Professional Documents
Culture Documents
Mao SH Our
Mao SH Our
Mao SH Our
٢
ﻣﻘدﻣﺔ
اﻟﺳﻳد
ﺑﻘﻠم اﻟدﻛﺗور :ﻣﺣﻣود ّ
»ﻋﺿو ﻣﺟﻣﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ«
٣
ﻣن ﺧﻼﻟﻪ ﺑﻌﺿﺎً ﻣن ﺳﻣﺎت اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ.
وﻳﻌرج ﻓﻲ ﻓﺻﻝ آﺧر ﻋﻠﻰ ﻧﺷﺄة اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ وﺗﺎرﻳﺧﻬﺎ ﻓﻳﺑﻳن ﻧظرﻳﺔ ّ
وﻳﻘدم اﻷﻣﺛﻠﺔ واﻟﺷواﻫد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ
اﻟﻣواﺿﻌﺔ واﻻﺻطﻼح ﻓﻲ ﻧﺷوء اﻟﻠﻐﺔّ ،
ذﻫب إﻟﻳﻪ ﻣن ﻣﺻﺎدر ﻣﺷﻬورة ﻟﺑﺎﺣﺛﻳن ﻟﻐوﻳﻳن وﻣؤرﺧﻳن ﺛﻘﺎة.
وﻛﺎن ﻟﻣوﺿوع اﻷﺿداد ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻧﺻﻳب واف ﻣن اﻟﺑﺣث،
واﺗﺳم ﺑﺣﺛﻪ ﻓﻲ ﺗﻧﺎوﻝ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﺑﺎﻹﺣﺎطﺔ واﻟﺷﻣوﻟﻳﺔ .وﻓﻲ ﻣوﺿوع
اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ واﻟﻔﺻﻳﺣﺔ ﻳﻔﻧد آراء دﻋﺎة اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻣن اﻟﻣﺳﺗﺷرﻗﻳن وﻧﻔر ﻣن
أﺑﻧﺎء اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟذﻳن ﺣذوا ﺣذوﻫم ،ﻛﻣﺎ ﻳﺑﻳن آراء ﻛﺗﺎب اﻟﻧﻬﺿﺔ ﻓﻲ ردﻫم
ﻋﻠﻰ دﻋﺎة اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ،وﻫو ﻓﻲ ﺗﻧﺎوﻟﻪ ﻟﻬذا اﻟﻣوﺿوع ﻳﻘف إﻟﻰ ﺟﺎﻧب
اﻟﻔﺻﻳﺣﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻋﺎﻣﻝ ﺗوﺣﻳد ﺑﻳن أﺑﻧﺎء اﻷﻣﺔ ،وﻳﺷﻳر إﻟﻰ ﺧطر اﻋﺗﻣﺎد
اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻋﺎﻣﻝ ﺗﻔرﻳق وﺗﺑﺎﻋد ﺑﻳن اﻷﻗطﺎر اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﺣﺗﻰ إن اﻟﺗﺑﺎﻋد
ﻳﻛون ﻓﻲ اﻟﻘطر اﻟواﺣد أﻳﺿﺎً ،وﻋﻧﻲ اﻟﺑﺎﺣث »اﻟﺑﺣرة« ﺑﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻣوﺿوع
اﻟﻧﺣو اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻓﺄﺑﺎن اﻟﺗذﻣر واﻟﺷﻛوى ﻣن ﻛﺛرة اﻟﺗﺄوﻳﻼت واﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات
ﻓﻲ ﻣﺑﺎﺣﺛﻪ ،وﻫذا ﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﺻﻌوﺑﺗﻪ وﻋزوف اﻟدارﺳﻳن ﻋن اﻹﻗﺑﺎﻝ
ﻋﻠﻳﻪ ،وﻋرض ﻟﺑﻌض ﻣﺣﺎوﻻت ﺗﻳﺳﻳرﻩ ﻗدﻳﻣﺎً وﺣدﻳﺛﺎً.
وﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻠﻐﺔ اﻹﻋﻼم دور ﻛﺑﻳر ﻓﻲ ﺣﻳﺎﺗﻧﺎ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ،إذ إﻧﻬﺎ ﺗﻌزز
اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻔﺻﻳﺣﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﺳﻠﻳﻣﺔ ،وﺗؤﺛر ﺳﻠﺑﺎً ﻓﻲ ﻋﻣﻠﻳﺔ
اﻛﺗﺳﺎب اﻟﻔﺻﻳﺣﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون زاﺧرة ﺑﺎﻷﺧطﺎء اﻟﻠﻐوﻳﺔ ،ﻛﺎﻧت ﺛﻣﺔ وﻗﻔﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟﻌرﺑﻳﺔ واﻹﻋﻼم ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻣطﺎف ،أﺷﺎر ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﻋدد
ﻣن اﻷﺧطﺎء اﻟواردة ﻋﻠﻰ أﻟﺳﻧﺔ ﺑﻌض اﻟﻣذﻳﻌﻳن ،وأﺑﺎن ﺧطر اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ
٤
اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﻠﺳﻼت اﻹذاﻋﻳﺔ واﻟﺗﻠﻔزﻳﺔ وﻓﻲ اﻟﻣﺳرﺣﻳﺎت داﻋﻳﺎً إﻟﻰ
اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻔﺻﻳﺣﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺣﺻن اﻷﻣﺔ وﻣﺳﺗودع ﺗراﺛﻬﺎ ،وﻣوﺣدة اﻟﻔﻛر
ﺑﻳن أﺑﻧﺎﺋﻬﺎ.
وﻫو ﻓﻲ وﻗﻔﺗﻪ ﺗﻠك إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﻔﺻﻳﺣﺔ ﻳﻌﺑر ﻋن أﺻﺎﻟﺔ اﻻﻧﺗﻣﺎء
إﻟﻰ أﻣﺗﻪ واﻟذود ﻋن ﺛواﺑﺗﻬﺎ اﻟﻘوﻣﻳﺔ.
وﻣﻣﺎ ﻳزﻳد ﺻﻧﻳﻌﻪ أﻫﻣﻳﺔ أن ﺛﻣﺔ ﺗوارﻳﺦ ﻷﺣداث ﺛﻘﺎﻓﻳﺔ ﻳﻔﻳد ﻣﻧﻬﺎ
اﻟﻘﺎرئ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﻛر اﻟﻐﻧﻳﺔ اﻟﻣﺗﺳﻣﺔ ﺑﺎﻟﺻدق واﻟﺻراﺣﺔ ،ﻳزﻳن ذﻟك
ﻛﻠﻪ أﺳﻠوب ﻳﺗﺳم ﺑﺎﻟوﺿوح واﻟدﻗﺔ واﻟﺳﻼﺳﺔ واﻟرﺷﺎﻗﺔ ،وﻻ ﻳﻣﻛﻧﻧﺎ أن
ﻧﻧﺳﻰ أﻫﻣﻳﺔ اﻟﺗوﺻﻳﺎت واﻟﻣﻘﺗرﺣﺎت اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻳرﻛز ﻋﻠﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ
أﻏﻠب ﺑﺣوﺛﻪ.
ﻓﺗﺣﻳﺔ ﺗﻘدﻳر ﻟﻠﺑﺎﺣث اﻟﺟﺎد »ﻧﺻر اﻟدﻳن اﻟﺑﺣرة« ﻣﺗﻣﻧﻳﺎً ﻋﻠﻳﻪ
اﺳﺗﻣ اررﻳﺔ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻗﺿﺎﻳﺎﻧﺎ اﻟﻠﻐوﻳﺔ ﻷن ﻓﻲ ﺑﺣوﺛﻪ اﻟﻔﺎﺋدة ﻷﺑﻧﺎء
اﻟﻌرﺑﻳﺔ وﻟﻣﻘﺗرﺣﺎﺗﻪ اﻷﻫﻣﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ اﻟﻧﻬوض ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ واﻻرﺗﻘﺎء
ﺑواﻗﻌﻬﺎ.
دﻣﺷق ﻓﻲ ٢٠٠٩/٧/٢٠م
٥
ﻓﻲ دﻫﺎﻟﻳز . .اﻟﺿﺎد
أﺗذﻛر ذﻟك اﻟﺑدوي اﻟذي وﻗف أﻣﺎم ﺿﺎرب اﻵﻟﺔ اﻟﻛﺎﺗﺑﺔ ،ﻓﻲ إﺣدى
اﻟﻣﺳرﺣﻳﺎت ،وراح ﻳﻣﻠﻲ ﻋﻠﻳﻪ ﻧص ﺑرﻗﻳﺔ أراد إﺑراﻗﻬﺎ ،ﻛﺎن ﻛﻠﻣﺎ ﻗﺎﻝ
ﺟﻣﻠﺔ طﺎﻟت أو ﻗﺻرت ،ﺿرب اﻟﻔﻧﺎن -اﻟﻣﻣﺛﻝ ﺣرﻓﺎً واﺣداً ﻋﻠﻰ اﻵﻟﺔ
ﺑﺈﺻﺑﻌﻪ ﺗﺎرة ،أو ﻣرﻓﻘﻪ ﺗﺎرة ﺛﺎﻧﻳﺔ ..وﻫﻛذا ﺣﺗﻰ اﻧﺗﻬﻰ اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺑدوي
إﻟﻰ ﻗوﻝ ﻛﻠﻣﺔ "ﻟذا" إن ﻟم ﺗﺧﻧﻲ اﻟذاﻛرة ،ﻓﺈذا ﺿﺎرب اﻵﻟﺔ اﻟﻛﺎﺗﺑﺔ
ﻳﺿرب ﻋدداً ﻣن اﻟﺣروف ﺑﻠﻎ ﻣﻌﻬﺎ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺳطرٕ ،واذ أﺑدى اﻟزﺑون
ﺗﻌﺟﺑﻪ ﻣن ﻛﺛرة ﻫذﻩ اﻟﺣرﻛﺎت ،إزاء ﻣﺛﻝ ﻫذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟﺻﻐﻳرة ،ﻗﺎﻝ ﻟﻪ
ﺿﺎرب اﻵﻟﺔ :وﺑﻌد ..ﻟم ﺗﻧﺗﻪ ،ﻓﻬذﻩ "ﻟذا"وﻟﻳﺳت "ﺣﻳﺛﻣﺎ" ﻓﻬﻲ ﺻﻌﺑﺔ
ﺟداً.
ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﻧواﻝ اﻟظرﻳف ﺳﺧر ﻛﺎﺗب اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ اﻟﺟﻣﻳﻝ ﻣن أوﻟﺋك
اﻟﺟﺎﻣدﻳن اﻟﻣﺟﻣدﻳن اﻟذﻳن ﻳرﻳدون ﺗﺣﻧﻳط اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ وﻗواﻋدﻫﺎ ،ﻓﻲ
ﻗواﻟب ﻳﺎﺑﺳﺔ ،أﻳن ﻣﻧﻬﺎ ،ﺗﻠك اﻟﻘواﻟب اﻟﺣدﻳدﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧوا ﻳﺿﻌون ﻓﻳﻬﺎ،
أﻗدام اﻟﺑﻧﺎت وﻫن ﺻﻐﻳرات ﻓﻲ اﻟﺻﻳن اﻟﻘدﻳﻣﺔ ،ﻟﺗظﻝ ﻛذﻟك ﺻﻐﻳرة ،ﻓﻼ
ﺗﻛﺑر ،وﺗﺧدش أذواق اﻟرﺟﺎﻝ ،وﻻ ﺗروق ﻓﻲ ﻋﻳوﻧﻬم!
وﻣﺛﻠﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﻣرأة اﻟﺻﻳﻧﻳﺔ ﺗﻔﻘد ﺗوازﻧﻬﺎ إذ ﻳﻧﻣو ﺟﺳدﻫﺎ وﻳﻛﺑر ،ﻓﻲ
ﺣﻳن ﺗﺑﻘﻰ ﻗدﻣﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻣر اﻟذي ﻛﺎﻧت ﻋﻠﻳﻪ ﻳوم دﺧﻠت ﻓﻲ اﻟﺣدﻳد،
ﻓﻛذﻟك ﻳﺣدث أﺣﻳﺎﻧﺎً ﻟﻠﻐﺗﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻳﺔ وﻗواﻋدﻫﺎ.
ﻟﻘد اﺳﺗوﻋﺑت ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺔ رواﺋﻊ اﻟﺷﻌر اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻫﻠﻳﺔ ،وﻗد
ﺟﺎءت ﺟﻣﻳﻌﺎً ﻣﺿﺑوطﺔ اﻷوزان ،ﺳﻠﻳﻣﺔ اﻟﻘواﻋد ،ظﺎﻫرة اﻟﺑﻼﻏﺔ ،دون
أن ﺗﻛون ﺛﻣﺔ ﺑﺣور ﻟﻠﺷﻌر ،أو ﻗواﻋد ﻟﻠﻧﺣو واﻟﺻرف ،أو ﻣﺑﺎدئ
٦
ﻟﻠﺑﻼﻏﺔ ،وﻗﺑﻝ إﻧﺷﺎﺋﻬﺎ ﻛﺎﻓﺔ ﺑﻌﺷرات اﻟﺳﻧﻳن ،وﻫذا ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻫو ﺟﺎﻧب
ﻣن ﻋﺑﻘرﻳﺔ اﻟذﻫن اﻟﻌرﺑﻲ وﻓرادﺗﻪ.
ﻋﻠﻰ أن اﻟﻼﻓت ﻟﻠﻧظر أن اﻟدﻋوة إﻟﻰ إﺻﻼح ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد
وﺗﺧﻠﻳﺻﻬﺎ ﻣن اﻟﻘواﻟب اﻟﺣدﻳدﻳﺔ اﻟﻘﺎﺳﻳﺔ اﻟﺗﻲ وﺿﻌت ﻓﻳﻬﺎ ،وﺗﺷذﻳﺑﻬﺎ
ٕواﺑﻌﺎدﻫﺎ ﻋن اﻟﺗﻌﻘﻳد اﻟﻣﺻطﻧﻊ اﻟﻣﺗﻧﺎﻓﻲ وﺟوﻫر اﻟﻌﻘﻝ اﻟﻌرﺑﻲ
وطﺑﻳﻌﺗﻪ ..ﻟﻳﺳت ﺟدﻳدة .ﻳﻛﻔﻲ ﻣﺛﻼً أن ﻧﺗذﻛر ﺳﺧرﻳﺔ ﺗوﻓﻳق اﻟﺣﻛﻳم ﻓﻲ
أﺣد أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻷدﺑﻳﺔ ،ﻣن ﻫذا اﻷﻣر ،ﺣﻳن ﺟﻌﻝ أﺣد أﺑطﺎﻟﻪ ﻳﻘدم
أطروﺣﺔ دﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ ﺣرف "ﺣﺗﻰ" ..ﺣﺗﻰ ﺳﻣﻲ :اﻟدﻛﺗور ﺣﺗﻰ..
واﻟطرﻳف أﻧﻧﻲ ﻗرأت ﻓﻲ اﻷﻳﺎم اﻟﻘﻠﻳﻠﺔ اﻟﻣﺎﺿﻳﺔ ﻣوﺿوﻋﻳن ،ﻓﻲ
ب ﻛﻝ ﻣﻧﻬﻣﺎ ﺑروح ﺗﺧﺎﻟف اﻷﺧرى ِ
إﺣدى اﻟدورﻳﺎت اﻟﺳورﻳﺔُ ،ﻛﺗ َ
وﺗﻧﺎﻗﺿﻬﺎ ..ﻓﺑﻳﻧﻣﺎ دﻋﺎ اﻟﻛﺎﺗب اﻷوﻝ إﻟﻰ اﻟﺗﺑﺳﻳط اﻟذي أﻧﺎ ﻓﻲ ﺻدد
اﻟﺣدﻳث ﻋﻧﻪ ،ﻣن ﺧﻼﻝ ﻣطﺎﻟﺑﺗﻪ ﺑﺗوﺣﻳد ﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑﻌض اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻣﺛﻝ "اﺑن"
و"إذن" و"ﻣﺋﺔ" ،اﻧﺻرف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻌرض ﺣدﻳﺛﻪ ﻋن أﺣد اﻟﺗراﻛﻳب
اﻟﻠﻐوﻳﺔ ،إﻟﻰ ﺗذﻛﻳري ،ﺑﻛﻝ اﻟﺗﻌﻘﻳد اﻟذي أدﺧﻠﻪ ﺑﻌﺿﻬم ﻋﻠﻰ ﻗواﻋد ﻫذﻩ
اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺟﻣﻳﻠﺔ ،وأﻧﺎ ﻓﻲ ﻏﻧﻰ ﻋن اﻟﺗذﻛﻳر أن ﻣﻌظم ﻫؤﻻء – وﺣﺎﺷﺎ أن
أذﻫب ﻣذﻫﺑﺎً ﻋﻧﺻرﻳﺎً -ﻫم ﻣن ﻏﻳر اﻟﻌرب ..ﻓﻣﺎ ﻟﻧﺎ ..ﻟم ﻧﻘدر ،ﺑﻌد
ﻛﻝ ﻫذﻩ اﻟﻘرون ،أن ﻧﺧرج ﺑﻘواﻋدﻧﺎ ﻣن ﺗﺣت ﻋﺑﺎءﺗﻬم ،وﻟﻣﺎذا ﻧظﻝ
ﻣﺳﺗﺳﻠﻣﻳن ﻟﻬذﻩ اﻟﻘواﻟب اﻟﻘﺎﺳﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻗﺳروﻫﺎ ﻓﻳﻬﺎ ..وأﺿﺎﻓوا ﺣواﺷﻲ
اﺳﺗﻐرﻗت ﻣﺟﻠدات وﻣﺟﻠدات!
أرﺟو أن ﻳﺳﻣﺢ ﻟﻲ ﺑﺗﻘدﻳم ﻣﺛﺎﻝ ،ﻣﻣﺎ ﺳﺎﻗﻪ اﻟﺑﺎﺣث اﻟﻛرﻳم ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ
ﻋرﺿﻪ إﻋراب ﺗرﻛﻳب "ﻻﺳﻳﻣﺎ" ﻓﺎﻻﺳم اﻟواﻗﻊ ﺑﻌدﻫﺎ ﻳﺿﺑط ﺑﺎﻟﺣرﻛﺎت
اﻟﺛﻼث )!( .ﻻ :ﻫﻲ داﺋﻣﺎً ﻧﺎﻓﻳﺔ ﻟﻠﺟﻧس ﺗﻌﻣﻝ ﻋﻣﻝ إن ،و"ﺳ ﱠﻲ" اﺳﻣﻬﺎ
ﻣﺑﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺣﻝ ﻧﺻب إذا ﻟم ﻳﻛن ﻣﺿﺎﻓﺎً )!( وﻣﻧﺻوب إذا أﺿﻳف )!(
٧
و"ﻣﺎ" ﺗﻌرب ﻓﻲ ﺣﺎﻝ اﻟﻧﺻب زاﺋدة ،وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ ﺗﻣﻳﻳز ،أﻣﺎ اﻟﺧﺑر
ﻓﻣﺣذوف ،وﻓﻲ ﺣﺎﻝ اﻟرﻓﻊ ﺗﻌرب اﺳﻣﺎً ﻣوﺻوﻻ ﻓﻲ ﻣﺣﻝ ﺟر ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ،
واﻻﺳم ﺧﺑر ﻟﻣﺑﺗدأ ﻣﺣذوف واﻟﺧﺑر ﻣﺣذوف ..إﻟﺦ ..وﺗﺻوروا ﻫذﻩ اﻟﻐﺎﻳﺔ
ﻓﻲ اﻟﺗﻌﻘﻳد واﻟﺗﺻﻌﻳب ،ﻓﺈن اﻟﻣﺑﺗدأ واﻟﺧﺑر ﻣﺣذوﻓﺎن ،وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﺗﺟﺷم
ﻋﻧﺎء ﺗﻘدﻳرﻫﻣﺎ ٕواﻋراﺑﻬﻣﺎ! وﻛﺎن ﻓﻲ اﻹﻣﻛﺎن ﻣﺛﻼُ اﻟﻘوﻝ إن "ﻻ"ﻧﺎﻓﻳﺔ
ﻟﻠﺟﻧس و"ﺳ ﱠﻲ" اﺳﻣﻬﺎ ،و"ﻣﺎ" زاﺋدة ،واﻻﺳم اﻟواﻗﻊ ﺑﻌد "ﻻﺳﻳﻣﺎ" ﻫو
اﻟﺧﺑر ..ﻣﺎ اﻟﻣﺎﻧﻊ؟!
...وﻫذا ﻣﺛﺎﻝ آﺧر ﻣن ﻛﺗﺎب "اﻟﻧﺣو اﻟواﺿﺢ" ﺗﺄﻟﻳف :ﻋﻠﻲ اﻟﺟﺎرم
وﻣﺻطﻔﻰ أﻣﻳن ﻋن ﺳد اﻟﻔﺎﻋﻝ أو ﻧﺎﺋﺑﻪ ﻣﺳد اﻟﺧﺑر .أﻧت ﺗﺳﺗطﻳﻊ أن
ﺗﻘوﻝ "ﻣﺎ ﻣﺳﺎﻓر أﺧوك" وأن ﺗﻘوﻝ "ﻣﺎ أﺧوك ﻣﺳﺎﻓر" وﻣن ذﻟك ﻳظﻬر
ﻟك أﻧﻪ ﻳﺟوز أن ﺗﻌرب "ﻣﺳﺎﻓر"ﻣﺑﺗدأ و"أﺧوك" ﻓﺎﻋﻼً ﺳد ﻣﺳد اﻟﺧﺑر،
وأن ﺗﻌرب "أﺧوك" ﻣﺑﺗدأً وﻣؤﺧ اًر و"ﻣﺳﺎﻓر" ﺧﺑ اًر ﻣﻘدﻣﺎً )!(.
...وﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ﻧﻔﺳﻪ ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻟث ،ﻣﺛﺎﻝ آﺧر ﻣن ﺑﺣث
"اﻻﺷﺗﻐﺎﻝ" ﻓﻔﻲ إﻋراب "ﻫﻼّ ﻛﻠﻣﺔ ﺣق ﺗﻧﺎﻝ أﺟرﻫﺎ" ﻧﺟد أن اﻟﻔﻌﻝ اﺷﺗﻐﻝ
ﺑﻧﺻب اﺳم ﻣﺗﺻﻝ ﺑﺎﻟﺿﻣﻳر اﻟﻌﺎﺋد ﻋﻠﻰ اﻻﺳم اﻷوﻝ "ﻛﻠﻣﺔ" وﻧرى أن
اﻟﻔﻌﻝ ﻟو ﻟم ﻳﺷﺗﻐﻝ ﺑﻧﺻب ﻣﺎ اﺗﺻﻝ ﺑﺎﻟﺿﻣﻳر ﻟﺗﺳﻠط ﻋﻠﻰ اﻻﺳم
اﻟﺳﺎﺑق ﻓﻧﺻﺑﻪ )!( ﻣﻊ ذﻟك ﻓﻼﺑد ﻣن ﻧﺻب ﻫذا اﻻﺳم اﻟﻣﺷﻐوﻝ ﻋﻧﻪ:
"ﻛﻠﻣﺔ" ﺑﻔﻌﻝ ﻣﺣذوف وﺟوﺑﺎً ،وﻓﻲ ﺣﺎﻻت أﺧرى ﻳﺟوز رﻓﻌﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ
ﻣﺑﺗدأ!!!
أﻧﺎ ﻋﺎرف أن ﻗﺳطﺎً ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﻳﺔ ﻋن ﺿﻌف أوﻻدﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻌرﺑﻳﺔ وﻗواﻋدﻫﺎ ،ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ طﺑﻳﻌﺔ ظروف اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻻﺳﺗﻬﻼﻛﻲ،
وﻋﻠﻳﻬم ﻫم ،وﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠﻣﻳﻬم اﻟذﻳن ﻗد ﻻ ﻳﺟرؤون ،وﻗد ﻻ ﻳﻘدرون ﻋﻠﻰ
اﻟﺧروج ﻣن ﺗﺣت ﺗﻠك اﻟﻌﺑﺎءة اﻟﻔﺿﻔﺎﺿﺔ اﻟﺧﺷﻧﺔ ...وﻟﻛﻧﻲ أﻋرف
٨
أﻳﺿﺎً أن ﻗﺳطﺎً آﺧر ،ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ﻧﻔﺳﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ اﻧﺗﻬت إﻟﻳﻧﺎ ﺑﻌد
ﻣﺋﺎت ﺳﻧﻳن .ﻣن ﺗﺻﻌﻳب وﺗﻌﻘﻳد ،وﺗد ﱡﺧﻝ ﻋﻧﺎﺻر ﻏرﻳﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌرب
وﻟﻐﺗﻬم ..وﺑﻌد ﻗرون اﻻﻧﺣطﺎط ..اﻟﺗﻲ ﻣﺎزﻟﻧﺎ ﻧﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﻬﺎ ﺣﺗﻰ اﻵن..
٩
ﻣوﺷور اﻟﻔﺻﺣﻰ اﻟﺟﻣﻳﻝ
ﺗﺟﻲء أﻫﻣﻳﺔ "اﺑن ﻓﺎرس" ﻣن أﻣرﻳن اﺛﻧﻳن ،أوﻟﻬﻣﺎ أﻧﻪ ﻗدم ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
ﻣﺻطﻠﺣﺎً ﺟدﻳداً ﻫو "ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ" .وﺛﺎﻧﻳﻬﻣﺎ أﻧﻪ طرح ﻧظرﻳﺔ ﺟدﻳدة أﻳﺿﺎً ﻓﻲ
ﻧﺷﺄة اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﻳدﻋوﻫﺎ "اﻟﺗوﻓﻳﻘﻳﺔ" .ﻓﻔﻲ اﻟﻘرن اﻟراﺑﻊ اﻟﻬﺟري
ﻧﺷﻬد ﻷوﻝ ﻣرة ﻣﺻطﻠﺣﺎً ﺟدﻳداً ﻫو ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ ﺣﻳن ﻛﺗب أﺑو اﻟﺣﺳﻳن أﺣﻣد
ﺑن ﻓﺎرس ﻛﺗﺎﺑﻪ "اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ ﻓﻲ ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ ،وﺳﻧن اﻟﻌرب ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻬﺎ").(١
وﻛﺎن ﻣﺗواﺿﻌﺎً ﺣﺗﻰ إﻧﻪ ذﻫب إﻟﻰ أن ﻛﺗﺎﺑﻪ "ﻟﻳس ﺟدﻳداً ﻓﻲ ﻣوﺿوﻋﻪ"
ﻣﻔرق ﻓﻲ أﺻﻧﺎف ﻣؤﻟﻔﺎت اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻓﻘﺎﻝ" :واﻟذي ﺟﻣﻌﻧﺎﻩ ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﻧﺎ ﻫذا ﱠ
اﻟﻣﺗﻘدﻣﻳن – رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻬم وﺟزاﻫم ﻋﻧﺎ أﻓﺿﻝ اﻟﺟزاء – ٕواﻧﻣﺎ ﻟﻧﺎ ﻓﻳﻪ
اﺧﺗﺻﺎر ﻣﺑﺳوط أو ﺑﺳط ﻣﺧﺗﺻر أو ﺷرح ﻣﺷﻛﻝ أو ﺟﻣﻊ ﻣﺗﻔرق").(٢
ﻏﻳر أن ﻫذا ﻟم ﻳﻣﻧﻊ اﻟدﻛﺗور ﻋﺑدﻩ اﻟراﺟﺣﻲ ﻣن اﻟﻘوﻝ" :ﻧﻛﺎد ﻧﺟزم أن
اﺑن ﻓﺎرس ﻫو أوﻝ ﻣن أطﻠق ﻫذﻩ اﻟﺗﺳﻣﻳﺔ - :ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﻪ – إذ ﻟو ﺳﺑﻘﻪ إﻟﻳﻬﺎ
ﺳﺎﺑق ﻟﻣﺎ أﻏﻔﻠﻬﺎ رﺟﺎﻝ اﻟطﺑﻘﺎت ﻋﻠﻰ دﻗﺗﻬم ﻓﻲ ﺗرﺟﻣﺔ اﻟرﺟﺎﻝ") (٣وﻳﻌﺗﻘد ﻫذا
اﻟﺑﺎﺣث اﻟﻛرﻳم أن اﺑن ﻓﺎرس اﻗﺗﺑس اﻟﺗﺳﻣﻳﺔ ﻣن اﻟﻔﻘﺔ اﻟدﻳﻧﻲ "ﻓﻠﻘد ﻛﺎن اﻟرﺟﻝ
ﻓﻘﻳﻬﺎً ﻗدم أﻛﺛر ﻣن ﻛﺗﺎب ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ ﻓﺿﻼً ﻋن اﻟﺻﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻳراﻫﺎ اﺑن
ﻓﺎرس وﻏﻳرﻩ ﻣن اﻟﻠﻐوﻳﻳن اﻟﻌرب ﺑﻳن اﻟﻠﻐﺔ واﻟدﻳن ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣوم ،وﺑﻳﻧﻬﺎ وﺑﻳن
) (١
ﻓﻘــﻪ اﻟﻠﻐــﺔ ﻓــﻲ اﻟﻛﺗــب اﻟﻌرﺑﻳــﺔ – ﺗــﺄﻟﻳف د .ﻋﺑــدﻩ اﻟراﺟﺣــﻲ – دار اﻟﻧﻬﺿــﺔ اﻟﻌرﺑﻳــﺔ – ﺑﻳــروت ،١٩٧٤
ص.٤١
) (٢
اﻟﺻــﺎﺣﺑﻲ ﻓــﻲ ﻓﻘــﻪ اﻟﻠﻐــﺔ وﺳــﻧن اﻟﻌـرب ﻓــﻲ ﻛﻼﻣﻬــﺎ – ﺗــﺄﻟﻳف :أﺣﻣــد ﺑــن ﻓــﺎرس – اﻟﻣﻛﺗﺑــﺔ اﻟﺳــﻠﻔﻳﺔ –
اﻟﻘﺎﻫرة .١٩١٠- ١٣٢٨-
) (٣
ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ – د .ﻋﺑدﻩ اﻟراﺟﺣﻲ – ص.٤٢
١٠
اﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص").(٤
وﻣﺎ ﻳؤﻛد أﻫﻣﻳﺔ اﺑن ﻓﺎرس ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎﻝ أن اﻟﻠﻐوي اﻟﻣﺷﻬور اﻟﺛﻌﺎﻟﺑﻲ
اﻋﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻛﺗﺎﺑﻪ "اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ" اﻋﺗﻣﺎداً ﻛﺑﻳ اًر ﺣﺗﻰ إﻧﻪ ﻧﻘﻝ ﻋﻧﻪ أﺑواﺑﺎً ﺑﺄﻛﻣﻠﻬﺎ،
ﻟم ﻳﻐﻳر ﻋﻧﺎوﻳﻧﻬﺎ وﻻ اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗوﻳﻬﺎ .ﻣن أﻣﺛﻠﺔ ذﻟك" :ﻓﺻﻝ ﻓﻲ إﺿﺎﻓﺔ
اﻟﺷﻲء إﻟﻰ ﻣن ﻟﻳس ﻟﻪ ،ﻟﻛن أﺿﻳف إﻟﻳﻪ ﻻﺗﺻﺎﻟﻪ ﺑﻪ "و"ﻓﺻﻝ ﻓﻲ
)(٥
اﻟﻧﺣت"و"ﻓﺻﻝ ﻓﻲ اﻹﺷﺑﺎع واﻟﺗوﻛﻳد"
أﻣﺎ ﻧظرﻳﺔ اﺑن ﻓﺎرس ﻓﻲ "اﻟﺗوﻗﻳف" ﻓﺳﻧﻌرﺿﻬﺎ ﻻﺣﻘﺎً
ﻫذﻩ اﻟﻧﺳﺧﺔ ﻣن "اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ"
ﻓﻲ ﻣﻛﺗﺑﺗﻲ ﻧﺳﺧﺔ ﻗدﻳﻣﺔ طرﻳﻔﺔ ﻣن ﻛﺗﺎب "اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ" اﻧﺗﻬت إﻟﻲ ﻣن
ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻣرﺣوم واﻟدي ﺳﻌﻳد .وﻳﺑدو أﻧﻪ اﺷﺗراﻫﺎ ﻣن ﻣﻛﺗﺑﺔ ﺗﺑﻳﻊ ﻛﺗﺑﺎً ﻗدﻳﻣﺔ،
ﻓﻘد ﺳﺟﻝ ﻓﻲ أﻋﻠﻰ ﺻﻔﺣﺔ اﻟﻐﻼف اﻟداﺧﻠﻲ أﻧﻪ اﻗﺗﻧﺎﻫﺎ ﻓﻲ ١٣ﻧﻳﺳﺎن
،١٩٣٢ﻓﻲ ﺣﻳن طﺑﻌت ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫرة ﻋﺎم ١٣٢٨ﻫـ ١٩١٠ -م ﻓﻲ ﻣطﺑﻌﺔ
اﻟﻣؤﻳد .وﻫذﻩ اﻟﻧﺳﺧﺔ اﻟﻌﺗﻳﻘﺔ – ﺟـﱠﻠدﺗُﻬﺎ ﻗﺑﻝ ﺑﺿﻊ ﺳﻧوات – ﻛﺗب ﻋﻠﻰ
ﺣﺑرﻫﺎ أﺳود) :ﻫدﻳﺔ إﻟﻰ ﺟرﻳدة "اﻟوطﻧﻳﺔ" ﺣﺎﺷﻳﺔ ﻏﻼﻓﻬﺎ اﻟداﺧﻠﻲ أﻳﺿﺎً ﺑرﻳﺷﺔ ُ
اﻟزاﻫرة .اﻟﻘﺎﻫرة ١٢ :ﺟﻣﺎدى اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ .١٣٢٩ﻣﺣب اﻟدﻳن اﻟﺧطﻳب( وﻫذا ﻫو
أﺣد ﻣؤﺳـﱠﺳﻲ "اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺳﻠﻔﻳﺔ" ﺑﺎﻟﻘﺎﻫرة ﻣﻊ زﻣﻳﻠﻪ :ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﻘﺗﻼن.
