Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 46

‫في‬ ‫القرضاوي‬ ‫لمزيد من كشف حال القرضاوي اقرا كتاب‬

‫العراء‪.‬‬

‫الكاوي لكبد القرضاوي‬

‫]‪ /Index‬خريطة موقع الدروس [‬

‫النقض الكاوي لدعوى يوسف القرضاوي‪.‬‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫الحمد لله رب العالمين وصلى الله على السيد‬


‫السند المين‪ ،‬صاحب القول الفصل الذي ل اجتهاد‬
‫صه‪ ،‬ول فهم يزيد على فهمه‪ ،‬سيدنا‬
‫في مورد ن ّ‬
‫محمد وعلى سادات ءاله وصحبه‪.‬‬

‫أما بعد‪ ،‬فإن ورقة خطيرة تحمل في طّياتها باًبا‬


‫واسًعا لتبديل أحكام دين الله وتغييرها ـ بدعوى‬
‫التجاوب مع مقتضيات العصر ـ قد ُرّوجت في‬
‫أمريكا وُوزعت فيها‪ ،‬وهي صادرة عن منظمة‬
‫تسمى ‪":‬رابطة الشباب المسلم العربي" ))‬
‫‪ M.A.Y.A‬وموقعة بإمضاء الدكتور يوسف‬
‫القرضاوي افتتحها كاتبها بالحديث عن أهمية التربية‬
‫والتوعية الفكرية والعقائدية السلمية ثم انتقل إلى‬
‫امتداح الرابطة المذكورة ءانًفا ليخُلص بعد ذلك في‬
‫الثلث الخير منها إلى تجويز دفع الزكاة لصرفها في‬
‫أعمال هذه الرابطة المختلفة لدعوى أن عملها هذا‬
‫ول من مال‬ ‫م ّ‬
‫جهاد في سبيل الله‪ ،‬إذن يجوز أن ي ُ َ‬
‫الزكاة لدخوله تحت قوله تعالى‪}:‬وفي سبيل الله{‬
‫ص كلمه ‪":‬ولهذا أرى أنه‬ ‫]سورة التوبة‪ !!![60/‬ون ّ‬
‫يجوز للمسلم أن يدفع إليها من زكاة ماله باعتبار‬
‫عملها الذي أشرت إليه جهاًدا في سبيل الله‪ ،‬فليس‬
‫كل الجهاد بالسيف‪ ،‬وقد قال تعالى لرسوله‪}:‬فل‬
‫تطع الكافرين وجاهدهم به{ أي بالقرءان ]سورة‬
‫غزينا به في عصرنا من‬ ‫الفرقان‪ .[52/‬وأخطر ما ُ‬
‫ِقبل أعداء السلم هو الغزو الفكري والثقافي‪،‬‬
‫وعلينا أن نحاربهم بمثل سلحهم أي عن طريق‬
‫الفكر والثقافة والتربية والتوعية‪ ،‬وهو ما تقوم به‬
‫رابطة الشباب المسلم العربي‪ ،‬ول حرج من تمويل‬
‫ذلك من مصرف ‪}:‬وفي سبيل الله{ ]سورة التوبة‪/‬‬
‫‪ [60‬من مصارف الزكاة" انتهى كلم القرضاوي‬
‫بحروفه‪.‬‬

‫نقول بعون الله تعالى‪ :‬لسنا ننازع الشيخ القرضاوي‬


‫في أهمية التصدي لما سماه الغزو الفكري‬
‫والثقافي‪ ،‬ول في الدفاع عن عقيدة السلم في‬
‫وجه الطاعنين فيها علًنا وسّرا‪ ،‬ول في أن هذا النوع‬
‫من أنواع الجهاد باللسان والقلم‪ ،‬ول في كون حسن‬
‫توجيه وتعليم الناشئة وتحصين دين السلم في‬
‫نفوسهم ضد افتراءات الملحدين من أهم المور‪،‬‬
‫هال ََنا أن القرضاوي حّرف معنى قوله تعالى‪:‬‬‫ولكن َ‬
‫}وفي سبيل الله{ ]سورة التوبة‪ [60/‬وأجاز دفع‬
‫ه ورسوُله صلى الله عليه‬‫الزكاة في غير ما أجاز الل ُ‬
‫وسلم!!!‪ .‬وكأن صاحب الفتوى – اي القرضاوي ‪-‬‬
‫قد غّره سكوت أهل العلم عن فضح أخطائه‬
‫وهفواته‪ ،‬ورأى إهمال كثير منهم ذكر اسمه عند‬
‫تفنيدها‪ ،‬مع أنها كثيرة متناثرة في كتبه المطبوعة‬
‫المنشورة‪ ،‬كنسبته ما ل يليق من إيذاء المسلمين‬
‫بغير حق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫وإنكاره أن يكون رسول الله بّين ما هو أول‬
‫المخلوقات‪ ،‬ورأيه في الموسيقى‪ ،‬وما ينسبه لسيدنا‬
‫عمر رضي الله عنه‪ ،‬ودعواه أن الجهمية ليسوا‬
‫أعداء الدين‪ ،‬وغير ذلك من ضللت في الصول‬
‫والفروع يندى له الجبين بينا بعضها في كتاب‬
‫القرضاوي في العراء‪ ،‬نقول‪ :‬كأنه ظن سكوتهم‬
‫موافقة على كلمه وأنهم يذهبون إلى ما ذهب إليه‪،‬‬
‫ه وهمه من حال إلى حال‪ ،‬فتصدى لصدار‬ ‫فَن ََقل َ ُ‬
‫دا على محض‬ ‫الفتاوى في الحوادث والنوازل معتم ً‬
‫رأيه وراجًعا إلى استنباطه من غير أن يكون متحلًيا‬
‫بصفات المفتي وشروط المجتهد‪.‬‬

‫فبدل أن ينقل القرضاوي أقوال العلماء المجتهدين‬


‫وبماذا أفتوا‪ ،‬خالف أقوالهم وخرق إجماعَ المة في‬
‫مسائل عديدة طلًبا للشهرة‪ ،‬ولم يعلم أن أهل العلم‬
‫ما سكتوا عنه عجًزا أو موافقة وإنما شغلهم ما هو‬
‫ل عددهم‪ ،‬وكثرت الفتوق عليهم‪،‬‬ ‫أدهى وأمّر‪ ،‬فقد ق ّ‬
‫واتسع الخرق على الراقع‪ ،‬إنا لله وإنا اليه راجعون‪.‬‬

‫لكن لما بلغ السيل الزبى‪ ،‬ورأينا هذه الورقة ُتوّزع‬


‫في المساجد والمنازل ويتبعها أوراق مشابهة يوزعها‬
‫دا من البيان‪،‬‬‫صيادو أموال الزكاة بالباطل لم نجد ب ّ‬
‫حْفظه من التحريف‬ ‫ل سيما وديننا أغلى ما عندنا‪ ،‬و ِ‬
‫واجب بنصوص الشريعة الواضحة‪ ،‬والتغافل عن‬
‫القطرة قد يحيلها سيل ً ُيذهب بالدور وأهلها‪.‬‬

‫وقد كان بعض أهل العلم نصح القرضاوي هذا سّرا‬


‫فلم يقبل‪ ،‬وألف السيد عبد الحي الغماري كتاًبا‬
‫صا للرد عليه في مسئلة أكل اللحوم غير المذكاة‬ ‫خا ّ‬
‫ذكاة شرعية التي افتى القرضاوي فيها فتاوى ما‬
‫انزل الله بها من سلطان‪ ،‬كما أنكر عليه الشيخ‬
‫المحدث عبد الله الغماري رحمه الله فلم يتراجع‬
‫عن غلطه ول أعلن عودته عن شذوذه‪ ،‬فجهرنا بهذا‬
‫الرد عليه تحذيًرا للمسلمين‪ ،‬وانتصاًرا لدين رب‬
‫العالمين‪ ،‬ولسنا بحمد الله ننافسه في دنيا‪ ،‬ول‬
‫ل‪ ،‬ول‬ ‫ننازعه مال‪ ،‬ول نأكل ما ل يرضي ربنا عّز وج ّ‬
‫ن النصيحة‬ ‫نريد مشاركته الكل من مال الزكاة ‪ ،‬ولك ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫واجبة‪ ،‬وءاخر الدواء الك ّ‬

‫ولهذا أسمينا رسالتنا هذه ‪":‬النقض الكاوي لدعوى‬


‫يوسف القرضاوي ومن جاراه في تفسير قوله‬
‫تعالى‪}:‬وفي سبيل الله{ ]سورة التوبة‪ ،"[60/‬رزقنا‬
‫الله تعالى حسن المقصد‪ ،‬وجعل فيها عظيم الجر‬
‫وعموم النفع‪ ،‬وبالله القوة والحول‪ ،‬وعليه التكلن‪.‬‬

‫وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسّلم " من‬
‫راى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع‬
‫فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف‬
‫اليمان" رواه مسلم‪.‬‬

‫وليس التحذير من القرضاوي من باب الغيبة‬


‫المحرمة فان النبي عليه الصلة والسلم حذر ممن‬
‫غش في الطعام وثبت عنه ايضا انه قال في رجلين‬
‫كانا يعيشان بين المسلمين " ما اظن ان فلنا وفلنا‬
‫يعرفان من ديننا شيئا"‪.‬‬

‫فصل في بيان الحكم الشرعي في المسئلة والرد‬


‫على القرضاوي‪.‬‬

‫اعلم أيها القارىء رحمنا الله وإياك بتوفيقه أن‬


‫َ‬
‫ده‪ ،‬وأوحى‬ ‫ل قواع َ‬ ‫توزيع الزكاة أحك َ َ‬
‫م الله عّز وج ّ‬
‫إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أصوله‪ ،‬وبّلغه رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم لمته‪ ،‬فل يجوز لحد أن‬
‫دعي‬ ‫يهمل تلك القواعد أو يتجاوز هذه الصول‪ ،‬أو ي ّ‬
‫أنه أفهم لها ممن نزل عليه الوحي بها‪ ،‬وممن تلقاها‬
‫منه وتعلمها على يده‪.‬‬

‫قال المام الشافعي رضي الله عنه في كتاب‬


‫ل فرض الصدقات في كتابه‬ ‫الم‪":‬فأحكم الله عّز وج ّ‬
‫ثم أكدها فقال‪}:‬فريضة من الله{‪ ،‬قال‪ :‬وليس لحد‬
‫أن يقسمها على غير ما قسمه الله عّز وج ّ‬
‫ل"‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫ت ل ِل ُْفَقَراء‬‫صد ََقا ُ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫يعني بذلك قوله تعالى‪}:‬إ ِن ّ َ‬
‫م وَِفي‬ ‫مؤَل َّفةِ قُُلوب ُهُ ْ‬ ‫ن عَل َي َْها َوال ْ ُ‬ ‫ن َوال َْعا ِ‬
‫مِلي َ‬ ‫كي ِ‬ ‫سا ِ‬‫م َ‬‫َوال ْ َ‬
‫ل‬‫سِبي ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫ل اللهِ َواب ْ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ن وَِفي َ‬ ‫مي َ‬‫ب َوال َْغارِ ِ‬ ‫الّرَقا ِ‬
‫م ]سورة التوبة‪/‬‬ ‫كي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ع َِلي ٌ‬‫ن اللهِ َوالل ُ‬ ‫م َ‬‫ة ّ‬‫ض ً‬‫ري َ‬ ‫فَ ِ‬
‫‪.[60‬‬

