Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 154

‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬

‫‪393‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -1‬البــــــــــــد‬
‫**********************************‬
‫البد ‪ :‬عبارة عن مدة الزمان المتد الذى ل يتجزأ كما يتجزأ الزمان وذلك‬
‫أنه يقال ‪ :‬زمان كذا ‪ ،‬ول يقال ‪ :‬أبد كذا ( ‪ ، )1‬قال تعال ‪ :‬وَل تُصَ ّل عَلَى‬
‫أَ َح ٍد ِمنْهُ ْم مَاتَ َأبَدًا وَل َتقُ ْم عَلَى َقبْ ِرهِ [التوبة‪ ، ]8 4 /‬وقال سبحانه ‪:‬‬
‫وَل َت ْقبَلُوا َلهُ ْم َشهَا َدةً َأبَدًا َوُأوَْلئِكَ هُمْ الْفَا ِسقُونَ [النور‪ ، ]4 /‬وعن عبد اللّه‬
‫بن عمرو رضي اللّه عنهما ‪ ،‬أن النب قال ف صيام البد ‪ " :‬ل صام من صام‬
‫البد مرتي " ( ‪ ، )2‬وقال ابن عباس رضي اللّه عنهما ‪ ،‬سعت رسول اللّه‬
‫يقول ‪ " :‬من صور صورة ‪ ،‬فإن اللّه معذبه حت ينفخ فيها الروح ‪ ،‬وليس بنافخ‬
‫فيها أبدا " ( ‪. )3‬‬
‫وجيع ما ورد ف القرآن والسنة من لفظ البد ‪ ،‬فإنه يعن الزمان المتد ‪ ،‬أو‬
‫الدائم الذى ل ينقطع ‪ ،‬سواء ف الدنيا كما سبق ‪ ،‬أو ف الخرة ‪ ،‬كقوله تعال ‪:‬‬
‫خَاِلدِي َن فِيهَا َأَبدًا [البينة‪. ]8 /‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪8‬‬ ‫‪ .1‬انظر ف بيان العان اللغوية ‪ ،‬الفردات ف غريب القرآن ‪ ،‬للراغب الصفهان ص‬
‫ولسان العرب لبن منظور ‪ ، 3 / 6 8‬والقاموس الحيط لحمد بن يعقوب الفيوز‬
‫أبادى ‪ ، 1 / 3 3 7‬والتوقيف على مهمات التعاريف لعبد الرؤوف الناوى‬
‫‪.1 / 9 1‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الصوم ‪. )1 9 7 7 ( 4 / 2 6 0‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب البيوع ‪. )2 2 2 5 ( 4 / 8 5‬‬
‫البد ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫البد ف اصطلح الصوفية ‪ ،‬هو ما ل ناية له ‪ ،‬أو ما ليس له آخر ( ‪ ، )1‬وهو‬
‫اصطلح قرآن ف لفظه ومعناه ‪ ،‬ومن ألفظ الصوفية الدالة على ذلك ‪ ،‬ما روى‬
‫عن أب بكر الواسطى (ت‪:‬بعد ‪3 2 0‬هـ) أنه سئل عن البد فقال ‪ ( :‬إشارة‬
‫إل ترك انقطاع ف العدد ‪ ،‬ومو الوقات ف السرمد ) ( ‪ ، )2‬والبدية ثابتة‬
‫عندهم على معنيي ‪:‬‬
‫‪ -1‬نعت من نعوت اللّه تعال ‪ :‬كما ذكر السراج الطوسى (ت‪3 8 7 :‬هـ)‬
‫والفرق بي الزلية والبدية ‪ ،‬أن الزلية ل بداية لا ول أولية ‪ ،‬والبدية ل ناية‬
‫لا ول آخرية ( ‪ ، )3‬وعن عمرو بن عثمان الكى (ت‪2 9 1 :‬هـ) ‪ ،‬قال‬
‫‪ ( :‬سبحان الصمد ‪ ،‬القدي ف أزل ‪ ،‬ل يزل ف سرمد البد ) ( ‪. )4‬‬
‫‪ -2‬أبدية أهل اللدين ‪ :‬قال عبد اللّه بن خفيف (ت‪3 7 1 :‬هـ) ‪:‬‬
‫( ويعتقدون أن نعيم أهل النة ‪ ،‬باق مع بقاء اللّه تعال ‪ ،‬وعذاب أهل الكفر‬
‫باق ‪ ،‬مع بقاء اللّه تعال ) ( ‪ ، )5‬فإذا كانت البدية من نعوت اللّه الت ينفرد‬
‫با ‪ ،‬فإن ذلك ــــــــــــــــــــ‬
‫‪3/ 152‬‬ ‫‪ .1‬انظر كشف الحجوب ص ‪ 4 6 8‬وانظر كشاف اصطلحات الفنون‬
‫‪.‬‬
‫‪ .2‬اللمع ص ‪. 4 4 1‬‬
‫‪ .3‬السابق ص ‪. 4 4 1‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .4‬السابق ص ‪. 4 4 1‬‬
‫‪ .5‬سية الشيخ الكبي عبد اللّه بن خفيف ص ‪. 3 5 6‬‬

‫ل ينع اتصاف أهل اللدين بالبدية ‪ ،‬لن أبديتهم باقية بإبقاء اللّه لا فهى‬
‫متعلقة بشيئته ‪ ،‬أما أبديته سبحانه فهى باقية ببقاء اللّه ‪ ،‬ويروى عن أب القاسم‬
‫النصرباذى (ت‪3 6 7 :‬هـ) أنه قال ‪:‬‬
‫( النة باقية بإبقائه ‪ ،‬وذكره ورحته ومبته لك باق ببقائه ‪ ،‬فشتان بي ما هو‬
‫باق ببقائه ‪ ،‬وبي ما هو باق بإبقائه ) ( ‪ ، )1‬ويعقب القشيى (ت‪4 6 5 :‬هـ)‬
‫على قوله ‪ ،‬بأن هذا العتقد ‪ ،‬هو غاية التحقيق عند الصوفية ‪ ،‬فإن أهل الق‬
‫قالوا ‪ :‬صفات ذات القدي سبحانه وتعال باقيات ببقائه تعال ( ‪. )2‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الرسالة القشيية لعبد الكري القشيى ‪ ، 1 / 4 2‬وجدير بالذكر ‪ ،‬أن مفهوم البدية‬
‫أثار جدل كبيا بي فرق السلم وطائفة العتزلة على وجه الصوص ‪ ،‬حت فهمها‬
‫البعض بطول المد ‪ ،‬وليس البقاء اللنائى ‪ ،‬كما هو اعتقاد الصوفية ف هذه الزئية‬
‫حيت يتفقون مع السلف الصال ‪ ،‬وكلم النصرباذى ‪ ،‬من أجود ما قيل ف تقدي‬
‫الل القنع ‪ ،‬والنابع من الصول القرآنية لذه السألة ‪ ،‬إذ أنه فرق بوضوح بي بقاء‬
‫صفات الذات وبقاء ما وجد بصفات الفعل ‪ ،‬كالنة والنار ‪ ،‬ومن ث ينفرد ال‬
‫بوصف البدية ودوام البقاء ‪ ،‬انظر مقالت السلميي ‪ ، 2 / 5 3‬وما ذكره الشيخ‬
‫عبد ال بن خفيف ف سيته عن اعتقاد الصوفية ف هذه السألة ص ‪ ، 3 5 6‬وانظر‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫أيضا ‪ ،‬العتبار ببقاء النة والنار ف الرد على ابن تيمية وابن القيم القائلي بفناء النار‬
‫تقيق الدكتور طه الدسوقى حبيشى ‪ ،‬ص ‪ 3 2‬وما بعدها وقارن ‪.‬‬

‫‪ .2‬السابق ‪. 1 / 4 2‬‬

‫*********************************‬
‫‪ -2‬التصـــــــــال‬
‫**********************************‬
‫التصال ‪ :‬ارتباط الشياء بعضها ببعض ‪ ،‬كاتاد طرف الدائرة ‪ ،‬ويضاده‬
‫النفصال ‪ ،‬ويستعمل الوصل على نوعي ( ‪: )1‬‬
‫( ‪ -1‬التصال ف العيان ‪ ،‬كقوله تعال ‪َ :‬فلَمّا َرأَى أَيْ ِدَيهُ ْم ل َتصِلُ إَِليْهِ‬
‫َنكِ َرهُمْ [هود‪ ، ]7 0 /‬ونو حديث أساء رضى اللّه عنها ‪ ،‬قالت ‪ " :‬سألت‬
‫امرأة النب فقالت ‪ :‬يا رسول اللّه ‪ ،‬إن ابنت أصابتها الصبة فامرق شعرها‬
‫وإن زوجتها ‪ ،‬أفأصل فيه ؟ فقال ‪ :‬لعن اللّه الواصلة والوصولة " ( ‪. )2‬‬
‫( ‪ -2‬التصال ف العان ‪ ،‬وهو الشاهد لصطلح التصال ‪ ،‬كقوله عز وجل ‪:‬‬
‫وََلقَ ْد وَصّ ْلنَا َلهُمْ الْ َقوْلَ َلعَّلهُ ْم َيتَذَكّرُون َ [القصص‪ ]5 1 /‬أى أكثرنا لم القول‬
‫موصول بعضه ببعض ‪ ،‬وقالت خدية رضي اللّه عنها لرسول اللّه ‪ " :‬واللّه‬
‫ما يزيك اللّه أبدا ‪ ،‬إنك لتصل الرحم ‪ ،‬وتمل الكل ‪ ،‬وتكسب العدوم‬
‫وتقري الضيف ‪ ،‬وتعي على نوائب الق " ( ‪ ، )3‬وعن عبد اللّه بن عمر رضي‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫واصل ‪ ،‬فواصل الناس فشق عليهم ‪ ،‬فنهاهم ‪ ،‬قالوا ‪:‬‬ ‫اللّه عنه ‪ ،‬أن النب‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪ ، 5 2 5‬لسان العرب مادة (وصل) ‪ 1 1 / 7 2 6‬بتصرف ‪.‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب اللباس ‪. )5 9 4 1 ( 1 0 / 3 9 1‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب بدء الوحى ‪. )4 ( 1 / 3 7‬‬
‫إنك تواصل ؟ قال ‪ " :‬لست كهيئتكم إن أظل أطعم وأسقى " ( ‪. )1‬‬
‫والوصيلة أطلقت على ما تعارف عليه أهل الاهلية ‪ ،‬أن أحدهم كان إذا‬
‫ولدت له شاته ذكرا أو أنثى ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وصلت أخاها ‪ ،‬فل يذبون أخاها من‬
‫أجلها ‪ ،‬وهو ما عناه الق ف قوله تعال ‪ :‬مَا َجعَلَ اللّ ُه مِ ْن بَحِ َيةٍ وَل سَاِئَبةٍ‬
‫وَل وَصِيَل ٍة وَل حَامٍ [الائدة‪ ، )2 ( ]1 0 3 /‬وقال أبو هريرة ‪ " :‬الوصيلة الناقة‬
‫البكر ‪ ،‬تبكر ف أول نتاج البل ‪ ،‬ث تثن بعد بأنثى ‪ ،‬وكانوا يسيبونا‬
‫لطواغيتهم ‪ ،‬إن وصلت إحداها بالخرى ليس بينهما ذكر " ( ‪. )3‬‬
‫التصال ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫ومصطلح التصال ف عرف الصوفية أو الواصل ‪ ،‬موضوع على معن تيزه‬
‫الصول القرآنية والنبوية ‪ ،‬وإن ل يرد اللفظ ف القرآن والسنة على العن‬
‫الصوف ‪ ،‬فالواصل عندهم ‪ ،‬هو من كان على صلة بربه ‪ ،‬فل يرى بسره معن‬
‫التعظيم غيه ‪ ،‬ول يسمع المر إل منه ( ‪ ، )4‬وهذا معن شرعى ممود ‪ ،‬ثابت‬
‫بجمل الصول الداعية إل صلة العبد بربه ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الصوم ( ‪. 4 / 2 1 1 )1 9 2 2‬‬
‫‪ .2‬فتح البارى شرح صحيح البخارى ‪. 8 / 1 3 4‬‬
‫‪ .3‬البخارى ف كتاب تفسي القرآن ( ‪.8 / 1 3 2 )4 6 2 3‬‬
‫‪ .4‬التعرف ص ‪ ، 1 0 8‬وقارن مع ما ذكره عبد ال النصارى الروى ف كتابه منازل‬
‫السائرين ‪ ،‬وتقسيمه التصال إل ثلث درجات ‪ ،‬انظر منازل السائرين ‪ ،‬طبعة دار‬
‫الكتب العلمية سنة ‪1 9 8 8‬م ص ‪ 1 2 2‬وما بعدها ‪.‬‬
‫وروى عن يى بن معاذ الرازى (ت‪2 5 8 :‬هـ) أنه قال عن الواصل ‪:‬‬
‫(‬
‫( من ل يعم عينه عن النظر إل ما تت العرش ‪ ،‬ل يصل إل ما فوق العرش )‬
‫‪. )1‬‬
‫يعن ل يلحق ما فاته من مراقبة الذى خلق العرش ‪ ،‬وكلمه يدل على الدعوة‬
‫إل التعلق بال ‪ ،‬وترك ما سواه ومثله وعن أب يزيد البسطامى (ت‪:‬‬
‫‪2 6 1‬هـ) قال ‪ ( :‬الواصلون ف ثلثة أحرف ‪ ،‬ههم ف اللّه وشغلهم ف اللّه‬
‫‪ ،‬ورجوعهم إل اللّه ) ( ‪ ، )2‬وينسب إل أب بكر الشبلى (ت‪3 3 4 :‬هـ) أنه‬
‫قال ف إظهار معن التواضع لن جاهد ف الوصول إل اليان بربه ‪ ،‬من خلل‬
‫الراقبة والصدق مع ال ‪ ( :‬من زعم أنه واصل ‪ ،‬فليس له حاصل ‪ ،‬وسبب‬
‫الرمان من الوصول والتصال‪ ،‬انعدام الراقبة ) ( ‪ ، )3‬وروى أيضا عن عبد ال‬
‫بن خفيف الشيازى (ت‪3 7 1 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬الواصل ‪ ،‬من اتصل بحبوبه‬
‫دون كل شئ سواه وغاب عن كل شئ سواه ) ( ‪ ، )4‬ويذكر الكلباذى (ت‪:‬‬
‫‪3 8 0‬هـ) ف معن التصال عند الصوفية ‪ ،‬أن ينفصل العبد بسره عما سوى‬
‫اللّه ( ‪. )5‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ويرون كما سبق أن التصال يوجب الفتقار فيه ‪ ،‬فل يظن العبد أنه قد‬
‫وصل وإل فليتقي أنه انفصل ( ‪. )6‬‬
‫والتصال بالعن الصوف ‪ ،‬وإن كان قائما ف بدايته على أصول القرآن والسنة‬
‫الت دعت إل دوام مراقبة اللّه عز وجل ‪ ،‬ومتانة الصلة بي العبد وربه ‪ ،‬وأداء‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .2‬عوارف العارف للسهروردى ص‬ ‫‪ .1‬اللمع للسراج الطوسى ص ‪. 4 3 3‬‬
‫‪. 516‬‬
‫‪466‬‬ ‫‪ .4‬طبقات الصوفية للسلمى ص‬ ‫‪ .3‬اللمع ص ‪. 4 3 3‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ .6‬اللمع ص ‪. 4 3 3‬‬ ‫‪ .5‬التعرف ص ‪. 1 0 8‬‬
‫العبودية ل على وجه الكمال ‪ ،‬إل أنه أخذ بعن آخر ‪ ،‬فعند اللج ‪ ،‬التصال‬
‫يؤدى إل مفارقة الشريعه ‪ ،‬واعتقادها هوسا كما قال ‪ ( :‬اعلم أن العبد قائم‬
‫على بساط الشريعة ما ل يصل إل التوحيد ‪ ،‬فإذا وصل إليه سقطت من عينه‬
‫وصارت عنده هوسا ) ( ‪ ، )1‬والتصال عند ابن عرب وتلميذ مدرسته أخذ‬
‫على معن ملحظة العبد عينه ‪ ،‬متصل بالوجود الحدى ‪ ،‬بقطع النظر عن‬
‫تقيد وجوده بعينه وإسقاط إضافته إليه ‪ ،‬فيى اتصال مدد الوجود ونفس‬
‫الرحن إليه على الدوام بل انقطاع ‪ ،‬حت يبقى موجودا به ( ‪ ، )2‬ويرى عبد‬
‫الكري اليلى أن التصال ف دوام الوصلة بل انقطاع ‪ ،‬ول فتور حيث تتواتر‬
‫تليات الق تعال على العبد ف هذا الشهد ‪ ،‬من غي رجوع إل النفس‬
‫فالوصال هو لوق العبد بال تعال ( ‪. )3‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخبار اللج نشرة لويس ماسينيون وبول كراوس ص ‪. 5 5‬‬
‫‪ .2‬معجم اصطلحات الصوفية للكاشان ص ‪ ، 5 0‬وانظر لطائف العلم ف الكشف‬
‫عن مصطلح اتصال الوجود ‪ ،‬واتصال النفصال ‪ ،1 / 1 6 5‬وقارن أيضا بي‬
‫مصطلح اتصال الشهود ف اللطائف الوضع السابق ‪ ،‬وما ذكره عبد الكري اليلى ف‬
‫كتابه الناظر اللية عن مصطلح التمكي ص ‪ ، 1 1 9‬وانظر جامع الصول‬
‫‪59‬‬ ‫للكمشخانوى أحد ضياء الدين طبعة دار الكتب العربية سنة ‪1 3 3 1‬هـ ص‬
‫‪ ،‬ص ‪ 6 6‬ف القارنة بصطلح القرب واللة ‪.‬‬
‫‪ .3‬الناظر اللية ص ‪ ، 1 6 0‬لحظ معن وحدة الوجود ‪ ،‬الذى يتبدى ف ثنايا كلم‬
‫اليلى إذ يعتب الوصال ‪ ،‬آفة مشعرة بالغرية والثنينية ‪ ،‬والمر منه عنده عن ذلك‬
‫فالواصل مجوب عن الوحدة ‪ ،‬إذ ل وصول لنه ل فراق ولذا يقول ‪ ( :‬واعلم أن =‬
‫**********************************‬
‫‪ -3‬الحســـــــــان‬
‫**********************************‬
‫الحسان ‪ :‬ضد الساءة ‪ ،‬والسن كل مبهج مرغوب فيه ‪ ،‬والحسان يقال‬
‫على وجهي ( ‪: )1‬‬
‫أحدها ‪ :‬النعام على الغي ‪ ،‬كقوله تعال ‪ِ :‬إنّ اللّ َه يَ ْأمُ ُر بِاْلعَدْ ِل وَالِحْسَانِ‬
‫َوإِيتَاءِ ذِي اْلقُ ْربَى َوَيْنهَى عَ ْن الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَ ِر وَاْلبَ ْغيِ [النحل‪ ، ]9 0 /‬وقوله‬
‫سبحانه ‪َ :‬وأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللّهُ إَِليْك َ [القصص‪ ، ]7 7 /‬وكقوله من‬
‫حديث بن عباس ‪ " :‬أريت النار ‪ ،‬فإذا أكثر أهلها النساء ‪ ،‬يكفرن ‪ ،‬قيل ‪:‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫أيكفرن باللّه ؟ قال ‪ :‬يكفرن العشي ‪ ،‬ويكفرن الحسان ‪ ،‬لو أحسنت إل‬
‫إحداهن الدهر ‪ ،‬ث رأت منك شيئا ‪ ،‬قالت ما رأيت منك خيا قط ) ( ‪. )2‬‬
‫الثان ‪ :‬الحسان ف الفعل ‪ ،‬وذلك إذا علم علما حسنا ‪ ،‬أو عمل عمل حسنا‬
‫سنَ اللّهُ إَِليْك َ [القصص‪ ، ]7 7 /‬وقوله ‪:‬‬
‫كقوله تعال ‪َ :‬وأَحْسِنْ كَمَا أَحْ َ‬
‫الّذِي ــــــــــــــــــــ‬
‫= الوصال العب عنه بتواتر التجليات القية ‪ ،‬ل يكون إل ف حق الضعفاء الحجوبي وأما‬
‫الكامل ‪ ،‬فإن زاته منهة عن تلى صفات الغي عليها ‪ ،‬بل هو التجلى ف ذاته بصفاته‬
‫فالفصال أعلى من الوصال ‪ ،‬لن الق إذا فصلك عن تلياته أبقاك بذاته ) ‪ ،‬انظر الناظر‬
‫اللية ص ‪. 1 6 1‬‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪. 1 1 9‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب اليان ( ‪. 1 / 1 0 4 )2 9‬‬
‫سنَ كُ ّل َشيْءٍ خََلقَ ُه َوبَ َدأَ خَلْقَ الِنسَانِ مِ ْن طِي ٍ [السجدة‪ ، ]7 /‬ومنه قوله‬
‫أَحْ َ‬
‫من حديث شداد بن أوس ‪ " :‬إن اللّه كتب الحسان على كل شيء ‪،‬‬
‫فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ‪ ،‬وإذا ذبتم فأحسنوا الذبح ‪ ،‬وليحد أحدكم‬
‫شفرته فليح ذبيحته " ( ‪. )1‬‬
‫وللحسان معن اصطلحى شرعى ‪ ،‬وضع على درجة يبلغها العبد أعلى من‬
‫درجة اليان ‪ ،‬كما نص على ذلك القرآن ف قوله تعال ‪:‬‬
‫س عَلَى الّذِينَ آ َمنُوا َوعَمِلُوا الصّالِحَاتِ ُجنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اّت َقوْا‬‫َلْي َ‬
‫حبّ‬
‫سنُوا وَاللّ ُه يُ ِ‬ ‫ت ثُمّ اّت َقوْا وَآ َمنُوا ثُ ّم اّتقَوْا َوأَحْ َ‬
‫وَآ َمنُوا َوعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫سنِي َ [الائدة‪ ، ]9 3 /‬ففرق اللّه بي التقوى البنية على درجة اليان‬ ‫الْ ُمحْ ِ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫والتقوى البنية على درجة الحسان ‪ ،‬وقد حدد النب للحسان معن دوام‬
‫الراقبة ل ‪ ،‬ف القوال والفعال الظاهرة والباطنة ‪ ،‬فقال أبو هريرة ‪ " :‬كان‬
‫النب بارزا يوما للناس ‪ ،‬فأتاه جبيل فقال ‪ :‬ما الحسان ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬أن تعبد‬
‫اللّه كأنك تراه ‪ ،‬فإن ل تكن تراه فإنه يراك " ( ‪. )2‬‬
‫الحسان ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والحسان ف اصطلح الصوفية ‪ ،‬هو تذيب القصد بعلم الشريعة والطريقة‬
‫فيكون قصده مطابقا للمر ‪ ،‬مبأ عن شوب الرياء والغرض ‪ ،‬وإحكامه بالزم‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب الصيد والذبائح ( ‪. 3 / 1 5 4 8 )1 9 5 5‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب اليان ( ‪. 1 / 1 4 0 )5 0‬‬
‫وتوطي النفس على ثبات العزم ‪ ،‬وعدم الفتور فيه ‪ ،‬وتصفيته عن النظر إل غي‬
‫القصود بشهود العبود ‪ ،‬وعدم اللتفات إل الغي ولو نفسه ‪ ،‬فيعبد اللّه معتقدا‬
‫أنه برأى من اللّه متوجها إليه كأنه يراه بقلبه ( ‪ ، )1‬وهذا العن إل هذا الد‬
‫قرآن خالص يدل عليه الصل النبوى ‪ ،‬الوارد ف حديث جبيل السابق ‪ ،‬إذ‬
‫جعله الرسول أعلى درجات الدين بعد السلم اليان ‪ ،‬ويؤكد السراج‬
‫الطوسى (ت‪3 8 7 :‬هـ) ‪ ،‬أن معن الحسان الوارد ف الديث ‪ ،‬هو‬
‫العن عند الصوفية وأن معن قوله ‪ :‬أن تعبد اللّه كأنك تراه ‪ ،‬يكون بدوام‬
‫الراقبة والشاهدة باليان واليقي ‪ ،‬وينكر على من قال بلف ذلك ‪ ،‬يقول ‪( :‬‬
‫بلغن عن جاعة من أهل الشام ‪ ،‬أنم يدعون الرؤية بالقلوب ف دار الدنيا ‪،‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫كالرؤية بالعيان ف دار الخرة ‪ ،‬ول أر أحدا منهم ‪ ،‬ول بلغن عن إنسان ‪ ،‬أنه‬
‫رأى منهم رجل له مصول ) ( ‪ ، )2‬ث يبي أن الصوفية أشاروا برؤية القلوب ‪،‬‬
‫إل التصديق والشاهدة باليان وحقيقة اليقي ‪ ،‬وأنه ينبغى أن يعلم العبد أن‬
‫كل شئ رأته العيون ف الدنيا من النوار ‪ ،‬أن ذلك ملوق ‪ ،‬ليس بينه وبي‬
‫اللّه تعال شبه ‪ ،‬وليس ذلك صفة من صفات اللّه ‪ ،‬بل جيع ذلك ملوق ( ‪. )3‬‬
‫ويذكر الكاشان (ت‪7 3 5 :‬هـ) للحسان ف عرف الصوفية ‪ ،‬معن‬
‫مغايرا للمعن السابق البسيط ‪ ،‬ينبثق من مدرسة وحدة الوجود ‪ ،‬فالحسان‬
‫عندهم ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬معجم اصطلحات الكاشان ص ‪. 2 8 6‬‬
‫‪ .2‬اللمع ‪. 5 4 4‬‬
‫‪ .3‬السابق ‪. 5 4 5‬‬
‫يدل على رؤية الرب نفسه ف عبده ‪ ،‬ورؤية العبد نفسه ف ربه ‪ ،‬كالرآة يرى‬
‫الناظر فيها نفسه ‪ ،‬والحسن هو الذى يرى الق موصوفا بصفات العبد ‪ ،‬فياه‬
‫العبد وراء حجب صفاته بعي صفاته ‪ ،‬لنه ف عي اليقي ‪ ،‬فل يرى القيقة‬
‫بالقيقة ‪ ،‬لنه تعال هو الرائى وصفه بوصفه ( ‪. )1‬‬
‫يقول الكاشان ‪ :‬إنا يكون الرائى هو الق ‪ ،‬ول يكون للعبد أثر حيث‬
‫يبسلبه أثار أوصافه عنه بأوصافه ‪ ،‬بأنه الفاعل فيه منه ل هو ‪ ،‬وإذا استحال أن‬
‫ترى شيئا سواه غي قائم به ‪ ،‬فالكل تعيناته ‪ ،‬فل شئ يوصف ما سواه ‪ ،‬بأنه‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫عينه أو أنه غيه ( ‪ ، )2‬فنقلوا العن من رؤية الراقبة ‪ ،‬إل رؤية ال متعينا ف‬
‫جيع الشياء ( ‪. )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬معجم اصطلحات الصوفية للكاشان ص ‪ ، 5 3‬وكلم الكاشان فيه‬
‫إجحاف وتنقيص لق أوائل الصوفية ‪ ،‬حيث عمم الصطلح على الكل ‪ ،‬لن معن‬
‫الحسان عندهم يتوافق مع الصول القرآنية والنيوية ‪ ،‬بل انكروا على من قال بلفه‬
‫كما حكى ذلك السراج الطوسى فيما تقدم ‪.‬‬
‫‪ .2‬مثل الرآة من المثلة التكررة للتعبي عن فلسفة وحدة الوجود ‪ ،‬وفكرته أن ال خلق‬
‫العال كمرآة يرى فيها نفسه حت يعرف ‪ ،‬لن من ير نفسه برآه ‪ ،‬أكمل من يراها‬
‫بغيها فالنسان والعال عند أصحاب الوحدة ‪ ،‬صورة للحق حقيقة ل خيال ‪ ،‬كما أن‬
‫صورة الرآة حقيقة معبة عن ذات الرئ ‪ ،‬وعلى ذلك فإن ال يرى نفسه ف الكافر‬
‫والؤمن وصاحب الوحدة يرى الكافر ربا والؤمن كذلك ‪ ،‬ويرى الصوف نفسه ربا‬
‫باعتبار ظهر الق فيه وهكذا تبدو هذه الزندقة ‪ ،‬قارن فصوص الكم ص‬
‫‪. 1 5: 1 1‬‬
‫‪ .3‬لطائف العلم ‪ ، 1 / 1 7 8‬وانظر السابق ص ‪. 5 3‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -4‬الخبـــــــات‬
‫**********************************‬
‫الخبات ‪ :‬البت التسع الطمئن من بطن الرض ‪ ،‬وأخبت الرجل ‪ ،‬قصد‬
‫البت أو نزله ‪ ،‬ث استعمل الخبات استعمال اللي والتواضع ‪ ،‬قال تعال ‪:‬‬
‫خِبتِيَ [الج‪ ]3 4 /‬أى التواضعي‬
‫فَإَِل ُهكُمْ إِلَ ٌه وَاحِدٌ فَلَهُ َأسْلِمُوا َوبَشّ ْر الْ ُم ْ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ت َوأَ ْخَبتُوا إِلَى َرّبهِمْ ُأوْلَئِكَ‬
‫وقال أيضا ‪ِ :‬إنّ الّذِينَ آ َمنُوا َوعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫[هود‪. )1 ( ]2 3 /‬‬ ‫جّنةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‬
‫صحَابُ الْ َ‬
‫أَ ْ‬
‫والخبات ف قوله تعال ‪ :‬وَِلَيعْلَمَ الّذِين َ أُوتُوا اْلعِلْمَ َأنّهُ الْحَقّ مِ ْن‬
‫خبِتَ لَهُ قُلُوُبهُمْ [الج‪ ، ]5 4 /‬معناه أن القلوب تلي‬ ‫َربّكَ َفُي ْؤ ِمنُوا بِهِ َفُت ْ‬
‫وتضع ونرى معن آخر يتسم بالتعقيد الذى ل يوجد عند الوائل ‪ ،‬ويرج من‬
‫الدرسة السابقة ‪ ،‬يذكره اليلى (ت‪8 2 9 :‬هـ) ‪ ،‬فيقول ‪ ( :‬الحسان أن‬
‫يتحد البصر بالبصية ‪ ،‬فيشهدك الق تعال أنوار عظمته ساطعة على‬
‫الوجود ‪ ،‬فيأخذك الصعق ‪ ،‬فحينئذ تبدو عليك شوس اللل ‪ ..‬فتشهدها‬
‫ببصيتك كأنك ‪ ،‬ناظر إليها بالبصر لتادها بقوة أحدية نور اليقي ) ( ‪. )2‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الناظر اللية ص ‪ ، 1 8 1‬ويرى اليلى أن الحسان على العن الذى ذكره هو ‪،‬‬
‫فيه آفة معيبة ‪ ،‬وهو معن اتاد البصر بالبصية ‪ ،‬لن ذلك حجاب ‪ ،‬والشيئان ل‬
‫يصيا شيئا واحدا إل ف الجاز ‪ ،‬الرجع نفسه ص ‪. 1 8 1‬‬
‫‪ .2‬لسان العرب ‪ ، 2 / 2 7‬القاموس الحيط ‪. 1 / 5 4‬‬
‫شَيةِ اللّهِ‬
‫ط مِنْ خَ ْ‬
‫وتشع وهو قريب من البوط ف قوله ‪َ :‬وِإنّ ِمْنهَا لَمَا َي ْهبِ ُ‬
‫[البقرة‪ ، )1 ( ]7 4 /‬ومن دعاء النب عن ابن عباس ‪ " :‬رب اجعلن لك ‪،‬‬
‫(‬
‫شكارا لك ‪ ،‬ذكارا لك ‪ ،‬رهابا لك ‪ ،‬مطواعا لك ‪ ،‬مبتا إليك ‪ ،‬أواها منيبا "‬
‫‪. )2‬‬
‫الخبات ف العرف الصوف ‪:‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫الخبات ف العرف الصوف يعن السكون إل اللّه تعال ‪ ،‬كما ورد ف قوله ‪:‬‬
‫َوأَ ْخَبتُوا إِلَى َرّبهِمْ ‪ ،‬أى سكنوا إليه واطمئنوا ( ‪ ، )3‬وما ذكر لم ف‬
‫الخبات قول الكيم الترمذى (ت‪3 2 0 :‬هـ) وهو يعدد أوصاف القلب ‪،‬‬
‫وأعمال القلوب ‪ ،‬ويعل الخبات مله القلب ‪:‬‬
‫( القلب هو معدن التقوى ‪ ،‬والسكينة والوجل ‪ ،‬والخبات واللي والطمأنينة‬
‫والشوع ‪ ،‬والتمحيص والطهارة ) ( ‪ ، )4‬واستدل لذلك بالية ‪ :‬وَِلَيعْلَمَ‬
‫خِبتَ لَهُ ُقلُوُبهُمْ [الج‪]5 4 /‬‬
‫ح ّق مِنْ َربّكَ َفُي ْؤمِنُوا بِهِ َفتُ ْ‬
‫الّذِينَ أُوتُوا اْلعِلْمَ َأنّهُ الْ َ‬
‫( ‪)5‬‬
‫‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬انظر الفردات ص ‪.1 4 1‬‬
‫‪ .2‬أخرجه المام الترمذى ف كتاب الدعوات ‪ )3 5 5 1 ( 5 / 5 5 4‬وقال ‪:‬‬
‫حديث حسن وأبو داود ‪ )1 5 1 0 ( 2 / 8 3‬وأحد ف السند ‪( 1 / 2 2 7‬‬
‫‪. ) 1997‬‬
‫‪ .3‬لطائف العلم ‪. 1 / 1 8 0 ،1 8 1‬‬
‫‪ .4‬بيان الفرق بي الصدر والقلب والفؤاد واللب ص ‪ ، 5 4‬وانظر ف التعرف على موقع‬
‫القلب وأعمال القلوب ‪ ،‬موقف الصوفية من العقل حت ناية القرن الرابع الجرى رسالة‬
‫ماجستي ‪ ،‬د‪/‬ممد عبد ال الشرقاوى ‪ ،‬دار العلوم جامعة القاهرة ‪2 6 8‬سنة‬
‫‪1 9 7 8‬م ‪.‬‬
‫‪ .5‬السابق ص ‪. 5 4‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ويذكر القشيى (ت‪4 6 5 :‬هـ) الخبات ‪ ،‬على العن الوارد ف الصول‬
‫القرآنية ‪ ،‬ويفسره باستدامة الطاعة بشرط الستقامة وبقدر الستطاعة ‪ ،‬ومن‬
‫أمارات الخبات ‪ ،‬كمال الضوع بشرط دوام الشوع ‪ ،‬وذلك يكون بإطراق‬
‫السريرة ‪ ،‬ويستشهد لذلك بقوله تعال ‪ :‬فَإَِل ُهكُمْ إِلَ ٌه وَاحِدٌ فَلَهُ َأسْلِمُوا َوبَشّرْ‬
‫خبِتِيَ [الج‪ ، )1 ( ]3 4 /‬ويعرفه مرة أخرى بأنه التخشع ل بالقلب بدوام‬ ‫الْ ُم ْ‬
‫النكسار ‪ ،‬ومن علمته الذبول تت جريان القادير بدوام الستغاثة بالسر لقوله‬
‫صحَابُ‬‫ت َوأَ ْخَبتُوا إِلَى َرّبهِمْ ُأوَْلئِكَ أَ ْ‬
‫تعال ‪ِ :‬إ ّن الّذِينَ آ َمنُوا َوعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫جّن ِة هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [هود‪. )2 ( ]2 3 /‬‬
‫الْ َ‬
‫وينصف الكاشان (ت‪7 3 5 :‬هـ) ‪ ،‬عنما يعل الخبات عند الصوفية على‬
‫أنواع ( ‪ ، )3‬وإن كان ذلك معبا عن تطور العن الدلل للمصطلح عب مراحل‬
‫التصوف الختلفة ‪ ،‬وهى ف أغلبها متوافقة مع الصول القرآنية ‪ ،‬فذكر منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬إخبات العوام ‪ :‬وهو سكون النفس إل الرجوع عن الخالفات ‪ ،‬وهو‬
‫سكون البدايات ‪.‬‬
‫‪ -2‬إخبات التوسطي ‪ :‬وهو اللص من تردد الواطر ‪ ،‬بي القبال إل اللّه‬
‫والدبار عنه ‪ ،‬والدوام على الضور والدمة ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف الشارات ‪ ، 2 / 5 4 2‬وانظر حقائق التفسي للسلمى ‪ 1 / 3 6 0‬وقارن ‪.‬‬
‫‪ .2‬السابق ‪. 2 / 1 3 0‬‬
‫‪ .3‬معجم الكاشان ص ‪. 2 1 4‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ -3‬إخبات الواص ‪ :‬وهو أن يكون النسان من يستوى عنده الدح والذم‬
‫مع لئمته لنفسه ‪ ،‬وعماه عن نقصان اللق عن درجته ‪ ،‬لقامته على‬
‫دوام العذل لنفسه والعذر لغيه ‪.‬‬
‫‪ -4‬إخبات البالغي ‪ :‬وهو إخبات من انقطع عن نفسه ‪ ،‬فضل عن باقى اللق‬
‫لستغراقه ف حضرة الق ( ‪. )1‬‬
‫وهذا التقسيم فضل عن كونه يفتقر إل الدليل ‪ ،‬إل أن إخبات البالغي‬
‫مالف للصول القرآنية ‪ ،‬لكونه يرج من مشكاة الفناء اللول ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -5‬الختيــــــار‬
‫**********************************‬
‫الختيار ‪ :‬طلب ما هو خي وفعله ‪ ،‬قال تعال ‪َ :‬ومَا تُقَ ّدمُوا َلنْفُ ِ‬
‫سكُ ْم مِنْ‬
‫َخيْ ٍر تَجِدُو ُه ِعنْدَ اللّ ِه ُهوَ َخيْرًا َوَأعْظَمَ أَ ْجرًا [الزمل‪. )2 ( ]2 0 /‬‬
‫والختيار يقال لكل فعل يفعله النسان ل على سبيل الكراه ‪ ،‬كقوله تعال ‪:‬‬
‫خيّرُون َ [الواقعة‪ ، ]2 0 /‬وكما روى عن عبد اللّه بن عمر‬
‫وَفَا ِك َه ٍة مِمّا َيتَ َ‬
‫رضي‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬السابق ص ‪. 2 1 4‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .2‬الفردات ص ‪ ، 1 6 1‬وانظر اللفاظ الختلفة ف العان الؤتلفة ‪ ،‬لب عبد ال ممد‬
‫بن عبد اللك بن مالك الطائي اليان ‪ ،‬تقيق دكتور ممد حسن عواد ‪ ،‬دار اليل ‪،‬‬
‫بيوت سنة ‪1 4 1 1‬هـ ‪ ،‬ص ‪. 2 5 5‬‬
‫اللّه عنهما ‪ ،‬قال ‪ " :‬قسم عمر خيب ‪ ،‬فخي أزواج النب ‪ ،‬أن يقطع لن من‬
‫الاء والرض ‪ ،‬أو يضي لن ‪ ،‬فمنهن من اختار الرض ‪ ،‬ومنهن من اختار‬
‫الوسق ‪ ،‬وكانت عائشة اختارت الرض " ( ‪. )1‬‬
‫والختيار قد يقال لا يراه النسان خيا وإن ل يكن خيا ‪ ،‬كقول اللّه تعال ‪:‬‬
‫يَا َأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا إِذَا نُودِي لِلصّل ِة مِ ْن َي ْومِ الْجُ ُم َعةِ فَا ْس َعوْا إِلَى ذِ ْكرِ اللّهِ‬
‫َوذَرُوا اْلَبيْعَ ذَِلكُمْ َخيْرٌ َلكُمْ ِإنْ كُنتُ ْم َتعَْلمُون َ [المعة‪ ، ]9 /‬وعن ابن عمر‬
‫رضي اللّه عنهما ‪ ،‬أن عبد اللّه بن أب بن سلول لا توف ‪ ،‬جاء ابنه إل رسول‬
‫ال فقال ‪ " :‬يا رسول اللّه ‪ ،‬أعطن قميصك أكفنه فيه ‪ ،‬وصل عليه‬
‫واستغفر له فأعطاه النب قميصه ‪ ،‬فقال ‪ :‬آذن أصلي عليه فآذنه ‪ ،‬فلما أراد‬
‫أن يصلي عليه جذبه عمر ‪ ،‬فقال ‪ :‬أليس اللّه ناك أن تصلي على النافقي ‪،‬‬
‫سَتغْفِرْ َلهُمْ‬
‫سَتغْفِرْ َلهُمْ إِ ْن تَ ْ‬
‫فقال ‪ :‬أنا بي خيتي ‪ ،‬قال ‪ :‬ا ْسَتغْفِرْ َلهُمْ َأوْ ل تَ ْ‬
‫ي مَ ّرةً فَلَنْ يَ ْغفِرَ اللّهُ َلهُمْ َ [التوبة‪ ، ]8 0 /‬فصلى عليه فنلت ‪ :‬وَل تُصَلّ‬ ‫َسْبعِ َ‬
‫عَلَى أَحَ ٍد ِمْنهُ ْم مَاتَ َأبَدًا وَل َتقُ ْم عَلَى َقبْرِه ِ [التوبة‪. )2 ( ]8 4 /‬‬
‫َومَا كَانَ‬ ‫والية ‪ :‬الالة الت تصل للمستخي والختار ‪ ،‬كقوله تعال ‪:‬‬
‫خيَ َر ُة مِنْ َأمْ ِرهِمْ‬
‫لِ ُم ْؤمِ ٍن وَل ُم ْؤ ِمَنةٍ إِذَا َقضَى اللّ ُه وَ َرسُولُهُ َأمْرًا أَ ْن َيكُونَ َلهُ ْم الْ ِ‬
‫ختَا ُر مَا كَانَ‬ ‫خلُ ُق مَا يَشَا ُء َويَ ْ‬ ‫ك يَ ْ‬
‫[الحزاب‪ ، ]3 6 /‬وكقوله سبحانه ‪ :‬وَ َربّ َ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫خَيرَة ُ [القصص‪ ، ]6 8 /‬وعن أب سعيد الدري ‪ ،‬قال ‪ " :‬خطب النب‬
‫َلهُ ْم الْ ِ‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬البخارى ف كتاب الزارعة ( ‪. 5 / 1 4 )2 3 2 8‬‬
‫‪ .2‬البخارى ف كتاب النائز ( ‪. 4 / 1 6 5 )1 2 6 9‬‬
‫فقال ‪ :‬إن اللّه خي عبدا بي الدنيا ‪ ،‬وبي ما عنده ‪ ،‬فاختار ما عند اللّه ‪ ،‬فبكى‬
‫أبو بكر الصديق ‪ ،‬فقلت ف نفسي ‪ :‬ما يبكي هذا الشيخ ‪ ،‬إن يكن اللّه خي‬
‫عبدا بي الدنيا ‪ ،‬وبي ما عنده ‪ ،‬فاختار ما عند اللّه ؟ فكان رسول اللّه هو‬
‫العبد ‪ ،‬وكان أبو بكر أعلمنا " ( ‪. )1‬‬
‫والستخارة ‪ :‬طلب الي والتوجيه إليه ‪ ،‬وقد روى عن جابر بن عبد اللّه‬
‫قال ‪ " :‬كان رسول اللّه يعلمنا الستخارة ف المور كلها ‪ ،‬كما يعلمنا‬
‫السورة من القرآن ‪ ،‬يقول ‪ :‬إذا هم أحدكم بالمر ‪ ،‬فليكع ركعتي من غي‬
‫الفريضة ‪ ،‬ث ليقل ‪ :‬اللّهم إن أستخيك بعلمك ‪ ،‬وأستقدرك بقدرتك‬
‫وأسألك من فضلك العظيم ‪ ،‬فإنك تقدر ول أقدر ‪ ،‬وتعلم ول أعلم ‪ ،‬وأنت‬
‫علم الغيوب ‪ ،‬اللّهم إن كنت تعلم أن هذا المر خي ل ‪ ،‬ف دين ومعاشي‬
‫وعاقبة أمري ‪ ،‬فاقدره ل ويسره ل ‪ ،‬ث بارك ل فيه ‪ ،‬وإن كنت تعلم أن هذا‬
‫المر شر ل ‪ ،‬ف دين ومعاشي وعاقبة أمري ‪ ،‬فاصرفه عن واصرفن عنه واقدر‬
‫ل الي حيث كان ‪ ،‬ث أرضن ‪ ،‬قال ‪ :‬ويسمي حاجته " ( ‪. )2‬‬
‫الختيار ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫والختيار ف الصطلح الصوف يرد على معنيي ‪ ،‬أحدها له أصول قرآنية‬
‫ونبوية ‪ ،‬والثان ل أصل له ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الصلة ( ‪.7 / 6 6 5 )4 6 6‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب المعة ( ‪. 4 / 5 8 )1 1 6 6‬‬
‫الول ‪ :‬الختيار الذى يعن اختيار العبد لا أراده اللّه شرعا ‪ ،‬فليس للعبد‬
‫إرادة مالفة لرادة اللّه الشرعية ‪ ،‬وللصوفية ف هذا العن ‪ ،‬ما روى عن يى بن‬
‫معاذ (ت‪2 5 8 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬ما دام العبد يتعرف يقال له ل تتر ‪ ،‬فإنك‬
‫لست بأمي ف اختيارك حت تعرف ‪ ،‬فإذا عرفت ‪ ،‬يقال له ‪ :‬إن شئت فاختر‬
‫وإن شئت فل تتر ‪ ،‬فإنك إن اخترت فبنا ‪ ،‬فيما تتار وفيما ل تتار ) ( ‪. )1‬‬
‫والعن ‪ :‬ما دام العبد ف طريق العرفة باللّه ‪ ،‬فهو مأمور أن يتار اختيار اللّه‬
‫له بالجاهدة ف اتباع الشرع ‪ ،‬ومن ث إذا داوم على ذلك سوف تتكيف إرادته‬
‫على مراد اللّه واختياره ‪ ،‬وعند ذلك يسمع بسمع اللّه ‪ ،‬ويرى بنور اللّه ‪ ،‬فأى‬
‫شئ يتاره وقتها ‪ ،‬سيكون اختيارا من اللّه ‪ ،‬لنه صديق يدور ف دائرة الجال‬
‫الشرعى والكون معا ‪ ،‬أو بعن آخر تتفق إرادة العبد ‪ ،‬مع الرادة الشرعية‬
‫والكونية معا ‪ ،‬وهذا العن يشهد له أيضا ‪ ،‬ما روى عن أب يزيد البسطامى‬
‫(ت‪2 6 1 :‬هـ) لا سئل من هو المي ؟ ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬من ل يبق له اختيار‬
‫وصار اختيار الق له اختيارا ) ( ‪ ، )2‬وقوله أيضا لا سئل ماذا تريد ؟ ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫( أريد أل أريد ) ( ‪ ، )3‬فالختيار ف اصطلح الوائل منهم ‪ ،‬إشارة إل ما‬
‫يتاره اللّه ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬اللمع ص ‪ 4 2 9‬وانظر نوادر الصول للترمذى ص ‪ 8 9‬وما بعدها حيث يبي أن‬
‫اختيار العبد الذى يعود عليه بالي يكون ف اختيار ال له وانظر ختم الولياء ص‬
‫‪. 279‬‬
‫‪ .2‬كشف الحجوب ص ‪ ، 4 7 0‬وانظر ف تفصيل كلم أب يزيد مفهوم الرية عند صوفية‬
‫القرني الثالث والرابع ‪ ،‬رسالة ماجستي للمؤلف ‪ ،‬كلية دار العلوم ( ‪1 9 9 5 )8 2 4‬م‬
‫ص ‪. 240‬‬
‫‪ .3‬الرسالة ‪ ، 2 / 4 7 3‬وانظر قوت القلوب للمقارنة بكلم الكى ‪. 1 / 1 2 8‬‬
‫للعبد ف دنياة من القوال والفعال الظاهرة والباطنة ‪ ،‬والعبد يتار ذلك بعناية‬
‫اللّه له ‪ ،‬حت يتار باختار اللّه له ‪ ،‬ل باختيار نفسه ( ‪ ، )1‬وهذا العبد الذى يتار‬
‫اختيار اللّه الشرعى على الدوام ‪ ،‬يتمع فيه نوعان من اختيار اللّه ‪ ،‬الول هو‬
‫الختيار الشرعى ‪ ،‬والثان هو الختيار الكون ‪.‬‬
‫الثان ‪ :‬وهو العن الخالف للصول القرآنية والنبوية ويرد على وجهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬اختيار اللّه للعبد الختيار الكون مع تاهل العبد العمل بالسباب ‪ ،‬وهو‬
‫باب التواكل والحتجاج بالقدر على نفى السباب ‪ ،‬ومن ذلك ما روى عن‬
‫النيد بن ممد (ت‪2 9 7 :‬هـ) أنه أصابته المى فقال ‪ :‬يا إلى عافن ‪،‬‬
‫فسمع من قال له ف قلبه ‪ :‬من أنت حت تتدخل ف ملكى ‪ ،‬وتعل لك خية ‪،‬‬
‫(‬
‫إنن أدبر ملكى خيا منك ‪ ،‬فاختر ما اخترت بدل من أن تتقدم إل باختيارك‬
‫‪. )2‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫وقد استدل الجويرى (ت‪4 6 5 :‬هـ) بذلك ‪ ،‬على أن الختيار عند‬
‫الصوفية يعن أنم يتاروا اختيار الق على اختيارهم ‪ ،‬أى أنم ف سلبية تامة‬
‫تاه ما يبتليهم به الق من الي والشر من صحة ومرض وغن وفقر ( ‪، )3‬‬
‫ومعلوم أن ذلك مالف للصول القرآنية والنبوية ‪ ،‬فالدعاء من السباب العظيمة‬
‫ف جلب ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬اللمع ص ‪ ، 4 2 9‬وانظر الزيد عن هذه العلقة ف طريق الجرتي لبن القيم ص‬
‫‪. 216‬‬
‫‪ .2‬كشف الحجوب ص ‪ 4 7 0‬وانظر ف معرفة الختيار على مستوى الفعل النسان‬
‫سلبا أو إيابا ‪ ،‬دراسات ف الفكر العرب لاجد فخرى ص ‪ 7 8‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ .3‬لعل الجويرى يعن أن هذه الرحلة من الختيار يسبقها إيابية العبد ف التزام الجاهد‬
‫والتباع وإن كان كلم النيد ل يسعفه ‪ ،‬انظر السابق ص ‪. 4 7 0‬‬
‫الي ودفع الشر ‪ ،‬وقد أمرنا اللّه به ‪ ،‬فقال تعال ‪ :‬وَقَالَ َرّبكُمْ ا ْدعُونِي‬
‫جبْ َلكُم ْ [غافر‪ ، ]6 0 /‬وف حديث أب مالك الشجعي ‪ ،‬كان الرجل‬ ‫َأ ْستَ ِ‬
‫إذا أسلم علمه النب الصلة ‪ ،‬ث أمره أن يدعو بؤلء الكلمات ‪ " :‬اللّهم‬
‫اغفر ل وارحن ‪ ،‬واهدن وعافن وارزقن " ( ‪ ، )1‬ومن حديث عبد اللّه بن أب‬
‫أوف ‪ ،‬قال ‪ " :‬أيها الناس ل تتمنوا لقاء العدو ‪ ،‬وسلوا اللّه العافية ‪ ،‬فإذا‬
‫لقيتموهم فاصبوا ‪ ،‬واعلموا أن النة تت ظلل السيوف ‪ ،‬ث قال ‪ :‬اللّهم‬
‫( ‪)2‬‬
‫منل الكتاب ومري السحاب ‪ ،‬وهازم الحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم "‬
‫وعن عبد اللّه بن عمر ‪ ،‬أن رسول اللّه أمر إذا أخذ الرجل مضجعه أن‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫يقول ‪ " :‬اللّهم خلقت نفسي وأنت توفاها لك ماتا ومياها إن أحييتها‬
‫فاحفظها وإن أمتها فاغفر لا اللّهم إن أسألك العافية " ( ‪. )3‬‬
‫‪ -2‬العن الثان للختيار الخالف للصول القرآنية والنبوية ‪ ،‬هو كون اختيار‬
‫العبد ‪ ،‬عي اختيار الرب ‪ ،‬كما ذكره ابن عرب ف الفصوص عند قوله تعال ‪:‬‬
‫ستَقِيمٍ [هود‪. ]5 6 /‬‬
‫ط مُ ْ‬
‫صرَا ٍ‬
‫صيَِتهَا إِنّ َربّي عَلَى ِ‬
‫مَا مِنْ دَابّةٍ إِل ُهوَ آ ِخ ٌذ ِبنَا ِ‬
‫قال ‪ ( :‬فكل ماش ‪ ،‬فعلى صراط الرب الستقيم ‪ ،‬فهو غي الغضوب عليهم‬
‫من هذا الوجه ول الضالي ‪ ، ..‬وقال تعال ‪ :‬كنت سعه الذى يسمع به‬
‫وبصره الذى يبصر به ‪ ..‬فذكر أن هويته ‪ ،‬هى عي الوارح الت هى عي العبد‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب الذكر والدعاء ( ‪. 4 / 2 0 7 3 )2 6 9 7‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف الهاد ( ‪. 6 / 1 4 0 )2 9 6 6‬‬
‫‪ .3‬أخرجه مسلم ف كتاب الذكر والدعاء ( ‪. 4 / 2 0 8 3 )2 7 1 2‬‬
‫فالوية واحدة ‪ ،‬والوارح متلفة ) ( ‪ ، )1‬وقد ذكر اليلى (ت‪8 2 9 :‬هـ)‬
‫أيضا أن اختيار العبد الخلوق فينا بالرادة ‪ ،‬هو عي اختيار الق وإرادته ‪،‬‬
‫فإرادة العبد واختياره ‪ ،‬هو عي الرادة القدية ( ‪. )2‬‬
‫ومن ث سواء كان العبد مؤمنا أو كافرا ‪ ،‬على شاكلة موسى أو فرعون‬
‫فالميع عند هؤلء الصوفية على صراط مستقيم ‪ ،‬واختيار الميع هو بعينه‬
‫اختيار ال ‪ ،‬ول شك ان ذلك هدم لدين ال ‪ ،‬وضياع لعان التكليف ‪ ،‬وتبديد‬
‫للعلة الت خلق ال من أجلها الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬فصوص الكم ص ‪ 1 4 9‬وما بعدها ‪ ،‬وانظر أيضا لبن عرب شجرة الكون ‪،‬‬
‫تقيق رياض العبد ال ص ‪ 4 9‬وما بعدها ‪ ،‬ورأى ابن عرب واضح ف أنه ل يفرق ف‬
‫الختيار بي الي والشر ‪ ،‬ل بالعن الشرعى ول بالعن الكون ‪ ،‬ويشاكله أيضا ابن‬
‫سبعي حيث يرى أن الي والشر ‪ ،‬ل فرق بينهما عند الحقق من حيث القيقة‬
‫الوجودية لن الوجود قضية واحدة ‪ ،‬وهو الي الطلق ‪ ،‬وإننا بحض الوهم نفرق‬
‫ف عال الظواهر بي الي والشر ‪ ،‬انظر ابن سبعي وفلسفته الصوفية للدكتور‬
‫أب الوفا التفتازان ص ‪ ، 1 9 3‬وقارن أيضا مع رأى فريد الدين العطار ف‬
‫الختيار ‪ ،‬انظر كتابه منطق الطي وادى العشق ص ‪. 1 8 5‬‬
‫‪ .2‬النسان الكامل ‪ ، 1 / 4 8‬وانظر ف مقارنة رأى ابن عرب مع اليلى ‪،‬‬
‫ومدى اختلفهما ‪ ،‬معجم الصطلحات الصوفية للدكتورة سعاد حكيم ص ‪، 4 4 1‬‬
‫وللمقارنة بي الختيار من الوجة الكلمية والوجهة الفلسفية الصوفية ‪ ،‬انظر‬
‫مشكلة الي والشر بي العتزلة والشاعرة ‪ ،‬رسالة دكتوراة ‪ ،‬مطوط بكلية دار‬
‫العلوم ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ،‬رقم ( ‪ )7 1 2‬سنة ‪1 9 7 5‬م ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -6‬الخـــــلص‬
‫**********************************‬
‫الخلص ‪ :‬الالص كالصاف ‪ ،‬إل أن الالص هو ما زال عنه شوبه بعد أن‬
‫ث وَ َدمٍ َلَبنًا‬
‫سقِيكُ ْم مِمّا فِي بُطُونِهِ مِ ْن َبيْنِ َفرْ ٍ‬
‫نُ ْ‬ ‫كان فيه ‪ ،‬كقول اللّه تعال ‪:‬‬
‫خَاِلصًا سَاِئغًا لِلشّا ِرِبيَ [النحل‪ ، ]6 6 /‬والصاف قد يقال لا ل شوب فيه ( ‪، )1‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫وف حديث عبد اللّه بن عمرو ‪ ،‬أن النب قال ‪ " :‬أربع من كن فيه ‪ ،‬كان‬
‫منافقا خالصا ‪ ،‬ومن كانت فيه خصلة منهن ‪ ،‬كانت فيه خصلة من النفاق حت‬
‫يدعها ‪. )2 ( " ..‬‬
‫جيّا [يوسف‪، ]8 0 /‬‬ ‫وخلصوا ف قوله تعال ‪ :‬فََلمّا اسَْتْيئَسُوا مِنْهُ َخَلصُوا نَ ِ‬
‫أى انفردوا خالصي عن غيهم ‪ ،‬وإخلص السلمي أنم أفردوا اللّه بعبادتم ‪،‬‬
‫ل يشركون به ‪ ،‬وتبأوا ما يدعيه اليهود من التشبيه ‪ ،‬والنصارى من التثليث ‪،‬‬
‫قال تعال ‪َ :‬ومَا ُأمِرُوا إِل ِلَيعْبُدُوا اللّهَ مُخِْلصِيَ لَهُ الدّينَ ُحنَفَاء َ [البينة‪، ]5 /‬‬
‫وعن أب هريرة ‪ ،‬أن رسول اللّه قال ‪ " :‬أسعد الناس بشفاعت يوم القيامة‬
‫من قال ل إله إل اللّه ‪ ،‬خالصا من قبل نفسه " ( ‪ ، )3‬فحقيقة الخلص التبى‬
‫عن ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪ ، 1 5 4‬ولسان العرب ‪ ، 7 / 2 6‬والقاموس الحيط ‪. 1 / 7 9 6‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب اليان ( ‪. 1 / 1 1 1 )3 4‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب الرقاق ( ‪. 1 1 / 4 2 6 )6 5 7 0‬‬
‫كل ما دون اللّه تعال ‪ ،‬ومن دعائه ‪ ،‬من حديث عمار بن ياسر رضى اللّه‬
‫عنه ‪ " :‬وأسألك خشيتك ف الغيب والشهادة ‪ ،‬وكلمة الخلص ف الرضا‬
‫والغضب " ( ‪ ، )1‬وركب عكرمة بن أب جهل البحر ‪ ،‬فأصابتهم عاصف‬
‫فقال أصحاب السفينة ‪ :‬أخلصوا ‪ ،‬فإن آلتكم ل تغن عنكم شيئا هاهنا ‪ ،‬فقال‬
‫عكرمة ‪ :‬واللّه لئن ل ينجن من البحر إل الخلص ل ينجين ف الب غيه ( ‪. )2‬‬
‫الخلص ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫والخلص ف اصطلح الصوفية ‪ ،‬باق ف معظم أقوالم على العن الوارد ف‬
‫الصوله القرآنية والنبوية ‪ ،‬وكل يتهد ف شرح معناه ‪ ،‬فمن ذلك ما روى عن‬
‫(‬
‫حات الصم (ت‪2 3 7 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬الخلص يعرف بالستقامة )‬
‫‪ )3‬وكأنه يعن ‪ ،‬أن دوام الستقامة باعثها الخلص ‪ ،‬ولكن ذلك ل يترز من‬
‫النفاق ‪ ،‬فالنافق قد يدعى الستقامة ف الظاهر ‪ ،‬وقلبه خلو من الخلص ( ‪. )4‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه النسائى ف كتاب السهو ( ‪ ، )1 3 0 6‬وقال الشيخ اللبان ‪ :‬صحيح‬
‫‪ 3 / 5 5‬وأحد ف السند ( ‪ ، 4 / 2 6 4 )1 8 3 5 1‬وابن حبان ف صحيحه (‬
‫‪. 5 / 3 0 4 )1 9 7 1‬‬
‫‪ .2‬أخرجه النسائى ف كتاب تري الدم ( ‪ )4 0 6 7‬وقال اللبان ‪ :‬صحيح‬
‫‪. 7/ 1 0 5‬‬
‫‪ .3‬طبقات الصوفية ص ‪ ، 1 8 3‬وقد صرح الشعران ‪ ،‬أيضا أن الريد ل يكون صادقا‬
‫ملصا إل إذا كان صادقا ف الستقامة على حدود الشرع ‪ ،‬انظر كشف الغمة عن جيع‬
‫المة لعبد الوهاب الشعران ‪ ،‬طبعة الكستيلية سنة ‪1 2 8 1‬هـ ‪ ، 1 / 1 0‬وانظر‬
‫أيضا ف هذا العن ‪ ،‬شذرات الذهب لبن العماد ‪. 8 / 3 7 4‬‬
‫‪ .4‬ولذا كان تعبيه بقوله ‪ ( :‬أل إن ف السد مضغة ‪ ،‬إذا صلحت صلح السد كله =‬
‫وقد بي الارث بن أسد الحاسب (ت‪2 4 3 :‬هـ) دقائق الخلص ف‬
‫القول والعمل ‪ ،‬ف مقابل الرياء ‪ ،‬وأفاض ف ضرب المثلة الت تكشف العان‬
‫القرآنية والنبوية وتوضحها ‪ ،‬يقول ‪ ( :‬إن الخلص منلة القوياء ‪ ،‬والاصة‬
‫من العابدين ‪ ..‬ووصف اللّه عز وجل قلوب الخلصي ‪ ،‬وأن الرياء إرادة لغي‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫اللّه عز وجل فرفضوه ل ‪ ،‬فقال ‪ِ :‬إنّمَا نُ ْطعِ ُمكُمْ ِلوَجْهِ اللّ ِه ل نُرِيدُ مِْنكُمْ‬
‫جَزَا ًء وَل ُشكُورًا [النسان‪. )1 ( ) ]9 /‬‬
‫وروى عن أب حفص النيسابورى (ت‪2 7 0 :‬هـ) ‪ ،‬أنه سئل عن‬
‫العاقل ؟ فقال ‪ ( :‬الطالب نفسه بالخلص ) ( ‪ ، )2‬وينسب إل النيد (ت‪:‬‬
‫‪2 9 7‬هـ) ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫= وإذا فسدت فسد السد كله ) تعبيا صادقا صحيحا ‪ ،‬ف حديث حيح ‪ ،‬رواه البخارى‬
‫( ‪ ، 1 / 1 5 3 )5 2‬ولكن ل يصح ما نسب إليه ما اشتهر على ألسنة الناس ‪:‬‬
‫( إذا رأيتم الرجل يعتاد الساجد ‪ ،‬فاشهدوا له باليان ) أخرجه الترمذى (‬
‫‪ )3 0 9 3‬وضعفه الشيخ اللبان ‪.5 / 2 7 7‬‬
‫‪ .1‬الرعاية لقوق ال ص ‪ ، 1 3 2 ،1 2 9‬ويعتب كتاب الرعاية للمحاسب من أدق‬
‫ما كتب ف معرفة دقائق الخلص ‪ ،‬والوقوف على خطرات النفس ‪ ،‬وانظر أيضا‬
‫للمحاسب رسالة السترشدين ‪ ،‬تقيق عبد الفتاح أبو غدة ‪ ،‬طبعة مكتبة دار السلم‬
‫الطبعة الرابعة ‪ ،‬القاهرة سنة ‪1 9 8 2‬م ص ‪. 1 1 3‬‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪ ، 1 2 1‬وانظر الخلق بي العقل والنقل ‪ ،‬للدكتور أب اليزيد‬
‫‪164‬‬ ‫العجمى ‪ ،‬ف بيان علقة الخلق بالعقل ‪ ،‬وأترها ف النمو الضارى ‪ ،‬ص‬
‫وما بعدها ‪.‬‬
‫( الخلص ما أريد به اللّه ‪ ،‬من أى عمل كان ) ( ‪ ، )1‬وعن روي بن أحد‬
‫( ‪)2‬‬
‫البغدادى (ت‪3 0 3 :‬هـ) قال ‪ ( :‬الخلص ‪ ،‬ارتفاع رؤيتك من الفعل )‬
‫وقد تكلم القشيى (ت‪4 6 5 :‬هـ) ف وصف الخلص ‪ ،‬شارحا ما ورد‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ف الصول القرآنية والنبوية ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬الخلص ‪ ،‬أل يكون شئ من حركاتك‬
‫وسكناتك إل ل ) ( ‪ ، )3‬واستدل له بقوله تعال ‪ِ :‬إنّا أَنزَْلنَا إَِليْك الْ ِكتَا َ‬
‫ب‬
‫حقّ فَا ْعبُدْ اللّ َه ُمخِْلصًا لَهُ الدّينَ أَل ِللّهِ الدّي ُن الْخَاِلصُ [الزمر‪ ، ]3 : 2 /‬وقوله‬
‫بِالْ َ‬
‫خِلصِيَ لَهُ الدّينَ ُحَنفَاء َ [البينة‪ ]9 /‬ويفسر‬‫تعال ‪َ :‬ومَا ُأمِرُوا إِل ِلَي ْعبُدُوا اللّ َه مُ ْ‬
‫الدين اللص ‪ ،‬بأنه ما تكون جلته ل ‪ ،‬فما للعبد فيه نصيب ‪ ،‬فهو من‬
‫الخلص بعيد ‪ ،‬اللّهم إل أن يكون بأمره تعال ‪ ،‬فإنه إذا أمر العبد أن يتسب‬
‫الجر على طاعته ‪ ،‬فإطاعته ل ترجه عن الخلص باحتسابه ما أمره به ولول‬
‫هذا لا صح أن يكون ف العال ملص ‪ ،‬ومعن ملصي له الدين ‪ ،‬أى موحدين‬
‫ل يشركون باللّه شيئا ‪ ،‬ومن السنة يستدل للخلص بقوله ‪ " :‬ثلث ل يغل‬
‫عليهن قلب مسلم ‪ ،‬إخلص العمل ل ‪ ،‬ومناصحة ولة المر ‪ ،‬ولزوم الماعة‬
‫" ( ‪. )4‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪. 1 1 8‬‬ ‫‪ .1‬التعرف ص ‪. 1 1 8‬‬
‫‪ .3‬الرسالة القشيية ‪. 2 / 4 4 3‬‬
‫‪ .4‬انظر السابق ‪ ، 2 / 4 4 3‬والديث صحيح ‪ ،‬أخرجه الترمذى ف كتاب العلم (‬
‫‪ ، 5 / 3 4 )2 6 5 8‬وابن ماجة ف القدمة ( ‪ 1 / 8 4 )2 3 0‬وقال الشيخ‬
‫اللبان ‪ :‬صحيح ‪ ،‬وأحد ف السند ( ‪ ، 3 / 2 2 5 )1 3 3 7 4‬والدارمى ف‬
‫القدمة ( ‪ ، 1 / 8 6 )2 2 7‬وغيهم ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫‪ - 7‬الرادة‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫**********************************‬
‫الرادة ‪ :‬ف الصل من راد يرود ‪ ،‬إذا سعى ف طلب الشئ ‪ ،‬والرادة ف‬
‫الصل ‪ ،‬قوة مركبة ف قلب النسان ‪ ،‬جعلت أسا لشروع النفس إل الشئ مع‬
‫الكم فيه ‪ ،‬بأنه ينبغى أن يفعل أول يفعل ( ‪ ، )1‬وإرادة اللّه صفة له ‪ ،‬ترد ف‬
‫القرآن على معنيي ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬بعن الكم النتهى والقضاء البم بأن يفعل أو ل يفعل فمت قيل ‪ :‬أراد‬
‫اللّه كذا ‪ ،‬فمعناه حكم فيه أنه كذا وليس بكذا ‪ ،‬وتسمى الرادة الكونية وهى‬
‫بعن الشيئة ‪ ،‬كقوله تعال ‪َ :‬فعّا ٌل ِلمَا ُيرِيدُ [البوج‪ ، ]1 6 /‬وكقوله ‪ُ :‬ق ْل‬
‫ك اْل َمسِي َح اْب َن َم ْرَي َم َوُأ ّم ُه َو َم ْن فِي‬
‫ك ِم ْن الّل ِه َشْيئًا ِإ ْن َأرَا َد َأ ْن ُي ْهِل َ‬
‫َف َم ْن َي ْمِل ُ‬
‫ض َجمِيعًا [الائدة‪. ]1 7 /‬‬ ‫ا َل ْر ِ‬
‫الثان ‪ :‬إرادة بعن المر الوجه إل الكلفي ‪ ،‬كقوله تعال ‪ :‬يُرِيدُ اللّ ُه ِبكُمْ‬
‫اْليُسْ َر وَل يُرِي ُد ِبكُ ْم الْعُسْرَ [البقرة‪ ، ]1 8 5 /‬وكقوله سبحانه ‪ :‬مَا يُرِيدُ اللّهُ‬
‫طهّرَكُ ْم وَِليُتِ ّم ِنعْ َمتَ ُه عََلْيكُمْ [الائدة‪]6 /‬‬
‫جعَ َل عََلْيكُ ْم مِنْ َحرَجٍ وَلَكِ ْن يُرِيدُ ِليُ َ‬
‫ِليَ ْ‬
‫وهذه الرادة قد تتخلف ‪ ،‬وقد يعصيها النسان ‪.‬‬
‫وقد تذكر الرادة ف حق الخلوق ‪ ،‬ويراد به القصد والنية والعزم على الفعل‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪ ، 2 0 7 ، 2 0 6‬ولسان العرب ‪. 1 / 3 6 2‬‬
‫كقوله تعال ‪ :‬مَنْ كَانَ ُيرِي ُد الْعَا ِجَل َة عَجّ ْلنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ ِلمَ ْن نُرِي ُد ثُ ّم‬
‫َجعَ ْلنَا لَهُ َج َهنّ َم َيصْلهَا مَ ْذمُومًا مَ ْدحُورًا َومَنْ أَرَادَ ال ِخ َرةَ َو َسعَى َلهَا َس ْعَيهَا‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫شكُورًا [السراء‪ ، ]1 8 /‬ومن حديث عبد‬ ‫َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ َفُأوَْلئِكَ كَا َن َسعُْيهُ ْم مَ ْ‬
‫ال بن عمر قال ‪ " :‬كنا عند النب ‪ ،‬فأت بمار ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن من الشجر‬
‫شجرة ‪ ،‬مثلها كمثل السلم ‪ ،‬فأردت أن أقول هي النخلة ‪ ،‬فإذا أنا أصغر القوم‬
‫فسكت ‪ ،‬قال النب ‪ :‬هي النخلة " ( ‪. )1‬‬
‫الرادة ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والرادة ف اصطلح الصوفية تطلق ويراد با عدة معان ‪:‬‬
‫( ‪ -1‬إرادة العبد ‪ ،‬وهى وصف ذاتى للنسان ‪ ،‬ومصدر أول وأصيل لكل‬
‫الركات والسكنات ‪ ،‬والرغبات والقصود ‪ ،‬وجيع الختيارات ف أعمال‬
‫القلوب والوارح ‪ ،‬قال أبو بكر الكلباذى (ت‪3 8 0 :‬هـ) ‪ ( :‬وأجعوا أن‬
‫اللّه خلق لم الختيار والستحسان ‪ ،‬والرادة لليان ‪ ،‬والبغض والكراهية‬
‫والستقباح للكفر ) ( ‪ ، )2‬وهذا العن للرادة معن قرآن ‪.‬‬
‫( ‪ -2‬إرادة اللّه وهى على نوعي ‪ ،‬كما سبق ف الصول القرآنية ‪ ،‬ذكرها‬
‫سهل بن عبد اللّه (ت‪2 9 3 :‬هـ) ‪ ،‬فيما روى عنه ‪ ،‬أنه سئل عن قوله تعال‬
‫‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب العلم ( ‪. 1 / 1 9 8 )7 2‬‬
‫‪ .2‬التعريف لذهب أهل التصوف ص ‪ ، 6 2‬وانظر أيضا للمقارنة برأى بقية أعلم‬
‫الصوفية آداب الريدين للحكيم الترمذى ص ‪ ، 3 3‬وقوت القلوب لب طالب الكى‬
‫‪.1 / 1 7 5‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫سجَدُوا إِل ِإبْلِيسَ َأبَى وَا ْسَتكْبَ َر وَكَا َن مِ ْن‬
‫جدُوا ل َدمَ فَ َ‬
‫َوإِذْ ُق ْلنَا لِلْمَلِئ َكةِ اسْ ُ‬
‫اْلكَافِرِينَ [البقرة‪، ]3 4 /‬لا أمر إبليس بالسجود ‪ ،‬أراد منه ذلك أم ل ؟ فقال ‪:‬‬
‫أراده ول يرده ( ‪ ، )1‬ويشرح أبو طالب الكى (ت‪3 8 6 :‬هـ) كيف فرق‬
‫سهل بن عبد اللّه ‪ ،‬بي الوجهي من خلل نوعى الرادة ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أراده شرعا ‪ ،‬وإظهارا عليه إيابا وتكليفا ‪ ،‬وهى إرادة اللّه الشرعية ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ول يرده منه وقوعا وكونا ‪ ،‬إذ ل يكون ف ملكه إل ما أراد اللّه تعال‬
‫وهى الرادة الكونية ‪ ،‬فلو أراد كونه لكان ‪ ،‬ولو أراده فعل لوقع ‪ ،‬لقوله‬
‫ن َيقُولَ لَهُ كُنْ َفَيكُون ُ [يس‪]8 2 /‬‬
‫تعال ‪ِ :‬إنّمَا َأمْ ُرهُ ِإذَا أَرَا َد َشْيئًا أَ ْ‬
‫فلما ل يكن ‪ ،‬علم أنه ل يرده ‪ ،‬فقد كان المران معا ‪ ،‬إرادته بالتكليف‬
‫والتعبد ‪ ،‬وإرادته بأن ل يسجد ‪ ،‬فلم يقدر أن يتنع من أل يسجد ‪ ،‬كما‬
‫ل يقدر من أن يتنع أن يؤمن ( ‪ ، )2‬وهذا العن قرآن أيضا ‪.‬‬
‫( ‪ -3‬الرادة ‪ ،‬بعن الانب الياب ف ماهدة الصوف نفسه ‪ ،‬للتخلص من‬
‫رعونات النفس وعيوبا ‪ ،‬وعزمه على الترقى ف سلم القامات والحوال ‪ ،‬وهى‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬قوت القلوب ‪. 1 / 1 2 8‬‬
‫‪ .2‬السابق ‪ ، 1 / 2 1 8‬وكلم سهل بن عبد ال ف هذا الوضوع ‪ ،‬معب بتمامه عن‬
‫عقيدة السلم ف العلقة بي الرادة اللية والرادة النسانية ‪ ،‬وحل مقنع لفراد ال‬
‫بالفاعلية وعلقته برية العباد ف أكسابم ‪ ،‬انظر ف القارنة ‪ :‬القضاء والقدر ف‬
‫السلم للدكتور فاروق الدسوقى ‪ 1 / 3 5 9‬وما بعدها ‪ ،‬وانظر له أيضا ‪ :‬مشكلة‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫الرية عند الفلسفة والصوفية ف السلم ‪ ،‬دكتوراه بكتبة دار العلوم ( ‪ )7 6 2‬سنة‬
‫‪1 9 7 8‬م ‪.‬‬
‫عندهم بدء طريق السالكي إل اللّه ‪ ،‬واسم لول منلة القاصدين إليه ‪ ،‬وتعن‬
‫حبس النفس عن مراداتا ‪ ،‬والقبال على أوامر اللّه ‪ ،‬والرضا بوارد القضاء‬
‫عليه ( ‪ ، )1‬وقال عبد ال بن خفيف (ت‪3 7 1 :‬هـ) ‪ ( :‬حقيقة الرادة ‪،‬‬
‫استدامة الكد وترك الراحة ) ( ‪ ، )2‬وقد استدل أبو القاسم القشيى (ت‪:‬‬
‫‪4 6 5‬هـ) لعناها عند الصوفية ‪ ،‬بقوله تعال ‪ :‬وَل تَطْ ُردْ الّذِينَ يَ ْدعُونَ‬
‫شيّ يُرِيدُو َن وَ ْجهَهُ [النعام‪ ، ]5 2 /‬وبقوله من حديث‬ ‫َرّبهُ ْم بِاْلغَدَاةِ وَاْلعَ ِ‬
‫أنس بن مالك ‪ " :‬إذا أراد اللّه بعبد خيا استعمله ‪ ،‬فقيل ‪ :‬كيف يستعمله‬
‫يا رسول اللّه ؟ قال ‪ :‬يوفقه لعمل صال قبل الوت " ( ‪ ، )3‬ويرى أبو القاسم‬
‫القشيى ‪ ،‬أن الرادة وصف للمريد ‪ ،‬لنا مقدمة كل أمر ‪ ،‬فما ل يريد‬
‫العبد شيئا ‪ ،‬ل يفعله فلما كان هذا أول المر ‪ ،‬لن سلك طريق اللّه عز‬
‫وجل ‪ ،‬سى مريدا تشبيها بالقصد ف المور الذى هو مقدمتها ( ‪ ، )4‬وقد عب‬
‫الدقاق (ت‪4 1 0 :‬هـ) عن الرادة ‪ ،‬بقوله ‪ ( :‬ل يكون الريد مريدا ‪ ،‬حت‬
‫ل يكتب عليه صاحب الشمال عشرين سنة ) ( ‪ ، )5‬وهذا دليل على قوة‬
‫الرادة ‪ ،‬وصدق العزم على الطاعة‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الرسالة ‪ ، 2 / 4 3 3‬وانظر طبقات الصوفية ص ‪ ، 4 6 5‬والتعريفات ص ‪. 1 5‬‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪. 4 6 5‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .3‬الرسالة ‪ ، 2 / 4 3 3‬والديث صحيح ‪ ،‬أخرجه الترمذى ف كتاب القدر (‬
‫‪ )2142‬وقال ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪ ،‬وقال الشيخ اللبان ‪ :‬صحيح ‪4/450‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ .4‬السابق ‪ 2/433‬وانظر ف ثناء ابن تيمية على هذا العن ‪ ،‬كتاب السلوك ص‬
‫‪ 494‬وما بعدها ‪ ،‬واليان لبن تيمية ص ‪ ، 268‬و الستقامة ‪. 1/106‬‬
‫‪ .5‬السابق ‪. 2/433‬‬
‫وإن كان تديد العشرين سنة تكم ظاهر ل دليل عليه ‪ ،‬وجيع العان السابقة‬
‫لصطلح الرادة عند الصوفية ‪ ،‬لا شواهد ف الكتاب والسنة إل ما يأتى ‪:‬‬
‫( ‪ -4‬الرادة ‪ ،‬إرادة القدر فقط ‪ ،‬ول إرادة لغي ال ‪ ،‬وهذا العن ذكره‬
‫السراج الطوسى (ت‪3 8 7 :‬هـ) عن جاعة من الصوفية ‪ ،‬خالفوا الشرع‬
‫والتباع حيث ل يضيفوا إل اللق ما أضاف اللّه تعال إليهم ‪ ،‬ول يصفوا أنفسهم‬
‫بالركة فيما تركوا فيه ‪ ،‬بل نسبوها إل اللّه ‪ ،‬ومن ث أسقطوا اللئمة عن أنفسهم‬
‫وادعوا الب ف حركاتم وسكناتم ‪ ،‬وخالفوا الشرع والتباع ( ‪. )1‬‬
‫( ‪ -5‬الرادة الخلوقة فينا عي إرادة الق سبحانه وتعال ‪ ،‬ولكن لا‬
‫نسبت إلينا ‪ ،‬وكان الدوث لزما لوصفنا ‪ ،‬قيل بأن الرادة ملوقة ‪ ،‬يعن‬
‫إرادتنا وإل فهى بنسبتها إل اللّه تعال قدية ( ‪ ، )2‬وهذا لعبد الكري اليلى‬
‫(ت‪8 2 9 :‬هـ) وعلى شاكلته أيضا ‪ ،‬ما ذكره الكاشان (ت‪:‬‬
‫‪7 3 5‬هـ) ‪ ،‬أن الرادة هى التخلص عن البقية ‪ ،‬بطمس الثنينية ‪،‬‬
‫والتحقق بشيئة اللّه حال التحقق ببقاء اللّه ‪ ،‬كما قال ‪َ :‬ومَا تَشَاءُونَ إِل َأنْ‬
‫[التكوير‪ ]2 9 /‬ويعن بذلك تساوى الشيئتي ( ‪. )3‬‬ ‫ب اْلعَالَمِي‬
‫يَشَاءَ اللّهُ رَ ّ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬اللمع ص ‪ ، 5 4 9‬وهؤلء يعبون عن مذهب البية الالصة قال ابن تيمية ‪ ( :‬وقد‬
‫أفضى بغلة الصوفية والنحرفي منهم ‪ ،‬إل عدم التمييز بي المر الشرعى وبي ما يكون‬
‫من الحوال الت ترى على أيدى الكفار والفجار ‪ ،‬فيشهدون وجه المع بقضاء ال‬
‫وقدره وإرادته العامة ‪ ،‬وأنه داخل ف ملكة ول يشهدون وجه الفرق بي أوليائه وأعدائه )‬
‫انظر التحفة العراقية ف العمال القلبية ‪ ،‬الطبعة السلفية سنة ‪1 3 8 6‬هـ ‪ .‬ص ‪. 5 1‬‬
‫‪ .3‬معجم الكاشان ص ‪. 2 7 0 ،2 7 1‬‬ ‫‪ .2‬النسان الكامل ‪. 1 / 4 8‬‬
‫**********************************‬
‫‪ - 8‬الستقـــــــامة‬
‫**********************************‬
‫الستقامة ‪ :‬تطلق على العتدال ‪ ،‬وعلى الطريق الذى يكون على خط‬
‫مستوية ‪ ،‬والطاعة ف طريق الق ( ) ‪ ،‬كقوله سبحانه وتعال ‪ :‬اهْ ِدنَا الصّرَاطَ‬
‫‪1‬‬

