود وﻗت اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﺗزوﺟﮭﺎ‬
‫ﺑﻌدﻣﺎ وھب ﻟﮭﺎ ﻓﻠﮫ اﻟرﺟوع‪ ،‬وﻟو أﺑﺎﻧﮭﺎ ﺑﻌدﻣﺎ وھب ﻓﻼ رﺟوع‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وإذا ﻗﺎل اﻟﻣوھوب ﻟﮫ ﻟﻠواھب ﺧذ ھذا ﻋوﺿﺎ ﻋن ھﺑﺗك أو ﺑدﻻ ﻋﻧﮭﺎ أو ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺗﮭﺎ ﻓﻘﺑﺿﮫ اﻟواھب‬
‫ﺳﻘط اﻟرﺟوع" ﻟﺣﺻول اﻟﻣﻘﺻود‪ ،‬وھذه اﻟﻌﺑﺎرات ﺗؤدي ﻣﻌﻧﻰ واﺣدا "وإن ﻋوﺿﮫ أﺟﻧﺑﻲ ﻋن اﻟﻣوھوب ﻟﮫ‬
‫ﻣﺗﺑرﻋﺎ ﻓﻘﺑض اﻟواھب اﻟﻌوض ﺑطل اﻟرﺟوع"؛ ﻷن اﻟﻌوض ﻹﺳﻘﺎط اﻟﺣق ﻓﯾﺻﺢ ﻣن اﻷﺟﻧﺑﻲ ﻛﺑدل اﻟﺧﻠﻊ‬
‫واﻟﺻﻠﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺳﺗﺣق ﻧﺻف اﻟﮭﺑﺔ رﺟﻊ ﺑﻧﺻف اﻟﻌوض"؛ ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺳﻠم ﻟﮫ ﻣﺎ ﯾﻘﺎﺑل ﻧﺻﻔﮫ "وإن اﺳﺗﺣق ﻧﺻف‬
‫اﻟﻌوض ﻟم ﯾرﺟﻊ ﻓﻲ اﻟﮭﺑﺔ إﻻ أن ﯾرد ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﺛم ﯾرﺟﻊ" وﻗﺎل زﻓر‪ :‬ﯾرﺟﻊ ﺑﺎﻟﻧﺻف اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟﻌوض اﻵﺧر‪.‬‬
‫وﻟﻧﺎ أﻧﮫ ﯾﺻﻠﺢ ﻋوﺿﺎ ﻟﻠﻛل ﻣن اﻻﺑﺗداء‪ ،‬وﺑﺎﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ظﮭر أﻧﮫ ﻻ ﻋوض إﻻ ھو‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﯾﺗﺧﯾر؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺎ أﺳﻘط‬
‫ﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻟرﺟوع إﻻ ﻟﯾﺳﻠم ﻟﮫ ﻛل اﻟﻌوض وﻟم ﯾﺳﻠم ﻓﻠﮫ أن ﯾرده‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن وھب دارا ﻓﻌوﺿﮫ ﻣن ﻧﺻﻔﮭﺎ رﺟﻊ اﻟواھب ﻓﻲ اﻟﻧﺻف اﻟذي ﻟم ﯾﻌوض"؛ ﻷن اﻟﻣﺎﻧﻊ ﺧص‬
‫اﻟﻧﺻف‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺻﺢ اﻟرﺟوع إﻻ ﺑﺗراﺿﯾﮭﻣﺎ أو ﺑﺣﻛم اﻟﺣﺎﻛم"؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺧﺗﻠف ﺑﯾن اﻟﻌﻠﻣﺎء‪،‬‬ ‫ص ‪-227-‬‬
‫وﻓﻲ أﺻﻠﮫ وھﺎء وﻓﻲ ﺣﺻول اﻟﻣﻘﺻود وﻋدﻣﮫ ﺧﻔﺎء‪ ،‬ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﻔﺻل ﺑﺎﻟرﺿﺎ أو ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎﻧت‬
‫اﻟﮭﺑﺔ ﻋﺑدا ﻓﺄﻋﺗﻘﮫ ﻗﺑل اﻟﻘﺿﺎء ﻧﻔذ‪ ،‬وﻟو ﻣﻧﻌﮫ ﻓﮭﻠك ﻟم ﯾﺿﻣن؛ ﻟﻘﯾﺎم ﻣﻠﻛﮫ ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻛذا إذا ھﻠك ﻓﻲ ﯾده ﺑﻌد اﻟﻘﺿﺎء؛‬
‫ﻷن أول اﻟﻘﺑض ﻏﯾر ﻣﺿﻣون‪ ،‬وھذا دوام ﻋﻠﯾﮫ إﻻ أن ﯾﻣﻧﻌﮫ ﺑﻌد طﻠﺑﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﺗﻌدى‪ ،‬وإذا رﺟﻊ ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء أو‬
‫ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﯾﻛون ﻓﺳﺧﺎ ﻣن اﻷﺻل ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺷﺗرط ﻗﺑض اﻟواھب وﯾﺻﺢ ﻓﻲ اﻟﺷﺎﺋﻊ؛ ﻷن اﻟﻌﻘد وﻗﻊ ﺟﺎﺋزا ﻣوﺟﺑﺎ‬
‫ﺣق اﻟﻔﺳﺦ‪ ،‬ﻓﻛﺎن ﺑﺎﻟﻔﺳﺦ ﻣﺳﺗوﻓﯾﺎ ﺣﻘﺎ ﺛﺎﺑﺗﺎ ﻟﮫ ﻓﯾظﮭر ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟرد ﺑﺎﻟﻌﯾب ﺑﻌد اﻟﻘﺑض؛ ﻷن اﻟﺣق‬
‫ھﻧﺎك ﻓﻲ وﺻف اﻟﺳﻼﻣﺔ ﻻ ﻓﻲ اﻟﻔﺳﺦ ﻓﺎﻓﺗرﻗﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺗﻠﻔت اﻟﻌﯾن اﻟﻣوھوﺑﺔ واﺳﺗﺣﻘﮭﺎ ﻣﺳﺗﺣق وﺿﻣن اﻟﻣوھوب ﻟﮫ ﻟم ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻟواھب ﺑﺷﻲء"؛ ﻷﻧﮫ‬
‫ﻋﻘد ﺗﺑرع ﻓﻼ ﯾﺳﺗﺣق ﻓﯾﮫ اﻟﺳﻼﻣﺔ‪ ،‬وھو ﻏﯾر ﻋﺎﻣل ﻟﮫ‪ ،‬واﻟﻐرور ﻓﻲ ﺿﻣن ﻋﻘد اﻟﻣﻌﺎوﺿﺔ ﺳﺑب اﻟرﺟوع ﻻ ﻓﻲ‬
‫ﻏﯾره‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا وھب ﺑﺷرط اﻟﻌوض اﻋﺗﺑر اﻟﺗﻘﺎﺑض ﻓﻲ اﻟﻌوﺿﯾن‪ ،‬وﺗﺑطل ﺑﺎﻟﺷﯾوع"؛ ﻷﻧﮫ ھﺑﺔ اﺑﺗداء "ﻓﺈن ﺗﻘﺎﺑﺿﺎ‬
‫ﺻﺢ اﻟﻌﻘد وﺻﺎر ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﺑﯾﻊ ﯾرد ﺑﺎﻟﻌﯾب وﺧﯾﺎر اﻟرؤﯾﺔ وﺗﺳﺗﺣق ﻓﯾﮫ اﻟﺷﻔﻌﺔ"؛ ﻷﻧﮫ ﺑﯾﻊ اﻧﺗﮭﺎء‪ .‬وﻗﺎل زﻓر‬
‫واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ :‬ھو ﺑﯾﻊ اﺑﺗداء واﻧﺗﮭﺎء؛ ﻷن ﻓﯾﮫ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺑﯾﻊ وھو اﻟﺗﻣﻠﯾك ﺑﻌوض‪ ،‬واﻟﻌﺑرة ﻓﻲ اﻟﻌﻘود‬
‫ﻟﻠﻣﻌﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻟﮭذا ﻛﺎن ﺑﯾﻊ اﻟﻌﺑد ﻣن ﻧﻔﺳﮫ إﻋﺗﺎﻗﺎ‪ .‬وﻟﻧﺎ أﻧﮫ اﺷﺗﻣل ﻋﻠﻰ ﺟﮭﺗﯾن ﻓﯾﺟﻣﻊ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻣﺎ أﻣﻛن ﻋﻣﻼ ﺑﺎﻟﺷﺑﮭﯾن‪،‬‬
‫وﻗد أﻣﻛن؛ ﻷن اﻟﮭﺑﺔ ﻣن ﺣﻛﻣﮭﺎ ﺗﺄﺧر اﻟﻣﻠك إﻟﻰ اﻟﻘﺑض‪ ،‬وﻗد ﯾﺗراﺧﻰ ﻋن اﻟﺑﯾﻊ اﻟﻔﺎﺳد واﻟﺑﯾﻊ ﻣن ﺣﻛﻣﮫ اﻟﻠزوم‪،‬‬
‫وﻗد ﺗﻧﻘﻠب اﻟﮭﺑﺔ ﻻزﻣﺔ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻓﺟﻣﻌﻧﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺑﯾﻊ ﻧﻔس اﻟﻌﺑد ﻣن ﻧﻔﺳﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺑﯾﻊ ﻓﯾﮫ‪،‬‬
‫إذ ھو ﻻ ﯾﺻﻠﺢ ﻣﺎﻟﻛﺎ ﻟﻧﻔﺳﮫ‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻗﺎل‪" :‬وﻣن وھب ﺟﺎرﯾﺔ إﻻ ﺣﻣﻠﮭﺎ ﺻﺣت اﻟﮭﺑﺔ وﺑطل اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء"؛‬
‫ﻷن اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻻ ﯾﻌﻣل إﻻ ﻓﻲ ﻣﺣل ﯾﻌﻣل ﻓﯾﮫ اﻟﻌﻘد‪ ،‬واﻟﮭﺑﺔ ﻻ ﺗﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﺣﻣل ﻟﻛوﻧﮫ وﺻﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه ﻓﻲ‬
‫اﻟﺑﯾوع ﻓﺎﻧﻘﻠب ﺷرطﺎ ﻓﺎﺳدا‪ ،‬واﻟﮭﺑﺔ ﻻ ﺗﺑطل ﺑﺎﻟﺷروط اﻟﻔﺎﺳدة‪ ،‬وھذا ھو اﻟﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح واﻟﺧﻠﻊ واﻟﺻﻠﺢ ﻋن دم‬
‫اﻟﻌﻣد؛ ﻷﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺑطل ﺑﺎﻟﺷروط اﻟﻔﺎﺳدة‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺑﯾﻊ واﻹﺟﺎرة واﻟرھن؛ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺑطل ﺑﮭﺎ‪" .‬وﻟو أﻋﺗق ﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫ﺑطﻧﮭﺎ ﺛم وھﺑﮭﺎ ﺟﺎز"؛ ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺑق اﻟﺟﻧﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻛﮫ ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء‪" ،‬وﻟو دﺑر ﻣﺎ ﻓﻲ ﺑطﻧﮭﺎ ﺛم وھﺑﮭﺎ ﻟم‬
‫ﯾﺟز"؛ ﻷن اﻟﺣﻣل ﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻛﮫ ﻓﻠم ﯾﻛن‬

‫ﺷﺑﯾﮫ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء‪ ،‬وﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﮭﺑﺔ ﻓﯾﮫ ﻟﻣﻛﺎن اﻟﺗدﺑﯾر ﻓﺑﻘﻲ ھﺑﺔ اﻟﻣﺷﺎع أو ھﺑﺔ ﺷﻲء‬ ‫ص ‪-228-‬‬
‫ھو ﻣﺷﻐول ﺑﻣﻠك اﻟﻣﺎﻟك‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن وھﺑﮭﺎ ﻟﮫ ﻋﻠﻰ أن ﯾردھﺎ ﻋﻠﯾﮫ أو ﻋﻠﻰ أن ﯾﻌﺗﻘﮭﺎ أو أن ﯾﺗﺧذھﺎ أم وﻟد أو وھب دارا أو ﺗﺻدق ﻋﻠﯾﮫ‬
‫ﺑدار ﻋﻠﻰ أن ﯾرد ﻋﻠﯾﮫ ﺷﯾﺋﺎ ﻣﻧﮭﺎ أو ﯾﻌوﺿﮫ ﺷﯾﺋﺎ ﻣﻧﮭﺎ ﻓﺎﻟﮭﺑﺔ ﺟﺎﺋزة واﻟﺷرط ﺑﺎطل"‪ .‬ﻷن ھذه اﻟﺷروط ﺗﺧﺎﻟف‬
‫ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻌﻘد ﻓﻛﺎﻧت ﻓﺎﺳدة‪ ،‬واﻟﮭﺑﺔ ﻻ ﺗﺑطل ﺑﮭﺎ‪ ،‬أﻻ ﺗرى أن اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم أﺟﺎز اﻟﻌﻣرى وأﺑطل‬
‫ﺷرط اﻟﻣﻌﻣر ﺑﺧﻼف اﻟﺑﯾﻊ؛ ﻷﻧﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻧﮭﻰ ﻋن ﺑﯾﻊ وﺷرط وﻷن اﻟﺷرط اﻟﻔﺎﺳد ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻟرﺑﺎ‪،‬‬
‫وھو ﯾﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎوﺿﺎت دون اﻟﺗﺑرﻋﺎت‪ .‬ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻟﮫ ﻋﻠﻰ آﺧر أﻟف درھم ﻓﻘﺎل إذا ﺟﺎء اﻟﻐد ﻓﮭﻲ ﻟك أو‬
‫أﻧت ﻣﻧﮭﺎ ﺑريء‪ .‬أو ﻗﺎل‪ :‬إذا أدﯾت إﻟﻲ اﻟﻧﺻف ﻓﻠك ﻧﺻﻔﮫ أو أﻧت ﺑريء ﻣن اﻟﻧﺻف اﻟﺑﺎﻗﻲ ﻓﮭو ﺑﺎطل"؛ ﻷن‬
‫اﻹﺑراء ﺗﻣﻠﯾك ﻣن وﺟﮫ إﺳﻘﺎط ﻣن وﺟﮫ‪ ،‬وھﺑﺔ اﻟدﯾن ﻣﻣن ﻋﻠﯾﮫ إﺑراء‪ ،‬وھذا؛ ﻷن اﻟدﯾن ﻣﺎل ﻣن وﺟﮫ وﻣن ھذا‬
‫اﻟوﺟﮫ ﻛﺎن ﺗﻣﻠﯾﻛﺎ‪ ،‬ووﺻف ﻣن وﺟﮫ وﻣن ھذا اﻟوﺟﮫ ﻛﺎن إﺳﻘﺎطﺎ‪ ،‬وﻟﮭذا ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬إﻧﮫ ﯾرﺗد ﺑﺎﻟرد‪ ،‬وﻻ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻘﺑول‪ .‬واﻟﺗﻌﻠﯾق ﺑﺎﻟﺷروط ﯾﺧﺗص ﺑﺎﻹﺳﻘﺎطﺎت اﻟﻣﺣﺿﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻠف ﺑﮭﺎ ﻛﺎﻟطﻼق واﻟﻌﺗﺎق ﻓﻼ ﯾﺗﻌداھﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﻌﻣرى ﺟﺎﺋزة ﻟﻠﻣﻌﻣر ﻟﮫ ﺣﺎل ﺣﯾﺎﺗﮫ وﻟورﺛﺗﮫ ﻣن ﺑﻌده" ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ .‬وﻣﻌﻧﺎه أن ﯾﺟﻌل داره ﻟﮫ ﻋﻣره‪.‬‬
‫وإذا ﻣﺎت ﺗرد ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﺻﺢ اﻟﺗﻣﻠﯾك‪ ،‬وﯾﺑطل اﻟﺷرط ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ وﻗد ﺑﯾﻧﺎ أن اﻟﮭﺑﺔ ﻻ ﺗﺑطل ﺑﺎﻟﺷروط اﻟﻔﺎﺳدة‬
‫"واﻟرﻗﺑﻰ ﺑﺎطﻠﺔ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ﺟﺎﺋزة"؛ ﻷن ﻗوﻟﮫ داري ﻟك ﺗﻣﻠﯾك‪.‬‬
‫وﻗوﻟﮫ رﻗﺑﻰ ﺷرط ﻓﺎﺳد ﻛﺎﻟﻌﻣرى‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم أﺟﺎز اﻟﻌﻣرى ورد اﻟرﻗﺑﻰ وﻷن ﻣﻌﻧﻰ اﻟرﻗﺑﻰ‬
‫ﻋﻧدھﻣﺎ إن ﻣت ﻗﺑﻠك ﻓﮭو ﻟك‪ ،‬واﻟﻠﻔظ ﻣن اﻟﻣراﻗﺑﺔ ﻛﺄﻧﮫ ﯾراﻗب ﻣوﺗﮫ‪ ،‬وھذا ﺗﻌﻠﯾق اﻟﺗﻣﻠﯾك ﺑﺎﻟﺧطر ﻓﺑطل‪ .‬وإذا ﻟم‬
‫ﺗﺻﺢ ﺗﻛون ﻋﺎرﯾﺔ ﻋﻧدھﻣﺎ؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺗﺿﻣن إطﻼق اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﮫ‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ اﻟﺻدﻗﺔ‬


‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﺻدﻗﺔ ﻛﺎﻟﮭﺑﺔ ﻻ ﺗﺻﺢ إﻻ ﺑﺎﻟﻘﺑض"؛ ﻷﻧﮫ ﺗﺑرع ﻛﺎﻟﮭﺑﺔ "ﻓﻼ ﺗﺟوز ﻓﻲ ﻣﺷﺎع ﯾﺣﺗﻣل اﻟﻘﺳﻣﺔ" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﮭﺑﺔ "وﻻ رﺟوع ﻓﻲ اﻟﺻدﻗﺔ"؛ ﻷن اﻟﻣﻘﺻود ھو اﻟﺛواب وﻗد ﺣﺻل‪ .‬وﻛذا إذا ﺗﺻدق ﻋﻠﻰ ﻏﻧﻲ اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ؛‬
‫ﻷﻧﮫ ﻗد ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺻدﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻧﻲ اﻟﺛواب‪ .‬وﻛذا إذا وھب اﻟﻔﻘﯾر؛ ﻷن اﻟﻣﻘﺻود اﻟﺛواب وﻗد ﺣﺻل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻧذر أن ﯾﺗﺻدق ﺑﻣﺎﻟﮫ ﯾﺗﺻدق ﺑﺟﻧس ﻣﺎ ﯾﺟب ﻓﯾﮫ اﻟزﻛﺎة‪ ،‬وﻣن ﻧذر أن‬

‫ﯾﺗﺻدق ﺑﻣﻠﻛﮫ ﻟزﻣﮫ أن ﯾﺗﺻدق ﺑﺎﻟﺟﻣﯾﻊ" وﯾروى أﻧﮫ واﻷول ﺳواء‪ ،‬وﻗد ذﻛرﻧﺎ‬ ‫ص ‪-229-‬‬
‫اﻟﻔرق‪ .‬ووﺟﮫ اﻟرواﯾﺗﯾن ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺋل اﻟﻘﺿﺎء "وﯾﻘﺎل ﻟﮫ أﻣﺳك ﻣﺎ ﺗﻧﻔﻘﮫ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳك وﻋﯾﺎﻟك إﻟﻰ أن ﺗﻛﺗﺳب‪ ،‬ﻓﺈذا‬
‫اﻛﺗﺳب ﻣﺎﻻ ﯾﺗﺻدق ﺑﻣﺛل ﻣﺎ أﻧﻔق" وﻗد ذﻛرﻧﺎه ﻣن ﻗﺑل‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻹﺟﺎرات‬ ‫ص ‪-230-‬‬


‫"اﻹﺟﺎرة‪ :‬ﻋﻘد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﺑﻌوض" ﻷن اﻹﺟﺎرة ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﺑﯾﻊ اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ‪ ،‬واﻟﻘﯾﺎس ﯾﺄﺑﻰ ﺟوازه؛ ﻷن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ وھﻲ ﻣﻌدوﻣﺔ‪ ،‬وإﺿﺎﻓﺔ اﻟﺗﻣﻠﯾك إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﯾوﺟد ﻻ ﯾﺻﺢ إﻻ أﻧﺎ ﺟوزﻧﺎه ﻟﺣﺎﺟﺔ اﻟﻧﺎس إﻟﯾﮫ‪ ،‬وﻗد ﺷﮭدت‬
‫ﺑﺻﺣﺗﮭﺎ اﻵﺛﺎر وھو ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬أﻋطوا اﻷﺟﯾر أﺟره ﻗﺑل أن ﯾﺟف ﻋرﻗﮫ" وﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة‬
‫واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻣن اﺳﺗﺄﺟر أﺟﯾرا ﻓﻠﯾﻌﻠﻣﮫ أﺟره" وﺗﻧﻌﻘد ﺳﺎﻋﺔ ﻓﺳﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺳب ﺣدوث اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ‪ ،‬واﻟدار أﻗﯾﻣت ﻣﻘﺎم‬
‫اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻓﻲ ﺣق إﺿﺎﻓﺔ اﻟﻌﻘد إﻟﯾﮭﺎ ﻟﯾرﺗﺑط اﻹﯾﺟﺎب ﺑﺎﻟﻘﺑول‪ ،‬ﺛم ﻋﻣﻠﮫ ﯾظﮭر ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻣﻠﻛﺎ واﺳﺗﺣﻘﺎﻗﺎ ﺣﺎل‬
‫وﺟود اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ‪" .‬وﻻ ﺗﺻﺢ ﺣﺗﻰ ﺗﻛون اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻣﻌﻠوﻣﺔ‪ ،‬واﻷﺟرة ﻣﻌﻠوﻣﺔ" ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻷن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﻘود‬
‫ﻋﻠﯾﮫ وﺑدﻟﮫ ﺗﻔﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻛﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﺛﻣن واﻟﻣﺛﻣن ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ "وﻣﺎ ﺟﺎز أن ﯾﻛون ﺛﻣﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﺟﺎز أن ﯾﻛون‬
‫أﺟرة ﻓﻲ اﻹﺟﺎرة"؛ ﻷن اﻷﺟرة ﺛﻣن اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ‪ ،‬ﻓﺗﻌﺗﺑر ﺑﺛﻣن اﻟﻣﺑﯾﻊ‪ .‬وﻣﺎ ﻻ ﯾﺻﻠﺢ ﺛﻣﻧﺎ ﯾﺻﻠﺢ أﺟرة أﯾﺿﺎ‬
‫ﻛﺎﻷﻋﯾﺎن‪ .‬ﻓﮭذا اﻟﻠﻔظ ﻻ ﯾﻧﻔﻲ ﺻﻼﺣﯾﺔ ﻏﯾره؛ ل أﻧﮫ ﻋوض ﻣﺎﻟﻲ "واﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﺗﺎرة ﺗﺻﯾر ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﺑﺎﻟﻣدة ﻛﺎﺳﺗﺋﺟﺎر‬
‫اﻟدور‪ ،‬ﻟﻠﺳﻛﻧﻰ واﻷرﺿﯾن ﻟﻠزراﻋﺔ ﻓﯾﺻﺢ اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ ﻣدة ﻣﻌﻠوﻣﺔ أي ﻣدة ﻛﺎﻧت"؛ ﻷن اﻟﻣدة إذا ﻛﺎﻧت ﻣﻌﻠوﻣﺔ‬
‫ﻛﺎن ﻗدر اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻓﯾﮭﺎ ﻣﻌﻠوﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻻ ﺗﺗﻔﺎوت‪ .‬وﻗوﻟﮫ أي ﻣدة ﻛﺎﻧت إﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﮫ ﯾﺟوز طﺎﻟت اﻟﻣدة‬
‫أو ﻗﺻرت ﻟﻛوﻧﮭﺎ ﻣﻌﻠوﻣﺔ وﻟﺗﺣﻘق اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﯾﮭﺎ ﻋﺳﻰ‪ ،‬إﻻ أن ﻓﻲ اﻷوﻗﺎف ﻻ ﺗﺟوز اﻹﺟﺎرة اﻟطوﯾﻠﺔ ﻛﻲ ﻻ‬
‫ﯾدﻋﻲ اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر ﻣﻠﻛﮭﺎ وھﻲ ﻣﺎ زاد ﻋﻠﻰ ﺛﻼث ﺳﻧﯾن ھو اﻟﻣﺧﺗﺎر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وﺗﺎرة ﺗﺻﯾر ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻛﻣن اﺳﺗﺄﺟر رﺟﻼ ﻋﻠﻰ ﺻﺑﻎ ﺛوﺑﮫ أو ﺧﯾﺎطﺗﮫ أو اﺳﺗﺄﺟر داﺑﺔ؛ ﻟﯾﺣﻣل‬
‫ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﻘدارا ﻣﻌﻠوﻣﺎ أو ﯾرﻛﺑﮭﺎ ﻣﺳﺎﻓﺔ ﺳﻣﺎھﺎ"؛ ﻷﻧﮫ إذا ﺑﯾن اﻟﺛوب وﻟون اﻟﺻﺑﻎ وﻗدره وﺟﻧس اﻟﺧﯾﺎطﺔ واﻟﻘدر‬
‫اﻟﻣﺣﻣول وﺟﻧﺳﮫ واﻟﻣﺳﺎﻓﺔ ﺻﺎرت اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﻓﯾﺻﺢ اﻟﻌﻘد‪ ،‬ورﺑﻣﺎ ﯾﻘﺎل‪ :‬اﻹﺟﺎرة ﻗد ﺗﻛون ﻋﻘدا ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‬
‫ﻛﺎﺳﺗﺋﺟﺎر اﻟﻘﺻﺎر واﻟﺧﯾﺎط‪ ،‬وﻻ ﺑد أن ﯾﻛون اﻟﻌﻣل ﻣﻌﻠوﻣﺎ وذﻟك ﻓﻲ اﻷﺟﯾر اﻟﻣﺷﺗرك‪ ،‬وﻗد ﺗﻛون ﻋﻘدا ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ أﺟﯾر اﻟوﺣد‪ ،‬وﻻ ﺑد ﻣن ﺑ ﯾﺎن اﻟوﻗت‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﺎرة ﺗﺻﯾر اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن واﻹﺷﺎرة ﻛﻣن اﺳﺗﺄﺟر رﺟﻼ‪ ،‬ﻟﯾﻧﻘل ﻟﮫ ھذا‬

‫اﻟطﻌﺎم إﻟﻰ ﻣوﺿﻊ ﻣﻌﻠوم"؛ ﻷﻧﮫ إذا آراه ﻣﺎ ﯾﻧﻘﻠﮫ واﻟﻣوﺿﻊ اﻟذي ﯾﺣﻣل إﻟﯾﮫ ﻛﺎﻧت‬ ‫ص ‪-231-‬‬
‫اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﻓﯾﺻﺢ اﻟﻌﻘد‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻷﺟر ﻣﺗﻰ ﯾﺳﺗﺣق‬


‫ﻗﺎل‪" :‬اﻷﺟرة ﻻ ﺗﺟب ﺑﺎﻟﻌﻘد وﺗﺳﺗﺣق ﺑﺄﺣد ﻣﻌﺎن ﺛﻼﺛﺔ‪ :‬إﻣﺎ ﺑﺷرط اﻟﺗﻌﺟﯾل‪ ،‬أو ﺑﺎﻟﺗﻌﺟﯾل ﻣن ﻏﯾر ﺷرط‪ ،‬أو‬
‫ﺑﺎﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ"‪.‬‬
‫وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﺗﻣﻠك ﺑﻧﻔس اﻟﻌﻘد؛ ﻷن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ اﻟﻣﻌدوﻣﺔ ﺻﺎرت ﻣوﺟودة ﺣﻛﻣﺎ ﺿرورة ﺗﺻﺣﯾﺢ اﻟﻌﻘد ﻓﯾﺛﺑت‬
‫اﻟﺣﻛم ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ ﻣن اﻟﺑدل‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﻌﻘد ﯾﻧﻌﻘد ﺷﯾﺋﺎ ﻓﺷﯾﺋﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺳب ﺣد وث اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪ ،‬واﻟﻌﻘد‬
‫ﻣﻌﺎوﺿﺔ‪ ،‬وﻣن ﻗﺿﯾﺗﮭﺎ اﻟﻣﺳﺎواة‪ ،‬ﻓﻣن ﺿرورة اﻟﺗراﺧﻲ ﻓﻲ ﺟﺎﻧب اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﺗراﺧﻲ ﻓﻲ اﻟﺑدل اﻵﺧر‪ .‬وإذا‬
‫اﺳﺗوﻓﻰ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﯾﺛﺑت اﻟﻣﻠك ﻓﻲ اﻷﺟر ﻟﺗﺣﻘق اﻟﺗﺳوﯾﺔ‪ .‬وﻛذا إذا ﺷرط اﻟﺗﻌﺟﯾل أو ﻋﺟل؛ ﻷن اﻟﻣﺳﺎواة ﺗﺛﺑت ﺣﻘﺎ‬
‫ﻟﮫ وﻗد أﺑطﻠﮫ‪" .‬وإذا ﻗﺑض اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر اﻟدار ﻓﻌﻠﯾﮫ اﻷﺟر وإن ﻟم ﯾﺳﻛﻧﮭﺎ"؛ ﻷن ﺗﺳﻠﯾم ﻋﯾن اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻻ ﯾﺗﺻور‬
‫ﻓﺄﻗﻣﻧﺎ ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﺣل ﻣﻘﺎﻣﮫ إذ اﻟﺗﻣﻛن ﻣن اﻻﻧﺗﻔﺎع ﯾﺛﺑت ﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻏﺻﺑﮭﺎ ﻏﺎﺻب ﻣن ﯾده ﺳﻘطت اﻷﺟرة"؛ ﻷن ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﺣل إﻧﻣﺎ أﻗﯾم ﻣﻘﺎم ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻟﻠﺗﻣﻛن ﻣن‬
‫اﻻﻧﺗﻔﺎع‪ ،‬ﻓﺈذا ﻓﺎت اﻟﺗﻣﻛن ﻓﺎت اﻟﺗﺳﻠﯾم‪ ،‬واﻧﻔﺳﺦ اﻟﻌﻘد ﻓﺳﻘط اﻷﺟر‪" ،‬وإن وﺟد اﻟﻐﺻب ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣدة ﺳﻘط‬
‫اﻷﺟر ﺑﻘدره"‪ .‬إذ اﻻﻧﻔﺳﺎخ ﻓﻲ ﺑﻌﺿﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر دارا ﻓﻠﻠﻣؤﺟر أن ﯾطﺎﻟﺑﮫ ﺑﺄﺟرة ﻛل ﯾوم"؛ ﻷﻧﮫ اﺳﺗوﻓﻰ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻣﻘﺻودة "إﻻ أن ﯾﺑﯾن وﻗت‬
‫اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ﺑﺎﻟﻌﻘد "؛ ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺗﺄﺟﯾل "وﻛذﻟك إﺟﺎرة اﻷراﺿﻲ" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪" .‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر ﺑﻌﯾرا إﻟﻰ ﻣﻛﺔ‬
‫ﻓﻠﻠﺟﻣﺎل أن ﯾطﺎﻟﺑﮫ ﺑﺄﺟرة ﻛل ﻣرﺣﻠﺔ"؛ ﻷن ﺳﯾر ﻛل ﻣرﺣﻠﺔ ﻣﻘﺻود‪ .‬وﻛﺎن أﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ ﯾﻘول أوﻻ‪ :‬ﻻ ﯾﺟب اﻷﺟر‬
‫إﻻ ﺑﻌد اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣدة واﻧﺗﮭﺎء اﻟﺳﻔر وھو ﻗول زﻓر؛ ﻷن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﺟﻣﻠﺔ اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻓﻲ اﻟﻣدة ﻓﻼ ﯾﺗوزع اﻷﺟر‬
‫ﻋﻠﻰ أﺟزاﺋﮭﺎ‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻌﻣل‪ .‬ووﺟﮫ اﻟﻘول اﻟﻣرﺟوع إﻟﯾﮫ أن اﻟﻘﯾﺎس ﯾﻘﺗﺿﻲ اﺳﺗﺣﻘﺎق اﻷﺟر‬
‫ﺳﺎﻋﺔ ﻓﺳﺎﻋﺔ ﻟﺗﺣﻘق اﻟﻣﺳﺎواة‪ ،‬إﻻ أن اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﻓﻲ ﻛل ﺳﺎﻋﺔ ﺗﻔﺿﻲ إﻟﻰ أن ﻻ ﯾﺗﻔرغ ﻟﻐﯾره ﻓﯾﺗﺿرر ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﻘدرﻧﺎ‬
‫ﺑﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﯾس ﻟﻠﻘﺻﺎر واﻟﺧﯾﺎط أن ﯾطﺎﻟب ﺑﺄﺟره ﺣﺗﻰ ﯾﻔرغ ﻣن اﻟﻌﻣل"؛ ﻷن اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﺑﻌض ﻏﯾر ﻣﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ ﻓﻼ‬
‫ﯾﺳﺗوﺟب ﺑﮫ اﻷﺟر‪ ،‬وﻛذا إذا ﻋﻣل ﻓﻲ ﺑﯾت اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر ﻻ ﯾﺳﺗوﺟب اﻷﺟر ﻗﺑل اﻟﻔراغ ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪ .‬ﻗﺎل‪" :‬إﻻ أن‬
‫ﯾﺷﺗرط اﻟﺗﻌﺟﯾل" ﻟﻣﺎ ﻣر أن اﻟﺷرط ﻓﯾﮫ ﻻزم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر ﺧﺑﺎزا ﻟﯾﺧﺑز ﻟﮫ ﻓﻲ ﺑﯾﺗﮫ ﻗﻔﯾزا ﻣن دﻗﯾق ﺑدرھم ﻟم ﯾﺳﺗﺣق اﻷﺟر‬

‫ﺣﺗﻰ ﯾﺧرج اﻟﺧﺑز ﻣن اﻟﺗﻧور"؛ ﻷن ﺗﻣﺎم اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻹﺧراج‪ .‬ﻓﻠو اﺣﺗرق أو ﺳﻘط ﻣن ﯾده‬ ‫ص ‪-232-‬‬
‫ﻗﺑل اﻹﺧراج ﻓﻼ أﺟر ﻟﮫ ﻟﻠﮭﻼك ﻗﺑل اﻟﺗﺳﻠﯾم‪" ،‬ﻓﺈن أﺧرﺟﮫ ﺛم اﺣﺗرق ﻣن ﻏﯾر ﻓﻌﻠﮫ ﻓﻠﮫ اﻷﺟر"؛ ﻷﻧﮫ ﺻﺎر‬
‫ﻣﺳﻠﻣﺎ إﻟﯾﮫ ﺑﺎﻟوﺿﻊ ﻓﻲ ﺑﯾﺗﮫ‪ ،‬وﻻ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﻟم ﺗوﺟد ﻣﻧﮫ اﻟﺟﻧﺎﯾﺔ‪ .‬ﻗﺎل‪ :‬وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ؛ ﻷﻧﮫ أﻣﺎﻧﺔ‬
‫ﻓﻲ ﯾده‪ ،‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﯾﺿﻣن ﻣﺛل دﻗﯾﻘﮫ وﻻ أﺟر ﻟﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺿﻣون ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻼ ﯾﺑرأ إﻻ ﺑﻌد ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺗﺳﻠﯾم‪ ،‬وإن ﺷﺎء‬
‫ﺿﻣﻧﮫ اﻟﺧﺑز‪ ،‬وأﻋطﺎه اﻷﺟر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر طﺑﺎﺧﺎ ﻟﯾطﺑﺦ ﻟﮫ طﻌﺎﻣﺎ ﻟﻠوﻟﯾﻣﺔ ﻓﺎﻟﻌرف ﻋﻠﯾﮫ" اﻋﺗﺑﺎرا ﻟﻠﻌرف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر إﻧﺳﺎﻧﺎ ﻟﯾﺿرب ﻟﮫ ﻟﺑﻧﺎ اﺳﺗﺣق اﻷﺟر إذا أﻗﺎﻣﮭﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾﺳﺗﺣﻘﮭﺎ ﺣﺗﻰ‬
‫ﯾﺷرﺟﮭﺎ"؛ ﻷن اﻟﺗﺷرﯾﺞ ﻣن ﺗﻣﺎم ﻋﻣﻠﮫ‪ ،‬إذ ﻻ ﯾؤﻣن ﻣن اﻟﻔﺳﺎد ﻗﺑﻠﮫ ﻓﺻﺎر ﻛﺈﺧراج اﻟﺧﺑز ﻣن اﻟﺗﻧور؛ وﻷن‬
‫اﻷﺟﯾر ھو اﻟذي ﯾﺗوﻻه ﻋرﻓﺎ وھو اﻟﻣﻌﺗﺑر ﻓﯾﻣﺎ ﻟم ﯾﻧص ﻋﻠﯾﮫ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أن اﻟﻌﻣل ﻗد ﺗم ﺑﺎﻹﻗﺎﻣﺔ‪ ،‬واﻟﺗﺷرﯾﺞ‬
‫ﻋﻣل زاﺋد ﻛﺎﻟﻧﻘل‪ ،‬أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﯾﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ ﻗﺑل اﻟﺗﺷرﯾﺞ ﺑﺎﻟﻧﻘل إﻟﻰ ﻣوﺿﻊ اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﻗﺑل اﻹﻗﺎﻣﺔ؛ ﻷﻧﮫ طﯾن‬
‫ﻣﻧﺗﺷر‪ ،‬وﺑﺧﻼف اﻟﺧﺑز؛ ﻷﻧﮫ ﻏﯾر ﻣﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ ﻗﺑل اﻹﺧراج‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛل ﺻﺎﻧﻊ ﻟﻌﻣﻠﮫ أﺛر ﻓﻲ اﻟﻌﯾن ﻛﺎﻟﻘﺻﺎر واﻟﺻﺑﺎغ ﻓﻠﮫ أن ﯾﺣﺑس اﻟﻌﯾن ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗوﻓﻲ اﻷﺟر"؛ ﻷن‬
‫اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ وﺻف ﻗﺎﺋم ﻓﻲ اﻟﺛوب ﻓﻠﮫ ﺣق اﻟﺣﺑس؛ ﻻﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﺑدل ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺑﯾﻊ‪ ،‬وﻟو ﺣﺑﺳﮫ ﻓﺿﺎع ﻻ ﺿﻣﺎن‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ؛ ﻷﻧﮫ ﻏﯾر ﻣﺗﻌد ﻓﻲ اﻟﺣﺑس ﻓﺑﻘﻲ أﻣﺎﻧﺔ ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻧده‪ ،‬وﻻ أﺟر ﻟﮫ ﻟﮭﻼك اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻗﺑل‬
‫اﻟﺗﺳﻠﯾم‪ .‬وﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ :‬اﻟﻌﯾن ﻛﺎﻧت ﻣﺿﻣوﻧﺔ ﻗﺑل اﻟﺣﺑس ﻓﻛذا ﺑﻌده‪ ،‬ﻟﻛﻧﮫ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎء‬
‫ﺿﻣﻧﮫ ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻏﯾر ﻣﻌﻣول وﻻ أﺟر ﻟﮫ‪ ،‬وإن ﺷﺎء ﺿﻣﻧﮫ ﻣﻌﻣوﻻ وﻟﮫ اﻷﺟر‪ ،‬وﺳﯾﺑﯾن ﻣن ﺑﻌد إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛل ﺻﺎﻧﻊ ﻟﯾس ﻟﻌﻣﻠﮫ أﺛر ﻓﻲ اﻟﻌﯾن ﻓﻠﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺣﺑس اﻟﻌﯾن ﻟﻸﺟر ﻛﺎﻟﺣﻣﺎل واﻟﻣﻼح"؛ ﻷن اﻟﻣﻌﻘود‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﻧﻔس اﻟﻌﻣل وھو ﻏﯾر ﻗﺎﺋم ﻓﻲ اﻟﻌﯾن ﻓﻼ ﯾﺗﺻور ﺣﺑﺳﮫ ﻓﻠﯾس ﻟﮫ وﻻﯾﺔ اﻟﺣﺑس وﻏﺳل اﻟﺛوب ﻧظﯾر اﻟﺣﻣل‪،‬‬
‫وھذا ﺑﺧﻼف اﻵﺑق ﺣﯾث ﯾﻛون ﻟﻠراد ﺣق ﺣﺑﺳﮫ ﻻﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﺟﻌل‪ ،‬وﻻ أﺛر ﻟﻌﻣﻠﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﺷرف اﻟﮭﻼك وﻗد‬
‫أﺣﯾﺎه ﻓﻛﺄﻧﮫ ﺑﺎﻋﮫ ﻣﻧﮫ ﻓﻠﮫ ﺣق اﻟﺣﺑس‪ ،‬وھذا اﻟذي ذﻛرﻧﺎ ﻣذھب ﻋﻠﻣﺎﺋﻧﺎ اﻟﺛﻼﺛﺔ‪ .‬وﻗﺎل زﻓر‪ :‬ﻟﯾس ﻟﮫ ﺣق اﻟﺣﺑس ﻓﻲ‬
‫اﻟوﺟﮭﯾن؛ ﻷﻧﮫ وﻗﻊ اﻟﺗﺳﻠﯾم ﺑﺎﺗﺻﺎل اﻟﻣﺑﯾﻊ ﺑﻣﻠﻛﮫ ﻓﯾﺳﻘط ﺣق اﻟﺣﺑس‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻻﺗﺻﺎل ﺑﺎﻟﻣﺣل ﺿرورة إﻗﺎﻣﺔ‬
‫ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻌﻣل ﻓﻠم ﯾﻛن ھو راﺿﯾﺎ ﺑﮫ ﻣن ﺣﯾث أﻧﮫ ﺗﺳﻠﯾم ﻓﻼ ﯾﺳﻘط ﺣق اﻟﺣﺑس ﻛﻣﺎ إذا ﻗﺑض اﻟﻣﺷﺗري ﺑﻐﯾر رﺿﺎ‬
‫اﻟﺑﺎﺋﻊ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺷرط ﻋﻠﻰ اﻟﺻﺎﻧﻊ أن ﯾﻌﻣل ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻏﯾره"؛ ﻷن‬ ‫ص ‪-233-‬‬
‫اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻣﺣل ﺑﻌﯾﻧﮫ ﻓﯾﺳﺗﺣق ﻋﯾﻧﮫ ﻛﺎﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﺣل ﺑﻌﯾﻧﮫ "وإن أطﻠق ﻟﮫ اﻟﻌﻣل ﻓﻠﮫ أن ﯾﺳﺗﺄﺟر‬
‫ﻣن ﯾﻌﻣﻠﮫ"؛ ﻷن اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻋﻣل ﻓﻲ ذﻣﺗﮫ‪ ،‬وﯾﻣﻛن إﯾﻔﺎؤه ﺑﻧﻔﺳﮫ وﺑﺎﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﻐﯾره ﺑﻣﻧزﻟﺔ إﯾﻔﺎء اﻟدﯾن‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر رﺟﻼ ﻟﯾذھب إﻟﻰ اﻟﺑﺻرة ﻓﯾﺟﻲء ﺑﻌﯾﺎﻟﮫ ﻓذھب ﻓوﺟد ﺑﻌﺿﮭم ﻗد‬
‫ﻣﺎت ﻓﺟﺎء ﺑﻣن ﺑﻘﻲ ﻓﻠﮫ اﻷﺟر ﺑﺣﺳﺎﺑﮫ"؛‬
‫ﻷﻧﮫ أوﻓﻰ ﺑﻌض اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﺳﺗﺣق اﻟﻌوض ﺑﻘدره‪ ،‬وﻣراده إذا ﻛﺎﻧوا ﻣﻌﻠوﻣﯾن "وإن اﺳﺗﺄﺟره ﻟﯾذھب ﺑﻛﺗﺎﺑﮫ‬
‫إﻟﻰ ﻓﻼن ﺑﺎﻟﺑﺻرة وﯾﺟﻲء ﺑﺟواﺑﮫ ﻓذھب ﻓوﺟد ﻓﻼﻧﺎ ﻣﯾﺗﺎ ﻓرده ﻓﻼ أﺟر ﻟﮫ" ھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف‪.‬‬
‫وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬ﻟﮫ اﻷﺟر ﻓﻲ اﻟذھﺎب؛ ﻷﻧﮫ أوﻓﻰ ﺑﻌض اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وھو ﻗطﻊ اﻟﻣﺳﺎﻓﺔ‪ ،‬وھذا ﻷن اﻷﺟر ﻣﻘﺎﺑل ﺑﮫ‬
‫ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن اﻟﻣﺷﻘﺔ دون ﺣﻣل اﻟﻛﺗﺎب ﻟﺧﻔﺔ ﻣؤﻧﺗﮫ‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻧﻘل اﻟﻛﺗﺎب؛ ﻷﻧﮫ ھو اﻟﻣﻘﺻود أو وﺳﯾﻠﺔ‬
‫إﻟﯾﮫ وھو اﻟﻌﻠم ﺑﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب وﻟﻛن اﻟﺣﻛم ﻣﻌﻠق ﺑﮫ وﻗد ﻧﻘﺿﮫ ﻓﯾﺳﻘط اﻷﺟر ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟطﻌﺎم وھﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﻠﻲ ھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ "وإن ﺗرك اﻟﻛﺗﺎب ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣﻛﺎن وﻋﺎد ﯾﺳﺗﺣق اﻷﺟر ﺑﺎﻟذھﺎب ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع"؛ ﻷن اﻟﺣﻣل ﻟم‬
‫ﯾﻧﺗﻘض‪" .‬وإن اﺳﺗﺄﺟره ﻟﯾذھب ﺑطﻌﺎم إﻟﻰ ﻓﻼن ﺑﺎﻟﺑﺻرة ﻓذھب ﻓوﺟد ﻓﻼﻧﺎ ﻣﯾﺗﺎ ﻓرده ﻓﻼ أﺟر ﻟﮫ ﻓﻲ ﻗوﻟﮭم‬
‫ﺟﻣﯾﻌﺎ"؛ ﻷﻧﮫ ﻧﻘض ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وھو ﺣﻣل اﻟطﻌﺎم‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻛﺗﺎب ﻋﻠﻰ ﻗول ﻣﺣﻣد؛ ﻷن اﻟﻣﻌﻘود‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ھﻧﺎك ﻗطﻊ اﻟﻣﺳﺎﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ .‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﺑﺎب ﻣﺎ ﯾﺟوز ﻣن اﻹﺟﺎرة وﻣﺎﯾﻛون ﺧﻼﻓﺎ ﻓﯾﮭﺎ‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز اﺳﺗﺋﺟﺎر اﻟدور واﻟﺣواﻧﯾت ﻟﻠﺳﻛﻧﻰ وإن ﻟم ﯾﺑﯾن ﻣﺎ ﯾﻌﻣل ﻓﯾﮭﺎ"؛ ﻷن اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻓﯾﮭﺎ‬
‫اﻟﺳﻛﻧﻰ ﻓﯾﻧﺻرف إﻟﯾﮫ‪ ،‬وأﻧﮫ ﻻ ﯾﺗﻔﺎوت ﻓﺻﺢ اﻟﻌﻘد "وﻟﮫ أن ﯾﻌﻣل ﻛل ﺷﻲء" ﻟﻺطﻼق "إﻻ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺳﻛن ﺣدادا‬
‫وﻻ ﻗﺻﺎرا وﻻ طﺣﺎﻧﺎ؛ ﻷن ﻓﯾﮫ ﺿررا ظﺎھرا"؛ ﻷﻧﮫ ﯾوھن اﻟﺑﻧﺎء ﻓﯾﺗﻘﯾد اﻟﻌﻘد ﺑﻣﺎ وراءھﺎ دﻻﻟﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز اﺳﺗﺋﺟﺎر اﻷراﺿﻲ ﻟﻠزراﻋﺔ"؛ ﻷﻧﮭﺎ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻣﻘﺻودة ﻣﻌﮭودة ﻓﯾﮭﺎ "وﻟﻠﻣﺳﺗﺄﺟر اﻟﺷرب واﻟطرﯾق‪،‬‬
‫وإن ﻟم ﯾﺷﺗرط" ﻷن اﻹﺟﺎرة ﺗﻌﻘد ﻟﻼﻧﺗﻔﺎع‪ ،‬وﻻ اﻧﺗﻔﺎع ﻓﻲ اﻟﺣﺎل إﻻ ﺑﮭﻣﺎ ﻓﯾدﺧﻼن ﻓﻲ ﻣطﻠق اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟﺑﯾﻊ؛ ﻷن اﻟﻣﻘﺻود ﻣﻧﮫ ﻣﻠك اﻟرﻗﺑﺔ ﻻ اﻻﻧﺗﻔﺎع ﻓﻲ اﻟﺣﺎل‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﯾﺟوز ﺑﯾﻊ اﻟﺟﺣش واﻷرض اﻟﺳﺑﺧﺔ دون‬
‫اﻹﺟﺎرة ﻓﻼ ﯾدﺧﻼن ﻓﯾﮫ‬

‫ﻣن ﻏﯾر ذﻛر اﻟﺣﻘوق وﻗد ﻣر ﻓﻲ اﻟﺑﯾوع "وﻻ ﯾﺻﺢ اﻟﻌﻘد ﺣﺗﻰ ﯾﺳﻣﻲ ﻣﺎ ﯾزرع‬ ‫ص ‪-234-‬‬
‫ﻓﯾﮭﺎ"؛ ﻷﻧﮭﺎ ﻗد ﺗﺳﺗﺄﺟر ﻟﻠزراﻋﺔ وﻟﻐﯾرھﺎ وﻣﺎ ﯾزرع ﻓﯾﮭﺎ ﻣﺗﻔﺎوت ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﺗﻌﯾﯾن ﻛﻲ ﻻ ﺗﻘﻊ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ "أو‬
‫ﯾﻘول ﻋﻠﻰ أن ﯾزرع ﻓﯾﮭﺎ ﻣﺎ ﺷﺎء"؛ ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﻓوض اﻟﺧﯾرة إﻟﯾﮫ ارﺗﻔﻌت اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﻣﻔﺿﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ‪ .‬ﻗﺎل‪:‬‬
‫"وﯾﺟوز أن ﯾﺳﺗﺄﺟر اﻟﺳﺎﺣﺔ؛ ﻟﯾﺑﻧﻲ ﻓﯾﮭﺎ أو؛ ﻟﯾﻐرس ﻓﯾﮭﺎ ﻧﺧﻼ أو ﺷﺟرا"؛ ﻷﻧﮭﺎ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﺗﻘﺻد ﺑﺎﻷراﺿﻲ "ﺛم‬
‫إذا اﻧﻘﺿت ﻣدة اﻹﺟﺎرة ﻟزﻣﮫ أن ﯾﻘﻠﻊ اﻟﺑﻧﺎء واﻟﻐرس وﯾﺳﻠﻣﮭﺎ إﻟﯾﮫ ﻓﺎرﻏﺔ"؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﻧﮭﺎﯾﺔ ﻟﮭﻣﺎ وﻓﻲ إﺑﻘﺎﺋﮭﻣﺎ‬
‫إﺿرارا ﺑﺻﺎﺣب اﻷرض‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا اﻧﻘﺿت اﻟﻣدة واﻟزرع ﺑﻘل ﺣﯾث ﯾﺗرك ﺑﺄﺟر اﻟﻣﺛل إﻟﻰ زﻣﺎن اﻹدراك؛‬
‫ﻷن ﻟﮫ ﻧﮭﺎﯾﺔ ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﻓﺄﻣﻛن رﻋﺎﯾﺔ اﻟﺟﺎﻧﺑﯾن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬إﻻ أن ﯾﺧﺗﺎر ﺻﺎﺣب اﻷرض أن ﯾﻐرم ﻟﮫ ﻗﯾﻣﺔ ذﻟك ﻣﻘﻠوﻋﺎ وﯾﺗﻣﻠﻛﮫ ﻓﻠﮫ ذﻟك" وھذا ﺑرﺿﺎ ﺻﺎﺣب‬
‫اﻟﻐرس واﻟﺷﺟر‪ ،‬إﻻ أن ﺗﻧﻘص اﻷرض ﺑﻘﻠﻌﮭﻣﺎ ﻓﺣﯾﻧﺋذ ﯾﺗﻣﻠﻛﮭﻣﺎ ﺑﻐﯾر رﺿﺎه‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬أو ﯾرﺿﻰ ﺑﺗرﻛﮫ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﮫ ﻓﯾﻛون اﻟﺑﻧﺎء ﻟﮭذا واﻷرض ﻟﮭذا"؛ ﻷن اﻟﺣق ﻟﮫ ﻓﻠﮫ أن ﻻ ﯾﺳﺗوﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬إذا اﻧﻘﺿت ﻣدة اﻹﺟﺎرة‪ ،‬وﻓﻲ اﻷرض رطﺑﺔ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻘﻠﻊ"؛ ﻷن اﻟرطﺎب ﻻ ﻧﮭﺎﯾﺔ ﻟﮭﺎ‬
‫ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﺷﺟر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز اﺳﺗﺋﺟﺎر اﻟدواب ﻟﻠرﻛوب واﻟﺣﻣل"؛ ﻷﻧﮫ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﻣﻌﮭودة "ﻓﺈن أطﻠق اﻟرﻛوب ﺟﺎز ﻟﮫ أن‬
‫ﯾرﻛب ﻣن ﺷﺎء" ﻋﻣﻼ ﺑﺎﻹطﻼق‪ .‬وﻟﻛن إذا رﻛب ﺑﻧﻔﺳﮫ أو أرﻛب واﺣدا ﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾرﻛب ﻏﯾره؛ ﻷﻧﮫ ﺗﻌﯾن‬
‫ﻣرادا ﻣن اﻷﺻل‪ ،‬واﻟﻧﺎس ﯾﺗﻔﺎوﺗون ﻓﻲ اﻟرﻛوب ﻓﺻﺎر ﻛﺄﻧﮫ ﻧص ﻋﻠﻰ رﻛوﺑﮫ "وﻛذﻟك إذا اﺳﺗﺄﺟر ﺛوﺑﺎ ﻟﻠﺑس‬
‫وأطﻠق ﺟﺎز ﻓﯾﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ" ﻹطﻼق اﻟﻠﻔظ وﺗﻔﺎوت اﻟﻧﺎس ﻓﻲ اﻟﻠﺑس "وإن ﻗﺎل‪ :‬ﻋﻠﻰ أن ﯾرﻛﺑﮭﺎ ﻓﻼن أو ﯾﻠﺑس‬
‫اﻟﺛوب ﻓﻼن ﻓﺄرﻛﺑﮭﺎ ﻏﯾره أو أﻟﺑﺳﮫ ﻏﯾره ﻓﻌطب ﻛﺎن ﺿﺎﻣﻧﺎ"؛ ﻷن اﻟﻧﺎس ﯾﺗﻔﺎوﺗون ﻓﻲ اﻟرﻛوب واﻟﻠﺑس ﻓﺻﺢ‬
‫اﻟﺗﻌﯾﯾن‪ ،‬وﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺗﻌداه‪ ،‬وﻛذﻟك ﻛل ﻣﺎ ﯾﺧﺗﻠف ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﻣﺳﺗﻌﻣل ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ .‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻌﻘﺎر وﻣﺎ ﻻ ﯾﺧﺗﻠف‬
‫ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﻣﺳﺗﻌﻣل إذا ﺷرط ﺳﻛﻧﻰ واﺣد ﻓﻠﮫ أن ﯾﺳﻛن ﻏﯾره؛ ﻷن اﻟﺗﻘﯾﯾد ﻏﯾر ﻣﻔﯾد ﻟﻌدم اﻟﺗﻔﺎوت اﻟذي ﯾﺿر‬
‫ﺑﺎﻟﺑﻧﺎء‪ ،‬واﻟذي ﯾﺿر ﺑﺎﻟﺑﻧﺎء ﺧﺎرج ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﺳﻣﻰ ﻧوﻋﺎ وﻗدرا ﻣﻌﻠوﻣﺎ ﯾﺣﻣﻠﮫ ﻋﻠﻰ اﻟداﺑﺔ ﻣﺛل أن ﯾﻘول ﺧﻣﺳﺔ أﻗﻔزة ﺣﻧطﺔ ﻓﻠﮫ أن ﯾﺣﻣل ﻣﺎ ھو‬
‫ﻣﺛل اﻟﺣﻧطﺔ ﻓﻲ اﻟﺿرر أو أﻗل ﻛﺎﻟﺷﻌﯾر واﻟﺳﻣﺳم"؛ ﻷﻧﮫ دﺧل ﺗﺣت اﻹذن ﻟﻌدم اﻟﺗﻔﺎوت‪ ،‬أو ﻟﻛوﻧﮫ ﺧﯾرا ﻣن‬
‫اﻷول "وﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺣﻣل ﻣﺎ ھو أﺿر ﻣن اﻟﺣﻧطﺔ ﻛﺎﻟﻣﻠﺢ واﻟﺣدﯾد" ﻻﻧﻌدام اﻟرﺿﺎ ﻓﯾﮫ "وإن اﺳﺗﺄﺟرھﺎ ﻟﯾﺣﻣل‬
‫ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻗطﻧﺎ ﺳﻣﺎه ﻓﻠﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺣﻣل ﻋﻠﯾﮭﺎ‬

