Professional Documents
Culture Documents
الجنود الاريتريون وعمر المختار اخير
الجنود الاريتريون وعمر المختار اخير
الجنود الاريتريون وعمر المختار اخير
) (1923-1931
د.أحمد عبدالدايم محمد حسين
مدرس التاريخ الحديث والمعاصر
معهد البحوث والدراسات الفريقية
جامعة القاهرة
تعددت زوايا النظر لحركة المقاومة الليبية بقيادة شيخ المجاهدين العرب والمسلمين
عمر المختار ،لذا حظيت المكتبة العربية بالعديد من الدراسات التى تركز على هذه
المقاومة .غير أن الدور الذى لعبه العساكر الريتريون فى إنهاء هذه المقاومة لم
يلتفت إليه أحد ،رغم أنهم بشهادة اليطاليين أنفسهم كانوا يمثلون ثلثة أرباع القوات
التى واجهت عمر المختار ،وأنه وقع عليهم العبء الكبر فى هذه المواجهة.
دا فى تناوله فقط ،بل للقضايا
وتطرح الورقة هذا الموضوع ليس باعتباره جدي ً
والتساؤلت التى يثيرها .فهل الدور الذى لعبه الليبيون فى القتال فى حرب الحبشة
فيما بعد )سنة ( 1935جاء لختلط المر عندهم بأن الحباش) الوصف الذى كانت
تطلقة المقاومة الليبية على الجنود الريتريين( هم الذين ذاقوا الويلت على أيديهم
خلل حركات المقاومة الليبية ،ومن ثم لبد من الثأر منهم؟ وما هوية هؤلء العساكر
الريتريين الذين قاتلوا بشراسة وعنف! إسلمية أم مسيحية ؟وهل يمكن تبرير ما فعله
هؤلء العساكر بأنه ل يختلف عما فعله فريق من الليبيين انفسهم خلل عمليات
المقاومة؟ وهل تجوز مقارنتهم بالليبيين خاصة وأن فريقا ً منهم اشتغل مع اليطاليين
بطلب من المقاومة ؟ بمعنى هل يمكن اعتبارهم ضحايا ؟ أم جناة متوحشين؟ وهل
فتح ملف جنود المستعمرات يمثل خطورة كبيرة يصعب القتراب منها ،خشية إثارة
الحساسيات ،بأن الفارقة قد تم توظيفهم لقتال العرب أو العكس؟ أو ربما لحتمالية
إثارته للحسياسيات المرتبطة بتوظيف الفارقة فى الحروب الستعمارية لقتال بعضهم
البعض ؟
لذا ستركز الدراسة على خمسة محاور رئيسية :أولها ،العساكر الريتريون فى ليبيا
قبل قيام حركة المقاومة بقيادة عمر المختار .ثانيها ،العساكر الريتريون فى مواجهة
مقاومة عمر المختار) .(1927 -1923ثالثها ،العساكر الريتريون وتطويق مقاومة عمر
المختار بعمليات خط العرض 29°شما ً
ل.رابعها ،العساكر الريتريون والمرحلة النهائية
فى مواجهة مقاومة عمر المختار .خامسها ،مدى وعى المقاومة بهوية العساكر
الريتريين.
أو ً
ل -العساكر الريتريون فى ليبيا قبل قيام حركة المقاومة بقيادة
عمر المختار-:
قبل أن نتطرق لموضوع العساكر الريتريين قبل قيام حركة المقاومة بقيادة عمر
المختار علينا أن نحدد مسألتين :المسألة الولى ،تتعلق باختيارنا لمصطلح العساكر،
فرغم أن العسكر أو العساكر حسب المعجم الوجيز تعنى الجيش ،وأن مفردها
عسكرى تعنى الجندى).(1إل أننا لم نستخدم لفظ الجنود وَاثرنا استخدام لفظة العساكر
بناًء على ما ورد فى المصادر اليطالية نفسها من تمييز بين اللفظين .فقد كانت الدارة
اليطالية تطلق على جنود المستعمرات – وغالبيتهم إريتريين -اسم اسكارى Askari
ومفردها .(2) Ascoroتمييزا ً لهم عن جنودها اليطاليين .(3) Soldatoولم يكن تمييز
اليطاليين لهم فى المسمى فحسب ،بل فى الشارات والرتب أيضًا .فهم يلبسون
الطرابيش كشارة تميزهم عن الجنود اليطاليين ) .(4أما الرتب ،فقد ظل الريتريون
عساكر فقط .فأكبر رتبة يتولونها ل تتجاوز ضابط صف أو عريف أو شمباشى
)أومباشى( .فرتبة الومباشى على سبيل المثال كانت تعطى للعساكر الذين أمضوا
فى الخدمة عشر سنوات ول تزيد ثقافتهم عن القراءة والكتابة).(5ومن ثم فإن القيود
التى فرضت على عملية الترقى حصرتهم فى الدرجة الدنيا فى سلك العسكرية .ولم
1
يكن كل العساكر من الإريتريين فقط ،بل كان فيهم مرتزقة من الليبيين ).(6ومن ثم
فإن هذا التحديد لمر العساكر يطرح ضرورة مراعاة أمرين :الول ،أن الخلط الذى
حدث لدى بعض الدراسات فى خسائر اليطاليين فى معارك المقاومة ناتج من عدم
التمييز بين العساكر والجنود داخل تشكيلة الجيش اليطالى .الثانى ،أن أى حديث عن
خسائر فى العساكر فى الفترات التى حل فيها الإريتريون محل الليبيين يعنى أن
الخسائر محصورة فقط فى الريتريين .
المسألة الثانية ،تتعلق بالتحديد الزمنى لحركة المقاومة تحت قيادة عمر المختار ،
فرغم أن عمر المختار قد شارك فى أعمال المقاومة الليبية ضد اليطاليين منذ نزولهم
ليبيا ،إل أن القيادة حتى سنة 1923كانت للسنوسيين ،الذين فضلوا -منذ سنة
-1916تهدئة المور مع اليطاليين).(7لهذا يقال عادة على الفترة من 1931 -1923
فى تاريخ حركة المقاومة فى المناطق الشرقية الليبية بفترة جهاد عمر المختار ،حيث
وضحت بصماته عليها بشكل قوى .فقد ارتفعت الخلفات الجهوية والقبلية ،المر الذى
اتسمت به حركة الجهاد فى الفترة من 1922-1913فى المناطق الغربية ) طرابلس(
) .(8ويقال أن مقاومة عمر المختار قد بدأت حينما انتهت المقاومة فى طرابلس الغرب
بمعركة ورفلة ،حيث ذهب عسكر السواحيلى إلى عمر المختار ،ووجدوا الشيخ مهيئا ً
للمر ،فتكونت الحركة .بل إن أحد المعاصرين لقيامها يؤكد بأنه لول إنضمام تلك
المجموعة لم تقم حركة عمر المختار) .(9غير أن بعض الوثائق تؤكد بأن المقاومة تحت
قيادة عمر المختار قد بدأت سنة .(10)1922حينما شعرت ايطاليا بأنه لم يعد لديها
المل فى أن يحل السلم فى برقة ،نظرا ً للعمليات اليومية الموجهه ضد إدارتها
).(11حيث استطاع عمر المختار أن يكون ثلثة أدوار هى أدوار البراعصة والعبيد
والحاسة وعين عليها قوادها ،وجعل نفسه القائد العلى ،وبذلك بدأت المقاومة التى
استمرت ثمانية أعوام) .(12فقد قسم عمر المختار قواته إلى ثلث سرايا كبرى متحركة
سماها بالدوار وعسكر فى المناطق الجبلية جنوب المرج فى جرداس ) .(13وما يهمنا
بعد تحديد هاتين المسألتين أن نستوضح ما إذا كان للعساكر الريتريين وجود قبل قيام
حركة المقاومة بقيادة عمر المختار أم ل ؟ ومن ثم فمن الضرورى فى هذا المحور أن
نتحدث عن شقين أساسيين :
الشق الول ،ايطاليا وتجنيد العساكر الريتريين؛ وهذا الشق له أهميته الخاصة
فى معرفة لماذا اعتمدت ايطاليا فى حربها ضد المقاومة الليبية على الريتريين
تحديدا ً ؟ فمن الواضح أن هناك وسيلتان رئيسيتان اتبعتهما ايطاليا لتجنيد العساكر
الريتريين :الوسيلة الولى؛ التجنيد الجبارى ،فبعد أن فرضت ايطاليا سيطرتها
على أقاليم إريتريا وأخضعتها لسلطتها المركزية قررت توسيع مستعمراتها فى افريقيا،
للف من الشباب فأصدرت قانون التجنيد الجبارى ،وبموجبه انتزعت عشرات ا َ
الريترى ،وأرغمت رؤساء العشائر الريترية بأن يلتزم كل شاب بتقديم نفسه
للسلطات اليطالية ،وحملتهم مسئولية من يتخلف من الشباب .وحينما لم تفلح جهودها
فى هذا المر ،رغم قيامها بعمل احصائيات ،ألزمت رئيس كل عشيرة بإحضار عدد
معين من الشباب ) .(14وجاءت عملية تجنيد الريتريين الجبارية بعد سنة 1890حينما
تأسست المستعمرة تحت اسم " إريتريا " ،وذلك من خلل عدم تشجيعها للزراعة .بل
قيل أنها سلطت الوبئة على الماشية ،وشجعت الفلحين على هجر أراضيهم والنضمام
إلى الجندية ،متخذة شتى الوسائل لتحقيق هذه الغاية ،كاستيراد الحبوب والمواد
الغذائية من الخارج وبيعها للمواطنيين بأسعار رخيصة ،وتخصيص معاشات عالية
للجنود).(15بل ظل اسلوب التجنيد الجبارى من خلل إرغام الفلحين على ترك الراضى
قائمًا ،وتقرير الحاكم العام اليطالى لريتريا لسنة 1913خير دليل على ذلك ).(16
الوسيلة الثانية؛ العتماد على العساكر المرتزقة من الريتريين ،حيث
عملت على إغراء الريتريين واستقطابهم لعمال الجندية مستغلة الجهل والفقر الذى
يعم المنطقة .ونتيجة لذلك تمكنت ايطاليا من تعبئة جيش كبير من الشباب الريترى،
2
لتزج بهم فى حروبها الستعمارية ).(17وتخصيص فرديناندو مارتينى ،وهو أول من أرسى
قواعد الدارة العسكرية فى إريتريا ،لفصله السابع من تقريره الذى رفعه إلى مجلس
الشيوخ اليطالى سنة 1891اثر زيارته التفقدية لها بتكليف من المجلس عن العساكر
الريتريين ،وبأنه شاهد هذا الصنف من العساكر المرتزقة ،وبأنهم من مناطق مختلفة
عدا الصومال التى لم يكن أهلها يفضلون الجندية ،خير دليل على أن ايطاليا شجعت
إحتراف هؤلء العساكر لعمال الجندية .بل إن تركيزه على صنف العساكر القادمين
من منطقتى " حماسين وتجراى" تحديدا ً ،وأنهم يثيرون العجاب يدلل بوضوح على
أن غالبية العساكر المرتزقة كانوا من هاتين المنطقتين الريتريتين . بل إن إشادته
بصفاتهم عبر قوله " بوسعهم السير لمدة 50أو 60كيلو متر فى اليوم على طرقات
وعرة وتحمل ذلك طيلة شهر من غير تعب ،وأنهم على طريق العودة من أسمره إلى
مصوع ،مشوا مسافة مائة كيلو متر فى أربع وعشرين ساعة تخللتها فترات استراحة
قصيرة ،وكانوا كلما اعتقدنا أنهم على وشك النهيار ،ينطلقون راكضين وهم يرددون
الناشيد ") ،(18يدلل على أن تلك هى المواصفات للجنود المطلوبين لمقاتلة عمر
المختار فى منطقة الجبل ذات الطبيعة الصعبة ،وأنها هى نفسها التى ركز عليها
جرازيانى خلل المرحلة النهائية للمواجهات .
وأعتقد أن إشادة فرديناندو مارتينى ببعض الصفات الشخصية للعساكر الريتريين
للم وأنهم يواجهون عدوهم بشراسة ،وأن طبيعة المنطقة وبأنهم يتحملون الجوع وا َ
فرضت عليهم الجندية الدائمة ناهيك عن ولعهم بالكحول ،وأن طريقتهم فى القتال -
وصفت بأنها هروب إلى المام – هى التى جعلتهم من العناصر المفضلة فى الجيش
اليطالى ،فهم يرمون بأنفسهم فى المعمعة دون تراجع).(19كل ذلك وغيره قد سهل
مهمة ايطاليا فى الستفادة من تلك المواصفات ،ومن ثم كانوا هم ورقتها الرابحة فى
حروبها ضد المقاومة الليبية فيما بعد .
ويتضح لنا عبر تقرير مارتينى أمرين :أولهما ،أن معظم العساكر المرتزقة كانوا من
منطقة حماسين والتيجراى ،وغالبية سكان هذه المناطق – كما هو معروف -من
المسيحيين .ثانيهما ،أن المال لعب دورا ً رئيسيًا ،ليس فقط فى الحصول على أعداد
كبيرة من العساكر ،بل فى ضمان اخلصهم وولئهم الدائم .ونلمس هذا بوضوح فى
الجابة على السؤال الذى طرحه مارتينى على الضباط عن مدى اخلصهم ؟ حيث
ُأجيب بأن اخلصهم تام ،وأنهم ل يجيدون أى مهنة أخرى غير احتراف الجندية وأنهم ل
يريدون تغيير مهنتهم الحالية .بل إن تعليق أحد الضباط بقوله " إن أجر الجندى فى
الحبشة فى السنة يبلغ حوالى العشرين ليرة وزوجا ً من السراويل القصيرة المصنوعة
من القطن ،بينما ندفع لهم نحن 600ليرة بالسنة .لذلك هم يركضون إلينا لن الرباط
الذى يشدهم إلينا أقوى من العواطف " ) ،(20يدلل على أن الرغبة فى الحصول على
المال كانت هى الدافع الرئيسى لعتماد ايطاليا على المرتزقة من الريتريين وغيرهم.
ويبدو أن المال كان له تأثير كبير فى احتراف هؤلء العساكر للقتال ،فحينما لمح
مارتينى بوجوب تقسيم المرتزقة إلى فرق مسلمة وفرق مسيحية حتى يؤمن جانبهم،
أجيب بأنه فى حالت كثيرة حارب أحباش ضد أحباش ،وأن هناك مسلمين فى
أجوردات أجادوا القتال ضد الدراويش .وخلصوا بأن التجربة هى المحك التى جعلتهم
يستوثقون من أن رغبة هؤلء العساكر تتمحور حول الحصول على المال .بل إنهم
يحبون ضباطهم بصورة كبيرة ل لشئ ،إل لنهم يتقاضون منهم أجورهم َاخر الشهر،
وأنه ما دام رباط المحبة قائما ً – وهو المرتب الشهرى -فإن هؤلء الجنود سيظلوا
مخلصين لضباطهم يطيعون أوامرهم ويحاربون إلى جانبهم ويموتون إذا لزم المر من
أجلهم ).(21ونستطيع أن نتأكد من أن رباط المال هو الصلة الوثيقة بين الضباط
اليطاليين والعساكر الريتريين خلل مقاومة عمر المختار نفسها .فرواية أحد
المقاومين الليبيين بأنهم كانوا يركزون على قتل القيادات اليطالية لعلمهم بأن
الحباش ينسحبون عند قتل قياداتهم ) ،(22يدلل على أن قتل القيادات يفقدهم الشهود
الرئيسيين على الدور الذى بذلوه فى الحرب .لذا فإن تفضيلهم للنسحاب عن
3
الستمرار فى القتال كان إجراًء طبيعيا ً لحين تولى قيادة أخرى تضمن مرتباتهم
ومكافّاتهم ،وهذا يدلل على أن الحصول على المال كان هو المحرك الرئيسى لهؤلء
العساكر.
ويمكننا فى هذا الشق أن نخرج بنتائج أربع :الولى ،أن الجراءات اليطالية بخصوص
التجنيد الجبارى وتشجيع عملية الرتزاق هى التى تفسر لنا ضعف حركة المقاومة
داخل إريتريا نفسها .فيبدو أن تلك الجراءت قد ساعدت على احتواء العناصر القادرة
على رفع السلح فى وجه اليطاليين ،ومن ثم خلت الفترة الستعمارية لريتريا من
وجود مقاومة حقيقية ،اللهم إل بعض المناوشات البسيطة خلل السنوات الولى
للوجود اليطالى فى إريتريا .الثانية ،أن إريتريا كانت هى المصدر الرئيسى للعساكر،
وأن معظمهم من منطقتى حماسين وتيجراى تحديدا ً ،وأن الصومال رغم أنها
مستعمرة ايطالية مثلها مثل إريتريا ،إل أن أهلها كانوا ليفضلون النخراط فى الجيش
اليطالى أو ربما لعدم ثقة اليطاليين فيهم ،على اعتبار أن شعبها يدين جميعه بالسلم.
الثالثة ،أن ظهور الريتريين الكثيف والمنفصل عن الجنود اليطاليين بالصورة التى
سنتحدث عنها فى معارك المقاومة الليبية ،يرجع إلى عملية التكوين الولى لهؤلء
العساكر .فإشارة مارتينى بأنه عرض على الضباط اليطاليين فى إريتريا أن يتم تطعيم
الفرق الإريترية بالجنود اليطاليين من أجل فعالية القوات المحلية كما يفعل النجليز
والسبان .وأن الجابة التى تلقاها " بأنه ل يمكن ذلك لن لجنودنا متطلبات تفوق
متطلبات الجندى المحلى ،وهو بالتالى يكلف أكثر ،ثم إنه غير مؤهل لتحمل مشاق
البلد" ) ،(23تقطع علينا الندهاش من بروز الكتائب الريترية الخالصة ضد حركة
المقاومة الليبية فى الفترة من .1931-1923الرابعة ،أنه تم اختبار اخلص هؤلء
العساكر على أرض الواقع فى أهم وأسوأ المعارك التى خاضها الجيش اليطالى ،وذلك
فى معركة عدوة سنة .1896حيث كان نصف القوات التى خاضت المعارك الطاحنة
ضد الحبشة من الريتريين ،وهذا ما يفسر الخسائر التى وقعت لهم فى تلك المعركة.
فأحد المراجع يشير بأن خسارتهم بلغت أكثر من أربعة َالف قتيل وجريح وعديد من
السرى الذين قطعت أيديهم وأرجلهم ،ومنهم من بترت أعضائه التناسلية ،فمات
العديد منهم بطريقة مأساوية ) .(24ويشير َاخر بأن خسارة اليطاليين كانت حوالى 12
ألف قتيل ،معظمهم من الريتريين) .(25ويشير ثالث بأن خسائر اليطاليين 12ألف،
ثلثهم إريتريين وسبعة َالف أسير) .(26ونخلص من ذلك بأن معركة عدوة كان لها القول
الفصل فى تبيان هوية العساكر المنضمين للجيش اليطالى ،وبأنهم إريتريون .فل يعقل
أن تكون ايطاليا قد دخلت هذه الحرب بجنود أحباش لتقاتل بهم وطنهم الحبشة،
فالعداد الكبيرة من القتلى تقول بأنهم من عنصر معادى للحباش .وكان الريتريون هم
أهم أعدائهم فى ذلك الوقت ،ووحشية الحباش فى معاملة السرى الريتريين خير
دليل على ذلك .ومن ثم يتضح لنا بأن العساكر الريتريين الذين سيشاركون فى
المواجهات ضد حركة المقاومة الليبية كان يتم اختيارهم بعناية .بل إن اختبار هذه
المسألة عبر هذه الدراسة سيؤكد بأن هذا الختيار لم يكن عشوائيًا.
الشق الثانى ،دور العساكر الريتريين فى دحر المقاومة الطرابلسية
قبل سنة 1923؛ فبالرغم من وجود بعض الوثائق تدلل على أن حكومة إريتريا كان
لديها علم باحتلل ايطاليا لليبيا ) .(27وعدم وجود أى دليل تاريخى يثبت اشتراك العساكر
الريتريين فى عملية الحتلل اليطالى لليبيا سنة .1911ورغم أن عدم الشتراك ربما
يرجع لن المعارك الولى اقتصرت على محاصرة ليبيا من جهة البحر ،وبالتالى اعتمدت
على سلح المدفعية أكثر من المشاة .إل أن هناك إشارات ثلث تدعم وجود العساكر
الريتريين فى حملة الغزو :أولها ،أن الرقم الذى أشار إليه جوليتى فى مذكراته ،بأن
هناك ما يقرب من 80ألف جندى قد شاركوا فى تلك العمليات ،وأن عدد المشاة كان
كبيرًا ،يشى بحضور الريتريين خلل هذه المعارك ،غير أن تفصيله للقوات لم يشر
صراحة لوجودهم) .(28ثانيها ،قطع أحد المراجع بأنهم خدموا فى ليبيا منذ سنة 1912
فصاعدًا ،وأنهم شاركوا فى قتل َالف من أهالى البلد) .(29ثالثها ،أن المراجع لم تبرز
4
مشاركتهم فى القتال إل سنة ،1914فأحدها يشير لدورهم فى غزوة بونجيم فى 28
أبريل 1914وبأن المقاومة الليبية غنمت 300جمل وقتلت كثيرا ً من الحباش
المرافقين للحملة).(30وَاخر يقول بأن اشتراكهم ضمن القوات الساسية قد ظهر
بوضوح فى 17فبراير 1914فى احتلل مرزق ،حينما حدد بأن العساكر Askaris
القادمين من مستعمرة شرق افريقيا اليطالية هم من الريتريين ).(31وهذه الشارات
الثلث تقطع بأن العساكر الريتريين قد كان لهم وجود منذ بداية الغزو اليطالى لليبيا،
وأن هذا الوجود ارتبط بالمنطقة الغربية فى ليبيا ،مع القرار بأن اثبات هذا الشتراك
فى السنة الولى للحتلل اليطالى يمثل صعوبة كبيرة طالما سكتت المصادر التى بين
أيدينا عن الحديث عنه ،ويبقى المل فى أن يتصدى أحد الباحثين لمعالجة تلك المسألة
إذا اتيحت له الوثائق .
ويبدو أن اصرار ايطاليا منذ سنة 1919على إرغام المقاومة الطرابلسية على
الخضوع ،وما صاحب ذلك من حل الكتائب شبة النظامية المعتمدة على العرب
المحليين -هو الذى أوجد الظروف المهيئة لجلب أعداد كبيرة من العساكر الريتريين
ليحلوا محل الجنود الليبيين ،بعدما تأكد بأنهم مصدر الخطر الحقيقى على ايطاليا .ومع
أن أحد المصادر يتحدث بأنه أصبح فى إمكان ايطاليا التصرف فى 56كتيبة مشاة
وعشرين بطارية مدفعية بخلف أسلحة السناد ووحدات الخدمات المساعدة
ومجموعها يصل لـ 80ألف جندى )،(32إل أنه لم يميز العناصر الريترية داخل هذه
القوات.