‫سَتقِيم َ [الفاتة‪ ، ]6 /‬وعن عبد اللّه بن مسعود قال ‪:‬‬


‫الْمُ ْ‬
‫" خط لنا رسول اللّه خطا ‪ ،‬ث قال ‪ :‬هذا سبيل اللّه ‪ ،‬ث خط خطوطا عن‬
‫يينه وعن شاله ‪ ،‬ث قال ‪ :‬هذه سبل متفرقة ‪ ،‬على كل سبيل منها ‪ ،‬شيطان‬
‫سبُلَ‬
‫سَتقِيمًا فَاّتبِعُوهُ وَل َتّتبِعُوا ال ّ‬
‫صرَاطِي مُ ْ‬
‫يدعو إليه ‪ ،‬ث قرأ ‪َ :‬وَأنّ هَذَا ِ‬
‫ق ِبكُ ْم عَنْ سَبِيلِهِ [النعام‪. ) ( " ]1 5 3 /‬‬
‫‪2‬‬
‫َفَتفَ ّر َ‬
‫واستقامة النسان لزومه النهج الستقيم ‪ ،‬كقوله تعال ‪ِ :‬إنّ الّذِينَ قَالُوا‬
‫ح َزنُونَ [الحقاف‪ ، ]1 3 /‬ومن‬ ‫ف عََلْيهِ ْم وَل هُ ْم يَ ْ‬
‫َرّبنَا اللّ ُه ثُ ّم ا ْستَقَامُوا فَل َخوْ ٌ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫سفيان الثقفي أن رجل قال ‪ " :‬يا رسول اللّه ‪ ،‬مرن ف السلم بأمر ‪ ،‬ل‬
‫أسأل عنه أحدا بعدك قال ‪ :‬قل آمنت باللّه ث استقم " ( ‪.) 3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪ ، 4 1 8‬والقاموس الحيط ‪ ، 1 / 1 4 8 7‬ولسان العرب‬
‫‪. 12/ 496‬‬
‫‪ .2‬أخرجه أحد ف السند ( ‪ ، )4 1 3 1‬وابن حبان ف صحيحه ( ‪ )6‬وقال الشيخ‬
‫شعيب الرناؤوط ‪ :‬إسناده صحيح ‪. 1 / 1 8 0‬‬
‫‪ .3‬أخرجه أحد برقم ( ‪ )1 8 9 3 8‬ومسلم ( ‪ )3 8‬بلفظ ‪ :‬قل آمنت بال فاستقم‬
‫‪. 1/ 6 5‬‬
‫وقال معاوية بن أب سفيان ‪ :‬سعت النب يقول ‪ " :‬من يرد اللّه به‬
‫خيا يفقهه ف الدين ‪ ،‬وإنا أنا قاسم ويعطي اللّه ‪ ،‬ولن يزال أمر هذه المة‬
‫مستقيما ‪ ،‬حت تقوم الساعة ‪ ،‬أو حت يأت أمر اللّه " ( ‪. )1‬‬
‫الستقامة ف عرف الصوفية ‪:‬‬
‫والستقامة ف عرف الصوفية تعن عند أغلبهم ‪ ،‬المع بي أداء الطاعات‬
‫واجتناب العاصى ‪ ،‬والروج من العهودات ومفارقة الرسوم والعادات ‪ ،‬والقيام‬
‫بأمر اللّه بالنوافل والكتوبات ( ‪ )2‬وما ورد عنهم فيها ‪:‬‬
‫ما روى عن حات الصم (ت‪2 3 7 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬السمة الت يعرف با‬
‫الخلص ‪ ،‬الستقامة ) ‪ ،‬كما استدل عليها بالرجاء فقال ‪ ( :‬يعرف الخلص‬
‫بالستقامة ‪ ،‬وتعرف الستقامة بالرجاء ) ( ‪ ، )3‬والستقامة ل تعرف بالرجاء‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫وحده ‪ ،‬إنا تعرف بالصدق ف جيع أعمال القلوب ‪ ،‬وأقوال اللسان ‪ ،‬وأعمال‬
‫الوارح ‪ ،‬والجود من كلم حات الصم ‪ ،‬ما ينسب ليحى بن معاذ الرازى‬
‫(ت‪2 5 8 :‬هـ) قال ‪ ( :‬الستقامة على ثلثة أضرب ‪ ،‬استقامة اللسان على‬
‫كلمة الشهادة ‪ ،‬واستقامة النان على صدق الرادة ‪ ،‬واستقامة الركان على‬
‫الهد ف العبادة ) ( ‪ ، )4‬ومثله ما روى عن أب بكر الواسطى (ت‪:‬بعد‬
‫‪3 2 0‬هـ) ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب العتصام بالكتاب والسنة ( ‪.3 0 6 /1 3 )7 3 1 2‬‬
‫‪ .2‬كشاف التهانوى ص ‪. 1 2 2 7‬‬
‫‪1227‬‬ ‫‪ .4‬كشاف التهانوى ص‬ ‫‪ .3‬طبقات الصوفية ص ‪. 9 4‬‬
‫‪.‬‬
‫أنه قال ‪ ( :‬الصلة الت با كملت الحاسن ‪ ،‬وبفقدها قبحت‬
‫الحاسن الستقامة ) ( ) ‪ ،‬ويذكر لب على الدقاق (ت‪4 1 0 :‬هـ) أن‬ ‫‪1‬‬

‫الستقامة توجب دوام الكرامات ‪ ،‬لقوله تعال ‪َ :‬وأَّل ْو اسَْتقَامُوا عَلَى الطّرِي َقةِ‬
‫َل ْس َقيْنَاهُم ْ مَا ًء غَدَقًا [الن‪ ]1 6 /‬ول يقل سقيناهم ‪ ،‬بل قال ‪ :‬أسقيناهم ‪،‬‬
‫يقال ‪ :‬أسقيته إذا جعلت له سقيا فهو يشي إل الدوام ( ‪. )2‬‬
‫وقد بي القشيى (ت‪4 6 5 :‬هـ) حد الستقامة عند الصوفية ‪ ،‬مهتديا ف‬
‫تعريفها بالصول القرآنية والنبوية ‪ ،‬فعرفها بأنا درجة با كمال المور وتامها‬
‫وبوجودها حصول اليات ونظامها ‪ ،‬ومن ل يكن مستقيما ف حالته ‪ ،‬ضاع‬
‫سعيه وخاب جهده ‪ ،‬ث استدل لذلك بقوله تعال ‪ :‬وَل تَكُونُوا كَاّلتِي‬
‫ت غَزَْلهَا مِ ْن َبعْدِ ُق ّوةٍ أَنكَاثًا [النحل‪ ، ]9 2 /‬وقوله ‪ِ :‬إنّ الّذِينَ قَالُوا َرّبنَا‬
‫َن َقضَ ْ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫اللّ ُه ثُ ّم ا ْسَتقَامُوا [الحقاف‪ ، ]1 3 /‬وقد استدل على معن الستقامة بديث‬
‫سفيان بن عبد اللّه الثقفى ‪ " :‬قل آمنت باللّه ث استقم " ( ‪. )3‬‬
‫والستقامة تأخذ عند ابن عرب وأتباعه ‪ ،‬مفهوما مالفا لا سبق ‪ ،‬إذ يعلها‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الرسالة القشيية ‪. 2 / 4 4 2‬‬
‫‪ .2‬السابق ‪. 2 / 4 4 1‬‬
‫‪ .3‬السابق ‪ ، 2 / 4 4 1‬وانظر أيضا ف تعريف القشيى للستقامة كتابه منثور‬
‫الطاب ف مشهور البواب ‪ ،‬نشر الدكتور قاسم السامرائى ف ملة الجتمع العرب‬
‫سنة ‪1 9 6 9‬م ‪ 1 8 / 2 7 6‬والديث تقدم تريه ‪.‬‬
‫عامة ف الوجود ‪ ،‬فالكل عنده على صراط مستقيم ‪ ،‬لقوله تعال ‪ :‬مَا مِنْ‬
‫ستَقِيمٍ [هود‪ ، ]5 6 /‬يقول ابن‬
‫ط مُ ْ‬
‫صرَا ٍ‬
‫دَاّبةٍ إِل ُهوَ آ ِخ ٌذ ِبنَاصَِيِتهَا إِنّ َربّي عَلَى ِ‬
‫عرب (ت‪6 3 8 :‬هـ) ‪ ( :‬فما من أحد من العال إل على صراط مستقيم ‪،‬‬
‫وهو صراط الرب تبارك وتعال ) ( ‪. )1‬‬
‫ويقول عبد الكري اليلى (ت‪8 2 9 :‬هـ) ‪ ( :‬الصراط الستقيم ‪ ،‬هو‬
‫صراط اللّه الذى هو تنوعات تليه ف ذاته لذاته ‪ ،‬فمن حصل ف هذا الصراط‬
‫واستقام على علم كيفية التصاف بأساء اللّه تعال وصفاته ‪ ،‬فإنه يتنوع‬
‫بتجلياتا ف العال على حسب مقتضى الشأن ) ( ‪ ، )2‬وعلى الرغم من كون‬
‫الشعران ينهل من ينابيع ابن عرب ف فلسفته الداعية إل وحدة الوجود ‪ ،‬إل أن‬
‫له كلما طيبا ف الستقامة على الشرع ‪ ،‬ربا ياطب به لسان أهل الظاهر ‪،‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫فمن الدير أل يترك ‪ ،‬يقول ‪( :‬كل طريق ل يش فيه الشارع فهو ظلم ‪،‬‬
‫ول يكون أحد من يشى فيه على يقي من السلمة وعدم العطب ‪ ..‬دوروا مع‬
‫الشرع كيف كان ‪ ،‬ل مع الكشف فإنه يطئ ‪ ،‬وينبغى إكثار مطالعة كتب‬
‫الفقه ‪ ،‬عكس ما عليه التصوفة الذين لحت لم بارقة من الطريق ‪ ،‬فمنعوا‬
‫مطالعة الفقه ‪ ،‬وقالوا إنه حجاب جهل منهم ) ( ‪. )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬فصوص الكم ص ‪ ، 2 4 1‬وانظر مصطلح الستقامة عند الكاشان ‪ ،‬وكيف‬
‫قسمه إل استقامة العامة ‪ ،‬واستقامة الاصة ‪ ،‬واستقامة خاصة الاصة ‪ ،‬اللطائف‬
‫‪. 1/ 2 0 0‬‬
‫‪ .2‬الناظر اللية ص ‪. 2 1 4‬‬
‫‪ .3‬كشف الغمة عن جيع المة للشعران ‪. 1 / 1 0‬‬
‫**********************************‬
‫‪ - 9‬الصطفـــــاء‬
‫**********************************‬
‫الصطفاء ‪ :‬تناول صفو الشئ ‪ ،‬كما أن الختيار تناول خيه ‪ ،‬والصطفاء‬
‫الختيار والجتباء ( ‪ ، )1‬قال تعال ‪ِ :‬إنّ اللّ َه اصْ َطفَى آ َد َم َونُوحًا وَآلَ ِإبْرَاهِيمَ‬
‫ت الْمََلِئ َكةُ‬
‫وَآ َل عِ ْمرَا َن عَلَى الْعَالَ ِميَ [آل عمران‪ ]3 3 /‬وقال ‪َ :‬وإِذْ قَاَل ْ‬
‫ك عَلَى نِسَا ِء اْلعَالَمِي [آل عمران‪]4 2 /‬‬ ‫يَامَ ْريَمُ ِإنّ اللّ َه اصْ َطفَا ِك َو َطهّ َركِ وَاصْ َطفَا ِ‬
‫حةً‬
‫ح ُة الصّ ِفيّ ‪ِ ،‬منْ َ‬ ‫حةُ الّلقْ َ‬ ‫وعن أب هريرة أن رسول اللّه قال ‪ِ " :‬نعْ َم الْ َمنِي َ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ح بِِإنَاءٍ " ( ‪ ، )2‬وعنه أيضا قال ‪ " :‬استب‬
‫صفِيّ ‪َ ،‬تغْدُو بِِإنَا ٍء َوتَرُو ُ‬
‫وَالشّاةُ ال ّ‬
‫رجلن رجل من السلمي ورجل من اليهود ‪ ،‬قال السلم ‪ :‬والذي اصطفى‬
‫ممدا على العالي ‪ ،‬فقال اليهودي ‪ :‬والذي اصطفى موسى على العالي "‬
‫( ‪ ، )3‬وقال رسول اللّه ‪ " :‬احتج آدم وموسى ‪ ،‬فقال له موسى ‪ :‬أنت‬
‫آدم الذي أخرجتك خطيئتك من النة ؟ فقال له آدم ‪ :‬أنت موسى الذي‬
‫(‬
‫اصطفاك اللّه برسالته وبكلمه ‪ ،‬ث تلومن على أمر قدر علي قبل أن أخلق "‬
‫‪ ، )4‬واصطفاء ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪ ، 2 8 3‬ولسان العرب ‪.1 4 / 4 6 2‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب البة ( ‪. 5 / 2 8 7 )2 6 2 9‬‬
‫‪ .3‬البخارى ف كتاب الصومات ( ‪. 5 / 8 1 5 )2 4 1 1‬‬
‫‪ .4‬البخارى ف كتاب أحاديث النبياء ( ‪.6 / 5 0 8 )3 4 0 9‬‬
‫اللّه بعض عباده ‪ ،‬قد يكون بإياده تعال إياه ‪ ،‬صافيا عن الشوب الوجود ف‬
‫غيه ‪ ،‬وقد يكون باختياره وبكمه وإن ل يتعر ذلك من الول كقوله تعال ‪:‬‬
‫[الج‪]7 5 /‬‬ ‫اللّ ُه َيصْ َطفِي مِ ْن الْمَلِئ َكةِ ُرسُل َومِ ْن النّاسِ ِإنّ اللّ َه سَمِي ٌع َبصِيٌ‬
‫ب الّذِي َن اصْ َط َفيْنَا مِ ْن ِعبَا ِدنَا [فاطر‪ ، ]3 2 /‬وقوله‬
‫وقوله ‪ :‬ثُمّ َأوْ َرْثنَا اْلكِتَا َ‬
‫سبحانه ‪َ :‬وِإّنهُ ْم ِعنْ َدنَا لَ ِم ْن الْ ُمصْ َطفَيْ َن الَ ْخيَار [ص‪ ، ]4 7 /‬ومن‬
‫حديث واثلة بن السقع قال ‪ " :‬سعت رسول اللّه يقول ‪ :‬إن اللّه‬
‫اصطفى كنانة من ولد إسعيل ‪ ،‬واصطفى قريشا من كنانة ‪ ،‬واصطفى من‬
‫قريش بن هاشم ‪ ،‬واصطفان من بن هاشم " ( ‪. )1‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫الصطفاء عند الصوفية ‪:‬‬
‫والصطفاء عند الصوفية ‪ ،‬ورد على معن الجتباء ف سابق العلم ‪ ،‬كقول‬
‫الكيم الترمذى (ت‪3 2 0 :‬هـ) ‪ ( :‬الصطفاء هو الجتباء ‪ ،‬فالعبد الجتب‬
‫منذ بداية أمره رهن الفيضة اللية ) ( ‪ ، )2‬وذكره السراج الطوسى (ت‪:‬‬
‫‪3 8 7‬هـ) ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب الفضائل ( ‪.4 / 1 7 8 2 )2 2 7 6‬‬
‫‪ .2‬الكيم الترمذى ونظريته ف الولية ص ‪ ، 1 1 8‬ويقول أيضا فىكيفية اصطفاء ال‬
‫للولياء ‪ ( :‬فكذلك شأن هؤلء الجذوبي ‪ ،‬يذبم ال إليه على طريقه فيتول‬
‫اصطفاءهم وتربيتهم ‪ ،‬حت يصفى نفوسهم الترابية بأنواره ‪ ،‬كما يصفى جوهر العدن‬
‫بالنار ‪ ،‬حت تزول ترابيته ‪ ،‬وتبقى النفس صافية ‪ ،‬وتتد تلك التصفية حت إذا بلغوا‬
‫الغاية من الصفاء أوصلهم إل أعلى النازل ‪ ،‬وكشف لم الغطاء عن الحل ‪ ،‬وأهدى‬
‫إليهم عجائب من كلماته وعلومه ‪ ،‬وإنا يتد ذلك ‪ ،‬لن القلوب والنفوس ل تتمل =‬
‫أن الصطفاء ف اصطلح الصوفية هو الجتباء ف سابق العلم ‪ ،‬لقوله تعال ‪:‬‬
‫ستَقِيم ٍ [النعام‪ ، ]8 7 /‬ولقوله ‪ :‬اللّ ُه‬
‫ط مُ ْ‬
‫صرَا ٍ‬
‫وَا ْجَتَبيْنَاهُ ْم َوهَ َديْنَاهُمْ إِلَى ِ‬
‫َيصْ َطفِي مِ ْن الْمَلِئ َكةِ ُرسُل َومِ ْن النّاس ِ [الج‪ ، ]7 5 /‬ويدلل على اصطلحهم‬
‫با ينسبه لب بكر الواسطى (ت‪:‬بعد ‪3 2 0‬هـ) ‪ ،‬أنه قال ‪ ( :‬ابتداك بنفسه‬
‫واصطفاك لنفسه ‪ ،‬فمن استعظم ذلك ‪ ،‬حسنت إخطار نفسه فيما بذلت ‪ ،‬فإن‬
‫قابلته بنفس العناية ‪ ،‬تضمنك ما منه الداية ) ( ‪. )1‬‬
‫ويرى الجويرى (ت‪4 6 5 :‬هـ) أن الصطفاء ‪ ،‬هو أن يفرغ الق‬
‫قلب الؤمن لعرفته ‪ ،‬حت تنشر معرفته صفاءها فيه ‪ ،‬واستدل لذلك ‪ ،‬بقوله‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ب الّذِينَ اصْ َط َفْينَا مِ ْن عِبَا ِدنَا َف ِمْنهُ ْم ظَالِمٌ ِلنَفْسِ ِه‬
‫تعال ‪ :‬ثُمّ َأوْ َرْثنَا الْ ِكتَا َ‬
‫خْيرَات ِ [فاطر‪ ، ) ( ]3 2 /‬وكل هذه العان‬
‫‪2‬‬
‫َو ِمْنهُ ْم ُمقَْتصِ ٌد َو ِمْنهُمْ سَابِ ٌق بِالْ َ‬
‫تتوافق إل حد ما مع الصوله القرآنية ‪ ،‬وليس فيها ما يناقضها ‪ ،‬غي أن ابن‬
‫عرب (ت‪6 3 8 :‬هـ) يذكر معن آخر ‪ ،‬من منظور نظريته ف وحدة الوجود ‪،‬‬
‫فالصطفاء عنده يعن اصطفاء الكل لظهار الوحدة ‪ ،‬فالكل مصطفى ‪ ،‬سواء‬
‫‪:‬‬ ‫كان ظالا أو مقتصدا أو سابقا باليات ‪ ،‬ففى قوله تعال عن قوم نوح‬
‫ضلّوا َكثِيًا [نوح‪ ]2 4 /‬قال ‪ ( :‬أى حيوهم ف تعداد الواحد ‪ ،‬بالوجوه‬ ‫وَقَدْ أَ َ‬
‫والنسب وَل تَزِدْ ــــــــــــــــــــ‬
‫= مرة واحدة كل ذلك ‪ ،‬فل يزال يلطف بم ‪ ،‬حت يعودهم احتمال تلك الهوال الت‬
‫تستقبلهم من ملكه ) ‪ ،‬انظر ختم الولياء ص ‪. 4 0 9‬‬
‫‪ .1‬اللمع ص ‪. 4 4 7‬‬
‫‪ .2‬كشف الحجوب ص ‪. 6 3 5‬‬
‫الظّالِ ِميَ لنفسهم من جلة الصطفي ‪ ،‬الذين أورثوا الكتاب ‪ ،‬فهم أول‬
‫الثلثة ‪ ،‬فقدمه على القتصد ‪ ،‬والسابق باليات ) ( ‪ ، )1‬فالظال لنفسه عند‬
‫ابن عرب من الصطفي ‪ ،‬شأنه شأن القتصد والسابق باليات ‪ ،‬ويتلفون من‬
‫حيث النظر إل الوحدة والكثرة ‪ ،‬ويقول الكاشان (ت‪7 3 5 :‬هـ) ف شرحه‬
‫لقول ابن عرب ‪ ( :‬إنا فضل الظال على الباقي ‪ ،‬لن القتصد هو الشاهد‬
‫للكثرة ف الواحد ‪ ،‬والواحد ف الكثرة ‪ ،‬جامعا ف شهوده بي الق واللق‬
‫والسابق باليات ‪ ،‬هو الذى شهد الكثي واحدا ‪ ،‬فوحد الكثي ‪ ،‬وسار من‬
‫كثي إل الواحد ‪ ،‬فهما ليسا ف الية لكونما معتبين للخلق مع الق ‪ ،‬وأما‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫هذا الظال فل يرى إل الواحد ‪ ،‬القيقى كثيا بالعتبار ‪ ،‬فله الضلل أى الية‬
‫ولذلك قال بعدها ‪ :‬إل ضلل ‪ ،‬إل حية الحمدى ‪ ،‬حي قال ف ربه ‪ :‬زدن‬
‫فيك تيا ) ( ‪. )2‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -1 0‬الصطنـاع‬
‫**********************************‬
‫الصطناع ‪ :‬الصطناع البالغة ف إخراج الشئ وإصلحه ( ‪ ، )3‬وعن أب‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬فصوص الكم ص ‪ ، 6 8‬وانظر تذير العباد من أهل العناد لبهان الدين للبقاعى ص‬
‫‪ ، 2 1 8‬ف مناقشة معن الصفاء عند ابن عرب وموقف علماء السلم من تلميذ مدرسته‬
‫‪.‬‬
‫‪ .3‬الفردات ص‬ ‫‪ .2‬السابق ص ‪. 6 8 ،6 9‬‬
‫‪. 287‬‬

