Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫قضايا الظاهرين على الحق‬

‫قبسات من التاريخ‬
‫السلمي‬

‫محمود بن سبكتكين الغزنوي‬


‫هادم الصنام‬
‫أصدر أمير المؤمنين في إمارة أفغانستان السلمية قرارا ‪ -‬بناء على فتوى العلماء وقرار المحكمة العليا ‪ -‬بتكسففير جميففع الصففنام الموجففودة ففي‬
‫أفغانستان ‪ ،‬بما في ذلك صنم بوذا الكبير المسمى " ُبّته باميان "‪ ،‬وقال البيان ‪:‬إن هذه الصنام كانت تعبد في الماضي والناس الن يحترمونها ومن الممكففن أن‬
‫يعبدوها في المستقبل ‪ ،‬وتابع البيان أن معبودنا هو ال سبحانه وتعالى وحده وأي آلهة أخرى غير ال سبحانه وتعالى هي آلهة زائفة‪ ،‬ثم طلب البيان من وزارة‬
‫المر بالمعروف والنهي عن المنكر ووزارة الثقافة والعلم العمل على تنفيذ هذا القرار ‪.‬‬
‫وبعد هذا القرار المبارك توالت ردود الفعال من الدول الكافرة والجهات الضالة ‪ ،‬وسنحاول فيما يلي إيجاز بعض هذه الردود ‪:‬‬
‫عرض وزير خارجية الهند على روسيا كل المساعدة الممكنة لتدخل روسيا بقوات كوماندوس روسي يقوم بحماية " ُبّته باميان" ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أبلغت ألمانيا المين العام للمم المتحدة "كوفي عنان" بضرورة فرض عقوبات إضافية على أفغانستان فففي محاولففة لثنففي المففارة السففلمية عففن‬ ‫‪-2‬‬
‫قرارها‪.‬‬
‫طلب وزير خارجة الباكستان من المارة السلمية تليين موقفها فيما يتعلق بهذا الموضوع‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫سفير "برهان الدين رباني " في موسكو "غلم سخي غيرات "‪ ،‬طلب من الناتو اتخاذ الجراء المناسب للحيلولة دون هدم هذا الصنم‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أبدت إيطاليا استعدادها للتدخل العسكري إذا اقتضى المر‪ ،‬وذلك لحماية الصنم ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫طلب أكبر نحات ياباني من حكومته بذل كل السبل السلمية لحماية " ُبّته باميان"‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫المملكة العربية السعودية "بلد التوحيد " تقول إن هذا العمل – هدم الصنام – من الجهل بالدين!!‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫أعلنت إيران أن هذا العمل "همجي"! وأن هذا القرار يؤكد ضرورة السعي للقضاء على دولة الطالبان‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫"يوسف القرضاوي"‪ :‬على طالبان أن تراجع نفسها !!!‬ ‫‪-9‬‬
‫"سيد طنطاوي" ‪ :‬المحافظة على الصنام ل يتعارض مع السلم!!!‬ ‫‪-10‬‬
‫عرضت كل من أمريكا وبريطانيا شراء الصنام ونقلها ودفع مبالغ طائلة مقابل ذلك‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫قام الهندوس والبوذيون في الهند بمظاهرات مزقوا فيها المصاحف وهددوا بهدم المساجد‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫ناشففدت عففدة دول بوذيففة ) نيبففال ‪ ،‬بورمففا ( تغييففر موقفهففا وعرضففت وسففاطات عففدة‬ ‫‪-13‬‬
‫للحيلولة دون كسر الصنام‪.‬‬
‫بنففاء علففى طلففب مففن ) اليونسففكو ( وافقففت مصففر علففى إرسففال وفففد إلففى أفغانسففتان‬ ‫‪-14‬‬
‫للتوسط ‪.‬‬
‫وحتى ساعة إعداد هذه النشرة ‪ ،‬رفضت طالبان جميع العففروض والوسففاطات وأكففدت‬
‫ثباتها على موقفها‪ ،‬وجاءت خطبة العيد التي ألقاها أمير المؤمنين لتؤكد علففى الثبففات العقففدي‬
‫لمير المؤمنين الذي قال‪ :‬أريد أن يعرفنا التاريخ بمكسري الصففنام وليففس بفائعي الصففنام ‪،‬‬
‫وقد ثبتت حكومة طالبان في الموقف ‪ ،‬حيث طردت طالبان عففدة موفففدين مففن المففم المتحففدة‬
‫واليونان وسواها ‪ ،‬وصلوا أفغانستان للتوسط‪ .‬وُيفَذّكرنا هففذا الموقففف التففاريخي الففذي يبعففث‬
‫على الفخار بسابقة تاريخية شبيهة لحد أعلم التاريخ السلمي وفي أفغانسففتان أيضفًا‪ ،‬وهففو‬
‫الملك الكبير العادل محمود بن سبكتكين أبو القاسم الملقب بيمين الدولففة وأميففن الملففة مكسففر‬
‫الصنام رحمه ال‪.‬‬
‫وقد ارتأينا تذكيرًا به وكشفا لستار البهة للقبسات المضيئة في تاريخ أمتنففا المجيففد أن‬
‫تكون هذه الحلقة التاريخية عن هذا السلطان المجاهد رحمه ال‪.‬‬
‫قال ابن كففثير رحمففه ال‪)) :( 1‬هففو صففاحب بلد غزنففة ومففا والهففا ‪ ،‬تملففك سففنة سففبع‬ ‫(‬

