Professional Documents
Culture Documents
تنبيه الحذاق على بطلان ما شاع بين الأنام من حديث النور المنسوب لمصنف عبد الرزاق
تنبيه الحذاق على بطلان ما شاع بين الأنام من حديث النور المنسوب لمصنف عبد الرزاق
تقديم
الحمد ل وحده والصلة والسلم على من ل نبي بعده وعلى آله وصحبه .
أما بعد............
فقد قرأت ما كتبه أخونا العلمة الشيخ محمد أحمد بن عبد القادر الفقيه الشنقيطي في
بيان الدلة الدالة على بطلن الحديث المنسوب إلى مصنف المام عبد الرزاق بن همام
الصنعاني رحمه ال الدال على أن أول المخلوقات هو نور نبينا محمد صلى ال عليه
وسلم وأن كل شيء خلق من ذلك النور الخ..
فألفيته قد أجاد فيما كتب وأفاد وأبرز من الدلئل والبراهين النقلية والعقلية ما يدل
على بطلن هذا الحديث وأنه من جملة الخبار الموضوعة على رسول ال صلى ال
عليه وسلم .
وكل من تأمل الدلة الشرعية من الكتاب والسنة علم يقينا أن هذا الخبر من جملة
الباطيل التي ل أساس لها من الصحة وقد أغنى ال نبيه صلى ال عليه وسلم عن مثل
هذا بما أقام من الدلئل القاطعة والبراهين الساطعة والمعجزات الباهرة على صحة
نبوته ورسالته عليه الصلة والسلم كما أغناه عن هذا الخبر المكذوب وأشباهه بما
وهبه من الشمائل العظيمة والصفات الكريمة والخلق الرفيعة التي ل يشاركه فيها
أحد ممن قبله ول ممن بعده فهو سيد ولد آدم وخاتم المرسلين ورسول ال إلى جميع
الثقلين وصاحب الشفاعة العظمى والمقام المحمود يوم القيامة إلى غير ذلك من
خصائصه وشمائله وفضائله الكثيرة صلى ال عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن
سلك سبيله ونصر دينه وذب عن شريعته وحارب ما خالفها وأسأل ال أن يجزي أخانا
الشيخ العلمة محمد أحمد بن عبد القادر عما كتبه في هذا المقام ما جزى به المحسنين
المدافعين عن نبيهم صلى ال عليه وسلم وسنته والعاملين على نشرها والذب عنها وأن
يجعلنا وإياه وسائر إخواننا من دعاة الهدى وأنصار الحق ما بقينا إنه ولي ذلك والقادر
عليه وصلى ال وسلم على عبده ورسوله سيدنا وإمامنا محمد بن عبد ال وعلى آله
وأصحابه ومن اهتدى بهداه والحمد ل رب العالمين.
الحمد ل الذي جعل السانيد برامج للمتون لتعلم ,والصلة والسلم على من قال –
ل تطروني كما أطرت النصارى عيسى أبن مريم .
وبعد فإني رأيت السواد العظم ممن يزعم بعضهم أنه من أهل العلم وهو من الجهل
يسير في داج من الظلم ,أصبحوا يعتقدون أن أول شيء خلقه ال من الكائنات هو نور
محمد صلى ال عليه وسلم ,ويعتقدون أنه أيضا أصل للكائنات كلها أو ما فيه خير منها,
وأن من لم يعتقد هذا ل عقيدة له تـنفعه يوم الدين ,لنكاره عندهم ما هو ضروري من
الدين ويعتقدون أنه لول محمد -ص -لم يخلق ال تبارك وتعالى شيئا من المخلوقات
البتة ,وأن مبنى عقيدتهم هذه تدور على ما روى وجادة عن مصنف عبد الرزاق بن
همام عن جابر بن عبد ال رضي ال عنهما أنه سأل رسول ال صلى ال عليه وسلم
عن أول شيء خلقه ال تعالى من المخلوقات فقال نور نبيك يا جابر خلقه ال وخلق
بعده كل شيء ,وخلق منه كل خير .وفي بعض الروايات هذا الخبر خلقه وخلق منه كل
شيء وهي المشهورة الكثيرة في التقاييد المحتوية على هذا الخبر إلى آخر خبر طويل
جدا في نحو أربع صفحات من القالب الكبير ,وفي وسطه تقسيم هذا النور إلى عشرة
أقسام وتعيين خلق كل نوع من الكائنات من قسم معين من القسام العشرة ,فرأيت أن
من الواجب كفاية ,والنصيحة لهل السلم والديانة أن أكشف بالنقد والبحث الحثيث
عن مرتبة ما أعتمد عليه هؤلء عند أهل الحديث.