‫ﻣﺛل وزﻧﮫ ﺣدﯾدا"؛ ﻷﻧﮫ رﺑﻣﺎ ﯾﻛون أﺿر ﺑﺎﻟداﺑﺔ ﻓﺈن اﻟﺣدﯾد ﯾﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ ﻣن‬ ‫ص ‪-235-‬‬
‫ظﮭرھﺎ واﻟﻘطن ﯾﻧﺑﺳط ﻋﻠﻰ ظﮭرھﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن اﺳﺗﺄﺟرھﺎ ﻟﯾرﻛﺑﮭﺎ ﻓﺄردف ﻣﻌﮫ رﺟﻼ ﻓﻌطﺑت ﺿﻣن ﻧﺻف ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ وﻻ ﻣﻌﺗﺑر ﺑﺎﻟﺛﻘل"؛ ﻷن اﻟداﺑﺔ ﻗد‬
‫ﯾﻌﻘرھﺎ ﺟﮭل اﻟراﻛب اﻟﺧﻔﯾف وﯾﺧف ﻋﻠﯾﮭﺎ رﻛوب اﻟﺛﻘﯾل ﻟﻌﻠﻣﮫ ﺑﺎﻟﻔروﺳﯾﺔ‪ ،‬وﻷن اﻵدﻣﻲ ﻏﯾر ﻣوزون ﻓﻼ ﯾﻣﻛن‬
‫ﻣﻌرﻓﺔ اﻟوزن ﻓﺎﻋﺗﺑر ﻋدد اﻟراﻛب ﻛﻌدد اﻟﺟﻧﺎة ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺎﯾﺎت‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن اﺳﺗﺄﺟرھﺎ ﻟﯾﺣﻣل ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﻘدارا ﻣن اﻟﺣﻧطﺔ ﻓﺣﻣل ﻋﻠﯾﮭﺎ أﻛﺛر ﻣﻧﮫ ﻓﻌطﺑت ﺿﻣن ﻣﺎ زاد اﻟﺛﻘل"؛ ﻷﻧﮭﺎ‬
‫ﻋطﺑت ﺑﻣﺎ ھو ﻣﺄذون ﻓﯾﮫ وﻣﺎ ھو ﻏﯾر ﻣﺄذون ﻓﯾﮫ واﻟﺳﺑب اﻟﺛﻘل ﻓﺎﻧﻘﺳم ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ "إﻻ إذا ﻛﺎن ﺣﻣﻼ ﻻ ﯾطﯾﻘﮫ ﻣﺛل‬
‫ﺗﻠك اﻟداﺑﺔ ﻓﺣﯾﻧﺋذ ﯾﺿﻣن ﻛل ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ" ﻟﻌدم اﻹذن ﻓﯾﮭﺎ أﺻﻼ ﻟﺧروﺟﮫ ﻋن اﻟﻌﺎدة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻛﺑﺢ اﻟداﺑﺔ ﺑﻠﺟﺎﻣﮭﺎ أو ﺿرﺑﮭﺎ ﻓﻌطﺑت ﺿﻣن ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾﺿﻣن إذا ﻓﻌل ﻓﻌﻼ‬
‫ﻣﺗﻌﺎرﻓﺎ"؛ ﻷن اﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻣﻣﺎ ﯾدﺧل ﺗﺣت ﻣطﻠق اﻟﻌﻘد ﻓﻛﺎن ﺣﺎﺻﻼ ﺑﺈذﻧﮫ ﻓﻼ ﯾﺿﻣﻧﮫ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن‬
‫اﻹذن ﻣﻘﯾد ﺑﺷرط اﻟﺳﻼﻣﺔ إذ ﯾﺗﺣﻘق اﻟﺳوق ﺑدوﻧﮫ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ھﻣﺎ ﻟﻠﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﯾﺗﻘﯾد ﺑوﺻف اﻟﺳﻼﻣﺔ ﻛﺎﻟﻣرور ﻓﻲ‬
‫اﻟطرﯾق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن اﺳﺗﺄﺟرھﺎ إﻟﻰ اﻟﺣﯾرة ﻓﺟﺎوز ﺑﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﺎدﺳﯾﺔ ﺛم ردھﺎ إﻟﻰ اﻟﺣﯾرة ﺛم ﻧﻔﻘت ﻓﮭو ﺿﺎﻣن‪ ،‬وﻛذﻟك‬
‫اﻟﻌﺎرﯾﺔ" وﻗﯾل ﺗﺄوﯾل ھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ إذا اﺳﺗﺄﺟرھﺎ ذاھﺑﺎ ﻻ ﺟﺎﺋﯾﺎ؛ ﻟﯾﻧﺗﮭﻲ اﻟﻌﻘد ﺑﺎﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﺣﯾرة ﻓﻼ ﯾﺻﯾر‬
‫ﺑﺎﻟﻌود ﻣردودا إﻟﻰ ﯾد اﻟﻣﺎﻟك ﻣﻌﻧﻰ‪ .‬وأﻣﺎ إذا اﺳﺗﺄﺟرھﺎ ذاھﺑﺎ وﺟﺎﺋﯾﺎ ﻓﯾﻛون ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻣودع إذا ﺧﺎﻟف ﺛم ﻋﺎد إﻟﻰ‬
‫اﻟوﻓﺎق‪ .‬وﻗﯾل ﻻ‪ ،‬ﺑل اﻟﺟواب ﻣﺟرى ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق‪ .‬واﻟﻔرق أن اﻟﻣودع ﺑﺄﻣور ﺑﺎﻟﺣﻔظ ﻣﻘﺻودا ﻓﺑﻘﻲ اﻷﻣر‬
‫ﺑﺎﻟﺣﻔظ ﺑﻌد اﻟﻌود إﻟﻰ اﻟوﻓﺎق ﻓﺣﺻل اﻟرد إﻟﻰ ﯾد ﻧﺎﺋب اﻟﻣﺎﻟك‪ ،‬وﻓﻲ اﻹﺟﺎرة واﻟﻌﺎرﯾﺔ ﯾﺻﯾر اﻟﺣﻔظ ﻣﺄﻣورا ﺑﮫ‬
‫ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻼﺳﺗﻌﻣﺎل ﻻ ﻣﻘﺻودا‪ ،‬ﻓﺈذا اﻧﻘطﻊ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﻟم ﯾﺑق ھو ﻧﺎﺋﺑﺎ ﻓﻼ ﯾﺑرأ ﺑﺎﻟﻌود وھذا أﺻﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﻛﺗرى ﺣﻣﺎرا ﺑﺳرج ﻓﻧزع اﻟﺳرج وأﺳرﺟﮫ ﺑﺳرج ﯾﺳرج ﺑﻣﺛﻠﮫ اﻟﺣﻣر ﻓﻼ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮫ"؛ ﻷﻧﮫ إذا‬
‫ﻛﺎن ﯾﻣﺎﺛل اﻷول ﺗﻧﺎوﻟﮫ إذن اﻟﻣﺎﻟك‪ ،‬إذ ﻻ ﻓﺎﺋدة ﻓﻲ اﻟﺗﻘﯾﯾد ﺑﻐﯾره إﻻ إذا ﻛﺎن زاﺋدا ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻟوزن ﻓﺣﯾﻧﺋذ ﯾﺿﻣن‬
‫اﻟزﯾﺎدة "وإن ﻛﺎن ﻻ ﯾﺳرج ﺑﻣﺛﻠﮫ اﻟﺣﻣر ﺿﻣن"؛ ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺗﻧﺎوﻟﮫ اﻹذن ﻣن ﺟﮭﺗﮫ ﻓﺻﺎر ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ "وإن أوﻛﻔﮫ‬
‫ﺑﺈﻛﺎف ﻻ ﯾوﻛف ﺑﻣﺛﻠﮫ اﻟﺣﻣر ﯾﺿﻣن" ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺳرج‪ ،‬وھذا أوﻟﻰ "وإن أوﻛﻔﮫ ﺑﺈﻛﺎف ﯾوﻛف ﺑﻣﺛﻠﮫ اﻟﺣﻣر‬
‫ﯾﺿﻣن ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﺿﻣن ﺑﺣﺳﺎﺑﮫ"؛ ﻷﻧﮫ إذا ﻛﺎن ﯾوﻛف ﺑﻣﺛﻠﮫ اﻟﺣﻣر ﻛﺎن ھو واﻟﺳرج‬
‫ﺳواء ﻓﯾﻛون اﻟﻣﺎﻟك راﺿﯾﺎ ﺑﮫ‪ ،‬إﻻ إذا ﻛﺎن زاﺋدا ﻋﻠﻰ اﻟﺳرج ﻓﻲ اﻟوزن ﻓﯾﺿﻣن‬ ‫ص ‪-236-‬‬
‫اﻟزﯾﺎدة؛ ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾرض ﺑﺎﻟزﯾﺎدة ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﺣﻣل اﻟﻣﺳﻣﻰ إذا ﻛﺎن ﻣن ﺟﻧﺳﮫ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن‬
‫اﻹﻛﺎف ﻟﯾس ﻣن ﺟﻧس اﻟﺳرج؛ ﻷﻧﮫ ﻟﻠﺣﻣل‪ ،‬واﻟﺳرج ﻟﻠرﻛوب‪ ،‬وﻛذا ﯾﻧﺑﺳط أﺣدھﻣﺎ ﻋﻠﻰ ظﮭر اﻟداﺑﺔ ﻣﺎ ﻻ ﯾﻧﺑﺳط‬
‫ﻋﻠﯾﮫ اﻵﺧر ﻓﻛﺎن ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻛﻣﺎ إذا ﺣﻣل اﻟﺣدﯾد وﻗد ﺷرط ﻟﮫ اﻟﺣﻧطﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن اﺳﺗﺄﺟر ﺣﻣﺎﻻ ﻟﯾﺣﻣل ﻟﮫ طﻌﺎﻣﺎ ﻓﻲ طرﯾق ﻛذا ﻓﺄﺧذ ﻓﻲ طرﯾق ﻏﯾره ﯾﺳﻠﻛﮫ اﻟﻧﺎس ﻓﮭﻠك اﻟﻣﺗﺎع ﻓﻼ‬
‫ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وإن ﺑﻠﻎ ﻓﻠﮫ اﻷﺟر" وھذا إذا ﻟم ﯾﻛن ﺑﯾن اﻟطرﯾﻘﯾن ﺗﻔﺎوت؛ ﻷن ﻋﻧد ذﻟك اﻟﺗﻘﯾﯾد ﻏﯾر ﻣﻔﯾد‪ ،‬أﻣﺎ إذا‬
‫ﻛﺎن ﺗﻔﺎوت ﯾﺿﻣن ﻟﺻﺣﺔ اﻟﺗﻘﯾﯾد ﻓﺈن اﻟﺗﻘﯾﯾد ﻣﻔﯾد إﻻ أن اﻟظﺎھر ﻋدم اﻟﺗﻔﺎوت إذا ﻛﺎن طرﯾﻘﺎ ﯾﺳﻠﻛﮫ اﻟﻧﺎس ﻓﻠم‬
‫ﯾﻔﺻل "وإن ﻛﺎن طرﯾﻘﺎ ﻻ ﯾﺳﻠﻛﮫ اﻟﻧﺎس ﻓﮭﻠك ﺿﻣن"؛ ﻷﻧﮫ ﺻﺢ اﻟﺗﻘﯾﯾد ﻓﺻﺎر ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ "وإن ﺑﻠﻎ ﻓﻠﮫ اﻷﺟر"؛‬
‫ﻷﻧﮫ ارﺗﻔﻊ اﻟﺧﻼف ﻣﻌﻧﻰ‪ ،‬وإن ﺑﻘﻲ ﺻورة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﺣﻣﻠﮫ ﻓﻲ اﻟﺑﺣر ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺣﻣﻠﮫ اﻟﻧﺎس ﻓﻲ اﻟﺑر ﺿﻣن" ﻟﻔﺣش اﻟﺗﻔﺎوت ﺑﯾن اﻟﺑر واﻟﺑﺣر "وإن ﺑﻠﻎ ﻓﻠﮫ‬
‫اﻷﺟر" ﻟﺣﺻول اﻟﻣﻘﺻود وارﺗﻔﺎع اﻟﺧﻼف ﻣﻌﻧﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر أرﺿﺎ؛ ﻟﯾزرﻋﮭﺎ ﺣﻧطﺔ ﻓزرﻋﮭﺎ رطﺑﺔ ﺿﻣن ﻣﺎ ﻧﻘﺻﮭﺎ" ﻷن اﻟرطﺎب أﺿر ﺑﺎﻷرض ﻣن‬
‫اﻟﺣﻧطﺔ ﻻﻧﺗﺷﺎر ﻋروﻗﮭﺎ ﻓﯾﮭﺎ وﻛﺛرة اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺳﻘﯾﮭﺎ ﻓﻛﺎن ﺧﻼﻓﺎ إﻟﻰ ﺷر ﻓﯾﺿﻣن ﻣﺎ ﻧﻘﺻﮭﺎ "وﻻ أﺟر ﻟﮫ"؛‬
‫ﻷﻧﮫ ﻏﺎﺻب ﻟﻸرض ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗررﻧﺎه‪ .‬ﻗﺎل‪" :‬وﻣن دﻓﻊ إﻟﻰ ﺧﯾﺎط ﺛوﺑﺎ ﻟﯾﺧﯾطﮫ ﻗﻣﯾﺻﺎ ﺑدرھم ﻓﺧﺎطﮫ ﻗﺑﺎء‪ ،‬ﻓﺈن‬
‫ﺷﺎء ﺿﻣﻧﮫ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺛوب‪ ،‬وإن ﺷﺎء أﺧذ اﻟﻘﺑﺎء وأﻋطﺎه أﺟر ﻣﺛﻠﮫ ﻻ ﯾﺟﺎوز ﺑﮫ درھﻣﺎ" ﻗﯾل‪ :‬ﻣﻌﻧﺎه اﻟﻘرطف اﻟذي‬
‫ھو ذو طﺎق واﺣد؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺳﺗﻌﻣل اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻘﻣﯾص‪ ،‬وﻗﯾل ھو ﻣﺟرى ﻋﻠﻰ إطﻼﻗﮫ؛ ﻷﻧﮭﻣﺎ ﯾﺗﻘﺎرﺑﺎن ﻓﻲ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ‪.‬‬
‫وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ ﯾﺿﻣﻧﮫ ﻣن ﻏﯾر ﺧﯾﺎر؛ ﻷن اﻟﻘﺑﺎء ﺧﻼف ﺟﻧس اﻟﻘﻣﯾص‪ .‬ووﺟﮫ اﻟظﺎھر أﻧﮫ ﻗﻣﯾص ﻣن وﺟﮫ؛‬
‫ﻷﻧﮫ ﯾﺷد وﺳطﮫ‪ ،‬ﻓﻣن ھذا اﻟوﺟﮫ ﯾﻛون ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ؛ ﻷن اﻟﻘﻣﯾص ﻻ ﯾﺷد وﯾﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ اﻧﺗﻔﺎع اﻟﻘﻣﯾص ﻓﺟﺎءت اﻟﻣواﻓﻘﺔ‬
‫واﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻓﯾﻣﯾل إﻟﻰ أي اﻟﺟﮭﺗﯾن ﺷﺎء‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﯾﺟب أﺟر اﻟﻣﺛل ﻟﻘﺻور ﺟﮭﺔ اﻟﻣواﻓﻘﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾﺟﺎوز ﺑﮫ اﻟدرھم‬
‫اﻟﻣﺳﻣﻰ ﻛﻣﺎ ھو اﻟﺣﻛم ﻓﻲ ﺳﺎﺋر اﻹﺟﺎرات اﻟﻔﺎﺳدة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺑﯾﻧﮫ ﻓﻲ ﺑﺎﺑﮫ إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ .‬وﻟو ﺧﺎطﮫ ﺳراوﯾل‬
‫وﻗد أﻣر ﺑﺎﻟﻘﺑﺎء ﻗﯾل ﯾﺿﻣن ﻣن ﻏﯾر ﺧﯾﺎر ﻟﻠﺗﻔﺎوت ﻓﻲ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ‪ ،‬واﻷﺻﺢ أﻧﮫ ﯾﺧﯾر ﻟﻼﺗﺣﺎد ﻓﻲ أﺻل اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ‪،‬‬
‫وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا أﻣر ﺑﺿرب طﺳت ﻣن ﺷﺑﺔ ﻓﺿرب ﻣﻧﮫ ﻛوزا‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺧﯾر ﻛذا ھذا‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻹﺟﺎرة اﻟﻔﺎﺳدة‬ ‫ص ‪-237-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬اﻹﺟﺎرة ﺗﻔﺳدھﺎ اﻟﺷروط ﻛﻣﺎ ﺗﻔﺳد اﻟﺑﯾﻊ"؛ ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺗﮫ‪ ،‬أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﻋﻘد ﯾﻘﺎل وﯾﻔﺳﺦ "واﻟواﺟب ﻓﻲ‬
‫اﻹﺟﺎرة اﻟﻔﺎﺳدة أﺟر اﻟﻣﺛل ﻻ ﯾﺟﺎوز ﺑﮫ اﻟﻣﺳﻣﻰ" وﻗﺎل زﻓر واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﯾﺟب ﺑﺎﻟﻐﺎ ﻣﺎ ﺑﻠﻎ اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺑﯾﻊ اﻷﻋﯾﺎن‪.‬‬
‫وﻟﻧﺎ أن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻻ ﺗﺗﻘوم ﺑﻧﻔﺳﮭﺎ ﺑل ﺑﺎﻟﻌﻘد ﻟﺣﺎﺟﺔ اﻟﻧﺎس ﻓﯾﻛﺗﻔﻰ ﺑﺎﻟﺿرورة ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻣﻧﮭﺎ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﻔﺎﺳد ﺗﺑﻊ ﻟﮫ‪،‬‬
‫وﯾﻌﺗﺑر ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﺑدﻻ ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻋﺎدة‪ ،‬ﻟﻛﻧﮭﻣﺎ إذا اﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻘدار ﻓﻲ اﻟﻔﺎﺳد ﻓﻘد أﺳﻘطﺎ اﻟزﯾﺎدة‪ ،‬وإذا ﻧﻘص أﺟر‬
‫اﻟﻣﺛل ﻟم ﯾﺟب زﯾﺎدة اﻟﻣﺳﻣﻰ ﻟﻔﺳﺎد اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺑﯾﻊ؛ ﻷن اﻟﻌﯾن ﻣﺗﻘوﻣﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺳﮭﺎ وھﻲ اﻟﻣوﺟب اﻷﺻﻠﻲ‪،‬‬
‫ﻓﺈن ﺻﺣت اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ اﻧﺗﻘل ﻋﻧﮫ وإﻻ ﻓﻼ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر دارا ﻛل ﺷﮭر ﺑدرھم ﻓﺎﻟﻌﻘد ﺻﺣﯾﺢ ﻓﻲ ﺷﮭر واﺣد ﻓﺎﺳد ﻓﻲ ﺑﻘﯾﺔ اﻟﺷﮭور‪ ،‬إﻻ أن ﯾﺳﻣﻲ‬
‫ﺟﻣﻠﺔ ﺷﮭور ﻣﻌﻠوﻣﺔ"؛ ﻷن اﻷﺻل أن ﻛﻠﻣﺔ ﻛل إذا دﺧﻠت ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﻧﮭﺎﯾﺔ ﻟﮫ ﺗﻧﺻرف إﻟﻰ اﻟواﺣد ﻟﺗﻌذر اﻟﻌﻣل‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻣوم ﻓﻛﺎن اﻟﺷﮭر اﻟواﺣد ﻣﻌﻠوﻣﺎ ﻓﺻﺢ اﻟﻌﻘد ﻓﯾﮫ‪ ،‬وإذا ﺗم ﻛﺎن ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ أن ﯾﻧﻘض اﻹﺟﺎرة ﻻﻧﺗﮭﺎء اﻟﻌﻘد‬
‫اﻟﺻﺣﯾﺢ "وﻟو ﺳﻣﻰ ﺟﻣﻠﺔ ﺷﮭور ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﺟﺎز"؛ ﻷن اﻟﻣدة ﺻﺎرت ﻣﻌﻠوﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﺳﻛن ﺳﺎﻋﺔ ﻣن اﻟﺷﮭر اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺻﺢ اﻟﻌﻘد ﻓﯾﮫ وﻟم ﯾﻛن ﻟﻠﻣؤﺟر أن ﯾﺧرﺟﮫ إﻟﻰ أن ﯾﻧﻘﺿﻲ‪ ،‬وﻛذﻟك‬
‫ﻛل ﺷﮭر ﺳﻛن ﻓﻲ أوﻟﮫ ﺳﺎﻋﺔ"؛ ﻷﻧﮫ ﺗم اﻟﻌﻘد ﺑﺗراﺿﯾﮭﻣﺎ ﺑﺎﻟﺳﻛﻧﻰ ﻓﻲ اﻟﺷﮭر اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ ،‬إﻻ أن اﻟذي ذﻛره ﻓﻲ‬
‫اﻟﻛﺗﺎب ھو اﻟﻘﯾﺎس‪ ،‬وﻗد ﻣﺎل إﻟﯾﮫ ﺑﻌض اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ‪ ،‬وظﺎھر اﻟرواﯾﺔ أن ﯾﺑﻘﻰ اﻟﺧﯾﺎر ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﯾﻠﺔ‬
‫اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﺷﮭر اﻟﺛﺎﻧﻲ وﯾوﻣﮭﺎ؛ ﻷن ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎر اﻷول ﺑﻌض اﻟﺣرج‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وإن اﺳﺗﺄﺟر دارا ﺳﻧﺔ ﺑﻌﺷرة دراھم ﺟﺎز وإن ﻟم ﯾﺑﯾن ﻗﺳط ﻛل ﺷﮭر ﻣن اﻷﺟرة"؛ ﻷن اﻟﻣدة ﻣﻌﻠوﻣﺔ‬
‫ﺑدون اﻟﺗﻘﺳﯾم ﻓﺻﺎر ﻛﺈﺟﺎرة ﺷﮭر واﺣد ﻓﺈﻧﮫ ﺟﺎﺋز وإن ﻟم ﯾﺑﯾن ﻗﺳط ﻛل ﯾوم‪ ،‬ﺛم ﯾﻌﺗﺑر اﺑﺗداء اﻟﻣدة ﻣﻣﺎ ﺳﻣﻰ وإن‬
‫ﻟم ﯾﺳم ﺷﯾﺋﺎ ﻓﮭو ﻣن اﻟوﻗت اﻟذي اﺳﺗﺄﺟره؛ ﻷن اﻷوﻗﺎت ﻛﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﺣق اﻹﺟﺎرة ﻋﻠﻰ اﻟﺳواء ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﯾﻣﯾن‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟﺻوم؛ ﻷن اﻟﻠﯾﺎﻟﻲ ﻟﯾﺳت ﺑﻣﺣل ﻟﮫ "ﺛم إن ﻛﺎن اﻟﻌﻘد ﺣﯾن ﯾﮭل اﻟﮭﻼل ﻓﺷﮭور اﻟﺳﻧﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﺑﺎﻷھﻠﺔ"؛ ﻷﻧﮭﺎ ھﻲ‬
‫اﻷﺻل "وإن ﻛﺎن ﻓﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺷﮭر ﻓﺎﻟﻛل ﺑﺎﻷﯾﺎم" ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وھو رواﯾﺔ ﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف‪ .‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد وھو‬
‫رواﯾﺔ ﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف اﻷول ﺑﺎﻷﯾﺎم واﻟﺑﺎﻗﻲ ﺑﺎﻷھﻠﺔ؛ ﻷن اﻷﯾﺎم ﯾﺻﺎر إﻟﯾﮭﺎ ﺿرورة‪ ،‬واﻟﺿرورة ﻓﻲ اﻷول ﻣﻧﮭﺎ‪.‬‬
‫وﻟﮫ أﻧﮫ ﻣﺗﻰ ﺗم اﻷول ﺑﺎﻷﯾﺎم اﺑﺗدأ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﺎﻷﯾﺎم ﺿرورة وھﻛذا إﻟﻰ آﺧر اﻟﺳﻧﺔ‪ ،‬وﻧظﯾره اﻟﻌدة وﻗد ﻣر ﻓﻲ‬
‫اﻟطﻼق‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز أﺧذ أﺟرة اﻟﺣﻣﺎم واﻟﺣﺟﺎم" أﻣﺎ اﻟﺣﻣﺎم ﻓﻠﺗﻌﺎرف اﻟﻧﺎس وﻟم ﺗﻌﺗﺑر‬ ‫ص ‪-238-‬‬
‫اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻹﺟﻣﺎع اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن‪ .‬ﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻣﺎ رآه اﻟﻣﺳﻠﻣون ﺣﺳﻧﺎ ﻓﮭو ﻋﻧد ﷲ ﺣﺳن" وأﻣﺎ اﻟﺣﺟﺎم‬
‫ﻓﻠﻣﺎ روي "أﻧﮫ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم اﺣﺗﺟم وأﻋطﻰ اﻟﺣﺟﺎم اﻷﺟرة" وﻷﻧﮫ اﺳﺗﺋﺟﺎر ﻋﻠﻰ ﻋﻣل ﻣﻌﻠوم ﺑﺄﺟر ﻣﻌﻠوم‬
‫ﻓﯾﻘﻊ ﺟﺎﺋزا‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز أﺧذ أﺟرة ﻋﺳب اﻟﺗﯾس" وھو أن ﯾؤﺟر ﻓﺣﻼ ﻟﯾﻧزو ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺎث ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪:‬‬
‫"إن ﻣن اﻟﺳﺣت ﻋﺳب اﻟﺗﯾس" واﻟﻣراد أﺧذ اﻷﺟرة ﻋﻠﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ اﻻﺳﺗﺋﺟﺎر ﻋﻠﻰ اﻷذان واﻟﺣﺞ‪ ،‬وﻛذا اﻹﻣﺎﻣﺔ وﺗﻌﻠﯾم اﻟﻘرآن واﻟﻔﻘﮫ" واﻷﺻل أن ﻛل طﺎﻋﺔ ﯾﺧﺗص ﺑﮭﺎ‬
‫اﻟﻣﺳﻠم ﻻ ﯾﺟوز اﻻﺳﺗﺋﺟﺎر ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻧدﻧﺎ‪ .‬وﻋﻧد اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾﺻﺢ ﻓﻲ ﻛل ﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻷﺟﯾر؛ ﻷﻧﮫ‬
‫اﺳﺗﺋﺟﺎر ﻋﻠﻰ ﻋﻣل ﻣﻌﻠوم ﻏﯾر ﻣﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﺟوز‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬اﻗرءوا اﻟﻘرآن وﻻ ﺗﺄﻛﻠوا‬
‫ﺑﮫ" وﻓﻲ آﺧر ﻣﺎ ﻋﮭد رﺳول ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم إﻟﻰ ﻋﺛﻣﺎن ﺑن أﺑﻲ اﻟﻌﺎص‪" :‬وإن اﺗﺧذت ﻣؤذﻧﺎ ﻓﻼ ﺗﺄﺧذ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻷذان أﺟرا" وﻷن اﻟﻘرﺑﺔ ﻣﺗﻰ ﺣﺻﻠت وﻗﻌت ﻋن اﻟﻌﺎﻣل وﻟﮭذا ﺗﻌﺗﺑر أھﻠﯾﺗﮫ ﻓﻼ ﯾﺟوز ﻟﮫ أﺧذ اﻷﺟر ﻣن‬
‫ﻏﯾره ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺻوم واﻟﺻﻼة‪ ،‬وﻷن اﻟﺗﻌﻠﯾم ﻣﻣﺎ ﻻ ﯾﻘدر اﻟﻣﻌﻠم ﻋﻠﯾﮫ إﻻ ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﺗﻌﻠم ﻓﯾﻛون ﻣﻠﺗزﻣﺎ ﻣﺎ‬
‫ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻠﯾﻣﮫ ﻓﻼ ﯾﺻﺢ‪ .‬وﺑﻌض ﻣﺷﺎﯾﺧﻧﺎ اﺳﺗﺣﺳﻧوا اﻻﺳﺗﺋﺟﺎر ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﯾم اﻟﻘرآن اﻟﯾوم؛ ﻷﻧﮫ ظﮭر اﻟﺗواﻧﻲ‬
‫ﻓﻲ اﻷﻣور اﻟدﯾﻧﯾﺔ‪ .‬ﻓﻔﻲ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﺗﺿﯾﯾﻊ ﺣﻔظ اﻟﻘرآن وﻋﻠﯾﮫ اﻟﻔﺗوى‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز اﻻﺳﺗﺋﺟﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻧﺎء واﻟﻧوح‪ ،‬وﻛذا ﺳﺎﺋر اﻟﻣﻼھﻲ"؛ ﻷﻧﮫ اﺳﺗﺋﺟﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺻﯾﺔ واﻟﻣﻌﺻﯾﺔ‬
‫ﻻ ﺗﺳﺗﺣق ﺑﺎﻟﻌﻘد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟوز إﺟﺎرة اﻟﻣﺷﺎع ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ إﻻ ﻣن اﻟﺷرﯾك‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬إﺟﺎرة اﻟﻣﺷﺎع ﺟﺎﺋزة" وﺻورﺗﮫ أن‬
‫ﯾؤاﺟر ﻧﺻﯾﺑﺎ ﻣن داره أو ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻣن دار ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻣن ﻏﯾر اﻟﺷرﯾك‪ .‬ﻟﮭﻣﺎ أن ﻟﻠﻣﺷﺎع ﻣﻧﻔﻌﺔ وﻟﮭذا ﯾﺟب أﺟر‬
‫اﻟﻣﺛل‪ ،‬واﻟﺗﺳﻠﯾم ﻣﻣﻛن ﺑﺎﻟﺗﺧﻠﯾﺔ أو ﺑﺎﻟﺗﮭﺎﯾؤ ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا آﺟر ﻣن ﺷرﯾﻛﮫ أو ﻣن رﺟﻠﯾن وﺻﺎر ﻛﺎﻟﺑﯾﻊ‪ .‬وﻷﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ آﺟر ﻣﺎ ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻠﯾﻣﮫ ﻓﻼ ﯾﺟوز‪ ،‬وھذا؛ ﻷن ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﺷﺎع وﺣده ﻻ ﯾﺗﺻور‪ ،‬واﻟﺗﺧﻠﯾﺔ اﻋﺗﺑرت‬
‫ﺗﺳﻠﯾﻣﺎ ﻟوﻗوﻋﮫ ﺗﻣﻛﯾﻧﺎ وھو اﻟﻔﻌل اﻟذي ﯾﺣﺻل ﺑﮫ اﻟﺗﻣﻛن وﻻ ﺗﻣﻛن ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎع‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺑﯾﻊ ﻟﺣﺻول اﻟﺗﻣﻛن‬
‫ﻓﯾﮫ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﺗﮭﺎﯾؤ ﻓﺈﻧﻣﺎ ﯾﺳﺗﺣق ﺣﻛﻣﺎ ﻟﻠﻌﻘد ﺑواﺳطﺔ اﻟﻣﻠك‪ ،‬وﺣﻛم اﻟﻌﻘد ﯾﻌﻘﺑﮫ واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺳﻠﯾم ﺷرط اﻟﻌﻘد‬
‫وﺷرط اﻟﺷﻲء ﯾﺳﺑﻘﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻣﺗراﺧﻲ ﺳﺎﺑﻘﺎ‪ ،‬وﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا آﺟر ﻣن ﺷرﯾﻛﮫ ﻓﺎﻟﻛل ﯾﺣدث ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻛﮫ ﻓﻼ‬
‫ﺷﯾوع‪ ،‬واﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ‬

‫اﻟﻧﺳﺑﺔ ﻻ ﯾﺿره‪ ،‬ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺻﺢ ﻓﻲ رواﯾﺔ اﻟﺣﺳن ﻋﻧﮫ‪ ،‬وﺑﺧﻼف اﻟﺷﯾوع اﻟطﺎرئ؛‬ ‫ص ‪-239-‬‬
‫ﻷن اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻟﯾﺳت ﺑﺷرط ﻟﻠﺑﻘﺎء‪ ،‬وﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا آﺟر ﻣن رﺟﻠﯾن؛ ﻷن اﻟﺗﺳﻠﯾم ﯾﻘﻊ ﺟﻣﻠﺔ ﺛم اﻟﺷﯾوع‬
‫ﺑﺗﻔرق اﻟﻣﻠك ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ طﺎرئ‪.‬‬
‫ﺿ َ ﻌ} ْ ن َ ﻟ َﻛ ُم ْ ﻓ َﺂﺗ ُوھ ُن ﱠ أ ُﺟ ُ ور َ ھ ُن ﱠ { ]اﻟطﻼق‪[6:‬‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬
‫ﻟﻘوﻟﮫ أ َر ْ‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز اﺳﺗﺋﺟﺎر اﻟظﺋر ﺑﺄﺟرة ﻣﻌﻠوﻣﺔ"ﻓ َﺈ ِن ْ‬
‫وﻷن اﻟﺗﻌﺎﻣل ﺑﮫ ﻛﺎن ﺟﺎرﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﮭد رﺳول ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وﻗﺑﻠﮫ وأﻗرھم ﻋﻠﯾﮫ‪ .‬ﺛم ﻗﯾل‪ :‬إن اﻟﻌﻘد ﯾﻘﻊ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ وھﻲ ﺧدﻣﺗﮭﺎ ﻟﻠﺻﺑﻲ واﻟﻘﯾﺎم ﺑﮫ واﻟﻠﺑن ﯾﺳﺗﺣق ﻋﻠﻰ طرﯾق اﻟﺗﺑﻊ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺻﺑﻎ ﻓﻲ اﻟﺛوب‪ .‬وﻗﯾل إن‬
‫اﻟﻌﻘد ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺑن‪ ،‬واﻟﺧدﻣﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ‪ ،‬وﻟﮭذا ﻟو أرﺿﻌﺗﮫ ﺑﻠﺑن ﺷﺎة ﻻ ﺗﺳﺗﺣق اﻷﺟر‪ .‬واﻷول أﻗرب إﻟﻰ اﻟﻔﻘﮫ؛ ﻷن‬
‫ﻋﻘد اﻹﺟﺎرة ﻻ ﯾﻧﻌﻘد ﻋﻠﻰ إﺗﻼف اﻷﻋﯾﺎن ﻣﻘﺻودا‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا اﺳﺗﺄﺟر ﺑﻘرة؛ ﻟﯾﺷرب ﻟﺑﻧﮭﺎ‪ .‬وﺳﻧﺑﯾن اﻟﻌذر ﻋن‬
‫اﻹرﺿﺎع ﺑﻠﺑن اﻟﺷﺎة إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ .‬وإذا ﺛﺑت ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﯾﺻﺢ إذا ﻛﺎﻧت اﻷﺟرة ﻣﻌﻠوﻣﺔ اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻻﺳﺗﺋﺟﺎر‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺧدﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﺑطﻌﺎﻣﮭﺎ وﻛﺳوﺗﮭﺎ اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز"؛ ﻷن اﻷﺟرة ﻣﺟﮭوﻟﺔ‬
‫ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا اﺳﺗﺄﺟرھﺎ ﻟﻠﺧﺑز واﻟطﺑﺦ‪ .‬وﻟﮫ أن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻻ ﺗﻔﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ؛ ﻷن ﻓﻲ اﻟﻌﺎدة اﻟﺗوﺳﻌﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻷظﺂر ﺷﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻷوﻻد ﻓﺻﺎر ﻛﺑﯾﻊ ﻗﻔﯾز ﻣن ﺻﺑرة‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺧﺑز واﻟطﺑﺦ؛ ﻷن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﯾﮫ ﺗﻔﺿﻲ إﻟﻰ‬
‫اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ "وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬ﻓﺈن ﺳﻣﻰ اﻟطﻌﺎم دراھم ووﺻف ﺟﻧس اﻟﻛﺳوة وأﺟﻠﮭﺎ وذرﻋﮭﺎ ﻓﮭو ﺟﺎﺋز"‬
‫ﯾﻌﻧﻲ ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع‪ .‬وﻣﻌﻧﻰ ﺗﺳﻣﯾﺔ اﻟطﻌﺎم دراھم أن ﯾﺟﻌل اﻷﺟرة دراھم ﺛم ﯾدﻓﻊ اﻟطﻌﺎم ﻣﻛﺎﻧﮫ‪ ،‬وھذا ﻻ ﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﯾﮫ‬
‫"وﻟو ﺳﻣﻰ اﻟطﻌﺎم وﺑﯾن ﻗدره ﺟﺎز أﯾﺿﺎ" ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾﺷﺗرط ﺗﺄﺟﯾﻠﮫ؛ ﻷن أوﺻﺎﻓﮭﺎ أﺛﻣﺎن‪" .‬وﯾﺷﺗرط ﺑﯾﺎن‬
‫ﻣﻛﺎن اﻹﯾﻔﺎء" ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﺧﻼﻓﺎ ﻟﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻗد ذﻛرﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﺑﯾوع "وﻓﻲ اﻟﻛﺳوة ﯾﺷﺗرط ﺑﯾﺎن اﻷﺟل أﯾﺿﺎ ﻣﻊ‬
‫ﺑﯾﺎن اﻟﻘدر واﻟﺟﻧس"؛ ﻷﻧﮫ إﻧﻣﺎ ﯾﺻﯾر دﯾﻧﺎ ﻓﻲ اﻟذﻣﺔ إذا ﺻﺎر ﻣﺑﯾﻌﺎ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺻﯾر ﻣﺑﯾﻌﺎ ﻋﻧد اﻷﺟل ﻛﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺳﻠم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﯾس ﻟﻠﻣﺳﺗﺄﺟر أن ﯾﻣﻧﻊ زوﺟﮭﺎ ﻣن وطﺋﮭﺎ "؛ ﻷن اﻟوطء ﺣق اﻟزوج ﻓﻼ ﯾﺗﻣﻛن ﻣن إﺑطﺎل ﺣﻘﮫ؛ أﻻ ﺗرى‬
‫أن ﻟﮫ أن ﯾﻔﺳﺦ اﻹﺟﺎرة إذا ﻟم ﯾﻌﻠم ﺑﮫ ﺻﯾﺎﻧﺔ ﻟﺣﻘﮫ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر ﯾﻣﻧﻌﮫ ﻋن ﻏﺷﯾﺎﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻧزﻟﮫ؛ ﻷن اﻟﻣﻧزل‬
‫ﺣﻘﮫ "ﻓﺈن ﺣﺑﻠت ﻛﺎن ﻟﮭم أن ﯾﻔﺳﺧوا اﻹﺟﺎرة إذا ﺧﺎﻓوا ﻋﻠﻰ اﻟﺻﺑﻲ ﻣن ﻟﺑﻧﮭﺎ"؛ ﻷن ﻟﺑن اﻟﺣﺎﻣل ﯾﻔﺳد اﻟﺻﺑﻲ‬
‫وﻟﮭذا ﻛﺎن ﻟﮭم اﻟﻔﺳﺦ إذا ﻣرﺿت أﯾﺿﺎ "وﻋﻠﯾﮭﺎ أن ﺗﺻﻠﺢ طﻌﺎم اﻟﺻﺑﻲ"؛ ﻷن اﻟﻌﻣل ﻋﻠﯾﮭﺎ‪ .‬واﻟﺣﺎﺻل أﻧﮫ‬
‫ﯾﻌﺗﺑر ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﻧص ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻌرف ﻓﻲ ﻣﺛل ھذا اﻟﺑﺎب‪ ،‬ﻓﻣﺎ ﺟرى ﺑﮫ اﻟﻌرف ﻣن ﻏﺳل ﺛﯾﺎب اﻟﺻﺑﻲ وإﺻﻼح اﻟطﻌﺎم‬
‫وﻏﯾر ذﻟك ﻓﮭو ﻋﻠﻰ اﻟظﺋر أﻣﺎ اﻟطﻌﺎم ﻓﻌﻠﻰ واﻟد اﻟوﻟد‪ ،‬وﻣﺎ ذﻛر ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ أن اﻟدھن‬

‫واﻟرﯾﺣﺎن ﻋﻠﻰ اﻟظﺋر ﻓذﻟك ﻣن ﻋﺎدة أھل اﻟﻛوﻓﺔ‪" .‬وإن أرﺿﻌﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﻣدة ﺑﻠﺑن ﺷﺎة‬ ‫ص ‪-240-‬‬
‫ﻓﻼ أﺟر ﻟﮭﺎ"؛ ﻷﻧﮭﺎ ﻟم ﺗﺄت ﺑﻌﻣل ﻣﺳﺗﺣق ﻋﻠﯾﮭﺎ‪ ،‬وھو اﻹرﺿﺎع‪ ،‬ﻓﺈن ھذا إﯾﺟﺎر وﻟﯾس ﺑﺈرﺿﺎع‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﻟم ﯾﺟب‬
‫اﻷﺟر ﻟﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ أﻧﮫ اﺧﺗﻠف اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن دﻓﻊ إﻟﻰ ﺣﺎﺋك ﻏزﻻ ﻟﯾﻧﺳﺟﮫ ﺑﺎﻟﻧﺻف ﻓﻠﮫ أﺟر ﻣﺛﻠﮫ‪ .‬وﻛذا إذا اﺳﺗﺄﺟر ﺣﻣﺎرا ﯾﺣﻣل طﻌﺎﻣﺎ ﺑﻘﻔﯾز ﻣﻧﮫ‬
‫ﻓﺎﻹﺟﺎرة ﻓﺎﺳدة "؛ ﻷﻧﮫ ﺟﻌل اﻷﺟر ﺑﻌض ﻣﺎ ﯾﺧرج ﻣن ﻋﻣﻠﮫ ﻓﯾﺻﯾر ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ ﻗﻔﯾز اﻟطﺣﺎن‪ ،‬وﻗد ﻧﮭﻰ اﻟﻧﺑﻲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋﻧﮫ‪ ،‬وھو أن ﯾﺳﺗﺄﺟر ﺛورا ﻟﯾطﺣن ﻟﮫ ﺣﻧطﺔ ﺑﻘﻔﯾز ﻣن دﻗﯾﻘﮫ‪ .‬وھذا أﺻل ﻛﺑﯾر ﯾﻌرف ﺑﮫ‬
‫ﻓﺳﺎد ﻛﺛﯾر ﻣن اﻹﺟﺎرات‪ ،‬ﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ دﯾﺎرﻧﺎ‪ ،‬واﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﯾﮫ أن اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر ﻋﺎﺟز ﻋن ﺗﺳﻠﯾم اﻷﺟر وھو ﺑﻌض‬
‫اﻟﻣﻧﺳوج أو اﻟﻣﺣﻣول‪ .‬إذ ﺣﺻوﻟﮫ ﺑﻔﻌل اﻷﺟﯾر ﻓﻼ ﯾﻌد ھو ﻗﺎدرا ﺑﻘدرة ﻏﯾره‪ ،‬وھذا ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا اﺳﺗﺄﺟره‬
‫ﻟﯾﺣﻣل ﻧﺻف طﻌﺎﻣﮫ ﺑﺎﻟﻧﺻف اﻵﺧر ﺣﯾث ﻻ ﯾﺟب ﻟﮫ اﻷﺟر؛ ﻷن اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر ﻣﻠك اﻷﺟﯾر ﻓﻲ اﻟﺣﺎل ﺑﺎﻟﺗﻌﺟﯾل‬
‫ﻓﺻﺎر ﻣﺷﺗرﻛﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪ .‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر رﺟﻼ ﻟﺣﻣل طﻌﺎم ﻣﺷﺗرك ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻻ ﯾﺟب اﻷﺟر ﻷن ﻣﺎ ﻣن ﺟزء ﯾﺣﻣﻠﮫ إﻻ‬
‫وھو ﻋﺎﻣل ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﯾﮫ ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ‪ .‬ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺟﺎوز ﺑﺎﻷﺟر ﻗﻔﯾزا"؛ ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﻓﺳدت اﻹﺟﺎرة‬
‫ﻓﺎﻟواﺟب اﻷﻗل ﻣﺎ ﺳﻣﻰ وﻣن أﺟر اﻟﻣﺛل؛ ﻷﻧﮫ رﺿﻲ ﺑﺣط اﻟزﯾﺎدة‪ ،‬وھذا ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا اﺷﺗرﻛﺎ ﻓﻲ اﻻﺣﺗطﺎب‬
‫ﺣﯾث ﯾﺟب اﻷﺟر ﺑﺎﻟﻐﺎ ﻣﺎ ﺑﻠﻎ ﻋﻧد ﻣﺣﻣد؛ ﻷن اﻟﻣﺳﻣﻰ ھﻧﺎك ﻏﯾر ﻣﻌﻠوم ﻓﻠم ﯾﺻﺢ اﻟﺣط‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر رﺟﻼ ﻟﯾﺧﺑز ﻟﮫ ھذه اﻟﻌﺷرة اﻟﻣﺧﺎﺗﯾم ﻣن اﻟدﻗﯾق اﻟﯾوم ﺑدرھم ﻓﮭو ﻓﺎﺳد‪ ،‬وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد ﻓﻲ اﻹﺟﺎرات‪ :‬ھو ﺟﺎﺋز"؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺟﻌل اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻣﻼ وﯾﺟﻌل ذﻛر اﻟوﻗت‬
‫ﻟﻼﺳﺗﻌﺟﺎل ﺗﺻﺣﯾﺣﺎ ﻟﻠﻌﻘد ﻓﺗرﺗﻔﻊ اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ‪ .‬وﻟﮫ أن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺟﮭول ﻷن ذﻛر اﻟوﻗت ﯾوﺟب ﻛون اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ‬
‫ﻣﻌﻘودا ﻋﻠﯾﮭﺎ وذﻛر اﻟﻌﻣل ﯾوﺟب ﻛوﻧﮫ ﻣﻌﻘودا ﻋﻠﯾﮫ وﻻ ﺗرﺟﯾﺢ‪ ،‬وﻧﻔﻊ اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر ﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ وﻧﻔﻊ اﻷﺟﯾر ﻓﻲ‬
‫اﻷول ﻓﯾﻔﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ ﯾﺻﺢ اﻹﺟﺎرة إذا ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻲ اﻟﯾوم‪ ،‬وﻗد ﺳﻣﻰ ﻋﻣﻼ؛ ﻷﻧﮫ ﻟﻠظرف‬
‫ﻓﻛﺎن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻗوﻟﮫ اﻟﯾوم وﻗد ﻣر ﻣﺛﻠﮫ ﻓﻲ اﻟطﻼق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر أرﺿﺎ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛرﺑﮭﺎ وﯾزرﻋﮭﺎ أو ﯾﺳﻘﯾﮭﺎ وﯾزرﻋﮭﺎ ﻓﮭو ﺟﺎﺋز"؛ ﻷن اﻟزراﻋﺔ ﻣﺳﺗﺣﻘﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻘد‪ ،‬وﻻ ﺗﺗﺄﺗﻰ اﻟزراﻋﺔ إﻻ ﺑﺎﻟﺳﻘﻲ واﻟﻛراب‪ .‬ﻓﻛﺎن ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻣﺳﺗﺣﻘﺎ‪ .‬وﻛل ﺷرط ھذه ﺻﻔﺗﮫ ﯾﻛون ﻣن‬
‫ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻌﻘد ﻓذﻛره ﻻ ﯾوﺟب اﻟﻔﺳﺎد "ﻓﺈن اﺷﺗرط أن ﯾﺛﻧﯾﮭﺎ أو ﯾﻛري أﻧﮭﺎرھﺎ أو ﯾﺳرﻗﻧﮭﺎ ﻓﮭو ﻓﺎﺳد"؛ ﻷﻧﮫ‬
‫ﯾﺑﻘﻰ أﺛره ﺑﻌد اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣدة‪ ،‬وأﻧﮫ ﻟﯾس ﻣن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻌﻘد‪ ،‬وﻓﯾﮫ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻷﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن‪ .‬وﻣﺎ ھذا ﺣﺎﻟﮫ ﯾوﺟب‬
‫اﻟﻔﺳﺎد؛ ﻷن ﻣؤﺟر‬