‫فل يجوز ول يجزىء إعطاء الزكاة لغير هؤلء‬


‫الصناف الثمانية الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى‬
‫في هذه الية‪ ،‬ومنهم المجاهدون المعنّيون بقوله‬
‫تعالى‪}: :‬وفي سبيل الله{ وهم بالخصوص الغزاة‬
‫المتطوعون الذين يقاتلون الكفار ويحمون الثغور‬
‫والديار‪ ،‬ول يأخذون راتًبا من بيت المال لجل ذلك‪.‬‬
‫وألحق المام أحمد وغيُرهُ بهم مريد َ الحج الذي ليس‬
‫ص ورد بخصوص ذلك‪.‬‬ ‫معه ما يستطيع به الحج لن ّ‬

‫طوا من هذا السهم‬ ‫وأما غير هؤلء فل يجوز أن ُيع َ‬


‫ما ول أكثر‪ ،‬سواء كانوا أفراًدا متفرقين أو‬
‫دره ً‬
‫منتظمين في رابطة أو جمعية‪ ،‬وسواء كانوا علماء‬
‫أو طلبة علم أو عامة‪ ،‬وسواء أرادوا استخدامها راتًبا‬
‫لموظف أو أجرة لنسخ كتاب أو لبناء مسجد أو‬
‫مصّلى أو مدرسة أو كلفة عقد مؤتمر أو غير ذلك‬
‫وان زعم القرضاوي خلف ذلك‪.‬‬
‫هذا ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫وعمل به الصحابة والتابعون وأتباع التابعين ومن‬
‫جاء بعدهم من سلسل علماء الدين الذهبية‪ ،‬وهو ما‬
‫أفتوا به في حال قوة المة وضعفها‪ ،‬وفي حال‬
‫اشتداد شوكة أهل البدع وشدة هجمتهم كما في‬
‫حال انكسار ذلك‪.‬‬

‫فل يجوز بعد ذلك ل ليوسف القرضاوي ول لغير‬


‫ي بخلف كلمهم وما انعقد‬‫يوسف القرضاوي أن ُيفت ِ َ‬
‫عليه إجماعهم‪ ،‬ومن أفتى بمثل ذلك ل يجوز العمل‬
‫بفتواه ول يلتفت إليها‪.‬‬

‫فإن أحكام شرع الله هي ما فهمه الصحابة‬


‫سّنة رسوله‬
‫والتابعون وتابعوهم من كتاب الله و ُ‬
‫ي المبين‪ ،‬أما المتأخرون‬ ‫على موجب اللسان العرب ّ‬
‫من كبار الفقهاء فليس لهم إل أن يتكلموا في نوازل‬
‫جديدة ل أن ُيبدوا ءاراء في الدين على خلف ما‬
‫ل الصدر الول الذين هم‬ ‫فهمه من النصوص رجا ُ‬
‫ن على لغة التخاطب بين‬ ‫مط ّل ُِعو َ‬
‫أهل اللسان ال ُ‬
‫الصحابة قبل أن يعتورها تغيير وتحوير‪ ،‬وهم‬
‫المتلقون للعلم عن الذين شهدوا الوحي‪ ،‬فما‬
‫فهموه من الشرع فهو المفهوم وما أبعدوه عن أن‬
‫س َ‬
‫ك به‪.‬‬ ‫يكون دليل ً فهو بعيد عن أن ي ُت َ َ‬
‫م ّ‬

‫وإنما يكون كلم الفقهاء المتأخرين فيما لم يتكلم‬


‫فيه أهل هذا الصدر أو اختلفوا في حكمه‪.‬‬
‫ن من أراد التكلم في‬ ‫ضا له شرط وهو أ ّ‬ ‫وهذا أي ً‬
‫حكم حادثة لم تحدث في الصدر الول وليس فيها‬
‫دا كأبي حنيفة والشافعي‬ ‫نص ل بد أن يكون مجته ً‬
‫ومالك أو من أصحاب الوجوه كالمتولي والبلقيني‬
‫وأمثالهما‪ ،‬وأما من لم يصل إلى هذه المرتبة فليس‬
‫له أن يستنبط الحكام وإنما درجته أن يتبع ما يقوله‬
‫ل الستنباط‪ .‬ومن الواضح أن الدكتور القرضاوي‬ ‫أه ُ‬
‫عي‬‫لم يصل إلى هذه المرتبة ـ ول نظن أنه ي َد ّ ِ‬
‫مساواة هؤلء الفطاحل ـ‪ ،‬فكان ينبغي أن يلتزم‬
‫القرضاوي )او غير القرضاوي ممن هو مثله( في‬
‫جواب المسئلة بالنقل من كتب الئمة من غير أن‬
‫صا له في الموضوع‪ ،‬فيسلم بذلك هو‬ ‫خا ّ‬
‫م َرأًيا َ‬
‫ح َ‬‫ي ُْق ِ‬
‫ومن يتبعه‪.‬‬

‫والخلصة‪ :‬أن سهم ‪}:‬وفي سبيل الله{ المذكور في‬


‫ءاية الصدقات ل يشمل عمل الرابطة أو الجمعية‬
‫المذكورة ول أمثالها وبالتالي ل يجوز صرفه في‬
‫نشاطاتها ونفقاتها‪ .‬وما أفتى به الدكتور القرضاوي‬
‫غلط فاحش يحرم العمل به لمخالفته نص القرءان‬
‫وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع‬
‫الئمة المجتهدين وأقوالهم‪.‬‬

‫أما المواجهة الثقافية الفكرية لمخططات أعداء‬


‫السلم فَت ُ َ‬
‫سد ّ نفقاُتها من مصادر أخرى غير الزكاة‬
‫فإن في المال حقوًقا سواها‪.‬‬
‫هذا ما جاء في دين الله وشريعته‪ ،‬والفائز من التزم‬
‫بأحكام هذه الشريعة فشملته نفحاتها ونالته‬
‫ن أن الصلح يكون بغير‬ ‫أسرارها‪ ،‬والمحروم من ظ ّ‬
‫دم رأيه على منهاجها‪ ،‬والموّفق من‬ ‫طريقها أو ق ّ‬
‫وفقه الله‪.‬‬

‫القرضاوي خالف الئمة في تفسيره لمعنى "وفي‬


‫سبيل الله"‬

‫تنبيه‪ :‬من دفع زكاة ماله لطباعة الكتب أو عقد‬


‫الندوات أو بناء المساجد أو المستشفيات أو افتتاح‬
‫مراكز جمعيات وروابط أو نحو ذلك كما أجازه‬
‫ة‪،‬‬
‫القرضاوي فل يصح منه ذلك ول يجزىء عنه زكا ً‬
‫ي المشهور‬‫أفتى بذلك مفتي مصر الفقيه الحنف ّ‬
‫محمد بخيت المطيعي الزهري وكذا وكيل المشيخة‬
‫السلمية في الدولة العثمانية الشيخ محمد زاهد‬
‫الكوثري وأقّره رحمهما الله‪ ،‬وقبلهما بكثير نقل ابن‬
‫هبيرة الحنبلي الجماع على ذلك ذكره في الفصاح‬
‫ه‪ ،‬فإن من فعل هذا يأِتي يوم القيامة والزكاة‬ ‫فَل ْي ُت َن َب ّ ْ‬
‫ما زالت في رقبته لم تبرأ منها ذمته‪ ،‬والله تعالى‬
‫أعلم‪.‬‬

‫صد ََقا ِ‬
‫ت‬ ‫ك ِفي ال ّ‬ ‫مُز َ‬‫من ي َل ْ ِ‬ ‫من ُْهم ّ‬ ‫الله تعالى ‪}:‬وَ ِ‬ ‫قال‬
‫م‬
‫ذا هُ ْ‬ ‫م ي ُعْط َوْا ْ ِ‬
‫منَها إ ِ َ‬ ‫ضوا ْ وَِإن ل ّ ْ‬‫من َْها َر ُ‬ ‫أ ُع ْ ُ‬
‫طوا ْ ِ‬ ‫فَإ ِ ْ‬
‫ن‬
‫َ‬
‫سول ُ ُ‬
‫ه‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫م الل ُ‬ ‫ما ءاَتاهُ ُ‬ ‫ضوْا ْ َ‬ ‫م َر ُ‬ ‫ن )‪ 5‬وَل َوْ أن ّهُ ْ‬ ‫طو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫س َ‬ ‫يَ ْ‬
‫سول ُ ُ‬
‫ه إ ِّنا‬ ‫ضل ِهِ وََر ُ‬ ‫من فَ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫سي ُؤ ِْتيَنا الل ُ‬ ‫ه َ‬ ‫سب َُنا الل ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫وََقاُلوا ْ َ‬
‫ت ل ِل ُْفَقَراء‬ ‫صد ََقا ُ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫ن )‪ (59‬إ ِن ّ َ‬ ‫إ َِلى اللهِ َراِغُبو َ‬
‫م وَِفي‬ ‫مؤَل َّفةِ قُُلوب ُهُ ْ‬ ‫ن عَل َي َْها َوال ْ ُ‬ ‫مِلي َ‬ ‫ن َوال َْعا ِ‬ ‫كي ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫م َ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫ل‬‫سِبي ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ل اللهِ َواب ْ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ن وَِفي َ‬ ‫مي َ‬ ‫ب َوال َْغارِ ِ‬ ‫الّرَقا ِ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫من ْهُ ُ‬ ‫م )‪ (60‬وَ ِ‬ ‫كي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ع َِلي ٌ‬ ‫ن اللهِ َوالل ُ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫ض ً‬‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫فَ‬
‫يؤُْذون النبي ويُقوُلون هُو أ ُذ ُن قُ ْ ُ‬
‫خي ْرٍ ل ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن َ‬ ‫ل أذ ُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ِّ ّ َِ‬ ‫ُ‬
‫مُنوا ْ‬ ‫ن ءا َ‬ ‫ذي َ‬‫ة ل ّل ّ ِ‬ ‫م ٌ‬
‫ح َ‬ ‫ن وََر ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤْ ِ‬ ‫ن ل ِل ْ ُ‬ ‫م ُ‬‫ن ِباللهِ وَي ُؤ ْ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ي ُؤْ ِ‬
‫َ‬
‫م)‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬‫م عَ َ‬ ‫ل اللهِ ل َهُ ْ‬ ‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ن ي ُؤ ُْذو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َوال ّ ِ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫‪] {(61‬سورة التوبة[‪.‬‬

‫والصدقات جمع صدقة‪ ،‬والمراد هنا الصدقات‬


‫ة من الله{‬
‫المفروضة بدليل قوله تعالى‪}:‬فريض ً‬
‫وهي الزكوات بالجماع‪.‬‬

‫والصدقة ـ من حيث الصل ـ حتى تقع وتحصل ل بد‬


‫ن د َفَ َ‬
‫ع‬ ‫م ْ‬
‫دق عليه‪ ،‬و َ‬‫فيها من تمليك المال للمتص ّ‬
‫الزكاة على النحو الذي أجازه القرضاوي وأمثاله لم‬
‫يقع منه التمليك لنه لما أعطاها للمشرفين على‬
‫الرابطة أو الجمعية لم يقصد أن يتملكوها بأنفسهم‬
‫إنما قصد أن يكونوا وكلء في صرفها‪ ،‬وهو يعلم‬
‫أنهم ل يمّلكونها لهل الصناف الثمانية بل‬
‫يستأجرون بها قاعة أو يشترون أوراًقا أو‬
‫كا تختلط فيه‬ ‫يستثمرونها في تجارة أو يودعونها بن ً‬
‫بالحرام البّين أو نحو ذلك‪ ،‬فيكون نتيجة ذلك أن‬
‫التملك لم يحصل وبالتالي فإن الصدقة الواجبة لم‬
‫تقع‪ ،‬وهذا المال المدفوع ل يعتبر إذن في شرع الله‬
‫زكاة صحيحة بل هو عبادة فاسدة واقعة في غير‬
‫موقعها‪ .‬فمن اتبع فتوى القرضاوي واعطى مال‬
‫زكاته على الوجه الذي اباحه القرضاوي يكون قد‬
‫اعطاها لغير مستحقيها ولم تسقط عنه وهي باقية‬
‫في ذمته‪.‬‬