ومن المؤكد أن ظهور العساكر الريتريون الواضح قد ارتبط فى طرابلس بعام
،1921فقد كانت إحدى الكتائب الريترية) الكتيبة العاشرة( تسيطر على العزيزية،
وكتيبة أخرى تقوم بحماية مساكن الزاوية ،فى وقت كانت تسيطر فيه المقاومة على
الموقف .وكان الحتلل اليطالى يقتصر على مدينتى طرابلس والخمس والشريط
الساحلى البالغ الضيق .وحينما قامت المقاومة فى 9فبراير 1921بقطع خط السكة
الحديد بين طرابلس والعزيزية) انظر الخريطة رقم ، (1وفى 19مارس 1921بقطع
خط السكة الحديد الموصل إلى زواره ،نتج عن ذلك عزل الكتيبتين الريتريتين
وسيطرة المقاومة على الزاوية .وهذا ما يفسر قيام ايطاليا بتجنيد أعداد كبيرة من
اليطاليين ،وقيامها بتدريب وتجهيز كتائب الريتريين والمجنديين الليبيين استعدادا ً
للهجوم الكبير ).(33ونخلص من ذلك بأن كتائب الريتريين الخالصة كان لها وجود فعلى
محسوس منذ سنة .1921
خريطة رقم ) (1وضع العساكر الريتريين فى عمليات العزيزية
المصدر :أنجلو بتشولى -:ايطاليا ما وراء البحار ،الجزء المتعلق بليبيا ،الجانب العسكرى ،ترجمة
عبدالرحمن العجيلى ،مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية،سلسلة الدراسات المترجمة ،19
الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ،1993 ،ص .52
وحينما تقرر أن يبدأ الهجوم الكبير للسيطرة على طرابلس الغرب على ثلث مراحل
بإعادة مصراته فى 26يوليو ،1922كان العساكر الريتريون يشكلون عصب القوات
اليطالية )تشمل 14كتيبة وست سرايا فرسان وثلث بطاريات مدفعية وثمان
5
مدرعات ( .بل إن أول من بدأ فى الشتباك -فى مصراتة صباح 26يناير -1922هم
عشرة عساكر من الريتريين المزودين برشاش واحد ،انقضت على حصن باستروكى
. Baistrocchiوبعد بضع دقائق نزلت قوات صغيرة من الشرطة الملكية ونصف كتيبة
من العساكر الريتريين من الباخرة الباتروس لستكمال إحتلل الحصن .وفى منتصف
النهار هبطت كتيبة إريترية تحت حماية قصف مدافع الباتروس ورشاشات أحد قوارب
الحراسة بالقرب من ضريح سيدى بوشعيفة .واستطاعت هذه النواه من القوات ،التى
فى مجملها من العساكر الريتريين ،التمركز فى هذه البقعة ومنع المقاومة من ضرب
حا منذ اللحظة الولى أن العتماد فى القوات اليطالية من الخلف ).(34وبالتالى بدا واض ً
إعادة السيطرة على طرابلس الغرب كان واقعا ً على العساكر الريتريين .وأن المصادر
اليطالية بدأت تميز كتائب الريتريين عن غيرهم.
ويبدوا أن انزال الكتائب الريترية قد ظل مستمرًا ،حيث يشير أحد المصادر بأنه فى
يوم 29يناير 1922تم تعزيز قوات مصراته بمجموعة أخرى ،ممثلة فى الكتيبة
التاسعة عشرة المختلطة ،وغالبيتها من العساكر الريتريين .وأنه فى فجر 24فبراير
تحركت كتيبتان إريتريتان من سيدى بوشعيفة لينقضوا تحت ستار الليل على الجنود
العرب التراك ،بحيث فقدت المقاومة مائة رجل أجهز عليهم الرتريون بالسلح
البيض .وُقتل من العساكر الريتريين 19وجرح منهم .(35) 49إلى هنا يمكن حصر
ثلث كتائب إريترية ونصف فى عملية النزال ،ناهيك عن الكتيبتبن الكائنتين فى
المنطقة منذ سنة .1921وهذا يعنى أن استقدام العساكر الريتريين بصورة مكثفة
ارتبط بعام ،1922وتصميم النظام الفاشستى الذى وصل للحكم فى تلك السنة على
إعادة احتلل ليبيا.
ولما لم تستطع المدفعية التى وصلت إلى مصراتة أن تحسم المعركة ،وصلت
طرابلس كتيبتان إريتريتان وثلث مدرعات .حيث تقرر الهجوم المضاد على المقاومة
المتركزة فى قلب خطوط القوات اليطالية بين الساحل وبوشعيفة .وصمدت المقاومة
لمدة ثلث ساعات ،ويرجع الفضل فى دحرها للعساكر الريتريين .فعلى حد تعبير أحد
المصادر اليطالية )أنجلو بتشولى "( بأنهم بذلوا بسالة وتصميم على النصر بروح
هجومية فائقة ،حيث كانوا يتمتعون بروح قتالية عالية ،تسابقوا فى القتال بدرجة تفوق
كل وصف" ويشير إلى خسائر القوات اليطالية بأنها بلغت 139قتيل ً و 328جريحا ً
وثلثة مفقودين ) .(36وبالطبع جلهم من الريتريين لنهم كانوا عماد القوات المهاجمة.
وبالتالى فإن المصادر اليطالية توضح لنا بأن عملية النزال الولى لخضاع المقاومة
الطرابلسية شهدت خمسة كتائب إريترية ونصف على القل ،إضافة لمشاركتهم فى
الكتيبة المختلطة وبطاريات المدفعية ،ناهيك عن الكتيبة العاشرة التى تسيطر على
العزيزية ،والكتيبة الخرى التى تقوم بحماية الزاوية.
ومما يستلف النظر هو بداية إقرار القادة اليطاليون بدور العساكر الريتريين فى
إعادة احتلل طرابلس .فهذا هو جرازيانى يشير بأن صغار القادة فى معركة مصراته
كانوا يستغلون على خير وجه صفات العساكر الريتريين والليبيين وفضائلهم الجوهرية
والممتازة " أولئك العساكر الذين عرفوا فى الماضى حق المعرفة خططنا التكتيكية
وأفادوا منها" ) .(37وهذا دليل واضح بأن اشتراك العساكر الريتريين قد حدث منذ فترة
طويلة.
ومن المؤكد أن جرازيانى قد استطاع احتلل منطقة قصبة سفيط فى نهاية أكتوبر
1922بقواته التى بلغت أربعة َالف جندى من الريتريين والليبيين واليطاليين.وأنه
خلل الحملت اليطالية على منطقة القبلة بمنطقة الجبل الغربى ) وهى تربط بين
السهول الساحلية والمناطق الجبلية فى فزان( تقرر إرسال حملة عسكرية -فى أوائل
فبراير -1924لحتللها ،بلغ قوامها ألف جندى أغلبهم من الريتريين والليبيين ونفر من
اليطاليين .ومن ثم فإن القيادة اليطالية كانت تدفع بالكتائب الريترية والمجندين
الليبيين إلى الصفوف الولى فى أى معركة لتفادى الضربات الولى ،ولتقليل حجم
الخسائر من اليطاليين إلى أقل نسبة ممكنه).(38
6
ل غرابة إذا ً فى أن نرى ونلمس دور العساكر الريتريين فى كل المعارك العسكرية
القادمة .ففى الوقت الذى صدرت الوامر لحد السرايا الريترية بأن تتمركز جنوب
سرت استعدادا ً للذهاب ناحية الجنوب ،استعدت الحملة التى تضم ثلث كتائب ،حيث
لتية :بأن تسير الكتيبة الريترية الثانية عشرة من جهة بدأت تتحرك وفق الخطة ا َ
الشمال والكتيبة الليبية السادسة من جهة الجنوب ،وأن تكون القيادة للكتيبة الريترية.
وتتقدم أمام كل كتيبة سرية ،وأمام هذه السرايا تتحرك الكتيبة الثالثة .أما الفرقة
الثانية من الشرطة ) الخيالة ( تكون فى القلب تتبع سرية من كل من الكتيبة الريترية
السابعة وقيادة الفيلق ،وعلى الجانبين تتحرك سرية من الكتيبة الريترية السادسة.
وقامت هذه القوات بقتل قوات المقاومة المهاجمة لسرت .وكان يقود بقية السرايا
المتقدمة من الريتريين القائد فنتودى من الكتيبة 12التى تقدمت لمهاجمة القصر.
وبعد انتهاء هذه المعركة تحديدا ً اتجه جزء من قوات ابراهيم السواحيلى إلى الجفرة
وجزء َاخر انضم لقوات عمر المختار ) .(39ونخلص من ذلك بأن معركة سرت كانت بها
ثلث كتائب إريترية خالصة ،هى الكتائب 12و 6و ، 7وأن القوات المتقدمة فى كل
الخطوط المامية كانت من الريتريين .وبالتالى يمكننا القول بأنه فى الوقت الذى كان
بوسع ايطاليا الستعانة بمرتزقة وعساكر إريتريين لتحقيق التفوق العددى ،بدا انهيار
المقاومة يسير متصاعدا ً فى الجهات الغربية.
لن نستشعر بأن المرحلة القادمة هى مرحلة الريتريين، ومن سياق المعارك حتى ا َ
فقد كانوا عماد عمليات الجيش اليطالى على امتداد الساحل الغربى لطرابلس الغرب
منذ سنة .1922ففى العزيزية كانت الراية مع السرايا الخامسة والعاشرة والثالثة
عشرة من الخيالة الريترية والمنوطة بالتوجة إلى بئر الميرغنى ،وكان رتل جرازيانى
عبارة عن فرقتين إريتريتين .ويحدد أنجلو بتشولى موقع هاتين الفرقتين ،بحيث يمكنهما
القضاء على سطوة وغطرسة ثوار جفارة العزيزية ) .(40وبهذا يتضح لنا أن معظم
الجنود كانوا من الريتريين ،بل من ثلث فرق نزلت طرابلس كانت هناك فرقتان
إريتريتان خالصتان ،ناهيك عن سرايا الخيالة والكتائب فى المعارك الخرى.
وعلى هذا يمكن القول بأن تقدم العساكر الريتريين فى جبهة طرابلس قد استمر
حسب خطة قادتهم اليطاليين .ففى معركة الجوش سنة 1923لجأ جرازيانى للستعانة
بهم ،بعد أن كادت المعركة تحسم للمقاومة .وعند إعادة احتلل ترهونة وضعت الخطة
على أكتاف المشاة الريتريين ) .(41ونخلص من ذلك بأن العساكر الريتريين كانوا
كن لليطاليين فى منطقة طرابلس .ومن هنا ،فإن وجود يمثلون عنصر التفوق الذى م َ
خمس كتائب إريترية خالصة ) (7 ، 6 ، 12 ، 10 ، 19ناهيك عن فرقتين أخريين ،
وثلث سرايا خيالة ،يشهد بأنهم كانوا عماد القوات التى استطاعت أن تخضع طرابلس
الغرب مرة ثانية وتعيدها للسيطرة اليطالية.
ثانيًا -العساكر الريتريون فى مواجهة مقاومة عمر المختار)-1923
-: (1927
إذا كان وجود العساكر الريتريون فى منطقة طرابلس قد أمكن تمييزهم منذ سنة
1914فصاعدا ً ،إل أنه ل يوجد لدينا دليل يثبت وجودهم فى منطقة برقة قبل سنة
،1923مما يدلل على أن وجودهم فى أى مكان كان مقرونا ً بوجود حالة حرب.
ونستدل على ذلك من شهادة أحد شهود العيان اليطاليين بأن سياسة الحزب
الديموقراطى الشتراكى الحاكم فى ايطاليا قبل حكم الفاشيست قد جعلت من برقة
بقعة منسية ،بحيث لم تعد تطالب بشئ :ل جنود ،ول إعادة احتلل ،ول توفير الوسائل
اللزمة لستغللها زراعيا ً وصناعيًا .وحينما توجهت ايطاليا لعمل شئ فى ربيع وصيف
1922انفجرت عمليات المقاومة ضد اليطاليين ) .(42ورغم أن المشهد بدا خاليا ً تماما ً
من العساكر الريتريين من قبل ،إل أن اشتعال حركة المقاومة بقيادة عمر المختار
منذ سنة 1923جعلهم أبطال كل المشاهد التى تفخر بها ايطاليا خلل معاركها فى
تلك المناطق .بل إنه من الصعوبة بمكان اقتفاء أثرهم فى كل المعارك والشتباكات
7
التى خاضها عمر المختار مع اليطاليين )حوالى 74معركة و 260اشتباكا ً على أقل
تقدير( ) .(43ومن ثم فإن أى حديث عن الريتريين فى تلك الفترة وتلك المنطقة يشهد
بمدى كثافة وجودهم وتأثيرهم فى المعارك التى خاضوها.
ويمكن القول بأن قيام الفاشيست بإنهاء المقاومة فى طرابلس سنة 1923جعلهم
يتحولون على وجه السرعة إلى برقة ،وفى ظنهم بأن المور ستحسم لهم بسرعة
حسمها فى طرابلس .وقبل الدخول فى التفاصيل علينا أن نطرح عدة اسئلة للنقاش،
لعل من أهمها ،ما هو وزن العساكر الريتريين فى القوات اليطالية المتجهة لحسم
المور فى برقة ؟ وهل كانوا عامل ً للحسم مثلما فعلوا فى طرابلس الغرب ؟ وما هى
ملمح وجودهم خلل الفترة من 1927-1923؟ والجابة تقول بأن قوام القوات التى
تحت تصرف الوالى الجديد ) الجنرال بنجوفانى ( حينما شن أول هجوم على إحدى دور
عمر المختار ) المغاربة ( فى مارس 1923كان يتألف من خمس كتائب إريترية ،وأربع
كتائب من الجنود اليطاليين ،وكتيبتين ليبيتين .وتبلغ القوة فى مجموعها ما بين -8000
8500جندى مشاة .أما قوات المقاومة فكانت حوالى 2000جندى نظامى وما بين
3500و 4000مقاتل غير نظامى من قبائل الجبل .وفى تقرير من 200صفحة
فولسكاب أعده النقيب كليمنتى مينزو Clemente Menzioبعنوان " عشر سنوات من
تاريخ برقة " بتكليف من قيادة القوات المسلحة الملكية فى برقة بتاريخ 25/11/1931
جاء فيه أن الكتائب الريترية والليبية كان يتراوح قوام كل منها 750رجل ).(44وهذا
يعنى أن مجموع الكتائب الريترية الخمس المشتركة فى حرب برقة سنة 1923بلغ
3750عسكري ًَا ،ناهيك عن اشتراكهم فى الكتائب المختلطة وغير ذلك من القوات.
ويمكن تفسير انخفاض نسبة الريتريين فى المرحلة الولى فى مواجهة مقاومة عمر
المختار ،بأن معظمهم كان ل يزال موجودا ً فى جبهة طرابلس .لذا فإن هذه الكتائب
الخمس ستتحول إلى 9كتائب فى المرحلة النهائية من المواجهات .ونستشف من
شهادة أحد المصادر بأن عدد الريتريين فى إطار عمليات جنوب بنغازى فى مارس
1923لم يكن يزيد على أربع كتائب صريحة ،وكتيبة إريترية مختلطة ،ناهيك عن
بطارية المدفعية الجبلية ) ،(45بأن الستعانة بالعساكر الريتريين فى جبهة برقة قد
ظهرت منذ اللحظة الولى لبدء عملية المقاومة.
وفيما يتعلق بمظاهر وجود العساكر الريتريين فى العمليات العسكرية ،فأحد المصادر
يؤكد على أن أول اشتراك لهم فى الجبهة الشرقية كان فى 28مارس ،1923حينما
قامت القوات اليطالية بعملية تطهير لجبل العواقير من البيار حتى الشليظمة ،وقتل
عهدفى تلك العملية ثلثة عساكر وجرح عشرة َاخرين .وأن الطابور الريترى السابع ُ
إليه بمهمة تحطيم الدور الذى كونه عبدالسلم الكزة ) زعيم قبيلة العواقير ( من 250
مقاتل ،فاستطاع قتل 200دون خسائر عدا مقتل عسكرى وجرح َاخر .وأن العساكر
الريتريين اشتركوا أيضا ً فى احتلل اجدابيا -ضمن سبع طوابير للملونيين -بدليل مقتل
خمسة عساكر وجرح َ 27اخرين .واصطدموا بدور عمر المختار فى برقة البيضاء فى
منطقة الشعافة لول مرة فى أبريل .(46) 1923وهكذا كان العساكر الريتريون
حاضرون ،سواء بزخمهم أم بخسائرهم فى المشاهد الولى للمواجهات مع الدور
التابعة لعمر المختار.
وأحد مظاهر وجود العساكر الريتريين تمثل فى دورهم فى معركة وادى الفارغ،
معقل قبيلة المغاربة بقيادة زعيمهم صالح الطيوش .فقد تم الضغط على البريقة قلب
أراضيهم ،حينما عهد لكتيبة تتكون من 400إريترى وسرية أخرى للقيام بهذه العملية
تساندها سيارات نقل مصفحة ،وقامت الكتيبة بتنفيذ المهمة .وفى 2سبتمبر 1923
خرج المقدم ّازونى Azzoniمن اجدابيا على رأس فيلق يتألف من 59ضابطا ً و 172
جنديا ً ايطاليا ً و 2351عسكريا ً ملونا ً وزحف على رأس بلل ) .(47وهذا يعنى أن
الريتريين كانوا دائما ً هم الغلبية فى القوات المهاجمة.
ومظهر َاخر من مظاهر وجودهم العسكرى على جبهة مواجهة عمر المختار هو
دورهم وزيادة أعدادهم فى عمليات سنة .1924حيث يشير أنجلو بتشولى إلى أن عدد
8
القوات فى الجبل الوسط كان قليل ً فى البداية ،وأنه كان يتكون من كتيبة إريترية
واحدة ،أضحت كتيبتان فيما بعد ،حيث امتدت فيه حركة المقاومة بسرعة فائقة .وجرت
عمليات عسكرية ضد دور العبيد فى مارس ،1924حيث وصلت الكتيبتان الريتريتان،
الثالثة والتاسعة ،ضمن القوات اليطالية القادمة من طرابلس ) .(48بما يعنى استمرار
وصول العساكر الريتريين وتدفقهم لساحة القتال فى برقة ،سواء من إريتريا أو من
طرابلس الغرب ،وأن هذا التدفق قد استمر على قدم وساق طوال سنة .1924خاصة
وأن طريقة المقاومة التى اعتمدت على الكر والفر فى برقة قد أرهقت القوات
اليطالية وكبدتها خسائر كبيرة ،فأجبرتها على استجلب مزيد من الكتائب لتعزيز
مواقعها .وفى هذا الطار وصلت الكتيبة الريترية الحادية عشرة يوم .13/1/1924هذا
بالضافة إلى أن توصل مخابرات المقاومة فى أوائل يناير 1924بحدوث تحركات
ايطالية فى اجدابيا نتج على اثرها احلل عساكر إريتريين محل جنود من البيض فى
جبهة القتال ،بحيث تركت مهمة تأمين المنطقة لليطاليين ) ،(49يدلل على أن حركة
المقاومة كانت واعية بالوجود الكبير لهذا العنصر داخل الجيش اليطالى .لهذا نستطيع
القول بأن عملية الحلل والتبديل ،لم يكن هدفها المحافظة على أرواح اليطاليين
فحسب ،بل لتجنب إثارة الرأى العام اليطالى إذا ما حدثت خسائر خلل المواجهات.
لخر ،إصرار وهذا ما يفسر أمرين :أحدهما ،تركز الخسائر فى العساكر الريتريين .وا َ
الدارة اليطالية على المضى قدما ً فى سياستها المتشددة تجاه المقاومة.
ولعب العساكر الريتريون دورا ً مهما ً فى معركة سيدى جبريل ) 3فبراير (1924
فحينما أغارت المقاومة على خيام قبيلة الفرشة بين فرزوغة وسيدى جبريل ،واجهتهم
حملة عند رجوعهم ،بها ثلث سرايا من الكتيبة المختلطة الخامسة عشر ،وسريتان من
الكتيبة الريترية الثالثة تحت امرة الرائد بياتى ،ووصل المر إلى الشتباك بالسلح
البيض .وكان تفوق جبهة المقاومة قد اضطر اليطاليين إلى استدعاء الريتريين حتى
يعززوا موقعهم ،فامتدت المعركة على جبهة طولها 4كيلو مترات .وحققت المقاومة
النصر حيث قتل 65عسكريًا ،وجرح خمسة من الكتيبة المختلطة و 8من الكتيبة
الريترية) .(50وهذا يعنى أن المعارك التى تستدعى المواجهات الفردية كانت منوطة
بالريتريين دون غيرهم ،وهذا يعنى أنهم كانوا عنصر الحسم فى المواجهات.
ونستدل على اعتراف الدارة اليطالية بفضل عساكرها الريتريين فى حسم معارك
المرج وشحات والجبل الخضر ،من برقية الشكر التى وجهها الوالى بنجوفانى إلى
المقاتلين الذين اشتركوا فى تلك المعارك ،وتخصيصه بالشكر للقوات الريترية.
فدورهم كان مهما ً فى معركة ام الجوابى -إحدى المناطق الوسطى فى الجبل الخضر
ببرقة -فقد تقدمت الكتيبة الريترية الثالثة فى الول من مارس 1924بقيادة الرائد
برجيسو وخطتها كالتالى :القوات الريترية تقصف قلب المقاومة بالمدافع ،وتقوم
القوات الخرى بعملية إلتفاف على الجناحين لمحاصرة المقاومة ،بحيث اتجهت الكتيبة
الريترية الحادية عشرة بقيادة الرائد جاريللى فى اتجاه ميسرة المقاومة ،وانطلقت
الكتيبة الخامسة عشرة المختلطة فى اتجاه ميمنتهم ،وفرقة باندة ليبية ومعها الكتيبة
الريترية الحادية عشرة اتجهوا جميعا ً إلى بنغازى .وبعد انتهاء هذه المعركة تشكل
طابور من القوات اليطالية يضم بطارية المدافع الريترية الرابعة ،إل أنه خلل عملية
انسحاب القوات اليطالية كمن لها المقاومون فى سيدى سليم ،ولم يتم انقاذهم من
الموقف إل بوصول سريتين من إحدى الكتائب الريترية ).(51ومن ثم لعب الريتريون
دورا ً مهما ً فى المواجهات وتأمين القوات المشتركة فيها.