‫اﻷرض ﯾﺻﯾر ﻣﺳﺗﺄﺟرا ﻣﻧﺎﻓﻊ اﻷﺟﯾر ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﯾﺑﻘﻰ ﺑﻌد اﻟﻣدة ﻓﯾﺻﯾر ﺻﻔﻘﺗﺎن ﻓﻲ‬ ‫ص ‪-241-‬‬
‫ﺻﻔﻘﺔ واﺣدة وھﻲ ﻣﻧﮭﻲ ﻋﻧﮫ‪ .‬ﺛم ﻗﯾل‪ :‬اﻟﻣراد ﺑﺎﻟﺗﺛﻧﯾﺔ أن ﯾردھﺎ ﻣﻛروﺑﺔ وﻻ ﺷﺑﮭﺔ ﻓﻲ ﻓﺳﺎده‪ .‬وﻗﯾل أن ﯾﻛرﯾﮭﺎ‬
‫ﻣرﺗﯾن‪ ،‬وھذا ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ ﺗﺧرج اﻷرض اﻟرﯾﻊ ﺑﺎﻟﻛراب ﻣرة واﺣدة واﻟﻣدة ﺳﻧﺔ واﺣدة‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧت ﺛﻼث ﺳﻧﯾن ﻻ‬
‫ﺗﺑﻘﻰ ﻣﻧﻔﻌﺗﮫ‪ ،‬وﻟﯾس اﻟﻣراد ﺑﻛري اﻷﻧﮭﺎر اﻟﺟداول ﺑل اﻟﻣراد ﻣﻧﮭﺎ اﻷﻧﮭﺎر اﻟﻌظﺎم ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ؛ ﻷﻧﮫ ﺗﺑﻘﻰ ﻣﻧﻔﻌﺗﮫ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﻘﺎﺑل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وإن اﺳﺗﺄﺟرھﺎ ﻟﯾزرﻋﮭﺎ ﺑزراﻋﺔ أرض أﺧرى ﻓﻼ ﺧﯾر ﻓﯾﮫ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ھو ﺟﺎﺋز‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا إﺟﺎرة‬
‫اﻟﺳﻛﻧﻰ ﺑﺎﻟﺳﻛﻧﻰ واﻟﻠﺑس ﺑﺎﻟﻠﺑس واﻟرﻛوب ﺑﺎﻟرﻛوب‪ .‬أن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻷﻋﯾﺎن ﺣﺗﻰ ﺟﺎزت اﻹﺟﺎرة ﺑﺄﺟرة دﯾن‬
‫وﻻ ﯾﺻﯾر دﯾﻧﺎ ﺑدﯾن‪ ،‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﺟﻧس ﺑﺎﻧﻔراده ﯾﺣرم اﻟﻧﺳﺎء ﻋﻧدﻧﺎ ﻓﺻﺎر ﻛﺑﯾﻊ اﻟﻘوھﻲ ﺑﺎﻟﻘوھﻲ ﻧﺳﯾﺋﺔ وإﻟﻰ ھذا‬
‫أﺷﺎر ﻣﺣﻣد‪ ،‬وﻷن اﻹﺟﺎرة ﺟوزت ﺑﺧﻼف اﻟﻘﯾﺎس ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ وﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻋﻧد اﺗﺣﺎد اﻟﺟﻧس‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا اﺧﺗﻠف‬
‫ﺟﻧس اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن اﻟطﻌﺎم ﺑﯾن رﺟﻠﯾن ﻓﺎﺳﺗﺄﺟر أﺣدھﻣﺎ ﺻﺎﺣﺑﮫ أو ﺣﻣﺎر ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻋﻠﻰ أن ﯾﺣﻣل ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻓﺣﻣل‬
‫اﻟطﻌﺎم ﻛﻠﮫ ﻓﻼ أﺟر ﻟﮫ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻟﮫ اﻟﻣﺳﻣﻰ؛ ﻷن اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻋﯾن ﻋﻧده وﺑﯾﻊ اﻟﻌﯾن ﺷﺎﺋﻌﺎ ﺟﺎﺋز‪ ،‬وﺻﺎر ﻛﻣﺎ‬
‫إذا اﺳﺗﺄﺟر دارا ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﻏﯾره ﻟﯾﺿﻊ ﻓﯾﮭﺎ اﻟطﻌﺎم أو ﻋﺑدا ﻣﺷﺗرﻛﺎ ﻟﯾﺧﯾط ﻟﮫ اﻟﺛﯾﺎب وﻟﻧﺎ أﻧﮫ اﺳﺗﺄﺟره‬
‫ﻟﻌﻣل ﻻ وﺟود ﻟﮫ؛ ﻷن اﻟﺣﻣل ﻓﻌل ﺣﺳﻲ ﻻ ﯾﺗﺻور ﻓﻲ اﻟﺷﺎﺋﻊ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺑﯾﻊ؛ ﻷﻧﮫ ﺗﺻرف ﺣﻛﻣﻲ‪ ،‬وإذا ﻟم‬
‫ﯾﺗﺻور ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻻ ﯾﺟب اﻷﺟر‪ ،‬وﻷن ﻣﺎ ﻣن ﺟزء ﯾﺣﻣﻠﮫ إﻻ وھو ﺷرﯾك ﻓﯾﮫ ﻓﯾﻛون ﻋﺎﻣﻼ ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻓﻼ‬
‫ﯾﺗﺣﻘق اﻟﺗﺳﻠﯾم‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟدار اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ؛ ﻷن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ھﻧﺎﻟك اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ وﯾﺗﺣﻘق ﺗﺳﻠﯾﻣﮭﺎ ﺑدون وﺿﻊ اﻟطﻌﺎم‪،‬‬
‫وﺑﺧﻼف اﻟﻌﺑد؛ ﻷن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ إﻧﻣﺎ ھو ﻣﻠك ﻧﺻﯾب ﺻﺎﺣﺑﮫ وأﻧﮫ أﻣر ﺣﻛﻣﻲ ﯾﻣﻛن إﯾﻘﺎﻋﮫ ﻓﻲ اﻟﺷﺎﺋﻊ‪.‬‬
‫"وﻣن اﺳﺗﺄﺟر أرﺿﺎ وﻟم ﯾذﻛر أﻧﮫ ﯾزرﻋﮭﺎ أو أي ﺷﻲء ﯾزرﻋﮭﺎ ﻓﺎﻹﺟﺎرة ﻓﺎﺳدة"؛ ﻷن اﻷرض ﺗﺳﺗﺄﺟر‬
‫ﻟﻠزراﻋﺔ وﻟﻐﯾرھﺎ‪ ،‬وﻛذا ﻣﺎ ﯾزرع ﻓﯾﮭﺎ ﻣﺧﺗﻠف‪ ،‬ﻓﻣﻧﮫ ﻣﺎ ﯾﺿر ﺑﺎﻷرض ﻣﺎ ﻻ ﯾﺿر ﺑﮭﺎ ﻏﯾره‪ ،‬ﻓﻠم ﯾﻛن اﻟﻣﻌﻘود‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﻣﻌﻠوﻣﺎ‪.‬‬
‫"ﻓﺈن زرﻋﮭﺎ وﻣﺿﻰ اﻷﺟل ﻓﻠﮫ اﻟﻣﺳﻣﻰ" وھذا اﺳﺗﺣﺳﺎن‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎس‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز وھو ﻗول زﻓر؛ ﻷﻧﮫ وﻗﻊ ﻓﺎﺳدا‬
‫ﻓﻼ ﯾﻧﻘﻠب ﺟﺎﺋزا‪ .‬وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ارﺗﻔﻌت ﻗﺑل ﺗﻣﺎم اﻟﻌﻘد ﻓﯾﻧﻘﻠب ﺟﺎﺋزا‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا ارﺗﻔﻌت ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ‬
‫اﻟﻌﻘد‪ ،‬وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا أﺳﻘط اﻷﺟل اﻟﻣﺟﮭول ﻗﺑل ﻣﺿﯾﮫ واﻟﺧﯾﺎر اﻟزاﺋد ﻓﻲ اﻟﻣدة‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر ﺣﻣﺎرا إﻟﻰ ﺑﻐداد ﺑدرھم وﻟم ﯾﺳم ﻣﺎ ﯾﺣﻣل ﻋﻠﯾﮫ ﻓﺣﻣل ﻣﺎ ﯾﺣﻣل‬ ‫ص ‪-242-‬‬
‫اﻟﻧﺎس ﻓﻧﻔق ﻓﻲ ﻧﺻف اﻟطرﯾق ﻓﻼ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮫ"؛ ﻷن اﻟﻌﯾن اﻟﻣﺳﺗﺄﺟرة أﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧت‬
‫اﻷﺟرة ﻓﺎﺳدة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﺑﻠﻎ ﺑﻐداد ﻓﻠﮫ اﻷﺟر اﻟﻣﺳﻣﻰ اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ" ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻷوﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن اﺧﺗﺻﻣﺎ ﻗﺑل أن ﯾﺣﻣل ﻋﻠﯾﮫ" وﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻗﺑل أن ﯾزرع "ﻧﻘﺿت اﻹﺟﺎرة" دﻓﻌﺎ ﻟﻠﻔﺳﺎد إذ‬
‫اﻟﻔﺳﺎد ﻗﺎﺋم ﺑﻌد‪.‬‬

‫ﺑﺎب ﺿﻣﺎن اﻷﺟﯾر‬


‫ﻗﺎل‪" :‬اﻷﺟراء ﻋﻠﻰ ﺿرﺑﯾن‪ :‬أﺟﯾر ﻣﺷﺗرك‪ ،‬وأﺟﯾر ﺧﺎص‪ .‬ﻓﺎﻟﻣﺷﺗرك ﻣن ﻻ ﯾﺳﺗﺣق اﻷﺟرة ﺣﺗﻰ ﯾﻌﻣل‬
‫ﻛﺎﻟﺻﺑﺎغ واﻟﻘﺻﺎر"؛ ﻷن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ إذا ﻛﺎن ھو اﻟﻌﻣل أو أﺛره ﻛﺎن ﻟﮫ أن ﯾﻌﻣل ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ؛ ﻷن ﻣﻧﺎﻓﻌﮫ ﻟم ﺗﺻر‬
‫ﻣﺳﺗﺣﻘﺔ ﻟواﺣد‪ ،‬ﻓﻣن ھذا اﻟوﺟﮫ ﯾﺳﻣﻰ ﻣﺷﺗرﻛﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﻣﺗﺎع أﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﯾده إن ھﻠك ﻟم ﯾﺿﻣن ﺷﯾﺋﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وھو ﻗول زﻓر‪ ،‬وﯾﺿﻣﻧﮫ ﻋﻧدھﻣﺎ‬
‫إﻻ ﻣن ﺷﻲء ﻏﺎﻟب ﻛﺎﻟﺣرﯾق اﻟﻐﺎﻟب واﻟﻌدو اﻟﻣﻛﺎﺑر" ﻟﮭﻣﺎ ﻣﺎ روي ﻋن ﻋﻣر وﻋﻠﻲ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﻣﺎ أﻧﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧﺎ‬
‫ﯾﺿﻣﻧﺎن اﻷﺟﯾر اﻟﻣﺷﺗرك؛ وﻷن اﻟﺣﻔظ ﻣﺳﺗﺣق ﻋﻠﯾﮫ إذ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ اﻟﻌﻣل إﻻ ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ھﻠك ﺑﺳﺑب ﯾﻣﻛن اﻻﺣﺗراز‬
‫ﻋﻧﮫ ﻛﺎﻟﻐﺻب واﻟﺳرﻗﺔ ﻛﺎن اﻟﺗﻘﺻﯾر ﻣن ﺟﮭﺗﮫ ﻓﯾﺿﻣﻧﮫ ﻛﺎﻟودﯾﻌﺔ إذا ﻛﺎﻧت ﺑﺄﺟر‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻻﺣﺗراز‬
‫ﻋﻧﮫ ﻛﺎﻟﻣوت ﺣﺗف أﻧﻔﮫ واﻟﺣرﯾق اﻟﻐﺎﻟب وﻏﯾره؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺗﻘﺻﯾر ﻣن ﺟﮭﺗﮫ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن اﻟﻌﯾن‬
‫أﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﯾده؛ ﻷن اﻟﻘﺑض ﺣﺻل ﺑﺈذﻧﮫ‪ ،‬وﻟﮭذا ﻟو ھﻠك ﺑﺳﺑب ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﺣرز ﻋﻧﮫ ﻟم ﯾﺿﻣﻧﮫ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﻣﺿﻣوﻧﺎ‬
‫ﻟﺿﻣﻧﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻐﺻوب‪ ،‬واﻟﺣﻔظ ﻣﺳﺗﺣق ﻋﻠﯾﮫ ﺗﺑﻌﺎ ﻻ ﻣﻘﺻودا وﻟﮭذا ﻻ ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ اﻷﺟر‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣودع ﺑﺄﺟر؛‬
‫ﻷن اﻟﺣﻔظ ﻣﺳﺗﺣق ﻋﻠﯾﮫ ﻣﻘﺻودا ﺣﺗﻰ ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ اﻷﺟر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣﺎ ﺗﻠف ﺑﻌﻣﻠﮫ‪ ،‬ﻓﺗﺧرﯾق اﻟﺛوب ﻣن دﻗﮫ وزﻟق اﻟﺣﻣﺎل واﻧﻘطﺎع اﻟﺣﺑل اﻟذي ﯾﺷد ﺑﮫ اﻟﻣﻛﺎري اﻟﺣﻣل‬
‫وﻏرق اﻟﺳﻔﯾﻧﺔ ﻣن ﻣده ﻣﺿﻣون ﻋﻠﯾﮫ"‪ .‬وﻗﺎل زﻓر واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ‪ :‬ﻻ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮫ؛ ﻷﻧﮫ أﻣره ﺑﺎﻟﻔﻌل‬
‫ﻣطﻠﻘﺎ ﻓﯾﻧﺗظﻣﮫ ﺑﻧوﻋﯾﮫ اﻟﻣﻌﯾب واﻟﺳﻠﯾم وﺻﺎر ﻛﺄﺟﯾر اﻟوﺣد وﻣﻌﯾن اﻟﻘﺻﺎر‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟداﺧل ﺗﺣت اﻹذن ﻣﺎ ھو‬
‫اﻟداﺧل ﺗﺣت اﻟﻌﻘد وھو اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺻﻠﺢ؛ ﻷﻧﮫ ھو اﻟوﺳﯾﻠﺔ إﻟﻰ اﻷﺛر وھو اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﺣﻘﯾﻘﺔ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﺣﺻل‬
‫ﺑﻔﻌل اﻟﻐﯾر ﯾﺟب اﻷﺟر ﻓﻠم ﯾﻛن اﻟﻣﻔﺳد ﻣﺄذوﻧﺎ ﻓﯾﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻣﻌﯾن؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺗﺑرع ﻓﻼ ﯾﻣﻛن ﺗﻘﯾﯾده ﺑﺎﻟﻣﺻﻠﺢ؛ ﻷﻧﮫ‬
‫ﯾﻣﺗﻧﻊ ﻋن اﻟﺗﺑرع‪ ،‬وﻓﯾﻣﺎ ﻧﺣن ﻓﯾﮫ ﯾﻌﻣل ﺑﺎﻷﺟر ﻓﺄﻣﻛن ﺗﻘﯾﯾده‪ .‬وﺑﺧﻼف أﺟﯾر اﻟوﺣد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧذﻛره‬

‫إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ واﻧﻘطﺎع اﻟﺣﺑل ﻣن ﻗﻠﺔ اھﺗﻣﺎﻣﮫ ﻓﻛﺎن ﻣن ﺻﻧﯾﻌﮫ‪.‬‬ ‫ص ‪-243-‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬إﻻ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺿﻣن ﺑﮫ ﺑﻧﻲ آدم ﻣﻣن ﻏرق ﻓﻲ اﻟﺳﻔﯾﻧﺔ أو ﺳﻘط ﻣن اﻟداﺑﺔ وإن ﻛﺎن ﺑﺳوﻗﮫ وﻗوده"؛ ﻷن‬
‫اﻟواﺟب ﺿﻣﺎن اﻵدﻣﻲ‪ .‬وأﻧﮫ ﻻ ﯾﺟب ﺑﺎﻟﻌﻘد‪ .‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺟب ﺑﺎﻟﺟﻧﺎﯾﺔ وﻟﮭذا ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ‪ ،‬وﺿﻣﺎن اﻟﻌﻘود ﻻ‬
‫ﺗﺗﺣﻣﻠﮫ اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺳﺗﺄﺟر ﻣن ﯾﺣﻣل ﻟﮫ دﻧﺎ ﻣن اﻟﻔرات ﻓوﻗﻊ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟطرﯾق ﻓﺎﻧﻛﺳر‪ ،‬ﻓﺈن ﺷﺎء ﺿﻣﻧﮫ ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﺣﻣﻠﮫ وﻻ أﺟر ﻟﮫ‪ ،‬وإن ﺷﺎء ﺿﻣﻧﮫ ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿﻊ اﻟذي اﻧﻛﺳر وأﻋطﺎه اﻷﺟر ﺑﺣﺳﺎﺑﮫ" أﻣﺎ‬
‫اﻟﺿﻣﺎن ﻓﻠﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ‪ ،‬واﻟﺳﻘوط ﺑﺎﻟﻌﺛﺎر أو ﺑﺎﻧﻘطﺎع اﻟﺣﺑل وﻛل ذﻟك ﻣن ﺻﻧﯾﻌﮫ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﺧﯾﺎر ﻓﻸﻧﮫ إذا اﻧﻛﺳر ﻓﻲ‬
‫اﻟطرﯾق‪ ،‬واﻟﺣﻣل ﺷﻲء واﺣد ﺗﺑﯾن أﻧﮫ وﻗﻊ ﺗﻌدﯾﺎ ﻣن اﻻﺑﺗداء ﻣن ھذا اﻟوﺟﮫ‪ .‬وﻟﮫ وﺟﮫ آﺧر وھو أن اﺑﺗداء اﻟﺣﻣل‬
‫ﺣﺻل ﺑﺈذﻧﮫ ﻓﻠم ﯾﻛن ﺗﻌدﯾﺎ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﺻﺎر ﺗﻌدﯾﺎ ﻋﻧد اﻟﻛﺳر ﻓﯾﻣﯾل إﻟﻰ أي اﻟوﺟﮭﯾن ﺷﺎء‪ ،‬وﻓﻲ اﻟوﺟﮫ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟﮫ‬
‫اﻷﺟر ﺑﻘدر ﻣﺎ اﺳﺗوﻓﻰ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟوﺟﮫ اﻷول ﻻ أﺟر ﻟﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺎ اﺳﺗوﻓﻰ أﺻﻼ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻓﺻد اﻟﻔﺻﺎد أو ﺑزغ اﻟﺑزاغ وﻟم ﯾﺗﺟﺎوز اﻟﻣوﺿﻊ اﻟﻣﻌﺗﺎد ﻓﻼ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﻋطب ﻣن ذﻟك‪ .‬وﻓﻲ‬
‫اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬ﺑﯾطﺎر ﺑزغ داﺑﺔ ﺑداﻧق ﻓﻧﻔﻘت أو ﺣﺟﺎم ﺣﺟم ﻋﺑدا ﺑﺄﻣر ﻣوﻻه ﻓﻣﺎت ﻓﻼ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮫ" وﻓﻲ ﻛل‬
‫واﺣد ﻣن اﻟﻌﺑﺎرﺗﯾن ﻧوع ﺑﯾﺎن‪ .‬ووﺟﮭﮫ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ اﻟﺗﺣرز ﻋن اﻟﺳراﯾﺔ ﻷﻧﮫ ﯾﺑﺗﻧﻰ ﻋﻠﻰ ﻗوة اﻟطﺑﺎع وﺿﻌﻔﮭﺎ ﻓﻲ‬
‫ﺗﺣﻣل اﻷﻟم ﻓﻼ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﻘﯾﯾد ﺑﺎﻟﻣﺻﻠﺢ ﻣن اﻟﻌﻣل‪ ،‬وﻻ ﻛذﻟك دق اﻟﺛوب وﻧﺣوه ﻣﻣﺎ ﻗدﻣﻧﺎه؛ ﻷن ﻗوة اﻟﺛوب ورﻗﺗﮫ‬
‫ﺗﻌرف ﺑﺎﻻﺟﺗﮭﺎد ﻓﺄﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺎﻟﺗﻘﯾﯾد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻷﺟﯾر اﻟﺧﺎص اﻟذي ﯾﺳﺗﺣق اﻷﺟرة ﺑﺗﺳﻠﯾم ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ اﻟﻣدة وإن ﻟم ﯾﻌﻣل ﻛﻣن اﺳﺗؤﺟر ﺷﮭرا ﻟﻠﺧدﻣﺔ‬
‫أو ﻟرﻋﻲ اﻟﻐﻧم" وإﻧﻣﺎ ﺳﻣﻲ أﺟﯾر وﺣد؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﻌﻣل ﻟﻐﯾره؛ ﻷن ﻣﻧﺎﻓﻌﮫ ﻓﻲ اﻟﻣدة ﺻﺎرت ﻣﺳﺗﺣﻘﺔ ﻟﮫ‬
‫واﻷﺟر ﻣﻘﺎﺑل ﺑﺎﻟﻣﻧﺎﻓﻊ‪ ،‬وﻟﮭذا ﯾﺑﻘﻰ اﻷﺟر ﻣﺳﺗﺣﻘﺎ‪ ،‬وإن ﻧﻘض اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﻰ اﻷﺟﯾر اﻟﺧﺎص ﻓﯾﻣﺎ ﺗﻠف ﻓﻲ ﯾده وﻻ ﻣﺎ ﺗﻠف ﻣن ﻋﻣﻠﮫ" أﻣﺎ اﻷول ﻓﻸن اﻟﻌﯾن أﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ‬
‫ﯾده؛ ﻷﻧﮫ ﻗﺑض ﺑﺈذﻧﮫ‪ ،‬وھذا ظﺎھر ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻛذا ﻋﻧدھﻣﺎ؛ ﻷن ﺗﺿﻣﯾن اﻷﺟﯾر اﻟﻣﺷﺗرك ﻧوع اﺳﺗﺣﺳﺎن‬
‫ﻋﻧدھﻣﺎ ﻟﺻﯾﺎﻧﺔ أﻣوال اﻟﻧﺎس‪ ،‬واﻷﺟﯾر اﻟوﺣد ﻻ ﯾﺗﻘﺑل اﻷﻋﻣﺎل ﻓﺗﻛون اﻟﺳﻼﻣﺔ ﻏﺎﻟﺑﺔ ﻓﯾؤﺧذ ﻓﯾﮫ اﻟﻘﯾﺎس‪ ،‬وأﻣﺎ‬
‫اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻸن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻣﺗﻰ ﺻﺎرت ﻣﻣﻠوﻛﺔ ﻟﻠﻣﺳﺗﺄﺟر ﻓﺈذا أﻣره ﺑﺎﻟﺗﺻرف ﻓﻲ ﻣﻠﻛﮫ ﺻﺢ وﯾﺻﯾر ﻧﺎﺋﺑﺎ ﻣﻧﺎﺑﮫ ﻓﯾﺻﯾر‬
‫ﻓﻌﻠﮫ ﻣﻧﻘوﻻ إﻟﯾﮫ ﻛﺄﻧﮫ ﻓﻌل ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻓﻠﮭذا ﻻ ﯾﺿﻣﻧﮫ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻹﺟﺎرة ﻋﻠﻰ أﺣد اﻟﺷرطﯾن‬ ‫ص ‪-244-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻗﺎل ﻟﻠﺧﯾﺎط إن ﺧطت ھذا اﻟﺛوب ﻓﺎرﺳﯾﺎ ﻓﺑدرھم‪ ،‬وإن ﺧطﺗﮫ روﻣﯾﺎ ﻓﺑدرھﻣﯾن ﺟﺎز‪ ،‬وأي ﻋﻣل ﻣن‬
‫ھذﯾن اﻟﻌﻣﻠﯾن ﻋﻣل اﺳﺗﺣق اﻷﺟر ﺑﮫ" وﻛذا إذا ﻗﺎل ﻟﻠﺻﺑﺎغ إن ﺻﺑﻐﺗﮫ ﺑﻌﺻﻔر ﻓﺑدرھم‪ ،‬وإن ﺻﺑﻐﺗﮫ ﺑزﻋﻔران‬
‫ﻓﺑدرھﻣﯾن‪ ،‬وﻛذا إذا ﺧﯾره ﺑﯾن ﺷﯾﺋﯾن ﺑﺄن ﻗﺎل‪ :‬آﺟرﺗك ھذه اﻟدار ﺷﮭرا ﺑﺧﻣﺳﺔ أو ھذه اﻟدار اﻷﺧرى ﺑﻌﺷرة‪،‬‬
‫وﻛذا إذا ﺧﯾره ﺑﯾن ﻣﺳﺎﻓﺗﯾن ﻣﺧﺗﻠﻔﺗﯾن ﺑﺄن ﻗﺎل‪ :‬آﺟرﺗك ھذه اﻟداﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻛوﻓﺔ ﺑﻛذا أو إﻟﻰ واﺳط ﺑﻛذا‪ ،‬وﻛذا إذا‬
‫ﺧﯾره ﺑﯾن ﺛﻼﺛﺔ أﺷﯾﺎء‪ ،‬وإن ﺧﯾره ﺑﯾن أرﺑﻌﺔ أﺷﯾﺎء ﻟم ﯾﺟز‪ ،‬واﻟﻣﻌﺗﺑر ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ذﻟك اﻟﺑﯾﻊ واﻟﺟﺎﻣﻊ دﻓﻊ اﻟﺣﺎﺟﺔ‪،‬‬
‫ﻏﯾر أﻧﮫ ﻻ ﺑد ﻣن اﺷﺗراط اﻟﺧﯾﺎر ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وﻓﻲ اﻹﺟﺎرة ﻻ ﯾﺷﺗرط ذﻟك؛ ﻷن اﻷﺟر إﻧﻣﺎ ﯾﺟب ﺑﺎﻟﻌﻣل‪ ،‬وﻋﻧد‬
‫ذﻟك ﯾﺻﯾر اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻣﻌﻠوﻣﺎ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﯾﺟب اﻟﺛﻣن ﺑﻧﻔس اﻟﻌﻘد ﻓﺗﺗﺣﻘق اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﻻ ﺗرﺗﻔﻊ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ‬
‫إﻻ ﺑﺈﺛﺑﺎت اﻟﺧﯾﺎر "وﻟو ﻗﺎل‪ :‬إن ﺧطﺗﮫ اﻟﯾوم ﻓﺑدرھم‪ ،‬وإن ﺧطﺗﮫ ﻏدا ﻓﺑﻧﺻف درھم‪ ،‬ﻓﺈن ﺧﺎطﮫ اﻟﯾوم ﻓﻠﮫ‬
‫درھم‪ ،‬وإن ﺧﺎطﮫ ﻏدا ﻓﻠﮫ أﺟر ﻣﺛﻠﮫ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻻ ﯾﺟﺎوز ﺑﮫ ﻧﺻف درھم‪ .‬وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬ﻻ ﯾﻧﻘص‬
‫ﻣن ﻧﺻف درھم وﻻ ﯾزاد ﻋﻠﻰ درھم‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد‪ :‬اﻟﺷرطﺎن ﺟﺎﺋزان"‪.‬‬
‫ﻗﺎل زﻓر‪ :‬اﻟﺷرطﺎن ﻓﺎﺳدان؛ ﻷن اﻟﺧﯾﺎطﺔ ﺷﻲء واﺣد‪ ،‬وﻗد ذﻛر ﺑﻣﻘﺎﺑﻠﺗﮫ ﺑدﻻن ﻋﻠﻰ اﻟﺑدل ﻓﯾﻛون ﻣﺟﮭوﻻ‪ ،‬وھذا؛‬
‫ﻷن ذﻛر اﻟﯾوم ﻟﻠﺗﻌﺟﯾل‪ ،‬وذﻛر اﻟﻐد ﻟﻠﺗرﻓﯾﮫ ﻓﯾﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ ﻛل ﯾوم ﺗﺳﻣﯾﺗﺎن‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن ذﻛر اﻟﯾوم ﻟﻠﺗﺄﻗﯾت‪ .‬وذﻛر اﻟﻐد‬
‫ﻟﻠﺗﻌﻠﯾق ﻓﻼ ﯾﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ ﻛل ﯾوم ﺗﺳﻣﯾﺗﺎن؛ وﻷن اﻟﺗﻌﺟﯾل واﻟﺗﺄﺧﯾر ﻣﻘﺻود ﻓﻧزل ﻣﻧزﻟﺔ اﺧﺗﻼف اﻟﻧوﻋﯾن‪ .‬وﻷﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ أن ذﻛر اﻟﻐد ﻟﻠﺗﻌﻠﯾق ﺣﻘﯾﻘﺔ‪ .‬وﻻ ﯾﻣﻛن ﺣﻣل اﻟﯾوم ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺄﻗﯾت؛ ﻷن ﻓﯾﮫ ﻓﺳﺎد اﻟﻌﻘد ﻻﺟﺗﻣﺎع اﻟوﻗت‬
‫واﻟﻌﻣل‪ ،‬وإذا ﻛﺎن ﻛذﻟك ﯾﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ اﻟﻐد ﺗﺳﻣﯾﺗﺎن دون اﻟﯾوم‪ ،‬ﻓﯾﺻﺢ اﻟﯾوم اﻷول وﯾﺟب اﻟﻣﺳﻣﻰ‪ ،‬وﯾﻔﺳد اﻟﺛﺎﻧﻲ‬
‫وﯾﺟب أﺟر اﻟﻣﺛل ﻻ ﯾﺟﺎوز ﺑﮫ ﻧﺻف درھم؛ ﻷﻧﮫ ھو اﻟﻣﺳﻣﻰ ﻓﻲ اﻟﯾوم اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ .‬وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر ﻻ ﯾزاد ﻋﻠﻰ‬
‫درھم وﻻ ﯾﻧﻘص ﻣن ﻧﺻف درھم؛ ﻷن اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﻻ ﺗﻧﻌدم ﻓﻲ اﻟﯾوم اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﺗﻌﺗﺑر ﻟﻣﻧﻊ اﻟزﯾﺎدة وﺗﻌﺗﺑر‬
‫اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻟﻣﻧﻊ اﻟﻧﻘﺻﺎن‪ ،‬ﻓﺈن ﺧﺎطﮫ ﻓﻲ اﻟﯾوم اﻟﺛﺎﻟث ﻻ ﯾﺟﺎوز ﺑﮫ ﻧﺻف درھم ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ھو‬
‫اﻟﺻﺣﯾﺢ؛ ﻷﻧﮫ إذا ﻟم ﯾرض ﺑﺎﻟﺗﺄﺧﯾر إﻟﻰ اﻟﻐد ﻓﺑﺎﻟزﯾﺎدة ﻋﻠﯾﮫ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﻐد أوﻟﻰ‪.‬‬
‫"وﻟو ﻗﺎل‪ :‬إن ﺳﻛﻧت ﻓﻲ ھذا اﻟدﻛﺎن ﻋطﺎرا ﻓﺑدرھم ﻓﻲ اﻟﺷﮭر‪ ،‬وإن ﺳﻛﻧﺗﮫ ﺣدادا ﻓﺑدرھﻣﯾن ﺟﺎز‪ ،‬وأي‬
‫اﻷﻣرﯾن ﻓﻌل اﺳﺗﺣق اﻷﺟر اﻟﻣﺳﻣﻰ ﻓﯾﮫ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬اﻹﺟﺎرة ﻓﺎﺳدة‪ ،‬وﻛذا إذا اﺳﺗﺄﺟر ﺑﯾﺗﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ أﻧﮫ إن ﺳﻛن ﻓﯾﮫ ﻋطﺎرا ﻓﺑدرھم وإن ﺳﻛن ﻓﯾﮫ ﺣدادا‬
‫ﻓﺑدرھﻣﯾن ﻓﮭو ﺟﺎﺋز ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز‪ ،‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر داﺑﺔ‬ ‫ص ‪-245-‬‬
‫إﻟﻰ اﻟﺣﯾرة ﺑدرھم وإن ﺟﺎوز ﺑﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﺎدﺳﯾﺔ ﻓﺑدرھﻣﯾن ﻓﮭو ﺟﺎﺋز" وﯾﺣﺗﻣل اﻟﺧﻼف "وإن اﺳﺗﺄﺟرھﺎ إﻟﻰ‬
‫اﻟﺣﯾرة ﻋﻠﻰ أﻧﮫ إن ﺣﻣل ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻛر ﺷﻌﯾر ﻓﺑﻧﺻف درھم‪ ،‬وإن ﺣﻣل ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻛر ﺣﻧطﺔ ﻓﺑدرھم ﻓﮭو ﺟﺎﺋز ﻓﻲ ﻗول‬
‫أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز" وﺟﮫ ﻗوﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺟﮭول‪ ،‬وﻛذا اﻷﺟر أﺣد اﻟﺷﯾﺋﯾن‪ ،‬وھو‬
‫ﻣﺟﮭول واﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﺗوﺟب اﻟﻔﺳﺎد‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺧﯾﺎطﺔ اﻟروﻣﯾﺔ واﻟﻔﺎرﺳﯾﺔ؛ ﻷن اﻷﺟر ﯾﺟب ﺑﺎﻟﻌﻣل وﻋﻧده ﺗرﺗﻔﻊ‬
‫اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻓﻲ ھذه اﻟﻣﺳﺎﺋل ﯾﺟب اﻷﺟر ﺑﺎﻟﺗﺧﻠﯾﺔ واﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﺗﺑﻘﻰ اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ‪ ،‬وھذا اﻟﺣرف ھو اﻷﺻل ﻋﻧدھﻣﺎ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‬
‫أﻧﮫ ﺧﯾره ﺑﯾن ﻋﻘدﯾن ﺻﺣﯾﺣﯾن ﻣﺧﺗﻠﻔﯾن ﻓﯾﺻﺢ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟروﻣﯾﺔ واﻟﻔﺎرﺳﯾﺔ‪ ،‬وھذا؛ ﻷن ﺳﻛﻧﺎه ﺑﻧﻔﺳﮫ ﯾﺧﺎﻟف‬
‫إﺳﻛﺎﻧﮫ اﻟﺣداد؛ أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﻻ ﯾدﺧل ذﻟك ﻓﻲ ﻣطﻠق اﻟﻌﻘد وﻛذا ﻓﻲ أﺧواﺗﮭﺎ‪ ،‬واﻹﺟﺎرة ﺗﻌﻘد ﻟﻼﻧﺗﻔﺎع وﻋﻧده ﺗرﺗﻔﻊ‬
‫اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ‪ ،‬وﻟو اﺣﺗﯾﺞ إﻟﻰ اﻹﯾﺟﺎب ﺑﻣﺟرد اﻟﺗﺳﻠﯾم ﯾﺟب أﻗل اﻷﺟرﯾن ﻟﻠﺗﯾﻘن ﺑﮫ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﺑﺎب إﺟﺎرة اﻟﻌﺑد‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر ﻋﺑدا ﻟﻠﺧدﻣﺔ ﻓﻠﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺳﺎﻓر ﺑﮫ إﻻ أن ﯾﺷﺗرط ذﻟك"؛ ﻷن ﺧدﻣﺔ اﻟﺳﻔر اﺷﺗﻣﻠت ﻋﻠﻰ‬
‫زﯾﺎدة ﻣﺷﻘﺔ ﻓﻼ ﯾﻧﺗظﻣﮭﺎ اﻹطﻼق‪ ،‬وﻟﮭذا ﺟﻌل اﻟﺳﻔر ﻋذرا ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﺷﺗراطﮫ ﻛﺈﺳﻛﺎن اﻟﺣداد واﻟﻘﺻﺎر ﻓﻲ‬
‫اﻟدار‪ ،‬وﻷن اﻟﺗﻔﺎوت ﺑﯾن اﻟﺧدﻣﺗﯾن ظﺎھر‪ ،‬ﻓﺈذا ﺗﻌﯾن اﻟﺧدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺿر ﻻ ﯾﺑﻘﻰ ﻏﯾره داﺧﻼ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟرﻛوب‬
‫"وﻣن اﺳﺗﺄﺟر ﻋﺑدا ﻣﺣﺟورا ﻋﻠﯾﮫ ﺷﮭرا وأﻋطﺎه اﻷﺟر ﻓﻠﯾس ﻟﻠﻣﺳﺗﺄﺟر أن ﯾﺄﺧذ ﻣﻧﮫ اﻷﺟر" وأﺻﻠﮫ أن‬
‫اﻹﺟﺎرة ﺻﺣﯾﺣﺔ اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ إذا ﻓرغ ﻣن اﻟﻌﻣل‪ .‬واﻟﻘﯾﺎس أن ﻻ ﯾﺟوز ﻻﻧﻌدام إذن اﻟﻣوﻟﻰ وﻗﯾﺎم اﻟﺣﺟر ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ‬
‫إذا ھﻠك اﻟﻌﺑد‪ .‬وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أن اﻟﺗﺻرف ﻧﺎﻓﻊ ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻟﻔراغ ﺳﺎﻟﻣﺎ ﺿﺎر ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر ھﻼك اﻟﻌﺑد‪،‬‬
‫واﻟﻧﺎﻓﻊ ﻣﺄذون ﻓﯾﮫ ﻛﻘﺑول اﻟﮭﺑﺔ‪ ،‬وإذا ﺟﺎز ذﻟك ﻟم ﯾﻛن ﻟﻠﻣﺳﺗﺄﺟر أن ﯾﺄﺧذ ﻣﻧﮫ‪" .‬وﻣن ﻏﺻب ﻋﺑدا ﻓﺂﺟر اﻟﻌﺑد‬
‫ﻧﻔﺳﮫ ﻓﺄﺧذ اﻟﻐﺎﺻب اﻷﺟر ﻓﺄﻛﻠﮫ ﻓﻼ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ھو ﺿﺎﻣن"؛ ﻷﻧﮫ أﻛل ﻣﺎل اﻟﻣﺎﻟك ﺑﻐﯾر‬
‫إذﻧﮫ‪ ،‬إذ اﻹﺟﺎرة ﻗد ﺻﺣت ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪ .‬وﻟﮫ أن اﻟﺿﻣﺎن إﻧﻣﺎ ﯾﺟب ﺑﺈﺗﻼف ﻣﺎل ﻣﺣرز؛ ﻷن اﻟﺗﻘوم ﺑﮫ‪ ،‬وھذا ﻏﯾر‬
‫ﻣﺣرز ﻓﻲ ﺣق اﻟﻐﺎﺻب؛ ﻷن اﻟﻌﺑد ﻻ ﯾﺣرز ﻧﻔﺳﮫ ﻋﻧﮫ ﻓﻛﯾف ﯾﺣرز ﻣﺎ ﻓﻲ ﯾده‪" .‬وإن وﺟد اﻟﻣوﻟﻰ اﻷﺟر ﻗﺎﺋﻣﺎ‬
‫ﺑﻌﯾﻧﮫ أﺧذه"؛ ﻷﻧﮫ وﺟد ﻋﯾن ﻣﺎﻟﮫ "وﯾﺟوز ﻗﺑض اﻟﻌﺑد اﻷﺟر ﻓﻲ ﻗوﻟﮭم ﺟﻣﯾﻌﺎ"؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺄذون ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﺻرف‬
‫ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻟﻔراغ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪" .‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر ﻋﺑدا ھذﯾن اﻟﺷﮭرﯾن ﺷﮭرا‬

‫ﺑﺄرﺑﻌﺔ وﺷﮭرا ﺑﺧﻣﺳﺔ ﻓﮭو ﺟﺎﺋز‪ ،‬واﻷول ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺑﺄرﺑﻌﺔ"؛ ﻷن اﻟﺷﮭر اﻟﻣذﻛور أوﻻ‬ ‫ص ‪-246-‬‬
‫ﯾﻧﺻرف إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ اﻟﻌﻘد ﺗﺣرﯾﺎ ﻟﻠﺟواز أو ﻧظرا إﻟﻰ ﺗﻧﺟز اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻓﯾﻧﺻرف اﻟﺛﺎﻧﻲ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ اﻷول ﺿرورة‪.‬‬
‫"وﻣن اﺳﺗﺄﺟر ﻋﺑدا ﺷﮭرا ﺑدرھم ﻓﻘﺑﺿﮫ ﻓﻲ أول اﻟﺷﮭر ﺛم ﺟﺎء آﺧر اﻟﺷﮭر‪ ،‬وھو آﺑق أو ﻣرﯾض ﻓﻘﺎل‬
‫اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر أﺑق أو ﻣرض ﺣﯾن أﺧذﺗﮫ وﻗﺎل اﻟﻣوﻟﻰ ﻟم ﯾﻛن ذﻟك إﻻ ﻗﺑل أن ﺗﺄﺗﯾﻧﻲ ﺑﺳﺎﻋﺔ ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر‪،‬‬
‫وإن ﺟﺎء ﺑﮫ‪ ،‬وھو ﺻﺣﯾﺢ ﻓﺎﻟﻘول ﻗول اﻟﻣؤﺟر"؛ ﻷﻧﮭﻣﺎ اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ أﻣر ﻣﺣﺗﻣل ﻓﯾﺗرﺟﺢ ﺑﺣﻛم اﻟﺣﺎل‪ ،‬إذ ھو دﻟﯾل‬
‫ﻋﻠﻰ ﻗﯾﺎﻣﮫ ﻣن ﻗﺑل وھو ﯾﺻﻠﺢ ﻣرﺟﺣﺎ إن ﻟم ﯾﺻﻠﺢ ﺣﺟﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺳﮫ‪ .‬أﺻﻠﮫ اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﺟرﯾﺎن ﻣﺎء اﻟطﺎﺣوﻧﺔ‬
‫واﻧﻘطﺎﻋﮫ وﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻹﺟﺎرة‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺧﺗﻠف اﻟﺧﯾﺎط ورب اﻟﺛوب ﻓﻘﺎل رب اﻟﺛوب أﻣرﺗك أن ﺗﻌﻣﻠﮫ ﻗﺑﺎء وﻗﺎل اﻟﺧﯾﺎط ﺑل ﻗﻣﯾﺻﺎ أو ﻗﺎل‪:‬‬
‫ﺻﺎﺣب اﻟﺛوب ﻟﻠﺻﺑﺎغ أﻣرﺗك أن ﺗﺻﺑﻐﮫ أﺣﻣر ﻓﺻﺑﻐﺗﮫ أﺻﻔر وﻗﺎل اﻟﺻﺑﺎغ ﻻ ﺑل أﻣرﺗﻧﻲ أﺻﻔر ﻓﺎﻟﻘول‬
‫ﻟﺻﺎﺣب اﻟﺛوب"؛ ﻷن اﻹذن ﯾﺳﺗﻔﺎد ﻣن ﺟﮭﺗﮫ؛ أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﻟو أﻧﻛر أﺻل اﻹذن ﻛﺎن اﻟﻘول ﻗوﻟﮫ ﻓﻛذا إذا أﻧﻛر‬
‫ﺻﻔﺗﮫ‪ ،‬ﻟﻛن ﯾﺣﻠف؛ ﻷﻧﮫ أﻧﻛر ﺷﯾﺋﺎ ﻟو أﻗر ﺑﮫ ﻟزﻣﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺣﻠف ﻓﺎﻟﺧﯾﺎط ﺿﺎﻣن" وﻣﻌﻧﺎه ﻣﺎ ﻣر ﻣن ﻗﺑل أﻧﮫ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎء ﺿﻣﻧﮫ‪ ،‬وإن ﺷﺎء أﺧذه‪ ،‬وأﻋطﺎه‬
‫أﺟر ﻣﺛﻠﮫ‪ ،‬وﻛذا ﯾﺧﯾر ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺻﺑﻎ إذا ﺣﻠف إن ﺷﺎء ﺿﻣﻧﮫ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺛوب أﺑﯾض‪ ،‬وإن ﺷﺎء أﺧذ اﻟﺛوب وأﻋطﺎه‬
‫أﺟر ﻣﺛﻠﮫ ﻻ ﯾﺟﺎوز ﺑﮫ اﻟﻣﺳﻣﻰ‪ .‬وذﻛر ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻧﺳﺦ‪ :‬ﯾﺿﻣﻧﮫ ﻣﺎ زاد اﻟﺻﺑﻎ ﻓﯾﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻐﺻب‪" .‬وإن‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﺻﺎﺣب اﻟﺛوب ﻋﻣﻠﺗﮫ ﻟﻲ ﺑﻐﯾر أﺟر وﻗﺎل اﻟﺻﺎﻧﻊ ﺑﺄﺟر ﻓﺎﻟﻘول ﻗول ﺻﺎﺣب اﻟﺛوب" ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ؛ ﻷﻧﮫ‬
‫ﯾﻧﻛر ﺗﻘوم ﻋﻣﻠﮫ إذ ھو ﯾﺗﻘوم ﺑﺎﻟﻌﻘد وﯾﻧﻛر اﻟﺿﻣﺎن واﻟﺻﺎﻧﻊ ﯾدﻋﯾﮫ واﻟﻘول ﻗول اﻟﻣﻧﻛر "وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬إن‬
‫ﻛﺎن اﻟرﺟل ﺣرﯾﻔﺎ ﻟﮫ" أي ﺧﻠﯾطﺎ ﻟﮫ "ﻓﻠﮫ اﻷﺟر وإﻻ ﻓﻼ"؛ ﻷن ﺳﺑق ﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﯾﻌﯾن ﺟﮭﺔ اﻟطﻠب ﺑﺄﺟر ﺟرﯾﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻌﺗﺎدھﻣﺎ "وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬إن ﻛﺎن اﻟﺻﺎﻧﻊ ﻣﻌروﻓﺎ ﺑﮭذه اﻟﺻﻧﻌﺔ ﺑﺎﻷﺟر ﻓﺎﻟﻘول ﻗوﻟﮫ"؛ ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﻓﺗﺢ اﻟﺣﺎﻧوت‬
‫ﻷﺟﻠﮫ ﺟرى ذﻟك ﻣﺟرى اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ اﻷﺟر اﻋﺗﺑﺎرا ﻟﻠظﺎھر‪ ،‬واﻟﻘﯾﺎس ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ أﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ؛ ﻷﻧﮫ ﻣﻧﻛر‪ .‬واﻟﺟواب‬
‫ﻋن اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﮭﻣﺎ أن اﻟظﺎھر ﻟﻠدﻓﻊ‪ ،‬واﻟﺣﺎﺟﺔ ھﺎھﻧﺎ إﻟﻰ اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﺑﺎب ﻓﺳﺦ اﻹﺟﺎرة‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر دارا ﻓوﺟد ﺑﮭﺎ ﻋﯾﺑﺎ ﯾﺿر ﺑﺎﻟﺳﻛﻧﻰ ﻓﻠﮫ اﻟﻔﺳﺦ"؛ ﻷن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ‬

‫اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ‪ ،‬وأﻧﮭﺎ ﺗوﺟد ﺷﯾﺋﺎ ﻓﺷﯾﺋﺎ ﻓﻛﺎن ھذا ﻋﯾﺑﺎ ﺣﺎدﺛﺎ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻓﯾوﺟب اﻟﺧﯾﺎر ﻛﻣﺎ ﻓﻲ‬ ‫ص ‪-247-‬‬
‫اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬ﺛم اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر إذا اﺳﺗوﻓﻰ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻓﻘد رﺿﻲ ﺑﺎﻟﻌﯾب ﻓﯾﻠزﻣﮫ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺑدل ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وإن ﻓﻌل اﻟﻣؤﺟر ﻣﺎ‬
‫أزال ﺑﮫ اﻟﻌﯾب ﻓﻼ ﺧﯾﺎر ﻟﻠﻣﺳﺗﺄﺟر ﻟزوال ﺳﺑﺑﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وإذا ﺧرﺑت اﻟدار أو اﻧﻘطﻊ ﺷرب اﻟﺿﯾﻌﺔ أو اﻧﻘطﻊ اﻟﻣﺎء ﻋن اﻟرﺣﻰ اﻧﻔﺳﺧت اﻹﺟﺎرة"؛ ﻷن اﻟﻣﻌﻘود‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﻗد ﻓﺎت‪ ،‬وھﻲ اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ اﻟﻣﺧﺻوﺻﺔ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻓﺷﺎﺑﮫ ﻓوت اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻗﺑل اﻟﻘﺑض وﻣوت اﻟﻌﺑد اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر‪ .‬وﻣن‬
‫أﺻﺣﺎﺑﻧﺎ ﻣن ﻗﺎل‪ :‬إن اﻟﻌﻘد ﻻ ﯾﻧﻔﺳﺦ؛ ﻷن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻗد ﻓﺎﺗت ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﯾﺗﺻور ﻋودھﺎ ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻹﺑﺎق ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﻗﺑل‬
‫اﻟﻘﺑض‪ .‬وﻋن ﻣﺣﻣد أن اﻵﺟر ﻟو ﺑﻧﺎھﺎ ﻟﯾس ﻟﻠﻣﺳﺗﺄﺟر أن ﯾﻣﺗﻧﻊ وﻻ ﻟﻶﺟر‪ ،‬وھذا ﺗﻧﺻﯾص ﻣﻧﮫ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻟم ﯾﻧﻔﺳﺦ‬
‫ﻟﻛﻧﮫ ﯾﻔﺳﺦ‪" .‬وﻟو اﻧﻘطﻊ ﻣﺎء اﻟرﺣﻰ‪ ،‬واﻟﺑﯾت ﻣﻣﺎ ﯾﻧﺗﻔﻊ ﺑﮫ ﻟﻐﯾر اﻟطﺣن ﻓﻌﻠﯾﮫ ﻋن اﻷﺟر ﺑﺣﺻﺗﮫ"؛ ﻷﻧﮫ ﺟزء‬
‫ﻣن اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻣﺎت أﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن وﻗد ﻋﻘد اﻹﺟﺎرة ﻟﻧﻔﺳﮫ اﻧﻔﺳﺧت "؛ ﻷﻧﮫ ﻟو ﺑﻘﻲ اﻟﻌﻘد ﺗﺻﯾر اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﻣﻣﻠوﻛﺔ‬
‫ﺑﮫ أو اﻷﺟرة اﻟﻣﻣﻠوﻛﺔ ﻟﻐﯾر اﻟﻌﺎﻗد ﻣﺳﺗﺣﻘﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘد؛ ﻷﻧﮫ ﯾﻧﺗﻘل ﺑﺎﻟﻣوت إﻟﻰ اﻟوارث وذﻟك ﻻ ﯾﺟوز "وإن ﻋﻘدھﺎ‬
‫ﻟﻐﯾره ﻟم ﺗﻧﻔﺳﺦ" ﻣﺛل اﻟوﻛﯾل واﻟوﺻﻲ واﻟﻣﺗوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟوﻗف ﻻﻧﻌدام ﻣﺎ أﺷرﻧﺎ إﻟﯾﮫ ﻣن اﻟﻣﻌﻧﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺻﺢ ﺷرط اﻟﺧﯾﺎر ﻓﻲ اﻹﺟﺎرة" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺻﺢ؛ ﻷن اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ رد اﻟﻣﻌﻘود‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻛﻣﺎﻟﮫ ﻟو ﻛﺎن اﻟﺧﯾﺎر ﻟﮫ ﻟﻔوات ﺑﻌﺿﮫ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﻟﻠﻣؤﺟر ﻓﻼ ﯾﻣﻛﻧﮫ اﻟﺗﺳﻠﯾم أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻣﺎل‪ ،‬وﻛل ذﻟك‬
‫ﯾﻣﻧﻊ اﻟﺧﯾﺎر‪ .‬وﻟﻧﺎ أﻧﮫ ﻋﻘد ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻻ ﯾﺳﺗﺣق اﻟﻘﺑض ﻓﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس ﻓﺟﺎز اﺷﺗراط اﻟﺧﯾﺎر ﻓﯾﮫ ﻛﺎﻟﺑﯾﻊ واﻟﺟﺎﻣﻊ‬
‫ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ دﻓﻊ اﻟﺣﺎﺟﺔ‪ ،‬وﻓوات ﺑﻌض اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻹﺟﺎرة ﻻ ﯾﻣﻧﻊ اﻟرد ﺑﺧﯾﺎر اﻟﻌﯾب‪ ،‬ﻓﻛذا ﺑﺧﯾﺎر اﻟﺷرط‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وھذا؛ ﻷن رد اﻟﻛل ﻣﻣﻛن ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ دون اﻹﺟﺎرة ﻓﯾﺷﺗرط ﻓﯾﮫ دوﻧﮭﺎ وﻟﮭذا ﯾﺟﺑر اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻘﺑض إذا ﺳﻠم اﻟﻣؤﺟر ﺑﻌد ﻣﺿﻲ ﺑﻌض اﻟﻣدة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﻔﺳﺦ اﻹﺟﺎرة ﺑﺎﻷﻋذار" ﻋﻧدﻧﺎ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﺗﻔﺳﺦ إﻻ ﺑﺎﻟﻌﯾب؛ ﻷن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻋﻧده ﺑﻣﻧزﻟﺔ‬
‫اﻷﻋﯾﺎن ﺣﺗﻰ ﯾﺟوز اﻟﻌﻘد ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﺑﯾﻊ‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﻏﯾر ﻣﻘﺑوﺿﺔ وھﻲ اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﺻﺎر اﻟﻌذر ﻓﻲ‬
‫اﻹﺟﺎرة ﻛﺎﻟﻌﯾب ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﺗﻧﻔﺳﺦ ﺑﮫ‪ ،‬إذ اﻟﻣﻌﻧﻰ ﯾﺟﻣﻌﮭﻣﺎ وھو ﻋﺟز اﻟﻌﺎﻗد ﻋن اﻟﻣﺿﻲ ﻓﻲ ﻣوﺟﺑﮫ إﻻ‬
‫ﺑﺗﺣﻣل ﺿرر زاﺋد ﻟم ﯾﺳﺗﺣق ﺑﮫ‪ ،‬وھذا ھو ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌذر ﻋﻧدﻧﺎ "وھو ﻛﻣن اﺳﺗﺄﺟر ﺣدادا ﻟﯾﻘﻠﻊ ﺿرﺳﮫ ﻟوﺟﻊ ﺑﮫ‬
‫ﻓﺳﻛن اﻟوﺟﻊ أو اﺳﺗﺄﺟر طﺑﺎﺧﺎ ﻟﯾطﺑﺦ ﻟﮫ طﻌﺎم اﻟوﻟﯾﻣﺔ ﻓﺎﺧﺗﻠﻌت ﻣﻧﮫ ﺗﻔﺳﺦ اﻹﺟﺎرة"؛ ﻷن ﻓﻲ اﻟﻣﺿﻲ ﻋﻠﯾﮫ‬

