Professional Documents
Culture Documents
كوريا الشمالية
كوريا الشمالية
كوريا الشمالية
أين الحقيقة فيما تدعيه كوريا الشمالية من أنها قامت بإجراء أول
تجربة نووية؟ هل هو تفجير نووي حقا؟ وإذا كان كذلك فكيف ل
ينتج عنه سوى زلزال متوسط القيمة ل تتجاوز شدته 4.2
درجات على مقياس ريختر؟! أم أنه تفجير تقليدي ضخم استخدم
بهدف خداعي لغراض تفاوضية سياسية؟ ولكن هناك دلئل
تؤكد عدم استخدام متفجرات تقليدية! وفي الوقت نفسه ل توجد
قرينة واحدة تثبت خروج أي إشعاع من موقع التفجير!! .وما
زالت هناك أسئلة كثيرة وعلمات تعجب أكثر ،وحتى الن ما
".زال الجميع "يضرب أخماسا في أسداس
لغز التفجير النووي الذي تدعيه كوريا
الشمالية إذن فالمشكلة تتلخص في أن أجهزة الرصد لم تستطع التقاط
أدنى مؤشر على انتشار إشعاعات ناتجة عن التفجير ،وهي التي
تشكل مؤشرا كاشفا في أي تفجير نووي عن طبيعة التكوين الفني للجهاز النووي المستخدم فيه وكذلك
.حجمه ،وقوته النووية
إن كوريا الشمالية دولة ستالينية النموذج تحكم بقبضة من حديد ،لذا فهي مغلقة أمام الداخل والخارج،
ويزيد على ذلك أنها تعاني من عزلة دولية قاسية أضافت مزيدا من الغموض حولها ،ومن ثم فإن المتوافر
عنها من معلومات شحيح للغاية ،فما بالنا بأمر فائق السرية والخطورة يتعلق بتجربة نووية ،فكل
المعروف عن التفجير أنه أجري على نطاق محدود نسبيا في الشمال بمنطقة نائية شرقي البلد يوم الثنين
.الموافق 2006-10-9
دعونا نعرف الحكاية ،صحيح أنها ملتبسة أساسا بالسياسة ولكن ما يهمنا في هذا التناول الجانب العلمي؛
فتقنيا غالبا ما يتم إجراء الختبارات النووية في باطن الرض ،بعد أن يتم اختيار موقع التفجير بعناية
فائقة من الناحية الجيولوجية؛ حيث يوضع الجهاز النووي في حفرة عميقة أو في نفق بعمق قد يصل لـ
800.متر تحت سطح الرض ،ثم يتم التفجير عن بعد
والتفجير الذي تم في أعماق جبل يقع قرب الساحل بشمال كوريا الشمالية يبدو كما لو كان تفجيرا نوويا،
ولكنه للعجب صغير جدا بالمعايير التقليدية ،قد تكون محاولة فاشلة أو ناجحة جزئيا ..قد ..قد ،ل أحد
!.يعرف أو يعرف كيف يعرف
تاريخيا ،فإن التفجيرات النووية الولى تراوحت شدتها بين 10آلف و 60ألف طن أو بعبارة أخرى من
10.إلى 60كيلو طن من المتفجرات التقليدية شديدة النفجار
لكن قوة الختبار الكوري الشمالي صغيرة جدا ،فهي ل تصل لكيلو طن واحد ،وفقا للعلماء المراقبين لي
تفجير بعيد -صغيرا كان أم كبيرا -بواسطة أجهزة رصد الهزات الرضية "السيزمومتر" ،والتي التقطتها
كافة أجهزة المنظومة المنتشرة في كل أرجاء المعمورة ،فمثل تلك النفجارات ل يمكن إخفاؤها مهما
.كانت صغيرة جدا
أحد مسئولي إدارة بوش -عفوا السياسة لها دور هنا -استطاع بواسطة اتصالت مع مسئولين آسيويين أن
.يعرف أن علماء كوريا الشمالية كانوا يتوقعون أن تبلغ قوة التفجير نحو 4كيلو طن ،وهو ما لم يحدث
شدة الزلزال الذي تسبب فيه التفجير كانت 4.2على مقياس ريختر للزلزل ،التقطتها وقدرتها نحو 20
.محطة رصد منتشرة في الصين واليابان وكوريا الجنوبية وحتى في أوكرانيا وأستراليا وأمريكا
