الجنود الاريتريون وعمر المختار اخير

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 37

‫العساكر الريتريون فى مواجهة مقاومة عمر المختار فى ليييا‬

‫) ‪(1923-1931‬‬
‫د‪.‬أحمد عبدالدايم محمد حسين‬
‫مدرس التاريخ الحديث والمعاصر‬
‫معهد البحوث والدراسات الفريقية‬
‫جامعة القاهرة‬
‫تعددت زوايا النظر لحركة المقاومة الليبية بقيادة شيخ المجاهدين العرب والمسلمين‬
‫عمر المختار‪ ،‬لذا حظيت المكتبة العربية بالعديد من الدراسات التى تركز على هذه‬
‫المقاومة‪ .‬غير أن الدور الذى لعبه العساكر الريتريون فى إنهاء هذه المقاومة لم‬
‫يلتفت إليه أحد‪ ،‬رغم أنهم بشهادة اليطاليين أنفسهم كانوا يمثلون ثلثة أرباع القوات‬
‫التى واجهت عمر المختار‪ ،‬وأنه وقع عليهم العبء الكبر فى هذه المواجهة‪.‬‬
‫دا فى تناوله فقط‪ ،‬بل للقضايا‬
‫وتطرح الورقة هذا الموضوع ليس باعتباره جدي ً‬
‫والتساؤلت التى يثيرها‪ .‬فهل الدور الذى لعبه الليبيون فى القتال فى حرب الحبشة‬
‫فيما بعد )سنة ‪ ( 1935‬جاء لختلط المر عندهم بأن الحباش) الوصف الذى كانت‬
‫تطلقة المقاومة الليبية على الجنود الريتريين( هم الذين ذاقوا الويلت على أيديهم‬
‫خلل حركات المقاومة الليبية‪ ،‬ومن ثم لبد من الثأر منهم؟ وما هوية هؤلء العساكر‬
‫الريتريين الذين قاتلوا بشراسة وعنف! إسلمية أم مسيحية ؟وهل يمكن تبرير ما فعله‬
‫هؤلء العساكر بأنه ل يختلف عما فعله فريق من الليبيين انفسهم خلل عمليات‬
‫المقاومة؟ وهل تجوز مقارنتهم بالليبيين خاصة وأن فريقا ً منهم اشتغل مع اليطاليين‬
‫بطلب من المقاومة ؟ بمعنى هل يمكن اعتبارهم ضحايا ؟ أم جناة متوحشين؟ وهل‬
‫فتح ملف جنود المستعمرات يمثل خطورة كبيرة يصعب القتراب منها‪ ،‬خشية إثارة‬
‫الحساسيات‪ ،‬بأن الفارقة قد تم توظيفهم لقتال العرب أو العكس؟ أو ربما لحتمالية‬
‫إثارته للحسياسيات المرتبطة بتوظيف الفارقة فى الحروب الستعمارية لقتال بعضهم‬
‫البعض ؟‬
‫لذا ستركز الدراسة على خمسة محاور رئيسية ‪ :‬أولها‪ ،‬العساكر الريتريون فى ليبيا‬
‫قبل قيام حركة المقاومة بقيادة عمر المختار‪ .‬ثانيها‪ ،‬العساكر الريتريون فى مواجهة‬
‫مقاومة عمر المختار)‪ .(1927 -1923‬ثالثها‪ ،‬العساكر الريتريون وتطويق مقاومة عمر‬
‫المختار بعمليات خط العرض ‪ 29°‬شما ً‬
‫ل‪.‬رابعها‪ ،‬العساكر الريتريون والمرحلة النهائية‬
‫فى مواجهة مقاومة عمر المختار‪ .‬خامسها‪ ،‬مدى وعى المقاومة بهوية العساكر‬
‫الريتريين‪.‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪ -‬العساكر الريتريون فى ليبيا قبل قيام حركة المقاومة بقيادة‬
‫عمر المختار‪-:‬‬
‫قبل أن نتطرق لموضوع العساكر الريتريين قبل قيام حركة المقاومة بقيادة عمر‬
‫المختار علينا أن نحدد مسألتين‪ :‬المسألة الولى‪ ،‬تتعلق باختيارنا لمصطلح العساكر‪،‬‬
‫فرغم أن العسكر أو العساكر حسب المعجم الوجيز تعنى الجيش‪ ،‬وأن مفردها‬
‫عسكرى تعنى الجندى)‪.(1‬إل أننا لم نستخدم لفظ الجنود وَاثرنا استخدام لفظة العساكر‬
‫بناًء على ما ورد فى المصادر اليطالية نفسها من تمييز بين اللفظين‪ .‬فقد كانت الدارة‬
‫اليطالية تطلق على جنود المستعمرات – وغالبيتهم إريتريين‪ -‬اسم اسكارى ‪Askari‬‬
‫ومفردها ‪ .(2) Ascoro‬تمييزا ً لهم عن جنودها اليطاليين ‪.(3) Soldato‬ولم يكن تمييز‬
‫اليطاليين لهم فى المسمى فحسب‪ ،‬بل فى الشارات والرتب أيضًا‪ .‬فهم يلبسون‬
‫الطرابيش كشارة تميزهم عن الجنود اليطاليين )‪ .(4‬أما الرتب‪ ،‬فقد ظل الريتريون‬
‫عساكر فقط‪ .‬فأكبر رتبة يتولونها ل تتجاوز ضابط صف أو عريف أو شمباشى‬
‫)أومباشى( ‪ .‬فرتبة الومباشى على سبيل المثال كانت تعطى للعساكر الذين أمضوا‬
‫فى الخدمة عشر سنوات ول تزيد ثقافتهم عن القراءة والكتابة)‪.(5‬ومن ثم فإن القيود‬
‫التى فرضت على عملية الترقى حصرتهم فى الدرجة الدنيا فى سلك العسكرية‪ .‬ولم‬

‫‪1‬‬
‫يكن كل العساكر من الإريتريين فقط ‪ ،‬بل كان فيهم مرتزقة من الليبيين )‪.(6‬ومن ثم‬
‫فإن هذا التحديد لمر العساكر يطرح ضرورة مراعاة أمرين‪ :‬الول‪ ،‬أن الخلط الذى‬
‫حدث لدى بعض الدراسات فى خسائر اليطاليين فى معارك المقاومة ناتج من عدم‬
‫التمييز بين العساكر والجنود داخل تشكيلة الجيش اليطالى‪ .‬الثانى‪ ،‬أن أى حديث عن‬
‫خسائر فى العساكر فى الفترات التى حل فيها الإريتريون محل الليبيين يعنى أن‬
‫الخسائر محصورة فقط فى الريتريين ‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ ،‬تتعلق بالتحديد الزمنى لحركة المقاومة تحت قيادة عمر المختار ‪،‬‬
‫فرغم أن عمر المختار قد شارك فى أعمال المقاومة الليبية ضد اليطاليين منذ نزولهم‬
‫ليبيا ‪ ،‬إل أن القيادة حتى سنة ‪ 1923‬كانت للسنوسيين‪ ،‬الذين فضلوا ‪ -‬منذ سنة‬
‫‪ -1916‬تهدئة المور مع اليطاليين)‪.(7‬لهذا يقال عادة على الفترة من ‪1931 -1923‬‬
‫فى تاريخ حركة المقاومة فى المناطق الشرقية الليبية بفترة جهاد عمر المختار‪ ،‬حيث‬
‫وضحت بصماته عليها بشكل قوى‪ .‬فقد ارتفعت الخلفات الجهوية والقبلية‪ ،‬المر الذى‬
‫اتسمت به حركة الجهاد فى الفترة من ‪ 1922-1913‬فى المناطق الغربية ) طرابلس(‬
‫)‪ .(8‬ويقال أن مقاومة عمر المختار قد بدأت حينما انتهت المقاومة فى طرابلس الغرب‬
‫بمعركة ورفلة‪ ،‬حيث ذهب عسكر السواحيلى إلى عمر المختار‪ ،‬ووجدوا الشيخ مهيئا ً‬
‫للمر‪ ،‬فتكونت الحركة‪ .‬بل إن أحد المعاصرين لقيامها يؤكد بأنه لول إنضمام تلك‬
‫المجموعة لم تقم حركة عمر المختار)‪ .(9‬غير أن بعض الوثائق تؤكد بأن المقاومة تحت‬
‫قيادة عمر المختار قد بدأت سنة ‪ .(10)1922‬حينما شعرت ايطاليا بأنه لم يعد لديها‬
‫المل فى أن يحل السلم فى برقة‪ ،‬نظرا ً للعمليات اليومية الموجهه ضد إدارتها‬
‫)‪.(11‬حيث استطاع عمر المختار أن يكون ثلثة أدوار هى أدوار البراعصة والعبيد‬
‫والحاسة وعين عليها قوادها‪ ،‬وجعل نفسه القائد العلى‪ ،‬وبذلك بدأت المقاومة التى‬
‫استمرت ثمانية أعوام)‪ .(12‬فقد قسم عمر المختار قواته إلى ثلث سرايا كبرى متحركة‬
‫سماها بالدوار‪ ‬وعسكر فى المناطق الجبلية جنوب المرج فى جرداس )‪ .(13‬وما يهمنا‬
‫بعد تحديد هاتين المسألتين أن نستوضح ما إذا كان للعساكر الريتريين وجود قبل قيام‬
‫حركة المقاومة بقيادة عمر المختار أم ل ؟ ومن ثم فمن الضرورى فى هذا المحور أن‬
‫نتحدث عن شقين أساسيين ‪:‬‬
‫الشق الول‪ ،‬ايطاليا وتجنيد العساكر الريتريين؛ وهذا الشق له أهميته الخاصة‬
‫فى معرفة لماذا اعتمدت ايطاليا فى حربها ضد المقاومة الليبية على الريتريين‬
‫تحديدا ً ؟ فمن الواضح أن هناك وسيلتان رئيسيتان اتبعتهما ايطاليا لتجنيد العساكر‬
‫الريتريين‪ :‬الوسيلة الولى؛ التجنيد الجبارى‪ ،‬فبعد أن فرضت ايطاليا سيطرتها‬
‫على أقاليم إريتريا وأخضعتها لسلطتها المركزية قررت توسيع مستعمراتها فى افريقيا‪،‬‬
‫للف من الشباب‬ ‫فأصدرت قانون التجنيد الجبارى‪ ،‬وبموجبه انتزعت عشرات ا َ‬
‫الريترى‪ ،‬وأرغمت رؤساء العشائر الريترية بأن يلتزم كل شاب بتقديم نفسه‬
‫للسلطات اليطالية‪ ،‬وحملتهم مسئولية من يتخلف من الشباب‪ .‬وحينما لم تفلح جهودها‬
‫فى هذا المر‪ ،‬رغم قيامها بعمل احصائيات‪ ،‬ألزمت رئيس كل عشيرة بإحضار عدد‬
‫معين من الشباب )‪ .(14‬وجاءت عملية تجنيد الريتريين الجبارية بعد سنة ‪ 1890‬حينما‬
‫تأسست المستعمرة تحت اسم " إريتريا "‪ ،‬وذلك من خلل عدم تشجيعها للزراعة‪ .‬بل‬
‫قيل أنها سلطت الوبئة على الماشية‪ ،‬وشجعت الفلحين على هجر أراضيهم والنضمام‬
‫إلى الجندية‪ ،‬متخذة شتى الوسائل لتحقيق هذه الغاية‪ ،‬كاستيراد الحبوب والمواد‬
‫الغذائية من الخارج وبيعها للمواطنيين بأسعار رخيصة‪ ،‬وتخصيص معاشات عالية‬
‫للجنود)‪.(15‬بل ظل اسلوب التجنيد الجبارى من خلل إرغام الفلحين على ترك الراضى‬
‫قائمًا‪ ،‬وتقرير الحاكم العام اليطالى لريتريا لسنة ‪ 1913‬خير دليل على ذلك )‪.(16‬‬
‫الوسيلة الثانية؛ العتماد على العساكر المرتزقة من الريتريين‪ ،‬حيث‬
‫عملت على إغراء الريتريين واستقطابهم لعمال الجندية مستغلة الجهل والفقر الذى‬
‫يعم المنطقة‪ .‬ونتيجة لذلك تمكنت ايطاليا من تعبئة جيش كبير من الشباب الريترى‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫لتزج بهم فى حروبها الستعمارية )‪.(17‬وتخصيص فرديناندو مارتينى‪ ،‬وهو أول من أرسى‬
‫قواعد الدارة العسكرية فى إريتريا‪ ،‬لفصله السابع من تقريره الذى رفعه إلى مجلس‬
‫الشيوخ اليطالى سنة ‪ 1891‬اثر زيارته التفقدية لها بتكليف من المجلس عن العساكر‬
‫الريتريين‪ ،‬وبأنه شاهد هذا الصنف من العساكر المرتزقة‪ ،‬وبأنهم من مناطق مختلفة‬
‫عدا الصومال التى لم يكن أهلها يفضلون الجندية‪ ،‬خير دليل على أن ايطاليا شجعت‬
‫إحتراف هؤلء العساكر لعمال الجندية‪ .‬بل إن تركيزه على صنف العساكر القادمين‬
‫من منطقتى " حماسين وتجراى" تحديدا ً ‪ ،‬وأنهم يثيرون العجاب يدلل بوضوح على‬
‫أن غالبية العساكر المرتزقة كانوا من هاتين المنطقتين الريتريتين‪ . ‬بل إن إشادته‬
‫بصفاتهم عبر قوله " بوسعهم السير لمدة ‪ 50‬أو ‪ 60‬كيلو متر فى اليوم على طرقات‬
‫وعرة وتحمل ذلك طيلة شهر من غير تعب‪ ،‬وأنهم على طريق العودة من أسمره إلى‬
‫مصوع‪ ،‬مشوا مسافة مائة كيلو متر فى أربع وعشرين ساعة تخللتها فترات استراحة‬
‫قصيرة‪ ،‬وكانوا كلما اعتقدنا أنهم على وشك النهيار‪ ،‬ينطلقون راكضين وهم يرددون‬
‫الناشيد ")‪ ،(18‬يدلل على أن تلك هى المواصفات للجنود المطلوبين لمقاتلة عمر‬
‫المختار فى منطقة الجبل ذات الطبيعة الصعبة‪ ،‬وأنها هى نفسها التى ركز عليها‬
‫جرازيانى خلل المرحلة النهائية للمواجهات ‪.‬‬
‫وأعتقد أن إشادة فرديناندو مارتينى ببعض الصفات الشخصية للعساكر الريتريين‬
‫للم وأنهم يواجهون عدوهم بشراسة‪ ،‬وأن طبيعة المنطقة‬ ‫وبأنهم يتحملون الجوع وا َ‬
‫فرضت عليهم الجندية الدائمة ناهيك عن ولعهم بالكحول‪ ،‬وأن طريقتهم فى القتال ‪-‬‬
‫وصفت بأنها هروب إلى المام – هى التى جعلتهم من العناصر المفضلة فى الجيش‬
‫اليطالى‪ ،‬فهم يرمون بأنفسهم فى المعمعة دون تراجع)‪.(19‬كل ذلك وغيره قد سهل‬
‫مهمة ايطاليا فى الستفادة من تلك المواصفات‪ ،‬ومن ثم كانوا هم ورقتها الرابحة فى‬
‫حروبها ضد المقاومة الليبية فيما بعد ‪.‬‬
‫ويتضح لنا عبر تقرير مارتينى أمرين‪ :‬أولهما‪ ،‬أن معظم العساكر المرتزقة كانوا من‬
‫منطقة حماسين والتيجراى‪ ،‬وغالبية سكان هذه المناطق – كما هو معروف‪ -‬من‬
‫المسيحيين‪ .‬ثانيهما‪ ،‬أن المال لعب دورا ً رئيسيًا‪ ،‬ليس فقط فى الحصول على أعداد‬
‫كبيرة من العساكر‪ ،‬بل فى ضمان اخلصهم وولئهم الدائم‪ .‬ونلمس هذا بوضوح فى‬
‫الجابة على السؤال الذى طرحه مارتينى على الضباط عن مدى اخلصهم ؟ حيث‬
‫ُأجيب بأن اخلصهم تام‪ ،‬وأنهم ل يجيدون أى مهنة أخرى غير احتراف الجندية وأنهم ل‬
‫يريدون تغيير مهنتهم الحالية‪ .‬بل إن تعليق أحد الضباط بقوله " إن أجر الجندى فى‬
‫الحبشة فى السنة يبلغ حوالى العشرين ليرة وزوجا ً من السراويل القصيرة المصنوعة‬
‫من القطن‪ ،‬بينما ندفع لهم نحن ‪ 600‬ليرة بالسنة‪ .‬لذلك هم يركضون إلينا لن الرباط‬
‫الذى يشدهم إلينا أقوى من العواطف " )‪ ،(20‬يدلل على أن الرغبة فى الحصول على‬
‫المال كانت هى الدافع الرئيسى لعتماد ايطاليا على المرتزقة من الريتريين وغيرهم‪.‬‬
‫ويبدو أن المال كان له تأثير كبير فى احتراف هؤلء العساكر للقتال‪ ،‬فحينما لمح‬
‫مارتينى بوجوب تقسيم المرتزقة إلى فرق مسلمة وفرق مسيحية حتى يؤمن جانبهم‪،‬‬
‫أجيب بأنه فى حالت كثيرة حارب أحباش ضد أحباش‪ ،‬وأن هناك مسلمين فى‬
‫أجوردات أجادوا القتال ضد الدراويش‪ .‬وخلصوا بأن التجربة هى المحك التى جعلتهم‬
‫يستوثقون من أن رغبة هؤلء العساكر تتمحور حول الحصول على المال‪ .‬بل إنهم‬
‫يحبون ضباطهم بصورة كبيرة ل لشئ‪ ،‬إل لنهم يتقاضون منهم أجورهم َاخر الشهر‪،‬‬
‫وأنه ما دام رباط المحبة قائما ً – وهو المرتب الشهرى‪ -‬فإن هؤلء الجنود سيظلوا‬
‫مخلصين لضباطهم يطيعون أوامرهم ويحاربون إلى جانبهم ويموتون إذا لزم المر من‬
‫أجلهم )‪.(21‬ونستطيع أن نتأكد من أن رباط المال هو الصلة الوثيقة بين الضباط‬
‫اليطاليين والعساكر الريتريين خلل مقاومة عمر المختار نفسها‪ .‬فرواية أحد‬
‫المقاومين الليبيين بأنهم كانوا يركزون على قتل القيادات اليطالية لعلمهم بأن‬
‫الحباش ينسحبون عند قتل قياداتهم )‪ ،(22‬يدلل على أن قتل القيادات يفقدهم الشهود‬
‫الرئيسيين على الدور الذى بذلوه فى الحرب‪ .‬لذا فإن تفضيلهم للنسحاب عن‬

‫‪3‬‬
‫الستمرار فى القتال كان إجراًء طبيعيا ً لحين تولى قيادة أخرى تضمن مرتباتهم‬
‫ومكافّاتهم‪ ،‬وهذا يدلل على أن الحصول على المال كان هو المحرك الرئيسى لهؤلء‬
‫العساكر‪.‬‬
‫ويمكننا فى هذا الشق أن نخرج بنتائج أربع‪ :‬الولى‪ ،‬أن الجراءات اليطالية بخصوص‬
‫التجنيد الجبارى وتشجيع عملية الرتزاق هى التى تفسر لنا ضعف حركة المقاومة‬
‫داخل إريتريا نفسها‪ .‬فيبدو أن تلك الجراءت قد ساعدت على احتواء العناصر القادرة‬
‫على رفع السلح فى وجه اليطاليين‪ ،‬ومن ثم خلت الفترة الستعمارية لريتريا من‬
‫وجود مقاومة حقيقية‪ ،‬اللهم إل بعض المناوشات البسيطة خلل السنوات الولى‬
‫للوجود اليطالى فى إريتريا‪ .‬الثانية‪ ،‬أن إريتريا كانت هى المصدر الرئيسى للعساكر‪،‬‬
‫وأن معظمهم من منطقتى حماسين وتيجراى تحديدا ً ‪ ،‬وأن الصومال رغم أنها‬
‫مستعمرة ايطالية مثلها مثل إريتريا‪ ،‬إل أن أهلها كانوا ليفضلون النخراط فى الجيش‬
‫اليطالى أو ربما لعدم ثقة اليطاليين فيهم‪ ،‬على اعتبار أن شعبها يدين جميعه بالسلم‪.‬‬
‫الثالثة‪ ،‬أن ظهور الريتريين الكثيف والمنفصل عن الجنود اليطاليين بالصورة التى‬
‫سنتحدث عنها فى معارك المقاومة الليبية‪ ،‬يرجع إلى عملية التكوين الولى لهؤلء‬
‫العساكر ‪.‬فإشارة مارتينى بأنه عرض على الضباط اليطاليين فى إريتريا أن يتم تطعيم‬
‫الفرق الإريترية بالجنود اليطاليين من أجل فعالية القوات المحلية كما يفعل النجليز‬
‫والسبان‪ .‬وأن الجابة التى تلقاها " بأنه ل يمكن ذلك لن لجنودنا متطلبات تفوق‬
‫متطلبات الجندى المحلى‪ ،‬وهو بالتالى يكلف أكثر‪ ،‬ثم إنه غير مؤهل لتحمل مشاق‬
‫البلد" )‪ ،(23‬تقطع علينا الندهاش من بروز الكتائب الريترية الخالصة ضد حركة‬
‫المقاومة الليبية فى الفترة من ‪ .1931-1923‬الرابعة‪ ،‬أنه تم اختبار اخلص هؤلء‬
‫العساكر على أرض الواقع فى أهم وأسوأ المعارك التى خاضها الجيش اليطالى‪ ،‬وذلك‬
‫فى معركة عدوة سنة ‪ .1896‬حيث كان نصف القوات التى خاضت المعارك الطاحنة‬
‫ضد الحبشة من الريتريين‪ ،‬وهذا ما يفسر الخسائر التى وقعت لهم فى تلك المعركة‪.‬‬
‫فأحد المراجع يشير بأن خسارتهم بلغت أكثر من أربعة َالف قتيل وجريح وعديد من‬
‫السرى الذين قطعت أيديهم وأرجلهم‪ ،‬ومنهم من بترت أعضائه التناسلية‪ ،‬فمات‬
‫العديد منهم بطريقة مأساوية )‪ .(24‬ويشير َاخر بأن خسارة اليطاليين كانت حوالى ‪12‬‬
‫ألف قتيل‪ ،‬معظمهم من الريتريين)‪ .(25‬ويشير ثالث بأن خسائر اليطاليين ‪ 12‬ألف‪،‬‬
‫ثلثهم إريتريين وسبعة َالف أسير)‪ .(26‬ونخلص من ذلك بأن معركة عدوة كان لها القول‬
‫الفصل فى تبيان هوية العساكر المنضمين للجيش اليطالى‪ ،‬وبأنهم إريتريون‪ .‬فل يعقل‬
‫أن تكون ايطاليا قد دخلت هذه الحرب بجنود أحباش لتقاتل بهم وطنهم الحبشة‪،‬‬
‫فالعداد الكبيرة من القتلى تقول بأنهم من عنصر معادى للحباش‪ .‬وكان الريتريون هم‬
‫أهم أعدائهم فى ذلك الوقت‪ ،‬ووحشية الحباش فى معاملة السرى الريتريين خير‬
‫دليل على ذلك‪ .‬ومن ثم يتضح لنا بأن العساكر الريتريين الذين سيشاركون فى‬
‫المواجهات ضد حركة المقاومة الليبية كان يتم اختيارهم بعناية‪ .‬بل إن اختبار هذه‬
‫المسألة عبر هذه الدراسة سيؤكد بأن هذا الختيار لم يكن عشوائيًا‪.‬‬
‫الشق الثانى‪ ،‬دور العساكر الريتريين فى دحر المقاومة الطرابلسية‬
‫قبل سنة ‪ 1923‬؛ فبالرغم من وجود بعض الوثائق تدلل على أن حكومة إريتريا كان‬
‫لديها علم باحتلل ايطاليا لليبيا )‪ .(27‬وعدم وجود أى دليل تاريخى يثبت اشتراك العساكر‬
‫الريتريين فى عملية الحتلل اليطالى لليبيا سنة ‪ .1911‬ورغم أن عدم الشتراك ربما‬
‫يرجع لن المعارك الولى اقتصرت على محاصرة ليبيا من جهة البحر‪ ،‬وبالتالى اعتمدت‬
‫على سلح المدفعية أكثر من المشاة‪ .‬إل أن هناك إشارات ثلث تدعم وجود العساكر‬
‫الريتريين فى حملة الغزو‪ :‬أولها‪ ،‬أن الرقم الذى أشار إليه جوليتى فى مذكراته‪ ،‬بأن‬
‫هناك ما يقرب من ‪ 80‬ألف جندى قد شاركوا فى تلك العمليات‪ ،‬وأن عدد المشاة كان‬
‫كبيرًا‪ ،‬يشى بحضور الريتريين خلل هذه المعارك‪ ،‬غير أن تفصيله للقوات لم يشر‬
‫صراحة لوجودهم)‪ .(28‬ثانيها‪ ،‬قطع أحد المراجع بأنهم خدموا فى ليبيا منذ سنة ‪1912‬‬
‫فصاعدًا‪ ،‬وأنهم شاركوا فى قتل َالف من أهالى البلد)‪ .(29‬ثالثها‪ ،‬أن المراجع لم تبرز‬

‫‪4‬‬
‫مشاركتهم فى القتال إل سنة ‪ ،1914‬فأحدها يشير لدورهم فى غزوة بونجيم فى ‪28‬‬
‫أبريل ‪ 1914‬وبأن المقاومة الليبية غنمت ‪ 300‬جمل وقتلت كثيرا ً من الحباش‬
‫المرافقين للحملة)‪.(30‬وَاخر يقول بأن اشتراكهم ضمن القوات الساسية قد ظهر‬
‫بوضوح فى ‪ 17‬فبراير ‪ 1914‬فى احتلل مرزق‪ ،‬حينما حدد بأن العساكر ‪Askaris‬‬
‫القادمين من مستعمرة شرق افريقيا اليطالية هم من الريتريين )‪.(31‬وهذه الشارات‬
‫الثلث تقطع بأن العساكر الريتريين قد كان لهم وجود منذ بداية الغزو اليطالى لليبيا‪،‬‬
‫وأن هذا الوجود ارتبط بالمنطقة الغربية فى ليبيا‪ ،‬مع القرار بأن اثبات هذا الشتراك‬
‫فى السنة الولى للحتلل اليطالى يمثل صعوبة كبيرة طالما سكتت المصادر التى بين‬
‫أيدينا عن الحديث عنه‪ ،‬ويبقى المل فى أن يتصدى أحد الباحثين لمعالجة تلك المسألة‬
‫إذا اتيحت له الوثائق ‪.‬‬
‫ويبدو أن اصرار ايطاليا منذ سنة ‪ 1919‬على إرغام المقاومة الطرابلسية على‬
‫الخضوع‪ ،‬وما صاحب ذلك من حل الكتائب شبة النظامية المعتمدة على العرب‬
‫المحليين‪ -‬هو الذى أوجد الظروف المهيئة لجلب أعداد كبيرة من العساكر الريتريين‬
‫ليحلوا محل الجنود الليبيين‪ ،‬بعدما تأكد بأنهم مصدر الخطر الحقيقى على ايطاليا‪ .‬ومع‬
‫أن أحد المصادر يتحدث بأنه أصبح فى إمكان ايطاليا التصرف فى ‪ 56‬كتيبة مشاة‬
‫وعشرين بطارية مدفعية بخلف أسلحة السناد ووحدات الخدمات المساعدة‬
‫ومجموعها يصل لـ ‪ 80‬ألف جندى )‪،(32‬إل أنه لم يميز العناصر الريترية داخل هذه‬
‫القوات‪.‬‬
‫ومن المؤكد أن ظهور العساكر الريتريون الواضح قد ارتبط فى طرابلس بعام‬
‫‪ ،1921‬فقد كانت إحدى الكتائب الريترية‪) ‬الكتيبة العاشرة( تسيطر على العزيزية‪،‬‬
‫وكتيبة أخرى تقوم بحماية مساكن الزاوية‪ ،‬فى وقت كانت تسيطر فيه المقاومة على‬
‫الموقف‪ .‬وكان الحتلل اليطالى يقتصر على مدينتى طرابلس والخمس والشريط‬
‫الساحلى البالغ الضيق‪ .‬وحينما قامت المقاومة فى ‪ 9‬فبراير ‪ 1921‬بقطع خط السكة‬
‫الحديد بين طرابلس والعزيزية) انظر الخريطة رقم ‪ ، (1‬وفى ‪ 19‬مارس ‪ 1921‬بقطع‬
‫خط السكة الحديد الموصل إلى زواره‪ ،‬نتج عن ذلك عزل الكتيبتين الريتريتين‬
‫وسيطرة المقاومة على الزاوية‪ .‬وهذا ما يفسر قيام ايطاليا بتجنيد أعداد كبيرة من‬
‫اليطاليين‪ ،‬وقيامها بتدريب وتجهيز كتائب الريتريين والمجنديين الليبيين استعدادا ً‬
‫للهجوم الكبير )‪.(33‬ونخلص من ذلك بأن كتائب الريتريين الخالصة كان لها وجود فعلى‬
‫محسوس منذ سنة ‪.1921‬‬
‫خريطة رقم )‪ (1‬وضع العساكر الريتريين فى عمليات العزيزية‬