وتتأكد أهمية العساكر الريتريين فى تزايد العتماد اليطالى عليهم كلما تصاعدت
العمليات ضد مقاومة عمر المختار ،ففى المرج احتشد يوم 14مارس 1924طابور
بيسنتى المشكل من الكتيبة الريترية العاشرة والحادية عشرة ،ومن ثلث سرايا من
الكتيبة المختلطة الخامسة عشرة )بما يبلغ 3042عسكريا ً ملونًا( ،كما تشكل فى
قصر الجنينة طابور القائد كوبيد من الكتيبة الريترية الثالثة ،ومن سريتين من الكتيبة
السادسة عشرة المختلطة ).(52وحينما هدفت الدارة العسكرية ،بقيادة بتزارى قائد
9
القوات المسلحة ،الذى تولى إدارة العمليات شخصيًا ،لمباغتة دور العبيد قبل أن
يتمكنوا من تعزيز قواتهم -كان للعساكر الريتريين حظا ً كبيرا ً فى هذا المشهد
العسكرى .فقد كان الفيلق الرئيسى بقيادة بيسنتى Pesentiيضم ثلث كتائب إريترية،
والفيلق الثانوى بقيادة كوبيدو Cubeddoيضم كتيبتين إريتريتين .وحينما احتشد الفيلقان
طلب إليهما الستمرار فى بالمرج ومراوة وحققا انتصارات كبيرة فى 16مارس ُ ،
عملهما فى دور العبيد حتى 18أبريل ،1924حين عاد الفيلقان إلى قواعدهما فى
شحات بعد أن قاما بدورهما أيضا ً ضد دور البراعصة فى مايو .(53) 1924وتشهد معركة
مراوة ) فى 17مارس (1924بعملية التحولت فى مواقع العساكر الريتريين،
وبالتالى تبدل وتغير قياداتهم من اليطاليين .فقد كانت القوات اليطالية بها ) 73ضابطا ً
و 59جنديا ً ايطاليا ً بـ 3042عسكريً مختلطًا( عبارة عن سريتين من العساكر الريترية
وسرايا الكتيبة الخامسة عشرة المختلطة ،والكتيبة الريترية العاشرة بقيادة الرائد
بياتى ،ناهيك عن الدور البارز الذى أظهرته بطارية المدفعية الريترية الرابعة بقيادة
النقيب شيلفو بتصديها لقوات المقاومة المنسحبة .ففى الوقت الذى انتقل فيه 15 -
مارس -طابور كوبيدو الريترى إلى مراوة ،تصدى طابور بيسنتى فى المرج لمقاومة
عمر المختار فى 19مارس ) .(54وهذا يعنى أن هؤلء العساكر كانوا خاضعين تماما ً
للتحول من مكان إلى ّاخر ،وللعمل تحت أكثر من قائد دون مراعاة أن يحصولوا على
الراحة التى تكفيهم لمواصلة القتال.
وحينما لم تحسم مواجهات مارس 1924المر فى مراوة لصالح اليطاليين ،برز
دورهم بوضوح فى مواجهات مراوة فى 19ابريل 1924حيث كان الريتريون فى
طليعة القوات ،ممثلين فى الكتيبة السادسة عشرة المختلطة بقيادة الملزم دى روزا،
والكتيبتين الثالثة والحادية عشرة .وكانوا عماد التشكيلت الملتفة حول المقاومة.
فحينما بدأت رحلة هذه القوات من المرج وسرت إلى مراوة ،أصدر الجنرال بيرازى
الوامر بتحرك طابور المقدم كوبيدو ،المكون من تشكيلة الكتيبة الريترية العاشرة
والكتيبة 16المختلطة وقسم من المدفعية الريترية .كما أصر الجنرال بيرازى على
تشكيل قوة متحركة يوم 10أبريل 1924تحت قيادة الرائد بياتى ،على أن تضم
الكتيبة الخامسة عشرة المختلطة والفرقة الرابعة وقسما ً من بطارية المدفعية الثالثة،
لترابط فى أراضى العبيد أثناء القيام بالعمليات العسكرية ضد البراعصة .وفى درنة
وطبرق كان للكتيبة 13المختلطة دور مهم فى منع عمليات تهريب التموين للمقاومة.
ولهذا يمكن تصور نسبة خسائرهم من جملة الخسائر اليطالية )بلغت منذ اشتعال
المقاومة فى برقة حولى 20قتيل ً و 83جريحًا( ).(55ومن ثم فإن العساكر الريتريين
كانوا موجودين فى مقدمة الصفوف العسكرية وبالتالى أكثر ضحاياها .وواصلوا دورهم
بعد حدوث تغييرات سياسية فى برقة – بحيث حل اللواء مومبيلى Mombelliفى مايو
1924محل واليها السابق ،وقامت الكتائب الريترية التى كانت ضمن الفيالق الثلثة
بدور مهم فى تدمير دور العواقير والبراعصة والحاسة فى يونيو .(56) 1924وهكذا كان
الريتريون ل يشكلون خلل عمليات سنة 1924زخما ً فى تشكيلة القوات اليطالية
فحسب ،بل أثبت المعارك حسن أدائهم خلل المواجهات المستمرة مع عناصر
المقاومة أيضا ً .
أما فيما يتعلق بالعمليات سنة 1925ففى فبراير استؤنف النشاط اليطالى لتطهير
منطقة مرتفعات سروال الوسطى حيث اشتدت فيها قبضة عمر المختار .ووضعت
خطة اشترك فيها 103ضابط و 263جنديا ً ايطاليا ً و 3679عسكريا ً محليًا ،ما بين
إريتريين وليبيين .وبمقارنة أعداد العساكر بأعداد الجنود اليطاليين يتبين الفارق الكبير
لصالح الريتريين فى تنفيذ الخطة .ولهذا حققوا انتصارا ً على مقاومة عمر المختار فى
منطقة سروال ،حيث خسرت المقاومة ما بين 250قتيل و 80أسير غير البل والغنم
والسلحة .ومع ذلك تقرر فى أبريل 1925عدم جدوى تتبع المقاومة ونقل العمليات
خلف خطوطها ،بحيث يتم احتلل واحة الجغبوب أول ً قبل الدخول فى مواجهة معها .
)(57
10
وفيما يتعلق بدور العساكر الريتريين فى احتلل واحة جغبوب .فرغم أن ايطاليا
عقدت اتفاقية مع مصر سنة 1925جعلت من الواحة تابعة لها ،لكن دون احتلل
فعلى) .(58ومن ثم عملت ايطاليا فى يناير 1926على احتللها ،وأصبحت القوات تحت
قيادة رونكينى على أهبة الستعداد ،وتضم 91ضاب ً
طا و 73جندًيا ايطالًيا و 1645
عسكرًيا إريترًيا ،وكتيبتان إريتريتان ،التاسعة والعاشرة )و َ 36الية و 305سيارة و 40
مدفع و 60رشاش() .(59وهذا يعنى أن العساكر الريتريين كانت لهم الغلبة فى هذه
القوات.
وترى إحدى الدراسات بأن الكتيبتين الريتريتين اللتين اشتركتا فى احتلل واحة
جغبوب هما الثانية والتاسعة .وأن دفع المشاة الريتريين فى طريق القوافل من
السلوم إلى الجغبوب كان فى البداية -أول فبراير -1926إلى أن لحقتهم ثم تخطتهم،
عند سيدى عمر ،السيارات المجهزة بالرشاشات) .(60فى حين ترى أخرى بأن غالبية
الجنود ) ( 2500كانوا من الريتريين المشاة trudging menوعساكر مختلطة يركبون
الجمال).(61وهو ما يفسر سرعة استسلم الواحة لليطاليين فى 26فبراير ،1926
لتتحول القوات مرة أخرى لتوالى تسديد ضرباتها للجبل .فقد اتسع نطاق العمليات
خلل شهرى أكتوبر ونوفمبر ،1926حيث جرت 34معركة خسرت فيها المقاومة 303
قتيل وعدد كبير من الجرحى غير الغنم والجمال .وخسرت القوات اليطالية ثلثة قتلى
من الضباط و 23جنديا ً ايطاليا ً و 24عسكريا ً إريتريا ً).(62وأمكن للمرة الولى رصد
تساوى الخسائر بين الجنود اليطاليين والعساكر الريتريين ،لذا كان لبد من المحافظة
على اليطاليين وقصر الخسائر فى هؤلء العساكر ،وهذا ما حدث فى معركة الرحيبة
سنة . 1927
وقبل الحديث عما جرى للريتريين فى معركة الرحيبة يجب أن ننبه بأنه قد حدثت
تغييرات سياسية فى برقة فى ديسمبر 1926حيث حل تيروتزى محل اللواء مومبيلى،
غير أن ذلك لم يحدث جديدا ً على مستوى القيادات العسكرية ،اللهم إل تعيين الجنرال
اوتورينو ميتزيتى قائدا ً أعلى لقوات برقة ) وهو الذى كان يحتل المرتبة الثانية فى
قيادة عمليات قطر طرابلس بعد جرازيانى( .وكان أول هدف لهما هو ضمان السيطرة
على الجبل ،لهذا جندا قوات ضخمة لتحقيقه 9 :كتائب إريترية ،وأربع سرايا فرسان
ليبية ،وعصابات متعددة من المجنديين غير النظاميين )ما يربو على عشرة َالف(.
واكتسبت القوات قدرتها على القتال بفضل استخدام الطائرات واللسلكى ،حيث
استطاع ميتزيتى أن ينسق عملية اشتركت فيها عدة فيالق ) كتائب إريترية وليبية( على
الجبل ).(63وبالتالى يمكننا القول بأنه بحلول سنة 1927كانت هناك 9كتائب إريترية
تعمل فى منطقة برقة بمجموع 6350عسكريًا ،مع القرار بعدم استطاعتنا حصر
أعدادهم فى القوات الخرى.
وتعتبر معركة الرحيبة ) انظر الخريطة رقم (2فى 28مارس 1927علمة فارقة
فى خسائر العساكر الريتريين طوال مواجهاتهم مع المقاومة ،فقد وجهت المقاومة
ضرباتها للقوات اليطالية ،أسفرت عن هزيمة ساحقة لليطاليين ،وبصعوبة انسحبت
قواتهم إلى جردس العبيد) .(64ونجحت المقاومة فى تحقيق نصر رائع بقتلهم ستة
ضباط و 306عساكر ،وأسر أكثر من 340عسكريا ً وستة ضباط غير الغنائم
ً)(65
والمواشى التى باعوها فى السلوم ) مصر( ،بينما لم يخسروا إل 20قتيل .لهذا تعد
خسائر الريتريين فى الرحيبة هى الكبر على الطلق طوال المواجهات مع المقاومة.
خريطة رقم ) (2توزيع كتائب العساكر الريتريين فى عمليات الجبل ) فى منطقة الرحيبة
وأراضى الفايد(فى صيف 1927
11
المصدر :أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص .189
وكان من الطبيعى أن تحاول القوات اليطالية أن تستعيد كرامتها التى بعثرتها
المقاومة خلل معركة الرحيبة ،لهذا جمعت القوات اليطالية كثيرا ً من المرتزقة
لن -وكونت منهم الليبيين والحباش – اللفظ الذى تردده بعض الدراسات الليبية إلى ا ّ
فيلقا ً أرسلته إلى محلت المقاومين قرب المرج والشحات ) .(66وعلى الفور انتقلت
العمليات العسكرية إلى الجبل ،وبالطبع فى مثل هذه النوعية من المعارك كان
الريتريون فى ناصية المشهد .ففى صبيحة 27أبريل 1927تحركت قوات ضخمة
بقيادة اللواء ميتزيتى من مرادة ،تتكون من خمس كتائب إريترية وكتيبة ليبية و 3سرايا
غير نظامية تدعمها 6مفارز مدفعية ،لتزحف مباشرة على قبر الدكار ،حيث كان
مقاتلوا الدوار مصطفين لحمايتها ،فأمكن قهرهم والقضاء على معظم الدوار فى 2
مايو .كل هذا كان ردا ً على ما حدث فى الرحيبة ،لسترداد هيبة القوات اليطالية فى
نظر الهالى والمقاومة على السواء .وكان العساكر الريتريون فى عمليات الجبل
يتمركزون جهة الشمال ،حيث تم تشكيل ثلث كتائب إريترية -ليبية) ( 71، 13، 7
بالضافة إلى أربع كتائب إريترية ) (4، 6، 22 ، 9تحت قيادة الجنرال ماتزينى ،ناهيك
عن الكتيبتين الريتريتين) (16، 15اللتين تزحفان تجاه سلنطة وجردس الجرارى).(67
ومن ثم حاولت القوات اليطالية أن تتجنب درس الرحيبة مرة أخرى.
ويبدو أن الجراءت السابقة لم تكن لتعيد الثقة فى نفوس عساكرها الريتريين،
فكان من الطبيعى أن يستغلوا معركة أم الشفاتير ) عقيرة الدم( ليوفروا أكبر حشد
من العساكر الريتريين لعطائهم الفرصة للنتقام لقتلهم فى معركة الرحيبة .فحينما
علمت الدارة اليطالية بوجود قوات للمقاومة فى أم الشفاتير ،دفعت إليها تسع كتائب
إريترية؛ منها أربع كتائب وبطارية إريترية تابعة لفرقة القائد بايتى ،تقرر أن تنطلق من
مراوة فى 8يوليو .1927تتبعها أربع كتائب إريترية أخرى تحت قيادة الكولونيل
اينزائى تنطلق من الجرارى .وكتيبة إريترية أخرى تابعة للكولونيل منتارى تنطلق من
خولن ) .(68لهذا يمكن القول بأن الدارة اليطالية لعبت دور المحرك والمحرض
للريتريين ،تدير حروبها على أكتاف هؤلء العساكر دون أن تلحق بجنودها إل قليل من
الذى.
ونفذت القوات اليطالية عمليات كثيرة على الجبل فى صيف) يوليو وأغسطس(
، 1927أشهرها معركة بيرالزيتون فى 10يوليو 1927،حيث وقع عبء القتال على
الكتائب الريترية الخمس بقيادة اللواء ميتزيتى .وفقدت المقاومة فى الفترة ما بين
ل ،على حين تركزت خسائر اليطاليين 17أبريل و 13سبتمبر 1927حوالى 1113قتي ً
فى العساكر الريتريين )قتل ثلثة ضباط وجرح سبعة ايطاليين ،على حين قتل 26
وأصيب 226عسكريا ً إريتريًا( ).(69وفى تقريره الختامى عن عمليات صيف 1927
استعرض الجنرال ميتزيتى خسائره بمقتل ضابطين وخمسة طياريين و 61عسكريا ً
12
إريتريًا .وأشار إلى نقطة هامة تتعلق بتزايد أهمية العساكر الريتريين ،حين ذكر بأن
القوات اليطالية المشتركة أصبحت تتألف منهم .ورغم توسعه فى إقامة سلسلة من
المواقع الحصينة لعرقلة حركة المقاومة وعمل قاعدة تموين واسناد للوحدات اليطالية
السريعة الحركة ) تتألف كل وحدة منها فى العادة من كتيبة ليبية أو إريترية وسرية
سوارى وقطعة مدفعية ( إل أن المقاومة ظلت تسيطر على بعض المناطق).(70حيث
ظلت مقاومة عمر المختار باقية ،فقد عمل طوال سنة 1927على إجبار القبائل
المستسلمة على المقاومة ) .(71ونستخلص من ذلك حقيقتين :أولهما ،أن الفترة من
1927 – 1923شهدت تغييرا ً كامل ً بخصوص العساكر الريتريين ،فقبل عام 1923
كان المشهد خاليا ً تماما ً منهم ،فتغيرت الصورة ليصبحوا هم بؤرة المشهد العسكرى
الذى واجة مقاومة عمر المختار .ثانيهما ،أن العتماد الكبير على العساكر الريتريين
فى كل المعارك هو الذى يفسر بأن جل الخسائر البشرية -سواء قتلى أم جرحى-
كانت فى جانبهم.
ثالثًا -العساكر الريتريون وتطويق مقاومة عمر المختار بعمليات
خط العرض 29°شما ً
ل-:
لم تكن الحملة على الجبل غاية -فى خطة الوالى تيروتزى -الهدف منها توطيد
مكانة اليطاليين على الجبل ،بل كان هدفها الرئيسى ضم برقة وطرابلس وتأكيد
سيطرتهم على منطقة سرت ،ومد احتللهم من جنوب وادى الفارغ إلى الواحات
النائية الواقعة على خط عرض .(72) 29لذا تعد عمليات هذا الخط من أكبر وأوسع
العمليات العسكرية التى شهدتها الراضى الليبية منذ بداية الحتلل اليطالى.
وبالطبع كان العساكر الريتريون – كما هى العادة -فى طليعة القوات المتقدمة تجاه
هذا الخط .وكان من الطبيعى أن يستقطع جزء من عساكر برقة الريتريين للقيام
بعمليات هذا الخط .وفى 26ديسمبر 1927تم حشد هذه القوات فى اجدابيا بقيادة
اللواء ميتزيتى ،وتتكون من ثلث كتائب إريترية ) (15، 14، 6وثلث سرايا سوارى)، 5
(6،8وبطارية مدفعية إريترية ومفرزة مدفعية ليبية كلتيهما محملة على الدواب ).(73
وهذا يعنى أن غالبية القوات أيضا كانت من العساكر الريتريين سواء تلك القادمة من
برقة أو من طرابلس ،بما يوضح أنهم وقع عليهم عبء جل العمليات العسكرية.
وحتى نتعرف على الدور الذى قام به العساكر الريتريون فى هذه العمليات علينا أن
نستوضح المراحل الثلث التى خطط لها .ففى المرحلة الولى تقرر أن يتم الزحف
فيها على النوفلية – مردومة فى اقليمى طرابلس وبرقة ،وتطهير وادى الفارغ بواسطة
قوات برقة .وفى المرحلة الثانية تقرر احتلل واحتى الجفرة وزلة ) انظر الخريطة رقم
(3بواسطة قوات طرابلس ،واحتلل واحات أوجلة وجالو ومرادة بواسطة قوات برقة.
أما المرحلة الثالثة فهدفت إلى تطهير منطقة سرت بكاملها ما بين النوفلية وزلة
ومراوة والعقيلة وبين سرت وابونجيم وودان مع احتلل َابار تاقرفت احتلل ً تاما .
ً)(74
خريطة رقم ) (3العساكر الريتريون خلل عمليات اللتحام للمستعمرتين فى عمليات المرحلة
الولى ) طرابلس -برقة(
13
المصدر :أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص .87
ومن المهم أن نستطلع مظاهر وجود العساكر الريتريين فى تلك المراحل الثلث
حتى تكتمل لدينا معالم الصورة بالدور الذى قاموا به فى العمليات العسكرية .فقد كان
مكلفا ً للمرحلة الولى أن تتم من خلل ثلثة فيالق :الفيلق )أ( بقيادة جرازيانى وبه
الكتيبتين الرابعة والعشرين والخامسة والعشرين الريتريتين .والفيلق )ب( بقيادة
الكولنيل بنتور Bentorوبه الكتيبتين السابعة عشرة والتاسعة عشرة الريترتين.
والفيلق )ج( بقيادة ل فيول LaViolaوبه الكتيبة الريترية السادسة والعشرين مشاة
ومهمتها التحرك نحو مرسى العويجة الواقعة بين الساحل وخط سير الفيلق )أ (
والتجمع فى سرت .وفى اجدابيا تم تجميع قوات ايطالية أخرى ،تظهر فيها الكتائب
الريترية عبارة عن ثلث كتائب من المشاة ) السادسة والرابعة عشرة والخامسة
عشرة( ووحدة رماية إريترية محمولة على الخيول .وكلفت هذه القوات بالسير ما بين
اجدابيا والقطيفة والعقيلة فى الول من يناير .1928أما فى العقيلة فقد وجدت بها
الكتيبتان الريتريتان الثالثة عشرة والسادسة عشرة بقيادة ماليتى Maletiوكان ينتظر
وصول قوات ميتزيتى .وبهذا تكون القوات التى أوكل ماليتى بقيادتها فيما يتعلق
بالعساكر الريتريين مكونة من ثلثة كتائب إريترية هى السادسة والثالثة عشرة
والسادسة عشرة ،ووحدة رماية محمولة على الخيول ،ناهيك عن اشتراكهم فى
قوافل المداد والتموين .وكلفت هذه القوات بالتعاون مع الفيلق )أ( المنطلق من تمد
حسان للطباق على قبائل المغاربة والرعيضات وإخضاعهم ).(75
وفى الول من يناير 1928غادرت القوات من اجدابيا متجهة للعقيلة لتداهم فى
طريقها دور الصديق بن الرضا السنوسى بمنطقة الفارغ ،واتضح الموقف بأن
المستسلمين كانوا يتجهون للشمال على حين كان المقاومون يتجهون للجنوب .وفى 8
يناير 1928غادر الفيلق المقرر أن يعمل مع قوات طرابلس بقيادة المقدم ماليتى
Malettiوالمكون من عدد من الكتائب الريترية ) 14 ، 13 ،6والسرية 6سوارى
وبطارية مدفعية إريترية وقوافل المداد والتموين تتألف من 8000رجل( ) .(76وبالطبع
كان الريتريون يمثلون غالبية القوات ،بل لم يقتصر وجودهم على مكان واحد ،بل
فرض عليهم النتقال من مكان إلى َاخر وسط الصحراء الليبية دون أدنى اعتراض منهم
على هذه التحولت فى المعارك من مكان إلى مكان.
وركزت عمليات المرحلة الولى على قبائل المغاربة والرعيضات واشتركت فيها سرية
السوارى )الخيالة( الرابعة والكتيبة الريترية السادسة والعشرين .وفى بداية 1928
ُأعلنت حالة الحرب فى قطاعات ورفلة ومرادة وسرت والجنوب الغربى ؛ لتقوم
مجموعة بإحتلل بئر قرين ،وتساعدها أخرى فرعية بقيادة جاللينا Gallinaبها الكتيبة
الريترية الخامسة والعشرين ومجموعة بقيادة ماريوتى Mariottiمن الجنوب وبها
14
الكتيبة الريترية العشرون .وبلغت خسائر اليطاليين مقتل عسكرى وأربعة من
الجرحى الريتريين أو الليبيين .وفى المردومة تم التصال بين مجموعة مالطا التى
حوصرت وطلئع مجموعة ماليتى ) عبارة عن سرية تساندها الكتيبة 113الريترية (.
