Professional Documents
Culture Documents
ما هي شروط المحاكمة العادلة؟
ما هي شروط المحاكمة العادلة؟
إن المحاكمة العادلة تختصر بأنھا المحاكمة التي تجري في محكمة تتوفر فيھا العناصر التالية:
النزاھة ،الكفاءة ،الحيادية ،اإلستقاللية ،والمشروعية.
ولكن المحاكمة العادلة وشروطھا ال ترتبط بفعل المحاكمة لوحده بل تشمل كافة اإلجراءت واألعمال التي
يتعرض لھا اإلنسان قبل المحاكمة وبعدھا وھي شروط تھدف إلى منع تعرض المتھم إلنتھاكات حقوق إنسان
منذ اللحظة التي يصبح بھا في دائرة اإلشتباه به بجريمة أو خالفه.
ويبدأ خطر تعرض الشخص ألنتھاكات حقوق اإلنسان بمجرد أن يقع ضمن دائرة األشتباه ويستمر الخطر
الى لحظة القبض عليه وخالل التوقيف قبل المحاكمة ،وأثناء المحاكمة ،ومراحل الطعن والتمييز ،إلى وقت
تنفيذ العقوبة عليه ،وقد وضع المجتمع الدولي معايير للمحاكمة العادلة اعدت لتحديد حقوق األفراد وحمايتھم
خالل ھذه المراحل وقد أورد األعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،الحق في محاكمة عادلة باعتباره من حقوق
األنسان األساسية ،ومنذ عام 1948أي قبل ستين عاماً ،وما زال ھذا األعالن يمثل حجر الزاوية في النظام
الدولي لحقوق اإلنسان ،وقد أصبح ھذا الحق التزاما ً قانونياً واقعيا ً على جميع الدول بوصفه جزءاً من قانون
العرف الدولي ،وقد تم التأكيد على الحق في المحاكمة العادلة في مجموعة من المعاھدات الملزمة قانونا ً مثل
العھد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي اعتمدته الجمعية العامة لألمم المتحدة في عام ،1966
كما جرى اإلعتراف به والنص عليه في الكثير من المعاھدات واألتفاقيات الدولية والتي تمثل في مجملھا
الحد األدنى من الضمانات التي ينبغي أن توفرھا جميع النظم القانونية في الدول.
وبعامة ،فإنه لكي تحقق للمتھم الحماية مما يمكن ان يتعرض له من انتقاص في الحرية او مساس في حقوقه
من اإلجراءات الجزائية وما يرافقھا من مخاطر على حريته وكرامته ،كان البد من منحه ـ وھو في مرحلة
اإلتھام ـ ضمانات وحقوق تحفظ له حقه في محاكمة عادلة ويتضمنھا من امتيازات والتزامات على السلطة
العامة ضمانتھا وتوفيرھا له.
عليه فالمحاكمة العادلة ھي إحدى دعائم الحقوق األساسية لإلنسان وھي تقوم على توافر مجموعة اجراءات
التي تتم بھا الخصومة الجزائية في إطار من حماية الحريات الشخصية وغيرھا من حقوق اإلنسان المتعلقة
بھا ،وسوف تعرض لدراسة ھذا الحق في عجالة ضمن المحاور اآلتية:
ثانياً :حق الشخص المحتجز في األطالع على المعلومات الخاصة به :يجب إبالغ كل من يقبض عليه فوراً
بأسباب القبض عليه ،وأن تتلى عليه حقوقه ،بما فيه ذلك حقه في اإلستعانة بمحام للدفاع عنه ،وھي معلومات
أساسية لكي يتمكن من الطعن في مشروعية امر القبض عليه ،وان يبدأ في حالة توجيه األتھام له في اعداد
دفاعه )الحق في اإلبالغ بالتھم الموجه له على وجه السرعة( ويستخدم لغة مفھوم له ،وإذا كان من األجانب
أخطاره بحقه باألتصال بالسفارة او القنصلية والمنطقة التابع لھا.
ثالثا ً :الحق في األستعانة بمحام قبل المحاكمة .لكل شخص تنسب له تھمة الحق في الحصول على مساعدة من
محام في المرحل السابقة على المحاكمة لحماية حقوقه ومساعدته في الدفاع عن نفسه وإذا كان غير قادر
على دفع النفقات فيجب انتداب محام كفء مؤھل للدفاع عنه ،ويجب ان يمنح مساحة زمنية وتسھيالت كافية
لإلتصال بالمحامي ،وله الحق في سرية اإلتصال بالمحامي.
رابعاً :الحق في اإلتصال بالعالم الخارجي .للمتھم المقبوض عليه الحق في اإلتصال وتلقي الزيارات على
وجه السرعة وأن يتصلوا بأسرھم وبالمحامين واألطباء ويعرضوا على مسؤول قضائي.