‫سعيد الدري ‪ ،‬أن النب لا كان يوم الديبية ‪ ،‬قال ‪ " :‬ل توقدوا نارا‬
‫بليل ‪ ،‬فلما كان بعد ذاك قال ‪ :‬أوقدوا واصطنعوا ‪ ،‬فإنه ل يدرك قوم بعدكم‬
‫صاعكم ول مدكم " ( ‪ ، )1‬ومن حديث عبد اللّه بن عمر ‪ " :‬أن النب‬
‫اصطنع خاتا من ذهب ‪ ،‬وجعل فصه ف بطن كفه إذا لبسه ‪ ،‬فاصطنع الناس‬
‫خواتيم من ذهب ‪ ،‬فرقي النب ‪ ،‬فحمد اللّه وأثن عليه ‪ ،‬فقال ‪" :‬إن كنت‬
‫اصطنعته وإن ل ألبسه ‪ ،‬فنبذه فنبذ الناس " ( ‪. )2‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫والتصنع تكلف حسن السمت ‪ ،‬فمن حديث أنس بن مالك قال ‪ " :‬مات‬
‫ابن لب طلحة من أم سليم ‪ ،‬فقالت لهلها ‪ :‬ل تدثوا أبا طلحة بابنه حت‬
‫أكون أنا أحدثه ‪ ،‬قال ‪ :‬فجاء ‪ ،‬فقربت إليه عشاء ‪ ،‬فأكل وشرب ‪ ،‬فقال ‪ :‬ث‬
‫تصنعت له ‪ ،‬أحسن ما كان تصنع قبل ذلك ‪ ،‬فوقع با ‪ ،‬فلما رأت أنه قد شبع‬
‫وأصاب منها ‪ ،‬قالت ‪ :‬يا أبا طلحة ‪ ،‬أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل‬
‫( )‬
‫‪3‬‬
‫بيت فطلبوا عاريتهم ألم أن ينعوهم ‪ ،‬قال ‪ :‬ل ‪ ،‬قالت ‪ :‬فاحتسب ابنك "‬
‫ويفسر الشوكان معن قوله تعال ‪ :‬وَاصْ َطَن ْعتُكَ ِلَنفْسِي [طه‪ ، ]4 1 /‬وقوله‬
‫صنَعَ عَلَى َعْينِي [طه‪ ، ]3 9 /‬أى لترب وتغذى برأى من ‪ ،‬يقال ‪:‬‬ ‫‪ :‬وَِلُت ْ‬
‫صنع الرجل جاريته إذا رباها ‪ ،‬وصنع فرسه إذا داوم على علفه والقيام عليه ‪،‬‬
‫وذلك ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه أحد ف السند ( ‪ )1 0 8 2 4‬والاكم ف الستدرك ( ‪ )4 3 3 6‬وقال‬
‫صحيح السناد ول يرجاه ‪ 3 / 3 8‬والطبان ف الكبي ( ‪. 5 / 2 6 8 )8 8 5 5‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب اللباس ( ‪. 1 0 / 3 3 8 )5 8 7 6‬‬
‫‪ .3‬أخرجه مسلم ف كتاب فضائل الصحابة ( ‪ 3 / 1 6 8 9 )2 1 4 4‬وأحد (‬
‫‪. )1 2 8 1 8‬‬
‫معروف ف اللغة ‪ ،‬ولكن ل يكون ف هذا تصيص لوسى ‪ ،‬فإن جيع الشياء‬
‫برأى من اللّه ‪ ،‬وخص موسى با بي اللّه ‪ ،‬من تكليفه الرسالة ف قوله ‪:‬‬
‫وَاصْ َطَن ْعتُكَ ِلَنفْسِي ‪ ،‬ولن الصطناع لفظ يمل معن دوام الرعاية‬
‫والوالة الت تؤدى إل نتيجة مأمولة ( ‪. )1‬‬
‫الصطناع ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ومصطلح الصطناع باق عند الصوفية على أصوله القرآنية ‪ ،‬وهو قريب ف‬
‫العن من مصطلح الصطفاء ‪ ،‬غي أنم ل يصوا موسى ‪ ،‬كما ورد ف القرآن‬
‫ولكن جعلوه لميع النبياء والصديقي ‪ ،‬كما ورد روى عن أب سعيد الراز‬
‫(ت‪2 7 9 :‬هـ) قال ‪ ( :‬أول باد من الق ‪ ،‬قد أخفاهم ف أنفسهم ‪ ،‬وأمات‬
‫أنفسهم ف أنفسهم ‪ ،‬واصطنعه لنفسه ‪ ،‬وهذا أول دخول ف التوحيد من حيث‬
‫ظهور التوحيد بالديومية ) ( ‪. )2‬‬
‫وقال السراج الطوسى (ت‪3 8 7 :‬هـ) ‪ ( :‬الصطناع مرتبة با النبياء‬
‫صلوات اللّه وسلمه عليهم أجعي والصديقي ‪ ،‬وقال قوم ‪ :‬الصطناع خص به‬
‫طَن ْعُتكَ ِلَن ْفسِي [طه‪/‬‬
‫صَ‬‫موسى من جيع النبياء عليهم السلم لقوله تعال ‪ :‬وَا ْ‬
‫‪ ]4 1‬وقال قوم ‪ :‬هى مرتبة النبياء عليهم السلم دون غيهم ‪ ،‬وسئل بعضهم‬
‫صَن َع َعلَى‬
‫ص َطَن ْعُتكَ ِلَن ْفسِي [طه‪ ، ]4 1 /‬وقوله ‪َ :‬وِلتُ ْ‬
‫عن قوله تعال ‪ :‬وَا ْ‬
‫َعْينِي [طه‪]3 9 /‬‬

‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬فتح القدير ‪. 3 / 3 6 5‬‬
‫‪ .2‬اللمع ص ‪. 4 4 7‬‬
‫فقال ‪ :‬ما نا نب ول ول من منته ‪ ،‬ول سلم أحد ف منته من فتنته ) ( ) ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ويذكر الجويرى (ت‪4 6 5 :‬هـ) أن الصطناع ‪ ،‬أن يهذب اللّه تعال العبد‬
‫بفناء جيع النصبة عنه ‪ ،‬وزوال جيع الظوظ ‪ ،‬ويبدل فيه أوصافه النفسانية‬
‫حت يفن عن نفسه ‪ ،‬بزوال النعت وتبديل الوصاف ‪ ،‬والخصوصون بذه‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫الدرجة هم النبياء عليهم السلم دون الولياء ‪ ،‬وجاعة من الشايخ غيهم‬
‫ييزون هذه الصفة على الولياء أيضا ( ) ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫صنَ َع عَلَى عَْينِي‬


‫وتكاد تكون اليات القرآنية ‪ ،‬كقوله جل ذكره ‪ :‬وَِلتُ ْ‬
‫هى مل اهتمام الصوفية بعن الصطناع كقول القشيى (ت‪4 6 5 :‬هـ) فيها‬
‫‪ ( :‬أى برأى من ‪ ،‬ويقال ‪ :‬ل أمكن غيى بأن يستبعدك عن ‪ ،‬أو كما يقال‬
‫أيضا ‪ :‬أحفظك من كل غي ‪ ،‬ومن كل حديث سوى حديثنا ‪ ،‬ويقال ‪ :‬ما‬
‫وكلنا حفظك إل أحد ) ( ) ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وقال ف قوله تعال ‪ :‬وَاصْ َطَن ْعتُكَ ِلَنفْسِي ‪ ( :‬استخلصتك ل حت ل‬


‫تصلح لحد غيى ‪ ،‬ول يتأتى شئ منك غي تبليغ رسالت ‪ ،‬وما هو مرادى‬
‫منك ‪ ،‬ويقال ‪ :‬أفردت سرك ل ‪ ،‬وجعلت إقبالك على دون غيى ‪ ،‬وحلت‬
‫بينك وبي كل أحد من هو دون ) ( ‪. )4‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬السابق ص ‪. 4 4 7‬‬
‫‪ .2‬كشف الحجوب ص ‪. 6 3 4‬‬
‫‪2/ 458‬‬ ‫‪ .4‬السابق‬ ‫‪ .3‬لطائف الشارات ‪. 2 / 4 5 6‬‬
‫‪.‬‬
‫وللكاشان (ت‪7 3 5 :‬هـ) ف كيفية اصطناع اللّه لوسى تأويل باطن‬
‫بعيد ‪ ،‬حيث يذكر أن اللّه أوحى إل النفس اليوانية ‪ ،‬أن اقذف موسى ف تابوت‬
‫البدن ‪ ،‬أو الطبيعة السمانية ‪ ،‬فاقذفيه ف ي الطبيعة اليولنية ‪ ،‬فليلقه اليم عند‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ظهور نور التمييز والرشد بساحل النجاة ‪ ،‬يأخذه عدوى ‪ ،‬النفس المارة بالسوء‬
‫البارة الفرعونية ‪ ،‬فيلقى عليه اللّه حبه ‪ ،‬ويعله مبوبا إل القلوب وإل كل شئ‬
‫حت النفس المارة والقوى النعطفة عليه ‪ ،‬ولتصنع على كلءتى وحفظى لك‬
‫بذا التدبي ‪ ..‬واستخلصتك لنفسى ‪ ،‬وجعلتك من جلة خواصى ‪ ،‬من بي أهل‬
‫مدينة البدن ‪ ،‬لا فيك من الصال الشريفة والهلية للفت ( ‪. )1‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -1 1‬العتصـــــام‬
‫**********************************‬
‫العتصام ‪ :‬العصم المساك والنع ‪ ،‬والعتصام الستمساك قال ‪ :‬قَالَ ل‬
‫عَاصِ َم اْلَي ْومَ مِنْ َأمْرِ اللّهِ إِل مَنْ َرحِم َ [هود‪ ، ]4 3 /‬أى ل شئ يعصم منه ‪،‬‬
‫ومن قال معناه ل معصوم ‪ ،‬فليس يعن أن العاصم بعن العصوم ‪ ،‬وإنا ذلك‬
‫تنبيه منه على العن القصود بذلك ‪ ،‬وذلك أن العاصم والعصوم يتلزمان ‪،‬‬
‫ن عَاصِم [يونس‪/‬‬
‫فأيهما حصل حصل معه الخر ‪ ،‬قال ‪ :‬مَا َلهُ ْم مِنْ اللّ ِه مِ ْ‬
‫‪. ) ( ]2 7‬‬ ‫‪2‬‬

‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬تفسيالقرآن الكري ‪ ،‬منسوب إليابن عرب ‪ ،‬ولكنه للكاشان ‪. 4 3 ،2 / 4 1‬‬
‫‪ .2‬انظر لسان العرب ‪ ، 1 2 / 4 0 3‬والفردات ص ‪. 3 3 7 ،3 3 6‬‬
‫حبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَل‬
‫والعتصام التمسك بالشئ ‪ ،‬قال تعال ‪ :‬وَا ْعَتصِمُوا بِ َ‬
‫َتفَرّقُوا [آل عمران‪ ، ]1 0 3 /‬وقال ‪َ :‬ومَ ْن َيعَْتصِ ْم بِاللّهِ َفقَ ْد هُدِيَ إِلَى‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ستَقِيمٍ [آل عمران‪ ]1 0 1 /‬وعن سفيان بن عبد اللّه الثقفي قال ‪" :‬‬
‫ط مُ ْ‬
‫صرَا ٍ‬
‫ِ‬
‫(‬
‫قلت يا رسول اللّه حدثن بأمر أعتصم به ؟ قال ‪ :‬قل رب اللّه ث استقم "‬
‫‪ ، )1‬ومن حديث أب هريرة ‪ ،‬أن رسول اللّه قال ‪ " :‬إن اللّه يرضى‬
‫لكم ثلثا ويكره لكم ثلثا ‪ ،‬فيضى لكم أن تعبدوه ول تشركوا به شيئا ‪،‬‬
‫وأن تعتصموا ببل اللّه جيعا ول تفرقوا ‪ ،‬ويكره لكم قيل وقال ‪ ،‬وكثرة‬
‫السؤال ‪ ،‬وإضاعة الال " ( ‪. )2‬‬
‫العتصام ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫العتصام ف الصطلح الصوف يعن التمسك ببل اللّه ‪ ،‬والطاعة على وفق‬
‫الكتاب والسنة ‪ ،‬وهذا العن هو السائد عند أغلبهم ‪ ،‬ويوافق ما عليه جهور‬
‫العلماء من غي الصوفية ‪ ،‬لدللة الصول القرآنية والنبوية عليه ( ‪ ، )3‬ومن أهم‬
‫ما ذكره الصوفية ف مصطلح العتصام ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه الترمذى ف كتاب الزهد ( ‪ )2 4 1 0‬وقال ‪ :‬حديث حسن ‪ ،‬وصححه‬
‫الشيخ اللبان ‪ ، 4 / 6 0 7‬وانظر جزء أشيب ‪ ،‬لب على السن بن موسى الشيب‬
‫البغدادى طبعة دار علوم الديث ‪ ،‬مراجعه خالد بن قاسم الفجية ‪ ،‬سنة ‪1 9 9 0‬م‬
‫‪1 4 1 0 ،‬هـ حديث رقم ( ‪ )3 3‬ص ‪. 6 0‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب القضية ( ‪.3 / 1 3 4 0 )1 7 1 5‬‬
‫‪ .3‬معجم اصطلحات الصوفية الكاشان ص ‪. 1 9 9‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫( ‪ -1‬قال الكيم الترمذى (ت‪3 2 0 :‬هـ) ‪ ( :‬وسألت عن العتصام ببل‬
‫ال وعن العتصام بال ‪ ،‬فإن ال تعال خلق العباد ‪ ،‬وهو أعلم با يفسدهم وما‬
‫يصلحهم ‪ ،‬فحرم وأحل ‪ ..‬فلول القرآن ‪ ،‬ما اهتدى العباد لا يصلحهم ما‬
‫يفسدهم ‪ ،‬فمن تأدب بأدب القرآن ‪ ،‬فقد اعتصم ببل ال ‪ ،‬أى امتنع ببل ال‬
‫عما يفسده ‪ ،‬وث للنفس بعد علمه با ف هذا القرآن تنازع وخصومة ‪ ،‬وتوثب‬
‫ف هذه الحارم ‪ ،‬ويتاج العبد إل أن يعتصم بال وياهد نفسه بقوة ‪ ،‬ما أعطى‬
‫من العلم والعقل ‪ ،‬والفهم والفظ ‪ ،‬والذهن والواعظ ‪ ،‬ويعلم مع ذلك أنه ل‬
‫ينجيه من ذلك إل فضل ال ورحته ‪ ،‬فإذا كان قلبه مع ال ف ذلك ‪ ،‬ول يلجأ‬
‫إل أحد سواه ف المتناع من ذلك السوء ‪ ،‬كان قد اعتصم بال عز وجل قال‬
‫ال تعال ‪:‬‬
‫ستَقِيم ٍ [آل عمران‪.) ( ) ]1 0 1 /‬‬
‫‪1‬‬
‫ط مُ ْ‬
‫صرَا ٍ‬
‫َومَ ْن َي ْعتَصِ ْم بِاللّهِ َفقَ ْد هُدِيَ إِلَى ِ‬ ‫‪‬‬

‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬آداب الريدين وبيان الكسب ص ‪ ، 1 0 7‬وقارن كلمه با ذكره المام الفقيه‬
‫الصول الحدث ‪ ،‬أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطب ف كتابيه العتصام‬
‫والوافقات ‪ ،‬وما ذكره أيضا ف رسالته الت أرسلها إل شيخ الصوفية ف عصره ‪ ،‬أب‬
‫عبد ال ممد بن عباد النفرى ‪ ،‬يسأله عن مسألة وقعت ف غرناطة ‪ ،‬واختلف فيها‬
‫أنظار العلماء وكثر فيها القيل والقال ‪ ،‬وهى هل على السالك إل ال تعال ‪ ،‬أن يتخذ‬
‫لزاما شيخ طريقة وتربية ‪ ،‬يسلك على يديه ؟ أم يسوغ له ‪ ،‬أن يكون سلوكه إل ال‬
‫تعال من طريق التعلم والتلقى من أهل العلم ‪ ،‬دون أن يكون له شيخ طريقة ؟ ‪،‬‬
‫فكتب إليه الشيخ ابن عباد رحه ال ‪ ،‬كلما نفيسا ف كيفية العتصام بالصول‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫القرآنية والنبوية ‪ ،‬انظر الرسائل الصغرى لبن عباد الطبعة الكاثولكية ‪ ،‬بيوت‬
‫‪1 9 5 7‬م ص ‪.1 2 5 : 1 0 6‬‬
‫وقريبا من هذا العن ‪ ،‬ما ذكره أبو القاسم القشيى (ت‪4 6 5 :‬هـ) أن‬
‫حقيقة العتصام تظهر ف صدق اللجوء إل اللّه ‪ ،‬ودوام الفرار إليه واستصحاب‬
‫الستغاثة إليه ‪ ،‬والعتصام ببله ف التمسك بآثار الواسطة العزيز ‪ ،‬صلوات اللّه‬
‫عليه ‪ ،‬وذلك بالتحقق والتعلق بالكتاب والسنة ‪ ،‬قال تعال ‪ :‬وَا ْعَتصِمُوا‬
‫حبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَل َتفَرّقُوا [آل عمران‪. ) ( ]1 0 3 /‬‬
‫‪1‬‬
‫بِ َ‬
‫( ‪ -2‬ويدلل أبو إساعيل النصارى الروى (ت‪4 8 1 :‬هـ) على العتصام‬
‫جمِيعًا وَل َتفَرّقُوا [آل عمران‪]1 0 3 /‬‬
‫حبْلِ اللّهِ َ‬
‫بقوله تعال ‪ :‬وَا ْعَتصِمُوا بِ َ‬
‫وقوله سبحانه ‪ :‬وَا ْعَتصِمُوا بِاللّ ِه ُهوَ َموْلكُم ْ [الج‪ ، ]7 8 /‬ويقول ‪:‬‬
‫( العتصام ببل ال ‪ ،‬هو الحافظة على طاعته ‪ ،‬مراقبا لمره ‪ ،‬والعتصام بال‬
‫هو الترقى عن كل موهوم ‪ ،‬والتخلص من كل تردد ‪ ،‬والعتصام على ثلث‬
‫درجات ‪:‬‬
‫‪ -1‬اعتصام العامة بالي استسلما وإذعانا ‪ ،‬بتصديق الوعد والوعيد ‪ ،‬وتعظيم‬
‫المر والنهى ‪ ،‬وتأسيس العاملة على اليقي والنصاف وهو العتصام ببل ال ‪.‬‬
‫‪ -2‬اعتصام الاصة بالنقطاع ‪ ،‬وهو صون الرادة قبضا ‪ ،‬وإسبال اللق على‬
‫اللق بسطا ‪ ،‬ورفض العلئق عزما ‪ ،‬وهو التمسك بالعروة الوثقى ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .1‬لطائف الشارات ‪ ، 2 6 7 ،1 / 2 6 5‬وانظر التوافق بي كلم القشيى ف‬
‫العتصام وما جاء ف كتاب اقتضاء الصراط الستقيم لبن تيمية ‪ ،‬تقيق الدكتور‬
‫ناصر عبد الكري العقل ‪ 1 / 6 0‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ -3‬اعتصام خاصة الاصة بالتصال ‪ ،‬وهو شهود الق تفريدا بعد الستخزاء‬
‫له تعظيما ‪ ،‬والشتغال به قربا وهو العتصام بال ( ‪. )1‬‬
‫( ‪ -3‬ولبن عطاء ال السكندرى ‪ ،‬كلم نفيس ف مصطلح العتصام ‪ ،‬من‬
‫قبيل التفسي الشارى أو التذكي بالثل القبول ‪ ،‬فيقول ‪ ( :‬اعلم أن هلك ابن‬
‫نوح ‪ ،‬إنا كان لجل رجوعه إل تدبي نفسه ‪ ،‬وعدم رضاه بتدبي ال الذى‬
‫‪ :‬يَابَُنيّ‬ ‫اختاره لنوح ‪ ،‬ومن كان معه ف السفينة ‪ ،‬فقال له نوح‬
‫ارْ َكبْ َمعَنَا وَل تَكُ ْن مَ َع اْلكَافِرِينَ قَا َل سَآوِي إِلَى َجبَ ٍل َيعْصِ ُمنِي مِ ْن الْمَاءِ قَالَ‬
‫ل عَاصِ َم اْلَي ْومَ مِنْ َأمْرِ اللّهِ إِل مَنْ َرحِمَ [هود‪ ]4 2 ،4 3 /‬فآوى ف العن إل‬
‫جبل عقله ‪ ،‬ث كان البل الذى اعتصم به ‪ ،‬صورة ذلك العن القائم به ‪ ،‬فكان‬
‫كما قال ال ‪ :‬وَحَا َل َبيَْنهُمَا الْ َموْجُ َفكَا َن مِ ْن الْ ُمغْرَقِي َ [هود‪ ، ]4 3 /‬ف‬
‫الظاهر بالطوفان وف الباطن بالرمان ) ( ) ‪ ،‬ث ينبه الصوف إل العتبار ‪ ،‬إذا‬
‫‪2‬‬

‫تلطمت عليه أمواج القدار ‪ ،‬فل يرجع إل جبل عقله الباطل ‪ ،‬لئل يكون من‬
‫الغرقي ف بر القطيعة ‪ ،‬ولكن يرجع إل سفينة العتصام بال والتوكل عليه‬
‫صرَاطٍ مُسَْتقِيم [آل عمران‪َ ]1 0 1 /‬ومَنْ‬ ‫َومَ ْن َي ْعتَصِ ْم بِاللّهِ َف َق ْد هُدِيَ إِلَى ِ‬
‫سبُه ُ [الطلق‪. ) ( ]3 /‬‬
‫‪3‬‬
‫َيَتوَكّلْ عَلَى اللّهِ َف ُهوَ حَ ْ‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .1‬التنوير ف إسقاط التدبي لبن عطاء ال السكندرى ‪ ،‬تقيق موسى ممد على وعبد‬
‫العال أحد العراب ‪ ،‬طبعة ممع البحوث السلمية ص ‪. 1 1 9‬‬
‫‪ .3‬منازل السائرين ص‬ ‫‪121‬‬ ‫‪ .2‬السابق ص‬
‫‪. 256‬‬

‫( ‪ -3‬ويعرف الكاشان (ت‪7 3 5 :‬هـ) العتصام بأنه الحتماء لقوله ‪:‬‬


‫حْب ِل الّلِه َجمِيعًا وَل َت َف ّرقُوا [آل عمران‪ ، ]1 0 3 /‬أى التجئوا إل اللّه‬ ‫صمُوا ِب َ‬
‫وَا ْعَت ِ‬
‫بسبب النجاة الذى هو حبل اللّه ‪ ،‬وهو القرآن الجيد ‪ ،‬ليحميكم اللّه من وقوع‬
‫ط ُم ْسَتقِيمٍ‬
‫صرَا ٍ‬
‫ي ِإلَى ِ‬
‫ص ْم بِالّلِه َف َق ْد ُه ِد َ‬
‫العذاب بكم ‪ ،‬قال تعال ‪َ :‬و َم ْن َي ْعَت ِ‬
‫[آل عمران‪ ]1 0 1 /‬أى يتمى به ‪ ،‬وهذا العتصام يذكره الكاشان على عدة أنواع ‪:‬‬
‫‪ -1‬اعتصام العامة ‪ :‬ويكون بالحافظة على الطاعة ‪ ،‬مراقبة لمر اللّه ‪ ،‬بيث‬
‫يكون العبد ‪ ،‬إنا يعبد اللّه لمره له بالعبادة ‪ ،‬ل لا يرجوه من خي أخروى‬
‫أو يافه من شر كذلك ‪ ،‬بل امتثال لمره له ل غي ‪ ،‬وهذا هو العتصام‬
‫ببل اللّه الذى هو سبب الوصول إليه ‪.‬‬
‫‪ -2‬اعتصام الاصة ‪ :‬وهو احتماؤهم بإرادته تعال عن إرادتم ‪ ،‬بانقطاع‬
‫أنفسهم عن غرض الرادات ‪ ،‬فل يبقى لم إرادة ‪ ،‬ويسمى بصون الرادة‬
‫الشار إليه ف قول أب يزيد (ت‪2 6 1 :‬هـ) ‪ ( :‬أريد أل أريد ) ‪.‬‬
‫‪ -3‬اعتصام خاصة الاصة ‪ :‬وهو احتماء العبد بوية الق ‪ ،‬عن رؤية إنية‬
‫يضيفها إل نفسه ‪ ،‬أو إل غيه من اللق ‪.‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ -4‬اعتصام خلصة خاصة الاصة ‪ :‬وهو أن يستهلك العبد تت قهر سلطان‬
‫التجليات اللية ( ) ‪ ،‬ويراعى ف تقسيم الروى والكاشان للعتصام ‪ ،‬أنه‬ ‫‪1‬‬

‫تقسيم اجتهادى ذوقى ‪ ،‬يفتقر إل الدليل النقلى القنع ‪ ،‬وخصوصا تقسيم‬


‫الكاشان لن فيه معان كثية ‪ ،‬مغايرة للصول القرآنية والنبوية ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪1/ 2 2 0‬‬ ‫‪ .1‬لطائف العلم‬
‫**********************************‬
‫‪ -1 2‬المتحان‬
‫**********************************‬
‫المتحان ‪ :‬ورد ف القرآن والسنة على معن الختبار والبتلء ‪ ،‬كقول ال‬
‫تعال ‪ُ :‬أوَْلئِكَ الّذِينَ ا ْمتَحَنَ اللّهُ ُقلُوبَهُمْ لِلّتقْوَى [الجرات‪ ، ]3 /‬وهم الذين‬
‫يغضون أصواتم عند رسول اللّه ‪ ،‬قال قتادة ف معن الية ‪ " :‬أخلص قلوبم‬
‫للتقوى كما يتحن الذهب بالنار فيخرج جيده من رديئه ويسقط خبثه " ( ‪. )1‬‬
‫ومن حديث علي بن أب طالب ‪ ،‬أن النب قال ‪ " :‬يا معشر قريش‬
‫لتنتهن ‪ ،‬أو ليبعثن اللّه عليكم ‪ ،‬من يضرب رقابكم بالسيف على الدين ‪ ،‬قد‬
‫امتحن اللّه قلبه على اليان " ( ‪. )2‬‬
‫وورد المتحان بعن التثبت من صدق النية واستقرار اليان ‪ ،‬كقوله تعال ‪:‬‬
‫حنُوهُنّ اللّهُ‬
‫يَا َأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْ ُم ْؤ ِمنَاتُ ُمهَا ِجرَاتٍ فَا ْمتَ ِ‬
‫كفّارِ َ [المتحنة‪]1 0 /‬‬ ‫َأعْلَ ُم بِِإيَاِنهِنّ فَِإنْ عَِل ْمتُمُوهُ ّن ُم ْؤ ِمنَاتٍ فَل تَ ْر ِجعُوهُنّ إِلَى الْ ُ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫وذلك أن رسول اللّه ‪ ،‬لا صال قريشا يوم الديبية ‪ ،‬على أن يرد عليهم من‬
‫جاءهم من السلمي ‪ ،‬هاجر إليه النساء فأب اللّه أن يرددن إل الشركي ‪ ،‬وأمر‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬فتح القدير ‪ ، 5 / 5 9‬ولسان العرب ‪. 1 3 / 4 0 1‬‬
‫‪ .2‬أخرجه الترمذى ف كتاب الناقب ( ‪ )3 7 1 5‬وقال ‪ :‬حسن صحيح غريب ‪،‬‬
‫وقال الشيخ اللبان ‪ :‬ضعيف السناد ‪ ،‬لكن الملة الخية منه صحيحة متواترة‬
‫‪. 5/ 634‬‬
‫بامتحانن ‪ ،‬فكان يستحلفن باللّه ‪ ،‬ما خرجن من بغض زوج ‪ ،‬ول رغبة من‬
‫أرض إل أرض ‪ ،‬ول للتماس دنيا ‪ ،‬بل حبا ل ولرسوله ورغبة ف دينه فإذا‬
‫حلفت كذلك ‪ ،‬أعطى النب زوجها مهرها ‪ ،‬وما أنفق عليها ‪ ،‬ول يردها إليه‬
‫( ‪. )1‬‬
‫وعن السور بن مرمة قال ‪ " :‬جاءت الؤمنات مهاجرات ‪ ،‬وكانت أم‬
‫كلثوم بنت عقبة بن أب معيط ‪ ،‬من خرج إل رسول اللّه يومئذ وهي عاتق‬
‫فجاء أهلها يسألون النب أن يرجعها إليهم ؟ فلم يرجعها إليهم لا أنزل اللّه‬
‫حنُوهُنّ اللّهُ‬
‫ت ُمهَا ِجرَاتٍ فَا ْمتَ ِ‬
‫فيهن ‪ :‬يَا َأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا إِذَا جَاءَكُ ْم الْ ُم ْؤمِنَا ُ‬
‫َأعْلَ ُم بِِإيَاِنهِنّ ‪ ،‬فمن أقر بذا الشرط منهن ‪ ،‬قال لا رسول اللّه ‪ " :‬قد‬
‫بايعتك كلما " ( ‪. )2‬‬
‫المتحان ف عرف الصوفية ‪:‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫والمتحان ف عرف الصوفية ‪ ،‬اختبار القلوب ف مدى صدقها وثباتا على‬
‫اليان ‪ ،‬وذلك برؤية مواقفها ف ابتلءات الق ‪ ،‬روى عن خي النساج‬
‫(ت‪:‬بعد ‪3 0 0‬هـ) أنه دخل بعض الساجد فتعلق به شاب من أصحابه ‪،‬‬
‫فقال له ‪ :‬يا شيخ ‪ ،‬تعطف على فإن منت عظيمة ‪ ،‬فقال خي النساج ‪ :‬وما‬
‫منتك ؟ فقال ‪ :‬افتقدت البلء وقورنت بالعافية ‪ ،‬وأنت تعلم أن هذه منة‬
‫عظيمة ( ) ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬السابق ‪. 5 / 2 1 5‬‬
‫‪ .3‬اللمع ص‬ ‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الشروط ( ‪. 5 / 3 6 8 )2 7 1 3‬‬
‫‪. 448‬‬
‫سبَ النّاسُ َأنْ‬ ‫يشي بذلك إل الصل القرآن الوارد ف قوله تعال ‪ :‬ال أَحَ ِ‬
‫ُيتْرَكُوا َأ ْن َيقُولُوا آ َمنّا َوهُ ْم ل ُيفَْتنُو َن وََلقَدْ َفَتنّا الّذِي َن مِنْ َقبِْلهِمْ َفَلَيعْلَمَنّ اللّهُ‬
‫الّذِينَ صَدَقُوا وََلَيعْلَمَ ّن اْلكَا ِذبِيَ [العنكبوت‪ ) ( ]3 : 1 /‬ويقول السراج‬
‫‪1‬‬

‫الطوسى (ت‪3 8 7 :‬هـ) ‪ :‬المتحان ابتلء من الق ‪ ،‬يل بالقلوب القبلة على‬
‫اللّه تعال ومنتها انقسامها وتشتتها ‪ ،‬ث يقسم المتحان إل ثلثة أنواع ‪:‬‬
‫‪ -1‬امتحان لقوم منهم عقوبة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬امتحان لقوم منهم تحيص وكفارة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬امتحان لقوم منهم استدعاء الزيادة وارتفاع الدرجة ( ‪. )2‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫وكلم السراج الطوسى ‪ ،‬معب عن العن القرآن بدرجة دقيقة ‪ ،‬وياثله قول‬
‫الجويرى (ت‪4 6 5 :‬هـ) ‪ ( :‬المتحان ف عرف الصوفية ‪ ،‬يعن امتحان‬
‫قلوب الولياء بأنواع البليا الت تأتى من الق تعال ‪ ،‬من خوف وحزن ‪،‬‬
‫حنَ اللّهُ قُلُوَبهُمْ‬
‫ك الّذِي َن امْتَ َ‬
‫وقبض وهيبة ‪ ،‬وأمثال ذلك لقوله تعال ‪ُ :‬أوْلَئِ َ‬
‫لِلتّ ْقوَى َلهُ ْم َم ْغفِ َرةٌ َوأَجْ ٌر عَظِيمٌ [الجرات‪ ، ]3 /‬وف هذا درجة عظيمة ) ( ‪، )3‬‬
‫ولعلهم استقوا هذه العان ‪ ،‬من حديث أنس بن مالك قال ‪ " :‬كان رسول‬
‫ال ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .2‬كشف الحجوب ص ‪ ، 6 3 2‬وانظر‬ ‫‪ .1‬اللمع ص ‪. 4 4 8‬‬
‫الفتح الربان والفيض الرحان ‪ ،‬لعبد القادر اليلن ‪ ،‬عناية رجب أحد علم ‪،‬‬
‫طبعة مصطفى الباب اللب ‪1 4 0 0‬هـ ‪1 9 7 9 ،‬م الجلس التاسع ف ابتلء‬
‫الؤمن ص ‪. 3 3‬‬
‫‪ .3‬السابق ص ‪ ، 4 4 9‬كتب الدكتور فاروق الدسوقى بثا عن حقيقة البتلء وكيف‬
‫دار =‬
‫يكثر أن يقول ‪ :‬يا مقلب القلوب ثبت قلب على دينك ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يا رسول ال‬
‫آمنا بك وبا جئت به ‪ ،‬فهل تاف علينا ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬إن القلوب بي إصبعي‬
‫من أصابع ال ‪ ،‬يقلبها كيف يشاء " ( ‪. )1‬‬
‫وقول أنس ‪ :‬هل تاف علينا ؟ دليل على أن النب يتوقع المتحان من ال‬
‫‪ ،‬بتقليب القلب ف أى لظة ‪ ،‬وأنه على السلم أن يدعوا ال العانة ‪ ،‬قال أبو‬
‫حنَ اللّهُ‬
‫ك الّذِي َن امْتَ َ‬
‫القاسم القشيى (ت‪4 6 5 :‬هـ) ف قوله تعال ‪ُ :‬أوْلَئِ َ‬
‫ُقلُوبَهُمْ لِلّتقْوَى ‪ ،‬هم الذين تقع السكينة عليهم من هيبة حضرته ‪ ،‬أولئك هم‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫الذين امتحن اللّه قلوبم للتقوى ‪ ،‬بانتزاع حب الشهوات منها ‪ ،‬فاتقوا سوء‬
‫الخلق وراعوا الدب ‪ ،‬ويقال هم الذين انسلخوا من عادات البشرية ) ( ) ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ت ُمهَا ِجرَاتٍ‬
‫ويقول ف قوله تعال ‪ :‬يَا َأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا إِذَا جَاءَكُ ْم الْ ُم ْؤمِنَا ُ‬
‫حنُوهُنّ ‪ ( :‬كان النب يتحنهن باليمي ‪ ،‬فيحلفن إنن ل يرجن إل ل‬ ‫فَا ْمتَ ِ‬
‫ول يرجن مغايظة لزواجهن ول يرجن طمعا ف مال ‪ ،‬وف الملة المتحان‬
‫طريق إل العرفة ‪ ،‬وجواهر الناس تتبي بالتجربة ‪ ،‬ومن أقدم على شئ من غي‬
‫تربة تسى كأس الندم ) ( ‪. )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫= عليها موضوع القضاء والقدر ف السلم وكيف يفسر من خللا علقة النسان بربه ؟ من‬
‫خلل استقصاء شامل للصول القرآنية والنبوية ‪ ،‬وهو بث قيم نفيس ‪ ،‬انظر القضاء‬
‫والقدر ف السلم ‪ ،‬طبعة دار الدعوة ‪ ،‬السكندرية ‪1 9 8 2‬م ‪ 1 / 1 6 6 ،‬وما‬
‫بعدها ‪.‬‬
‫‪ .1‬أخرجه الترمذى ف سننه ( ‪ ، )2 1 4 0‬وقال اللبان ‪ :‬صحيح ‪. 4 / 4 4 8‬‬
‫‪ .3‬السابق ‪ ، 3 / 5 7 3‬وانظر ف تفصيل‬ ‫‪ .2‬لطائف الشارات ‪. 3 / 4 3 8‬‬
‫المتحان =‬
‫**********************************‬
‫‪ -1 3‬النـــــابة‬
‫**********************************‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫النابة ‪ :‬الرجوع إل اللّه بالتوبة ‪ ،‬وف الذكر الكيم ‪ُ :‬منِيبِيَ إِلَيْ ِه وَاتّقُوهُ‬
‫َوأَقِيمُوا الصّل َة وَل تَكُونُوا مِ ْن الْمُشْرِ ِكيَ [الروم ‪ ، ]3 1 /‬أى راجعي إل ما‬
‫أمر به ‪ ،‬غي خارجي عن شئ من أمره ( ) ‪ ،‬والنابة وردت ف الكتاب والسنة‬
‫‪1‬‬