‫وثلثين وثلثمائة ‪ ،‬فسار سيرة عادلة ‪ ،‬وقام في نصففر السففلم قيامففا تامففا ‪ ،‬وفتففح فتوحففات‬
‫كثيرة في بلد الهند وغيرها ‪ ،‬وعظم شففأنه واتسففعت مملكتففه وامتففدت رعايففاه وطففالت أيففامه‬
‫لعدله وجهاده وما أعطاه ال إياه‪.‬‬

‫)‪ (1‬البداية والنهاية ‪ (223 / 6) :‬و )‪ (335 /11‬و )‪ (27،29 ،26 ،22 ،19 ، 16 ،11 ، 8 ، 7 ، 6 / 12‬بتصرف‪.‬‬

‫‪35‬‬ ‫العدد ‪ -2‬ذ و الحجة ‪1421‬‬


‫قبسات من التاريخ السلمي‬
‫قضايا الظاهرين على الحق‬
‫في حدود أربعمائة هجرية دخل محمود بن سبكتكين الغزنوي بلد الهند ‪ ،‬فافتتففح مففدنا‬
‫كبارا ‪ ،‬وأخذ أموال جزيلة ‪ ،‬وأسر بعض ملففوكهم وهففو ملففك كراتشففي ‪ ،‬وتواقففع هففو وملففك‬
‫الهند ‪ ،‬فاقتتل الناس قتال عظيما ‪،‬ثم انجلت عن هزيمة عظيمة على الهنففد ‪ ،‬وأخففذ المسففلمون‬
‫يقتلون فيهم كيف شاؤا ‪ ،‬وأخذوا منهم أموال عظيمة من الجواهر والففذهب والفضففة ‪ ،‬و دخفل‬
‫مدينة فيها ألف قصر مشيد ‪ ،‬وألف بيت للصنام ‪ ،‬وفيها من الصنام شيء كففثير ‪ ،‬ومبلففغ مففا‬
‫على الصنم من الذهب ما يقارب مائة ألف دينففار ‪ ،‬ومبلففغ الصففنام الفضففة زيففادة علففى ألففف‬
‫صنم ‪ ،‬و كسر الصنم العظم الذي لهم المسمى بسومنات وقد كففانوا يفففدون إليففه مففن كففل فففج‬
‫عميق ‪ ،‬كما يفد النففاس إلففى الكعبففة الففبيت الحففرام وأعظففم‪ ،‬وينفقففون عنففده الفقففات والمففوال‬
‫الكففثيرة الففتي ل توصففف ول تعففد ‪ ،‬وكففان عليففه مففن الوقففاف عشففرة آلف قريففة ومدينففة‬
‫مشهورة ‪ ،‬وقد امتلت خزائنه أموال ‪ ،‬وعنده ألف رجففل يخففدمونه ‪ ،‬وثلثمففائة رجففل يحلقففون‬
‫رؤوس حجيجه ‪ ،‬وثلثمائة رجل يغنون ويرقصون على بففابه لمففا يضففرب علففى بففابه الطبففول‬
‫والبوقات ‪ ،‬وكان عنده من المجاورين ألوف يأكلون من أوقافه ‪ ،‬وقففد كففان البعيففد مففن الهنففود‬
‫يتمنى لو بلغ هذا الصنم ‪ ،‬وكان يعوقه طول المفاوز وكثرة الموانع والفات ‪ ،‬ثم اسففتخار ال ف‬
‫السلطان محمود لما بلغه خبر هذا الصنم وعّباده وكثرة الهنود فففي طريقففه والمفففاوز المهلكففة‬
‫والرض الخطرة في تجشم ذلك في جيشه وأن يقطع تلك الهفوال إليفه ‪ ،‬فنففدب جيشففه لففذلك‬
‫فانتدب معه ثلثون ألفا من المقاتلة ممن اختارهم لففذلك سففوى المتطوعففة ‪ ،‬فسففلمهم الف حففتى‬
‫انتهوا إلى بلد هذا الوثن ‪ ،‬ونزلوا بساحة عباده فإذا هو بمكان بقدر المدينة العظيمة ‪ ،‬فما كففان‬