وﻋرف
واﻟظﺎﻫر أﻧﻪ -ﻣﺣب اﻟدﻳن – ﻫو اﻟذي أﻋد اﻟﻛﺗﺎب ﻟﻠﻧﺷر ،وﻗدم ﻟﻪّ ،
ﺑﻣؤﻟﻔﻪ .ﻓﻬو ﻳﻘوﻝ:
اﻋﺗﻣدﻧﺎ ﻓﻲ إﺣﻳﺎء "اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ" وﻧﺷرﻩ ﻋﻠﻰ ﻧﺳﺧﺔ ﺻﺣﻳﺣﺔ ﺑﺧط اﻷﺳﺗﺎذ
ي اﻟﺷﻧﻘﻳطﻲ( اﻟﻠﻐوي اﻟﺟﻠﻳﻝ اﻟﻣرﺣوم )اﻟﺷﻳﺦ ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣود ﺑن اﻟﺗﻼﻣﻳد اﻟﺗرﻛز ّ
ﻣن ﻣﻛﺗﺑﺗﻪ اﻟﻣﺣﻔوظﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻣﺻرﻳﺔ اﻟﺧدﻳوﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫرة .وﻗد ﻧﻘﻠﻬﺎ
) (٤
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق – ص.٤٢
) (٥
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ – ص.٤٨
١١
ﻋن ﻧﺳﺧﺔ ﻓﻲ إﺣدى ﻣﻛﺗﺑﺎت اﻟﻘﺳطﻧطﻳﻧﻳﺔ – اﺳﺗﺎﻧﺑوﻝ – ﻗرﺋت ﻋﻠﻰ
ﻧﺻﻪ:
اﻟﻣﺻﻧف ﻋﺎم ٣٨٢ﻫـ وﻋﻠﻰ ظﻬرﻫﺎ ﺑﺧطﻪ ﻣﺎ ّ
"ﻗ أر ﻋﻠﻲ :أﺑو ﻣﺣﻣد ﻧوح ﺑن أﺣﻣد اﻷدﻳب ،أﻋزﻩ اﷲ ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب ﻣن أوﻟﻪ
إﻟﻰ آﺧرﻩ ،وﺻﺣﺣﻪ وﻗرأﻩ وﺳﻣﻊ ﺑﻘراءﺗﻪ أﺑو اﻟﻌﺑﺎس أﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد
اﻟﻣﻌروف ﺑﺎﻟﻐﺿﺑﺎن ،وأﺑو زرﻋﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن زﻧﺟﻠﺔ اﻟﻘﺎري
ﺑﺎﻟﻣﺣﻣدﻳﺔ ﻓﻲ ﺷﻌﺑﺎن ﻣن ﺳﻧﺔ اﺛﻧﺗﻳن
ّ وﻛﺗﺑﻪ أﺣﻣد ﺑن ﻓﺎرس ﺑن زﻛرﻳﺎء ﺑﺧطﻪ
وﺛﻣﺎﻧﻳن وﺛﻼﺛﻣﺋﺔ".
وﻳوﺿﺢ اﻟﻧﺎﺳﺦ اﻟﺷﻧﻘﻳطﻲ أﻧﻪ ﻓرغ ﻣن ﻛﺗﺎﺑﺔ ﻫذﻩ اﻟﻧﺳﺧﺔ ﻣن "اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ"
ﺑﻌد ﺷﻬرﻳن ،وﻛﺎن ذﻟك "ﻟﻌﺷر ﺧﻠت ﻣن رﺑﻳﻊ اﻟﻧﺑوي ﺳﻧﺔ أرﺑﻊ وﺛﻼﺛﻣﺋﺔ
وأﻟف").(٦
اﻋﺗﻣد ﻣﺣب اﻟدﻳن اﻟﺧطﻳب ﻓﻲ ﺗرﺟﻣﺔ اﺑن ﻓﺎرس ﻋﻠﻰ ﻋدد ﻣن أﻣﻬﺎت
اﻟﻣراﺟﻊ" :ﻣﻌﺟم اﻷدﺑﺎء" ﻟﻳﺎﻗوت اﻟﺣﻣوي .و"ﻳﺗﻳﻣﺔ اﻟدﻫر" ﻟﻠﺛﻌﺎﻟﺑﻲ .و"طﺑﻘﺎت
اﻟﻠﻐوﻳﻳن واﻟﻧﺣﺎة" ﻟﻠﺳﻳوطﻲ .و"وﻓﻳﺎت اﻷﻋﻳﺎن" ﻻﺑن ﺧﻠﻛﺎن.
اﺑن ﻓﺎرس ﻧﺳﺑﻪ وﺑﻠدﻩ
أﺑو اﻟﺣﺳﻳن أﺣﻣد ﺑن ﻓﺎرس ﺑن زﻛرﻳﺎء ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن ﺣﺑﻳب اﻟﻘزوﻳﻧﻲ –
أﺣد أﺋﻣﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟراﺑﻊ ﻟﻠﻬﺟرة .وﻟد ﻓﻲ ﺟﻬﺔ "ﻛرﺳف" و"ﺟﻳﺎﻧﺎ
ﺑﺎذ" وﻫﻣﺎ ﻗرﻳﺗﺎن ﻣن "رﺳﺗﺎق اﻟزﻫراء" وﻟم ﻧﻘف ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣوﻟدﻩ .وﻟﻛن ﺧﻳر
اﻟدﻳن اﻟزرﻛﻠﻲ ﻓﻲ "اﻷﻋﻼم" ذﻛر اﻟﻣﻳﻼد واﻟوﻓﺎة ) ٣٩٥ – ٣٢٩ﻫـ =٩٤١
– ١٠٠٤م( وأﺿﺎف أن أﺻﻠﻪ ﻣن ﻗزوﻳن.
وذﻛر اﻟﺳﻳوطﻲ أن اﺑن ﻓﺎرس ﻛﺎن ﻧﺣوﻳﺎً "ﻋﻠﻰ طرﻳﻘﺔ اﻟﻛوﻓﻳﻳن" وﻗد ﺗﻌﻠم
اﻟﻌﻠم ﻋن أﺑﻳﻪ ،وذﻛر ﻳﺎﻗوت أﺳﻣﺎء ﻋدد ﻣن أﺳﺎﺗذﺗﻪ ،ﺑﻳﻧﻬم أﺑو ﻋﺑد اﷲ
) (٦
اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ – أﺣﻣد ﺑن ﻓﺎرس .ص .٥ – ٤ – ٣
١٢
أﺣﻣد ﺑن طﺎﻫر اﻟﻣﻧﺟم اﻟذي ﻳﻘوﻝ ﻓﻳﻪ اﺑن ﻓﺎرس" :ﻣﺎ رأﻳت ﻣﺛﻝ أﺑﻲ ﻋﺑد اﷲ
أﺣﻣد ﺑن طﺎﻫر وﻻ أرى ﻫو ﻣﺛﻝ ﻧﻔﺳﻪ".
وﺑﻳن اﻟﺑﻠدان اﻟﺗﻲ زارﻫﺎ وأﻗﺎم ﻓﻳﻬﺎ أزﻣﻧﺔ ﻳﺳﻳرة ﺑﻐداد واﻟﻣوﺻﻝ وﻣﻛﺔ
وﻫﻣذان ﺣﻳث أﻗﺎم ﻣدة ،ﺛم اﻧﺗﻘﻝ إﻟﻰ اﻟري ﻓﺗوﻓﻲ ﻓﻳﻬﺎ ٕواﻟﻳﻬﺎ ﻧﺳﺑﺗﻪ :اﻟرازي.
ﻣﻛﺎﻧﺔ اﺑن ﻓﺎرس
رﺑﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺛﻌﺎﻟﺑﻲ ﺑﻳن أﻓﺿﻝ ﻣن ﺗﺣدث ﻋن اﺑن ﻓﺎرس وﺑﻳﱠن ﻓﺿﻠﻪ ،ﻓﻘد
ذﻛرﻩ ﻣرﺗﻳن ﻓﻲ "ﻳﺗﻳﻣﺔ اﻟدﻫر" أوﻻً وﻓﻲ "ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ" ﺛﺎﻧﻳﺎً .ﻓﻔﻲ اﻟﻳﺗﻳﻣﺔ ﻗﺎﻝ :إﻧﻪ
ﻛﺎن ﻣن أﻋﻳﺎن اﻟﻌﻠم ﺑﻬﻣذان ،وﻣن أﻓراد اﻟدﻫر ،ﻳﺟﻣﻊ إﺗﻘﺎن اﻟﻌﻠﻣﺎء وظرف
اﻟﻛﺗﺎب واﻟﺷﻌراء .وﻫو ﺑﺎﻟﺟﺑﻝ ك ـ "اﺑن ﻟﻧﻛك" ﺑﺎﻟﻌراق و"اﺑن ﺧﺎﻟوﻳﻪ" ﺑﺎﻟﺷﺎم
و"اﺑن اﻟﻌﻼف" ﺑﻔﺎرس و"أﺑﻲ ﺑﻛر اﻟﺧوارزﻣﻲ" ﺑﺧراﺳﺎن.
وﻓﻲ "ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ" ﻗﺎﻝ:
"ﻛﺎن ﻣن أﻛﺎﺑر أﺋﻣﺔ اﻟﻠﻐﺔ ،ﺑﻝ ﻫو إﻣﺎم ﻓﻲ ﻋﻠوم ﺷﺗﻰ .ذﻛرﻩ اﻟﺻﺎﺣب
ﺑن ﻋﺑﺎد ﻓﻘﺎﻝ :رزق اﺑن ﻓﺎرس اﻟﺗﺻﻧﻳف وأﻣن ﻣن اﻟﺗﺻﺣﻳف .وﻟﻪ ﺗﺻﺎﻧﻳف
ﺟﻣـﱠﺔ .وأﻟف ﻛﺗﺎﺑﻪ "اﻟﻣﺟﻣﻝ" ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ،وﻫو ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎرﻩ ﺟﻣﻊ ﺷﻳﺋﺎً ﻛﺛﻳ اًر.
وﻟﻪ رﺳﺎﺋﻝ أﻧﻳﻘﺔ وﻣﺳﺎﺋﻝ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﺗﻌﺎﻧﻰ ﺑﻬﺎ اﻟﻔﻘﻬﺎء .وﻣﻧﻪ اﻗﺗﺑس اﻟﺣرﻳري
اﻟطﻳﺑﻳﺔ،
ﺻﺎﺣب اﻟﻣﻘﺎﻣﺎت ذﻟك اﻷﺳﻠوب ووﺿﻊ اﻟﻣﺳﺎﺋﻝ اﻟﻔﻘﻬﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﻣﺔ ّ
وﻫﻲ ﻣﺋﺔ ﻣﺳﺄﻟﺔ .وﻛﺎن ﻣﻘﻳﻣﺎً ﺑﻬﻣذان وﻋﻠﻳﻪ اﺷﺗﻐﻝ ﺑدﻳﻊ اﻟزﻣﺎن اﻟﻬﻣذاﻧﻲ.
وﻛﺎن اﺑن ﻓﺎرس ﻛرﻳﻣﺎً ﺟواداً ،ﻓرﺑﻣﺎ وﻫب اﻟﺳﺎﺋﻝ ﺛﻳﺎﺑﻪ وﻓُُرش ﺑﻳﺗﻪ").(٧
وﻓﻲ اﻟري ﺗﻌرف اﺑن ﻓﺎرس ﺑـ "اﻟﺻﺎﺣب ﺑن ﻋﺑﺎد" وزﻳر "ﻓﺧر اﻟدوﻟﺔ ﺑن
ﺑوﻳﻪ" ﻓﻛﺎن اﻟﺻﺎﺣب ﻳﻛرﻣﻪ وﻳﺗﺗﻠﻣذ ﻟﻪ .وﻛﺎن ﻣن ﺛﻣرات ﻫذﻩ اﻟرواﺑط أ ْن
وﺿﻊ اﺑن ﻓﺎرس ﻛﺗﺎﺑﻪ "اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ" ﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ اﻟوزﻳر "اﻟﺻﺎﺣب" ،ودﻻﻟﺔً ﻋﻠﻰ
) (٧
ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ ﻟﻺﻣﺎم أﺑﻲ ﻣﻧﺻور إﺳﻣﺎﻋﻳﻝ اﻟﺛﻌﺎﻟﺑﻲ اﻟﻧﻳﺳﺎﺑوري – ﻣطﺑﻌﺔ اﻵﺑـﺎء اﻟﻳﺳـوﻋﻳﻳن – ﺑﻳـروت –
،١٨٨٥ص.١٤
١٣
أﻧﻪ ﻛﺗﺑﻪ ﻟﻳوﺿﻊ ﻓﻲ ﺧزاﻧﺗﻪ.
ﺷﺧﺻﻳﺔ اﺑن ﻓﺎرس
ﻳﺑدو اﺑن ﻓﺎرس ﺗﺎرة ﻣﺣﺎﻓظﺎً ،ﻛﻣﺎ ﻫو ﺣﺎﻟﻪ ﻓﻲ "اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ" – ٕوان ﻳﻛن
ﺑﻳن وﻗت وآﺧر ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ﻧﻔﺳﻪ ﻳﺧرج ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻝ – وﻳﺗراءى ﺗﺎرة
أﺧرى ﻣﺗﺣر اًر ﻓﺈن رﺳﺎﻟﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﻛﺗﺑﻬﺎ إﻟﻰ "أﺑﻲ ﻋﻣرو ﻣﺣﻣد ﺑن ﺳﻌﻳد اﻟﻛﺎﺗب"
ﺗﺣررﻳﺔ ﺣﻘﻳﻘﻳﺔ.ﺗﻛﺷف ﻋن ﻧزﻋﺔ طﻠﻳﻌﻳﺔ ّ
ﻳﻘوﻝ اﺑن ﻓﺎرس ﻣﺧﺎطﺑﺎً أﺑﺎ ﻋﻣرو:
"ِﻟ َﻣ ْﻪ ﺗﺄﺧذ ﺑﻘوﻝ ﻣن ﻗﺎﻝ :ﻣﺎ ﺗرك اﻷوﻝ ﻟﻶﺧر ﺷﻳﺋﺎً .وﺗدع ﻗوﻝ اﻵﺧر:
ﻛم ﺗرك اﻷوﻝ ﻟﻶﺧر؟! وﻫﻝ اﻟدﻧﻳﺎ إﻻ أزﻣﺎن ،وﻟﻛﻝ زﻣن ﻣﻧﻬﺎ رﺟﺎﻝ؟ وﻫﻝ
اﻟﻌﻠوم ﺑﻌد اﻷﺻوﻝ اﻟﻣﺣﻔوظﺔ إﻻ ﺧطرات اﻷﻓﻬﺎم وﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻌﻘوﻝ؟ وﻣن ﻗﺻر
اﻵداب ﻋﻠﻰ زﻣﺎن ﻣﻌﻠوم ،ووﻗﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ وﻗت ﻣﺣدود؟ وِﻟ َﻣ ْﻪ ﻻ ﻳﻧظر اﻵﺧر
ﻣﺛﻝ ﻣﺎ ﻧظر اﻷوﻝ؟ ﺣﺗﻰ ﻳؤﻟف ﻣﺛﻝ ﺗﺄﻟﻳﻔﻪ ،وﻳﺟﻣﻊ ﻣﺛﻝ ﺟﻣﻌﻪ ،وﻳرى ﻓﻲ ﻛﻝ
ذﻟك ﻣﺛﻝ رأﻳﻪ؟ وﻟو اﻗﺗﺻر اﻟﻧﺎس ﻋﻠﻰ ﻛﺗب اﻟﻘدﻣﺎء ﻟﺿﺎع ﻋﻠم ﻛﺛﻳر،
)(٨
وﻟذﻫب أدب ﻏزﻳر ،وﻟﺿﻠت أﻓﻬﺎم ﺛﺎﻗﺑﺔ ،وﻟطﻠت أﻟﺳن ﻟﺳﻧﺔ" ...
ﻣن رﺳﺎﻟﺗﻪ إﻟﻰ أﺑﻲ ﻋﻣرو
وﻧﺷر اﺑن ﻓﺎرس ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﻣﻘﺗطﻔﺎت ﻣﺧﺗﺎرة ﻣن اﻷﺷﻌﺎر ﺗﺷﻳر
إﻟﻰ ظرﻓﻪ وﺧﻔﺔ ظﻠﻪ ،وﻓﻲ اﻵن ذاﺗﻪ ﺗﺷﻲ ﺑﻧزوﻋﻪ إﻟﻰ اﻟﺗﻌﺻب ﻛﻘوﻟﻪ:
"وﻛﺎن ﺑﻘزوﻳن رﺟﻝ ﻣﻌروف ﺑﺄﺑﻲ ﻣﺣﻣد اﻟﺿرﻳر اﻟﻘزوﻳﻧﻲ ،ﺣﺿر
ﻓﺄﺣس أﺑو ﻣﺣﻣد ﺑﺟودة أﻛﻠﻪ ﻓﻘﺎﻝ:
ﱠ طﻌﺎﻣﺎً و إﻟﻰ ﺟﻧﺑﻪ رﺟﻝ أﻛـُو ٌﻝ،
ﻣﻌﺎوﻳ ْﺔ أﻣﻌﺎﺋﻪ ﻓﻲ ﻛﺄن ﻛﺎﻟﻬﺎوﻳ ْﺔ طﻧُﻪ
َﺑ ْ ﻟﻲ ٍ
وﺻﺎﺣب
ﻓﺎﻧظر إﻟﻰ َوﺟﺎزة ﻫذا اﻟﻠﻔظ ،وﺟودة وﻗوع اﻷﻣﻌﺎء إﻟﻰ ﺟﻧب ﻣﻌﺎوﻳﺔ".
) (٨
ﻫذﻩ اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﻣﻧﺷورة ﺑﻧﺻﻬﺎ اﻟﻛﺎﻣﻝ ﻓﻲ اﻟﻧﺳﺧﺔ اﻟﺗﻲ اﻋﺗﻣدﻧﺎﻫﺎ ﻣن »اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ«.
١٤
ﺣس اﻟﻔﻛﺎﻫﺔ ﻋﻧد اﺑن ﻓﺎرس،
وﺗﺣﻔﻝ اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﺣﻛﺎﻳﺎت اﻟﺗﻲ ﺗؤﻛد ﻧﻣو ّ
إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻧزﻋﺗﻪ ﻧﺣو اﻟﺗﺻوﻳر اﻟﻣﺗﻬﻛم اﻟﺳﺎﺧر ،ﻣﻣﺎ ﻳذﻛر ﺑﻔن
اﻟﻛﺎرﻳﻛﺎﺗﻳر ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻧﺎ .وﻫﺎﻫو ذا ﻳﺗﺎﺑﻊ ﻗﺎﺋﻼً:
"وﺑﻘزوﻳن رﺟﻝ ﻳﻌرف ﺑﺎﺑن اﻟرﻳﺎﺷﻲ اﻟﻘزوﻳﻧﻲ ،ﻧظر إﻟﻰ ﺣﺎﻛم ﻣن
ﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ﻣن أﻫﻝ طﺑرﺳﺗﺎن ،ﻣﻘﺑﻼً ﻋﻠﻳﻪ ﻋﻣﺎﻣﺔ ﺳوداء ،وطﻳﻠﺳﺎن أزرق،
وﻗﻣﻳص ﺷدﻳد اﻟﺑﻳﺎض ،وﺧﻔـﱡﻪ أﺣﻣر ،وﻫو ﻣﻊ ذﻟك ﻛﻠﻪ ﻗﺻﻳر ،ﻋﻠﻰ
ﺑ ْر ِ◌ َذون أﺑﻠق ﻫزﻳﻝ اﻟﺧﻠق طوﻳﻝ اﻟﺣﻠق ،ﻓﻘﺎﻝ ﺣﻳن ﻧظرﻩ:
ﻟﻘﻠ ِ
ق ﻋﻠﻰ ﺟﺎء ﻛﻌﻘﻌ ٍ
ق أﺑﻠق ﻋﻠﻰ ﺟﺎء ٍ
وﺣﺎﻛم
ﻓﻠو ﺷﺎﻫدت ﻫذا اﻟﺣﺎﻛم ﻋﻠﻰ ﻓرﺳﻪ ﻟﺷﻬدت ﻟﻠﺷﺎﻋر ﺑﺻﺣﺔ اﻟﺗﺷﺑﻳﻪ
وﺟودة اﻟﺗﻣﺛﻳﻝ. ...
اﺑن ﻓﺎرس ﺷﺎﻋ ارً
ﻟﻳس اﺑن ﻓﺎرس ﺑﻳن ﺷﻌراء اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻣﻌروﻓﻳن ،ﻣن اﻟذﻳن ﻛﺗﺑوا اﻟﻘﺻﺎﺋد
اﻟﺟﻳدة وﺗﻔرﻏوا ﻟﻘوﻝ اﻟﺷﻌر ،ذاك أﻧﻪ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺷﻐﻝ ﺷﺎﻏﻝ ﻣن ﻣﺳﺎﺋﻝ اﻟﻠﻐﺔ
واﻟﻔﻘﻪ وﺳواﻫﻣﺎ ،إﻻ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﺷﻌر ﺑﻳن وﻗت وآﺧر ،ﻟﻳﺑث ﻫﻣوم
ﻧﻔﺳﻪ وﻳﺷﻛو اﻟزﻣﺎن واﻟﺧﻼن ،وﻳﻌطﻲ رأﻳﻪ ﺑروح ﻋﺻرﻩ ورﺑﻣﺎ ﺳﻣﻌﻧﺎ "رﻧﻳﻧﺎً
ﻣﺣزﻧﺎً ﺑﻌد ﻛﻝ دﻣﻌﺔ ﺗذرف ﻣن ﻋﻳﻧﻳﻪ" ورأﻳﻧﺎ "أﻛﻣﺎﻣﺎً زاﻫﻳﺔ ﺗﻔﺗﺢ أﻫداﺑﻬﺎ
ﺳرو اًر ﻻﺑﺗﺳﺎﻣﺔ ﺗﺗراوح ﺑﻳن ﻓواﺋدﻩ وﺷﻔﺗﻳﻪ").(٩
واﻟﺷﻛوى ﻋﻧدﻩ ﻣﻘروﻧﺔ ﺑﺎﻟﻧﻛﺗﺔ وﺧﻔﺔ اﻟظﻝ ،ﻣﻣﺎ ﻳذﻛرﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻣﺎ
ﺑﺎﻟﺷﺎﻋر أﺑﻲ اﻟﺣﺳﻳن اﻟﺟزار ،وﻫو اﻟﻘﺎﺋﻝ:
اﻵداﺑــﺎ وأﻫﺟـر ﺣﻔﺎظ ـﺎً ﻋﺷــت ﻣـﺎ اﻟﺟـ ازرة أﺷ ـﻛـر ﻻ ﻛﻳف
) (٩
ﻣن ﻣﻘدﻣﺔ اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ.
١٥
اﻟﻛﻼﺑﺎ أرﺟو ﻛﻧت وﺑﺎﻟﺷﻌر ﺗرّﺟﻳﻧﻲ اﻟﻛﻼب ﺻﺎرت وﺑﻬﺎ
أﻓدت ﺑﻬﺎ ﻧﺳــﻳﺎن ﻣﺎﻛــﻧت أﻋــﻠم اﻟﻣرأة وﻣﺎﻟـِ َﻲ ﻻ أﺻﻔﻲ اﻟدﻋﺎء ﻟﺑﻠدة
)(١٠
ﺑﻳﺗﻲ درﻫم
َ ﻣدﻳن ،وﻣﺎ ﻓﻲ ﺟوف ﻧﺳﻳت اﻟذي أﺣﺳﻧﺗﻪ ﻏﻳر أﻧﻧﻲ
وﻳﺻور ﻓﻲ ﺷﻌرﻩ اﻟﻧزﻋﺔ اﻟﺳﺎﺋدة إﻟﻰ اﻛﺗﻧﺎز اﻟﺛروة ،وﺣﻠوﻝ اﻟﻣﺎﻝ ﻛﻘﻳﻣﺔ
ﻋﻠﻳﺎ/ﻣﺣﻝ اﻟﻘﻳم اﻟﻣﻌروﻓﺔ ،ﻣﻣﺎ ﻟﻔت اﻧﺗﺑﺎﻫﻧﺎ إﻟﻳﻪ ﺑدﻳﻊ اﻟزﻣﺎن اﻟﻬﻣذاﻧﻲ ﻓﻲ
ﺑﻌض ﻣﻘﺎﻣﺎﺗﻪ وﻻﺳﻳﻣﺎ "اﻟﻣﻘﺎﻣﺔ اﻟﻣﺿﻳرﻳﺔ" وﻫو ﻣن روح ذاك اﻟﻌﺻر،
ﻋﻧﻳت اﻟﻘرن اﻟراﺑﻊ اﻟﻬﺟري:
ﺑﺄﺻﻐر ِ
ﻳﻪ إﻻ اﻟﻣرء ﻣﺎ ﺣﻛﻳم ﻣﺿﻰ ﻓﻳﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﻗد
)(١٠
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق.
١٦
طرﺑﺎ
أراد ﻓﻲ ﺟﻧﺑﺎت اﻷرض ﻣﺿ َ وﺻﺎﺣب ﻟﻲ أﺗﺎﻧﻲ ﻳﺳﺗﺷﻳر وﻗد
)(١١
اﻷﻋﻼم – ﺧﻳر اﻟدﻳن اﻟزرﻛﻠﻲ – دار اﻟﻌﻠم ﻟﻠﻣﻼﻳﻳن – ط – ١٩٨٠اﻟﻣﺟﻠد اﻷوﻝ.
)(١٢
اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ – ص.٢٣٢
١٧
ﺣﺗﻰ ﻻ ﻏﻧﻰ ﺑﺄﺣد ﻣﻧﻬم ﻋﻧﻪ .وذﻟك أن اﻟﻘرآن ﻧﺎزﻝ ﺑﻠﻐﺔ اﻟﻌرب ،ورﺳوﻝ
اﷲ )ص ( ﻋرﺑﻲ" .وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻧﺣو ﻳﻧظر إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻛﻝ ﻣن ﻣﺳﻠم
ﻏﻳر ﻋرﺑﻲ .وﻻﺷك أن ﻫذا ﻫو اﻟﺳر ﻓﻲ أن اﻟﻣﺳﻠﻣﻳن ﻓﻲ ﻛﺛﻳر ﻣن ﺑﻠدان
آﺳﻳﺎ ﻣﺎﻳزاﻟون ﻳﻛﺗﺑون ﺑﺎﻟﺣروف اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﻣﻊ أﻧﻬﺎ ﻟﻳﺳت ﻟﻐﺗﻬم اﻟﻘوﻣﻳﺔ.
ﻟﻐﺔ اﻟﻌرب أﻓﺿﻝ اﻟﻠﻐﺎت
ﻟﻘد أﻓرد اﺑن ﻓﺎرس ﻓﻲ ﺻﻔﺣﺎت ﻛﺗﺎﺑﻪ اﻷوﻟﻰ ﻓﺻﻼً ﺟﻌﻝ ﻟﻪ ﻫذا
اﻟﻌﻧوان" :ﺑﺎب اﻟﻘوﻝ ﻓﻲ أن ﻟﻐﺔ اﻟﻌرب أﻓﺿﻝ اﻟﻠﻐﺎت وأوﺳﻌﻬﺎ" ﺟﺎء ﻓﻳﻪ
ﻗوﻟﻪ :ﻗﺎﻝ ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ " ٕواﻧﻪ ﻟﺗﻧزﻳﻝ رب اﻟﻌﺎﻟﻣﻳن ،ﻧزﻝ ﺑﻪ اﻟروح اﻷﻣﻳن ﻋﻠﻰ
ﻗﻠﺑك ﻟﺗﻛون ﻣن اﻟﻣﻧذرﻳن ﺑﻠﺳﺎن ﻋرﺑﻲ ﻣﺑﻳن" وﻳﺗﺎﺑﻊ ﻗﺎﺋﻼً :وﻗﺎﻝ ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ:
"ﺧﻠق اﻹﻧﺳﺎن ،ﻋﻠﻣﻪ اﻟﺑﻳﺎن" إﻟﻰ أن ﻳﻘوﻝ" :ﻓﻠﻣﺎ ﺧص ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ اﻟﻠﺳﺎن
اﻟﻌرﺑﻲ ﺑﺎﻟﺑﻳﺎن ﻋـُِﻠم أن ﺳﺎﺋر اﻟﻠﻐﺎت ﻗﺎﺻرة ﻋﻧﻪ وواﻗﻌﺔ دوﻧﻪ").(١٣
وﻳﻘوﻝ ﻣﺳﺗطرداً ﻓﻲ ﺑﺎب آﺧر "أﺟﻣﻊ ﻋﻠﻣﺎؤﻧﺎ ﺑﻛﻼم اﻟﻌرب ،واﻟرواة
ﻷﺷﻌﺎرﻫم واﻟﻌﻠﻣﺎء ﺑﻠﻐﺎﺗﻬم وأﻳﺎﻣﻬم وﻣﺣﺎﻟﻬم أن ﻗرﻳﺷﺎً أﻓﺻﺢ اﻟﻌرب أﻟﺳﻧﺔ،
وأﺻﻔﺎﻫم ﻟﻐﺔ ،وذﻟك أن اﷲ ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ اﺧﺗﺎرﻫم ﻣن ﺟﻣﻳﻊ اﻟﻌرب واﺻطﻔﺎﻫم
واﺧﺗﺎر ﻣﻧﻬم ﻧﺑﻲ اﻟرﺣﻣﺔ ﻣﺣﻣداً )ص(" و"ﻛﺎﻧت ﻗرﻳش ﻣﻊ ﻓﺻﺎﺣﺗﻬﺎ
وﺣﺳن ﻟﻐﺎﺗﻬﺎ ورﻗﺔ أﻟﺳﻧﺗﻬﺎ ،إذا أﺗﺗﻬم اﻟوﻓود ﻣن اﻟﻌرب ﺗﺧﻳروا ﻣن ﻛﻼﻣﻬم
وأﺷﻌﺎرﻫم أﺣﺳن ﻟﻐﺎﺗﻬم وأﺻﻔﻰ ﻛﻼﻣﻬم ،ﻓﺎﺟﺗﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﺧﻳروا ﻣن ﺗﻠك اﻟﻠﻐﺎت
– ﻳﻌﻧﻲ :اﻟﻠﻬﺟﺎت – إﻟﻰ ﻧﺣﺎﺋزﻫم وﺳﻼﺋﻘﻬم اﻟﺗﻲ طﺑﻌوا ﻋﻠﻳﻬﺎ ،ﻓﺻﺎروا
ﺑذﻟك أﻓﺻﺢ اﻟﻌرب").(١٤
وﻫو ﻳذﻫب ﻓﻲ ﺣﺑﻪ اﻟﻌرب وﺗﻌﺻﺑﻪ ﻟﻬم إﻟﻰ أن ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻟﺟﻠﻳﻠﺔ اﻟﺗﻲ
ﺻوا ﺑﻬﺎ :اﻹﻋراب اﻟذي ﻫو اﻟﻔﺎرق ﺑﻳن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣﺗﻛﺎﻓﺋﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻔظ ،وﺑﻪ ﺧـُ ّ
)(١٣
اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ – ص.١٢
)(١٤
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق – ص .٢٣ﻧﺣﺎﺋز ﺟﻣﻊ ﻧﺣﻳزة أي اﻟطﺑﻳﻌﺔ.