‫المصدر ‪ :‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬ايطاليا ما وراء البحار ‪ ،‬الجزء المتعلق بليبيا ‪ ،‬الجانب العسكرى ‪ ،‬ترجمة‬
‫عبدالرحمن العجيلى ‪ ،‬مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية‪،‬سلسلة الدراسات المترجمة ‪،19‬‬
‫الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى‪ ،1993 ،‬ص ‪.52‬‬
‫وحينما تقرر أن يبدأ الهجوم الكبير للسيطرة على طرابلس الغرب على ثلث مراحل‬
‫‪ ‬بإعادة مصراته فى ‪ 26‬يوليو ‪ ،1922‬كان العساكر الريتريون يشكلون عصب القوات‬
‫اليطالية )تشمل ‪ 14‬كتيبة وست سرايا فرسان وثلث بطاريات مدفعية وثمان‬

‫‪5‬‬
‫مدرعات (‪ .‬بل إن أول من بدأ فى الشتباك ‪ -‬فى مصراتة صباح ‪ 26‬يناير ‪ -1922‬هم‬
‫عشرة عساكر من الريتريين المزودين برشاش واحد‪ ،‬انقضت على حصن باستروكى‬
‫‪ . Baistrocchi‬وبعد بضع دقائق نزلت قوات صغيرة من الشرطة الملكية ونصف كتيبة‬
‫من العساكر الريتريين من الباخرة الباتروس لستكمال إحتلل الحصن‪ .‬وفى منتصف‬
‫النهار هبطت كتيبة إريترية تحت حماية قصف مدافع الباتروس ورشاشات أحد قوارب‬
‫الحراسة بالقرب من ضريح سيدى بوشعيفة‪ .‬واستطاعت هذه النواه من القوات ‪ ،‬التى‬
‫فى مجملها من العساكر الريتريين‪ ،‬التمركز فى هذه البقعة ومنع المقاومة من ضرب‬
‫حا منذ اللحظة الولى أن العتماد فى‬ ‫القوات اليطالية من الخلف )‪.(34‬وبالتالى بدا واض ً‬
‫إعادة السيطرة على طرابلس الغرب كان واقعا ً على العساكر الريتريين‪ .‬وأن المصادر‬
‫اليطالية بدأت تميز كتائب الريتريين عن غيرهم‪.‬‬
‫ويبدوا أن انزال الكتائب الريترية قد ظل مستمرًا‪ ،‬حيث يشير أحد المصادر بأنه فى‬
‫يوم ‪ 29‬يناير ‪ 1922‬تم تعزيز قوات مصراته بمجموعة أخرى‪ ،‬ممثلة فى الكتيبة‬
‫التاسعة عشرة المختلطة‪ ،‬وغالبيتها من العساكر الريتريين‪ .‬وأنه فى فجر ‪ 24‬فبراير‬
‫تحركت كتيبتان إريتريتان من سيدى بوشعيفة لينقضوا تحت ستار الليل على الجنود‬
‫العرب التراك‪ ،‬بحيث فقدت المقاومة مائة رجل أجهز عليهم الرتريون بالسلح‬
‫البيض‪ .‬وُقتل من العساكر الريتريين ‪ 19‬وجرح منهم ‪ .(35) 49‬إلى هنا يمكن حصر‬
‫ثلث كتائب إريترية ونصف فى عملية النزال‪ ،‬ناهيك عن الكتيبتبن الكائنتين فى‬
‫المنطقة منذ سنة ‪ .1921‬وهذا يعنى أن استقدام العساكر الريتريين بصورة مكثفة‬
‫ارتبط بعام ‪ ،1922‬وتصميم النظام الفاشستى الذى وصل للحكم فى تلك السنة على‬
‫إعادة احتلل ليبيا‪.‬‬
‫ولما لم تستطع المدفعية التى وصلت إلى مصراتة أن تحسم المعركة‪ ،‬وصلت‬
‫طرابلس كتيبتان إريتريتان وثلث مدرعات‪ .‬حيث تقرر الهجوم المضاد على المقاومة‬
‫المتركزة فى قلب خطوط القوات اليطالية بين الساحل وبوشعيفة‪ .‬وصمدت المقاومة‬
‫لمدة ثلث ساعات‪ ،‬ويرجع الفضل فى دحرها للعساكر الريتريين‪ .‬فعلى حد تعبير أحد‬
‫المصادر اليطالية )أنجلو بتشولى‪ "( ‬بأنهم بذلوا بسالة وتصميم على النصر بروح‬
‫هجومية فائقة‪ ،‬حيث كانوا يتمتعون بروح قتالية عالية‪ ،‬تسابقوا فى القتال بدرجة تفوق‬
‫كل وصف" ويشير إلى خسائر القوات اليطالية بأنها بلغت ‪ 139‬قتيل ً و ‪ 328‬جريحا ً‬
‫وثلثة مفقودين )‪ .(36‬وبالطبع جلهم من الريتريين لنهم كانوا عماد القوات المهاجمة‪.‬‬
‫وبالتالى فإن المصادر اليطالية توضح لنا بأن عملية النزال الولى لخضاع المقاومة‬
‫الطرابلسية شهدت خمسة كتائب إريترية ونصف على القل‪ ،‬إضافة لمشاركتهم فى‬
‫الكتيبة المختلطة وبطاريات المدفعية‪ ،‬ناهيك عن الكتيبة العاشرة التى تسيطر على‬
‫العزيزية‪ ،‬والكتيبة الخرى التى تقوم بحماية الزاوية‪.‬‬
‫ومما يستلف النظر هو بداية إقرار القادة اليطاليون بدور العساكر الريتريين فى‬
‫إعادة احتلل طرابلس‪ .‬فهذا هو جرازيانى يشير بأن صغار القادة فى معركة مصراته‬
‫كانوا يستغلون على خير وجه صفات العساكر الريتريين والليبيين وفضائلهم الجوهرية‬
‫والممتازة " أولئك العساكر الذين عرفوا فى الماضى حق المعرفة خططنا التكتيكية‬
‫وأفادوا منها" )‪ .(37‬وهذا دليل واضح بأن اشتراك العساكر الريتريين قد حدث منذ فترة‬
‫طويلة‪.‬‬
‫ومن المؤكد أن جرازيانى قد استطاع احتلل منطقة قصبة سفيط فى نهاية أكتوبر‬
‫‪ 1922‬بقواته التى بلغت أربعة َالف جندى من الريتريين والليبيين واليطاليين‪.‬وأنه‬
‫خلل الحملت اليطالية على منطقة القبلة بمنطقة الجبل الغربى ) وهى تربط بين‬
‫السهول الساحلية والمناطق الجبلية فى فزان( تقرر إرسال حملة عسكرية ‪ -‬فى أوائل‬
‫فبراير ‪ -1924‬لحتللها‪ ،‬بلغ قوامها ألف جندى أغلبهم من الريتريين والليبيين ونفر من‬
‫اليطاليين‪ .‬ومن ثم فإن القيادة اليطالية كانت تدفع بالكتائب الريترية والمجندين‬
‫الليبيين إلى الصفوف الولى فى أى معركة لتفادى الضربات الولى‪ ،‬ولتقليل حجم‬
‫الخسائر من اليطاليين إلى أقل نسبة ممكنه)‪.(38‬‬

‫‪6‬‬
‫ل غرابة إذا ً فى أن نرى ونلمس دور العساكر الريتريين فى كل المعارك العسكرية‬
‫القادمة‪ .‬ففى الوقت الذى صدرت الوامر لحد السرايا الريترية بأن تتمركز جنوب‬
‫سرت استعدادا ً للذهاب ناحية الجنوب‪ ،‬استعدت الحملة التى تضم ثلث كتائب‪ ،‬حيث‬
‫لتية ‪ :‬بأن تسير الكتيبة الريترية الثانية عشرة من جهة‬ ‫بدأت تتحرك وفق الخطة ا َ‬
‫الشمال والكتيبة الليبية السادسة من جهة الجنوب‪ ،‬وأن تكون القيادة للكتيبة الريترية‪.‬‬
‫وتتقدم أمام كل كتيبة سرية ‪ ،‬وأمام هذه السرايا تتحرك الكتيبة الثالثة‪ .‬أما الفرقة‬
‫الثانية من الشرطة ) الخيالة ( تكون فى القلب تتبع سرية من كل من الكتيبة الريترية‬
‫السابعة وقيادة الفيلق‪ ،‬وعلى الجانبين تتحرك سرية من الكتيبة الريترية السادسة‪.‬‬
‫وقامت هذه القوات بقتل قوات المقاومة المهاجمة لسرت‪ .‬وكان يقود بقية السرايا‬
‫المتقدمة من الريتريين القائد فنتودى من الكتيبة ‪ 12‬التى تقدمت لمهاجمة القصر‪.‬‬
‫وبعد انتهاء هذه المعركة تحديدا ً اتجه جزء من قوات ابراهيم السواحيلى إلى الجفرة‬
‫وجزء َاخر انضم لقوات عمر المختار )‪ .(39‬ونخلص من ذلك بأن معركة سرت كانت بها‬
‫ثلث كتائب إريترية خالصة‪ ،‬هى الكتائب ‪12‬و ‪ 6‬و ‪ ، 7‬وأن القوات المتقدمة فى كل‬
‫الخطوط المامية كانت من الريتريين‪ .‬وبالتالى يمكننا القول بأنه فى الوقت الذى كان‬
‫بوسع ايطاليا الستعانة بمرتزقة وعساكر إريتريين لتحقيق التفوق العددى ‪ ،‬بدا انهيار‬
‫المقاومة يسير متصاعدا ً فى الجهات الغربية‪.‬‬
‫لن نستشعر بأن المرحلة القادمة هى مرحلة الريتريين‪،‬‬ ‫ومن سياق المعارك حتى ا َ‬
‫فقد كانوا عماد عمليات الجيش اليطالى على امتداد الساحل الغربى لطرابلس الغرب‬
‫منذ سنة ‪ .1922‬ففى العزيزية كانت الراية مع السرايا الخامسة والعاشرة والثالثة‬
‫عشرة من الخيالة الريترية والمنوطة بالتوجة إلى بئر الميرغنى‪ ،‬وكان رتل جرازيانى‬
‫عبارة عن فرقتين إريتريتين‪ .‬ويحدد أنجلو بتشولى موقع هاتين الفرقتين‪ ،‬بحيث يمكنهما‬
‫القضاء على سطوة وغطرسة ثوار جفارة العزيزية )‪ .(40‬وبهذا يتضح لنا أن معظم‬
‫الجنود كانوا من الريتريين‪ ،‬بل من ثلث فرق نزلت طرابلس كانت هناك فرقتان‬
‫إريتريتان خالصتان‪ ،‬ناهيك عن سرايا الخيالة والكتائب فى المعارك الخرى‪.‬‬
‫وعلى هذا يمكن القول بأن تقدم العساكر الريتريين فى جبهة طرابلس قد استمر‬
‫حسب خطة قادتهم اليطاليين‪ .‬ففى معركة الجوش سنة ‪1923‬لجأ جرازيانى للستعانة‬
‫بهم‪ ،‬بعد أن كادت المعركة تحسم للمقاومة‪ .‬وعند إعادة احتلل ترهونة وضعت الخطة‬
‫على أكتاف المشاة الريتريين )‪ .(41‬ونخلص من ذلك بأن العساكر الريتريين كانوا‬
‫كن لليطاليين فى منطقة طرابلس‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فإن وجود‬ ‫يمثلون عنصر التفوق الذى م َ‬
‫خمس كتائب إريترية خالصة ) ‪ (7 ، 6 ، 12 ، 10 ، 19‬ناهيك عن فرقتين أخريين ‪،‬‬
‫وثلث سرايا خيالة‪ ،‬يشهد بأنهم كانوا عماد القوات التى استطاعت أن تخضع طرابلس‬
‫الغرب مرة ثانية وتعيدها للسيطرة اليطالية‪.‬‬
‫ثانيًا‪ -‬العساكر الريتريون فى مواجهة مقاومة عمر المختار)‪-1923‬‬
‫‪-: (1927‬‬
‫إذا كان وجود العساكر الريتريون فى منطقة طرابلس قد أمكن تمييزهم منذ سنة‬
‫‪ 1914‬فصاعدا ً ‪ ،‬إل أنه ل يوجد لدينا دليل يثبت وجودهم فى منطقة برقة قبل سنة‬
‫‪ ،1923‬مما يدلل على أن وجودهم فى أى مكان كان مقرونا ً بوجود حالة حرب‪.‬‬
‫ونستدل على ذلك من شهادة أحد شهود العيان اليطاليين بأن سياسة الحزب‬
‫الديموقراطى الشتراكى الحاكم فى ايطاليا قبل حكم الفاشيست قد جعلت من برقة‬
‫بقعة منسية‪ ،‬بحيث لم تعد تطالب بشئ‪ :‬ل جنود‪ ،‬ول إعادة احتلل‪ ،‬ول توفير الوسائل‬
‫اللزمة لستغللها زراعيا ً وصناعيًا‪ .‬وحينما توجهت ايطاليا لعمل شئ فى ربيع وصيف‬
‫‪ 1922‬انفجرت عمليات المقاومة ضد اليطاليين )‪ .(42‬ورغم أن المشهد بدا خاليا ً تماما ً‬
‫من العساكر الريتريين من قبل ‪ ،‬إل أن اشتعال حركة المقاومة بقيادة عمر المختار‬
‫منذ سنة ‪ 1923‬جعلهم أبطال كل المشاهد التى تفخر بها ايطاليا خلل معاركها فى‬
‫تلك المناطق‪ .‬بل إنه من الصعوبة بمكان اقتفاء أثرهم فى كل المعارك والشتباكات‬

‫‪7‬‬
‫التى خاضها عمر المختار مع اليطاليين )حوالى ‪ 74‬معركة و ‪ 260‬اشتباكا ً على أقل‬
‫تقدير( )‪ .(43‬ومن ثم فإن أى حديث عن الريتريين فى تلك الفترة وتلك المنطقة يشهد‬
‫بمدى كثافة وجودهم وتأثيرهم فى المعارك التى خاضوها‪.‬‬
‫ويمكن القول بأن قيام الفاشيست بإنهاء المقاومة فى طرابلس سنة ‪ 1923‬جعلهم‬
‫يتحولون على وجه السرعة إلى برقة‪ ،‬وفى ظنهم بأن المور ستحسم لهم بسرعة‬
‫حسمها فى طرابلس‪ .‬وقبل الدخول فى التفاصيل علينا أن نطرح عدة اسئلة للنقاش‪،‬‬
‫لعل من أهمها ‪ ،‬ما هو وزن العساكر الريتريين فى القوات اليطالية المتجهة لحسم‬
‫المور فى برقة ؟ وهل كانوا عامل ً للحسم مثلما فعلوا فى طرابلس الغرب ؟ وما هى‬
‫ملمح وجودهم خلل الفترة من ‪ 1927-1923‬؟ والجابة تقول بأن قوام القوات التى‬
‫تحت تصرف الوالى الجديد ) الجنرال بنجوفانى ( حينما شن أول هجوم على إحدى دور‬
‫عمر المختار ) المغاربة ( فى مارس ‪ 1923‬كان يتألف من خمس كتائب إريترية‪ ،‬وأربع‬
‫كتائب من الجنود اليطاليين‪ ،‬وكتيبتين ليبيتين‪ .‬وتبلغ القوة فى مجموعها ما بين ‪-8000‬‬
‫‪ 8500‬جندى مشاة‪ .‬أما قوات المقاومة فكانت حوالى ‪ 2000‬جندى نظامى وما بين‬
‫‪3500‬و ‪ 4000‬مقاتل غير نظامى من قبائل الجبل‪ .‬وفى تقرير من ‪ 200‬صفحة‬
‫فولسكاب أعده النقيب كليمنتى مينزو ‪ Clemente Menzio‬بعنوان " عشر سنوات من‬
‫تاريخ برقة " بتكليف من قيادة القوات المسلحة الملكية فى برقة بتاريخ ‪25/11/1931‬‬
‫جاء فيه أن الكتائب الريترية والليبية كان يتراوح قوام كل منها ‪ 750‬رجل )‪.(44‬وهذا‬
‫يعنى أن مجموع الكتائب الريترية الخمس المشتركة فى حرب برقة سنة ‪ 1923‬بلغ‬
‫‪ 3750‬عسكري ًَا‪ ،‬ناهيك عن اشتراكهم فى الكتائب المختلطة وغير ذلك من القوات‪.‬‬
‫ويمكن تفسير انخفاض نسبة الريتريين فى المرحلة الولى فى مواجهة مقاومة عمر‬
‫المختار‪ ،‬بأن معظمهم كان ل يزال موجودا ً فى جبهة طرابلس‪ .‬لذا فإن هذه الكتائب‬
‫الخمس ستتحول إلى ‪ 9‬كتائب فى المرحلة النهائية من المواجهات‪ .‬ونستشف من‬
‫شهادة أحد المصادر بأن عدد الريتريين فى إطار عمليات جنوب بنغازى فى مارس‬
‫‪ 1923‬لم يكن يزيد على أربع كتائب صريحة‪ ،‬وكتيبة إريترية مختلطة ‪ ،‬ناهيك عن‬
‫بطارية المدفعية الجبلية )‪ ،(45‬بأن الستعانة بالعساكر الريتريين فى جبهة برقة قد‬
‫ظهرت منذ اللحظة الولى لبدء عملية المقاومة‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بمظاهر وجود العساكر الريتريين فى العمليات العسكرية‪ ،‬فأحد المصادر‬
‫يؤكد على أن أول اشتراك لهم فى الجبهة الشرقية كان فى ‪ 28‬مارس ‪ ،1923‬حينما‬
‫قامت القوات اليطالية بعملية تطهير لجبل العواقير من البيار حتى الشليظمة‪ ،‬وقتل‬
‫عهد‬‫فى تلك العملية ثلثة عساكر وجرح عشرة َاخرين‪ .‬وأن الطابور الريترى السابع ُ‬
‫إليه بمهمة تحطيم الدور الذى كونه عبدالسلم الكزة ) زعيم قبيلة العواقير ( من ‪250‬‬
‫مقاتل‪ ،‬فاستطاع قتل ‪ 200‬دون خسائر عدا مقتل عسكرى وجرح َاخر‪ .‬وأن العساكر‬
‫الريتريين اشتركوا أيضا ً فى احتلل اجدابيا ‪ -‬ضمن سبع طوابير للملونيين‪ -‬بدليل مقتل‬
‫خمسة عساكر وجرح ‪َ 27‬اخرين‪ .‬واصطدموا بدور عمر المختار فى برقة البيضاء فى‬
‫منطقة الشعافة لول مرة فى أبريل ‪ .(46) 1923‬وهكذا كان العساكر الريتريون‬
‫حاضرون‪ ،‬سواء بزخمهم أم بخسائرهم فى المشاهد الولى للمواجهات مع الدور‬
‫التابعة لعمر المختار‪.‬‬
‫وأحد مظاهر وجود العساكر الريتريين تمثل فى دورهم فى معركة وادى الفارغ‪،‬‬
‫معقل قبيلة المغاربة بقيادة زعيمهم صالح الطيوش‪ .‬فقد تم الضغط على البريقة قلب‬
‫أراضيهم ‪ ،‬حينما عهد لكتيبة تتكون من ‪ 400‬إريترى وسرية أخرى للقيام بهذه العملية‬
‫تساندها سيارات نقل مصفحة‪ ،‬وقامت الكتيبة بتنفيذ المهمة‪ .‬وفى ‪ 2‬سبتمبر ‪1923‬‬
‫خرج المقدم ّازونى ‪ Azzoni‬من اجدابيا على رأس فيلق يتألف من ‪ 59‬ضابطا ً و ‪172‬‬
‫جنديا ً ايطاليا ً و ‪ 2351‬عسكريا ً ملونا ً وزحف على رأس بلل )‪ .(47‬وهذا يعنى أن‬
‫الريتريين كانوا دائما ً هم الغلبية فى القوات المهاجمة‪.‬‬
‫ومظهر َاخر من مظاهر وجودهم العسكرى على جبهة مواجهة عمر المختار هو‬
‫دورهم وزيادة أعدادهم فى عمليات سنة ‪ .1924‬حيث يشير أنجلو بتشولى إلى أن عدد‬

‫‪8‬‬
‫القوات فى الجبل الوسط كان قليل ً فى البداية‪ ،‬وأنه كان يتكون من كتيبة إريترية‬
‫واحدة‪ ،‬أضحت كتيبتان فيما بعد‪ ،‬حيث امتدت فيه حركة المقاومة بسرعة فائقة‪ .‬وجرت‬
‫عمليات عسكرية ضد دور العبيد فى مارس ‪ ،1924‬حيث وصلت الكتيبتان الريتريتان‪،‬‬
‫الثالثة والتاسعة‪ ،‬ضمن القوات اليطالية القادمة من طرابلس )‪ .(48‬بما يعنى استمرار‬
‫وصول العساكر الريتريين وتدفقهم لساحة القتال فى برقة‪ ،‬سواء من إريتريا أو من‬
‫طرابلس الغرب‪ ،‬وأن هذا التدفق قد استمر على قدم وساق طوال سنة ‪ .1924‬خاصة‬
‫وأن طريقة المقاومة التى اعتمدت على الكر والفر فى برقة قد أرهقت القوات‬
‫اليطالية وكبدتها خسائر كبيرة‪ ،‬فأجبرتها على استجلب مزيد من الكتائب لتعزيز‬
‫مواقعها‪ .‬وفى هذا الطار وصلت الكتيبة الريترية الحادية عشرة يوم ‪ .13/1/1924‬هذا‬
‫بالضافة إلى أن توصل مخابرات المقاومة فى أوائل يناير ‪ 1924‬بحدوث تحركات‬
‫ايطالية فى اجدابيا نتج على اثرها احلل عساكر إريتريين محل جنود من البيض فى‬
‫جبهة القتال‪ ،‬بحيث تركت مهمة تأمين المنطقة لليطاليين )‪ ،(49‬يدلل على أن حركة‬
‫المقاومة كانت واعية بالوجود الكبير لهذا العنصر داخل الجيش اليطالى‪ .‬لهذا نستطيع‬
‫القول بأن عملية الحلل والتبديل‪ ،‬لم يكن هدفها المحافظة على أرواح اليطاليين‬
‫فحسب‪ ،‬بل لتجنب إثارة الرأى العام اليطالى إذا ما حدثت خسائر خلل المواجهات‪.‬‬
‫لخر‪ ،‬إصرار‬ ‫وهذا ما يفسر أمرين‪ :‬أحدهما‪ ،‬تركز الخسائر فى العساكر الريتريين‪ .‬وا َ‬
‫الدارة اليطالية على المضى قدما ً فى سياستها المتشددة تجاه المقاومة‪.‬‬
‫ولعب العساكر الريتريون دورا ً مهما ً فى معركة سيدى جبريل ) ‪ 3‬فبراير ‪(1924‬‬
‫فحينما أغارت المقاومة على خيام قبيلة الفرشة بين فرزوغة وسيدى جبريل‪ ،‬واجهتهم‬
‫حملة عند رجوعهم‪ ،‬بها ثلث سرايا من الكتيبة المختلطة الخامسة عشر‪ ،‬وسريتان من‬
‫الكتيبة الريترية الثالثة تحت امرة الرائد بياتى‪ ،‬ووصل المر إلى الشتباك بالسلح‬
‫البيض‪ .‬وكان تفوق جبهة المقاومة قد اضطر اليطاليين إلى استدعاء الريتريين حتى‬
‫يعززوا موقعهم‪ ،‬فامتدت المعركة على جبهة طولها ‪ 4‬كيلو مترات‪ .‬وحققت المقاومة‬
‫النصر حيث قتل ‪ 65‬عسكريًا‪ ،‬وجرح خمسة من الكتيبة المختلطة و ‪ 8‬من الكتيبة‬
‫الريترية)‪ .(50‬وهذا يعنى أن المعارك التى تستدعى المواجهات الفردية كانت منوطة‬
‫بالريتريين دون غيرهم‪ ،‬وهذا يعنى أنهم كانوا عنصر الحسم فى المواجهات‪.‬‬
‫ونستدل على اعتراف الدارة اليطالية بفضل عساكرها الريتريين فى حسم معارك‬
‫المرج وشحات والجبل الخضر‪ ،‬من برقية الشكر التى وجهها الوالى بنجوفانى إلى‬
‫المقاتلين الذين اشتركوا فى تلك المعارك‪ ،‬وتخصيصه بالشكر للقوات الريترية‪.‬‬
‫فدورهم كان مهما ً فى معركة ام الجوابى ‪ -‬إحدى المناطق الوسطى فى الجبل الخضر‬
‫ببرقة‪ -‬فقد تقدمت الكتيبة الريترية الثالثة فى الول من مارس ‪ 1924‬بقيادة الرائد‬
‫برجيسو وخطتها كالتالى‪ :‬القوات الريترية تقصف قلب المقاومة بالمدافع‪ ،‬وتقوم‬
‫القوات الخرى بعملية إلتفاف على الجناحين لمحاصرة المقاومة‪ ،‬بحيث اتجهت الكتيبة‬
‫الريترية الحادية عشرة بقيادة الرائد جاريللى فى اتجاه ميسرة المقاومة‪ ،‬وانطلقت‬
‫الكتيبة الخامسة عشرة المختلطة فى اتجاه ميمنتهم‪ ،‬وفرقة باندة ليبية ومعها الكتيبة‬
‫الريترية الحادية عشرة اتجهوا جميعا ً إلى بنغازى‪ .‬وبعد انتهاء هذه المعركة تشكل‬
‫طابور من القوات اليطالية يضم بطارية المدافع الريترية الرابعة‪ ،‬إل أنه خلل عملية‬
‫انسحاب القوات اليطالية كمن لها المقاومون فى سيدى سليم‪ ،‬ولم يتم انقاذهم من‬
‫الموقف إل بوصول سريتين من إحدى الكتائب الريترية )‪.(51‬ومن ثم لعب الريتريون‬
‫دورا ً مهما ً فى المواجهات وتأمين القوات المشتركة فيها‪.‬‬
‫وتتأكد أهمية العساكر الريتريين فى تزايد العتماد اليطالى عليهم كلما تصاعدت‬
‫العمليات ضد مقاومة عمر المختار‪ ،‬ففى المرج احتشد يوم ‪ 14‬مارس ‪ 1924‬طابور‬
‫بيسنتى المشكل من الكتيبة الريترية العاشرة والحادية عشرة‪ ،‬ومن ثلث سرايا من‬
‫الكتيبة المختلطة الخامسة عشرة )بما يبلغ ‪ 3042‬عسكريا ً ملونًا(‪ ،‬كما تشكل فى‬
‫قصر الجنينة طابور القائد كوبيد من الكتيبة الريترية الثالثة‪ ،‬ومن سريتين من الكتيبة‬
‫السادسة عشرة المختلطة )‪.(52‬وحينما هدفت الدارة العسكرية‪ ،‬بقيادة بتزارى قائد‬