‫قال الشيخ الكوثري رحمه الله ‪":‬وتخصيص‬


‫الصدقات المفروضة بالصناف الثمانية أتى من لفظ‬
‫"إنما" المفيد للحصر‪ ،‬وكون هذا الختصاص بطريق‬
‫مل ّ ُ‬
‫ك‬ ‫ت تُ َ‬
‫التمليك جاء من وقوع اللم بين صدقا ٍ‬
‫ص يتملك ومن السياق لن الية في الرد على‬ ‫وشخ ٍ‬
‫طلب التملك من غير استحقاق فتكون الصناف‬
‫كونها عن جدارة" اهـ‪.‬‬‫الثمانية هم الذين ُيمل ّ ُ‬

‫قال الخازن في تفسيره ما نصه ‪":‬المسئلة الثانية‪:‬‬


‫الية تدل على أنه ل حقّ لحد في الصدقات إل‬
‫هؤلء الثمانية وذلك مجمع عليه لن كلمتي "إنما"‬
‫تفيدان الحصر وذلك لنها مركبة من "إن" و"ما"‬
‫فكلمة "إن" للثبات وكلمة "ما" للنفي فعند‬
‫اجتماعهما يفسدان الحكم المذكور وصرفه عما‬
‫عداه‪ ،‬فدل ذلك على أن الصدقات ل تصرف إل إلى‬
‫الصناف الثمانية" اهـ‪.‬‬

‫وكون الغزاة المتطوعين أحد الصناف الثمانية‬


‫الذين ُتمل ّ ُ‬
‫ك لهم الزكاة مأخوذ من قوله تعالى‪:‬‬
‫}وفي سبيل الله{ فإن إطلق هذا اللفظ في‬
‫الشرع أصل ً إنما هو للغزو فإن استعملت بغير ذلك‬
‫المعنى كان معها قرائن تدل على ذلك ول قرينة من‬
‫ذلك هنا‪ ،‬واحتج بذلك المام الشافعي رضي الله‬
‫عنه على أن معنى الية الغزو قال النووي في‬
‫المجموع ما نصه ‪":‬واحتج أصحابنا بأن المفهوم في‬
‫الستعمال المتبادر إلى الفهام أن سبيل الله تعالى‬
‫هو الغزو‪ ،‬وأكثر ما جاء في القرءان العزيز كذلك‪،‬‬
‫ضا بحديث ‪":‬ل تحل الصدقة لغني‬ ‫واحتج الصحاب أي ً‬
‫إل لخمسة" فذكر منهم الغازي‪ ،‬وليس في الصناف‬
‫الثمانية من ُيعطى باسم الغزاة سوى الذين نعطيهم‬
‫من سهم سبيل الله"‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫فإطلق لفظ في سبيل الله على الغزو حقيقة‬


‫شرعية والحقيقة الشرعية هي المتبادرة إلى‬
‫الذهان في تخاطب أهل الشريعة‪ ،‬وأما الحقيقة‬
‫اللغوية فل تكون متبادرة إلى أفهامهم في لفظ‬
‫مشتهر بمعناه الشرعي‪ ،‬مثال لفظ الصلة إذا قال‬
‫ت" ل يتبادر منه إلى الفهم إل معنى‬‫المسلم ‪":‬صلي ُ‬
‫الصلة الشرعية فإن أراد المعنى اللغوي الذي هو‬
‫الدعاء ل بد من قرينة تعّين هذا المفهوم‪.‬‬

‫ولو ُفر َ‬
‫ض ـ ت َن َّزل ـ احتمال }وفي سبيل الله{ في‬
‫ل الرسول صلى‬‫مصارف الزكاة للمعنيين لكان فِعْ ُ‬
‫الله عليه وسلم وقول ُ ُ‬
‫ه مبيًنا للجمال‪.‬‬
‫فإذا راجعت فع َ‬
‫ل نبي الله صلى الله عليه وسلم‬
‫ه في قسم الصدقات لم يبق احتمال غير‬ ‫وقول َ ُ‬
‫صرف المعنى للغزو )أو له وللحج عند بعض الئمة‬
‫لثار وردت فيه بخصوصه(‪.‬‬

‫ولذلك لم يقل واحد من المفسرين المعتبرين بأن‬


‫قوله تعالى ‪}:‬وفي سبيل الله{ يشمل كل عمل‬
‫خيري أو يشمل التصدي للكفار عن طريق الفكر‬
‫والثقافة والتوعية والتربية كما زعم القرضاوي في‬
‫ورقته‪.‬‬

‫قال المفسر القرطبي في تفسيره الجامع ‪}":‬وفي‬


‫سبيل الله{ وهم الغزاة وموضع الرباط يعطون ما‬
‫ينفقون في غزوهم كانوا أغنياء أو فقراء‪ ،‬وهذا قول‬
‫أكثر العلماء وهو تحصيل مذهب مالك رحمه الله‪،‬‬
‫مار" اهـ‪.‬‬
‫وقال ابن عمر‪ :‬الحجاج والع ّ‬

‫وقال ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير ‪":‬يعني‬


‫الغزاة والمرابطين‪ ،‬ويجوز عندنا أن يعطى الغنياء‬
‫منهم والفقراء‪ ،‬وهو قول الشافعي‪ ،‬وقال أبو حنيفة‪:‬‬
‫ل يعطى إل الفقير منهم"‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫وقال أبو حيان الندلسي في البحر المحيط ‪":‬هو‬


‫المجاهد يعطى منها إذا كان فقيًرا‪ ،‬والجمهور على‬
‫أنه يعطى منها وإن كان غنّيا ما ينفق في غزوته"‬
‫اهـ‪.‬‬

‫وأكد المفسر المشهور الطبري أن العلة في إعطائه‬


‫هي الغزو فقال في تفسيره ‪":‬يعني وفي النفقة في‬
‫نصرة دين الله وطريقه وشريعته التي شرعها‬
‫لعباده بقتال أعدائه وذلك هو غزو الكفار" اهـ‪.‬‬

‫ولجل ما تقدم قال المفسر ابن عطية في‬


‫تفسيره ‪":‬ول يعطى منها في بناء مسجد ول قنطرة‬
‫ول شراء مصحف" اهـ‪.‬‬

‫فهل يجوز بعد ذلك كله أن يقول القرضاوي او غير‬


‫القرضاوي إن سهم }وفي سبيل الله{ ُيصرف لما‬
‫سموه المجاهدة بالفكر والتربية والثقافة؟!!! كل‬
‫والله بل هذا تحريف لمعاني كتاب الله وإخراج‬
‫للفاظه عن مدلولتها ومعانيها بالتشهي وبمحض‬
‫الرأي من غير دليل وهو حرام ل شك فيه‪ ،‬فكيف إذا‬
‫ص من رسول الله صلى الله‬ ‫اجتمع مع ذلك كله ن ّ‬
‫عليه وسلم يفسر الية؟!‪ .‬فليتق الله القرضاوي‬
‫وكل من يروج لفتواه‪.‬‬

‫قال المام الشافعي رحمه الله ‪":‬واحتج الصحاب‬


‫ضا بحديث ‪":‬ل تحل الصدقة لغني إل لخمسة"‬‫أي ً‬
‫فذكر منهم الغازي‪ ،‬وليس في الصناف الثمانية من‬
‫ُيعطى باسم الغزاة سوى الذين نعطيهم من سهم‬
‫سبيل الله"‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫فهذا تفسير منه صلى الله عليه وسلم للية بأن‬


‫معنى }وفي سبيل الله{ هو الغزاة المقاتلون‪،‬‬
‫وليس أحد من الخلق أعلم بذلك من رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ول نعدل بقوله قول أحد‬
‫بعده ل القرضاوي ول امثال القرضاوي‪.‬‬

‫توضيح‪ :‬إن قيل‪ :‬لماذا لم تدخل اللم التي تفيد‬


‫الملك أوالختصاص على }وفي سبيل الله{ كما‬
‫دخلت على الفقراء والمساكين والعاملين عليها‬
‫والمؤلفة قلوبهم؟ فالجواب‪ :‬ما ذكره أبو حيان نقل ً‬
‫م عدل عن‬ ‫ت‪ :‬ل َ‬
‫عن بعض من سبقه وأقّره ُ ‪":‬فإن قل َ‬
‫ت‪ :‬لليذان‬ ‫اللم إلى "في" في الربعة الخيرة؟ قل ُ‬
‫بأنهم أرسخ في استحقاق التصدق عليهم ممن سبق‬
‫ه على أنهم أحقاء بأن‬ ‫ذكره لن "في" للوعاء فنب ّ َ‬
‫توضع فيهم الصدقات ويجعلوا مظنة لها ومصّبا" اهـ‪.‬‬

‫وأما ما حكاه الرازي من أن القفال الشاشي عزا‬


‫القول بشمول }وفي سبيل الله{ لوجوه الب ِّر الى‬
‫مجهول من الفقهاء على خلف رأي الجماعة فل‬
‫عبرة به‪ .‬وأي اعتبار يقام لرواية مجهول على خلف‬
‫الجماع؟ وقد قال الكوثري‪ :‬إن الشاشي حينما ألف‬
‫تفسيره كان َبعد ُ معتزلّيا ل يتحاشى نقل ءاراء‬
‫المبتدعة ممن ل يقام لكلمهم وزن‪ ،‬فزاد هذا المُر‬
‫طا وشذوًذا‪ ،‬ولسنا بحمد الله ممن‬‫ة سقو ً‬‫تلك الرواي َ‬
‫يترك جمهور المة ليتبع مجاهيل الش ّ‬
‫ذاذ‪.‬‬

‫ثم إن الشاشي القفال لم يعتمد هذا القول وإل‬


‫لكان أورده في كتابه "حلية العلماء" فإنه ذكر فيه‬
‫أن سهم في سبيل الله هم الغزاة الذين إذا نشطوا‬
‫غزوا‪ ،‬وبه قال مالك وأبو حنيفة‪ ،‬وقال أحمد‪ :‬يجوز‬
‫أن يدفع ذلك إلى من يريد الحج‪ ،‬ويدفع إلى الغازي‬
‫مع الغنى‪ ،‬وقال أبو حنيفة‪ :‬ل يدفع إليه إل أن يكون‬
‫فقيًرا‪.‬‬