١٨
ﻳﻌرف اﻟﺧﺑر اﻟذي ﻫو أﺻﻝ اﻟﻛﻼم ،وﻟوﻻﻩ ﻣﺎ ُﻣﻳـﱠز ﻓﺎﻋﻝ ﻣن ﻣﻔﻌوﻝ ،وﻻ
ﻣﺿﺎف ﻣن ﻣﻧﻌوت ،وﻻ ﺗﻌﺟب ﻣن اﺳﺗﻔﻬﺎم ،وﻻ ﺻدر ﻣن ﻣﺻدر ،وﻻ ﻧﻌت
ﻣن ﺗﺄﻛﻳد .وذﻛر ﺑﻌض أﺻﺣﺎﺑﻧﺎ أن اﻹﻋراب ﻳﺧﺗص ﺑﺎﻷﺧﺑﺎر ،وﻗد ﻳﻛون
ﻳد ﻋﻧدك ؟" و"أزﻳداً ﺿرﺑت اﻹﻋراب ﻓﻲ ﻏﻳر اﻟﺧﺑر أﻳﺿﺎً ،ﻷﻧﺎ ﻧﻘوﻝ" :أز ٌ
)(١٥
؟" ﻓﻘد ﻋﻣﻝ اﻹﻋراب وﻟﻳس ﻫو ﻣن ﺑﺎب اﻟﺧﺑر" .
وﻳﻌﺗﻘد اﺑن ﻓﺎرس أن ﻟﻐﺔ اﻟﻌرب ﻟم ﺗﻧﺗﻪ إﻟﻳﻧﺎ ﺑﻛﻠّﻳﺗﻬﺎ ،وﻗد "ذﻫب ﻋﻠﻣﺎؤﻧﺎ
أو أﻛﺛرﻫم إﻟﻰ أن اﻟذي اﻧﺗﻬﻰ إﻟﻳﻧﺎ ﻣن ﻛﻼم اﻟﻌرب ﻫو اﻷﻗﻝ .ﻗﺎﻝ :ﻟو
ﺟﺎءﻧﺎ ﺟﻣﻳﻊ ﻣﺎ ﻗﺎﻟوﻩ ﻟﺟﺎءﻧﺎ ﺷﻌر ﻛﺛﻳر وﻛﻼم ﻛﺛﻳر .وأَﺣـِْر ﺑﻬذا اﻟﻘوﻝ
ﻧﺑﻲ" وﻣﺎ ﺑﻠﻐﻧﺎ أن أﺣداً
ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻣن أن "ﻛﻼم اﻟﻌرب ﻻ ﻳﺣﻳط ﺑﻪ إﻻ ّ
ﻣﻣن ﻣﺿﻰ ادﻋﻰ ﺣﻔظ اﻟﻠﻐﺔ ﻛﻠﻬﺎ .ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻣﻧﺳوب إﻟﻰ "اﻟﺧﻠﻳﻝ" وﻣﺎ
ﻓﻲ ﺧﺎﺗﻣﺗﻪ ﻣن ﻗوﻟﻪ "ﻫذا آﺧر ﻛﻼم اﻟﻌرب "ﻓﻘد ﻛﺎن اﻟﺧﻠﻳﻝ أورع وأﺗﻘﻰ ﷲ
ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ ﻣن أن ﻳﻘوﻝ ذﻟك".
ﻧظرﻳﺗﻪ . . .ﻓﻲ اﻟﺗوﻗﻳف
ﺗﻘوم ﻧظرﻳﺔ اﺑن ﻓﺎرس ﻓﻲ ﻧﺷﺄة اﻟﻠﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺳﻣﻳﻪ "اﻟﺗوﻗﻳف" وﻫو ﻳرﺑط
ﺑﻳﻧﻬﺎ وﺑﻳن ﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺟﻣﻳﻌﺎً أﻧزﻟﻬﺎ اﷲ ﻣﻌﺎًٕ .واﻧﻪ ﻟﻳﻧطﻠق ﻓﻲ ذﻟك
ﻣن ﺗﻔﺳﻳرﻩ وﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﺗﻔﺳﻳر ﺳواﻩ ﻹﺣدى آﻳﺎت اﻟﻘرآن اﻟﻛرﻳم ،وﻫﻲ اﻵﻳﺔ ٣١
ﻣن ﺳورة "اﻟﺑﻘرة" .وﻳﺑﺣث ﻓﻲ ﻫذا اﻷﻣر ﺗﺣت ﻫذا اﻟﻌﻧوان "ﺑﺎب اﻟﻘوﻝ ﻋﻠﻰ
ﻟﻐﺔ اﻟﻌرب ،أﺗوﻗﻳف أم اﺻطﻼح؟"):(١٦
آدم ﱠ
"أﻗوﻝ :إن ﻟﻐﺔ اﻟﻌرب ﺗوﻗﻳف ،ودﻟﻳﻝ ذﻟك ﻗوﻟﻪ ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ :وﻋﻠـم َ
اﻷﺳﻣﺎء ﻛﻠﻬﺎ" – ﺗﺗﻣﺔ اﻵﻳﺔ :ﺛم ﻋرﺿﻬم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ ﻓﻘﺎﻝ :أﻧﺑﺋوﻧﻲ
)(١٥
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق – ص.٤٢
)(١٦
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ – ص.٣٤
١٩
ﺑﺄﺳﻣﺎء ﻫؤﻻء إن ﻛﻧﺗم ﺻﺎدﻗﻳن) (١٧ﻓﻛﺎن اﺑن ﻋﺑﺎس ﻳﻘوﻝ :ﻋﻠﻣﻪ اﻷﺳﻣﺎء
ﻛﻠﻬﺎ ،وﻫﻲ ﻫذﻩ اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻌﺎرﻓﻬﺎ اﻟﻧﺎس ﻣن داﺑﺔ وأرض وﺳﻬﻝ وﺟﺑﻝ وأﺷﺑﺎﻩ
ـﺻ ْـﻳف ﻋن ﻣﺟﺎﻫد ﻗﺎﻝ :ﻋﻠﻣﻪ اﺳم ﻛﻝ ذﻟك ﻣن اﻷﻣم وﻏﻳرﻫﺎ .وروى ُﺣ َ
ﺷﻲء .وﻗﺎﻝ ﻏﻳرﻫﻣﺎ :إﻧﻣﺎ ﻋﻠﻣﻪ أﺳﻣﺎء اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ .وﻗﺎﻝ آﺧرون :ﻋﻠﻣﻪ
ذرﻳﺗﻪ أﺟﻣﻌﻳن" .ﺛم ﻳﻠﺗﻔت اﺑن ﻓﺎرس إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻓﻳﻘوﻝ" :واﻟذي أﺳﻣﺎء ّ
ﻧذﻫب إﻟﻳﻪ ﻓﻲ ذﻟك ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎﻩ ﻋن اﺑن ﻋﺑﺎس .ﻓﺈن ﻗﺎﺋﻝ :ﻟو ﻛﺎن ذﻟك
ﻛﻣﺎ ﺗذﻫب إﻟﻳﻪ – ﻳﻌﻧﻲ ﺷﻣوﻝ اﻵﻳﺔ اﻟﻛرﻳﻣﺔ أﺟﻧﺎس اﻷرض ﺟﻣﻳﻌﺎً ،ﻣن
ﻛﺎﺋﻧﺎت ﺣﻳﺔ ،ﻋﺎﻗﻠﺔ وﻏﻳر ﻋﺎﻗﻠﺔ ،وﺟﻣﺎد وﻧﺑﺎت – ﻟﻘﺎﻝ" :ﺛم ﻋرﺿﻬم أو
ﻋرﺿﻬﺎ" ﻓﻠﻣﺎ ﻗﺎﻝ "ﻋرﺿﻬم" ﻋﻠم أن ذﻟك ﻷﻋﻳﺎن ﺑﻧﻲ آدم أو اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ،
ﻷن ﻣوﺿوع اﻟﻛﻧﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﻼم اﻟﻌرب ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻣﺎ ﻳﻌﻘﻝ "ﻋرﺿﻬم" وﻟﻣﺎ ﻻ
ﻳﻌﻘﻝ "ﻋرﺿﻬﺎ أو ﻋرﺿﻬن" ﻗﻳﻝ ﻟﻪ :إﻧﻣﺎ ﻗﺎﻝ ذﻟك ،واﷲ أﻋﻠم ،ﻷﻧﻪ ﺟﻣﻊ
ﻣﺎ ﻳﻌﻘﻝ وﻣﺎ ﻻﻳﻌﻘﻝ ﻓﻐﻠب ﻣﺎ ﻳﻌﻘﻝ ،وﻫﻲ ﺳﻧﺔ ﻣن ﺳﻧن اﻟﻌرب ،أﻋﻧﻲ:
"ﺑﺎب اﻟﺗﻐﻠﻳب" وذﻟك ﻛﻘوﻟﻪ ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ ":واﷲ ﺧﻠق ﻛﻝ داﺑﺔ ﻣن ﻣﺎء ،ﻓﻣﻧﻬم
ﻣن ﻳﻣﺷﻲ ﻋﻠﻰ ﺑطﻧﻪ ،وﻣﻧﻬم ﻣن ﻳﻣﺷﻲ ﻋﻠﻰ رﺟﻠﻳن ،وﻣﻧﻬم ﻣن ﻳﻣﺷﻲ
ﻋﻠﻰ أرﺑﻊ") (١٨ﺗﻐﻠﻳﺑﺎً ﻟﻣن ﻳﻣﺷﻲ ﻋﻠﻰ رﺟﻠﻳن وﻫم ﺑﻧو آدم").(١٩
اﻟﺧط اﻟﻌرﺑﻲ ﺗوﻗﻳف . . .أﻳﺿﺎً
اﻟﺗوﻗﻳﻔﻳﺔ
ّ طﺑﻳﻌﻲ ﺑﻌد ذﻟك أن ﻳﺷﻣﻝ اﺑن ﻓﺎرس اﻟﺧط اﻟﻌرﺑﻲ ﺑﻧظرﻳﺗﻪ
اﻟﺧط ﺗوﻗﻳف ،وذﻟك ﻟظﺎﻫر ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟﻝ: ﻓﻳﻘوﻝ" :واﻟذي ﻧﻘوﻝ ﻓﻳﻪ إن ّ
"اﻗ أر ﺑﺎﺳم رﺑك اﻟذي ﺧﻠق ،ﺧﻠق اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﻋﻠق ،اﻗ أر ورﺑك اﻷﻛرم،
اﻟذي ﻋﻠم ﺑﺎﻟﻘﻠم ،ﻋﻠم اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺎ ﻟم ﻳﻌﻠم" وﻗﺎﻝ ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ "واﻟﻘﻠم وﻣﺎ
)(١٧
ﻟم ﻳذﻛر اﺑن ﻓﺎرس ﻫذﻩ اﻟﺗﺗﻣﺔ ﻟﻶﻳﺔ.
)(١٨
ﺳورة اﻟﻧور – اﻵﻳﺔ ،٤٥وﺗﺗﻣﺗﻬﺎ» :ﻳﺧﻠق اﷲ ﻣﺎ ﻳﺷﺎء ،إن اﷲ ﻋﻠﻰ ﻛﻝ ﺷﻲء ﻗدﻳر«.
)(١٩
اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ ص.٥
٢٠
ﻳﺳطرون" ٕواذا ﻛﺎن ﻛذا ،ﻓﻠﻳس ﺑﺑﻌﻳد إن ﻳوﻗﱠف آدم ﻋﻠﻳﻪ اﻟﺳﻼم أو ﻏﻳرﻩ
ﻣن اﻷﻧﺑﻳﺎء ﻋﻠﻳﻬم اﻟﺳﻼم ،ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺗﺎب".
وﻣﻊ أﻧﻪ أورد رواﻳﺔ "إن أوﻝ ﻣن ﻛﺗب اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرﺑﻲ واﻟﺳرﻳﺎﻧﻲ واﻟﻛﺗب
ﻛﻠﻬﺎ )آدم( ﻋﻠﻳﻪ اﻟﺳﻼم ﻗﺑﻝ ﻣوﺗﻪ ﺑﺛﻼﺛﻣﺋﺔ ﺳﻧﺔ ﻛﺗﺑﻬﺎ ﻓﻲ طﻳن
وطﺑﺧﻪ) ،(٢٠ﻓﻠﻣﺎ أﺻﺎب اﻷرض اﻟﻐرب وﺟد ﻛﻝ ﻗوم ﻛﺗﺎﺑﺎً ﻓﻛﺗﺑوﻩ)."(٢١
ﻓﺈﻧﻪ ظﻝ أﻣﻳﻧﺎً ﻋﻠﻰ ﻧظرﻳﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺗوﻗﻳف ،ﻣؤﻛداً أن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻛﺎﻟﻠﻐﺔ ﺗوﻗﻳف.
ﻓﻬو ﻳﻘوﻝ" :ﻓﺄﻣﺎ أن ﻳﻛون ﻣﺧﺗرع اﺧﺗرﻋﻪ – اﻟﺧط – ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ
ﻓﺷﻲء ﻻ ﺗُﻌﻠم ﺻﺣﺗﻪ إﻻ ﻣن ﺧﺑر ﺻﺣﻳﺢ") .(٢٢وﻳﺳﺗطرد ﻗﺎﺋﻼً" :وﻟم ﻻ
ﻳﻛون اﻟذي ﻋﻠم آدم ﻋﻠﻳﻪ اﻟﺳﻼم اﻷﺳﻣﺎء ﻫو اﻟذي ﻋﻠﻣﻪ اﻷﻟف واﻟﺑﺎء
واﻟﺟﻳم واﻟداﻝ)(٢٣؟" ،وﻳﻣﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو ذاﺗﻪ ﻓﻳرى أن ﻗواﻋد اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺗﻲ
ﻳﻘﺎﻝ أن أﺑﺎ اﻷﺳود أوﻝ ﻣن وﺿﻌﻬﺎ ،وأن اﻟﻌروض اﻟذي ﻗﻳﻝ إن اﻟﺧﻠﻳﻝ
أوﻝ ﻣن ﺗﻛﻠم ﻓﻳﻪ "ﻗد ﻛﺎﻧﺎ ﻗدﻳﻣﺎً وأﺗت ﻋﻠﻳﻬﻣﺎ اﻷﻳﺎم وﻗﻼ ﺑﻳن أﻳدي اﻟﻧﺎس،
ﺛم ﺟددﻫﻣﺎ ﻫذان اﻹﻣﺎﻣﺎن)."(٢٤
وﺑﻠﻎ ﻣن ﻏﻠوﻩ ﻓﻲ ﻫذا " اﻟﺗوﻗﻳف" أﻧﻪ أﻧﻛر اﻟﺗﺟدﻳد اﻟﻠﻐوي ورﻓض
ﻼ " :وﻟﻳس ﻟﻧﺎ اﻟﻳوم أن ﻧﺧﺗرع أو ﻧﻘوﻝ ﻏﻳر ﻣﺎ ﻗﺎﻟوﻩ ،وﻻ أن اﻟﺗﻐﻳﻳر ﻗﺎﺋ ً
ﻧﻘﻳس ﻗﻳﺎﺳﺎً ﻟم ﻳﻘﻳﺳوﻩ ﻷن ﻓﻲ ذﻟك ﻓﺳﺎد اﻟﻠﻐﺔ وﺑطﻼن ﺣﻘﺎﺋﻘﻬﺎ ،وﻧﻛﺗﺔ
اﻟﺑﺎب أن اﻟﻠﻐﺔ ﻻ ﺗؤﺧذ ﻗﻳﺎﺳﺎً ﻧﻘﻳﺳﻪ ﻧﺣن اﻵن".
ﻣؤﻣن . . .ﺑﺗدرج اﻟﻣﻌﺎرف
)(٢٠
إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟرﻗم اﻟطﻳﻧﻳﺔ.
)(٢١
اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ ص.٧
)(٢٢
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص٨
)(٢٣
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص.٨
)(٢٤
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص.١٠
٢١
وﻣﻬﻣﺎ ﻳﻛن ﻣن أﻣر ،ﻓﻘد ﻛﺎﻧت ﻻﺑن ﻓﺎرس رؤﻳﺎﻩ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ
اﻟﺗوﻗﻳف ،ﻓﺈﻧﻬﺎ اﻧطوت ﻋﻠﻰ إﻳﻣﺎن ﺑﺗدرج اﻟﻣﻌﺎرف .وﻫو ﻣؤﻣن أﻧﻬﺎ ﻟم
ﺗﻧزﻝ ﺟﻣﻳﻌﺎً دﻓﻌﺔ واﺣدة ﻋﻠﻰ آدم ﻋﻠﻳﻪ اﻟﺳﻼم .وﻫﺎﻫو ذا ﻳﻘوﻝ ﻣوﺿﺣﺎً:
"وﻟﻌﻝ ظﺎﻧﺎً ﻳظن أن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺗﻲ دﻟﻠﻧﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺗوﻗﻳف إﻧﻣﺎ ﺟﺎءت ﺟﻣﻠﺔ
وﻋز آدم ﻋﻠﻳﻪ
واﺣدة وﻓﻲ زﻣﺎن واﺣد ،وﻟﻳس اﻷﻣر ﻛذا ،ﺑﻝ وﻗف اﷲ ﺟﻝ ّ
اﻟﺳﻼم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺷﺎء أن ﻳﻌﻠﻣﻪ إﻳﺎﻩ ،ﻣﻣﺎ اﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻋﻠﻣﻪ ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻪ،
واﻧﺗﺷر ﻣن ذﻟك ﻣﺎ ﺷﺎء اﷲ .ﺛم ﻋﻠم آدم ﻋﻠﻳﻪ اﻟﺳﻼم ،ﻣن ﻋرب اﻷﻧﺑﻳﺎء
ﺻﻠوات اﷲ ﻋﻠﻳﻬم ﻧﺑﻳﺎً ﻣﺎ ﺷﺎء أن ﻳﻌﻠﻣﻪ ،ﺣﺗﻰ اﻧﺗﻬﻰ اﻷﻣر إﻟﻰ ﻧﺑﻳﻧﺎ
ﻣﺣﻣد ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻳﻪ وﺳﻠم ،ﻓﺂﺗﺎﻩ اﷲ ﻋز وﺟﻝ ﻣن ذﻟك ﻣﺎﻟم ﻳؤﺗﻪ أﺣدًا
ﻗﺑﻠﻪ ،ﺗﻣﺎﻣﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﺣﺳﻧﻪ ﻣن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ .ﺛم ﻗر اﻷﻣر ﻗ اررﻩ ﻓﻼ ﻧﻌﻠم
ﻟﻐﺔ ﻣن ﺑﻌدﻩ ﺣدﺛت").(٢٥
رؤى اﺑن ﻓﺎرس اﻟﻠﻐوﻳﺔ
إذا اﻧﺗﻘﻠﻧﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﻘدم إﻟﻰ اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣﺎطرﺣﻪ اﺑن ﻓﺎرس ﻣن رؤى ﻟﻐوﻳﺔ،
أدﻫﺷﺗﻧﺎ آراؤﻩ اﻟﻧﺎﺿﺟﺔ وﻣﻼﺣظﺎﺗﻪ اﻟذﻛﻳﺔ ،وﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔﺎذ إﻟﻰ ﻣﺎ وراء
اﻟﻛﻠﻣﺎت واﻟﻣﻔردات ،وﻧﺣن واﺟدون ظﻼﻻً ﻟﻸﻓﻛﺎر اﻟﻔﻠﺳﻔﻳﺔ واﻟﻣﻧطﻘﻳﺔ ﻓﻲ
ﻋﺻرﻩ ﻣﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺗداوﻻً ﺑﻳن ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻛﻼم وأﻫﻝ اﻻﻋﺗزاﻝ.
اﻷﺳﻣﺎء ﻋﻧدﻩ ،ﻣن ﺣﻳث أﺟﻧﺎﺳﻬﺎ – وﻫذا اﻗﺗﺑﺎس ﻣن اﻟﻣﻧطق –
ﻓرﻗﻧﺎ ﺑﺎﻻﺳﻣﻳن ﺑﻳن ﺷﺧﺻﻳن. ﺧﻣﺳﺔ :اﺳم ﻓﺎرق ﻛﻘوﻟﻧﺎ :رﺟﻝ وﻓرسّ .
واﺳم ُﻣﻔﺎرق ﻛﻘوﻟﻧﺎ :طﻔﻝ ،ﻳﻔﺎرﻗﻪ إذا ﻛﺑر ،واﺳم ﻣﺷﺗق ﻛﻘوﻟﻧﺎ :ﻛﺎﺗب وﻫو
ﻣﺷﺗق ﻣن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ،واﺳم ﻣﺿﺎف ﻛﻘوﻟﻧﺎ :ﻛﻝ وﺑﻌض ،ﻻﺑد أن ﻳﻛوﻧﺎ
ك واﺑنٌ وﺧﺻم ،ﻛﻝ واﺣد ﻣﻧﻬﻣﺎ ٍ
ﻣﻘﺗض ﻛﻘوﻟﻧﺎ :أخ وﺷرﻳ ٌ ﻣﺿﺎﻓﻳن .واﺳم
)(٢٥
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ .ص.٦
٢٢
إذا ذﻛر اﻗﺗﺿﻰ ﻏﻳرﻩ).(٢٦
وظﻳﻔﺔ اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟﻣﻌﻧوﻳﺔ – اﻟﻔﻛرﻳﺔ
وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻧﺣو ﻳﻧظر اﺑن ﻓﺎرس إﻟﻰ اﻟﻧﻌت ،وﻫو اﻟوﺻف ﻛﻘوﻟﻧﺎ:
ﻫو ﻋﺎﻗﻝ ،وﺟﺎﻫﻝ واﻟﻧﻌت ﻳﺟري ﺑﻳن ﻣﺟرﻳﻳن :أﺣدﻫﻣﺎ ﺗﺧﻠﻳص اﺳم ﻣن
اﺳم ﻛﻘوﻟﻧﺎ "زﻳد اﻟﻌطﺎر" و"زﻳد اﻟﺗﻣﻳﻣﻲ" ﺧﻠﺻﻧﺎﻩ ﺑﻧﻌﺗﻪ ﻣن اﻟذي ﺷﺎرﻛﻪ
ﻓﻲ اﺳﻣﻪ ،واﻵﺧر ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣدح واﻟذم ﻧﺣو :اﻟﻌﺎﻗﻝ واﻟﺟﺎﻫﻝ.
إذاً ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻧظر ﻓﻲ اﻟوظﻳﻔﺔ اﻟﻣﻌﻧوﻳﺔ – اﻟﻔﻛرﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤدﻳﻬﺎ اﻟﻛﻠﻣﺔ.
واﻻﺳم ﻗد ﻳﻛون ﺳﻣﺔ ﻛﺎﻟﻌﻼﻣﺔ واﻟﺳﻳﻣﺎء ،وﻗد ﻳﻛون ﻣﺷﺗﻘﺎً ﻣن
اﻟﺳﱠﻣﺔ) .(٢٧وﻫﻧﺎك أﺳﻣﺎء "ﻛﺎﻧت ﻓزاﻟت ﺑزواﻝ ﻣﻌﺎﻧﻳﻬﺎ :اﻟﻣرﺑﺎع واﻟﻧﺷﻳطﺔ
واﻟﻔﺿوﻝ وﻣﻣﺎ ﺗَْرك أﻳﺿﺎً :اﻷﺗﺎوة واﻟﻣﻛس واﻟﺣﻠوان ،وأﻧﻌم ﺻﺑﺎﺣﺎً وأﻧﻌم
ظﻼﻣﺎً ،وﻗوﻟﻬم ﻟﻠﻣﻠك :أﺑﻳت اﻟﻠﻌن ،وﺗرك أﻳﺿﺎً ﻗوﻝ اﻟﻣﻣﻠوك ﻟﻣﺎﻟﻛﻪ:
رورة) (٢٨وﻳوﺿﺢ اﺑن ﻓﺎرس ﺻ َرﺑﻲ ،وﺗُرك أﻳﺿﺎً ﺗﺳﻣﻳﺔ ﻣن ﻟم ﻳﺣﺞَ :
ﻣﻌﻧﻰ ﻫذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺔ ،ﻣن ﺣﻳث وظﻳﻔﺗﻬﺎ ﻓﻳﻘوﻝ" :أﺻﻝ اﻟﺻرورة أن اﻟرﺟﻝ
ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻫﻠﻳﺔ ﻛﺎن إذا أﺣدث ﺣدﺛﺎً ﻓﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﺣرم ﻟم ُﻳﻬَ ْﺞ .وﻛﺎن إذا ﻟﻘﻳﻪ
ﻬﺟﻪ .ﺛم ﻛﺛر ذﻟك ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻬم وﻟﻲ اﻟدم ﻓﻲ اﻟﺣرم ﻗﻳﻝ :ﻫو ﺻرورة ﻓﻼ ﺗُ ْ ّ
اﻟﻣﺗﻌﺑد اﻟذي ﻳﺟﺗﻧب اﻟﻧﺳﺎء وطﻳب اﻟطﻌﺎم ﺻرورة وﺻرورﻳﺎً، ْ ا
و ﺟﻌﻠ ﺣﺗﻰ
وذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎﺑﻐﺔ ﺑﻘوﻟﻪ :ﺻرورة ﻣﺗﻌﺑد").(٢٩
)(٢٦
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ .ص.٥٤
)(٢٧
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص.٥٧
)(٢٨
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص.٥٩ – ٥٨
)(٢٩
ﻣن ﻗوﻟﻪ ﻓﻲ وﺻف اﻟﻣﺗﺟردة اﻣرأة اﻟﻧﻌﻣﺎن:
ﻋﺑـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد اﻹﻟـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻪ ،ﺻـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرو ٍرة ﻣﺗﻌﱠﺑـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ط ارﻫـ ـ ــب
ﻟـ ـ ــو أﻧﻬـ ـ ــﺎ ﻋرﺿـ ـ ــت ﻷﺷـ ـ ــﻣ َ
٢٣
ﺗوﻟﻳدات ﺟدﻳدة ﻟﻸﺳﻣﺎء وﻣﻌﺎﻧﻳﻬﺎ
ٕواذا ﺟﺎز ﻟﻧﺎ أن ﻧواﺻﻝ ﻛﻼﻣﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ دﻋوﻧﺎﻩ "اﻟوظﻳﻔﺔ اﻟﻣﻌﻧوﻳﺔ
واﻟﻔﻛرﻳﺔ ﻟﻠﻛﻠﻣﺔ" أو "اﻟﻘﻳﻣﺔ اﻟوظﻳﻔﻳﺔ" ﻟﻬﺎ ،ﻓﺈﻧﻧﺎ ﺳﻧﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ ﺗوﻟﻳدات ﺟدﻳدة
ﺟﻣﻳﻠﺔ ﻟﻸﺳﻣﺎء وﻣﻌﺎﻧﻳﻬﺎ .ﻣن ذﻟك ﺟﻌﻝ ﻣﺎ ﻳﺟﻌﻝ ﻟﻪ اﺑن ﻓﺎرس ﻫذا
اﻟﻌﻧوان "ﺑﺎب ﻣﺎ ﺟرى ﻣﺟرى اﻷﺳﻣﺎء ٕواﻧﻣﺎ ﻫﻲ أﻟﻘﺎب" واﻷﺳﻣﺎء ﻋﻧد
دم ،وﺿرب ﺗﻠﻘﱡب اﻟﻌرب ﻫﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺿرب :ﺿرب ﻣدح ،وﺿرب ّ
اﻟﺣْﺑر واﻟﺻﺎدق .واﻟذم: اﻟﺑ ْﺣر و َ
اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻔﻌﻝ ﻳﻔﻌﻠﻪ .ﻓﺎﻟﻣدح :ﺗﻠﻘﻳﺑﻬم َ
اﻟﺣ َﺟر – وأﻣﺎ اﻟﻠﻘب
ﺑﺎﻟوزع – وﻫو اﻟﻔﺷﻝ اﻟﺿﻌﻳف – ور ْﺷﺢ َ ﺗﻠﻘﻳﺑﻬم َ
)(٣٠
اﻟﻣﺄﺧوذ ﻣن ﻓﻌﻝ :ﻛطﺎﺑﺧﺔ وﻣدرﻛﺔ .
وﻻ ﻳﻧﺳﻰ أن ﻳﺿﻳف اﻷﺳﻣﺎء اﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ ﻣن اﻟﺣﻳوان ﻓﻳﻘوﻝ" :ﻓذﻫب
ﺳﻣﺎﻩ ﺑﻣﺎ ﻳراﻩ أو ﻳﺳﻣﻌﻪ
ﻋﻠﻣﺎؤﻧﺎ أن اﻟﻌرب ﻛﺎﻧت إذا وﻟد ﻷﺣدﻫم اﺑن ذﻛر ّ
اﻟﺷدة واﻟﺻﻼﺑﺔ واﻟﺑﻘﺎء
ﻣﻣﺎ ﻳﺗﻔﺎءﻝ ﺑﻪ ،ﻓﺈن رأى ﺣﺟ اًر أو ﺳﻣﻌﻪ ،ﺗﺄوﻝ ﻓﻳﻪ ّ
واﻟﺻﺑرٕ .وان رأى ذﺋﺑﺎً ﺗﺄوﻝ ﻓﻳﻪ اﻟﻔطﻧﺔ واﻟﻧ ﱡﻛر واﻟﻛﺳبٕ ،وان رأى ﺣﻣﺎ اًر
وﺑ ْﻌد
ﺗﺄوﻝ ﻓﻳﻪ طوﻝ اﻟﻌﻣر واﻟوﻗﺎﺣﺔٕ ،وان رأى ﻛﻠﺑﺎً ﺗﺄوﻝ ﻓﻳﻪ اﻟﺣراﺳﺔ ُ ّ
اﻟﺻوت و ِ
اﻹﻟف").(٣١
ودون أن ﻳﺑﺗﻌد ﻋن اﻟﻘﻳﻣﺔ اﻟوظﻳﻔﻳﺔ ﻟﻼﺳم ﻳﻧظر اﺑن ﻓﺎرس ﻓﻲ اﻟﺗﺳﻣﻳﺔ
"ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺎورة واﻟﺳﺑب" ﻓﺎﻟﻌرب ﺗﺳﻣﻲ اﻟﺷﻲء ﺑﺎﺳم اﻟﺷﻲء إذا ﻛﺎن ﻣﺟﺎو اًر
ﻟﻪ أو ﻛﺎن ﻣﻧﻪ ﺑﺳﺑب وذﻟك ﻗوﻟﻬم" :اﻟﺗﻳ ﱡﻣم" ﻟﻣﺳﺢ اﻟوﺟﻪ ﻣن اﻟﺻﻌﻳدٕ ،واﻧﻣﺎ
اﻟﺗﻳ ﱡﻣم اﻟطﻠب واﻟﻘﺻد .ﻳﻘﺎﻝ :ﺗﻳﱠﻣﻣﺗك وﺗﺄﻣﻣﺗك أي ﺗﻌﻣدﺗك .زﻣن ذﻟك
ﺳﻣوا اﻟﺑﻧﺎت ﺳﻣﺎء .ﻗﺎﻝﺗﺳﻣﻳﺗﻬم اﻟﺳﺣﺎب "ﺳﻣﺎء" وﺗﺟﺎوزوا ذﻟك إﻟﻰ أن ّ
)(٣٠
اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ ص.٦١
)(٣١
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص.٦٢
٢٤
اﻟﺳﻣﺎء ﺑﺄرض ٍ
ﻗوم).(٣٢ ُ ﺷﺎﻋرﻫم :إذا ﻧزﻝ
وﻳظﻝ اﺑن ﻓﺎرس ﻣراوﺣﺎً ﻓﻲ اﻟﻣوﻗﻊ ذاﺗﻪ ﺣﻳن ﻳﺑﺣث ﻓﻲ أﺻوﻝ أﺳﻣﺎء
رد" ﻗﻳس ﻋﻠﻳﻬﺎ وأﻟﺣق ﺑﻬﺎ ﻏﻳرﻫﺎ ،وﻳﻧﻘﻝ ﻋن اﻷﺻﻣﻌﻲ ﻗوﻟﻪ :أﺻﻝ " ِ
اﻟو ْ
اﻟﻘَرب" طﻠب اﻟﻣﺎء ﺛم ﺻﺎر إﺗﻳﺎن اﻟﻣﺎء ،ﺛم ﺻﺎر إﺗﻳﺎن ﻛﻝ ﺷﻲء ِو ْ
رداً .و" َ
ﻳﻘﺎﻝ ذﻟك ﻟﻛﻝ طﻠب ،ﻓﻳﻘﺎﻝ ﻫو "َﻳ َﻘرب ﻛذا" أي ﻳطﻠﺑﻪ و"ﻻ ﺗَﻘرب ﻛذا".