فأقول و بال تعالى أستعين ,وأغزو وأصول إن ثبت أن هذا الحديث في مصنف عبد
الرزاق فهو من الطامات العظام التي في ضمنه كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر
فإنه قال :إن مصنفه مشتمل على عظائم من الخبار .
والدليل على أنه من المختلفات والمفتريات على رسول ال صلى ال عليه وسلم
طوله المفرط مع ركاكة ألفاظه وغرابته و نكارته وإعضاله عند نقاله ,ولنفراد عبد
الرزاق به من بين من صنف في دلئل نبوته عليه الصلة والسلم ولعدم وجوده في
ديوان من دواوين أصول الحذاق سوى مصنف عبد الرزاق ولمخالفته دليل العقل
وصحيح النقل من الكتاب والسنة وإجماع المة ,ولخلوه من شروط قبول الحديث
الستة ,التي اشترطها علماء الحديث وأئمته فلم يقبلوا حديثا خلى منها ,وهي التصال
والضبط والعدالة و المتابعة في المستور وعدم الشذوذ وعدم العلة القادحة ,وأيضا نص
أئمة الحديث ممن تقدمنا وممن عاصرنا على وضعه وضعفه وعدم وجود سند له.
أما مخالفته لنصوص كتاب ال تعالى من حيث دللتها على أصل ما خلق منه البشر
النساني والجان الناري فقوله تعالى " خلق النسان من صلصال كالفخار وخلق الجان
من مارج من نار" فإن آدم والطين الذي خلق منه مخلوقان أصالة من نور محمد صلى
ال عليه وسلم وقال جل وعل أيضا في أصل نشأة السماء والرض " قل أئنكم
لتكفرون بالذي خلق الرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين .وجعل
فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء لسائلين .ثم
استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين
فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا
بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم" اليات .وقال " وهو الذي خلق السماوات
والرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء " ,قال بعض المفسرين أن الدخان الذي
ذكر ال تعالى انه أصل السماء أصله من بخار الماء الذي كان عليه عرش الرحمن قبل
خلق السماوات والرض وما فيهن من الكائنات ,وأن أصل الماء ياقوتة خضراء نظر
ال تعالى إليها نظر هيبة فصارت ماء وأنه تعالى تجلى للماء فيبس سقفه فصار ترابا,
فهذا ما أخبر ال تبارك وتعالى به أيضا في بدء خلق أصل السماوات والرض وفسره
علماء المة المحمدية ,ولم يخضعوه ولم يقيدوه بمقتضى ما دل عليه الحديث المذكور,
وما ذاك إل لكونه ل أصل له عندهم إذ لو كان كذلك لتأولوه بما يزيل التعارض بينه
وبين ما ذكرنا من النصوص وبين ما سنذكره وستـقـفون على فعل العلماء ذلك خلل
هذه الرسالة إن شاء ال تعالى حيث نذكر في الموضوع ما يقع بينه التعارض من الدلة
الصحيحة إذ ذلك لزم عند المحققين من الفقهاء والمحدثين ,والصوليين ,قال العلوي
في مراقي السعود والجمع واجب إذا ما أمكنا ...إلى قوله أو يجب الوقف أو التساقط
وفيه تفصيل حكاه الضابط.