سادساً :الحق في الطعن في مشروعية القبض والتوقيف امام محكمة وان تجري مراجعة منتظمة لقرار
التوقيف ،ويتفرع عنه حق الشخص في جبر الضرر عند القبض عليه او توقيفه دون وجه حق ،ومن تعويض
مالي مقبول.
سابعا ً :حق الموقوف في محاكمة عادلة خالل مدة زمنية معقولة ،واإلفراج عنه) ،إطالق سراح بكفالة لحين
المحاكمة(.
ثامنا ً :الحق في مساحة زمنية كافية وتسھيالت كافية إلعداد الدفاع .وحقه في الحصول على المعلومات بشأن
التھم وأوراق الدعوى واألدلة المقدمة له وللمحامي وحقه في الحصول على رأي خبراء.
تاسعا ً :حقوق األشخاص الموقوفين خالل مراحل التحقيق ،وھي حظر اإلكراه على اإلعتراف وحق المتھم
في التزام الصمت ،والحق باإلستعانة بمترجمين ،كما يجب حفظ محاضر التحقيق مع المحتجز وان تسجل
ھذه المحاضر مدة وفترة األستجواب والقائمين باإلستجواب ويجب ان تتاح لإلطالع.
عاشراً :الحق في أوضاع انسانية اثناء اإلحتجاز وعدم التعرض للتعذيب ومنھا:
1ـ الحق في اإلحتجاز في مكان معترف به .ومسك سجالت بالمحتجزين.
2ـ تقديم الرعاية الطبية.
3ـ المرأة المحتجزة وحقوقھا في عزلھا عن الرجال وحراسة نساء.
4ـ عدم التعرض للتعذيب وسوء المعاملة او الحبس اإلنفرادي لمدة طويلة.
5ـ الضغط البدني أثناء األستجواب واستخدام القيود والقوة.
6ـ الحق في جبر األضرار .لضحايا التعذيب وسوء المعاملة.
ثانيا ً :الحق في المحاكمة امام محكمة مختصة مستقلة ونزيھة مشكلة وفق القانون .يحق المتھم في محاكمته
امام محكمة مختصة مستقلة محايدة مشكلة بحكم القانون لھا الحق بنظر الدعوى.
واستقاللية المحكمة ركن جوھري الزم لعدالة المحاكمة ولكي يصدر القرار في إطار من الحيادية وعلى
أساس الوقائع ،وطبقا ً للقانون دون تدخل او ضغوط ،أو تأثير غير مناسب من أي سلطة اخرى حكومية ،او
غير حكومية ،كما أن اإلستقاللية تعني ان يكون المعيار األول في اختيار األشخاص الذين يتولون مناصب
القضاء ھو خبرتھم القانونية.
ومن بين عوامل استقالل القضاء ھو مبدأ الفصل بين السلطات الذي يحمي القضاء من التعرض لمؤثرات
خارجية ،والضمانات العملية لإلستقالل مثل الكفاءة المھنية وعدم جواز عزل القضاة.
حيث تستمد المحاكم استقاللھا من مبدأ الفصل بين السلطات المطبق في المجتمعات الديمقراطية ،وكذلك
مراعاة معايير تعيين القضاة القائمة على الكفاءة والنزاھة والخبرة واإلستقاللية.
ويتفرع من ذلك أمكانية الطعن في عدم حيادية المحكمة والشكوى من القضاة عندما تكون للقاضي مصلحة
او قرابة او عداء شخصي.
رابعاً :الحق في النظر المنصف للقضايا :ويعني ذلك المساواة بين الدفاع واألدعاء ،وافتراض براءة المتھم.
ﺧامسا ً :الحق في النظر العلني للقضايا) :عالنية المحاكمة( .عالنية المحاكمات ضمان أساسي لعدالة
واستقاللية التقاضي ،وھو وسيلة لحماية الثقة العامة في نظام العدالة.
ويقتضي ذلك إجراء جلسة شفوية للمرافعة في حضور جمھور ويجب ان تعلن المحاكمة عن موعد ومكان
الجلسات لتسھل الحضور.
ويجوز تحديد مبدأ العالنية بقانون وبدقة ويعني ذلك أن المحاكمات السرية للنظام السابق في بيرو وكولومبيا
كلھا مخالفة لحق المحاكمة العلنية.
سادسا ً :افتراض براءة المتھم .يجب افتراض براءة المتھم الى ان تثبت ادانته قانونا ً بعد محاكمة عادلة ويجب
ان يظل اإلفتراض قائما ً ما لم يثبت العكس.
