موسوعة البحوث والمقالات العلمية-141

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 208

‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.

com‬‬

‫تم تحميل هذا الكتاب‬


‫من مكتبة موقع‬
‫"بّلغوا عّني ولو آية"‬
‫رسالتنا‪ :‬يصل الكثير من الناس بعض الرسائل اللكترونية عن السلم ويقومون‬
‫صصنا هذه‬‫بحذفها أو تجاهلها بحجة أنها طويلة ويثقل عليهم قراءتها‪ .‬لذلك خ ّ‬
‫الصفحة للشتراك في عظة يومية قصيرة أو حديث شريف أو آية تصل إلى بريد‬
‫المشترك بحيث لن يصعب قرائتها والستفادة منها راجيا من المولى عز وجل‬
‫الجر والثواب‪ .‬مثال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬بلّـغوا عنّـي ولو‬
‫‪".‬آية‬

‫للشتراك في هذه الخدمة الرجاء زيارة موقعنا "بلّـغوا عنّـي ولو آية" في السفل‬
‫‪ :‬وتسجيل البريد اللكتروني‬
‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ :‬أو عن طريق إرسال رسالة ولو فارغة إلى‬


‫‪subscribe@balligho.com‬‬

‫‪.‬ويمكنكم أيضا أن تتصفحوا الرشيف بالحاديث المرسلة مسبقًا‬

‫ن في السلم سنة حسنة‪ ،‬فعمل بها‬ ‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬من س ّ‬
‫بعده‪ ،‬كتب له مثل أجر من عمل بها‪ .‬ول ينقص من أجورهم شيء‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫فاحرصوا يرحمكم ال على نشرها فكل من يزور الموقع ويستفيد منه عن طريقك‬
‫تكسب من الجر الكثير وإن قام بدوره بالعمل بها ونشرها أيضا فكلنا نكسب أمثل‬
‫‪.‬أجورهم ول ينقص من الجر شيئا‬

‫والسّنة‬
‫ب َ‬
‫دة إلى الك َِتا ِ‬ ‫و َ‬‫ع ْ‬
‫منهاجنا‪َ :‬‬
‫مة‬ ‫ف ال ُ‬‫سل َ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ّ‬ ‫هم ِ َ‬‫ف ْ‬

‫‪1‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ةة ةةةةة ةةة ةةةةةة ةةةة ةةةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة‬


‫)ةةةة ةةة ةةةةةةةة ةةة ةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة ةةة‬
‫ةةةةةةةة(‬

‫الكتاب ‪ :‬موسوعة البحوث والمقالت العلمية‬


‫جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة‬
‫حوالي خمسة آلف وتسعمائة مقال وبحث‬
‫علي بن نايف الشحود‬

‫}يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد‬
‫كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن‬
‫كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا‬
‫أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل * إن‬
‫يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو‬
‫تكفرون * لن تنفعكم أرحامكم ول أولدكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما‬
‫تعملون بصير * قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا‬
‫لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم‬
‫العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إل قول إبراهيم لبيه لستغفرن‬
‫لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير‬
‫* ربنا ل تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم * لقد‬
‫كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الخر ومن يتول فإن‬
‫الله هو الغني الحميد * عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم‬
‫مودة والله قدير والله غفور رحيم * ل ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في‬
‫الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب‬
‫المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من‬
‫دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم‬
‫الظالمون{ ]الممتحنة‪[9 -1 :‬‬
‫وذلك عدا آيات كثيرة وأحاد يث صحيحة في جزاء المجاهدين الذين يقتلون‬
‫في سبيل الله رغم أنف من يسمون أنفسهم القرآنيين‪.‬‬
‫نعم! هناك شروط ينظر في توافرها قبل القدام على هذه العمليات‪:‬‬
‫أن يبتغى بهذه العمليات وجه الله تعالى‪.‬‬
‫وأن يتأكد أن هناك مصلحة عامة من ذلك الفعل‪ ،‬ويعرف هذا بمشورة القيادة‬
‫العامة إن رأت أن هذا من المصلحة‪ ،‬و أنه سبيل لدفع العدوان‪.‬‬
‫وأن يكون القتال ضد أعداء السلم المعتدين قصدا على حرماته‪ ،‬ول يقصد‬
‫به مسالم معاهد أو ذمي ‪ -‬أخذ عهده أو ذمته من سلطة شرعية ‪-‬‬
‫وأن يكون قرار القتال خاضعا لحسابات دقيقة‪ ،‬محسوبا بالفائدة للمسلمين‬
‫وفقا لصول الفقه وقواعده؛ من دفع الضرر‪ ،‬وسد الذرائع‪ ،‬وجلب المصلحة‪،‬‬
‫وغيرها من الصول‪ ،‬وليس اندفاعا إلى الشهادة بغير حساب‪.‬‬
‫وأن يكون مفتوحا لتقبل السلم بشروطه المعروفة شرعا‪.‬‬
‫وأن يخضع ذلك لقيادة مسؤولة شرعا‪ ،‬مع التنسيق اللزم مع القيادات‬

‫‪2‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المعنية لكي نتجنب ضرر الفتنة الشد‪.‬‬


‫ومع ذلك يستمر لغط اللغطين "الحكماء التجميليين" حول "العمليات‬
‫الستشهادية" التي يقوم بها الستشهاديون وهم يدافعون عن دينهم وعرضهم‬
‫وأمتهم وأرضهم ‪ -‬وهي أرض السلم ‪ -‬وفقا لحكام الجهاد؛ قصدا منهم إلى‬
‫تشويهها أو تجريمها أو التشكيك فيها‪ ،‬بينما هي في حقيقة المر من أوثق‬
‫وأعلى منازل الشهادة‪ ،‬بشهادة ما يأتي‪:‬‬
‫أول‪ :‬فهي من ناحية الرجوع إلى النص القرآني‪ :‬نموذج للتطابق الكامل مع‬
‫قوله تعالى‪} :‬إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة‪:‬‬
‫يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون{‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬وهي من ناحية القدوة المعتبرة نموذج يلتقي مع مثال الصحابي الذي‬
‫أقدم على المعركة وهو على يقين من عدم النجاة‪.‬‬
‫فقد أخرج مسلم بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه في حديث طويل‬
‫وفيه؛ )فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬قوموا إلى جنة عرضها‬
‫عمير بن الحمام النصاري‪ :‬يا رسول الله جنة‬ ‫السموات والرض" قال‪ :‬يقول ُ‬
‫عرضها السموات والرض؟! قال‪" :‬نعم"‪ ،‬قال‪ :‬بخ بخ‪ .‬فقال رسول الله‪" :‬ما‬
‫يحملك على قولك بخ بخ؟!" قال‪ :‬ل! والله يا رسول الله إل رجاءة أن أكون‬
‫من أهلها‪ ،‬قال‪" :‬فإنك من أهلها"‪ ،‬فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن‬
‫ثم قال‪ :‬لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه‪ ،‬إنها لحياة طويلة‪ .‬قال فرمى‬
‫بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل(‪.‬‬
‫وفي مثال آخر‪ :‬أخرج مسلم بسنده عن أنس رضي الله عنه قال‪) :‬عمي‬
‫سميت به ‪ -‬يعني أنس بن النضر ‪ -‬لم يشهد مع رسول الله بدرًا‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫الذي ُ‬
‫فشق عليه‪ ،‬قال‪" :‬أول مشهد شهده رسول الله ُ‬
‫غيبت عنه‪ ،‬وإن أراني الله‬
‫مشهدا ً فيما بعد مع رسول الله ليراني الله ما أصنع"‪ .‬قال‪ :‬فهاب أن يقول‬
‫غيرها‪ .‬قال‪ :‬فشهد مع رسول الله يوم أحد‪ .‬قال‪ :‬فاستقبل سعد بن معاذ‬
‫فقال له أنس‪ :‬يا أبا عمرو أين؟ فقال‪ :‬واها لريح الجنة أجده دون أحد‪ .‬قال‪:‬‬
‫فقاتلهم حتى قتل‪ ،‬قال‪ :‬فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة وطعنة‬
‫ورمية‪ ،‬قال‪ :‬فقالت أخته ‪ -‬عمتي الُربيع بنت النضر ‪ :-‬فما عرفت أخي إل‬
‫ببنانه‪ .‬ونزلت هذه الية‪} :‬رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى‬
‫ل{ ]الحزاب‪ ،[23 :‬قال‪ :‬فكانوا يرون‬ ‫نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبدي ً‬
‫أنها نزلت فيه وفي أصحابه(‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ول يصح إيراد العتراض الساذج على هذه العمليات بالحكم الشرعي بأن قتل‬
‫النفس من بين المحرمات‪ ،‬وذلك لن قتال العدو وما يترتب عليه من قتل‬
‫النفس يأتي استثناء من تحريمها‪ ،‬وإذا كان الستثناء قد جاء في عملية القتال‬
‫مع العدو فهو يصدق على الجهتين‪ -‬قتل النفس أو قتل الخر ‪ -‬بشروطهما‬
‫المذكورة أعله ونخص بالذكر والتأكيد الشروط التية‪:‬‬
‫‪ -‬اشتراط الضرورة‪.‬‬
‫‪ -‬واشتراط حصول غلبة الظن في تحقيق المصلحة والنكاية بالعدو‪ ،‬على‬
‫المستوى البعيد إن لم يكن على المستوى القريب‪.‬‬
‫‪ -‬واشتراط أن تقررها قيادة شرعية خبيرة‪.‬‬
‫وفي شرح هذه الضرورة يقول الستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة‬
‫بجامعة الكويت‪) :‬أن يكون قتل النفس الطريق الوحيد لحداث القتل في‬

‫‪3‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العدو أو الطريقة الكثر تأثيرا بالعدو‪ ،‬فإذا غلب على الظن أن هذا السلوب‬
‫في القتل لن يؤثر في العدو‪ ،‬ولن يحقق قتل أحد منهم‪ ،‬أو كانت هناك‬
‫وسائل أنجح في تحقيق الغاية‪ ،‬فل يقدم على هذا العمل( ]نقل منا من إسلم‬
‫أونلين[‪.‬‬
‫وكما يقول الستاذ الدكتور يوسف القرضاوي عند ما يكونون‪" :‬مضطرين لهذا‬
‫الطريق لرعاب أعداء الله‪ ،‬المصرين على عدوانهم‪ ،‬المغرورون بقوتهم‪،‬‬
‫وبمساندة القوى الكبرى لهم والمر كما قال الشاعر قديمًا‪:‬‬
‫إذا لم يكن إل السنة مركب ‪ ...‬فما حيلة المضطر إلى ركوبها؟!(‪.‬‬
‫ومن أهم شروطها؛ نية الجهاد في سبيل الله؛ إذ يدافعون ضد الحتلل عن‬
‫أرضهم ‪ -‬وهي أرض السلم ‪ -‬وعن دينهم وعرضهم وأمتهم‪ ،‬وهذه هي‬
‫الفارقة بينها وبين النتحار‪ ،‬وهو فرق في الثر كما هو فرق في النية‪.‬‬
‫ففي الثر ‪ -‬و على مستوى العمليات الحربية ‪ :-‬يتحقق بها للمقاتل المسلم‬
‫تصحيح لميزان الردع المائل أصل بسبب ضعف السلح في يد الجيش‬
‫المسلم‪ ،‬وهنا يأتي تصحيح هذا الميزان عن طريق هذه العملية الستشهادية‬
‫التي ل يملك العدو منها شيئا باعتبارها سلحا شديد الخطر‪ ،‬يتمثل هذا السلح‬
‫فيما يقول الستاذ الدكتور يوسف القرضاوي‪) :‬أن يصبح المجاهد "قنبلة‬
‫بشرية" تنفجر في مكان معين وزمان معين في أعداء الله والوطن‪ ،‬الذين‬
‫يقفون عاجزين أمام هذا البطل الشهيد‪ ،‬الذي باع نفسه لله‪ ،‬ووضع رأسه‬
‫على كفه مبتغيا ً الشهادة في سبيل الله(‪.‬‬
‫كما أنه فرق في النية‪ ،‬وكما يقول الستاذ الدكتور يوسف القرضاوي‪) :‬إن‬
‫هذه العمليات تعد من أعظم أنواع الجهاد في سبيل الله‪ ،‬وهي من الرهاب‬
‫المشروع الذي أشار إليه القرآن‪ ،‬في قوله تعالى‪} :‬وأعدوا لهم ما استطعتم‬
‫من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم{ ]النفال‪.[60 :‬‬
‫وتسمية هذه العمليات "انتحارية" تسمية خاطئة ومضللة‪ ،‬فهي عمليات‬
‫فدائية بطولية استشهادية‪ ،‬وهي أبعد ما تكون عن النتحار‪ ،‬ومن يقوم بها‬
‫أبعد ما يكون عن نفسية المنتحر‪ .‬إن المنتحر يقتل نفسه من أجل نفسه‪،‬‬
‫وهذا يقدم نفسه ضحية من أجل دينه وأمته‪ ...‬المنتحر إنسان يائس من‬
‫نفسه ومن روح الله‪ ،‬وهذا المجاهد إنسان كله أمل في روح الله تعالى‬
‫ورحمته‪ ...‬المنتحر يتخلص من نفسه ومن همومه بقتل نفسه‪ ،‬والمجاهد‬
‫يقاتل عدو الله وعدوه بهذا السلح الجديد‪ ،‬الذي وضعه القدر في يد‬
‫المستضعفين ليقاوموا به جبروت القوياء المستكبرين(‪.‬‬
‫وكما يقول الستاذ الدكتور عجيل النشمي في التفرقة بين هذه العمليات‬
‫وبين النتحار‪) :‬النتحار يحتاج إلى القصد‪ ،‬فإن انتفى القصد فل يعد الفعل‬
‫انتحارا‪ .‬والمراد أن يقصد النتحار أساسا ول يتحقق ذلك بمجرد أن يقع منه‬
‫القتل على نفسه‪.‬‬
‫فقد روى أبو داود عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫"أغرنا على حي من جهينة فطلب رجل من المسلمين رجل منهم‪ ،‬فضربه‬
‫فأخطأه‪ ،‬فأصاب نفسه بالسيف‪ .‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫أخوكم يا معشر المسلمين‪ ،‬فابتدره الناس‪ ،‬فوجدوه قد مات‪ .‬فلفه رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم بثيابه ودمائه‪ ،‬وصلى عليه‪ .‬فقالوا‪ :‬يا رسول الله‬
‫أشهيد هو؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬وأنا له شهيد"‪.‬‬
‫وقد جاءت هذه القصة بتسمية من وقعت لهم‪ :‬وذلك فيما روي عن سلمة بن‬
‫الكوع رضي الله عنه‪ ،‬قال‪" :‬قلت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬زعم أسد بن حضير أن‬
‫عامر بن سنان بن الكوع حبط عمله؟! وكان ضرب يهوديا فقطع رجله ورجع‬

‫‪4‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السيف على عامر فعقره فمات منها‪ ،‬فقال‪ :‬كذب من قال ذلك‪ ،‬إن له‬
‫لجرين‪ ،‬إنه جاهد مجاهد"( ]المصدر‪" :‬السير الكبير" لمحمد بن الحسن‬
‫الشيباني وشرحه للسرخسي ‪.[1/102‬‬
‫وكما يقول الدكتور النشمي‪) :‬والشاب الذي يقتل نفسه بحزام ناسف أو‬
‫سيارة أو أية وسيلة ل يعتبر منتحرا‪ ،‬إل إذا قصد أن يقتل نفسه دون غاية من‬
‫وراء ذلك‪ ،‬فإن كان قصده من التسبب بقتل نفسه بهذه الوسائل إحداث‬
‫القتل والنكاية بالعدو‪ ،‬وإعلء كلمة الله‪ ،‬فل يعد منتحرا بل يعد شهيدا إن شاء‬
‫الله‪ ،‬ول شك أن التسبب بقتل النفس بفعل مباشر من الشخص أشد على‬
‫النفس من قتل الغير له‪ ،‬فهذه "شهادة" مع "عزيمة"‪ ،‬وهذا الحكم ليس‬
‫مطلقا وإنما هو مقيد بقيود إن توافرت كان شهادة إن شاء الله(‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ومن صورها الخارجة عن حكم النتحار‪ ،‬ول يشترط فيها رأي القيادة أو‬
‫مراعاة المصلحة ‪ -‬كما قررها جمهورالفقهاء ‪ -‬وكما يقول الدكتور النشمي‪:‬‬
‫)لو كان الهجوم عليه من العدو واحدا أو أكثر‪ ،‬فيبادرهم حينئذ بكل ما‬
‫يستطيع ولو بتفجير نفسه على ظن أنهم قاتلوه ل محالة ويقتل منهم أكبر‬
‫عدد يستطيع‪ ،‬ول يتقيد تصرفه حينئذ بما ذكرنا من رأي جماعته‪ ،‬ومراعاة‬
‫المصالح‪ ،‬فحاله حينئذ حال من صال عليه العدو‪ ،‬فيجب عليه ‪ -‬على رأي‬
‫جمهور الفقهاء ‪ -‬أن يقتل من هجم عليه وصال‪ ،‬لقوله تعالى‪} :‬ول تلقوا‬
‫بأيديكم إلى التهلكة{ ]البقرة‪ ...[195 :‬إذا أسلم أمره لهم ليقتلوه‪ ،‬أو‬
‫يستدلوا به على غيره‪ ،‬فقد ألقى بنفسه إلى التهلكة‪ ،‬وربما تسبب في هلكة‬
‫غيره‪ ،‬فإن قتل فهو شهيد‪ ،‬لقوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬من قتل دون دمه‬
‫فهو شهيد" ]الترمذي ‪ ،4/30‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح[(‪.‬‬
‫ومنها في رأي الدكتور النشمي‪) :‬بل لو لم يستطع أن يرد من يعزم الجهاد‬
‫عليه‪ ،‬أو حوصر موقعه‪ ،‬وليس لديه ما يدفع به عن نفسه‪ ،‬وعنده من السرار‬
‫التي لو أجبر على إظهارها عند السر يعرض غيره للهلك ويتسبب في‬
‫إفشال خطط المسلمين‪ ،‬بكشف عورتهم‪ ،‬جاز أن يقتل نفسه أو يستسلم‬
‫لهم‪ ،‬ويرجع تقدير ذلك له‪ ،‬فإن علم من نفسه صلبة ل تلين تحت التعذيب‬
‫فل يفشي سرا‪ ،‬استسلم وسلم نفسه‪ ،‬وإن غلب على ظنه أو تيقن أنه ل‬
‫يتحمل ذلك‪ ،‬قتل نفسه‪ ،‬ول أرى قواعد الشرع تأبى عليه ذلك(‪.‬‬
‫وهو يستدل على ذلك بما نص عليه الفقهاء من أن "من تعين موته بسببين‬
‫واستويا في السوء‪ ،‬فله أن يتخير بينهما كمن احترقت سفينته ول يحسن‬
‫السباحة أو كانت السماك المفترسة تحته‪ ،‬فلو اختار موته غرقا أو احتراقا‬
‫جاز‪ ،‬وإن غلب على ظنه أن أحد السببين أهون من الخر‪ ،‬فيتبع الهون وبه‬
‫قال جمهور الفقهاء‪.‬‬
‫قال ابن السبكي‪" :‬لو وقع في نار محرقة ولم يخلص إل بماء يغرقه‪ ،‬ورآه‬
‫أهون عليه من الصبر على لفحات النار‪ ،‬فله النتقال إليه في الصح"(‪.‬‬
‫وفيما نقله أ‪.‬د‪ .‬عجيل النشمي من أقوال الفقهاء القدماء‪ :‬وقد نص الحنفية‬
‫على جواز دخول المجاهد في معركة ل نجاة له منها إذا كان له فيها نكاية‬
‫بالعدو أو تشجيع للمسلمين على دخولها ولهم فيها نكاية به‪.‬‬
‫حيث قال المام الجصاص في كتابه "أحكام القرآن للجصاص" ]‪:[1/309‬‬
‫)قال محمد بن الحسن الشيباني‪ :‬لو أن رجل حمل على ألف رجل وهو‬
‫وحده‪ ،‬لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية‪ .‬فإن كان ل يطمع‬

‫‪5‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في نجاة ول نكاية‪ ،‬فإني أكره له ذلك لنه عرض نفسه للتلف في غير منفعة‬
‫للمسلمين‪ .‬وإنما ينبغي للرجل أن يفعل هذا إذا كان يطمع في نجاة أو منفعة‬
‫للمسلمين‪ ،‬فإن كان ل يطمع في نجاة أو نكاية ولكنه يجرئ المسلمين بذلك‬
‫حتى يفعلوا مثل ما فعل‪ ،‬فيقتلون وينكون في العدو فل بأس وأرجو أن يكون‬
‫فيه مأجورا(‪.‬‬
‫وعند المالكية‪ :‬قال القرطبي في تفسير قوله تعالى‪} :‬ول تلقوا بأيديكم إلى‬
‫التهلكة{‪ ،‬عن بعض علماء المالكية‪) :‬ل بأس أن يحمل الرجل وحده على‬
‫الجيش العظيم إذا كان فيه قوة‪ ،‬وكان لله بنية خالصة‪ ،‬لن مقصوده واحد‬
‫منهم‪ ،‬وذلك بين في قوله تعالى‪} :‬ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء‬
‫مرضات الله{ ]البقرة‪ ،[207:‬وقد ورد من أسباب نزول هذا الية أنها فيمن‬
‫يقتحم القتال‪ ،‬كما حمل هشام بن عامر رضي الله عنه على الصف في‬
‫القسطنطينية فقاتل حتى قتل‪ ،‬فقرأ أبو هريرة رضي الله عنه‪} :‬ومن الناس‬
‫من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله{‪ ،‬وروى مثله عن أبي أيوب ]القرطبي‪:‬‬
‫‪.[3/21‬‬
‫وفيما نقله الستاذ الدكتور يوسف القرضاوي عن الفقهاء القدماء في‬
‫الموضوع تفسيرا لقوله تعالى }ول تلقوا بأيديكم إلى التهلكة{ ]البقرة‪:‬‬
‫‪:[195‬‬
‫وقال المام القرطبي المالكي في تفسيره‪) :‬اختلف العلماء في اقتحام‬
‫الرجل في الحرب وحمله على العدو وحده‪ ،‬فقال القاسم بن مخيرة‬
‫والقاسم بن محمد وعبد الملك من علمائنا‪ :‬ل بأس أن يحمل الرجل وحده‬
‫على الجيش العظيم إذا كان فيه قوة‪ ،‬وكان لله بنية خالصة‪ ،‬إن لم تكن فيه‬
‫قوة فذلك من التهلكة‪ .‬وقيل‪ :‬إذا طلب الشهادة وخلصت النية فيحمل‪ ،‬لن‬
‫مقصوده واحد منهم‪ ،‬وذلك بّين في قوله تعالى‪} :‬ومن الناس من يشري‬
‫نفسه ابتغاء مرضاة الله{(‪.‬‬
‫وقال ابن خويز منداد‪) :‬وقد بلغني أن عسكر المسلمين لما لقي الفرس‬
‫نفرت خيل المسلمين من الفيلة‪ ،‬فعمد رجل منهم‪ ،‬فصنع فيل ً من طين‬
‫وأنس به فرسه حتى ألفه‪ ،‬فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل‪ ،‬فحمل على‬
‫الفيل الذي كان يقدمها‪ ،‬قيل له‪ :‬أنه قاتلك‪ .‬فقال‪ :‬ل ضير أن أقتل ويفتح‬
‫للمسلمين! وكذلك يوم اليمامة لما تحصنت بنو حنيفة بالحديقة‪ ،‬قال رجل‬
‫من المسلمين‪ :‬ضعوني في الحجفة ‪ -‬الترس يتخذ من الجلود ‪ -‬وألقوني‬
‫إليهم‪ ،‬ففعلوا وقاتلهم وحده حتى فتح الباب(‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫وروى المام الطبري بسنده في تفسيره عن أبي اسحق السبيعي قال‪ :‬قلت‬
‫للبراء بن عازب – الصحابي ‪ :-‬يا أبا عمارة‪ ،‬الرجل يلقى ألفا ً من العدو‪،‬‬
‫فيحمل عليهم‪ ،‬وإنما هو وحده ‪ -‬يعني أنه مقتول في العادة ل محالة ‪ -‬أيكون‬
‫ممن قال الله تعالى فيهم‪} :‬ول تلقوا بأيديكم إلى التهلكة{؟ فقال‪) :‬ل‪،‬‬
‫ليقاتل حتى يقتل‪ ،‬قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم }فقاتل في سبيل الله‬
‫ل تكلف إل نفسك{ ]النساء‪.([84 :‬‬
‫وذكر نحو ذلك شيخ السلم ابن تيمية في فتواه المشهورة في قتال التتار‪،‬‬
‫مستدل ً بما روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم من قصة‬
‫أصحاب الخدود‪ ،‬وفيها أن الغلم أمر بقتل نفسه‪ ،‬لجل مصلحة ظهور الدين‬
‫‪ -‬حين طلب إليهم أن يرموه بالسهم ويقولوا‪ :‬باسم الله رب الغلم ‪ -‬قال‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)ولهذا جوز الئمة الربعة أن ينغمس المسلم في صف الكفار‪ ،‬وإن غلب‬


‫على ظنه أنهم يقتلونه‪ ،‬إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين(‪.‬‬
‫ما قاله صاحب تفسير المنارالعلمة رشيد رضا‪) :‬ويدخل في النهي؛ النطوح‬
‫في الحرب بغير علم بالطرق الحربية‪ ،‬التي يعرفها العدو‪ ،‬كما يدخل فيه كل‬
‫مخاطرة غير مشروعة‪ ،‬بأن تكون لتباع الهوى ل لنصر الحق وتأييده(‪.‬‬
‫ومفهوم هذا أن المخاطرة المشروعة المحسوبة التي يرجى بها إرهاب عدو‬
‫الله وعدونا‪ ،‬وُيبتغى فيها نصر الحق ل اتباع الهوى‪ ،‬ل تكون من اللقاء باليد‬
‫إلى التهلكة ]المصدر‪ :‬نقل عن المركز الفلسطيني للعلم[‪.‬‬
‫ومن هنا فإنه ل يصح العتراض على هذه العمليات بأنها من المحرمات بقوله‬
‫تعالى }ول تلقوا بأيديكم إى التهلكة{ فقد جاءت هذه الية في سياق الكلم‬
‫عن القتال والنفاق في سبيله‪ ،‬وبما ل يفيد ما قصد إليه الستسلميون‪،‬‬
‫وأصحاب السلم الستراتيجي‪.‬‬
‫وإنه ليجب التسوية ‪ -‬على القل ‪ -‬في منزلة الشهادة بين من قتل نفسه بيده‬
‫ومن قتل نفسه بسلح عدوه إذا كان كل منهما قد دخل إلى المعركة وهو‬
‫على يقين من الموت‪ ،‬وهذا بيت القصيد في مخالفة بعض المفتين‪.‬‬
‫بل إنا نقول‪ :‬وإنه لمن باب أولى أن يكون الحكم بشرعية من يسعى إلى‬
‫الشهادة وهو على يقين من الموت أولى ممن يسعى إليها وهو على رجاء‬
‫بالنجاة ‪ -‬مع الحتفاظ بنسبة من الرجاء في جميع الحوال ‪ -‬وكما يقول‬
‫الستاذ الدكتور عجيل النشمي‪) :‬ول شك أن التسبب بقتل النفس بفعل‬
‫مباشر من الشخص أشد على النفس من قتل الغير له‪ ،‬فهذه "شهادة " مع "‬
‫عزيمة"(‪.‬‬
‫ونقول بغير مبالغة‪ :‬إن هؤلء الستشهاديين سبقوا ‪ -‬من حيث هذا الفعل‬
‫المبتكر ‪ -‬سلفهم من أجيال الشهداء‪ ،‬فهم قد أبدعوا السلح الذي أعاد ميزان‬
‫الردع والرعب بعد فقدانه ولفترة طويلة مع عدو السلم‪ ،‬إلى حد ما نراه من‬
‫انزعاج أعداء الله‪ ،‬وتخبطهم في تعريفه كتخبطهم في مقاومته‪ ،‬وعلى‬
‫رأسهم أمريكا العاتية‪ ،‬وهي من هي في ترسانة للسلحة زادت تكاليفها على‬
‫عشرات مئات البليين من الدولرات دون جدوى‪.‬‬
‫ول باس من العتراف لهؤلء الستشهاديين بهذا السبق فقد شهد رسول الله‬
‫به لجيال تأتي من بعد جيل الصحابة والقرون الولى لعلهم يدخلون في ظله‪.‬‬
‫روى البخاري في خلق أفعال العباد من حديث أبي جمعة ولفظه‪ :‬كنا مع‬
‫رسول الّله صلى الله عليه وآله ومعنا معاذ بن جبل عاشر عشرة‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا‬
‫رسول الّله هل من أحد أعظم منا أجرًا؟ آمنا بك واتبعناك؟! قال صلى الله‬
‫عليه وسلم‪) :‬وما يمنعكم من ذلك ورسول الّله صلى الله عليه وسلم بين‬
‫أظهركم يأتيكم بالوحي من السماء؟ بل قوم يأتون من بعدكم يأتيهم كتاب‬
‫بين لوحين فيؤمنون به ويعملون بما فيه‪ ،‬أولئك أعظم منكم أجرًا(‪.‬‬
‫وفي سنن الترمذي بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪) :‬مثل‬
‫أمتي مثل المطر ل يدري أّوله خير أم آخره( ]سنن الترمذي‪ ،‬حديث رقم‬
‫‪.[2869‬‬
‫واخرج الحاكم في مستدركه وصححه الذهبي عن أبي جمعة قال‪ :‬تغدينا مع‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا أبو عبيدة بن الجراح‪ ،‬قال‪ :‬فقلنا‪ :‬يا‬
‫رسول الله أحد خير مّنا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك؟ قال‪) :‬نعم! قوم‬
‫يكونون بعدكم يؤمنون بي ولم يروني(‪.‬‬
‫وفي نيل الوطار‪ :‬أخرج أبو داود والترمذي من حديث ثعلبة ‪ -‬ورفعه ‪) :-‬تأتي‬
‫أيام للعامل فيهن أجر خمسين(‪ ،‬قيل‪ :‬منهم أو منا يا رسول الّله؟ قال ‪) :‬بل‬

‫‪7‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫منكم(‪.‬‬
‫وذكر أنه جمع جمهور العلماء ‪ -‬أي بين هذه الحاديث وحديث "خير القرون‬
‫قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" ‪ :-‬بأن التنصيص على فضيلة الصحابة‬
‫باعتبار فضيلة الصحبة‪ ،‬وأما باعتبار أعمال الخير فهم كغيرهم‪ ،‬قد يوجد فيمن‬
‫بعدهم من هو أكثر أعماًل منهم أو من بعضهم فيكون أجره باعتبار ذلك أكثر‪،‬‬
‫فكان أفضل من هذه الحيثية‪ ،‬وقد يوجد فيمن بعدهم ممن هو أقل عمًل منهم‬
‫أو من بعضهم فيكون مفضوًل من هذه الحيثية‪.‬‬
‫والمقصود أن تأتي الفضلية نتيجة مضاعفة اجر العمل إلى خمسين ضعفا‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ثم يقول في نيل الوطار ‪ -‬بعد مناقشة كثير من الشكالت التي ترد حول‬
‫هذا الموضوع ‪) :-‬والذي يستفاد من مجموع الحاديث أن للصحابة مزية ل‬
‫يشاركهم فيها من بعدهم وهي صحبته صلى الّله عليه وآله وسلم ومشاهدته‬
‫والجهاد بين يديه وإنفاذ أوامره ونواهيه‪ ،‬ولمن بعدهم مزية ل يشاركهم‬
‫الصحابة فيها وهي إيمانهم بالغيب في زمان ل يرون فيه الذات الشريفة التي‬
‫جمعت من المحاسن ما يقود بزمام كل مشاهد إلى اليمان إل من حقت‬
‫عليه الشقاوة‪.‬‬
‫قا من غير تقييد بحالة‬
‫وأما باعتبار العمال؛ فأعمال الصحابة فاضلة مطل ً‬
‫مخصوصة كما يدل عليه لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا الحديث ‪ .‬إل أن هذه‬
‫المزية هي للسابقين منهم على المخاطبين في الحديث‪ ..‬فالذين قال لهم‬
‫النبي صلى الّله عليه وآله وسلم لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهًبا هم جماعة من‬
‫الصحابة الذين تأخرت صحبتهم فكان بين منزلة أول الصحابة وآخرهم أن‬
‫إنفاق مثل أحد ذهًبا من متأخريهم ل يبلغ مثل إنفاق نصف مد من متقدميهم‪.‬‬
‫وأما أعمال من بعد الصحابة؛ فلم يرد ما يدل على كونها أفضل على الطلق‬
‫دا بأيام الفتنة وغربة الدين حتى كان أجر الواحد يعدل أجر‬
‫إنما ورد ذلك مقي ً‬
‫صا لعموم ما ورد في أعمال‬‫خمسين رجًل من الصحابة فيكون هذا مخص ً‬
‫الصحابة فأعمال الصحابة فاضلة وأعمال من بعدهم مفضولة إل في مثل تلك‬
‫الحالة ومثل حالة من أدرك المسيح إن صح ذلك المرسل‪.‬‬
‫وبانضمام أفضلية العمال إلى مزية الصحبة يكونون خير القرون‪ ،‬ويكون‬
‫قوله "ل يدرى خير أوله أم آخره"‪ ،‬باعتبار أن في المتأخرين من يكون بتلك‬
‫المثابة من كون له أجر خمسين‪.‬‬
‫هذا باعتبار أجور العمال وأما باعتبار غيرها فلكل طائفة مزية كما تقدم‬
‫ذكره‪.‬‬
‫قا باعتبار مجموع القرن لحديث خير القرون‬ ‫لكن مزية الصحابة فاضلة مطل ً‬
‫قرني فإذا اعتبرت كل قرن قرن ووازنت بين مجموع القرن الول مثل ثم‬
‫الثاني ثم كذلك إلى انقراض العالم فالصحابة خير القرون‪ ،‬ول ينافي هذا‬
‫تفضيل الواحد من أهل قرن أو الجماعة على الواحد أو الجماعة من أهل‬
‫قرن آخر( ‪.‬‬
‫وفي الختام‪:‬‬
‫فقد تبين حكم هذه العمليات الستشهادية شرعا بشروطها ورفعة شأنها؛ إنه‬
‫كما يقول الستاذ الدكتور يوسف القرضاوي‪) :‬أعتقد أن الحق قد تبين‪ ،‬وتبين‬
‫الصبح لذي العينين‪ ،‬وأن هذه القوال كلها ترد على أولئك المتطاولين‪ ،‬الذين‬
‫اتهموا الفتية الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى‪ ،‬والذين باعوا أنفسهم لله‪،‬‬

‫‪8‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقتلوا في سبيله بأنهم قد انتحروا‪ ،‬وألقوا بأيديهم إلى التهلكة‪ .‬فهم ‪ -‬إن شاء‬
‫الله ‪ -‬في طليعة الشهداء عند الله‪ ،‬وهم العنصر الحي المعبر عن حيوية‬
‫المة‪ ،‬وإصرارها على المقاومة وأنها حية ل تموت‪ ،‬باقية ل تزول(‪.‬‬
‫كل ما نطلبه هنا‪ :‬أن تكون هذه العمليات الستشهادية بعد دراسة وموازنة‬
‫ليجابياتها وسلبياتها‪ ،‬وينبغي ن يتم ذلك عن طريق تفكير جماعي من‬
‫مسلمين ثقات‪ ،‬فإذا وجدوا الخير في القدام أقدموا وتوكلوا على الله "ومن‬
‫يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم{ ]النفال‪.[49 :‬‬
‫والله أعلم‬

‫)‪(6 /‬‬

‫كشف الطوية في العمليات الستشهادية‬


‫أد ‪ :‬يحيى هاشم حسن فرغل‬
‫‪yehia_hashem@ hotmail .com‬‬
‫‪http://www.yehia-hashem.netfirms.com‬‬
‫بين حين وحين يصدر لغط من بعض الحكماء التجميليين الذين يدينون‬
‫العمليات الستشهادية ضد الحتلل الجنبي ‪ :‬يظهرون كأنهم يجملون السلم‬
‫وفقا لمقاييس الجمال الغربي ‪ ،‬وما دروا أن جمال السلم في ذاته ‪ ،‬وأين‬
‫هم من مقاييس الجمال في السلم في جمال ساقي الصحابي الذي أراد‬
‫تغطيتهما بالثوب الطويل لعيب ظنه فيهما ‪ ،‬فما كان من رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم إل أن وجهه إلى مقياس الجمال في السلم الدائر حول‬
‫محوره في خلق الله وشريعة الله ‪ ،‬كما جاء في مسند أحمد بسنده أن‬
‫رسول الله أبصر رجل ً يجر إزاره فأسرع إليه أو هرول فقال‪ } :‬إرفع إزارك‬
‫واتق الله {‪ ،‬قال‪ :‬إني أحنف تصطك ركبتاي‪ .‬فقال‪ } :‬ارفع إزارك كل خلق‬
‫الله حسن {‪ ،‬فما رئي ذلك الرجل بعد إل إزاره يصيب أنصاف ساقيه‪.‬‬
‫]صحيح‪ ،‬رواه المام أحمد ‪.[4/390‬‬
‫في سياق " قتالهم " ضد المقاتلين في سبيل الله – يأتي إنكار الطابور‬
‫الخامس من العلمانيين المتأمركين وغير المتأمركين لورود مصطلح "‬
‫الشهادة " في القرآن الكريم تعبيرا عمن يقتل في سبيل الله ‪ ،‬ويأتي‬
‫إنكارهم هذا تفريعا على إنكارهم للسنة التي كثر فيها ورود هذا المصطلح ‪، ،‬‬
‫وجهل منهم بأن المصطلح وارد أيضا في القرآن الكريم الذي يزعمون أنهم‬
‫يؤمنون به ‪ ،‬وذلك فيمن يقول فيهم القرآن الكريم ضمن فئات مقربة أخرى ‪:‬‬
‫) ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين‬
‫والصديقين والشهداء والصالحين ‪ ،‬وحسن أولئك رفيقا ‪ .‬ذلك الفضل من الله‬
‫وكفى بالله عليما ( ‪ 70 – 69‬النساء في سياق الحديث عن الجهاد والقتال‬
‫في سبيل الله يمتد من الية ‪ 66‬إلى الية ‪105‬‬
‫وقوله تعالى ‪ " :‬وأشرقت الرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين‬
‫والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم ل يظلمون ‪ ،‬ووفيت كل نفس ما عملت‬
‫وهو أعلم بما يفعلون " ‪ 70 – 69‬الزمر‬
‫وقوله تعالى ‪ " :‬إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا‬
‫يضاعف لهم ولهم أجر كريم ‪ .‬والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون‬
‫والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك‬
‫أصحاب الجحيم " ‪ 19 -18‬الحديد‬
‫وقد ربط القرآن بين القتال في سبيل الله والجهاد ردا على جهالة من يفصل‬

‫‪9‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بينهما بطريقة تميزت بالسذاجة إذ يقتحم أحدهم ساحة الجتهاد بغير علم أو‬
‫منهج صحيح – ولم ل أليس أنه ل كهانة في السلم ‪ ،‬أليس أولئك العلماء‬
‫رجال ونحن رجال كما يقول أطفال الجماعات السلمية – وفي هذا السياق‬
‫يقول بعضهم ‪ : -‬الجهاد في السلم شيء غير القتال ‪ ،‬ول قتال في الجهاد ‪،‬‬
‫ليقدم هذا الزيف هدية لسادته في الغرب في حربهم على الرهاب ‍‪ ،‬وهو‬
‫عليم بأن بضاعته مزجاة على الضفتين وعليه أن يلعب غيرها ‪ ،‬وهي أشبه‬
‫بلعبة جحا " ودنك منين " إذ غاية ما صنع أن استبدل القتال بالجهاد في حملة‬
‫الغرب عليه ‪ ،‬وكلهما مقرر في السلم ‪ ،‬وإن الغرب ليلعب على الثنين ‪.‬‬
‫إذ يقول تعالى ردا على الطائفتين ‪ ) :‬إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح‬
‫مثله وتلك اليام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم‬
‫شهداء والله ل يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ‪،‬‬
‫أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا ويعلم الصابرين ‪،‬‬
‫ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ( ‪142‬‬
‫– ‪– 142‬آل عمران في سياق إلى الية ‪180‬‬
‫ويقول تعالى فيما يفيد التداخل بين القتال والجهاد في علقة يسميها‬
‫المناطقة العموم والخصوص ‪ ) :‬ل يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي‬
‫الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ‪ ،‬فضل الله المجاهدين‬
‫بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكل وعد الله الحسنى ‪ ،‬وفضل الله‬
‫المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله‬
‫غفورا رحيما ( ‪ 96-95‬النساء‬
‫) أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن ءامن بالله واليوم الخر‬
‫وجاهد في سبيل الله ل يستوون عند الله والله ل يهدي القوم الظالمين ‪.‬‬
‫الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة‬
‫عند الله وأولئك هم الفائزون ‪ .‬يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات‬
‫لهم فيها نعيم مقيم ‪ .‬خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم ( ‪22-19‬‬
‫التوبة ‪ ،‬في سياق آيات عن القتال من ‪ 29-12‬التوبة‬
‫) ل يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم‬
‫والله عليم بالمتقين ( ‪ 44‬التوبة في سياق آيات عن القتال من ‪53 -38‬‬
‫التوبة‬
‫) فرح المخلفون بمقعدهم خلف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم‬
‫وأنفسهم في سبيل الله وقالوا ل تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو‬
‫كانوا يفقهون ( ‪ 81‬التوبة في سياق عن القتال إلى آية ‪ 96‬التوبة‬

‫)‪(1 /‬‬

‫) يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ‪،‬‬
‫وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله‬
‫ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي ‪ ،‬تسرون إليهم‬
‫بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ‪ ،‬ومن يفعله منكم فقد ضل سواء‬
‫السبيل ‪ .‬إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم‬
‫بالسوء وودوا لو تكفرون ‪ .‬لن تنفعكم أرحامكم ول أولدكم ‪ ،‬يوم القيامة‬
‫يفصل بينكم والله بما تعملون بصير ‪ .‬قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم‬
‫والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا‬
‫بكم ‪ ،‬وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا ‪ ،‬حتى تؤمنوا بالله وحده ‪ ،‬إل‬

‫‪10‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قول إبراهيم لبيه لستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ‪ ،‬ربنا عليك‬
‫توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ‪ .‬ربنا ل تجعلنا فتنة للذين كفروا ‪ ،‬واغفر لنا‬
‫ربنا إنك أنت العزيز الحكيم ‪ .‬لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجوا‬
‫الله واليوم الخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد ‪ .‬عسى الله أن يجعل‬
‫بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم ‪ .‬ل ينهاكم‬
‫الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم‬
‫وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ‪ .‬إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم‬
‫في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن‬
‫يتولهم فأولئك هم الظالمون ( ‪ 9 -1‬الممتحنة‬
‫وذلك عدا آيات كثيرة وأحاد يث صحيحة في جزاء المجاهدين الذين يقتلون‬
‫في سبيل الله رغم أنف من يسمون أنفسهم القرآنيين ‪.‬‬
‫نعم هناك شروط ينظر في توافرها قبل القدام على هذه العمليات‬
‫أن يبتغى بهذه العمليات وجه الله تعالى ‪ ،‬وأن يتأكد أن هناك مصلحة عامة‬
‫من ذلك الفعل‪ ،‬ويعرف هذا بمشورة القيادة العامة إن رأت أن هذا من‬
‫المصلحة ‪ ،‬و أنه سبيل لدفع العدوان ‪ ..‬وأن يكون القتال ضد أعداء السلم‬
‫المعتدين قصدا على حرماته ‪ ،‬ول يقصد به مسالم معاهد أو ذمي ‪ - ،‬أخذ‬
‫عهده أو ذمته من سلطة شرعية ‪ -‬وأن يكون قرار القتال خاضعا لحسابات‬
‫دقيقة ‪ ،‬محسوبا بالفائدة للمسلمين وفقا لصول الفقه وقواعده ‪ :‬من دفع‬
‫الضرر ‪ ،‬وسد الذرائع ‪ ،‬وجلب المصلحة ‪ ،‬وغيرها من الصول ‪ ،‬وليس اندفاعا‬
‫إلى الشهادة بغير حساب ‪ .‬وأن يكون مفتوحا لتقبل السلم بشروطه‬
‫المعروفة شرعا ‪ ،‬وأن يخضع ذلك لقيادة مسئولة شرعا ‪ ،‬مع التنسيق اللزم‬
‫مع القيادات المعنية لكي نتجنب ضرر الفتنة الشد ‪.‬‬
‫ومع ذلك يستمر لغط اللغطين " الحكماء التجميليين " حول " العمليات‬
‫الستشهادية " التي يقوم بها الستشهاديون وهم يدافعون عن دينهم‬
‫وعرضهم وأمتهم وأرضهم – وهي أرض السلم‪ -‬وفقا لحكام الجهاد ‪ ،‬؛ قصدا‬
‫منهم إلى تشويهها أو تجريمها أو التشكيك فيها بينما هي في حقيقة المر ‪:‬‬
‫من أوثق وأعلى منازل الشهادة‬
‫بشهادة ما يأتي ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬فهي من ناحية الرجوع إلى النص القرآني ‪ :‬نموذج للتطابق الكامل مع‬
‫قوله تعالى ) إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ‪:‬‬
‫يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون (‬
‫ثانيا ‪ :‬وهي من ناحية القدوة المعتبرة نموذج يلتقي مع مثال الصحابي الذي‬
‫أقدم على المعركة وهو على يقين من عدم النجاة‬
‫فقد أخرج مسلم بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه في حديث طويل‬
‫وفيه ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬قوموا إلى جنة عرضها‬
‫عمير بن الحمام النصاري ‪ :‬يا رسول الله جنة‬ ‫السموات والرض قال ‪ :‬يقول ُ‬
‫عرضها السموات والرض ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال بخ بخ ‪ .‬فقال رسول الله ‪ :‬ما‬
‫يحملك على قولك بخ بخ ‪ .‬قال ‪ :‬ل ‪ ،‬والله يا رسول الله إل رجاءة أن أكون‬
‫من أهلها ‪ ،‬قال فإنك من أهلها ‪ ،‬فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن‬
‫ثم قال ‪ :‬لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه ‪ ،‬إنها لحياة طويلة ‪ .‬قال فرمى‬
‫بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل(‬
‫وفي مثال آخر ‪ :‬أخرج مسلم بسنده عن أنس رضي الله عنه قال عمي الذي‬
‫سميت به ‪ -‬يعني أنس بن النضر ‪ -‬لم يشهد مع رسول الله بدرا ً ‪ ،‬قال فشق‬ ‫ُ‬
‫غيبت عنه ‪ ،‬وإن أراني الله مشهدا ً‬ ‫عليه ‪ ،‬قال ‪ :‬أول مشهد شهده رسول الله ُ‬

‫‪11‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فيما بعد مع رسول الله ليراني الله ما أصنع ‪ .‬قال ‪ :‬فهاب أن يقول غيرها ‪.‬‬
‫قال فشهد مع رسول الله يوم أحد ‪ .‬قال ‪ :‬فاستقبل سعد بن معاذ فقال له‬
‫أنس ‪ :‬يا أبا عمرو أين ؟ فقال ‪ :‬واها لريح الجنة أجده دون أحد ‪ .‬قال فقاتلهم‬
‫حتى قتل قال ‪ :‬فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة وطعنة ورمية‬
‫قال فقالت أخته عمتي الُربيع بنت النضر ‪ :‬فما عرفت أخي إل ببنانه ‪ .‬ونزلت‬
‫هذه الية ‪ } :‬رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم‬
‫من ينتظر وما بدلوا تبديل ً { ] ‪ / 23‬الحزاب [ قال فكانوا يرون أنها نزلت‬
‫فيه وفي أصحابه‬
‫ول يصح إيراد العتراض الساذج على هذه العمليات بالحكم الشرعي بأن قتل‬
‫النفس من بين المحرمات‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وذلك لن قتال العدو وما يترتب عليه من قتل النفس يأتي استثناء من‬
‫تحريمها ‪ ،‬وإذا كان الستثناء قد جاء في عملية القتال مع العدو فهو يصدق‬
‫على الجهتين‪ -‬قتل النفس أو قتل الخر ‪ -‬بشروطهما المذكورة أعله ونخص‬
‫بالذكر والتأكيد الشروط التية ‪:‬‬
‫اشتراط الضرورة‬
‫واشتراط ‪ :‬حصول غلبة الظن في تحقيق المصلحة والنكاية بالعدو ‪ ،‬على‬
‫المستوى البعيد إن لم يكن على المستوى القريب‬
‫واشتراط ‪ :‬أن تقررها قيادة شرعية خبيرة‬
‫وفي شرح هذه الضرورة يقول الستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة‬
‫بجامعة الكويت ‪ ) - -‬أن يكون قتل النفس الطريق الوحيد لحداث القتل في‬
‫العدو أو الطريقة الكثر تأثيرا بالعدو‪ ،‬فإذا غلب على الظن أن هذا السلوب‬
‫في القتل لن يؤثر في العدو‪ ،‬ولن يحقق قتل أحد منهم‪ ،‬أو كانت هناك‬
‫وسائل أنجح في تحقيق الغاية‪ ،‬فل يقدم على هذا العمل‪ (.‬نقل منا من إسلم‬
‫أونل ين‬
‫وكما يقول الستاذ الدكتور يوسف القرضاوي عند ما يكونون ‪ ) :‬مضطرين‬
‫لهذا الطريق لرعاب أعداء الله‪ ،‬المصرين على عدوانهم‪ ،‬المغرورون بقوتهم‪،‬‬
‫وبمساندة القوى الكبرى لهم والمر كما قال الشاعر قديمًا‪:‬‬
‫إذا لم يكن إل السنة مركب (‬
‫‪...‬‬
‫فما حيلة المضطر إلى ركوبها !‬
‫ومن أهم شروطها ‪ :‬نية الجهاد في سبيل الله ‪ --‬إذ يدافعون ضد الحتلل عن‬
‫أرضهم – وهي أرض السلم‪ -‬وعن دينهم وعرضهم وأمتهم ‪ --‬وهذه هي‬
‫الفارقة بينها وبين النتحار وهو فرق في الثر كما هو فرق في النية‬
‫ففي الثر ‪ -‬و على مستوى العمليات الحربية – يتحقق بها للمقاتل المسلم‬
‫تصحيح لميزان الردع المائل أصل بسبب ضعف السلح في يد الجيش‬
‫المسلم ‪ ،‬وهنا يأتي تصحيح هذا الميزان عن طريق هذه العملية الستشهادية‬
‫التي ل يملك العدو منها شيئا باعتبارها سلحا شديد الخطر ‪ ،‬يتمثل هذا‬
‫السلح فيما يقول الستاذ الدكتور يوسف القرضاوي ‪ " :‬أن يصبح المجاهد‬
‫)قنبلة بشرية( تنفجر في مكان معين وزمان معين في أعداء الله والوطن‪،‬‬
‫الذين يقفون عاجزين أمام هذا البطل الشهيد‪ ،‬الذي باع نفسه لله‪ ،‬ووضع‬
‫رأسه على كفه مبتغيا ً الشهادة في سبيل الله "‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كما أنه فرق في النية ‪ ،‬وكما يقول الستاذ الدكتور يوسف القرضاوي‪ ) :‬إن‬
‫هذه العمليات تعد من أعظم أنواع الجهاد في سبيل الله ‪ ،‬وهي من الرهاب‬
‫المشروع الذي أشار إليه القرآن ‪ ،‬في قوله تعالى‪" :‬وأعدوا لهم ما استطعتم‬
‫من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" النفال‪.60 :‬‬
‫وتسمية هذه العمليات )انتحارية( تسمية خاطئة ومضللة‪ ،‬فهي عمليات فدائية‬
‫بطولية استشهادية‪ ،‬وهي أبعد ما تكون عن النتحار‪ ،‬ومن يقوم بها أبعد ما‬
‫يكون عن نفسية المنتحر‪.‬‬
‫إن المنتحر يقتل نفسه من أجل نفسه ‪ ،‬وهذا يقدم نفسه ضحية من أجل‬
‫دينه وأمته‬
‫المنتحر إنسان يائس من نفسه ومن روح الله ‪ ،‬وهذا المجاهد إنسان كله‬
‫أمل في روح الله تعالى ورحمته‬
‫المنتحر يتخلص من نفسه ومن همومه بقتل نفسه‪ ،‬والمجاهد يقاتل عدو الله‬
‫وعدوه بهذا السلح الجديد‪ ،‬الذي وضعه القدر في يد المستضعفين ليقاوموا‬
‫به جبروت القوياء المستكبرين (‬
‫وكما يقول الستاذ الدكتور عجيل النشمي في التفرقة بين هذه العمليات‬
‫وبين النتحار ‪ :‬النتحار يحتاج إلى القصد‪ ،‬فإن انتفى القصد فل يعد الفعل‬
‫انتحارا‪ .‬والمراد أن يقصد النتحار أساسا ول يتحقق ذلك بمجرد أن يقع منه‬
‫القتل على نفسه ‪ :‬فقد روى أبو داود عن رجل من أصحاب النبي – صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ -‬قال‪" :‬أغرنا على حي من جهينة فطلب رجل من المسلمين رجل‬
‫منهم‪ ،‬فضربه فأخطأه‪ ،‬فأصاب نفسه بالسيف‪ .‬فقال رسول الله – صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ :‬أخوكم يا معشر المسلمين‪ ،‬فابتدره الناس‪ ،‬فوجدوه قد مات‪.‬‬
‫فلفه رسول الله –صلى الله عليه وسلم‪ -‬بثيابه ودمائه‪ ،‬وصلى عليه‪ .‬فقالوا‪:‬‬
‫يا رسول الله‪ :‬أشهيد هو؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬وأنا له شهيد‪ .".‬وقد جاءت هذه القصة‬
‫بتسمية من وقعت لهم ‪ :‬وذلك فيما روي عن سلمة بن الكوع – رضي الله‬
‫عنه‪ -‬قال‪ " :‬قلت يا رسول الله ‪ ،‬زعم أسد بن حضير أن عامر بن سنان بن‬
‫الكوع حبط عمله‪ ،‬وكان ضرب يهوديا فقطع رجله ورجع السيف على عامر‬
‫فعقره فمات منها‪ ،‬فقال‪ :‬كذب من قال ذلك‪ ،‬إن له لجرين ‪ :‬إنه جاهد‬
‫مجاهد‪) ،‬المصدر ‪ " :‬السير الكبير" لمحمد بن الحسن الشيباني وشرحه‬
‫للسرخسي ‪.(1/102‬‬
‫وكما يقول الدكتور النشمي ‪ ) :‬والشاب الذي يقتل نفسه بحزام ناسف أو‬
‫سيارة أو أية وسيلة ل يعتبر منتحرا‪ ،‬إل إذا قصد أن يقتل نفسه دون غاية من‬
‫وراء ذلك‪ ،‬فإن كان قصده من التسبب بقتل نفسه بهذه الوسائل إحداث‬
‫القتل والنكاية بالعدو‪ ،‬وإعلء كلمة الله‪ ،‬فل يعد منتحرا بل يعد شهيدا إن شاء‬
‫الله‪ ،‬ول شك أن التسبب بقتل النفس بفعل مباشر من الشخص أشد على‬
‫النفس من قتل الغير له‪ ،‬فهذه " شهادة " مع " عزيمة‪ "،‬وهذا الحكم ليس‬
‫مطلقا وإنما هو مقيد بقيود إن توافرت كان شهادة إن شاء الله‬
‫ومن صورها الخارجة عن حكم النتحار ول يشترط فيها رأي القيادة أو‬
‫مراعاة المصلحة كما قررها جمهورالفقهاء وكما يقول الدكتور النشمي ‪:‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪ ) :‬لو كان الهجوم عليه من العدو واحدا أو أكثر‪ ،‬فيبادرهم حينئذ بكل ما‬
‫يستطيع ولو بتفجير نفسه على ظن أنهم قاتلوه ل محالة ويقتل منهم أكبر‬
‫عدد يستطيع‪ ،‬ول يتقيد تصرفه حينئذ بما ذكرنا من رأي جماعته‪ ،‬ومراعاة‬

‫‪13‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المصالح‪ ،‬فحاله حينئذ حال من صال عليه العدو‪ ،‬فيجب عليه – على رأي‬
‫جمهور الفقهاء‪ -‬أن يقتل من هجم عليه وصال‪ ،‬لقوله – تعالى‪ " :‬ول تلقوا‬
‫بأيديكم إلى التهلكة" )البقرة‪ .. (195:‬إذا أسلم أمره لهم ليقتلوه‪ ،‬أو يستدلوا‬
‫به على غيره‪ ،‬فقد ألقى بنفسه إلى التهلكة‪ ،‬وربما تسبب في هلكة غيره‪،‬‬
‫فإن قتل فهو شهيد‪ ،‬لقوله –صلى الله عليه وسلم‪" :‬من قتل دون دمه فهو‬
‫شهيد‪) ".‬الترمذي ‪ 4/30‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح(‪.‬‬
‫ومنها في رأي الدكتور النشمي ‪ ) :‬بل لو لم يستطع أن يرد من يعزم الجهاد‬
‫عليه‪ ،‬أو حوصر موقعه‪ ،‬وليس لديه ما يدفع به عن نفسه‪ ،‬وعنده من السرار‬
‫التي لو أجبر على إظهارها عند السر يعرض غيره للهلك ويتسبب في‬
‫إفشال خطط المسلمين‪ ،‬بكشف عورتهم‪ ،‬جاز أن يقتل نفسه أو يستسلم‬
‫لهم‪ ،‬ويرجع تقدير ذلك له‪ ،‬فإن علم من نفسه صلبة ل تلين تحت التعذيب‬
‫فل يفشي سرا‪ ،‬استسلم وسلم نفسه‪ ،‬وإن غلب على ظنه أو تيقن أنه ل‬
‫يتحمل ذلك‪ ،‬قتل نفسه‪ ،‬ول أرى قواعد الشرع تأبى عليه ذلك‪( .‬‬
‫وهو يستدل على ذلك بما نص عليه الفقهاء من أن ) من تعين موته بسببين‬
‫واستويا في السوء‪ ،‬فله أن يتخير بينهما كمن احترقت سفينته ول يحسن‬
‫السباحة أو كانت السماك المفترسة تحته‪ ،‬فلو اختار موته غرقا أو احتراقا‬
‫جاز‪ ،‬وإن غلب على ظنه أن أحد السببين أهون من الخر‪ ،‬فيتبع الهون وبه‪.‬‬
‫رأي الشافعية ‪:‬‬
‫قال جمهور الفقهاء‪ .‬قال ابن السبكي‪" :‬لو وقع في نار محرقة ولم يخلص إل‬
‫بماء يغرقه‪ ،‬ورآه أهون عليه من الصبر على لفحات النار‪ ،‬فله النتقال إليه‬
‫في الصح‪( ".‬‬
‫وفيما نقله أد ‪ :‬عجيل النشمي من أقوال الفقهاء القدماء ‪:‬‬
‫وقد نص الحنفية على جواز دخول المجاهد في معركة ل نجاة له منها إذا كان‬
‫له فيها نكاية بالعدو أو تشجيع للمسلمين على دخولها ولهم فيها نكاية به ‪.‬‬
‫حيث قال المام الجصاص في كتابه )أحكام القرآن للجصاص‪" :.(1/309 ،‬‬
‫قال محمد بن الحسن الشيباني‪ :‬لو أن رجل حمل على ألف رجل وهو وحده‪،‬‬
‫لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية‪ .‬فإن كان ل يطمع في‬
‫نجاة ول نكاية‪ ،‬فإني أكره له ذلك لنه عرض نفسه للتلف في غير منفعة‬
‫للمسلمين‪ .‬وإنما ينبغي للرجل أن يفعل هذا إذا كان يطمع في نجاة أو منفعة‬
‫للمسلمين‪ ،‬فإن كان ل يطمع في نجاة أو نكاية ولكنه يجرئ المسلمين بذلك‬
‫حتى يفعلوا مثل ما فعل‪ ،‬فيقتلون وينكون في العدو فل بأس وأرجو أن يكون‬
‫فيه مأجورا‪".‬‬
‫وعند المالكية ‪ :‬قال القرطبي في تفسير قوله –تعالى‪" :‬ول تلقوا بأيديكم إلى‬
‫التهلكة" عن بعض علماء المالكية‪" :‬ل بأس أن يحمل الرجل وحده على‬
‫الجيش العظيم إذا كان فيه قوة‪ ،‬وكان لله بنية خالصة‪ ،‬لن مقصوده واحد‬
‫منهم‪ ،‬وذلك بين في قوله – تعالى‪" :‬ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء‬
‫مرضات الله" )البقرة‪… ،(207:‬‬
‫وقد ورد من أسباب نزول هذا الية أنها فيمن يقتحم القتال ‪ ،‬كما حمل هشام‬
‫بن عامر –رضي الله عنه‪ -‬على الصف في القسطنطينية فقاتل حتى قتل‪،‬‬
‫فقرأ أبو هريرة –رضي الله عنه‪" :‬ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة‬
‫الله" وروى مثله عن أبي أيوب )القرطبي‪.(3/21 ،‬‬
‫وفيما نقله الستاذ الدكتور يوسف القرضاوي ‪ --‬عن الفقهاء القدماء في‬
‫الموضوع تفسيرا لقوله تعالى "ول تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" البقرة‪:‬‬
‫‪: --195‬‬

‫‪14‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقال المام القرطبي المالكي في تفسيره‪ :‬اختلف العلماء في اقتحام الرجل‬


‫في الحرب وحمله على العدو وحده ‪ ،‬فقال القاسم بن مخيرة والقاسم بن‬
‫محمد وعبد الملك من علمائنا‪ :‬ل بأس أن يحمل الرجل وحده على الجيش‬
‫العظيم إذا كان فيه قوة‪ ،‬وكان لله بنية خالصة‪ ،‬إن لم تكن فيه قوة فذلك من‬
‫التهلكة‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إذا طلب الشهادة وخلصت النية فيحمل‪ ،‬لن مقصوده واحد منهم‪،‬‬
‫وذلك بّين في قوله تعالى‪" :‬ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله"‪.‬‬
‫وقال ابن خويز منداد‪ :‬وقد بلغني أن عسكر المسلمين لما لقي الفرس‬
‫نفرت خيل المسلمين من الفيلة‪ ،‬فعمد رجل منهم‪ ،‬فصنع فيل ً من طين‬
‫وأنس به فرسه حتى ألفه‪ ،‬فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل‪ ،‬فحمل على‬
‫الفيل الذي كان يقدمها‪ ،‬قيل له‪" :‬أنه قاتلك‪ .‬فقال‪ :‬ل ضير أن أقتل ويفتح‬
‫للمسلمين! وكذلك يوم اليمامة لما تحصنت بنو حنيفة بالحديقة‪ ،‬قال رجل‬
‫من المسلمين‪ :‬ضعوني في الحجفة‪ -‬الترس يتخذ من الجلود ‪ -‬وألقوني‬
‫إليهم‪ ،‬ففعلوا وقاتلهم وحده حتى فتح الباب‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫وروى المام الطبري بسنده في تفسيره عن أبي اسحق السبيعي قال‪ :‬قلت‬
‫للبراء بن عازب )الصحابي(‪ :‬يا أبا عمارة‪ ،‬الرجل يلقى ألفا ً من العدو‪ ،‬فيحمل‬
‫عليهم‪ ،‬وإنما هو وحده )يعني‪ :‬أنه مقتول في العادة ل محالة( أيكون ممن‬
‫قال الله تعالى فيهم‪" :‬ول تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬ليقاتل حتى‬
‫يقتل‪ ،‬قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم "فقاتل في سبيل الله ل تكلف إل‬
‫نفسك" النساء‪.84 :‬‬
‫وذكر نحو ذلك شيخ السلم ابن تيمية في فتواه المشهورة في قتال التتار‪،‬‬
‫مستدل ً بما روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم من قصة‬
‫أصحاب الخدود‪ ،‬وفيها أن الغلم أمر بقتل نفسه‪ ،‬لجل مصلحة ظهور الدين‬
‫)حين طلب إليهم أن يرموه بالسهم ويقولوا‪ :‬باسم الله رب الغلم( قال‪:‬‬
‫ولهذا جوز الئمة الربعة أن ينغمس المسلم في صف الكفار‪ ،‬وإن غلب على‬
‫ظنه أنهم يقتلونه‪ ،‬إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين‪.‬‬
‫ما قاله صاحب تفسير المنارالعلمة رشيد رضا ‪" :‬ويدخل في النهي ‪ :‬النطوح‬
‫في الحرب بغير علم بالطرق الحربية‪ ،‬التي يعرفها العدو‪ ،‬كما يدخل فيه كل‬
‫مخاطرة غير مشروعة‪ ،‬بأن تكون لتباع الهوى ل لنصر الحق وتأييده "‪.‬‬
‫ومفهوم هذا أن المخاطرة المشروعة المحسوبة التي يرجى بها إرهاب عدو‬
‫الله وعدونا‪ ،‬وُيبتغى فيها نصر الحق ل اتباع الهوى‪ ،‬ل تكون من اللقاء باليد‬
‫إلى التهلكة‪ (.‬المصدر ‪ :‬نقل عن المركز الفلسطيني للعلم‬
‫*****‬
‫ومن هنا فإنه ل يصح العتراض على هذه العمليات بأنها من المحرمات بقوله‬
‫تعالى ) ول تلقوا بأيديكم إى التهلكة ( فقد جاءت هذه الية في سياق الكلم‬
‫عن القتال والنفاق في سبيله وبما ل يفيد ما قصد إليه الستسلميون ‪،‬‬
‫وأصحاب السلم الستراتيجي‬
‫وإنه ليجب التسوية – على القل ‪ -‬في منزلة الشهادة بين من قتل نفسه‬
‫بيده ومن قتل نفسه بسلح عدوه إذا كان كل منهما قد دخل إلى المعركة‬
‫وهو على يقين من الموت وهذا بيت القصيد في مخالفة بعض المفتين‬
‫بل إنا نقول ‪ :‬وإنه لمن باب أولى أن يكون الحكم بشرعية من يسعى إلى‬

‫‪15‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الشهادة وهو على يقين من الموت أولى ممن يسعى إليها وهو على رجاء‬
‫بالنجاة ‪ -‬مع الحتفاظ بنسبة من الرجاء في جميع الحوال ‪ -‬وكما يقول‬
‫الستاذ الدكتور عجيل النشمي ‪ :‬ول شك أن التسبب بقتل النفس بفعل‬
‫مباشر من الشخص أشد على النفس من قتل الغير له‪ ،‬فهذه " شهادة " مع‬
‫" عزيمة‪"،‬‬
‫ونقول بغير مبالغة ‪ :‬إن هؤلء الستشهاديين سبقوا – من حيث هذا الفعل‬
‫المبتكر ‪ -‬سلفهم من أجيال الشهداء ‪ ،‬فهم قد أبدعوا السلح الذي أعاد‬
‫ميزان الردع والرعب بعد فقدانه ولفترة طويلة مع عدو السلم ‪ ،‬إلى حد ما‬
‫نراه من انزعاج أعداء الله ‪ ،‬وتخبطهم في تعريفه كتخبطهم في مقاومته ‪،‬‬
‫وعلى رأسهم أمريكا العاتية ‪ ،‬وهي من هي في ترسانة للسلحة زادت‬
‫تكاليفها على عشرات مئات البليين من الدولرات دون جدوى‬
‫ول باس من العتراف لهؤلء الستشهاديين بهذا السبق فقد شهد رسول الله‬
‫به لجيال تأتي من بعد جيل الصحابة والقرون الولى لعلهم يدخلون في‬
‫ظله ‪:‬‬
‫روى البخاري في خلق أفعال العباد من حديث أبي جمعة ولفظه‪ :‬كنا مع‬
‫رسول الّله)صلى الله عليه وآله( ومعنا معاذ بن جبل عاشر عشرة‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا‬
‫رسول الّله هل من أحد أعظم منا أجرًا‪ .‬آمنا بك واتبعناك ؟ قال صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ : :‬وما يمنعكم من ذلك ورسول الّله – صلى الله عليه وسلم –‬
‫بين أظهركم يأتيكم بالوحي من السماء ‪ ،‬بل قوم يأتون من بعدكم يأتيهم‬
‫كتاب بين لوحين فيؤمنون به ويعملون بما فيه أولئك أعظم منكم أجرًا‪.‬‬
‫وفي سنن الترمذي بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‪) :‬مثل‬
‫أمتي مثل المطر ل يدري أّوله خير أم آخره( ]سنن الترمذي‪ ،‬حديث رقم‬
‫‪.[2869‬‬
‫واخرج الحاكم في مستدركه وصححه الذهبي عن أبي جمعة قال ‪) :‬تغدينا مع‬
‫رسول الله ) صلى الله عليه وسلم ( ومعنا أبو عبيدة بن الجراح‪ ،‬قال‪ :‬فقلنا‪:‬‬
‫يا رسول الله أحد خير مّنا ؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك ؟ قال‪ :‬نعم! قوم‬
‫يكونون بعدكم يؤمنون بي ولم يروني(‬
‫وفي نيل الوطار ‪ :‬أخرج أبو داود والترمذي من حديث ثعلبة – ورفعه – ‪:‬‬
‫) تأتي أيام للعامل فيهن أجر خمسين ‪ .‬قيل ‪ :‬منهم أو منا يا رسول الّله ؟‬
‫قال ‪ :‬بل منكم ‪.‬‬
‫وذكر أنه جمع جمهور العلماء – أي بين هذه الحاديث وحديث " خير القرون‬
‫قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " ‪ : -‬بأن التنصيص على فضيلة‬
‫الصحابة باعتبار فضيلة الصحبة ‪ ،‬وأما باعتبار أعمال الخير فهم كغيرهم ‪ ،‬قد‬
‫يوجد فيمن بعدهم من هو أكثر أعماًل منهم أو من بعضهم فيكون أجره‬
‫باعتبار ذلك أكثر ‪ ،‬فكان أفضل من هذه الحيثية ‪ ،‬وقد يوجد فيمن بعدهم ممن‬
‫هو أقل عمًل منهم أو من بعضهم فيكون مفضوًل من هذه الحيثية (‬
‫والمقصود أن تأتي الفضلية نتيجة مضاعفة اجر العمل إلى خمسين ضعفا‬
‫ثم يقول في نيل الوطار ‪ -‬بعد مناقشة كثير من الشكالت التي ترد حول‬
‫هذا الموضوع ‪-‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫) والذي يستفاد من مجموع الحاديث أن للصحابة مزية ل يشاركهم فيها من‬


‫بعدهم وهي صحبته صلى الّله عليه وآله وسلم ومشاهدته والجهاد بين يديه‬

‫‪16‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وإنفاذ أوامره ونواهيه ‪ ،‬ولمن بعدهم مزية ل يشاركهم الصحابة فيها وهي‬
‫إيمانهم بالغيب في زمان ل يرون فيه الذات الشريفة التي جمعت من‬
‫المحاسن ما يقود بزمام كل مشاهد إلى اليمان إل من حقت عليه الشقاوة‬
‫قا من غير تقييد بحالة‬ ‫وأما باعتبار العمال فأعمال الصحابة فاضلة مطل ً‬
‫مخصوصة كما يدل عليه لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا الحديث ‪ .‬إل أن هذه‬
‫المزية هي للسابقين منهم على المخاطبين في الحديث ‪ ..‬فالذين قال لهم‬
‫النبي صلى الّله عليه وآله وسلم لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهًبا هم جماعة من‬
‫الصحابة الذين تأخرت صحبتهم فكان بين منزلة أول الصحابة وآخرهم أن‬
‫إنفاق مثل أحد ذهًبا من متأخريهم ل يبلغ مثل إنفاق نصف مد من متقدميهم‬
‫وأما أعمال من بعد الصحابة فلم يرد ما يدل على كونها أفضل على الطلق‬
‫دا بأيام الفتنة وغربة الدين حتى كان أجر الواحد يعدل أجر‬ ‫إنما ورد ذلك مقي ً‬
‫صا لعموم ما ورد في أعمال‬ ‫خمسين رجًل من الصحابة فيكون هذا مخص ً‬
‫الصحابة فأعمال الصحابة فاضلة وأعمال من بعدهم مفضولة إل في مثل تلك‬
‫الحالة ومثل حالة من أدرك المسيح إن صح ذلك المرسل‬
‫وبانضمام أفضلية العمال إلى مزية الصحبة يكونون خير القرون ويكون قوله‬
‫ل يدرى خير أوله أم آخره باعتبار أن في المتأخرين من يكون بتلك المثابة‬
‫من كون له أجر خمسين‬
‫هذا باعتبار أجور العمال وأما باعتبار غيرها فلكل طائفة مزية كما تقدم‬
‫ذكره‬
‫قا باعتبار مجموع القرن لحديث خير القرون‬ ‫لكن مزية الصحابة فاضلة مطل ً‬
‫قرني فإذا اعتبرت كل قرن قرن ووازنت بين مجموع القرن الول مثل ثم‬
‫الثاني ثم كذلك إلى انقراض العالم فالصحابة خير القرون‬
‫ول ينافي هذا تفضيل الواحد من أهل قرن أو الجماعة على الواحد أو‬
‫الجماعة من أهل قرن آخر ‪.‬‬
‫وفي الختام فقد تبين حكم هذه العمليات الستشهادية شرعا بشروطها‬
‫ورفعة شأنها ؛ إنه كما يقول الستاذ الدكتور يوسف القرضاوي ‪ ) :‬أعتقد أن‬
‫الحق قد تبين‪ ،‬وتبين الصبح لذي العينين‪ ،‬وأن هذه القوال كلها ترد على‬
‫أولئك المتطاولين‪ ،‬الذين اتهموا الفتية الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى‪،‬‬
‫والذين باعوا أنفسهم لله‪ ،‬وقتلوا في سبيله بأنهم قد انتحروا‪ ،‬وألقوا بأيديهم‬
‫إلى التهلكة‪ .‬فهم – إن شاء الله – في طليعة الشهداء عند الله‪ ،‬وهم العنصر‬
‫الحي المعبر عن حيوية المة‪ ،‬وإصرارها على المقاومة وأنها حية ل تموت‪،‬‬
‫باقية ل تزول‪.‬‬
‫كل ما نطلبه هنا‪ :‬أن تكون هذه العمليات الستشهادية بعد دراسة وموازنة‬
‫ليجابياتها وسلبياتها‪ ،‬وينبغي ن يتم ذلك عن طريق تفكير جماعي من‬
‫مسلمين ثقات‪ .‬فإذا وجدوا الخير في القدام أقدموا وتوكلوا على الله "ومن‬
‫يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم" النفال‪(.49 :‬‬
‫والله أعلم‬
‫أد ‪ :‬يحيى هاشم حسن فرغل‬

‫)‪(6 /‬‬

‫كشمير‬
‫بقلم الدكتورعدنان علي رضا النحوي‬
‫قى السى‬ ‫طري ي َل ْ َ‬
‫خا ِ‬
‫ت َ‬ ‫أ َّنى َتل ّ‬
‫ف َ‬

‫‪17‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل‬‫ق ِ‬ ‫م و ت َن َ ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫ل ََهبا ً و د َفْقَ د َم ٍ ‍ ! فَ ُ‬


‫مها‬
‫سو ُ‬ ‫كيف ي َ ُ‬ ‫شمير " َ‬ ‫وان ْظ ُْر ِإلى " ك ْ‬
‫جّهل‬ ‫ك الُبغاة وكي ْد ُ قَوْم ٍ ُ‬ ‫شْر ُ‬ ‫ِ‬
‫قها‬ ‫ش ّ‬ ‫ظلم فَ َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ج‬ ‫ح‬ ‫بها‬ ‫شروا‬ ‫َ‬ ‫نَ‬
‫دل )‪(1‬‬ ‫َ‬
‫ج َ‬ ‫من أ ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫عَْزم الّتقاةِ و وثب َ ٌ‬
‫م‬ ‫ج ٌ‬ ‫فالمؤمنون على ُرَباها أن ْ ُ‬
‫ظلم ٍ أل َْيل‬ ‫ُزهٌر َتلل ُ في َ‬
‫ذرى‬ ‫على ال ّ‬ ‫سَاحاِتها و َ‬ ‫سك َُبوا على َ‬ ‫َ‬
‫سل‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫ي‬‫ّ‬ ‫الفت‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ع‬ ‫فش‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫دَ َ َ ْ‬ ‫ه‬ ‫م‬
‫منائٌر‬ ‫جَبال َ‬ ‫ك ال ِ‬ ‫فكأّنما ِتل َ‬
‫ل )‪(2‬‬ ‫م ِ‬ ‫مْر ِ‬ ‫ل باد ٍ ُ‬ ‫سبيل لك ّ‬ ‫دي ال ّ‬ ‫ت َهْ ِ‬
‫من الجها‬ ‫ي ِ‬ ‫ت ُْهدي له الزاد ّ الَغن ّ‬
‫دل‬ ‫ة لّله لم ت َت َب َ ّ‬ ‫دٍ وآي ً‬
‫ة‬ ‫ُ‬
‫م ٍ‬ ‫ةأ ّ‬ ‫ة و طلع ُ‬ ‫ذكرى و موعظ ٌ‬
‫ل )‪(3‬‬ ‫ح ِ‬ ‫ق أط َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ت تغيب وراَء أف ٍ‬ ‫كاد ْ‬
‫صابرون الَباذلون‬ ‫صادقون ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫قِبل‬ ‫ل الم ْ‬ ‫م لّله ب َذ ْ َ‬ ‫نفو َ ُ ْ‬‫ه‬ ‫س‬
‫ت‬ ‫فّتح ْ‬ ‫ن فَ ُ‬ ‫جَنا َ‬ ‫ط ََرُقوا ب ِب َذ ِْلهم ال ِ‬
‫ل‬‫ن الب ُذ ّ ِ‬ ‫أبواُبها للمّتقي َ‬
‫مون فإن ُّهم‬ ‫جرِ ُ‬ ‫ركون الم ْ‬ ‫ش ِ‬ ‫الم ْ‬
‫ل )‪(4‬‬ ‫ح ِ‬ ‫س َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫م ك ََراك ِ ِ‬ ‫مك ْرِهِ ُ‬ ‫وا ب َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ض َ‬ ‫أ ْ‬
‫ة‬
‫سياس ً‬ ‫شديد ِ‬ ‫ن المك ْرِ ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫جَعلوا ِ‬ ‫َ‬
‫ل‬
‫جف ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ال ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫و من الَهوى ِفتن الش َ‬
‫م خمسون عاما لم تَز ْ‬
‫ل‬ ‫ً‬ ‫حه ْ‬ ‫يا وي ْ َ‬
‫ل و ت َغَْتلي‬ ‫م ِفتنا تجو ُ‬ ‫ً‬ ‫أهواؤهُ ْ‬
‫مكَرهم‬ ‫ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ت ُغَ ّ‬ ‫ووراءهم دو ٌ‬
‫جل‬ ‫مع ّ‬ ‫ض ُ‬ ‫مد َد ٍ َيفي ُ‬ ‫كرا ً على َ‬ ‫م ْ‬
‫ب تمضي على‬ ‫مواك ٌ‬ ‫منون َ‬ ‫والمؤ ِ‬
‫ل‬ ‫خذ ُ ِ‬ ‫مةٍ لم ت َ ْ‬ ‫ي أبّر و عَْز َ‬ ‫هد ٍ‬
‫دثي‬ ‫َ ّ‬ ‫تح‬ ‫جمال‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫نيا‬ ‫ُْ‬ ‫د‬ ‫يا‬ ‫!‬ ‫"‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫شمي‬ ‫ْ‬ ‫" كَ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫جما ُ‬ ‫َ‬
‫جم ِ‬ ‫ك فأ ْ‬ ‫ل على ُربا ِ‬ ‫طاف ال َ‬
‫مم الّنفو‬ ‫ش َ‬ ‫ك كأّنها َ‬ ‫ت َْعلو ُذرا ِ‬
‫ل‬ ‫مَتأث ّ ِ‬ ‫ك ال ُ‬ ‫جد ِ ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫م َ‬ ‫س وعّزة ٌ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك كأّنه‬ ‫ُ َ ِ‬ ‫با‬ ‫ر‬ ‫على‬ ‫نسيم‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ري‬ ‫س ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ل‬
‫م ِ‬ ‫متأ ّ‬ ‫ة ال ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف َ‬ ‫خ ْ‬ ‫قلوب و َ‬ ‫ُ‬ ‫جوى ال ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫ن ب َْين الذرا متحد ٌّر‬ ‫م ْ‬ ‫و الماُء ِ‬
‫ل‬ ‫س ِ‬ ‫سل َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ً‬ ‫دفقَ الحياةِ ون َعْ َ‬
‫س للّنزا‬ ‫فوار ِ‬ ‫شوْقُ ال َ‬ ‫أو أّنه َ‬
‫جل‬ ‫معْ ِ‬ ‫ي ال ُ‬ ‫ة الب َطل الكم ّ‬ ‫َ‬ ‫ل و وث ْب َ ُ‬
‫ف و ندىً َير‬ ‫ل وار ٍ‬ ‫ما بين ظ ّ‬
‫ل‬‫جو ّ ِ‬ ‫ة المت َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫هنال ِك لهْ َ‬ ‫َ‬ ‫ف ت ََرى ُ‬ ‫ّ‬
‫جها‬ ‫ذرا عَب َقَ ال ِ‬ ‫رّيا تمّر على ال ّ‬
‫جلي‬ ‫ق ال َ‬ ‫صد ِ‬ ‫ة ال ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ف َ‬ ‫د ِ ون َ ْ‬
‫ة‬‫ٌ‬ ‫فتي‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫دون‬ ‫!‬ ‫كشمير"‬ ‫"‬ ‫تيأسي‬ ‫ل‬

‫‪18‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل‬
‫مَتسْرب ِ‬ ‫ل أروع َ بالّتقى ُ‬ ‫من ك ّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫فاةِ فرّبما‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مْهما ي َطل نوم الغُ َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫مث ِ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ب على ِنزا ٍ‬ ‫صحو القلو ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫**‬
‫**‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫· ملحمة السلم من فلسطين إلى لقاء المؤمنين ‪.‬‬
‫)‪ (1‬أجدل ‪ :‬الصقر‬
‫)‪ (2‬المرمل ‪ :‬الذي نفد زاده‬
‫)‪ (3‬أطحل ‪ :‬لونه بين الغبرة والسواد‬
‫)‪ (4‬ركب مسحله ‪ :‬اتبع غّيه وهواه‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كيف أعلم إن الله قد تقّبل صيامي ؟؟‬


‫‪...‬‬
‫‪...‬‬
‫التاريخ ‪21/11/2005 :‬‬
‫الكاتب ‪ :‬نور السلم ‪ ...‬الزوار ‪2320 :‬‬
‫> ‪<tr‬‬
‫من أهم العلمات التي تستطيع من خللها معرفة قبول صيامك ‪ ,‬أن تتبع‬
‫قربات والمحافظة‬ ‫الحسنة بالحسنة ‪ ,‬فإتيان العبد بعد رمضان بالطاعات ‪ ,‬وال ُ‬
‫عليها وأن يقرر البتعاد عن المعاصي وكل ما يغضب الله )من نمص أو ربا أو‬
‫غيبة أو تبرج وسفور أو غيره( دليل على رضي الله عن العبد ‪ ,‬وإذا رضي الله‬
‫عن العبد وفقه إلى عمل الطاعة وترك المعصية‪ ، .‬يقول الله جل وعل ‪ ) :‬إن‬
‫الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملئكة أن ل تخافوا ول‬
‫تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي‬
‫الخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ( فصلت ‪, 31-30‬‬
‫إذا ً ركاب الستقامة مستمر من شهر رمضان إلى شهر رمضان لن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول ‪ " :‬الصلة إلى الصلة ورمضان إلى رمضان‬
‫والحج إلى الحج مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر "‪ .‬واعلم أن أحب‬
‫العمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل ‪ ،‬يقول الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ " :‬أيها الناس عليكم من العمال ما تطيقون فإن الله ل يمل حتى‬
‫تملوا ‪ ،‬وإن أحب العمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل وكان آل محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عمل ً ثبتوه " أي داوموا عليه‪ ،‬رواه مسلم ‪.‬‬
‫وإليكم هذه النصائح التي من خللها يمكن أن تعينكم – بإذن الله ‪ -‬على‬
‫الستقامة والبعد عن الفتور بعد رمضان ‪:‬‬
‫النصيحة الولى‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫احذر شيطانك بعد رمضان‪ ,‬نحن بذلنا مجهودا كبيرا خلل رمضان ‪ ،‬فمن بيننا‬
‫شباب رجعوا إلى الله‪ ،‬ومن بيننا من لبست حجابها‪ ...‬كان الشيطان مأسورا‬
‫وقد فك من أسره بعد مغرب آخر يوم رمضان وهو الن في منتهى الضراوة‪،‬‬
‫هدفه أن يضيعك ويسلط باقي شياطين النس عليك لفسادك لنك هدمت‬
‫في شهر واحد ما أنجزه الشيطان خلل سنوات‪ .‬لهذا فهو في حالة من‬
‫الغضب والثورة‪ .‬ما أقوله هذا يحدث بعد كل عمل صالح وبعد كل عمرة أو‬

‫‪19‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حج تتكرر نفس القصة‪ ،‬فبعد أن يعود النسان من العمرة تراه يرتكب معصية‬
‫في حجم المصيبة ‪ .‬هذه قاعدة الشيطان‪ ..‬بعد أعمال الطاعات القوية يبذل‬
‫من المجهود أضعاف ما كان يبذل‪.‬‬
‫استمع إلى قول الله عز وجل ‪) :‬ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه‪ ،‬إل‬
‫فريقا ً من المؤمنين(‪ .‬الشيطان يريد في أول يوم بعد رمضان أن يضيع عليك‬
‫رمضان كله‪ ،‬حتى يؤدي ذلك إلى إحباط مدمر‪ .‬فتقول لنفسك أنا ل فائدة‬
‫مني فبعد أن صمدت رمضان كله أضاعتني الفتنة في يوم واحد‪ ،‬ويدفعك‬
‫اليأس والحباط إلى الندفاع في المعصية يوم العيد بل وفي ليلة العيد‪.‬‬
‫الشيطان يريد أن يوقعك في جريمة حتى يكون الحباط مروعا ً فتشعر أنك‬
‫ضعيف جدا ً وتيأس من قدرتك على عبادة الله‪.‬‬
‫لماذا نصرت إبليس؟‪ ..‬لماذا جعلته يفرح فيك؟ وهل سيخيب ظنه فيك هذا‬
‫العام؟‬
‫وهناك آية أخرى تقول‪) :‬ول تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا(‪.‬‬
‫أنت تغزل طوال شهر رمضان توبة وإيمان ودعاء وصلة وصدقة وقرآن‪ ،‬فهل‬
‫تفك هذا الغزل في نهاية رمضان بإشارة من الشيطان الذي يتصيد أي زلة‬
‫وينفخ فيها لكي يضيع حلوة القلب؟؟‬
‫عندما تقابل أول معصية امسك نفسك ‪ ..‬كن يقظا ً عند السبوع الول بعد‬
‫رمضان ‪ .‬لو أمسكت نفسك في السبوع الول سوف تتغير طريقة إبليس‬
‫معك فالشيطان يلتقطك وأنت في حالة استرخاء ما بعد رمضان‪ ،‬فمن ناحية‬
‫أنت في استرخاء ومن ناحية أخرى يندفع الشيطان إليك بكل قوته فتقع‪.‬‬
‫أمسك نفسك عن المعصية السبوع الول بعد رمضان تزداد ثقتك بنفسك‪،‬‬
‫هذا عن تجربة وسوف تكمل المشوار بإذن الله‪ .‬تعامل مع من حولك في‬
‫السبوع الول بعد رمضان بنفس الرحمة ‪ .‬الشيطان يضغط بالمعاصي‬
‫الكبيرة في السبوع الول بعد رمضان لكي يضيع الحلوة الموجودة بالقلب‬
‫حلوة اليمان‪ .‬وتراه يصور لك أنك خارج من صوم رمضان متعبا ً وقد بذلت‬
‫ما فى وسعك!!!! والن عليك أن تستريح!!!! أحذر هذا الوهم وأعلم أنه ل‬
‫توجد في الدنيا راحة‪ ،‬وأنك لن تستريح إل في القبر ثم في الجنة بإذن الله‪.‬‬
‫سئل المام أحمد ابن جنبل‪ :‬متى يجد العبد طعم الراحة؟ ‪ ..‬فقال‪ :‬عند أول‬
‫قدم يضعها في الجنة‪ ،‬أما ما قبل ذلك فل راحة‪ .‬كما قال سبحانه وتعالى‪) :‬يا‬
‫أيها النسان إنك كادح إلى ربك كدحا ً فملقيه(‪ .‬نحن عرفنا خطة الشيطان‪،‬‬
‫سيعمل على أن يوقعنا في الكبائر في ليلة العيد وأول أيام العيد‪ .‬لو صمدت‬
‫أول أسبوع سوف تكمل بإذن الله‪ ،‬فهدف الشيطان أن يدخلك قعر جهنم‪،‬‬
‫والله عندئذ سوف يأخذ بيدك ويعينك لنه لمس منك الصدق‪.‬‬
‫النصيحة الثانية ‪:‬‬
‫يجب أن يكون العبد مستمر على طاعة الله ‪ ,‬ثابت على شرعه ‪ ,‬مستقيم‬
‫على دينه ‪ ,‬ل يراوغ روغان الثعالب ‪ ,‬يعبد الله في شهر دون شهر ‪ ,‬أو في‬
‫ب بقية الشهور‬ ‫ب رمضان هو ر ّ‬ ‫مكان دون آخر ‪ ,‬ل وألف ل !! بل يعلم أن ر ّ‬
‫مَعك( هود ‪. 112‬‬ ‫واليام ‪ ,‬قال تعالى ‪َ ) :‬فاستقم ك َ ُ‬
‫ب َ‬
‫ن َتا َ‬
‫م ْ‬‫ت وَ َ‬
‫مْر َ‬
‫ما أ ِ‬
‫ْ َِ ْ َ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫فإياك أن تهبط من الهمة العالية‪ .‬بعد صلة العيد ستعود متعبا ً إلى بيتك وتنام‪،‬‬
‫ومن المحتمل أن تفوتك صلة الظهر‪ ،‬ومن المحتمل أن تستيقظ عند العصر‬
‫ول تنزل إلى المسجد‪ ،‬ومن المحتمل أن تخطف المغرب بفتور‪ ،‬ويا خوفي لو‬

‫‪20‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ضاعت منك العشاء أو أول يوم العيد ل تقرأ القرآن‪ ،‬ولو فاتك فجر ثاني أيام‬
‫العيد وفجر ثالث أيام العيد ولم تقرأ القرآن في السبوع الول لن تمارس‬
‫الطاعة بقية اليام‪ .‬ل أنا أو أنت نستطيع المحافظة على المستوى اليماني‬
‫الذي حققناه‪ ،‬إنما المطلوب أل تنزل عنه في السبوع الول‪ ،‬هذا السبوع‬
‫الذي يري الله فيه مدى صدقك‪.‬‬
‫فما هو الحد الدنى الذي ينبغي الحفاظ عليه من الثروة اليمانية بعد رمضان‪:‬‬
‫‪ (1‬استمرارية الصلة في المسجد للرجال ‪ ,‬والصلة على وقتها للنساء ‪ :‬ولو‬
‫كنت ل تصلى في المسجد خلل شهر رمضان‪ ،‬أو تأخر الصلة ‪ ,‬فاحرص على‬
‫الصلة على وقتها وفي المسجد السبوع الول بعد رمضان ‪ .‬ولو صليت ثلثة‬
‫فروض من الخمسة في المسجد فأنت ناجح في المتحان ولبد أن تصلي‬
‫أيام العيد الثلثة في المسجد جماعة‪.‬‬
‫‪ (2‬صيام الستة من شوال ‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ " :‬من‬
‫صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر" ‪.‬‬
‫‪ (3‬وأكثر من الشكر والستغفار أن وفقك الله لصيام رمضان وقيامه ‪ ,‬وداوم‬
‫على ذكر الله ولو خمس دقائق كل يوم ‪ :‬فإن الله عز وجل قال في آخر آية‬
‫شك ُُرون (‬ ‫م تَ ْ‬‫م وَل َعَل ّك ُ ْ‬
‫داك ُ ْ‬ ‫ه عََلى َ‬
‫ما هَ َ‬ ‫مُلوا ال ْعِد ّة َ وَل ِت ُك َب ُّروا الل ّ َ‬ ‫الصيام ‪ ) :‬وَل ِت ُك ْ ِ‬
‫البقرة ‪ , 185‬والشكر ليس باللسان وإنما بالقلب والقوال والعمال وعدم‬
‫الدبار بعد القبال ‪.‬‬
‫‪ (4‬ادع الله كل يوم ولو دقيقتين‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬ما‬
‫من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ول قطيعة رحم إل أعطاه الله بها‬
‫إحدى ثلث إما أن تعجل له دعوته في الدنيا وإما أن تدخر له في الخرة وإما‬
‫أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك قالوا يا رسول الله إذا نكثر قال الله أكثر"‬
‫‪.‬‬
‫‪ (5‬قراءة القرآن ‪ :‬ابدأ ختمة جديدة للقرآن الكريم بعد رمضان حتى ولو‬
‫قرأت كل يوم عشرة آيات فقط‪.‬‬
‫‪ (6‬تدريب النفس على المحافظ على أداء النوافل الراتبة قدر المستطاع‬
‫وهي ‪ ) :‬ركعتان قبل صلة الفجر‪ 4 ,‬ركعات قبل صلة الظهر وركعتين‬
‫بعدها ‪ ,‬ركعتين بعد صلة المغرب ‪ ,‬وركعتين بعد صلة العشاء ( ‪ ,‬قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ " :‬ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم اثنتي‬
‫عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إل بنى الله له بيًتا في الجنة" ‪.‬‬
‫‪ (7‬تنفيذ وصية الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ :‬عن أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه قال ‪ :‬أوصاني خليلي بثلث ل أدعهن حتى أموت ‪ :‬صوم ثلثة أيام من‬
‫كل شهر ‪ ،‬وصلة الضحى ‪ ،‬ونوم على وتر ‪.‬‬
‫‪ -‬صيام ثلثة أيام من كل شهر ‪ :‬وذلك بصيام يوم الثنين ‪3‬مرات ‪ ,‬أو‬
‫الخميس ‪3‬مرات ‪ ,‬أو أول اثنين و خميسين ‪ ,‬أو اليام البيض وهي ‪-14 -13 :‬‬
‫‪ 15‬من كل شهر عربي ‪.‬‬
‫ن‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل اللهِ صلى الله عليه وسلم ‪َ ) :‬يا أهْ َ‬ ‫ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫‪ -‬أداء صلة الوتر ‪َ :‬قا َ‬
‫قْرآ ِ‬
‫ل ال ُ‬ ‫ل َر ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ب الوِت َْر ( ‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه وِت ٌْر ي ُ ِ‬ ‫أوْت ُِروا ‪ ،‬فَإ ِ ّ‬
‫‪ -‬المحافظة على أداء صلة الضحى ولو ركعتين كل يوم ‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪) :‬يصبح على كل سلمي من أحدكم صدقة‪ ،‬فكل‬
‫تسبيحة صدقة‪ ،‬وكل تحميدة صدقة‪ ،‬وكل تهليلة صدقة‪ ،‬وكل تكبيرة صدقة‪،‬‬
‫وأمر بالمعروف صدقة‪ ،‬ونهي عن المنكر صدقة‪ ،‬وُيجزئ من ذلك ركعتان‬
‫يركعهما من الضحى( ‪ ,‬صحيح رواه مسلم ‪.‬‬
‫‪ (8‬المداومة على أداء صلة الليل ولو ركعتين ‪ :‬قال رسول الله " ‪ :‬صلى الله‬

‫‪21‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عليه وسلم ينزل الله تعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل‬
‫الخير فيقول عز وجل‪ :‬من يدعوني فأستجيب له‪ ،‬من يسألني فأعطيه‪ ،‬من‬
‫يستغفرني فأغفر له" متفق عليه ‪.‬‬
‫‪ (9‬الصحبة الصالحة ‪ :‬لبد أن يكون لك صاحب متدين وملتزم‪ ،‬فصحبة السوء‬
‫وراء كل ضياع للنسان‪ .‬أخبرنى من هم أصحابك‪ ،‬أقل لك هل ستظل على‬
‫إيمانك أم ل ‪ .‬فالصدقاء ثلثة أصناف‪ - :‬أصدقاء متدينون طائعون لله ‪-‬‬
‫أصدقاء فجرة فسقة عصاة ‪ -‬أصدقاء غافلون عن ذكر الله‪ .‬أمسك في الطائع‬
‫المتدين بقوة وصاحبه‪ .‬أما أصدقاؤك من العصاة والفجرة فاقطع علقتك‬
‫بهم‪ ،‬وابق خيطا ً رفيعا ً من الود لعل الله يهديهم في يوم من اليام‪ .‬أما‬
‫الغافلون فل تتركهم ول تذب فيهم‪ ،‬حتى تأخذ بأيديهم لليمان‪ .‬لو وجدت‬
‫نفسك لم ترتكب المعاصي في السبوع الول من شوال‪ ،‬ولو وجدت أنك‬
‫حافظت على الحد الدنى من الطاعات التي مارستها في رمضان‪ ،‬فإن‬
‫رمضان قد قبل منك بإذن الله‪.‬‬
‫فإياك والرجوع الى المعاصي والفسق والمجون‪ ,‬وترك الطاعات والعمال‬
‫الصالحة بعد رمضان ‪ ..‬فبعد أن تنعم بنعيم الطاعة ولذة المناجاة ‪ ..‬ترجع إلى‬
‫جحيم المعاصي والفجر !!‬
‫فبئس القوم الذين ل يعرفون الله إل في رمضان !!‬
‫منقول من ‪ ...‬منتدى نور السلم‬
‫‪http://www.noor-alislam.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫كفالة مقترض الربا‬


‫المجيب ‪ ...‬أ‪.‬د‪ .‬سعود بن عبدالله الفنيسان‬
‫عميد كلية الشريعة بجامعة المام محمد بن سعود السلمية سابقا ً‬
‫التصنيف ‪ ...‬الفهرسة‪ /‬المعاملت‪/‬الضمان والكفالة‬
‫التاريخ ‪24/11/1423 ...‬هـ‬
‫السؤال‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‪.‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫هناك مؤسسة تعنى بشؤون السكان تقدم قروضا لمن يرغب في استكمال‬
‫إعمار بيته بفائدة قليلة ‪ %3‬ولمده تزيد على خمس سنوات من باب‬
‫مصاريف الموظفين‪ ،‬وقد أفتى بعض العلماء هنا بجواز ذلك فهل يجوز لي أن‬
‫أكفل شخصا ً يريد أخذ قرض من هذه المؤسسة؟‬
‫الجواب‬
‫ل يجوز القتراض بفائدة ربوية مهما قلت النسبة ولو وزعت على عشرات‬
‫السنين لن قليل الربا وكثيره حرام‪ ،‬وتبرير هذه النسبة الربوية على أنها‬
‫أتعاب ومصاريف للموظفين غير صحيح وإنما ذلك تزيين من الشيطان‬
‫والنفس أمارة بالسوء ول أعرف فتوى معتبرة لهل العلم كما ذكرت في‬
‫سؤالك‪ ،‬إذ ربما السؤال أو تعليل الجواب على غير هذه الصورة المسؤول‬
‫عنها هنا‪ .‬وعلى فرض وقوع هذه الفتوى على هذه الصورة فإنه من الخير لك‬
‫أن تجتنب الشبهات فتأخذ بالحوط فيما يخصك لحديث النعمان بن بشير‬
‫"الحلل بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات ل يعلمهن كثير من الناس‬
‫فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع‬

‫‪22‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في الحرام" البخاري )‪ ،(52‬ومسلم )‪ (1599‬وفي الحديث الصحيح " البر‬


‫حسن الخلق والثم ما حاك في النفس وكرهت أن يطلع عليه الناس" مسلم‬
‫)‪ (2553‬وفي الحديث الخر‪" :‬استفت قلبك البر ما اطمأن إليه القلب والثم‬
‫ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك" أحمد )‬
‫‪ .(18006‬وعلى هذا فل يجوز لك أن تكفل شخصا ً يتعامل بهذه المعاملة‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كفر تارك الصلة‬


‫السؤال ‪:‬‬
‫عشت شطرا من عمري في حال ُبعدٍ و إعراض عن دين الله ‪ ،‬و لم أبدأ في‬ ‫ً‬
‫أداء الصلوات المفروضة إل ّ على ك َِبر ‪ ،‬مع أني كنت أحافظ على الصيام و‬
‫ي‬
‫ن الله تعالى عل ّ‬ ‫القيام ببعض الواجبات الشرعّية قبل ذلك ‪ ،‬و بعد أن امت ّ‬
‫ت أن أقضي الصلوات التي فاتني أداؤها في شبابي ‪ ،‬فاستفتيت‬ ‫بالتوبة أرد ُ‬
‫ن عليه التوبة‬ ‫أحد الدعاة هنا ‪ ،‬فقال لي ‪ :‬إن تارك الصلة كافر ‪ ،‬و بالتالي فإ ّ‬
‫ّ‬
‫و تجديد إيمانه ‪ ،‬و ليس عليه أن يقضي ما فاته أثناء تركه للصلة بالكلّية ‪،‬‬
‫فهل ما ذهب إليه صحيح ؟ أفتونا مأجورين ‪.‬‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫أقول مستعينا ً بالله تعالى ‪:‬‬
‫ل مسلم ٍ‬ ‫ة بالجماع على ك ّ‬ ‫ة متعّين ٌ‬‫ن من أركان السلم واجب ٌ‬ ‫ن الصلة رك ٌ‬ ‫إ ّ‬
‫ح‬
‫ل ( قادرٍ ‪ ،‬و هي من العبادات البدنّية المحضة التي ل تص ّ‬ ‫مكّلف ) بالٍغ عاق ٍ‬
‫فيها النيابة ‪ ،‬فل يصح أن يؤديها أحد ٌ عن أحدٍ في حياته و ل بعد مماته‬
‫) بخلف الحج و الصيام ( ‪.‬‬
‫و قد أجمع من ُيعتد ّ بإجماعهم على كفر من جحد وجوبها ‪ ،‬و اختلفوا في‬
‫حكم تاركها مطلقا ً ) أي من ل ُيصّلي ألبتة ( متكاسل ً أو متهاونا ً ‪ ،‬مع إقراره‬
‫بوجوبها ‪ ،‬فذهب الجمهور ) من الحنفّية و المالكّية و الشافعّية ( إلى أّنه‬
‫سق و ل يكفر ‪ ،‬و حكموا عليه بالقتل تعزيرا ً ‪.‬‬ ‫يف ُ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ن تارك الصلة بالكلية كافٌر كفرا أكبَر‬ ‫و ذهب الحنابلة ) في المشهور ( إلى أ ّ‬
‫مخرجا ً من المّلة ‪ ،‬سواًء تركها جحودا ً أو تكاسل أو تهاونا ‪ ،‬و حكموا عليه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بالقتل حدا ً لرّدته ‪.‬‬
‫عرض مذاهب الفقهاء في المسألة في قوله )‬ ‫و قد أحسن المام النووي في َ‬
‫في شرح صحيح مسلم ( ‪ ) :‬و أما تارك الصلة فإن كان منكرا لوجوبها فهو‬
‫كافر بإجماع المسلمين ‪ ,‬خارج من ملة السلم إل أن يكون قريب عهد‬
‫بالسلم ‪ ,‬و لم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها و جوب الصلة عليه ‪ ,‬و إن‬
‫كان تركه تكاسل ً مع اعتقاده وجوبها كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف‬
‫العلماء فيه ‪ ,‬فذهب مالك و الشافعي رحمهما الله و الجماهير من السلف و‬
‫الخلف إلى أنه ل يكفر بل يفسق و يستتاب فإن تاب و إل قتلناه حدا ً كالزاني‬
‫المحصن ‪ ,‬و لكنه ُيقتل بالسيف ‪.‬‬
‫و ذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر و هو مروي عن علي بن أبي طالب‬
‫كرم الله وجهه ‪ ،‬و هو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل رحمه الله ‪ ،‬و به‬
‫ه لبعض أصحاب‬ ‫قال عبد الله بن المبارك ‪ ،‬و إسحاق بن راهويه ‪،‬و هو وج ٌ‬
‫الشافعي رضوان الله عليه ‪.‬‬
‫و ذهب أبو حنيفة و جماعة من أهل الكوفة و المزني صاحب الشافعي‬

‫‪23‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫رحمهما الله أنه ل يكفر ‪ ,‬و ل ُيقتل ‪ ,‬بل ُيعّزر و ُيحبس حتى يصلي ( ‪.‬‬
‫ت ‪ :‬و الدّلة الشرعّية تعضد الرأي الثاني ) رأي الحنابلة ( و منها ‪:‬‬ ‫قل ُ‬
‫روى مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ‪ ،‬قال ‪ :‬سمعت رسول الله‬
‫فرِ ت َْر َ‬
‫ك‬ ‫ك وَ ال ْك ُ ْ‬‫شْر ِ‬ ‫ن ال ّ‬
‫ل وَ ب َي ْ َ‬ ‫ج ِ‬‫ن الّر ُ‬‫ن ب َي ْ َ‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول ‪ ) :‬إ ِ ّ‬
‫صلةِ ( ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫قال المام النووي في شرح صحيح مسلم ‪ ) :‬و معنى بينه و بين الشرك ترك‬
‫الصلة أن الذي يمنع من كفره كونه لم يترك الصلة ‪ ,‬فإذا تركها لم يبق بينه‬
‫و بين الشرك حائل ‪ ,‬بل دخل فيه ( ‪.‬‬
‫و روى الترمذي و النسائي و ابن ماجة و أحمد بإسنادٍ صحيح عن عبد الله بن‬
‫بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال ‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ‪:‬‬
‫) العهد الذي بيننا و بينهم الصلة فمن تركها فقد كفر ( ‪.‬‬
‫و ينبغي أن ل ُيتهاون في شأن الصلة حتى على القول بعدم كفر تاركها‬
‫ن تركها ُيفضي بصاحبه إلى الكفر ‪ ،‬كما قّرره من لم يقل بتكفيره‬ ‫مطلقا ً ‪ ،‬ل ّ‬
‫دث الديار الشامّية الشيخ‬ ‫أصل ً ‪ ،‬و قد انتصر لهذا الرأي من المعاصرين مح ّ‬
‫ما قاله في هذا الموضوع ‪ ) :‬مما‬ ‫محمد ناصر الدين اللباني رحمه الله ‪ ،‬و م ّ‬
‫لشك فيه أن التساهل بأداء ركن واحد من هذه الركان الربعة العملية مما‬
‫يعرض فاعل ذلك للوقوع في الكفر ‪ ...‬فيخشى على من تهاون بالصلة أن‬
‫يموت على الكفر ‪ ،‬ولكن ليس في هذا الحديث الصحيح ‪ ،‬ول في غيره ‪،‬‬
‫القطع بتكفير تارك الصلة ( ] سلسلة الحاديث الضعيفة و الموضوعة ‪/ 1 :‬‬
‫‪. [ 211‬‬
‫ً‬
‫ت ‪ :‬بل ظاهر النصوص يشهد بكفر تارك الصلة مطلقا ‪ ،‬و ل فرق في ذلك‬ ‫قل ُ‬
‫) بحسب الظاهر ( بين جاحدٍ و متهاون ‪ ،‬و قد انتصر شيخ السلم ابن تيمّية‬
‫م عن فهم ٍ محكم ‪،‬‬ ‫ن ين ّ‬ ‫ً‬
‫رحمه الله للقول بتكفير تارك الصلة تهاونا بكلم متق ٍ‬
‫قال فيه ‪:‬‬
‫فساق‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫) و إذا صير حتى يقتل فهل يقتل كافرا مرتدا ‪ ,‬أو فاسقا ك ُ‬
‫حكيا روايتين عن أحمد ‪ ...‬فإن كان مقرا ً‬ ‫المسلمين ؟ على قولين مشهورين ُ‬
‫ُُ‬
‫بالصلة في الباطن ‪ ,‬معتقدا ً لوجوبها يمتنع أن ُيصر على تركها حتى ُيقتل و‬
‫هو ل يصلي ‪ ,‬هذا ل يعرف من بني آدم و عادتهم ; و لهذا لم يقع قط في‬
‫ّّ‬
‫ل و إل‬ ‫السلم ‪ ,‬و ل يعرف أن أحدا ً يعتقد وجوبها ‪ ,‬و يقال له ‪ :‬إن لم ُتص ّ‬
‫قتلناك ‪ ,‬و هو ُيصر على تركها مع إقراره بالوجوب ‪ ,‬فهذا لم يقع قط في‬
‫السلم ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫و متى امتنع الرجل من الصلة حتى يقتل لم يكن في الباطن مقرا بوجوبها ‪,‬‬
‫و ل ملتزما بفعلها ‪ ,‬و هذا كافر باتفاق المسلمين ‪ ...‬قال عبد الله بن شقيق ‪:‬‬
‫كان أصحاب محمد ل يرون شيئا من العمال تركه كفر إل الصلة فمن كان‬
‫مصرا ً على تركها حتى يموت ل يسجد لله سجدة قط ‪ ,‬فهذا ل يكون قط‬
‫مسلما ً مقرا ً بوجوبها ‪ ,‬فإن اعتقاد الوجوب ‪ ,‬واعتقاد أن تاركها يستحق القتل‬
‫هذا داع تام إلى فعلها ‪ ,‬و الداعي مع القدرة يوجب وجود المقدور ‪ ,‬فإذا كان‬
‫قادرا ً و لم يفعل قط علم أن الداعي في حقه لم يوجد ( ] مجموع الفتاوى ‪:‬‬
‫‪. [ 48 / 22‬‬
‫سعنا أن نخرج في الفتيا عن قول من قال بكفر تارك الصلة‬ ‫ت‪:‬ولي َ‬ ‫قل ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مطلقا ‪ ،‬حتى و إن كان في ذلك متهاونا أو متكاسل ‪ ،‬لثبوت الدلة الدالة على‬‫ً‬

‫‪24‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وة دللتها على المطلوب ‪.‬‬ ‫كفره ‪ ،‬و ق ّ‬


‫و يسعنا ما وسع السلف الصالح في فهمها ‪ ،‬و منهم الصحابة الكرام الذين‬
‫كانوا يرون ترك الصلة كفرا ً كما في خبر عبد الله بن شقيق المتق ّ‬
‫دم ‪.‬‬
‫ب العالمين ‪.‬‬
‫هذا ‪ ،‬و الله أعلم و أحكم ‪ ،‬و الحمد لله ر ّ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫كفر من زعم أن الحدود الشرعية وحشية وغير إنسانية‪.‬‬


‫تاريخ الفتوى ‪ 16 :‬صفر ‪ 1420‬السؤال‬
‫كيف ترد على من زعم أن إيقاع العقوبة والحدود على المجرمين في منتهى‬
‫الوحشية وضد النسانية؟ نرجو من سماحتكم السراع في الرد على السؤال‬
‫للضرورة القصوى‪ ..‬وبالشكر والتوفيق‬
‫الفتوى‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد‪:‬‬
‫فقد قال تعالى‪) :‬فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل‬
‫يجدوا في أنفسهم حرجا ً مما قضيت ويسلموا تسليمًا( ]النساء‪.[65 :‬‬
‫وقال الرسول صلى الله عليه وسلم‪" :‬ل يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا ً‬
‫لما جئت به" أخرجه ابن أبي عاصم في السنة‪ ،‬والحكيم الترمذي في نوادر‬
‫الصول‪ .‬فعدم النقياد لحكام الله تعالى كفر صريح ُيخْرج صاحبه عن الملة‬
‫السلمية‪ ،‬والعتراض على أمور الشرع بهذه العبارات الوقحة الجريئة ل‬
‫يصدر إل من فرعون وأتباعه الكفرة الخلص‪ ،‬أو المنافقين الذين هم أخس‬
‫من أولئك وأسفل منزلة‪ ،‬وأخبث سجية‪ ،‬إن الحدود الشرعية التي تطبق على‬
‫مستحقيها من المجرمين والظلمة إلى جانب كونها محققة للمصالح العامة‬
‫وحافظة للمن العام فهي عادلة غاية العدل‪ ،‬وكيف ل؟ وهي صادرة من‬
‫الحكيم العليم اللطيف الخبير العالم بأحوال العباد وما يصلحهم وما يصلح لهم‬
‫في حاضرهم وفي مستقبلهم‪ ،‬فالزنى مثل ً جريمة من أفحش الجرائم‬
‫وأبشعها وهي عدوان على الشرف والكرامة‪ ،‬وفيها تقويض لنظام السر‬
‫والبيوت‪ ،‬وترويج للكثير من الشرور والمفاسد التي تقضي على مقومات‬
‫الفراد والجماعات‪ ،‬ومن أوضح ذلك المراض الفتاكة التي وقف الطب‬
‫الحديث حائرا ً أمامها ل يقدم ول يؤخر )اليدز أو السيدا( مث ً‬
‫ل‪ ،‬فإن هذا‬
‫المرض ل يأتي ـ غالبا ً ـ إل عن طريق اتصال جنسي محرم‪ .‬والسرقة هي‬
‫العتداء على أموال الناس والعبث بها‪ ،‬والموال أحب شيء إلى النفوس‪.‬‬
‫والقذف من الجرائم التي تحل روابط السرة وتفرق بين الرجل وزوجته‬
‫وتهدم أركان البيت‪ ،‬والبيت هو الخلية الولى في بنية المجتمع فبصلحها‬
‫يصلح وبفسادها يفسد‪ .‬والخمر تفقد الشارب رشده وعقله الذي هو ميزة‬
‫النسان وخصوصيته‪ ،‬فإذا فقده ارتكب كل حماقة وفحش‪ .‬فإيقاع عقوبات‬
‫مناسبة تضع حدا ً لعتداء هؤلء وتزجرهم وتردعهم وغيرهم عن المعاودة‬
‫إليها‪ ،‬أو ارتكاب مثلها هو في منتهى الحكمة والعدل‪ ،‬لما فيها من صيانة دماء‬
‫المسلمين والحفاظ على أمنهم وأعراضهم وأموالهم‪ ،‬وذلك لن من تسول له‬
‫نفسه ارتكاب الجريمة‪ ،‬إذا تحقق من أنه سيؤاخذ بجريمته فلبد أن يكف عنها‬
‫خوفا ً مما سيلحقه من تبعتها‪ ،‬وبذلك يستتب المن ويسود الهدوء والطمئنان‬
‫وتطيب الحياة وتتم النعمة بانقماع أهل الشر والفساد‪ ،‬وصدق الله عز وجل‬
‫حيث يقول‪) :‬ولكم في القصاص حياة يا أولي اللباب( ]البقرة‪.[179 :‬‬
‫المفتي‪ :‬مركز الفتوى بإشراف د‪.‬عبدالله الفقيه‬

‫‪25‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كفر من لم يحكم بما أنزل الله‬


‫وقال الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله‪:‬‬
‫قال‪) :‬الذي نحن فيه اليوم هو هجر لحكام الله عامة بل استثناء‪ ،‬وإيثار أحكام‬
‫غير حكمه في كتابه وسنة نبيه‪ ،‬وتعطيل لكل ما في شريعة الله‪ ،‬بل بلغ المر‬
‫مبلغ الحتجاج على تفضيل أحكام القانون الموضوع على أحكام الله المنزلة‪،‬‬
‫وادعاء المحتجين لذلك بأن أحكام الشريعة إنما نزلت لزمان غير زماننا‪،‬‬
‫ولعلل وأسباب انقضت‪ ،‬فسقطت الحكام كلها بانقضائها( ]‪.[30‬‬
‫جلز السدوسي السابق‪:‬‬ ‫م ْ‬‫وقال عن تعلق أهل الهواء بكلم التابعي أبي ِ‬
‫)اللهم إني أبرأ إليك من الضللة‪ ،‬وبعد‪ ،‬فإن أهل الريب والفتن ممن تصدروا‬
‫للكلم في زماننا هذا‪ ،‬قد تلمس المعذرة لهل السلطان في ترك الحكم بما‬
‫أنزل الله‪ ،‬وفي القضاء في الدماء‪ ،‬والعراض‪ ،‬والموال‪ ،‬بغير شريعة الله‬
‫التي أنزلها في كتابه‪ ،‬وفي اتخاذهم قانون الكفر شريعة في بلد السلم‪،‬‬
‫فلما وقف على هذين الخبرين اتخذهما رأيا ً يرى به صواب القضاء في‬
‫الموال والعراض والدماء بغير ما أنزل الله‪ ،‬وأن مخالفة شريعة الله في‬
‫القضاء العام ل تكفر الراضي بها والعامل بها(‪.‬‬
‫إلى أن قال‪) :‬لم يكن سؤالهم ]‪ [31‬عما احتج به مبتدعة زماننا من القضاء‬
‫في الموال والعراض والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل السلم‪ ،‬ول في‬
‫إصدار قانون ملزم لهل السلم بالحتكام إلى حكم غير حكم الله في كتابه‬
‫وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فهذا الفعل إعراض عن حكم الله‬
‫ورغبة عن دينه‪ ،‬وإيثار لحكام أهل الكفر على حكم الله سبحانه وتعالى‪ ،‬وهذا‬
‫كفر ل يشك أحد من أهل القبلة على اختلفهم في تكفير القائل به والداعي‬
‫جلز‪ ،‬أنهم أرادوا مخالفة‬‫م ْ‬‫إليه‪ .‬ولو كان المر على ما ظنوا في خبر أبي ِ‬
‫السلطان في حكم من أحكام الشريعة‪ ،‬فإنه لم يحدث في تاريخ السلم أن‬
‫ن حاكم حكما ً وجعله شريعة ملزمة للقضاء بها ]‪ ،[32‬هذه واحدة‪ ،‬وأخرى‬ ‫س ّ‬
‫أن الحاكم الذي حكم في قضية بعينها بغير حكم الله فيها‪ ،‬فإنه إما أن يكون‬
‫حكم بها وهو جاهل‪ ،‬فهذا أمره أمر الجاهل بالشريعة‪ ،‬وإما أن يكون حكم بها‬
‫هوى ومعصية‪ ،‬فهذا ذنب تناله التوبة وتلحقه المغفرة( ]‪.[33‬‬
‫‪-----------------------‬‬
‫]‪ [30‬عمدة التفسير لبن كثير ج ‪157 /4‬‬
‫جلز رحمه الله‬ ‫م ْ‬
‫]‪ [31‬النفر من الباضية الذين سألوا أبا ٍ‬
‫]‪ [32‬إل بعد سقوط الدولة العثمانية واستعمار الكفار لديار السلم وبعد أن‬
‫تخرج تلميذ الكفار‬
‫]‪ [33‬عمدة التفسير لبن كثير لحمد محمد شاكر ج ‪157-156 /4‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كفران النعم‬
‫الكاتب‪ :‬الشيخ د‪.‬عبدالرحمن بن أحمد علوش‬
‫كفران النعم ) قصة سبأ (‬
‫كم من أمة أيها الخوة ‪ ،‬كان مساؤها نعيما مترفا لهيا‪ ،‬وغنى مطغيا‪ ،‬ثم كان‬
‫صبحها عذابا مؤلما وهلكا مخزيا ‪ /‬كان هذا حال أهلها حينما فتحت عليهم‬
‫النعم وتنوعت لهم المنن فأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ‪/‬فكفروا بنعم‬

‫‪26‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الله وطغوا على حدود ه وعتوا عن أمره ‪ /‬فلم يرعوا للنعم حقها ‪ /‬ول‬
‫لفضائل شكرها ‪ /‬فأخذهم الله في يناغ زهوهم واستكمال بهجته ‪ /‬أتاهم أمر‬
‫الله ليل أو نهارا فجعلهم حصيدا كان لم يغنوا بالمس ‪ /‬هذا حال الجاحدين‬
‫لنعم الله وفضله ‪ /‬وآيات الكتاب شاهدة يقول عز وجل‪) :‬وضرب الله مثل ً‬
‫قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا ً من كل مكان فكفرت بأنعم الله‬
‫فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون (‬
‫ساقا للعظةِ والعبرة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫م َ‬ ‫ن الكريم في هذه الية ‪ ،‬مثل ً مضروبًا‪ُ ،‬‬ ‫ض القرآ ُ‬ ‫يعر ُ‬
‫ن واستقرار‪ ،‬وطمأنينةٍ ورغد ٍ من العيش‪،‬‬ ‫م بأم ٍ‬
‫لقريةٍ من القرى كانت تنع ُ‬
‫ة‬
‫ف أهلها الجوعَ والخوف‪ ،‬ول الفاق َ‬ ‫ُ‬ ‫يأتيها رزُقها من كل مكان‪ ،‬ل يعر ُ‬
‫ل القريةِ المغفلين‪،‬‬ ‫ن أه َ‬ ‫والحرمان‪ ،‬فهم في أوِج لذاِتهم‪ ،‬وغايةِ سعادتِهم لك ّ‬
‫ب حسبِهم ونسبِهم‪ ،‬ومكانتِهم عند الله تعالى‪ ،‬وأنهم‬ ‫ن ذلك بسب ِ‬ ‫ظنوا أ ّ‬
‫هم عند الناس‪ ،‬فتجرأ المغفلون‪ ،‬تجرءوا على‬‫َ‬
‫يستحقون ذلك لفضلِهم وتميز ِ‬
‫ل اللهِ لهم‪،‬‬ ‫ن بإمها ِ‬ ‫ك محارم ِ الله‪ ،‬وتجاوزِ حدودهِ سبحانه‪ ،‬مغتري َ‬ ‫انتها ِ‬
‫ن يشكروا ربهم‪ ،‬ويعترفوا بإحساِنه‬ ‫ً‬
‫وانحرافِهم وظلمِهم وبغيِهم‪ ،‬فبدل من أ ْ‬
‫َ‬
‫إليِهم وتفضِله عليِهم‪ ،‬ويلتزموا حدوَده‪ ،‬ويعرفوا حقوقه‪ ،‬إذا بهم يتنكرون‬
‫للمنِعم العظيم‪ ،‬ويتجرءون في سفهٍ وغرور‪ ،‬على العزيزِ الحكيم‪ ،‬الذي يقول‪:‬‬
‫ت النتيجة‪ ،‬وما هي‬ ‫)يا عبادي فاتقون( ويقول‪) :‬وإياي فارهبون( فماذا كان ْ‬
‫ة والعاقبة‪ ،‬بعد فترة الفرصة والمهلة ‪ ،‬؟! إنها نهاية ّمدمرة وموجعة‬ ‫النهاي ُ‬
‫)فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون(‪.‬‬
‫ل في طرفةِ عين‪ ،‬ولمحةِ بصر‪ ،‬جوعا ً‬ ‫ة الرزق‪ ،‬يتحو ُ‬ ‫إذا ً فرغد ُ العيش‪ ،‬وسع ُ‬
‫ب بالعقول‪ ،‬وخوفا يهلع القلوب ‪ ،‬وإذا بأصحاب البطون المل‪ ، ،‬يتضورون‬ ‫َيذه ُ‬
‫ن الذي‪ ،‬كانوا يفاخرون به الدنيا‪،‬‬ ‫جوعا‪ ،‬ويصطلون حسرةً وحرمانا‪ ،‬وإذا الم ُ‬
‫م به جل جلله‪ ،‬إذا به‬ ‫ل به سبحانه‪ ،‬والمنع َ‬ ‫ب وغرور‪ ،‬المتفض َ‬ ‫ن في عج ٍ‬ ‫وينسو َ‬
‫ضه فضل عن مالهِ وملكه‬ ‫ً‬ ‫سه وعر ِ‬ ‫ب رعبا وهلعا‪ ،‬ل يأمن المرُء على نف ِ‬ ‫ً‬ ‫ينقل ُ‬
‫وتستمر ايها الخوة آيات الكتاب الكريم تعظ اللهين السادرين من أهل‬
‫الزمان على مر الزمان الذين ركنوا إلى ترف الحياة ورغد المعايش ووفرة‬
‫الرزاق فنسوا حظ الله يقول عز وجل في قوم سبا ‪) :‬لقد كان لسبأ في‬
‫مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة‬
‫طيبة ورب غفور ‪.‬فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم‬
‫جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ‪.‬ذلك جزيناهم بما كفروا‬
‫وهل نجازي إل الكفور (‬
‫لقد كان لقوم سبأ في موضع سكناهم باليمن آية عظيمة دالة على عطاء الله‬
‫جل وعل وعلى كرمه وإحسانه وعلى قدرته وقوة سلطانه سبحانه ‪ /‬آية‬
‫عظيمة على مجازاة المحسن بِإحسانه‪ ،‬والمسيء بِإساءته ‪ /‬هيأ الله لهم‬
‫أسباب العيش الرغيد والرزق الوفير ‪ /‬كانوا يعيشون على ضفاف واد ماؤه‬
‫مسكوب لينقطع ‪ /‬متدفق عذب لينضب ‪ /‬فبنوا سدا منيعا يحجز الماء ‪/‬‬
‫وشقوا الجداول من دونه ليصل الى كل منزل وبستان ‪ /‬فكانت لهم حديقتان‬
‫عظيمتان كان من حسنهما كالجنان ‪ /‬فيهما من كل أنواع الفواكه والثمار عن‬
‫يمين الوادي ‪ ،‬وعن شماله ‪/‬حدائق غناءه وبساتين نضرة ‪ /‬وفواكه جميلة قال‬
‫قتادة‪ :‬كانت بساتينهم ذات أشجار وثمار‪ ،‬تسّر الناس بظللها‪ ،‬وكانت المرأة‬
‫تمشي تحت الشجار وعلى رأسها مكتل أو زنبيل‪ ،‬فيتساقط من الشجار ما‬
‫يملؤه من غير كلفةٍ ول قطاف لكثرته ونضجه ‪ /‬ثم أمرهم الله بقوله )ك ُُلوا‬
‫ه ( كلوا من فضل الله وِإنعامه ول عليكم ال أن‬ ‫شك ُُروا ل َ ُ‬ ‫ق َرب ّك ُ ْ‬
‫م َوا ْ‬ ‫ن رِْز ِ‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬
‫تشكروا ربكم على هذه النعم الوافرة وستجدون المزيد ‪/‬فبلدتكم التي‬

‫‪27‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تسكنونها بلدة ٌ طيبة‪ ،‬كريمة التربة‪ ،‬حسنة الهواء‪ ،‬كثيرة الخيرات‪ ،‬وربكم‬
‫ب غفوٌر لمن شكره واعترف بفضله ولكن‬ ‫الذي رزقكم وأمركم بشكره ر ٌ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م{ أعرضوا عن طاعة الله‪ /‬أعرضوا عن‬ ‫ل العَرِ ِ‬‫سي ْ َ‬ ‫سل َْنا عَل َي ْهِ ْ‬
‫م َ‬ ‫ضوا فَأْر َ‬
‫}فَأعَْر ُ‬
‫شكره‪ ،‬أعرضوا عن إتباع أوامر رسله‪ ،‬فأرسل الله عليهم سيل العرم سيل‬
‫مرا مخربا ل يطاق لشدته وكثرته‪ ،‬فغّرق بساتينهم وغّرق دورهم ‪/‬غّرق‬ ‫مد ّ‬
‫أموالهم ‪ /‬وأفسد زروعهم ‪ /‬وأبدلهم بتلك البساتين الغناء‪ ،‬بساتين قاحلة‬
‫جرداء‪،‬وبتلك الحدائق النضرة بأشجار ذات ُأكل مّر بشعة ‪ /‬وبتلك القصور‬
‫المنيفة بدور خربة‬

‫)‪(1 /‬‬

‫قال الطبري‪ :‬وحين أعرضوا عن تصديق الرسل‪ ،‬ثقب ذلك السد ّ الذي كان‬
‫يحبس عنهم السيول‪ ،‬ثم فاض الماء على جناتهم فغّرقها‪ ،‬وخّرب أرضهم‬
‫وديارهم ‪ //‬كل ذلك لنهم أعرضوا عن الله ‪ /‬لنهم جحدوا نعمه ولم يشكروا‬
‫فضله ‪ /‬وصدق الحكيم العليم العدل الذي ل يظلم مثقال ذرة ول أقل }ذ َل ِ َ‬
‫ك‬
‫فُروا{ ذلك الجزاء الفظيع الذي عاقبهم به ِإنما كان بسبب‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫جَزي َْناهُ ْ‬ ‫َ‬
‫فوَر{‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫جاِزي ِإل الك ُ‬ ‫ْ‬
‫كفرهم }وَهَل ن ُ َ‬
‫ومن تمام ما أنعم الله به عليهم أن جعل بين بلدهم بلد سبأ وبين القرى‬
‫الشامية التي بارك الله فيها للعالمين قرى متواصلة من اليمن ِإلى الشام‪،‬‬
‫ُيرى بعضها من بعض لتقاربها‪ ،‬ظاهرة لبناء السبيل ‪ /‬وجعل السير بين قراهم‬
‫وبين قرى الشام سيرا ً مقدرا ً من منزل ِإلى منزل‪ ،‬ومن قرية ِإلى قرية وقال‬
‫لهم سيروا بين هذه القرى متى شئتم ل تخافون في ليل ول في نهار قال‬
‫الزمخشري‪ :‬كان الغادي منهم يقيل في قرية‪ ،‬والرائح يبيت في قرية إلى أن‬
‫يبلغ الشام‪ ،‬ل يخاف جوعا ً ول عطشا ً ول عدوًا‪ ،‬ول يحتاج ِإلى حمل زاد ول‬
‫ن‬
‫م وَب َي ْ َ‬‫جعَل َْنا ب َي ْن َهُ ْ‬
‫ماء‪ ،‬وكانوا يسيرون آمنين ل يخافون شيئا ً قال سبحانه ) و َ‬
‫سيُروا ِفيَها ل ََياِلي‬ ‫سي َْر ِ‬‫ظاهَِرةً وَقَد ّْرَنا ِفيَها ال ّ‬ ‫قَرى ال ِّتي َباَرك َْنا ِفيَها قًُرى َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن{‬ ‫َ‬
‫ما ءامني َ‬ ‫وَأّيا ً‬
‫ولكن المترف يتملل من عيشته ‪ /‬ويبطر بالعافية ‪ /‬ويسأم من الراحة فقال‬
‫عد ب ي َ‬
‫فارَِنا{‬ ‫س َ‬‫نأ ْ‬ ‫قاُلوا َرب َّنا َبا ِ ْ َ ْ َ‬ ‫الله عنهم }فَ َ‬
‫هكذا قابلوا النعم ‪ ،‬فطلبوا من الله أن يباعد بين قراهم المتصلة ليمشوا في‬
‫جل الله ِإجابتهم بتخريب تلك القرى وجعلها‬ ‫المفاوز ويتزودوا للسفار‪ ،‬فع ّ‬
‫م{ نعم ظلموا أنفسهم بكفرهم وجحودهم‬ ‫سهُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫موا َأن ُ‬ ‫مفاوز قفارا ً }وَظ َل َ ُ‬
‫النعمة فجعلهم الله أخبارا ً ُتروى للناس بعدهم ‪ /‬وفرقهم في البلد شذر‬
‫مذر ‪ /‬خّرب الله ملكهم‪ ،‬وشّتت شملهم‪ ،‬ومّزقهم شّر ممّزق‪ ،‬وجعلهم عبرةً‬
‫م كُ ّ‬ ‫لمن يعتبر ‪ /‬هكذا حكى الله حالهم } فَجعل ْناهُ َ‬
‫ق‬
‫مّز ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫مّزقَْناهُ ْ‬ ‫ث وَ َ‬
‫حاِدي َ‬ ‫مأ َ‬ ‫َ َ َ ْ‬
‫كوٍر{ ‪،‬‬ ‫ش ُ‬ ‫صّبارٍ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ت ل ِك ُ ّ‬ ‫ك لَيا ٍ‬ ‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫إ ّ‬
‫ُ‬
‫ك القرى‪ ،‬الظالم ِ أهلها‪،‬‬ ‫ل تل َ‬ ‫ض بوضوٍح وجلء‪ ،‬مآ َ‬ ‫ن الكريم‪ ،‬حين يعر ُ‬ ‫والقرآ ُ‬
‫ب ما اقترفُته أيديِهم‪ ،‬من التمردِ والجحود‪،‬‬ ‫ن ما أصابَهم‪ ،‬هو بسب ِ‬ ‫ويقرُر أ ّ‬
‫ن ذلك كله ‪ ،‬فهو إنما يخاطُبنا نحن‬ ‫َ‬ ‫ض القرآ ُ‬ ‫ونكران الجميل‪ ،‬حين يعر ُ‬
‫ع‬
‫ض ومن عليها‪ ،‬يحذُرنا أن نق َ‬ ‫ه الر َ‬ ‫ث الل ُ‬ ‫ب غَيرنا‪ ،‬حتى ير َ‬ ‫الحاضرين‪ ،‬ويخاط ُ‬
‫ل الذي آلوا إليه‪ ،‬ويحل بنا‬ ‫ت المآ ِ‬ ‫ل لذا ِ‬ ‫ت الخطأ‪ ،‬الذي وقعوا فيه‪ ،‬فنؤو ُ‬ ‫في ذا ِ‬
‫ما جل بمن كان قبلنا‬
‫إخوة اليمان ونحن ولله الحمد والشكر ممن قد حبانا الله بنعم عظيمة‪ ،‬وآلء‬
‫جزيلة‪ ،‬وطمأنينة وراحة ‪ /‬أمن واستقرار بين الهل والولد ‪ /‬سعة في‬

‫‪28‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المكاسب والرزاق ‪ /‬وتنوع في المطعومات والمأكولت ‪ /‬كثرة في المكاسي‬


‫والملبوسات‪ /‬سهولة في المواصلت والتصالت ‪ /‬حتى وصل الحال بأحدنا أن‬
‫يسحب ما يشاء من أمواله ‪/‬ويدخل ما يشاء من أمواله ‪ /‬ويسدد ما عليه من‬
‫أموال عبر وسائل التصال‬
‫نحن أيها الخوة في نعم متلحقة وفي منن متتالية نحن أحوج ما نكون إلى‬
‫أن نحافظ عليها ‪ /‬ونربيها بالشكر لغير هذه سنة الله في النعم ثابتة مستقرة‬
‫ل تتبدل ول تتغير ) ولئن شكرتم لزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ( ‪،‬‬
‫فإلى متى نتعامى الى متى نتجاهل وتلكم الّنذر واليات أصاب بها الله أقواما ً‬
‫أنعم عليهم‪ ،‬فكفرت بأنعمه وجحدت فضله ‪ ،‬فألبسهم الله ثوب الجوع‬
‫والخوف والنقص ‪،‬هذه نعم الله تترى إلينا نازلة وهاهي آثامنا ومعاصينا‬
‫المخزية إليه صاعده ‪ .‬إن هذه الدنيا أيها الخوة ل يغتر بها إل غافل ول يركن‬
‫كر الناصحون السادرين فما تذكروا ‪ /‬وكم توالت على‬ ‫إليها إل جاهل ‪.‬كم ذ ّ‬
‫أهلها النذر فلم يتنبهوا‪ /‬ثم أفاقوا على أمر جاء بل نذر سابقة ول دلئل منذرة‬
‫)فلما نسوا ماذكروا به فتحنا عيهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا‬
‫أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون (‪ ،‬وأفاقوا على نعمهم فإذا هي ذكرى‪ ،‬وعلى‬
‫بهجتهم فإذا هي أماني … فالصل فينا أن نعتبر قبل أن نكون عبرة‪ ،‬وأن‬
‫نتذكر قبل أن نكون ذكرى‪ ،‬والحوادث من حولنا تترى ‪ ،‬ومن لم توقظه هذه‬
‫القوارع فمتى يستفيق‬
‫إخوة اليمان‬
‫إن دفع هذا البلء مرهون بصدق العودة إلى الله وشكر نعمه وتحقيق اليمان‬
‫به )فلول كانت قرية ءامنت فنفعها إيمانها إل قوم يونس لما ءامنوا كشفنا‬
‫عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلي حين ( ‪ .‬إن خير وسيلة‬
‫لتحقيق ذلك اليمان هو اللجوء إلى الله بالدعاء والتضرع والشكر علينا أن‬
‫نلوذ بالله موقنين وأن ندعوه واثقين وأن تكون ثقتنا بربنا أعظم من ثقتنا‬
‫بكل قوة‪ ،‬ويقيننا بالله أعظم من يقيننا بكل يقين‬
‫إخوة اليمان‬

‫)‪(2 /‬‬

‫فقد جرت سنة الله عز وجل في عباده أن يعاملهم بحسب أعمالهم ‪ ،‬فمتى‬
‫كان العباد متقين مطيعين منقادين لخالقهم ورازقهم ‪ ،‬معظمين لشرعه‪،‬‬
‫مقيمين حدوده فإنه عز وجل يغدق عليهم الكثير من النعم ‪ ،‬ويرفع عنهم‬
‫العظيم من النقم ‪ ،‬وينزل عليهم البركات من السماء‪ ،‬ويخرج لهم الخيرات‬
‫من الرض‪ ،‬قال تعالى‪) :‬ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات‬
‫من السماء والرض (‬
‫ً‬
‫وقال تعالى‪) :‬وأن لو استقاموا على الطريقة لسقيناهم ماء غدقا (‪ ،‬وإذا ما‬
‫تمرد العباد على شرع الله‪ ،‬وفسقوا عن أمره ‪ /‬وانتهكوا حدوده ‪ /‬فإنه يؤتيهم‬
‫العذاب والنكال ‪،‬و يبدل حالهم من السعة الى الضيق ‪ /‬ويحل بهم النقم‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪) :‬ذلك بأن الله لم يك مغيرا ً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما‬
‫بأنفسهم (‬
‫فكل ما يحصل للعباد من إحن ومحن فبما كسبت أيديهم ويعفو عن كثير كما‬
‫قال تعالى‪) :‬وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوعن كثير (‬
‫وقال تعالى‪) :‬وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون (‬
‫ال فاتقوا الله رحمكم الله احذروا المعاصي صغيرها وكبيرها فإنها سبب‬

‫‪29‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الهلكة ‪ /‬احذروا الفساد وكثرة الخبث فإنها من أسباب دمار المم ‪ /‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ )) :‬إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا‬
‫على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج ‪ ،‬ثم تل رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪):‬فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا‬
‫بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه‬
‫إسناده قوي السلسلة الصحيحة ‪413‬‬
‫يقول سبحانه‪) :‬سنستدرجهم من حيث ل يعلمون ( قال بعض المفسرين في‬
‫هذه الية‪ ) :‬أي نصب عليهم النعم ونمنعهم الشكر ( وقال آخرون‪ ) :‬كلما‬
‫أحدثوا ذنبا ً أحدثت لهم نعمة (‪.‬‬
‫احذروا المن من مكر الله ‪ /‬يمدنا بالنعم المتنوعة ونحن نبارزه بالمعاصي‪،‬‬
‫أما نتعظ بما وقع بنا من الضيق في العمال ونقص المحاصيل وقحط الديار‬
‫وغور المياه ‪ /‬خذوا على أيدي أبنائكم الذين نشئوا منذ ُ نعومةِ أظفارهم‪ ،‬في‬
‫ة عين‪،‬‬‫بحبوحةٍ من العيش‪،‬وسعة في الرزق فلم يذوْقوا مرارةَ الجوع‪ ،‬طرف َ‬
‫خذوا على أيديهم وعرفوهم قدر النعم واغرسوا فيهم شكر المنعم‬

‫)‪(3 /‬‬

‫كفى بالموت واعظا‬


‫الحمد لله الذي كتب على عباده الموت والفناء‪ ،‬وتفرد سبحانه بالحياة‬
‫والبقاء‪ ،‬والصلة والسلم على من ختمت به الرسل والنبياء وعلى آله‬
‫وأتباعه إلى يوم اللقاء ‪.‬‬
‫* فإن الموت ل ريب فيه‪ ،‬ويقين ل شك فيه قال تعالى ‪) :‬وجاءت سكرة‬
‫الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد( ق‪19:‬‬
‫فمن يجادل في الموت وسكرته؟! ومن يخاصم في القبر وضمته؟! ومن قدر‬
‫على تأخير موته وتأجيل ساعته؟! )فإذا جاء أجلهم ل يستأخرون ساعة ول‬
‫يستقدمون( العراف ‪34‬‬
‫* فلماذا تتكبر أيها النسان وسوف تأكلك الديدان؟!‬
‫* ولماذا تطغى وفي التراب ستلقى ؟!‬
‫* ولماذا التسويف والغفلة وأنت تعلم أن الموت يأتي بغتة ؟!‬
‫)كل نفس ذائقة الموت( آل عمران‪) 185:‬كل من عليها فان ويبقى وجه ربك‬
‫ذو الجلل‬
‫والكرام( الرحمن‪) 26،27 :‬كل شيء هالك إل وجه له الحكم وإليه ترجعون(‬
‫القصص‪88:‬‬
‫حقيقة الموت‬
‫* أخي المسلم‪:‬‬
‫* يخطئ من يظن أن الموت فناء محض وعدم تام‪ ،‬ليس بعده حياة ول‬
‫حساب ول حشر‬
‫ول نشر ول جنة ول نار ‪ .‬إذ لو كان المر كذلك ل نتفت الحكمة من الخلق‬
‫والوجود‪ ،‬ولستوى الناس جميعا ً بعد الموت واستراحوا‪ ،‬فيكون المؤمن‬
‫والكافر‬
‫سواء‪ ،‬والقاتل والمقتول سواء‪ ،‬والظالم والمظلوم سواء‪ ،‬والطائع والعاصي‬
‫سواء‪،‬‬
‫والزاني والمصلي سواء‪ ،‬والفاجر والتقي سواء‪ ،‬وهذا مذهب الملحدة الذين‬
‫هم شر‬