‫وقد رد المفسر الخازن القول المنسوب لبعض‬


‫الفقهاء فقال ما نصه ‪":‬قوله تعالى‪}:‬وفي سبيل‬
‫الله{ يعني وفي النفقة في سبيل الله‪ ،‬وأراد به‬
‫الغزاة فلهم سهم من مال الصدقات فيعطون إذا‬
‫أرادوا الخروج إلى الغزو ما يستعينون به على أمر‬
‫الجهاد من النفقة والكسوة والسلح والحمولة‪،‬‬
‫فيعطون ذلك وإن كانوا أغنياء لما تقدم من حديث‬
‫عطاء وأبي سعيد الخدري‪ ،‬ول ُيعطى من سهم‬
‫سبيل الله لمن أراد الحج عند أكثر أهل العلم‪ ،‬وقال‬
‫قوم‪ :‬يجوز أن يصرف سهم سبيل الله إلى الحج‬
‫ويروى ذلك عن ابن عباس‪ ،‬وهو قول الحسن وإليه‬
‫ذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه‪ ،‬وقال‬
‫بعضهم‪ :‬إن اللفظ عام فل يجوز قصره على الغزاة‬
‫فقط ولهذا أجاز بعض الفقهاء صرف سهم }سبيل‬
‫الله{ إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى وبناء‬
‫الجسور والحصون وعمارة المساجد وغير ذلك‪،‬‬
‫م في الكل فل‬
‫قال‪ :‬لن قوله ‪}:‬وفي سبيل الله{ عا ّ‬
‫يختص بصنف دون غيره‪ ،‬والقول الول هو الصحيح‬
‫لجماع الجمهور عليه" اهـ‪ .‬فليتبع القرضاوي الجماع‬
‫وليترك الهوى‪.‬‬

‫و اذا فسر القرضاوي السبيل هنا بكل عمل خير‬


‫فإنه يكفي في بيان فساد مقالته أنها تؤدي إلى‬
‫تداخل الصناف الثمانية بينما هي متباينة ل تتداخل‬
‫مشعر بالتغاير كما قال علماء‬ ‫بسبب العطف ال ُ‬
‫التفسير‪.‬‬

‫ل وجوه‬ ‫حمل‪}:‬وفي سبيل الله{ على معنى ك ّ‬ ‫فلو ُ‬


‫البر لشمل ذلك إعطاء الفقير قس ً‬
‫طا من هذا‬
‫السهم‪ ،‬والتصدق على المسكين بقسط منه‪،‬‬
‫واستخلص الرقاب من الرق‪ ،‬وإنقاذ الغارم من‬
‫الدين‪ ،‬ومعاونة ابن السبيل‪ ،‬إلى غير ذلك وهذا ل‬
‫يستقيم لن كل سهم مباين للخر مختلف عنه غير‬
‫متداخل معه‪ ،‬فتعّين بطلن هذا التفسير ل سيما‬
‫وهو يخالف الحقيقة الشرعية‪ ،‬ولم يبق إل حمل‬
‫العبارة على أن المراد بها الغزو وقتال الكفار وما‬
‫ألحق به‪.‬‬

‫ولهذا لم يقل إمام واحد من المجتهدين الربعة‬


‫وغيرهم بشمول }وفي سبيل الله{ لكل أعمال البر‬
‫بل قام إجماعهم على نفي هذا المعنى‪ .‬فإن زعم‬
‫زاعم ممن لم يبلغ مرتبتهم بل ول حام حولها خلف‬
‫ي‬
‫م َ‬
‫ظر إلى زعمه‪ ،‬ولم ُيلقَ له بال‪ ،‬وُر ِ‬‫قولهم لم ُين َ‬
‫ن‪ .‬فكن اخي المسلم على‬ ‫حَز ٍ‬
‫لو َ‬
‫ه في كل سه ٍ‬ ‫قول ُ ُ‬
‫بينة وحذر من فتوى القرضاوي واعلم انه خالف‬
‫الجماع في فتواه وعليه وعلى من تبعه وبال هذه‬
‫الفتوى‪.‬‬

‫القرضاوي يخالف احاديث الرسول‬

‫روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله‬


‫عنهما قال‪ :‬لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫معاًذا نحو اليمن قال له ‪":‬إنك تقدم على قوم من‬
‫أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا‬
‫الله تعالى‪ ،‬فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض‬
‫عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم‪ ،‬فإذا صلوا‬
‫فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم‬
‫تؤخذ من غنيهم فُترد ّ على فقيرهم‪ ،‬فإذا أقروا بذلك‬
‫فخذ منهم وتوقّ كرائم أموال الناس"‪.‬‬

‫بّين رسول الله أن الزكاة تؤخذ من الغنياء وُتعطى‬


‫للفقراء‪ ،‬فرمى القرضاوي ومن نهج نهج القرضاوي‬
‫صرف للمعارض‬ ‫بذلك خلف ظهورهم وقالوا بل ت ُ ْ‬
‫والمدارس وشراء المراكز‪ ،‬فُيحَرم منها المسكين‬
‫ليستفيد منها المكتفي والميسور والقادر على‬
‫الكسب تحت ستار مواجهة "الهجمة الستعمارية‬
‫الفكرية"‪ ،‬وبهذه الدعوى يسهل إدخال ما ل يحصر‬
‫من المور تحت ستار هذه المواجهة ليصل كل‬
‫طامع إلى غرضه بل يسهل إعطاء القرضاوي نفسه‬
‫منها تحت هذا العنوان‪ ،‬وكذا توزيعها على إدارة‬
‫وأعضاء منظمة ‪ .M.A.Y.A‬أو إدارة مسجد السنة‬
‫النبوية لو أرادوا‪ ،‬وكل ذلك على حساب حرمان‬
‫الفقراء من حقهم‪ ،‬وهذا ل شك يساهم في‬
‫استفحال الفقر والفاقة بين المسلمين مما يسهل‬
‫لعداء الدين إغواءهم بالمال للسيطرة عليهم وبث‬
‫الفساد العتقادي والفعلي بينهم‪ ،‬وما مثال‬
‫أندونيسيا والهند والصومال وغيرها عنا ببعيد‪ .‬ولكأننا‬
‫بمن ينشر هذا الرأي يخدم الطامعين في هذه المة‬
‫من غير أن يدري ـ أو وهو يدري ـ وهو يزعم أنه‬
‫يريد محاربتهم ومقارعتهم‪ ،‬وهذا ما يؤدي إليه إهمال‬
‫النص لتباع الرأي‪ ،‬فإّنا لله وإّنا إليه راجعون‪.‬‬

‫* ومثل الحديث المتقدم في الدللة قوله صلى الله‬


‫عليه وسلم حين جاءه رجلن جلدان قويان يطلبان‬
‫وب فيهما النظر وصّعده ثم قال ‪":‬إني‬‫الزكاة فص ّ‬
‫سب"‪،‬‬ ‫أعطيكما وإنه ل حقّ فيها لغني ول لقوي مكت ِ‬
‫رواه البخاري‪.‬‬

‫فبّين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الزكاة‬


‫ُتدفع لسد خلة الفقراء وضروراتهم ل لتمويل أحلم‬
‫أهل الكفاية ورغبات القادرين على العمل الواجدين‬
‫له‪ ،‬وأما هؤلء فقالوا‪ :‬أعطونا إياها بدل أن تصرفوها‬
‫للفقراء والمساكين نستعملها في المواجهات‬
‫من الوَْلى بالتباع رسول الله أم‬
‫الفكرية‪ ،‬فَ َ‬
‫القرضاوي و ‪ .M.A.Y.A‬؟؟‬
‫ل شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى‬
‫بالتباع‪ ،‬كيف ل وقد قال ربنا‪}: :‬قل إن كنتم تحبون‬
‫الله فاتبعوني يحببكم الله{ ]سورة ءال عمران‪/‬‬
‫‪.[31‬‬

‫والحقيقة أن أمثال هؤلء المحرفين يحلمون‬


‫بمشاريع يحققونها‪ ،‬فإذا عجزوا عن جذب أموال‬
‫المسلمين إلى صناديقهم عمدوا إلى باب الزكاة‬
‫يطرقونه لما يعلمون من حرص كثير من المسلمين‬
‫على أداء هذه الفريضة عسى أن يحقق لهم هذا‬
‫المر مبتغاهم‪ ،‬ثم يجدون في أشباه أرباع أعشار‬
‫العلماء – القرضاوي او غيره ‪ -‬من يعينهم بجهل أو‬
‫بسوء نية‪ ،‬وإل فهل يفتي عالم بل طالب علم‬
‫بحجب الزكاة عن الفقراء وسائر المستحقين لها‬
‫لتمويل مشاريع تجارية كطباعة كتاب يباع بعد ذلك‬
‫بربح!! أو شراء شقة تؤجر بعد ذلك بمال!! كما‬
‫فعل القرضاوي ؟ سبحانك ربي هذا بهتان عظيم‪.‬‬

‫* وقد بّين رسول الله صلى الله عليه وسلم صراحة‬


‫إلى من ُتدفع الزكاة من غير أهل الحاجات‬
‫فقال ‪":‬ل تحل الصدقة لغني إل لخمسة‪ :‬لغازٍ في‬
‫سبيل الله‪ ،‬أو لعامل عليها‪ ،‬أو لغارم‪ ،‬أو لرجل‬
‫دق‬
‫اشتراها بماله‪ ،‬أو لرجل له جار مسكين فتص ّ‬
‫على المسكين فأهدى المسكين للغني" رواه مالك‬
‫مرسل ً عن عطاء‪ ،‬ورفعه معمر‪ ،‬عن عطاء‪ ،‬عن زيد‬
‫بن أسلم‪ ،‬عن أبي سعيد الخدري‪ ،‬عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ .‬ورواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي‬
‫وأحمد وغيرهم‪ ،‬وواضح أن الصدقة المعنية في‬
‫الحديث هي الزكاة‪.‬‬

‫فانظر كيف بّين رسول الله صلى الله عليه وسلم‬


‫كا للفقراء والمساكين وذلك‬‫أنها ُتمّلك تملي ً‬
‫بقوله ‪":‬اشتراها بماله"‪ ،‬وبقوله ‪":‬فأهدى المسكين‬
‫للغني" وهذا سبق إيضاحه وهو ينقض دعوى‬
‫ضا‪.‬‬‫القرضاوي نق ً‬

‫وانظر كيف استثنى رسول الله صلى الله عليه‬


‫وسلم هؤلء فقط من أهل الكفاية‪ ،‬فهل يجوز بعد‬
‫ذلك أن يقول القرضاوي وغيره‪ :‬تدفع لغيرهم من‬
‫أهل الغنى؟‬

‫وانظر أيها القارىء كيف عّين وبّين أن معنى }وفي‬


‫سبيل الله{ المذكور في ءاية الصدقات هو الغازي‬
‫في سبيل الله‪ .‬فهل يجوز بعد ذلك أن يقول أحد‪:‬‬
‫إن معنى }وفي سبيل الله{ هو المواجهة الفكرية‬
‫والثقافية؟! وهل بعد بيان رسول الله صلى الله‬
‫معُ بعد تفسيره إلى‬
‫عليه وسلم بيان؟! وهل ُيست َ َ‬
‫تمويهات فلن وتخيلت فلن؟!‬
‫سر القرءان وأدرى الناس‬ ‫بل رسول الله خيُر من فَ ّ‬
‫بمعانيه‪ ،‬وليس في قلب إنسان ذرة من إيمان إذا‬
‫ي الله صلى الله‬ ‫ظن أن رأيه خير مما حكم به نب ّ‬
‫ن‬ ‫ك ل َ ي ُؤْ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬قال الله تعالى‪ }:‬فَل َ وََرب ّ َ‬
‫دوا ْ ِفي‬ ‫ج ُ‬ ‫م ل َ يَ ِ‬‫م ثُ ّ‬ ‫جَر ب َي ْن َهُ ْ‬‫ش َ‬ ‫ما َ‬ ‫مو َ‬
‫ك ِفي َ‬ ‫حك ّ ُ‬‫ى يُ َ‬‫حت ّ َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ما{ ]سورة‬ ‫سِلي ً‬ ‫موا ْ ت َ ْ‬‫سل ّ ُ‬
‫ت وَي ُ َ‬ ‫ضي ْ َ‬‫ما قَ َ‬
‫م ّ‬
‫جا ّ‬‫حَر ً‬‫م َ‬ ‫سهِ ْ‬ ‫أنُف ِ‬
‫النساء‪.[65/‬‬