ويتفرع عن ذلك عدم تحميل المتھم عبء اثبات براءته ،ويعني ذلك أن عبء اإلثبات يقع على األدعاء ألنه
يدعي خالف األصل )البراءة( وأن الشك يفسر لمصلحة المتھم .كما يجب عدم تكون رأي مسبق حول إدانة
او براءة المتھم الماثل امام القاضي ويجب أن يرعى عدم وصف المتھم بصفات تشير إلى أنه مذنب سلفا ً
أثناء المحاكمة ،مما يؤثر في قرينة البراءة وھذا يعني عدم تكبيله باألصفاد او ارغامه على ارتداء مالبس
السجن في قاعة المحكمة او حالقة شعره .ويجب تزويده بمالبس مدنية الئقة .وبعد البراءة يجب اإللتزام بھذا
الحكم دون اخالل من قبل اجھزة الدولة دون ان يدفع أي نفقات عن التقاضي.
سابعا ً :الحق في عدم اإلكراه على اإلعتراف بالذنب :ويتفرع منه حق المتھم بالصمت او الكذب وعدم جواز
تحليفه اليمين النه نوع من اإلكراه.
ﺗاسعا ً :حظر تطبيق القانون الجزائي بأثر رجعي او محاكمة المتھم على نفس الجريمة مرتين.
احد عشر :حق المتھم في الدفاع عن نفسه بشخصه او من خالل محام .ويتفرع عنه عدم تعريض المحامين
للمضايقة والترھيب كما يجب ضمان حضور المتھم للمحاكمة بنفسه ليسھل عليه الدفاع.
وكذلك الحق في ابالغه بحقه بتوكيل محام او انتداب محام واإلتصال بالمحامي باطار من السرية.
ثاني عشر :الحق في حضور المحاكمات وجلسات اإلستئناف ،فيما إذا كانت المحكمة تنظر الجوانب القانونية
ام الوقائع.
سادس عشر :العقوبات :أي ضرورة ان تخضع العقوبات لمبدأ الشرعية بمعنى ان ال عقوبة اال بقانون،
ولذلك قيل بان من خصائص العقوبة كونھا قانونية ،كذلك يجب أن تكون العقوبة شخصية بمعنى التطبق وال
تفرض إال على مرتكب الفعل المجرم وال تمتد إلى غيره من أفراد اسرته او عشيرته ،كذلك ان ال تنفذ
العقوبة إال بعد صدور حكم قضائي من محكمة مختصة وفي ھذا ضمان لحرية األفراد من ان تمارس اإلدارة
او السلطة التنفيذية صالحية فرض العقوبات.
كما يجب أن تفرض العقوبة بالتساوي دون تمييز بين البشر بحسب الجنس او اللون او المعتقد او المذھب او
الدين او العرق او المركز االجتماعي ويراعى في العقوبات اإلبتعاد عن العقوبات المحرمة كالجزاءات
البدنية مثل الجلد او القطع او بتر احد األعضاء ،فقأ العيون وغيرھا مما يكون ھدفھا اإليالم والتعذيب
وتجرح اإلنسانية في الصميم .كما يجب حظر العقوبات الجماعية او عائلة او عرق معين او إتباع طائفة
معينة .وتبني على كون العقوبات خاضعة لمضامين حقوق اإلنسان ،ضرورة أن تكون امكان تنفيذ العقوبات
)السجون( متمتعة بأوضاع انسانية جيدة وفي ذلك تفصيل كثير المجال لألطالة فيه.
سابع عشر :الحق في االستئناف :ألن القاضي بشر فأنه يجوز عليه الخطأ ولذلك اق ّر نظام استنئاف
المحاكمات الجزائية للتأكد من عدم وجود الخطأ .ولذلك ترتب لإلنسان المتھم الحق في أن اليصدر عليه حكم
مشوب بشابئة الخطأ ويكون اإلستنئاف عادة لدى محكمة أعلى درجة وبعدد قضاة أكبر ويراعى ضرورة أن
تتوافر في دعاوى االستئناف ضمانات المحاكمة العادلة سالفة الذكر.
وجدير بالذكر ،أنه ال يكفي لتقرير حق اإلنسان في محاكمة عادلة ان تعترف بوجود ھذا الحق وإقرار
ضمانات لتحققه ،ولكن يجب أن تكون ھناك جزاءات معينة وآثار تترتب على اإلخالل بھذا الحق ،أھمھا ھو
البطالن أي بطالن اإلجراءات واألحكام الصادرة بناءاً على اإلخالل بحق المحاكمة العادلة .وتقرر بعض
الدول في تشريعاتھا جزاء مھم على اإلخالل بحق المحاكمة العادلة أال وھو )التعويض( ذلك أن المتھم يلحقه
الكثير من األضرار بسبب عدم مراعاة شروط المحاكمة العادلة وھذا يعني حق المتھم في أن يزيل ھذا
الضرر وتعويضه بما يجبر ھذا الضرر من الشخص او الجھة التي أخلت بحقه ،وعادة تتحمل الدولة تعويض
ھذا الضرر تجاه ھؤالء األشخاص اللذين يصطلح على تسميتھم بضحايا العدالة.