‫‪30‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من البهائم‪ ،‬فل يقول ذلك إل من خلع رداء الحياء‪ ،‬ونادى على نفسه بالسفه‬
‫والجنون‪ .‬قال تعالى‪) :‬زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم‬
‫لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير( التغابن‪ 7:‬وقال سبحانه‪) :‬وضرب لنا‬
‫مثل‬
‫ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول‬
‫مرة وهو‬
‫بكل خلق عليم( يس ‪78،79‬‬
‫ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غابة كل حي‬
‫ولكنا إذا متنا بعثنا ونسأل بعده عن كل شيء‬
‫* فالموت هو انقطاع تعلق الروح بالبدن‪ ،‬ومفارقتها له‪ ،‬والنتقال من دار إلى‬
‫دار‪ ،‬وبه تطوى صحف العمال ‪ ،‬و تنقطع التوبة والمهال ‪ ،‬قال النبي صلى‬
‫الله عليه‬
‫وسلم )إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر( الترمذي وابن ماجة وصححه‬
‫الحاكم‬
‫وابن حبان‪.‬‬
‫الموت أعظم المصائب‬
‫* والموت من أعظم المصائب‪ ،‬وقد سماه الله تعالى مصيبة في قوله‬
‫سبحانه‪:‬‬
‫)فأصابتكم مصيبة الموت( المائدة‪ 106 :‬فإذا كان العبد طائعا ً ونزل به‬
‫الموت‬
‫ً‬
‫ندم أن ل يكون ازداد وإذا كان العبد مسيئا تدم على التفريط وتمنى العودة‬
‫إلى دار الدنيا‪ ،‬ليتوب إلى الله تعالى‪ ،‬ويبدأ العمل الصالح من جديد‪ .‬ولكن‬
‫هيهات هيهات!! قال تعالى ‪) :‬وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين( فصلت‪:‬‬
‫‪ 24‬وقال‬
‫سبحانه )حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعون لعلي أعمل صالحا‬
‫فيما تركت‬
‫كل إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون( المؤمنون‪:‬‬
‫‪99،100‬‬
‫قد مضى العمر وفات‬
‫يا أسير الغفلت‬
‫صل الزاد وبادر‬ ‫ح ّ‬
‫مسرعا ً قبل الفوات‬
‫فإلى كم ذا التعامي‬
‫عن أمور واضحات‬
‫وإلى كم أنت غارق‬
‫في بحار الظلمات‬
‫لم يكن قلبك أصل‬
‫بالزواجر والعظات‬
‫بينما النسان يسأل‬
‫عن أخيه قيل مات‬
‫وتراهم حملوه‬
‫سرعة للفلوات‬
‫أهله يبكوا عليه‬
‫حسرة بالعبرات‬

‫‪31‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أين من قد كان يفخر‬


‫بالجياد الصافنات‬
‫وله مال جزيل‬
‫كالجبال الراسيات‬
‫سار عنها رغم أنف‬
‫للقبور الموحشات‬
‫كم بها من طول مكث‬
‫من عظام ناخرات‬
‫فاغنم العمر وبادر‬
‫بالتقى قبل الممات‬
‫واطلب الغفران ممن‬
‫ترتجي منه الهبات‬
‫عبرة الموت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫* يروى أن أعرابيا كان يسير على جمل له‪ ،‬فخر الجمل ميتا‪ ،‬فنزل العرابي‬
‫عنه‪ ،‬وجعل يطوف به ويتفكر فيه‪ ،‬ويقول‪ :‬ما لك ل تقوم؟‬
‫مالك ل تنبعث؟‬
‫هذه أعضاؤك كاملة !!‬
‫وجوارحك سالمة !!‬
‫ما شأنك ؟‬
‫ما الذي كان يحملك ؟‬
‫ما الذي صرعك ؟‬
‫ما الذي عن الحركة منعك ؟‬
‫ثم تركه وانصرف متعجبا ً من أمره‪ ،‬متفكرا في شأنه!!‬
‫ً‬
‫* قال ابن السماك‪) :‬بينما صياد في الدهر الول يصطاد السمك‪ ،‬إذ رمى‬
‫بشبكته في‬
‫البحر‪ ،‬فخرج فيها جمجمة إنسان‪ ،‬فجعل الصياد ينظر إليها ويبكي ويقول‪:‬‬
‫عزيز فلم تترك لعزك !!‬
‫غني فلم تترك لغناك !!‬
‫فقير فلم تترك لفقرك !!‬
‫جواد فلم تترك لجودك !!‬
‫شديد لم تترك لشدتك !!‬
‫عالم فلم تترك لعلمك !! يردد هذا الكلم ويبكي‬
‫اذكروا هاذم اللذات‬
‫* أخي الكريم ‪:‬‬
‫* حث النبي صلى الله عليه وسلم على ذكر الموت والكثار منه‪ ،‬فقال عليه‬
‫الصلة‬
‫والسلم ‪) :‬أكثروا ذكر هاذم اللذات( الترمذي وحسنه‪.‬‬
‫* قال المام القرطبي‪) :‬قال علماؤنا‪ :‬قوله عليه السلم‪» :‬أكثروا ذكر هاذم‬
‫اللذات«كلم مختصر وجيز‪ ،‬وقد جمع التذكرة وأبلغ في الموعظة‪ ،‬فإن من‬
‫ذكر الموت‬
‫حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة‪ ،‬ومنعه من تمنيها في المستقبل‪،‬‬
‫وزهده فيما‬
‫كان منها يؤمل‪ ،‬ولكن النفوس الراكدة‪ ،‬والقلوب الغافلة‪ ،‬تحتاج إلى تطويل‬
‫الوعاظ‪ ،‬وتزويق اللفاظ‪ ،‬وإل ففي قوله عليه الصلة والسلم‪» :‬أكثروا ذكر‬

‫‪32‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هاذم اللذات« مع قوله تعالى‪) :‬كل نفس ذائقة الموت(آل عمران‪ 185:‬ما‬
‫يكفي‬
‫السامع له‪ ،‬ويشغل الناظر فيه‪.‬‬
‫* ولقد أحسن من قال‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫اذكر الموت هاذم اللذات ‪ ........‬وتجهز لمصرع سوف يأتي‬


‫وقال غيره‪:‬‬
‫اذكر الموت تجد راحة ‪ ........‬في ادكار الموت تقصير المل‬
‫أولئك الكياس‬
‫* وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال‪ :‬أتيت النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫عاشر عشرة‪،‬‬
‫فقام رجل من النصار فقال‪ :‬يا نبي الله ! من أكيس الناس وأحزم الناس؟‬
‫قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫)أكثرهم ذكرا للموت‪ ،‬وأكثرهم استعدادا للموت‪ ،‬أولئك الكياس‪ ،‬ذهبوا‬
‫بشرف‬
‫الدنيا وكرامة الخرة( الطبراني وحسنه المنذري‬
‫فوائد ذكر الموت‬
‫* أخي الحبيب ‪:‬‬
‫* وفي الكثار من ذكر الموت فوائد منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬أنه يحث على الستعداد للموت قبل نزوله‪.‬‬
‫‪ -2‬أن ذكر الموت يقصر المل في طول البقاء‪ .‬وطول المل من أعظم‬
‫أسباب الغفلة‪.‬‬
‫‪ -3‬أنه يزهد في الدنيا ويرضي بالقليل منها‪ ،‬فعن أنس بن مالك رضي الله‬
‫عنه أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمجلس وهم يضحكون فقال‪) :‬أكثروا‬
‫ذكر هاذم‬
‫اللذات( أحسبه قال‪) :‬فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إل وسعه‪ ،‬ول‬
‫في سعة‬
‫إل ضيقه عليه( البزار وحسنه المنذري‪.‬‬
‫غب في الخرة ويدعو إلى الطاعة ‪.‬‬ ‫‪ -4‬أنه ير ّ‬
‫ون على العبد مصائب الدنيا ‪.‬‬ ‫‪ -5‬أنه يه ّ‬
‫‪ -6‬أنه يمنع من الشر والبطر والتوسع في لذات الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -7‬أنه يحث على التوبة واستدراك ما فات ‪.‬‬
‫‪ -8‬أنه يرقق القلوب ويدمع العين‪ ،‬ويجلب باعث الدين‪ ،‬ويطرد باعث الهوى‪.‬‬
‫‪ -9‬أنه يدعو إلى التواضع وترك الكبر والظلم‪.‬‬
‫‪ -10‬أنه يدعو إلى سل السخائم ومسامحة الخوان وقبول أعذارهم‪.‬‬
‫أنفاس معدودة‬
‫* عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‪ :‬خط النبي صلى الله عليه وسلم خطا‬
‫مربعًا‪،‬‬
‫وخط خطا في الوسط خارجا ً منه‪ ،‬وخط خططا ً صغرا ً إلى هذا الذي في‬
‫الوسط من‬
‫جانبه الذي في الوسط‪ ،‬فقال‪) :‬هذا النسان‪ ،‬وهذا أجله محيط به‪ -‬أوقد‬

‫‪33‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أحاط به ‪-‬‬
‫وهذا الذي هو خارج أمله‪ ،‬وهذه الخطط الصغار العراض‪ ،‬فإن أخطأه هذا‬
‫نهشه هذا‪،‬‬
‫وإن أخطأه هذا نهشه هذا( البخاري‬
‫* وهذه صورة ما خط‪:‬‬
‫وقال القرطبي‪) :‬وأجمعت المة على أن الموت ليس له سن معلوم ‪ ،‬ول‬
‫زمن معلوم‪،‬‬
‫ً‬
‫ول مرض معلوم‪ ،‬وذلك ليكون المرء على أهبة من ذلك‪ ،‬مستعدا لذلك(‬
‫* وكان بعض الصالحين ينادي بليل على سور المدينة‪ :‬الرحيل الرحيل‪ .‬فلما‬
‫توفي‬
‫فقد صوته أمير المدينة‪ ،‬فسأل عنه فقيل‪ :‬إنه قد مات فقال‪:‬‬
‫ما زال يلهج بالرحيل وذكره ‪ .........‬حتى أناخ ببابه الجمال‬
‫فأصابه مستيقظا ً متشمرا ً ‪ .........‬ذا أهبة لم تلهه المال‬
‫* وكان يزيد الرقاشي يقول لنفسه‪) :‬ويحك يا يزيد! من ذا يصلي عنك بعد‬
‫الموت؟‬
‫من ذا يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا يترضى ربك عنك بعد الموت؟ ثم‬
‫يقول‪ :‬أيها‬
‫من الموت طالبه ‪..‬‬ ‫الناس! أل تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم؟ َ‬
‫والقبر‬
‫بيته ‪ ..‬والتراب فراشه ‪ ..‬والدود أنيسه ‪ ..‬وهو مع هذا ينتظر الفزع الكبر ‪..‬‬
‫كي يكون حاله؟ ( ثم يبكي رحمه الله‬
‫بينا الفتى مرح الخطا فرح بما ‪ .........‬يسعى له إذ قيل قد مرض الفتى‬
‫إذ قيل بات بليلة ما نامها ‪ .........‬إذ قيل أصبح مثخنا ما يرتجى‬
‫إذ قيل أصبح شاخصا وموجها ‪ .........‬ومعلل إذ قيل أصبح قد مضى‬
‫* وقال التميمي‪) :‬شيئان قطعا عني لذة الدنيا‪ :‬ذكر الموت‪ ،‬وذكر الموقف‬
‫بين يدي‬
‫الله تعالى(‬
‫* وكان عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه يجمع العلماء فيتذكرون الموت‬
‫والقيامة‬
‫والخرة‪ ،‬فيبكون حتى كأن بين أيديهم جنازةَ !! * وقال الدقاق‪ :‬من أكثر من‬
‫ذكر‬
‫الموت أكرم بثلثة أشياء‪ :‬تعجيل التوبة‪ ،‬وقناعة القلب‪ ،‬ونشاط العبادة‪ ،‬ومن‬
‫نسي الموت عوقب بثلثة أشياء‪ :‬تسويف التوبة‪ ،‬وترك الرضى بالكفاف‪،‬‬
‫والتكاسل في‬
‫العبادة(‬
‫* وقال الحسن‪) :‬إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم‪ ،‬فالتمسوا‬
‫عشيا ً‬
‫ل موت فيه(‬
‫أذكر الموت ول أرهبه ‪ .........‬إن قلبي لغليط كالحجر‬
‫أطلب الدنيا كأني خالد ‪ .........‬وورائي الموت يقفو بالثر‬
‫وكفى بالموت فاعلم واعظا ً ‪ .........‬لمن الموت عليه قدر‬
‫والمنايا حوله ترصده ‪ .........‬ليس ينجي المرء منهن المفر‬
‫موعظة‬
‫* فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته‪ ،‬وصعوبة كأسه ومرارته‪ ،‬فيا للموت‬

‫‪34‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من وعد ما‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫أصدقه‪ ،‬ومن حاكم ما أعدله‪ .‬كفى بالموت مقرحا للقلوب‪ ،‬ومبكيا للعيون‪،‬‬
‫ومفرقا ً للجماعات‪ ،‬وهاذما ً للذات‪ ،‬وقاطعا ً للمنيات‪.‬‬
‫* فيا جامع المال! والمجتهد في البنيان ! ليس لك والله من مالك إل الكفان‪،‬‬
‫بل هي والله للخراب والذهاب‪ ،‬وجسمك للتراب والمآب‪ ،‬فأين الذي جمعته‬
‫من المال؟‬
‫هل أنقذك من الهوال؟ كل ‪ ..‬بل تركته إلى من ل يحمدك‪ ،‬وقدمت بأوزارك‬
‫على من‬
‫ل يعذرك‪.‬‬
‫* ولقد أحسن من قال في تفسير قوله تعالى ‪) :‬ول تنس نصيبك من الدنيا(‬
‫القصص‪:‬‬
‫‪ 77‬هو الكفن‪ ،‬فهو وعظ متصل بما تقدم من قوله‪) :‬وابتغ فيما آتاك الله‬
‫الدار‬
‫الخرة( القصص‪ 77:‬أي اطلب فيما أعطاك الله من الدنيا الدار الخرة وهي‬
‫الجنة‪،‬‬
‫فإن حق المؤمن أن يصرف الدنيا فيما ينفعه في الخرة‪ ،‬ل في الطين‬
‫والماء‪،‬‬
‫والتجبر والبغي‪ ،‬فكأنهم قالوا‪ :‬ل تنس أن تترك جميع مالك إل نصيبك الذي هو‬
‫الكفن‪.‬‬
‫ونحو هذا قال الشاعر ‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫هي القناعة ل تبغ بها بدل ً فيها النعيم وفيها راحة البدن‬
‫انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن؟!‬
‫* فيا أخي الحبيب ‪:‬‬
‫أين استعدادك للموت وسكرته؟‬
‫أين استعدادك للقبر وضمته؟‬
‫أين استعدادك للمنكر والنكير ؟‬
‫أين استعدادك للقاء العلي القدير ؟‬
‫* وقال سعيد بن جبير‪) :‬الغرة بالله أن يتمادى الرجل بالمعصية‪ ،‬ويتمنى على‬
‫الله المغفرة(‬
‫تزود من التقوى فإنك ل تدري ‪ .........‬إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر‬
‫فكم من صحيح مات من غير علة ‪ .........‬وكم من سقيم عاش حينا من‬
‫الدهر‬
‫وكم من صبي يرتجى طول عمره ‪ .........‬وقد نسجت أكفانه وهو ل يدري‬
‫السباب الباعثة على ذكر الموت‬
‫‪ -1‬زيارة القبور‪ ،‬قال النبي صلى الله عليه وسلم ‪) :‬زوروا القبور فإنها‬
‫تذكركم الخرة( أحمد وأبو داود وصححه اللباني‪.‬‬
‫‪ -2‬زيارة مغاسل الموات ورؤية الموتى حين يغسلون‪.‬‬
‫‪ -3‬مشاهدة المحتضرين وهن يعانون سكرات الموت وتلقينهم الشهادة‪.‬‬
‫‪ -4‬تشييع الجنائز والصلة عليها وحضور دفنها‪.‬‬
‫‪ -5‬تلوة القرآن‪ ،‬ول سيما اليات التي تذكر بالموت وسكراته كقوله تعالى‪:‬‬
‫)وجاءت سكرة الموت بالحق( ق‪19 :‬‬

‫‪35‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -6‬الشيب والمرض‪ ،‬فإنهما من رسل ملك الموت إلى العباد‪.‬‬


‫‪ -7‬الظواهر الكونية التي يحدثها الله تعالى تذكيرا ً لعباده بالموت والقدوم‬
‫عليه سبحانه كالزلزل والبراكين والفيضانات والنهيارات الرضية والعواصف‬
‫المدمرة‪.‬‬
‫‪ -8‬مطالعة أخبار الماضين من المم والجماعات التي أفناهم الموت وأبادهم‬
‫البلى‪.‬‬
‫سكرات الموت وشدته‬
‫* أخي المسلم‪:‬‬
‫ً‬
‫* إن للموت ألما ل يعلمه إل الذي يعالجه ويذوقه‪ ،‬فالميت ينقطع صوته‪،‬‬
‫وتضعف‬
‫قوته عن الصياح لشدة اللم والكرب على القلب‪ ،‬فإن الموت قد هد كل جزء‬
‫من‬
‫أجزاء البدن‪ ،‬وأضعف كل جوارحه‪ ،‬فلم يترك له قوة للستغاثة أما العقل فقد‬
‫غشيته وسوسة‪ ،‬وأما اللسان فقد أبكمه‪ ،‬وأما الطراف فقد أضعفها‪ ،‬ويود لو‬
‫قدر‬
‫على الستراحة بالنين والصياح‪ ،‬ولكنه ل يقدر على ذلك‪ ،‬فإن بقيت له قوة‬
‫سمع‬
‫له عند نزع الروح وجذبها خوار وغرغرة من حلقه وصدره‪ ،‬وقد تغير لونه‪،‬‬
‫وأزبد‪،‬‬
‫ولكل عضو من أعضائه سكرة بعد سكرة‪ ،‬وكربة بعد كربة‪ ،‬حتى تبلغ روحه‬
‫إلى‬
‫الحلقوم‪ ،‬فعند ذلك ينقطع نظره عن الدنيا وأهلها‪ ،‬وتحيط به الحسرة‬
‫والندامة إن‬
‫كان من الخاسرين‪ ،‬أو الفرح والسرور إن كان من المتقين‪.‬‬
‫* قالت عائشة رضي الله عنها‪ :‬كان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ركوة أو‬
‫علبة فيها ماء‪ ،‬فجعل يدخل يده في الماء‪ ،‬فيمسح بها وجهه ويقول‪) :‬ل إله إل‬
‫الله إن للموت سكرات( البخاري وفي لفظ أنه صلى الله عليه وسلم كان‬
‫يقول عند‬
‫موته‪) :‬اللهم أعني على سكرات الموت( أحمد والترمذي وحسنه الحاكم‪.‬‬
‫والسكرات هي‬
‫الشدائد والكربات‪.‬‬
‫* وتشديد الله تعالى على أنبيائه عند الموت رفعة في أحوالهم‪ ،‬وكمال‬
‫لدرجاتهم‪،‬‬
‫ول يفهم من هذا أن الله تعالى شدد عليهم أكثر مما شدد على العصاة‬
‫والمخلطين‪،‬‬
‫فإن تشديده على هؤلء عقوبة لهم ومؤاخذة على إجرامهم‪ ،‬فل نسبة بينه‬
‫وبين هذا‪.‬‬
‫* فيا أيها المغرور‬
‫فما لك ليس يعمل فيك وعظ ‪ .........‬ول زجر كأنك من جماد‬
‫ستندم إن رحلت بغير زاد ‪ .........‬وتشقى إذ يناديك المنادي‬
‫فل تأمن لذي الدنيا صلحا ‪ ........‬فإن صلحها عين الفساد‬
‫ول تفرح بمال تقتنيه ‪ .........‬فإنك فيه معكوس المراد‬
‫وتب مما جنيت وأنت حس ‪ .........‬وكن متنبها قبل الرقاد‬

‫‪36‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أترضى أن تكون رفيق قوم ‪ .........‬لهم زاد وأنت بغير زاد ؟!‬
‫* يا كثير السيئات غدا ً ترى عملك‪ ،‬ويا هاتك الحرمات إلى متى تديم زللك؟‬
‫أما‬
‫تعلم أن الموت يسعى في تبديد شملك؟ أما تخاف أن تؤخذ على قبيح‬
‫فعلك؟ واعجبا‬
‫لك من راحل تركت الزاد في غير رحلك!! أين فطنتك ويقظتك وتدبير‬
‫عقلك؟ أما‬
‫بارزت بالقبيح فأين الحزن؟ أما علمت أن الحق يعلم السر والعلن؟ ستعرف‬
‫خبرك‬
‫يوم ترحل عن الوطن‪ ،‬وستنتبه من رقادك ويزول هذا الوسن‪.‬‬
‫* قال يزيد بن تميم ‪) :‬من لم يردعه الموت والقرآن‪ ،‬ثم تناطحت عنده‬
‫الجبال لم‬
‫يرتدع !!‬
‫رسل ملك الموت‬
‫* ورد في بعض الخبار أن نبيا من النبياء عليهم السلم قال لملك الموت‪:‬‬
‫أما‬
‫لك رسول تقدمه بين يديك‪ ،‬ليكون الناس على حذر منك ؟ قال ‪ :‬نعم‪ ،‬لي‬
‫والله رسل‬
‫كثيرة‪ :‬من العلل‪ ،‬والمراض‪ ،‬والشيب‪ ،‬والهموم‪ ،‬وتغير السمع والبصر‪.‬‬
‫* وفي صحيح البخاري عن أبى هريرة رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‬
‫قال‪) :‬أعذر الله إلى امرئ بلغة ستين سنة(‬
‫* وأكبر العذار إلى بني آدم بعثة الرسل إليهم‪ ،‬ليتم حجته عليهم كما قال‬
‫سبحانه‪) :‬وما كنا معذبين حتى نبعث رسول( السراء‪ 15 :‬وقال سبحانه‪:‬‬
‫)وجاءكم‬
‫النذير( فاطر‪ 37 :‬قيل‪ :‬هو القرآن وقيل‪ :‬الرسل وقال ابن عباس‪ :‬هو‬
‫الشيب‪.‬‬
‫كيف ماتوا ؟‬
‫* أخي الحبيب ‪:‬‬
‫* إعلم أن حسن الخاتمة ل تكون إل لمن استقام ظاهرة وصلح باطنه‪ ،‬أما‬
‫سوء‬
‫الخاتمة فإنها تكون لمن كان له فساد في العقل‪ ،‬أو إصرار على الكبائر‪،‬‬
‫وإقدام‬
‫على العظائم‪ ،‬فربما غلب عليه ذلك حتى ينزل به الموت قبل التوبة‪ ،‬أو يكون‬

‫)‪(3 /‬‬

‫مستقيما ً ثم يتغير عن حاله‪ ،‬ويخرج عن سننه‪ ،‬ويقبل على معصية ربه‪،‬‬


‫فيكون ذلك‬
‫سببا ً لسوء خاتمته‪ ،‬والعياذ بالله ‪.‬‬
‫صور من سوء الخاتمة‬
‫ً‬
‫* قيل لرجل عند الموت‪ :‬قل ل إله إل الله‪ ،‬وكان سمسارا‪ ،‬فأخذ يقول‪ :‬ثلثة‬
‫ونصف‪ ..‬أربعة ونصف‪ ..‬غلبت عليه السمسرة‪.‬‬
‫* وقيل لخر‪ :‬قل ل إله إل الله‪ ،‬فجعل يقول‪ :‬الدارالفلنية أصلحوا فيها كذا‬

‫‪37‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وكذا‪ ،‬والبستان الفلني أعملوا فيه كذا‪ ،‬حتى مات‪.‬‬


‫* وقيل لحدهم وهو في سياق الموت‪ :‬قل ل إله إل الله‪ ،‬فجعل يغني‪ ،‬لنه‬
‫كان‬
‫مفتونا ً بالغناء‪ ،‬والعياذ بالله‪.‬‬
‫* وقيل لشارب خمر عند الموت‪ :‬قل ل إله إل الله‪ ،‬فجعل يقول‪ :‬اشرب‬
‫واسقني‬
‫نسأل الله العافية‪.‬‬
‫صور من حسن الخاتمة‬
‫* دخل صفوان بن سليم على محمد بن المنكدر وهو في الموت فقال له‪ :‬يا‬
‫أبا‬
‫عبدالله! كأني أراك قد شق عليك الموت‪ ،‬فما زال يهون عليه ويتجلى عن‬
‫وجه محمد‪،‬‬
‫حتى لكأن وجهه المصابيح‪ ،‬ثم قال له‪ :‬لو ترى ما أنا فيه لقرت عينك‪ ،‬ثم‬
‫مات ‪.‬‬
‫* وقال محمد بن ثابت البناني‪ :‬ذهبت ألقن أبي وهو في الموت فقلت‪ :‬يا‬
‫أبت! قل‬
‫ل إله إل الله‪ .‬فقال‪ :‬يا بني‪ ،‬خل عني‪ ،‬فإني في وردي السادس أو السابع!!‬
‫* ولما احتضر عبدالرحمن بن السود بكى ‪ .‬فقيل له‪ :‬مم البكاء؟ فقال‪ :‬أسفا ً‬
‫على‬
‫الصلة والصوم‪ ،‬ولم يزل يتلو القرآن حتى مات ‪.‬‬
‫* وسمع عامر بن عبدالله المؤذن وهو في مرض الموت فقال‪ :‬خذوا بيدي‬
‫إلى المسجد‪،‬‬
‫فدخل مع المام في صلة المغرب‪ ،‬فركع ركعة ثم مات رحمة الله‪.‬‬
‫رحلة الموت‬
‫رب مذكور لقوم‬
‫غاب عنهم فنسوه‬
‫وإذا أفنى سنيه‬
‫المرء أفنته سنوه‬
‫وكأن بالمرء قد‬
‫يبكي عليه أقربوه‬
‫وكأن القوم قد ماتوا‬
‫فقالوا أدركوه‬
‫سائلوه كلموه‬
‫حركوه لقنوه‬
‫فإذا استيأس منه الـ‬
‫قوم قالوا أحرقوه‬
‫حرفوه وجهوه‬
‫مددوه غمضوه‬
‫عجلوه لرحيل‬
‫عجلوا ل تحبسوه‬
‫ارفعوه غسلوه‬
‫كفنوه حنطوه‬
‫فإذا ما لف في الـ‬
‫أكفان قالوا فاحملوه‬

‫‪38‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أخرجوه فوق أعوا‬


‫د المنايا شيعوه‬
‫فإذا صلوا عليه‬
‫قيل هاتوا واقبروه‬
‫فإذا ما استودعوه‬
‫الرض رهنا ً تركوه‬
‫خلفوه تحت رمس‬
‫أوقروه أثقلوه‬
‫أبعدوه أسحقوه‬
‫أوحدود أفردوه‬
‫ودعوه فارقوه‬
‫أسلموه خلفوه‬
‫وانثنوا عنه وخلوه‬
‫كأن لم يعرفوه‬
‫وكأن القوم فيما‬
‫كان فيه لم يلوه‬
‫إعداد القسم العلمي بدار الوطن‬

‫)‪(4 /‬‬

‫كل أمتي معافى إل المجاهرين‬


‫دار الوطن‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على خاتم النبياء والمرسلين نبينا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فقد كثر في هذه الزمان أناس لم يكتفوا بفعل المعاصي والمنكرات حتى‬
‫عمدوا إلى المجاهرة بها والفتخار بارتكابها والتحدث بذلك بغير ضرورة‪،‬‬
‫م ]النساء‪:‬‬‫من ظ ُل ِ َ‬
‫ل إ ِل ّ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫قو ْ ِ‬ ‫م َ‬
‫سوَِء ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫جهَْر ِبال ّ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫والله تعالى يقول‪ :‬ل ّ ي ُ ِ‬
‫ح ّ‬
‫‪.[148‬‬
‫وقال النبي ‪ } :‬كل أمتي معافى إل المجاهرين‪ ،‬وإن من الجهار أن يعمل‬
‫العبد بالليل عمل‪ ،‬ثم يصبح قد ستره ربه‪ ،‬فيقول‪ :‬يا فلن! قد عملت البارحة‬
‫كذا وكذا‪ ،‬وقد بات يستره ربه‪ ،‬ويصبح يكشف ستر الله عنه { ]متفق عليه[‪.‬‬
‫فهذا يجاهر بمحاداة دين الله عز وجل عبر الصحف والمجلت‪.‬‬
‫وهذا رجل يتحدث أمام المل عن سفرته وما تخللها من فسق وفجور‪،‬‬
‫فيتفاخر بذلك في المجالس ويحسب أن ذلك من الفتوة وكمال الرجولة‪ ،‬وهو‬
‫– والله – من الذلة والمهانة وضعة النفس وخبث الباطن وضعف اليمان جدا ً‬
‫وقسوة القلب‪.‬‬
‫وهذا شاب يتحدث عن مغازلته ومغامراته‪. .‬‬
‫وهذه فتاة تتحدث عن علقاتها الثمة عبر الهاتف‪. .‬‬
‫وهذا صاحب عمل يعطي زملئه دروسا مجانية في ظلم العمال وأكل‬
‫أموالهم‪. .‬‬
‫وهذا عامل يكشف ستر الله عليه فيتحدث عن سرقته لصاحب العمل ويعلم‬
‫أصدقائه بعض الحيل في ذلك‪.‬‬
‫ومن مفاسد المجاهرة بالمعاصي‪:‬‬
‫‪ -1‬أنها استخفاف بأوامر الله عز وجل ونواهيه‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -2‬أنها تؤدي إلى اعتياد القبائح واستمرائها وكأنها أمور عادية ل شيء فيها‪.‬‬
‫‪ -3‬أنها بمثابة دعوة للغير إلى ارتكاب المعاصي وإشاعة الفساد ونشر‬
‫للمنكرات‪.‬‬
‫‪ -4‬أنها ربما أدت إلى استحلل المعصية فيكفر بذلك والعياذ بالله‪.‬‬
‫‪ -5‬أنها دليل على سوء الخلق والوقاحة وقلة أدب صاحبها‪.‬‬
‫‪ -6‬أنها دليل على قسوة القلب واستحكام الغفلة من قلب المجاهر‪.‬‬
‫هذا وإن صور المجاهرة بالمعاصي – في هذا العصر – كثيرة جدًا‪ ،‬ل يمكن‬
‫استقصاؤها في هذه العاجلة‪ ،‬غير أننا نشير إلى أمثلة من ذلك‪.‬‬
‫فمن صور المجاهرة بالمعاصي‪:‬‬
‫‪ -1‬الدعوة إلى وحدة الديان وتصحيح عقائد الكفر‪.‬‬
‫‪ -2‬الحتفال بأعياد الكفار وإعلن ذلك في الصحف والمجلت والقنوات مثل‬
‫الحتفال بالكريسمس وعيد الحب وعيد الم وغيرها‪.‬‬
‫‪ -3‬خروج المرأة أمام المل متعطرة ومتزينة‪.‬‬
‫‪ -4‬خروج المرأة وهي تلبس العباءة القصيرة أو المزركشة أو الشفافة‪ ،‬أو‬
‫تلبس البنطال أو الكعب العالي وتجاهر بذلك أمام المل‪.‬‬
‫‪ -5‬خلوة المرأة بالسائق الجنبي أمام المل‪ ،‬وكذلك خلوتها بالبائعين في‬
‫السواق والمحلت التجارية‪.‬‬
‫‪ -6‬ممارسة عادة التدخين أمام المل‪.‬‬
‫‪ -7‬إسبال الثياب للرجال‪.‬‬
‫‪ -8‬حلق اللحى‪ ،‬والمجاهرة تشمل الحالق والمحلوق‪.‬‬
‫‪ -9‬قص الشعر على مثال أهل الكفر‪.‬‬
‫‪ -10‬تشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء‪.‬‬
‫‪ -11‬سفر المرأة وحدها بدون محرم‪.‬‬
‫‪ -12‬ترك الرجال لصلة الجماعة بدون عذر‪.‬‬
‫‪ -13‬لبس الرجال للذهب والحرير‪.‬‬
‫‪ -14‬السباب واللعن عمدا أمام المل‪.‬‬
‫‪ -15‬تعاطي بعض الشباب – هداهم الله – أنواع المعاكسات في السواق‬
‫والشوارع والحدائق وأماكن الترفيه وغيرها‪.‬‬
‫‪ -16‬لبس الشباب للشورت الذي يظهر الفخذين والسير به في الشوارع‪،‬‬
‫وكذلك لبس السلسل والفانيلت التي عليها صور خليعة‪.‬‬
‫‪ -17‬إتلف السيارات بالتفحيط والتطعيس‪.‬‬
‫‪ -18‬الفطار في رمضان عمدا أمام المل بدون عذر‪.‬‬
‫‪ -19‬مزاولة أنشطة تجارية محرمة كالبنوك الربيوية ومحلت أشرطة الغناء‬
‫ومحلت الشيشة والجراك وغيرها‪.‬‬
‫‪ -20‬قيام بعض الشباب بالضرب على آلت الطرب والموسيقى في البر أو‬
‫في المنتزهات وغيرها‪.‬‬
‫‪ -21‬تركيب أطباق استقبال القنوات الفضائية على أسطح المنازل‪.‬‬
‫‪ -22‬إزعاج الناس بأصوات المغنين والمغنيات عبر الراديو أو التلفاز‪.‬‬
‫‪ -23‬استخدام بعض الكتاب الصحف والمجلت منبرا للطعن في السلم‬
‫والمسلمين‪.‬‬
‫‪ -24‬الغيبة والنميمة؛ لنها ل تكون عادة إل أمام المل‪.‬‬
‫‪ -25‬السخرية والستهزاء بأهل الدين والعفاف من الرجال و النساء‪،‬‬
‫ووسمهم بالتخلف والرجعية‪.‬‬
‫هذه إرشادات سريعة وعلى مثلها فقس‪ ،‬والحر تكفيه الشارة‪ ،‬وليس‬

‫‪40‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المطلوب هو ترك المجاهرة بالمعاصي فقط‪ ،‬ولكن المطلوب هو ترك‬


‫المعاصي كلها ولو سرًا‪ ،‬لنها قبيحة العواقب‪ ،‬سيئة المنتهى‪ .‬والله أعلم‪،‬‬
‫وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كل أمر ذي بال فقدم له‬


‫أ‪.‬د‪ .‬ناصر بن سليمان العمر‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف النبياء والمرسلين‪،‬‬
‫نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫إن الدنيا دار تتقلب فيها الحوال ويعرض للمرء فيها ما يسوؤه وما يسره‪ ،‬ما‬
‫يخالفه وما يوافقه‪ ،‬وفي بعض الحيان تعجز النفوس عن تقبل ذلك الوارد‪،‬‬
‫وإذا أمعنت النظر في السبب بدا لك أن ما ورد تقبلته نفوس ولم تحصل لها‬
‫من المفسدة ما حصل لخرين‪ ،‬بل ربما اختلف حال المرء نفسه جراء خبرين‬
‫فأعمل فيه أحدهما أثرا ً سلبيا ً عظيمًا‪ ،‬ولم يعمل الخر في نفسه كبير أثر‪.‬‬
‫ولذلك أسباب كثيرة‪ ،‬ولعل من أهمها‪ :‬تهيؤ النفس لتلقي الخبر من عدمه‪،‬‬
‫هب أن رجل ً غافل ً آمنا ً أمسك به أحدهم على حين غرة فلوى يده خلف‬
‫ظهره حتى كسرها‪ ،‬أو جاءه صبي على حين غفلة فروعه بصوت أو بصفع أو‬
‫غير ذلك‪ ،‬فهل كان لهذا الصبي أو للول الوصول إلى ما أراد إن كان المباغت‬
‫مهيئا ً لهما؟ ل أظن ذلك ربما ارتاع في الول من الصبي‪ ،‬وبالمقابل ربما‬
‫ضحك في الثاني منه‪.‬‬
‫وكذلك إذا وضع أحدهم عودا ً على دعامتين‪ ،‬وجعل أسفل ما سوى الطرفين‬
‫خلًء فلم يجعل على منتصفه دعامة‪ ،‬ربما سهل كسر بمثقل يرمى عليه‪،‬‬
‫بخلف ما لو جعل له دعائم على امتداد العود‪.‬‬
‫وهكذا وقع الخبار على النفوس‪ ،‬بل القرارات والحكام التي تأتي على غير‬
‫مرادها‪ ،‬وتخالف مألوفها أو أصل ً كانت عليه‪.‬‬
‫ولهذا كان من الهمية بمكان تهيئة من حمل إليه خبر من هذا القبيل‪ ،‬فإن‬
‫كان لبد أن تلقي خبرا ً ثقيل ً على أحد فاختر الحال المناسبة حتى ل تكسر‬
‫ظهره‪ ،‬أو هيئه ليستقبل الخبر‪.‬‬
‫وهذا المنهج منهج قرآني‪ ،‬ولعل أمثل مثال يوضح ذلك خبر نبي الله يعقوب‪،‬‬
‫فقد أجرى الله معجزة خارقة للعادة‪ ،‬ولعل من أسباب ذلك مراعاة ما ذكر‪.‬‬
‫َ‬ ‫قال الله _تعالى_‪" :‬ول َما فَصل َت ال ِْعير َقا َ َ‬
‫ف" ما‬ ‫س َ‬‫ح ُيو ُ‬ ‫م إ ِّني َل ِ‬
‫جد ُ ِري َ‬ ‫ل أُبوهُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ِ‬ ‫َ ّ‬
‫سر هذه الريح أين فصلت؟ قالوا‪ :‬فصلت‪ ،‬أي‪ :‬خرجت من مصر ودخلت في‬
‫حدود الشام‪ ،‬عندها قال يعقوب _عليه السلم_ للحاضرين من أهله وأبناء‬
‫بنيه‪" :‬إني لجد ريح يوسف"‪ ،‬قال الرازي‪" :‬التحقيق أن يقال‪ :‬إنه _تعالى_‬
‫أوصل تلك الرائحة إليه على سبيل إظهار المعجزات ل وصول الرائحة إليه‬
‫من هذه المسافة البعيدة أمر مناقض للعادة‪ ،‬فيكون معجزة ول بد من كونها‬
‫معجزة لحدهما‪ ،‬والقرب أنها ليعقوب _عليه السلم_‪ ،‬حين أخبر عنه ونسبوه‬
‫في هذا الكلم إلى ما ل ينبغي‪ ،‬فظهر أن المر كما ذكر فكان معجزة له"‪،‬‬
‫وهذا هو الظاهر فإن المعجزة إن كانت ليوسف _عليه السلم_ لكانت لوجد‬
‫ريح قميصه القاصي والداني‪ ،‬ولكن العجاز كان في شم يعقوب أو في‬
‫وصول الريح له خاصة‪.‬‬
‫فدلت هذه الية على اعتبار نفوس الناس وأهمية تهيأتها عند التعامل معهم‪،‬‬
‫وأوضحت المعجزة أهمية المقدمات للخبار المفاجئة‪ ،‬وهكذا فعل يوسف‬

‫‪41‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫_عليه السلم_ مع إخوانه قبل أن يخبرهم أنه هو يوسف وهو خبر مفاجئ‬
‫ما‬
‫م َ‬ ‫مت ُ ْ‬ ‫بالنسبة لهم فمهد بخلقه ودله وسمته‪ ،‬ثم مهد بسؤال فقال‪" :‬هَ ْ‬
‫ل عَل ِ ْ‬
‫َ‬ ‫ف وَأ َ ِ‬
‫ن" ]يوسف‪ [89:‬فتبادر المر الواقع إلى‬ ‫جاهُِلو َ‬ ‫خيهِ إ ِذ ْ أن ْت ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫فَعَل ْت ُ ْ‬
‫م ب ُِيو ُ‬
‫أذهانهم‪ ،‬وهنا كانت ريح القميص تمهيدا ً ليعقوب _عليه السلم_ فشم الرائحة‬
‫قبل وصول الخبر‪ ،‬وتلك من إرهاصاته‪.‬‬
‫فالخبار إذا جاءت فجأة فقد يكون لها تأثير وانعكاسات على النفس ل تحمد‬
‫عقباها‪ ،‬وهذا يؤكد أهمية العناية بالقضايا النفسية‪ ،‬فإذا رأيت مبتلى أصابته‬
‫مصيبة لم تكن له في حسبان‪ ،‬فالك َْيس الك َْيس‪ ،‬انظر كيف تخبره وتدرج عليه‬
‫وقع المر شيئا ً فشيئًا‪ ،‬وربما راعى بعض الناس هذا في الخبار المحزنة‬
‫وغفل عن مراعاته في الخبار المسعدة‪ ،‬وكم وقعت بسبب خبر سار مفاجئ‬
‫لم يتوقعه المرء انعكاسات سلبية‪.‬‬
‫وقد أثبت المؤرخون ورواة القاصيص خبر من فجئ بالخبر السعيد فمات‪،‬‬
‫وخبر من فقد عقله بالكلية‪ ،‬وخبر من فقد صوابه في موقفه‪ ،‬وربما كانت‬
‫تلك الخبار التي يذكرها المؤرخون لها أسباب معقولة مقدرة‪ ،‬ويغني عنها‬
‫ويشهد للمعنى الذي نريد منها ما يتناقل من أخبار بعض الرياضيين‪ ،‬فمن‬
‫ميت كمدا ً بسبب هدف دخل مرمى فريقه‪ -‬الذي ربما فاز بعد! ومغمى عليه‬
‫سعادة بسبب هدف أصابه فريقه‪ ،‬الذي ربما انهزم)‪ (1‬بعد!‬
‫وهذا وإن دل على سفه العقول إل ّ أنه يبين أثر المفاجأة المسعدة أو المحزنة‬
‫على بعض الناس‪ ،‬ولسيما إذا ضعف القلب ورق‪ ،‬إما لمور عادية من نحو‬
‫مرض وكبر سن وغيرهما‪ ،‬أو لمور أخرى كتراكب هموم‪ ،‬وضعف نفس‪.‬‬
‫والشاهد أن في تلك التهيئة لتلقي النبأ درس تربوي جدير بالتأمل‪.‬‬
‫فاحرص أخي الكريم إن جئت بخبر ثقيل على أل تدق به عنق من تخاطب‪،‬‬
‫وتذكر أنك بحاجة إلى تذكر ذلك في حال السراء والضراء‪ ،‬والله أسأل أن‬
‫يحفظنا وإياكم‪ ،‬وأن يعافينا ويعفو عنا‪ ،‬وأن يرزقنا الكيس في المور كلها‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين‪.‬‬
‫_____________‬
‫)‪ (1‬ول أدري هل إطلق الفوز والنهزام يصح هنا! ولكنه على حد ما زعم‬

‫)‪(1 /‬‬

‫))كل مصيبة تهون إل السخرية بالرسول ((‬


‫عبدالله البصري‬
‫ُ‬
‫س ـ بتقوى اللهِ ـ عز وجل ـ والتي ل تحلو الحياةُ‬ ‫أما بعد ُ ‪ ،‬فأوصيكم ـ أيها النا ُ‬
‫هم‬ ‫ف عََليِهم وَل َ ُ‬ ‫خو ٌ‬ ‫ن َأول َِياء اللهِ ل َ َ‬ ‫َ‬
‫ة إل أهُلها \" أل إ ِ ّ‬ ‫ل الجن َ‬ ‫خ ُ‬ ‫إل بها ‪ ،‬ول َيد ُ‬
‫دنَيا َوفي‬ ‫حياةِ ال ّ‬ ‫م الُبشَرى في ال َ‬ ‫ن ‪ .‬ل َهُ ُ‬ ‫قو َ‬ ‫كاُنوا ي َت ّ ُ‬ ‫مُنوا وَ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ‪ .‬ال ّ ِ‬ ‫َيحَزُنو َ‬
‫م \"‬ ‫ظي ُ‬
‫فوُز العَ ِ‬ ‫ك هُوَ ال َ‬ ‫ت اللهِ ‪ ،‬ذ َل ِ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ل ل ِك َل ِ َ‬ ‫دي َ‬ ‫خَرةِ ‪ ،‬ل َ َتب ِ‬ ‫ال ِ‬
‫ف‬ ‫ُ‬
‫خت به أُنو ُ‬ ‫ح الصدوَر ‪ ،‬وشم َ‬ ‫بو َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫شَر َ‬ ‫قلو َ‬ ‫ج ال ُ‬ ‫أيها المسلمون ‪ ،‬ومما أبهَ َ‬
‫معَ عليه جمهوُر المسلمين في‬ ‫َ‬ ‫مت أ ُُنو ُ‬ ‫ُ‬
‫ف الكافرين ‪ ،‬ما أج َ‬ ‫المؤمنين وأرِغ َ‬
‫سل َِع‬ ‫قاط َعَةٍ ل ِ ِ‬ ‫م َ‬‫من ُ‬ ‫لسلم ِ ‪ِ ،‬‬ ‫من ِبلدِ ا ِ‬ ‫ق هذِهِ الِبلدِ وِغرِبها ‪ ،‬بل في كثيرٍ ِ‬ ‫مشر ِ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫ِ ٍ‬ ‫ري‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ذلك‬ ‫كان‬ ‫وما‬ ‫ـ‬ ‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫الل‬ ‫صلى‬ ‫ـ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫رسو‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ؤوا‬ ‫ُ‬ ‫ز‬‫َ‬ ‫ته‬‫َ‬ ‫اس‬ ‫الذين‬
‫ق‬
‫ح ّ‬ ‫مسَتكث ًَرا منهم وما هو ِبالك َِثيرِ ‪ ،‬في َ‬ ‫ما كان ُ‬ ‫منهم ‪َ ،‬‬ ‫مسَتنك َرٍ ِ‬ ‫عََليهم ول ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫جُهم ب ِهِ ِ‬ ‫ة ‪ ،‬فَأخَر َ‬ ‫م ً‬‫ه نجاة ً لهم وََرح َ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫حِبيب ِِهم ‪ ،‬الذي ب َعَث َ ُ‬ ‫ن َب ِي ِّهم وَرسول ِِهم و َ‬
‫هم ب ُِنورِ ما‬ ‫صَر ُ‬ ‫ضللةِ ‪ ،‬وَب َ ّ‬‫َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬
‫ة لهم ِ‬ ‫هداي َ ً‬ ‫ه ِ‬ ‫ل ِبعثت َ ُ‬ ‫ت إلى الّنورِ ‪َ ،‬وجع َ‬ ‫ما ِ‬ ‫الظ ّل ُ َ‬
‫مِنين‬ ‫مؤ ِ‬ ‫صا عليهم ‪ِ ،‬بال ُ‬ ‫ري ً‬ ‫ح ِ‬‫زيًزا عليه ما ُيعن ِت ُُهم َ‬ ‫مى ‪ ،‬وكان عَ ِ‬ ‫ن العَ َ‬ ‫م َ‬ ‫جاء ب ِهِ ِ‬

‫‪42‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ما ‪...‬‬ ‫َرؤوًفا َرحي ً‬


‫خَر منه ؟ كيف ل‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬ ‫وَ َ‬
‫من اسَتهَزأ ب ِهِ وَ َ‬ ‫لم ّ‬ ‫قِلي ِ‬ ‫ن ولو ِبال َ‬ ‫مو َ‬ ‫مسل ِ ُ‬ ‫م ال ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف ل َينت َ ِ‬ ‫كي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ما‬ ‫ه وَ َ‬ ‫ه َرب ّ ُ‬ ‫وال ِِهم ‪ ،‬وهو الذي ما وَد ّعَ ُ‬ ‫ه أم َ‬ ‫سِهم ب َل ْ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫مهات ِِهم وَأن ُ‬ ‫ه ِبآَبائ ِِهم وَأ ّ‬ ‫دون َ ُ‬ ‫َيف ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ََ ُ َ‬ ‫رو‬ ‫ّ‬ ‫ث‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫كيف‬ ‫؟‬ ‫ه‬
‫ِ َ ُ‬ ‫ر‬ ‫ذك‬ ‫عالمين‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫ر‬
‫َ َ َ َ ُ َ َ َ َ ِ َ ُ ََ َ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫وز‬ ‫ع‬ ‫ض‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫صد‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫َقل ُ‬
‫ه‬
‫ه له‬ ‫َ‬ ‫هم غي ً‬ ‫َ‬
‫خَر الل ُ‬ ‫س ّ‬ ‫من أساَء إليه ‪ ،‬وهو الذي َ‬ ‫ظا على َ‬ ‫دوُر ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫ئ ُ‬ ‫من أجل ِهِ َوتمت َل ِ ُ‬ ‫ِ‬
‫شاك ًِيا إ َِليهِ ‪،‬‬ ‫ل َ‬ ‫م ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ج‬ ‫ال‬ ‫كى‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫و‬
‫َ َ َ َ ِ ََ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫دي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫بي‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫جذ‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫َ ّ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ت‬
‫ِ َ َ ْ ُ َ َْ ُ‬‫ب‬ ‫ها‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫مخلوقا‬
‫ن‬ ‫بي‬ ‫من‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫ما‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ج‬ ‫ش‬ ‫ّ‬ ‫وال‬ ‫ر‬ ‫ج‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫لي‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫مل ِ‬ ‫وسبح الحصى بي َ‬
‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ن أَنا ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ّ َ‬
‫جَرةُ في ي َدِهِ ؟‬ ‫قاَدت ال ّ‬ ‫َ‬
‫ش َ‬ ‫صاب ِعِهِ ‪َ ،‬وان َ‬ ‫أ َ‬
‫ما‬ ‫خيًرا عن ن َب ِي ِّهم ـ ما هو إل َتعِبيٌر ع ّ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ُ‬ ‫ن ـ جزاهُ ُ‬ ‫مي َ‬ ‫مسل ِ ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫ث ِ‬ ‫حد َ َ‬ ‫ن ما َ‬ ‫إِ ّ‬
‫ه‬
‫زيرِ ِ‬ ‫من َتع ِ‬ ‫وي عَليهِ قُلوب ُُهم ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح لما َتنط ِ‬ ‫ضا ٌ‬ ‫من محب ّت ِهِ ‪ ،‬وَِإي َ‬ ‫هم ِ‬ ‫دوُر ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ت ُك ِن ّ ُ‬
‫م ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قد ّ ُ‬ ‫م يُ َ‬ ‫مسل ِ َ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫مال ِهِ ‪ ،‬ولول أ ّ‬ ‫تك َ‬ ‫ن ودلل ِ‬ ‫ليما ِ‬ ‫ريِح ا ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫من َ‬ ‫وََتوِقيرِهِ ‪ ،‬وذلك ِ‬
‫ن ‪ ،‬قال ـ‬ ‫ليما ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن ب ِهِ تما َ‬ ‫م َ‬ ‫ه وَتشت َِهيهِ ‪ ،‬لما آ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ه َنف ُ‬ ‫حب ّ ُ‬ ‫ه على ما ت ُ ِ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫ه َر ُ‬ ‫حب ّ ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫من وَلدِ ِ‬ ‫ب إ ِليهِ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫ن أحد ُكم حتى أكو َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ـ ‪ "\ :‬ل ُيؤ ِ‬ ‫عليه الصلةُ والسل ُ‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫م ـ ‪َ "\ :‬ثل ٌ‬ ‫َ‬
‫من ك ّ‬ ‫ث َ‬ ‫ن \" وقال ـ عليه الصلةُ والسل ُ‬ ‫س أجمِعي َ‬ ‫وََوال ِدِهِ َوالّنا ِ‬
‫َ‬
‫واهما ‪ ،‬وَأن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫س َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ب إ ِليهِ م ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫هأ َ‬ ‫سول ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ن الل ُ‬ ‫ن ‪ :‬أن ي َكو َ‬ ‫ليما ِ‬ ‫حلوَةَ ا ِ‬ ‫جد َ َ‬ ‫ِفيهِ وَ َ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫من ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫قذه ُ الل ُ‬ ‫ه إ ِل للهِ ‪ ،‬وَأن َيكَره َ أن ي َُعود َ في الكفرِ َبعد َ إ ِذ أن َ‬ ‫حب ّ ُ‬ ‫مرَء ل ي ُ ِ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ح ّ‬ ‫يُ ِ‬
‫قى في الّنارِ \"‬ ‫ما َيكَره ُ َأن ُيل َ‬ ‫كَ َ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه عنه ـ ‪ :‬يا َرسو َ‬
‫ب ِإل ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫تأ َ‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬لن َ‬ ‫ب ـ رضي الل ُ‬ ‫ن الخطا ِ‬ ‫مُر ب ُ‬ ‫ما قال عُ َ‬ ‫ول ّ‬
‫ه عليه وسلم ـ ‪ "\ :‬ل والذي‬ ‫سي ‪ ،‬قال له ـ صلى الل ُ‬ ‫من َنف ِ‬ ‫شيٍء إ ِل ّ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫لن‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪:‬‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫فقال‬ ‫\"‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫س‬ ‫نف‬ ‫من‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لي‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫أكو‬ ‫َ‬ ‫حتى‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫سي‬ ‫نف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ن َيا عمُر \"‬ ‫َ‬
‫ه عليه وسلم ـ ‪ "\ :‬ال َ‬ ‫سي ‪ ،‬فقال له ـ صلى الل ُ‬ ‫من َنف ِ‬ ‫ي ِ‬ ‫ب ِإل ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫أ َ‬
‫ل اللهِ ‪ ،‬متى‬ ‫ه عليه وسلم ـ فقال ‪ :‬يا َرسو َ‬ ‫ي ـ صلى الل ُ‬ ‫ل إلى النب ّ‬ ‫وجاء رج ٌ‬
‫ت لها إل أني‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة ؟ قال ‪َ "\ :‬ويل َ‬
‫دد ُ‬ ‫ت لها ؟ \" قال ‪ :‬ما أع َ‬ ‫دد َ‬ ‫ما أع َ‬ ‫ك ‪ ،‬وَ َ‬ ‫الساع ُ‬
‫ت \"‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أُ ِ‬
‫من أحَبب َ‬ ‫مع َ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ه ‪ .‬قال ‪ "\ :‬أن َ‬ ‫ه وََرسول ُ‬ ‫ب الل َ‬ ‫ح ّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫صو ِ‬ ‫من أ ُ‬ ‫ه عليه وسلم ـ ِ‬ ‫ي ـ صلى الل ُ‬ ‫ة النب ّ‬ ‫ه ـ ‪ :‬محب ّ ُ‬ ‫ب ـ رحمه الل ُ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ن َر َ‬ ‫قال اب ُ‬
‫ه بها ‪ ،‬وَت َوَعّد َ‬ ‫حب ّةِ اللهِ ـ عز وجل ـ ‪ ،‬وقد قََرنها الل ُ‬ ‫م َ‬ ‫ة لِ َ‬ ‫مقارِن َ ٌ‬ ‫ن ‪ ،‬وهي ُ‬ ‫ليما ِ‬ ‫ا ِ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ة َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وا ِ‬ ‫ب َوالم َ‬ ‫ن القارِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫حب ّب َةِ طبًعا ‪ِ ،‬‬ ‫م َ‬ ‫مورِ ال ُ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫شيٍء ِ‬ ‫م عَليِهما محب ّ َ‬ ‫من قد ّ َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ن آَباؤُكم وَأبَنآؤُكم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن وَغيرِ ذلك ‪ ،‬فقال ـ تعالى ـ ‪ "\ :‬قل ِإن كا َ‬ ‫َوالوطا ِ‬
‫ها‬‫ساد َ َ‬ ‫َ‬ ‫جاَرة ٌ َتخ َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وان ُ ُ‬
‫نك َ‬ ‫شو َ‬ ‫ها وَت ِ َ‬ ‫مو َ‬ ‫وال اقت ََرفت ُ ُ‬ ‫شيَرت ُكم وَأم َ‬ ‫جكم وَعَ ِ‬ ‫كم وَأزَوا ُ‬ ‫وَِإخ َ‬
‫صوا‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫بي‬ ‫س‬ ‫في‬ ‫د‬ ‫ها‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫سو‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫كم‬ ‫ُ‬ ‫لي‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ِ ِ ِ ََ ّ ُ‬ ‫ِ ََ ُ ِ ِ َ ِ َ ٍ‬ ‫ِ َ‬ ‫م َ ِ ُ َ َ َََ َ ّ ِ‬
‫إ‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫أ‬ ‫ها‬ ‫ن‬‫ضو‬ ‫تر‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫سا‬ ‫وَ َ‬
‫ن \"‬ ‫قي َ‬ ‫س ِ‬ ‫فا ِ‬ ‫م ال َ‬ ‫قو َ‬ ‫دي ال َ‬ ‫ه ل َ َيه ِ‬ ‫ه ب ِأمرِهِ ‪َ ،‬والل ُ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫حّتى َيأت َ‬ ‫َ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ل‬‫سوا ن ُُزو َ‬ ‫م ُ‬ ‫شوه ُ ‪َ ،‬ول َ‬ ‫عاي َ ُ‬


‫ل اللهِ وَ َ‬ ‫ة بذلك وعاصروا َرسو َ‬ ‫م الصحاب ُ‬ ‫ما عَل ِ َ‬ ‫َول ّ‬
‫سو ُ‬
‫ل‬ ‫من هُوَ َر ُ‬ ‫موا َ‬ ‫فًرا ‪ ،‬وَعَل ِ ُ‬ ‫س َ‬‫ضًرا وَ َ‬ ‫ح َ‬ ‫حُبوه ُ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫معَ ُ‬‫دوا َ‬ ‫جاهَ ُ‬ ‫ي عَليهِ ‪ ،‬وَ َ‬ ‫َ‬ ‫وح ِ‬ ‫ال َ‬
‫ل وَأوفى ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صدًقا ‪ ،‬كانت محب ّت ُُهم له أ َ‬
‫هم له أك َ‬ ‫وى ‪ ،‬وََتوِقيُر ُ‬ ‫شد ّ وَأق َ‬ ‫قا وَ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫اللهِ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫موَد ّة ً غَلَبت ك ّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫حّبا َفاقَ ك ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب ‪ ،‬وَوَّدوه ُ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل ُ‬ ‫حّبوه ُ ُ‬ ‫هم له أسمى وَأعلى ‪ ،‬أ َ‬ ‫زيُر ُ‬ ‫وََتع ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫صوا‬ ‫خ ُ‬
‫ت ‪ ،‬وَأر َ‬ ‫مَها ِ‬ ‫موه ُ على الباِء َوال ّ‬ ‫س َوالوَلد ِ ‪ ،‬وَقَد ّ ُ‬ ‫موَد ّةٍ ‪َ ،‬فآث َُروه ُ على الّنف ِ‬ ‫َ‬
‫ن ‪...‬‬ ‫َ‬
‫شائ َِر َوالوطا َ‬ ‫َ‬ ‫صحبت ِهِ العَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫قوا‬ ‫ُ‬ ‫ر‬‫فا‬‫َ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫عا‬
‫َ‬ ‫ضي‬‫ّ‬ ‫وال‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫جا‬
‫َ‬ ‫زو‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫أج‬ ‫من‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ضَرُبوا في‬ ‫حد َة ً ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ة َوا ِ‬ ‫َ‬
‫فارُِقوهُ لحظ ً‬ ‫ن ‪ ،‬ووَّدوا لو لم ي ُ َ‬ ‫دا َ‬‫ن َوالُبل َ‬ ‫ساك ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫جُروا ال َ‬ ‫وَهَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫معَ ُ‬ ‫ف أصد َقََها ‪ ،‬وَكاَنت لهم َ‬ ‫واقِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫جلوا ِفيهِ ِ‬ ‫س ّ‬ ‫ن المث ِلةِ أروَعََها ‪ ،‬وَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ذلك ِ‬
‫سي َرِ وهي تحكيها‬ ‫مَغاِزي َوال ّ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ُ‬
‫جت كت ُ ُ‬ ‫خ وهو َيرِويها ‪َ ،‬وابت َهَ َ‬ ‫خَر الّتأِري ُ‬ ‫ص افت َ َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫قِ َ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ،‬أدهَ َ‬ ‫َ‬
‫ش ِ‬ ‫ه عليه وسلم ظاهَِرةً ِللعيا ِ‬ ‫‪ ،‬وَقد كانت محب ّت ُُهم له ـ صلى الل ُ‬

‫‪43‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دوا بها وََأبد َُوا اسِتغَراب َُهم منها ‪..‬‬ ‫شهِ ُ‬ ‫دائ ِهِ ‪ ،‬فَ َ‬ ‫من أع َ‬
‫َ‬
‫قلِء ِ‬ ‫العُ َ‬
‫سول‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫معَ َر ُ‬ ‫ض َ‬ ‫فاوُ ِ‬ ‫ن ِللت ّ َ‬ ‫مشرِكو َ‬ ‫ي ‪ ،‬وَقد أوفد َهُ ال ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫ق ِ‬ ‫مسعودٍ الث َ‬ ‫ن َ‬ ‫عروَةُ ب ُ‬ ‫فها هو ُ‬
‫قد‬ ‫َ‬
‫م ‪ ،‬واللهِ ل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قول وقد عاد إلى أصحاب ِهِ ‪ :‬أيْ قو ُ‬ ‫ديب ِي َةِ ‪ ،‬ي َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫صلِح ال ُ‬ ‫اللهِ في ُ‬
‫ت‬‫ِ ِ ْ َ ُ‬ ‫رأي‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫والل‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ش‬
‫َ ّ َ ِ ّ‬ ‫جا‬ ‫ن‬ ‫وال‬ ‫رى‬ ‫كس‬
‫َ َ َ ِ َ‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ص‬ ‫قي‬ ‫َ‬ ‫على‬ ‫ت‬ ‫َ َ ْ ُ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫لو‬ ‫ُ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ال‬ ‫على‬ ‫ت‬ ‫وَفَد ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫خ َ‬ ‫ن ت َن َ ّ‬ ‫دا ‪ ،‬واللهِ إ ِ ْ‬ ‫م ً‬ ‫مدٍ مح ّ‬ ‫ب مح ّ‬ ‫حا ُ‬ ‫م أص َ‬ ‫ما ي ُعَظ ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫حاب ُ ُ‬ ‫ه أص َ‬ ‫م ُ‬ ‫ط ي ُعَظ ّ ُ‬ ‫كا قَ ّ‬ ‫مل ِ ً‬ ‫َ‬
‫هم‬ ‫مَر ُ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ذا‬ ‫َ‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫جل‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫وج‬ ‫بها‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫هم‬ ‫من‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫في‬ ‫عت‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ َ ِ َ ُ َِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ٍ ِ ُ‬ ‫ّ‬ ‫نُ َ ِ َ َ‬
‫ق‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫م‬ ‫خا‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ضوا‬ ‫ف ُ‬ ‫خ َ‬ ‫م َ‬ ‫ضوئ ِهِ ‪ ،‬وَإ َِذا ت َك َل َ‬ ‫ن عَلى وَ ُ‬ ‫ضأ كاُدوا َيقت َت ِلو َ‬ ‫ابت َد َُروا أمَرهُ ‪ ،‬وَإ َِذا ت َوَ ّ‬
‫َ‬
‫ه ‪ ...‬رواه البخاريّ ‪..‬‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ظي ً‬ ‫ن إ َِليهِ الن ّظ ََر َتع ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما ي ُ ِ‬ ‫عند َه ُ ‪ ،‬وَ َ‬ ‫وات َُهم ِ‬ ‫أص َ‬
‫يـ‬ ‫ه عنها ـ قالت ‪ :‬جاء رج ٌ‬ ‫َ‬
‫ل إلى النب ّ‬ ‫ة ـ رضي الل ُ‬ ‫ي عن عائش َ‬ ‫ج الطبران ّ‬ ‫وَأخر َ‬
‫سي ‪،‬‬ ‫من َنف ِ‬ ‫ي ِ‬ ‫ب ِإل ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬إ ِن ّ َ‬ ‫ه عليه وسلم ـ فقال ‪ :‬يا َرسو َ‬ ‫صلى الل ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما أصب ُِر حتى‬ ‫ت فَأذكُرك فَ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن في الَبي ِ‬ ‫ُ‬
‫دي ‪ ،‬وَِإني لكو ُ‬ ‫من وَل ِ‬ ‫َ‬ ‫ي ِ‬ ‫ب إل ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫وَإ ِن ّ َ‬
‫ت أن ّ َ‬ ‫َ‬ ‫موت َ َ‬ ‫ك ‪ ،‬وَإ َِذا ذ َ َ‬ ‫ي فَأنظ َُر إ َِلي َ‬ ‫َ‬
‫ت‬
‫ة ُرِفع َ‬ ‫ت الجن َ‬ ‫خل َ‬ ‫ك إ َِذا د َ َ‬ ‫ك عََرف ُ‬ ‫موتي وَ َ‬ ‫ت َ‬ ‫كر ُ‬ ‫آت ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يـ‬ ‫ت أل أَراك ‪ ،‬فَلم ي َُرد ّ عليه النب ّ‬ ‫شي ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ت الجن َ‬ ‫خل ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وَِإني إ َِذا د َ َ‬ ‫معَ الن ّب ِّيي َ‬ ‫َ‬
‫م ـ بهذِهِ اليةِ ‪"\ :‬‬ ‫ل ـ عليه السل ُ‬ ‫ل جبري ُ‬ ‫شيئا حتى ن ََز َ‬ ‫ً‬ ‫ه عليه وسلم ـ َ‬ ‫صلى الل ُ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن الن ّب ِّيي َ‬ ‫م َ‬ ‫ه عَليِهم ِ‬ ‫م الل ُ‬ ‫ن أنعَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫معَ ال ِ‬ ‫سول فأولئ ِك َ‬ ‫ه َوالّر ُ‬ ‫ن ي ُط ِِع الل َ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ َ‬
‫ه عن هذا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫قا \" َرضي الل ُ‬ ‫ن أولئ ِك َرِفي ً‬ ‫س َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫داِء َوال ّ‬ ‫ن َوالشهَ َ‬ ‫قي َ‬ ‫دي ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫َوال ّ‬
‫ل‬‫ل اللهِ على ك ُ ّ‬ ‫ل بها َرسو َ‬ ‫ض ُ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫مح‬ ‫!‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫د‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ض‬ ‫أو‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ب‬ ‫مح‬ ‫ن‬ ‫أبي‬ ‫ما‬ ‫ي‬ ‫الصحاب‬
‫ّ ٌ ُ ّ‬ ‫َ َ َ َ َّ ُ‬ ‫َّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫س‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لي‬ ‫و‬
‫ََ ُ َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫را‬ ‫ي‬ ‫حتى‬ ‫ح‬ ‫تا‬
‫َ َ ُ‬ ‫ير‬ ‫فل‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ِ ِ‬ ‫ئ‬ ‫أبنا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫وبي‬ ‫ه‬
‫ِ ِ‬ ‫ت‬ ‫بي‬ ‫في‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫م‬‫ُ ََ َ َ‬ ‫مل‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫تجع‬ ‫ل ‪ ،‬وَ َ َ ّ ٌ‬
‫ة‬ ‫د‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫غا ٍ‬
‫ه‬‫ف معَ ُ‬ ‫خَرةِ ‪ ،‬يخا ُ‬ ‫جاوَُزها إلى ال ِ‬ ‫دود َ الدنيا وي َت َ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫دى ُ‬ ‫كيٌر ي َت َعَ ّ‬ ‫فى ‪َ ،‬بل َتف ِ‬ ‫هذا وَك َ َ‬
‫ه ؟!‬ ‫ك عليه ُدنَياهُ وآخرت َ ُ‬ ‫مل َ َ‬ ‫ب هذا الذي َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه في الجنةِ ‪ ،‬فأيّ ُ‬ ‫م رؤيت َ ُ‬ ‫أن ُيحَر َ‬
‫ق‬
‫ن إسحا َ‬ ‫موَد ّةِ ‪ ،‬ما رواه اب ُ‬ ‫صدقُ المحب ّةِ َوال َ‬ ‫ف التي ظهََر فيها ِ‬ ‫َ‬ ‫واقِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫وَ ِ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫ئ َرسو َ‬
‫ل اللهِ أن َيأت َ‬ ‫ه عنها ـ أنها قالت ‪ :‬كان ل ُيخط ِ ُ‬ ‫ة ـ رضي الل ُ‬ ‫عن عائش َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ة ‪ ،‬حتى إذا كان الَيو ُ‬ ‫شي ّ ً‬ ‫ما عَ ِ‬ ‫ما ُبكَرة ً وَإ ِ ّ‬ ‫ي النهارِ ‪ ،‬إ ِ ّ‬ ‫حد َ طَرفَ ِ‬ ‫ت أبي َبكرٍ أ َ‬
‫َ‬
‫َبي َ‬
‫مهِ ‪،‬‬ ‫ن ظهَري َقو ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫من َبي ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫من مك َ‬ ‫خُروِج ِ‬ ‫سول ِهِ ِبالِهجَرةِ َوال ُ‬ ‫ه ِفيهِ ل َِر ُ‬ ‫ن الل ُ‬ ‫الذي أذِ َ‬
‫ما رآه أبو‬ ‫َ‬
‫جَرةِ ‪ ،‬في ساعةٍ كان ل َيأتي ِفيها ‪ .‬قالت ‪ :‬فَل ّ‬ ‫ل اللهِ ِبالَها ِ‬ ‫أ ََتاَنا َرسو ُ‬
‫ث‪.‬‬ ‫حد َ َ‬ ‫لمرٍ َ‬ ‫ل اللهِ في هذِهِ الساعةِ إل ّ َ‬ ‫جاَء َرسو ُ‬ ‫بكرٍ قال ‪ :‬ما َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س‬‫ل اللهِ ‪ ،‬وَلي َ‬‫َ‬ ‫س َرسو ُ‬ ‫جل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ريرِهِ ‪ ،‬ف َ‬ ‫س ِ‬ ‫خَر له أبو بكرٍ عن َ‬ ‫ل ت َأ ّ‬ ‫خ َ‬ ‫ما د َ َ‬ ‫قالت ‪ :‬فل ّ‬
‫ت أبي بكرٍ ‪ ،‬فقال رسول اللهِ ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫حد ٌ إ ِل أنا وَأختي أسماُء ِبن ُ‬ ‫ل اللهِ أ َ‬ ‫عند َ َرسو ِ‬ ‫ِ‬
‫داكَ‬ ‫ما ابن ََتايَ ‪ ،‬وما َذاك فِ َ‬ ‫ما هُ َ‬ ‫عند َك ‪ .‬قال ‪ :‬يا َرسول اللهِ ‪ ،‬إ ِن ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫من ِ‬ ‫ج عني َ‬ ‫خرِ ْ‬ ‫أَ ْ‬
‫خُروِج والِهجَرةِ ‪ .‬قالت ‪ :‬فقال َأبو‬ ‫ن لي في ال ُ‬ ‫َ‬
‫ه َقد أذِ َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫مي ؟ قال ‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ُ‬
‫أبي وَأ ّ‬
‫َ‬
‫ت قَ ّ‬
‫ط‬ ‫شُعر ُ‬ ‫واللهِ ما َ‬ ‫ة ‪ .‬قالت ‪ :‬فَ َ‬ ‫صحب َ ُ‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬قال ‪ :‬ال ّ‬ ‫ة َيا َرسو َ‬ ‫صحب َ َ‬ ‫بكرٍ ‪ :‬ال ّ‬
‫كي ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َقب َ‬
‫مئ ِذ ٍ َيب ِ‬ ‫ت أبا بكرٍ َيو َ‬ ‫فَرِح ‪ ،‬حتى َرأي ُ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫كي ِ‬ ‫دا َيب ِ‬ ‫ح ً‬ ‫نأ َ‬ ‫ل ذلك الَيوم ِ أ ّ‬

‫)‪(2 /‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ل اللهِ ب ِأِبي ِ‬ ‫ه عنه ـ رسو َ‬ ‫دى أبو َبكرٍ ـ رضي الل ُ‬ ‫ه أكبُر ـ أيها المسلمون ـ فَ َ‬ ‫الل ُ‬
‫عزيزٍ ‪ ،‬ولم ي َت َذ َك ّْر إ ِل ّ‬ ‫ب وَ َ‬ ‫ل قَ‬ ‫ي كُ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ص كُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ري ٍ‬ ‫ِ‬ ‫س َ‬ ‫س ‪ ،‬وَن َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫في‬ ‫ل وَن َ ِ‬ ‫غا ٍ‬ ‫خ َ‬ ‫مهِ ‪ ،‬وَأر َ‬ ‫وَأ ّ‬
‫فارِقَ‬ ‫ريد ُ أ َل ّ ي ُ َ‬ ‫صحب َةِ في الِهجرةِ ‪ ،‬ي ُ ِ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫شَر َ‬ ‫ريد ُ َ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬نعم ‪ ،‬إ ِن ّ ُ‬ ‫ة َرسو ِ‬ ‫صحب َ َ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫شيٍء إ ِل في‬ ‫فكْر في َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫مسافًِرا ‪ ،‬فَلم ي ُ َ‬ ‫و‬ ‫ما‬ ‫قي‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫يص‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ري‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫لي‬ ‫خ‬
‫ُ ُ ً َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ح ِ ُ َ‬
‫و‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫بي‬ ‫َ‬
‫ما َوافَقَ على ذلك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه بها ‪ ،‬فَل ّ‬ ‫شّرفَ ُ‬ ‫ب منه أن ي ُ َ‬ ‫ل اللهِ وَطل ِ‬ ‫سألَها َرسو َ‬ ‫صحب َةِ ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ه عنه ـ وَذ ََرَفت‬ ‫ف ‪ ،‬ب َكى ـ رضي الل ُ‬ ‫َ‬ ‫شَر ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫سا َ‬ ‫ديقُ وِ َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ب ‪ ،‬ونال ال ّ‬ ‫الحبي ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه؟‬ ‫ب هذا الذي َيمل ِك ُ‬ ‫ل اللهِ ‪ ..‬فَأيّ َقل ٍ‬ ‫صحب َةِ حبيب ِهِ رسو ِ‬ ‫حا ب ِ ُ‬ ‫عيَناه ُ ‪ ،‬لماذا ؟ فََر ً‬ ‫َ‬
‫ه في‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫م ُ‬ ‫ُ‬
‫وَأيّ ف َ‬ ‫َ‬
‫معَ ُ‬ ‫فكُر َ‬ ‫ب ل يُ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫وي عَليهِ ‪ ،‬إ ِن ّ ُ‬ ‫ب َينط ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن أضلعِهِ ‪ ،‬وَأيّ ُ‬ ‫ل َبي َ‬ ‫ؤادٍ يح ِ‬
‫ه عنه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ه ‪ ،‬فَر ِ‬ ‫مين ُ ُ‬ ‫ملكت ي َ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫سيهِ أبَناَءه ُ وَ َ‬ ‫ب ُين ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن ‪ ،‬إ ِن ّ ُ‬ ‫ل ول وَط ٍ‬ ‫أه ٍ‬

‫‪44‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه!‬ ‫حب ّ ُ‬ ‫ه في الجنةِ ما أصد َقَ ُ‬ ‫ه !! وََرفَعَ د ََرجت َ ُ‬ ‫مان َ ُ‬ ‫وى ِإي َ‬ ‫ما أق َ‬ ‫ضاه ُ َ‬ ‫وَأر َ‬
‫م في‬ ‫ما َبعد َه ُ ‪ ،‬فقد روى الحاك ُ‬ ‫مع ْ َ‬ ‫ب ‪ ،‬بل َتعاَلوا َنس َ‬ ‫حس ُ‬ ‫وََليس هذا فَ َ‬
‫عهدِ‬ ‫ل على َ‬ ‫جا ٌ‬ ‫ه ـ قال ‪ :‬ذ ُك َِر رِ َ‬ ‫ن ـ رحمه الل ُ‬ ‫سيري َ‬ ‫ن ِ‬ ‫مسَتدَرك ِهِ ‪ ،‬عن محمدِ ب ِ‬ ‫ُ‬
‫ه عنهما ـ‬ ‫الل‬ ‫رضي‬ ‫ـ‬ ‫ر‬ ‫بك‬ ‫أبي‬ ‫فكأنهم ِ فَضُلوا عُمر على َ‬ ‫ـ‬ ‫عنه‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫رضي‬ ‫ـ‬ ‫ر‬ ‫عم‬
‫ُ‬ ‫َ ٍ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫خيٌر‬ ‫من َأبي بكرٍ َ‬ ‫ٌ ِ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫لي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫َ ِ‬ ‫والل‬ ‫‪:‬‬ ‫فقال‬ ‫ـ‬ ‫عنه‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫الل‬ ‫رضي‬ ‫ـ‬ ‫ر‬
‫َ َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ذلك‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪:‬‬ ‫قال‬
‫مَر ‪ ،‬ل َ َ‬ ‫َ‬
‫ل اللهِ ـ‬ ‫ج َرسو ُ‬ ‫خَر َ‬ ‫قد َ‬ ‫ل عُ َ‬ ‫من آ ِ‬ ‫خيٌر ِ‬ ‫من أبي بكرٍ َ‬ ‫م ِ‬ ‫مَر ‪ ،‬وَل ََيو ٌ‬ ‫ل عُ َ‬ ‫من آ ِ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫ساعَ ً‬ ‫شي‬ ‫يم‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬ ‫بك‬ ‫أبو‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫غا‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫إلى‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ط‬ ‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ـ‬ ‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫صلى‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه عليه وسلم ـ‬ ‫ُ‬ ‫الل‬ ‫صلى‬ ‫ـ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫رسو‬ ‫َ‬ ‫له‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ط‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫حتى‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫خل‬ ‫َ‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫سا‬ ‫ديهِ َ َ‬ ‫و‬ ‫ن يَ َ‬ ‫َبي َ‬
‫في ؟ \" فقال ‪:‬‬ ‫َ‬
‫خل ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ساعَ ً‬ ‫ن ي َد َيّ وَ َ‬ ‫ة َبي َ‬ ‫ساعَ ً‬ ‫شي َ‬ ‫فقال ‪ "\ :‬يا أبا بكرٍ ‪ ،‬مالك تم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫شي َبي َ‬ ‫صد َ فَأم ِ‬ ‫ك ‪ ،‬ثم أذكُر الّر َ‬ ‫ُ‬ ‫ف َ‬ ‫خل َ‬ ‫شي َ‬ ‫ب فَأم ِ‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬أذك ُُر الط ّل َ َ‬ ‫يا َرسو َ‬
‫ن ب ِك ُدوِني ؟ \" قال‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك ‪ .‬فقال ‪ "\ :‬يا أبا بكرٍ ‪ ،‬لو كان َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫دي َ‬
‫ت أن َيكو َ‬ ‫شيٌء أحَبب َ‬ ‫يَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن بي ُدون َك ‪.‬‬ ‫مةٍ إ ِل أن َتكو َ‬ ‫مل ِ ّ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫حقّ ‪ ،‬ما كانت ل َِتكو َ‬ ‫م ‪ ،‬والذي ب َعَث َك ِبال َ‬ ‫‪ :‬ن َعَ ْ‬
‫ل اللهِ حتى َأسَتبرِئَ ل َكَ‬ ‫مكان َك َيا َرسو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما انت َهََيا إلى الغارِ قال أبو بكرٍ ‪َ :‬‬ ‫فَل َ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حجَرة َ ‪،‬‬ ‫ئ ال ُ‬ ‫ه لم َيسَتبرِ ِ‬ ‫ل َواسَتبَرأه ُ ‪ ،‬حتى إذا كان في أعله ُ ذ َك ََر أن ّ ُ‬ ‫خ َ‬ ‫الَغاَر ‪ ،‬فَد َ َ‬
‫َ‬ ‫خ َ‬ ‫حجَرة َ ‪ ،‬فَد َ َ‬ ‫َ‬ ‫كان َ َ‬ ‫م َ‬
‫ل َواسَتبَرأ ثم قال ‪:‬‬ ‫ل اللهِ حتى أسَتبرِئَ ال ُ‬ ‫ك َيا َرسو َ‬ ‫فقال ‪َ :‬‬
‫َ‬
‫ل َيا َرسول اللهِ ‪ ،‬فنَزل ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِانزِ ْ‬
‫مَر ‪َ ...‬فانظ ُُروا‬ ‫ل عُ َ‬ ‫من آ ِ‬ ‫خيٌر ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ك الّليل َ ُ‬ ‫سي ب ِي َدِهِ ‪ ،‬ل َِتل َ‬ ‫مُر ‪ :‬والذي َنف ِ‬ ‫فقال عُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف عََلى النب ّ‬
‫ي‬ ‫خو ُ‬ ‫شيٍء أّدى ب ِهِ ال َ‬ ‫ة ب ِأبي بكرٍ وَأيّ َ‬ ‫صادِقَ ُ‬ ‫ة ال ّ‬ ‫ت المحب ّ ُ‬ ‫كيف فَعَل َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مهِ ‪ ،‬وَي َوَد ّ َل َ ِ‬
‫و‬ ‫ما ِ‬ ‫من أ َ‬ ‫فهِ وَ ِ‬ ‫خل ِ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬ ‫مي َ ُ‬ ‫مّنى ل َوِ استطاع أن َيح ِ‬ ‫ن ‪ ،‬ي َت َ َ‬ ‫كي َ‬ ‫مشرِ ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫طيعُ إ ِل ّ أن‬ ‫جد ُ َول َيست َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫فل‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫خل‬ ‫َ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫َ ُ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫وآ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫دي‬
‫ُ َ َ َ َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫بي‬ ‫ه‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ٌ‬ ‫قس‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫َ َ‬ ‫صا‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫َ َ‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ان‬
‫ه هو‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫بأذى‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫رسو‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫ري‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫قد‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫لع‬ ‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫هنا‬ ‫ُ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫هنا‬ ‫ُ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫مش‬ ‫ل َ‬ ‫ال‬ ‫ي َُبادِ َ‬
‫موَد ّةِ في الغارِ ‪،‬‬ ‫مشهَد َ ال َ‬ ‫عليه وسلم ـ ثم ي ُك َّرُر َ‬ ‫ُ َّ‬
‫ب ـ صلى الله‬ ‫ن الحبي ِ‬ ‫ُدو َ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خ َ‬ ‫ُ‬ ‫ه َقب َ‬ ‫ُ‬ ‫فََيد ُ‬
‫وا ٍ‬ ‫ش أو أش َ‬ ‫شا ٍ‬ ‫م وَ َ‬ ‫وا ّ‬ ‫من هَ َ‬ ‫ن فيه ِ‬ ‫ما قد ي َكو ُ‬ ‫هم ّ‬ ‫ف ُ‬ ‫ب ؛ ل ِي ُن َظ َ‬ ‫ل الحبي ِ‬ ‫خل ُ‬
‫َ‬ ‫َأو نح‬
‫ق‬ ‫دي ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫ه عن ِ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ه بما َيكَره ُ ‪ ،‬فََر ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ل اللهِ أو تم ّ‬ ‫وها ‪ِ ،‬لئل ُتؤذِيَ َرسو َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه ‪...،‬‬ ‫جت َ ُ‬ ‫مةِ وَأعَلى د ََر َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ه عن أبي َ‬ ‫َ‬
‫ما َزيد ُ ب ِ‬ ‫ب‪،‬أ ّ‬ ‫ن الد ّث ِن ّةِ وعن سائ ِرِ الصحا ِ‬ ‫ة وََزيدِ ب ِ‬ ‫ح َ‬ ‫طل َ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫وََر ِ‬
‫ش لقتل ِهِ ‪ ،‬وقال له أبو‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫من َ قَري َ ٍ‬ ‫معَ َرهط ِ‬ ‫ما اجت َ َ‬ ‫ه عنه ـ فإنه ل ّ‬
‫َ‬
‫الد ّث ِن ّةِ ـ رضي الل ُ‬
‫عند ََنا‬ ‫ن ِ‬ ‫دا ال َ‬ ‫ن محم ً‬ ‫بأ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫شد ُك ِباللهِ َيا َزيد ُ ‪ ،‬أت ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫م ل ُِيقت َل ‪ : -‬أن ُ‬ ‫َ‬ ‫ن قُد ّ َ‬ ‫حي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫سفَيا َ‬ ‫ُ‬
‫ن في‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دا ال َ‬ ‫ن محم ً‬ ‫بأ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه وَأن ّك في أهل ِك ؟ قال ‪ :‬واللهِ ما أ ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫ب عُن ُ َ‬ ‫مكان َك َنضرِ ُ‬ ‫َ‬
‫س في َأهلي !! فقال َأبو‬ ‫ٌ‬ ‫جال‬ ‫وأني‬ ‫ٌ ُ ِ ِ َ‬ ‫ه‬ ‫ذي‬ ‫تؤ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫شو‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ ِ ُ ُ‬ ‫ب‬ ‫صي‬ ‫ت‬ ‫فيه‬ ‫هو‬ ‫الذي‬ ‫ه‬
‫َ ِ ِ‬ ‫ن‬ ‫كا‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫دا ‪ ،‬ثم‬ ‫محم‬ ‫د‬ ‫محم‬ ‫ب‬ ‫حا‬ ‫أص‬ ‫حب أ َحدا ك َحب َ‬ ‫ي‬ ‫دا‬ ‫أح‬ ‫َ‬ ‫س‬ ‫النا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫أي‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ما‬ ‫‪:‬‬ ‫ن‬
‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫َ ِ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ً ُ ِ ّ َ ً‬ ‫َ ِ‬ ‫َ َ ُ ِ َ‬ ‫سفَيا َ‬ ‫ُ‬
‫سـ‬ ‫أن‬ ‫عن‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫البخار‬ ‫رواه‬ ‫فقد‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫طلح‬ ‫أبي‬ ‫ف‬
‫َ ّ َ ِ ُ‬ ‫ق‬ ‫مو‬ ‫ما‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ـ‬ ‫عنه‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫الل‬ ‫رضي‬ ‫ـ‬ ‫قَ َ ُ‬
‫ه‬ ‫لو‬ ‫ُ‬ ‫ت‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫ه‬
‫ي ـ صلى الل ُ‬ ‫ن النب ّ‬ ‫سع ِ‬ ‫م النا ُ‬ ‫حدٍ انهز َ‬ ‫مأ ُ‬ ‫ما كان َيو ُ‬ ‫ه عنه ـ قال ‪ :‬ل ّ‬ ‫رضي الل ُ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب عَلي ِ‬ ‫جو ّ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه عليه وسلم ـ ُ‬ ‫ي ـ صلى الل ُ‬ ‫ي النب ّ‬ ‫ن ي َد َ ِ‬ ‫ة َبي َ‬ ‫عليه وسلم ـ وأبو طلح َ‬
‫ه ( ‪...‬‬ ‫م ِ ٌ‬ ‫َ‬
‫مي َ ُ‬ ‫س ل َِيح ِ‬ ‫حيط ب ِهِ ب ُِتر ٍ‬ ‫فةٍ له ) أيْ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ح َ‬ ‫بِ َ‬

‫)‪(3 /‬‬
‫َ َ‬
‫قوّت ِهِ (‬‫دود ٌ ل ِ َ‬
‫مش ُ‬ ‫سهِ َ‬ ‫ن وَت ََر قو ِ‬ ‫قد ّ ) أيْ أ ّ‬ ‫ديد َ ال ِ‬ ‫ش ِ‬‫مَيا َ‬‫ة رجل ً َرا ِ‬ ‫وكان أبو طلح َ‬
‫َ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ن الن ّب ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ِ‬‫جعب َ ُ‬ ‫ه ال َ‬ ‫معَ ُ‬
‫مّر َ‬ ‫ل يَ ُ‬‫ج ُ‬ ‫ن أو َثلًثا ‪ ،‬وكان الر ُ‬ ‫سي ِ‬ ‫مئ ِذ ٍ َقو َ‬ ‫سُر َيو َ‬ ‫َيك ِ‬
‫ه عليه وسلم ـ َينظُرُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ـ صلى الل ُ‬ ‫ف النب ّ‬ ‫ة ‪ ،‬فَأشَر َ‬ ‫ح َ‬‫ل ‪ :‬انُثرها لبي طل َ‬ ‫قو ُ‬ ‫فَي َ ُ‬
‫ف ُيصب ْكَ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قو ُ‬ ‫قوم ِ ‪ ،‬فَي َ ُ‬
‫مي ‪ ،‬ل ُتشرِ ْ‬ ‫ت وَأ ّ‬ ‫ي اللهِ ‪ ،‬ب ِأبي أن َ‬ ‫ة ‪َ :‬يا نب ّ‬ ‫ل أبو طلح َ‬ ‫إلى ال َ‬
‫َ‬
‫ن نحرِك ‪..‬‬ ‫قوم ِ ‪ ،‬نحري ُدو َ‬ ‫سَهام ِ ال َ‬ ‫من ِ‬ ‫م ِ‬ ‫سه ٌ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫داه ُ ب َِنحرِهِ وَوَقاهُ‬ ‫َ‬
‫دى ب ِهِ َرسول اللهِ ! ف َ‬ ‫ما ف َ‬ ‫ه عنه وأرضاه ‪ ،‬ما أغلى َ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫فََر ِ‬

‫‪45‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ه‬
‫ب ـ صلى الل ُ‬ ‫سد ِ الحبي ِ‬ ‫ج َ‬ ‫عن َ‬ ‫قوم ِ َ‬ ‫م ال َ‬ ‫سَها َ‬ ‫صد ّ ِ‬ ‫طا ي َ ُ‬ ‫حائ ِ ً‬ ‫ه َ‬ ‫س ُ‬ ‫ل َنف َ‬ ‫جعَ َ‬ ‫صدرِهِ ‪ ،‬وَ َ‬ ‫بِ َ‬
‫عليه وسلم ـ‬
‫مقصوًرا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه عليه وسلم ـ َ‬ ‫ي ـ صلى الل ُ‬ ‫ن أمُر محب ّةِ النب ّ‬ ‫أيها المسلمون ‪ ،‬ولم ي َك ْ‬
‫ضَرَبت في‬ ‫َ‬ ‫من‬ ‫ِ ِ ّ َ‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫في‬ ‫كان‬ ‫قد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫نسا‬ ‫ن الصحابةِ ُ َ ّ‬
‫ال‬ ‫ن‬ ‫دو‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫على الّرجا ِ‬
‫ه عنه ـ قال ‪:‬‬ ‫ك ـ رضي الل ُ‬ ‫ن مال ٍ‬ ‫سب ِ‬ ‫ي عن أن ِ‬ ‫ذلك مثل ‪ ،‬فقد أخرج الطبران ّ‬
‫ت‬ ‫ل محمد ٌ ‪ ،‬حتى ك َُثر ِ‬ ‫ة وقالوا ‪ :‬قُت ِ َ‬ ‫ص ً‬ ‫حي َ‬ ‫دينةِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫ص َأه ُ‬ ‫حا َ‬ ‫حد ٍ َ‬ ‫مأ ُ‬
‫لما كان يو ُ‬
‫َ ُ‬ ‫ّ‬
‫ة ‪َ ،‬فاسُتقب َِلت‬ ‫م ً‬ ‫ز‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫صا‬ ‫َ‬
‫لن‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫امرأ‬ ‫ت‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫مدين‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ح‬ ‫نا‬ ‫في‬ ‫خ‬ ‫ُ‬
‫َ ِ ُ َ ّ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ر‬ ‫صوا‬
‫مّرت على‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫خيها ‪ ،‬ل أدِري أي ُّهم اسُتقب ِلت ب ِهِ أوّل ً ‪ ،‬فَل ّ‬ ‫َ‬ ‫جها وَأ ِ‬ ‫ِبابِنها وَأِبيها وََزو ِ‬
‫ل ‪ :‬ما‬ ‫قو ُ‬ ‫ك ‪ ،‬تَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ‪ ،‬ابن ُ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ك ‪َ ،‬زو ُ‬ ‫ك ‪ ،‬أخو ِ‬ ‫من هذا ؟ قالوا ‪ :‬أبو ِ‬ ‫هم ‪ ،‬قالت ‪َ :‬‬ ‫آخرِ ِ‬
‫ك ‪ ،‬حتى د ُفَِعت‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ل َرسو ُ‬ ‫فَعَ َ‬
‫م ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ن‪:‬أ َ‬ ‫قولو َ‬ ‫ه عليه وسلم ـ ؟ ي َ ُ‬ ‫ل اللهِ ـ صلى الل ُ‬
‫َ‬
‫حي َةِ َثوب ِهِ ‪ ،‬ثم قالت ‪:‬‬ ‫ذت ب َِنا ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ه عليه وسلم ـ فَأ َ‬ ‫ل اللهِ ـ صلى الل ُ‬ ‫إلى َرسو ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مي َيا َرسو َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫سيرةِ‬ ‫ب ‪ ...‬وفي ال ّ‬ ‫من عَط ٍ‬ ‫ت ِ‬ ‫م َ‬ ‫سل ِ َ‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬ل أَبالي إ َِذا َ‬ ‫ب ِأبي أنت وَأ ّ‬
‫ب‬ ‫ُ‬
‫صي َ‬ ‫من َبني ِديَنارٍ وقد أ ِ‬ ‫مّر ِبامرأةٍ ِ‬ ‫ه عليه وسلم ـ َ‬ ‫هشام ٍ أنه ـ صلى الل ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫لب ِ‬
‫ل اللهِ ـ‬ ‫ل َرسو ُ‬ ‫ما فعَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما ن ُُعوا لها قالت ‪ :‬ف َ‬ ‫حد ٍ ‪ ،‬فل ّ‬ ‫ه ب ِأ ُ‬ ‫معَ ُ‬ ‫خوها وَأُبوها َ‬ ‫جها وَأ ُ‬ ‫َزو ُ‬
‫ن‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ما ُتحّبي َ‬ ‫حمد ِ اللهِ ك َ‬ ‫ن ‪ ،‬هو ب ِ َ‬ ‫م فل ٍ‬ ‫خيًرا َيا أ ّ‬
‫ُ‬
‫ه عليه وسلم ـ ؟ قالوا ‪َ :‬‬ ‫صلى الل ُ‬
‫ه ‪ ،‬قالت ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شيَر لها إليه ‪ ،‬حتى إذا َرأت ْ ُ‬ ‫قالت ‪ :‬أُروِنيهِ حتى أنظَر إ ِليهِ ‪ .‬قال ‪ :‬فأ ِ‬
‫ل ‪..‬‬ ‫جل َ ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫صيب َةٍ َبعد َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫كُ ّ‬
‫ه‬
‫ل الل ِ‬ ‫ه عن صحابةِ َرسو ِ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫صِغيَرة ٌ ‪ .‬فََر ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ك هَي ّن َ ٌ‬ ‫صيب َةٍ ُدون َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫أ َيْ ك ُ ّ‬
‫ق‬
‫ح ّ‬ ‫سول ِهِ َ‬ ‫وأرضاهم ‪ ،‬وجزاهم خيًرا عن ن َب ِي ِّهم وَِدين ِِهم ‪ ،‬فقد آمنوا ِباللهِ وََر ُ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫عوذ ُ ِباللهِ ِ‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬أ َ ُ‬ ‫حوا عن َرسو ِ‬ ‫ل اللهِ وََنافَ ُ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫دوا في َ‬ ‫جاهَ ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ليما ِ‬ ‫ا ِ‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ذي َ‬ ‫صارِ َوال ِ‬ ‫ن َوالن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ج ِ‬ ‫مَها ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن الوّلو َ‬ ‫قو َ‬ ‫ساب ِ ُ‬ ‫ن الرجيم ِ ‪َ "\ :‬وال ّ‬ ‫الشيطا ِ‬
‫ري َتحت ََها‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت َتج ِ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫ه وَأعَد ّ لُهم َ‬ ‫عن ُ‬ ‫ضوا َ‬ ‫عنُهم وََر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ن َر ِ‬
‫َ‬
‫سا ٍ‬ ‫هم ب ِِإح َ‬ ‫ات ّب َُعو ُ‬
‫م \"‬ ‫دا ذ َل ِ َ‬ ‫ا َ‬
‫ظي ُ‬ ‫فوُز العَ ِ‬ ‫ك ال َ‬ ‫ن ِفيَها أب َ ً‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫لنَهاُر َ‬
‫ة‬
‫لسلم ِ ِبالُعرو ِ‬ ‫نا ِ‬ ‫م َ‬ ‫سكوا ِ‬ ‫م ّ‬ ‫حقّ التقوى ‪ ،‬وت َ‬ ‫ه ـ تعالى ـ َ‬ ‫أما َبعد ُ ‪ ،‬فاتقوا الل َ‬
‫جا \" ‪.‬‬ ‫خَر ً‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫جَعل ل ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ق الل َ‬ ‫من ي َت ّ ِ‬ ‫وثقى \" وَ َ‬ ‫ال ُ‬
‫ه‬
‫ن الل ِ‬ ‫كرام ِ ـ ُرضوا ُ‬ ‫حاب َةِ ال ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ف ِلل ّ‬ ‫واقِ َ‬ ‫م َ‬ ‫من َ‬ ‫سب َقَ ِ‬ ‫أيها المسلمون ‪ ،‬وَإ َِذا كان ما َ‬
‫ن‬
‫م ـ فإ ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ديدِ محب ّت ِِهم ل ِن َب ِي ِّهم وحِبيب ِِهم ـ عليه الصلةُ والسل ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫ل على َ‬ ‫عليهم ـ ت َد ُ ّ‬
‫مال ً َول أ َهْل ‪ً،‬‬ ‫ه لم ي ََر َ‬
‫َ‬
‫ه لو َرآه ُ وَأن ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫دا ‪ ،‬ي َوَد ّ َ‬ ‫دي ً‬ ‫ش ِ‬ ‫حّبا َ‬ ‫ه ُ‬ ‫حب ّ ُ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مت ِهِ ال َ‬ ‫في أ ّ‬
‫ُ‬
‫حّبا‬ ‫روى مسل ِم عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال ‪ "\ :‬من أ َ َ ُ‬
‫متي لي ُ‬ ‫شد ّ أ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫مال ِهِ \"‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫أه‬ ‫كونون بعدي ‪ ،‬يود أ َحدهم َلو رآني ب َ‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ ِ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ّ َ ُ ُ‬ ‫س يَ ُ َ َ ِ‬ ‫َنا ٌ‬
‫ما يمل ِ ُ‬ ‫َ‬
‫جُز‬ ‫ه ل ُيع ِ‬ ‫ن ‪ ،‬فَإ ِن ّ ُ‬ ‫كو َ‬ ‫حِهم وَ َ‬ ‫ل اللهِ ب ِأرَوا ِ‬ ‫دوا َرسو َ‬ ‫ة قد فَ َ‬ ‫وَإ َِذا كان الصحاب ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ؤوا ب ِهِ ـ صلى‬ ‫ن اسَتهَز ُ‬ ‫م ِ‬ ‫قاط َعَت ِهِ ل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫مّر في ُ‬ ‫أحد ََنا ـ أيها المسلمون ـ أن َيست َ ِ‬
‫َ‬
‫جبن َةٍ ‪َ ،‬ول على‬ ‫دنا على ُزبد َةٍ َول ُ‬ ‫حَياة ُ أح ِ‬ ‫مت َ‬ ‫ما َقا َ‬ ‫واللهِ َ‬ ‫ه عليه وسلم ـ فَ َ‬ ‫الل ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫والَنا ‪،‬‬ ‫ن أم َ‬ ‫صي َ‬ ‫ممت َ ّ‬ ‫دينا ُ‬ ‫هل َ‬ ‫سوُّقون َ ُ‬ ‫جوَنه ‪ ،‬ثم ي ُ َ‬ ‫ه هؤلِء أو ُينت ِ ُ‬ ‫ن ‪َ ،‬يصن َعُ ُ‬ ‫ب أو لب ٍ‬ ‫حِلي ٍ‬ ‫َ‬
‫حبيِبنا ‪..‬‬ ‫سول َِنا و َ‬ ‫َِ ُ‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ئو‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ز‬ ‫ته‬ ‫َ‬ ‫يس‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫بها‬ ‫نا‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫بو‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫حا‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ثم‬
‫خط َ ً‬ ‫َ‬ ‫ح ِم الله امرأ ً‬
‫ة‬ ‫س ْ‬ ‫ُ‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ورسو‬ ‫الله‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫أعدا‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫طع‬ ‫مقا‬ ‫ُ‬ ‫في‬ ‫ر‬
‫َ ّ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫اس‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أل فََر ِ َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ل ـ سبحاَنه ـ ‪َ "\ :‬فال ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫صيًبا ‪ ،‬ي َ ُ‬ ‫فلح ن َ ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ذلك أن ي ََنا َ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫ب ‪ ،‬فَلعَل ُ‬ ‫حِبي ِ‬ ‫ِلل َ‬
‫ن \"‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫صُروه ُ َوات ّب َُعوا الّنوَر الذِيَ أنزِ َ‬ ‫ّ‬
‫حو َ‬ ‫مفل ِ ُ‬ ‫م ال ُ‬ ‫ه أولئ ِك هُ ُ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مُنوا ب ِهِ وَعَّزُروه ُ وَن َ َ‬ ‫آ َ‬

‫)‪(4 /‬‬
‫فرة من دو َ‬ ‫خط ّ ُ‬ ‫ول تهول َن ّ ُ‬
‫ث‬ ‫حي ُ‬
‫ل أوُروبا ‪َ ،‬‬ ‫ُ َ ِ‬ ‫ة هؤلِء الك َ َ َ ِ ِ‬ ‫كم ـ أيها المسلمون ـ ِ‬
‫َ‬
‫سعَ َدائ َِرةُ‬‫ك أن ت َت ّ ِ‬ ‫ذل َ‬ ‫ن بِ َ‬
‫دي َ‬
‫ري ِ‬‫م ِ‬
‫سخرِي َةِ َوالسِتهَزاِء ‪ُ ،‬‬ ‫مُلوا على َتو ِ‬
‫سيِع َدائ َِرةِ ال ّ‬ ‫عَ ِ‬
‫ع‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طي ُ‬
‫من َنست َ ِ‬ ‫قاطعَِتنا ل ِ َ‬ ‫م َ‬
‫ت على ُ‬ ‫مل ‪ ،‬أل فلن َثب ُ ْ‬ ‫جَز عنها أو ن َكل أو ن َ َ‬ ‫قاطعَةِ فَنع ِ‬ ‫م َ‬‫ال ُ‬

‫‪46‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قاط َعَةِ الدولةِ التي ت َوَّلت ِ‬


‫كبَر‬ ‫م َ‬
‫من ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وَإ ِل ّ َفل أ َقَ ّ‬
‫ل ِ‬ ‫من هَذِهِ الد ّوَ ِ‬ ‫ه ِ‬‫قاط َعَت َ ُ‬
‫م َ‬
‫ُ‬
‫ه ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سخرِي َةِ منه ‪ ،‬أعني الدنمارك \" فاتقوا الل َ‬ ‫حاَرب َةِ ل ِن َب ِّينا وَب َد َأت ِبال ّ‬
‫م َ‬‫هذِهِ ال ُ‬
‫استطعتم \"‬

‫)‪(5 /‬‬

‫كلنا على خير‬


‫المحتويات‬
‫مدخل‪:‬‬
‫المؤيدات‪:‬‬
‫ل‪ :‬من القرآن الكريم‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬من السنة‪:‬‬
‫ثالثًا‪ :‬اختلف معادن اناس وطاقاتهم‪:‬‬
‫رابعًا‪ :‬حال الصحابة‪:‬‬
‫خامسًا‪ :‬تنوع الوصايا النبوية‪:‬‬
‫سادسًا‪ :‬اتساع أبواب النحراف‪:‬‬
‫سابعا‪ :‬نحن في عصر التخصص‪:‬‬
‫ثامنا‪ :‬أقوال أهل العلم‪:‬‬
‫أمور لبد منها‪:‬‬
‫ل‪ :‬أل يربى الناس على طريقة واحد‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫ثانيا ً ‪ :‬عدم احتقار جهود الخرين‪:‬‬
‫ثالثًا‪ :‬ليسار بالمرء لغير مايحسن‪:‬‬
‫رابعًا‪ :‬لن نحيط بكل مانريد‪:‬‬
‫خامسا‪ :‬قد يكون المفضول فاضل‪:‬‬
‫سادسًا‪ :‬الشهرة ليست فضيلة‪:‬‬
‫محاذير‬
‫مدخل‪:‬‬
‫الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور‬
‫أنفسنا وسيئات أعمالنا ‪ ،‬من يهده الله فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪،‬‬
‫وأشهد أل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمد ‪-‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬عبده ورسوله‪ ،‬وبعد‪ :‬كتب أحد العباد إلى المام مالك ‪-‬رحمه الله‪-‬‬
‫ينكر عليه اشتغاله بالعلم‪ ،‬ويدعوه إلى التفرغ للعبادة‪ ،‬فكتب له مالك ‪-‬رحمه‬
‫الله‪" :-‬إن الله قسم العمال كما قسم الرزاق‪ ،‬فرب رجل فتح له في‬
‫الصلة ولم يفتح له في الصوم‪ ،‬وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في‬
‫الصوم‪ ،‬وآخر فتح له في الجهاد‪ ،‬فنشر العلم من أفضل أعمال البر‪ ،‬وقد‬
‫رضيت بما فتح لي فيه‪ ،‬وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه‪ ،‬وأرجو أن يكون‬
‫كلنا على خير وبر"‪ .‬تختلف أساليب العاملين‪ ،‬وتتنوع طرقهم في سبيل إحياء‬
‫المة وإيقاظها وتغيير حالها؛ فمنهم من يرى أن الجهل قد تفشى في المة‪،‬‬
‫وأن إحياءها بإزالة غشاوة الجهل عنها‪ُ ،‬فعني بالعلم وسلك طريقه تعلما ً‬
‫ن رأى أن هذه المة إنما كانت خير أمة أخرجت‬ ‫وتعليما ً ودعوةً إليه‪ .‬وثا ٍ‬
‫للناس لنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر‪ ،‬فسخر وقته وجهده لنكار‬
‫المنكرات الظاهرة؛ العامة والخاصة‪ ،‬فاستغرق عليه ذلك جهده ووقته‪ ،‬ورأى‬
‫أن هذا هو الطريق الذي ينبغي أن يسلك لنقاذ المة‪ ،‬وأنه بمثل هذا العمل‬
‫يدفع الله به العذاب عن الناس‪ .‬وثالث قد تألم لحال من استهواهم‬

‫‪47‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الشيطان؛ فوقعوا في النحراف والرذيلة‪ ،‬فسخر وقته وجهده لدعوة هؤلء‬


‫وإنقاذهم‪.‬‬
‫ورابع قد رق قلبه للكباد الجائعة والبطون الخاوية؛ فصار ينفق من نفيس‬
‫ماله‪ ،‬ويجمع المال من فلن وفلن‪ ،‬فينفقها في وجوه الخير على الرامل‬
‫والمحتاجين وغيرهم‪ .‬وخامس رأى أن هذه المة أمة جهاد‪ ،‬وأنه ل سبيل لرفع‬
‫الذل عنها إل به‪ ،‬فاستهوته حياة الجهاد‪ ،‬وحمل روحه على كفه‪ ،‬وامتطى‬
‫صهوة جواده‪ ،‬فهو كما قال الرسول ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪" :-‬كلما سمع‬
‫هيعة لبى وطار يبتغي الموت والقتل مضانه" فيوما ً تراه في المشرق‪ ،‬ويوما ً‬
‫تراه في المغرب‪ ،‬وما بين هنا وهناك يسعى للجهاد في سبيل الله‪ ،‬وأصبح ل‬
‫يطرب أذنه ول يشنفها إل أزيز الرصاص وصوت السلح‪ .‬وسادس رأى أن هذا‬
‫الدين دين الناس جميعًا؛ فسخر جهده لدعوة غير المسلمين‪.‬‬
‫وسابع سخر قلمه لخوض المعارك الفكرية دفاعا ً عن السلم‪ ،‬ومصاولة‬
‫ة وتأليفًا؛ فصار يتحدث عن مشكلت‬ ‫لعدائه‪ ،‬والمتحدثين زورا ً باسمه‪ ،‬كتاب ً‬
‫المة وعن قضاياها‪ ،‬وقد لزم هذا الثغر يواجه به أعداء الله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وآخر هؤلء من رأى أن عدة المة وأملها المة في شبابها وجيلها الناشئ؛‬
‫فسخر وقته لتربية الشباب وإعدادهم‪ ،‬وتنشئتهم على طاعة الله سبحانه‬
‫وتعالى‪ ،‬ورأى أن هذا الطريق هو الذي يخرج العاملين والمجاهدين وينقذ‬
‫المة‪ .‬وهكذا ترى أبوابا ً من الخير وألوانا ً من نصرة الدين والدعوة إليه‪ ،‬وهي‬
‫أبواب واسعة شتى تسع الجميع على اختلف طاقاتهم وعقولهم وعلومهم‬
‫ومداركهم وأفكارهم‪.‬‬
‫ً‬
‫وهنا نتساءل‪ :‬هل نضيق ذرعا بهذا التنوع في وسائل الحياء والتغيير؟ وهل‬
‫هذا التنوع من الختلف والتناحر والخلل؟ وهل يلزمنا أن نبحث عن طريق‬
‫واحد نسلكه في سبيل إنقاذ المة؛ لن الحق ل يتعدد وصراط الله المستقيم‬
‫إنما هو واحد؟‪ .‬حين نرجع إلى عبارة المام مالك ‪-‬رحمه الله‪) -‬كلنا على خير‬
‫وبر( نصل إلى هذه الجابة‪ :‬إن الوسائل كلها مطلوبة؛ بل لبد من القيام بها‬
‫جميعًا‪ ،‬فلبد أن تقوم طائفة بهذا العمل‪ ،‬وأخرى بذاك‪ ،‬وثالثة بغيرهما‪ ،‬وهكذا‬
‫لندخل جميعا ً من أبواب متفرقة‪ ،‬ونسد جميعا ً هذه الثغور‪ ،‬ونقف على تلك‬
‫الحصون‪ ،‬ول يعيب بعضنا بعضًا؛ بل لسان حال كل طائفة يقول‪) :‬كلنا على‬
‫خير وبر(‪.‬‬
‫المؤيدات‪:‬‬
‫وهذه النتيجة يؤيدها ما يلي‪:‬‬
‫ل‪ :‬من القرآن الكريم‪:‬‬‫أو ً‬

‫)‪(1 /‬‬

‫يقول الله سبحانه وتعالى )وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلول نفر من كل‬
‫فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم‬
‫يحذرون(في هذه الية يخبر الله سبحانه وتعالى أنه ل ينبغي للمؤمنين أن‬
‫يخرجوا جميعا ً إلى الجهاد؛ بل لبد أن ينفر من كل طائفة ومن كل قوم ومن‬
‫كل قبيلة فئة يتفرغون للعلم ويتفقهون في الدين‪ ،‬ثم ينذرون قومهم إذا‬
‫رجعوا إليهم‪ ،‬أي أن هذه الطائفة لن تنفر للجهاد في سبيل الله ولن تخرج‬
‫إلى الجهاد‪ ،‬إنما ستتفرغ لتحصيل العلم الذي تتفقه فيه ثم تنذر قومها؛ بل إن‬
‫نفرة المة جميعا ً وترك هذا الميدان المهم‪ ،‬وهو ميدان تعلم العلم الشرعي‬
‫أمر غير مطلوب‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ثانيًا‪ :‬من السنة‪:‬‬


‫يقول النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪" :-‬من أنفق زوجين في سبيل الله نودي‬
‫من أبواب الجنة‪ :‬يا عبدالله هذا خير‪ ،‬فإن كان من أهل الصلة دعي من باب‬
‫الصلة‪ ،‬وإن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد‪ ،‬وإن كان من أهل‬
‫الصيام دعي من باب الريان‪ ،‬ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب‬
‫الصدقة‪ ".‬فقال أبوبكر الصديق ‪ -‬رضي الله عنه ‪ :-‬يا رسول الله‪ ،‬ما على من‬
‫دعي من هذه البواب أو من تلك البواب من ضرورة‪ ،‬فهل يدعى أحد من‬
‫تلك البواب كلها؟ قال‪" :‬نعم‪ ،‬وأرجوا أن تكون منهم" متفق عليه‪ .‬وفي هذا‬
‫الحديث ‪-‬وهذه رواية المام البخاري في صحيحه‪ -‬يخبر النبي ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬أن هناك طرقا ً ووسائل شتى‪ ،‬فمن الناس من يكون من أهل الصلة‪،‬‬
‫ومنهم من يكون من أهل الصيام‪ ،‬ومنهم من يكون من أهل الجهاد‪ ،‬ومنهم‬
‫من يكون من أهل الصدقة‪ ،‬فيدعى كل امرٍء من باب عمله الذي كان يعمله‪،‬‬
‫ول يعني هذا أن الذي كان من أهل الصلة إنما يؤدي الصلة المفروضة فقط‪،‬‬
‫فالجميع يؤدون الصلة الواجبة‪ ،‬والجميع يؤدون الصيام‪ ،‬والجميع يؤدون الحج‪،‬‬
‫وإنما اشتهر كل منهم بعمله لستزادته فيه‪ ،‬وإكثاره منه دون غيره‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬اختلف معادن اناس وطاقاتهم‪:‬‬
‫وفي هذا الحديث يخبر النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أن الناس يتفاوتون كما‬
‫تتفاوت معادن الذهب والفضة‪ ،‬والمعادن قد تحتاج إلى تنقية إذا علقت بها‬
‫شوائب‪ ،‬فهي تختلف فيما بينها تبعا ً لكمية هذه الشوائب العالقة بها‪ ،‬ثم إنها‬
‫تتفاوت فيما بينها ‪-‬أيضًا‪ -‬في القيمة والنفاسة‪ ،‬فالذهب ليس كالفضة في‬
‫القيمة‪ ،‬والفضة كذلك ليست كسائر المعادن‪ ،‬وتختلف أيضا ً في أدوارها بقدر‬
‫الستفادة منها في الصناعات وفي خدمة النسان وحاجته إليها‪ ،‬فكل هذه‬
‫المعادن مطلوبة جميعًا‪ ،‬فكذلك الناس يتفاوتون‪ ،‬كما قال الله سبحانه‬
‫وتعالى‪) :‬نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق‬
‫بعض ليتخذ بعضهم بعضا ً سخريا ً ورحمة ربك خير مما يجمعون)‪ .‬وكما أن‬
‫معادن الناس وطاقاتهم وقدراتهم تختلف‪ ،‬فكذلك تربيتهم‪ ،‬والتربية تختلف‬
‫باختلف البيئة والزمن‪ ،‬فمن نشأ في البادية ليس كمن نشأ في المدينة أو‬
‫القرية‪ ،‬فهم يتفاوتون جميعا ً في طريقة التفكير وفي الشخصية والسلوك‪.‬‬
‫وقد كان السلف ‪-‬رحمهم الله‪ -‬يتفاوتون فيما بينهم‪ ،‬قال ابن المبارك‪" :‬رأيت‬
‫أعبد الناس عبدالعزيز بن أبي رواد‪ ،‬وأورع الناس الفضيل بن عياض‪ ،‬وأعلم‬
‫الناس سفيان الثوري‪ ،‬وأفقه الناس أبوحنيفة‪ ،‬ما رأيت في الفقه مثله"‪ .‬وقال‬
‫أبو عبيد‪" :‬انتهى العلم إلى أربعة‪ :‬أبوبكر ابن أبي شيبة أسردهم له‪ ،‬وأحمد‬
‫بن حنبل أفقههم فيه‪ ،‬وعلي بن المديني أعلمهم به‪ ،‬ويحيى بن معين أكتبهم‬
‫له"‪.‬‬
‫ً‬
‫رابعا‪ :‬حال الصحابة‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫إن المتأمل في سيرة أصحاب النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يلمس هذا‬
‫واضحًا‪ ،‬فالنبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يقول‪" :‬أرحم أمتي بأمتي أبوبكر‪،‬‬
‫وأشدهم في أمر الله عمر‪ ،‬وأصدقهم حياًء عثمان‪ ،‬وأقرؤهم لكتاب الله أبي‬
‫بن كعب‪ ،‬وأفرضهم زيد بن ثابت‪ ،‬وأعلمهم بالحلل والحرام معاذ بن جبل‪،‬‬
‫ولكل أمة أمين وأمين هذه المة أبوعبيدة" وقد صنف النبي ‪-‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬هنا أصحابه‪ ،‬فأبوبكر كان أرحم المة بالمة حيث كان رجل ً رقيقا ً‬

‫‪49‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بطبعه‪ ،‬وعمر ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬رجل فيه حدة وشدة فكان أشد بأمر الله‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬وهكذا بقية الصحابة يتفاوتون فيما بينهم‪ ،‬فكل شخص له‬
‫ميدان ومجال يؤدي فيه دورا ً ل يمكن أن يؤديه الخر‪ ،‬فمثل ً معاذ بن جبل‬
‫أعلم المة بالحلل والحرام‪ ،‬وهذا ل يعني أنه أفضلهم لمجرد كونه أعلم المة‬
‫بالحلل والحرام‪ ،‬وإنما معايير التفضيل معايير أخرى‪ .‬وحينما جيء بزيد بن‬
‫ثابت ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬إلى النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وكان فتى ناجحا ً قد‬
‫قرأ وحفظ‪ ،‬أعجب النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬بموهبته فأمره أن يتعلم‬
‫السريانية ‪-‬لغة اليهود‪ -‬فتعلمها‪،‬وحذقها في سبعة عشر يوما ً أو خمسة عشر‬
‫يوماً‪ ،‬وهنا لسائل أن يسأل فيقول‪ :‬إن هذا الوقت الذي قضاه زيد في تعلم‬
‫اللغة‪ ،‬كان من الممكن أنه يقضيه في قراءة القرآن‪ ،‬فقراءة القرآن أفضل‪،‬‬
‫أو في حفظ حديث الرسول ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أوغير ذلك‪ ،‬لكن هذا باب‬
‫خير ومجال لبد أن يسلك ويسد لهذه المة‪ ،‬فتصدى زيد ‪-‬رضي الله عنه‪-‬‬
‫لهذه المهمة‪ .‬فالنبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أعطانا درسا ً في هذه القصة‪،‬‬
‫أن كل ميدان من الميادين لبد أن يكون في هذه المة من يتوله‪ ،‬وقد يكون‬
‫مفضول ً في العموم‪ ،‬لكنه بالنسبة له أفضل من غيره‪.‬‬
‫لما سئل علي ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬عن أصحاب محمد ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫قال‪ :‬عن أيهم تسألوني؟ قالوا‪ :‬عبدالله بن مسعود؟ قال‪ :‬علم القرآن والسنة‬
‫ثم انتهى وكفى به علمًا‪ .‬قلنا‪ :‬أبي موسى؟ قال‪ :‬صبغ في العلم صبغة ثم‬
‫خرج منه‪ .‬قلنا‪ :‬حذيفة؟ قال‪ :‬أعلم أصحاب محمد ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫بالمنافقين‪ .‬قالوا‪ :‬سلمان؟ قال‪ :‬أدرك العلم الول والعلم الخر‪ ،‬بحر ل يدرك‬
‫قعره‪ ،‬وهو منا أهل البيت‪ .‬قالوا‪ :‬أبي ذر؟ قال‪ :‬وعى علما ً عجز عنه‪ .‬فسئل‬
‫عن نفسه‪ ،‬فقال‪ :‬كنت إذا سألت أعطيت‪ ،‬وإذا سكت ابتديت‪ .‬وهذا خالد بن‬
‫الوليد ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬له مناقب عديدة‪ ،‬وقد أثنى عليه النبي ‪-‬صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ -‬فأخبر أنه سيف من سيوف الله‪ ،‬وأنه نعم أخو العشيرة‪ .‬يقول‬
‫عمرو بن العاص ‪-‬رضي الله عنه‪" :-‬ما عدل بي رسول الله ‪-‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬وبخالد في حربه أحدا ً منذ أسلمنا" أي‪ :‬أنه كان ل يقدم عليهما أحداً‪،‬‬
‫والحديث رواه الطبراني‪ ،‬وخالد رضي الله عنه ‪-‬كما في الصحيحين‪ -‬احتبس‬
‫أدراعه واعتده في سبيل الله عز وجل‪ ،‬وفي غزوة حنين جاء النبي ‪-‬صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ -‬يتخلل الناس يبحث عن خالد ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬فنفث في‬
‫جرح كان قد أصابه‪ ،‬وهذا الحديث في المسند‪ .‬وهو الذي يقول عبارته‬
‫المشهورة‪" :‬ما من ليلة يهدى إلي فيها عروس‪ ،‬أنا لها محب بأحب إلي من‬
‫ليلة شديدة البرد‪ ،‬كثيرة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح فيها العدو"‪.‬‬
‫وهو القائل‪" :‬لقد شهدت زهاء مائة زحف‪ ،‬وما في بدني موضع شبر إل وفيه‬
‫ضربة من سيف‪ ،‬أو طعنة من رمح‪ ."...‬ويقول قيس بن أبي حازم‪ :‬سمعت‬
‫خالدا ً يقول ‪" :‬منعني الجهاد كثيرا ً من القراءة"‪ .‬وهذا الثر ذكره الحافظ في‬
‫المطالب بلفظ‪" :‬لقد منعني كثيرا ً من قراءة القرآن الجهاد في سبيل الله"‪.‬‬
‫وقد رواه أبو يعلى والهيثمي وقال فيه‪ :‬رجاله رجال الصحيح ‪ .‬ويروى أن‬
‫سبب هذه المقولة أنه صلى بالناس إماما ً فأخطأ في قراءته‪.‬‬
‫لقد فاق خالد رضي الله عنه في ميدان الجهاد‪ ،‬حتى شغله عن غيره من‬
‫العبادات‪ ،‬ولذا ل تكاد تجد له فتوى‪ ،‬أو قول ً في تفسير آية من كتاب الله‬
‫سبحانه وتعالى‪ .‬ولكن هذا لم ينقص من شأنه ويقلل من مكانته‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪50‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأبو ذر ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬يقول عنه الذهبي‪" :‬أحد السابقين الولين من نجباء‬
‫أصحاب محمد ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ ،-‬وكان يفتي في خلفة أبي بكر وعمر‬
‫وعثمان‪ ،‬وكان رأسا ً في الزهد والصدق والعلم والعمل‪ ،‬قوال ً بالحق ل تأخذه‬
‫في الله لومة لئم على حدة فيه"‪ .‬ويقول أبو ذر‪" :‬أوصاني خليلي بسبع‪:‬‬
‫أمرني بحب المساكين والدنو منهم‪ ،‬وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني‪ ،‬وأل‬
‫أسأل أحدا ً شيئًا‪ ،‬وأن أصل الرحم وإن أدبرت‪ ،‬وأن أقول الحق وإن كان مرا‪ً،‬‬
‫وأل أخاف في الله لومة لئم"‪ .‬وله عبارة مشهورة رواها البخاري تعليقا ً في‬
‫كتاب العلم‪ ،‬والقصة بتمامها عند أبي نعيم في الحلية‪ :‬أنه أتاه رجل وهو‬
‫جالس عند الجمرة الوسطى وهو يفتي فقال‪ :‬ألم ينهك أمير المؤمنين عن‬
‫الفتيا؟ فرفع رأسه وقال‪ :‬أرقيب أنت علي؟ لو وضعتم الصمصامة على هذه‬
‫‪-‬يعني السيف وأشار على رقبته‪ -‬فاستطعت أن أنفذ كلمة سمعتها من رسول‬
‫الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬قبل أن تجيروا علي لنفذتها‪ .‬مع هذه الفضائل‬
‫السابقة كلها يقول النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬له‪" :‬إني أراك ضعيفاً‪ ،‬وإني‬
‫أحب لك ما أحب لنفسي‪ ،‬ل تأمرن على اثنين‪ ،‬ول تولين على مال يتيم"‬
‫فالنبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬ينهاه عن المارة والولية‪ ،‬لنه ل يصلح لذلك‪،‬‬
‫فلكل ميدانه‪.‬‬
‫وقد عقد ابن القيم ‪-‬رحمه الله‪ -‬مقارنة بين ابن عباس وأبي هريرة ‪-‬رضي‬
‫الله عنهم‪ -‬فقال‪ :‬وأين تقع فتاوى ابن عباس وتفسيره واستنباطه من فتاوى‬
‫أبي هريرة وتفسيره‪ ،‬وأبوهريرة أحفظ منه بل هو حافظ المة على الطلق‪،‬‬
‫يؤدي الحديث كما سمعه‪ ،‬ويدرسه بالليل درسًا‪ ،‬فكانت همته مصروفة إلى‬
‫الحفظ وتبليغ ما حفظه كما سمعه‪ ،‬وهمة ابن عباس مصروفة إلى التفقه‬
‫والستنباط‪ ،‬وتفجير النصوص وشق النهار منها‪ ،‬واستخراج كنوزها‪ ،‬وكلهما‬
‫على خير‪ .‬إذن‪..‬فلكل ميدانه‪ ،‬بل الميدان الواحد قد يؤتى فيه شخص مال‬
‫يؤتاه غيره؛ ففي ميدان العلم نجد أبا هريرة أحفظ وابن عباس أفقه للعلم‪،‬‬
‫سع أصحاب النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬فينبغي أن يسع غيرهم‬ ‫فهو أمر وَ ِ‬
‫من باب أولى‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬تنوع الوصايا النبوية‪:‬‬
‫كان كثير من أصحاب النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يفدون إليه يستوصونه‬
‫فيوصيهم‪ ،‬فيقول لحدهم‪" :‬ل تغضب"‪ ،‬ويقول للثاني‪" :‬كلما مررت بقبر كافر‬
‫فبشره بالنار"‪ ،‬ويقول للثالث‪" :‬ل تسبن أحدًا"‪ .‬ويوصي أحدهم أن يوتر قبل‬
‫أن ينام‪ ،‬والخر أن يقوم الليل‪ ،‬فوصايا النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬تختلف‬
‫من شخص إلى آخر‪ ،‬وكان كثيرا ً ما يسأل ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ :-‬أي‬
‫العمال أفضل؟ أو أي السلم خير؟‪ ،‬فيجيب هذا بإجابة‪ ،‬وذاك بإجابة أخرى‪،‬‬
‫وما ذاك إل لن النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يعرف أن كل ً منهم إنما تنفعه‬
‫هذه الوصية أو هذه الجابة دون غيرها تبعا ً لحاله‪ ،‬لختلف الناس وتفاوتهم‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬اتساع أبواب النحراف‪:‬‬
‫من يتأمل واقع المة اليوم يدرك عمق الخلل والنحراف‪ ،‬وهو انحراف هائل‬
‫ليس في جانب واحد أو مجال واحد فقط‪ ،‬فانحراف في الحكم‪ ،‬حيث الحكم‬
‫بغير شرع الله سبحانه وتعالى‪ ،‬وفي العتقاد بمنح الولء لعداء الله عز وجل‪،‬‬
‫وانتشر الشرك بأنواعه‪ ،‬وكثر الجهل‪ ،‬وانتشر الفساد الخلقي‪ ،‬والمية‪،‬‬
‫والفقر‪ ،‬والتخلف‪ ،‬إلى غير ذلك‪ ،‬وعندما تتسع أبواب الخلل والنحراف‪ ،‬لبد‬
‫أن تتسع أبواب الدعوة ومجالتها‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬نحن في عصر التخصص‪:‬‬
‫إن هذا العصر هو عصر التخصص‪ ،‬فلبد أن نعيش وأن نفكر بعقلية هذا‬

‫‪51‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العصر فيما ل يعارض شرع الله سبحانه وتعالى‪ ،‬ففي السابق قد يكون‬
‫الرجل موسوعة يقف على أبواب شتى من أبواب العلم والخير‪ ،‬أما الن فقد‬
‫تنوعت طرق الحياة وتعقدت أساليبها‪ ،‬وسار الناس على مبدأ التخصص‪.‬‬
‫فلماذا ل يتخصص فلن مثل ً بالعناية بجانب من جوانب العلم الشرعي‪،‬‬
‫والثاني في مشاكل المة الجتماعية‪ ،‬فيحل مشاكل الناس‪ ،‬وينظر في حال‬
‫المعوزين والفقراء‪ ،‬ويتخصص الثالث في دعوة المنحرفين والضالين‪ ،‬وهكذا‬
‫كل امرء في ميدانه وفنه‪.‬‬
‫وسنضرب مثال ً يعطي صورة واضحة عن الحاجة الفعلية للتكامل وسد الثغور‬
‫كل في مجاله‪ ،‬فالجيش يحتاج إلى مجموعة في المقدمة للقيادة ومواجهة‬
‫العدو‪ ،‬ويحتاج إلى مجموعة في الخلف يحرسون هؤلء‪ ،‬ومجموعة يترصدون‪،‬‬
‫ويحتاج إلى مجموعة فنيين يقومون بصيانة اللت وإعدادها‪ ،‬ومجموعة‬
‫يقومون بنقل الذخائر‪ ،‬ومجموعة للتمويل ونقل المواد الغذائية‪ ،‬ومجموعة‬
‫يحرسون ثغور المسلمين حتى ل يؤتوا منها على حين غرة‪ ،‬ومجموعة‬
‫يخلفون الغازين في أهلهم‪ ،‬وهكذا تتوزع الجهود ويتكامل الجيش‪ ،‬ول يمكن‬
‫أن يقوم إل بهذا التكامل‪.‬‬
‫فكذلك في حراسة المة وحمايتها‪ ،‬والدعوة إلى دين الله سبحانه وتعالى‪،‬‬
‫لبد أن تتضافر الجهود‪ ،‬وأن تتوزع الدوار جميعا ً حتى تقوم هذه المة‪ ،‬وإل‬
‫كان الخلل والقصور‪ ،‬وعندها ل تنهض المة النهوض المراد‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬أقوال أهل العلم‪:‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫إن السلف لم يكونوا بمعزل عن هذا‪ ،‬فعباراتهم تدل على ذلك‪ ،‬ومنها‪ :‬أنه لما‬
‫جاء رجل إلى الخليل بن أحمد ‪-‬وهو مشهور بعلم العروض‪ -‬ليتعلم العروض‪،‬‬
‫شعر الخليل بن أحمد أنه غير قابل لتعلمه‪ ،‬فأعطاه بيتأ ً يقطعه‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫إذا لم تستطع شيئا ً فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع ففهم الرجل المقصود‪،‬‬
‫واتجه إلى علم النحو فنبغ فيه‪.‬‬
‫والعمش كان إذا قيل له‪ :‬حدث‪ ،‬قال‪) :‬ل يقلد العلم خنازير(‪ .‬فليس كل أحد‬
‫مؤهل لن يعطى العلم‪ ،‬فالعلم ل يعطى إل من يستحقه‪.‬‬
‫وقال ابن القيم ‪-‬رحمه الله‪ -‬في تحفة المودود‪" :‬ومما ينبغي أن يتعهد‪ :‬حال‬
‫الصبي وما هو مستعد له من العمال ومهيأ له منها‪ ،‬فيعلم أنه مخلوق له فل‬
‫يحمله على غيره‪ ،‬ما كان مأذون به شرعًا"‪.‬‬
‫ويقول في مدارج السالكين‪" :‬فإذا علم هذا‪ ،‬فمن الناس من يكون سيد عمله‬
‫وطريقه الذي يعد سلوكه إلى الله طريق العلم والتعلم‪ ،‬قد وفر عليه زمانه‬
‫مبتغيا ً به وجه الله‪ ،‬فل يزال كذلك عاكفا ً على طريق العلم والتعليم حتى‬
‫يصل من تلك الطريق‪ ،‬ويفتح له فيها الفتح الخاص‪ ،‬أو يموت في طريق‬
‫طلبه‪ ،‬فيرجى له الوصول إلى مطلبه بعد مماته‪ ،‬قال تعالى‪) :‬ومن يخرج من‬
‫بيته مهاجرا ً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله)‪،‬‬
‫ومن الناس من يكون سيد عمله الذكر‪ ،‬وقد جعله زاده لمعاده ورأس ماله‬
‫لمآله‪ ،‬فمتى فتر عنه أو قصر رأى أنه قد غبن وخسر‪ ،‬ومن الناس من يكون‬
‫سيد عمله وطريقه الصلة‪ ،‬فمتى ما قصر في ورده منها أو مضى عليه وقت‬
‫وهو غير مشغول بها أو مستعد لها أظلم عليه وقته وضاق صدره‪ ،‬ومن الناس‬
‫من يكون طريقه الحسان والنفع المتعدي‪ ،‬كقضاء الحاجات وتفريج الكربات‬
‫وإغاثة اللهفات وأنواع الصدقات‪ ،‬قد فتح له في هذا وسلك به طريقا ً إلى‬

‫‪52‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ربه‪ ،‬ومن الناس من يكون طريقه الصوم‪ ،‬فهو متى أفطر تغير قلبه وساءت‬
‫حاله‪ ،‬ومن الناس من يكون طريقه تلوة القرآن وهي الغالب على أوقاته‬
‫وهي أعظم أوراده‪ ،‬ومنهم من يكون طريقه المر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر قد فتح الله له فيه ونفذ منه‪ ،‬ومنهم من يكون طريقه الذي نفذ فيه‬
‫الحج والعتمار‪ ،‬ومنهم من يكون طريقه قطع العلئق وتجريد الهمة ودوام‬
‫المراقبة ومراعاة الخواطر وحفظ الوقات أن تذهب ضائعة"‪ .‬ثم ذكر حال‬
‫من جمع تلك الطرق كلها وهذا نادر‪ .‬ويقول الشيخ عبدالرحمن السعدي‬
‫‪-‬رحمه الله‪ -‬عند قول الله عز وجل‪ ) :‬فلول نفر من كل فرقةٍ منهم طائفة)‪:‬‬
‫ة؛ وهي أن‬ ‫ف لفائدةٍ مهم ٍ‬ ‫"وفي هذه الية ‪-‬أيضًا‪ -‬دليل وإرشاد وتنبي ٌ‬
‫ه لطي ٌ‬
‫دوا لكل مصلحةٍ من مصالحهم العامة من يقوم‬ ‫المسلمين ينبغي لهم أن ي ُعِ ّ‬
‫بها‪ ،‬ويوفر وقته عليها‪ ،‬ويجتهد فيها ول يلتفت إلى غيرها‪ ،‬لتقوم مصالحهم‬
‫وتتم منافعهم‪ ،‬ولتكون وجهة جميعهم ونهاية ما يقصدون قصدا ً واحدًا‪ ،‬وهو‬
‫قيام مصلحة دينهم ودنياهم‪ ،‬ولو تفرقت الطرق وتعددت المشارق؛ فالعمال‬
‫متباينة والقصد واحد‪ ،‬وهذه من الحكمة النافعة في جميع المور"‪ .‬هذه جملة‬
‫من المؤيدات التي أظنها كافية لن تعطينا القتناع بأن الطرق يجب أن تسلك‬
‫كلها ‪ ،‬والبواب أن تطرق جميعها‪ ،‬وأن ل يعتب بعضنا على بعض في سلوك‬
‫أحدها دون الخر‪.‬‬
‫أمور لبد منها‪:‬‬
‫ثمت أمور ينبغي التنبيه إليها‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫ل‪ :‬أل يربى الناس على طريقة واحد‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أن ل نسلك بالناس طريقا واحدا‪ ،‬فكل إنسان له طبيعة خاصة وطريقة‬
‫خاصة‪ ،‬؛ فكل له طريقة في التفكير‪ ،‬وطريقة في العمل‪ ،‬وشخصية مستقلة‬
‫عن شخصية الخر‪ ،‬وكذلك قدرات تختلف عن قدرات الخرين‪ ،‬فل يسوغ أن‬
‫يربى الشباب جميعا ً على طريقة واحدة وفي إطار واحد‪ ،‬كأن يراد من‬
‫عاظ‪ ،‬أو طلبة علم‪ ،‬أو إلى ميدان من الميادين‬ ‫الشباب أن يتحولوا كلهم إلى وُ ّ‬
‫ُ‬
‫دون غيره‪ ،‬وإل ستبقى ثغور تحتاج إلى من يسدها‪ ،‬فيجب أن يكون هناك‬
‫إطار عام للتربية‪ ،‬لكن يبقى جانب يراعى فيه ويتعاهد فيه‪ ،‬كما قال ابن‬
‫القيم‪ :‬يتعاهد فيه حال هذا )الشباب( وينظر إلى ما هو متوجه له‪ ،‬فيسار به‬
‫إلى هذا الطريق‪ ،‬ما دام مأذونا ً فيه شرعًا‪.‬‬
‫ب كثيرة وواسعة‪ ،‬لن تضيق أبدا ً عن شباب‬ ‫والبواب المأذون فيها شرعا ً أبوا ٌ‬
‫المسلمين‪ ،‬بل لعلهم ل يستطيعون التيان عليها جميعا ً وسدها‪ ،‬فضل ً عن أن‬
‫تضيق عنهم‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬عدم احتقار جهود الخرين‪:‬‬
‫عندما يسلك النسان ميدانا ً ل يسوغ له أن يحقر الميدان الخر‪ ،‬فمن سلك‬
‫طريق الجهاد ل يسوغ له أن يحتقر طالب العلم‪ ،‬الذي حبس نفسه وفرغها‬
‫للبحث في المسائل الفرعية والقضايا الدقيقة‪ ،‬فالكل على ثغرة من ثغور‬
‫المة يسدها لخدمة دين الله سبحانه وتعالى ولحياء المة‪ ،‬أيا ً كانت هذه‬
‫الثغرة فالكل على خير‪ ،‬وكل هذه البواب مطلوبة ومرادة للمة جميعًا‪.‬‬
‫يقول شيخ السلم ‪-‬رحمه الله‪" : -‬ومنه ‪-‬أي اختلف التنوع‪ -‬ما يكون‬
‫طريقتان مشروعتان‪ ،‬ورجل أو قوم قد سلكوا هذه الطريقة‪ ،‬وآخرون قد‬
‫ن في الدين"‪.‬‬ ‫سلكوا الخرى‪ ،‬وكلهما حس ٌ‬
‫)‪(5 /‬‬

‫‪53‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وإن من القضايا المعاصرة الجدل القائم على الساحة السلمية حول مناهج‬
‫الدعوة‪ ،‬هل ينبغي العناية بمحاربة البدع والخرافات‪ ،‬أو يعتنى بالعمل‬
‫السياسي‪ ،‬أو بدعوة الضالين والمنحرفين‪ ،‬أو يعتنى بجانب الرقائق وتزهيد‬
‫الناس في الدنيا‪ ،‬أو بنشر العلم‪ ،‬أو بإنكار المنكرات؟ وكل يحشد الدلة‬
‫والمؤيدات على أن هذا الطريق هو الذي ينبغي أن يسلك‪ ،‬وأن الطرق‬
‫الخرى كلها تأتي بعده؛ ولكن هذه الميادين كلها مطلوبة؛ فالمة بحاجة إلى‬
‫من ينكر البدع‪ ،‬وإلى من يعلم العلم‪ ،‬وإلى من يجاهد في سبيل الله‪ ،‬وهي‬
‫بحاجة إلى من ينكر المنكرات‪ ،‬وكّلها جهود خيرة ومطلوبة‪ .‬فهذا الجدل ل‬
‫داعي له‪ ،‬ول يزيد على أن يكون مجرد تراشق وترف فكري‪ ،‬وإهدار لطاقة‬
‫المة فيما ل طائل وراءه‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬ليسار بالمرء لغير مايحسن‪:‬‬
‫ل ميسٌر لما خلق له‪ ،‬فبعض الناس قد يكون عنده حماس وطاقة‪ ،‬وهو‬ ‫ك ٌ‬
‫متفرغ وقادر على العمل‪ ،‬لكن إدراكه العقلي محدود وحافظته محدودة‪ ،‬وهو‬
‫غير مؤهل لتعلم العلم الشرعي‪ ،‬فل يعقل أن يطلب منه التدريس في حلقة‬
‫ل‪ ،‬فالنسب له أن يساهم في إنكار المنكرات‪ ،‬أو المشاركة في‬ ‫علمية مث ً‬
‫العمال الغاثية‪ ،‬أو غيرها مما يصلح لحاله وينجح فيه‪ ،‬ول يسوغ أن يطلب‬
‫من إنسان سريع الغضب‪ ،‬ول يجيد التعامل مع الخرين أن يعمل في ميدان‬
‫فس‪،‬‬ ‫تربوي‪ ،‬لن الميدان التربوي يحتاج إلى إنسان حسن المعاملة‪ ،‬طويل الن ّ َ‬
‫ل ميسٌر لما خلق له‪.‬‬ ‫وهكذا الثالث والرابع‪ ،‬فك ٌ‬
‫رابعًا‪ :‬لن نحيط بكل مانريد‪:‬‬
‫لن يحيط المرء بكل ما أمر به‪ ،‬فل يكلف نفسه ذلك‪ ،‬ول يطالب الناس به‪.‬‬
‫صر نفسه عليه‪ ،‬ول يطالبها أن تعمل بعمل من‬ ‫فمن تفرغ لتعلم العلم يق ِ‬
‫تفرغ لنكار المنكرات‪ ،‬أو للجهاد‪،‬أو غيره‪ ،‬فهو لن يستطيع أن يأتي بكل هذه‬
‫البواب‪ ،‬وما دام على خير فليلزمه‪ ،‬فمن الخطأ ومناقضة الفطرة والواقع أن‬
‫يحاول المسلم أن يحيط بكل أبواب الخير‪ ،‬فالمطلوب هو أن يسخر وقته‬
‫وجهده لخدمة دين الله سبحانه وتعالى‪ ،‬والدعوة إليه‪ ،‬وأبواب الدعوة‬
‫ومجالت خدمة الدين واسعة ومتنوعة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫وكذلك عليه أن ل يطالب الناس بهذا أيضا‪ ،‬فمن الخطأ أن يطالب عالم‬
‫ومفت في القضايا العلمية بالتحدث عن قضايا فكرية‪ ،‬قد تحتاج إلى شخص‬
‫آخر‪ ،‬أو أن يطاَلب بالخروج المستحب للجهاد‪ ،‬أو التفرغ لنكار المنكر‪ ،‬أو‬
‫غيره‪.‬‬
‫وكذا عندما نجد كاتبا ً يعنى بقضية المرأة‪ ،‬فيكتب ويحاضر ويخطب ويتحدث‬
‫عنها‪ ،‬فل نطالبه أن يلقي محاضرة أو يكتب عن أمور تخص الشباب أو عن‬
‫قضية علمية شائكة أو عن قضية في واقع المسلمين‪.‬‬
‫فمن سلك طريقا ً ينصر فيه السلم ل يطالب بغيره‪ ،‬وإنما يستفاد منه في‬
‫ميدانه‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬قد يكون المفضول فاضل‪:‬‬
‫قد يعتري المفضول ما يجعله أولى من الفاضل‪ ،‬وهذه قاعدةٍ شرعية مهمة‪،‬‬
‫ل‪ :‬قراءة القرآن أفضل من الدعاء في‬ ‫نبه عليها شيخ السلم وابن القيم‪ ،‬فمث ً‬
‫الجملة‪ ،‬لكن في بعض المقامات والحوال والوقات يكون الدعاء أفضل‪،‬‬
‫كآخر ساعةٍ يوم الجمعة أو يوم عرفة للحاج‪.‬‬
‫كذلك قد يكون عمل ما فاضل ً والخر مفضول؛ لكن قد يعتري هذا المفضول‬
‫ً‬
‫ل‪ :‬القراءة عن الطوائف الدينية ‪-‬كالقاديانية والبهائية‬ ‫أمر يجعله أولى‪ ،‬فمث ً‬
‫والعلمانية وغيرها من الطوائف والنحل‪ ،‬ومعرفة كل ما يتعلق بها‪ -‬ليست‬