‫‪9‬‬
‫القوات المسلحة‪ ،‬الذى تولى إدارة العمليات شخصيًا‪ ،‬لمباغتة دور العبيد قبل أن‬
‫يتمكنوا من تعزيز قواتهم ‪ -‬كان للعساكر الريتريين حظا ً كبيرا ً فى هذا المشهد‬
‫العسكرى‪ .‬فقد كان الفيلق الرئيسى بقيادة بيسنتى ‪ Pesenti‬يضم ثلث كتائب إريترية‪،‬‬
‫والفيلق الثانوى بقيادة كوبيدو ‪ Cubeddo‬يضم كتيبتين إريتريتين‪ .‬وحينما احتشد الفيلقان‬
‫طلب إليهما الستمرار فى‬ ‫بالمرج ومراوة وحققا انتصارات كبيرة فى ‪ 16‬مارس ‪ُ ،‬‬
‫عملهما فى دور العبيد حتى ‪ 18‬أبريل ‪ ،1924‬حين عاد الفيلقان إلى قواعدهما فى‬
‫شحات بعد أن قاما بدورهما أيضا ً ضد دور البراعصة فى مايو ‪.(53) 1924‬وتشهد معركة‬
‫مراوة ) فى ‪ 17‬مارس ‪ (1924‬بعملية التحولت فى مواقع العساكر الريتريين‪،‬‬
‫وبالتالى تبدل وتغير قياداتهم من اليطاليين‪ .‬فقد كانت القوات اليطالية بها )‪ 73‬ضابطا ً‬
‫و ‪ 59‬جنديا ً ايطاليا ً بـ ‪ 3042‬عسكريً مختلطًا( عبارة عن سريتين من العساكر الريترية‬
‫وسرايا الكتيبة الخامسة عشرة المختلطة‪ ،‬والكتيبة الريترية العاشرة بقيادة الرائد‬
‫بياتى‪ ،‬ناهيك عن الدور البارز الذى أظهرته بطارية المدفعية الريترية الرابعة بقيادة‬
‫النقيب شيلفو بتصديها لقوات المقاومة المنسحبة‪ .‬ففى الوقت الذى انتقل فيه ‪15 -‬‬
‫مارس‪ -‬طابور كوبيدو الريترى إلى مراوة ‪ ،‬تصدى طابور بيسنتى فى المرج لمقاومة‬
‫عمر المختار فى ‪ 19‬مارس )‪ .(54‬وهذا يعنى أن هؤلء العساكر كانوا خاضعين تماما ً‬
‫للتحول من مكان إلى ّاخر‪ ،‬وللعمل تحت أكثر من قائد دون مراعاة أن يحصولوا على‬
‫الراحة التى تكفيهم لمواصلة القتال‪.‬‬
‫وحينما لم تحسم مواجهات مارس ‪ 1924‬المر فى مراوة لصالح اليطاليين ‪ ،‬برز‬
‫دورهم بوضوح فى مواجهات مراوة فى ‪ 19‬ابريل ‪ 1924‬حيث كان الريتريون فى‬
‫طليعة القوات‪ ،‬ممثلين فى الكتيبة السادسة عشرة المختلطة بقيادة الملزم دى روزا‪،‬‬
‫والكتيبتين الثالثة والحادية عشرة‪ .‬وكانوا عماد التشكيلت الملتفة حول المقاومة‪.‬‬
‫فحينما بدأت رحلة هذه القوات من المرج وسرت إلى مراوة‪ ،‬أصدر الجنرال بيرازى‬
‫الوامر بتحرك طابور المقدم كوبيدو‪ ،‬المكون من تشكيلة الكتيبة الريترية العاشرة‬
‫والكتيبة ‪ 16‬المختلطة وقسم من المدفعية الريترية‪ .‬كما أصر الجنرال بيرازى على‬
‫تشكيل قوة متحركة يوم ‪ 10‬أبريل ‪ 1924‬تحت قيادة الرائد بياتى‪ ،‬على أن تضم‬
‫الكتيبة الخامسة عشرة المختلطة والفرقة الرابعة وقسما ً من بطارية المدفعية الثالثة‪،‬‬
‫لترابط فى أراضى العبيد أثناء القيام بالعمليات العسكرية ضد البراعصة‪ .‬وفى درنة‬
‫وطبرق كان للكتيبة ‪ 13‬المختلطة دور مهم فى منع عمليات تهريب التموين للمقاومة‪.‬‬
‫ولهذا يمكن تصور نسبة خسائرهم من جملة الخسائر اليطالية )بلغت منذ اشتعال‬
‫المقاومة فى برقة حولى ‪ 20‬قتيل ً و ‪ 83‬جريحًا( )‪.(55‬ومن ثم فإن العساكر الريتريين‬
‫كانوا موجودين فى مقدمة الصفوف العسكرية وبالتالى أكثر ضحاياها‪ .‬وواصلوا دورهم‬
‫بعد حدوث تغييرات سياسية فى برقة – بحيث حل اللواء مومبيلى ‪ Mombelli‬فى مايو‬
‫‪ 1924‬محل واليها السابق‪ ،‬وقامت الكتائب الريترية التى كانت ضمن الفيالق الثلثة‬
‫بدور مهم فى تدمير دور العواقير والبراعصة والحاسة فى يونيو ‪ .(56) 1924‬وهكذا كان‬
‫الريتريون ل يشكلون خلل عمليات سنة ‪ 1924‬زخما ً فى تشكيلة القوات اليطالية‬
‫فحسب ‪ ،‬بل أثبت المعارك حسن أدائهم خلل المواجهات المستمرة مع عناصر‬
‫المقاومة أيضا ً ‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالعمليات سنة ‪ 1925‬ففى فبراير استؤنف النشاط اليطالى لتطهير‬
‫منطقة مرتفعات سروال الوسطى حيث اشتدت فيها قبضة عمر المختار‪ .‬ووضعت‬
‫خطة اشترك فيها ‪ 103‬ضابط و ‪ 263‬جنديا ً ايطاليا ً و ‪ 3679‬عسكريا ً محليًا‪ ،‬ما بين‬
‫إريتريين وليبيين‪ .‬وبمقارنة أعداد العساكر بأعداد الجنود اليطاليين يتبين الفارق الكبير‬
‫لصالح الريتريين فى تنفيذ الخطة‪ .‬ولهذا حققوا انتصارا ً على مقاومة عمر المختار فى‬
‫منطقة سروال ‪ ،‬حيث خسرت المقاومة ما بين ‪ 250‬قتيل و ‪ 80‬أسير غير البل والغنم‬
‫والسلحة ‪ .‬ومع ذلك تقرر فى أبريل ‪1925‬عدم جدوى تتبع المقاومة ونقل العمليات‬
‫خلف خطوطها‪ ،‬بحيث يتم احتلل واحة الجغبوب أول ً قبل الدخول فى مواجهة معها ‪.‬‬
‫)‪(57‬‬

‫‪10‬‬
‫وفيما يتعلق بدور العساكر الريتريين فى احتلل واحة جغبوب‪ .‬فرغم أن ايطاليا‬
‫عقدت اتفاقية مع مصر سنة ‪ 1925‬جعلت من الواحة تابعة لها‪ ،‬لكن دون احتلل‬
‫فعلى)‪ .(58‬ومن ثم عملت ايطاليا فى يناير ‪ 1926‬على احتللها‪ ،‬وأصبحت القوات تحت‬
‫قيادة رونكينى على أهبة الستعداد‪ ،‬وتضم ‪ 91‬ضاب ً‬
‫طا و ‪ 73‬جندًيا ايطالًيا و ‪1645‬‬
‫عسكرًيا إريترًيا‪ ،‬وكتيبتان إريتريتان‪ ،‬التاسعة والعاشرة )و ‪َ 36‬الية و ‪ 305‬سيارة و ‪40‬‬
‫مدفع و ‪ 60‬رشاش()‪ .(59‬وهذا يعنى أن العساكر الريتريين كانت لهم الغلبة فى هذه‬
‫القوات‪.‬‬
‫وترى إحدى الدراسات بأن الكتيبتين الريتريتين اللتين اشتركتا فى احتلل واحة‬
‫جغبوب هما الثانية والتاسعة‪ .‬وأن دفع المشاة الريتريين فى طريق القوافل من‬
‫السلوم إلى الجغبوب كان فى البداية ‪-‬أول فبراير ‪ -1926‬إلى أن لحقتهم ثم تخطتهم‪،‬‬
‫عند سيدى عمر‪ ،‬السيارات المجهزة بالرشاشات)‪ .(60‬فى حين ترى أخرى بأن غالبية‬
‫الجنود )‪ ( 2500‬كانوا من الريتريين المشاة ‪ trudging men‬وعساكر مختلطة يركبون‬
‫الجمال)‪.(61‬وهو ما يفسر سرعة استسلم الواحة لليطاليين فى ‪ 26‬فبراير ‪،1926‬‬
‫لتتحول القوات مرة أخرى لتوالى تسديد ضرباتها للجبل‪ .‬فقد اتسع نطاق العمليات‬
‫خلل شهرى أكتوبر ونوفمبر ‪ ،1926‬حيث جرت ‪ 34‬معركة خسرت فيها المقاومة ‪303‬‬
‫قتيل وعدد كبير من الجرحى غير الغنم والجمال‪ .‬وخسرت القوات اليطالية ثلثة قتلى‬
‫من الضباط و ‪ 23‬جنديا ً ايطاليا ً و ‪ 24‬عسكريا ً إريتريا ً)‪.(62‬وأمكن للمرة الولى رصد‬
‫تساوى الخسائر بين الجنود اليطاليين والعساكر الريتريين‪ ،‬لذا كان لبد من المحافظة‬
‫على اليطاليين وقصر الخسائر فى هؤلء العساكر‪ ،‬وهذا ما حدث فى معركة الرحيبة‬
‫سنة ‪. 1927‬‬
‫وقبل الحديث عما جرى للريتريين فى معركة الرحيبة يجب أن ننبه بأنه قد حدثت‬
‫تغييرات سياسية فى برقة فى ديسمبر ‪1926‬حيث حل تيروتزى محل اللواء مومبيلى‪،‬‬
‫غير أن ذلك لم يحدث جديدا ً على مستوى القيادات العسكرية‪ ،‬اللهم إل تعيين الجنرال‬
‫اوتورينو ميتزيتى قائدا ً أعلى لقوات برقة ) وهو الذى كان يحتل المرتبة الثانية فى‬
‫قيادة عمليات قطر طرابلس بعد جرازيانى(‪ .‬وكان أول هدف لهما هو ضمان السيطرة‬
‫على الجبل‪ ،‬لهذا جندا قوات ضخمة لتحقيقه‪ 9 :‬كتائب إريترية‪ ،‬وأربع سرايا فرسان‬
‫ليبية‪ ،‬وعصابات متعددة من المجنديين غير النظاميين )ما يربو على عشرة َالف(‪.‬‬
‫واكتسبت القوات قدرتها على القتال بفضل استخدام الطائرات واللسلكى‪ ،‬حيث‬
‫استطاع ميتزيتى أن ينسق عملية اشتركت فيها عدة فيالق ) كتائب إريترية وليبية( على‬
‫الجبل )‪.(63‬وبالتالى يمكننا القول بأنه بحلول سنة ‪ 1927‬كانت هناك ‪ 9‬كتائب إريترية‬
‫تعمل فى منطقة برقة بمجموع ‪ 6350‬عسكريًا‪ ،‬مع القرار بعدم استطاعتنا حصر‬
‫أعدادهم فى القوات الخرى‪.‬‬
‫وتعتبر معركة الرحيبة‪ ) ‬انظر الخريطة رقم ‪ (2‬فى ‪ 28‬مارس ‪1927‬علمة فارقة‬
‫فى خسائر العساكر الريتريين طوال مواجهاتهم مع المقاومة‪ ،‬فقد وجهت المقاومة‬
‫ضرباتها للقوات اليطالية‪ ،‬أسفرت عن هزيمة ساحقة لليطاليين‪ ،‬وبصعوبة انسحبت‬
‫قواتهم إلى جردس العبيد)‪ .(64‬ونجحت المقاومة فى تحقيق نصر رائع بقتلهم ستة‬
‫ضباط و ‪ 306‬عساكر‪ ،‬وأسر أكثر من ‪ 340‬عسكريا ً وستة ضباط غير الغنائم‬
‫ً)‪(65‬‬
‫والمواشى التى باعوها فى السلوم ) مصر(‪ ،‬بينما لم يخسروا إل ‪ 20‬قتيل ‪.‬لهذا تعد‬
‫خسائر الريتريين فى الرحيبة هى الكبر على الطلق طوال المواجهات مع المقاومة‪.‬‬
‫خريطة رقم )‪ (2‬توزيع كتائب العساكر الريتريين فى عمليات الجبل ) فى منطقة الرحيبة‬
‫وأراضى الفايد(فى صيف ‪1927‬‬

‫‪11‬‬
‫المصدر ‪ :‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.189‬‬
‫وكان من الطبيعى أن تحاول القوات اليطالية أن تستعيد كرامتها التى بعثرتها‬
‫المقاومة خلل معركة الرحيبة‪ ،‬لهذا جمعت القوات اليطالية كثيرا ً من المرتزقة‬
‫لن ‪ -‬وكونت منهم‬ ‫الليبيين والحباش – اللفظ الذى تردده بعض الدراسات الليبية إلى ا ّ‬
‫فيلقا ً أرسلته إلى محلت المقاومين قرب المرج والشحات )‪ .(66‬وعلى الفور انتقلت‬
‫العمليات العسكرية إلى الجبل‪ ،‬وبالطبع فى مثل هذه النوعية من المعارك كان‬
‫الريتريون فى ناصية المشهد‪ .‬ففى صبيحة ‪ 27‬أبريل ‪ 1927‬تحركت قوات ضخمة‬
‫بقيادة اللواء ميتزيتى من مرادة‪ ،‬تتكون من خمس كتائب إريترية وكتيبة ليبية و ‪ 3‬سرايا‬
‫غير نظامية تدعمها ‪ 6‬مفارز مدفعية‪ ،‬لتزحف مباشرة على قبر الدكار‪ ،‬حيث كان‬
‫مقاتلوا الدوار مصطفين لحمايتها‪ ،‬فأمكن قهرهم والقضاء على معظم الدوار فى ‪2‬‬
‫مايو‪ .‬كل هذا كان ردا ً على ما حدث فى الرحيبة‪ ،‬لسترداد هيبة القوات اليطالية فى‬
‫نظر الهالى والمقاومة على السواء‪ .‬وكان العساكر الريتريون فى عمليات الجبل‬
‫يتمركزون جهة الشمال‪ ،‬حيث تم تشكيل ثلث كتائب إريترية‪ -‬ليبية) ‪( 71، 13، 7‬‬
‫بالضافة إلى أربع كتائب إريترية ) ‪ (4، 6، 22 ، 9‬تحت قيادة الجنرال ماتزينى‪ ،‬ناهيك‬
‫عن الكتيبتين الريتريتين)‪ (16، 15‬اللتين تزحفان تجاه سلنطة وجردس الجرارى)‪.(67‬‬
‫ومن ثم حاولت القوات اليطالية أن تتجنب درس الرحيبة مرة أخرى‪.‬‬
‫ويبدو أن الجراءت السابقة لم تكن لتعيد الثقة فى نفوس عساكرها الريتريين‪،‬‬
‫فكان من الطبيعى أن يستغلوا معركة أم الشفاتير ) عقيرة الدم( ليوفروا أكبر حشد‬
‫من العساكر الريتريين لعطائهم الفرصة للنتقام لقتلهم فى معركة الرحيبة‪ .‬فحينما‬
‫علمت الدارة اليطالية بوجود قوات للمقاومة فى أم الشفاتير‪ ،‬دفعت إليها تسع كتائب‬
‫إريترية؛ منها أربع كتائب وبطارية إريترية تابعة لفرقة القائد بايتى‪ ،‬تقرر أن تنطلق من‬
‫مراوة فى ‪ 8‬يوليو ‪ .1927‬تتبعها أربع كتائب إريترية أخرى تحت قيادة الكولونيل‬
‫اينزائى تنطلق من الجرارى‪ .‬وكتيبة إريترية أخرى تابعة للكولونيل منتارى تنطلق من‬
‫خولن )‪ .(68‬لهذا يمكن القول بأن الدارة اليطالية لعبت دور المحرك والمحرض‬
‫للريتريين‪ ،‬تدير حروبها على أكتاف هؤلء العساكر دون أن تلحق بجنودها إل قليل من‬
‫الذى‪.‬‬
‫ونفذت القوات اليطالية عمليات كثيرة على الجبل فى صيف) يوليو وأغسطس(‬
‫‪ ، 1927‬أشهرها معركة بيرالزيتون فى ‪ 10‬يوليو ‪ 1927،‬حيث وقع عبء القتال على‬
‫الكتائب الريترية الخمس بقيادة اللواء ميتزيتى‪ .‬وفقدت المقاومة فى الفترة ما بين‬
‫ل‪ ،‬على حين تركزت خسائر اليطاليين‬ ‫‪ 17‬أبريل و ‪ 13‬سبتمبر ‪1927‬حوالى ‪ 1113‬قتي ً‬
‫فى العساكر الريتريين )قتل ثلثة ضباط وجرح سبعة ايطاليين‪ ،‬على حين قتل ‪26‬‬
‫وأصيب ‪ 226‬عسكريا ً إريتريًا( )‪.(69‬وفى تقريره الختامى عن عمليات صيف ‪1927‬‬
‫استعرض الجنرال ميتزيتى خسائره بمقتل ضابطين وخمسة طياريين و ‪ 61‬عسكريا ً‬

‫‪12‬‬
‫إريتريًا‪ .‬وأشار إلى نقطة هامة تتعلق بتزايد أهمية العساكر الريتريين‪ ،‬حين ذكر بأن‬
‫القوات اليطالية المشتركة أصبحت تتألف منهم‪ .‬ورغم توسعه فى إقامة سلسلة من‬
‫المواقع الحصينة لعرقلة حركة المقاومة وعمل قاعدة تموين واسناد للوحدات اليطالية‬
‫السريعة الحركة ) تتألف كل وحدة منها فى العادة من كتيبة ليبية أو إريترية وسرية‬
‫سوارى وقطعة مدفعية ( إل أن المقاومة ظلت تسيطر على بعض المناطق)‪.(70‬حيث‬
‫ظلت مقاومة عمر المختار باقية‪ ،‬فقد عمل طوال سنة ‪ 1927‬على إجبار القبائل‬
‫المستسلمة على المقاومة )‪ .(71‬ونستخلص من ذلك حقيقتين‪ :‬أولهما‪ ،‬أن الفترة من‬
‫‪ 1927 – 1923‬شهدت تغييرا ً كامل ً بخصوص العساكر الريتريين‪ ،‬فقبل عام ‪1923‬‬
‫كان المشهد خاليا ً تماما ً منهم‪ ،‬فتغيرت الصورة ليصبحوا هم بؤرة المشهد العسكرى‬
‫الذى واجة مقاومة عمر المختار‪ .‬ثانيهما‪ ،‬أن العتماد الكبير على العساكر الريتريين‬
‫فى كل المعارك هو الذى يفسر بأن جل الخسائر البشرية ‪ -‬سواء قتلى أم جرحى‪-‬‬
‫كانت فى جانبهم‪.‬‬
‫ثالثًا‪ -‬العساكر الريتريون وتطويق مقاومة عمر المختار بعمليات‬
‫خط العرض ‪ 29°‬شما ً‬
‫ل‪-:‬‬
‫لم تكن الحملة على الجبل غاية ‪ -‬فى خطة الوالى تيروتزى‪ -‬الهدف منها توطيد‬
‫مكانة اليطاليين على الجبل‪ ،‬بل كان هدفها الرئيسى ضم برقة وطرابلس وتأكيد‬
‫سيطرتهم على منطقة سرت‪ ،‬ومد احتللهم من جنوب وادى الفارغ إلى الواحات‬
‫النائية الواقعة على خط عرض ‪.(72) 29‬لذا تعد عمليات هذا الخط من أكبر وأوسع‬
‫العمليات العسكرية التى شهدتها الراضى الليبية منذ بداية الحتلل اليطالى‪.‬‬
‫وبالطبع كان العساكر الريتريون – كما هى العادة‪ -‬فى طليعة القوات المتقدمة تجاه‬
‫هذا الخط‪ .‬وكان من الطبيعى أن يستقطع جزء من عساكر برقة الريتريين للقيام‬
‫بعمليات هذا الخط‪ .‬وفى ‪ 26‬ديسمبر ‪ 1927‬تم حشد هذه القوات فى اجدابيا بقيادة‬
‫اللواء ميتزيتى‪ ،‬وتتكون من ثلث كتائب إريترية ) ‪ (15، 14، 6‬وثلث سرايا سوارى)‪، 5‬‬
‫‪ (6،8‬وبطارية مدفعية إريترية ومفرزة مدفعية ليبية كلتيهما محملة على الدواب )‪.(73‬‬
‫وهذا يعنى أن غالبية القوات أيضا كانت من العساكر الريتريين سواء تلك القادمة من‬
‫برقة أو من طرابلس‪ ،‬بما يوضح أنهم وقع عليهم عبء جل العمليات العسكرية‪.‬‬
‫وحتى نتعرف على الدور الذى قام به العساكر الريتريون فى هذه العمليات علينا أن‬
‫نستوضح المراحل الثلث التى خطط لها‪ .‬ففى المرحلة الولى تقرر أن يتم الزحف‬
‫فيها على النوفلية – مردومة فى اقليمى طرابلس وبرقة‪ ،‬وتطهير وادى الفارغ بواسطة‬
‫قوات برقة‪ .‬وفى المرحلة الثانية تقرر احتلل واحتى الجفرة وزلة ) انظر الخريطة رقم‬
‫‪(3‬بواسطة قوات طرابلس‪ ،‬واحتلل واحات أوجلة وجالو ومرادة بواسطة قوات برقة‪.‬‬
‫أما المرحلة الثالثة فهدفت إلى تطهير منطقة سرت بكاملها ما بين النوفلية وزلة‬
‫ومراوة والعقيلة وبين سرت وابونجيم وودان مع احتلل َابار تاقرفت احتلل ً تاما ‪.‬‬
‫ً)‪(74‬‬

‫خريطة رقم )‪ (3‬العساكر الريتريون خلل عمليات اللتحام للمستعمرتين فى عمليات المرحلة‬
‫الولى ) طرابلس‪ -‬برقة(‬

‫‪13‬‬
‫المصدر ‪ :‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫ومن المهم أن نستطلع مظاهر وجود العساكر الريتريين فى تلك المراحل الثلث‬
‫حتى تكتمل لدينا معالم الصورة بالدور الذى قاموا به فى العمليات العسكرية‪ .‬فقد كان‬
‫مكلفا ً للمرحلة الولى أن تتم من خلل ثلثة فيالق‪ :‬الفيلق )أ( بقيادة جرازيانى وبه‬
‫الكتيبتين الرابعة والعشرين والخامسة والعشرين الريتريتين‪ .‬والفيلق )ب( بقيادة‬
‫الكولنيل بنتور ‪ Bentor‬وبه الكتيبتين السابعة عشرة والتاسعة عشرة الريترتين‪.‬‬
‫والفيلق )ج( بقيادة ل فيول ‪ LaViola‬وبه الكتيبة الريترية السادسة والعشرين مشاة‬
‫ومهمتها التحرك نحو مرسى العويجة الواقعة بين الساحل وخط سير الفيلق )أ (‬
‫والتجمع فى سرت‪ .‬وفى اجدابيا تم تجميع قوات ايطالية أخرى‪ ،‬تظهر فيها الكتائب‬
‫الريترية عبارة عن ثلث كتائب من المشاة ) السادسة والرابعة عشرة والخامسة‬
‫عشرة( ووحدة رماية إريترية محمولة على الخيول‪ .‬وكلفت هذه القوات بالسير ما بين‬
‫اجدابيا والقطيفة والعقيلة فى الول من يناير ‪ .1928‬أما فى العقيلة فقد وجدت بها‬
‫الكتيبتان الريتريتان الثالثة عشرة والسادسة عشرة بقيادة ماليتى ‪ Maleti‬وكان ينتظر‬
‫وصول قوات ميتزيتى‪ .‬وبهذا تكون القوات التى أوكل ماليتى بقيادتها فيما يتعلق‬
‫بالعساكر الريتريين مكونة من ثلثة كتائب إريترية هى السادسة والثالثة عشرة‬
‫والسادسة عشرة ‪ ،‬ووحدة رماية محمولة على الخيول‪ ،‬ناهيك عن اشتراكهم فى‬
‫قوافل المداد والتموين‪ .‬وكلفت هذه القوات بالتعاون مع الفيلق )أ( المنطلق من تمد‬
‫حسان للطباق على قبائل المغاربة والرعيضات وإخضاعهم )‪.(75‬‬
‫وفى الول من يناير ‪ 1928‬غادرت القوات من اجدابيا متجهة للعقيلة لتداهم فى‬
‫طريقها دور الصديق بن الرضا السنوسى بمنطقة الفارغ‪ ،‬واتضح الموقف بأن‬
‫المستسلمين كانوا يتجهون للشمال على حين كان المقاومون يتجهون للجنوب‪ .‬وفى ‪8‬‬
‫يناير ‪ 1928‬غادر الفيلق المقرر أن يعمل مع قوات طرابلس بقيادة المقدم ماليتى‬
‫‪ Maletti‬والمكون من عدد من الكتائب الريترية ) ‪14 ، 13 ،6‬والسرية ‪ 6‬سوارى‬
‫وبطارية مدفعية إريترية وقوافل المداد والتموين تتألف من ‪ 8000‬رجل( )‪ .(76‬وبالطبع‬
‫كان الريتريون يمثلون غالبية القوات ‪ ،‬بل لم يقتصر وجودهم على مكان واحد ‪ ،‬بل‬
‫فرض عليهم النتقال من مكان إلى َاخر وسط الصحراء الليبية دون أدنى اعتراض منهم‬
‫على هذه التحولت فى المعارك من مكان إلى مكان‪.‬‬
‫وركزت عمليات المرحلة الولى على قبائل المغاربة والرعيضات واشتركت فيها سرية‬
‫السوارى )الخيالة( الرابعة والكتيبة الريترية السادسة والعشرين‪ .‬وفى بداية ‪1928‬‬
‫ُأعلنت حالة الحرب فى قطاعات ورفلة ومرادة وسرت والجنوب الغربى ؛ لتقوم‬
‫مجموعة بإحتلل بئر قرين‪ ،‬وتساعدها أخرى فرعية بقيادة جاللينا ‪ Gallina‬بها الكتيبة‬
‫الريترية الخامسة والعشرين ومجموعة بقيادة ماريوتى ‪ Mariotti‬من الجنوب وبها‬