‫على معن الرجوع إل اللّه تعال ‪ ،‬بالتوبة وإخلص العمل ‪ ،‬كقوله تعال ‪:‬‬
‫َوَأنِيبُوا إِلَى َرّبكُ ْم َوأَسِْلمُوا لَه ُ [الزمر‪ ، ]5 4 /‬وقوله سبحانه ‪ :‬فَا ْسَتغْفَ َر‬
‫َربّ ُه وَ َخرّ رَا ِكعًا َوأَنَاب َ [ص‪ ]2 4 /‬وف السنة من حديث بريدة ‪ " :‬أتقوله‬
‫مُرَاءٍ يا رسول اللّه ‪ ،‬فقال ‪ :‬ل ‪ ،‬بل مؤمن منيب ‪ ،‬بل مؤمن منيب " ( ‪ ، )2‬ومن‬
‫دعاء النب الذى رواه عبد ال بن عباس ‪ " :‬اللّهم لك أسلمت ‪ ،‬وبك‬
‫آمنت وعليك توكلت ‪ ،‬وإليك أنبت ‪ ،‬وبك خاصمت ‪ ،‬وإليك حاكمت ‪،‬‬
‫فاغفر ل ــــــــــــــــــــ‬
‫= وعلقته بالقلوب ‪ ،‬وما جاء ف كيفية تقليب ال للخواطر ف قلب وانبعاثها من نازع‬
‫الي أو نازع الشر ‪ ،‬ومن هاتف الي أو هاتف الشر ‪ ،‬وكيف تدث العصمة بالدية‬
‫من ال ‪ ،‬والذلن بالعدل والمتحان ‪ ،‬من التراث الصوف لسهل بن عبد ال ص‬
‫‪ 1 7 4‬وما بعدها ‪ ،‬وقوت القلوب ‪. 1 / 1 2 3‬‬
‫‪ .1‬لسان العرب ‪ ، 1 / 7 7 5‬وانظر الفردات ص ‪ ، 5 0 8‬والصباح الني ف غريب‬
‫الشرح الكبي للرافعي ‪ ،‬تأليف أحد بن ممد القري الفيومي ‪ ،‬نشر الكتبة العلمية بيوت‬
‫‪. 2/ 6 2 9‬‬
‫‪ .2‬أخرجه أحد ف السند ( ‪ ، 5 / 3 4 9 )2 3 0 0 2‬وهو حديث صحيح ‪.‬‬
‫ما قدمت وما أخرت ‪ ،‬وما أسررت وما أعلنت " ( ‪ ، )1‬ومن حديث عبد ال‬
‫بن عباس أيضا ‪ ،‬يرفعه ‪ " :‬رب اجعلن لك ‪ ،‬شكارا لك ‪ ،‬ذكارا لك‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫رهابا لك ‪ ،‬مطواعا لك ‪ ،‬مبتا إليك ‪ ،‬أواها منيبا ‪ ،‬رب تقبل توبت ‪ ،‬واغسل‬
‫حوبت ‪ ،‬وأجب دعوت وثبت حجت " ( ‪. )2‬‬
‫النابة ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والنابة ف اصطلح الصوفية ‪ ،‬وردت على معن الرجوع من مالفة المر‬
‫إل موافقته ‪ ،‬فل يدك حيث ناك ‪ ،‬ول يفتقدك حيث أمرك ( ‪ ، )3‬وقد أورد‬
‫الكلباذى (ت‪3 8 0 :‬هـ) ف حدها ‪ ،‬بعض القوال الت تتوافق مع العن‬
‫العام للصول القرآنية أهها ( ‪: )4‬‬
‫‪ -1‬النابة إخراج القلب من ظلمات الشبهات ‪.‬‬
‫‪ -2‬النابة الرجوع من الكل إل من له الكل ‪.‬‬
‫‪ -3‬النابة الرجوع من الغفلة إل الذكر ‪ ،‬ومن الوحشة إل النس ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب المعة ( ‪. 3 / 5 )1 1 2 0‬‬
‫‪ .2‬أخرجه الترمذى ف كتاب الدعوات ( ‪ )3 5 5 1‬قال أبو عيسى الترمذى ‪ :‬هذا‬
‫حديث حسن ‪ ،‬وقال الشيخ اللبان ‪:‬صحيح ‪ ، 5 / 5 5 4‬وأخرجه أبو داود (‬
‫‪ 2 / 8 3 )1 5 1 0‬والنسائى ف السنن الكبى ( ‪. 6 / 1 5 5 ، )1 0 4 4 3‬‬
‫‪ .3‬لطائف العلم ‪. 1 / 2 4 8‬‬
‫‪ .4‬التعريفات ص ‪. 3 9‬‬
‫وقد ذكر الشيخ أبو اساعيل النصارى الروى (ت‪4 8 1 :‬هـ) تفصيل‬
‫قريبا من هذه العان ‪ ،‬اجتهد ف تقسيمها بنوع من الدقة ‪ ،‬يكن اعتبارها من‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫َوَأنِيبُوا إِلَى َرّبكُمْ ُ ثلثة أشياء‬ ‫قبيل التفسي ‪ ،‬فقال ‪ :‬النابة ف قوله تعال ‪:‬‬
‫()‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫أول ‪ :‬الرجوع إل الق اصلحا ‪ ،‬كما رجع إليه اعتذارا ‪ ،‬وذلك يكون‬
‫بالروج من التبعات ‪ ،‬والتوجع للعثرات ‪ ،‬واستدراك الفائتات ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الرجوع إليه وفاء ‪ ،‬كما رجع إليه إجابة ‪ ،‬وذلك يكون باللص من لذة‬
‫الذنب ‪ ،‬وبترك استهانة أهل الغفلة ‪ ،‬توفا عليهم مع الرجاء ‪ ،‬لنفسك‬
‫بالستقصاء ف رؤية علل الدمة ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الرجوع إليه حال ‪ ،‬كما رجع إليه إجابة ‪ ،‬وذلك بالياس من عملك‬
‫ومعاينة اضطرارك ‪ ،‬وشيم برق لطفك ‪.‬‬
‫والنابة بالعن القرآن السابق عند بعض الصوفية إنابة العوام ‪ ،‬أما ما يتلوها من‬
‫مراتب النابة ‪ ،‬فهى للخواص على اختلف درجاتم ‪ ،‬فإنابة الاصة ‪ :‬هى‬
‫الرجوع من مالفة الرادة اللية إل موافقتها ‪ ،‬بيث ل يتلج ف القلب إرادة‬
‫شئ من الشياء ‪ ،‬لعلمه أنه ل يقع إل ما أراد اللّه وقوعه ( ‪ ، )2‬يقول الكاشان ‪:‬‬
‫( وهذا أحد الوجوه الت يمل عليها قول أب يزيد ‪ :‬أنا الراد وأنت الريد ‪ ،‬إذ‬
‫( ‪)3‬‬
‫ل مريد سواه ‪ ،‬فالكل مراد له تعال ‪ ،‬فإنه ما شاء كان وما ل يشأ ل يكن‬
‫‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬منازل السائرين للهروى ص ‪. 1 7 8‬‬
‫‪ .3‬السابق ‪. 1 / 2 4 9‬‬ ‫‪ .2‬لطائف العلم ‪. 2 4 9 ، 1 / 2 4 8‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ث إنابة خاصة الاصة ‪ :‬وهى أل يرى مع اللّه سواه ( ‪ ، )1‬ث إنابة خلصة خاصة‬
‫( ‪)2‬‬
‫الاصة ‪ :‬وهى أل يرى فيما يقال إنه سواه ‪ ،‬أنه شئ سوى مراتب تلياته‬
‫ث إنابة صفاء خلصة خاصة الاصة ‪ :‬ويعرف الكاشان حدها عندهم بقوله ‪:‬‬
‫( تكنك عند إنابتك إليه ‪ ،‬بيث ل تنقهر تت سلطنة التجلى ‪ ،‬عن رؤية‬
‫الجلى باستهلكك ف نور التجلى ‪ ،‬لئل يستهلك أحكام الراتب ‪ ،‬فيفوتك‬
‫الي الكثي ‪ ،‬الذى هو معرفة الكمة ف أحكام مواقع تلك التجليات ‪ ،‬والقيام‬
‫بقوقها ) ( ‪. )3‬‬
‫ول شك أن هذا التقسيم ف مثل هذه التواليات الصوفية ‪ ،‬جرأة عجيبة‬
‫ومبالغة غريبة ف التصنيف الذى يعوزه الدليل ‪ ،‬ل سيما بثل هذا الكلم الذى‬
‫يرج من دلو الوحدة ‪ ،‬كما أن النابة من أعمال القلوب وهى غيب ‪ ،‬فإن‬
‫قسمها الكاشان بناء على إحساسه اليان ‪ ،‬فما الدليل على تعميمه عند‬
‫الصوفية ؟ ‪ ،‬ويكن أن نلحظ ف مثل هذه التقسيمات ‪،‬مدى التغي الدلل‬
‫للمصطلح الصوف ‪ ،‬عب مراحل التطور ف حركة التصوف ‪ ،‬من معان قريبة‬
‫للصول القرآنية والنبوية ف مراحله الول ‪ ،‬إل معان مركبة معقدة تفتقر إل‬
‫الدليل النقلى أو العقلى ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬السابق ‪. 1 / 2 4 9‬‬
‫‪ .2‬السابق ‪ 1 / 2 4 9‬وهذا العن والذى يليه نابع من معي وحدة الوجود ‪.‬‬
‫‪ .3‬السابق ‪ ، 1 / 2 4 9‬انظر ف معان النيابة عند ابن عرب ‪ ،‬العجم الصوف للدكتورة‬
‫سعاد حكيم ص ‪. 1 0 7 7‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -1 4‬اليثــــار‬
‫**********************************‬
‫اليثار ‪ :‬تفضل الغي على النفس ‪ ،‬قال تعال ‪َ :‬وُيؤْثِرُو َن عَلَى َأْنفُ ِ‬
‫سهِ ْم وََلوْ‬
‫صةٌ [الشر‪ ، ]9 /‬أى يفضلون غيهم عليهم ‪ ،‬وقوله تعال عن‬ ‫كَا َن ِبهِمْ َخصَا َ‬
‫إخوة يوسف ‪ :‬قَالُوا تَاللّهِ َلقَ ْد آثَ َركَ اللّ ُه عََلْينَا [يوسف‪ ، ]9 1 /‬أى فضلك ‪.‬‬
‫وقوله ‪ " :‬ستكون بعدي أثرة ‪ ،‬وأمور تنكرونا ‪ ،‬قالوا يا رسول اللّه ‪:‬‬
‫كيف تأمر من أدرك منا ذلك ؟ قال ‪ :‬تؤدون الق الذي عليكم ‪ ،‬وتسألون اللّه‬
‫الذي لكم " ( ‪ ، )1‬أى يستأثر بعضكم على بعض ‪ ،‬والستئثار التفرد بالشئ من‬
‫دون غيه ( ‪. )2‬‬
‫وقال رسول اللّه ‪ ،‬لب هريرة ‪ " :‬عليك السمع والطاعة ‪ ،‬ف عسرك‬
‫ويسرك ‪ ،‬ومنشطك ومكرهك ‪ ،‬وأثرة عليك " ( ‪ ، )3‬وعنه أيضا ‪ " :‬أن‬
‫رجل أتى النب ‪ ،‬فبعث إل نسائه ‪ ،‬فقلن ‪ :‬ما معنا إل الاء ‪ ،‬فقال رسول‬
‫اللّه ‪ :‬من يضم أو يضيف هذا ؟ ‪ ،‬فقال رجل من النصار أنا ‪ :‬فانطلق به إل‬
‫امرأته فقال ‪ :‬أكرمي ضيف رسول اللّه ‪ ،‬فقالت ‪ :‬ما عندنا إل قوت‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب المارة ( ‪. 3 / 1 4 6 7 )1 8 4 3‬‬
‫‪ .2‬لسان العرب ‪ ، 4 / 7‬والفردات ص ‪ ، 1 0 ، 9‬ومتار الصحاح ص ‪. 2‬‬
‫‪ .3‬أخرجه مسلم ف كتاب المارة ( ‪. 3 / 1 4 6 2 )1 8 3 6‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫صبيان ‪ ،‬فقال ‪ :‬هيئي طعامك ‪ ،‬وأصبحي سراجك ‪ ،‬ونومي صبيانك إذا أرادوا‬
‫عشاء ‪ ،‬فهيأت طعامها ‪ ،‬وأصبحت سراجها ‪ ،‬ونومت صبيانا ‪ ،‬ث قامت كأنا‬
‫تصلح سراجها فأطفأته ‪ ،‬فجعل يريانه أنما يأكلن ‪ ،‬فباتا طاويي ‪ ،‬فلما أصبح‬
‫غدا إل رسول اللّه ‪ ،‬فقال ‪ :‬ضحك اللّه الليلة ‪ ،‬أو عجب من فعالكما‬
‫ص ٌة َومَ ْن يُوقَ‬
‫فأنزل اللّه ‪َ :‬وُي ْؤثِرُونَ عَلَى َأْنفُسِهِ ْم وََلوْ كَانَ ِبهِمْ َخصَا َ‬
‫" )‪.‬‬ ‫ك هُ ْم الْ ُمفْلِحُون َ‬
‫‪(1‬‬
‫شُ ّح َنفْسِهِ َفُأوْلَئِ َ‬
‫اليثار ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫واليثار ف الصطلح الصوف يرد على العن القرآن ويرد على غيه ‪:‬‬
‫فمن العن القرآن ‪ :‬اليثار هو تصيص الغي على النفس ( ‪ ، )2‬كما روى‬
‫عن أب حفص النيسابورى (ت‪2 7 0 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬اليثار ‪ ،‬أن تقدم‬
‫حظوظ الخوان على حظك ‪ ،‬ف أمر آخرتك ودنياك ) ( ‪ )3‬وقولة ف حظ‬
‫آخرتك ودنياك فيه نظر ‪ ،‬لن إثار الدنيا ‪ ،‬مبتغاه ما عند ال ف الخرة ‪،‬‬
‫والزهد ف الدنيا ‪ ،‬مقترن بالرغبة ف الخرة ‪ ،‬أما الزهد ف الخرة ‪ ،‬وإيثار الغي‬
‫فهو مالف لا رواه أبو هريرة ‪ ،‬أن رسول ال قال ف الصف الول ‪" :‬‬
‫ولو يعلمون ما ف الصف القدم ‪ ،‬لستهموا " ( ‪ ، )4‬والقرب من كلم الصوفية‬
‫إل الصول ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الناقب ( ‪. 7 / 1 4 9 )3 7 9 8‬‬
‫‪ .2‬لطائف العلم ‪ 1 / 2 5 7‬وانظر مواقع النجوم لبن عرب ص ‪ 9 7‬وقارن ‪.‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .4‬أخرجه البخارى عَنْ أَبِي ُهرَْي َرةَ ف كتاب‬ ‫‪ .3‬طبقات الصوفية ص ‪. 1 2 2‬‬
‫الذان ( ‪ ، 2 / 6 8 )5 8 0‬و مسلم ف كتاب الساجد ومواضع الصلة ( ‪)6 5 4‬‬
‫واللفظ له ‪.‬‬
‫القرآنية والنبوية ف اليثار ‪ ،‬ما ينسب لعبد اللّه بن خفيف (ت‪3 7 1 :‬هـ) أنه‬
‫قال ‪ ( :‬إن استطعت أل يسبقك أحد إل مولك فافعل ‪ ،‬ول تؤثر على مولك‬
‫شيئا ) ( ‪. )1‬‬
‫وهذا اليثار يسميه عبد الرزاق الكاشان (ت‪7 3 5 :‬هـ) إيثار‬
‫الشريعة فيقول ‪ ( :‬إيثار الشريعة ‪ ،‬هو اليثار الذى تدعوا إليه الشريعة ‪ ،‬وهو‬
‫أن يكون العبد مؤثر اللّه ورسوله ‪ ،‬على هوى نفسه ‪ ،‬بيث ل يعصى اللّه ف‬
‫شئ ما أمر ونى ‪ ،‬قال ‪ " :‬والذى نفسى بيده ‪ ،‬ل يؤمن أحدكم ‪ ،‬حت‬
‫يكون هواه تبعا لا جئت به " ( ‪. )2‬‬
‫أما اليثار القيقى عند الكاشان ‪ ،‬فهو اليثار من منظور أصحاب الوحدة‬
‫حيث يسميه إيثار التقي ‪ ،‬وهو إيثار هؤلء القوم الذين جعلوا أنفسهم وقاية‬
‫للحق ‪ ،‬وهذا باطن التقوى ‪ ،‬فيؤثرون نسبة الذام والنقائص إليهم ‪ ،‬وقاية للحق‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬السابق ص ‪ 1 4 4‬وانظر أيضا ف اليثار على هذا العن ‪ :‬الفتح الربان والفيض‬
‫الرحان لعبد القادر اليلن ‪ ،‬الجلس الامس عشر ف إيثار الؤمن على نفسه ص‬
‫‪ 5 5‬وما بعدها ‪ ،‬والتمكي ف شرح منازل السائرين ‪ ،‬تأليف ممود النوف ‪ ،‬طبعة‬
‫دار النهضة العربية القاهرة ص ‪ 1 3 7‬وما بعدها ‪ ،‬وشفاء السائل ف تذيب‬
‫السائل ‪ ،‬لبن خلدون نشر عبده خليفة ص ‪. 4 4‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .2‬لطائف العلم ‪ ، 1 / 2 5 7‬والديث أخرجه ابن رجب ف جامع العلوم والكم‬
‫عن عمرو بن العاص برقم ( ‪ 1 / 3 7 6 )4 1‬وقال ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪ ،‬رويناه‬
‫ف كتاب الجة بإسناد صحيح ‪ ،‬وانظر أيضا نوادر الصول ف أحاديث الرسول‬
‫‪. 4/ 164‬‬
‫وتنيها له عن ذلك ‪ ،‬وكذا ل ينسب القيام والتصاف بشئ من الفضائل‬
‫والكمالت ‪ ،‬لن له كل ذلك بل مشارك ‪ ،‬فمن راعى جال الق فيما يضاف‬
‫إليه من أوصاف اللق على هذا الد من التأدب ‪ ،‬معه فهو التصف بقيقة‬
‫التقوى وباطنها ‪ ،‬لنه قد جعل نفسه وقاية للحق ‪ ،‬أن ينسب إليه شيئا من‬
‫الذام بل إليها ‪ ،‬واتقاه أيضا عن أن يتهجم عليه ‪ ،‬باعتقاد مشاركته ف شئ‬
‫ينسب إل نفسه شيئا من الحامد الت إنا ين سبها إل ربه فقط ‪ ،‬مع عل مه با‬
‫أخب به تعال عن نفسه ‪ ،‬بقوله ‪ :‬وَلِلّ ِه َغيْ بُ ال سّمَاوَاتِ وَالَرْ ضِ َوإَِليْ ِه يُرْ َج عُ‬
‫ا َلمْرُ كُلّهُ [هود‪ ]1 2 3 /‬لن الكل خلق اللّه وإياده ( ) ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وهناك معان أخرى ذكرت ف اليثار ‪ ،‬بعيدة عن الع ن الشر عى ‪ ،‬ومال فة‬
‫للصول القرآنية والنبوية ( ‪. )2‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف العلم ‪ ، 1 / 2 6 0‬وانظر الزيد ف فصوص الكم لبن عرب‬
‫‪ 1 / 1 8 3‬وبلغة الواص لبن عرب ص ‪. 3 5‬‬
‫‪ .2‬السابق ‪ 1 / 2 6 1 : 2 5 8‬حيث ذكر نوعا من اليثار ساه إيثار القيقة ‪ ،‬ونوعا‬
‫آخر ساه إيثار اليثار ث إيثار اللمتية ‪ ،‬وإيثار الستأثر ‪ ،‬وإيثار الستفيد ‪ ،‬وإيثار اللة‬
‫‪ ،‬وإيثار الليل ‪ ،‬وإيثار الديب ‪ ،‬وإيثار حق اليثار ‪ ،‬والعجيب أن الكاشان اعتب كل‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫هذه مصطلحات صوفية لجرد أن ابن عرب ذكر لفظا ل يعن به الصطلح ‪ ،‬ولكنه‬
‫ورد ف سياق العن العام لللفاظ ‪ ،‬انظر مثل كلم ابن عرب ف الثار ف كتابه ‪،‬‬
‫مواقع النجوم ص ‪ ، 9 8 ، 9 7‬وإذا ما كان من المكن اعتبار ما تقدم من اللفاظ‬
‫الت ذكرها الكاشان مصطلحات منسوبه إل الصوفية ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫‪ - 1 5‬البخــــــل‬
‫**********************************‬
‫البخل ‪ :‬البخل إمساك القتنيات عما ل يق حبسها عنه ‪ ،‬ويقابله الود‬
‫والبخل يرد ف الصول القرآنية والنبوية على ضربي ( ‪: )1‬‬
‫خلُونَ َوَي ْأمُرُو َن النّاسَ بِاْلبُخْ ِل‬
‫‪ -1‬بل بقتنيات النفس كقوله ‪ :‬الّذِي َن يَبْ َ‬
‫خلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللّ ُه مِنْ َفضْلِ ِه ُهوَ‬ ‫سبَ ّن الّذِينَ يَبْ َ‬
‫[الديد‪ ، ]2 4 /‬وقوله ‪ :‬وَل يَحْ َ‬
‫طوّقُونَ مَا َبخِلُوا بِ ِه َي ْومَ الْ ِقيَامَة [آل عمران‪]1 8 0 /‬‬ ‫َخيْرًا َلهُمْ بَلْ هُ َو شَرّ َلهُمْ سَيُ َ‬
‫سنَى [الليل‪. ]6 /‬‬ ‫ب بِاْلحُ ْ‬ ‫وقال سبحانه ‪َ :‬وَأمّا مَ ْن بَخِ َل وَا ْستَ ْغنَى وَكَذّ َ‬
‫وعن أب هريرة ‪ ،‬أن النب قال ‪ " :‬مثل البخيل والتصدق ‪ ،‬مثل‬
‫رجلي عليهما جبتان من حديد ‪ ،‬قد اضطرت أيديهما إل تراقيهما ‪ ،‬فكلما هم‬
‫التصدق بصدقته اتسعت عليه ‪ ،‬حت تعفي أثره ‪ ،‬وكلما هم البخيل بالصدقة‬
‫انقبضت كل حلقة إل صاحبتها وتقلصت عليه وانضمت يداه إل تراقيه " ( ‪. )2‬‬
‫وعن بكر بن عبد اللّه الزن ‪ ،‬قال ‪ :‬كنت جالسا مع عبد ال بن عباس‬
‫عند الكعبة فأتاه أعراب ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما ل أرى بن عمكم يسقون العسل واللب‬
‫وأنتم تسقون النبيذ ‪ ،‬أمن حاجة بكم أم من بل ؟ فقال ابن عباس ‪:‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪ ، 3 8‬ولسان العرب ‪. 1 1 / 4 7‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الهاد والسي ( ‪. 6 / 1 1 7 )2 9 1 7‬‬
‫المد ل ما بنا من حاجة ول بل ‪ ،‬قدم النب على راحلته ‪ ،‬وخلفه‬
‫أسامة فاستسقى ‪ ،‬فأتيناه بإناء من نبيذ ‪ ،‬فشرب وسقى فضله أسامة ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫)‪.‬‬ ‫‪(1‬‬
‫أحسنتم وأجلتم كذا فاصنعوا ‪ ،‬فل نريد تغيي ما أمر به رسول اللّه‬
‫الّذِي َن َيبْخَلُونَ‬ ‫‪ -2‬بل بقتنيات الغي ‪ ،‬وهو الكثر مذمة ‪ ،‬قال تعال ‪:‬‬
‫َوَي ْأمُرُو َن النّاسَ بِاْلبُخْل ِ [الديد‪. ]2 4 /‬‬
‫وعن عبد اللّه بن عمرو أن رسول اللّه خطب ‪ ،‬فقال ‪ " :‬إياكم والشح‬
‫‪ ،‬فإنا هلك من كان قبلكم بالشح ‪ ،‬أمرهم بالبخل فبخلوا ‪ ،‬وأمرهم بالقطيعة‬
‫فقطعوا ‪ ،‬وأمرهم بالفجور ففجروا " ( ‪ ، )2‬وعن جبي بن مطعم أن النب‬
‫قال ‪ " :‬لو كان ل عدد هذه العضاه نعما ‪ ،‬لقسمته بينكم ث ل تدون بيل ‪،‬‬
‫ول كذوبا ‪ ،‬ول جبانا " ( ‪ ، )3‬وقال عمر بن الطاب قسم رسول اللّه‬
‫قسمة ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يا رسول اللّه ‪ ،‬لغي هؤلء أحق منهم ‪ ،‬أهل الصفة ‪ ،‬فقال‬
‫رسول اللّه ‪ :‬إنكم تيون ‪ ،‬بي أن تسألون بالفحش ‪ ،‬وبي أن تبخلون ‪،‬‬
‫ولست بباخل ) ( ‪. )4‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب الج ( ‪.2 / 9 5 3 )1 3 1 6‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪2/ 3 3‬‬ ‫‪ .2‬أخرجه أبو داود ف كتاب الزكاة ( ‪ )1 6 9 8‬وصححه اليخ اللبان ‪:‬‬
‫والبخارى ف الدب الفرد ( ‪ )4 7 0‬ص ‪ ،1 6 6‬والبيهقى ف السنن الكبى (‬
‫‪. 4/ 1 8 7 ) 7 6 0 7‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب الهاد والسي ( ‪. 6 / 4 2 )2 8 2 1‬‬
‫‪ .4‬أخرجه مسلم ف الزكاة ( ‪ ، 2 / 7 3 0 )1 0 5 6‬وأحد ف السند ( ‪)1 2 8‬‬
‫واللفظ له ‪.‬‬
‫وقد يستخدم البخل على معن اصطلحى ‪ ،‬وإن احتفظ بدلوله اللغوى كما‬
‫روى عن علي بن أب طالب ‪ ،‬أن رسول اللّه قال ‪ " :‬البخيل الذي من‬
‫ذكرت عنده ‪ ،‬فلم يصل علي " ( ‪ ، )1‬وقد تعددت الروايات ف تعوذه من‬
‫البخل عامة ‪ ،‬ففى حديث أنس بن مالك ‪ ،‬أن رسول اللّه كان يدعو ‪:‬‬
‫" أعوذ بك من البخل والكسل ‪ ،‬وأرذل العمر ‪ ،‬وعذاب القب ‪ ،‬وفتنة الدجال‬
‫وفتنة الحيا والمات " ( ‪. )2‬‬
‫البخل ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والبخل ورد ف اصطلح الصوفية ‪ ،‬على العان السابقة الذكورة ف الصول‬
‫القرآنية ‪ ،‬ومن كلمهم الذى يعد شرحا وتفسيا لا سبق ‪ ،‬ما روى عن أب‬
‫حفص النيسابورى (ت‪2 7 0 :‬هـ) أنه سئل عن البخل ؟ فقال ‪ ( :‬ترك‬
‫اليثار عند الاجة إليه ) ( ‪ ، )3‬وعن أب على الوزجان (ت‪:‬بعد ‪3 0 0‬هـ)‬
‫أنه قال ف البخل ‪ ( :‬هو ثلثة أحرف ‪ :‬الباء وهو البلء ‪ ،‬والاء وهو‬
‫السران ‪ ،‬واللم وهو اللوم ‪ ،‬فالبخيل بلء ف نفسه ‪ ،‬وخاسر ف سعيه ‪ ،‬وملوم‬
‫ف بله ) ( ‪. )4‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه الترمذى ف كتاب الدعوات برقم ( ‪ ، 5 / 5 5 1 )3 5 4 6‬وقال ‪:‬‬
‫حديث حسن وأحد ف السند ( ‪ )1 7 3 8‬واللفظ له ‪.‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب تفسي القرآن ( ‪. 8 / 2 3 9 )4 7 0 7‬‬
‫‪ .3‬طبقات الصوفية ص ‪ ، 1 2 0‬تدر الشارة إل أن معاجم الصطلح الصوف خلت‬
‫من مصطلح البخل مع كونه من عيوب النفس الت تكلم فيها كثي من الصوفية كما‬
‫نرى ‪.‬‬
‫‪ .4‬السابق ص ‪. 2 4 6‬‬
‫وكلم الوزجان من قبيل مذمة البخل ‪ ،‬لكن اجتهاده ف تفسي الروف‬
‫ل يعتد به ‪ ،‬لفتقاره إل الدليل ‪.‬‬
‫ولب القاسم القشيى (ت‪4 6 5 :‬هـ) ف مصطلح البخل ‪ ،‬كلم‬
‫قريب إل حد ما من الصول القرآنية ‪ ،‬فيذكر أن البخل على لسان أهل العلم‬
‫‪ ،‬منع الواجب ‪ ،‬وعلى بيان الشارة ‪ ،‬ترك اليثار ف زمان الضطرار ‪ ،‬والبخل‬
‫ف قوله تعال ‪ :‬الّذِي َن َيبْخَلُونَ َوَي ْأمُرُونَ النّاسَ بِاْلبُخْل [الديد‪ ]2 4 /‬معناه‬
‫منعهم عن مطالبات القائق ‪ ،‬ف معرض الشفقة عليهم بوجب الشرع ‪،‬‬
‫وبيان هذا أن يقع بلسانك النسلخ عن العلئق وحذف فضولت الالة ( ‪. )1‬‬
‫خلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللّ ُه مِنْ َفضْلِ ِه ُهوَ‬
‫سبَ ّن الّذِينَ يَبْ َ‬
‫و ف قوله تعال ‪ :‬وَل يَحْ َ‬
‫طوّقُونَ مَا َبخِلُوا بِ ِه َي ْومَ الْ ِقيَامَة ِ [آل عمران‪]1 8 0 /‬‬ ‫َخيْرًا َلهُمْ بَلْ هُ َو شَرّ َلهُمْ سَيُ َ‬
‫‪.‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫يقول القشيى ‪ ( :‬من آثر شيئا على اللّه ‪ ،‬ل يبارك له فيه ‪ ،‬فل يدوم له ف‬
‫الدنيا بذلك استمتاع ‪ ،‬ول للعقوبة عليه ف الخرة عنه دفاع ‪ ،‬والبخل على‬
‫لسان العلماء منع الواجب ‪ ،‬وعلى مقتضى الشارة إبقاء شئ ‪ ،‬ولو ذرة من‬
‫الال أو نفسا من الحوال ) ( ‪. )2‬‬

‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف الشارات ‪. 3 3 3 ، 1 / 3 3 2‬‬
‫‪ .2‬السابق ‪. 1 / 3 0 0‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -1 6‬البســــــط‬
‫**********************************‬
‫البسط ‪ :‬بسط الشئ نشره وتوسعه ‪ ،‬وهو ضد القبض ‪ ،‬ويستخدم ف‬
‫الحسوسات وغيها ‪ ،‬فمن الول ‪ ،‬قوله عز وجل ‪ :‬وَكَ ْلُبهُ ْم بَاسِطٌ ِذرَا َعيْ ِه‬
‫بِاْلوَصِيد ِ [الكهف‪ ، ]1 8 /‬وعن أب هريرة قال ‪ " :‬قلت يا رسول اللّه ‪ :‬إن‬
‫أسع منك حديثا كثيا أنساه ‪ ،‬قال ‪ :‬ابسط رداءك ‪ ،‬فبسطته ‪ ،‬قال ‪ :‬فغرف‬
‫بيديه ‪ ،‬ث قال ‪ :‬ضمه ‪ ،‬فضممته ‪ ،‬فما نسيت شيئا بعده " ( ‪ ، )1‬وعن عائشة‬
‫رضى ال عنها ‪ ،‬أنا قالت ‪ " :‬كنت أنام بي يدي رسول اللّه ‪ ،‬ورجلي ف‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫قبلته ‪ ،‬فإذا سجد غمزن ‪ ،‬فقبضت رجلي ‪ ،‬فإذا قام بسطتهما " ( ‪ ، )2‬وعنها‬
‫كان له حصي ‪ ،‬يبسطه بالنهار ‪ ،‬ويتجره بالليل " ( ‪. )3‬‬ ‫أيضا ‪ " :‬أن النب‬
‫ومن الثان البسط ف العان ‪ ،‬وهو الشاهد للمعن الصوف ‪ ،‬كقوله عز وجل ‪:‬‬
‫وََل ْو بَسَطَ اللّهُ الرّ ْزقَ ِل ِعبَا ِدهِ [الشورى‪ ، ]2 7 /‬أى لو وسعه ‪ ،‬وقوله ‪ِ :‬إنّ‬
‫اللّ َه اصْ َطفَا ُه عََليْكُ ْم وَزَا َد ُه بَسْ َطةً فِي الْعِ ْل ِم وَالْجِسْم ِ [البقرة‪ ]2 4 7 /‬أى سعة‬
‫فبسطته ف العلم ‪ ،‬هو انتفاعه به ونفع غيه ‪ ،‬فصار له به بسطة أى جود ( ‪. )4‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب العلم ( ‪. 1 / 2 5 9 )1 1 9‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الصلة ( ‪. 1 / 7 0 0 )5 1 3‬‬
‫‪ .4‬الفردات‬ ‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب الذان ( ‪. 4 / 3 5 3 )7 3 0‬‬
‫ص ‪. 46‬‬
‫وعن أنس بن مالك ‪ ،‬قال ‪ :‬سعت رسول اللّه يقول ‪ " :‬من سره أن‬
‫يبسط له ف رزقه ‪ ،‬أو ينسأ له ف أثره ‪ ،‬فليصل رحه " ( ‪ ، )1‬ومن حديث عروة‬
‫بن الزبي ‪ ،‬قال رسول اللّه ‪ " :‬فواللّه ‪ ،‬ما الفقر أخشى عليكم ‪ ،‬ولكن‬
‫أخشى أن تبسط عليكم الدنيا ‪ ،‬كما بسطت على من كان قبلكم ‪ ،‬فتنافسوها‬
‫كما تنافسوها ‪ ،‬وتلككم كما أهلكتهم " ( ‪. )2‬‬
‫وبسط اليد مدها ‪ ،‬وبسط الكف يستعمل على أنواع ‪ ،‬تارة للطلب نو قوله‬
‫ك ّفيْهِ إِلَى الْمَاءِ ِلَيبْلُغَ فَا ُه َومَا ُهوَ ِببَاِلغِه ِ [الرعد‪]1 4 /‬‬
‫تعال ‪ :‬إِل َكبَاسِطِ َ‬
‫سكُمْ [النعام‪/‬‬ ‫وتارة الخذ نو ‪ :‬وَالْمَلِئ َكةُ بَاسِطُوا َأيْدِيهِمْ أَ ْخرِجُوا أَنفُ َ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫سَنتَهُمْ‬
‫‪ ]9 3‬وتارة للصولة والضرب ‪ ،‬قال تعال ‪َ :‬وَيبْسُطُوا إَِلْيكُمْ أَيْ ِدَيهُ ْم َوأَلْ ِ‬
‫بِالسّوء ِ [المتحنة‪ ]2 /‬وتارة للبذل والعطاء نو ‪ :‬بَ ْل يَدَا ُه َمبْسُو َطتَان ِ‬
‫[الائدة‪.) ( ]6 4 /‬‬
‫‪3‬‬

‫البسط ف الصطلح الصوف ‪:‬‬


‫البسط ف الصطلح الصوف ‪ ،‬بسط إيان ‪ ،‬ويعن الفرح بالتوفيق ‪ ،‬والثقة‬
‫بالوعد ف اليات ‪ ،‬واتساع الرحة على جيع الكائنات ‪ ،‬وهذا بسط البديات‬
‫عندهم ( ‪ ، )4‬وهو الذى يتوافق مع الصول القرآنية من جهتي ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب البيوع ( ‪.4 / 3 5 3 )2 0 6 7‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الغازى ( ‪.7 / 3 7 1 )4 0 1 5‬‬
‫‪ .3‬لسان العرب ‪ ، 7 / 2 5 9‬والقاموس الحيط ‪. 1 / 8 5 0‬‬
‫‪ .4‬معجم الكاشان ص ‪. 3 5 4‬‬
‫‪ -1‬مبادرة العبد إل الزيادة اليانية الستمرة ‪ ،‬بإقباله على اللّه ‪ ،‬وهو أحد‬
‫الوجوه الت ذكرها أبو القاسم القشيى ف قوله تعال ‪ :‬وَاللّ ُه َيقِْبضُ َوَيبْسُط ُ‬
‫[البقرة‪ ، ]2 4 5 /‬فقبض القلوب بإعراضها ‪ ،‬وبسطها بإقبالا ( ‪. )1‬‬
‫والبسط قد يطلق عندهم علي غلبة الرجاء ف القلب ‪ ،‬كما ذكر عن النيد‬
‫بن ممد (ت‪2 9 7 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬الوف من اللّه يقبضن ‪ ،‬والرجاء منه‬
‫يبسطن ) ( ‪. )2‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ووروى عن أحد بن عطاء الروذبارى ‪( :‬ت‪3 6 9 :‬هـ) أنه سئل عن‬
‫القبض والبسط ؟ فقال ‪ ( :‬إن القبض أول أسباب الفناء ‪ ،‬والبسط أول أسباب‬
‫البقاء ‪ ،‬فحال من قبض الغيبة وحال من بسط الضور ‪ ،‬ونعت من قبض الزن‬
‫‪ ،‬ونعت من بسط السرور ) ( ‪. )3‬‬
‫‪ -2‬البسط من جهة التوفيق اللى للعبد ف بلوغه درجة اليان ‪ ،‬فالبسط على‬
‫هذا ‪ ،‬نور ينبسط على القلب يلقه اللّه فيه ( ‪ ، )4‬وهذا الوجه يدل عليه قوله‬
‫لسْلم ِ [النعام‪، ]1 2 5 /‬‬
‫صدْ َرهُ ِل ِ‬
‫تعال ‪َ :‬فمَ ْن يُ ِردْ اللّهُ أَ ْن يَه ِديَ ُه يَشْرَحْ َ‬
‫وقوله ‪َ :‬ومَ ْن ُيؤْمِ ْن بِاللّ ِه َيهْدِ َق ْلبَهُ [التغابن‪. ]1 1 /‬‬
‫وقد ورد للبسط عندهم معان أخرى مبنية على التقسيم الذوقى والجتهاد‬
‫الشخصى الذى يفتقر إل الدليل النقلى ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .2‬الرسالة ‪. 1 / 2 1 2‬‬ ‫‪ .1‬لطائف الشارات ‪. 1 / 1 9 0‬‬
‫‪ .4‬طبقات الصوفية ص ‪. 4 9 9‬‬ ‫‪ .3‬الرسالة ‪. 1 / 2 1 2‬‬
‫‪ -1‬البسط ف مقام القلب ‪ ،‬بثابة الرجاء ف مقام النفس ‪ ،‬وهو ف مقام القلب‬
‫وارد بإشارة إل قبول ولطف ‪ ،‬ورحة وأنس ‪ ،‬والبسط ف مقام النفس ‪ ،‬هو‬
‫أن يبسط اللّه العبد مع اللق ظاهرا ‪ ،‬ويقبضه إليه باطنا ‪ ،‬رحة للخلق ‪ ،‬فهو‬
‫يسع الشياء ‪ ،‬ويؤثر ف كل شئ ‪ ،‬ول يؤثر فيه شئ ( ‪. )1‬‬
‫‪ -2‬البسط عبارة عن تل رحان ‪ ،‬به انتشر ف الوجود ‪ ،‬وما كان منطويا ف‬
‫العلم اللى ‪ ،‬وكل بسط ف الوجود من هذا التجلى الرحان ( ‪. )2‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ -3‬البسط لحمد ‪ ،‬فإنه كان متصفا بالقبض والبسط ( ‪ ، )3‬ث استدلوا‬
‫لذلك برواية عن أساء بنت عميس ‪ ،‬أنه قبض على الشمس ‪ ،‬فوقفت‬
‫حت صلى على ‪ ، ) ( 4‬يقول اليلى ‪ ( :‬فهذا دليل عظيم ‪ ،‬على اتصافه‬
‫بالقبض والبسط ‪ ،‬فإنه قبض على الشمس أن تغيب وبسط ف النهار حت‬
‫زاد ووقفت الشمس على البال والرض ) ( ‪. )5‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أبو السن الشاذل ص ‪ 1 2 9‬للدكتور عبد الليم ممود ‪.‬‬
‫‪66‬‬ ‫‪ .2‬انظر التحبي ف التذكي للقشيى ص ‪ 4 5‬وقارن الملء للغزال ص‬
‫واصطلحات الصوفية لبن عرب ص ‪ ، 5‬لطائف العلم ‪. 1 / 2 8 3‬‬
‫‪ .3‬الكمالت اللية ف الصفات الحمدية للجيلى ص ‪. 1 0 5‬‬
‫‪ .4‬موضوع ‪ ،‬قال المام أحد ‪ :‬ل أصل له ‪ ،‬وأورده ابن الوزى ف الوضوعات ‪ ،‬انظر‬
‫كشف الفا ومزيل اللباس ‪. 1 / 4 2 8‬‬
‫‪ .5‬الكمالت اللية ف الصفات الحمدية ص ‪. 2 7 8‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -1 7‬البصـــــيرة‬
‫**********************************‬
‫البصية ‪ :‬تقال لقوة القلب الدركة ‪ ،‬قال تعال ‪ُ :‬ق ْل هَ ِذهِ َسبِيلِي َأ ْدعُو إِلَى‬
‫اللّ ِه عَلَى َبصِيَةٍ َأنَا َومَ ْن اّتبَ َعنِي [يوسف‪ ، ]1 0 8 /‬أى على معرفة وتقق‬
‫وتقال أيضا للحجة والستبصار ف الشئ ‪ ،‬كقوله تعال ‪ :‬بَ ْل الِنسَا ُن عَلَى‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫َنفْسِ ِه َبصِ َيةٌ [القيامة‪ ، ) ( ]1 4 /‬ومن حدث أب سعيد الدري ‪ ،‬قال‬
‫‪1‬‬

‫رسول اللّه عن الدجال ‪ " :‬يقول له الدجال ‪ :‬أتؤمن ب ؟ فيقول ‪ :‬ما ازددت‬
‫فيك إل بصية " ( ‪. )2‬‬
‫البصية ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والبصية ف الصطلح الصوف ‪ ،‬قوة باطنة هى للقلب كعي الرأس ‪ ،‬ويقال‬
‫هى عي القلب عندما ينكشف حجابه ‪ ،‬فيشاهد با بواطن المور ‪ ،‬كما‬
‫يشاهد عي الرأس ظواهرها ‪ ،‬ولذا قالوا ‪ :‬البصية ما يلص من الية ( ‪. )3‬‬
‫ووردت عندهم أيضا على معن التحقق من الشئ ‪ ،‬وزيادة اليقي وتوكيده‬
‫كالتحقق من الدعوة إل التابع للكتاب والسنة واتباع الوحى ‪ ،‬يقول النيد بن‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪. 4 9‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب الفت ( ‪.4 / 2 2 5 6 )2 9 3 8‬‬
‫‪ .3‬لطائف العلم ‪ ، 1 / 2 8 4‬ومعجم الكاشان ص ‪. 6 4‬‬
‫ممد (ت‪2 9 7 :‬هـ) ‪ ( :‬الطرق كلها مسدودة ‪ ،‬إل على القتفي آثار النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬لقوله تعال ‪ :‬قُ ْل هَ ِذ ِه َسبِيلِي أَ ْدعُو إِلَى اللّ ِه عَلَى‬
‫‪1‬‬
‫َبصِيَةٍ َأنَا َومَنْ اّتَبعَنِي [يوسف‪. ) ( ) ]1 0 8 /‬‬
‫ويعرف السراج الطوسى (ت‪3 8 7 :‬هـ) البصية ‪ ،‬بأل يشهد الصوف لنفسه‬
‫ول يرى نفسه ‪ ،‬فيستقطعه بشواهده ‪ ،‬ويوقن أنه ليس إل نفسه شئ من الداية‬
‫وأنه ل يلك ضرا ول نفعا ‪ ،‬إل أن يتول اللّه تعال ذلك ( ) ‪ ،‬ويقاربه أيضا قول‬
‫‪2‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫القشيى (ت‪4 6 5 :‬هـ) ‪ ( :‬البصية اليقي الذى ل مرية فيه ‪ ،‬والبيان الذى ل‬
‫شك فيه ‪ ،‬والبصية يكون صاحبها ملحظا بالتوفيق جهدا ومكاشفا ‪،‬‬
‫بالتحقق سرا ) ( ) ‪ ،‬وله أيضا ‪ ( :‬البصية ‪ ،‬أن تطلع شوس الفرقان فتندرج‬ ‫‪3‬‬

‫فيها أنوار نوم العقل ‪ ،‬لقوله تعال ‪ :‬قُ ْل هَ ِذ ِه َسبِيلِي أَ ْدعُو إِلَى اللّ ِه عَلَى‬
‫َبصِيَةٍ َأنَا َومَنْ اّتَبعَنِي ) ‪.‬‬
‫‪(4‬‬

‫ولئن كان معن البصية فيما سبق ‪ ،‬قريب من الصول القرآنية ‪ ،‬إل أنه أخذ‬
‫عند بعض الصوفية بعن آخرى مفارق ‪ ،‬فيعنون با الدعو إل أحدية الذات‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪53‬‬ ‫‪ .1‬انظر حلية الولياء ‪ ، 1 / 2 5 7‬والمر بالتباع والنهى عن البتداع للسيوطى ص‬
‫‪.‬‬
‫‪ .2‬اللمع ص ‪ ،1 5 3‬والبصية الت يذكرها السراج الطوسى تعد من كمالت التوحيد‬
‫ونسبة الفضل ‪ ،‬وأفعال الي ‪ ،‬والطاعة الت يقوم با النسان إل ال ‪ ،‬وإن كان العبد‬
‫له جهد ومبادرة ‪.‬‬
‫‪ .3‬لطائف الشارات ‪. 2 / 2 1 3‬‬
‫‪ .4‬السابق ‪. 2 / 2 1 3‬‬
‫الوصوفة بكل الصفات ف عي المع ‪ ،‬بيث يرى الوحدة ف عي الكثرة‬
‫والجمل ف عي الفصل ‪ ،‬وعند العبور من الباطن إل الظاهر ‪ ،‬وبالعكس ‪ ،‬أى‬
‫يرى الكثرة ف الوحدة ‪ ،‬والفصل ف الجمل مع وحدة الجلى والتجلى فيه‬
‫بالعي وإن وقع الختلف بالتعي ( ‪. )1‬‬
‫**********************************‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ - 18‬البــعـد‬
‫**********************************‬
‫البعد ‪ :‬ضد القرب وليس لما حد مدود ‪ ،‬وإنا ذلك بسب اعتبار الكان‬
‫بغيه ويستعمل البعد على نوعي ( ‪: )2‬‬
‫ك ُينَا َد ْونَ مِ ْن َمكَانٍ‬‫‪ -1‬البعد ف الحسوس وهو الكثر ‪ ،‬كقوله تعال ‪ُ :‬أوْلَئِ َ‬
‫ت َبْينِي َوبَْينَكَ‬
‫َبعِيد ٍ [فصلت‪ ، ]4 4 /‬وقوله سبحانه ‪َ :‬حتّى ِإذَا جَا َءنَا قَا َل يَاَليْ َ‬
‫س الْقَرِينُ [الزخرف‪ ، ]3 8 /‬ومن دعاء النب ف السفر ‪:‬‬ ‫ُبعْ َد الْمَشْرَِقيْنِ َفِبْئ َ‬
‫‪3‬‬
‫" اللّهم هون علينا سفرنا هذا ‪ ،‬واطو عنا بعده " ( ) ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬انظر لطائف العلم ‪ 1 / 2 8 5‬وقارن بتفسي القرآن الكري للكاشان ‪ ،‬منسوب‬
‫لبن عرب ‪ 1 / 6 2 4‬وانظر الكمالت اللية ف الصفات الحمدية ص ‪ 2 8 1‬ف‬
‫بالساء والصفات اللية ‪،‬‬ ‫معن البصية ف مفهوم اليلى عند وصفه الرسول‬
‫برؤيته للجنة والنار وعجائب اللكوت العلى ‪ ،‬وانظر‬ ‫واحتجاجه على بصية النب‬
‫الشفا ‪ ،‬للقاضى عياض تقيق سعيد عبد الفتاح ‪. 1 / 2 8 3‬‬
‫‪ .3‬أخرجه مسلم ف كتاب الج ( ‪)1 3 4 2‬‬ ‫‪ .2‬الفردات ص ‪. 5 3‬‬
‫‪. 2/ 9 7 8‬‬
‫‪ -2‬البعد ف العنويات ‪ ،‬كقوله تعال ‪ :‬بَ ْل الّذِينَ ل ُي ْؤ ِمنُونَ بِالخِ َرةِ فِي‬
‫اْلعَذَابِ وَالضّللِ الَْبعِيد ِ [سبأ‪ ، ]8 /‬أى الضلل الذى يصعب الرجوع منه إل‬
‫الدى‪ ،‬تشبيها بن ضل عن مجة الطريق بعدا متناهيا ‪ ،‬فل يكاد يرجى له‬
‫ط ِمنْكُ ْم ِبَبعِيدٍ [هود‪ ، ]8 9 /‬أى تقاربونم‬ ‫العود إليها ‪ ،‬وقوله ‪َ :‬ومَا َق ْومُ لُو ٍ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ف الضلل ‪ ،‬فل يبعد أن يأتيكم ما آتاهم من العذاب ( ‪ ، )1‬ويتمل البعد الزمن‬
‫والكان ‪ ،‬وعن أب سعيد الدري ‪ ،‬قال النب ‪ " :‬إن فرطكم على‬
‫الوض ‪ ،‬من مر علي شرب ‪ ،‬ومن شرب ل يظمأ أبدا ‪ ،‬ليدن علي أقوام‬
‫أعرفهم ويعرفون ‪ ،‬ث يال بين وبينهم ‪ ،‬فأقول ‪ :‬إنم من ؟ ‪ ،‬فيقال ‪ :‬إنك ل‬
‫تدري ما أحدثوا بعدك ‪ ،‬فأقول سحقا سحقا لن غي بعدي " ‪ ،‬وقال عبد ال‬
‫بن عباس ‪:‬‬
‫" سحقا بعدا ‪ ،‬يقال ‪ :‬سحيق بعيد ‪ ،‬سحقه وأسحقه أبعده " ( ‪. )2‬‬
‫البعد ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والبعد ف الصطلح الصوف ‪ ،‬يذكر على معن البعد عن اللّه ‪ ،‬ويضاده‬
‫القرب ‪ ،‬كما روى عن أب حفص النيسابورى (ت‪2 7 0 :‬هـ) ‪ ،‬أنه قال‬
‫‪:‬‬
‫( التصوف كله آداب ‪ ،‬لكل وقت أدب ‪ ،‬ولكل مقام أدب ‪ ،‬فمن لزم آداب‬
‫الوقات ‪ ،‬بلغ مبلغ الرجال ‪ ،‬ومن ضيع الداب ‪ ،‬فهو بعيد من حيث يظن‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪. 5 3‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الرقاق ( ‪. 1 1 / 4 7 2 )6 5 8 5‬‬
‫القرب ‪ ،‬ومردود من حيث يرجو القبول ) ( ‪. )1‬‬
‫ويرى الصوفية الرياء بعدا وتريد التوحيد الخلص قربا ‪ ،‬ويروى أن أبا‬
‫السي النورى (ت‪2 9 5 :‬هـ) رأى بعض أصحاب أب حزة ‪ ،‬فقال ‪ :‬أنت‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫من أصحاب أب حزة الذى يشي إل القرب ؟ ‪ ،‬إذا لقيته فقل له ‪ ( :‬إن أبا‬
‫السي النورى يقرئك السلم ويقول لك ‪ :‬قرب القرب فيما نن فيه بعد البعد‬
‫) ( ‪. )2‬‬
‫ومثل هذه العان لا أصولا القرآنية ‪ ،‬وربا كان اعتمادهم ف شرح العن‬
‫على الشاهد النبوى ‪ ،‬كقول أب القاسم القشيى (ت‪4 6 5 :‬هـ) ‪ ( :‬البعد‬
‫هو التدنس بخالفته تعال ‪ ،‬والتجاف عن طاعته ‪ ،‬فأول البعد بعد عن التوفيق ‪،‬‬
‫ث بعد عن التحقيق ‪ ،‬بل البعد عن التوفيق ف القيقة هو بعد عن التحقيق ‪ ،‬قال‬
‫‪ " :‬وما تقرب إل التقربون بثل آداء ما فترضتهم عليهم ‪ ،‬ول يزال العبد‬
‫يتقرب إل بالنوافل حت يبن وأحبه ‪ ،‬فإذا أحببته كنت له سعا وبصرا ‪ ،‬فب‬
‫يبصر وب يسمع " ( ‪ ، )3‬والعن الشار إليه ف الديث وإن كان ف القرب ‪ ،‬إل‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬طبقات الصوفية ص ‪. 1 1 9‬‬
‫‪ .2‬الرسالة القشيية ‪. 1 / 2 6 0‬‬
‫‪ .3‬السابق ‪ ، 1 / 2 5 7‬والديث أخرجه البخارى ف الرقاق برقم ( ‪ )6 5 0 2‬عن أب‬
‫هريرة ولفظه ‪ ( :‬وما تقرب إل عبدي بشيء ‪ ،‬أحب إل ما افترضت عليه ‪ ،‬وما يزال عبدي‬
‫يتقرب إل بالنوافل حت أحبه ‪ ،‬فإذا أحببته كنت سعه الذي يسمع به ‪ ،‬وبصره الذي يبصر به‬
‫ويده الت يبطش با ‪ ،‬ورجله الت يشي با ) وانظر للمقارنة روضة الطالبي لبىحامد الغزال‬
‫‪2‬‬ ‫ص ‪ ، 5 9‬وميزان العمل للمؤلف السابق ص ‪ ، 1 6 9‬والواقف لبن عباد النفرى ص‬
‫‪.‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫أن أنه صحيح ف مصطلح البعد بفهوم الخالفة ‪ ،‬ويتوافق أيضا مع الصول‬
‫القرآنية ‪.‬‬
‫ومن النصاف أن يذكر لبن عرب بلسان الظاهر ‪ ،‬قوله ‪ ( :‬البعد القامة‬
‫على الخالفات ‪ ،‬وقد يكون البعد منك ‪ ،‬ويتلف باخلف الحوال ‪ ،‬فيدل‬
‫على ما يراد به قرائن الحوال ) ( ‪. )1‬‬
‫ويذكر الكاشان ف تفسيه ‪ ،‬معن القامة على الخالفات ‪ ،‬أن الخالفة من‬
‫أحكام ما به الفتراق ‪ ،‬والطاعة من أحكام ما به الجتماع ‪ ،‬والبعد افتراق‬
‫والقرب اجتماع ‪ ،‬وعلى ذلك يتنوع معن البعد ‪ ،‬فقد يكون البعد باعتبار‬
‫النعوت الذاتية ‪ ،‬كافتراق الشياء وتيزها بالدود الذاتية ‪ ،‬وهذا هو البعد‬
‫البعد ‪ ،‬ومن ذلك قوله تعال ‪ِ :‬إنّ اللّهَ َل َغِنيّ عَ ْن اْلعَالَمِيَ [العنكبوت‪، ]6 /‬‬
‫إذ ل جامع بي ذات الغن بالذات ‪ ،‬وبي الذوات الفتقرة بالذات ‪ ،‬وقد يكون‬
‫بالنعوت العرضية ‪ ،‬كالكان والزمان ‪ ،‬والقدار واللوان ‪ ،‬وقد يكون البعد منك‬
‫فل يزول هذا البعد ‪ ،‬إل من باب دع نفسك وتعال ‪ ،‬فإن من ترك نفسه بعد‬
‫عنها ‪ ،‬وتركها إنا هو بترك أوصافها وأخلقها البعدة إياها عن مقصدها ‪ ،‬ول‬
‫يترك أوصافها وأخلقها إل عند اتصافها وتلقها بالخلق اللية وصفاتا ( ‪. )2‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬اصطلحات الصوفية لبن عرب ص ‪ ، 7‬ولطائف العلم ‪ ، 1 / 2 8 7‬وانظر ف‬
‫القرب أيضا الفتوحات الكية ‪ 4 / 2 2 ، 3 / 1 4 ، 2 / 1 7 3‬وانظر بلغة الواص‬
‫ص ‪. 18‬‬
‫‪ .2‬رشح الزلل ص ‪. 8 9 ، 8 8‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -1 9‬البقــــــاء‬
‫**********************************‬
‫البقاء ‪ :‬ثبات الشئ على حاله الول ‪ ،‬وهو يضاد الفناء ‪ ،‬والباقى ضربان ‪:‬‬
‫‪ -1‬باق بنفسه ل إل مدة ‪ ،‬وهو البارى تعال ‪ ،‬ول يصح عليه الفناء ‪ ،‬فهو‬
‫الخر الذى ليس بعده شئ ‪ ،‬قال تعال ‪ :‬كُ ّل مَ ْن عََلْيهَا فَانٍ َوَيْبقَى وَجْهُ َربّكَ‬
‫( )‬
‫‪1‬‬
‫ل وَالِكْرَامِ [الرحن‪. ]2 7 : 2 6 /‬‬
‫ذُو الْجَل ِ‬
‫‪ -2‬باق بغيه ‪ :‬وهو ما عداه ويصح عليه الفناء ‪ ،‬والباقى باللّه ضربان ( ) ‪:‬‬
‫‪2‬‬