وقال تعالى في تعيين أصل ما خلقت منه المخلوقات الحيوانية " ,وجعلنا من الماء
كل شيء حي أفل يؤمنون " فهذه آيات خبريات ل تقبل النسخ من كتاب ال تعالى دلت
بوضع نصوصها على معارضة ما دل عليه الخبر المذكور والحديث إذا كان هكذا
يكون موضوعا بل شك عند العلماء.
قال المحقق ابن القيم رحمه ال في كتابه المنار المنيف في بيان الحديث الضعيف ,ما
نصه ,ومن العلمات التي يعرف بها الحديث الموضوع مخالفته لصريح القران,
كحديث مقدار الدنيا وأنها سبعة آلف سنة وأمثاله مما خالف صريح نصوص القرآن
انتهى كلمه .
ومن القوادح في الخبر المذكور أيضا مخالفته لما في الصحيحين عنه عليه الصلة
والسلم من قوله لتميم " اقبلوا البشرى يا بني تميم قالوا بشرتنا فأعطنا قال ,اقبلوا
البشرى يا أهل اليمن ,قالوا قد قبلنا فأخبرنا عن أول هذا المر كيف كان ,قال كان ال
ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء ,وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق
السماوات والرض ".
قال المام أحمد :حدثـنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء
عن و كيع ابن عدس عن عمه أبي رزين وأسمه لقيط بن عامر العقيلي قال قلت يا
رسول ال .أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه ؟ قال " كان في عماء ما تحته هواء ثم
خلق العرش بعد ذلك " ورواه ابن ماجه أيضا والترمذي وقال حديث حسن ,وقال
مجاهد ووهب بن منبه وعمرة و قتادة وغيرهم كان عرشه على الماء قبل أن يخلق كل
شيء.
وروى ابن جرير الطبري في التفسير حدثنا محمد بن بشار حدثـنا يحيى حدثـنا
سفيان عن العمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس رضي ال عنهما قال أول ما خلق ال
القلم قال أكتب قال وماذا أكتب ؟ قال أكتب فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى قيام
الساعة ثم خلق النون ورفع بخار الماء ففتـقت منه السماء وبسطت الرض الخ .
الحديث بتمامه ورواه المام أحمد والترمذي في جامعه مرفوعا إلى رسول ال صلى
ال عليه وسلم من طريق الوليد بن عبادة بن الصامت قال قال لي أبي حين حضرته
الوفاة سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول أن أول ما خلق ال القلم :فقال له:
أكتب الخ ..وقال حديث حسن صحيح .قال البيهقي في مختلف الحديث جمع بينه وبين
ما تقدم عن الصحيحين وغيرهما من أولية خلق العرش والماء على خلق ما سواهما
أراد أن أول شيء خلقه بعد خلق الماء والريح والعرش القلم قال وذلك بين في حديث
عمران بن حصين كما في الصحيحين عنه مرفوعا ثم خلق السماوات والرض انتهى
كلم البيهقي رحمه ال تعالى ,وروى عبد الرزاق عن عمر بن حبيب أحد الثـقات عن
حميد بن قيس العرج عن طاووس المام قال جاء رجل إلى عبد ال بن عمرو بن
العاص رضي ال عنهما فسأله ,مم خلق الخلق ,قال من الماء والنور والظلمة والريح
والتراب ,قال الرجل ,فمم خلق هؤلء قال ل أدري ,قال ثم أتى الرجل عبد ال ابن
الزبير رضي ال عنهما فقال مثل قول عبد ال بن عمرو قال فأتى الرجل عبد ال بن
عباس فسأله فقال مم خلق الخلق قال من الماء والنور والظلمة والريح والتراب قال
الرجل ,فمم خلق هؤلء ,فتل عبد ال بن عباس رضي ال عنهما " وسخر لكم ما في
السماوات وما في الرض جميعا منه " ,فقال الرجل ,ما كان ليأتي بهذا إل رجل من
أهل بيت النبي صلى ال عليه وسلم قال البيهقي أراد أن مصدر الجميع منه أي من خلقه
وإبداعه واختراعه خلق الماء أول أو الماء وما شاء من خلقه ل عن أصل ول على
مثال سبق ثم جعله أصل لما خلق بعد ,فهو المبدع وهو البارئ ل إله غيره ,ول خالق
سواه سبحانه جل وعز انتهى كلم البيهقي رحمه ال تعالى.