‫‪54‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بأفضل من القراءة في دواوين السنة‪ ،‬لكن المة محتاجة إلى سد هذا‬


‫الميدان وإلى سد هذا الثغر‪ ،‬فهذا مفضول ولكن أتاه أمر جعله في حق فلن‬
‫من الناس أولى من الفاضل‪ ،‬وهكذا القول فيمن تخصص في الدب فتفرغ له‬
‫ة لكتبه ومدارسه؛ لن جزءا ً من معركتنا ميدانها‬‫حفظا ً وقراءةً ونقدا ً ومدارس ً‬
‫الدب‪ ،‬فيسد هذه الثغرة لمنازلة الدب المنحرف ‪ ،‬فالتخصص فيه لبعض‬
‫الناس أفضل من غيره‪.‬‬
‫ومصداق ذلك سيرة النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬حيث كان إذا خرج إلى‬
‫الجهاد يخلف بعض أصحابه أميرا ً على المدينة‪ ،‬فقد خلف علي بن أبي طالب‬
‫‪-‬رضي الله عنه‪ -‬في أهله في غزوة تبوك‪ ،‬فاعترض على ذلك‪ ،‬فقال له النبي‬
‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪" :-‬أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من‬
‫موسى؟"‪ ،‬فالجهاد أفضل من القعود عنه‪ ،‬لكن الفضل في حق علي هنا هو‬
‫القعود‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬الشهرة ليست فضيلة‪:‬‬
‫ليست الشهرة هي قيمة النسان‪ ،‬فقد تكون بعض الميادين تتطلب شهرة‪،‬‬
‫كالخطابة والتأليف وغيرها مما يشهر بصاحبه ويجعله معروفا ً بين الناس‪،‬‬
‫وبعضها ل تتطلب شهرة فيكون صاحبها مغمورًا‪ ،‬وهذا ل يعني أفضلية‬
‫المشهور على المغمور‪ ،‬فالقضية ليست في الشهرة‪ ،‬فقد قال عليه السلم‪:‬‬
‫"رب أشعث‪ ،‬ذي طمرين‪ ،‬مدفوع بالبواب‪ ،‬ل يؤبه له‪ ،‬لو أقسم على الله‬
‫لبره"‪ ،‬وقال‪" :‬إن الله يحب العبد التقي الخفي" فهذا العبد البعيد عن‬
‫الضواء‪ ،‬الخفي غير المشهور‪ ،‬يحبه الله سبحانه وتعالى‪ ،‬فليس هناك علقة‬
‫مطردة بين الشهرة وبين نصرة دين الله سبحانه وتعالى‪ ،‬فالعبرة بالخلص‬
‫ومدى نفع العمل‪ ،‬وقد ينفع الله بهؤلء المغمورين ويكتب لهم من الجر ما ل‬
‫يكتبه لغيرهم من المشهورين‪.‬‬
‫محاذير‬

‫)‪(6 /‬‬

‫مع أهمبة مراعاة هذا المر واعتبار‪ ،‬فلبد من الحذر من الوقوع في بعض‬
‫المحاذير‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫الول‪ :‬ل يسوغ أن يترك الواجب بحجة التخصص‪ ،‬فهناك أمور واجبة على‬
‫الجميع‪ ،‬كالعلم الشرعي ففيه قدر واجب على الجميع‪ ،‬وكإنكار المنكرات‬
‫الظاهرة هو واجب على من يراها‪ ،‬وهكذا سائر الواجبات الشرعية‪ ،‬فل يسوغ‬
‫أن تترك بحجة التخصص في ميدان معين‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬ل يسوغ الخلل التربوي بحجة التخصص‪ ،‬فالنسان قد يكون عنده خلل‬
‫ويعاني من فقر مدقع في كافة الجوانب بحجة أنه متخصص‪ ،‬وإنما يجب أن‬
‫يكون فيه قدر من التكامل‪ ،‬فمن توجه إلى طلب العلم‪ ،‬وأنفق فيه النفيس‬
‫من وقته‪ ،‬ليسوغ له التفريط في عبادة الله عز وجل‪ ،‬وأن ل يتمعر وجهه إذا‬
‫رأى معصية لله عز وجل‪ ،‬ولكن ينبغي عليه أن يتربى على عبادة الله عز‬
‫وجل وطاعته‪ ،‬وعلى إنكار المنكر‪ ،‬وجلب النفع للناس‪ ،‬وعلى كل أبواب‬
‫الخير‪ ،‬ثم تكون غاية مطلوبه هو تحصيل العلم‪ ،‬قد صرف له كل همه‪ ،‬مع‬
‫العناية بالجوانب الخرى‪ .‬وحينما يحصل خلل واضح في جانب من الجوانب‪،‬‬
‫ل‪ :‬عندما يكون طالب العلم‬‫فإنه سيعود على الجوانب الخرى بالبطال‪ ،‬فمث ً‬
‫قاسي القلب‪ ،‬سيفقد الورع الذي يحتاج إليه في علمه وفي فتواه ومواقفه‪،‬‬
‫وكذلك المربي حينما يكون قاسي القلب‪ ،‬أو يكون ضحل ً في العلم والطلع‪،‬‬

‫‪55‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لبد أن ينعكس هذا الخلل على عمله وجهده‪ ،‬إذن ‪ ..‬لبد من التكامل مع‬
‫التخصص‪ ،‬ولبد أن تكون شخصية النسان متكاملة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬يجب أن نحذر من الغراق في التخصص المبكر‪ ،‬فالشباب تكون‬
‫توجهاتهم واستعداداتهم متقاربة‪ ،‬وكلما تقدمت بهم السن‪ ،‬كلما بدأت تتضح‬
‫معالم شخصيتهم‪ ،‬فالتخصص المبكر يوقع في أخطاء‪ ،‬منها‪ :‬الوقوع في‬
‫الخلل؛ إذ لو بدأ من الصغر في التخصص‪ ،‬سيقع في خلل ويفقد الجوانب‬
‫الخرى‪ ،‬وبالتالي لن تكون شخصيته متكاملة‪ ،‬وكذلك قد يتصور أنه إنما يصلح‬
‫لهذا الميدان‪ ،‬بينما هو يصلح لغيره‪ ،‬فنقع في خطأ في تقويم الشخصية‬
‫واستكشاف استعدادت الشخص ومواهبه‪ ،‬ولكن عندما يتأخر قليل ً في جانب‬
‫التخصص‪ ،‬سيتجاوز تلك السلبيات‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬ل ينبغي الشتغال بالدون‪ ،‬فقد يكون من الناس من يصلح لميادين‬
‫كثيرة فينبغي أن يختار الميدان الولى والليق به‪ ،‬من خلل حاجة المجتمع‬
‫وحاجة الدعوة في هذا الميدان‪ ،‬أو من خلل أهمية هذا الميدان أو ذاك‪ ،‬فل‬
‫ينبغي أن ينشغل بالدون بحجة أنه قد أفلح ونجح وفتح له في هذا الباب‪ ،‬فهذا‬
‫فيه إهمال وإهدار للطاقة‪ ،‬كما حصل ذلك للقاضي الذي كان يقضي ويعلم‬
‫الناس ويصلح بينهم‪ ،‬فلما قرأ حديث النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪" :-‬إماطة‬
‫الذى عن الطريق صدقة" ترك القضاء‪ ،‬وانشغل بإماطة الذى عن الطريق‪،‬‬
‫فهذا قد انشغل بباب من أبواب الخير وشعبة من شعب اليمان‪ ،‬ولكنه‬
‫انشغل بأدنى شعب اليمان‪ ،‬وترك الميدان النفع والولى بأمثاله‪.‬‬
‫الخامس ‪ :‬لبد من التكامل على مستوى المة‪ ،‬فقد يشتغل فرد بسد ثغر من‬
‫الثغورحسب طاقته ومواهبه ‪ ،‬ولكن على مستوى المة يجب أن تسد الثغور‬
‫جميعًا‪ ،‬ويجب أن يكون هناك تكامل على مستوى مجالت الدعوة ‪ ،‬فهناك‬
‫فرق بين الفرد وبين المة‪ ،‬أو بين الدعوة على مستوى أجمع‪.‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫كلمات رائعه‬
‫ع‪،‬‬
‫خ السلم ابن تيمية ‪-‬رحمه الله‪" :-‬خير العمال ماكان لله أطو َ‬ ‫*قال شي ُ‬
‫ولصاحبه أنفع‪"...‬‬
‫• قال بعض السلف‪" :‬قد أصبح بنا من نعم الله تعالى ما ل نحصيه مع كثرة‬
‫ل ما ينشر أم قبيح ما يستر‪...‬؟"‬ ‫ما نعصيه فل ندري أيهما نشكر‪ ،‬أجمي ُ‬
‫• قال سماحة الشيخ‪/‬عبدالعزيز بن باز ‪-‬رحمه الله‪" :-‬وهكذا التعاون مع‬
‫رجال الهيئة المرين بالمعروف الناهين عن المنكر‪ ،‬يعتبر من الجهاد في‬
‫سبيل الله في حق من صلحت نيته" ]مجموع رسائل وفتاوى ابن باز‬
‫‪.[18/252‬‬
‫ملت أنفع الدعاء فإذا هو‪:‬‬‫• قال شيخ السلم ابن تيمية‪-‬رحمه الله‪" :-‬تأ ّ‬
‫سؤال الله العون على مرضاته"‬
‫• قال شيخ السلم ابن تيمية‪-‬رحمه الله‪" :-‬القلوب الصادقة والدعية‬
‫الصالحة هي العسكر الذي ل يغلب"‪.‬‬
‫• قال شيخ السلم ابن تيمية‪-‬رحمه الله‪" :-‬ومن تدبر أصول الشرع علم أنه‬
‫يتلطف بالناس في التوبة بكل طريق"‪.‬‬
‫ن من‬ ‫• قال بعض السلف‪" :‬اّدخر راحتك لقبرك‪ ،‬وّقلل من لهوك ونومك‪ ،‬فإ ّ‬
‫ة صبحها يوم القيامة"‪.‬‬ ‫ورائك نوم ً‬
‫• قال شيخ السلم ابن تيمية‪-‬رحمه الله‪" :-‬الن ّّية المجردة عن العمل ُيثاب‬

‫‪56‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عليها‪ ،‬والعمل المجرد عن اّلنية ل يثاب عليه"‪.‬‬


‫• قال الحسن البصري ‪-‬رحمه الله‪" :-‬استكثروا في الصدقاء المؤمنين فإن‬
‫ة يوم القيامة"‪.‬‬ ‫لهم شفاع ً‬
‫• قال بعض السلف‪" :‬إذا قصر العبد في العمل ابتله الله بالهموم"‪.‬‬
‫ب‬
‫• قال المام أحمد ‪-‬رحمه الله‪" :-‬إن أحببت أن يدوم الله لك على ما تح ّ‬
‫ب"‪.‬‬‫فدم له على ما يح ّ‬
‫• قيل للمام أحمد ‪-‬رحمه الله‪" :-‬كم بيننا وبين عرش الرحمن؟ قال‪ :‬دعوة‬
‫صادقة من قلب صادق"‪.‬‬
‫م يشبه نعيم‬ ‫• قال شيخ السلم ابن تيمية‪-‬رحمه الله‪" :-‬ليس في الدنيا نعي ٌ‬
‫الخرة إل نعيم اليمان"‪.‬‬
‫• سئل المام أحمد ‪-‬رحمه الله‪" :-‬متى الراحة؟ قال‪ :‬عند أول قدم أضعها‬
‫في الجنة"‪.‬‬
‫• قال مطرف بن عبد الله ‪-‬رضي الله عنه‪" :-‬صلح القلب بصلح العمل‪،‬‬
‫وصلح العمل بصلح النية"‪.‬‬
‫مستراح للعبد إل تحت شجرة‬ ‫• قال عمر بن عبد العزيز ‪-‬رحمه الله‪" :-‬ل ُ‬
‫طوبى"‪.‬‬
‫• جاء رجل إلى الحسن البصري ‪-‬رحمه الله‪ :-‬فقال‪" :‬يا أبا سعيد أشكو إليك‬
‫قسوة قلبي‪ .‬قال‪ :‬أّدبه بالذكر"‪.‬‬
‫لمة السعدي ‪-‬رحمه الله‪ :-‬في تفسير قوله تعالى‪}:‬وهو اللطيف‬ ‫• قال الع ّ‬
‫طف بعبده وولّيه فيسوق إليه البّر‬ ‫الخبير{ من معاني اللطيف‪" :‬أنه الذي يل ُ‬
‫والحسان من حيث ل يشعر‪ ،‬ويعصمه من الشر من حيث ل يحتسب‪ ،‬ويرقيه‬
‫إلى أعلى المراتب بأسباب ل تكون من العبد على بال"‪.‬‬
‫ً‬
‫• قال شيخ السلم ابن تيمية‪-‬رحمه الله‪" :-‬فمن كان مخلصا في أعمال‪،‬‬
‫الدين يعمُلها لله؛ كان من أولياء الله المتقين أهل النعيم المقيم" ]مجموع‬
‫الفتاوى ‪.[1/8‬‬
‫• قال بعض السلف‪" :‬القلوب مشاكي النوار‪ ،‬ومن خلط زيته اضطرب نوره‪،‬‬
‫سبيل"‪.‬‬‫ميت عليه ال ّ‬ ‫فعُ ّ‬
‫ت الراحة له طاعة‪ ،‬ووقت الطاعة له راحة"‪.‬‬ ‫ي وق ُ‬ ‫ّ‬
‫• قال بعض السلف‪" :‬التق ّ‬
‫• قال المام أحمد ‪-‬رحمه الله‪" :-‬نحن قوم مساكين نأكل أرزاقنا وننتظر‬
‫آجالنا"‪.‬‬
‫• قال بعض السلف‪" :‬من كان لله كما يريد‪ ،‬كان الله له فوق ما يريد‪ ،‬ومن‬
‫أقبل عليه تلقاه من بعيد"‪.‬‬
‫م‬
‫ة الخوان ول غ ّ‬ ‫صحب َ‬‫• المام الشافعي ‪-‬رحمه الله‪" :-‬ليس سرور يعدل ُ‬
‫يعدل فراقهم"‪.‬‬
‫• قال عمر ابن الخطاب ‪-‬رضي الله عنه‪" :-‬ما أعطي عبد ٌ بعد السلم خيرا ً‬
‫من أٍخ صالح"‪.‬‬
‫ن الدنيا إذا كست أوكست‪ ،‬وإذا حلت أوحلت‪ ،‬وإذا‬ ‫• قال بعض السلف‪" :‬إ ّ‬
‫غلت أوغلت‪ ،‬فإياك إياك"‪.‬‬
‫ن! فل تعجب فهذي‬ ‫• قال ابن القيم ‪-‬رحمه الله‪" :-‬والحق منصور وممتح ٌ‬
‫سنة الرحمن"‪.‬‬
‫ق‪ ،‬ينزلك‬ ‫قال ابن عبد البر –رحمه الله‪ :-‬كتب عمر إلى معاوية‪ :‬أن ألزم الح ّ‬
‫ق‪ ،‬والسلم‪.‬‬ ‫ق‪ ،‬يوم ل ُيقضى إل بالح ّ‬ ‫الحقّ في منازل أهل الح ّ‬
‫• قال ابن القيم –رحمه الله‪ :-‬الجهاد نوعان‪ :‬جهاد باليد والسنان‪ ،‬وهذا‬
‫المشارك فيه كثير‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صة من أتباع الّرسل‪ ،‬وهو‬ ‫جة والبيان‪ ،‬وهو جهاد الخا ّ‬ ‫• والثاني‪ :‬الجهاد بالح ّ‬
‫دة مؤونته وكثرة أعدائه‪.‬‬ ‫جهاد الئمة وهو أفضل الجهادين لعظم منفعته وش ّ‬
‫ل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور‪ ،‬وعن‬ ‫• قال ابن القيم –رحمه الله‪ :-‬ك ّ‬
‫دها‪ ،‬وعن المصلحة إلى المفسدة‪ ،‬وعن الحكمة إلى العبث‪،‬‬ ‫الّرحمة إلى ض ّ‬
‫ُ‬
‫شريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل ]إعلم الموقعين‪.[3/3 :‬‬ ‫فليست من ال ّ‬
‫ي عن الجويني إمام الحرمين اتفاق‬ ‫شربين ّ‬‫• نقل عن النوويّ والخطيب ال ّ‬
‫المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه‪] .‬روضة الطالين‪:‬‬
‫‪.[21/7‬‬
‫ً‬
‫دكم ود ّا من أخيه‬‫• قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه‪ :-‬إذا أصاب أح ُ‬
‫سك به‪ ،‬فقلما يصيب ذلك‪.‬‬ ‫فليتم ّ‬
‫• قال العلمة السعدي –رحمه الله‪ :-‬عنوان سعادة العبد‪ :‬إخلصه للمعبود‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وسعيه في نفع الخلق‪.[1/30] .‬‬
‫متكائا‪ً.‬‬
‫• قال بعض السلف‪ :‬صانع المعروف ل يقع‪ ،‬وإن وقع وجد ُ‬
‫• قال بن القيم –رحمه الله‪ :-‬ومن ظن إدالة أهل الكفر على أهل السلم‬
‫ن بالله‪.‬‬‫إدالة تامة فقد أساء الظ ّ‬
‫• قال شيخ السلم ابن تيمية –رحمه الله‪ :-‬ليس في كتاب الله آية واحدة‬
‫ُيمدح فيها أحد بنسبه ول ُيذم أحد بنسبه‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫• قال شيخ السلم بن تيمية –رحمه الله‪ :-‬ما ل يكون بالله ل يكون‪ ،‬وما ل‬
‫يكون لله ل ينفع ول يدوم‪.‬‬
‫ش العشاء مع أمك تقّر به‬ ‫• قال الحسن البصري –رحمه الله‪ :-‬لرجل‪ :‬تع ّ‬
‫وعًا‪.‬‬‫ي من حجة تط ّ‬ ‫ب إل ّ‬‫عيُنها أح ّ‬
‫• قال بعض السلف‪ :‬ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه‪ ،‬فعاضه مكانها‬
‫ما انتزعه‪.‬‬‫وضه خيرا ً م ّ‬ ‫الصبر‪ ،‬إل كان ما ع ّ‬
‫ل بلء دون‬ ‫ة" "وك ّ‬‫ل نعمة دون الجنة فاني ٌ‬‫ن "ك ّ‬ ‫ّ‬
‫• قال بعض السلف‪ :‬تذكر أ ّ‬
‫النار عافية"‪.‬‬
‫سر له‪،‬‬ ‫م بالمر في التجارة والمارة حتى ُيي ّ‬ ‫ن العبد ليه ّ‬ ‫• قال بعض السلف‪ :‬إ ّ‬
‫سر له أدخلُته النار‬‫فينظر الله إليه فيقول للملئكة‪ :‬اصرفوه عنه فإنه إن ي ّ‬
‫ل يتطير بقوله‪ :‬سّبني فلن وأهانني فلن‪ ،‬وما هو إل‬ ‫فيصرف الله عنه‪ ،‬فظ ّ‬
‫فضل الله‪.‬‬
‫• قال شيخ السلم بن تيمية –رحمه الله‪ :-‬في ]المنهاج ‪ :[3/378‬إذا صار‬
‫ة في العراق يكون الّرافضة أعظم أعوان لهم‪.‬‬ ‫لليهود دول ٌ‬
‫ن عليه‬‫• قال بعض السلف‪ :‬ما بين مصراعي باب الجنة مسيرةُ أربعين‪ ،‬وليأتي ّ‬
‫م وهو كظيظ من الزحام‪.‬‬ ‫يو ٌ‬
‫• قال عمر الفاروق –رضي الله عنه‪ :-‬ل خير في قوم ليسوا بناصحين‪،‬‬
‫ولخير في قوم ل يحبون الّنصح‪.‬‬
‫• قال شيخ السلم بن تيمية ‪-‬رحمه الله‪ -‬في آخر حياته‪" :‬وندمت على‬
‫تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن" ]ذيل طبقات الحنابلة لبن رجب‪:‬‬
‫‪[2/402‬‬
‫• قال الشيخ‪ /‬عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن "ليس بين الرافضة‬
‫والنصارى إل نسبة الولد لله"‪ ،‬كما في الدرر السنية )‪.(1/386‬‬
‫• قال ابن القّيم –رحمه الله‪" -‬كلما كانت النفوس أكبر والهمة أعلى‪ ،‬كان‬

‫‪58‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تعب البدن أوفر وحظه من الراحة أقل‪ ،‬والزمن يمضي وحظك منه ما كان‬
‫في طاعة الله"‪.‬‬
‫• قال إسحاق بن خالد –رحمه الله‪" -‬ليس أقطع لظهر إبليس من قول ابن‬
‫آدم‪ :‬ليت شعري بم يختم لي!؟ عندها ييأس إبليس ويقول‪ :‬متى ُيعجب هذا‬
‫بعمله؟"‪.‬‬
‫• قال ابن القّيم – رحمه الله‪" -‬الله إذا أراد بعد خير سلب رؤية أعماله‬
‫الحسنة من قلبه والخبار بها من لسانه‪ ،‬وشغله برؤية ذنبه‪ ،‬فل يزال نصب‬
‫ن ما تقبل من العمال ورفع من القلب رؤيته ومن‬ ‫عينيه حتى يدخل الجنة‪ ،‬فإ ّ‬
‫اللسان ذكره"‪.‬‬
‫• قال ابن القّيم – رحمه الله‪ -‬في الوابل الصيب‪" :‬فالمتصدق يعطيه الله ما‬
‫ل يعطي الممسك‪ ،‬ويوسع عليه في ذاته وخلقه ورزقه ونفسه وأسباب‬
‫معيشته جزاء له من جنس عمله"‪.‬‬
‫• قال ابن القّيم –رحمه لله‪" -‬بل أكثر من يتعبد الله –عز وجل‪ -‬بترك ما‬
‫أوجب فيتخلى وينقطع عن المر بالمعروف والنهي عن المنكر مع قدرته‬
‫عليه‪ ،‬ويزعم أنه متقرب إلى الله بذلك مجتمع على ربه تارك ما ل يعنيه؛‬
‫فهذا من أمقت الخلق إلى الله"‪.‬‬
‫• "لن يستطيع أحد أن يركب على ظهرك إل إذا كنت منحنيًا"‬
‫• قال سفيان الثوري –رحمه الله‪" -‬إذ أحببت الرجل في الله‪ ،‬ثم أحدث في‬
‫السلم فلم تبغضه عليه فلم تحبه في الله" الحلية ‪.7/34‬‬
‫• قال ابن القّيم –رحمه الله‪" -‬فإذا إنضافت القوال الباطلة إلى الظنون‬
‫الكاذبة وأعانتها الهواء الغالبة‪ ،‬فل تسأل عن تبديل الدين بعد ذلك"‪.‬‬
‫• قال على الطنطاوي –رحمه الله‪" -‬إن المة الخاملة صف من الصفار‪ ،‬لكن‬
‫إن بعث الله لها واحدا ً مؤمنا ً صادق اليمان داعيا ً إلى الله‪ ،‬صار صف الصفار‬
‫مع الواحد مئة مليون‪ ،‬والتأريخ مليء بالشواهد على ما أقول"‪.‬‬
‫ي –رحمه الله‪" -‬فالقادة العلم يوم من أيام أحدهم أكبر‬ ‫• قال المام الذهب ّ‬
‫من عمر آحاد الناس"‪.‬‬
‫• قال المام الشوكاني – رحمه الله‪" -‬فالمر بالمعروف والنهي عن المنكر‬
‫من أهم القواعد السلمية وأجل الفرائض الشرعية‪ ،‬ولهذا فإن تاركه شريكا ً‬
‫لفاعل المعصية ومستحقا ً لغضب الله وانتقامه"‪ .‬فتح القدير – سورة المائدة‬
‫الية ‪.79-78‬‬
‫• قال الشيخ‪ /‬عبد العزيز بن باز –رحمه الله‪ " -‬الحياة في سبيل الله أصعب‬
‫من الموت في سبيل الله"‪.‬‬
‫• قال الحسن –رحمه الله‪" -‬تفقدوا الحلوة في الصلة وفي القرآن وفي‬
‫الذكر‪ ،‬فإن وجدتموها فابشروا وأملوا‪ ،‬وإن لم تجدوها فاعلموا أن الباب‬
‫مغلق"‬
‫• قال بن رجب –رحمه الله‪ -‬في رسائله‪:‬‬
‫"العِْلم وسيلة إلى كل فضيلة"‪.‬‬
‫"العاقل من تزيده نيران الزمات لمعانًا"‪.‬‬
‫"التفكر عبادة ل تقبل النيابة"‪.‬‬
‫"الصاعقة ل تضرب إل لقمم"‪.‬‬
‫• قال ابن رجب –رحمه الله‪ -‬في لطائفه‪" :‬يمر السحاب في بلدة بماٍء معين‬
‫من المعصرات يريد النزول؛ فل يستطيع لما حل بها من المنكرات"‪.‬‬
‫• قال ابن القيم –رحمه الله‪" -‬إذا ظفرت برجل واحد من أولي العلم‪،‬طالب‬
‫للدليل‪ ،‬محكم له‪ ،‬متبع للحق حيث كان‪ ،‬وأين كان‪ ،‬ومع من كان‪ ،‬زالت‬

‫‪59‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الوحشة وحصلت اللفة وإن خالفك؛ فإنه يخالفك ويعذرك‪ .‬والجاهل الظالم‬
‫يخالفك بل حجة ويكفرك أو يبدعك بل حجة‪ ،‬وذنبك‪ :‬رغبتك عن طريقته‬
‫الوخيمة وسيرته الذميمة‪ ،‬فل تغتر بكثرة هذا الضرب‪ ،‬فإن اللف المؤلفة‬
‫منهم؛ ل يعدلون بشخص واحد من أهل العلم‪ ،‬والواحد من أهل العلم يعدل‬
‫ملء الرض منهم"‪ .‬إعلم الموقعين ‪.1/308‬‬

‫)‪(2 /‬‬
‫َ‬
‫ب‬‫خا َ‬‫ها وَقَد ْ َ‬ ‫ن َز ّ‬
‫كا َ‬ ‫م ْ‬
‫ح َ‬ ‫• قال ابن القيم ‪-‬رحمه الله‪ :-‬قال الله تعالى‪) :‬قَد ْ أفْل َ َ‬
‫ها( الشمس‪ .10-9:‬والمعنى‪" :‬قد أفلح من كّبرها وأعلها بطاعة الله‬ ‫سا َ‬‫ن دَ ّ‬‫م ْ‬ ‫َ‬
‫قرها وصّغرها بمعصية الله‪ .‬فما صّغر‬ ‫وأظهرها‪ ،‬وقد خسر من أخفاها وح ّ‬
‫النفوس مثل معصية الله‪ ،‬وما كّبرها وشّرفها ورفََعها مثل طاعته" ‪.‬‬
‫• قال سفيان الثوري – رحمه الله‪" -‬ليس للشيطان سلح للنسان مثل‬
‫خوف الفقر‪ ،‬فإذا وقع في قلب النسان‪ :‬من َعَ الحق وتكلم بالهوى وظن بربه‬
‫ظن السوء"‪.‬‬
‫شاُء ( النعام‪ :‬من الية ‪ .83‬قال شيخ‬ ‫ن نَ َ‬‫م ْ‬‫ت َ‬
‫جا ٍ‬ ‫َ‬
‫• قال الله تعالى‪) :‬ن َْرفعُ د ََر َ‬
‫السلم –رحمه الله‪" :-‬رفع الدرجات و القدار على قدر معاملة القلوب‬
‫بالعلم واليمان"‪.‬‬
‫ن لتفطرت‬ ‫ٍ‬ ‫ثا‬ ‫باجتماع‬ ‫توقن‬ ‫ُ‬ ‫القلوب‬ ‫أن‬ ‫"لول‬ ‫الله‪-‬‬ ‫رحمه‬ ‫–‬ ‫• قال بن عقيل‬
‫محبين"‪.‬‬ ‫المرائر لفراق ال ُ‬
‫ن قال أو فعل ما هو‬ ‫م ْ‬
‫جملةِ َ‬ ‫• قال شيخ السلم بن تيمية –رحمه الله‪" :-‬وبال ُ‬
‫فَر بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافرًا‪ ،‬إذا ل يقصد الكفر أحد ٌ إل ما‬ ‫فر‪ .‬ك َ َ‬‫كُ ْ‬
‫شاء الله"‪ .‬الصارم المسلول ص ‪.177‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫كلمات في اللتزام‬
‫م‬
‫الصحوة السلمية أمل المستقبل المرتقب‪ ،‬وعدة الغد المقبل‪ ،‬وقد ع ّ‬
‫نورها الرجاء‪ ،‬وكان من آثارها‪ :‬النابة‪ ،‬والتوبة‪ ،‬والعبادة‪ ،‬ومن ملمحها‪:‬‬
‫النهضة العلمية‪ ،‬والصالة المنهجية‪ ،‬والستقللية الفكرية‪ ،‬وجوانب الخير فيها‬
‫كثيرة يضيق المقام عن حصرها‪ .‬ومع ما أسفلناه إل أنها تحتاج إلى ترشيد‬
‫وتسديد‪ ،‬وإلى تدعيم وتقويم‪ ،‬وواجب النصيحة لهذه الصحوة المباركة يقتضي‬
‫استنفار العلماء والمربين‪ ،‬وكل غيور على الدين وأهله‪ ،‬يجتهد ك ّ‬
‫ل فيما‬
‫يحسنه‪ ،‬هذا بتأصيل العلوم الشرعية لهم‪ ،‬وذاك بتعميق التربية اليمانية فيهم‪،‬‬
‫ويرتقى لذلك كل سبيل مشروع‪ ،‬هذا بفصيح لسانه‪ ،‬وذاك ببليغ ما يخطه‬
‫ببنانه‪ .‬ومن هذا المنطلق جاءت‪' :‬كلمات في اللتزام' لبيان سبيل كل يدعيه‪،‬‬
‫ويتشدق بأبعاده ومراميه‪ ،‬وهي محاولة متواضعة لقامة الحجة وبيان المحجة‪.‬‬
‫معنى اللتزام ‪ :‬اللتزام كلمة تعبر عن الملزمة للشيء والدوام عليه‪ ،‬فهي‬
‫كلمة عامة تصدق على اللتزام بالشرع وبغيره‪.‬‬
‫? واللتزام المراد في هذه الرسالة هو‪:‬‬
‫مداومة الستقامة على الهدى‪ ،‬قوة التمسك بالتقي‪ ،‬وإلجام النفس وقسرها‬
‫على سلوك طريق الحق والخير‪ ،‬مع سرعة الوبة والتوبة حال ملبسة الثم‪،‬‬
‫أو الركون إلى الدنيا‪.‬‬
‫وبهذا يكون اللتزام بالدين بمعنى 'مداومة الستقامة' و'الستمساك‬

‫‪60‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بالشريعة' 'والثبات على طاعة الله ورسوله' و'سلوك طريق الهداية' وهو‬
‫تكليف يصبر عليه 'المؤمن القوي' ويسارع إليه 'السابقون بالخيرات'‪.‬‬
‫عوائق اللتزام ‪ :‬وأهم العوائق التي تمنع الكثيرين‪ ،‬وتحول دون القدام‬
‫بخطوات جادة لسلوك هذا الطريق‪،‬‬
‫الناظر في واقع الناس يستطيع إدراكها‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫?المفاهيم الخاطئة‪:‬ومن هذه المفاهيم الخاطئة‪:‬‬
‫? انحراف مفهوم 'التشدد والغلو' عن معناه الشرعي‪ :‬فمن الناس من يظن‬
‫أن التمسك بالسنن‪ ،‬والمحافظة على أوامر الله‪ ،‬وترك ما حرم الله؛ نوع‬
‫ك‬ ‫َ‬
‫تشدد وتنطع في الدين‪ ،‬ولذا ترى بعض هؤلء كثيًرا ما يستدل بحديث‪]:‬هَل َ‬
‫ن[ رواه مسلم‪ .‬في غير محله‪ ،‬وقد يتخذه سبًبا لتنفير الخرين من‬ ‫مت َن َط ُّعو َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫سلوك طريق الصالحين‪ ،‬والثبات على اللتزام بالدين‪.‬‬
‫ويجاب عليهم‪ :‬بأن أهل العلم قد حددوا المعنى الشرعي للغلو والتنطع‬
‫والتشدد‪ ،‬قال شيخ السلم ابن تيمية‪':‬الغلو‪ :‬مجاوزة الحد بأن يزاد في‬
‫الشيء‪ ،‬في حمده أو ذمه‪ ،‬على ما يستحق ونحو ذلك'‪ .‬إذًا‪ :‬الغلو في الدين‬
‫هو‪ :‬تجاوز الحد الشرعي بالزيادة‪ ،‬فمن صام النهار ولم يفطر‪ ،‬فقد زاد على‬
‫م‪ ،‬ومن قام الليل ولم ينم‪ ،‬فقد زاد على‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ما فعله النبي َ‬
‫م‪ ،‬ومن امتنع عن الزواج‪ ،‬فقد ترك ما شرع الله‬ ‫ّ‬
‫ه َ ْ ِ َ َ َ‬
‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫سنته َ‬
‫م‪.‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ورسوله َ‬
‫أما من التزم الفرائض‪ ،‬وحافظ على الوامر الشرعية‪ ،‬واجتنب النواهي؛‬
‫فليس ذلك من الغلو بحال‪ ،‬بل هو من الدخول في السلم كافة الذي أمرنا‬
‫الله به في كتابه الكريم‪ .‬والولى بهؤلء أن يتقوا الله‪ ،‬ويعترفوا بتقصيرهم ل‬
‫أن يرموا المتقين بما هم بعيدون عنه !!‪.‬‬
‫? انحراف مفهوم 'الوسطية' عن المعنى الشرعي‪ :‬فإن من الناس من يظن‬
‫أن ما هو عليه من ظلم لنفسه‪ ،‬وتقصير مع ربه أنه هو 'الوسط' وأن ما يقوم‬
‫به أهل اللتزام والستقامة هو نوع من التشدد التنطع‪.‬‬
‫م‬ ‫ّ‬
‫سل َ‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ويجاب عليهم‪ :‬أن هذا القول يلزم منه رمى الرسول َ‬
‫بأنه كان متشدًدا‪ -‬وحاشاه عن ذلك‪ -‬ويلزم منه أن الصحابة رضي الله عنهم‬
‫وهو خير القرون كانوا أهل تشدد وتنطع‪ ،‬والحق أن أصحاب هذه المقالة لو‬
‫أدركوا ما يقولون؛ لما قالوا بها‪ ،‬ولقد قرر العلماء الحد الشرعي للوسطية‬
‫فقالوا‪ :‬الوسطية في السلم‪ :‬هي لزوم أوامر الشرع‪ ،‬وترك نواهيه بحسب‬
‫م‪ ،‬وعليه سبيل السلف رضي‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫الوسع‪ ،‬وهو فعل الرسول َ‬
‫الله عنهم‪ :‬كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله كتابا ً إلى عامل من عماله‪،‬‬
‫ما‬ ‫صرٍ وَ َ‬ ‫ق َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫م ِ‬ ‫ما ُدون َهُ ْ‬ ‫فقال بعد أن أوصاه بلزوم طريق من سلف‪...':‬فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وا‬ ‫م فَغَل ْ‬ ‫وا ٌ‬ ‫م أقْ َ‬ ‫ح عَن ْهُ ْ‬ ‫م َ‬
‫وا وَط َ‬ ‫ف ْ‬ ‫م فَ َ‬
‫ج َ‬ ‫م ُدون َهُ ْ‬ ‫صَر قَوْ ٌ‬ ‫سرٍ وَقَد ْ قَ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫فَوْقَهُ ْ‬
‫م‪ .'...‬والولى بأصحاب هذا القول أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬
‫قي ٍ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫دى ُ‬ ‫ك لعَلى هُ ً‬ ‫م ب َي ْ َ‬‫وَإ ِن ّهُ ْ‬
‫يعترفوا بتقصيرهم‪ ،‬وأن يشمروا عن ساعد الجد‪ ،‬ويسلكوا سبيل الهداية؛‬
‫س ً‬ ‫ك جعل ْناك ُ ُ‬ ‫ليكونوا أمة وس ً‬
‫طا‬ ‫ة وَ َ‬ ‫م ً‬ ‫مأ ّ‬ ‫طا كما أراد الله‪ ،‬قال تعالى‪ {:‬وَك َذ َل ِ َ َ َ َ ْ‬
‫دا‪] }[143]...‬سورة‬ ‫شِهي ً‬ ‫م َ‬ ‫ل عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫كو َ‬ ‫س وَي َ ُ‬ ‫داَء عَلى الّنا ِ‬
‫َ‬ ‫شهَ َ‬ ‫كوُنوا ُ‬ ‫ل ِت َ ُ‬
‫البقرة[‪.‬‬
‫? انحراف مفهوم 'الدين يسر' عن المراد الشرعي‪ :‬فإن من الناس من يبرر‬
‫تقصيره وإضاعته لكثير من الواجبات الشرعية بأن‪':‬الدين يسر' ‪ .‬والبعض‬
‫يتلعب بالوامر الشرعية‪ ،‬فيأخذ منها ويدع بحسب هواه؛ لن الدين يسر‪،‬‬
‫حَرٍج ‪[78]...‬‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫دي ِ‬‫م ِفي ال ّ‬ ‫ل عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫جعَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫وتراه يردد قول الله‪ ...{:‬وَ َ‬
‫} ]سورة الحج[‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫م جرت على‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ويجاب عليهم‪ :‬أن السنة العملية للرسول َ‬
‫مَري ْن إ ِلّ‬ ‫خير النبي صّلى الل ّه عَل َيه وسل ّم بين أ َ‬
‫ْ ِ َ َ َ َْ َ ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ما ُ ّ َ ّ ِ ّ َ‬ ‫وفق اليسر والتيسير‪َ ]:‬‬
‫ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ه‪ [...‬رواه البخاري‬ ‫من ْ ُ‬‫ما ِ‬ ‫ن أب ْعَد َهُ َ‬ ‫م كا َ‬ ‫َ‬ ‫ن ال ِث ْ ُ‬ ‫َ‬
‫م فَإ َِذا كا َ‬ ‫م ي َأث َ ْ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫سَرهُ َ‬ ‫خَتاَر أي ْ َ‬ ‫ا ْ‬
‫ومسلم ‪.‬‬
‫إذًا‪ :‬الضابط لمسألة اختيار اليسر في العبادات‪ ،‬وكذا في المباحات‪ :‬هو عدم‬
‫الوقوع في الثم‪ ،‬فالذين يعصون الله‪ ،‬ويجاهرون بذلك‪ ،‬ويحتجون بيسر‬
‫الدين‪ ،‬يقال لهم أين أنتم من هذا الحد الشرعي؟‬
‫ولذا الصحيح أن 'هذا التيسير هو التيسير الجاري على وفق الشرع ل على‬
‫ل‪ ،‬فإن التكليف فيه نوع‬ ‫وفق الهواء؛ إذ لو كان كذلك لما كان ثمة تكليف أص ً‬
‫ة‬‫جن ّ ُ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ح ّ‬‫م‪ُ ...]:‬‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫مشقة' تكرهها النفوس‪ ،‬وقد قال َ‬
‫ه‪ [...‬رواه مسلم ‪ .‬ولول وجود المشقة؛ لما أمرنا الله بالصبر‬ ‫كارِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫والمصابرة‪ ،‬ولما خفف علينا بالرخص‪.‬‬
‫? التوهم بأن اللتزام سبب للوسوسة !!‬
‫? التوهم بأن اللتزام دين جديد لم يكن عند الباء والجداد !!‬
‫? انحراف مفهوم 'ساعة وساعة' عن المراد الشرعي‪ :‬فمن الناس من يردد‬
‫كثيًرا‪':‬ساعة لربك وساعة لنفسك' فيجعل الترويح عن النفس بما حرم الله‬
‫في الساعة التي يجعلها لنفسه‪ ،‬والصلوات وتلوة القرآن في الساعة التي‬
‫يجعلها لربه‪ ،‬ولذلك أصحاب هذه المقالة يرون ما هم عليه من غفلة وتفريط‬
‫أنها حالة عادية!‬
‫صلِتي‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫ُ‬
‫ويجاب عليهم‪ :‬بأن الحياة والوقات كلها لله‪ ،‬قال تعالى‪{:‬ق ْ‬
‫ُ‬
‫ت‬ ‫مْر ُ‬ ‫َ‬
‫ه وَب ِذ َل ِك أ ِ‬ ‫ك لَ ُ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬‫ن]‪َ[162‬ل َ‬ ‫مي َ‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬ ‫ماِتي ل ِل ّهِ َر ّ‬ ‫م َ‬ ‫حَيايَ وَ َ‬ ‫م ْ‬‫كي وَ َ‬ ‫س ِ‬ ‫وَن ُ ُ‬
‫ن]‪] }[163‬سورة النعام[‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وَأَنا أوّل ال ُ‬
‫سعََها‪[286]...‬‬ ‫سا إ ِّل وُ ْ‬ ‫ف ً‬ ‫ه نَ ْ‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫? انحراف مفهوم قوله تعالى‪َ {:‬ل ي ُك َل ّ ُ‬
‫} ]سورة البقرة[‪ .‬عن المراد الشرعي‪:‬‬
‫فيحتج بعضهم بهذه الية على تقصيره وتفريطه‪ ،‬وترى أحدهم يقول‪ :‬أن ما‬
‫م إنما يطيقه النبياء وحدهم‪ ،‬والصحابة رضي‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫فعله النبي َ‬
‫الله عنهم كانوا خير القرون‪ ،‬وهم أعلى الناس منزلة بعد النبياء‪ ،‬فمن‬
‫سا إل وسعها‪ ..‬هكذا‬ ‫المحال أن نستقيم كما استقاموا !! ول يكلف الله نف ً‬
‫يقولون!‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْ ِ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ويجاب عليهم‪:‬بأن هذا القول يلزم منه‪ :‬تعطيل اتخاذ النبي َ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫سوَةٌ‬ ‫ل اللهِ أ ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫م ِفي َر ُ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫م أسوة وقدوة‪ ،‬وقد قال تعالى‪ {:‬ل َ َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫وَ َ‬
‫ه كِثيًرا]‪] }[21‬سورة‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫خَر وَذ َكَر الل َ‬ ‫َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ه َوالي َوْ َ‬ ‫ّ‬
‫جو الل َ‬ ‫ن ي َْر ُ‬ ‫ن كا َ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة لِ َ‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫الحزاب[‪.‬‬
‫قال ابن كثير في تفسيرها‪' :‬هذه الية أصل كبير في التأسي برسول الله‬
‫م في أقواله وأفعاله وأحواله' ‪.‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ضا‪ :‬تعطيل المر الشرعي بسلوك سبيل المؤمنين‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أي‬ ‫المقولة‬ ‫هذه‬ ‫من‬ ‫ويلزم‬
‫ومتابعة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين‪ ،‬وقد قال الله تعالى‪{:‬‬
‫ن‬
‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫دى وَي َت ّب ِعْ غَي َْر َ‬ ‫ه ال ْهُ َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫ما ت َب َي ّ َ‬ ‫ن ب َعْد ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ق الّر ُ‬ ‫شاقِ ِ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ َ‬
‫صيًرا]‪] }[115‬سورة النساء[‪ .‬وقال‬ ‫م ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ساَء ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫جهَن ّ َ‬ ‫صل ِهِ َ‬ ‫ما ت َوَّلى وَن ُ ْ‬ ‫ن ُوَل ّهِ َ‬
‫ن‬
‫دي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ن الّرا ِ‬ ‫مهْدِّيي َ‬ ‫ْ‬
‫فاِء ال َ‬ ‫خل َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫سن ّةِ ال ُ‬ ‫سن ِّتي وَ ُ‬ ‫م بِ ُ‬ ‫َ‬
‫م‪...]:‬عَلي ْك ُ ْ‬ ‫سل َ‬ ‫ّ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫َ‬ ‫صّلى الل ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ذ‪ [...‬رواه أبوداود وابن ماجة والترمذي‬ ‫ج ِ‬ ‫وا‬
‫َ ِ َ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫بال‬ ‫ها‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫ضوا‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫و‬
‫َِ َ‬ ‫ها‬ ‫ب‬ ‫كوا‬ ‫ُ‬ ‫س‬‫تَ َ ّ‬ ‫م‬
‫وأحمد والدارمي ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ها هَُنا‪ [...‬رواه‬ ‫وى َ‬ ‫ق َ‬‫م‪... ] :‬الت ّ ْ‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫? انحراف مفهوم قوله َ‬
‫مسلم‪ .‬عن المراد الشرعي‪:‬‬
‫فالبعض يحتج على تفريطه وتقصيره بأن المهم سلمة القلب ووجود التقوى‪،‬‬
‫وترى أحدهم يستدل بحديث باطل مشهور وهو‪' :‬نية المؤمن خير من عمله'‬
‫َ‬
‫ت‪ [...‬رواه البخاري‬ ‫ل ِبالن ّّيا ِ‬ ‫ما ُ‬‫ما اْلعْ َ‬ ‫م‪]:‬إ ِن ّ َ‬‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬
‫أو يستدل بقوله َ‬
‫ومسلم ‪ .‬ويقول‪' :‬المهم النية‪ ،‬والنية طيبة والحمد لله' !! أو يشير إلى صدره‬
‫م‪ ،‬وبهذا المفهوم‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ويقول‪' :‬التقوى هاهنا' كما فعل َ‬
‫الخاطئ للحديث النبوي يستغني هؤلء عن التفكير الجاد في العودة إلى الله‪،‬‬
‫واللتزام بدينه في يوم ما‪.‬‬
‫ويجاب على هؤلء‪ :‬بأنه ل حجة لكم فيما ذهبتم إليه‪ ،‬فإن الحاديث بمجموعها‬
‫تدل بمعانيها الصحيحة على خلف ما زعمتم‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫َ‬
‫ت‪[...‬على التقصير في‬ ‫ل ِبالن ّّيا ِ‬ ‫ما ُ‬‫ما اْلعْ َ‬ ‫ل‪ :‬كيف تستدلون بحديث‪]:‬إ ِن ّ َ‬ ‫أو ً‬
‫العمال الشرعية‪ ،‬أو تركها بالكلية !! بينما الحديث ينص على وجود العمال‪،‬‬
‫سل ّ َ‬
‫م‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫وأن الجر عليها إذا وجدت مرتبط بالنية‪ ،‬ولذلك قال َ‬
‫وى[ رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬ ‫ما ن َ َ‬‫ئ َ‬ ‫مرِ ٍ‬ ‫ما ل ِك ُ ّ‬
‫لا ْ‬ ‫بعدها‪ ]:‬وَإ ِن ّ َ‬
‫ثانًيا‪ :‬من قال بأن 'اليمان في القلب ول يلزم النطق به باللسان والعمل به‬
‫بالجوارح' فقد شابه جهمية المرجئة‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫أما أهل السنة والجماعة‪ ،‬فيعتقدون بأن اليمان‪ :‬اعتقاد بالجنان‪ ،‬وقول‬
‫باللسان‪ ،‬وعمل بالركان‪ ،‬يزيد بالطاعات‪ ،‬وينقص بالعصيان‪ ،‬فهل يجوز‬
‫للمسلم أن يقول بقول أهل البدع ويخالف سبيل المؤمنين؟‬
‫ثالًثا‪ :‬قال ابن أبي العز الحنفي 'شارح العقيدة الطحاوية' ما نصه‪' :‬ول شك‬
‫أنه يلزم من عدم طاعة الجوارح عدم طاعة القلب‪ ،‬إذ لو أطاع القلب وانقاد‪،‬‬
‫لطاعت الجوارح وانقادت‪ ،‬ويلزم من عدم طاعة القلب وانقياده عدم‬
‫سد ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ن ِفي ال ْ َ‬ ‫م‪ ] :‬إ ِ ّ‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬‫صّلى الل ّ ُ‬‫التصديق المستلزم للطاعة‪ ،‬قال َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ي‬ ‫ه أل وَهِ َ‬ ‫ُ‬
‫سد ُ كل ُ‬ ‫ج َ‬
‫سد َ ال َ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫سد َ ْ‬ ‫سد ُ ك ُل ّ ُ‬
‫ه وَإ َِذا فَ َ‬ ‫ح ال ْ َ‬
‫ج َ‬ ‫صل َ َ‬
‫ت َ‬ ‫صل َ َ‬
‫ح ْ‬ ‫ة إ َِذا َ‬
‫ضغَ ً‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ب[ متفق عليه‪ .‬فمن صلح قلبه؛ صلح جسده قطًعا‪ ،‬بخلف العكس'‪.‬‬ ‫ْ‬
‫قل ُ‬ ‫ْ‬
‫ال َ‬
‫? القتناع بشبهة تقسيم الدين إلى 'أصول وقشور'‪ :‬فيجعلون أكثر السنن من‬
‫قبيل القشور التي ل قيمة لها في الدين إل كقيمة القشر من الثمرة ! وعلى‬
‫هذا‪ :‬فاللتزام عندهم شكليات‪ ،‬ومظاهر ليس بالضرورة التمسك بفروعها‪.‬‬
‫ويجاب على هؤلء‪ :‬بأن‪' :‬تقسيم الدين إلى قشور ولب' تقسيم خاطئ‪،‬‬
‫وباطل‪ ،‬فالدين كله لب‪ ،‬وكله نافع للعبد‪ ،‬وكله يقربه لله عز وجل‪ ،‬ويثاب‬
‫عليه‪ ،‬وكله ينتفع به المرء بزيادة إيمانه‪ ،‬وإخباته لله حتى المسائل المتعلقة‬
‫باللباس والهيئات‪ ،‬وما أشبهها‪ ..‬والقشور ‪-‬كما نعلم‪ -‬ل ينتفع بها‪ ،‬بل ترمي‪،‬‬
‫وليس في الدين السلمي والشريعة السلمية ما هذا شأنه‪ ،‬بل كل الشريعة‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫لب ينتفع به المرء إذا أخلص النية لله‪ ،‬وأحسن في اتباعه رسو الله َ‬
‫م‪ ،‬وعلى الذين يرجون هذه المقالة‪ ،‬أن يفكروا في المر تفكيًرا‬ ‫سل ّ َ‬
‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫جدًيا‪ ،‬حتى يعرفوا الحق‪ ،‬ثم عليهم أن يتبعوه‪ ،‬وأن يدعوا مثل هذه‬
‫التعبيرات‪ ]'..‬مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين‪.[[3/124] :‬‬
‫? عدم التفريق بين السنة الواجبة والسنة المستحبة‪ :‬فإن بعض الناس كثيًرا‬
‫ما يردد 'هذا العمل سنة ل يضر تركه' فهؤلء يفهمون أن كل ما جاء في‬
‫السنة فهو مما يثاب فاعله‪ ،‬ول يعاقب تاركه‪ ،‬ومن فعله‪ ،‬فقد أحسن لنفسه‪،‬‬

‫‪63‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومن تركه‪ ،‬فقد فاته أجره وحسب‪ .‬ولذلك ل يعملون بكثير من السنن الواجبة‬
‫بسبب هذا الفهم القاصر والجهل المركب‪.‬‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْ ِ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ويجاب على هؤلء‪ :‬أن هناك فرق بين السنن الثابتة عنه َ‬
‫م‪:‬‬‫سل ّ َ‬‫وَ َ‬
‫َ‬
‫موِني‬ ‫ما َرأي ْت ُ ُ‬ ‫صّلوا ك َ َ‬ ‫م‪َ ...] :‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫فمنها ما هو واجب‪ ،‬كقوله َ‬
‫صّلي‪[...‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أ َ‬
‫م‪:‬‬‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ومنها ما هو من قبيل المستحب المندوب إليه‪ :‬كقوله َ‬
‫ة‬
‫ض ٍ‬‫ري َ‬ ‫عا غَي َْر فَ ِ‬ ‫َ‬
‫ة ت َطوّ ً‬ ‫شَرة َ َرك ْعَ ً‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫ل ي َوْم ٍ ث ِن ْت َ ْ‬ ‫صّلي ل ِل ّهِ ك ُ ّ‬ ‫سل ِم ٍ ي ُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن عَب ْد ٍ ُ‬ ‫م ْ‬‫ما ِ‬ ‫] َ‬
‫ة[رواه مسلم‪.‬‬ ‫جن ّ ِ‬ ‫ْ‬
‫ه ب َي ًْتا ِفي ال َ‬ ‫َ‬
‫هل ُ‬ ‫إ ِّل ب ََنى الل ُ‬
‫ّ‬
‫م دون أمته‪ :‬كوجوب‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ومن السنة ما هو خاص بالنبي َ‬
‫التهجد وقيام الليل‪ ،‬وكإباحة الزيادة على أربع نسوة ]في النكاح[ هذا جانب‪.‬‬
‫ن‬
‫ن عَ ْ‬ ‫فو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫حذ َرِ ال ّ ِ‬ ‫والجانب الخر هو‪ :‬أين هؤلء من قوله تعالى‪ {:‬فَل ْي َ ْ‬
‫م]‪] }[63‬سورة النور[‪ .‬وأين هؤلء‬ ‫َ‬ ‫م عَ َ‬ ‫أ َمره أ َن تصيبهم فتن ٌ َ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫صيب َهُ ْ‬ ‫ة أوْ ي ُ ِ‬ ‫ْ ِ ِ ْ ُ ِ َُ ْ َِْ‬
‫م‪ ،‬حتى قال أبو بكر‬ ‫سل َ‬‫ّ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬‫َ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫من حرص الصحابة على التزام سنته َ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْ ِ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫كا شيئا كان رسول الله َ‬ ‫ً‬ ‫الصديق رضي الله عنه‪' :‬لست تار ً‬
‫م يعمل به إل عملت به‪ ...‬إني أخشى إن تركت شيًئا من أمره أن أزيغ '‪.‬‬ ‫سل ّ َ‬‫وَ َ‬
‫?اتباع الهوى والغرق في الشهوات‪ :‬فالهوى يعمى ويصم‪ ،‬قال الشاطبي‬
‫مي الهوى هوى؛ لنه يهوي بصاحبه إلى النار' ولذلك نهى الله‬ ‫رحمه الله 'س ّ‬
‫ه‪} [26]...‬‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ك عَ ْ‬ ‫ضل ّ َ‬ ‫وى فَي ُ ِ‬ ‫عن اتباع الهواء قال تعالى‪ {:‬وََل ت َت ّب ِِع ال ْهَ َ‬
‫]سورة ص[‪ .‬والواقع يشهد أن كثيًرا من الناس يعرفون الحق‪ ،‬ويعلمون أن‬
‫اللتزام هو سبيل الفلح‪ ،‬ولكن الهواء قد قيدتهم فأصبحوا أسرى ل ينفكون‬
‫عنها‪ ،‬فمنهم من يجعله هواه يتكبر على النقياد للخير‪ ،‬ومنهم من يجعله هواه‬
‫يعرض عن الصالحين؛ لنه بذلك سيخسر وجاهته ورئاسته على أصحاب‬
‫َ‬ ‫السوء كما قال صّلى الل ّه عَل َيه وسل ّم‪]:‬ما ذئ ْبان جائ ِعا ُ‬
‫سد َ‬‫سَل ِفي غَن َم ٍ ب ِأفْ َ‬ ‫ن أْر ِ‬ ‫ْ ِ َ َ َ َ ِ َ ِ َ َ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه[ رواه الترمذي وأحمد‬ ‫دين ِ ِ‬
‫ف لِ ِ‬ ‫شَر ِ‬ ‫ل َوال ّ‬ ‫ما‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫لى‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ء‬‫ر‬‫م ْ‬‫ص ال ْ َ‬ ‫ل ََها ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حْر ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬
‫والدارمي ‪ .‬ومنهم من غرق في الشهوات‪ :‬في سماع للحرام ونظر للحرام‪،‬‬
‫ومع المغريات والعلم الهابط المتدفق ازداد هؤلء اشتعال ً حتى طمس على‬
‫سا ليراجعوا أنفسهم‪ ،‬وليجددوا‬ ‫قلوبهم فم ل يعقلون بها‪ ،‬فلم يجدوا متنف ً‬
‫إيمانهم‪ ،‬وليصلحوا من أحوالهم ‪.‬‬
‫?التعلق العاطفي بالصحبة السيئة‪ :‬قد يفكر الشاب في السير بخطوات‬
‫عملية لللتزام بالدين‪ ،‬ولكن حينما يتذكر جليسه السيء يرجع القهقرى‪ ،‬أو‬
‫يصاب بالشلل الفكري! فل يتخيل بحال أنه يعيش بدون أولئك الرفاق‪ ،‬فهم‬
‫حياته ومشاعره وأنسه! هكذا يزين الشيطان للبعض قرناء السوء‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫م ل حقيقة له‪ ،‬بل الحق أنهم البلء والتعاسة والشقاء‪ ،‬ولذا أمر الله‬ ‫وهو وه ّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن أغْ َ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫ن ذِكرَِنا َوات ّب َ َ‬ ‫فلَنا قَلب َ ُ‬
‫ه عَ ْ‬ ‫م ْ‬
‫بهجرهم وعدم طاعتهم‪ ،‬قال تعالى‪ {:‬وَل ت ُط ِعْ َ‬
‫مُره ُ فُُر ً‬ ‫كا َ‬
‫طا]‪] } [28‬سورة الكهف[‪.‬‬ ‫نأ ْ‬‫واه ُ وَ َ َ‬
‫هَ َ‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن قرين السوء حينما يعلم أن صاحبه على عتبة‬
‫الستقامة؛ يسارع لتثبيطه‪ ،‬تارة بتشويه صورة الملتزمين‪ ،‬وتارة أخرى ينفر‬
‫عنهم بأنهم أهل تشدد‪ ،‬ويحرمون كل شئ!! إلى غير ذلك من قذف وتجريح؛‬
‫ليأمن هذا الخبيث من سلوك صاحبه سبيل الهداية ‪.‬‬
‫ومن ابتلي بالتعلق بالصحبة السيئة حري به أن يتذكر قول الله تعالى‪{:‬‬

‫‪64‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن]‪] } [67‬سورة الزخرف[‪ .‬وقوله‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬‫ض عَد ُوّ إ ِّل ال ْ ُ‬ ‫م ل ِب َعْ ٍ‬‫ضهُ ْ‬ ‫مئ ِذ ٍ ب َعْ ُ‬ ‫خّلُء ي َوْ َ‬ ‫اْل َ ِ‬
‫ض‬
‫م ي َعَ ّ‬ ‫تعالى حكاية عن ذلك الظالم لنفسه بمصاحبة قرين السوء‪ {:‬وَي َوْ َ‬
‫سِبيًل]‪َ[27‬ياوَي ْل ََتى لي ْت َِني‬
‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫سو ِ‬ ‫معَ الّر ُ‬ ‫ت َ‬ ‫خذ ْ ُ‬ ‫ل َيال َي ْت َِني ات ّ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫م عََلى ي َد َي ْهِ ي َ ُ‬ ‫ظال ِ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫شي ْ َ‬ ‫َ‬
‫قد ْ أ َ ّ‬ ‫خِليًل]‪[28‬ل َ َ‬ ‫خذ ْ فَُلًنا َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫طا ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫كا َ‬ ‫جاَءِني وَ َ‬ ‫ن الذ ّك ْرِ ب َعْد َ إ ِذ ْ َ‬ ‫ضلِني عَ ِ‬ ‫م أت ّ ِ‬ ‫لَ ْ‬
‫ذوًل]‪] } [29‬سورة الفرقان[‪.‬‬ ‫خ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ل ِْل ِن ْ َ‬
‫?ضغط البيئة‪ :‬وهذا العائق أعم من سابقه‪ ،‬فإن الوالدين قد يكون لهما دور‬
‫كبير في منع البناء من اللتزام‪ ،‬وأحيانا ً الزوج‪ ،‬أو الزوجة‪ ،‬فضغط أحدهما‬
‫على الخر له أثره البالغ في الصد عن سلوك سبيل الهداية ‪.‬‬
‫?العادات السيئة‪ :‬فإن من الناس من تحيطه العادات السيئة‪ ،‬فيعجز عن‬
‫النفكاك عنها ويبقى أسيًرا لها‪ ،‬ل يستطيع الخلص منها‪ ،‬ومن هذه العادات‪:‬‬
‫عادة التدخين‪ ،‬والعادة السرية ‪،‬والعشق والهيام ونحوها‪ .‬فإن الكثيرين ممن‬
‫قا لهم عن أن يلتزموا‪ ،‬إذ كيف يلتزم‬ ‫غرقوا في هذه المور يجعلونها عائ ً‬
‫أحدهم وهو ل يستطيع أن يترك هذه العادة؟‬
‫ويقال‪ :‬إن هذا العائق يتحطم بإذن الله إذا كان المرء يملك إرادة قوية‪،‬‬
‫ويستشعر طاعة الله ورسوله نصب عينيه‪ .‬ولذا ل عجب أن ترى أولئك النفر‬
‫ه‬‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫من الصحابة رضي الله عنهم يتركون الخمر استجابة لله ورسوله َ‬
‫م مع أنهم أدمنوه لسنوات‪ ..‬ويذكر عن أحد الناس أنه حاول ترك‬ ‫سل ّ َ‬ ‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫ما أسيًرا‬ ‫التدخين وجرب جميع الطرق‪ ،‬وبقي يتجرع هذا البلء لثمانية عشر عا ً‬
‫لهذه العادة فلما من الله عليه باللتزام تركه خلل أيام‪ ،‬وذلك دليل على قوة‬
‫اليمان‬
‫القدوة السيئة‪ :‬قد يرى البعض شباًبا يلبسون لبس اللتزام‪ ،‬وينسبون إلى‬
‫أهله‪ ،‬ومع ذلك يقعون في الظلم والجفاء‪ ،‬أو ل يتورعون عن الحتيال‬
‫قا عن التفكير‬ ‫والمماطلة وإخلف الوعد؛ فتكون هذه الصور السوداء عائ ً‬
‫الجاد في اللتزام بالدين ‪.‬‬
‫ويجاب على هؤلء بأمور‪:‬‬
‫? من قال لكم أن هؤلء من الملتزمين؟‬
‫? إن وقع من الشاب الملتزم هفوة‪ ،‬أو ظلم فذلك خطأ يتحمله هو ل يرمى‬
‫ل‪ ،‬فهل‬ ‫به اللتزام بالدين‪ ،‬ومثله كمثل رجل من قبيلة معروفة اختلس أموا ً‬
‫يعقل أن ترمى القبيلة كلها بأنهم قطاع طرق؟‬
‫م‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫س‬
‫ُ َ ْ ِ َ َ َ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ّ‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫رسوله‬ ‫? إن الله أمرنا بطاعته‪ ،‬ومن طاعته اتباع‬
‫وسلوك سبيل المؤمنين‪ ،‬فالمؤمن يسمع ويطيع‪ ،‬ويأمر وينهى بما جاء به‬
‫الشرع‪ ،‬ويكون قدوة حسنة‪ ،‬ول يضره بعد ذلك أن يقع أولئك فيما وقعوا فيه‪،‬‬
‫م‪ ،‬واعتذر بين يدي الله‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫أما من ترك طاعة الله ورسوله َ‬
‫بأن فلًنا فعل‪ ،‬وآخر ظلم؛ فذاك ل ينفعه‪.‬‬
‫الخوف من سخرية الخرين‪ :‬حكى الله عن المجرمين سخريتهم بالمؤمنين‪،‬‬
‫فقال تعالى‪ {:‬إن ال ّذي َ‬
‫ن]‪[29‬وَإ َِذا‬ ‫كو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ض َ‬ ‫مُنوا ي َ ْ‬ ‫ن َءا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫كاُنوا ِ‬ ‫موا َ‬ ‫جَر ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن]‪[31‬وَإ َِذا َرأوْهُ ْ‬
‫م‬ ‫قلُبوا فَك ِِهي َ‬ ‫م ان ْ َ‬ ‫قلُبوا إ ِلى أهْل ِهِ ُ‬ ‫ن]‪[30‬وَإ َِذا ان ْ َ‬ ‫مُزو َ‬ ‫م ي َت ََغا َ‬ ‫مّروا ب ِهِ ْ‬ ‫َ‬
‫ن]‪] }[33‬سورة‬ ‫ظي‬ ‫ف‬ ‫حا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫لوا‬ ‫ُ‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ما‬ ‫و‬ ‫[‬ ‫‪32‬‬ ‫ن]‬ ‫ّ‬
‫لو‬ ‫ضا‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ء‬‫ل‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ؤ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫لوا‬ ‫ُ‬ ‫قا‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬
‫المطففين[‪.‬‬
‫ويقال لمن خاف من الستهزاء به‪ :‬ما الذي يمنعك من الرد على‬
‫المستهزئين؟ ألست على هدى وهم على ضللة‪ ،‬فلماذا الضعف والخور؟‬
‫فهذا نبي الله نوح عليه الصلة والسلم الذي دعا قومه ألف سنة إل خمسين‬
‫ما يقابل بالسخرية والستهزاء‪ ،‬فقومه يضحكون به‪ ،‬ويسخرون منه حين‬ ‫عا ً‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ٌ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ما‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫تعالى‪{:‬‬ ‫الله‬ ‫قال‬ ‫السفينة‪،‬‬ ‫يصنع‬ ‫رأوه‬
‫َ َ َ ّ َ ْ ِ َ ِ ْ‬ ‫ََ ْ َ ُ‬

‫‪65‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ه‪] } [38] ...‬سورة هود[‪ .‬فهل استسلم لهم نوح عليه‬ ‫من ْ ُ‬
‫خُروا ِ‬
‫س ِ‬‫مهِ َ‬ ‫قَوْ ِ‬
‫من ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫خُر ِ‬‫س َ‬‫مّنا فَإ ِّنا ن َ ْ‬ ‫خُروا ِ‬ ‫س َ‬
‫ن تَ ْ‬ ‫السلم؟ كل بل قال لهم بكل عزة‪َ ...{:‬قا َ‬
‫ل إِ ْ‬
‫ب‬‫ذا ٌ‬ ‫ل عَل َي ْهِ عَ َ‬
‫ح ّ‬ ‫زيهِ وَي َ ِ‬
‫خ ِ‬
‫ب يُ ْ‬ ‫ن ي َأ ِْتيهِ عَ َ‬
‫ذا ٌ‬ ‫م ْ‬
‫ن َ‬ ‫ف ت َعْل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ن]‪[38‬فَ َ‬
‫سو ْ َ‬ ‫خُرو َ‬‫س َ‬
‫ما ت َ ْ‬ ‫كَ َ‬
‫م]‪] }[39‬سورة هود[‪.‬‬ ‫قي ٌ‬‫م ِ‬ ‫ُ‬
‫التسويف وتأجيل التوبة ‪.‬‬
‫حب التفلت والنطلق ‪.‬‬
‫العتذار بالقدر‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫الثقافة المسمومة ‪ :‬فإن من الكتب والمجلت ما يتسبب في وضع الحواجز‪،‬‬


‫وصنع الوهام في عقول القراء تجاه اللتزام بالدين‪ ،‬فتصور هذه الثقافة‬
‫المسمومة أن ما عليه الناس من ظلم لنفسهم وضع صحيح ل غبار عليه‪.‬‬
‫وأن الصحوة هي نوع تطرف ناتج عن ضغوط اقتصادية‪ ،‬أو أمراض نفسية‪،‬‬
‫ونحو ذلك من شبهات وأغاليط‪ ،‬وبهذا يقطعون الطريق على المذنبين في أن‬
‫يخطوا بخطوات جادة لتصحيح أوضاعهم بتوبة صادقة والتزام بشرع الله‪.‬‬
‫الفتاوى الخاطئة‪ :‬فإن هذه الفتاوى التي تبيح الغناء‪ ،‬والتكشف‪ ،‬والختلط‪،‬‬
‫دا‪ ،‬وكيف يلتزم هؤلء بترك هذه‬ ‫وأكل الربا‪..‬إلخ تضل الناس ضلل ً بعي ً‬
‫المحرمات وهم يجدون من يفتي لهم بأنها حلل في بعض الصفحات الدينية‪-‬‬
‫كما يسمونها‪ -‬أو في حوارات القنوات الفضائية‪ ،‬والتي تشكك في كل شئ !‬
‫لماذا التزم بديني؟‬
‫نلتزم بديننا؛ لن الله أمرنا بالمداومة على التمسك بشرعه‪:‬‬
‫سل ْم ِ َ‬ ‫َ‬
‫ة ]‪] }[208‬سورة‬ ‫كافّ ً‬ ‫خُلوا ِفي ال ّ‬ ‫مُنوا اد ْ ُ‬ ‫ن َءا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫? قال تعالى‪َ { :‬ياأي َّها ال ّ ِ‬
‫البقرة[‪ .‬قال ابن كثير‪' :‬يقول الله تعالى آمًرا عباده المؤمنين به المصدقين‬
‫برسوله أن يأخذوا بجميع عرى السلم وشرائعه‪ ،‬والعمل بجميع أوامره وترك‬
‫جميع زواجره‪ ،‬ما استطاعوا من ذلك'‬
‫ي إ ِلي ْك‪] }[43]...‬سورة الزخرف[‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫ذي ُأو ِ‬ ‫ك ِبال ّ ِ‬ ‫س ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫? وقال تعالى‪َ {:‬فا ْ‬
‫فّرُقوا‪]} [103]...‬سورة آل‬ ‫َ‬
‫ميًعا وَل ت َ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫ّ‬ ‫حب ْ ِ‬ ‫موا ب ِ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫? وقال تعالى‪َ { :‬واعْت َ ِ‬
‫عمران[‪' .‬والعتصام‪ :‬هو لزوم الشيء والتمسك به‪ ،‬وحبل الله تعالى‪ :‬هو‬
‫السبب الذي يوصل إلى رضاه وثوابه وجنته ودار كرامته'‪.‬‬
‫ُ‬ ‫? وقال تعالى‪َ { :‬فاستقم ك َ ُ‬
‫ن‬
‫ملو َ‬ ‫ما ت َعْ َ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫وا إ ِن ّ ُ‬ ‫ك وََل ت َطغَ ْ‬
‫ْ‬ ‫معَ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ن َتا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫مْر َ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫ْ َ ِ ْ َ‬
‫صيٌر]‪] }[112‬سورة هود[‪.‬‬ ‫بَ ِ‬
‫ه‪] }[6]...‬سورة فصلت[‪ .‬قال‬ ‫فُرو ُ‬ ‫ست َغْ ِ‬ ‫موا إ ِل َي ْهِ َوا ْ‬ ‫قي ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫? وقال تعالى‪َ {:‬فا ْ‬
‫الحسن‪' :‬استقاموا على أمر الله‪ ،‬فعملوا بطاعته‪ ،‬واجتنبوا معصيته'‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه وَأن ْت ُ ْ‬ ‫وا عَن ْ ُ‬ ‫ه وََل ت َوَل ّ ْ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫طيُعوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا أ ِ‬ ‫ن َءا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫? وقال تعالى‪َ { :‬ياأي َّها ال ّ ِ‬
‫ن]‪] }[20‬سورة النفال[‪.‬‬ ‫مُعو َ‬ ‫س َ‬ ‫تَ ْ‬
‫م أوجب علينا التمسك بالشرع‪:‬‬ ‫سل َ‬‫ّ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫نلتزم بديننا؛ لن الرسول َ‬
‫ل ِلي ِفي‬ ‫ل اللهِ قُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫سو َ‬ ‫ت َيا َر ُ‬ ‫ْ‬
‫ل‪ :‬قُل ُ‬ ‫ي َقا َ‬ ‫ف ّ‬ ‫ق ِ‬ ‫ن عَب ْدِ الل ّهِ الث ّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن ب ْ َِ‬ ‫فَيا َ‬ ‫س ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫? عَ ْ‬
‫م[ رواه‬ ‫ق ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ت ِباللهِ َفا ْ‬ ‫ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫لآ َ‬ ‫ل‪ ]:‬قُ ْ‬ ‫دا غَي َْرك َقا َ‬ ‫َ‬ ‫ح ً‬ ‫هأ َ‬ ‫ل عَن ْ ُ‬ ‫سأ ُ‬ ‫سَلم ِ قَوْل ل أ ْ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫اْل ِ ْ‬
‫مسلم ‪.‬‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫موا وَل ْ‬ ‫قي ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م‪]:‬ا ْ‬ ‫سل َ‬‫ّ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ل‪َ :‬قا َ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫ن ث َوَْبا َ‬‫? عَ ْ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن[‬ ‫م ٌ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ضوِء إ ِل ُ‬ ‫حافِظ عَلى الوُ ُ‬ ‫صلة َ وَل ي ُ َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫مال ِك ْ‬ ‫خي َْر أعْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫موا أ ّ‬ ‫صوا َواعْل ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫رواه ابن ماجة وأحمد والدارمي‪.‬‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْ ِ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ة رضي الله عنه‪ ،‬وفيه أنه َ‬ ‫سارِي َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ض بْ َ‬ ‫? وفي حديث ال ْعِْرَبا َ‬

‫‪66‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مع َوال ّ‬ ‫ُ‬


‫ن‬
‫م ْ‬‫ه َ‬ ‫شّيا فَإ ِن ّ ُ‬ ‫حب َ ِ‬ ‫دا َ‬ ‫ن عَب ْ ً‬ ‫طاعَةِ وَإ ِ ْ‬ ‫س ْ ِ‬ ‫وى الل ّهِ َوال ّ‬ ‫ق َ‬
‫م ب ِت َ ْ‬ ‫صيك ُ ْ‬ ‫م قال‪]:‬أو ِ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫وَ َ‬
‫ن‬
‫مهْدِّيي َ‬ ‫ْ‬
‫فاِء ال َ‬ ‫خل َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫سن ّةِ ال ُ‬ ‫سن ِّتي وَ ُ‬ ‫م بِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خت ِلفا كِثيًرا فعَلي ْك ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫سي ََرى ا ْ‬ ‫دي ف َ‬ ‫َ‬ ‫م ب َعْ ِ‬ ‫ُ‬
‫من ْك ْ‬ ‫ش ِ‬ ‫ي َعِ ْ‬
‫ن ك ُلّ‬ ‫َ‬
‫مورِ فإ ِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت ال ُ‬ ‫حد َثا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫جذ ِ وَإ ِّياك ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫ضوا عَلي َْها ِبالن ّ َ‬ ‫سكوا ب َِها وَعَ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫دي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫الّرا ِ‬
‫ة[ رواه أبوداود وابن ماجة والترمذي وأحمد‬ ‫ضَلل ٌَ‬ ‫ِ ْ َ ٍ َ‬‫ة‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫حد َث َ ٍ ِ ْ َ ٌ َ‬
‫و‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ة‬ ‫م ْ‬‫ُ‬
‫والدارمي‪.‬‬
‫? ومن خلل ما ذكر من آيات قرآنية‪ ،‬وأحاديث نبوية يتبين للمتأمل أن‬
‫اللتزام بالدين مطلب شرعي‪ ،‬وشرع رباني‪ ،‬قال ابن القيم رحمه الله‪:‬‬
‫'والمطلوب من العبد الستقامة‪ ،‬وهي السداد‪ ،‬فإن لم يقدر عليها فالمقاربة‪،‬‬
‫فإن نزل عنها فالتفريط والضاعة' ‪.‬‬
‫نلتزم بديننا‪ ..‬لنه ل سبيل إلى الدرجات العلي في الجنة إل بالستمساك بما‬
‫شرع الله ورسوله‪ ،‬فالجنة غالية غالية‪:‬‬
‫هّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ة الل ِ‬ ‫سلعَ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ة أل إ ِ ّ‬ ‫غال ِي َ ٌ‬‫ة اللهِ َ‬ ‫سلعَ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م‪... ]:‬أَل إ ِ ّ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫? قال َ‬
‫ة[ رواه الترمذي‪.‬‬ ‫جن ّ ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ه‪ [...‬رواه مسلم والترمذي‬ ‫كارِ ِ‬‫م َ‬ ‫ة ِبال ْ َ‬ ‫جن ّ ُ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫م‪ُ ]:‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫? قال َ‬
‫والدارمي وأحمد‪.‬‬
‫وصاغ ابن القيم هذا المعنى في نونيته المشهورة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫يا سلعة الرحمن لست رخيصة بل أنت غالية على الكسلن‬
‫يا سلعة الرحمن ليس ينالها في اللف إل واحد ل اثنان‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫? وع َ َ‬
‫مِتي‬ ‫لأ ّ‬ ‫ل‪ ]:‬ك ُ ّ‬ ‫م َقا َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ل الل ّهِ‬ ‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ن أِبي هَُري َْرة َ أ ّ‬ ‫ْ‬
‫ن أَ َ‬ ‫ل الل ّه ومن يأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ة إّل من أ َ‬ ‫ْ‬
‫طاعَِني‬ ‫َ ْ‬ ‫م‬ ‫ل‪]:‬‬ ‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫بى‬ ‫َ َ ْ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫سو‬ ‫ر‬
‫َ َ ُ‬ ‫يا‬ ‫لوا‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫بى[‬ ‫ِ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫خُلو َ‬
‫ن‬ ‫ي َد ْ ُ‬
‫قد ْ أَبى[رواه البخاري‪ .‬قال الحافظ ابن‬ ‫َ‬ ‫صاِني فَ َ‬ ‫ْ‬ ‫خ َ‬
‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ل ال َ‬ ‫دَ َ‬
‫هّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫حجر‪':‬والمراد بالباء هنا هو المتناع عن التزام سنة رسول الله َ‬
‫م وعصيان أمره'‪.‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫نلتزم بديننا؛ لن الله فطرنا على اللتزام بشرائعه‪:‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫واه ُ ي ُهَوَّدان ِهِ أ َْو‬ ‫َ‬


‫فط َْرةِ فَأب َ َ‬ ‫موُْلود ٍ ُيول َد ُ عََلى ال ْ ِ‬
‫ل َ‬ ‫م‪]:‬ك ُ ّ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫? قال َ‬
‫ة[‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مل ِ‬ ‫ه‪ [...‬رواه البخاري ومسلم‪ .‬وفي رواية‪ُ ]:‬يولد ُ عَلى ال ِ‬ ‫سان ِ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫م ّ‬ ‫صَران ِهِ أوْ ي ُ َ‬ ‫ي ُن َ ّ‬
‫ة[‪.‬‬ ‫مل ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وفي أخرى‪ ]:‬عَلى هَذِهِ ال ِ‬
‫ت‬
‫ق ُ‬ ‫َ‬
‫خل ْ‬ ‫م فيما يرويه عن ربه عز وجل‪...]:‬وَإ ِّني َ‬ ‫سل َ‬‫ّ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫? وقال َ‬
‫م‪ [...‬رواه‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫دي‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫تا‬ ‫ج‬ ‫َ‬
‫فا‬ ‫ن‬ ‫طي‬ ‫يا‬ ‫ّ‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ن‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ء‬‫فا‬‫َ‬
‫ْ َ ُْ ْ َ ْ ِ ِِ ْ‬ ‫َ ِ ُ‬ ‫ُ ْ َ ِّ ُ ْ َْ ُ ْ‬ ‫حن َ‬‫عَباِدي ُ‬‫ِ‬
‫مسلم‪ .‬قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله ‪' :‬فالصواب أنها فطرة الله‬
‫التي فطر الناس عليها وهي فطرة السلم‪ ،‬وهي الفطرة التي يفطرهم‬
‫م َقاُلوا ب ََلى]‪] }[172‬سورة العراف[‪' .‬وهي‬ ‫َ‬
‫ت ب َِرب ّك ُ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫عليها يوم قال‪ {:‬أل َ ْ‬
‫السلمة من العتقادات الباطلة والقبول للعقائد الصحيحة‪.'...‬‬
‫إذًا‪ ،‬نحن نلتزم بالدين لن الله فطرنا على اللتزام بالدين‪ ،‬والتمسك‬
‫بشرائعه؛ فانحرفت بنا الهواء والسبل واجتالتنا الشياطين من كل جانب‪،‬‬
‫فلما صحونا من سباتنا العميق‪ ،‬رجعنا إلى ما خلقنا الله عليه‪ ،‬وعدنا إلى‬
‫أصلنا الصيل نلتزم به كما التزمت به الجيال السابقة من لدن نوح عليه‬
‫السلم‪.‬‬
‫نلتزم بديننا؛ لننا إن لم نستمسك بشرائعه تكاثرت علينا السبل‪ ،‬وتقاذفتنا‬
‫الفتن‪ ،‬والباطيل والبدع‪:‬‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْ ِ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سول اللهِ َ‬ ‫ُ‬ ‫خط َر ُ‬ ‫ّ‬ ‫? فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال‪َ ':‬‬

‫‪67‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ه[‬‫مال ِ ِ‬
‫ش َ‬ ‫مين ِهِ وَ ِ‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫ط عَ ْ‬‫خ ّ‬ ‫م َ‬‫ما ث ُ ّ‬ ‫قي ً‬‫ست َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ل الل ّهِ ُ‬‫سِبي ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫ل‪ ]:‬هَ َ‬ ‫م َقا َ‬ ‫طا ب ِي َدِهِ ث ُ ّ‬‫خ ّ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م قَرأ‪{:‬‬ ‫ه[ ث ّ‬
‫عو إ ِلي ْ ِ‬
‫ن ي َد ْ ُ‬
‫شي ْطا ٌ‬ ‫سِبيل إ ِل عَلي ْهِ َ‬ ‫من َْها َ‬ ‫س ِ‬‫سب ُل وَلي ْ َ‬ ‫م قال‪]:‬هَذِهِ ال ّ‬ ‫ثُ ّ‬
‫ل]‪] }[153‬سورة النعام[‪.‬‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ما َفات ّب ُِعوه ُ وََل ت َت ّب ُِعوا ال ّ‬ ‫قي ً‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫طي ُ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫وَإ ِ ّ‬
‫رواه ابن ماجة وأحمد‪.‬‬
‫نلتزم بديننا؛ لننا بغيره نعيش بغير أهداف سامية‪ :‬إن المتأمل في واقع المة‬
‫جا من المسلمين يعيشون من أجل شهواتهم وملذاتهم‪ ،‬وآخرين‬ ‫ليجد أفوا ً‬
‫منهم ل يخرجون عن دائرة أهوائهم وشرور أنفسهم‪ ،‬وهؤلء ل تحصيهم‬
‫الرقام لكثرتهم‪ .‬أما الذين بذلوا أنفسهم للدين‪ ،‬وتحملوا مشقة الدعوة إلى‬
‫م‪ ،‬وصبروا على طاعة الله‪ ،‬وصابروا عن‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫الله ورسوله َ‬
‫معصية الله‪ ،‬فهؤلء صنف قليل‪.‬‬
‫والمسلم حينما يلتزم بدينه ويدعو إليه‪ ،‬يرتقي في مقامات العبودية‪ ،‬ويصبح‬
‫ذو همة عالية‪ ،‬وأهداف سامية‪ ،‬وعقيدة حية صادقة‪ ،‬وقوم هذه صفاتهم‬
‫يصدق عليهم أنهم 'أمة عقيدة' ‪.‬‬
‫ماذا بعد اللتزام؟‬
‫'حين يلتزم الشاب على طاعة الله‪ ،‬فهو يخلف وراءه واقًعا يحمل ركاما ً هائل ً‬
‫من التصورات‪ ،‬والمفاهيم‪ ،‬والسلوكيات الشاذة‪ ،‬وإزالة هذا الركام ل يمكن‬
‫أن تتم بمجرد توبة الشاب وإقلعه عن ماضيه السيء فقط‪ ،‬بل هي تحتاج‬
‫لجهد تربوي يمحو كل ما ران على الفطرة السليمة‪ ،‬وهو يحتاج للتربية‬
‫قا‪ ،‬وليقتبس من العلم الشرعي‬ ‫العميقة لتتأصل في نفسه معاني اليمان ح ً‬
‫ما ينير له الطريق ويضئ له الحجة'‪.‬‬
‫? ويمكن الجابة على 'ماذا بعد اللتزام؟' بأن يقال‪ :‬ينبغي على الملتزم‬
‫المبتدئ أن يهتم بجانبين مهمين في حياته‪ ،‬وقد قيل‪' :‬حسن البداية سبب‬
‫لحسن النهاية'‪ ،‬وهذان الجانبان هما‪:‬‬
‫الول‪ :‬التخلص من شوائب النفس وأسباب المعاصي‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الهتمام بتربية النفس وتزكيتها‪ ..‬ومن أجل تبين ذلك في أوضح صورة‬
‫يحسن الوقوف عند هذين الجانبين بمزيد من البسط واليضاح‪..‬‬
‫الجانب الول‪ :‬التخلص من شوائب النفس وأسباب المعاصي‪:‬‬
‫فمن شوائب النفس التي ينبغي التخلص منها‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫إساءة الظن بالخرين‪.‬‬
‫الفوضوية وعدم النضباط‪ :‬والفوضوية في الحياة تعنى أن الشاب الملتزم‬
‫ستختلط بين يديه الوراق وينعدم عنده الموازنة بين محافظته على عباداته‬
‫اليومية‪ ،‬وبره لوالديه‪ ،‬ومعاشرته للصالحين‪ ،‬والتأصيل الشرعي‪ ،‬والقيام‬
‫بالواجبات الدراسية‪ ،‬أو الوظيفية‪...‬إلخ‪.‬‬
‫تنمية العلقات مع الخرين لمصالح دنيوية‪ :‬الدخول مع الشباب الملتزم بهذا‬
‫النمط من التفكير يفسد على الملتزم المبتدئ الكثير‪ ،‬وقد يمنعه من‬
‫الستفادة من أخلقهم وتقواهم وعلمهم‪ ،‬فكم من شاب ملتزم من هؤلء‬
‫الصالحين من ل يملك من الدنيا إل قوت يومه‪ ،‬ولكنه عند الله تقي نقي إذا‬
‫تكلم ذكر بالله وإذا تفكر ذكر بالله‪ ،‬فكيف يترك مثل هذا إلى شاب آخر‬
‫ضعيف اللتزام قد يساعد في حل الواجبات !! أو إلى ملتزم ضعيف اللتزام‬
‫لكنه مدير لدارة مهمة يمكن الستفادة من منصبه !!‬
‫ينبغي أن تكون المؤاخاة في الله خالصة ل يشوبها ابتغاء حطام الدنيا البته‪.‬‬
‫خّلُء‬ ‫وما كان في الله اتصل وارتفع‪ ،‬وما كان في غيره انحط وانقطع‪ {:‬اْل َ ِ‬
‫ن]‪' }[67‬سورة الزخرف'‪.‬‬ ‫قي َ‬‫مت ّ ِ‬‫ض عَد ُوّ إ ِّل ال ْ ُ‬ ‫م ل ِب َعْ ٍ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫مئ ِذ ٍ ب َعْ ُ‬‫ي َوْ َ‬
‫إدعاء الكمال‪ ،‬والتكبر على الخرين‪:‬‬

‫‪68‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫أما إدعاء الكمال‪ :‬فإنه مرض عضال يؤدي إلى بقاء المرء على عيوبه القديمة‬
‫ل؟ وكيف‬ ‫قبل اللتزام‪ ،‬وكيف سيطور من شخصيته وهو يزعم الكمال أص ً‬
‫سيتخلص من النقائص التي تلبس بها وهو ل يراها في نفسه ويكذب من‬
‫يذكره بها؟ ولذا من ابتلى بهذا البلء فإنه وإن التزم في العبادات ونحوها إل‬
‫أنه سيخسر الكثير سواء في محبة إخوانه في الله لشخصه‪ ،‬أو في مجال‬
‫دعوته للناس‪ ،‬وتحبيبهم للدين‪.‬‬
‫ة‬‫جن ّ َ‬ ‫ْ‬
‫خل ال َ‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫وأما التكبر على الخرين‪ :‬فعاقبته كما جاء في الحديث عنه‪ ':‬ل ي َد ْ ُ‬
‫ر' رواه مسلم‪ ،‬فترى المتكبر‪ ،‬وإن كانت‬ ‫ن ك ِب ْ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ذ َّرةٍ ِ‬‫قا ُ‬ ‫ن ِفي قَل ْب ِهِ ِ‬
‫مث ْ َ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬‫َ‬
‫عاطفته جيدة نحو الملتزمين إل أن مرضه القلبي يمنعه من مخالطتهم‪،‬‬
‫ويعيقه عن سؤالهم فيما يجهله‪ ،‬وعلى هذه الحال كيف سيرتقي بالتزامه؟!‬
‫النانية‪ ،‬وحب الذات‪:‬مثل هذه الخصلة المقيتة تمنع من صفاء الخاء‪ ،‬وتشحن‬
‫في النفوس الضغائن‪ ،‬فيحصل الجفاء‪ ،‬وهذا يصعب على النفس‪ ،‬وقد يؤدى‬
‫هذا المر بالشاب الملتزم المبتدئ إلى اعتزال الملتزمين والبتعاد عن‬
‫مجالسهم‪ .‬ولو عالج هذا المرض في نفسه ابتداًء لما بلغ ما بلغ إليه‪.‬‬
‫الكذب والخداع‪ :‬ل أجد في بيان خطورة الكذب أبلغ من بيانه ‪ ،r‬فلقد قال‬
‫َ‬
‫دي إ ِلى‬ ‫جوَر ي َهْ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫جورِ وَإ ِ ّ‬ ‫دي إ َِلى ال ْ ُ‬
‫ف ُ‬ ‫ب ي َهْ ِ‬ ‫ن ال ْك َذِ َ‬ ‫عليه الصلة والسلم‪...':‬وَإ ِ ّ‬
‫ذاًبا' رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫عن ْد َ اللهِ ك ّ‬‫ب ِ‬ ‫ْ‬
‫حّتى ي ُكت َ َ‬ ‫ب َ‬‫ل ل َي َك ْذِ ُ‬
‫ج َ‬ ‫ن الّر ُ‬
‫الّنارِ وَإ ِ ّ‬
‫فالكذب أًيا كان حجمه له عاقبته الوخيمة على الشاب الملتزم المبتدئ فضل ً‬
‫عن غيره ومن أمثلة الكذب‪ ،‬أن يظهر المبتدئ أمام إخوانه في الله على أنه‬
‫غني من الغنياء‪ ،‬أو متفوق من المتفوقين‪ ،‬أو يظهر للغير أنه قائم بواجباته‬
‫عا عن نفسه أنه قوي اللتزام‪ ،‬أو ذو‬ ‫السرية مع والديه‪ ،‬أو تجده يعطي انطبا ً‬
‫علم شرعي‪ ،‬فينخدع به أحبابه ويتعاملون معه بحسب ظاهره الكاذب‪ ،‬ثم ل‬
‫يلبث أن يسقط قناعه ويظهر ضعفه وجهله‪ ،‬ولو أنه أعلن حقيقته وتواضع‬
‫لغيره؛ لنصحه إخوانه‪ ،‬وكملوه وجبروا نقصه وهو المستفيد الول‪ .‬أما‬
‫المظهرية الكاذبة فيعيش معها الرضي والغرور ليام أو شهور‪ ،‬ثم تنكشف له‬
‫الوراق بأنه هو الخاسر الوحيد‪.‬‬
‫وشوائب النفس كثيرة وبقاؤها يعنى وجود بذرة سوء قد تنمو فتحطم اليمان‬
‫وتزلزله‪ ،‬أما تصفية النفس عن شوائبها ونزعها من أصلها فيعني الراحة‬
‫والطمئنان والثبات على اللتزام‪.‬‬
‫أما أسباب المعاصي فل شك في خطورتها على الملتزم ولو كان من غير‬
‫المبتدئين ولذا ينبغي التخلص منها وتجنب سبلها‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪:‬‬
‫? تجنب مجالسة رفقاء السوء‪.‬‬
‫? التخلص من آلت اللهو‪.‬‬
‫? التخلص من المجلت الهابطة‪ ،‬والصور الفاتنة‪ ،‬والفلم السيئة‪.‬‬
‫? مقاطعة الماكن التي تذكر المرء بذنوبه‪ ،‬ومعاصيه السابقة‪.‬‬
‫? التخلص من الروايات والدواوين الهابطة‪.‬‬
‫? تجنب فتنة النساء‪.‬‬
‫? البتعاد عن الكتب الفكرية الملوثة بالتغريب والتخريب‪.‬‬
‫? تجنب الخلوة التي تثير الوساوس‪ ،‬وتحرك الغرائز‪.‬‬
‫ومما يعين في تجنب أسباب المعاصي أمور‪:‬‬
‫? مرافقة الصحبة الصالحة‪.‬‬
‫? النشغال بالواجبات الشرعية‪ ،‬أو المباحات النافعة‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫? النظر في آثار المعاصي على أهلها‪ ،‬وفي ذلك رسائل منها‪':‬آثار المعاصي'‬
‫للشيخ محمد العيثمين‪ ،.‬و'المعاصي وأثرها على الفرد والمجتمع' لـ حامد‬
‫محمد المصلح‪.‬‬
‫? التنبه لمكائد الشيطان وسبل إغوائه‪ ،‬ومن الرسائل الجامعة في هذا‬
‫الموضوع‪' :‬تلبيس ابليس' لبن الجوزي‪' .‬مكائد الشيطان' لـ عبد الحميد‬
‫البللي‪.‬‬
‫الجانب الثاني‪ :‬تربية النفس وتزكيتها‪ :‬على ما يرضي الله‪ ،‬ومفارقة الهوى‪،‬‬
‫م َرب ّهِ وَن ََهى‬ ‫َ‬
‫قا َ‬
‫م َ‬
‫ف َ‬
‫خا َ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ما َ‬
‫قال ابن حزم رحمه الله‪':‬قول الله تعالى‪ {:‬وَأ ّ‬
‫مأ َْوى]‪' }[41‬سورة النازعات'‪ .‬جامع‬ ‫ي ال ْ َ‬
‫ة هِ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫جن ّ َ‬ ‫ن ال ْهَ َ‬
‫وى]‪[40‬فَإ ِ ّ‬ ‫س عَ ِ‬
‫ف َ‬
‫الن ّ ْ‬
‫لكل فضيلة؛ لن نهي النفس عن الهوى هو ردعها عن الطبع الغضبي‪ ،‬وعن‬
‫الطبع الشهواني‪ ،‬لن كليهما واقع تحت موجب الهوى‪ ،‬فلم يبق إل استعمال‬
‫النفس للنطق الموضوع فيها‪ ،‬الذي به بانت عن البهائم والحشرات والسباع'‪.‬‬
‫والشاب الملتزم يتكامل في تربية نفسه‪ ،‬فل يهتم بجانب‪ ،‬ويلغي الجوانب‬
‫ضا‪.‬‬
‫الخرى‪ ،‬فجوانب التربية مكمل بعضها بع ً‬
‫جوانب التربية‪:‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫ل‪ :‬التربية اليمانية‪ :‬ونعنى بهذه التربية‪ :‬أن يداوم العبد على تقوية صلته‬ ‫أو ً‬
‫بالله‪ ،‬فيعمل على مرضاة الله في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت‬
‫ن أ َِبي‬ ‫ووظيفته‪ ،‬وخير مثال لذلك‪ :‬ما جاء عن أبي بكر رضي الله عنه‪ ،‬فَعَ ْ‬
‫ل الل ّه صّلى الل ّه عَل َيه وسل ّم‪ ':‬م َ‬
‫م ال ْي َوْ َ‬
‫م‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫صب َ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ ِ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ل‪َ :‬قا َ‬ ‫هَُري َْرةَ َقا َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ة' َقا َ‬
‫ل‬ ‫جَناَز ً‬ ‫م َ‬ ‫م الي َوْ َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ن ت َب ِعَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل‪ ':‬فَ َ‬ ‫ه أَنا َقا َ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ل أُبو ب َك ْرٍ َر ِ‬ ‫ما' َقا َ‬ ‫صائ ِ ً‬ ‫َ‬
‫ل أُبو ب َك ٍْ‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫كيًنا' َقا َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫س ِ‬ ‫ْ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ط‬ ‫أ‬ ‫ن‬
‫َ ْ‬ ‫م‬ ‫ف‬ ‫ل‪':‬‬ ‫قا‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ض‬
‫ِ‬ ‫ر‬‫ٍ َ‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫بو‬ ‫أُ‬
‫عاد منك ُم ال ْيوم مريضا' َقا َ َ‬ ‫ه أ ََنا َقا َ‬
‫ي الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ض َ‬ ‫ل أُبو ب َك ْرٍ َر ِ‬ ‫ن َ َ ِ ْ ْ َ ْ َ َ ِ ً‬ ‫م ْ‬ ‫ل‪ ':‬فَ َ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫َر ِ‬
‫ئ إ ِلّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ه أَنا فَ َ‬ ‫َ‬
‫مرِ ٍ‬ ‫ن ِفي ا ْ‬ ‫معْ َ‬ ‫جت َ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫م‪َ ':‬‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫عَن ْ ُ‬
‫ة' رواه مسلم‪ .‬وبحسب قوة التربية اليمانية في قلب الملتزم‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ْ‬
‫ل ال َ‬ ‫خ َ‬ ‫دَ َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫يعيش الحياة الطيبة‪..‬هذا وعد الله ولن يخلف الله وعده‪ ،‬قال تعالى‪َ {:‬‬
‫َ ُ‬
‫م‬ ‫جزِي َن ّهُ ْ‬ ‫ة وَل َن َ ْ‬ ‫حَياة ً ط َي ّب َ ً‬ ‫ه َ‬ ‫حي ِي َن ّ ُ‬ ‫ن فَل َن ُ ْ‬ ‫م ٌ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن ذ َك َرٍ أوْ أن َْثى وَهُوَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫عَ ِ‬
‫ن]‪' } [97‬سورة النحل'‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ملو َ‬ ‫ما كاُنوا ي َعْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م ب ِأ ْ‬ ‫جَرهُ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫وبحسب صدق التربية اليمانية يجد المرء حلوة اليمان‪ ،‬فَعَ ْ‬
‫ث من ك ُن فيه وجد حَلوةَ اْليما َ‬
‫ه‬‫سول ُ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫كو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ َ ِ‬ ‫ّ ِ ِ َ َ َ َ َ‬ ‫ل‪ ':‬ث ََل ٌ َ ْ‬ ‫م َقا َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ي َُعود َ ِفي‬ ‫ن ي َك َْره َ أ ْ‬ ‫ه إ ِّل ل ِل ّهِ وَأ ْ‬ ‫حب ّ ُ‬ ‫مْرَء َل ي ُ ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫ما وَأ ْ‬ ‫واهُ َ‬ ‫س َ‬ ‫ما ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ب إ ِل َي ْهِ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫أ َ‬
‫َ‬ ‫ال ْك ُ ْ‬
‫ف ِفي الّناِر' رواه البخاري ومسلم‪ .‬ولذلك نجد من‬ ‫قذ َ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ما ي َك َْره ُ أ ْ‬ ‫فرِ ك َ َ‬
‫أقوال السلف ممن عاشوا هذه التربية ما يشحذ الهمم لسلوك هذا السبيل‪،‬‬
‫والمصابرة على مشقته في أول المر وآخره‪ .‬ولذا‪ ،‬ل عجب أن يطلق بعض‬
‫الئمة على التربية اليمانية أنها 'جنة الدنيا'‪.‬‬
‫? قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪' :‬إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم‬
‫يدخل جنة الخرة'‪.‬‬
‫?وقال ابن القيم رحمه الله‪' :‬وكان بعض العارفين يقول‪ :‬لو علم الملوك‬
‫وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف'‪ ،‬وقال آخر‪ :‬مساكين أهل‬
‫الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها‪ ،‬قيل‪ :‬وما أطيب ما فيها؟ قال‪:‬‬
‫محبة الله تعالى ومعرفته وذكره‪ ..‬وقال آخر‪ :‬إنه لتمر بالقلب أوقات يرقص‬
‫منها طرًبا‪ ،‬وقال آخر‪ :‬إنه لتمر بي أوقات أقول إن كان أهل الجنة في مثل‬

‫‪70‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هذا إنهم لفي عيش طيب‪ -‬ثم قال ابن القيم بعد ذلك‪ : -‬والخوف والرجاء‬
‫والتوكل والمعاملة بحيث يكون هو وحده المستولي على هموم العبد‬
‫وعزماته وإرادته‪ ،‬هو جنة الدنيا والنعيم الذي ل يشبهه نعيم‪ ،‬وهو قرة عين‬
‫المحبين‪ ،‬وحياة العارفين'‪.‬‬
‫والتربية اليمانية تكون بأمور عديدة‪ ،‬من أهمها‪:‬‬
‫? مجاهدة النفس على إخلص العمل‪.‬‬
‫? ستشعار الخوف من الله‪.‬‬
‫? استشعار مراقبة الله‪.‬‬
‫? المحافظة على الفرائض‪.‬‬
‫? لبكاء من خشية الله‪.‬‬
‫? المداومة على تلوة القرآن‪ ،‬وتحديد ورد يومي في ذلك‪.‬‬
‫? الدعاء والتضرع‪.‬‬
‫? قيام الليل وذكر الله خالًيا‪.‬‬
‫? الحافظة على السنن الرواتب‪.‬‬
‫? الحرص على صيام النافلة‪.‬‬
‫? المكث في المسجد وبين الصلوات‪.‬‬
‫? النظر في أحوال الصالحين وسير المتقين‪.‬‬
‫? الطلع على الرقائق‪:‬أحوال أهل الجنة‪ ،‬عذاب أهل النار‪ ،‬القيامة الصغرى‬
‫والكبرى‪ ،‬الزهد في الدنيا‪.‬‬
‫? الصدقة وكفالة اليتيم‪ ..‬إلى غير ذلك من أعمال جليلة يضيق المقام عن‬
‫حصرها‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬التربية العلمية ]التأصيل الشرعي[‪:‬‬
‫أهمية التربية العلمية‪:‬‬
‫كما أن الملتزم بحاجة إلى التربية اليمانية ليحرك الدافع ويقوى الوازع في‬
‫ضا إلى العلم الشرعي الذي يصحح فيه عبادته وتوجهه لله‬ ‫قلبه فهو بحاجة أي ً‬
‫وحده ‪.‬‬
‫'إضافة إلى أن التوجه للعلم الشرعي والعناية به يمل على الشاب همه ووقته‬
‫غا في وقته‬ ‫فل ينصرف ذهنه وتفكيره إلى الشهوات والمعاصي‪ ،‬ول يجد فرا ً‬
‫يمكن أن يدفعه إلى الثم‪ ،‬ثم هو يجد في لذة العلم وحلوة تحصيله ما‬
‫يصرفه عن البحث عن البديل الذي ربما كان سبًبا في انحرافه']‪ [1‬قال ابن‬
‫حزم – رحمه الله‪' :-‬لو لم يكن من فائدة العلم والشتغال به إل أنه يقطع‬
‫م‪،‬‬
‫المشتغل به عن الوساوس المضنية‪ ،‬ومطارح المال التي ل تفيد غير اله ّ‬
‫وكفاية الفكار المؤلمة للنفس‪ ،‬لكان ذلك أعظم داع إليه‪ ،‬فكيف وله من‬
‫الفضائل ما يطول ذكره!' ‪.‬‬
‫? ومما يؤكد أهمية التربية العلمية وفضلها النصوص القرآنية والحاديث‬
‫النبوية‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫ما ي َت َذ َكُرّ‬
‫ن إ ِن ّ َ‬
‫مو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ل ي َعْل ُ‬
‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ن َوال ِ‬
‫مو َ‬ ‫َ‬
‫ن ي َعْل ُ‬‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫وي ال ِ‬ ‫ست َ ِ‬‫ل يَ ْ‬‫ل هَ ْ‬‫قال تعالى‪َ { :‬رب ّهِ قُ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب]‪' }[9‬سورة الزمر'‪.‬‬ ‫أوُلو اْلل َْبا ِ‬
‫ماُء ‪' }[28]...‬سورة فاطر'‪.‬‬ ‫عَبادِهِ ال ْعُل َ َ‬‫ن ِ‬‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫شى الل ّ َ‬ ‫خ َ‬‫ما ي َ ْ‬
‫قال تعالى‪ { :‬إ ِن ّ َ‬

‫)‪(8 /‬‬

‫ن' رواه‬
‫دي ِ‬
‫ه ِفي ال ّ‬
‫قهْ ُ‬
‫ف ّ‬
‫خي ًْرا ي ُ َ‬ ‫ن ي ُرِد ْ الل ّ ُ‬
‫ه ب ِهِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫سل ّ َ‬
‫م‪َ ':‬‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫َقا َ‬
‫ل َ‬
‫البخاري ومسلم‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ه لَ ُ‬
‫ه‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫سهّ َ‬ ‫عل ْ ً‬
‫ما َ‬ ‫س ِفيهِ ِ‬‫م ُ‬‫قا ي َل ْت َ ِ‬
‫ري ً‬‫ك طَ ِ‬‫سل َ َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫سل ّ َ‬
‫م‪َ ':‬‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬‫ل َ‬ ‫وََقا َ‬
‫ة' رواه مسلم‪.‬‬ ‫قا إ َِلى ال ْ َ‬
‫جن ّ ِ‬ ‫ب ِهِ ط َ ِ‬
‫ري ً‬
‫وسائل التربية العلمية‪:‬‬
‫ملزمة العلماء والمشايخ في المساجد والبيوت‪ ،‬واستضافتهم في المكتبات‬
‫الخيرية وبشكل دوري‪.‬‬
‫كثرة الطلع والقراءات الخاصة المرتبة المنتقاة‪ ،‬والسترشاد في هذا‬
‫السبيل بآراء ذوي العلم والرأي‪.‬‬
‫الستماع إلى ما في أشرطة التسجيل من محاضرات وندوات ودروس‬
‫علمية‪ ،‬وتقييد فوائدها وتلخيص أفكارها‪.‬‬
‫القراءة مع الزملء والصدقاء وطلب العلم‪.‬‬
‫وهذه الوسائل بمجموعها تمكن المرء من تحقيق التربية العلمية‪ ،‬وأما‬
‫ف لتحقيقها على الوجه المطلوب‪.‬‬ ‫القتصار على بعضها فقد يكون غير كا ٍ‬
‫والتربية العلمية يعيشها الملتزم طوال حياته ل يستغني عنها بحال‪.‬‬
‫? أما ما الذي تقرأه وما الذي يليه في كل فن من الفنون‪ :‬فهذا مما تكلم فيه‬
‫أهل العلم وفرقوا فيه بين ما كان فرض عين وما كان فرض كفاية‪ ،‬وقسموا‬
‫العلوم إلى أصول وفروع ولكل فن آلته‪ ،‬وحيث أن هذه الرسالة ل تحتمل‬
‫السهاب والطالة‪ ،‬فالحالة إلى كتب أخرى أجدى من إهماله والتغافل عنه‪.‬‬
‫ويمكن الرجوع في هذا الشأن إلى‪:‬‬
‫‪' [1‬برنامج عملي للمتفقهين' للدكتور عبد العزيز القارئ‪.‬‬
‫‪' [2‬حلية طالب العلم' للدكتور بكر أبو زيد‪.‬‬
‫‪' [3‬ربانية التعليم للدكتور عبد الله يوسف الحسن‪.‬‬
‫‪' [4‬كيف تقرأ كتاًبا' للشيخ محمد صالح المنجد‪.‬‬
‫‪' [5‬المنهجية في طلب العلم' محاضرة للشيخ محمد صالح المنجد‪.‬‬
‫‪' [6‬التأصيل العلمي' محاضرات للشيخ أحمد القرني‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬التربية الدعوية‪:‬‬
‫الدعوة إلى الله مطلب مهم في حياة الملتزم‪ ،‬وهو أمر يتأكد وجوبه في هذا‬
‫العصر الذي ضل فيه كثير من الناس واتبعوا أهواءهم وشهواتهم‪ ،‬ونكصوا‬
‫على أعقابهم ‪ .‬ولكن طريق الدعوة ل يسلكه إل عالم بما يدعو إليه‪ ،‬وعارف‬
‫لكيفية دعوة الخرين‪ ،‬وذلك كل يحتاج إلى تربية على كيفية الدعوة‪ ،‬وتعليم‬
‫لشروط الدعوة ووسائلها‪ ،‬وآدابها‪ ،‬وتتضمن هذه التربية أموًرا عديدة من‬
‫أهمها‪:‬‬
‫‪ [1‬تعلم صفات الداعية وتطبيقها‪.‬‬
‫‪ [2‬القدوة الحسنة‪.‬‬
‫‪ [3‬التوازن في أولويات الدعوة‪.‬‬
‫‪ [4‬الوسائل والغايات في الدعوة‪.‬‬
‫‪ [5‬الدعوة الفردية‪.‬‬
‫‪ [6‬الدعوة الجماعية‪.‬‬
‫‪ [7‬طرق الدعوة ومجالتها‪.‬‬
‫‪ [8‬فقه الدعوة‪.‬‬
‫‪ [9‬عوائق على طريق الدعوة‪.‬‬
‫ويمكن الرجوع في مثل هذه المواضيع إلي محاضرات ورسائل عديدة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪' -1‬الدعوة الفردية' صالح بن يحي صواب‪.‬‬
‫‪' -2‬فقه الدعوة إلى الله' د‪ .‬عبد الرحمن حبنكه الميداني‪.‬‬
‫‪' -3‬مقومات نجاح الداعية' د‪ .‬على بادحدح‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪' -4‬آفات على الطريق' د‪ .‬السيد نوح‪.‬‬


‫‪ -5‬محاضرة‪' :‬علقة الداعية بالمدعو' محمد صالح المنجد‪.‬‬
‫‪ -6‬محاضرة‪' :‬على الطريق ‪1‬و ‪ '2‬على القرني‪.‬‬
‫والجانب العملي في الدعوة إلى الله في الغالب ل يكتسب إل بالنزول إلى‬
‫الميدان الدعوى‪ ،‬والستفادة المباشرة من الدعاة ممن لهم باع في هذا‬
‫المضمار الواسع‪ ،‬ولذا‪ ،‬ل ينبغي الوقوف في التربية الدعوية على الكتب‬
‫فحسب‪ ،‬بل لبد من الرجوع إلى أهل الخبرة في دعوة الناس‪.‬‬
‫الجدية في اللتزام ‪ :‬الجدية في اللتزام تعنى قوة التمسك بالكتاب والسنة‬
‫ما َءات َي َْناك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ذوا َ‬ ‫خ ُ‬‫والعض عليها بالنواجذ وهو مما أمر الله به‪ ،‬قال تعالى‪ُ {:‬‬
‫ة‪' } [63]...‬سورة البقرة'‪ .‬ومن ثمراته الجليلة محبة الله تعالى‪َ ،‬قا َ‬
‫ل‬ ‫قو ّ ٍ‬ ‫بِ ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سو ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ب إ ِلى اللهِ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫خي ٌْر وَأ َ‬
‫قوِيّ َ‬‫ن ال َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫م ُ‬ ‫م‪':‬ال ُ‬
‫سل َ‬‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫َر ُ‬
‫خي ٌْر‪ '...‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫ل َ‬ ‫ُ‬
‫ف وَِفي ك ّ‬ ‫ضِعي ِ‬‫ن ال ّ‬
‫م ِ‬‫مؤ ْ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫? وللجدية في اللتزام مظاهر عديدة‪ ،‬من أوضحها ما يلي‪:‬‬
‫استشعار اللتزام بالدين في الظاهر والباطن‪ :‬فليس اللتزام يقف عند حد‬
‫اللباس الشرعي والسمت المظهري فحسب بل الملتزم ملتزم بمظهره‬
‫ومخبره‪ ،‬ولذا عدم الجدية في هذا الجانب تراها على البعض حينما يغيرون‬
‫من ظواهرهم ويكتفون بذلك‪ ،‬أما باطنهم فخواء فتبقى صفات قلبية‬
‫مذمومة‪ ،‬كالحسد‪ ،‬والنانية واحتقار الخرين‪ ،‬وضعف الخلص‪ ،‬والتعلق‬
‫بالخلق‪ ،‬وضعف التوكل على الله‪...‬إلخ‪.‬‬
‫البذل والتضحية للدين والدعوة إليه‪ :‬فالملتزم الجاد يشعر بنعمة الدين‪،‬‬
‫ويستشعر حلوة اليمان‪ ،‬ولذا يود لو أن الناس استقاموا جميًعا ليرتعوا في‬
‫هذه النعمة ويذوقوا حلوتها‪ ،‬وهذا ل يكون إل ببذل النفس‪ ،‬والوقت‪ ،‬والمال‪،‬‬
‫سا إل وسعها‪.‬‬ ‫ول يكلف الله نف ً‬
‫وصور البذل كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬افتتاح الدروس العلمية وإشاعة العلم في العامة والخاصة‪.‬‬
‫‪ -2‬متابعة تربية الشباب من خلل النشطة الطلبية‪.‬‬
‫‪ -3‬التعاون مع مراكز الدعوة والرشاد‪ ،‬واستضافة الدعاة من هنا وهناك‪.‬‬
‫‪ -4‬التعاون مع أئمة المساجد وافتتاح حلق التحفيظ‪.‬‬
‫‪ -5‬المراسلة والتأثير على الشباب من خلل السلوب الحسن‪ ،‬والهدية‬
‫الجميلة‪.‬‬
‫‪ -6‬إلقاء الكلمات في القرى والهجر‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫‪ -7‬زيارة المرضي والمسجونين‪ ،‬وتذكيرهم بالتي هي أحسن‪.‬‬


‫‪ -8‬الستفادة من خدمة 'النترنت' في نشر المفاهيم الصحيحة عن السلم‪،‬‬
‫ويمكن استغلل هذه الوسيلة في نشر فتاوى العلماء‪ ،‬واستقبال السئلة من‬
‫دول العالم‪ ،‬وتحرير الفتوى فيها‪.‬‬
‫‪ -9‬الستفادة من التجمعات العائلية‪.‬‬
‫‪ -10‬الستفادة من مجالس المناطق السكنية‪ ..‬إلى غير ذلك من مجالت‬
‫يستطيع الملتزم الجاد أن يتحرك في أحدها أو أكثر بحسب قدراته وطاقاته‪.‬‬
‫تغليب الجدية في المجالس‪:‬فترى الشباب الملتزم الجاد يغلب عليهم الجد‬
‫فيما يتكلمون عنه فهم في حوار ناضج‪ ،‬أو سؤال عن أخبار المة‪ ،‬أو طرح‬
‫لكمات نافعة ونحوه‪ ،‬وبين الحين والخر يروحون عن أنفسهم بالمزاح المباح‪،‬‬

‫‪73‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وبذكر بعض الطرائف والمواقف الواقعية‪ ،‬والقصص المعبرة دون إغراق أو‬
‫كذب ‪.‬‬
‫الجدية في ضبط الخلطة مع الخرين‪ :‬فإن الملتزم يهتم بوقته‪ ،‬ويحرص على‬
‫سلمة لسانه من قيل وقال‪ ،‬وكثرة السؤال‪ ،‬والتزامه يدعوه إلى الموازنة‬
‫وعدم التفلت‪ ،‬ولذا يجعل أوقاًتا للخلوة مع النفس يحاسبها ويصقلها‪،‬‬
‫ويطورها بطلب العلم والتعرف على كل ما هو مفيد‪ ،‬وشعاره في ذلك قوله‬
‫ن ِبالل ّهِ وََل ت َعْ َ‬
‫جْز‪'...‬‬ ‫ست َعِ ْ‬
‫ك َوا ْ‬‫فعُ َ‬‫ما ي َن ْ َ‬‫ص عََلى َ‬ ‫حرِ ْ‬ ‫م‪...':‬ا ْ‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫رواه مسلم‪ .‬وكذا يجعل وقًتا مناسًبا يخالط فيه الخرين يدعوهم إلى الله‪،‬‬
‫ويقوم بواجبات الخوة في الله وحقوقها‪.‬‬
‫الجدية في المسارعة إلى الخيرات‪ :‬فالصحابة رضي الله عنهم حينما مدحهم‬
‫ن]‪[61‬‬ ‫قو َ‬ ‫م ل ََها َ‬
‫ساب ِ ُ‬ ‫ت وَهُ ْ‬ ‫ن ِفي ال ْ َ‬
‫خي َْرا ِ‬ ‫عو َ‬ ‫سارِ ُ‬‫ك يُ َ‬ ‫الله وصفهم بأنهم‪ُ {:‬أول َئ ِ َ‬
‫}'سورة المؤمنون'‪ .‬والملتزم الجاد يقتدي بخير أمة أخرجت للناس ويتشبه‬
‫بهم فل يجد خيًرا إل وسابق إليه‪.‬‬
‫القبال على المور الجادة وتقديمها على غيرها‪ :‬فترى الملتزم الجاد يحرص‬
‫على المور النافعة‪ ،‬وإن كان فيها مشقة عليه‪ ،‬ويشعر باللوم والندم على‬
‫فواتها‪ ،‬ومن المور الجادة‪:‬‬
‫دا في السبوع‪ ، -‬سماع الشرطة‬ ‫ً‬ ‫واح‬ ‫سا‬‫ً‬ ‫در‬ ‫ولو‬ ‫حضور الدروس العلمية‪-‬‬
‫التربوية‪ ،‬حضور المحاضرات في المساجد‪ ،‬الحماس للبرامج الثقافية في‬
‫الرحلت والمخيمات‪ ،‬الستعداد لعداد الكلمات لمجالس الخوة‪ ،‬مجاهدة‬
‫النفس على حفظ ما تيسر من القرآن وتكرار تسميعه‪ ،‬الحرص على‬
‫الجلوس في المسجد أدبار الصلوات والمحافظة على الذكار‪ ،‬المحافظة‬
‫على صلة التراويح في رمضان‪ ،‬الصبر على النظر والتلخيص للكتب‬
‫الشرعية‪.‬‬
‫مجاهدة النفس على التخلق بالفضائل‪ :‬فإن من الناس من يقبل على اللتزام‬
‫وفيه شوائب معيبة‪ ،‬فالجاد في التزامه من هؤلء يسارع للخذ بزمام نفسه‬
‫ه‬‫صّلى الل ّ ُ‬‫لئل تخرج عن طورها فيداويها ويريبها حتى تلتزم سنة المصطفي َ‬
‫سل ّ َ‬
‫م‪.‬‬ ‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫تربية النفس على التواضع وقبول النقد من الخرين‪ :‬فالملتزم الجاد يعرف‬
‫ضعفه ويستشعر أن النقد من الناصحين تكميل لشخصه وجبر لنقصه‪ ،‬وكلما‬
‫صدق الصاحب في نصيحته كلما ازداد المرء الجاد في محبته‪ ،‬وقد روى عن‬
‫عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال‪' :‬رحم الله من أهدى لي عيوبي'‬
‫فجعل تعريفه بعيب من عيوبه كالهدية التي تهدى إليه‪ ،‬والملتزم الجاد ل يقف‬
‫تقبله للنقد بابتسامة متكلفة‪ ،‬بل يتبع ذلك بتصحيح للخطأ‪ ،‬وبمداواة للنفس‪،‬‬
‫وبهذا وذاك يتطور ويرتقي‪.‬‬
‫التميز بالشخصية السلمية‪ :‬فالجاد في التزامه ل يتحرج من إبراز شخصيته‬
‫السلمية‪ ،‬ول يخجل من استغراب الخرين لتميز طرحه وجرأته في الحق‪،‬‬
‫ولنه يحترم ما يعتقد فإنه يعتزل المنكر الذي جلس الناس في أوحاله دون‬
‫خجل من ذهولهم لتصرفه واستنكارهم لمفارقته‪.‬‬
‫? ومن مفاسد عدم الجدية في هذا المر‪:‬‬
‫‪ -1‬انكسار الملتزم وضعفه‪.‬‬
‫‪ -2‬قد يتعدى المر إلى مجاملة لهل الفسق‪ ،‬ومجالستهم بتبلد قلبي‪ ،‬وصمت‬
‫مطبق يزري بحاله ويكثر سيئاته‪.‬‬
‫‪ -3‬قد يستدل البعض بأن المنكر من الفعل‪ ،‬أو الباطل من القول أمر ل بأس‬
‫به‪ ،‬والدليل أن هذا الملتزم المتدين جلس في مجلسه ولم ينبس ببنت شفه‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ما‬
‫استشعار الخوة السلمية‪ :‬فالملتزم الجاد يستشعر قول الله تعالى‪ {:‬إ ِن ّ َ‬
‫َ‬
‫ن]‪[10‬‬‫مو َ‬
‫ح ُ‬ ‫ه ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫م ت ُْر َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫خوَي ْك ُ ْ‬
‫م َوات ّ ُ‬ ‫ن أَ َ‬
‫حوا ب َي ْ َ‬ ‫خوَة ٌ فَأ ْ‬
‫صل ِ ُ‬ ‫ن إِ ْ‬
‫مُنو َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫م إخوانه المسلمين فوق كل أرض وتحت أي‬ ‫} 'سورة الحجرات'‪ .‬فيحمل ه ّ‬
‫سماء‪ ،‬وتطبيق هذا المعنى في أرض الواقع له صور عديدة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫? متابعة أخبار المسلمين من خلل المجلت السلمية‪.‬‬
‫? الحزن القلبي لمآسي المسلمين وتذكير الغير بواجب الخوة لهم‪.‬‬
‫? الدعاء الصادق‪.‬‬
‫? البذل من المال بحسب الوسع في إغاثة المنكوبين‪.‬‬
‫? المشاركة في اللجان الخيرية للغاثة‪ ،‬وبذل الوقت والجهد في أعمال‬
‫الخير‪:‬كبناء مستشفيات‪ ،‬مدارس‪ ،‬مساجد‪ ،‬حفر آبار‪...‬‬
‫? المشاركة في الرحلت الدعوية‪:‬إلقاء دروس شرعية وإقامة دورات مكثفة‪،‬‬
‫وتوزيع الكتب العلمية‪..‬ونحوه‪.‬‬

‫)‪(10 /‬‬

‫إعطاء المظاهر قدرها الصحيح‪ :‬فالملتزم الجاد جميل في هيئته‪ ،‬لكن دون‬
‫تكلف‪ ،‬أو تتبع للموضات الشبابية التي ل تقف عند حد‪ ،‬وكذا تراه يعيش في‬
‫دار أنيق دون إسراف يقبح بمثله ممن يدعو إلى الزهد في الدنيا وذم أحوال‬
‫المترفين!!‬
‫ضعف اللتزام ‪:‬‬
‫ل‪ :‬مظاهر ضعف اللتزام ‪ :‬لضعف التزام مظاهر تدل عليه‪ ،‬وسمات يعرف‬ ‫أو ً‬
‫بها‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫? الكتفاء من اللتزام بما ل يحتاج إلى مجاهدة وصبر‪ ،‬والتفريط فيما عدا‬
‫ذلك‪.‬‬
‫? التخلق بالخلق الذميمة دون شعور بالجفاء للخرين وبالفظاظة معهم‪،‬‬
‫ومن ذلك‪:‬‬
‫التساهل في تقل فتاوى العلماء دون تأكد من صحة ما ينسب إليهم‪.‬‬
‫التساهل في تفسير اليات بحسب الظن‪ ،‬وتصحيح الحاديث والحتجاج بها‬
‫دون مراجعة وتأكد‪.‬‬
‫التأخر عن المواعيد دون عذر أو اعتذار‪.‬‬
‫المماطلة في قضاء الدين‪.‬‬
‫بذاءة اللسان مع الزملء في الدراسة‪ ،‬أو الوظيفة‪ ،‬أو مع الهل‪.‬‬
‫عقوق الوالدين‪ ،‬وقطع الرحام‪.‬‬
‫ظلم الزوجة بضربها بغير حق‪ ،‬أو بالبخل عليها‪.‬‬
‫? الفرار من المور الجادة‪ ،‬والغراق في اللهو والهزل ومن ذلك‪:‬‬
‫العتذار عن حضور الدروس العلمية‪.‬‬
‫محاولة التملص من تحضير الكلمات‪ ،‬أو المسابقات الثقافية في مجالس‬
‫الشباب الملتزم‪ ،‬والحرص على البرامج الترفيهية‪.‬‬
‫هجر الكتب السلمية‪ ،‬ومتابعة كتب القصص والطرائف‪.‬‬
‫عدم الستفادة من الشريط السلمي في مجال الدروس العلمية‬
‫والمحاضرات التربوية‪ ،‬والغراق في متابعة الناشيد والمسرحيات الهزلية‪.‬‬
‫البتعاد عن الملتزمين الجادين‪ ،‬وكثرة زيارة الصحاب ممن يكثر في‬
‫مجالسهم القيل والقال‪ ،‬والمزاح والهزل‪.‬‬
‫كثرة النوم‪ ،‬وحب الكسل‪ ،‬والتهرب من المسئولية‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الطالة في المكالمات الهاتفية التافهة‪.‬‬


‫? إضاعة الوقات‪ :‬ومن ذلك‪:‬‬
‫الذهاب والياب إلى السواق دون حاجة متأكدة‪.‬‬
‫إضاعة الوقات في اللعاب والتسالي‪.‬‬
‫? تمييع مفهوم الخوة في الله‪ ،‬أو إهدار حقوقها‪ :‬ومن ذلك‪:‬‬
‫ملزمة من يانس بهم والكثار من ذلك تحت قناع 'المحبة في الله'‪.‬‬
‫التعلق العاطفي‪ ،‬كالتعلق برئيس المجموعة‪ ،‬أو بشخص مرح‪.‬‬
‫فاء الخوة وعدم التصال بهم وعدم التعاون معهم على الخير‪.‬‬
‫كثرة النتقاد لهم‪ ،‬والكتفاء بذلك عن القيام بواجب النصح‪.‬‬
‫الثقال على الخوة في الله‪ ،‬وإضاعة أوقاتهم‪ ،‬وكثرة المشاكل معهم‪.‬‬
‫? التفريط في عمل اليوم والليلة‪ ،‬وعدم الحساس بالندم على ذلك‪:‬ومن‬
‫ذلك‪:‬‬
‫فوات تكبيرة الحرام‪ ،‬بل فوات الركعات الولى في أكثر الصلوات‪.‬‬
‫النوم عن صلة العصر والفجر‪ ،‬أو التأخر عنهما في أغلب اليام‪.‬‬
‫التكاسل عن التبكير إلى صلة الجمعة حتى يكتب من المتأخرين‪.‬‬
‫فوات الورد اليومي من تلوة القرآن وقد يصل المر إلى هجره‪.‬‬
‫التعجل بعد الصلوات‪ ،‬ونسيان الذكار دبرها‪.‬‬
‫ترك صلة الوتر‪.‬‬
‫عدم الخشوع في الصلوات‪.‬‬
‫?إهمال النفس من التربية والتزكية‪ :‬ومن صور ذلك‪:‬‬
‫الزهد بالمواعظ والرقائق‪.‬‬
‫هجر الدعاء‪.‬‬
‫عدم محاسبة النفس ومعاتبتها‪.‬‬
‫إهمال الستغفار‪.‬‬
‫عدم التوبة من الذنوب‪.‬‬
‫عدم تدبر القرآن وتجاهل تطبيق السنة‪.‬‬
‫? عدم التورع عن المشتبهات‪ :‬ومن ذلك‪:‬‬
‫النقد بصورة قد تصل إلى الغيبة الجلية‪.‬‬
‫الفتيا وسرعة التحريم أو التحليل لما هو مشتبه في حكمه‪.‬‬
‫? عدم التضحية سواء بالنفس‪ ،‬أو بالمال‪ ،‬أو بهما مًعا‪ :‬ويبرز هذا الجانب من‬
‫جهة الشح بالوقت والنانية فالمر يقف عند 'نفسي‪ ..‬نفسي' ليس إل‪.‬‬
‫? الهتمام بالمظاهر اهتماما ً زائ ً‬
‫دا‪:‬‬
‫متابعة أشهر 'الماركات' في‪' :‬القلم‪ ،‬النظارات‪ ،‬اللباس ‪...‬وغيرها'‪.‬‬
‫زخرفة البيت وتأثيثه بإسراف ظاهر‪.‬‬
‫متابعة أخبار السيارات‪ ،‬وأجهزة الجوال دون رغبة في شراء‪ ،‬أو استفادة‪.‬‬
‫? عدم الهتمام بأحوال المسلمين‪:‬‬
‫? عدم إنكار المنكرات‪ ،‬مع قدرته على ذلك‪.‬‬
‫? التفلت وعدم النضباط‪ :‬فترى أحد هؤلء يأتي متى ما أراد‪ ،‬ويأخذ ما يريد‪،‬‬
‫بحسب مزاجه الشخصي‪.‬‬
‫? التساهل في تربية الهل والولد‪ ،‬والتقصير في جنب الوالدين والرحام‪.‬‬
‫? عدم تقبل النصيحة‪ ،‬والتبرم من الناصحين‪ ،‬وعد ّ ذلك من تصيد أخطائه‬
‫وإسقاط قدره‪.‬‬
‫? الرغبة في إثبات الذات وحب إظهار العمل‪.‬‬
‫? حسد بعض إخوانه‪ ،‬ومحاولة إسقاطهم بذكر عيوبهم‪ ،‬وتهوين مفاخرهم‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫? عدم المسارعة إلى الخيرات‪.‬‬


‫? حب الخصام مع الخرين وكثرة الجدال بغير الحق‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬أسباب ضعف اللتزام‪ :‬هناك أسباب تؤدى إلى ضعف اللتزام ول شك‪،‬‬
‫نذكر منها‪:‬‬
‫قا من‬
‫ما ملف ً‬ ‫? عدم وضوح اللتزام في أعين هؤلء‪ ،‬ولذا تراهم يعيشون التزا ً‬
‫التزام بالشرع‪ ،‬واتباع الهوى وقناعات سابقة‪.‬‬
‫? العيش في وسط ضعيف اللتزام‪ :‬فإن الشاب حينما يرجع إلى الله وينضم‬
‫إلى صحبة سمتهم اللتزام يتعلق بهم وبأفعالهم‪ ،‬فيأخذ في القتداء والتأسي‪،‬‬
‫أو على القل في المحاكاة والمشابهة‪ ،‬فيهزل كما يهزلون‪ ،‬ويهتم بمظهره‬
‫كما يهتمون ويغرق في سماع الناشيد كما يغرقون‪ ،‬ويستثقل العبادات كما‬
‫ل عََلى‬
‫ج ُ‬ ‫سل ّ َ‬
‫م‪':‬الّر ُ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬‫يستثقلون‪ .‬فالمر كما َقا َ‬
‫َ‬
‫ل' رواه الترمذي وأبوداود وأحمد‪.‬‬ ‫خال ِ ُ‬
‫ن يُ َ‬
‫م ْ‬‫م َ‬ ‫خِليل ِهِ فَل ْي َن ْظ ُْر أ َ‬
‫حد ُك ُ ْ‬ ‫ن َ‬
‫ِدي ِ‬
‫)‪(11 /‬‬

‫? البتعاد عن الشباب الملتزم لفترة طويلة‪ :‬فإن 'الشخص الذي يبتعد عن‬
‫إخوانه في الله فترة طويلة لسفر أو انشغال أو وظيفة ونحو ذلك‪ ،‬سيفتقد‬
‫الجو اليماني الذي كان يتنعم في ظلله معهم‪ ،..‬والمؤمن قليل بنفسه كثير‬
‫بإخوانه‪ ،‬يقول الحسن البصري رحمه الله‪' :‬إخواننا أغلى عندنا من أهلينا‪،‬‬
‫فأهلونا يذكروننا الدنيا‪ ،‬وإخواننا يذكروننا بالخرة'‪.‬‬
‫? التوسع في المباحات‪ :‬ومن ذلك‪:‬‬
‫الفراط في الكلم‪ ،‬والعاقبة قسوة في القلب‪.‬‬
‫الفراط في الخلطة والنشغال بها عن تزكية النفس‪.‬‬
‫ح َ‬
‫ك‬ ‫ض ِ‬ ‫َ‬
‫م‪...':‬ل ت ُك ْث ِْر ال ّ‬ ‫ّ‬
‫سل َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫كثرة الضحك‪ ،‬وقد َقا َ‬
‫ب' رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد‪.‬‬ ‫قل َ‬‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ت ال َ‬ ‫مي ُ‬ ‫ك تُ ِ‬ ‫ح ِ‬
‫ض ِ‬ ‫ن ك َث َْرةَ ال ّ‬
‫فَإ ِ ّ‬
‫الفراط في النوم‪.‬‬
‫الفراط في الكل حتى يتبلد الذهن‪ ،‬ويثقل البدن عن الطاعات‪.‬‬
‫? حب الراحة والتكاسل عن مجاهدة النفس‪ :‬وهذا يعنى خسران ثمرات‬
‫العمال الصالحة‪ ،‬وفقدان لذة حلوة اليمان‪.‬‬
‫? كثرة المشاغل الدنيوية‪ :‬فتجد البعض يخرجون من حياتهم الدراسية‪ ،‬أو‬
‫الوظيفية إلى قضاء حوائجهم الشخصية‪ ،‬ثم إلى قضاء طلبات الهل والولد‪،‬‬
‫ثم إلى زيارة مجالس الصحاب وهكذا‪ ،‬فهم في انشغال دائم يضيع عليهم‬
‫أوقاًتا كثيرة‪ ،‬هم بحاجة إليها‪ ،‬للرتقاء بالتزامهم وإيمانهم ولذلك قال الله‬
‫َ‬ ‫تعالى‪ {:‬واعْل َموا أ َنما أ َموال ُك ُم وأ َوَلدك ُم فتن ٌ َ‬
‫م]‪} [28‬‬ ‫ظي ٌ‬ ‫جٌر عَ ِ‬ ‫عن ْد َه ُ أ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ة وَأ ّ‬ ‫ْ َ ْ ُ ْ َِْ‬ ‫ّ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫مِتي‬ ‫ة أُ‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ف‬‫و‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ت‬‫ف‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫ل أُ‬‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫م‪':‬‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ّ‬ ‫ص‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫قا‬ ‫و‬ ‫النفال'‪.‬‬ ‫'سورة‬
‫ّ‬ ‫ّ ٍ َِْ َ ِ َْ‬ ‫ْ ِ َ َ َ ِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل' رواه الترمذي وأحمد‪.‬‬ ‫ما ُ‬‫ال ْ َ‬
‫? القناعة الزائفة‪:‬فإن المتأمل يجد أن قناعة البعض بما هم فيه من خوٍر‬
‫وتقصير يجعلهم يسيرون في ضعف التزام دون شعور للحاجة إلى تحسين‬
‫أوضاعهم والرتقاء بالتزامهم‪ ،‬ومن صور القناعة الزائفة‪:‬‬
‫القناعة بأنهم لم يفتح لهم باب العمال الصالحة و'كل ميسر لما خلق له'‪.‬‬
‫القناعة بأن سوء أخلقهم وراثة عن آبائهم‪ ،‬أو بسبب ضغط واقعهم‪.‬‬
‫القناعة بأنهم غير مؤهلين للدعوة إلى الله‪ ،‬أو أن الخرين قد قاموا بواجب‬
‫الدعوة وفي جهدهم الكفاية‪.‬‬
‫القناعة بأنهم قد فعلوا أقصى ما يستطيعون بما ل مزيد عليه‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأحياًنا‪ ،‬ثناء الدعاة عليهم ومجاملتهم للتشجيع ليس إل يصل بهؤلء إلى‬
‫القناعة الزائفة!!‬
‫? المحن والشدائد‪ ' :‬ذلك أن المحنة أو الشدة عندما تنزل بالنسان فإنها‬
‫تزلزل كيانه‪ ،‬وتكاد تعصف به إل من رحم الله‪ ،‬ل سيما إذا كان نزولها خالًيا‬
‫من الترقب والستعداد‪ ،‬ومعرفة طريق الخلص‪ ،‬وسبيل المواجهة‪ ،‬وحينئذ‬
‫يشتغل بها عن دوره الحقيقي ويكون ضعف اللتزام بعدها'‪.‬‬
‫? عدم المتابعة من الخرين‪.‬‬
‫? مجالسة أهل المعاصي‪.‬‬
‫فإن الملتزم حينما يوجد في 'وسط يعج بالمعاصي فإن هذا يضعف التزامه‪،‬‬
‫فهو يرى هذا يتباهى بمعصية ارتكبها‪ ،‬وآخر يترنم بألحان أغنية فاسقة‪ ،‬وثالث‬
‫يدخن‪ ،‬ورابع يبسط مجلة ماجنة‪ ،‬وخامس لسانه منطلق باللعن والسباب‬
‫والشتائم وهكذا‪ '..‬وقد يكون ذلك‪:‬في البيت‪ ،‬أوالفصل الدراسي‪،‬أو في‬
‫المكتب الوظيفي‪.‬‬
‫ضا مخالطة أهل الدنيا بكثرة قد تجر إلى ضعف اللتزام‪ ،‬فإن القلب وعاء‬ ‫وأي ً‬
‫فإذا صب عليه أحاديث التجارة وأخبار الوظائف والموال ومشكلت العمل‬
‫والعلوات والترقيات والنتدابات‪ ..‬إلخ فماذا سيصاب القلب؟ الخشوع‬
‫والخضوع أم القسوة والجفوة!‬
‫حتى تحافظ على التزامك !‬
‫المحافظة على دوام اللتزام بالدين مطلب عظيم لكل مسلم صادق يريد‬
‫الثبات على هذه النعمة بعزيمة ورشد‪ ،‬ويتأكد هذا المر مع تدهور أوضاع‬
‫المجتمعات الحالية التي يعيشها المسلمون فلقد تكاثرت أصناف الشهوات‬
‫والشبهات‪.‬‬
‫وللمحافظة على اللتزام أسباب عديدة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫حسن الصلة بالله تعالى‪ :‬فإن الملتزم إذا داوم على حفظ جوارحه وقلبه فيما‬
‫ت الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫يحبه الله ويرضاه؛ حفظه الله من السوء والفحشاء‪ ،‬وقال تعالى‪ {:‬ي ُث َب ّ ُ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬‫ه ال ّ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ض ّ‬ ‫خَرةِ وَي ُ ِ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا وَِفي اْل ِ‬ ‫ت ِفي ال ْ َ‬ ‫ل الّثاب ِ ِ‬‫قو ْ ِ‬ ‫مُنوا ِبال ْ َ‬ ‫ن َءا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ه عَل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫شاُء]‪'} [27‬سورة إبراهيم'‪ .‬وَقا َ‬ ‫ما ي َ َ‬ ‫ه َ‬‫ل الل ّ ُ‬ ‫فعَ ُ‬ ‫وَي َ ْ‬
‫جاهَك‪ '...‬رواه الترمذي‬ ‫َ‬ ‫جد ْه ُ ت ُ َ‬‫ه تَ ِ‬ ‫ّ‬
‫فظ الل َ‬ ‫ْ‬ ‫ح َ‬
‫فظك ا ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ح َ‬‫ه يَ ْ‬ ‫ّ‬
‫فظ الل َ‬ ‫ْ‬ ‫ح َ‬
‫م‪...':‬ا ْ‬ ‫سل َ‬‫ّ‬ ‫وَ َ‬
‫وأحمد‪ .‬ومن حفظ الله للعبد أن يحفظ دينه وإيمانه من الشبهات المضلة‪،‬‬
‫والشهوات المحرمة حتى يلقى ربه وهو على دين وخلق يحبه ويرضاه‪ ،‬ولقد‬
‫حفظ الله دين يوسف عليه وصرف عنه الفتن لقوة صلته بربه قال تعالى‪{:‬‬
‫ن]‪'} [24‬سورة‬ ‫صي َ‬ ‫خل َ ِ‬ ‫عَبادَِنا ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬‫شاَء إ ِن ّ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ْ‬‫سوَء َوال ْ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ف عَن ْ ُ‬ ‫صرِ َ‬ ‫ك ل ِن َ ْ‬ ‫ك َذ َل ِ َ‬
‫يوسف'‪.‬‬
‫تزكية النفس‪ :‬فإن مداومة تزكية النفس سبيل عظيم لحفظ اللتزام‪ ،‬وتكون‬
‫تزكية النفس بالتربية اليمانية والعلمية والدعوية ‪.‬‬