‫أنت تعلم أيها القارىء أعزك الله بالتقوى أن‬


‫الجماع حجة في دين الله تعالى قال ربنا عّز وج ّ‬
‫ل‪:‬‬
‫دآَء عََلى‬ ‫كوُنوا ْ ُ‬
‫طا ل ّت َ ُ‬
‫س ً‬ ‫ك جعل ْناك ُ ُ‬
‫شهَ َ‬ ‫ة وَ َ‬
‫م ً‬
‫مأ ّ‬‫}وَك َذ َل ِ َ َ َ َ ْ‬
‫س{ ]سورة البقرة‪ [143/‬فل يجتمعون إذن على‬ ‫الّنا ِ‬
‫باطل‪.‬‬

‫القرضاوي خالف المذاهب الربعة‬

‫وأنت تعلم كذلك أن غير المجتهدين من هذه المة‬


‫ت َب َعٌ لمن بلغ درجة الجتهاد منها‪ ،‬فإذا أجمع‬
‫المجتهدون في أي عصر من العصور على أمر فهو‬
‫حق ل مرية فيه‪ ،‬ومن شذ عنهم فهو خارق للجماع‬
‫وينطبق عليه حديث أبي داود عن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم أنه قال ‪":‬من شذ ّ شذ ّ في النار"‪.‬‬
‫ضا وغيره أن رسول الله صلى الله‬ ‫وروى أبو داود أي ً‬
‫عليه وسلم قال ‪":‬ستفترق أمتي إلى ثلث وسبعين‬
‫فرقة كلها في النار إل واحدة" قيل‪ :‬ومن هي يا‬
‫سَرةٌ في‬
‫مَف ّ‬‫رسول الله؟ قال‪" :‬الجماعة"‪ ،‬وهي ُ‬
‫بعض الروايات بـ "السواد العظم"‪.‬‬
‫إذا وضح ذلك فاعلم أن أئمة المسلمين جميًعا‬
‫أجمعوا على أن مصرف }وفي سبيل الله{ المذكور‬
‫في ءاية الصدقات ل ينطبق على كل وجوه البر بل‬
‫المراد به الغزو وقتال الكفار‪ ،‬قال ابن هبيرة في‬
‫الفصاح )ص ‪": (108‬واتفقوا ـ أي الئمة الربعة‬
‫وأتباعهم ـ على أنه ل يجوز أن يخرج الزكاة إلى بناء‬
‫ب لتعّين‬ ‫مسجد‪ ،‬ول تكفين ميت وإن كان من الُقَر ِ‬
‫عينت له"‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫الزكاة لما ُ‬

‫وقال مالك في المدونة )‪": (2/59‬ل يجزئه أن‬


‫ُيعطي من زكاته في كفن ميت لن الصدقة إنما هي‬
‫مى الله وليس للموات‬ ‫للفقراء والمساكين ومن س ّ‬
‫ول لبناء المساجد"اهـ‪.‬‬

‫وقال ابن قدامة الحنبلي ما نصه )المغني والشرح‬


‫الكبير ‪": (2/527‬فصل‪ :‬ول يجوز صرف الزكاة الى‬
‫غير من ذكر الله تعالى من بناء المساجد والقناطر‬
‫والسقايات وإصلح الطرقات وسد البثوق وتكفين‬
‫الموتى والتوسعة على الضياف وأشباه ذلك من‬
‫ب التي لم يذكرها الله تعالى‪ .‬وقال أنس‬
‫الُقَر ِ‬
‫والحسن‪ :‬ما أعطيت في الجسور والطرق فهي‬
‫صدقة ماضية‪ ،‬والول أصح لقوله سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫}إنما الصدقات للفقراء والمساكين{ وإنما للحصر‬
‫والثبات تثبت المذكور وتنفي ما عداه‪ ،‬والخبر‬
‫المذكور‪ ،‬قال أبو داود‪ :‬سمعت أحمد وسئل‪ :‬يكفن‬
‫الميت من الزكاة؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬ول يقضى من الزكاة‬
‫دين الميت"‪ .‬اهـ‪ ،‬ومثله قال من ل يحصى من فقهاء‬
‫المذاهب الربعة‪.‬‬

‫فإذا كان ل يجوز دفعها لبناء مسجد ُيدعى فيه إلى‬


‫الله وتقام فيه شعائر السلم وتعلم علوم الدين‬
‫فهل يجوز دفعها لستئجار قاعة لمعرض أو لمؤتمر‬
‫كما زعم القرضاوي ومن فرح بكلمه من أعضاء‬
‫الرابطة المذكورة؟!!! بالطبع ل‪.‬‬

‫بل قد نص ابن حزم الظاهري في المحلى على أن‬


‫المراد بقوله تعالى‪}:‬وفي سبيل الله{ الغزو في‬
‫سبيل الله بل خلف‪ ،‬وقال أبو بكر بن العربي في‬
‫سُبل الله كثيرة ولكني‬
‫أحكام القرءان‪" :‬قال مالك‪ُ :‬‬
‫ل أعلم خلًفا في أن المراد بسبيل الله ههنا الغزو"‬
‫اهـ‪ ،‬وهو نص من مالك رضي الله عنه على الجماع‬
‫في المسئلة‪.‬‬

‫وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني ‪":‬هذا الصنف‬


‫السابع من أصناف الزكاة ول خلف في استحقاقهم‬
‫وبقاء حكمهم‪ ،‬ول خلف في أنهم الغزاة لن سبيل‬
‫الله عند الطلق هو الغزو"‪ .‬اهـ‪ ،‬أي هو إجماع‪.‬‬

‫وقال محمد بن الحسن في الموطإ بعد أن ساق‬


‫حديث عطاء السابق وفيه ‪":‬لغازٍ في سبيل الله" ما‬
‫نصه‪" :‬وبهذا نأخذ‪ ،‬والغازي في سبيل الله إذا كان‬
‫له عنها ِغًنى يقدر بغناه على الغزو في سبيل الله‬
‫لم يستحب له أن يأخذ منها شيًئا" اهـ‪ ،‬ثم‬
‫قال ‪":‬وهو قول أبي حنيفة"‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫ونقله البدر العيني الحنفي في عمدة القاري عن‬


‫ابن المنذر في الشراف عن أبي يوسف‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫طى من سهم‬‫ي في الم ‪":‬وُيع َ‬


‫وقال المام الشافع ّ‬
‫ل وعّز من غزا من جيران الصدقة‬ ‫سبيل الله ج ّ‬
‫فقيًرا كان أو غنّيا"‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫ضا حمل المام أحمد معنى الية كما‬


‫وعلى الغزو أي ً‬
‫في شرح مفردات أحمد‪.‬‬

‫طى من‬ ‫وقال محمد بن عبد الحكم وغيره ‪ُ":‬يع َ‬


‫كراع والسلح وما يحتاج إليه من‬ ‫الصدقة في ال ُ‬
‫ءالت الحرب وكف العدو عن الحوزة"‪ .‬اهـ‪ .‬أي‬
‫دة للغازي من‬ ‫ي المر ـ إن شاء ـ العُ ّ‬‫ري ول ِ ّ‬ ‫يَ ْ‬
‫شت َ ِ‬
‫الزكاة ثم يملكه إياها كما بّينوه في موضعه‪.‬‬

‫وقال المحدث الشيخ عبد الله الغماري المغربي‬


‫دا على سؤال ورده ونصه ‪":‬عندنا‬ ‫رحمه الله تعالى ر ّ‬
‫مسجد مهدم فهل يجوز دفع جزء من زكاة المال‬
‫لعادة بناء هذا المسجد أم ل؟"‪ ،‬فأجاب ما نصه ‪":‬ل‬
‫يجوز صرف الزكاة في بناء المسجد لن الزكاة نص‬
‫ما‬ ‫الله على الصناف التي تستحقها فقال تعالى‪}::‬إ ِن ّ َ‬
‫ن ع َل َي َْها‬
‫مِلي َ‬‫ن َوال َْعا ِ‬‫كي ِ‬
‫سا ِ‬
‫م َ‬ ‫ت ل ِل ُْفَقَراء َوال ْ َ‬
‫صد ََقا ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ل‬
‫سِبي ِ‬ ‫ن وَِفي َ‬ ‫مي َ‬‫ب َوال َْغارِ ِ‬‫م وَِفي الّرَقا ِ‬ ‫مؤ َل َّفةِ قُُلوب ُهُ ْ‬
‫َوال ْ ُ‬
‫م{‬ ‫كي ٌ‬ ‫ح ِ‬
‫م َ‬ ‫ه ع َِلي ٌ‬ ‫ن اللهِ َوالل ُ‬ ‫م َ‬‫ة ّ‬‫ض ً‬
‫ري َ‬ ‫ل فَ ِ‬
‫سِبي ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫اللهِ َواب ْ ِ‬
‫]سورة التوبة‪ [60/‬وعلى هذا انعقد إجماع العلماء‪،‬‬
‫وقد أفتت مجلة الزهر أخيًرا بجواز إعطاء الزكاة‬
‫في بناء المساجد بناء على توسع بعض العلماء في‬
‫معنى قوله تعالى‪}:‬وفي سبيل الله{ وهو قول شاذ ّ‬
‫ل يجوز اعتماده‪ ،‬والله أعلم" اهـ‪.‬‬

‫ومثله رد ّ الكوثري على هذه الفتوى الواردة في‬


‫مجلة الزهر بقوله ‪":‬هذا ملخص الجواب المنشور‬
‫هناك‪ ،‬ولكن هذا الجواب لم يقم على قدمي حق ول‬
‫على قدمي حق وباطل‪ ،‬بل حاول أن يقوم على‬
‫قدمي باطل فانهار انهياًرا ل قيام له بعده‪ ،‬حيث بنى‬
‫على الباطل من جميع النواحي‪ ،‬لن ادعاءه اختلف‬
‫الئمة في جواز صرف الزكاة الى عمارة المساجد‬
‫بادىء ذي بدء ل نصيب له من الصحة أصل ً لنه ليس‬
‫بين الصحابة والتابعين وأئمة الجتهاد المعترف‬
‫وز ذلك"‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫بإمامتهم عند المة أحد ج ّ‬

‫فبعد هذا كله هل يجرؤ من عنده ذرة من حياء أن‬


‫يخالف كل أهل العلم ليقول إن الية تسمح بدفع‬
‫الزكاة لصدار المجلت والروزنامات وشراء الشقق‬
‫وإقامة المعارض والمؤتمرات تحت دعوى أن هذا‬
‫جهاد "فكري وثقافي وتربوي"؟!! فليتق الله‬
‫القرضاوي ومن يروج لكلم القرضاوي‪.‬‬