‫إﻟزام ﺿرر زاﺋد ﻟم ﯾﺳﺗﺣق ﺑﺎﻟﻌﻘد "وﻛذا ﻣن اﺳﺗﺄﺟر دﻛﺎﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺳوق ﻟﯾﺗﺟر ﻓﯾﮫ‬ ‫ص ‪-248-‬‬
‫ﻓذھب ﻣﺎﻟﮫ‪ ،‬وﻛذا ﻣن أﺟر دﻛﺎﻧﺎ أو دارا ﺛم أﻓﻠس‪ ،‬وﻟزﻣﺗﮫ دﯾون ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ ﻗﺿﺎﺋﮭﺎ إﻻ ﺑﺛﻣن ﻣﺎ أﺟر ﻓﺳﺦ‬
‫اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻌﻘد وﺑﺎﻋﮭﺎ ﻓﻲ اﻟدﯾون"؛ ﻷن ﻓﻲ اﻟﺟري ﻋﻠﻰ ﻣوﺟب اﻟﻌﻘد إﻟزام ﺿرر زاﺋد ﻟم ﯾﺳﺗﺣق ﺑﺎﻟﻌﻘد وھو‬
‫اﻟﺣﺑس؛ ﻷﻧﮫ ﻗد ﻻ ﯾﺻدق ﻋﻠﻰ ﻋدم ﻣﺎل آﺧر‪ .‬ﺛم ﻗوﻟﮫ ﻓﺳﺦ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻌﻘد إﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﮫ ﯾﻔﺗﻘر إﻟﻰ ﻗﺿﺎء‬
‫اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﻧﻘض‪ ،‬وھﻛذا ذﻛر ﻓﻲ اﻟزﯾﺎدات ﻓﻲ ﻋذر اﻟدﯾن‪ ،‬وﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬وﻛل ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ أﻧﮫ ﻋذر‬
‫ﻓﺈن اﻹﺟﺎرة ﻓﯾﮫ ﺗﻧﺗﻘض‪ ،‬وھذا ﯾدل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺣﺗﺎج ﻓﯾﮫ إﻟﻰ ﻗﺿﺎء اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ .‬ووﺟﮭﮫ أن ھذا ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻌﯾب ﻗﺑل‬
‫اﻟﻘﺑض ﻓﻲ اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر ﻓﯾﻧﻔرد اﻟﻌﺎﻗد ﺑﺎﻟﻔﺳﺦ‪ .‬ووﺟﮫ اﻷول أﻧﮫ ﻓﺻل ﻣﺟﺗﮭد ﻓﯾﮫ ﻓﻼ ﺑد ﻣن إﻟزام اﻟﻘﺎﺿﻲ‪،‬‬
‫وﻣﻧﮭم ﻣن وﻓق ﻓﻘﺎل‪ :‬إذا ﻛﺎن اﻟﻌذر ظﺎھرا ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻟظﮭور اﻟﻌذر‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻏﯾر ظﺎھر ﻛﺎﻟدﯾن‬
‫ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻟظﮭور اﻟﻌذر‪.‬‬
‫"وﻣن اﺳﺗﺄﺟر داﺑﺔ ﻟﯾﺳﺎﻓر ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺛم ﺑدا ﻟﮫ ﻣن اﻟﺳﻔر ﻓﮭو ﻋذر"؛ ﻷﻧﮫ ﻟو ﻣﺿﻰ ﻋﻠﻰ ﻣوﺟب اﻟﻌﻘد ﯾﻠزﻣﮫ‬
‫ﺿرر زاﺋد؛ ﻷﻧﮫ رﺑﻣﺎ ﯾذھب ﻟﻠﺣﺞ ﻓذھب وﻗﺗﮫ أو ﻟطﻠب ﻏرﯾﻣﮫ ﻓﺣﺿر أو ﻟﻠﺗﺟﺎرة ﻓﺎﻓﺗﻘر "وإن ﺑدا ﻟﻠﻣﻛﺎري‬
‫ﻓﻠﯾس ذﻟك ﺑﻌذر"؛ ﻷﻧﮫ ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﻘﻌد وﯾﺑﻌث اﻟدواب ﻋﻠﻰ ﯾد ﺗﻠﻣﯾذه أو أﺟﯾره "وﻟو ﻣرض اﻟﻣؤاﺟر ﻓﻘﻌد ﻓﻛذا‬
‫اﻟﺟواب" ﻋﻠﻰ رواﯾﺔ اﻷﺻل‪ .‬وروى اﻟﻛرﺧﻲ ﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ ﻋذر؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻌرى ﻋن ﺿرر ﻓﯾدﻓﻊ ﻋﻧﮫ ﻋﻧد‬
‫اﻟﺿرورة دون اﻻﺧﺗﯾﺎر "وﻣن آﺟر ﻋﺑده ﺛم ﺑﺎﻋﮫ ﻓﻠﯾس ﺑﻌذر"؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻠزﻣﮫ اﻟﺿرر ﺑﺎﻟﻣﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﻣوﺟب‬
‫ﻋﻘد‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﻔوﺗﮫ اﻻﺳﺗرﺑﺎح وأﻧﮫ أﻣر زاﺋد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺳﺗﺄﺟر اﻟﺧﯾﺎط ﻏﻼﻣﺎ ﻓﺄﻓﻠس وﺗرك اﻟﻌﻣل ﻓﮭو اﻟﻌذر"؛ ﻷﻧﮫ ﯾﻠزﻣﮫ اﻟﺿرر ﺑﺎﻟﻣﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﻣوﺟب‬
‫اﻟﻌﻘد ﻟﻔوات ﻣﻘﺻوده وھو رأس ﻣﺎﻟﮫ‪ ،‬وﺗﺄوﯾل اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺧﯾﺎط ﯾﻌﻣل ﻟﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟذي ﯾﺧﯾط ﺑﺄﺟر ﻓرأس ﻣﺎﻟﮫ اﻟﺧﯾط‬
‫واﻟﻣﺧﯾط واﻟﻣﻘراض ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق اﻹﻓﻼس ﻓﯾﮫ‪" .‬وإن أراد ﺗرك اﻟﺧﯾﺎطﺔ‪ ،‬وأن ﯾﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﺻرف ﻓﻠﯾس ﺑﻌذر"؛‬
‫ﻷﻧﮫ ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﻘﻌد اﻟﻐﻼم ﻟﻠﺧﯾﺎطﺔ ﻓﻲ ﻧﺎﺣﯾﺔ‪ ،‬وھو ﯾﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﺻرف ﻓﻲ ﻧﺎﺣﯾﺔ‪ ،‬وھذا ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا اﺳﺗﺄﺟر‬
‫دﻛﺎﻧﺎ ﻟﻠﺧﯾﺎطﺔ ﻓﺄراد أن ﯾﺗرﻛﮭﺎ وﯾﺷﺗﻐل ﺑﻌﻣل آﺧر ﺣﯾث ﺟﻌﻠﮫ ﻋذرا ذﻛره ﻓﻲ اﻷﺻل؛ ﻷن اﻟواﺣد ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ‬
‫اﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﻌﻣﻠﯾن‪ ،‬أﻣﺎ ھﺎھﻧﺎ اﻟﻌﺎﻣل ﺷﺧﺻﺎن ﻓﺄﻣﻛﻧﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫"وﻣن اﺳﺗﺄﺟر ﻏﻼﻣﺎ ﯾﺧدﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺻر ﺛم ﺳﺎﻓر ﻓﮭو ﻋذر"؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻌرى ﻋن إﻟزام ﺿرر زاﺋد؛ ﻷن ﺧدﻣﺔ‬
‫اﻟﺳﻔر أﺷق‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻣﻧﻊ ﻣن اﻟﺳﻔر ﺿرر‪ ،‬وﻛل ذﻟك ﻟم ﯾﺳﺗﺣق ﺑﺎﻟﻌﻘد ﻓﯾﻛون ﻋذرا "وﻛذا إذا أطﻠق" ﻟﻣﺎ ﻣر أﻧﮫ‬
‫ﯾﺗﻘﯾد ﺑﺎﻟﺣﺿر‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا آﺟر ﻋﻘﺎرا ﺛم ﺳﺎﻓر؛ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺿرر إذ اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر ﯾﻣﻛﻧﮫ اﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﻘود‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻌد ﻏﯾﺑﺗﮫ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو أراد‬

‫اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر اﻟﺳﻔر ﻓﮭو ﻋذر ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن اﻟﻣﻧﻊ ﻣن اﻟﺳﻔر أو إﻟزام اﻷﺟر ﺑدون اﻟﺳﻛﻧﻰ‬ ‫ص ‪-249-‬‬
‫وذﻟك ﺿرر‪.‬‬

‫ﻣﺳﺎﺋل ﻣﻧﺛورة‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر أرﺿﺎ أو اﺳﺗﻌﺎرھﺎ ﻓﺄﺣرق اﻟﺣﺻﺎﺋد ﻓﺎﺣﺗرق ﺷﻲء ﻣن أرض أﺧرى ﻓﻼ ﺿﻣﺎن ﻋﻠﯾﮫ"؛‬
‫ﻷﻧﮫ ﻏﯾر ﻣﺗﻌد ﻓﻲ ھذا اﻟﺗﺳﺑﯾب ﻓﺄﺷﺑﮫ ﺣﺎﻓر اﻟﺑﺋر ﻓﻲ دار ﻧﻔﺳﮫ‪ .‬وﻗﯾل ھذا إذا ﻛﺎﻧت اﻟرﯾﺎح ھﺎدﺋﺔ ﺛم ﺗﻐﯾرت‪ ،‬أﻣﺎ‬
‫إذا ﻛﺎﻧت ﻣﺿطرﺑﺔ ﯾﺿﻣن؛ ﻷن ﻣوﻗد اﻟﻧﺎر ﯾﻌﻠم أﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺳﺗﻘر ﻓﻲ أرﺿﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أﻗﻌد اﻟﺧﯾﺎط أو اﻟﺻﺑﺎغ ﻓﻲ ﺣﺎﻧوﺗﮫ ﻣن ﯾطرح ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻟﻧﺻف ﻓﮭو ﺟﺎﺋز" ﻷن ھذه ﺷرﻛﺔ‬
‫اﻟوﺟوه ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‪ ،‬ﻓﮭذا ﺑوﺟﺎھﺗﮫ ﯾﻘﺑل وھذا ﺑﺣذاﻗﺗﮫ ﯾﻌﻣل ﻓﯾﻧﺗظم ﺑذﻟك اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﻼ ﺗﺿره اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﯾﻣﺎ‬
‫ﯾﺣﺻل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن اﺳﺗﺄﺟر ﺟﻣﻼ ﻟﯾﺣﻣل ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺣﻣﻼ وراﻛﺑﯾن إﻟﻰ ﻣﻛﺔ ﺟﺎز وﻟﮫ اﻟﻣﺣﻣل اﻟﻣﻌﺗﺎد" وﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎس ﻻ‬
‫ﯾﺟوز؛ وھو ﻗول اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﻟﻠﺟﮭﺎﻟﺔ وﻗد ﯾﻔﺿﻲ ذﻟك إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ‪ .‬وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أن اﻟﻣﻘﺻود ھو اﻟراﻛب وھو‬
‫ﻣﻌﻠوم واﻟﻣﺣﻣل ﺗﺎﺑﻊ‪ ،‬وﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﯾرﺗﻔﻊ ﺑﺎﻟﺻرف إﻟﻰ اﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻓﻼ ﯾﻔﺿﻲ ذﻟك إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ وﻛذا إذا‬
‫ﻟم ﯾر اﻟوطﺎء واﻟدﺛر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﺷﺎھد اﻟﺟﻣﺎل اﻟﺣﻣل ﻓﮭو أﺟود"؛ ﻷﻧﮫ أﻧﻔﻰ ﻟﻠﺟﮭﺎﻟﺔ وأﻗرب إﻟﻰ ﺗﺣﻘق اﻟرﺿﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن اﺳﺗﺄﺟر ﺑﻌﯾرا ﻟﯾﺣﻣل ﻋﻠﯾﮫ ﻣﻘدارا ﻣن اﻟزاد ﻓﺄﻛل ﻣﻧﮫ ﻓﻲ اﻟطرﯾق ﺟﺎز ﻟﮫ أن ﯾرد ﻋوض ﻣﺎ أﻛل"؛‬
‫ﻷﻧﮫ اﺳﺗﺣق ﻋﻠﯾﮫ ﺣﻣﻼ ﻣﺳﻣﻰ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟطرﯾق ﻓﻠﮫ أن ﯾﺳﺗوﻓﯾﮫ "وﻛذا ﻏﯾر اﻟزاد ﻣن اﻟﻣﻛﯾل واﻟﻣوزون" ورد‬
‫اﻟزاد ﻣﻌﺗﺎد ﻋﻧد اﻟﺑﻌض ﻛرد اﻟﻣﺎء ﻓﻼ ﻣﺎﻧﻊ ﻣن اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻹطﻼق وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻟﻣﻛﺎﺗب‬ ‫ص ‪-250-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﺗب اﻟﻣوﻟﻰ ﻋﺑده أو أﻣﺗﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎل ﺷرطﮫ ﻋﻠﯾﮫ وﻗﺑل اﻟﻌﺑد ذﻟك ﺻﺎر ﻣﻛﺎﺗﺑﺎ" أﻣﺎ اﻟﺟواز ﻓﻠﻘوﻟﮫ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰھ‪ُ:‬م ْ} إ ِن ْ ﻋ َ ﻠِﻣ ْ ﺗ ُم ْ ﻓِﯾﮭ ِم ْ ﺧ َ ﯾ ْ ر ً ا{ ]اﻟﻧور‪ [33:‬وھذا ﻟﯾس أﻣر إﯾﺟﺎب ﺑﺈﺟﻣﺎع ﺑﯾن اﻟﻔﻘﮭﺎء‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ھو أﻣر‬
‫ﻓ َﻛ َﺎﺗِﺑ ُو‬
‫ﻧدب ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ‪ .‬وﻓﻲ اﻟﺣﻣل ﻋﻠﻰ اﻹﺑﺎﺣﺔ إﻟﻐﺎء اﻟﺷرط إذ ھو ﻣﺑﺎح ﺑدوﻧﮫ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻧدﺑﯾﺔ ﻣﻌﻠﻘﺔ ﺑﮫ‪ ،‬واﻟﻣراد ﺑﺎﻟﺧﯾر‬
‫اﻟﻣذﻛور ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﯾل أن ﻻ ﯾﺿر ﺑﺎﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺑﻌد اﻟﻌﺗق‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﯾﺿر ﺑﮭم ﻓﺎﻷﻓﺿل أن ﻻ ﯾﻛﺎﺗﺑﮫ وإن ﻛﺎن ﯾﺻﺢ‬
‫ﻟو ﻓﻌﻠﮫ‪ .‬وأﻣﺎ اﺷﺗراط ﻗﺑول اﻟﻌﺑد ﻓﻸﻧﮫ ﻣﺎل ﯾﻠزﻣﮫ ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﺗزاﻣﮫ وﻻ ﯾﻌﺗق إﻻ ﺑﺄداء ﻛل اﻟﺑدل ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬أﯾﻣﺎ ﻋﺑد ﻛوﺗب ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺔ دﯾﻧﺎر ﻓﺄداھﺎ إﻻ ﻋﺷرة دﻧﺎﻧﯾر ﻓﮭو ﻋﺑد" وﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪:‬‬
‫"اﻟﻣﻛﺎﺗب ﻋﺑد ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻋﻠﯾﮫ درھم" وﻓﯾﮫ اﺧﺗﻼف اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭم‪ ،‬وﻣﺎ اﺧﺗرﻧﺎه ﻗول زﯾد ﺑن ﺛﺎﺑت‬
‫رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ وﯾﻌﺗق ﺑﺄداﺋﮫ وإن ﻟم ﯾﻘل اﻟﻣوﻟﻰ إذا أدﯾﺗﮭﺎ ﻓﺄﻧت ﺣر ﻷن ﻣوﺟب اﻟﻌﻘد ﯾﺛﺑت ﻣن ﻏﯾر اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﺑﮫ‬
‫ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وﻻ ﯾﺟب ﺣط ﺷﻲء ﻣن اﻟﺑدل اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز أن ﯾﺷﺗرط اﻟﻣﺎل ﺣﺎﻻ وﯾﺟوز ﻣؤﺟﻼ وﻣﻧﺟﻣﺎ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز ﺣﺎﻻ وﻻ ﺑد ﻣن‬
‫ﻧﺟﻣﯾن‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻋﺎﺟز ﻋن اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﻲ زﻣﺎن ﻗﻠﯾل ﻟﻌدم اﻷھﻠﯾﺔ ﻗﺑﻠﮫ ﻟﻠرق‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺳﻠم ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮫ ﻷﻧﮫ أھل ﻟﻠﻣﻠك‬
‫ﻓﻛﺎن اﺣﺗﻣﺎل اﻟﻘدرة ﺛﺎﺑﺗﺎ‪ ،‬وﻗد دل اﻹﻗدام ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘد ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﯾﺛﺑت‪ .‬وﻟﻧﺎ ظﺎھر ﻣﺎ ﺗﻠوﻧﺎ ﻣن ﻏﯾر ﺷرط اﻟﺗﻧﺟﯾم‪،‬‬
‫وﻷﻧﮫ ﻋﻘد ﻣﻌﺎوﺿﺔ واﻟﺑدل ﻣﻌﻘود ﺑﮫ ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﺛﻣن ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻲ ﻋدم اﺷﺗراط اﻟﻘدرة ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺳﻠم ﻋﻠﻰ‬
‫أﺻﻠﻧﺎ ﻷن اﻟﻣﺳﻠم ﻓﯾﮫ ﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﻘدرة ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻷن ﻣﺑﻧﻰ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺎھﻠﺔ ﻓﯾﻣﮭﻠﮫ اﻟﻣوﻟﻰ‬
‫ظﺎھرا‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺳﻠم ﻷن ﻣﺑﻧﺎه ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺿﺎﯾﻘﺔ وﻓﻲ اﻟﺣﺎل ﻛﻣﺎ اﻣﺗﻧﻊ ﻣن اﻷداء ﯾرد إﻟﻰ اﻟرق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﺟوز ﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟﻌﺑد اﻟﺻﻐﯾر إذا ﻛﺎن ﯾﻌﻘل اﻟﺷراء واﻟﺑﯾﻊ" ﻟﺗﺣﻘق اﻹﯾﺟﺎب واﻟﻘﺑول‪ ،‬إذ اﻟﻌﺎﻗل ﻣن أھل‬
‫اﻟﻘﺑول واﻟﺗﺻرف ﻧﺎﻓﻊ ﻓﻲ ﺣﻘﮫ‪ .‬واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﯾﺧﺎﻟﻔﻧﺎ ﻓﯾﮫ وھو ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺄﻟﺔ إذن اﻟﺻﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﺟﺎرة‪ ،‬وھذا‬
‫ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻻ ﯾﻌﻘل اﻟﺑﯾﻊ‬
‫واﻟﺷراء ﻷن اﻟﻘﺑول ﻻ ﯾﺗﺣﻘق ﻣﻧﮫ ﻓﻼ ﯾﻧﻌﻘد اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو أدى ﻋﻧﮫ ﻏﯾره ﻻ ﯾﻌﺗق‬ ‫ص ‪-251-‬‬
‫وﯾﺳﺗرد ﻣﺎ دﻓﻊ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﻗﺎل ﻟﻌﺑده‪ :‬ﺟﻌﻠت ﻋﻠﯾك أﻟﻔﺎ ﺗؤدﯾﮭﺎ إﻟﻲ ﻧﺟوﻣﺎ أول اﻟﻧﺟم ﻛذا وآﺧره ﻛذا ﻓﺈذا أدﯾﺗﮭﺎ ﻓﺄﻧت ﺣر وإن‬
‫ﻋﺟزت ﻓﺄﻧت رﻗﯾق ﻓﺈن ھذه ﻣﻛﺎﺗﺑﺔ" ﻷﻧﮫ أﺗﻰ ﺑﺗﻔﺳﯾر اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬وﻟو ﻗﺎل‪ :‬إذا أدﯾت إﻟﻲ أﻟﻔﺎ ﻛل ﺷﮭر ﻣﺎﺋﺔ ﻓﺄﻧت‬
‫ﺣر ﻓﮭذه ﻣﻛﺎﺗﺑﺔ ﻓﻲ رواﯾﺔ أﺑﻲ ﺳﻠﯾﻣﺎن‪ .‬ﻷن اﻟﺗﻧﺟﯾم ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟوﺟوب وذﻟك ﺑﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ .‬وﻓﻲ ﻧﺳﺦ أﺑﻲ ﺣﻔص ﻻ‬
‫ﺗﻛون ﻣﻛﺎﺗﺑﺔ اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟﺗﻌﻠﯾق ﺑﺎﻷداء ﻣرة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺻﺣت اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺧرج اﻟﻣﻛﺎﺗب ﻋن ﯾد اﻟﻣوﻟﻰ وﻟم ﯾﺧرج ﻋن ﻣﻠﻛﮫ" أﻣﺎ اﻟﺧروج ﻣن ﯾده ﻓﻠﺗﺣﻘﯾق‬
‫ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ وھو اﻟﺿم ﻓﯾﺿم ﻣﺎﻟﻛﯾﺔ ﯾده إﻟﻰ ﻣﺎﻟﻛﯾﺔ ﻧﻔﺳﮫ أو ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻣﻘﺻود اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ وھو أداء اﻟﺑدل ﻓﯾﻣﻠك اﻟﺑﯾﻊ‬
‫واﻟﺷراء واﻟﺧروج إﻟﻰ اﻟﺳﻔر وإن ﻧﮭﺎه اﻟﻣوﻟﻰ‪ ،‬وأﻣﺎ ﻋدم اﻟﺧروج ﻋن ﻣﻠﻛﮫ ﻓﻠﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻋﻘد ﻣﻌﺎوﺿﺔ‬
‫وﻣﺑﻧﺎه ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺎواة‪ ،‬وﯾﻧﻌدم ذﻟك ﺑﺗﻧﺟز اﻟﻌﺗق وﯾﺗﺣﻘق ﺑﺗﺄﺧره ﻷﻧﮫ ﯾﺛﺑت ﻟﮫ ﻧوع ﻣﺎﻟﻛﯾﺔ وﯾﺛﺑت ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟذﻣﺔ ﺣق‬
‫ﻣن وﺟﮫ "ﻓﺈن أﻋﺗﻘﮫ ﻋﺗق ﺑﻌﺗﻘﮫ" ﻷﻧﮫ ﻣﺎﻟك ﻟرﻗﺑﺗﮫ "وﺳﻘط ﻋﻧﮫ ﺑدل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ" ﻷﻧﮫ ﻣﺎ اﻟﺗزﻣﮫ إﻻ ﻣﻘﺎﺑﻼ‬
‫ﺑﺣﺻول اﻟﻌﺗق ﺑﮫ وﻗد ﺣﺻل دوﻧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا وطﺊ اﻟﻣوﻟﻰ ﻣﻛﺎﺗﺑﺗﮫ ﻟزﻣﮫ اﻟﻌﻘر" ﻷﻧﮭﺎ ﺻﺎرت أﺧص ﺑﺄﺟزاﺋﮭﺎ ﺗوﺳﻼ إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ وھو‬
‫اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﺑدل ﻣن ﺟﺎﻧﺑﮫ وإﻟﻰ اﻟﺣرﯾﺔ ﻣن ﺟﺎﻧﺑﮭﺎ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻣﻧﺎﻓﻊ اﻟﺑﺿﻊ ﻣﻠﺣﻘﺔ ﺑﺎﻷﺟزاء واﻷﻋﯾﺎن "وإن‬
‫ﺟﻧﻰ ﻋﻠﯾﮭﺎ أو ﻋﻠﻰ وﻟدھﺎ ﻟزﻣﺗﮫ اﻟﺟﻧﺎﯾﺔ" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ "وإن أﺗﻠف ﻣﺎﻻ ﻟﮭﺎ ﻏرم" ﻷن اﻟﻣوﻟﻰ ﻛﺎﻷﺟﻧﺑﻲ ﻓﻲ ﺣق‬
‫أﻛﺳﺎﺑﮭﺎ وﻧﻔﺳﮭﺎ‪ ،‬إذ ﻟو ﻟم ﯾﺟﻌل ﻛذﻟك ﻷﺗﻠﻔﮫ اﻟﻣوﻟﻰ ﻓﯾﻣﺗﻧﻊ ﺣﺻول اﻟﻐرض اﻟﻣﺑﺗﻐﻰ ﺑﺎﻟﻌﻘد‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟﻔﺎﺳدة‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﺗب اﻟﻣﺳﻠم ﻋﺑده ﻋﻠﻰ ﺧﻣر أو ﺧﻧزﯾر أو ﻋﻠﻰ ﻗﯾﻣﺔ ﻧﻔﺳﮫ ﻓﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﺎﺳدة" أﻣﺎ اﻷول ﻓﻸن اﻟﺧﻣر‬
‫واﻟﺧﻧزﯾر ﻻ ﯾﺳﺗﺣﻘﮫ اﻟﻣﺳﻠم ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﻣﺎل ﻓﻲ ﺣﻘﮫ ﻓﻼ ﯾﺻﻠﺢ ﺑدﻻ ﻓﯾﻔﺳد اﻟﻌﻘد‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻸن اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻣﺟﮭوﻟﺔ‬
‫ﻗدرا وﺟﻧﺳﺎ ووﺻﻔﺎ ﻓﺗﻔﺎﺣﺷت اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎﺗب ﻋﻠﻰ ﺛوب أو داﺑﺔ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھو‬
‫ﻣوﺟب اﻟﻌﻘد اﻟﻔﺎﺳد ﻷﻧﮫ ﻣوﺟب ﻟﻠﻘﯾﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن أدى اﻟﺧﻣر ﻋﺗق" وﻗﺎل زﻓر‪ :‬ﻻ ﯾﻌﺗق إﻻ ﺑﺄداء ﻗﯾﻣﺔ ﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬ﻷن اﻟﺑدل ھو اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬أﻧﮫ ﯾﻌﺗق ﺑﺄداء اﻟﺧﻣر ﻷﻧﮫ ﺑدل ﺻورة‪ ،‬وﯾﻌﺗق ﺑﺄداء اﻟﻘﯾﻣﺔ‬
‫أﯾﺿﺎ ﻷﻧﮫ ھو اﻟﺑدل ﻣﻌﻧﻰ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ إﻧﻣﺎ ﯾﻌﺗق ﺑﺄداء ﻋﯾن اﻟﺧﻣر‬ ‫ص ‪-252-‬‬
‫إذا ﻗﺎل إن أدﯾﺗﮭﺎ ﻓﺄﻧت ﺣر ﻷﻧﮫ ﺣﯾﻧﺋذ ﯾﻛون اﻟﻌﺗق ﺑﺎﻟﺷرط ﻻ ﺑﻌﻘد اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎﺗب ﻋﻠﻰ ﻣﯾﺗﺔ أو دم‬
‫وﻻ ﻓﺻل ﻓﻲ ظﺎھر اﻟرواﯾﺔ‪ .‬ووﺟﮫ اﻟﻔرق ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ وﺑﯾن اﻟﻣﯾﺗﺔ أن اﻟﺧﻣر واﻟﺧﻧزﯾر ﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻓﺄﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر‬
‫ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌﻘد ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻣوﺟﺑﮫ اﻟﻌﺗق ﻋﻧد أداء اﻟﻌوض اﻟﻣﺷروط‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﻣﯾﺗﺔ ﻓﻠﯾﺳت ﺑﻣﺎل أﺻﻼ ﻓﻼ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر‬
‫ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌﻘد ﻓﯾﮫ ﻓﺎﻋﺗﺑر ﻓﯾﮫ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺷرط وذﻟك ﺑﺎﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﯾﮫ "وإذا ﻋﺗق ﺑﺄداء ﻋﯾن اﻟﺧﻣر ﻟزﻣﮫ أن ﯾﺳﻌﻰ‬
‫ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺗﮫ" ﻷﻧﮫ وﺟب ﻋﻠﯾﮫ رد رﻗﺑﺗﮫ ﻟﻔﺳﺎد اﻟﻌﻘد وﻗد ﺗﻌذر ﺑﺎﻟﻌﺗق ﻓﯾﺟب رد ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ اﻟﻔﺎﺳد إذا ﺗﻠف‬
‫اﻟﻣﺑﯾﻊ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﻧﻘص ﻋن اﻟﻣﺳﻣﻰ وﯾزاد ﻋﻠﯾﮫ" ﻷﻧﮫ ﻋﻘد ﻓﺎﺳد ﻓﺗﺟب اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻋﻧد ھﻼك اﻟﻣﺑدل ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻣﺎ ﺑﻠﻐت ﻛﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺑﯾﻊ اﻟﻔﺎﺳد‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﻣوﻟﻰ ﻣﺎ رﺿﻲ ﺑﺎﻟﻧﻘﺻﺎن واﻟﻌﺑد رﺿﻲ ﺑﺎﻟزﯾﺎدة ﻛﻲ ﻻ ﯾﺑطل ﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﺗق أﺻﻼ‬
‫ﻓﺗﺟب ﻗﯾﻣﺗﮫ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻣﺎ ﺑﻠﻐت‪ ،‬وﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎﺗﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻗﯾﻣﺗﮫ ﯾﻌﺗق ﺑﺄداء اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻷﻧﮫ ھو اﻟﺑدل‪ .‬وأﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر ﻣﻌﻧﻰ‬
‫اﻟﻌﻘد ﻓﯾﮫ وأﺛر اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺳﺎد‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎﺗﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﺛوب ﺣﯾث ﻻ ﯾﻌﺗق ﺑﺄداء ﺛوب ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾوﻗف ﻓﯾﮫ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣراد اﻟﻌﺎﻗد ﻻﺧﺗﻼف أﺟﻧﺎس اﻟﺛوب ﻓﻼ ﯾﺛﺑت اﻟﻌﺗق ﺑدون إرادﺗﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذﻟك إن ﻛﺎﺗﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﺑﻌﯾﻧﮫ ﻟﻐﯾره ﻟم ﯾﺟز" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻠﯾﻣﮫ‪ .‬وﻣراده ﺷﻲء ﯾﺗﻌﯾن ﺑﺎﻟﺗﻌﯾﯾن‪،‬‬
‫ﺣﺗﻰ ﻟو ﻗﺎل ﻛﺎﺗﺑﺗك ﻋﻠﻰ ھذه اﻷﻟف اﻟدراھم وھﻲ ﻟﻐﯾره ﺟﺎز ﻷﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺗﻌﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎوﺿﺎت ﻓﯾﺗﻌﻠق ﺑدراھم دﯾن‬
‫ﻓﻲ اﻟذﻣﺔ ﻓﯾﺟوز‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻓﻲ رواﯾﺔ اﻟﺣﺳن أﻧﮫ ﯾﺟوز‪ ،‬ﺣﺗﻰ إذا ﻣﻠﻛﮫ وﺳﻠﻣﮫ ﯾﻌﺗق‪ ،‬وإن‬
‫ﻋﺟز ﯾرد ﻓﻲ اﻟرق ﻷن اﻟﻣﺳﻣﻰ ﻣﺎل واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻣوھوم ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﺻداق‪ .‬ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬إن اﻟﻌﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎوﺿﺎت‬
‫ﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﮫ ﺷرط ﻟﻠﺻﺣﺔ إذا ﻛﺎن اﻟﻌﻘد ﯾﺣﺗﻣل اﻟﻔﺳﺦ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺻداق‬
‫ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح ﻷن اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھو اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻟﻧﻛﺎح ﻟﯾس ﺑﺷرط‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﻣﺎ ھو ﺗﺎﺑﻊ ﻓﯾﮫ أوﻟﻰ‪ .‬ﻓﻠو أﺟﺎز ﺻﺎﺣب‬
‫اﻟﻌﯾن ذﻟك ﻓﻌن ﻣﺣﻣد أﻧﮫ ﯾﺟوز ﻷﻧﮫ ﯾﺟوز اﻟﺑﯾﻊ ﻋﻧد اﻹﺟﺎزة ﻓﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ أوﻟﻰ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز اﻋﺗﺑﺎرا‬
‫ﺑﺣﺎل ﻋدم اﻹﺟﺎزة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب‪ ،‬واﻟﺟﺎﻣﻊ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻔﯾد ﻣﻠك اﻟﻣﻛﺎﺳب وھو اﻟﻣﻘﺻود ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺛﺑت ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ‬
‫إﻟﻰ اﻷداء ﻣﻧﮭﺎ وﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺑدل ﻋﯾﻧﺎ ﻣﻌﯾﻧﺎ‪ ،‬واﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف أﻧﮫ ﯾﺟوز‬
‫أﺟﺎز ذﻟك أو ﻟم ﯾﺟز‪ ،‬ﻏﯾر أﻧﮫ ﻋﻧد اﻹﺟﺎزة ﯾﺟب ﺗﺳﻠﯾم ﻋﯾﻧﮫ‪ ،‬وﻋﻧد ﻋدﻣﮭﺎ ﯾﺟب ﺗﺳﻠﯾم ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح‪،‬‬
‫واﻟﺟﺎﻣﻊ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﺻﺣﺔ اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﺎﻻ‪ ،‬وﻟو ﻣﻠك اﻟﻣﻛﺎﺗب ذﻟك اﻟﻌﯾن‪ ،‬ﻓﻌن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رواه أﺑو ﯾوﺳف أﻧﮫ إذا‬
‫أداه ﻻ ﯾﻌﺗق‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذه اﻟرواﯾﺔ ﻟم ﯾﻧﻌﻘد‬

‫اﻟﻌﻘد إﻻ إذا ﻗﺎل ﻟﮫ إذا أدﯾت إﻟﻲ ﻓﺄﻧت ﺣر ﻓﺣﯾﻧﺋذ ﯾﻌﺗق ﺑﺣﻛم اﻟﺷرط‪ ،‬وھﻛذا ﻋن أﺑﻲ‬ ‫ص ‪-253-‬‬
‫ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ‪ .‬وﻋﻧﮫ أﻧﮫ ﯾﻌﺗق ﻗﺎل ذﻟك أو ﻟم ﯾﻘل‪ ،‬ﻷن اﻟﻌﻘد ﯾﻧﻌﻘد ﻣﻊ اﻟﻔﺳﺎد ﻟﻛون اﻟﻣﺳﻣﻰ ﻣﺎﻻ ﻓﯾﻌﺗق ﺑﺄداء‬
‫اﻟﻣﺷروط‪ .‬وﻟو ﻛﺎﺗﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻋﯾن ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﻛﺎﺗب ﻓﻔﯾﮫ رواﯾﺗﺎن‪ ،‬وھﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﯾﺎن‪ ،‬وﻗد ﻋرف ذﻟك‬
‫ﻓﻲ اﻷﺻل‪ ،‬وﻗد ذﻛرﻧﺎ وﺟﮫ اﻟرواﯾﺗﯾن ﻓﻲ ﻛﻔﺎﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗﮭﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﺗﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺔ دﯾﻧﺎر ﻋﻠﻰ أن ﯾرد اﻟﻣوﻟﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻋﺑدا ﺑﻐﯾر ﻋﯾﻧﮫ ﻓﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﺎﺳدة ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‬
‫وﻣﺣﻣد‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ھﻲ ﺟﺎﺋزة‪ ،‬وﯾﻘﺳم اﻟﻣﺎﺋﺔ اﻟدﯾﻧﺎر ﻋﻠﻰ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻣﻛﺎﺗب وﻋﻠﻰ ﻗﯾﻣﺔ ﻋﺑد وﺳط ﻓﯾﺑطل‬
‫ﻣﻧﮭﺎ ﺣﺻﺔ اﻟﻌﺑد ﻓﯾﻛون ﻣﻛﺎﺗﺑﺎ ﺑﻣﺎ ﺑﻘﻲ" ﻷن اﻟﻌﺑد اﻟﻣطﻠق ﯾﺻﻠﺢ ﺑدل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ وﯾﻧﺻرف إﻟﻰ اﻟوﺳط‪ ،‬ﻓﻛذا ﯾﺻﻠﺢ‬
‫ﻣﺳﺗﺛﻧﻰ ﻣﻧﮫ وھو اﻷﺻل ﻓﻲ أﺑدال اﻟﻌﻘود‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺳﺗﺛﻧﻰ اﻟﻌﺑد ﻣن اﻟدﻧﺎﻧﯾر‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﺗﺳﺗﺛﻧﻰ ﻗﯾﻣﺗﮫ واﻟﻘﯾﻣﺔ ﻻ‬
‫ﺗﺻﻠﺢ ﺑدﻻ ﻓﻛذﻟك ﻣﺳﺗﺛﻧﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﺗﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﺣﯾوان ﻏﯾر ﻣوﺻوف ﻓﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺟﺎﺋزة" ﻣﻌﻧﺎه أن ﯾﺑﯾن اﻟﺟﻧس وﻻ ﯾﺑﯾن اﻟﻧوع واﻟﺻﻔﺔ‬
‫"وﯾﻧﺻرف إﻟﻰ اﻟوﺳط وﯾﺟﺑر ﻋﻠﻰ ﻗﺑول اﻟﻘﯾﻣﺔ" وﻗد ﻣر ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح‪.‬‬
‫أﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﺑﯾن اﻟﺟﻧس ﻣﺛل أن ﯾﻘول داﺑﺔ ﻻ ﯾﺟوز ﻷﻧﮫ ﯾﺷﻣل أﺟﻧﺎﺳﺎ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﺗﺗﻔﺎﺣش اﻟﺟﮭﺎﻟﺔ‪ ،‬وإذا ﺑﯾن اﻟﺟﻧس‬
‫ﻛﺎﻟﻌﺑد واﻟوﺻﯾف ﻓﺎﻟﺟﮭﺎﻟﺔ ﯾﺳﯾرة وﻣﺛﻠﮭﺎ ﯾﺗﺣﻣل ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﺗﻌﺗﺑر ﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﺑدل ﺑﺟﮭﺎﻟﺔ اﻷﺟل ﻓﯾﮫ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز‪ ،‬وھو اﻟﻘﯾﺎس ﻷﻧﮫ ﻣﻌﺎوﺿﺔ ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﺑﯾﻊ‪ .‬وﻟﻧﺎ أﻧﮫ ﻣﻌﺎوﺿﺔ ﻣﺎل ﺑﻐﯾر ﻣﺎل أو ﺑﻣﺎل ﻟﻛن ﻋﻠﻰ‬
‫وﺟﮫ ﯾﺳﻘط اﻟﻣﻠك ﻓﯾﮫ ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟﻧﻛﺎح‪ ،‬واﻟﺟﺎﻣﻊ أﻧﮫ ﯾﺑﺗﻧﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺎﻣﺣﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺑﯾﻊ ﻷﻧﮫ ﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻣﺎﻛﺳﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﺗب اﻟﻧﺻراﻧﻲ ﻋﺑده ﻋﻠﻰ ﺧﻣر ﻓﮭو ﺟﺎﺋز" ﻣﻌﻧﺎه إذا ﻛﺎن ﻣﻘدارا ﻣﻌﻠوﻣﺎ واﻟﻌﺑد ﻛﺎﻓرا ﻷﻧﮭﺎ ﻣﺎل ﻓﻲ‬
‫ﺣﻘﮭم ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺧل ﻓﻲ ﺣﻘﻧﺎ "وأﯾﮭﻣﺎ أﺳﻠم ﻓﻠﻠﻣوﻟﻰ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺧﻣر" ﻷن اﻟﻣﺳﻠم ﻣﻣﻧوع ﻋن ﺗﻣﻠﯾك اﻟﺧﻣر وﺗﻣﻠﻛﮭﺎ‪،‬‬
‫وﻓﻲ اﻟﺗﺳﻠﯾم ذﻟك إذ اﻟﺧﻣر ﻏﯾر ﻣﻌﯾن ﻓﯾﻌﺟز ﻋن ﺗﺳﻠﯾم اﻟﺑدل ﻓﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ‪ ،‬وھذا ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺗﺑﺎﯾﻊ‬
‫اﻟذﻣﯾﺎن ﺧﻣرا ﺛم أﺳﻠم أﺣدھﻣﺎ ﺣﯾث ﯾﻔﺳد اﻟﺑﯾﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻟﺑﻌض‪ ،‬ﻷن اﻟﻘﯾﻣﺔ ﺗﺻﻠﺢ ﺑدﻻ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻧﮫ ﻟو ﻛﺎﺗب ﻋﻠﻰ وﺻﯾف وأﺗﻰ ﺑﺎﻟﻘﯾﻣﺔ ﯾﺟﺑر ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺑول ﻓﺟﺎز أن ﯾﺑﻘﻰ اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻼ ﯾﻧﻌﻘد‬
‫ﺻﺣﯾﺣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻓﺎﻓﺗرﻗﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻗﺑﺿﮭﺎ ﻋﺗق" ﻷن ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻌﺎوﺿﺔ‪ .‬ﻓﺈذا وﺻل أﺣد اﻟﻌوﺿﯾن‬

‫إﻟﻰ اﻟﻣوﻟﻰ ﺳﻠم اﻟﻌوض اﻵﺧر ﻟﻠﻌﺑد وذﻟك ﺑﺎﻟﻌﺗق‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻌﺑد ﻣﺳﻠﻣﺎ‬ ‫ص ‪-254-‬‬
‫ﺣﯾث ﻟم ﺗﺟز اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻷن اﻟﻣﺳﻠم ﻟﯾس ﻣن أھل اﻟﺗزام اﻟﺧﻣر‪ ،‬وﻟو أداھﺎ ﻋﺗق وﻗد ﺑﯾﻧﺎه ﻣن ﻗﺑل‪ .‬وﷲ أﻋﻠم‬
‫ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﺑﺎب ﻣﺎ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﻛﺎﺗب أن ﯾﻔﻌﻠﮫ‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺟوز ﻟﻠﻣﻛﺎﺗب اﻟﺑﯾﻊ واﻟﺷراء واﻟﺳﻔر" ﻷن ﻣوﺟب اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ أن ﯾﺻﯾر ﺣرا ﯾدا‪ ،‬وذﻟك ﺑﻣﺎﻟﻛﯾﺔ اﻟﺗﺻرف‬
‫ﻣﺳﺗﺑدا ﺑﮫ ﺗﺻرﻓﺎ ﯾوﺻﻠﮫ إﻟﻰ ﻣﻘﺻوده وھو ﻧﯾل اﻟﺣرﯾﺔ ﺑﺄداء اﻟﺑدل‪ ،‬واﻟﺑﯾﻊ واﻟﺷراء ﻣن ھذا اﻟﻘﺑﯾل‪ ،‬وﻛذا اﻟﺳﻔر‬
‫ﻷن اﻟﺗﺟﺎرة رﺑﻣﺎ ﻻ ﺗﺗﻔق ﻓﻲ اﻟﺣﺿر ﻓﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺎﻓرة‪ ،‬وﯾﻣﻠك اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺎﻟﻣﺣﺎﺑﺎة ﻷﻧﮫ ﻣن ﺻﻧﯾﻊ اﻟﺗﺟﺎر‪ ،‬ﻓﺈن‬
‫اﻟﺗﺎﺟر ﻗد ﯾﺣﺎﺑﻲ ﻓﻲ ﺻﻔﻘﺔ ﻟﯾرﺑﺢ ﻓﻲ أﺧرى‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﺷرط ﻋﻠﯾﮫ أن ﻻ ﯾﺧرج ﻣن اﻟﻛوﻓﺔ ﻓﻠﮫ أن ﯾﺧرج اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ" ﻷن ھذا اﻟﺷرط ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻌﻘد‬
‫وھو ﻣﺎﻟﻛﯾﺔ اﻟﯾد ﻣن ﺟﮭﺔ اﻻﺳﺗﺑداد وﺛﺑوت اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﺑطل اﻟﺷرط وﺻﺢ اﻟﻌﻘد ﻷﻧﮫ ﺷرط ﻟم ﯾﺗﻣﻛن ﻓﻲ ﺻﻠب‬
‫اﻟﻌﻘد‪ ،‬وﺑﻣﺛﻠﮫ ﻻ ﺗﻔﺳد اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺗﺷﺑﮫ اﻟﺑﯾﻊ وﺗﺷﺑﮫ اﻟﻧﻛﺎح ﻓﺄﻟﺣﻘﻧﺎه ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ ﻓﻲ ﺷرط ﺗﻣﻛن ﻓﻲ ﺻﻠب‬
‫اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا ﺷرط ﺧدﻣﺔ ﻣﺟﮭوﻟﺔ ﻷﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﺑدل وﺑﺎﻟﻧﻛﺎح ﻓﻲ ﺷرط ﻟم ﯾﺗﻣﻛن ﻓﻲ ﺻﻠﺑﮫ ھذا ھو اﻷﺻل‪ .‬أو‬
‫ﻧﻘول‪ :‬إن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻧب اﻟﻌﺑد إﻋﺗﺎق ﻷﻧﮫ إﺳﻘﺎط اﻟﻣﻠك‪ ،‬وھذا اﻟﺷرط ﯾﺧص اﻟﻌﺑد ﻓﺎﻋﺗﺑر إﻋﺗﺎﻗﺎ ﻓﻲ ﺣق ھذا‬
‫اﻟﺷرط‪ ،‬واﻹﻋﺗﺎق ﻻ ﯾﺑطل ﺑﺎﻟﺷروط اﻟﻔﺎﺳدة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺗزوج إﻻ ﺑﺈذن اﻟﻣوﻟﻰ" ﻷن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓك اﻟﺣﺟر ﻣﻊ ﻗﯾﺎم اﻟﻣﻠك ﺿرورة اﻟﺗوﺳل إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺻود‪،‬‬
‫واﻟﺗزوج ﻟﯾس وﺳﯾﻠﺔ إﻟﯾﮫ‪ ،‬وﯾﺟوز ﺑﺈذن اﻟﻣوﻟﻰ ﻷن اﻟﻣﻠك ﻟﮫ "وﻻ ﯾﮭب وﻻ ﯾﺗﺻدق إﻻ ﺑﺎﻟﺷﻲء اﻟﯾﺳﯾر" ﻷن‬
‫اﻟﮭﺑﺔ واﻟﺻدﻗﺔ ﺗﺑرع وھو ﻏﯾر ﻣﺎﻟك ﻟﯾﻣﻠﻛﮫ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﺷﻲء اﻟﯾﺳﯾر ﻣن ﺿرورات اﻟﺗﺟﺎرة ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺟد ﺑدا ﻣن‬
‫ﺿﯾﺎﻓﺔ وإﻋﺎرة ﻟﯾﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻣﺟﺎھزون‪ .‬وﻣن ﻣﻠك ﺷﯾﺋﺎ ﯾﻣﻠك ﻣﺎ ھو ﻣن ﺿروراﺗﮫ وﺗواﺑﻌﮫ "وﻻ ﯾﺗﻛﻔل" ﻷﻧﮫ‬
‫ﺗﺑرع ﻣﺣض‪ ،‬ﻓﻠﯾس ﻣن ﺿرورات اﻟﺗﺟﺎرة واﻻﻛﺗﺳﺎب وﻻ ﯾﻣﻠﻛﮫ ﺑﻧوﻋﯾﮫ ﻧﻔﺳﺎ وﻣﺎﻻ ﻷن ﻛل ذﻟك ﺗﺑرع "وﻻ‬
‫ﯾﻘرض" ﻷﻧﮫ ﺗﺑرع ﻟﯾس ﻣن ﺗواﺑﻊ اﻻﻛﺗﺳﺎب "ﻓﺈن وھب ﻋﻠﻰ ﻋوض ﻟم ﯾﺻﺢ" ﻷﻧﮫ ﺗﺑرع اﺑﺗداء "وإن زوج‬
‫أﻣﺗﮫ ﺟﺎز" ﻷﻧﮫ اﻛﺗﺳﺎب ﻟﻠﻣﺎل ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺗﻣﻠك ﺑﮫ اﻟﻣﮭر ﻓدﺧل ﺗﺣت اﻟﻌﻘد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذﻟك إن ﻛﺎﺗب ﻋﺑده" واﻟﻘﯾﺎس أن ﻻ ﯾﺟوز وھو ﻗول زﻓر واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ ،‬ﻷن ﻣﺂﻟﮫ اﻟﻌﺗق واﻟﻣﻛﺎﺗب ﻟﯾس ﻣن‬
‫أھﻠﮫ ﻛﺎﻹﻋﺗﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺎل‪ .‬وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أﻧﮫ ﻋﻘد اﻛﺗﺳﺎب ﻟﻠﻣﺎل ﻓﯾﻣﻠﻛﮫ ﻛﺗزوﯾﺞ اﻷﻣﺔ وﻛﺎﻟﺑﯾﻊ وﻗد ﯾﻛون ھو‬
‫أﻧﻔﻊ ﻟﮫ‬

‫ﻣن اﻟﺑﯾﻊ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾزﯾل اﻟﻣﻠك إﻻ ﺑﻌد وﺻول اﻟﺑدل إﻟﯾﮫ واﻟﺑﯾﻊ ﯾزﯾﻠﮫ ﻗﺑﻠﮫ وﻟﮭذا ﯾﻣﻠﻛﮫ‬ ‫ص ‪-255-‬‬
‫اﻷب واﻟوﺻﻲ ﺛم ھو ﯾوﺟب ﻟﻠﻣﻣﻠوك ﻣﺛل ﻣﺎ ھو ﺛﺎﺑت ﻟﮫ‪ .‬ﺑﺧﻼف اﻹﻋﺗﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺎل ﻷﻧﮫ ﯾوﺟب ﻓوق ﻣﺎ ھو‬
‫ﺛﺎﺑت ﻟﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن أدى اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻗﺑل أن ﯾﻌﺗق اﻷول ﻓوﻻؤه ﻟﻠﻣوﻟﻰ" ﻷن ﻟﮫ ﻓﯾﮫ ﻧوع ﻣﻠك‪ .‬وﺗﺻﺢ إﺿﺎﻓﺔ اﻹﻋﺗﺎق إﻟﯾﮫ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺟﻣﻠﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺗﻌذر إﺿﺎﻓﺗﮫ إﻟﻰ ﻣﺑﺎﺷر اﻟﻌﻘد ﻟﻌدم اﻷھﻠﯾﺔ أﺿﯾف إﻟﯾﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺑد إذا اﺷﺗرى ﺷﯾﺋﺎ ﯾﺛﺑت اﻟﻣﻠك‬
‫ﻟﻠﻣوﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﻠو أدى اﻷول ﺑﻌد ذﻟك وﻋﺗق ﻻ ﯾﻧﺗﻘل اﻟوﻻء إﻟﯾﮫ" ﻷن اﻟﻣوﻟﻰ ﺟﻌل ﻣﻌﺗﻘﺎ واﻟوﻻء ﻻ ﯾﻧﺗﻘل ﻋن اﻟﻣﻌﺗق‬
‫"وإن أدى اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻌد ﻋﺗق اﻷول ﻓوﻻؤه ﻟﮫ" ﻷن اﻟﻌﺎﻗد ﻣن أھل ﺛﺑوت اﻟوﻻء وھو اﻷﺻل ﻓﯾﺛﺑت ﻟﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن أﻋﺗق ﻋﺑده ﻋﻠﻰ ﻣﺎل أو ﺑﺎﻋﮫ ﻣن ﻧﻔﺳﮫ أو زوج ﻋﺑده ﻟم ﯾﺟز" ﻷن ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﻟﯾﺳت ﻣن اﻟﻛﺳب‬
‫وﻻ ﻣن ﺗواﺑﻌﮫ‪ .‬أﻣﺎ اﻷول ﻓﻸﻧﮫ إﺳﻘﺎط اﻟﻣﻠك ﻋن رﻗﺑﺗﮫ وإﺛﺑﺎت اﻟدﯾن ﻓﻲ ذﻣﮫ اﻟﻣﻔﻠس ﻓﺄﺷﺑﮫ اﻟزوال ﺑﻐﯾر ﻋوض‪،‬‬
‫وﻛذا اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻷﻧﮫ إﻋﺗﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﺛﺎﻟث ﻓﻸﻧﮫ ﺗﻧﻘﯾص ﻟﻠﻌﺑد وﺗﻌﯾﯾب ﻟﮫ وﺷﻐل رﻗﺑﺗﮫ ﺑﺎﻟﻣﮭر‬
‫واﻟﻧﻔﻘﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺗزوﯾﺞ اﻷﻣﺔ ﻷﻧﮫ اﻛﺗﺳﺎب ﻻﺳﺗﻔﺎدﺗﮫ اﻟﻣﮭر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻛذﻟك اﻷب واﻟوﺻﻲ ﻓﻲ رﻗﯾق اﻟﺻﻐﯾر ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻣﻛﺎﺗب" ﻷﻧﮭﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛﺎن اﻻﻛﺗﺳﺎب ﻛﺎﻟﻣﻛﺎﺗب‪ ،‬وﻷن ﻓﻲ‬
‫ﺗزوﯾﺞ اﻷﻣﺔ واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻧظرا ﻟﮫ‪ ،‬وﻻ ﻧظر ﻓﯾﻣﺎ ﺳواھﻣﺎ واﻟوﻻﯾﺔ ﻧظرﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻣﺄذون ﻟﮫ ﻓﻼ ﯾﺟوز ﻟﮫ ﺷﻲء ﻣن ذﻟك ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد‪ ،‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ﻟﮫ أن ﯾزوج‬
‫أﻣﺗﮫ" وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺧﻼف اﻟﻣﺿﺎرب واﻟﻣﻔﺎوض واﻟﺷرﯾك ﺷرﻛﺔ ﻋﻧﺎن ھو ﻗﺎﺳﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﺎﺗب واﻋﺗﺑره ﺑﺎﻹﺟﺎرة‪.‬‬
‫وﻟﮭﻣﺎ أن اﻟﻣﺄذون ﻟﮫ ﯾﻣﻠك اﻟﺗﺟﺎرة وھذا ﻟﯾس ﺑﺗﺟﺎرة‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻣﻛﺎﺗب ﯾﺗﻣﻠك اﻻﻛﺗﺳﺎب وھذا اﻛﺗﺳﺎب‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻣﺑﺎدﻟﺔ‬
‫اﻟﻣﺎل ﺑﻐﯾر اﻟﻣﺎل ﻓﯾﻌﺗﺑر ﺑﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ دون اﻹﺟﺎرة‪ ،‬إذ ھﻲ ﻣﺑﺎدﻟﺔ اﻟﻣﺎل ﺑﺎﻟﻣﺎل وﻟﮭذا ﻻ ﯾﻣﻠك ھؤﻻء ﻛﻠﮭم ﺗزوﯾﺞ‬
‫اﻟﻌﺑد‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺷﺗرى اﻟﻣﻛﺎﺗب أﺑﺎه أو اﺑﻧﮫ دﺧل ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺗﮫ"‬ ‫ﻓﺻل‪:‬‬