رت رﺟﻠﻪ وﻳﻘوﻟون " رﻓﻊ ﻋﻘﻳرﺗﻪ" أي ﺻوﺗﻪ ،وأﺻﻝ ذﻟك أن رﺟﻼً ُﻋﻘَ ْ
ﻓرﻓﻌﻬﺎ وﺟﻌﻝ ﻳﺻﻳﺢ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻوﺗﻪ ،ﻓﻘﻳﻝ ﺑﻌد ذﻟك ﻟﻛﻝ ﻣن رﻓﻊ ﺻوﺗﻪ:
رﻓﻊ ﻋﻘﻳرﺗﻪ).(٣٣
اﺳم واﺣد ﻷﺷﻳﺎء ﻛﺛﻳرة وأﺳﻣﺎء ﻛﺛﻳرة ﻟﺷﻲء واﺣد
وﻫو ﻳﻠﻔت اﻻﻧﺗﺑﺎﻩ إﻟﻰ ﺗﺳﻣﻳﺔ اﻷﺷﻳﺎء اﻟﻛﺛﻳرة ﺑﺎﻻﺳم اﻟواﺣد ﻧﺣو "ﻋﻳن
اﻟﻣﺎء" و"ﻋﻳن اﻟﻣﺎﻝ" و"ﻋﻳن اﻟﺳﺣﺎب" .وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑﻝ ُﻳﺳ ﱠﻣﻰ اﻟﺷﻲء اﻟواﺣد
ﺑﺎﻷﺳﻣﺎء اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻧﺣو "اﻟﺳﻳف واﻟﻣﻬﻧد واﻟﺣﺳﺎم" ٕواذا ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻣﻔردات
ﻣﺗرادﻓﺎت ﻓﺈن ﻫذا اﻟﻠﻐوي اﻟﻛﺑﻳر ﻳﻧطﻠق ﻣن ﺗﻔﺳﻳرﻫﺎ ﻣن ﻗﻳﻣﺗﻬﺎ اﻟوظﻳﻔﻳﺔ
أﻳﺿﺎً "إن اﻻﺳم واﺣد وﻫو اﻟﺳﻳف ،وﻣﺎ ﺑﻌدﻩ ﻣن اﻷﻟﻘﺎب ﺻﻔﺎت ،وﻣذﻫﺑﻧﺎ
أن ﻛﻝ ﺻﻔﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻣﻌﻧﺎﻫﺎ ﻏﻳر ﻣﻌﻧﻰ اﻷﺧرى" وﻗﺎﻝ آﺧرون "ﻟﻳس ﻣﻧﻬﺎ
اﺳم وﻻ ﺻﻔﺔ إﻻ وﻣﻌﻧﺎﻩ ﻏﻳر ﻣﻌﻧﻰ اﻵﺧر" وﻳﻧﺗﻘﻝ ﻣن اﻷﺳﻣﺎء إﻟﻰ
اﻷﻓﻌﺎﻝ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺗﻔﺳﻳر ،ﻧﺣو "ﻣﺿﻰ وذﻫب واﻧطﻠق وﺑﻌد وﺟﻠس ورﻗد
وﻧﺎم وﻫﺟﻊ" .ﻗﺎﻟوا :ﻓﻔﻲ "ﻗﻌد" ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻳس ﻓﻲ "ﺟﻠس" وﻛذﻟك اﻟﻘوﻝ ﻓﻳﻣﺎ
ﺳواﻩ).(٣٤
ﺛم ﻳﻌود اﺑن ﻓﺎرس ﻓﻳﺳﻬب ﻓﻲ ﻋرض اﻟﻘﻳﻣﺔ اﻟوظﻳﻔﻳﺔ ﻷﺳﻣﺎء ﻛﺛﻳرة.
)(٣٢
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص.٦٣
)(٣٣
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص.٦٤
)(٣٤
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص.٦٥
٢٥
ﻣن ذﻟك:
" اﻟﻣﺎﺋدة" ﻻ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﻣﺎﺋدة ﺣﺗﻰ ﻳﻛون ﻋﻠﻳﻬﺎ طﻌﺎم ﻷن اﻟﻣﺎﺋدة ﻣن
ﻣﺎدﻧﻲ ،ﻳﻣﻳدﻧﻲ" إذا أﻋطﺎكٕ ،واﻻ ﻓﺎﺳﻣﻬﺎ "ﺧوان" .وﻛذﻟك "اﻟﻛﺄس" ﻻﺗﻛون " َ
اﻟﺣﻠﱠﺔ" ﻻ
ﻛﺄﺳﺎً ﺣﺗﻰ ﻳﻛون ﻓﻳﻬﺎ ﺷراب ٕواﻻ ﻓﻬو " ﻗدح" أو "ﻛوب" وﻛذﻟك " ُ
ع ُﺣﻠﱠﺔ. ﺗﻛون إﻟﻰ ﺛوﺑﻳن :إزار ورداء ﻣن ﺟﻧس واﺣد ،ﻓﺈن اﺧﺗﻠﻔﺎ ﻟم ﺗُ ْد َ
وﻣن ذﻟك " اﻟظﱠﻌﻳﻧﺔ" ﻻ ﺗﻛون ظﻌﻳﻧﺔ ﺣﺗﻰ ﺗﻛون اﻣرأة ﻓﻲ ﻫودج ﻋﻠﻰ
راﺣﻠﺔ").(٣٥
دور اﻹﻋراب واﻟﺗﺻرﻳف ﻓﻲ اﻟﺧطﺎب
وﻓﻲ ﻣوﺿﻊ آﺧر ﻣن اﻟﻛﺗﺎب ﻳﺑﻳن اﺑن ﻓﺎرس دور " اﻹﻋراب"
و"اﻟﺗﺻرﻳف" ﻓﻲ "اﻟﺧطﺎب اﻟذي ﻳﻘﻊ ﺑﻪ اﻹﻓﻬﺎم ﻣن اﻟﻘﺎﺋﻝ ،واﻟﻔﻬم ﻣن
ﻋﻣر ز ْﻳد" ﻏﻳر ﺿرب ْ أﺣﺳن ز ْﻳد" أو " َ
ْ اﻟﺳﺎﻣﻊ" وذﻟك أن ﻗﺎﺋﻼً ﻟو ﻗﺎﻝ "ﻣﺎ
ٍ
أﺣﺳن زﻳد" أﺣﺳن زﻳداً" أو " ﻣﺎ ﻣﻌرب ﻟو ﻳوﻗف ﻋﻠﻰ ﻣرادﻩ .ﻓﺈذا ﻗﺎﻝ "ﻣﺎ
ُ َ
ﻳد" أﺑﺎن اﻹﻋراب ﻋن اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟذي أرادﻩ. أﺣﺳن ز ٌ
َ أو "ﻣﺎ
ﻼ" :وﻟﻠﻌرب ﻓﻲ ذﻟك ﻣﺎ ﻟﻳس ﻟﻐﻳرﻫﺎ ﻣﻧﻬم ُﻳ ﱢﻔرﻗون ﺑﺎﻟﺣرﻛﺎت وﻳﺗﺎﺑﻊ ﻗﺎﺋ ً
وﻏﻳرﻫﺎ ﺑﻳن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ .ﻳﻘوﻟون " ِﻣ ْﻔﺗَﺢ" ﻟﻶﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻔﺗﺢ ﺑﻬﺎ و" َﻣ ْﻔﺗَﺢ" ﻟﻣوﺿﻊ
ص" ﻟﻠﻣوﺿﻊ اﻟذي ﻳﻛون ﻓﻳﻪ اﻟﻘص". ِ
ﻘص" ﻵﻟﺔ اﻟﻘص و" َﻣﻘَ ّ اﻟﻔﺗﺢ و"ﻣ ّ
ﺛم ﻳﻘوﻟون" :ﻫذا ﻏﻼﻣﺎً أﺣﺳن ﻣﻧﻪ رﺟﻼً" ﻳرﻳدون اﻟﺣﺎﻝ ﻓﻲ ﺷﺧص
أﺣﺳن ﻣﻧﻪ رﺟ ٌﻝ" ﻓﻬﻣﺎ إذاً ﺷﺧﺻﺎن").(٣٦ ُ ﻏﻼم
ٌ واﺣد .وﻳﻘوﻟون" :ﻫذا
وﻳﻌطﻲ " اﻟﺗﺻرﻳف" دو اًر ﻛﺑﻳ اًر ﻓﻲ اﻟﺗﻣﻳﻳز ﺑﻳن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ" ،ﻓﺈن ﻣن ﻓﺎﺗﻪ
ظم" ﻷﻧﺎ ﻧﻘوﻝ " َو َﺟ َد" وﻫﻲ ﻛﻠﻣﺔ ﻣﺑﻬﻣﺔ ،ﻓﺈذا ﺻرﻓﻧﺎ اﻟﻣ ْﻌ َ
ﻋﻠﻣﻪ ﻓﺎﺗﻪ ُ
أﻓﺻﺣت ،ﻓﻘﻠﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎﻝ " ُو ْﺟدا" وﻓﻲ اﻟﺿﺎﻟﺔ " ِو ْﺟداﻧﺎً" وﻓﻲ اﻟﻐﺿب ْ
)(٣٥
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص .٦٧
)(٣٦
اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ ص .١٦١
٢٦
" َﻣ ْو ِﺟدة" وﻓﻲ اﻟﺣزن "وﺟداً" .وﻗﺎﻝ اﷲ ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ" :وأﻣﺎ اﻟﻘﺎﺳطون ﻓﻛﺎﻧوا
ﻟﺟﻬﻧم ﺣطﺑﺎً" وﻗﺎﻝ" :وأﻗﺳطوا إن اﷲ ﻳﺣب اﻟﻣﻘﺳطﻳن" ﻛﻳف ﺗﺣوﻝ اﻟﻣﻌﻧﻰ
اﻟﺟ ْور).(٣٧
ﺑﺎﻟﺗﺻرﻳف ﻣن اﻟﻌدﻝ إﻟﻰ َ
اﻟﻣﻌﻧﻰ واﻟﺗﻔﺳﻳر واﻟﺗﺄوﻳﻝ
وﻳﻧﺗﺑﻪ اﺑن ﻓﺎرس إﻟﻰ اﺧﺗﻼف واﺿﺢ ﺑﻳن ﺛﻼﺛﺔ أﻟﻔﺎظ ﻫﺎﻣﺔ ﻣن ﺣﻳث
ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ ،ﻫﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰ واﻟﺗﻔﺳﻳر واﻟﺗﺄوﻳﻝ "وﻫﻲ إن اﺧﺗﻠﻔت ﻓﺈن اﻟﻣﻘﺎﺻد ﺑﻬﺎ
ﻣﺗﻘﺎرﺑﺔ" وﻟﻌﻠﻪ ﻳﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺻد :اﻟﻣراﻣﻲ" .ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﻬو اﻟﻘﺻد واﻟﻣراد.
ﻳﻘﺎﻝ "ﻋﻧﻳت ﺑﺎﻟﻛﻼم ﻛذا" أي :ﻗﺻدت وﻋﻣدت" .وﻗﺎﻝ ﻗوم" اﺷﺗﻘﺎق اﻟﻣﻌﻧﻰ
ﻣن " اﻹظﻬﺎر" .ﻳﻘﺎﻝ:
"ﻋَﻧ ِت ِ
اﻟﻘرْﺑﺔ" إذا ﻟم ﺗﺣﻔظ اﻟﻣﺎء ﺑﻝ أظﻬرﺗﻪ .و" ُﻋﻧوان اﻟﻛﺗﺎب" ﻣن ﻫذا .وأﻣﺎ "ا َ
أﺣ َﺳ َن
ﻟﺗﻔﺳﻳر" ﻓﺈﻧﻪ "اﻟﺗﻔﺿﻳﻝ" ﻛذا ﻗﺎﻝ اﺑن ﻋﺑﺎس ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ" :و ْ
ﺗﻔﺳﻳ اًر" أي :ﺗﻔﺿﻳﻼً .وأﻣﺎ اﺷﺗﻘﺎﻗﻪ ﻓﻣن "اﻟﻔَﺳر :وﻳﺗﺎﺑﻊ ﻗﺎﺋﻼً" :أﺧﺑرﻧﻲ اﻟﻘطﺎن
ﻋن اﻟﻣﻌداﻧﻲ ﻋن أﺑﻳﻪ ﻋن ﻣﻌروف ﻋن اﻟﻠﻳث ﻋن "اﻟﺧﻠﻳﻝ" ﻗﺎﻝ :اﻟﻔﺳر:
ﻔﺳرة"اﻟﺑﻳﺎن ،واﺷﺗﻘﺎﻗﻪ ﻣن ﻓَﺳر اﻟطﺑﻳب اﻟﻣﺎء إذا ﻧظر إﻟﻳﻪ ،وﻳﻘﺎﻝ ﻟذﻟك "اﻟﺗﱠ ِ
ُ َ
أﻳﺿﺎً .وأﻣﺎ " اﻟﺗﺄوﻳﻝ" ﻓﺂﺧر اﻷﻣر وﻋﺎﻗﺑﺗﻪ .ﻳﻘﺎﻝ" :إﻟﻰ أي ﺷﻲء ﻣﺂﻝ ﻫذا
اﻷﻣر؟" أي :ﻣﺻﻳرﻩ وآﺧرﻩ وﻋﻘﺑﺎﻩ .وﻛذا ﻗﺎﻟوا ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ "وﻣﺎﻳﻌﻠم
ﺗﺄوﻳﻠﻪ إﻻ اﷲ" أي ﻻ ﻳﻌﻠم اﻵﺟﺎﻝ واﻟﻣدد إﻻ اﷲ ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ").(٣٨
ﺑﻳن ﺣﻘﺎﺋق اﻟﻛﻼم وﺑﻳن اﻟﻣﺟﺎز
ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﻧواﻝ ،وﺣﺳب ﻫذا اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟوظﻳﻔﻲ إذا ﺻﺢ اﻟﺗﻌﺑﻳر ﻳﻣﻳز
اﺑن ﻓﺎرس ﺑﻳن "ﺣﻘﺎﺋق اﻟﻛﻼم" وﺑﻳن "اﻟﻣﺟﺎز" إن " اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﻣن ﻗوﻟﻧﺎ ﺣق
اﻟﻣ ْﺣﻛم ،ﺗﻘوﻝ "ﺛوب ﱠ
اﻟﺷﻲء إذا وﺟب .واﺷﺗﻘﺎﻗﻪ ﻣن اﻟﺷﻲء اﻟﻣﺣﻘق وﻫو ُ
)(٣٧
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص .١٦٢
)(٣٨
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص .١٦٤ – ١٦٣
٢٧
ﻣﺣﻘﱠق اﻟﻧﺳﺞ" أي ُﻣ ْﺣ َﻛﻣﻪ .ﻗﺎﻝ اﻟﺷﺎﻋر:
اﻟرﻗﺎﻗﺎ
ّ اﻟﻣﺣﻘﱠﻘﺔ ﻛﻔﻳﻧﺎك إﻧﺎ أﺑﻳك وﺟﻪ ﺟﻠد
َ ﺑﻝ
ﺗَ ْﺳر ْ
)(٣٩
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص .١٦٧
)(٤٠
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص.١٦٨
٢٨
)(٤١
وﻣﺎذا ﻳؤدي اﻟﻠﻳ ُﻝ ﺣﻳن ﻳؤوب اﻟﺻﺑﺢ ﻏﺎدﻳًﺎ
ُ ت أ ﱡﻣﻪ ﻣﺎ َﻳﺑﻌث
َﻫ َو ْ
اﻟﺑﻼﻏﺔ اﻹﻳﺟﺎز
وﻓﻲ ﻛﻼﻣﻪ ﻋﻠﻰ "اﻟﺣذف واﻻﺧﺗﺻﺎر" ﻳﺿﻊ ﻳدﻩ ﻋﻠﻰ ﺳﻣﺔ ﺗﺗﻣﻳز ﺑﻬﺎ
اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﺗﻣﺎﻣﺎً .وﻫذا ﻣﺎ دﻓﻊ ﺑﻌﺿﻬم إﻟﻰ اﻟﻘوﻝ "اﻟﺑﻼﻏﺔ اﻹﻳﺟﺎز"
ورﺑﻣﺎ ﺟﺎء ﻣن ﻳﻘدم ﺗﻔﺳﻳ اًر ﻟﻬذﻩ اﻟظﺎﻫرة ،رﺑﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠق ﺑطﺑﻳﻌﺔ اﻟﻣﻧﺎخ اﻟﻣﺎﺋﻝ
إﻟﻰ اﻟﺣ اررة اﻟﺷدﻳدة ﻓﻲ ﻛﺛﻳر ﻣن ﻣﻧﺎطق اﻟﺟزﻳرة اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،وﻫو ﻣﺎ ﻗد ﻳﺟﻌﻝ
طن ﻣﻠوﻻً ﻣﺣﺑًﺎ ﻟﻺﺳراع واﻻﺧﺗﺻﺎر واﻹﻳﺟﺎز. اﻟﻌ َ
ﺿﻳق َ اﻹﻧﺳﺎن ﻫﻧﺎك ّ
وﻫذﻩ ﻣن ﺟﺎﻧب آﺧر ﺻﻔﺔ إﻧﺳﺎﻧﻳﺔ ﻏﻳر ﻣذﻣوﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣوم .ﻣن ذﻟك ﻣﺎ
ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﷲ" :واﺳﺄﻝ اﻟﻘرﻳﺔَ" أراد أﻫﻠﻬﺎ "وﺑﻧو ﻓﻼن ﻳطؤﻫم اﻟطرﻳق"
أي أﻫﻠﻪ .و"ﻧﺣن ﻧطﺄ اﻟﺳﻣﺎء" أي ﻣطرﻫﺎ .وﻣﺛﻝ ﻫذا ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ" :أن
اﺿرب ﺑﻌﺻﺎك اﻟﺑﺣر ﻓﺎﻧﻔﻠق") .(٤٢أي ﻓﺿرب ﻓﺎﻧﻔﻠق .وﻣﻧﻪ "إﻧﻲ آﻣﻧت
ﺑرﺑﻛم ﻓﺎﺳﻣﻌوﻧﻲ ،ﻗﻳﻝ ادﺧﻝ اﻟﺟﻧﺔ") .(٤٣أي :ﻓﻠﻣﺎ ﻗُﺗﻝ ﻗﻳﻝ ادﺧﻝ
اﻟﺟﻧﺔ).(٤٤
ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌرب ،ﺗﻣﻳﻝ أﺣﻳﺎﻧﺎً إﻟﻰ اﻟﺗﻛرار واﻹﻋﺎدة "إرادة اﻹﺑﻼغ
ﺑﺣﺳب اﻟﻌﻧﺎﻳﺔ ﺑﺎﻷﻣر" ﻛﻘوﻝ اﻷﺷﻌر:
و َﻛ ْم َﻛ ْم َﻛ ْم ﻟﻪ ﻛﺎﻧت ٍ
ﻧﻌﻣﺔ ﻛم
)(٤١
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص.١٦٩
)(٤٢
اﻵﻳﺔ :وأوﺣﻳﻧﺎ إﻟﻰ ﻣوﺳﻰ أن اﺿرب ﺑﻌﺻﺎك اﻟﺑﺣر ﻓﺎﻧﻔﻠق – ﺳورة اﻟﺷﻌراء – اﻵﻳﺔ.٦٣
)(٤٣
اﻵﻳﺔ :إﻧﻲ آﻣﻧت ﺑرﺑﻛم ﻓﺎﺳﻣﻌوﻧﻲ .ﻗﻳﻝ ادﺧـﻝ اﻟﺟﻧـﺔ .ﻗـﺎﻝ ﻳـﺎ ﻟﻳـت ﻗـوﻣﻲ ﻳﻌﻠﻣـون – ﺳـورة ﻳﺎﺳـﻳن –
اﻵﻳﺗﺎن.٢٦ – ٢٥ :
)(٤٤
اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ ص.١٧٥
٢٩
ﻓﻛرر ﻟﻔظ "ﻛم" ﻟﻔرط اﻟﻌﻧﺎﻳﺔ ﺑﻘﺻد ﺗﻛﺛﻳر اﻟﻌدد).(٤٥
ﻣن اﻟﻌﺎم إﻟﻰ اﻟﺧﺎص وﻋﻛﺳﻪ
وﺗﺣت ﻋﻧوان "اﻟﻌﻣوم واﻟﺧﺻوص" ﻳﻘف اﺑن ﻓﺎرس ﻋﻧد أﻣر ،ﻫو ﻓﻲ
ﺗﻔردت ﺑﻬﺎ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﺳوى ﻣﺳﺄﻟﺗﻲ اﻟﻌﺎم واﻟﺧﺎص، واﻗﻌﻪ ظﺎﻫرة ،رﺑﻣﺎ ﱠ
ﻓﺎﻟﻌﺎم ﻫو اﻟذي ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻻ ﻳﻐﺎدر ﻣﻧﻬﺎ ﺷﻳﺋﺎً ،وذﻟك ﻛﻘوﻟﻪ ﺟﻝ
ﺛﻧﺎؤﻩ "ﺧﻠق ﻛﻝ داﺑﺔ ﻣن ﻣﺎء" وﻗﺎﻝ" :ﺧﺎﻟق ﻛﻝ ﺷﻲء" .أﻣﺎ اﻟﺧﺎص ﻓﻬو
إن وﻫﺑت اﻟذي ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء دون أﺷﻳﺎء ﻛﻘوﻟﻪ ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ" :واﻣرأة ﻣؤﻣﻧﺔ ْ
ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻟﻠﻧﺑﻲ" وﻛﻘوﻟﻪ " :واﺗﻘون ﻳﺎ أوﻟﻲ اﻷﻟﺑﺎب" ﻓﺧﺎطب أﻫﻝ اﻟﻌﻘﻝ.
ﻋﻠﻰ أن ﺑﻳت اﻟﻘﺻﻳد اﻟذي رﻣﻳﻧﺎ إﻟﻳﻪ ،ﻫو " اﻟﻌﺎم اﻟذي ﻳراد ﺑﻪ
اﻟﺧﺎص" ﻋﻠﻰ ﺣد ﺗﻌﺑﻳر اﺑن ﻓﺎرس ،ﻛﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﻛﺎﻳﺔ ﻋن ﻣوﺳﻰ ﻋﻠﻳﻪ
اﻟﺳﻼم" :وأﻧﺎ أوﻝ اﻟﻣؤﻣﻧﻳن" وﻟم ﻳرد ﻛﻝ اﻟﻣؤﻣﻧﻳن ﻷن اﻷﻧﺑﻳﺎء ﻗﺑﻠﻪ ﻗد ﻛﺎﻧوا
ﻣؤﻣﻧﻳن .وﻣﺛﻠﻪ ﻛﺛﻳر ﻣﻧﻪ "ﻗﺎﻟت اﻷﻋراب آﻣﻧﺎ" ٕواﻧﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻓرﻳق ﻣﻧﻬم.
و"اﻟذﻳن ﻗﺎﻝ ﻟﻬم اﻟﻧﺎس" إﻧﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ "ُﻧ َﻌْﻳم ﺑن ﻣﺳﻌود" إن اﻟﻧﺎس "أﺑو ﺳﻔﻳﺎن"
وﻫو " ُﻋ ْﻳﻳَﻧﺔ ﺑن ﺣﺻن".
وﻫو أﻳﺿًﺎ "اﻟﺧﺎص اﻟذي ﻳراد ﺑﻪ اﻟﻌﺎم" ﻛﻘوﻟﻪ ﻋز وﺟﻝ "ﻳﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﻧﺑﻲ
اﺗق اﷲ وﻻ ﺗطﻊ اﻟﻛﺎﻓرﻳن واﻟﻣﻧﺎﻓﻘﻳن" اﻟﺧطﺎب ﻟﻪ )ص( واﻟﻣراد اﻟﻧﺎس
ﺟﻣﻳﻌﺎً) "(٤٦وﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺷﺑﻪ ﻋﻣﻝ اﻻﺳﺗﻌﺎرة ﻓﻲ اﻟﺑﻳﺎن ﺗﻛﻠم اﺑن ﻓﺎرس ﻋﻠﻰ "
إﺿﺎﻓﺔ اﻟﻔﻌﻝ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻟﻳس ﺑﻔﺎﻋﻝ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ" ،ﻳﻘوﻟون" :أراد اﻟﺣﺎﺋط أن
ﻳﻘﻊ" وﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﷲ ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ "ﺟدار ﻳرﻳد أن ﻳﻧﻘض" .وﻫو ﻓﻲ ﺷﻌر
اﻟﻌرب ﻛﺛﻳر).(٤٧
)(٤٥
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص.١٧٧
)(٤٦
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص.١٧٩ – ١٧٨
)(٤٧
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص.١٧٩
٣٠
"وﻣن ﺳﻧن اﻟﻌرب ذﻛر اﻟواﺣد واﻟﻣراد اﻟﺟﻣﻊ" و"اﻹﺗﻳﺎن ﺑﻠﻔظ اﻟﺟﻣﻊ
ف"و" َﻋ ُدﱞو" وﻗﺎﻝ
ﺿْﻳ ٌ
واﻟﻣراد واﺣد اﺛﻧﺎن" ﻓﻔﻲ اﻟﺣﺎﻝ اﻷوﻟﻰ ،ﻗوﻟﻪ ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ " َ
ﺗﻌﺎﻟﻰ" :ﻫؤﻻء ﺿﻳﻔﻲ" وﻗﺎﻝ" :ﺛم ﻳﺧرﺟﻛم طﻔﻼً" وﻓﻲ اﻟﺣﺎﻝ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ ،ﻗوﻟﻪ
ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ" :وﻟﻳﺷﻬد ﻋذاﺑﻬﻣﺎ طﺎﺋﻔﺔٌ" ﻳراد ﺑﻪ واﺣد واﺛﻧﺎن وﻣﺎ ﻓوق .وﻣﻧﻪ "إن
اﻟﺣ ُﺟرات" وﻟم ﻳﻛن ﻫؤﻻء ﺳوى رﺟﻝ واﺣد ﻧﺎدى اﻟذﻳن ﻳﻧﺎدوﻧك ﻣن وراء ُ
ﺻﻐت ﻗﻠوﺑﻛﻣﺎ" ْ "ﻳﺎ ﻣﺣﻣد إن ﻣدﺣﻲ َزْﻳ ٌن ٕوان ﺷﺗﻣﻲ َﺷْﻳ ٌن" .وﻗﺎﻝ" :ﻓﻘد
وﻫﻣﺎ ﻗﻠﺑﺎن ،وﻗﺎﻝ "ﺑم ﻳرﺟﻊ اﻟﻣرﺳﻠون") .(٤٨وﻫو واﺣد ﻳدﻝ ﻋﻠﻳﻪ ﻗوﻟﻪ ﺟﻝ
ﺛﻧﺎؤﻩ" :ارﺟﻊ إﻟﻳﻬم").(٤٩
وﻳﺧﺎطب اﻟواﺣد ﺑﻠﻔظ اﻟﺟﻣﻊ ﻓﻳﻘﺎﻝ ﻟﻠرﺟﻝ اﻟﻌظﻳم" :اﻧظروا ﻓﻲ أﻣري"
واﻟﻌرب "ﺗذﻛر ﺟﻣﺎﻋﺔ وﺟﻣﺎﻋﺔ ،أو ﺟﻣﺎﻋﺔ وواﺣدًا ،ﺛم ﺗﺧﺑر ﻋﻧﻪ ﺑﻠﻔظ
اﻻﺛﻧﻳن .ﻳﻘوﻝ اﻷﺳود:
ﻛﻼﻫﻣﺎ اﻟﺣﺗوف
و ُ اﻟﻣﻧﻳﱠﺔ إن
وﻗد ﺟﺎء ﻣﺛﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﻳم" :إن اﻟﺳﻣوات واﻷرض ،ﻛﺎﻧت رﺗﻘﺎً
ﻓﻔﺗﻘﻧﺎﻫﻣﺎ").(٥٠
اﻟواﺣد واﻟﺟﻣﻊ واﻟﺷﺎﻫد واﻟﻐﺎﺋب
)(٤٨
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺑق ص .١٨١ – ١٨٠
)(٤٩
ﺣﻛﺎﻳــﺔ ﻋــن ﺳــﻳدﻧﺎ ﺳــﻠﻳﻣﺎن ﻏﻠﻳــﻪ اﻟﺳــﻼم – ﺳــورة اﻟﻧﻣــﻝ – اﻵﻳــﺎت" :٣٧ ،٣٦ ،٣٥ ،٣٤ :اﻗﺎﻟــت إن
اﻟﻣﻠوك إذا دﺧﻠوا ﻗرﻳﺔ أﻓﺳدوﻫﺎ وﺟﻌﻠوا أﻋزة أﻫﻠﻬﺎ أذﻟﺔ ،وﻛذﻟك ﻳﻔﻌﻠونٕ .واﻧﻲ ﻣرﺳﻠﺔ إﻟـﻳﻬم ﺑﻬدﻳـﺔ ،ﻓﻧـﺎظرة
ﺑم ﻳرﺟﻊ اﻟﻣرﺳﻠون .ﻓﻠﻣﺎ ﺟﺎء ﺳﻠﻳﻣﺎن ﻗﺎﻝ :أﺗﻣدوﻧﻲ ﺑﻣﺎﻝ ،ﻓﻣﺎ آﺗﺎﻧﻲ اﷲ ﺧﻳ اًر ﻣﻣﺎ آﺗﺎﻛم ﺑﻝ أﻧﺗم ﺑﻬـدﻳﺗﻛم
ﺗﻔرﺣون .ارﺟﻊ إﻟﻳﻬم ﻓﻠﻧﺄﺗﻳﱠﻧﻬم ﺑﺟﻧود ﻻ ﻗﺑﻝ ﻟﻬم ﺑﻬﺎ ،وﻟﻧﺟرﺟﻧﻬم ﻣﻧﻬﺎ أذﻟﺔ وﻫم ﺻﺎﻏرون".