ومع ذلك ،فقد صرح وزير الدفاع الروسي سيرجي إيفانوف عقب التجربة لوكالة "إيتار تاس" أنهم في
روسيا يعتقدون أن قوة التفجير تتراوح بين 5إلى 15كيلو طن ،ول يعرف أحد على أي أساس قدرها
.الروس بهذا القدر؛ وهو ما أضفى على المسألة مزيدا من الغموض
في واشنطن قدر المختصون قوة التفجير بما يزيد قليل عن نصف كيلو طن ،وقالوا إنهم يحتاجون ليام
قبل التأكيد من كون التفجير نوويا؛ لن المجسات المنتشرة هنا وهناك لرصد النشطة النووية في كوريا
الشمالية لم تلتقط أية إشارة على تسرب إشعاعي من مكان التفجير؛ وهو ما ترك انطباعا لدى البعض أن
.الكوريين الشماليين لجئوا لحيلة تفجير كمية ضخمة من المتفجرات التقليدية شديدة النفجار
ولكن هذه الفرضية غير واردة؛ أول لن المخاطر السياسية المترتبة على ذلك كبيرة ول تتناسب مع حجم
وخطورة العلن عن تفجير نووي والقيام به ،ثم إن لمريكا شبكة من أقمار التجسس تراقب كوريا
الشمالية ولم تلتقط هذه القمار أي إشارة على شحن وتفجير أي متفجرات كيماوية تقليدية! ثم إنها مسألة
.غير قابلة للخفاء أو للمخادعة فيها كما يقول البعض ،فكوريا الشمالية تعلم أنها مراقبة
زاد المر تعقيدا ما قاله خبير معتبر ومرموق اسمه "د .فيليب كويل" كان يشغل منصب المدير السبق
لختبارات السلحة بالبنتاجون ،والمدير السابق لمعمل لورانس ليفرمور الوطني المريكي المختص
باختبارات السلحة ،من أن الختبارات الصغيرة غالبا ما تسرب كميات كبيرة من الشعاع بالمقارنة مع
ما تطلقه الختبارات الكبيرة؛ لن الحرارة الكبيرة والموجات الصادمة العملقة للنفجارات الكبر تميل
نحو صهر وسحق الصخر المحيط بمكان التجربة؛ وهو ما يحوّله لسد منيع أمام تسرب كميات كبيرة من
.الشعاع
ويزيد من تلك الحيرة أن أمريكا واليابان تحديدا ،فضل عن المنظمة الراعية لحظر إجراء التجارب
النووية ،بثت من المعدات والجهزة الراصدة حول كوريا الشمالية الكثير وهي تختبر الهواء فوق كوريا
الشمالية والماء المحيط بها للتقاط أدنى علمة على أي نشاط إشعاعي ،وهي على كثرتها لم تلتقط شيئا
.كما ذكر آنفا
في كوريا الشمالية أجهزة الرصد قدرت الهزة الرضية الناتجة عن التفجير بنحو 3.58درجات على
مقياس ريختر ،وفي فيينا فإن أجهزة المنظمة قدرتها بنحو 4درجات ،وهو ما يقترب من حسابات أجهزة
.الرصد المريكية عالية التقنية التي قدرته كما ذكرنا بحوالي 4.2درجات على نفس المقياس
ومرة أخرى ،فالمهم أن التفجير تسبب في رجة متوسطة هزت جانب جبل مانتاب بالقرب من الساحل
الشرقي لكوريا الشمالية ،وهذه المنطقة تحديدا مسلط عليها مجهر تجسس فعال منذ فترات طويلة ،فإذا كان
النفجار صغيرا لدرجة العتقاد بأنه تقليدي ،فإن القيام بتفجير غير نووي يستلزم عمل ضخما ،وهذا ما لم
ترصده أجهزة التجسس التي تحيط بالمنطقة وتعج بها سماؤها؛ أي إن لدينا قرينة مضافة أو شاهد عدل
على أن التفجير غير ناتج عن تفجير تقليدي ضخم؛ إذ إن الستعدادات لنقل كميات ضخمة من المتفجرات
الكيماوية التقليدية والتجهيزات المطلوبة له كانت تستلزم حركة وجلبة وضجيجا ما كان ليغيب عن نظر