‫ﻷﻧﮫ ﻣن أھل أن ﯾﻛﺎﺗب وإن ﻟم ﯾﻛن ﻣن أھل اﻹﻋﺗﺎق ﻓﯾﺟﻌل ﻣﻛﺎﺗﺑﺎ ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ﻟﻠﺻﻠﺔ ﺑﻘدر اﻹﻣﻛﺎن‪ ،‬أﻻ ﺗرى أن اﻟﺣر‬
‫ﻣﺗﻰ ﻛﺎن ﯾﻣﻠك اﻹﻋﺗﺎق ﯾﻌﺗق ﻋﻠﯾﮫ "وإن اﺷﺗرى ذا رﺣم ﻣﺣرم ﻣﻧﮫ ﻷوﻻد ﻟﮫ ﻟم ﯾدﺧل ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺗﮫ ﻋﻧد‬

‫أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾدﺧل" اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﻘراﺑﺔ اﻟوﻻد إذ وﺟوب اﻟﺻﻠﺔ ﯾﻧﺗظﻣﮭﻣﺎ وﻟﮭذا ﻻ‬ ‫ص ‪-256-‬‬
‫ﯾﻔﺗرﻗﺎن ﻓﻲ اﻟﺣر ﻓﻲ ﺣق اﻟﺣرﯾﺔ‪ .‬وﻟﮫ أن ﻟﻠﻣﻛﺎﺗب ﻛﺳﺑﺎ ﻻ ﻣﻠﻛﺎ‪ ،‬ﻏﯾر أن اﻟﻛﺳب ﯾﻛﻔﻲ اﻟﺻﻠﺔ ﻓﻲ اﻟوﻻد ﺣﺗﻰ أن‬
‫اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺳب ﯾﺧﺎطب ﺑﻧﻔﻘﺔ اﻟواﻟد واﻟوﻟد وﻻ ﯾﻛﻔﻲ ﻓﻲ ﻏﯾرھﻣﺎ ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﺟب ﻧﻔﻘﺔ اﻷخ إﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﺳر‪،‬‬
‫وﻷن ھذه ﻗراﺑﺔ ﺗوﺳطت ﺑﯾن ﺑﻧﻲ اﻷﻋﻣﺎم وﻗراﺑﺔ اﻟوﻻد ﻓﺄﻟﺣﻘﻧﺎھﺎ ﺑﺎﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺗق‪ ،‬وﺑﺎﻷول ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ وھذا‬
‫أوﻟﻰ ﻷن اﻟﻌﺗق أﺳرع ﻧﻔوذا ﻣن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬ﺣﺗﻰ أن أﺣد اﻟﺷرﯾﻛﯾن إذا ﻛﺎﺗب ﻛﺎن ﻟﻶﺧر ﻓﺳﺧﮫ‪ ،‬وإذا أﻋﺗق ﻻ ﯾﻛون‬
‫ﻟﮫ ﻓﺳﺧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺷﺗرى أم وﻟده دﺧل وﻟدھﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ وﻟم ﯾﺟز ﺑﯾﻌﮭﺎ" وﻣﻌﻧﺎه إذا ﻛﺎن ﻣﻌﮭﺎ وﻟدھﺎ‪ ،‬أﻣﺎ دﺧول اﻟوﻟد‬
‫ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﻠﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‪ .‬وأﻣﺎ اﻣﺗﻧﺎع ﺑﯾﻌﮭﺎ ﻓﻸﻧﮭﺎ ﺗﺑﻊ ﻟﻠوﻟد ﻓﻲ ھذا اﻟﺣﻛم‪ ،‬ﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬أﻋﺗﻘﮭﺎ‬
‫وﻟدھﺎ" وإن ﻟم ﯾﻛن ﻣﻌﮭﺎ وﻟدھﺎ ﻓﻛذﻟك اﻟﺟواب ﻓﻲ ﻗول أﺑﻲ ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد ﻷﻧﮭﺎ أم وﻟد ﺧﻼﻓﺎ ﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ .‬وﻟﮫ أن‬
‫اﻟﻘﯾﺎس أن ﯾﺟوز ﺑﯾﻌﮭﺎ وإن ﻛﺎن ﻣﻌﮭﺎ وﻟد ﻷن ﻛﺳب اﻟﻣﻛﺎﺗب ﻣوﻗوف ﻓﻼ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﻔﺳﺦ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ‬
‫ﯾﺛﺑت ﺑﮫ ھذا اﻟﺣق ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﻌﮭﺎ وﻟد ﺗﺑﻌﺎ ﻟﺛﺑوﺗﮫ ﻓﻲ اﻟوﻟد ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﺑدون اﻟوﻟد ﻟو ﺛﺑت ﺛﺑت اﺑﺗداء واﻟﻘﯾﺎس‬
‫ﯾﻧﻔﯾﮫ "وإن وﻟد ﻟﮫ وﻟد ﻣن أﻣﺔ ﻟﮫ دﺧل ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺗﮫ" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺗرى "ﻓﻛﺎن ﺣﻛﻣﮫ ﻛﺣﻛﻣﮫ وﻛﺳﺑﮫ ﻟﮫ" ﻷن‬
‫ﻛﺳب اﻟوﻟد ﻛﺳب ﻛﺳﺑﮫ وﯾﻛون ﻛذﻟك ﻗﺑل اﻟدﻋوة ﻓﻼ ﯾﻧﻘطﻊ ﺑﺎﻟدﻋوة اﺧﺗﺻﺎﺻﮫ‪" ،‬وﻛذﻟك إن وﻟدت اﻟﻣﻛﺎﺗﺑﺔ‬
‫وﻟدا" ﻷن ﺣق اﻣﺗﻧﺎع اﻟﺑﯾﻊ ﺛﺎﺑت ﻓﯾﮭﺎ ﻣؤﻛدا ﻓﯾﺳري إﻟﻰ اﻟوﻟد ﻛﺎﻟﺗدﺑﯾر واﻻﺳﺗﯾﻼد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن زوج أﻣﺗﮫ ﻣن ﻋﺑده ﺛم ﻛﺎﺗﺑﮭﻣﺎ ﻓوﻟدت ﻣﻧﮫ وﻟدا دﺧل ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺗﮭﺎ وﻛﺎن ﻛﺳﺑﮫ ﻟﮭﺎ" ﻷن ﺗﺑﻌﯾﺔ اﻷم‬
‫أرﺟﺢ وﻟﮭذا ﯾﺗﺑﻌﮭﺎ ﻓﻲ اﻟرق واﻟﺣرﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﺗزوج اﻟﻣﻛﺎﺗب ﺑﺈذن ﻣوﻻه اﻣرأة زﻋﻣت أﻧﮭﺎ ﺣرة ﻓوﻟدت ﻣﻧﮫ ﺛم اﺳﺗﺣﻘت ﻓﺄوﻻدھﺎ ﻋﺑﯾد وﻻ ﯾﺄﺧذھم‬
‫ﺑﺎﻟﻘﯾﻣﺔ‪ ،‬وﻛذﻟك اﻟﻌﺑد ﯾﺄذن ﻟﮫ اﻟﻣوﻟﻰ ﺑﺎﻟﺗزوﯾﺞ‪ ،‬وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬أوﻻدھﺎ أﺣرار‬
‫ﺑﺎﻟﻘﯾﻣﺔ" ﻷﻧﮫ ﺷﺎرك اﻟﺣر ﻓﻲ ﺳﺑب ﺛﺑوت ھذا اﻟﺣق وھو اﻟﻐرور‪ ،‬وھذا ﻷﻧﮫ ﻣﺎ رﻏب ﻓﻲ ﻧﻛﺎﺣﮭﺎ إﻻ ﻟﯾﻧﺎل ﺣرﯾﺔ‬
‫اﻷوﻻد‪ ،‬وﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﻣوﻟود ﺑﯾن رﻗﯾﻘﯾن ﻓﯾﻛون رﻗﯾﻘﺎ‪ ،‬وھذا ﻷن اﻷﺻل أن اﻟوﻟد ﯾﺗﺑﻊ اﻷم ﻓﻲ اﻟرق واﻟﺣرﯾﺔ‪،‬‬
‫وﺧﺎﻟﻔﻧﺎ ھذا اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﺣر ﺑﺈﺟﻣﺎع اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭم‪ ،‬وھذا ﻟﯾس ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎه ﻷن ﺣق اﻟﻣوﻟﻰ ھﻧﺎك‬
‫ﻣﺟﺑور ﺑﻘﯾﻣﺔ ﻧﺎﺟزة وھﺎھﻧﺎ ﺑﻘﯾﻣﺔ ﻣﺗﺄﺧرة إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﻌﺗق ﻓﯾﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ اﻷﺻل وﻻ ﯾﻠﺣق ﺑﮫ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وإن وطﺊ اﻟﻣﻛﺎﺗب أﻣﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﻣﻠك ﺑﻐﯾر إذن اﻟﻣوﻟﻰ ﺛم اﺳﺗﺣﻘﮭﺎ رﺟل‬ ‫ص ‪-257-‬‬
‫ﻓﻌﻠﯾﮫ اﻟﻌﻘر ﯾؤﺧذ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬وإن وطﺋﮭﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﻧﻛﺎح ﻟم ﯾؤﺧذ ﺑﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﻌﺗق وﻛذﻟك اﻟﻣﺄذون ﻟﮫ"‬
‫ووﺟﮫ اﻟﻔرق أن ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻷول ظﮭر اﻟدﯾن ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣوﻟﻰ ﻷن اﻟﺗﺟﺎرة وﺗواﺑﻌﮭﺎ داﺧﻠﺔ ﺗﺣت اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬وھذا‬
‫اﻟﻌﻘر ﻣن ﺗواﺑﻌﮭﺎ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟوﻻ اﻟﺷراء ﻟﻣﺎ ﺳﻘط اﻟﺣد وﻣﺎ ﻟم ﯾﺳﻘط اﻟﺣد ﻻ ﯾﺟب اﻟﻌﻘر‪ .‬أﻣﺎ ﻟم ﯾظﮭر ﻓﻲ اﻟﻔﺻل‬
‫اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻷن اﻟﻧﻛﺎح ﻟﯾس ﻣن اﻻﻛﺗﺳﺎب ﻓﻲ ﺷﻲء ﻓﻼ ﺗﻧﺗظﻣﮫ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻛﺎﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا اﺷﺗرى اﻟﻣﻛﺎﺗب ﺟﺎرﯾﺔ ﺷراء ﻓﺎﺳدا ﺛم وطﺋﮭﺎ ﻓردھﺎ أﺧذ ﺑﺎﻟﻌﻘر ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎﺗﺑﺔ‪ ،‬وﻛذﻟك اﻟﻌﺑد اﻟﻣﺄذون‬
‫ﻟﮫ" ﻷﻧﮫ ﻣن ﺑﺎب اﻟﺗﺟﺎرة‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺗﺻرف ﺗﺎرة ﯾﻘﻊ ﺻﺣﯾﺣﺎ وﻣرة ﯾﻘﻊ ﻓﺎﺳدا‪ ،‬واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ واﻹذن ﯾﻧﺗظﻣﺎﻧﮫ ﺑﻧوﻋﯾﮫ‬
‫ﻛﺎﻟﺗوﻛﯾل ﻓﻛﺎن ظﺎھرا ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣوﻟﻰ‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻗﺎل‪" :‬وإذا وﻟدت اﻟﻣﻛﺎﺗﺑﺔ ﻣن اﻟﻣوﻟﻰ ﻓﮭﻲ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎءت ﻣﺿت ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬وإن ﺷﺎءت ﻋﺟزت ﻧﻔﺳﮭﺎ‪ ،‬وﺻﺎرت أم وﻟد ﻟﮫ"‬
‫ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻠﻘﺗﮭﺎ ﺟﮭﺗﺎ ﺣرﯾﺔ ﻋﺎﺟﻠﺔ ﺑﺑدل وآﺟﻠﺔ ﺑﻐﯾر ﺑدل ﻓﺗﺧﯾر ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‪" ،‬وﻧﺳب وﻟدھﺎ ﺛﺎﺑت ﻣن اﻟﻣوﻟﻰ وھو ﺣر"‪,‬‬
‫ﻷن اﻟﻣوﻟﻰ ﯾﻣﻠك اﻹﻋﺗﺎق ﻓﻲ وﻟدھﺎ وﻣﺎ ﻟﮫ ﻣن اﻟﻣﻠك ﯾﻛﻔﻲ ﻟﺻﺣﺔ اﻻﺳﺗﯾﻼد ﺑﺎﻟدﻋوة‪ .‬وإذا ﻣﺿت ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‬
‫أﺧذت اﻟﻌﻘر ﻣن ﻣوﻻھﺎ ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﮭﺎ ﺑﻧﻔﺳﮭﺎ وﺑﻣﻧﺎﻓﻌﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗدﻣﻧﺎ‪ .‬ﺛم إن ﻣﺎت اﻟﻣوﻟﻰ ﻋﺗﻘت ﺑﺎﻻﺳﺗﯾﻼد وﺳﻘط‬
‫ﻋﻧﮭﺎ ﺑدل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬وإن ﻣﺎﺗت ھﻲ وﺗرﻛت ﻣﺎﻻ ﺗؤدى ﻣﻧﮫ ﻣﻛﺎﺗﺑﺗﮭﺎ وﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﯾراث ﻻﺑﻧﮭﺎ ﺟرﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻣوﺟب‬
‫اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬وإن ﻟم ﺗﺗرك ﻣﺎﻻ ﻓﻼ ﺳﻌﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟوﻟد ﻷﻧﮫ ﺣر‪ ،‬وﻟو وﻟدت وﻟدا آﺧر ﻟم ﯾﻠزم اﻟﻣوﻟﻰ إﻻ أن ﯾدﻋﻲ‬
‫ﻟﺣرﻣﺔ وطﺋﮭﺎ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬ﻓﻠو ﻟم ﯾدع وﻣﺎﺗت ﻣن ﻏﯾر وﻓﺎء ﺳﻌﻰ ھذا اﻟوﻟد ﻷﻧﮫ ﻣﻛﺎﺗب ﺗﺑﻌﺎ ﻟﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻠو ﻣﺎت اﻟﻣوﻟﻰ ﺑﻌد‬
‫ذﻟك ﻋﺗق وﺑطل ﻋﻧﮫ اﻟﺳﻌﺎﯾﺔ ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ أم اﻟوﻟد إذ ھو وﻟدھﺎ ﻓﯾﺗﺑﻌﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﺗب اﻟﻣوﻟﻰ أم وﻟده ﺟﺎز" ﻟﺣﺎﺟﺗﮭﺎ إﻟﻰ اﺳﺗﻔﺎدة اﻟﺣرﯾﺔ ﻗﺑل ﻣوت اﻟﻣوﻟﻰ وذﻟك ﺑﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬وﻻ ﺗﻧﺎﻓﻲ‬
‫ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻷﻧﮫ ﺗﻠﻘﺗﮭﺎ ﺟﮭﺗﺎ ﺣرﯾﺔ "ﻓﺈن ﻣﺎت اﻟﻣوﻟﻰ ﻋﺗﻘت ﺑﺎﻻﺳﺗﯾﻼد" ﻟﺗﻌﻠق ﻋﺗﻘﮭﺎ ﺑﻣوت اﻟﺳﯾد "وﺳﻘط ﻋﻧﮭﺎ ﺑدل‬
‫اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ" ﻷن اﻟﻐرض ﻣن إﯾﺟﺎب اﻟﺑدل اﻟﻌﺗق ﻋﻧد اﻷداء‪ ،‬ﻓﺈذا ﻋﺗﻘت ﻗﺑﻠﮫ ﻟم ﯾﻣﻛن ﺗوﻓﯾر اﻟﻐرض ﻋﻠﯾﮫ ﻓﺳﻘط‬
‫وﺑطﻠت اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻻﻣﺗﻧﺎع إﺑﻘﺎﺋﮭﺎ ﺑﻐﯾر ﻓﺎﺋدة‪ ،‬ﻏﯾر أﻧﮫ ﺗﺳﻠم ﻟﮭﺎ اﻷﻛﺳﺎب واﻷوﻻد ﻷن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ اﻧﻔﺳﺧت ﻓﻲ ﺣق اﻟﺑدل‬
‫وﺑﻘﯾت ﻓﻲ ﺣق اﻷﻛﺳﺎب واﻷوﻻد‪ ،‬ﻷن اﻟﻔﺳﺦ ﻟﻧظرھﺎ واﻟﻧظر ﻓﯾﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‪ .‬وﻟو أدت اﻟﻣﻛﺎﺗﺑﺔ ﻗﺑل ﻣوت اﻟﻣوﻟﻰ‬
‫ﻋﺗﻘت ﺑﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺑﺎﻗﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻛﺎﺗب ﻣدﺑرﺗﮫ ﺟﺎز " ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻣن اﻟﺣﺎﺟﺔ وﻻ ﺗﻧﺎﻓﻲ‪ ،‬إذ اﻟﺣرﯾﺔ ﻏﯾر ﺛﺎﺑﺗﺔ‪،‬‬ ‫ص ‪-258-‬‬
‫وإﻧﻣﺎ اﻟﺛﺎﺑت ﻣﺟرد اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق "وإن ﻣﺎت اﻟﻣوﻟﻰ وﻻ ﻣﺎل ﻟﮫ ﻏﯾرھﺎ ﻓﮭﻲ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر ﺑﯾن أن ﺗﺳﻌﻰ ﻓﻲ ﺛﻠﺛﻲ ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ‬
‫أو ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ﺗﺳﻌﻰ ﻓﻲ أﻗل ﻣﻧﮭﻣﺎ‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪ :‬ﺗﺳﻌﻰ ﻓﻲ اﻷﻗل‬
‫ﻣن ﺛﻠﺛﻲ ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ وﺛﻠﺛﻲ ﺑدل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺧﻼف ﻓﻲ اﻟﺧﯾﺎر واﻟﻣﻘدار‪ ،‬ﻓﺄﺑو ﯾوﺳف ﻣﻊ أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻘدار‪ ،‬وﻣﻊ‬
‫ﻣﺣﻣد ﻓﻲ ﻧﻔﻲ اﻟﺧﯾﺎر‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺧﯾﺎر ﻓﻔرع ﺗﺟزؤ اﻹﻋﺗﺎق ﻋﻧده ﻟﻣﺎ ﺗﺟزأ ﺑﻘﻲ اﻟﺛﻠﺛﺎن رﻗﯾﻘﺎ وﻗد ﺗﻠﻘﺎھﺎ ﺟﮭﺗﺎ ﺣرﯾﺔ‬
‫ﺑﺑدﻟﯾن ﻣﻌﺟل ﺑﺎﻟﺗدﺑﯾر وﻣؤﺟل ﺑﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﺗﺧﯾر‪ .‬وﻋﻧدھﻣﺎ ﻟﻣﺎ ﻋﺗق ﻛﻠﮭﺎ ﺑﻌﺗق ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻓﮭﻲ ﺣرة وﺟب ﻋﻠﯾﮭﺎ أﺣد‬
‫اﻟﻣﺎﻟﯾن ﻓﺗﺧﺗﺎر اﻷﻗل ﻻ ﻣﺣﺎﻟﺔ ﻓﻼ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻠﺗﺧﯾﯾر‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﻣﻘدار ﻓﻠﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﻗﺎﺑل اﻟﺑدل ﺑﺎﻟﻛل وﻗد ﺳﻠم ﻟﮭﺎ‬
‫اﻟﺛﻠث ﺑﺎﻟﺗدﺑﯾر ﻓﻣن اﻟﻣﺣﺎل أن ﯾﺟب اﻟﺑدل ﺑﻣﻘﺎﺑﻠﺗﮫ‪ ،‬أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﻟو ﺳﻠم ﻟﮭﺎ اﻟﻛل ﺑﺄن ﺧرﺟت ﻣن اﻟﺛﻠث ﯾﺳﻘط ﻛل‬
‫ﺑدل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﮭﻧﺎ ﯾﺳﻘط اﻟﺛﻠث وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﺗﺄﺧر اﻟﺗدﺑﯾر ﻋن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺑدل ﻣﻘﺎﺑل ﺑﺛﻠﺛﻲ رﻗﺑﺗﮭﺎ‬
‫ﻓﻼ ﯾﺳﻘط ﻣﻧﮫ ﺷﻲء‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﺑدل وإن ﻗوﺑل ﺑﺎﻟﻛل ﺻورة وﺻﯾﻐﺔ ﻟﻛﻧﮫ ﻣﻘﯾد ﺑﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻣﻌﻧﻰ وإرادة ﻷﻧﮭﺎ‬
‫اﺳﺗﺣﻘت ﺣرﯾﺔ اﻟﺛﻠث ظﺎھرا‪ ،‬واﻟظﺎھر أن اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾﻠﺗزم اﻟﻣﺎل ﺑﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﺎ ﯾﺳﺗﺣق ﺣرﯾﺗﮫ وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا طﻠق‬
‫اﻣرأﺗﮫ ﺛﻧﺗﯾن ﺛم طﻠﻘﮭﺎ ﺛﻼﺛﺎ ﻋﻠﻰ أﻟف ﻛﺎن ﺟﻣﯾﻊ اﻷﻟف ﺑﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟواﺣدة اﻟﺑﺎﻗﯾﺔ ﻟدﻻﻟﺔ اﻹرادة‪ ،‬ﻛذا ھﺎھﻧﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫ﻣﺎ إذا ﺗﻘدﻣت اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ وھﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﯾﮫ ﻷن اﻟﺑدل ﻣﻘﺎﺑل ﺑﺎﻟﻛل إذ ﻻ اﺳﺗﺣﻘﺎق ﻋﻧده ﻓﻲ ﺷﻲء ﻓﺎﻓﺗرﻗﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن دﺑر ﻣﻛﺎﺗﺑﺗﮫ ﺻﺢ اﻟﺗدﺑﯾر" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪" .‬وﻟﮭﺎ اﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬إن ﺷﺎءت ﻣﺿت ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬وإن ﺷﺎءت‬
‫ﻋﺟزت ﻧﻔﺳﮭﺎ وﺻﺎرت ﻣدﺑرة" ﻷن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻟﯾﺳت ﺑﻼزﻣﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻧب اﻟﻣﻣﻠوك‪ ،‬ﻓﺈن ﻣﺿت ﻋﻠﻰ ﻛﺗﺎﺑﺗﮭﺎ ﻓﻣﺎت‬
‫اﻟﻣوﻟﻰ وﻻ ﻣﺎل ﻟﮫ ﻏﯾرھﺎ ﻓﮭﻲ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎءت ﺳﻌت ﻓﻲ ﺛﻠﺛﻲ ﻣﺎل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ أو ﺛﻠﺛﻲ ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪.‬‬
‫وﻗﺎﻻ‪ :‬ﺗﺳﻌﻰ ﻓﻲ اﻷﻗل ﻣﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺧﻼف ﻓﻲ ھذا اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﺧﯾﺎر ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﻣﻘدار ﻓﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﮫ‪،‬‬
‫ووﺟﮭﮫ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أﻋﺗق اﻟﻣوﻟﻰ ﻣﻛﺎﺗﺑﮫ ﻋﺗق ﺑﺈﻋﺗﺎﻗﮫ" ﻟﻘﯾﺎم ﻣﻠﻛﮫ ﻓﯾﮫ "وﺳﻘط ﺑدل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ" ﻷﻧﮫ ﻣﺎ اﻟﺗزﻣﮫ إﻻ ﻣﻘﺎﺑﻼ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺗق وﻗد ﺣﺻل ﻟﮫ دوﻧﮫ ﻓﻼ ﯾﻠزﻣﮫ‪ ،‬واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ وإن ﻛﺎﻧت ﻻزﻣﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻧب اﻟﻣوﻟﻰ وﻟﻛﻧﮫ ﯾﻔﺳﺦ ﺑرﺿﺎ اﻟﻌﺑد‬
‫واﻟظﺎھر رﺿﺎه ﺗوﺳﻼ إﻟﻰ ﻋﺗﻘﮫ ﺑﻐﯾر ﺑدل ﻣﻊ ﺳﻼﻣﺔ اﻷﻛﺳﺎب ﻟﮫ ﻷﻧﺎ ﻧﺑﻘﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻛﺎﺗﺑﮫ ﻋﻠﻰ أﻟف درھم إﻟﻰ ﺳﻧﺔ ﻓﺻﺎﻟﺣﮫ ﻋﻠﻰ ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻣﻌﺟﻠﺔ ﻓﮭو ﺟﺎﺋز "‬

‫اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎس ﻻ ﯾﺟوز ﻷﻧﮫ اﻋﺗﯾﺎض ﻋن اﻷﺟل وھو ﻟﯾس ﺑﻣﺎل واﻟدﯾن ﻣﺎل‬ ‫ص ‪-259-‬‬
‫ﻓﻛﺎن رﺑﺎ‪ ،‬وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺟوز ﻣﺛﻠﮫ ﻓﻲ اﻟﺣر وﻣﻛﺎﺗب اﻟﻐﯾر‪ .‬وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أن اﻷﺟل ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣﻛﺎﺗب ﻣﺎل ﻣن‬
‫وﺟﮫ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ اﻷداء إﻻ ﺑﮫ ﻓﺄﻋطﻲ ﻟﮫ ﺣﻛم اﻟﻣﺎل‪ ،‬وﺑدل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻣﺎل ﻣن وﺟﮫ ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﺻﺢ اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ ﺑﮫ‬
‫ﻓﺎﻋﺗدﻻ ﻓﻼ ﯾﻛون رﺑﺎ‪ ،‬وﻷن ﻋﻘد اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻋﻘد ﻣن وﺟﮫ دون وﺟﮫ واﻷﺟل رﺑﺎ ﻣن وﺟﮫ ﻓﯾﻛون ﺷﺑﮭﺔ اﻟﺷﺑﮭﺔ‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف اﻟﻌﻘد ﺑﯾن اﻟﺣرﯾن ﻷﻧﮫ ﻋﻘد ﻣن ﻛل وﺟﮫ ﻓﻛﺎن رﺑﺎ واﻷﺟل ﻓﯾﮫ ﺷﺑﮭﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﺗب اﻟﻣرﯾض ﻋﺑده ﻋﻠﻰ أﻟﻔﻲ درھم إﻟﻰ ﺳﻧﺔ وﻗﯾﻣﺗﮫ أﻟف ﺛم ﻣﺎت وﻻ ﻣﺎل ﻟﮫ ﻏﯾره وﻟم ﺗﺟز‬
‫اﻟورﺛﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﯾؤدي ﺛﻠﺛﻲ اﻷﻟﻔﯾن ﺣﺎﻻ واﻟﺑﺎﻗﻲ إﻟﻰ أﺟﻠﮫ أو ﯾرد رﻗﯾﻘﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وأﺑﻲ ﯾوﺳف‪ .‬وﻗﺎل ﻣﺣﻣد‪:‬‬
‫ﯾؤدي ﺛﻠﺛﻲ اﻷﻟف ﺣﺎﻻ واﻟﺑﺎﻗﻲ إﻟﻰ أﺟﻠﮫ" ﻷن ﻟﮫ أن ﯾﺗرك اﻟزﯾﺎدة ﺑﺄن ﯾﻛﺎﺗﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻓﻠﮫ أن ﯾؤﺧرھﺎ وﺻﺎر‬
‫ﻛﻣﺎ إذا ﺧﺎﻟﻊ اﻟﻣرﯾض اﻣرأﺗﮫ ﻋﻠﻰ أﻟف إﻟﻰ ﺳﻧﺔ ﺟﺎز‪ ،‬ﻷن ﻟﮫ أن ﯾطﻠﻘﮭﺎ ﺑﻐﯾر ﺑدل‪ ،‬وﻟﮭﻣﺎ أن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﻣﻰ ﺑدل‬
‫اﻟرﻗﺑﺔ ﺣﺗﻰ أﺟري ﻋﻠﯾﮭﺎ أﺣﻛﺎم اﻷﺑدال وﺣق اﻟورﺛﺔ ﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﺑدل ﻓﻛذا ﺑﺎﻟﺑدل‪ ،‬واﻟﺗﺄﺟﯾل إﺳﻘﺎط ﻣﻌﻧﻰ ﻓﯾﻌﺗﺑر ﻣن‬
‫ﺛﻠث اﻟﺟﻣﯾﻊ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺧﻠﻊ ﻷن اﻟﺑدل ﻓﯾﮫ ﻻ ﯾﻘﺎﺑل اﻟﻣﺎل ﻓﻠم ﯾﺗﻌﻠق ﺣق اﻟورﺛﺔ ﺑﺎﻟﻣﺑدل ﻓﻼ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺑدل‪ ،‬وﻧظﯾر‬
‫ھذا إذا ﺑﺎع اﻟﻣرﯾض داره ﺑﺛﻼﺛﺔ آﻻف إﻟﻰ ﺳﻧﺔ وﻗﯾﻣﺗﮭﺎ أﻟف ﺛم ﻣﺎت وﻟم ﺗﺟز اﻟورﺛﺔ ﻓﻌﻧدھﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻟﻠﻣﺷﺗري أد‬
‫ﺛﻠﺛﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺛﻣن ﺣﺎﻻ واﻟﺛﻠث إﻟﻰ أﺟﻠﮫ وإﻻ ﻓﺎﻧﻘض اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬وﻋﻧده ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺛﻠث ﺑﻘدر اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻻ ﻓﯾﻣﺎ زاد ﻋﻠﯾﮫ ﻟﻣﺎ‬
‫ﺑﯾﻧﺎ ﻣن اﻟﻣﻌﻧﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻛﺎﺗﺑﮫ ﻋﻠﻰ أﻟف إﻟﻰ ﺳﻧﺔ وﻗﯾﻣﺗﮫ أﻟﻔﺎن وﻟم ﺗﺟز اﻟورﺛﺔ ﯾﻘﺎل ﻟﮫ أد ﺛﻠﺛﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﺣﺎﻻ أو ﺗرد رﻗﯾﻘﺎ ﻓﻲ‬
‫ﻗوﻟﮭم ﺟﻣﯾﻌﺎ" ﻷن اﻟﻣﺣﺎﺑﺎة ھﺎھﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻘدر واﻟﺗﺄﺧﯾر ﻓﺎﻋﺗﺑر اﻟﺛﻠث ﻓﯾﮭﻣﺎ‪.‬‬

‫ﺑﺎب ﻣن ﯾﻛﺎﺗب ﻋن اﻟﻌﺑد‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﺗب اﻟﺣر ﻋن ﻋﺑد ﺑﺄﻟف درھم‪ ،‬ﻓﺈن أدى ﻋﻧﮫ ﻋﺗق‪ ،‬وإن ﺑﻠﻎ اﻟﻌﺑد ﻓﻘﺑل ﻓﮭو ﻣﻛﺎﺗب" وﺻورة‬
‫اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ أن ﯾﻘول اﻟﺣر ﻟﻣوﻟﻰ اﻟﻌﺑد ﻛﺎﺗب ﻋﺑدك ﻋﻠﻰ أﻟف درھم ﻋﻠﻰ أﻧﻲ إن أدﯾت إﻟﯾك أﻟﻔﺎ ﻓﮭو ﺣر ﻓﻛﺎﺗﺑﮫ‬
‫اﻟﻣوﻟﻰ ﻋﻠﻰ ھذا ﯾﻌﺗق ﺑﺄداﺋﮫ ﺑﺣﻛم اﻟﺷرط‪ ،‬وإذا ﻗﺑل اﻟﻌﺑد ﺻﺎر ﻣﻛﺎﺗﺑﺎ‪ ،‬ﻷن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻛﺎﻧت ﻣوﻗوﻓﺔ ﻋﻠﻰ إﺟﺎرﺗﮫ‬
‫وﻗﺑوﻟﮫ إﺟﺎزة‪ ،‬وﻟو ﻟم ﯾﻘل ﻋﻠﻰ أﻧﻲ إن أدﯾت إﻟﯾك أﻟﻔﺎ ﻓﮭو ﺣر ﻓﺄدى ﻻ ﯾﻌﺗق ﻗﯾﺎﺳﺎ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺷرط واﻟﻌﻘد ﻣوﻗوف‬
‫ﻋﻠﻰ إﺟﺎزة اﻟﻌﺑد‪ .‬وﻓﻲ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن ﯾﻌﺗق ﻷﻧﮫ ﻻ ﺿرر ﻟﻠﻌﺑد اﻟﻐﺎﺋب ﻓﻲ ﺗﻌﻠﯾق اﻟﻌﺗق ﺑﺄداء اﻟﻘﺎﺋل ﻓﯾﺻﺢ ﻓﻲ ﺣق‬
‫ھذا اﻟﺣﻛم وﯾﺗوﻗف ﻓﻲ ﺣق ﻟزوم اﻷﻟف ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺑد‪ .‬وﻗﯾل ھذه ھﻲ ﺻورة ﻣﺳﺄﻟﺔ‬ ‫ص ‪-260-‬‬
‫اﻟﻛﺗﺎب "وﻟو أدى اﻟﺣر اﻟﺑدل ﻻ ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺑد" ﻷﻧﮫ ﻣﺗﺑرع‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﺗب اﻟﻌﺑد ﻋن ﻧﻔﺳﮫ وﻋن ﻋﺑد آﺧر ﻟﻣوﻻه وھو ﻏﺎﺋب‪ ،‬ﻓﺈن أدى اﻟﺷﺎھد أو اﻟﻐﺎﺋب ﻋﺗﻘﺎ" وﻣﻌﻧﻰ‬
‫اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ أن ﯾﻘول اﻟﻌﺑد ﻛﺎﺗﺑﻧﻲ ﺑﺄﻟف درھم ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﻲ وﻋﻠﻰ ﻓﻼن اﻟﻐﺎﺋب‪ ،‬وھذه ﻛﺗﺎﺑﺔ ﺟﺎﺋزة اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ‪ .‬وﻓﻲ‬
‫اﻟﻘﯾﺎس‪ :‬ﯾﺻﺢ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ ﻟوﻻﯾﺗﮫ ﻋﻠﯾﮭﺎ وﯾﺗوﻗف ﻓﻲ ﺣق اﻟﻐﺎﺋب ﻟﻌدم اﻟوﻻﯾﺔ ﻋﻠﯾﮫ‪ .‬وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أن اﻟﺣﺎﺿر‬
‫ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ اﻟﻌﻘد إﻟﻰ ﻧﻔﺳﮫ اﺑﺗداء ﺟﻌل ﻧﻔﺳﮫ ﻓﯾﮫ أﺻﻼ واﻟﻐﺎﺋب ﺗﺑﻌﺎ‪ ،‬واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟوﺟﮫ ﻣﺷروﻋﺔ ﻛﺎﻷﻣﺔ إذا‬
‫ﻛوﺗﺑت دﺧل أ وﻻدھﺎ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺗﮭﺎ ﺗﺑﻌﺎ ﺣﺗﻰ ﻋﺗﻘوا ﺑﺄداﺋﮭﺎ وﻟﯾس ﻋﻠﯾﮭم ﻣن اﻟﺑدل ﺷﻲء وإذا أﻣﻛن ﺗﺻﺣﯾﺣﮫ ﻋﻠﻰ‬
‫ھذا اﻟوﺟﮫ ﯾﻧﻔرد ﺑﮫ اﻟﺣﺎﺿر ﻓﻠﮫ أن ﯾﺄﺧذه ﺑﻛل اﻟﺑدل ﻷن اﻟﺑدل ﻋﻠﯾﮫ ﻟﻛوﻧﮫ أﺻﻼ ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﻛون ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺎﺋب ﻣن‬
‫اﻟﺑدل ﺷﻲء ﻷﻧﮫ ﺗﺑﻊ ﻓﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وأﯾﮭﻣﺎ أدى ﻋﺗﻘﺎ وﯾﺟﺑر اﻟﻣوﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺑول" أﻣﺎ اﻟﺣﺎﺿر ﻓﻸن اﻟﺑدل ﻋﻠﯾﮫ‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﻐﺎﺋب ﻓﻸﻧﮫ ﯾﻧﺎل ﺑﮫ‬
‫ﺷرف اﻟﺣرﯾﺔ‪ ،‬وإن ﻟم ﯾﻛن اﻟﺑدل ﻋﻠﯾﮫ وﺻﺎر ﻛﻣﻌﯾر اﻟرھن إذا أدى اﻟدﯾن ﯾﺟﺑر اﻟﻣرﺗﮭن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺑول ﻟﺣﺎﺟﺗﮫ إﻟﻰ‬
‫اﺳﺗﺧﻼص ﻋﯾﻧﮫ وإن ﻟم ﯾﻛن اﻟدﯾن ﻋﻠﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وأﯾﮭﻣﺎ أدى ﻻ ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺑﮫ" ﻷن اﻟﺣﺎﺿر ﻗﺿﻰ دﯾﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ واﻟﻐﺎﺋب ﻣﺗﺑرع ﺑﮫ ﻏﯾر ﻣﺿطر إﻟﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﯾس ﻟﻠﻣوﻟﻰ أن ﯾﺄﺧذ اﻟﻐﺎﺋب ﺑﺷﻲء" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ "ﻓﺈن ﻗﺑل اﻟﻌﺑد اﻟﻐﺎﺋب أو ﻟم ﯾﻘﺑل ﻓﻠﯾس ذﻟك ﻣﻧﮫ ﺑﺷﻲء‪،‬‬
‫واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻻزﻣﺔ ﻟﻠﺷﺎھد" ﻷن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻧﺎﻓذة ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﻏﯾر ﻗﺑول اﻟﻐﺎﺋب ﻓﻼ ﺗﺗﻐﯾر ﺑﻘﺑوﻟﮫ‪ ،‬ﻛﻣن ﻛﻔل ﻋن ﻏﯾره ﺑﻐﯾر‬
‫أﻣره ﻓﺑﻠﻐﮫ ﻓﺄﺟﺎزه ﻻ ﯾﺗﻐﯾر ﺣﻛﻣﮫ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو أدى ﻻ ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬ﻛذا ھذا‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﺗﺑت اﻷﻣﺔ ﻋن ﻧﻔﺳﮭﺎ وﻋن اﺑﻧﯾن ﻟﮭﺎ ﺻﻐﯾرﯾن ﻓﮭو ﺟﺎﺋز‪ ،‬وأﯾﮭم أدى ﻟم ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺑﮫ‬
‫وﯾﺟﺑر اﻟﻣوﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺑول وﯾﻌﺗﻘون" ﻷﻧﮭﺎ ﺟﻌﻠت ﻧﻔﺳﮭﺎ أﺻﻼ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ وأوﻻدھﺎ ﺗﺑﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ‬
‫اﻷوﻟﻰ وھﻲ أوﻟﻰ ﺑذﻟك ﻣن اﻷﺟﻧﺑﻲ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﺑﺎب ﻛﺗﺎب اﻟﻌﺑد اﻟﻣﺷﺗرك‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن اﻟﻌﺑد ﺑﯾن رﺟﻠﯾن أذن أﺣدھﻣﺎ ﻟﺻﺎﺣﺑﮫ أن ﯾﻛﺎﺗب ﻧﺻﯾﺑﮫ ﺑﺄﻟف درھم وﯾﻘﺑض ﺑدل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﻛﺎﺗب‬
‫وﻗﺑض ﺑﻌض اﻷﻟف ﺛم ﻋﺟز ﻓﺎﻟﻣﺎل ﻟﻠذي ﻗﺑض ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ھو ﻣﻛﺎﺗب ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ وﻣﺎ أدى ﻓﮭو ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ"‬
‫وأﺻﻠﮫ أن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺗﺗﺟزأ‬

‫ﻋﻧده ﺧﻼﻓﺎ ﻟﮭﻣﺎ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻹﻋﺗﺎق‪ ،‬ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻔﯾد اﻟﺣرﯾﺔ ﻣن وﺟﮫ ﻓﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻋﻧده‬ ‫ص ‪-261-‬‬
‫ﻟﻠﺗﺟزؤ‪ ،‬وﻓﺎﺋدة اﻹذن أن ﻻ ﯾﻛون ﻟﮫ ﺣق اﻟﻔﺳﺦ ﻛﻣﺎ ﯾﻛون ﻟﮫ إذا ﻟم ﯾﺄذن‪ ،‬وإذﻧﮫ ﻟﮫ ﺑﻘﺑض اﻟﺑدل إذن ﻟﻠﻌﺑد ﺑﺎﻷداء‬
‫ﻓﯾﻛون ﻣﺗﺑرﻋﺎ ﺑﻧﺻﯾﺑﮫ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻠﮭذا ﻛﺎن ﻛل اﻟﻣﻘﺑوض ﻟﮫ‪ .‬وﻋﻧدھﻣﺎ اﻹذن ﺑﻛﺗﺎﺑﺔ ﻧﺻﯾﺑﮫ إذن ﺑﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟﻛل ﻟﻌدم‬
‫اﻟﺗﺟزؤ‪ ،‬ﻓﮭو أﺻﯾل ﻓﻲ اﻟﻧﺻف وﻛﯾل ﻓﻲ اﻟﻧﺻف ﻓﮭو ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ واﻟﻣﻘﺑوض ﻣﺷﺗرك ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻓﯾﺑﻘﻰ ﻛذﻟك ﺑﻌد اﻟﻌﺟز‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﻧت ﺟﺎرﯾﺔ ﺑﯾن رﺟﻠﯾن ﻛﺎﺗﺑﺎھﺎ ﻓوطﺋﮭﺎ أﺣدھﻣﺎ ﻓﺟﺎءت ﺑوﻟد ﻓﺎدﻋﺎه ﺛم وطﺋﮭﺎ اﻵﺧر ﻓﺟﺎءت ﺑوﻟد‬
‫ﻓﺎدﻋﺎه ﺛم ﻋﺟزت ﻓﮭﻲ أم وﻟد ﻟﻸول" ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ادﻋﻰ أﺣدھﻣﺎ اﻟوﻟد ﺻﺣت دﻋوﺗﮫ ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﻠك ﻟﮫ ﻓﯾﮭﺎ وﺻﺎر‬
‫ﻧﺻﯾﺑﮫ أم وﻟد ﻟﮫ‪ ،‬ﻷن اﻟﻣﻛﺎﺗﺑﺔ ﻻ ﺗﻘﺑل اﻟﻧﻘل ﻣن ﻣﻠك إﻟﻰ ﻣﻠك ﻓﺗﻘﺗﺻر أﻣوﻣﯾﺔ اﻟوﻟد ﻋﻠﻰ ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣدﺑرة‬
‫اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ‪ ،‬وإذا ادﻋﻰ اﻟﺛﺎﻧﻲ وﻟدھﺎ اﻷﺧﯾر ﺻﺣت دﻋوﺗﮫ ﻟﻘﯾﺎم ﻣﻠﻛﮫ ظﺎھرا‪ ،‬ﺛم إذا ﻋﺟزت ﺑﻌد ذﻟك ﺟﻌﻠت‬
‫اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻛﺄن ﻟم ﺗﻛن وﺗﺑﯾن أن اﻟﺟﺎرﯾﺔ ﻛﻠﮭﺎ أم وﻟد ﻟﻸول ﻷﻧﮫ زال اﻟﻣﺎﻧﻊ ﻣن اﻻﻧﺗﻘﺎل ووطؤه ﺳﺎﺑق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺿﻣن ﻧﺻف ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ" ﻷﻧﮫ ﺗﻣﻠك ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻟﻣﺎ اﺳﺗﻛﻣل اﻻﺳﺗﯾﻼد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻧﺻف ﻋﻘرھﺎ" ﻟوطﺋﮫ ﺟﺎرﯾﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺿﻣن ﺷرﯾﻛﮫ ﻛﻣﺎل ﻋﻘرھﺎ وﻗﯾﻣﺔ اﻟوﻟد وﯾﻛون اﺑﻧﮫ" ﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻣﻐرور‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﺣﯾن وطﺋﮭﺎ ﻛﺎن ﻣﻠﻛﮫ‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺎ ظﺎھرا‪ .‬ووﻟد اﻟﻣﻐرور ﺛﺎﺑت اﻟﻧﺳب ﻣﻧﮫ ﺣر ﺑﺎﻟﻘﯾﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋرف ﻟﻛﻧﮫ وطﺊ أم وﻟد اﻟﻐﯾر ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﯾﻠزﻣﮫ‬
‫ﻛﻣﺎل اﻟﻌﻘر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وأﯾﮭﻣﺎ دﻓﻊ اﻟﻌﻘر إﻟﻰ اﻟﻣﻛﺎﺗﺑﺔ ﺟﺎز" ﻷن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻣﺎ داﻣت ﺑﺎﻗﯾﺔ ﻓﺣق اﻟﻘﺑض ﻟﮭﺎ ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﮭﺎ ﺑﻣﻧﺎﻓﻌﮭﺎ‬
‫وأﺑداﻟﮭﺎ‪ ،‬وإذا ﻋﺟزت ﺗرد اﻟﻌﻘر إﻟﻰ اﻟﻣوﻟﻰ ﻟظﮭور اﺧﺗﺻﺎﺻﮫ "وھذا" اﻟذي ذﻛرﻧﺎ "ﻛﻠﮫ ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ .‬وﻗﺎل‬
‫أﺑو ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد‪ :‬ھﻲ أم وﻟد ﻟﻸول وﻻ ﯾﺟوز وطء اﻵﺧر" ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ادﻋﻰ اﻷول اﻟوﻟد ﺻﺎرت ﻛﻠﮭﺎ أم وﻟد ﻟﮫ‬
‫ﻷن أﻣوﻣﯾﺔ اﻟوﻟد ﯾﺟب ﺗﻛﻣﯾﻠﮭﺎ ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع ﻣﺎ أﻣﻛن‪ ،‬وﻗد أﻣﻛن ﺑﻔﺳﺦ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻔﺳﺦ ﻓﺗﻔﺳﺦ ﻓﯾﻣﺎ ﻻ‬
‫ﺗﺗﺿرر ﺑﮫ اﻟﻣﻛﺎﺗﺑﺔ وﺗﺑﻘﻰ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﯾﻣﺎ وراءه‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺗدﺑﯾر ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻘﺑل اﻟﻔﺳﺦ‪ ،‬وﺑﺧﻼف ﺑﯾﻊ اﻟﻣﻛﺎﺗب ﻷن ﻓﻲ‬
‫ﺗﺟوﯾزه إﺑطﺎل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ إذ اﻟﻣﺷﺗري ﻻ ﯾرﺿﻰ ﺑﺑﻘﺎﺋﮫ ﻣﻛﺎﺗﺑﺎ‪ .‬وإذا ﺻﺎرت ﻛﻠﮭﺎ أم وﻟد ﻟﮫ ﻓﺎﻟﺛﺎﻧﻲ وطﺊ أم وﻟد‬
‫اﻟﻐﯾر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪":‬ﻓﻼ ﯾﺛﺑت ﻧﺳب اﻟوﻟد ﻣﻧﮫ وﻻ ﯾﻛون ﺣرا ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻟﻘﯾﻣﺔ" ﻏﯾر أﻧﮫ ﻻ ﯾﺟب اﻟﺣد ﻋﻠﯾﮫ ﻟﻠﺷﺑﮭﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﻠزﻣﮫ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌﻘر" ﻷن اﻟوطء ﻻ ﯾﻌرى ﻋن إﺣدى اﻟﻐراﻣﺗﯾن‪ ،‬وإذا ﺑﻘﯾت‬

‫اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ وﺻﺎرت ﻛﻠﮭﺎ ﻣﻛﺎﺗﺑﺔ ﻟﮫ‪ ،‬ﻗﯾل ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻧﺻف ﺑدل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻷن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‬ ‫ص ‪-262-‬‬
‫اﻧﻔﺳﺧت ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﺗﺗﺿرر ﺑﮫ اﻟﻣﻛﺎﺗﺑﺔ وﻻ ﺗﺗﺿرر ﺑﺳﻘوط ﻧﺻف اﻟﺑدل‪ .‬وﻗﯾل ﯾﺟب ﻛل اﻟﺑدل ﻷن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻟم ﺗﻧﻔﺳﺦ‬
‫إﻻ ﻓﻲ ﺣق اﻟﺗﻣﻠك ﺿرورة ﻓﻼ ﯾظﮭر ﻓﻲ ﺣق ﺳﻘوط ﻧﺻف اﻟﺑدل وﻓﻲ إﺑﻘﺎﺋﮫ ﻓﻲ ﺣﻘﮫ ﻧظر ﻟﻠﻣوﻟﻰ وإن ﻛﺎن ﻻ‬
‫ﺗﺗﺿرر اﻟﻣﻛﺎﺗﺑﺔ ﺑﺳﻘوطﮫ‪ ،‬واﻟﻣﻛﺎﺗﺑﺔ ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻌطﻲ اﻟﻌﻘر ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﮭﺎ ﺑﺄﺑدال ﻣﻧﺎﻓﻌﮭﺎ‪ .‬وﻟو ﻋﺟزت وردت ﻓﻲ‬
‫اﻟرق ﺗرد إﻟﻰ اﻟﻣوﻟﻰ ﻟظﮭور اﺧﺗﺻﺎﺻﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وﯾﺿﻣن اﻷول ﻟﺷرﯾﻛﮫ ﻓﻲ ﻗﯾﺎس ﻗول أﺑﻲ ﯾوﺳف رﺣﻣﮫ ﷲ ﻧﺻف ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ ﻣﻛﺎﺗﺑﺔ" ﻷﻧﮫ ﺗﻣﻠك ﻧﺻﯾب‬
‫ﺷرﯾﻛﮫ وھﻲ ﻣﻛﺎﺗﺑﺔ ﻓﯾﺿﻣﻧﮫ ﻣوﺳرا ﻛﺎن أو ﻣﻌﺳرا ﻷﻧﮫ ﺿﻣﺎن اﻟﺗﻣﻠك‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻓﻲ ﻗول ﻣﺣﻣد‪ :‬ﯾﺿﻣن اﻷﻗل ﻣن ﻧﺻف ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ وﻣن ﻧﺻف ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣن ﺑدل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ" ﻷن ﺣق ﺷرﯾﻛﮫ ﻓﻲ‬
‫ﻧﺻف اﻟرﻗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻟﻌﺟز‪ ،‬وﻓﻲ ﻧﺻف اﻟﺑدل ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻷداء ﻓﻠﺗردد ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﯾﺟب أﻗﻠﮭﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟم ﯾطﺄھﺎ وﻟﻛن دﺑرھﺎ ﺛم ﻋﺟزت ﺑطل اﻟﺗدﺑﯾر" ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺻﺎدف اﻟﻣﻠك‪ .‬أﻣﺎ ﻋﻧدھﻣﺎ ﻓظﺎھر‬
‫ﻷن اﻟﻣﺳﺗوﻟد ﺗﻣﻠﻛﮭﺎ ﻗﺑل اﻟﻌﺟز‪ .‬وأﻣﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ ﻓﻸﻧﮫ ﺑﺎﻟﻌﺟز ﺗﺑﯾن أﻧﮫ ﺗﻣﻠك ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻣن وﻗت‬
‫اﻟوطء ﻓﺗﺑﯾن أﻧﮫ ﻣﺻﺎدف ﻣﻠك ﻏﯾره واﻟﺗدﺑﯾر ﯾﻌﺗﻣد اﻟﻣﻠك‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻧﺳب ﻷﻧﮫ ﯾﻌﺗﻣد اﻟﻐرور ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وھﻲ أم وﻟد ﻟﻸول" ﻷﻧﮫ ﺗﻣﻠك ﻧﺻﯾب ﺷرﯾﻛﮫ وﻛﻣل اﻻﺳﺗﯾﻼد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺿﻣن ﻟﺷرﯾﻛﮫ ﻧﺻف ﻋﻘرھﺎ" ﻟوطﺋﮫ ﺟﺎرﯾﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻧﺻف ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ" ﻷﻧﮫ ﺗﻣﻠك ﻧﺻﻔﮭﺎ ﺑﺎﻻﺳﺗﯾﻼد وھو ﺗﻣﻠك ﺑﺎﻟﻘﯾﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟوﻟد وﻟد اﻷول" ﻷﻧﮫ ﺻﺣت دﻋوﺗﮫ ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﺻﺣﺢ‪ ،‬وھذا ﻗوﻟﮭم ﺟﻣﯾﻌﺎ‪ .‬ووﺟﮭﮫ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻛﺎﻧﺎ ﻛﺎﺗﺑﺎھﺎ ﺛم أﻋﺗﻘﮭﺎ أﺣدھﻣﺎ وھو ﻣوﺳر ﺛم ﻋﺟزت ﯾﺿﻣن اﻟﻣﻌﺗق ﻟﺷرﯾﻛﮫ ﻧﺻف ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ وﯾرﺟﻊ‬
‫ﺑذﻟك ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﮭﺎ" ﻷﻧﮭﺎ ﻟﻣﺎ ﻋﺟزت وردت ﻓﻲ اﻟرق ﺗﺻﯾر ﻛﺄﻧﮭﺎ ﻟم ﺗزل ﻗﻧﺔ‪،‬‬
‫واﻟﺟواب ﻓﯾﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻼف ﻓﻲ اﻟرﺟوع وﻓﻲ اﻟﺧﯾﺎرات وﻏﯾرھﺎ ﻛﻣﺎ ھو ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﺟزؤ اﻹﻋﺗﺎق وﻗد ﻗررﻧﺎه ﻓﻲ‬
‫اﻹﻋﺗﺎق‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﻌﺟز ﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﺿﻣن اﻟﻣﻌﺗق ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻷن اﻹﻋﺗﺎق ﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺗﺟزأ ﻋﻧده ﻛﺎن أﺛره أن‬
‫ﯾﺟﻌل ﻧﺻﯾب ﻏﯾر اﻟﻣﻌﺗق ﻛﺎﻟﻣﻛﺎﺗب ﻓﻼ ﯾﺗﻐﯾر ﺑﮫ ﻧﺻﯾب ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻷﻧﮭﺎ ﻣﻛﺎﺗﺑﺔ ﻗﺑل ذﻟك وﻋﻧدھﻣﺎ ﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﻻ‬
‫ﯾﺗﺟزأ ﺑﻌﺗق اﻟﻛل ﻓﻠﮫ أن ﯾﺿﻣﻧﮫ ﻗﯾﻣﺔ ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻣﻛﺎﺗﺑﺎ إن ﻛﺎن‬