ومما يقدح فيه أيضا ما في الصحيح عنه عليه الصلة والسلم قال مسلم الحجاج
حدثـنا محمد ابن رافع وعبد بن حميد قال عبد أخبرنا وقال ابن رافع حدثـنا عبد الرزاق
أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول ال صلى ال عليه
وسلم " خلقت الملئكة من نور وخلق الجان من مارج من نار ,وخلق آدم مما وصف
لكم " ويعني الرسول صلى ال عليه وسلم بما وصف لكم ما وصف ال تبارك وتعالى
لنا به آدم عليه السلم من أنه خلقه من تراب ,ولما كان هذا الحديث من أصح ما روى
عنه عليه الصلة والسلم كما ترون ,وكان فيه نوع معارضة لما تقدم من قوله تعالى "
وجعلنا من الماء كل شيء حي أفل يؤمنون " ,قال المفسرون أنه مخصص لعمومها,
قال أبو حيان في البحر ,وتكون الحياة على ما قاله الكلبي وغيره حقيقة ,ويكون كل
شيء عاما مخصوصا ,إذ خرج منه الملئكة والجن ,إذ ليسوا مخلوقين من نطفة ول
محتاجين لماء ,انتهى كلمه.
ومن القوادح في الخبر المذكور ,كون الرسول صلى ال عليه وسلم لما سئل عن أول
شيء أنبا عن عظيم شأنه أجاب من سأله أنه ثلثة أمور منها رؤيا من ليس بمعصوم
فلو كان الخبر المذكور صحيحا كما روى لكان بالذكر أحرى من رؤيا من ليس
بمعصوم ,فقد روى المام أحمد من طريقين حسنتين إحداهما من طريق سعيد بن سويد
الكلبي عن عبد العلى بن هلل السلمي عن العرباض بن سارية رضي ال عنه
والخرى من طريق لقمان بن عامر عن أبي أمامة رضي ال عنه أن كل منهما سأل
رسول ال صلى ال عليه وسلم ما كان أول أمرك يا رسول ال ؟ قال " دعوة أبي
إبراهيم وبشرى عيسى بن مريم ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام
" قال الحافظ إسماعيل بن كثير ,والمراد أن أول من نوه بذكره وشهره في الناس
إبراهيم عليه السلم فلم يزل ذكره في الناس مشهورا حتى أفصح باسمه خاتم أنبياء بني
إسرائيل وهو عيسى بن مريم عليه السلم حيث قام في بني إسرائيل خطيبا فقال " إني
رسول ال إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه
أحمد " قال ,وقوله رأت أمي نورا قيل رأته منا ما حين حملت به ,وقصته على قومها
فشاع فيهم واشتهر بينهم ,انظر تفسيره عند قوله تعالى " ربنا وابعث فيهم رسول منهم
يتلوا عليهم آياتك " .الية فدعوى المعتمدين على حديث مصنف عبد الرزاق عن جابر
رضي ال عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه سأله عن أول شيء حلقه ال وأن
رسول ال صلى ال عليه وسلم أجابه بقوله نور نبيك يا جابر خلقه ال ,وخلق بعده كل
شيء و خلق منه كل شيء وما في معناه مما هو من طرازه مما سنخرجه أيضا أن شاء
ال تعالى بعد ,لئل يغتر به من جهله بعد ما جلبنا لهم من القواعد القطعية ونصوص
الكتاب وصحيح السنة وتواتر السلف والخلف عليها من هذه المة دعوى يحيلها العقل
ول يثبتها النقل لما اشتملت عليه من التحكم والدور الممنوعين عقل ل خذهم من غير
دليل يصح نورا منسوبا إلى محمد صلى ال عليه وسلم الذي هو آخر رسول بعثه ال