‫بأسرع من أن ملكوه ‪ ،‬وقلعوا هذا الوثن وأوقدوا تحته النار ‪ ،‬وقد ذكففر غيففر واحففد أن الهنففود‬
‫بذلوا للسلطان محمود أموال جزيلفة ليفترك لهففم هفذا الصفنم العظفم ‪ ،‬فأشفار مفن أشففار مفن‬
‫المراء على السلطان محمود بأخذ الموال وإبقاء هذا الصنم لهم ‪ ،‬فقففال ‪ :‬حففتى أسففتخير الف‬
‫عز وجل فلما أصبح قال ‪)) :‬إني فكييرت فييي الميير الييذي ذكيير ‪ ،‬فرأيييت أنييه إذا نييوديت يييوم‬
‫القيامة أين محمود الذي كسر الصنم ‪ ،‬أحب إلى من أن يقال الذي ترك الصنم لجل ما ينيياله‬
‫من الدنيا (( ‪ ،‬ثم عزم فكسره رحمه الف ‪ ،‬فوجففد عليففه وفيففه مففن الجففواهر والللففئ والففذهب‬
‫والجواهر ‪ .‬وقد عمموا المدينة بالحراق فلم يففتركوا منهففا إل الرسففوم وبلففغ عففدد القتلففى مففن‬
‫الهنود خمسففين ألفففا‪ ،‬وأسففلم منهففم نحففو مففن عشففرين ألفففا ‪ ،‬وُأفففرد خمففس الرقيففق فبلففغ ثلثففا‬
‫وخمسين ألففا ‪ ،‬واعفترض مفن الفيفال ثلثمفائة وسفت وخمسفين فيل ‪ ،‬وحصفل مفن المفوال‬
‫عشرون ألف ألف درهم ‪ ،‬ومن الذهب شيء كثير‪.‬‬
‫موقفه من الباطنية‪:‬‬
‫وقد أحل بطائفة من أهل الري مففن الباطنيففة والروافففض قتل ذريعففا وصففلبا شففنيعا ‪،‬و‬
‫انتهب أموال رئيسهم رستم ابن علي الديلمي ‪ ،‬فحصل منها ما يقففارب ألففف ألففف دينففار‪ ،‬وقففد‬
‫كان في حيازته نحو من خمسين امرأة حرة ‪،‬وقد ولدن له ثلثا وثلثين ولدا بين ذكر وأنففثى ‪،‬‬
‫وكانوا يرون إباحة ذلك‪.‬‬
‫وامتثل رحمه ال أمر أمير المؤمنين واستن بسنته في أعماله التي اسففتخلفه عليهففا مففن‬
‫بلد خراسففان وغيرهففا فففي قتففل المعتزلففة والرافضففة والسففماعيلية والقرامطففة والجهميففة‬
‫والمشبهة ‪ ،‬وصلبهم وحبسهم ونفاهم وأمر بلعنهففم علفى المنففابر ‪ ،‬وأبعفد جميفع طففوائف أهفل‬
‫البدع ونفاهم عن ديارهم ‪ ،‬وصار ذلك سنة في السلم‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫العدد ‪ -2‬ذ و الحجة ‪1421‬‬
‫قضايا الظاهرين على الحق‬
‫قبسات من التاريخ‬
‫السلمي‬
‫وكان يخطب في سائر ممالكه للخليفة القادر بال ‪ ،‬وكانت رسل الفاطميين من مصيير‬
‫تفد إليه بالكتب والهدايا لجل أن يكون من جهتهم‪ ،‬فيحرق بهم ويحرق كتبهم وهداياهم‪.‬‬
‫وفاته رحمه الله‪:‬‬
‫مرض رحمه ال نحوا من سنتين لم يضطجع فيهما على فراش ول توسد وسادا ‪ ،‬بل‬
‫كان يتكئ جالسا حتى مات وهو كذلك ‪ ،‬وذلك لشهامته وصرامته وقوة عزمه وله من العمر‬
‫ستون سنة رحمه ال((‪.‬‬

‫‪fB‬‬

‫‪37‬‬ ‫العدد ‪ -2‬ذ و الحجة ‪1421‬‬

You might also like