‫ﻣوﺳرا‪ ،‬وﯾﺳﺗﺳﻌﻰ اﻟﻌﺑد إن ﻛﺎن ﻣﻌﺳرا ﻷﻧﮫ ﺿﻣﺎن إﻋﺗﺎق ﻓﯾﺧﺗﻠف ﺑﺎﻟﯾﺳﺎر واﻹﻋﺳﺎر‪.‬‬ ‫ص ‪-263-‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎن اﻟﻌﺑد ﺑﯾن رﺟﻠﯾن دﺑره أﺣدھﻣﺎ ﺛم أﻋﺗﻘﮫ اﻵﺧر وھو ﻣوﺳر‪ ،‬ﻓﺈن ﺷﺎء اﻟذي دﺑره ﺿﻣن اﻟﻣﻌﺗق‬
‫ﻧﺻف ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻣدﺑرا‪ ،‬وإن ﺷﺎء اﺳﺗﺳﻌﻰ اﻟﻌﺑد‪ ،‬وإن ﺷﺎء أﻋﺗق‪ ،‬وإن أﻋﺗﻘﮫ أﺣدھﻣﺎ ﺛم دﺑره اﻵﺧر ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ أن‬
‫ﯾﺿﻣن اﻟﻣﻌﺗق وﯾﺳﺗﺳﻌﻰ أو ﯾﻌﺗق‪ ،‬وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ" ووﺟﮭﮫ أن اﻟﺗدﺑﯾر ﯾﺗﺟزأ ﻋﻧده ﻓﺗدﺑﯾر‬
‫أﺣدھﻣﺎ ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻟﻛن ﯾﻔﺳد ﺑﮫ ﻧﺻﯾب اﻵﺧر ﻓﯾﺛﺑت ﻟﮫ ﺧﯾرة اﻹﻋﺗﺎق واﻟﺗﺿﻣﯾن واﻻﺳﺗﺳﻌﺎء ﻛﻣﺎ ھو‬
‫ﻣذھﺑﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا أﻋﺗق ﻟم ﯾﺑق ﻟﮫ ﺧﯾﺎر اﻟﺗﺿﻣﯾن واﻻﺳﺗﺳﻌﺎء‪ ،‬وإﻋﺗﺎﻗﮫ ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻷﻧﮫ ﯾﺗﺟزأ ﻋﻧده‪ ،‬وﻟﻛن‬
‫ﯾﻔﺳد ﺑﮫ ﻧﺻﯾب ﺷرﯾﻛﮫ ﻓﻠﮫ أن ﯾﺿﻣﻧﮫ ﻗﯾﻣﺔ ﻧﺻﯾﺑﮫ‪ ،‬وﻟﮫ ﺧﯾﺎر اﻟﻌﺗق واﻻﺳﺗﺳﻌﺎء أﯾﺿﺎ ﻛﻣﺎ ھو ﻣذھﺑﮫ وﯾﺿﻣﻧﮫ‬
‫ﻗﯾﻣﺔ ﻧﺻﯾﺑﮫ ﻣدﺑرا ﻷن اﻹﻋﺗﺎق ﺻﺎدف اﻟﻣدﺑر‪ .‬ﺛم ﻗﯾل‪ :‬ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻣدﺑر ﺗﻌرف ﺑﺗﻘوﯾم اﻟﻣﻘوﻣﯾن‪ ،‬وﻗﯾل ﯾﺟب ﺛﻠﺛﺎ‬
‫ﻗﯾﻣﺗﮫ زھو ﻗن ﻷن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ أﻧواع ﺛﻼﺛﺔ‪ :‬اﻟﺑﯾﻊ وأﺷﺑﺎھﮫ‪ ،‬واﻻﺳﺗﺧدام وأﻣﺛﺎﻟﮫ‪ ،‬واﻹﻋﺗﺎق وﺗواﺑﻌﮫ‪ ،‬واﻟﻔﺎﺋت اﻟﺑﯾﻊ‬
‫ﻓﯾﺳﻘط اﻟﺛﻠث‪ .‬وإذا ﺿﻣﻧﮫ ﻻ ﯾﺗﻣﻠﻛﮫ ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻘﺑل اﻻﻧﺗﻘﺎل ﻣن ﻣﻠك إﻟﻰ ﻣﻠك‪ ،‬ﻛﻣﺎ إذا ﻏﺻب ﻣدﺑرا ﻓﺄﺑق‪.‬‬
‫وإن أﻋﺗﻘﮫ أﺣدھﻣﺎ أوﻻ ﻛﺎن ﻟﻶﺧر اﻟﺧﯾﺎرات اﻟﺛﻼث ﻋﻧده‪ ،‬ﻓﺈذا دﺑره ﻟم ﯾﺑق ﻟﮫ ﺧﯾﺎر اﻟﺗﺿﻣﯾن وﺑﻘﻲ ﺧﯾﺎر‬
‫اﻹﻋﺗﺎق واﻻﺳﺗﺳﻌﺎء ﻷن اﻟﻣدﺑر ﯾﻌﺗق وﯾﺳﺗﺳﻌﻰ "وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد‪ :‬إذا دﺑره أﺣدھﻣﺎ ﻓﻌﺗق اﻵﺧر ﺑﺎطل"‬
‫ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺗﺟزأ ﻋﻧدھﻣﺎ ﻓﯾﺗﻣﻠك ﻧﺻﯾب ﺻﺎﺣﺑﮫ ﺑﺎﻟﺗدﺑﯾر‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺿﻣن ﻧﺻف ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻣوﺳرا ﻛﺎن أو ﻣﻌﺳرا" ﻷﻧﮫ ﺿﻣﺎن ﺗﻣﻠك ﻓﻼ ﯾﺧﺗﻠف ﺑﺎﻟﯾﺳﺎر واﻹﻋﺳﺎر‪ ،‬وﯾﺿﻣن‬
‫ﻧﺻف ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻗﻧﺎ ﻷﻧﮫ ﺻﺎدﻓﮫ اﻟﺗدﺑﯾر وھو ﻗن‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن أﻋﺗﻘﮫ أﺣدھﻣﺎ ﻓﺗدﺑﯾر اﻵﺧر ﺑﺎطل" ﻷن اﻹﻋﺗﺎق ﻻ ﯾﺗﺟزأ ﻓﻌﺗق ﻛﻠﮫ ﻓﻠم ﯾﺻﺎدف اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻣﻠك وھو‬
‫ﯾﻌﺗﻣده‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺿﻣن ﻧﺻف ﻗﯾﻣﺗﮫ إن ﻛﺎن ﻣوﺳرا" وﯾﺳﻌﻰ اﻟﻌﺑد ﻓﻲ ذﻟك إن ﻛﺎن ﻣﻌﺳرا ﻷن ھذا ﺿﻣﺎن اﻹﻋﺗﺎق‬
‫ﻓﯾﺧﺗﻠف ذﻟك ﺑﺎﻟﯾﺳﺎر واﻹﻋﺳﺎر ﻋﻧدھﻣﺎ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﺑﺎب ﻣوت اﻟﻣﻛﺎﺗب وﻋﺟزه وﻣوت اﻟﻣوﻟﻰ‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻋﺟز اﻟﻣﻛﺎﺗب ﻋن ﻧﺟم ﻧظر اﻟﺣﺎﻛم ﻓﻲ ﺣﺎﻟﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻟﮫ دﯾن ﯾﻘﺑﺿﮫ أو ﻣﺎل ﯾﻘدم ﻋﻠﯾﮫ ﻟم ﯾﻌﺟل‬
‫ﺑﺗﻌﺟﯾزه واﻧﺗظر ﻋﻠﯾﮫ اﻟﯾوﻣﯾن أو اﻟﺛﻼﺛﺔ" ﻧظرا ﻟﻠﺟﺎﻧﺑﯾن‪ ،‬واﻟﺛﻼث ھﻲ اﻟﻣدة اﻟﺗﻲ ﺿرﺑت ﻹﺑﻼء اﻷﻋذار‬
‫ﻛﺈﻣﮭﺎل اﻟﺧﺻم ﻟﻠدﻓﻊ واﻟﻣدﯾون ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻓﻼ ﯾزاد ﻋﻠﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ وﺟﮫ وطﻠب اﻟﻣوﻟﻰ ﺗﻌﺟﯾزه ﻋﺟزه وﻓﺳﺦ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬وھذا ﻋﻧد‬

‫أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ﻻ ﯾﻌﺟزه ﺣﺗﻰ ﯾﺗواﻟﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻧﺟﻣﺎن" ﻟﻘول ﻋﻠﻲ‬ ‫ص ‪-264-‬‬
‫رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬إذا ﺗواﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﺎﺗب ﻧﺟﻣﺎن رد ﻓﻲ اﻟرق ﻋﻠﻘﮫ ﺑﮭذا اﻟﺷرط‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻋﻘد إرﻓﺎق ﺣﺗﻰ ﻛﺎن‬
‫أﺣﺳﻧﮫ ﻣؤﺟﻠﮫ وﺣﺎﻟﺔ اﻟوﺟوب ﺑﻌد ﺣﻠول ﻧﺟم ﻓﻼ ﺑد ﻣن إﻣﮭﺎل ﻣدة اﺳﺗﯾﺳﺎرا‪ ،‬وأوﻟﻰ اﻟﻣدد ﻣﺎ ﺗواﻓق ﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟﻌﺎﻗدان‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن ﺳﺑب اﻟﻔﺳﺦ ﻗد ﺗﺣﻘق وھو اﻟﻌﺟز‪ ،‬ﻷن ﻣن ﻋﺟز ﻋن أداء ﻧﺟم واﺣد ﯾﻛون أﻋﺟز ﻋن أداء‬
‫ﻧﺟﻣﯾن‪ ،‬وھذا ﻷن ﻣﻘﺻود اﻟﻣوﻟﻰ اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﻣﺎل ﻋﻧد ﺣﻠول ﻧﺟم وﻗد ﻓﺎت ﻓﯾﻔﺳﺦ إذا ﻟم ﯾﻛن راﺿﯾﺎ ﺑدوﻧﮫ‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف اﻟﯾوﻣﯾن واﻟﺛﻼﺛﺔ ﻷﻧﮫ ﻻ ﺑد ﻣﻧﮭﺎ ﻹﻣﻛﺎن اﻷداء ﻓﻠم ﯾﻛن ﺗﺄﺧﯾرا‪ ،‬واﻵﺛﺎر ﻣﺗﻌﺎرﺿﺔ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻣروي ﻋن اﺑن‬
‫ﻋﻣر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﻣﺎ أن ﻣﻛﺎﺗﺑﺔ ﻟﮫ ﻋﺟزت ﻋن أداء ﻧﺟم واﺣد ﻓردھﺎ ﻓﺳﻘط اﻻﺣﺗﺟﺎج ﺑﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن أﺧل ﺑﻧﺟم ﻋﻧد ﻏﯾر اﻟﺳﻠطﺎن ﻓﻌﺟز ﻓرده ﻣوﻻه ﺑرﺿﺎه ﻓﮭو ﺟﺎﺋز" ﻷن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺗﻔﺳﺦ ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻣن‬
‫ﻏﯾر ﻋذر ﻓﺑﺎﻟﻌذر أوﻟﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟو ﻟم ﯾرض ﺑﮫ اﻟﻌﺑد ﻻ ﺑد ﻣن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻟﻔﺳﺦ" ﻷﻧﮫ ﻋﻘد ﻻزم ﺗﺎم ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﻘﺿﺎء أو اﻟرﺿﺎ ﻛﺎﻟرد‬
‫ﺑﺎﻟﻌﯾب ﺑﻌد اﻟﻘﺑض‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻋﺟز اﻟﻣﻛﺎﺗب ﻋﺎد إﻟﻰ أﺣﻛﺎم اﻟرق" ﻻﻧﻔﺳﺎخ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ "وﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ﯾده ﻣن اﻷﻛﺳﺎب ﻓﮭو ﻟﻣوﻻه"‬
‫ﻷﻧﮫ ظﮭر أﻧﮫ ﻛﺳب ﻋﺑده‪ ،‬وھذا ﻷﻧﮫ ﻛﺎن ﻣوﻗوﻓﺎ ﻋﻠﯾﮫ أو ﻋﻠﻰ ﻣوﻻه وﻗد زال اﻟﺗوﻗف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻣﺎت اﻟﻣﻛﺎﺗب وﻟﮫ ﻣﺎل ﻟم ﺗﻧﻔﺳﺦ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ وﻗﺿﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﻣﺎﻟﮫ وﺣﻛم ﺑﻌﺗﻘﮫ ﻓﻲ آﺧر ﺟزء ﻣن‬
‫أﺟزاء ﺣﯾﺎﺗﮫ وﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻓﮭو ﻣﯾراث ﻟورﺛﺗﮫ وﯾﻌﺗق أوﻻده" وھذا ﻗول ﻋﻠﻲ واﺑن ﻣﺳﻌود رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬وﺑﮫ‬
‫أﺧذ ﻋﻠﻣﺎؤﻧﺎ رﺣﻣﮭم ﷲ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﺗﺑطل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ وﯾﻣوت ﻋﺑدا وﻣﺎ ﺗرﻛﮫ ﻟﻣوﻻه‪ ،‬وإﻣﺎﻣﮫ ﻓﻲ ذﻟك‬
‫زﯾد ﺑن ﺛﺎﺑت رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ وﻷن اﻟﻣﻘﺻود ﻣن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻋﺗﻘﮫ وﻗد ﺗﻌذر إﺛﺑﺎﺗﮫ ﻓﺗﺑطل‪ ،‬وھذا ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺧﻠو إﻣﺎ أن‬
‫ﯾﺛﺑت ﺑﻌد اﻟﻣﻣﺎت ﻣﻘﺻودا أو ﯾﺛﺑت ﻗﺑﻠﮫ أو ﺑﻌده ﻣﺳﺗﻧدا‪ ،‬ﻻ وﺟﮫ إﻟﻰ اﻷول ﻟﻌدم اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ‪ ،‬وﻻ إﻟﻰ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟﻔﻘد‬
‫اﻟﺷرط وھو اﻷداء‪ ،‬وﻻ إﻟﻰ اﻟﺛﺎﻟث ﻟﺗﻌذر اﻟﺛﺑوت ﻓﻲ اﻟﺣﺎل واﻟﺷﻲء ﯾﺛﺑت ﺛم ﯾﺳﺗﻧد‪ .‬وﻟﻧﺎ أﻧﮫ ﻋﻘد ﻣﻌﺎوﺿﺔ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﯾﺑطل ﺑﻣوت أﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن وھو اﻟﻣوﻟﻰ ﻓﻛذا ﺑﻣوت اﻵﺧر‪ ،‬واﻟﺟﺎﻣﻊ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ إﺑﻘﺎء اﻟﻌﻘد ﻹﺣﯾﺎء اﻟﺣق‪،‬‬
‫ﺑل أوﻟﻰ ﻷن ﺣﻘﮫ آﻛد ﻣن ﺣق اﻟﻣوﻟﻰ ﺣﺗﻰ ﻟزم اﻟﻌﻘد ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺑﮫ‪ ،‬واﻟﻣوت أﻧﻔﻰ ﻟﻠﻣﺎﻟﻛﯾﺔ ﻣﻧﮫ ﻟﻠﻣﻣﻠوﻛﯾﺔ ﻓﯾﻧزل ﺣﯾﺎ‬
‫ﺗﻘدﯾرا‪ ،‬أو‬

‫ﺗﺳﺗﻧد اﻟﺣرﯾﺔ ﺑﺎﺳﺗﻧﺎد ﺳﺑب اﻷداء إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﻣوت وﯾﻛون أداء ﺧﻠﻔﮫ ﻛﺄداﺋﮫ‪ ،‬وﻛل‬ ‫ص ‪-265-‬‬
‫ذﻟك ﻣﻣﻛن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋرف ﺗﻣﺎﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﺧﻼﻓﯾﺎت‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻟم ﯾﺗرك وﻓﺎء وﺗرك وﻟدا ﻣوﻟودا ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺳﻌﻰ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺔ أﺑﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻧﺟوﻣﮫ ﻓﺈذا أدى ﺣﻛﻣﻧﺎ ﺑﻌﺗق‬
‫أﺑﯾﮫ ﻗﺑل ﻣوﺗﮫ وﻋﺗق اﻟوﻟد" ﻷن اﻟوﻟد داﺧل ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺗﮫ وﻛﺳﺑﮫ ﻛﻛﺳﺑﮫ ﻓﯾﺧﻠﻔﮫ ﻓﻲ اﻷداء وﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا ﺗرك وﻓﺎء‬
‫"وإن ﺗرك وﻟدا ﻣﺷﺗرى ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻗﯾل ﻟﮫ إﻣﺎ أن ﺗؤدي اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺣﺎﻟﺔ أو ﺗرد رﻗﯾﻘﺎ" وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ .‬وأﻣﺎ‬
‫ﻋﻧدھﻣﺎ ﯾؤدﯾﮫ إﻟﻰ أﺟﻠﮫ اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟوﻟد اﻟﻣوﻟود ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬واﻟﺟﺎﻣﻊ أﻧﮫ ﯾﻛﺎﺗب ﻋﻠﯾﮫ ﺗﺑﻌﺎ ﻟﮫ وﻟﮭذا ﯾﻣﻠك اﻟﻣوﻟﻰ‬
‫إﻋﺗﺎﻗﮫ ﺑﺧﻼف ﺳﺎﺋر أﻛﺳﺎﺑﮫ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وھو اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﻔﺻﻠﯾن أن اﻷﺟل ﯾﺛﺑت ﺷرطﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻓﯾﺛﺑت ﻓﻲ‬
‫ﺣق ﻣن دﺧل ﺗﺣت اﻟﻌﻘد واﻟﻣﺷﺗرى ﻟم ﯾدﺧل ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﺿف إﻟﯾﮫ اﻟﻌﻘد وﻻ ﯾﺳري ﺣﻛﻣﮫ إﻟﯾﮫ ﻻﻧﻔﺻﺎﻟﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟﻣوﻟود ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻷﻧﮫ ﻣﺗﺻل وﻗت اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﯾﺳري اﻟﺣﻛم إﻟﯾﮫ وﺣﯾث دﺧل ﻓﻲ ﺣﻛﻣﮫ ﺳﻌﻰ ﻓﻲ ﻧﺟوﻣﮫ "ﻓﺈن‬
‫اﺷﺗرى اﺑﻧﮫ ﺛم ﻣﺎت وﺗرك وﻓﺎء ورﺛﮫ اﺑﻧﮫ" ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﺣﻛم ﺑﺣرﯾﺗﮫ ﻓﻲ آﺧر ﺟزء ﻣن أﺟزاء ﺣﯾﺎﺗﮫ ﯾﺣﻛم ﺑﺣرﯾﺔ‬
‫اﺑﻧﮫ ﻓﻲ ذﻟك اﻟوﻗت‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﺗﺑﻊ ﻷﺑﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﯾﻛون ھذا ﺣرا ﯾرث ﻋن ﺣر "وﻛذﻟﻛم إن ﻛﺎن ھو واﺑﻧﮫ ﻣﻛﺎﺗﺑﯾن‬
‫ﻛﺗﺎﺑﺔ واﺣدة" ﻷن اﻟوﻟد إن ﻛﺎن ﺻﻐﯾرا ﻓﮭو ﺗﺑﻊ ﻷﺑﯾﮫ وإن ﻛﺎن ﻛﺑﯾرا ﺟﻌﻼ ﻛﺷﺧص واﺣد‪ ،‬ﻓﺈذا ﺣﻛم ﺑﺣرﯾﺔ‬
‫اﻷب ﯾﺣﻛم ﺑﺣرﯾﺗﮫ ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻣر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻣﺎت اﻟﻣﻛﺎﺗب وﻟﮫ وﻟد ﻣن ﺣرة وﺗرك دﯾﻧﺎ وﻓﺎء ﺑﻣﻛﺎﺗﺑﺗﮫ ﻓﺟﻧﻰ اﻟوﻟد ﻓﻘﺿﻲ ﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ اﻷم ﻟم‬
‫ﯾﻛن ذﻟك ﻗﺿﺎء ﺑﻌﺟز اﻟﻣﻛﺎﺗب" ﻷن ھذا اﻟﻘﺿﺎء ﯾﻘرر ﺣﻛم اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻷن ﻣن ﻗﺿﯾﺗﮭﺎ إﻟﺣﺎق اﻟوﻟد ﺑﻣواﻟﻲ اﻷم‬
‫وإﯾﺟﺎب اﻟﻌﻘل ﻋﻠﯾﮭم‪ ،‬ﻟﻛن ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﯾﺣﺗﻣل أن ﯾﻌﺗق ﻓﯾﻧﺟر اﻟوﻻء إﻟﻰ ﻣواﻟﻲ اﻷب‪ ،‬واﻟﻘﺿﺎء ﺑﻣﺎ ﯾﻘرر ﺣﻛﻣﮫ ﻻ‬
‫ﯾﻛون ﺗﻌﺟﯾزا "وإن اﺧﺗﺻم ﻣواﻟﻲ اﻷم وﻣواﻟﻲ اﻷب ﻓﻲ وﻻﺋﮫ ﻓﻘﺿﻰ ﺑﮫ ﻟﻣواﻟﻲ اﻷم ﻓﮭو ﻗﺿﺎء ﺑﺎﻟﻌﺟز" ﻷن‬
‫ھذا اﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟوﻻء ﻣﻘﺻودا‪ ،‬وذﻟك ﯾﺑﺗﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎء اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ واﻧﺗﻘﺎﺿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ إذا ﻓﺳﺧت ﻣﺎت ﻋﺑدا واﺳﺗﻘر‬
‫اﻟوﻻء ﻋﻠﻰ ﻣواﻟﻲ اﻷم‪ ،‬وإذا ﺑﻘﯾت واﺗﺻل ﺑﮭﺎ اﻷداء ﻣﺎت ﺣرا واﻧﺗﻘل اﻟوﻻء إﻟﻰ ﻣواﻟﻲ اﻷب‪ ،‬وھذا ﻓﺻل‬
‫ﻣﺟﺗﮭد ﻓﯾﮫ ﻓﯾﻧﻔذ ﻣﺎ ﯾﻼﻗﯾﮫ ﻣن اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻠﮭذا ﻛﺎن ﺗﻌﺟﯾزا‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣﺎ أدى اﻟﻣﻛﺎﺗب ﻣن اﻟﺻدﻗﺎت إﻟﻰ ﻣوﻻه ﺛم ﻋﺟز ﻓﮭو طﯾب ﻟﻠﻣوﻟﻰ ﻟﺗﺑدل اﻟﻣﻠك" ﻓﺈن اﻟﻌﺑد ﯾﺗﻣﻠﻛﮫ‬
‫ﺻدﻗﺔ واﻟﻣوﻟﻰ ﻋوﺿﺎ ﻋن اﻟﻌﺗق‪ ،‬وإﻟﯾﮫ وﻗﻌت اﻹﺷﺎرة اﻟﻧﺑوﯾﺔ ﻓﻲ ﺣدﯾث ﺑرﯾرة رﺿﻲ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻧﮭﺎ "ھﻲ ﻟﮭﺎ‬
‫ﺻدﻗﺔ وﻟﻧﺎ ھدﯾﺔ" وھذا ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا أﺑﺎح ﻟﻠﻐﻧﻲ واﻟﮭﺎﺷﻣﻲ‪ ،‬ﻷن اﻟﻣﺑﺎح ﻟﮫ ﯾﺗﻧﺎوﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﻠك اﻟﻣﺑﯾﺢ‪ ،‬وﻧظﯾره‬
‫اﻟﻣﺷﺗري ﺷراء ﻓﺎﺳدا إذا أﺑﺎح ﻟﻐﯾره ﻻ ﯾطﯾب ﻟﮫ وﻟو ﻣﻠﻛﮫ ﯾطﯾب‪ ،‬وﻟو ﻋﺟز ﻗﺑل اﻷداء‬

‫إﻟﻰ اﻟﻣوﻟﻰ ﻓﻛذﻟك اﻟﺟواب‪ ،‬وھذا ﻋﻧد ﻣﺣﻣد ظﺎھر ﻷن ﺑﺎﻟﻌﺟز ﯾﺗﺑدل اﻟﻣﻠك ﻋﻧده‪ ،‬وﻛذا‬ ‫ص ‪-266-‬‬
‫ﻋﻧد أﺑﻲ ﯾوﺳف‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﺑﺎﻟﻌﺟز ﯾﺗﻘرر ﻣﻠك اﻟﻣوﻟﻰ ﻋﻧده ﻷﻧﮫ ﻻ ﺧﺑث ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺻدﻗﺔ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ اﻟﺧﺑث ﻓﻲ ﻓﻌل‬
‫اﻵﺧذ ﻟﻛوﻧﮫ إذﻻﻻ ﺑﮫ‪ .‬وﻻ ﯾﺟوز ذﻟك ﻟﻠﻐﻧﻲ ﻣن ﻏﯾر ﺣﺎﺟﺔ وﻟﻠﮭﺎﺷﻣﻲ ﻟزﯾﺎدة ﺣرﻣﺗﮫ واﻷﺧذ ﻟم ﯾوﺟد ﻣن اﻟﻣوﻟﻰ‬
‫ﻓﺻﺎر ﻛﺎﺑن اﻟﺳﺑﯾل إذا وﺻل إﻟﻰ وطﻧﮫ واﻟﻔﻘﯾر إذا اﺳﺗﻐﻧﻰ وﻗد ﺑﻘﻲ ﻓﻲ أﯾدﯾﮭﻣﺎ ﻣﺎ أﺧذا ﻣن اﻟﺻدﻗﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﯾطﯾب‬
‫ﻟﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا إذا أﻋﺗق اﻟﻣﻛﺎﺗب واﺳﺗﻐﻧﻰ ﯾطﯾب ﻟﮫ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣن اﻟﺻدﻗﺔ ﻓﻲ ﯾده‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺟﻧﻰ اﻟﻌﺑد ﻓﻛﺎﺗﺑﮫ ﻣوﻻه وﻟم ﯾﻌﻠم ﺑﺎﻟﺟﻧﺎﯾﺔ ﺛم ﻋﺟز ﻓﺈﻧﮫ ﯾدﻓﻊ أو ﯾﻔدي" ﻷن ھذا ﻣوﺟب ﺟﻧﺎﯾﺔ اﻟﻌﺑد‬
‫ﻓﻲ اﻷﺻل وﻟم ﯾﻛن ﻋﺎﻟﻣﺎ ﺑﺎﻟﺟﻧﺎﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺻﯾر ﻣﺧﺗﺎرا ﻟﻠﻔداء إﻻ أن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻣﺎﻧﻌﺔ ﻣن اﻟدﻓﻊ‪ ،‬ﻓﺈذا زال‬
‫ﻋﺎد اﻟﺣﻛم اﻷﺻﻠﻲ "وﻛذﻟك إذا ﺟﻧﻰ اﻟﻣﻛﺎﺗب وﻟم ﯾﻘض ﺑﮫ ﺣﺗﻰ ﻋﺟز" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ ﻣن زوال اﻟﻣﺎﻧﻊ "وإن ﻗﺿﻰ ﺑﮫ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺗﮫ ﺛم ﻋﺟز ﻓﮭو دﯾن ﯾﺑﺎع ﻓﯾﮫ" ﻻﻧﺗﻘﺎل اﻟﺣق ﻣن اﻟرﻗﺑﺔ إﻟﻰ ﻗﯾﻣﺗﮫ ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬وھذا ﻗول أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‬
‫وﻣﺣﻣد‪ ،‬وﻗد رﺟﻊ أﺑو ﯾوﺳف إﻟﯾﮫ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﻘول أوﻻ ﯾﺑﺎع ﻓﯾﮫ وإن ﻋﺟز ﻗﺑل اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬وھو ﻗول زﻓر ﻷن اﻟﻣﺎﻧﻊ‬
‫ﻣن اﻟدﻓﻊ وھو اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻗﺎﺋم وﻗت اﻟﺟﻧﺎﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻛﻣﺎ وﻗﻌت اﻧﻌﻘدت ﻣوﺟﺑﺔ ﻟﻠﻘﯾﻣﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻧﺎﯾﺔ اﻟﻣدﺑر وأم اﻟوﻟد‪ .‬وﻟﻧﺎ‬
‫أن اﻟﻣﺎﻧﻊ ﻗﺎﺑل ﻟﻠزوال ﻟﻠﺗردد وﻟم ﯾﺛﺑت اﻻﻧﺗﻘﺎل ﻓﻲ اﻟﺣﺎل ﻓﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء أو اﻟرﺿﺎ وﺻﺎر ﻛﺎﻟﻌﺑد اﻟﻣﺑﯾﻊ‬
‫إذا أﺑق ﻗﺑل اﻟﻘﺑض ﯾﺗوﻗف اﻟﻔﺳﺦ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻟﺗردده واﺣﺗﻣﺎل ﻋوده‪ ،‬ﻛذا ھذا‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺗدﺑﯾر واﻻﺳﺗﯾﻼد ﻷﻧﮭﻣﺎ‬
‫ﻻ ﯾﻘﺑﻼن اﻟزوال ﺑﺣﺎل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻣﺎت اﻟﻣوﻟﻰ اﻟﻣﻛﺎﺗب ﻟم ﺗﻧﻔﺳﺦ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ" ﻛﻲ ﻻ ﯾؤدي إﻟﻰ إﺑطﺎل ﺣق اﻟﻣﻛﺎﺗب‪ ،‬إذ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺳﺑب‬
‫اﻟﺣرﯾﺔ وﺳﺑب ﺣق اﻟﻣرء ﺣﻘﮫ "وﻗﯾل ﻟﮫ أد اﻟﻣﺎل إﻟﻰ ورﺛﺔ اﻟﻣوﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﺟوﻣﮫ" ﻷﻧﮫ اﺳﺗﺣﻘﺎق اﻟﺣرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ھذا‬
‫اﻟوﺟﮫ واﻟﺳﺑب اﻧﻌﻘد ﻛذﻟك ﻓﯾﺑﻘﻰ ﺑﮭذه اﻟﺻﻔﺔ وﻻ ﯾﺗﻐﯾر‪ ،‬إﻻ أن اﻟورﺛﺔ ﯾﺧﻠﻔوﻧﮫ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء‪.‬‬
‫"ﻓﺈن أﻋﺗﻘﮫ أﺣد اﻟورﺛﺔ ﻟم ﯾﻧﻔذ ﻋﺗﻘﮫ" ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﻣﻠﻛﮫ‪ ،‬وھذا ﻷن اﻟﻣﻛﺎﺗب ﻻ ﯾﻣﻠك ﺑﺳﺎﺋر أﺳﺑﺎب اﻟﻣﻠك ﻓﻛذا ﺑﺳﺑب‬
‫اﻟوراﺛﺔ‪ .‬وإن أﻋﺗﻘوه ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻋﺗق وﺳﻘط ﻋﻧﮫ ﺑدل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻷﻧﮫ ﯾﺻﯾر إﺑراء ﻋن ﺑدل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﺣﻘﮭم وﻗد ﺟرى‬
‫ﻓﯾﮫ اﻹرث‪ ،‬وإذا ﺑرئ اﻟﻣﻛﺎﺗب ﻋن ﺑدل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﯾﻌﺗق ﻛﻣﺎ إذا أﺑرأه اﻟﻣوﻟﻰ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ إذا أﻋﺗﻘﮫ أﺣد اﻟورﺛﺔ ﻻ ﯾﺻﯾر‬
‫إﺑراء ﻋن ﻧﺻﯾﺑﮫ‪ ،‬ﻷﻧﺎ ﻧﺟﻌﻠﮫ إﺑراء اﻗﺗﺿﺎء ﺗﺻﺣﯾﺣﺎ ﻟﻌﺗﻘﮫ‪ .‬واﻟﻌﺗق ﻻ ﯾﺛﺑت ﺑﺈﺑراء اﻟﺑﻌض أو أداﺋﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎﺗب‬
‫ﻻ ﻓﻲ ﺑﻌﺿﮫ وﻻ ﻓﻲ ﻛﻠﮫ‪ ،‬وﻻ وﺟﮫ إﻟﻰ إﺑراء اﻟﻛل ﻟﺣق ﺑﻘﯾﺔ اﻟورﺛﺔ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻟوﻻء‬ ‫ص ‪-267-‬‬


‫اﻟوﻻء ﻧوﻋﺎن‪ :‬وﻻء ﻋﺗﺎﻗﺔ وﯾﺳﻣﻰ وﻻء ﻧﻌﻣﺔ وﺳﺑﺑﮫ اﻟﻌﺗق ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻛﮫ ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﻋﺗق ﻗرﯾﺑﮫ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫ﺑﺎﻟوراﺛﺔ ﻛﺎن اﻟوﻻء ﻟﮫ‪ .‬ووﻻء ﻣواﻻة‪ ،‬وﺳﺑﺑﮫ اﻟﻌﻘد وﻟﮭذا ﯾﻘﺎل وﻻء اﻟﻌﺗﺎﻗﺔ ووﻻء اﻟﻣواﻻة‪ ،‬واﻟﺣﻛم ﯾﺿﺎف إﻟﻰ‬
‫ﺳﺑﺑﮫ‪ ،‬واﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﯾﮭﻣﺎ اﻟﺗﻧﺎﺻر‪ ،‬وﻛﺎﻧت اﻟﻌرب ﺗﺗﻧﺎﺻر ﺑﺄﺷﯾﺎء‪ ،‬وﻗرر اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﺗﻧﺎﺻرھم‬
‫ﺑﺎﻟوﻻء ﺑﻧوﻋﯾﮫ ﻓﻘﺎل‪" :‬إن ﻣوﻟﻰ اﻟﻘوم ﻣﻧﮭم وﺣﻠﯾﻔﮭم ﻣﻧﮭم" واﻟﻣراد ﺑﺎﻟﺣﻠﯾف ﻣوﻟﻰ اﻟﻣواﻻة ﻷﻧﮭم ﻛﺎﻧوا ﯾؤﻛدون‬
‫اﻟﻣواﻻة ﺑﺎﻟﺣﻠف‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أﻋﺗق اﻟﻣوﻟﻰ ﻣﻣﻠوﻛﮫ ﻓوﻻؤه ﻟﮫ" ﻟﻘول ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬اﻟوﻻء ﻟﻣن أﻋﺗق"‪ ،‬وﻷن اﻟﺗﻧﺎﺻر ﺑﮫ‬
‫ﻓﯾﻌﻘﻠﮫ وﻗد أﺣﯾﺎه ﻣﻌﻧﻰ ﺑﺈزاﻟﺔ اﻟرق ﻋﻧﮫ ﻓﯾرﺛﮫ وﯾﺻﯾر اﻟوﻻء ﻛﺎﻟوﻻد‪ ،‬وﻷن اﻟﻐﻧم ﺑﺎﻟﻐرم‪ ،‬وﻛذا اﻟﻣرأة ﺗﻌﺗق ﻟﻣﺎ‬
‫روﯾﻧﺎ‪" ،‬وﻣﺎت ﻣﻌﺗق ﻻﺑﻧﺔ ﺣﻣزة رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﻣﺎ ﻋﻧﮭﺎ وﻋن ﺑﻧت ﻓﺟﻌل اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم اﻟﻣﺎل ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ‬
‫ﻧﺻﻔﯾن"‪ .‬وﯾﺳﺗوى ﻓﯾﮫ اﻹﻋﺗﺎق ﺑﻣﺎل وﺑﻐﯾره ﻹطﻼق ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﺷرط أﻧﮫ ﺳﺎﺋﺑﺔ ﻓﺎﻟﺷرط ﺑﺎطل واﻟوﻻء ﻟﻣن أﻋﺗق" ﻷن اﻟﺷرط ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﻧص ﻓﻼ ﯾﺻﺢ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أدى اﻟﻣﻛﺎﺗب ﻋﺗق ووﻻؤه ﻟﻠﻣوﻟﻰ وإن ﻋﺗق ﺑﻌد ﻣوت اﻟﻣوﻟﻰ" ﻷﻧﮫ ﻋﺗق ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻣﺎ ﺑﺎﺷر ﻣن اﻟﺳﺑب‬
‫وھو اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ وﻗد ﻗررﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎﺗب "وﻛذا اﻟﻌﺑد اﻟﻣوﺻﻰ ﺑﻌﺗﻘﮫ أو ﺑﺷراﺋﮫ وﻋﺗﻘﮫ ﺑﻌد ﻣوﺗﮫ" ﻷن ﻓﻌل اﻟوﺻﻲ‬
‫ﺑﻌد ﻣوﺗﮫ ﻛﻔﻌﻠﮫ واﻟﺗرﻛﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻛم ﻣﻠﻛﮫ "وإن ﻣﺎت اﻟﻣوﻟﻰ ﻋﺗق ﻣدﺑروه وأﻣﮭﺎت أوﻻده" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺗﺎق‬
‫"ووﻻؤھم ﻟﮫ" ﻷﻧﮫ أﻋﺗﻘﮭم ﺑﺎﻟﺗدﺑﯾر واﻻﺳﺗﯾﻼد‪.‬‬
‫"وﻣن ﻣﻠك ذا رﺣم ﻣﺣرم ﻣﻧﮫ ﻋﺗق ﻋﻠﯾﮫ" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺗﺎق "ووﻻؤه ﻟﮫ" ﻟوﺟود اﻟﺳﺑب وھو اﻟﻌﺗق ﻋﻠﯾﮫ‬
‫"وإذا ﺗزوج ﻋﺑد رﺟل أﻣﺔ ﻵﺧر ﻓﺄﻋﺗق ﻣوﻟﻰ اﻷﻣﺔ اﻷﻣﺔ وھﻲ ﺣﺎﻣل ﻣن اﻟﻌﺑد ﻋﺗﻘت وﻋﺗق ﺣﻣﻠﮭﺎ‪ ،‬ووﻻء‬
‫اﻟﺣﻣل ﻟﻣوﻟﻰ اﻷم ﻻ ﯾﻧﺗﻘل ﻋﻧﮫ أﺑدا" ﻷﻧﮫ ﻋﺗق ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺗق اﻷم‬

‫ﻣﻘﺻودا إذ ھو ﺟزء ﻣﻧﮭﺎ ﯾﻘﺑل اﻹﻋﺗﺎق ﻣﻘﺻودا ﻓﻼ ﯾﻧﺗﻘل وﻻؤه ﻋﻧﮫ ﻋﻣﻼ ﺑﻣﺎ روﯾﻧﺎ‬ ‫ص ‪-268-‬‬
‫"وﻛذﻟك إذا وﻟدت وﻟدا ﻷﻗل ﻣن ﺳﺗﺔ أﺷﮭر" ﻟﻠﺗﯾﻘن ﺑﻘﯾﺎم اﻟﺣﻣل وﻗت اﻹﻋﺗﺎق "أو وﻟدت وﻟدﯾن أﺣدھﻣﺎ ﻷﻗل‬
‫ﻣن ﺳﺗﺔ أﺷﮭر" ﻷﻧﮭﻣﺎ ﺗوأﻣﺎن ﯾﺗﻌﻠﻘﺎن ﻣﻌﺎ‪ .‬وھذا ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا واﻟت رﺟﻼ وھﻲ ﺣﺑﻠﻰ واﻟزوج واﻟﻰ ﻏﯾره‬
‫ﺣﯾث ﯾﻛون وﻻء اﻟوﻟد ﻟﻣوﻟﻰ اﻷب ﻷن اﻟﺟﻧﯾن ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﮭذا اﻟوﻻء ﻣﻘﺻودا‪ ،‬ﻷن ﺗﻣﺎﻣﮫ ﺑﺎﻹﯾﺟﺎب واﻟﻘﺑول وھو‬
‫ﻟﯾس ﺑﻣﺣل ﻟﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن وﻟدت ﺑﻌد ﻋﺗﻘﮭﺎ ﻷﻛﺛر ﻣن ﺳﺗﺔ أﺷﮭر وﻟدا ﻓوﻻؤه ﻟﻣواﻟﻲ اﻷم" ﻷﻧﮫ ﻋﺗق ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻸم ﻻﺗﺻﺎﻟﮫ ﺑﮭﺎ ﺑﻌد‬
‫ﻋﺗﻘﮭﺎ ﻓﯾﺗﺑﻌﮭﺎ ﻓﻲ اﻟوﻻء وﻟم ﯾﺗﯾﻘن ﺑﻘﯾﺎﻣﮫ وﻗت اﻹﻋﺗﺎق ﺣﺗﻰ ﯾﻌﺗق ﻣﻘﺻودا "ﻓﺈن أﻋﺗق اﻷب ﺟر وﻻء اﺑﻧﮫ‬
‫واﻧﺗﻘل ﻋن ﻣواﻟﻲ اﻷم إﻟﻰ ﻣواﻟﻲ اﻷب" ﻷن اﻟﻌﺗق ھﺎھﻧﺎ ﻓﻲ اﻟوﻟد ﯾﺛﺑت ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻸم‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻷول‪ ،‬وھذا ﻷن‬
‫اﻟوﻻء ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻧﺳب ﻗﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬اﻟوﻻء ﻟﺣﻣﺔ ﻛﻠﺣﻣﺔ اﻟﻧﺳب ﻻ ﯾﺑﺎع وﻻ ﯾوھب وﻻ ﯾورث" ﺛم‬
‫اﻟﻧﺳب إﻟﻰ اﻵﺑﺎء ﻓﻛذﻟك اﻟوﻻء واﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ ﻣواﻟﻲ اﻷم ﻛﺎﻧت ﻟﻌدم أھﻠﯾﺔ اﻷب ﺿرورة‪ ،‬ﻓﺈذا ﺻﺎر أھﻼ ﻋﺎد‬
‫اﻟوﻻء إﻟﯾﮫ؛ ﻛوﻟد اﻟﻣﻼﻋﻧﺔ ﯾﻧﺳب إﻟﻰ ﻗوم اﻷم ﺿرورة‪ ،‬ﻓﺈذا أﻛذب اﻟﻣﻼﻋن ﻧﻔﺳﮫ ﯾﻧﺳب إﻟﯾﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا‬
‫أﻋﺗﻘت اﻟﻣﻌﺗدة ﻋن ﻣوت أو طﻼق ﻓﺟﺎءت ﺑوﻟد ﻷﻗل ﻣن ﺳﻧﺗﯾن ﻣن وﻗت اﻟﻣوت أو اﻟطﻼق ﺣﯾث ﯾﻛون اﻟوﻟد‬
‫ﻣوﻟﻰ ﻟﻣواﻟﻲ اﻷم وإن أﻋﺗق اﻷب ﻟﺗﻌذر إﺿﺎﻓﺔ اﻟﻌﻠوق إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﻣوت واﻟطﻼق اﻟﺑﺎﺋن ﻟﺣرﻣﺔ اﻟوطء وﺑﻌد‬
‫اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﻟﻣﺎ أﻧﮫ ﯾﺻﯾر ﻣراﺟﻌﺎ ﺑﺎﻟﺷك ﻓﺄﺳﻧد إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻧﻛﺎح ﻓﻛﺎن اﻟوﻟد ﻣوﺟودا ﻋﻧد اﻹﻋﺗﺎق ﻓﻌﺗق‬
‫ﻣﻘﺻودا‪.‬‬
‫"وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر وإذا ﺗزوﺟت ﻣﻌﺗﻘﺔ ﺑﻌﺑد ﻓوﻟدت أوﻻدا ﻓﺟﻧﻰ اﻷوﻻد ﻓﻌﻘﻠﮭم ﻋﻠﻰ ﻣواﻟﻲ اﻷم" ﻷﻧﮭم‬
‫ﻋﺗﻘوا ﺗﺑﻌﺎ ﻷﻣﮭم وﻻ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻷﺑﯾﮭم وﻻ ﻣوﻟﻰ‪ ،‬ﻓﺄﻟﺣﻘوا ﺑﻣواﻟﻲ اﻷم ﺿرورة ﻛﻣﺎ ﻓﻲ وﻟد اﻟﻣﻼﻋﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ‬
‫"ﻓﺈن أﻋﺗق اﻷب ﺟر وﻻء اﻷوﻻد إﻟﻰ ﻧﻔﺳﮫ" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ "وﻻ ﯾرﺟﻌون ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ اﻷب ﺑﻣﺎ ﻋﻘﻠوا" ﻷﻧﮭم ﺣﯾن‬
‫ﻋﻘﻠوه ﻛﺎن اﻟوﻻء ﺛﺎﺑﺗﺎ ﻟﮭم‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﻟﻸب ﻣﻘﺻودا ﻷن ﺳﺑﺑﮫ ﻣﻘﺻود وھو اﻟﻌﺗق‪ ،‬ﺑﺧﻼف وﻟد اﻟﻣﻼﻋﻧﺔ إذا‬
‫ﻋﻘل ﻋﻧﮫ ﻗوم اﻷم ﺛم أﻛذب اﻟﻣﻼﻋن ﻧﻔﺳﮫ ﺣﯾث ﯾرﺟﻌون ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬ﻷن اﻟﻧﺳب ھﻧﺎﻟك ﯾﺛﺑت ﻣﺳﺗﻧدا إﻟﻰ وﻗت اﻟﻌﻠوق‬
‫وﻛﺎﻧوا ﻣﺟﺑورﯾن ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﯾرﺟﻌون‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺗزوج ﻣن اﻟﻌﺟم ﺑﻣﻌﺗﻘﺔ ﻣن اﻟﻌرب ﻓوﻟدت ﻟﮫ أوﻻدا ﻓوﻻء أوﻻدھﺎ ﻟﻣواﻟﯾﮭﺎ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ‬
‫ﷲ وھو ﻗول ﻣﺣﻣد رﺣﻣﮫ ﷲ"‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ﺣﻛﻣﮫ ﺣﻛم أﺑﯾﮫ‪ ،‬ﻷن اﻟﻧﺳب إﻟﻰ اﻷب ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻷب‬
‫ﻋرﺑﯾﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻷب ﻋﺑدا ﻷﻧﮫ ھﺎﻟك ﻣﻌﻧﻰ‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن وﻻء اﻟﻌﺗﺎﻗﺔ ﻗوي ﻣﻌﺗﺑر ﻓﻲ ﺣق اﻷﺣﻛﺎم ﺣﺗﻰ‬
‫اﻋﺗﺑرت اﻟﻛﻔﺎءة ﻓﯾﮫ‪ ،‬واﻟﻧﺳب ﻓﻲ ﺣق اﻟﻌﺟم ﺿﻌﯾف ﻓﺈﻧﮭم ﺿﯾﻌوا أﻧﺳﺎﺑﮭم وﻟﮭذا ﻟم ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻛﻔﺎءة ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭم‬

‫ﺑﺎﻟﻧﺳب‪ ،‬واﻟﻘوي ﻻ ﯾﻌﺎرﺿﮫ اﻟﺿﻌﯾف‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻷب ﻋرﯾﺑﺎ ﻷن أﻧﺳﺎب‬ ‫ص ‪-269-‬‬
‫اﻟﻌرب ﻗوﯾﺔ ﻣﻌﺗﺑرة ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻛﻔﺎءة واﻟﻌﻘل‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن ﺗﻧﺎﺻرھم ﺑﮭﺎ ﻓﺄﻏﻧت ﻋن اﻟوﻻء‪ .‬ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪:‬‬
‫اﻟﺧﻼف ﻓﻲ ﻣطﻠق اﻟﻣﻌﺗﻘﺔ واﻟوﺿﻊ ﻓﻲ ﻣﻌﺗﻘﺔ اﻟﻌرب وﻗﻊ اﺗﻔﺎﻗﺎ‪.‬‬
‫"وﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر‪ :‬ﻧﺑطﻲ ﻛﺎﻓر ﺗزوج ﺑﻣﻌﺗﻘﺔ ﻛﺎﻓرة ﺛم أﺳﻠم اﻟﻧﺑطﻲ وواﻟﻰ رﺟﻼ ﺛم وﻟدت أوﻻدا‪ .‬ﻗﺎل أﺑو‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد‪ :‬ﻣواﻟﯾﮭم ﻣواﻟﻲ أﻣﮭم‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ﻣواﻟﯾﮭم ﻣواﻟﻲ أﺑﯾﮭم" ﻷن اﻟوﻻء وإن ﻛﺎن أﺿﻌف ﻓﮭو‬
‫ﻣن ﺟﺎﻧب اﻷب ﻓﺻﺎر ﻛﺎﻟﻣوﻟود ﺑﯾن واﺣد ﻣن اﻟﻣواﻟﻲ وﺑﯾن اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أن وﻻء اﻟﻣواﻻة أﺿﻌف ﺣﺗﻰ ﯾﻘﺑل‬
‫اﻟﻔﺳﺦ‪ ،‬ووﻻء اﻟﻌﺗﺎﻗﺔ ﻻ ﯾﻘﺑﻠﮫ‪ ،‬واﻟﺿﻌﯾف ﻻ ﯾظﮭر ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﻘوي‪ ،‬وإن ﻛﺎن اﻷﺑوان ﻣﻌﺗﻘﯾن ﻓﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ ﻗوم‬
‫اﻷب ﻷﻧﮭﻣﺎ اﺳﺗوﯾﺎ‪ ،‬واﻟﺗرﺟﯾﺢ ﻟﺟﺎﻧﺑﮫ ﻟﺷﺑﮭﮫ ﺑﺎﻟﻧﺳب أو ﻷن اﻟﻧﺻرة ﺑﮫ أﻛﺛر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ووﻻء اﻟﻌﺗﺎﻗﺔ ﺗﻌﺻﯾب وھو أﺣق ﺑﺎﻟﻣﯾراث ﻣن اﻟﻌﻣﺔ واﻟﺧﺎﻟﺔ" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻟﻠذي اﺷﺗرى‬
‫ﻋﺑدا ﻓﺄﻋﺗﻘﮫ‪" :‬ھو أﺧوك وﻣوﻻك‪ ،‬إن ﺷﻛرك ﻓﮭو ﺧﯾر ﻟﮫ وﺷر ﻟك‪ ،‬وإن ﻛﻔرك ﻓﮭو ﺧﯾر ﻟك وﺷر ﻟﮫ‪ ،‬وﻟو ﻣﺎت‬
‫وﻟم ﯾﺗرك وارﺛﺎ ﻛﻧت أﻧت ﻋﺻﺑﺗﮫ" وورث اﺑﻧﺔ ﺣﻣزة رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻌﺻوﺑﺔ ﻣﻊ ﻗﯾﺎم وارث وإذ‬
‫ﻛﺎن ﻋﺻﺑﺔ ﺗﻘدم ﻋﻠﻰ ذوي اﻷرﺣﺎم وھو اﻟﻣروي ﻋن ﻋﻠﻲ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪" :‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻟﻠﻣﻌﺗق ﻋﺻﺑﺔ ﻣن اﻟﻧﺳب‬
‫ﻓﮭو أوﻟﻰ ﻣن اﻟﻣﻌﺗق"‪ ،‬ﻷن اﻟﻣﻌﺗق آﺧر اﻟﻌﺻﺑﺎت‪ ،‬وھذا ﻷن ﻗوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬وﻟم ﯾﺗرك وارﺛﺎ"‬
‫ﻗﺎﻟوا‪ :‬اﻟﻣراد ﻣﻧﮫ وارث ھو ﻋﺻﺑﺔ ﺑدﻟﯾل اﻟﺣدﯾث اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﺗﺄﺧر ﻋن اﻟﻌﺻﺑﺔ دون ذوي اﻷرﺣﺎم‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻟﻠﻣﻌﺗق ﻋﺻﺑﺔ ﻣن اﻟﻧﺳب ﻓﮭو أوﻟﻰ" ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ "وإن ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ ﻋﺻﺑﺔ ﻣن اﻟﻧﺳب ﻓﻣﯾراﺛﮫ‬
‫ﻟﻠﻣﻌﺗق"‪.‬‬
‫ﺗﺄوﯾﻠﮫ إذا ﻟم ﯾﻛن ھﻧﺎك ﺻﺎﺣب ﻓرض ذو ﺣﺎل‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻓﻠﮫ اﻟﺑﺎﻗﻲ ﺑﻌد ﻓرض ﻷﻧﮫ ﻋﺻﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪،‬‬
‫وھذا ﻷن اﻟﻌﺻﺑﺔ ﻣن ﯾﻛون اﻟﺗﻧﺎﺻر ﺑﮫ ﻟﺑﯾت اﻟﻧﺳﺑﺔ وﺑﺎﻟﻣواﻟﻲ اﻻﻧﺗﺻﺎر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣر واﻟﻌﺻﺑﺔ ﺗﺄﺧذ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ‬
‫"ﻓﺈن ﻣﺎت اﻟﻣوﻟﻰ ﺛم ﻣﺎت اﻟﻣﻌﺗق ﻓﻣﯾراﺛﮫ ﻟﺑﻧﻲ اﻟﻣوﻟﻰ دون ﺑﻧﺎﺗﮫ‪ ،‬وﻟﯾس ﻟﻠﻧﺳﺎء ﻣن اﻟوﻻء إﻻ ﻣﺎ أﻋﺗﻘن أو‬
‫أﻋﺗق ﻣن أﻋﺗﻘن أو ﻛﺎﺗﺑن" أو ﻛﺎﺗب ﻣن ﻛﺎﺗﺑن ﺑﮭذا اﻟﻠﻔظ ورد اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وﻓﻲ‬
‫آﺧره "أو ﺟر وﻻء ﻣﻌﺗﻘﮭن" وﺻورة اﻟﺟر ﻗدﻣﻧﺎھﺎ‪ ،‬وﻷن ﺛﺑوت اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ واﻟﻘوة ﻓﻲ اﻟﻌﺗق ﻣن ﺟﮭﺗﮭﺎ ﻓﯾﻧﺳب‬
‫ﺑﺎﻟوﻻء إﻟﯾﮭﺎ وﯾﻧﺳب إﻟﯾﮭﺎ ﻣن ﯾﻧﺳب إﻟﻰ ﻣوﻻھﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻧﺳب ﻷن ﺳﺑب اﻟﻧﺳﺑﺔ ﻓﯾﮫ اﻟﻔراش‪ ،‬وﺻﺎﺣب اﻟﻔراش‬
‫إﻧﻣﺎ ھو اﻟزوج‪ ،‬واﻟﻣرأة ﻣﻣﻠوﻛﺔ ﻻ ﻣﺎﻟﻛﺔ‪ ،‬وﻟﯾس ﺣﻛم ﻣﯾراث اﻟﻣﻌﺗق ﻣﻘﺻورا ﻋﻠﻰ ﺑﻧﻲ اﻟﻣوﻟﻰ ﺑل‬