في الرض للخلق ,وجعلهم هذا النور المنسوب لرسولنا صلى ال عليه وسلم أصل
للكائنات سواء قلنا بعرضية النور على انه صفة له لن العرض ل يقوم بنفسه أو قلنا
بجرميته لنه من سببه فتوقف وجود الرض التي هي أصل آدم عليه الصلة والسلم
الذي هو من آخر فروع آدم عليه السلم يسمى دورا عند ذوي نتائج العقول وأرباب
المعقول وهو توقف الشيء على ما يتوقف عليه ,وليس بمنفك أحد الجهتين فيسقط
العتراض فال تعالى يسلم لنا ولكم العقول ويعيذنا وإياكم من التمسك بخرافات النقول
إذ قد كان في سعة ما رواه أصحاب رسول ال عليه وسلم عنه منذ بعثه ال بشيرا
ونذيرا ,ودونته عنهم الئمة في أصولها الصحاح من دلئل نبوته وقواطع معجزاته ما
يغني عن التعلق بهذه السفسطيات التي يعلم بطلنها ذوو البدايات وحيث اجتث اصل
الخبر الذي تدور عليه عقيدة من قدمنا ذكرهم بما ل معدى وراءه من تعيين القوادح فيه
نقل وعقل باستحالة مقتضاه من أول إلى منتهاه فنخرج أيضا خبرين ادعى بعض
زعماء هؤلء الجهلة لما أقمنا لهم الحجج على وضع الحديث مصنف عبد الرزاق أنه
وإن كان موضوعا فهذان الحديثان شاهدان له ,وهذا أيضا من جهلهم الذي حملهم على
أن جعلوا حديثا موضوعا أصل في العقائد الدينية ثم أنهم لم يقنعوا بذلك حتى جعلوا ما
في معناه من الحاديث الموضوعة يصلح شاهدا له يبلغ به درجة الحتجاج به في
أصول الدين وإليكم تخريج الول من الحديثين المذكورين.
قال ابن الجوزي في الموضوعات الكبرى صفحة 140من الجزء الثاني منها أنبأنا عبد
الوهاب بن المبارك وغيره قالوا أنبأنا احمد بن المعطى أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن
الحوفي أنبأنا أبو احمد حمزة الدهقاني حدثنا محمد بن عيسى بن حيان أبو السكين حدثنا
محمد ابن الصباح أنبأنا علي بن الحسن الكوفي عن إبراهيم بن اليسع عن أبي العباس
الضرير عن الخليل بن مرة عن يحي البصري عن زادان عن سلمان قال هبط جبريل
على النبي صلى ال عليه وسلم فقال أن ال يقرئك السلم ويقول لك ما خلقت خلقا أكرم
علي منك ولقد أعطيتك القران وفضل شهر رمضان و الشفاعة كلها لك حتى ظل
عرشي في القيامة على رأسك محدودا وتاج الملك على رأسك معقودا ولقد قرنت أسمك
باسمي فل أذكر في موضع حتى تذكر معي ولقد خلقت الدنيا وأهلها لعرفهم كرامتك
علي ومنزلتك عندي ولولك ما خلقت الدنيا .قال ابن الجوزي هذا موضوع أبو السكين
وإبراهيم بن اليسع ويحي البصري متروكون ووافقه الحافظ ابن حجر والحافظ
السيوطي على أنه موضوع انتهى ..
وأما الحديث الثاني فقال الحافظ الذهبي في الميزان عمرو بن أوس يجهل حاله أتى
بخبر منكر أخرجه الحاكم في قسم الموضوع من المستدرك من طريق جندل ابن واثق
عن عمرو بن أوس عن سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن
عباس رضي ال عنهما أوحى ال إلى عيسى بن مريم آمن بمحمد فلوله ما خلقت آدم
ول الجنة و النار قال الذهبي هذا موضوع عن ابن عباس.