.وسمع أجهزة التجسس
!!إذا كان التفجير غير نووي وغير تقليدي ،فماذا يكون؟
فاشل
لكن الراحة التامة جاءت على لسان سفير أمريكا لدى اليابان؛
حيث صرح أن العالم بأسره فيما سوى كوريا الشمالية لن يتسنى
خريطة توضح كوريا الشمالية .له الوقوف على حقيقة التفجير ،هل هو نووي أما ماذا يكون؟
رغم أجهزة الرصد والتجسس المسلطة على كوريا الشمالية من أكثر من جهة مهتمة ،فإن المتوافر عن
:برنامجها النووي ضئيل للغاية ،والمعلومات الصلبة المعروفة تنحصر في التالي
• كوريا الشمالية تملك وسائل إنتاج البلوتونيوم ،وهو مكون رئيسي في صناعة السلحة النووية،
فضل عن إظهارها عن قدرة لتنقية البلوتونيوم وإعادة تشغيله بعد معالجته؛ إذ استطاعت إنتاج
.كميات محدودة في الثمانينيات وأوائل التسعينيات
• يملك البلد الشيوعي مفاعل نوويا عامل في مدينة يونج بيون ،ويمكنه إنتاج ما يكفي من
.البلوتونيوم لصناعة نحو سلح نووي واحد كل عام
• ومن المعروف أيضا أن لديها 8000قضيب وقود نووي مشبع بالبلوتونيوم ،وما وراء ذلك
.محض تخمينات ويكتنفه الغموض
إن كوريا الشمالية أثبتت أكثر من مرة أنها تستطيع التفوق على كل العيون والعدسات والمناظير المسلطة
عليها وتضللها ،فمثل في أحد فصول أزمتها مع الغرب حول برنامجها النووي كانت أعلنت أنها بصدد
.إعادة معالجة قضبان الوقود المتوافر لديها لستخلص البلوتونيوم منها
وعجزت أجهزة الستخبارات وأجهزتها عن تقديم دليل ملموس يؤكد قيام كوريا الشمالية بتلك العملية
حقيقة ،فهذا يتطلب إما معلومة يعتمد عليها من مصدر بشري موثوق ،أو عن طريق رصد غاز
الكريبتون 75-الذي ينبعث في الجو حينما يتم معالجة أو استخلص مواد نووية في مفاعل ،والذي يصعب
.احتواؤه والحيلولة دون رصده
ورغم أن أجهزة رصد غاز الكريبتون 75-كانت نشرتها الوليات المتحدة بحرا قبالة سواحل كوريا
الشمالية ،وجوا من خلل طائرات تجسس ،أكدت انبعاث هذا الغاز في تلك الثناء فإن المعلومة ل تزال
.محل جدل وغير مؤكدة
فمن غير المستبعد ومن المحتمل جدا أن تكون كوريا أطلقت غاز الكريبتون عمدا ،في إطار المحاولت
الخداعية التي تبذلها كوريا الشمالية لقناع العالم بأنها وصلت إلى امتلك السلح النووي فعل ،هذا من
ناحية ،ثم حتى لو كان الغاز ناتجا عن نشاط حقيقة ،فلن يستطيع الخبراء تحديد كم من قضبان الوقود
.النووي الثمانية آلف قد تم معالجتها ،وبالتالي كم من البلوتونيوم تم استخلصه
إن كوريا الشمالية تعتبر بمثابة عالم مجهول بالنسبة للستخبارات ،ونادرا ما يخرج من هذا البلد الذي
يعيش بمعزل عن الدنيا أي شيء يمكن العتماد عليه ،كما يقول "جون وولفستال" الذي عمل مراقبا
.ميدانيا لمريكا في كوريا الشمالية عامي 1995و 1996
وخلصة قوله" :إذا كان العراق قد جعل العالم يدرك أن الستخبارات فن وليست مجرد علم جامد ،فإن
".كوريا الشمالية ل تدخر وسعا في المعان في التفنن
كاتب في الشأن العلمي ،ومحرر بقسم الخبار بـ"إسلم أون لين.نت" ،ويمكنكم التواصل معه عبر**
البريد اللكتروني الخاص بصفحة علوم وتكنولوجيا