‫أ‪ -‬باق بشخصه إل أن يشاء اللّه أن يفنيه ‪ ،‬كبقاء الجرام السماوية ف الدنيا‬
‫وكبقاء أهل النة أبدا ‪ ،‬فإنم يبقون على التأبيد بشيئة اللّه ل إل مدة كما‬
‫قال سبحانه وتعال ‪ :‬خَالِدِينَ فِيهَا َأبَدا [البينة‪. ]8 /‬‬
‫ب‪ -‬وباق بنوعه وجنسه دون شخصه وجزئه ‪ ،‬كالنسان واليوان ف الدنيا‬
‫وكبقاء نعيم النة ف الخرة ‪ ،‬بنوعه وجنسه متجددا ‪.‬‬
‫ولكون ما ف الخرة يتصف بالدوام قال عز وجل ‪َ :‬ومَا ِعنْدَ اللّهِ َخيْ ٌر‬
‫َوَأْبقَى [القصص‪ ، ]6 0 /‬وعن أب سعيد الدري ‪ ،‬قال ‪ " :‬قرأ رسول اللّه‬
‫س َرةِ [مري‪ ، ]3 9 /‬قال ‪ :‬يؤتى بالوت كأنه كبش‬
‫‪َ :‬وأَنذِ ْرهُ ْم َي ْومَ الْحَ ْ‬
‫أملح ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪ ، 5 7‬ولسان العرب ‪ ، 1 4 / 7 9‬ومعجم مقاييس اللغة مادة‬
‫( بقى ) ‪.‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪. 5 7‬‬
‫حت يوقف على السور بي النة والنار ‪ ،‬فيقال ‪ :‬يا أهل النة ‪ ،‬فيشرئبون‬
‫ويقال ‪ :‬يا أهل النار ‪ ،‬فيشرئبون ‪ ،‬فيقال ‪ :‬هل تعرفون هذا ؟ فيقولون ‪ :‬نعم‬
‫هذا الوت ‪ ،‬فيضجع فيذبح ‪ ،‬فلول أن اللّه قضى لهل النة الياة فيها والبقاء‬
‫لاتوا فرحا ‪ ،‬ولول أن اللّه قضى لهل النار الياة فيها والبقاء لاتوا ترحا " ( ‪. )1‬‬
‫البقاء ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والبقاء ف الصطلح الصوف ‪ ،‬يعن دوام اتصاف العبد بالوصاف الميدة‬
‫ومانبته اللئمة لكل ما هو مذموم ف الكتاب والسنة ‪ ،‬وهذا العن نده عند‬
‫إبراهيم بن شيبان (ت‪3 3 0 :‬هـ) حيث روى عن أنه قال ‪ ( :‬علم الفناء‬
‫والبقاء يدور على إخلص الوحدانية ‪ ،‬وصحة العبودية ‪ ،‬وما كان غي هذا فهو‬
‫من الغاليط والزندقة ) ( ‪ ، )2‬وقال الكلباذى (ت‪3 8 0 :‬هـ) ‪ ( :‬الباقى هو‬
‫أن ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه الترمذى ف كتاب تفسي القرآن ( ‪ )3 1 5 6‬وقال ‪ :‬حديث حسن ‪ ،‬وقال‬
‫الشيخ اللبان ‪ :‬صحيح دون قوله ‪ :‬فلول أن ال قضى ‪ ، 5 / 3 1 5 ..‬وأخرجه‬
‫مسلم ‪ ، )2 8 4 9 ( 4 / 2 1 8 8‬والنسائى ف السنن الكبى ( ‪)1 1 3 1 6‬‬
‫‪. 6/ 3 9 3‬‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪ ، 4 0 4‬ومن الدير بالذكر أن علم البقاء والفناء ‪ ،‬ل يعرف‬
‫ف مرحلة التصوف الول البسيط ‪ ،‬وإنا ظهر ف بداية مرحلة التصوف الول‬
‫الركب فحمله العتدلون من الصوفية على العن البسيط ‪ ،‬الوافق للصول القرآنية ‪،‬‬
‫كما هى عبارة إبراهيم ابن شيبان ‪ ،‬لكنه حل على معن بدعى معقد ظهر ف الراحل‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫التالية وانظر نشأة التصوف السلمى ‪ ،‬للدكتور إبراهيم بسيون ‪ ،‬طبعة دار العارف‬
‫بصر ص ‪ ، 2 2 8‬والتصوف السلمى الالص ‪ ،‬ممود أبو الفيض النوف ‪ ،‬طبعة‬
‫دار نضة مصر ص ‪. 1 5 8‬‬
‫تصي الشياء كلها له شيئا واحدا ‪ ،‬فتكون كل حركاته ف موافقات الق دون‬
‫مالفته ‪ ،‬فيكون فانيا عن الخالفات ‪ ،‬باقيا ف الوافقات ‪ ،‬وليس معن أن تصي‬
‫الشياء كلها له شيئا واحدا‪ ،‬أن تصي الخالفات له موافقات ‪ ،‬فيكون ما نى‬
‫عنه كما أمر به ‪ ،‬ولكن على معن أن ل يرى عليه ‪ ،‬إل ما أمر به وما يرضاه‬
‫اللّه تعال ‪ ،‬دون ما يكرهه ) ( ) ‪ ،‬وهذا العن تؤيده الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪1‬‬

‫كما ورد ف قوله تعال ‪:‬‬


‫وَاْلبَاِقيَاتُ الصّالِحَاتُ َخْي ٌر عِنْدَ َربّكَ َثوَابًا وَ َخْي ٌر مَرَدّا [مري‪ ، ]7 6 /‬وقوله‬
‫‪ :‬وجعلها كلمة باقية ف عقبه لعلهم يرجعون ‪ ، ] [ 4 3 / 8 2‬وقوله ‪َ :‬بقِّيةُ‬
‫اللّهِ َخيْرٌ َلكُمْ إِنْ كُنتُ ْم ُمؤْ ِمنِي َ [هود‪ ، ]8 6 /‬فهذه اليات تدل ف العن العام ‪،‬‬
‫على ضرورة بقاء العبد على الوصاف الحمودة شرعا ‪ ،‬من خلل التزامه‬
‫بأحكام العبودية والعمل ف توحيد اللّه ‪ ،‬وعن أب سعيد الدري ‪ ،‬أن رسول‬
‫اللّه قال ‪ " :‬استكثروا من الباقيات الصالات ‪ ،‬قيل ‪ :‬وما هي يا رسول‬
‫اللّه ؟ قال ‪ :‬اللة ‪ ،‬قيل ‪ :‬وما هي يا رسول اللّه ؟ قال ‪ :‬اللة ‪ ،‬قيل ‪ :‬وما هي يا‬
‫رسول اللّه ؟ قال ‪ :‬اللة ‪ ،‬قيل ‪ :‬وما هي يا رسول اللّه ؟ قال ‪ :‬التكبي والتهليل‬
‫والتسبيح والتحميد ‪ ،‬ول حول ول قوة إل باللّه " ( ‪. )2‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .1‬التعرف ص ‪ ، 1 4 8‬وقارن ذلك با ورد عند السهروردى ف عوارف‬
‫العارف ص ‪ ، 5 2 4‬وانظر رأى الستشرق نيكلسون ف البقاء والفناء ‪ ،‬ف كتابه‬
‫ف التصوف السلمى ترجة أب العل عفيفى ‪.‬‬
‫‪ .2‬أخرجه أحد ف السند ( ‪ 3 / 7 5 )1 1 7 3 1‬والبيهقى ف شعب اليان ( ‪)6 0 5‬‬
‫‪ 1 / 4 2 5‬وهو صحيح السناد ‪ ،‬انظر الترغيب والترهيب ‪. 2 / 2 8 0‬‬
‫وياول أبو القاسم القشيى (ت‪4 6 5 :‬هـ) أن يعل البقاء عند الصوفية‬
‫إشارة إل قيام الوصاف الحمودة ‪ ،‬فمن ترك مذموم أفعاله بلسان الشريعة ‪،‬‬
‫يقال ف العرف الصوف ‪ :‬إنه فن عن شهواته ‪ ،‬فإذا فن عن شهواته ‪ ،‬بقى‬
‫بنيته وإخلصه ف عبوديته ‪ ،‬ومن زهد ف دنياه بقلبه ‪ ،‬فن عن رغبته ‪ ،‬فإذا فن‬
‫عن رغبته فيها ‪ ،‬بقى بصدق إنابته ‪ ،‬ومن عال أخلقه ‪ ،‬فنفى عن قلبه‬
‫السد والقد ‪ ،‬والبخل والشح ‪ ،‬والغضب والكب ‪ ،‬وأمثال هذا من رعونات‬
‫النفس يقال ف عرفهم ‪ ،‬فن عن سوء اللق ‪ ،‬فإذا فن عن سوء اللق ‪ ،‬بقى‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫بالصدق ف ضدها )‬
‫وقد تاوز العن الصوف للبقاء هذا الد عند بعضهم ‪ ،‬وأخذ بعان ل دليل‬
‫عليها ‪ ،‬وفيها تاوز شديد ل يتسع البحث لعرضها ( ‪. )2‬‬

‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬انظر الرسالة القشيية لعبد الكري القشيى ‪ ، 1 / 2 2 8‬والملء ف اشكالت الحياء‬
‫ص ‪ ، 6 6‬وشرح الرسالة القشيية للنصارى ‪. 2 / 6 0‬‬
‫‪ .2‬انظر ف تفصيل ذلك ‪ :‬الب اللى عند مى الدين بن عرب ‪ ،‬إعداد منشاوى عبد‬
‫الرحن إساعيل ‪ ،‬رسالة ماجستي ‪ ،‬مطوط كلية دار العلوم ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ،‬رقم‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫( ‪ )3 7 3‬سنة ‪1 9 8 3‬م ‪ ،‬وانظر لبن عرب ف مصطلح البقاء فصوص الكم ‪،‬‬
‫‪ 2 / 1 4‬ص ‪ ، 7 2‬وكتاب التراجم ص ‪ ، 7‬و الديوان ص ‪ ، 5 0‬وسائل السائل ص‬
‫‪ ، 4 4‬ومواقع النجوم ص ‪ ، 1 5‬والفتوحات الكية ‪ ، 2 / 1 0 7‬وانظر الفصل الرابع‬
‫من القسم الول مرحلة التصوف الول الركب والتصوف اللول ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -2 0‬البــــــلء‬
‫**********************************‬
‫البلء ‪ :‬الختبار ‪ ،‬وسى التكليف بلء من أوجه ( ) ‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -1‬أن التكاليف كلها مشاق على البدان ‪ ،‬فصارت من هذا الوجه بلء ‪.‬‬
‫‪ -2‬أنا اختبارات ‪ ،‬ولذا قال اللّه تعال ‪ :‬وََلنَبُْل َوّنكُمْ َحتّى َنعَْل َم الْمُجَاهِدِينَ‬
‫ِمنْكُ ْم وَالصّابِرِي َن َوَنبُْلوَ أَ ْخبَارَكُمْ [ممد‪ ، ]3 1 /‬وقال ‪َ :‬وإِ ْذ ابْتَلَى‬
‫ِإبْرَاهِيمَ َربّ ُه ِبكَلِمَاتٍ َفَأتَ ّمهُنّ [البقرة‪. ]1 2 4 /‬‬
‫‪ -3‬أن اختبار اللّه تعال للعباد ‪ ،‬يكون تارة بالسار ليشكروا ‪ ،‬وتارة بالضار‬
‫ليصبوا ‪ ،‬فصارت الحنة والنحة جيعا بلء ‪ ،‬فالحنة مقتضية للصب ‪،‬‬
‫والنحة مقتضية للشكر ‪ ،‬والقيام بقوق الصب ‪ ،‬أيسر من القيام بقوق‬
‫الشكر فصارت النحة أعظم البلءين ‪ ،‬قال تعال ‪َ :‬وَنبْلُوكُ ْم بِالشّرّ‬
‫خيْرِ ِفْتَنةً [النبياء‪ ]3 5 /‬وقوله تعال ‪ :‬وَفِي ذَِلكُ ْم بَلءٌ مِنْ َربّكُ ْم عَظِيم‬
‫وَالْ َ‬
‫ٌ [البقرة‪ ]4 9 /‬راجع إل أمرين ‪:‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫[البقرة‪]4 9 /‬‬ ‫حيُو َن ِنسَا َء ُك ْم‬
‫أ‪ -‬الحنة ف قوله تعال ‪ُ :‬ي َذّبحُو َن َأْبنَا َء ُك ْم َوَي ْسَت ْ‬
‫‪.‬‬
‫ت مَا فِي ِه بَلٌء ُمبِيٌ [الدخان‪. ]3 3 /‬‬
‫ب‪ -‬النحة الت أناهم ‪ :‬وَآَتْينَا ُه ْم ِم ْن اليَا ِ‬

‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ف غريب القرآن ص ‪. 6 2 ، 6 1‬‬
‫البلء ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫البلء ف الصطلح الصوف ‪ ،‬يرد على معن الختبار والمتحان ‪ ،‬كما سبق‬
‫ف الصول القرآنية ‪:‬‬
‫يقول الحاسب (ت‪2 4 3 :‬هـ) ‪ ( :‬إن الدنيا فتنة بلوى واختبار ‪ ،‬وإنا ليست‬
‫بدليل على رضا اللّه عز وجل عن العباد ‪ ،‬أل تسمع قوله تبارك وتعال ‪َ :‬فَأمّا‬
‫الِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلهُ َربّهُ َفأَكْ َرمَ ُه َوَنعّمَهُ َفَيقُولُ َربّي أَكْ َر َمنِي َوأَمّا إِذَا مَا‬
‫اْبتَلهُ َفقَدَ َر عََليْهِ رِزْقَهُ َفَيقُولُ َربّي َأهَاَننِي [الفجر‪ ، ]1 6 : 1 5 /‬قال اللّه عز‬
‫وجل ‪ :‬كَل ‪ ،‬كذبما جيعا ‪ ،‬فليس هذا بكرامت ‪ ،‬ول هذا بوان ‪،‬‬
‫ولكن الكري من أكرمته بطاعت ‪ ،‬على أى حال كان ‪ ،‬فقيا كان أو غنيا ‪،‬‬
‫والهان من أهنته بعصيت على أى حال كان ‪ ،‬فقيا كان أو غنيا ‪ ،‬فاغتر‬
‫الكافرون بظاهر نعم اللّه عز وجل ‪ ،‬وظنوا أن ذلك من كراماتم على اللّه عز‬
‫وجل ) ( ) ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫وروى عن سهل بن عبد اللّه التسترى (ت‪2 9 3 :‬هـ) ‪ ،‬أنه قال ‪ ( :‬البلوى‬
‫من اللّه على وجهي ‪ :‬بلوى رحة ‪ ،‬وبلوى عقوبة ‪ ،‬فبلوى الرحة يبعث‬
‫صاحبه على إظهار فقره إل اللّه وترك التدبي ‪ ،‬وبلوى العقوبة يبعث صاحبه‬
‫على اختياره وتدبيه ) ( ) ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وعلى الوتية نفسها ‪ ،‬يبي السراج الطوسى (ت‪3 8 7 :‬هـ) معن البلء‬
‫من ــــــــــــــــــــ‬
‫‪-1‬الرعاية ص ‪. 3 4 6‬‬
‫‪-2‬طبقات الصوفية ص ‪. 2 1 1 ، 2 1 0‬‬
‫مفهوم قرآن مض ‪ ،‬ويدلل عليه بشاهد نبوى ‪ ،‬فيقول ‪ ( :‬البلء ظهور امتحان‬
‫الق لعبده ف حقيقة حاله بالبتلء ‪ ،‬وهو ما ينل به من التعذيب ‪ ،‬وروى عن‬
‫النب أنه قال ‪ " :‬نن معشر النبياء أشد الناس بلء " ( ‪. )1‬‬
‫وقال على بن عثمان الجويرى (ت‪4 6 5 :‬هـ) ‪ ( :‬البلء امتحان‬
‫أجساد الحبة بأنواع الشقات والمراض واللم ‪ ،‬لنه كلما كان البلء أكثر‬
‫قوة على العبد ‪ ،‬فإنه يكون أكثر قربا للحق ‪ ،‬لن البلء لباس الولياء ‪ ،‬ومهد‬
‫الصفياء وغذاء النبياء صلوات اللّه عليهم ‪ ،‬أل تر أن الرسول قال ‪" :‬‬
‫أشد البلء للنبياء ‪ ،‬ث الولياء ‪ ،‬ث المثل فالمثل " وجلة القول ‪ ،‬فإن البلء‬
‫اسم للل الذى يظهر على قلب الؤمن وجسده ‪ ،‬وتكون حقيقية لنعمه ‪،‬‬
‫وبكم أن سره يكون خافيا على العبد ‪ ،‬فإنه يثاب عليه باحتماله آلمه ) ( ‪. )2‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .1‬اللمع ص ‪ 4 2 9‬والديث أخرجه الترمذى ف الزهد ( ‪ )2 3 9 8‬عن مصعب بن‬
‫سعد عن أبيه ‪ ،‬قال ‪ " :‬قلت يا رسول اللّه أي الناس أشد بلء ؟ قال ‪ :‬النبياء ث المثل‬
‫فالمثل فيبتلى الرجل على حسب دينه ‪ ،‬فإن كان دينه صلبا اشتد بلؤه ‪ ،‬وإن كان ف دينه‬
‫رقة ابتلي على حسب دينه ‪ ،‬فما يبح البلء بالعبد ‪ ،‬حت يتركه يشي على الرض ما عليه‬
‫خطيئة ) وقال الترمذى ‪ :‬هذا حديث حسن صحيح ‪ ، 4 / 6 0 1‬ورواه الاكم ف‬
‫الستدرك وقال ‪ :‬صحيح على شرط الشيخي انظر حديث رقم ( ‪. 1 / 9 9 ) 1 2 0‬‬
‫‪ .2‬كشف الحجوب ص ‪ ، 6 3 3‬والديث الذى أورده الجويرى وإن كان معناه‬
‫صحيحا إل أنه ل أصل له بذه اللفاظ ‪ ،‬وتدر الشارة إل أن الجويرى ينقل ما وصل إل‬
‫سعه ما صح أو ل يصح ‪ ،‬وما صح ‪ ،‬فإنه ينقله بالعن وبغي ألفاظه ‪ ،‬وذلك لتساهله الشديد‬
‫‪ ،‬وانظر الزيد ف الفتح الربان ص ‪ ، 3 3‬وقوت القلوب‬ ‫ف النقل عن رسول ال‬
‫‪ 2 / 1 0‬وما بعدها ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -2 1‬التــبـتــل‬
‫**********************************‬
‫التبتل ‪ :‬هو النقطاع عن الدنيا إل اللّه ‪ ،‬قال تعال ‪َ :‬وتََبتّلْ إَِليْهِ َتْبتِيل‬
‫( ‪)1‬‬
‫[الزمل‪ ، ]8 /‬ومعناه انقطع ف العبادة وإخلص النية ‪ ،‬انقطاعا يتص به‬
‫رد‬ ‫وليس هذا منافيا ‪ ،‬لا ثبت عن سعد بن أب وقاص ‪ ،‬أن رسول اللّه‬
‫على عثمان بن مظعون التبتل ‪ ،‬ولو أذن له لختصينا ( ‪ ، )2‬فإن التبتل ف‬
‫الديث هو النقطاع عن النكاح والعزوف عنه ‪ ،‬ومنه قيل لري العذراء البتول‬
‫أى النقطعة عن الرجال ( ‪.)3‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫التبتل ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والتبتل ورد ف الصطلح عند أغلب الصوفية يرد على العن القرآن ‪ ،‬يقول‬
‫القشيى ف معن التبتل الوارد ف قوله تعال ‪ :‬وَاذْكُر ْ اسْمَ َربّكَ َوتََبتّلْ إَِليْهِ‬
‫َتْبتِيل [الزمل‪ ]8 /‬أى انقطع إليه انقطاعا تاما ( ) ‪ ،‬وقال الكاشان ‪ :‬التبتل هو‬
‫‪4‬‬

‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لسان العرب ‪ ، 1 1 / 4 2‬والفردات ص ‪ ، 3 6 ،3 7‬متار الصحاح ص ‪. 4 0‬‬
‫‪ .2‬أخر جه البخارى ف النكاح ( ‪ 9 / 1 9 )5 0 7 4‬وم سلم ف النكاح ( ‪)1 4 0 2‬‬
‫‪.2 / 1 0 2 0‬‬
‫‪ .3‬غريب الديث لب عبيد القاسم بن سلم الروي ‪ ،‬تقيق ممد عبد العيد خان ‪ ،‬نشر‬
‫دار الكتاب العرب ‪ ،‬بيوت ‪ ،‬سنة ‪. 4 / 1 9 ، 1 3 9 6‬‬
‫‪ .4‬لطائف الشارات ‪. 3 / 6 4 3‬‬
‫النقطاع إل اللّه بالكلية ‪ ،‬والشارة إليه بقوله ‪َ :‬وَتَبتّلْ إَِليْ ِه َتبْتِيل ‪ ،‬فقوله‬
‫وتبتل إليه دعوة إل التجريد الحض ( ) ولكنهم قسموا التبتل على ثلثة أنواع ‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -1‬تبتل العامة هو التجريد عن اللواحظ للناس ‪.‬‬


‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ -2‬تبتل الريد وهو التجريد عن اللواحظ ‪ ،‬إل ما تدعوا إليه النفس‬
‫‪ -3‬تبتل الواصل ‪ :‬وهو انقطاعه عما سوى الق انقطاعا تاما ‪ ،‬وذلك من‬
‫وجهي مالفي للصول القرآنية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬النقطاع الذى ل يلحظ فيه شيئا من الخلوقات ف عبادته ‪ ،‬ل من‬
‫أعراض الدنيا ‪ ،‬ول من أعراض الخرة يعبده فردا لفرد ‪ ،‬كما روى أب‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫يزيد البسطامى ‪ ( :‬النة ل خطر لا عند أهل الحبة ‪ ،‬وأهل الحبة‬
‫مجوبون بحبتهم ( ‪ ، )3‬وقال ‪ ( :‬إن اللّه قد أمر العباد وناهم ‪،‬‬
‫فأطاعوه ‪ ،‬فخلع عليهم خلعه ‪ ،‬فاشتغلوا باللع عنه ‪ ،‬وإن ل أريد من اللّه‬
‫إل اللّه ) ( ‪. )4‬‬
‫ب‪ -‬أن ينقطع عما سواه بذكره لنفسه على أنه هو ‪ ،‬وهذا تبتل أهل الوحدة‬
‫يقول الكاشان ‪ ( :‬واذكر اسم ربك الذى هو أنت ‪ ،‬أى اعرف نفسك‬
‫واذكرها ول تنساها ‪ ،‬فينساك اللّه ‪ ،‬واجتهد لتحصيل كمالا بعد معرفة‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف العلم ‪. 1 / 3 0 0‬‬
‫‪ .2‬السابق ‪. 1 / 3 0 0‬‬
‫‪ .3‬الرسالة ‪. 2 / 4 6 1‬‬
‫‪ .4‬طبقات الصوفية ص ‪ ، 7 0‬ص ‪. 7 2‬‬
‫حقيقتها ‪ ،‬وتبتل وانقطع إل اللّه بالعراض عما سواه انقطاعا تاما معتدا بالذى‬
‫ظهر عليك نوره ‪ ،‬فطلع من أفق وجودك بايادك ) ( ‪. )1‬‬
‫**********************************‬
‫‪ – 2 2‬التجـــلى‬
‫**********************************‬
‫التجلى ‪ :‬الظهور ‪ ،‬يقال ‪ :‬أجليت المر بينته وأظهرته ‪ ،‬ومن حديث عبد‬
‫قال ‪ " :‬خسفت الشمس على عهد رسول ال ‪ ،‬فصلى‬ ‫ال بن عباس‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫رسول ال والناس معه ‪ ..‬ث انصرف ‪ ،‬وقد تلت الشمس " ( ‪ ، )2‬أى‬
‫ظهرت ‪ ،‬وعن أب هريرة ‪ ،‬قال ‪ " :‬ترج الدابة ‪ ،‬معها خات سليمان‬
‫وعصا موسى ‪ ،‬فتجلو وجه الؤمن ‪ ،‬وتتم أنف الكافر بالات " ( ‪ ، )3‬أى‬
‫تظهره للناس ‪ ،‬وقد يكون التجلى بالذت أو المر ( ‪: )4‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬تفسي القرآن الكري منسوب لبن عرب وهو للكاشان ‪. 2 / 7 2 0‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب النكاح ( ‪. 9 / 2 0 9 )5 1 9 7‬‬
‫‪ .3‬أخرجه الترمذى ف كتاب تفسي القرآن ( ‪ )3 1 8 7‬وقال ‪ :‬حسن غريب ‪ ،‬وقال‬
‫الشيخ اللبان ‪ :‬ضعيف ‪ ، 5 / 3 4 0‬وابن ماجة ف كتاب الفت ( ‪)4 0 6 6‬‬
‫‪ 2 / 1 3 5 1‬وأحد ف السند ( ‪. )7 9 2 4‬‬
‫‪ .4‬الفردات ص ‪ ، 9 6‬ومعجم مقاييس اللغة مادة ‪ ( :‬جلو ) ‪.‬‬
‫[الليل‪/‬‬ ‫‪ -1‬فمن الول ‪ :‬قوله تعال ‪ :‬وَالّليْلِ ِإذَا َيغْشَى وَالّنهَارِ إِذَا تَجَلّى‬
‫‪ ]2 : 1‬وقوله ‪ :‬وَلَمّا جَا َء مُوسَى لِمِيقَاِتنَا وَكَلّمَهُ َربّهُ قَالَ رَبّ أَ ِرنِي أَنظُرْ إَِليْكَ‬
‫جلّى‬ ‫ف تَرَانِي َفلَمّا تَ َ‬
‫سوْ َ‬ ‫جبَلِ فَِإ ْن اسَْتقَ ّر َمكَانَهُ فَ َ‬
‫قَالَ لَ ْن تَرَانِي وََلكِنْ ان ُظرْ إِلَى الْ َ‬
‫ك َوَأنَا‬ ‫ص ِعقًا فَلَمّا أَفَاقَ قَا َل ُسبْحَانَكَ ُتْبتُ إَِليْ َ‬ ‫جبَلِ َج َعلَهُ دَكّا وَ َخ ّر مُوسَى َ‬ ‫َربّهُ ِللْ َ‬
‫َأوّ ُل الْ ُم ْؤ ِمنِي َ [العراف‪ ، ]1 4 3 /‬وعن أنس ‪ ،‬أن النب قرأ هذه الية ‪:‬‬
‫جبَلِ َجعَلَهُ دَكّا ‪ ،‬قال حاد ‪ :‬هكذا ‪ ،‬وأمسك‬ ‫جلّى َربّهُ ِللْ َ‬
‫َفلَمّا تَ َ‬
‫سليمان بطرف إبامه على أنلة إصبعه اليمن ‪ ،‬قال ‪ :‬فساخ البل ‪ ،‬وَ َخرّ‬
‫ص ِعقًا ) ‪ ،‬وف رواية أخرى ‪ ،‬قال أنس ‪ " :‬قال هكذا ‪ ،‬يعن أنه‬ ‫‪(1‬‬
‫مُوسَى َ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫أخرج طرف النصر " ( ‪ ، )2‬وثالثة قال ‪ " :‬فأومأ بنصره ‪ ،‬قال ‪ :‬فساخ "‬
‫‪.‬‬
‫وكرؤية الؤمني لربم يوم القيامة ‪ ،‬كما ف حديث جابر بن عبد ال‬
‫قال ‪ " :‬ث يأتينا ربنا بعد ذلك ‪ ،‬فيقول ‪ :‬من تنظرون ؟ فيقولون ‪ :‬ننظر ربنا‬
‫فيقول ‪ :‬أنا ربكم ‪ ،‬فيقولون ‪ :‬حت ننظر إليك ‪ ،‬فيتجلى لم يضحك " ( ‪. )4‬‬
‫وعن صهيب عن النب قال ‪ " :‬إذا دخل أهل النة النة ‪ ،‬وأهل النار‬
‫النار ‪ ،‬نودوا يا أهل النة ‪ ،‬إن لكم عند ال موعدا ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬أل يثقل موازيننا‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه الترمذى ف كتاب تفسي القرآن ( ‪ 5 / 2 6 5 )3 0 7 4‬وأحد (‬
‫‪. )1 2 2 8 2‬‬
‫‪ .2‬أخرجه أحد ف السند ( ‪ ، )1 1 8 5 1‬وهذه الراواية والت قبلها فيها ضعف ‪.‬‬
‫‪ .3‬أخرجه الترمذى ف كتاب تفسي القرآن ( ‪ )1 3 9 2‬وصححه اللبان ‪، 4 / 1 4‬‬
‫وأحد ف السند ( ‪ )1 2 7 6 6‬واللفظ له ‪.‬‬
‫‪ .4‬أخرجه مسلم ف كتاب اليان ( ‪ 1 / 1 7 7 )1 9 1‬وأحد ( ‪. )1 5 1 5 5‬‬
‫ويعطينا كتبنا بأياننا ‪ ،‬ويدخلنا النة وينجينا من النار ؟ فيكشف الجاب قال ‪:‬‬
‫فيتجلى ال عز وجل لم ‪ ،‬قال ‪ :‬فما أعطاهم ال شيئا أحب إليهم ‪ ،‬من النظر‬
‫إليه " ( ‪. )1‬‬
‫‪ -2‬ومن الثان ‪ :‬ما روى عن قبيصة اللل ‪ " :‬أن الشمس انسفت فصلى نب‬
‫ال ركعتي ركعتي حت انلت ‪ ،‬ث قال ‪ :‬إن الشمس والقمر ل ينخسفان‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫لوت أحد ‪ ،‬ولكنهما خلقان من خلقه ‪ ،‬وإن ال عز وجل يدث ف خلقه ما شاء‬
‫وإن ال عز وجل إذا تلى لشيء من خلقه يشع له ‪ ،‬فأيهما حدث فصلوا حت‬
‫ينجلي ‪ ،‬أو يدث ال أمرا " ( ‪ ، )2‬فظاهر من الديث أن التجلى تلى المر ‪.‬‬
‫التجلى ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫التجلى ف الصطلح الصوف ‪ ،‬يدور ف الغلب عند العتدلي من الصوفية‬
‫حول ظهور نور اليان ف قلب الؤمن ‪ ،‬من خلل الراقبة ومشاهدة أفعال‬
‫الربوبية ‪ ،‬وهذا العن ل يعارض الصول القرآنية والنبوية ‪ ،‬ومن أقوالم الدالة‬
‫عليه ‪:‬‬
‫ما روى عن سهل بن عبد اللّه التسترى (ت‪2 9 3 :‬هـ) ‪ ،‬أن التجلى على‬
‫ثلثة أحوال تلى الذات ‪ :‬وهى الكاشفة أى كشوف القلب ف الدنيا ‪ ،‬كقول‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب اليان ( ‪1 / 1 6 3 )1 8 1‬وأحد ( ‪)1 8 4 5 7‬‬
‫واللفظ له ‪.‬‬
‫‪.2‬ضعيف من رواية قبيصة اللل ‪ ،‬أخرجه ابن ماجة ف كتاب إقامة الصلة (‬
‫‪ )1 2 6 2‬وضعفه اللبان ‪ ، 1 / 4 0 1‬والنسائى ف كتاب الكسوف ( ‪)1 4 8 5‬‬
‫‪. 3/ 1 4 1‬‬
‫ابن عمر ‪ " :‬كنا نتراءى ال ف ذلك الكان " ‪ ،‬يعن ف الطواف ‪ ،‬وقال‬
‫‪ " :‬اعبد ال كأنك تراه " ( ‪ ، )1‬وتلى صفات الذات ‪ :‬ومعناه ‪ ،‬أن تتجلى له‬
‫قدرته عليه ‪ ،‬فل ياف غيه ‪ ،‬وكفايته له ‪ ،‬فل يرجو سواه ‪ ،‬وتلى حكم‬
‫الذات ‪ :‬وهى الخرة وما فيها ‪ ،‬وكشوف العيان ف الخرة ‪ ،‬إذ يكون فريق ف‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫النة وفريق ف السعي ( ‪ ، )2‬وينسب لب السي النورى (ت‪2 9 5 :‬هـ)‬
‫كلم نفيس دقيق ف مصطلح التجلى حيث قال ‪:‬‬
‫( تلى للقه بلقه ‪ ،‬واستتر عن خلقه بلقه ‪ ،‬فبتجليه حسنت الحاسن‬
‫وجلت ‪ ،‬وباستتاره قبحت وسجت ) ( ‪ ، )3‬وروى عن النيد (ت‪:‬‬
‫‪2 9 7‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬التجلى قد يكون بطريق الفعال ‪ ،‬وقد يكون بطريق‬
‫الصفات ‪ ،‬وقد يكون بطريق الذات ) ( ‪. )4‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬التعرف للكلباذى ص ‪.1 2 1‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الرقاق ( ‪ )6 4 1 6‬وأحد ف السند ( ‪ )6 1 2 1‬عن‬
‫ببعض جسدي ‪ ،‬فقال ‪ " :‬اعبد ال‬ ‫بلفظ قال ‪ :‬أخذ رسول ال‬ ‫عبد ال بن عمر‬
‫كأنك تراه ‪ ،‬وكن ف الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " ‪.‬‬
‫‪ .3‬اللمع ص ‪ 4 3 9‬وانظر ف القارنه بكلم النيد ‪ ،‬العارضة والرد لسهل بن عبد‬
‫ال التسترى ص ‪ ، 8 0‬وللمقارنة من الناحية الكلمية ‪ ،‬القتصاد ف العتقاد‬
‫لب حامد الغزال ص ‪ ،1 5 8‬ومن الناحية الفلسفية الرسالة العرشية لبن سينا ص‬
‫‪20‬‬ ‫‪ 1 0‬وتافت الفلسفة لب حامد الغزال ‪ ، 3 7‬وسالة التعليقات للفارب ص‬
‫‪.‬‬
‫‪ .4‬عوارف العارف للسهروردى ص ‪. 5 2 6‬‬
‫وقد نقل كتاب الصطلحات القدامى هذا العن عن الصوفية ‪ ،‬فقال أبو نصر‬
‫السراج الطوسى (ت‪3 8 7 :‬هـ) ‪ ( :‬التجلى إشراق أنوار إقبال الق ‪ ،‬على‬
‫قلوب القبلي عليه ) ( ‪ ، )1‬ويذكر الجويرى (ت‪4 6 5 :‬هـ) أن التجلى هو‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ما يسطع من النوار الربانية على قلوب القبلي ‪ ،‬الت با يتمكنون من رؤية ال‬
‫تعال بقلوبم ) ( ‪. )2‬‬
‫ويقسم الكاشان التجلى إل قسمي ‪ ،‬ولكن قسيمه بعيد عن الصول‬
‫القرآنية والنبوية حيث يعب بما عن فكر أصحاب وحدة الوجود ( ‪: )3‬‬
‫التجلى الول ‪ :‬وهو ظهور الذات نفسها لنفسها ‪ ،‬ف عي التعي والقابلية‬
‫الول الذى هو الوحدة ‪ ،‬وحقيقة التجلى الول ‪ ،‬إنا هو عبارة عن شهود‬
‫الذات نفسها ‪ ،‬وإدراكها من حيث وحدتا ‪ ،‬بميع اعتباراتا وشؤونا ‪ ،‬فظهرت‬
‫الذات نفسها لنفسها ف نفسها ‪ ،‬بذا التجلى والظهور وبسبه ‪ ،‬وحضرت معها‬
‫بل توهم تقدم أستار ‪ ،‬وغيبة وفقدان ‪ ،‬وأحيانا يسمى هذا النوع بتجلى الذات‬
‫أو التجلى الحدى المعى ‪ ،‬أو تلى الغيب الغيب ‪ ،‬أو تلى الغيب الول أو‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪71‬‬ ‫‪ .1‬اللمع ص ‪ ، 4 3 9‬وانظر كتاب الرياضة وأدب النفس للحكيم الترمذى ص‬
‫‪.‬‬
‫‪ .2‬كشف الحجوب ص ‪ ، 4 7 2‬وانظر لطائف الشارات ‪ 2 / 2 5 9‬ف شرح أب‬
‫القاسم القشيى لوقف موسى عند التجلى ‪ ،‬حيث أفاض فيه بتوسع ‪.‬‬
‫‪ .3‬لطائف العلم ‪ ، 3 0 1 ،1 / 3 0 0‬وانظر ف معان التجلى عند ابن عرب ‪،‬‬
‫الفتوحات الكية ‪ ، 1 / 1 6 6‬وفصوص الكم ‪،1 / 1 3 3‬ص ‪ ، 1 7 0‬إنشاء‬
‫الدوائر ص ‪ ، 3 5‬ومواقع النجوم ص ‪ ، 1 5 8‬وعقلة الستوفز ص ‪. 5 2‬‬
‫تلى الوية ‪ ،‬أو التجلى العطى للستعداد ‪ ،‬وجيعها اصطلحات صوفية تدل‬
‫على معن واحد ‪.‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫التجلى الثان ‪ :‬هو ظهور الذات لنفسها ف ثان رتبها ‪ ،‬العب عنها بالتعي‬
‫الثان ‪ ،‬الذى تظهر فيه الساء ‪ ،‬وتتميز ظهورا وتيزا علميا ‪ ،‬ولذا سى التعي‬
‫الثان بالضرة العلمية ‪ ،‬وحضرة العان ‪ ،‬وعال العان ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫‪ – 2 3‬التسلـــــــيم‬
‫**********************************‬
‫التسليم ‪ :‬السلم والسلمة ‪ ،‬التعرى من الفات الظاهرة والباطنة ( ) ‪ :‬فمن‬
‫‪1‬‬

‫السلمة ف الباطن ‪ ،‬قوله تعال ‪َ :‬ي ْومَ ل َيْنفَعُ مَا ٌل وَل َبنُونَ إِل مَنْ َأتَى اللّ َه‬
‫ب سَلِيم ٍ [الشعراء‪ ]8 9 /‬أى متعر من الفات ‪ ،‬ومن السلمة ف الظاهر ‪،‬‬ ‫ِبقَ ْل ٍ‬
‫ث مُسَلّ َم ٌة ل ِشَيةَ فِيهَا [البقرة‪. ]7 1 /‬‬ ‫حرْ َ‬
‫سقِي الْ َ‬
‫قوله تعال ‪ :‬وَل تَ ْ‬
‫والتسليم يطلق على عدة معان ‪:‬‬
‫( ‪ -1‬التسليم بعن الستسلم والنقياد والقبول ‪ ،‬كقول ال تعال ‪ :‬فَل‬
‫سهِمْ‬
‫حكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَْيَنهُ ْم ثُ ّم ل يَجِدُوا فِي أَنفُ ِ‬
‫ك ل ُي ْؤمِنُونَ َحتّى يُ َ‬
‫وَ َربّ َ‬
‫ت َويُسَلّمُوا تَسْلِيمًا [النساء‪. ]6 5 /‬‬ ‫ضيْ َ‬
‫حَرَجًا مِمّا َق َ‬
‫( ‪ -2‬التسليم بعن التحية وإلقاء السلم ‪ ،‬كقوله تعال ‪ِ :‬إنّ اللّهَ‬
‫َومَلئِ َكتَهُ ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪ ، 2 4 1 ، 2 3 9‬ولسان العرب ‪ ، 1 2 / 2 9 2‬والصباح الني‬
‫‪. 1/ 2 8 7‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫[الحزاب‪/‬‬ ‫ُيصَلّونَ عَلَى النِّب ّي يَا َأّيهَا الّذِينَ آمَنُوا صَلّوا عََليْ ِه َوسَلّمُوا تَسْلِيمًا‬
‫‪ ]5 6‬وعن أب سعيد الدري قال ‪ " :‬قلنا يا رسول اللّه ‪ ،‬هذا التسليم ‪ ،‬فكيف‬
‫نصلي عليك ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬قولوا اللّهم صل على ممد ‪ ،‬عبدك ورسولك ‪ ،‬كما‬
‫صليت على آل إبراهيم ‪. )1 ( "..‬‬
‫( ‪ -3‬التسليم الذى ينهى الصلة ‪ ،‬فعن علي بن أب طالب ‪ ،‬عن النب‬
‫قال ‪ " :‬مفتاح الصلة الطهور ‪ ،‬وتريها التكبي ‪ ،‬وتليلها التسليم " ( ‪، )2‬‬
‫وعنه أن رسول اللّه ‪ ،‬كان آخر ما يقول بي التشهد والتسليم ‪ ،‬اللّهم اغفر‬
‫ل ما قدمت وما أخرت ‪. )3 ( " ..‬‬
‫والتسليم من العبد ل على ضربي ‪:‬‬
‫‪ -1‬تسليم للمر اللى الكون ‪ ،‬ومسلك العبد فيه الرضا بالقضاء والقدر ‪ ،‬فإنه‬
‫واقع ل مالة ‪ ،‬لقوله سبحانه وتعال ‪ِ :‬إذَا َقضَى َأمْرًا فَِإنّمَا َيقُول ُ لَهُ كُنْ‬
‫َفَيكُون ُ[مري‪ ، ]3 5 /‬ولقوله ‪ :‬أََف َغيْرَ دِينِ اللّ ِه َيْبغُو َن وَلَهُ َأسْلَمَ مَنْ‬
‫ض طَ ْوعًا وَكَ ْرهًا َوإِلَيْ ِه يُرْ َجعُونَ [آل عمران‪. ]8 3 /‬‬
‫فِي السّمَاوَاتِ وَالَ ْر ِ‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف التفسي ( ‪.8 / 3 9 2 )4 7 9 8‬‬
‫‪ .2‬حسن أخرجه الترمذى ف كتاب الطهارة ( ‪ )3‬وقال اللبان ‪ :‬حسن صحيح‬
‫‪ 1 / 8‬وأبو داود ( ‪ ، 1 / 1 6 )6 1‬والدارقطن ف سننه ( ‪، 1 / 3 5 9 )1‬‬
‫وانظر بغية الباحث عن زوائد مسند الارث ( ‪. 1 / 2 8 3 )1 6 9‬‬
‫‪ .3‬أخرجه مسلم ف كتاب صلة السافرين ( ‪. 1 / 5 3 4 )7 7 1‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ -2‬تسليم للمر الشرعى والتدبي النبوى ‪ ،‬ومنه قوله تعال ‪ :‬فَل وَ َربّكَ ل‬
‫سهِمْ حَرَجًا مِمّا‬ ‫جدُوا فِي أَنفُ ِ‬ ‫ج َر َبيَْنهُ ْم ثُ ّم ل يَ ِ‬‫حكّمُوكَ فِيمَا شَ َ‬ ‫ُي ْؤ ِمنُونَ َحتّى يُ َ‬
‫ضْيتَ َويُسَلّمُوا تَسْلِيمًا [النساء‪ ، ]6 5 /‬وكل الوجهي يدل عليهما قوله تعال‬ ‫َق َ‬
‫س ٌن وَاّتبَ َع مِّلةَ ِإبْرَاهِيمَ َحنِيفًا‬
‫سنُ دِينًا مِمّنْ َأسْلَ َم َو ْجهَهُ ِللّ ِه َو ُهوَ مُحْ ِ‬
‫‪َ :‬ومَنْ أَحْ َ‬
‫وَاتّخَذَ اللّهُ ِإبْرَاهِيمَ خَلِيل [النساء‪. ]1 2 5 /‬‬

