ابكي كما تبكي النساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫الرجال ابكي كما تبكي النساء على ملك لم تحافظ عليه‬

‫نظرت (عائشة الحرة ) إلى ولدها (أبي عبد هللا الصغير) ‪ ،‬سمعا معا صهيل الخيل‬

‫فوق الهضبة والتي سميت فيما بعد بـ (هضبة زفرة العربي االخيرة ) ‪ ،‬نزلت على‬

‫إثر تنهداتها ‪ ،‬دمع من عيني ولدها ‪ ..‬األمير المخلوع (أبو عبد هللا) ‪..‬حيث صار‬
‫عزاؤه هو البكاء ‪ ...‬حينها ‪ ..‬نظرت إليه أمه ‪ ...‬قالت له ‪ :‬نعم ‪ ..‬ابكي ‪ ..‬ابكي‬
‫كالنساء ملكا مضاعا ‪ ..‬لم تحافظ عليه كالرجال ‪ ...‬كانت قطرات الدموع هذه‬
‫هي آخر عهد المسلمين باالندلس ‪ ..‬وآخر عهد أبي عبد هللا نفسه بهذه البالد‬
‫بالد الفردوس المفقود‬

‫ما القصة؟‬

‫وصل الفاتح العربي المسلم (عقبة بن نافع ) إلى المحيط األطلنطي غربا‬
‫بعد أن قام بفتح بالد المغرب كاملة ‪ ...‬وتم األمر للدولة األموية في شمال‬

‫أفريقيا ‪ ...‬هذا ما كان يحدث في الجانب الشرقي ‪ ..‬أما في الشط األخر‬

‫فكان االمر مختلفا وعلى النقيض‬

‫كانت بالد االندلس تسمى في ذلك الوقت بـ "جزيرة ايبريا" او "بالد‬

‫القوط" ‪..‬حيث كان يحكمهم قوم من البربر تمكنوا من حكم البالد‬


‫ظلما وقهرا‬

‫ثم؟؟‬

‫لم يجد اهل االندلس بدا اال ان يستنجدوا بالمسلمين ‪ ...‬وبناء على اتفاق‬
‫بين موسى بن نصير حاكم المغرب وبين الورثة الشرعيين للعرش‬

‫االندلسي ‪ ..‬ارسل موسى برسالة الى خليفة المسلمين في ذلك الوقت‬


‫الوليد بن عبد الملك يستأذنه في أن يخوض البحر فيفتح االندلس‬
‫فكان رد الوليد ‪:‬استعن باهلل وال تغرر بالمسلمين في بحر شديد االهوال‬

‫فماذا حدث؟؟‬

‫ببضعة آالف من المسلمين ‪ ...‬خاضوا البحر وفتحوا االندلس‬


‫فتحوا حاضرة الدنيا وشاغلة الناس‬
‫فتحوا زاهرة المدن واميرة المدائن‬
‫فتحوا بوابات العلم ومنارات الهدى‬
‫وقتها ‪ ..‬ووقتها فقط‬
‫علمت اوروبا معنى العلم والنور‬
‫معنى النظافة والرقي‬
‫معنى للحياة ومعنى للمشاعر‬

‫وكانوا هم‬

‫وقتها فقط سمعت أمثالهم وعرفت أخبارهم‬


‫أراهم ويراهم من هو مثلي ويراهم كل حالم في دنياه‬
‫ارى طارق بن زياد ممتشقا سيفه وغرته تسطع بيضاء ناصع‬
‫أرى عبد الرحمن الغافقي معتليا صهوة الجواد ‪ ..‬يلمع على وقع خيله بالط الشهدا‬
‫أراه ‪ ..‬وكل يوم أجدد ذكراه ‪ ...‬عبد الرحمن الداخل ‪ ...‬رصافته "قصره" تبدو‬