‫‪14‬‬
‫الكتيبة الريترية العشرون‪ .‬وبلغت خسائر اليطاليين مقتل عسكرى وأربعة من‬
‫الجرحى الريتريين أو الليبيين‪ .‬وفى المردومة تم التصال بين مجموعة مالطا التى‬
‫حوصرت وطلئع مجموعة ماليتى ) عبارة عن سرية تساندها الكتيبة ‪ 113‬الريترية (‪.‬‬
‫ولم يتم انقاذها إل فى صباح ‪ 10‬يناير ‪ 1928‬حينما قرر جرازيانى التحرك بالكتيبتين‬
‫الريتريتين العشرين والخامسة والعشرين لنجدة فيلق مالطا )‪ .(77‬والملحظ أن الكتائب‬
‫الريترية التى كانت تحارب فى طرابلس لم تنتقل للحرب فى قطاع برقة‪ ،‬حيث كلفت‬
‫بالتوجه جنوبا ً ناحية خط العرض ‪ ،29‬ولم تتحول إلى برقة إل بعد النتهاء من تلك‬
‫العمليات المرتبطة على طول هذا الخط ‪ ،‬وإن حدث التلقى كثيرا ً بين القوات حسب‬
‫المهمة المنوطة بها عبر هذا الخط‪.‬‬
‫وكانت مهمة ماليتى ) القادم من برقة ( تنسيق التعاون بين فيلقه مع اللواء‬
‫جرازيانى الذى كان يزحف بقواته جنوب سرت من جنوب المردومة مرورا ً بالنوفلية‬
‫لضعاف مركز المغاربة‪ .‬وفيما كان فيلق ماليتى يقوم بغزواته كان اللواء ميتزيتى يقوم‬
‫بنشاط أكبر لستيضاح الموقف قبل بدء العمليات‪ .‬وكان على فيلق ماليتى أن ينطلق‬
‫من العقيلة ويزحف بمحازاة وادى الفارغ الجنوبية فى اتجاه معطن جوفر والمنش‬
‫وسالمة‪ ،‬حيث قاموا بتطهير منطقة معطن غزيل‪ ،‬حيث أرسل ميتزيتى فيلق سريع‬
‫الحركة بقيادة المقدم بياتى يضم كتيبتين إريتريتين ومفرزة مدفعية ليبية فوصلوا ولم‬
‫يجدوا مقاومة‪ ،‬حيث اتجه الصديق بن الرضا إلى واحة جالو وتلشى دوره بالمره)‪.(78‬‬
‫أما فيما يختص بدور العساكر الريتريين فى عمليات المرحلة الثانية‪ ،‬فنلحظ أمرين‪،‬‬
‫أولهما‪ ،‬أن القوات اليطالية الموجودة فى برقة تحركت أيضا تجاه الخط ‪ .29‬ففى‬
‫الول من فبراير ‪ 1928‬كان المقدم ماليتى يتجه إلى الحصيات لقامة قاعدة متقدمة‬
‫هناك‪ .‬وفى يوم ‪ 5‬فبراير حشدت جميع القوات بقيادة اللواء ميتزيتى بالحصيات‪ .‬وفى‬
‫يوم ‪ 16‬أعيد احتلل مرسى البريقة ) الواقعة بين العقيلة والزيتينية(‪ .‬وكان تحرك اللواء‬
‫ميتزيتى فى ‪ 8‬فبراير ‪ 1928‬يهدف لقامة محطة ثانية على خط اجدابيا – جالو‪.‬‬
‫واستمر زحف الفيالق فى ‪ 29‬مارس ‪ 1928‬لغزو واحة جالو‪ .‬وباحتللها انتهت‬
‫العمليات‪ ،‬حيث خرجت التنظيمات السنوسية من هذه الحداث منهكة وأصبح رئيسها‬
‫السيد الرضا معتقل ً فى اقامة جبرية فى ايطاليا)‪.(79‬ولم يكن سحب بعض التشكيلت‬
‫بقصد استخدامها فى عمليات منطقة سرت يعنى الركود على منطقة الجبل ‪ ،‬حيث‬
‫جرى العمل على انشاء فرقتين سريعتى الحركة ؛ أحدهما فى مراوة والثانية فى‬
‫جردس العبيد‪ .‬خاصة بعدما أشيع أن عمر المختار يعمل على استقطاب النازحين عن‬
‫مناطق جنوب بنغازى وسرت واقناعهم بعدم الرحيل إلى مصر‪ .‬فقام ميتزيتى بعساكره‬
‫الريتريين بشن هجوم مفاجئ على عمر المختار فقتل من المقاومة ‪ 200‬فرد وأصيب‬
‫من الريتريين أربعة)‪ .(80‬لكن أصبح واضحا ً عدم استطاعة القوات اليطالية اليقاع بعمر‬
‫المختار‪ ،‬وأن الهجوم عليه بمنطقة وادى قرنة فى ‪ 29‬اغسطس ‪ 1928‬بأربعة فيالق‬
‫)‪ .(81‬يؤكد بأن العساكر الريتريين موجودون فى كافة الماكن وعبر كافة جبهات القتال)‬
‫انظر الخريطة رقم ‪.(4‬‬
‫خريطة رقم )‪ (4‬وضع العساكر الريتريين فى التنظيم الدفاعى)فبراير‬
‫‪ (1928‬فى سوكنة‬

‫‪15‬‬
‫المصدر ‪ :‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫ثانيهما‪ ،‬أن القوات الرئيسية المكلفة بعمليات هذا الخط اندمجت فيها المجموعتان‬
‫الرئيسيتان فى جيش واحد بقيادة الجنرال جرازيانى فى ‪ 4‬فبراير ‪ .1928‬وأعيد‬
‫تنظيمها لتكون الكتيبة الريترية ‪ 25‬تابعة للمجموعة )أ( بقيادة جالينا‪ .‬وهناك عساكر‬
‫من المشاة الريتريين تابعين للمجموعة )ب( مهمتها احتلل زلة فى ‪ 18‬فبراير) انظر‬
‫الخريطة رقم ‪ .(4‬وتعتبر معركة تاقرفت هى بداية المرحلة الثانية‪ ،‬حيث صدرت‬
‫الوامر لماريوتى بالتحرك من النوفلية شمال ً باتجاه الجنوب بالتزامن مع حركة‬
‫جرازيانى نحو الشمال ‪ ،‬وهدفها الطباق على قوات المقاومة‪ .‬وتحرك ماريوتى بقواته‬
‫)بها الكتيبة الريترية ‪ 26‬مشاة (وتحركت القوات اليطالية من زلة باتجاه مدوين بقيادة‬
‫جالينا ) بها الكتيبة الريترية ‪ 25‬مشاة(حتى وصلت إلى مشارف تاقرفت يوم ‪24‬‬
‫فبراير ‪.(82) 1928‬‬
‫وتعد معركة تاقرفت من أشهر المعارك التى خاضها العساكر الريتريون‬
‫على هذا الخط ‪ ،‬وجاءت شهرتها ليس فقط للخسائر التى لحقت بهم‪ ،‬بل لما تمثله‬
‫تلك الواقعة فى فلسفة المستعمر من توظيف هؤلء العساكر فى أعمال القتال‪ .‬ففى‬
‫مساء ‪ 24‬فبراير ‪ 1928‬حطت القوات رحالها فى منطقة تبعد ‪ 15‬كيلو متر عن منحدر‬
‫تاقرفت‪ .‬وحينما شوهد تأجج نار على نقطتين متباعدتين أصدر جرازيانى أوامره‬
‫بالتوقف عن أى حركة‪ .‬وما إن لح الفجر حتى تحركت القوات تضم الكتيبة ‪25‬‬
‫الريترية التى وقعت فيها مجمل الخسائر‪ ،‬وعلى الجانب البعيد تسير معها إحدى‬
‫الكتائب الليبية‪ ،‬فى حين تولت الكتيبة الريترية الثالثة مهمة حراسة الجانب الشرقى‬
‫فى سوكنة )‪ ) .(83‬انظر الخريطة رقم ‪(4‬‬
‫ولما كانت المقاومة متربصة وراء الكثبان والسدر تنتظر تجمع كل القوات اليطالية‬
‫وسط المنخفض ‪ ،‬ساعتها شعر القادة اليطاليون أنهم وقعوا فى كمين تصعب فيه‬
‫عملية النسحاب‪ .‬حيث كان عدد أفراد المقاومة ‪ 1500‬مقاتل‪ .‬لذا كثف الطابور الثانى‬
‫والثالث من الكتيبة الريترية ‪ 25‬الهجمات عليهم مع أنها كانت تتعرض بمفردها لنيران‬
‫المقاومة‪ ،‬بل كاد أفرادها أن يبادوا عن َاخرهم‪ .‬حيث تظاهر المقاومون بشن هجوم‬
‫أمامى لكنهم فى الواقع كانوا يقومون بحركة إلتفاف من الناحية اليسرى ويتهددون‬
‫القوافل اليطالية التى حماها الجنرال جرازيانى تحت السطح )‪ .(84‬وهذا يعنى أنه كان‬
‫لبد من التضحية بالكتيبة الريترية لنقاذ بقية القوات والنتظار حتى تتضح ملمح‬
‫المعركة‪.‬‬
‫وكانت المقاومة الليبية قد أحاطت وطوقت جناحى الكتيبة ‪ 25‬من كل اتجاه ‪.‬‬
‫)‪(85‬‬

‫ويصف أنجلوا بتشولى ‪ -‬أحد شهود العيان‪ -‬العبء الذى وقع على العساكر الريتريين‬
‫فى هذه المعركة‪ ،‬حين يصف المقاومين بأنهم كانوا كالقطط والفهود يختفوا ليتنقلوا‬
‫بكل حذر من أجمة لخرى‪ ،‬ول يتورعون مستغليين طبيعة الرض بمداهمة الجنود‬
‫بالسلح البيض وشن هجمات مضادة بالسناكى وبالفؤوس والسيوف‪ .‬ويشير " بأن‬
‫عساكرنا صمدوا فى مواجهة المهاجمين ورسخوا أقدامهم‪ ،‬ولم يكترثوا بالنار المنهمرة‬

‫‪16‬‬
‫عليهم من كل جانب‪ ،‬أبلوا بلًء ما بعده بلء‪ ،‬واستماتوا فى أماكنهم فى بطولة نادرة‬
‫وشجاعة خارقة‪ .‬وسرد حوادث البطولة والشجاعة التى أظهرها هؤلء العساكر يشكل‬
‫وثيقة انسانية بالغة الخطورة " )‪ .(86‬وبهذا العتراف يتبين مدى ما وقع على العساكر‬
‫الريتريين من عبء‪ ،‬ليس فقط فى وضعهم فى مقدمات الصفوف‪ ،‬بل وفى التضحية‬
‫بهم لنقاذ بقية الجنود‪ .‬فما حدث للكتيبة ‪ 25‬خير دليل على أنهم كانوا يمثلون كبش‬
‫فداء ومرتزقة يمكن التضحية بهم فى أى وقت‪ .‬ومن ثم فإن الحاطة بوظيفة العساكر‬
‫الريتريين لهو أمر مهم فى معرفة واختزال بعض تفاصيل الحروب الستعمارية‪.‬‬
‫وبالتالى فإن فتح هذا الملف الشائك للدراسة يوضح لنا الكثير مما ارتكبه المستعمرون‬
‫من إفلس أخلقى تجاه توظيف الفريقيين لخدمة أهدافهم الستعمارية ‪ ،‬ومن ثم فإن‬
‫فتح هذا الملف يشكل ضرورة هامة للحاطة بجزء هام من تاريخ أفريقيا فى العصر‬
‫الستعمارى‪.‬‬
‫ويصف جرازيانى ما حدث للكتيبة ‪ " 25‬بأن العدو كان يخرج ويندفع فى مجموعات‬
‫من وراء كل كثب‪ ،‬ومن بين الحجار‪ ،‬محاول ً تطويق جناحى الكتيبة " ويشير إلى أن‬
‫مقاتلى قبيلة أولد سليمان أمطروا الكتيبة بوابل من نيران البنادق والمدافع الرشاشة‬
‫التى بحوزتهم‪ ،‬وألحقوا بهم خسائر فادحة فى الرواح‪ ،‬المر الذى جعله يأمر بانسحاب‬
‫باقى القوات ليعود لنقطة انطلقه الولى لعادة تنظيم القوات )‪.(87‬‬
‫وتختلف أرقام الخسائر التى تركزت فى العساكر الريتريين‪ ،‬فأحد المراجع يشير إلى‬
‫مقتل خمسة ضباط و ‪ 78‬عسكريا ً)‪ .(88‬ويتناقض أنجلو بتشولى مع نفسه – مع أنه‬
‫الصدق لنه شاهد عيان‪ -‬فى عدد القتلى‪ ،‬حيث يشير بأن القتلى من الضباط‬
‫اليطاليين كانوا قادة الكتيبة ‪ ،25‬وذكرهم بالسم ) النقيب برياتيكو ‪ Briatco‬والملزم‬
‫ثان فاكرنيل ‪ ( Wakernel‬وأن عدد القتلى من العساكر الريتريين كانوا ‪ .92‬إل أن‬
‫اشارته بأنه شارك بنفسه فى اقامة نصب تذكارى فى أرض المعركة وأنه كتب بخط‬
‫يده " بأنه فى يوم ‪ 25‬فبراير ‪ – 1928‬السنة السادسة الفاشيستية – سقط خمسة‬
‫ضباط ايطاليين )ذكرهم بالسم(‪ ...‬و ‪ 67‬ضابط صف وعسكريين ليبيين وإريتريين‪،‬‬
‫فلتكن تضحياتهم بأرواحهم المفعمة بالمحبة نداء لنا حقا للقيام بواجبنا المقدس كل‬
‫يوم" )‪ ،(89‬يدلل على أن رقم ‪ 92‬عسكريا ً هو القرب إلى الصواب لن رقم ‪ 67‬سجله‬
‫على النصب التذكارى ساعة الحدث ‪ ،‬وربما قد ارتفع عدد الموتى بعد ذلك نتيجة‬
‫الجراح ليصل إلى ‪. 92‬‬
‫ً‬
‫وحديث أنجلو بتشولى عن هذه المعركة – التى استمرت من الثامنة صباحا حتى‬
‫الرابعة مساًء ‪ -‬وما حدث فيها من بطولت قام بها العساكر الريتريون لهو خير دليل‬
‫على الدور الذى لعبه هؤلء العساكر فى المواجهات مع حركة المقاومة‪ .‬فإشارته عن‬
‫التناحر الذى حدث فى المعركة بالخناجر والسناكى والفؤوس والصراع والتلكم رجل ً‬
‫برجل‪ ،‬يدلل على الشجاعة التى تمتع بها هؤلء العساكر‪ .‬وإشادته بأنهم قاتلوا حماية‬
‫لثلثة َالف رأس من البل يتحتم الدفاع عنها بالسنان لنها محملة بوسائل حياة‬
‫القوات‪ ،‬يدلل على أن التضحية بالريتريين كانت أيسر من فقدان المئونة‪ .‬وأن إشارته‬
‫" بأنه فخور بذهور الشباب الذين قاتلوا أمام تلك المرتفعات فى بئر تاقرفت على‬
‫َ‬
‫مشهد من قائدهم‪ ،‬وكأنهم أبطال اسطوريون‪ ،‬هكذا نراهم نحن ولبد ليطاليا من الن‬
‫فصاعدا ً أن ترى نفس الرؤية " )‪ ،(90‬يدلل على أن السمات المتوفرة لدى العساكر‬
‫الريتريين كانت محل إعجاب وتقدير من اليطاليين‪ ،‬وأنها كانت عنصر الحسم لصالح‬
‫اليطاليين فى النهاية‪.‬‬
‫ويتحدث عبدالرحمن العجيلى ) ولد بطرابلس سنة ‪ ( 1919‬عن معركة تاقرفت‬
‫فيقول " أما نحن الذين عشنا فترة من حياتنا تحت نير الستعمار اليطالى وظلم‬
‫الفاشيست فما زلنا نتذكر كيف كان الحباش ) الريتريون( ينزعجون من مجرد ذكر‬
‫عبارة تاقرفت‪ ،‬وكنا نصيح ورائهم لغاظتهم ونحن أطفال‪ ،‬على اعتقاد أنها شتيمة‬
‫بلغتهم‪ ،‬ولم نكن نعلم أنها كانت معركة لقنتهم درسا ً لن ينسوه")‪ .(91‬وهذا يدلل على أن‬
‫المقاومة الليبية استغلت هذا النصر للتأثير فى المعنويات القتالية لهؤلء العساكر‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫واستمرت عمليات الخط ‪ 29‬شمال ً إلى نهاية مايو ‪ 1928‬وحشد فيها اليطاليون‬
‫إحدى عشرة كتيبة إريترية غير المشتركين فى قوافل التموين والمداد والنقل وغير‬
‫ذلك من اليطاليين والليبيين ‪ .‬وبنتيجة هذه المعركة استطاع اليطاليون أن يحصروا‬
‫قوات المقاومة داخل مناطق محدودة فى فزان ومنطقة الواحات الشرقية والجنوبية‬
‫الشرقية‪ ،‬مما سهل عملية مطاردتهم فى المرحلة الثالثة التى تمت بعد تاقرفت )‬
‫‪ (1930-1928‬والتى على اثرها تم عزل منطقة الجبل الخضر وحصر العمليات‬
‫العسكرية فيه)‪.(92‬‬
‫وبالنسبة لحداث الفترة من أكتوبر ‪ 1928‬إلى يناير ‪ 1929‬فعلى الجبل بدأت الدوار‬
‫فى التفكك والنهيار حتى انقلبت إلى عمليات غزو وسلب ونهب‪ .‬وفى الكفرة رغم أن‬
‫شيخها محمد العابد‪ ،‬أرسل يعلن الستسلم إل أن الهالى ثاروا عليه فغادرها إلى‬
‫تبستى‪ .‬وفى الزاوية أرسلت المقاومة مجموعة للهجوم على البعثة التى أرسلتها‬
‫القوات اليطالية واحتجزوها عن منطقة وادى زيجن‪ ،‬فتحركت القوات اليطالية‬
‫لمواجهتها فى يناير ‪ .1929‬وبعد قتالهم حاولوا الهرب إل أنهم وقعوا فى الفخ الذى‬
‫نصبه لهم فيلق توريللى والكتيبة الريترية الخامسة وفيلق بلدينو ‪ ) Paladino‬ثلث فرق‬
‫هجانة ( فخسرت المقاومة ‪ 226‬قتيل‪ ،‬وقتل قائدهم صالح بوكريم‪ .‬وخسرت القوات‬
‫اليطالية ‪ 12‬إريترى منهم ضابط ايطالى‪ ،‬وجرح ‪ 18‬عسكريا ً )‪.(93‬‬
‫وفى أوائل عام ‪ 1929‬خلف بادليو السيد تيروتزى فى حكومة طرابلس الغرب‬
‫وبرقة‪ ،‬ونصب السيد دومينكو سيشليانى نائبا ً فى برقة‪ .‬وكان للمنشور الول‪ ،‬الذى‬
‫ألقاه بادليو على أهالى برقة مستهل به حكمه‪ ،‬صداه فى نفوس الهالى المستسلمين‬
‫والمقاومين على السواء‪ .‬حيث منح العفو العام لكل من تقدم وسلم نفسه "‪ ...‬إننى‬
‫لن أتحمل مسئولية هذه الحرب – كما يعلم كافة سكان برقة – لننى نطقت كلمة‬
‫السلم ‪ ،‬ولكننى إذا ُأرغمت على شن الحرب ‪ ،‬فإننى سأخوضها بوسائل وأساليب‬
‫جبارة ‪ ..‬لن تكون هدنة لى عاص ‪ ،‬سيلحق هو ومواشيه وورثته‪ ،‬سأدمر الجميع‪:‬‬
‫النسان والشياء")‪.(94‬ومن ثم فإن المهام الملقاة على العساكر الريتريين فى هذا‬
‫التدمير القادم ستكون كبيرة‪ .‬وفى هذا الطار يمكن فهم محادثات وادى سيدى رحومة‬
‫بين عمر المختار واليطاليين فى ‪ 19‬يونيو ‪. 1929‬‬
‫وإذا تأملنا العمليات العسكرية التى قامت بها القوات العسكرية اليطالية لنزع سلح‬
‫دور حسن الرضا فى ‪ ) 1930/ 1/ 18‬انظر الخريطة رقم ‪ (5‬فنجد أن الكتيبة الريترية‬
‫‪ 13‬تقدمت من جهة الشمال الشرقى عند جردس الجرارى‪ ،‬فى حين تقدمت الكتيبة‬
‫الريترية ‪ 22‬من الشمال الغربى‪ ،‬ومن الغرب جاءت كتيبة العساكر الريتريين الـ ‪.15‬‬
‫حيث كان لتلك القوات أيضا ً دور فى تجريد دور البراعصة والدرسة من السلح‪ .‬إذ‬
‫داهمت التشكيلت الريترية وقامت بعملية إلتفاف لتجبر المقاومة بقيادة الحسن الرضا‬
‫على الستسلم‪ .‬وأحدثت هذه المعارك خسائر فى صفوف الريتريين‪ ،‬حيث قتل‬
‫خمسة عساكر وثلثة من رجال إحدى الدوريات‪ .‬وفى الفترة من فبراير ‪ 1929‬إلى‬
‫مارس ‪ 1930‬سقط من المقاومة ‪ 800‬قتيل‪ ،‬بينما كانت خسائر اليطاليين مقتل ‪6‬‬
‫ضباط و ‪ 3‬ضباط صف و ‪ 3‬جنود ايطاليين و ‪ 102‬عسكريا ً إريتريًا‪ ،‬وجرح ثلثة ضباط و‬
‫‪ 4‬ضباط صف وجندى ايطالى و ‪ 215‬عسكريا ً )‪ .(95‬إذا ً الخسائر كانت تنحصر دائما ً فى‬
‫العساكر الريتريين‪.‬‬
‫خريطة رقم)‪(5‬كتائب العساكر الريتريين فى عمليات نزع سلح دور حسن الرضا‬
‫‪1930‬‬

‫‪18‬‬
‫المصدر ‪ :‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.219‬‬
‫ولم يكن الوجود المكثف للعساكر الريتريين فى الجبهة الشرقية يعنى أنهم تحولوا‬
‫عن بكرة أبيهم إلى تلك الجبهة‪ ،‬بل ظلت القوات الريترية تمثل إحتياطيا مهما ً فى‬
‫الجبهة الغربية حيث تقوم بدورها فى تأمين تلك المنطقة‪ ،‬وبدورها الحربى فى‬
‫المناطق الجنوبية لقطع صلتها تماما ً مع مقاومة عمر المختار‪ .‬ولعل الدور الذى قام به‬
‫العساكر الريتريون فى احتلل فزان سنة ‪ ،1929‬خير دليل على هذا المر‪ .‬فقد وقع‬
‫عليهم العبء الكبر فى تحمل مشاق الحرب مشيا ً على أقدامهم لمسافة ما بين ‪-500‬‬
‫‪ 600‬ميل )‪.(96‬حيث تقدمت القوات على محورين لمحاصرة واحة واو‪ :‬المحور الول‪،‬‬
‫مزدة – القريات – الشويرف‪ -‬براك وبه الطابور الصحراوى الول والثانى‪ .‬والمحور‬
‫الثانى‪ ،‬البويرات – الحسون – الجفرة – براك وبه سرب الريتريين السابع عشر‬
‫للى‪.‬وزجت بمجموعة الليبيين والريتريين إلى مراكز العمليات بحيث لم تعد منافذ‬ ‫ا َ‬
‫النجاة أمام الفارين من الهالى ميسرة‪ ،‬إلى أن تم إحتلل فزان بالكامل بنهاية الفصل‬
‫الول من سنة ‪ .(97)1930‬وكانت قيادة الجيش بطرابلس قد أصدرت فى ‪ 10‬نوفمبر‬
‫‪ 1929‬أوامرها بحشد مختلف القوات فى الجنوب‪ ،‬وبها الكتيبة الريترية ‪ 25‬المختلطة‪،‬‬
‫لتتجمع فى منطقة هون‪ .‬وفى صبيحة ‪ 6‬يناير ‪ 1930‬تحركت القوات صوب أم الرانب‪،‬‬
‫وتمت السيطرة على القطاع الجنوبى والستيلء على فزان بكاملها فى بحر ثلثة‬
‫أشهر)‪ .(98‬وما لحق للكتيبة ‪ 25‬من تغيير‪ ،‬بأن أصبحت كتيبة مختلطة بعد أن كانت‬
‫إريترية خالصة‪ ،‬خير دليل على الخسائر التى لحقت بعساكرها الريتريين فى معركة‬
‫تاقرفت‪.‬ونخلص من ذلك بأن العساكر الريتريين كانوا موجودين فى كل مكان تظهر‬
‫فيه قوى المقاومة‪ ،‬وأنهم كانوا دائما ً فى الخطوط المامية للقتال‪ ،‬وأنهم فى الوقت‬
‫الذى كانوا فيه مصدر فخر لليطاليين كانوا مصدر سخرية واستهزاء من جانب حركة‬
‫المقاومة للخسائر التى تقع بينهم ‪ ،‬وأشهر تلك الخسائر معركة تاقرفت‪.‬‬
‫رابعا ً – العساكر الريتريون والمرحلة النهائية فى مواجهة مقاومة‬
‫عمر المختار ‪:‬‬
‫إذا كان العساكر الريتريون ‪ -‬كما رأينا ‪ -‬لهم وجود فاعل فى كل المواجهات التى‬
‫جرت قبل سنة ‪ ، 1930‬إل أن دورهم سيكون هو البرز فى المرحلة النهائية ‪ ،‬خاصة‬
‫بعد قرار الدارة اليطالية بالعتماد عليهم دون غيرهم من العساكر الليبين‪ ،‬لهذا كانوا‬
‫هم أبطال كل المشاهد التى تفاخر بها ايطاليا‪ .‬وحتى يمكننا الوقوف على هذا البروز‬
‫يتعين علينا تقسيم هذا المحور الى نقطتين رئيسيتين ‪:‬‬
‫أ‪ -‬بروز العساكر الريتريين فى العمال القتالية‪-:‬‬
‫لم يقتصر دور العساكر الريتريين فى البروز على المعارك فقط‪ ،‬بل شاركوا فى‬
‫اعتقال عمر المختار وأطلقوا النيران فرحا ً بذلك‪ ،‬وأصبحوا مسئولين عن حراسة سجنه‬
‫إلى أن تم إعدامه‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫وفيما يختص ببروزهم العسكرى خلل المعارك‪ ،‬نجده يرتبط بتلك التغييرات‬
‫التى حدثت بتولى اللواء جرازيانى فى مارس ‪ 1930‬خلفا ً لسيشليانى نائبا ً لولية برقة‪،‬‬
‫فقد كان أول الجراءات التى اتخذها أن جمع مناطق الجبل المقسمة إلى ثلث‬
‫مقاطعات فى مقاطعة واحدة‪ ،‬ووحد القيادات العسكرية فى هيئة واحدة عرفت باسم‬
‫قيادة الجبل‪ .‬أما فى بقية المستعمرة فأقيمت قيادات مناطق‪ ،‬بحيث ركزت السلطات‬
‫السياسية فى يد السلطة العسكرية أيضًا‪ .‬ومع أن جرازيانى لم يطلب عساكر إريتريين‬
‫َاخرين‪ ،‬لقدرة القوات الموجودة على القيام بالمهمة)‪ .(99‬إل أن التكليفات التى ُأنيطت‬
‫لهم لم تكن تمثل خطورة عليهم فحسب‪ ،‬بل إن تصور عدم وجودهم داخل القوات‬
‫اليطالية يطرح صعوبة تصور أن تتحقق تلك النتصارات دونهم ‪.‬‬
‫وبالنظر لتكليف وزير المستعمرات )دى بونو( الواضح فى ‪ 26‬مارس ‪1930‬‬
‫لجرازيانى بضرورة إنهاء مقاومة عمر المختار فى برقة‪ .‬نجد أن عبء هذا التكليف قد‬
‫وقع على الريتريين فقط‪ .‬فأولى الخطوات التى اتخذها جرازيانى هى إلغاء الكتائب‬
‫الليبية التى ظلت متأثرة بشعورها الطائفى والثورى)‪ .(100‬فتخفيض عدد فرسان سرايا‬
‫السوارى من الليبيين‪ ،‬وتخفيض وحدات المن من القوات غير النظامية التى كانت‬
‫كثيرا ً ما تساعد حركة المقاومة )‪ (101‬قد انعكس بصورة مباشرة فى عملية الحلل‬
‫والتبديل الكاملة للعساكر الريتريين ليحلوا محل الليبيين‪ .‬خاصة وأن جرازيانى أصبحت‬
‫لديه شكوك فى ولء الجنود الليبيين‪ ،‬على حين كانت لديه كل الثقة فى عساكره‬
‫الريتريين المسيحيين )‪.(102‬‬
‫وتباينت الرقام حول عدد القوات اليطالية التى أعدت لبرقة‪ ،‬فأحد المراجع يشير‬
‫إلى ‪ 12.500‬جندى‪ ،‬تضم خمس كتائب إريترية وكتيبة قناصة افريقية‪ ،‬هذا غير‬
‫الريتريين المشتركين فى سرايا الفرسان وحرس الحدود وبطاريات المدفعية‬
‫)‪.(103‬وَاخر يحدد قوام القوات بأنه قد استقر على ‪ 13‬ألفًا؛ ألف ما بين ضابط وضابط‬
‫صف‪ ،‬وثلثة َالف جندى ايطالى‪ ،‬وتسعة َالف عسكرى إريترى منتظمة فى ‪ 8‬كتائب‬
‫إريترية وثلث سرايا وغير ذلك من التشكيلت )‪ .(104‬أما أنجلو بتشولى فيشير بأن‬
‫جرازيانى بمجرد تسلمه للسلطة أمر بانقاص حجم القوات من ‪ 23‬ألفا ً إلى ‪ 13‬ألفا ً‬
‫لغيا كتائب الليبيين وأفواج المرتزقة من الباندات والدوريات‪ .‬ويضيف " ولو أن جيش‬
‫برقة قد تقلص حجمه إل أنه ظل يحتفظ بقوته وعدوانيته سليمتين من أى مساس‬
‫بهما‪ ،‬لن ربعه مشكل من جنود ايطاليين والباقى من الريتريين الموثوق بهم"‬
‫)‪.(105‬وثمة نتيجتين هامتين نخلص إليهما‪ :‬الولى‪ ،‬أن كل التقديرات تجمع على أن ثلثة‬
‫أرباع القوات التى واجهت عمر المختار فى المرحلة النهائية كانت من العساكر‬
‫الريتريين‪ .‬الثانية‪ ،‬أن هناك ثقة مطلقة من جانب اليطاليين فى عساكرهم الريتريين‪،‬‬
‫مقابل ثقة مفقودة تماما ً فى العساكر الليبيين‪ ،‬وهذا ما يجعلنا نقطع بأن المرحلة‬
‫النهائية هى مرحلة الريتريين بل منازع‪.‬‬
‫وللتعرف على العباء التى وقعت على العساكر الريتريين لبد لنا من التعرف على‬
‫الجراءات التى اتخذها جرازيانى‪ .‬فقد عكف فى مايو ‪ 1930‬على تعزيز القوات على‬
‫الجبل‪ ،‬حيث أرسل إلى هناك كتيبتين إريتريتين )‪ (15، 14‬لتحل محل ثلثة فصائل من‬
‫الكتيبة السابعة التى سحبت إلى البيار )‪ .(106‬وعند إعادة تشكيل القوات وتنظيمها خلل‬
‫شهر مايو ‪ 1930‬أصدر منشور ‪ 6‬مايو تضمن تجريد معظم المرتزقة الليبيين من‬
‫السلح ثم تسريحهم‪ .‬واستخدمت التشكيلت الخاصة المكونة فى معظمها من مجندين‬
‫إريتريين بعد توزيعها إلى فرق سريعة الحركة‪ ،‬كلفت بالقيام بعملياتها فى القطاعات‬
‫الربعة الكبيرة التى تتركز فيها أنشطة حركة المقاومة‪ :‬البطنان ‪ ،‬الجبل الخضر ‪،‬‬
‫أراضى العواقير )بنغازى( وبطحاء سرت‪ .‬والتعريف الذى أعطاه جرازيانى للفرق‬
‫السريعة الحركة فى منشور أول اكتوبر ‪ 1930‬يوضح لنا بأن مجمل العباء قد وقعت‬
‫على العساكر الريتريين " إن الفرق السريعة الحركة بعد تخليصها من ثقل العتبارات‬
‫السياسية التى كانت تعيق حركتها أو تشكك فى نتيجتها أصبحت بمثابة كلب الصيد‬
‫تنقض بضراوة على أدوار المقاومة ‪ ،‬تنشب فيها أنيابها وتأخذ بتلبيبها وتلحقها فى كل‬