‫)‪(12 /‬‬

‫مخالطة الجاّدين من الملتزمين‪:‬إن مصاحبة الملتزمين الذين يستشعرون‬


‫اللتزام في أقوالهم وأعمالهم‪ ،‬يعطي المرء قوة ودفعة إيمانية وذلك بالقتداء‬
‫بهم والشعور بالنقص وضعف الهمة عند مخالفة ما ارتقى إليه حالهم‪ ،‬فإن‬
‫حصلت الزلة من النسان وجد من ينصحه‪ ،‬وإن وقعت منه المعصية وجد من‬
‫يعظه ويذكره‪.‬‬
‫التوازن في الحياة‪ :‬للحياة جوانب عديدة‪ ،‬يحتاجها الملتزم ليعيش في‬

‫‪78‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫استقرار نفسي يعينه على استقرار إيمانه فترى الملتزم يوازن بين الفرائض‬
‫والنوافل‪ ،‬ويوازن بين المور الجادة والترفيه المباح‪ ،‬ويوازن بين ما يقدمه‬
‫لنفسه وما يجتهد به لجل الخرين‪ ،‬يوازن بين التأصيل الشرعي والتفقه في‬
‫دين الله‪ ،‬وما عدا ذلك من تربية إيمانية واجتهاد في الدعوة إلى الله‪.‬‬
‫والخلل في هذا الجانب‪ ،‬بتغليب جانب على جانب قد يصل بالملتزم إلى خواء‬
‫وخور‪ ،‬ويتجلى هذا في من يغلب جانب الدعوة إلى الله والتحرك في جميع‬
‫دا في الجانب اليماني وهاجر‬ ‫الوقات في هذا السبيل بينما هو مقصر ج ً‬
‫للعلم الشرعي‪ ،‬فل يفيق إل وهو في وضع ل يحسد عليه‪ ،‬ويتجلى هذا الخلل‬
‫ضا فيمن يشدد على نفسه ويمنعها من الترويح والستجمام‪ ،‬فإذا به بعد‬ ‫أي ً‬
‫حين يصاب بالملل أو النقطاع قال ابن حجر – رحمه الله – 'المشدد ل يأمن‬
‫من الملل بخلف المقتصد فإنه أمكن لستمراره وخير العمل ما دام عليه‬
‫صاحبه'‪.‬‬
‫شّرةً‬
‫ل ِ‬ ‫م ٍ‬ ‫ل عَ َ‬ ‫ُ‬
‫م أن‪':‬ل ِك ّ‬ ‫ّ‬
‫سل َ‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫الحتراس حال الفتور‪ :‬أخبر النبي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫وَل ِك ُ ّ‬
‫ه إ ِلى‬
‫ت فت َْرت ُ ُ‬ ‫ن كان َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ح وَ َ‬ ‫قد ْ أفل َ‬ ‫سن ِّتي ف َ‬ ‫ه إ ِلى ُ‬ ‫شّرت ُ ُ‬
‫ت ِ‬
‫كان َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫شّرةٍ فَت َْرة ٌ فَ َ‬‫ل ِ‬
‫ك' رواه أحمد‪ .‬فينبغي على الملتزم 'إن فتر عن العمال‬ ‫قد ْ هَل َ َ‬ ‫غَي ْرِ ذ َل ِ َ‬
‫ك فَ َ‬
‫دأ في الفرائض إذ هي بمثابة الروح للبدن‪،‬‬ ‫الصالحة والتطوعات أل يفرط أب ً‬
‫فإن ترك الملتزم الفرائض كلها أو بعضها فقد هدم التزامه بيده‪ ،‬ويوشك أن‬
‫يهدم دينه كله'‪.‬‬
‫التعرف على أسباب النتكاسة‪' :‬إذ رؤية المنتكسين وسماع أخبار أصحاب‬
‫الخاتمة السيئة يدفع الملتزمين للعلو على شأن أولئك‪ ،‬والترفع عن الدركات‬
‫التي صاروا إليها‪ '...‬ومن جهة أخرى النظر في أحوالهم يجعل الملتزم في‬
‫خوف من المصير الذي صاروا إليه‪.‬‬
‫محاسبة النفس‪:‬فينظر في أحواله وأعماله‪ ،‬ماذا قدم لنفسه؟ وماذا جمع من‬
‫أعمال صالحة؟ وما جوانب القوة في التزامه وما جوانب الضعف فيه؟ وكيف‬
‫وقع في ذلك الذنب؟ وما السبيل لتجنبه؟‪ ..‬وهكذا ل يزال العبد في محاسبة‬
‫ومراجعة حتى يأتيه اليقين‪ ،‬أما من أهمل نفسه ولم يحاسبها فإن الهمال‬
‫ها]‬
‫وا َ‬‫س ّ‬ ‫ما َ‬ ‫س وَ َ‬ ‫ف ٍ‬ ‫والذنوب قد تصيب مهلكه بعد حين‪ ،‬قال تعالى‪ {:‬وَن َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ها]‪[10‬‬ ‫سا َ‬ ‫ن دَ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ب َ‬‫خا َ‬ ‫َ‬
‫ها]‪[9‬وَقد ْ َ‬ ‫ن َز ّ‬
‫كا َ‬ ‫م ْ‬‫ح َ‬ ‫ها]‪[8‬قَد ْ أفْل َ َ‬ ‫وا َ‬ ‫ق َ‬‫ها وَت َ ْ‬ ‫جوَر َ‬ ‫مَها فُ ُ‬ ‫‪[7‬فَأل ْهَ َ‬
‫} 'سورة الشمس'‪.‬‬
‫قال قتادة‪ :‬قد أفلح من زكى نفسه بالطاعة وطهرها من الخلق الدنيئة‬
‫والرذائل‪ .‬وقال ابن القيم‪' :‬ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته‪،‬‬
‫قَتها في ذات الله'‪.‬‬ ‫م َ‬‫طلع على عيبها َ‬ ‫فإذا أ ّ‬
‫من رسالة‪':‬كلمات في اللتزام' للشيخ‪ /‬عادل بن محمد آل عبد العالي‪.‬‬

‫)‪(13 /‬‬

‫كلمات في الدعوة‬
‫م‪ .‬محمد حكم دالتي ‪30/5/1427‬‬
‫‪26/06/2006‬‬
‫ً‬
‫يختلط أحدنا يوميا بعدد كبير من الناس‪ ،‬وهو بحكم كونه من )أتباع الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم( فإنه يتمثل قول الله تعالى‪ ) :‬قل هذه سبيلي أدعو‬
‫إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني(‪ ،‬والدعوة هذه ل يلزم التفّرغ لها‪ ،‬بل‬
‫يقوم بها المسلم ضمن عمله‪ ،‬مهما كان هذا العمل‪ ،‬فالب في بيته داعية‪،‬‬
‫والطبيب في عيادته داعية‪ ،‬والمهندس في ورشته داعية‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تحيط بهذه الدعوة ضوابط مهمة‪ ،‬وقد اجتهدت في تصنيف بعضها‪ ،‬فكان‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أنه من الممكن جدا أن يكون المدعو خيٌر منك عند الله تعالى‪:‬‬‫ً‬
‫عندما تعلم ذلك‪ ،‬فإنك ل تستكبر ول تستعلي عليه؛ إذ "ل يدخل الجنة من‬
‫هب مثل ً‬ ‫كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"‪ ،‬كما أخبر عليه الصلة والسلم‪َ ،‬‬
‫أنك تريد نصح أخيك الذي ترك صلة الفجر‪ ،‬ينبغي عليك أن تعلم وأنت تعظه‬
‫فر الله بها عنه ورفعه عنده‪ ،‬ل‬ ‫أنه صار فيه من الحرقة واللم والتوبة ما قد ك ّ‬
‫ة نصوحا‪ً:‬‬ ‫سيئة حسنة‪ ،‬كما وعد سبحانه فيمن تاب توب ً‬ ‫دل هذه ال ّ‬ ‫بل وقد ب ّ‬
‫) أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات(‪ ،‬ولكن هذه المعاني العظيمة من التوبة‬
‫ن كونك مما ُيشار‬ ‫تأ ّ‬ ‫والحرقة لم تكن فيك عندما تركتها أنت منذ فترة! وظنن َ‬
‫إليه على أنه )متدين(‪ ،‬أو أن فيك من مظاهر التدين الظاهرة ما يشفع لك‬
‫عند الله!‬
‫قل لي بربك الن‪ :‬ألم يبلغ هذا المدعو ما لم تبلغه أنت؟ وكيف تكون نظرتك‬
‫إليه بعد هذا؟‬
‫إن النظرة الفوقّية أيها الحبة لخيك المسلم هي في الواقع طريق الهلك‪.‬‬
‫أل ّ تشعر – والحال هذه‪ -‬أنه يمكن أن نستبدل في كثير من الحيان مفهوم‬
‫ن واحد؟‬ ‫)الداعية( و )المدعو( ليكون كل منهما )داعية ومدعو( في آ ٍ‬
‫ت بتلك المعاني اليمانية العظيمة التي ظهرت عند أخيك‪ ،‬صرت‬ ‫إذا تأثر َ‬
‫وا( مع كونك )داعية(‪ ،‬وهو كذلك‪ ،‬فإنه )مدعو( بطبيعة الحال‪ ،‬ول‬ ‫بذلك‪) :‬مدع ّ‬
‫جهك‬‫ل‪ ،‬فيو ّ‬ ‫بأس في أن يجد في نفسه شيئا ً من ) أسلوب( دعوتك مث ً‬
‫ويدعوك‪ ،‬فيكون بذلك‪ ) :‬داعية(!‬
‫ول كل الناس إلى )دعاة( بهذه الطريقة‪ ،‬إنها طريقة عدم‬ ‫ينبغي أن نح ّ‬
‫تصنيف المسلمين إلى )دعاة( و)مدعوين(‪ ،‬وإنما تحويل الحالة هذه إلى حالة‬
‫ة فحسب‪ ،‬وهو المتكلم‬ ‫)دعوة متبادلة( للجميع‪ ،‬فل يغتّر من ظن نفسه داعي ً‬
‫ب‬
‫جه‪ ،‬استغر َ‬ ‫ي دومًا‪ ،‬حتى إذا ُنصح أو وُ ّ‬ ‫والناصح‪ ،‬وله صدر المجلس الكلم ّ‬
‫ً‬
‫وانتفض‪ ،‬وكذلك ل ُيرّبى المدعو دائما على السمع والطاعة والتنفيذ فحسب‪،‬‬
‫ود على الجهر بالحق‪ ،‬في‬ ‫فل يجرؤ على الكلم وإبداء وجهة النظر‪ ،‬ول يتع ّ‬
‫الوقت الذي يمكن أن تكون وجهة نظره خير من وجهة نظر غيره ممن يشار‬
‫إليه أنه )الداعية(‪.‬‬
‫ة هو الله تعالى ل أنت‪:‬‬ ‫ً‬ ‫حقيق‬ ‫الهادي‬ ‫أن‬ ‫اليقين‬ ‫‪ -2‬أن تعلم علم‬
‫وإنما هدايتك هداية )إرشاد( فحسب‪ ،‬ول تملك من المر شيئًا‪ ،‬ل بل هي‬
‫هداية النبياء عليهم الصلة والسلم‪ ،‬إنهم ل يملكون هداية )التوفيق(‪ ،‬وقد‬
‫أشار ربنا تعالى إلى هذا المعنى في قوله‪) :‬الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من‬
‫الظلمات إلى النور( ‪ ،‬فقال ‪) :‬يخرجهم( ول يخرجون أنفسهم ‪ ،‬ول يخرجهم‬
‫دعاتهم‪.‬‬
‫إذا علمت ذلك‪ ،‬تضّرعت إلى )مقلب القلوب( و)مالك الملك( أن يأتي‬
‫ة دائمة في‬ ‫بالمدعو‪ ،‬وأن يفتح مسامع قلبه لكلمك‪ ،‬ويكون ذلك التضرع حال ٌ‬
‫قلبك‪ ،‬قبل دعوتك وأثناءها‪.‬‬
‫‪ -3‬الخلص لله تعالى‪:‬‬
‫وهو في الواقع أول المر وآخره‪ ،‬وعليه مدار العمل في كل عمل ُيتقّرب فيه‬
‫ة وشرعا ً‬ ‫إلى الله تعالى‪ ،‬وهذا )الخلص( وإن كان معظمنا يفهم معناه لغ ً‬
‫كره والتذكير به‪.‬‬ ‫صرون في تذ ّ‬ ‫ويحفظه‪ ،‬إل أننا مق ّ‬
‫دما في دعوتك دون أن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫من المهم أيها الخ أن تراجع نفسك‪ ،‬وأل تمشي ق ُ‬
‫تقف وتسأل نفسك‪ :‬ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بفعلتي؟ كما كان بعض‬

‫‪80‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫شربتي؟ ماذا أردت بَنومتي؟ فإنهم كانوا يخلصون‬ ‫السلف يقول‪ :‬ماذا أردت ب َ‬
‫في المباحات لتتحول إلى )طاعات(‪ ،‬فما بالنا بالصالحات الصرفة؟ أليست‬
‫أولى بالمراجعة وتحري الخلص؟‬
‫أتمنى أل ُيفهم أنه كلما خطر لك خاطر سوء في دعوتك من رجاء سمعة أو‬
‫ت العمل! كل‪ ،‬فإنه كما أن العمل لغير الله‬‫ل أو منصب‪ ،‬ترك َ‬ ‫جاه أو ما ٍ‬
‫ممنوع‪ ،‬فتركه لغيره – سبحانه‪ -‬ممنوع أيضًا‪ ،‬وإنما المقصود الوصول لحالة‬
‫سك‪،‬‬ ‫من )التوازن(‪ ،‬التي تجعلك تقف – بدون توّقف!‪ -‬وتراجع في هنيهات نف َ‬
‫وقد تسأل الله كما كان النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يسأل ربه‪) :‬اللهم إني‬
‫أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم‪ ،‬وأستغفرك لما ل أعلم(‪ ،‬وقلبك ينبض بها ‪..‬‬
‫‪ -4‬أن تكون عالما ً لما تأمر به‪ ،‬ولما تنهى عنه‪:‬‬
‫فل تأمر إل بما أمر به الله تعالى أو نبيه ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أمَر وجوب‬
‫أو استحباب‪ ،‬ول تنهى إل عما نهى الله تعالى عنه أو نبيه ‪-‬صلى الله عليه‬
‫ي تحريم أو كراهة‪.‬‬ ‫وسلم ‪-‬نه َ‬
‫ليست المسألة إذا ً أنك )سمعت( أو )قيل لك( إنه حرام‪ ،‬أو رأيت ) منطقيا(ً‬
‫أنه حلل ‪ ،‬فإن هذا المر دين‪) ،‬فانظروا عمن تأخذون دينكم(‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ينبغي أيها الخوة علينا أن نصل إلى حالة )التوازن( بين )بّلغوا عني ولو آية(‬
‫وأ مقعده من النار(؛ إذ ْ كم من الناس كذّبوا‬ ‫ي متعمدا ً فليتب ّ‬
‫وبين )من كذب عل ّ‬
‫ليبلغوا!‬
‫إن في الدين أمورا ً يمكن لكل مسلم الدعوة إليها‪ ،‬تلك المعلومة بالضرورة‪،‬‬
‫من أصول العتقاد‪ ،‬ووجوب الصلة والزكاة والصيام والحج‪ ،‬وتحريم الربا‬
‫والزنا والخمر‪ ،‬أو راجحة ودليلها بّين كتحريم المعازف‪ ،‬ولكن الناظر في‬
‫مجتمعاتنا يرى تفشي المنكرات المعلوم حرمتها بالضرورة تفشيا ً مذه ً‬
‫ل‪،‬‬
‫لذلك لتعجب من نزول اللعنات والمصائب على المة‪ُ) :‬لعن الذين كفروا من‬
‫بني إسرائيل على لسان موسى وعيسى بن مريم‪ ،‬ذلك بما عصوا وكانوا‬
‫يعتدون‪ ،‬كانوا ل يتناهون عن منكرٍ فعلوه(‪.‬‬
‫ليس بالضرورة أن يكون أحدنا عالما ً بأصول الدين وفروعه‪ ،‬وجميع تفاصيله‪،‬‬
‫مه‪) ،‬من أنا‬ ‫سه‪ ،‬أو يطلب من صاحب علم ٍ تقيي َ‬ ‫ل منا أن يقّيم نف َ‬
‫ينبغي على ك ٍ‬
‫علميا ً ؟؟( بذلك يعرف بماذا يتكلم‪ ،‬ويأمر وينهى‪ ،‬وبماذا يقول‪) :‬هذه المسألة‬
‫أكبر مني(‪ ،‬وإذا فعلنا فسنجد الكثير من المسائل التي سنقول فيها‪) :‬أكبر‬
‫مّنا(!‬
‫‪ -‬وإذا كان العلم بما تأمر وتنهى شرط من شروط الدعوة إليه‪ ،‬فإن العمل به‬
‫ليس كذلك! وإن كان الكمل والولى أن تكون فاعل ً لما تأمر به‪ ،‬وتاركا ً لما‬
‫تنهى عنه‪.‬‬
‫فل يمتنع تارك المعروف عن المر به‪ ،‬ول فاعل المنكر عن النهي عنه‪ ،‬ولكن‬
‫ة ومدعو(!‬ ‫سه أول المخاطبين في أمره ونهيه‪ ،‬فيكون )داعي ً‬ ‫يجعل نف َ‬
‫ل هو تاركه‪ ،‬فينبغي‬ ‫وإذا ما دعانا أحد ٌ إلى أمرٍ هو تاركه‪ ،‬أو نهانا عم فع ٍ‬
‫النصات والصغاء‪ ،‬بغض النظر عن المتكلم؛ إذ ْ ما يعنينا هنا هو باطل الكلم‬
‫أو صوابه‪ ،‬ل حال المتكلم‪ ،‬ثم ل مانع من كونك )داعية ومدعو( أن تعود‬
‫فتدعوه إلى الخير الذي تركه وتنصحه بأنك استجبت‪ ،‬ولكن غيرك قد ل‬
‫يستجيب؛ لن المر والناهي ل يتمثل ما يأمر وينهى ‪...‬‬

‫‪81‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫كلمات في الدعوة‬
‫المصدر‪/‬المؤلف‪ :‬م‪ .‬محمد حكم دالتي ‪ ...‬أرسلها لصديق‬
‫عرض للطباعة‬
‫عدد القّراء‪445 :‬‬
‫ً‬
‫يختلط أحدنا يوميا بعدد كبير من الناس‪ ،‬وهو بحكم كونه من )أتباع الرسول (‬
‫فإنه يتمثل قول الله تعالى‪ :‬قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنا‬
‫ومن اتبعني ‪ ،‬والدعوة هذه ل يلزم التفّرغ لها‪ ،‬بل يقوم بها المسلم ضمن‬
‫عمله‪ ،‬مهما كان هذا العمل‪ ،‬فالب في بيته داعية‪ ،‬والطبيب في عيادته‬
‫داعية‪ ،‬والمهندس في ورشته داعية‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫تحيط بهذه الدعوة ضوابط مهمة‪ ،‬وقد اجتهدت في تصنيف بعضها‪ ،‬فكان‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أنه من الممكن جدا ً أن يكون المدعو خيٌر منك عند الله تعالى‪:‬‬
‫عندما تعلم ذلك‪ ،‬فإنك ل تستكبر ول تستعلي عليه؛ إذ } ل يدخل الجنة من‬
‫هب مثل ً‬ ‫كان في قلبه مثقال ذرة من كبر {‪ ،‬كما أخبر عليه الصلة والسلم‪َ ،‬‬
‫أنك تريد نصح أخيك الذي ترك صلة الفجر‪ ،‬ينبغي عليك أن تعلم وأنت تعظه‬
‫فر الله بها عنه ورفعه عنده‪ ،‬ل‬ ‫أنه صار فيه من الحرقة واللم والتوبة ما قد ك ّ‬
‫ة نصوحا‪ً:‬‬ ‫سيئة حسنة‪ ،‬كما وعد سبحانه فيمن تاب توب ً‬ ‫دل هذه ال ّ‬ ‫بل وقد ب ّ‬
‫أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ‪ ،‬ولكن هذه المعاني العظيمة من التوبة‬
‫ن كونك مما ُيشار‬ ‫تأ ّ‬ ‫والحرقة لم تكن فيك عندما تركتها أنت منذ فترة! وظنن َ‬
‫إليه على أنه )متدين(‪ ،‬أو أن فيك من مظاهر التدين الظاهرة ما يشفع لك‬
‫عند الله!‬
‫قل لي بربك الن‪ :‬ألم يبلغ هذا المدعو ما لم تبلغه أنت؟ وكيف تكون نظرتك‬
‫إليه بعد هذا؟ إن النظرة الفوقّية أيها الحبة لخيك المسلم هي في الواقع‬
‫طريق الهلك‪.‬‬
‫أل ّ تشعر – والحال هذه‪ -‬أنه يمكن أن نستبدل في كثير من الحيان مفهوم‬
‫ن واحد؟‬ ‫)الداعية( و )المدعو( ليكون كل منهما )داعية ومدعو( في آ ٍ‬
‫ت بتلك المعاني اليمانية العظيمة التي ظهرت عند أخيك‪ ،‬صرت‬ ‫إذا تأثر َ‬
‫وا( مع كونك )داعية(‪ ،‬وهو كذلك‪ ،‬فإنه )مدعو( بطبيعة الحال‪ ،‬ول‬ ‫بذلك‪) :‬مدع ّ‬
‫جهك‬ ‫ل‪ ،‬فيو ّ‬ ‫ً‬
‫بأس في أن يجد في نفسه شيئا من ) أسلوب( دعوتك مث ً‬
‫ويدعوك‪ ،‬فيكون بذلك‪ ) :‬داعية(!‬
‫ول كل الناس إلى )دعاة( بهذه الطريقة‪ ،‬إنها طريقة عدم‬ ‫ينبغي أن نح ّ‬
‫تصنيف المسلمين إلى )دعاة( و)مدعوين(‪ ،‬وإنما تحويل الحالة هذه إلى حالة‬
‫ة فحسب‪ ،‬وهو المتكلم‬ ‫)دعوة متبادلة( للجميع‪ ،‬فل يغتّر من ظن نفسه داعي ً‬
‫ب‬
‫جه‪ ،‬استغر َ‬ ‫ي دومًا‪ ،‬حتى إذا ُنصح أو وُ ّ‬ ‫والناصح‪ ،‬وله صدر المجلس الكلم ّ‬
‫ً‬
‫وانتفض‪ ،‬وكذلك ل ُيرّبى المدعو دائما على السمع والطاعة والتنفيذ فحسب‪،‬‬
‫ود على الجهر بالحق‪ ،‬في‬ ‫فل يجرؤ على الكلم وإبداء وجهة النظر‪ ،‬ول يتع ّ‬
‫الوقت الذي يمكن أن تكون وجهة نظره خير من وجهة نظر غيره ممن يشار‬
‫إليه أنه )الداعية(‪.‬‬
‫ة هو الله تعالى ل أنت‪:‬‬ ‫‪ -2‬أن تعلم علم اليقين أن الهادي حقيق ً‬
‫ً‬
‫وإنما هدايتك هداية )إرشاد( فحسب‪ ،‬ول تملك من المر شيئا‪ ،‬ل بل هي‬
‫هداية النبياء عليهم الصلة والسلم‪ ،‬إنهم ل يملكون هداية )التوفيق(‪ ،‬وقد‬
‫أشار ربنا تعالى إلى هذا المعنى في قوله‪) :‬الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من‬

‫‪82‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الظلمات إلى النور(‪ ،‬فقال‪) :‬يخرجهم( ول يخرجون أنفسهم‪ ،‬ول يخرجهم‬


‫دعاتهم‪.‬‬
‫إذا علمت ذلك‪ ،‬تضّرعت إلى )مقلب القلوب( و)مالك الملك( أن يأتي‬
‫ة دائمة في‬ ‫بالمدعو‪ ،‬وأن يفتح مسامع قلبه لكلمك‪ ،‬ويكون ذلك التضرع حال ٌ‬
‫قلبك‪ ،‬قبل دعوتك وأثناءها‪.‬‬
‫‪ -3‬الخلص لله تعالى‪:‬‬
‫وهو في الواقع أول المر وآخره‪ ،‬وعليه مدار العمل في كل عمل ُيتقّرب فيه‬
‫ة وشرعا ً‬ ‫إلى الله تعالى‪ ،‬وهذا )الخلص( وإن كان معظمنا يفهم معناه لغ ً‬
‫صرون في تذ ّ‬
‫كره والتذكير به‪.‬‬ ‫ويحفظه‪ ،‬إل أننا مق ّ‬
‫دما في دعوتك دون أن‬ ‫ً‬ ‫من المهم أيها الخ أن تراجع نفسك‪ ،‬وأل ّ تمشي قُ ُ‬
‫تقف وتسأل نفسك‪ :‬ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بفعلتي؟ كما كان بعض‬
‫شربتي؟ ماذا أردت بَنومتي؟ فإنهم كانوا يخلصون‬ ‫السلف يقول‪ :‬ماذا أردت ب َ‬
‫في المباحات لتتحول إلى )طاعات(‪ ،‬فما بالنا بالصالحات الصرفة؟ أليست‬
‫أولى بالمراجعة وتحري الخلص؟‬
‫أتمنى أل ُيفهم أنه كلما خطر لك خاطر سوء في دعوتك من رجاء سمعة أو‬
‫ت العمل! كل‪ ،‬فإنه كما أن العمل لغير الله‬ ‫ل أو منصب‪ ،‬ترك َ‬ ‫جاه أو ما ٍ‬
‫ممنوع‪ ،‬فتركه لغيره – سبحانه‪ -‬ممنوع أيضًا‪ ،‬وإنما المقصود الوصول لحالة‬
‫سك‪،‬‬ ‫من )التوازن(‪ ،‬التي تجعلك تقف – بدون توّقف!‪ -‬وتراجع في هنيهات نف َ‬
‫وقد تسأل الله كما كان النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يسأل ربه‪ } :‬اللهم إني‬
‫أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم‪ ،‬وأستغفرك لما ل أعلم {‪ ،‬وقلبك ينبض بها‪..‬‬
‫فل تأمر إل بما أمر به الله تعالى أو نبيه ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أمَر وجوب‬
‫أو استحباب‪ ،‬ول تنهى إل عما نهى الله تعالى عنه أو نبيه ‪-‬صلى الله عليه‬
‫ي تحريم أو كراهة‪ .‬ليست المسألة إذا ً أنك )سمعت( أو )قيل لك(‬ ‫وسلم ‪-‬نه َ‬
‫ً‬
‫إنه حرام‪ ،‬أو رأيت ) منطقيا( أنه حلل‪ ،‬فإن هذا المر دين‪) ،‬فانظروا عمن‬
‫تأخذون دينكم(‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ينبغي أيها الخوة علينا أن نصل إلى حالة )التوازن( بين )بّلغوا عني ولو آية(‬
‫وأ مقعده من النار(؛ إذ ْ كم من الناس كذّبوا‬‫ي متعمدا ً فليتب ّ‬
‫وبين )من كذب عل ّ‬
‫ليبلغوا!‬
‫إن في الدين أمورا ً يمكن لكل مسلم الدعوة إليها‪ ،‬تلك المعلومة بالضرورة‪،‬‬
‫من أصول العتقاد‪ ،‬ووجوب الصلة والزكاة والصيام والحج‪ ،‬وتحريم الربا‬
‫والزنا والخمر‪ ،‬أو راجحة ودليلها بّين كتحريم المعازف‪ ،‬ولكن الناظر في‬
‫مجتمعاتنا يرى تفشي المنكرات المعلوم حرمتها بالضرورة تفشيا ً مذه ً‬
‫ل‪،‬‬
‫لذلك لتعجب من نزول اللعنات والمصائب على المة‪ُ) :‬لعن الذين كفروا من‬
‫بني إسرائيل على لسان موسى وعيسى بن مريم‪ ،‬ذلك بما عصوا وكانوا‬
‫يعتدون‪ ،‬كانوا ل يتناهون عن منكرٍ فعلوه(‪.‬‬
‫ليس بالضرورة أن يكون أحدنا عالما ً بأصول الدين وفروعه‪ ،‬وجميع تفاصيله‪،‬‬
‫مه‪) ،‬من أنا‬ ‫سه‪ ،‬أو يطلب من صاحب علم ٍ تقيي َ‬ ‫ل منا أن يقّيم نف َ‬
‫ينبغي على ك ٍ‬
‫علميًا؟؟( بذلك يعرف بماذا يتكلم‪ ،‬ويأمر وينهى‪ ،‬وبماذا يقول‪) :‬هذه المسألة‬
‫أكبر مني(‪ ،‬وإذا فعلنا فسنجد الكثير من المسائل التي سنقول فيها‪) :‬أكبر‬
‫مّنا(!‬
‫‪ -‬وإذا كان العلم بما تأمر وتنهى شرط من شروط الدعوة إليه‪ ،‬فإن العمل به‬

‫‪83‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ليس كذلك! وإن كان الكمل والولى أن تكون فاعل ً لما تأمر به‪ ،‬وتاركا ً لما‬
‫تنهى عنه‪.‬‬
‫فل يمتنع تارك المعروف عن المر به‪ ،‬ول فاعل المنكر عن النهي عنه‪ ،‬ولكن‬
‫ة ومدعو(!‬‫سه أول المخاطبين في أمره ونهيه‪ ،‬فيكون )داعي ً‬ ‫يجعل نف َ‬
‫ل هو تاركه‪ ،‬فينبغي‬ ‫وإذا ما دعانا أحد ٌ إلى أمرٍ هو تاركه‪ ،‬أو نهانا عم فع ٍ‬
‫النصات والصغاء‪ ،‬بغض النظر عن المتكلم؛ إذ ْ ما يعنينا هنا هو باطل الكلم‬
‫أو صوابه‪ ،‬ل حال المتكلم‪ ،‬ثم ل مانع من كونك )داعية ومدعو( أن تعود‬
‫فتدعوه إلى الخير الذي تركه وتنصحه بأنك استجبت‪ ،‬ولكن غيرك قد ل‬
‫يستجيب؛ لن المر والناهي ل يتمثل ما يأمر وينهى‪...‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫كلمات في الذنوب‬
‫أسباب المعاصي ‪-:‬‬
‫للمعاصي أسباب ودواٍع يرجع مجملها إلى أمور ثلثة ‪ ،‬يلخصها ابن القيم‬
‫رحمه الله فيما يلي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬تعلق القلب بغير الله ‪ ،‬ويؤدي ذلك إلى الشرك ‪.‬‬
‫‪ -2‬طاعة القوه الغضبية ‪ ،‬ويؤدي ذلك إلى الظلم ‪.‬‬
‫‪ -3‬طاعة القوه الشهوانية ‪ ،‬ويؤدي ذلك إلى الفواحش ‪.‬‬
‫فغاية التعلق بغير الله ‪ :‬الشرك ‪ ،‬وأن يدعى معه إله آخر‬
‫وغاية طاعة القوة الغضبية ‪ :‬القتل ‪.‬‬
‫وغاية طاعة القوه الشهوانية ‪ :‬الزنا ‪.‬‬
‫ع‬
‫م َ‬
‫ن َ‬ ‫عو َ‬‫ن ل َ ي َد ْ ُ‬ ‫ّ‬
‫ولهذا جمع الله سبحانه بين الثلثة في قوله عز وجل } َوالذي َ‬
‫ل‬‫فعَ ْ‬‫من ي َ ْ‬‫ن وَ َ‬ ‫ه إ ِل ّ ِبال ْ َ‬
‫حقّ وَل َ ي َْزُنو َ‬ ‫م الل ُ‬
‫حّر َ‬
‫ي َ‬‫س اّلت َ‬
‫ف َ‬ ‫قت ُُلو َ‬
‫ن الن ّ ْ‬ ‫الله إ َِلها ً آ َ‬
‫خَر وَل َ ي َ ْ‬
‫ك ي َل ْقَ أ ََثاما ً { الفرقان‪.68/‬‬ ‫ذ َل ِ َ‬
‫وهذا الثلثة ) يدعو بعضها بعضا ‪ ،‬فالشرك يدعو إلى الظلم والفواحش ‪ ،‬كما‬
‫أن التوحيد والخلص يصرفها عن صاحبه ( ‪ .‬الفوائد لبن القيم ‪139-138‬‬
‫وللمعاصي من الثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا‬
‫والخرة ما ل يعلمه إل الله فمنها‪- :‬‬
‫‪ -1‬حرمان العلم ‪ :‬فإن العلم نور يقذفه الله في القلب ‪ ،‬والمعصية تطفئه ‪.‬‬
‫‪ -2‬وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله ل تقارنها لذة أصل ً ‪.‬‬
‫‪ -3‬وحشة تحصل بينه وبين الناس ‪ ،‬ل سيما أهل الخير والصلح ‪.‬‬
‫‪ -4‬تعسير أموره ‪ :‬فل يتوجه إلى أمر إل ويجده مغلقا ً دونه أو متعسرا ً عليه ‪.‬‬
‫‪ -5‬ظلمة يجدها في قلبه حقيقة يحس به فتوهن قلبه وبدنه وتحرمه الطاعة ‪.‬‬
‫‪ -6‬المعاصي تقصر العمر ‪ ،‬وتمحق بركته إلى البد ‪ ،‬والعياذ بالله ‪.‬‬
‫‪ -7‬المعاصي تزرع أمثالها ‪ ،‬ويولد بعضها بعضا ً ‪ ،‬حتى يعز على العبد‬
‫مفارقتها ‪.‬‬
‫‪ -8‬وهي من أخوفها على العبد ‪ :‬أنها تضعف القلب عن إرادته فتقوى‬
‫المعصية وتضعف التوبة ‪.‬‬
‫‪ -9‬ينسلخ من القلب استقباحها ‪ ،‬فتصير له عادة حتى يفتخر بالمعصية فل‬
‫يعافى ‪.‬‬
‫‪ -10‬تطفىء من القلب نار الغيرة ‪ ،‬وذهاب الحياء الذي هو مادة الحياة‬
‫للقلب ‪.‬‬
‫‪ -11‬تدخل العبد والعياذ بالله تحت لعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‬

‫‪84‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -12‬حرمان العاصي من دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ودعوة‬
‫الملئكة الكرام المستغفرين للمؤمنين ‪.‬‬
‫سوا‬ ‫ن نَ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫تستدعي نسيان الله عبده ‪ ،‬وذلك هو الهلك ‪ } :‬وَل ت َكوُنوا كالذي ِ َ‬ ‫‪-13‬‬
‫ن { الحشر‪19/‬‬ ‫قو‬‫ُ‬ ‫س‬ ‫فا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ئ‬‫َ‬ ‫ل‬‫و‬‫ُ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬‫س‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫َ‬
‫أن‬ ‫م‬ ‫ه‬‫سا‬ ‫الله فَ َ‬
‫أن‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ُ ْ ْ ِ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫‪ -14‬الذنوب إذا تكاثرت طبع على قلب صاحبها ‪ ،‬فكان من الغافلين ‪ } :‬ك َل ّ‬
‫ن { المطففين‪14/‬‬ ‫سُبو َ‬ ‫كاُنوا ي َك ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ن عََلى قُُلوب ِِهم ّ‬ ‫ل َرا َ‬ ‫بَ ْ‬
‫‪ -15‬ومن عقوبتها ‪ :‬ما يلقيه الله –سبحانه‪ -‬من الرعب والخوف في قلب‬
‫العاصي ‪ ،‬فإن الطاعة حصن الله العظيم ‪.‬‬
‫‪ -16‬تخون العبد في لحظات العسر والشدة ‪ ،‬وخاصة عند الحتضار فتسوء‬
‫خاتمته ‪.‬‬
‫كيف تحمي نفسك من خواطر المعصية ؟‬
‫يقول ابن القيم ‪ :‬ويحمي نفسك ‪:‬‬
‫‪ -1‬العلم الجازم بإطلع الرب –سبحانه‪ -‬ونظره إلى قلبك وعمله بخواطرك‬
‫‪ -2‬حياؤك منه سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫‪ -3‬إجللك أن يرى منك مثل تلك الخواطر في بيته الذي خلق لمعرفته ‪.‬‬
‫‪ -4‬خوفك منه أن تسقط من عينه بتلك الخواطر ‪.‬‬
‫‪ -5‬إيثارك له أن يساكن قلبك غير محبته ‪.‬‬
‫‪ -6‬خشيتك أن تتولد تلك الخواطر ويستعر شرارها ‪ ،‬فتأكل ما في القلب من‬
‫اليمان ومحبة الله ‪.‬‬
‫ب الذي ُيلقى للطائر لُيصاد به ‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫‪ -7‬أن تعلم أن تلك الخواطر بمنزلة ال َ‬
‫‪ -8‬أن تعلم أن تلك الخواطر الرديئة ل تجتمع هي وخواطر اليمان في قلب‬
‫ب أحدهما‬ ‫إل ّ ت َغَل ّ َ‬
‫‪ -9‬أن تعلم أن تلك الخواطر بحر من بحور الخيال ل ساحل له ‪ ،‬فإذا دخل‬
‫القلب غرق وتاه‬
‫‪ -10‬أن تعلم أن تلك الخواطر وادي الحمقى وأماني الجاهلين ‪ ،‬فل تثمر‬
‫لصاحبها إل ّ الندامة‪.‬‬
‫)انظر ‪ :‬كتاب الجواب الكافي لبن القيم ص ‪(45‬‬
‫) انظر طريق الهجرتين وباب السعادتين لبن القيم ص ‪(175‬‬
‫ل تنسوا الدعاء لمحبكم بالله أحمد الكباريتي‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كلمات في الصلة ‪...‬‬


‫الحمد الله‪ ،‬نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا‬
‫وسيئات أعماانا‪ ،‬من يهده الله فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد‬
‫أن ل إله إل الله‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً رسول الله‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فهذه كلمات موجزة في الصلة تبين أهميتها‪ ،‬والسباب التي تعين على‬
‫تأديتها مع المسلين‪ ،‬وثمرات المحافظة عليها مع الجماعة‪.‬‬
‫أهمية الصلة‬
‫للصلة في دين السلم أهمية عظيمة‪ ،‬ومما يدل على ذلك ما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬أنها الركن الثاني من أركان السلم‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنها أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة؛ فإن ُقبلت ُقبل سائر العمل‪،‬‬
‫وإن ُرّدت ُرّد‪.‬‬
‫ن‬
‫مو َ‬‫قي ُ‬
‫‪ - 3‬أنها علمة مميزة للمؤمنين المتقين‪ ،‬كما قال تعالى‪ } :‬وَي ُ ِ‬

‫‪85‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صلة َ { ]البقرة‪.[3:‬‬‫ال ّ‬
‫‪ - 4‬أن من حفظها حفظ دينه‪ ،‬ومن ضّيعها فهو لما سواها أضيع‪.‬‬
‫‪ - 5‬أن قدر السلم في قلب النسان كقدر الصلة في قلبه‪ ،‬وحظه في‬
‫السلم على قدر حظه من الصلة‪.‬‬
‫‪ - 6‬وهي علمة محبة العبد لربه وتقديره لنعمه‪.‬‬
‫‪ - 7‬أن الله عز وجل أمر بالمحافظة عليها في السفر‪ ،‬والحضر‪ ،‬والسلم‪،‬‬
‫والحرب‪ ،‬وفي حال الصحة‪ ،‬والمرض‪.‬‬
‫‪ - 8‬أن النصوص صّرحت بكفر تاركها‪ .‬قال ‪ » :‬إن بين الرجل والكفر‬
‫والشرك ترك الصلة « ]رواه مسلم[‪ .‬وقال‪ » :‬العهد الذي بيننا وبينهم‬
‫الصلة؛ فمن تركها فقد كفر « ]رواه أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح[‪،‬‬
‫فن‪ ،‬ول ُيصلى‬ ‫سل‪ ،‬ول ي ُك َ ّ‬ ‫فتارك الصلة إذا مات على ذلك فهو كافر ل ي ُغَ ّ‬
‫عليه‪ ،‬ول ُيدَفن في مقابر المسلمين‪ ،‬ول يرثه أقاربه‪ ،‬بل يذهب ماله لبيت‬
‫مال المسلمين‪ ،‬إلى غير ذلك من الحكام المترتبة على ترك الصلة‪.‬‬
‫أسباب تعين على أداء الصلة مع المسلمين‪:‬‬
‫‪ - 1‬الستعانة بالله عز وجل‪.‬‬
‫‪ - 2‬العزيمة الصادقة الجازمة‪.‬‬
‫‪ - 3‬إستحضار ثمرات الصلة الدينية والدنيوية‪.‬‬
‫‪ - 4‬إستحضار عقوبة ترك الصلة‪.‬‬
‫‪ - 5‬الخذ بالسباب‪ ،‬كاستعمال المنبه أو أن يوصي النسان أهله بأن يحرصوا‬
‫على إيقاظه وحثه‪ ،‬أو أن يوصي زملئه بأن يتعاهدوه‪.‬‬
‫‪ - 6‬ترك النهماك في فضول الدنيا‪.‬‬
‫‪ - 7‬أل يتعب النسان نفسه أكثر من اللزم‪.‬‬
‫‪ - 8‬أن يتجنب الذنوب‪ ،‬فإنها تثقل عليه الطاعات‪.‬‬
‫‪ - 9‬أن يصاحب الخيار ويتجنب الشرار‪.‬‬
‫‪ - 10‬ترك الكثار من الكل والشرب؛ فهما مما يثقل عن الطاعة‪.‬‬
‫‪ - 11‬أن يدرك الثار المتربة على ترك الصلة من تكدر النفس وانقباضاها‪،‬‬
‫وضيق الصدر وتعسر المور‪.‬‬
‫وبعد هذا كله‪ ..‬هل يليق أيها العاقل أن تتهاون بالصلة مع جماعة‬
‫المسلمين؟! أو أن تؤثر الكسل و النوم على طاعة رب العالمين؟! أو تزهد‬
‫ده الّله للمحافظين عليها من أنواع الكرامات؟! أم تأمن على نفسك‬ ‫فيما أع ّ‬
‫مما أعده الله لمن يتهاونون بها من أليم العقوبات؟‬
‫ثمرات الصلة والمحافظة عليها مع جماعة المسلمين‬
‫للصلة مع جماعة المسلمين والمحافظة عليها ثمرات عظيمة‪ ،‬وفوائد جليلة‪،‬‬
‫مة‪ ،‬في الدين والدنيا‪ ،‬والخرة والولى‪ ،‬فمن ذلك ما يلي‪:‬‬ ‫وعوائد ج ّ‬
‫‪ - 1‬أن المحافظة عليها سبب لقبول سائر العمال‪.‬‬
‫‪ - 2‬المحافظة عليها سلمة من التصاف بصفات المنافقين‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ - 3‬المحافظة عليها سلمة من الحشر مع فرعون وقارون وهامان وأبي بن‬
‫خلف‪.‬‬
‫‪ - 4‬الصلة قرة للعين‪.‬‬
‫‪ - 5‬ومن ثمراتها تفريح القلب‪ ،‬مبيضة للوجه‪.‬‬
‫‪ - 6‬النزجار عن الفحشاء والمنكر‪.‬‬
‫‪ - 7‬وهي منورة للقلب‪ ،‬مبّيضة للوجه‪.‬‬
‫‪ - 8‬منشطة للجوارح‪.‬‬
‫‪ - 9‬جالبة للرزق‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ - 10‬داحضة للظلم‪.‬‬
‫‪ - 11‬قامعة للشهوات‪.‬‬
‫‪ - 12‬حافظة للنعم‪ ،‬دافعة للنقم‪.‬‬
‫‪ - 13‬منزلة للرحمة‪ ،‬كاشفة للغمة‪.‬‬
‫‪ - 14‬وهي دافعة لدواء القلوب من الشهوات والشبهات‪.‬‬
‫‪ - 15‬التعاون على البر والتقوى‪ ،‬والتواصي بالحق والتواصي بالصبر‪.‬‬
‫‪ - 16‬التعارف بين المسلمين‪.‬‬
‫‪ - 17‬تشجيع المتخلف‪.‬‬
‫‪ - 18‬تعليم الجاهل‪.‬‬
‫‪ - 19‬إغاظة أهل النفاق‪.‬‬
‫‪ - 20‬حصول المودة بين المسلمين؛ فالقرب في البدان مدعاة للقرب في‬
‫القلوب‪.‬‬
‫‪ - 21‬إظهار شعائر السلم والدعوة إليه القول والعمل‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ - 22‬وللصلة تأثير عجيب في دفع شرور الدنيا والخرة‪ ،‬ل سيما إذا أعطيت‬
‫حقها من التكميل ظاهرا ً وباطنًا‪ ،‬فما اسُتدفعت شرور الدنيا والخرة بمثل‬
‫الصلة‪ ،‬ول اسُتجلبت مصالح الدنيا والخرة بمثل الصلة؛ لنها صلة بين العبد‬
‫وربه‪ ،‬وعلى قدر صلة العبد بربه تنفتح له الخيرات‪ ،‬وتنقطع ‪ -‬أو تقل ‪ -‬عنه‬
‫الشرور والفات‪ ،‬وما ابتلي رجلن بعاهة أو مصيبة أو مرض واحد إل كان حظ‬
‫المصلي منها أقل وعاقبته أسلم‪.‬‬
‫‪ - 23‬الصلة سبب لستسهال الصعاب‪ ،‬وتحمل المشاق؛ فحينما تتأزم المور‬
‫وتضيق؛ وتبلغ القلوب الحناجر ‪ -‬يجد الصادقون قيمة الصلة الخاشعة؛ وحسن‬
‫تأثيرها وبركة نتائجها‪.‬‬
‫‪ - 24‬وهي سبب لتكفير السيئات‪ ،‬ورفع الدرجات‪ ،‬وزيادة الحسنات‪ ،‬والقرب‬
‫من رب الرض والسموات‪.‬‬
‫‪ - 25‬وهي سبب لحسن الخلق‪ ،‬وطلقة الوجه‪ ،‬وطيب النفس‪.‬‬
‫‪ - 26‬وهي سبب لعلو الهمة‪ ،‬وسمو النفس وترفعها عن الدنايا‪.‬‬
‫‪ - 27‬وهي المدد الروحي الذي ل ينقطع‪ ،‬والزاد المعنوي الذي ل ينضب‪.‬‬
‫‪ - 28‬الصلة أعظم غذاء وسقي لشجرة اليمان‪ ،‬فالصلة تثبت اليمان‬
‫وتنميه‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪ - 29‬المحافظة عليها تقوي رغبة النسان في فعل الخيرات‪ ،‬وُتسّهل عليه‬


‫فعل الطاعات‪ ،‬وتذهب ‪ -‬أو تضعف ‪ -‬دواعي الشر والمعاصي في نفسه‪،‬‬
‫وهذا أمر مشاهد محسوس؛ فإنك ل تجد محافظا ً على الصلة ‪ -‬فروضها‬
‫ونوافلها ‪ -‬إل وجدت تأثير ذلك في بقية أعماله‪.‬‬
‫‪ - 30‬ومن فوائدها‪ :‬الثبات على الفتن؛ فالمحافظون عليها أثبت الناس عند‬
‫الفتن‪.‬‬
‫حرمات الله‪.‬‬‫‪ - 31‬ومن فوائدها‪ :‬أنها ُتوقد نار الغيرة في قلب المؤمن على ُ‬
‫‪ - 32‬والصلة علج لدواء النفس الكثيرة‪ ،‬كالبخل‪ ،‬والشح‪ ،‬والحسد‪ ،‬والهلع‪،‬‬
‫والجزع‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ - 33‬ومن فوائدها الطبية‪ :‬ما فيها من الرياضة المتنوعة‪ ،‬المقوية للعضاء‪،‬‬
‫النافعة للبدن‪.‬‬
‫‪ - 34‬ومن ذلك‪ ،‬أنها نافعة في كثير من أوجاع البطن؛ لنها رياضة للنفس‬

‫‪87‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والبدن معًا‪ ،‬فهي تشمل على حركات وأوضاع مختلفة تتحرك معها أغلب‬
‫المفاصل‪ ،‬وينغمز معها أكثر العضاء الباطنة‪ ،‬كالمعدة‪ ،‬وسائر آلت النفس‬
‫والغذاء‪ ،‬أضف إلى ذلك الطهارة المتكررة وما فيها من نفع‪ ،‬كل ذلك نفعه‬
‫محسوس مشاهد ل يماري فيه إل جاهل‪.‬‬
‫‪ - 35‬ومن فوائدها الصحية‪ :‬أنها ‪ -‬كما مّر ‪ -‬تنير القلب وتشرح الصدر‪ ،‬وتفرح‬
‫النفس والروح‪ ،‬ومعلوم عند جميع الطباء أن السعي في راحة القلب‬
‫مه وغمه‪ ،‬من أكبر السباب الجالبة للصحة‪ ،‬الدافعة‬ ‫وسكونة وفرحه وزوال ه ّ‬
‫للمراض‪ ،‬المخففة لللم‪ ،‬وذلك مجرب مشاهد محسوس في الصلة‬
‫خصوصا ً صلة الليل أوقات السحار‪.‬‬
‫‪ - 36‬ومن ذلك‪ :‬ما أظهره الطب الحديث من فوائد عظيمة للصلة‪ ،‬وهي أن‬
‫الدماغ ينتفع انتفاعا ً كبيرا ً بالصلة ذات الخشوع‪ ،‬كما قرر ذلك كبار الطباء‬
‫في هذا العصر‪ ،‬وهذا دليل من الدلة التي يتبين لنا بها سبب قوة تفكير‬
‫الصحابة الكرام‪ ،‬وسلمة عقولهم‪ ،‬ونفاذ بصيرتهم‪ ،‬وقوة جنانهم‪ ،‬وصلبة‬
‫عودهم‪.‬‬
‫هذا غيض من فيض من ثمرات الصلة الدينية والدنيوية‪ ،‬وإل فثمراتها ل تعد‬
‫ول تحصى‪ ،‬فكلما ازداد اهتمام المسلم بها ازدادت فائدته منها‪ ،‬والعكس‬
‫بالعكس‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫محمد بن إبراهيم الحمد‬

‫)‪(2 /‬‬

‫كلمات في العزة‬
‫لماذا نحتاج إلى هذا الموضوع‪:‬‬
‫ل‪:‬ـ لننا نحس الن بالضعف والهزيمة ‪.‬‬ ‫أو ً‬
‫ثانيا‪:‬ـ لننا نلمح ونرى ماذا يجري للمسلمين في كل مكان‪.‬‬‫ُ‬
‫ثالثًا‪:‬ـ لننا نسمع صراخ الثكالى ونشاهد الذل عند المسلمين‪.‬‬
‫معاني العزة‪:‬ـ‬
‫‪ -1‬شموخ النفس وترفعها عن الخرين‪.‬‬
‫‪ -2‬القوة في الحق وعدم الذل للباطل‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون المسلم رحيما وذليل لخوانه‪.‬‬
‫آيات في العزة‪:‬ـ‬
‫قال تعالى" ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين"‬
‫قال تعالى" من كان يريد العزة فالله العزة جميعا"‬
‫بماذا تكون العزة‪:‬ـ‬
‫‪ -1‬تكون العزة بالدين‪.‬‬
‫‪ -2‬تكون العزة بالعلم‪.‬‬
‫‪ -3‬تكون العزة باليمان‪.‬‬
‫‪ -4‬تكون العزة في طاعة الله ‪.‬‬
‫ياُترى ‪ ..‬كيف ننال هذه العزة‪..‬؟؟ بأمور عدة‪ :‬منها ‪:‬ـ‬
‫‪ -1‬العزة تكون بالذل لله عزوجل ‪.‬‬
‫‪ -2‬العزة تكون بالتمسك بكتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫‪ -3‬العزة تكون بفعل الطاعات واجتناب المعاصي ‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -4‬العزة تكون بالقوة في الحق والثبات عليه بمبدأ الثقة ‪.‬‬


‫‪ -5‬الثقة بما عند الله‪.‬‬
‫‪ -6‬التفائل بأن النصر لله ‪.‬‬
‫‪ -7‬الحذر من اليأس والقنوط ‪ ,,,‬كما أنا اليأس ل يصنع شيئًا‪.‬‬
‫‪ -8‬اليمان بالله تعالى‪.‬‬
‫‪ -9‬ترسيخ العقيدة‪.‬‬
‫‪ -10‬بقدر تمسكك بهذا الدين تكون عزتك أقوى‪.‬‬
‫قواعد‪:‬ـ‬
‫· اعلم أن الله أعظم من كل شيئ‪.‬‬
‫· كل متكبر بعد الله فهو صغير وحقير‪.‬‬
‫نحن قوم أعزنا الله بالسلم فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كلمات في العقيدة‬
‫أمير الحداد‬
‫آثام القلوب‪ ...‬وطاعاتها‬
‫أعرف صاحبي لكثر من عشرين سنة‪ ...‬يمكن أن تصنفه بأنه شخص عادي‪..‬‬
‫ل تفوته صلة في المسجد إل لعذر‪ ..‬يتجنب المال الذي فيه شبهة‪ ..‬يتجنب‬
‫الكلم الذي فيه تجريح‪ ..‬ل يذهب إلى أماكن كثيرة‪ ..‬عمله‪ ..‬المسجد‪..‬‬
‫البيت‪ ..‬يلتزم بزيارة والدته كل يوم‪ ..‬ولو لربع ساعة ولسيما بعد وفاة‬
‫والده‪ ..‬أقرب أصحابي إلى قلبي‪ ...‬أحبه في الله وأرجو محبة الله بمحبته‪..‬‬
‫‪ -‬هل تدري يا صاحبي أعظم صفة في النسان؟!‬
‫‪ -‬الصدق‪ ...‬والمانة‪..‬‬
‫‪ -‬شيء واحد؟‪..‬‬
‫‪ -‬القلب السليم‪..‬‬
‫‪ -‬نعم‪...‬‬
‫‪ -‬ولكن ما قيمة القلب السليم‪ ...‬والرجل ل يصلي؟!‬
‫قاطعته‪...‬‬
‫‪ -‬الذي ل يصلي‪ ..‬قلبه ليس بسليم‪ ..‬بل سقيم‪.‬‬
‫‪ -‬إذا ً يجب أن نتفق على تعريف القلب السليم‪ ..‬فكثير من الناس يظن أن‬
‫القلب السليم هو الذي يخلو من الحقد والحسد والكبر والغلظة والبغض وغير‬
‫ذلك‪ ...‬من المراض‪ ..‬وإن كان ل يصلي ول يصوم ول يقرأ القرآن‪ ...‬يقولون‬
‫المهم أنه مع الناس مستقيم‪ ...‬والذي بينه وبين الله‪ ...‬شأنه وحده‪.‬‬
‫‪ -‬هذا مفهوم غير سليم‪ ...‬إن القلب الطاهر‪ ..‬السليم‪ ...‬هو الذي خل من‬
‫الشرك أول ً لن أعظم داء يصيب القلب هو الشرك‪ ..‬ثم من الكبر‪ ..‬ثم من‬
‫المراض الخرى‪ ...‬وكان القلب عامرا ً بذكر الله‪ ..‬وهذا ل يكون إل بأداء‬
‫الفرائض‪ ..‬وأولها الصلة نعم‪ ...‬طاعات القلوب أعظم من طاعات البدان‪...‬‬
‫وآثام القلوب أشد من آثام البدان‪ ...‬ولكن هذا ل يعوض هذا ول ينفع أحدهما‬
‫دون الخر‪ ...‬فالقلب المطيع هو الذي ينصاع لوامر الله جميعا ً ابتداء بالعقيدة‬
‫والعبادات والمعاملت‪ ...‬وينتهي عن الثام ابتداء بالشرك والظلم والكبر‪..‬‬
‫والمعاملت أيضًا‪ ..‬وهنا أود أن أخبرك عن أمر فيك‪..‬‬
‫نظر إلي مستغربًا‪ ..‬ظن أني سأنتقده لطريقة كلمي‪..‬‬
‫ي؟!‬
‫‪-‬ف ّ‬

‫‪89‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -‬نعم‪ ...‬وأنا أغبطك عليه‪ ..‬فإن الله رزقك قلبا ً مميزًا‪...‬‬


‫رأيتك كيف تتعامل مع الخصوم‪ ...‬ومع الهل‪ ...‬ومع الزملء‪ ...‬أعرف ما‬
‫تخاف أن تقع فيه‪ ...‬وما تقدم عليه‪ ...‬وبالطبع ل أزكي على الله أحدًا‪ ..‬ولكن‬
‫أظن أن الله من عليك بنعمة عظيمة في قلبك‪ ..‬وأسأله أن يديمها عليك‪...‬‬
‫لم يتفاعل معي‪ ...‬فآثرت متابعة الحديث‪...‬‬
‫‪ -‬الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ...-‬حذرنا من تقلب القلب‪ ...‬وأمرنا أن‬
‫ندعو الله أن يثبت قلوبنا‪- ...‬يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك‪ -‬وقال ‪-‬‬
‫تعالى ‪ :-‬في دعاء عباده المؤمنين‪- ..‬ربنا ل تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا‪...-‬‬
‫والمؤمن إذا أخذ بأسباب ثبات القلب ثبته الله‪ ...‬أما المرائي‪ ..‬فإنه ل ينال‬
‫التثبيت من عند الله‪ ..‬كما في الحديث‪- :‬إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة‬
‫فيما يبدو للناس حتى إذا لم يكن بينه وبينها إل ذراع سبق عليه الكتاب فعمل‬
‫بعمل أهل النار فدخلها‪...-‬‬
‫‪ -‬ومن يضمن قلبا ً سليما ً وهو يقع في المعاصي؟!‬
‫‪ -‬القلب السليم غير معصوم عن الذنوب‪ ،‬ولكنه إذا أذنب تاب فزال أثر‬
‫المعصية عن القلب‪..‬ويرجع للقلب نقاؤه‪ ...‬أما القلب المريض فإنه يذنب‪..‬‬
‫ويستمر‪ ..‬ويتمادى‪ ..‬حتى ينقلب قلبا ً أسود ل ينكر منكرا ً ول يعرف معروفًا‪..‬‬
‫نسأل الله العافية‪.‬‬
‫‪ http://www.al-forqan.net‬المصدر‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كلمات في النجاح‬
‫النجاح والفاعلية والنتاج هدف كل إنسان بل وإن كان النسان فاشل ل يريد‬
‫أن يسمع أنه فاشل فتعال معي أخي وتأمل في كل مرحلة من هذه المراحل‬
‫للنجاح ‪.‬‬
‫‪ (1‬إبدأ بنفسك أنت المبتدأ وأنت المنطلق والنتاج فأول طريق النجاح في‬
‫الحياة النجاح في إدارة ذاتك والتعامل معها )) إن الله ل يغير ما بقوم حتى‬
‫يغيروا ما بأنفسهم (( تأمل يقل الله حتى يغيروا أنفسهم ما بأنفسهم فابدأ‬
‫بالنقد الذاتي لنفسك وتنمية مواهبك ‪.‬‬
‫‪ (2‬ثق بنفسك ول شئ أضر على النسان من عدم ثقته بنفسه ول شئ يهدم‬
‫الثقة بالنفس أكثر‬
‫من الجهل بها وعظم الجهل بنفسك احتقارها ومنعها من المبادرة واليجابية‬
‫ول نقصد بالثقة‬
‫الكبر والغرور فالصالح للخطابة مثل لم يكن خطيبا في عشية وضحاها بل‬
‫ابدأ وبادر وجرب‬
‫في محيط صغير ثم في أكبر وأكبر حتى تصبح خطيبا بارعا وكذلك المدير‬
‫الناجح والتاجر لناجح ‪.‬‬
‫وقفة‬
‫قارن نفسك برجل كان عبدا أسودا أعورا أفطسا وأعرجا وأشل ثم عمي هل‬
‫هو أحسن منك في شئ ل ‪ ..‬لكنه رجل ناجح إنه عطاء بن أبي رباح كان‬
‫مفتي مكة بأكملها وهذا لم يأتي من فراغ بل من علم وطلب علم ومجالسة‬
‫ومزاحمة وإيجابية ‪.‬‬
‫‪ (3‬صارح نفسك خذ ورقة واكتب قدراتك ومهاراتك ومميزاتك وقارن بين‬
‫العمل وهذه الطاقات ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ (4‬طور نفسك بعد تحديد نقاط القوة والضعف طور نفسك واعلم أن أحب‬
‫العمال إلى الله أدومها وإن قل وتذكر من لي بمثل مشيك المدلل تمشي‬
‫الهوينا وتجئ في الول‬
‫‪ (5‬كل أمر تريد أن تنجح فيه مارس ومارس فيه حتى تبدع فيه فالممارسة‬
‫وسيلة للنجاح تريد أن تكون خطيبا مارس ‪ ..‬ذلك والنجاح سيكون نصيب‬
‫المتقدم والممارس فهذا بن حزم يكتب في كتابه مداواة النفوس ‪ 10‬عيوب‬
‫كانت فيه تخلص منها ‪.‬‬
‫‪ (6‬الدارة الصلبة‬
‫النجاح مرهون بقوة الرادة ما لم يكن عندك إرادة أنت فاشل وصاحب‬
‫الرادة يتحكم في سلوكه ويوجه أهدافه وغاياته قال تعالى )) ولو أرادوا‬
‫الخروج لعدوا له عدة (( ‪..‬‬
‫القضية قضية إرادة فل أرادوا لجاهدوا وأصحاب الرادة جاهدوا والرادة هي‬
‫قوة مركبة من الحاجة والميل والمل ‪ ،‬فالمريض محتاج للعلج وعنده رغبة‬
‫وميل للعلج وعنده أمل في الشفاء لذلك كان عنده إرادة وهذا نصف العلج ‪.‬‬
‫‪ (7‬تخلص من أمراض الرادة فالتخلية قبل التحلية وأمراض الرادة‬
‫‪ -1‬فقد الندفاع ‪ ..‬إنسان يريد أن يخطب أو يتعلم لكنه فاقد الندفاع ‪.‬‬
‫‪ -2‬زيادة النفاع ‪ ..‬الفعل بدون بحث ودراسة وعلم وروية ل يؤدي نتائج حتى‬
‫لو أدى إلى نتائج لكنها ليست المطلوبة فالعجلة غير مطلوبة ‪.‬‬
‫‪ -3‬ضعف مستوى التدين ‪ ..‬عدم فهم الدين كما هو فهو يفهم الدين أنه تقوقع‬
‫أو عمائم أو طقطقة مسابح أو همهمة أذكار ‪.‬‬
‫الدين دين كفاح دين عمل دين جهاد ونجاح ‪..‬‬
‫وكيف تريد أن تنجح وأنت ضعيف اليمان ضعيف التصال بالله وليس لك‬
‫وقفات للخلو مع مالك الملك ‪.‬‬
‫‪ -4‬المجتمع والصحبة ‪ ..‬المجتمع والصحاب الذين تعيش معهم إذا كانوا ل‬
‫يعينونك على النجاح بل يثبطونك فالنجاح محال أنت تبني وغيرك يهدم وهذا‬
‫يحتاج منك أن تهندس نفسك مع هذا المجتمع وكيف تتعايش معه وتمضي‬
‫قدما ‪ ..‬وقف أخي مع حديث قاتل الـ ‪ 99‬كانت نجاته تغير المكان السوء ( ‪.‬‬
‫‪ (8‬قوي إرادتك ‪ ..‬وكيف تقويها ؟ ‪ ..‬لتعلم أول أن الله هو و حده الذي إذا أراد‬
‫شيئا أن يقول له كن فيكون ‪ ،‬وتأمل أخي وقفة النبي صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬
‫عندما كلمه عمه في شأن الدعوة وقريش والله يا عم قوة ل تضاهيها قوة‬
‫ونقوي إرادتنا بأمور منها‬
‫‪ -1‬إقنع نفسك ل تكن مترددا ‪ ..‬تدرس أول تدرس ‪ ..‬تحفظ أو ل تحفظ ‪..‬‬
‫تخطب أو ل تخطب ‪..‬‬
‫‪ -2‬ثقف ذهنك إقرأ كثيرا كثيرا ليكن زادك بالليل والنهار ‪..‬‬
‫‪ -3‬حبب إلى نفسك النظام في بيتك ومسجدك وعملك وحياتك كلها واحفظ‬
‫هذه الحكمة ضع لكل شئ في مكانه ‪ ،‬وتأمل كم تضل عندما تبحث عن شئ‬
‫في بيتك ومكتبتك ‪..‬‬
‫‪ -4‬إحرم نفسك شيئا اعتادته ‪ ..‬الحلوى مثل بعد الكل ‪ ..‬النوم في أوقات من‬
‫اليوم ‪ ..‬الطعام ‪ ..‬غير مجرى حياتك ‪.‬‬
‫‪ -5‬ابتكر وأبدع وأت بجديد ول تقل ل جديد وليكن شعارك وإني لت بجديد ول‬
‫تقل ل جديد وليكن شعارك وإني لت بما لم تستطعه الوائل ‪..‬‬
‫‪ -6‬تعرف على شخصيات ناجحة وخالطهم واقرأ عنهم من جميع المجالت ‪..‬‬
‫‪ -7‬غير بيئتك والسفر له فوائد عديدة ‪..‬‬
‫‪ -8‬حدد هدفك وليكن هدفا ساميا عاليا شامخا واجعل أهدافك الصغرى تحقق‬

‫‪91‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الهدف الكبير ‪..‬‬


‫‪ -9‬نظم وقتك حتى تستفيد منه وليكن التخطيط دليلك لذلك ‪..‬‬
‫‪ -10‬اكسب عدد كثير م الناس ليكونوا عونا لك لتنجح وتعاون معهم ليتعاونوا‬
‫معك في تحقيق هدفك ‪..‬‬
‫‪ -11‬ساعد غيرك على النجاح وقد قيل إذا ردت أن تكون مهما فكن مهتما ‪،‬‬
‫ول يؤمن أحدكم حتى يحب لخيه ‪.‬‬
‫‪ -12‬كن متفائل فل ينجح اليائس والنبي صلى الله عليه وسلم يحب الفأل‬
‫الحسن ‪...‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪ -13‬أول وأخيرا ماهي علقتك بربك وقد يقال لماذا أخرت هذه النقطة وأقول‬
‫إنني انتهجت نهجا نبويا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال تنكح المرأة‬
‫لربع وختم بالدين ليكون حاكما ل محكوما ‪ ..‬فكل ما ذكرناه من إرادة قوية‬
‫وثقة وعلقة مع الناس إذا كان موجودا وعلقتك بالله فاشلة فالكل فاشل‬
‫وإذا كانت معك تلك الصفات وعلقتك بالله قوية نقول لك أبشر فإن بنيانك‬
‫على تقوى وخير ‪..‬‬
‫فيا أخي أذكر الله كثيرا واستعن به في كل أعمالك وأجتنب معصيته يوفقك ‪..‬‬
‫والله الموفق والمعين ‪..‬‬
‫ونختم بذكر حقائق ل تقبل الجدل ‪..‬‬
‫‪ -‬الحقيقة الولى ‪ :‬من ل يتقدم ل يبقى في موقعه بل يتقهقر ‪.‬‬
‫‪ -‬الحقيقة الثانية ‪ :‬قوة الفكار ل تجدي مالم تقترن بالتغيير ‪.‬‬
‫‪ -‬الحقيقة الثالثة ‪ :‬الستسلم للمألوف يخمد نار الفكر ‪..‬‬
‫‪ -‬الحقيقة الرابعة ‪ :‬العقل خلق ليعمل والمعرفة الجيدة إذا لم تهدي للعمل‬
‫فإنه يعطلها فالعلم للعمل ‪ ..‬فمطلوب من المؤمن أن ل يكون فاشل في‬
‫حياته وعاطل بل نريد منه أن يكون نموذجا رائعا لكل الناس في عمله‬
‫وجهاده ودعوته ‪.‬‬
‫المصدر‬
‫موقع جيل الصحوة‬
‫‪www.jeel.info‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫كلمات في الولء والبراء‬


‫رئيسي ‪:‬عقائد ‪:‬الحد ‪ 24‬ذو الحجة ‪1424‬هـ ‪ 15 -‬فبراير ‪2004‬م‬
‫من النحرافات الظاهرة التي تبدو طافية على السطح في مثل هذه اليام ما‬
‫نسمعه ونقرؤه من نشاط محموم ومكثف من أجل إقامة 'السلم' مع يهود‪،‬‬
‫وإنهاء الصراع معهم في ظل الوفاق الدولي ‪.‬‬
‫ومن جانب آخر نشاهد كثرة ما يعقد في الساحة من مؤتمرات وملتقيات‬
‫للتقارب بين الديان ! والحوار والزمالة ‪ -‬بالذات ‪ -‬بين السلم والنصرانية‪.‬‬
‫وتلحظ على هؤلء المشاركين في تلك المؤتمرات ممن يحسبون من أهل‬
‫السلم هزيمة بالغة في نفوسهم‪ ،‬وحب ّا ً للدعة والراحة‪ ،‬وكرها ً للجهاد وتوابعه‪،‬‬
‫فالسلم‪ :‬دين السلم والوئام و'التعايش السلمي'! حتى قال أحدهم‪ ':‬هيئة‬
‫المم المتحدة تأخذ بالحل السلمي لمعالجة المشكلت التي تواجه‬

‫‪92‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫النسانية!] د‪ .‬معروف الدواليبي ‪ /‬انظر جريدة العالم السلمي بمكة عدد‬


‫‪ . 1243‬وانظر دور هيئة المم في إسقاط عقيدة الولء في كتاب الجهاد‬
‫للعلياني [ ‪ .‬كما تلمس من كلمهم‪ :‬استعدادا ً كامل ً للرتماء في أحضان‬
‫الغرب‪ ..‬فضل ً عن جهلهم المركب بعقيدة السلم الصحيح‪ ،‬ومن أهمها عقيدة‬
‫الولء والبراء‪.‬‬
‫وهذه المخططات حلقة من حلقات تستهدف القضاء على عقيدة‪' :‬البراءة‬
‫من الكفار وبغضهم'‪ .‬إضافة إلى كيد المبتدعة من الباطنيين وأشباههم‪ .‬ومع‬
‫هذه الحملة الشرسة والمنظمة من أجل 'مسخ ' عقيدة البراء فإنك ترى ‪-‬‬
‫في الوقت نفسه ‪ -‬الفرقة والشحناء بين الدعاة المنتسبين لهل السنة‪.‬‬
‫ولجل هذا وذاك‪ ،‬أحببت أن أؤكد على موضوع الولء والبراء من خلل النقاط‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬إن الولء والبراء من اليمان‪ ،‬بل هو شرط من اليمان‪ :‬كما قال سبحانه‪:‬‬
‫فسه َ‬ ‫فروا ل َبئ ْس ما قَدمت ل َه َ‬
‫ن‬‫مأ ْ‬ ‫م أن ْ ُ ُ ُ ْ‬ ‫ّ َ ْ ُ ْ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫ن كَ َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م ي َت َوَل ّوْ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫} ت ََرى ك َِثيًرا ِ‬
‫ن ِبالل ّهِ َوالن ّب ِ ّ‬
‫ي‬ ‫مُنو َ‬ ‫كاُنوا ي ُؤْ ِ‬ ‫ن]‪[80‬وَل َوْ َ‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ب هُ ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫م وَِفي ال ْعَ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ط الل ّ ُ‬ ‫خ َ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫ن]‪]{[81‬سورة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قو َ‬ ‫س ُ‬‫م فا ِ‬ ‫من ْهُ ْ‬‫ن كِثيًرا ِ‬ ‫م أوْل َِياَء وَلك ِ ّ‬ ‫ذوهُ ْ‬ ‫ما ات ّ َ‬ ‫ما أن ْزِل إ ِلي ْهِ َ‬ ‫وَ َ‬
‫المائدة[‪.‬‬
‫يقول ابن تيمية عن هذه الية ‪':‬فذكر جملة شرطية تقتضي أن إذا وجد‬
‫الشرط وجد المشروط بحرف 'لو' التي تقتضي مع الشرط انتفاء المشروط‪،‬‬
‫م أ َوْل َِياَء‪]...‬‬ ‫ذوهُ ْ‬ ‫خ ُ‬ ‫ما ات ّ َ‬ ‫ل إ ِل َي ْهِ َ‬‫ما أ ُن ْزِ َ‬ ‫ي وَ َ‬ ‫ن ِبالل ّهِ َوالن ّب ِ ّ‬ ‫مُنو َ‬ ‫كاُنوا ي ُؤْ ِ‬ ‫فقال‪}:‬وَل َوْ َ‬
‫‪]{[81‬سورة المائدة[‪ .‬فدل ذلك على‪ :‬أن اليمان المذكور ينفي اتخاذهم‬
‫ل ذلك على أن‬ ‫أولياء ويضاده‪ ،‬ل يجتمع اليمان واتخاذهم أولياء في القلب‪ ،‬ود ّ‬
‫من اتخذهم أولياء‪ ،‬ما فعل اليمان الواجب من اليمان بالله والنبي‪ ،‬وما أنزل‬
‫إليه‪ ]'..‬من كتاب اليمان ص ‪.[14‬‬
‫َ‬
‫والولء والبراء أوثق عرى اليمان‪ :‬كما قال صلى الله عليه وسلم‪] :‬أوَْثق‬
‫ب ِفي الّله َوال ْب ُْغض ِفي الّله[ رواه أحمد‪-‬بنحوه‪ -‬والحاكم ‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫مان ال ْ ُ‬ ‫لي َ‬ ‫عَُرى ا ْ ِ‬
‫يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب‪':‬فهل يتم الدين أو‬
‫يقام علم الجهاد‪ ،‬أو علم المر بالمعروف والنهي عن المنكر إل بالحب في‬
‫الله والبغض في الله‪...‬ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة‪ ،‬ومحبة‬
‫من غير عداوة ول بغضاء‪ ،‬لم يكن فرقانا ً بين الحق والباطل‪ ،‬ول بين‬
‫المؤمنين والكفار‪ ،‬ول بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان'] من رسالته أوثق‬
‫عرى اليمان ص ‪. [38‬وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه‬
‫ك عََلى‬ ‫على تحقيق هذا الصل العظيم‪ ،‬فقد قال عليه الصلة والسلم‪] :‬أ َُباي ِعُ َ‬
‫َ‬
‫كين‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫فارِقَ ال ْ ُ‬ ‫ن وَت ُ َ‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ح ال ْ ُ‬ ‫ص َ‬‫كاة َ وَت َُنا ِ‬ ‫ي الّز َ‬ ‫صَلة َ وَت ُؤْت ِ َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫قي َ‬ ‫ه وَت ُ ِ‬ ‫ن ت َعْب ُد َ الل ّ َ‬ ‫أ ْ‬
‫َ[رواه النسائي وأحمد ‪ .‬وتأمل معي هذه العبارة الرائعة التي سطرها أبو‬
‫الوفاء بن عقيل ]ت ‪ 513‬ه[‪:‬‬
‫'إذا أردت أن تعلم محل السلم من أهل الزمان‪ ،‬فل تنظر إلى زحامهم في‬
‫أبواب الجوامع‪ ،‬ول ضجيجهم في الموقف بلبيك‪ ،‬وإنما انظر إلى مواطأتهم‬
‫أعداء الشريعة‪ ،‬عاش ابن الراوندي والمعري عليهما لعائن الله ينظمون‬
‫وينثرون كفرًا‪ ...‬وعاشوا سنين‪ ،‬وعظمت قبورهم‪ ،‬واشتريت تصانيفهم‪ ،‬وهذا‬
‫يدل على برودة الدين في القلب']من الداب الشرعية لبن مفلح ‪. [1/268‬‬
‫‪ -2‬الولء معناه المحبة والمودة والقرب‪ ،‬والبراء هو البغض والعداوة والبعد‪:‬‬
‫والولء والبراء أمر قلبي في أصله‪ ،‬لكن يظهر على اللسان والجوارح‪ ،‬فالولء‬
‫م الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ما وَل ِي ّك ُ ُ‬ ‫ل يكون إل لله‪ ،‬ورسوله‪ ،‬وللمؤمنين‪ ،‬كما قال سبحانه‪}:‬إ ِن ّ َ‬
‫مُنوا‪]{[55]...‬سورة المائدة[‪ .‬فالولء للمؤمنين يكون‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه َوال ّ ِ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وََر ُ‬

‫‪93‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بمحبتهم ليمانهم‪ ،‬ونصرتهم‪ ،‬والشفاق عليهم‪ ،‬والنصح لهم‪ ،‬والدعاء لهم‪،‬‬


‫والسلم عليهم‪ ،‬وزيارة مريضهم‪ ،‬وتشييع ميتهم‪ ،‬ومواساتهم وإعانتهم‪،‬‬
‫والسؤال عن أحوالهم‪ ،‬وغير ذلك من وسائل تحقيق هذا الولء ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫والبراءة من الكفار تكون‪ :‬ببغضهم ‪ -‬دينا ً ‪ -‬وعدم بدئهم بالسلم‪ ،‬وعدم التذلل‬
‫لهم أو العجاب بهم‪ ،‬والحذر من التشبه بهم‪ ،‬وتحقيق مخالفتهم ‪ -‬شرعا ً ‪-‬‬
‫وجهادهم بالمال واللسان والسنان‪ ،‬والهجرة من دار الكفر إلى دار السلم‪،‬‬
‫وغير ذلك من مقتضيات البراءة منهم ]انظر تفصيل ذلك في كتاب‪ ':‬الولء‬
‫والبراء' للقحطاني‪ ،‬وكتاب‪':‬الموالة والمعاداة' للجلعود[‪.‬‬
‫‪ -3‬أهل السنة يرحمون الخلق ويعرفون الحق‪ :‬فهم أحسن الناس للناس‪،‬‬
‫أذلة على المؤمنين‪ ،‬أعزة على الكافرين‪ ،‬وهم في وئام تام‪ ،‬وتعاطف وتناصح‬
‫وإشفاق كالجسد الواحد‪ ،‬إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى‬
‫خْتياني‪':‬إنه ليبلغني عن الرجل من أهل‬ ‫س ِ‬ ‫والسهر‪ ،‬حتى قال أحد أيوب ال ّ‬
‫السنة أنه مات‪ ،‬فكأنما فقدت بعض أعضائي'] 'الحجة في بيان المحجة'‬
‫للصفهاني‪-‬قوام السنة‪. [2/487 : -‬‬
‫ولذا قال قوام السنة إسماعيل الصفهاني‪' :‬وعلى المرء محبة أهل السنة‬
‫في أي موضع كانوا؛ رجاء محبة الله له‪ ،‬كما قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫ي‬
‫ن فِ ّ‬ ‫سي َ‬ ‫جال ِ ِ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ي َوال ْ ُ‬ ‫ن فِ ّ‬ ‫حاّبي َ‬ ‫مت َ َ‬‫حب ِّتي ل ِل ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ت َ‬ ‫جب َ ْ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫ج ّ‬ ‫ه عَّز وَ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫وسلم‪َ] :‬قا َ‬
‫ي[ رواه مالك وأحمد‪ .‬وعليه بغض أهل البدع‬ ‫ن فِ ّ‬ ‫مت ََباذِِلي َ‬ ‫ي َوال ْ ُ‬ ‫ن فِ ّ‬ ‫مت ََزاوِِري َ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫في أي موضع كانوا حتى يكون ممن أحب في الله وأبغض في الله']المرجع‬
‫السابق ‪ . [2/501‬وهذا الولء فيما بين أهل السنة‪ ،‬إنما هو بسبب وحدة‬
‫منهجهم‪ ،‬واتحاد طريقتهم في التلقي والستدلل‪ ،‬والعقيدة والشريعة‬
‫والسلوك ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -4‬الكفار هم أعداؤنا قديما وحديثا سواء كانوا كفارا أصليين كاليهود‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كافري َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن أوْل َِياَء ِ‬ ‫ن ال ْ َ ِ ِ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫خذِ ال ْ ُ‬ ‫والنصارى‪ ،‬أو مرتدين‪ :‬قال تعالى‪َ }:‬ل ي َت ّ ِ‬
‫َ‬
‫م‬‫من ْهُ ْ‬‫قوا ِ‬ ‫ن ت َت ّ ُ‬ ‫يٍء إ ِّل أ ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن الل ّهِ ِفي َ‬ ‫م َ‬ ‫س ِ‬ ‫ك فَل َي ْ َ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫فعَ ْ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ُدو ِ‬
‫ة‪]{[28]...‬سورة آل عمران[‪.‬فهذه حقيقة ثابتة ل تتغير ول تتبدل‪ ،‬وهي أن‬ ‫قا ً‬ ‫تُ َ‬
‫الكفار دائما ً وأبدا ً هم أعداؤنا وخصومنًا‪ ،‬كما قرر ذلك سبحانه فقال عنهم‪}:‬لَ‬
‫ما ي َوَد ّ‬ ‫ة‪]{[10]...‬سورة التوبة[‪ .‬وقال تعالى‪َ }:‬‬ ‫م ً‬ ‫ن إ ِّل وََل ذِ ّ‬ ‫م ٍ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن ِفي ُ‬ ‫ي َْرقُُبو َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫خي ْرٍ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ل عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫ن ي ُن َّز َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب وََل ال ْ ُ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ن أهْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫فُروا ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫م‪]{[105]...‬سورة البقرة[‪.‬‬ ‫َرب ّك ُ ْ‬
‫َ‬
‫فاًرا‬ ‫م كُ ّ‬ ‫مان ِك ُ ْ‬ ‫ن ب َعْد ِ ِإي َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ل َوْ ي َُرّدون َك ُ ْ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ن أهْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وقال سبحانه‪ }:‬وَد ّ ك َِثيٌر ِ‬
‫ق‪] {[109]...‬سورة البقرة[‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ن ل َهُ ُ‬ ‫ما ت َب َي ّ َ‬ ‫ن ب َعْد ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫سهِ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫عن ْد ِ أ َن ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫دا ِ‬ ‫س ً‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫خِبيُر]‪{[14‬‬ ‫ْ‬
‫ف ال َ‬ ‫طي ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خلقَ وَهُوَ الل ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م‬
‫َْ ُ َ ْ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫الكفار‪}:‬‬ ‫من‬ ‫الله‬ ‫حذر‬ ‫هكذا‬
‫]سورة الملك[‪ .‬ولكي يطمئن قلبك؛ فانظر إلى التاريخ في القديم والحديث‪،‬‬
‫وما فعله الكفار في الماضي‪ ،‬وما يفعلونه في هذه اليام‪ ،‬وما قد يفعلونه‬
‫ل‪ ،‬فقال‪':‬فصل‪ :‬في سياق‬ ‫مستقبل ً ‪ .‬ورحم الله ابن القيم عندما عقد فص ً‬
‫اليات الدالة على غش أهل الذمة للمسلمين‪ ،‬وعداوتهم وخيانتهم‪ ،‬وتمنيهم‬
‫لهم أمر‬ ‫السوء لهم‪ ،‬ومعاداة الرب تعالى لمن أعزهم‪ ،‬أو والهم‪ ،‬أو و ّ‬
‫المسلمين']أحكام أهل الذمة ‪. [1/238‬‬
‫‪ -5‬إن الناس في ميزان الولء والبراء على ثلثة أصناف‪:‬‬
‫فأهل اليمان والصلح‪ :‬يجب علينا أن نحبهم ونواليهم ‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأهل الكفر والنفاق‪ :‬يجب بغضهم والبراءة منهم‪.‬‬


‫وأما من خلطوا عمل ً صالحا ً وآخر سيئًا‪ :‬فالواجب أن نحبهم ونواليهم لما لهم‬
‫ص‬
‫من إيمان‪ ،‬وفي الوقت نفسه نبغضهم ونعاديهم لما تلبسوا به من معا ٍ‬
‫وفجور ‪ .‬وذلك لن الولء والبراء من اليمان‪ ،‬واليمان عند أهل السنة ليس‬
‫شيئا ً واحدا ً ل يقبل التبعيض والتجزئة‪ ،‬فهو يتبعض لنه شعب متعددة كما جاء‬
‫في الحديث ‪.‬‬
‫‪ -6‬موالة الكفار ذات شعب متعددة‪ ،‬وصور متنوعة‪ :‬وكما قال الشيخ عبد‬
‫اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم‬
‫الله‪':‬مسمى الموالة يقع على شعب متفاوتة‪ ،‬منها ما يوجب الردة وذهاب‬
‫السلم بالكلية‪ ..‬ومنها ما هو دون ذلك من الكبائر والمحرمات']الدرر السنية‬
‫‪. [7/159‬‬
‫فمن شعب موالة الكفار‪ ،‬التي توجب الخروج من الملة‪:‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين‪ :‬كما قال سبحانه‪...}:‬وَ َ‬
‫م‪]{[51]...‬سورة المائدة[‪.‬‬‫من ْهُ ْ‬
‫ه ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م فَإ ِن ّ ُ‬ ‫ي َت َوَل ّهُ ْ‬
‫م ِ‬
‫ومنها‪:‬عدم تكفير الكفار‪ ،‬أو التوقف في كفرهم‪ ،‬أو الشك فيه‪ ،‬أو تصحيح‬
‫مذهبهم]انظر الشفا لعياض ‪ :[2/1071‬فما بالك بحال من يدافع عنهم‪،‬‬
‫ويصفهم بأنهم إخواننا في النسانية ‪ -‬إن كانوا ملحدة‪ ،‬أو وثنيين ‪ ، -‬أو‬
‫'أشقاؤنا' ‪ -‬إن كانوا يهودا ً أو نصارى ‪ -‬فالجميع في زعمهم على ملة إبراهيم‬
‫عليه السلم!‬
‫‪ -7‬من أعظم ثمرات القيام بهذا الصل‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫تحقيق أوثق عرى اليمان‪ ،‬والفوز بمرضاة الله‪ ،‬والنجاة من سخط الجبار جل‬
‫ما‬
‫س َ‬ ‫فُروا ل َب ِئ ْ َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م ي َت َوَل ّوْ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫جلله‪ :‬كما قال سبحانه‪}:‬ت ََرى ك َِثيًرا ِ‬
‫فسه َ‬ ‫قَدمت ل َه َ‬
‫ن]‪[80‬وَل َ ْ‬
‫و‬ ‫دو َ‬‫خال ِ ُ‬ ‫م َ‬‫ب هُ ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫م وَِفي ال ْعَ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ط الل ّ ُ‬ ‫خ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫م أن ْ ُ ُ ُ ْ‬ ‫ّ َ ْ ُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ما أن ْزِ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫من ْهُ ْ‬ ‫ن كِثيًرا ِ‬ ‫م أوْل َِياَء وَلك ِ ّ‬ ‫ذوهُ ْ‬ ‫ما ات ّ َ‬ ‫ل إ ِلي ْهِ َ‬ ‫ي وَ َ‬ ‫ن ِباللهِ َوالن ّب ِ ّ‬ ‫مُنو َ‬ ‫كاُنوا ي ُؤْ ِ‬
‫ن]‪]{[81‬سورة المائدة[‪..‬‬ ‫قو َ‬ ‫س ُ‬ ‫َفا ِ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ومن ثمرات القيام بالولء والبراء‪ :‬السلمة من الفتن‪ :‬قال سبحانه‪َ}:‬وال ِ‬
‫َْ‬ ‫فروا بعضه َ‬
‫ساد ٌ ك َِبيٌر]‪{[73‬‬ ‫ض وَفَ َ‬ ‫ة ِفي الْر ِ‬ ‫ن فِت ْن َ ٌ‬ ‫فعَُلوه ُ ت َك ُ ْ‬ ‫ض إ ِّل ت َ ْ‬ ‫م أوْل َِياُء ب َعْ ٍ‬ ‫َْ ُ ُ ْ‬ ‫كَ َ ُ‬
‫]سورة النفال[‪ .‬يقول ابن كثير‪' :‬أي إن تجانبوا المشركين‪ ،‬وتوالوا المؤمنين‪،‬‬
‫وإل وقعت فتنة في الناس‪ ،‬وهو التباس واختلط المؤمنين بالكافرين‪ ،‬فيقع‬
‫بين الناس فساد منتشر عريض طويل'] تفسير ابن كثير ‪.[2/316‬‬
‫ومن ثمرات تحقيق هذا الصل‪ :‬حصول النعم والخيرات في الدنيا‪ ،‬والثناء‬
‫الحسن في الدارين‪ :‬كما قال أحد أهل العلم‪' :‬وتأمل قوله تعالى في حق‬
‫ن الل ّهِ وَهَب َْنا ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ن ُدو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ي َعْب ُ ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ما اعْت ََزل َهُ ْ‬ ‫إبراهيم عليه السلم‪ }:‬فَل َ ّ‬
‫ن‬‫سا َ‬ ‫م لِ َ‬ ‫جعَل َْنا ل َهُ ْ‬ ‫مت َِنا وَ َ‬
‫ح َ‬‫ن َر ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫جعَل َْنا ن َب ِّيا]‪[49‬وَوَهَب َْنا ل َهُ ْ‬ ‫ب وَك ُّل َ‬ ‫قو َ‬ ‫حاقَ وَي َعْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ق عَل ِّيا]‪]{[50‬سورة مريم[‪ .‬فهذا ظاهر أن اعتزال الكفار سبب لهذه‬ ‫صد ْ ٍ‬ ‫ِ‬
‫النعم كلها‪ ،‬ولهذا الثناء الجميل‪ ]'...‬من كتاب منهاج الصواب في قبح‬
‫استكتاب أهل الكتاب ص ‪ ، 52‬وانظر اضواء البيان للشنقيطي ‪.[2/485‬‬
‫وهذا أمر مشاهد معلوم‪ ،‬فأعلم هذه المة ممن حققوا هذا الصل قول ً‬
‫ل‪ ،‬ل زلنا نترحم عليهم‪ ،‬ونذكرهم بالخير‪ ،‬ول يزال لهم لسان صدق في‬ ‫وعم ً‬
‫العالمين‪ ،‬فضل ً عن نصر الله لهم‪ ،‬والعاقبة لهم‪ ،‬فانظر مثل ً إلى موقف‬
‫الصديق رضي الله عنه من المرتدين ومانعي الزكاة‪ ،‬عندما حقق هذا الصل‬

‫‪95‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فيهم‪ ،‬فنصره الله عليهم‪ ،‬وأظهر الله بسببه الدين‪ ..‬وهذا إمام أهل السنة‬
‫أحمد بن حنبل رحمه الله يقف موقفا ً شجاعا ً أمام المبتدعة في فتنة القول‬
‫بخلق القرآن‪ ،‬فل يداهن‪ ،‬ول يتنازل‪ ،‬فنصر الله به مذهب أهل السنة‪ ،‬وأخزى‬
‫المخالفين‪ ،‬وهذا صلح الدين اليوبي رحمه الله يجاهد الصليبيين ‪ -‬تحقيقا ً‬
‫لهذا الصل ‪ -‬فينصره الله عليهم‪ ،‬ويكبت القوم الكافرين‪ ،‬والمثلة كثيرة‪.‬‬
‫فيجب على الدعاة إلى الله تعالى أن يحققوا هذا الصل في أنفسهم اعتقادا ً‬
‫ل‪ ،‬وأن تقدم البرامج الجادة ‪ -‬للمدعوين ‪ -‬من أجل تحقيق عقيدة‬ ‫وقول ً وعم ً‬
‫الولء والبراء ولوازمهما‪ ،‬وذلك من خلل ربط المة بكتاب الله تعالى‪،‬‬
‫والسيرة النبوية‪ ،‬وقراءة كتب التاريخ‪ ،‬واستعراض تاريخ الصراع بين أهل‬
‫اليمان والكفر القديم والحديث‪ ،‬والكشف عن مكائد العداء ومكرهم‬
‫'المنظم' في سبيل القضاء على هذه المة ودينها‪ ،‬والقيام بأنشطة عملية في‬
‫سبيل تحقيق الولء والبراء كالنفاق في سبيل الله‪ ،‬والتواصل واللقاء مع‬
‫الدعاة من أهل السنة في مختلف الماكن‪ ،‬ومتابعة أخبارهم ونحو ذلك ‪.‬‬
‫من ‪ ':‬كلمات في الولء والبراء' للشيخ‪ /‬عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف‬

‫)‪(3 /‬‬

‫كلمات مضيئة )‪(1‬‬


‫د‪ .‬مصطفى السباعي‬
‫‪ -‬الولد حظوظ الباء من الدنيا‪ ،‬فمن رزق أولدا ً سيئين كان سيء الحظ‪،‬‬
‫ولو اجتمع له المال والجاه‪.‬‬
‫‪ -‬جّنب ولدك قرين السوء‪ ،‬كما تجبنه المرض المعدي‪ ،‬وابدأ ذلك منذ‬
‫طفولته‪ ،‬و إل استشرى الداء‪ ،‬ولم ينفع الدواء‪.‬‬
‫‪ -‬القسوة في تربية الولد تحمله على التمرد‪ ،‬والدلل في تربيته يعلمه‬
‫النحلل‪ ،‬وفي أحضان كليهما تنمو الجريمة‪.‬‬
‫ً‬
‫مهر إذا أعطي كل ما يريد نشأ حرونا يصعب قياده‪ ،‬وإذا منع كل ما‬ ‫‪ -‬الولد كال ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يريد نشأ شرسا يكره كل ما حوله‪ ،‬فكن حكيما في منعه وعطائه‪ ،‬وإياك‬
‫وتدليله باسم الحب له‪ ،‬فذلك أقتل شيء لسعادتك وسعادته‪.‬‬
‫‪ -‬يحبون الصبيان ويكرهون البنات‪ ،‬أما أنا فرأيت في أكثر من عرفت‪ ،‬بناتهم‬
‫أسعد لهم من صبيانهم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ود ولدك على العتماد على نفسه ولو كنت غنيا! فإذا أصبح قادرا على‬ ‫‪-‬ع ّ‬
‫الكسب وهو غير طالب علم‪ ،‬فحذار أن تطعمه على مائدتك‪ ،‬أو تسكنه في‬
‫بيتك‪ ،‬أو تسدد نفقاته من جيبك فإنك تقتل فيه روح الكفاح في سبيل العيش‪،‬‬
‫وقد رأيت بين هؤلء كثيرين‪.‬‬
‫‪ -‬إذا يئس الولد من عطف أبيه عليه نشأ عاقًا‪ ،‬وإذا طمع في عطفه عليه نشأ‬
‫ل‪ ،‬وخير الباء من لم يؤيس ولده من حنانه‪ ،‬ولم يطمعه في العتماد‬ ‫كسو ً‬
‫على إحسانه‪.‬‬
‫‪ -‬إفراطك في القسوة على ولدك‪ ،‬يقطعه عنك وإفراطك في تدليله يقطعك‬
‫عنه‪ ،‬فكن حكيما ً وإل أفلت من يدك الزمام‪.‬‬
‫‪ -‬لن ترى ولدك يقاسي متاعب الحياة وهو يعمل لها‪ ،‬خير من أن تراه غارقا ً‬
‫في النعيم وهو يعتمد عليك‪.‬‬
‫‪ -‬إياك أن تترك لولدك ثروة إذا كانوا فاسدين فإنهم ُيتلفون ما جمعته في‬
‫أعوام‪ ،‬ثم هم يشوهون سمعتك ويثلمون شرفك‪ ،‬ويسلمونك إلى من هو‬
‫سريع الحساب‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -‬ولد صالح يدعو لك ويذكرك الناس به بكل خير‪ ،‬أبقى لك من ولد ينساك‬
‫ويسيء إليك بما يسيء في الحياة من سلوك‪ ،‬أولدك قطع من كبدك‪ ،‬أتراك‬
‫تريد أن تصاب بكبدك بما يسبب لك السقام واللم‪ ،‬أم تريده صحيحا ً معاف‬
‫كلمات مضيئة )‪(2‬‬
‫د‪ .‬مصطفى السباعي‬
‫‪ -‬لو أن كل أب خصص جزءا ً من يومه لرعاية ولده لما تعب الباء في أبنائهم‬
‫كثيرًا‪.‬‬
‫‪ -‬الب الجاهل يفرح بجمال صورة ولده‪ ،‬ول يبالي بقبح أخلقه‪ .‬والب العاقل‬
‫يفرح بجمال أخلق ولده ولو كان من أقبح الناس!‬
‫‪ -‬فرحة الب بولدة ولده‪ ،‬تذهب به غصته بسوء نشأته‪ ،‬فمن استطاع أن تتم‬
‫له فرحتا الولدة والنشأة فقد فرح بولدته مرتين‪.‬‬
‫‪ -‬حين يخلفك ولد صالح تولد عند موتك‪ ،‬وحين يخلفك ولد سيء تموت‬
‫ميتتين!‬
‫‪ -‬اللهم لول ما خلقت فينا من غريزة البوة‪ ،‬ووعدتنا من عظيم الجر لكانت‬
‫ولدتنا للولد‪ ،‬وشقاؤنا في سبيلهم سفها ً في الرأي‪ ،‬ل يصير إليه عاقل‪.‬‬
‫‪ -‬ل ينسى الب شقاءه في سبيل ولده‪ ،‬إل أن يراه بارا ً مستقيمًا‪ ،‬ول يجعله‬
‫نادما ً على ولدته وتعبه فيه إل أن يراه عاقا ً منحرفًا‪.‬‬
‫‪ -‬جهاد الباء في ميدان التربية أشق من جهاد البطال في ميدان الحروب‪.‬‬
‫‪ -‬أكثر ما يعيق الب عن تربية ولده كما يريد هو تقدم السن‪ ،‬فباكر ما‬
‫استطعت إلى الزواج!‬
‫‪ -‬إلى الله نشكو ما نبذله من جهد على أولدنا في البيوت تذهب به المدارس‬
‫والشوارع؟‬
‫‪ -‬الولد مفطور على حب التقليد‪ ،‬وأحب شيء إليه أن يقلد أباه ثم أمه‪،‬‬
‫فانظر كيف يراك في البيت معه‪ ،‬ومع أمه‪ ،‬وكيف يراك في المعاملة معه‬
‫ومع الناس‪.‬‬
‫‪ -‬من أدخل البشر إلى بيته فقد دعا زوجته وأولده ليشاركوه فيه‪ ،‬ولو زعم‬
‫أنه يقصيهم عنه‪.‬‬
‫‪ -‬يولد الولد معه طباعه‪ ،‬فأبواه ل يستطيعان تبديلها‪ ،‬ولكن يستطيعان‬
‫تهذيبها‪ ،‬أما أخلقه فهي بنت البيئة والتربية‪ ،‬وهنا يلعب الوالدان دورهما‬
‫الكبير في سعادته أو شقائه‪.‬‬
‫عن ولدك على برك بثلثة أشياء‪ :‬لطف معاملته‪ ،‬وجميل تنبيهه إلى زلته‪،‬‬ ‫‪-‬أ ِ‬
‫وحسن تنبيهه إلى واجباته‪.‬‬
‫‪ -‬اسلك في تربية ولدك طريق الترغيب قبل الترهيب‪ ،‬والموعظة قبل‬
‫التأنيب‪ ،‬والتأنيب قبل الضرب‪ ،‬وآخر الدواء الكي!؟‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كلمات مضيئة‬
‫أ‪.‬د‪/‬محمد أديب الصالح‬
‫رئيس تحرير مجلة حضارة السلم‬
‫ما قدم لنفسه‬
‫حدث الفضيل بن عياض عن هشام بن حسان عن الحسن البصري قال‪:‬‬
‫إنكم أصبحتم في أجل منقوص‪ ،‬وعمل محفوظ‪ ،‬والموت في رقابكم‪ ،‬والنار‬
‫بين أيديكم‪ ،‬وما ترون والله ذاهب‪ ،‬فتوقعوا قضاء الله في كل يوم وليلة‪،‬‬

‫‪97‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ولينظر امرؤ ما قدم لنفسه‪.‬‬


‫الشكر‪ ...‬والستدراج‬
‫حدث حماد بن زيد –وكان قد أدرك معظم التابعين من البصريين وغيرهم –‬
‫قال‪ :‬اجتمع أيوب السختياني ويونس بن عبيد وابن عون وثابت البناني في‬
‫بيت فقال ثابت‪:‬‬
‫يا هؤلء كيف يكون العبد إذا دعا ربه فاستجاب له دعاءه؟‬
‫قال ابن عون‪ :‬يكون البلء في نفسه‪.‬‬
‫قال ثابت‪ :‬فإنه يعرضه العجب بما صنع الله به‪.‬‬
‫فقال يونس بن عبيد‪ :‬ل يكون العبد يعجب بصنع الله إل وهو مستدرج‪.‬‬
‫فقال أيوب‪ :‬وما علمة المستدرج؟‬
‫قال‪ :‬إن العبد إذا كانت له عند الله منزلة‪ ،‬فحفظها وأبقى عليها ثم شكر الله‬
‫أعطاه الله أشرف من المنزلة الولى‪ ،‬وإذا هو ضيع الشكر استدرجه الله‬
‫وكان تضييعه للشكر استدراجا ً من الله له‪ ،‬وإن العبد المستدرج يكون له فيما‬
‫بينه وبين الله تيسير وحبس‪ ،‬فعليه ينكر العجب عن معرفة الستدراج‪ ،‬وإن‬
‫العبد المستدرج إذا كان في قلبه شيء من الشكر حمله شكره على التفقد‬
‫من أين يأتي‪ ،‬فإذا عرف ذلك خضع‪ ،‬وإذا خضع أقال الله عثرته‪.‬‬
‫قال حماد‪ :‬إن ابن عمر سئل عن الستدراج فقال‪ :‬ذاك مكُره بالعباد‬
‫المضيعين‪.‬‬
‫قال‪ :‬فبكوا جميعًا‪ ،‬ثم رفع ابن أيوب يده من بينهم وقال‪:‬‬
‫يا عالم الغيب والشهادة ل توفيق لنا إن لم توفقنا‪ ،‬ول قوة لنا إن لم تقونا‪.‬‬
‫فقال يونس‪ :‬به وجدنا طعم القوة في دعائك يا أبا بكر‪.‬‬
‫قال وكان أيوب يعرفه أصحابه أن له دعوة مستجابة‪.‬‬
‫من أخلق الصحابة‬
‫تحدث الحسن البصري عن أخلق الصحابة فقال‪:‬‬
‫والله لقد أدركنا أقواما ً وصحبنا طوائف إن كان الرجل منهم ليمسي وعنده‬
‫من الطعام ما يكفيه ولو شاء لكله‪ ،‬فيقول والله ل أجعل هذا كله في بطني‬
‫حتى أجعل بعضه لله‪ ،‬فيتصدق ببعضه‪ ،‬والله لقد أدركنا أقواما ً وصحبنا‬
‫طوائف ما كانوا يبالون أشرقت الدنيا أم غربت‪ ،‬والله الذي ل إله غيره لهي‬
‫أهون عليهم من التراب الذي يمشون عليه‪.‬‬
‫***‬
‫شذرات‬
‫عزاء‬
‫كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه –إذا عزى رجل ً قال‪ :‬ليس مع العزاء‬
‫مصيبة‪ ،‬ول مع الجزع فائدة‪ ،‬الموت أشد ما قبله‪ ،‬وأهون ما بعده‪ ،‬اذكروا فقد‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم تهن عندكم مصيبتكم‪ .‬صلى الله على‬
‫محمد وعظم الله أجركم‪.‬‬
‫فتنة‬
‫عن علقمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال‪ :‬كيف أنتم إذا لبستم‬
‫فتنة يربو فيها الصغير‪ ،‬ويهرم الكبير‪ ،‬وتتخذ سنة مبتدعة يجري عليها الناس‪،‬‬
‫فإذا غير منها شيء قيل‪ :‬قد غيرت السنة‪ ،‬قيل متى يا أبا عبد الرحمن؟ قال‪:‬‬
‫ل أمناؤكم‪ ،‬والتمست الدنيا‬ ‫إذا كثر قراؤكم‪ ،‬وقل فقهاؤكم‪ .‬وكثر أمراؤكم‪ ،‬وق ّ‬
‫بعمل الخرة‪ ،‬وتفقه لغير العمل‪.‬‬
‫رغبك‪ ...‬وزهدك‬
‫قال سعيد بن المسيب‪ :‬مر بي صلة ابن أشيم‪ ،‬فما تمالكت أن نهضت إليه‬

‫‪98‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فقلت‪:‬‬
‫يا أبا الصهباء ادع الله لي‪.‬‬
‫فقال‪ :‬رغبك الله فيما يبقى‪ ،‬وزهدك فيما يفنى‪ ،‬ووهب لك اليقين الذي ل‬
‫ول في الدنيا إل عليه‪.‬‬‫تسكن النفوس إل إليه ول تع ّ‬
‫لو أخذوا بالعلم حقه‬
‫عن سفيان بن عيينة قال‪ :‬بلغنا عن ابن عباس أنه قال‪:‬‬
‫لو أن حملة العلم أخذوا بحقه وما ينبغي لحبهم الله وملئكته والصالحون‪،‬‬
‫م الناس‪ ،‬ولكن طلبوا به الدنيا‪ ،‬فأبغضهم الله وهانوا على الناس‪.‬‬ ‫ولهاب َهُ ُ‬
‫دعاء‬
‫كان من دعاء إبراهيم التيمي رحمه الله‪:‬‬
‫اللهم اعصمني بكتابك وسنة نبيك من اختلف الحق‪ ،‬ومن اتباع الهوى بغير‬
‫هدىً منك‪ ،‬ومن سبل الضللة‪ ،‬ومن شبهات المور ومن الزيغ واللبس‪.‬‬
‫***‬
‫فكيف وقد حذرك‬
‫من كلمات ذي النون رحمه الله قوله‪:‬‬
‫ً‬
‫)لله عباد تركوا الذنب استحياًء من كرمه‪ ،‬بعد أن تركوه خوفا من عقوبته‪.‬‬
‫ولو قال لك‪" :‬اعمل ما شئت‪ ،‬فلست آخذك بذنب" كان ينبغي أن يزيدك‬
‫كرمه استحياًء منه‪ ،‬وتركا ً لمعصيته‪ .‬إن كنت حرا ً كريما ً عبدا ً شكورًا‪ .‬فكيف‬
‫وقد حذرك؟!(‪.‬‬
‫تناقض‬
‫قال حاتم الصم رحمه الله‪) :‬عجبت ممن يعمل بالطاعات‪ ،‬ويقول‪ :‬إني أعمل‬
‫ابتغاء مرضاة الله‪ ،‬ثم تراه أبدا ً ساخطا ً على الله رادا ً لحكمه‪ :‬أتريد أن ترضيه‬
‫ض عنه؟! كيف يرضى عنك‪ ،‬وأنت لم ترض عنه؟!(‪.‬‬ ‫ولست برا ٍ‬
‫أمانة‬
‫ً‬
‫تكلم قوم يوما بين يدي أبي صالح حمدون في حفظ المانات فقال‪:‬‬
‫)قد تحملت من المانة‪ ،‬ما لو اشتغلت به لشغلك عن كل أمانة بعدها( يعني‬
‫قوله تعالى‪" :‬إنا عرضنا المانة على السموات والرض والجبال‪."...‬‬
‫أهل المحبة‬
‫قال محمد بن حامد رحمة الله عليه‪) :‬لم يجد أحد تمام الهمة بأوصافها إل‬
‫أهل المحبة‪ .‬وإنما وجدوا ذلك من اتباع السنة‪ ،‬ومجانبة البدعة فإن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬كان أعلى الخلق همة وأقربهم زلفة(‪.‬‬
‫***‬
‫أدب‪ ...‬وعبودية‬
‫قال عبد الله بن محمد‪ :‬سمعت محمد بن داود الدينوري يقول‪:‬‬
‫سمعت بشر بن الحارث)‪– (1‬وقد سئل‪:-‬‬
‫ما كان من بدء أمرك؟ لن اسمك بين الناس كأنه اسم نبي؟‬

‫)‪(1 /‬‬

‫قال‪ :‬هذا من فضل الله وما أقول لكم‪ .‬كنت رجل ً عيارا ً صاحب عصبية‪.‬‬
‫فجزت يوما ً فإذا أنا بقرطاس في الطريق‪ ،‬فرفعته فإذا فيه‪" :‬بسم الله‬
‫الرحمن الرحيم"‪ .‬فمسحته وجعلته في جيبي‪ .‬وكان عندي درهمان ما كنت‬
‫أملك غيرهما‪ .‬فذهبت إلى العطارين فاشتريت بهما غالية ومسحته في‬
‫القرطاس‪ .‬فنمت في تلك الليلة‪ ،‬فرأيت في المنام كأن قائل ً يقول‪:‬‬

‫‪99‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يا بشر بن الحارث رفعت اسمنا عن الطريق وطيبته‪ ،‬لطيبن اسمك في‬
‫الدنيا والخرة!‬
‫ثم كان ما كان‪.‬‬
‫وحكي أن بشرا ً كان في زمن لهوه في داره‪ ،‬وعنده رفقاؤه يشربون‬
‫ويطيبون‪ .‬فاجتاز بهم رجل من الصالحين‪ ،‬فدق الباب‪ .‬فخرجت إليه جارية‪،‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫صاحب هذه الدار حر أو عبد؟‬
‫فقالت‪ :‬بل حر!‬
‫ً‬
‫فقال‪ :‬صدقت لو كان عبدا لستعمل أدب العبودية وترك اللهو والطرب‪.‬‬
‫فسمع بشر محاورتهما فسارع إلى الباب حافيا ً حاسرا ً وقد ولى الرجل‪ .‬فقال‬
‫للجارية‪ :‬ويحك! من كلمك على الباب؟ فأخبرته بما جرى‪.‬‬
‫فقال‪ :‬أي ناحية أخذ هذا الرجل؟‬
‫فقالت‪ :‬كذا‪.‬‬
‫فتبعه بشر حتى لحقه‪ ،‬فقال له‪ :‬يا سيدي! أنت الذي وقفت بالباب وخاطبت‬
‫الجارية؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫ي الكلم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عل‬ ‫قال أعد‬
‫فأعاده عليه‪ .‬فمّرغ بشر خديه على الرض وقال‪:‬‬
‫بل عبد! عبد! عبد!‬
‫عرف بالحفاء‪ .‬فقيل له‪:‬‬ ‫ثم هام على وجهه حافيا ً حاسرا ً حتى ُ‬
‫م ل تلبس نع ً‬
‫ل؟‬ ‫ل َ‬
‫قال‪ :‬لني ما صالحني مولي إل وأنا حاف‪ .‬فل أزول عن هذه الحال حتى‬
‫الممات‪.‬‬
‫ص‪.‬‬
‫ومن كلمه رحمه الله قوله‪) :‬الدعاء ترك الذنوب‪ .‬إن لم تطع فل تع ِ‬
‫سَرف(‪.‬‬‫الحلل ل يحتمل ال ّ‬
‫ومن كلم ذي النون المصري رحمه الله قوله‪:‬‬
‫أن تحب ما أحب الله وتبغض ما أبغض الله‪ ،‬وتفعل الخير كله‪ ،‬وترفض كل ما‬
‫يشغل عن الله‪ ،‬وأل تخاف في الله لومة لئم‪ ...‬مع العطف للمؤمنين‪،‬‬
‫والغلظة على الكافرين‪ ،‬واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدين‪.‬‬
‫ومن كلم شفيق البلخي رحمه الله قوله‪:‬‬
‫* اتق الغنياء‪ :‬فإنك متى عقدت قلبك معهم وطمعت فيهم‪ ،‬فقد اتخذتهم‬
‫أربابا ً من دون الله عز وجل‪.‬‬
‫* الزاهد الذي يقيم زهده بفعله‪ ،‬والمتزهد الذي يقيم زهده بلسانه‪.‬‬
‫* جعل الله أهل طاعته أحياء في مماتهم‪ ،‬وأهل المعاصي أمواتا ً في حياتهم‪.‬‬
‫* ليس شيء أحب إلي من الضعيف‪ ،‬لن رزقه ومئونته على الله‪ ،‬ولي أجره‪.‬‬
‫)‪ (1‬هو بشر بن الحارث بن علي بن عبد الرحمن المروزي أبو نصر المشهور‬
‫والمعروف ببشر الحافي‪ .‬كان من كبار الصالحين‪ ،‬وعلى حال حسنة من‬
‫الزهد والورع كما تتحدث الخبار‪ .‬وهو من ثقات رجال الحديث من أهل‬
‫"مرو" كانت إقامته ووفاته ببغداد وقد توفي رحمه الله سنة ‪129‬هـ‪.‬‬
‫***‬
‫الذين يخشون يوم الحساب‬
‫عمرو بن العاص رضي الله عنه على فراش الموت‬
‫روى المام مسلم في صحيحه عن ابن شماسة قال‪ :‬حضرنا عمرو بن العاص‬
‫ول وجهه إلى الجدار‪.‬‬ ‫رضي الله عنه وهو في سياقة الموت يبكي طوي ً‬
‫ل‪ ،‬وح ّ‬

‫‪100‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فجعل ابنه يقول‪ :‬يا أبتاه أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟‬
‫أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟‬
‫فأقبل بوجهه فقال‪ :‬أن أفضل ما نعد شهادة أن ل إله إل الله وأن محمدا ً‬
‫رسول الله‪.‬‬
‫إني قد كنت على أطباق ثلث‪:‬‬
‫لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا ً لرسول الله صلى الله وسلم مني‪ ،‬ول أحب أن‬
‫أكون قد استمكنت منه فقتلته‪ ،‬فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار‪.‬‬
‫فلما جعل الله السلم في قلبي‪ ،‬أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت‪:‬‬
‫أبسط يمينك فلبايعك‪ ،‬فبسط يمينه فقبضت يدي‪ .‬فقال‪" :‬مالك يا عمرو؟"‬
‫قلت‪ :‬أردت أن أشترط‪ .‬قال‪" :‬تشترط بماذا؟" قلت‪ :‬أن يغفر لي‪ .‬قال‪" :‬أما‬
‫علمت أن السلم يهدم ما كان قلبه وأن الهجرة تهدم ما كان قلبها‪ ،‬وأن‬
‫الحج يهدم ما كان قلبه؟" وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ول أجل في عيني منه‪ ،‬وما كنت أطيق أن أمل عيني منه إجلل ً‬
‫له‪ ،‬ولو سئلت أن أصفه ما أطقت‪ ،‬لني لم أكن أمل عيني منه‪ ،‬ولو مت على‬
‫تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة‪.‬‬
‫ثم ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها‪.‬‬
‫ل‪ -‬ثم أقيموا حول‬‫فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا ً –صبوه قليل ً قلي ً‬
‫قبري قدر ما تنحر جذور لحمها حتى أستأنس بكم‪ ،‬وأنظر ماذا أراجع رسل‬
‫ربي‪.‬‬
‫الهوامش‬
‫* مجلة حضارة السلم –السنة ‪– 9‬العدد ‪– 3‬جمادى ‪– 1388/‬آب‪1968/‬‬
‫* مجلة حضارة السلم السنة ‪– 6‬العدد ‪– 9‬ذو القعدة ‪1385‬هـ ‪/‬آذار ‪1966‬م‬
‫* مجلة حضارة السلم –السنة ‪– 9‬العدد ‪– 10‬ذو الحجة ‪1388‬هـ ‪/‬آذار‬
‫‪1969‬م‬
‫* مجلة حضارة السلم –السنة ‪– 7‬العدد ‪– 6‬شعبان ‪1386‬هـ ‪-‬تشرين الثاني‬
‫‪1966‬م‬
‫* مجلة حضارة السلم –السنة ‪– 7‬العدد ‪– 10‬ذو الحجة ‪– 1386/‬آذار ‪/‬‬
‫‪1967‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫كلمات و أفعال و معتقدات خاطئة‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫مقدمة‬
‫الحمد لله رب العالمين وأشهد أن ل إله إل الله أنزل الكتاب تبيانا لكل شيء‬
‫فما ترك خيرا يقرب إليه إل ودلنا عليه‪ .‬وما ترك شرا يباعد عنه إل حذرنا‬
‫منه‪ .‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبلغ عن ربه شريعته ووحيه‪ .‬فما‬
‫ُقبض حتى أتم البلغ وأقام الحجة على العالمين فتركنا على المحجة البيضاء‪،‬‬
‫ليلها كنهارها ل يزيغ عنها بعده ‪ r‬إل هالك ‪.‬‬
‫وبعد‪....‬‬
‫تبقى المة السلمية صالحة ما صلح رجالها ونساؤها‪ .‬والصلح ل يكون إل‬
‫بالثبات على دين الله الحق‪ ،‬الذي ارتضاه لعباده‪ .‬آي لبد من صلح في‬
‫القوال وصلح في الفعال وصلح في العتقادات وصلح في المعاملت‬
‫وصلح في كل نواحي الحياة‪ .‬وهذا ما سوف نوضح بعضه بما يسر الله لنا‬

‫‪101‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في هذا الموضوع الذي تم جمع مادته بفضل الله وتوفيقه من عدة مصادر‪.‬‬
‫من المؤسف أن نجد كثيرا من المثال الشعبية والقوال والفعال‬
‫والعتقادات والمعاملت والسماء تجترئ جرأة غريبة على شرع الله‬
‫وتتعارض مع كلم الله وسنة ورسوله ‪ r‬حتى أصبح كثير من الناس يعتقدون‬
‫في الخرافات والجهالت و يضربون المثال الضالة المضلة التي تتصادم مع‬
‫العقيدة الصحيحة‪ .‬ومثل هذا الذي يفعله الناس أو يعتقدونه أو تلوكه ألسنتهم‬
‫ه هَي ًّنا‬‫سُبون َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫بغير تدبر أو روية قد يؤدى إلى الخسران المبين قال تعالى ‪ }:‬وَت َ ْ‬
‫ظيم { ]لنور‪ [15:‬وبسبب هذه الخطاء و الخرافات‬ ‫عند َ الل ّهِ عَ ِ‬ ‫وَهُوَ ِ‬
‫والعتقادات الخاطئة أصبحنا أضعف أهل الرض وحل بنا البوار في ديننا و‬
‫دنيانا حتى ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدينا‪.‬‬
‫ضرب بها عرض‬ ‫هجرت و ُ‬ ‫بل إن كثيرا من الوامر القرآنية و السنة النبوية ُ‬
‫الحائط بل ومعظم ما نهى عنه رسول الله ‪ r‬انتهك حتى أصيب المسلمون‬
‫بما لم يصب به غيرهم من العداوة والبغضاء و القسوة والغلظة وسفك دماء‬
‫بعضهم لبعض وبغيهم على بعض وظلمهم لبعض‪ .‬كل هذا من جراء بعدهم‬
‫عن شرع الله بعد أن بلغت أمتنا قديما من الفخر والمجد و الرفعة والرتقاء‬
‫ما لم يسبق له نظير ول يشهد التاريخ بمثله‪ .‬ملكوا على ضعفهم وقلة عددهم‬
‫وعدتهم ممالك الرض ورفعوا راية التوحيد خفاقة فوق الرؤوس فملوا‬
‫الرض توحيدا ً وإيمانا ً وعلما ً وحكمة وعدل‪ ،‬ملوا الرض بالعلوم والصدقات‬
‫والصلوات والذكار والمر بالمعروف والنهى عن المنكر وعبادة الله الواحد‬
‫ن{‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬‫خَرةِ َوالل ّ ُ‬‫ب ال ِ‬ ‫ن ثَ َ‬
‫وا ِ‬ ‫س َ‬‫ح ْ‬ ‫ب الد ّن َْيا وَ ُ‬ ‫وا َ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه ثَ َ‬ ‫القهار }َفآَتاهُ ُ‬
‫]آل عمران‪.[148:‬‬
‫وأما الن فحال المة ل يخفي على ‪ [p‬أحد من الذل والهوان والخزي‪ .‬وذلك‬
‫نتيجة البعد عن شرع الله وسنة النبي ‪ .r‬وأيم الله إن هذا لعار مبين أن نصل‬
‫إلى ما نحن فيه وبين أيدينا وحي السماء من قرآن وسنة‪ .‬ولن ينصلح حالنا‬
‫حتى نغير ما بأنفسنا ونعود إلى كتاب ربنا وسنة نبينا ‪ .r‬قال تعالى‪}:‬ل َ ُ‬
‫ه‬
‫ظونه م َ‬
‫ما‬‫ه ل َ ي ُغَي ُّر َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫مرِ الل ّهِ إ ِ ّ‬‫نأ ْ‬‫ف ُ َ ُ ِ ْ‬ ‫ح َ‬
‫فهِ ي َ ْ‬ ‫خل ْ ِ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ن ي َد َي ْهِ وَ ِ‬ ‫من ب َي ْ ِ‬
‫ت ّ‬‫قَبا ٌ‬ ‫معَ ّ‬‫ُ‬
‫م { ] الرعد‪.[ 11:‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫سهِ ْ‬
‫ف ِ‬ ‫ما ب ِأن ْ ُ‬ ‫حّتى ي ُغَي ُّروا َ‬ ‫قوْم ٍ َ‬ ‫بِ َ‬
‫ً‬
‫ونظرا لن الكلمة أمانة وتبعاتها من أعظم وأجل التبعات‪ .‬ونظرا لعظم‬ ‫ً‬
‫د{ ] ق ‪18:‬‬ ‫ب عَِتي ٌ‬ ‫ل إ ِّل ل َد َي ْهِ َرِقي ٌ‬
‫من قَوْ ٍ‬ ‫ظ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ما ي َل ْ ِ‬‫مسئولية الكلمة قال تعالى‪َ }:‬‬
‫[ ولهذا لما سأل معاذ بن جبل رضى الله عنه رسول الله ‪ ":r‬وهل نحن‬
‫مؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله؟ أجاب النبي ‪ ": r‬ثكلتك أمك يا معاذ‬
‫وهل يكب الناس على وجوههم في النار إل حصائد ألسنتهم "‪ .‬ولما سأله أحد‬
‫صحابته رضوان الله عنهم‪ :‬يا رسول الله ما أخوف ما تخاف على؟ أخذ‬
‫رسول الله ‪ r‬بلسان نفسه ثم قال‪:‬هذا‪.‬‬
‫ولذا قال رسول الله ‪ ": r‬إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما‬
‫كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه‪ ،‬وإن‬
‫الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت‪ ،‬يكتب‬
‫الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه "‪.‬‬
‫فيجب أن يكون كلمنا وأفعالنا واعتقاداتنا ومعاملتنا وأسماؤنا موافقة لشرع‬
‫الله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫كتبه‬
‫د‪/‬طلعت زهران‬
‫‪ 11‬ربيع الخر ‪1416‬‬
‫‪ 7‬سبتمبر ‪1995‬‬

‫‪102‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫***************‬
‫أول‪:‬القوال و المثال الخاطئة‬
‫‪ ] -1‬يدي الحلق للي بل ودان [‬
‫قول قبيح فيه إساءة أدب مع الله‪ ،‬واتهام له سبحانه بأنه يسئ التصرف في‬
‫كونه وخلقه‪ ،‬فيعطى من ل يستحق ويمنع عمن يستحق‪ ،‬وبأن البشر أعلم‬
‫من الله بمواقع الفضل‪ .‬بل لبد من اليقين بأن الله أعلم بمواقع فضله ومّنه‪،‬‬
‫يرزق من يشاء‪ .‬كما أنه سبحانه يعطى الدنيا لمن يحب ولمن ل يحب و يرزق‬
‫الكافر والمؤمن‪.‬‬
‫قد ٍَر{ )‪ (49‬سورة القمر‬
‫قَناه ُ ب ِ َ‬ ‫َ‬
‫خل ْ‬ ‫يٍء َ‬
‫ش ْ‬ ‫}إ ِّنا ك ُ ّ‬
‫ل َ‬
‫} نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض‬
‫درجات{ ]الزخرف‪[ 32:‬‬
‫} قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له { ]سبأ‪[ 39:‬‬
‫‪ - 2‬رزق الهبل على المجانين‬

‫)‪(1 /‬‬

‫قول شيطانى‪ ،‬فالرزاق هو الله وحده‪ ،‬وليس أحد يملك لنفسه ول لغيره رزقا‬
‫ول نفعا ول موتا ول حياة ول نشورا؛ قال الله عز وجل‪ ":‬إن الله هو الرزاق‬
‫ذو القوة المتين " ] الذرايات ‪[58‬‬
‫وقال‪ } :‬الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر { ] الرعد ‪[26‬‬
‫فالرزق بيد الله سبحانه وتعالى وقد كتبه وقدره قبل أن يخلق السماوات‬
‫والرض بخمسين ألف سنة‪ ،‬وقال )‪ ":(e‬لو أنكم توكلون على الله حق توكله‬
‫لرزقكم الله كما يزرق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا "‪ .‬رواه أحمد‬
‫قال الله عز وجل‪ }:‬وما من دابة في الرض إل على الله رزقها ويعلم‬
‫مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين { ] هود‪[ 6.:‬‬
‫} قل من يرزقكم من السماوات والرض قل الله { ] سبأ‪[ 24:‬‬
‫‪ -3‬ل بيرحم ول بيخلي رحمة ربنا تنزل‪:‬‬
‫كلمة خبيثة؛ فالله تعالى ل يؤوده شيء ول ينازعه في سلطانه منازع‪ ،‬ول‬
‫يملك أحد أن يمنع شيئا من أمر الله ورحمته قال عز وجل‪ }:‬ما يفتح الله‬
‫للناس من رحمة فل ممسك لها وما يمسك فل مرسل له من بعده وهو‬
‫العزيز الحكيم { ] فاطر‪[ 2:‬‬
‫وقال تعالى ‪ }:‬قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل‬
‫هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته { ] الزمر‪:‬‬
‫‪ [ 38‬فآي مخلوق هذا الذي يستطيع أن يمنع رحمة ربنا من أن تنزل على‬
‫عباده‪.‬‬
‫‪ُ -4‬‬
‫كتر السلم يقل المعرفة ‪:‬‬
‫هذا قول خاطئ ل يجب أن يتفوه به مسلم‪ ،‬فالشارع الحكيم حض على‬
‫إفشاء السلم؛ لنه مفتاح الحب والمودة في الله فقال عز وجل‪ }:‬فإذا‬
‫دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله { ] النور‪[ 61:‬‬
‫وقال ‪ }.:e‬والذي نفسي بيده ل تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا‪ ،‬ول تؤمنوا حتى‬
‫تحابوا‪ ،‬أل أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلم بينكم {‬
‫] صحيح مسلم – ‪.[7081‬‬
‫وقال ‪ ": e‬إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه‪ ،‬فإن حالت بينهما شجرة أو‬
‫حائط أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه " ] صحيح –الجامع ‪] [789‬والسلسلة‬

‫‪103‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الصحيحة ‪.[186‬‬
‫وقال ‪ ]:e‬إذا لقي الرجل أخاه المسلم فليقل‪:‬السلم عليكم ورحمة الله {‬
‫]صحيح – صحيح الجامع ‪.[ 375‬‬
‫وقال ‪ }:e‬السلم قبل السؤال‪ ،‬فمن بدأكم بالسؤال قبل السلم فل تجيبوه {‬
‫] حسن – ابن النجار ‪.[ 3699‬‬
‫وقال ‪ }:e‬من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد ول يصلي فيه‬
‫ركعتين‪ ،‬وأن ل يسلم الرجل إل على من يعرف { ] صحيح –الطبراني‬
‫‪.[5896‬‬
‫‪ -5‬ما ينوب المخلص إل تقطيع هدومه ‪:‬‬
‫مثل خبيث يدعو إلى ترك النهى عن المنكر‪ ،‬ويمنع إصلح ذات البيت بين‬
‫الناس‪ .‬فلشك أن تشاجر الناس واشتباكهم منكر ينبغي السراع بتغييره‪ .‬قال‬
‫تعالى‪ }:‬فأصلحوا بين أخويكم { ]الحجرات ‪.[10‬‬
‫وقال رسول الله ‪}:e‬من رأي منكم منكرا فليغيره بيده‪ ،‬فإن لم يستطيع‬
‫فبلسانه‪ ،‬فإن لم يستطع فبقلبه { ]صحيح مسلم‪ ،‬وأبى داود‪ ،‬وصحيح الجامع‬
‫‪.[ 6250‬‬
‫وقال ‪ }.:e‬أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة؟ قالوا‪:‬بلى يا رسول‬
‫الله‪ .‬قال‪:‬إصلح ذات البين‪ ،‬فإن فساد ذات البين هي الحالقة { ] حسن أبو‬
‫داود[‪.‬‬
‫‪ -6‬اللي يحتاجه البيت يحرم على الجامع ‪:‬‬
‫هذا ليس صحيحا على الطلق‪ ،‬وهو قول يراد به البخل تماما بأي شيء فيه‬
‫مصلحة عامة للمسلمين‪ ،‬والمسجد هو أعظم مصلحة عامة للمسلمين‪ .‬وما‬
‫كان السلف الصالح يبخلون بشيء قط لله ورسوله‪ ،‬فهذا أبو بكر الصديق‬
‫رضى الله عنه أتى بكل ما عنده ووضعه في حجر رسول الله ‪ e‬فلما سأله ‪:e‬‬
‫} ماذا تركت لهلك؟ { فقال‪ }:‬تركت لهم الله ورسوله {‪.‬‬
‫ولكنه قد يكون صحيحا في الحاجات الضرورية ففرض النفقة على الهل‬
‫والعيال فرض عين وما يحتاجه المسجد فرض كفاية‪ .‬وفرض العين مقدم‪،‬‬
‫وقد قال النبي ‪ }:e‬كفي بالمرء إثما أن يضيع من يقوت { فمن كان يجد‬
‫كسبا من تجارة أو عمل أو صناعة أو نحوها فل حرج عليه أن يتصدق بماله‬
‫كله كما فعل أبو بكر الصديق رضى الله عنه‪.‬‬
‫واحتياجات البيت ل تنتهي أبدا‪ ،‬قال الله عز وجل مادحا المحسنين‪:‬‬
‫} ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا { ]النسان ‪.[8:‬‬
‫}ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك‬
‫هم المفلحون{ }الحشر‪.[9:‬‬
‫‪ -7‬القارب عقارب ‪:‬‬
‫هذا مثل أحمق مضل يحض على قطيعة الرحم التي أمر الله أن توصل‪،‬‬
‫ويصطدم مع مبادئ السلم حيث يقول الله تعالى‪ }:‬واعبدوا الله ول تشركوا‬
‫به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى{ ]النساء ‪.[36:‬‬
‫وقال عز وجل‪ }:‬واتقوا الله الذي تساءلون به والرحام إن الله كان عليكم‬
‫رقيبا { ] النساء‪[1:‬‬
‫وقال عز وجل‪ }:‬فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الرض وتقطعوا‬
‫أرحامكم‪ .‬أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم { ] محمد‪-22:‬‬
‫‪.[23‬‬
‫وقال رسول الله ‪ }:e‬من سره أن يعظم الله رزقه‪ ،‬وان يمد في أجله‬
‫فليصل رحمه { ] صحيح رواه أحمد ‪.[6291‬‬

‫‪104‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقال ‪ }:e‬صلة القرابة مثراة في المال‪ ،‬محبة في الهل‪ ،‬منسأة في الجل {‬


‫]صحيح الطبرانى ‪.[ 3768‬‬
‫وقال ‪}: e‬صلة الرحم‪ ،‬وحسن الخلق‪ ،‬وحسن الجوار‪ ،‬يعمرن الديار‪ ،‬ويزدن‬
‫في العمال { ]رواه أحمد ‪.[3767‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وقال ‪}:e‬إياكم وسوء ذات البين‪ ،‬إنها الحالقة { ]صحيح أحمد ‪.[4314‬‬
‫وليس هذا فحسب‪ ،‬بل إن من يصل من وصله من ذوى قرباه‪ ،‬ويقطع من‬
‫قطعه منهم فليس بواصل‪ ،‬قال ‪ }:e‬ليس الواصل بالمكافئ‪ ،‬ولكن الواصل‬
‫الذي إذا قطعت رحمه وصلها { فالمشروع أن نصل أقاربنا وإن قطعونا‬
‫وآذونا‪.‬‬
‫‪ -8‬الرزق يحب الفهلوة أو الخفية ‪:‬‬
‫اعلم – وفقنا الله وإياك – أن من أعظم السباب التي تفتح أبواب الرزق‬
‫تقوى الله وحسن التوكل عليه‪ ،‬قال تعالى‪ }:‬ومن يتق الله يجعل له مخرجا‪.‬‬
‫ويرزقه من حيث ل يحتسب { ]الطلق ‪.[3-2‬‬
‫أي ومن يتق الله فيما أمر به‪ ،‬ويترك ما نهى عنه‪ ،‬يجعل له من كل ضيق‬
‫مخرجا وفرجا‪ ،‬روى ابن كثير في تفسيره لهذه الية } ومن يتق الله يجعل له‬
‫مخرجا { أن رجل من أصحاب النبي ‪ e‬كان له ابن أسره المشركون‪ ،‬وكان‬
‫أبوه يأتي رسول الله فيشكو إليه‪ ،‬فكان رسول الله ‪ e‬يأمره بالصبر‪ ،‬فلم‬
‫يلبث إل يسيرا أن انفك ابنه من أيدي العدو فمر بغنم من أغنام العدو‬
‫فاستاقها إلى أبيه‪ .‬فنزلت تلك الية‪.‬‬
‫وقال تعالى حاكيا عن هود عليه السلم‪ }:‬ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا‬
‫إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ول تتولوا‬
‫مجرمين { ] هود‪[ 52:‬‬
‫وقال تعالى‪ }:‬ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من‬
‫السماء والرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون { ] العراف ‪.[ 96:‬‬
‫أما المعاصي والبطر ونسيان أوامر الله فإنها تؤدى إلى المحق والبوار‪.‬‬
‫قال تعالى‪ }:‬وضرب الله مثل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من‬
‫كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا‬
‫يصنعون { ] النحل ‪.[112:‬‬
‫}فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما‬
‫أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون { ] النعام‪ [44:‬أي آيسون محزونون‪.‬‬
‫وقد سلب الله ملك أهل الطغيان والكفر وأخبر عنهم بقوله‪ }:‬كم تركوا من‬
‫جنات وعيون ‪ .‬وزروع ومقام كريم ‪ .‬ونعمة كانوا فيها فاكهين { ]الدخان ‪-25‬‬
‫‪.[27‬‬
‫} وإذ تأذن ربكم لئن شكرتكم لزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد{‬
‫]إبراهيم‪[7:‬‬
‫} من عمل صالحا من ذكر أو أثنى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم‬
‫أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون{ ] النحل‪.[ 97:‬‬
‫ومن أسباب ضنك العيش وضيق الرزق العراض عن شرع الله‪ .‬قال تعالى ‪:‬‬
‫} ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى‪.‬‬
‫قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرأ { ]طه ‪.[124:126‬‬
‫} وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير{ ]الشورى ‪30:‬‬

‫‪105‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫[‬
‫وقال ‪ }:e‬إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه {‪.‬‬
‫وقال على والعباس رضى الله عنهما‪ }:‬ما نزل بلء إل بذنب وما رفع إل بتوبة‬
‫{‪.‬‬
‫فإن كان المقصود من )الفهلوة( هو خداع الناس ومداهنتهم أو غشهم كما‬
‫يستدل بهذا المثل كثيرا في مثل ذلك فهذا مما يستجلب سخط الرب‬
‫وعقابه‪ .‬ومن العقاب الحرمان من الرزق‪.‬‬
‫وإن كان المقصود )بالخفية( الجتهاد في السباب فلينظر هل هي أسباب‬
‫مباحة شرعا فالخذ بها مشروع‪ ،‬وإن كانت محّرمة فل يجوز الخذ بها ول‬
‫ينبغي أن يكون النسان في حياته كلها جيفة بالليل حمارا بالنهار‪ ،‬حتى في‬
‫السباب المباحة من أجل )الخفية( المطلوبة‪ .‬وإن كان في المثل أمر آخر‬
‫وهو أن الرزق )يحب( والرزق إنما يأتي من الله سبحانه‪ ،‬ول قدره للرزق ول‬
‫إرادة ول محبة‪ .‬وهذا اللفظ قد يشعرنا بأن الشياء تأتى بطبائعها‪ ،‬ل بقدر‬
‫الله؛ فلُيحترز من ذلك‪.‬‬
‫‪ -9‬اللهم قني شر أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهم ‪:‬‬
‫عبارة خبيثة من جهتين‪:‬‬
‫أول‪ :‬تدعو إلى الشك في الصدقاء وسوء الظن بهم‪ ،‬وقد نهانا الشارع‬
‫الحكيم عن سوء الظن } يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض‬
‫الظن من الظن إن بعض الظن إثم { ]الحجرات ‪.[ 12‬‬
‫خوة في الله من أعظم مظاهر الدين‪ ،‬بل هي تضمن‬ ‫ومن المعلوم أن ال ّ‬
‫للعبد أن يكون مع أخيه في ظل الله يوم ل ظل إل ظله‪ .‬قال رسول الله ‪:e‬‬
‫}‪ ..‬ورجلن تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه‪] { ..‬الحديث‪ ،‬متفق‬
‫عليه[‪.‬‬
‫والجهة الثانية‪:‬أنها توهم النسان بأنه يمكنه أن يستغني عن عون الله ونصرته‬
‫في مواجهة أعدائه‪ ،‬وهذا مجال‪.‬‬
‫قال تعالى‪ }:‬إن ينصركم الله فل غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي‬
‫ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون { ] آل عمران ‪.[160‬‬
‫} وكان حقا علينا نصر المؤمنين { ] الروم‪.[ 47:‬‬
‫} بل الله مولكم وهو خير الناصرين { ] آل عمران ‪[ 150:‬‬
‫وهذا رسول الله ‪ e‬يلح على ربه في الدعاء والتضرع أن ينصره ببدر حتى‬
‫أشفق عليه الصديق رضى الله عنه؛ وقال له‪:‬أكثرت على ربك‪.‬‬
‫والمسلمون حين ظنوا بأنفسهم الكثرة والقوة على النصر ُ‬
‫غلبوا وعاتبهم‬
‫الله؛ فقال تعالى‪ }:‬لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم‬
‫كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الرض بما رحبت ثم وليتم‬
‫مدبرين { ]التوبة ‪.[ 25:‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫فل قوة إل بالله ول نصر إل به‪ .‬فأحسن التوكل على مولك‪ ،‬وسلم أمرك كله‬
‫له تكن من الفائزين بإذنه ومّنه سبحانه‪ ،‬فاللهم قنا شر كل ذي شر أنت آخذ‬
‫بناصيته‪ .‬ونعوذ بالله من شر ما خلق‪.‬‬
‫‪ -11‬أبكى على الزمان اللي عمل القصير شمعدان ‪:‬‬
‫هذا سوء أدب واعتراض على قدر الله ووصفه بالظلم والقدر والزمان خلق‬
‫الله‪ ،‬قال عز وجل‪ }.:‬وربك يخلق ما يشاء ويختار { ]القصص ‪.[ 68:‬‬

‫‪106‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقال عز وجل‪ }:‬وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك‬
‫يسبحون{ ]النبياء‪.[33:‬‬
‫وقال‪ }:‬ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ل تسجدوا الشمس ول‬
‫للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون { ]فصلت‪.[37:‬‬
‫والله عز وجل يرزق من يشاء‪ ،‬وهو أعلم بمواقع فضله‪ ،‬وهو القائل‪ }:‬إن‬
‫ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا { ] السراء ‪:‬‬
‫‪.[30‬‬
‫والواجب على العبد المؤمن أن يرضى بقضاء الله على سبيل الذعان‬
‫والتسليم منشرح الصدر راضيا‪ ،‬قال تعالى‪ }:‬وما كان لؤمن ول مؤمنة إذا‬
‫قضى لله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم { ]الحزاب‪.[ 36:‬‬
‫} فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل يجدوا في أنفسهم‬
‫حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما { ] النساء‪.[ 65:‬‬
‫‪ -11‬إذا دخلت بلد تعبد العجل فحش له‪ ،‬وإن كان لك عند الكلب حاجة قل له‬
‫يا سيدى‪ ،‬واتمسكن حتى تتمكن‪.‬‬
‫أقوال غريبة وفاسدة تدل على النتهازية وسوء الخلق‪ .‬والمسلم ل يسير‬
‫حياته بالحرام ول بالتسلق والوصولية‪ ،‬ول بإذلل النفس لغير الله تعالى‪ ،‬ول‬
‫يبيع دينه بدنياه‪ ،‬كيف إذ دخل المؤمن بلدا تعبد غير الله‪ ،‬كيف يشاركهم؟ لقد‬
‫ضل إذا وما هو من المهتدين‪ ،‬هل يجدهم يعبدون عجل ) يحش له ( أي يضع‬
‫له طعاما وتقديسا وعبادة فما الكفر إن لم يكن هذا هو؟‬
‫قال تعالى‪ }:‬قل يا أيها الكافرون ل أعبد ما تعبدون { ]الكافرون ‪ [2-1‬بل‬
‫الواجب على المؤمن أن يقوم داعيا لله مبينا سوء ما يفعلون‪.‬‬
‫قد يكون المقصود من الحديث هو مسايرة أهل الباطل على باطلهم دون‬
‫عقد القلب‪ ،‬ولكن هذا أمر يقضى على الدين اسما ورسما‪ ،‬أقول‪:‬يجب المر‬
‫بالمعروف والنهى عن المنكر وإن لقي في سبيل ذلك ما لقي‪ .‬ثم يقول بعد‬
‫إقامة الحجة‪:‬‬
‫} لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون {‬
‫]يونس ‪.[41:‬‬
‫} إن أريد إل الصلح ما استطعت وما توفيقي إل بالله عليه توكلت وإليه‬
‫أنيب{ ]هود‪.[88:‬‬
‫ول يجب للمؤمن أن يذل نفسه لحد إل الله‪ ،‬ول تصيبه مسكنة ول ذلة إل له‬
‫سبحانه‪ ،‬فقد قال ‪ }:e‬أل ل يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه‬
‫أو شهده فإنه ل يقرب من أجل ول يباعد من رزق أن يقول بحق أو أن يذكر‬
‫بعظيم { ]حسن – رواه أحمد [‪.‬‬
‫وقال‪ ":‬ل يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمرا لله فيه مقال فل يقول فيه‪.‬‬
‫فيقال له يوم القيامة‪ :‬ما منعك أن تكون قلت في كذا وكذا؟ فيقول مخافة‬
‫الناس‪ ،‬فيقول‪":‬إياي أحق أن تخاف "‪.‬‬
‫وقال‪ }:‬إن الله ليسأل العبد يوم القيامة حتى إنه ليسأل يقول له أي عبدي‬
‫أرأيت منكرا فلم تنكره؟ فإذا لقن الله عبدا حجته قال‪:‬أي رب وثقت بك‬
‫وخفت الناس { ] حسن‪-‬أحمد وابن ماجة[‪.‬‬
‫وفي الصحيح " ما ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه "‪.‬‬
‫وقال‪ }:‬ول تشرك بالله شيئا‪ ،‬وإن قطعت وحرقت { ] صحيح الجامع ‪7339‬ا‬
‫والرواء ‪[2026‬‬
‫وقد نهانا رسول الله ‪ e‬أن نكرم المنافقين بحال‪ ،‬فقال } ل تقولوا للمنافقين‬
‫سيدنا‪ ،‬فإنه إن يكن سيدكم‪ ،‬فقد أسخطتم ربكم { ] السلسلة الصحيحة‬