)(٥٠
اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ ص.١٨٢
٣١
ورﺑﻣﺎ ﺧوطب "اﻟواﺣد ﺧطﺎب اﻟﺟﻣﻊ إذا أرﻳد ﺑﺎﻟﺧطﺎب ﻫو وﻣن ﻣﻌﻪ".
)(٥١
ﻗﺎﻝ اﷲ ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ" :ﻳﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﻧﺑﻲ إذا طﻠﻘﺗم اﻟﻧﺳﺎء ﻓطﻠﻘوﻫن ﻟﻌﱠدﺗﻬن"
واﻟﻌرب ﺗﺧﺎطب اﻟﺷﺎﻫد ،ﺛم ﺗﺣوﻝ اﻟﺧطﺎب إﻟﻰ اﻟﻐﺎﺋب ،ﻛﻘوﻝ اﻟﻧﺎﺑﻐﺔ:
ِ
اﻷﺑد أﻗوت وطﺎﻝ ﻋﻠﻳﻬﺎ ﺳﺎﻟف ﻓﺎﻟﺳﻧِد
ّ ﺑﺎﻟﻌﻠﻳﺎء ﻣﻳﱠﺔ دار ﻳﺎ
)(٥١
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص.١٨٢
)(٥٢
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص.١٨٣
)(٥٣
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص١٨٣
)(٥٤
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص.١٨٤
٣٢
أﻧﺗم ،وﻗﺎﻝ ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ" :أﺗﻰ أﻣر اﷲ" أي :ﻳﺄﺗﻲ .وﻳﺟﻲء ﺑﻠﻔظ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻝ وﻫو
ﻓﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻣﺎض ،ﻗﺎﻝ اﻟﺷﺎﻋر:
)(٥٥
ﺿﻳت ﻋﻧﻪ وﻗﻠت :ﻻ ﻳﻌﻧﻳﻧﻲ
ﻓﻣ َُ ﻳﺳﺑﱡﻧﻲ اﻟﻠﺋﻳم ﻋﻠﻰ أ ﱡﻣر وﻟﻘد
وﻳﻔرد ﺑﺎﺑﺎً ﻻﺛﻧﻳن ﻣن اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ﻳﺄﺗﻲ أﺣدﻫﻣﺎ وﻫو اﺳم اﻟﻣﻔﻌوﻝ ﺑﻠﻔظ
ﺳر ٌ◌ ﻛﺎﺗم ،أي ﻣﻛﺗوم" .وﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﷲ ﺟﻝ ﺛﻧﺎؤﻩ :ﻻ اﺳم اﻟﻔﺎﻋﻝ" .ﺗﻘوﻝُ :
)(٥٦
اﻟﻳوم ﻣن أﻣر اﷲ .أي :ﻻ ﻣﻌﺻوم . ﻋﺎﺻم َ
َ
زار دﻣﺷق ﻋﺎم ١٩٧٤اﻟﻣﻣﺛﻝ اﻟﺳﻳﻧﻣﺎﺋﻲ اﻟروﺳﻲ اﻟراﺣﻝ" :اﻳﻧوﻛﻧﺗﻲ
ﺳﻣوﻛﺗوﻧوﻓﺳﻛﻲ" ﻓﻲ ﺻﺣﺑﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻓﻼم اﻟﺳﻳﻧﻣﺎﺋﻳﺔ اﻟﺳوﻓﻳﻳﺗﻳﺔ
اﻟﻣﻘﺗﺑﺳﺔ ﻋن ﻣﺳرﺣﻳﺎت ﺷﺎﻋر اﻹﻧﻛﻠﻳز اﻟﻛﺑﻳر وﻟﻳم ﺷﻛﺳﺑﻳر ،وﺑﻳﻧﻬﺎ
"ﻫﺎﻣﻠت" و"ﻋطﻳﻝ" و" اﻟﻣﻠك ﻟﻳر" إﻟﺦ .ﻛﺎن ذﻟك ﺑدﻋوة ﻣن ﻧﺎدي دﻣﺷق
اﻟﺳﻳﻧﻣﺎﺋﻲ اﻟذي ﻛﻧت ﺣﻳﻧﻬﺎ أﻣﻳن ﺳرﻩ .وﻓﻲ ﺣﻔﻝ اﻻﻓﺗﺗﺎح ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺔ
اﻟﻛﻧدي ،ﻛﺎن ﻋﻠﻲ أن أﻟﻘﻲ ﻛﻠﻣﺔ اﻟﻧﺎدي ،ﻋﻠﻰ أن ﻳﻘوم ﺑﺗرﺟﻣﺗﻬﺎ إﻟﻰ
اﻟروﺳﻳﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﻣﺧرج ﺳﻳﻧﻣﺎﺋﻲ ﻣﺗﺧرج ﻣن ﻫﻧﺎك .وﻓﻲ اﻟﺣق ﻓﺈﻧﻲ ﻟم
أﺑﺎﻟﻎ ﻓﻲ اﻟﻔﺻﺎﺣﺔ ،وﻟﻛن ﻛﺗﺑت وﻗرأت ﻛﻼﻣﺎً ،ﻳﺧﺗﻠف ﻋن اﻟدارج وﻋن
ﻟﻐﺔ اﻟﺻﺣف ،ﻓﺈذا اﻟﺗرﺟﻣﺎن اﻟﺻدﻳق ﻳﺗوﻗف ﺑﻌد ﻗﻠﻳﻝ ﻣﻌﻠﻧﺎً ﻋﺟزﻩ ﻋن
اﻟﺗرﺟﻣﺔ "إﻻ إذا ﺑﺳطت ﻛﻼﻣﻲ" أي ﻋدت إﻟﻰ ﻟﻐﺔ اﻟﺻﺣف.
ﺗذﻛرت ﻫذﻩ اﻟﺣﻛﺎﻳﺔ وأﻧﺎ أﻗ أر ﻣﺎ ﻛﺗﺑﻪ اﺑن ﻓﺎرس ﺣوﻝ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗرﺟﻣﺔ
ﻣن اﻟﻌرﺑﻳﺔ إﻟﻰ ﺳواﻫﺎ ﺑﻘوﻟﻪ" :وﻗد ﻗﺎﻝ ﺑﻌض ﻋﻠﻣﺎﺋﻧﺎ ﺣﻳن ذﻛر ﻣﺎ ﻟﻠﻌرب
ﻣن اﻻﺳﺗﻌﺎرة واﻟﺗﻣﺛﻳﻝ واﻟﻘﻠب واﻟﺗﻘدﻳم واﻟﺗﺄﺧﻳر وﻏﻳرﻫﺎ ﻣن ﺳﻧن اﻟﻌرب ﻓﻲ
اﻟﻘرآن ﻓﻘﺎﻝ :وﻟذﻟك ﻻ ﻳﻘدر أﺣد ﻣن اﻟﺗراﺟم ﻋﻠﻰ أن ﻳﻧﻘﻠﻪ إﻟﻰ ﺷﻲء ﻣن
)(٥٥
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق .١٨٦
)(٥٦
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص.١٨٧
٣٣
اﻷﻟﺳﻧﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻧﻘﻝ اﻹﻧﺟﻳﻝ ﻣن اﻟﺳرﻳﺎﻧﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﺣﺑﺷﻳﺔ واﻟروﻣﻳﺔ وﺗرﺟﻣت
اﻟﺗوراة...إﻟﺦ").(٥٧
ﻟﻘد ﻗدم اﺑن ﻓﺎرس ،ﻫذﻩ اﻟﻔﺻﺣﻰ ،ﻛﻣﺎ ﻟو أﻧﻪ واﺣد ﻣن ﺧﻳرة أﺑﻧﺎﺋﻬﺎ
اﻷﺻﻼء اﻟﻧﺟﺑﺎء ،وﻫو اﻟﻔﺎرﺳﻲ أﺻﻼً وﻓﺻﻼً ،واﺣد ﱡ
ﻳﻛن ﻟﻬﺎ وﻟﻧﺑﻳﻬﺎ
وأﻫﻠﻬﺎ ﺣﺑًﺎ ﺑﺎﻟﻐﺎً ٕواﻋﺟﺎﺑًﺎ ﻛﺑﻳ ًار ...وﻟم ﻳﺗرك ﺳﺎﻧﺣﺔ إﻻ ﺗﺣدث ﻓﻳﻬﺎ ﻋن
ﻋظﻣﺔ ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺔ ٕواﻋﺟﺎزﻫﺎ ،ﻛﻣﺎ ﻫو ﺣﺎﻝ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﻳم ﺗﻣﺎﻣﺎً .وﺣﺳﺑﻪ أﻧﻪ
ﻋرﺿﻬﺎ أﻣﺎم ﺑﺻﺎﺋرﻧﺎ وأﺑﺻﺎرﻧﺎ ،وﻛﺄﻧﻧﺎ ﻧراﻫﺎ ﻣن ﺧﻼﻝ ﻣوﺷور ﻛرﻳﺳﺗﺎﻟﻲ
ﺻﺎف ﺗظﻬر ﻓﻳﻪ أﻟوان اﻟطﻳف ﺟﻣﻳﻌﺎً.
)(٥٧
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص .١٣ – ١٢
٣٤
ﻓﻲ ﻧﺷﺄة اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
اﻟﻳوﻧﺎﻧﻳْﻳن أﻓﻼطون وأرﺳطو ﻫﻣﺎ أﻗدم ﻣن ﺑﺣثَ ﻻ ﺷك ﻓﻲ أن اﻟﻣﻔ ّﻛرﻳن
ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ وﻧﺷﺄﺗﻬﺎ ،ﻣﻊ اﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟرأي ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ ،ﻓﻘد ذﻫب أﻓﻼطون إﻟﻰ
أن اﻟﻠﻐﺔ ظﺎﻫرة طﺑﻳﻌﻳﺔ وأن ﻷﻟﻔﺎظﻬﺎ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻻزﻣﺔ ﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑطﺑﻳﻌﺗﻬﺎ،
ﻓﺎﻟﻛﻠﻣﺔ ﺗﺟﻠو ﺑﻠﻔظﻬﺎ اﻟﻣﻌﺑر أو طﺑﻳﻌﺔ اﺷﺗﻘﺎﻗﻬﺎ اﻟواﻗﻊ اﻟذي ﺗﻌﺑر ﻋﻧﻪ.
وذﻫب أرﺳطو إﻟﻰ ﺧﻼف ذﻟك ﺣﻳن رأى اﻟﻠﻐﺔ ظﺎﻫرة اﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ وأن
ﻷﻟﻔﺎظﻬﺎ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﺻطﻼﺣﻳﺔ ﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن اﺗﻔﺎق أو ﺗر ٍ
اض).(١
وﻫذا ﻣﺎ أﺧذ ﺑﻪ اﻟﻠﻐوي اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻛوﻧدﻳﺎك Etienne Condillac
) (١٧٨٠ -١٧١٥ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر واﺷﺗﻬر ﺑﻪ اﻟﻠﻐوي اﻟﺳوﻳﺳري
اﻟﻛﺑﻳر ﺳوﺳور Saussureﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﻳن .ﻳﻘوﻝ ﻛوﻧدﻳﺎك" :إن
اﻹﺷﺎرات اﻟﻠﻐوﻳﺔ اﺻطﻼﺣﻳﺔ ،واﻟﻠﻔظﺔ اﻧﺗﻘﻳﻧﺎﻫﺎ ﻧﺣن اﻟﺑﺷر ،ﻻﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ
ﺑﺄﻓﻛﺎرﻧﺎ إﻻ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو اﻋﺗﺑﺎطﻲ .وﻳﻘوﻝ :إن اﻟﻠﻐﺔ ﻫﻲ أوﺿﺢ ﻣﺛﺎﻝ
ﻧﻛوﻧﻬﺎ ﺑﺻورة إرادﻳﺔ") .(٢ﻓﻲ ﺣﻳن ﻳﻘوﻝ ﺳوﺳور" :إن ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻲ َ
اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻳن اﻟرﻣوز واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أﻧﻬﺎ ﻋﺷواﺋﻳﺔ ،ﻓﻬﻲ
اﺻطﻼﺣﻳﺔ اﺗﻔﺎﻗﻳﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟواﺣدة واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟواﺣد").(٣
وﻳﻧطﻠق اﻷﺳﺗﺎذ ﺻﻼح اﻟدﻳن اﻟزﻋﺑﻼوي ﻣن رأي أﻓﻼطون ﻓﻳرى أن اﻟﻠﻐﺔ
ﻧﺷﺄت ﻓﻲ اﻷﺻﻝ ﺑﺣﻛﺎﻳﺔ أﺻوات اﻟطﺑﻳﻌﺔ .وأﺛﺑت ﻋﻠم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺣدﻳث ﺗﻠﻘﻲ
اﻟﻠﻐﺔ ﻣن اﻷﺻوات ﻣذ ﻛﺎن اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺗﺻﻼً ﺑﺎﻟطﺑﻳﻌﺔ اﺗﺻﺎﻻً ﻻ اﻧﻔﺻﺎم ﻟﻪ،
) (١
ﻣذاﻫب وآراء ﻓﻲ ﻧﺷوء اﻟﻠﻐﺔ وﺗدرج ﻣﻌﺎﻧﻳﻬﺎ – ﺗـﺄﻟﻳف :ﺻـﻼح اﻟـدﻳن اﻟـزﻋﺑﻼوي دار اﻟﻣﺟـد – دﻣﺷـق
– ١٩٨٩ص .١٤
) (٢
ﻋﻠم اﻟﻠﻐﺔ – ﺗﺄﻟﻳف ﺟورج ﻣوﻧﻳن – ﺗرﺟﻣﺔ :ﺑدر اﻟدﻳن اﻟﻘﺎﺳم
) (٣
أﺿواء ﻋﻠﻰ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻠﻐوﻳﺔ – ﺗﺄﻟﻳف :ﻧﺎﻳف ﺧرﻣﺎ
٣٥
ﺗﻧﺑﺛق أداﺗﻪ اﻟﺗﻌﺑﻳرﻳﺔ ﻣن أﺻداﺋﻬﺎ ،وﺗﻧﺑﻌث ﺟذور ﻟﻐﺗﻪ ﻣن أﺣداﺛﻬﺎ).(٤
ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻳﺳﺗدرك ﻣؤﻳداً رأﻳﻪ ﺑﻧظرﻳﺔ ﻧﻌوم ﺗﺷوﻣﺳﻛﻲ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ،ﻓﻳﻘوﻝ:
إن اﻟﻣﺣﺎﻛﺎة ﻷﺻوات اﻟطﺑﻳﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺑﻳر ﻟﻳﺳت ﻣﺣﺎﻛﺎة آﻟﻳﺔ ،ﻓﻘد دﻝ اﻟﻌﻠم
ﻋﻠﻰ أن ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻣن اﻟﻘدرة اﻟﻔطرﻳﺔ ﻣﺎ ﻳﺟﻌﻠﻪ ﻳﺻوغ ﻣﻘﺎطﻊ ﻟﻐﺗﻪ ﻓﻲ
ﻣﺷﺎﻛﻠﺔ ﻟﻠﻣﺳﻣوع ،وﻓﻲ إﺑداع ﻣن اﻟذات .وﻳﻘوﻝ ﺗﺷوﻣﺳﻛﻲ :إن اﻟطﻔﻝ
ﻻﺗﻧﻣو ﻣﻬﺎرﺗﻪ اﻟﻠﻐوﻳﺔ ﺑﻣﺣض ﻣواءﻣﺗﻪ ﻟﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﺳﻣﻌﻪ ﺣﺳﺎً وﺟرﺳﺎً ،ﻛﻣﺎ
ﻟﻠﺑﺑﻐﺎء ﻓﻲ ﺣﻛﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻳﻘرع أذﻧﻬﺎٕ ،واﻧﻣﺎ ﻳﻌﺗﻣد ﻓﻲ ذﻟك ﻋﻠﻰ ﻛﻔﺎﻳﺗﻪ ﻳﺗﻔق ّ
)(٥
اﻟﻠﻐوﻳﺔ اﻟﻔطرﻳﺔ .
ﻧظرﻳﺔ اﺑن ﺟﻧﻲ اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ
ﻣن ﺟﺎﻧب آﺧر ﻓﺈن اﺑن ﺟﻧﻲ ﻓﻲ "اﻟﺧﺻﺎﺋص "ﻳﻘدم ﻓﻲ أﺻﻝ اﻟﻠﻐﺔ
ﻧظرﻳﺔ ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻓﻬو ﻳﻘوﻝ:
"ذﻫب ﺑﻌﺿﻬم إﻟﻰ أن أﺻﻝ اﻟﻠﻐﺎت ﻛﻠﻬﺎ إﻧﻣﺎ ﻫو ﻣن اﻷﺻوات
اﻟﻣﺳﻣوﻋﺔ ﻛدوي اﻟرﻳﺢ وﺣﻧﻳن اﻟرﻋد وﺧرﻳر اﻟﻣﺎء وﺷﺣﻳﺞ اﻟﺣﻣﺎر وﻧﻌﻳق
اﻟﻐراب وﺻﻬﻳﻝ اﻟﻔرس وﻧزﻳب اﻟظﺑﻲ وﻧﺣو ذﻟك .ﺛم وﻟدت اﻟﻠﻐﺎت ﻋن ذﻟك ﻓﻲ
ﻣﺎ ﺑﻌد وﻫذا ﻋﻧدي وﺟﻪ ﺻﺎﻟﺢ وﻣذﻫب ﻣﺗﻘﺑﻝ .وﻳﺳﺗطرد اﺑن ﺟﻧﻲ" :اﻋﻠم
أن ﻫذا ﻣوﺿﻊ ﺷرﻳف ﻟطﻳف ،وﻗد ّﻧﺑﻪ ﻋﻠﻳﻪ اﻟﺧﻠﻳﻝ وﺳﻳﺑوﻳﻪ ،وﺗﻠﻘﺗﻪ
اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﺎﻻﻋﺗراف ﺑﺻﺣﺗﻪ واﻟﻘﺑوﻝ .ﻗﺎﻝ اﻟﺧﻠﻳﻝ :ﻛﺄﻧﻬم ﺗوﻫﻣوا ﻓﻲ ﺻوت
اﻟﺟﻧدب اﺳﺗطﺎﻟﺔ وﻣداً ﻓﻘﺎﻟوا" :ﺻﱠر" وﺗوﻫﻣوا ﻓﻲ ﺻوت اﻟﺑﺎز ﺗﻘطﻳﻌﺎً،
ﻓﻘﺎﻟوا" :ﺻرﺻر" .وﻗﺎﻝ ﺳﻳﺑوﻳﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻌﻼن،
اﻟﻐﻠﻳﺎن واﻟﻐﺛﻳﺎن ،ﻓﻘﺎﺑﻠوا ﺑﺗواﻟﻲ
أﻧﻬﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﻟﻼﺿطراب واﻟﺣرﻛﺔ ﻧﺣو "اﻟََﻧﻘَزان و َ
) (٤
ﻣذاﻫب وآراء ﻓﻲ ﻧﺷوء اﻟﻠﻐﺔ – ﺻﻼح اﻟدﻳن اﻟزﻋﺑﻼوي – ص .٤
) (٥
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق – ص ٥
٣٦
ﺣرﻛﺎت اﻟﻣﺛﺎﻝ ،ﺗواﻟﻲ ﺣرﻛﺎت اﻷﻓﻌﺎﻝ").(٦
وﻓﻲ اﻟﺗﺄﻛﻳد ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻳن اﻷﻟﻔﺎظ واﻷﺻوات ﻳﻧﻘﻝ اﻟزﻋﺑﻼوي ﻋن
اﺑن ﺟﻧﻲ) (٧ﻗوﻟﻪ" :ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻷﻟﻔﺎظ ﺑﻣﺎ ﻳﺷﺎﻛﻝ أﺻواﺗﻬﺎ ﻣن اﻷﺣداث
ﻓﺑﺎب ﻋظﻳم واﺳﻊ ،وﻧﻬﺞ ﻣﺗﻠﺋب – أي :ﻣﺳﺗﻘﻳم – ﻋﻧد ﻋﺎرﻓﻳﻪ ﻣﺄﻣوم .ذﻟك
أﻧﻬم ﻛﺛﻳ اًر ﻣﺎ ﻳﺟﻌﻠون أﺻوات اﻟﺣروف ﻋﻠﻰ ﺳﻣت اﻷﺣداث اﻟﻣﻌﺑر ﺑﻬﺎ
ﻋﻧﻬﺎ ،ﻓﻳﻌدﻟوﻧﻬﺎ ﺑﻬﺎ ،وﻳﺣﺗذون ﻋﻠﻳﻬﺎ ،وذﻟك أﻛﺛر ﻣﺎ ﻧﻘدرﻩ وأﺿﻌﺎف ﻣﺎ
ﺿم ،ﻓﺎﻟﺧﺿم اﻷﻛﻝ ﻟﻠرطب ﻛﺎﻟﺑطﻳﺦ ﺿم وﻗَ ِ
ﻧﺳﺗﺷﻌرﻩ .ﻣن ذﻟك ﻗوﻟﻬمَ :ﺧ ِ
واﻟﻘﺛﺎء وﻣﺎ ﻛﺎن ﻧﺣوﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﺄﻛوﻝ اﻟرطب ،واﻟﻘﺿم ﻟﻠﺻﻠب اﻟﻳﺎﺑس ﻧﺣو
ﻗﺿﻣت اﻟداﺑﺔ ﺷﻌﻳرﻫﺎ وﻧﺣو ذﻟك .ﻓﺎﺧﺗﺎروا اﻟﺧﺎء ﻟرﺧﺎوﺗﻬﺎ ﻟﻠرطب ،واﻟﻘﺎف
ﻟﺻﻌوﺑﺗﻬﺎ ﻟﻠﻳﺎﺑس،ﺣذواً ﻟﻣﺳﻣوع اﻷﺻوات ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺳوس اﻷﺣداث".
اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺻوﺗﻳﺔ طﺑﻳﻌﻳﺔ
وﻳﻼﺣظ ﺻﻼح اﻟدﻳن اﻟزﻋﺑﻼوي "أن اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﺑﻳن اﻟﻠﻔظ وﻣﻌﻧﺎﻩ إﻧﻣﺎ
ﺗﺗﺟﻠﻰ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﻣراﺣﻝ ﻧﺷوء اﻟﻠﻐﺔ .ﻓﺎﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺻوﺗﻳﺔ ﻣرﺣﻠﺔ
طﺑﻳﻌﻳﺔ ﻻﺑد ﻷي ﻟﻐﺔ أن ﺗﺟوزﻫﺎ ،وﻫﻲ أظﻬر ﻣﺎ ﺗﻛون ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺎت ﻏﻳر
اﻟﻣرﺗﻘﻳﺔ أو ﻓﻲ اﻟدرﺟﺎت اﻟدﻧﻳﺎ ﻣن اﻟﻣرﺗﻘﻳﺔ .وﻗد ﺗﺗﻘﺎرب آﺛﺎر ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ
ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺎت أو ﺗﺗﺑﺎﻋد ،وﻟﻛن ..ﻻﺑد أن ﺗﺗﻔق ﻓﻲ ﻛﻝ ﻟﻐﺔ أﻟﻔﺎظ ﻫﻲ أﺻداء
ﻟﻣﻌﺎﻧﻳﻬﺎ .وﻳﻌزى ﻓﻲ اﻷﺻﻝ ﺗﺑﺎﻋد ﻫذﻩ اﻟﻣﻘﺎطﻊ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ ،ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ
أﺧرى ،وﻟو ﺣﻛت ﺻوﺗﺎً ﺑﻌﻳﻧﻪ إﻟﻰ أن ﻣﺣﺎﻛﺎة اﻷﺻوات ،ﻛﻣﺎ ّﻣر ﺑﻧﺎ ﻻ
ﺗﻛون آﻟﻳﺔ ،ذﻟك أن ﻗدرة ﻛﻝ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﺷرﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺻوغ ﻣﻘﺎطﻊ ﻟﻐﺗﻬﺎ
اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ .إﻧﻣﺎ ﺗﺗﺄﺛر ﺑﺟﺎرﺣﺔ ﺳﻣﻌﻬﺎ وﺟﻬﺎز ﻧطﻘﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺗوﻫم اﻟﻣﺳﻣوع
ﻋﻠﻰ ﻧﻣط ﺣﻳن ﺗﺗﻠﻘﺎﻩ ،وﺗﺣﺎﻛﻳﻪ ﻓﻲ ﺗﺻرف ﺣﻳن ﺗؤدﻳﻪ ﻋﻧﻪ ،ﻓﻼ ﺑد ﻟﻛﻝ
) (٦
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ – ص .١١
) (٧
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ – ص ١١
٣٧
ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن ﻧظﺎم ﺻوﺗﻲ ذي ﺳﻣﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺗﻠﻘﻲ واﻷداء ﺟﻣﻳﻌﺎً").(٨
وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﻣﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ زﻛﻲ اﻷرﺳوزي ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ "ﺑﻌث
اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ورﺳﺎﻟﺗﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم :رﺳﺎﻟﺗﺎ اﻟﻠﻐﺔ واﻟﻔن") (٩ﻻ ﻳﺧﺎﻟف ﻛﺛﻳ اًر
اﻟﻧظرﻳﺔ اﻟطﺑﻳﻌﻳﺔ ﻓﻲ ﻧﺷﺄة اﻟﻠﻐﺔ ﺑﻝ ﻳﺗوﺳﻊ ﻓﻳﻬﺎ وﻳﺿﻳف – اﻟﺧﻳﺎﻝ اﻟﻣرﺋﻲ
ﻣﺛﻼً – إﻻ أﻧﻪ ﻳﺿﻳف ﻣﺎ ﻳﻣﻛن أن ﻧدﻋوﻩ :اﻟﻧظرة اﻟﻔﻧﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ .ﻓﻬو
ﻳﻘوﻝ" :إن اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ ﺗﺷﻳر إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻧظرة اﻟﻔﻧﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة،
اﻟﺣﺳﻳﺔ )ﺛوب( إﻟﻰ اﻟﻌﻣﻝ ﻳﺗﻠﺑس ّ ﻓﻛﻠﻣﺔ )ﺛواب( ﻣﺛﻼً ﺗﺷﻳر ﺑﺻورﺗﻬﺎ
ﺻﺎﺣﺑﻪ ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻳﺗﻠﺑس اﻟﺛوب اﻟﺑدن .وﻛﻠﻣﺔ ) َذْﻧب( ﺗﺷﻳر ﺑﺻورﺗﻬﺎ اﻟﺣﺳﻳﺔ
) َذَﻧب( إﻟﻰ أن اﻟذﻧب ﻣن ﻣﻘﺗرﻓﻪ ﻛﺎﻟذﻧب ﻣن اﻟﺣﻳوان ،ﻳﻼﺣﻘﻪ وﻳﺣط ﻣن
ﻗدرﻩ .وﻛﻠﻣﺔ ) ّﻧﻳﺔ( ﺗﺷﻳر ﺑﺻورﺗﻬﺎ اﻟﺣﺳﻳﺔ )ﻧواة( إﻟﻰ أن اﻟﻧواﻳﺎ ﻣن اﻟﻧﻔس
اﻟﻧﺑﺎت :ﻓﺎﻟﻧﻳﺔ ﺗرﺳم ﺑﺗﻣوج ﻋﺑﺎرﺗﻬﺎ ،ﺳﻣﺎت ﺻﺎﺣﺑﻬﺎ ،واﻟﻧواة ﻛﺎﻟﻧواة ﻣن ّ
ﺗﻛﺷف ﺑﺛﻣرﻫﺎ ﻋن ﻣﻛﻧوﻧﺎت ﺷﺟرﺗﻬﺎ .وﻛذﻟك ﻫﻲ اﻟﻛﻠﻣﺎت :ﺟرم ،ﻗﺻﺎص،
ﺟزاء ،ﻋﻘﺎب ...ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺷﻳر ﺑﺄﺻوﻟﻬﺎ اﻟﻠﻐوﻳﺔ إﻟﻰ ﺻور :اﻟﺟر واﻟﻘص
واﻟﺟز ...ﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈن اﻟذﻫن اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻟم ﻳﻘف ﻋﻧد ﺣدود اﻟﺻورة ،ﺑﻝ
ﺗﻌداﻫﺎ ﺑﺻﺑوﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ :ﻣﺻدر وﺟودﻫﺎ").(١٠
اﻟﻠﺳﺎن اﻟﻌرﺑﻲ وأﺻوﻟﻪ
ﻣﻬﻣﺎ ﻳﻛن ﻣن أﻣر ﻓﺈن اﻷرﺳوزي ﻳرى أن اﻟﻠﺳﺎن اﻟﻌرﺑﻲ ظﻝ ﻣﺣﺗﻔظﺎ ً◌
ﺑﺄﺻوﻟﻪ ﻓﻲ اﻟطﺑﻳﻌﺔ ﺑﻔﺿﻝ ﺑﻧﻳﺎﻧﻪ اﻻﺷﺗﻘﺎﻗﻲ ،ﻓﺎﻟﻛﻠﻣﺔ ﻟم ﺗزﻝ ﻓﻳﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺷﺄﺗﻬﺎ
اﻷوﻟﻰ ،ﺻورة ﺻوﺗﻳﺔ ﺗﺣﻣﻝ طﺎﺑﻊ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟذي أﻧﺷﺄﻫﺎ ،وﺗدﻝ ﻋﻠﻳﻪ دﻻﻟﺔ
) (٨
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ – ص .١٣
) (٩
ﺑﻌــث اﻷﻣــﺔ اﻟﻌرﺑﻳــﺔ ورﺳــﺎﻟﺗﻬﺎ إﻟــﻰ اﻟﻌــﺎﻟم – رﺳــﺎﻟﺗﺎ اﻟﻠﻐــﺔ واﻟﻔــن – ﻣطﺑوﻋــﺎت اﻟﻣﻛﺗﺑــﺔ اﻟﻛﺑــرى ﻟﻠﺗــﺄﻟﻳف
واﻟﻧﺷر ﺑدﻣﺷق – ١٩٥٣ﺗﺄﻟﻳف :زﻛﻲ اﻷرﺳوزي
)(١٠
ﺑﻌث اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ – زﻛﻲ اﻷرﺳوزي – ص ٥
٣٨
اﻟﻣﺑﻧﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﻣم ،وﺑﻧﻳﺎن ﻫذا اﻟﻠﺳﺎن ﻟم ﻳزﻝ ﻳؤﻟف ﻛﻼً ﺣﻳﺎً ،ﺗﻧﺳﺟم ﻓﻳﻪ
اﻟﻣﻘوﻣﺎت ،ﻛﺎﻟﻧﺣو واﻟﻛﻼم واﻟﻧﻐم ،اﻧﺳﺟﺎم اﻷﻧﺳﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺑدن).(١١
وﻳوﺿﺢ اﻷرﺳوزي أﻧﻪ ﻳدرس اﻟﻠﺳﺎن اﻟﻌرﺑﻲ دراﺳﺔ ﺗوﻟﻳدﻳﺔ
" Genetiqueﺗﻛﺷف ﻟﻧﺎ ﻋن ﻧﻬﺞ اﻟﺣﻳﺎة ﻓﻲ إﻳﺟﺎدﻫﺎ أداة ﺑﻳﺎﻧﻬﺎ ،ﻓﺗﺳﺎﻋد
ﻋﻠﻰ ﺣﻝ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻌﺻﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻝ ﺣﻠﻬﺎ ،أﻻ وﻫﻲ ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻠﺳﺎن
ذاﺗﻬﺎ").(١٢
وﻓﻳﻣﺎ ﻳرى أن اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﺻورة ﺣﻳﺔ ﺗﻔﻳض ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻔﺎﻫﻳم اﻟﻛﺎﻣﻧﺔ
ﻓﻳﻬﺎ ﺑﻳﺎﻧﺎً ﺻوﺗﻳﺎً ﻣرﺋﻳﺎً ﻳﻛﺳﺑﻬﺎ ُﺣﻠﺔ ﻣن اﻟﺷﻌر ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺗﺳﺎءﻝ :ﻛﻳف ظﻠت
ﻣزاﻳﺎ ﻫذا اﻟﻠﺳﺎن ﻣﺟﻬوﻟﺔ ﺣﺗﻰ اﻵن؟ أﻳرﺟﻊ اﻟﺳﺑب ﻓﻲ ذﻟك إﻟﻰ اﻻﺧﺗﻼف
ﺑﺎﻟﻌﺑﻘرﻳﺔ ﺑﻳﻧﻧﺎ وﺑﻳن اﻟذﻳن أوﻟوا ﻋﻧﺎﻳﺗﻬم دراﺳﺔ ﻟﺳﺎﻧﻧﺎ؟ أم ﻳرﺟﻊ اﻟﺳﺑب إﻟﻰ
أن أﻋﻼم اﻟﻠﻐﺔ وﺟﻠّﻬم ﻣن اﻷﻋﺎﺟم ﻗد أدرﻛوا ﺑﻧﻳﺎن ﻛﻼﻣﻧﺎ ﻣن ﺧﻼﻝ
ﻋﻘﻠﻳﺗﻬم ،ﻓدوﻧوا ﻗواﻋدﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺛﺎﻝ ﻟﻐﺗﻬم؟) (١٣ﻣﻬﻣﺎ ﻳﻛن اﻟﺳﺑب ﻓﻲ ذﻟك،
ﻓﺈن دراﺳﺔ ﻟﻐﺗﻧﺎ ﻳظﻬر ﻓﻳﻬﺎ اﻟﺗﻘﺻﻳر ﻓﻲ ﺗﻧظﻳم ﻣﻌﺎﺟﻣﻧﺎ ،ﺣﻳث ظﻠت
اﻟراﺑطﺔ اﻻﺷﺗﻘﺎﻗﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣدود اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻳن اﻟﻔﻌﻝ وﻣﺷﺗﻘﺎﺗﻪ اﻻﺳﻣﻳﺔ واﻟﻔﻌﻠﻳﺔ،
ﺑﻳﻧﺎ ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺗﺷﻣﻝ ﺟﻣﻳﻊ اﻷﻓﻌﺎﻝ اﻟﺗﻲ ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ ﺻورة ﺻوﺗﻳﺔ ﻣﻘﺗﺑﺳﺔ
ﻣﺑﺎﺷرة ﻣن اﻟطﺑﻳﻌﺔ .ﻓﻌﻼﻗﺔ ﻓﻌﻝ "ﺧرق" ﻣﺛﻼً ﺗﻘف ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺟم ﻋﻠﻰ
اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﺗﺎﻟﻳﺔ :اﻟﺧﺎرق )ﻣﺎ ﻳﺧرق اﻟﻌﺎدة( واﻟﻣﺧراق )اﻟﻣﻣر( واﻟﻣﺧرﻗﺔ
)اﻟﻣﺛﻘﺑﺔ( واﻟﻣﺧﺎرق )اﻟﻣﻧﺎﻓذ( ﻓﻲ ﺣﻳن أن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻣذﻛورة ﺗﺷﻣﻝ اﻷﻓﻌﺎﻝ
ﺧر" اﻟﻣﺎء ﺧرﻳ اًر ،اﻟﺻورة اﻟﺻوﺗﻳﺔ – اﻟﻣرﺋﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ أروﻣﺔ " ّ
اﻷوﻟﻰ ،أي إﻧﻬﺎ ﺗﺷﺗرك ﻓﻲ ﺧﻳﺎﻝ ﺗﺄﺛﻳر اﻟﻣﺎء ﻓﻲ ﻣﺟراﻩ :ﺧرب ﺧرﺑﺎً ،ﺧرج
)(١١
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق – ص ١٠
)(١٢
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق – ص ١١
)(١٣
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ – ص ١٢
٣٩
ﺧروﺟﺎً ،ﺧرد ﺧرداً ،ﺧرم ﺧرﻣﺎً ،ﺧرز ﺧر اًز ...وﻋﻠﻰ ﻫذا ﻓﺎﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
ﻟﻳﺳت إذاً رﻣ اًز ﻳﻠﺗﺻق ﺑﻪ اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻋرﺿﺎً واﺗﻔﺎﻗﺎً ،ﻛﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺣﺎﻝ ﻓﻲ ﺗﻌرﻳف
اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺎت اﻷوروﺑﻳﺔ .ﺑﻝ إﻧﻬﺎ ﺻورة ﺗﺗﺄﻟف ﻣن ﺻوت وﺧﻳﺎﻝ ﻣرﺋﻲ
وﻣﻌﻧﻰ ﻫو ﻗوام ﺗﺂﻟﻔﻬﻣﺎ :ﻓﺎﻟﺻوت ﻓﻲ اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﻣﺗﻘدم ذﻛرﻫﺎ ﻫو ﺻوت
ﺧرﻳر اﻟﻣﺎء ،واﻟﺧﻳﺎﻝ اﻟﻣرﺋﻲ ﻫو ﺗﺄﺛﻳر اﻟﻣﺎء ﻓﻲ ﻣﺟراﻩ :ﺧرﺑﺎً ،ﺧرﻗﺎً،
ﺧروﺟﺎً ...واﻟﻣﻌﻧﻰ ﻫو اﻟﺣدس اﻟﻛﺎﻣن ﻓﻲ ﻣﺑدأ اﻻﺷﺗﻘﺎق).(١٤
ﺻﻧﻳﻊ اﻟذﻫن اﻟﻌرﺑﻲ
وﻫﻧﺎك أﻣﺛﻠﺔ ﻣن ﻧوع آﺧر ،ﻏﻳر أن اﻷﺻوات ﻫذﻩ اﻟﻣرة ﻣﻘﺗﺑﺳﺔ ﻣن
إن" و"أ خْ " ﻓﻘد ﺻﻧﻊ اﻟذﻫن اﻟﻌرﺑﻲ ﻣن ﻋﺑﺎرة اﻟﻬﻳﺟﺎن اﻟطﺑﻳﻌﻳﺔ ﻛﺻوت " ْ
أن" أﻧﻳﻧﺎً ،وﻣﻧﻪ أﻳﺿﺎً ﺻﻧﻊ ﺿﻣﺎﺋر اﻟﻣﺗﻛﻠم واﻟﻣﺧﺎطب إن" ﻓﻌﻝ " ﱠ
ﺻوت " ْ
وﺑﺗﺣوﻝ اﻟﻬﻣزة ﻓﻳﻪ إﻟﻰ ﺷﻘﻳﻘﺗﻬﺎ ﻣن ﺣﻳث ﻧﺣو :أﻧﺎ ،أﻧت ،أﻧﺗﻣﺎ ،أﻧﺗنّ ،
)(١٥
ﺣن" ﺣﻧﻳﻧﺎً .ﻋن" ﻋﻧﻳﻧﺎً و" ّ
اﻟﻣﺧرج :ع ،ح اﺳﺗﺣدث " ّ
وﻗد اﺳﺗﻔﺎد اﻟذﻫن اﻟﻌرﺑﻲ ﻣن اﻷﺻوات واﻟﺣرﻛﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺻﻝ ﻣﻌﺎً ﻓﻲ
وﻗض" ﻓﻌﺑر ﺑﻬﺎ وﺑﻣﺷﺗﻘﺎﺗﻬﺎ ﻋن ﺗﻠوﻧﺎت وﻗص ّ وﻗد ّ اﻟﻔم أﻳﺿﺎً ﻧﺣو" :ﺑتّ ّ
ُﺳراﻟﺣدس اﻟﺣﺎﺻﻝ ﻋﻧد ﺣدوث اﻟﺣرﻛﺔ .وﻳﺳرد اﻷرﺳوزي "ﺑﻌض أ َ
اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﻌرﺑﻳﺔ" ﻣظﻬ اًر ﺑﻬﺎ ﻓﺳﺣﺔ اﻟﺧﻳﺎﻝ اﻟﻌرﺑﻲ ودﻗﺔ ﻣﻼﺣظﺗﻪ ،وﻣﻧﻬﺎ:
-١ﻗطّ ،اﻟﻘط ،اﻟﻘطب ،اﻟﻘطوب ،ﻗَطَر ،اﻟﻘﺎطرة ،اﻟﻘﻧطرة ،ﻗطﻊ،
ﻗطف ،ﻗطﻝ ،ﻗطم ،ﻗطن ....