‫وإننا نسأل القرضاوي‪ :‬هل أنت عالم مجتهد أم تبع‬


‫للمجتهد؟ فإن قال‪ :‬مجتهد‪ ،‬قلنا له‪ :‬أبرز ماذا عندك‬
‫ك وصلت إلى مثل‬ ‫ت أن َ‬
‫من أدوات الجتهاد حتى اّدعي َ‬
‫مرتبة مالك وأبي حنيفة والشافعي والليث وسفيان‪،‬‬
‫ي تقي الدين وابن دقيق‬ ‫بل إلى مثل مرتبة السبك ّ‬
‫العيد أو حتى إلى مثل مرتبة الحليمي والجويني‬
‫والبلقيني وأمثالهم من أصحاب الوجوه!!! وهيهات‪.‬‬
‫وعلى كل حال فالمجتهد ل يخرق الجماع المنعقد‬
‫قبله‪.‬‬

‫وإن اعترف القرضاوي ـ كما هو واقع حاله ـ بعدم‬


‫بلوغ تلك المرتبة قلنا له‪ :‬مقامك إذن أن تسأل أهل‬
‫العلم وتتبع فتاويهم ل أن تنفرد عنهم‪ .‬وكلهم أجمعوا‬
‫في هذه المسئلة أن‪}:‬وفي سبيل الله{ معناها‬
‫الغزو‪ ،‬فكيف ساغ لك أن تشذ عنهم وتقول إنها‬
‫تشمل إصدار المجلت والروزنامات وعقد صفقات‬
‫دا أو غير ذلك؟!!!‪.‬‬‫التجارة ‪ ...‬إلخ سواء سميتها جها ً‬
‫أ َوََلم تلحظ أن ما بنيت عليه رأيك المخالف‬
‫للجماعة غير معتبر في ميزان الشرع بالنسبة‬
‫للزكاة؟‬
‫وأن العبرة ليست بمجرد دخول العمل تحت اسم‬
‫الجهاد ولو اشتدت الحاجة إليه وهما المران اللذان‬
‫بنى القرضاوي عليهما فتواه المتهالكة‬
‫بقوله ‪":‬باعتبار عملها الذي أشرت إليه جهاًدا في‬
‫سبيل الله"‪ ،‬وبقوله ‪":‬وأخطر ما غزينا به في عصرنا‬
‫من قبل أعداء السلم هو الغزو الفكري والثقافي‬
‫وعلينا أن نحاربهم بمثل سلحهم أي عن طريق‬
‫الفكر والثقافة والتوعية والتربية‪ ....‬ول حرج من‬
‫تمويل ذلك من مصرف في سبيل الله من مصارف‬
‫الزكاة"‪.‬‬

‫"فمن هنا ُيعلم أنه ل يجوز دفع الزكاة لبناء المساجد‬


‫والمستشفيات والمدارس‪ ،‬فمن دفع من زكاته إلى‬
‫مدرسة أو إلى مستشفى أو إلى بناء مسجد فلَيعلم‬
‫أن زكاته ما صحت فيجب عليه إعادة الدفع‬
‫للمستحقين‪ ،‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪":‬إن رجال ً يتخوضون في مال الله بغير حق‬
‫فلهم النار يوم القيامة"‪ ،‬رواه البخاري في الصحيح‪.‬‬
‫فاحرص اخي المسلم ال تكون ممن ذكرهم النبي‬
‫في هذا الحديث ولن ينفعك يومها القرضاوي او غير‬
‫القرضاوي‪.‬‬

‫فُيفهم من هذا الحديث أن الذي يأخذ الزكاة وليس‬


‫هو من المستحقين الذين ذكرهم الله في القرءان‬
‫له النار يوم القيامة‪ ،‬وكذلك الذي يأكل مال الوقف‬
‫السلمي بغير حق أي بغير الوجه الشرعي الذي‬
‫بّينه الفقهاء في كتبهم فله النار يوم القيامة‪.‬‬
‫والدليل على أنه ل يجوز دفع الزكاة لكل ما هو بر‬
‫وخير مما عدا الصناف الثمانية وأن المراد بقوله‬
‫تعالى ‪}:‬وفي سبيل الله{ ليس كل أنواع البر‬
‫والحسان من بناء مسجد ومدرسة ومستشفى‬
‫ونحو ذلك هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫وقد ذ َك ََر الزكاة‪" :‬إنها ل تحل لغني ول لذي مرة‬
‫سوي"‪ ،‬وقوله صلى الله عليه وسلم لرجلين جاءا‬
‫يسألنه الزكاة وكانا قويين ‪":‬إني ُأعطيكما وليس‬
‫فيها حق لغني ول لقوي مكتسب" رواهما أبو داود‬
‫والبيهقي‪ ،‬فحّرم رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫بهذين الحديثين الزكاة على من يملك مال يغنيه أي‬
‫يكفيه لحاجاته وعلى من له قوة على العمل الذي‬
‫يكفيه لحاجاته الصلية‪ ،‬فدّلنا حديث النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم وهو المبّين لما أنزل الله في كتابه بعض‬
‫أعمال الب ِّر ل كّلها وهو الجهاد ويدخل في ذلك الحج‬
‫عند المام أحمد‪ ،‬ولم يقل إن كلمة }وفي سبيل‬
‫م كل مشروع خيري أحد ٌ من الئمة‬ ‫الله{ تع ّ‬
‫المجتهدين إنما ذلك ذكره بعض الحنفية من‬
‫المتأخرين ليس من أصحاب أبي حنيفة الذين هم‬
‫مجتهدون‪ ،‬فحرام أن يؤخذ بقول هذا العالم‪ .‬فليحذر‬
‫مون هذه الموال باسم‬ ‫من هؤلء الذين يل ّ‬
‫المستشفى أو بناء جامع أو بناء مدرسة من‬
‫الزكوات‪ ،‬هؤلء حرام عليهم وحرام على الذين‬
‫يعطونهم لنه لو كان كل عمل خيري يدخل في‬
‫قوله تعالى‪} :‬وفي سبيل الله{ ما قال‬
‫الرسول ‪":‬إنه ل حق فيها لغني ول لقوي مكتسب"‪.‬‬
‫اهـ‪.‬‬
‫تكملة في الرد على القرضاوي‬

‫تكميل‪ :‬قال الفقهاء في تأكيد تحريم صرفها لغير‬


‫الثمانية الذين ذكرهم الله في القرءان إنها ـ أي‬
‫زق‪ ،‬قالوا‪ :‬إنما‬
‫الزكاة ـ تحرم على الغازي المرت ِ‬
‫يرزق من حصته‪ ،‬فإذا عدم الفىء واضطررنا إلى‬
‫المرتزق ليكفينا شر الكفار أعانه الغنياء من‬
‫أموالهم ل من الزكاة‪ ،‬والمرتزق هو الجندي‬
‫المسجل في ديوان المجاهدين‪ .‬فإذا كان هذا ل‬
‫ُيعطى من الزكاة إل المجاهد المتطوع الذي ل‬
‫مرتب له في الفىء ل يجوز إعطاؤه من الزكاة في‬
‫هذه الحال التي المسلمون بحاجة إلى إستمرار‬
‫هؤلء المرتزقين في وظيفتهم ليس لهم حق من‬
‫الزكاة مع أنهم متفرغون للجهاد فكيف هؤلء الذين‬
‫تعمل لهم على حساب الزكاة مآدب ومآدب فتكلف‬
‫اللف المؤلفة كما ُفعل في بعض السنين الماضية‬
‫وكما هم بصدد أن يفعلوه الن‪ .‬وفي الحديث‬
‫الصحيح أن رجلين أتيا رسول الله يطلبان منه أن‬
‫دين ـ أي قويين ـ فصّعد‬ ‫جل ْ َ‬
‫يعطيهما من الزكاة وكانا َ‬
‫وب ثم قال‪" :‬إنه ل حق فيها لغني‬ ‫فيهما النظر وص ّ‬
‫سن الظن‬ ‫ول لقوي مكتسب" ثم أعطاهما بعد أن ح ّ‬
‫بهما بأن اعتبرهما ل يجدان من العمل ما يسد ّ‬
‫حاجاتهما الصلية‪ ،‬فبعد هذا الحكم من رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم كيف يجوز أن ُيتصرف فيها‬
‫لطعام هؤلء الغنياء بحجة تنشيطهم لدفع الزكاة‪،‬‬
‫ثم إننا حذرناكم من دفعها لمن يتلعبون بها بوضعها‬
‫في غير محلها وإلى الله المرجع والمآب‪ .‬ثم إن‬
‫الفقهاء قالوا‪ :‬تولي تفرقة الزكاة للمالك بنفسه‬
‫أفضل من توكيل غيره لنه أدرى بأحوال أقربائه‬
‫المحتاجين وجيرانه المحتاجين المستحقين لها"‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫ثم قال‪" :‬وفي الحقيقة هؤلء يدخلون تحت حديث‬


‫البخاري ‪":‬إن رجال يتخوضون في مال الله بغير حق‬
‫فلهم النار يوم القيامة" وليستحوا من رسول الله‬
‫القائل في بيان حكم الزكاة ‪":‬إنه ل حق فيها لغني‬
‫ول لقوي مكتسب" فهؤلء عكسوا حديث رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم الصحيح المشهور ‪":‬تؤخذ‬
‫من أغنيائهم وترد على فقرائهم"‪ .‬وليت شعري هل‬
‫اطلعوا على هذه الحاديث ثم منعهم هواهم أن‬
‫يعملوا بها أم لم يطلعوا؟ فإّنا لله وإّنا إليه راجعون"‬
‫اهـ‪.‬‬

‫نقول‪ :‬إذا كان المرتزق الذي يجاهد الكفار في‬


‫سبيل الله ل يستحق الزكاة لن له نصيًبا في الفىء‪،‬‬
‫وحتى لو احتجنا إليه ليدفع عن المسلمين التقتيل‬
‫والتذبيح والتنكيل ولم نجد فيًئا لنعطيه منه ل ندفع‬
‫إليه من مال الزكاة بل نعطيه من غيرها‪ ،‬مع أن‬
‫عمله جهاد وهناك شدة حاجة إليه‪ ،‬فالسببان اللذان‬
‫زعمتهما موجودان في المرتزقة هنا ومع هذا ل تدفع‬
‫الزكاة إليه‪ ،‬فكيف يجوز لك أن تقيس برأيك ـ وأنت‬
‫لست من أهل القياس ـ‪ ،‬أو أن تستنبط بهواك ـ‬
‫وأنت لست من أهل الجتهاد ـ لتجيز دفع الزكاة إلى‬
‫مثل الرابطة المذكورة؟!! فليحذر الناس فتاوى‬
‫القرضاوي‪.‬‬
‫ي في الم ‪":‬فإن‬‫ألم يقرأ القرضاوي قول الشافع ّ‬
‫هاجر وُأفرض ـ أي جعل له فرض أي عطية في‬
‫ديوان المرتزقة ـ وغزا صار من أهل الفىء وأخذ‬
‫منه‪ ،‬ولو احتاج وهو في الفىء لم يكن له أن يأخذ‬
‫من الصدقات"‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫ج الشافعي بأن عبد الملك بن مروان أرسل‬ ‫واحت ّ‬


‫الزكاة إلى مشايخ أهل المدينة وفقهائها كسعيد بن‬
‫المسيب وأبي بكر ابن عبد الرحمن وخارجة بن زيد‬
‫وعبيد الله بن عبد الله في رجال كثيرة فأبوا أن‬
‫يأخذوا منها لنهم من أهل الفىء‪ .‬ولم يفهم واحد‬
‫منهم ـ على علو كعبهم وسلمة لغتهم وشدة تقواهم‬
‫ـ من الية ما فهمه القرضاوي في هذا الزمان‪.‬‬