‫‪107‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪.[370‬‬
‫وقال " ل يكن أحدكم إمعة "‪.‬‬
‫‪ -12‬زرع شيطاني أو طالع شيطاني ‪:‬‬
‫هذا قول خاطئ‪ ،‬فإن الشيطان‪ ،‬عليه لعنة الله‪ ،‬ل زرع له ول خلق‪ ،‬قال عز‬
‫وجل‪}:‬أفرايتم ما تحرثون‪ ،‬أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون { ]الواقعة ‪-63‬‬
‫‪.[ 64‬‬
‫وقال عز وجل‪ }:‬ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في‬
‫الرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه { ]الزمر‪.[21:‬‬
‫والصواب أن نقول زرع رباني أو بنت رباني‪.‬‬
‫‪ -13‬أنا " أعوذ بالله من قول أنا ‪:‬‬
‫كلمة أنا ضمير من الضمائر ل شيء في قولها وتداولها في الكلم؛ قال ‪} e‬أنا‬
‫سيد ولد آدم يوم القيامة { ]صحيح مسلم [‪.‬‬
‫وقال‪} :‬أنا فرطكم على الحوض { ]متفق عليه [‪.‬‬
‫وقال } أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب‪ ..‬فأنا خيركم بيتا وأنا خيركم‬
‫نفسا { ] صحيح الترمذي‪ ،‬المشكاه ‪.[5757‬‬
‫وقال }أنا وارث من ل وارث له { ] صحيح أبو داود [‪.‬‬
‫وقال } أنا وكافل اليتم في الجنة هكذا { ] السلسة الصحيحة ‪.[800‬‬
‫وغير ذلك كثير من كلمه ‪.e‬‬
‫وقال أبو بكر رضى الله عنه هذه الكلمة مرارا ردا على رسول الله ‪ e‬ولم‬
‫ينكر عليه‪ ،‬فقد روى مسلم عن أبى هريرة قال‪ :‬قال رسول الله ‪:e‬‬
‫" من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر‪:‬أنا‪ .‬قال‪:‬فمن تبع منكم اليوم‬
‫جنازة؟ قال أبو بكر‪:‬أنا قال‪:‬فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر‪:‬أنا‬
‫قال‪ :‬فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر‪:‬أنا‪ .‬فقال رسول الله ‪ :e‬ما‬
‫اجتمعن في امرئ إل دخل الجنة " ]صحيح [‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ول تكره كلمة أنا مفردة إل في حالة الستئذان فإنه ينبغي للمستأذن أن‬
‫يفصح باسمه وكنيته إن كان مشهورا بها؛ فقد صح عن جابر رضى الله عنه‬
‫أنه قال‪ }:‬أتيت النبي ‪ e‬في دين كان على أبى‪ ،‬فدفقت الباب فقال من ذا؟‬
‫فقلت‪:‬أنا‪ ،‬فقال‪:‬أنا أنا‪:‬كأنه كرهها { متفق عليه‪ .‬وكذلك إذا كانت على سبيل‬
‫مدح النفس والعجاب بها والفخر والخيلء‪ ،‬إنما ما كان على سبيل الخبار فل‬
‫حرج منه ول يشرع التعوذ بالله منها‪.‬‬
‫‪ -14‬اللي يعتقد في حجر ينفعه ‪:‬‬
‫هذا قول شركي وعبارة آثمة فإن الحجر ل ينفع ول يضر‪ ،‬ول شيء ينفع‬
‫ويضر إل بإذن الله‪ ،‬والله وحده هو النافع الضار‪ ،‬قال تعالى‪ }:‬وإن يمسسك‬
‫الله بضر فل كاشف له إل هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير{‬
‫]النعام ‪.[17:‬‬
‫وقد وقف عمر بن الخطاب رضى الله عنه أمام أشرف حجر في هذا العالم‪،‬‬
‫وهو الحجر السود في الكعبة المكرمة وقال له‪:‬إني أعلم أنك حجر ل تضر‬
‫ول تنفع‪ ،‬ولول أنى رأيت النبي ‪ e‬يقبلك ما قبلتك‪.‬‬
‫‪ -15‬إحنا بنقرأ في سورة عبس‪.‬‬
‫وهى عبارة تبين أننا عندما نقرأ هذه السورة وأمثالها فكأنما نقرأ طلسم ل‬
‫يفهمها الناس‪ ،‬مع أنها سورة طيبة واضحة المعاني لكل من سمعها‪ ،‬لكل من‬

‫‪108‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد‪ ،‬بل إن القرآن كله واضح ميسر للذكر‪.‬‬
‫} ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر { ] القمر ‪.[ 17:‬‬
‫} إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون { ]يوسف ‪.[ 2:‬‬
‫} كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون{ ]فصلت ‪[3:‬‬
‫والعبارة المذكورة بها نوع من الستهزاء واستخفاف بآيات الله وهذا هو فعل‬
‫المنافقين الذي يسمهم بالكفر‪.‬‬
‫}قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون‪ ،‬ل تعتذروا قد كفرتم بعد‬
‫إيمانكم { ]التوبة‪.[66-65:‬‬
‫‪ -16‬البقية في حياتك ‪:‬‬
‫ما هذه البقية؟ ل حول ول قوة إل بالله‪ ،‬هل يموت إنسان قبل انقضاء عمره‪،‬‬
‫بحيث تكون البقية يرثها أحد أوليائه‪ ،‬سبحان الله هذا بهتان عظيم‪ .‬لن يموت‬
‫إنسان قبل أن يستكمل آخر لحظة في عمره‪.‬‬
‫قال تعالى‪ } :‬فإذا جاء أجلهم ل يستئخرون ساعة ول يستقدمون {‬
‫] العراف ‪.[34:‬‬
‫وقال ‪:e‬إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل‬
‫أجلها وتستوعب رزقها‪ ،‬فاتقوا الله وأجملوا في الطلب‪] .‬صحيح الجامع‬
‫‪.[ 2085‬‬
‫‪ -17‬اسم النبي حارسه وصاينه ‪:‬‬
‫هي عبارة يقولها عوام الناس‪ ،‬وخاصة النساء‪ ،‬ومعناها اسم النبي ‪ e‬يحرس‬
‫الطفل ويصونه‪ ،‬وهذا باطل‪ ،‬بل شك‪ ،‬وتأليه للنبي ‪ e‬ووضعه في مقام غير‬
‫مقامه‪ .‬فهذا القول جمع بين الشرك بالله وبين الساءة إلى رسول ‪: e‬فمن‬
‫ناحية ل يملك الحفظ والصيانة ودفع الضرر وجلبه إل الله وحده‪ ،‬ومن ناحية‬
‫أخرى فإن رسول الله ‪ e‬ل يملك لحد ضرا ول نفعا‪ ،‬وقد أمره الله عز وجل‬
‫أن يقول كذلك‪.‬‬
‫} قل إني ل أملك لكم ضرا ول رشدا { ]الجن‪.[ 21:‬‬
‫} قل ل أملك لنفسي ضرا ول نفعا إل ما شاء الله { ] يونس‪.[49:‬‬
‫روى الطبراني بإسناده‪.:‬أنه كان في زمن النبي ‪ e‬منافق يؤذى المؤمنين‪،‬‬
‫فقال بعضهم‪ :‬قوموا بنا نستغيث برسول الله ‪ e‬من هذا المنافق‪ ،‬فقال النبي‬
‫‪:e‬إنه ل يستغاث بي‪ ،‬وإنما يستغاث بالله ]ضعيف[‪.‬‬
‫و إذا كان هذا في حياة النبي ‪ e‬فهل يجوز أن يستغاث به بعد وفاته وينسب‬
‫إليه ما ل يقدر عليه إل الله جل جلله؟‬
‫وهو الغلو الذي جر إلى الشرك والكفر برسول الله ‪ e‬مثلما كفرت النصارى‬
‫بعيسى بن مريم عليه السلم‪ .‬وقد نهى ربنا عن ذلك‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫} يا أهل الكتاب ل تغلوا في دينكم ول تقولوا على الله إل الحق { ] النساء‪:‬‬
‫‪.[ 171‬‬
‫ونهانا عن ذلك رسوله ‪ e‬فيما ثبت في الصحيحين‪:‬‬
‫" ل تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فأنا عبد الله ورسوله "‪.‬‬
‫وتعظيم النبي ‪ e‬ل يكون إل باتباع سنته وهديه والتخلص مما يلصقه الجاهلون‬
‫به من خرافات‬
‫‪ -18‬امسك الخشب‪ ،‬خمسة في عينك‪ ،،‬خمسة وخميسة ‪:‬‬
‫امسك الخشب‪ ،‬ومثل هذه القوال‪ ،‬لن تدفع حسدا ولن تغير من قدر الله‬
‫شيئا‪ ،‬بل هو من الشرك‪ ،‬ول بأس من التحرز من العين والخوف مما قد‬
‫تسببه من الذى‪ ،‬فإن العين حق ولها تأثير‪ ،‬ولكن ل تأثير لها إل بإذن الله‪،‬‬
‫قال عز وجل‪}:‬وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم{]القلم‪.[51:‬‬

‫‪109‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وفي صحيح مسلم أن النبي ‪ e‬قال‪ }:‬العين حق‪ ،‬ولو كان شيء سابق القدر‬
‫سبقت العين وإذا اسُتغسلتم فاغسلوا {‪.‬‬
‫والتحرز من العين ل يكون إل بالرقى الشرعية‪ ،‬قال البخاري رحمه الله‪ :‬باب‬
‫رقية العين وذكر فيه حادثة عائشة رضى الله عنها قالت‪ }:‬أمرني رسول الله‬
‫‪ e‬أو أمر أن ُيسترقى من العين{‪.‬‬
‫وكانت رقية النبي ‪ e‬كما روى البخاري عن أنس هي‪ }:‬اللهم رب الناس‪،‬‬
‫مذهب الباس‪ ،‬اشف أنت الشافي‪ ،‬ل شافي إل أنت‪ ،‬شفاء ل يغادر سقما {‪.‬‬
‫وكان النبي ‪ e‬يعوذ الحسن والحسين يقول‪ }:‬أعيذكما بكلمات الله التامات‬
‫من كل شيطان وهامة ومن كل عين لمة {‪.‬‬
‫والذي يجب عند الخوف من العين قوله تعالى‪ }:‬ما شاء الله ل قوة إل‬
‫بالله { ]الكهف‪.[39:‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫فإن كان يعتقد أن الخشب بذاته أو الخمسة وخميسة تدفع الضر من دون‬
‫الله أو مع الله فهو شرك أكبر وإن كان يعتقد أنها سبب والله هو النافع الضار‬
‫فهذا كذب على الشرع والقدر‪ ،‬وهو ذريعة للشرك فهو شرك أصغر‪.‬‬
‫‪ – 19‬ساعة لربك وساعة لقلبك ‪:‬‬
‫هو قول شيطاني‪ ،‬لن الساعات وأوقات الزمان كلها لله رب العالمين فهو‬
‫خالق الزمان والمكان‪ ،‬ومن المعلوم أن من يقول هذا يقصد أن الزمن الذي‬
‫نعيشه ينبغي أن نقسمه بين الطاعات وبين اللهو والمجون‪ ،‬وهذا خطأ ول‬
‫شك؛ لن النسان سوف يسأل عن وقته‪:‬أي عمره قال رسول الله ‪ }:e‬ل‬
‫تزول قدما عبد حتى ُيسأل عن أربع‪:‬عن عمره فيم أفناه‪ ،‬وعن علمه ما فعل‬
‫فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه‪ ،‬وعن جسمه فيم أبله { ] صحيح‬
‫الترمذي [‪.‬‬
‫والعبد ينبغي أن يعيش طائعا لله دائما حتى في لهوه‪ ،‬لبد أن يكون لهوا‬
‫مباحا كمداعبة الزوجة والولد‪ ،‬روى مسلم في صحيحه عن حنظلة السدي‪.:‬‬
‫} لقيني أبو بكر رضى الله عنه فقال‪ :‬كيف أنت يا حنطلة؟ قال قلت‪ :‬نافق‬
‫حنطلة‪ .‬قال سبحان الله‪ .‬ما تقول؟ قال قلت‪:‬نكون عند رسول الله ‪ e‬يذكرنا‬
‫بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين‪ ،‬فإذا خرجنا من عند رسول الله ‪ e‬عافسنا‬
‫الزواج والولد الصغار‪ ،‬فنسينا كثيرًا‪ .‬قال أبو بكر رضى الله عنه‪ ،‬فوالله إنا‬
‫لنلقى مثل هذا فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم قلت‪:‬نافق حنظلة يا رسول الله‪ .‬فقال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪:‬وما ذاك؟ قلت يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا‬
‫رأي عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الزواج والولد والضيعات‪ ،‬نسينا‬
‫كثيرا‪ .‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده أن لو‬
‫تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملئكة على فرشكم‬
‫وفي طرقكم‪ ،‬لكن يا حنظلة ساعة وساعة‪.‬‬
‫فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ملعبة الزواج والولد‪ ،‬بل صرح‪ ،‬صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬بما يجوز للنسان فعله في غير ذكر الله فقال‪" :‬كل شيء‬
‫ليس من ذكر الله لهو ولعب‪ ،‬إل أن يكون أربعة‪ :‬ملعبة الرجل امرأته‪،‬‬
‫وتأديب الرجل فرسه‪ ،‬ومشى رجل بين الغرضين‪ ،‬وتعليم الرجل السباحة"‪.‬‬
‫]صحيح – النسائى‪ ،‬السلسة الصحيحة ‪[315‬‬
‫ولبد للعبد أن يعلم أن كل شيء لله‪ ،‬وأن يذكر نفسه ويعود قلبه ولسانه‬

‫‪110‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫على "قل إن صلتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين" ]النعام‪:‬‬


‫‪[162‬‬
‫‪ – 20‬الباب المردود يرد القضا المستعجل ‪:‬‬
‫قول خاطئ‪ ،‬فإن أمر الله نافذ وقضاؤه ل يرد‪ ،‬ول يمنع حذر من قدر‪ ،‬ولن‬
‫ينفع عندئذ إغلق الباب أو رده‪ ،‬فإن الله يقول‪" :‬وإذا أراد الله يقوم سوءا فل‬
‫مرد له وما لهم من دونه من وال" ]الرعد‪[11:‬‬
‫والواجب على العبد أن يتوكل على الله ويأخذ بالسباب الشرعية‪ ،‬وقد قال‬
‫صلى الله عليه وسلم "اعقلها وتوكل" ]حسن الترمذى‪ ،‬صحيح الجامع ‪[68‬‬
‫‪" – 21‬أنا اصطبحت بوش مين " "وشه يقطع الخميرة من البيت"‬
‫هذا تشاؤم‪ ،‬والتشاؤم يسمى الطيرة وهو شرك قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪" :‬الطيرة شرك" ثلثا ]صحيح – رواه أبو داود[‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم‪":‬ل طيرة‪ ،‬وخيرها الفأل‪ ،‬قالوا وما الفأل‪،‬‬
‫قال‪:‬الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم" ]البخاري[‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم ‪":‬ل عدوى ول طيرة‪ ،‬ويعجبني الفأل الصالح‬
‫الكلمة الحسنة" ]رواه مسلم[‬
‫وقال‪ ...":‬فإذا رأي أحدكم ما يكره فليقل اللهم ل يأتي بالحسنات إل أنت ول‬
‫يدفع السيئات إل أنت ول حول ول قوة إل بك " ]صحيح – رواه البخاري[‬
‫قال الشيخ حافظ حكمي ]في معارج القبول[‬
‫"وأما الطيرة فهي ترك النسان حاجته‪ ،‬واعتقاده عدم نجاحها " تشاؤما‬
‫بسماع بعض الكلمات القبيحة‪ ،‬وكذا التشاؤم ببعض الطيور كالبومة وما‬
‫شاكلها إذا صاحت‪ ،‬وكذا التشاؤم بملقاة العور أو العرج أو المهزول أو‬
‫العجوز الشمطاء‪ ،‬وكثير من الناس إذا لقيه وهو ذاهب لحاجة صده ذلك عنها‬
‫ورجع معتقدا عدم نجاحها‪ ،‬وكثير من أهل البيع ل يبيع ممن هذه صفته‪ ،‬إذا‬
‫جاءه أول النهار حتى يبيع من غيره تشاؤما به وكراهية له "‪.‬‬
‫‪" – 22‬ربنا افتكره"‬
‫هذه كلمة شركية يلزم منها وصف ربنا عز وجل بالنسيان وهو صفة نقص‪،‬‬
‫وصفات النقص ل تجوز على الله عز وجل كالنوم والتعب واللغوب والفقر‬
‫واتخاذ الصاحبة والولد‪ ،‬ففي مثل هذه الكلمات شرك ومشابهة لليهود‬
‫والنصارى‪ .‬وعوام الناس يقولون‪ :‬ربنا افتكره دون أن ينتبهوا لخطورة هذه‬
‫الكلمة وتناقضها مع قول الله عز وجل‪" :‬وما كان ربك نسيا" ]مريم‪[64:‬‬
‫وقوله‪":‬ل يضل ربي ول ينسى" ]طه‪[52:‬‬
‫‪" – 23‬حاجة تقصر العمر "‬
‫قول خاطئ لن الجال والنفاس معدودة ول يتجاوز إنسان عمره المكتوب‬
‫له ول يقصر عنه‪ ،‬جرى بذلك القلم حين خلقه الله‪ ،‬ثم كتبه الملك على كل‬
‫أحد في بطن أمه بأمر الله عز وجل عند تخليق النطفة‪ ،‬قال الله تعالى‪" :‬وما‬
‫كان لنفس أن تموت إل بإذن الله كتابا مؤجل " ]آل عمران ‪[145:‬‬
‫وقال‪" :‬ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم ل يستئخرون ساعة ول يستقدمون"‬
‫]العراف‪[34:‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫وقال عز وجل‪" :‬الله يتوفي النفس حين موتها والتي لم تمت في منامها‬
‫فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الخرى إلى أجل مسمى"‪] .‬سورة‬
‫الزمر‪[42:‬‬

‫‪111‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وفي صحيح مسلم عن أم حبيبة رضى الله عنها قالت‪" :‬اللهم متعني بزوجي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية" فقال لها‬
‫رسول الله‪":‬إنك سألت الله تعالى لجال مضروبة وآثار موطوءة وأرزاق‬
‫مقسومة ل ُيعجل شيء منها قبل حله ول يؤخر منها يوما بعد حله‪ ،‬ولو سألت‬
‫الله تعالى أن يعافيك من عذاب في النار وعذاب في القبر لكان خيرا لك"‬
‫فائدة‪ :‬أعلم أن عمرك يمكن أن يزيد‪ ،‬وهذا يكون بالعمال الصالحة خاصة‬
‫صلة الرحم‪ ،‬وهذه الزيادة إما بالبركة في العمر أو بالذرية الصالحة‪ ،‬قال‬
‫صلى الله عليه وسلم‪" :‬من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره‬
‫فليصل رحمه"‪] .‬متفق عليه[‬
‫وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيادة العمر فقال ‪:‬‬
‫"إن الله تعالى ل يؤخر نفسا إذا جاء أجلها‪ ،‬وإنما زيادة العمر بالذرية‬
‫الصالحة" ]صحيح –راوه ابن أبى حاتم[‬
‫أما معنى قوله تعالى‪" :‬ول ينقص من عمره إل في كتاب" ]فاطر‪ ،[11:‬فكما‬
‫ذكر ابن كثير قال‪:‬أي ما يعطى بعض النطف من العمر الطويل بعلمه وهو‬
‫عنده في الكتاب الول‪ ،‬الضمير عائد على الجنس ل على العين لن الطويل‬
‫العمر في الكتاب وفي علم الله تعالى ل ينقص من عمره‪ ،‬وإنما عاد الضمير‬
‫على الجنس‪ .‬قال ابن جرير‪ :‬وهذا كقولهم عندي ثوب ونصفه أي ونصف ثوب‬
‫أخر‪.‬‬
‫‪" – 24‬صباح الخير‪ ،‬أو صباح النور‪ ،‬أو العواف‪ ،‬أو ما شابه ذلك"‬
‫هذه كلها من أساليب تحية أهل الجاهلية وأهل الكفر والشرك والمجوس في‬
‫الهند يعتقدون بوجود قوتين الخير والشر يمثلها النور والظلم‪ ،‬وإنما ينبغي أن‬
‫نعلم أن تحية السلم هي السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬في أي وقت‬
‫كان‪.‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪" :‬إذا لقي الرجل أخاه المسلم فليقل‪ :‬السلم‬
‫عليكم ورحمة الله" ]صحيح – الترمذى ‪[79‬‬
‫وللسف لقد استعاض كثير من الناس السلم الشرعي ذا الثواب الجزيل‬
‫بكلم ل قيمة له ول ثواب عليه‪.‬‬
‫قال عمران بن حصين‪":‬جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‪:‬‬
‫السلم عليكم‪ ،‬فرد عليه ثم جلس‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬عشر‪.‬‬
‫ثم جاء آخر فقال‪ :‬السلم عليكم ورحمة الله‪ ،‬فرد عليه فجلس‪ ،‬فقال‬
‫عشرون‪ .‬ثم جاء آخر فقال‪ :‬السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬فرد عليه‪،‬‬
‫فجلس فقال‪ :‬ثلثون" ]صحيح – أبو داود[‬
‫‪" – 25‬المرحوم‪ ،‬أو المغفور له فلن"‬
‫قول فيه إدعاء بعلم الغيب وافتئات على الله‪ ،‬وكل هذا ل يعلمه إل الله‪،‬‬
‫والصواب أن تدعو بالرحمة والمغفرة‪ ،‬ول تجزم لحد بأنه مرحوم أو مغفور‬
‫له‪ ،‬إل من ورد الشرع بذلك عنهم كأصحاب بدر‪ ،‬والعشرة المبشرين‬
‫وغيرهم‪ ،‬ول يجب أن نغتر بظاهر عمل إنسان ما‪ ،‬وإنما الواجب أن نرجو‬
‫للمحسن ونخشى على المسيء‪ ،‬ونعلم أن دخول الجنة أمر بيد الله وحده‬
‫والرحمة بيده وحده‪ .‬قال عز وجل‪" :‬ألم تعلم أن الله له ملك السماوات‬
‫والرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير"‬
‫]المائدة‪[40:‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم‪":‬لن يدخل أحدا عمله الجنة‪ ،‬ول أنا‪ ،‬إل أن‬
‫يتغمدني الله بفضل رحمته‪ ،‬فسددوا وقاربوا " ]صحيح – متفق عليه[‬
‫‪" – 26‬اتق شر الحليم‪ ،‬اتق شر من أحسنت إليه"‬

‫‪112‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هذا من المثال الخاطئة؛ لن الحليم ليس شريرًا‪ ،‬والحسان ل يتبعه شر‪،‬‬


‫وهذا الكلم حض على اعتبار الشر في كل الناس حتى أهل الحلم منهم‪،‬‬
‫وحض على البعد عن الحسان مع أن فعل الخيرات ليس يقصد به إل وجه‬
‫الله وحده‪.‬‬
‫‪" – 27‬يا ساتر أو يا رب يا ستائر"‬
‫هذه كلمة خاطئة لن الساتر لغة هو الحاجز الذي يحجز ما وراءه‪ ،‬وليس من‬
‫أسماء الله الحسنى‪ ،‬وإنما الله تعالى ستير‪ .‬قال صلى الله عليه وسلم‪" :‬إن‬
‫الله حيى ستير يحب الحياء والستر" ]صحيح – رواه أحمد ‪[1756‬‬
‫‪" – 28‬أنا عبد المأمور"‬
‫هذه كلمة خاطئة؛ لننا كلنا عبيد لله الواحد الحد‪ ،‬وقال صلى الله عليه‬
‫وسلم‪" :‬ل طاعة لمخلوق في معصية الخالق"‪.‬‬
‫‪" – 29‬طور الله في برسيمه"‬
‫كلم عجيب‪ ،‬هل هناك ثور لله‪ ،‬وثيران أخرى للناس‪ ،‬حيث ثور الله يرمز إلى‬
‫الغباء والبلهة دون غيره من الثيران‪ ،‬كلم عجيب! يدل على إساءة الدب مع‬
‫الله جل جلله‪.‬‬
‫‪ -20‬دستور يا سيادى‬
‫من هم هؤلء السياد؟ كلم يقوله العوام يعتقدون أن بين النس والجن ميثاقا ً‬
‫وعهدًا‪ .‬هذه استعاذة شيطانية‪ .‬والستعاذة ل تكون إل بالله؛ قال عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ):‬يا حي يا قيوم يا ذا الجلل والكرام يا بديع السماوات والرض‬
‫برحمتك أستغيث (‪.‬‬
‫وقال‪) :‬إنه ل يستغاث بي وإنما يستغاث بالله( ] ضعيف[‬
‫‪ -31‬العمل عبادة‬
‫عبارة ليس لها أصل شرعي ل من الكتاب ول من السنة‪ .‬وإن كان السعي‬
‫للرزق والعمل واجب على العباد؛ قال ربنا سبحانه‪ ) :‬فامشوا في مناكبها‬
‫وكلوا من رزقه( ] تبارك‪[ 15:‬‬
‫ونجد البعض إذا قيل له‪ :‬قم إلى الصلة‪ ،‬قال العمل عبادة‪ .‬وكأن العمل‬
‫يتعارض مع الصلة‪ ،‬وهذا غير صحيح‪ ،‬ول بارك الله في عمل يشغل عن‬
‫الصلة‪.‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫وقد يكون العمل عبادة إذا كان حلل ً ونوى صاحبه الطاعة‪ ،‬ككف نفسه عن‬
‫السؤال والنفقة الطيبة على أهله وعياله ولم يشغله عن طاعة ربه‪.‬‬
‫‪ -32‬اللي معاه قرش يساوى قرش ‪:‬‬
‫هذا نظرة مادية سقيمة‪ ،‬ومعنى ذلك أن من يملك الكثير له قيمة‪ ،‬وإن كان‬
‫فاسقا ً أو فاجرا ً أو كافرًا‪ .‬وهذا ينافي قول الله عز وجل‪ ):‬إن أكرمكم عند‬
‫الله أتقاكم( ] الحجرات‪.[ 13:‬‬
‫‪ – 33‬أبرز تنجز‬
‫آي عليكم بالرشوة التي تبلغكم ما تريدون ومعلوم أن أخذ الرشوة في أي‬
‫صورة حرام‪ ،‬بل من الكبائر ول بورك في حاجة تقضى بالرشوة‪.‬‬
‫قال تعالى‪ ):‬ول تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا‬
‫فريقا ً من أموال الناس بالثم وأنتم تعلمون( ] البقرة‪.[ 188:‬‬
‫وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ):‬لعنة الله على الراشي والمرتشي(‬
‫] صحيح – رواه أحمد ‪[ 5114‬‬

‫‪113‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ – 34‬أنا وأخويا على ابن عمى وأنا وابن عمى على الغريب ‪:‬‬
‫هذه عصبية جاهلية وضلل كبير يتعارض مع قوله تعالى‪ ):‬إنما المؤمنون أخوة‬
‫فأصلحوا بين أخويكم( ] الحجرات‪[ 10:‬‬
‫وكذلك يتعارض مع قوله صلى الله عليه وسلم‪ ):‬أنر أخاك ظالما أو مظلوما‪.‬‬
‫فلما قال رجل‪ :‬يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما ً أرأيت إن كان ظالما‬
‫فكيف أنصره؟ قال تمنعه عن الظلم؛ فإن ذلك نصره(‪.‬‬
‫‪ )– 35‬الحياء في الرجال يورث الفقر(‬
‫)الخشا في الرجال عيب(‬
‫الصحيح أن الحياء كله خير‪ ،‬وأنه خلق كريم وسجية كريمة‪ ،‬ول يأتي إل بخير‪.‬‬
‫قال‪:‬صلى الله عليه وسلم‪" :‬الحياء خير كله"‪ ] .‬صحيح – مسلم ‪.[ 3196‬‬
‫وقال‪ ":‬الحياء من اليمان واليمان في الجنة " ] صحيح – الترمذى ‪[ 3199‬‬
‫‪36‬ـ يا مزكي حالك يبكي‬
‫هذا المثل ضربه الجهلة وأهل الصد عن سبيل الله من الناس‪ ،‬وقصدوا به‬
‫نهي أهل الزكاة والصدقة عن فعلها‪ ،‬وأنذروه الفقر جزاء ذلك فشابهوا‬
‫الشيطان‪:‬‬
‫"الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء" )البقرة ‪(268 :‬‬
‫مع أن اسمها زكاة؛ لنها تزكي المال أي تطهره وتنميه‪ ،‬وتطرح بركات فيه؛‬
‫ولذا أمرنا الله عزوجل فقال )وأقيموا الصلة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا ً‬
‫حسنًا( )المزمل ‪(20:‬‬
‫وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم )إياكم والشح ‪ ،‬فإنما هلك من كان‬
‫قبلكم بالشح‪ ،‬أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا‪ ،‬وأمرهم‬
‫بالفجور ففجروا ( )صحيح ـ أبو داود ‪(2678‬‬
‫‪37‬ـ )والنبي ‪ ،‬وحياة النبي ‪ ،‬وجاه النبي ‪ ،‬ورحمة أبي‪ ،‬والعيش والملح ‪،‬‬
‫وسائر اللفاظ التي فيها حلف بغير الله (‬
‫كل هذا حرام لنه حلف بغير الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم‪) :‬من كان‬
‫حالفا ً فل يحلف إل بالله( )صحيح ـ النسائي ‪(4681‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم )ل تحلفوا بأبائكم ول بأمهاتكم ول بالنداد ول‬
‫تحلفوا إل بالله ول تحلفوا بالله إل وأنتم صادقون( )صحيح ـ أبو داود ‪(7249‬‬
‫وقال ‪):‬من حلف بالمانة فليس منا( )صحيح(‬
‫وقال ‪):‬من قال إني برئ من السلم فإن كان كافرا فهو كما قال‪ ،‬وإن كان‬
‫صادقا لم يعد إلى السلم سالما( )صحيح ـ النسائي ‪(4621‬‬
‫والحلف بغير الله شرك أصغر‪ ،‬ما لم يكن الحالف معظما ً لما يحلف به من‬
‫دون الله‪ ،‬كتعظيم الله أو أشد فيكون شركا ً أكبر‪ ،‬كمن يقال له احلف بالله‬
‫فيحلف كاذبًا‪ .‬فإذا قيل له أحلف بالشيخ الفلني أقر واعترف وخاف أن يحلف‬
‫به كاذبا ً أو الصليب والمسيح وكقول بعضهم في الحلف عند قبور المشايخ‬
‫)بحق هذا الغالب الطالب( وهذا شرك أكبر بل شك ‪.‬‬
‫*كذلك من المثلة الشعبية والقوال الخاطئة التي تحض على البخل والسلبية‬
‫والشك وسوء الظن وسوء الخلق‪:‬‬
‫جحا أولى بلحم طوره‪،‬‬
‫يا مستعجل عطلك الله‪،‬‬
‫السلف تلف والرد خسارة‪،‬‬
‫انتف ريشه ليلوف بغيرك‪،‬‬
‫اتغدى به قبل أن يتعشى بك‪،‬‬
‫اللي يرشك بالميه رشه بالدم‪،‬‬

‫‪114‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أحيينى النهاردة وموتنى بكرة‪،‬‬


‫علقها في رقبة عالم تصبح سالم‪،‬‬
‫امشى في جنازة ول تمشى في جوازة‪،‬‬
‫يا مآمنة للرجال يا مآمنة للميه في الغربال‪،‬‬
‫يا مربى في غير ولدك يا بانى في غير ملكك‪،‬‬
‫حد واخد منها حاجة‪ ،‬اعمل الخير وارميه البحر‪،‬‬
‫موت البنات سترة‪ ،‬خلف البنات يحوج لنسب الكلب‪.‬‬
‫ثانيًا‪:‬الفعال الخاطئة‬
‫‪ -1‬الحتفال بشم النسيم‪:‬‬
‫عادة ابتدعها أهل الوثان من الفراعنة القدمين‪ ،‬وكانوا يسمونه يوم الزينة‪،‬‬
‫وكان اليونان القدماء يحتفلون به معتقدين أن للرض ربة )تدعى ديميتر(‬
‫حزنت لن رب العالم السفلي )ويدعى هاديس(‪ ،‬حسب زعمهم في‬
‫أساطيرهم‪ ،‬خطف ابنتها‪ .‬فلما حزنت أجدبت ومنعت الزرع والثمار‪ .‬فضج‬
‫البشر إلى آلهة الولمب فحكموا على رب العالم السفلي أن يعيد تلك البنة‬
‫ستة أشهر من كل عام‪ .‬وكان موعد عودتها في الربيع حيث تخضر الرض‬
‫سعادة بعودة ابنتها‪ ،‬ويحتفل الناس بشم النسيم‪ .‬فها أنت ترى أن هذا‬
‫الحتفال مرتبط بالضلل والعتقاد في آلهة شتى في الكون تتصارع وتحزن‪.‬‬
‫وهى نفس الفكرة التي تقلدها النصارى‪ ،‬واحتفلوا بعيد قيامة المسيح بعد‬
‫موته ودفنه بزعمهم الكاذب‪.‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫فسبحان الله ) وما من إله إل إله واحد(‪ .‬ومن ثم ل يجوز للمسلم أن يشارك‬
‫في هذه البدعة وتقلد أهل الكفر والضلل‪ ،‬قال صلى الله عليه وسلم‪) :‬ليس‬
‫منا من تشبه بغيرنا(‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم‪) :‬ليس منا من عمل بسنة غيرنا( ] حسن –‬
‫الجامع الصحيح ‪[5439‬‬
‫‪ -2‬الحتفال بعيد الم وأعياد الميلد ‪:‬‬
‫ل يجوز الحتفال بيوم عيد الم من تقديم للهدايا وغيره؛ فالم مكانتها في‬
‫السلم عظيمة دائما في حياتها وبعد مماتها‪ .‬ول يجوز تخصيص يوم معين‬
‫نحتفل بها فيه وكذلك إقامة أعياد الميلد وإعداد التورتة والزينات واجتماع‬
‫الهل والصدقاء؛ لطفاء شموع بعدد سنين صاحب الحتفال وكلها مأخوذة‬
‫من النصارى واليهود‪.‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪ ):‬لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر أو‬
‫ذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه‪ .‬قالوا اليهود والنصارى؟‬
‫قال‪:‬فمن؟ ( ] متفق عليه [‬
‫وقال‪ ):‬ل تشبهوا باليهود ول بالنصارى(‪ ] .‬حسن – الجامع الصحيح ‪[ 5434‬‬
‫وقال‪ :‬من تشبه بقوم فهو منهم( ] صحيح – الرواء ‪[126‬‬
‫‪ -3‬الزغاريد ورش الملح في أعياد الميلد ‪:‬‬
‫أما الزغاريد فهي عبارة عن صراخ مع تحريك اللسان؛ ولذا فهي الصوت‬
‫الحمق وهو حرام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم‪) :‬لم أنه عن البكاء إنما نهيت‬
‫عن صوتين أحمقين فاجرين‪ :‬صوت عند نغمة مزمار شيطان ولعب‪ ،‬وصوت‬
‫عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان(‪.‬‬
‫] صحيح – الترمذى – الصحيحة ‪[ 2157‬‬

‫‪115‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأما رش الملح فهو إسراف وتبذير وفعل سفيه يضم إلى باقي الفعال‬
‫السفيهة‪ ،‬وهم يقصدون برش الملح سبع مرات أن يقع في عين الحسود‬
‫فيرد ضرره‪ .‬وهذا من الشرك أو من ذرائعه وكذلك إيقاد الشموع والدق‬
‫بالهون ووضع المولود في غربال والصراخ له بأن يسمع كلم أمه ول يسمع‬
‫كلم أبيه وكل ذلك أفعال جاهلية حيث أن السنة هي العقيقة وحلق رأس‬
‫المولود وتسميته في سابع أيامه‪ ،‬والتصدق بوزن شعره فضة؛ لقوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ):‬كل غلم رهينة بعقيقته يذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه‬
‫ويسمى ( ] صحيح – رواه أصحاب السنن [‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم‪ ):‬يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعرة‬
‫فضة (‬
‫] صحيح – الترمذى ‪[ 7960‬‬
‫‪ -4‬تقبيل اليد بعد الدعاء‪ ،‬وتقبيل النقود عندما يعطاها العبد في أول يومه‪،‬‬
‫وتقبيل الخبز بعد التقاطه من الرض ‪:‬‬
‫هي أفعال عجيبة ل أصل لها ولم يشرع في ديننا تقبيل شيء جماد من‬
‫الجمادات‪ ،‬سوى الحجر السود‪ ،‬وقد قال صلى الله عليه وسلم‪) :‬من عمل‬
‫عمل ليس عليه أمرنا فهود رد( ] رواه مسلم [‬
‫ونحن نفرح بنعمة الله‪ ،‬فنشكر الله واهب النعم سبحانه‪.‬‬
‫‪) -5‬مصافحة الرجال للنساء غير المحارم (‬
‫وهى مصيبة عمت بها البلوى‪ ،‬وصارت عرفا اجتماعيا سائدا بين أغلب الناس‪،‬‬
‫وهو عرف فاسد يخالف شرع الله ويحاد الله ورسوله‪ :‬قال صلى الله عليه‬
‫وسلم‪) :‬لن ُيطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس‬
‫امرأة ل تحل له(‬
‫وقال عليه الصلة والسلم‪) :‬ل أمس أبدى النساء(‬
‫وليس هناك من هو أطهر قلبا من رسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وقالت عائشة رضى الله عنها‪ :‬ول والله ما مست يد رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم يد امرأة قط غير أنه يبايعهن بالكلم‪ ) .‬رواه مسلم(‪.‬‬
‫وللعلم فإن المرأة إذا وضعت في يدها ثوبا ونحوه‪ ،‬فإنه ل يغنى شيئا فالفعل‬
‫حرام‪ ،‬واليد جزء من الجسم كأي جزء أخر‪ .‬فهل يجوز لمس أي جزء مثل‬
‫كالصدر مثل مع وجود حائل؟‬
‫‪) -6‬لبس دبلة الخطوبة(‬
‫هي من عادات وتقاليد غير المسلمين في طقوس زواجهم‪ ،‬حيث يقول‬
‫القس‪ ،‬وهو يعقد النكاح باسم الب والبن والروح القدس ما يجمعه الرب ل‬
‫يفرقه إنسان مشيرا في كل كلمة إلى إصبع‪ .‬ثم تستقر الدبلة البنصر للمرأة‬
‫والرجل باليد اليمنى ثم بعد الدخول تنتقل إلى اليد اليسرى‪ ،‬وقد أمرنا‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم اتباع اليهود والنصارى أو التشبه بهم كما‬
‫مضى بيانه‪.‬‬
‫هذا إذا كانت الدبلة من فضة بالنسبة للرجل‪ .‬أما إن كانت من ذهب‪ ،‬فيضاف‬
‫إلى إثمها أثم أخر‪ ،‬وهو لبس الذهب وهو محرم على الرجال‪.‬‬
‫‪" -7‬مصافحة المصلى للجالس عن يمينه ثم عن يساره عقب الصلة وقوله‬
‫حرما فيرد عليه جمعا "‬
‫بدعة لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ول أحد من صحابته رضوان الله‬
‫عليهم وخير الهدى وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضللة"‬
‫‪) -8‬حلق اللحية(‬
‫اتفقت المذاهب الربعة على وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها وذلك لقوله‬

‫‪116‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صلى الله عليه وسلم )خالفوا المشركين ووفروا اللحى واحفوا الشوارب(‬
‫وقال المام النووي‪ :‬وردت خمس روايات في ترك الحية وكلها على اختلف‬
‫في ألفاظها تدل على تركها على حالها وذكر ابن الجوزي وابن كثير أن‬
‫كسرى أمر عامله على اليمن أن يرسل رجلين ليأتياه بالنبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فجاء الرجلن حتى قدما المدينة وقد حلقا لحاهما‪ ،‬وأعفيا شواربهما‬
‫فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم النظر إليهما‪ ،‬وقال ويلكما من‬
‫أمركما بهذا؟‬

‫)‪(9 /‬‬

‫وقد أفتى الشيخ جاد الحق مفتى الديار المصرية عام ‪ 1981‬بحرمة حلق‬
‫اللحية‪ ،‬وبالنسبة لجبار المجندين على حلق اللحى قال‪ :‬لما كان ذلك‪ :‬كان‬
‫إطلق الفراد المجندين اللحى اتباعا للسنة فل يؤاخذون على ذلك في ذاته‬
‫ول ينبغي إجبارهم على إزالتها‪ ،‬أو عقابهم بسبب إطلقها؛ إذ ل طاعة لمخلوق‬
‫في معصية الخالق‪ ،‬وهم متبعون لسنة عملية جرى بها السلم‪.‬‬
‫ولما كانوا في إطلقهم اللحى مقتدين برسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬لم‬
‫يجز أن يؤثموا أو يعاقبوا‪ ،‬بل إن من الصالح العام ترغيب الفراد المجندين‬
‫وغيرهم في اللتزام بأحكام الدين فرائضه وسنته؛ لما في هذا من حفز‬
‫همتهم‪ ،‬ودفعهم لتحمل المشاق واللتزام عن طيب نفس حيث يعملون‬
‫بإيمان وإخلص‪.‬‬
‫وتبعا ً لهذا‪:‬ل يعتبر امتناع الفراد الذين أطلقوا اللحى عن إزالتها رافضين‬
‫عمدا الوامر عسكرية لنه بافتراض وجود هذه الوامر فإنها – فيما يبدو – ل‬
‫تتصل من قريب أو بعيد بمهمة الفراد أو تقلل من جهدهم وإنما قد تكسبهم‬
‫سمات وخشونة الرجال وهذا ما تتطلبه المهام المنوطة بهم‪.‬‬
‫ول يقال‪ :‬إن مخالفة المشركين تقتضى – الن – حلق اللحى؛ لن كثيرين من‬
‫غير المسلمين في الجيوش‪ ،‬وفي خارجها يطلقون اللحى؛ لنه شتان بين من‬
‫يطلقها عبادة اتباعا ً لسنة السلم وبين من يطلقها لمجرد التجمل وإضفاء‬
‫سمات الرجولة على نفسه‪ .‬فالول منقاد لعبادة يثاب عليها إن شاء الله‬
‫تعالى‪ ،‬والخر يرتديها كالثوب الذي يرتديه ثم يزدريه بعد أن تنتهي مهمته‪.‬‬
‫ولقد عاب الله الناهين عن طاعته وتوعدهم‪:‬‬
‫) أرأيت الذي ينهى عبدا ً إذا صلى‪ ،‬أرأيت إن كان على الهدى‪ ،‬أو أمر بالتقوى‪،‬‬
‫أرأيت إن كذب وتولى‪ ،‬ألم يعلم بأن الله يرى ( ] العلق‪ [ 14 – 9:‬والله أعلم‬
‫أ هـ‬
‫‪ -9‬الكذب في المنام والحلم ‪:‬‬
‫بعض ]أعا ‪ [1‬الناس قد يختلق رؤيا أو منام لم يره ليرضى بعض الناس أو‬
‫يحوز بعض المنافع أو يخوف بعضهم‪ .‬وكثير من الناس يعتقدون في هذه‬
‫المنامات‪ ،‬وقد ُيخدعون بسبب هذا الكذب وهذا حرام‪ .‬لقوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ):‬إن من أعظم الفرى أن يدعى الرجل إلى غير أبيهن أو يرى عينيه ما‬
‫لم تر‪ ،‬ويقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل ( ] رواه‬
‫البخاري [‪.‬‬
‫وقال‪ ):‬من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين‪ ،‬ولن يفعل ( ]رواه‬
‫البخاري[‬
‫‪ – 10‬عدم الحتراز من رذاذ البول وخاصة عند التبول واقفا ‪:‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪):‬تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه (‬

‫‪117‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫]صحيح – الرواء ‪[280‬‬


‫وقال‪ ):‬أكثر عذاب القبر من البول ( ] صحيح – رواه أحمد ‪[ 2043‬‬
‫وقال‪ ):‬إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان ل يستنزه من‬
‫البول وأما الخر فكان يمشى بالنميمة ( ] متفق عليه [‬
‫‪ – 11‬عدم تغطية أوانى الطعام والشراب ‪:‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم ) غطوا الناء وأوكؤا السقاء فإن في السنة ليلة‬
‫ينزل فيها وباء ل يمر بإناء لم يغط أو سقاء لم يوكأ إل وقع فيه من ذلك‬
‫الوباء ( ] صحيح مسلم ‪[ 4159‬‬
‫وقال‪ ):‬أطفئوا المصابيح إذا رقدتم وأغلقوا البواب‪ ،‬وأوكئوا السقية‪ ،‬وخمروا‬
‫الطعام والشراب(‬
‫] البخاري [‬
‫‪ -12‬تناول الطعام والشراب دون ذكر الله ‪:‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪ ):‬إن الشيطان ليستحل الطعام الذي لم يذكر اسم‬
‫الله عليه (‬
‫] صحيح – مسلم ‪[ 1653‬‬
‫ً‬
‫وقال‪) :‬إذا أكل أحدكم طعاما فليذكر اسم الله عليه‪ ،‬فإن نسى أن يذكر الله‬
‫في أوله فليقل بسم الله على أوله وآخره ( ] صحيح – رواه أحمد ‪[ 1323‬‬
‫وقال‪ ):‬إن الله تعالى ليرضى عن العبد أن يأكل الكلة أو يشرب الشربة‬
‫فيحمد الله عليها (‬
‫] صحيح – مسلم [‬
‫وعن أبى سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من طعامه قال‪):‬‬
‫الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين(‬
‫‪ – 13‬دخول المنزل والخروج منه دون ذكر الله ‪:‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪ ):‬إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى حين يدخل‬
‫وحين يطعم قال الشيطان‪:‬ل مبيت لكم ول عشاء ههنا‪ .‬وإن دخل فلم يذكر‬
‫اسم الله عند دخوله قال الشيطان أدركتم المبيت وأن لم يذكر الله عند‬
‫مطعمه قال أدركتم المبيت والعشاء ( ] صحيح – رواه أحمد [‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪ ):‬من قال إذا خرج من بيته‪:‬بسم الله توكلت على‬
‫الله ول حول ول قوة إل بالله يقال له‪:‬كفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان(‬
‫] صحيح – رواه الترمذى ‪ ،6419‬المشكاه ‪[ 2443‬‬
‫‪ – 14‬دخول الخلء والخروج منه دون ذكر الله أو التحدث وقراءة الصحف‬
‫والمجلت بداخله‪:‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪ ):‬إن هذه الحشوش محتضرة فإذا أتى أحدكم‬
‫الخلء‪ ،‬فليقل‪ :‬أعوذ بالله من الخبث والخبائث( ] صحيح – أحمد ‪[ 2263‬‬
‫وبعد الخروج يقول‪:‬غفرانك‪ ] .‬حسن – رواه أحمد ‪[ 4707‬‬
‫وقال‪ ) :‬ستر ما بين أعين الجن وعورات بنى آدم إذا وضع أحدكم ثوبه أن‬
‫يقول‪ :‬بسم الله(‬
‫] صحيح – رواه الطبرانى ‪[ 3610‬‬
‫ول يجوز دخول الصحف والمجلت في الخلء كما يفعل البعض حيث أن بها‬
‫آيات قرآنية أو اسم من أسماء الله تعالى‪.‬‬
‫‪ – 15‬اعتبار مدة النفاس أربعين يوما ً ‪:‬‬

‫)‪(10 /‬‬

‫‪118‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هذا خطأ والصواب أن النفساء إذا انقطع عنها الدم طهرت‪ ،‬ولزمها الصلة‬
‫والصوم وأبيح جماعها‪ .‬أما مسألة الربعين يوما ً فهذه إذا زاد الدم عن ذلك‪،‬‬
‫اكتفت بالربعين يوما واغتسلت رغم عدم انقطاع الدم واعتبر دم فساد‪،‬‬
‫وتتوضأ لكل صلة وحكمها حكم المستحاضة‪.‬‬
‫‪ – 16‬إطالة الظفار ودهانها بالصباغ المانيكير(‬
‫ترك الظفار دون قصها عمل مخالف للسنة؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم‬
‫)عشر من الفطرة‪ :‬قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك‪ ،‬واستنشاق الماء‪،‬‬
‫وقص الظفار وغسل البراجم ونتف البط وحلق العانة(‪ .‬وقد وقت الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم أل تزيد مدة ترك الظفار دون تقليم ونتف شعر البط‬
‫وحلق العانة عن أربعين يوما‪ .‬وأما دهن المرأة أظفارها باللوان ففيه إبداء‬
‫للزينة‪ ،‬وأما إن كان في دارها ولزوجها جاز بشرط إل يكون مانعا من وصول‬
‫ماء الوضوء‪.‬‬
‫‪) -17‬وطء الزوجة في حيضها أو دبرها(‬
‫ل يحل للرجل أن يجامع امرأته إل بعد أن تغتسل بعد طهرها لقوله تعالى‪:‬‬
‫)ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض‪ ،‬ول‬
‫تقربوهن حتى يطهرن‪ ،‬فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله(‪ .‬أما إتيان‬
‫المرأة في دبرها فهو من فعل أهل الشذوذ من ضعاف اليمان وهو من‬
‫الكبائر‪.‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم )من أتى حائضا أو امرأة في دبرها فقد كفر بما‬
‫أنزل على محمد(‬
‫)صحيح الجامع ‪(5918‬‬
‫وقال‪ " :‬ملعون من أتى امرأة في دبرها" )صحيح الجامع ‪(5865‬‬
‫‪) -18‬عدم ذكر الله عند العطاس (‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪) :‬إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب‪ .‬فإذا‬
‫عطس أحدكم وحمد الله كان على كل من سمعه أن يقول يرحمك الله‪ .‬وأما‬
‫التثاوب فإنما هو من الشيطان‪ ،‬فإذا تثاءب أحدكم فليردده ما استطاع؛ فإن‬
‫أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان( ) رواه البخاري(‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم )إذا عطس أحدكم فليقل‪ :‬الحمد لله‪ .‬فإذا قال‬
‫فليقل له أخوه أو صاحبه‪ :‬يرحمك الله‪ ،‬فإذا قال له يرحمك الله‪ ،‬فليقل‬
‫يهديكم الله ويصلح بالكم(‪) .‬رواه البخاري ‪.(688‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم‪) :‬إذا عطس أحدكم فليشمته جليسه‪ ،‬فإن زاد‬
‫على ثلث فهو مزكوم ول يشمت بعد ثلث( ) رواه أبو داود(‬
‫ويقول الشيخ عبد السلم في السنن والمبتدعات‪ :‬إن كثيرا من الناس تركوا‬
‫هذه السنة واستعاضوا عنها بكلم رخيص خسيس وهو قولهم )سالوتى أو‬
‫جراتسى( ‪.‬‬
‫أما غير المسلم إذا عطس وحمد الله فقل له يهديكم الله‪.‬‬
‫‪) -19‬كذبة إبريل(‬
‫حدث في منتصف القرن السادس عشر حين أبدلت فرنسا تقويمها‪ ،‬وجعلت‬
‫رأس السنة أول يناير بدل من أبريل‪ .‬وكان أول أبريل مخصصا للمعايدة‪.‬‬
‫فلما أبدل رأس السنة صار الناس يتمازحون بالهدايا الكاذبة‪ ،‬وصار الكذب‬
‫عادة مألوفة‪ .‬والكذب عموما حرام في أبريل أو غيره‪ .‬روى أبو داود عن عبد‬
‫الله بن عامر رضي الله عنه قال‪ :‬دعتني أمي يوما ً ورسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم قاعد في بيتنا فقالت يا عبد الله تعال حتى أعطيك فقال لها عليه‬
‫ت أن تعطيه؟ قالت‪:‬أردت أن أعطيه تمرا‪ ،‬فقال‪ ) :‬أما‬ ‫الصلة والسلم ما أرد ِ‬

‫‪119‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أنك لو لم تعطه شيئا ً كتبت عليك كذبة(‪.‬‬


‫وعنه فيما رواه أحمد )من قال لعبد‪:‬تعال هاك " أي خذ " ثم لم يعطه فهي‬
‫كذبة(‪.‬‬
‫إنا لله وإنا إليه راجعون فكم من الكذب نكذبه على أبنائنا‪ .‬وعن أسماء بنت‬
‫عميس قالت )‪ ..‬فأخذته منه على حياء‪ ،‬فشربت منه ثم قال‪ :‬ناولي‬
‫صواحبك‪ ،‬فقلن‪ :‬ل نشتهيه‪ ،‬فقال ل تجمعن جوعا وكذبا قالت‪:‬فقلت يا رسول‬
‫الله‪ :‬إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه ل اشتهيه أيعد ذلك كذبا؟ فقال إن الكذب‬
‫ليكتب حتى تكتب الكذيبة كذبية( ] رواه الطبرانى في الكبير[‬
‫قال‪) :‬ل يصح الكذب إل أن‪:‬يحدث الرجل امرأته ليرضيها والكذب في الحرب‬
‫والكذب ليصلح بين الناس( ] صحيح – رواه الترمذى [‬
‫أما قول البعض كذبة بيضاء فهذا ل يجوز فالكذب كذب ل أبيض ول أسود‪.‬‬
‫‪ – 20‬سب الدين أو الزمن أو الريح ‪:‬‬
‫سب الدين كفر بواح بالنص والجماع‪ .‬وكيف تطيب نفس امرئ في قلبه ذرة‬
‫من إيمان أن ينال من دين ال؛له وقد نهى رسول الله عن سب أي شيء من‬
‫جماد أو حيوان أو إنسان فكيف بدين الله‪ ،‬أغلى ما يملك النسان؟ قال صلى‬
‫الله عليه وسلم‪) :‬ل يكون المؤمن لعانا ( وقال عمران بن حصين ) بينما‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره‪ ،‬وامرأة من النصار على‬
‫ناقة لها‪ ،‬فضجرت منها فلعنتها؛ فقال صلى الله عليه وسلم‪ :‬خذوا ما عليها‬
‫ودعوها فإنها ملعونة( وأما سب الزمن أو الريح فهذا ل يجوز؛ قال صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ) :‬ل تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر ( ] صحيح – رواه مسلم‬
‫‪[ 7313‬‬
‫وقال‪ ):‬ل تسبوا الريح فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا‪:‬اللهم إنا نسألك من خير‬
‫هذه الريح‪ ،‬وخير ما أمرت به ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما أمرت‬
‫به ( ] صحيح – رواه الترمذى ‪.[ 7315‬‬
‫‪ -21‬لبس الذهب والحرير للرجال‪:‬‬
‫حرام لبس الذهب للذكور مهما قل وزنه قال ‪ }:e‬من كان يؤمن بالله واليوم‬
‫الخر فل يلبس حريرا ول ذهبا { ] صحيح – رواه أحمد ‪.[6509‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫وقال ‪ }:e‬أحل الذهب والحرير لناث أمتي‪ ،‬وحرم على ذكورها { ]رواه أحمد‬
‫‪.[520‬‬
‫وقال ‪ }:e‬يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده { ]صحيح رواه‬
‫مسلم ‪.[8109‬‬
‫ول يجوز الكل مع من يتختم بالذهب أو يجالسه؛ لن هذا منكر‪ .‬ويجوز لبس‬
‫خاتم الفضة وكذلك ل يجوز استعمال أواني الذهب والفضة في الطعام‬
‫والشراب‪.‬‬
‫قال ‪ }:e‬ل تشربوا في آنية الذهب والفضة‪ ،‬ول تأكلوا في صحافهما‪{ ...‬‬
‫]صحيح رواه الشيخان ‪.[7335‬‬
‫‪ -22‬استخدام التماثيل لعرض الملبس عليها بالمحلت التجارية ‪:‬‬
‫هذا ل يجوز شرعا إل بعد قطع رأس التمثال‪ .‬قال ‪}:e‬الصورة الرأس‪ ،‬فإذا‬
‫قطع الرأس فل صورة { وقال ‪ }:e‬أتاني جبريل‪ ،‬فقال‪:‬إن كنت أتيت البارحة‪،‬‬
‫فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه‪ ،‬إل أنه كان على‬
‫الباب تماثيل‪ ،‬وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل‪ ،‬وكان في البيت كلب‪،‬‬

‫‪120‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فمر برأس التمثال الذي كان في البيت فليقطع‪ ،‬فيصير كهيئة الشجرة‪ ،‬ومر‬
‫بالستر فليقطع‪ ،‬فيجعل منه وسادتين منبوذتين توطئان‪ ،‬ومر بالكلب‬
‫فليخرج { ] صحيح رواه أحمد ‪.[68‬‬
‫وإذا بقى في التمثال بعد قطع رأسه فتنة كجسد امرأة عارية فل يجوز أيضا‪.‬‬
‫وأيضا من الخطأ عرض الملبس الداخلية للنساء بالمحلت وكل ملبس‬
‫التبرج والترغيب فيها؛ لنه تعاون على الثم والعدوان‪.‬‬
‫‪ -23‬تعليق الصور التي بها الروح في المنازل والمحلت ‪:‬‬
‫ل يجوز هذا؛ لن التصوير حرام ول يباح إل لضرورة شرعية كالبطاقة وجواز‬
‫السفر وما شابه ذلك‪ .‬أما الصور التذكارية فل يجوز؛ قال ‪ }:e‬إن الملئكة ل‬
‫تدخل بيتا فيه تماثيل أو صور { ] صحيح رواه أحمد ‪.[1961‬‬
‫وقال‪ }:‬إن البيت الذي فيه الصور ل تدخله الملئكة { ] صحيح رواه الشيخان‬
‫‪.[1593‬‬
‫وقال‪ }:‬أما علمت أن الملئكة ل تدخل بيتا فيه صورة‪ ،‬وأن من صنع الصور‬
‫يعذب يوم القيامة فيقال‪:‬أحيوا ما خلقتم { }صحيح رواه البخاري ‪.{1330‬‬
‫ويجوز تصوير ما ل روح فيه كالشجر والسماء والرض والبحر والشمس ونحو‬
‫ذلك وللسف هناك من يعلق صورة زوجته أو بناته ليراها الضيوف‪ ،‬أصبح‬
‫حاليا كأننا نكذب أحاديث الرسول أو كأننا نقول سمعنا وعصينا‪.‬‬
‫‪ -24‬التكلف للضيف ‪:‬‬
‫هذا التكلف أوقع الناس في حب السمعة حتى خرجوا في مآدبهم عن الحد‬
‫الذي يطيقونه‪ ,‬وقال بعض السلف‪ :‬إن التكلف أن تطعم أخاك ما ل تأكل بل‬
‫تقصد به زيادة في الجودة والقيمة‪.‬‬
‫وعن سلمان أنه قال لمن استضافه‪ }:‬لول أنا نهينا عن التكلف لتكلفت‬
‫لكم { ]رواه أحمد[‪.‬‬
‫وكان الفضيل رحمه الله يقول‪ }:‬إنما تقاطع الناس بالتكلف يدعو أحدهم‬
‫أخاه فيتكلف فيقطعه عن الرجوع إليه{ ] رواه ابن أبى الدنيا[‪.‬‬
‫وقال سلمان رضى الله عنه } أمرنا الرسول ‪ e‬أل نتكلف للضيف ما ليس‬
‫عندنا وأن نقدم له ما حضرنا { ] رواه الخرائطى [‪.‬‬
‫وروى عن أنس ابن مالك وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم أنهم كانوا‬
‫يقدمون لخوانهم ما حضر من الكسر اليابس وخشف التمر‪ ،‬ويقولون‪ }:‬ل‬
‫ندرى أيهما أعظم وزرا الذي يحتقر ما قدم إليه أو الذي يحتقر ما عنده أن‬
‫يقدمه{‪ .‬ومن العادات القبيحة انفراد كل من الحاضرين بآنية بأكل فيها ول‬
‫يجتمعون في الكل من إناء واحد‪ ،‬قال ‪ }:e‬كلوا جميعا ول تفرقوا فإن البركة‬
‫مع الجماعة{‪.‬‬
‫‪ -25‬حلق بعض الرأس وترك بعضه ‪:‬‬
‫هذا عمل منهي عنه؛ فعن ابن عمر رضى الله عنهما قال‪ :‬نهى رسول ‪ e‬عن‬
‫"القزع " ]متفق عليه [ وهو حلق بعض الرأس دون البعض‪ ،‬كما يفعل البعض‬
‫مما يسمى حلقة إنجليزي أو كابوريا أو خنافس‪.‬‬
‫وعن ابن عمر قال‪ }:‬رأي رسول الله ‪ e‬صبيا قد حلق شعر رأسه وترك بعضه‬
‫فنهاهم عن ذلك وقال احلقوه كله أو اتركوه كله { ]رواه أبى داود [‪.‬‬
‫‪ -26‬صبغ الشعر باللون السود ‪:‬‬
‫صبغ شعر الرأس أو اللحية بالسواد منهي عنه؛ فعن جابر رضى الله عنه‪:‬‬
‫}ُأتى بأبي قحافة والد أبى بكر الصديق رضى الله عنهما‪ ،‬يوم فتح مكة‪،‬‬
‫ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا‪ ،‬فقال رسول الله ‪ :e‬غيروا هذا واجتنبوا‬
‫السواد { ] رواه مسلم [‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وعن أبى هريرة رضى الله عنه } أن رسول الله ‪:e‬قال إن اليهود والنصارى‬
‫ل يصبغون فخالفوهم{ ] متفق عليه[‪.‬‬
‫فيصبغ الشعر البيض بصفرة أو حمرة وأما السواد فل يجوز إل في حالة‬
‫الجهاد فقط‪.‬‬
‫‪ -27‬السباب وقذف العراض بالمزاح ‪:‬‬
‫هذا من المصائب التي وقع فيها بعض الناس فل يجوز السباب ولو بالمزاج‬
‫قال ‪}:e‬سباب المسلم فسوق‪ ] { ..‬رواه الطبرانى ‪.[ 3596‬‬
‫وقال‪ }:‬إذا سبك رجل بما يعلم منك فل تسبه بما تعلم منه‪ ،‬فيكون أجر ذلك‬
‫لك ووباله عليه { ]صحيح –ابن منيع ‪.[594‬‬
‫وقال‪ }:‬من الكبائر شتم الرجل والديه‪:‬يسب أبا الرجل‪ ،‬فيسب أباه ويسب‬
‫أمه فيسب أمه{ ]صحيح‪ ،‬رواه الشيخان ‪.[ 5908‬‬
‫وقال ‪ e‬أتدرون من المفلس؟ إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة‬
‫بصلة وزكاة‪ ،‬ويأتي وقد شتم هذا‪ ،‬وقذف هذا‪ ] { ..‬صحيح رواه أحمد ‪.[87‬‬

‫)‪(12 /‬‬

‫وقال‪ }:‬من هذا اللعن بعيره؟ أنزل عنها فل تصبحنا بمعلونة‪ ] { ..‬صحيح‬
‫رواه مسلم ‪ ،[6582‬إنا لله وإنا إليه راجعون‪ .‬إن السباب وقذف المهات من‬
‫العادات القبيحة التي ابتلى بها بعض الناس‪ ،‬حتى أصبحوا ل يستحيون من‬
‫ذلك‪ ،‬بل أصبح السباب كاللعاب بالفم‪ .‬وإن حد القذف في السلم هو الجلد‬
‫ثمانين جلدة؛ لخطورة هذا المر قال تعالى‪ }:‬والذين يرمون المحصنات ثم‬
‫لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ول تقبلوا لهم شهادة ابدأ‬
‫وأولئك هم الفاسقون{ ]النور ‪.[4‬‬
‫وقال ‪ } e‬من قذف مملوكه بالزنا‪ ،‬يقام عليه الحد يوم القيامة‪ ،‬إل أن يكون‬
‫كما قال{ ] صحيح رواه مسلم ‪.[ 6463‬‬
‫وقال } ليس المؤمن بالطعان ول اللعان ول الفاحش ول البذيء { } صحيح‬
‫رواه أحمد ‪.[5381‬‬
‫‪ -28‬تخصيص لون معين للدللة على الحزن على الميت ‪:‬‬
‫ل يجوز لبس ملبس بلون معين للدللة على الحزن؛ حيث أن هذا من الجزع‬
‫والعتراض على قضاء الله وقدره‪ .‬و الحداد الشرعي هو ترك الزينة وليس‬
‫لبس لون معين‪.‬‬
‫والحداد على الزوج مدته أربعة اشهر وعشرة أيام ) لغير الحامل(‪ ،‬وعلى غير‬
‫سنة لبس البيض من الثياب في حالة الشدة‬ ‫الزوج ثلثة أيام فقط‪ .‬ومن ال ّ‬
‫والرخاء والحياة والموت؛ قال ‪}:e‬البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير‬
‫ثيابكم { ] صحيح رواه أبو داود [‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬قال ابن المنذر‪ :‬أجمع العلماء على أنه ل يجوز للحادة لبس الثياب‬
‫المعصفرة ول المصبغة إل ما صبغ بسواد فرخص فيه مالك والشافعي؛ لكونه‬
‫من لباس الحزن‪ ،‬وقال ابن دقيق العيد‪ :‬يجوز لبس ما ليس بمصبوغ وهي‬
‫الثياب البيض‪ ،‬ومنع بعض المالكية المرتفع منها الذي يتزين به‪ ،‬وكذلك‬
‫السود إذا كان مما يتزين به‪.‬‬
‫ً‬
‫قال النووي‪ :‬ورخص أصحابنا فيما ل يتزين به ولو كان مصبوغا أما الحرير‬
‫فالصحيح منعه مطلقًا‪.‬‬
‫‪ -29‬النياحة على الميت ولطم الخدود ودعوى الجاهلية ‪:‬‬
‫ل يجوز الصياح على الميت بأي حال‪ ،‬وقول النساء‪ :‬يا لهوى ويا دهوتي‪.‬ويأثم‬

‫‪122‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كل من يفعل ذلك إن لم يتب؛ لن هذا اعتراض على قضاء الله وقدره‪ .‬ول‬
‫يجوز لطم الخدود وشق الجيوب ودعوى الجاهلية‪ ،‬كمن تقول يا جملي يا‬
‫سبعي‪ ،‬أسدى يا خراب بيتي من بعدك يا خويا‪ ،‬مكنش يومك يا أخويا‪ ،‬قال‬
‫رسول ‪ }:e‬ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية {‪.‬‬
‫فما يقع من النساء في الجنازات‪ ،‬أمر منكر‪ ،‬صار قبحه معروفا للكل؛ حتى‬
‫أصبحت النساء من المراض التي أعيت الناصحين‪ ،‬وصرن أكبر عون‬
‫للشياطين على تنفيذ كل ما يملينه عليهن من عادات الجاهلية‪ ،‬كالضرب‬
‫والنياحة وشق الجيوب ولطم الخدود ورفع الصوات بالصراخ والتكلم بكلمات‬
‫الكفر والتسخط على القدار والعتراض عليها إلى غير ذلك من القبائح‬
‫المشهورة قال ‪}:e‬النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها‬
‫سربال من قطران ودرع من جرب {] رواه مسلم [‪ .‬ومن المعلوم كذلك أن‬
‫ليس للنساء اتباع الجنائز‪.‬‬
‫وإن الميت ليعذب بما نيح عليه إن لم يتبرأ قبل موته من هذه الفعال‪ .‬أما‬
‫البكاء فجائز؛ قال صلى الله عليه وسلم‪" :‬لم أنه عن البكاء‪ ،‬إنما نهيت عن‬
‫صوتين أحمقين فاجرين‪ :‬صوت عند نغمة مزمار وصوت عند المصيبة‪".‬‬
‫]صحيح[‬
‫صبحة‪،‬‬ ‫‪ -30‬إقامة السرداقات في العزاء‪ ،‬والربعين‪ ،‬واستئجار المقرئين‪ ،‬وال ُ‬
‫والخميس ‪:‬‬
‫صارت الجنائز مواطن للفتخار والرياء؛ فترى أهل الميت يجتهدون في أن‬
‫يكون المشهد محل إعجاب الناس وحديثهم‪ :‬من إحضار صوان كبير وفرشه‬
‫بالبسط والكراسي المذهبة والمفضضة ومكبرات الصوت والنجف والنوار‬
‫المتدلية وباقات الورود وفرش الرمال وتوزيع القهوة والدخان وإحضار‬
‫المقرئين لتلوة القرآن‪ .‬ل شك في حرمة كل ذلك؛ لما فيه من إضاعة المال‬
‫بغير غرض شرعي‪ ،‬ول يفيد الميت في شيء‪ ،‬وكل ذلك مخالف للسنة‪ ،‬بل‬
‫هو بدعة وضللة؛ حيث لم يثبت شيء من هذا عن الصحابة رضى الله عنهم‬
‫ولم يثبت عن السلف أنهم جلسوا بقصد أن تذهب الناس إلى تعزيتهم وقال‬
‫المام الوزاعي‪":‬الحق أن الجلوس للتعزية على الوجه المتعارف في هذا‬
‫الزمان مكروه أو حرام"‪ .‬فما الحال بهذا الزمان‪.‬‬
‫فل يجوز الجتماع للتعزية أو لحياء ذكرى الربعين والخمسين والسنوية‪ .‬أما‬
‫القرآن فقد أنزله الله للحياء للعمل به وليس لكي ُيقرأ على الموات؛ قال‬
‫تعالى‪}:‬إن هو إل ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيا { ] يس ‪.[70-96‬‬
‫وأما الذبح عند خروج النعش أو عند القبر فهذا عمل ل يجوز؛ إذ هو ذبح لغير‬
‫الله‪ .‬وإن ُقصد به الذبح للميت تعظيما له وتقربا له صار شركا أكبر والعياذ‬
‫بالله‪ .‬وإن كانوا يذبحون لله فهو بدعة وضللة‪.‬‬
‫صبحة والخميس الول والثاني فهو من البدع التي ابتدعها أهل‬ ‫وأما عن ال ُ‬
‫الزيغ؛ تشبها بغيرهم‪ .‬ولم يكن من هديه ‪ e‬أن يجتمع للعزاء عند القبر ول عند‬
‫غيره‪ .‬عن جرير بن عبد الله‪ ،‬رضى الله عنه‪ ،‬أنه قال‪ :‬كنا نعد الجتماع إلى‬
‫أهل الميت وصنعهم الطعام بعد الدفن من النياحة‪.‬‬
‫‪ -31‬خروج النساء للمقابر في خميس رجب وشعبان والعيدين ‪:‬‬

‫)‪(13 /‬‬

‫كل ذلك ل يجوز؛ لما فيه من البدع والفتن وتجديد الحزان وانتهاك حرمة‬
‫الموات بما يحدث من الكل والشرب والحكايات والغيبة والنميمة وكشف‬

‫‪123‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الزينة والسفور‪ .‬ول تصح زيارة المقابر في العيدين؛ لن العيد للفرحة وليس‬
‫للحزن‪ .‬فهذه عادة سيئة أن يخرج الناس بعد الصلة للمقابر‪.‬‬
‫وقد شرعت زيادة القبر للتعاظ والعبرة والتذكرة‪ ،‬وكانت المقابر في طريق‬
‫رسول الله ‪ ،e‬ولم يثبت زيارته لها في العياد‪ ،‬وخير الهدي هديه‪.‬‬
‫‪ -32‬تخصيص يوم النصف من شعبان بصيام وقيام‪ ،‬و كذلك ليلة ‪ 27‬رجب ‪:‬‬
‫من البدع المنتشرة الحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلة والدعاء‬
‫المسمى " دعاء النصف من شعبان "‪ ،‬وصيام نهارها‪ .‬فهذا لم يكن على عهد‬
‫رسول الله ول أحد من الصحابة‪ ،‬ولم يثبت في تخصيصها بعبادة أي حديث‬
‫صحيح‪ .‬مع إقرارنا بفضيلة هذه الليلة وصحة الحاديث الواردة في ذلك‪.‬‬
‫وكذلك السراء والمعراج لم يثبت أنه كان في ‪ 27‬رجب‪ ،‬بل اختلف في‬
‫وقته‪ .‬والراجح أنه كان في ‪ 12‬ربيع أول‪ ،‬فل يجوز تخصيصها بقيام ول صلة‬
‫مبتدعة ول دعاء معين فكل هذا بدعة؛ لن العبادات توقيفية‪.‬‬
‫‪ -33‬تأخير الصلة حتى يخرج وقتها وخاصة صلة الصبح وصلة العشاء ‪:‬‬
‫ل يجوز تأخير الصلة حتى يخرج وقتها‪ ،‬أو جمع أكثر من فرض‪ ،‬إل في حالة‬
‫السفر أو المرض الشديد أوعذر شديد يبيح الجمع بين الصلتين المشتركتين‬
‫الظهر والعصر‪ ،‬والمغرب والعشاء‪ .‬قال تعالى‪ }.:‬فويل للمصلين )‪ (4‬الذين‬
‫هم عن صلتهم ساهون { ] الماعون ‪ [ 5-4‬أي التهديد والوعيد بالعذاب لمن‬
‫يؤخر الصلة حتى يخرج وقتها دون عذر شديد‪ .‬وأما تأخير صلة الصبح حتى‬
‫تشرق الشمس عمدا‪ ،‬ودون الخذ بالسباب‪ ،‬فهو حرام وصلة في غير وقتها؛‬
‫لن وقت صلة الصبح من أذان الفجر الصادق حتى قبيل شروق الشمس ولو‬
‫بركعة واحدة؛ قال تعالى‪ }:‬إن الصلة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا {‬
‫] النساء‪.[103:‬‬
‫وقال ‪ }:e‬ل تترك صلة مكتوبة متعمدا‪ ،‬فمن تركها متعمدا فقد برئت منه‬
‫الذمة{ ] صحيح ابن ماجة ‪.[7339‬‬
‫‪ -34‬المرور بين يدي المصلى وتخطى الرقاب في صلة الجمعة وسنتها ‪:‬‬
‫يحرم المرور بين يدي المصلي‪ ،‬ويجب على المصلي أن يتخذ سترة لصلته‪،‬‬
‫كأن يصلي إلى حائل؛ قال ‪ }: e‬إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة‪ ،‬وليدن‬
‫منها‪ ،‬ول يدع أحدا يمر بين يديه‪ .‬فإن جاء أحد فليقاتله فإنما هو شيطان {‬
‫] صحيح رواه الشيخان ‪.[ 641‬‬
‫وقال } لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا‬
‫له من أن يمر بين يديه { ] صحيح رواه الشيخان ‪.[5337‬‬
‫وللسف فإن كثيرا من الناس يتجاهلون هذا المر‪ ،‬إنا لله وإنا إليه راجعون‪.‬‬
‫وعن الرقم بن الرقم قال النبي ‪ }:e‬إن الذي يتخطى رقاب الناس يوم‬
‫الجمعة ويفرق بين الثنين بعد خروج المام كجارِ قصبه في النار { ] رواه‬
‫أحمد [‪.‬‬
‫وقد أمر ‪ e‬الداخل المسجد أن يصلي ركعتين تحية المسجد‪ ،‬وإن كان‬
‫الخطيب على المنبر – أما ما يفعله الناس عندما يرون الخطيب يجلس بين‬
‫الخطبة الولى والثانية فيقومون لصلة السنة فجهل وبدعة‪ .‬وأما سنة الجمعة‬
‫فبعد الصلة تصلى أربع ركعات لمن يصليها بالمسجد‪ ،‬وركعتين لمن يصليها‬
‫بالمنزل‪.‬‬
‫‪ -35‬هجر المساجد ‪:‬‬
‫قال تعالى‪ }:‬إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الخر {‬
‫وعن ابن مسعود قال‪ }:‬من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على‬
‫هؤلء الصلوات حيث ينادى بهن؛ فإن الله تعالى شرع لنبيكم ‪ e‬سنن الهدى‪،‬‬

‫‪124‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وإنهن من سنن الهدى‪ ،‬ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف‬
‫في بيته لتركتم سنة نبيكم‪ ،‬ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم‪ ،‬وما من رجل‬
‫يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد‪ ،‬إل كتب الله‬
‫له بكل خطوة حسنة‪ ،‬ويرفعه بها درجة‪ ،‬ويحط به سيئة‪ ،‬ولقد رأيتنا وما‬
‫يتخلف عنها إل منافق معلوم النفاق‪ ،‬ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين‬
‫الرجلين حتى يقام في الصف { ] رواه مسلم [‪.‬‬
‫وقال ‪ }.:e‬لقد هممت أن آمر فتيتي فيجمعوا لي حزما من حطب‪ ،‬ثم آتي‬
‫قوما يصلون في بيوتهم‪ ،‬ليست بهم علة فأحرقها عليهم { ] رواه مسلم [‪.‬‬
‫وعن أبى هريرة قال‪ }:‬أتى النبي ‪e‬رجل أعمى فقال‪ :‬يا رسول الله ليس لي‬
‫قائد يقودني إلى المسجد‪ .‬فسأل رسول الله ‪:e‬أن يرخص له يصلى في بيته‪.‬‬
‫فرخص له فلما ولى دعاه فقال‪ :‬هل تسمع النداء؟ قال‪ :‬نعم‪ :‬قال‪ :‬فأجب {‬
‫] رواه مسلم [‪.‬‬
‫وعن معاذ مرفوعا " الجفاء كل الجفاء والكفر والنفاق من سمع منادي الله‬
‫ينادي إلى الصلة فل يجيبه "‪.‬‬
‫وعند أيضا مرفوعا‪:‬بحسب المؤمن من الشقاء والخيبة أن يسمع المؤذن‬
‫يثوب بالصلة فل يجيبه "‪.‬‬
‫‪ -36‬دخول المسجد لمن أكل بصل أو ثوما أو نحو ذلك ‪:‬‬
‫قال ‪ }:e‬من أكل من هذه الشجرة – يعنى الثوم – فل يقربن مساجدنا {‬
‫]متفق عليه [‪.‬‬
‫وقال ‪ }:e‬من أكل من هذه الشجرة فل يقربنا ول يصلين معنا { } صحيح‬
‫رواه الشيخان [‪.‬‬
‫وقال‪ }:‬إياكم وهاتين البقلتين أن تأكلوهما وتدخلوا مساجدنا‪ ،‬فإن كنتم ولبد‬
‫آكليها‪ ،‬فاقتلوهما بالنار قتل {‪] .‬متفق عليه [‪.‬‬

‫)‪(14 /‬‬

‫وقال‪ }:‬من أكل البصل والثوم والكرات فل يقربن مسجدنا؛ فإن الملئكة‬
‫تتأذى مما تتأذى منه بنو آدم { ] رواه مسلم [‪.‬‬
‫إن هذه الحاديث تثبت النهي عن دخول المساجد على من أكل شيئا له‬
‫رائحة مكروهة‪ .‬فلشك أنه يستلزم منع دخول المساجد لمن يشرب الدخان؛‬
‫لنتن رائحة الفم‪ ،‬وهي أشد خبثا ونتنا من رائحة البصل والثوم‪.‬‬
‫‪ -37‬الصلة في الثوب الرقيق أو الضيق ‪:‬‬
‫إذا كان الثوب شفافا أو رقيقا يحدد العورة من تحته‪ ،‬فل تصح فيه صلة‬
‫الرجل إل أن يكون تحته سروال أو إزار يستر ما بين السرة إلى الركبة‪ .‬وأما‬
‫المرأة فل تصح صلتها في مثل هذا الثوب إل أن يكون تحته ما يستر بدنها‬
‫كله‪.‬‬
‫أما عن لبس الرجل البنطال الضيق والصلة فيه فقد قال الشيخ اللباني ‪:‬‬
‫إنه يبطل الصلة؛ حيث أنه يحدد ويجسم ويصف العورة وخاصة في حالة‬
‫الركوع والسجود‪ .‬ولعل ذلك إذا كان البنطلون في غاية الضيق يجسد العورة‬
‫بارزة كملبس لعبي السيرك وراقصي البالية‪ ،‬والراجح عند الجمهور صحة‬
‫الصلة مع الكراهة وهذا أقرب‪.‬‬
‫‪ -38‬استخدام ورق الجرائد والكتب في لف الشياء ‪:‬‬
‫ل يجوز استعمال ورق الجرائد والكتب في لف الشياء أو في مسح‬
‫القاذورات أو إلقاء هذه الوراق في سلة المهملت والفضلت‪ ،‬أو إلقائها على‬

‫‪125‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الرض‪ ،‬كما هو منتشر وشائع؛ لن هذه الوراق قد ل تخلو من آية قرآنية أو‬
‫اسم من أسماء الله‪ ،‬وحيث أن كثيرا من الناس يسمون عبد الله وعبد‬
‫الرحمن وغيره‪.‬وقد يكون في هذه الوراق حديث من الحاديث الشريفة‪.‬‬
‫‪ -39‬الذهاب للموالد والطواف حول الضرحة ‪:‬‬
‫الذهاب لزيارة القبور بقصد التبرك والصلة فيها‪ ،‬حرمها جمهور العلماء وشيخ‬
‫السلم ابن تيمية‪ ،‬واستدلوا بقول الرسول ‪ }:e‬ل تشد الرحال إل إلى ثلثة‬
‫مساجد‪ :‬المسجد الحرام‪ ،‬ومسجدي هذا‪ ،‬والمسجد القصى { فك الله‬
‫أسره‪.‬‬
‫كما أن دفن الموات بالمساجد أو بناء المساجد على القبور ل يجوز؛ فقد‬
‫نهى الرسول ‪ e‬عن ذلك بقوله }إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم‬
‫وصالحيهم مساجد‪ ،‬أل فل تتخذوا القبور مساجد‪ ،‬إني أنهاكم عن عن ذلك { ]‬
‫رواه مسلم [‪.‬‬
‫وأما الحتفال بالموالد فهو بدعة لم تكن في زمن السلف‪ ،‬وتؤدى إلى كثير‬
‫من المحظورات والمحرمات كالختلط والمنكرات وانتهاك حرمة الموات‬
‫والمساجد‪.‬‬
‫وأما الطواف حول الضرحة فحرام؛ لنه ل يجوز الطواف بغير بيت الله‬
‫الحرام‪ .‬وأما النذور لصحاب الضرحة والذبح وإيقاد الشموع لهم‪ ،‬فهو شرك؛‬
‫لنه نذر لمخلوق‪ .‬والنذر عبادة والعبادة ل تجوز لغير الله‪.‬‬
‫ويقول الشيخ عبد السلم في السنن والمبتدعات أن من سفال وفساد عقول‬
‫بعض الناس أنهم صاروا يتبركون بعجل السيد ويتمسحون بعموده للشفاء من‬
‫وجع الظهر‪ ،‬ويغرزون المسامير في الشجار المجاورة للمشايخ الموات‬
‫للهداية والتبرك‪.‬‬
‫وجعلوا لكل قبر خاصية‪ ،‬فقير أبى مسعود لخراج الجان والشياطين‬
‫والعفاريت من أجساد المتعفرتين والمتعفرتات‪ ،‬وقبر السيدة نفسية للشفاء‬
‫من رمد العيون‪ ،‬وقبر الشيخ فلن للشفاء من مرض الحمى‪ ،‬وقبر الشيخ‬
‫فلن لقضاء الحوائج‪ ،‬وقبر الشيخ فلن لتفريج الكروب وقبر الشيخ فلن‬
‫للفيوضات والمدادات اللهية‪ ،‬وقبر الشيخ فلن لقراءة دلئل الخيرات‪ ،‬وقبر‬
‫الشيخ فلن لقراءة بردة المديح التي فيها من الشر والشرك ما فيها‪.‬‬
‫ويقول‪:‬لما هوت عقول الناس إلى هوة ما لها من قرار وباتوا عن هداية‬
‫الكتاب العزيز والحكمة النبوية وسيرة سلفنا الصالح وكبرائنا وعظمائنا في‬
‫مكان سحيق أصبحوا يعتقدون الولية في كل إنسان بالي الثياب‪.‬‬
‫وقالوا يجب أن ل ينكر أحد على أحد؛ لن من اعترض انطرد! إنا لله وإنا إليه‬
‫راجعون وللسف هناك بعض الجهال من المسلمين يكتبون مشاكلهم أو‬
‫طلباتهم في خطابات ويضعونها بالضريح‪ .‬وبعض الناس يطلب من صاحب‬
‫الضريح قضاء حاجة أو تفريج كرب‪ ،‬ومنهم من يقول‪ :‬العارف ل يعرف‬
‫والشكوى لصاحب البصيرة عيب‪ .‬ومن النساء من تقول لصاحب الضريح‪:‬‬
‫جئتك اليوم زايره وعاوزة أجيلك المرة القادمة حاملة‪ .‬إنا لله وإنا إليه‬
‫راجعون؛ فكل هذا شرك‪.‬‬
‫قال تعالى‪ }:‬قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فل يملكون كشف الضر عنكم‬
‫ول تحويل { }السراء ‪.{56:‬‬
‫وقال تعالى على لسان رسوله‪ }:‬قل أنى ل أملك لكم ضرا ول رشدا {‬
‫]الجن ‪ } [ 21‬و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا‬
‫دعان { ] البقرة ‪ { 186‬وقال تعالى‪ }:‬وما يؤمن أكثرهم بالله إل وهم‬
‫مشركون { ]يوسف ‪.[ 106‬‬

‫‪126‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقال ‪} e‬اعملي يا فاطمة فإني ل أملك لك من الله شيئا {‪.‬‬


‫قال تعالى‪ }:‬ل تدع من دون الله ما ل ينفعك ول يضرك فإن فعلت فإنك إذا‬
‫من الظالمين{‬
‫)‪] { (106‬يونس ‪.[106‬‬
‫‪ -40‬أفعال خاطئة في الحفلت ‪:‬‬

‫)‪(15 /‬‬

‫اختلط النساء بالرجال وشرب الدخان والرقص والغناء من النساء والرجال‪،‬‬


‫والعزف باللت الشيطانية والتعري وكشف العورات ومصافحة الرجال‬
‫للنساء الجنبيات والباس الرجل الشبكة‪ ،‬أو دبلة الخطوبة‪ .‬وهذا ل يجوز؛ لن‬
‫الخطبة مجرد وعد الزواج‪ ،‬وأحيانا قيام العروسين بالرقص أمام المدعوين‬
‫وقيام الناس بالتصفيق والصفير واستئجار المسارح والملهي والفنادق وفرق‬
‫الرقص والغناء والزغاريد " الصوت الحمق "‪ ،‬وذهاب العروس إلى حلق‬
‫النساء‪ .‬كل هذا يحدث في يوم يبدءون به أولى مراحل حياتهم الزوجية‪،‬‬
‫ويطلق على هذه المعاصي اسم فرح !! أهو فرج بمعصية الله؟‬
‫ويرى البعض أن مثل العصيان يغتفر لهم يعفي عنه في مثل هذه المناسبات‬
‫بدعوى أنها ليلة في العمر وأنه سيتولون وأن الله غفور رحيم‪.‬‬
‫كيف نفرح بالمعصية وكيف تظهر فرحتنا بالمعصية ومبارزة الله بالحرب قال‬
‫تعالى‪ }:‬فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا‬
‫بما أوتوا أخذناهم بغتة{ ] النعام‪ [44:‬وما أمر الزلزل والسيول عنا ببعيد‪.‬‬
‫فهل الفراح التي تقام على مثل هذا العبث والضياع وإن صح التعبير هذه‬
‫المخازي والحزان‪ ،‬التي تحزن كل مسلم غيور على دينه هو أول ما يبدؤون‬
‫بها حياتهم الزوجية في الوقت‪ ،‬الذي كان يجب أن يشكروا نعمة ربهم عليهم‪،‬‬
‫ويحفظوا هذه النعمة من هذا العبث والسراف والحرام وكل ما يغضب الله‪،‬‬
‫وأن يبدؤوا حياتهم الزوجية بطاعة ربهم‪ ،‬وأن يقيموا هذه المناسبة في‬
‫المسجد وسط ذكر الله ودعوات المصلين‪ ،‬ويتعرفوا على أمر دينهم سنة‬
‫نبيهم حتى ل تفسد عليهم حياتهم حيث أن فساد النتهاء من فساد البتداء‪.‬‬
‫والعبد إذا فسدت بدايته فسدت نهايته إل أن يتوب توبة صادقة ومعظم النار‬
‫من مستصغر الشرر‪ ،‬فكم من أفراح بدأت بالمعصية وانتهت بالشجار‬
‫والمحاكم والحزان والطلق وضياع البناء‪ ،‬وذلك بسبب فساد البتداء‪ ،‬ويتوب‬
‫الله على من تاب‪.‬‬
‫‪ -41‬سماع الغاني ومشاهدة الفلم والمباريات ‪:‬‬
‫إن الغناء يولد النفاق في القلب؛ لنه ما اجتمع في قلب عبد محبة الغناء‬
‫ومحبة القرآن إل طرد أحدهما الخر؛ لن الغناء قرآن الشيطان‪.‬‬
‫فقد روى من حديث مرفوع قال قتادة‪" :‬لما ُأهبط إبليس قال‪:‬يا رب لعنتني‬
‫فما عملي؟ قال السحر‪ ،‬قال‪:‬فما قرآني قال الشعر‪ ".....‬وقال تعالى‪} :‬قال‬
‫اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا‪ ،‬واستفزز من‬
‫استطعت منهم بصوتك { ] السراء‪[64 - 63:‬‬
‫وقال تعالى‪} :‬ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير‬
‫علم { ]لقمان‪[6:‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم‪ ] :‬ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر‬
‫والحرير والخمر والمعارف[‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم‪] :‬ليكونن في هذه المة خسف وقذف ومسخ[‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وذلك إذا شربوا الخمور واتخذوا القينات وضربوا بالمعارف‪ .‬وقال‪":‬صوتان‬


‫ملعونان في الدنيا والخرة‪ :‬مزمار عند نغمة ورنة عند مصيبة"‪ ،‬وقال‪" :‬ما‬
‫من راكب يخلو في سيره بالله وذكره إل كان ردفه ملك ول يخلو بشعر‬
‫ونحوه إل كان ردفه شيطان"‪.‬‬
‫وعندما سئل المام مالك عن الغناء قال‪":‬فماذا بعد الحق إل الضلل "‪ ،‬وقال‬
‫المام الشافعي‪ :‬إن الغناء لهو وباطل ومن أكثر منه فهو سفيه ترد شهادته‪،‬‬
‫وقال المام أحمد عندما سثل عن الغناء قال‪:‬الغناء ينبت النفاق في القلب‪.‬‬
‫وقال ابن القيم عن الغناء أنه من مكايد عدو الله إبليس‪ .‬وقد أجمع العلماء‬
‫على تحريم القول الباطل وسماعه‪ ،‬وعلى أن الغناء حرام‪ .‬ولو كانت اللفاظ‬
‫التي يتغنى بها من كلمات الله فآلت الطرب حرام‪ ،‬وعلى هذا مضى حكم‬
‫الئمة في تفسيق المغني والمستمع للغناء‪ ،‬بل كان القانون المصري سنة‬
‫‪ 1983‬يرد شهادة المغنى والممثل‪.‬‬
‫أما عن التمثيل وما يدور فيه فهو حرام؛ لنه إخلل بالمروءة ودللة على‬
‫السفه وقلة العقل‪ ،‬وهو مع كل هذا كذب وزور‪ .‬والتمثيل يكثر فيه الكلم بغير‬
‫ذكر ال؛له قال صلى الله عليه وسلم‪ }:‬ل تكثروا الكلم بغير ذكر الله؛ فإن‬
‫كثرة الكلم بغير ذكر الله قسوة للقلب‪ ،‬وإن أبعد الناس من الله القلب‬
‫القاسي {‪.‬‬
‫وإن وجود النساء الممثلت مع الرجال فيه من الشر والفساد ما ل يخفي‬
‫على أحد وقد تضاف الموسيقى والغناء‪ .‬والمتفرج شريك للمثل في الثم‬
‫والذنب؛ لقراره هذا المنكر‪ ،‬ولضاعة الوقت والمال في الباطل والحرام‪،‬‬
‫وقد أصبح التمثيل أداة لنشر والفسق والفجور وإشاعة الفاحشة وتربية‬
‫الجيال على السوة السيئة وتعودهم على صور العري والخلعة والخيانة مما‬
‫يعمل على نزع الحياء وإقرار المنكر؛ حتى أصبحت النفوس تقبل أن يشاهد‬
‫رجل يحتضن امرأة ويقبلها؛ لنه يمثل دور أبيها أو زوجها‪ ،‬وقد يرقصان‬
‫ويتعانقان كل هذا بحجة أنه تمثيل‪.‬‬
‫وكل هذا يراه البناء والبنات وأمام الباء والمهات‪ .‬والله هذا عار وخسران‬
‫مبين‪.‬‬
‫وأما عن مشاهدة المباريات من كرة ومصارعة‪ ،‬فهذا ل يجوز؛ لنه إضاعة‬
‫للوقت فيما ل منفعة فيه‪ .‬وكذلك رؤية العورات حيث أن عورة الرجل من‬
‫السرة إلى الركبة‪ ،‬والنشغال عن الصلة في وقتها مع الجماعة‪ ،‬إنا لله وإنا‬
‫إليه راجعون‪.‬‬

‫)‪(16 /‬‬

‫وأما عن اللعب بالورق والطاولة وغيرها قال ‪ e‬من لعب بالنرد فقد عصى‬
‫الله ورسوله"‪.‬‬
‫وقال‪ }:‬من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم الخنزير {‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬العتقادات الخاطئة والخرافات‬
‫‪ -1‬العتقاد بأنه إذا ُقتل إنسان في مكان‪ ،‬يخرج عفريته يتمثل للناس ليل‬
‫ويخيفهم‪ .‬وهذه خرافة ل أساس لها‪ .‬إنما هي أوهام قال تعالى‪ }:‬وأنه كان‬
‫رجال من النس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا {] الجن ‪ .[6‬بل‬
‫هذه هي الهامة التي نفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال ‪ } :e‬ل‬
‫عدوى ول طيرة ول هامة‪ ،‬ول صفر‪ ،‬ول غول { ] صحيح رواه مسلم [‪.‬‬
‫‪ -2‬العتقاد بأن هناك ساعة نحس في يوم الجمعة – هذا اعتقاد خاطئ‪ ،‬بل‬

‫‪128‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العكس هو الصحيح؛ فهناك ساعة سعد ُيستجاب فيها الدعاء؛ قال ‪} :e‬أفضل‬
‫اليام عند الله يوم الجمعة { ]صحيح رواه البيهقي ‪.[1098‬‬
‫وقال‪ } :‬يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة‪ ،‬منها ساعة ل يوجد عبد مسلم يسأل‬
‫الله فيها شيئا إل آتاه الله إياه‪ ،‬فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر{ ] صحيح‬
‫رواه أبو داود ‪.[ 8190‬‬
‫‪ -2‬العتقاد بأن الُنفساء من سقط إذا لقيت امرأة متزوجة حامل في أول‬
‫حملها‪ ،‬فإنها يفسد حملها‪ ،‬وإن لم تكن حامل‪ ،‬يتأخر حملها أي كبستها‪ .‬نعوذ‬
‫بالله من هذا الجهل فإن المور كلها بيد الله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫‪ -3‬العتقاد في أن طاسة الطربة أو الخضة تبرئ المذعور‪ :‬وهى طاسة من‬
‫النحاس بها أربعون مفتاحا تملها ماء وتضعها ليلة على ظهر البيت مكشوفة‬
‫للسماء ثم يتجرعها المذعور صباحا‪ ،‬أياما معلومة‪ ،‬فيبرأ مما به‪ .‬إنا لله وإنا‬
‫إليه راجعون ما بعد الجهل إل الضلل‪ .‬قال تعالى‪ }:‬أل بذكر الله تطمئن‬
‫القلوب )‪] { (28‬الرعد ‪.[28‬‬
‫كسرن فإنه أخذ الشر وراح‪ :‬هذا ليس صحيحا فإن كسر‬ ‫العتقاد بأن الناء إذا ُ‬
‫الناء لم يأخذ الشر ول الخير‪ .‬فالمور كلها مقدرة بقدر الله‪ .‬والصواب أن‬
‫نقول قدر الله وما شاء فعل‪.‬‬
‫‪ -6‬العتقاد بأن الزواج في شهر المحرم حرام‪ :‬هذا اعتقاد خاطئ حيث أن‬
‫الزواج جائز في أي وقت وكذلك العتقاد بأن الزواج في شهر شوال يورث‬
‫الضنك والنزاع‪ ،‬فهذه عائشة رضى الله عنها تزوجت رسول الله في شوال‬
‫ولم يكن هناك من النساء من هي أحب إليه منها‪.‬‬
‫‪ -7‬العتقاد بأن القفز فوق النار يزيل نظرة العين "الحسد "‪ .‬يحدث هذا‬
‫عندما يرقون من به النظرة باعتقاد أن هذا التخطي يتمثل بصورة العائن‬
‫فيقلعون عين هذا التمثال زاعمين أن ذلك يصرف السوء عن المعين‪ .‬وإذا‬
‫عرفوا العائن لهم احتالوا للحصول على قطعة من ثيابه وحرقوها معتقدين أن‬
‫ذلك يبطل أثر العين‪.‬‬
‫‪ -8‬العتقاد بأن كنس المنزل بالليل يورث الفقر‪ ،‬هذا من الخرافات ومنها‬
‫أيضا ترك بعض الناس تنظف البيت وكنسه عقب سفر أحد من أهله؛ تشاؤما‬
‫وظنا أن ذلك إن حدث فلن يرجع المسافر‪ ،‬وكذلك منع إبرة الخياطة‬
‫والمنخل ليل‪.‬‬
‫‪ -9‬العتقاد بأن تعليق التمائم والخرزة‪ ،‬وحدوة الحصان‪ ،‬والكف "خمسة‬
‫وخميسة " وقرن الفلفل‪ ،‬والحذاء القديم‪ ،‬والحظاظة وما شابه ذلك يمنع‬
‫الحسد‪ ،‬كل هذا شرك قال ‪ }:e‬من علق تميمة فل أتم الله له ومن علق‬
‫ودعة فل أودع الله له {‪ ،‬وقال‪}:‬استعيذوا بالله من العين فإن العين حق {‪.‬‬
‫]صحيح رواه ابن ماجة ‪.[ 938‬‬
‫وقال‪ ":‬من علق تميمة فقد أشرك "‪.‬‬
‫‪ -10‬العتقاد بأن الحجبة تجلب الرزق‪ ،‬أو تمنع الحسد‪ ،‬أو تحبب الزوج في‬
‫زوجته – أو تمنع بكاء الطفل‪ .‬كل هذه خرافات ل أساس لها من الشرع‪.‬‬
‫‪ -11‬العتقاد في السحرة والعرافين } فتح المندل – قراءة الكف والفنجان –‬
‫فتح الكتاب – برجك اليوم{ قال ‪ }:e‬من أتى عرفا فسأله عن شيء‪ ،‬لم تقبل‬
‫له صلة أربعين ليلة { ]رواه مسلم ‪.[5940‬‬
‫وقال‪ ]:‬من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول‪ ،‬فقد كفر بما أنزل على‬
‫محمد { ]صحيح رواه أحمد ‪.[5939‬‬
‫فل يجوز الذهاب للسحرة والعرافين وقراءة الكف والفنجان وقراءة حظك‬
‫اليوم؛ لن كل هذا من الكهانة‪ .‬قال ‪ }:e‬ل تأتوا الكهان { ] صحيح رواه‬

‫‪129‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الطبراني ‪.[ 7180‬‬


‫‪ -12‬التشاؤم من الدخول بنحو لحم أو باذنجان أو بلح أحمر أو ذهب على‬
‫المرأة في أيام نفاسها‪ ،‬زاعمين أن ذلك يكبسها ويمنع نزول اللبن‪ .‬وكذلك‬
‫دخول من قدم من سفر أو حلق لحيته لتوه‪ .‬كل ذلك غير معقول‪ .‬وتأخر‬
‫اللبن ناشئ من تسلط الوهم على الوالدة فتختل الدورة الدموية في جسدها‬
‫فتؤثر على إدرار اللبن‪.‬‬
‫‪ -13‬التشاؤم إذا جاء أحد العيدين يوم الجمعة – وكيف يكون شؤما يوم‬
‫يجتمع فيه عيدان؛ عن زيد ابن أرقم قال‪ :‬اجتمع عيدان على عهد رسوله الله‬
‫‪ e‬في يوم واحد‪ ،‬فصلى العيد في أول النهار وقال‪ :‬يا أيها الناس إن هذا يوم‬
‫قد اجتمع لكم فيه عيدان { ] رواه أبو داود [‪.‬‬
‫‪ -14‬التشاؤم من كثرة الضحك وقولهم اللهم اجعله خيرا‪ .‬كثرة الضحك ل‬
‫تجلب شرا ول تمنع خيرا‪ .‬ولكن قد نهانا الرسول ‪ e‬من كثرة الضحك حيث‬
‫قال " ل تكثروا الضحك‪ ،‬فإن كثرة الضحك تميت القلب { ] صحيح رواه ابن‬
‫ماجه ‪.[ 7435‬‬
‫} وكان ‪ e‬ل يضحك إل تبسما { ] رواه أحمد ‪.[4861‬‬

‫)‪(17 /‬‬

‫‪ -15‬التشاؤم من صوت البومة أو الغراب والحدأة‪ ،‬وطنين الذن‪ ،‬ورفيف‬


‫العين‪ ،‬وأكلن اليد‪ ،‬وتنميل القدم‪.‬‬
‫قال ‪ }:e‬ل عدوى ول طيرة ول هامة‪ ،‬ول صفر‪ ،‬ول غول { ] صحيح رواه‬
‫مسلم [‪.‬‬
‫والطيرة تعنى التشاؤم‪ .‬فل يجوز التشاؤم أو التفاؤل من أي شيء؛ لن‬
‫المور كلها بيد الله‪.‬‬
‫وفي حديث ابن عمر مرفوعا‪ }:‬من عرض له من هذه الطيرة شيء فليقل‪:‬‬
‫اللهم ل طير إل طيرك ول خير إل خيرك ول إله غيرك { ] رواه البيقهى[‪.‬‬
‫وقال عكرمة‪ :‬كنا جلوسا عند ابن عباس رضى الله عنهما‪ ،‬فمر طائر يصيح‪.‬‬
‫فقال رجل من القوم‪ ]:‬خير خير [ فقال ابن عباس‪:‬ل خير ول شر‪.‬‬
‫‪ -16‬التشاؤم من ذكر كلمة الموت وقولهم‪ :‬بعيد الشر أو الشر برة وبعيد‪.‬‬
‫قال ‪": e‬أكثروا من ذكر هادم اللذات الموت‪ ،‬فإنه لم يذكره أحد في ضيق‬
‫من العيش أل وسعه عليه ول ذكره في سعة إل ضيقها عليه " ] حسن رواه‬
‫البيقهى ‪.[ 1210‬‬
‫‪ -17‬التشاؤم من اللون السود أو الزرق‪:‬هذا ل يجوز؛ لن التشاؤم من أي‬
‫شيء شرك؛ لقوله ‪ }: e‬الطيرة شرك الطيرة شرك‪ .‬الطيرة شرك {‬
‫والطيرة تعنى التشاؤم ] واه أبو داود[‪.‬‬
‫قال ابن مسعود‪ }:‬وما منا إل‪ ...‬لكن الله يذهبه بالتوكل { فالتشاؤم من‬
‫ألوان معينة أو أيام معينة أو أرقام معينة أو أشخاص معينين أو أي شيء ل‬
‫يجوز؛ قال الله عز وجل‪ }:‬قل لن يصيبنا إل ما كتب لنا { ]التوبة ‪.[51‬‬
‫‪ -18‬العتقاد بأن المرأة هى المسؤولة عن إنجاب الذكور‪.‬‬
‫للسف الشديد هناك بعض من الرجال يحزن إن لم تلد له زوجته ذكورا‪ ،‬وإذا‬
‫بشر بأن زوجته ولدت له بنتا أصابه الهم والحزن‪ ،‬وتحدث المشكلت وقد‬
‫يصل المر إلى الطلق‪ ،‬وفي هذا المر خطأ وإثم من جهتين ‪:‬‬
‫الولى‪ :‬إنه اعتراض على قدر الله القائل سبحانه‪ }:‬لله ملك السماوات‬
‫والرض يخلق ما يشاء يهب لهم يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور‪ ،‬أو‬

‫‪130‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما{ ] ‪.[50 - 49‬‬


‫الثانية‪ :‬مشابهة أهل الكفر الذين كانوا كما قال عنهم ربهم جل وعل‪ }:‬و إذا‬
‫بشر أحدهم بالنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم‪ ،‬يتوارى من القوم من سوء‬
‫ما ُبشر به { ] النحل ‪.[59-58:‬‬
‫مع العلم أن التجارب والبحاث العلمية الحديثة قد أثبتت أن نوع المولود ل‬
‫دخل للم فيه مطلقا‪ ،‬وأن الرجل هو الذي يحمل أيا من النوعين بإذن الله‪،‬‬
‫وهذا ما كانت المرأة القديمة تعتقده بفطرتها السليمة‪ ،‬فهذه امرأة رجل‬
‫يسمى أبو حمزة هجرها؛ لنها لم تلد له بنينا‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫ما لبى حمزة ل يأتينا ويذهب للبيت الذي يلينا‬
‫تراه حيران غضبان ل ننا لم نلد له البنينا‬
‫والله ما هذا لعيب فينا فنحن كالرض لزارعينا‬
‫ننبت ما قد ألقى فينا‬
‫رابعا‪:‬المعاملت المادية الخاطئة‬
‫‪ -1‬تبادل الذهب بالذهب مع أخذ أو دفع الفرق‪ :‬فإن هذا ل يجوز لقوله ‪:e‬ل‬
‫تبيعوا الذهب بالذهب ول الورق بالورق‪ ،‬إل وزنا بوزن مثل بمثل سواء بسواء‬
‫] صحيح رواه مسلم ‪.[7213‬‬
‫وقال ‪:e‬من كان يؤمن بالله واليوم الخر فل يأخذن إل مثل بمثل – يعنى‬
‫الذهب بالذهب ]صحيح – رواه مسلم [‪.‬‬
‫وقال ‪: e‬الذهب بالذهب‪ ،‬والفضة بالفضة‪ ،‬والبر بالبر‪ ،‬والشعير بالشعير‪،‬‬
‫والتمر بالتمر‪ ،‬والملح بالملح‪ ،‬مثل بمثل يدا بيد‪ ،‬فمن زاد أو استزاد فقد أربى‬
‫والخذ والمعطى سواء ]صحيح – رواه مسلم ‪.[3446‬‬
‫وثبت في الصحيحين وغيرهما في قصة بل ل رضى الله عنه أنه جاء إلى‬
‫النبي ‪ e‬بتمر جيد فقال له أكل تمر خيبر هكذا‪ .‬قال ‪:‬ل ولكننا نبتاع الصاع من‬
‫هذا بالصاعين‪ ،‬والصاعين بالثلثة‪ .‬فقال رسول الله ‪ :e‬أّوه ل تفعل! عين الربا‬
‫عين الربا – قال ‪: e‬بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم جنيبا – أي تمر جيد‪.‬‬
‫‪ -2‬العمل في تفصيل الملبس الخارجية للنساء الضيقة والقصيرة والشفافة‬
‫والمفتوحة من الخلف أو المام‪ .‬كل هذا ل يجوز؛ لن هذا يعمل على إظهار‬
‫المفاتن ويشجع على الثارة والفاحشة قال تعالى‪ }:‬إن الذين يحبون أن‬
‫تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والخرة { ]النور‬
‫‪.[19‬‬
‫‪ -3‬من المعاملت الخاطئة بيع ما ل تملكه‪ ،‬فل يجوز للنسان أن يبيع شيئا ل‬
‫يملكه؛ لقوله ‪:e‬ل تبع ما ليس عندك ]صحيح [‪.‬‬
‫فمثل رجل يريد شراء سلعة وليس عنده ثمنها‪ ،‬فيذهب إلى من عنده المال‬
‫فيشتريها له ثم يأخذ منه الثمن مؤجل أكثر من ثمنها حيلة على الربا واضحة‬
‫جدا قال تعالى‪ }:‬يمحق الله الربا ويربي الصدقات { ] البقرة ‪.[ 276‬‬
‫أما إذا اشتراها وتسلمها ودخلت في ملكه وضمانه ثم باعها نسيئة فل حرج‪،‬‬
‫قال ‪}: e‬الخراج بالضمان {‪.‬‬
‫‪ -4‬بيع العينة‪:‬وهو أن يشترى النسان سلعة من التاجر بثمن مؤجل‬
‫"بالقسط" ثم يبيع هذه السلعة لنفس التاجر بثمن مدفوع له نقدا‪ ،‬ثم يسدد‬
‫القساط كما هو متفق‪ .‬فهذا تحايل وهو عين الربا‪ ،‬أي بيع العينة‪ ،‬قال ‪ }:e‬إذا‬
‫تبايعتم بالعينة‪ ،‬وأخذتم أذناب البقر‪ ،‬ورضيتم بالزرع‪ ،‬وتركتم الجهاد‪ ،‬سلط‬
‫الله عليكم ذل‪ ،‬ل ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم { ]صحيح رواه أبو داود‪:‬‬
‫السلسلة الصحيحة ‪.[11‬‬

‫‪131‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(18 /‬‬

‫‪ -5‬أكل أموال الناس بالباطل من أخذ رشوة أو خلو الرجل – أو الهدايا لنهاء‬
‫مصلحة – أو أخذ مبلغ من المال نظير ختم الستمارات بختم النسر‪.‬‬
‫قال ‪ ":e‬كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به"‪ .‬أو استخدام السيارات‬
‫الحكومية للتكسب منها‪.‬‬
‫قال ‪ ":e‬يأتى على الناس زمان ما يبالي الرجل من أين أصاب المال؟ من‬
‫حلل أو حرام ]صحيح – رواه النسائي ‪[ 8003‬‬
‫وقال تعالى‪):‬وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم‬
‫فليتقوا الله وليقولوا قول سديدا ( ]النساء‪[9:‬‬
‫‪ -6‬القرض أو القتراض بفائدة هذا ربا قال ‪ ":e‬درهم ربا يأكله الرجل هو أشد‬
‫عند الله من ستة وثلثين زنية " ]صحيح ‪ -‬رواه أحمد ‪[ 3375‬‬
‫قال ‪ ":e‬ما ظهر في قوم الربا والزنا إل أحلوا بأنفسهم عقاب الله " ]حسن‪-‬‬
‫رواه أحمد ‪[5634‬‬
‫‪ -7‬بيع الصور التي فيها الروح وكذلك التماثيل‪:‬هذا حرام قال ‪ ":e‬ل تدخل‬
‫الملئكة بيتا فيه تماثيل أو تصاوير " ]صحيح ‪ -‬رواه أحمد ‪[ 7260‬‬
‫فل يجوز بيع الصور والتماثيل التي فيها الروح ول وضعها بالبيوت والمحلت‬
‫التجارية‪.‬‬
‫خامسا‪:‬السماء الخاطئة‬
‫ينبغي للمسلم أن يختار من السماء أحسنها‪ ،‬كاسم عبد الله وعبد الحمن‬
‫وأحمد ومحمد ونحوهم من السماء الحسنة لما جاء في الحديث الذي رواه‬
‫ابن عمر رضى الله عنهما مرفوعا‪ :‬أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد‬
‫الرحمن ]صحيح رواه وأبو داود [‪.‬‬
‫فينبغي للمسلمين أن يحبوا من السماء ما أحبه الله لهم‪ ،‬فهم يدعون يوم‬
‫القيامة بأسمائهم وأسماء آبائهم‪ ،‬كما روى أبو داود بسنده‪ }:‬إنكم تدعون‬
‫بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم{ ]حسن رواه أبو داود وابن‬
‫حبان [‪.‬‬
‫ومن السماء الخاطئة الموجودة في مجتمعاتنا‪:‬‬
‫‪ -1‬عبد الموجود‪:‬وهو خطأ وصوابه عبد الواجد؛ لن الموجود ليس من‬
‫السماء الحسنى‪.‬‬
‫‪ -2‬عبد العال‪ :‬وهو خطأ وصوابه عبد العلى أو عبد المتعال أو عبد العلي؛ لن‬
‫العال ليس من أسماء الله الحسنى‪.‬‬
‫‪ -3‬عبد الستار‪:‬وهو خطأ وصوابه عبد الستير؛ لن الستار ليس من السماء‬
‫الحسنى‪.‬‬
‫‪ -4‬عبد العاطي‪ :‬وهو خطأ وصوابه عبد المعطي؛ لن العاطي ليس من‬
‫السماء الحسنى‪.‬‬
‫‪ -5‬عبد النبي‪ :‬وهو خطأ وصوابه عبد رب النبي‪.‬‬
‫وعبد الرسول‪ :‬وهو خطأ وصوابه عبد رب الرسول‪.‬‬
‫‪ -6‬عاصية‪ ،‬وحزن‪ ،‬وأصرم وأفلح ونجيح ويسار ورباح لما يأتى ‪:‬‬
‫فقد ورد أن النبي ‪ e‬كان يكره السماء القبيحة ويغيرها؛ فقد روى ابن عمر‬
‫رضى الله عنهما أن رسول ‪ :e‬غير اسم عاصية وقال‪:‬أنت جميلة }صحيح‬
‫رواه مسلم {‪.‬‬
‫وعن سعيد بن المسيب بن حزن أن أباه حزنا جاء إلى النبي ‪ e‬فقال له‪ }:‬ما‬
‫اسمك؟ قال‪:‬حزن‪ ،‬قال‪:‬أنت سهل‪ ،‬قال‪:‬ل أغير اسما سمانيه أبى !! قال ابن‬

‫‪132‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المسيب فما زالت الحزونة فينا بعد { ] صحيح – رواه البخاري [‪.‬‬
‫وجاء في سنن أبى داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل "ما‬
‫اسمك؟ قال‪:‬أصرم‪:‬قال‪:‬أنت زرعة"‪] .‬حسن – رواه أبو داود[‬
‫وروى سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪":‬ل تسمين غلمك‬
‫أفلح ول نجيحا ول يسارا ول رباحا فإنك إذا قلت‪ :‬أثم هو؟ قالوا‪:‬ل " ]صحيح –‬
‫رواه مسلم وأصحاب السنن[‬
‫واسم عزرائيل اسم خطأـ والصحيح أن نقول ملك الموت؛ لنه لم يثبت أن‬
‫اسمه عزرائيل‪.‬‬
‫كذلك ينبغي للمسلم أن يبتعد عن أسماء مثل‪:‬الفأر‪ ،‬القط‪ ،‬السيسى‪ ،‬البغل‪،‬‬
‫ما لم تكن ألقابا متوارثة اشتهرت عن آبائهم‪ ،‬كما رأينا في الصحابة زينب‬
‫بنت جحش‪ ،‬وعبد الله بن حمار‪ ،‬وفاطمة بنت أسد رضى الله عنهم‪.‬‬
‫الخاتمة‬
‫أيها الخ المسلم‪:‬هذه نصائح إليك في كتاب الله وسنة نبينا ‪ e‬وفقنا الله‬
‫لجمعها وصياغتها فإن أصبت فهذا من فضل الله وحده‪ .‬وإن كان خطأ فمن‬
‫نفسي ومن الشيطان‪ ،‬والله منه بريء وما أريد إل الصلح ما استطعت وما‬
‫توفيقي إل بال‪.‬له وما نريد إل أن نرى المسلمين جميعا بكتاب الله وسنهة‬
‫نبيه ‪ e‬عاملين‪ ،‬وإلى الله داعين‪ ،‬ولما اندرس من السنن محبين‪ ،‬ولهل‬
‫الشركيات واعظين وناصحين‪ ،‬وللغش والخيانة والمكر والخديعة وأكل الحرام‬
‫واليمان الكاذبة والغضب والنهب والرشوة والسرقة والقتل والزنا وأذى‬
‫الجار والفحش في القول واللعن والبخل والشح والحقد والحسد والكبر‬
‫والغيبة والنميمة والتشاحن والتدابر والحلف بغير الله والنذر لغيره والغدر‬
‫وخلف الوعد لكل هذا تاركين‪ ،‬ولجميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما‬
‫بطن مبتعدين‪ ،‬وآمرين بالمعروف وناهين عن المنكر‪.‬‬
‫فعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال‪:‬كنت عاشر عشرة من المهاجرين‬
‫عند رسول الله ‪ e‬فأقبل علينا رسول الله ‪ e‬بوجهه فقال‪:‬‬

‫)‪(19 /‬‬

‫" يا معشر المهاجرين خمس خصال أعوذ بالله أن تدركوها‪ :‬ما ظهرت‬
‫الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إل ابتلوا بالطواعين والوجاع التي لم تكن‬
‫في أسلفهم الذين مضوا‪ ،‬ول نقص قوم المكيال إل ابتلوا بالسنين وشدة‬
‫منعوا القطر من‬ ‫المؤونة وجور السلطان‪ ،‬وما منع قوم زكاة أموالهم إل ُ‬
‫السماء ولول البهائم لم يمطروا‪ ،‬ول خلف قوم العهد إل سلط الله عليهم‬
‫عدوا من غيرهم‪ ،‬فأخذوا بعض ما في أيديهم‪ ،‬وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل‬
‫الله في كتابه إل جعل الله بأسهم بينهم " ]رواه ابن ماجة[‬
‫وكل هذا الذي حل بأمتنا من ضعف ووهن وضنك إنما كان بمعاصينا وذنوبنا‬
‫)ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي‬
‫عملوا لعلهم يرجعون( ‪] .‬الروم‪[41:‬‬
‫بتركنا المر بالمعروف والنهى عن المنكر وتفريطنا في أعظم وأول ما فرضه‬
‫الله علينا وهو التوحيد‪ ،‬وما وقع منا من التهاون في أول ما نهانا الله عنه وهو‬
‫الشرك به‪ ،‬وأعلن الناس المعاصي وجهروا بها فكان غضب الله وعذابه‪.‬‬
‫ذكر أبو عمر بن عبد البر عن أبى عمران‪ ،‬قال‪:‬‬
‫" بعث الله عز وجل ملكين إلى قرية أن دمروها بمن فيها فوجدوا فيها رجل‬
‫قائما يصلى في مسجد فقال‪ :‬يا رب إن فيها عبدك فلنا يصلى‪ ،‬فقال الله عز‬

‫‪133‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وجل‪:‬دمراها ودمراه معهم فإنه ما تمعر وجهه في قط " ]تمعر‪:‬عبس وظهر‬


‫عليه الغضب[‬
‫ولما زلزلت الرض على عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال‪ :‬أيها‬
‫الناس ما كانت هذه الزلزلة إل على شيء أحدئتموه‪ .‬والذي نفسي بيده لئن‬
‫عادت ل أساكنكم فيها أبدا‪) .‬رواه ابن أبى الدنيا(‪.‬‬
‫وذكر ابن أبى الدنيا عن أنس بن مالك أنه دخل على عائشة رضى اله عنها‬
‫ومعه رجل آخر فقال لها الرجل‪ :‬يا أم المؤمنين حدثينا عن الزلزلة‪ .‬فقالت‪:‬‬
‫إذا استباحوا وشربوا الخمور وضربوا بالمعازف غار الله في سمائه‪ ،‬فقال‬
‫للرض تزلزلي بهم‪ .‬فإن تابوا ونزعوا وإل هدمها عليهم‪ .‬قال‪ :‬يا أم المؤمنين‪:‬‬
‫أعذابا بهم؟ قالت‪ :‬بل موعظة ورحمة للمؤمنين ونكال وعذابا وسخطا على‬
‫الكافرين‪ .‬فقال أنس‪ :‬ما سمعت حديثا بعد رسول الله ‪ e‬أنا أشد فرحا به‬
‫منى بهذا الحديث‪.‬‬
‫وختاما‪:‬هذا ما تيسر جمعه من الخطاء الشائعة في أقوالنا وأفعالنا ومعاملتنا‬
‫وأسمائنا‪ .‬ونسأل الله عز وجل أن يكون هذا العمل خالصا لوجهة الكريم‪ ،‬كما‬
‫نسأل كل من قرأ هذا الكتاب أن يدعو بظهر الغيب لكل من شارك في جمع‬
‫الكتاب‪ ،‬وغن كان هناك أخطاء شائعة أخرى لم ترد في هذا الكتاب فنرجو‬
‫إرسالها ليمكن إضافتها في الطبعات القادمة إن شاء الله‪.‬‬
‫البريد اللكتروني‪:‬‬
‫‪tazahran@hotmail.com‬‬
‫‪tazahran7@yahoo.com‬‬
‫وأخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على محمد وآله‬
‫وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫)‪(20 /‬‬

‫كلمة ] بلى [ في القرآن ‪... ... ...‬‬


‫وقعت ] بلى [ فى كتاب الله عز وجل فى اثنين وعشرين موضعا وفى ست‬
‫عشرة سورة ‪ ،‬وتنقسم ثلثة أقسام ‪:‬‬
‫القسم الول ‪-:‬‬
‫وهو اختيار القراء وأهل اللغة – الوقف عليها لنها جواب لما قبلها غير متعلق‬
‫بما بعدها وذلك فى عشرة مواضع‬
‫موضعان فى البقرة ‪:‬‬
‫ن* ب ََلى { )البقرة ‪(81-80‬‬ ‫َ‬
‫مو َ‬ ‫ما ل ت َعْل َ ُ‬ ‫ن عََلى الل ّهِ َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫م تَ ُ‬‫قوله تعالى ‪ } :‬أ ْ‬
‫ن * ب ََلى { )البقرة ‪(112-111‬‬ ‫صادِِقي َ‬‫م َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫وقوله تعالى ‪ } :‬إ ِ ْ‬
‫م‬
‫ب وَهُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ن عَلى اللهِ الك َذِ َ‬ ‫َ‬ ‫قولو َ‬‫ُ‬ ‫وفى آل عمران موضعان ‪ :‬قوله تعالى ‪ } :‬وَي َ ُ‬
‫ن * ب ََلى { )آل عمران ‪(76-75‬‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫مو َ‬
‫ن* ب ََلى { )آل‬ ‫من َْزِلي َ‬ ‫ملئ ِك َةِ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ف ِ‬ ‫م ب َِثلث َةِ آل ٍ‬‫م َرب ّك ُ ْ‬ ‫مد ّك ُ ْ‬‫وقوله تعالى } ي ُ ِ‬
‫عمران ‪(125-124‬‬
‫َ‬
‫م َقالوا ب َلى {‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت ب َِرب ّك ْ‬ ‫س ُ‬ ‫وفى العراف موضع واحد ‪ :‬قوله تعالى ‪ } :‬أل ْ‬
‫)لعراف‪ :‬من الية ‪ (172‬وفيه خلف‬
‫سوءٍ‬ ‫م ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وفى النحل موضع واحد ‪ :‬قوله تعالى ‪ } :‬فَأل َ‬
‫ن ُ‬ ‫م ْ‬
‫ل ِ‬ ‫ما كّنا ن َعْ َ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ‬ ‫وا ال ّ‬ ‫ق ُ‬
‫ب ََلى { )النحل‪ :‬من الية ‪(28‬‬
‫م ب ََلى {‬ ‫َ‬
‫مث ْل َهُ ْ‬ ‫خل ُقَ ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫قادِرٍ عََلى أ ْ‬ ‫وفى يس موضع واحد ‪ :‬قوله تعالى‪ } :‬ب ِ َ‬
‫)ّيس‪ :‬من الية ‪(81‬‬

‫‪134‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫وفى غافر موضع واحد ‪ :‬قوله تعالى ‪َ } :‬قاُلوا أ َول َم ت ُ ْ‬
‫سل ُك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م ُر ُ‬ ‫ك ت َأِتيك ُ ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ت َقاُلوا ب ََلى { )غافر‪ :‬من الية ‪(50‬‬ ‫ِبال ْب َي َّنا ِ‬
‫َ‬
‫موَْتى‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫حي ِ َ‬‫ن يُ ْ‬ ‫قادِرٍ عََلى أ ْ‬ ‫وفى الحقاف موضع واحد ‪ :‬قوله تعالى ‪ } :‬ب ِ َ‬
‫ب ََلى { )الحقاف‪ :‬من الية ‪(33‬‬
‫حوَر * ب ََلى {)النشقاق‬ ‫َ‬
‫ن يَ ُ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫وفى النشقاق موضع واحد قوله تعالى ‪ } :‬أ ْ‬
‫‪(14،15‬‬
‫وقد أجاز بعضهم البتداء بها وليس بمختار والله أعلم‬
‫القسم الثاني ‪-:‬‬
‫مال يجوز الوقف عليه لتعلق مابعدها بما قبلها وذلك فى سبعة مواضع ‪:‬‬
‫حقّ َقاُلوا ب ََلى وََرب َّنا {‬ ‫فى النعام موضع وهو قوله تعالى‪َ } :‬قا َ َ‬
‫ذا ِبال ْ َ‬ ‫س هَ َ‬ ‫ل أل َي ْ َ‬
‫)النعام‪ :‬من الية ‪(30‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ث‬ ‫م ل ي َب ْعَ ُ‬ ‫مان ِهِ ْ‬ ‫جهْد َ أي ْ َ‬ ‫موا ِباللهِ َ‬ ‫س ُ‬ ‫وفى النحل موضع وهو قوله تعالى‪ } :‬وَأقْ َ‬
‫قا ً { )النحل‪ :‬من الية ‪(38‬‬ ‫ح ّ‬ ‫عدا ً عَل َي ْهِ َ‬ ‫ت ب ََلى وَ ْ‬ ‫مو ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ْ‬
‫ة‬
‫ساعَ ُ‬ ‫فُروا ل ت َأِتيَنا ال ّ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫وفى سورة سبأ موضع وهو قوله تعالى ‪ } :‬وََقا َ‬
‫ْ‬
‫م { )سبأ‪ :‬من الية ‪(3‬‬ ‫ل ب ََلى وََرّبي ل َت َأت ِي َن ّك ُ ْ‬ ‫قُ ْ‬
‫َ‬
‫ب لَ ْ‬
‫و‬ ‫ذا َ‬ ‫ن ت ََرى ال ْعَ َ‬ ‫حي َ‬ ‫ل ِ‬ ‫قو َ‬ ‫وفى سورة الزمر موضع وهو قوله تعالى ‪ } :‬أوْ ت َ ُ‬
‫ك آَياِتي { )الزمر‪(58،59:‬‬ ‫جاَءت ْ َ‬ ‫ن * ب ََلى قَد ْ َ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫ن ِلي ك َّرةً فَأ َ ُ‬ ‫أ ّ‬
‫َ‬
‫فُروا‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ض ال ّ ِ‬ ‫م ي ُعَْر ُ‬ ‫وفى سورة الحقاف موضع وهو قوله تعالى ‪ } :‬وَي َوْ َ‬
‫حقّ َقاُلوا ب ََلى وََرب َّنا {)الحقاف‪ :‬من الية ‪(34‬‬ ‫َ‬
‫ذا ِبال ْ َ‬ ‫س هَ َ‬ ‫عََلى الّنارِ أل َي ْ َ‬
‫َ‬
‫ن ي ُب ْعَُثوا‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫فُروا أ ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫وفىسورة التغابن موضع وهو قوله تعالى ‪َ } :‬زعَ َ‬
‫ن { )التغابن‪ :‬من الية ‪(7‬‬ ‫ل ب ََلى وََرّبي ل َت ُب ْعَث ُ ّ‬ ‫قُ ْ‬
‫ع‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫ن أل ْ‬ ‫سا ُ‬ ‫ب ال ِن ْ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وفى سورة القيامة موضع وهو قوله تعالى ‪ } :‬أي َ ْ‬
‫َ‬
‫ه { )القيامة‪(3،4:‬‬ ‫سوّيَ ب ََنان َ ُ‬ ‫ن نُ َ‬ ‫ن عََلى أ ْ‬ ‫ه* ب ََلى َقادِِري َ‬ ‫م ُ‬‫ظا َ‬ ‫ع َ‬ ‫ِ‬
‫القسم الثالث ‪-:‬‬
‫وفيه الخلف فمنهم من أجاز الوقف ومنهم من منع والحسن أن ل يوقف‬
‫عليها ل تصالها بما قبلها وما بعدها وذلك فى خمسة مواضع ‪:‬‬
‫ْ‬ ‫فى البقرة موضع وهو قوله تعالى ‪َ } :‬قا َ َ‬
‫ن‬
‫مئ ِ ّ‬
‫ن ل ِي َط َ‬ ‫ل ب ََلى وَلك ِ ْ‬
‫َ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ت ُؤْ ِ‬ ‫ل أوَل َ ْ‬
‫قَل ِْبي { )البقرة‪ :‬من الية ‪(260‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫س ٌ‬
‫ل‬ ‫م ُر ُ‬ ‫م ي َأت ِك ُ ْ‬ ‫خَزن َت َُها أل َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ل ل َهُ ْ‬ ‫وفى الزمر موضع وهو قوله تعالى ‪ } :‬وََقا َ‬
‫ذا َقاُلوا ب ََلى وَل َك ِ ْ‬
‫ن‬ ‫م هَ َ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫قاَء ي َوْ ِ‬ ‫م لِ َ‬ ‫م وَي ُن ْذُِرون َك ُ ْ‬ ‫ت َرب ّك ُ ْ‬ ‫م آَيا ِ‬ ‫ن عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫م ي َت ُْلو َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫ن { )الزمر‪ :‬من الية ‪(71‬‬ ‫ِ ِ َ‬ ‫ري‬‫ف‬ ‫َ‬
‫كا‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬
‫َ ْ ِ َ ُ َ‬‫ة‬ ‫م‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ّ‬ ‫ق‬ ‫ح‬
‫م‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫س‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫بو‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫}‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫وهو‬ ‫موضع‬ ‫وفى الزخرف‬
‫َ ْ َ ُ ِ ّ ُ ْ‬ ‫ْ َ ْ َ ُ َ ّ‬
‫ن {)الزخرف ‪(80‬‬ ‫م ي َك ْت ُُبو َ‬ ‫سل َُنا ل َد َي ْهِ ْ‬ ‫م ب ََلى وَُر ُ‬ ‫واهُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫وَن َ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م َقالوا ب َلى‬ ‫معَك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ن َك ُ ْ‬ ‫م أل ْ‬ ‫وفى الحديد موضع وهو قوله تعالى ‪ } :‬ي َُناُدون َهُ ْ‬
‫م { )الحديد‪ :‬من الية ‪(14‬‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫م أ َن ْ ُ‬ ‫م فَت َن ْت ُ ْ‬ ‫وَل َك ِن ّك ُ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫جاَءَنا‬ ‫ذيٌر * َقاُلوا ب ََلى قَد ْ َ‬ ‫م نَ ِ‬ ‫م ي َأت ِك ُ ْ‬ ‫وفى الملك موضع وهو قوله تعالى ‪ } :‬أل َ ْ‬
‫ذير { )الملك‪ :‬من الية ‪(8،9‬‬ ‫نَ ِ‬
‫و] بلى[ جواب استفهام فيه حرف نفى كقولك ألم تفعل كذا ؟ فيقول بلى ‪.‬‬
‫قال فى مختار الصحاح ‪ ] :‬بلى[ جواب للتحقيق توجب ما يقال لك لنها ترك‬
‫للنفى وهى حرف لنها ضد ] ل[ ‪... ...‬‬
‫‪... ...‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪135‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كلمة التقوى في القرآن‬


‫شرفة ] ل إله إل الله [ كلمة السعادة والنجاة والفوز العظيم‬ ‫لهذه الكلمة الم ّ‬
‫والتوحيد الخالص‪ ،‬أسماء عديدة في القرآن الكريم‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ن }‪ {2‬أ ََل ل ِل ِّ‬
‫ه‬ ‫ه ال ّ َ‬
‫دي‬ ‫خِلصا ً ل ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫‪ – 1‬كلمة الخلص‪ :‬قال تعالى‪َ } :‬فاعْب ُدِ الل ّ َ‬
‫ص {‪] ...‬الزمر‪ ، [2،3 :‬أي العبادة ‪.‬‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ول يتم الخلص لله تعالى في العبادة إل بتوحيده وإفراده باللوهية و‬
‫ع‬
‫مي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫يٌء وَهُوَ ال ّ‬ ‫ش ْ‬ ‫مث ْل ِهِ َ‬ ‫س كَ ِ‬ ‫الربوبية‪ ،‬ونفي الشريك والمماثل له تعالى‪ } :‬ل َي ْ َ‬
‫ل هُو الل ّ َ‬
‫حد ٌ { ‪...‬‬ ‫هأ َ‬ ‫ُ‬ ‫صيُر { ‪] ...‬الشورى ‪ ،[11 :‬وقد سميت سورة‪ } :‬قُ ْ َ‬ ‫الب َ ِ‬
‫]الخلص‪ [1:‬في القرآن سورة الخلص؛ لورودها كلها في التوحيد الخالص‪.‬‬
‫‪ – 2‬كلمة الحسان‪ :‬أحسن بها العبد إلى نفسه بتوحيد الله تعالى‪ ،‬قول ً‬
‫باللسان‪ ،‬واعتقادا بالجنان‪ ،‬وعمل بالركان‪ ،‬فأحسن الله تعالى إليه بالجزاء‬
‫ن { ‪...‬‬ ‫سا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن إ ِّل اْل ِ ْ‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫جَزاء اْل ِ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫الوفى والمثوبة العظمى‪ ،‬قال تعالى‪ } :‬هَ ْ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫]الرحمن‪ ،[60:‬ول إحسان أعظم من جزائه تعالى عليه‪ ،‬قال تعالى } لل ِ‬
‫َ‬
‫سَنى وَزَِياد َة ٌ { ‪] ...‬يونس‪ ،[26:‬والحسنى جنة الخلد في النعيم‬ ‫ح ْ‬ ‫سُنوا ْ ال ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫المقيم والزيادة النظر في الجنة إلى وجه الله الكريم‪.‬‬
‫‪ - 3‬كلمة العدل‪ :‬قال تعالى } إن الل ّ ْ‬
‫ن { ‪] ...‬النحل‪:‬‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ل َوال ِ ْ‬ ‫مُر ِبال ْعَد ْ ِ‬ ‫ه ي َأ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ ّ‬
‫‪ ،[90‬قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما‪ " :‬العدل شهادة أن ل إله إل الله‪،‬‬
‫والحسان‪ :‬الخلص فيها حتى ل تشوبها شوائب‪ .‬وقيل‪ :‬العدل مع الناس‬
‫والحسان مع نفسك بالطاعة والنقياد إلى الله تعالى "‬
‫دوا إ َِلى‬ ‫ل وَهُ ُ‬ ‫قو ْ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِ‬ ‫دوا إ َِلى الط ّي ّ ِ‬ ‫‪ -4‬الطيب من القول‪ :‬قال تعالى‪ }:‬وَهُ ُ‬
‫ميد ِ { ‪ ] ...‬الحج‪ ،[24:‬ول قول أطيب وأطهر وأزكى من قول‪ :‬ل‬ ‫ح ِ‬ ‫ط ال ْ َ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫ِ‬
‫إله إل الله‪ ،‬هداهم الله إليه فهداهم إلى السلم‪ ،‬وهو صراط الله الحميد‪،‬‬
‫والصراط المستقيم‪.‬‬
‫‪ – 5‬الكلمة الطيبة‪ :‬وصفت بالثبات لن أول من شهد بها هو الله تعالى قال‬
‫ه { ‪] ...‬فاطر‪،[10 :‬‬ ‫ح ي َْرفَعُ ُ‬ ‫صال ِ ُ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ب َوال ْعَ َ‬ ‫م الط ّي ّ ُ‬ ‫صعَد ُ ال ْك َل ِ ُ‬ ‫سبحانه‪ } :‬إ ِل َي ْهِ ي َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت وَفَْرعَُها‬ ‫صل َُها َثاب ِ ٌ‬ ‫جرةٍ ط َي ّب َةٍ أ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫ة كَ َ‬ ‫ة ط َي ّب َ ً‬ ‫م ً‬ ‫مث َل ً ك َل ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ف َ‬ ‫م ت ََر ك َي ْ َ‬ ‫} أل َ ْ‬
‫ماء { ‪] ...‬إبراهيم‪ ،[24 :‬أي كلمة التوحيد كشجرة طيبة الثمار كثيرة‬ ‫س َ‬ ‫ِفي ال ّ‬
‫المنافع‪ ،‬تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها‪ .‬وقيل‪ :‬هي النخلة‪.‬‬
‫‪ – 6‬الكلمة الثابتة‪ :‬وصفت بالثبات لن أول من شهد بها هو الله تعالى‪ ،‬قال‬
‫ة وَأ ُوُْلوا ْ ال ْعِل ْم ِ { ‪] ...‬آل عمران‪:‬‬ ‫مل َئ ِك َ ُ‬ ‫ه إ ِل ّ هُوَ َوال ْ َ‬ ‫ه ل َ إ ِل َ َ‬
‫شهد الل ّ َ‬
‫ه أن ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫سبحانه‪َ ِ َ } :‬‬
‫‪ ،[18‬وهو القول الحق المحكم الذي يثبت الله به المؤمنين في الحياتين‪ ،‬كما‬
‫حَياةِ الد ّن َْيا وَِفي‬ ‫ت ِفي ال ْ َ‬ ‫ل الّثاب ِ ِ‬ ‫قو ْ ِ‬ ‫مُنوا ْ ِبال ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫ت الل ّ ُ‬ ‫قال تعالى‪ } :‬ي ُث َب ّ ُ‬
‫شاُء { ‪] ...‬إبراهيم‪ ،[27 :‬وأول‬ ‫ما ي َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫فعَ ُ‬ ‫ن وَي َ ْ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ض ّ‬ ‫خَرةِ وَي ُ ِ‬ ‫ال ِ‬
‫منازل الخرة القبور عند الموت‪.‬‬
‫‪ – 7‬كلمة التقوى‪ :‬اتقى بها أهلها أن يصفوه تعالى بما وصفه به المشركون‪،‬‬
‫ه‬
‫سول ِ ِ‬ ‫ه عََلى َر ُ‬ ‫كين َت َ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫فوقوا أنفسهم سوء العذاب‪ ،‬قال تعالى‪ } :‬فََأنَز َ‬
‫حقّ ب َِها وَأ َهْل ََها { ‪] ...‬الفتح‪:‬‬ ‫َ‬
‫كاُنوا أ َ‬ ‫وى وَ َ‬ ‫ق َ‬ ‫ة الت ّ ْ‬ ‫م َ‬‫م ك َل ِ َ‬ ‫مهُ ْ‬
‫َ‬
‫ن وَأل َْز َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫وَعََلى ال ْ ُ‬
‫‪ ،[26‬فهم أحق الخلق بهذه الكلمة‪ ،‬وهي مفتاح محبة الله ومفتاح الجنة‪ ،‬وهم‬
‫أهل التقوى وأهل المغفرة‪.‬‬
‫ة‬
‫ة َباقِي َ ً‬ ‫م ً‬ ‫َ‬
‫جعَلَها كل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫‪ – 8‬الكلمة الباقية‪ :‬التي ل تزول ول تحول قال تعالى ‪ } :‬وَ َ‬
‫قب ِهِ { ‪] ...‬الزخرف‪ ،[28 :‬أي في عقب إبراهيم الخليل ـ عليه الصلة‬ ‫ِفي عَ ِ‬
‫ن { ‪] ...‬الزخرف‪:‬‬ ‫دو َ‬ ‫ما ت َعْب ُ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫والسلم ـ الذي قال لبيه وقومه‪ } :‬إ ِن ِّني ب ََراء ّ‬
‫‪ ،[26‬ولذلك قال المفسرون‪ :‬إنها كلمة التوحيد‪.‬‬
‫‪ – 9‬كلمة الله العليا‪ :‬المستعلية على كل شيء لحقيتها وعظمتها‪ ،‬قال‬