ولم يتم انقاذها إل فى صباح 10يناير 1928حينما قرر جرازيانى التحرك بالكتيبتين
الريتريتين العشرين والخامسة والعشرين لنجدة فيلق مالطا ) .(77والملحظ أن الكتائب
الريترية التى كانت تحارب فى طرابلس لم تنتقل للحرب فى قطاع برقة ،حيث كلفت
بالتوجه جنوبا ً ناحية خط العرض ،29ولم تتحول إلى برقة إل بعد النتهاء من تلك
العمليات المرتبطة على طول هذا الخط ،وإن حدث التلقى كثيرا ً بين القوات حسب
المهمة المنوطة بها عبر هذا الخط.
وكانت مهمة ماليتى ) القادم من برقة ( تنسيق التعاون بين فيلقه مع اللواء
جرازيانى الذى كان يزحف بقواته جنوب سرت من جنوب المردومة مرورا ً بالنوفلية
لضعاف مركز المغاربة .وفيما كان فيلق ماليتى يقوم بغزواته كان اللواء ميتزيتى يقوم
بنشاط أكبر لستيضاح الموقف قبل بدء العمليات .وكان على فيلق ماليتى أن ينطلق
من العقيلة ويزحف بمحازاة وادى الفارغ الجنوبية فى اتجاه معطن جوفر والمنش
وسالمة ،حيث قاموا بتطهير منطقة معطن غزيل ،حيث أرسل ميتزيتى فيلق سريع
الحركة بقيادة المقدم بياتى يضم كتيبتين إريتريتين ومفرزة مدفعية ليبية فوصلوا ولم
يجدوا مقاومة ،حيث اتجه الصديق بن الرضا إلى واحة جالو وتلشى دوره بالمره).(78
أما فيما يختص بدور العساكر الريتريين فى عمليات المرحلة الثانية ،فنلحظ أمرين،
أولهما ،أن القوات اليطالية الموجودة فى برقة تحركت أيضا تجاه الخط .29ففى
الول من فبراير 1928كان المقدم ماليتى يتجه إلى الحصيات لقامة قاعدة متقدمة
هناك .وفى يوم 5فبراير حشدت جميع القوات بقيادة اللواء ميتزيتى بالحصيات .وفى
يوم 16أعيد احتلل مرسى البريقة ) الواقعة بين العقيلة والزيتينية( .وكان تحرك اللواء
ميتزيتى فى 8فبراير 1928يهدف لقامة محطة ثانية على خط اجدابيا – جالو.
واستمر زحف الفيالق فى 29مارس 1928لغزو واحة جالو .وباحتللها انتهت
العمليات ،حيث خرجت التنظيمات السنوسية من هذه الحداث منهكة وأصبح رئيسها
السيد الرضا معتقل ً فى اقامة جبرية فى ايطاليا).(79ولم يكن سحب بعض التشكيلت
بقصد استخدامها فى عمليات منطقة سرت يعنى الركود على منطقة الجبل ،حيث
جرى العمل على انشاء فرقتين سريعتى الحركة ؛ أحدهما فى مراوة والثانية فى
جردس العبيد .خاصة بعدما أشيع أن عمر المختار يعمل على استقطاب النازحين عن
مناطق جنوب بنغازى وسرت واقناعهم بعدم الرحيل إلى مصر .فقام ميتزيتى بعساكره
الريتريين بشن هجوم مفاجئ على عمر المختار فقتل من المقاومة 200فرد وأصيب
من الريتريين أربعة) .(80لكن أصبح واضحا ً عدم استطاعة القوات اليطالية اليقاع بعمر
المختار ،وأن الهجوم عليه بمنطقة وادى قرنة فى 29اغسطس 1928بأربعة فيالق
) .(81يؤكد بأن العساكر الريتريين موجودون فى كافة الماكن وعبر كافة جبهات القتال)
انظر الخريطة رقم .(4
خريطة رقم ) (4وضع العساكر الريتريين فى التنظيم الدفاعى)فبراير
(1928فى سوكنة
15
المصدر :أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص .98
ثانيهما ،أن القوات الرئيسية المكلفة بعمليات هذا الخط اندمجت فيها المجموعتان
الرئيسيتان فى جيش واحد بقيادة الجنرال جرازيانى فى 4فبراير .1928وأعيد
تنظيمها لتكون الكتيبة الريترية 25تابعة للمجموعة )أ( بقيادة جالينا .وهناك عساكر
من المشاة الريتريين تابعين للمجموعة )ب( مهمتها احتلل زلة فى 18فبراير) انظر
الخريطة رقم .(4وتعتبر معركة تاقرفت هى بداية المرحلة الثانية ،حيث صدرت
الوامر لماريوتى بالتحرك من النوفلية شمال ً باتجاه الجنوب بالتزامن مع حركة
جرازيانى نحو الشمال ،وهدفها الطباق على قوات المقاومة .وتحرك ماريوتى بقواته
)بها الكتيبة الريترية 26مشاة (وتحركت القوات اليطالية من زلة باتجاه مدوين بقيادة
جالينا ) بها الكتيبة الريترية 25مشاة(حتى وصلت إلى مشارف تاقرفت يوم 24
فبراير .(82) 1928
وتعد معركة تاقرفت من أشهر المعارك التى خاضها العساكر الريتريون
على هذا الخط ،وجاءت شهرتها ليس فقط للخسائر التى لحقت بهم ،بل لما تمثله
تلك الواقعة فى فلسفة المستعمر من توظيف هؤلء العساكر فى أعمال القتال .ففى
مساء 24فبراير 1928حطت القوات رحالها فى منطقة تبعد 15كيلو متر عن منحدر
تاقرفت .وحينما شوهد تأجج نار على نقطتين متباعدتين أصدر جرازيانى أوامره
بالتوقف عن أى حركة .وما إن لح الفجر حتى تحركت القوات تضم الكتيبة 25
الريترية التى وقعت فيها مجمل الخسائر ،وعلى الجانب البعيد تسير معها إحدى
الكتائب الليبية ،فى حين تولت الكتيبة الريترية الثالثة مهمة حراسة الجانب الشرقى
فى سوكنة ) ) .(83انظر الخريطة رقم (4
ولما كانت المقاومة متربصة وراء الكثبان والسدر تنتظر تجمع كل القوات اليطالية
وسط المنخفض ،ساعتها شعر القادة اليطاليون أنهم وقعوا فى كمين تصعب فيه
عملية النسحاب .حيث كان عدد أفراد المقاومة 1500مقاتل .لذا كثف الطابور الثانى
والثالث من الكتيبة الريترية 25الهجمات عليهم مع أنها كانت تتعرض بمفردها لنيران
المقاومة ،بل كاد أفرادها أن يبادوا عن َاخرهم .حيث تظاهر المقاومون بشن هجوم
أمامى لكنهم فى الواقع كانوا يقومون بحركة إلتفاف من الناحية اليسرى ويتهددون
القوافل اليطالية التى حماها الجنرال جرازيانى تحت السطح ) .(84وهذا يعنى أنه كان
لبد من التضحية بالكتيبة الريترية لنقاذ بقية القوات والنتظار حتى تتضح ملمح
المعركة.
وكانت المقاومة الليبية قد أحاطت وطوقت جناحى الكتيبة 25من كل اتجاه .
)(85
ويصف أنجلوا بتشولى -أحد شهود العيان -العبء الذى وقع على العساكر الريتريين
فى هذه المعركة ،حين يصف المقاومين بأنهم كانوا كالقطط والفهود يختفوا ليتنقلوا
بكل حذر من أجمة لخرى ،ول يتورعون مستغليين طبيعة الرض بمداهمة الجنود
بالسلح البيض وشن هجمات مضادة بالسناكى وبالفؤوس والسيوف .ويشير " بأن
عساكرنا صمدوا فى مواجهة المهاجمين ورسخوا أقدامهم ،ولم يكترثوا بالنار المنهمرة
16
عليهم من كل جانب ،أبلوا بلًء ما بعده بلء ،واستماتوا فى أماكنهم فى بطولة نادرة
وشجاعة خارقة .وسرد حوادث البطولة والشجاعة التى أظهرها هؤلء العساكر يشكل
وثيقة انسانية بالغة الخطورة " ) .(86وبهذا العتراف يتبين مدى ما وقع على العساكر
الريتريين من عبء ،ليس فقط فى وضعهم فى مقدمات الصفوف ،بل وفى التضحية
بهم لنقاذ بقية الجنود .فما حدث للكتيبة 25خير دليل على أنهم كانوا يمثلون كبش
فداء ومرتزقة يمكن التضحية بهم فى أى وقت .ومن ثم فإن الحاطة بوظيفة العساكر
الريتريين لهو أمر مهم فى معرفة واختزال بعض تفاصيل الحروب الستعمارية.
وبالتالى فإن فتح هذا الملف الشائك للدراسة يوضح لنا الكثير مما ارتكبه المستعمرون
من إفلس أخلقى تجاه توظيف الفريقيين لخدمة أهدافهم الستعمارية ،ومن ثم فإن
فتح هذا الملف يشكل ضرورة هامة للحاطة بجزء هام من تاريخ أفريقيا فى العصر
الستعمارى.
ويصف جرازيانى ما حدث للكتيبة " 25بأن العدو كان يخرج ويندفع فى مجموعات
من وراء كل كثب ،ومن بين الحجار ،محاول ً تطويق جناحى الكتيبة " ويشير إلى أن
مقاتلى قبيلة أولد سليمان أمطروا الكتيبة بوابل من نيران البنادق والمدافع الرشاشة
التى بحوزتهم ،وألحقوا بهم خسائر فادحة فى الرواح ،المر الذى جعله يأمر بانسحاب
باقى القوات ليعود لنقطة انطلقه الولى لعادة تنظيم القوات ).(87
وتختلف أرقام الخسائر التى تركزت فى العساكر الريتريين ،فأحد المراجع يشير إلى
مقتل خمسة ضباط و 78عسكريا ً) .(88ويتناقض أنجلو بتشولى مع نفسه – مع أنه
الصدق لنه شاهد عيان -فى عدد القتلى ،حيث يشير بأن القتلى من الضباط
اليطاليين كانوا قادة الكتيبة ،25وذكرهم بالسم ) النقيب برياتيكو Briatcoوالملزم
ثان فاكرنيل ( Wakernelوأن عدد القتلى من العساكر الريتريين كانوا .92إل أن
اشارته بأنه شارك بنفسه فى اقامة نصب تذكارى فى أرض المعركة وأنه كتب بخط
يده " بأنه فى يوم 25فبراير – 1928السنة السادسة الفاشيستية – سقط خمسة
ضباط ايطاليين )ذكرهم بالسم( ...و 67ضابط صف وعسكريين ليبيين وإريتريين،
فلتكن تضحياتهم بأرواحهم المفعمة بالمحبة نداء لنا حقا للقيام بواجبنا المقدس كل
يوم" ) ،(89يدلل على أن رقم 92عسكريا ً هو القرب إلى الصواب لن رقم 67سجله
على النصب التذكارى ساعة الحدث ،وربما قد ارتفع عدد الموتى بعد ذلك نتيجة
الجراح ليصل إلى . 92
ً
وحديث أنجلو بتشولى عن هذه المعركة – التى استمرت من الثامنة صباحا حتى
الرابعة مساًء -وما حدث فيها من بطولت قام بها العساكر الريتريون لهو خير دليل
على الدور الذى لعبه هؤلء العساكر فى المواجهات مع حركة المقاومة .فإشارته عن
التناحر الذى حدث فى المعركة بالخناجر والسناكى والفؤوس والصراع والتلكم رجل ً
برجل ،يدلل على الشجاعة التى تمتع بها هؤلء العساكر .وإشادته بأنهم قاتلوا حماية
لثلثة َالف رأس من البل يتحتم الدفاع عنها بالسنان لنها محملة بوسائل حياة
القوات ،يدلل على أن التضحية بالريتريين كانت أيسر من فقدان المئونة .وأن إشارته
" بأنه فخور بذهور الشباب الذين قاتلوا أمام تلك المرتفعات فى بئر تاقرفت على
َ
مشهد من قائدهم ،وكأنهم أبطال اسطوريون ،هكذا نراهم نحن ولبد ليطاليا من الن
فصاعدا ً أن ترى نفس الرؤية " ) ،(90يدلل على أن السمات المتوفرة لدى العساكر
الريتريين كانت محل إعجاب وتقدير من اليطاليين ،وأنها كانت عنصر الحسم لصالح
اليطاليين فى النهاية.
ويتحدث عبدالرحمن العجيلى ) ولد بطرابلس سنة ( 1919عن معركة تاقرفت
فيقول " أما نحن الذين عشنا فترة من حياتنا تحت نير الستعمار اليطالى وظلم
الفاشيست فما زلنا نتذكر كيف كان الحباش ) الريتريون( ينزعجون من مجرد ذكر
عبارة تاقرفت ،وكنا نصيح ورائهم لغاظتهم ونحن أطفال ،على اعتقاد أنها شتيمة
بلغتهم ،ولم نكن نعلم أنها كانت معركة لقنتهم درسا ً لن ينسوه") .(91وهذا يدلل على أن
المقاومة الليبية استغلت هذا النصر للتأثير فى المعنويات القتالية لهؤلء العساكر.
17
واستمرت عمليات الخط 29شمال ً إلى نهاية مايو 1928وحشد فيها اليطاليون
إحدى عشرة كتيبة إريترية غير المشتركين فى قوافل التموين والمداد والنقل وغير
ذلك من اليطاليين والليبيين .وبنتيجة هذه المعركة استطاع اليطاليون أن يحصروا
قوات المقاومة داخل مناطق محدودة فى فزان ومنطقة الواحات الشرقية والجنوبية
الشرقية ،مما سهل عملية مطاردتهم فى المرحلة الثالثة التى تمت بعد تاقرفت )
(1930-1928والتى على اثرها تم عزل منطقة الجبل الخضر وحصر العمليات
العسكرية فيه).(92
وبالنسبة لحداث الفترة من أكتوبر 1928إلى يناير 1929فعلى الجبل بدأت الدوار
فى التفكك والنهيار حتى انقلبت إلى عمليات غزو وسلب ونهب .وفى الكفرة رغم أن
شيخها محمد العابد ،أرسل يعلن الستسلم إل أن الهالى ثاروا عليه فغادرها إلى
تبستى .وفى الزاوية أرسلت المقاومة مجموعة للهجوم على البعثة التى أرسلتها
القوات اليطالية واحتجزوها عن منطقة وادى زيجن ،فتحركت القوات اليطالية
لمواجهتها فى يناير .1929وبعد قتالهم حاولوا الهرب إل أنهم وقعوا فى الفخ الذى
نصبه لهم فيلق توريللى والكتيبة الريترية الخامسة وفيلق بلدينو ) Paladinoثلث فرق
هجانة ( فخسرت المقاومة 226قتيل ،وقتل قائدهم صالح بوكريم .وخسرت القوات
اليطالية 12إريترى منهم ضابط ايطالى ،وجرح 18عسكريا ً ).(93
وفى أوائل عام 1929خلف بادليو السيد تيروتزى فى حكومة طرابلس الغرب
وبرقة ،ونصب السيد دومينكو سيشليانى نائبا ً فى برقة .وكان للمنشور الول ،الذى
ألقاه بادليو على أهالى برقة مستهل به حكمه ،صداه فى نفوس الهالى المستسلمين
والمقاومين على السواء .حيث منح العفو العام لكل من تقدم وسلم نفسه " ...إننى
لن أتحمل مسئولية هذه الحرب – كما يعلم كافة سكان برقة – لننى نطقت كلمة
السلم ،ولكننى إذا ُأرغمت على شن الحرب ،فإننى سأخوضها بوسائل وأساليب
جبارة ..لن تكون هدنة لى عاص ،سيلحق هو ومواشيه وورثته ،سأدمر الجميع:
النسان والشياء").(94ومن ثم فإن المهام الملقاة على العساكر الريتريين فى هذا
التدمير القادم ستكون كبيرة .وفى هذا الطار يمكن فهم محادثات وادى سيدى رحومة
بين عمر المختار واليطاليين فى 19يونيو . 1929
وإذا تأملنا العمليات العسكرية التى قامت بها القوات العسكرية اليطالية لنزع سلح
دور حسن الرضا فى ) 1930/ 1/ 18انظر الخريطة رقم (5فنجد أن الكتيبة الريترية
13تقدمت من جهة الشمال الشرقى عند جردس الجرارى ،فى حين تقدمت الكتيبة
الريترية 22من الشمال الغربى ،ومن الغرب جاءت كتيبة العساكر الريتريين الـ .15
حيث كان لتلك القوات أيضا ً دور فى تجريد دور البراعصة والدرسة من السلح .إذ
داهمت التشكيلت الريترية وقامت بعملية إلتفاف لتجبر المقاومة بقيادة الحسن الرضا
على الستسلم .وأحدثت هذه المعارك خسائر فى صفوف الريتريين ،حيث قتل
خمسة عساكر وثلثة من رجال إحدى الدوريات .وفى الفترة من فبراير 1929إلى
مارس 1930سقط من المقاومة 800قتيل ،بينما كانت خسائر اليطاليين مقتل 6
ضباط و 3ضباط صف و 3جنود ايطاليين و 102عسكريا ً إريتريًا ،وجرح ثلثة ضباط و
4ضباط صف وجندى ايطالى و 215عسكريا ً ) .(95إذا ً الخسائر كانت تنحصر دائما ً فى
العساكر الريتريين.
خريطة رقم)(5كتائب العساكر الريتريين فى عمليات نزع سلح دور حسن الرضا
1930
18
المصدر :أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص .219
ولم يكن الوجود المكثف للعساكر الريتريين فى الجبهة الشرقية يعنى أنهم تحولوا
عن بكرة أبيهم إلى تلك الجبهة ،بل ظلت القوات الريترية تمثل إحتياطيا مهما ً فى
الجبهة الغربية حيث تقوم بدورها فى تأمين تلك المنطقة ،وبدورها الحربى فى
المناطق الجنوبية لقطع صلتها تماما ً مع مقاومة عمر المختار .ولعل الدور الذى قام به
العساكر الريتريون فى احتلل فزان سنة ،1929خير دليل على هذا المر .فقد وقع
عليهم العبء الكبر فى تحمل مشاق الحرب مشيا ً على أقدامهم لمسافة ما بين -500
600ميل ).(96حيث تقدمت القوات على محورين لمحاصرة واحة واو :المحور الول،
مزدة – القريات – الشويرف -براك وبه الطابور الصحراوى الول والثانى .والمحور
الثانى ،البويرات – الحسون – الجفرة – براك وبه سرب الريتريين السابع عشر
للى.وزجت بمجموعة الليبيين والريتريين إلى مراكز العمليات بحيث لم تعد منافذ ا َ
النجاة أمام الفارين من الهالى ميسرة ،إلى أن تم إحتلل فزان بالكامل بنهاية الفصل
الول من سنة .(97)1930وكانت قيادة الجيش بطرابلس قد أصدرت فى 10نوفمبر
1929أوامرها بحشد مختلف القوات فى الجنوب ،وبها الكتيبة الريترية 25المختلطة،
لتتجمع فى منطقة هون .وفى صبيحة 6يناير 1930تحركت القوات صوب أم الرانب،
وتمت السيطرة على القطاع الجنوبى والستيلء على فزان بكاملها فى بحر ثلثة
أشهر) .(98وما لحق للكتيبة 25من تغيير ،بأن أصبحت كتيبة مختلطة بعد أن كانت
إريترية خالصة ،خير دليل على الخسائر التى لحقت بعساكرها الريتريين فى معركة
تاقرفت.ونخلص من ذلك بأن العساكر الريتريين كانوا موجودين فى كل مكان تظهر
فيه قوى المقاومة ،وأنهم كانوا دائما ً فى الخطوط المامية للقتال ،وأنهم فى الوقت
الذى كانوا فيه مصدر فخر لليطاليين كانوا مصدر سخرية واستهزاء من جانب حركة
المقاومة للخسائر التى تقع بينهم ،وأشهر تلك الخسائر معركة تاقرفت.
رابعا ً – العساكر الريتريون والمرحلة النهائية فى مواجهة مقاومة
عمر المختار :
إذا كان العساكر الريتريون -كما رأينا -لهم وجود فاعل فى كل المواجهات التى
جرت قبل سنة ، 1930إل أن دورهم سيكون هو البرز فى المرحلة النهائية ،خاصة
بعد قرار الدارة اليطالية بالعتماد عليهم دون غيرهم من العساكر الليبين ،لهذا كانوا
هم أبطال كل المشاهد التى تفاخر بها ايطاليا .وحتى يمكننا الوقوف على هذا البروز
يتعين علينا تقسيم هذا المحور الى نقطتين رئيسيتين :
أ -بروز العساكر الريتريين فى العمال القتالية-:
لم يقتصر دور العساكر الريتريين فى البروز على المعارك فقط ،بل شاركوا فى
اعتقال عمر المختار وأطلقوا النيران فرحا ً بذلك ،وأصبحوا مسئولين عن حراسة سجنه
إلى أن تم إعدامه.
19
وفيما يختص ببروزهم العسكرى خلل المعارك ،نجده يرتبط بتلك التغييرات
التى حدثت بتولى اللواء جرازيانى فى مارس 1930خلفا ً لسيشليانى نائبا ً لولية برقة،
فقد كان أول الجراءات التى اتخذها أن جمع مناطق الجبل المقسمة إلى ثلث
مقاطعات فى مقاطعة واحدة ،ووحد القيادات العسكرية فى هيئة واحدة عرفت باسم
قيادة الجبل .أما فى بقية المستعمرة فأقيمت قيادات مناطق ،بحيث ركزت السلطات
السياسية فى يد السلطة العسكرية أيضًا .ومع أن جرازيانى لم يطلب عساكر إريتريين
َاخرين ،لقدرة القوات الموجودة على القيام بالمهمة) .(99إل أن التكليفات التى ُأنيطت
لهم لم تكن تمثل خطورة عليهم فحسب ،بل إن تصور عدم وجودهم داخل القوات
اليطالية يطرح صعوبة تصور أن تتحقق تلك النتصارات دونهم .