ﻗد ،اﻟﻘد ،اﻟﻘدﻳد ،اﻟﻘدح ،اﻟﻘدر ،اﻟﻘﺎدوس ،اﻟﻘدم ،اﻟﻘدوم ،اﻟﻘدﻣوس .
ّ -٢
ﺑت ،اﻟﺑﺎت ،اﻟﺑﺎﺗر ،اﻷﺑﺗر ،اﻷﺑﺗﻊ ،ﺑﺗر ،ﺗﺑﺗﻝ ،ﺑطر ،اﻟﺑﺗوﻝ .ّ -٣
ﺑت ﺑﺗﺣوﻝ "اﻟﺗﺎء" إﻟﻰ ﺷﻘﻳﻘﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﺧرج "داﻝ"( ﺑدد )ﻣن :ﱠ ﺑدّ ،
ّ -٤
)(١٤
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ – ص ١٤ -١٣
)(١٥
زﻛﻲ اﻷرﺳوزي – ﺑﻌث اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ – ص ١٤
٤٠
اﻟﺑدﻳد ،ﺑداء ،اﻟﻣﺑدأ ،ﺑديء ،اﻟﻣﺑﺎدرة ،ﺑدع ،اﻟﺑدﻋﺔ ،اﻟﺑدﻳﻊ ،ﺑدن ،ﺑدﻩ ،ﺑدا،
ﺑض )ﺑﺗﺣوﻝ اﻟـ "داﻝ" إﻟﻰ ﺿﺎد() ...(١٦إﻟﺦ ّ
اﻟﻌﺑﻘرﻳﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ . . .واﻹﻳﻘﺎع
زم
وﻳﺳوق اﻷﺳﺗﺎذ اﻷرﺳوزي أﻣﺛﻠﺔ أﺧرى ﻛﺛﻳرة ﻓﻲ ) (٥اﻧطﻼﻗﺎً ﻣن ّ
ﻋن .ﺛمﺣن و) (٨اﻧطﻼﻗﺎً ﻣن ّ أن و) (٧اﻧطﻼﻗﺎً ﻣن ّ و) (٦اﻧطﻼﻗﺎً ﻣن ّ
ﻳﺳﺗطرد ﻗﺎﺋﻼً :ﻣن اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﻳظﻬر أن اﻟﻌﺑﻘرﻳﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻓﻲ إﻧﺷﺎء
ﺑﻳﺎﻧﻬﺎ ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ اﻹﻳﻘﺎع Rythmeاﻟﻣﻧطوي ﻓﻲ اﻟﺻور اﻟذﻫﻧﻳﺔٕ ،واﻟﻰ
ﺗﻌدﻳﻝ Equivalenceﻣظﺎﻫر اﻟﺣﻳﺎة اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟﺻوت اﻟذي ﻫو طوع
إرادﺗﻬﺎ ،وﺑﺎﻟرؤﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ذات ﺗﻠون ودﻗﺔ .وﻫﻝ ﻳﺧﺗﻠف ﻧﻬﺞ اﻟﻌﺑﻘرﻳﺔ
اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻫذا ﻋن ﻧﻬﺞ اﻟﺣﻳﺎة ،إذ ﻫﻲ ﺗﻌدﻝ ﺣرﻛﺔ اﻟﻔم اﻟﻌﺿﻠﻳﺔ ﺑﺎﻟﺻوت،
واﻟﺻوت ﺑﺎﻟرؤﻳﺔ .إن اﻟﻠﺳﺎن اﻟﻌرﺑﻲ ﺑﻣﺑدﺋﻪ "اﻟﻣﻌﻧﻰ" وﺑﺗﺟﻠﻳﺎﺗﻪ "اﻷﺻوات"
ﻟﻬو ﻋﻠﻰ ﻏرار اﻟﺑدن ﺷﺟرة ﺳﺣرﻳﺔ ﻧﺎﻣﻳﺔ أﺑداً ،ﺟذورﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻸ اﻷﻋﻠﻰ،
وﺗﺟﻠﻳﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟطﺑﻳﻌﺔ).(١٧
وﻳﺗﺣدث اﻷرﺳوزي ﻋﻣﺎ ﻳﺳﻣﻳﻪ "اﻟﺧﻳﺎﻝ اﻟﻣرﺋﻲ" ﻓﻳرى أﻧﻪ ﻫو اﻟذي
ﺻوى )ﻋﻼﻣﺎت( ﻓﻲ ﻳﺳﺑﻎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻔﺎﻫﻳم ﺣﻠّﺔ ﻣن اﻟﺷﻌر ،ﻓﻳﺟﻌﻠﻬﺎ ذات ُ
اﻟذﻫن ﻋﻠﻰ ﻣﺛﺎﻝ اﻷﺷﻳﺎء ﻓﻲ اﻟطﺑﻳﻌﺔ ،ﻓﻛﻠﻣﺔ )أرﻣﻠﺔ( ﺗﺑﻌث ﺑﺧﻳﺎﻝ اﻟرﻣﻝ
اﻟذي ﺗطﻠﻲ ﺑﻪ اﻟﻣرأة وﺟﻬﻬﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺷﺗرك ﻓﻲ ﺗﺷﻳﻳﻊ ﺟﺛﻣﺎن زوﺟﻬﺎ إﻟﻰ
ﻛﻧﺔ( ﺗذﻛر ﺑﺧﻳﺎﻝ )اﻟﻛن( وﻫو اﻟوﺷﺎح اﻟذي ﺗﺗﺷﺢ ﺑﻪ اﻟﺑﻧت اﻟﻘﺑر .وﻛﻠﻣﺔ ) ّ
وﻫﻲ ﻓﻲ طرﻳﻘﻬﺎ إﻟﻰ ﺧﻠوة اﻟﻌرس – .ﻛﺎن اﻷﺣرى ﺑﺎﻷرﺳوزي أن ﻳذﻛر أن
اﻟﻛن( ﻫو وﻗﺎء ﻛﻝ ﺷﻲء وﺳﺗرﻩ واﻟﺑﻳت واﻟﻐطﺎء – وﻛﻠﻣﺔ )ﻋﺑﻘري( ) ّ
)(١٦
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق – ص ١٦ -١٥
)(١٧
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق – ص ١٧-١٦
٤١
وﻗر" ﺗوﺣﻲ ﻓﻲ ﺗرﻛﻳﺑﻬﺎ ﺑﺧﻳﺎﻝ اﻟزﻫرة اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺛر اﻟﻌطر اﻟﻣرﻛﺑﺔ ﻣن "ﻋﺑق ّ
ﺿف" ﺿﻔﺔ اﻟﻧﻬر وﻣن ﺑﺻورة ﻣﺳﺗﻣرة .وﻛﻠﻣﺔ )ﺿﻔدع( اﻟﻣرﻛﺑﺔ ﻣن " ّ
"دﻋﺎ" ﺗدﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﻣﺎﻫﺎ .وﻛﻠﻣﺔ )ﺳﻠﺣﻔﺎة( ﻳﻌﺑر ﺗرﻛﻳﺑﻬﺎ اﻟﺣﺎﺻﻝ ﻣن "ﺳ ّﻝ"
و"ﻟﺣف" ﻋن ﺧﺻﺎﺋص ﻣدﻟوﻟﻬﺎ ،وﻛذﻟك ﻫﻲ اﻟﻛﻠﻣﺎت) :ﻏرﻧﻳق( ﻣن "ﻏر
ﻗن وﻧﺑر" .وﺛﻣﺔ أﻣﺛﻠﺔ أﺧرى ﻗن وﻧﻔذ" و)ﻗﻧﺑرة( ﻣن " ّ وأﻧﻳق" و)ﻗﻧﻔذ( ﻣن " ّ
ﻳظﻬر ﻓﻳﻬﺎ ﺟﻠﻳﺎً اﻟﺗﺑﺎدﻝ ﺑﻳن اﻟﺻوت اﻟذي ﻳﺧﺿﻊ ﺑﻣدادﻩ – ﻳﻌﻧﻲ :إﻳﻘﺎﻋﻪ
اﻟﺗﻠون واﻟدﻗﺔ .أﻣﺛﻠﺔ ﺗوﺿﺢ ﻟﻧﺎ اﻟﻧﻬﺞ اﻟذي– ﻟﻺرادة وﺑﻳن اﻟرؤﻳﺔ ذات ّ
)(١٨
ﺳﻠﻛﺗﻪ اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻓﻲ إﻧﺷﺎء ﻟﺳﺎﻧﻬﺎ .
اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ وﻣدادﻫﺎ
ﻧﺑﻠﻎ أﺧﻳ اًر إﺷﺎرة اﻷﺳﺗﺎذ اﻷرﺳوزي إﻟﻰ "ﻗﺎﺑﻠﻳﺔ اﻟﺣرﻛﺎت اﻟﺑﻳﺎﻧﻳﺔ" ﻓﻔﻲ
اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﺗﺣﺗﻔظ ﺑﻣدادﻫﺎ – إﻳﻘﺎﻋﻬﺎ – اﻷﺻﻳﻝ ،ﻓﺗﻌﺑر ﺑذﻟك ﻋن
ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﺑديء ،ﻓﺎﻟﻔﺗﺣﺔ اﻟﺣﺎﺻﻠﺔ ﺑﺣﺳب ﻣﺧرﺟﻬﺎ ﻋن رﻛون اﻟﻠﺳﺎن ﻋﻧد
ﺻدور اﻟﺻوت ،ﺗﻌﺑر ﻋن اﻟرﻛون واﻻﻧدراج .واﻟﻛﺳرة اﻟﺣﺎﺻﻠﺔ ﻋﻧد
ﺻدور اﻟﺻوت ﺑﻛر اﻟﺷﻔﺗﻳن ورﺟﻌﺗﻬﻣﺎ ،ﺗﻌﺑر أﻳﺿﺎً ﻋن اﻟﻧﺳﺑﺔ أو ﻋودة
اﻟﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟذات ،وﻛذﻟك اﻟﺿﻣﺔ اﻟﺣﺎﺻﻠﺔ ﻋن ﺗداﺧﻝ اﻟﺻوت ﻋﻧد
ﺧروﺟﻪ ،ﺗﻌﺑر ﻋن اﻟﻔﻌﺎﻟﻳﺔ اﻟﻣﺗواﺻﻠﺔ واﻟداﺋﻣﺔ.
ﻓﻔﻲ اﻹﻋراب أو وظﻳﻔﺔ اﻟﻛﻠﻣﺔ ،ﻣﺛﻼً ﻳﺑدو ﺑﻳﺎن اﻟﺣرﻛﺎت ﺑﺻورة
ﻣطّردة ،ﻓﺎﻟﻔﻌﻝ اﻟﻣﺿﺎرع ذو اﻟﻔﻌﺎﻟﻳﺔ اﻟﻣﺗواﺻﻠﺔ )ﺣﺎﺿر ﻳﻧزع إﻟﻰ
اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻝ( ﻳﻌرب ﻣﺑدﺋﻳﺎً ﺑﺎﻟﺿﻣﺔ وﻫﻲ ﻋﺑﺎرﺗﻪ اﻟطﺑﻳﻌﻳﺔ .وﻛذﻟك اﻟﻔﺎﻋﻝ
ﻳﻌرب أﻳﺿﺎً ﺑﺎﻟﺿﻣﺔ ﺑﻳﻧﻣﺎ ﻧرى اﻟﻣﻔﻌوﻝ ،ﻟﻛﻲ ﻳﺣﺗﻣﻝ ﻓﻌﻝ اﻟﻔﺎﻋﻝ ﻳﻌرب
ﺑﺎﻟﻔﺗﺢ .وﻛذﻟك اﻟﻔﻌﻝ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻳدﺧﻝ ﻓﻲ اﻟرﻛون ﺑﺈﻋراض اﻟوﺟدان – أو
)(١٨
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ – ص ٣١ -٣٠
٤٢
اﻟﺷﻌور – Conscienceﻋﻧﻪ ﻓﻳﺑﻧﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺗﺢ ﺑﻳﺎﻧﺎً ﻟذﻟك .أﻣﺎ اﻷﻣر
واﻟﻧﻬﻲ ،ﻓﺈﻧﻬﻣﺎ ﺑﺣﺳب طﺑﻳﻌﺔ ﻣﻔﻬوﻣﻬﻣﺎ ﻳﺟزﻣﺎن ،وﻳﻌﺑر ﻋن اﻟﺗوﻛﻳد
ﺑﺎﻟﺷدة ،ﻟﻳﻛون ﻫﻧﺎك ﺗﻼزم ﺑﻳن اﻟﻌﺑﺎرة واﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻘﺻود ﺑﻳﺎﻧﻪ ،وﻳﻌﺑر ﻋن
اﻟﻣﺟرور أﻳﺿﺎً ﺑﺎﻟﻛﺳر ﺗﺣﻘﻳﻘﺎً ﻟﻠﻧﺳﺑﺔ).(١٩
ﺣروف اﻟﻌﻠﺔ واﻹﻋراب
وﻳﻘﻳم اﻷرﺳوزي ﺻﻠﺔ ﻣﻧطﻘﻳﺔ ،ﻻﺣظﻬﺎ ﺑﻌض ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻠﻐﺔ ﺑﻳن ﺣروف
اﻟﻌﻠﺔ وﺑﻳن ﺣرﻛﺎت اﻹﻋراب ،ذاك أﻧﻪ "ﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺣروف اﻟﻌﻠﺔ ﺑﺣﺳب
ﺷﻛﻠﻬﺎ وﻛﻳﻔﻳﺔ ﺗﻛوﻳﻧﻬﺎ ،ﺗﻔﺧﻳﻣﺎً ﻟﻠﺣرﻛﺎت اﻟﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻬﺎ ،أي إن اﻟواو ﺗﻔﺧﻳم
ﻟﻠﺿﻣﺔ واﻟﻳﺎء ﺗﻔﺧﻳم ﻟﻠﻛﺳرة واﻷﻟف ﺗﻔﺧﻳم ﻟﻠﻔﺗﺣﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺑر ﻋن اﻟﻣﻌﻧﻰ
ﺑﺻورة ﻣﻔﺧﻣﺔ).(٢٠
أﺧﻳ اًر ﻓﺈن زﻛﻲ اﻷرﺳوزي ﻳﻧﻔﻲ أن ﺗﻛون ﻫﻧﺎك ﺻﻠﺔ ﺑﻳن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
واﻟﻠﻐﺎت اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ ﻋﻠﻰ أي ﻧﺣو ،وﻫذا ﻣﺎ ﻻﺣظﻪ ﺻﻼح اﻟدﻳن اﻟزﻋﺑﻼوي
ﺑﻛﻝ وﺿوح" :وﻻ ﻳرى اﻷرﺳوزي أن اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰ ﻫﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺳﺎﺋدة
ﺑﺗﻐﻠب ﻟﻐﺔ ﻗرﻳش ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻐﺎت اﻷﺧرى ،ﻛﻣﺎ طﻐت اﻟﻔرﻧﺳﻳﺔ اﻟﺑﺎرﻳزﻳﺔ ﻣﺛﻼً
ﻋﻠﻰ ﻟﻬﺟﺎت اﻟﻣﻘﺎطﻌﺎت اﻟﻔرﻧﺳﻳﺔ .ﺑﻝ ﻳﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﻛون ﻟﻠﻌرﺑﻳﺔ ﻟﻐﺎت ،أو
ﻳﺻﺢ ﻟﻬﺎ ﻧﺳب إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ اﻷﺧرى ،ﺑﺣﻳث ﺗﻌزى ﺟﻣﻳﻌﺎً إﻟﻰ
ﻓﺻﻳﻠﺔ ﻣن اﻟﻠﻐﺎت أو ﻟﻐﺔ ﺑﺎﺋدة ﻛﺎﻧت أﺻﻼً ،أو أﻣﺎً ﻟﺳﺎﺋرﻫﺎ ،ﻛﻣﺎ ﻋزﻳت
اﻟﻔرﻧﺳﻳﺔ واﻹﺳﺑﺎﻧﻳﺔ واﻹﻳطﺎﻟﻳﺔ واﻟﺑرﺗﻐﺎﻟﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﻼﺗﻳﻧﻳﺔ .وﻫﻛذا ﻳرى اﻟﻌرﺑﻳﺔ
ﻓرﻳدة ﻓﻲ ﻧﺷوﺋﻬﺎ وﺑﻧﻳﺎﻧﻬﺎ ،ﺣﺗﻰ ﻻﻳﻛﺎد ﻳﻧظم ﻫذا اﻟﻧﺷوء ﺿﺎﺑط ﻣﻣﺎ ﻳﻧظم
ﺳواﻫﺎ ﻣن اﻟﻠﻐﺎت اﻷﺧرى .وﻳذﻛـّر ﻫذا ﺑﻣﺎ ذﻫب إﻟﻳﻪ اﻟدﻛﺗور ﻋﺛﻣﺎن أﻣﻳن
)(١٩
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ -ص ١٩ -١٨
)(٢٠
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ – ص ٢٠
٤٣
ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺗﻪ )اﻟﺟواﻧﻳﺔ( ﺣﻳن رأى اﻟﻌرﺑﻳﺔ ) ﻣﺛﺎﻟﻳﺔ أﺻﻠﻳﺔ ( ﻷن ﻟﻐﺔ اﻟﻘرآن
ﺗﻧﺣو ﻧﺣواً ﻣن اﻟﻣﺛﺎﻟﻳﺔ ﻻ ﻧظﻳر ﻟﻪ ﻓﻲ أي ﻟﻐﺔ ﻣن اﻟﻠﻐﺎت اﻟﻣﻌروﻓﺔ).(٢١
)(٢١
ﻣذاﻫب وآراء – اﻟزﻋﺑﻼوي – ص ٢٢
٤٤
ﻣن ﺗﺎرﻳﺦ ﻟﻐﺔ اﻟﺿﺎد
....إﻟﺦ.
ﻻﺑد ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﻣن ﺷرح ﻛﺛﻳر ﻣن ﻣﻔردات ﻫذﻳن اﻟﺑﻳﺗﻳن :ﻓﺎﻟﻌوﺟﺎء اﻟﻣرﻗﺎﻝ
ﻫﻲ اﻟﻧﺎﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌدو ﺑﻧﺷﺎط .واﻷﻣون :ﻣﺄﻣوﻧﺔ ِ
اﻟﻌﺛﺎر .واﻷران :اﻟﺗﺎﺑوت.
٤٥
ﻧﺻﺄﺗﻬﺎ :زﺟرﺗﻬﺎ .اﻟﻼﺣب :اﻟطرﻳق اﻟواﺿﺢ .اﻟﺑرﺟد :اﻟﺛوب اﻟﻣﺧطط.
اﻟﺟﻣﺎﻟﻳﺔ :ﻣﺛﻝ اﻟﺟﻣﻝ .اﻟوﺟﻧﺎء :ﻣﻛﺗﻧزة اﻟﻠﺣم .ﺗردي :ﺗوﺻﻝ إﻟﻰ اﻟﻐﺎﻳﺔ
اﻟﻣﻧﺷودة .اﻟﺳﻔﻧﺟﺔ :اﻟﻧﻌﺎﻣﺔ .اﻷزﻋر :ﻗﻠﻳﻠﺔ اﻟﺷﻌر...
وﻣن اﻷﺧطﻝ اﻟﺻﻐﻳر
ﻟﻧﻘ أر ﺑﻌد ﻣﺎ ﺗﻘدم ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ أﻣﻳر اﻟﺷﻌراء اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻷﺧطﻝ اﻟﺻﻐﻳر ﺑﺷﺎرة
اﻟﺧوري ﻓﻲ ﻗﺻﻳدﺗﻪ "ذﻛرى ﺑردى" وﻟﻳس ﻓﻳﻬﺎ ﻛﻠﻣﺔ واﺣدة ﺗﻘﺗﺿﻲ اﻟﻌودة
إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺟم ﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ:
ﻫﻝ ﻛﺎن ﻳﺧﻔق ﻓﻳﻪ ﻏﻳر ﻓؤادي ﺳﻝ ﻋن ﻗدﻳم ﻫواي ﻫذا اﻟوادي
ﻧﺎﺋﻳﺔ ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﻫﻲ اﻟﻣﺳﺎﻓﺔ اﻟزﻣﻧﻳﺔ ﺑﻳن اﻟﻘرن ﻗﺑﻝ اﻟﻬﺟري اﻷوﻝ واﻟﻘرن
اﻟﺧﺎﻣس ﻋﺷر اﻟﻬﺟري ،واﻟﺳﺎدس اﻟﻣﻳﻼدي واﻟﺣﺎدي واﻟﻌﺷرﻳن ...وﻛذﻟك
اﻟﺣﺎﻝ ﻣﻊ ﻟﻐﺔ اﻟﺿﺎد اﻟﺗﻲ ﻟو ﻋﺎد أﺣدﻧﺎ إﻟﻰ ﺗﻠك اﻟﻌﻬود اﻟﻐﺎﺑرة ،ﻟﻣﺎ
اﺳﺗطﺎع أن ﻳﺗﻔﺎﻫم ﻣﻊ أﺣد ﻣن أﻫﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﻟﻐﺗﻬم اﻟﺻﻌﺑﺔ واﻟﺗﻲ ﻧﺻف
ﺷﺑﻳﻬﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟزﻣن اﻟﻣﻌﺎﺻر ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﻘﻌرة.
اﻟﻠﻐﺔ أطوار وأﺣداث
إذن ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺔ ﻣرت ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺧﻬﺎ ﺑﺄطوار وأﺣداث وﻣواﻗف ،ﻣﻊ أﻧﻬﺎ
ﻓﻲ اﻷﺻﻝ ﻫﻲ ﻣن اﻟﺑﺳﺎطﺔ ﺣﺗﻰ إن اﺑن ﺟﻧﻲ اﻟﻣﺗوﻓﱠﻰ ﺳﻧﺔ ٣٩٢ﻫـ
ﻋرﻓﻬﺎ ﺑﻘوﻟﻪ" :اﻟﻠﻐﺔ أﺻوات ﻳﻌﺑر ﺑﻬﺎ ﻛﻝ ﻗوم ﻋن أﻏراﺿﻬم") .(١وﻳرى
) (١
اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻋﺑر اﻟﻘرون – ﺗﺄﻟﻳف :د .ﻣﺣﻣود ﺣﺟﺎزي – دار اﻟﻛﺎﺗب اﻟﻌرﺑﻲ – اﻟﻘﺎﻫرة – ١٩٦٨
٤٦
اﻟدﻛﺗور ﻣﺣﻣود ﺣﺟﺎزي أﻧﻪ "ﻳدﺧﻝ ﻓﻲ دراﺳﺔ وظﻳﻔﺔ اﻟﻠﻐﺔ إﻳﺿﺎح أﺛر
اﻟﺟواﻧب اﻻﻗﺗﺻﺎدﻳﺔ واﻟدﻳﻧﻳﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﻠﻐوﻳﺔ وﺗطورﻫﺎ").(٢
ﻣن ﺟﺎﻧب ﺛﺎن ﻓﺈن اﻟوﺟﻪ اﻵﺧر ﻟﻠﻐﺔ ﻫو اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ،ﻓﻬﻲ "ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻧﻘﻝ
اﻟظﺎﻫرة اﻟﺻوﺗﻳﺔ اﻟﺳﻣﻌﻳﺔ إﻟﻰ ظﺎﻫرة ﻛﺗﺎﺑﻳﺔ ﻣرﺋﻳﺔ ،أو ﻫﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻧﻘﻝ
اﻟﻠﻐﺔ ﻣن ﺑﻌدﻫﺎ اﻟزﻣﻧﻲ اﻟﻣﻧطوق إﻟﻰ ﺑﻌد ﻣﻛﺎﻧﻲ ﻣرﺋﻲ").(٣
ﻋﻠﻰ ﻛﻝ ﺣﺎﻝ ،ﻓﺛﻣﺔ ﻋواﻣﻝ ﻣوﺿوﻋﻳﺔ ،ﻳﻠﻌب ﻛﻝ ﻣﻧﻬﺎ دورﻩ ﻓﻲ
اﻟﺗطور اﻟﻠﻐوي ،وﻳﻘف د .ﺣﺟﺎزي ﻋﻧد أرﺑﻌﺔ ﻋواﻣﻝ ﻫﻲ :اﻟدﻳﻧﻲ واﻟﺳﻳﺎﺳﻲ
واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺣﺿﺎري.