‫بل ذكر الشافعي بأن المر ل يرتكز على مدى النفع‬


‫اللحق بالمسلمين ول على مدى حاجتهم إليه ـ كما‬
‫م الله تعالى له فهو‬ ‫ن قَ َ‬
‫س َ‬ ‫م ْ‬
‫زعم القرضاوي ـ‪ ،‬بل َ‬
‫أحق ممن لم يقسم له وإن كان من لم يقسم له‬
‫أنفع أو أحوج‪ ،‬واستدل لذلك رحمه الله تعالى بأن‬
‫كل فارس يأخذ من الفىء سهمين وإن كان بعضهم‬
‫أشجع من بعض وأكثر غنى‪ ،‬وأن الولد الذكور مثل ً‬
‫تتساوى حصصهم في الميراث ولو كان بعضهم خيًرا‬
‫من بعض وأحوج‪.‬‬
‫فالخلصة‪ :‬أن "الدكتور" القرضاوي طار خارج‬
‫سرب الفقهاء ـ من غير أن ي َُغرد ـ‪ ،‬فهو في وادٍ وهم‬
‫في وادٍ ءاخر‪.‬‬

‫والمعتبر ما فهمه الئمة العلم من ءايات كتاب‬


‫الله‪ ،‬أولئك الذين لم تخالط لغتهم عجمة‪ ،‬ول نشأوا‬
‫جة‪ ،‬وعاشوا في خير القرون ل في‬ ‫على عامية معو ّ‬
‫مت فيه الهواء وانتشرت‪ .‬وليست العبرة‬ ‫زمن ع ّ‬
‫بمن جاء بعدهم بمئات السنين ليسلك غير مسلكهم‬
‫وينهج غير نهجهم فيعتقد في نفسه أنه من أهل‬
‫العلم والجتهاد في الدين وهو لم يبلغ تلك الدرجة‬
‫فيعمل على ذلك وي َعُد ّ رأيه رأًيا وخلفه خلًفا‬
‫فيتصرف بالفتوى خارًقا للجماع مفرًقا للجماعة‪.‬‬
‫وعلى مثل هذا نّبه الحديث الصحيح ‪":‬إن الله ل‬
‫عا من بين الناس ولكن‬ ‫يقبض العلم ينتزعه انتزا ً‬
‫يقبض العلم حتى إذا لم يبق عالم إتخذ الناس‬
‫رؤساء جّهال فاستفتوهم فأفتوهم فضلوا وأضّلوا"‬
‫رواه البخاري والترمذي وغيرهما‪.‬‬

‫وبالله العصمة من الهوى‪ ،‬وبه القوة وعليه التكلن‪.‬‬

‫‪---------------------------------------------------------‬‬
‫‪-----------------------‬‬
‫دا عمل ما ُيسمى‬ ‫يعلم "الدكتور" القرضاوي جي ّ ً‬
‫برابطة الشباب المسلم العربي ‪) .M.A.Y.A‬فهو قد‬
‫ل ضيًفا عليها(‪ ،‬وفي فتواه التي‬‫زار أمريكا وح ّ‬
‫فّندناها بعون الله يظهر ذلك بوضوح فهو قد قال ما‬
‫حا لكل من عرفها وزار‬ ‫نصه ‪":‬وظهر أثرها واض ً‬
‫مؤسساتها وحضر مؤتمراتها والتقى بالعاملين فيها"‬
‫اهـ‪.‬‬

‫فإذا رجعنا إلى "الروزنامة" التي أصدرتها هذه‬


‫الرابطة للعام ‪1994‬ر ـ وهو نفس العام الذي‬
‫خص في‬‫وُّزعت فيه الفتوى ـ نرى أن عملها يكاد يتل ّ‬
‫المور التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ إنشاء الفروع لها‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ إقامة نشاطات ثقافية واجتماعية وعلمية‬


‫ورياضية )كثيًرا ما تكون بمقابل مال(‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ إقامة المخيمات )مقابل اشتراك يدفع(!!!‬

‫‪ 4‬ـ دعوة المفكرين لزيارة فروعها‪.‬‬


‫‪ 5‬ـ إقامة الدورات التأهيلية المختلفة الهداف‬
‫ي(‪.‬‬
‫)كثيًرا ما يكون فيها اشتراك مال ّ‬

‫‪ 6‬ـ إصدار النشرات والكتيبات والمجلت )كمجلة‬


‫السنابل التي تباع بيًعا(!!!‬

‫‪ 7‬ـ توفير الكتب والشرطة المسموعة والمرئية‬


‫ضا كما ذكر في مجلة الرابطة(!!!‬
‫)مقابل مال أي ً‬

‫‪ ، 8‬عقد مؤتمر الرابطة السنوي‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ شراء عقارات!!!‬

‫‪ 01‬ـ استثمار تجاري لمبلغ ثلثمائة ألف دولر‬


‫أمريكي!!!‬

‫‪ 11‬ـ إقامة محطة لبيع الوقود!!!‬

‫‪ 21‬ـ إقامة معارض تجارية في مختلف الوليات‬


‫ي(!!!‬
‫)مقابل اشتراك مال ّ‬
‫فهل هذا ما يريدنا "الدكتور" القرضاوي أن ندفع‬
‫زكاة أموالنا لجله؟! وهل يريد أن يقنعنا بأن الله‬
‫تعالى فرض الزكاة علينا ليتاجر بها أعضاء الرابطة‬
‫ويشتروا العقارات ويقيموا المؤتمرات والمعارض‬
‫التجارية؟!! أم أنهم استضافوه فأكرموه ومن أموال‬
‫الزكاة المخلوطة بربا البنوك أطعموه فكافأهم بهذه‬
‫الفتوى العجيبة؟!!‬

‫أم بينه وبينهم صلة بواسطة حزب الخوان الذي شذ ّ‬


‫عن الشيخ حسن البنا رحمه الله إلى منهج سيد‬
‫قطب الذي كّفَر الحكام والرعية فراعاهم وأعانهم‬
‫بزعمه بإصدار هذه الفتوى؟!!!‬

‫َ‬
‫أوََلم يعرف "الدكتور" القرضاوي بمليينهم المك ّ‬
‫دسة‬
‫في البنك المسمى "بنك التقوى" في "البهامس"‬
‫وبتجاراتهم الضخمة الحلل منها ـ وما أقّلها ـ‬
‫والحرام؟!‬

‫أليس كان ال َْولى به أن يقول لهم‪ :‬أنفقوا من حلل‬


‫أموالكم في نصرة الدين كما فرض الله علينا‬
‫واتركوا الزكاة توزع على أهلها كما أمر الله وفَعَ َ‬
‫ل‬
‫سول الله صلى الله عليه وسلم بدل أن يحتال لهم‬ ‫ر ُ‬
‫بفتواه العجيبة؟!‬
‫أم وراء الكمة ما وراءها؟!!‬

‫هذا كله و"الدكتور" القرضاوي يعرف بأن هؤلء‬


‫الناس يضعون الموال في البنوك‪ ،‬ويخلطون مال‬
‫الزكاة الذي ينبغي أن يكون ط ُْهرة للمال بأموال‬
‫الربا وسائر الموال الخبيثة‪ ،‬فهل يقول "الدكتور"‬
‫ضا؟! وهل هذا ما تعّلمه في الزهر؟!‬‫بجواز ذلك أي ً‬

‫أ َوََلم يتعّلم في الزهر ـ إن كان استوعب ما تعّلم أو‬


‫يتذ ّ‬
‫كره ـ أنه ل بد ّ من صرف عين مال الزكاة‬
‫للمستحقين ل ما هو بدل عنه؟!‬

‫َ‬
‫ضا في مقررات الزهر أنه ل يجوز‬ ‫أوََلم يتعّلم أي ً‬
‫تأخير دفع الزكاة عن وقتها بعد الوجوب والتم ّ‬
‫كن‬
‫ووجود المستحق؟!‬

‫فكيف يفتي بعد ذلك بدفع الزكاة لهذه الرابطة‬


‫خَر عن وقتها ثم‬‫لتوضع في البنوك وتخلط بالربا وت ُؤَ ّ‬
‫تدفع بعد ذلك في ولئم المؤتمرات والمضاربات‬
‫التجارية ويزعم أنه بذلك ينصر دين الله!!!!‬

‫حّرف‬
‫دم شرع الله وت ُ َ‬
‫ل والله بل بمثل هذا ُيه َ‬
‫أحكامه‪.‬‬
‫س النسان كتب الفقهاء لينساها بعد ذلك‬
‫وهل َيدُر ُ‬
‫أم ليعّلمها ويعمل بها؟!!‬

‫قال المام أبو إسحاق الشيرازي في المهذب ـ وهو‬


‫من أشهر كتب الشافعية ـ‪" :‬ومن وجبت عليه‬
‫الزكاة وقدر على إخراجها لم يجز له تأخيرها لنه‬
‫حق يجب صرفه إلى ءادمي توجهت المطالبة بالدفع‬
‫عليه فلم يجز له التأخير كالوديعة إذا طالب بها‬
‫صاحبها"‪ .‬إهـ‪.‬‬

‫وقال ابن قدامة الحنبلي ما نصه ‪":‬الزكاة واجبة‬


‫على الفور ول يجوز تأخير إخراجها مع القدرة عليه‬
‫ش ضرًرا"‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫خ َ‬
‫والتمكن منه إذا لم ي ْ‬

‫وقال الشيخ علء الدين الحصكفي الحنفي ‪":‬الزكاة‬


‫دفعها فوري أي واجب على الفور وعليه الفتوى‪،‬‬
‫فيأثم بتأخيرها بل عذر وترد شهادته" اهـ‪.‬‬

‫وقال ابن الهمام الموصوف بأنه محقق المذهب‬


‫الحنفي في فتح القدير ‪":‬فتكون الزكاة فريضة‬
‫وفوريتها واجبة فيلزم بتأخيرها من غير ضرورة الثم‬
‫ي والحاكم الشهيد في المنتقى‬‫كما صرح به الكرخ ّ‬
‫وهو عين ما ذكره المام أبو جعفر عن أبي حنيفة‬
‫ه‪ ،‬فإن كراهة التحريم هي المحمل عند‬ ‫أنه ي ُك َْر ُ‬
‫إطلق اسمها‪ ،‬وقد ثبت عن أئمتنا الثلثة وجوب‬
‫فوريتها‪ ،‬وما نقله ابن شجاع عنهم من أنها على‬
‫التراخي فهو بالنظر إلى دليل الفتراض أي دليل‬
‫الفتراض ل يوجبها وهو ل ينفي وجود دليل‬
‫اليجاب"‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫وقال الشيخ المشهور محمد عليش المالكي في‬


‫شرحه على مختصر خليل ما نصه‪" :‬ووجب تفرقتها‬
‫أي الزكاة فوًرا على المستحقين"‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫فإن كان "الدكتور" يعلم بهذه القوال حين قال ما‬


‫قال فهذه مصيبة عظيمة وجرأة كبيرة‪ ،‬وإن كان ل‬
‫يعلم فقد كان ينبغي له أن يتعّلم قبل أن يتكلم لن‬
‫الفتوى بغير علم من كبائر الذنوب‪ ،‬وقد روى ابن‬
‫عا ‪":‬من أفتى بغير علم لعنته ملئكة‬‫عساكر مرفو ً‬
‫السماء والرض"‪.‬‬