وبالنظر لتكليف وزير المستعمرات )دى بونو( الواضح فى 26مارس 1930
لجرازيانى بضرورة إنهاء مقاومة عمر المختار فى برقة .نجد أن عبء هذا التكليف قد
وقع على الريتريين فقط .فأولى الخطوات التى اتخذها جرازيانى هى إلغاء الكتائب
الليبية التى ظلت متأثرة بشعورها الطائفى والثورى) .(100فتخفيض عدد فرسان سرايا
السوارى من الليبيين ،وتخفيض وحدات المن من القوات غير النظامية التى كانت
كثيرا ً ما تساعد حركة المقاومة ) (101قد انعكس بصورة مباشرة فى عملية الحلل
والتبديل الكاملة للعساكر الريتريين ليحلوا محل الليبيين .خاصة وأن جرازيانى أصبحت
لديه شكوك فى ولء الجنود الليبيين ،على حين كانت لديه كل الثقة فى عساكره
الريتريين المسيحيين ).(102
وتباينت الرقام حول عدد القوات اليطالية التى أعدت لبرقة ،فأحد المراجع يشير
إلى 12.500جندى ،تضم خمس كتائب إريترية وكتيبة قناصة افريقية ،هذا غير
الريتريين المشتركين فى سرايا الفرسان وحرس الحدود وبطاريات المدفعية
).(103وَاخر يحدد قوام القوات بأنه قد استقر على 13ألفًا؛ ألف ما بين ضابط وضابط
صف ،وثلثة َالف جندى ايطالى ،وتسعة َالف عسكرى إريترى منتظمة فى 8كتائب
إريترية وثلث سرايا وغير ذلك من التشكيلت ) .(104أما أنجلو بتشولى فيشير بأن
جرازيانى بمجرد تسلمه للسلطة أمر بانقاص حجم القوات من 23ألفا ً إلى 13ألفا ً
لغيا كتائب الليبيين وأفواج المرتزقة من الباندات والدوريات .ويضيف " ولو أن جيش
برقة قد تقلص حجمه إل أنه ظل يحتفظ بقوته وعدوانيته سليمتين من أى مساس
بهما ،لن ربعه مشكل من جنود ايطاليين والباقى من الريتريين الموثوق بهم"
).(105وثمة نتيجتين هامتين نخلص إليهما :الولى ،أن كل التقديرات تجمع على أن ثلثة
أرباع القوات التى واجهت عمر المختار فى المرحلة النهائية كانت من العساكر
الريتريين .الثانية ،أن هناك ثقة مطلقة من جانب اليطاليين فى عساكرهم الريتريين،
مقابل ثقة مفقودة تماما ً فى العساكر الليبيين ،وهذا ما يجعلنا نقطع بأن المرحلة
النهائية هى مرحلة الريتريين بل منازع.
وللتعرف على العباء التى وقعت على العساكر الريتريين لبد لنا من التعرف على
الجراءات التى اتخذها جرازيانى .فقد عكف فى مايو 1930على تعزيز القوات على
الجبل ،حيث أرسل إلى هناك كتيبتين إريتريتين ) (15، 14لتحل محل ثلثة فصائل من
الكتيبة السابعة التى سحبت إلى البيار ) .(106وعند إعادة تشكيل القوات وتنظيمها خلل
شهر مايو 1930أصدر منشور 6مايو تضمن تجريد معظم المرتزقة الليبيين من
السلح ثم تسريحهم .واستخدمت التشكيلت الخاصة المكونة فى معظمها من مجندين
إريتريين بعد توزيعها إلى فرق سريعة الحركة ،كلفت بالقيام بعملياتها فى القطاعات
الربعة الكبيرة التى تتركز فيها أنشطة حركة المقاومة :البطنان ،الجبل الخضر ،
أراضى العواقير )بنغازى( وبطحاء سرت .والتعريف الذى أعطاه جرازيانى للفرق
السريعة الحركة فى منشور أول اكتوبر 1930يوضح لنا بأن مجمل العباء قد وقعت
على العساكر الريتريين " إن الفرق السريعة الحركة بعد تخليصها من ثقل العتبارات
السياسية التى كانت تعيق حركتها أو تشكك فى نتيجتها أصبحت بمثابة كلب الصيد
تنقض بضراوة على أدوار المقاومة ،تنشب فيها أنيابها وتأخذ بتلبيبها وتلحقها فى كل
20
مكان ،حالما تسنح الفرصة .تستفز رجالها وترغمهم على القتال رجل ً برجل كما
تفرضه علينا حرب المقاومة ،أو تسمح لنا به ،مكتفين بانتصارات محدودة حقا ً ،لكنها
مضطردة " ).(107
ويضيف جرازيانى فى نفس المنشور " بأن هذه الفرق يجب أن تكون متيقظة حتى ل
تؤخذ على حين غرة لن فى ذلك احتمال ً لهزيمتها .......ينسى رجالها مشاغلهم اليومية
ليعيشوا تحت الخيام ،فى كل جو وعلى كل أرض ،خطتهم فى القتال النقضاض
والهجوم المتواصل ،ول يفرطون فى إطلق النار ،بل يبالغون فى استعمال الحراب ،أى
أنهم فى موقف هجوم فى كل مكان ،فهم ل يعرفون هدنه ولهوادة " .ولهذا يعترف
أحد رجال المقاومة بأن أهم المخاوف لديهم تمثل فى خطورة الوقوع فى شراك
التشكيلت العسكرية هذه ).(108وهذا المنشور يدلل على أن تلك المهام الصعبة لو
أوكلت إلى الجنود اليطاليين بمفردهم ما كان يمكن تصور انجازهم لها .أو تصور بأن
جرازيانى يبالغ فى تلك التكليفات لو كانت تلك المواجهات تعتمد على الجنود اليطاليين
فقط .وبهذا نفهم بأن العساكر الريتريين كانوا بمثابة الورقة الرابحة التى راهن عليها
جرازيانى لنجاز تلك التكليفات.
ويتأكد لنا بأن العساكر الريتريين وحدهم هم من يقصدهم جرازيانى من مذكرته -فى
أول يوليو -1930لوزير المستعمرات دى بونو التى حددت أمرين للقيام بمهمة القضاء
على مقاومة عمر المختار :أولهما ،تكليف وحدات من العساكر بمطاردة العصاة وتتبع
تحركاتهم عن كثب .ثانيهما ،تكليف تشكيلت من العساكر الذين يمتازون بروحهم
الهجومية ويؤمن جانبهم ،بمراقبة منطقة خاصة تحدد لهم ،مع مداهمتها من وقت
لخر ،والتجوال بدون انقطاع .وحددهم بقوله " والعساكر الذين تتوفر فيهم هذه َ
.إذا ً هذا المنشور يعترف صراحة بأن عبء دحر المقاومة (109 )
الشروط هم الريتريون "
سيقع على العساكر الريتريين دون غيرهم ،وبالتالى أصبحوا هم المكلفون على أرض
الواقع بمواجهة حركة عمر المختار.
ويزداد المر تأكيدا ً بمنشور بادليو الذى عمم على قيادات برقة فى 7يوليو بقوله "
حضرات السادة الضباط أود أن أبلغكم جميعًا ،عليكم جميعا ً أن تقلعوا عن الطريقة
التى يتبعها العرب وهى إطلق وابل من العيارات عن بعد ،والعتقاد بجدوى نتائجها ...
وهذه الطريقة التى ليس من شأنها إل إطالة أمد القتال بل نهاية ،تتعارض أيضا ً مع
طبيعة عساكرنا الريتريين البواسل القتالية وروحهم الندفاعية " وتكليفه لهم بضرورة
" حسم المعركة جذريا ً بالهجوم واللتحام بالسلح البيض ،ثم ملحقة فلول الهاربين
ملحقة تتسم بالشراسة والضراوة التى ل شفقة فيها ول هوادة حتى النهاية ") .(110إذا ً
الخطة الجديدة كانت تعتمد كل العتماد على العساكر الريتريين ،وفى معركة مفتوحة
بالسلح البيض ،وهذا يشير إلى تصور كيف كان دور الريتريين شرسا ً وعنيفا ً فى
معركة إنهاء حركة عمر المختار.
ويحدد لنا منشور جرازيانى فى أغسطس - 1930بعد أن ُوضعت كتيبة إريترية
وسرية فرسان تحت إمرة كل قائد على الجبل – طبيعة الوامر التى صدرت للعساكر
الريتريين ،حيث طالبهم بضرورة " التحرك والتحرك الدائم حتى فى الفراغ " ويواصل
" يجب تفتيش كل بقعة وكل ركن زاوية ...ابحثوا عن العصاة ،أخرجوهم من أماكنهم،
أعدموهم بمعدل واحد فى اليوم ،كونوا دهاة ماكرين ...على الفرق السريعة الحركة
أل تخلد إلى الراحة ،وأل تتوقف عن التجوال داخل المناطق المحددة لها فى كل
الظروف ،تحت أشعة الشمس المحرقة أو تحت المطر المنهمر ،فى أى فصل ،وفى
أية لحظة " .ويبدو أن تلك الوامر للعساكر الريتريين قد أعجبت بادليو حاكم ليبيا ،
فأرسل خطابا ً يشيد بجرازيانى " أحسنتم صنعا ً يا جرازيانى ....استمروا " ).(111
وبالنظر لتلك الوامر التى تلقاها العساكر الريتريون من جرازيانى فى معارك النهاية
ضد مقاومة عمر المختار يمكننا القول بأنه كان مطلوبا ً منهم انجاز مهام فوق طاقتهم ،
لهذا تعد تلك المعارك هى مواجهة بين طرفين هما المقاومة الليبية من جهة والعساكر
الريتريين بقياداتهم اليطالية من جهة أخرى.
21
ومن خطاب بادليو إلى جرازيانى فى 9أكتوبر 1931الذى يشيد فيه بالعساكر
الريتريين " أرجو أن تعربوا عن امتنانى العميق للضباط والجنود الذين خاضوا العملية
العسكرية الخيرة وكرروا على مسامعهم شعارًا ،ل للتراخى وبمواصلة تسديد الضربات
المؤلمة ،سنتمكن أخيرا ً من حسم هذه المعضلة التى أثقلت كاهل بلدنا طوال هذه
المدة " ) ،(112نستدل على أن المهمة التى أنجزها هؤلء العساكر كان صعبة للغاية
ومرهقة ليطاليا.
واذا كنا قد عرضنا طبيعة التكليفات والوامر التى صدرت للعساكر الريتريين ،فعلينا
أن نعطى نبذة عن توزيع هؤلء العساكر فى تلك المعارك الحاسمة .فقد حدد منشور 7
ل ،منطقة البطنان يوليو 1930توزيع القوات الريترية السريعة الحركة كما يلى :أو ً
خصص لها ) مارماريكا( العسكرية تختص بها الكتيبة الريترية .13ثانيًا ،منطقة الجبل ُ
أربع كتائب إريترية ) 16ومقرها القبة ،والـ 18ومقرها بلقيس ،والـ 15فى مراوة،
والـ 22فى جردس العبيد ( إلى جانب قوات أخرى .ثالثا ً ،قطاع بنغازى ُأختصت به
كتيبتان إريتريتان ) الـ 15فى البيار ،والـ 8فى سلوق ( .رابعا ً ،منطقة اجدابيا
العسكرية ،حيث تم تشكيل -بمنشور لحق فى ديسمبر - 1930كتيبة إريترية ثامنة
من عناصر تم سحبها من الكتائب الخرى ) .(113ونخلص من ذلك بأن قطاع الجبل كانت
به أكثر الكتائب الريترية ،حيث وقع عبء المواجهة مع عمر المختار على الكتائب
، 16و 18و 15و ، 22ناهيك عن هؤلء الموجودين فى سرايا الفرسان الربعة.
وكانت قيادة الجبل هى المسئولة مباشرة عن القتال ضد قوات عمر المختار ،وكان
على رأسها اعتبارا ً من أوائل يوليو المقدم جوسبى مالطا ) رقى إلى عقيد فيما بعد (.
وفى تقريره حول عمليات الجبل من يونيو إلى ديسمبر 1931عرض صورة للقوات
التى كانت باستطاعة عمر المختار فى صيف .1930وقال بأهمية تحسين تدريب
العساكر ثم تعويدهم على تنسيق عملهم والقيام بسلسلة عمليات تطهير ل تتوقف،
ليس فقط للشتباك مع القوة المعادية بل لقطع الطريق عنها ومنعها من النسحاب
).(114ولم تنجح الخطط العسكرية إل بفضل التنظيم العسكرى الذى جرى سنة .1930
ومن أهم نقاطه ،تحوير أساليب القتال والتدريب وإلغاء المفرزة الثانية ) رشاشات (
من الكتائب الريترية ،بحيث تضمن لها حرية أكثر فى التحرك السريع ،ذلك أنه لم يكن
هناك لزاما ً لكثافة النيران إذ أن القتال انقلب إلى مناوشات سريعة ومتقطعة).(115
وكان الفراغ الذى أحدثه حشد المستسلمين والضربات المميتة التى تلقتها المقاومة
قد ساعدت على تفكك الدوار ،واقتصر المر على تحركهم جماعات للفلت من قبضة
التشكيلت اليطالية .لذا حاول عمر المختار أن ينقل نشاطه إلى برقة البيضاء لقربها
من الحدود المصرية ،لذا فرضت الحراسة وزيد جنودها على الحدود ).(116ولما كان عمر
المختار على دراية وإلمام كامل بالراضى وطبيعتها ،خاصة منطقة الحراش الشاسعة
ذات الكهوف والمتعرجات ،بالتالى سهل عليه القيام بأية حركة يقررها).(117وبالتالى أخر
عملية اللحاق به.
وبعد استعراضنا لتلك الترتيبات العسكرية التى تمت بشأن هؤلء العساكر ،وجب
علينا أن نستعرض تلك الجهود التى بذلوها خلل المعارك التى خاضوها ضد المقاومة.
وتأتى معركة الكفرة فى المقدمة ،لتدلل على مدى الستنزاف اليطالى لهؤلء
العساكر .فبعد استكمال التجهيزات قسمت القوات إلى فيالق؛ القوات الرئيسية
المنطلقة من اجدابيا بها طابورين إريتريين ) الطابور 100رجل ( و 2885عسكريا ً
إريتريا ً 1600 ،منهم على ظهور البل ،ناهيك عن اشتراكهم فى القوات الثانوية
المنطقلة من واو الكبير للستيلء على َابار زيجن ثم لتداهم الكفرة وتقتحمها من عدة
جهات .وكانت هناك مشكلة التموين لتلك الحملة التى تتكون من 634أبيض ) ضباط
وجنود( و 3221عسكريا ً ملونا ً )إريتريًا( و 5517جمل ً .ونظمت قافلة برقة الكبرى )
300سيارة و 3500جمل( لمجموعتين كبيرتين من زيجن للكفرة ،وقافلة من
الريتريين تحمل المياة وقافلة منهم كلفت بالحراسة ،وأخرى حملت الغذية.
وبإحتلل الكفرة قطعت شرايين حياة المقاومة فى برقة ،وقتل فيها ضابطين
22
وعسكريين إريتريين وأصيب 13بجروح) .(118لحظ العباء التى كان يتحملها قطاع من
هؤلء العساكر فى حمل الغذية والمياة ،ناهيك عن إرهاقهم البدنى – معظمهم عساكر
مشاة -نتيجة قطعهم لتلك المسافات الكبيرة على القدام.
وما قام به العساكر الريتريون فى الكفرة من أعمال مشينة حكاها أحد شيوخها
الذين هربوا وانضموا لعمر المختار ،بأنه " كان طوال الليل يسمع ولولة النساء اللواتى
كان الجنود اليطاليون والعساكر الريتريون يغتصبنُهن" ) ،(119يشير إلى ذلك الدور القذر
الذى لعبه هؤلء العساكر من تخويف للمجتمع الليبى ،ذلك المجتمع المسلم والقبلى
المحافظ ،فسبب نفورا ً ملحوظا ً ومحسوسا ً من هذا المجتمع للعساكر الريتريين ،فراح
الوعى الشعبى يردد مقولة بأنهم أحباش على اعتبار أنهم ل يمكن أن يكونوا مسلمين .
ولم تكن المهمة الملقاة على عاتق التشكيلت الريترية الخفيفة الحركة سهلة كما
يصفها مالطا " أن الدعاء بأن خمس تشكيلت أو ست تنطلق من نقاط مختلفة وخلل
رقعة أرض مساحة صقلية تستطيع السير مسافات هائلة دون أن تصادف عوائق كأداء،
لتنقض فى عتمة الليل على عدو ل تراه ،وتتلقى فى الوقت المحدد عند نقطة محددة
على خريطة محملة مقاس 1.400.000لتوقع فى شراكها الواسع الذى نصبته القيادة،
عددا ً على درجة ممتازة من البراعة والخفة فى تحركاته ،ما هو إل هدف أسمى مجرد ،
ل يتسنى بلوغه إل التكرار والمثابرة والستفادة من الخطاء " لهذا فإن جملة الخسائر
من أبريل إلى سبتمبر 1931ثلثيها سجل فى منطقة الجبل ،والباقى فى المناطق شبه
الصحراوية التى تمر عبرها قوافل تموين المقاومة .فعدد قتلى المقاومة 267وخسائر
الجانب اليطالى 23عسكريا ً إريتريا ً وخمسة من الجنود اليطاليين ).(120وهذا يدلل
على مدى الرهاق الذى عاناه هؤلء العساكر فى مواجهات المرحلة النهائية .ودامت
المقاومة من أبريل 1930إلى سبتمبر 1931تكبدت فيها خسائر فادحة فى الرواح
والمواشى .اختزلها أنجلوا بتشولى فى الجدول التالى ،عرض فيه خسائر الجانبين بعد
واحد وعشرين شهر من الحرب مع المقاومة.
خسائر المقاومة خسائر القوات اليطالية
1605 قتلى مقاومة 3 قتلى ضباط
70 مستسلمين 6 جرحى ضباط
927 بنادق 1 قتلى ضباط صف
173 بنادق سلمت 2 جرحى ضباط صف
18 مسدسات 3 قتلى جنود طليان
3 رشاشات 5 جرحى جنود طليان
4 مدافع قتلى عساكر المستعمرات 131
833 خيول مقتولة ومستولى 257 جرحى عساكر
عليها المستعمرات
ابل مقتولة ومستولى عليها 21.552
المصدر :عن أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص . 274
وبالنظر للجدول السابق يتبين لنا بأن الخسائر اليطالية تركزت خلل المرحلة الخيرة
فى العسكر الريتريين ،فكل خسائر اليطاليين عشرون قتيل ً وجريحا ً ،أما الريتريون
فكانت 388قتيل ً وجريحًا.
أما فيما يتعلق بدور الريتريين فى مشهد اعتقال عمر المختار؛ فقد
شاركت الرتال الريترية فى عملية التطويق) .(121واتفقت المراجع على أنهم كانوا
حاضرين هذا المشهد العسكرى المهم .فأحد المراجع يشير بأن العقيد مالطا حينما
تلقى معلومات ،قام بعملية إلتفاف حول المنطقة بواسطة أربعة مجموعات من
القوات المتحركة ،تضم جماعة راقازى Ragazziواسكوادرونى Squadroniوبياتى ح
Piattiومارونى ،Maroneواستنفر مركز العمليات الجوية فى كل من بنغازى وسوسة،
وكذلك الكتيبة الريترية الخامسة والعشرين والسرية السادسة سوارى .إلى أن تمكنت
سرية السوارى السابعة بقيادة النقيب بيريه Berreمن القبض على عمر المختار ).(122
ونخرج من ذلك بملحوظتين :الولى ،أن غالبية أفراد تلك المجموعات – كما أوضحنا
سابقًا -كانوا من الريتريين .الثانية ،التحولت التى جرت للكتيبة 25وعودتها مرة أخرى
23
لتكون إريترية خالصة ،تدلل على أن الكتائب الريترية قامت بعملية انتقال من الغرب
الى الشرق حيث جبهة العمليات.
ومرجع َاخر يشير بأن هناك ثلث كتائب إريترية ومجموعة سرايا السوارى قد شاركت
فى عملية اعتقال عمر المختار حينما حشدها القائد مالطا يوم 10سبتمبر ،فقامت
فجر يوم 11بمداهمة دور عمر المختار فى وادى بوطاقة ،إل أن الدور لم يبق فى
مكانه بسبب قاعدة عمر المختار فى عدم التوقف والسراع بالتحرك درءا ً لكل مفاجأة.
لكن باكتشاف الطائرات لمكانه وإخطارها أقرب سرية سوارى فأدركتهم فقتلت أحد
عشر مقاومًا ،أما الثانى عشر فقد أحجمت عن قتله ،لما اشتبهت أنه عمر المختار،
فاقتادته إلى مرسى سوسة ،وفى 12سبتمبر ُنقل عمر المختار إلى بنغازى ).(123ومع
أن المقالت التى صاحبت عملية القبض على عمر المختار لم تشر لدور العساكر
الريتريين بوضوح ،لكننا نفهم من إشارتها للمجموعات التى قبضت عليه ،ومن ذكرها
للخسائر بكونها مقتل 3ضباط وإصابة 6ومقتل 121عسكريا ً وإصابة 228عسكريا ً
).(124ومن عباراتها التى تتحدث عن العيارات التى أطلقها العساكر المختفين وراء كل
خميلة ووراء الصخور والنباتات الشوكية فجر يوم 11سبتمبر 1931فى مشهد
محاصرة الشيخ فى غابة شنشن ،فرحين بالقبض عليه ) .(125نفهم هذا الدور الواضح
للريتريين فى معركة العتقال ،واحساسهم بالفرح بالقبض على عمر المختار
ليستريحوا من العناء الذى ظل لمدة ثمان سنوات .
وهناك مظهران أخيران يدللن على بقاء العساكر الريتريين فى الصورة حتى
المشهد النهائى بإعدام عمر المختار :المظهر الول؛ حراستهم لعمر المختار
داخل السجن ،فعندما وصل السير عمر المختار إلى سجن بنغازى تم تغيير الحراس
المحليين بحراس إريتريين وتم تغيير الموظفين اليطاليين بموظفين من
الفاشيست) .(126وهذا يدلل على ثقة الفاشيست الكاملة المتوفرة فى الريتريين،
وبالتالى ضمان عدم تسريب أية معلومات عن أية ضغوط تمارس على الشيخ .