‫فالسلم يمل المرين جيعا ‪ ،‬وهو العتراف باللسان ‪ ،‬والستسلم ل ف‬


‫أمره الشرعى ‪ ،‬ث اعتقاد بالقلب ‪ ،‬ووفاء بالفعل ‪ ،‬واستسلم ل ف جيع ما‬
‫قضى وقدر ‪ ،‬فالسلمون منقادون للحق مذعنون له راضون بقضائه وقدره ( ‪. )1‬‬
‫التسليم ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والتسليم ف الصطلح الصوف ‪ ،‬ورد على معن الرضا بالقضاء والقدر ‪ ،‬كما‬
‫نسب إل الارث بن أسد الحاسب ‪ ،‬أنه قال (ت‪2 4 3 :‬هـ) ‪ ( :‬التسليم‬
‫هو الثبوت عند نزول البلء ‪ ،‬من غي تغي منه ف الظاهر والباطن ) ( ‪، )2‬‬
‫ويذكر أيضا أن التسليم ‪ ،‬هو استقبال القضاء بالرضا ‪ ،‬والنقياد لمر اللّه ‪،‬‬
‫وترك العتراض ( ‪ ، )3‬وكلمة يوافق الصول القرآنية والنبوية وتتمله الدلة ‪،‬‬
‫وقد قسم أبو اساعيل النصارى الروى (ت‪4 8 1 :‬هـ) التسليم ‪ ،‬الذى ورد‬
‫ف قوله ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪. 2 4 1‬‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪. 5 9‬‬
‫‪ .3‬التعريفات للجرجان ص ‪. 5 9‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫حكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَْيَنهُ ْم ثُ ّم ل يَجِدُوا‬
‫ك ل ُي ْؤمِنُونَ َحتّى يُ َ‬
‫تعال ‪ :‬فَل وَ َربّ َ‬
‫ضْيتَ َويُسَلّمُوا تَسْلِيمًا [النساء‪ ، ]6 5 /‬إل‬ ‫فِي أَنفُسِهِمْ حَ َرجًا مِمّا َق َ‬
‫ثلث درجات ‪:‬‬
‫الدرجة الول ‪ :‬تسليم ما يزاحم العقول ‪ ،‬ما يشق على الوهام من الغيب‬
‫والذعان لا يغالب القياس من سي الدول ‪ ،‬والقسم الت قسمها على‬
‫خلقه ‪ ،‬والجابة لا يفزع الريد من ركوب الحوال ‪.‬‬
‫الدرجة الثانية ‪ :‬تسليم العلم إل الال ‪ ،‬والقصد إل الكشف ‪ ،‬والرسم إل‬
‫القيقة ‪.‬‬
‫الدرجة الثالثة ‪ :‬تسليم ما دون الق إل الق ‪ ،‬مع السلمة من رؤية التسليم‬
‫بعاينة تسليم الق إياك إليه ( ‪. )1‬‬
‫ولكنه تقسيم غامض يفتقر إل الدليل ‪ ،‬ولتتمله الية الت استشهد با‬
‫فالشاهد من الية ف التسليم ‪ ،‬هو تنفيذ أمر النب عن مبة ورضا ‪ ،‬بل‬
‫اعتراض منهم ‪ ،‬وتصديق ما أخبهم به تصديقا جازما ‪ ،‬ويشابه الكاشان‬
‫الروى ف تقسيمه للتسليم ‪ ،‬إذ جعله على نوعي ‪:‬‬
‫النوع الول ‪ :‬تسليم البتدئي وهو النقياد للمر الشرعى بل طلب للعوض‬
‫فيقول ‪ ( :‬التسليم صورته ف البدايات ‪ ،‬تسليم للحكام الشرعية بل اعتراض‬
‫عليها ول طلب لعقلها ) ( ‪ ، )2‬وقوله ‪ :‬ول طلب لعقلها ‪ ،‬يالف السنة من‬
‫جهة‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .1‬منازل السائرين ص ‪ .2 .2 6 5‬معجم الكاشان ص ‪ 2 4 3‬ولطائف العلم‬
‫‪. 1/ 3 1 9‬‬
‫أن طلب العوض هو نج النب وأصحابه ‪ ،‬وهم الكمل ف إسلمهم ل‬
‫وتسليمهم له ‪ ،‬فهذ العن له أصول قرآنية إل ف الدعوة إل ترك العوض ‪.‬‬
‫النوع الثان ‪ :‬تسليم النهايات ‪ ،‬ويدور ف إطار القول بوحدة الوجود‬
‫حكّمُوكَ فِيمَا َشجَرَ‬ ‫كتفسيهم لقوله تعال ‪ :‬فَل وَ َربّكَ ل ُي ْؤ ِمنُونَ َحتّى يُ َ‬
‫ضْيتَ َويُسَلّمُوا تَسْلِيمًا [النساء‪/‬‬
‫سهِمْ حَ َرجًا مِمّا َق َ‬
‫َبْيَنهُمْ ثُمّ ل َيجِدُوا فِي أَنفُ ِ‬
‫‪ ]6 5‬فل وربك ل يؤمنون اليان القيقى التوحيدى ‪ ،‬حت يكموك لكون‬
‫حكمك حكم اللّه ‪ ،‬وإنا حجبت الذات بالصفات ‪ ،‬والصفات بالفعال ‪ ،‬فإذا‬
‫تشاجروا وقفوا مع صفاتم ‪ ،‬مجوبي عن أفعال الق فلم يؤمنوا حقيقة ‪ ،‬فإذا‬
‫حكموك انسلخوا عن أفعالم ‪ ،‬وإذا ل يدوا ف أنفسهم حرجا من قضائك ‪،‬‬
‫انسلخوا عن إرادتم فصاروا إل مقام الرضا ‪ ،‬وعن علمهم وقدرتم فصاروا إل‬
‫مقام التسليم ‪ ،‬فلم يبق لم حجاب من صفاتم واتصفوا بصفات الق ‪،‬‬
‫فانكشف لم ف صورة الصفات ‪ ،‬فعلموا أنك هو ‪ ،‬قائم به ل بنفسك ‪ ،‬عادل‬
‫بالقيقة بعدله فتحقق إيانم باللّه ( ) ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ويقول عبد الرزاق الكاشان ف معن التسليم ‪ ( :‬التسليم الق ‪ ،‬هو أن تد‬
‫نفسك مسلمة إل الق ‪ ،‬وأنه ما سلمها إل الق إل الق ‪ ،‬وقد تسلم من‬
‫دعوى التسليم له ‪ ،‬فيما شرع من الكم ‪ ،‬وقضى من الحكام ‪ ،‬بعاينتك‬
‫تسليم الق إياك إليه ) ( ) ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ــــــــــــــــــــ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .1‬تفسي القرآن الكري منسوب لبن عرب ‪ ،1 / 2 6 9‬ص ‪. 2 7 0‬‬
‫‪ .2‬لطائف العلم ‪ ، 1 / 3 1 9‬وانظر أيضا الفتوحات الكية ‪. 2 / 3 8 1‬‬
‫**********************************‬
‫‪ - 2 4‬التفــــريد‬
‫**********************************‬
‫ُقلْ ِإنّمَا َأعِظُكُمْ‬ ‫التفريد ‪ :‬الفرد الذى ل يتلط به غيه ‪ ،‬قال تعال ‪:‬‬
‫ِبوَاحِ َدةٍ أَ ْن َتقُومُوا ِللّ ِه َمثْنَى وَفُرَادَى ثُ ّم َتَتفَكّرُوا مَا ِبصَا ِحبِكُ ْم مِنْ ِجّنةٍ ِإ ْن ُهوَ إِل‬
‫ب شَدِيدٍ [سبأ‪. ]4 6 /‬‬ ‫ي عَذَا ٍ‬ ‫نَذِيرٌ َلكُ ْم َبيْ َن يَدَ ْ‬
‫وعن أب سعيد الدري قال ‪ " :‬نانا رسول اللّه ‪ ،‬أن نلط بسرا‬
‫بتمر ‪ ،‬أو زبيبا بتمر ‪ ،‬أو زبيبا ببسر ‪ ،‬وقال ‪ :‬من شرب النبيذ منكم ‪ ،‬فليشربه‬
‫زبيبا فردا ‪ ،‬أو ترا فردا ‪ ،‬أو بسرا فردا " ( ‪ ، )1‬ومن حديث عائشة رضي اللّه‬
‫عنها ‪ ،‬أن رسول اللّه أفرد الج ( ‪ ، )2‬وعن أنس بن مالك أن رسول اللّه‬
‫أفرد يوم أحد ‪ ،‬ف سبعة من النصار ‪ ،‬ورجلي من قريش ‪ ،‬فلما رهقوه قال‬
‫‪ :‬من يردهم عنا وله النة ( ‪. )3‬‬
‫ويقال ف اللّه فرد ‪ ،‬تنبيها أنه بلف الشياء كلها ف الزدواج ‪ ،‬النبه عليه‬
‫بقوله تعال ‪َ :‬ومِنْ كُ ّل َشيْءٍ خََل ْقنَا َزوْ َجيْن ِ [الذاريات‪ ، ]4 9 /‬ومستغن عما‬
‫عداه ‪ ،‬كما نبه عليه بقوله ‪ :‬فَِإنّ اللّ َه َغنِ ّي عَ ْن اْلعَالَمِي َ [آل عمران‪، ]9 7 /‬‬
‫وإذا ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب الشربة ( ‪. 3 / 1 5 7 )1 9 8 7‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب الج ( ‪. 2 / 8 7 5 )1 2 1 1‬‬
‫‪ .3‬أخرجه مسلم ف كتاب الهاد والسي ( ‪. 3 / 1 4 1 5 )1 7 8 9‬‬
‫قيل ‪ :‬هو منفرد بوحدانيته ‪ ،‬فمعناه هو مستغن عن كل ما سواه ‪ ،‬لنه مالف‬
‫‪1‬‬
‫للموجودات كلها ( ) ‪.‬‬
‫والتفرد ف قوله تعال ‪َ :‬ونَ ِرثُهُ مَا َيقُو ُل َوَيأْتِينَا َفرْدًا [مري‪ ، ]8 0 /‬يعن‬
‫انقطاعه عن كل ما له ‪ ،‬فعن خباب بن الرت قال ‪ " :‬كنت رجل قينا ( ) ‪،‬‬
‫‪2‬‬

‫وكان ل على العاص بن وائل دين ‪ ،‬فأتيته أتقاضاه ‪ ،‬فقال ل ‪ :‬ل أقضيك حت‬
‫تكفر بحمد ‪ ،‬قال ‪ :‬قلت ‪ :‬لن أكفر به حت توت ث تبعث ‪ ،‬قال ‪ :‬وإن‬
‫لبعوث من بعد الوت ‪ ،‬فسوف أقضيك إذا رجعت إل مال وولد ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫فنلت ‪:‬‬
‫ت الّذِي َكفَ َر بِآيَاِتنَا وَقَالَ لُوَتيَنّ مَال َووَلَدًا أَطَّل َع اْلغَْيبَ َأ ْم اتّخَ َذ ِعنْدَ‬
‫أََف َرَأيْ َ‬
‫ب مَدّا َونَ ِرثُهُ مَا َيقُولُ‬‫ب مَا َيقُولُ َونَ ُمدّ لَ ُه مِ ْن اْلعَذَا ِ‬
‫الرّحْمَانِ عَهْدًا كَل َسنَ ْكتُ ُ‬
‫‪3‬‬
‫َوَيأْتِينَا َفرْدًا [مري‪. ) ( ]8 0 : 7 7 /‬‬
‫والتفريد ذكر ف السنة على معن كثرة الذكر ‪ ،‬إل حد ل يسبق فيه الذاكر‬
‫فيكون منفردا بثواب ذكره ‪ ،‬فمن حديث أب هريرة ‪ ،‬قال رسول اللّه ‪" :‬‬
‫سبق الفردون قالوا ‪ :‬وما الفردون يا رسول اللّه ؟ قال ‪ :‬الذاكرون اللّه كثيا‬
‫والذاكرات " ( ‪. )4‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪. 3 7 5‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .2‬أى يعمل حدادا ‪ ،‬قال ابن منظور ‪ ( :‬القي الداد ‪ ،‬والقيون جع قي وهو الداد‬
‫والصانع ) ‪ ،‬انظر لسان العرب ‪. 1 3 / 3 5 0‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب تفسي القرآن ( ‪. 7 / 2 8 4 )4 7 3 5‬‬
‫‪ .4‬أخرجه مسلم ف كتاب الذكر ( ‪. 4 / 2 0 6 2 )2 6 7 6‬‬
‫التفريد ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والتفريد ف الصطلح الصوف ‪ ،‬يعن منلة عليا ف توحيد ال ‪ ،‬يظهر أثرها‬
‫على حركات الصوف وسكناته ‪ ،‬كما روى ف ذلك عن عمرو بن عثمان الكى‬
‫(ت‪2 9 1 :‬هـ) ( ‪: )1‬‬
‫فظل وحيدا والشوق وحيد‬ ‫تفرد باللّه الفريد فريد‬
‫على طبقات والدنو بعيد‬ ‫وذاك لن الفرَدين رأيتهم‬
‫عن اللك جيعا فهو عنه ييد‬ ‫فمن مفرد يسمو بمة قلبه‬
‫وكل وحيد بالبلء فريد‬ ‫وأدمن سيا ف السمو توحدا‬
‫عن النفس وجدا فهى منه تبيد‬ ‫وآخر يسمو ف العلو تفردا‬
‫ويذكر الكلباذى (ت‪3 8 0 :‬هـ) أن التفريد ‪ ،‬أن يتفرد عن الشكال‬
‫وينفرد ف الحوال ويتوحد ف الفعال ‪ ،‬وهو أن تكون أفعاله ل وحده ‪ ،‬فل‬
‫يكون فيها رؤية نفس ‪ ،‬ول مراعاة خلق ‪ ،‬ول مطالبة عوض ‪ ،‬ويتفرد ف‬
‫الحوال عن الحوال ‪ ،‬فل يرى لنفسه حال ‪ ،‬بل يغيب برؤية مولا عنها ‪،‬‬
‫ويتفرد عن الشكال ‪ ،‬فل يأنس با ‪ ،‬ول يستوحش منها ( ‪. )2‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫وللسراج الطوسى (ت‪3 8 7 :‬هـ) ف التفريد عبارة يغلب عليها الطابع‬
‫الكلمى الذوقى قال ‪ ( :‬التفريد هو إفراد الفرد ‪ ،‬برفع الدث وإفراد القدم‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬التعرف لذهب أهل التصوف ص ‪. 1 3 3‬‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪.1 3 3‬‬
‫بوجود حقائق الفردانية ‪ ،‬الوحدون ل من الؤمني كثي ‪ ،‬والفردون من‬
‫الوحدين قليل ) ( ‪. )1‬‬
‫ويذكر السهروردى (ت‪6 3 2 :‬هـ) ‪ :‬أن التفريد أن ل يرى نفسه فيما‬
‫يأتى به ‪ ،‬بل يرى منة اللّه عليه ‪ ،‬فالتجريد ينفى الغيار ‪ ،‬والتفريد ينفى نفسه‬
‫واستغراقه عن رؤية نعمة اللّه عليه وغيبته وكسبه ( ‪ ، )2‬وجيع ما ذكر من العان‬
‫السابقة له أصل قرآن ‪ ،‬على اعتبار أن التفريد درجة عليا ف التوحيد ‪ ،‬ل يبلغها‬
‫إل من تعلق قلبه باللّه ف جيع حركاته وسكناته ‪ ،‬وهو الوصوف بدوام الذكر‬
‫كما سبق ف حديث ‪ ( :‬سبق الفردون ) ‪ ،‬أما ما سوى ذلك من العان الرافقة‬
‫لصطلح التفرد عند الصوفية ‪ ،‬والت تشعر القارئ بفناء التفرد عن شهود‬
‫السوى ‪ ،‬وغيبوبته الطلقة ‪ ،‬وانقطاعه عن مطالبة العوض ف الطاعة ‪ ،‬وغي ذلك‬
‫فل أصل له ‪ ،‬وكذلك ما ذكره مى الدين بن عرب ‪ ،‬أن التفريد هو وقوفك‬
‫بالق معك ( ‪ ، )3‬ويعن شهود الق ول شئ معه ‪ ،‬فيشهده منفردا ‪ ،‬كحق بل‬
‫خلق ‪ ،‬على أن الكل تعيناته ‪ ،‬وليس ث إل هو ( ‪. )4‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬اللمع ف التصوف ص ‪.4 2 5‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .2‬عوارف العارف لل سهروردى ص ‪ 5 2 6‬وقارن ب ي التفر يد ع ند ال سهروردى‬
‫صـاحب العوارف ويىـ السـهروردى القتول مـن خلل الرجوع إل كتابـه حكمـة‬
‫الشراق نشرة هنرى كوربان سنة ‪1 9 5 2‬م ص ‪ 1 6‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ .3‬اصطلحات الصوفية ابن عرب ص ‪. 8‬‬
‫‪ ،1 / 3 3 7 ،3 3 8‬وانظـر رشـح الزلل ص ‪ ، 9 7‬ومعجـم‬ ‫‪ .4‬لطائف العلم‬
‫اصطلحات الصوفية للكاشان ص ‪ 3 7 5‬والناظر اللية ص ‪. 1 6 2‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -2 5‬التفكـــــر‬
‫**********************************‬
‫التفكر ‪ :‬الفكرة قوة مطرقة للعلم إل العلوم ‪ ،‬والتفكر جولن تلك القوة‬
‫بسب نظر العقل ‪ ،‬وذلك للنسان دون اليوان ‪ ،‬ول يقال إل فيما يكن أن‬
‫يصل له صورة ف القلب ‪ ،‬والتفكر أثر إعمال العقل ف وزن السباب ومعرفة‬
‫العلل ‪ ،‬فيستدل من خللا على عظمة ربه وافتقاره إليه ‪ ،‬وصدق ما جاء به‬
‫)‪.‬‬ ‫‪(1‬‬
‫النب‬
‫وقد دعا القرآن الكري إل التفكر ف كثي من اليات ‪ ،‬كقوله تعال ‪ :‬قُلْ‬
‫ِإنّمَا َأعِ ُظكُ ْم ِبوَاحِ َدةٍ َأنْ َتقُومُوا لِلّ ِه َمْثنَى وَفُرَادَى ثُ ّم َتتَ َفكّرُوا مَا ِبصَا ِحِبكُ ْم مِنْ‬
‫ي عَذَابٍ شَدِيدٍ [سبأ‪. ]4 6 /‬‬ ‫ِجّنةٍ ِإنْ هُوَ إِل نَذِيرٌ َلكُ ْم َبيْنَ يَدَ ْ‬
‫وقال ‪َ :‬ويََت َفكّرُونَ فِي َخلْقِ السّمَاوَاتِ وَالَ ْرضِ َرّبنَا مَا خََل ْقتَ هَذَا بَاطِل‬
‫ك مَ ْن تُدْ ِخ ْل النّارَ َفقَدْ َأخْ َزْيتَهُ َومَا لِلظّالِ ِميَ‬
‫ُسبْحَانَكَ َف ِقنَا عَذَابَ النّارِ َرّبنَا ِإنّ َ‬
‫مِنْ َأْنصَارٍ [آل عمران‪ ، ]1 9 2 : 1 9 1 /‬وقال تعال ‪َ :‬لوْ َأنْزَْلنَا هَذَا اْلقُرْآنَ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ك ا َلمْثَا ُل َنضْ ِرُبهَا لِلنّاسِ‬
‫شَيةِ اللّ ِه َوتِلْ َ‬
‫عَلَى َجبَلٍ َل َرَأيْتَهُ خَا ِشعًا ُمتَصَ ّدعًا مِنْ خَ ْ‬
‫َلعَّلهُمْ يََت َفكّرُون َ [الشر‪. ]2 1 /‬‬
‫وف السنة عن أب هريرة ‪ ،‬أن رسول اللّه قال عن النافق ‪ " :‬ث يقال‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪. 3 8 4‬‬
‫له ‪ :‬الن نبعث شاهدنا عليك ‪ ،‬ويتفكر ف نفسه ‪ ،‬من ذا الذي يشهد علي‬
‫فيختم على فيه ‪ ،‬ويقال لفخذه ولمه وعظامه ‪ :‬انطقي ‪ ،‬فتنطق فخذه ولمه‬
‫وعظامه بعمله ‪ ،‬وذلك ليعذر من نفسه ‪ ،‬وذلك النافق ‪ ،‬وذلك الذي يسخط‬
‫اللّه عليه " ( ‪. )1‬‬
‫التفكر ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫التفكر ف الصطلح الصوف ‪ ،‬ما يتوصل به إل الق ‪ ،‬إذا كان مصحوبا‬
‫بنور التوفيق اللى ‪ ،‬والطاب الشرعى ‪ ،‬لقوله تعال ‪َ :‬أوَلَ ْم َيَتفَكّرُوا مَا‬
‫ِبصَا ِحِبهِ ْم مِنْ ِجّنةٍ ِإنْ ُهوَ إِل نَذِي ٌر ُمبِيٌ [العراف‪ ، ]1 8 4 /‬وقال ‪َ :‬وأَنزَْلنَا‬
‫س مَا نُزّلَ إَِليْهِ ْم وََلعَّلهُمْ يََت َفكّرُون َ [النحل‪ ، ]4 4 /‬ولو‬
‫إَِليْكَ الذّكْرَ ِلُتبَيّنَ لِلنّا ِ‬
‫انفرد الفكر العقلى عن مصاحبة الشرع زل وضل ( ) ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫والتفكر الصحيح عند الصوفية ‪ ،‬هو غاية علم اليقي ‪ ،‬كما أن رعاية اليان‬
‫عي اليقي ‪ ،‬وحد التفكر تلمس البصية لدراك البغية وهو ثلثة أنواع ( ‪: )3‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫الول ‪ :‬فكرة ف عي التوحيد وف صفات الكمال ‪ ،‬ونعوت العظمة واللل‬
‫وذلك بر ل ساحل له ‪ ،‬ول ينجى من الغرق ف هذا البحر إل العتصام‬
‫ببل اللّه تعال ‪ ،‬والتمسك بالعلم الظاهر ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب الزهد ( ‪.4 / 2 2 6 9 )2 9 6 8‬‬
‫‪ .2‬حياة القلوب على هامش قوت القلوب ‪ ،2 / 1 0 5‬ص ‪. 1 0 6‬‬
‫‪ .3‬السابق ‪ ، 2 / 1 0 6‬وانظر التعريفات ص ‪. 6 6‬‬
‫الثان ‪ :‬الفكرة ف لطائف الصنعة ‪ ،‬وف أسرار الكمة ‪ ،‬وعجائب البداع ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬الفكرة ف معان العمال والحوال فخالص الفكر يوصل إل استقامة‬
‫القلوب ‪ ،‬واستقامة القلوب توصل إل الصدق والخلص ‪.‬‬
‫وقسم أبو على الروذبارى (ت‪3 2 2 :‬هـ) التفكر إل خسة أقسام ‪:‬‬
‫‪ -1‬تفكر ف آيات اللّه ‪ ،‬يتولد منه العرفة ‪.‬‬
‫‪ -2‬تفكر ف آلء اللّه تعال ونعمائه ‪ ،‬يتولد منه الشكر والرضا ‪.‬‬
‫‪ -3‬تفكر ف وعد اللّه وثوابه ‪ ،‬يتولد منه الرجاء والرغبة ‪.‬‬
‫‪ -4‬تفكر ف وعيده وعذابه ‪ ،‬يتولد منه الوف والرهبة ‪.‬‬
‫‪ -5‬تفكر ف جفاة النفس مع إحسان اللّه إليها يتولد منه الياء من اللّه تعال ( ‪. )1‬‬
‫سمَاوَا ِ‬
‫ت‬ ‫ويذكر القشيى ف مدلول قوله تعال ‪َ :‬ويََت َف ّكرُونَ فِي َخْل ِق ال ّ‬
‫وَا َل ْرضِ أن التفكر نعمة كل طالب ‪ ،‬وثرته الوصال بشرط العلم ‪ ،‬ث يقسم‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫التفكر أيضا إل ثلثة أنواع ‪ :‬تفكر الزاهدين ف فناء الدنيا ‪ ،‬وقلة وفائها لطلبا‬
‫فيزدادون بالفكرة زاهدا فيها ‪ ،‬تفكر العابدين ف جيل الثواب فيزدادون نشاطا‬
‫عليه ورغبة فيه ‪ ،‬تفكر العارفي ف اللء والنعم فيزدادون مبة للحق سبحانه ( ‪.)2‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬السابق ‪. 2 / 1 0 6‬‬
‫‪ .2‬لطائف الشارات ‪ ، 3 / 3 0 5‬وانظر للمقارنة ‪ ،‬طبقات الصوفية ص ‪ ، 1 3 5‬و‬
‫الفتح الربان ص ‪ ، 1 8 4‬وكتاب التوهم للمحاسب ص ‪2‬وما بعدها ‪ ،‬والرزق‬
‫اللل وحقيقة التوكل على ال ص ‪ 1 9‬وما بعدها ‪.‬‬
‫ويبي الكاشان ‪ ،‬أن التفكر ف اصطلح الطائفة ‪ ،‬عبارة عن التماس العقل‬
‫وتفتيشه عما يصل به مطلوبه وما يبتغيه ‪ ،‬وهو القرب من اللّه تعال ‪ ،‬ث قسم‬
‫التفكر عند الصوفية إل ثلثة أقسام تعب ف حقيقتها عن التغي الدلل للمصطلح‬
‫الصوف عب مراحله الزمنية ‪:‬‬
‫‪ -1‬تفكر العامة ‪ :‬لتحصيل ما به يسهل عليهم اللص من إتيان الشهوات الت‬
‫زينت للناس حت ملكت رقهم ‪ ،‬فإذا أمكن العبد التحرر من رقها ‪ ،‬بالتحرر‬
‫من إتيانا ‪ ،‬حت خرج من ظلمة الشهوات إل أنوار الشاهدات ‪ ،‬صار من‬
‫أهل القربات ل مالة ‪.‬‬
‫‪ -2‬تفكر الاصة ‪ :‬ف تصيل ما يسهل عليهم سلوك طريق القيقة ‪ ،‬مثل أنم‬
‫لا رأوا أن مالم من وجود ‪ ،‬وحياة وعلم وقدرة ‪ ،‬وغي ذلك من صفات‬
‫الكمال ‪ ،‬إنا هى حادثة لم ث زائلة عنهم ‪ ،‬وأنا لم ف بعض الوقات‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫أكمل وأشد ‪ ،‬وف بعضها أنقص وأضعف ‪ ،‬علموا ل مالة أن لا مبدأ‬
‫فياضا ‪ ،‬هو منبع تلك الكمالت ‪ ،‬الت ل تصح لغيه ‪ ،‬فيترقى صاحب هذا‬
‫التفكر بعرفته بنفسه ‪ ،‬من حيث احتياجها إل مبدئ يفيض عليها وجودها‬
‫وكمالتا إل معرفته بربه ‪ ،‬إنه هو ذلك البدئ ‪ ،‬فعلموا أن المر كما ذكر‬
‫اللّه تعال ‪ ،‬ف قوله ‪َ :‬ومَا بِكُ ْم مِ ْن ِنعْ َمةٍ فَ ِمنْ اللّهِ [النحل‪ ، ]5 3 /‬فلهذا‬
‫كان هذا النوع من الفكر هو تفكر الاصة ( ‪. )1‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬معجم الكاشان ص ‪ 1 9 6‬ولطائف العلم ‪. 1 / 3 3 6 ،3 3 7‬‬

‫‪ -3‬تفكر خاصة الاصة ‪ :‬وأما خاصة الاصة ‪ ،‬فقد ارتفعوا عن حضيض‬


‫التفكر ‪ ،‬الذى هو طلب أمر مفقود ‪ ،‬إل أوج التذكر ‪ ،‬الذى هو مشاهدة‬
‫الق الوجود ( ‪. )1‬‬

‫وجيع العان السابقة ل غبار عليها ‪ ،‬إذ تشهد لا الصول القرآنية والنبوية إما‬
‫بنصها أو معناها ‪ ،‬ما عدا العن الخي ‪ ،‬لنه مبن على فكر أصحاب وحدة‬
‫الوجود الداعى إل أنه ل تفكر ‪ ،‬إذ ل غي ول موجود ليفكر ‪ ،‬فجميع عال‬
‫الرواح والجساد ‪ ،‬مظهر الق وأساؤه وأوصافه ‪ ،‬وعلى ذلك تنه اللّه أن‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫يوجد غيه‬

‫ــــــــــــــــــــ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .1‬لطائف العلم ‪. 1 / 33 6 ،33 7‬‬

‫‪ .2‬تفسي القرآن الكري منسوب لبن عرب ‪ ، 1 / 24 2‬وتدر الشارة إل أن أغلب‬


‫الصوفية مولع بتقسيم الذوقيات والروحانيات إل أفكار وعناصر مددة ‪ ،‬مع أن‬
‫الفترض أن يكون هذا التقسيم ف الحسوس النضبط ‪ ،‬فالحاسيس اليانية يصعب‬
‫حصر معالها وحدودها ‪ ،‬كما يلحظ ما عند الصوفية من افتعال تقسيمات عجيبة‬
‫تمل اليات ف كثي من الواضع ما ل تتمل ‪ ،‬حت يظهروا للناس بالتحقيق والتدقيق‬
‫الذى ل يفهمه إل هم ‪ ،‬ولو عرضا هذا الكلم على شيخ من شيوخ الطرق ‪ ،‬ليفهمه‬
‫ويعب عنه للخرين أو يشرحه للمريدن لربا عجز عن ذلك ‪.‬‬

‫**********************************‬
‫‪ -2 6‬التقــــــديس‬
‫**********************************‬
‫التقديس ‪ :‬يطلق على معنيي ‪:‬‬
‫جعَلُ فِيهَا مَ ْن ُيفْسِدُ فِيهَا َويَسْفِكُ ال ّدمَاءَ‬
‫‪ -1‬التطهي ‪ ،‬كقوله تعال ‪ :‬قَالُوا َأتَ ْ‬
‫سبّ ُح بِحَ ْم ِدكَ َوُنقَدّسُ لَكَ [البقرة‪ ، ]3 0 /‬أى نطهر الشياء‬ ‫َونَحْ ُن نُ َ‬
‫بالتوحيد ارتساما لك ‪ ،‬ومن حديث أب سعيد الدري ‪ ،‬أن النب قال‬
‫‪ " :‬إنه ل قدست أمة ‪ ،‬ل يأخذ الضعيف فيها حقه غي متعتع " ( ‪ ، )1‬وعن‬
‫عائشة رضى ال عنها ‪ ،‬أن رسول اللّه كان يقول ف ركوعه وسجوده ‪:‬‬
‫" سبوح قدوس رب اللئكة والروح " ( ‪ ، )2‬وكتب أبو الدرداء إل سلمان‬
‫الفارسي أن هلم إل الرض القدسة ‪ ،‬فكتب إليه سلمان ‪ ،‬إن الرض ل‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫تقدس أحدا ‪ ،‬وإنا يقدس النسان عمله ‪ ،‬وقد بلغن أنك جُعلتَ طبيبا‬
‫تداوي ‪ ،‬فإن كنت تبئ فنعما لك وإن كنت متطببا ‪ ،‬فاحذر أن تقتل‬
‫إنسانا ‪ ،‬فتدخل النار ) ( ‪. )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه ابن ماجة ف الحكام ( ‪ )2 4 2 6‬وقال الشيخ اللبان ‪ :‬صحيح‬
‫‪. 2/ 8 1 0‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف الصلة ( ‪ ، 1 / 3 5 3 )4 8 7‬أحد ( ‪)2 4 1 0 9‬‬
‫‪. 6/ 34‬‬
‫‪ .3‬أخرجه مالك ف الوطا ‪،‬كتاب القضية ( ‪ ، 2 / 7 6 9 )1 4 5 9‬وهو حديث‬
‫منقطع لن يى بن سعيد ل يسمع من أب الدرداء ‪.‬‬
‫‪-2‬التقديس بعن الباركة ‪ ،‬قال عبد ال بن عباس ف قوله تعال ‪ِ :‬إنّكَ‬
‫س ُطوًى [طه‪ ، ]1 2 /‬القدس البارك ( ) ‪ ،‬وقوله تعال ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫بِاْلوَادِي الْ ُمقَدّ ِ‬
‫ح اْلقُدُسِ [النحل‪ ]1 0 2 /‬يعن به جبيل من حيث ‪ ،‬إنه ينل‬
‫قُ ْل نَزّلَهُ رُو ُ‬
‫بالقدس من اللّه ‪ ،‬أى با يبارك النفوس ويطهرها ‪ ،‬من القرآن والكمة ‪،‬‬
‫والبيت القدس هو الطهر من ناسة الشرك ( ‪. )2‬‬
‫التقديس ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫التقديس عند الصوفية ‪ ،‬يرد على معن التطهي والباركة ‪ ،‬وتنيه الق عن كل‬
‫ما ل يليق بنابه ‪ ،‬وعن النقائص الكونية مطلقا ‪ ،‬كما ورد ف الصول القرآنية‬
‫السابقة ‪ ،‬وهو أخص من التسبيح ( ‪ ، )3‬ومنهم من يفسره بالخلص ف النية‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫جزِى (ت‪:‬بعد‬
‫وتطهيها من الشوائب كما روى عن أب عبد اللّه السّ َ‬
‫‪2 8 0‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬من ل يقدس علمه ‪ ،‬ل يقدس فعله ‪ ،‬ومن ل يقدس‬
‫فعله ل يقدس بدنه ‪ ،‬ومن ل يقدس بدنه ل يقدس قلبه‪ ،‬ومن ل يقدس قلبه ل‬
‫يقدس نيته والمور كلها مبنية على النية ) ( ‪. )4‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب التفسي ‪ ،‬تفسي سورة طه ‪.8 / 2 8 5‬‬
‫‪ .2‬لسان العرب ‪ ، 6 / 1 6 8‬والفردات ف غريب القرآن ص ‪ ، 3 9 6‬وانظر‬
‫معجم ما استعجم لب عبيد ال بن عبد العزيز البكري الندلسي ‪، 1 / 2 7 0‬‬
‫والتوقيف على مهمات التعاريف ‪ ،‬لحمد عبد الرؤوف الناوي ‪. 1 / 1 9 8‬‬
‫‪ .3‬التعريفات للجرجان ص ‪. 6 7‬‬
‫‪ .4‬طبقات الصوفية ص ‪. 2 5 4‬‬
‫وقال سهل بن عبد اللّه التسترى (ت‪2 9 3 :‬هـ) ‪ ( :‬القدوس هو الق‬
‫الذى طهر من الولد والشركاء والصاحبة ) ( ‪ ، )1‬ويرى القشيى (ت‪:‬‬
‫‪4 6 5‬هـ) أن التقديس هو تنيه ال عن كل آفة ونقص ‪ ،‬والقدوس هو النه‬
‫عن الدرك والوصول إل كنه ذاته ‪ ،‬فليس بيد اللق إل عرفان القائق ‪ ،‬بنعت‬
‫التعال والتأمل ف شهود أفعاله ‪ ،‬فأما الوقوف على حقيقة أنيته ‪ ،‬فقد جلت‬
‫الصمدية عن إشراف عليه ‪ ،‬أو طمع إدراك ف حال رؤيته ‪ ،‬أو جواز إحاطة ف‬
‫العلم به فليس إل ما قالة بلسان مستنطق ‪ ،‬وحالة بشهود حق مستغرق ( ‪. )2‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫والتقديس يرد أيضا عند الصوفية ‪ ،‬على معن مناف للصول القرآنية والنبوية‬
‫حيث جعلوا التقديس هو نفى علو ال على خلقه ‪ ،‬سواء كان العلو علو فوقية‬
‫أو علو قهر أو علو شأن ‪ ،‬فمعن التقديس عند أصحاب الوحدة تنيه اللّه عن‬
‫علو الكان والكانة ‪ ،‬يقول الكاشان ‪ ( :‬أما تقديسه عن العلو الكان فظاهر‬
‫لستحالة تيزه تعال ‪ ،‬وأما تقديسه عن علو الكانة ‪ ،‬فالسر فيه أن الق تعال‬
‫ف كل متعي غي متعي به ‪ ،‬ومع كل شئ غي مشارك له ف مرتبته ‪ ،‬ولا‬
‫كانت الشارة السية منفية عنه ‪ ،‬فكذا الشارة العقلية لستحالة تقيده بكانة‬
‫مصوصة ) ( ‪ ، )3‬وهو يشي إل قول ابن عرب ‪ ( :‬ومن أسائه السن العلى‬
‫على من ؟ وما ث إل هو ‪ ،‬فهو العلى لذاته أو عن ماذا ؟ وما هو إل هو ؟ فعلوه‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬تفسي سهل بن عبد ال ص ‪. 1 4‬‬
‫‪ .2‬لطائف الشارات ‪. 3 / 5 8 2: 5 8 1‬‬
‫‪ .3‬لطائف العلم ‪. 1 / 3 4 1‬‬
‫لنفسه ‪ ،‬وهو من حيث الوجود عي الوجودات فالسمى مدثات هى العلية‬
‫لذاتا وليست إل هو ) ( ‪. )1‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬فصوص الكم ص ‪ ، 7 7‬التقديس على هذا العن باطل ل أصل له ف الكتاب والسنة‬
‫فالدلة تواترت على إثبات علو الذات ‪ ،‬وأن اللّه فوق العرش مستو عليه ل مستول‬
‫عليه ‪ ،‬استواء بكيفية حقيقية يعلها اللّه ويهلها البشر ‪ ،‬وليس كمثله شئ فيها ‪ ،‬ول‬
‫يلزم من إثباتا التمثيل والتشبيه لن النب أشار إل ربه إشارة حسية مثبتا بذلك علو‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫الفوقية ‪ ،‬ول شك أن النب أول بالق من غيه ف ذلك ‪ ،‬ول حجة ف قول القائل‬
‫إن إثبات العلو يدل على التحيز ‪ ،‬لن الكان الحسوس أحكامه تتلف عن الكان‬
‫الغيب ‪ ،‬والكان الثبت ف الدله هو الذى ل يضع للمقاييس الرئية بالسابات‬
‫العروفة ‪ ،‬كما أن اللّه له علو الكانة ‪ ،‬وهو علو الشأن ‪ ،‬فليس كمثله شئ ف ذاته أو‬
‫ق عِبَادِه ِ [النعام‪]6 1 /‬‬ ‫صفاته أو أفعاله ‪ ،‬وله علو القهر ‪ ،‬لقوله ‪َ :‬و ُهوَ اْلقَا ِهرُ َفوْ َ‬
‫وقال المام مالك لا سئل عن قوله تعال ‪ :‬الرّ ْحمَ ُن عَلَى اْل َعرْشِ اسَْتوَى [طه‪]5 /‬‬
‫كيف استوى ؟! فقال ‪ :‬الكيف غي معقول ‪ ،‬والستواء منه غي مهول واليان به‬
‫واجب والسؤال عنه بدعة فإن أخاف أن تكون ضال وأمر به فأخرج ‪ ،‬انظر العلو‬
‫للذهب ص ‪ ، 1 4 1‬ص ‪ 1 4 2‬وحلية الولياء لب نعيم ‪ ، 3 2 6 ، 3 2 5 / 6‬وانظر‬
‫الدارمى ف الرد على الهمية ص ‪ ، 5 5‬والللكائى ف شرح أصول اعتقاد أهل السنة‬
‫ص ‪ 6 6 4‬وأبو عثمان الصابون ف عقيدة السلف ص ‪ ، 2 6 ،2 4‬والبيهقى ف‬
‫الساء والصفات ص ‪ 4 0 8‬وسئل المام أبو حنيفة عمن قال ‪ :‬ل أعرف رب ف‬
‫السماء أم ف الرض ؟ قال ‪ :‬قد كفر لن ال تعال يقول ‪ :‬الرّحْمَ ُن عَلَى اْل َع ْرشِ‬
‫اسَْتوَى وعرشه فوق سبع ساوات ‪ ،‬قيل له ‪ :‬فإن قال ‪ :‬هو على العرش استوى‬
‫ولكن ل أدرى العرش ف الرض أم ف السماء ؟ قال ‪ :‬إذا أنكر أنه ف السماء ‪ ،‬فقد‬
‫كفر =‬
‫**********************************‬
‫‪ -2 7‬التقـــــوى‬
‫**********************************‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫التقوى ‪ :‬جعل النفس ف وقاية ما ياف ‪ ،‬ويقال اتقى فلن بكذا إذا جعله‬
‫وقاية لنفسه ‪ ،‬وف حديث عدى بن حات ‪ ،‬قال ‪ " :‬اتقوا النار ولو بشقة‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫= انظر الفتوى الموية ص ‪ ، 2 8‬وقال المام الشافعىرحه ال ‪ ( :‬القول ف السنة الت‬
‫أنا عليها ورأيت عليها الذين رأيتهم مثل سفيان ومالك وغيها ‪ :‬إقرار بشهادة أل إله‬
‫إل ال وأن ممدا رسول ال صلى ال عليه وسلم وأنه ‪ ،‬تعال على عرشه ف سائه‬
‫يقرب من خلقه كيف شاء وينل إل السماء الدنيا كيف شاء ) انظر متصرالعلو‬
‫للعلى الغفار ص ‪ ، 1 7 6‬وقيل للمام أحد بن حنبل رحه ال ‪ ( :‬ال فوق السماء‬
‫السابعة على العرش بائن من خلقه وقدرته وعلمه بكل مكان ؟ قال ‪ :‬نعم وهو على‬
‫عرشه ليلو شئ من علمه ) انظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة والماعة لب‬
‫القاسم اللللكائى ‪ ، 1 / 1 5 6‬وقال المام على بن الدين ‪ :‬قول أهل السنة والماعة‬
‫أن ال فوق السموات على العرش استوى ‪ ،‬وسئل عن قوله تعال ‪ :‬مَا يَكُو ُن مِنْ‬
‫جوَى ثَلَثةٍ إِل ُهوَ رَاِب ُعهُم ْ [الجادلة‪ ]7 /‬فقال ‪ :‬اقرأ ما قبلها أَلَ ْم َترَى أَنّ الّلهَ‬ ‫نَ ْ‬
‫ض ‪ ،‬انظر السابق ‪ ، 1 / 1 6 5‬وانظر الفتوى‬ ‫َيعْلَ ُم مَا فِي السّمَاوَاتِ َومَا فِي ا َل ْر ِ‬
‫الموية ص ‪ ، 2 9‬قال أبو زرعة الرازى ‪ " :‬إن ال عز وجل على عرشه بائن من‬
‫خلقه كما وصف نفسه ف كتابه وعلى لسان رسول ال صلى ال عليه وسلم بل‬
‫كيف أحاط بكل شئ علما " انظر شرح أصول العتقاد وأهل السنة والماعة‬
‫‪ ، 1 / 1 7 7‬وقال أبو نعيم الصبهان ‪ :‬طريقتنا طريقة التبعي للكتاب والسنة وإجاع‬
‫المة فما اعتقدوه =‬
‫ترة فمن ل يد شقة ترة فبكلمة طيبة " ( ‪. )1‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫وصارت التقوى ف تعارف الشرع ‪ ،‬حفظ النفس عما يؤث ‪ ،‬وذلك بترك‬
‫الحظور ‪ ،‬والتقى هو الذى يعل طاعته ل ‪ ،‬وامتثاله لوامره ‪ ،‬وقاية له من‬
‫عذابه ‪ ،‬ويتم ذلك بترك بعض الباحات الشتبهات حت ل يقع ف الرام ‪ ،‬لا‬
‫روى عن النعمان بن بشي أن رسول اللّه قال ‪ " :‬اللل بي والرام‬
‫بي ‪ ،‬وبينهما مشبهات ل يعلمها كثي من الناس ‪ ،‬فمن اتقى الشبهات ‪ ،‬استبأ‬
‫لدينه وعرضه ‪ ،‬ومن وقع ف الشبهات ‪ ،‬كراع يرعى حول المى ‪ ،‬يوشك أن‬
‫يواقعه ‪ ،‬أل وإن لكل ملك حى ‪ ،‬أل إن حى اللّه ف أرضه مارمه " ( ‪ ، )2‬وقال‬
‫ابن عمر ‪ " :‬ل يبلغ العبد حقيقة التقوى حت يدع ما حاك ف الصدر " ( ‪. )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫= أن الحاديث الت ثبتت عن النب صلى ال عليه وسلم ف العرش واستواء ال يقولون‬
‫با ويثبتونا من غيتثيل ولتشبيه ولتكييف وأن ال بائن من خلقه واللق بائنون منه‬
‫وليل فيهم وليتزج بم ‪ ،‬وهو مستو على عرشه ف سائه دون أرضه وخلقه ‪ ،‬وقال‬
‫أيضا ‪ :‬وأجعوا أن ال فوق ساواته عال على عرشه ‪ ،‬مستو عليه ل مستول عليه كما‬
‫تقول الهمية أنه بكل مكان خلفا لا نزل ف كتابه ‪ ،‬انظر الفتوى الموية ص ‪. 3 5‬‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪ ، 5 3 1 ،5 3 0‬ولسان العرب ‪ ، 1 5 / 4 0 3‬والديث أخرجه‬
‫البخارى ف كتاب الناقب ( ‪. 6 / 7 0 6 )3 5 9 5‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف اليان ( ‪ ، 1 / 1 5 3 )5 2‬ومسلم ف اليان ( ‪)1 5 9 9‬‬
‫‪.3 / 1 2 1 9‬‬
‫بن السلم على خس ‪ ،‬وهو‬ ‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب اليان ‪ ،‬باب قول النب‬
‫قول وفعل ويزيد وينقص ‪. 1 / 1 1‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫وعن رفاعة بن رافع ‪ ،‬أنه خرج مع النب إل الصلى ‪ ،‬فرأى الناس‬
‫يتبايعون ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا معشر التجار ‪ ،‬فاستجابوا لرسول اللّه ‪ ،‬ورفعوا‬
‫أعناقهم وأبصارهم إليه ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا ‪ ،‬إل من‬
‫اتقى اللّه وبر وصدق ( ‪. )1‬‬
‫والتقوى منازل ودرجات ‪ ،‬لقوله تعال ‪َ :‬وسِيقَ الّذِي َن اّت َقوْا َرّبهُمْ إِلَى‬
‫جّنةِ ُزمَ ًر ا [الزمر‪ ، ]7 3 /‬فهناك التقوى النبعثة عن السلم ‪ ،‬والتقوى النبعثة‬ ‫الْ َ‬
‫عن اليان ‪ ،‬والتقوى الناتة عن الحسان ‪ ،‬قال تعال ف بيان هذا التنوع ‪:‬‬
‫َلْيسَ عَلَى الّذِينَ آ َمنُوا َوعَمِلُوا الصّالِحَاتِ ُجنَاحٌ فِيمَا َطعِمُوا إِذَا مَا اتّ َقوْا‬
‫حبّ‬
‫سنُوا وَاللّ ُه يُ ِ‬ ‫وَآ َمنُوا َوعَمِلُوا الصّالِحَاتِ ثُمّ اّت َقوْا وَآ َمنُوا ثُ ّم اّت َقوْا َوأَحْ َ‬
‫سنِي [الائدة‪ ، ]9 3 /‬وقال تعال ‪ :‬وَالّذِينَ ا ْهتَ َدوْا زَا َدهُمْ هُدًى‬ ‫الْ ُمحْ ِ‬
‫وَآتَاهُ ْم َتقْواهُمْ [ممد‪ ، ]1 7 /‬وعن تيم بن طرفة قال ‪ " :‬جاء سائل إل عدي‬
‫بن حات فسأله نفقة ف ثن خادم ‪ ،‬أو ف بعض ثن خادم ‪ ،‬فقال ‪ :‬ليس عندي‬
‫ما أعطيك إل درعي ومغفري ‪ ،‬فأكتب إل أهلي أن يعطوكها ‪ ،‬قال ‪ :‬فلم‬
‫يرض فغضب عدي ‪ ،‬فقال ‪ :‬أما واللّه ل أعطيك شيئا ‪ ،‬ث إن الرجل رضي ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬أما واللّه لول أن سعت رسول اللّه يقول ‪ " :‬من حلف على يي ‪،‬‬
‫ت التّ ْقوَى مَا َحّنْثتُ يَمِينِي " ( ‪. )2‬‬
‫ثُمّ َرأَى َأْتقَى ِللّ ِه ِمنْهَا ‪َ ،‬ف ْليَأْ ِ‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه الترمذى ف كتاب البيوع ( ‪ )1 2 1 0‬وقال ‪ :‬هذا حديث حسن ‪ ،‬وقال‬
‫الشيخ اللبان ‪ :‬ضعيف ‪ 3 / 5 1 5‬وسنن البيهقى الكبى ( ‪)1 0 1 9 4‬‬
‫‪. 5/ 2 6 6‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب اليان ( ‪. 3 / 1 2 7 2 )1 6 5 1‬‬
‫التقوى ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫التقوى عند أوائل الصوفية ‪ ،‬من أعلى القامات وأجلها ‪ ،‬لنا توقى من‬
‫الكروهات والرهوبات ‪ ،‬الائلة بي الرء وبي الحبوبات والطلوبات ‪ ،‬فيتقى‬
‫الكفر باليان ‪ ،‬والشرك بالتوحيد ‪ ،‬والرياء بالخلص ‪ ،‬والكذب بالصدق‬
‫والغش بالنصيحة ‪ ،‬والعصية بالطاعة ‪ ،‬والبتداع بالتباع ‪ ،‬والشبهة بالورع‬
‫والدنيا بالزهد ‪ ،‬والغفلة بالذكر ‪ ،‬والشيطان بالستعواذ ‪ ،‬والنار باجتناب‬
‫العمال الرديئة إليها ‪ ،‬والشرور كلها باليات النقذة منها ‪ ،‬فالتقوى شاملة‬
‫لميع القامات ‪ ،‬ومتويه على سائر معاملت القربي والبرار ‪ ،‬والتقى عند‬
‫أوائل الصوفية له أربع علمات يعرف با ( ‪: )1‬‬
‫‪ -1‬كثرة الوف من الذنوب الاضية الت ذهبت لذتا وبقيت عقوبتها ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون كثي الذر والوف لا يقع فيه من الذنوب فيما يستقبل من عمره ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يفزع وياف من سوء الاتة ‪ ،‬فإنا الطامة الكبى ‪ ،‬والداهية العظمى وما‬
‫جاهد الرجال أنفسهم إل لجلها ‪.‬‬
‫‪-4‬كثرة الحاسبة لنفسه ل يفتر عن حسابا طرفة عي ‪ ،‬لا روى أن النب قال ‪:‬‬
‫" حاسبوا أنفسكم قبل أن تاسبوا ‪ ،‬وزنوها قبل أن توزنوا " ( ‪. )2‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬حياة القلوب على هامش قوت القلوب ‪. 2 / 2 5 0‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .2‬أخرجه الترمذى ف صفة القيامة ( ‪ )2 4 5 9‬وقال الشيخ اللبان ‪ :‬ضعيف‬
‫‪ 4 / 6 3 8‬وهو أثر عن عمر بن الطاب وليس حديثا ولفظه كما ورد عند الترمذى ‪:‬‬
‫" حاسبوا =‬
‫وتتنوع عبارات الصوفية الختلفة ف حد التقوى ‪ ،‬وتدور حول العن القرآن‬
‫والنبوى ‪ ،‬كما روى عن سهل التسترى (ت‪2 9 3 :‬هـ) قال ‪( :‬‬
‫التقوى مشاهدة الحوال على قدم النفراد ‪ ،‬قال تعال ‪ :‬لَنْ يَنَالَ اللّهَ ُلحُو ُمهَا‬
‫وَل ِدمَا ُؤهَا وََلكِنْ يَنَالُ ُه التّ ْقوَى ِمنْكُمْ [الج‪ ، ]3 7 /‬أى التبى ‪ ،‬وهو‬
‫الخلص فالتقوى ‪ ،‬ترك ما دون اللّه ) ( ‪. )1‬‬
‫وعن أب العباس الطوسى البغدادى (ت‪2 9 9 :‬هـ) ‪ ( :‬التقوى أل تد‬
‫عينيك إل زهرة الدنيا ول تتفكر بقلبك فيها ) ( ‪ ، )2‬وينسب إل أحد بن عطاء‬
‫الدمى (ت‪3 1 1 :‬هـ) ‪ ( :‬للتقوى ظاهر وباطن ‪ ،‬فظاهرها مافظة‬
‫الدود ‪ ،‬وباطنها النية والخلص ) ( ‪. )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫= أنفسكم قبل أن تاسبوا ‪ ،‬وتزينوا للعرض الكب ‪ ،‬وإنا يف الساب يوم القيامة على‬
‫من حاسب نفسه ف الدنيا " ‪ ،‬وروى أيضا عن ميمون بن مهران قال ‪ ( :‬ل يكون‬
‫العبد تقيا ‪ ،‬حت ياسب نفسه كما ياسب شريكه ‪ ،‬من أين مطعمه وملبسه ) ‪ ،‬وقد‬
‫قال ‪ " :‬الكيس‬ ‫عن النب‬ ‫أورد الترمذى ف هذا العن حديثا عن شداد بن أوس‬
‫من دان نفسه وعمل لا بعد الوت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتن على اللّه " وقال‬
‫هذا حديث حسن انظر حديث رقم ( ‪. 4 / 7 3 8 )2 4 5 9‬‬
‫‪ .1‬التعرف ص ‪ 1 1 7‬مكتبة الكتاب الزهرية ‪.‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪ ، 2 4 1‬وانظر أيضا ف هذا العن سية الشيخ الكبي عبد ال‬
‫بن خفيف الشيزى ص ‪. 3 2 5‬‬
‫‪ .3‬الرسالة القشيية ‪ ، 1 / 3 0 8‬وحلية الولياء ‪1 / 0‬ص ‪. 3 8 6‬‬
‫وروى أيضا عن أب السن الوراق النيسابورى (ت‪3 2 0 :‬هـ) أنه قال‬
‫‪ ( :‬أجل شئ يفتح اللّه تعال به على عبده التقوى ‪ ،‬فإن منها تتشعب جيع‬
‫اليات ‪ ،‬وأسباب القرب والتقرب ‪ ،‬وأصل التقوى الخلص ‪ ،‬وحقيقتها‬
‫التخلى عن كل شئ ‪ ،‬إل من إليه تقواك ) ( ‪ ، )1‬وكلمهم يعد من قببيل تفسي‬
‫الشواهد القرآنية إما بالستنباط كقول أب القاسم النصرباذى (ت‪3 6 7 :‬هـ)‬
‫‪ ( :‬من لزم التقوى اشتاق إل مفارقة الدنيا ‪ ،‬لن اللّه سبحانه يقول ‪:‬‬
‫حيَاةُ ال ّدْنيَا إِل َل ِعبٌ وََل ْه ٌو وَلَلدّارُ الخِ َرةُ َخيْرٌ لِلّذِينَ يَّتقُونَ أَفَل‬
‫َومَا الْ َ‬
‫َت ْعقِلُون َ [النعام‪. ) ( ) ]3 2 /‬‬
‫‪2‬‬