‫‪136‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ي ال ْعُل َْيا { ‪...‬‬‫ة الل ّهِ هِ َ‬ ‫فَلى وَك َل ِ َ‬


‫م ُ‬ ‫فُروا ْ ال ّ‬
‫س ْ‬ ‫ن كَ َ‬‫ذي َ‬‫ة ال ّ ِ‬ ‫ل ك َل ِ َ‬
‫م َ‬ ‫جعَ َ‬ ‫تعالى‪ } :‬وَ َ‬
‫]التوبة‪ ،[40 :‬بها استعلى هذا الدين الحنيف على سائر الزمان‪ ،‬كما قال‬
‫ن ك ُل ّهِ { ‪] ...‬الفتح‪ ،[28 :‬لنه هو الدين الحق ولو‬ ‫دي ِ‬‫تعالى‪ } :‬ل ِي ُظ ْهَِره ُ عََلى ال ّ‬
‫كره المشركون‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ى { ‪...‬‬ ‫ل العْل َ‬ ‫‪ – 10‬المثل العلى‪ :‬قال قتادة في قوله تعالى‪ } :‬وَل ِل ّهِ ال ْ َ‬
‫مث َ ُ‬
‫ة‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫جن ّ ِ‬ ‫مث َ ُ‬‫]النحل‪ ،[60:‬هو قول‪ :‬ل إله إل الله‪ ،‬والمثل الصفة‪ ،‬قال تعالى‪ّ } :‬‬
‫ن { ‪] ...‬الرعد‪ [35:‬أي صفتها‪.‬‬ ‫قو َ‬ ‫عد َ ال ْ ُ‬
‫مت ّ ُ‬ ‫ال ِّتي وُ ِ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫واء‬‫س َ‬ ‫مةٍ َ‬ ‫ب ت ََعال َوْا ْ إ َِلى ك َل َ َ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ل َيا أ َهْ َ‬ ‫‪ – 11‬كلمة السواء‪ :‬قال تعالى‪ } :‬قُ ْ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بيننا وبينك ُ َ‬
‫من‬ ‫ضَنا ب َْعضا أْرَبابا ّ‬ ‫خذ َ ب َعْ ُ‬ ‫شْيئا وَل َ ي َت ّ ِ‬ ‫ك ب ِهِ َ‬ ‫شرِ َ‬ ‫ه وَل َ ن ُ ْ‬ ‫م أل ّ ن َعْب ُد َ إ ِل ّ الل ّ َ‬ ‫َََْ َََْ ْ‬
‫ن { ‪] ...‬آل عمران‪ ،[64 :‬قال‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫قولوا ا ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ن الل ّهِ فَِإن ت َوَلوْا فَ ُ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫دوا ب ِأّنا ُ‬ ‫شهَ ُ‬ ‫ُدو ِ‬
‫أبوالعالية‪ " :‬كلمة السواء هي كلمة التوحيد‪ ،‬وسميت كلمة السواء لنها‬
‫الصراط المستقيم على طرفي الفراط والتفريط "‪.‬‬
‫هّ‬
‫ن الل َ‬ ‫‪ – 12‬كلمة النجاة‪ :‬حيث ل نجاة من عذاب الله إل بها‪ ،‬قال تعالى‪ } :‬إ ِ ّ‬
‫ن‬ ‫شاُء { ‪] ...‬النساء‪ } ،[116:‬إ ِ ّ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫ما ُدو َ‬ ‫فُر َ‬ ‫ك ب ِهِ وَي َغْ ِ‬ ‫شَر َ‬ ‫فُر َأن ي ُ ْ‬ ‫ل َ ي َغْ ِ‬
‫م { ‪] ...‬لقمان‪ ،[13:‬وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ ‪ ) :‬سئل‬ ‫ظي ٌ‬ ‫م عَ ِ‬ ‫ك ل َظ ُل ْ ٌ‬ ‫شْر َ‬ ‫ال ّ‬
‫رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الوجبتين فقال‪ :‬من لقي الله ل‬
‫يشرك به شيئا ً دخل الجنة (‪.‬‬
‫حقّ { ‪] ...‬الرعد‪ ،[14:‬أي لله‬ ‫ه د َعْوَةُ ال ْ َ‬ ‫‪ – 13‬دعوة الحق‪ :‬قال تعالى‪ } :‬ل َ ُ‬
‫تعالى الدعوة الملبسة للحق الثابت‪ ،‬وهي كلمة التوحيد كما رواه ابن جرير‪،‬‬
‫وقال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وقتادة ومالك عن محمد بن المنكدر‪:‬‬
‫هي ل إله إل الله ‪ .‬أ هـ‪ ،‬ومعنى كونها له تعالى أنه شرعها وأمر بها‪ ،‬وجعل‬
‫افتتاح السلم بها بحيث ل يقبل بدونها ‪ ،‬وأما دعوة الكافرين فهي باطل من‬
‫ل { ‪...‬‬ ‫ضل َ ٍ‬ ‫ن إ ِل ّ ِفي َ‬ ‫ري َ‬ ‫كافِ ِ‬ ‫عاُء ال ْ َ‬ ‫ما د ُ َ‬ ‫القول وضلل مبين‪ ،‬كما قال تعالى‪ } :‬وَ َ‬
‫]الرعد‪.[14:‬‬
‫من عَْهدا ً‬ ‫خذ َ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ح َ ِ‬ ‫عند َ الّر ْ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ة إ ِل َ‬ ‫فاعَ َ‬ ‫ش َ‬ ‫مل ِكو َ‬ ‫‪ – 14‬العهد‪ :‬قال تعالى‪ } :‬ل ي َ ْ‬
‫{ ‪] ...‬مريم‪ ،[87:‬قال ابن عباس‪ " :‬هو قول ل إله إل الله بدليل قوله تعالى‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫م { ‪ ] ...‬البقرة‪ [40:‬وعهده تعالى هو اليمان‬ ‫ف ب ِعَهْدِك ُ ْ‬ ‫دي أو ِ‬ ‫} وَأوُْفوا ْ ب ِعَهْ ِ‬
‫َ‬
‫ت { ‪] ...‬البقرة‪ ،[41 :‬وهو أول العهود‪،‬‬ ‫ما أنَزل ْ ُ‬ ‫مُنوا ْ ب ِ َ‬ ‫الذي أمر به بقوله‪َ } :‬وآ ِ‬
‫م َقاُلوا ْ ب ََلى { ‪] ...‬العراف‪." [172:‬‬ ‫َ‬
‫ت ب َِرب ّك ُْ‬ ‫س َ‬ ‫لقوله تعالى‪ } :‬أل َ ْ‬
‫موا‬ ‫قا ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ن َقاُلوا َرب َّنا الل ّ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫‪ - 15‬كلمة الستقامة‪ :‬قال تعالى‪ } :‬إ ِ ّ‬
‫حَزُنوا { ‪] ...‬فصلت‪ ،[30 :‬قال ابن‬ ‫خاُفوا وََل ت َ ْ‬ ‫ة أ َّل ت َ َ‬ ‫مَلئ ِك َ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ل عَل َي ْهِ ُ‬ ‫ت َت َن َّز ُ‬
‫مسعود‪ " :‬ثم استقاموا أي‪ :‬قالوا ل إله إل الله‪ ،‬فنفوا الشركاء والضداد "‪.‬‬
‫ت‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫قاِليد ُ ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫‪ – 16‬مقاليد السماوات والرض‪ :‬قال تعالى‪ } :‬ل َ ُ‬
‫ض { ‪] ...‬الزمر‪ ،[63 :‬أي مفاتيحها‪ ،‬قال ابن عباس‪ :‬هي قول ل إله إل‬ ‫َْ‬
‫َوالْر ِ‬
‫الله‪ ،‬إذ الوحدانية سبب لعمارة العالم‪ ،‬كما أن الشركة سبب لخرابه‪ ،‬قال‬
‫سد ََتا { ‪] ...‬النبياء‪.[22:‬‬ ‫ف َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ة إ ِّل الل ّ ُ‬ ‫ما آل ِهَ ٌ‬ ‫ن ِفيهِ َ‬ ‫كا َ‬ ‫تعالى‪ } :‬ل َوْ َ‬
‫‪ – 17‬القول السديد‪ :‬الذي يسد عن صاحبه أبواب جهنم يوم القيامة‪ ،‬فهو‬
‫فعيل بمعنى فاعل‪.‬‬
‫خرِ { ‪] ...‬البقرة‪:‬‬ ‫ْ‬
‫ن ِباللهِ َوالي َوْم ِ ال ِ‬ ‫ّ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الب ِّر َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪ - 18‬البر‪ :‬قال تعالى‪ } :‬وَلك ِ ّ‬
‫‪ ،[177‬فالبر إشارة إلى اليمان والتوحيد‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ص { ‪] ...‬الزمر‪ ،[3:‬أي‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ن ال َ‬ ‫دي ُ‬ ‫‪ – 19‬الدين الخالص‪ :‬قال تعالى‪ } :‬أَل ل ِل ّهِ ال ّ‬

‫‪137‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لله تعالى العبادة الخالصة له والخضوع والنقياد له ل لغيره‪ ،‬وإنما يكون‬


‫كذلك إذا كان واحدا ً في ألوهيته ل شريك له‪.‬‬
‫م { ‪...‬‬ ‫قي َ‬ ‫مست َ ِ‬ ‫ط ال ُ‬ ‫صَرا َ‬ ‫‪ – 20‬الصراط المستقيم‪ :‬قال تعالى‪ } :‬اهدَِنا ال ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫َ ّ َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ف‬‫ت‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ّ ُ‬‫ب‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ا‬‫عو‬‫قيما ً َفات ّب ُِعو ُ َ َ ّ ِ ُ‬
‫ب‬ ‫ت‬‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬‫طي ُ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫]الفاتحة‪ } ،[6:‬وَأ ّ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ه ل ََهادِ ال ّ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫كم ب ِهِ { ‪] ...‬النعام‪ } ،[ 153:‬وَإ ِ ّ‬ ‫صا ُ‬‫م وَ ّ‬ ‫سِبيل ِهِ ذ َل ِك ُ ْ‬ ‫عن َ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِك ُ ْ‬
‫ط‬
‫صَرا ِ‬ ‫قيم ٍ { ‪] ...‬الحج‪ ،[54:‬وهو قول ل إله إل الله } ِ‬ ‫ست َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫مُنوا إ َِلى ِ‬ ‫آ َ‬
‫ض{ ‪] ...‬الشورى‪. [53:‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ما ِفي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬
‫ما ِفي ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ذي ل ُ‬ ‫اللهِ ال ِ‬
‫حقّ { ‪] ...‬الزخرف‪ ،[86:‬وهو‬ ‫ْ‬
‫شهِد َ ِبال َ‬ ‫من َ‬ ‫ّ‬
‫‪ – 21‬كلمة الحق‪ :‬قال تعالى‪ } :‬إ ِل َ‬
‫قول ل إله إل الله‪.‬‬
‫قد ِ‬ ‫ّ‬
‫من ِباللهِ فَ َ‬ ‫ت وَي ُؤْ ِ‬ ‫غو ِ‬ ‫ّ‬
‫فْر ِبالطا ُ‬ ‫ْ‬
‫ن ي َك ُ‬ ‫م ْ‬‫‪ – 22‬العروة الوثقى‪ :‬قال تعالى‪ } :‬فَ َ‬
‫م ل ََها { ‪] ...‬البقرة‪ ،[256:‬وهي كلمة‬ ‫صا َ‬ ‫ف َ‬‫ى ل َ ان ِ‬
‫ق َ‬ ‫ك ِبال ْعُْروَةِ ال ْوُث ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫التوحيد‪.‬‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫صد ّقَ ب ِهِ أوْلئ ِك هُ ُ‬ ‫ق وَ َ‬ ‫صد ْ ِ‬
‫جاء ِبال ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪ – 23‬كلمة الصدق‪ :‬قال تعالى‪َ } :‬وال ِ‬
‫ن { ‪] ...‬الزمر‪ ،[33:‬وهو قول ل إله إل الله‪.‬‬ ‫قو َ‬ ‫مت ّ ُ‬‫ال ْ ُ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫كلمة عقيدة اشتقاقها ومدلولها‬


‫العقائد هي المور التي تصدق بها النفوس‪ ،‬وتطمئن إليها القلوب‪ ،‬وتكون‬
‫يقينا ً عند أصحابها‪ ،‬ل يمازجها ريب ول يخالطها شك‪.‬‬
‫وكلمة عقيدة في اللغة ‪ :‬مأخوذة من مادة )عقد( ومدارها على اللزوم‬
‫والتأكد والستيثاق‪ ،‬ففي القرآن ‪ ) :‬ل يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن‬
‫يؤاخذاكم بما عقدتم اليمن ( وتعقيد اليمان إنما يكون بقصد القلب وعزمه ‪.‬‬
‫وُيقال )عقد الحبل( أي ‪ :‬شد ّ بعضه ببعض ‪ ،‬والعتقاد ‪ :‬من العقد وهو الربط‬
‫والشد ‪ ،‬يقال‪ :‬اعتقدت كذا ‪ ،‬يعني ‪ :‬جزمت به في قلبي ‪ ،‬فهو حكم الذهن‬
‫الجازم ‪.‬‬
‫شرع هي ‪ :‬أمور علمية يجب على المسلم أن يعتقدها في‬ ‫والعقيدة في ال ّ‬
‫ّ‬
‫قلبه ويؤمن بها إيمانا جازما دون شك ول ريب ول ترّدد ‪ ،‬لن الله أخبره بها‬
‫بطريق كتابه ‪ ،‬أو بطريق وحيه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫وأصول العقائد التي أمرنا الله باعتقادها هي المذكورة في قوله تعالى ‪:‬‬
‫) آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل أمن بالله وملئكته وكتبه‬
‫ورسله ل نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك‬
‫المصير ( ‪ ،‬وحددها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل‬
‫المشهور بقوله ‪ ) :‬اليمان ‪ :‬أن تؤمن بالله‪ ،‬وملئكته ‪ ،‬وكتابه ‪ ،‬ولقائه ‪،‬‬
‫ورسله ‪ ،‬وتؤمن بالبعث الخر ( ‪.‬‬
‫إذن العقيدة في السلم ‪ :‬هي المسائل العلمية التي صح بها الخبر عن الله‬
‫ورسوله ‪ ،‬والتي يجب أن ينعقد عليها قلب المسلم تصديقا ً لله ورسوله ‪.‬‬
‫المصدر ‪ :‬شرح لمعة العتقاد لبن عثيمين والعقيدة في الله لعمر الشقر‬
‫موقع السلم سؤال وجواب‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كلمة فى النتصار لرسول الله ضد قُ َ‬


‫وى الكفر والسفالة وقلة الدب‬
‫مص المنكوح"‬‫ق ّ‬ ‫"الرسول الن ّ‬
‫كاح وال ُ‬

‫‪138‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وى الكفر والسفالة وقلة الدب‬ ‫كلمة فى النتصار لرسول الله ضد قُ َ‬


‫بقلم ‪:‬أ‪.‬د‪/‬إبراهيم عوض‬
‫‪ibrahim_awad9@yahoo.com‬‬
‫استعلن القوم فى المهجر بقلة الدب والسفالة التى كانوا يخفونها تحت رداء‬
‫الرقة والسماحة والمحبة الكاذبة‪ ،‬وأخذوا يشتمون رسول الله أبشع الشتائم‪:‬‬
‫كاح‪ ،‬ومرة الشيطان الكافر‬ ‫فهو مرة الرسول المخّنث‪ ،‬ومرة الرسول الن ّ ّ‬
‫وا كتاب الله‪" :‬قرآن سافو"‪ ،‬و"قرآن‬ ‫م ْ‬‫س ّ‬‫المنافق القاتل الزانى اللص‪ .‬كما َ‬
‫رابسو"‪ ،‬و"الوحى الشيطانى"‪ ،‬ووصفوا المسلمين بأنهم كفرة منافقون زناة‬
‫أولد زانيات‪ ،‬وألفوا قرآنا كاذبا مزيفا وأطلقوا عليه "الفرقان الحق" تصورا‬
‫من الوغاد الوباش أن بمقدورهم إزاحة كتاب الله وإحلل هذا العهر محله‪.‬‬
‫ولم يكتفوا بهذا بل يرسلون إلينا بخطابات مشباكية ويصرخون فى الفضائيات‬
‫يهددوننا بأمريكا التى ستأتى وتمحقنا وتعيد دين الله إلى البلد التى جاء منها‪،‬‬
‫وكأن دينهم صناعة مصرية ولم يأت هو أيضا من خلف الحدود‪ ،‬فضل عن أن‬
‫السلم لم يتعرض لما تعرض له دينهم من عبث وتحريف‪ ...‬إلى آخر ما‬
‫يفعلون مما يدل على أنهم قد فقدوا عقولهم وليس فى أيديهم شىء يمكن‬
‫أن يجادلوا به‪ .‬وقد كنا نسمع هذا كله ونقرؤه وأكثر منه ثم نسكت ونقول‪ :‬إذا‬
‫كان هؤلء الشراميط مجانين فلنكن نحن عقلء‪ .‬ويبدو أن ذلك الموقف‬
‫المتسامى قد غّرهم فظنوا أن الساحة خالية لهم يقولون فى ربنا ونبينا‬
‫وكتابنا وفينا نحن أنفسنا وفى أمهاتنا وآبائنا ما يشاؤون دون رقيب أو حسيب‪.‬‬
‫لكن الكيل قد فاض‪ ،‬فكان ل بد من الرد على هذه السفالت والبذاءات‪ .‬وفى‬
‫دى عليكم"‪،‬‬ ‫دوا عليه بمثل ما اعْت َ َ‬ ‫القرآن الكريم‪" :‬فمن اعتدى عليكم فاعْت َ ُ‬
‫حكم التى يرددها‬ ‫َ‬ ‫ن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به"‪ ،‬وفى المثال وال ِ‬ ‫"وإ ْ‬
‫العقلء من جيل إلى جيل‪" :‬الشر بالشر‪ ،‬والبادئ أظلم"‪ .‬وفى هذه الهوجة‬
‫مص المنكوح فى موقعه المعروف على المشباك كلمة بعنوان "بين‬ ‫ق ّ‬
‫كتب ال ُ‬
‫السيد المسيح والنبى محمد فى القرآن والنجيل" يقارن فيها بين عيسى بن‬
‫مريم والرسول الكريم بغية الوصول إلى أن ثمة فرقا شاسعا ل يمكن‬
‫مص‬ ‫ق ّ‬
‫اجتيازه بين المسيح )الله أو ابن الله( وبين محمد‪ ،‬الذى ينكر ال ُ‬
‫وته كفرا منه وحمقا سيورده بمشيئة الله موارد الجحيم إل إذا كتب‬ ‫المنكوح نب ّ‬
‫ة قبل أن يغرغر‪ .‬وتقوم الكلمة المأبونة كصاحبها على أساس أن‬ ‫الله له توب ً‬
‫القرآن الكريم يقول فى المسيح كذا وكذا مما لم يذكره لمحمد‪ ،‬وهو ما يدل‬
‫فى نظر المأبون على أن محمدا رجل كذاب‪ ،‬وأن عيسى بن مريم إله أو ابن‬
‫للله‪ ،‬وذلك على النحو التالى‪:‬‬
‫"المسيح فى القرآن هو‪:‬‬
‫‪1‬ـ كلمة الله ‪2‬ـ وروح منه ‪3‬ـ آية من الله‬
‫‪4‬ـ بل مساس من البشر ‪5‬ـ وأنه تكلم فى المهد ‪6‬ـ وخلق طيرا ً‬
‫‪7‬ـ شفى المرضى ‪8‬ـ أقام موتى ‪9‬ـ تنبأ بالغيب‬
‫‪10‬ـ مؤيد بالروح القدس ‪11‬ـ مباركا ً ‪12‬ـ خلت من قبله الرسل‬
‫‪13‬ـ ممسوح من الوزار والخطايا ‪14‬ـ صعد إلى السموات ‪15‬ـ سيأتى حكما ً‬
‫مقسطا ً‬
‫‪ 16‬ـ وأنه وجيها ً فى الدنيا والخرة"‪ .‬ودائما ما يختم الحمق كلمه فى كل‬
‫موضوع من هذه المواضيع بالسؤال التالى‪ :‬وماذا عن محمد؟ وهو سؤال ل‬
‫ن واضح‪ .‬وسوف‬ ‫يحتاج إلى شرح ما يحمل فى طياته من مغًزى كما هو ب َي ّ ٌ‬
‫نتناول ما قاله هذا المنكوح بمنطق باتر ل يفهمه ل هو ول أمثاله ممن تعودوا‬

‫‪139‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫على اليمان بما ل يعقلون‪ ،‬بل يرددون ما ي ُل ْ َ‬


‫قى إليهم دون وعى ول إدراك ول‬
‫ذوق‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وسنبدأ بما قاله عن وصف القرآن للسيد المسيح بأنه "كلمة الله"‪ .‬وهذا‬
‫صه‪" :‬المسيح هو كلمة الله ‪) (1) :‬النساء ‪" (171 :4‬إنما المسيح‬ ‫كلمه بن ّ‬
‫عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه"‪) (2) .‬سورة‬
‫آل عمران ‪" (45 :3‬إذ قالت الملئكة‪ :‬يا مريم‪ ،‬إن الله يبشرك بكلمة منه‪،‬‬
‫إسمه المسيح عيسى ابن مريم‪ ،‬وجيها ً فى الدنيا والخرة ومن المقربين"‪(3).‬‬
‫)يوحنا ‪" (1،2،14 :1‬فى البدء كان الكلمة‪ ،‬والكلمة كان عند الله‪ ،‬وكان‬
‫الكلمة الله‪ ،‬هذا كان فى البدء عند الله‪ .‬كان فى البدء عند الله‪ .‬والكلمة صار‬
‫جسدا ً وحل بيننا‪ ،‬ورأينا مجده مجدا ً كما لوحيد من الب"‪ (4) .‬معنى الكلمة‬
‫كتب بها الكتاب المقدس هى ‪ :‬لوغوس‪ :‬أى عقل الله‬ ‫فى اللغة اليونانية التى ُ‬
‫الناطق"‪ .‬والواقع أننى ل أدرى كيف يمكن الوصول إلى النتيجة التى يريدها‬
‫هذا الفاك من النصوص القرآنية التى أوردها‪ .‬إن القرآن يؤكد أن المسيح‬
‫عليه السلم لم يكن سوى رسول‪ ،‬أى أنه لم يكن إلها أو ابن إله‪ ،‬إذ ليس‬
‫صر فى هذا الموضع إل ذلك المعنى‪ .‬بل إن مجرد كونه رسول ليس له من‬ ‫ق ْ‬ ‫لل َ‬
‫معنى إل أنه كان بشرا‪ ،‬فقد جاء فى القرآن عن الرسل قوله سبحانه‬
‫حى إليهم" )يوسف‪ ،109 /‬والنحل‪/‬‬ ‫وتعالى‪" :‬وما أرسلنا من قبلك إل رجال ُنو ِ‬
‫سل ً من قَْبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية" )الرعد‪،(38 /‬‬ ‫‪" ،(43‬ولقد أرسلنا ُر ُ‬
‫ما يأتيّنكم رسل منكم )أى بشر مثلكم(‪) "...‬العراف‪ .(35 /‬أى‬ ‫"يا بنى آدم‪ ،‬إ ّ‬
‫أن الرسل لم ي ُب َْعثوا إل من البشر‪ ،‬سواء قلنا إن "الرجال" هنا معناها‬
‫جَلة"( أو "الذكور" منهم خاصة‪.‬‬ ‫جل" و"َر ُ‬ ‫"البشر" على وجه العموم )جمع "َر ُ‬
‫َ‬
‫ذلك أن الوثنيين كانوا يستنكرون أن يكون الرسول من البشر‪ ،‬قائلين‪" :‬أب ََعث‬
‫ن عليهم‪" :‬قل‪ :‬لو كان فى‬ ‫ه بشًرا رسول؟" )السراء‪ ،(94 /‬فَرد ّ القرآ ُ‬ ‫الل ُ‬
‫ملكا رسول"‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫الرض ملئكة يمشون مطمئّنين لنّزلنا عليهم من السماء َ‬
‫ول‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫)السراء‪ .(95 /‬وبالمثل يقع النص التالى قريبا من هذا المعنى‪" :‬وََقالوا ل ْ‬
‫مل َكاً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ ُن ْزِ َ‬
‫جعَل َْناه ُ َ‬
‫ن* وَل َوْ َ‬ ‫م ل ي ُن ْظ َُرو َ‬
‫مُر ث ُ ّ‬
‫ي ال ْ‬‫ض َ‬ ‫ق ِ‬ ‫كا ل َ ُ‬‫مل َ ً‬‫ك وَل َوْ أن َْزل َْنا َ‬ ‫مل َ ٌ‬
‫ل عَل َي ْهِ َ‬
‫ن " )النعام‪ .(9 -8 /‬فمعنى أن المسيح‬ ‫سو َ‬ ‫ما ي َل ْب ِ ُ‬‫م َ‬ ‫سَنا عَل َي ْهِ ْ‬‫جل ً وَل َل َب َ ْ‬ ‫جعَل َْناه ُ َر ُ‬ ‫لَ َ‬
‫عليه السلم لم يكن سوى رسول أنه كان بشرا من البشر‪ .‬وقد قال القرآن‬
‫هذا رّدا على كفر النصارى الذين أّلهوه عليه السلم كما هو معروف‪ ،‬لكن‬
‫زيكو مزازيكو يظن بخيابته أنه يستطيع خداع القراء‪ ،‬على حين أنه ل يخدع إل‬
‫نفسه ومن على شاكلته ممن يعيشون على الكذب والتدليس‪ .‬ويا ليته‬
‫جْبنا ببهلوانيته وتنطيطه‪ ،‬لكنه تدليس غبى مثل‬ ‫ُ‬
‫تدليس ذكى‪ ،‬إذن لكنا أعْ ِ‬
‫صاحبه ل يبعث على العجاب‪ ،‬بل على البصق على وجه المدّلس الكذاب!‬
‫خِلق بالمر‬ ‫أما وصف القرآن له عليه السلم بأنه كلمة من الله فمعناه أنه قد ُ‬
‫المباشر لنه لم تكتمل له السباب الطبيعية التى تحتاجها ولدة طفل جديد‪:‬‬
‫هل كليهما للنجاب‪ ،‬ووقوع‬ ‫وهى التصال الجنسى بين رجل وامرأة‪ ،‬وتأ ّ‬
‫التصال فى الوقات التى يمكن أن يتم فيها الحمل‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬والمقصود أن‬
‫ل عيسى‬ ‫مث َ ُ‬‫ن َ‬ ‫خْلق آدم‪" :‬إ ّ‬ ‫الله قد قال له‪" :‬كن" فكان‪ ،‬وهو نفسه الحال فى َ‬
‫مَثل آدم‪ .‬خلقه من تراب‪ ،‬ثم قال له‪ :‬كن‪ ،‬فيكون" )آل عمران‪/‬‬ ‫عند الله ك َ‬
‫‪ .(59‬إن الكذاب البهلوان يحاول الستشهاد بالقرآن‪ ،‬فكان من الواجب عليه‬

‫‪140‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المانة فى النقل عن القرآن وعدم اقتطاع أى نص من نصوصه من سياقه‬


‫العام ول من سياقه فى اليات التى تحيط به‪...‬إلخ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ثم إن المدّلس البهلوان يسوق لنا كلم يوحنا ليدلل به على ألوهية المسيح‬
‫عليه السلم‪ ،‬وهو‪" :‬فى البدء كان الكلمة‪ ،‬والكلمة كان عند الله‪ ،‬وكان‬
‫الكلمة الله‪ ،‬هذا كان فى البدء عند الله‪ .‬والكلمة صار جسدا وحل بيننا‪ ،‬ورأينا‬
‫مجده مجدا كما لوحيد من الب" )يوحنا ‪ .(14 ،2 ،1 :1‬وهذا كلم مضحك ل‬
‫صل لشىء مما يريد أن يدّلس به علينا‪ ،‬إذ إن يوحنا يتناقض من كلمة‬ ‫يو ّ‬
‫حْبك البكش الذى يمارسه‬ ‫للكلمة التى تليها مباشرة‪ ،‬وليس عنده البراعة فى َ‬
‫للسف‪ .‬كيف؟ لقد قال فى البداية إن الكلمة كان )أو كانت( عند الله‪ .‬أى‬
‫أنها لم تكن هى الله‪ ،‬بل عند الله‪ .‬ذلك أن الشىء ل يكون عند نفسه‪ ،‬بل‬
‫عند غيره‪ .‬لكن يوحنا سرعان ما ينسى فيقول إن الكلمة التى كانت عند الله‬
‫هى الله ذاته‪ .‬الله أكبر! ثم ل يكتفى جنابه بهذا أيضا بل يمضى فى التخبط‬
‫قائل إن الكلمة كانت كالبن الوحيد للب )أو "الب"(‪ ،‬وكل ذلك فى سطرين‬
‫اثنين ل غير! ومع ذلك كله فإنه ل يكتفى بهذا ويكفأ على الخبر الفاضح‬
‫ماجورا‪ ،‬بل يأبى إل أن تكون الفضيحة من النوع ذى الجلجل‪ ،‬أى الجراس‬
‫والشخاليل‪ ،‬حتى يمكن أى راقصة شرقية أن تتشخلع عليها وتأخذ راحتها‬
‫على الخر وتكون الليلة ليلة فُل ّل ِّية! ولهذا نراه يقول إن معنى "الكلمة" فى‬
‫كتب بها الكتاب المقدس هى "لوغوس"‪ ،‬أى عقل الله‬ ‫اللغة اليونانية التى ُ‬
‫الناطق‪ .‬الله أكبر مرة أخرى وثالثة ورابعة وعاشرة ومائة وألفا ومليونا‪ ...‬إلى‬
‫ما شاء الله!‬
‫كاش قد جعل هو ويوحناه من "الكلمة" شيئا عند الله‪ ،‬ثم‬ ‫معنى هذا أن الب ّ‬
‫عادا فجعلها هى الله ذاته‪ ،‬ثم عادا فجعلها ابنه الوحيد‪ ،‬ثم عادا فجعلها‬
‫عقل الله )عقل الله الناطق من فضلك‪ ،‬وليس عقله الخرس البكم‪ .‬ترى‬
‫وا "أيها‬ ‫هل هناك عقل ناطق وعقل ساكت؟ ولمن؟ لله سبحانه!(‪ .‬فتعال َ ْ‬
‫المتعبون والثقيلى الحمال" نحاول معا أن نحل هذه الفزورة )أو "الحزورة"‬
‫ضيعٌ ومتواضعُ العقل" كما جاء‬ ‫كما يقول بعض الطفال(! أما إنك يا زيكو "ل َوَ ِ‬
‫فى كتابك المقدس‪ ،‬مع استبدال "الوضيع" بـ"الوديع" و"العقل" بـ"القلب"‬
‫لتناسب الموقف المضحك الذى نحن فيه! طيب يا وضيع يا متواضع العقل‪،‬‬
‫ألم تفكر فيما سيحدث لله حين يتركه عقله ويأتى فيتجسد فى دنيانا؟ ترى‬
‫كيف سيدبر سبحانه العالم بدون عقل؟ أل خيبة الله على عقلك الت ََرل ِّلى أنت‬
‫وقائل هذا السخف! يا أيها الوضيع المتواضع العقل‪ ،‬إننا الن فى القرن‬
‫الحادى والعشرين‪ ،‬وأنت وأمثالك ما زلتم ترددون هذا الكلم المضحك الذى‬
‫تحاول أن تضحك علينا به ويقول الغربيون إنهم قد تجاوزوه‪ ،‬على حين أنهم‬
‫فى أوروبا و"أمريكا يا ويكا" يشجعونك أنت وأشباهك من المعوقين عقليا‬
‫ونفسيا على ترديد هذا الكلم! ل وإيه؟ إنهم يشجعونكم على محاولة تنصير‬
‫خْرفان‬ ‫أولدنا وبناتنا وتحويلهم إلى مجموعة من المعاتيه المخابيل عََبدة ال ِ‬
‫جّزة الصوفية المعتبرة التى يمكن بعد ذبح الخرفان وأكلها أن نتخذها‬ ‫ذات ال ِ‬
‫"فروة" نفرشها تحت أقدامنا فى ليالى الشتاء الباردة فنكون قد استفدنا من‬
‫الخروف لحما وصوفا ولم نرم منه إل المصارين والظلف والقرون! ل بل‬
‫إننا لنستطيع أن نصنع من المصارين )بعد غسلها جيدا( سجقا لذيذا‪ ،‬ومن‬

‫‪141‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الظلف والقرون ِغَراًء نلصق به شفتيك النجستين فل تزعجنا بعدها بكلمك‬


‫هذا البله!‬

‫)‪(3 /‬‬

‫فا رغم ثقل روحه‪،‬‬ ‫ليس ذلك فقط‪ ،‬بل إن الوغد ليتكلف خفة الظل تكل ً‬
‫ل؟" )السراء‪/‬‬ ‫فيسوق قوله تعالى‪" :‬قل‪ :‬سبحان ربى! هل كنت إل بشًرا رسو ً‬
‫ت‪ (6 /‬دليل على أن القرآن‪،‬‬ ‫صل َ ْ‬ ‫‪" ،(93‬إنما أنا بشٌر مثلكم" )الكهف‪ ،110 /‬وفُ ّ‬
‫فى الوقت الذى يحكم فيه لعيسى أنه ابن الله أو الله نفسه‪ ،‬يقول عن‬
‫محمد إنه ليس سوى رسول‪ .‬وهذا كله كذب وخداع ل أدرى كيف يجرؤ أى‬
‫قِبل مثل‬ ‫دم عليه! أيمكن أن ي ُ ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫إنسان يحترم نفسه ويقول إنه على الحق أن ي ُ ْ‬
‫ذلك الشخص على الكذب بهذا السلوب المفضوح السخيف؟ لقد كان على‬
‫الرجل‪ ،‬إذا تنازلنا وقلنا عن أمثاله إنهم رجال‪ ،‬أن ي ُط ِْلع قارئه على اليات‬
‫القرآنية الكريمة التى تنفى اللوهية تماما عن عيسى عليه السلم وتؤكد أنه‬
‫مجرد إنسان كسائر الناس‪ ،‬يأكل ويشرب ويدخل الحمام ليعمل كما يعمل‬
‫الناس‪ ،‬وأنتم تعرفون بطبيعة الحال ماذا يعمل الناس فى الحمام! أليس‬
‫كذلك؟ أم أقول لكم ماذا كان يفعل هناك؟ ل‪ ،‬ل داعى للحراج‪ ،‬ول داعى لن‬
‫تدفعونى إلى التصريح بأنه كان يتبول ويتبرز‪ ،‬لن التصريح هنا ل يصح! ثم أى‬
‫إله ذلك الذى كان يعملها على روحه وهو طفل صغير فتمسحها له أمه‬
‫بخرقة؟ يا له من إله! أم تراكم تقولون إنه كان يتبول عصير تفاح‪ ،‬ويتبرز‬
‫ة وكباًبا؟ لكنه لن يكون حينئذ أيضا إل بشرا لن اللهة ل تتبول ول تتبرز‬ ‫كفت ً‬
‫على أى نحو! ثم يجد المتاعيس فى أنفسهم جرأة ليشتموا رسولنا ويقولوا‬
‫خِلق الرجال إذا لم ينكحوا‬ ‫كاح"‪ .‬طيب‪ ،‬وما له؟ فلم إذن ُ‬ ‫عنه‪" :‬الرسول الن ّ‬
‫كح أشباه هذا الجلف من‬ ‫كحون كالنساء مثلما ي ُن ْ َ‬ ‫النساء؟ أم تراهم ي ُن ْ َ‬
‫القساوسة والساقفة ممن كانوا طول عمرهم ي ُن ْكحون‪ ،‬ثم لم يعودوا الن‬ ‫َ‬
‫فى بلد الغرب يهتمون بالتوارى عن النظار والستخفاء بهذا الرجس عن‬
‫كحون‪ ،‬مع أننا نعرف أنهم كانوا كذلك‬ ‫عيون الناس فأصبحوا يعلنون أنهم ي ُن ْ َ‬
‫من قديم الزل‪ ،‬لن النسان إما ناكح أو منكوح يا زيكو يا أبا المناكيح!‬
‫ح‬
‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫ْ‬ ‫م وََقا َ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ح اب ْ ُ‬ ‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ه هُوَ ال ْ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن َقاُلوا إ ِ ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫فَر ال ّ ِ‬ ‫قد ْ ك َ َ‬ ‫قال تعالى‪" :‬ل َ َ‬
‫ه‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حّر َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ك ِبالل ّهِ فَ َ‬ ‫شرِ ْ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫ه َرّبي وََرب ّك ُ ْ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫ل اعْب ُ ُ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫َيا ب َِني إ ِ ْ‬
‫هّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ن الل َ‬ ‫ن قالوا إ ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ذي َ‬ ‫فَر ال ِ‬ ‫قد ْ ك َ‬‫َ‬ ‫صاٍر* ل َ‬ ‫ن أن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مي َ‬ ‫ما ِللظال ِ ِ‬ ‫مأَواهُ الّناُر وَ َ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫عَل َي ْهِ ال ْ َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫س ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ل َي َ َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫م ي َن ْت َُهوا عَ ّ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫حد ٌ وَإ ِ ْ‬ ‫ه َوا ِ‬ ‫ن إ ِل َهٍ إ ِل ّ إ ِل َ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ث َثلث َةٍ وَ َ‬ ‫َثال ِ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م*‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر َر ِ‬ ‫ه غَ ُ‬ ‫ه َوالل ّ ُ‬ ‫فُرون َ ُ‬ ‫ست َغْ ِ‬ ‫ن إ َِلى الل ّهِ وَي َ ْ‬ ‫م* أَفل ي َُتوُبو َ‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫فُروا ِ‬ ‫كَ َ‬
‫ُ‬
‫كاَنا‬ ‫ة َ‬ ‫ق ٌ‬ ‫دي َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ل وَأ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ن قَب ْل ِهِ الّر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ل قَد ْ َ‬ ‫سو ٌ‬ ‫م إ ِل ّ َر ُ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ح اب ْ ُ‬ ‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫دو‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ن*‬ ‫كو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ؤ‬ ‫ي‬ ‫نى‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ظ‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ت‬ ‫يا‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ظ‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫عا‬ ‫ّ‬ ‫ط‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫كل‬ ‫ُ‬ ‫يأ ْ‬
‫َْ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ِ ّ ْ ْ ّ ُ‬ ‫َُّ ُ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ل َيا‬ ‫م* قُ ْ‬ ‫ّ ُ َ ُ‬ ‫لي‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫مي‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫و‬
‫ً َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫وال‬ ‫عا‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ول‬ ‫ْ َ ّ َ‬ ‫را‬ ‫ض‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫م‬
‫َ ْ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ْ ُ ِ‬ ‫دو‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫لوا‬ ‫ّ‬ ‫ض‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫وا‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ل ال ْكتاب ل تغُْلوا في دين ِك ُم غَير ال ْحق ول تتبعوا أ َ‬ ‫أ َهْ َ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬
‫قَب ُ َ‬
‫ل" )المائدة‪" ،(77 -72 /‬وَإ ِذ ْ َقا َ‬
‫ل‬ ‫سِبي ِ‬ ‫واِء ال ّ‬ ‫س َ‬ ‫ن َ‬ ‫ضّلوا عَ ْ‬ ‫ضّلوا ك َِثيًرا وَ َ‬ ‫ل وَأ َ‬ ‫ْ‬
‫هّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل ِ‬ ‫ن ُدو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ي إ ِلهَي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ذوِني وَأ ّ‬ ‫خ ُ‬ ‫س ات ّ ِ‬ ‫ت ِللّنا ِ‬ ‫ت قُل َ‬ ‫م أأن ْ َ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سى اب ْ َ‬ ‫عي َ‬ ‫ه َيا ِ‬ ‫الل ُ‬
‫ه فَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫مت َ ُ‬ ‫قد ْ عَل ِ ْ‬ ‫ت قُلت ُ ُ‬ ‫ن كن ْ ُ‬ ‫حق ّ إ ِ ْ‬ ‫س ِلي ب ِ َ‬ ‫ما لي ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن أُقو َ‬ ‫ن ِلي أ ْ‬ ‫ما ي َكو ُ‬ ‫حان َك َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫َقا َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ما قُل ُ‬ ‫ب* َ‬ ‫م الغُُيو ِ‬ ‫ت عل ُ‬ ‫ّ‬ ‫سك إ ِن ّك أن ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ما ِفي ن َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سي َول أعْل ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ما ِفي ن َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ت َعْل َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫م ُ‬ ‫ما د ُ ْ‬ ‫دا َ‬ ‫شِهي ً‬ ‫م َ‬ ‫ت عَل َي ْهِ ْ‬ ‫م وَك ُن ْ ُ‬ ‫ه َرّبي وََرب ّك ُ ْ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫ن اعْب ُ ُ‬ ‫مْرت َِني ب ِهِ أ ِ‬ ‫ما أ َ‬ ‫م إ ِل ّ َ‬ ‫ل َهُ ْ‬
‫ت عََلى ك ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫د"‬ ‫شِهي ٌ‬ ‫يٍء َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫م وَأن ْ َ‬ ‫ب عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ت الّرِقي َ‬ ‫ت أن ْ َ‬ ‫ما ت َوَفّي ْت َِني ك ُن ْ َ‬ ‫م فَل َ ّ‬ ‫ِفيهِ ْ‬
‫ح‬
‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ْ‬
‫صاَرى ال َ‬ ‫ت الن ّ َ‬ ‫َ‬
‫ن اللهِ وَقال ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ت الي َُهود ُ عَُزي ٌْر اب ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫)المائدة‪" ،(117 -116 /‬وَقال ِ‬

‫‪142‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫َ‬
‫م الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ل َقات َل َهُ ُ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫فُروا ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ن قَوْ َ‬ ‫ضاهُِئو َ‬ ‫م يُ َ‬ ‫واهِهِ ْ‬ ‫م ب ِأفْ َ‬ ‫ك قَوْل ُهُ ْ‬ ‫ن الل ّهِ ذ َل ِ َ‬ ‫اب ْ ُ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ح اب ْ َ‬ ‫سي َ‬‫م ِ‬ ‫ن اللهِ َوال َ‬ ‫ن ُدو ِ‬‫م ْ‬‫م أْرَباًبا ِ‬ ‫م وَُرهَْبان َهُ ْ‬‫حَباَرهُ ْ‬ ‫ذوا أ ْ‬ ‫ن* ات ّ َ‬ ‫أّنى ي ُؤْفكو َ‬
‫ُ‬
‫ن"‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫ه عَ ّ‬ ‫حان َ ُ‬
‫سب ْ َ‬ ‫دا ل إ ِل َ َ‬
‫ه إ ِل ّ هُوَ ُ‬ ‫ح ً‬ ‫دوا إ ِل ًَها َوا ِ‬‫مُروا إ ِل ّ ل ِي َعْب ُ ُ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫م وَ َ‬‫مْري َ َ‬‫َ‬
‫)التوبة‪ .(31 -30 /‬كما مر قبل قليل أن عيسى مثل آدم‪ :‬كلهما مخلوق‬
‫بكلمة "كن" ل من اتصال رجل بامرأة!‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ويستمر زيكو مزازيكو فى تخاريفه التى يخال أنها يمكن أن تجوز على‬
‫العقول‪ ،‬غير دارٍ أن عقول الخرين ليست كلها كعقله الضحل المتهافت‪،‬‬
‫فتراه يستشهد على زعمه أن المسيح يختلف عن الرسول الكريم )فى أنه‬
‫روح‪ ،‬وبالتالى فإنه إله ل إنسان( بقوله جل جلله‪" :‬إنما المسيح عيسى ابن‬
‫مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه" )النساء‪ .(171 /‬ثم‬
‫يعقب قائل إن "البعض يعترض بأن معنى "روح" الله أى "رحمة" من الله‪.‬‬
‫وه المسلمون الحقائق‪ .‬ففى "المعجم الوسيط"‬ ‫والواقع أنا ل أدرى لماذا يم ّ‬
‫ح(‪] :‬بفتح الراء وسكون‬ ‫)الجزء الول ص ‪ (380‬تجد هناك كلمتين ‪1 :‬ـ )الّروْ ُ‬
‫ح(‪] :‬بضم الراء ومد‬ ‫الواو[ معناها‪ :‬الراحة أو الرحمة‪ .‬أو نسيم الريح‪2 .‬ـ )الّرو ُ‬
‫دس(‪] :‬عند النصارى[ القنوم الثالث‪ .‬ويقول‬ ‫ح الق ُ‬‫الواو[ معناها‪ :‬النفس‪ .‬و)ُرو ُ‬
‫البعض أن المقصود بروح القدس فى القرآن هو جبريل عليه السلم )سيأتى‬
‫مَثل المسيح أنه‬ ‫الحديث عن ذلك بعد قليل(‪ .‬وقد يعترض البعض أيضا ً بأن َ‬
‫ت فيه من روحى" ]سورة‬ ‫مَثل آدم الذى قيل عنه‪" :‬ونفخ ُ‬ ‫روح من الله ك َ‬
‫الحجر‪ ،29 /‬وسورة ص‪ .[72 /‬فدعنا نناقش هذا الرأى‪ .‬بمقارنة ما قيل عن‬
‫المسيح وعن آدم نجد اختلفا ً كبيرًا‪:‬‬
‫آدم ‪ ...‬المسيح‬
‫ت فيه من روحى ‪ ...‬إنما المسيح ‪ ...‬روح منه‬ ‫ونفخ ُ‬
‫هذا التعبير الذى قيل عن آدم ليس كالتعبير الذى قيل عن المسيح‪ ،‬بل‬
‫كالتعبير الذى قيل عن مريم‪] :‬النبياء‪" [91 /‬والتى أحصنت فرجها فنفخنا‬
‫فيها من روحنا" فهل نحن نؤله العذراء؟ ‪ ...‬ومعنى روح منه ‪ :‬يتطابق مع‬
‫اليات القرآنية التى تتحدث عن تأييد السيد المسيح بالروح القدس‪ ،‬وهو فى‬
‫المهد‪ ،‬كما توضح اليات التالية …‬
‫ى على عقله تماما‪ ،‬إذ مهما يكن معنى‬ ‫ش َ‬ ‫ُ‬
‫ومن الواضح الجلى أن الرجل قد غ ّ‬
‫الروح فى كلم القرآن عن عيسى عليه السلم فل ريب أن "الروح" هنا هى‬
‫نفسها الروح فى حال سائر البشر‪ ،‬أما ما يقوله هو فكلم فارغ ل سبيل إلى‬
‫ت فيه من‬ ‫صحته أبدا‪ .‬كيف؟ يقول زكزك إن القرآن يقول عن آدم‪" :‬ونفح ُ‬
‫روحى"‪ ،‬مثلما يقول عن مريم‪" :‬ونفخنا فيها من روحنا"‪ .‬أى أن النفخ‪ ،‬حسبما‬
‫شَبه إذن بين‬‫يقول‪ ،‬لم يتم فى آدم وعيسى‪ ،‬بل فى آدم ومريم‪ ،‬فل وجه لل ّ‬
‫آدم وعيسى‪ .‬أتعرف أيها القارئ ما الذى يترتب على هذا؟ الذى يترتب عليه‬
‫هو أن يكون الخارج من آدم ومريم متشابهين‪ ،‬أى أن البشر جميعا )وهم‬
‫الذين خرجوا من صلب آدم( يشبهون عيسى )الذى خرج من رحم مريم(‪.‬‬
‫وعلى هذا فإما أن نقول إن الطرفين جميعا )البشر من ناحية‪ ،‬وعيسى من‬
‫الناحية الخرى( آلهة إذا قلنا إن "الروح" هنا تعنى "اللوهية"‪ ،‬أو أن نقول‬
‫إنهما جميعا بشر على أساس أن "الروح" تعنى "الحياة والوعى والرادة وما‬
‫إلى ذلك"‪ .‬واختر يا زيكو ما تحب‪ ،‬ولكن عليك أن تعرف أن الطريق أمامك‬
‫إلى التمييز بين عيسى عليه السلم وأبناء آدم مسدود‪ ،‬إذ هما شىء واحد‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ويبقى آدم نفسه‪ :‬فأما السلم فيقول إنه بشر مخلوق من طين‪ ،‬وأما الكتاب‬
‫المقدس فيقول فى نسبه إنه ابن الله‪ ،‬فى الوقت الذى ينسب عيسى إلى‬
‫يوسف النجار‪ .‬يا ألطاف السماوات! هكذا؟ نعم " هكذا ببساطة وبكل‬
‫وضوح!"‪" :‬ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلثين سنة وهو على ما كان يظن ابن‬
‫يوسف بن هالي ‪ 24‬بن متثات بن لوي بن ملكي بن يّنا بن يوسف ‪ 25‬بن‬
‫جاي ‪ 26‬بن مآث بن متاثيا بن‬ ‫متاثيا بن عاموص بن ناحوم بن حسلي بن ن ّ‬
‫شمعي بن يوسف بن يهوذا ‪ 27‬بن يوحنا بن ريسا بن زربابل بن شألتيئيل بن‬
‫نيري ‪ 28‬بن ملكي بن أدي بن قصم بن ألمودام بن عير ‪ 29‬بن يوسي بن‬
‫أليعازر بن يوريم بن متثات بن لوي ‪ 30‬بن شمعون بن يهوذا بن يوسف بن‬
‫سى‬‫يونان بن ألياقيم ‪ 31‬بن مليا بن مينان بن متاثا بن ناثان بن داود ‪ 32‬بن ي ّ‬
‫بن عوبيد بن بوعز بن سلمون بن نحشون ‪ 33‬بن عميناداب بن ارام بن‬
‫حصرون بن فارص بن يهوذا ‪ 34‬بن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم بن تارح بن‬
‫ناحور ‪ 35‬بن سروج بن رعو بن فالج بن عابر بن شالح ‪ 36‬بن قينان بن‬
‫ارفكشاد بن سام بن نوح بن لمك ‪ 37‬بن متوشالح بن اخنوخ بن يارد بن‬
‫مهللئيل بن قينان ‪ 38‬بن انوش بن شيت بن آدم ابن الله" )لوقا‪.(3 /‬‬
‫ب لله هو آدم!‬ ‫س َ‬
‫سب لله‪ ،‬بل الذى ن ُ ِ‬ ‫فالمسيح‪ ،‬كما هو واضح من النص‪ ،‬لم ي ُن ْ َ‬
‫يعنى؟ يعنى أن الكتاب المقدس نفسه يضع آدم فى مكانة أعلى بما ل يقاس‬
‫بالنسبة للمسيح‪ ،‬عليهما جميعا السلم‪ .‬وغنى عن القول إننا ل نولى هذا‬
‫الكلم المضحك شيئا من الهتمام على الطلق!‬
‫وفى النص التالى‪ ،‬وهو عبارة عن الصحاح الول كله من إنجيل متى‪ ،‬نقرأ‪:‬‬
‫"كتاب ميلد يسوع المسيح ابن داود ابن ابراهيم ‪ 2 .‬ابراهيم ولد اسحق ‪.‬‬
‫واسحق ولد يعقوب ‪ .‬ويعقوب ولد يهوذا واخوته ‪ 3 .‬ويهوذا ولد فارص وزارح‬
‫من ثامار ‪ .‬وفارص ولد حصرون ‪ .‬وحصرون ولد‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ارام ‪ 4 .‬وارام ولد عميناداب ‪ .‬وعميناداب ولد نحشون ‪ .‬ونحشون ولد‬


‫سلمون ‪ 5 .‬وسلمون ولد بوعز من راحاب ‪ .‬وبوعز ولد عوبيد من راعوث ‪.‬‬
‫وعوبيد ولد يسى ‪ 6 .‬ويسى ولد داود الملك ‪ .‬وداود الملك ولد سليمان من‬
‫التي لوريا‪ 7 .‬وسليمان ولد رحبعام‪ .‬ورحبعام ولد ابيا ‪ .‬وابيا ولد آسا ‪8 .‬‬
‫وآسا ولد يهوشافاط ‪ .‬ويهوشافاط ولد يورام ‪ .‬ويورام ولد عزيا‪ 9 .‬وعزيا ولد‬
‫سى‬ ‫سى ‪ .‬ومن ّ‬ ‫يوثام ‪ .‬ويوثام ولد آحاز ‪ .‬وآحاز ولد حزقيا ‪ 10 .‬وحزقيا ولد من ّ‬
‫ولد آمون ‪ .‬وآمون ولد يوشيا ‪ 11 .‬ويوشيا ولد يكنيا واخوته عند سبي بابل ‪.‬‬
‫‪ 12‬وبعد سبي بابل يكنيا ولد شألتيئيل ‪ .‬وشألتيئيل ولد زربابل ‪ 13 .‬وزربابل‬
‫ولد ابيهود ‪ .‬وابيهود ولد الياقيم ‪ .‬والياقيم ولد عازور ‪ 14 .‬وعازور ولد‬
‫صادوق ‪ .‬وصادوق ولد اخيم‪ .‬واخيم ولد اليود ‪ 15 .‬واليود ولد أليعازر ‪.‬‬
‫وأليعازر ولد متان ‪ .‬ومتان ولد يعقوب ‪ 16 .‬ويعقوب ولد يوسف رجل مريم‬
‫التي ولد منها يسوع الذي يدعى المسيح ‪ 17 .‬فجميع الجيال من ابراهيم الى‬
‫داود اربعة عشر جيل ‪ .‬ومن داود الى سبي بابل اربعة عشر جيل‪ .‬ومن سبي‬
‫بابل الى المسيح اربعة عشر جيل ‪ 18‬اما ولدة يسوع المسيح فكانت هكذا ‪.‬‬
‫لما كانت مريم امه مخطوبة ليوسف قبل ان يجتمعا وجدت حبلى من الروح‬
‫القدس ‪ 19 .‬فيوسف رجلها اذ كان بارا ولم يشأ ان يشهرها اراد تخليتها سّرا‬
‫‪ 20 .‬ولكن فيما هو متفكر في هذه المور اذا ملك الرب قد ظهر له في‬
‫حلم قائل يا يوسف ابن داود ل تخف ان تأخذ مريم امرأتك ‪ .‬لن الذي حبل به‬

‫‪144‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فيها هو من الروح القدس ‪ 21 .‬فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لنه يخّلص‬
‫شعبه من خطاياهم ‪ 22 .‬وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي‬
‫القائل ‪ 23 .‬هو ذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي‬
‫تفسيره الله معنا ‪ 24‬فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما امره ملك‬
‫الرب واخذ امرأته ‪ 25 .‬ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ‪ .‬ودعا اسمه‬
‫يسوع"‪ .‬ولحظ كيف أن سلسلة نسب المسيح تمر قبله مباشرة بيوسف‬
‫النجار‪ .‬لماذا؟ أترك الجواب لعبقرية زكازيكو تفكر فيه على مهل! إذن فآدم‬
‫)وليس المسيح( هو ابن الله‪ ،‬أما المسيح فابن ‪ ...‬ابن من؟ حّزر فّزر!‬
‫مانوئيل" من‬ ‫ى المسيح عليه السلم‪" :‬ع ّ‬ ‫م َ‬ ‫س ّ‬‫وبالمناسبة فلم يحدث قط أن ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫أى إنسان‪ ،‬رغم أن هذا السم ي ُطلق على كثير من الناس الذين ليسوا بأبناء‬
‫لله! كما أن النص يقول إنها ستسميه‪" :‬يسوع" لكى تتحقق النبوءة القديمة‬
‫ت‬
‫ق ْ‬‫مى‪" :‬عمانوئيل"! وهو ما يذكرنا بالنكتة التى أ ُط ْل ِ َ‬ ‫التى تقول إنه سيس ّ‬
‫على السادات أيام توليه الرئاسة حين كان يؤكد أنه حريص على اتباع سياسة‬
‫ماز السيارة‬ ‫عبد الناصر‪ ،‬إذ كانوا يقولون إنه يتصرف كالسائق الذى يشّغل غ ّ‬
‫شمال ثم ينعطف إلى اليمين! أرأيتم الضلل والغباء والعمى الحيسى؟‬ ‫ال ّ‬
‫فكأن الله يأبى إل أن يخزى القوم فى كل ما يقولون كذبا وبهتانا عن عيسى‬
‫داُنون!‬
‫وبنوته لله سبحانه‪ ،‬ومن فمهم وبلسانهم نفسه ي ُ َ‬
‫وكان الناس جميعا يقولون إن أبا عيسى هو يوسف النجار‪ .‬ل أقول ذلك من‬
‫ذبوننا عنادا‬ ‫عندى‪ ،‬بل تذكره أناجيلهم التى نقول نحن إنها محرفة فيك ّ‬
‫وسفاهة! لقد كتب يوحنا فى إنجيله )‪ (5 / 1‬أن الناس كانت تسميه‪" :‬ابن‬
‫يوسف"‪ ،‬وهو نفس ما قاله متى )‪ (55 / 1‬ولوقا )‪ ،23 / 3‬و ‪ ،(22 /4‬وكان‬
‫عيسى عليه السلم يسمع ذلك منهم فل ينكره عليهم‪ .‬بل إن لوقا نفسه قال‬
‫عن مريم ويوسف بعظمة لسانه مراًرا إنهما "أبواه" أو "أبوه وأمه" ) ‪/ 2‬‬
‫‪ .( 42 ،41 ،33 ،27‬كذلك قالت مريم لبنها عن يوسف هذا إنه أبوه )لوقا ‪2/‬‬
‫‪ .(48/‬وقد رأينا كيف أن الفقرات الست عشرة الولى من أول فصل من‬
‫أول إنجيل من الناجيل المعتبرة عندهم‪ ،‬وهو إنجيل متى‪ ،‬تسرد سلسلة‬
‫نسب المسيح بادئة بآدم إلى أن تصل إلى يوسف النجار )"رجل مريم" كما‬
‫سماه مؤلف هذا النجيل( ثم تتوقف عنده‪ .‬فما معنى هذا للمرة الثانية أو‬
‫ت‪ ،‬عندما قرأت النجيل لول مرة فى حياتى‪،‬‬ ‫الثالثة أو الرابعة‪...‬؟ لقد توقع ُ‬
‫أن تنتهى السلسلة بمريم على أساس أن عيسى ليس له أب من البشر‪ ،‬إل‬
‫ن من طمس الله على بصيرته‬ ‫تأ ّ‬
‫أن النجيل خّيب ظنى تخييبا شديدا‪ ،‬فعرف ُ‬
‫ل يفلح أبدا‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫أما إذا أصر الرجل )الرجل مجازا فقط( على القول بأن عيسى هو ابن الله‪،‬‬
‫فليكن صادقا وشريفا مرة واحدة فيذكر أن كلمة "ابن الله" أو "أبناء الله" قد‬
‫ى آدم‬‫م َ‬
‫س ّ‬
‫شرٍ كثيرين منذ أول الخليقة حين ُ‬ ‫أ ُط ِْلقت فى كتابه المقدس على ب َ َ‬
‫كما رأينا‪" :‬ابن الله"‪ .‬وهذه شواهد على ما نقول‪ ،‬وهى أكبر برهان على أن‬
‫كل ما يزعمه القوم هو كلم باطل‪ :‬باطل بأدلة من كتابهم المقدس نفسه ل‬
‫من العقل والمنطق فحسب‪ ،‬فضل عن القرآن الكريم‪" :‬وحدث لما ابتدأ‬
‫الناس يكثرون على الرض وولد لهم بنات ‪ 2‬ان ابناء الله رأوا بنات الناس‬
‫ن حسنات‪ .‬فاّتخذوا لنفسهم نساء من كل ما اختاروا‪ ...‬وبعد ذلك ايضا اذ‬ ‫انه ّ‬
‫دخل بنو الله على بنات الناس وولدن لهم اولدا ‪ .‬هؤلء هم الجبابرة الذين‬

‫‪145‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫منذ الدهر ذوو اسم ‪) "4‬تكوين‪ " ،(6 /‬قدموا للرب يا ابناء الله قدموا للرب‬
‫مجدا وعّزا" )مزمور‪ ” ،(29 /1 /‬من في السماء يعادل الرب ‪ .‬من يشبه‬
‫كر" )خروج‪،22 /1 /‬‬ ‫الرب بين ابناء الله" )مزمور‪" ،(89 /6 /‬اسرائيل ابني الب ِ ْ‬
‫و ‪ .(23 -22 /4‬كما يصف الله داود قائل‪" :‬أنت ابنى‪ .‬أنا اليوم ولدتك"‪.‬‬
‫)مزمور‪ ،(7 /2 /‬ويبتهل أشعيا له بقوله‪" :‬أنت أبونا" )أشعيا‪،(16 -15 /63 /‬‬
‫ون"‬‫كما يقول المسيح ذاته‪” :‬طوبى لصانعي السلم‪ .‬لنهم أبناء الله ي ُد ْعَ ْ‬
‫)متى‪" ،(5 /9 /‬احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكى ينظروكم‪،‬‬
‫وإل فليس لكم أجر عند أبيكم الذى فى السماوات" )متى‪ ،(1 /6 /‬ويقول‬
‫النصارى فى صلواتهم‪" :‬أبانا الذى فى السماوات‪ ،"...‬فضل عن أن المسيح‬
‫قد أخذه الشيطان ليجربه فوق الجبل ويدفعه إلى السجود له‪ ،‬وليس من‬
‫المعقول أن يجرب الشيطان الله ليرى أيمكن أن يسجد له الله أم ل‪ ،‬مثلما‬
‫ليس من المعقول أن يكون رد الله على الشيطان هنا هو‪" :‬اذهب يا شيطان‪،‬‬
‫لنه مكتوب‪ :‬للرب إلهك تسجد‪ ،‬وإياه وحده تعبد"‪ ،‬وهو ما يعنى بكل جلء أن‬
‫عيسى كان ينظر لله على أنه "ربه" ل على أنه "هو نفسه" ول على أنه‬
‫"أبوه"‪ ،‬وعلى أن من الواجب عليه أن يسجد له‪ .‬كما أنه عليه السلم قد‬
‫مى نفسه أيضا‪" :‬ابن النسان" )متى‪ ،(19 /11 /‬وهى ذات الكلمة التى‬ ‫س ّ‬
‫استخدمها للنسان كجنس )متى‪ .(8 /12 /‬وفوق ذلك فإن له‪ ،‬عليه السلم‪،‬‬
‫وة" التى يعّبر بها أحيانا عن‬ ‫فَهم منها أن "البن ّ‬
‫كلمة ذات مغزى خطير‪ ،‬إذ ي ُ ْ‬
‫علقته بالله ليست شيئا آخر سوى الطاعة المخلصة له سبحانه والنصياع‬
‫لرادته انصياعا تاما‪ .‬ومن هنا نراه يقول عن كل من يفعلون مثلما يفعل إنهم‬
‫إخوته وأمه‪ ،‬كما هو الحال عندما أخبروه ذات مرة‪ ،‬وكان بداخل أحد البيوت‪،‬‬
‫بأن أمه وإخوته بالخارج يريدونه‪ ،‬فأجابهم قائل‪" :‬من هى أمى؟ ومن هم‬
‫إخوتى؟ ثم مد يده نحو تلميذه وقال‪ :‬ها أمى وإخوتى‪ ،‬لن من يصنع مشيئة‬
‫أبى الذى فى السماوات هو أخى وأختى وأمى" )متى‪ .(49 -47 /12 /‬وهى‬
‫وته يستحقون‬ ‫خ َ‬
‫إجابة تدل على أنه أن أمه لم تكن تستحق بنوته لها ول أن إ ِ ْ‬
‫وته لهم‪ ،‬وذلك لما يراه من تفريطها وتفريطهم فى اليمان بدعوته‪ .‬وهو‬ ‫خ ّ‬‫أُ ُ‬
‫ملحظ فى منتهى الخطورة‪ ،‬إذ ها هى ذى أم الله يتبرأ منها ابنها ول يراها‬
‫جديرة بأن يجمع بينه وبينها نسب واحد‪ .‬يا لها من ألوهية رخيصة! ويا له من‬
‫نسب ل يشّرف!‬
‫بعد ذلك كله فإن الجواب على السؤال التالى الذى طرحه الملتاث‪" :‬هل قيل‬
‫ل ذلك فى القرآن‬ ‫ق ْ‬‫فى القرآن كله إن محمدا ً هو روح من الله؟" هو‪" :‬لم ي ُ َ‬
‫عن محمد وحده‪ ،‬بل قيل عن آدم أبى البشر‪ ،‬ومن ثم عن البشر كلهم بما‬
‫خَلق بالطريق‬ ‫فيهم محمد عليه السلم كما رأينا‪ .‬والسبب هو أن آدم لم ي ُ ْ‬
‫الذى أصبح هو الطريق المعتاد بعد خلق آدم وحواء‪ ،‬أى من خلل رجل‬
‫وامرأة‪ ،‬فلذلك نفخ الله فيه مباشرة من روحه‪ ،‬وهو ما تكرر فى حالة السيد‬
‫المسيح عليه السلم‪ ،‬وإن كان على نحو أضيق‪ ،‬إذ كانت له أم‪ ،‬بخلف آدم‪،‬‬
‫الذى لم يكن له أب ول أم‪.‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫دى أبعد َ فنقول له إنهم إذا كانوا يتخذون من‬


‫بل إننا لنذهب فى تحدى زيكو م ً‬
‫خلق المسيح دون أب دليل على أنه ابن الله‪ ،‬فليمضوا مع منطقهم إلى آخر‬
‫المدى ويجعلوا آدم هو الله نفسه )أستغفر الله!( ل ابنه فقط لنه لم يكن له‬
‫بابا ول ماما‪ ،‬فهو إذن يتفوق على المسيح من هذه الناحية كما هو واضح إن‬

‫‪146‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كان فى هذا تفوق على الطلق‪ ،‬وهو ما ل نسلم به‪ ،‬لكننا نتبنى منطق البعد‬
‫لقطع الطريق عليه وعلى بهلوانياته! ثم إن المسكين يستمر فى سياسة‬
‫البكش فيقول إن قوله تعالى على لسان مريم تخاطب الروح حين تمثل لها‬
‫سنى ب َ َ‬
‫شٌر؟" معناها أنه‬ ‫َ‬
‫س ْ‬ ‫م َ‬
‫م‪ ،‬ولم ي َ ْ‬
‫بشرا كى ينفخ فيها‪" :‬أّنى يكون لى غل ٌ‬
‫عليه السلم "ليس من بشر"‪ .‬وهذا غير صحيح البتة‪ ،‬فقد جاء عليه السلم‬
‫من بشر‪ ،‬وهى مريم‪ ،‬التى حملت به وحفظته فى رحمها وتغذى من دمها‬
‫الذى يجرى فى عروقها تسعة أشهر‪ ،‬ثم وضعته وأرضعته من لبنها الذى فى‬
‫صدرها‪ ،‬إل أنه لم يكن له أب‪ .‬وهذا كل ما هنالك! فإذا قلت‪" :‬النفخة"‪ ،‬كان‬
‫م يحمله ول صدٌر‬ ‫ح ٌ‬‫جوابنا‪ :‬لكن آدم تم النفخ فيه دون أن يكون هناك َر ِ‬
‫غل فى الخروج عن السنن المعتادة فى‬ ‫يرضعه ول أم ترّبيه‪ ،...‬وهذا أ َوْ َ‬
‫الخلق!‬
‫بعد ذلك ينتقل زيكو إلى نقطة أخرى هى تأييد المسيح بروح القدس‪ ،‬الذى‬
‫يجعله دليل على أن عيسى يتفوق على محمد عليه السلم‪ ،‬وهذا نص كلمه‪:‬‬
‫"التأييد بالروح القدس‪) :‬البقرة ‪" (253 ،78 :2‬وآتينا عيسى ابن مريم‬
‫دس"‪ .‬وللرد على ذلك نورد الدلة والبراهين القاطعة‬ ‫البينات وأيدناه بروح الق ُ‬
‫التى تثبت بطلن هذا الدعاء‪ ،‬من هذه الدلة ‪1 :‬ـ ]سورة المائدة ‪[110 :5‬‬
‫"إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس فى المهد وكهل"‪2 .‬ـ فإن هذه الية غاية‬
‫فى الهمية فى دللتها‪ ،‬إذ توضح أن تأييد المسيح بروح القدس هو منذ أن‬
‫كان فى المهد صبيا‪ ،‬ولذلك كلم الناس فى هذه السن‪ .‬فكيف يكون الروح‬
‫القدس هو جبريل‪ ،‬وهو الذى نطق على لسان من فى المهد؟ ‪3‬ـ كيف يتفق‬
‫هذا مع ما جاء فى ]سورة يوسف ‪" [87 :12‬ول تيأسوا من روح الله ‪ ،‬ول‬
‫م الكافرين" فهل معنى روح الله هنا هو جبريل ؟‬ ‫ييأس من روح الله إل القو ُ‬
‫‪4‬ـ وقد جاء تفسير روح الله فى ]تفسير ابن كثير ج ‪ 2‬ص ‪" [260‬ل تيأسوا‬
‫أى ل تقطعوا رجاءكم وأملكم )من روح الله( أى من الله"‪5 .‬ـ ]وأيضا ً تفسير‬
‫ابن كثير ج ‪ 1‬ص ‪" [87‬روح منه‪ :‬أى اسم الله العظم"‪6 .‬ـ وهناك آيات تشهد‬
‫أن القدوس هو الله‪] :‬سورة الحشر ‪" [23 :59‬هو الله الذى ل إله إل هو‬
‫الملك القدوس" وأيضا ً فى ]سورة الجمعة ‪" [1 :62‬يسبح لله ما فى‬
‫السموات وما فى الرض الملك القدوس"‪.‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫وكما يرى القارئ بنفسه‪ ،‬فالرجل يخبص خبصا كثيرا دون عقل أو منطق‪ .‬إنه‬
‫ضِبط وهو يطعن ضحيته‪ ،‬وقد تضرجت يداه بالدماء‪ ،‬فهو‬ ‫يتصرف كقاتل ُ‬
‫يتخبط ويكذب ويحلف زورا بغية التفلت من قبضة الشرطة والعدالة‪ .‬ولكن‬
‫رب حولك حصار محكم ل يمكنك الهروب منه‪ .‬إن‬ ‫ض ِ‬‫كيف يا زيكو‪ ،‬وقد ُ‬
‫السداد لتأخذك من كل ناحية‪ .‬إنه يزعم أن المسيح‪ ،‬بنص القرآن‪ ،‬كان مؤّيدا‬
‫بالروح القدس‪ ،‬أما محمد فل‪ .‬يريد أن يقول إن عيسى عليه السلم كان إلها‬
‫أو ابن إله‪ ،‬أما محمد فمجرد بشر عادى‪ .‬إذن فسيادة جنابه يستشهد بالقرآن‪،‬‬
‫ْ‬
‫ن )يا رسول الله(‬ ‫قْرآ َ َ‬ ‫ت ال ْ ُ‬ ‫أولم يقرأ إذن فى القرآن قوله تعالى‪" :‬فَإ َِذا قََرأ َ‬
‫ذي َ‬
‫مُنوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ن عََلى ال ّ ِ َ‬ ‫طا ٌ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫س لَ ُ‬ ‫ه ل َي ْ َ‬ ‫م* إ ِن ّ ُ‬‫جي ِ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ست َعِذ ْ ِبالل ّهِ ِ‬ ‫َفا ْ‬
‫ه‬
‫م بِ ِ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ه َوال ِ‬ ‫ّ‬
‫ن ي َت َوَلوْن َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ه عَلى ال ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سلطان ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ن* إ ِن ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫م ي َت َوَكلو َ‬ ‫وَعََلى َرب ّهِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫كا َ َ‬ ‫كون* وَإ َِذا ب َد ّل َْنا آ َي َ ً‬
‫ر‬
‫فت َ ٍ‬
‫م ْ‬‫ت ُ‬ ‫ما أن ْ َ‬ ‫ل َقاُلوا إ ِن ّ َ‬ ‫ما ي ُن َّز ُ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ه أعْل َ ُ‬ ‫ن آي َةٍ َوالل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ة َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ت ال ِ‬ ‫حقّ ل ِي ُث َب ّ َ‬ ‫ن َرب ّك ِبال َ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫قد ُ ِ‬ ‫ح ال ُ‬ ‫ه ُرو ُ‬ ‫ل ن َّزل ُ‬ ‫مون* ق ْ‬ ‫م ل ي َعْل ُ‬ ‫ل أكث َُرهُ ْ‬ ‫بَ ْ‬
‫ه ) أى القرآن(‬ ‫ْ‬ ‫دى وَب ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ن )النحل‪" ،(102 -98/‬وَإ ِن ّ ُ‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫شَرى ل ِل ُ‬ ‫مُنوا وَهُ ً‬ ‫آ َ‬

‫‪147‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن*‬ ‫من ْذِِري َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫ك ل ِت َ ُ‬ ‫ن* عََلى قَل ْب ِ َ‬ ‫مي ُ‬ ‫ح ال َ ِ‬ ‫ل ب ِهِ الّرو ُ‬ ‫ن* ن ََز َ‬ ‫مي َ‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫زي ُ‬ ‫ل َت َن ْ ِ‬
‫قي‬ ‫ش ي ُل ْ ِ‬ ‫ت ُذو العَْر ِ‬
‫ْ‬ ‫جا ِ‬ ‫ن" )الشعراء‪َ" ،(195 -192 /‬رِفيعُ الد َّر َ‬ ‫مِبي ٍ‬ ‫ي ُ‬ ‫ن عََرب ِ ّ‬ ‫سا ٍ‬ ‫ب ِل ِ َ‬
‫ق" )غافر‪" ،(15 /‬ل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م الّتل ِ‬ ‫عَبادِهِ ل ِي ُن ْذَِر ي َوْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ي َشاُء ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مرِهِ عَلى َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫الّرو َ‬
‫سول َُ‬
‫ه‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫دى(‬ ‫عا‬ ‫)أى‬ ‫د‬ ‫حا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫دو‬ ‫وا‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ ََ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ُ‬
‫ِ ِ ُ َ ّ َ َ ْ َ ّ‬
‫َ‬ ‫جد ُ ْ ً ُ ِ ُ َ َ ِ َ ِ َ َ ْ َ ِ‬
‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫بال‬ ‫ن‬ ‫نو‬ ‫م‬ ‫ؤ‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫تَ ِ‬
‫َ‬
‫ب ِفي قُُلوب ِهِ ُ‬
‫م‬ ‫ك ك َت َ َ‬ ‫م أول َئ ِ َ‬ ‫شيَرت َهُ ْ‬ ‫م أوْ عَ ِ‬ ‫وان َهُ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫م أوْ إ ِ ْ‬ ‫م أوْ أب َْناَءهُ ْ‬ ‫كاُنوا آَباَءهُ ْ‬ ‫وَل َوْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ِفيَها‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫حت َِها الن َْهاُر َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫خل ُهُ ْ‬ ‫ه وَي ُد ْ ِ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫م ب ُِروٍح ِ‬ ‫ن وَأي ّد َهُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫لي َ‬ ‫ا ِ‬
‫ن"‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ه أولئ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ُ‬ ‫ب اللهِ هُ ُ‬ ‫حْز َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ب اللهِ أل إ ِ ّ‬ ‫حْز ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫ضوا عَن ْ ُ‬ ‫م وََر ُ‬ ‫ه عَن ْهُ ْ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫َر ِ‬
‫)المجادلة‪(22 /‬؟ أو لم يقرأ ما قاله لوقا )فى الفصل الول من النجيل الذى‬
‫ألفه( عن يحيى عليه السلم وأبيه زكريا وأن الول كان ممتلئا‪ ،‬منذ أن كان‬
‫جنينا فى بطن أمه‪ ،‬بالروح القدس )ممتلئا منه ل مؤّيدا به فحسب(‪ ،‬والثانى‬
‫ه )أى لزكريا عليه‬ ‫امتل به هو ايضا‪ ،‬لكن ليس من صغره‪11" :‬فَظ َهََر ل َ ُ‬
‫ب‬‫ضط ََر َ‬ ‫ما َرآه ُ َزك َرِّيا ا ْ‬ ‫خوِر‪12 .‬فَل َ ّ‬ ‫مذ ْب َِح ال ْب َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مي ِ‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫ب َواِقفا ً عَ ْ‬ ‫ك الّر ّ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫السلم( َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وَوَقَعَ عَل َي ْهِ َ‬
‫ت‬
‫معَ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ن ط ِلب َت َك قَد ْ ُ‬ ‫ف َيا َزكرِّيا ‪،‬ل ّ‬ ‫خ ْ‬ ‫ملك‪ :‬ل ت َ َ‬ ‫ه ال َ‬ ‫لل ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ف‪13 .‬فَ َ‬ ‫خو ْ ٌ‬
‫ن لَ َ‬ ‫‪ ،‬وامرأ َت َ َ‬
‫ك فََر ٌ‬
‫ح‬ ‫كو ُ‬ ‫حّنا‪14 .‬وَي َ ُ‬ ‫ميهِ ُيو َ‬ ‫س ّ‬ ‫ك اْبنا ً وَت ُ َ‬ ‫ست َل ِد ُ ل َ َ‬ ‫ت َ‬ ‫صاَبا ُ‬ ‫ك أِلي َ‬ ‫َ ْ َ ُ‬
‫مرا ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خ ْ‬ ‫ب ‪،‬وَ َ‬ ‫م الّر ّ‬ ‫ما َ‬ ‫ظيما أ َ‬ ‫ن عَ ِ‬ ‫ه ي َكو ُ‬ ‫ه‪15،‬لن ّ ُ‬ ‫ن ب ِوِلد َت ِ ِ‬ ‫حو َ‬ ‫فَر ُ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ج ‪،‬وَكِثيُرو َ‬ ‫َواب ْت َِها ٌ‬
‫دسِ"‪67" ،‬وامت َل َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫َ ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫ن الّروِح ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫ئ ِ‬ ‫مت َل ِ ُ‬ ‫مهِ ي َ ْ‬ ‫نأ ّ‬ ‫ن ب َط ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ‪ ،‬وَ ِ‬ ‫كرا ل ي َشَر ُ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ ُ‬
‫س"؟‬ ‫د‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ح‬ ‫رو‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫بو‬ ‫زك َريا أ َ‬
‫ُ ِ‬ ‫َ ِّ ُ ُ ِ َ ّ ِ‬
‫فكما يرى القارئ العزيز‪ ،‬فإن روح القدس ل يؤيد الرسول الكريم فقط‪ ،‬بل‬
‫ينزل على قلبه بالقرآن مثلما ينزل على كل الرسل والنبياء‪ ،‬كما أنه يؤيد‬
‫المؤمنين الذين ل يواّدون من حاد ّ الله ورسوله‪ ،‬ويمتلئ به يحيى منذ أن كان‬
‫جنينا ل يزال‪ .‬وليكن معنى "الروح القدس" بعد هذا ما يكون‪ ،‬فالمهم أنه ل‬
‫يختص بعيسى عليه السلم‪ ،‬وعلى هذا ل يمكن اتخاذه ذريعة للقول بتميز‬
‫عيسى تميز الله أو ابن الله عن سائر البشر‪ .‬أما خلط صاحبنا البله فى‬
‫م‬‫قو ْ ُ‬ ‫ن َروِْح الل ّهِ إ ِل ّ ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ل ي َي ْئ َ ُ‬ ‫ن َروِْح الّله إ ِن ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫سوا ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ" :‬ول ت َي ْئ َ ُ‬
‫ن" )الذى يحّرفه على طريقتهم فى التلعب بكتبهم فيكتبه هكذا‪" :‬ول‬ ‫كافُِرو َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م الكافرين" متعمدا عدم‬ ‫تيأسوا من روح الله‪ ،‬ول ييأس من روح الله إل القو ُ‬
‫ضبط "الروح" لغرض فى نفسه سيتضح للتو‪ ،‬ومبدل عبارة "إنه ل ييأس" إلى‬
‫"ول ييأس"‪ ،‬ومخطئا بجلفة ل تليق إل بواحد مثله فيكتب‪" :‬الكافرين" مكان‬
‫"الكافرون"(‪ ،‬أقول‪ :‬أما خلطه بين "الّروح" )بضم الراء المشددة( كما فى‬
‫اليات النفة و"الّرْوح" )بفتح الراء‪ ،‬وهو الراحة والرحمة( رغم أنه سبق أن‬
‫فرق بينهما قبل قليل‪ ،‬فهو مصيبة المصائب‪ .‬إنه‪ ،‬كما قلت‪ ،‬بهلوان‪ ،‬ومن ثم‬
‫ل يثبت على حل ول على حال‪ ،‬بل كلما رأى ما يظن أنه يمكن أن يخدم‬
‫قضيته سارع باتخاذه دون أن يعى أنه قد سبق له اتخاذ عكس ذلك تماما‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫وعلى أى حال فكيف يا ترى يكون روح الله وروح القدس هو الله؟ كيف‬
‫يكون روح الله هو الله نفسه‪ ،‬أو يكون "روح القدس" هو "القدوس"؟ لكن‬
‫إذا تذكرنا ما قلناه عن "كلمة الله" التى كانت "عند" الله‪ ،‬ثم أصبحت بعد‬
‫قليل هى "الله" ذاته‪ ،‬لتعود مرة أخرى فتكون "وحيد الله"‪ ،‬ثم "عقل الله"‬
‫عرفنا أن صلح حال القوم ميؤوس منه‪ ،‬فهم هكذا كانوا‪ ،‬وهكذا سيظلون‪ ،‬ول‬
‫أمل فى تغيرهم‪ ،‬وإل انهار بناؤهم كله لنه بناء مؤسس على السراب! إن‬
‫وصف الروح هنا بالقداسة ل ترّتب للمسيح أية ألوهية أو بنوة لله‪ ،‬وإل فقد‬
‫صفت‬ ‫صف الوادى الذى رأى فيه موسى النار بـ"الوادى المقدس"‪ ،‬مثلما وُ ِ‬ ‫وُ ِ‬

‫‪148‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أرض فلسطين بـ"الرض المقدسة" و"المباركة"‪ .‬أفنجعل منهما أيضا إلهين أو‬
‫ولدين من أولد الله؟ قال عز شأنه على لسان موسى عليه السلم‪" :‬يا‬
‫قوم‪ ،‬ادخلوا الرض المقدسة التى كتب الله لكم" )المائدة‪ ،(21 /‬وقال جل‬
‫جلله مخاطبا موسى‪" :‬يا موسى‪ ،‬إنى أنا ربك‪ ،‬فاخلع نعليك‪ .‬إنك بالوادى‬
‫وى" )طه‪ .(12 /‬وعلى أية حال فلم يوصف عيسى عليه السلم‬ ‫دس ط ُ ً‬‫المق ّ‬
‫فى القرآن بالقداسة‪ ،‬فهل نقول إنه أقل مرتبة وشأنا من وادى الطور وأرض‬
‫فلسطين؟‬
‫حبنا إلى وصف القرآن لعيسى عليه السلم بأنه "آية"‪،‬‬ ‫صوَي ْ ِ‬
‫كذلك يشير ُ‬
‫صا‪:‬‬‫متسائل‪ :‬هل فى القرآن أيضا أن محمدا آية كالمسيح؟ ولنقرأ ما قال ن ّ‬
‫"آية من الله ‪] (1) :‬سورة المؤمنون ‪" [50 :23‬وجعلنا ابن مريم وأمه آية"‪) .‬‬
‫‪] (2‬سورة النبياء ‪" [91 :21‬فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية‬
‫ى هين‪،‬‬ ‫للعالمين"‪] (3) .‬سورة مريم ‪" [21 :19‬قال كذلك قال ربك هو عل ّ‬
‫ولنجعله آية للناس"‪] (4) .‬المعجم ج ‪ 1‬ص ‪" [35‬آية تعنى‪ :‬العلمة والمارة‪،‬‬
‫العبرة‪ ،‬والمعجزة "‪ .‬وماذا عن محمد؟ هل قيل فى القرآن كله أن محمدا ً‬
‫كان آية من الله؟"‪.‬‬

‫)‪(10 /‬‬

‫وهو بهذا يظن أنه قد وضعنا فى "خانة اليك"‪ ،‬مع أن الكلم الذى يقوله هنا ل‬
‫يخرج عن الترهات والتفاهات التى يحسب أصحابها الجهلء أنها هى العلم‬
‫شة العلم والعقل‬ ‫ق ّ‬ ‫م َ‬
‫ش ذلك السخف ب ِ ِ‬ ‫اللدنى‪ .‬ولنبدأ على بركة الله فى قَ ّ‬
‫ض اليات السيدةَ مريم مع المسيح معا بـ"الية"‪،‬‬ ‫ت بع ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫ص َ‬ ‫فنقول‪ :‬لقد وَ َ‬
‫أفنفهم من هذا‪ ،‬بناًء على منطقكم‪ ،‬أنها تساوى المسيح‪ ،‬أى أنها هى أيضا‬
‫إله؟ فهذه واحدة‪ ،‬أما الثانية فكيف يا أخرق قد فاتك أن الية )التى تجعل‬
‫منها قصة وأقصوصة( قد تكون ناقة‪ ،‬أو جرادا وضفادع ودما وقمل‪ ،‬أو طينا‬
‫صا تحولت‬ ‫وطيرا‪ ،‬أو مائدة طعام‪ ،‬أو جثة فارقتها الروح قد لفظها البحر‪ ،‬أو ع ً‬
‫جًزا عن النطق‪ ...‬إلخ؟ فهل نجعل الناقة والعصا والقملة‬ ‫إلى ثعبان‪ ،‬أو عَ ْ‬
‫والضفدعة والطين والطير آلهة مثلما تريدون أن تجعلوا من وصف عيسى‬
‫عليه السلم بـ"الية" دليل على أنه إله وأنه يتميز من ثم على محمد عليه‬
‫السلم؟ وهذا إن حصرنا معنى الية فى المعجزة‪ ،‬وإل فكل شىء فى العالم‬
‫من حولنا هو آية على وجود الله وقدرته وحكمته‪ .‬وقد تكررت الكلمة كثيرا‬
‫ق‬ ‫خل ْ‬
‫ن ِفي َ ِ‬ ‫فى القرآن بهذا المعنى كما هو معروف‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪" :‬إ ِ ّ‬
‫ما‬ ‫حرِ ب ِ َ‬ ‫ري ِفي ال ْب َ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ك ال ِّتي ت َ ْ‬ ‫فل ْ ِ‬ ‫ل َوالن َّهارِ َوال ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ف الل ّي ْ‬ ‫خت َِل ِ‬ ‫ض َوا ْ‬ ‫ِ‬ ‫ت َوال َْر‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ث‬
‫موْت َِها وَب َ ّ‬ ‫ض ب َعْد َ َ‬ ‫حَيا ب ِهِ الْر َ‬ ‫ماٍء فَأ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ماِء ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ما أن َْز َ‬ ‫س وَ َ‬ ‫فعُ الّنا َ‬ ‫ي َن ْ َ‬
‫َ‬
‫ض‬
‫ماِء َوالْر ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫خرِ ب َي ْ َ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ف الّرَياِح َوال ّ‬ ‫ري ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ل َداب ّةٍ وَت َ ْ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ِفيَها ِ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫من ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬
‫ماًء لك ُ ْ‬ ‫ماِء َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ذي أن َْز َ‬ ‫ّ‬
‫قلونَ" )البقرة‪" ،(164 /‬هُوَ ال ِ‬ ‫ُ‬ ‫قوْم ٍ ي َعْ ِ‬ ‫ت لِ َ‬ ‫ل ََيا ٍ‬
‫ل‬ ‫خي َ‬ ‫ن َوالن ّ ِ‬ ‫م ب ِهِ الّزْرع َ َوالّزي ُْتو َ‬ ‫ت ل َك ُ ْ‬ ‫ن* ي ُن ْب ِ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫سي ُ‬ ‫جٌر ِفيهِ ت ُ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ب وَ ِ‬ ‫شَرا ٌ‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫م اللي ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫خَر لك ُ‬ ‫س ّ‬ ‫ن* وَ َ‬ ‫فكُرو َ‬ ‫قوْم ٍ ي َت َ َ‬ ‫ة لِ َ‬ ‫ك لي َ ً‬ ‫ت إِ ّ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫ل الث ّ َ‬ ‫نك ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ب وَ ِ‬ ‫َوالعَْنا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫قوْم ٍ‬ ‫ت لِ َ‬ ‫ن ِفي ذ َل ِك لَيا ٍ‬ ‫مرِهِ إ ِ ّ‬ ‫ت ب ِأ ْ‬ ‫خَرا ٌ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫م ُ‬ ‫جو ُ‬ ‫مَر َوالن ّ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫س َوال َ‬ ‫م َ‬ ‫ش ْ‬ ‫َوالن َّهاَر َوال ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوْ َم ٍ‬ ‫ة لِ َ‬ ‫َ‬
‫ن ِفي ذ َل ِك لي َ ً‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫وان ُ ُ‬ ‫فا أل َ‬ ‫خت َل ِ ً‬ ‫م ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ِ‬ ‫م ِفي الْر‬ ‫ُ‬
‫ما ذ ََرأ لك ْ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫قُلو َ‬ ‫ي َعْ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫شٌر‬ ‫م بَ َ‬ ‫م إ َِذا أن ْت ُ ْ‬ ‫ب ثُ ّ‬ ‫ن ت َُرا ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قك ْ‬ ‫خل َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن آَيات ِهِ أ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن" )النحل‪" ،(13 -10 /‬وَ ِ‬ ‫ي َذ ّكُرو َ‬
‫ل‬‫جعَ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سكُنوا إ ِلي َْها وَ َ‬ ‫جا ل ِت َ ْ‬ ‫م أْزَوا ً‬ ‫سك ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن أن ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫خلقَ لك ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن آَيات ِهِ أ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن* وَ ِ‬ ‫شُرو َ‬ ‫ت َن ْت َ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫خل ُ‬ ‫ن آَيات ِهِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن* وَ ِ‬ ‫فكُرو َ‬ ‫قوْم ٍ ي َت َ َ‬ ‫ت لِ َ‬ ‫ن ِفي ذ َل ِك لَيا ٍ‬ ‫َ‬ ‫ة إِ ّ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫موَد ّة ً وََر ْ‬ ‫م َ‬ ‫ب َي ْن َك ُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫مي َ‬ ‫ت ل ِل َْعال ِ ِ‬ ‫ك ل ََيا ٍ‬ ‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫وان ِك ُ ْ‬ ‫م وَأل ْ َ‬ ‫سن َت ِك ُ ْ‬ ‫ف أل ْ ِ‬ ‫خِتل ُ‬ ‫ض َوا ْ‬ ‫ت َوالْر ِ‬
‫ْ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬

‫‪149‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ك ل ََيا ٍ‬ ‫م َ‬
‫قوْم ٍ‬‫ت لِ َ‬ ‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫ن فَ ْ‬
‫ضل ِهِ إ ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ل َوالن َّهارِ َواب ْت َِغاؤُك ُ ْ‬ ‫م ِبالل ّي ْ ِ‬ ‫مك ُ ْ‬‫مَنا ُ‬
‫ن آَيات ِهِ َ‬ ‫وَ ِ ْ‬
‫حِيي‬ ‫َ‬
‫ماًء في ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ماِء َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫مًعا وَي ُن َّزل ِ‬ ‫خوْفا وَط َ‬ ‫م الب َْرقَ َ‬ ‫ريك ُ‬ ‫ن آَيات ِهِ ي ُ ِ‬ ‫م ْ‬‫ن* وَ ِ‬‫مُعو َ‬ ‫س َ‬‫يَ ْ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قو َ‬ ‫ن تَ ُ‬‫ن آَيات ِهِ أ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن* وَ ِ‬ ‫قلو َ‬ ‫قوْم ٍ ي َعْ ِ‬‫ت لِ َ‬ ‫ن ِفي ذل ِك لَيا ٍ‬ ‫موْت َِها إ ِ ّ‬‫ب ِهِ الرض ب َعْد َ َ‬
‫ن"‬ ‫جو‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫إ‬ ‫ض‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫عا‬ ‫د‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫السماُْء َوال َرض بأ َ‬
‫ُْ ْ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫ْ ِ ِ‬ ‫َ ْ ُ ِ ْ ِ ِ ّ ِ َ َ ْ َ ْ َ ً ِ َ‬ ‫ّ َ‬
‫)الروم‪ ...(25 -21 /‬إلخ‪ .‬إذن فأين الميزة التى تظن أيها البله أن عيسى‬
‫عليه السلم يتفوق بها هنا على سيد النبياء والمرسلين؟ إننا نحب سيدنا‬
‫عيسى ونجله ونحترمه ونضعه فى العيون منا والقلوب‪ ،‬بل نعد أنفسنا أتباعه‬
‫الحقيقيين المخلصين‪ ،‬لكننا ل يمكننا القبول بألوهيته‪ ،‬وإل كفرنا بالله سبحانه‬
‫عوا أول شىء إلى وحدانية الله سبحانه‬ ‫وا لي َد ْ ُ‬ ‫َ‬
‫وبرسله الكرام الذين إنما أت َ ْ‬
‫وعدم الشراك به‪.‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫والن لتنظر إلى قوله تعالى فى النصوص التالية التى تشهد لما نقول‪ ،‬وذلك‬
‫لو كان لك عينان للنظر أو أذنان للسمع‪ ،‬وأشك فى ذلك كثيرا‪ ،‬فعينا البعيد‬
‫مس‪ ،‬والعياذ بالله‪،‬‬ ‫ليستا تنظران‪ ،‬كما أن أذنيه ليستا تسمعان‪ .‬ذلك أنه قد ط ُ ِ‬
‫ة الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫على سمعه وبصره‪ .‬يقول صالح عليه السلم لقومه‪" :‬وََيا قَوْم ِ هَذِهِ َناقَ ُ‬
‫ْ‬ ‫ل ِفي أ َْر‬ ‫ها ت َأ ْك ُ ْ‬
‫ب"‬ ‫ري ٌ‬ ‫ب قَ ِ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬ ‫خذ َك ُ ْ‬ ‫سوٍء فَي َأ ُ‬ ‫ها ب ِ ُ‬ ‫سو َ‬ ‫م ّ‬ ‫ض الل ّهِ َول ت َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ة فَذ َُرو َ‬ ‫م آ َي َ ً‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫م ال ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫طوَفا َ‬ ‫سل َْنا عَل َي ْهِ ُ‬ ‫)هود‪ ،(64 /‬ويقول سبحانه عن قوم فرعون‪" :‬فَأْر َ‬
‫ما‬ ‫كاُنوا قَوْ ً‬ ‫ست َك ْب َُروا وَ َ‬ ‫ت َفا ْ‬ ‫صل ٍ‬ ‫ف ّ‬ ‫م َ‬ ‫ت ُ‬ ‫م آ ََيا ٍ‬ ‫فادِعَ َوالد ّ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ل َوال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ق ّ‬ ‫جَراد َ َوال ْ ُ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫م هَ ْ‬
‫ل‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سى اب ْ َ‬ ‫عي َ‬ ‫ن َيا ِ‬ ‫وارِّيو َ‬ ‫ح َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ن" )العراف‪" ،(133 /‬إ ِذ ْ َقا َ‬ ‫مي َ‬ ‫جرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ك ُن ْت ُْ‬
‫م‬ ‫َ ِ ْ‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫قوا‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫َ‬
‫قا‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫ما‬ ‫ّ َ‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫ِ‬
‫ْ َ َ‬ ‫ئ‬ ‫ما‬ ‫نا‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ز‬ ‫َ‬
‫ْ ُ ّ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫ر‬
‫ُ َ ّ‬ ‫ع‬ ‫طي‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫س‬‫يَ ْ‬
‫صد َقْت ََنا وَن َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ن َأك ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫كو َ‬ ‫ن قَد ْ َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ن قُلوب َُنا وَن َعْل َ‬ ‫مئ ِ ّ‬ ‫من َْها وَت َط َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ريد ُ أ ْ‬ ‫ن* َقالوا ن ُ ِ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ً‬ ‫ة‬ ‫د‬‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫ما‬ ‫نا‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ز‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫نا‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫سى‬ ‫عي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫قا‬ ‫ن*‬ ‫دي‬ ‫ه‬ ‫شا‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ها‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ َ‬ ‫َ‬
‫ُ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫خيُر الّرازِِقينَ"‬ ‫ت َ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫نا‬ ‫ْ‬ ‫ق‬ ‫ز‬ ‫ر‬ ‫وا‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ي‬‫خرَنا وآ َ‬ ‫دا ل َول َِنا وآ َ‬ ‫عي‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫كو‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫ما‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ب‬ ‫ل َر ّ‬ ‫)المائدة‪ ،(114 -112 /‬ويقول تعالى مخاطبا زكريا عليه السلم‪َ" :‬قا َ‬
‫ك ك َِثيًرا‬ ‫مًزا َواذ ْك ُْر َرب ّ َ‬ ‫ك أل ّ تك َل ّم الناس َثلث َ َ َ‬ ‫ل آ َي َت ُ َ‬ ‫ل ِلي آ َي َ ً‬
‫ة أّيام ٍ إ ِل ّ َر ْ‬ ‫ُ َ ّ َ‬ ‫ة َقا َ‬ ‫جعَ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫ي َوال ِب ْكاِر" )آل عمران‪ .. .(41 /‬إلخ‪ .‬ثم إن "الية" هى شىء‬ ‫َ‬ ‫ش ّ‬ ‫ْ‬
‫ح ِبالعَ ِ‬ ‫سب ّ ْ‬ ‫وَ َ‬
‫يخلقه الله‪ ،‬أى أنها شىء مخلوق ل إله ول ابن إله! هل رأيت الن بنفسك‪،‬‬
‫أيها القارئ الكريم‪ ،‬كيف ضاقت بل استحالت على الرجل السبل والمذاهب؟‬
‫وينتقل الجاهل إلى نقطة أخرى ليوقع كالعادة نفسه فى مأزق جديد ما كان‬
‫أغناه عنه لول حماقته وسخف عقله‪ .‬إنه يذكر اليات التى أجراها الله سبحانه‬
‫على يد عيسى عليه وعلى نبينا الكريم أفضل الصلة والسلم‪ ،‬وهى كلمه‬
‫فى المهد‪ ،‬وإبراؤه الكمه والبرص وشفاؤه المرضى وإحياؤه الموتى وخلقه‬
‫الطير من الطين بإرادةِ الله وقدرِته ل بقدرة منه هو ول بإرادته‪ ،‬فضل عن‬
‫دخرونه فى بيوتهم‪ ،‬ثم‬ ‫تمكينه سبحانه إياه من التنبؤ بما يأكل الناس وما ي ّ‬
‫يتساءل قائل‪ :‬وماذا عن محمد؟ يعنى أن الرسول الكريم ل يمكن أن يسامى‬
‫عيسى عليه السلم هنا أيضا! وهذه مكايدة صغيرة مضحكة‪ ،‬فإن لمحمد عليه‬
‫السلم معجزاته التى روتها كتب السيرة والحاديث‪ ،‬وإن كانت من نوع‬
‫مختلف‪ ،‬مثلما أن لكل من النبياء والرسل الخرين معجزته الخاصة به‪ .‬أى‬
‫أن عيسى ل يتميز عن غيره من النبيين والمرسلين هنا أيضا‪ .‬وهبه انفرد‬
‫بوقوع المعجزات على يديه دون غيره من النبياء والرسل الكرام‪ ،‬أفينبغى‬
‫أن نعد هذا تميزا منه عليهم؟ ل‪ ،‬لنه لم يفعل ذلك ولم يستطعه من تلقاء‬
‫نفسه‪ ،‬بل بقدرة الله سبحانه وإرادته‪ .‬وهو‪ ،‬قبل هذا وبعد هذا‪ ،‬ليس إل نبيا‬

‫‪150‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من النبياء ورسول من المرسلين‪ ،‬أى عبدا من العباد‪ ،‬وهذا هو المهم لنه هو‬
‫جوهر الموضوع‪ ،‬أما وقوع المعجزات أو عدم وقوعها فل يعنى شيئا ذا بال‬
‫فى تلك القضية!‬
‫أما النباء بالغيب ففى القرآن نبوءة بانتصار الروم على الفرس فى بضع‬
‫سنين‪ ،‬وقد تحققت‪ .‬وفى القرآن نبوءة بانتصار السلم على غيره من‬
‫الديان‪ ،‬وقد تحققت‪ .‬وفى القرآن نبوءة بأن الناس لن تستطيع قتل الرسول‬
‫خَرج من البحر العذب‬ ‫ست َ ْ‬
‫عليه السلم‪ ،‬وقد تحققت‪ .‬وفى القرآن أن الحلى ت ُ ْ‬
‫ومن البحر الملح كليهما‪ ،‬وهو ما لم يكن أحد يعرفه فى منطقة الشرق‬
‫الوسط على القل‪ ،‬ثم اتضح الن أنه صحيح‪ .‬وفى القرآن نبوءة بأن عبد‬
‫صَلى نارا ذات لهب‪ ،‬وقد تحققت‪ ،‬إذ مات كافرا‪ .‬وفى‬ ‫العُّزى عم الرسول سي َ ْ‬
‫الحديث نبوءة بأنه سيأتى يوم على المسلمين تتداعى عليهم المم كما‬
‫َ‬
‫تتداعى الك ََلة على قصعتها‪ ،‬ل من قلة فى العدد‪ ،‬بل لنهم غَُثاء كغثاء ال ّ‬
‫سْيل‬
‫)يعنى‪ :‬زبالة(‪ ،‬وقد تحققت فى العصر الخيرة‪ ،‬وبخاصة هذه اليام كما يرى‬
‫كل من له عينان‪ .‬وقد قال الرسول ذلك‪ ،‬والمسلمون فى عز قوتهم اليمانية‬
‫ضا فى النفوس‪ ،‬وهو ما لم يتصوره‬ ‫حينما كان السلم ل يزال أخضر غ ّ‬
‫مد ّ‬
‫الصحابة حينذاك لنه كان غريبا تمام الغرابة على العقل والمنطق‪ ،‬إذ كان َ‬
‫السلم من العنفوان والجيشان بحيث لم يكن أحد يتصور خلف ذلك!‬

‫)‪(12 /‬‬

‫وعلى كل حال فليست العبرة بالمعجزات الحسية‪ ،‬وإل فمن النبياء من لم‬
‫قوا رغم ذلك‬‫تأت معجزاتهم بالثمرة المرجوة منها لن أقوامهم قد ب َ ُ‬
‫سكين بكفرهم وعصيانهم‪ ،‬ومن هؤلء السيد المسيح‪ ،‬إذ كفر به اليهود إل‬ ‫متم ّ‬
‫القليلين منهم‪ ،‬مما اضطر تلميذه )حسبما ورد فى كتبهم المصنوعة التى‬
‫أّلفتها أقلم البشر( إلى التحول بدعوته إلى المم الخرى رغم أنه كان فى‬
‫البداية يستنكر أن يتطلع أى من هذه المم إلى مشاركة بنى إسرائيل فى‬
‫حَرموا‬
‫الدعوة التى أتى بها وكان يشّبههم بالكلب‪ ،‬الذين ينبغى فى رأيه أن ي ُ ْ‬
‫ذادوا عنه لنه مخصص للبناء وحدهم‪ .‬بل لم تنفع المعجزات هنا‬ ‫من الخبز وي ُ َ‬
‫ولوه‬ ‫أيضا‪ ،‬إذ إن هؤلء قد انحرفوا بالتوحيد الذى أتاهم به عليه السلم وح ّ‬
‫إلى تثليث مثلما فعلت المم الوثنية القديمة كالغارقة والهنود والفرس‬
‫والمصريين‪ .‬وأخيرا وليس آخرا‪ ،‬فالمعجزات ليست من البراهين الحاسمة‪،‬‬
‫فعلوة على عدم استطاعتها تليين القلوب اليابسة والرؤوس الصلبة والرقاب‬
‫الغليظة وإضاءة النفوس المعتمة كما قلنا‪ ،‬فإنها ل تستطيع أن تغالب اليام‪،‬‬
‫إذ ما إن يمر زمانها حتى تنصل صورتها فى النفوس ول يعود لها أى تأثير‪ ،‬بل‬
‫تصبح مظنة التزييف والتلفيق! وهى فى حالة نبينا‪ ،‬عليه وعلى إخوانه النبياء‬
‫السلم‪ ،‬لم تكن ردا على تحدى الكفار له‪ ،‬بل كانت موجهة إلى المؤمنين‬
‫)فى الدرجة الولى على القل( تثبيتا ليمانهم‪ ،‬ل إلى الكفار الذين ثبت أنهم‬
‫ل يصيخون السمع إليها!‬
‫قّرون بكلم عيسى فى المهد لنه غير مذكور فى‬ ‫وبالمناسبة فإن النصارى ل ي ُ ِ‬
‫الناجيل التى يعترفون بها‪ ،‬وإن جاء فى بعض الناجيل الخرى غير المعتمدة‬
‫مص يحاججنا بما ورد فى القرآن رغم‬ ‫ق ّ‬
‫عندهم شىء قريب من ذلك‪ .‬أى أن ال ُ‬
‫إعلنه الكفر به‪ .‬وعلى كل حال فلست العبرة بإحياء شخص أو عدة أشخاص‬
‫ثم ينتهى المر عند هذا الحد‪ ،‬بل العبرة كل العبرة فى إحياء المم من العدم‬
‫الحضارى والخلقى والنفسى والسياسى والجتماعى والذوقى‪ ،‬وهو ما كّرم‬

‫‪151‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الله محمدا به‪ ،‬إذ أنهضت يداه المباركتان الميمونتان أمة العرب من حالة‬
‫الهمجية والوحشية والتخلف المزرى الذى كان ضاربا أطنابه فوق بلدهم‬
‫ومجتمعاتهم بل فوق حياتهم كلها‪ ،‬وجعل منهم حكاما يسوسون العالم‬
‫ويقودونه ثقافيا وخلقيا وعقيديا لعدة قرون دون سند‪ ،‬اللهم إل سند القرآن‬
‫واليمان! ولم يحيدوا حتى الن عن عقيدة التوحيد رغم كل المصائب التى‬
‫وقعت فوق رؤوسهم‪ ،‬سواء كانت من صنع أيديهم أو من صنع أعدائهم‪،‬‬
‫بخلف غيرهم من المم التى ما إن يغيب عنها نبيها حتى ترتد إلى الوثنية‬
‫والكفر‪ ،‬والعياذ بالله‪ ،‬وكأنك يا أبا زيد ما غزوت!‬
‫وبالمناسبة فملحدة النصارى يفسرون معجزات عيسى عليه السلم بأنها‬
‫ل وتواطؤات مع المرضى الذين شفاهم أو أعادهم إلى الحياة‪ ،‬على حين‬ ‫حي َ ٌ‬
‫ِ‬
‫أنهم )حسبما يقول هؤلء الملحدون( لم يكونوا قد ماتوا ول كانوا مرضى‬
‫خَبروه‬
‫دثونا عما َ‬ ‫أصل! كما أن الموتى الذين عادوا على يديه إلى الحياة لم يح ّ‬
‫رى إنه لمر غريب أن يسكتوا فل يذكروا شيئا عن تلك‬ ‫فى العالم الخر‪ .‬ول َعَ ْ‬
‫م ِ‬
‫التجربة العجيبة! وفوق هذا فما الفائدة التى عادت على العالم أو حتى على‬
‫المجتمع السرائيلى أو الرومانى من عودة من أعادهم إلى الدنيا كرة أخرى؟‬
‫إنها معجزات وقتية ل قيمة لها إل لمن شاهدها‪ ،‬بل ل قيمة لها إل لمن كتب‬
‫الله له اليمان‪ ،‬وإل فاليهود بوجه عام لم يولوا هذه المعجزات أية أهمية‬
‫ى‪ ،‬فضل عن تآمرهم عليه‬ ‫وظلوا يكفرون بالمسيح ويتهمون أمه بأنها ب َغِ ّ‬
‫شّبه‬‫ليصلبوه لول أن توفاه الله إليه وتركهم فى ظلمات ل يبصرون بعد أن َ‬
‫لهم أنهم قتلوه فعل! بل إن معظم الذين اتبعوه قد انحرفوا بدعوته أفظع‬
‫النحراف‪ ،‬إذ قلبوها رأسا على عقب وحولوها من التوحيد إلى الشرك الغبى‬
‫ة فى‬ ‫الغليظ‪ ،‬والعياذ بالله! وها هى ذى الثمرة العطنة العفنة تطالعنا متمثل ً‬
‫زيكو العجيب‪ ،‬ذى الدبر الرحيب!‬

‫)‪(13 /‬‬

‫ده ابنا ثانيا لله؟ ولكن من‬


‫كذلك فقد أحيا إيلّيا مي ًّتا مثلما فعل عيسى‪ ،‬فهل ن َعُ ّ‬
‫أى زوجة يا ترى؟ وهل تعدد الزوجات معروف لدى اللهة هم أيضا؟ خّيبك‬
‫الله يا شبه الرجال! وهذه قصة إيلّيا حسبما حكاها الكتاب المقدس )الملوك‬
‫الثانى‪" :(17 /‬وبعد هذه المور مرض ابن المرأة صاحبة البيت واشتد ّ مرضه‬
‫جدا حتى لم تبق فيه نسمة ‪ 18 .‬فقالت ليليا ما لي ولك يا رجل الله ‪ .‬هل‬
‫ي لتذكير اثمي واماتة ابني ‪ 19 .‬فقال لها اعطيني ابنك ‪ .‬واخذه من‬ ‫جئت ال ّ‬
‫حضنها وصعد به الى العلية التي كان مقيما بها واضجعه على سريره ‪20‬‬
‫وصرخ الى الرب وقال ايها الرب الهي أايضا الى الرملة التي انا نازل عندها‬
‫قد اسأت باماتتك ابنها ‪ 21 .‬فتمدد على الولد ثلث مرات وصرخ الى الرب‬
‫وقال يا رب الهي لترجع نفس هذا الولد الى جوفه ‪ 22 .‬فسمع الرب لصوت‬
‫ايليا فرجعت نفس الولد الى جوفه فعاش ‪ . 23‬فاخذ ايليا الولد ونزل به من‬
‫ي ‪ 24 .‬فقالت‬ ‫العلية الى البيت ودفعه لمه‪ .‬وقال ايليا انظري ‪ .‬ابنك ح ّ‬
‫المرأة ليليا هذا الوقت علمت انك رجل الله وان كلم الرب في فمك حق"‪.‬‬
‫أما قول الغبى المحتال المختال زعيم العيال والنغال إن عيسى عليه السلم‬
‫ت من قبله الرسل"‪ ،‬فهو ما لم‬ ‫خل َ ْ‬‫يتميز عن سيد النبياء والمرسلين بأنه "قد َ‬
‫أفهم مقصده منه‪ ،‬إذ إنه صلى الله عليه وسلم قد خلت الرسول من قبله هو‬
‫سع وموسى وهارون و ُ‬
‫شعَْيب‬ ‫أيضا‪ .‬ألم يسبقه عيسى ويحيى وزكريا وال ْي َ َ‬
‫وسليمان وداود ويعقوب وإسحاق وإسماعيل ولوط وإبراهيم وهود وصالح‬

‫‪152‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ت"‪ ،‬وهو ما‬ ‫خل َ ْ‬


‫ونوح وغيرهم؟ اللهم إل إذا كان المأفون لم يفهم معنى " َ‬
‫أرجحه‪ .‬بل ما من نبى إل خلت من قبله الرسل ما عدا أول نبى بطبيعة‬
‫الحال‪ .‬ب َي ْد َ أنى‪ ،‬رغم ذلك‪ ،‬ل أستطيع أن أفهم كيف يمكن أن يكون هذا ميزة‬
‫لحد من النبياء على أحد! أترى أول نبى كان يقل عمن جاءوا بعده ل لشىء‬
‫ل قبله أحد من الرسل؟ أما إذا أصر المأفون على ما يهرف به‬ ‫خ ُ‬
‫إل لنه لم ي َ ْ‬
‫بجهله الغليظ فإن محمدا عليه السلم يزيد على عيسى من هذه الناحية‬
‫بدرجة‪ ،‬إذ إن عدد من خل قبله من الرسل يزيد على من خل قبل عيسى‬
‫ضل‬‫ف ُ‬‫برسول هو عيسى نفسه‪ .‬أليس كذلك؟ ل بل إن محمدا هو الذى ي َ ْ‬
‫ط بالمرسلين من قبل ومن بعد‪ ،‬أما‬ ‫حو ٌ‬ ‫م ُ‬‫عيسى من هذه الناحية‪ ،‬فعيسى َ‬
‫ْ‬
‫الرسول الكريم فكان خاتم النبيين‪ ،‬وهو أمر لم ي ُكَتب لحد من إخوانه‬
‫مسك الذى بلغت على يديه الكريمتين ظاهرة النبوة‬ ‫الكرام‪ ،‬فهو الختام ال ِ ْ‬
‫أسمق مستوياتها‪ ،‬ولم يعد هناك من جديد يمكن أن يضاف إليها‪ ،‬وبخاصة أن‬
‫ضا نضًرا لم تمتد يد‬ ‫الكتاب الذى أتى به ما زال باقيا على حاله الول غَ ّ‬
‫التضييع أو التزييف والعبث إليه على عكس الكتب السابقة عليه‪ ،‬وبالذات‬
‫كتابا عيسى وموسى‪ .‬أعتقد أن المر واضح‪ ،‬وأن مأفوننا ل عقل لديه ول‬
‫فهم‪ ،‬وأنه يردد كالمعاتيه كلما ل يعنى شيئا!‬
‫لقد رأيت الرجل مرة فى المرناء عند أحد أقاربى الذين كانوا يسألوننى رأيى‬
‫فى ذلك الكائن فطلبت منهم أن ي ُُرونى حلقة من حلقات برنامجه الذى‬
‫يهاجم فيه السلم ورسوله العظيم‪ ،‬فوجدته ينتفش كالديك وهو يرد على ما‬
‫ى علم الولين والخرين جميعا‪ ،‬مع أنه‬ ‫ُ‬
‫كتبه المرحوم ديدات‪ ،‬وكأنه قد أوت ِ َ‬
‫)كما اتضح الن‪ ،‬وكما سوف يزداد وضوحا مع كل سطر نكتبه هنا( من أجهل‬
‫ما! ووالله لقد حاك فى‬ ‫سا وأعماهم عقل ً وفه ً‬ ‫ح ّ‬ ‫الجهلء وأبلد البلداء وأغلظهم ِ‬
‫صدرى قبل أن أراه وأقرأ له أنه لبد أن يكون على شىء من الذكاء‬
‫ة لم‬ ‫والمعرفة‪ ،‬فإذا بى آخذ مقلبا لم آخذه من قبل! خّيبك الله يا زيكو خيب ً‬
‫خْبها أحد! أهذا كل ما عندك؟ لقد تيقنت الن أنه ما فى الدنيا من قسيس‬ ‫يَ ِ‬
‫واحد عليه الطلوة فى العلم أو فى العقل! وهذا فى واقع المر طبيعى جدا‪،‬‬
‫فإن من يؤمن بما يؤمن به هؤلء البشر ل يمكن أن يكون ذا عقل سليم‬
‫مستقيم!‬
‫ى‬
‫ص الغب ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ق ّ‬‫إن ما قاله القرآن هنا ليجرى فى عكس التجاه الذى يلوى ال ُ‬
‫ة نحوه‪ ،‬فالقرآن يقول‪" :‬ما المسيح بن مريم إل رسول قد خلت من قبله‬ ‫الي َ‬
‫الرسل" )المائدة‪ ،(75 /‬ومعناه أن المسيح ل يمكن أن يكون إلها أو ابن إله‪،‬‬
‫وا من قبله‪ ،‬فكما كانوا بشرا فهو‬ ‫ض ْ‬
‫م َ‬‫إنما هو واحد من الرسل الكثيرين الذين َ‬
‫أيضا مثلهم بشر من البشر‪ .‬وعلى أية حال فقد قيل الشىء نفسه عن محمد‬
‫عليه الصلة السلم‪ ،‬وبنفس التركيب‪ ،‬وهذا هو‪" :‬وما محمد إل رسول قد‬
‫ن فى معركة‬ ‫خلت من قبله الرسل" )آل عمران‪ ،(144 /‬وكان ذلك حين ظ ُ ّ‬
‫حد أنه قد مات )صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومسح الرض بكرامة من يتطاول‬ ‫ُ‬
‫أ ُ‬
‫ل زنيم(‪ ،‬فقال الله لهم إن محمدا‬ ‫عليه من كل كلب وثنى عابد للبشر عُت ُ ّ‬
‫ليس إل رسول كسائر الرسل الذين سبقوه‪ ،‬وسيموت كما ماتوا‪ ،‬ول معنى‬
‫ى ل يموت‪ ،‬أما‬ ‫ب الدين ح ّ‬ ‫ه صاح َ‬ ‫لنقلب أحد على عقبيه بعد موته‪ ،‬لن الل َ‬
‫محمد فلم يكن إل رسول جاء ليبلغ العَِباد دعوة الله!‬

‫)‪(14 /‬‬

‫‪153‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومما يظن الحمق أنه يستطيع الشغب به على المسلمين قوله إن عيسى‬
‫كان مباَركا‪ ،‬أما محمد فل‪ .‬ول أدرى من أين له بأن عيسى وحده هو الذى‬
‫بورك دون النبياء جميعا‪ .‬لقد ذكر القرآن‪ ،‬الذى يعتمد عليه أحمقنا فى‬
‫ُ‬
‫ت على أشياء‬ ‫محاولة التنقص من سيد الرسل والنبيين‪ ،‬أن البركة قد أن ْزِل َ ْ‬
‫وأشخاص كثيرين‪ ،‬ل على عيسى وحده‪ ،‬كما أن البركة فى غير حالة عيسى‬
‫كر ما يزيد عليها فى الكرام والمحبة‪.‬‬ ‫كر بلفظ آخر‪ ،‬أو ي ُذ ْ َ‬ ‫عليه السلم قد ت ُذ ْ َ‬
‫ضَعفون‬ ‫ست َ ْ‬
‫م الذين كانوا ي ُ ْ‬ ‫فبعض أجزاء الرض قد باركها الله‪" :‬وأورْثنا القو َ‬
‫كنا فيها" )العراف‪ ،(137 /‬والمسجد‬ ‫مشارق الرض ومغاربها التى بار ْ‬
‫القصى بارك الله حوله‪" :‬سبحان الذى أسرى بعبده ليل من المسجد الحرام‬
‫إلى المسجد القصى الذى باركنا حوله" )السراء‪ ،(1 /‬والموضع الذى رأى‬
‫ن‬
‫موسى فيه النار فى سيناء قد بارك الله حوله أيضا‪" :‬فلما جاءها ُنودِىَ أ ْ‬
‫ن حولها" )النمل‪ ،(8 /‬وإبراهيم وإسحاق قد بارك الله‬ ‫م ْ‬‫ن فى النار و َ‬ ‫م ْ‬
‫ك َ‬‫ُبورِ َ‬
‫عليهما‪" :‬وباركنا عليه وعلى إسحاق" )الصافات‪ ،(113 /‬وهناك نوح والمم‬
‫التى كانت مع نوح‪ ،‬وقد بارك الله عليه وعليهم حسبما جاء فى كلمه سبحانه‬
‫له‪" :‬يا نوح‪ ،‬اهبط )أى من السفينة بعد انحسار الطوفان( بسلم منا وبركات‬
‫عليك وعلى أمم ممن معك" )هود‪ ،(48 /‬وهناك البيت الحرام‪ ،‬وقد باركه‬
‫ة مباركا وهدى للعالمين" )آل‬ ‫ذى بب َك ّ َ‬ ‫ضع للناس ل َل ّ ِ‬ ‫الله‪" :‬إن أول بيت وُ ِ‬
‫عمران‪ ،(96 /‬وكذلك القرآن الكريم‪ ،‬وقد جعله الله مباركا أيضا‪" :‬وهذا ذِك ٌْر‬
‫ك أنزلناه‪ ،‬أفأنتم له منكرون؟" )النبياء‪ ،(50 /‬كما أن الليلة التى أ ُن ْزِ َ‬
‫ل‬ ‫مبار ٌ‬
‫فيها هذا الذكر هى أيضا ليلة مباركة‪" :‬إنا أنزلناه فى ليلة مباركة" )الدخان‪/‬‬
‫‪.(3‬‬
‫أما بالنسبة لنبينا‪ ،‬عليه وعلى كل النبياء الكرام أفضل الصلوات وأزكى‬
‫جس عن أهل‬ ‫هب الّر ْ‬ ‫التسليمات‪ ،‬فقد جاء فى القرآن أنه عز وجل يريد أن ي ُذ ْ ِ‬
‫جس أهل البيت‬ ‫هب عنكم الّر ْ‬ ‫بيته جميعا ويطّهرهم تطهيرا‪" :‬إنما يريد الله ل ِي ُذ ْ ِ‬
‫ويطّهركم تطهيرا" )الحزاب‪ ، (33 /‬كما أثنى المولى عليه أعطر الثناء‪ ،‬وذلك‬
‫ق عظيم" )القلم‪ ، (4 /‬وقوله‪" :‬وما أرسلناك إل‬ ‫فى قوله‪" :‬وإنك لعلى ُ ُ‬
‫خل ٍ‬
‫رحمة للعالمين" )النبياء‪ ،(107 /‬وقوله‪" :‬لقد جاءكم رسول من أنفسكم‬
‫م" )التوبة‪،(128 /‬‬ ‫ف رحي ٌ‬ ‫ص عليكم بالمؤمنين رؤو ٌ‬ ‫عزيٌز عليه ما عَن ِّتم حري ٌ‬
‫رج الذين آمنوا وعملوا‬ ‫خ ِ‬‫ت لي ُ ْ‬ ‫ت الله مبّينا ٍ‬ ‫وقوله‪" :‬رسول ً يتلو عليكم آيا ِ‬
‫الصالحات من الظلمات إلى النور" )الطلق‪ ،(11 /‬وقوله‪" :‬من ي ُط ِِع الرسو َ‬
‫ل‬
‫فقد أطاع الله" )النساء‪ ،(80 /‬وقوله‪" :‬إن الله وملئكته يصّلون على النبى‪ .‬يا‬
‫سّلموا تسليما" )الحزاب‪ .(56 /‬والحق أن ما‬ ‫صّلوا عليه و َ‬ ‫أيها الذين آمنوا َ‬
‫قاله سبحانه وتعالى فى تكريم حبيبه محمد فى هذه اليات وغيرها لم ينزل‬
‫مثله فى أى نبى آخر‪ ،‬وإن لم يكن مقصدنا هنا المقارنة بينه صلى الله عليه‬
‫وسلم وبين إخوانه الكرام‪ ،‬اللهم إل ردا على ذلك الحمق الذى يريد أن‬
‫يثيرها نعرة جاهلية رعناء‪ .‬ولقد بلغ من عظمة نفسه عليه السلم ونبل‬
‫ن ن ََهى أتباعه عن تفضيله على أى من إخوانه الكرام كما يتبين من‬ ‫أخلقه أ ْ‬
‫ب رجلن‪ :‬رجل من‬ ‫الحاديث التالية‪ :‬عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬است ّ‬
‫المسلمين ورجل من اليهود‪ .‬قال المسلم‪ :‬والذي اصطفى محمدا على‬
‫العالمين‪ .‬فقال اليهودي‪ :‬والذي اصطفى موسى على العالمين‪ .‬فرفع‬
‫المسلم يده عند ذلك فلطم وجه اليهودي‪ ،‬فذهب اليهودي إلى النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم‪ ،‬فدعا النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم المسلم فسأله عن ذلك فأخبره‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ :‬ل تخّيروني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأصعق‬

‫‪154‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫معهم فأكون أول من يفيق‪ ،‬فإذا موسى باطش جانب العرش‪ ،‬فل أدري أكان‬
‫فيمن صعق فأفاق قبل أو كان ممن استثنى الله"‪ .‬وعن أبي هريرة أيضا‬
‫قال‪" :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬إن الكريم ابن الكريم ابن‬
‫ت‬‫ُ‬ ‫لبث‬ ‫الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم‪ .‬قال‪ :‬ولو‬
‫ت‪ .‬ثم قرأ‪ :‬فلما جاءه‬‫في السجن ما لبث يوسف ثم جاءني الرسول أجب ُ‬
‫الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللتي قطعن أيديهن"‪ .‬و‬
‫عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬ما ينبغي لعبد أن يقول‬
‫إني خير من يونس بن متى"‪.‬‬

‫)‪(15 /‬‬

‫ب أن ندخل فى هذا المضيق‪ ،‬إل أن للضرورة أحكاما‪ ،‬إذ لم يكن‬ ‫ولم نكن لنح ّ‬
‫ب الوثنيون فى هذا العصر فيتطاولوا على سيد النبياء جهارا‬ ‫ورا أن يه ّ‬ ‫متص ّ‬
‫خَرس حتى يعرفوا حدودهم‬ ‫نهارا‪ ،‬فكان ل مناص من إلجامهم بلجام ال َ‬
‫قّلوا أدبهم عليه‪ ،‬أخزى الله كل وثنى حقير‪ .‬وبالمناسبة فتكملة‬ ‫ويلزموها فل ي ُ ِ‬
‫الية الكريمة التى جاء فيها على لسان المسيح أن الله قد جعله مباركا هى‬
‫"وأوصانى بالصلة والزكاة ما دمت حيا" )مريم‪ .(31 /‬أى أنه عبد له سبحانه‬
‫دعى القوم‪ ،‬ولذلك أمره الله بالصلة‬ ‫ن له كما ي ّ‬ ‫ب مثله ول اب ٌ‬ ‫وتعالى ل ر ّ‬
‫مر وي ُن َْهى هو العبد‪.‬‬ ‫مر ول ي ُن َْهى‪ ،‬بل الذى ي ُؤ َْ‬ ‫والزكاة ما دام حيا‪ ،‬إذ الرب ل ي ُؤ َْ‬
‫مص البكاش الذى سيحرقه الله فى نار جهنم التى خلقت له ولمثاله‬ ‫ق ّ‬‫لكن ال ُ‬
‫ب ويؤمن بمحمد كما فعل كثير من القساوسة والساقفة والقمامصة‬ ‫ما لم ي َت ُ ْ‬
‫قّر‬
‫والشمامسة الذين كانوا يحاربون الله ورسوله ثم كتب الله لهم الهداية في ُ ِ‬
‫بالحقيقة التى يعرفها لكنه‪ ،‬ككل بكاش مثله‪ ،‬يكتمها فى قلبه من أجل‬
‫حظوظ الدنيا وما يجنيه من مال حرام سوف يكويه فى جوفه يوم القيامة‬
‫مص البكاش يتجاهل هذا ول‬ ‫ق ّ‬
‫وى به جنباه ووجهه وظهره‪ ،‬هذا ال ُ‬ ‫ش َ‬ ‫وي ُ ْ‬
‫يستشهد به حتى ل تنكشف فضيحته!‬
‫مص الرعن الحمق أن عيسى عليه السلم سيأتى‬ ‫ق ّ‬
‫كذلك جاء فى كلم ال ُ‬
‫طا بدليل الحديث التالى الذى أورده البخارى‪" :‬لن تقوم الساعة‬ ‫س ً‬‫ق ِ‬‫م ْ‬‫ما ُ‬ ‫حك َ ً‬ ‫َ‬
‫ما مقسطا )أى عادل("‪ ،‬والذى‬‫ً‬ ‫حتى ينزل فيكم )أى بينكم( ابن مريم حك ً‬
‫ظ "المقسط" فيه بأنه اسم من أسماء الله الحسنى‪ ،‬بما يفيد‬ ‫يفسر غبّينا لف َ‬
‫أن عيسى هو الله أو على القل ابن الله‪ ،‬إذ ذكر أن "المعجم الوسيط" قد‬
‫شرح "المقسط" بأنه اسم من أسماء الله الحسنى‪ .‬ثم ختم كلمه قائل‪:‬‬
‫"وماذا عن محمد؟"‪ .‬وهذا الكلم هو تخبيص فى تخبيص! إنه شغل عيال بكل‬
‫معنى يمكن‪ ،‬أيها القارئ‪ ،‬أن يخطر فى بالك لكلمة "العيال"!‬
‫أتدرى لماذا؟ لن هذا الحديث وأمثاله من الثار التى تتحدث عن عودة‬
‫ه هذا المنافق ويكشف‬ ‫سوء وج َ‬‫المسيح عليه السلم إلى الدنيا إنما تؤكد ما ي َ ُ‬
‫سوأته المنتنة‪ ،‬تلك السوأة التى ل تعرف النظافة لن صاحبها واحد من‬
‫خرون من شعائر الطهارة الموجودة فى دين سيد النقياء‬ ‫س َ‬
‫القذار الذين ي َ ْ‬
‫محمد عليه الصلة والسلم‪ .‬ذلك أن تلك الحاديث إنما تتحدث عن رجوع‬
‫المسيح ليكسر الصلبان ويحطم أوعية الخمور ويقتل الخنزير ويدعو الناس‬
‫ل عنها من يزعمون أنهم‬ ‫بدعوة التوحيد التى أتى بها نبينا عليه السلم وض ّ‬
‫أتباع عيسى عليه السلم وينسخ التثليث الذى انحرف إليه القوم ويتبرأ منهم‬
‫على رؤوس الشهاد‪ .‬لكن الماكر الخبيث‪ ،‬وإن كان خبثه مع هذا خبًثا عيالّيا‪،‬‬
‫جِلب‬ ‫يقتطع من هذه الحاديث جملة ينتزعها من سياقها ظاّنا أنه يمكن أن ي ُ ْ‬

‫‪155‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بها على العقول ويمضى فى سبيله دون أن يعقب عليه أحد ويهتك ستر‬
‫سوأته المنتنة ليراها الناس على حقيقتها من القبح والتدويد ويشموا نتنها‬
‫فيلعنوها هى وصاحبها لعنة تصل إلى السماء السابعة وتستجاب فى الحال!‬

‫)‪(16 /‬‬

‫نقرأ مثل فى "صحيح البخارى"‪" :‬حدثنا إسحاق أخبرنا يعقوب بن إبراهيم‬


‫حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب أن سعيد بن المسّيب سمع أبا هريرة‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬والذي نفسي‬
‫ما عَد ْل ً فيكسر الصليب ويقتل‬ ‫حك َ ً‬ ‫ن أن ينزل فيكم ابن مريم َ‬ ‫شك َ ّ‬ ‫بيده لُيو ِ‬
‫الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى ل يقبله أحد حتى تكون السجدة‬
‫الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها"‪ .‬ويقول صاحب "فتح البارى بشرح صحيح‬
‫البخارى" فى تعليقه على هذا الحديث‪" :‬روى مسلم من حديث ابن عمر في‬
‫مدة إقامة عيسى بالرض بعد نزوله أنها سبع سنين‪ .‬وروى نعيم بن حماد في‬
‫"كتاب الفتن" من حديث ابن عباس أن عيسى إذ ذاك يتزوج في الرض‬
‫ويقيم بها تسع عشرة سنة‪ ،‬وبإسناد فيهم مبهم عن أبي هريرة‪ :‬يقيم بها‬
‫أربعين سنة‪ .‬وروى أحمد وأبو داود بإسناد صحيح من طريق عبد الرحمن بن‬
‫آدم عن أبي هريرة مثله مرفوعا‪ .‬وفي هذا الحديث "ينزل عيسى عليه ثوبان‬
‫ممصران فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويدعو الناس إلى‬
‫مَنة في الرض‬ ‫َ‬
‫السلم‪ ،‬ويهلك الله في زمانه الملل كلها إل السلم‪ ،‬وتقع ال َ‬
‫حتى ترتع السود مع البل وتلعب الصبيان بالحّيات‪ .‬وقال في آخره‪ :‬ثم‬
‫ي ُت َوَّفى ويصلي عليه المسلمون"‪ .‬وروى أحمد ومسلم من طريق حنظلة بن‬
‫ج الروحاء بالحج والعمرة"‬ ‫ن مريم بف ّ‬ ‫ن اب ُ‬ ‫علي السلمي عن أبي هريرة‪" :‬ل َي ُهِل ّ ّ‬
‫حى‬‫م َ‬
‫قَتل الخنزير وي ُ ْ‬ ‫الحديث‪ .‬وفي رواية لحمد من هذا الوجه‪ :‬ينزل عيسى في ُ ْ‬
‫قَبل ويضع الخراج‪ ،‬وينزل‬ ‫طى المال حتى ل ي ُ ْ‬ ‫مع له الصلة وي ُعْ َ‬
‫ج َ‬ ‫الصليب وت ُ ْ‬
‫ج منها أو يعتمر أو يجمعهما"‪ .‬ولكى يعرف القراء الكرام مدى‬ ‫الروحاء فيح ّ‬
‫الخبث الخائب الذى يلجأ إليه زيكو العبيط أسوق إليهم كامل نص الحديث‬
‫فَعل بالعيال ما اقتطع‪.‬‬ ‫فَعل فيه ما ي ُ ْ‬ ‫الذى اقتطع منه المحتال الدجال الذى ي ُ ْ‬
‫جاء فى "صحيح البخارى"‪ " :‬حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن ابن شهاب‬
‫عن ابن المسيب أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول‪ :‬قال رسول الله‬
‫ن أن ينزل فيكم ابن مريم‬ ‫شك َ ّ‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬والذي نفسي بيده ل َُيو ِ‬
‫طا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال‬ ‫س ً‬ ‫ق ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حك َ ً‬
‫ما ُ‬ ‫َ‬
‫حتى ل يقبله أحد"‪ .‬ويشبهه ما جاء فى "مسند أحمد بن حنبل"‪" :‬حدثنا‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة يبلغ به النب ّ‬
‫طا يكسر الصليب ويقتل‬ ‫س ً‬ ‫ق ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حك َ ً‬
‫ما ُ‬ ‫وسلم‪ :‬يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم َ‬
‫الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى ل يقبله أحد"‪ ،‬وكذلك ما جاء فى‬
‫"سنن الترمذى"‪ :‬حدثنا قتيبة حدثنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد‬
‫بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬والذي‬
‫طا فيكسر الصليب‬ ‫س ً‬ ‫ق ِ‬
‫م ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫حك َ ً‬ ‫ن أن ينزل فيكم ابن مريم َ‬ ‫نفسي بيده ليوشك ّ‬
‫ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى ل يقبله أحد"‪ .‬ثم إن الحاديث‬
‫مى كّلها السيد َ المسيح‪" :‬ابن مريم"‪ ،‬أى أنه‬ ‫التى وردت فى هذا الموضوع تس ّ‬
‫مولود لمريم‪ ،‬على حين أن القرآن الكريم ينفى نفيا قاطعا أن يكون الله قد‬
‫جاس‬ ‫كاش اله ّ‬ ‫د‪ ،‬وهو ما يعنى أن الله ل يكون أبا أو ابنا‪ ،‬لكن الب ّ‬ ‫وَل َد َ أو وُل ِ َ‬
‫يتجاهل هذا كله ويريد أن نتخلى عن عقولنا وديننا وتوحيدنا ونجرى وراءه إلى‬

‫‪156‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العقائد الوثنية!‬
‫أما التحايل المتهافت الذى يتخابث به تافهنا من خلل الستشهاد بـ"المعجم‬
‫الوسيط" على أن "المقسط" هو اسم من أسماء الله الحسنى‪ ،‬فنفضحه‬
‫صف هو أيضا )وفى القرآن ل فى‬ ‫بالشارة إلى أن النبى الكريم قد وُ ِ‬
‫الحديث( بأنه رؤوف رحيم وكريم وحق وشهيد‪ ،‬وهى من أسماء الله الحسنى‬
‫خُلقه بأنه "عظيم"‪ ،‬وهو اسم آخر من تلك السماء الكريمة‪.‬‬ ‫صف ُ‬
‫أيضا‪ ،‬كما وُ ِ‬
‫مر الرسول بأن يكون من المقسطين‪ ،‬و"المقسط" من أسماء الله‬ ‫ُ‬
‫كما أ ِ‬
‫الحسنى حسبما نقل التافه الغليظ العقل عن "المعجم الوسيط"‪ .‬قال تعالى‪:‬‬
‫ل من أنفسكم عزيٌز عليه ما عَن ِّتم‪ ،‬حريص عليكم‪،‬‬ ‫"لقد جاءكم رسو ٌ‬
‫م" )الحاقة‪،(40 /‬‬ ‫قو ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ل كري ٍ‬
‫ل رسو ٍ‬ ‫بالمؤمنين رؤوف رحيم"‪" ،‬إنه )أى القرآن( ل َ‬
‫"وشهدوا أن الرسول حق" )آل عمران‪" ،(86 /‬لتكونوا شهداء على الناس‬
‫ق عظيم"‬ ‫ن الرسول عليكم شهيدا" )البقرة‪" ،(143 /‬وإنك لعلى ُ ُ‬
‫خل ٍ‬ ‫ويكو َ‬
‫سطين"‬ ‫ق ِ‬‫م ْ‬
‫سط‪ ،‬إن الله يحب ال ُ‬ ‫ق ْ‬‫ت فاحكم بينهم بال ِ‬‫م َ‬ ‫َ‬
‫حك ْ‬‫)القلم‪" ،(4 /‬وإن َ‬
‫)المائدة‪ .(42 /‬وبناًء على هذا المنطق العيالى فالرسول محمد هو إله أو ابن‬
‫الله! وسلم لى على المنطق يا أبا الزيك! نقرك الديك‪ ،‬فى دبرك الهَِتيك!‬

‫)‪(17 /‬‬

‫إنه قّلما كان اسم من أسماء الله إل أمكن استخدامه للبشر‪ ،‬إل أنه بالنسبة‬
‫إلى الله يكون مطلقا‪ ،‬أما فى حالة البشر فهو مقّيد محدود‪ .‬كذلك فقد قال‬
‫الحديث إن "ابن مريم" )لحظ‪" :‬ابن مريم" ل "ابن الله" ول "الله" ذاته(‬
‫كم"‪ ،‬وكأنه فرد فى مجموعة‬ ‫ح َ‬
‫سطا"‪ ،‬بتنكير كلمة " َ‬ ‫ق ِ‬
‫م ْ‬‫ما ٌ‬‫حك َ ً‬ ‫سوف ينزل " َ‬
‫من جنسه‪ ،‬مع أنه سبحانه وتعالى هو الواحد الحد‪ ،‬الذى ليس كمثله أحد‪.‬‬
‫حم امرأة وفَْرجها ويخالط الناس ويمشى وسطهم‬ ‫كما أن الله ل ينزل من َر ِ‬
‫ويأكل ويشرب ويتبول ويتبرز ويتقايأ وتصيبه المراض والمخاوف مثلهم‬
‫حسبما تقول عقيدة القوم‪ ،‬ودعنا الن من صلبه وقتله وطعنه بالرمح فى‬
‫جنبه وشتمه وإهانته وصراخه من اللم والعذاب طالبا النجدة )النجدة ممن‪،‬‬
‫قَتل ويهان؟(‪ ،‬فضل عن أن ي ُت َوَّفى‬ ‫ضَرب وي ُ ْ‬ ‫إذا كان الله نفسه هو الذى ي ُ ْ‬
‫ى عليه‬ ‫ّ‬ ‫صّلى"عليه" ل "له"(‪ ،‬تعالى الله عن أن ي ُت َوَفى أو ي ُ َ‬
‫ّ‬ ‫صّلى عليه )ي ُ َ‬
‫صل َ‬ ‫وي ُ َ‬
‫أحد! وأخيرا فـ"المعجم الوسيط" )وغير الوسيط أيضا بطبيعة الحال( ل يقصد‬
‫سب‪،‬‬‫ح ْ‬‫أن معنى "المقسط" ينحصر فى أنه اسم "من أسماء الله الحسنى" و َ‬
‫دم فيها الكلمة‪ ،‬وإل فقد‬ ‫خ َ‬
‫ست َ ْ‬
‫بل يذكر ذلك على أنه معنى من المعانى التى ت ُ ْ‬
‫ورد هذا اللفظ فى القرآن عدة مرات منسوبا للبشر كما هو معروف‪ ،‬إذ قال‬
‫عَّز شأنه مثل‪" :‬إن الله يحب المقسطين" )المائدة‪ ،42 /‬والحجرات‪،9 /‬‬
‫كاش النّتاش يسوق الكلم وكأنه ل معنى لهذا اللفظ‬ ‫والممتحنة‪ ،(8 /‬إل أن الب ّ‬
‫غير ما قال‪.‬‬
‫خيبة الله مرة ثانية عليك يا زكازيكو! أتظن أن الناس كلهم كتلك البنت‬
‫ت فى خداعها لبعض الوقت أنت والعيال أمثالك بمثل‬ ‫ح َ‬‫ج ْ‬‫المسكينة التى ن َ َ‬
‫ن استطاع هذا البغل السترالى أن‬ ‫َ‬
‫هذه الصبيانيات‪ ،‬والتى ألومها أشد اللوم أ ِ‬
‫يثير شكوكها فى دينها‪ ،‬وهى التى تخرجت من الجامعة! لقد كان ينبغى أن‬
‫ة لكل رائٍح وغادٍ شأن أى واحد أو واحدة من‬ ‫خ ً‬
‫س َ‬‫م ْ‬ ‫تتلعب هى به وتجعل منه ُ‬
‫أتباع النبى الكريم‪ ،‬لكن أوضاع التعليم وكسل الطلب والطالبات قد أثمرا‬
‫هذه الثمرات العطنة‪ .‬ومع ذلك فقد كشف الله للفتاة المخدوعة الغطاء عن‬
‫ذر قبل فوات الوان وردها ردا جميل إلى دين التوحيد‪ ،‬وإل‬ ‫ق ِ‬‫حقيقة هذا ال َ‬