المظهر الثانى ،وجودهم فى صحيفة التهام الموجهه لعمر المختار قبل
اعدامه ،فوثيقة التهامات الموجهه له تعد وثيقة تاريخية مهمة تشهد بدور هؤلء
العساكر الريتريين فى حرب عمر المختار .حيث شهدت الصحيفة عرضا ً لجرائمه فى
حقهم ،فقد وجهت له التهام التاسع وهو مقتل 28عسكريا ً خلل هجوم على قافلة فى
30نوفمبر ،1925ومقتل ستة من العساكر فى درنة فى 16يونيو .ووجهت له التهام
الحادى عشر بخصوصهم ،ويدور حول قتل 24جنديا ً للحراسة وجرح 5عساكر إريتريين
وسبعة من حراس الدورية فى البيار فى 8ديسمبر .1928وأيضا ً التهام السادس
عشر الذى يدور حول قيام دوره بجرح ثلثة من العساكر الريتريين فى 30مارس
بوادى الرملة بدرنة ) .(127ونخلص من ذلك بنتيجتين :أولهما ،أن جدارة وقوة وتحمل
العساكر الريتريين فى مواجهات عمر المختار هى التى جعلتهم يفرضون أنفسهم على
كل المصادر اليطالية التى تحدثت عن معاركهم مع عمر المختار ،رغم أنه ل حديث
عنهم قبل عام . 1922ثانيهما ،أنه يصعب تصور سيناريو الحرب فى المراحل النهائية
دون وجود هؤلء العساكر ،فقد كانوا وقودا ً لمعركة التخلص من مقاومة عمر المختار،
وبالتالى يصعب تصور استمرار ايطاليا فى حالة الحرب إذا ما كان قوام جيشها من
اليطاليين فقط ،ومن ثم لعب هؤلء العساكر الدور الرئيسى فى تأكيد الحتلل
اليطالى لليبيا.
ب -تحمل العساكر الريتريين للشغال الخرى المرتبطة بالمرحلة
النهائية -:
فلقد ظهر دور العساكر الريتريون واضحا ً فى كثير من العمال المرتبطة بتلك
المرحلة ،سواء فى مد الطرق اللزمة ،أو حشد وحراسة الهالى المستسلمين ،أو
إقامة السلك الشائك وحراسته .
24
وفيما يتعلق بإمداد الطرق ؛ فقد كان نقصان الطرق فى برقة مشكلة تحول دون
سير العمليات العسكرية اليطالية ،لهذا ُبدأ فى إنشاء الطرق بهمة ونشاط قبل
التحرك العسكرى .ونلحظ ذلك المر فى مطالبة جرازيانى بعد توليه المهمة سنة
1930بإمهاله مدة كافية قبل الدخول فى معركة مع عمر المختار لستكمال التدابير
الجديدة وعلى رأسها الطرق .حيث يقول " وهناك تسعة مواقع عمل لمد وإصلح
الطرق ،اقتضى توفير الحماية لها سحب سرية من كل كتيبة .حيث انخفض قوام كل
كتيبة إلى ثلث سرايا بدل ً من أربع) .(128ولما كانت توجد على القل تسع كتائب إريترية
خالصة ،فهذا يعنى أن هناك 9سرايا سحبت منها لمداد وإصلح الطرق ،وظلت 27
سرية إرتيرية تعمل فى أرض المعركة.
وبالطبع فإن العساكر الريتريين وقع عليهم عبء هذه المهمة .وأهم الطرق التى
اشتغلوا بها ،طريق شمالى طوله 138كم يربط المرج ببرقة .وطريق َاخر جنوبى
طوله 141كم يمتد من المرج إلى سلنطة – الفايدية – القريات .واشتغلوا فى أربعة
طرق فرعية تربط بين الخطين المذكورين ).(129ومنشور جرازيانى فى أول أكتوبر
1931لجميع الضباط والموظفين الذى يشيد فيه بدور العساكر فى موضوع الطرق،
يدلل على الدور الذى قام به العساكر فى هذا المر ،ونلحظ ذلك فى قوله " إن رجال
التشكيلت السريعة كانوا يقومون بتوفير الحماية لمواقع أعمال مد الطرق وإصلحها
وتنظيم حركة المرور " ) .(130ونخلص من ذلك بأن الريتريين أيضا ً كانوا فى ناصية هذا
المر.
أما فيما يتعلق بحشد الهالى المستسلمين وحراستهم؛ فقد كان حاكم ليبيا
قد توصل إلى فكرة إقامة معسكرات للمستسلمين من الهالى بعيدا ً عن تحركات
المقاومة ،حيث كانت جموع القبائل تشكل سندا ً للثورة وضمانا ً لستمراريتها .ولنتبين
دور العساكر الريتريين فى هذه المسألة علينا النظر فى أمرين :أولهما ،دور هؤلء
العساكر فى حشد الهالى فى المعتقلت ،نجد أن قوات القائد مالطة ،على
سبيل المثال ،وغالبيتها من الريتريين ،كانت منهكة طوال صيف 1930فى توفير
الحماية لعمليات تهجير الهالى).(131بل إذا ما تعرض أحد المعتقلت لهجمات المقاومة،
كان هؤلء العساكر مسئولين عن عملية نقلهم إلى معتقلت أخرى .فعندما تعرض
معتقل عين الغزالة ) يقع إلى الغرب من طبرق بحوالى 45كم ( لهجمات المقاومة
عليه ،حسب إشارة أحد المراجع ،بأن الجنود الحباش – المقصود الريتريين -هم
الذين قاموا بنقل المعتقلين .حيث أحاطوا بالهالى يسوقونهم على الرجل ،ويطلقون
النار إرهابا ً على كعوبهم ،بينما كانت الطائرات تحلق فى السماء والسيارات تحيط بهم
من كل جهة .واستمرت هذه الرحلة الشاقة حتى موقع بوصفية قرب خولن مشيا ً على
القدام ،ثم أكملوا الرحلة بالقطار حتى معتقل العقيلة) .(132إذا ً شارك العساكر
الريتريون فى هذه المشاهد القاسية .بل مارسوا كل أنواع القسوة ضد المعتقلين
خلل عملية سوقهم إلى تلك المعتقلت عن طريق البر .حيث أحيط القسم المساق
بالعساكر الريتريين ،يتعقبون كل من تخلف عن المساقين إلى حتفهم .بل إن المتخلف
كان يرمى بالرصاص مع عدم مسئولية الرامى عن القتل).(133ومن ثم فإن العساكر
الريتريين تم توظيفهم فى سياسة افناء السكان الليبيين ،حين أوقعوا بالسكان العزل
لمنيين فى ديارهم وأنزلوا بهم صنوف العذاب ،سواء كانوا قادرين على حمل السلح ا َ
.ومن ثم فإن العساكر الريتريين لم يتخلفوا )(134
أو نساء وأطفال ل حول لهم ول قوة
عن كافة المشاهد التى واكبت عملية الجهاض لحركة المقاومة بقيادة عمر المختار.
ثانيهما ،دورهم فى حراسة المعتقلت ؛ فرغم أن هذه المعتقلت كانت تقع فى
مواقع حصينة إل أنها كانت هدفا ً لقوات المقاومة .فعلى سبيل المثال تمكن المجاهدون
من دور العبيدات والحاسة بالتفاق مع المعتقلين بتدبير كمين للقوات اليطالية
والستيلء على إحدى قوافل الحراسة والستحواذ على حمولتها من مؤن وذخائر بعد
قتل عساكر الحراسة) .(135وكان معتقل البريقة قد وزعت عليه أطقم حراسة مكونة
من العساكر الريتريين ،المسلحين بالسلحة الخفيفة ،على طول السور مكلفين
25
بإطلق النار على كل من يدنو من هذا السور .ووضعت قطع من المدفعية المتوسطة
على كل بوابة من بوابات المعتقل إمعانا ً فى إشاعة جو الرهبة والرعب فى نفوس
الهالى المعتقلين) .(136ومن ثم شكل العساكر الريتريون مصدر الفزع والرعب
للهالى .وبالضافة للحوال الصحية السيئة لتلك المعسكرات )انتشار أمراض الجدرى
والتيفوس والوبئة( أضيف إلى هذا ما يقترفه العساكر الريتريون لجميع أنواع
النتهاكات .فيروى غيث أبو القاسم أحد معتقلى العقيلة " أنه كان على نسائنا أن
يحتفظن بوعاء ليقضين فيه حاجتهن البشرية ،فهن بخروجهن إلى الخلء يخاطرن
بالوقوع فى أيدى الحباش " ) .(137ومن ثم ظلت الذاكرة الشعبية تحتفظ بالصورة
القبيحة والمرعبة التى مثلها هؤلء العساكر.
وكان هؤلء العساكر منتشرين حول السلك الشائكة التى تحيط بمعتقل العقيلة ،
حيث كثفت السلطات اليطالية الحراسة حوله بصورة ملحوظة ،مكلفين بإطلق النار
فورا ً على كل فرد تسول له نفسه بالقتراب من السياج سواء من الداخل أو الخارج.
ويعاون عساكر الحراسة مجموعة من الفرسان مهمتهم القيام بأعمال دورية على
طول الساحل ما بين العقيلة والبريقة للقبض على كل من يحاول الهروب من
المعتقلين) .(138ومن ثم أصبح الريتريون هدفا ً لضربات عمر المختار الذى كان يسعى،
إما لضم المعتقلين للمقاومة أو للحصول على مواد غذائية.
وهكذا كان دورهم فى سلوق ومعتقل المقرون الذى توجد به أربع بوابات للمعتقل
جهة الشمال ناحية البحر المتوسط ،وجهة الشرق والغرب والجنوب .فقد كانوا يتولون
حراسة هذه البوابات ومعهم مجموعة من جنود الشرطة اليطاليين .وتولوا أيضا ً مهمة
حراسة معسكرات الطفال التى تولدت عن تلك المعتقلت ،لذا صار نظامها صارما ً
تبعا ً للقواعد المتبعة لوحدات الريتريين .واتخذت هذه المعسكرات كوسيلة لتدريب
وإنشاء الكتيبتين السابعة والتاسعة الليبيتين ،للنضمام للكتائب الليبية التى كانت رهن
التكوين ).(139وخلصة القول أن مهمة حراسة معسكرات العتقال الخمس العادية التى
حشر بداخلها ما يقرب من 80ألف شخص ما بين منتصف عام 1931-1930قد
وقعت حراستها من جهة البر على الفيالق الريترية السريعة الحركة ).(140وظل أمر
عودة الهالى إلى الجبل مؤجل ً – رغم انتهاء أعمال مقاومة -لسباب تتعلق بالمن
حتى النصف الثانى من عام .(141) 1932وهذا يعنى أن حراسة العساكر الريتريين لهذه
المعتقلت ظلت قائمة حتى تلك السنة.
ً
ولم يقتصر المر على حراستهم لتلك المعتقلت بل حكمها أيضا ،من خلل
الشومباشية ) العرفاء ( وهى أعلى رتبة عسكرية للعساكر الريتريين).(142لهذا لم تكن
وظيفة المعتقل منذ يوليو 1930عزل المستسلمين فقط ،بل الضغط عليهم باستمرار
حتى يعود أقاربهم المنخرطون فى الدوار للعيش معهم فى المخيمات) .(143ونخلص من
ذلك بأن اليطاليين تركوا العساكر الريتريين ليقوموا بالدور القذر فى عملية الضغط
هذه ،بل كما بدا أنهم كانوا يفضلون ويباركون تلك القسوة الصادرة من الريتريين تجاه
الهالى .
شرع أما فيما يختص بدورهم فى إقامة السلك الشائك وحراسته ،فحينما ُ
فى إقامة سلك شائك يمتد من البردية على ساحل البحر المتوسط إلى واحة جغبوب
)فى فبراير (1931لخنق عمر المختار فى منطقة الجبل وقطع المدادات القادمة إليه
من مصر ،اشترك فى بنائه 2500من أبناء البلد و 1200من العساكر ).(144
ومنذ انشاؤه تقرر إرسال كتائب إريترية محملة على الشاحنات لتعزيز الحراسة
والمراقبة ،واقيمت حامية وادى " مرى " على الحدود ).(145ومن ثم يتضح دور
الريتريين فى تلك الدوريات المحمولة التى تراقب الحدود ).(146فقد عهد بمراقبة
الطرق التى تربط بين الحدود والجبل إلى قوات منطقة البطنان ،وغالبيتها من العناصر
الريترية .وكلفت ثلثة مجموعات من الهجانة تعززها سرية من السيارات المصفحة
تدعمها بعض الطائرات لمراقبة الشريط الصحراوى الواقع بين خطى 32-29شمال ً
).(147ويشير البعض بأن الوحدات المكلفة بحراسة السلك الشائك كانت تتألف من ثلثة
26
فيالق صحراوية ) .(148ولم ينته دور العساكر الريتريين فى حراسة هذا السلك بإختفاء
عمر المختار ،ففى 11أكتوبر 1931طاردت وحدة إريترية محمولة على الشاحنات
ودورية )تتألف من 50جمل ً فى حراسة 25رجل ً بين جالو واجدابيا( قافلة تحاول
المرور عبر الحدود إلى داخل ليبيا .ورغم تمكنها من الفلت حيث توغلت فى الصحراء
لمسافة 400كم إلى الجنوب من الجبل ،إل أنه اكتشف أمرها يوم 15أكتوبر وهى
تائهة فى الصحراء ).(149وهذا يدل على أن العساكر الريتريين ظلوا موجودين لحراسة
السلك الشائك حتى بعد إنتهاء أعمال المقاومة.
أما فيما يتعلق بمصير العساكر الريتريين بعد التخلص من عمر المختار ،فقد
استمرت عملية الستعانة بهم ،وحالما انتهوا من الجهاض على المقاومة تمامًا ،تحولوا
إلى جبهة قتالية أخرى منذ سنة ،1935حيث دخلوا مع القوات اليطالية الحبشة ،حيث
تقدم الفيلق العسكرى الريترى من الجهة اليمنى للحباش ،والفيلق الريترى -اليطالى
من الجهة اليسرى حتى استطاعوا دخول أديس أبابا فى مارس .(150) 1936ونخلص
من ذلك بأن الدور الذى لعبه هؤلء العساكر فى انهاء مقاومة عمر المختار كان دورا ً
رئيسيًا ،بحيث يصعب تصور وجود أية مواجهة مع المقاومة دونهم.
خامسًا -مدى وعى المقاومة بهوية العساكر الريتريين -:
عرفنا من قبل كيف كان دور العساكر الريتريين فى مواجهة مقاومة عمر المختار
وكيف كان أداؤهم عنيفا ً تجاه المقاومة ! لكن هناك عدد من السئلة تطرح نفسها
للنقاش ،منها ،كيف كانت نظرة الليبيين لهؤلء العساكر الريتريين؟ ولماذا لم يكن
هناك قطع فى مسألة هل هم أحباش أم إريتريون ؟ ولماذا كان هناك قطع فى مسألة
هويتهم الدينية وبأنها مسيحية ؟ وقطع فى مسألة أنهم مرتزقة ولم يكونوا مكرهين
على القتال ؟
ففيما يختص بعدم قطع المقاومة بما إذا كان العساكر أحباش أم
إريتريين ؛ فالملحظ أن المر قد اختلط على حركة المقاومة ،فلم تستطع أن تميز ما
اذا كانوا من الحباش أم من الريتريين .وللتعرف على هذا الخلط علينا أن نتقصى
سؤال أكثر الحاحًا ،هل هذا الخلط لدى المقاومة جاء مقصودا ً بإشاعة اليطاليين هذا
القول عن هؤلء العساكر أم ل ؟ فحديث فرديناندو مارتينى سنة 1891بأنهم ليسوا
من إريتريا فقط ،بل من السودان والحبشة ومناطق افريقية أخرى ،وأنه لم يكن بينهم
صومالى واحد ،لن الصوماليين ل ينخرطون فى الجيش .وأنهم بصفة أساسية من
منطقة حماسين وتجراى – يعد خلطا ً واضحا ً بين إريتريا ومناطق الحبشة ،فطالما أن
الغالبية من مناطق حماسين وتجراى إذا ً فقد كانوا من إريتريا .غير أن حديثه الذى
يخلط بين إريتريا والحبشة حينما يشير بأن الحباش " هم رواية المعارك والثورات
والخلفات ،وكل ما من شأنه أن يسبب المعارك فى المستقبل يشكل مادة أحاديثهم "
) ،(151يدلل على أن سكان بعض المناطق فى إريتريا كانت ايطاليا تنظر اليهم على أنهم
أحباش .ومع ذلك لم يختلط المر على كل اليطاليين ،فأنجلو بتشولى ،يشير بوضوح
إلى أنهم من الريتريين ).(152مما يدل على أن الخلط لم يكن مقصودا ً ،خاصة مع تأكيد
المراجع اليطالية بأن ثلثة أرباع العساكر الذين حاربوا عمر المختار كانوا من
الريتريين ،وأنه تم اختيارهم بعناية من العناصر الموثوق بهم جدا ً).(153
لذا فإن السؤال المهم ،ما الذى جعل غالبية عناصر المقاومة تنظر لهؤلء العساكر
على اعتبار أنهم أحباش ؟ فهل يمكن القول باحتمالية تسريب إشاعة أن العساكر
الريتريين الذين يقاتلونهم هم من الحباش ،كان أمرا ً مدبرا ً من قبل الدارة اليطالية
لزرع الكراهية والحقاد داخل قلوب الليبيين ،طمعا ً فى ضمان اشتراكهم فى غزو
الحبشة بعد ذلك ؟ ورغم أن الدراسة ل تستطيع القطع بهذا المر إل أن المروجين
لمسألة تطوع الليبيين فى الحرب ضد الحبشة يدفعون لثارة الشكوك حول هذا المر.
وبهذا ل يعد قرار غزو الحبشة مرتبطا ً بسنة ، 1935بل كان قرارا ً مسبقا ً تم العداد له
27
جيدًا ،من خلل إثارة الحقاد فى نفوس سكان المستعمرات أمل فى ضمان تجنيدهم
فى العمال العسكرية.
ورغم أن قطاعا ً كبيرا من حركة المقاومة الليبية قد حسمت المر؛ بأن اعتبرت
ً
هؤلء العساكر من الحباش ،مثل غيث أبو القاسم أحد معتقلى البريقة الذى قال بأن
الذين قاتلوهم كانوا من العساكر المجنديين فى افريقيا الشرقية ،وأنه كان من بينهم
اثيوبيين من مناطق اثيوبيا الشمالية ) (154وأيضا ً سعد بالحمد -أحد المقاومين فى
منطقة الجبل الخضر – الذى أشار بأنهم من الحباش ) .(155ورغم الشارات الكثيرة
التى مررنا بها من قبل والتى ترجح ميل المقاومة ،وميل المراجع الليبية إلى أنهم
أحباش ،مع ذلك نجد البعض لم يحسم المر بشأنهم .فالفلكلور الشعبى ظل يحتفظ
بالتناقض فى نظرته للعساكر وبأنهم أحباش من مصوع ) .(156وهناك بعضا ً من أفراد
المقاومة قد وعى بأنهم من الريتريين .ونستدل على ذلك من خطاب بشير السعداوى
الذى أرسله لموسولينى فى أغسطس 1926حيث ذكر " بأننى حاربتكم بكل قواى
المعنوية والمادية واستعملت جميع الحيل للدفاع عن الوطن وحماية شعبنا من
الريتريين المتوحشين ").(157ويشترك معه فى هذا ما رواه أحد شيوخ الكفرة لمحمد
أسد سنة 1931بأنه " طوال الليل كان يسمع ولولة النساء اللواتى كان الجنود
اليطاليون والعساكر الريتريون يغتصبنُهن") .(158ونخلص من ذلك إلى أمرين :أولهما،
أن القطاع الكبر فى المقاومة كان يميل إلى أن العساكر كانوا من الحباش وأن
القطاع الصغر هو الذى وعى بأنهم من الريتريين .ثانيهما ،أننا ل نعرف الدافع الحقيقى
الذى جعل المقاومة تقتنع بأنهم من الحباش اللهم إل المبرر الدينى .
ولكن السؤال الذى يطرح نفسه ،هل اختلط المر على المقاومة الليبية بأن هؤلء
العساكر الريتريين الذين ذاقوا الويلت على أيدهم هم من الحباش ،هو الذى جعل
كثير من الليبيين يتعاطفون مع اليطاليين فى حربها ضد الحبشة ؟ وخير مثال على
ذلك عمر أبو دبوس الذى كتب للوزير المفوض اليطالى بأنه خلل الصراع اليطالى
الثيوبى سنة 1934اتخذ موقفا ً محايدا متسما ً بالولء رافضا ً مع َاخرين من الزعماء
النحياز إلى جانب الدسائس التى يحيكها السنوسى).(159إذا ً نحن أمام حالة انقسام
داخل صفوف الليبيين بشأن حرب الحبشة ) .(160بل إن بعض المعارضين لسياسة
ايطاليا فى ليبيا من العرب ،مثل شكيب أرسلن ،تحول إلى مؤيد لحرب الحبشة
خصوصا ً بعد مقابلته لموسولينى سنة .(161)1934
لكن ما يجعلنا ل نميل إلى الدعاء بأن الذين ذهبوا إلى الحبشة كانوا واعين بقضية
الثأر من الحباش ،هى تلك الخلفية لتكوين الكتائب الليبية داخل ليبيا نفسها .فخلل
معسكرات العتقال استطاعت ايطاليا استقطاب العديد من العساكر الليبيين إلى
صفوفها ،وكونوا منهم الكتائب وسرايا السوارى الليبية ،وبعضا ً منهم كانوا من المرتزقة
تم اغرائهم بالمال).(162واستطاعت ايطاليا بالفعل تجنيد حوالى 40ألف ليبى – حسب
زعم إحدى الدراسات -وضعتهم فى الخطوط المامية فى حرب الحبشة ،فهلك منهم
عدد كبير) .(163ومن ثم تصبح الشارة إلى تشكيل كتائب ليبية من المتطوعين للخدمة
فى شرق افريقيا) ،(164ينقصها الدليل التاريخى لثبات بأن هؤلء الجنود الذين حاربوا
فى الحبشة كانوا من المتطوعين وليسوا من المرتزقة أو المجبرين على القتال .فقد
كان فريق منهم قد تم تدريبه من خلل معسكرات الطفال ،حيث تم اختيار " الكبار
فى السن " لمهنة العسكرية وانتهوا فى اثيوبيا مع الفرقة الليبية ،حيث كانوا ديوك
قتال أحسن إعدادهم).(165فقد كان النجاح الذى لقيته الكتائب المختلطة قبل سنة
1930قد ساعد ايطاليا فى استثمار المكانيات القتالية لها فى حربين :الحرب
اليطالية – الحبشية ،وفى الحرب العالمية الثانية).(166
أما فيما يتعلق بهويتهم الدينية والقطع بأنهم مسيحيون؛ فرغم أنه ل
يمكن القطع بالهوية الدينية لهؤلء العساكر ،فى ظل اشارة البعض بأنهم خليط من
المسلمين والمسيحيين والوثنيين).(167إل أن صمت المصادر المتاحة لدينا عن الحديث
عن الهوية الدينية يزيد المر صعوبة فى هذه المسألة .فمن المعروف أن تسعة أعشار
28
رعاياها الفارقة كانوا مسلمون حسبما ورد فى كتاب ايطاليا السلمية L'Italia
Mussulmanaسنة .(168) 1928ورغم أنه ليس من المستبعد أن يكون ضمن العساكر
الريتريين جنود مسلمون ) ،(169إل أن الدوار القذرة التى قام بها هؤلء العساكر تجعلنا
نستبعد أن تكون غالبية تشكيلة العساكر من المسلمين .خاصة مع تشديد إحدى
الدراسات بأن الليبيين كانوا يقاتلون دفاعا ً عن دينهم ضد القوات المسيحية الغازية،
وأنه كان من الطبيعى أن تضاعف السنوسية من تغذية الشعور الدينى لدى المقاومة
لثارة حماستها الدينية ،بمجرد معرفة أن معظم القوات اليطالية كانت من الريتريين
المسيحين المتعصبين .(170) Fanatically Christianوتأتى مسألة عدم حدوث أى حالة
تعاطف مع المقاومة لتدفع الشكوك إلى احتمالية أن تكون الغالبية إما مسيحيون أو
وثنيون .رغم اعتراف أنجلو بتشولى الصريح بأن هوية الريتريين الذين حاربوا فى ليبيا
لم تكن مسيحية فقط ).(171وإذا رجعنا إلى المسار الذى انتهى إليه هؤلء العساكر فى
إريتريا بعد الحرب العالمية الثانية حينما أسسوا رابطة المحاربيين القدماء فى إريتريا
فى أبريل 1947يختلط المر أكثر ،حيث نجد أن من بينهم مسلمون ومسيحيون على
السواء ) .(172ورغم أن الدراسة ليست لديها ما يقطع بالهوية الدينية لهؤلء العساكر ،ال
أنها ترجح بأنهم كانوا خليطا ً غالبيتهم مسيحيون استنادا ً إلى ما ذكرناه سابقًا ،بأن
غالبيتهم كانوا من منطقة حماسين وتيجراى ،ومن المعروف أن غالبية سكان تلك
المناطق من المسيحيين.