‫أو توضيح العن ‪ ،‬كقول السراج الطوسى (ت‪3 8 7 :‬هـ) ‪ ( :‬معن قوله‬
‫تعال ‪ :‬يَاَأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا اّتقُوا اللّهَ حَ ّق ُتقَاتِهِ [آل عمران‪ ، ]1 0 2 /‬راجع إل‬
‫قوله ‪ :‬فَاّتقُوا اللّ َه مَا ا ْستَ َطعْتُمْ [التغابن‪ ، ) ( ) ]1 6 /‬ويقول أبو القاسم‬
‫‪3‬‬

‫القشيى (ت‪4 6 5 :‬هـ) ‪ ( :‬أصل التقوى ‪ ،‬اتقاء الشرك ‪ ،‬ث بعده اتقاء‬
‫العاصى والسيئات ‪ ،‬ث بعده إتقاء الشبهات ‪ ،‬ث يدع بعده الفضلت ) ( ‪. )4‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬طبقات الصوفية لب عبد الرحن السلمى ص ‪ ، 3 0 0‬وانظر الفتح الربان والفيض‬
‫الرحان لعبد القادر اليلن ص ‪. 1 3 4‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .2‬الرسالة القشيية ‪. 1 / 3 0 7‬‬
‫‪ .3‬اللمع ص ‪. 1 2 2‬‬
‫‪ .4‬الرسالة القشيية ‪. 1 / 3 0 6‬‬
‫وإذا كانت العان الصوفية السابقة للتقوى تتفق مع الصول القرآنية والنبوية‬
‫أو تعب عنها ‪ ،‬فإن الكاشان يذكر لا تفصيلت أخرى بعضها يتوافق مع ما‬
‫سبق والبعض الخر فيه نظر ‪ ،‬لكنها معبة عن التغي الدلل لصطلح التقوى‬
‫عب مراحل التصوف الختلفة ‪ ،‬فيقول ‪ :‬التقوى الحافظة على الدود ‪ ،‬وهى‬
‫على أنواع ( ‪: )1‬‬
‫‪ -1‬تقوى العوام ‪ :‬وهى طاعة العبد لربه فيما أمر ونى ‪.‬‬
‫‪ -2‬تقوى الواص ‪ :‬وهى موافقة العبد لربه فيما قدر وقضى ‪.‬‬
‫‪ -3‬تقوى خاصة الاصة ‪ :‬أن تعرف ما لك وما له ‪ ،‬فل تصف ما بك‬
‫من نعمة إليه ‪ ،‬وإن وجدت غي ذلك فل تلومن إل نفسك ‪.‬‬
‫‪ -4‬التقوى من التقوى ‪ :‬هو أن تنخلع من إضافة التقوى إليك ‪ ،‬لشاهدتك‬
‫قيومية الق تعال للشياء ‪.‬‬
‫‪ -5‬تقوى النتهي ‪ :‬هو طهارة قلوبم عن أن يلم با شئ غي الق ‪ ،‬وهذا‬
‫القلب هو البيت الحرم ‪.‬‬
‫‪ -6‬تقوى الحققي ‪ :‬هو التقوى منه به ‪ ،‬أى تقواك من مقتضيات اسم النتقم‬
‫والضار ‪ ،‬باللتجاء إل اسه النافع والغفار ‪ ،‬قال النب ‪ " :‬اللّهم إن أعوذ‬
‫بك منك " ( ‪. )2‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف العلم ‪. 1 / 3 4 1 : 3 3 9‬‬
‫‪ .2‬جزء من حديث أخرجه مسلم ف كتاب الصلة ( ‪ 1 / 3 5 2 )4 8 6‬عن‬
‫عائشة =‬
‫‪ -7‬تقوى القيقة ‪ :‬هو أن يتقى اللّه من أن يضيف إليه مال ينبغى لقدسه من‬
‫الدث وتوابعه أو أن يضيف إل خلقه مال ينبغى إل له ‪ ،‬ما استأثر به‬
‫لنفسه وهذا إيثار التقي ( ‪. )1‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -2 8‬التواضـــــع‬
‫**********************************‬
‫التواضع ‪ :‬التواضع التذلل ‪ ،‬ول يرد لفظه ف القرآن ‪ ،‬وإن ورد بالعن ف‬
‫قوله تعال ‪ :‬وَا ْخ ِفضْ َجنَاحَكَ لِ ْل ُم ْؤمِنِي َ [الجر‪ ، ]8 8 /‬وقوله ‪َ :‬و ِعبَادُ‬
‫ض َهوْنًا َوإِذَا خَا َطَبهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلمًا‬
‫الرّحْمَ ِن الّذِي َن يَمْشُونَ عَلَى الَ ْر ِ‬
‫[الفرقان‪ ، ]6 3 /‬أى بالتواضع ‪ ،‬وقال ابن منظور ‪ :‬تواضع الرجل ذل‬
‫وتواضعت الرض انفضت عما يليها ( ‪. )2‬‬
‫وقد ورد التواضع بلفظه ف السنة ف غي حديث مع بقائه على معناه اللغوى‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫ليلة من الفراش ‪ ،‬فالتمسته فوقعت‬ ‫= رضى اللّه عنها أنا قالت ‪ :‬فقدت رسول اللّه‬
‫يدي على بطن قدميه ‪ ،‬وهو ف السجد وها منصوبتان ‪ ،‬وهو يقول ‪ :‬اللّهم أعوذ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫برضاك من سخطك وبعافاتك من عقوبتك ‪ ،‬وأعوذ بك منك ل أحصي ثناء عليك‬
‫أنت كما أثنيت على نفسك ‪.‬‬
‫‪ .1‬انظر مصطلح اليثار ‪ ،‬إيثار التقي ‪.‬‬
‫‪ .2‬لسان العرب ‪ ،8 / 3 9 7‬والفردات ص ‪ ، 5 3 0‬ص ‪. 5 3 1‬‬
‫فمن ذلك ما رواه أبو هريرة ‪ ،‬عن رسول اللّه قال ‪ " :‬ما نقصت‬
‫صدقة من مال ‪ ،‬وما زاد اللّه عبدا بعفو إل عزا ‪ ،‬وما تواضع أحد ل إل رفعه‬
‫اللّه " ( ‪ ، )1‬وعن عياض بن حار ‪ ،‬قال ‪ :‬قام فينا رسول اللّه ذات يوم‬
‫خطيبا ‪ ،‬فقال ‪ .. " :‬وإن اللّه أوحى إل أن تواضعوا ‪ ،‬حت ل يفخر أحد على‬
‫أحد ‪ ،‬ول يبغ أحد على أحد " ( ‪ ، )2‬وف ترك الزينة والتباهى با ‪ ،‬روى معاذ‬
‫بن أنس الهن ‪ ،‬أن رسول اللّه قال ‪ " :‬من ترك اللباس تواضعا ل‬
‫وهو يقدر عليه ‪ ،‬دعاه اللّه يوم القيامة على رؤوس اللئق ‪ ،‬حت ييه من أي‬
‫حلل اليان شاء يلبسها " ( ‪ ، )3‬وجاء رجل إل ابن عباس فقال ‪ " :‬إن‬
‫مولك إذا سجد وضع جبهته ‪ ،‬وذراعيه وصدره بالرض فقال له ابن عباس ‪:‬‬
‫ما يملك على ما تصنع ؟ قال ‪ :‬التواضع ‪ ،‬قال ‪ :‬هكذا ربضة الكلب ‪ ،‬رأيت‬
‫النب إذا سجد رئي بياض إبطيه " ( ‪. )4‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب الب والصلة ( ‪.4 / 2 0 1 )2 5 8 8‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب النة ونعيمها ( ‪.4 / 2 1 9 8 )2 8 6 5‬‬
‫‪ .3‬أخرجه الترمذى ف كتاب صفة النة ( ‪ )2 4 8 1‬وقال ‪ :‬هذا حديث حسن ‪،‬‬
‫وقال الشيخ اللبان ‪ :‬حسن ‪ ، 4 / 6 5 0‬ومعن قوله ‪ :‬من ترك اللباس ‪ ،‬أى فاخر‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫الثياب الت يتباهى با بي الناس والت تقلل من تواضعه ل ‪ ،‬ومعن قوله ‪ :‬حلل اليان‬
‫يعن ما يعطى أهل اليان من حلل النة ‪.‬‬
‫‪ .4‬أخرجه أبو داود ف كتاب الصلة ( ‪ )8 9 9‬وصححه اللبان ‪، 1 / 2 3 7‬‬
‫وأخرجه أحد ف السند ( ‪ )2 9 2 8‬واللفظ له ‪.‬‬
‫التواضع ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫التواضع ف الصطلح الصوف ‪ ،‬ورد على العن اللغوى السابق ‪ ،‬متوافقا مع‬
‫الصول القرآنية والنبوية ‪ ،‬وجل عباراتم ‪ ،‬يدور حول الضوع ‪ ،‬والنقياد‬
‫ونفى الكب ‪ ،‬وخشوع القلب ‪ ،‬وأثر ذلك ف الياة ‪ ،‬روى عن الفضيل بن‬
‫عياض (ت‪1 8 7 :‬هـ) لا سأل عن التواضع ‪ ( :‬أن تضع للحق وتنقاد له‬
‫وتقبل الق من كل من تسمعه منه ) ( ‪ ، )1‬وقريب منه ما روى عن أحد بن‬
‫عاصم النطاكى (ت‪:‬بعد ‪2 5 0‬هـ) ‪ ( :‬أنفع التواضع ما نفى عنك‬
‫الكب ‪ ،‬وأمات عنك الغضب ) ( ‪. )2‬‬
‫وينسب لروي بن أحد البغدادى (ت‪3 0 3 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬التواضع تذلل‬
‫القلوب لعلم الغيوب ) ( ‪ ، )3‬وربا جعل بعضهم التواضع أساس الي كله‬
‫فيوى عن يوسف بن حسي الرازى (ت‪3 0 4 :‬هـ) قال ‪ ( :‬الي كله ف‬
‫بيت ومفتاحه التواضع ) ( ‪ ، )4‬وتكلم عنه أبو طالب الكى (ت‪3 8 6 :‬هـ)‬
‫من جهة ظهور أثر التواضع على العبد ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬اعلم أن التواضع يظهر بعان‬
‫خسة بالقول والفعل والزى والساس والنل ‪ ،‬يكون ف الؤمن بعضها ‪ ،‬فمن‬
‫كملت فيه فهو متواضع ) ( ‪ ، )5‬والقشيى (ت‪4 6 5 :‬هـ) يعل كلمه عن‬
‫التواضع ــــــــــــــــــــ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .1‬طبقات الصوفية ص ‪. 1 2‬‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪. 1 3 8‬‬
‫‪ .3‬التعرف ص ‪. 1 1 5‬‬
‫‪ .4‬طبقات الصوفية ص ‪. 1 8 9‬‬
‫‪ .5‬قوت القلوب ‪. 2 / 1 3 8‬‬
‫شرحا لشاهد نبوى ‪ ،‬أو توضيح للقدوة من فعل النب ‪ ،‬فالتواضع عنده هو‬
‫الستسلم للحق ‪ ،‬وترك العتراض على الكم ‪ ،‬ويعلل ذلك با روى عن ابن‬
‫مسعود ‪ ،‬عن النب قال ‪ " :‬ل يدخل النة من كان ف قلبه ‪ ،‬مثقال ذرة‬
‫من كب " ( ‪ )1‬وحديث أنس ‪ ،‬قال ‪ " :‬كان رسول اللّه ‪ ،‬يعود الريض‬
‫ويشيع النائز ‪ ،‬ويركب المار ‪ ،‬وييب دعوة العبد " ( ‪ ، )2‬وربا قسم بعضهم‬
‫التواضع على درجات متعدة عند الصوفية منها ( ‪: )3‬‬
‫الدرجة الول ‪ :‬التواضع للدين وهو أل يعارض معقوله منقول ‪.‬‬
‫الدرجة الثانية ‪ :‬أن ترضى نفسك بأخوة الؤمن ‪ ،‬الذى رضيه اللّه تعال لنفسه‬
‫عبدا ‪ ،‬وأن ل ترد على عدل حقا ‪ ،‬وتقبل من العتذر معاذيره ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬جزء من حديث عبد اللّه بن مسعود ‪ ،‬أخرجه مسلم ف كتاب اليان ( ‪)9 1‬‬
‫قال ‪ " :‬ل يدخل النة من كان ف قلبه مثقال ذرة من‬ ‫‪ 1 / 9 3‬ولفظه عن النب‬
‫كب قال ‪ :‬رجل إن الرجل يب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة ‪ ،‬قال ‪ :‬إن اللّه‬
‫جيل يب المال الكب بطر الق وغمط الناس " ‪.‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .2‬الرسالة ‪ ، 1 / 3 8 0 ،3 8 1‬والديث أخرجه الترمذى عن أنس بن مالك ف‬
‫كتاب النائز ( ‪ ، )1 0 1 7‬وقال اللبان ‪ :‬ضعيف ‪ ، 3 / 3 3 7‬ولفظه ‪ ( :‬كان‬
‫يعود الريض ويشهد النازة ويركب المار وييب دعوة العبد ‪ ،‬وكان‬ ‫رسول اللّه‬
‫يوم بن قريظة على حار مطوم ببل من ليف عليه إكاف من ليف ) وقال الترمذى ‪:‬‬
‫هذا حديث ل نعرفه إل من حديث مسلم العور عن أنس وهو ضعيف ‪.‬‬
‫‪ .3‬حياة القلوب على هامش قوت القلوب ‪ ،2 / 2 2 7‬ص ‪.2 2 8‬‬
‫الدرجة الثالثة ‪ :‬أن تتواضع للحق ‪ ،‬فتنل عن رأيك وعوائدك ف الدمة ‪.‬‬
‫وللكاشان تقسيم آخر للتواضع ‪ ،‬يعب به عن الفهوم الصوف على اختلف‬
‫مسالكه ‪ ،‬وإن كان قريبا ف هذه الرة من الصول القرآنية والنبوية ‪:‬‬
‫‪ -1‬التواضع للمريد ‪ :‬وهو أل يعارض بعقول منقول ‪ ،‬أى ل تعارض بي‬
‫النقول من الكتاب والسنة بالعقول لك ‪ ،‬بيث تطلب صحة بالستدلل‬
‫على ذلك ببحثك ونظرك ‪ ،‬بل تكون مطيعا للمر تقليدا ‪ ،‬والب إيانا من‬
‫غي طلب تعقل أمر وراء الفهوم ما أخبت به ‪ ،‬أو وراء العرفة لكيفية‬
‫التعبد با أمرت به وهذا العن نفيس يؤدى إل نفى البدعة واتباع السنة ‪.‬‬
‫‪ -2‬التواضع للرادة ‪ :‬هو أن يترك العبد جيع الرادات والطالب ‪ ،‬بيث ل‬
‫يريد من الق إل ما أراده ‪ ،‬فينل عن مراد نفسه ‪ ،‬ويترك الق يتصرف‬
‫فيها على مراده تعال ‪ ،‬وهذا العن يتوافق مع الصول القرآنية إذا كان‬
‫يقصد به الرضا بالقدر ‪ ،‬أما ما يأتى من العان ‪ ،‬فتتمشى مع النهج العام‬
‫للمتحققي ف اليان ‪ ،‬وإن كانت التقسيمات الت ذكرها للتواضع وتسمية‬
‫كل نوع باسم مستقل يفتقر إل القناع ‪.‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ -3‬التواضع للحقيقة ‪ :‬هو أن تنل عن رسك الذى هو نفسك لتنفية القيقة‬
‫وهذا النول ‪ ،‬وإن كان غي مكتسب ‪ ،‬لن الفناء إنا يكون وقت‬
‫اضمحلل ظلمة الرسوم ف نور التجلى ‪ ،‬لكن مداومة العبد على رياضة‬
‫نفسه ‪ ،‬بلزمة الذكر ‪ ،‬ومنع العادة وتمله لشاق الجاهدة ‪ ،‬هو الذى‬
‫يعده لن يصي من أهل القامات ‪.‬‬
‫‪ -4‬التواضع مع اللق ‪ :‬هو بأن ينتفى عنك الضوع لحد من اللق عند‬
‫حاجتك إليه ‪ ،‬كما ينتفى عنك الفاء وقت الغن عنه ‪ ،‬وذلك لن‬
‫الضوع عند الاجة ليس من باب التواضع ‪ ،‬إنا هو من باب الصنعة‬
‫والسكنة والديعة ‪ ،‬فالتواضع بالقيقة من كان قصده ف قربه من الناس‬
‫الرحة بم واللي لم ‪ ،‬وف بعده عنهم الزهد فيما ف أيديهم والنهة عما ل‬
‫يل له منهم عند الخالطة لم ‪ ،‬فمثل هذا ل يكون قربه من قرب منه مكرا‬
‫وخديعة ‪ ،‬ول بعده عمن تباعد عنه تكبا وعظمة ‪ ،‬وهذا هو التحقق‬
‫بالتواضع مع اللق لجل تعظيمه للحق ‪ ،‬وذلك أكمل أوصاف العبد عند‬
‫ملبسته للخلق ( ‪. )1‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -2 9‬التوبـــــة‬
‫**********************************‬
‫التوبة ‪ :‬التوبة ترك الذنب على أجل الوجوه ‪ ،‬وهو أبلغ وجوه العتذار فإن‬
‫العتذار على ثلثة أوجه ‪ :‬إما أن يقول العتذر ‪ :‬ل أفعل ‪ ،‬أو يقول ‪ :‬فعلت‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫لجل كذا ‪ ،‬أو يقول ‪ :‬فعلت وأسأت وقد أقلعت ‪ ،‬ول رابع لذلك ‪ ،‬وهذا‬
‫الخي هو التوبة ( ) ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف العلم ‪. 3 6 4 ، 1 / 3 6 3‬‬
‫‪ .2‬الفردات ص ‪. 7 6‬‬
‫والتوبة ف الشرع ‪ :‬ترك الذنب لقبحه ‪ ،‬والندم على ما فرط منه ‪ ،‬والعزم‬
‫على ترك العاودة ‪ ،‬وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من العمال بالعادة ‪ ،‬فمت‬
‫اجتمعت هذه الربع ‪ ،‬فقد كمل شرائط التوبة ‪ ،‬قال تعال ‪ :‬يَا َأيّهَا الّذِينَ‬
‫آ َمنُوا تُوبُوا إِلَى اللّ ِه َت ْوَبةً َنصُوحًا [التحري‪ ، ]8 /‬وقال سبحانه ‪ِ :‬إ ْن تَتُوبَا إِلَى‬
‫( ) ‪.‬‬
‫ص َغتْ قُلُوُبكُمَا [التحري‪]4 /‬‬
‫‪1‬‬
‫اللّهِ َفقَدْ َ‬
‫والتائب يقال لباذل التوبة ولقابل التوبة ‪ ،‬فالعبد تائب إل اللّه ‪ ،‬واللّه تائب‬
‫على عبده ‪ ،‬والتواب العبد الكثي التوبة ‪ ،‬وذلك بتركه كل وقت بعض الذنوب‬
‫على الترتيب حت يصي تاركا لميعه ‪ ،‬وقد يقال ل ذلك ‪ ،‬لكثرة قبوله توبة‬
‫ك َومِنْ ذُ ّرّيِتنَا‬
‫العباد حال بعد حال ‪ ،‬قال ال تعال ‪َ :‬رّبنَا وَا ْجعَ ْلنَا مُسِْل َميْنِ لَ َ‬
‫ت الّتوّابُ الرّحِيم ُ [البقرة‪/‬‬ ‫ب عََلْينَا ِإنّكَ َأنْ َ‬
‫ك َوأَ ِرنَا َمنَاسِ َكنَا َوتُ ْ‬
‫ُأ ّم ًة مُسْلِ َمةً لَ َ‬
‫‪ ]1 2 8‬وقال ‪ِ :‬إنّهُ ُه َو الّتوّابُ الرّحِيم ُ [البقرة‪ ، ]3 7 /‬وعن أنس قال ‪ :‬قال‬
‫رسول اللّه ‪ " :‬اللّه أفرح بتوبة عبده ‪ ،‬من أحدكم سقط على بعيه ‪ ،‬وقد‬
‫أضله ف أرض فلة " ( ‪. )2‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫[الفرقان‪]7 1 /‬‬ ‫ب َوعَمِلَ صَاِلحًا فَِإنّ ُه َيتُوبُ إِلَى اللّ ِه َمتَابًا‬
‫وقوله ‪َ :‬ومَ ْن تَا َ‬
‫أى التوبة التامة ‪ ،‬وهو المع بي ترك القبيح ‪ ،‬وترى الميل ( ‪ ، )3‬وجيع‬
‫اليات القرآنية والحاديث النبوية الت وردت ف التوبة على هذا العن ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬السابق ص ‪ ، 7 6‬وكتاب العي لب عبد الرحن الليل بن أحد الفراهيدي‬
‫‪. 8/ 1 3 8‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الدعوات ( ‪. 1 1 / 1 0 5 )6 3 0 9‬‬
‫‪ .3‬لسان العرب ‪ ، 1 / 2 3 3‬وانظر السابق ص ‪. 7 6‬‬
‫التوبة ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫التوبة ف الصطلح الصوف وردت ف أغلب ألفاظهم على العن القرآن‬
‫البسيط ‪ ،‬مؤيدة ف الغالب بالشواهد القرآنية والنبوية ‪ ،‬كما روى عن عمرو بن‬
‫عثمان الكى (ت‪2 9 1 :‬هـ) قال ‪ ( :‬التوبة فرض على جيع الذنبي‬
‫والعاصي صغر الذنب أو كب ‪ ،‬وليس لحد عذر ف ترك التوبة بعد ارتكاب‬
‫العصية لن العاصى كلها ‪ ،‬قد توعد اللّه عليها أهلها ‪ ،‬ول يسقط عنهم الوعيد‬
‫إل بالتوبة وهذا ما يبي أن التوبة فرض ) ( ‪ ، )1‬وربا كان لبعضهم فيها جتهاد‬
‫ل يلو من اليابية ‪ ،‬كاختلفهم ف نسيان الذنب مع التوبة ‪ ،‬او عدمه فيوى‬
‫عن سهل بن عبد اللّه التسترى (ت‪2 9 3 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬التوبة إل تنسى‬
‫(‬
‫ذنبك ) ‪ ،‬وعن النيد بن ممد (ت‪2 9 7 :‬هـ) ‪ ( :‬التوبة نسيان الذنب )‬
‫‪ ، )2‬وبيان ذلك عندهم ‪ ،‬كما ذكر الطوسى ‪ ،‬أن التوبة الت ذكرها سهل ‪،‬‬
‫توبة البتدئي والت ــــــــــــــــــــ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .1‬طبقات الصوفية ص ‪ 2 0 2‬وانظر ف التوبة عند الصوفية أيضا تنبيه الغافلي‬
‫للسمرقندى ص ‪ ، 3 5‬والرعاية لقوق ال للمحاسب ص ‪ 6 8‬وما بعدها ‪،‬‬
‫وللغزال روضة الطالبي ص ‪ ، 1 6 8‬ومنهاج العابدين ص ‪ ، 1 0‬وإحياء علوم‬
‫الدين ‪ 4 / 2‬وما بعدها ‪ ،‬وعوارف العارف للسهروردى ص ‪ ، 4 8 7‬وكتاب‬
‫‪1967‬‬ ‫كشف الغايات لبن عرب ص ‪ 4 8 4‬نشر بجلة الشروق بيوت سنة‬
‫م ‪ ،‬وانظر النهج الصوف ف الخلق ‪ ،‬رسالة دكتوراه ممد يوسف ابن الاج ممد‬
‫مطوط بكتبة كلية دار العلوم رقم ‪ 3 7 5‬سنة ‪ 1 9 7 4‬م ص ‪ 1 2 0‬وما بعدها‬
‫‪.‬‬
‫‪ .2‬اللمع ف التصوف ص ‪. 6 8‬‬

‫ذكرها النيد توبة التحققي ‪ ،‬لنه يرج حلوة ذلك الفعل من قلبه خروجا ل‬
‫يبقى له ف سره أثر ‪ ،‬حت يكون بنلة من ل يعرف ذلك قط ( ‪. )1‬‬
‫والتوبة يعلها أبو يعقوب السوسى (ت‪3 0 4 :‬هـ) بداية طريق الصادقي‬
‫إل ال ‪ ،‬فيوى عنه أنه قال ‪ ( :‬التوبة أول مقام من مقامات النقطعي إل اللّه‬
‫ومعناها الرجوع من كل شئ ذمة العلم إل ما مدحه العلم ) ( ‪ ، )2‬ويذكر الكى‬
‫(ت‪3 8 6 :‬هـ) أن فرض التوبة الذى ل بد للتائب منه ‪ ،‬ول يكون مقا‬
‫صادقا إل به ‪ ،‬القرار بالذنب ‪ ،‬والعتراف بالظلم ‪ ،‬ومقت النفس على‬
‫الوى ‪ ،‬وحل الصرار الذى كان عقده على أعمال السيئات ‪ ،‬وإطابة الغذاء‬
‫بغاية ما يقدر عليه ‪ ،‬لن الطعمة أساس الصالي ‪ ،‬ث الندم على ما فات من‬
‫النايات ‪ ،‬يقول أبو طالب الكى ( ‪: )3‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫( وجلة ما على العبد من التوبة ‪ ،‬وما تعلق با عشر خصال ‪ :‬فرض عليه أل‬
‫يعصى اللّه تعال ‪ ،‬وأن ابتلى بعصية ل يصر عليها ‪ ،‬والتوبة إل اللّه تعال منها‬
‫والندم على ما فرط منه ‪ ،‬وعقد الستقامة على الطاعة إل الوت ‪ ،‬وخوف‬
‫العقوبة ‪ ،‬ورجاء الغفرة ‪ ،‬والعتراف بالذنب واعتقاد أن اللّه تعال قدر ذلك‬
‫عليه ‪ ،‬وأنه عدل منه ‪ ،‬والتابعة بالعمل الصال ليعمل ف الكفارات لقول النب‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬التعرف ص ‪. 1 1 1‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪ .2‬اللمع ص‬
‫‪ .3‬قوت القلوب ‪. 1 / 1 7 9‬‬

‫صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬واتبع السيئة السنة تحها " ( ‪ ، )1‬ويعتب كلم الكى‬
‫من أنفس ما قيل فيها ‪ ،‬ل سيما عندما قسم التوبة إل نوعي ( ‪: )2‬‬
‫‪ -1‬توبة العموم ‪ ،‬ويستدل لا بقوله تعال ‪َ :‬وتُوبُوا إِلَى اللّهِ جَمِيعًا َأيّهَا‬
‫الْ ُم ْؤمِنُونَ َلعَّلكُ ْم ُتفِْلحُون َ [النور‪ ، ]3 1 /‬ويذكر ف معناها ‪ ،‬ارجعوا إليه‬
‫من هوى نفوسكم ‪ ،‬ومن وقوفكم مع سهواتكم ‪ ،‬عسى أن تظفروا‬
‫ببغيتكم ف العاد ‪ ،‬وكى تبقوا ببقاء اللّه ف نعيم ل زوال له ول نفاد ‪،‬‬
‫ولكى تفوزوا وتسعدوا بدخول النة ‪ ،‬وتنجوا من النار ‪ ،‬فهذا هو الفلح‬
‫‪.‬‬
‫‪ -2‬توبة الصوص ‪ ،‬ويستدل لا بقوله تعال ‪ :‬يَا َأيّهَا الّذِينَ آ َمنُوا تُوبُوا إِلَى‬
‫اللّ ِه َتوَْب ًة َنصُوحًا عَسَى َرّبكُمْ أَ ْن ُي َكفّ َر عَْنكُ ْم َسّيئَاِتكُ ْم َويُدْخَِلكُمْ َجنّاتٍ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫حِتهَا ا َلْنهَارُ [التحري‪ ، ]8 /‬ويذكر ف معناها ‪ ،‬أن النصوح من‬
‫تَجْرِي مِ ْن تَ ْ‬
‫النصح على وزن فعول ‪ ،‬للمبالغة ف النصح ‪ ،‬ومعناه خالصة ل تعال مردة‬
‫ل تتعلق بشئ ‪ ،‬ول يتعلق با شئ ‪ ،‬وهو الستقامة على الطاعة ‪ ،‬من غي‬
‫روغان إل معصية ‪ ،‬كما تروغ الثعالب ‪ ،‬وأل يدث نفسه بذنب مت قدر‬
‫عليه ‪ ،‬وأن يترك الذنب لجل اللّه تعال خالصا لوجهه ‪ ،‬كما ارتكبه لجل‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه الترمذى عن أب ذر ف كتاب الب والصلة ( ‪ )1 9 8 7‬وقال الشيخ اللبان‬
‫‪ :‬اتق اللّه حيثما‬ ‫‪" :‬قال ل رسول اللّه‬ ‫‪ :‬حسن ‪ ، 4 / 3 5 5‬ولفظه قال أبو ذر‬
‫كنت ‪ ،‬وأتبع السيئة السنة تحها ‪ ،‬وخالق الناس بلق حسن " وقال أبو عيسى‬
‫الترمذى ‪ :‬هذا حديث حسن صحيح ‪.‬‬
‫‪ .2‬السابق ‪. 1 / 1 7 9‬‬
‫هواه ممعا عليه بقلبه وشهوته ‪ ،‬فهذه هى التوبة النصوح ‪ ،‬وهذا العبد هو‬
‫التواب التطهر البيب ‪.‬‬
‫ويذكر القشيى (ت‪4 6 5 :‬هـ) أن التوبة أول منل من منازل السالكي‬
‫وأول مقام من مقامات الطالبي ‪ ،‬وحقيقة التوبة الرجوع عما كان مذموما ف‬
‫الشرع إل ما هو ممود فيه ‪ ،‬واستدل لذلك بقوله تعال ‪َ :‬وتُوبُوا إِلَى اللّهِ‬
‫جَمِيعًا َأّيهَا الْ ُم ْؤمِنُونَ َلعَّلكُ ْم ُتفِْلحُون َ [النور‪ ، ]3 1 /‬كما استدل بأصول قرآنية‬
‫ونبوية أخرى ( ) ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ويعلق الكاشان التوبة على معن الرجوع إل اللّه تعال ‪ ،‬ويعل ذلك على‬
‫مراتب بعضها يوافق الصول القرآنية ‪ ،‬وبعضها يالف ‪ ،‬فمنها ‪ :‬الرجوع من‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫الخالفة إل الوافقة ‪ ،‬ومن الطبع إل الشرع ‪ ،‬ومن الظاهر إل الباطن ‪ ،‬ومن‬
‫اللق إل الق ‪ ،‬بيث يتوب العبد عن كل ما سوى اللّه ‪ ،‬بيث ل يبقى ف‬
‫قلبه ميل إل غي ربه تعال ى‪ ،‬وهذا هو الذى يعبد اللّه ل ‪ ،‬ل لرغبة ف مثوبة‬
‫أو رهبة ف عقوبة ‪ ،‬ث يتوب بعد ذلك من علة التوبة ‪ ،‬أى من رؤيته بأن التوبة‬
‫ما سوى اللّه ‪ ،‬إنا حصلت له من نفسه ‪ ،‬بل إنا هى فضل ربه ‪ ،‬ث يتوب من‬
‫رؤية توبته من تلك العلة ‪ ،‬بيث ل يرى أنه رأى ذلك بنفسه إنا رآه بربه ( ‪. )2‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الرسالة القشيية ‪. 1 / 2 7 5‬‬
‫‪ .2‬لطائف العلم ‪ ، 1 / 3 5 2 ،3 5 3‬وكلم الكاشان ف نايته يؤدى إل الفناء‬
‫عن شهود السوى ‪ ،‬ما يوقع ف فلسفة اللول والتاد ‪ ،‬للتعرف على التوبة من‬
‫الوجة الكلمية يكن الرجوع إل غاية الرام ف علم الكلم المدى ( تديد معناها‬
‫وجوبا عقل =‬
‫**********************************‬
‫‪ -3 0‬التوجـــــه‬
‫**********************************‬
‫التوجه ‪ :‬وجهت الشئ أرسلته ف جهة واحدة فتوجه ‪ ،‬ويقال لتوجه القلب‬
‫والبدن وإن كان توجه البدن تابع لتوجه القلب ( ‪ ، )1‬فتوجه القلب بعن توجه‬
‫أعمال القلوب كالنية والقصد والعزم والخلص ‪ ،‬قال تعال ‪ :‬وَِلكُ ّل وِ ْج َهةٌ‬
‫ُه َو ُموَلّيهَا [البقرة‪ ، ]1 4 8 /‬وقال تعال عن إبراهيم عليه السلم ‪ :‬قَا َل يَا َق ْومِ‬
‫ت وَالَ ْرضَ‬ ‫ت وَ ْجهِي لِلّذِي فَطَرَ السّمَاوَا ِ‬
‫ِإنّي بَرِي ٌء مِمّا تُشْرِكُونَ ِإنّي َو ّجهْ ُ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫شرِكِيَ‪[ ‬النعام‪ ، ]7 9 : 7 8 /‬ومن توجه البدن ‪ ،‬التوجه إل‬
‫َحنِيفًا َومَا أَنَا مِ ْن الْمُ ْ‬
‫القبلة ‪ ،‬كما روى عن جابر بن عبد اللّه ‪ ،‬قال ‪" :‬كان رسول اللّه يصلي‬
‫على راحلته حيث توجهت فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة " ( ‪. )2‬‬
‫وعن الباء بن عازب رضي اللّه عنهما ‪ ،‬قال ‪ " :‬كان رسول اللّه صلى نو‬
‫بيت القدس ‪ ،‬ستة عشر أو سبعة عشر شهرا ‪ ،‬وكان رسول اللّه يب أن‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫= عند العتزلة وجوب قبولا على ال عندهم ‪ ،‬كتاب الفصل ف اللل والهواء والنحل‬
‫ابن حزم ‪ ، 4 / 6 2 : 6 1‬مذاهب السلميي عبد الرحن بدوى ‪ ،‬دار العلم‬
‫للمليي بيوت ‪ ، 2 / 3 7 9 : 3 7 6‬الرشاد الوين ص ‪، 4 1 0 : 4 0 3‬‬
‫وتأويلت أهل السنة لب منصور الاتريدى تقيق إبراهيم عوضي القاهرة ‪1 9 7 1‬م‬
‫‪. 1/ 1 3 0: 1 2 8‬‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪. 5 1 4‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الصلة ( ‪. 1 / 5 9 8 )3 9 9‬‬
‫يوجه إل الكعبة فأنزل اللّه ‪َ :‬ق ْد نَرَى َتقَّلبَ وَ ْجهِكَ فِي السّمَاءِ َفَلُنوَلَّينّكَ‬
‫سجِ ِد الْحَرَام ِ [البقرة‪ ، ]1 4 4 /‬فتوجه نو‬ ‫ك شَطْ َر الْمَ ْ‬ ‫ِقبَْل ًة تَ ْرضَاهَا َفوَلّ وَ ْجهَ َ‬
‫الكعبة وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ‪ :‬مَا وَلهُ ْم عَنْ ِقبَْلِتهِ ْم الّتِي‬
‫ستَقِيم ٍ‬ ‫ط مُ ْ‬ ‫صرَا ٍ‬‫ب َيهْدِي مَ ْن يَشَاءُ إِلَى ِ‬
‫ق وَالْ َمغْرِ ُ‬
‫كَانُوا عََلْيهَا قُلْ ِللّ ِه الْمَشْ ِر ُ‬
‫[البقرة‪ ]1 4 2 /‬فصلى مع النب رجل ‪ ،‬ث خرج بعد ما صلى ‪ ،‬فمر على قوم‬
‫من النصار ف صلة العصر نو بيت القدس ‪ ،‬فقال ‪ :‬هو يشهد أنه صلى مع‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫(‬
‫رسول اللّه وأنه توجه نو الكعبة ‪ ،‬فتحرف القوم حت توجهوا نو الكعبة "‬
‫‪. )1‬‬
‫وقال تعال ‪ :‬وَضَرَبَ اللّ ُه َمثَل رَ ُجَليْنِ أَحَ ُدهُمَا َأْبكَمُ ل َيقْدِ ُر عَلَى َشيْءٍ‬
‫خْيرٍ [النحل‪ ، ]7 6 /‬وعن عثمان بن‬ ‫َو ُهوَ كَ ّل عَلَى َموْلهُ َأْينَمَا ُيوَجّ ّه ل َيأْتِ بِ َ‬
‫حنيف ‪ ،‬أن رجل ضرير البصر ‪ ،‬أتى النب ‪ ،‬فقال ‪ :‬ادع اللّه أن‬
‫يعافين ‪ ،‬قال ‪ :‬إن شئت دعوت ‪ ،‬وإن شئت صبت فهو خي لك ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫فادعه ‪ ،‬قال ‪ :‬فأمره أن يتوضأ ‪ ،‬فيحسن وضوءه ‪ ،‬ويدعو بذا الدعاء ‪ :‬اللّهم‬
‫إن أسألك وأتوجه إليك بنبيك ممد نب الرحة إن توجهت بك إل رب ف‬
‫حاجت هذه لتقضى ل اللّهم فشفعه ف ( ‪. )2‬‬
‫‪ -3‬وقد يطلق التوجه بعن اللزام والمر الفروض ‪ ،‬كقول عبد اللّه بن أب بن‬
‫سلول ومن معه من الشركي وعبدة الوثان ‪ ،‬يت بعضهم بعضا على السلم‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الصلة ( ‪.1 / 6 0 0 )4 0 0‬‬
‫‪ .2‬أخرجه الترمذى ف كتاب الدعوات ( ‪ )3 5 7 8‬وقال الشيخ اللبان ‪ :‬صحيح‬
‫‪ 5 / 5 6 9‬وابن ماجة ف كتاب إقامة الصلة والسنة فيها ( ‪)1 3 8 5‬‬
‫‪.1 / 4 4 1‬‬
‫نفاقا لا قوى بعد غزوة بدر ‪ " :‬هذا أمر قد توجه ‪ ،‬فبايعوا الرسول على‬
‫السلم فأسلموا " ( ‪. )1‬‬
‫التوجه ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫والتوجه ف الصطلح الصوف ‪ ،‬يعن إخلص النية ‪ ،‬وإرادة العبودية ف كل‬
‫قول وعمل ‪ ،‬وما ورد ف ذلك ‪ ،‬قول سهل بن عبد اللّه ف حد التوجه ‪ ( :‬هو‬
‫قصد العبد ف حركاته وسكونه إل اللّه ‪ ، )2 ( ،‬ويذكر القشيى أن التوجه هو‬
‫إفراد القصد وتطهي العقد وحفظ العهد وتليص الوجد ‪ ،‬كما توجه إبراهيم‬
‫ف قوله تعال ‪ِ :‬إنّي وَ ّج ْهتُ وَ ْجهِي ِللّذِي فَ َطرَ السّمَاوَاتِ وَالَ ْرضَ َحنِيفًا‬
‫َومَا َأنَا مِ ْن الْمُشْرِكِي َ [النعام‪ ، ]7 9 /‬يقول القشيى ف قول إبراهيم وجهت‬
‫وجهى ‪ ( :‬أفردت قصدى ل ‪ ،‬وطهرت عقدى عن غي ال ‪ ،‬وحفظت عهدى‬
‫ف ال ل ‪ ،‬وخلصت وجدى بال ‪ ،‬فإن ل بال ‪ ،‬بل مو ف ال بال ل ) ( ) ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ويذكر ف قوله تعال ‪ :‬وَِلكُ ّل وِ ْج َه ٌة ُهوَ ُموَلّيهَا [البقرة‪ ]1 4 8 /‬إن كل‬