‫ھو ﻟﻌﺻﺑﺗﮫ اﻷﻗرب ﻓﺎﻷﻗرب‪ ،‬ﻷن اﻟوﻻء ﻻ ﯾورث وﯾﺧﻠﻔﮫ ﻓﯾﮫ ﻣن ﺗﻛون اﻟﻧﺻرة ﺑﮫ‪،‬‬ ‫ص ‪-270-‬‬
‫ﺣﺗﻰ ﻟو ﺗرك اﻟﻣوﻟﻰ أﺑﺎ واﺑﻧﺎ ﻓﺎﻟوﻻء ﻟﻼﺑن ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد ﻷﻧﮫ أﻗرﺑﮭﻣﺎ ﻋﺻوﺑﺔ‪ ،‬وﻛذﻟك اﻟوﻻء ﻟﻠﺟد‬
‫دون اﻷخ ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ ﻷﻧﮫ أﻗرب ﻓﻲ اﻟﻌﺻوﺑﺔ ﻋﻧده‪ .‬وﻛذا اﻟوﻻء ﻻﺑن اﻟﻣﻌﺗﻘﺔ ﺣﺗﻰ ﯾرﺛﮫ دون أﺧﯾﮭﺎ ﻟﻣﺎ‬
‫ذﻛرﻧﺎ‪ ،‬إﻻ أن ﻋﻘل ﺟﻧﺎﯾﺔ اﻟﻣﻌﺗق ﻋﻠﻰ أﺧﯾﮭﺎ ﻷﻧﮫ ﻣن ﻗوم أﺑﯾﮭﺎ وﺟﻧﺎﯾﺗﮫ ﻛﺟﻧﺎﯾﺗﮭﺎ "وﻟو ﺗرك اﻟﻣوﻟﻰ اﺑﻧﺎ وأوﻻد‬
‫اﺑن آﺧر" ﻣﻌﻧﺎه ﺑﻧﻲ اﺑن آﺧر "ﻓﻣﯾراث اﻟﻣﻌﺗق ﻟﻼﺑن دون ﺑﻧﻲ اﻻﺑن ﻷن اﻟوﻻء ﻟﻠﻛﺑر" ھو اﻟﻣروي ﻋن ﻋدة‬
‫ﻣن اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭم ﻣﻧﮭم ﻋﻣر وﻋﻠﻲ واﺑن ﻣﺳﻌود وﻏﯾرھم رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭم أﺟﻣﻌﯾن‪ ،‬وﻣﻌﻧﺎه اﻟﻘرب‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟوا‪ ،‬واﻟﺻﻠﺑﻲ أﻗرب‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ وﻻء اﻟﻣواﻻة‬


‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أﺳﻠم رﺟل ﻋﻠﻰ ﯾد رﺟل وواﻻه ﻋﻠﻰ أن ﯾرﺛﮫ وﯾﻌﻘل ﻋﻧﮫ أو أﺳﻠم ﻋﻠﻰ ﯾد ﻏﯾره وواﻻه ﻓﺎﻟوﻻء‬
‫ﺻﺣﯾﺢ وﻋﻘﻠﮫ ﻋﻠﻰ ﻣوﻻه‪ ،‬ﻓﺈن ﻣﺎت وﻻ وارث ﻟﮫ ﻏﯾره ﻓﻣﯾراﺛﮫ ﻟﻠﻣوﻟﻰ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬اﻟﻣواﻻة‬
‫ﻟﯾس ﺑﺷﻲء ﻷن ﻓﯾﮫ إﺑطﺎل ﺣق ﺑﯾت اﻟﻣﺎل وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺻﺢ ﻓﻲ ﺣق وارث آﺧر وﻟﮭذا ﻻ ﯾﺻﺢ ﻋﻧده اﻟوﺻﯾﺔ ﺑﺟﻣﯾﻊ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰاﻟ‪ :‬ﱠذ}ِﯾن َ ﻋ َﻘ َد َت ْ‬
‫اﻟﻣﺎل وإن ﻟم ﯾﻛن ﻟﻠﻣوﺻﻲ وارث ﻟﺣق ﺑﯾت اﻟﻣﺎل وإﻧﻣﺎ ﯾﺻﺢ ﻓﻲ اﻟﺛﻠث‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻗوﻟﮫ و َ‬
‫أ َﯾ ْ ﻣ َﺎﻧ ُﻛ ُم ْ ﻓ َ ﺂﺗ ُوھ ُم ْ ﻧ َﺻ ِ ﯾﺑ َ ﮭ ُم ْ { ]اﻟﻧﺳﺎء‪ [33:‬واﻵﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣواﻻة‪ .‬وﺳﺋل رﺳول ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋن رﺟل أﺳﻠم‬
‫ﻋﻠﻰ ﯾد رﺟل آﺧر وواﻻه ﻓﻘﺎل‪" :‬ھو أﺣق اﻟﻧﺎس ﺑﮫ ﻣﺣﯾﺎه وﻣﻣﺎﺗﮫ" وھذا ﯾﺷﯾر إﻟﻰ اﻟﻌﻘل واﻹرث ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن‬
‫ھﺎﺗﯾن‪ ،‬وﻷن ﻣﺎﻟﮫ ﺣﻘﮫ ﻓﯾﺻرﻓﮫ إﻟﻰ ﺣﯾث ﺷﺎء‪ ،‬واﻟﺻرف إﻟﻰ ﺑﯾت اﻟﻣﺎل ﺿرورة ﻋدم اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻻ أﻧﮫ ﻣﺳﺗﺣق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻛﺎن ﻟﮫ وارث ﻓﮭو أوﻟﻰ ﻣﻧﮫ‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧت ﻋﻣﺔ أو ﺧﺎﻟﺔ أو ﻏﯾرھﻣﺎ ﻣن ذوي اﻷرﺣﺎم" ﻷن اﻟﻣواﻻة‬
‫ﻋﻘدھﻣﺎ ﻓﻼ ﯾﻠزم ﻏﯾرھﻣﺎ‪ ،‬وذو اﻟرﺣم وارث‪ ،‬وﻻ ﺑد ﻣن ﺷرط اﻹرث واﻟﻌﻘل ﻛﻣﺎ ذﻛر ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ﻷﻧﮫ ﺑﺎﻻﻟﺗزام‬
‫وھو ﺑﺎﻟﺷرط‪ ،‬وﻣن ﺷرطﮫ أن ﻻ ﯾﻛون اﻟﻣوﻟﻰ ﻣن اﻟﻌرب ﻷن ﺗﻧﺎﺻرھم ﺑﺎﻟﻘﺑﺎﺋل ﻓﺄﻏﻧﻰ ﻋن اﻟﻣواﻻة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﻠﻣوﻟﻰ أن ﯾﻧﺗﻘل ﻋﻧﮫ ﺑوﻻﺋﮫ إﻟﻰ ﻏﯾره ﻣﺎ ﻟم ﯾﻌﻘل ﻋﻧﮫ" ﻷﻧﮫ ﻋﻘد ﻏﯾر ﻻزم ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟوﺻﯾﺔ‪ ،‬وﻛذا‬
‫ﻟﻸﻋﻠﻰ أن ﯾﺗﺑرأ ﻋن وﻻﺋﮫ ﻟﻌدم اﻟﻠزوم‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ ھذا أن ﯾﻛون ﺑﻣﺣﺿر ﻣن اﻵﺧر ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﻋزل اﻟوﻛﯾل‬
‫ﻗﺻدا‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻋﻘد اﻷﺳﻔل ﻣﻊ ﻏﯾره ﺑﻐﯾر ﻣﺣﺿر ﻣن اﻷول ﻷﻧﮫ ﻓﺳﺦ ﺣﻛﻣﻲ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻌزل اﻟﺣﻛﻣﻲ ﻓﻲ‬
‫اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﻋﻘل ﻋﻧﮫ ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ أن ﯾﺗﺣول ﺑوﻻﺋﮫ إﻟﻰ ﻏﯾره" ﻷﻧﮫ ﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﺣق اﻟﻐﯾر‪،‬‬ ‫ص ‪-271-‬‬
‫وﻷﻧﮫ ﻗﺿﻰ ﺑﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ ﻋوض ﻧﺎﻟﮫ ﻛﺎﻟﻌوض ﻓﻲ اﻟﮭﺑﺔ‪ ،‬وﻛذا ﻻ ﯾﺗﺣول وﻟده‪ ،‬وﻛذا إذا ﻋﻘل ﻋن‬
‫وﻟده ﻟم ﯾﻛن ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ أن ﯾﺗﺣول ﻷﻧﮭم ﻓﻲ ﺣق اﻟوﻻء ﻛﺷﺧص واﺣد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻟﯾس ﻟﻣوﻟﻰ اﻟﻌﺗﺎﻗﺔ أن ﯾواﻟﻲ أﺣدا" ﻷﻧﮫ ﻻزم‪ ،‬وﻣﻊ ﺑﻘﺎﺋﮫ ﻻ ﯾظﮭر اﻷدﻧﻰ‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻻﻛراه‬ ‫ص ‪-272-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬اﻹﻛراه ﯾﺛﺑت ﺣﻛﻣﮫ إذا ﺣﺻل ﻣﻣن ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ إﯾﻘﺎع ﻣﺎ ﺗوﻋد ﺑﮫ ﺳﻠطﺎﻧﺎ ﻛﺎن أو ﻟﺻﺎ" ﻷن اﻹﻛراه اﺳم‬
‫ﻟﻔﻌل ﯾﻔﻌﻠﮫ اﻟﻣرء ﺑﻐﯾره ﻓﯾﻧﺗﻔﻲ ﺑﮫ رﺿﺎه أو ﯾﻔﺳد ﺑﮫ اﺧﺗﯾﺎره ﻣﻊ ﺑﻘﺎء أھﻠﯾﺗﮫ‪ ،‬وھذا إﻧﻣﺎ ﯾﺗﺣﻘق إذا ﺧﺎف اﻟﻣﻛره‬
‫ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺎ ﺗوﻋد ﺑﮫ‪ ،‬وذﻟك إﻧﻣﺎ ﯾﻛون ﻣن اﻟﻘﺎدر واﻟﺳﻠطﺎن وﻏﯾره ﺳﯾﺎن ﻋﻧد ﺗﺣﻘق اﻟﻘدرة‪ ،‬واﻟذي ﻗﺎﻟﮫ أﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ‬
‫إن اﻹﻛراه ﻻ ﯾﺗﺣﻘق إﻻ ﻣن اﻟﺳﻠطﺎن ﻟﻣﺎ أن اﻟﻣﻧﻌﺔ ﻟﮫ واﻟﻘدرة ﻻ ﺗﺗﺣﻘق ﺑدون اﻟﻣﻧﻌﺔ‪ .‬ﻓﻘد ﻗﺎﻟوا ھذا اﺧﺗﻼف‬
‫ﻋﺻر وزﻣﺎن ﻻ اﺧﺗﻼف ﺣﺟﺔ وﺑرھﺎن‪ ،‬وﻟم ﺗﻛن اﻟﻘدرة ﻓﻲ زﻣﻧﮫ إﻻ ﻟﻠﺳﻠطﺎن‪ ،‬ﺛم ﺑﻌد ذﻟك ﺗﻐﯾر اﻟزﻣﺎن وأھﻠﮫ‪،‬‬
‫ﺛم ﻛﻣﺎ ﺗﺷﺗرط ﻗدرة اﻟﻣﻛره ﻟﺗﺣﻘق اﻹﻛراه ﯾﺷﺗرط ﺧوف اﻟﻣﻛره وﻗوع ﻣﺎ ﯾﮭدد ﺑﮫ‪ ،‬وذﻟك ﺑﺄن ﯾﻐﻠب ﻋﻠﻰ ظﻧﮫ أﻧﮫ‬
‫ﯾﻔﻌﻠﮫ ﻟﯾﺻﯾر ﺑﮫ ﻣﺣﻣوﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ دﻋﻲ إﻟﯾﮫ ﻣن اﻟﻔﻌل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أﻛره اﻟرﺟل ﻋﻠﻰ ﺑﯾﻊ ﻣﺎ ﻟﮫ أو ﻋﻠﻰ ﺷراء ﺳﻠﻌﺔ أو ﻋﻠﻰ أن ﯾﻘر ﻟرﺟل ﺑﺄﻟف أو ﯾؤاﺟر داره ﻓﺄﻛره‬
‫ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺑﺎﻟﻘﺗل أو ﺑﺎﻟﺿرب اﻟﺷدﯾد أو ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻓﺑﺎع أو اﺷﺗرى ﻓﮭو ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر إن ﺷﺎء أﻣﺿﻰ اﻟﺑﯾﻊ وإن ﺷﺎء‬
‫َن ْ } ﺗ َﻛ ُون َ ﺗِﺟ َ ﺎر َ ة ً ﻋ َن ْ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬
‫ﻓﺳﺧﮫ ورﺟﻊ ﺑﺎﻟﻣﺑﯾﻊ" ﻷن ﻣن ﺷرط ﺻﺣﺔ ھذه اﻟﻌﻘود اﻟﺗراﺿﻲ‪ ،‬ﻗﺎل ﷲإ ِﻻ ﱠ أ‬
‫ﺗ َر َ اض ٍ ﻣ ِﻧ ْ ﻛ ُم ْ { ]اﻟﻧﺳﺎء‪ [29:‬واﻹﻛراه ﺑﮭذه اﻷﺷﯾﺎء ﯾﻌدم اﻟرﺿﺎ ﻓﯾﻔﺳد‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا أﻛره ﺑﺿرب ﺳوط أو ﺣﺑس‬
‫ﯾوم أو ﻗﯾد ﯾوم ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺑﺎﻟﻲ ﺑﮫ ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟﻌﺎدة ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق ﺑﮫ اﻹﻛراه إﻻ إذا ﻛﺎن اﻟرﺟل ﺻﺎﺣب ﻣﻧﺻب ﯾﻌﻠم‬
‫أﻧﮫ ﯾﺳﺗﺿر ﺑﮫ ﻟﻔوات اﻟرﺿﺎ‪ ،‬وﻛذا اﻹﻗرار ﺣﺟﺔ ﻟﺗرﺟﺢ ﺟﻧﺑﺔ اﻟﺻدق ﻓﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﺟﻧﺑﺔ اﻟﻛذب‪ ،‬وﻋﻧد اﻹﻛراه‬
‫ﯾﺣﺗﻣل أﻧﮫ ﯾﻛذب ﻟدﻓﻊ اﻟﻣﺿرة‪ ،‬ﺛم إذا ﺑﺎع ﻣﻛرھﺎ وﺳﻠم ﻣﻛرھﺎ ﯾﺛﺑت ﺑﮫ اﻟﻣﻠك ﻋﻧدﻧﺎ‪ ،‬وﻋﻧد زﻓر ﻻ ﯾﺛﺑت ﻷﻧﮫ ﺑﯾﻊ‬
‫ﻣوﻗوف ﻋﻠﻰ اﻹﺟﺎزة؛ أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﻟو أﺟﺎز ﺟﺎز واﻟﻣوﻗوف ﻗﺑل اﻹﺟﺎزة ﻻ ﯾﻔﯾد اﻟﻣﻠك‪ ،‬وﻟﻧﺎ أن رﻛن اﻟﺑﯾﻊ ﺻدر‬
‫ﻣن أھﻠﮫ ﻣﺿﺎﻓﺎ إﻟﻰ ﻣﺣﻠﮫ واﻟﻔﺳﺎد ﻟﻔﻘد ﺷرطﮫ وھو اﻟﺗراﺿﻲ ﻓﺻﺎر ﻛﺳﺎﺋر اﻟﺷروط اﻟﻣﻔﺳدة ﻓﯾﺛﺑت اﻟﻣﻠك ﻋﻧد‬
‫اﻟﻘﺑض‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﻗﺑﺿﮫ وأﻋﺗﻘﮫ أو ﺗﺻرف ﻓﯾﮫ ﺗﺻرﻓﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻧﻘﺿﮫ ﺟﺎز‪ ،‬وﯾﻠزﻣﮫ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﺋر اﻟﺑﯾﺎﻋﺎت‬
‫اﻟﻔﺎﺳدة وﺑﺈﺟﺎزة اﻟﻣﺎﻟك ﯾرﺗﻔﻊ اﻟﻣﻔﺳد وھو اﻹﻛراه وﻋدم اﻟرﺿﺎ ﻓﯾﺟوز إﻻ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻧﻘطﻊ ﺑﮫ ﺣق اﺳﺗرداد اﻟﺑﺎﺋﻊ‬
‫وإن ﺗداوﻟﺗﮫ اﻷﯾدي وﻟم ﯾرض اﻟﺑﺎﺋﻊ ﺑذﻟك ﺑﺧﻼف ﺳﺎﺋر اﻟﺑﯾﺎﻋﺎت اﻟﻔﺎﺳدة ﻷن اﻟﻔﺳﺎد ﻓﯾﮭﺎ ﻟﺣق اﻟﺷرع وﻗد ﺗﻌﻠق‬
‫ﺑﺎﻟﺑﯾﻊ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺣق‬

‫اﻟﻌﺑد وﺣﻘﮫ ﻣﻘدم ﻟﺣﺎﺟﺗﮫ‪ ،‬أﻣﺎ ھﺎھﻧﺎ اﻟرد ﻟﺣق اﻟﻌﺑد وھﻣﺎ ﺳواء ﻓﻼ ﯾﺑطل ﺣق اﻷول‬ ‫ص ‪-273-‬‬
‫ﻟﺣق اﻟﺛﺎﻧﻲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻧﮫ‪ :‬وﻣن ﺟﻌل اﻟﺑﯾﻊ اﻟﺟﺎﺋز اﻟﻣﻌﺗﺎد ﺑﯾﻌﺎ ﻓﺎﺳدا ﯾﺟﻌﻠﮫ ﻛﺑﯾﻊ اﻟﻣﻛره ﺣﺗﻰ ﯾﻧﻘض ﺑﯾﻊ‬
‫اﻟﻣﺷﺗري ﻣن ﻏﯾره‪ ،‬ﻷن اﻟﻔﺳﺎد ﻟﻔوات اﻟرﺿﺎ‪ ،‬وﻣﻧﮭم ﻣن ﺟﻌﻠﮫ رھﻧﺎ ﻟﻘﺻد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن‪ ،‬وﻣﻧﮭم ﻣن ﺟﻌﻠﮫ ﺑﺎطﻼ‬
‫اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟﮭﺎزل وﻣﺷﺎﯾﺦ ﺳﻣرﻗﻧد رﺣﻣﮭم ﷲ ﺟﻌﻠوه ﺑﯾﻌﺎ ﺟﺎﺋزا ﻣﻔﯾدا ﺑﻌض اﻷﺣﻛﺎم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھو اﻟﻣﻌﺗﺎد ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ‬
‫إﻟﯾﮫ‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻗﺑض اﻟﺛﻣن طوﻋﺎ ﻓﻘد أﺟﺎز اﻟﺑﯾﻊ" ﻷﻧﮫ دﻟﯾل اﻹﺟﺎزة ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ اﻟﻣوﻗوف وﻛذا إذا ﺳﻠم‬
‫طﺎﺋﻌﺎ‪ ،‬ﺑﺄن ﻛﺎن اﻹﻛراه ﻋﻠﻰ اﻟﺑﯾﻊ ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟدﻓﻊ ﻷﻧﮫ دﻟﯾل اﻹﺟﺎزة‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا أﻛرھﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﮭﺑﺔ وﻟم ﯾذﻛر‬
‫اﻟدﻓﻊ ﻓوھب ودﻓﻊ ﺣﯾث ﯾﻛون ﺑﺎطﻼ‪ ،‬ﻷن ﻣﻘﺻود اﻟﻣﻛره اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق ﻻ ﻣﺟرد اﻟﻠﻔظ‪ ،‬وذﻟك ﻓﻲ اﻟﮭﺑﺔ ﺑﺎﻟدﻓﻊ وﻓﻲ‬
‫اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺎﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھو اﻷﺻل‪ ،‬ﻓدﺧل اﻟدﻓﻊ ﻓﻲ اﻹﻛراه ﻋﻠﻰ اﻟﮭﺑﺔ دون اﻟﺑﯾﻊ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻗﺑﺿﮫ ﻣﻛرھﺎ ﻓﻠﯾس ذﻟك ﺑﺈﺟﺎزة وﻋﻠﯾﮫ رده إن ﻛﺎن ﻗﺎﺋﻣﺎ ﻓﻲ ﯾده" ﻟﻔﺳﺎد اﻟﻌﻘد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ھﻠك اﻟﻣﺑﯾﻊ ﻓﻲ ﯾد اﻟﻣﺷﺗري وھو ﻏﯾر ﻣﻛره ﺿﻣن ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ" ﻣﻌﻧﺎه واﻟﺑﺎﺋﻊ ﻣﻛره ﻷﻧﮫ ﻣﺿﻣون‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺣﻛم ﻋﻘد ﻓﺎﺳد "وﻟﻠﻣﻛره أن ﯾﺿﻣن اﻟﻣﻛره إن ﺷﺎء" ﻷﻧﮫ آﻟﺔ ﻟﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ اﻹﺗﻼف‪ ،‬ﻓﻛﺄﻧﮫ دﻓﻊ ﻣﺎل‬
‫اﻟﺑﺎﺋﻊ إﻟﻰ اﻟﻣﺷﺗري ﻓﯾﺿﻣن أﯾﮭﻣﺎ ﺷﺎء ﻛﺎﻟﻐﺎﺻب وﻏﺎﺻب اﻟﻐﺎﺻب‪ ،‬ﻓﻠو ﺿﻣن اﻟﻣﻛره رﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺗري‬
‫ﺑﺎﻟﻘﯾﻣﺔ ﻟﻘﯾﺎﻣﮫ ﻣﻘﺎم اﻟﺑﺎﺋﻊ‪ ،‬وإن ﺿﻣن اﻟﻣﺷﺗري ﻧﻔذ ﻛل ﺷراء ﻛﺎن ﺑﻌد ﺷراﺋﮫ ﻟو ﺗﻧﺎﺳﺧﺗﮫ اﻟﻌﻘود ﻷﻧﮫ ﻣﻠﻛﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن ﻓظﮭر أﻧﮫ ﺑﺎع ﻣﻠﻛﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﻧﻔذ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﮫ ﻗﺑﻠﮫ ﻷن اﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ وﻗت ﻗﺑﺿﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا أﺟﺎز اﻟﻣﺎﻟك‬
‫اﻟﻣﻛره ﻋﻘدا ﻣﻧﮭﺎ ﺣﯾث ﯾﺟوز ﻣﺎ ﻗﺑﻠﮫ وﻣﺎ ﺑﻌده ﻷﻧﮫ أﺳﻘط ﺣﻘﮫ وھو اﻟﻣﺎﻧﻊ ﻓﻌﺎد اﻟﻛل إﻟﻰ اﻟﺟواز‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪" :‬وإن أﻛره ﻋﻠﻰ أن ﯾﺄﻛل اﻟﻣﯾﺗﺔ أو ﯾﺷرب اﻟﺧﻣر‪ ،‬إن أﻛره ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺑﺣﺑس أو‬
‫ﺿرب أو ﻗﯾد ﻟم ﯾﺣل ﻟﮫ إﻻ أن ﯾﻛره ﺑﻣﺎ ﯾﺧﺎف ﻣﻧﮫ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ أو ﻋﻠﻰ ﻋﺿو ﻣن‬
‫أﻋﺿﺎﺋﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺧﺎف ﻋﻠﻰ ذﻟك وﺳﻌﮫ أن ﯾﻘدم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﻛره ﻋﻠﯾﮫ"‬
‫وﻛذا ﻋﻠﻰ ھذا اﻟدم وﻟﺣم اﻟﺧﻧزﯾر‪ ،‬ﻷن ﺗﻧﺎول ھذه اﻟﻣﺣرﻣﺎت إﻧﻣﺎ ﯾﺑﺎح ﻋﻧد اﻟﺿرورة ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺧﻣﺻﺔ ﻟﻘﯾﺎم‬
‫اﻟﻣﺣرم ﻓﯾﻣﺎ وراءھﺎ‪ ،‬وﻻ ﺿرورة إﻻ إذا ﺧﺎف ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔس أو ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺿو‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﺧﯾف ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺑﺎﻟﺿرب‬

‫اﻟﺷدﯾد‪ ،‬وﻏﻠب ﻋﻠﻰ ظﻧﮫ ﯾﺑﺎح ﻟﮫ ذﻟك "وﻻ ﯾﺳﻌﮫ أن ﯾﺻﺑر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗوﻋد ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﺈن‬ ‫ص ‪-274-‬‬
‫ﺻﺑر ﺣﺗﻰ أوﻗﻌوا ﺑﮫ وﻟم ﯾﺄﻛل ﻓﮭو آﺛم" ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ أﺑﯾﺢ ﻛﺎن ﺑﺎﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋﻧﮫ ﻣﻌﺎوﻧﺎ ﻟﻐﯾره ﻋﻠﻰ ھﻼك ﻧﻔﺳﮫ ﻓﯾﺄﺛم‬
‫ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺧﻣﺻﺔ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف أﻧﮫ ﻻ ﯾﺄﺛم ﻷﻧﮫ رﺧﺻﺔ إذ اﻟﺣرﻣﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻓﻛﺎن آﺧذا ﺑﺎﻟﻌزﯾﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺿطرار ﻣﺳﺗﺛﻧﺎة ﺑﺎﻟﻧص وھو ﺗﻛﻠم ﺑﺎﻟﺣﺎﺻل ﺑﻌد اﻟﺛﻧﯾﺎ ﻓﻼ ﻣﺣرم ﻓﻛﺎن إﺑﺎﺣﺔ ﻻ رﺧﺻﺔ إﻻ أﻧﮫ إﻧﻣﺎ‬
‫ﯾﺄﺛم إذا ﻋﻠم ﺑﺎﻹﺑﺎﺣﺔ ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻷن ﻓﻲ اﻧﻛﺷﺎف اﻟﺣرﻣﺔ ﺧﻔﺎء ﻓﯾﻌذر ﺑﺎﻟﺟﮭل ﻓﯾﮫ ﻛﺎﻟﺟﮭل ﺑﺎﻟﺧطﺎب ﻓﻲ أول‬
‫اﻹﺳﻼم أو ﻓﻲ دار اﻟﺣرب‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪ " :‬وإن أﻛره ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻔر ﺑﺎ ﺗﻌﺎﻟﻰ واﻟﻌﯾﺎذ ﺑﺎ أو ﺳب رﺳول ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﺑﻘﯾد أو ﺣﺑس أو‬
‫ﺿرب ﻟم ﯾﻛن ذﻟك إﻛراھﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﻛره ﺑﺄﻣر ﯾﺧﺎف ﻣﻧﮫ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ أو ﻋﻠﻰ ﻋﺿو ﻣن أﻋﺿﺎﺋﮫ" ﻷن اﻹﻛراه ﺑﮭذه‬
‫اﻷﺷﯾﺎء ﻟﯾس ﺑﺈﻛراه ﻓﻲ ﺷرب اﻟﺧﻣر ﻟﻣﺎ ﻣر‪ ،‬ﻓﻔﻲ اﻟﻛﻔر وﺣرﻣﺗﮫ أﺷد أوﻟﻰ وأﺣرى‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺧﺎف ﻋﻠﻰ ذﻟك وﺳﻌﮫ أن ﯾظﮭر ﻣﺎ أﻣروه ﺑﮫ وﯾوري‪ ،‬ﻓﺈن أظﮭر ذﻟك وﻗﻠﺑﮫ ﻣطﻣﺋن ﺑﺎﻹﯾﻣﺎن ﻓﻼ إﺛم‬
‫ﻋﻠﯾﮫ" ﻟﺣدﯾث ﻋﻣﺎر ﺑن ﯾﺎﺳر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﺣﯾث اﺑﺗﻠﻲ ﺑﮫ‪ ،‬وﻗد ﻗﺎل ﻟﮫ اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻛﯾف‬
‫وﺟدت ﻗﻠﺑك؟" ﻗﺎل‪ :‬ﻣطﻣﺋﻧﺎ ﺑﺎﻹﯾﻣﺎن‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻓﺈن ﻋﺎدوا ﻓﻌد"‪ ،‬وﻓﯾﮫ ﻧزل ﻗوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬إ }ِﻻ ﱠ‬
‫ن ْ أ ُﻛ ْ ر ِ ه َ و َ ﻗ َ ﻠ ْ ﺑ ُ ﮫ ُ ﻣ ُط ْ ﻣ َ ﺋِن ﱞ ﺑ ِﺎﻷ ْ ِﯾﻣ َﺎن ِ { ]اﻟﻧﺣل‪ .[106:‬وﻷن ﺑﮭذا اﻹظﮭﺎر ﻻ ﯾﻔوت اﻹﯾﻣﺎن ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟﻘﯾﺎم اﻟﺗﺻدﯾق‪ ،‬وﻓﻲ‬
‫اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻓوت اﻟﻧﻔس ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﯾﺳﻌﮫ اﻟﻣﯾل إﻟﯾﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﺻﺑر ﺣﺗﻰ ﻗﺗل وﻟم ﯾظﮭر اﻟﻛﻔر ﻛﺎن ﻣﺄﺟورا " ﻷن ﺧﺑﯾﺑﺎ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﺻﺑر ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺣﺗﻰ ﺻﻠب‬
‫وﺳﻣﺎه رﺳول ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﺳﯾد اﻟﺷﮭداء‪ ،‬وﻗﺎل ﻓﻲ ﻣﺛﻠﮫ "ھو رﻓﯾﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ" وﻷن اﻟﺣرﻣﺔ ﺑﺎﻗﯾﺔ‪،‬‬
‫واﻻﻣﺗﻧﺎع ﻹﻋزاز اﻟدﯾن ﻋزﯾﻣﺔ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﺗﻘدم ﻟﻼﺳﺗﺛﻧﺎء‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن أﻛره ﻋﻠﻰ إﺗﻼف ﻣﺎل ﻣﺳﻠم ﺑﺄﻣر ﯾﺧﺎف ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ أو ﻋﻠﻰ ﻋﺿو ﻣن أﻋﺿﺎﺋﮫ وﺳﻌﮫ أن ﯾﻔﻌل ذﻟك"‬
‫ﻷن ﻣﺎل اﻟﻐﯾر ﯾﺳﺗﺑﺎح ﻟﻠﺿرورة ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺧﻣﺻﺔ وﻗد ﺗﺣﻘﻘت "وﻟﺻﺎﺣب اﻟﻣﺎل أن ﯾﺿﻣن اﻟﻣﻛره" ﻷن‬
‫اﻟﻣﻛره آﻟﺔ ﻟﻠﻣﻛره ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺻﻠﺢ آﻟﺔ ﻟﮫ واﻹﺗﻼف ﻣن ھذا اﻟﻘﺑﯾل "وإن أﻛرھﮫ ﺑﻘﺗﻠﮫ ﻋﻠﻰ ﻗﺗل ﻏﯾره ﻟم ﯾﺳﻌﮫ أن ﯾﻘدم‬
‫ﻋﻠﯾﮫ وﯾﺻﺑر ﺣﺗﻰ ﯾﻘﺗل‪ ،‬ﻓﺈن ﻗﺗﻠﮫ ﻛﺎن آﺛﻣﺎ" ﻷن ﻗﺗل اﻟﻣﺳﻠم ﻣﻣﺎ ﻻ ﯾﺳﺗﺑﺎح ﻟﺿرورة ﻣﺎ ﻓﻛذا ﺑﮭذه اﻟﺿرورة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﻘﺻﺎص ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛره إن ﻛﺎن اﻟﻘﺗل ﻋﻣدا" ﻗﺎل رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ‪ :‬وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺣﻣد‪ ،‬وﻗﺎل‬
‫زﻓر‪ :‬ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛره‪ .‬وﻗﺎل‬

‫أﺑو ﯾوﺳف‪ :‬ﻻ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ‪ .‬ﻟزﻓر أن اﻟﻔﻌل ﻣن اﻟﻣﻛره‬ ‫ص ‪-275-‬‬
‫ﺣﻘﯾﻘﺔ وﺣﺳﺎ‪ ،‬وﻗرر اﻟﺷرع ﺣﻛﻣﮫ ﻋﻠﯾﮫ وھو اﻹﺛم‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻹﻛراه ﻋﻠﻰ إﺗﻼف ﻣﺎل اﻟﻐﯾر ﻷﻧﮫ ﺳﻘط ﺣﻛﻣﮫ وھو‬
‫اﻹﺛم ﻓﺄﺿﯾف إﻟﻰ ﻏﯾره‪ ،‬وﺑﮭذا ﯾﺗﻣﺳك اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﺟﺎﻧب اﻟﻣﻛره‪ ،‬وﯾوﺟﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛره أﯾﺿﺎ ﻟوﺟود اﻟﺗﺳﺑﯾب إﻟﻰ‬
‫اﻟﻘﺗل ﻣﻧﮫ‪ ،‬وﻟﻠﺗﺳﺑﯾب ﻓﻲ ھذا ﺣﻛم اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻋﻧده ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺷﮭود اﻟﻘﺻﺎص‪ ،‬وﻷﺑﻲ ﯾوﺳف أن اﻟﻘﺗل ﺑﻘﻲ ﻣﻘﺻورا‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛره ﻣن وﺟﮫ ﻧظرا إﻟﻰ اﻟﺗﺄﺛﯾم‪ ،‬وأﺿﯾف إﻟﻰ اﻟﻣﻛره ﻣن وﺟﮫ ﻧظرا إﻟﻰ اﻟﺣﻣل ﻓدﺧﻠت اﻟﺷﺑﮭﺔ ﻓﻲ ﻛل‬
‫ﺟﺎﻧب‪ .‬وﻟﮭﻣﺎ أﻧﮫ ﻣﺣﻣول ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺗل ﺑطﺑﻌﮫ إﯾﺛﺎرا ﻟﺣﯾﺎﺗﮫ ﻓﯾﺻﯾر آﻟﺔ ﻟﻠﻣﻛره ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺻﻠﺢ آﻟﺔ ﻟﮫ وھو اﻟﻘﺗل ﺑﺄن ﯾﻠﻘﯾﮫ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ وﻻ ﯾﺻﻠﺢ آﻟﺔ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ دﯾﻧﮫ ﻓﯾﺑﻘﻰ اﻟﻔﻌل ﻣﻘﺻورا ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ﺣق اﻹﺛم ﻛﻣﺎ ﻧﻘول ﻓﻲ اﻹﻛراه ﻋﻠﻰ‬
‫اﻹﻋﺗﺎق‪ ،‬وﻓﻲ إﻛراه اﻟﻣﺟوﺳﻲ ﻋﻠﻰ ذﺑﺢ ﺷﺎة اﻟﻐﯾر ﯾﻧﺗﻘل اﻟﻔﻌل إﻟﻰ اﻟﻣﻛره ﻓﻲ اﻹﺗﻼف دون اﻟذﻛﺎة ﺣﺗﻰ ﯾﺣرم‬
‫ﻛذا ھذا‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن أﻛرھﮫ ﻋﻠﻰ طﻼق اﻣرأﺗﮫ أو ﻋﺗق ﻋﺑده ﻓﻔﻌل وﻗﻊ ﻣﺎ أﻛره ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻧدﻧﺎ" ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻠﺷﺎﻓﻌﻲ وﻗد ﻣر ﻓﻲ‬
‫اﻟطﻼق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻟذي أﻛرھﮫ ﺑﻘﯾﻣﺔ اﻟﻌﺑد" ﻷﻧﮫ ﺻﻠﺢ آﻟﺔ ﻟﮫ ﻓﯾﮫ ﻣن ﺣﯾث اﻹﺗﻼف ﻓﯾﺿﺎف إﻟﯾﮫ‪ ،‬ﻓﻠﮫ أن‬
‫ﯾﺿﻣﻧﮫ ﻣوﺳرا ﻛﺎن أو ﻣﻌﺳرا‪ ،‬وﻻ ﺳﻌﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺑد ﻷن اﻟﺳﻌﺎﯾﺔ إﻧﻣﺎ ﺗﺟب ﻟﻠﺗﺧرﯾﺞ إﻟﻰ اﻟﺣرﯾﺔ أو ﻟﺗﻌﻠق ﺣق‬
‫اﻟﻐﯾر وﻟم ﯾوﺟد واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾرﺟﻊ اﻟﻣﻛره ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺑد ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن ﻷﻧﮫ ﻣؤاﺧذ ﺑﺈﺗﻼﻓﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾرﺟﻊ ﺑﻧﺻف ﻣﮭر اﻟﻣرأة إن ﻛﺎن ﻗﺑل اﻟدﺧول‪ ،‬وإن ﻟم ﯾﻛن ﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻣﺳﻣﻰ ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛره ﺑﻣﺎ‬
‫ﻟزﻣﮫ ﻣن اﻟﻣﺗﻌﺔ" ﻷن ﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﺷرف اﻟﺳﻘوط ﺑﺄن ﺟﺎءت اﻟﻔرﻗﺔ ﻣن ﻗﺑﻠﮭﺎ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﯾﺗﺄﻛد ﺑﺎﻟطﻼق ﻓﻛﺎن‬
‫إﺗﻼﻓﺎ ﻟﻠﻣﺎل ﻣن ھذا اﻟوﺟﮫ ﻓﯾﺿﺎف إﻟﻰ اﻟﻣﻛره ﻣن ﺣﯾث إﻧﮫ إﺗﻼف‪ .‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا دﺧل ﺑﮭﺎ ﻷن اﻟﻣﮭر ﻗد ﺗﻘرر‬
‫ﺑﺎﻟدﺧول ﻻ ﺑﺎﻟطﻼق‪" .‬وﻟو أﻛره ﻋﻠﻰ اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﺎﻟطﻼق واﻟﻌﺗﺎق ﻓﻔﻌل اﻟوﻛﯾل ﺟﺎز اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ" ﻷن اﻹﻛراه ﻣؤﺛر‬
‫ﻓﻲ ﻓﺳﺎد اﻟﻌﻘد‪ ،‬واﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻻ ﺗﺑطل ﺑﺎﻟﺷروط اﻟﻔﺎﺳدة‪ ،‬وﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛره اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ ﻷن ﻣﻘﺻود اﻟﻣﻛره زوال‬
‫ﻣﻠﻛﮫ إذا ﺑﺎﺷر اﻟوﻛﯾل‪ ،‬واﻟﻧذر ﻻ ﯾﻌﻣل ﻓﯾﮫ اﻹﻛراه ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﻔﺳﺦ‪ ،‬وﻻ رﺟوع ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛره ﺑﻣﺎ ﻟزﻣﮫ ﻷﻧﮫ‬
‫ﻻ ﻣطﺎﻟب ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ ﻓﻼ ﯾطﺎﻟب ﺑﮫ ﻓﯾﮭﺎ‪ ،‬وﻛذا اﻟﯾﻣﯾن‪ ،‬واﻟظﮭﺎر ﻻ ﯾﻌﻣل ﻓﯾﮭﻣﺎ اﻹﻛراه ﻟﻌدم اﺣﺗﻣﺎﻟﮭﻣﺎ اﻟﻔﺳﺦ‪،‬‬
‫وﻛذا اﻟرﺟﻌﺔ واﻹﯾﻼء واﻟﻔﻲء ﻓﯾﮫ ﺑﺎﻟﻠﺳﺎن ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺻﺢ ﻣﻊ اﻟﮭزل‪ ،‬واﻟﺧﻠﻊ ﻣن ﺟﺎﻧﺑﮫ طﻼق أو ﯾﻣﯾن ﻻ ﯾﻌﻣل ﻓﯾﮫ‬
‫اﻹﻛراه‪ ،‬ﻓﻠو ﻛﺎن ھو ﻣﻛرھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻠﻊ دوﻧﮭﺎ ﻟزﻣﮭﺎ اﻟﺑدل ﻟرﺿﺎھﺎ ﺑﺎﻻﻟﺗزام‪.‬‬

‫ﻗﺎل‪" :‬وإن أﻛرھﮫ ﻋﻠﻰ اﻟزﻧﺎ وﺟب ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺣد ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬إﻻ أن ﯾﻛرھﮫ‬ ‫ص ‪-276-‬‬
‫اﻟﺳﻠطﺎن‪ ،‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد ﻻ ﯾﻠزﻣﮫ اﻟﺣد" وﻗد ذﻛرﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﺣدود‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا أﻛرھﮫ ﻋﻠﻰ اﻟردة ﻟم ﺗﺑن اﻣرأﺗﮫ ﻣﻧﮫ" ﻷن اﻟردة ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻻﻋﺗﻘﺎد‪ ،‬أﻻ ﺗرى أﻧﮫ ﻟو ﻛﺎن ﻗﻠﺑﮫ ﻣطﻣﺋﻧﺎ‬
‫ﺑﺎﻹﯾﻣﺎن ﻻ ﯾﻛﻔر وﻓﻲ اﻋﺗﻘﺎده اﻟﻛﻔر ﺷك ﻓﻼ ﺗﺛﺑت اﻟﺑﯾﻧوﻧﺔ ﺑﺎﻟﺷك‪ ،‬ﻓﺈن ﻗﺎﻟت اﻟﻣرأة ﻗد ﺑﻧت ﻣﻧك وﻗﺎل ھو ﻗد‬
‫أظﮭرت ذﻟك وﻗﻠﺑﻲ ﻣطﻣﺋن ﺑﺎﻹﯾﻣﺎن ﻓﺎﻟﻘول ﻗوﻟﮫ اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ‪ ،‬ﻷن اﻟﻠﻔظ ﻏﯾر ﻣوﺿوع ﻟﻠﻔرﻗﺔ وھﻲ ﺑﺗﺑدل اﻻﻋﺗﻘﺎد‬
‫وﻣﻊ اﻹﻛراه ﻻ ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺑدل ﻓﻛﺎن اﻟﻘول ﻗوﻟﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻹﻛراه ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم ﺣﯾث ﯾﺻﯾر ﺑﮫ ﻣﺳﻠﻣﺎ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟﻣﺎ‬
‫اﺣﺗﻣل واﺣﺗﻣل رﺟﺣﻧﺎ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﯾن ﻷﻧﮫ ﯾﻌﻠو وﻻ ﯾﻌﻠﻰ‪ ،‬وھذا ﺑﯾﺎن اﻟﺣﻛم‪ ،‬أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ إذا‬
‫ﻟم ﯾﻌﺗﻘده ﻓﻠﯾس ﺑﻣﺳﻠم‪ ،‬وﻟو أﻛره ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم ﺣﺗﻰ ﺣﻛم ﺑﺈﺳﻼﻣﮫ ﺛم رﺟﻊ ﻟم ﯾﻘﺗل ﻟﺗﻣﻛن اﻟﺷﺑﮭﺔ وھﻲ دارﺋﺔ‬
‫ﻟﻠﻘﺗل‪ .‬وﻟو ﻗﺎل اﻟذي أﻛره ﻋﻠﻰ إﺟراء ﻛﻠﻣﺔ اﻟﻛﻔر أﺧﺑرت ﻋن أﻣر ﻣﺎض وﻟم أﻛن ﻓﻌﻠت ﺑﺎﻧت ﻣﻧﮫ ﺣﻛﻣﺎ ﻻ دﯾﺎﻧﺔ‪.‬‬
‫ﻷﻧﮫ أﻗر أﻧﮫ طﺎﺋﻊ ﺑﺈﺗﯾﺎن ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛره ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﺣﻛم ھذا اﻟطﺎﺋﻊ ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎه‪ .‬وﻟو ﻗﺎل أردت ﻣﺎ طﻠب ﻣﻧﻲ وﻗد ﺧطر‬
‫ﺑﺑﺎﻟﻲ اﻟﺧﺑر ﻋﻣﺎ ﻣﺿﻰ ﺑﺎﻧت دﯾﺎﻧﺔ وﻗﺿﺎء‪ ،‬ﻷﻧﮫ أﻗر أﻧﮫ ﻣﺑﺗدئ ﺑﺎﻟﻛﻔر ھﺎزل ﺑﮫ ﺣﯾث ﻋﻠم ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻣﺧﻠﺻﺎ ﻏﯾره‪.‬‬
‫وﻋﻠﻰ ھذا إذا أﻛره ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻼة ﻟﻠﺻﻠﯾب وﺳب ﻣﺣﻣد اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻓﻔﻌل وﻗﺎل ﻧوﯾت ﺑﮫ اﻟﺻﻼة‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻣﺣﻣدا آﺧر ﻏﯾر اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﺑﺎﻧت ﻣﻧﮫ ﻗﺿﺎء ﻻ دﯾﺎﻧﺔ‪ ،‬وﻟو ﺻﻠﻰ ﻟﻠﺻﻠﯾب وﺳب ﻣﺣﻣدا‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺳب ﻏﯾر اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﺑﺎﻧت ﻣﻧﮫ‬ ‫اﻟﻧﺑﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم وﻗد ﺧطر ﺑﺑﺎﻟﮫ اﻟﺻﻼة‬
‫دﯾﺎﻧﺔ وﻗﺿﺎء ﻟﻣﺎ ﻣر‪ ،‬وﻗد ﻗررﻧﺎه زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ھذا ﻓﻲ ﻛﻔﺎﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗﮭﻰ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‪.‬‬

‫ﻛﺗﺎب اﻟﺣﺟر‬ ‫ص ‪-277-‬‬


‫ﻗﺎل‪" :‬اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣوﺟﺑﺔ ﻟﻠﺣﺟر ﺛﻼﺛﺔ‪ :‬اﻟﺻﻐر‪ ،‬واﻟرق‪ ،‬واﻟﺟﻧون‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺟوز ﺗﺻرف اﻟﺻﻐﯾر إﻻ ﺑﺈذن وﻟﯾﮫ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﺗﺻرف اﻟﻌﺑد إﻻ ﺑﺈذن ﺳﯾده‪ ،‬وﻻ ﺗﺻرف اﻟﻣﺟﻧون اﻟﻣﻐﻠوب ﺑﺣﺎل"‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺻﻐﯾر ﻓﻠﻧﻘﺻﺎن ﻋﻘﻠﮫ‪ ،‬ﻏﯾر أن إذن‬
‫اﻟوﻟﻲ آﯾﺔ أھﻠﯾﺗﮫ‪ ،‬واﻟرق ﻟرﻋﺎﯾﺔ ﺣق اﻟﻣوﻟﻰ ﻛﻲ ﻻ ﯾﺗﻌطل ﻣﻧﺎﻓﻊ ﻋﺑده‪ .‬وﻻ ﯾﻣﻠك رﻗﺑﺗﮫ ﺑﺗﻌﻠق اﻟدﯾن ﺑﮫ‪ ،‬ﻏﯾر أن‬
‫اﻟﻣوﻟﻰ ﺑﺎﻹذن رﺿﻲ ﺑﻔوات ﺣﻘﮫ‪ ،‬واﻟﺟﻧون ﻻ ﺗﺟﺎﻣﻌﮫ اﻷھﻠﯾﺔ ﻓﻼ ﯾﺟوز ﺗﺻرﻓﮫ ﺑﺣﺎل‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻌﺑد ﻓﺄھل ﻓﻲ ﻧﻔﺳﮫ‬
‫واﻟﺻﺑﻲ ﺗرﺗﻘب أھﻠﯾﺗﮫ ﻓﻠﮭذا وﻗﻊ اﻟﻔرق‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن ﺑﺎع ﻣن ھؤﻻء ﺷﯾﺋﺎ وھو ﯾﻌﻘل اﻟﺑﯾﻊ وﯾﻘﺻده ﻓﺎﻟوﻟﻲ ﺑﺎﻟﺧﯾﺎر‪ ،‬إن ﺷﺎء أﺟﺎزه إذا ﻛﺎن ﻓﯾﮫ ﻣﺻﻠﺣﺔ‪،‬‬
‫وإن ﺷﺎء ﻓﺳﺧﮫ" ﻷن اﻟﺗوﻗف ﻓﻲ اﻟﻌﺑد ﻟﺣق اﻟﻣوﻟﻰ ﻓﯾﺗﺧﯾر ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺻﺑﻲ واﻟﻣﺟﻧون ﻧظرا ﻟﮭﻣﺎ ﻓﯾﺗﺣرى‬
‫ﻣﺻﻠﺣﺗﮭﻣﺎ ﻓﯾﮫ‪ ،‬وﻻ ﺑد أن ﯾﻌﻘﻼ اﻟﺑﯾﻊ ﻟﯾوﺟد رﻛن اﻟﻌﻘد ﻓﯾﻧﻌﻘد ﻣوﻗوﻓﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﺟﺎزة‪ ،‬واﻟﻣﺟﻧون ﻗد ﯾﻌﻘل اﻟﺑﯾﻊ‬
‫وﯾﻘﺻده وإن ﻛﺎن ﻻ ﯾرﺟﺢ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻔﺳدة وھو اﻟﻣﻌﺗوه اﻟذي ﯾﺻﻠﺢ وﻛﯾﻼ ﻋن ﻏﯾره ﻛﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ .‬ﻓﺈن ﻗﯾل‪ :‬اﻟﺗوﻗف ﻋﻧدﻛم ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺷراء ﻓﺎﻷﺻل ﻓﯾﮫ اﻟﻧﻔﺎذ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑﺎﺷر‪ .‬ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬ﻧﻌم إذا وﺟد ﻧﻔﺎذا‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺷراء اﻟﻔﺿوﻟﻲ‪ ،‬وھﺎھﻧﺎ ﻟم ﻧﺟد ﻧﻔﺎذا ﻟﻌدم اﻷھﻠﯾﺔ أو ﻟﺿرر اﻟﻣوﻟﻰ ﻓوﻗﻔﻧﺎه‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وھذه اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺛﻼﺛﺔ ﺗوﺟب اﻟﺣﺟر ﻓﻲ اﻷﻗوال دون اﻷﻓﻌﺎل" ﻷﻧﮫ ﻻ ﻣرد ﻟﮭﺎ ﻟوﺟودھﺎ ﺣﺳﺎ وﻣﺷﺎھدة‪،‬‬
‫ﺑﺧﻼف اﻷﻗوال‪ ،‬ﻷن اﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻣوﺟودة ﺑﺎﻟﺷرع واﻟﻘﺻد ﻣن ﺷرطﮫ "إﻻ إذا ﻛﺎن ﻓﻌﻼ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﺣﻛم ﯾﻧدرئ‬
‫ﺑﺎﻟﺷﺑﮭﺎت ﻛﺎﻟﺣدود واﻟﻘﺻﺎص" ﻓﯾﺟﻌل ﻋدم اﻟﻘﺻد ﻓﻲ ذﻟك ﺷﺑﮭﺔ ﻓﻲ ﺣق اﻟﺻﺑﻲ واﻟﻣﺟﻧون‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬واﻟﺻﺑﻲ واﻟﻣﺟﻧون ﻻ ﺗﺻﺢ ﻋﻘودھﻣﺎ وﻻ إﻗرارھﻣﺎ" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ "وﻻ ﯾﻘﻊ طﻼﻗﮭﻣﺎ وﻻ ﻋﺗﺎﻗﮭﻣﺎ" ﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻛل طﻼق واﻗﻊ إﻻ طﻼق اﻟﺻﺑﻲ واﻟﻣﻌﺗوه" واﻹﻋﺗﺎق ﯾﺗﻣﺣض ﻣﺿرة‪ ،‬وﻻ وﻗوف ﻟﻠﺻﺑﻲ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺣﺎل ﻟﻌدم اﻟﺷﮭوة‪ ،‬وﻻ وﻗوف ﻟﻠوﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻟﺗواﻓق ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر ﺑﻠوﻏﮫ ﺣد‬
‫اﻟﺷﮭوة‪ ،‬ﻓﻠﮭذا ﻻ ﯾﺗوﻗﻔﺎن ﻋﻠﻰ إﺟﺎزﺗﮫ وﻻ ﯾﻧﻔذان ﺑﻣﺑﺎﺷرﺗﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﺳﺎﺋر اﻟﻌﻘود‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن أﺗﻠﻔﺎ ﺷﯾﺋﺎ ﻟزﻣﮭﻣﺎ ﺿﻣﺎﻧﮫ" إﺣﯾﺎء ﻟﺣق اﻟﻣﺗﻠف ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وھذا ﻷن ﻛون اﻹﺗﻼف‬