‫‪20‬‬
‫مكان ‪ ،‬حالما تسنح الفرصة‪ .‬تستفز رجالها وترغمهم على القتال رجل ً برجل كما‬
‫تفرضه علينا حرب المقاومة ‪ ،‬أو تسمح لنا به ‪ ،‬مكتفين بانتصارات محدودة حقا ً ‪ ،‬لكنها‬
‫مضطردة " )‪.(107‬‬
‫ويضيف جرازيانى فى نفس المنشور " بأن هذه الفرق يجب أن تكون متيقظة حتى ل‬
‫تؤخذ على حين غرة لن فى ذلك احتمال ً لهزيمتها‪ .......‬ينسى رجالها مشاغلهم اليومية‬
‫ليعيشوا تحت الخيام ‪ ،‬فى كل جو وعلى كل أرض‪ ،‬خطتهم فى القتال النقضاض‬
‫والهجوم المتواصل‪ ،‬ول يفرطون فى إطلق النار‪ ،‬بل يبالغون فى استعمال الحراب‪ ،‬أى‬
‫أنهم فى موقف هجوم فى كل مكان‪ ،‬فهم ل يعرفون هدنه ولهوادة "‪ .‬ولهذا يعترف‬
‫أحد رجال المقاومة بأن أهم المخاوف لديهم تمثل فى خطورة الوقوع فى شراك‬
‫التشكيلت العسكرية هذه )‪.(108‬وهذا المنشور يدلل على أن تلك المهام الصعبة لو‬
‫أوكلت إلى الجنود اليطاليين بمفردهم ما كان يمكن تصور انجازهم لها‪ .‬أو تصور بأن‬
‫جرازيانى يبالغ فى تلك التكليفات لو كانت تلك المواجهات تعتمد على الجنود اليطاليين‬
‫فقط‪ .‬وبهذا نفهم بأن العساكر الريتريين كانوا بمثابة الورقة الرابحة التى راهن عليها‬
‫جرازيانى لنجاز تلك التكليفات‪.‬‬
‫ويتأكد لنا بأن العساكر الريتريين وحدهم هم من يقصدهم جرازيانى من مذكرته ‪ -‬فى‬
‫أول يوليو ‪ -1930‬لوزير المستعمرات دى بونو التى حددت أمرين للقيام بمهمة القضاء‬
‫على مقاومة عمر المختار‪ :‬أولهما‪ ،‬تكليف وحدات من العساكر بمطاردة العصاة وتتبع‬
‫تحركاتهم عن كثب‪ .‬ثانيهما‪ ،‬تكليف تشكيلت من العساكر الذين يمتازون بروحهم‬
‫الهجومية ويؤمن جانبهم‪ ،‬بمراقبة منطقة خاصة تحدد لهم‪ ،‬مع مداهمتها من وقت‬
‫لخر ‪ ،‬والتجوال بدون انقطاع ‪.‬وحددهم بقوله " والعساكر الذين تتوفر فيهم هذه‬ ‫َ‬
‫‪.‬إذا ً هذا المنشور يعترف صراحة بأن عبء دحر المقاومة‬ ‫(‬‫‪109‬‬ ‫)‬
‫الشروط هم الريتريون "‬
‫سيقع على العساكر الريتريين دون غيرهم‪ ،‬وبالتالى أصبحوا هم المكلفون على أرض‬
‫الواقع بمواجهة حركة عمر المختار‪.‬‬
‫ويزداد المر تأكيدا ً بمنشور بادليو الذى عمم على قيادات برقة فى ‪ 7‬يوليو بقوله "‬
‫حضرات السادة الضباط أود أن أبلغكم جميعًا‪ ،‬عليكم جميعا ً أن تقلعوا عن الطريقة‬
‫التى يتبعها العرب وهى إطلق وابل من العيارات عن بعد‪ ،‬والعتقاد بجدوى نتائجها ‪...‬‬
‫وهذه الطريقة التى ليس من شأنها إل إطالة أمد القتال بل نهاية ‪ ،‬تتعارض أيضا ً مع‬
‫طبيعة عساكرنا الريتريين البواسل القتالية وروحهم الندفاعية " وتكليفه لهم بضرورة‬
‫" حسم المعركة جذريا ً بالهجوم واللتحام بالسلح البيض‪ ،‬ثم ملحقة فلول الهاربين‬
‫ملحقة تتسم بالشراسة والضراوة التى ل شفقة فيها ول هوادة حتى النهاية ")‪ .(110‬إذا ً‬
‫الخطة الجديدة كانت تعتمد كل العتماد على العساكر الريتريين‪ ،‬وفى معركة مفتوحة‬
‫بالسلح البيض ‪ ،‬وهذا يشير إلى تصور كيف كان دور الريتريين شرسا ً وعنيفا ً فى‬
‫معركة إنهاء حركة عمر المختار‪.‬‬
‫ويحدد لنا منشور جرازيانى فى أغسطس ‪ - 1930‬بعد أن ُوضعت كتيبة إريترية‬
‫وسرية فرسان تحت إمرة كل قائد على الجبل – طبيعة الوامر التى صدرت للعساكر‬
‫الريتريين‪ ،‬حيث طالبهم بضرورة " التحرك والتحرك الدائم حتى فى الفراغ " ويواصل‬
‫" يجب تفتيش كل بقعة وكل ركن زاوية ‪ ...‬ابحثوا عن العصاة ‪ ،‬أخرجوهم من أماكنهم‪،‬‬
‫أعدموهم بمعدل واحد فى اليوم‪ ،‬كونوا دهاة ماكرين ‪ ...‬على الفرق السريعة الحركة‬
‫أل تخلد إلى الراحة‪ ،‬وأل تتوقف عن التجوال داخل المناطق المحددة لها فى كل‬
‫الظروف ‪ ،‬تحت أشعة الشمس المحرقة أو تحت المطر المنهمر ‪ ،‬فى أى فصل‪ ،‬وفى‬
‫أية لحظة "‪ .‬ويبدو أن تلك الوامر للعساكر الريتريين قد أعجبت بادليو حاكم ليبيا ‪،‬‬
‫فأرسل خطابا ً يشيد بجرازيانى " أحسنتم صنعا ً يا جرازيانى ‪ ....‬استمروا " )‪.(111‬‬
‫وبالنظر لتلك الوامر التى تلقاها العساكر الريتريون من جرازيانى فى معارك النهاية‬
‫ضد مقاومة عمر المختار يمكننا القول بأنه كان مطلوبا ً منهم انجاز مهام فوق طاقتهم ‪،‬‬
‫لهذا تعد تلك المعارك هى مواجهة بين طرفين هما المقاومة الليبية من جهة والعساكر‬
‫الريتريين بقياداتهم اليطالية من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ومن خطاب بادليو إلى جرازيانى فى ‪ 9‬أكتوبر ‪ 1931‬الذى يشيد فيه بالعساكر‬
‫الريتريين " أرجو أن تعربوا عن امتنانى العميق للضباط والجنود الذين خاضوا العملية‬
‫العسكرية الخيرة وكرروا على مسامعهم شعارًا‪ ،‬ل للتراخى وبمواصلة تسديد الضربات‬
‫المؤلمة‪ ،‬سنتمكن أخيرا ً من حسم هذه المعضلة التى أثقلت كاهل بلدنا طوال هذه‬
‫المدة " )‪ ،(112‬نستدل على أن المهمة التى أنجزها هؤلء العساكر كان صعبة للغاية‬
‫ومرهقة ليطاليا‪.‬‬
‫واذا كنا قد عرضنا طبيعة التكليفات والوامر التى صدرت للعساكر الريتريين‪ ،‬فعلينا‬
‫أن نعطى نبذة عن توزيع هؤلء العساكر فى تلك المعارك الحاسمة‪ .‬فقد حدد منشور ‪7‬‬
‫ل‪ ،‬منطقة البطنان‬ ‫يوليو ‪ 1930‬توزيع القوات الريترية السريعة الحركة كما يلى‪ :‬أو ً‬
‫خصص لها‬ ‫) مارماريكا( العسكرية تختص بها الكتيبة الريترية ‪ .13‬ثانيًا‪ ،‬منطقة الجبل ُ‬
‫أربع كتائب إريترية ) ‪ 16‬ومقرها القبة‪ ،‬والـ ‪ 18‬ومقرها بلقيس‪ ،‬والـ ‪ 15‬فى مراوة‪،‬‬
‫والـ ‪ 22‬فى جردس العبيد ( إلى جانب قوات أخرى‪ .‬ثالثا ً ‪ ،‬قطاع بنغازى ُأختصت به‬
‫كتيبتان إريتريتان ) الـ ‪ 15‬فى البيار ‪ ،‬والـ ‪ 8‬فى سلوق (‪ .‬رابعا ً ‪ ،‬منطقة اجدابيا‬
‫العسكرية‪ ،‬حيث تم تشكيل ‪ -‬بمنشور لحق فى ديسمبر ‪ - 1930‬كتيبة إريترية ثامنة‬
‫من عناصر تم سحبها من الكتائب الخرى )‪ .(113‬ونخلص من ذلك بأن قطاع الجبل كانت‬
‫به أكثر الكتائب الريترية‪ ،‬حيث وقع عبء المواجهة مع عمر المختار على الكتائب‬
‫‪ ، 16‬و ‪ 18‬و ‪ 15‬و ‪ ، 22‬ناهيك عن هؤلء الموجودين فى سرايا الفرسان الربعة‪.‬‬
‫وكانت قيادة الجبل هى المسئولة مباشرة عن القتال ضد قوات عمر المختار‪ ،‬وكان‬
‫على رأسها اعتبارا ً من أوائل يوليو المقدم جوسبى مالطا ) رقى إلى عقيد فيما بعد (‪.‬‬
‫وفى تقريره حول عمليات الجبل من يونيو إلى ديسمبر ‪ 1931‬عرض صورة للقوات‬
‫التى كانت باستطاعة عمر المختار فى صيف ‪ .1930‬وقال بأهمية تحسين تدريب‬
‫العساكر ثم تعويدهم على تنسيق عملهم والقيام بسلسلة عمليات تطهير ل تتوقف‪،‬‬
‫ليس فقط للشتباك مع القوة المعادية بل لقطع الطريق عنها ومنعها من النسحاب‬
‫)‪.(114‬ولم تنجح الخطط العسكرية إل بفضل التنظيم العسكرى الذى جرى سنة ‪.1930‬‬
‫ومن أهم نقاطه‪ ،‬تحوير أساليب القتال والتدريب وإلغاء المفرزة الثانية ) رشاشات (‬
‫من الكتائب الريترية‪ ،‬بحيث تضمن لها حرية أكثر فى التحرك السريع‪ ،‬ذلك أنه لم يكن‬
‫هناك لزاما ً لكثافة النيران إذ أن القتال انقلب إلى مناوشات سريعة ومتقطعة)‪.(115‬‬
‫وكان الفراغ الذى أحدثه حشد المستسلمين والضربات المميتة التى تلقتها المقاومة‬
‫قد ساعدت على تفكك الدوار‪ ،‬واقتصر المر على تحركهم جماعات للفلت من قبضة‬
‫التشكيلت اليطالية‪ .‬لذا حاول عمر المختار أن ينقل نشاطه إلى برقة البيضاء لقربها‬
‫من الحدود المصرية‪ ،‬لذا فرضت الحراسة وزيد جنودها على الحدود )‪.(116‬ولما كان عمر‬
‫المختار على دراية وإلمام كامل بالراضى وطبيعتها‪ ،‬خاصة منطقة الحراش الشاسعة‬
‫ذات الكهوف والمتعرجات‪ ،‬بالتالى سهل عليه القيام بأية حركة يقررها)‪.(117‬وبالتالى أخر‬
‫عملية اللحاق به‪.‬‬
‫وبعد استعراضنا لتلك الترتيبات العسكرية التى تمت بشأن هؤلء العساكر‪ ،‬وجب‬
‫علينا أن نستعرض تلك الجهود التى بذلوها خلل المعارك التى خاضوها ضد المقاومة‪.‬‬
‫وتأتى معركة الكفرة فى المقدمة‪ ،‬لتدلل على مدى الستنزاف اليطالى لهؤلء‬
‫العساكر‪ .‬فبعد استكمال التجهيزات قسمت القوات إلى فيالق؛ القوات الرئيسية‬
‫المنطلقة من اجدابيا بها طابورين إريتريين ) الطابور ‪ 100‬رجل ( و ‪ 2885‬عسكريا ً‬
‫إريتريا ً ‪ 1600 ،‬منهم على ظهور البل‪ ،‬ناهيك عن اشتراكهم فى القوات الثانوية‬
‫المنطقلة من واو الكبير للستيلء على َابار زيجن ثم لتداهم الكفرة وتقتحمها من عدة‬
‫جهات‪ .‬وكانت هناك مشكلة التموين لتلك الحملة التى تتكون من ‪ 634‬أبيض ) ضباط‬
‫وجنود( و ‪ 3221‬عسكريا ً ملونا ً )إريتريًا( و ‪ 5517‬جمل ً ‪ .‬ونظمت قافلة برقة الكبرى )‬
‫‪ 300‬سيارة و ‪ 3500‬جمل( لمجموعتين كبيرتين من زيجن للكفرة ‪ ،‬وقافلة من‬
‫الريتريين تحمل المياة ‪ ‬وقافلة منهم كلفت بالحراسة‪ ،‬وأخرى حملت الغذية‪.‬‬
‫وبإحتلل الكفرة قطعت شرايين حياة المقاومة فى برقة‪ ،‬وقتل فيها ضابطين‬

‫‪22‬‬
‫وعسكريين إريتريين وأصيب ‪ 13‬بجروح)‪ .(118‬لحظ العباء التى كان يتحملها قطاع من‬
‫هؤلء العساكر فى حمل الغذية والمياة‪ ،‬ناهيك عن إرهاقهم البدنى – معظمهم عساكر‬
‫مشاة‪ -‬نتيجة قطعهم لتلك المسافات الكبيرة على القدام‪.‬‬
‫وما قام به العساكر الريتريون فى الكفرة من أعمال مشينة حكاها أحد شيوخها‬
‫الذين هربوا وانضموا لعمر المختار‪ ،‬بأنه " كان طوال الليل يسمع ولولة النساء اللواتى‬
‫كان الجنود اليطاليون والعساكر الريتريون يغتصبنُهن" )‪ ،(119‬يشير إلى ذلك الدور القذر‬
‫الذى لعبه هؤلء العساكر من تخويف للمجتمع الليبى‪ ،‬ذلك المجتمع المسلم والقبلى‬
‫المحافظ‪ ،‬فسبب نفورا ً ملحوظا ً ومحسوسا ً من هذا المجتمع للعساكر الريتريين‪ ،‬فراح‬
‫الوعى الشعبى يردد مقولة بأنهم أحباش على اعتبار أنهم ل يمكن أن يكونوا مسلمين ‪.‬‬
‫ولم تكن المهمة الملقاة على عاتق التشكيلت الريترية الخفيفة الحركة سهلة كما‬
‫يصفها مالطا " أن الدعاء بأن خمس تشكيلت أو ست تنطلق من نقاط مختلفة وخلل‬
‫رقعة أرض مساحة صقلية تستطيع السير مسافات هائلة دون أن تصادف عوائق كأداء‪،‬‬
‫لتنقض فى عتمة الليل على عدو ل تراه‪ ،‬وتتلقى فى الوقت المحدد عند نقطة محددة‬
‫على خريطة محملة مقاس ‪ 1.400.000‬لتوقع فى شراكها الواسع الذى نصبته القيادة‪،‬‬
‫عددا ً على درجة ممتازة من البراعة والخفة فى تحركاته‪ ،‬ما هو إل هدف أسمى مجرد ‪،‬‬
‫ل يتسنى بلوغه إل التكرار والمثابرة والستفادة من الخطاء " لهذا فإن جملة الخسائر‬
‫من أبريل إلى سبتمبر ‪ 1931‬ثلثيها سجل فى منطقة الجبل‪ ،‬والباقى فى المناطق شبه‬
‫الصحراوية التى تمر عبرها قوافل تموين المقاومة‪ .‬فعدد قتلى المقاومة ‪ 267‬وخسائر‬
‫الجانب اليطالى ‪ 23‬عسكريا ً إريتريا ً وخمسة من الجنود اليطاليين )‪.(120‬وهذا يدلل‬
‫على مدى الرهاق الذى عاناه هؤلء العساكر فى مواجهات المرحلة النهائية ‪.‬ودامت‬
‫المقاومة من أبريل ‪1930‬إلى سبتمبر ‪ 1931‬تكبدت فيها خسائر فادحة فى الرواح‬
‫والمواشى ‪.‬اختزلها أنجلوا بتشولى فى الجدول التالى‪ ،‬عرض فيه خسائر الجانبين بعد‬
‫واحد وعشرين شهر من الحرب مع المقاومة‪.‬‬
‫خسائر المقاومة‬ ‫خسائر القوات اليطالية‬
‫‪1605‬‬ ‫قتلى مقاومة‬ ‫‪3‬‬ ‫قتلى ضباط‬
‫‪70‬‬ ‫مستسلمين‬ ‫‪6‬‬ ‫جرحى ضباط‬
‫‪927‬‬ ‫بنادق‬ ‫‪1‬‬ ‫قتلى ضباط صف‬
‫‪173‬‬ ‫بنادق سلمت‬ ‫‪2‬‬ ‫جرحى ضباط صف‬
‫‪18‬‬ ‫مسدسات‬ ‫‪3‬‬ ‫قتلى جنود طليان‬
‫‪3‬‬ ‫رشاشات‬ ‫‪5‬‬ ‫جرحى جنود طليان‬
‫‪4‬‬ ‫مدافع‬ ‫قتلى عساكر المستعمرات ‪131‬‬
‫‪833‬‬ ‫خيول مقتولة ومستولى‬ ‫‪257‬‬ ‫جرحى عساكر‬
‫عليها‬ ‫المستعمرات‬
‫ابل مقتولة ومستولى عليها ‪21.552‬‬
‫المصدر‪ :‬عن أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 274‬‬
‫وبالنظر للجدول السابق يتبين لنا بأن الخسائر اليطالية تركزت خلل المرحلة الخيرة‬
‫فى العسكر الريتريين‪ ،‬فكل خسائر اليطاليين عشرون قتيل ً وجريحا ً ‪ ،‬أما الريتريون‬
‫فكانت ‪ 388‬قتيل ً وجريحًا‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بدور الريتريين فى مشهد اعتقال عمر المختار؛ فقد‬
‫شاركت الرتال الريترية فى عملية التطويق)‪ .(121‬واتفقت المراجع على أنهم كانوا‬
‫حاضرين هذا المشهد العسكرى المهم‪ .‬فأحد المراجع يشير بأن العقيد مالطا حينما‬
‫تلقى معلومات‪ ،‬قام بعملية إلتفاف حول المنطقة بواسطة أربعة مجموعات من‬
‫القوات المتحركة‪ ،‬تضم جماعة راقازى ‪ Ragazzi‬واسكوادرونى ‪ Squadroni‬وبياتى ح‬
‫‪ Piatti‬ومارونى ‪ ،Marone‬واستنفر مركز العمليات الجوية فى كل من بنغازى وسوسة‪،‬‬
‫وكذلك الكتيبة الريترية الخامسة والعشرين والسرية السادسة سوارى‪ .‬إلى أن تمكنت‬
‫سرية السوارى السابعة بقيادة النقيب بيريه ‪ Berre‬من القبض على عمر المختار )‪.(122‬‬
‫ونخرج من ذلك بملحوظتين ‪ :‬الولى ‪ ،‬أن غالبية أفراد تلك المجموعات – كما أوضحنا‬
‫سابقًا‪ -‬كانوا من الريتريين‪ .‬الثانية‪ ،‬التحولت التى جرت للكتيبة ‪ 25‬وعودتها مرة أخرى‬