‫‪157‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ت يا أمة محمد يا من تناشدين هذا‬ ‫لهلكت وثنية كافرة‪ ،‬والعياذ بالله! أما أن ِ‬
‫ب النبى‪ ،‬فلعنة الله عليك‬ ‫َ‬
‫وذاك من أمثال بغلنا الزنيم أن يتدخلوا لثْنيه عن س ّ‬
‫من أمة منحطة وصل بها الحال إلى هذا الدرك السفل من المذلة والهوان‪،‬‬
‫ف‬
‫ش ّ‬ ‫ت أعداءك الذين تستنجدين بهم يضحكون منك ملء أردانهم فى ت َ َ‬ ‫إذ جعل ِ‬
‫مع‬‫وتلذٍذ! إن محمدا ليبرؤ من كل ذليل يهون على نفسه وعلى الخرين‪ ،‬وي ُط ْ ِ‬
‫مْثل زيكو هذا يستحق أن‬ ‫َ‬
‫العدوّ فيه ويعطيهم الفرصة ليضحكوا منه وعليه! أوَ ِ‬
‫ة يقذفونه بها فى‬ ‫ة قديم ٌ‬ ‫م ٌ‬
‫صْر َ‬
‫جل الب َُعداء َ‬
‫شد أحد لسكاته؟ أليس فى رِ ْ‬ ‫ي َُنا َ‬
‫فمه المنتن؟ يا رسول الله‪ ،‬إنى أعتذر إليك مما فعلته هذه المة‪ ،‬وأستميحك‬
‫العفو!‬
‫ول يكتفى الكذاب بهذا‪ ،‬بل يضيف كذبة أخرى قائل إن عيسى عليه السلم‪،‬‬
‫طبقا لما يقول القرآن‪ ،‬سوف يكون شفيعا فى الدنيا والخرة‪ .‬وقد استشهد‬
‫على هذه الكذبة المنتنة نتانة فمه وسوأته بقوله تعالى عن ابن مريم عليه‬
‫شرك بكلمةٍ منه‬ ‫السلم مخاطبا أمه على لسان الملئكة‪" :‬يا مريم‪ ،‬إن الله يب ّ‬
‫اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها فى الدنيا والخرة ومن المقربين "‪.‬‬
‫وهذا نص كلمه‪" :‬شفيعا ً فى الدنيا والخرة ‪ (1) :‬سورة ) آل عمران ‪(45 : 3‬‬
‫" اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها فى الدنيا والخرة ومن المقربين"‪) .‬‬
‫‪] (2‬ابن كثير ج ‪ 1‬ص ‪" [283‬وفى الدار الخرة يشفع عند الله ‪ ،"...‬ثم يختم‬
‫كالعادة بالسؤال التالى‪" :‬وماذا عن محمد؟"‪ .‬والملحظ أول أن القرآن الذى‬
‫يستشهد به هذا الفاق لم يذكر الشفاعة لعيسى بل لم يشر إليها مجرد‬
‫إشارة‪ ،‬وكل ما قاله أنه سيكون "وجيها فى الدنيا والخرة ومن المقربين"‪.‬‬
‫زمنا بشىء ما دام لم‬ ‫إنما قال ذلك ابن كثير‪ ،‬وهو مجرد اجتهاد من عنده ل ي ُل ْ ِ‬
‫سقْ لنا الحيثيات التى أقام عليها هذه الدعوى‪ .‬إن فى القرآن كلما عن ابن‬ ‫يَ ُ‬
‫مريم يوم القيامة يصوره عليه السلم وهو واقف أمام ربه يسأله عما أتاه‬
‫أتباعه من بعده من تأليههم له سؤال الرب للعبد الخائف الراجف الذى يعرف‬
‫حدوده جيدا‪ ،‬فهو يسارع بالتنصل من هذا الكفر الشنيع وممن قالوه‪ .‬وحتى‬
‫لو كانت له عليه السلم فى ذلك الموقف شفاعة‪ ،‬فما الذى فى هذه‬
‫المكرمة مما يشّنع به على محمد عليه الصلة والسلم؟‬

‫)‪(18 /‬‬

‫ص‬
‫إن محمدا عليه الصلة السلم لهو صاحب الشفاعة العظمى حسبما ن َ ّ‬
‫على ذلك كثير من الحاديث النبوية‪ .‬روى البخارى عن أنس رضي الله عنه‬
‫حَبس المؤمنون يوم القيامة حتى‬ ‫أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬ي ُ ْ‬
‫موا بذلك فيقولون‪ :‬لو استشفعنا إلى ربنا فيريحنا من مكاننا‪ .‬فيأتون آدم‬ ‫يه ّ‬
‫فيقولون‪ :‬أنت آدم أبو الناس‪ .‬خلقك الله بيده وأسكنك جنته وأسجد لك‬
‫فعْ لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا‬ ‫ملئكته وعّلمك أسماء كل شيء‪ .‬ل ِت َ ْ‬
‫ش َ‬
‫كله من‬ ‫ت هَُناكم‪ ،‬قال‪ :‬ويذكر خطيئته التي أصاب‪ :‬أ ْ‬ ‫هذا‪ .‬قال‪ :‬فيقول‪ :‬لس ُ‬
‫ي عنها‪ ،‬ولكن ائتوا نوحا أول نبي بعثه الله إلى أهل الرض‪.‬‬ ‫الشجرة وقد ن ُهِ َ‬
‫ت هَُناكم‪ ،‬ويذكر خطيئته التي أصاب‪ :‬سؤاله ربه بغير‬ ‫فيأتون نوحا فيقول‪ :‬لس ُ‬
‫علم‪ ،‬ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن‪ .‬قال‪ :‬فيأتون إبراهيم‪ ،‬فيقول‪ :‬إني‬
‫ن‪ ،‬ولكن ائتوا موسى عبدا آتاه الله‬ ‫لست هَُناكم‪ ،‬ويذكر ثلث كلمات ك َذ َب َهُ ّ‬
‫ت هَُناكم‪،‬‬ ‫جّيا‪ .‬قال‪ :‬فيأتون موسى‪ ،‬فيقول‪ :‬إني لس ُ‬ ‫التوراة وكّلمه وقّربه ن َ ِ‬
‫ويذكر خطيئته التي أصاب‪ :‬قَْتله النفس‪ ،‬ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله‬
‫ت هَُناكم‪ ،‬ولكن ائتوا‬
‫وروح الله وكلمته‪ .‬قال‪ :‬فيأتون عيسى‪ ،‬فيقول‪ :‬لس ُ‬

‫‪158‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫محمدا صلى الله عليه وسلم عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪،‬‬
‫ت‬ ‫فيأتوني فأستأذن على ربي في داره فيؤَذن لي عليه‪ ،‬فإذا رأيته وقع ُ‬
‫ع‪،‬‬‫م ْ‬ ‫س َ‬ ‫ساجدا‪ ،‬فيدعني ما شاء الله أن يدعني‪ ،‬فيقول‪ :‬ارفع محمد‪ ،‬وقل ي ُ ْ‬
‫ط‪ .‬قال‪ :‬فأرفع رأسي فأ ُث ِْني على ربي بثناء وتحميد‬ ‫ل ت ُعْ َ‬ ‫س ْ‬ ‫ع‪ ،‬و َ‬ ‫ف ْ‬ ‫واشفع ت ُ َ‬
‫ش ّ‬
‫ُ‬
‫خلهم الجنة‪ .‬قال قتادة‪ :‬وسمعته‬ ‫دا‪ ،‬فأخرج فأد ْ ِ‬ ‫يعّلمنيه‪ ،‬ثم أشفع فيحد ّ لي ح ّ‬
‫خلهم الجنة ثم أعود الثانية فأستأذن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رجهم من النار وأد ْ ِ‬ ‫خ ِ‬‫خُرج فأ ْ‬ ‫أيضا يقول‪ :‬فأ ْ‬
‫على ربي في داره فيؤَذن لي عليه‪ ،‬فإذا رأيته وقعت ساجدا‪ ،‬فيدعني ما شاء‬
‫ل ت ُعْ َ‬
‫ط‪.‬‬ ‫س ْ‬ ‫ع‪ ،‬و َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ع‪ ،‬واشفع ت ُ َ‬
‫ش ّ‬ ‫م ْ‬‫س َ‬ ‫الله أن يدعني‪ ،‬ثم يقول‪ :‬ارفع محمد‪ ،‬وقل ي ُ ْ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫قال‪ :‬فأرفع رأسي فأث ِْني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه‪ .‬قال‪ :‬ثم أشفع فيحد ّ‬
‫خلهم الجنة‪ .‬قال قتادة‪ :‬وسمعته يقول فأخرج فأخرجهم‬ ‫ُ‬
‫دا فأخرج فأد ْ ِ‬ ‫ح ّ‬
‫لي َ‬
‫من النار وأدخلهم الجنة ثم أعود الثالثة فأستأذن على ربي في داره فيؤَذن‬
‫لي عليه فإذا رأيته وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقول‪:‬‬
‫ُ‬
‫طه‪ .‬قال‪ :‬فأرفع رأسي فأث ِْني‬ ‫ل ت ُعْ َ‬ ‫س ْ‬ ‫ع‪ ،‬واشفع ت ُ َ‬
‫ع‪ ،‬و َ‬ ‫ف ْ‬
‫ش ّ‬ ‫م ْ‬‫س َ‬ ‫ارفع محمد‪ ،‬وقل ي ُ ْ‬
‫خلهم‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫دا فأخرج فأد ْ ِ‬ ‫على ربي بثناٍء وتحميدٍ يعلمنيه‪ .‬قال‪ :‬ثم أشفع فيحد ّ لي ح ّ‬
‫خلهم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رجهم من النار وأد ْ ِ‬ ‫خ ِ‬‫خُرج فأ ْ‬ ‫الجنة‪ .‬قال قتادة‪ :‬وقد سمعته يقول‪ :‬فأ ْ‬
‫الجنة حتى ما يبقى في النار إل من حبسه القرآن‪ ،‬أي وجب عليه الخلود‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم تل هذه الية‪ :‬عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا‪ .‬قال‪ :‬وهذا المقام‬
‫ده نبيكم صلى الله عليه وسلم"‪ ،‬وهو ما يدل على أنه ل‬ ‫ع َ‬ ‫المحمود الذي وُ ِ‬
‫شفاعة لبن مريم فى ذلك الموقف‪ ،‬بل ستكون الشفاعة لسيدنا محمد عليه‬
‫ص‬
‫خت ُ ّ‬ ‫السلم وحده من دون النبياء والرسل‪ .‬وهذه إحدى المكرمات التى ا ْ‬
‫بها سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وإن كان هذا ل ينال من عيسى ول‬
‫غيره من المرسلين فى شىء‪ ،‬فتقديم أحد النبياء على سائر إخوانه ل يسىء‬
‫ظمون بفضل الله‪ ،‬لكنه يدل‬ ‫إليهم فى قليل ول كثير‪ ،‬فكلهم مكّرمون مع ّ‬
‫ص بمزيد من التكريم والتعظيم‪ .‬وهذا هو وضع‬ ‫خت ُ ّ‬‫على أن صاحب التقديم قد ا ْ‬
‫المسألة دون طنطنات ول سخافات فارغة من تلك التى يبرع فيها أحلس‬
‫الجهل والحقد والكفر‪ ،‬أخسأ الله كل جاهل حاقد كفور!‬

‫)‪(19 /‬‬

‫ذاب المدّلس عن ابن كثير فقد عبث به كعادته ليبلغ غاية فى‬ ‫أما ما نقله الك ّ‬
‫ذف ما ل يريد‪ ،‬لكن الله لم يتركه يهنأ بتلك‬ ‫ح َ‬ ‫نفسه‪ ،‬إذ أخذ منه ما يريد و َ‬
‫الغاية‪ ،‬إذ ذهب العبد لله إلى ابن كثير فألفيُته يقول فى تفسير قوله تعالى‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫خَرة وَ ِ‬ ‫جيًها ِفي الد ّن َْيا َوال ِ‬ ‫عن المسيح بن مريم عليه السلم‪" :‬وَ ِ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫حيه الّله إ ِل َي ْهِ ِ‬ ‫ما ُيو ِ‬ ‫عْند الّله ِفي الد ّن َْيا ب ِ َ‬ ‫م َ‬
‫كاَنة ِ‬ ‫هة وَ َ‬ ‫جا َ‬‫ه وَ َ‬ ‫ن"‪" :‬أيْ ل َ ُ‬ ‫قّرِبي َ‬‫م َ‬‫ال ْ ُ‬
‫دار‬‫ه الّله ب ِهِ وَِفي ال ّ‬ ‫ح ُ‬
‫من َ َ‬‫ما َ‬‫م ّ‬‫ك ِ‬ ‫ن ال ْك َِتاب وَغَْير ذ َل ِ َ‬ ‫م ْ‬‫ه عَل َي ْهِ ِ‬ ‫زل ُ‬‫ريَعة وَي ُن ْ ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ه ِفيهِ فَي َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ن أوِلي‬ ‫م ْ‬ ‫وان ِهِ ِ‬‫خ َ‬
‫وة ب ِإ ِ ْ‬
‫س َ‬‫هأ ْ‬ ‫من ْ ُ‬‫قَبل ِ‬ ‫ن ي َأَذن ل ُ‬ ‫م ْ‬‫عْند الله ِفي َ‬ ‫فع ِ‬ ‫ش َ‬ ‫خَرة ي َ ْ‬ ‫ال ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن"‪ .‬ومعنى هذا‪ ،‬لو أخذنا‬ ‫مِعي َ‬‫ج َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫سلمه عَلي ْهِ وَعَلي ْهِ ْ‬ ‫وات الله وَ َ‬ ‫صل َ‬ ‫ال ْعَْزم َ‬
‫بتفسير ابن كثير‪ ،‬أن عيسى لن تكون له هنا أية ميزة استثنائية‪ ،‬سواء‬
‫بالنسبة لرسولنا محمد خصوصا أو بالنسبة للنبياء كلهم عموما‪ ،‬فالشفاعة‬
‫ستكون للجميع‪ ،‬وليس لعيسى وحده كما أراد هذا ال ُب َي ِْليس أن يوهمنا كذًبا‬
‫وزوًرا‪ .‬ب َي ْد َ أن الشفاعة العظمى إنما هى من نصيب سيد النبياء والمرسلين‬
‫كما ورد فى الحديث النف الذكر‪ .‬أما الشفاعة النصرانية التى تكلم عنها‬
‫سفر "رؤيا يوحنا" )تلك الرؤيا التى حلم بها وهو يعانى من قرصات الجوع‬
‫المؤلمة المربكة للعقل فجعلت هذا الخروف يتخيل ربه خروفا مثله( فهى‬

‫‪159‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ة ل يليق بالدميين المتحضرين المثقفين أن يناقشوها‪،‬‬ ‫خْرفاني ٌ‬ ‫ة ِ‬‫شفاع ٌ‬


‫فلنتركها للخروف زيكو عابد الخروف!‬
‫صِعد إلى السماء حيا‪ ،‬فماذا عن‬ ‫ُ‬
‫ومن ادعاءاته الطفولية قوله إن عيسى قد أ ْ‬
‫رج به إلى السماوات العل حتى بلغ‬ ‫محمد؟ والجواب هو أن محمدا قد عُ ِ‬
‫جنا به‪ .‬هذه واحدة‪ ،‬والثانية هى أن‬ ‫ج ُ‬
‫حا ِ‬ ‫سدرة المنتهى كما ذكر القرآن الذى ت ُ َ‬
‫النص القرآنى ليس قاطع الدللة فى موضوع صعود عيسى عليه السلم‬
‫بالجسد ول صعوده حّيا‪ ،‬إذ تقول الية الكريمة‪" :‬إذ قال الله‪ :‬يا عيسى‪ ،‬إنى‬
‫ى" )آل عمران‪ .(55 /‬وليس فيها على سبيل القطع الذى‬ ‫متوفيك ورافعك إل ّ‬
‫ل تمكن المماراة فيه أنه سبحانه قد أصعده إلى السماء حّيا بجسده‪ .‬إن من‬
‫مص‪ ،‬لكن هناك أيضا من‬ ‫ق ّ‬‫المسلمين من يفهم تلك الية كما فهمها ال ُ‬
‫المسلمين من يقولون بالوفاة العادية ورِفَْعة المكانة ل الجسد‪ .‬وعلى أية‬
‫حال هل هناك فرق كبير بين قوله سبحانه عن السيد المسيح وبين قوله عن‬
‫قا نبّيا*‬ ‫دب ً‬ ‫ص ّ‬‫إدريس عليهما السلم‪" :‬واذ ْك ُْر فى الكتاب إدريس‪ ،‬إنه كان ِ‬
‫مكاًنا عَل ِّيا" )مريم‪(57 -56 /‬؟ ثم إن الكتاب المقدس عند اليهود‬ ‫ورفعناه َ‬
‫والنصارى ذكر كذلك أن إيلّيا قد رفعه الله إليه أيضا بالمعنى المادى‪ ،‬أى‬
‫ن َناٍر‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬‫مْرك َب َ ٌ‬ ‫ن إ َِذا َ‬
‫ما ِ‬ ‫ن وَي َت َك َل ّ َ‬ ‫سيَرا ِ‬ ‫ما ي َ ِ‬ ‫ما هُ َ‬‫أصعد جسده إلى السماء‪" :‬وَِفي َ‬
‫ن‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫كا‬ ‫و‬ ‫ء‪.‬‬‫ِ‬ ‫ما‬‫ّ َ‬ ‫س‬‫ال‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫إ‬ ‫ة‬
‫َ ِ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ف‬‫ص‬ ‫عا‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫في‬ ‫ص ِ َ ِ ِّ ِ‬
‫يا‬ ‫ل‬ ‫إي‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ما‪ ،‬فَ َ‬‫ت ب َي ْن َهُ َ‬ ‫صل َ ْ‬
‫ن َنارٍ فَ َ‬‫م ْ‬‫ل ِ‬ ‫خي ْ ٌ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ َِلي َ‬
‫م ي ََرهُ‬ ‫سان ََها«‪ .‬وَل َ ْ‬ ‫ل وَفُْر َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ة إِ ْ‬ ‫مْرك َب َ َ‬ ‫خ‪َ» :‬يا أِبي‪َ ،‬يا أِبي‪َ ،‬‬ ‫صُر ُ‬ ‫شعُ ي ََرى وَهُوَ ي َ ْ‬
‫د" )ملوك ‪ .(12 -11 /2 /2‬إننى‪ ،‬كما قلت من قبل‪ ،‬ل أبغى أبدا التقليل‬ ‫ب َعْ ُ‬
‫من شأن سيدنا عيسى عليه السلم‪ ،‬على القل لننا نحن المسلمين ن َعُد ّ‬
‫دعون أنهم أتباعه قد كفروا‬ ‫أنفسنا أتباعه الحقيقيين ونرى أن أولئك الذين ي ّ‬
‫به وضّلوا عن سواء السبيل وأشركوا بالله ما لم ينّزل به سلطانا‪ .‬كل ما‬
‫هنالك أننا نحاول أن نقدم صورة منطقية ومستقيمة وصحيحة فى المقارنة‬
‫بين النبيين العظيمين‪ :‬محمد وعيسى عليهما السلم‪ ،‬صورة ت ُظ ِْهرهما فى‬
‫أبعادهما الصحيحة على أساس أن عيسى هو من محمد بمثابة الخ الصغر‪:‬‬
‫سّنا وإنجاًزا وأثًرا‪ .‬وهذا كل ما هنالك‪ .‬وفى النهاية نقول‪ :‬فلنفترض أن عيسى‬
‫صِعد فعل بجسده إلى السماء وأنه هو وحده الذى حدث له ذلك‪،‬‬ ‫ُ‬
‫قد أ ْ‬
‫فالسؤال حينئذ هو‪ :‬وماذا بعد؟ وما الفائدة التى عادت على الدعوة من جراء‬
‫ل انحراف بسبب هذا الصعود وغيره وأشركوه مع‬ ‫هذا؟ لقد انحرف أتباعه أض ّ‬
‫الله‪ ،‬وهو البشر الضعيف العاجز الفانى!‬

‫)‪(20 /‬‬

‫ويتبقى كلم ذلك الخروف عن مسح عيسى عليه السلم من الوزار وسؤاله‬
‫صا‪":‬ممسوح من‬ ‫المعتاد فى آخر الكلم‪" :‬وماذا عن محمد؟"‪ ،‬وهذا ما قاله ن َ ّ‬
‫الوزار‪) :‬أنظر حتمية الفداء ص ‪] (1) :(24‬سورة مريم[‪] (2) .‬سورة آل‬
‫عمران[‪ (3) .‬المام الرازى ج ‪ 3‬ص ‪ (4) .676‬أبى هريرة‪ (5) .‬صحيح‬
‫ى "آل عمران" إنما‬ ‫سوَرت َ ْ‬ ‫البخارى‪ .‬وماذا عن محمد؟"‪ .‬وهو بإشارته إلى ُ‬
‫يقصد قوله تعالى عن امرأة عمران )أم مريم عليها السلم( وإعاذتها إياها‬
‫ب إ ِّني‬
‫ت َر ّ‬ ‫ضعَت َْها َقال َ ْ‬
‫ما وَ َ‬ ‫هى وذريتها عند ولدتها من الشيطان الرجيم‪" :‬فَل َ ّ‬
‫ُ‬ ‫وضعتها أ ُنَثى والل ّ َ‬
‫م‬
‫مْري َ َ‬
‫مي ْت َُها َ‬
‫س ّ‬‫كالن َْثى وَإ ِّني َ‬ ‫ت وَل َي ْ َ‬
‫س الذ ّك َُر َ‬ ‫ضعَ ْ‬‫ما وَ َ‬ ‫ه أعْل َ ُ‬
‫م بِ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َُْ ْ‬
‫م" )آل عمران‪ ،(36 /‬أما سورة‬ ‫جي ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫َ‬
‫شي ْطا ِ‬ ‫ن ال ّ‬‫م َ‬ ‫َ‬
‫ها ب ِك وَذ ُّري ّت ََها ِ‬ ‫وَإ ِّني أ ُ ِ‬
‫عيذ ُ َ‬
‫"مريم" فلم أجد فيها شيئا يتعلق بالموضوع الذى نحن بإزائه‪ .‬وبالنسبة لما‬
‫جاء فى "آل عمران" فليس فيه سوى أن زوجة عمران قد استعاذت لبنتها‬

‫‪160‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وذريتها بالله من الشيطان الرجيم‪ ،‬وهو ما يفعله كل مؤمن لنفسه ولولده‪.‬‬


‫وفى تفسير الرازى‪" :‬روى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ‪:‬‬
‫ذود عنه‬ ‫مل َ ً‬
‫كا ي َ ُ‬ ‫كل الله تعالى به َ‬ ‫من استعاذ في اليوم عشر مرات وَ ّ‬
‫الشيطان"‪ .‬وفى "سنن أبى داود" عن ابن عمر أن رسول الله قال‪" :‬من‬
‫طوه‪ ،‬ومن دعاكم فأجيبوه‪ ،‬ومن‬ ‫استعاذ بالله فأعيذوه‪ ،‬ومن سأل بالله فأع ُ‬
‫صنع إليكم معروفا فكافئوه‪ .‬فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى ت ََرْوا‬
‫أنكم قد كافأتموه"‪.‬‬
‫فليس فى الية فى حد ذاتها إذن ما يدل على أن عيسى عليه السلم كان‬
‫ممسوحا وحده من الوزار دون النبياء والمرسلين‪ ،‬وإن كنا نؤمن أنهم جميعا‬
‫عليهم الصلة السلم‪ ،‬كانوا من خيرة صفوة البشر‪ ،‬وكانت أخلقهم من‬
‫السمو والرفعة بحيث تتلءم مع المهمة الجليلة التى انتدبهم الله لها من بين‬
‫سائر البشر‪ .‬ومع هذا فهناك مثل‪ ،‬فى مسند ابن حنبل‪ ،‬حديث عن النبى عليه‬
‫السلم رواه أبو هريرة يقول فيه‪" :‬ما من مولود ُيوَلد إل نخسه الشيطان‬
‫ل صارخا من نخسة الشيطان إل ابن مريم وأمه‪ .‬ثم قال أبو هريرة‪:‬‬ ‫فيسته ّ‬
‫ذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم"‪ .‬وفى "سنن‬ ‫عي ُ‬ ‫ُ‬
‫اقرءوا إن شئتم‪ :‬وإنى أ ِ‬
‫ّ‬
‫الدارمى" عن ابن عباس أنه قال‪ " :‬ليس من مولود إل يستهل‪ ،‬واستهلله‬
‫يعصر الشيطان بطنه‪ ،‬فيصيح إل عيسى ابن مريم"‪ .‬وليس فيه‪ ،‬كما هو‬
‫واضح‪ ،‬أية إشارة إلى مسحه عليه السلم من الوزار والخطايا‪ ،‬بل الكلم فيه‬
‫عن نخسة الشيطان التى يبكى الطفل بسببها عند الولدة أول ما يستقبل‬
‫الحياة والتى يقول الطباء إن سببها هو استنشاقه لول مرة الهواء استنشاقا‬
‫ن لن ولدة عيسى‬ ‫دى عنه لى طفل‪ .‬لك ْ‬ ‫معْ َ‬‫مباشرا‪ ،‬فهو رد فعل بيولوجى ل َ‬
‫كانت ولدة غير طبيعية فلربما كان ذلك هو السبب فى أنه لم يصرخ عند‬
‫نزوله من بطن أمه كما يصنع سائر الطفال‪.‬‬
‫وأغلب الظن أن النبى عليه الصلة والسلم قد أراد‪ ،‬بذلك الحديث‪ ،‬أن يدفع‬
‫شْنع التى‬‫ة السوء وال ّ‬ ‫ى قال َ‬ ‫ف ّ‬ ‫خ ِ‬ ‫عن أخيه الصغير عيسى وأمه من ط َْر ٍ‬
‫ف َ‬
‫بهتهما بها اليهود الرجاس‪ .‬إذن فليس فى القرآن ول فى الحديث أن سيدنا‬
‫عيسى عليه السلم كان ممسوحا من الوزار والخطايا وحده دون النبيين‬
‫ن هذا أنه كان ذا أوزار وخطايا‪ ،‬إذ النبياء‬ ‫والمرسلين أجمعين‪ ،‬وإن لم ي َعْ ِ‬
‫قا وفضل وسلوكا ل عيسى وحده‪ .‬ومع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫خل ً‬ ‫والرسل كلهم هم من ذؤابة البشر ُ‬
‫ذلك فقد قرأنا فى حديث الشفاعة العظمى كلم الرسول العظم عن غفران‬
‫الله له هو كل ذنوبه‪ :‬ما تقدم منها وما تأخر‪ ،‬وهو ما استحق به وبغيره تلك‬
‫المرتبة العالية‪ ،‬وإن لم يعن هذا أيضا أنه‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬كانت له‬
‫م" أو "لقد جاءكم‬ ‫كر‪ ،‬وإل ما قال الله فيه‪" :‬وإنك لعلى ُ ُ‬ ‫ذنوب ت ُذ ْ َ‬
‫ق عظي ٍ‬ ‫خل ٍ‬
‫ص عليكم‪ ،‬بالمؤمنين رؤوف‬ ‫رسول من أنفسكم عزيٌز عليه ما عَن ِّتم‪ ،‬حري ٌ‬
‫صلوا عليه‬ ‫ّ‬ ‫رحيم" أو "إن الله وملئكته يصّلون على النبى‪ .‬يا أيها الذين آمنوا‪َ ،‬‬
‫ث التالى‪:‬‬ ‫وسّلموا تسليما"‪ .‬وقد أورد الرازى الذى يستشهد به مأفوُننا الحدي َ‬
‫"ما منكم أحد إل وله شيطان‪ .‬قيل ‪ :‬ول أنت يا رسول الله؟ قال‪ :‬ول أنا‪ ،‬إل‬
‫سَلم"‪ .‬وأظن أن هذا الحديث يضع حدا للجدال‬ ‫َ‬
‫أن الله تعالى أعانني عليه فأ ْ‬
‫ك العقل!‬ ‫ن المتهال ُ‬ ‫السخيف الذى فتح باَبه ذلك المأفو ُ‬

‫)‪(21 /‬‬

‫والن إلى ما قاله الرازى فى هذا الموضوع‪" :‬ذكر المفسرون في تفسير ذلك‬
‫القبول الحسن )يقصد القبول المذكور فى سورة "آل عمران" حين ابتهلت‬

‫‪161‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ها‪ :‬الوجه‬ ‫أم مريم إلى الله أن يعيذ ابنتها وذريتها من الشيطان الرجيم( وجو ً‬
‫الول‪ :‬أنه تعالى عصمها وعصم ولدها عيسى عليه السلم من مس‬
‫الشيطان‪ .‬روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬ما من مولود‬
‫خا من مس الشيطان إل‬ ‫ل صار ً‬ ‫ُيوَلد إل والشيطان يمسه حين يولد فيسته ّ‬
‫ها ب ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫م َ‬‫ك وَذ ُّري ّت ََها ِ‬ ‫عيذ ُ َ‬ ‫مريم وابنها"‪ ،‬ثم قال أبو هريرة‪ :‬اقرؤا إن شئتم‪ :‬وِإ ِّنى أ ِ‬
‫خب َُر واحد ٍ على‬ ‫م"‪ .‬طعن القاضي في هذا الخبر وقال‪" :‬إنه َ‬ ‫شي ْ َ‬‫ال ّ‬
‫جي ِ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫طا ِ‬
‫دها‪ :‬أن‬ ‫جب رّده‪ ،‬وإنما قلنا إنه على خلف الدليل لوجوهٍ أح ُ‬ ‫خلف الدليل‪ ،‬فو َ‬
‫الشيطان إنما يدعو إلى الشر من يعرف الخير والشر‪ ،‬والصبي ليس كذلك‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أن الشيطان لو تمكن من هذا النخس لفعل أكثر من ذلك من إهلك‬
‫م وعيسى‬ ‫ص بهذا الستثناء مري ُ‬ ‫خ ّ‬ ‫الصالحين وإفساد أحوالهم‪ .‬والثالث‪ :‬لم ِ ُ‬
‫عليهما السلم دون سائر النبياء عليهم السلم؟ الرابع‪ :‬أن ذلك النخس لو‬
‫ي أثره‪ ،‬ولو بقي أثره لدام الصراخ والبكاء‪ ،‬فلما لم يكن كذلك علمنا‬ ‫ق َ‬
‫جد ب َ ِ‬ ‫وُ ِ‬
‫بطلنه"‪ .‬واعلم أن هذه الوجوه محتملة‪ ،‬وبأمثالها ل يجوز دفع الخبر‪ ،‬والله‬
‫أعلم"‪ .‬ومن هذا يتبين لنا بأجلى بيان أن الكذاب لم يقطع عادته فى الكذب‬
‫سح من الوزار‬ ‫م ِ‬ ‫والتدليس‪ ،‬إذ لم يقل الرازى إن عيسى عليه السلم قد ُ‬
‫والخطايا‪ ،‬بل ساق كلم المفسرين القائلين بذلك‪ ،‬لكن بإيجاز شديد‪ ،‬أما من‬
‫صل كلمهم تفصيل‪ .‬ثم اكتفى بالقول بأن وجوه العتراض‬ ‫وا هذا فقد ف ّ‬ ‫ف ْ‬
‫نَ َ‬
‫التى اعترض بها هؤلء ليست قاطعة فى النفى‪ ،‬وإن كان من الممكن رغم‬
‫ت‪ ،‬بل اكتفى بإيراد الرأيين‪.‬‬ ‫ف ولم ي ُث ْب ِ ْ‬ ‫ذلك أن تكون صحيحة‪ .‬أى أنه لم ي َن ْ ِ‬
‫وأقصى ما يمكن نسبته له من الرأى فى هذه القضية أن الدلة التى احتج بها‬
‫القاضى )عبد الجبار المعتزلى( ل تحسم المر‪ .‬وهذا كل ما هنالك‪ ،‬فأين ما‬
‫نسبه زيكو الحقير إلى ذلك المفسر الكبير؟‬
‫ى قد تمكن يوما من‬ ‫سخ الغب ّ‬ ‫م ْ‬‫إننى ل أستطيع أن أهدأ كلما تذكرت أن هذا ال َ‬
‫إضلل فتاة مسلمة من أتباع سيدنا النبى وجعلها تدق صليبا على يدها‪ ،‬ولول‬
‫لطف الله لهلكت البنت المتسرعة النزقة كافرةً فاستحقت لعنة الدنيا‬
‫وجحيم الخرة! أمعقول يا بنيتى يا خريجة الجامعة أن يستطيع هذا البهيمة‬
‫الجهول أن يضحك عليك؟ فأين عقلك يا بنت الحلل؟ وأين اعتزازك بانتسابك‬
‫ت أن مثل هذا الوغد السافل‬ ‫لسيد النبيين والمرسلين؟ كيف بالله عليك ظنن ِ‬
‫حنة إنسان صادق؟ أهذا صوت واحد من‬ ‫س ْ‬ ‫يمكن أن يكون على حق؟ أهذه َ‬
‫بنى آدم المخلصين؟ إنه ليس إل أ ُب َي ِْليسا حقيرا ل عقل عنده ول علم‪ ،‬أ ُب َي ِْليس‬
‫سَباِرس" من تحت أرجل الشياطين‬ ‫م ال ّ‬ ‫ل يصلح فى دنيا الشيطنة إل لـ"ل َ ّ‬
‫الجالسين على المقاهى مثلما كنت أرى بعض الطفال فى صباى بمقاهى‬
‫سَباِرس‪ .‬وأرجو أن‬ ‫طنطا يفعلون‪ ،‬وهذا إن كان فى دنيا الشياطين مقاهٍ و َ‬
‫ضا من وقتى فى فضح جهله وغبائه‪،‬‬ ‫ت بع ً‬ ‫ت إلى الله إذ ضيع ُ‬ ‫أكون قد أعذر ُ‬
‫ول داعى للحديث عن أسلوبه القبيح القمىء مثله‪ ،‬وكل ذلك من أجل أن‬
‫ك قد آلمتنى‪ ،‬إذ كان السؤال ومازال‪ :‬كيف يرضى مسلم من أتباع سيد‬ ‫قصت ِ‬
‫النبيين والمرسلين أن يلوث عقله بالعقائد التى يعتقدها مثل ذلك الحمار‬
‫وى استه‬ ‫كاح"‪ ،‬على حين تتل ّ‬ ‫السفيه الذى يصيح كالملدوغ‪" :‬الرسول الن ّ‬
‫قا إلى من يطعنها حتى تهدأ‪ ،‬ل أهدأها الله ول أراح صاحبها أبدا‪،‬‬ ‫المنتنة َ‬
‫شب َ ً‬
‫وجعل ذلك الحمار‪ ،‬يعيش حياته كلها على نار‪ ،‬ويوم القيامة يزيد استه المنتنة‬
‫)لنه هو وأمثاله ل يستنجون ول يعرفون للطهارة معنى(‪ ،‬يوم القيامة يزيد‬
‫الله استه المنتنة نارا وأ َُواًرا واستعاًرا واحمراًرا؟! أتقول يا أيها الحمار‪:‬‬
‫مص‬ ‫ق ّ‬‫"الرسول النكاح"؟ وماذا فى ذلك؟ الدور والباقى عليك يا أيها "ال ُ‬
‫المنكوح‪ ،‬صاحب الدبر المقروح"! ولعل القراء الن يستطيعون أن يفسروا‬

‫‪162‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫سر تقلقل ذلك النجس أثناء كلمه فى التلفاز وعدم استقراره فى جلسته‬
‫على حال‪ .‬السر كله ل فى شويبس كما كان يقول المرحوم حسن عابدين‪،‬‬
‫مص المنتن‪ ،‬عليه وعلى دبره اللعنات! لقد دخل زيكو بدبره‬ ‫ق ّ‬
‫بل فى دبر ال ُ‬
‫التاريخ‪ ،‬وأصبح دبره أشهر دبر فى العالم! وكما أنهم يقولون‪" :‬بعوضة‬
‫النمرود‪ ،‬وعصا موسى‪ ،‬وبقرة بنى إسرائيل‪ ،‬وهدهد سليمان‪ ،‬وحوت يونس‪،‬‬
‫حن َْين‪ ،‬وفيل أبرهة‪ ،‬وعمامة الحجاج‪ ،‬وبخلء‬
‫فا ُ‬
‫خ ّ‬
‫وكلب أصحاب الكهف‪ ،‬و ُ‬
‫سْيفه‪ ،‬وكرمة ابن هانئ‪ ،‬وعبقريات‬‫وق الحمامة‪ ،‬وذهب المعّز و َ‬ ‫الجاحظ‪ ،‬وط َ ْ‬
‫العقاد‪ ،‬ودعاء الكروان‪ ،‬وبيضة الديك‪ ،‬وبقرة حاحا‪ ،‬وصندوق أبى لمعة‪ ،‬وشعر‬
‫البنت‪ ،‬ولقمة القاضى‪ ،‬وبراغيث الست‪ ،‬ونبوت الخفير‪ ،‬وكعب أخيل‪،‬‬
‫ومعطف جوجول"‪ ،‬فإننا بدورنا نقول‪" :‬دبر زيكو"!‬

‫)‪(22 /‬‬

‫وفى النهاية أحب أن أنبه القراء الفاضل إلى أن الناجيل تخلو تماما من‬
‫دع بها الغراُر الحمقى‬ ‫ألفاظ "الثالوث والتثليث والقانيم الثلثة" التى يص ّ‬
‫خنا‪ ،‬والتى يقوم دينهم المرّقع على أساسها‪ .‬وليس لهذا من معنى إل أن‬ ‫أمخا َ‬
‫تلك العقيدة الوثنية لم تظهر إلى الوجود‪ ،‬فيما يخص النصرانية‪ ،‬إل بعد‬
‫المسيح وكتابة الناجيل‪ .‬أى أنها لم تكن يوما من العقيدة التى جاء بها السيد‬
‫خرة‪ .‬ليس هذا فحسب‪ ،‬بل إنه ما‬ ‫ُ‬
‫ت بأ َ‬
‫المسيح عليه السلم وأنها إنما اخت ُرِعَ ْ‬
‫من نبى من قبل عيسى أو من بعده قد جاء بشىء من هذا الكفر‪ :‬ل من‬
‫أنبياء بنى إسرائيل ول من سواهم‪ .‬فلماذا يريد المعاتيه البلهاء أن نصدق بهذا‬
‫الضلل؟ وما الذى يجّرئهم كل هذه الجراءة ونحن الن فى القرن الواحد‬
‫والعشرين؟ إن مكان أولئك المتاعيس هو متحف التاريخ الطبيعى الخاص‬
‫بالكائنات المنقرضة كالديناصورات وأشباهها مما غبر على اختفائه مليين‬
‫السنين‪ ،‬بحيث يكون تعليق كل من يرى بقاياهم هم وعقيدتهم أن يقول وهو‬
‫س‬
‫فاغر فاه من الدهشة‪ :‬ياه! تصوروا! لقد كان هناك قبل كذا مليون سنة نا ٌ‬
‫حال ُّلى!(‪ ،‬ثم‬
‫دا )يا َ‬
‫سد وأنجب ول ً‬‫متخلفون بلهاء كانوا يؤمنون بأن الله قد تج ّ‬
‫سرعان ما أماته على الصليب! يا له من إله مخلول العقل مسكين! عنده‬
‫شعرة‪ :‬ساعة تروح‪ ،‬وساعة تجىء! شفاه الله!‬

‫)‪(23 /‬‬

‫وبهذا نكون قد فرغنا من تفنيد سخافات زيكو فى المقارنة بين محمد‬


‫وعيسى عليهما السلم‪ ،‬ونقيم نحن مقارنتنا بين النبيين الكريمين‪ ،‬ولكن على‬
‫أسس منطقية وتاريخية وحضارية سليمة‪ :‬فالتوحيد الذى نادى به محمد بقى‬
‫كما هو‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬رغم مرور أربعة عشر قرنا من الزمان على رحيل سيد‬
‫النبياء عن الدنيا‪ ،‬ورغم كل الدواهى والمصائب التى نزلت على يافوخ‬
‫المسلمين‪ ،‬ورغم المؤامرات التى حاكها وما زال يحيكها الصليبيون والصهاينة‬
‫ضدهم وضد دينهم‪ ،‬بخلف أتباع عيسى عليه السلم الذين سرعان ما عبثت‬
‫أيديهم بما أتاهم به من التوحيد النقى واستبدلوا به وثنية بشرية‪ .‬كذلك‬
‫فتلميذ عيسى قد تركوه عند أول تجربة حقيقية وهربوا ناجين بجلدهم حين‬
‫جاء جند الرومان للقبض عليه حسبما تقول الناجيل المزيفة‪ ،‬رغم أنه قد‬
‫أنبأهم بأنهم سوف يفّرون ويخّلفونه وحيدا فى يد العداء ورغم تأكيدهم مع‬
‫ذلك أنهم لن يفعلوا‪ .‬بل إن بطرس قد أنكر معرفته إياه وأقسم بالله إنه ل‬

‫‪163‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دون نبيهم بالنفس‬ ‫صلة له به على الطلق‪ .‬أما صحابة محمد فكانوا يف ّ‬
‫وا عنه السهام بظهورهم‪،‬‬ ‫حد وت َل َ ّ‬ ‫ُ‬
‫ق ْ‬ ‫سوا عليه مثل فى غزوة أ ُ‬‫والنفيس‪ .‬وقد تّر ُ‬
‫ولول ذلك لكان من الممكن أن تصل إليه يد الكفار بالذى الشنيع‪ ،‬إذ كانوا‬
‫حريصين أشد الحرص على قتله آنذاك! كما أن رسالة محمد هى رسالة‬
‫عالمية‪ ،‬على عكس رسالة عيسى التى كانت خاصة ببنى إسرائيل‪ .‬ليس ذلك‬
‫سَير التى كتبها بعض‬ ‫فقط‪ ،‬بل إن دعوة عيسى عليه السلم كما تصورها لنا ال ّ‬
‫دعون النتساب إليه )وهى المسماة بـ"الناجيل"( ليست أكثر من‬ ‫من ي ّ‬
‫مواعظ خلقية تسودها التشنجات المثالية التى ل يمكن نجاحها فى دنيا‬
‫البشر‪ ،‬أما رسالة محمد فرسالة شاملة‪ ،‬إذ هى رسالة عقيدية خلقية‬
‫اجتماعية اقتصادية سياسية ثقافية‪ .‬بعبارة أخرى هى رسالة حضارية تغطى‬
‫جميع جوانب الحياة‪ .‬ومرة ثانية ل يتوقف المر عند هذا الحد‪ ،‬بل إن محمدا‬
‫قد وضع رسالته موضع التنفيذ والتطبيق ونجح فى ذلك نجاحا مذهل لم يحدث‬
‫من قبل ول من بعد‪ ،‬وكانت ثمرة ذلك أن أنهض الله على يديه المباركتين‬
‫أمة العرب من العدم فحّلقت فى الذ َّرى العالية وأضحت سيدة العالم لقرون‬
‫طوال‪ .‬ومثال أو مثالن هنا يغنياننا عن ضرب غيرهما‪ ،‬فإن أمة لم تبلغ فى‬
‫تجنب الخمر ما بلغته العرب بفضل دعوة محمد وإيمانها بدعوة محمد‪ ،‬أما‬
‫أمم النصرانية فالخمر جزء ل يتجزأ من حياتها‪ .‬كما أن الرهبانية التى ابتدعها‬
‫ذرنا منها رسول الفطرة النقية‬ ‫دعو التمسك بدين المسيح والتى ح ّ‬ ‫م ّ‬
‫ت وراءها انحرافات جنسية خطيرة ومستطيرة‪ ،‬ليس‬ ‫المستقيمة قد جّر ْ‬
‫أكبرها العتداء على الغلمان والنساء حتى فى أقدس الماكن عندهم‪ ،‬فضل‬
‫طة بين‬ ‫مل َوَ َ‬
‫عن العلقات غير الشرعية بين الرهبان والراهبات‪ ،‬وكذلك ال ُ‬
‫حقة بين الخيرات‪ .‬وهذان مثالن اثنان ل غير على النجاح‬ ‫سا َ‬
‫م َ‬
‫الولين‪ ،‬وال ُ‬
‫الخارق الذى أحرزته دعوة رسولنا الكريم والذى لم تستطعه دعوة أى نبى أو‬
‫مصلح آخر على مدار التاريخ البشرى كله‪ .‬أما دعوة عيسى عليه السلم‬
‫حسبما نطالعها فيما يسمى بـ"الناجيل" فلم تطّبق ولو ليوم واحد‪ .‬إننا طول‬
‫مى‬ ‫الوقت إزاء جماعة من المرضى والممسوسين والعُْرج والب ُْرص والعُ ْ‬
‫يفدون على السيد المسيح طلًبا للبركة والشفاء‪ ،‬مع بعض المواعظ‬
‫المشجية‪ ،‬وكان الله يحب المحسنين‪ .‬ومرة ثالثة ل ينتهى المر هنا‪ ،‬ذلك أن‬
‫عيسى‪ ،‬كما نقرأ فى الناجيل المزيفة‪ ،‬لم يأت إلى قومه بشريعة‪ ،‬ودعنا من‬
‫نقضه الشريعة الموسوية رغم أنه قد أكد أنه لم يأت لينقض الناموس‪ ،‬بل‬
‫ليكمله‪ .‬ثم جاء بولس فأتى على البقية الضئيلة من تلك الشريعة! ومرة‬
‫رابعة )أو خامسة‪ ،‬ل أدرى( ل تنتهى المسألة عند هذا الحد‪ ،‬إذ لو نظرنا إلى‬
‫الموضوع من الزاوية الشخصية لوجدنا أن هناك فرقا بين محمد وعيسى‬
‫كبيرا‪ :‬فمحمد كان يعيش حياته كاملة فتزوج وأنجب ذرية‪ ،‬أما عيسى فلم‬
‫يمارس هذا الجانب من جوانب شخصيته‪ .‬وقد كان محمد خير زوج وأب‬
‫عرفته الرض‪ ،‬أما عيسى فل شك أن حياته لم تعرف هذا الشىء‪ ،‬وإن كنا ل‬
‫نقف أمامه طويل ول نستطيع أن ندلى برأينا فى السبب الذى من أجله لم‬
‫يقّيض له عليه السلم أن يتزوج وينجب كما يفعل الرجال فى الظروف‬
‫المعتادة‪ ،‬إل أننا نستنكر بشدة ما يتهمه به بعض الملحدة الغربيين المجرمين‬
‫من أنه عليه السلم كانت له علقات منحرفة بهذه أو بذاك من أتباعه‪.‬‬
‫ض واحدٍ‬ ‫عْر ِ‬ ‫أستغفر الله العظيم من هذا الرجس النجس الذى يراد به تلويث ِ‬
‫من أطهر الرسل الكرام‪ .‬وأخيرا وليس آخرا‪ :‬أين يا ترى ذهب النجيل الذى‬
‫سَير التى‬ ‫بشر به السيد المسيح؟ إن الذى معنا الن إنما هو مجموعة من ال ّ‬
‫كتبها بعض المنتسبين لدينه بعد وفاته بعشرات السنين ودون أن يلتزموا فيها‬

‫‪164‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بأى منهج‪ ،‬إذ كل ما اعتمدوا عليه هو القاويل التى سمعوها من هنا وههنا‬
‫سَير‬
‫سَير ليست هى ال ّ‬‫جرها دون تمحيص‪ .‬وهذه ال ّ‬‫جرها وب ُ َ‬
‫وأوردوها بعََبلها وعُ َ‬
‫سي ٌَر أخرى أهملتها الكنيسة وأخذت بهذه‪ ،‬ول‬
‫الوحيدة التى وصلتنا‪ ،‬بل هناك ِ‬
‫أحد‬

‫)‪(24 /‬‬

‫يعرف السبب الذى على أساسه تمت هذه التفرقة! أما القرآن الذى نزل‬
‫ق كما هو لم يتغير فيه شىء‪ .‬بهذه الطريقة يمكننا أن‬
‫على قلب محمد فبا ٍ‬
‫نعرف الفرق الحقيقى بين محمد وعيسى عليهما السلم‪ .‬وإنى لشّبههما‪ ،‬كما‬
‫قلت‪ ،‬بأخوين‪ :‬أٍخ أكبر )هو محمد(‪ ،‬وأٍخ أصغر )هو عيسى(‪ ،‬عليهما وعلى‬
‫جميع النبياء والرسل صلوات الله وسلم‬

‫)‪(25 /‬‬

‫كلمةٍ سواٍء ‪...‬‬


‫موقع مجلة الوعي ‪...‬‬
‫م أ َلّ‬‫واٍء ب َي ْن ََنا وَب َي ْن َك ُْ‬ ‫س َ‬ ‫مةٍ َ‬ ‫َ‬
‫وا إ ِلى كل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب ت ََعال ْ‬‫ل الك َِتا ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل َيا أهْ َ‬ ‫قال الله سبحانه‪ ? :‬قُ ْ‬
‫َ‬
‫ن الل ّهِ فَإ ِ ْ‬
‫ن‬ ‫ن ُدو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ضَنا ب َْعضا ً أْرَبابا ً ِ‬ ‫خذ َ ب َعْ ُ‬ ‫شْيئا ً َول ي َت ّ ِ‬ ‫ك ب ِهِ َ‬ ‫شرِ َ‬ ‫ه َول ن ُ ْ‬ ‫ن َعْب ُد َ إ ِّل الل ّ َ‬
‫َ‬ ‫قوُلوا ا ْ‬
‫ن ? ‪] ...‬آل عمران‪.[64:‬‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬‫م ْ‬ ‫دوا ب ِأّنا ُ‬ ‫شهَ ُ‬ ‫وا فَ ُ‬ ‫ت َوَل ّ ْ‬
‫هذه آية من كتاب الله عظيمة في معناها ومبناها‪ ،‬فالقرآن كلم الله سبحانه‬
‫ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه تنزيل من عزيز حميد‪ .‬وهي تدل‬
‫دللة واضحة على دعوة أهل الكتاب إلى السلم‪ ،‬دعوة صريحة تفرق بين‬
‫الحق والباطل‪ ،‬فإن قبلوا فهم مسلمون وإن رفضوا فقد أقمنا عليهم الحجة‬
‫بأنا مسلمون وهم كافرون‪.‬‬
‫لكن البعض يستعملون هذه الية الكريمة في غير موضعها‪ ،‬ويحرفون الكلم‬
‫عن مواضعه‪ ،‬فيقولون إن الية دعوة لما يسمونه بحوار الديان‪ .‬يقولون إن‬
‫كلمة )سواء( أي مستوية بيننا وبينهم فل ننكر عليهم دينهم ول ينكرون علينا‬
‫ديننا‪ ،‬فالديان كلها دين الله وهي سواء‪ ،‬وأننا مأمورون بمحاورتهم لنسمع‬
‫منهم ويسمعوا منا دون أن نحسم المر ونبين الحق من الباطل‪ ،‬ودون أن‬
‫نبين أن السلم هو الحق وأن الديان غيره الموجودة حاليا ً باطلة بطلنا ً تاما ً‬
‫وهي كفر صاحبها مخلد في النار‪.‬‬
‫ن )سواء( المذكورة في الية الكريمة تعني الحق والعدل أي هي‬ ‫والحقّ إ ّ‬
‫دعوة للنصارى واليهود إلى كلمة حق ونصفة وعدل‪ ،‬ثم بينها الله سبحانه بما‬
‫شْيئا ً َول ي َت ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ضَنا‬‫خذ َ ب َعْ ُ‬ ‫ك ب ِهِ َ‬ ‫شرِ َ‬ ‫ه َول ن ُ ْ‬ ‫ورد في الية الكريمة ? أّل ن َعْب ُد َ إ ِّل الل ّ َ‬
‫ن الل ّهِ ? ‪] ...‬آل عمران‪.[64:‬‬ ‫َ‬
‫ن ُدو ِ‬ ‫م ْ‬‫ب َْعضا ً أْرَبابا ً ِ‬
‫يقول القرطبي في تفسيره )والسواء العدل والنصفة قاله قتادة‪ ،‬وقال زهير‪:‬‬
‫سواُء‬ ‫وي بيننا فيها ال ّ‬ ‫س ّ‬‫م فيها ي ُ َ‬ ‫ضي ْ َ‬
‫ةل َ‬ ‫خط ّ ً‬ ‫أ َُروني ُ‬
‫سوى‪ ،‬فإذا فتحت السين مددت‬ ‫سوى و ُ‬ ‫وقال الفراء يقال في معنى العدل ِ‬
‫"سواء" وإذا كسرت أو ضممت قصرت(‪.‬‬
‫ومعلوم أن النصارى واليهود قد أشركوا بالله سبحانه واتخذوا أحبارهم‬
‫ورهبانهم أربابا ً من دون الله يشرعون لهم‪ ،‬يحللون ويحرمون بمنطوق الية‬
‫ن الل ّهِ ذ َل ِ َ‬
‫ك‬ ‫ح اب ْ ُ‬ ‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫صاَرى ال ْ َ‬ ‫ت الن ّ َ‬ ‫ن الل ّهِ وََقال َ ِ‬ ‫ت ال ْي َُهود ُ عَُزي ٌْر اب ْ ُ‬ ‫الكريمة ? وََقال َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫كو َ‬ ‫ه أّنى ي ُؤْفَ ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ل َقات َل َهُ ُ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫فُروا ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫ن قَوْ َ‬ ‫ضاهُِئو َ‬ ‫م يُ َ‬ ‫واهِهِ ْ‬ ‫م ب ِأفْ َ‬ ‫قَوْل ُهُ ْ‬

‫‪165‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫ُ‬ ‫ذوا أ َحبارهُم ورهْبانه َ‬
‫مُروا‬
‫ما أ ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ح اب ْ َ‬ ‫سي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن الل ّهِ َوال ْ َ‬ ‫ن ُدو ِ‬ ‫م ْ‬‫م أْرَبابا ً ِ‬ ‫ْ َ َ ْ َُ َ َُ ْ‬ ‫خ ُ‬ ‫* ات ّ َ‬
‫ن ? ‪] ...‬التوبة‪[32 ،31:‬‬ ‫شرِكو َ‬‫ُ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫ه عَ ّ‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ه إ ِل هُوَ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫حدا ل إ ِل َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫دوا إ ِلها َوا ِ‬ ‫إ ِّل ل ِي َعْب ُ ُ‬
‫ه َثال ِ ُ‬
‫ث‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن َقاُلوا إ ِ ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫فَر ال ّ ِ‬ ‫قد ْ ك َ َ‬ ‫‪ ،‬وأّنهم كفار بنص القرآن الكريم ? ل َ َ‬
‫ن‬‫ح اب ْ ُ‬ ‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ه هُوَ ال ْ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن َقاُلوا إ ِ ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫فَر ال ّ ِ‬ ‫قد ْ ك َ َ‬‫َثلث َةٍ ? ‪] ...‬المائدة‪ ? ،[73:‬ل َ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫كي َ‬
‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب َوال ْ ُ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ن أهْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫فُروا ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م ي َك ُ ِ‬‫م ?… ]المائدة‪ ? ،[17:‬ل َ ْ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ة ? … ]البينة‪.[1:‬‬ ‫م ال ْب َي ّن َ ُ‬ ‫ه‬‫ي‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫أ‬‫ت‬
‫َ َ ّ َ َُ ُ‬ ‫تى‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫كي‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ن‬
‫ُ ْ‬‫م‬
‫ولقد بين السلم كيف تكون دعوتهم للسلم‪ ،‬يقول الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم موصيا ً أمير الجيش الذي يرسله للقتال‪ ...) :‬وإذا لقيت عدوك من‬
‫المشركين فادعهم إلى ثلث خصال أو خلل فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم‬
‫وكف عنهم ثم ادعهم إلى السلم فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم‬
‫وا‬
‫ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين‪ ...‬إلى أن يقول فإن هم أب ْ‬
‫فاستعن بالله وقاتلهم (‪.‬‬
‫ويقول صلوات الله وسلمه عليه في كتابه إلى هرقل ملك الروم‪ ) :‬أما بعد‬
‫فإني أدعوك بدعاية السلم أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت‬
‫فعليك إثم الريسين‪.(...‬‬
‫وهذا ما سار عليه الصحابة رضوان الله عليهم في تطبيق السلم وحمله إلى‬
‫العالم على النحو الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم فتقام الحجة‬
‫وا كانت الجزية وإل ّ فقتالهم في سبيل الله‪.‬‬ ‫عليهم بدعوتهم للسلم فإن أب ْ‬
‫إن فكرة الحوار بين الديان هي فكرة غربية خبيثة دخيلة ل أصل لها في‬
‫السلم لنها تدعو إلى إيجاد قواسم مشتركة بين الديان واعتبارها كلها سواًء‬
‫عند الله وأن أصحابها مؤمنون‪ ،‬وهذا كفر وضلل يخالف كل المخالفة دعوة‬
‫الكفار إلى السلم المبين في كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫فدعوى التقارب بين الديان دعوة لتذويب السلم في الديان الخرى بضرب‬
‫عقيدته وحضارته‪ ،‬وأما دعوة الكفار إلى السلم فتكون ببيان عقيدة السلم‬
‫الصحيحة ‪ ،‬وبيان بطلن عقائد الكفار وضللهم وفساد حضارتهم وإقامة‬
‫الحجة عليهم ليدركوا ويعلموا أن السلم هو الحق وأنه الواجب التباع‪.‬‬
‫فالبون شاسع بين دعوة الكفار إلى السلم وبين محاورتهم في مؤتمرات‬
‫ضل ? …‬ ‫حقّ إ ِّل ال ّ‬ ‫ماَذا ب َعْد َ ال ْ َ‬ ‫حوار الديان فالحق أبلج ‪ ،‬والباطل لجلج ? فَ َ‬
‫]يونس‪.[32:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كلهم قساة !؟‬


‫د‪ .‬سلمان العودة‬
‫لماذا الكثيرون ضمن مجتمعات المسلمين يقسون على الجميع ويوزعون‬
‫صرين‪ ,‬وما يقع منهم من تقصير‬ ‫المسؤوليات‪ ،‬ويستثنون أنفسهم فهم غير مق ّ‬
‫– ل قدر الله – فهو بسبب غيرهم؟!‬
‫بل يظن الكثير من أصحاب العلم والمعرفة والفقه والثقافة؛ أن العتراف‬
‫بالخطاء والمعالجة العلنية لها نوع من قّلة السياسة والفقه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫ك ل َعَل ّ ُ‬
‫ما ي ُد ِْري َ‬
‫مى* وَ َ‬‫جاءهُ اْلعْ َ‬
‫س وَت َوَّلى * أن َ‬
‫اقرؤوا قول الله تعالى‪ " :‬عَب َ َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ه الذ ّك َْرى"‪ ،‬فإن في هذه اليات نموذجا راقيا للعلنية‪،‬‬ ‫كى * أ َوْ ي َذ ّك ُّر فََتن َ‬
‫فعَ ُ‬ ‫ي َّز ّ‬
‫وكل قصص النبياء في القرآن مع ما تحويه من دلئل دعوية وفكرية مهمة؛‬
‫كإخبارها بخصائص النبياء الدعوية‪ ،‬تجدها في الوقت ذاته تخبر عن بشريتهم‬

‫‪166‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن"‪ ،‬وهذا ما لم‬ ‫سو َ‬ ‫ما ي َل ْب ِ ُ‬‫سَنا عَل َي ِْهم ّ‬ ‫جل ً وَل َل َب َ ْ‬ ‫جعَل َْناه ُ َر ُ‬‫كا ل ّ َ‬
‫مل َ ً‬‫جعَل َْناه ُ َ‬ ‫"وَل َوْ َ‬
‫ْ‬
‫شي‬ ‫م ِ‬ ‫ل الط َّعا َ‬
‫م وَي َ ْ‬ ‫ل ي َأك ُ ُ‬ ‫سو ِ‬ ‫ذا الّر ُ‬ ‫ل هَ َ‬‫ما ِ‬ ‫يستوعبه أغبياء المشركين‪" :‬وََقاُلوا َ‬
‫ذيًرا"‪.‬‬ ‫ه نَ ِ‬ ‫معَ ُ‬‫ن َ‬ ‫كو َ‬ ‫ك فَي َ ُ‬ ‫مل َ ٌ‬
‫ل إ ِل َي ْهِ َ‬‫ق ل َوَْل ُأنزِ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫س َ‬
‫َ‬
‫ِفي اْل ْ‬
‫إن القرآن صريح في بشرية النبياء؛ فالهدهد يعّلم سليمان‪ ،‬وموسى يتعلم‬
‫على يد الخضر‪ ،‬ليدل كل ذلك على أن المعالجات العلنية هي أقرب لتلمس‬
‫الداء‪ ،‬وجزء من الدواء‪.‬‬
‫ً‬
‫والنقد الذي تجب ممارسته ل بد أن يكون متوازنا؛ وأن نأخذ نحن نصيبنا منه‪،‬‬
‫لنكون مع هذا المجتمع شركاء المغنم والمغرم‪.‬‬
‫وبعض المثقفين الذين يقدمون أنفسهم على أنهم ضحايا العنف من جهة‬
‫سياسية أو اجتماعية أو دينية؛ ل يذكرون أن الناس قد يكونون ضحايا لعنفهم‬
‫الثقافي‪ ،‬وصرعى حروبهم الفكرية‪ ،‬التي يستحضرون ذكراها من عقود وربما‬
‫قرون؛ فهم قتيل المجتمع وقاتله!‪.‬‬
‫إنهم أحيانا ً يمارسون عدوانا ً لفظيا ً مع من يختلف معهم‪ ،‬وينحازون إلى جانب‬
‫القوة ضد البرياء‪ ،‬بالرهاب الفكري في عمليات التخوين والتبديع والتفسيق‪،‬‬
‫وتفسير النوايا‪ ،‬وتوزيع التهم‪ ،‬واستخدام كل أدوات الحرب الكلمية‬
‫والعلمية‪ ،‬واستعداء أطياف الناس والمجتمع والسلطة‪ ،‬فبؤس العالم الثالث‬
‫ول إلى تأزم فكري وصراع اجتماعي‪ ،‬ووّلد‬ ‫السياسي ومشاكله اليومية تح ّ‬
‫مشاكل في الفهم والحوار لدى كافة الشرائح من السلميين إلى القوميين‬
‫إلى الماركسيين إلى الليبراليين‪.‬‬
‫السؤال‪ :‬لماذا نبدو أكثر انفعال ً وتشنجا ً واندفاعا ً غضبيًا؟!‬
‫لماذا نسعى بكل قوتنا – إن كان ثمة قوة – لدانة خصومنا الذين ل نتفق‬
‫معهم‪ ,‬ونستميت في محاولة إلصاق الدعاوى بكل من يخالفنا الرأي‪ ,‬أو‬
‫المشرب أو التجاه!‬
‫وهل فعل ً أن العاجز ضمن هذا العالم المهووس هو من ل يستبد‪ ،‬كما يدعي‬
‫العربي الول‪ :‬عمر بن أبي ربيعة؟!‬
‫ما سبب هذا الحتقان‪ ,‬والقابلية الشديدة للتطاحن‪ ,‬والشتعال من كل‬
‫الطياف‪ ,‬كأنك في مطبخ بترول!‬
‫ففي السياسة‪ :‬النشقاقات والحزبيات واللغة الرديئة‪.‬‬
‫وفي العلم والمعرفة‪ :‬التيارات والصراعات غير النظيفة في سباق محموم‬
‫للتسّلح اللفظي‪ ,‬والتراشق بالتهم واللقاب‪.‬‬
‫وفي المجتمع‪ :‬ضروب الستهزاء العصبي والقبلي‪ ..‬في كل شيء‪.‬‬
‫ربما هي ثقافة عامة في العقل الباطن للناس والمجتمع‪ ،‬ثقافة جافت سبيل‬
‫الرحمة والسعة والسلم وغيرها من المعاني التي اشتقت من مفردات الدين‬
‫السلمي وأخلقياته‪.‬‬
‫ذابا من فَوقك ُم أ َو من تحت أ َرجل ِك ُم أوَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قادُِر عََلى أن ي َب ْعَ َ‬ ‫ل هُوَ ال ْ َ‬
‫ْ ْ‬ ‫ْ ِ ْ ْ ِ َ ْ ِ ْ ُ‬ ‫م عَ َ ً ّ‬ ‫ث عَلي ْك ُ ْ‬ ‫"ق ُ ْ‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫ض ‪ ،"..‬وفي القرآن الكريم دعوة عالية‬ ‫س ب َعْ ٍ‬ ‫ضكم ب َأ َ‬ ‫ُ‬ ‫ذيقَ ب َعْ َ‬ ‫شَيعا وَي ُ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫سك ْ‬ ‫ُ‬ ‫ي َل ْب ِ َ‬
‫ن‬ ‫للعودة إلى المن الديني والنفسي والثقافي والجتماعي والسياسي‪" :‬ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ن"‪.‬‬‫دو َ‬
‫مهْت َ ُ‬ ‫هم ّ‬ ‫ن وَ ُ‬ ‫م ُ‬
‫َ‬
‫م ال ْ‬ ‫ك ل َهُ ُ‬‫مان َُهم ب ِظ ُل ْم ٍ أ ُوْل َئ ِ َ‬ ‫سوا ْ ِإي َ‬ ‫م ي َل ْب ِ ُ‬‫مُنوا ْ وَل َ ْ‬ ‫آ َ‬
‫دعوة ً لتطليق أشكال العتداء والظلم التي تأكل أخضر المجتمعات ويابسها‬
‫من الكبار والصغار‪ ،‬والمثقفين والعامة إلى الجدال الثقافي والعلمي والفقهي‬
‫والتربوي بالتي هي أحسن‪ ،‬إل الذين ظلموا‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪167‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كم إلها ً تعبد ؟‬


‫في أول السلم حاول الكفار صد النبي صلى الله عليه وسلم عن دينه ‪,‬‬
‫فأرسلوا حصين بن المنذر فلما دخل حصين قال ‪ :‬يا محمد فرقت جماعتنا و‬
‫شتت شملنا فان أردت مال أعطيناك أو ملكا ملكناك فلما سكت ‪ ..‬قال صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ :‬يا أبا عمران كم الها تعبد ؟ قال أعبد سبعة ‪ ,‬ستة في‬
‫الرض وواحدا في السماء !! فقال صلى الله عليه وسلم ‪ :‬فاذا هلك المال‬
‫من تدعو؟ قال ‪ :‬أدعو الذي في السماء ‪ .‬قال فاذا أنقطع المطر من تدعو ؟‬
‫قال‪ :‬الذي في السماء ‪ ..‬قال ‪ :‬فيستجيب لك وحده أم يستجيبون لك كلهم‬
‫قال ‪ :‬يستجيب وحده ‪ ,‬فقال صلى الله عليه وسلم ‪ :‬يستجيب لك وحده و‬
‫تشركهم في الشكر ! أم تخاف أن يغلبوه عليك ؟ قال ‪ :‬ل ما يقدرون عليه ‪..‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم ‪ :‬يا حصين أسلم ) أو كما قال عليه الصلة‬
‫والسلم(‬
‫نعم كانوا يعبدون تماثيل صورت لقوم صالحين و يعتبرونها وسائل تقربهم إلى‬
‫الله ‪ ,‬يتعبدون لها بذبح و دعاء و طواف و بكاء لتشفع لهم عند الله و يقولون‬
‫) ما نعبدهم إل ليقربونا إلى الله زلفى( فسماهم الله مشركين مع اعتقادهم‬
‫أن الله هو الخالق الرازق فما الفرق بينهم و بين من يتقرب اليوم إلى ميت‬
‫في قبره و يرجوه أن يشفع له عند الله ؟! ما الفرق بين من يتقرب لصورة‬
‫فوق الرض ‪ ....‬ومن يتقرب لصورة تحت الرض؟!!‬
‫سأل النبي صلى الله عليه وسلم معاذ فقال ‪ :‬يامعاذ‪ :‬أتدري ما حق الله على‬
‫العباد ‪ ..‬وما حق العباد على الله ؟ قال الله ورسوله أعلم فقال ‪ :‬حق الله‬
‫على العباد أن يعبدوه ول يشركوا به شيئا ‪ ,‬وحق العباد على الله أن ل يعذب‬
‫من ل يشرك به شيئا ‪ ..‬وسئل النبي صلى الله عليه وسلم ‪ :‬أي الذنب أعظم‬
‫؟ فقال ‪ :‬أن تجعل لله ندا و هو خلقك‪.‬‬
‫فالشرك أعظم الذنوب ول يغفره الله أبدا والجنة حرام على المشركين وهم‬
‫مخلدون في النار قال تعالى ) إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة‬
‫ومأواه النار( ‪ ,‬ومن أشرك فسدت كل عباداته من صلة وصوم وجهاد‬
‫وصدقة قال تعالى ) لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من المشركين(‬
‫وكذلك تحرم الصلة عند القبور وفي المساجد المبنية عليها ويحرم التقرب‬
‫الى الله بقراءة القرآن عند القبور أو استئجار من يقرأ إنما يدعو الله للميت‬
‫فقط ‪ ,‬وكذلك يحرم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم فل يقول )الهم‬
‫أسألك بجاه نبيك و ل بحق فلن( ‪ ,‬أما التوسل الجائز فالتوسل بأسماء الله و‬
‫صفاته فيقول ‪ :‬يارحيم ارحمني والتوسل باليمان والعمال الصالحة فيقول‪:‬‬
‫اللهم بإيماني وصلتي أغفر لي ‪ .‬والتوسل جائز بدعاء الصالحين الحياء‬
‫فيطلب منهم أن يدعوا له فدعاء المسلم لخيه مستجاب ‪ ..‬أما طلب الدعاء‬
‫من ميت فحرام وكذلك الذكر الجماعي بصوت واحد كما يفعل البعض في‬
‫العياد وغيرها فهو بدعة‪.‬‬
‫والشرك له صور متعددة ‪ .‬منها دعاء الموتى المقبورين أو الذبح والنذر‬
‫للقبور والجن والولياء والخوف منهم أن يضروه أو يمرضوه ‪ ,‬فالقبور تزار‬
‫للتعاظ والدعاء للموات قال صلى الله عليه وسلم )زوروا القبور فإنها‬
‫تذكركم الخرة( ‪ ,‬اما دعاء أهلها والذبح لهم والتبرك بهم فشرك ‪ ..‬سواء كان‬
‫المقبور نبيا َ أو وليا َ ‪ ...‬كما يفعل الجهال عند قبر الحسين من دعائه‬
‫والستغاثة به ‪ ..‬أو البدوي ‪ ..‬أو الجيلني ‪ ..‬فكلهم بشر ‪ ...‬ل يضرون ول‬
‫ينفعون‪.‬‬
‫وكيف تستعين بالمقبورين وهم جثث هامدة ‪ ..‬ل يستطيعون أن يغيروا حالهم‬

‫‪168‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فتطلب منهم تغيير حالك ؟؟ فأقول للذين يدعون الموات ‪ :‬أمواتكم هؤلء‬
‫الذين تبكون على عتاباتهم و ترجون شفاعتهم )هل يسمعونكم إذ تدعون * أو‬
‫ينفعونكم أو يضرون( ‪......‬ل والله ل يسمعون و ل ينفعون ‪..‬‬
‫واليوم تنتشر الضرحة والقبور المبني عليها و يتقربون لها بالنذور و بعضهم‬
‫يطوف بها و يطلب الحاجات عليها‬
‫ففي القاهرة ‪ :‬ضريح السيد الحسين ‪..‬والسيدة زينب ‪..‬و عائشة وسكينة ‪ ..‬و‬
‫نفيسة ‪ ..‬وضريح الشافعي ‪ ..‬والدسوقي ‪...‬والشاذلي أما ضريح البدوي‬
‫فيزدحم أحيانا كالحج ‪ ....‬وجلل الدين الرومي كتب على قبره ‪ :‬صالح للديان‬
‫الثلثه المسلمين واليهود والنصارى‬
‫وفي دمشق ‪ :‬ضريح لرأس يحي عليه السلم بالمسجد الموي و بجانبه قبر‬
‫لصلح الدين و عماد الدين زنكي‬
‫وفي تركيا ‪ 481‬جامعا أكثرها قبور أشهرها المبني على القبر المنسوب لبي‬
‫أيوب في القسطنطينية‬
‫وفي بغداد ‪ 150 :‬جامعا أكثرها بها قبور وبالموصل ‪ 76‬ضريحا داخل الجوامع‬
‫وقد قال صلى الله عليه وسلم )لعن الله قوما أتخذوا قبور أنبيائهم مساجد(‬
‫ونهى أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه أو ان يكتب عليه ولعن‬
‫المتخذين عليها )أي القبور( المساجد والسرج ولم يكن الصحابة والتابعون‬
‫يبنون المساجد على القبور أبدا والعجب أن الناس مفتونون بها مع أن أكثرها‬
‫أضرحة مكذوبة‬

‫)‪(1 /‬‬

‫فالحسين له قبر بالقاهرة يتقربون اليه وفي عسقلن قبر له أيضا وفي‬
‫المدينة النبوية قبر وفي جبل الجوشن بحلب سوريا ضريح لرأس الحسين و‬
‫في دمشق والحنانة بالعراق وكربلء والنجف )بجوار القبر المنسوب لبيه(‬
‫أضرحة للحسين ورأسه!!!‬
‫وضريح على رضي الله عنه بالنجف بالعراق مكذوب ‪ :‬فإنه دفن بقصر‬
‫المارة بالكوفة !! وبالبصرة قبر لعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه رغم‬
‫أنه مات بالمدينة و دفن بالبقيع أما زينب بنت علي فماتت بالمدينة ودفنت‬
‫بالبقيع ‪ ..‬ولها قبر منسوب اليها أقامه الشيعة في دمشق ولها ضريح‬
‫بالقاهرة وهي لم تدخل مصر أصل‪.‬‬
‫وبالشام قبر لم كلثوم ورقية بنتي النبي صلى الله عليه وسلم وهما زوجتا‬
‫عثمان وماتتا بالمدينة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ودفنتا بالبقيع‬
‫وبالشام قبر لهود عليه السلم بجامع دمشق وهود لم يدخل الشام وله قبر‬
‫منسوب اليه في حضرموت ‪ ,‬وفي حضرموت قبر يزعمون أنه لصالح عليه‬
‫السلم رغم أنه مات بالحجاز وله أيضا قبر في يافا بفلسطين‪.‬‬
‫أقول للمتعلقين بالمقبورين ‪ :‬هل كان الصحابة يرفعون قبرا أو يدعون بشرا‬
‫وهل وقفوا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعون أو يستشفعون ؟‬
‫وهل قبور الرفاعي والدسوقي والبدوي أكرم وأعظم وسيلة من قبور‬
‫النبياء ‪ .‬فآه ثم آه لمساكين يقفون عند رفات يلتمسون منه الرحمات وكون‬
‫هؤلء المقبورين لهم عند الله جاه ل يعني أن تطلب منهم الشفاعة‬
‫ومن وسائل الشرك ‪ :‬تعليق التمائم والحجب لدفع المرض أو الجن و تعليق‬
‫التمائم حرام سواء كتبت بقرآن أو غيره )كأسماء الجن و رموز السحرة(‬
‫والرقى التي تقرأ على المريض جائزة من القرآن والسنة أما ترديد أسماء‬

‫‪169‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الجن و الصالحين فدعاء لغير الله وهو شرك‬


‫وادعاء علم الغيب فهو من الشرك قال تعالى ) قل ل يعلم من في‬
‫السماوات والرض الغيب ال الله( فمن ادعى الغيب بقراءة كف و فنجان‬
‫ونجوم فهو كاذب كافر و من أخبر بالغيب أو صدق من يدعيه فهو ضال ‪...‬‬
‫وقراءة أبراج الحظ في المجلت والتصال بالكهان وسؤالهم حرام قال صلى‬
‫الله عليه وسلم )من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على‬
‫محمد(‬
‫اما الحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم فبدعة لم يفعلها النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم ول الصحابة رضي الله عنهم قال عليه الصلة والسلم )من‬
‫احدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد( أي مردود عليه وكل محدثة بدعة‬
‫وقد يقع في المولد اختلط بالنساء ومعازف أو شرك بدعاء الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم وطلبه المدد وهو تشبه بالنصارى في أعيادهم والعجب ان‬
‫البعض يحضر الموالد و يتخلف عن الجمع والجماعات والصلوات‬
‫وختاما يا من يدعو قبرا أو ميتا أو يحلف و يذبح لغير الله إسأل نفسك ‪ :‬كم‬
‫ألها َ تعبد ؟! فالله فرد صمد ل يرضى أن يشرك معه أحد‪.‬‬
‫محمد العريفي‬

‫)‪(2 /‬‬

‫عب َْرةٍ للمسلمين د‪ .‬محمد عمر‬ ‫من ِ‬ ‫كم في استشهاد الشيِخ احمد ياسين‪ِ ..‬‬
‫دولة*‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على إمام ِ المجاهدين وقائد الغر‬
‫جلين وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬الذين قال الله تعالى في شأنهم‪:‬‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ال ُ‬
‫من تبعهم امتثال ً‬ ‫ل َ‬ ‫)أشداُء على الكفار رحماُء بيَنهم(‪ [1].‬ورضي الله عن ك ّ‬
‫ف يأتي‬ ‫منكم عن ديِنه فسو َ‬ ‫من ي َْرت َد ّ ِ‬ ‫ل الله عّز وجل‪) :‬يا أيها الذين آمنوا َ‬ ‫لقو ِ‬
‫دون‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫عّزةٍ على الكاِفرين ُيجاهِ ُ‬ ‫حّبونه أذِلةٍ على المؤمنين أ ِ‬ ‫حّبهم وي ُ ِ‬ ‫ه بقوم ٍ ي ُ ِ‬ ‫الل ُ‬
‫ه‬
‫من يشاُء والل ُ‬ ‫ل الله ُيؤِتيهِ َ‬ ‫ة لئم ٍ ذلك فض ُ‬ ‫ل اللهِ ول َيخاُفون لوم َ‬ ‫في سبي ِ‬
‫سعٌ عليم(‪[2].‬‬ ‫وا ِ‬
‫مْغواٌر؛ أل وهو فضيلة الشيخ‬ ‫س ِ‬ ‫ل باّر وفار ٌ‬ ‫م رج ٌ‬ ‫مِتنا اليو َ‬ ‫ي إلى أ ّ‬ ‫وبعد‪ ،‬فقد ن ُعِ َ‬
‫م اليهود ُ‬ ‫س العلى‪ .‬فقد أقد َ‬ ‫ه الفردو َ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫سكن َ ُ‬ ‫َ‬ ‫المجاهد أحمد ياسين أ ْ‬
‫ر‬
‫د‪ .‬وذلك بأم ٍ‬ ‫مون على اغتياِله بعد صلةِ الصبِح وهو راجعٌ من المسج ِ‬ ‫المجرِ ُ‬
‫مه‪.‬‬ ‫د‬
‫ِ ِ‬ ‫ك‬ ‫وسف‬ ‫عه‬ ‫ر‬
‫َ ِ‬ ‫بمص‬ ‫ننا‬ ‫عيو‬
‫َ ُ َ‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫أق‬ ‫شارون؛‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫فا‬ ‫ّ‬ ‫الس‬ ‫من‬
‫ة‬
‫ب وصي ّ ً‬ ‫ديقين ـ قد كت َ‬ ‫ه في الص ّ‬ ‫خ المجاهد َ أحمد ياسين ـ تقّبله الل ُ‬ ‫ن الشي َ‬ ‫فكأ ّ‬
‫ت‬‫مَنها كلما ٍ‬ ‫ض ّ‬
‫بدمائهِ للمسلمين في مطلِع صفر من هذا العام )‪1425‬هـ(]‪َ [3‬‬
‫ل قراءَتها في هذه السطور‪.‬‬ ‫عَبرا ً ُنحاو ُ‬ ‫من نوٍر؛ أراَدها ِ‬
‫ل الشيِخ المجاهد أحمد‬ ‫ي اغتيا ُ‬ ‫ت أن يأت َ‬ ‫ن أقداَر اللهِ شاء ْ‬ ‫فالعبرةُ الولى‪ :‬أ ّ‬
‫ل بغداد؛‬ ‫ياسين بطائرةِ )الباتشي( المريكية بعد سنةٍ كاملةٍ من تاريِخ احتل ِ‬
‫حدةٌ‬ ‫ة على السلم ِ وا ِ‬ ‫ن المعرك َ‬ ‫ط المؤامرة وأ ّ‬ ‫خيو ِ‬ ‫ط ُ‬ ‫ث تراب ُ َ‬ ‫لتؤك ّد َ لنا الحدا ُ‬
‫صها من بلدِ الرافدين إلى أفغانستان إلى‬ ‫ت أشخا ُ‬ ‫ت أشكاُلها وتعد ّد َ ْ‬ ‫وإن اختلف ْ‬
‫ل الشيخ بالسلِح‬ ‫ن حوله المجاهدون؛ فجاء اغتيا ُ‬ ‫َ‬ ‫ل ُيدند ُ‬ ‫فلسطين‪ .‬وهذا ما ظ ّ‬
‫كد هذا التحالف بين اليهود والصليبّيين على محاربة المسلمين‪،‬‬ ‫المريكي ليؤ ّ‬
‫كما قال تعالى‪) :‬ولن ترضى عنك اليهود ُ ول النصارى حتى تتبعَ مل َّتهم(‪[4]،‬‬
‫)ول يزالون يقاتلونكم حتى يرّدوكم عن ديِنكم(‪[5].‬‬
‫ك‬‫م حياَته بمس ِ‬ ‫ة اللهِ عليه قد خت َ‬ ‫ن الشيخ أحمد ياسين رحم ُ‬ ‫والعبرةُ الثانية‪ :‬أ ّ‬

‫‪170‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫خ العجوُز المقعَد ُ على‬ ‫ص الشي ُ‬ ‫م‪ ،‬وود ّعَ الدنيا بمعراِج المسلم؛ فقد حر َ‬ ‫الختا ِ‬
‫ه منهم شهداء ـ‬ ‫خذ ُ الل ُ‬ ‫ت الذين ي َت ّ ِ‬ ‫صلةِ الصبِح في المسجد ـ وتلك من صفا ِ‬
‫ب أقوياء ـ‬ ‫مون عن صلةِ الصبح ـ ومنهم شبا ٌ‬ ‫ف المسلمين ينا ُ‬ ‫بينما آل ُ‬
‫ة!‬ ‫ً‬ ‫ركع‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫لل‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ص‬
‫ُ َ‬ ‫ي‬ ‫لم‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫بالل‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫والعيا‬ ‫ضهم‬ ‫ُ‬ ‫وبع‬ ‫تهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بيو‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫حو‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫خاوي‬ ‫والمساج ُ‬
‫د‬
‫م‬‫ش عمَره كّله يحمل هَ ّ‬ ‫ن الشيخ أحمد ياسين قد عا َ‬ ‫والعبرة ُ الثالثة‪ :‬أ ّ‬
‫ن َرّوى هذه‬ ‫ه بأ ْ‬ ‫ضها المغصوبة وحقوَقها السليبة؛ فشّرَفه الل ُ‬ ‫فلسطين وأر َ‬
‫ب الشهادة‬ ‫ة من دمائه الّزك ِّية‪ .‬وهكذا فليكن استعداد ُ طل ُ‬‫ْ‬ ‫دس َ‬ ‫ض المق ّ‬ ‫الر َ‬
‫ن طريقَ الجهادِ ثمُنه بذ ُ‬
‫ل‬ ‫سن َي َْين؛ فقد كان الشيخ المجاهد ُ ي َِعي أ ّ‬ ‫ح ْ‬‫لحدى ال ُ‬
‫ً‬
‫هوا شيئا وهو‬ ‫ن تكَر ُ‬ ‫ل‪) :‬وعسى أ ْ‬ ‫ل اللهِ عّز وج ّ‬ ‫ك معَنى قو ِ‬ ‫الرواح؛ ولكّنه أدر َ‬
‫ل فلسطين تخاذ َ‬
‫ل‬ ‫دين واحتل ِ‬ ‫ب تضييِع ال ّ‬ ‫ن من أسبا ِ‬ ‫كه أ ّ‬ ‫خيٌر لكم(]‪ [6‬مع إدرا ِ‬
‫ب‬‫ق ُ‬ ‫المسلمين؛ "وذلك مثل القعود عن الجهاد لطلب الراحة؛ فإنه شّر؛ لنه ي ُعْ ِ‬
‫ت‬‫ل والهوان‪ ،‬وفوا َ‬ ‫ل الذ ّ‬ ‫ط العداء على السلم وأهِله‪ ،‬وحصو َ‬ ‫ن وتسل ّ َ‬ ‫الخذل َ‬
‫ل العقاب"‪[7].‬‬ ‫الجرِ العظيم‪ ،‬وحصو َ‬
‫خ‬‫ن الشي َ‬ ‫م؛ فإ ّ‬ ‫ل والنهزا َ‬ ‫م ل يقبل الذ ّ ّ‬ ‫م الُهما َ‬ ‫ن المسل َ‬ ‫والِعبرةُ الرابعة‪ :‬أ ّ‬
‫ه‬
‫حَزن َ ُ‬ ‫من ذ ُل المسلمين ما رأى‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ّ‬ ‫شِبيب َِته و َ‬
‫شي ْب َِته ِ‬ ‫المجاهد َ قد رأى في َ‬
‫ح بلُدهم وي ُغَْزْون‬ ‫دساُتهم وُتستبا ُ‬ ‫مق ّ‬ ‫س ُ‬ ‫مين؛ حيث صاُروا ُتدا ُ‬ ‫هواُنهم على العال َ ِ‬ ‫َ‬
‫هدا ً في هذه‬ ‫ِ‬ ‫زا‬ ‫سه‬ ‫ِ‬ ‫بنف‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫التضحي‬ ‫على‬ ‫م‬
‫َ َ‬‫ز‬ ‫فع‬ ‫والنصارى؛‬ ‫اليهود‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫رهم‬ ‫ِ ِ‬‫ديا‬ ‫في‬
‫ة‪ ،‬واختاَر الرفيقَ العلى‪:‬‬ ‫الحيا ِ‬
‫ن الشهادةَ‬ ‫كرنا بأ ّ‬ ‫ن استشهاد َ الشيخ أحمد ياسين ُيذ ّ‬ ‫والِعبرةُ الخامسة‪ :‬أ ّ‬
‫هدين )الذين َيظّنون‬ ‫مجا ِ‬ ‫ت للمتقين(؛ فهنيئا ً لل ُ‬ ‫عد ّ ْ‬ ‫ة )ا ُ ِ‬ ‫ن الجن َ‬ ‫مرصودةٌ لهِلها‪ ،‬وأ ّ‬
‫ل بهم شوُقهم وحنيُنهم إلى‬ ‫ملُقو رّبهم وأنهم إليه راجعون(]‪ [8‬فقد ارتح َ‬ ‫أنهم ُ‬
‫ي في‬ ‫ّ‬
‫ب لهم التسل َ‬ ‫فف عليهم العبادات‪ ،‬وأوج َ‬ ‫جّنات النعيم؛ "فهذا الذي خ ّ‬
‫جَرهم عن فعل السّيئات؛ فهؤلء لهم‬ ‫كربات‪ ،‬وَز َ‬ ‫س عنهم ال ُ‬ ‫ف َ‬ ‫المصيبات‪ ،‬ون ّ‬
‫م في الغرفات العاليات"!]‪[9‬‬ ‫م المقي ُ‬ ‫النعي ُ‬
‫ن اليهود َ والّنصارى ل َيزالون ُيقاِتلون المسلمين؛ مهما‬ ‫والعبرةُ السادسة‪ :‬أ ّ‬
‫دين‪ ،‬كما قال الله عز وج ّ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ن عنهم إلى يوم ال ّ‬ ‫ضو ْ َ‬ ‫هم المنهزمون‪ ،‬ول ي َْر َ‬ ‫تو ّ‬
‫)ول َيزالون ُيقات ِلونكم حتى ي َُرّدوكم عن ِديِنكم إن استطاعوا(‪ [10].‬فواللهِ ـ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫من قبَله من الستشهادّيين؛ إل ل ّ‬
‫ن‬ ‫خ أحمد ياسين و َ‬ ‫يمينا ً باّرة ً ـ ما قتلوا الشي َ‬
‫ح الجهادِ في فلسطين‪ ،‬وَنصروا عقيدةَ‬ ‫من معه قد ب َّثوا رو َ‬ ‫خ الصالح و َ‬ ‫هذا الشي َ‬
‫الولِء للمسلمين والبراِء من اليهود المجرمين‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ة المجاهدين‪،‬‬ ‫ن وب ُْغي ُ‬‫ة الصالحي ِ‬ ‫ل اللهِ غاي ُ‬ ‫ن الشهادة َ في سبي ِ‬ ‫والعبرةُ السابعة‪ :‬أ ّ‬
‫نل‬ ‫ت بل أحياٌء ولك ْ‬ ‫ل اللهِ أموا ٌ‬ ‫ل في سبي ِ‬ ‫وقد قال تعالى‪) :‬ول تقوُلوا لمن ُيقت َ ُ‬
‫ل الله‬‫ث على الجهاد ِ في سبي ِ‬ ‫ح ّ‬
‫م َ‬ ‫تشعرون(]‪ [11‬فـ"في هذه اليةِ أعظ ُ‬
‫ب‬‫ل الله من الثوا ِ‬ ‫مقاتلين في سبي ِ‬ ‫صبرِ عليه؛ فلو شعر العباد ُ بما لل ُ‬ ‫ملزم َةِ ال ّ‬‫و ُ‬
‫م هو الذي فت َّر العزائم‪ ،‬وزاد‬ ‫ي التا ّ‬ ‫م العلم ِ اليقين ّ‬ ‫ن عد َ‬ ‫د! ولك ّ‬‫ف عنه أح ٌ‬ ‫ّ‬
‫لم َيتخل ْ‬
‫م ل يكون كذلك والله تعالى‬ ‫ت الجوَر العظيمة والغنائم؛ ل ِ َ‬ ‫م النائم‪ ،‬وأفا َ‬‫نو َ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫ة ُيقات ِلون في سبي ِ‬ ‫ن لهم الجن َ‬ ‫َ‬
‫سهم وأموالهم بأ ّ‬ ‫قد)اشترى من المؤمنين أنف َ‬
‫ف نفس تذهب نفسا ً‬ ‫ن أل ُ‬‫اللهِ فَيقُتلون وُيقَتلون( ؟!]‪ [12‬فواللهِ لو كان للنسا ِ‬
‫ٍ‬
‫نفسا ً في سبيل الله‪ ,‬لم يكن عظيما ً في جانب هذا الجرِ العظيم؛ ولهذا ل‬
‫جزائه إل أن ي َُرّدوا إلى‬ ‫ن َ‬‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ب الله و ُ‬ ‫من ثوا ِ‬ ‫يتمّنى الشهداُء بعد ما عاي َُنوا ِ‬
‫مّرة"!]‪[13‬‬ ‫مّرةً بعد َ‬ ‫الدنيا حتى ُيقت َُلوا في سبيِله َ‬

‫‪171‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وهين‬ ‫مف ّ‬ ‫خطباَء ال ُ‬ ‫مشهورين وال ُ‬ ‫دعاةَ ال َ‬ ‫ن اليهود ل َيغتاُلون ال ّ‬ ‫والعبرةُ الثامنة‪ :‬أ ّ‬
‫ل المجاهدين الذين‬ ‫كرين؛ ولكّنهم يغتالون في المقام ِ الو ِ‬ ‫مف ّ‬ ‫والباحثين وال ُ‬
‫ن إلى إحياِء المةِ بالعلم ِ‬ ‫دين‪ ،‬ويسعَوْ َ‬ ‫ل هذا ال ّ‬ ‫حهم في سبي ِ‬ ‫ذلون أروا َ‬ ‫يب ُ‬
‫خ المجاهد أحمد ياسين؛ فقد رّبى خيَر‬ ‫والجهاِد‪ ،‬وهذا الذي صنَعه الشي ُ‬
‫س بأوزاِر‬ ‫ط في فلسطين‪ ،‬ولم يتدن ّ ْ‬ ‫ب‪ ،‬ولم ُيفّر ْ‬ ‫مصا ٍ‬ ‫ل ُ‬ ‫ت عند ك ّ‬ ‫ب‪ ،‬وثب َ‬ ‫الشبا َ‬
‫هدين‬ ‫ل المجا ِ‬ ‫ل الشيخ حسن البّنا إل لنه أرس َ‬ ‫)ُأوسلو( مثل الباقين! وهل اغتي َ‬
‫ة‬
‫معَ كلم َ‬ ‫ج َ‬‫خ عبد الله عزام؛ إل لنه َ‬ ‫إلى فلسطين؟ وهل قَت َُلوا الشي َ‬
‫ب القضيةِ الصادقين في أنحاِء‬ ‫المجاهدين؟ وهل َيتتّبعون في زماننا أصحا َ‬
‫ست َِعيِنين ببعض المسلمين؛ فتبا ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ض؛ إل للقضاِء على جذوةِ الجهاِد‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫دنيا الكافرين!‬ ‫ن ِديَنهم ب ُ‬ ‫للخائنين الذين ي َِبيُعو َ‬
‫ُ‬
‫ب القديمة لليهود؛ فقد حاوَلوا عليهم‬ ‫من السالي ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ن الغتيا َ‬ ‫ة‪ :‬أ ّ‬ ‫والِعبرةُ التاسع ُ‬
‫لعائن اللهِ اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم وأطعموه الشاة المسمومة؛‬
‫ن‬
‫كلة خيبر ُتعاِودني؛ فهذا أوا ُ‬ ‫حتى قال صلى الله عليه وسلم‪) :‬ل زالت أ َ ْ‬
‫ل الحتياط‪ ،‬وأن نسعى‬ ‫تك ّ‬ ‫ط للقيادا ِ‬ ‫ب أن نحتا َ‬ ‫انقطاِع أبهري(‪ [14].‬فالواج ُ‬
‫مصاُبنا في الشيخ أحمد ياسين‬ ‫َ‬
‫ن ل يشغلنا ُ‬ ‫في توفيرِ الحماية التامة لهم؛ وأ ْ‬
‫ن اغتيال القادةِ إذا تكّرَر‬ ‫َ‬ ‫ن إخواِنه القادةِ السياسّيين والعسكرّيين؛ فإ ّ‬ ‫عن تأمي ِ‬
‫ه المستعان‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫والل‬ ‫الضعيفة‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫القلو‬ ‫أث َّر على‬
‫ن‬
‫هأ ّ‬ ‫ك رحمه الل ُ‬ ‫ل؛ فقد أدر َ‬ ‫ل أن ُيقت َ َ‬ ‫والعبرةُ العاشرة‪ :‬ما قاله سّيد قطب قب َ‬
‫كى‬ ‫ب‪ ،‬وأْز َ‬ ‫م القلو ِ‬ ‫حهم في معركةِ الحقّ هم عادةً أكر ُ‬ ‫حون بأروا ِ‬ ‫"الذين ُيض ّ‬
‫ل الله ليسوا أمواتًا؛‬ ‫س! هؤلء الذين ُيقت َُلون في سبي ِ‬ ‫الرواِح‪ ،‬وأطهُر النفو ِ‬
‫ً‬
‫ت(‪ ،‬ل يجوز أن ُيعتب َُروا أمواتا في‬ ‫إنهم أحياء؛ فل يجوز أن ُيقال عنهم‪) :‬أموا ٌ‬
‫ل عنهم‪ :‬أموات بالشفة واللسان؛ إنهم )أحياٌء(‬ ‫س والشعوِر‪ ،‬ول أن ُيقا ُ‬ ‫ح ّ‬
‫ال ِ‬
‫ُ‬
‫بشهادةِ اللهِ سبحانه؛ فهم ل بد )أحياء(‪ .‬إنهم قُت ِلوا في ظاهرِ المرِ وحسبما‬
‫ة الحياةِ ل ُتقّرُرهما هذه النظرةُ‬ ‫ت وحقيق َ‬ ‫ة المو ِ‬ ‫ن حقيق َ‬ ‫ترى العين‪ ،‬ولك ّ‬
‫موّ والمتداُد‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ة والن ُ‬ ‫علي ُ‬ ‫ة الحياةِ الولى هي الفا ِ‬ ‫م َ‬‫س َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ة الظاهرة‪ .‬إ ّ‬ ‫السطحي ُ‬
‫ُ‬
‫ع؛ وهؤلء الذين ُيقت َلون‬ ‫خمود والنقطا ُ‬ ‫ة وال ُ‬ ‫ت الولى هي السلبي ُ‬ ‫وسمة المو ِ‬
‫مؤّثر ٌ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ة ُ‬ ‫من أجِله فاعلي ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫علي ُّتهم في ُنصرةِ الحقّ الذي قت ِلوا ِ‬ ‫ل الله( فا ِ‬ ‫)في سبي ِ‬
‫د‪ ،‬وَتأثُر الباقين وراَءهم‬ ‫ّ‬ ‫دمائهم وتمت ّ‬ ‫وي ب ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫من أجِلها قت ِلوا ت َْرت َ ِ‬ ‫والفكرة ُ التي ِ‬
‫ف‬‫مؤثرا في تكيي ِ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫صرا فّعال داِفعا ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫د؛ فهم ما َيزالون عُن ْ ُ‬ ‫وى وَيمت ّ‬ ‫ق َ‬ ‫باستشهاِدهم ي َ ْ‬
‫لوَلى؛ فهم )أحياء( أوّل ً بهذا العتباِر‬ ‫ة الحياةِ ا ُ‬ ‫صف‬ ‫هي‬ ‫وهذه‬ ‫هها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫جي ِ‬ ‫الحياةِ وَتو ِ‬
‫الواقعي في دنيا الناس‪ ،‬ثم هم )أحياء عند ربهم("‪[15].‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ن‬
‫سيل‪ ،‬ولك ّ‬ ‫غثاَء ال ّ‬ ‫والعبرةُ الحادية عشرة‪ :‬أّنه ليس النصُر بالكثرةِ التي ُتشِبه ُ‬
‫ل‬‫حه ويبذ ُ‬ ‫ن بنصرِ اللهِ ويدفعُ في سبيِلها ُرو َ‬ ‫من بالقضيةِ وُيوقِ ُ‬ ‫الِعبرة َ بمن يؤ ِ‬
‫عمود ُ الّنصرِ وَوقود ُ المعركة‪ ،‬وهو‬ ‫ري َ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬
‫حَزُنوا( لعَ ْ‬ ‫عمَره؛ فـ)ل ت َهُِنوا ول ت َ ْ‬ ‫فيها ُ‬
‫خ‬ ‫ُ‬
‫ن اليهود َ لم يغتالوا الشي َ‬ ‫م ما يحتاجه المسلمون في هذه المرحلة؛ فإ ّ‬ ‫أعظ ُ‬
‫ة في‬‫ل‪) :‬قد كان لكم آي ٌ‬ ‫ل الله عّز وج ّ‬ ‫ن بقو ِ‬ ‫أحمد ياسين إل لنه كان ُيوقِ ُ‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫خَرى كاِفرة(]‪" [16‬وما ذاك إل ل ّ‬
‫ُ‬
‫ل الله وأ ْ‬ ‫ة ُتقاِتل في سبي ِ‬ ‫قتا فئ ٌ‬‫ن الت َ َ‬‫فِئ َت َي ْ ِ‬
‫عْبرة ٌ لوِلي البصاِر‪ :‬أي‬ ‫من كفَر به؛ ففي هذا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫صَره‪ ،‬وخاذ ٌ‬ ‫ن نَ َ‬‫م ْ‬‫الله ناصٌر َ‬
‫ن الطائفة المنصورة معها‬ ‫أصحاب البصائر النافذة والعقول الكاملة على أ ّ‬
‫ة‬
‫ب الظاهر ِ‬ ‫مجّردِ السبا ِ‬ ‫ة؛ وإل فلو نظر الناظُر إلى ُ‬ ‫طل ٌ‬‫مب ْ ِ‬
‫الحقّ والخرى ُ‬
‫ة هذه الفئةِ القليلة لتلك الفئةِ الكثيرةِ من أنواِع‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن غلب َ َ‬ ‫م بأ ّ‬‫دد؛ لجَز َ‬ ‫والعَد َدِ والعُ َ‬

‫‪172‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ه‬‫م منه ل ُيدرِك ُ ُ‬ ‫ب أعظ ُ‬ ‫ب المشاهدِ بالبصارِ سب ٌ‬ ‫ن وراء هذا السب ِ‬ ‫المحالت‪ ،‬ولك ْ‬
‫صُرهُ‬ ‫ل على الله والثقةِ بكفايته‪ :‬وهو ن َ ْ‬ ‫ّ‬
‫ن بالله والتوك ِ‬ ‫ل البصائرِ واليما ِ‬ ‫إل أه ُ‬
‫وإعزاُزه ُ لعباِده المؤمنين على أعدائه الكافرين"‪[17].‬‬
‫ن اغتّر‬ ‫ْ‬ ‫وإ‬ ‫رهم؛‬ ‫ْ ِ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫و‬ ‫رهم‬ ‫مك ْ ِ‬ ‫ن اليهود َ هم اليهود ُ في َ‬ ‫والِعبرة ُ الثانية عشرة‪ :‬أ ّ‬
‫س‬
‫ن أشد ّ النا ِ‬ ‫جد َ ّ‬ ‫ل‪َ) :‬لت ِ‬ ‫ض المخدوعين؛ فقد قال الله عّز وج ّ‬ ‫ب ِعُُهوِدهم بع ُ‬
‫ن‬
‫ن اللهِ أجب ُ‬ ‫مُنوا اليهود َ والذين أشركوا(؛]‪ [18‬ولنهم عليهم َلعائ ُ‬ ‫عداوة ً للذين آ َ‬ ‫َ‬
‫جد ٍُر(]‬ ‫من وراِء ُ‬ ‫صنةٍ أو ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫س؛ تراهم ل ُيقات ِلون المسلمين )إل في قًُرى ُ‬ ‫ُ‬
‫النا ِ‬
‫كد‬ ‫ل الشيخ أحمد ياسين؛ مما يؤ ّ‬ ‫ل في اغتيا ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن في الغَد ْرِ كما َ‬ ‫معُِنو َ‬ ‫‪ [19‬وي ُ ْ‬
‫ر‪.‬‬ ‫ن بغير الكيد ِ والمك ِ‬ ‫أنهم ل َيدينو َ‬
‫ب العداء؛ من حيث‬ ‫والِعبرة ُ الثالثة عشرة‪ :‬أنه ل ب ُد ّ من الستفادةِ من أسالي ِ‬
‫ث وسائل التقنية‪ ،‬والتخطيط الدقيق‪ ،‬والعمل بأناة‪ ،‬وانتقاء‬ ‫استخدام أحد ِ‬
‫ة؛ لسيما‬ ‫ل متسّرع ً‬ ‫الهداف الكبرى‪ ،‬فما ينبغي أن تكون ُرُدوُدنا على الباط ِ‬
‫ر‬
‫س الكف ِ‬ ‫ف رؤو ِ‬ ‫ب استهدا ُ‬ ‫في الثأرِ لقائد المجاهدين في فلسطين؛ بل الواج ُ‬
‫وُرموزِ الغدرِ في هرم ِ الدولة العبرية وقادتها العسكريين والسياسّيين‪ ،‬وإن‬
‫ة‪ ،‬والعبرةُ بالضربة القاصمة‬ ‫استدعى ذلك شهرا ً أو شهَرْين‪ .‬فالمعركة طويل ٌ‬
‫قّر عيوَننا‬ ‫ش الكريم أن ي ُ ِ‬ ‫ب العر ِ‬ ‫مر ّ‬ ‫ه العظي َ‬ ‫ة؛ أسأل الل َ‬ ‫س الحي ِ‬ ‫التي نقطعَ رأ َ‬
‫ت المسلمين من مجزرة صبرا‬ ‫ِ‬ ‫مئا‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫دما‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫سف‬ ‫فقد‬ ‫شارون؛‬ ‫بمصرِع الطاغية‬
‫مرورا ً بمذبحة جنين إلى اغتيال الشيخ أحمد ياسين‪.‬‬ ‫وشاتيل ُ‬
‫ه‬
‫مه الل ُ‬ ‫مناه وأكر َ‬ ‫خ أحمد ياسين قد نال ُ‬ ‫ن الشي َ‬ ‫والِعبرةُ الرابعة عشرة‪ :‬أ ّ‬
‫معَْلما ً للمسلمين ُيذك ُّرهم بأمانِتهم تجاه‬ ‫ل َ‬ ‫ب أن يظ ّ‬ ‫بالشهادة؛ فالواج ُ‬
‫ل‬‫مُته‪ ،‬وبين بط ٍ‬ ‫ت للعداِء ها َ‬ ‫مُته وانحن َ ْ‬ ‫ت به هِ ّ‬ ‫من قعد َ ْ‬ ‫ن بين َ‬ ‫شتا َ‬ ‫فلسطين‪ .‬ف َ‬
‫م الجهاد َ‬ ‫ل أقا َ‬ ‫ط المتاع؛ ب ْ‬ ‫ل سق ِ‬ ‫كىْء على عُذ ِْره وَيقعُد ْ مث َ‬ ‫مقعَد ٍ لم يت ّ ِ‬ ‫همام ٍ ُ‬ ‫ُ‬
‫ع!‬‫ب الّزّرا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫سوِقه ي ُعْ ِ‬ ‫فاستغلظ فاستوى على ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫ج َ‬ ‫مضا ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ن الشيخ المجاهد أحمد ياسين قد أق ّ‬ ‫والعبرةُ الخامسة عشرة‪ :‬أ ّ‬
‫حكام ِ‬ ‫ّ‬ ‫عدين و ُ‬ ‫عذُر القا ِ‬ ‫شعري ما ُ‬ ‫د؛ فليت ِ‬ ‫مقعَ ٌ‬ ‫حد ٌ ُ‬ ‫ل وا ِ‬ ‫اليهودِ المجرمين وهو بط َ ٌ‬
‫ن ما عساها ُتغني‬ ‫ة(؛]‪ [20‬ولك ْ‬ ‫دوا له عُد ّ ً‬ ‫ج لع ّ‬ ‫خُرو َ‬ ‫المسلمين؟ )ولو أراُدوا ال ُ‬
‫ت عنها‬ ‫َ‬
‫ة؟! فتب ّا للشباِح إذا ارتحل ْ‬ ‫ً‬ ‫جتث ّ ً‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ة والعزائ ُ‬ ‫ب َرث ّ ً‬ ‫قلو ُ‬ ‫ة إذا كانت ال ُ‬ ‫جث ّ ُ‬
‫ال ُ‬
‫الرواح!‬
‫ن العماَر بالخواتيم؛‬ ‫ن العمال بالنيات‪ ،‬وأ ّ‬ ‫العبرة السادسة عشرة‪ :‬أ ّ‬
‫ة‪ ،‬وْليدفعْ في‬ ‫َ‬ ‫الني‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ليصد‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ر‬
‫ُ َ‬ ‫حو‬ ‫وال‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫الجن‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫أرا‬ ‫فمن‬ ‫دمات؛‬ ‫ت ثمرة ٌ للمق ّ‬ ‫والنهايا ُ‬
‫ت‬‫من يمو ُ‬ ‫ي‪ ،‬وبين َ‬ ‫هدا ً على ك ُْرس ّ‬ ‫مجا ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫من ُيغتا ُ‬ ‫ن بين َ‬ ‫مهور؛ وشتا َ‬ ‫ذلك أغَْلى ال ُ‬
‫ي!‬ ‫ل كرس ّ‬ ‫ة من أج ِ‬ ‫جيف ً‬ ‫ِ‬
‫دعوةَ بقياداِتها‪ ،‬والمة برجالِتها‪ ،‬والقضايا‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫أ‬ ‫عشرة‪:‬‬ ‫السابعة‬ ‫ُ‬ ‫ة‬ ‫العبر‬
‫ل؛ فوثق‬ ‫ه لهم القبو َ‬ ‫ُ‬ ‫الل‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫جع‬ ‫لين؛‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫عا‬ ‫دقين‬ ‫ِ‬ ‫صا‬ ‫بزعمائها؛ فإذا كان القادةُ‬
‫ن الذين آمنوا وعملوا‬ ‫س فيهم‪ ،‬وتعاونوا معهم‪ ،‬كما قال الله عز وجل‪) :‬إ ّ‬ ‫النا ُ‬
‫ت‬ ‫ّ‬
‫ن وُد ّا(؛]‪ [21‬وقد اهتّزت المة كلها لمو ِ‬ ‫ً‬ ‫الصالحات سيجعل لهم الرحم ُ‬
‫ت من قبل لستشهاد ِ الشيخ عبد الله عزام‪،‬‬ ‫الشيخ أحمد ياسين‪ ،‬كما اهتّز ْ‬
‫ة إلى‬ ‫وقد كان العلماُء يقولون لعداء الدعوة‪ :‬بيَننا وبيَنكم الجنائز! فهي رسال ٌ‬
‫القيادات الدعوية ومن يصنع القيادات‪.‬‬
‫ة‬
‫ن للدعو ِ‬ ‫م أما ٍ‬ ‫ما َ‬ ‫خ أحمد ياسين كان ص ّ‬ ‫ن الشي َ‬ ‫العبرةُ الثامنة عشرة‪ :‬أ ّ‬
‫حن‪ .‬فقد كان‬ ‫م َ‬ ‫ب ال ِ‬ ‫ف وأصع ِ‬ ‫ومسيرةِ الجهاد في فلسطين في أشد ّ الظرو ِ‬
‫حكيما ً ل يؤثر فيه الستفزاز‪ ،‬ول يتصرف بردودِ الفعال‪ ،‬أو يتورط في التنازِع‬
‫ل التفاوضية‬ ‫معارضة الشيِخ للحلو ِ‬ ‫الداخلي على الرغم من التحديات المنية و ُ‬

‫‪173‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فه إخواُنه بخير‪ ،‬وأن يسيروا على‬ ‫ب أن َيخل َ‬‫والتفاقات الستسلمية؛ فالواج ُ‬
‫جه الذي تمي َّز بالحكمة والناة‪.‬‬ ‫ده‪ ،‬ويلتزموا منه َ‬
‫درِبه‪ ،‬وَيصونوا عه َ‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ة إلى‬ ‫ة بليغ ٌ‬
‫ل الشيخ أحمد ياسين رسال ٌ‬ ‫ن اغتيا َ‬‫العبرة التاسعة عشرة‪ :‬أ ّ‬
‫ة‪،‬‬
‫ص من أن ُتهد ََر فيها الكرام ُ‬ ‫ن الحياةَ أرخ ُ‬ ‫كمين ومحكومين ـ أ ّ‬ ‫المسلمين ـ حا ِ‬
‫ت‬‫ن المو َ‬‫ل فيها المسلمون؛ وأ ّ‬ ‫م‪ ،‬وُيخذ َ ُ‬ ‫قي َ ُ‬
‫ق‪ ،‬وُتباعُ فيها ال ِ‬ ‫وُتضاعُ فيها الحقو ُ‬
‫ة المغبون!‬ ‫ن وصفق َ‬ ‫دو ِ‬‫ة ال ّ‬
‫دنيا فانيةٍ بيع َ‬ ‫ي لمن باع َ ِديَنه ب ُ‬ ‫الحقيق ّ‬
‫ن‬
‫منا في حيات ِهِ واستشهاِده أ ّ‬ ‫ّ‬
‫خ أحمد ياسين قد عَل َ‬ ‫ن الشي َ‬ ‫العبرة العشرون‪ :‬أ ّ‬
‫عنا عن أداِء ِرسالِتنا في هذه‬ ‫س بانتهاِء الحياة؛ وإنما هو بانقطا ِ‬ ‫ت لي َ‬ ‫المو َ‬
‫الحياة؟‬
‫ذكرى‬‫ي في قلوِبنا خالد ُ ال ّ‬ ‫خ أحمد ياسين قد ُوورِيَ الث َّرى؟ ولكنه ح ّ‬ ‫فالشي ُ‬
‫ل هذا الدين‪،‬‬ ‫حه في سبي ِ‬ ‫ل ُرو َ‬ ‫ّ‬
‫ه أن يرفَعه في علّيين؛ فقد ب َذ َ َ‬ ‫بيَننا‪ ،‬نسأل الل َ‬
‫ض فلسطين‪:‬‬ ‫مه أر َ‬ ‫ورّوى بد ِ‬
‫‪----------------------‬‬
‫]‪ [1‬الفتح ‪.29‬‬
‫]‪ [2‬المائدة ‪.54‬‬
‫]‪ [3‬الموافق له ‪22/3/2004‬م‪.‬‬
‫]‪ [4‬البقرة ‪.120‬‬
‫]‪ [5‬البقرة ‪.217‬‬
‫]‪ [6‬البقرة ‪.216‬‬
‫]‪ [7‬تيسير الكريم الرحمن ص ‪.97‬‬
‫]‪ [8‬البقرة ‪.46‬‬
‫]‪ [9‬تيسير الكريم الرحمن للسعدي ص ‪.52‬‬
‫]‪ [10‬البقرة ‪.217‬‬
‫]‪ [11‬البقرة ‪.154‬‬
‫]‪ [12‬التوبة ‪.111‬‬
‫]‪ [13‬ص ‪.75‬‬
‫]‪ [14‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫]‪ [15‬في ظلل القرآن لسيد قطب رحمه الله ‪.1/143‬‬
‫]‪ [16‬آل عمران ‪13‬‬
‫]‪ [17‬تيسير الكريم الرحمن ص ‪.123‬‬
‫]‪ [18‬المائدة ‪.82‬‬
‫]‪ [19‬الحشر ‪.14‬‬
‫]‪ [20‬التوبة ‪.46‬‬
‫]‪ [21‬مريم ‪.96‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫كما تدين تدان‬


‫في احدى المرات قالت لي إحدى الفتيات إن من أهم شروطي لزواج أن‬
‫أسكن مع زوجي بمفردنا في المنزل‪ ،‬ولن أرضى أن تعيش حماتي معي‬
‫وياحبذ لو بعث الله لي زوجا بدون أم‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لماذا هذه النظرة؟ ولماذا هذه الحكام؟؟‬


‫أستغرب والله حين أسمع هذا الكلم وأستغرب أكثر عندما أرى الرجل يوافق‬
‫على هذا الشرط‬
‫يا أخّية والله لو وضعت نفسك مكان تلك الم التي حملت وتعبت وسهرت‬
‫وربت ذلك الرجل ومن ثم زوجته لك وبماذا كافئتها؟؟؟‬
‫بأن سعيتي ليل نهارا بأن تخرجيه من حياتها وتنفيها بعيدا‪ ...‬حيث قسوة‬
‫الشيخوخة وقسوة المرض وقسوة الوحدة‪.‬‬
‫والولى أن تجلسي خادمة بين قدميها‪...‬أتعرفين لماذا؟؟؟‬
‫لنها أمك‪...‬لنك ياسيدي منذ ذلك اليوم التي تزوجتي زوجك أصبح بيته بيتك‬
‫وماله مالك ولقبه لقبك فمالك رضيتي بكل هذا ولم تعترفي أن أمه أضحت‬
‫أمك وعائلته عائلتك‬
‫غريبة يا أختاه‪...‬‬
‫كيف لك أن تعشقي زوجك ول تحبي أو تستلطفي أمه؟؟‬
‫وكما قيل من أجل عين تكرم ألف عين‬
‫وهل ستجدي إكراما لزوجك أهم من اكرام أمه؟؟‬
‫لماذا نقبلين الرشد والنصيحة من أمك؟‬
‫لماذا نتقبلين منها حتى إنتقاذاتها اللذعة؟‬
‫أما الحماة فتكتفين بقولك‪ :‬حماتي ل تتدخل في شؤوني‬
‫عجبا والله وكأن ذلك الزوج نزل لك من السماء‪...‬وكأنها ل تملك الحق في‬
‫التدخل في شؤونه وهو أهم شؤون حياتها‪.‬‬
‫سمعت مرة قصة مليئة بالحكم والعبر‪،‬كانت هناك إمرأة وحماتها ل يمر‬
‫عليهما يوما بدون مشاكل‪،‬‬
‫كانت الحماة تسيئ معاملة الزوجة وهي في المقابل ترد بالمثل‬
‫حتى أصبحت الحياة شبه مستحيلة ‪ ،‬فبدأ الزوج يكره الجلوس في المنزل‬
‫وأصبح كثير السهر خارجه‪.‬‬
‫فبدأت الزوجة تفكر في طريقة لتخلص من حماتها‪..‬‬
‫قصدت شيخا اشتهر ببيع العشاب والعقاقير فقصت عليه قصتها وطلبت منه‬
‫سما يقتل ببطئ‪.‬‬
‫فقال لها الشيخ‪:‬خودي هذه القارورة وضعي قطرة واحدة في فنجان قهوتها‬
‫وستموت حماتك بعد شهر واحد‪ ،‬لكن انتبهي يجب عليك أن تغيري معاملتك‬
‫لها وأن تحسني التصرف معها حتى ل يشك في أمرك أحد‬
‫ذهبت المرأة وبدأت في تطبيق خطتها ولم تنسى تنبيه الشيخ فأصبحت ليل‬
‫نهارا تسهر على خدمتها وترعاها‪.‬‬
‫وقرب الشهر على النهاية ولحظت المرأة أن حياتها تغيرت فحماتها أضحت‬
‫تحبها وتحسن معاملتها وزوجها بات يكثر من البقاء في المنزل‬
‫فاختفت المشاكل وعمت السعادة في بيتهم‬
‫وذات يوم مرضت الحماة فهرعت الزوجة إلى الشيخ تبكي وتتوسل له أن‬
‫يعطيها عقارا يبطل مفعول السم‪.‬‬
‫فسألها الشيخ عن السبب فأخبرته أنها عندما أحسنت معاملة حماتها تغيرت‬
‫معها وباتت تحبها وشيء فشيئ أضحت علقتهما علقة الم بإبنتها‬
‫فضحك الشيخ وقال لها‪ :‬ارجعي لبيتك فوالله ماكان في تلك القرورة إل الماء‬
‫ولكن الوصفة كانت الحب فعندما أحببتها بادرتك الحب‪.‬‬
‫ورجعت المرأة بعد أن تعلمت من الشيخ الحكيم درسا عظيما‪.‬‬
‫والله لهو الحق بيعينه فكثيرا ما نسمع عن مشاكل الزوجة والحماة وأسأل‬

‫‪175‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هنا الزوجة‬
‫هل أحسنتي معاملتها؟؟ ام اكتفيتي بالصراخ عليها والشكوى لزوجك؟؟؟‬
‫والله للحياة بسيطة فلماذا التعقيد؟؟‬
‫ل اتصور ان هناك شيء يسعد الرجل اكثر من ان يرى امه موضع ترحيب من‬
‫زوجته‪ ،‬تحبها وترعاها وتكسب رضاها‬
‫فل تفرحي إذا وجدت زوجا يفضلك على أمه‪ ...‬ل تفرحي إذا أحسست أنك‬
‫نجحتي في ابعادها عن حياتكم‪.‬‬
‫والسبب بسيط لن هذا الزوج ل يستحق أن يحترم‪...‬فأي رجولة هذه التي‬
‫تبيح له أن يترك أمه التي كانت تسكنه نور عيونها‪....‬التي كانت أحن صدر‬
‫عليه في صغره‬
‫ل تضجر من بكاءه‪..‬ول تتعب من السهر على راحته‪...‬ل تكل ول تتعب‬
‫فكيف بعد ذلك يفضلك عليها؟؟؟‬
‫وأي حب هذا؟؟؟‬
‫فل تفرحي يا أختي لنه لو كان فيه خيرا لكان عامل به أمه‪.‬‬
‫أغمضي عينيكي للحظة وضعي نفسك مكانها حيث دفعت حياتك ثمن حتى‬
‫يكبر ذلك الطفل ويغدو رجل وبعدها تكافئين بأن تتركين وحيدة أو تخرجين‬
‫من منزلك وتسكنين مأوى للعجزة‪.‬‬
‫تخيلي ذلك وستدركين المر وأعلمي أنه كما قال الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ :‬كما تدين تدان‪.‬‬
‫وأبسط من ذلك نحن نغضب ونثور حين نشاهد امهاتنا تهان ونحس بشكوتها‬
‫ونكره من يسيئ معاملتها‪...‬فكيف بعد ذلك ترضين لمه ما ل ترضين لمك‬
‫أختي في الله راجعي نفسك واستغلي حماتك لندخلي بها الجنة لنك في‬
‫رعايتها ستجمعين رضى الله ‪،‬ورضى زوجك ‪،‬ودعاء حماتك‪ ،‬ورعاية انسان‬
‫في الكبر‪ ،‬والهتمام بمريض‪...‬و‪...‬و‬
‫باب من الخير والله مفتوح على مصرعيه فل تترددي في كسب الحسانات‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كمال أتاتورك وإسقاط الخلفة السلمية‬


‫الستاذ أنور الجندي‬
‫حاولت أجهزة الدعاية الغربية والصهيونية إعطاء "مصطفى كمال" أتاتورك‬
‫حجما ً أكبر بكثير من حجمه الطبيعي‪ ،‬وذلك عن طريق عشرات المؤلفات‬
‫التي طبعت ووزعت في مختلف أنحاء العالم‪ ،‬بتضخيم حجم هذا العمل‬
‫التغيريبي التخريبي الخطير‪ ،‬الذي قام به‪.‬‬
‫ولقد حظيت اللغة العربية بعدد من هذه الكتب‪ ،‬منها كتاب "كمال أتاتورك"‬
‫الذي كتبه "محمد محمد توفيق" واعتمد على ‪ 53‬مرجعا ً إنجليزيا ً وفرنسيًا‪،‬‬
‫وما زال يعد في نظر التغريبيين مرجعا ً أساسيا ً في تقديم هذا النموذج الول‬
‫الذي هو بمثابة المثل البكر لتجربة التغريب في العالم السلمي‪ ،‬والتي فشل‬
‫تطبيقها في البلد العربية وسقطت أخيرا ً في إيران‪.‬‬
‫ول يمكن فهم حقيقة كمال أتاتورك إل بالعودة إلى السلطان عبد الحميد‬
‫ومحاولة إسقاطه‪ ،‬التي تمت عام ‪ 1909‬م والتي تولى التحاديون بعدها‬
‫زمام الحكم إلى نهاية الحرب العالمية الولى ‪ 1918‬م‪ ،‬كمرحلة إعداد الدور‬
‫الذي قام به كمال أتاتورك من بعد‪.‬‬
‫بداية مريبة‪:‬‬

‫‪176‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وما إن أسقط السلطان عبد الحميد حتى تحول المر في الدولة العثمانية‬
‫إلى شيء خطير‪ ،‬فقد فتحت البواب لكل القطار والدعوات المعارضة‬
‫للوحدة السلمية والخلفة السلمية والسلم نفسه‪ ،‬وأتيحت الفرصة لكل‬
‫الغلة وخصوم العرب والسلم‪ ،‬في أن يذيعوا كل ما من شأنه أن يحقق‬
‫للستعمار الغربي واليهودية العالمية مطامعها وأهدافها‪ ،‬وخرجت جماعات‬
‫خريجي الرساليات التبشيرية والمحافل الماسونية‪ ،‬لتسيطر على الرأي العام‬
‫عن طريق الصحافة‪ ،‬وتولت الحكم وزارة في الدولة العثمانية بها ثلثة وزراء‬
‫من اليهود‪.‬‬
‫ثم انفتح الطريق إلى فلسطين وأتيح لسماسرة بيع الراضي العمل في حرية‬
‫كاملة‪ ،‬ونشط اليهود والدونمة والماسون من ورائهم للعمل‪.‬‬
‫وأسفرت عن نفسها‪:‬‬
‫وبدأت الحركة الطورانية تشق طريقها في تمزيق وحدة العرب والسلم‬
‫واندفعت جمعيو التحاد والترقي إلى تتريك العناصر الداخلة ضمن‬
‫المبراطورية‪ .‬وكان التركيز على تتريك العرب شديدًا‪.‬‬
‫وكانت أولى خطوات التحاديين في الحكم‪ :‬بناء منهج سياسي فكري للدولة‬
‫العثمانية‪ ،‬مستمد من النظرية الغربية العلمانية‪ ،‬جريا ً وراء الخطة التي‬
‫رسمنتها الماسونية للثورة الفرنسية‪ ،‬وإلغاء المفاهيم السلمية وإحلل‬
‫مفاهيم غربية خالصة بدل ً منها‪ ،‬وسارع التحاديون بإصدار تصريحات تقول‬
‫بعزل النظام السياسي القائم‪ ،‬وقام أحدهم‪ :‬أنه ل محل للجامعة السلمية‬
‫في برنامج تركيا الفتية‪.‬‬
‫وقد جرت مهمة التحاديين في هذه الفترة على إعداد الدولة العثمانية لحركة‬
‫التغريب في عديد من الجهات‪:‬‬
‫ً‬
‫استسلمهم لبريطانيا استسلما كام ً‬
‫ل‪.‬‬
‫تسليم طرابلس الغرب ليطاليا‪.‬‬
‫فتح الطريق أمام اليهود إلى فلسطين‪.‬‬
‫وضع العقبات أمام وحدة العرب والترك بتعليق العرب على المشانق في‬
‫الشام‪.‬‬
‫محاولة تتريك العراق البشرية الداخلة في نطاق امبراطوريتهم وخاصة‬
‫العرب‪.‬‬
‫إعلن فكرة الطورانية وإعلء الجنس التركي على العالم كله‪.‬‬
‫وهكذا فإن كل ما حدث في فترة السنوات العشر السابقة للحرب العالمية‬
‫الولى إنما كان تمهيدا ً لما جاء بعد ذلك‪ .‬في تركيا أو في مصر أو لبنان‪ ،‬وذلك‬
‫في ضوء التحول الخطير الناتج عن إسقاط الدولة العثمانية وتمزيقها‪ ،‬وقد‬
‫تحقق ذلك بالفعل‪ ،‬نتيجة لدخول التحاديين الحرب العالمية في صف اللمان‪.‬‬
‫فكانت هزيمة اللمان في الحرب هزيمة لهم مما أدى إلى السيطرة على‬
‫تركيا وإذللها‪ ،‬وفرض نفوذ فكري سياسي غربي عليها‪ ،‬حتى ينتهي هذا‬
‫الوجود السلمي المرتبط بالخلفة والوحدة السلمية‪ ،‬وحتى ل تكون تركيا‬
‫مرة أخرى منطلقا ً للسلم إلى أوربا‪ ،‬أو مصدرا ً للخطر‪ ،‬أو جرثومة لتجمع‬
‫إسلمي‪.‬‬
‫نعم كانت فترة السنوات العشر للتحاديين مقدمة لما بعد ذلك‪ ،‬وتمهيدا ً‬
‫للمخطط التغريبي العنيف‪ ،‬الذي نفذه مصطفى كمال أتاتورك بقوة القانون‪.‬‬
‫مصطفى كمال والهداف‪:‬‬
‫وقد كان مصطفى واحدا ً من التحاديين بين زملئه طلعت وجمال وجاويد‪،‬‬
‫ولكنه لم يلمع تحت الضواء في هذه الفترة فقد استبقاه التخطيط الدقيق‬

‫‪177‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ليحمل لواء المرحلة التالية‪ .‬وليصبح بعد الحرب امتدادا ً لهم‪ .‬ونقطة تجمع‬
‫لهذه القوى‪ .‬لتشكل مرة أخرى على نحو آخر‪ ،‬بعد أن حققت أكبر أهدافها‬
‫وهي‪:‬‬
‫إسقاط الدولة العثمانية وتمزيق وحدة العرب والترك التي هي مظهر وحدة‬
‫العروبة والسلم‪ .‬فقد كان أتاتورك واحدا ً من رجال جماعة سالونيك‬
‫ومحافلها الماسونية‪ ،‬ومن أبرز رجال التحاد والترقي‪ ،‬مؤمنا ً بتلك المبادئ‬
‫والمخططات التي نفذت فلم يكن حربا ً عليها وأن أعلن اختلفه معها – في‬
‫ظاهر المر – ولكنه كان يحقق مرحلة جديدة‪ ،‬فيها إعادة النظر إزاء بعض‬
‫الوسائل مع الحتفاظ بالغاية الكبرى‪ ،‬والوصول إليها بأساليب أشد إحكاما‪ً.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫والتي تكن معارضته لفكرة الدعوة الطورانية إل من هذا القبيل‪ ،‬وإذا كان‬
‫التحاديون قد حطموا الدولة العثمانية‪ ،‬وفرقوا رابطة العروبة والسلم‪ .‬فإن‬
‫أتاتورك قد حقق عمل ً واحدا ً في التاريخ السلمي أشد قسوة وخطرا ً من كل‬
‫عمل‪ ،‬وهو "إلغاء الخلفة السلمية" وتحويل تركيا من دولة إسلمية تحمل‬
‫لواء الجامعة السلمية والخلفة وقيادة المم السلمية‪ ،‬إلى دولة غريبة‬
‫خالصة تكتب من الشمال وتطبق القانون السويسري المسيحي‪.‬‬
‫بروتوكول لوزان‪:‬‬
‫وأبرز هذه العمال إقرار تلك الوثيقة الخطيرة‪ :‬بروتوكول معاهدة لوزان‬
‫المعقود بين الحلفاء والدولة التركية عام ‪ 1923‬م المعروفة بشروط كرزون‬
‫الربعة وهي‪:‬‬
‫قطع كل صلة بالسلم‪.‬‬
‫إلغاء الخلفة‪.‬‬
‫إخراج أنصار الخلفة والسلم من البلد‪.‬‬
‫اتخاذ دستور مدني بدل ً من دستور تركيا القديم المؤسس على السلم‪.‬‬
‫ويؤكد أرنست أ‪ .‬ر أفرور‪ .‬وصديقه آرنست باك‪ .‬وبمراجعة كتاب أرمسترونج‬
‫"الذنب الغبر"‪ :‬عن حياة مصطفى كمال‪ :‬أنه كان ماسونيا ً وأن المحفل‬
‫الطيالي الذي ساعد التحاديين عام ‪ 1908‬م على نجاح حركتهم كان معاونا ً‬
‫له في نجاح حركته‪ .‬ولعله أحس بعد أن نجحت حركته أنه ل حاجة إلى‬
‫الجمعيات الماسونية في بلده‪ ،‬فألغاها بعد أن تحققت كل أهدافها‪.‬‬
‫من هو مصطفى كمال‪:‬‬
‫ولشك أن العنف الذي واجه به مصطفى كمال مؤسسات السلم‪ ،‬وما قام‬
‫به من دحر لنفوذه في تركيا‪ ،‬يكشف بوضوح عن أنه كان من أخلص رجال‬
‫المحافل الماسونية‪ ،‬بل يصل إلى أبعد من ذلك عندما يؤكد اما ردده كثير من‬
‫الباحثين من‪ :‬أن مصطفى كمال نفسه من أصل يهودي من الدونمة في‬
‫سالونيك‪ ،‬وأنه كان يتخفى بالمكر والخديعة في معاركه حتى استطاع كسب‬
‫قلوب المسلمين‪ ،‬فأرسلوا له من التبرعات والموال الشيء الكثير حتى إذا‬
‫تمكن من امتلك أزمة المور سحق أنصار السلم سحقًا‪.‬‬
‫والواضح من دراسة تاريخ حياة مصطفى كمال أمور عدة‪:‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪:‬‬
‫أنه لم يكن هو قائد معركة التحرير ضد القوات الوروبية واليونانية وإنما هو‬
‫الذي سيطر على هذه القوات من بعد وسحب أسماء البطال الذين بدأوا‬
‫هذه المعارك‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وكان لهم دور كبير في تحقيق النصر وإن الفضل الول كان للقائد قره بكير‬
‫وغيره‪.‬‬
‫ثانيًا‪:‬‬
‫إن أوربا قد سلمت لمصطفى كمنال بزعامة تركيا وانسحبت أمامه‪ ،‬بعد أن‬
‫وقع على وثيقة رسمية دولية في مؤتمؤ الصلح‪ .‬قرر فيها إزالة السلم‬
‫والخلفة وإخراج زعماء المسلمين‪ ،‬والحكم بالقوانين الغربية وإلغاء اللغة‬
‫العربية بعد أن اطمأنت إلى أن تركيا – عنصر المخافة – قد انتهت‪.‬‬
‫ثالثًا‪:‬‬
‫إن هذه البطولة التي حكيت لها أثوابها‪ ،‬ووضعت في هذا الطابع من الروعة‬
‫والبهاء‪ ،‬إنما كانت خدعة النفوذ الستعماري لتأكيد وجوده وسلطانه‪ ،‬ومنحه‬
‫القوة على تدمير كل المؤسسات السلمية‪ ،‬حتى ل يبقى منها شيء يخيف‬
‫أوربا أو يزعج اليهودية العالمية‪ ،‬التي كانت تطمع منذ وقت بعيد إلى أحد‬
‫أمرين‪:‬‬
‫ً‬
‫القضاء على الدولة العثمانية واتخاذ إلغاء الخلفة السلمية طريقا للوصول‬
‫إلى فلسطين‪.‬‬
‫وظهر على حقيقته‪:‬‬
‫ولقد دفع مصطفى كمال تركيا دفعا ً قويا ً إلى العلمانية‪ ،‬وألغى القوانين‬
‫السلمية واضطهد المسلمين والسلم أبشع اضطهاد‪ ،‬وقتل العشرات وعلق‬
‫جثثهم على أعواد الشجر‪ ،‬وأغلق المساجد ومنع الذان والصلة باللغة‬
‫العربية‪ .‬وأعاد مسجد أيا صوفيا كنيسة ومتحفًا‪ .‬واستبدل بالشريعة السلمية‬
‫قانونا ً وضعيًا‪ ،‬واتخذ الحروف اللتينية بدل ً من العربية في كتابة البجدية‬
‫التركية )‪ (2‬وألغى تدريس السلم في المدارس والجامعات ودعا إلى قومية‬
‫طورانية عرفية متصلة الواصر بالوثنيين السابقين للسلم‪.‬‬
‫ولقد كان منفذا أمينا ً للمخطط الذي رسمه الستعمار واليهودية العالمية وهو‬
‫إزالة الخلفة‪ ،‬وفصل تركيا عن العالم السلمي والمة العربية‪ ،‬وبذلك حقق‬
‫مصطفى كمال – في العالم السلمي وفي مواجهة العروبة – أخطر حركة‬
‫استغراب‪ ،‬وفرضها فرضا ً على المة التركية‪ ،‬ولم يحققها تدريجيًا‪ ،‬أو على‬
‫نحو التقبل والتطور والمرونة‪ ،‬فقد كان مدفوعا ً من القوى الجنبية إلى تنفيذ‬
‫ذلك في أقصى سرعة وأبعد مدى‪ ،‬وإقامة هذا النظام على أساس السلطة‬
‫الحاكمة والقوانين والرهاب الدموي‪ ،‬وذلك حتى ل توجد ثغرة من بعد للتفتح‬
‫على السلم من جديد أو الترابط بين العرب والترك‪ ،‬ولقد جمع التحاديون‬
‫الشمل المشتت بعد الحرب العالمية خلف مصطفى كمال فتسموا بالقوى‬
‫الكمالية ول فارق بين الدعوة التحادية والدعوة الكمالية في أبرز مخططاتها‬
‫وهو إعلء العنصرية التركية وكتابة اللغة التركية بالحروف اللتينية وتنفيذ‬
‫نظام سياسي واجتماعي غربي ل ديني منفصل عن السلم والشريعة والقيم‬
‫والمعتقدات السلمية التي عرفتها الدولة العثمانية أكثر من أربعمائة عام‬
‫وقبل قيام الدولة العثمانية كان التراك مسلمين منذ عهد العباسيين‪.‬‬
‫آراء مؤرخي الغرب‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ولقد كان انتماء تركيا إلى الغرب سبة في تاريخها‪ .‬فلم تسلم من قام مؤرخ‬
‫أو فيلسوف‪ ،‬فما استطاعت تركيا أن تعطي الحضارة الغربية شيئا ً ما‪ .‬بعد أن‬
‫انتمت إليها كما أعطتها شعوبها‪ .‬إل أنها كانت ول تزال ذيل ً لها‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقد أشار أرنولد توينبي إلى ذلك صراحة في موسوعته وقال‪ :‬إن تركيا حين‬
‫تغربت لم تقدم شيئا ً إلى الغرب أو جديدا ً إلى الحضارة وعاشت عالة على‬
‫القوانين والمنظمات الغربية‪.‬‬
‫وكما قال عبد الله التل‪ :‬كان تخلي تركيا عن السلم ثمنا ً لتأييد دول الحلفاء‬
‫لها في حركتها التي قادها مصطفى كمال‪ .‬ولقد كان الوسيط الذي أشرف‬
‫على اتفاق الحلفاء مع مصطفى كمال هو الحاخام "حاييم ناحوم" الذي كان‬
‫رئيسا ً لليهود في ترطيا قبل انتقاله إلى مصر‪ .‬وهو الوسيط القوي الذي‬
‫أوفده مصطفى كمال إلى دول الغرب في مؤتمر لوزان فحقق لتركيا ما أراد‬
‫الغرب‪.‬‬
‫دراسات جادة‪:‬‬
‫وقد ظهرت في السنوات الخيرة دراسات جادة تكشف حقيقة "كمال‬
‫أتاتورك" منها كتاب اللدكتور رضا نور‪ .‬حيث كشف جرائم أتاتورك وماخزيه‬
‫وخياناته في أكثر من ألفين من الصفحات تحت عنوان "حياتي وذكرياتي" كما‬
‫صدر كتاب "الرجل الصنم" لحد الضباط المقربين من أتاتورك‪.‬‬
‫وقد هدمت هذه المؤلفات بناء الكذوبة السطورية التي خدعن التراك‬
‫والمسلمين في بعض البلد إلى حين وألقت الضواء الحقيقية على حياة‬
‫المغامر الخطير‪ .‬بل لقد تحدثت في جرأة شديدة على مولده وظروف حياته‬
‫الولى‪.‬‬
‫بل أن هذه الظروف قد أوردتها كتب ناصرت أتاتورك وأهمها كتاب "الذنب‬
‫الغبر" الذي يقول بالنص‪:‬‬
‫كان بفطرته ثائرا ً ل يحترم رئيسا أو إنسانا‪ .‬أو وضعا من الوضاع ول يقجس‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫شيئا ً على الطلق‪ .‬وإنه كان يشرب ويلهو كل ليلة حتى مطلع الفجر في‬
‫المقاهي وأوكار الغرام‪ .‬وقد مارس جميع الرذائل وجرب كل الموبقات‪.‬‬
‫وانغمس فيها حتى أذنيه ثم دفع الثمن مرضا ً جنسيا ً وصحة منهارة‪.‬‬
‫ويقول أرمسترونج أيضًا‪ .‬أنه كان ولوعا ً بالحاديث الخليعة والفراط في‬
‫الشراب والمغامرات الماجنة والليالي الحمراء في رفقة النساء‪.‬‬
‫عنف وتسلط‪:‬‬
‫وهناك جوانب أخرى يعف القلم عن ذكرها أو ترديدها‪.‬‬
‫وعندما نستعرض حياة كمال أتاتورك منذ تولي السلطة حتى وفاته ‪ 1938‬م‪.‬‬
‫نجد صورة عاصفة من العنف والظلم والتسلط البالغ المدى في سبيل تثبيت‬
‫دعائم هذا النظام الوافد وآية ذلك الولء المزدوج لبريطانيا وروسيا الشيوعية‬
‫في آن‪.‬‬
‫وأبرز هذه المواقف صلته بالنجليز وما تحمله الوثائق مشيرة إلى عبارة‪:‬‬
‫قيامه ببيع الوطن إلى النجليز‪ .‬ومن ذلك موقفه إبان المرض‪ .‬عندما‬
‫استدعى السفير البريطاني في تركيا وطلب إليه أن يتولى منصب رئيس‬
‫جمهورية تركيا وفزعت بريطانيا لذلك‪.‬‬
‫ولقد استطاع أن يحقق للصهيونية العالمية خطتها في السيطرة بإلغاء‬
‫الخلفة والوجهة السلمية والحروف العربية والشريعة والمواريث والوقاف‬
‫والتعليم الديني‪.‬‬
‫إسقاط الخلفة السلمية‪:‬‬
‫وإذا كانت تركيا تحاول أن تعود اليوم إلى طابعها السلمي الصيل فإن‬
‫محاذير كثيرة تعمل لتصدها عن تحقيق هذه الغاية ولكن الله غالب على أمره‬
‫)‪ (3‬ولكن التجربة كلها تثبت أن مجاوزة الفطرة ومحاربة الدين هي محاولة‬
‫باطلة ل يمكن أن تستمر ولبد أن يحطمها الزمن لمجافاتها لسنن المم‬