‫ﻣوﺟﺑﺎ ﻻ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺻد ﻛﺎﻟذي ﯾﺗﻠف ﺑﺎﻧﻘﻼب اﻟﻧﺎﺋم ﻋﻠﯾﮫ واﻟﺣﺎﺋط اﻟﻣﺎﺋل ﺑﻌد‬ ‫ص ‪-278-‬‬
‫اﻹﺷﮭﺎد‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻘول ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻌﺑد ﻓﺈﻗراره ﻧﺎﻓذ ﻓﻲ ﺣق ﻧﻔﺳﮫ" ﻟﻘﯾﺎم أھﻠﯾﺗﮫ "ﻏﯾر ﻧﺎﻓذ ﻓﻲ ﺣق ﻣوﻻه" رﻋﺎﯾﺔ ﻟﺟﺎﻧﺑﮫ‪ ،‬ﻷن ﻧﻔﺎذه ﻻ‬
‫ﯾﻌرى ﻋن ﺗﻌﻠق اﻟدﯾن ﺑرﻗﺑﺗﮫ أو ﻛﺳﺑﮫ‪ ،‬وﻛل ذﻟك إﺗﻼف ﻣﺎﻟﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن أﻗر ﺑﻣﺎل ﻟزﻣﮫ ﺑﻌد اﻟﺣرﯾﺔ" ﻟوﺟود اﻷھﻠﯾﺔ وزوال اﻟﻣﺎﻧﻊ وﻟم ﯾﻠزﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﺎل ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﺎﻧﻊ "وإن أﻗر‬
‫ﺑﺣد أو ﻗﺻﺎص ﻟزﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﺎل" ﻷﻧﮫ ﻣﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ أﺻل اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ ﺣق اﻟدم ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺻﺢ إﻗرار اﻟﻣوﻟﻰ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫ﺑذﻟك "وﯾﻧﻔذ طﻼﻗﮫ" ﻟﻣﺎ روﯾﻧﺎ‪ ،‬وﻟﻘوﻟﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻻ ﯾﻣﻠك اﻟﻌﺑد واﻟﻣﻛﺎﺗب ﺷﯾﺋﺎ إﻻ اﻟطﻼق" وﻷﻧﮫ‬
‫ﻋﺎرف ﺑوﺟﮫ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﯾﮫ ﻓﻛﺎن أھﻼ‪ ،‬وﻟﯾس ﻓﯾﮫ إﺑطﺎل ﻣﻠك اﻟﻣوﻟﻰ وﻻ ﺗﻔوﯾت ﻣﻧﺎﻓﻌﮫ ﻓﯾﻧﻔذ‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم‬
‫ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬

‫ﺑﺎب اﻟﺣﺟر ﻟﻠﻔﺳﺎد‬


‫"ﻗﺎل أﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺣﺟر ﻋﻠﻰ اﻟﺣر اﻟﺑﺎﻟﻎ اﻟﻌﺎﻗل اﻟﺳﻔﯾﮫ‪ ،‬وﺗﺻرﻓﮫ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﮫ ﺟﺎﺋز وإن ﻛﺎن ﻣﺑذرا‬
‫ﻣﻔﺳدا ﯾﺗﻠف ﻣﺎﻟﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﻏرض ﻟﮫ ﻓﯾﮫ وﻻ ﻣﺻﻠﺣﺔ‪ .‬وﻗﺎل أﺑو ﯾوﺳف وﻣﺣﻣد رﺣﻣﮭﻣﺎ ﷲ وھو ﻗول اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺣﺟر ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻔﯾﮫ وﯾﻣﻧﻊ ﻣن اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ ﻣﺎﻟﮫ" ﻷﻧﮫ ﻣﺑذر ﻣﺎﻟﮫ ﺑﺻرﻓﮫ ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﮫ اﻟذي‬
‫ﯾﻘﺗﺿﯾﮫ اﻟﻌﻘل ﻓﯾﺣﺟر ﻋﻠﯾﮫ ﻧظرا ﻟﮫ اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟﺻﺑﻲ ﺑل أوﻟﻰ‪ ،‬ﻷن اﻟﺛﺎﺑت ﻓﻲ ﺣق اﻟﺻﺑﻲ اﺣﺗﻣﺎل اﻟﺗﺑذﯾر وﻓﻲ‬
‫ﺣﻘﮫ ﺣﻘﯾﻘﺗﮫ وﻟﮭذا ﻣﻧﻊ ﻋﻧﮫ اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﺛم ھو ﻻ ﯾﻔﯾد ﺑدون اﻟﺣﺟر ﻷﻧﮫ ﯾﺗﻠف ﺑﻠﺳﺎﻧﮫ ﻣﺎ ﻣﻧﻊ ﻣن ﯾده‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ أﻧﮫ ﻣﺧﺎطب ﻋﺎﻗل ﻓﻼ ﯾﺣﺟر ﻋﻠﯾﮫ اﻋﺗﺑﺎرا ﺑﺎﻟرﺷﯾد‪ ،‬وھذا ﻷن ﻓﻲ ﺳﻠب وﻻﯾﺗﮫ إھدار آدﻣﯾﺗﮫ وإﻟﺣﺎﻗﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﺑﮭﺎﺋم وھو أﺷد ﺿررا ﻣن اﻟﺗﺑذﯾر ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻣل اﻷﻋﻠﻰ ﻟدﻓﻊ اﻷدﻧﻰ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺣﺟر دﻓﻊ ﺿرر ﻋﺎم‬
‫ﻛﺎﻟﺣﺟر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗطﺑب اﻟﺟﺎھل واﻟﻣﻔﺗﻲ اﻟﻣﺎﺟن واﻟﻣﻛﺎري اﻟﻣﻔﻠس ﺟﺎز ﻓﯾﻣﺎ ﯾروى ﻋﻧﮫ‪ ،‬إذ ھو دﻓﻊ ﺿرر اﻷﻋﻠﻰ‬
‫ﺑﺎﻷدﻧﻰ‪ ،‬وﻻ ﯾﺻﺢ اﻟﻘﯾﺎس ﻋﻠﻰ ﻣﻧﻊ اﻟﻣﺎل ﻷن اﻟﺣﺟر أﺑﻠﻎ ﻣﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﻘوﺑﺔ‪ ،‬وﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﺑﻲ ﻷﻧﮫ ﻋﺎﺟز ﻋن‬
‫اﻟﻧظر ﻟﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬وھذا ﻗﺎدر ﻋﻠﯾﮫ ﻧظر ﻟﮫ اﻟﺷرع ﻣرة ﺑﺈﻋطﺎء آﻟﺔ اﻟﻘدرة واﻟﺟري ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻓﮫ ﻟﺳوء اﺧﺗﯾﺎره‪ ،‬وﻣﻧﻊ‬
‫اﻟﻣﺎل ﻣﻔﯾد ﻷن ﻏﺎﻟب اﻟﺳﻔﮫ ﻓﻲ اﻟﮭﺑﺎت واﻟﺻدﻗﺎت وذﻟك ﯾﻘف ﻋﻠﻰ اﻟﯾد‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا ﺣﺟر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﯾﮫ ﺛم رﻓﻊ إﻟﻰ ﻗﺎض آﺧر ﻓﺄﺑطل ﺣﺟره وأطﻠق ﻋﻧﮫ ﺟﺎز" ﻷن اﻟﺣﺟر ﻣﻧﮫ ﻓﺗوى‬
‫وﻟﯾس ﺑﻘﺿﺎء؛ أﻻ ﯾرى أﻧﮫ ﻟم ﯾوﺟد اﻟﻣﻘﺿﻲ ﻟﮫ واﻟﻣﻘﺿﻲ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﻗﺿﺎء ﻓﻧﻔس اﻟﻘﺿﺎء ﻣﺧﺗﻠف ﻓﯾﮫ ﻓﻼ ﺑد‬
‫ﻣن اﻹﻣﺿﺎء‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻟو رﻓﻊ ﺗﺻرﻓﮫ ﺑﻌد اﻟﺣﺟر إﻟﻰ‬

‫اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺣﺎﺟر أو إﻟﻰ ﻏﯾره ﻓﻘﺿﻰ ﺑﺑطﻼن ﺗﺻرﻓﮫ ﺛم رﻓﻊ إﻟﻰ ﻗﺎض آﺧر ﻧﻔذ إﺑطﺎﻟﮫ‬ ‫ص ‪-279-‬‬
‫ﻻﺗﺻﺎل اﻹﻣﺿﺎء ﺑﮫ ﻓﻼ ﯾﻘﺑل اﻟﻧﻘض ﺑﻌد ذﻟك "ﺛم ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ إذا ﺑﻠﻎ اﻟﻐﻼم ﻏﯾر رﺷﯾد ﻟم ﯾﺳﻠم إﻟﯾﮫ ﻣﺎﻟﮫ‬
‫ﺣﺗﻰ ﯾﺑﻠﻎ ﺧﻣﺳﺎ وﻋﺷرﯾن ﺳﻧﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﺗﺻرف ﻓﯾﮫ ﻗﺑل ذﻟك ﻧﻔذ ﺗﺻرﻓﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺑﻠﻎ ﺧﻣﺳﺎ وﻋﺷرﯾن ﺳﻧﺔ ﯾﺳﻠم إﻟﯾﮫ‬
‫ﻣﺎﻟﮫ وإن ﻟم ﯾؤﻧس ﻣﻧﮫ اﻟرﺷد‪ .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾدﻓﻊ إﻟﯾﮫ ﻣﺎﻟﮫ أﺑدا ﺣﺗﻰ ﯾؤﻧس ﻣﻧﮫ رﺷده‪ ،‬وﻻ ﯾﺟوز ﺗﺻرﻓﮫ ﻓﯾﮫ"‬
‫ﻷن ﻋﻠﺔ اﻟﻣﻧﻊ اﻟﺳﻔﮫ ﻓﯾﺑﻘﻰ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ اﻟﻌﻠﺔ وﺻﺎر ﻛﺎﻟﺻﺑﺎ‪ .‬وﻷﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ أن ﻣﻧﻊ اﻟﻣﺎل ﻋﻧﮫ ﺑطرﯾق‬
‫اﻟﺗﺄدﯾب‪ ،‬وﻻ ﯾﺗﺄدب ﺑﻌد ھذا ظﺎھرا وﻏﺎﻟﺑﺎ؛ أﻻ ﯾرى أﻧﮫ ﻗد ﯾﺻﯾر ﺟدا ﻓﻲ ھذا اﻟﺳن ﻓﻼ ﻓﺎﺋدة ﻓﻲ اﻟﻣﻧﻊ ﻓﻠزم‬
‫اﻟدﻓﻊ‪ ،‬وﻷن اﻟﻣﻧﻊ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أﺛر اﻟﺻﺑﺎ وھو ﻓﻲ أواﺋل اﻟﺑﻠوغ وﯾﺗﻘطﻊ ﺑﺗطﺎول اﻟزﻣﺎن ﻓﻼ ﯾﺑﻘﻰ اﻟﻣﻧﻊ‪ ،‬وﻟﮭذا ﻗﺎل أﺑو‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ :‬ﻟو ﺑﻠﻎ رﺷﯾدا ﺛم ﺻﺎر ﺳﻔﯾﮭﺎ ﻻ ﯾﻣﻧﻊ اﻟﻣﺎل ﻋﻧﮫ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﺄﺛر اﻟﺻﺑﺎ‪ ،‬ﺛم ﻻ ﯾﺗﺄﺗﻰ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﻋﻠﻰ ﻗوﻟﮫ وإﻧﻣﺎ‬
‫اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﻋﻠﻰ ﻗول ﻣن ﯾرى اﻟﺣﺟر‪ .‬ﻓﻌﻧدھﻣﺎ ﻟﻣﺎ ﺻﺢ اﻟﺣﺟر ﻻ ﯾﻧﻔذ ﺑﯾﻌﮫ إذا ﺑﺎع ﺗوﻓﯾرا ﻟﻔﺎﺋدة اﻟﺣﺟر ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وإن‬
‫ﻛﺎن ﻓﯾﮫ ﻣﺻﻠﺣﺔ أﺟﺎزه اﻟﺣﺎﻛم ﻷن رﻛن اﻟﺗﺻرف ﻗد وﺟد واﻟﺗوﻗف ﻟﻠﻧظر ﻟﮫ وﻗد ﻧﺻب اﻟﺣﺎﻛم ﻧﺎظرا ﻟﮫ‬
‫ﻓﯾﺗﺣرى اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﯾﮫ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺻﺑﻲ اﻟذي ﯾﻌﻘل اﻟﺑﯾﻊ واﻟﺷراء وﯾﻘﺻده‪ .‬وﻟو ﺑﺎع ﻗﺑل ﺣﺟر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺟﺎز ﻋﻧد‬
‫أﺑﻲ ﯾوﺳف ﻷﻧﮫ ﻻ ﺑد ﻣن ﺣﺟر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻧده‪ ،‬ﻷن اﻟﺣﺟر داﺋر ﺑﯾن اﻟﺿرر واﻟﻧظر واﻟﺣﺟر ﻟﻧظره ﻓﻼ ﺑد ﻣن‬
‫ﻓﻌل اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ .‬وﻋﻧد ﻣﺣﻣد ﻻ ﯾﺟوز ﻷﻧﮫ ﯾﺑﻠﻎ ﻣﺣﺟورا ﻋﻧده‪ ،‬إذ اﻟﻌﻠﺔ ھﻲ اﻟﺳﻔﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺻﺑﺎ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھذا‬
‫اﻟﺧﻼف إذا ﺑﻠﻎ رﺷﯾدا ﺛم ﺻﺎر ﺳﻔﯾﮭﺎ "وإن أﻋﺗق ﻋﺑدا ﻧﻔذ ﻋﺗﻘﮫ ﻋﻧدھﻣﺎ"‪ .‬وﻋﻧد اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﻻ ﯾﻧﻔذ‪ .‬واﻷﺻل‬
‫ﻋﻧدھﻣﺎ أن ﻛل ﺗﺻرف ﯾؤﺛر ﻓﯾﮫ اﻟﮭزل ﯾؤﺛر ﻓﯾﮫ إﻟﺦ وﻣﺎ ﻻ ﻓﻼ‪ ،‬ﻷن اﻟﺳﻔﯾﮫ ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﮭﺎزل ﻣن ﺣﯾث إن‬
‫اﻟﮭﺎزل ﯾﺧرج ﻛﻼﻣﮫ ﻻ ﻋﻠﻰ ﻧﮭﺞ ﻛﻼم اﻟﻌﻘﻼء ﻻﺗﺑﺎع اﻟﮭوى وﻣﻛﺎﺑرة اﻟﻌﻘل ﻻ ﻟﻧﻘﺻﺎن ﻓﻲ ﻋﻘﻠﮫ‪ ،‬ﻓﻛذﻟك اﻟﺳﻔﯾﮫ‬
‫واﻟﻌﺗق ﻣﻣﺎ ﻻ ﯾؤﺛر ﻓﯾﮫ اﻟﮭزل ﻓﯾﺻﺢ ﻣﻧﮫ‪.‬‬
‫واﻷﺻل ﻋﻧده‪ :‬أن اﻟﺣﺟر ﺑﺳﺑب اﻟﺳﻔﮫ ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺣﺟر ﺑﺳﺑب اﻟرق ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻧﻔذ ﺑﻌده ﺷﻲء ﻣن ﺗﺻرﻓﺎﺗﮫ إﻻ‬
‫اﻟطﻼق ﻛﺎﻟﻣرﻗوق‪ ،‬واﻹﻋﺗﺎق ﻻ ﯾﺻﺢ ﻣن اﻟرﻗﯾق ﻓﻛذا ﻣن اﻟﺳﻔﯾﮫ "و" إذا ﺻﺢ ﻋﻧدھﻣﺎ "ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺑد أن‬
‫ﯾﺳﻌﻰ ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺗﮫ" ﻷن اﻟﺣﺟر ﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻧظر وذﻟك ﻓﻲ رد اﻟﻌﺗق إﻻ أﻧﮫ ﻣﺗﻌذر ﻓﯾﺟب رده ﺑرد اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺣﺟر ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﯾض‪ .‬وﻋن ﻣﺣﻣد أﻧﮫ ﻻ ﺗﺟب اﻟﺳﻌﺎﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﻟو وﺟﺑت إﻧﻣﺎ ﺗﺟب ﺣﻘﺎ ﻟﻣﻌﺗﻘﮫ واﻟﺳﻌﺎﯾﺔ ﻣﺎ ﻋﮭد‬
‫وﺟوﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺷرع إﻻ ﻟﺣق ﻏﯾر اﻟﻣﻌﺗق "وﻟو دﺑر ﻋﺑده ﺟﺎز" ﻷﻧﮫ ﯾوﺟب ﺣق اﻟﻌﺗق ﻓﯾﻌﺗﺑر ﺑﺣﻘﯾﻘﺗﮫ إﻻ أﻧﮫ ﻻ‬
‫ﺗﺟب اﻟﺳﻌﺎﯾﺔ ﻣﺎ دام اﻟﻣوﻟﻰ ﺣﯾﺎ ﻷﻧﮫ ﺑﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻛﮫ وإذا ﻣﺎت وﻟم ﯾؤﻧس ﻣﻧﮫ اﻟرﺷد ﺳﻌﻰ ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻣدﺑرا ﻷﻧﮫ‬
‫ﻋﺗق ﺑﻣوﺗﮫ وھو ﻣدﺑر‪ ،‬ﻓﺻﺎر ﻛﻣﺎ إذا أﻋﺗﻘﮫ ﺑﻌد اﻟﺗدﺑﯾر‬

‫"وﻟو ﺟﺎءت ﺟﺎرﯾﺗﮫ ﺑوﻟد ﻓﺎدﻋﺎه ﯾﺛﺑت ﻧﺳﺑﮫ ﻣﻧﮫ وﻛﺎن اﻟوﻟد ﺣرا واﻟﺟﺎرﯾﺔ أم وﻟد‬ ‫ص ‪-280-‬‬
‫ﻟﮫ" ﻷﻧﮫ ﻣﺣﺗﺎج إﻟﻰ ذﻟك ﻹﺑﻘﺎء ﻧﺳﻠﮫ ﻓﺄﻟﺣق ﺑﺎﻟﻣﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺣﻘﮫ "وإن ﻟم ﯾﻛن ﻣﻌﮭﺎ وﻟد وﻗﺎل ھذه أم وﻟدي ﻛﺎﻧت‬
‫ﺑﻣﻧزﻟﺔ أم اﻟوﻟد ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ ﺑﯾﻌﮭﺎ‪ ،‬وإن ﻣﺎت ﺳﻌت ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ" ﻷﻧﮫ ﻛﺎﻹﻗرار ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ إذ ﻟﯾس ﻟﮫ ﺷﮭﺎدة‬
‫اﻟوﻟد‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻔﺻل اﻷول ﻷن اﻟوﻟد ﺷﺎھد ﻟﮭﺎ‪ .‬وﻧظﯾره اﻟﻣرﯾض إذا ادﻋﻰ وﻟد ﺟﺎرﯾﺗﮫ ﻓﮭو ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺗﻔﺻﯾل‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﺗزوج اﻣرأة ﺟﺎز ﻧﻛﺎﺣﮭﺎ" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾؤﺛر ﻓﯾﮫ اﻟﮭزل‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻣن ﺣواﺋﺟﮫ اﻷﺻﻠﯾﺔ "وإن ﺳﻣﻰ ﻟﮭﺎ ﻣﮭرا‬
‫ﺟﺎز ﻣﻧﮫ ﻣﻘدار ﻣﮭر ﻣﺛﻠﮭﺎ" ﻷﻧﮫ ﻣن ﺿرورات اﻟﻧﻛﺎح "وﺑطل اﻟﻔﺿل" ﻷﻧﮫ ﻻ ﺿرورة ﻓﯾﮫ‪ ،‬وھذا اﻟﺗزام‬
‫ﺑﺎﻟﺗﺳﻣﯾﺔ وﻻ ﻧظر ﻟﮫ ﻓﯾﮫ ﻓﻠم ﺗﺻﺢ اﻟزﯾﺎدة وﺻﺎر ﻛﺎﻟﻣرﯾض ﻣرض اﻟﻣوت "وﻟو طﻠﻘﮭﺎ ﻗﺑل اﻟدﺧول ﺑﮭﺎ وﺟب‬
‫ﻟﮭﺎ اﻟﻧﺻف ﻓﻲ ﻣﺎﻟﮫ" ﻷن اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ ﺻﺣﯾﺣﺔ إﻟﻰ ﻣﻘدار ﻣﮭر اﻟﻣﺛل "وﻛذا إذا ﺗزوج ﺑﺄرﺑﻊ ﻧﺳوة أو ﻛل ﯾوم‬
‫واﺣدة" ﻟﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺗﺧرج اﻟزﻛﺎة ﻣن ﻣﺎل اﻟﺳﻔﯾﮫ" ﻷﻧﮭﺎ واﺟﺑﺔ ﻋﻠﯾﮫ "وﯾﻧﻔق ﻋﻠﻰ أوﻻده وزوﺟﺗﮫ وﻣن ﺗﺟب ﻧﻔﻘﺗﮫ ﻣن‬
‫ذوي أرﺣﺎﻣﮫ" ﻷن إﺣﯾﺎء وﻟده وزوﺟﺗﮫ ﻣن ﺣواﺋﺟﮫ‪ ،‬واﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ ذي اﻟرﺣم واﺟب ﻋﻠﯾﮫ ﻟﻘراﺑﺗﮫ‪ ،‬واﻟﺳﻔﮫ ﻻ‬
‫ﯾﺑطل ﺣﻘوق اﻟﻧﺎس‪ ،‬إﻻ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾدﻓﻊ اﻟزﻛﺎة إﻟﯾﮫ ﻟﯾﺻرﻓﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﺻرﻓﮭﺎ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻻ ﺑد ﻣن ﻧﯾﺗﮫ ﻟﻛوﻧﮭﺎ ﻋﺑﺎدة‪،‬‬
‫ﻟﻛن ﯾﺑﻌث أﻣﯾﻧﺎ ﻣﻌﮫ ﻛﻲ ﻻ ﯾﺻرﻓﮫ ﻓﻲ ﻏﯾر وﺟﮭﮫ‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻧﻔﻘﺔ ﯾدﻓﻊ إﻟﻰ أﻣﯾﻧﮫ ﻟﯾﺻرﻓﮫ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﻌﺑﺎدة ﻓﻼ‬
‫ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻧﯾﺗﮫ‪ ،‬وھذا ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﺣﻠف أو ﻧذر أو ظﺎھر ﺣﯾث ﻻ ﯾﻠزﻣﮫ اﻟﻣﺎل ﺑل ﯾﻛﻔر ﯾﻣﯾﻧﮫ وظﮭﺎره ﺑﺎﻟﺻوم‬
‫ﻷﻧﮫ ﻣﻣﺎ ﯾﺟب ﺑﻔﻌﻠﮫ‪ ،‬ﻓﻠو ﻓﺗﺣﻧﺎ ھذا اﻟﺑﺎب ﯾﺑذر أﻣواﻟﮫ ﺑﮭذا اﻟطرﯾق‪ ،‬وﻻ ﻛذﻟك ﻣﺎ ﯾﺟب اﺑﺗداء ﺑﻐﯾر ﻓﻌﻠﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن أراد ﺣﺟﺔ اﻹﺳﻼم ﻟم ﯾﻣﻧﻊ ﻣﻧﮭﺎ" ﻷﻧﮭﺎ واﺟﺑﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺈﯾﺟﺎب ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣن ﻏﯾر ﺻﻧﻌﺔ "وﻻ ﯾﺳﻠم‬
‫اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻧﻔﻘﺔ إﻟﯾﮫ وﯾﺳﻠﻣﮭﺎ إﻟﻰ ﺛﻘﺔ ﻣن اﻟﺣﺎج ﯾﻧﻔﻘﮭﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ طرﯾق اﻟﺣﺞ" ﻛﻲ ﻻ ﯾﺗﻠﻔﮭﺎ ﻓﻲ ﻏﯾر ھذا اﻟوﺟﮫ‬
‫"وﻟو أراد ﻋﻣرة واﺣدة ﻟم ﯾﻣﻧﻊ ﻣﻧﮭﺎ" اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ ﻻﺧﺗﻼف اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻓﻲ وﺟوﺑﮭﺎ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ زاد ﻋﻠﻰ ﻣرة واﺣدة‬
‫ﻣن اﻟﺣﺞ "وﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن اﻟﻘران" ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن إﻓراد اﻟﺳﻔر ﻟﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻓﻼ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن اﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ "وﻻ‬
‫ﯾﻣﻧﻊ ﻣن أن ﯾﺳوق ﺑدﻧﺔ" ﺗﺣرزا ﻋن ﻣوﺿﻊ اﻟﺧﻼف‪ ،‬إذ ﻋﻧد ﻋﺑد ﷲ ﺑن ﻋﻣر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻻ ﯾﺟزﺋﮫ ﻏﯾرھﺎ‬
‫وھﻲ ﺟزور أو ﺑﻘرة‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻣرض وأوﺻﻰ ﺑوﺻﺎﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻘرب وأﺑواب اﻟﺧﯾر ﺟﺎز ذﻟك ﻓﻲ ﺛﻠﺛﮫ" ﻷن‬

‫ﻧظره ﻓﯾﮫ إذ ھﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻘطﺎﻋﮫ ﻋن أﻣواﻟﮫ واﻟوﺻﯾﺔ ﺗﺧﻠف ﺛﻧﺎء أو ﺛواﺑﺎ‪ ،‬وﻗد ذﻛرﻧﺎ‬ ‫ص ‪-281-‬‬
‫ﻣن اﻟﺗﻔرﯾﻌﺎت أﻛﺛر ﻣن ھذا ﻓﻲ ﻛﻔﺎﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗﮭﻰ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺣﺟر ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺎﺳق إذا ﻛﺎن ﻣﺻﻠﺣﺎ ﻟﻣﺎﻟﮫ ﻋﻧدﻧﺎ واﻟﻔﺳق اﻷﺻﻠﻲ واﻟطﺎرئ ﺳواء" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪:‬‬
‫ﯾﺣﺟر ﻋﻠﯾﮫ زﺟرا ﻟﮫ وﻋﻘوﺑﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﻔﯾﮫ وﻟﮭذا ﻟم ﯾﺟﻌل أھﻼ ﻟﻠوﻻﯾﺔ واﻟﺷﮭﺎدة ﻋﻧده‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻗوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬
‫ْ آﻧ َﺳ ْ ﺗ ُم ْ ﻣ ِ ﻧ ْ ﮭ} ُم ْ ر ُ ﺷ ْ د ًا ﻓ َﺎد ْ ﻓ َ ﻌ ُوا إ ِﻟ َﯾ ْﮭ ِم ْ أ َﻣ ْ و َ اﻟ َﮭ ُم ْ { ]اﻟﻧﺳﺎء‪ .[6:‬وﻗد أوﻧس ﻣﻧﮫ ﻧوع رﺷد ﻓﺗﺗﻧﺎوﻟﮫ اﻟﻧﻛرة اﻟﻣطﻠﻘﺔ‪،‬‬
‫وﻷن اﻟﻔﺎﺳق ﻣن أھل اﻟوﻻﯾﺔ ﻋﻧدﻧﺎ ﻹﺳﻼﻣﮫ ﻓﯾﻛون واﻟﯾﺎ ﻟﻠﺗﺻرف‪ ،‬وﻗد ﻗررﻧﺎه ﻓﯾﻣﺎ ﺗﻘدم‪ ،‬وﯾﺣﺟر اﻟﻘﺎﺿﻲ‬
‫ﻋﻧدھﻣﺎ أﯾﺿﺎ وھو ﻗول اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﺑﺳﺑب اﻟﻐﻔﻠﺔ وھو أن ﯾﻐﺑن ﻓﻲ اﻟﺗﺟﺎرات وﻻ ﯾﺻﺑر ﻋﻧﮭﺎ ﻟﺳﻼﻣﺔ ﻗﻠﺑﮫ ﻟﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺣﺟر ﻣن اﻟﻧظر ﻟﮫ‪.‬‬

‫ﻓﺻل‪ :‬ﻓﻲ ﺣد اﻟﺑﻠوغ‬


‫ﻗﺎل‪" :‬ﺑﻠوغ اﻟﻐﻼم ﺑﺎﻻﺣﺗﻼم واﻹﺣﺑﺎل واﻹﻧزال إذا وطﺊ‪ ،‬ﻓﺈن ﻟم ﯾوﺟد ذﻟك ﻓﺣﺗﻰ ﯾﺗم ﻟﮫ ﺛﻣﺎﻧﻲ ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ‪،‬‬
‫وﺑﻠوغ اﻟﺟﺎرﯾﺔ ﺑﺎﻟﺣﯾض واﻻﺣﺗﻼم واﻟﺣﺑل‪ ،‬ﻓﺈن ﻟم ﯾوﺟد ذﻟك ﻓﺣﺗﻰ ﯾﺗم ﻟﮭﺎ ﺳﺑﻊ ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ‪ ،‬وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ‬
‫ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻗﺎﻻ‪ :‬إذا ﺗم اﻟﻐﻼم واﻟﺟﺎرﯾﺔ ﺧﻣس ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ ﻓﻘد ﺑﻠﻐﺎ "‪ ،‬وھو رواﯾﺔ ﻋن أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬وھو ﻗول‬
‫اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‪ ،‬وﻋﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻐﻼم ﺗﺳﻊ ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ‪ .‬وﻗﯾل اﻟﻣراد أن ﯾطﻌن ﻓﻲ اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ وﯾﺗم ﻟﮫ ﺛﻣﺎﻧﻲ ﻋﺷرة‬
‫ﺳﻧﺔ ﻓﻼ اﺧﺗﻼف‪ .‬وﻗﯾل ﻓﯾﮫ اﺧﺗﻼف اﻟرواﯾﺔ ﻷﻧﮫ ذﻛر ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻧﺳﺦ ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗﻛﻣل ﺗﺳﻊ ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻓﻸن اﻟﺑﻠوغ ﺑﺎﻹﻧزال ﺣﻘﯾﻘﺔ واﻟﺣﺑل واﻹﺣﺑﺎل ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﻣﻊ اﻹﻧزال‪ ،‬وﻛذا اﻟﺣﯾض ﻓﻲ أوان اﻟﺣﺑل‪،‬‬
‫ﻓﺟﻌل ﻛل ذﻟك ﻋﻼﻣﺔ اﻟﺑﻠوغ‪ ،‬وأدﻧﻰ اﻟﻣدة ﻟذﻟك ﻓﻲ ﺣق اﻟﻐﻼم اﺛﻧﺗﺎ ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ‪ ،‬وﻓﻲ ﺣق اﻟﺟﺎرﯾﺔ ﺗﺳﻊ ﺳﻧﯾن‪.‬‬
‫وأﻣﺎ اﻟﺳن ﻓﻠﮭم اﻟﻌﺎدة اﻟﻔﺎﺷﯾﺔ أن اﻟﺑﻠوغ ﻻ ﯾﺗﺄﺧر ﻓﯾﮭﻣﺎ ﻋن ھذه اﻟﻣدة‪ .‬وﻟﮫ ﻗوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ :‬ﺣ} َ ﺗ ﺑﱠﻰْﻠ ﯾ َُﻎ َ أ َﺷ ُ د ﱠ ه ُ {‬
‫]اﻷﻧﻌﺎم‪ [152:‬وأﺷد اﻟﺻﺑﻲ ﺛﻣﺎﻧﻲ ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ‪ ،‬ھﻛذا ﻗﺎﻟﮫ اﺑن ﻋﺑﺎس وﺗﺎﺑﻌﮫ اﻟﻘﺗﺑﻲ‪ ،‬وھذا أﻗل ﻣﺎ ﻗﯾل ﻓﯾﮫ ﻓﯾﺑﻧﻰ‬
‫اﻟﺣﻛم ﻋﻠﯾﮫ ﻟﻠﺗﯾﻘن ﺑﮫ‪ ،‬ﻏﯾر أن اﻹﻧﺎث ﻧﺷوءھن وإدراﻛﮭن أﺳرع ﻓﻧﻘﺻﻧﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﮭن ﺳﻧﺔ ﻻﺷﺗﻣﺎﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺻول‬
‫اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﯾواﻓق واﺣد ﻣﻧﮭﺎ اﻟﻣزاج ﻻ ﻣﺣﺎﻟﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإذا راھق اﻟﻐﻼم أو اﻟﺟﺎرﯾﺔ اﻟﺣﻠم وأﺷﻛل أﻣره ﻓﻲ اﻟﺑﻠوغ ﻓﻘﺎل ﻗد ﺑﻠﻐت‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘول ﻗوﻟﮫ وأﺣﻛﺎﻣﮫ أﺣﻛﺎم‬
‫اﻟﺑﺎﻟﻐﯾن" ﻷﻧﮫ ﻣﻌﻧﻰ ﻻ ﯾﻌرف إﻻ ﻣن ﺟﮭﺗﮭﻣﺎ ظﺎھرا‪ ،‬ﻓﺈذا أﺧﺑرا ﺑﮫ‬
‫وﻟم ﯾﻛذﺑﮭﻣﺎ اﻟظﺎھر ﻗﺑل ﻗوﻟﮭﻣﺎ ﻓﯾﮫ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻘﺑل ﻗول اﻟﻣرأة ﻓﻲ اﻟﺣﯾض‪.‬‬ ‫ص ‪-282-‬‬

‫ﺑﺎب اﻟﺣﺟر ﺑﺳﺑب اﻟدﯾن‬


‫"ﻗﺎل أﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ‪ :‬ﻻ أﺣﺟر ﻓﻲ اﻟدﯾن‪ ،‬وإذا وﺟﺑت دﯾون ﻋﻠﻰ رﺟل وطﻠب ﻏرﻣﺎؤه ﺣﺑﺳﮫ واﻟﺣﺟر ﻋﻠﯾﮫ ﻟم أﺣﺟر‬
‫ﻋﻠﯾﮫ" ﻷن ﻓﻲ اﻟﺣﺟر إھدار أھﻠﯾﺗﮫ ﻓﻼ ﯾﺟوز ﻟدﻓﻊ ﺿرر ﺧﺎص‪" .‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻟﮫ ﻣﺎل ﻟم ﯾﺗﺻرف ﻓﯾﮫ اﻟﺣﺎﻛم" ﻷﻧﮫ‬
‫ﻧوع ﺣﺟر‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﺗﺟﺎرة ﻻ ﻋن ﺗراض ﻓﯾﻛون ﺑﺎطﻼ ﺑﺎﻟﻧص "وﻟﻛن ﯾﺣﺑﺳﮫ أﺑدا ﺣﺗﻰ ﯾﺑﯾﻌﮫ ﻓﻲ دﯾﻧﮫ" إﯾﻔﺎء ﻟﺣق‬
‫اﻟﻐرﻣﺎء ودﻓﻌﺎ ﻟظﻠﻣﮫ "وﻗﺎﻻ‪ :‬إذا طﻠب ﻏرﻣﺎء اﻟﻣﻔﻠس اﻟﺣﺟر ﻋﻠﯾﮫ ﺣﺟر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﯾﮫ‪ ،‬وﻣﻧﻌﮫ ﻣن اﻟﺑﯾﻊ‬
‫واﻟﺗﺻرف واﻹﻗرار ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺿر ﺑﺎﻟﻐرﻣﺎء" ﻷن اﻟﺣﺟر ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻔﯾﮫ إﻧﻣﺎ ﺟوزاه ﻧظرا ﻟﮫ‪ ،‬وﻓﻲ ھذا اﻟﺣﺟر ﻧظر‬
‫ﻟﻠﻐرﻣﺎء ﻷﻧﮫ ﻋﺳﺎه ﯾﻠﺟﺊ ﻣﺎﻟﮫ ﻓﯾﻔوت ﺣﻘﮭم‪ ،‬وﻣﻌﻧﻰ ﻗوﻟﮭﻣﺎ وﻣﻧﻌﮫ ﻣن اﻟﺑﯾﻊ أن ﯾﻛون ﺑﺄﻗل ﻣن ﺛﻣن اﻟﻣﺛل‪ ،‬أﻣﺎ‬
‫اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺛﻣن اﻟﻣﺛل ﻻ ﯾﺑطل ﺣق اﻟﻐرﻣﺎء واﻟﻣﻧﻊ ﻟﺣﻘﮭم ﻓﻼ ﯾﻣﻧﻊ ﻣﻧﮫ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﺑﺎع ﻣﺎﻟﮫ إن اﻣﺗﻧﻊ اﻟﻣﻔﻠس ﻣن ﺑﯾﻌﮫ وﻗﺳﻣﮫ ﺑﯾن ﻏرﻣﺎﺋﮫ ﺑﺎﻟﺣﺻص ﻋﻧدھﻣﺎ" ﻷن اﻟﺑﯾﻊ ﻣﺳﺗﺣق ﻋﻠﯾﮫ‬
‫ﻹﯾﻔﺎء دﯾﻧﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﺣﺑس ﻷﺟﻠﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا اﻣﺗﻧﻊ ﻧﺎب اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻧﺎﺑﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺟب واﻟﻌﻧﺔ‪.‬‬
‫ﻗﻠﻧﺎ‪ :‬اﻟﺗﻠﺟﺋﺔ ﻣوھوﻣﺔ‪ ،‬واﻟﻣﺳﺗﺣق ﻗﺿﺎء اﻟدﯾن‪ ،‬واﻟﺑﯾﻊ ﻟﯾس ﺑطرﯾق ﻣﺗﻌﯾن ﻟذﻟك‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﺟب واﻟﻌﻧﺔ واﻟﺣﺑس‬
‫ﻟﻘﺿﺎء اﻟدﯾن ﺑﻣﺎ ﯾﺧﺗﺎره ﻣن اﻟطرﯾق‪ ،‬ﻛﯾف وﻟو ﺻﺢ اﻟﺑﯾﻊ ﻛﺎن اﻟﺣﺑس إﺿرارا ﺑﮭﻣﺎ ﺑﺗﺄﺧﯾر ﺣق اﻟداﺋن وﺗﻌذﯾب‬
‫اﻟﻣدﯾون ﻓﻼ ﯾﻛون ﻣﺷروﻋﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وإن ﻛﺎن دﯾﻧﮫ دراھم وﻟﮫ دراھم ﻗﺿﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻐﯾر أﻣره" وھذا ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع‪ ،‬ﻷن ﻟﻠداﺋن ﺣق اﻷﺧذ ﻣن‬
‫ﻏﯾر رﺿﺎه ﻓﻠﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻌﯾﻧﮫ "وإن ﻛﺎن دﯾﻧﮫ دراھم وﻟﮫ دﻧﺎﻧﯾر أو ﻋﻠﻰ ﺿد ذﻟك ﺑﺎﻋﮭﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ دﯾﻧﮫ"‬
‫وھذا ﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ اﺳﺗﺣﺳﺎن‪ .‬واﻟﻘﯾﺎس أن ﻻ ﯾﺑﯾﻌﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌروض‪ ،‬وﻟﮭذا ﻟم ﯾﻛن ﻟﺻﺎﺣب اﻟدﯾن أن ﯾﺄﺧذه‬
‫ﺟﺑرا‪ .‬وﺟﮫ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أﻧﮭﻣﺎ ﻣﺗﺣدان ﻓﻲ اﻟﺛﻣﻧﯾﺔ واﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺎن ﻓﻲ اﻟﺻورة‪ ،‬ﻓﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ اﻻﺗﺣﺎد ﯾﺛﺑت‬
‫ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ وﻻﯾﺔ اﻟﺗﺻرف‪ ،‬وﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ اﻻﺧﺗﻼف ﯾﺳﻠب ﻋن اﻟداﺋن وﻻﯾﺔ اﻷﺧذ ﻋﻣﻼ ﺑﺎﻟﺷﺑﮭﯾن‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻟﻌروض‬
‫ﻷن اﻟﻐرض ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺻورھﺎ وأﻋﯾﺎﻧﮭﺎ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻧﻘوذ ﻓوﺳﺎﺋل ﻓﺎﻓﺗرﻗﺎ "وﯾﺑﺎع ﻓﻲ اﻟدﯾن اﻟﻧﻘود ﺛم اﻟﻌروض ﺛم اﻟﻌﻘﺎر‬
‫ﯾﺑدأ ﺑﺎﻷﯾﺳر ﻓﺎﻷﯾﺳر" ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن اﻟﻣﺳﺎرﻋﺔ إﻟﻰ ﻗﺿﺎء اﻟدﯾن ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة ﺟﺎﻧب اﻟﻣدﯾون "وﯾﺗرك ﻋﻠﯾﮫ دﺳت ﻣن‬
‫ﺛﯾﺎب ﺑدﻧﮫ وﯾﺑﺎع اﻟﺑﺎﻗﻲ" ﻷن ﺑﮫ ﻛﻔﺎﯾﺔ وﻗﯾل دﺳﺗﺎن وھو اﺧﺗﯾﺎر ﺷﻣس اﻷﺋﻣﺔ اﻟﺣﻠواﻧﻲ‪ ،‬ﻷﻧﮫ إذا ﻏﺳل ﺛﯾﺎﺑﮫ ﻻ ﺑد‬
‫ﻟﮫ ﻣن ﻣﻠﺑس‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن أﻗر ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﺣﺟر ﺑﺈﻗرار ﻟزﻣﮫ ذﻟك ﺑﻌد ﻗﺿﺎء اﻟدﯾون"‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﺗﻌﻠق ﺑﮭذا‬
‫اﻟﻣﺎل ﺣق اﻷوﻟﯾن ﻓﻼ ﯾﺗﻣﻛن ﻣن إﺑطﺎل ﺣﻘﮭم ﺑﺎﻹﻗرار ﻟﻐﯾرھم‪ ،‬ﺑﺧﻼف اﻻﺳﺗﮭﻼك ﻷﻧﮫ‬ ‫ص ‪-283-‬‬
‫ﻣﺷﺎھد ﻻ ﻣرد ﻟﮫ "وﻟو اﺳﺗﻔﺎد ﻣﺎﻻ آﺧر ﺑﻌد اﻟﺣﺟر ﻧﻔذ إﻗراره ﻓﯾﮫ" ﻷن ﺣﻘﮭم ﻟم ﯾﺗﻌﻠق ﺑﮫ ﻟﻌدﻣﮫ وﻗت اﻟﺣﺟر‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﻧﻔق ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻔﻠس ﻣن ﻣﺎﻟﮫ وﻋﻠﻰ زوﺟﺗﮫ ووﻟده اﻟﺻﻐﺎر وذوي أرﺣﺎﻣﮫ ﻣﻣن ﯾﺟب ﻧﻔﻘﺗﮫ ﻋﻠﯾﮫ" ﻷن‬
‫ﺣﺎﺟﺗﮫ اﻷﺻﻠﯾﺔ ﻣﻘدﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺣق اﻟﻐرﻣﺎء‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﺣق ﺛﺎﺑت ﻟﻐﯾره ﻓﻼ ﯾﺑطﻠﮫ اﻟﺣﺟر‪ ،‬وﻟﮭذا ﻟو ﺗزوج اﻣرأة ﻛﺎﻧت‬
‫ﻓﻲ ﻣﻘدار ﻣﮭر ﻣﺛﻠﮭﺎ أﺳوة ﻟﻠﻐرﻣﺎء‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬ﻓﺈن ﻟم ﯾﻌرف ﻟﻠﻣﻔﻠس ﻣﺎل وطﻠب ﻏرﻣﺎؤه ﺣﺑﺳﮫ وھو ﯾﻘول ﻻ ﻣﺎل ﻟﻲ ﺣﺑﺳﮫ اﻟﺣﺎﻛم ﻓﻲ ﻛل دﯾن اﻟﺗزﻣﮫ‬
‫ﺑﻌﻘد ﻛﺎﻟﻣﮭر واﻟﻛﻔﺎﻟﺔ" وﻗد ذﻛرﻧﺎ ھذا اﻟﻔﺻل ﺑوﺟوھﮫ ﻓﻲ ﻛﺗﺎب أدب اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن ھذا اﻟﻛﺗﺎب ﻓﻼ ﻧﻌﯾدھﺎ‪ ,‬إﻟﻰ أن‬
‫ﻗﺎل‪ :‬وﻛذﻟك إن أﻗﺎم اﻟﺑﯾﻧﺔ أﻧﮫ ﻻ ﻣﺎل ﻟﮫ‪ :‬ﯾﻌﻧﻲ ﺧﻠﻰ ﺳﺑﯾﻠﮫ ﻟوﺟوب اﻟﻧظرة إﻟﻰ اﻟﻣﯾﺳرة‪ ،‬وﻟو ﻣرض ﻓﻲ اﻟﺣﺑس‬
‫ﯾﺑﻘﻰ ﻓﯾﮫ إن ﻛﺎن ﻟﮫ ﺧﺎدم ﯾﻘوم ﺑﻣﻌﺎﻟﺟﺗﮫ‪ ،‬وإن ﻟم ﯾﻛن أﺧرﺟﮫ ﺗﺣرزا ﻋن ھﻼﻛﮫ‪ ،‬واﻟﻣﺣﺗرف ﻓﯾﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻣن‬
‫اﻻﺷﺗﻐﺎل ﺑﻌﻣﻠﮫ ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻟﯾﺿﺟر ﻗﻠﺑﮫ ﻓﯾﻧﺑﻌث ﻋﻠﻰ ﻗﺿﺎء دﯾﻧﮫ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻟﮫ ﺟﺎرﯾﺔ وﻓﯾﮫ ﻣوﺿﻊ‬
‫ﯾﻣﻛﻧﮫ ﻓﯾﮫ وطؤھﺎ ﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﻋﻧﮫ ﻷﻧﮫ ﻗﺿﺎء إﺣدى اﻟﺷﮭوﺗﯾن ﻓﯾﻌﺗﺑر ﺑﻘﺿﺎء اﻷﺧرى‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻻ ﯾﺣول ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﻏرﻣﺎﺋﮫ ﺑﻌد ﺧروﺟﮫ ﻣن اﻟﺣﺑس ﯾﻼزﻣوﻧﮫ وﻻ ﯾﻣﻧﻌوﻧﮫ ﻣن اﻟﺗﺻرف واﻟﺳﻔر" ﻟﻘوﻟﮫ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪" :‬ﻟﺻﺎﺣب اﻟﺣق ﯾد وﻟﺳﺎن" أراد ﺑﺎﻟﯾد اﻟﻣﻼزﻣﺔ وﺑﺎﻟﻠﺳﺎن اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﯾﺄﺧذون ﻓﺿل ﻛﺳﺑﮫ ﯾﻘﺳم ﺑﯾﻧﮭم ﺑﺎﻟﺣﺻص" ﻻﺳﺗواء ﺣﻘوﻗﮭم ﻓﻲ اﻟﻘوة "وﻗﺎﻻ‪ :‬إذا ﻓﻠﺳﮫ اﻟﺣﺎﻛم ﺣﺎل‬
‫ﺑﯾن اﻟﻐرﻣﺎء وﺑﯾﻧﮫ إﻻ أن ﯾﻘﯾﻣوا اﻟﺑﯾﻧﺔ أن ﻟﮫ ﻣﺎﻻ" ﻷن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻹﻓﻼس ﻋﻧدھﻣﺎ ﯾﺻﺢ ﻓﺗﺛﺑت اﻟﻌﺳرة وﯾﺳﺗﺣق‬
‫اﻟﻧظرة إﻟﻰ اﻟﻣﯾﺳرة‪ .‬وﻋﻧد أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﻻ ﯾﺗﺣﻘق اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻹﻓﻼس‪ ،‬ﻷن ﻣﺎل ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻏﺎد وراﺋﺢ‪،‬‬
‫وﻷن وﻗوف اﻟﺷﮭود ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻟﻣﺎل ﻻ ﯾﺗﺣﻘق إﻻ ظﺎھرا ﻓﯾﺻﻠﺢ ﻟﻠدﻓﻊ ﻻ ﻹﺑطﺎل ﺣق اﻟﻣﻼزﻣﺔ‪ .‬وﻗوﻟﮫ إﻻ أن‬
‫ﯾﻘﯾﻣوا اﻟﺑﯾﻧﺔ إﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﺑﯾﻧﺔ اﻟﯾﺳﺎر ﺗﺗرﺟﺢ ﻋﻠﻰ ﺑﯾﻧﺔ اﻹﻋﺳﺎر ﻷﻧﮭﺎ أﻛﺛر إﺛﺑﺎﺗﺎ‪ ،‬إذ اﻷﺻل ھو اﻟﻌﺳرة‪ .‬وﻗوﻟﮫ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣﻼزﻣﺔ ﻻ ﯾﻣﻧﻌوﻧﮫ ﻣن اﻟﺗﺻرف واﻟﺳﻔر دﻟﯾل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﯾدور ﻣﻌﮫ أﯾﻧﻣﺎ دار وﻻ ﯾﺟﻠﺳﮫ ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ ﻷﻧﮫ‬
‫ﺣﺑس "وﻟو دﺧل داره ﻟﺣﺎﺟﺗﮫ ﻻ ﯾﺗﺑﻌﮫ ﺑل ﯾﺟﻠس ﻋﻠﻰ ﺑﺎب داره إﻟﻰ أن ﯾﺧرج" ﻷن اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﺑد أن ﯾﻛون ﻟﮫ‬
‫ﻣوﺿﻊ ﺧﻠوة‪ ،‬وﻟو اﺧﺗﺎر اﻟﻣطﻠوب اﻟﺣﺑس واﻟطﺎﻟب اﻟﻣﻼزﻣﺔ ﻓﺎﻟﺧﯾﺎر إﻟﻰ اﻟطﺎﻟب ﻷﻧﮫ أﺑﻠﻎ ﻓﻲ ﺣﺻول اﻟﻣﻘﺻود‬
‫ﻻﺧﺗﯾﺎره اﻷﺿﯾق ﻋﻠﯾﮫ إﻻ إذا‬

‫ﻋﻠم اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾدﺧل ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻟﻣﻼزﻣﺔ ﺿرر ﺑﯾن ﺑﺄن ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ ﻣن دﺧوﻟﮫ داره ﻓﺣﯾﻧﺋذ‬ ‫ص ‪-284-‬‬
‫ﯾﺣﺑﺳﮫ دﻓﻌﺎ ﻟﻠﺿرر ﻋﻧﮫ "وﻟو ﻛﺎن اﻟدﯾن ﻟﻠرﺟل ﻋﻠﻰ اﻟﻣرأة ﻻ ﯾﻼزﻣﮭﺎ" ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣن اﻟﺧﻠوة ﺑﺎﻷﺟﻧﺑﯾﺔ وﻟﻛن‬
‫ﯾﺑﻌث اﻣرأة أﻣﯾﻧﺔ ﺗﻼزﻣﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل‪" :‬وﻣن أﻓﻠس وﻋﻧده ﻣﺗﺎع ﻟرﺟل ﺑﻌﯾﻧﮫ اﺑﺗﺎﻋﮫ ﻣﻧﮫ ﻓﺻﺎﺣب اﻟﻣﺗﺎع أﺳوة ﻟﻠﻐرﻣﺎء ﻓﯾﮫ" وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ‬
‫رﺣﻣﮫ ﷲ‪ :‬ﯾﺣﺟر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺗري ﺑطﻠﺑﮫ‪ .‬ﺛم ﻟﻠﺑﺎﺋﻊ ﺧﯾﺎر اﻟﻔﺳﺦ ﻷﻧﮫ ﻋﺟز اﻟﻣﺷﺗري ﻋن إﯾﻔﺎء اﻟﺛﻣن‬
‫ﻓﯾوﺟب ذﻟك ﺣق اﻟﻔﺳﺦ ﻛﻌﺟز اﻟﺑﺎﺋﻊ ﻋن ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﺑﯾﻊ وھذا ﻷﻧﮫ ﻋﻘد ﻣﻌﺎوﺿﺔ‪ ،‬وﻣن ﻗﺿﯾﺗﮫ اﻟﻣﺳﺎواة وﺻﺎر‬
‫ﻛﺎﻟﺳﻠم‪ .‬وﻟﻧﺎ أن اﻹﻓﻼس ﯾوﺟب اﻟﻌﺟز ﻋن ﺗﺳﻠﯾم اﻟﻌﯾن وھو ﻏﯾر ﻣﺳﺗﺣق ﺑﺎﻟﻌﻘد ﻓﻼ ﯾﺛﺑت ﺣق اﻟﻔﺳﺦ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره‬
‫وإﻧﻣﺎ اﻟﻣﺳﺗﺣق وﺻف ﻓﻲ اﻟذﻣﺔ‪ :‬أﻋﻧﻲ اﻟدﯾن‪ ،‬وﺑﻘﺑض اﻟﻌﯾن ﺗﺗﺣﻘق ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻣﺑﺎدﻟﺔ‪ ،‬ھذا ھو اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﯾﺟب‬
‫اﻋﺗﺑﺎرھﺎ‪ ،‬إﻻ ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ اﻟﺗﻌذر ﻛﺎﻟﺳﻠم ﻷن اﻻﺳﺗﺑدال ﻣﻣﺗﻧﻊ ﻓﺄﻋطﻰ ﻟﻠﻌﯾن ﺣﻛم اﻟدﯾن‪ ،‬وﷲ أﻋﻠم ﺑﺎﻟﺻواب‪.‬‬
‫ﺗم اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻟث‪ ،‬وﯾﻠﯾﮫ اﻟﺟزء اﻟراﺑﻊ‬
‫وأوﻟﮫ‬
‫ﻛﺗﺎب اﻟﻣﺄذون‬

You might also like