‫قوم اشتغلوا عنا بشئ حال بينهم وبيننا فكونوا أنتم أيها الؤمنون لنا وبنا ‪:‬‬
‫إذا الشغال ألون عنك بشغلهم ‪ :‬جعلتك أشغال فأنسيتن شغلى ( ) ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب تفسي القرآن ( ‪. 8 / 7 8 )4 5 6 6‬‬
‫‪ .2‬تفسي سهل بن عبد اللّه التسترى ص ‪. 3 6‬‬
‫‪ .3‬لطائف الشارات ‪. 1 / 1 3 5‬‬
‫‪ .4‬السابق ‪. 1 / 4 8 5‬‬
‫ويقسم الكاشان التوجه عند الصوفية إل نوعي ‪:‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ -1‬توجه الصاغر ‪ :‬وهو القصود با سبق من العان عندهم ‪ ،‬ويراد به حضور‬
‫القلب مع الق ‪ ،‬ومراقبته له بتفريغه عن كل ما سواه ‪ ،‬من صور الكوان‬
‫والكائنات ( ‪. )1‬‬
‫‪ -2‬توجه الكابر الكمل ‪ :‬ويعن من منظور وحدة الوجود ‪ ،‬أل يعل العبد ف‬
‫عبوديته لربه متعلقا غي الق ‪ ،‬وأن يكون ذلك تعلقا جليا كليا ‪ ،‬غي‬
‫مصور فيما يعلمه العبد منه تعال ‪ ،‬أو يسمعه عنه ‪ ،‬بل على نو ما يعلم‬
‫سبحانه نفسه ف أكمل مراتب علمه بنفسه وأعلها ‪ ،‬فمن كان ف العبودية‬
‫والعمل على هذا النحو من التوجه فإن توجهه أكمل التوجهات ( ‪. )2‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -3 1‬التوحيـــــد‬
‫**********************************‬
‫التوحيد ‪ :‬التفرد يقال ‪ :‬فلن واحد دهره ‪ ،‬أى ل نظي له ( ‪ ، )3‬والتوحيد‬
‫اليان باللّه وحده ل شريك له ‪ ،‬وهو على ثلثة أنواع ‪:‬‬
‫( ‪ -1‬إفراد اللّه بالربوبية ‪ ،‬كما جاء ف قوله تعال ‪ :‬يَا أَهْ َل اْل ِكتَابِ ل َتغْلُوا‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف العلم ‪ 1 / 3 6 5‬وانظر ف التوجه عند ابن عرب الفتوحات الكية‬
‫‪. 1/ 2 6 5‬‬
‫‪ .2‬السابق ‪. 1 / 3 6 5‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .3‬الفردات ص ‪ 5 1 5‬وانظر لسان العرب ‪ ، 3 / 7 0‬والقاموس الحيط‬
‫‪. 1/ 4 1 4‬‬
‫حقّ ِإنّمَا الْمَسِي ُح عِيسَى ابْ ُن مَ ْريَمَ َرسُولُ‬ ‫فِي دِيِنكُ ْم وَل َتقُولُوا عَلَى اللّهِ إِل الْ َ‬
‫ح ِمنْهُ فَآ ِمنُوا بِاللّ ِه وَ ُر ُسلِ ِه وَل َتقُولُوا ثَلَثةٌ‬
‫اللّ ِه وَكَِل َمتُهُ أَْلقَاهَا إِلَى مَ ْريَ َم وَرُو ٌ‬
‫انتَهُوا َخيْرًا َلكُمْ إِنّمَا اللّهُ إِلَ ٌه وَاحِ ٌد ُسبْحَانَهُ َأنْ َيكُونَ لَ ُه وَلَدٌ لَ ُه مَا فِي السّمَاوَاتِ‬
‫َومَا فِي الَ ْرضِ وَ َكفَى بِاللّ ِه وَكِيل [النساء‪ ، ]1 7 1 /‬وكقوله تعال ‪ :‬يَا‬
‫ب ُمَتفَرّقُونَ َخْيرٌ َأمْ اللّ ُه اْلوَاحِ ُد اْلقَهّارُ [يوسف‪. ]3 9 /‬‬ ‫صَا ِحبَيِ السّجْنِ َأأَ ْربَا ٌ‬
‫( ‪ -2‬إفراد اللّه بأسائه وأوصافه ‪ :‬كقوله تعال ‪َ :‬لْيسَ َك ِمثْلِ ِه َشيْءٌ َو ُهوَ‬
‫كفُوًا أَحَدٌ [الخلص‪/‬‬ ‫السّمِي ُع البَصِيُ [الشورى‪ ]1 1 /‬وقوله ‪ :‬وَلَ ْم َيكُنْ لَهُ ُ‬
‫‪ ]4‬وقوله سبحانه ‪ :‬هَ ْل َتعْلَمُ لَ ُه سَ ِميّا [مري‪. ]6 5 /‬‬
‫حكْمُ إِل ِللّهِ َأمَرَ أَل َت ْعبُدُوا إِل‬
‫( ‪ -3‬إفراد اللّه بالعبادة ‪ :‬كقوله تعال ‪ِ :‬إ ْن الْ ُ‬
‫س ل َيعْلَمُونَ [يوسف‪ ، ]4 0 /‬وقال ابن‬ ‫ِإيّاهُ ذَلِكَ الدّي ُن الْ َقيّ ُم وََلكِنّ أَكْثَرَ النّا ِ‬
‫عباس ‪ :‬لا بعث النب معاذ بن جبل إل نو أهل اليمن ‪ ،‬قال له ‪:‬‬
‫" إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب ‪ ،‬فليكن أول ما تدعوهم إل أن يوحدوا‬
‫اللّه تعال ‪ ،‬فإذا عرفوا ذلك ‪ ،‬فأخبهم أن اللّه قد فرض عليهم خس صلوات‬
‫ف يومهم وليلتهم ‪ ، )1 ( "..‬وف رواية ‪ " :‬فليكن أول ما تدعوهم إليه ‪ ،‬عبادة‬
‫اللّه عز وجل " ( ‪ ، )2‬ومن حديث جابر بن عبد اللّه ‪ ،‬يصف حجة الوداع ‪:‬‬
‫" ورسول اللّه بي أظهرنا ‪ ،‬وعليه ينل القرآن ‪ ،‬وهو يعرف تأويله ‪ ،‬وما‬
‫عمل به من شيء عملنا به ‪ ،‬فأهل بالتوحيد ‪ ،‬لبيك اللّهم لبيك ‪ ،‬لبيك ل‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب التوحيد ( ‪. 1 3 / 3 5 9 )7 3 7 2‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب اليان ( ‪. 1 / 5 1 )1 9‬‬
‫شريك لك لبيك ‪ ،‬إن المد والنعمة لك واللك ‪ ،‬ل شريك لك " ( ‪ )1‬وعن أب‬
‫هريرة ‪ ،‬أن رسول اللّه كان إذا أراد أن يضحي اشترى كبشي عظيمي‬
‫سيني أقرني ‪ ،‬أملحي موجوءين ‪ ،‬فذبح أحدها عن أمته ‪ ،‬لن شهد ل‬
‫) )‪.‬‬ ‫‪(2‬‬
‫بالتوحيد وشهد له بالبلغ وذبح الخر عن ممد وعن آل ممد‬
‫والتوحيد ف القرآن ‪ ،‬أغلبه يدور على النوع الثالث ‪ ،‬لكون الشركي نازعوا‬
‫فيه دون الباقى ‪ ،‬قال تعال عن إقرارهم بالتوحيد ف النوعي السابقي ‪ :‬وََلئِنْ‬
‫ن اْلعَزِي ُز اْلعَلِيمُ [الزخرف‪]9 /‬‬ ‫ت وَالَ ْرضَ َلَيقُولُنّ خََل َقهُ ّ‬ ‫َسأَْلتَهُ ْم مَنْ خَلَقَ السّمَاوَا ِ‬
‫ب الّذِينَ ل‬ ‫وقال عن موقفهم من الثالث ‪َ :‬وإِذَا ذُكِرَ اللّ ُه وَحْ َد ُه اشْ َمأَزّتْ قُلُو ُ‬
‫سَتبْشِرُون [الزمر‪ ، ]4 5 /‬أى‬ ‫ُي ْؤ ِمنُونَ بِالخِ َر ِة َوإِذَا ذُكِ َر الّذِي َن مِنْ دُونِهِ ِإذَا هُ ْم يَ ْ‬
‫إذا انفرد اللّه بالذكر للعبادة دون آلتهم ‪ ،‬كقوله تعال ‪ :‬فَإَِل ُهكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ‬
‫َفلَهُ َأسْلِمُوا [الج‪ ]3 4 /‬تعجبوا وأنكروا وقالوا ‪ :‬أَ َجعَ َل الِل َهةَ إَِلهًا وَاحِدًا ِإنّ‬
‫شيْءٌ عُجَابٌ [ص‪ ، ]5 /‬وعن عمرو بن العاص ‪ ،‬أن والده العاص بن‬ ‫هَذَا لَ َ‬
‫وائل نذر ف الاهلية أن ينحر مائة بدنة ث مات ‪ ،‬ول يفعل وأن ولده هشام بن‬
‫العاصي نر حصته ‪ ،‬خسي بدنة ‪ ،‬وأن عمرا سأل النب ‪ ،‬عن أن يذبح‬
‫الباقى فقال ‪ " :‬أما أبوك فلو كان أقر بالتوحيد ‪ ،‬فصمت وتصدقت عنه نفعه‬
‫ذلك " ( ‪. )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب الج ( ‪. 2 / 8 8 6 )1 2 1 8‬‬
‫‪ .2‬أخرجه ابن ماجة ف الضاحى ( ‪ ، )3 1 2 2‬وقال الشيخ اللبان ‪ :‬صحيح‬
‫‪. 2/ 1034‬‬
‫‪ .3‬أخرجه أحد ف السند ( ‪. )6 6 6 5‬‬
‫وف رواية أخرى ‪ ،‬فقال رسول اللّه ‪ " :‬إنه لو كان مسلما ‪ ،‬فأعتقتم عنه أو‬
‫تصدقتم عنه ‪ ،‬أو حججتم عنه ‪ ،‬بلغه ذلك " ( ‪. )1‬‬
‫التوحيد ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والتوحيد عند أغلب الصوفية ورد بالعن الشرعى ‪ ،‬فمنهم من تناوله بصبغة‬
‫كلمية معبة عن طريقة السلف ‪ ،‬كما روى عن ذى النون (ت‪2 4 8 :‬هـ)‬
‫أنه سئل عن التوحيد ؟ فقال ‪ ( :‬هو أن تعلم أن قدرة اللّه تعال ف الشياء بل‬
‫مزاج ‪ ،‬وصنعه للشياء بل علج ‪ ،‬وعلة كل شئ صنعه ‪ ،‬ول علة لصنعه وليس‬
‫ف السماوات العلى ول ف الرضي السفلى مدبر غي اللّه تعال ‪ ،‬ومهما تصور‬
‫وهك فاللّه تعال بلف ذلك ) ( ‪ ، )2‬ومثله أيضا ما ينسب إل النيد بن ممد‬
‫(ت‪2 9 7 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬التوحيد إفراد القدي عن الدث ) ( ‪ ، )3‬ويعن‬
‫إفراد الوحد بتحقيق وحدانيته ‪ ،‬بكمال أحديته ‪ ،‬وأنه الواحد الذى ل يلد ول‬
‫يولد ول يكن له كفوا أحد ‪ ،‬ينفى الضداد والنداد والشباه بل تشبيه ول‬
‫تكييف ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه أبو داود ف كتاب الوصايا ( ‪ ، )2 8 8 3‬وقال الشيخ اللبان ‪ :‬حسن‬
‫‪ 3 / 1 1 8‬وانظر سنن البيهقى الكبى ( ‪. 6 / 2 7 9 )1 2 4 1 7‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .2‬اللمع ص ‪. 4 9‬‬
‫‪ .3‬كشف الحجوب للهجويرى ص ‪ ، 3 3 4‬كثيا ما يستشهد ابن تيمة بكلم‬
‫الصوفية ف التوحيد وإثبات الصفات ‪ ،‬معتبا العتدلي منهم من علماء السلف‬
‫الحققي ‪ ،‬انظر أسس التفاق بي السلفية ومشايخ الصوفية ف تراث ابن تيمية ‪،‬‬
‫الطبلوى ممود حسي سعد رسالة دكتوراه بكلية دار العلوم ‪ )8 3 7 ( ،‬لسنة‬
‫‪1 9 8 2‬م ‪.‬‬
‫ول تصوير ول تثيل ‪ ،‬لقوله تعال ‪َ :‬لْيسَ َك ِمثْلِ ِه َشيْءٌ َو ُهوَ السّمِي ُع الَبصِي ُ‬
‫[الشورى‪ ، ) ( ]1 1 /‬ويذكر الجويرى (ت‪4 6 5 :‬هـ) التوحيد مدلل على‬ ‫‪1‬‬

‫معناه بالصول القرآنية والنبوية ‪ ،‬فمن القرآن قوله تعال ‪َ :‬وإَِل ُهكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ‬
‫ل إِلَهَ إِل هُوَ الرّحْمنُ الرّحِيمُ‪[ ‬البقرة‪ ]1 6 3 /‬وقوله ‪ :‬قُ ْل ُهوَ اللّهُ أَحَدٌ‬
‫ن اثَْنيْنِ ِإنّمَا ُهوَ إِلَ ٌه وَاحِدٌ [النحل‪/‬‬ ‫[الخلص‪ ]1 /‬وقوله ‪ :‬ل َتتّخِذُوا إَِل َهيْ ِ‬
‫‪ ، ]5 1‬ومن السنة ما روى عن عبد اللّه بن مسعود يرفعه إل رسول ال ‪:‬‬
‫" أن رجل ل يعمل من الي شيئا قط ‪ ،‬إل التوحيد فلما حضرته الوفاة ‪ ،‬قال‬
‫لهله ‪ :‬إذا أنا مت ‪ ،‬فخذون واحرقون حت تدعون حمة ‪ ،‬ث اطحنون ‪ ،‬ث‬
‫اذرون ف البحر ف يوم راح ‪ ،‬قال ‪ :‬ففعلوا به ذلك ‪ ،‬قال ‪ :‬فإذا هو ف قبضة‬
‫اللّه ‪ ،‬قال ‪ :‬فقال اللّه عز وجل له ‪ :‬ما حلك على ما صنعت؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬مافتك‬
‫قال ‪ :‬فغفر اللّه له " ( ‪. )2‬‬
‫ث يبي أن حقيقة التوحيد مركبة من إثبات توحيد شئ ما ‪ ،‬وف كمال‬
‫معرفة توحيده ‪ ،‬وكما أن اللّه سبحانه وتعال واحد ‪ ،‬ليس له شريك ف ذاته‬
‫ول ف صفاته ‪ ،‬وليس له بديل ول شريك ف أعماله ‪ ،‬وحيث أن الوحدين‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫يعتقدون بأنه كذلك ‪ ،‬فمعرفتهم بالتوحيد تسمى توحيدا ‪ ،‬ث قسم التوحيد‬
‫على ثلثة أنواع ( ‪: )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الرسالة القشيية ‪. 2 / 5 8 3‬‬
‫‪ .2‬أخرجه أحد ( ‪ )3 7 7 6‬والبخارى ف كتاب أحاديث النبياء ( ‪)3 4 8 1‬‬
‫‪. 6/ 5 9 4‬‬
‫‪ .3‬كشف الحجوب ص ‪ 3 3 1 ،3 3 2‬وانظر الرسالة القشيية ‪. 2 / 5 8 2‬‬
‫‪ -1‬توحيد اللّه لنفسه ‪ :‬ويعن علمه بتوحيده كقوله تعال ‪َ :‬شهِدَ اللّهُ َأنّهُ‬
‫ل إِلَهَ إِل ُهوَ [آل عمران‪. ]1 8 /‬‬
‫‪ -2‬توحيد اللّه ف خلقه ‪ :‬ويعن أمره للنسان بنطق التوحيد كقوله سبحانه‬
‫وتعال ‪ :‬فَإَِل ُهكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ َأسْلِمُوا [الج‪. ]3 4 /‬‬
‫‪ -3‬توحيد الناس ل ‪ :‬وذلك معرفتهم بتوحيده ‪ ،‬كقوله تعال ‪َ :‬أئِّنكُ ْم‬
‫شهَدُونَ َأنّ مَعَ اللّهِ آِل َهةً أُ ْخرَى قُلْ ل َأ ْشهَدُ قُلْ ِإنّمَا ُهوَ إِلَ ٌه وَاحِدٌ‬
‫َلتَ ْ‬
‫َوإِّننِي بَرِي ٌء مِمّا تُشْرِكُون [النعام‪. ]1 9 /‬‬
‫ويعتب الكاشان ما تقدم من أقوال الصوفية ف التوحيد ‪ ،‬توحيد البدديات‬
‫وهو شهادة أل إله إل اللّه وحده ل شريك له ‪ ،‬الحد الصمد الذى ل يلد ول‬
‫يولد ول يكن له كفوا أحد ‪ ،‬على وجهها الطلوب ‪ ،‬وأحيانا يسميه توحيد‬
‫العامة ( ‪ ، )1‬ويعل درجة التوحيد بعدها على نوعي ‪:‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫أ‪ -‬توحيد الاصة ‪ ،‬وهو أرقى من توحيد العامة إل حد ما ‪ ،‬وحده أن ل‬
‫يرى مع الق سواه ‪.‬‬
‫ب‪ -‬توحيد خاصة الاصة ‪ ،‬وهو العتب عنده ‪ ،‬وحدّه أل ترى سوى ذات‬
‫واحدة ‪ ،‬وعند ذلك يتعذر التوحيد ‪ ،‬ول يكن تققه إذ سيكون شركا‬
‫ف عرفهم ‪ ،‬ويستدل الكاشان لذا النوع الراقى من التوحيد ‪ ،‬با قاله‬
‫عمر بن الفارض ف التائية حيث يقول ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬معجم الكاشان ص ‪. 3 7 8‬‬
‫ولو أنن وحدت ألدت وانسلخت ‪ :‬عن أى جعى مشركا ب صنعت‬
‫واستدل أيضا بقول أب إساعيل النصارى ‪ :‬وقد أجبت ف سالف الزمان‬
‫سائل سألن عن توحيد الصوفية بذه القواف الثلث ‪:‬‬
‫إذ كل من وحده جاحد‬ ‫ما وحد الوحد من واحد‬
‫عارية أبطلها الواحد‬ ‫توحيد من ينطق عن نعته‬
‫ونعت من ينعته لحد‬ ‫توحيده إياه توحيده‬
‫يقول الكاشان معقبا فقوله ‪ :‬لحد ‪ ،‬هو معن قول سيدى عمر ‪ ،‬ولو أنن‬
‫وحدت ألدت ( ‪. )1‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -3 2‬التوفيـــــق‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫**********************************‬
‫التوفيق ‪ :‬الوفق الطابقة بي الشيئي ‪ ،‬قال تعال عن عذاب الكافرين ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف العلم ‪ 3 6 8 ، 1 / 3 6 7‬وانظر أيضا ف التوحيد عند فلسفة‬
‫اللول ووحدة الوجود ‪ ،‬وأخبار اللج لب يوسف القزوين ‪ ،‬نشرة ماسينيون‬
‫ص ‪ 2 4‬والنحن الشخصى لياة اللج لاسينيون ص ‪ ، 6 6‬وكتاب الطواسي‬
‫للحلج ص ‪ ، 9‬وحكمة الشراق للسهروردى القتول ص ‪ ، 3 6 7‬وله أيضا‬
‫هياكل النوار ص ‪ ، 3 0 2‬والفتوحات الكية لبن عرب ‪ ، 2 / 2 8 8‬وانظر‬
‫فصوص الكم ‪ 2 / 1 4 5‬ولبن سبعي رسالة بدء العارف ص ‪، 5 4‬‬
‫وخطاب ال بلسان نوره ص ‪ 1 4 3‬والرسالة الفقيية ص ‪. 2 2 9‬‬
‫جَزَا ًء وِفَاقًا [النبأ‪ ]2 6 /‬وقال عمر بن الطاب ‪ " :‬وافقت رب ف ثلث‬
‫فقلت ‪ :‬يا رسول اللّه ‪ ،‬لو اتذنا من مقام إبراهيم مصلى ‪ ،‬فنلت ‪ :‬وَاتّخِذُوا‬
‫مِ ْن َمقَامِ ِإبْرَاهِي َم ُمصَلّى [البقرة‪ ، ]1 2 5 /‬وآية الجاب ‪ ،‬قلت ‪ :‬يا رسول اللّه‬
‫لو أمرت نساءك أن يتجب ‪ ،‬فإنه يكلمهن الب والفاجر ‪ ،‬فنلت آية الجاب‬
‫واجتمع نساء النب ف الغية عليه ‪ ،‬فقلت لن ‪ :‬عَسَى َربّهُ ِإنْ طَّل َقكُنّ َأنْ‬
‫‪1‬‬
‫ُيبْدِلَهُ أَ ْزوَاجًا َخيْرًا ِمنْكُن ّ [التحري‪ ]5 /‬فنلت هذه الية " ( ) ‪.‬‬
‫والوافقة تطلق أيضا على الصادفة ‪ :‬يقال وافقت فلنا ‪ ،‬ووافقت المر‬
‫صادفته ‪ ،‬ومن ذلك ما روى عن جابر بن عبد اللّه ‪ ،‬أن النب قال ‪:‬‬
‫" إن ف الليل لساعة ل يوافقها ‪ ،‬رجل مسلم يسأل اللّه خيا من أمر الدنيا‬
‫والخرة ‪ ،‬إل أعطاه إياه ‪ ،‬وذلك كل ليلة " ( ‪ ، )2‬وعن أب هريرة ‪ ،‬أن النب‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫قال ‪ " :‬إذا أمن المام فأمنوا ‪ ،‬فإنه من وافق تأمينه تأمي اللئكة ‪ ،‬غفر له‬
‫ما تقدم من ذنبه " ( ‪. )3‬‬
‫والتفاق مطابقة فعل النسان للقدر ‪ ،‬ويقال ذلك ف الي والشر ‪ ،‬يقال ‪:‬‬
‫اتفق لفلن خي ‪ ،‬واتفق له شر ‪ ،‬وعن معاوية بن الكم السلمي قال ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الصلة ( ‪ 1 / 6 0 1 )4 0 2‬وانظر ف معان اللفظ‬
‫الفردات للراغب الصفهان ص ‪. 5 2 8‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب صلة السافرين ( ‪. 1 / 5 2 1 )7 5 7‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب الذان ( ‪. )7 8 0‬‬
‫" قلت ‪ :‬يا رسول اللّه ومنا رجال يطون ‪ ،‬قال ‪ :‬كان نب من النبياء يط‬
‫فمن وافق خطه فذاك ) ( ‪ )1‬والط أى الط ف الرمل ‪ ،‬وهو نوع من الكهانة‬
‫يدعى فيه الكاهن معرفة الغيب ‪ ،‬ولكنه ف الديث وحى لكون الفاعل نب ‪.‬‬
‫والتوفيق مطابقة فعل النسان للقدر ‪ ،‬ولكنه يتص ف التعارف بالي دون‬
‫الشر ‪ ،‬كقوله تعال ‪َ :‬ومَا َتوْفِيقِي إِل بِاللّهِ‪[ ‬هود‪ ، ]8 8 /‬وكقوله عز وجل ‪:‬‬
‫حِلفُو َن بِاللّهِ ِإنْ أَرَ ْدنَا إِل إِحْسَانًا َوتَوْفِيقًا [النساء‪ ، ]6 2 /‬وعن‬
‫ثُمّ جَاءُوكَ يَ ْ‬
‫ابن عمر ‪ ،‬قال ‪ " :‬كان رسول اللّه إذا رأى اللل ‪ ،‬قال ‪ :‬اللّه أكب اللّهم‬
‫أهله علينا بالمن واليان ‪ ،‬والسلمة والسلم ‪ ،‬والتوفيق لا يب ربنا ويرضى‬
‫ربنا وربك اللّه " ( ‪. )2‬‬
‫التوفيق ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫التوفيق ف الصطلح الصوف ‪ ،‬يتوافق ف الدللة مع الصول القرآنية السابقة‬
‫فقد ذكره الكيم الترمذى (ت‪3 2 0 :‬هـ) على معن إعانة ال للعبد عند‬
‫بلوغه حقيقة الصدق ‪ ،‬فيقول ‪ ( :‬أما معرفة النفس من قبل مالفتها واللتجاء‬
‫إل ال ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب الساجد ( ‪. )5 3 7‬‬
‫‪ .2‬صحيح بعناه ‪ ،‬من رواية طلحة بن عبد ال عند الترمذى ( ‪ )3 4 5 1‬وصححه‬
‫اللبان ‪ ، 5 / 5 0 4‬وابن حبان ف صحيحه ( ‪ ، 3 / 1 7 1 )8 8 8‬وأخرجه‬
‫الدارمى بلفظه عن ابن عمر ف كتاب الصوم ( ‪ 2 / 7 )1 6 8 7‬وهو منقطع ‪ ،‬انظر‬
‫الرح والتعديل لبن أب حات رقم ( ‪ ، 5 / 2 6 4 )1 2 4 9‬والكمال ف ذكر من‬
‫له رواية ف مسند المام أحد من الرجال لشمس الدين السين رقم ( ‪ )5 2 2‬ص‬
‫‪. 265‬‬
‫للنجاة منها ‪ ،‬فهذه معرفة فطن كيس ‪ ،‬فإذا علم ال الصدق من عبده ‪ ،‬ف‬
‫هذا كان منه على أحد منلتي ‪ ،‬فمنلة منه أن يهديه لطريق الهد ‪ ،‬طريقا‬
‫مستقيما ل يلتفت ‪ ،‬ول يعرج على شئ ‪ ،‬ويوفقه ويعينه ‪ ،‬ويثيبه فيه حت ل‬
‫تتلف أحواله ) ( ‪ ، )1‬ويعرفه أبو طالب الكى (ت‪3 8 6 :‬هـ) من خلل‬
‫استقصائه للمعان القرآنية والنبوية ‪ ،‬فيقول ‪ ( :‬التوفيق هو التفاق ‪ ،‬وهو أن‬
‫يمع اللّه بينك وبي الشئ الذى تريده ‪ ،‬ول بد منه ف كل عمل وإن قل ‪ ،‬قال‬
‫تعال ‪َ :‬ومَا َتوْفِيقِي إِل بِاللّهِ‪[ ‬هود‪ ]8 8 /‬ولذا كان من دعائه ‪ " :‬يامقلب‬
‫القلوب ثبت قلب على دينك " ( ‪. )2‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫ويذكر القشيى أن حقيقة التوفيق ما ينفق به الشئ ‪ ،‬وف الشريعة التوفيق ما‬
‫تنفق به الطاعة ‪ ،‬وهو قدرة الطاعة ‪ ،‬ث كل ما تقرب العبد به من الطاعة من‬
‫توفي الدواعى وفنون النهيات يعد من جلة التوفيق على التوسع ‪ ،‬والتوفيق باللّه‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬العلل للحكيم الترمذى ص ‪ 2 1 0‬مطوطة دار الكتب رقم ‪ 1 2 5‬ماميع ‪.‬‬
‫‪ .2‬قوت القلوب ‪ 1 / 1 2 4‬والديث أخرجه الترمذى ف كتاب القدر (‬
‫قال ‪ " :‬كان رسول اللّه‬ ‫‪ ) )2 1 4 0‬وصححه اللبان ‪ ، 4 / 4 4 8‬عن أنس‬
‫يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ‪ ،‬ثبت قلب على دينك " وأخرجه اسحاق بن‬
‫راهويه ف مسنده حديث رقم ( ‪ ، 3 / 7 5 5 )1 3 6 9‬وأبو طالب الكى متميز‬
‫ف أغلب أسلوبه باعتماده على الكتاب والسنة ‪ ،‬وكلمه ف مسائل العتقاد من‬
‫أجود ما يتج به لذهب السلف ‪ ،‬وعلى الرغم من هذا له مالفات يب الذر‬
‫منها ‪ ،‬انظر الزيد ف رسالة ماجستي للدكتور عبد الميد مدكور ‪ ،‬أبو طالب الكى‬
‫ومنهجه الصوف ‪ ،‬مطوط بكلية دار العلوم ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ،‬رقم ‪ 8 0 6‬سنة‬
‫‪1 8 7 2‬م ‪.‬‬
‫ومن اللّه ‪ ،‬وهو سبحانه بإعطائه متفضل ‪ ،‬ومدار المر ف التوفيق على‬
‫الغراض القتضية حسن القصد بالصلح ‪ ،‬فيقرن اللّه به حسن التيسي ‪ ،‬ومن‬
‫انطوى على قصد بالسوء ‪ ،‬وكل الق بشأنه التعويق ‪ ،‬قال تعال ‪ِ :‬إنْ أُرِيدُ‬
‫ح مَا ا ْستَ َط ْعتُ َومَا َتوْفِيقِي إِل بِاللّه ِ [هود‪. ) ( ]8 8 /‬‬
‫‪1‬‬
‫إِل الِصْل َ‬
‫**********************************‬
‫‪ -3 3‬التوكـــــل‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫**********************************‬
‫التوكل ‪ :‬التوكيل أن تعتمد على غيك ‪ ،‬وتعله نائبا عنك ‪ ،‬قال ال تعال ‪:‬‬
‫َوَتوَكّ ْل عَلَى اللّ ِه وَ َكفَى بِاللّ ِه وَكِيل [الحزاب‪ ، ]3 /‬أى اكتف به أن يتول‬
‫أمرك ويتوكل لك ‪ ،‬وقال تعال ‪ :‬الّذِينَ قَالَ َلهُ ْم النّاسُ إِ ّن النّاسَ َقدْ جَ َمعُوا‬
‫سُبنَا اللّ ُه َوِنعْ َم اْلوَكِيلُ [آل عمران‪]1 7 3 /‬‬ ‫شوْهُمْ َفزَا َدهُمْ إِيَانًا وَقَالُوا حَ ْ‬‫َلكُمْ فَاخْ َ‬
‫أى نعم الوكل عنا ف حفظنا منهم ‪ ،‬وقال تعال ‪ :‬وَاتْ ُل عََلْيهِ ْم نََبَأ نُوحٍ إِذْ‬
‫قَالَ ِل َقوْمِ ِه يَاَق ْومِ ِإنْ كَانَ َكبُ َر عََلْيكُ ْم َمقَامِي َوتَذْكِيِي بِآيَاتِ اللّهِ َفعَلَى اللّهِ‬
‫َتوَكّ ْلتُ َفأَجْ ِمعُوا َأمْرَكُ ْم َوشُرَكَاءَ ُك ْم ثُ ّم ل يَكُنْ َأمْرُكُ ْم عََلْيكُ ْم غُ ّم ًة ثُ ّم ا ْقضُوا‬
‫إَِل ّي وَل ُتنْظِرُونِي [يونس‪. ) ( ]7 1 /‬‬
‫‪2‬‬

‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف الشارات ‪ 2 / 1 5 2 ،1 5 2‬وقريب من كلم القشيى ‪ ،‬قول الرجان‬
‫ف حد التوفيق عند الصوفية ‪ ( :‬التوفيق جعل اللّه فعل عباده ‪ ،‬موافقا لا يبه ويرضاه )‬
‫التعريفات للجرجان ص ‪. 7 2‬‬
‫‪ .2‬الفردات ص ‪ ، 5 3 1‬ص ‪. 5 3 2‬‬
‫والتوكل يقال على وجهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬يقال ‪ :‬توكلت لفلن ‪ ،‬بعن توليت له وتعهدته ‪ ،‬وعن سهل بن سعد‬
‫الساعدي ‪ ،‬قال النب ‪ " :‬من توكل ل ما بي رجليه ‪ ،‬وما بي‬
‫لييه ‪ ،‬توكلت له بالنة " ( ‪ ، )1‬وعن أب هريرة ‪ ،‬أن رسول اللّه‬
‫قال ‪ " :‬مثل الجاهد ف سبيل اللّه ‪ ،‬واللّه أعلم بن ياهد ف سبيله كمثل‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫الصائم القائم ‪ ،‬وتوكل اللّه للمجاهد ف سبيله بأن يتوفاه ‪ ،‬أن يدخله‬
‫النة ‪ ،‬أو يرجعه سالا مع أجر أو غنيمة " ( ‪. )2‬‬
‫‪ -2‬ويقال ‪ :‬وكلته فتوكل ل وتوكلت عليه ‪ ،‬بعن اعتمدته قال ال تعال ‪:‬‬
‫سبُهُ [الطلق‪ ، ]3 /‬وربا يفسر‬
‫َومَ ْن َيَتوَكّلْ عَلَى اللّهِ َف ُهوَ حَ ْ‬
‫الوكيل بالكفيل ‪ ،‬والوكيل أعم ‪ ،‬لن كل كفيل وكيل ‪ ،‬وليس كل‬
‫وكيل كفيل ( ‪ ، )3‬وعن عمر بن الطاب ‪ ،‬قال رسول اللّه ‪ " :‬لو‬
‫أنكم كنتم توكلون على اللّه حق توكله ‪ ،‬لرزقتم كما يرزق الطي ‪،‬‬
‫تغدو خاصا وتروح بطانا " ( ‪. )4‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الدود ( ‪. 1 2 / 1 1 5 )6 8 0 7‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الهاد والسي ( ‪. 6 / 8 )2 7 8 7‬‬
‫‪ .3‬الفردات ص ‪. 5 3 2‬‬
‫‪ .4‬أخرجه الترمذى ف كتاب الزهد ( ‪ )2 3 4 4‬وقال ‪ :‬حديث حسن صحيح وقال‬
‫اللبان ‪ :‬صحيح ‪ 4 / 5 7 3‬وأحد ف السند ( ‪. )2 7 2‬‬
‫التوكل ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫تناول الصوفية التوكل ف الصطلح القرآن بالشرح والتحليل ‪ ،‬واستقصاء‬
‫الدلة من الكتاب والسنة ‪ ،‬بيث يكن القول ‪ ،‬إن ما سجل عن بعضهم فيه‬
‫يعد من قبيل البحث الزئى التميز ‪ ،‬ومن ث حاز مصطلح التوكل قدرا كبيا‬
‫من القوال والراء الت أدل با الصوفية على اختلف فكرهم وتاربم ‪ ،‬والق‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫يقال إن كثيا منهم أبدع ف بيانه وكشفه ‪ ،‬وكل له اجتهاده ‪ ،‬قال الارث بن‬
‫أسد الحاسب (ت‪2 4 3 :‬هـ) ‪ ( :‬التوكل الفترض على الناس ف جلتهم ‪،‬هو‬
‫التصديق ل عز وجل فيما أخب من قسم ‪ ،‬حيث قال ‪:‬‬
‫ح ّق ِمثْلَ مَا‬
‫وَفِي السّمَاءِ رِزُْقكُ ْم َومَا تُوعَدُونَ َفوَرَبّ السّمَا ِء وَالَ ْرضِ ِإنّهُ لَ َ‬
‫َأّنكُ ْم تَن ِطقُون َ [الذاريات‪ ، ]2 3 : 2 2 /‬وكفالته من سياقه الرزاق إليهم ‪،‬‬
‫وإيصال القوات الت قسمها ف الوقات الت وقتها ‪ ،‬بتصديق تقوم الثقة به ف‬
‫قلوبم وينفى به الشكوك عنهم والشبه ‪ ،‬ويصفون به اليقي ‪ ،‬ويثبت به حقائق‬
‫العمل أنه الالق الرازق الحي الميت العطى الانع النفرد بالمر كله ‪ ،‬فإذا صح‬
‫هذا العلم ف القلوب ‪ ،‬وكان ثابتا ف عقود اليان ‪ ،‬تنطق به اللسنة إقرارا منها‬
‫بذلك لسيدها ‪ ،‬ويرجع إل ذلك العلم عند تذكرها ‪ ،‬دفع السم عليها‬
‫بالتوكل ) ( ‪ ، )1‬وإذا كان كلم الحاسب ف التوكل ‪ ،‬معبا بصدق عن مموع‬
‫الصول القرآنية والنبوية ‪ ،‬فإن أبا تراب النخشب (ت‪2 4 5 :‬هـ) روى عنه‬
‫ف ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الرزق اللل وحقيقة التوكل على اللّه ‪.‬للحارس بن أسد الحاسب (ت‪:‬‬
‫‪2 4 3‬هـ) تقيق ممد عثمان الشت طبعة مكتبة القرآن سنة ‪1 9 8 4‬م ص‬
‫‪. 40‬‬
‫التوكل كلم نفيس ‪ ،‬يدل على عمق النظر ف فهم الصول القرآنية ‪ ،‬حيث‬
‫سأل عن التوكل ؟ فأجاب ‪ ( :‬التوكل طرح البدن ف العبودية ‪ ،‬وتعلق القلب‬
‫بالربوبية ‪ ،‬والطمأنينة إل الكفاية ‪ ،‬فإن أعطى شكر ‪ ،‬وإن منع صب راضيا‬
‫موافقا للقدر ) ( ‪ ، )1‬ومثله أيضا ما ينسب لسهل بن عبد اللّه (ت‪:‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪2 9 3‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬من طعن ف الركة ‪ ،‬فقد طعن ف السنة ‪ ،‬ومن طعن‬
‫ف التوكل فقد طعن ف اليان ‪ ،‬والتوكل حال النب ‪ ،‬والكسب سنته ‪ ،‬فمن‬
‫بقى على حاله فل يتركن سنته ) ( ‪. )2‬‬
‫وينفى الكيم الترمذى (ت‪3 2 0 :‬هـ) عن التوكل ‪ ،‬ما اشتهر عن‬
‫الصوفية ف الاضى والاضر من التواكل والبية ‪ ،‬فقال فيمن ترك الطلب ‪،‬‬
‫والسعى ف السباب ‪ ،‬وتواكل بجة أن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله ‪،‬‬
‫وقد ضمن اللّه الرزق ‪ ( :‬إن كانوا قعدوا ينبغى لم أن يقوموا وأن يطلبوا ‪،‬‬
‫ترزا من الطمع وفساد القلب ‪ ،‬فل يضيع حق الزوجة والولد ‪ ،‬برغم أن‬
‫أرزاقهم على اللّه ‪ ،‬فهذا تارك للسبيل والسنة ‪ ،‬لقوله تعال ‪َ :‬وعَلَى‬
‫س َوتُهُ ّن بِالْ َمعْرُوف ِ [البقرة‪ ، ) ( ) ]2 3 3 /‬وربا عب عبد‬
‫‪3‬‬
‫الْ َموْلُودِ لَهُ ِرزُْقهُ ّن وَكِ ْ‬
‫اللّه بن خفيف الشيازى (ت‪3 7 1 :‬هـ) عن ذلك بقوله ‪ ( :‬التوكل الكتفاء‬
‫بضمانه وإسقاط التهمة عن قضائه ) ( ‪. )4‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .2‬قوت القلوب ‪. 2 / 1 6‬‬ ‫‪ .1‬الرسالة ‪. 1 / 4 1 8‬‬
‫‪ .3‬آداب الريدين وبيان الكسب للحكيم الترمذى ص ‪. 1 6 9 ، 1 6 8‬‬
‫‪ .4‬سية الشيخ الكبي عبد اللّه بن خفيف ص ‪ 3 2 6‬وانظر طبقات الصوفية ص‬
‫‪= 465‬‬
‫ويظهر أبو طالب الكى (ت‪3 8 6 :‬هـ) من خلل استقصائه الشامل‬
‫للشواهد القرآنية والنبوية الت وردت ف التوكل ‪ ،‬كيف يطوا الراغبون ف‬
‫التوكل على ال ف درجات التوكل ‪ ،‬ومراحله على وجه التحديد ‪ ،‬وينصح‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫الريد أن يلتزم بثلث درجات ل يقلل من شأنا ول يأخذ بواحدة ويدع‬
‫الخرى ‪:‬‬
‫الدرجة الول ‪ :‬توجه القلب إل اللّه على الدوام ‪ ،‬لعلمه أن اللّه على كل‬
‫شئ قدير ‪ ،‬وهو العطى الانع ‪ ،‬فالقدرة كلها له ‪ ،‬يكم ف خلقه بأمره ما شاء‬
‫كيف شاء ‪ ،‬أما السباب فهى مثل اللة بيد الصانع يقول الكى ‪ ( :‬أل ترى أنه‬
‫ل يقال الشفرة حذت النعل ول السوط ضرب العبد ‪ ،‬إنا يقال الذاء حذ‬
‫النعل ‪ ،‬وفلن ضرب عبده بالسوط ‪ ،‬وإن كانت هذه الواسط مباشرة للفعال‬
‫إل أنا آلة بيد صانعها ‪ ،‬وكذلك الليقة يباشرون السباب ف ظاهر العيان‬
‫واللّه من ورائهم ميط ‪ ،‬القادر الفاعل بلطائف القدرة وخفايا الشيئة ) ( ‪. )1‬‬
‫الدرجة الثانية ‪ :‬توجه الوارح إل السباب ‪ ،‬فقد أثبت اللّه السباب‬
‫كأواسط لعان الكمة ف التصريف والتقليب ‪ ،‬وإيقاع الحكام على الحكوم‬
‫وعودة الثواب والعقاب على الرسوم ‪ ،‬من حيث كان التوكل قائما بأحكام‬
‫الشريعة ‪ ،‬ملتزما لتطلبات العلم ‪ ،‬إذ أمرنا بالسعى فيها ‪ ،‬فل يضر التصرف‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫= وحلية الولياء ‪ 1 / 0‬ص ‪ 3 8 6‬وطبقات السبكى ‪ ، 2 / 1 5 4‬وقارن بي كلم‬
‫الصوفية السابق ورأى ابن عرب واتفاقه معهم على هذا العن القرآن للتوكل من خلل‬
‫الرجوع إل الفتوحات الكية ‪2 / 1 9 9‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ .1‬قوت القلوب ‪. 2 / 1 3‬‬
‫والتكسب ف العايش لن صح توكله على اللّه ‪ ،‬ول يقدح ف مقامه ول ينقص‬
‫من حاله ‪ ،‬قال اللّه تعال ‪ :‬وَ َج َع ْلنَا الّنهَا َر َمعَاشًا [النبأ‪ ، ]1 1 /‬وقال تعال ‪:‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫شكُرُونَ [العراف‪ ، ]1 0 /‬وروى عن النب‬ ‫وَ َج َع ْلنَا َلكُمْ فِيهَا َمعَاِيشَ َقلِيل مَا تَ ْ‬
‫‪ " :‬أحل ما أكل العبد ‪ ،‬من كسب يده ‪ ،‬وكل بيع مبور " ( ) ‪ ،‬وقد‬
‫‪1‬‬

‫كان الصانع بيده ‪ ،‬أحب إليهم من التاجر ‪ ،‬والتاجر أحب إليهم من البطال‬
‫ولن التوكل من شرط اليان ووصف السلم ‪ ،‬قال اللّه تعال ‪ِ :‬إنْ ُكنْتُمْ‬
‫آ َمْنتُ ْم بِاللّهِ َفعََليْ ِه َتوَكّلُوا ِإنْ ُكْنتُ ْم مُسْلِمِي َ [يونس‪ ، ]8 4 /‬فاشترط ف اليان به‬
‫والسلم له ‪ ،‬التوكل عليه ‪ ،‬فإن كان التوكل حال التصرف فيها قد دخل ف‬
‫السباب ‪ ،‬وهو ناظر إل السبب ف تصريفه ‪ ،‬معتمد عليه ‪ ،‬واثق فيما يقلبه‬
‫فيه موله ‪ ،‬عال بأن اللّه تعال قد أودع الشياء منافع خلقه ‪ ،‬وجعلها خزائن‬
‫حكمته ‪ ،‬ومفاتح رزقه ‪ ،‬ويكون أيضا متبعا للسنة تاركا للترفه والتنعم ‪ ،‬فهو‬
‫ف تكسبه وتصرفه أفضل من دخلت عليه العلل ف توكله فساكنها ‪.‬‬
‫الدرجة الثالثة ‪ :‬التسليم والرضا التام با قضاه اللّه وقدره ‪ ،‬لن الستسلم‬
‫لقضاء اللّه وقدره ل يكون إل لنتيجة الفعل ‪ ،‬ول يأتى ف القدمة ‪ ،‬أى ف‬
‫مرحلة الخذ بالسباب ‪ ،‬فإن هذا القول يكون تعبيا عن الرحلة الخية‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الديث صحيح بعناه ‪ ،‬أخرجه أحد ف السند ( ‪ )1 6 8 1 4‬عن رافع بن خديج‬
‫ولفظه ‪ :‬قيل ‪ :‬يا رسول اللّه أي الكسب أطيب ؟ قال ‪ :‬عمل الرجل بيده ‪ ،‬وكل بيع‬
‫مبور ‪ ،‬وأخرجه ابن ماجة ف سننه ( ‪ ، )2 1 3 8‬وصححه اللبان ‪، 2 / 7 2 3‬‬
‫والاكم ف الستدرك ( ‪. 2 / 1 3 )2 1 6 0‬‬
‫من التوكل بعد ظهور نتيجة الفعل ‪ ،‬وعلى ذلك يمل قولم ‪ :‬التوكل‬
‫الستسلم لريان القضاء ف الحكام ( ‪ ، )1‬وحال العبد وقتها حسن اليقي‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫وقوة الشاهدة وجيل الصب وحقيقة الرضا ‪ ،‬فسكنت القلوب واطمأنت النفوس‬
‫عند النوازل والبؤس ‪ ،‬وثبتوا ف البتلء ‪ ،‬لشهود البلى يدبر اللئق كيف‬
‫شاء فحصل لم مقام اليقي ‪ ،‬وحال من التوكل ‪ ،‬ونصيب من الرضا ‪.‬‬
‫وياول السراج الطوسى (ت‪3 8 7 :‬هـ) أن يستند إل القرآن ف‬
‫تصنيف بعض آياته على نو يعل التوكل درجات للملتزمي به ‪ ،‬توكل العامة‬
‫متلف عن الاصة ‪ ،‬وخاصة الاصة فقال ‪ ( :‬التوكل مقام شريف ‪ ،‬قد أمر اللّه‬
‫تعال به وجعله مقرونا باليان ‪ ،‬لقوله تعال ‪َ :‬وعَلَى اللّهِ فَ ْلَيَتوَكّلْ الْ ُمتَوَكّلُون‬
‫َ [إبراهيم‪ ]1 2 /‬وقال ف موضع آخر ‪َ :‬وعَلَى اللّهِ َف ْلَيتَوَكّ ْل الْ ُم ْؤ ِمنُون َ‬
‫[الائدة‪ ]1 1 /‬فخص توكل التوكلي ‪ ،‬من توكل الؤمني ‪ ،‬ث ذكر توكل‬
‫سبُهُ ‪ ،‬ل يردهم‬ ‫خصوص الصوص فقال ‪َ :‬ومَ ْن َيَتوَكّلْ عَلَى اللّهِ َف ُهوَ حَ ْ‬
‫إل شئ سواه ‪ ،‬كما قال لسيد الرسلي وإمام التوكلي ‪َ :‬وَتوَكّ ْل عَلَى‬
‫خبِيًا [الفرقان‪/‬‬ ‫ت َوسَبّ ْح ِبحَمْ ِد ِه وَ َكفَى بِ ِه بِ ُذنُوبِ ِعبَا ِدهِ َ‬
‫ح ّي الّذِي ل يَمُو ُ‬
‫الْ َ‬
‫‪. ) ( ) ]5 8‬‬
‫‪2‬‬

‫وهذا التقسيم السابق مع شوليته واستفائه العان والصول القرآنية ‪ ،‬إل أنه‬
‫يعد مفهوما متواضعا عند بعض الصوفية ‪ ،‬فهو عندهم توكل العامة ‪ ،‬إذ نظروا‬
‫إل التوكل نظرة غريبة ‪،‬يشع منها اللول والتاد بال أنعكست بسببه الفاهيم‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الرسالة ‪. 1 / 4 2 1 ،4 2 3‬‬
‫‪ .2‬اللمع ص ‪. 7 8‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫فقالوا ‪ ( :‬التوكل ترك التوكل ‪ ،‬وهو أن يكون اللّه لم حيث كان لم ‪ ،‬إذ ل‬
‫يكونوا موجودين ) ( ‪ ، )1‬حيث يكون العبد ف هذه الدرجة مضمحل ل وجود‬
‫له ‪ ،‬ومن ث يسقط التوكل ‪ ،‬يقول الكاشان ‪ ( :‬التوكل أن ملكة الق للشياء‬
‫ملكة عزة ‪ ،‬ل يشاركه فيها مشارك ليكل شركته إليه ) ( ‪. )2‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -3 4‬الثقـــــــــــــة‬
‫**********************************‬
‫الثقة ‪ :‬السكون بالشئ والعتماد عليه والطمئنان به ‪ ،‬كقول يعلى بن أمية‬
‫رضى ال عنه ‪ " :‬غزوت مع النب جيش العسرة ‪ ،‬فكان من أوثق أعمال ف‬
‫نفسي " ( ‪. )3‬‬
‫والوثاق اسم لا يوثق به ‪ ،‬وأوثقته شددته ‪ ،‬قال تعال ‪َ :‬حتّى إِذَا َأثْخَنتُمُوهُمْ‬
‫ب عَذَابَهُ أَ َح ٌد وَل‬
‫شدّوا اْل َوثَاقَ [ممد‪ ، ]4 /‬وقال سبحانه ‪َ :‬فَي ْومَئِ ٍذ ل ُيعَذّ ُ‬
‫فَ ُ‬
‫يُوثِ ُق َوثَاقَهُ أَحَدٌ [الفجر‪ ، ]26:25 /‬وعن أب هريرة ‪ ،‬أن رسول اللّه‬
‫قال ‪ " :‬غفر لمرأة مومسة مرت بكلب على رأس رَ ِكيّ يلهث قال ‪ :‬كاد يقتله‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪346‬‬ ‫‪ .1‬السابق ص ‪ ، 7 9‬وانظر التعرف ص ‪ 1 2 1‬وعوارف العارف ص‬
‫‪ .2‬لطائف العلم ‪ ، 1 / 3 6 2‬وانظر معجم الكاشان ص ‪ ، 2 3 8‬وانظر للتوسع‬
‫ف معرفة التوكل على ال من الفهوم الصوف ‪ ،‬رسالة ماجستي بعنوان ‪ :‬مقام التوكل عند‬
‫صوفية القرني الثالث والرابع الجريي ‪ ،‬مكتبة كلية الداب جامعة القاهرة سنة‬
‫‪. 1988‬‬
‫المعجم الصوفى ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪393‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب الجارة‪‬برقم ( ‪. 4/519 )2266‬‬

You might also like