-١اﻟﻌﺎﻣﻝ اﻟدﻳﻧﻲ :ﻓﺈن ﻋدم ﻧﺟﺎح اﻟدﻋوة إﻟﻰ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻓﻲ
اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ﻳرﺟﻊ ﺑﺻورة رﺋﻳﺳﻳﺔ إﻟﻰ أن اﻟﻔﺻﺣﻰ ﻫﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﻘرآن
اﻟﻛرﻳم .ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑﻝ ﻓﺈن ﻫذا اﻟﻌﺎﻣﻝ اﻟدﻳﻧﻲ ﻣﻬد "ﻟدﺧوﻝ ﻋدد ﻣن اﻷﻟﻔﺎظ
اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟدﻳن واﻟﺣﺿﺎرة إﻟﻰ ﻟﻐﺎت اﻟﻌﺎﻟم اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ آﺳﻳﺎ
وأﻓرﻳﻘﻳﺎ ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺎت ﻧﺟد اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﺑﺎدات واﻟﺳﻠوك اﻟﻳوﻣﻲ
)(٤
ﻟﻠﻣﺳﻠم ﻣﺛﻝ :ﺻﻼة ،زﻛﺎة ،ﺣرام ﺣﻼﻝ ،ﻋﻳد ،ﺣﺞ ﻣﺳﺗﻌﺎرة ﻣن اﻟﻌرﺑﻳﺔ
وارﺗﺑﺎط اﻟﺧط اﻟﻌرﺑﻲ ﺑﺎﻟدﻳن اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺟﻌﻝ اﻷﺗراك – ﺣﺗﻰ زﻣن ﻣﺻطﻔﻰ
ﻛﻣﺎﻝ – واﻹﻳراﻧﻳﻳن واﻟﺑﺎﻛﺳﺗﺎﻧﻳﻳن واﻷﻓﻐﺎن واﻷﺣﺑﺎش وﺳواﻫم ،ﻳﻛﺗﺑون
ﺑﺎﻟﺧط اﻟﻌرﺑﻲ ،وﻳدﺧﻠون إﻟﻰ ﻟﻐﺎﺗﻬم ﻛﺛﻳ اًر ﻣن اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻌرﺑﻳﺔ .
-٢اﻟﻌﺎﻣﻝ اﻟﺳﻳﺎﺳﻲ :ﻓﻲ ظﻝ اﻟﺣﻛم اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ،
ﻛﺎﻧت اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺗرﻛﻳﺔ ﻫﻲ ﻟﻐﺔ اﻹدارة اﻟﻌﻠﻳﺎ ،واﻧﺗﺷرت ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺔ ﻟدى ﺑﻌض
اﻷوﺳﺎط اﻟﻌرﺑﻳﺔ .وﻓﻲ اﻟﺣﻘﺑﺔ اﻷﺧﻳرة ﻣن اﻟﺣﻛم اﻟﺗرﻛﻲ ﻋﻧدﻣﺎ ﺳﻳطر
) (٢
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص ٤
) (٣
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص ٩
) (٤
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ -ص ١٢
٤٧
ﺟﻣﺎﻋﺔ "اﻻﺗﺣﺎد واﻟﺗرﻗﻲ" ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻟﻳد اﻷﻣور ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ،ﺣﺎوﻟوا ﻓرض
ﺳﻳﺎﺳﺔ "اﻟﺗﺗرﻳك" ﺣﺗﻰ ﺻﺎر ﺑﻌض اﻟﻣواد اﻟﺗﻌﻠﻳﻣﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻣدارس اﻟﻌرﺑﻳﺔ
درس ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﺗرﻛﻳﺔ ،إﻻ أن اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﺻﻣدت ٕواذا ﻛﺎن ﺑﻌض اﻷﻟﻔﺎظ ُﻳ ﱠ
اﻟﺗرﻛﻳﺔ ﻗد ﺗﺳرب إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟدارﺟﺔ ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻓﺈن اﻟﻌﻛس ﺗﻣﺎﻣﺎً
ﻫو اﻟذي ﺣدث ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺗرﻛﻳﺔ اﻟرﺳﻣﻳﺔ وﻳﻛﻔﻲ أن ﻳﻔﺗﺢ أﺣدﻧﺎ ﻣﻌﺟﻣﺎً
ﺗرﻛﻳﺎً ﻟﻳرى أن أﻟﻔﺎظﺎً ﻋرﺑﻳﺔ ﻛﺛﻳرة أﻣﺳت ﻓﻲ ﺻﻠب ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺔ ،وﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ
اﻟﻣﺛﺎﻝ ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﻔﺗﺢ إﺣدى ﺻﻔﺣﺎت اﻟﻘﺎﻣوس اﻟﺗرﻛﻲ – اﻹﻧﻛﻠﻳزي ،ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ
اﻟﻌﻳﻧﺔ اﻟﻌﺷواء ،ﻋﻧواﻧﻪ Yeni Turkce – Ingliyceوﻫو ﻣطﺑوع ﻓﻲ
اﺳطﻧﺑوﻝ ﻋﺎم ،١٩٦٧ﻟﻧرى ﻓﻲ ﻋﻣود واﺣد ﺗﻘرﻳﺑﺎً ،وﺗﺑﺎﻋﺎً ﻫذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺎت
ذات اﻷﺻﻝ اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺻرﻳﺢ ﺟداً ﺣرﻛﺔ Hareke :ﺣرﻛﺎتHarekat :
اﻟﺧردﻝ Hareketsiz Hardal: :ﺛﺎﺑت ﻣﺗﺣرك Hareketli :اﻟﺗﺷﻛﻳﻝ:
Harekeliﺳطﺣﻳﺎً .ﺧﺎرﺟﻳﺎً .Haricen :
ﺣرف Harf :ﺛﺎﺑت .ﻏﻳر ﻣﺗﺣرك .ﺧﺎرﺟﻲ Harici :ﻋﻠﻣﺎً ﺑﺄن ﺣرف
Cﺑﺎﻟﺗرﻛﻳﺔ ﻫو اﻟﺟﻳم اﻟﻌرﺑﻳﺔ .وﻣﺎدام ﺣرف اﻟﺧﺎء ﻏﻳر ﻣوﺟود ﻓﻲ اﻟﺗرﻛﻳﺔ
ﻓﻬو إذاً ﺣرف . H
اﻟدﻳﻧﻲ ﻣﺗﻼﺑﺳﺎً ﻣﻊ اﻟﺳﻳﺎﺳﻲ
وﻣﻧﻊ اﻟﻌﺎﻣﻝ اﻟﺳﻳﺎﺳﻲ ﻣﺗﻼﺑﺳﺎً ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻣﻝ اﻟدﻳﻧﻲ أن ﻳط أر ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﺑﻌد اﻧﻬﻳﺎر اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣرﻛزﻳﺔ ،ﻗﺑﻝ اﻟﻐزو اﻟﻣﻐوﻟﻲ ﻋﺎم ٦٥٦ﻫ ـ -
١٢٥٨م وﺑﻌدﻩ ،ﻣﺎ ط أر ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻼﺗﻳﻧﻳﺔ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ،ﻋﻧدﻣﺎ اﻧﺗﻬت إﻻ
ﻓﻲ اﻷوﺳﺎط اﻷﻛﺎدﻳﻣﻳﺔ ،إﻟﻰ اﻟﻔروع اﻟﻼﺗﻳﻧﻳﺔ اﻟﻣﻌروﻓﺔ :اﻟﻔرﻧﺳﻳﺔ،
اﻹﺳﺑﺎﻧﻳﺔ ،اﻹﻳطﺎﻟﻳﺔ ،اﻟروﻣﺎﻧﻳﺔ .ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن ﻫذﻩ اﻟﺷﻌوب ﺗدﻳن
ﺑدﻳﺎﻧﺔ واﺣدة
-٣اﻟﻌﺎﻣﻝ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ :ﻻ ﺟدﻝ ﻓﻲ أن اﻟﻔﺗوح اﻹﺳﻼﻣﻳﺔ اﻟﺗﻲ واﻛﺑﺗﻬﺎ
٤٨
ﻫﺟرات واﺳﻌﺔ ﻣﺗﻌددة ﻣن ﻗﻠب اﻟﺟزﻳرة اﻟﻌرﺑﻳﺔ إﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﺷﺎم واﻟﻌراق
وﻣﺻر واﻟﻣﻐرب "ﻛﺎﻧت أﻫم ﺣدث ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﻓﻘد اﻧﺗﺷرت اﻟﻌرﺑﻳﺔ
ﺑﻬذا ﺧﺎرج ﻧطﺎق ﺟزﻳرة اﻟﻌرب ،وأﺻﺑﺣت ﻟﻐﺔ اﻟﺣدﻳث واﻷدب واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ
اﻟدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻳﺔ اﻟﻛﺑرى") .(٥
ﻣن ﺟﺎﻧب آﺧر ﻓﺈن د .ﻣﺣﻣود ﺣﺟﺎزي ﻳﻠﻔت اﻟﻧظر إﻟﻰ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻲ
ﻏﺎﻳﺔ اﻷﻫﻣﻳﺔ ،ﻳﻣﻛن أن ﻧدﻋوﻫﺎ ﻣﺑدﺋﻳﺎً" :اﻟطﺑﻘﻳﺔ" ﻓﻬو ﻳﻘوﻝ" :إن اﻟطﺑﻘﺔ
اﻟﻌﻠﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟواﺣد ذي اﻟطﺑﻘﺎت اﻟﻣﺗﻌددة ،ﺗؤﺛر ﺗﺄﺛﻳ اًر ﺣﺎﺳﻣﺎً ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺳﺗوﻳﺎت اﻟﻠﻐوﻳﺔ اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻟدى اﻟطﺑﻘﺎت اﻷﺧرى.وﻣﺣﺎﻛﺎة اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﻠﻳﺎ
أﻣر ﻣﻌروف وﻣﻼﺣظ ﻓﻲ ﻛﻝ ﻣظﺎﻫر اﻟﺣﻳﺎة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ).(٦
-٤اﻟﻌﺎﻣﻝ اﻟﺣﺿﺎري :ﻋﻧدﻣﺎ ﻗﺎﻣت اﻹﻣﺑراطورﻳﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﺑﻌد اﻟﻔﺗوح ﻓﻲ
ﻋﺻر ﺻدر اﻹﺳﻼم واﻟﺣﻘﺑﺔ اﻷﻣوﻳﺔ ،ﻓﻘد ﻛﺎن طﺑﻳﻌﻳﺎً أن ﺗﻧﺗﺷر اﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻓﻲ أرﺟﺎء ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻛﺑرى اﻟﺗﻲ اﻣﺗدت ﻣن أطراف اﻟﺻﻳن ﺣﺗﻰ
ﺷواطﻰء اﻷطﻠﺳﻲ ،ﺛم ﻟم ﺗﻠﺑث أن ﺗﻣددت ﺣﺗﻰ اﻟﺟزﻳرة اﻹﻳﺑرﻳﺔ وﺗوﺿﻌت
ﻓﻲ اﻷﻧدﻟس ،وﺑﺳطت أﺣد أﺟﻧﺣﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻘﻠﻳﺔ .ﻟﻘد أﺻﺑﺣت اﻟﻌرﺑﻳﺔ
ﻟﻐﺔ ﻫذﻩ اﻷﻣم واﻟﺷﻌوب ،ﻓﺗﺣدﺛوا ﺑﻬﺎ وﻛﺗﺑوا ،وﺗﻔﺎﻋﻠوا ﻣﻌﻬﺎ ،وأﻗﺎﻣوا ﻋﻼﻗﺔ
ﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﺑﻬﺎ ،ﻣؤﺛرة وﻣﺗﺄﺛرة ،ودﺧﻠت ﻟﻐﺔ اﻟﺿﺎد ﺧﻼﻝ ذﻟك ﻣﻔردات وأﻓﻛﺎر
ﻟﻐوﻳﺔ ﻛﺛﻳرة .وظﻠت ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺔ ﻗروﻧﺎً ﻋدﻳدة ﻟﻐﺔ اﻟﺣﺿﺎرةٕ ،واﻟﻳﻬﺎ ﺗرﺟﻣت
أﻣﻬﺎت اﻟﺗراث اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻣن اﻹﻏرﻳق واﻟﻔرس واﻟﻬﻧود وﺳواﻫم ﻣن اﻟﺷﻌوب.
وﺗؤﻛد ﺑﺣوث اﻟﻣﺳﺗﺷرﻗﻳن واﻟﻣﺳﺗﻌرﺑﻳن وﺛوق اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻳن اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﻌرﺑﻳﺔ
اﻟﺑﺎذﺧﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ وﺿﻊ أﺳس اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻷورﺑﻳﺔ Renaissance
وﺑﻳن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ .
) (٥
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص ١٣
) (٦
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص ١٣
٤٩
ُﺳر اﻟﻠﻐﺎت
ﺑﻳن أ َ
ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن اﻟﺧﻔوت اﻟﺗدرﻳﺟﻲ ﻓﻲ اﻟﻧﺻف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﻳن
ﻟﻧظرﻳﺔ" :أﺳر اﻟﻠﻐﺎت" إﻻ أﻧﻧﺎ ﻣﺿطرون ﻟﻼﺳﺗﻧﺎرة ﺑﻬﺎ إذ ﻻﺑدﻳﻝ .ووﻓق
ﻫذﻩ اﻟﻧظرﻳﺔ ﺟرى ﺗﺻﻧﻳف اﻟﻠﻐﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ أﺳر ،ﻓﻬﻧﺎك أﺳرة اﻟﻠﻐﺎت
اﻟﻬﻧدﻳﺔ اﻷورﺑﻳﺔ indo – European وﺗﺿم ﻋدداً ﻛﺑﻳ اًر ﻣن اﻟﻠﻐﺎت
اﻟﻬﻧدﻳﺔ واﻷورﺑﻳﺔ واﻹﻳراﻧﻳﺔ ،وﺛﻣﺔ أﺳرة اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ وﺗﺿم اﻟﻌرﺑﻳﺔ
واﻷﻛﺎدﻳﺔ واﻟﻛﻧﻌﺎﻧﻳﺔ واﻵراﻣﻳﺔ واﻟﺣﺑﺷﻳﺔ – وﺣﺳب د .أﺣﻣد ﺳوﺳﺔ ﻓﻠﻳس
ﻫﻧﺎك ﻟﻐﺔ ﻋﺑرﻳﺔ ،ﺑﻝ ﻫﻲ إﺣدى اﻟﻠﻬﺟﺎت اﻵراﻣﻳﺔ وﺗﻛﺗب ﺑﺎﻟﺧط اﻵراﻣﻲ
اﻟﻣرﺑﻊ _ ٕواذا ﻛﺎن ﻫﻧﺎك ﻣن ﻳﺑﺎﻟﻎ إﻟﻰ ﺣد اﻟﻘوﻝ اﻻﻓﺗراﺿﻲ "ﺑوﺟود أﺻﻝ
ﻣﺷﺗرك ﺧرﺟت ﻋﻧﻪ ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺎت ﻋﻠﻰ ﻣر اﻟﺗﺎرﻳﺦ" ﻓﻬﻧﺎك أﻳﺿﺎً ﻣن وﺟد أن
اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ "ﺗﺣﻣﻝ ﺑﻌض اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﻠﻐوﻳﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ،ﻓﻘﺎﻟوا إﻧﻬﺎ
ﻟﻐﺎت اﻧﺣدرت ﻣن ﻟﻐﺔ واﺣدة أطﻠﻘوا ﻋﻠﻳﻬﺎ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ اﻷم ،أو اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ
اﻷوﻟﻰ").(٧
ﻣﻛﺎن ﻛرﻳم ﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
ﻳﻘوﻝ د .ﻣﺣﻣود ﺣﺟﺎزي" :إذا ﻧظرﻧﺎ اﻟﻳوم ﺑﻌد ﻗرن وﻧﺻف اﻟﻘرن ﻣن
اﻟﺑﺣث اﻟﺣدﻳث ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﻠﻐﺔ ،ﻟوﺟدﻧﺎ أن اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﺗﺄﺧذ ﺑﻳن اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ
ﻣﻛﺎﻧﺎً ﻛرﻳﻣﺎً.
واﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ آﺧر ﻟﻐﺔ ﺳﺎﻣﻳﺔ دﺧﻠت اﻟﺗﺎرﻳﺦ ،وﻟﻛﻧﻬﺎ دﺧﻠﺗﻪ ﻣﻊ اﻟﻔﺗﺢ
اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﻬﺟرات .وﻛﺎﻧت أداة اﻟﺗﻌﺑﻳر ﻓﻲ اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ،ﻓﻛﺎﻧت
أﻫم اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ وأﻛﺛرﻫﺎ اﻧﺗﺷﺎ اًر واﺗﺻﺎﻻً .إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻫذا ﻓﺈن اﻟﻠﻐوﻳﻳن
ﻳﻌﺗﺑروﻧﻬﺎ أﻗرب اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻷم ،وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻗد ﺣﺎﻓظت ﻓﻲ
) (٧
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص ١٦
٥٠
ﻋزﻟﺗﻬﺎ اﻟﺻﺣراوﻳﺔ اﻟﻧﺳﺑﻳﺔ ﻋﻠﻰ أﻗدم ﺧﺻﺎﺋص اﻷﺳرة اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ .وﻳرى
اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋﺎﺷت ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ّ اﻟﺑﺎﺣﺛون اﻟﻣﻌﺎﺻرون أن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت
ﺑﺎدﻳﺔ اﻟﺷﺎم واﻟﻌراق وﺷﻣﺎﻝ اﻟﺻﺣراء اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻛﺑرى ،ﺛم ﺧرﺟت ﻣن ﻫذا
اﻟﻣﻬد إﻟﻰ اﻷﻗﺎﻟﻳم اﻟﻣﺗﺎﺧﻣﺔ ﻓﻲ ﻫﺟرات ﺗواﻟت ﻓﻲ ﻣراﺣﻝ ﺗﺎرﻳﺧﻳﺔ
ﻣﺗﻌﺎﻗﺑﺔ").(٨
اﻷوﻏﺎرﻳﺗﻳﺔ . . .اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ
واﻋﺗﻣﺎداً ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻘوش وﻋﻣرﻫﺎ ﻳرى ﻫذا اﻟﺑﺎﺣث اﻟﻛرﻳم د .ﺣﺟﺎزي أن
ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺷﺎم ﻋرﻓت اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ وﻫﻲ "اﻷوﻏﺎرﻳﺗﻳﺔ" اﻟﺗﻲ ﻻ ﻳﻌرﻓﻬﺎ
إﻻ ﻋدد ﻣن اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﻳن ،وﻗد اﻛﺗﺷﻔت ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺔ ﺳﻧﺔ ١٩٢٩ﻗرب رأس
ﺷﻣرة ،ﻓﻬﻲ ﺑﻬذا أﻗدم ﻟﻐﺔ وﺻﻠت إﻟﻳﻧﺎ ﻣن ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺷﺎم ،وﻗد ﻧﺳﺑت ﻫذﻩ
اﻟﻠﻐﺔ إﻟﻰ أطﻼﻝ اﻟﻣدﻳﻧﺔ اﻟﺗﻲ وﺟدت ﻓﻳﻬﺎ اﻟﻧﻘوش وذﻛر اﺳﻣﻬﺎ ﻓﻳﻬﺎ ،وﻫﻲ
وﺗؤرخ ﻫذﻩ اﻟﻧﻘوش ﺑﺳﻧﺔ ١٤٠٠ق .م. ﻣدﻳﻧﺔ أوﻏﺎرﻳت ،ﱠ
أوﻝ أﺑﺟدﻳﺔ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟم
ﻣﻬﻣﺎ ﻳﻛن ﻣن أﻣر ،ﻓﻼ ﻳﻣﻛن اﻟﻣرور ﺑﻠﻐﺔ "أوﻏﺎرﻳت" ﻣرور اﻟﻛرام ذاك
أﻧﻬﺎ أوﻝ أﺑﺟدﻳﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟم .ﻳﻘوﻝ اﻷﺳﺗﺎذ ﻗﺎﺳم اﻟﺷواف" :ﺑﻳﻧﻣﺎ ﻛﺎن
اﻟﻛﺗﺑﺔ اﻷﻛﺎدﻳون ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻳن اﻟﻧﻬرﻳن ﻳﺳﺗﻌﻣﻠون اﻟرﻣوز اﻟﻣﻘطﻌﻳﺔ ﻟﺗدوﻳن
أﻓﻛﺎرﻫم ،وﺑﻳﻧﻣﺎ ﻛﺎن ﻗدﻣﺎء اﻟﻣﺻرﻳﻳن ﻳﻣﺎرﺳون اﻟﺗدوﻳن ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎﻝ رﻣوزﻫم
اﻟﺗﺻوﻳرﻳﺔ اﻟﻬﻳروﻏﻠﻳﻔﻳﺔ ،ﻗﺎم أﺣد اﻟﻛﺗﺑﺔ ﻓﻲ أوﻏﺎرﻳت ،ﻋﺎﺻﻣﺔ اﻟﺳﺎﺣﻝ
اﻟﺳوري اﻟﺷﻣﺎﻟﻲ ﺑﺗﺑﻧﻲ إﺷﺎرات ﻣﺳﻣﺎرﻳﺔ ﻟﻠﺗﻌﺑﻳر ﻋن ﻛﻝ ﺻوت ﻣن
اﻷﺻوات اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛﻝ اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﻣﺗداوﻟﺔ ﻓﻲ ﻟﻐﺗﻪ اﻷوﻏﺎرﺗﻳﺔ :ﺗﺳﻌﺔ
وﻋﺷرون إﺷﺎرة ﺻوﺗﻳﺔ ،ﻛﺎﻧت ﻛﺎﻓﻳﺔ ﻟﺗﺣﻘﻳق ﻫذﻩ اﻟﻐﺎﻳﺔ .وﻫﻛذا ﺗﻣﻛن ﻫذا
) (٨
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص ٢١ -٢٠
٥١
اﻟﻌﻘﻝ اﻟﻣﺗﻔوق ﻣن اﺑﺗداع اﻷﺑﺟدﻳﺔ ،وﻫﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻹﺷﺎرات اﻟﺗﻲ ﺗﺑدأ
ﺑﺎﻷﺣرف :أﻟف وﺑﺎء وﺟﻳم وداﻝ ،وﻧظﺎم اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻫذا ﻣﻛن ﻣن ﺗﺣرﻳر اﻟﻔﻛر
اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ إذ أﻣﻛن ﺑواﺳطﺗﻪ اﻟﺗﻌﺑﻳر ﻋن أﻋﻣق اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﺟردة").(٩
ﺗﻛرﻳم ﻣﺑدع اﻷﺑﺟدﻳﺔ
واﺳﺗدﻋﻰ اﻟﻣﻠك اﻷوﻏﺎرﻳﺗﻲ ﻧﻘﻣد اﻟﺛﺎﻧﻲ ) (١٣٣٥ -١٣٧٠ق .م ذﻟك
اﻟﻛﺎﺗب اﻟﻣﺑدع "ﻣﻐدﻗﺎً ﻋﻠﻳﻪ ﻣﻛﺎﻓﺂت ﻋدة ،وﻛرﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺻر أﻣﺎم ﺟﻣﻳﻊ أﻋﻳﺎن
ﺑﻼطﻪ ،وأﻣرﻩ ﺑﻔﺗﺢ ﻣدرﺳﺔ ﻟﺗﻌﻠﻳم اﻷﺑﺟدﻳﺔ اﻟﺟدﻳدة ،ﻛﻣﺎ وﺿﻊ ﺗﺣت ﺗﺻرﻓﻪ
أﻋﻳﺎن ﺑﻼطﻪ ﻟﻬذﻩ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﺣدث ذﻟك ﻓﻲ ﻋﺎم ١٣٦٥ق .م").(١٠
ﻣن ﺟﺎﻧب ﺛﺎن ،ﻓﺈن اﻟﺑﻌﺛﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻳﺔ اﻟﻣﻧﻘﺑﺔ ﻓﻲ رأس اﻟﺷﻣرة "أوﻏﺎرﻳت"
ﺗذﻛر ﻓﻲ ﺗﻘرﻳرﻫﺎ اﻟذي ﻧﺷرﺗﻪ ﻋﺎم ١٩٨٠اﻟﻣدﻳرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻶﺛﺎر واﻟﻣﺗﺎﺣف
أن اﻟﻠﻐﺔ اﻷوﻏﺎرﻳﺗﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ ﺗوﺿﻳﺢ ﻟﻐﺎت اﻷﻟف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻗﺑﻝ
اﻟﻣﻳﻼد اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ ،ﻫﻲ ﻓﻲ أﻟﻔﺎظﻬﺎ اﻷﻛﺛر ﻗرﺑﺎً إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،إذ ﻳﻧﺣدر
ﻣﻌظم ﻣﻔردات ﻛﻠﻣﺎﺗﻬﺎ ﻣن أﺻﻝ ﺳﺎﻣﻲ ﻣﺷﺗرك).(١١
ﻟﻐﺔ ﺳﺎﻣﻳﺔ أﺧرى ﻓﻲ ﻣﺎري
واﻋﺗﻣﺎداً ﻋﻠﻰ اﻷﻟواح اﻟطﻳﻧﻳﺔ اﻟﻌﺷرﻳن أﻟﻔﺎً واﻟﺗﻲ ﻋﺛر ﻋﻠﻳﻬﺎ ﻓﻲ "ﻣﺎري"
ﺗﻝ اﻟﺣرﻳري ﺗﻘوﻝ اﻟﺑﺎﺣﺛﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﻳﺔ اﻳﻔﺎ ﺷﺗروﻣﻧﻐر إن ﻫذﻩ اﻷﻟواح اﻟﻣﺳطرة
ﺑﻧﻘوش ﻣﺳﻣﺎرﻳﺔ ﺗﻌﺑر ﻋن ﻟﻐﺔ ﺳﺎﻣﻳﺔ ﻗدﻳﻣﺔ ﻫﻲ اﻷﻛﺎدﻳﺔ (١٢).وﻗد
) (٩
أﺧﺑﺎر أوﻏﺎرﻳت – ﺗﺄﻟﻳف :ﻗﺎﺳم اﻟﺷواف – دار طﻼس –ط – ١٩٩٩ – ١ص .٣٣
)(١٠
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص ٣٤
)(١١
رأس اﻟﺷـ ــﻣرة – ١٩٧٩ – ١٩٢٩ﺗﻘرﻳـ ــر اﻟﺑﻌﺛـ ــﺔ اﻟﻔرﻧﺳـ ــﻳﺔ اﻟﻣﻧﻘﺑـ ــﺔ – ﺗرﺟﻣـ ــﺔ :ﻓﻬﻣـ ــﻲ اﻟـ ــداﻻﺗﻲ –
ﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﻣدﻳرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻶﺛﺎر واﻟﻣﺗﺎﺣف – – ١٩٨٠ص ٧٦
)(١٢
ﻣ ــﺎري أﻛﺑ ــر ﺣﺎﺿـ ـرة ﻓ ــﻲ ﺳ ــورﻳﺔ .ﺗ ــﺄﻟﻳف :اﻳﻔ ــﺎ ﺷ ــﺗروﻣﻳﻧﻐر .ﺗﻌرﻳ ــب :ﻗﺎﺳ ــم ط ــوﻳر _ ﻣﻧﺷ ــورات
اﻟﻣدﻳرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻶﺛﺎر واﻟﻣﺗﺎﺣف – ١٩٨٣ص – ١٠
٥٢
ﻋﺎﺻرت ﻣﺎري أوﻏﺎرﻳت ،وﻛﺎﻧت ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ ﻋﻼﻗﺎت ،ﺑدﻟﻳﻝ ﻗﻳﺎم اﻷﻣﻳر
اﻷوﻏﺎرﻳﺗﻲ )ﻟم ﻳﻌرف أو ﻳذﻛر اﺳﻣﻪ ﻓﻲ اﻟوﺛﺎﺋق( ﺑرﺣﻠﺔ ﻟزﻳﺎرة ﻣﺎري
واﻻطﻼع ﻋﻠﻰ ﻗﺻر ﻣﻠﻛﻬﺎ "زﻣري ﻟﻳم" اﻟذي ﻛﺎن أﻋﺟوﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﻧﺎء).(١٣
ﻳوﻣذاك ﺷﻛﻝ ﺣﻣوراﺑﻲ ﻓرﻳﻘﺎً ﻟﻣراﻓﻘﺔ اﻷﻣﻳر اﻷوﻏﺎرﻳﺗﻲ وﺣراﺳﺗﻪ ﻓﻲ اﻟطرﻳق
اﻟطوﻳﻝ إﻟﻰ ﻣﺎري .وﻛﺎﻧت ﻟﻐﺔ ﻣﺎري ﻫﻲ اﻷﻛﺎدﻳﺔ ،اﻟﺗﻲ ظﻠت ﻟﻐﺔ اﻟﻌراق
ﺧﻼﻝ أﻟﻔﻲ ﻋﺎم ق .م .وﻛﺎن اﻷﻛﺎدﻳون ﻳﺳﺗﻌﻣﻠون اﻟﺧط اﻟﻣﺳﻣﺎري
اﻟﺳوﻣري .وﻋﻧدﻣﺎ ﻗﺎﻣت اﻹﻣﺑراطورﻳﺔ اﻷﻛﺎدﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻳد "ﺳرﻏون" اﻧﺗﺷرت
ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺔ ﻓﻲ ﻛﻝ اﻹﻣﺑ ارطورﻳﺔ ﻣن ﺳواﺣﻝ اﻟﻣﺗوﺳط ﺣﺗﻰ اﻟﺧﻠﻳﺞ اﻟﻌرﺑﻲ
)(١٤
"اﻟﻔﺎرﺳﻲ"
ﻟﻐﺔ إﻳﺑﻼ ﺳﺎﻣﻳﺔ ﻣﻌﺎﺻرة
وﻳذﻫب اﻷﺳﺗﺎذ ﻗﻠﺳم طوﻳر إﻟﻰ أن ﻟﻐﺔ "اﻳﺑﻼ" ﻫﻲ ﻟﻐﺔ ﺳﺎﻣﻳﺔ ﻣﻌﺎﺻرة
)(١٥
ﻟﻸﻛﺎدﻳﺔ وﻗرﻳﺑﺔ ﺟداً ﻣﻧﻬﺎ ،وﻫذﻩ ﺑطﺑﻳﻌﺔ اﻟﺣﺎﻝ ﻟﻐﺔ ﺳﺎﻣﻳﺔ أﺧرى.