‫وفي الحالين ما كان له أن يكتب ما خطته يده‪.‬‬

‫ض على أحدهم‬ ‫والعجب من بعض أهل زماننا ت ُعَْر ُ‬


‫ت على سيدنا عمر رضي الله‬ ‫ض ْ‬
‫المسئلة ـ لو ع ُرِ َ‬
‫عنه لجمع لها المهاجرين والنصار ـ فيسرع بالجواب‬
‫عليها برأيه وقياسه وكأنه إياس أو عبد الله بن‬
‫عباس‪ ،‬وما هو إل كما قال القائل‪:‬‬
‫يصيب وما يدري ويخطي وما درى * وكيف يكون‬
‫الجهل إل كذلك‬

‫وإلى الله المشتكى وهو حسبنا ونعم الوكيل‪.‬‬

‫قد يحتج بعض الناس لنقل الزكاة عن مصارفها‬


‫الثمانية التي بّينها الله تعالى بفعل سيدنا عمر حين‬
‫دا"‪.‬‬
‫قال ‪":‬إن الله قد أعّز السلم فل أتألف عليه أح ً‬
‫اهـ‪.‬‬

‫قالوا ‪":‬لو كان يتعين صرف الزكاة إلى الصناف‬


‫الثمانية لما أوقف عمر رضي الله عنه عند صرف‬
‫سهم المؤلفة قلوبهم‪ ،‬وإنما غّير عمر المصارف‬
‫بتغير المصالح فنحن نفعل مثله ونغّير مصارفها‬
‫بحسب ما نرى من تجدد المصالح"‪.‬‬

‫نقول‪ :‬هذا بالتأكيد هو القياس الفاسد مع الفارق‬


‫ورد ّ أحكام الدين بالرأي‪ ،‬فعمر رضي الله عنه لم‬
‫دا غير المصارف التي ذكرها‬ ‫يستحدث مصرًفا جدي ً‬
‫الله تعالى‪ ،‬وإنما رأى أن صنف المؤلفة قلوبهم قد‬
‫انقطع عن الوجود لعزة السلم وظهوره فلذا وّزع‬
‫الزكاة سبعة أسهم‪ ،‬ومتى عادت علة التأليف فَوُ ِ‬
‫جد َ‬
‫أناس من هذا الصنف من جديد رجع الصرف إلى‬
‫ثمانية سهام‪.‬‬

‫قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في أحكام‬


‫القرءان ما نصه ‪":‬والذي عندي أنه إن قوي السلم‬
‫زالوا‪ ،‬وإن احتيج إليهم ُأعطوا سهمهم كما كان‬
‫ُيعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم"‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫ذاذ فقد ابتدعوا مصارف جديدة غير‬ ‫ش ّ‬


‫وأما هؤلء ال ّ‬
‫ما ذكر في ءاية الصدقات مخالفين الحصر الذي‬
‫تدل عليه لفظة "إنما" الواردة فيها‪.‬‬

‫ل عمر شىء وما ذهبوا إليه شىء ءاخر ول‬ ‫فَ ِ‬


‫فعْ ُ‬
‫تناسب بينهما بالمّرة‪.‬‬

‫والله المستعان وبه الحول والقوة‪.‬‬

‫تبّين مما تقدم أن الزكاة ل يجوز أن تصرف لبناء‬


‫المساجد أو شراء المقابر أو المراكز السلمية أو‬
‫عقد المؤتمرات أو لطباعة الكتب وإصدار المجلت‬
‫كما زعم القرضاوي‪ ،‬بل لها مصارفها التي تصرف‬
‫بعينها فيها والتي بّينها الله تعالى في القرءان وبّينها‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث‬
‫وتلّقاها منه أصحابه ونقلوها للتابعين ثم نقلها هؤلء‬
‫لتباعهم وهكذا حتى وصلتنا نقية من غير غش‪،‬‬
‫واضحة من غير لبس‪.‬‬

‫ن‬
‫وقد بّين فقهاء المذاهب الربعة جزاهم الله خيًرا أ ّ‬
‫قوله تعالى‪} :‬وفي سبيل الله{ ليس معناه كل‬
‫ل ما يدخل تحت اسم‬ ‫عمل خيري ول يشمل ك ّ‬
‫الجهاد كما زعم "القرضاوي وأمثاله‪ .‬فقوله هذا‬
‫استدراك على الله تعالى والرسول صلى الله عليه‬
‫ي فهو باطل‬ ‫وسلم وتشريع لما لم يأذن به الله والنب ّ‬
‫قطًعا‪.‬‬

‫ولسنا أول من يرد ّ على أمثال القرضاوي في هذا‬


‫الموضوع‪ ،‬وإنما سبقنا إلى هذا علماء أفاضل‬
‫مارون بالمعروف نّهاؤون عن المنكر‬‫مجاهدون أ ّ‬
‫مشهورون كمفتي مصر الشيخ الفقيه محمد بخيت‬
‫المطيعي رحمه الله تعالى‪ ،‬وفتواه في المر‬
‫اشتهرت وطبعت‪ ،‬ومثله وكيل المشيخة السلمية‬
‫في الدولة العثمانية الشيخ محمد زاهد الكوثري‬
‫رحمه الله تعالى‪.‬‬

‫وما كتبناه ليس إل رشح تقريراتهم‪ ،‬وما أوضحناه‬


‫سا من أنوارهم‪ ،‬فالجوهر من بحرهم‬ ‫ليس إل قب ً‬
‫مهم جزاهم الله عّنا الجزاء الحسن‪.‬‬‫والد ّّر من ي ّ‬
‫ونصيحتنا لك أيها المسلم الحريص على صحة‬
‫طاعاته وسلمة دينه أن ل تتسرع ـ في هذه اليام‬
‫ي‬ ‫َ‬
‫التي عاد السلم فيها غريًبا ـ بتسليم زكاة مالك ل ّ‬
‫َ‬
‫ب الله عليك من الزكاة وكيف‬ ‫كان‪ ،‬بل ت َعَل ّ ْ‬
‫م ما أوج َ‬
‫ل هذا بنفسك إن استطعت‪ ،‬فإن هذا‬ ‫توّزعها وتو ّ‬
‫فيه‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ إيصال الحق إلى مستحقيه مع توفير أجر‬


‫الُعمالة‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ وصيانة العامل عن خطر الخيانة‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ومباشرة تفريج كربة المستحق وإغاثته بها‬


‫بنفسك‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ وإعطاؤها للولى بها من المحتاجين من أقاربك‬


‫وذوي رحمك ـ الذين ل تلزمك نفقتهم ـ وأهل الديانة‬
‫والفضل في بلدك‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ زد على ذلك أنك تكون على ثقة من أداء الحق‬


‫فإنك متيّقن من فعلك ولست على يقين من أداء‬
‫غيرك‪.‬‬
‫ي‬
‫ب إل ّ‬
‫ولذلك قال المام أحمد رضي الله عنه ‪":‬أعج ُ‬
‫أن يخرجها ـ أي بنفسه ـ‪ ،‬وإن دفعها إلى السلطان ـ‬
‫أي ليخرجها ـ فهو جائز"‪ .‬إهـ‪.‬‬

‫وبه قال الحسن ومكحول وسعيد بن جبير‪ ،‬وهو‬


‫ص الشافعي رضي الله عنه كما في‬
‫ظاهر ن ّ‬
‫المهذب‪.‬‬

‫ي"‪ :‬نحن نحتاج المال للمواجهة‬‫وإن قال لك "قرضاو ّ‬


‫"الفكرية والثقافية" مع أعداء الدين‪ ،‬فقل له‪ :‬إذا‬
‫أعطيتكم الزكاة لذلك فماذا نفعل بضرورات‬
‫الفقراء؟ ومن يكسو العارين من المسلمين؟ ومن‬
‫يطعم الجياع؟ ومن يصون شبابهم الفقراء‬
‫المحتاجين للنكاح عن الفاحشة بتزويجهم؟‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫فإن أجابك‪ :‬نأخذ من أموال الغنياء ما يكفي لذلك‬


‫من غير الزكاة‪ ،‬فقل له‪ :‬إذن لماذا ل تتركون الزكاة‬
‫لهلها ويتبّرع لكم الغنياء ـ الذين يثقون بكم ـ بما‬
‫تشترون به مراكزكم وتقيمون به مؤتمراتكم‬
‫ومعارضكم ومشاريعكم التجارية على أن ل تتضمن‬
‫ما يخالف الشريعة؟؟ فتكونون بذلك سلمتم من‬
‫المعصية‪ ،‬ولم توهموا الدافع أن زكاته صحت وهي‬
‫لم تصح‪ ،‬وعندها تكونون اتبعتم منهج علماء‬
‫ما وحديًثا‪.‬‬
‫المسلمين قدي ً‬
‫ولنذكر هنا حادثة واحدة تشهد لما قلناه صراحة‬
‫وهي ما حصل مع الفقيه المجاهد عز الدين بن عبد‬
‫السلم الملقب بسلطان العلماء رحمه الله تعالى‪،‬‬
‫ما من‬
‫فإن المسلمين واجهوا في زمانه خطًرا داه ً‬
‫الصليبيين والتتار مًعا فاحتاج الحاكم إلى المال‬
‫لمواجهتهم فلم ي ُْفت ِهِ ابن عبد السلم بأخذ أموال‬
‫الزكاة لعطائها لجنود الديوان‪ ،‬ول قال له استعملها‬
‫في كل ما يقع عليه اسم الجهاد ـ مع عظم فتنة‬
‫التتار كما هو مشهور ـ‪ ،‬بل منعه حتى من فرض‬
‫ضريبة على عموم الناس لهذا الغرض‪ ،‬وإنما أمره‬
‫ن نحوهم لسد ّ‬ ‫ن كا َ‬
‫م ْ‬
‫أن يأخذ من ماله ومال أمرائه و َ‬
‫هذه الضرورة‪.‬‬

‫ومن راجع طبقات الشافعية لبن السبكي أو البداية‬


‫والنهاية لبن كثير ونحوهما من كتب التواريخ‬
‫والتراجم يرى العجب من صلبة هذا المام‪ ،‬وقيامه‬
‫في جهاد الكفار‪ ،‬والصدع بالحق عند ظلمة‬
‫السلطين‪ ،‬مع سعة العلم‪ ،‬ووفور التواضع‪ ،‬واّتساع‬
‫الجاه بين الناس‪.‬‬

‫وياليت "الدكتور" القرضاوي‪ ،‬وياليت إدارة الرابطة‬


‫المذكورة التي وّزعت فتواه‪ ،‬ياليتهم التزموا أقوال‬
‫سير الصالحين ولم يدخلوا فيما ل‬‫أئمة المسلمين و ِ‬
‫يحسنون‪ ،‬فيكونون بذلك قد عرفوا قدرهم ولزموا‬
‫وشوا على المسلمين قضايا دينهم‬ ‫دهم‪ ،‬ولم يش ّ‬
‫ح ّ‬
‫دا‬
‫ول أحوجونا إلى الشتغال بتسويد القراطيس ر ّ‬
‫عليهم للذود عن دين الله والقيام ِ بواجب النصيحة‬
‫صتهم‪.‬‬
‫مة المؤمنين وخا ّ‬ ‫لله ولرسوله وعا ّ‬
‫والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل‪.‬‬

You might also like