‫‪23‬‬
‫لتكون إريترية خالصة‪ ،‬تدلل على أن الكتائب الريترية قامت بعملية انتقال من الغرب‬
‫الى الشرق حيث جبهة العمليات‪.‬‬
‫ومرجع َاخر يشير بأن هناك ثلث كتائب إريترية ومجموعة سرايا السوارى قد شاركت‬
‫فى عملية اعتقال عمر المختار حينما حشدها القائد مالطا يوم ‪ 10‬سبتمبر‪ ،‬فقامت‬
‫فجر يوم ‪ 11‬بمداهمة دور عمر المختار فى وادى بوطاقة‪ ،‬إل أن الدور لم يبق فى‬
‫مكانه بسبب قاعدة عمر المختار فى عدم التوقف والسراع بالتحرك درءا ً لكل مفاجأة‪.‬‬
‫لكن باكتشاف الطائرات لمكانه وإخطارها أقرب سرية سوارى فأدركتهم فقتلت أحد‬
‫عشر مقاومًا‪ ،‬أما الثانى عشر فقد أحجمت عن قتله‪ ،‬لما اشتبهت أنه عمر المختار‪،‬‬
‫فاقتادته إلى مرسى سوسة‪ ،‬وفى ‪ 12‬سبتمبر ُنقل عمر المختار إلى بنغازى )‪.(123‬ومع‬
‫أن المقالت التى صاحبت عملية القبض على عمر المختار لم تشر لدور العساكر‬
‫الريتريين بوضوح‪ ،‬لكننا نفهم من إشارتها للمجموعات التى قبضت عليه‪ ،‬ومن ذكرها‬
‫للخسائر بكونها مقتل ‪ 3‬ضباط وإصابة ‪ 6‬ومقتل ‪ 121‬عسكريا ً وإصابة ‪ 228‬عسكريا ً‬
‫)‪.(124‬ومن عباراتها التى تتحدث عن العيارات التى أطلقها العساكر المختفين وراء كل‬
‫خميلة ووراء الصخور والنباتات الشوكية فجر يوم ‪ 11‬سبتمبر ‪ 1931‬فى مشهد‬
‫محاصرة الشيخ فى غابة شنشن ‪ ،‬فرحين بالقبض عليه )‪ .(125‬نفهم هذا الدور الواضح‬
‫للريتريين فى معركة العتقال‪ ،‬واحساسهم بالفرح بالقبض على عمر المختار‬
‫ليستريحوا من العناء الذى ظل لمدة ثمان سنوات ‪.‬‬
‫وهناك مظهران أخيران يدللن على بقاء العساكر الريتريين فى الصورة حتى‬
‫المشهد النهائى بإعدام عمر المختار‪ :‬المظهر الول؛ حراستهم لعمر المختار‬
‫داخل السجن ‪ ،‬فعندما وصل السير عمر المختار إلى سجن بنغازى تم تغيير الحراس‬
‫المحليين بحراس إريتريين وتم تغيير الموظفين اليطاليين بموظفين من‬
‫الفاشيست)‪ .(126‬وهذا يدلل على ثقة الفاشيست الكاملة المتوفرة فى الريتريين‪،‬‬
‫وبالتالى ضمان عدم تسريب أية معلومات عن أية ضغوط تمارس على الشيخ ‪.‬‬
‫المظهر الثانى‪ ،‬وجودهم فى صحيفة التهام الموجهه لعمر المختار قبل‬
‫اعدامه‪ ،‬فوثيقة التهامات الموجهه له تعد وثيقة تاريخية مهمة تشهد بدور هؤلء‬
‫العساكر الريتريين فى حرب عمر المختار‪ .‬حيث شهدت الصحيفة عرضا ً لجرائمه فى‬
‫حقهم‪ ،‬فقد وجهت له التهام التاسع وهو مقتل ‪ 28‬عسكريا ً خلل هجوم على قافلة فى‬
‫‪ 30‬نوفمبر ‪ ،1925‬ومقتل ستة من العساكر فى درنة فى ‪ 16‬يونيو‪ .‬ووجهت له التهام‬
‫الحادى عشر بخصوصهم‪ ،‬ويدور حول قتل ‪ 24‬جنديا ً للحراسة وجرح ‪ 5‬عساكر إريتريين‬
‫وسبعة من حراس الدورية فى البيار فى ‪ 8‬ديسمبر ‪ .1928‬وأيضا ً التهام السادس‬
‫عشر الذى يدور حول قيام دوره بجرح ثلثة من العساكر الريتريين فى ‪ 30‬مارس‬
‫بوادى الرملة بدرنة )‪ .(127‬ونخلص من ذلك بنتيجتين‪ :‬أولهما‪ ،‬أن جدارة وقوة وتحمل‬
‫العساكر الريتريين فى مواجهات عمر المختار هى التى جعلتهم يفرضون أنفسهم على‬
‫كل المصادر اليطالية التى تحدثت عن معاركهم مع عمر المختار‪ ،‬رغم أنه ل حديث‬
‫عنهم قبل عام ‪ . 1922‬ثانيهما‪ ،‬أنه يصعب تصور سيناريو الحرب فى المراحل النهائية‬
‫دون وجود هؤلء العساكر‪ ،‬فقد كانوا وقودا ً لمعركة التخلص من مقاومة عمر المختار‪،‬‬
‫وبالتالى يصعب تصور استمرار ايطاليا فى حالة الحرب إذا ما كان قوام جيشها من‬
‫اليطاليين فقط‪ ،‬ومن ثم لعب هؤلء العساكر الدور الرئيسى فى تأكيد الحتلل‬
‫اليطالى لليبيا‪.‬‬
‫ب‪ -‬تحمل العساكر الريتريين للشغال الخرى المرتبطة بالمرحلة‬
‫النهائية ‪-:‬‬
‫فلقد ظهر دور العساكر الريتريون واضحا ً فى كثير من العمال المرتبطة بتلك‬
‫المرحلة ‪ ،‬سواء فى مد الطرق اللزمة‪ ،‬أو حشد وحراسة الهالى المستسلمين‪ ،‬أو‬
‫إقامة السلك الشائك وحراسته ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫وفيما يتعلق بإمداد الطرق ؛ فقد كان نقصان الطرق فى برقة مشكلة تحول دون‬
‫سير العمليات العسكرية اليطالية‪ ،‬لهذا ُبدأ فى إنشاء الطرق بهمة ونشاط قبل‬
‫التحرك العسكرى‪ .‬ونلحظ ذلك المر فى مطالبة جرازيانى بعد توليه المهمة سنة‬
‫‪ 1930‬بإمهاله مدة كافية قبل الدخول فى معركة مع عمر المختار لستكمال التدابير‬
‫الجديدة وعلى رأسها الطرق‪ .‬حيث يقول " وهناك تسعة مواقع عمل لمد وإصلح‬
‫الطرق‪ ،‬اقتضى توفير الحماية لها سحب سرية من كل كتيبة‪ .‬حيث انخفض قوام كل‬
‫كتيبة إلى ثلث سرايا بدل ً من أربع)‪ .(128‬ولما كانت توجد على القل تسع كتائب إريترية‬
‫خالصة‪ ،‬فهذا يعنى أن هناك ‪ 9‬سرايا سحبت منها لمداد وإصلح الطرق‪ ،‬وظلت ‪27‬‬
‫سرية إرتيرية تعمل فى أرض المعركة‪.‬‬
‫وبالطبع فإن العساكر الريتريين وقع عليهم عبء هذه المهمة‪ .‬وأهم الطرق التى‬
‫اشتغلوا بها‪ ،‬طريق شمالى طوله ‪ 138‬كم يربط المرج ببرقة‪ .‬وطريق َاخر جنوبى‬
‫طوله ‪ 141‬كم يمتد من المرج إلى سلنطة – الفايدية – القريات‪ .‬واشتغلوا فى أربعة‬
‫طرق فرعية تربط بين الخطين المذكورين )‪.(129‬ومنشور جرازيانى فى أول أكتوبر‬
‫‪ 1931‬لجميع الضباط والموظفين الذى يشيد فيه بدور العساكر فى موضوع الطرق‪،‬‬
‫يدلل على الدور الذى قام به العساكر فى هذا المر‪ ،‬ونلحظ ذلك فى قوله " إن رجال‬
‫التشكيلت السريعة كانوا يقومون بتوفير الحماية لمواقع أعمال مد الطرق وإصلحها‬
‫وتنظيم حركة المرور " )‪ .(130‬ونخلص من ذلك بأن الريتريين أيضا ً كانوا فى ناصية هذا‬
‫المر‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بحشد الهالى المستسلمين وحراستهم؛ فقد كان حاكم ليبيا‬
‫قد توصل إلى فكرة إقامة معسكرات للمستسلمين من الهالى بعيدا ً عن تحركات‬
‫المقاومة‪ ،‬حيث كانت جموع القبائل تشكل سندا ً للثورة وضمانا ً لستمراريتها‪ .‬ولنتبين‬
‫دور العساكر الريتريين فى هذه المسألة علينا النظر فى أمرين‪ :‬أولهما‪ ،‬دور هؤلء‬
‫العساكر فى حشد الهالى فى المعتقلت‪ ،‬نجد أن قوات القائد مالطة‪ ،‬على‬
‫سبيل المثال‪ ،‬وغالبيتها من الريتريين‪ ،‬كانت منهكة طوال صيف ‪ 1930‬فى توفير‬
‫الحماية لعمليات تهجير الهالى)‪.(131‬بل إذا ما تعرض أحد المعتقلت لهجمات المقاومة‪،‬‬
‫كان هؤلء العساكر مسئولين عن عملية نقلهم إلى معتقلت أخرى‪ .‬فعندما تعرض‬
‫معتقل عين الغزالة ) يقع إلى الغرب من طبرق بحوالى ‪ 45‬كم ( لهجمات المقاومة‬
‫عليه‪ ،‬حسب إشارة أحد المراجع‪ ،‬بأن الجنود الحباش – المقصود الريتريين ‪ -‬هم‬
‫الذين قاموا بنقل المعتقلين‪ .‬حيث أحاطوا بالهالى يسوقونهم على الرجل‪ ،‬ويطلقون‬
‫النار إرهابا ً على كعوبهم‪ ،‬بينما كانت الطائرات تحلق فى السماء والسيارات تحيط بهم‬
‫من كل جهة‪ .‬واستمرت هذه الرحلة الشاقة حتى موقع بوصفية قرب خولن مشيا ً على‬
‫القدام‪ ،‬ثم أكملوا الرحلة بالقطار حتى معتقل العقيلة)‪ .(132‬إذا ً شارك العساكر‬
‫الريتريون فى هذه المشاهد القاسية‪ .‬بل مارسوا كل أنواع القسوة ضد المعتقلين‬
‫خلل عملية سوقهم إلى تلك المعتقلت عن طريق البر‪ .‬حيث أحيط القسم المساق‬
‫بالعساكر الريتريين‪ ،‬يتعقبون كل من تخلف عن المساقين إلى حتفهم‪ .‬بل إن المتخلف‬
‫كان يرمى بالرصاص مع عدم مسئولية الرامى عن القتل)‪.(133‬ومن ثم فإن العساكر‬
‫الريتريين تم توظيفهم فى سياسة افناء السكان الليبيين‪ ،‬حين أوقعوا بالسكان العزل‬
‫لمنيين فى ديارهم وأنزلوا بهم صنوف العذاب‪ ،‬سواء كانوا قادرين على حمل السلح‬ ‫ا َ‬
‫‪.‬ومن ثم فإن العساكر الريتريين لم يتخلفوا‬ ‫)‪(134‬‬
‫أو نساء وأطفال ل حول لهم ول قوة‬
‫عن كافة المشاهد التى واكبت عملية الجهاض لحركة المقاومة بقيادة عمر المختار‪.‬‬
‫ثانيهما‪ ،‬دورهم فى حراسة المعتقلت ؛ فرغم أن هذه المعتقلت كانت تقع فى‬
‫مواقع حصينة إل أنها كانت هدفا ً لقوات المقاومة‪ .‬فعلى سبيل المثال تمكن المجاهدون‬
‫من دور العبيدات والحاسة بالتفاق مع المعتقلين بتدبير كمين للقوات اليطالية‬
‫والستيلء على إحدى قوافل الحراسة والستحواذ على حمولتها من مؤن وذخائر بعد‬
‫قتل عساكر الحراسة)‪ .(135‬وكان معتقل البريقة قد وزعت عليه أطقم حراسة مكونة‬
‫من العساكر الريتريين‪ ،‬المسلحين بالسلحة الخفيفة‪ ،‬على طول السور مكلفين‬

‫‪25‬‬
‫بإطلق النار على كل من يدنو من هذا السور‪ .‬ووضعت قطع من المدفعية المتوسطة‬
‫على كل بوابة من بوابات المعتقل إمعانا ً فى إشاعة جو الرهبة والرعب فى نفوس‬
‫الهالى المعتقلين)‪ .(136‬ومن ثم شكل العساكر الريتريون مصدر الفزع والرعب‬
‫للهالى‪ .‬وبالضافة للحوال الصحية السيئة لتلك المعسكرات )انتشار أمراض الجدرى‬
‫والتيفوس والوبئة( أضيف إلى هذا ما يقترفه العساكر الريتريون لجميع أنواع‬
‫النتهاكات‪ .‬فيروى غيث أبو القاسم أحد معتقلى العقيلة " أنه كان على نسائنا أن‬
‫يحتفظن بوعاء ليقضين فيه حاجتهن البشرية‪ ،‬فهن بخروجهن إلى الخلء يخاطرن‬
‫بالوقوع فى أيدى الحباش " )‪ .(137‬ومن ثم ظلت الذاكرة الشعبية تحتفظ بالصورة‬
‫القبيحة والمرعبة التى مثلها هؤلء العساكر‪.‬‬
‫‪‬‬
‫وكان هؤلء العساكر منتشرين حول السلك الشائكة التى تحيط بمعتقل العقيلة ‪،‬‬
‫حيث كثفت السلطات اليطالية الحراسة حوله بصورة ملحوظة‪ ،‬مكلفين بإطلق النار‬
‫فورا ً على كل فرد تسول له نفسه بالقتراب من السياج سواء من الداخل أو الخارج‪.‬‬
‫ويعاون عساكر الحراسة مجموعة من الفرسان مهمتهم القيام بأعمال دورية على‬
‫طول الساحل ما بين العقيلة والبريقة للقبض على كل من يحاول الهروب من‬
‫المعتقلين)‪ .(138‬ومن ثم أصبح الريتريون هدفا ً لضربات عمر المختار الذى كان يسعى‪،‬‬
‫إما لضم المعتقلين للمقاومة أو للحصول على مواد غذائية‪.‬‬
‫وهكذا كان دورهم فى سلوق‪ ‬ومعتقل المقرون‪ ‬الذى توجد به أربع بوابات للمعتقل‬
‫جهة الشمال ناحية البحر المتوسط ‪،‬وجهة الشرق والغرب والجنوب ‪.‬فقد كانوا يتولون‬
‫حراسة هذه البوابات ومعهم مجموعة من جنود الشرطة اليطاليين‪ .‬وتولوا أيضا ً مهمة‬
‫حراسة معسكرات الطفال‪ ‬التى تولدت عن تلك المعتقلت‪ ،‬لذا صار نظامها صارما ً‬
‫تبعا ً للقواعد المتبعة لوحدات الريتريين‪ .‬واتخذت هذه المعسكرات كوسيلة لتدريب‬
‫وإنشاء الكتيبتين السابعة والتاسعة الليبيتين‪ ،‬للنضمام للكتائب الليبية التى كانت رهن‬
‫التكوين )‪.(139‬وخلصة القول أن مهمة حراسة معسكرات العتقال الخمس العادية التى‬
‫حشر بداخلها ما يقرب من ‪ 80‬ألف شخص ما بين منتصف عام ‪ 1931-1930‬قد‬
‫وقعت حراستها من جهة البر على الفيالق الريترية السريعة الحركة )‪.(140‬وظل أمر‬
‫عودة الهالى إلى الجبل مؤجل ً – رغم انتهاء أعمال مقاومة ‪ -‬لسباب تتعلق بالمن‬
‫حتى النصف الثانى من عام ‪ .(141) 1932‬وهذا يعنى أن حراسة العساكر الريتريين لهذه‬
‫المعتقلت ظلت قائمة حتى تلك السنة‪.‬‬
‫ً‬
‫ولم يقتصر المر على حراستهم لتلك المعتقلت بل حكمها أيضا‪ ،‬من خلل‬
‫الشومباشية ) العرفاء ( وهى أعلى رتبة عسكرية للعساكر الريتريين)‪.(142‬لهذا لم تكن‬
‫وظيفة المعتقل منذ يوليو ‪ 1930‬عزل المستسلمين فقط‪ ،‬بل الضغط عليهم باستمرار‬
‫حتى يعود أقاربهم المنخرطون فى الدوار للعيش معهم فى المخيمات)‪ .(143‬ونخلص من‬
‫ذلك بأن اليطاليين تركوا العساكر الريتريين ليقوموا بالدور القذر فى عملية الضغط‬
‫هذه‪ ،‬بل كما بدا أنهم كانوا يفضلون ويباركون تلك القسوة الصادرة من الريتريين تجاه‬
‫الهالى ‪.‬‬
‫شرع‬ ‫أما فيما يختص بدورهم فى إقامة السلك الشائك وحراسته‪ ،‬فحينما ُ‬
‫‪‬‬
‫فى إقامة سلك شائك يمتد من البردية على ساحل البحر المتوسط إلى واحة جغبوب‬
‫)فى فبراير ‪ (1931‬لخنق عمر المختار فى منطقة الجبل وقطع المدادات القادمة إليه‬
‫من مصر‪ ،‬اشترك فى بنائه ‪ 2500‬من أبناء البلد و ‪ 1200‬من العساكر )‪.(144‬‬
‫ومنذ انشاؤه تقرر إرسال كتائب إريترية محملة على الشاحنات لتعزيز الحراسة‬
‫والمراقبة‪ ،‬واقيمت حامية وادى " مرى " على الحدود )‪.(145‬ومن ثم يتضح دور‬
‫الريتريين فى تلك الدوريات المحمولة التى تراقب الحدود )‪.(146‬فقد عهد بمراقبة‬
‫الطرق التى تربط بين الحدود والجبل إلى قوات منطقة البطنان‪ ،‬وغالبيتها من العناصر‬
‫الريترية‪ .‬وكلفت ثلثة مجموعات من الهجانة تعززها سرية من السيارات المصفحة‬
‫تدعمها بعض الطائرات لمراقبة الشريط الصحراوى الواقع بين خطى ‪ 32-29‬شمال ً‬
‫)‪.(147‬ويشير البعض بأن الوحدات المكلفة بحراسة السلك الشائك كانت تتألف من ثلثة‬

‫‪26‬‬
‫فيالق صحراوية )‪ .(148‬ولم ينته دور العساكر الريتريين فى حراسة هذا السلك بإختفاء‬
‫عمر المختار‪ ،‬ففى ‪ 11‬أكتوبر ‪ 1931‬طاردت وحدة إريترية محمولة على الشاحنات‬
‫ودورية )تتألف من ‪ 50‬جمل ً فى حراسة ‪ 25‬رجل ً بين جالو واجدابيا( قافلة تحاول‬
‫المرور عبر الحدود إلى داخل ليبيا‪ .‬ورغم تمكنها من الفلت حيث توغلت فى الصحراء‬
‫لمسافة ‪ 400‬كم إلى الجنوب من الجبل‪ ،‬إل أنه اكتشف أمرها يوم ‪ 15‬أكتوبر وهى‬
‫تائهة فى الصحراء )‪.(149‬وهذا يدل على أن العساكر الريتريين ظلوا موجودين لحراسة‬
‫السلك الشائك حتى بعد إنتهاء أعمال المقاومة‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بمصير العساكر الريتريين بعد التخلص من عمر المختار‪ ،‬فقد‬
‫استمرت عملية الستعانة بهم‪ ،‬وحالما انتهوا من الجهاض على المقاومة تمامًا‪ ،‬تحولوا‬
‫إلى جبهة قتالية أخرى منذ سنة ‪ ،1935‬حيث دخلوا مع القوات اليطالية الحبشة ‪ ،‬حيث‬
‫تقدم الفيلق العسكرى الريترى من الجهة اليمنى للحباش‪ ،‬والفيلق الريترى‪ -‬اليطالى‬
‫من الجهة اليسرى حتى استطاعوا دخول أديس أبابا فى مارس ‪ .(150) 1936‬ونخلص‬
‫من ذلك بأن الدور الذى لعبه هؤلء العساكر فى انهاء مقاومة عمر المختار كان دورا ً‬
‫رئيسيًا‪ ،‬بحيث يصعب تصور وجود أية مواجهة مع المقاومة دونهم‪.‬‬
‫خامسًا‪ -‬مدى وعى المقاومة بهوية العساكر الريتريين ‪-:‬‬
‫عرفنا من قبل كيف كان دور العساكر الريتريين فى مواجهة مقاومة عمر المختار‬
‫وكيف كان أداؤهم عنيفا ً تجاه المقاومة ! لكن هناك عدد من السئلة تطرح نفسها‬
‫للنقاش‪ ،‬منها‪ ،‬كيف كانت نظرة الليبيين لهؤلء العساكر الريتريين؟ ولماذا لم يكن‬
‫هناك قطع فى مسألة هل هم أحباش أم إريتريون ؟ ولماذا كان هناك قطع فى مسألة‬
‫هويتهم الدينية وبأنها مسيحية ؟ وقطع فى مسألة أنهم مرتزقة ولم يكونوا مكرهين‬
‫على القتال ؟‬
‫ففيما يختص بعدم قطع المقاومة بما إذا كان العساكر أحباش أم‬
‫إريتريين ؛ فالملحظ أن المر قد اختلط على حركة المقاومة‪ ،‬فلم تستطع أن تميز ما‬
‫اذا كانوا من الحباش أم من الريتريين‪ .‬وللتعرف على هذا الخلط علينا أن نتقصى‬
‫سؤال أكثر الحاحًا‪ ،‬هل هذا الخلط لدى المقاومة جاء مقصودا ً بإشاعة اليطاليين هذا‬
‫القول عن هؤلء العساكر أم ل ؟ فحديث فرديناندو مارتينى سنة ‪ 1891‬بأنهم ليسوا‬
‫من إريتريا فقط‪ ،‬بل من السودان والحبشة ومناطق افريقية أخرى‪ ،‬وأنه لم يكن بينهم‬
‫صومالى واحد ‪ ،‬لن الصوماليين ل ينخرطون فى الجيش‪ .‬وأنهم بصفة أساسية من‬
‫منطقة حماسين وتجراى – يعد خلطا ً واضحا ً بين إريتريا ومناطق الحبشة‪ ،‬فطالما أن‬
‫الغالبية من مناطق حماسين وتجراى إذا ً فقد كانوا من إريتريا‪ .‬غير أن حديثه الذى‬
‫يخلط بين إريتريا والحبشة حينما يشير بأن الحباش " هم رواية المعارك والثورات‬
‫والخلفات ‪ ،‬وكل ما من شأنه أن يسبب المعارك فى المستقبل يشكل مادة أحاديثهم "‬
‫)‪ ،(151‬يدلل على أن سكان بعض المناطق فى إريتريا كانت ايطاليا تنظر اليهم على أنهم‬
‫أحباش‪ .‬ومع ذلك لم يختلط المر على كل اليطاليين‪ ،‬فأنجلو بتشولى ‪ ،‬يشير بوضوح‬
‫إلى أنهم من الريتريين )‪.(152‬مما يدل على أن الخلط لم يكن مقصودا ً ‪ ،‬خاصة مع تأكيد‬
‫المراجع اليطالية بأن ثلثة أرباع العساكر الذين حاربوا عمر المختار كانوا من‬
‫الريتريين‪ ،‬وأنه تم اختيارهم بعناية من العناصر الموثوق بهم جدا ً)‪.(153‬‬
‫لذا فإن السؤال المهم‪ ،‬ما الذى جعل غالبية عناصر المقاومة تنظر لهؤلء العساكر‬
‫على اعتبار أنهم أحباش ؟ فهل يمكن القول باحتمالية تسريب إشاعة أن العساكر‬
‫الريتريين الذين يقاتلونهم هم من الحباش‪ ،‬كان أمرا ً مدبرا ً من قبل الدارة اليطالية‬
‫لزرع الكراهية والحقاد داخل قلوب الليبيين‪ ،‬طمعا ً فى ضمان اشتراكهم فى غزو‬
‫الحبشة بعد ذلك ؟ ورغم أن الدراسة ل تستطيع القطع بهذا المر إل أن المروجين‬
‫لمسألة تطوع الليبيين فى الحرب ضد الحبشة يدفعون لثارة الشكوك حول هذا المر‪.‬‬
‫وبهذا ل يعد قرار غزو الحبشة مرتبطا ً بسنة ‪ ، 1935‬بل كان قرارا ً مسبقا ً تم العداد له‬

‫‪27‬‬
‫جيدًا‪ ،‬من خلل إثارة الحقاد فى نفوس سكان المستعمرات أمل فى ضمان تجنيدهم‬
‫فى العمال العسكرية‪.‬‬
‫ورغم أن قطاعا ً كبيرا من حركة المقاومة الليبية قد حسمت المر؛ بأن اعتبرت‬
‫ً‬
‫هؤلء العساكر من الحباش‪ ،‬مثل غيث أبو القاسم أحد معتقلى البريقة الذى قال بأن‬
‫الذين قاتلوهم كانوا من العساكر المجنديين فى افريقيا الشرقية‪ ،‬وأنه كان من بينهم‬
‫اثيوبيين من مناطق اثيوبيا الشمالية )‪ (154‬وأيضا ً سعد بالحمد ‪ -‬أحد المقاومين فى‬
‫منطقة الجبل الخضر – الذى أشار بأنهم من الحباش )‪ .(155‬ورغم الشارات الكثيرة‬
‫التى مررنا بها من قبل والتى ترجح ميل المقاومة‪ ،‬وميل المراجع الليبية إلى أنهم‬
‫أحباش ‪ ،‬مع ذلك نجد البعض لم يحسم المر بشأنهم‪ .‬فالفلكلور الشعبى ظل يحتفظ‬
‫بالتناقض فى نظرته للعساكر وبأنهم أحباش من مصوع )‪ .(156‬وهناك بعضا ً من أفراد‬
‫المقاومة قد وعى بأنهم من الريتريين‪ .‬ونستدل على ذلك من خطاب بشير السعداوى‬
‫الذى أرسله لموسولينى فى أغسطس ‪ 1926‬حيث ذكر " بأننى حاربتكم بكل قواى‬
‫المعنوية والمادية واستعملت جميع الحيل للدفاع عن الوطن وحماية شعبنا من‬
‫الريتريين المتوحشين ")‪.(157‬ويشترك معه فى هذا ما رواه أحد شيوخ الكفرة لمحمد‬
‫أسد سنة ‪ 1931‬بأنه " طوال الليل كان يسمع ولولة النساء اللواتى كان الجنود‬
‫اليطاليون والعساكر الريتريون يغتصبنُهن")‪ .(158‬ونخلص من ذلك إلى أمرين ‪ :‬أولهما‪،‬‬
‫أن القطاع الكبر فى المقاومة كان يميل إلى أن العساكر كانوا من الحباش وأن‬
‫القطاع الصغر هو الذى وعى بأنهم من الريتريين‪ .‬ثانيهما‪ ،‬أننا ل نعرف الدافع الحقيقى‬
‫الذى جعل المقاومة تقتنع بأنهم من الحباش اللهم إل المبرر الدينى ‪.‬‬
‫ولكن السؤال الذى يطرح نفسه‪ ،‬هل اختلط المر على المقاومة الليبية بأن هؤلء‬
‫العساكر الريتريين الذين ذاقوا الويلت على أيدهم هم من الحباش‪ ،‬هو الذى جعل‬
‫كثير من الليبيين يتعاطفون مع اليطاليين فى حربها ضد الحبشة ؟ وخير مثال على‬
‫ذلك عمر أبو دبوس الذى كتب للوزير المفوض اليطالى بأنه خلل الصراع اليطالى‬
‫الثيوبى سنة ‪ 1934‬اتخذ موقفا ً محايدا متسما ً بالولء رافضا ً مع َاخرين من الزعماء‬
‫النحياز إلى جانب الدسائس التى يحيكها السنوسى)‪.(159‬إذا ً نحن أمام حالة انقسام‬
‫داخل صفوف الليبيين بشأن حرب الحبشة )‪ .(160‬بل إن بعض المعارضين لسياسة‬
‫ايطاليا فى ليبيا من العرب‪ ،‬مثل شكيب أرسلن‪ ،‬تحول إلى مؤيد لحرب الحبشة‬
‫خصوصا ً بعد مقابلته لموسولينى سنة ‪.(161)1934‬‬
‫لكن ما يجعلنا ل نميل إلى الدعاء بأن الذين ذهبوا إلى الحبشة كانوا واعين بقضية‬
‫الثأر من الحباش‪ ،‬هى تلك الخلفية لتكوين الكتائب الليبية داخل ليبيا نفسها‪ .‬فخلل‬
‫معسكرات العتقال استطاعت ايطاليا استقطاب العديد من العساكر الليبيين إلى‬
‫صفوفها‪ ،‬وكونوا منهم الكتائب وسرايا السوارى الليبية‪ ،‬وبعضا ً منهم كانوا من المرتزقة‬
‫تم اغرائهم بالمال)‪.(162‬واستطاعت ايطاليا بالفعل تجنيد حوالى ‪ 40‬ألف ليبى – حسب‬
‫زعم إحدى الدراسات ‪ -‬وضعتهم فى الخطوط المامية فى حرب الحبشة‪ ،‬فهلك منهم‬
‫عدد كبير)‪ .(163‬ومن ثم تصبح الشارة إلى تشكيل كتائب ليبية من المتطوعين للخدمة‬
‫فى شرق افريقيا)‪ ،(164‬ينقصها الدليل التاريخى لثبات بأن هؤلء الجنود الذين حاربوا‬
‫فى الحبشة كانوا من المتطوعين وليسوا من المرتزقة أو المجبرين على القتال‪ .‬فقد‬
‫كان فريق منهم قد تم تدريبه من خلل معسكرات الطفال‪ ،‬حيث تم اختيار " الكبار‬
‫فى السن " لمهنة العسكرية وانتهوا فى اثيوبيا مع الفرقة الليبية‪ ،‬حيث كانوا ديوك‬
‫قتال أحسن إعدادهم)‪.(165‬فقد كان النجاح الذى لقيته الكتائب المختلطة قبل سنة‬
‫‪ 1930‬قد ساعد ايطاليا فى استثمار المكانيات القتالية لها فى حربين‪ :‬الحرب‬
‫اليطالية – الحبشية‪ ،‬وفى الحرب العالمية الثانية)‪.(166‬‬
‫أما فيما يتعلق بهويتهم الدينية والقطع بأنهم مسيحيون؛ فرغم أنه ل‬
‫يمكن القطع بالهوية الدينية لهؤلء العساكر‪ ،‬فى ظل اشارة البعض بأنهم خليط من‬
‫المسلمين والمسيحيين والوثنيين)‪.(167‬إل أن صمت المصادر المتاحة لدينا عن الحديث‬
‫عن الهوية الدينية يزيد المر صعوبة فى هذه المسألة‪ .‬فمن المعروف أن تسعة أعشار‬