ولعل ما يقطع بهويتهم المسيحية ما قالت به إحدى الدراسات النجليزية ،حين
استدلت على ذلك بأمور ثلث :أولها ،ثقة القيادات اليطالية المطلقة فيهم .ثانيها ،أن
قيادات المقاومة الليبية – خاصة ادريس السنوسى -استخدمت الهويه المسيحية لهؤلء
العساكر فى تحميس المقاومين خلل عمليات القتال .ثالثها ،اعتبار هؤلء العساكر أنهم
فى حرب دينية ضد المسلمين الليبيين) .(173غير أن شراسة هؤلء العساكر – فى
تقديرى -هى التى جعلت الوعى الشعبى غير منشغل بمسألة الهوية الدينية لهم ،على
اعتبار أن هؤلء ل يمكن أن يكونوا مسلمين .وهذا المر يمكن تلمسه فى محاكمة عمر
المختار عندما سئل عن اليطاليين الموجودين معه ،فلم يشر إلى أن أحدا ً من الثلثة
الذين انضموا إليه كان من الحباش أو الريتريين ،بل ذكر بأن جميعهم من اليطاليين
) .(174فإذا كان اليطاليون قد تعاطفوا ودخلوا فى السلم فما بالك لو كان هؤلء
العساكر مسلمين .وهذا ل يعنى أن الشراسة التى أبدوها فقط هى التى تجعلنا نميل
إلى تصنيفهم بأنهم من غير المسلمين ،لكن عدم وجود أى حالة تعاطف من الريتريين
تجاه الفعال التى ترتكب تجاه المسلمين الليبيين لهو أمر يثير الشكوك .هذا رغم
احتمالية دحض هذا القول ،على اعتبار أن الليبيين قاتلوا إخوانهم فى ذات الحرب ضد
المقاومة فى الفترة التى سبقت عام .1930لكن يمكننا تقديم حجة مضادة بأن
الجراءات التى اتخذتها ايطاليا فى تفكيك الكتائب الليبية سنة 1930ربما يطرح بأن
قطاعات كبيرة من المنضمين الليبيين ليطاليا يمكن تصنيفها على أنها كانت تكتيكا ً
حربيا ً استخدمته المقاومة ،توصلت من خلله لسترتيجيات العدو اليطالى وخططه،
وبالتالى ل يمكن تصنيف كل من انضم للجيش اليطالى على اعتبار أنه خائن وعميل.
بدليل كراهية اليطاليين لفعالهم ،ولول حل تلك الكتائب لما نجحت الدارة اليطالية
فى كسب الجولة النهائية .ونستخلص فى النهاية بأن وعى المقاومة الرسمى كان
يقطع بأنهم مسيحيون ،على حين لم ينشغل الوعى الشعبى بتلك المسألة ،فقد كانت
وحشيتهم وقسوتهم مانعا ً فى تصور بأن يكون هؤلء المتوحشون من المسلمين.
وفيما يختص بقطع حركة المقاومة بأن العساكر الريتريين من
المرتزقة؛ فرغم حديثنا فى أول الدراسة بأن تشكيلة العساكر كانت من المجندين
والمرتزقة على السواء ،إل أن الوعى الشعبى حسم هذا المر بشأنهم ،بحيث وضعهم
فى خانة المرتزقة .وأكد ذلك أحد المصادر اليطالية حينما تطرق إلى معركة الجوش،
فذكر " أن القوات التى ساندت جرازيانى فى تلك المعركة على الساحل الغربى كانت
من المرتزقة الريتريين" ) .(175ومثلما نظر الوعى الشعبى لهم على أنهم مرتزقة،
29
نظرت إليهم المقاومة كذلك على أنهم مرتزقة حرص المستعمر بأن يجعلهم فى
الصفوف المامية).(176
ونحن من جانبنا ل نوافق على تلك النظرة بالمطلق ،فقد كان قطاعا ً منهم مكرهين
على القتال .ونستدل على ذلك من نظرة أحد مؤرخى حركة التحرر الريترية ،حينما
أشار بأنهم كانوا مكرهين على القتال من أجل الغراض الستعمارية فى ليبيا ).(177
ومثلما أجبروا على الحرب فى ليبيا نفس المر حدث خلل حملة ايطاليا على الحبشة
بين عامى ،1936-1935حيث اقتيدوا للقتال فى الصفوف الولى لتحقيق الهداف
اليطالية ).(178بل إنه بالنظر لمسألة تأسيس هؤلء العساكر لرابطة المحاربيين القدماء
فى إريتريا فى أبريل .(179) 1947والتى ترغب فى استمرار وصاية ايطاليا عليها ،نلحظ
بأنهم قد استمروا فى الولء ليطاليا .ومع أن بعضهم أثبت فعليا كراهيته لسياسة
التمييز بينهم وبين الجنود اليطاليين ،حيث قام أحدهم بقتل قائد القوات اليطالية فى
الحرب العالمية الثانية ،ففتح الباب لدخول الحلفاء اسمره وانهيار المقاومة اليطالية
).(180إل أن غالبيتهم استمروا على السير فى فلك الدارة اليطالية .مما يرجح بأن
رابطة المال ظلت هى القاعدة الساسية فى استمرار ولء هؤلء العساكر حتى بعد
خروج ايطاليا من إريتريا.
خاتمة -:
تخلص الدراسة فى النهاية إلى عدد من النتائج -:
•• أثبتت الدراسة بأن الكتائب الريترية كانت موزعة عبر أنحاء ليبيا ،وأن بعضا ً من هذه
الكتائب عمل فى طرابلس ) ( 7 ، 6 ، 10،12 ، 19وأن بعضا ً منها عمل فى برقة )
(2 ،18 ، 4 ، 71 ، 13 ، 11 ، 9وأن هناك كتائب إريترية عملت بين منطقتى
برقةوخط العرض ° 29شمال ً ) ، 24 ، 3 ، 16 ، 13 ، 15 ، 14 ، 6 ، 12 ، 10، 7
(17 ، 113 ، 20 ، 26 ، 25مما يدلل على ما كانت تمثلة تشكيلة الكتائب الريترية
فى المواجهات التى جرت ضد حركة المقاومة بقيادة عمر المختار .ورغم أنه ليمكن
القطع برقم نهائى حول مجموع العساكر الريتريين الذين شاركوا فى حروب المقاومة،
إل أنه يمكن القياس بما كانوا عليه فى المرحلة النهائية ،وبأنهم كانوا يمثلون ثلثة أرباع
القوات .فمن خلل الكتائب التى رصدناها عبر الدراسة يمكننا طرح رقم 23.450
عسكريا ً إريتريا ً كعدد اجمالى للعساكر الذين عملوا فى الكتائب الريترية )باعتبار أن
كل كتيبة بها 750عسكريًا( ،ومع ذلك ل تدعى الدراسة بأن هذا العدد هو العدد
النهائى ،بل يمكن لدراسة أخرى أن تزيد فى التفصيل ،وتظهر بها أرقام أخرى تختلف
أو تتفق مع هذه الدراسة ،خاصة مع عدم استطاعتنا رصد الريتريين فى بقية
التشكيلت العسكرية الخرى .
•• أثبتت الدراسة بأن عام 1922هو عام الظهور الحقيقى للعساكر الريتريين فى
ليبيا ،ورصدت الدراسة بأن 9كتائب إريترية كانت تعمل فى تلك السنة ،ووصلت فى
المرحلة النهائية إلى 16كتيبة ،وهذا يدل على أن عملية استمرار جلب الكتائب من
إريتريا ظلت مفتوحة حسب متطلبات الحرب.
•• استعرضت الدراسة التكليفات والمهام التى ألقيت على كاهل العساكر الريتريين،
ورصدت عملية انتشارهم وجهودهم القتالية ،فاستنتجت بأنهم كانوا السبب الرئيسى
فى حسم المعركة مع حركة المقاومة الليبية ،سواء من خلل أساليبهم القتاليه
وقدرتهم على تحمل مشقات الطبيعة ،أو من خلل الممارسات القبيحة والدنيئة
والعنيفة التى مارسوها ضد المجتمع الليبى ،أو من خلل العمال والشغال الخرى
التى قاموا بها ،كمد الطرق وحراسة المعتقلت وحمل الغذية والمياة فى مختلف
جبهات القتال مع المقاومة الليبية .
•• إذا كانت المقاومة قد حسمت أمرها بشأن هوية العساكر الدينية والقومية وبشأن
مسألة ارتزاقهم إل أن الدراسة خالفت وعى المقاومة فى مسألة الهوية القومية لهؤلء
العساكر ،وقالت بأنهم إريتريين وليسوا أحباش ،وخالفتها فى مسألة أنهم لم يكونوا
30
جميعا ً من المرتزقة ،ومع ذلك رجحت ما رجحته المقاومة بخصوص هويتهم المسيحية.
ول تدعى الدراسة فى النهاية أنها قد وصلت للقول الفصل فى مسألة هؤلء العساكر
خصوصا ً عملية إحصاء اعداهم ،لذا تدعو الباحثين بأن يدلوا بدلوهم فى تناول هذا
الموضوع الهام.
31
(1)1مجمع اللغة العربية :المعجم الوجيز ،طبعة خاصة بوزارة التربية والتعليم ،جمهورية مصر العربية ،2004 ،ص . 418
(2)2جورجو روشا -:قمع المقاومة فى برقة ، 1931 -1927فى انزو سانتاريللى ،جورجو روشا ،رومين رائنيرو ،
ولويجى فوليا -:عمر المختار واعادة الحتلل الفاشى لليبيا ،ترجمة عبدالرحمن سالم العجيلى ،منشورات مركز جهاد
الليبيين للدراسات التاريخية ،سلسلة الدراسات المترجمة ، 7الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ،
، 1988ص .71
(3)3عمر محرم أحمد عبدالرحمن -:جرازيانى ودوره فى مد نفوذ ايطاليا الستعمارى فى ليبيا والقرن الفريقى ،رسالة
دكتوراة غير منشورة ،معهد البحوث والدراسات الفريقية ،جامعة القاهرة ، 1995 ،ص . 149
.Wright, John :- Libya, Ernest Benn Limited, London ,1969,P.156 (4)4
(5)5انجيلوا ديل بوكا -:اليطاليون فى ليبيا ،الجزء الثانى ،ترجمة محمود على التائب ،منشورات مركز جهاد الليبيين
للدراسات التاريخية ،سلسلة الدراسات المترجمة ، 31الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى .1995،
(6)6وأشهرهم أنور باشا الذى حارب اليطاليين فى البداية ثم انضوى تحت خدمتهم ،حيث أثبت جهدا ً ضد مقاومة طرابلس ،
وفى برقة كان يعرف الرض شبرا ً شبرا ً ،للمزيد أنظر ،عقيل محمد البربار -:حركة عمر المختار فى الجبل الخضر -1923
، 1931فى مجموعة من الساتذة الباحثين -:بحوث ودراسات فى التاريخ الليبى ، 1943-1911الجزء الثانى ،منشورات
جامعة الفاتح ،مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية ،الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ، 1984 ،ص
. 284
(7)7الوثيقة رقم ) -:(103ترحيب عميد بلدية بنغازى بزيارة وزير المستعمرات والشادة بأعمال ايطاليا والشادة بالتفاهم
السائد بين الجكومة وادريس السنوسى منذ عام ،1916فى الوثائق اليطالية ،المجموعة الولى ،ترجمة شمس الدين
عرابى بن عمران ،اعداد الفرجانى سالم الشريف ،منشورات مركز جهاد الليبيين ضد الغزو اليطالى ،سلسلة الوثائق
التاريخية ، -1-الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ، 1989ص ص .416-413
(8)8عقيل محمد البربار -:المرجع السابق ،ص . 284
(9)9وكان عدد الجنود الذين ذهبوا اليه ما بين 60-50مقاوم ،غير هؤلء الذين انضموا اليه من مصراته وطرابلس ،للمزيد
انظر ،خليفة محمد الدويبى -:مقابلة الشيخ الطاهر أحمد الزاوى ،من أرشيف شعبة الرواية الشفوية ،مجلة الشهيد ،
مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية ،الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ،ص ص . 230 ، 229
(10)10الوثيقة رقم ) (105بتاريخ -:29/6/1922خطبة لحمد القساطوى المستشار لدى حكومة طرابلس ،ألقاها ترحيبا
بزيارة وزير المستعمرات وتحامل فيها على المقاومة ،ويتهجم فيها على زعمائها ويثنى على الحكم اليطالى ويدعو فيها
إلى اتباع سياسة الشدة ضد المقاومة ويمجد أعمال الوالى ،فى الوثائق اليطالية ،المجموعة الولى ،ترجمة شمس الدين
عرابى بن عمران ،اعداد الفرجانى سالم الشريف ،منشورات مركز جهاد الليبيين ضد الغزو اليطالى ،سلسلة الوثائق
التاريخية) ، (1الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ، 1989ص ص .433-429
(11)11الوثيقة رقم )(109بتاريخ -:5/11/1922رسالة من عزام وبشير السعداوى والصادق بالحاج إلى احمد المريض بشأن
خطة احتلل ورفلة وعن الصعوبات من منطقة الجبل وكذلك حول الحداث السياسية التى وقعت فى تركيا وانجلترا وايطاليا،
فى الوثائق اليطالية ،المجموعة الولى ،ترجمة شمس الدين عرابى بن عمران ،اعداد الفرجانى سالم الشريف ،
منشورات مركز جهاد الليبيين ضد الغزو اليطالى ،سلسلة الوثائق التاريخية) ، (1الجماهيرية العربية الليبية الشعبية
الشتراكية العظمى ، 1989ص ص ،454 ،453وكذلك أنظر ،الوثيقة ) (110بتاريخ -:14/11/1922بيان والى برقة يهاجم
فيها أعمال الشغب ويتوعد بتطبيق العقوبات الشديدة على القائمين بهذه العمال ،وعلى كل من يقدم لهم المساندة ،ص
ص ،459 -457وكذلك أنظر ،الوثيقة ) (114بتاريخ -:4/12/1922رسالة من عزام وبشير السعداوى والصادق بالحاج الى
احمد المريض يخبره باحتلل غريان من قبل العدو ،وأن هناك جبهة ستقوم أمام يفرن وغريان وأنهم سيثيرون الحماس فى
الناحية الشرقية وعن تكوين لجنة هناك برئاسة عمر المختار ،حيث يتوافد المتطوعون ،ص ص .475-473
(12)12عبدالعظيم رمضان -:الغزوة الستعمارية للعالم العربى وحركات المقاومة ،دار المعارف ، 1985 ،ص ص ، 216
. 217
الدوار :هو اسم اطلق على المعسكرات فى القسم الشرقى من ليبيا منذ الغزو اليطالى عندما كان هناك جنود أتراك
يقفون إلى جانب المقاومة ،حيث كان المقاومون يأتون لهذه الدوار بالتناوب ،وهو نفس النظام الذى اتخذه عمر المختار
بعد سنة ، 1922للمزيد أنظر ،عقيل محمد البربار -:حركة عمر المختار فى الجبل الخضر ، 1931-1923فى مجموعة
من الساتذة الباحثين -:بحوث ودراسات فى التاريخ الليبى ، 1943-1911الجزء الثانى ،منشورات جامعة الفاتح ،مركز
جهاد الليبيين للدراسات التاريخية ،الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ، 1984 ،ص .288
(13)13عبدالله العروى -:المبادرات والمقاومة الفريقية فى شمال افريقيا وفى الصحراء الكبرى ،فى أ َ .ادو بواهن -:تاريخ
افريقيا العام ،المجلد السابع :افريقيا فى ظل السيطرة الستعمارية ، 1935-1880اليونسكو ،ط ، 1997 ، 2ص . 284
(14)14حامد صالح زكى -:إريتريا والتحديات المصيرية ،دراسة وثائقية فى الشعب الريترى وكفاحه المسلح ،دار الكنوز
الدبية ،ط ، 2بيروت ،لبنان ،1979 ،ص . 141
(15)15عثمان صالح سبى -:تاريخ إريتريا ،دار الكنوز الدبية ،ط ، 2بيروت ،لبنان ،1984 ،ص . 181
(16)16عثمان صالح سبى -:جغرافيا إريتريا ،دار الكنوز الدبية ،ط ، 2بيروت ،لبنان ،1983 ،ص ص . 129 ، 128
(17)17حامد صالح ذكى -:المرجع السابق ،ص . 144
كانت هذه المناطق ضمن ولية الحبش التى خضعت للحكم العثمانى ثم خضعت للحكم المصرى فى القرن ، 19بل
جرت محاولت سنة 1875من قبل الحبشة لضمها ،لكنها لم تفلح ،حيث تصدت لها القوات المصرية ،وبعد النسحاب
المصرى من تلك المناطق ّالت ليطاليا منذ سنة ، 1889للمزيد انظر ،حامد صالح ذكى -:المرجع السابق ،ص ص -128
،. 138 ، 130هذا بالضافة إلى أن رحلة جيمس بروس للمنطقة سنة 1773أشارت إلى أن منطقة حماسين كانت تخضع
لسلطة النائب وهو الذى يحكم من قبل العثمانيين .والمعاهدة التى عقدتها ايطاليا بشأن ترسيم الحدود ما بين اثيوبيا واريتريا
فى 10يوليو 1900وما تبعها من معاهدة ملحقة فى 15مايو 1902تشير الى أن منطقة حماسين تقع داخل اريتريا
اليطالية وأن منطقة التيجراى هى امتداد لتيجراى اثيوبيا ،للمزيد انظر ،عثمان صالح سبى -:تاريخ إريتريا ،دار الكنوز
الدبية ،ط ، 2بيروت ،لبنان ،1984 ،صص ،180 ،179 ، 143وكذلك انظر ّ ،امال اسماعيل شاور -:إريتريا دراسة
جغرافية ،فى عبدالملك عودة) محرر( -:اريتريا دراسة مسحية شاملة ،معهد البحوث والدراسات العربية ،1996 ،ص . 19
(18)18فرديناندو مارتينى -:إريتريا فى افريقيا اليطالية ...انطباعات وذكريات ،منشورات فرانيللى تريفس – ميلنو ،1896
ترجمة جبهة التحرير الإريترية ،دار الكنوز الدبية ،ط ، 2بيروت ،لبنان ، 1984،ص ص . 67، 66
(19)19نفسه ،ص ص . 70 ، 68، 67
(20)20نفسه ،ص ص .68،69
(21)21نفسه ،ص ص . 70 ، 69
(22)22مصطفى سعد الهاين -:أثر العامل الدينى فى الجهاد الليبى ،منشورات مركز دراسات جهاد الليبيين ،سلسلة
الدراسات التاريخية ،10 ،ط ، 1الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ،1980 ،ص . 81
(23)23فرديناندو مارتينى -:المصدر السابق ،ص . 71
(24)24حامد صالح زكى -:المرجع السابق ،ص ص . 145، 144
(25)25عثمان صالح سبى -:المرجع السابق ،ص . 173
(26)26محمد عثمان أبو بكر -:تاريخ إريتريا أرضا ً وشعبا ً ،القاهرة ، 1994 ،ص . 416
(27)27الوثيقة رقم )(2بتاريخ -: 20/1/1912رسالة إلى رئيس الوزراء جولينى بشأن خطاب من الشريفة علوية المرغنى إلى
ابن عمها مرغنى السكندرية ،فى الوثائق اليطالية ،المجموعة الولى ،ترجمة شمس الدين عرابى بن عمران ،اعداد
الفرجانى سالم الشريف ،منشورات مركز جهاد الليبيين ضد الغزو اليطالى ،سلسلة الوثائق التاريخية) ، (1الجماهيرية
العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ، 1989ص ،11كذلك أنظر ،الوثيقة ) (3بتاريخ -: 2/2/1912رسالة إلى رئيس
مجلس الوزراء /روما /طلب برقيا من حكومة اريتريا النص العربى لرسالة المرغنى ،ص ،13وكذلك انظر ،الوثيقة ) (5بتاريخ
-: 17/2/1912رسالة إلى رئيس الوزراء حول عدم رغبة الشريفة /علوية المرغنى فى نشر رسالتها ،لنها رسالة شخصية
وسيؤلمها نشرها ،ص .17
(28)28مذكرات جوليتى ،السرار العسكرية والسياسية لحرب ليبيا ) ، (1912 -1911تعريب خليفة محمد التيلسى ،
منشورات الشركة العامة للنشر والتوزيع والعلن ،طرابلس ،ص ص .71-69
.Wright, John :- Op.Cit.,P.134 (29)29
(30)30محمد على التركى -:حركة الجهاد العربى اللليبى فى الفترة من بداية سنة 1924إلى مارس ، 1927منشورات
مركز جهاد الليبيين ،سلسلة الدراسات التاريخية ،37الجماهيرية العربية الشعبية الشتراكية العظمى ،ص . 21
.Wright, John :- Op.Cit.,P.134 (31)31
(32)32أنجلو بتشولى -:ايطاليا ما وراء البحار ،الجزء المتعلق بليبيا ،الجانب العسكرى ،ترجمة عبدالرحمن العجيلى ،مركز
جهاد الليبيين للدراسات التاريخية،سلسلة الدراسات المترجمة ،19الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى،
،1993ص ص .21 ، 18
الكتيبة عبارة عن ثلث سرايا وثلث فرق خيالة وفصيل من الشرطة وبطارية ،ومعها مؤنتها تكفى ليومين وكمية من العلف.