ومن أقوى الحجج عند هؤلء على معتقدهم الذي وصفنا في المقدمة ما نظمه
البوصيري مما تضمنته هذه الحاديث التي ذكرنا لكم النصوص على كذبها واختلقها
بقوله في الميمية .
إلى غير ذلك من قريض من ل يميز بين صحيح الحديث و ضعيفه ول يبالي بتصحيحه
من تحريفه ولقد وقع بيني وبين رجل يوما من سكان شمال موريتانيا يقال له محمد ابن
البار وهو ممن له شيعة منهم وأتباع يعتقدون أنه من أعلم الخلق وأولهم بال كلم
ومناظرة ألزمته فيها الحجة والدليل على ما يعتقده هو و أمثاله على أنه لول محمد
صلى ال عليه وسلم ما تفضل ال تبارك وتعالى على احد ول على شيء من الدواب
والحشرات بأي شيء من الرزاق وسائر المنافع فاحتج علي بقول البوصيري المتقدم
لوله لم تخرج الدنيا من العدم فقلت له قول البوصيري ليس حجة في الشريعة فقال لي
البوصيري أفضل منك فقلت له ويحك متى علمت منزلتي عند ال حتى تفضل علي من
ل تعلم ما لقي عنده فعلمت أن الشيخ ليس كما يعتقدون أتباعه.
إخواني وأين هؤلء من أمر ال تبارك وتعالى نبينا محمدا صلى ال عليه وسلم أن
يبلغنا " قل ل أملك لنفسي نفعا ول ضرا إل ما شاء ال ولو كنت أعلم الغيب لستكثرت
من الخير وما مسني السوء إن أنا إل نذير وبشير لقوم يؤمنون " .
اللهم اشرح للسلم صدورنا واعقد على اليمان بك قلوبنا ,ول تضلنا بعد إذ هديتنا
ربنا.
وإذ قد أتينا على ما سمح به الوقت مما يتعلق بنقد حديث مصنف عبد الرزاق بن
همام وما في معناه من الموضوعات ومضللت العوام ,فنذكر لكم إن شاء ال تعالى
أيضا من نص على وضعه وضعفه وعدم وجود سند له ,فقد سئل الحافظ السيوطي عن
حديث مصنف عبد الرزاق كما في الحاوي في الفتاوى أي من الجزء الول صفحة
500منه فأجاب بأنه ل سند له يثبت البتة وقال العلمة ابن عجيبة المغربي في شرح
حكم أحمد بن عبد الكريم بن عطاء ال السكندري في ذكر منازع الصوفية منها أنه
ضعيف عند العلماء وأن عليه اعتماد المتصوفة وقال أحمد الصديق الغماري في مقدمة
كتابه المغير على ما في الجامع الصغير أنه موضوع ل يشك طالب علم في وضعه
واختلقه وسئل عنه اللباني ,فأجاب بأنه باطل.
وقد نجز بحمد ال تعالى ما وعدنا به من نقد الحديث الذي عمت البلوى باعتماده
وضل الكثير من الورى باعتقاده ,راجين من ال أن يهدينا وسائر المسلمين عند كل
مضلة إلى الرجوع إلى كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم وما عليه السلف
الهداة ,وأن يعيذنا من تفريط المفرطين وغلو المفرطين و لجاج المتعصبين لوضاع
المبطلين آمين يا رب العالمين وصلى ال على سيدنا محمد سيد الولين والخرين
وأصحابه الطاهرين الطيـبـيـن.
كتبه وجمعه من مداركه الراجي من ال تعالى أن يسلك به أقوم مسالكه ,الفقير إلى
موله محمد أحمد بن عبد القادر الشنقيطي منشأ القرشي التيمي نسبا المدني وطنا,
لثمان ليالي بقيت من شوال عام 1390هـ ,وسميت هذه الرسالة تنبيه الحذاق على
بطلن ما شاع بين النام من حديث النور المنسوب لمصنف عبد الرزاق بن همام.