‫‪28‬‬
‫رعاياها الفارقة كانوا مسلمون حسبما ورد فى كتاب ايطاليا السلمية ‪L'Italia‬‬
‫‪ Mussulmana‬سنة ‪ .(168) 1928‬ورغم أنه ليس من المستبعد أن يكون ضمن العساكر‬
‫الريتريين جنود مسلمون )‪ ،(169‬إل أن الدوار القذرة التى قام بها هؤلء العساكر تجعلنا‬
‫نستبعد أن تكون غالبية تشكيلة العساكر من المسلمين‪ .‬خاصة مع تشديد إحدى‬
‫الدراسات بأن الليبيين كانوا يقاتلون دفاعا ً عن دينهم ضد القوات المسيحية الغازية‪،‬‬
‫وأنه كان من الطبيعى أن تضاعف السنوسية من تغذية الشعور الدينى لدى المقاومة‬
‫لثارة حماستها الدينية‪ ،‬بمجرد معرفة أن معظم القوات اليطالية كانت من الريتريين‬
‫المسيحين المتعصبين ‪ .(170) Fanatically Christian‬وتأتى مسألة عدم حدوث أى حالة‬
‫تعاطف مع المقاومة لتدفع الشكوك إلى احتمالية أن تكون الغالبية إما مسيحيون أو‬
‫وثنيون‪ .‬رغم اعتراف أنجلو بتشولى الصريح بأن هوية الريتريين الذين حاربوا فى ليبيا‬
‫لم تكن مسيحية فقط )‪.(171‬وإذا رجعنا إلى المسار الذى انتهى إليه هؤلء العساكر فى‬
‫إريتريا بعد الحرب العالمية الثانية حينما أسسوا رابطة المحاربيين القدماء فى إريتريا‬
‫فى أبريل ‪ 1947‬يختلط المر أكثر‪ ،‬حيث نجد أن من بينهم مسلمون ومسيحيون على‬
‫السواء )‪ .(172‬ورغم أن الدراسة ليست لديها ما يقطع بالهوية الدينية لهؤلء العساكر‪ ،‬ال‬
‫أنها ترجح بأنهم كانوا خليطا ً غالبيتهم مسيحيون استنادا ً إلى ما ذكرناه سابقًا‪ ،‬بأن‬
‫غالبيتهم كانوا من منطقة حماسين وتيجراى ‪ ،‬ومن المعروف أن غالبية سكان تلك‬
‫المناطق من المسيحيين‪.‬‬
‫ولعل ما يقطع بهويتهم المسيحية ما قالت به إحدى الدراسات النجليزية‪ ،‬حين‬
‫استدلت على ذلك بأمور ثلث‪ :‬أولها‪ ،‬ثقة القيادات اليطالية المطلقة فيهم‪ .‬ثانيها‪ ،‬أن‬
‫قيادات المقاومة الليبية – خاصة ادريس السنوسى ‪ -‬استخدمت الهويه المسيحية لهؤلء‬
‫العساكر فى تحميس المقاومين خلل عمليات القتال‪ .‬ثالثها‪ ،‬اعتبار هؤلء العساكر أنهم‬
‫فى حرب دينية ضد المسلمين الليبيين)‪ .(173‬غير أن شراسة هؤلء العساكر – فى‬
‫تقديرى ‪ -‬هى التى جعلت الوعى الشعبى غير منشغل بمسألة الهوية الدينية لهم‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن هؤلء ل يمكن أن يكونوا مسلمين‪ .‬وهذا المر يمكن تلمسه فى محاكمة عمر‬
‫المختار عندما سئل عن اليطاليين الموجودين معه‪ ،‬فلم يشر إلى أن أحدا ً من الثلثة‬
‫الذين انضموا إليه كان من الحباش أو الريتريين‪ ،‬بل ذكر بأن جميعهم من اليطاليين‬
‫)‪ .(174‬فإذا كان اليطاليون قد تعاطفوا ودخلوا فى السلم فما بالك لو كان هؤلء‬
‫العساكر مسلمين‪ .‬وهذا ل يعنى أن الشراسة التى أبدوها فقط هى التى تجعلنا نميل‬
‫إلى تصنيفهم بأنهم من غير المسلمين‪ ،‬لكن عدم وجود أى حالة تعاطف من الريتريين‬
‫تجاه الفعال التى ترتكب تجاه المسلمين الليبيين لهو أمر يثير الشكوك‪ .‬هذا رغم‬
‫احتمالية دحض هذا القول‪ ،‬على اعتبار أن الليبيين قاتلوا إخوانهم فى ذات الحرب ضد‬
‫المقاومة فى الفترة التى سبقت عام ‪ .1930‬لكن يمكننا تقديم حجة مضادة بأن‬
‫الجراءات التى اتخذتها ايطاليا فى تفكيك الكتائب الليبية سنة ‪ 1930‬ربما يطرح بأن‬
‫قطاعات كبيرة من المنضمين الليبيين ليطاليا يمكن تصنيفها على أنها كانت تكتيكا ً‬
‫حربيا ً استخدمته المقاومة‪ ،‬توصلت من خلله لسترتيجيات العدو اليطالى وخططه‪،‬‬
‫وبالتالى ل يمكن تصنيف كل من انضم للجيش اليطالى على اعتبار أنه خائن وعميل‪.‬‬
‫بدليل كراهية اليطاليين لفعالهم‪ ،‬ولول حل تلك الكتائب لما نجحت الدارة اليطالية‬
‫فى كسب الجولة النهائية‪ .‬ونستخلص فى النهاية بأن وعى المقاومة الرسمى كان‬
‫يقطع بأنهم مسيحيون‪ ،‬على حين لم ينشغل الوعى الشعبى بتلك المسألة‪ ،‬فقد كانت‬
‫وحشيتهم وقسوتهم مانعا ً فى تصور بأن يكون هؤلء المتوحشون من المسلمين‪.‬‬
‫وفيما يختص بقطع حركة المقاومة بأن العساكر الريتريين من‬
‫المرتزقة؛ فرغم حديثنا فى أول الدراسة بأن تشكيلة العساكر كانت من المجندين‬
‫والمرتزقة على السواء‪ ،‬إل أن الوعى الشعبى حسم هذا المر بشأنهم‪ ،‬بحيث وضعهم‬
‫فى خانة المرتزقة‪ .‬وأكد ذلك أحد المصادر اليطالية حينما تطرق إلى معركة الجوش‪،‬‬
‫فذكر " أن القوات التى ساندت جرازيانى فى تلك المعركة على الساحل الغربى كانت‬
‫من المرتزقة الريتريين" )‪ .(175‬ومثلما نظر الوعى الشعبى لهم على أنهم مرتزقة‪،‬‬

‫‪29‬‬
‫نظرت إليهم المقاومة كذلك على أنهم مرتزقة حرص المستعمر بأن يجعلهم فى‬
‫الصفوف المامية)‪.(176‬‬
‫ونحن من جانبنا ل نوافق على تلك النظرة بالمطلق‪ ،‬فقد كان قطاعا ً منهم مكرهين‬
‫على القتال‪ .‬ونستدل على ذلك من نظرة أحد مؤرخى حركة التحرر الريترية‪ ،‬حينما‬
‫أشار بأنهم كانوا مكرهين على القتال من أجل الغراض الستعمارية فى ليبيا )‪.(177‬‬
‫ومثلما أجبروا على الحرب فى ليبيا نفس المر حدث خلل حملة ايطاليا على الحبشة‬
‫بين عامى ‪ ،1936-1935‬حيث اقتيدوا للقتال فى الصفوف الولى لتحقيق الهداف‬
‫اليطالية )‪.(178‬بل إنه بالنظر لمسألة تأسيس هؤلء العساكر لرابطة المحاربيين القدماء‬
‫فى إريتريا فى أبريل ‪.(179) 1947‬والتى ترغب فى استمرار وصاية ايطاليا عليها‪ ،‬نلحظ‬
‫بأنهم قد استمروا فى الولء ليطاليا‪ .‬ومع أن بعضهم أثبت فعليا كراهيته لسياسة‬
‫التمييز بينهم وبين الجنود اليطاليين‪ ،‬حيث قام أحدهم بقتل قائد القوات اليطالية فى‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ففتح الباب لدخول الحلفاء اسمره وانهيار المقاومة اليطالية‬
‫)‪.(180‬إل أن غالبيتهم استمروا على السير فى فلك الدارة اليطالية‪ .‬مما يرجح بأن‬
‫رابطة المال ظلت هى القاعدة الساسية فى استمرار ولء هؤلء العساكر حتى بعد‬
‫خروج ايطاليا من إريتريا‪.‬‬
‫خاتمة ‪-:‬‬
‫تخلص الدراسة فى النهاية إلى عدد من النتائج ‪-:‬‬
‫•• أثبتت الدراسة بأن الكتائب الريترية كانت موزعة عبر أنحاء ليبيا‪ ،‬وأن بعضا ً من هذه‬
‫الكتائب عمل فى طرابلس ) ‪ ( 7 ، 6 ، 10،12 ، 19‬وأن بعضا ً منها عمل فى برقة )‬
‫‪ (2 ،18 ، 4 ، 71 ، 13 ، 11 ، 9‬وأن هناك كتائب إريترية عملت بين منطقتى‬
‫برقةوخط العرض ‪ ° 29‬شمال ً ) ‪، 24 ، 3 ، 16 ، 13 ، 15 ، 14 ، 6 ، 12 ، 10، 7‬‬
‫‪ (17 ، 113 ، 20 ، 26 ، 25‬مما يدلل على ما كانت تمثلة تشكيلة الكتائب الريترية‬
‫فى المواجهات التى جرت ضد حركة المقاومة بقيادة عمر المختار‪ .‬ورغم أنه ليمكن‬
‫القطع برقم نهائى حول مجموع العساكر الريتريين الذين شاركوا فى حروب المقاومة‪،‬‬
‫إل أنه يمكن القياس بما كانوا عليه فى المرحلة النهائية‪ ،‬وبأنهم كانوا يمثلون ثلثة أرباع‬
‫القوات‪ .‬فمن خلل الكتائب التى رصدناها عبر الدراسة يمكننا طرح رقم ‪23.450‬‬
‫عسكريا ً إريتريا ً كعدد اجمالى للعساكر الذين عملوا فى الكتائب الريترية )باعتبار أن‬
‫كل كتيبة بها ‪ 750‬عسكريًا(‪ ،‬ومع ذلك ل تدعى الدراسة بأن هذا العدد هو العدد‬
‫النهائى‪ ،‬بل يمكن لدراسة أخرى أن تزيد فى التفصيل‪ ،‬وتظهر بها أرقام أخرى تختلف‬
‫أو تتفق مع هذه الدراسة‪ ،‬خاصة مع عدم استطاعتنا رصد الريتريين فى بقية‬
‫التشكيلت العسكرية الخرى ‪.‬‬
‫•• أثبتت الدراسة بأن عام ‪ 1922‬هو عام الظهور الحقيقى للعساكر الريتريين فى‬
‫ليبيا‪ ،‬ورصدت الدراسة بأن ‪ 9‬كتائب إريترية كانت تعمل فى تلك السنة‪ ،‬ووصلت فى‬
‫المرحلة النهائية إلى ‪ 16‬كتيبة‪ ،‬وهذا يدل على أن عملية استمرار جلب الكتائب من‬
‫إريتريا ظلت مفتوحة حسب متطلبات الحرب‪.‬‬
‫•• استعرضت الدراسة التكليفات والمهام التى ألقيت على كاهل العساكر الريتريين‪،‬‬
‫ورصدت عملية انتشارهم وجهودهم القتالية‪ ،‬فاستنتجت بأنهم كانوا السبب الرئيسى‬
‫فى حسم المعركة مع حركة المقاومة الليبية‪ ،‬سواء من خلل أساليبهم القتاليه‬
‫وقدرتهم على تحمل مشقات الطبيعة ‪ ،‬أو من خلل الممارسات القبيحة والدنيئة‬
‫والعنيفة التى مارسوها ضد المجتمع الليبى‪ ،‬أو من خلل العمال والشغال الخرى‬
‫التى قاموا بها‪ ،‬كمد الطرق وحراسة المعتقلت وحمل الغذية والمياة فى مختلف‬
‫جبهات القتال مع المقاومة الليبية ‪.‬‬
‫•• إذا كانت المقاومة قد حسمت أمرها بشأن هوية العساكر الدينية والقومية وبشأن‬
‫مسألة ارتزاقهم إل أن الدراسة خالفت وعى المقاومة فى مسألة الهوية القومية لهؤلء‬
‫العساكر‪ ،‬وقالت بأنهم إريتريين وليسوا أحباش‪ ،‬وخالفتها فى مسألة أنهم لم يكونوا‬

‫‪30‬‬
‫جميعا ً من المرتزقة‪ ،‬ومع ذلك رجحت ما رجحته المقاومة بخصوص هويتهم المسيحية‪.‬‬
‫ول تدعى الدراسة فى النهاية أنها قد وصلت للقول الفصل فى مسألة هؤلء العساكر‬
‫خصوصا ً عملية إحصاء اعداهم ‪ ،‬لذا تدعو الباحثين بأن يدلوا بدلوهم فى تناول هذا‬
‫الموضوع الهام‪.‬‬