(33)33محمد على التركى -:المرجع السابق ،ص ص . 35 ، 33
وخطط فى المرحلة الولى أن تقوم باحتلل مصراته والخمس وجنوب زوارة .وفى المرحلة الثانية أن تلتزم القوات موقع
الدفاع فى القطاع الشرقى فى مصراته والوسط وطرابلس وأن تشن الهجوم على القطاع الغربى ) جنوب زوارة( .وفى
المرحلة الثالثة أن تواصل القوات الزحف حسبما تسفر عنه عمليات المرحلتين الولى والثانية.
(34)34أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص ص .45 -44 ،42 ، 39
(35)35نفسه ،ص ص .48 ، 47
فهو أحد شهود العيان وهو صاحب كتاب ايطاليا فيما وراء البحار ،الذى اعتمد على وثائق وتقارير ودراسات وصور وخرائط
تم تجميعها بأمر من وزير المستعمرات اليطالى )دى بونو (وأخرجها أنجلو بتشولى سنة ، 1933للمزيد انظر ،أنجلو
بتشولى -:المصدر السابق ،ص . 8
(36)36نفسه ،ص .48
(37)37عمر محرم أحمد عبدالرحمن -:جرازيانى ودوره فى مد نفوذ ايطاليا الستعمارى فى ليبيا والقرن الفريقى ،رسالة
دكتوراة غير منشورة ،معهد البحوث والدراسات الفريقية ،جامعة القاهرة ، 1995 ،ص ص . 86 ، 84
(38)38نفسه ،ص ص . 105، 103 ،101 ، 94
(39)39محمد على التركى -:المرجع السابق ،ص ص . 82 - 80
(40)40أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص .52
(41)41كان الريتريون هم عماد سلح المشاة ،ووضعت خطة احتلل ترهونة بأن يتقدم فيلق مسلتة الذى يقوده العقيد
بيتزارى ،يتكون من 3100جندى مشاة و 300فارس من الريتريين ،ينطلقون من الشمال .ومن الجنوب الغربى يتقدم
فيلق جرازيانى الذى قوامه 3700عسكرى مشاة .ومن الغرب يهجم فيلق الجفارة بقيادة بيلى المكون من 1400وبذا
أمكن دخول ترهونة .لهذا كانت خسائر المقاومة 1500قتيل .أما خسائر اليطاليين فقد انحصرت فى العساكر الريتريين ،
فهناك قتيل و 240جريحا ً ،للمزيد انظر ،أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص ص . 63، 61 ، 56
(42)42نفسه .
(43)43عقيل محمد البربار -:المرجع السابق ،ص . 295
(44)44مع اشتراك عدد ل بأس به من الرعايا الثيوبيين ،وكان يتولى شئونهم ضباط ايطاليون ،للمزيد أنظر ،جورجو
روشا -:قمع المقاومة فى برقة ، 1931 -1927فى انزو سانتاريللى ،جورجو روشا ،رومين رائنيرو ،ولويجى فوليا -:
عمر المختار واعادة الحتلل الفاشى لليبيا ،ترجمة عبدالرحمن سالم العجيلى ،منشورات مركز جهاد الليبيين للدراسات
التاريخية ،سلسلة الدراسات المترجمة ، 7الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ، 1988 ،ص .71
(45)45أنجلو بتشولى -:المصدر السابق .
(46)46نفسه ،ص . 160
(47)47نفسه ،ص ص . 168 ،165
(48)48نفسه ،ص ص . 171 ،169
(49)49محمد على التركى -:المرجع السابق ،ص ص . 119 ،118
(50)50نفسه ،ص ص . 123 ،120 ،119
(51)51نفسه ،ص ص .133 ،132 ، 130
(52)52نفسه ،ص ص . 127 ، 126
(53)53أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص ص . 175 ،172 ،171
(54)54محمد على التركى -:المرجع السابق ،ص ص .128 ، 127
(55)55بلغت خسائر المقاومة فى تلك الفترة 512قتيل ً و 895جريحا ً ،للمزيد انظر ،محمد على التركى -:المرجع السابق ،
ص ص . 138 ،136، 135 ، 134
(56)56أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص ص .176 ، 175
(57)57نفسه ،ص ص . 181-178
(58)58فاطمة علم الدين عبدالواحد -:حدود مصر الغربية " دراسة وثائقية " ،سلسلة مصر النهضة ،العدد ، 49مركز وثائق
وتاريخ مصر المعاصر ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،1994 ،ص ص . 181-178
(59)59أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص ص . 166-164
(60)60محمد على التركى -:المرجع السابق ،ص ص .146 ، 144 ، 143
.Wright, John :- Op.Cit.,P.156 (61)61
(62)62أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص ص . 186 ،185
َ
(63)63جورجو روشا -:قمع المقاومة فى طرابلس ،فى انزو سانتاريللى واخرون -:المرجع السابق ،ص . 74
هى أرض منخفضة منبسطة تقع جنوب جردس العبيد بحوالى 15كيلو متر وقريبة من َابار أم الجوابى وتوجد بها بعض
الغابات التى اتخذتها المقاومة مكانا ً صالحا ً للستقرار والراحة لفترة من الزمن.
(64)64أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص . 187
(65)65محمد على التركى -:المرجع السابق ،ص ص .159-157هناك من يقول بأن القتلى من العساكر بلغ ، 312للمزيد
انظر ،على محمد الصلتى -:تاريخ الحركة السنوسية فى افريقيا ،دار المعرفة ،بيروت ،لبنان ، 2005،ص . 440
(66)66محمد على التركى -:المرجع السابق ،ص .169
(67)67أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص . 188
(68)68على محمد الصلتى -:المرجع السابق ،ص ص . 441 ، 440
(69)69أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص . 191
(70)70أطلق البعض بأن ايطاليا كانت تسيطر بالنهار فى حين كانت هناك حكومة عمر المختار الليلية ،حيث تمارس جباية
العشار ،للمزيد انظر ،جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص ص .80-78 ، 76
(71)71أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص . 187
(72)72نفسه ،ص ص . 196 ،194 ،193
(73)73نفسه ،ص . 197
(74)74عمر محرم أحمد عبدالرحمن -:المرجع السابق ،ص ص .113 ،112 ،110
(75)75نفسه ،ص ص .118 ، 117، 115 ،114
(76)76أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص . 197
(77)77نفسه ،ص ص . 92 ، 89 ، 88 ، 83،87
(78)78نفسه .
(79)79نفسه ،ص ص . 204 ،203 ،210
(80)80نفسه ،ص ص . 207 -205
(81)81نفسه ،ص . 208
(82)82عمر محرم أحمد عبدالرحمن -:المرجع السابق ،ص ص . 123 ، 122
وصفت بأنها تمثل قطعة من جهنم على وجه الرض ،فهى بطحاء قاحلة جرداء موحشة تحف بها كهوف ومرتفعات متعرجة
وصخرية من كل جانب وبها مدرجات طبيعية وعرة وتضاريس ملتوية وصخور مبعثرة .وأهميتها فى أنها ملتقى طرق القوافل
من الشمال والجنوب حيث تقع فى نطاق واحات الجفرة .
(83)83أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص ص . 99 ،98، 93
(84)84نفسه ،ص ص . 100 ، 99
(85)85مصطفى سعد الهاين -:المرجع السابق ،ص . 81
(86)86أنجلو بتشولى -:المصدر السابق .
(87)87عمر محرم أحمد عبدالرحمن -:المرجع السابق ،ص ص . 127 ، 126
(88)88فى حين خسرت المقاومة 500قتيل ،انظر ،عمر محرم أحمد عبدالرحمن -:المرجع السابق ،ص . 127
(89)89أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص ص . 104 -102
(90)90نفسه ،ص ص . 105 ، 104
(91)91نفسه ،ص . 106
(92)92عمر محرم أحمد عبدالرحمن -:المرجع السابق ،ص ص .132 ،127
(93)93أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص ص . 213-211
(94)94نفسه ،ص ص . 218 ،216 ،215
(95)95نفسه ،ص ص . 221-219
حدثت تغييرات فى أوائل سنة 1929حيث عين دى بونو فى منصب وزير المستعمرات وسحب من ولية طرابلس الغرب
ليتقلد منصبه الجديد ،للمزيد انظر (،أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص . 111
.Wright, John :- Op.Cit.,PP.161,162 (96)96
(97)97على صالح محمد فرعيدة -:الزحف على فزان ومعركة واو ) يوليو -1929مارس ( 1930مجلة الشهيد ،مركز
جهاد الليبيين للدراسات التاريخية ،الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الشتراكية العظمى ،ص ص ،178 ، 172 ، 171 ،165
. 180
(98)98أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص ص . 141 ،138 ،137، 131 ، 125 ، 124
(99)99نفسه ،ص ص . 222 ،221
(100)100جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص . 127
(101)101عمر محرم أحمد عبدالرحمن -:المرجع السابق ،ص ص . 147 ، 146، 141
.Wright, John :- Op.Cit.,PP.163,164 (102)102
(103)103عقيل محمد البربار -:المرجع السابق ،ص . 300
(104)104بها سرية خاصة لحرس الحدود محمولة على العربات ،وكذلك تشكيلين صحراويين ،وأربع سرايا فرسان وبطاريتى
مدفعية متحركة محمولة على العربات و 500شاحنة و 35طائرة ،للمزيد أنظر ،جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص
، 113وكذلك عمر محرم أحمد عبدالرحمن -:المرجع السابق ،ص ص . 149 ، 148
(105)105انجيلوا ديل بوكا -:المرجع السابق ،ص . 215
(106)106أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص ص .225-223
(107)107روميو رائنيرو -:أسر عمر المختار ومحاكمته واعدامه فى اطار السياسة الفاشية واعادة احتلل ليبيا ،فى انزو
سانتريللى -:المرجع السابق ،ص ص .200 -198
(108)108روميو رائنيرو -:المرجع السابق ،ص .200
(109)109جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص ص . 117 ، 115
(110)110ويواصل منشور 7يوليو " 1930يجب أل يتعرض الضغط لى تراخ أو وهن ،مهما بدا تافها ً ،إذ ينبغى أن يكون القتال
متواصل ً وصارما ً واندفاعيا ً بصورة متصاعدة ،ونحن ل نضع حدود لخط سلوكنا هذا ،ليس ذلك فحسب ،بل نرى أن ضغطنا ،
لكى يكون حاسما ً ونهائيا ً ،لبد أن يتواصل ليس ليام أو شهور بل لسنوات ،للمزيد انظر ،جورجو روشا -:المرجع السابق ،
ص . 125
(111)111جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص ص .127 ، 126 ، 125
(112)112نفسه ،ص . 127
(113)113وتجدر الملحظة بأن المشاة والفرسان فى القوات المتحركة كان قوامهم من الريتريين ) باستثناء القادة
ومساعديهم ( أما القوات المرابطة فى الحاميات وهى عبارة عن الوحدات الفنية ) الطيران والمدرعات وَاليات النقل ( فقد
كلنت تتألف من الجنود اليطاليين ،للمزيد انظر ،جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص . 128
دور البراغثة) 300مقاتل ( ودور البراعصة – الدرسة ) ( 380ومجموعة البراعصة -العرفة) ( 50والدرسة ).( 40
(114)114جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص . 129
(115)115أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص .257
(116)116نفسه ،ص ص .235 ، 233 ، 232
(117)117حبيب وداعة الحسناوى -:الساليب الحربية فى حركة جهاد الليبيين ،فى مجموعة من الساتذة المتخصصين -:
المرجع السابق ،ص . 354
قل حملهم من المياة نتيجة الستهلك من زيجن للكفرة ليصبح 16ألف لتر بعد أن كانوا يحملون 36الف لتر لمسافة
400كيلو متر بين جالو وزيجن.
(118)118أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص ص .255 ،254 ،247 ، 245- 242 ، 240 ، 237
(119)119التقى به زيد الشمرى ) عراقى ( ومحمد أسد ) صاحب كتاب الطريق الى السلم ( حينما ذهبا سرا لمقابلة الشيخ
عمر المختار عن طريق الصحراء الغربية ،فحكى الشيخ لمحمد أسد هذه الرواية ،للمزيد انظر ،على محمد الصلتى -:
المرجع السابق ،ص ص .483 -480
(120)120جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص ص . 139 ، 138
(121)121انجيلوا ديل بوكا -:المرجع السابق ،ص .262
(122)122رومين رائنيرو -:المرجع السابق ،ص .214
(123)123جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص ص . 142 ، 141
(124)124ملحق رقم ) (1مقال دانتى ماريا توينتى ،مفوض التحاد الفاشستى -برقة ،فى 28سبتمبر ، 1931فى انزو
سانتاريللى -:المرجع السابق ،ص .295
(125)125ملحق رقم ) (2مقال ساندو ساندرى -:عمر المختار ،فى انزو سانتاريللى -:المرجع السابق ،ص . 287 ، 286
(126)126على محمد الصلتى -:المرجع السابق ،ص ص .489 -488
(127)127رومين رائنيرو -:المرجع السابق ،ص ص .252 ،251
(128)128جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص . 121
(129)129أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص ص . 227 ، 225
(130)130جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص . 127
(131)131جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص . 129وقد قاموا بنصب 3252خيمة ليواء أهالى العواقير فى المنطقة
الواقعة بين العقيلة واجدابيا .و 2964خيمة للعبيات بمرسى البريقة ،و 7000خيمة لهالى مرماريكا حشروا بنعتقل
العقيلة .و 2861خيمة للبراعصة والدرسة بمعتقل سيدى أحمد المقرون ،و 8417خيمة للعواقير وعبيد وعرفة وزعت بين
سلوق وسواتى تربة والبيار وبين بنغازى ودريانة ،للمزيد أنظر ،أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص .228
(132)132يوسف البرغيتى -:المعتقلت ،فى مجموعة من الساتذة الباحثين -:المرجع السابق ،ص ص .308 -305
(133)133على محمد الصلتى -:المرجع السابق ،ص .457
(134)134هنرى انيس ميخائيل -:العلقات النجليزية الليبية مع تحليل للماهدة النجليزية -الليبية ،الهيئة المصرية العامة للتأليف
والنشر ،القاهرة ، 1970 ،ص .103
(135)135يوسف البرغيتى -:المرجع السابق ،ص ص .307-305
(136)136يقع معتقل البريقة على شاطئ خليج سرت بين اجدابيا شرقا ً والعقيلة غربًا،ويضم 36ألف فرد لم يعد منهم الى
موطنه الصلى إل 12ألف حيث مات الباقى إما نتيجة للجوع أو للمراض أو العدام ،للمزيد أنظر ،عمر محرم احمد
عبدالرحمن -:المرجع السابق ،ص ص . 165 ، 164 ، 158 ،155 ، 154
(137)137انجيلوا ديل بوكا -:المرجع السابق ،ص . 240 ، 239
سياج المعتقل عبارة عن أسلك شائكة على هيئة المربع عرضه 6أمتار وإرتفاعه مترين وطول ضلعه ثلثة كيلو مترات
مربعة ،وسمى بمعتقل العقوبات ويقع إلى أقصى الغرب من البريقة وتبعد عن بنغازى 285كيلو متر .وسمى المعتقل
بمعتقل العقوبات نظرا ً لما طبق على الهالى المحجوزين به من اجراءات صارمة منها العدام لكل من تثبت ادانته بالتعاون
مع المجاهدين.
(138)138عمر محرم احمد عبدالرحمن -:المرجع السابق ،ص ص . 167 ، 165
يقع معتقل سلوق وهى الى الجنوب من بنغازى بحوالى 60كم وهو معسكر كبير المساحة وشهد أكبر حادثة وهى اعدام
عمر المختار حيث اجبر 20الف على مشاهدة هذا المشهد المروع ،انظر،عمر محرم احمد عبدالرحمن -:المرجع السابق،
ص .176
يقع إلى الجنوب الغربى من سلوق ،ويستقبل الهالى من قبائل البراعصة والدرسة وخليط من القبائل الخرى ،وهو يشبة
معتقل سلوق والبيار ويختلف عن معتقل البريقة والعقيلة ،فيه يتجمع الهالى من مختلف القبائل لمنعهم من التصال
بالمقاومة.
يشير جرازيانى فى تقريره للجنرال بادليو بتاريخ 26اكتوبر 1931عن انشاء معسكرات للطفال ،وان أول معسكر هو
معسكر المقرون للطفال ما بين 15 -6سنة وضم 539طفل ً من البراعصة .و 120طفل ً من الدرسة .وبلغ مجموع أطفال
المعسكرات ، 2800انظر ،عمر محرم احمد عبدالرحمن -:المرجع السابق ،ص ص ، 190 ، 188 ، 187
(139)139عمر محرم احمد عبدالرحمن -:المرجع السابق ،ص ص . 190 ، 188 ، 187 ، 171، 170
(140)140رومين رائنيرو -:المرجع السابق .
(141)141جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص . 166
(142)142نفسه ،ص . 123
(143)143عمر محرم احمد عبدالرحمن -:المرجع السابق ،ص ص . 199
يمتد لمسافة 270كم ،بدأ العمل فيه منذ ابريل 1931لمدة ستة أشهر الى سبتمبر .1931
(144)144انجيلوا ديل بوكا -:المرجع السابق .
(145)145رومين رائنيرو -:المرجع السابق ،ص . 226
(146)146جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص ص . 135 ، 134
(147)147عمر محرم احمد عبدالرحمن -:المرجع السابق ،ص . 219
(148)148أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص ص . 271 ، 270 ، 268
(149)149جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص . 145
(150)150صلح الدين ابراهيم محمد زكى -:الستعمار اليطالى فى الحبشة فى الفترة من 1935الى ، 1941رسالة ماجستير
غير منشورة ،معهد البحوث والدراسات الفريقية ،جامعة القاهرة ،1983 ،ص ص .51 ، 50 ، 48
(151)151فرديناندو مارتينى -:المصدر السابق ،ص ص . 67، 66
(152)152أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ، ،ص . 8
(153)153انجيلوا ديل بوكا -:المرجع السابق ،ص 215
ً
(154)154الملحظ أن مترجم الكتاب يعلق على هذا المر ذاكرا أن هناك إريتريون بينهم أحباش من شمال اثيوبيا وسودانيين
جنوبيين وصوماليين بينهم يمنيين وقليل من الكينيين .وأن العساكر كانوا خليطا ً من المسلمين والمسيحيين والوثنيين ،انظر ،
انجيلوا ديل بوكا -:المرجع السابق ،ص .240
(155)155فيروى بأن أباه علمه أهمية توجية الرصاص إلى الرتب ،لذا كمن بمفرده فى إحدى المعارك وركز على توجية
الرصاص إلى الحباش الذين يحملون الرتب وعلى الضابط اليطالى الذى يقودهم وهو يختلف تماما عن الحباش ،وقال
اصابته لهؤلء الرتب جعلت الحباش الخرين مندفعين يطلقون رصاصهم الطائش فى كل التجاهات ،وأنه تمكن بفضل حسن
الموقع الذى كمن فيه أن يقتل العديد منهم ،وأن يغنم منهم تلك الغنائم التى حصلوا عليها من المقاومة ،للمزيد انظر ،
مصطفى سعد الهاين -:المرج السابق ،ص . 81
(156)156حيث لعبت الهازيج الشعبية دورا ً فى الحتفاظ بهذا الخلط ،وهذا احداها يرتجز فى دور الدرسة قائل ً " يا مصوع
رد ....والفت الهد " للمزيد انظر ،مصطفى سعد الهاين -:المرجع السابق ،ص . 83
(157)157انجيلوا ديل بوكا -:المرجع السابق ،ص 297
(158)158على محمد الصلتى :المرجع السابق ،ص . 483
(159)159انجيلوا ديل بوكا -:المرجع السابق ،ص .299
(160)160على محمد الصلتى -:المرجع السابق ،ص .529
(161)161انجيلوا ديل بوكا -:المرجع السابق ،ص ص .294 -290
(162)162جورجو روشا -:المرجع السابق ،ص ص .137 ، 136
(163)163صلح العقاد -:ليبيا المعاصرة ،معهد البحوث والدراسات العربية ، 1970 ،ص . 38
(164)164صلح الدين ابراهيم محمد زكى -:المرجع السابق ،ص ص .40 ، 39 ، 36
(165)165انجيلوا ديل بوكا -:المرجع السابق ،ص ص .243 ، 242
(166)166على صالح محمد فرعيدة -:المرجع السابق ،ص . 180
(167)167انجيلوا ديل بوكا -:المرجع السابق ،ص . 240 ، 239
(168)168انزو سانتاريللى وَاخرون -:المرجع السابق ،ص ص . 46 -43
(169)169فرديناندو مارتينى -:المرجع السابق ،ص ص .70 ، 69
.Wright, John :- Op.Cit.,P.155 (170)170
(171)171أنجلو بتشولى -:المرجع السابق ،ص . 245
(172)172السيد رجب حراز -:الصول التاريخية للمشكلة الريترية ،معهد البحوث والدراسات العربية ، 1977 ،ص . 42
.Wright, John :- Op.Cit.,PP.164,166,167 (173)173
(174)174رومين رائنيرو -:المرجع السابق ،ص . 226
(175)175أنجلو بتشولى -:المصدر السابق ،ص .56
(176)176نفسه ،ص . 48
(177)177عثمان صالح سبى -:تاريخ إريتريا ،دار الكنوز الدبية ،ط ، 2بيروت ،لبنان ،1984 ،ص . 182
(178)178السيد على أحمد فليفل -:معالم التاريخ الريترى حتى نهاية الستعمار اليطالى ،فى عبدالملك عودة) محرر( -:
اريتريا دراسة مسحية شاملة ،معهد البحوث والدراسات العربية ، 1996 ،ص . 50
(179)179السيد رجب حراز -:المرجع السابق ، 1977ص . 42
(180)180عثمان صالح سبى -:تاريخ إريتريا ،دار الكنوز الدبية ،ط ، 2بيروت ،لبنان ،1984 ،ص ص . 187 ، 182