‫من بعيد وقد زينت للناظرين‬


‫أرى "زهراء" عبد الرحمن الناصر ‪ ..‬والزهراء هي مدينة شيدها الناصر قرب قرطبة‬

‫من روعة ما ذكر عنها من اخبار ظن الناس انها خيالية مثل قارة اتنالنتس‬

‫اال انهم قد اكتشفوا بقاياها‬

‫أراه اآلن ‪ ..‬محمد بن أبي عامر ‪ ..‬الحاجب المنصور ‪ ..‬صاحب‬


‫راية العز المنسية‬

‫‪............‬‬

‫عبد الرحمن االوسط‬


‫يوسف بن تاشفي‬
‫المعتمد بن عباد‬
‫نصر االحمر‬
‫الزهراوي‬
‫ابن ميمون‬
‫ابن رشد‬
‫لسان الدين الخطيب‬
‫ابن زيدون‬
‫‪........‬‬

‫أرى قرطبة ‪ ...‬غرناطة ‪ ...‬بلنسية ‪ ..‬شاطبة‬


‫مرسية ‪ ...‬إشبيلية ‪ ...‬جيان ‪ ...‬طليطلة‬
‫‪.......‬‬
‫أراه اآلن ‪ ...‬قد ال يعلم الكثيرون اسمه ‪ ...‬فكما قيل‬
‫"فكم من عزيز خامل الذكر فينا"‬

‫أعرفكم به ‪ ...‬وأعرفه بكم‬


‫"موسى بن أبي غسان"‬

‫لما عزم أبو عبد هللا الصغير على تسليم غرناطة أخر ممالك العرب والمسلمين في‬
‫األندلس ‪ ..‬ووافقه في ذلك الخونة والعمالء وبعض من علماء السلطان ‪ ..‬قام هو‬
‫وكان الصوت الوحيد في وجه التخاذل "االميري" ‪ ..‬كان موسى من نسل االمراء‬
‫الفاتحين لالندلس ‪ ..‬وكان قائد الفرسان في مملكة غرناطة ‪ ...‬قام فخطب في الناس‬
‫انكم ان تستسلموا اليوم ‪ ..‬ال يرقبوا فيكم اال وال ذمة غدا ‪ ...‬اياكم والتسليم‪ ،‬وقتها‬
‫يتحدث الشيطان بجسد االنسان ‪ ...‬يقوم الملك "أبي عبد هللا" فيقول ‪ :‬ال اله اال هللا‬
‫وال حول وال قوة اال به ‪ ..‬قد كتب في اللوح المحفوظ اني شقي وان ملكي يزول‬
‫يعم اليأس ‪ ...‬وتزول عزيمة الفرسان ورائهم عزائم الناس ‪ ...‬يسيطر الباطل‬
‫على الحق فيجمع الكل على التسليم إلى االسبان‬

‫اال هو ‪ ..‬امتطى صهوة جواده وأخذ عنان فرسه ‪ ..‬أشهر سيفه ‪ ..‬وخرج وحيدا‬

‫للقاء االسبان ‪ ...‬وعلى ضفة نهر ‪ ..‬كان بعض من جنود الملك فرديناند وايزابيال‬
‫يردون الماء ‪ ..‬اذ وجدوه امامهم ‪ ...‬قاتلهم وقاتلوه ‪ ..‬فارس عربي مسلم رفض‬

‫التسليم ‪ ..‬تنزل قطرات الدم لتسقي االرض الغرناطية اخر ما يمكن ان تشربه‬
‫من عربها ومسلميها ‪ ...‬نعم ‪ ...‬يموت موسى ‪..‬اقصد يستشهد ‪ ..‬ويحمله‬
‫فرسه ‪ ..‬فال يجد احد جثمانه حتى اآلن‬

‫اآلن ‪ ...‬لم يبقى في المدينة اال بعض من اراذلها وضعفائها ‪ ..‬ملك ضعيف‬
‫ووزراء شربوا من كاس الخيانة حتى الثمالة ‪ ..‬وبعض من علماء الشرطة‬

‫نعم ‪ ..‬تسلم غرناطة إلى الملكين ‪ ...‬ويخرج أبو عبد هللا إلى المغرب مع أهله‬
‫تموت بقعة من الضوء في العالم كانت قد مألته علما وفنا وحبا وروحا‬

‫يرسل أبو البقاء الرندي هذه الكلمات إلى الطرف االخر من العالم ‪ ..‬تحيا مع‬

‫حياة الزمن ‪ ..‬تقول‬

‫لكل شئ اذا ما تم نقصان‬


‫فال يغر بطيب العيش انسان‬
‫هي االمور كما شاهدتها دول‬
‫من سره زمن سأته أزمان‬

You might also like