‫هوامش الدراسة ‪-:‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ (1)1‬مجمع اللغة العربية ‪ :‬المعجم الوجيز ‪ ،‬طبعة خاصة بوزارة التربية والتعليم ‪ ،‬جمهورية مصر العربية ‪ ،2004 ،‬ص ‪. 418‬‬
‫‪ (2)2‬جورجو روشا ‪ -:‬قمع المقاومة فى برقة ‪ ، 1931 -1927‬فى انزو سانتاريللى ‪ ،‬جورجو روشا ‪ ،‬رومين رائنيرو ‪،‬‬
‫ولويجى فوليا ‪ -:‬عمر المختار واعادة الحتلل الفاشى لليبيا‪ ،‬ترجمة عبدالرحمن سالم العجيلى ‪ ،‬منشورات مركز جهاد‬
‫الليبيين للدراسات التاريخية‪ ،‬سلسلة الدراسات المترجمة ‪ ، 7‬الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ‪،‬‬
‫‪ ، 1988‬ص ‪.71‬‬
‫‪ (3)3‬عمر محرم أحمد عبدالرحمن ‪ -:‬جرازيانى ودوره فى مد نفوذ ايطاليا الستعمارى فى ليبيا والقرن الفريقى ‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراة غير منشورة ‪ ،‬معهد البحوث والدراسات الفريقية ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ، 1995 ،‬ص ‪. 149‬‬
‫‪.Wright, John :- Libya, Ernest Benn Limited, London ,1969,P.156 (4)4‬‬
‫‪ (5)5‬انجيلوا ديل بوكا ‪ -:‬اليطاليون فى ليبيا ‪ ،‬الجزء الثانى ‪ ،‬ترجمة محمود على التائب ‪ ،‬منشورات مركز جهاد الليبيين‬
‫للدراسات التاريخية‪ ،‬سلسلة الدراسات المترجمة ‪ ، 31‬الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ‪.1995،‬‬
‫‪ (6)6‬وأشهرهم أنور باشا الذى حارب اليطاليين فى البداية ثم انضوى تحت خدمتهم ‪ ،‬حيث أثبت جهدا ً ضد مقاومة طرابلس ‪،‬‬
‫وفى برقة كان يعرف الرض شبرا ً شبرا ً ‪ ،‬للمزيد أنظر ‪ ،‬عقيل محمد البربار ‪ -:‬حركة عمر المختار فى الجبل الخضر ‪-1923‬‬
‫‪ ، 1931‬فى مجموعة من الساتذة الباحثين ‪ -:‬بحوث ودراسات فى التاريخ الليبى ‪ ، 1943-1911‬الجزء الثانى ‪ ،‬منشورات‬
‫جامعة الفاتح ‪ ،‬مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية‪ ،‬الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ‪ ، 1984 ،‬ص‬
‫‪. 284‬‬
‫‪ (7)7‬الوثيقة رقم )‪ -:(103‬ترحيب عميد بلدية بنغازى بزيارة وزير المستعمرات والشادة بأعمال ايطاليا والشادة بالتفاهم‬
‫السائد بين الجكومة وادريس السنوسى منذ عام ‪،1916‬فى الوثائق اليطالية ‪ ،‬المجموعة الولى ‪ ،‬ترجمة شمس الدين‬
‫عرابى بن عمران ‪ ،‬اعداد الفرجانى سالم الشريف ‪ ،‬منشورات مركز جهاد الليبيين ضد الغزو اليطالى ‪ ،‬سلسلة الوثائق‬
‫التاريخية‪ ، -1-‬الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ‪ ، 1989‬ص ص ‪.416-413‬‬
‫‪ (8)8‬عقيل محمد البربار ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 284‬‬
‫‪ (9)9‬وكان عدد الجنود الذين ذهبوا اليه ما بين ‪ 60-50‬مقاوم ‪ ،‬غير هؤلء الذين انضموا اليه من مصراته وطرابلس ‪ ،‬للمزيد‬
‫انظر ‪ ،‬خليفة محمد الدويبى ‪ -:‬مقابلة الشيخ الطاهر أحمد الزاوى ‪ ،‬من أرشيف شعبة الرواية الشفوية‪ ،‬مجلة الشهيد ‪،‬‬
‫مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية‪ ،‬الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ‪ ،‬ص ص ‪. 230 ، 229‬‬
‫‪ (10)10‬الوثيقة رقم )‪ (105‬بتاريخ ‪ -:29/6/1922‬خطبة لحمد القساطوى المستشار لدى حكومة طرابلس ‪ ،‬ألقاها ترحيبا‬
‫بزيارة وزير المستعمرات وتحامل فيها على المقاومة ‪ ،‬ويتهجم فيها على زعمائها ويثنى على الحكم اليطالى ويدعو فيها‬
‫إلى اتباع سياسة الشدة ضد المقاومة ويمجد أعمال الوالى‪ ،‬فى الوثائق اليطالية ‪ ،‬المجموعة الولى ‪ ،‬ترجمة شمس الدين‬
‫عرابى بن عمران ‪ ،‬اعداد الفرجانى سالم الشريف ‪ ،‬منشورات مركز جهاد الليبيين ضد الغزو اليطالى ‪ ،‬سلسلة الوثائق‬
‫التاريخية)‪ ، (1‬الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ‪ ، 1989‬ص ص ‪.433-429‬‬
‫‪ (11)11‬الوثيقة رقم )‪(109‬بتاريخ ‪ -:5/11/1922‬رسالة من عزام وبشير السعداوى والصادق بالحاج إلى احمد المريض بشأن‬
‫خطة احتلل ورفلة وعن الصعوبات من منطقة الجبل وكذلك حول الحداث السياسية التى وقعت فى تركيا وانجلترا وايطاليا‪،‬‬
‫فى الوثائق اليطالية ‪ ،‬المجموعة الولى ‪ ،‬ترجمة شمس الدين عرابى بن عمران ‪ ،‬اعداد الفرجانى سالم الشريف ‪،‬‬
‫منشورات مركز جهاد الليبيين ضد الغزو اليطالى ‪ ،‬سلسلة الوثائق التاريخية)‪ ، (1‬الجماهيرية العربية الليبية الشعبية‬
‫الشتراكية العظمى ‪ ، 1989‬ص ص ‪ ،454 ،453‬وكذلك أنظر ‪ ،‬الوثيقة )‪ (110‬بتاريخ ‪ -:14/11/1922‬بيان والى برقة يهاجم‬
‫فيها أعمال الشغب ويتوعد بتطبيق العقوبات الشديدة على القائمين بهذه العمال ‪ ،‬وعلى كل من يقدم لهم المساندة ‪ ،‬ص‬
‫ص ‪ ،459 -457‬وكذلك أنظر‪ ،‬الوثيقة )‪ (114‬بتاريخ ‪ -:4/12/1922‬رسالة من عزام وبشير السعداوى والصادق بالحاج الى‬
‫احمد المريض يخبره باحتلل غريان من قبل العدو ‪ ،‬وأن هناك جبهة ستقوم أمام يفرن وغريان وأنهم سيثيرون الحماس فى‬
‫الناحية الشرقية وعن تكوين لجنة هناك برئاسة عمر المختار ‪ ،‬حيث يتوافد المتطوعون ‪ ،‬ص ص ‪.475-473‬‬
‫‪ (12)12‬عبدالعظيم رمضان ‪ -:‬الغزوة الستعمارية للعالم العربى وحركات المقاومة ‪ ،‬دار المعارف ‪ ، 1985 ،‬ص ص ‪، 216‬‬
‫‪. 217‬‬
‫‪ ‬الدوار ‪ :‬هو اسم اطلق على المعسكرات فى القسم الشرقى من ليبيا منذ الغزو اليطالى عندما كان هناك جنود أتراك‬
‫يقفون إلى جانب المقاومة ‪ ،‬حيث كان المقاومون يأتون لهذه الدوار بالتناوب‪ ،‬وهو نفس النظام الذى اتخذه عمر المختار‬
‫بعد سنة ‪ ، 1922‬للمزيد أنظر ‪ ،‬عقيل محمد البربار ‪ -:‬حركة عمر المختار فى الجبل الخضر ‪ ، 1931-1923‬فى مجموعة‬
‫من الساتذة الباحثين ‪ -:‬بحوث ودراسات فى التاريخ الليبى ‪ ، 1943-1911‬الجزء الثانى ‪ ،‬منشورات جامعة الفاتح ‪ ،‬مركز‬
‫جهاد الليبيين للدراسات التاريخية‪ ،‬الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ‪ ، 1984 ،‬ص ‪.288‬‬
‫‪ (13)13‬عبدالله العروى ‪ -:‬المبادرات والمقاومة الفريقية فى شمال افريقيا وفى الصحراء الكبرى ‪ ،‬فى أ ‪َ .‬ادو بواهن ‪ -:‬تاريخ‬
‫افريقيا العام ‪ ،‬المجلد السابع ‪ :‬افريقيا فى ظل السيطرة الستعمارية ‪ ، 1935-1880‬اليونسكو ‪ ،‬ط ‪ ، 1997 ، 2‬ص ‪. 284‬‬
‫‪ (14)14‬حامد صالح زكى ‪ -:‬إريتريا والتحديات المصيرية ‪ ،‬دراسة وثائقية فى الشعب الريترى وكفاحه المسلح ‪ ،‬دار الكنوز‬
‫الدبية ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،1979 ،‬ص ‪. 141‬‬
‫‪ (15)15‬عثمان صالح سبى ‪ -:‬تاريخ إريتريا ‪ ،‬دار الكنوز الدبية ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،1984 ،‬ص ‪. 181‬‬
‫‪ (16)16‬عثمان صالح سبى ‪ -:‬جغرافيا إريتريا ‪ ،‬دار الكنوز الدبية ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،1983 ،‬ص ص ‪. 129 ، 128‬‬
‫‪ (17)17‬حامد صالح ذكى ‪ -:‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 144‬‬
‫‪ ‬كانت هذه المناطق ضمن ولية الحبش التى خضعت للحكم العثمانى ثم خضعت للحكم المصرى فى القرن ‪ ، 19‬بل‬
‫جرت محاولت سنة ‪ 1875‬من قبل الحبشة لضمها‪ ،‬لكنها لم تفلح‪ ،‬حيث تصدت لها القوات المصرية‪ ،‬وبعد النسحاب‬
‫المصرى من تلك المناطق ّالت ليطاليا منذ سنة ‪ ، 1889‬للمزيد انظر ‪ ،‬حامد صالح ذكى ‪ -:‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪-128‬‬
‫‪ ،. 138 ، 130‬هذا بالضافة إلى أن رحلة جيمس بروس للمنطقة سنة ‪ 1773‬أشارت إلى أن منطقة حماسين كانت تخضع‬
‫لسلطة النائب وهو الذى يحكم من قبل العثمانيين‪ .‬والمعاهدة التى عقدتها ايطاليا بشأن ترسيم الحدود ما بين اثيوبيا واريتريا‬
‫فى ‪ 10‬يوليو ‪ 1900‬وما تبعها من معاهدة ملحقة فى ‪ 15‬مايو ‪ 1902‬تشير الى أن منطقة حماسين تقع داخل اريتريا‬
‫اليطالية وأن منطقة التيجراى هى امتداد لتيجراى اثيوبيا ‪ ،‬للمزيد انظر ‪ ،‬عثمان صالح سبى ‪ -:‬تاريخ إريتريا ‪ ،‬دار الكنوز‬
‫الدبية ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،1984 ،‬صص ‪ ،180 ،179 ، 143‬وكذلك انظر ‪ّ ،‬امال اسماعيل شاور ‪ -:‬إريتريا دراسة‬
‫جغرافية ‪ ،‬فى عبدالملك عودة) محرر( ‪ -:‬اريتريا دراسة مسحية شاملة ‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية ‪ ،1996 ،‬ص ‪. 19‬‬
‫‪ (18)18‬فرديناندو مارتينى ‪ -:‬إريتريا فى افريقيا اليطالية‪ ...‬انطباعات وذكريات ‪ ،‬منشورات فرانيللى تريفس – ميلنو ‪،1896‬‬
‫ترجمة جبهة التحرير الإريترية ‪ ،‬دار الكنوز الدبية ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ، 1984،‬ص ص ‪. 67، 66‬‬
‫‪ (19)19‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 70 ، 68، 67‬‬
‫‪ (20)20‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪.68،69‬‬
‫‪ (21)21‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 70 ، 69‬‬
‫‪ (22)22‬مصطفى سعد الهاين ‪ -:‬أثر العامل الدينى فى الجهاد الليبى ‪ ،‬منشورات مركز دراسات جهاد الليبيين ‪ ،‬سلسلة‬
‫الدراسات التاريخية ‪ ،10 ،‬ط ‪ ، 1‬الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ‪ ،1980 ،‬ص ‪. 81‬‬
‫‪ (23)23‬فرديناندو مارتينى‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 71‬‬
‫‪ (24)24‬حامد صالح زكى‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 145، 144‬‬
‫‪ (25)25‬عثمان صالح سبى ‪ -:‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 173‬‬
‫‪ (26)26‬محمد عثمان أبو بكر ‪ -:‬تاريخ إريتريا أرضا ً وشعبا ً ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1994 ،‬ص ‪. 416‬‬
‫‪ (27)27‬الوثيقة رقم )‪(2‬بتاريخ ‪ -: 20/1/1912‬رسالة إلى رئيس الوزراء جولينى بشأن خطاب من الشريفة علوية المرغنى إلى‬
‫ابن عمها مرغنى السكندرية‪ ،‬فى الوثائق اليطالية ‪ ،‬المجموعة الولى ‪ ،‬ترجمة شمس الدين عرابى بن عمران ‪ ،‬اعداد‬
‫الفرجانى سالم الشريف ‪ ،‬منشورات مركز جهاد الليبيين ضد الغزو اليطالى ‪ ،‬سلسلة الوثائق التاريخية)‪ ، (1‬الجماهيرية‬
‫العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ‪ ، 1989‬ص ‪ ،11‬كذلك أنظر ‪ ،‬الوثيقة )‪ (3‬بتاريخ ‪ -: 2/2/1912‬رسالة إلى رئيس‬
‫مجلس الوزراء ‪/‬روما‪ /‬طلب برقيا من حكومة اريتريا النص العربى لرسالة المرغنى‪ ،‬ص ‪ ،13‬وكذلك انظر‪ ،‬الوثيقة )‪ (5‬بتاريخ‬
‫‪ -: 17/2/1912‬رسالة إلى رئيس الوزراء حول عدم رغبة الشريفة ‪ /‬علوية المرغنى فى نشر رسالتها ‪ ،‬لنها رسالة شخصية‬
‫وسيؤلمها نشرها‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ (28)28‬مذكرات جوليتى ‪ ،‬السرار العسكرية والسياسية لحرب ليبيا )‪ ، (1912 -1911‬تعريب خليفة محمد التيلسى ‪،‬‬
‫منشورات الشركة العامة للنشر والتوزيع والعلن ‪ ،‬طرابلس ‪ ،‬ص ص ‪.71-69‬‬
‫‪.Wright, John :- Op.Cit.,P.134 (29)29‬‬
‫‪ (30)30‬محمد على التركى ‪ -:‬حركة الجهاد العربى اللليبى فى الفترة من بداية سنة ‪ 1924‬إلى مارس ‪ ، 1927‬منشورات‬
‫مركز جهاد الليبيين ‪ ،‬سلسلة الدراسات التاريخية ‪ ،37‬الجماهيرية العربية الشعبية الشتراكية العظمى ‪ ،‬ص ‪. 21‬‬
‫‪.Wright, John :- Op.Cit.,P.134 (31)31‬‬
‫‪ (32)32‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬ايطاليا ما وراء البحار ‪ ،‬الجزء المتعلق بليبيا ‪ ،‬الجانب العسكرى ‪ ،‬ترجمة عبدالرحمن العجيلى ‪ ،‬مركز‬
‫جهاد الليبيين للدراسات التاريخية‪،‬سلسلة الدراسات المترجمة ‪ ،19‬الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى‪،‬‬
‫‪ ،1993‬ص ص ‪.21 ، 18‬‬
‫‪ ‬الكتيبة عبارة عن ثلث سرايا وثلث فرق خيالة وفصيل من الشرطة وبطارية‪ ،‬ومعها مؤنتها تكفى ليومين وكمية من العلف‪.‬‬
‫‪ (33)33‬محمد على التركى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 35 ، 33‬‬
‫‪ ‬وخطط فى المرحلة الولى أن تقوم باحتلل مصراته والخمس وجنوب زوارة ‪ .‬وفى المرحلة الثانية أن تلتزم القوات موقع‬
‫الدفاع فى القطاع الشرقى فى مصراته والوسط وطرابلس وأن تشن الهجوم على القطاع الغربى ) جنوب زوارة( ‪ .‬وفى‬
‫المرحلة الثالثة أن تواصل القوات الزحف حسبما تسفر عنه عمليات المرحلتين الولى والثانية‪.‬‬
‫‪ (34)34‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪.45 -44 ،42 ، 39‬‬
‫‪ (35)35‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪.48 ، 47‬‬
‫‪ ‬فهو أحد شهود العيان وهو صاحب كتاب ايطاليا فيما وراء البحار‪ ،‬الذى اعتمد على وثائق وتقارير ودراسات وصور وخرائط‬
‫تم تجميعها بأمر من وزير المستعمرات اليطالى )دى بونو (وأخرجها أنجلو بتشولى سنة ‪ ، 1933‬للمزيد انظر ‪ ،‬أنجلو‬
‫بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 8‬‬
‫‪ (36)36‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ (37)37‬عمر محرم أحمد عبدالرحمن ‪ -:‬جرازيانى ودوره فى مد نفوذ ايطاليا الستعمارى فى ليبيا والقرن الفريقى ‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراة غير منشورة ‪ ،‬معهد البحوث والدراسات الفريقية ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ، 1995 ،‬ص ص ‪. 86 ، 84‬‬
‫‪ (38)38‬نفسه‪ ،‬ص ص ‪. 105، 103 ،101 ، 94‬‬
‫‪ (39)39‬محمد على التركى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 82 - 80‬‬
‫‪ (40)40‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ (41)41‬كان الريتريون هم عماد سلح المشاة ‪ ،‬ووضعت خطة احتلل ترهونة بأن يتقدم فيلق مسلتة الذى يقوده العقيد‬
‫بيتزارى ‪ ،‬يتكون من ‪ 3100‬جندى مشاة و ‪ 300‬فارس من الريتريين ‪ ،‬ينطلقون من الشمال‪ .‬ومن الجنوب الغربى يتقدم‬
‫فيلق جرازيانى الذى قوامه ‪ 3700‬عسكرى مشاة‪ .‬ومن الغرب يهجم فيلق الجفارة بقيادة بيلى المكون من ‪ 1400‬وبذا‬
‫أمكن دخول ترهونة‪ .‬لهذا كانت خسائر المقاومة ‪ 1500‬قتيل ‪ .‬أما خسائر اليطاليين فقد انحصرت فى العساكر الريتريين ‪،‬‬
‫فهناك قتيل و ‪ 240‬جريحا ً ‪ ،‬للمزيد انظر‪ ،‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 63، 61 ، 56‬‬
‫‪ (42)42‬نفسه ‪.‬‬
‫‪ (43)43‬عقيل محمد البربار ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 295‬‬
‫‪ (44)44‬مع اشتراك عدد ل بأس به من الرعايا الثيوبيين ‪ ،‬وكان يتولى شئونهم ضباط ايطاليون ‪ ،‬للمزيد أنظر ‪ ،‬جورجو‬
‫روشا ‪ -:‬قمع المقاومة فى برقة ‪ ، 1931 -1927‬فى انزو سانتاريللى ‪ ،‬جورجو روشا ‪ ،‬رومين رائنيرو ‪ ،‬ولويجى فوليا ‪-:‬‬
‫عمر المختار واعادة الحتلل الفاشى لليبيا‪ ،‬ترجمة عبدالرحمن سالم العجيلى ‪ ،‬منشورات مركز جهاد الليبيين للدراسات‬
‫التاريخية‪ ،‬سلسلة الدراسات المترجمة ‪ ، 7‬الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ‪ ، 1988 ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ (45)45‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫‪ (46)46‬نفسه ‪ ،‬ص ‪. 160‬‬
‫‪ (47)47‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 168 ،165‬‬
‫‪ (48)48‬نفسه‪ ،‬ص ص ‪. 171 ،169‬‬
‫‪ (49)49‬محمد على التركى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 119 ،118‬‬
‫‪ (50)50‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 123 ،120 ،119‬‬
‫‪ (51)51‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪.133 ،132 ، 130‬‬
‫‪ (52)52‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 127 ، 126‬‬
‫‪ (53)53‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪. 175 ،172 ،171‬‬
‫‪ (54)54‬محمد على التركى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.128 ، 127‬‬
‫‪ (55)55‬بلغت خسائر المقاومة فى تلك الفترة ‪ 512‬قتيل ً و ‪ 895‬جريحا ً ‪ ،‬للمزيد انظر ‪ ،‬محمد على التركى ‪ -:‬المرجع السابق ‪،‬‬
‫ص ص ‪. 138 ،136، 135 ، 134‬‬
‫‪ (56)56‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪.176 ، 175‬‬
‫‪ (57)57‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 181-178‬‬
‫‪ (58)58‬فاطمة علم الدين عبدالواحد‪ -:‬حدود مصر الغربية " دراسة وثائقية " ‪ ،‬سلسلة مصر النهضة ‪ ،‬العدد ‪ ، 49‬مركز وثائق‬
‫وتاريخ مصر المعاصر ‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب ‪ ،1994 ،‬ص ص ‪. 181-178‬‬
‫‪ (59)59‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 166-164‬‬
‫‪ (60)60‬محمد على التركى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.146 ، 144 ، 143‬‬
‫‪.Wright, John :- Op.Cit.,P.156 (61)61‬‬
‫‪ (62)62‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 186 ،185‬‬
‫َ‬
‫‪ (63)63‬جورجو روشا ‪ -:‬قمع المقاومة فى طرابلس ‪ ،‬فى انزو سانتاريللى واخرون ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 74‬‬
‫‪ ‬هى أرض منخفضة منبسطة تقع جنوب جردس العبيد بحوالى ‪ 15‬كيلو متر وقريبة من َابار أم الجوابى وتوجد بها بعض‬
‫الغابات التى اتخذتها المقاومة مكانا ً صالحا ً للستقرار والراحة لفترة من الزمن‪.‬‬
‫‪ (64)64‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 187‬‬
‫‪ (65)65‬محمد على التركى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪ .159-157‬هناك من يقول بأن القتلى من العساكر بلغ ‪ ، 312‬للمزيد‬
‫انظر ‪ ،‬على محمد الصلتى ‪ -:‬تاريخ الحركة السنوسية فى افريقيا ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ، 2005،‬ص ‪. 440‬‬
‫‪ (66)66‬محمد على التركى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.169‬‬
‫‪ (67)67‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 188‬‬
‫‪ (68)68‬على محمد الصلتى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 441 ، 440‬‬
‫‪ (69)69‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 191‬‬
‫‪ (70)70‬أطلق البعض بأن ايطاليا كانت تسيطر بالنهار فى حين كانت هناك حكومة عمر المختار الليلية‪ ،‬حيث تمارس جباية‬
‫العشار ‪ ،‬للمزيد انظر ‪ ،‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.80-78 ، 76‬‬
‫‪ (71)71‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 187‬‬
‫‪ (72)72‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 196 ،194 ،193‬‬
‫‪ (73)73‬نفسه ‪ ،‬ص ‪. 197‬‬
‫‪ (74)74‬عمر محرم أحمد عبدالرحمن ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.113 ،112 ،110‬‬
‫‪ (75)75‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪.118 ، 117، 115 ،114‬‬
‫‪ (76)76‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 197‬‬
‫‪ (77)77‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 92 ، 89 ، 88 ، 83،87‬‬
‫‪ (78)78‬نفسه ‪.‬‬
‫‪ (79)79‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 204 ،203 ،210‬‬
‫‪ (80)80‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 207 -205‬‬
‫‪ (81)81‬نفسه ‪ ،‬ص ‪. 208‬‬
‫‪ (82)82‬عمر محرم أحمد عبدالرحمن‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 123 ، 122‬‬
‫‪ ‬وصفت بأنها تمثل قطعة من جهنم على وجه الرض ‪ ،‬فهى بطحاء قاحلة جرداء موحشة تحف بها كهوف ومرتفعات متعرجة‬
‫وصخرية من كل جانب وبها مدرجات طبيعية وعرة وتضاريس ملتوية وصخور مبعثرة‪ .‬وأهميتها فى أنها ملتقى طرق القوافل‬
‫من الشمال والجنوب حيث تقع فى نطاق واحات الجفرة ‪.‬‬
‫‪ (83)83‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 99 ،98، 93‬‬
‫‪ (84)84‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 100 ، 99‬‬
‫‪ (85)85‬مصطفى سعد الهاين ‪ -:‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 81‬‬
‫‪ (86)86‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫‪ (87)87‬عمر محرم أحمد عبدالرحمن ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 127 ، 126‬‬
‫‪ (88)88‬فى حين خسرت المقاومة ‪ 500‬قتيل ‪ ،‬انظر ‪ ،‬عمر محرم أحمد عبدالرحمن‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 127‬‬
‫‪ (89)89‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 104 -102‬‬
‫‪ (90)90‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 105 ، 104‬‬
‫‪ (91)91‬نفسه ‪ ،‬ص ‪. 106‬‬
‫‪ (92)92‬عمر محرم أحمد عبدالرحمن ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.132 ،127‬‬
‫‪ (93)93‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 213-211‬‬
‫‪ (94)94‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 218 ،216 ،215‬‬
‫‪ (95)95‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 221-219‬‬
‫‪ ‬حدثت تغييرات فى أوائل سنة ‪ 1929‬حيث عين دى بونو فى منصب وزير المستعمرات وسحب من ولية طرابلس الغرب‬
‫ليتقلد منصبه الجديد‪ ،‬للمزيد انظر‪ (،‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 111‬‬
‫‪.Wright, John :- Op.Cit.,PP.161,162 (96)96‬‬
‫‪ (97)97‬على صالح محمد فرعيدة ‪ -:‬الزحف على فزان ومعركة واو ) يوليو ‪ -1929‬مارس ‪ ( 1930‬مجلة الشهيد ‪ ،‬مركز‬
‫جهاد الليبيين للدراسات التاريخية‪ ،‬الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى‪ ،‬ص ص ‪،178 ، 172 ، 171 ،165‬‬
‫‪. 180‬‬
‫‪ (98)98‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 141 ،138 ،137، 131 ، 125 ، 124‬‬
‫‪ (99)99‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 222 ،221‬‬
‫‪ (100)100‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 127‬‬
‫‪ (101)101‬عمر محرم أحمد عبدالرحمن ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 147 ، 146، 141‬‬
‫‪.Wright, John :- Op.Cit.,PP.163,164 (102)102‬‬
‫‪ (103)103‬عقيل محمد البربار ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 300‬‬
‫‪ (104)104‬بها سرية خاصة لحرس الحدود محمولة على العربات‪ ،‬وكذلك تشكيلين صحراويين‪ ،‬وأربع سرايا فرسان وبطاريتى‬
‫مدفعية متحركة محمولة على العربات و ‪ 500‬شاحنة و ‪ 35‬طائرة‪ ،‬للمزيد أنظر ‪،‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‬
‫‪ ، 113‬وكذلك عمر محرم أحمد عبدالرحمن ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 149 ، 148‬‬
‫‪ (105)105‬انجيلوا ديل بوكا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 215‬‬
‫‪ (106)106‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪.225-223‬‬
‫‪ (107)107‬روميو رائنيرو ‪ -:‬أسر عمر المختار ومحاكمته واعدامه فى اطار السياسة الفاشية واعادة احتلل ليبيا‪ ،‬فى انزو‬
‫سانتريللى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.200 -198‬‬
‫‪ (108)108‬روميو رائنيرو ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.200‬‬
‫‪ (109)109‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 117 ، 115‬‬
‫‪ (110)110‬ويواصل منشور ‪ 7‬يوليو ‪ " 1930‬يجب أل يتعرض الضغط لى تراخ أو وهن ‪ ،‬مهما بدا تافها ً ‪ ،‬إذ ينبغى أن يكون القتال‬
‫متواصل ً وصارما ً واندفاعيا ً بصورة متصاعدة ‪ ،‬ونحن ل نضع حدود لخط سلوكنا هذا ‪ ،‬ليس ذلك فحسب ‪ ،‬بل نرى أن ضغطنا ‪،‬‬
‫لكى يكون حاسما ً ونهائيا ً ‪ ،‬لبد أن يتواصل ليس ليام أو شهور بل لسنوات ‪ ،‬للمزيد انظر ‪،‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪،‬‬
‫ص ‪. 125‬‬
‫‪ (111)111‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.127 ، 126 ، 125‬‬
‫‪ (112)112‬نفسه‪ ،‬ص ‪. 127‬‬
‫‪ (113)113‬وتجدر الملحظة بأن المشاة والفرسان فى القوات المتحركة كان قوامهم من الريتريين ) باستثناء القادة‬
‫ومساعديهم ( أما القوات المرابطة فى الحاميات وهى عبارة عن الوحدات الفنية ) الطيران والمدرعات وَاليات النقل ( فقد‬
‫كلنت تتألف من الجنود اليطاليين‪ ،‬للمزيد انظر‪ ،‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 128‬‬
‫‪ ‬دور البراغثة)‪ 300‬مقاتل ( ودور البراعصة – الدرسة )‪ ( 380‬ومجموعة البراعصة‪ -‬العرفة)‪ ( 50‬والدرسة )‪.( 40‬‬
‫‪ (114)114‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 129‬‬
‫‪ (115)115‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.257‬‬
‫‪ (116)116‬نفسه ‪ ،‬ص ص ‪.235 ، 233 ، 232‬‬
‫‪ (117)117‬حبيب وداعة الحسناوى ‪ -:‬الساليب الحربية فى حركة جهاد الليبيين ‪ ،‬فى مجموعة من الساتذة المتخصصين ‪-:‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 354‬‬
‫‪ ‬قل حملهم من المياة نتيجة الستهلك من زيجن للكفرة ليصبح ‪ 16‬ألف لتر بعد أن كانوا يحملون ‪ 36‬الف لتر لمسافة‬
‫‪ 400‬كيلو متر بين جالو وزيجن‪.‬‬
‫‪ (118)118‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪.255 ،254 ،247 ، 245- 242 ، 240 ، 237‬‬
‫‪ (119)119‬التقى به زيد الشمرى ) عراقى ( ومحمد أسد ) صاحب كتاب الطريق الى السلم ( حينما ذهبا سرا لمقابلة الشيخ‬
‫عمر المختار عن طريق الصحراء الغربية ‪ ،‬فحكى الشيخ لمحمد أسد هذه الرواية ‪ ،‬للمزيد انظر ‪ ،‬على محمد الصلتى ‪-:‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.483 -480‬‬
‫‪ (120)120‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 139 ، 138‬‬
‫‪ (121)121‬انجيلوا ديل بوكا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.262‬‬
‫‪ (122)122‬رومين رائنيرو‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.214‬‬
‫‪ (123)123‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 142 ، 141‬‬
‫‪ (124)124‬ملحق رقم )‪ (1‬مقال دانتى ماريا توينتى ‪ ،‬مفوض التحاد الفاشستى‪ -‬برقة ‪ ،‬فى ‪ 28‬سبتمبر ‪ ، 1931‬فى انزو‬
‫سانتاريللى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.295‬‬
‫‪ (125)125‬ملحق رقم )‪ (2‬مقال ساندو ساندرى ‪ -:‬عمر المختار ‪ ،‬فى انزو سانتاريللى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 287 ، 286‬‬
‫‪ (126)126‬على محمد الصلتى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.489 -488‬‬
‫‪ (127)127‬رومين رائنيرو ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.252 ،251‬‬
‫‪ (128)128‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 121‬‬
‫‪ (129)129‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 227 ، 225‬‬
‫‪ (130)130‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 127‬‬
‫‪ (131)131‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ . 129‬وقد قاموا بنصب ‪ 3252‬خيمة ليواء أهالى العواقير فى المنطقة‬
‫الواقعة بين العقيلة واجدابيا ‪ .‬و ‪ 2964‬خيمة للعبيات بمرسى البريقة ‪ ،‬و ‪ 7000‬خيمة لهالى مرماريكا حشروا بنعتقل‬
‫العقيلة‪ .‬و ‪ 2861‬خيمة للبراعصة والدرسة بمعتقل سيدى أحمد المقرون‪ ،‬و ‪ 8417‬خيمة للعواقير وعبيد وعرفة وزعت بين‬
‫سلوق وسواتى تربة والبيار وبين بنغازى ودريانة‪ ،‬للمزيد أنظر‪ ،‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.228‬‬
‫‪ (132)132‬يوسف البرغيتى ‪ -:‬المعتقلت ‪ ،‬فى مجموعة من الساتذة الباحثين ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.308 -305‬‬
‫‪ (133)133‬على محمد الصلتى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.457‬‬
‫‪ (134)134‬هنرى انيس ميخائيل ‪ -:‬العلقات النجليزية الليبية مع تحليل للماهدة النجليزية‪ -‬الليبية‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للتأليف‬
‫والنشر ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1970 ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪ (135)135‬يوسف البرغيتى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.307-305‬‬
‫‪ (136)136‬يقع معتقل البريقة على شاطئ خليج سرت بين اجدابيا شرقا ً والعقيلة غربًا‪،‬ويضم ‪ 36‬ألف فرد لم يعد منهم الى‬
‫موطنه الصلى إل ‪ 12‬ألف حيث مات الباقى إما نتيجة للجوع أو للمراض أو العدام ‪ ،‬للمزيد أنظر‪ ،‬عمر محرم احمد‬
‫عبدالرحمن ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 165 ، 164 ، 158 ،155 ، 154‬‬
‫‪ (137)137‬انجيلوا ديل بوكا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 240 ، 239‬‬
‫‪ ‬سياج المعتقل عبارة عن أسلك شائكة على هيئة المربع عرضه ‪ 6‬أمتار وإرتفاعه مترين وطول ضلعه ثلثة كيلو مترات‬
‫مربعة‪ ،‬وسمى بمعتقل العقوبات ويقع إلى أقصى الغرب من البريقة وتبعد عن بنغازى ‪ 285‬كيلو متر‪ .‬وسمى المعتقل‬
‫بمعتقل العقوبات نظرا ً لما طبق على الهالى المحجوزين به من اجراءات صارمة منها العدام لكل من تثبت ادانته بالتعاون‬
‫مع المجاهدين‪.‬‬
‫‪ (138)138‬عمر محرم احمد عبدالرحمن ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 167 ، 165‬‬
‫‪ ‬يقع معتقل سلوق وهى الى الجنوب من بنغازى بحوالى ‪ 60‬كم وهو معسكر كبير المساحة وشهد أكبر حادثة وهى اعدام‬
‫عمر المختار حيث اجبر ‪ 20‬الف على مشاهدة هذا المشهد المروع ‪ ،‬انظر‪،‬عمر محرم احمد عبدالرحمن ‪ -:‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص ‪.176‬‬
‫‪ ‬يقع إلى الجنوب الغربى من سلوق ‪ ،‬ويستقبل الهالى من قبائل البراعصة والدرسة وخليط من القبائل الخرى ‪ ،‬وهو يشبة‬
‫معتقل سلوق والبيار ويختلف عن معتقل البريقة والعقيلة‪ ،‬فيه يتجمع الهالى من مختلف القبائل لمنعهم من التصال‬
‫بالمقاومة‪.‬‬
‫‪ ‬يشير جرازيانى فى تقريره للجنرال بادليو بتاريخ ‪ 26‬اكتوبر ‪ 1931‬عن انشاء معسكرات للطفال ‪ ،‬وان أول معسكر هو‬
‫معسكر المقرون للطفال ما بين ‪ 15 -6‬سنة وضم ‪ 539‬طفل ً من البراعصة ‪ .‬و ‪ 120‬طفل ً من الدرسة‪ .‬وبلغ مجموع أطفال‬
‫المعسكرات ‪ ، 2800‬انظر ‪ ،‬عمر محرم احمد عبدالرحمن ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪، 190 ، 188 ، 187‬‬
‫‪ (139)139‬عمر محرم احمد عبدالرحمن ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 190 ، 188 ، 187 ، 171، 170‬‬
‫‪ (140)140‬رومين رائنيرو‪ -:‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫‪ (141)141‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 166‬‬
‫‪ (142)142‬نفسه ‪ ،‬ص ‪. 123‬‬
‫‪ (143)143‬عمر محرم احمد عبدالرحمن ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 199‬‬
‫‪ ‬يمتد لمسافة ‪ 270‬كم‪ ،‬بدأ العمل فيه منذ ابريل ‪ 1931‬لمدة ستة أشهر الى سبتمبر ‪.1931‬‬
‫‪ (144)144‬انجيلوا ديل بوكا ‪ -:‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫‪ (145)145‬رومين رائنيرو ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 226‬‬
‫‪ (146)146‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 135 ، 134‬‬
‫‪ (147)147‬عمر محرم احمد عبدالرحمن ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 219‬‬
‫‪ (148)148‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 271 ، 270 ، 268‬‬
‫‪ (149)149‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 145‬‬
‫‪ (150)150‬صلح الدين ابراهيم محمد زكى ‪ -:‬الستعمار اليطالى فى الحبشة فى الفترة من ‪1935‬الى ‪ ، 1941‬رسالة ماجستير‬
‫غير منشورة ‪ ،‬معهد البحوث والدراسات الفريقية ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ،1983 ،‬ص ص ‪.51 ، 50 ، 48‬‬
‫‪ (151)151‬فرديناندو مارتينى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 67، 66‬‬
‫‪ (152)152‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ، ،‬ص ‪. 8‬‬
‫‪ (153)153‬انجيلوا ديل بوكا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪215‬‬
‫ً‬
‫‪ (154)154‬الملحظ أن مترجم الكتاب يعلق على هذا المر ذاكرا أن هناك إريتريون بينهم أحباش من شمال اثيوبيا وسودانيين‬
‫جنوبيين وصوماليين بينهم يمنيين وقليل من الكينيين‪ .‬وأن العساكر كانوا خليطا ً من المسلمين والمسيحيين والوثنيين ‪ ،‬انظر ‪،‬‬
‫انجيلوا ديل بوكا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.240‬‬
‫‪ (155)155‬فيروى بأن أباه علمه أهمية توجية الرصاص إلى الرتب ‪ ،‬لذا كمن بمفرده فى إحدى المعارك وركز على توجية‬
‫الرصاص إلى الحباش الذين يحملون الرتب وعلى الضابط اليطالى الذى يقودهم وهو يختلف تماما عن الحباش ‪ ،‬وقال‬
‫اصابته لهؤلء الرتب جعلت الحباش الخرين مندفعين يطلقون رصاصهم الطائش فى كل التجاهات‪ ،‬وأنه تمكن بفضل حسن‬
‫الموقع الذى كمن فيه أن يقتل العديد منهم‪ ،‬وأن يغنم منهم تلك الغنائم التى حصلوا عليها من المقاومة ‪ ،‬للمزيد انظر ‪،‬‬
‫مصطفى سعد الهاين ‪ -:‬المرج السابق ‪ ،‬ص ‪. 81‬‬
‫‪ (156)156‬حيث لعبت الهازيج الشعبية دورا ً فى الحتفاظ بهذا الخلط ‪ ،‬وهذا احداها يرتجز فى دور الدرسة قائل ً " يا مصوع‬
‫رد ‪ ....‬والفت الهد " للمزيد انظر ‪ ،‬مصطفى سعد الهاين ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 83‬‬
‫‪ (157)157‬انجيلوا ديل بوكا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪297‬‬
‫‪ (158)158‬على محمد الصلتى ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 483‬‬
‫‪ (159)159‬انجيلوا ديل بوكا‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.299‬‬
‫‪ (160)160‬على محمد الصلتى‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.529‬‬
‫‪ (161)161‬انجيلوا ديل بوكا‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.294 -290‬‬
‫‪ (162)162‬جورجو روشا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.137 ، 136‬‬
‫‪ (163)163‬صلح العقاد ‪ -:‬ليبيا المعاصرة‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية ‪ ، 1970 ،‬ص ‪. 38‬‬
‫‪ (164)164‬صلح الدين ابراهيم محمد زكى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.40 ، 39 ، 36‬‬
‫‪ (165)165‬انجيلوا ديل بوكا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.243 ، 242‬‬
‫‪ (166)166‬على صالح محمد فرعيدة‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 180‬‬
‫‪ (167)167‬انجيلوا ديل بوكا ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 240 ، 239‬‬
‫‪ (168)168‬انزو سانتاريللى وَاخرون‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 46 -43‬‬
‫‪ (169)169‬فرديناندو مارتينى ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.70 ، 69‬‬
‫‪.Wright, John :- Op.Cit.,P.155 (170)170‬‬
‫‪ (171)171‬أنجلو بتشولى‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 245‬‬
‫‪ (172)172‬السيد رجب حراز ‪ -:‬الصول التاريخية للمشكلة الريترية ‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية ‪ ، 1977 ،‬ص ‪. 42‬‬
‫‪.Wright, John :- Op.Cit.,PP.164,166,167 (173)173‬‬
‫‪ (174)174‬رومين رائنيرو ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 226‬‬
‫‪ (175)175‬أنجلو بتشولى ‪ -:‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ (176)176‬نفسه ‪ ،‬ص ‪. 48‬‬
‫‪ (177)177‬عثمان صالح سبى ‪ -:‬تاريخ إريتريا ‪ ،‬دار الكنوز الدبية ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،1984 ،‬ص ‪. 182‬‬
‫‪ (178)178‬السيد على أحمد فليفل ‪ -:‬معالم التاريخ الريترى حتى نهاية الستعمار اليطالى ‪ ،‬فى عبدالملك عودة) محرر( ‪-:‬‬
‫اريتريا دراسة مسحية شاملة ‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية ‪ ، 1996 ،‬ص ‪. 50‬‬
‫‪ (179)179‬السيد رجب حراز ‪ -:‬المرجع السابق ‪ ، 1977‬ص ‪. 42‬‬
‫‪ (180)180‬عثمان صالح سبى ‪ -:‬تاريخ إريتريا ‪ ،‬دار الكنوز الدبية ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،1984 ،‬ص ص ‪. 187 ، 182‬‬

You might also like