‫‪180‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والحضارات والتاريخ‪.‬‬
‫وإذا أردنا أن نتحدث عن كمال أتاتورك في كلمة‪ ،‬قلنا‪ :‬إن تاريخه قد ارتبط‬
‫بأخطر حدث في تاريخ السلم‪ .‬وهو إلغاء الخلفة السلمية بعد تدمير الدولة‬
‫العثمانية أكبر مركز تجمع للمة السلمية وهو آخر المراحل التي تطلع إليها‬
‫الستعمار واليهودية العالمية من أجل تمزيق وحدة السلم والعروبة‪.‬‬
‫والقضاء على آخر صرح جامع للعرب والترك يحمل لواء الجامعة السلمية‬
‫ويتنادى بالمسلمين في كل بقاع الرض‪.‬‬
‫لقد كان إسقاط الخلفة عام ‪ 1924‬م من أخطر الحداث في العالم كله‬
‫وسيظل من العمال الكبرى ضد السلم وسيحمل لسم مصطفى كمال أكبر‬
‫التبعات في حكم التاريخ‪ .‬فقد فتح الباب واسعا ً أمام صراع القليميات‬
‫والقوميات التي تتحرك في فراغ دون أن ترتبط بدائرة أساسية هي دائرة‬
‫الفكر السلمي أو الوحدة السلمية للجامعة في مجال الجغرافيا أو في‬
‫مجال الفكر‪.‬‬
‫غير أن إلغاء الخلفة السلمية لم يحقق ما توقعه الستعمار واليهودية‬
‫العالمية من تمزق السلم أو اضطراب المسلمين والعرب‪ .‬الذين أغرقوا‬
‫على التو في أتون الجناس والعصبيات والعنصرية‪ .‬بقصد تعميق عوامل‬
‫الخلف ودعمها‪ ،‬والحيلولة دون قيام وحدة فكرية أو اجتماعية بينهم لقد‬
‫ركزت هذه الدعوات التغريبية على الزدراء بالخلفة العثمانية والجامعة‬
‫السلمية‪ .‬وعلى إثارة الصراع بين السلم والعروبة وبين القومية والوطنية‬
‫وبين القليمية والقومية وبين العناصر المختلفة وبين الديان والمذاهب‪ ،‬وذلك‬
‫كله لذابة كل هدف سليم واضح تطرحه حركة اليقظة السلمية في الطريق‬
‫الصحيح إلى معرفة الحقيقة‪ .‬وإلى اتخاذ السلوب الصيل لمواجهة الخطار‬
‫ونتيجة للضعف السياسي الذي كان يمر بالعالم السلمي‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫فقد عجز قادة المسلمين عن إعادة بناء الخلفة السلمية مربة أخرى بعد أن‬
‫أسقطها مصطفى كمال‪ ،‬وإن ظلت عنصرا ً أساسيا ً في مناهج الدعوات‬
‫السلمية وخطة واضحة في برنامج حركة اليقظة العربية السلمية‪.‬وما زال‬
‫المسلمون يبحثون عن صيغة تحمل لواء الوحدة‪ ،‬بديل ً من الخلفة أو مقدمة‬
‫لها‪ .‬ولقد كانت مكة وجامعتها في أيام الحج‪ .‬وكان الزهر‪ ،‬من القوى التي‬
‫ساندت حركة اليقظة السلمية بعد سقوط الخلفة‪ ،‬وكان انتعاش السلفية‬
‫الجديدة في الجزيرة العربية واليقظة السلمية في مصر وباكستان وغيرها‪،‬‬
‫من علمات التعويض السريع ثم جاءت بعد ذلك مؤتمرات التضامن السلمي‬
‫– وما زالت تخطو خطوات بطيئة ولكنها ثابتة‪.‬‬
‫آثار إلغاء الخلفة‪:‬‬
‫وقد صور الدكتور عبد الوهاب عزام الثار التي ترتبت على إلغاء الخلفة في‬
‫العالم السلمي فقال‪ :‬إن عمل الكماليين من بعد‪ .‬دل على أن إلغاء الخلفة‬
‫لم يكن نزوة عابرة‪ .‬بل كان الحلقة الولى في سلسلة مصنوعة والخطوة‬
‫الولى من خطة موضوعة‪ :‬خطة أملها عليهم الروس والنجليز وأوربا‪.‬‬
‫لقد كان إلغاء الخلفة من هذه الخطوب المكفهرة لحل رباط حزمة من‬
‫التعصب في ريح عاصف بلغت من المسلمين أسوأ مبلغ‪ .‬وبلغت بأعدائهم‬
‫أبعد غاية‪ .‬ول ينكر هذا إل جاخل بطبائع المم‪ .‬وأحسب أن النجليز كان يهون‬
‫عليهم أن يبذلوا مليين الجنيهات ليبلغوا الغاية التي بلغهم إياها الكماليون‬

‫‪181‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بغير بذل ول كد‪.‬‬


‫أمر مقرر؟؟‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وهناك من الدلئل ما يؤكد أن إلغاء الخلفة السلمية كان أمرا مقررا منذ‬
‫اليوم الول للنقلب العثماني‪ .‬الذي قام بإسقاط السلطان عبد الحميد عام‬
‫‪ 1909‬م‪ ،‬ولكنه نفذ على مراحل واتخذت إجراءاته واحدة بعد أخرى‪ ،‬حتى تم‬
‫تنفيذه على يد مصطفى كمال عام ‪ 1924‬م‪ ،‬بعد أن أسقط الخلفة الزمنية‪،‬‬
‫وأقام بدل ًً منها خلفة منفصلة عن السلطنة توطئة للجهاز عليها‪ ،‬جملة‪.‬‬
‫وسيظل تاريخ مصطفى كمال أتاتورك مرتبطا ً بإسقاط الخلفة السلمية إلى‬
‫أن تعود بإذن الله تبارك وتعالى خلل القرن الخامس عشر‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫كن ربانيا ً ول تكن رمضانيا ً الشيخ المين الحاج محمد أحمد*‬


‫من علمات قبول العبادة أن تكون حال العبد بعدها أحسن من حاله قبلها‪،‬‬
‫وهذه هي ثمرة العبادة ولبها‪ ،‬إذ الهدف والغرض من جميع العبادات أن تزيد‬
‫المرء قربا ً وتقوى لله عز وجل‪" :‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما‬
‫كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"‪ ،‬وأن تزكي نفسه وتطهرها من‬
‫الثام والرذائل‪ ،‬وأن تعودها على الكرائم والفضائل‪.‬‬
‫ولهذا ينبغي أن يكون حرص العبد على قبول عبادته‪ ،‬وخوفه من ردها‪ ،‬أشد‬
‫من حرصه على العمل‪ ،‬لقوله تعالى‪" :‬إنما يتقبل الله من المتقين"‪.‬‬
‫فالعبد الذي ل يعرف ربه ول يعبده إل في رمضان عبد سوء‪ ،‬إذ العبادة ليست‬
‫قاصرة على رمضان‪ ،‬ول على زمان دون زمان‪ ،‬والستقامة مطلوبة في‬
‫سائر اليام‪" :‬إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فل خوف عليهم ول هم‬
‫يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون"‪ ،‬وعن‬
‫سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال‪ :‬قلت يا رسول الله‪ ،‬قل لي في‬
‫ت بالله ثم استقم"‪ ،‬وقد‬ ‫السلم قول ً ل أسأل عنه أحدا ً غيرك؛ قال‪" :‬قل‪ :‬آمن ُ‬
‫قيل‪" :‬ثواب الحسنة حسنة بعدها"‪.‬‬
‫فمن استغفر بلسانه في رمضان وقلبه على المعصية معقود‪ ،‬وعزمه أن‬
‫يرجع إلى المعاصي بعد الشهر ويعود‪ ،‬فصومه عليه مردود‪ ،‬وباب القبول عنه‬
‫مسدود‪.‬‬
‫قال كعب‪ :‬من صام رمضان وهو يحدث نفسه أنه إذا أفطر أن ل يعصي الله‬
‫دخل الجنة بغير مسألة ول حساب‪ ،‬ومن صام رمضان وهو يحدث نفسه أنه‬
‫إذا أفطر عصى ربه‪ ،‬فصيامه عليه مردود"‪.‬‬
‫قيل لبشر الحافي رحمه الله‪ :‬إن قوما ً يتعبدون ويجتهدون في رمضان؛ فقال‪:‬‬
‫بئس القوم‪ ،‬ل يعرفون الله حقا ً إل في رمضان‪ ،‬إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد‬
‫سنة كلها‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫وكان النبي صلى الله عليه وسلم عمله ديمة‪ ،‬وسئلت عائشة رضي الله عنها‪:‬‬
‫هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص يوما ً من اليام؟ فقالت‪" :‬ل‪ ،‬كان‬
‫عمله ديمة"‪.‬‬
‫ً‬
‫وسئل الشبلي‪ :‬أيهما أفضل رجب أوشعبان؟ فقال‪ :‬كن ربانيا‪ ،‬ول تكن‬
‫شعبانيا ً ول رجبيًا‪.‬‬
‫ما الذي يجعل المسلم يحافظ على الصلوات المكتوبة في المسجد في‬
‫رمضان ويدع ذلك في غير رمضان؟ لماذا نجد المساجد مكتظة بالمصلين في‬
‫رمضان وفارغة منهم في غيره؟ أليست صلة الجماعة حكمها الوجوب في‬

‫‪182‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أرجح قولي العلماء؟ لماذا يكثر الناس من تلوة القرآن في رمضان‪ ،‬ويدع‬
‫سنة أن يكون للمسلم ورد‬ ‫البعض تلوته بالكلية في غير رمضان؟ أليس من ال ّ‬
‫يومي قل أوكثر؟‬
‫ضل على غيره من الشهور‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وف‬ ‫العبادة‪،‬‬ ‫في‬ ‫بزيادة‬ ‫ص‬
‫ّ‬ ‫خ‬ ‫رمضان‬ ‫ل شك أن‬
‫ومّيز بمميزات ل توجد في غيره‪ ،‬ولكن ل يعني هذا أن نقصر في غيره في‬
‫أداء الواجبات‪ ،‬والنتهاء عن المحرمات‪ ،‬والكثار من نوافل العبادات‪.‬‬
‫فالمسلم مأمور بحفظ جوارحه وحماية نفسه من الوقوع في الحرام في‬
‫سائر اليام‪.‬‬
‫عمل المؤمن ل ينقضي حتى يأتيه أجله‪ ،‬قال الحسن‪ :‬إن الله لم يجعل لعمل‬
‫المؤمن أجل ً دون الموت‪ ،‬ثم قرأ‪" :‬واعبد ربك حتى يأتيك اليقين"‪.‬‬
‫قال ابن رجب‪) :‬هذه الشهور والعوام‪ ،‬والليالي واليام‪ ،‬كلها مقادير للجال‪،‬‬
‫ومواقيت للعمال‪ ،‬ثم تنقضي سريعًا‪ ،‬وتمضي جميعًا‪ ،‬والذي أوجدها وابتدعها‬
‫ق ل يزول‪ ،‬ودائم ل يحول‪ ،‬هو في جميع الوقات‬ ‫وخصها بالفضائل وأودعها با ٍ‬
‫إله واحد‪ ،‬ولعمال عباده رقيب مشاهد‪ ،‬فسبحان من قلب عباده في اختلف‬
‫الوقات بين وظائف الخدم‪ ،‬ليسبغ عليهم فيها فواضل النعم‪ ،‬ويعاملهم بنهاية‬
‫الجود والكرم‪.‬‬
‫إلى أن قال‪:‬‬
‫من عمل طاعة من الطاعات وفرغ منها‪ ،‬فعلمة قبولها أن يصلها بطاعة‬
‫أخرى‪ ،‬وعلمة ردها أن يعقب تلك الطاعة بمعصية‪ ،‬ما أحسن الحسنة بعد‬
‫السيئة تمحها! وأحسن منها الحسنة بعد الحسنة تتلها‪ ،‬وما أقبح السيئة بعد‬
‫السيئة تمحقها وتعفوها‪ ،‬ذنب واحد بعد التوبة أقبح من سبعين ذنبا ً قبلها(‪.‬‬
‫اللهم وفقنا للطاعات حتى الممات‪ ،‬وجنبنا الهفوات والزلت‪ ،‬وحّبب إلينا‬
‫اليمان وزينه في قلوبنا‪ ،‬وكّره إلينا الكفر والفسوق والعصيان‪ ،‬يا رحمن يا‬
‫رحيم‪ ،‬وصلى الله وسلم على خير من صلى وصام‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كن صريحا ً ‪ .‬هل فكرت بالتوبة ؟‬


‫أخي الغالي ‪ ....‬أختي الغالية ‪:‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‬
‫إني لستبطأ اليام متى تزف إلي جميل الخبر ؟‬
‫متى أرى دموع التوبة من مقلتيك تنهمر ؟‬
‫متى تقوى على كسر القيود وتنتصر ؟‬
‫إني بفارغ ذاك الصبر أنتظر‬
‫فهل فكرت بالتوبة ؟‬
‫لهفي على لحظة سماع عودتك إلى الله‬
‫وانضمامك إلى قوافل التائبين العائدين‬
‫أريد أن أفرح لفرحك !‬
‫قد ل تتصور سعادتي بك تلك اللحظة ‪.‬‬
‫لست أنا فقط ‪،‬‬
‫بل الله تعالى الغني العلي الكبير سبحانه يفرح بهذه الوبة والرجوع إليه ‪،‬‬
‫جعلنا الله من التائبين الصادقين ‪.‬‬
‫قلي بربك من مثلك إذا فرح الله بك ؟‬
‫لقد جاء في الحديث )) إن الله يفرح بتوبة أحدكم (( ‪ ...‬الله أكبر‪،‬‬

‫‪183‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فهل تريد في هذه الليلة أن يفرح بك الله ‪.‬؟؟؟‬


‫والله إن أحدنا يريد أن يفرح عنه أبوه أو يرضى عنه زميله فكيف برب‬
‫العالمين تبارك وتعالى ‪.‬‬
‫نعم إن المر صدق هو كذلك )) إن الله يحب التوابين ويحب‬
‫المتطهرين ((البقرة ‪.‬‬
‫وإذا احبك الله فما عليك ولو أبغضك من في الرض جميعا ً ‪.‬‬
‫من مثلك يفرح بك الله و يحبك الله ‪.‬‬
‫الله الذي له مقاليد السماوات والرض المتصرف الوهاب ‪ ،‬الذي إذا أراد‬
‫شيئا ً إنما يقول له كن فيكون ‪.‬‬
‫ومن كان الله معه فما الذي ينقصه ؟!‬
‫إن يكن معك الله فل تبالي ولو افتقدت الجميع فهو سبحانه )) نعم المولى‬
‫ونعم النصير (( النفال ‪.‬‬
‫معك من ل يهزم جنده ‪،‬‬
‫معك الذي يعز من أطاعه ويذل من عصاه ‪،‬‬
‫الذي ل ُيقهر سلطانه ‪،‬‬
‫ذو الجبروت والكبرياء والعظمة ‪،‬‬
‫معك الكريم الواسع المنان الملك العزيز القهار سبحانه وتعالى ‪0‬‬
‫أيها الغالي والغالية ‪:‬‬
‫ما أتعب الناس الذين هم يلهثون وراء الشهوات والمحرمات بزعمهم أن في‬
‫ذلك السعادة والفرح إل بعدهم عن الله ‪ ،‬وإل لو عرفوا الله حقا ً ما عرف‬
‫الهم والضيق طريقا ً إليهم وليقنوا أن السعادة ل تستجلب بمعصية الله ‪.‬‬
‫أيها الغالي والغالية ‪:‬‬
‫أين نحن عن قوله تعالى ‪:‬‬
‫ض‬ ‫َ‬
‫ماِء َوالْر ِ‬ ‫س َ‬‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬‫ت ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حَنا عَلي ِْهم ب ََركا ٍ‬ ‫فت َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫قوا ل َ‬ ‫ْ‬
‫مُنوا َوات ّ َ‬ ‫قَرى آ َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫ن أ َهْ َ‬ ‫َ‬
‫)) وَل َوْ أ ّ‬
‫َ‬
‫ن ((‬ ‫سُبو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َك ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫خذ َْنا ُ‬ ‫كن ك َذ ُّبوا ْ فَأ َ‬ ‫وَل َ ِ‬
‫كاُنوا ْ‬‫خي ٌْر ل ّوْ َ‬
‫عندِ الّله َ‬ ‫َ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬ ‫ة ّ‬ ‫مُثوب َ ٌ‬ ‫وا ل َ َ‬ ‫ق ْ‬‫مُنوا ْ وات ّ َ‬ ‫مآ َ‬ ‫وعن قوله )) وَل َوْ أن ّهُ ْ‬
‫ن ‪.(( ...‬‬ ‫مو َ‬‫ي َعْل َ ُ‬
‫أتجد في نفسك ترددا ً إلى الن ؟‬
‫كن عاقل ً فل تشري حطام الدنيا الزائل بنعيم الخرة الدائم‬
‫حيث ما ل عين رأت ول أذن سمعت و ل خطر على قلب بشر في أبد ل‬
‫يزول‬
‫في روضات الجنة يتقلب وعلى السرة يجلس‬
‫وعلى الفرش التي بطائنها من إستبرق يتكئ‬
‫وبالحور العين يتنعم‬
‫وبأنواع الثمار يتفكه ويطوف عليه من الولدان المخلدون بأكواب وأباريق‬
‫وكأس من معين ل يصدعون عنها ول ينزفون و فاكهة مما يتخيرون ولحم‬
‫طير مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعلمون ‪.‬‬
‫ويطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه النفس وتلذ‬
‫العين وأنتم فيها خالدون ‪،‬‬
‫في قصور الجنة ينظرون إلى الرحمن تبارك وتعالى ويمتعون أنظارهم ‪.‬‬
‫ويلتقون بصفوة البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫نعيم ل يوصف‬
‫ل هم ول كدر ‪.‬‬
‫ل عرق ول أذى ول قذر‬

‫‪184‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ول حيض ول نفاس‬


‫ول نصب ول تعب‬
‫ول نوم لكي ل ينقطع النعيم بنوم ‪.‬‬
‫وإن أبيت إل أن تصر على العصيان ماذا تنظر ؟‬
‫أعلنها من الن توبة إلى الله ‪،‬‬
‫فك قيود المعاصي وتسلط الشيطان والنفس عليك ‪،‬‬
‫ألجأ إلى الله واعتصم به وانطرح بين يديه ‪،‬‬
‫هاهم العائدون إلى الله‬
‫تراهم سلكوا طريق النجاة‬
‫فعلم التقهقر والتردد ؟‬
‫أل تعلم أن ماعند الله خير وأبقى ‪،‬‬
‫أتبيع الجنة بالنار ؟!‬
‫ألم تستوعب إلى الن حقيقة الدنيا ‪،‬‬
‫وأنها دار ممر وليست دار مقر ‪،‬‬
‫وأنها ميدان عمل و تحصيل ثم توفى كل نفس ما عملت ‘إن خير فخير وإن‬
‫شرا ً فشر ‪،‬‬
‫أتظن أنك وحدك القادر على ارتكاب الحرام‬
‫أتظن أن الذين لزموا الطاعة وصبروا على شهوات الدنيا ل يقدرون على‬
‫ارتكاب الملذات من الحرام ؟ بلى هم يستطيعون ذلك ل يمنعهم شيء لكنهم‬
‫يخافون الله ويرجون ثوابه ويصبرون قليل ً ليرتاحوا كثيرا ً‬
‫فكن معهم تجد السعادة في الدنيا قبل الخرة ‪.‬‬
‫قل للنفس‬
‫يكفي ما كان‬
‫واعزم على هجر الذنوب واسلك طريق العودة ‪.‬‬
‫فإن لم تتب اليوم فمتى ستتوب‬
‫وإن لم تندم اليوم متى ستندم ؟‬
‫هل تنتظر أن تتوب عند الموت ؟‬
‫فالتوبة ل تقبل حينئذ ‪.‬‬
‫هل تنتظر أن تندم حين ل ينفع الندم ؟!‬
‫حين تقول ياليت وياليت !‬
‫قال تعالى )) يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا‬
‫ل ‪ ،‬ربنا آتهم‬‫ل ‪ ،‬وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبي َ‬ ‫الرسو َ‬
‫ضعفين من العذاب والعنهم لعنا ً كبيرا ً (( ‪!.‬‬
‫أو هل تنتظر حتى تدخل النار فتتوسل إلى الله يوم ل يجدي التوسل‬
‫يوم يتوسل أهل النار أن يخرجهم الله منها ليعودوا ليعملوا صالحا ً‬
‫ولكن هيهات‬

‫)‪(1 /‬‬

‫)) ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون (( فيجيبهم المولى سبحانه )) قال‬
‫اخسئوا فيها ول تكلمون (( ‪.‬‬
‫عد إلى الحق واستجب له ما دمت في زمن المهال قبل أن تكون من الذين‬
‫يتمنون الموت من فرط العذاب فل يستجاب لهم‬
‫أتدري لماذا ؟‬

‫‪185‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لنهم أتاهم الحق فما استجابوا له‬


‫قال الله تعالى )) وقالوا يا مالك ليقضي علينا ربك قال إنكم ماكثون ‪ ،‬لقد‬
‫جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون ((‬
‫أخي ‪ ،‬أختي‬
‫أرجو الله أن تجد كلماتي قبول ً لديك سائل ً المولى تعالى أن نكون من الذين‬
‫يستمعون القول فيتبعون أحسنه ‪.‬‬
‫وقبل أن أودعك أجد نفس أقول لك إني لستبطأ اليام متى تزف إلي جميل‬
‫الخبر ؟‬
‫متى أرى دموع التوبة من مقلتيك تنهمر ؟‬
‫متى تقوى على كسر القيود وتنتصر ؟‬
‫إني بفارغ ذاك الصبر انتظر؟‬
‫نقله لكم ‪ /‬السحر الحلل‬

‫)‪(2 /‬‬

‫كن ضعيفا مثلهم!‬


‫د‪ .‬علي الحمادي**‬
‫بالرغم من أن للوجاهة والمنصب والمكانة الجتماعية دورا مهما في صناعة‬
‫التأثير وهندسة الحياة وفتح البواب الموصدة‪ ،‬واختصار كثير من الوقت‬
‫حول دون التأثير الذي يمكن أن‬ ‫والجهد‪ ،‬فإن انعدامها ليس عقبة كئودا ت َ ُ‬
‫يحدثه النسان في واقعه ومجتمعه وأمته‪.‬‬
‫فكم من ُأناس مغمورين ليسوا من أشراف الناس ول من ساداتهم ول من‬
‫كبرائهم ‪-‬بل ربما هم وآباؤهم وأجدادهم نكرات بين الناس‪ ،‬إذا حضروا لم‬
‫ُيعَرفوا وإذا غابوا لم ُيفتقدوا‪ -‬أحدثوا التأثير الكبير‪ ،‬وصنعوا ما لم يستطع‬
‫غيرهم من سادة القوم أن يصنعوه‪ ،‬فلله درهم‪.‬‬
‫اصبر نفسك معهم‬
‫إن ديننا السلمي الحنيف لم يهمل الضعفاء‪ ،‬ممن ل وجاهة لهم ول جاه ول‬
‫منصب‪ ،‬ولم يحط من شأنهم‪ ،‬بل على خلف ذلك‪ ،‬فقد رفع مكانتهم‪ ،‬وجعل‬
‫لهم منزلة رفيعة عند الله أول ثم عند الناس‪ ،‬واعتبرهم مصدرا من مصادر‬
‫النصر والتوفيق لهذه المة‪.‬‬
‫ي‬
‫ش ّ‬ ‫ْ‬
‫داةِ َوالعَ ِ‬ ‫ْ‬
‫ن َرب ُّهم ِبالغَ َ‬‫عو َ‬‫ن ي َد ْ ُ‬‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫معَ ال ِ‬‫سك َ‬ ‫َ‬ ‫ف َ‬ ‫صب ِْر ن َ ْ‬‫يقول الله تعالى‪َ" :‬وا ْ‬
‫ن أ َغْ َ‬
‫فل َْنا‬ ‫م‬ ‫ع‬‫ط‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫يا‬
‫َ َ ِ َّْ َ ُ ِ ْ َ ْ‬ ‫ن‬‫د‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫يا‬ ‫ح‬‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ة‬ ‫ن‬ ‫زي‬ ‫د‬ ‫ري‬ ‫ت‬
‫َُْ ْ ُ ِ ُ ِ َ َ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ه وَل َ ت َعْد ُ َ ْ َ‬
‫نا‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫جهَ ُ‬‫ن وَ ْ‬
‫دو َ‬‫ري ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫مُرهُ فُُر ً‬ ‫َ‬
‫طا" ]الكهف‪.[28 :‬‬ ‫نأ ْ‬ ‫كا َ‬‫واه ُ وَ َ‬ ‫عن ذِك ْرَِنا َوات ّب َعَ هَ َ‬ ‫ه َ‬ ‫قَل ْب َ ُ‬
‫أي‪ :‬احبس نفسك مع الفقراء الضعفاء‪ ،‬من أتباعك المؤمنين‪ ،‬الذين يدعون‬
‫ربهم بالصباح والمساء‪ ،‬يبتغون رضوان الله تعالى‪ ،‬ول تصرف بصرك إلى‬
‫غيرهم من أهل الثراء والجاه‪ ،‬تبتغي بمجالستهم نيل الفخر والشرف‪ ،‬ول‬
‫تسمع لولئك السفهاء الذين طلبوا منك طرد المؤمنين الضعفاء‪ ،‬فإنهم‬
‫غافلون عن ذكر ربهم‪ ،‬سائرون مع الهواء‪ ،‬وأمرهم فُُرط أي ضياعٌ وخسار‬
‫ودمار‪.‬‬
‫ُروي في سبب نزول هذه الية أن أشراف قريش‪ ،‬اجتمعوا عند رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم وقالوا له‪ :‬إن أردت يا محمد أن نؤمن بك ونسمع‬
‫مك فاطرد هؤلء الفقراء من مجلسك‪ ،‬فإنا أشراف قريش وسادتها‪ ،‬إن‬ ‫كل َ‬
‫أسلمنا أسلم الناس‪ ،‬ونحن نأنف أن نجلس في مجلس واحد ٍ مع هؤلء‬
‫م رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم إلى ما‬ ‫الفقراء الصعاليك‪ .‬فه ّ‬

‫‪186‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫طلبوا حرصا منه على إسلم سادة قريش‪ ،‬فنزلت الية‪ ،‬فخرج صلى الله‬
‫عليه وسلم يلتمس الفقراء‪ ،‬فلما رآهم جلس معهم وقال‪" :‬الحمد لله الذي‬
‫جعل في أمتي من أمرني ربي أن أصبر نفسي معهم" ]رواه مسلم[‪.‬‬
‫وروى أبو داود بإسناد جيد‪ ،‬عن أبي الدرداء عويمر رضي الله عنه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪" :‬ابغوني الضعفاء‪ ،‬فإنما‬
‫تنصرون وترزقون بضعفائكم"‪.‬‬
‫وهذا الحديث يدل على فضل ضعفاء المسلمين؛ لنهم أشد إخلصا في‬
‫الدعاء‪ ،‬وأكثر خشوعا في العبادة‪ ،‬لخلء قلوبهم عن التعلق بزخارف الدنيا‪.‬‬
‫وروى المام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪" :‬رب أشعث أغبر مدفوٍع بالبواب لو أقسم على الله لبره"‪.‬‬
‫ضعفاء صنعوا الحياة‬
‫إن مجاهد بن جبر‪ ،‬كان مولى للسائب بن أبي السائب المخزومي‪ ،‬إل أنه أبى‬
‫إل أن يصنع الحياة ويؤثر في جانب من جوانبها‪ ،‬فكان ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬شيخ‬
‫المفسرين والقراء‪ ،‬وإمامهم المقدم على كثير منهم‪.‬‬
‫ولذا يقول سفيان الثوري رحمه الله‪ :‬خذوا التفسير من أربعة‪ :‬مجاهد‪ ،‬وسعيد‬
‫بن جبير‪ ،‬وعكرمة‪ ،‬والضحاك‪.‬‬
‫ويقول العمش‪ :‬كان مجاهد كأنه حمال‪ ،‬فإذا نطق خرج من ِفيه اللؤلؤ‪ ،‬وكان‬
‫ابن عمر ربما أخذ له بالركاب‪ ،‬ومات رحمه الله وهو ساجد‪.‬‬
‫ترى الرجل النحيف فتزدريه ‪ ... ** ...‬وفي أثوابه أسد هصور‬
‫ويعجبك الطرير إذا تراه ‪ ... ** ...‬فيخلف ظنك الرجل الطرير‬
‫ضعاف السد أكثرها زئيرا ‪ ... ** ...‬وأصرمها اللواتي ل تزور‬
‫خشاش الطير أكثرها فراخا ‪ ... ** ...‬وأم الباز مقلة نزور‬
‫ل الب َُزاة ول الصقور‬‫ُبغاث الطير أطولها جسوما ‪ ... ** ...‬ولم ت َط ُ ِ‬
‫ولقد ظهر في المة بعد موت العبادلة الربعة )عبد الله بن عباس‪ ،‬وعبد الله‬
‫بن الزبير‪ ،‬وعبد الله بن عمر بن الخطاب‪ ،‬وعبد الله بن عمرو بن العاص(‬
‫عدد من العلماء ترجع إليهم المة كلها‪ ،‬جمعيهم من الموالي وهم‪ :‬مكحول‬
‫فقيه الشام‪ ،‬والحسن البصري في البصرة‪ ،‬وعطاء الخراساني عالم‬
‫خراسان‪ ،‬وعطاء بن أبي رباح في مكة‪ ،‬وإبراهيم النخعي في الكوفة‪ ،‬ويحيى‬
‫بن أبي كثير في اليمامة‪.‬‬
‫وتأمل معي كذلك سيرة الفقيه القدوة عالم اليمن‪ ،‬طاوس بن كيسان رحمه‬
‫الله‪ ،‬فقد ترك بصماته في هذه الحياة‪ ،‬رغم أنه لم يكن ذا نسب رفيع‪ ،‬وإنما‬
‫كان مولى لبحير بن ريسان الحميري‪.‬‬
‫مستجاب‬ ‫عباد اليمن‪ ،‬ومن سادات التابعين‪ُ ،‬‬ ‫قال ابن حبان‪ :‬كان طاوس من ُ‬
‫جل طاوسا‪ ،‬ويأذن‬ ‫الدعوة‪ ،‬حج أربعين حجة‪ .‬وكان ابن عباس رضي الله عنه ي ُ ِ‬
‫له مع الخواص‪ ،‬وكان أيضا يقول‪ :‬إني لظن طاوسا من أهل الجنة‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وهذا الحسن البصري لم يكن من سادة الناس وإنما كان من الموالي‪ ،‬فهو‬
‫مولى لزيد بن ثابت النصاري‪ ،‬وأمه مولة لم سلمة أم المؤمنين رضي الله‬
‫عنها‪ ،‬لكنه صار بعد ذلك سيد البصرة في زمانه‪ ،‬حتى إن الحجاج بن يوسف‬
‫من سيد البصرة؟ فقيل له‪ :‬الحسن البصري‪،‬‬ ‫الثقفي لما دخل البصرة قال‪َ :‬‬
‫قال‪ :‬كيف ذلك وهو من الموالي؟! فقيل له‪ :‬إن الناس احتاجوا إلى علمه‪،‬‬
‫واستغنى هو عما في أيدي الناس‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وصدق ابن الرومي حينما قال‪:‬‬


‫وللمجد قوم ساوروه بأنفس ‪ ... ** ...‬كرام ولم يرضوا بأم ول أب‬
‫نماذج عالمية‬
‫وهذه "مارجريت تاتشر"‪ ،‬كانت بائعة مغمورة في متجر في بريطانيا‪ ،‬لكنها‬
‫قررت أن يكون لها دور فاعل في الحياة‪ ،‬فكان لها ما أرادت‪ ،‬ول أظن أحدا‬
‫يجهل هذه المرأة التي أصبحت في قمة الهرم البريطاني‪ ،‬ورأست مجلس‬
‫وزراء بلدها لكثر من دورة انتخابية‪.‬‬
‫ولم يكن "جاك شيراك" صاحب وجاهة ول منصب‪ ،‬وإنما كان عامل بسيطا‬
‫في مطعم في الوليات المتحدة المريكية‪ ،‬لكنه كان ينظر إلى القمة‪ ،‬فلم‬
‫ض لنفسه أن يستمر في وضعه المتواضع‪ ،‬لذا قرر أن يسلك طريقا آخر‪،‬‬ ‫ير َ‬
‫فكان أن انتهى به المطاف بعد أربعة عقود ليصبح رئيسا لفرنسا‪.‬‬
‫ولما انُتخب "شيراك" رئيسا لفرنسا‪ ،‬وزار الوليات المتحدة المريكية‪ ،‬تحدث‬
‫في مؤتمره الصحافي مع كلينتون عن الفترة التي أمضاها في شبابه في‬
‫الوليات المتحدة المريكية‪ ،‬فقال‪" :‬منذ أربعين سنة كنت أعمل في مطعم‬
‫هوارد جونسون في الوليات المتحدة المريكية‪ ،‬ولم أتخيل أبدا أنني في يوم‬
‫من اليام سأقف في البيت البيض إلى جانب رئيس الوليات المتحدة‬
‫المريكية في مؤتمر صحافي"‪.‬‬
‫و"نابليون بونابرت" كان ضابطا صغيرا‪ ،‬ثم ترقى حتى أصبح إمبراطورا‬
‫لفرنسا‪ ،‬وسمع به القاصي والداني‪ ،‬وما زال الناس يؤرخون الحداث التي‬
‫صنعها‪.‬‬
‫و"لول داسيلفا" كان ماسحا للحذية ثم استطاع بعد سنوات أن يكون رئيسا‬
‫للبرازيل‪.‬‬
‫و"هوفر" كان بائعا للصحف في الوليات المتحدة المريكية‪ ،‬ثم أصبح بعد‬
‫ذلك رئيسا لها‪.‬‬
‫إن المثلة كثيرة في هذا المضمار‪ ،‬كما أن التاريخ وواقع الناس مليئان‬
‫بالشواهد والدلة‪ ،‬وما ذكرته غيض من فيض‪ ،‬وعزاؤنا في ذلك قول القائل‪:‬‬
‫تكفى اللبيب إشارة مرموزة ‪ ... ** ...‬وسواه ُيدعى بالنداء العالي‬
‫إن ما أود التذكير به والتأكيد عليه والتنبيه إليه‪ ،‬يكمن في أمرين مهمين‬
‫وهما‪:‬‬
‫‪ -1‬أل نستضعف غير الوجهاء‪ ،‬ول نستخف بمن ل جاه له ول منصب ول مكانة‬
‫اجتماعية‪ ،‬فإن أكرم الناس عند الله أتقاهم‪ ،‬وأنه ليس بين الناس وبين الله‬
‫نسب إل نسب اليمان والعمل الصالح والتقوى‪ ،‬كما أن اليام دول‪ ،‬فقد‬
‫يسود غير الوجيه‪ ،‬ويتقدم الناس غير شريف النسب‪ ،‬ويقود من لم يكن من‬
‫أبناء القادة والعظماء‪.‬‬
‫‪ -2‬على الضعفاء وغير الوجهاء ومن ل جاه لهم ول مكانة اجتماعية‪ ،‬أل‬
‫يحتقروا أنفسهم أو يهمشوا من أدوارهم أو يستسلموا لغيرهم‪ ،‬وإنما ينبغي‬
‫أن يدركوا أن لهم سلفا ممن هم بمثل حالهم وظروفهم‪ ،‬أبقى الله أثرهم‬
‫وخّلد ذكرهم ليكونوا قدوات شامخة لمن يأتي خلفهم‪.‬‬
‫________________________________________‬
‫** رئيس مركز التفكير البداعي بدولة المارات‪ ،‬والمشرف العام على‬
‫الموقع اللكتروني "إسلم تايم‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪188‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كن طيبا ً‬
‫فؤاد المنشاوي‬
‫أطفالنا يا ‪ii‬حسرتي‬
‫والزهر في رياضنا‬
‫حظيرة في ‪ii‬قرية‬
‫دجاجها كالم في‬
‫والديك في ‪ii‬أرجائها‬
‫مفارخ الصيصان ‪ii‬في‬
‫صيصانها ‪ii‬مبثوثة‬
‫إذا جاءنا ‪ii‬مفر ٌ‬
‫خ‬
‫ة‬
‫أظفاره ‪ii‬طويل ٌ‬
‫مسعتعليا ً في ‪ii‬طبعه‬
‫وديكنا ‪ii‬مستنفر‬
‫خاطبه ‪ii‬مذكرا ً‬
‫فانتفشت ‪ii‬أرياشه‬
‫ورد في ‪ii‬سفاهة‬
‫أمي هي ‪ii‬المفارخ‬
‫فانتفض الديك ‪ii‬له‬
‫عالجه ‪ii‬بنقرة‬
‫ورده ‪ii‬لحكمة ‪ ...‬زهر بل ‪ii‬عناية‬
‫فريسة لعنزة‬
‫صيصانها ‪ii‬كاللعبة‬
‫تحنانها للبنة‬
‫يقوم ‪ii‬بالحراسة‬
‫ديارنا ‪ii‬كالمحنة‬
‫في أرضنا ‪ii‬الحبيبة‬
‫يوما ً إلى ‪ii‬الحظيرة‬
‫وشعره ‪ii‬كالهرة‬
‫كالديك ‪ii‬للدجاجة‬
‫وأمره في حيرة‬
‫بصفعة البوة‬
‫والكبر أصل ‪ii‬العلة‬
‫أصلي من ‪ii‬الطبيعة‬
‫والبيض أصل ‪ii‬جدتي‬
‫والصوص في المنصة‬
‫وتّله ‪ii‬كالشعرة‬
‫كن طيبا ً كالبيضة‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كن فى الدنيا كانك غريب‬


‫إعلم أخي الكريم‪ :‬أن هذه الحياة الدنيا أنفاس معدودة في أماكن محدودة‪.‬‬
‫وأن هذه الحياة ) بحر ( و النفاس ) مراكب ( تقربنا إلى الشاطئ‪ .‬وأن‬
‫الحياة ) سفر (‪ ،‬وهو إن طال العمر أو قصر لبد أن ينتهي إلى المنزل‬

‫‪189‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والمستقر في نهاية المطاف‪ :‬إما إلى جنة أبدًا‪ ،‬أو إلى نار أبدُا‪.‬‬
‫مر إلى الجنة؟ أم تريد القعود مع القاعدين؟‬ ‫فهل من مش ّ‬
‫ي على جنات عدن فإنها *** منازلنا الولى وفيها المخيم‬ ‫فح ّ‬
‫أخي الحبيب‪..‬‬
‫لقد دق ناقوس الرحيل‪ ،‬وتهيأ الركب للمسير‪ ،‬فوضعوا الزاد‪ ،‬وملئت المزاد‪،‬‬
‫و حملت البل‪ ..‬وأنتم لم تزل في الرقدة الولى بعد!‬
‫أخي الحبيب‪..‬‬
‫ً‬
‫كلنا لبد أن يركب قطار الخرة و يسافر‪ .‬فهل تريد أن ترحل كريما‪ ،‬ويحسن‬
‫استقابلك‪ ،‬وتنزل منز ً‬
‫ل؟‬
‫أم تريد أن تذهب مخفورًا؟ وُتستقبل مهانًا؟ وتلقى ملوما ً مدحورا؟ً‬
‫در‪ .‬فما‬ ‫قر‪ ،‬وأعد له العدة وفكر‪ ،‬وهّيأ له الزاد وق ّ‬ ‫إن من أراد سفرا ً سأل ون ّ‬
‫بالنا نغفل عن السفر الطويل إلى الخرة؟‬
‫إن اليام تسير بنا وإن لم نسر‪ ،‬والنفاس مراحل تقربنا إلى القبر الذي هو‬
‫أول منازل الخرة‪ .‬وبعد ذلك أهوال وأهوال‪.‬‬
‫فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة *** وإل فإني ل إخالك ناجيا ً‬
‫فماذا تراك قد أعددت لهذا السفر الطويل الذي بدأ بالفعل منذ نزلت من‬
‫بطن أمك؟‬
‫أيام عمرك تذهب *** وجميع سعيك َيكتب‬
‫ثم الدليل عليك منك *** فأين أين المهرب؟‬
‫فالبدار البدار‪ ..‬فل يوجد ثم طريق للهرب أو الفرار‪.‬‬
‫ً‬
‫عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله ‪ } :‬بادروا بالعمال فتنا كقطع الليل‬
‫المظلم‪ ،‬يصبح الرجل مؤمنا ً ويمسي كافرًا‪ ،‬ويمسي مؤمنا ً ويصبح كافرًا‪ ،‬يبيع‬
‫دينه بعرض من الدنيا {‪.‬‬
‫فبادر يا أخي بالعمال الصالحة في زمن المهلة قبل أن تفلت من يدك‬
‫الفرصة‪.‬‬
‫قال ‪ } :‬ل تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال‪ :‬عن عمره‬
‫فيما أفناه‪ ،‬وعن شبابه فيما أبله‪ ،‬وعن ماله‪ :‬من أين اكتسبه‪ ،‬وفيما أنفقه‪،‬‬
‫وعن علمه ماذا عمل فيه {‪.‬‬
‫وقال ‪ }:‬نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس‪ :‬الصحة والفراغ {‪.‬‬
‫فالفراغ نعمة عظيمة لمن شغلها بطاعة الله تعالى‪ .‬فالنفس إن لم تشغلها‬
‫بالحق شغلتك هي بالباطل‪.‬‬
‫لقد هاج الفراغ عليك شغل ً *** وأسباب البلء من الفراغ‬
‫ُيحكى أن رجل ً كان يحاسب نفسه‪ ،‬فحسب يوما ً سني عمره‪ ،‬فوجدها ستين‬
‫سنة‪ .‬فحسب أيامها‪ ،‬فوجدها واحدا ً وعشرين ألف يوم وخمسمائة يوم‪.‬‬
‫فصرخ صرخة‪ ،‬و خّر مغشيا ً عليه‪ .‬فلما أفاق قال‪ :‬يا ويلتاه‪ ،‬أنا آتي ربي بواحد‬
‫وعشرين ألف ذنب وخمسمائة ذنب؟!‬
‫يقول هذا لو كان يقترف ذنبا ً واحدا ً في كل يوم‪ ،‬فكيف بذنوب كثيرة ل‬
‫تحصي؟‬
‫ي‪ ،‬عمرت دنياي‪ ،‬وخربت أخراي‪ ،‬وعصيت مولي‪ ،‬ثم ل أشتهي‬ ‫ثم قال‪ :‬آه عل ّ‬
‫النقلة من العمران إلى الخراب‪ .‬وأنشد‪:‬‬
‫منازل دنياك شّيدتها *** وخّربت دارك في الخرة‬
‫فأصبحت تكرهها للخرا *** ب وترغب في دارك العامرة‬
‫وفي الحديث‪ } :‬اغتنم خمسا ً قبل خمس‪ :‬شبابك قبل هرمك‪ ،‬وصحتك قبل‬
‫سقمك‪ ،‬وغناك قبل فقرك‪ ،‬وفراغك قبل شغلك‪ ،‬وحياتك قبل موتك {‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫واعلم أخي الحبيب أن لك موضعين تندم عندهما حيث ل ينفع الندم‪:‬‬


‫الول‪ :‬عند الحتضار؛ حيث تريد مهلة من الزمن لتصلح ما أفسدت‪ ،‬وتتدارك‬
‫ما ضيعت‪ ،‬ولكن هيهات‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬عند الحساب؛ حيث ُتوفى كل نفس ما كسبت وهم ل يظلمون‪.‬‬
‫قال ابن مسعود رضي الله عنه‪ ) :‬ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت‬
‫شمسه؛ نقص فيه أجلي‪ ،‬و لم يزد فيه عملي (‪.‬‬
‫وقال سعيد بن جبير‪ ) :‬إن كل يوم يعيشه المؤمن غنيمة (‪.‬‬
‫أخي الحبيب‪..‬‬
‫إن الليل و النهار رأس مال المؤمن؛ ربحها الجنة‪ ،‬وخسرانها النار‪ .‬والسنة‬
‫شجرة‪ :‬الشهور فروعها‪ ،‬واليام أغصانها‪ ،‬والساعات أوراقها‪ ،‬والنفاس‬
‫ثمارها‪ .‬فمن كانت أنفاسه في طاعة؛ فثمرته شجرة طيبة‪ ،‬ومن كانت‬
‫أنفاسه في في معصية؛ فثمرته حنظل والعياذ بالله‪.‬‬
‫قال الحسن‪ ) :‬من علمة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما ل يعينه؛‬
‫خذلنا ً من الله عز وجل (‪.‬‬
‫و قال أبو حازم‪ ) :‬إن بضاعة الخرة كاسدة‪ ،‬يوشك أن تنفق‪ ،‬فل ُيوصل منها‬
‫إلى قليل ول كثير‪ .‬ومتى حيل بين النسان والعمل لم يبق إل الحسرة‬
‫والسف عليه‪ ،‬ويتمنى الرجوع إلى حال يتمكن فيها من العمل‪ ،‬فل تنفعه‬
‫المنية (‪.‬‬
‫يا هذا‪..‬الليل و النهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي بهم ذلك‬
‫إلى آخر سفرهم‪ .‬فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زادا ً لما بين يديها‪،‬‬
‫فافعل‪ .‬فإن انقطاع السفر عن قريب ماهو‪ ،‬والمر أعجل من ذلك‪ .‬فتزود‬
‫لسفرك‪ ،‬واقض ما أنت قاض من أمرك‪ ،‬فكأنك بالمر قد بغتك‪.‬‬
‫إنما الدنيا إلى الجنة والنار طريق *** والليالي متجر النسان واليام سوق‬
‫قال الحسن رحمه الله‪ ) :‬ما مّر يوم على ابن آدم إل قال له‪ :‬ابن آدم‪ ،‬إني‬
‫دم ما شئت‬ ‫يوم جديد‪ ،‬و على عملك شهيد‪ ،‬وإذا ذهبت عنك لم أرجع إليك‪ ،‬فق ّ‬
‫خر ما شئت فلن يعود أبدا ُ إليك (‪.‬‬ ‫تجده بين يديك‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن ليل هل تعيش إلى الفجر‬ ‫ً‬
‫تؤمل في الدنيا طويل و لتدري *** إذا ج ّ‬
‫ً‬
‫فكم من صحيح مات من غير علة *** وكم من مريض عاش دهرا إلى دهر‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وقال أبو نصر آبادي‪ ) :‬مراعاة الوقات من علمات التيقظ (‪.‬‬


‫وقال مورق العجلي‪ ) :‬يا ابن آدم‪ ..‬تؤتى كل يوم برزقك وأنت تحزن‪ ،‬وينقص‬
‫عمرك وأنت ل تحزن وتطلب ما يطغيك وعندك ما يكفيك (‪.‬‬
‫وقال الحسن‪ ) :‬لم يزل الليل والنهار سريعين في نقص العمار‪ ،‬وتقريب‬
‫الجال‪ .‬هيهات‪ ،‬قد صّبحا نوحا ً وعادا ً وثمودا ً وقرونا ً بين ذلك كثيرًا‪ ،‬فأصبحوا‬
‫ضين‬‫قد أقدموا على ربهم ووردوا على أعمالهم‪ .‬وأصبح الليل والنهار غَ ّ‬
‫جديدين لم يبلهما ما مّرا به‪ ،‬مستعدين لما بقي بمثل ما أصاب به من‬
‫مضى (‪.‬‬
‫ً‬
‫لقد كان السلف الصالح مشغولين دائما بالخرة‪ ،‬منتبهين لقيمة الوقت‪.‬‬
‫قال ابن مهدي‪ ) :‬كنا مع سفيان الثوري جلوسا ً بمكة‪ ،‬فوثب و قال‪ :‬النهار‬
‫يعمل عمله (‪.‬‬
‫وقال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه‪ ) :‬إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة‪ ،‬وإن‬
‫الخرة قد ارتحلت مقبلة‪ ،‬ولكل منهما بنون‪ ،‬فكونوا من أبناء الخرة‪ ،‬ول‬

‫‪191‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تكونوا من أبناء الدنيا‪ ،‬فاليوم عمل ول حساب‪ ،‬وغدا ً حساب ول عمل (‪.‬‬
‫أخي الحبيب‪..‬‬
‫ما‬
‫خلقنا؟ ويجيب رب العزة‪ :‬وَ َ‬ ‫ً‬
‫ينبغي أن تذكر نفسك دائما بهذا السؤال‪ :‬لماذا ُ‬
‫ن ]الذاريات‪.[56:‬‬ ‫س إ ِّل ل ِي َعْب ُ ُ‬
‫دو ِ‬ ‫ن َوا ْ ِ‬
‫لن َ‬ ‫ج ّ‬‫ت ال ْ ِ‬ ‫خل َ ْ‬
‫ق ُ‬ ‫َ‬
‫ثم تأمل قول أبي الدرداء رضي الله عنه‪ ) :‬لول ثلث ما أحببت العيش يوما ً‬
‫واحدًا‪ :‬الظمأ لله بالهواجر‪ ،‬والسجود لله في جوف الليل‪ ،‬ومجالسة أقوام‬
‫ينتقون أطياب الكلم كما ُينتقى أطياب الثمر (‪.‬‬
‫وانظر أخي الكريم إلى وصية النبي التي حكاها ابن عمر رضي الله عنهما‪:‬‬
‫) كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل (‪.‬‬
‫قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله‪ ) :‬إن الدنيا ليست بدار قراركم‪ ،‬كتب الله‬
‫عليها الفناء‪ ،‬وكتب على أهلها الظعن‪ .‬فأحسنوا ما بحضرتكم من النقلة‪،‬‬
‫وتزودوا فإن خير الزاد التقوى (‪.‬‬
‫سبيلك في الدنيا سبيل مسافر *** ولبد من زاد لكل مسافر‬
‫ولبد للنسان من حمل عدة *** ول سيما إن خاف صولة قاهر‬
‫قال الحسن‪ ) :‬ابن آدم‪ ،‬إنك بين مطيتين يوضعانك‪ :‬الليل إلى النهار‪ ،‬والنهار‬
‫إلى الليل‪ ،‬حتى يسلمانك إلى الخرة‪ .‬فمن أعظم خطرا ً منك؟ (‪.‬‬
‫ياهذا‪ ،‬إنك لم تزل في هدم عمرك منذ خرجت من بطن أمك‪ .‬وإنما أنت أيام‬
‫معدودة‪ ،‬كلما ذهب يوم ذهب بعضك‪.‬‬
‫ألم تر أن اليوم أسرع ذاهب *** وأن غدا ً للناظرين قريب‬
‫ل‪ :‬كم أتت عليك؟ قال‪ :‬ستون سنة‪ .‬فقال‪ :‬فأنت ننذ ستين‬ ‫سأل الفضيل رج ً‬
‫سنة تسير إلى ربك‪ ،‬ويوشك أن تبلغ‪ .‬فقال الرجل‪ :‬إنا لله وإنا إليه راجعون‪.‬‬
‫ومن عجب اليام أنك جالس *** على الرض في الدنيا وأنت تسير‬
‫فسّيرك يا هذا كسير سفينة *** بقوم جلوس والقلوع تطير‬
‫وقال داود الطائي‪ ) :‬يا ابن آدم‪ ،‬فرحت ببلوغ أجلك‪ ،‬وإنما بلغته بانقضاء مدة‬
‫وفت بعملك‪ ،‬كأن منفعته لغيرك! (‪.‬‬ ‫أجلك‪ .‬وس ّ‬
‫إنا لنفرح باليام نقطعها *** وكل يوم مضى ُيدني من الجل‬
‫فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا ً *** فإنما الربح والخسران في العمل‬
‫أخي الحبيب‪..‬‬
‫إنما الزمان أشرف شيء؛ فل تضيعه في البطالة‪ .‬احرص على الطاعات‪،‬‬
‫واغتنم الوقات قبل الفوات‪.‬‬
‫اغتنم ركعتين زلفى إلى الله *** إذا كنت فارغا ً مستريحا‬
‫وإذا هممت بالقول في الباطل *** فاجعل مكانه تسبيحا ً‬
‫قال الحسن‪ ) :‬لقد أدركت أقواما ً كان أحدهم أشح بعمره من أحدكم‬
‫بدرهمه (‪.‬‬
‫والوقت أنفس ما عنيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك ُيضّيع‬
‫يحكى أن أبا موسى الشعري اجتهد قبل موته‪ ،‬فقيل له‪ :‬لو رفقت بنفسك؟‬
‫فقال‪ :‬إن الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها‪.‬‬
‫والذي بقي من أجلي أقل من ذلك‪.‬‬
‫وماالمرء إل راكب ظهر عمره *** على سفر يطويه باليوم والشهر‬
‫يبيت ويضحى كل يوم وليلة *** بعيدا ً عن الدنيا قريبا ً من القبر‬
‫ياهذا‪ ..‬أمس أجل‪ ،‬واليوم عمل‪ ،‬وغدا ً أمل‪ .‬فل يلهينك المل عن العمل‪.‬‬
‫كان يزيد الرقاشي يقول لنفسه‪ ) :‬ويحك يا يزيد‪ ،‬من ذا الذي يصلي عنك بعد‬
‫الموت؟ من ذا الذي يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا الذي يرضي ربك عنك‬
‫بعد الموت؟ ثم يقول‪ :‬أيها الناس‪ ،‬أل تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي‬

‫‪192‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حياتكم؟ (‪.‬‬
‫ترحل من الدنيا بزاد من التقى *** فعمرك أيام وهن قلئل‬
‫قال ابن مسعود رضي رضي الله عنه‪ ) :‬إنكم في ممر من الليل والنهار‪ ،‬في‬
‫آجال منقوصة‪ ،‬وأعمال محفوظة‪ ،‬والموت يأتي بغتة‪ .‬فمن يزرع خير فيوشك‬
‫أن يحصد رغبة‪ ،‬ومن زرع شرا ً فيوشك أن يحصد ندامة‪ ،‬ولكل زارع ما‬
‫زرع (‪.‬‬
‫تمر الليالي والحوادث تنقضي *** كأضغاث أحلم ونحن رقود‬
‫وأعجب من ذا أنها كل ساعة *** تجد ّ بنا سيرا ً ونحن قعود‬
‫قال يحيى بن معاذ‪ ) :‬لست أبكي على نفسي إن ماتت‪ ،‬إنما أبكي لحاجتي‬
‫إن فاتت (‪.‬‬
‫نروح ونغدو لحاجتنا *** وحاجة من عاش ل تنقضي‬
‫تموت مع المرء حاجته *** وتبقى له حاجة ما بقي‬
‫أخي الحبيب‪..‬‬
‫مر في جمع الغنائم الباردة قبل أن ُتمنعها؟ !‬ ‫هل آن الوان لكي تبادر وتش ّ‬
‫قال أحمد بن عاصم النطاكي‪ ) :‬هذه غنيمة باردة‪ :‬أصلح ما بقي من عمرك؛‬
‫يغفر لك ما مضى (‪.‬‬
‫ولله در القائل‪:‬‬
‫إذا كنت أعلم علما ً يقينا ً *** بأن جميع حياتي كساعة‬
‫فلم ل أكون ضنينا ً بها *** وأجعلها في صلح وطاعة؟‬

‫)‪(2 /‬‬

‫طوبى لمن سمع ووعى‪ ،‬وحقق ما ادعى‪ ،‬ونهى النفس عن الهوى‪ ،‬وعلم أن‬
‫الفائز من ارعوى‪ ،‬وأن ليس للنسان إل ما سعى‪.‬‬
‫وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫كن في الدنيا كأنك غريب‬


‫دار ابن خزيمة‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسوله ومن واله‪ ..‬وبعد‪:‬‬
‫إعلم أخي الحبيب أن هذه الحياة الدنيا أنفاس معدودة في أماكن محدودة‪.‬‬
‫وأن هذه الحياة ) بحر ( و النفاس ) مراكب ( تقربنا إلى الشاطئ‪ .‬وأن‬
‫الحياة ) سفر (‪ ،‬وهو إن طال العمر أو قصر لبد أن ينتهي إلى المنزل‬
‫والمستقر في نهاية المطاف‪ :‬إما إلى جنة أبدًا‪ ،‬أو إلى نار أبدُا‪.‬‬
‫مر إلى الجنة؟ أم تريد القعود مع القاعدين؟‬ ‫فهل من مش ّ‬
‫ي على جنات عدن فإنها *** منازلنا الولى وفيها المخيم‬ ‫فح ّ‬
‫أخي الحبيب‪..‬‬
‫لقد دق ناقوس الرحيل‪ ،‬وتهيأ الركب للمسير‪ ،‬فوضعوا الزاد‪ ،‬وملئت المزاد‪،‬‬
‫و حملت البل‪ ..‬وأنتم لم تزل في الرقدة الولى بعد!‬
‫أخي الحبيب‪..‬‬
‫ً‬
‫كلنا لبد أن يركب قطار الخرة و يسافر‪ .‬فهل تريد أن ترحل كريما‪ ،‬ويحسن‬
‫استقابلك‪ ،‬وتنزل منز ً‬
‫ل؟‬
‫أم تريد أن تذهب مخفورًا؟ وُتستقبل مهانًا؟ وتلقى ملوما ً مدحورًا؟‬

‫‪193‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫در‪ .‬فما‬ ‫قر‪ ،‬وأعد له العدة وفكر‪ ،‬وهّيأ له الزاد وق ّ‬ ‫إن من أراد سفرا ً سأل ون ّ‬
‫بالنا نغفل عن السفر الطويل إلى الخرة؟‬
‫إن اليام تسير بنا وإن لم نسر‪ ،‬والنفاس مراحل تقربنا إلى القبر الذي هو‬
‫أول منازل الخرة‪ .‬وبعد ذلك أهوال وأهوال‪.‬‬
‫فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة *** وإل فإني ل إخالك ناجيا ً‬
‫فماذا تراك قد أعددت لهذا السفر الطويل الذي بدأ بالفعل منذ نزلت من‬
‫بطن أمك؟‬
‫أيام عمرك تذهب *** وجميع سعيك َيكتب‬
‫ثم الدليل عليك منك *** فأين أين المهرب؟‬
‫فالبدار البدار‪ ..‬فل يوجد ثم طريق للهرب أو الفرار‪.‬‬
‫ً‬
‫عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله ‪ } :‬بادروا بالعمال فتنا كقطع الليل‬
‫المظلم‪ ،‬يصبح الرجل مؤمنا ً ويمسي كافرًا‪ ،‬ويمسي مؤمنا ً ويصبح كافرًا‪ ،‬يبيع‬
‫دينه بعرض من الدنيا {‪.‬‬
‫فبادر يا أخي بالعمال الصالحة في زمن المهلة قبل أن تفلت من يدك‬
‫الفرصة‪.‬‬
‫قال ‪ } :‬ل تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال‪ :‬عن عمره‬
‫فيما أفناه‪ ،‬وعن شبابه فيما أبله‪ ،‬وعن ماله‪ :‬من أين اكتسبه‪ ،‬وفيما أنفقه‪،‬‬
‫وعن علمه ماذا عمل فيه {‪.‬‬
‫وقال ‪ }:‬نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس‪ :‬الصحة والفراغ {‪.‬‬
‫فالفراغ نعمة عظيمة لمن شغلها بطاعة الله تعالى‪ .‬فالنفس إن لم تشغلها‬
‫بالحق شغلتك هي بالباطل‪.‬‬
‫لقد هاج الفراغ عليك شغل ً *** وأسباب البلء من الفراغ‬
‫ُيحكى أن رجل ً كان يحاسب نفسه‪ ،‬فحسب يوما ً سني عمره‪ ،‬فوجدها ستين‬
‫سنة‪ .‬فحسب أيامها‪ ،‬فوجدها واحدا ً وعشرين ألف يوم وخمسمائة يوم‪.‬‬
‫فصرخ صرخة‪ ،‬و خّر مغشيا ً عليه‪ .‬فلما أفاق قال‪ :‬يا ويلتاه‪ ،‬أنا آتي ربي بواحد‬
‫وعشرين ألف ذنب وخمسمائة ذنب؟!‬
‫يقول هذا لو كان يقترف ذنبا ً واحدا ً في كل يوم‪ ،‬فكيف بذنوب كثيرة ل‬
‫تحصي؟‬
‫ي‪ ،‬عمرت دنياي‪ ،‬وخربت أخراي‪ ،‬وعصيت مولي‪ ،‬ثم ل أشتهي‬ ‫ثم قال‪ :‬آه عل ّ‬
‫النقلة من العمران إلى الخراب‪ .‬وأنشد‪:‬‬
‫منازل دنياك شّيدتها *** وخّربت دارك في الخرة‬
‫فأصبحت تكرهها للخرا *** ب وترغب في دارك العامرة‬
‫وفي الحديث‪ } :‬اغتنم خمسا ً قبل خمس‪ :‬شبابك قبل هرمك‪ ،‬وصحتك قبل‬
‫سقمك‪ ،‬وغناك قبل فقرك‪ ،‬وفراغك قبل شغلك‪ ،‬وحياتك قبل موتك {‪.‬‬
‫واعلم أخي الحبيب أن لك موضعين تندم عندهما حيث ل ينفع الندم‪:‬‬
‫الول‪ :‬عند الحتضار؛ حيث تريد مهلة من الزمن لتصلح ما أفسدت‪ ،‬وتتدارك‬
‫ما ضيعت‪ ،‬ولكن هيهات‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬عند الحساب؛ حيث ُتوفى كل نفس ما كسبت وهم ل يظلمون‪.‬‬
‫قال ابن مسعود رضي الله عنه‪ ) :‬ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت‬
‫شمسه؛ نقص فيه أجلي‪ ،‬و لم يزد فيه عملي (‪.‬‬
‫وقال سعيد بن جبير‪ ) :‬إن كل يوم يعيشه المؤمن غنيمة (‪.‬‬
‫أخي الحبيب‪..‬‬
‫إن الليل و النهار رأس مال المؤمن؛ ربحها الجنة‪ ،‬وخسرانها النار‪ .‬والسنة‬
‫شجرة‪ :‬الشهور فروعها‪ ،‬واليام أغصانها‪ ،‬والساعات أوراقها‪ ،‬والنفاس‬

‫‪194‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ثمارها‪ .‬فمن كانت أنفاسه في طاعة؛ فثمرته شجرة طيبة‪ ،‬ومن كانت‬
‫أنفاسه في في معصية؛ فثمرته حنظل والعياذ بالله‪.‬‬
‫قال الحسن‪ ) :‬من علمة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما ل يعينه؛‬
‫خذلنا ً من الله عز وجل (‪.‬‬
‫و قال أبو حازم‪ ) :‬إن بضاعة الخرة كاسدة‪ ،‬يوشك أن تنفق‪ ،‬فل ُيوصل منها‬
‫إلى قليل ول كثير‪ .‬ومتى حيل بين النسان والعمل لم يبق إل الحسرة‬
‫والسف عليه‪ ،‬ويتمنى الرجوع إلى حال يتمكن فيها من العمل‪ ،‬فل تنفعه‬
‫المنية (‪.‬‬
‫يا هذا‪..‬الليل و النهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي بهم ذلك‬
‫إلى آخر سفرهم‪ .‬فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زادا ً لما بين يديها‪،‬‬
‫فافعل‪ .‬فإن انقطاع السفر عن قريب ماهو‪ ،‬والمر أعجل من ذلك‪ .‬فتزود‬
‫لسفرك‪ ،‬واقض ما أنت قاض من أمرك‪ ،‬فكأنك بالمر قد بغتك‪.‬‬
‫إنما الدنيا إلى الجنة والنار طريق *** والليالي متجر النسان واليام سوق‬
‫قال الحسن رحمه الله‪ ) :‬ما مّر يوم على ابن آدم إل قال له‪ :‬ابن آدم‪ ،‬إني‬
‫دم ما شئت‬ ‫يوم جديد‪ ،‬و على عملك شهيد‪ ،‬وإذا ذهبت عنك لم أرجع إليك‪ ،‬فق ّ‬
‫خر ما شئت فلن يعود أبدا ُ إليك (‪.‬‬ ‫تجده بين يديك‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن ليل هل تعيش إلى الفجر‬ ‫ّ‬ ‫ج‬ ‫إذا‬ ‫***‬ ‫لتدري‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ل‬‫طوي‬ ‫تؤمل في الدنيا‬

‫)‪(1 /‬‬

‫فكم من صحيح مات من غير علة *** وكم من مريض عاش دهرا ً إلى دهر‬
‫وقال أبو نصر آبادي‪ ) :‬مراعاة الوقات من علمات التيقظ (‪.‬‬
‫وقال مورق العجلي‪ ) :‬يا ابن آدم‪ ..‬تؤتى كل يوم برزقك وأنت تحزن‪ ،‬وينقص‬
‫عمرك وأنت ل تحزن وتطلب ما يطغيك وعندك ما يكفيك (‪.‬‬
‫وقال الحسن‪ ) :‬لم يزل الليل والنهار سريعين في نقص العمار‪ ،‬وتقريب‬
‫الجال‪ .‬هيهات‪ ،‬قد صّبحا نوحا ً وعادا ً وثمودا ً وقرونا ً بين ذلك كثيرًا‪ ،‬فأصبحوا‬
‫قد أقدموا على ربهم ووردوا على أعمالهم‪ .‬وأصبح الليل والنهار غَ ّ‬
‫ضين‬
‫جديدين لم يبلهما ما مّرا به‪ ،‬مستعدين لما بقي بمثل ما أصاب به من‬
‫مضى (‪.‬‬
‫ً‬
‫لقد كان السلف الصالح مشغولين دائما بالخرة‪ ،‬منتبهين لقيمة الوقت‪.‬‬
‫قال ابن مهدي‪ ) :‬كنا مع سفيان الثوري جلوسا ً بمكة‪ ،‬فوثب و قال‪ :‬النهار‬
‫يعمل عمله (‪.‬‬
‫وقال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه‪ ) :‬إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة‪ ،‬وإن‬
‫الخرة قد ارتحلت مقبلة‪ ،‬ولكل منهما بنون‪ ،‬فكونوا من أبناء الخرة‪ ،‬ول‬
‫تكونوا من أبناء الدنيا‪ ،‬فاليوم عمل ول حساب‪ ،‬وغدا ً حساب ول عمل (‪.‬‬
‫أخي الحبيب‪..‬‬
‫ما‬
‫خلقنا؟ ويجيب رب العزة‪ :‬وَ َ‬ ‫ً‬
‫ينبغي أن تذكر نفسك دائما بهذا السؤال‪ :‬لماذا ُ‬
‫ن ]الذاريات‪.[56:‬‬ ‫دو ِ‬ ‫س إ ِّل ل ِي َعْب ُ ُ‬ ‫ن َوا ْ ِ‬
‫لن َ‬ ‫ت ال ْ ِ‬
‫ج ّ‬ ‫خل َ ْ‬
‫ق ُ‬ ‫َ‬
‫ثم تأمل قول أبي الدرداء رضي الله عنه‪ ) :‬لول ثلث ما أحببت العيش يوما ً‬
‫واحدًا‪ :‬الظمأ لله بالهواجر‪ ،‬والسجود لله في جوف الليل‪ ،‬ومجالسة أقوام‬
‫ينتقون أطياب الكلم كما ُينتقى أطياب الثمر (‪.‬‬
‫وانظر أخي الكريم إلى وصية النبي التي حكاها ابن عمر رضي الله عنهما‪:‬‬
‫) كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل (‪.‬‬
‫قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله‪ ) :‬إن الدنيا ليست بدار قراركم‪ ،‬كتب الله‬

‫‪195‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عليها الفناء‪ ،‬وكتب على أهلها الظعن‪ .‬فأحسنوا ما بحضرتكم من النقلة‪،‬‬


‫وتزودوا فإن خير الزاد التقوى (‪.‬‬
‫سبيلك في الدنيا سبيل مسافر *** ولبد من زاد لكل مسافر‬
‫ولبد للنسان من حمل عدة *** ول سيما إن خاف صولة قاهر‬
‫قال الحسن‪ ) :‬ابن آدم‪ ،‬إنك بين مطيتين يوضعانك‪ :‬الليل إلى النهار‪ ،‬والنهار‬
‫إلى الليل‪ ،‬حتى يسلمانك إلى الخرة‪ .‬فمن أعظم خطرا ً منك؟ (‪.‬‬
‫ياهذا‪ ،‬إنك لم تزل في هدم عمرك منذ خرجت من بطن أمك‪ .‬وإنما أنت أيام‬
‫معدودة‪ ،‬كلما ذهب يوم ذهب بعضك‪.‬‬
‫ً‬
‫ألم تر أن اليوم أسرع ذاهب *** وأن غدا للناظرين قريب‬
‫ل‪ :‬كم أتت عليك؟ قال‪ :‬ستون سنة‪ .‬فقال‪ :‬فأنت ننذ ستين‬ ‫سأل الفضيل رج ً‬
‫سنة تسير إلى ربك‪ ،‬ويوشك أن تبلغ‪ .‬فقال الرجل‪ :‬إنا لله وإنا إليه راجعون‪.‬‬
‫ومن عجب اليام أنك جالس *** على الرض في الدنيا وأنت تسير‬
‫فسّيرك يا هذا كسير سفينة *** بقوم جلوس والقلوع تطير‬
‫وقال داود الطائي‪ ) :‬يا ابن آدم‪ ،‬فرحت ببلوغ أجلك‪ ،‬وإنما بلغته بانقضاء مدة‬
‫وفت بعملك‪ ،‬كأن منفعته لغيرك! (‪.‬‬ ‫أجلك‪ .‬وس ّ‬
‫إنا لنفرح باليام نقطعها *** وكل يوم مضى ُيدني من الجل‬
‫فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا ً *** فإنما الربح والخسران في العمل‬
‫أخي الحبيب‪..‬‬
‫إنما الزمان أشرف شيء؛ فل تضيعه في البطالة‪ .‬احرص على الطاعات‪،‬‬
‫واغتنم الوقات قبل الفوات‪.‬‬
‫ً‬
‫اغتنم ركعتين زلفى إلى الله *** إذا كنت فارغا مستريحا‬
‫وإذا هممت بالقول في الباطل *** فاجعل مكانه تسبيحا ً‬
‫قال الحسن‪ ) :‬لقد أدركت أقواما ً كان أحدهم أشح بعمره من أحدكم‬
‫بدرهمه (‪.‬‬
‫والوقت أنفس ما عنيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك ُيضّيع‬
‫يحكى أن أبا موسى الشعري اجتهد قبل موته‪ ،‬فقيل له‪ :‬لو رفقت بنفسك؟‬
‫فقال‪ :‬إن الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها‪.‬‬
‫والذي بقي من أجلي أقل من ذلك‪.‬‬
‫وماالمرء إل راكب ظهر عمره *** على سفر يطويه باليوم والشهر‬
‫يبيت ويضحى كل يوم وليلة *** بعيدا ً عن الدنيا قريبا ً من القبر‬
‫ياهذا‪ ..‬أمس أجل‪ ،‬واليوم عمل‪ ،‬وغدا ً أمل‪ .‬فل يلهينك المل عن العمل‪.‬‬
‫كان يزيد الرقاشي يقول لنفسه‪ ) :‬ويحك يا يزيد‪ ،‬من ذا الذي يصلي عنك بعد‬
‫الموت؟ من ذا الذي يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا الذي يرضي ربك عنك‬
‫بعد الموت؟ ثم يقول‪ :‬أيها الناس‪ ،‬أل تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي‬
‫حياتكم؟ (‪.‬‬
‫ترحل من الدنيا بزاد من التقى *** فعمرك أيام وهن قلئل‬
‫قال ابن مسعود رضي رضي الله عنه‪ ) :‬إنكم في ممر من الليل والنهار‪ ،‬في‬
‫آجال منقوصة‪ ،‬وأعمال محفوظة‪ ،‬والموت يأتي بغتة‪ .‬فمن يزرع خير فيوشك‬
‫أن يحصد رغبة‪ ،‬ومن زرع شرا ً فيوشك أن يحصد ندامة‪ ،‬ولكل زارع ما‬
‫زرع (‪.‬‬
‫تمر الليالي والحوادث تنقضي *** كأضغاث أحلم ونحن رقود‬
‫وأعجب من ذا أنها كل ساعة *** تجد ّ بنا سيرا ً ونحن قعود‬
‫قال يحيى بن معاذ‪ ) :‬لست أبكي على نفسي إن ماتت‪ ،‬إنما أبكي لحاجتي‬
‫إن فاتت (‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نروح ونغدو لحاجتنا *** وحاجة من عاش ل تنقضي‬


‫تموت مع المرء حاجته *** وتبقى له حاجة ما بقي‬
‫أخي الحبيب‪..‬‬
‫مر في جمع الغنائم الباردة قبل أن ُتمنعها؟ !‬
‫ّ‬ ‫وتش‬ ‫تبادر‬ ‫لكي‬ ‫هل آن الوان‬
‫قال أحمد بن عاصم النطاكي‪ ) :‬هذه غنيمة باردة‪ :‬أصلح ما بقي من عمرك؛‬
‫يغفر لك ما مضى (‪.‬‬
‫ولله در القائل‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫إذا كنت أعلم علما ً يقينا ً *** بأن جميع حياتي كساعة‬
‫فلم ل أكون ضنينا ً بها *** وأجعلها في صلح وطاعة؟‬
‫طوبى لمن سمع ووعى‪ ،‬وحقق ما ادعى‪ ،‬ونهى النفس عن الهوى‪ ،‬وعلم أن‬
‫الفائز من ارعوى‪ ،‬وأن ليس للنسان إل ما سعى‪.‬‬
‫وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫حا !!‬ ‫كن مع نفسك صري ً‬


‫فيصل بن سعود الحليبي * ‪11/7/1423‬‬
‫‪18/09/2002‬‬
‫ن الله عليهم بالهداية والستقامة ‪،‬‬ ‫م ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫قا أن يعتقد بعض َ‬ ‫إن من الخطأ ح ً‬
‫حتى غدوا في طريق الدعاة أو طلبة العلم ‪ ،‬أو حتى من عامة الناس الذين‬
‫سلكوا طريق اليمان وارتضوه ‪ ،‬من الخطأ أن يعتقدوا أنهم قد بلغوا درجة‬
‫كمال اليمان ‪ ،‬هذا العتقاد الذي يوهمهم بشعور شيطاني خفي ليسقطهم‬
‫في شباك غاية في التعقيد ‪ ،‬حتى تبدو عليهم عدة مظاهر قد ل تتبين لهم ‪،‬‬
‫ولكنها غاية في الظهور أمام الناس ‪.‬‬
‫تلك المظاهر متعددة‪ ،‬أسوق بعضا ً منها طلبا من نفسي وألتمس منك أيها‬
‫ً‬
‫الصادق مع نفسه أن نبحث عنها في أنفسنا ‪ ،‬فربما كانت فينا ‪ ،‬لنقف عليها‬
‫ونعالجها قبل أن يستشري داؤها ‪ ،‬وينتشر وباؤها ‪ ،‬ولقد رصدت لك عشرين‬
‫مظهًرا ‪ ،‬إليك بيانها ‪:‬‬
‫حا ‪ ،‬ول يقبل أن يكون‬ ‫‪ (1‬أن يشعر أحدنا بأنه فوق النصيحة ‪ ،‬وأنه غدا ناص ً‬
‫حا ‪ ،‬فإن من المفاجأة له أن يتجرأ أحد من الناس بنصيحته ‪ ،‬وقد يبدي‬ ‫منصو ً‬
‫شيًئا من قبولها لكنها تكون على نفسه أثقل من الجبال ‪ ،‬وهنا يتثاقل عن‬
‫العمل بها ‪ ،‬وربما يبدأ صفحة كره وبغض أو ‪-‬على القل‪ -‬تجنب لهذا الناصح‬
‫المين واستثقال لمجالسته ‪ .‬فأين هذا المنصوح من قول النبي‪ -‬صلى الله‬
‫ه‬ ‫ل ‪ :‬ل ِل ّهِ وَل ِك َِتاب ِهِ وَل َِر ُ‬
‫سول ِ ِ‬ ‫ن ؟ َقا َ‬
‫م ْ‬‫ة ‪ ،‬قُل َْنا ‪ :‬ل ِ َ‬
‫ح ُ‬
‫صي َ‬‫ن الن ّ ِ‬ ‫دي ُ‬‫عليه وسلم‪) : -‬ال ّ‬
‫َ‬
‫م ( رواه مسلم ‪.‬فهل يحب من يأبى النصيحة أن‬ ‫مت ِهِ ْ‬
‫عا ّ‬
‫ن وَ َ‬ ‫مي َ‬
‫سل ِ ِ‬ ‫مةِ ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫وَِلئ ِ ّ‬
‫يبقى على زلله من دون أن ينبهه أحد على ذلك‪ ،‬فيكون بذلك عرضة‬
‫للستمرار فيه‪ ،‬والوقوع في عواقبه ؟‬
‫‪ (2‬البحث عن الفتاوى الشرعية التي توافق هواه أو تحقق له مصلحة‬
‫شخصية ‪ ،‬حتى لو أدى هذا المر إلى تغيير وجهة نظر كانت راسخة في‬
‫ذهنه ‪ ،‬أو عليها عمله مدة طويلة ‪ ،‬وإن أشبه شيء لهذا التصرف هو ما يطلق‬
‫عليه العلماء بتتبع الرخص تشهًيا ولعًبا بالدين وأحكامه ‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ (3‬التقليل من عمل الخرين ‪ ،‬والتحقير من جهودهم ‪ ،‬ففي الوقت الذي‬


‫يتفانى عدد من المخلصين في خدمة الدين ورفعته والدعوة إليه ‪ ،‬نجده ل‬
‫دا صرف‬ ‫يعرف إل النهش في نواياهم ‪ ،‬والقدح في مقاصدهم ‪ ،‬ويحاول جاه ً‬
‫ألوان الكبار عنهم ‪ ،‬وقد يصل المر إلى السخرية بهم ‪ ،‬وتكمل فرحته إذا‬
‫ظهر خطأ أحدهم ‪ .‬ومطية ذلك كله سوء الظن ‪ ،‬وعدم صفاء القلب ‪ ،‬ل أجد‬
‫ترهيًبا لمثل هذا المظهر أكثر من قول الله ‪ -‬تعالى ‪-:‬‬
‫ن إ ِلّ‬ ‫دو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ن ل يَ ِ‬‫َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ت َوال ِ‬ ‫صد ََقا ِ‬ ‫ن ِفي ال ّ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤْ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫عي َ‬ ‫مط ّوّ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مُزو َ‬ ‫ن ي َل ْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫) ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫م( ‪.‬‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬ ‫م وَل َهُ ْ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫خَر الل ّ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫م َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫خُرو َ‬ ‫س َ‬ ‫م فَي َ ْ‬ ‫جهْد َهُ ْ‬ ‫ُ‬
‫‪ (4‬النشغال بالجزئيات ‪ ،‬والتفريط في المانات ‪ .‬فهل من الدين أن ينشغل‬
‫المرء ببعض المندوبات حتى يؤثر هذا على أداء العمل والمانة التي يجب‬
‫القيام بها ‪ ،‬هل من اللتزام أن يتظاهر بالمرض أو التعب ليتخلف عن حضور‬
‫الدوام الرسمي ‪ ،‬وهل من التمسك بالسلم أن يفرط في رعايته لسرته‬
‫وتربية أولده بحجة نشر الدين والدعوة إليه !! وهل من الستقامة أن يتخذ‬
‫المرء الكذب مطية لدفع تهمة التقصير في المسؤولية الملقاة على كاهله ؟!‬
‫يقول الله –تعالى‪ ) : -‬يا أيها الذين آمنوا ل تخونوا الله والرسول وتخونوا‬
‫أماناتكم وأنتم تعلمون ( ‪.‬‬
‫‪ (5‬حب الظهور والقيادة ولو على شيء يسير ‪ ،‬ولربما جاهد وكافح من أجل‬
‫هذا المر ‪ ،‬وما علم أن تحمل المسؤولية والمانة حمل ثقيل على التقياء‬
‫والمخلصين ‪ .‬عَ َ‬
‫ي – صلى الله عليه‬ ‫ت عََلى الن ّب ِ ّ‬ ‫خل ْ ُ‬ ‫ل‪) :‬د َ َ‬ ‫سى َقا َ‬ ‫مو َ‬ ‫ن أِبي ُ‬ ‫ْ‬
‫ل الل ّه ‪ ،‬أ َ‬ ‫َ‬ ‫ل أَ‬ ‫َ‬
‫مْرَنا‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫سو‬ ‫ر‬ ‫يا‬ ‫‪:‬‬
‫َ ُ ّ ُ ْ ِ َ َ ُ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫قا‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫مي‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ني‬ ‫ِ‬ ‫ب‬
‫ْ َ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ن‬‫جَل ِ‬ ‫وسلم ‪ -‬أَنا وََر ُ‬
‫ل ‪ :‬إ ِّنا َوالل ّهِ َل ن ُوَّلي عََلى‬ ‫قا َ‬ ‫ك ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫خُر ِ‬ ‫ل اْل َ‬ ‫ه ‪ ،‬وََقا َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫ما وَّل َ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫عََلى ب َعْ‬
‫ص عَل َي ْهِ ( رواه مسلم ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذا ال ْعم َ‬
‫حَر َ‬ ‫دا َ‬ ‫ح ً‬ ‫ه وََل أ َ‬ ‫سأل َ ُ‬ ‫دا َ‬ ‫ح ً‬ ‫لأ َ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫هَ َ‬
‫‪ (6‬جلفة الخلق ‪ ،‬والترفع على عامة الناس وضعفائهم ‪ ،‬فإن الله –تعالى‪-‬‬
‫ت‬‫م وَل َوْ ك ُن ْ َ‬ ‫ت ل َهُ ْ‬ ‫ن الل ّهِ ل ِن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مةٍ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ما َر ْ‬ ‫قال لنبيه – صلى الله عليه وسلم‪ ) :-‬فَب ِ َ‬
‫م ِفي‬ ‫شاوِْرهُ ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫َ‬
‫فْر لهُ ْ‬ ‫ست َغْ ِ‬ ‫م َوا ْ‬ ‫ف عَن ْهُ ْ‬ ‫ك َفاعْ ُ‬ ‫حوْل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫ب َلن ْ َ‬ ‫قل ْ ِ‬ ‫ظ ال ْ َ‬ ‫ظا غَِلي َ‬ ‫فَ ّ‬
‫َ‬
‫ن ( ‪ ،‬فإن الرفق _‬ ‫مت َوَك ِّلي َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ل عََلى الل ّهِ إ ِ ّ‬ ‫ت فَت َوَك ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مرِ فَإ َِذا عََز ْ‬ ‫اْل ْ‬
‫أيها الموفق _ ما دخل في شيء إل زانه ‪ ،‬وما نزع من شيء إل شانه ‪ ،‬ومن‬
‫تواضع لله رفعه ‪.‬‬
‫‪ (7‬الفتخار بقوة الجدل ‪ ،‬وطول النفس في المراء ‪ ،‬ولو بالحق ‪ ،‬أو في أمور‬
‫ك‬‫ن ت ََر َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل الل ّهِ – صلى الله عليه وسلم‪ -‬قال ‪َ ) :‬‬ ‫سو ُ‬ ‫العلم ومسائله ‪ ،‬فإن َر ُ‬
‫ي لَ ُ‬
‫ه‬ ‫حقّ ب ُن ِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫مَراَء وَهُوَ ُ‬ ‫ك ال ْ ِ‬ ‫ن ت ََر َ‬ ‫م ْ‬ ‫جن ّةِ ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ض ال ْ َ‬ ‫ه ِفي َرب َ ِ‬ ‫ي لَ ُ‬ ‫ل ب ُن ِ َ‬ ‫ب وَهُوَ َباط ِ ٌ‬ ‫ال ْك َذِ َ‬
‫َ‬
‫ه ِفي أعَْل َ‬
‫ها (رواه الترمذي وقال حديث‬ ‫ي لَ ُ‬ ‫ه ب ُن ِ َ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل ُ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫سط َِها ‪،‬وَ َ‬ ‫ِفي وَ َ‬
‫حسن ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪ (8‬الضعف أمام الفتن ‪ ،‬فإن في الشدائد تتميز الهمم العالية ‪ ،‬وتثبت القلوب‬
‫الصافية ‪ ،‬ويأبى صاحب البناء المهلهل إل أن ينهار ‪ ،‬ويسقط خائًبا ‪ ،‬ليدل‬
‫انهياره المحسوس على انهيار داخلي في قلبه وإيمانه ‪ ،‬ولقد حكى الله هذا‬
‫ُ‬
‫مّنا ِبالل ّهِ فَإ َِذا أوذِ َ‬
‫ي‬ ‫لآ َ‬‫قو ُ‬‫ن يَ ُ‬
‫م ْ‬
‫س َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫المشهد في أروع بيان فقال ‪ ) :‬وَ ِ‬
‫ن إ ِّنا كّناُ‬ ‫ُ‬
‫قول ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن َرب ّك لي َ ُ‬‫م ْ‬
‫صٌر ِ‬
‫جاَء ن َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ب اللهِ وَلئ ِ ْ‬ ‫س ك َعَ َ‬
‫ذا ِ‬ ‫جعَ َ‬ ‫ِفي الل ّهِ َ‬
‫ة ال َّنا ِ‬ ‫ل فِت ْن َ َ‬
‫معك ُ َ‬
‫ن(‪.‬‬ ‫مي َ‬‫دورِ ال َْعال َ ِ‬‫ص ُ‬ ‫ما ِفي ُ‬ ‫م بِ َ‬‫ه ب ِأعْل َ َ‬
‫س الل ّ ُ‬ ‫م أوَ ل َي ْ َ‬‫َ َ ْ‬
‫‪ (9‬النظرة السوداء للحال الذي يعيشه المسلمون اليوم ‪ ،‬وتصوير الواقع بأنه‬
‫مظلم ل بصيص فيه للمل ‪ ،‬وإكثار الكلم عن وجود أنواع الفساد وكثرتها ‪،‬‬

‫‪198‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من دون أن يكون للمبشرات في حديثنا نصيب ‪ ،‬ول لخبار النصر في‬
‫مجالسنا وجود ‪ ،‬المر الذي يزيد من هزيمتنا النفسية ‪ ،‬ويصيب النفس‬
‫قد ْ ك َت َب َْنا ِفي‬ ‫المترددة بالتخاذل ‪ ،‬وكأننا لم نقرأ في كتاب الله ‪-‬تعالى ‪ ) :-‬وَل َ َ‬
‫من ب َعْدِ الذ ّك ْر أ َ ّ َ‬
‫ن ( ‪ ،‬فلنمل قلوبنا‬ ‫حو َ‬ ‫صال ِ ُ‬ ‫عَباِدي ال ّ‬ ‫ض ي َرِث َُها ِ‬ ‫ن اْلْر َ‬ ‫ِ‬ ‫الّزُبورِ ِ ْ‬
‫بالتفاؤل ‪ ،‬ونحاول بدل ً من سوداوية النظرة أن نبحث عن الخطاء فنصلحها ‪،‬‬
‫ونراجع العمال وننقحها ‪ ،‬ول ننشغل بالحزن على الرزايا ‪ ،‬ولنعلم أن الحكم‬
‫بالهلك ل يأتي إل بالهلك ‪ ،‬فإن النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يقول ‪ ) :‬إ َِذا‬
‫َ‬
‫ضا أن النصر ل‬ ‫م ( رواه مسلم ‪ ،‬ولنعلم أي ً‬ ‫س فَهُوَ أهْل َك ُهُ ْ‬ ‫ك الّنا ُ‬ ‫ل هَل َ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ل الّر ُ‬ ‫َقا َ‬
‫دا بالحزان ‪ ) ،‬إن تنصروا الله ينصركم ويثبت‬ ‫يأتي إل بالنصر ‪ ،‬ولن يأتي أب ً‬
‫أقدامكم ( ‪.‬‬
‫‪ (10‬سرعة الحكم على ما يحدث من أحداث ‪ ،‬وإتباع هذه العجلة بتعميم‬
‫الحكام على الفرق والشخاص ‪ ،‬وقد افتقد هذا وذاك عوامل الحكم‬
‫الصحيح ؛ من الهلية لذلك ‪ ،‬والدراسة الوافية ‪ ،‬والتثبت في المر ‪ ،‬وإمعان‬
‫النظر وطول التأمل ‪ ،‬فأي نتيجة سوف يحصدها من زرع ولم يسقه بالماء‬
‫الصالح للسقي ‪ ،‬ولم يشتم الهواء الصحي ‪ ،‬ولم ترعه اليدي المحترفة ؟!‬
‫عوا‬‫ف أ ََذا ُ‬ ‫خوْ ِ‬ ‫ن أ َوْ ال ْ َ‬ ‫م ِ‬
‫َ‬
‫ن اْل ْ‬ ‫م َ‬ ‫مٌر ِ‬ ‫مأ ْ‬
‫أين نحن من قول الله ‪-‬تعالى ‪ ) :-‬وإَذا جاَءهُ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل وَإ َِلى أوِْلي‬
‫ه‬
‫َ ُ‬ ‫ن‬ ‫طو‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ذي‬
‫ْ ِ ِ ُْ ْ َ ِ َ ُ ِ َ َ ْ َِْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫سو ِ‬ ‫ب ِهِ وَل َوْ َرّدوه ُ إ َِلى الّر ُ‬
‫ن إ ِّل قَِليًل ( ‪ ،‬فلنترك‬ ‫طا َ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ه َلت ّب َعْت ُ ْ‬ ‫مت ُ ُ‬‫ح َ‬ ‫م وََر ْ‬ ‫ل الل ّهِ عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫م وَل َوَْل فَ ْ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ِ‬
‫الكلم لهل العلم يقولون فيه بما يفتح الله عليهم ‪ ،‬ولنمسك عن الخوض‬
‫ما‬
‫ف َ‬ ‫ق ُ‬ ‫فيما ل نعلم ‪ ،‬فإنه قارب النجاة للمجتمع ‪ ،‬وحزام المان للمة ‪ ) ،‬وََل ت َ ْ‬
‫سُئوًل( ‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن عَن ْ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل أ ُوْل َئ ِ َ‬ ‫ؤاد َ ك ُ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫صَر َوال ْ ُ‬ ‫معَ َوال ْب َ َ‬ ‫س ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫عل ْ ٌ‬‫ك ب ِهِ ِ‬ ‫س لَ َ‬ ‫ل َي ْ َ‬
‫‪ (11‬سرعة تصديق الخبار ‪ ،‬وعدم الكتفاء بذلك ‪ ،‬بل والحرص على نشرها‬
‫وتوزيعها ‪ ،‬ول تسأل عن مصادرها ما دامت شبكة النترنت سوف تنقل لك‬
‫الحدث قبل انتهاء نصف الدقيقة من حدوثه ‪ ،‬ولكن من هو الناقل ‪ ،‬وما‬
‫ما عند جملة منا ‪،‬‬ ‫مصداقيته ‪ ،‬وما أغراضه وأهدافه ؟ أمر قد ل يكون مه ً‬
‫المهم فقط هو نقل خبر جديد والتلذذ بنقله ‪ ،‬إن صدًقا وإن كذًبا ‪ ،‬إن خيًرا‬
‫وإن شًرا ‪ ،‬ويا لها من عظة بليغة ترجع لها النفوس الطيبة عند سماع كلماتها‬
‫َ‬
‫سقٌ ب ِن َب َإ ٍ فَت َب َي ُّنوا‬ ‫م َفا ِ‬ ‫جاَءك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مُنوا إ ِ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫النيرة في قوله –سبحانه‪َ ) : -‬ياأي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ن(‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫م َنادِ ِ‬ ‫ما فَعَل ْت ُ ْ‬ ‫حوا عََلى َ‬ ‫صب ِ ُ‬ ‫جَهال َةٍ فَت ُ ْ‬ ‫ما ب ِ َ‬ ‫صيُبوا قَوْ ً‬ ‫ن تُ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫‪ (12‬تقديس الشخاص وإطراؤهم ‪ ،‬وما لذلك من تبعات التقليد دون نظر أو‬
‫تأمل ‪ ،‬فأصبح العمل عند بعضنا لن فلًنا العالم قال به ‪ ،‬ولكن لماذا قال به؟‬
‫فهذا شأن ل يعنينا ‪ ،‬بل ول يريد بعضنا أن يعرف ولو سهلت له المعرفة ‪،‬‬
‫والمصيبة بعد ذلك تبرير الخطاء بما ل يقبل ‪ ،‬وتسويغ الراء بما ل يستقيم ‪،‬‬
‫حتى صار بعضنا ينقد الكتاب قبل قراءته؛ لن القوم قد نقدوه ‪ ،‬ويثني على‬
‫الشريط قبل سماعه؛ لن القوم قد أثنوا عليه ‪ ،‬فهل يضير هذا الناقد أن‬
‫يتبصر بالعمل ‪ ،‬لتكون نتائجه أكثر إتقاًنا وصدًقا !! يقول النبي – صلى الله‬
‫َ‬ ‫قوُلون إ َ‬
‫موا‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫سّنا وَإ ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫سأ ْ‬ ‫ن الّنا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫َ ِ ْ‬ ‫ة تَ ُ‬ ‫معَ ً‬ ‫كوُنوا إ ِ ّ‬ ‫عليه وسلم‪َ ) : -‬ل ت َ ُ‬
‫ساُءوا فََل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن وَط ُّنوا أ َن ْ ُ‬
‫نأ َ‬ ‫سُنوا وَإ ِ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن تُ ْ‬ ‫سأ ْ‬ ‫ن الّنا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫مَنا وَل َك ِ ْ‬ ‫ظ َل َ ْ‬
‫موا ( رواه الترمذي ‪.‬‬ ‫ت َظ ْل ِ ُ‬
‫‪ (13‬ازدواجية الخلق ‪ ،‬فكم هو جميل أن تشرق وجوهنا بالبتسامة في وجوه‬
‫إخواننا وزملئنا ‪ ،‬فإنها صدقات ل تكلف النسان شيًئا ‪ ،‬وإنها مؤشر إلى‬
‫الرضا ‪ ،‬وموحية عن الرتياح ‪ ،‬غير أن العجز هو افتقارنا إلى هذه البتسامة‬
‫وأخواتها من الرفق واللين وبسط الكلم والصبر على الخطاء والتجاوز عن‬
‫الزلت في بيوتنا وبين والدينا وأهلينا ‪ ،‬وإسقاط العذار في التقصير في هذا‬

‫‪199‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الجانب على بساط الدعوة ‪:‬‬


‫أحرام على بلبله الدوح ‪... ...‬‬
‫حلل للطير من كل جنس‬

‫)‪(2 /‬‬

‫أما آن الوان لعادة النظر في تطبيق أخلق النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫ل منزلته وفضله ؟ أما آن الوان لنبذ‬ ‫على كل شرائح المجتمع ‪ ،‬وإعطاء ك ٍ‬
‫ازدواجية التخلق ‪ ،‬لعطاء فرصة أكبر للدعوة بالقدوة والنموذج ‪ ،‬فلقد كان‬
‫النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬مع انشغاله بأمور الجهاد والدعوة والتربية‬
‫ما بخدمه ‪ ،‬واصل ً لرحمه ‪ ،‬تجده القدوة في أمره‬ ‫سا لهله ‪ ،‬رحي ً‬‫والصلح مؤن ً‬
‫كله ‪ ) ،‬لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ( ‪.‬‬
‫‪ (14‬التفكه بما يحدث في صفوف الصالحين من مظاهر النشقاق أو‬
‫التفرق ‪ ،‬وكم يأسرنا الستغراب أحياًنا حينما نجد فئة منا ل تحسن إل الحديث‬
‫في الختلفات الفكرية ‪ ،‬والطرق المنهجية ‪ ،‬ول تسلوا إل بالقراءة في الردود‬
‫المؤلفة ‪ ،‬والجوبة المصلتة ‪ ،‬ويزيد على انشغاله بهذا وذاك استحقاره لك‬
‫حينما يعلم بأنك لم تعلم بهذا الختلف ‪ ،‬أو تقرأ هذا النقاش ‪ ،‬غير أنه يكون‬
‫في مؤخرة الركب حينما يكون المجال مجال عمل وتضحية ‪ ،‬ونصح وتوجيه ‪،‬‬
‫ل أقصد التقليل من أهمية الردود العلمية ‪ ،‬لكنها في وجهة نظري _ التي ربما‬
‫ظا وافًرا من علم الشريعة ‪،‬‬ ‫ة من نال ح ً‬ ‫تكون قاصرة _ أن النشغال بها منزل ُ‬
‫عا ‪ ،‬أما من لم يبلغ هذه المنزلة فأعتقد أن انشغاله بها ترك لما‬ ‫أصول ً وفرو ً‬
‫هو أولى وأحرى ‪.‬‬
‫‪ (15‬مصاحبة من نهوى ‪ ،‬ل من ننتفع به أو ننفعه ‪ ،‬فقد تستثقل بعض النفوس‬
‫ما ‪ ،‬أو يكون جاًدا في أموره غالًبا ‪ ،‬فتنفر‬ ‫مصاحبة من يجرؤ على النصيحة دائ ً‬
‫منه ‪ ،‬لتبحث عنمن يغضي عن كثير من الخطاء ‪ ،‬ويرضى بالتقاعس والكسل‬
‫‪ ،‬ويميل إلى الدعة والفكاهة ‪ ،‬بحجة كثرة الهموم أو العمال !! والحق أن‬
‫ضا ‪ ،‬والمسلم‬ ‫يقال ‪ :‬لكل مقام مقال ‪ ،‬فالجد له وقته ‪ ،‬والمرح له وقته أي ً‬
‫فا فيمتهن ‪،‬‬ ‫ينبغي أن يوازن بين جده ومرحه ‪ ،‬فل يكون ثقيل ً فيمل ‪ ،‬ول خفي ً‬
‫م المرء الصالح دينه في اختيار المصاحب والمجالس له ‪ ،‬ول‬ ‫المهم أن يحك ّ َ‬
‫يكون تبًعا لهواه في اختيار القرين والصديق ‪ ،‬فما أجمل صداقة التقياء ‪،‬‬
‫أنس في الدنيا ‪ ،‬وسعادة في الخرة ‪ ،‬وما أتعس صحبة الشقياء ‪ ،‬اضطراب‬
‫ض عَد ُوّ إ ِّل‬
‫م ل ِب َعْ ٍ‬
‫ضهُ ْ‬
‫مئ ِذ ٍ ب َعْ ُ‬ ‫في الدنيا ‪ ،‬وعداوة وندامة في الخرة ‪ ) ،‬اْل َ ِ‬
‫خّلُء ي َوْ َ‬
‫ن(‪.‬‬‫قي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مت ّ ِ‬
‫‪ (16‬تأخرنا في اكتشاف المواهب وصقلها ‪ ،‬فإن من الملحظ أن العثور على‬
‫متميز في فن من الفنون ‪ ،‬أو علم من العلوم يكون غالًبا مفاجأة لنا‬
‫فحسب ‪ ،‬وفي حين اكتشاف نبوغه ‪ ،‬فإن عليه أن يراوح طويل ً في مكانه‬
‫حتى يمكن للمجتمع الذي حوله أن يستسيغ قدراته ‪ ،‬والواقع أن الخطأ هنا‬
‫يقع على جهتين ‪ ،‬أما الولى ‪ ،‬فهو على المبدع الذي اكتشف نفسه أو‬
‫اكتشفه غيره حديًثا ‪ ،‬فإنه يقصر مع نفسه كثيًرا في عرض ما أبدع فيه على‬
‫حلم‬‫المختصين الموثوقين ‪ ،‬أو استشارتهم في ذلك ‪ ،‬وربما كان قليل ال ِ‬
‫والصبر على تأسيس نفسه وتأصيل علمه أو فنه ‪ ،‬فيستعجل الظهور قبل أن‬
‫تكتمل عنده أدواته ‪ ،‬أما قاطع طريق العلم والبداع فهو ضيق الصدر بالنقد‬
‫الهادف والبناء ‪ .‬وأما التبعة التي على المربين في التقصير في حق‬
‫الموهوبين هو عدم وضع أسس دقيقة في اكتشافهم وتنميتهم ‪ ،‬هذه السس‬

‫‪200‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التي ينبغي أن تكون واقعية ل خيالية ‪ ،‬متدرجة ومتوازنة مع الدين ‪ ،‬وقريبة‬


‫من الطبائع السليمة ؛ فالنبي – صلى الله عليه وسلم‪ -‬كانت له عناية‬
‫بالمواهب ‪ ،‬وكان من أهم وسائله في صقلها إعطاء أصحابها الفرصة في‬
‫تنميتها بتحميلهم مسؤوليتها ‪ ،‬ولو نتج عن ذلك بعض الخطاء ‪ ،‬فهاهو ذا النبي‬
‫– صلى الله عليه وسلم‪ -‬يقول في شأن القرآن ‪ ) :‬أقرؤهم لكتاب الله أبي‬
‫بن كعب( ‪ ،‬ويقول عن علم الفرائض ‪ ) :‬أفرضهم زيد بن ثابت(‪ ،‬وفي شأن‬
‫الفتوى يقول ‪:‬‬
‫) أعلمهم بالحلل والحرام معاذ بن جبل ( ‪.‬‬
‫كل هذا يقوله النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وفي المة أبو بكر وعمر وعثمان‬
‫وعلي – رضي الله عنهم‪ -‬أجمعين ‪ ،‬وهذا هو النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫ضا يأتيه أحد الصحابة وقد رأى كلمات الذان في منامه قبل أن تشرع‬ ‫أي ً‬
‫ويحب أن يصدح بها ‪ ،‬لكن النبي – صلى الله عليه وسلم‪ -‬يحيل المر إلى‬
‫بلل – رضي الله عنه‪ -‬قائل ً ‪ ) :‬إنه أندى منك صوًتا ( ‪.‬‬
‫م النبي‪ -‬صلى الله عليه‬ ‫ولم يقف المر عند هذا الحد مع عظمه ‪ ،‬بل يسل ّ ُ‬
‫وسلم‪ -‬أسامة بن زيد قيادة جيش فيه أبو بكر وعمر وكبار الصحابة –رضي‬
‫الله عنهم أجمعين ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫فهل نحسب بعد هذا كله أننا إذا سمعنا الشهادتين يصدح بها المؤذنون عرًبا‬
‫ما في مشارق الرض ومغاربها أنها قامت على ثلة من الموهوبين‬ ‫وعج ً‬
‫والحكماء والفرسان والقادة !! لو كان المر كذلك لمات الدين واندثرت‬
‫معالمه بموتهم ‪ ،‬ولكنهم ‪-‬والله ‪-‬كانوا أعلم منا بمستقبل هذا الدين ‪ ،‬وأيقن‬
‫منا بنصره وعزته ‪ ،‬وأدرى منا بأن الله سيظهره على الديان كلها‪ ،‬ولذلك‬
‫اعتنوا بتربية الجيال ‪ ،‬وصقل المواهب ‪ ،‬وتربية الناشئة ‪ ،‬فل يموت الفارس‬
‫إل وقد ترك من بعده الفرسان ‪ ،‬ول يموت العالم إل وقد وّرث للمة العلماء ‪،‬‬
‫وقل مثل هذا في كل علم أو فن ينفع المة ‪ ،‬ويعلي من قدرها ‪ ،‬وينصرها‬
‫على أعدائها ‪.‬‬
‫‪ (17‬عدم اكتراثنا بأهمية اللتزام بالمواعيد ‪ ،‬حتى أصبح من ُيعرف بالدقة‬
‫فيها قليل ً أو نادًرا ‪ ،‬ألم نر كيف أثنى الله على نبيه إسماعيل –عليه السلم‪-‬‬
‫بأنه صادق الوعد ‪ ،‬وقدم هذه الصفة على صفة الرسالة والنبوة !‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫سوًل ن َب ِّيا ( ‪ ،‬إن‬ ‫ن َر ُ‬ ‫صادِقَ ال ْوَعْد ِ وَ َ‬
‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه َ‬
‫كا َ‬ ‫عي َ‬
‫ل إ ِن ّ ُ‬ ‫ما ِ‬
‫س َ‬ ‫) َواذ ْك ُْر ِفي ال ْك َِتا ِ‬
‫ب إِ ْ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫صفة الوفاء بالوعد صفة جزاؤها الجنة ‪ ،‬فإن الله قال ‪َ ) :‬وال ّ ِ‬
‫ماَنات ِهِ ْ‬
‫م ِل َ‬‫ن هُ ْ‬‫ذي َ‬
‫ن ( ‪ ،‬وهل يحب أحدنا أن يتصف بصفة من صفات النفاق‬ ‫عو َ‬ ‫م َرا ُ‬
‫وَعَهْدِهِ ْ‬
‫والعياذ بالله ‪ ،‬فإن المنافق إذا وعد أخلف كما قال النبي – صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.-‬‬
‫‪ (18‬عدم معالجتنا لفتور هممنا ‪ ،‬فإن همة النسان عضلة من عضلته ‪ ،‬تحتاج‬
‫إلى استمرار في التمرين لتنمو وتقوى ‪ ،‬فإذا تركت فترت وضعفت ‪ ،‬يقول‬
‫أبو الدرداء – رضي الله عنه‪ ) :-‬من فقه العبد أن يتعاهد إيمانه وما نقص‬
‫قص ؟ ( ‪ ،‬فلنبحث عن مظاهر‬ ‫منه ‪ ،‬ومن فقه العبد أن يعلم ‪ :‬أيزداد هو أم ينت ِ‬
‫الفتور في أنفسنا ‪ ،‬وعن أسبابه ‪ ،‬ومن ثم نسأل عن الدواء والعلج‪.‬‬
‫‪ (19‬ثقل العفو على بعض النفوس ‪ ،‬فمن منا ل تحصل بينه وبين أخيه مشادة‬
‫أو اختلف أو سوء تفاهم ‪ ،‬ربما يكون لرأي أو قضية اجتماعية ‪ ،‬أو تنافس‬
‫على خير ‪ ،‬أو رغبة في دنيا أو غير ذلك ‪ ،‬ولكن ما حالنا مع صفاء النفس‬

‫‪201‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وخلوها من الكراهية والضغينة أو ترسبات الختلف والمشكلة ؟‬


‫لقد آذى المشركون نبي الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أشد اليذاء وقاتلوه‬
‫وأخرجوه ‪ ،‬ولكنهم حينما اصطفوا أمامه يوم فتح مكة وقد أصغرتهم الذلة ‪ ،‬و‬
‫حلت بهم المهانة ‪ ،‬وأيقنوا أن يوم النتقام منهم قد آن أوانه ‪ ،‬قام النبي‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ -‬يخطب فيهم قائل ً ‪ ) :‬يا معشر قريش ‪ ،‬ما ترون أني‬
‫صانع بكم ؟ قالوا خيرا ‪ ،‬أخ كريم وابن أخ كريم ‪ ،‬قال ‪ :‬فإني أقول لكم كما‬
‫قال يوسف لخوته ‪ ) :‬ل تثريب عليكم اليوم ( اذهبوا فأنتم الطلقاء( ‪.‬‬
‫يا من تخيره الله لخلقه ‪... ...‬‬
‫فحباه بالخلق الزكي الطاهر‬
‫أنت النبي وخير عصبة آدم ‪... ...‬‬
‫يا من يجود كفيض بحر زاخر‬
‫ولنتذكر حينما نتردد في العفو أمرين ‪ :‬الول ‪ :‬أن البغضاء والشحناء من نزغ‬
‫ن َرب ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م ْ‬
‫فَرةٍ ِ‬‫مغْ ِ‬‫عوا إ َِلى َ‬ ‫سارِ ُ‬ ‫الشيطان ‪ ،‬والثاني ‪ :‬قول الله –سبحانه‪ ): -‬وَ َ‬
‫سّراِء‬ ‫ن ِفي ال ّ‬ ‫قو َ‬ ‫ن ي ُن ْفِ ُ‬
‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ن ال ِ‬‫قي َ‬ ‫ت ل ِل ْ ُ‬
‫مت ّ ِ‬ ‫عد ّ ْ‬‫ض أُ ِ‬ ‫َ‬
‫ت َواْلْر ُ‬ ‫ماَوا ُ‬‫س َ‬‫ضَها ال ّ‬‫جن ّةٍ عَْر ُ‬‫وَ َ‬
‫ن (‪.‬‬ ‫سِني َ‬‫ح ِ‬‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫ب ال ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ّ‬
‫س َوالل ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ن الغَي ْظ َوالَعاِفي َ‬ ‫مي َ‬‫ضّراِء َوالكاظ ِ ِ‬ ‫َوال ّ‬
‫‪ (20‬استعجالنا في تحصيل النتائج ‪ ،‬فإن العجلة في قطف الثمرة قد تؤدي‬
‫بالداعية إلى حصول السآمة والملل من طريق الدعوة الطويل ‪ ،‬بل ربما‬
‫توصله العجلة إلى الحباط أحياًنا ‪ ،‬ولنتذكر أن النبي – صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫ظل يدعو أهل مكة ثلث عشرة سنة ‪ ،‬ما سئم وما يعجل ‪ ،‬بل قال ‪ )) :‬لعل‬
‫الله يخرج من أصلبهم من يعبد الله ل يشرك به شيئا (( ‪ ،‬فالدعوة الناجحة‬
‫ل مرتقب ‪،‬‬ ‫تحتاج إلى ‪ :‬صبرٍ جميل ‪ ،‬وتضحيةٍ عظيمة ‪ ،‬ونظرةٍ بعيدة ‪ ،‬وأم ٍ‬
‫م الحلم يا أهل الحسبة والدعوة‬ ‫فالصبَر الصبر يا أهل الخير والحسان ‪ ،‬والحل َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫‪ ،‬فإن الله وعد الصالحين فقال ‪ ) :‬وَل َ َ‬
‫ن ب َعْدِ الذ ّكرِ أ ّ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬‫قد ْ ك َت َب َْنا ِفي الّزُبورِ ِ‬
‫َ‬
‫ن( ‪.‬‬‫حو َ‬ ‫صال ِ ُ‬
‫عَباِدي ال ّ‬ ‫اْلْر َ‬
‫ض ي َرِث َُها ِ‬
‫وأخيًرا ‪ :‬لنعش الحياة التي أرادها الله –تعالى‪ -‬لعباده الطيبين ‪ ،‬متمسكين‬
‫بدين الله ‪ ،‬ملتزمين بأحكامه ‪ ،‬مخلصين له ‪ ،‬نحب لنفسنا وأهلينا ومجتمعنا‬
‫الخير والصلح ‪ ،‬غير ملتفتين لسخرية الساخرين ‪ ،‬متسلحين بالتوكل على‬
‫الله –تعالى‪ ، -‬واليقين بتوفيقه في إصلح أنفسنا ومجتمعنا ‪ ،‬ولتكن خطواتك‬
‫أيها المسلم المربي واثقة بالدعاء ‪ ،‬راسخة بالعلم الشرعي ‪ ،‬ولنسأل الله –‬
‫تعالى‪ -‬الثبات على أمره ‪ ،‬والغنيمة من كل بر‪ ،‬والفوز بالجنة ‪ ،‬والنجاة من‬
‫النار ‪.‬‬
‫* المحاضر بكلية الشريعة في الحساء‬

‫)‪(4 /‬‬

‫كنزي عجزي!‬
‫عبد الحميد الكبتي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫م َ‬
‫ه َ‬
‫ض أإ ِل ٌ‬‫فاَء الْر ِ‬
‫خل َ‬‫م ُ‬ ‫ُ‬
‫جعَلك ْ‬
‫سوَء وَي َ ْ‬
‫ف ال ّ‬
‫ش ُ‬ ‫ْ‬ ‫ضطّر إ َِذا د َ َ‬
‫عاه ُ وَي َك ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬‫جي ُ‬ ‫ن يُ ِ‬
‫م ْ‬
‫(أ ّ‬
‫ن()‪(1‬‬ ‫الل ّهِ قَِليل ً َ‬
‫ما ت َذ َك ُّرو َ‬
‫حين تنقبض النفس من صنوف الكَبد الكثير في الحياة ‪ ،‬ووقت أن تنقبض‬
‫الروح في أمواج المواقف والمشاهد المؤلمة المتكررة ‪ ،‬وساعة أن يشعر‬
‫ظلم أو تعب أو ُأرهق ‪ ،‬ساعتئذ تترتل هذه الية في صالت قلبه‬ ‫المرء أنه قد ُ‬
‫‪ ،‬ويبدأ صداها يتردد في غرف الجسد كله ‪.‬‬
‫صدىً ليس كترديد البشر ؛ إذ تارة يكون متناغما مع ذاتك ومعزوفتك ‪،‬‬

‫‪202‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وتارات كثيرة أخرى يكون كاللحن النشاز ‪ ،‬حتى تمسي تظن أن معزوفة‬
‫روحك وفكرك وعقلك وتعبك وجهدك ‪ ،‬كأنها هي التي لم تصاغ بشكل ولحن‬
‫جميل ‪.‬‬
‫و تتوارد على نفسك الخطوب ‪ ،‬وتبدأ أمواج الضيق ‪ ،‬و تتوالى رياح الغم ؛ من‬
‫موقف قريب لك ‪ ،‬أو خسارة في تجارة مع الله أو مع دنيا الناس ‪ ،‬أو فقدان‬
‫للمن والمانة ‪ ،‬أو شعور بجرح الخيانة ‪ ،‬أو يأس ممن حولك ‪ ،‬أو أمل في‬
‫تغيير تتمناه ‪.‬‬
‫في هذه الصورة التي ُتعرض كأنها فيلم مصور ‪ ،‬له إيقاعاته ‪ ،‬وأبطاله ‪،‬‬
‫وموسيقاه التصويرية الصاخبة في داخلك ‪ ،‬هذه الصورة تجعل كل شيء‬
‫عندك ‪ ،‬ل يساوي شيئا ‪ ،‬مطلقا ‪ .‬ل مال ‪ ،‬ول ولد ‪ ،‬ول زوج ‪ ،‬ول نفس ‪ ،‬ول‬
‫ذات ‪.‬‬
‫ً‬
‫فيبدأ الصدى المبارك في حنايا نفس المؤمن بهدوء جميل جدا ‪ ،‬يسري في‬
‫الصدر كأن عصافير الراحة بدأت ترفرف وتغرد ‪ ،‬وتسيل معه العيون بحبات‬
‫من الندى ‪ ،‬ل تمسي حتى تهطل مطرا مباركا ‪ ،‬وتبدأ عيون القلب في العمى‬
‫عن كل الصور ‪ ،‬إل صورة ربها ‪ ،‬صورة قدرته ‪ ،‬وعلمه ‪ ،‬و وده ‪ ،‬وجبروته ‪،‬‬
‫وعزته ‪ ،‬ورحمته التي وسعت كل شيء ‪ ،‬سبحانه ‪.‬‬
‫وفي المضطر ‪:‬‬
‫} قال ابن عباس ‪ :‬هو ذو الضرورة المجهود ‪.‬‬
‫وقال السدي ‪ :‬الذي ل حول له ول قوة ‪.‬‬
‫وقال ذو النون ‪ :‬هو الذي قطع العلئق عما دون الله ‪.‬‬
‫وقال أبو جعفر وأبو عثمان النيسابوري ‪ :‬هو المفلس ‪( 2 ) . { .‬‬
‫إعلن الفلس من كل شيء ‪ ،‬سوى الله ‪ ،‬هو قمة الغنى ؛ ذلك بأن الله‬
‫تعالى الغني ذو الرحمة ‪ ،‬ل مال ول علم ول جاه ول سلطان ‪ ،‬إعلن لفلس‬
‫عام ‪ ،‬في كل مؤسسات الذات ‪ ،‬عندها يكون قمة الربح والفوز ‪ ،‬لنك مفلس‬
‫مع " الغني " فأنعم به من تجرد ‪ ،‬وأنت أغنى الغنياء لو فقهت !‬
‫والعجز التام هو كذلك كنز ‪ ،‬بذا قال سعيد النورسي حكمته الجميلة ‪ ) :‬كنزي‬
‫‪ :‬عجزي ( ‪ ،‬وبه دل النبي عليه الصلة والسلم عبد الله بن قيس قائل ‪ ) :‬يا‬
‫عبد الله بن قيس أل أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ ‪ .‬فقلت ‪ :‬بلى يا رسول‬
‫الله ‪ ،‬قال ‪ " :‬قل ل حول ول قوة إل بالله " ‪ ( 3 ) .‬كنز في الجنة وأنت‬
‫ترددها ‪ ،‬فكيف إن كانت معانيها متحققة فيك ! ؛ معاني التعري التام من كل‬
‫الحول والقوة ‪.‬‬
‫وإن توفر العجز والتسليم والفلس ‪ ،‬باتت الضرورة واضحة كما قال ابن‬
‫عباس ‪ ،‬وأمسى قطع العلئق من دون الله جليا كما صرح ذو النون ‪ ،‬وأمسى‬
‫المرء في صورة تامة من العتصام بالله وحده ‪ ،‬ممسكا بحبله ‪ ،‬يشده ‪،‬‬
‫يقبض عليه ‪ ،‬مهما سال دم الضيق والعنت والحرج ‪ ،‬و ل يزال العبد وقتها‬
‫معتصما ‪ ،‬تلين له الدنيا كلها ‪.‬‬
‫قال وهب بن منبه ‪ ) :‬قرأت في الكتاب الول إن الله تعالى يقول ‪ :‬بعزتي‬
‫ن كادته السماوات بمن فيهن ‪ ،‬والرض بمن فيهن ‪،‬‬ ‫إنه من اعتصم بي فإ ْ‬
‫فإني أجعل له من بين ذلك مخرجا ‪ ،‬ومن لم يعتصم بي ؛ فإني أخسف به‬
‫من تحت قدميه الرض فأجعله في الهواء فأكله إلى نفسه‪( 4 ) ( .‬‬
‫ن اعتصم اقسم الله بعزته ! أن ل يضره شيء ويجعل له مخرجا ‪ ،‬وقمة‬ ‫إ َْ‬
‫العتصام يكون وقت الضرورة ‪ ،‬ويا لها من لحظات بديعة في صلة المرء‬
‫بربه وحبيبه ‪.‬‬
‫قال الشاعر ‪:‬‬

‫‪203‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وإني لدعو الله والمر ضيق *** علي فما ينفك أن يتفرجا‬
‫ورب أخ سدت عليه وجوهه *** أصاب لها لما دعا الله مخرجا‪( 5 ) .‬‬
‫يقول الستاذ سيد في الية ‪:‬‬
‫) فالمضطر في لحظات الكربة والضيق ل يجد له ملجأ إل الله ‪ ،‬يدعوه‬
‫ليكشف عنه الضر والسوء ‪ ،‬ذلك حين تضيق الحلقة ‪ ,‬وتشتد الخنقة ‪,‬‬
‫وتتخاذل القوى ‪ ,‬وتتهاوى السناد ; وينظر النسان حواليه فيجد نفسه مجردا‬
‫من وسائل النصرة وأسباب الخلص ‪.‬‬
‫ل قوته ‪ ,‬ول قوة في الرض تنجده ‪.‬‬
‫وكل ما كان يعده لساعة الشدة قد زاغ عنه أو تخلى ; وكل من كان يرجوه‬
‫للكربة قد تنكر له أو تولى ‪. .‬‬
‫في هذه اللحظة تستيقظ الفطرة فتلجأ إلى القوة الوحيدة التي تملك الغوث‬
‫والنجدة ‪ ,‬ويتجه النسان إلى الله ولو كان قد نسيه من قبل في ساعات‬
‫الرخاء ‪.‬‬
‫فهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ‪ .‬هو وحده دون سواه ‪.‬‬
‫يجيبه ويكشف عنه السوء ‪ ,‬ويرده إلى المن والسلمة ‪ ,‬و ينجيه من الضيقة‬
‫الخذة بالخناق ‪.‬‬
‫والناس يغفلون عن هذه الحقيقة في ساعات الرخاء ‪ ,‬وفترات الغفلة ؛‬
‫يغفلون عنها فيلتمسون القوة والنصرة والحماية في قوة من قوى الرض‬
‫الهزيلة ‪.‬‬
‫فأما حين تلجئهم الشدة ‪ ,‬ويضطرهم الكرب ‪ ,‬فتزول عن فطرتهم غشاوة‬
‫الغفلة ‪ ,‬ويرجعون إلى ربهم منيبين مهما يكونوا من قبل غافلين أو مكابرين ‪.‬‬
‫()‪(6‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫يا لها من عودة مباركة ‪ ،‬غريب أمر النسان! ‪ ،‬يكون في الخناق كما يقول‬
‫سيد ‪ ،‬ثم ما أن يلجأ بصدق إلى الله ‪ ،‬حتى تتحول تلك الحلقة الضيقة المتعبة‬
‫‪ ،‬إلى راحة وسعادة واستقرار وفرح ‪ ،‬بمجرد الصدق وحسن اللجوء ‪ ،‬ومن‬
‫ذاق هذه الحلوة اليمانية يكاد يطلبها في كل وقت ‪ ،‬للذتها وعذوبتها في‬
‫وعاء القلب الصغير ‪.‬‬
‫ذكر ابن كثير عند تفسيره هذه الية ‪ ) :‬ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة‬
‫رجل حكى عنه أبو بكر محمد بن داود الدينوري المعروف بالدقي الصوفي‬
‫قال هذا الرجل ‪:‬‬
‫كنت أكاري على بغل لي من دمشق إلى بلد الزبداني فركب معي ذات مرة‬
‫رجل ‪ ،‬فمررنا على بعض الطريق عن طريق غير مسلوكة ‪.‬‬
‫فقال لي ‪ :‬خذ في هذه فإنها أقرب ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ل خيرة لي فيها ‪ ،‬فقال ‪ :‬بل‬
‫هي أقرب ‪.‬‬
‫فسلكناها فانتهينا إلى مكان وعر وواد عميق وفيه قتلى كثيرة ‪ ،‬فقال لي ‪:‬‬
‫أمسك رأس البغل حتى أنزل ‪ ،‬فنزل وتشمر وجمع عليه ثيابه وسل سكينا‬
‫معه وقصدني ‪ ،‬ففررت من بين يديه وتبعني فناشدته الله وقلت ‪ :‬خذ البغل‬
‫بما عليه ‪ ،‬فقال ‪ :‬هو لي ‪ ،‬وإنما أريد قتلك !‬
‫فخوفته الله والعقوبة فلم يقبل ‪ ،‬فاستسلمت بين يديه وقلت ‪ :‬إن رأيت أن‬
‫جل ‪.‬‬
‫تتركني حتى أصلي ركعتين ‪ ،‬فقال ع ّ‬
‫فقمت أصلي فأرتج علي القرآن فلم يحضرني منه حرف واحد ‪ ،‬فبقيت واقفا‬

‫‪204‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫متحيرا ‪ ،‬وهو يقول ‪ :‬هيه افرغ ‪ ،‬فأجرى الله على لساني قوله تعالى ‪ " :‬أمن‬
‫يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء " ‪.‬‬
‫فإذا أنا بفارس قد أقبل من فم الوادي وبيده حربة فرمى بها الرجل فما‬
‫أخطأت فؤاده فخر صريعا ‪.‬‬
‫فتعلقت بالفارس وقلت بالله من أنت ؟ فقال أنا رسول الذي يجيب المضطر‬
‫إذا دعاه ويكشف السوء قال فأخذت البغل والحمل ورجعت سالما ( ‪( 7 ) .‬‬
‫نقلة هذه القصة ‪ ،‬تنقلك مع المعاني النفسية التي ذكرها سيد رحمه الله ‪،‬‬
‫والتي يستشعرها ويبتهج بها كل من اضطر ولجأ وقرب وانحنى ‪ ،‬تنقلك من‬
‫هذه المعاني إلى واقع ملموس ‪ ،‬وفارس يأتي بجواده ‪ ،‬وحربة في قلب‬
‫لص ‪ ،‬سبحان الله ‪ ،‬فما عليك إل أن تلجأ ‪ ،‬حتى لو ضاعت منك الكلمات ‪،‬‬
‫ونسيت كل القرآن والتسبيح والتعظيم لله ‪ ،‬وأرتج عقلك من كل معنى ‪،‬‬
‫لهول الموقف ‪ ،‬فقط توجه له ‪ ،‬بأي لغة كانت ‪ ،‬وبأي كلمات مبعثرة قد ل‬
‫تعيها ‪ ،‬لكنه سبحانه يعلم حاجتك ‪ ،‬فيرسل لك فارسا بحربته ‪ ،‬وقد أقسم من‬
‫قبل بعزته أن يكون معك لو اعتصمت ‪ ،‬وتأتي الصابة في قلب الحدث الذي‬
‫ألم بك ‪ ،‬ويرقص قلبك طربا ‪ ،‬المهم أن تتعلق وتلح وتستجدي ‪.‬‬
‫قال الشيخ الحبيب اللطيف ‪ ) :‬من الذي يفزع إليه المكروب ‪ ،‬ويستغيث به‬
‫المنكوب ‪ ،‬وتصمد إليه الكائنات وتسأله المخلوقات وتلهج بذكره اللسن ‪،‬‬
‫وتألهه القلوب إنه الله ل إله إل هو ‪.‬‬
‫وحق علي وعليك أن ندعوه في الشدة والرخاء‪ ،‬والسراء والضراء‪ ،‬ونفزع‬
‫إليه في الملمات‪ ،‬ونتوسل إليه في الكربات‪ ،‬وننطرح على عتبات بابه‬
‫سائلين باكين ضارعين منيبين‪ ،‬حينها يأتي مدده ويصل عونه ويسرع فرجه‪،‬‬
‫ضط َّر إ َِذا د َ َ‬ ‫َ‬
‫عاهُ " فينجي الغريق ويرد الغائب ‪،‬‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫ن يُ ِ‬‫م ْ‬‫ويحل فتحه " أ ّ‬
‫ويعافي المبتلى ‪ ،‬وينصر المظلوم ‪ ،‬ويهدي الضال ‪ ،‬ويشفي المريض ‪ ،‬ويفرج‬
‫ن"‬‫دي َ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه ال ّ‬ ‫صي َ‬
‫خل ِ ِ‬
‫م ْ‬
‫ه ُ‬‫وا الل ّ َ‬
‫ك د َعَ ُ‬ ‫فل ْ ِ‬‫عن المكروب " فَإ َِذا َرك ُِبوا ِفي ال ْ ُ‬
‫)العنكبوت‪ :‬من الية ‪(65‬‬
‫إذا نزلت بك النوازل وألمت بك الخطوب ‪ ،‬فالهج بذكره ‪ ،‬واهتف باسمه ‪،‬‬
‫واطلب مدده واسأله فتحه ونصره ‪ ،‬مرغ الجبين لتقديس اسمه ‪ ،‬لتحصل‬
‫على تاج الحرية ‪ ،‬وأرغم النف في طين عبوديته لتحوز وسام النجاة ‪.‬‬
‫مد يديك‬
‫ارفع كفيك‬
‫أطلق لسانك‬
‫أكثر من طلبه‬
‫بالغ في سؤاله‬
‫ح عليه‬ ‫أل ّ‬
‫الزم بابه‬
‫انتظر لطفه‬
‫ترقب فتحه‬
‫شد ُ باسمه‬ ‫أُ ْ‬
‫أحسن ظنك فيه‬
‫انقطع إليه‬
‫تبتل إليه تبتيل حتى تسعد وتفلح ‪( 8 ) ( .‬‬ ‫ً‬
‫ضط َّر إ َِذا د َ َ‬ ‫َ‬
‫سوَء ‪*....‬‬ ‫ف ال ّ‬ ‫ش ُ‬ ‫عاه ُ وَي َك ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬
‫جي ُ‬‫ن يُ ِ‬
‫م ْ‬ ‫أ ّ‬
‫‪------------------------------------------‬‬
‫) ‪) ( 1‬النمل‪. (62:‬‬

‫‪205‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تفسير القرطبي ‪.‬‬ ‫(‬ ‫‪2‬‬ ‫)‬


‫رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬ ‫(‬ ‫‪3‬‬ ‫)‬
‫تفسير ابن كثير‬ ‫(‬ ‫‪4‬‬ ‫)‬
‫تفسير القرطبي ‪.‬‬ ‫(‬ ‫‪5‬‬ ‫)‬
‫في ظلل القرآن ‪.‬‬ ‫(‬ ‫‪6‬‬ ‫)‬
‫تفسير ابن كثير ‪.‬‬ ‫(‬ ‫‪7‬‬ ‫)‬
‫كتاب ل تحزن لعائض القرني‬ ‫(‬ ‫‪8‬‬ ‫)‬

‫)‪(2 /‬‬

‫كولجين الخنزير‬
‫المجيب ‪ ...‬أ‪.‬د‪ .‬سعود بن عبدالله الفنيسان‬
‫عميد كلية الشريعة بجامعة المام محمد بن سعود السلمية سابقا ً‬
‫التصنيف ‪...‬‬
‫التاريخ ‪21/11/1425 ...‬هـ‬
‫السؤال‬
‫فضيلة الشيخ‪ :‬السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫هنالك مادة دوائية )طعم عظمي للفك(‪ ،‬تساعد في شفاء وترميم الفات‬
‫العظمية حول السنان‪ ،‬مصنوعة من كولجين الخنزير‪ .‬هل يمكن استخدام‬
‫هذه المادة لغراض طبية رغم وجود بديل لها مشتق من كلجين الحصان‬
‫ة؟ وشكًرا‪.‬‬ ‫أقل منها فاعلي ً‬
‫الجواب‬
‫الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلم على رسول الله‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫وعليكم السلم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫إن كانت هذه المادة‪) :‬كولجين الخنزير( تذوب عند الصناعة مع المواد‬
‫الكيماوية‪ ،‬فل يبقى من عينها شيء لو حللت‪ ،‬فالتداوي بهذا الدواء جائز‬
‫عا؛ لن عين النجاسة في عظم الخنزير‪ ،‬استحالت حينئذ مع غيرها من‬ ‫شر ً‬
‫المواد الخرى‪ ،‬أما إذا بقي من عين مادة الخنزير شيء بعد التحليل‬
‫الكيمائي‪ ،‬فل يجوز حينئذ التداوي بهذا الدواء؛ لقول النبي صلى الله عليه‬
‫م"‪ .‬أخرجه أبو داود )‪.(3874‬ولحديث أم‬ ‫حَرا ٍ‬ ‫داوَْوا ب ِ َ‬ ‫داوَْوا‪ ،‬وََل ت َ َ‬ ‫وسلم‪" :‬ت َ َ‬
‫م"‪ .‬أخرجه ابن حبان )‪.(1391‬‬ ‫حَرا ٍ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫ُ‬
‫فاَءك ْ‬ ‫ش َ‬ ‫جعَل ِ‬‫ْ‬ ‫ه لم ي َ ْ‬ ‫ن الل َ‬ ‫سلمة‪" :‬إ ّ‬
‫وهذا كله من حيث الصل‪ ،‬سواء وجد تركيب دواء صنع من حلل‪ ،‬أو لم يوجد‬
‫مثله‪ ،‬أو أقل منه‪ ،‬أما من حيث الولى والحوط فهذا الدواء المستخلص من‬
‫ك ِفي‬ ‫حا َ‬ ‫ما َ‬ ‫م َ‬ ‫مادة الحصان أولى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬اْل ِث ْ ُ‬
‫ك"‪ .‬أخرجه أحمد )‪.(18001‬‬ ‫س وَأ َفْت َوْ َ‬ ‫ك الّنا ُ‬ ‫ن أ َفَْتا َ‬ ‫صد ْرِ وَإ ِ ْ‬ ‫ب وَت ََرد ّد َ ِفي ال ّ‬ ‫قل ْ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م‬
‫حَرا َ‬ ‫ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن وَإ ِ ّ‬ ‫ل ب َي ّ ٌ‬ ‫حل َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ولحديث النعمان بن بشير‪ ،‬رضي الله عنهما‪" :‬إ ِ ّ‬
‫شبهات استبرأ َ‬
‫ْ ََْ‬ ‫قى ال ّ ُ َ ِ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫س‪ ،‬فَ َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك َِثيٌر ِ‬ ‫مهُ ّ‬ ‫ت َل ي َعْل َ ُ‬ ‫شت َب َِها ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ن‪ ،‬وَب َي ْن َهُ َ‬ ‫ب َي ّ ٌ‬
‫حو ْ َ‬
‫ل‬ ‫عى َ‬ ‫عي ي َْر َ‬ ‫م؛ كالّرا ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ت وَقَعَ ِفي ال َ‬ ‫ن وَقَعَ ِفي ال ّ‬
‫حَرا َ ِ‬ ‫شب َُها ِ‬
‫َ‬
‫م ْ‬‫ه‪ ،‬وَ َ‬
‫َ‬
‫ض ِ‬
‫عْر ِ‬ ‫دين ِهِ وَ ِ‬ ‫لِ ِ‬
‫هّ‬
‫مى الل ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ِ‬ ‫َ‬
‫مى‪ ،‬أل وَإ ِ ّ‬ ‫ح ً‬
‫ك ِ‬ ‫مل ِ ٍ‬‫ل َ‬ ‫ُ‬
‫ن ل ِك ّ‬ ‫ه‪ ،‬أل وَإ ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ن ي َْرت َعَ ِفي ِ‬ ‫شك أ ْ‬ ‫ُ‬ ‫مى ُيو ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫َ‬
‫ت‬‫سد َ ْ‬ ‫ه وَإ َِذا فَ َ‬ ‫سد ُ ك ُل ّ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ح ال ْ َ‬ ‫صل َ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ح ْ‬ ‫صل َ َ‬ ‫ة إ َِذا َ‬ ‫ضغَ ً‬ ‫م ْ‬ ‫سد ِ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ن ِفي ال ْ َ‬ ‫ه‪ ،‬أَل وَإ ِ ّ‬ ‫م ُ‬‫حارِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ب"‪ .‬أخرجه البخاري )‪ (52‬ومسلم )‪.(1599‬‬ ‫قل ُ‬ ‫ي ال َ‬ ‫ه‪ ،‬أل وَهِ َ‬ ‫سد ُ ك ل ُ‬ ‫ج َ‬ ‫سد َ ال َ‬ ‫فَ َ‬
‫والله أعلم‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪206‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كونوا أنصار الله‬


‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫سى اب ْ ُ‬ ‫عي َ‬ ‫ما قال ِ‬ ‫صاَر اللهِ ك َ‬ ‫مُنوا كونوا أن َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫قال الله تعالى‪َ } :‬يا أي َّها ال ِ‬
‫ّ‬
‫صاُر اللهِ { ‪...‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫مريم ل ِل ْحواريين م َ‬
‫ن أن َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫وارِّيو َ‬ ‫ح َ‬ ‫صاِري إ ِلى اللهِ قال ال َ‬ ‫ن أن َ‬ ‫َ َ ِّ َ َ ْ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫فأين كانت هذه الٌنصرة مع أن عيسى ‪ -‬عليه السلم‪ -‬لم يدخل أى حرب ضد‬
‫مَنت ّ‬ ‫َ‬
‫من ب َِني?‬ ‫ة ّ‬ ‫ف ٌ‬
‫طائ ِ َ‬ ‫الكفار ؟ ‪ ...‬لقد كانت الٌنصرة هنا نصرة إيمانية ‪ } ...‬فَآ َ‬
‫حوا َ‬ ‫َ‬ ‫ذي َ‬ ‫َ‬
‫ن{‬ ‫ري َ‬ ‫ظاهِ ِ‬ ‫صب َ ُ‬ ‫م فَأ ْ‬ ‫مُنوا عََلى عَد ُوّهِ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ة فَأي ّد َْنا ال ّ ِ َ‬ ‫ف ٌ‬ ‫طائ ِ َ‬ ‫فَرت ّ‬ ‫ل وَك َ َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫إِ ْ‬
‫] الصف‪. [ 14:‬‬
‫وهذا درس جليل لشباب الصحوة ليتعلم كل واحد منهم أنه إذا أراد أن ينصر‬
‫دين الله ‪ -‬عز وجل‪ -‬فعليه أن يحقق العبودية لله‪ ،‬وأن ينشغل قلبه بطاعة‬
‫الله ‪ -‬جل وعل‪ ... -‬وها نحن من خلل تلك الكلمات اليسيرة نتعايش بقلوبنا‬
‫مع النصار ‪ -‬رضى الله عنهم وعن المهاجرين‪ -‬الذين بذلوا الغالى والنفيس‬
‫لٌنصرة هذا الدين‪.‬‬
‫أخى الحبيب ‪ :‬إن الهداية منحة ربانية يقذفها الله فى قلب من يشاء من‬
‫عباده‪.‬‬
‫فقريش الذين تعايشوا مع النبى ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وعرفوا صدقه‬
‫وأمانته‪ ،‬لم يؤمنوا برسالته بل دبروا المؤامرات لقتله ‪ ...‬والنصار الذين رأوا‬
‫النبى‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وسمعوا منه القرآن لول مرة ومع ذلك أسلموا‬
‫بقلوبهم وجوارحهم‪ ،‬وضربوا المثل العلى فى البذل والعطاء والتضحية‬
‫والفداء‪.‬‬
‫ومعالم الٌنصرة عند النصار كثيرة ولكنى سأكتفى بذكر بعضها أل وهى ‪:‬‬
‫الحب واليقين والبذل والتضحية ‪...‬‬
‫* فأما عن الحب فحسُبك أن الواحد منهم كان يتمنى أن يفدى النبى ‪ -‬صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ -‬بنفسه وماله وأولده‪ ،‬ولذلك فأنا ٌأهدى إليكم هذين‬
‫الموقفين ‪ :‬الموقف الول يرويه الحاكم بسند ٍ صحيح ) أن النبى صلى الله‬
‫عليه وسلم – فى غزوة أحد‪ -‬أرسل زيد بن ثابت يلتمس له سعد بن الربيع –‬
‫رضى الله عنهما‪ -‬فوجده فى الرمق الخير فقال له ‪ :‬يا سعد إن رسول الله‬
‫يقول لك ‪ :‬كيف تجدك‪ -‬أى كيف حالك‪ -‬؟ فقال ‪ :‬وعلى رسول الله السلم‬
‫قل له ‪ :‬إنى أجد ريح الجنة‪ ،‬وقل لقومي النصار ‪ :‬ل عذر لكم عند الله إن‬
‫ن تطرف ( ‪ .‬فهل هناك حب أعظم من هذا‬ ‫خلص إلى نبيكم مكروه وفيكم عي ٌ‬
‫؟ ‪ ...‬بل ارجع أيها الخ الحبيب واقرأ فى غزوة أحد لترى كيف دافعوا عن‬
‫النبى‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬حتى الموت‪.‬‬
‫* وأما عن اليقين فلقد كان ملزما ً لهم منذ أول لحظة دخلوا فيها فى هذا‬
‫الدين العظيم ‪ ..‬كانوا على يقين من ُنصرة الله لنبيه ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫‪ ،‬ولعلك تجد هذا واضحا ً فى بيعة العقبة الثانية فلقد طلب منهم النبى ‪ -‬صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ -‬أن يقدموا كل شئ لُنصرة دين الله ‪ -‬والثمن الجنة‪ -‬فبايعوا‬
‫مع أنهم لم يروا الجنة لكنهم كانوا على يقين من صدق النبى ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ، -‬وكانوا على يقين من أن الله سيجزل لهم العطاء فى الدارين‬
‫ليمانهم وإخلصهم وُنصرتهم لدينه ‪ -‬جل وعل‪. -‬‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫دث ول حرج فماذا نقول بعد قول الله تعالى ‪َ } :‬وال ِ‬ ‫* وأما عن البذل فح ّ‬
‫ن ِفي‬ ‫دو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫َ‬
‫م وَل ي َ ِ‬ ‫َ‬
‫جَر إ ِلي ْهِ ْ‬ ‫ها َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫من قَب ْل ِهِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ما َ‬ ‫لي َ‬ ‫داَر َوا ْ ِ‬ ‫ؤوا ال ّ‬ ‫ت َب َوّ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫من‬ ‫ة وَ َ‬ ‫ص ٌ‬‫صا َ‬ ‫خ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ب ِهِ ْ‬ ‫م وَلوْ كا َ‬ ‫سهِ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن عَلى أن ُ‬ ‫ما أوُتوا وَي ُؤْث ُِرو َ‬ ‫م ّ‬ ‫ة ّ‬ ‫ج ً‬
‫حا َ‬ ‫م َ‬ ‫دورِهِ ْ‬ ‫ص ُ‬‫ُ‬
‫ن { ] الحشر ‪ ... [ 9 :‬ولعلكم تعلمون‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُيوقَ ُ‬
‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م ال ُ‬ ‫سهِ فأوْلئ ِك هُ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ح نَ ْ‬ ‫ش ّ‬
‫هذا الموقف الجليل الذى دار بين عبد الرحمن بن عوف المهاجرى وبين سعد‬
‫بن الربيع النصارى عندما أخى النبى ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬بينهما فعرض‬

‫‪207‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عليه سعد نصف ماله وإحداى زوجتيه وإذا بعبد الرحمن يقول له ‪ :‬بارك الله‬
‫لك فى أهلك ومالك ‪ ...‬ولم يكن هذا الموقف فردى فحسب بل كان موقفا ً‬
‫جماعيا ً من النصار لخوانهم المهاجرين فلقد قاسموهم الثمرة ووضعوهم‬
‫فى عيونهم طلبا ً لمرضاة الله – عز وجل‪. -‬‬
‫* وأما عن التضحية فنحن نعلم كيف ضحى النصار بكل شئ لُنصرة هذا‬
‫الدين وحسبنا أن نذكر موقف سعد بن معاذ فى غزوة بدر لما قال النبى ‪-‬‬
‫ى أيها الناس ففطن لذلك سعد فقال ‪:‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ : -‬أشيروا عل ّ‬
‫فكأنك تريدنا يا رسول الله ؟ قال ‪ :‬أجل قال سعد ‪ :‬فقد آمنا بك‬
‫فصدقناك ‪ – ...‬إلى أخر مقالته التاريخية‪. -‬‬
‫حب النصار آية‬ ‫فكانت النتيجة العادلة أن النبى ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬جعل ُ‬
‫حب النصار وآية النفاق ُبغض النصار (‬ ‫من آيات اليمان فقال ‪ ) :‬آية اليمان ُ‬
‫] متفق عليه [ ‪ ،‬وقال ‪ ) :‬من أحب النصار أحبه الله‪ ،‬ومن أبغض النصار‬
‫أبغضه الله ( ] صحيح الجامع ‪[ 5953 :‬‬
‫ً‬
‫فهل نجد فيكم يا شباب الصحوة أنصارا لله – عز وجل‪ ... -‬إذن فأجعلوا تلك‬
‫صاَر الل ّهِ { ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الية أمام أعينكم دائما ً ‪ُ } :‬‬
‫كونوا أن َ‬
‫وكتبه الفقير إلى عفو ربه‬
‫محمود المصرى )أبو عمار(‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪208‬‬

You might also like