أﻣﺎ اﻟدﻛﺗور ﻋﻣر اﻟدﻗﺎق ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ أن ﺛﻣﺔ ﺗداﺧﻼً ﺑﻳن اﻟﻠﻐﺔ اﻹﻳﺑﻠوﻳﺔ
واﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ "إذ ﺗﻧﺗﻣﻳﺎن ﺟﻣﻳﻌﺎً إﻟﻰ أﺻوﻝ ﻛﻧﻌﺎﻧﻳﺔ واﺣدة ،وﺗﻧﺿوﻳﺎن
ﺗﺣت أﺳرة اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ،واﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻟﻐﺔ ﺳﺎﻣﻳﺔ أدﺑﻳﺔ ﻏﻧﻳﺔ ﺑﻳن
ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ اﻟﻐرﺑﻳﺔ ،ﻓﻣﺛﻼً ﻧﺟد ﺑﻳن ﻣﻔردات ﻟﻐﺔ أﻫﻝ اﻳﺑﻼ ﻓﻲ
اﻷﻟف اﻟﺛﺎﻟث – ﻛﻣﺎ ﻻﺣظ اﻟﻌﺎﻟم اﻹﻳطﺎﻟﻲ ﺟوﻓﺎﻧﻲ ﺑﻳﺗﻳﻧﺎﺗو – ﻛﻠﻣﺎت ﻣﺎ
ﺗزاﻝ ﺣﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟراﻫﻧﺔ ﻣﺛﻝ :ﻛﺗب ،ﻳد ،أﺧت ) وﺗﻠﻔظ اﻛﺗو ( وﻣﻠك )
وﺗﻠﻔظ ﻣﻠﻛوم ( ﻛﻣﺎ أﻧﻧﺎ ﻧﺟد ﻛﻠﻣﺎت ﻋرﺑﻳﺔ أﺧرى ﻓﻲ ﻟﻐﺔ إﻳﺑﻼ ﻛﺄﺳﻣﺎء
)(١٣
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص ١٥ - ١٤
)(١٤
ﺳوﻣر وأﻛﺎد – ﺗﺄﻟﻳف :د .ودﻳﻊ ﺑﺷور – دﻣﺷق ١٩٨١ص ٧٧
) (١٥اﻳﺑﻼ – ﺗﺄﻟﻳف ﻗﺎﺳم طوﻳر – ﻣﻧﺷورات اﻟﻣدﻳرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻶﺛﺎر واﻟﻣﺗﺎﺣف – دﻣﺷق – ١٩٨٢ص .٦٣
٥٣
ﺑﻌض اﻟﻣزروﻋﺎت ﻣﺛﻝ :ﻗﻣﺢ ،ﺟزر ﺗﻳن )وﺗﻠﻔظ ﺗﻳﻧو().(١٦
إﻳﺑﻼ . . .ﻓﻲ ﻋﺻر اﻟﻣﻠوك
وﻛﺎﻧت إﻳﺑﻼ )ﺗﻝ ﻣردﻳﺦ( ﻗد ﺑﻠﻐت أوج ازدﻫﺎرﻫﺎ ﺣواﻟﻲ ﺳﻧﺔ )(٢٢٠٠
ق.م أي ﺧﻼﻝ اﻟﻌﺻر اﻟﻣﻌروف ﺑﻌﺻر اﻟﻣﻠوك اﻟﻌﻣورﻳﻳن اﻟذﻳن ﻳﻧﺗﻣﻲ
إﻟﻳﻬم ﺣﻣوراﺑﻲ اﻟﻣﺷﻬور ﻣﻠك ﺑﺎﺑﻝ .وﻋﺛر ﻓﻲ إﻳﺑﻼ ﻋﻠﻰ أﻗدم ﻣﻌﺟم ﻟﻸﻟﻔﺎظ
ﺑﺎﻟﻠﻐﺗﻳن اﻟﺳوﻣرﻳﺔ واﻻﻳﺑﻠوﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﻬد إﻳﺑﻼ ﻗﺑﻝ اﻟﻣﻳﻼد ﺑﻧﺣو ﺛﻼﺛﻳن ﻗرﻧﺎً ﻣن
)(١٧
اﻟزﻣﺎن.
وﻣﺎذا ﻋن اﻵراﻣﻳﻳن
ﺛم ﻣﺎذا ﺑﻌد؟ أﻳﻣﻛن اﻟﻣﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺣدﻳث ﻋن اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ دون
اﻟوﻗوف ﻣﻠﻳﺎً ﻋﻧد اﻵراﻣﻳﻳن واﻵراﻣﻳﺔ؟ وﻟﻛن ﻣن ﻫم اﻵراﻣﻳون؟ ﻳرى
اﻟدﻛﺗوران ﻣﺣﻣد ﺣرب ﻓرزات وﻋﻳد ﻣرﻋﻲ أﻧﻬم اﻟﻘﺑﺎﺋﻝ اﻟﺑدوﻳﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﺗﻲ
اﺗﺟﻬت ﺗﺣرﻛﺎﺗﻬﺎ ﻣن أطراف اﻟﺟزﻳرة اﻟﻌرﺑﻳﺔ وﺑوادﻳﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺧﺻﺑﺔ
ﻓﻲ اﻟﺷﻣﺎﻝ :ﺣوض اﻟراﻓدﻳن واﻟﻔرات) .(١٨وﻋﻧد أواﺧر اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻋﺷر،
وﻋﻧد ﻣﻧﻌطف اﻟﻘرن اﻟﺣﺎدي ﻋﺷر ﻗﺑﻝ اﻟﻣﻳﻼد ﺑﻠﻐت اﻟﻣوﺟﺎت اﻵراﻣﻳﺔ
درﺟﺔ ﻣن اﻻﺗﺳﺎع وﺻﻝ إﻟﻰ ﺣد اﻟﻬﺟرة اﻟواﺳﻌﺔ اﻟﻛﺛﻳﻔﺔ ﻧﺣو – ١٠٨٥
١٠٨٠ق.م).(١٩
أﻣﺎ اﻟﻠﻐﺔ ﻓﺈن د .ﻣﺣﻣود ﺣﺟﺎزي ﻳرى "أﻧﻪ ﻻ ﺗوﺟد ﻟﻐﺔ واﺣدة أو ﻣوﺣدة
)(١٦
اﻳ ــﺑﻼ ﻣﻧﻌط ــف اﻟﺗ ــﺎرﻳﺦ – ﺗ ــﺄﻟﻳف :د .ﻋﻣ ــر اﻟ ــدﻗﺎق – ﻣﻧﺷ ــورات و ازرة اﻟﺛﻘﺎﻓ ــﺔ واﻹرﺷ ــﺎد اﻟﻘ ــوﻣﻲ –
– ١٩٧٩دﻣﺷق – ص .٤٤
)(١٧
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .٧
)(١٨
دوﻝ وﺣﺿﺎرات ﻓﻲ اﻟﺷرق اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻘدﻳم – ﺗـﺄﻟﻳف :د .ﻣﺣﻣـد ﺣـرب ﻓـرزات د .ﻋﻳـد ﻣرﻋـﻲ – دار
طﻼس – ط ١٩٩٠ – ١ص .١٧٩
)(١٩
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .١٨١
٥٤
ﻧطﻠق ﻋﻠﻳﻬﺎ اﺳم اﻟﻠﻐﺔ اﻵراﻣﻳﺔ ،ﺑﻝ وﺻﻠﺗﻧﺎ ﻋدة ﻟﻬﺟﺎت ﻣﺗﻘﺎرﺑﺔ اﺗﻔق ﻋﻠﻰ
ﺗﺳﻣﻳﺗﻬﺎ ﺑﺎﻵراﻣﻳﺔ .واﻧﺗﺷرت اﻵراﻣﻳﺔ ﺷﻳﺋﺎً ﻓﺷﻳﺋﺎً ﺣﺗﻰ أﺻﺑﺣت ﻟﻐﺔ اﻟﺣﻳﺎة
اﻟﻳوﻣﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺷﺎم واﻟﻌراق ﻗﺑﻝ اﻟﺗﻌرﻳب ،أي ﻗﺑﻝ اﻟﻔﺗﺢ واﻟﻬﺟرات
اﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ،وأﻫم اﻟﻠﻬﺟﺎت اﻵراﻣﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق اﻟﺳرﻳﺎﻧﻳﺔ واﻟﻧﺑطﻳﺔ).(٢٠
وﻟﻛن ...ﻛﻳف ﻏدا اﻟﺣﺎﻝ ﺑﻌد اﻟﻔﺗﺢ؟ "ﻛﺎن اﻟﻌرب ﻳﻣﺛﻠون ﻓﻲ ظﻝ
اﻟﺣﻛم اﻷﻣوي طﺑﻘﺔ ارﺳﺗﻘراطﻳﺔ ﻣﺗرﻓﺔ .وﻫذﻩ اﻟطﺑﻘﺔ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ أﻣرﻳن
ﻳرﺑطﺎن أﻓرادﻫﺎ ،أوﻟﻬﻣﺎ اﻷﺻﻝ اﻟﺑدوي ،واﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣدث ﺑﺎﻟﻌرﺑﻳﺔ
ﻛﺄﺣد أﺑﻧﺎء اﻟﺑﺎدﻳﺔ .وﻓﻲ ظﻝ ﻫذا اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻛﺎﻧت اﻟطﺑﻘﺎت اﻟدﻧﻳﺎ واﻟوﺳطﻰ،
ﻣﺎ ﺗزاﻝ ﻣرﺗﺑطﺔ ،إن ﻗﻠﻳﻼً أو ﻛﺛﻳ اًر ﺑﺎﻟﻠﻐﺎت اﻟﺗﻲ ﺳﺎدت اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﻗﺑﻝ اﻟﻔﺗﺢ
اﻹﺳﻼﻣﻲ :ﻛﺎﻧت اﻟﻘﺑطﻳﺔ ﻟﻐﺔ اﻟطﺑﻘﺎت اﻟدﻧﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺻري ،وﻛﺎﻧت
اﻟﻠﻬﺟﺎت اﻵراﻣﻳﺔ ﺗﺳود ﻟدى ﻣﻌظم ﺳﻛﺎن اﻟﺷﺎم وﺑﻌض ﻣﻧﺎطق اﻟﻌراق .وﻛﺎن
اﻟﻣﻐرب اﻟﻌرﺑﻲ ﻳﺳﺗﺧدم ﻋدداً ﻣن اﻟﻠﻬﺟﺎت اﻟﺑرﺑرﻳﺔ ،وﻓﻲ ﺷرق اﻟدوﻟﺔ
اﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ،أي اﻟﻌراق ٕواﻳران واﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺗﻲ ﺑﻌدﻫﺎ ﻛﺎﻧت ﻟﻐﺎت اﻟﺣدﻳث
ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻠﻬﺟﺎت اﻹﻳراﻧﻳﺔ).(٢١
أﻣراء اﻟﺑﻳت اﻷﻣوي واﻟﻌرﺑﻳﺔ
"ﻓﻲ ظﻝ ﻫذﻩ اﻟظروف ،ﻛﺎن ﻣن اﻟطﺑﻳﻌﻲ أن ﻳﺣرص ﺳﺎدة اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻰ
ﺗﻧﺷﺋﺔ أﺑﻧﺎﺋﻬم ﻓﻲ ﺑﻳﺋﺔ ﻋرﺑﻳﺔ ﺑدوﻳﺔ ،ﺣﺗﻰ ﻳﺳﺗﻘﻳم ﻟﻬم اﻻﻧﺗظﺎم ﻓﻲ اﻟطﺑﻘﺔ
اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ،وﺣﺗﻰ ﻳﺗﺿﺢ ﺗﻣﻳزﻫم ﻋن اﻟطﺑﻘﺎت اﻟدﻧﻳﺎ .واﻟﻛﺗب اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﺣﺎﻓﻠﺔ
ﺑرواﻳﺎت ﺗروي ﻟﻧﺎ أن ﺳﺎدة اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وأﻣراء اﻟﺑﻳت اﻷﻣوي ،ﻛﺎﻧوا ﻳﻧظرون
ﻧظرة ﻓزع إﻟﻰ أي ﺧطﺄ ﻟﻐوي ﻳﻘﻊ ﻓﻳﻪ أﺑﻧﺎؤﻫم ،وﻛﺎﻧوا ﻳﺣرﺻون ﻛﻝ
اﻟﺣرص ﻋﻠﻰ أن ﻳﺳﺗﺧدم أﺑﻧﺎؤﻫم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ وﻳﻧطﻘون ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو
)(٢٠
اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ – ﻋﺑر اﻟﻘرون – د .ﻣﺣﻣود ﺣﺟﺎزي – ص .٢٢
)(٢١
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .٤٤
٥٥
اﻟذي ﻳﻌرﻓﻪ اﻟﺑدو اﻟذﻳن ﻟم ﺗﻔﺳد ﻟﻐﺗﻬم ﺑﺎﻻﺧﺗﻼط ﺑﺎﻷﻋﺎﺟم").(٢٢
اﻟﻌرﺑﻳﺔ . . .ﻟﻐﺔ رﺳﻣﻳﺔ
واﺑﺗداء ﻣن اﻟﺛﻠث اﻷﺧﻳر ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻬﺟري اﻷوﻝ أﻣﺳت اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻠﻐﺔ
اﻟرﺳﻣﻳﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ وﻋرﺑت اﻟدواوﻳن ﻧﺣو ﺳﻧﺔ ٨٧ﻫ ـ ،وﻛﺎﻧت ﻟﻐﺔ اﻟﺷﻌر اﻟذي
ﺗﻌﺗز ﺑﻪ اﻟطﺑﻘﺎت اﻟﻌﻠﻳﺎ ﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،وﻓﻲ اﻵن ذاﺗﻪ ﻛﺎﻧت ﻟﻐﺔ اﻟدﻳن
واﻟﻘرآن اﻟﻛرﻳم واﻟﻌﺑﺎدات.
وﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﻬد ،ﻛﺎن ﻣن اﻟﺳﻬﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﺣدث ﺑﺎﻵراﻣﻳﺔ – ﻓﻲ ﺑﻼد
اﻟﺷﺎم واﻟﻌراق – أن ﻳﺗﻌﻠم اﻟﻌرﺑﻳﺔ .ﺑﻳﻧﻣﺎ ﻟم ﻳﻛن اﻻﻧﺗﻘﺎﻝ ﻣن اﻟﻘﺑطﻳﺔ أو
اﻟﺑرﺑرﻳﺔ ﺳﻬﻼً ﻗرﻳب اﻟﻣﻧﺎﻝ ،وﻟذﻟك ﻓﺈن اﻟﺗﻌرﻳب ﻓﻲ ﻣﺻر اﺳﺗﻐرق زﻣﻧﺎً
أطوﻝ ﻣن اﻟﻔﺗرة اﻟﺗﻲ ﻋرﺑت ﻓﻳﻬﺎ ﺳورﻳﺔ واﻟﻌراق واﻟﺟﻧوب اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻛﻣﺎ أن
اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺟﺑﻠﻳﺔ ﺗﺳﺗﻌﺻﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣوﻝ اﻟﻠﻐوي واﻟدﻳﻧﻲ .واﻟﻣﻼﺣظ –
ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ اﻟﻣﺛﺎﻝ – أن اﻟﻘرى اﻵراﻣﻳﺔ ﻓﻲ ﺳورﻳﺔ ﻣﺛﻝ :ﻣﻌﻠوﻻ وﺟﺑﻌدﻳن
وﺑﺧﻌﺔ ،ظﻝ أﻫﻠﻬﺎ ﻳﺗﺣدﺛون اﻵراﻣﻳﺔ ﺑﺎﻟﻠﻬﺟﺔ اﻟﺳرﻳﺎﻧﻳﺔ ﺣﺗﻰ اﻵن ﻓﻲ
ﺳورﻳﺎ ،ﺑﺟﺎﻧب اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻘﻧوﻧﻬﺎ أﻳﺿﺎً.
وﻳﻧﺑﻐﻲ اﻻﻧﺗﺑﺎﻩ إﻟﻰ أن اﻟﺗراث اﻟﻌرﺑﻲ ﻗﺑﻝ اﻟﻌﺻر اﻷﻣوي ﺗرﻛز ﻓﻲ
اﻟﺷﻌر واﻷﻣﺛﺎﻝ ﺛم ﻧزﻝ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﻳم ﺑﺎﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﻏﻳر أن ﻫذا اﻟزﻣن ﻋرف
ﺷﻛﻼً ﺟدﻳداً ﻣن اﻟﺗﻌﺑﻳر ﻫو اﻟﺗﺄﻟﻳف ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،وﻛﻣﺎ ﻳذﻫب د .ﻣﺣﻣود
ﺣﺟﺎزي ﻓﺈن اﺑن اﻟﻣﻘﻔﻊ اﻟﻣﺗوﻓّﻰ ﺳﻧﺔ ١٤٢ﻫ ـ ﻫو ﻣن أواﺋﻝ ﻣن اﺳﺗﺧدﻣوا
اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻛﻠﻐﺔ ﻛﺗﺎﺑﺔ ،ﻓﺗرﺟم ﻣن اﻟﺑﻬﻠوﻳﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻛﺗب ﻣﻧﻬﺎ "ﺧداي
ﻧﺎﻣﺔ" أي :أﺧﺑﺎر اﻟﻣﻠوك ،ﻛﻣﺎ ﺗرﺟم "ﻛﻠﻳﻠﺔ ودﻣﻧﺔ" وﺑذا دﺧﻠت اﻟﻌرﺑﻳﺔ
ﻣﺳﺗوى ﺟدﻳداً ﻣن ﻣﺳﺗوﻳﺎت اﻻﺳﺗﺧدام اﻟﻠﻐوي).(٢٣
)(٢٢
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص ٤٤
)(٢٣
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص ٥٥
٥٦
اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟراﺑﻊ اﻟﻬﺟري
ٕواذا ﻛﺎن اﻟﻠﻐوي اﻟﻛوﻓﻲ اﻟﻛﺳﺎﺋﻲ اﻟﻣﺗوﻓﻰ ﺳﻧﺔ ١٩٠ﻫ ـ ﻗد وﺿﻊ رﺳﺎﻟﺔ
ﺻﻐﻳرة ﻓﻲ "ﻟﺣن اﻟﻌﺎﻣﺔ" – وﻫذا ﻋﻧواﻧﻬﺎ – وﻓﻳﻪ ﻳﺷﻳر إﻟﻰ ﺑﻌض اﻟﻣﻔردات
اﻟﺗﻲ رﻓﺿت ﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻬﺎ اﻟﻣﺄﺛور ﻋن ﻟﻐﺔ ﻓﺻﺣﺎء اﻟﺑﺎدﻳﺔ ،ﻓﺈن اﻷﻣر اﺧﺗﻠف
ﺗﻣﺎﻣﺎً ﺑﻌد ذﻟك ،ﻓﻔﻲ اﻟﻘرن اﻟراﺑﻊ اﻟﻬﺟري ﻛﺎﻧت اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﺗؤﺧذ ﺗﻌﻠﻣﺎً ﻣن
اﻟﻛﺗب ،ﻻ ﺑﻣﺧﺎﻟطﺔ اﻷﻋراب ،وﻟذا ﻓﻘد ظﻬرت ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻛﺗب
اﻟﺗﻌﻠﻳﻣﻳﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﻛﺗﺎب "ﺟواﻫر اﻷﻟﻔﺎظ" ﻟﻘداﻣﺔ ﺑن ﺟﻌﻔر و"اﻷﻟﻔﺎظ" ﻻﺑن
اﻟﺳﻛﻳت.
)(٢٤
و"اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻛﺗﺎﺑﻳﺔ" ﻟﻌﺑد اﻟرﺣﻣن اﻟﻬﻣذاﻧﻲ وﻫﻛذا أﺻﺑﺣت اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻟﻐﺔ
ﻛﺗﺎﺑﺔ وأﻣﺳﻰ ﺗطوﻳرﻫﺎ ﻣرﺗﺑطﺎً ﺑﺎﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻹداري واﻟﺛﻘﺎﻓﻲ،
وﻟم ﺗﻌد ﻟﻐﺔ ﺑﻌض اﻟﻘﺑﺎﺋﻝ ﻫﻲ اﻟﻔﻳﺻﻝ،وﻓﻘدت ﻟﻐﺔ اﻟﺑدو ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟراﺑﻊ
اﻟﻬﺟري ﻗﻳﻣﺗﻬﺎ ﻛﻣﺛﻝ أﻋﻠﻰ ﻟﻼﺳﺗﺧدام اﻟﻠﻐوي).(٢٥
ﻗﻔزة اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﻌﺑﺎﺳﻲ
وﻛﻣﺎ ﻳﻼﺣظ اﻟﺟﺎﺣظ ﻓﺈن اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻗﻔزت ﻗﻔزة ﻛﺑﻳرة ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﻌﺑﺎﺳﻲ،
ﻓﻲ ﺷﺄن اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻟﺗﻲ اﺳﺗدﻋت وﺟودﻫﺎ اﻟﻌﻠوم اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ذاك أن
اﻟﻣﺗﻛﻠﻣﻳن اﺷﺗﻘوا ﻣن ﻛﻼم اﻟﻌرب ﺗﻠك اﻷﺳﻣﺎء ،وﻫم اﺻطﻠﺣوا ﻣﺎ ﻟم ﻳﻛن
ﻟﻪ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﻌرب اﺳم ،وﻟذﻟك ﻗﺎﻟوا :اﻟﻌرض واﻟﺟوﻫر ،وﻓرﻗوا ﺑﻳن اﻟﺑطﻼن
واﻟﺗﻼﺷﻲ،وذﻛروا اﻟﻬوﻳﺔ واﻟﻣﺎﻫﻳﺔ وأﺷﺑﺎﻩ ذﻟك).(٢٦
ﻟﻐﺔ اﻟﺿﺎد
ﻧﺗﺳﺎءﻝ أﺧﻳ اًر :ﻟﻣﺎذا دﻋﻳت اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻟﻐﺔ اﻟﺿﺎد؟ إن اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺗﻲ ﺳﺑﻘت
)(٢٤
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص ٥٨
)(٢٥
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص ٥٩
)(٢٦
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص .٥٦
٥٧
اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺷﺎم واﻟﻌراق وﻣﺻر واﻟﻣﻐرب ﻟم ﺗﻛن ﺗﻌرف اﻟﺿﺎد ،ورﺑﻣﺎ ﻛﺎن
"ﺳﻳﺑوﻳﻪ" ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﻬﺟري اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ اﻟﻌﻣدة ﻓﻲ اﻟﻧﺣو أوﻝ ﻣن
ﻻﺣظ أن ﺻوت اﻟﺿﺎد ﻫو ﻣن اﻷﺻوات اﻟﺻﻌﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﻳﺳﻬﻝ ﻧطﻘﻬﺎ
ﻋﻠﻰ ﻏﺑر اﻟﺑدو ،وﻟذﻟك ﻓﺈﻧﻪ ﺗﺣدث ﻋن ﻧطق آﺧر ﻟﻬﺎ أطﻠق ﻋﻠﻳﻪ "اﻟﺿﺎد
اﻟﺿﻌﻳﻔﺔ" وﻫﻛذا ﻓﺈن اﻟذﻳن ﻛﺎﻧوا ﻳﺗﻛﻠﻣون اﻵراﻣﻳﺔ اﻟﺧﺎﻟﻳﺔ ﻣن اﻟﺿﺎد ،ﻧﺗﺞ
ﻋن ﻣﺣﺎوﻟﺗﻬم اﻟﻧﺎﻗﺻﺔ ﻧطﻘﻬﺎ ذﻟك اﻟﺻوت اﻟذي ﻳﺳﻣﻳﻪ ﺳﻳﺑوﻳﻪ اﻟﺿﺎد
اﻟﺿﻌﻳﻔﺔ ،وﻫﻲ اﻟﻘرﻳﺑﺔ ﻣن ﻟﻔظ اﻟداﻝ.
٥٨
اﻟﻧﺣــو اﻟﻌــرﺑﻲ
ﻓﺈن ﺛﻼﺛﺎً ﻓﻲ اﻟﺑﻳت ﺗﻧﺷد ﺑﺎﻟرﻓﻊ واﻟﻧﺻب ،ﻓﻛم ﺗطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎﻟﻳن.
ﻓﺎﻧطﻠق أﺑو ﻳوﺳف إﻟﻰ اﻟﻛﺳﺎﺋﻲ ﻳﺳﺗﻐﻳﺛﻪ ﻓﻘﺎﻝ :أﻣﺎ ﻣن أﻧﺷد اﻟﺑﻳت ﺑﺎﻟرﻓﻊ،
ﻓﻘد طﻠﻘﻬﺎ واﺣدة ،وأﻧﺑﺄﻫﺎ أن اﻟطﻼق ﻻ ﻳﻛون إﻻ ﺑﺛﻼث .وأﻣﺎ ﻣن أﻧﺷدﻩ
ﺑﺎﻟﻧﺻب ﻓﻘد طﻠﻘﻬﺎ وأﺑﺎﻧﻬﺎ ،ﻷﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻟﻬﺎ :أﻧت طﺎﻟق ﺛﻼﺛﺎً).(٢
ﻌرفإن ﺗﻐﻳﻳر أواﺧر اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻫو اﻹﻋراب ،وﻫو اﻟﻧﺣو أﻳﺿﺎً اﻟذي ُﻳ ﱠ
) (١
اﻷﺷﺑﺎﻩ واﻟﻧظﺎﺋر ج ١ص ٢٥٣وﻣﻌﺟم اﻷدﺑﺎء ١٣ص ١٧٧
) (٢
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص ٢٥٤
٥٩
ﺑﺄﻧﻪ ﻋﻠم ﻳﺑﺣث ﻋن أواﺧر اﻟﻛﻼم إﻋراﺑﺎً وﺑﻧﺎء .ﻳﻘوﻝ د .ﺳﺎﻣﻲ ﻋوض:
وﻫﻛذا اﺳﺗﻘر ﻣﺟﺎﻝ ﻋﻠم اﻟﻧﺣو ﻋﻧد اﻟﻣﺗﺄﺧرﻳن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أﻧﻪ دراﺳﺔ اﻹﻋراب
وﺑﻧﺎء اﻟﺟﻣﻠﺔ ،ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻝ اﻟﺻرف اﻟذي ﻳﺗﻧﺎوﻝ ﺑﻧﻳﺔ اﻟﻛﻠﻣﺔ) .(٣وﻳرى ﻫذا
اﻟﺑﺎﺣث أن ﻧﺣو اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻧﺷﺄ ﻓﻲ اﻟﺛﻠث اﻷﺧﻳر ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻬﺟري
اﻷوﻝ .وﻻ ﻳﻛﺎد اﻟﺣدﻳث ﻋن ﻧﺷﺄة ﻫذا اﻟﻧﺣو ﻳﺧﻠو ﻣن اﻟﺣدﻳث ﻋن
اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت وراء ﻫذﻩ اﻟﻧﺷﺄة ،وﺗﻛﺎد ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺗرﻛز ﻓﻲ ﻗﺿﻳﺔ "اﻟﻠﺣن"
اﻟذي رآﻩ اﻟﻘدﻣﺎء ﺧط اًر ﻋﻠﻰ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،وﻋﻠﻰ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﻳم .ﻳﻘوﻝ اﺑن ﺳﻼم:
)ﻛﺎن أوﻝ ﻣن أﺳس اﻟﻌرﺑﻳﺔ وﻓﺗﺢ ﺑﺎﺑﻬﺎ وأﻧﻬﺞ ﺳﺑﻳﻠﻬﺎ ووﺿﻊ ﻗﻳﺎﺳﻬﺎ أﺑو
وﻏﻠِﺑت
اﻷﺳود اﻟدؤﻟﻲٕ .واﻧﻣﺎ ﻗﺎﻝ ذﻟك ﺣﻳن اﺿطرب ﻟﺳﺎن اﻟﻌربُ ،
اﻟﺳﻠﻳﻘﺔ ،وﻛﺎن ﺳراة اﻟﻧﺎس ﻳﻠﺣﻧون().(٤
وﻳﻧﻘﻝ د .ﻋوض ﻋن اﻟدﻛﺗور ﻋﺑدﻩ اﻟراﺟﺣﻲ أن اﻟﻠﺣن وﺣدﻩ ﻻ ﻳﻔﺳر ﻧﺷﺄة
اﻟﻧﺣو ،وﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ أوﻝ ﺻورة وﺻﻝ ﺑﻬﺎ إﻟﻳﻧﺎ ،وﻫﻲ ﻛﺗﺎب ﺳﻳﺑوﻳﻪ .ﻳﻘوﻝ:
)واﻷﻗرب ﻋﻧدي أن اﻟﻧﺣو ﺷﺄن اﻟﻌﻠوم اﻹﺳﻼﻣﻳﺔ اﻷﺧرى ،ﻧﺷﺄ "ﻟﻔﻬم" اﻟﻘرآن
اﻟﻛرﻳم ،واﻟﺑون ﺷﺎﺳﻊ ﺑﻳن ﻣﺣﺎرﺑﺔ "اﻟﻠﺣن" واﻟﻔﻬم).((٥
وﻋن وظﻳﻔﺔ اﻟﻧﺣو ﻳﻘوﻝ اﺑن ﺧﻠدون ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺗﻪ" :واﻟذي ﻳﺗﺣﺻﻝ أن
اﻷﻫم اﻟﻣﻘدم ﻣﻧﻬﺎ – أي ﻣن ﻋﻠوم اﻟﻠﺳﺎن اﻟﻌرﺑﻲ – ﻫو اﻟﻧﺣو ،إذ ﺑﻪ ﺗﺗﺑﻳن
أﺻوﻝ اﻟﻣﻘﺎﺻد ﺑﺎﻟدﻻﻟﺔ ﻓﻳﻌرف اﻟﻔﺎﻋﻝ ﻣن اﻟﻣﻔﻌوﻝ ،واﻟﻣﺑﺗدأ ﻣن اﻟﺧﺑر،
ﻟﺟﻬﻝ أﺻﻝ اﻹﻓﺎدة".
وﻟوﻻﻩ ُ
وﻳﻘوﻝ إﺑراﻫﻳم ﻣﺻطﻔﻰ" :اﻟﻧﺣو ﻗﺎﻧون اﻟﻛﻠﻣﺎت ،وﺑﻳﺎن ﻟﻛﻝ ﻣﺎ ﻳﺟب أن
ﺗﻛون ﻋﻠﻳﻪ اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻠﺔ ،واﻟﺟﻣﻠﺔ ﻣﻊ اﻟﺟﻣﻝ ،ﺣﺗﻰ ﺗﺗﺳق اﻟﻌﺑﺎرة،
) (٣
د .ﺳﺎﻣﻲ ﻋوض -ﻣﺟﻠﺔ ﻣﺟﻣﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ – ﺗﺷرﻳن اﻷوﻝ أﻛﺗوﺑر ١٩٩٨ص ٩٠٨
) (٤
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص ٨٩٦وطﺑﻘﺎت ﻓﺣوﻝ اﻟﺷﻌراء ﻻﺑن ﺳﻼم ص ١٢
) (٥
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص ٨٩٧
٦٠
)(٦
وﻳﻣﻛن أن ﺗؤدي ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ"
ﻣﻬﻣﺎ ﻳﻛن ﻣن أﻣر ،ﻓﺈن وظﻳﻔﺔ اﻟﻧﺣو ﻻ ﺗﻧﻔﺻﻝ ﻋن إﺗﻘﺎﻧﻪ ،وﻫذا ﻣﺎ
أوﺿﺣﻪ د .ﺳﺎﻣﻲ ﻋوض ،ﺣﻳن ذﻛر أن ﻣﺟﻣﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﺑدﻣﺷق،
أﺷﺎر ﻓﻲ وﺛﻳﻘﺔ ﺗﻘدم ﺑﻬﺎ إﻟﻰ ﻧدوة ﺗﻳﺳﻳر ﺗﻌﻠﻳم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر إﻟﻰ
أن ﺛﻣﺔ ﻧﺎﺣﻳﺔ ﻟم ﻳﻌن ﺑﻬﺎ اﻟﺑﺎﺣﺛون اﻟﻣﻌﺎﺻرون اﻟﻌﻧﺎﻳﺔ اﻟﻛﺎﻓﻳﺔ ،وﻟم ﺗﺷر
إﻟﻳﻬﺎ اﻟﺗوﺻﻳﺎت إﻻ ﻋرﺿﺎً ،وﻫﻲ أن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﺟزء ﻣن اﻟﻧﺣو ،إذ ﻻ ﻳﻘﺗﺻر
اﻟﻐرض ﻣن إﺗﻘﺎن اﻟﻧﺣو ﻋﻠﻰ ﺿﺑط أواﺧر اﻟﻛﻼم ،أو ﺗﻌداد ﺻﻳﻎ اﻷﻓﻌﺎﻝ
اﻟﻣزﻳدة وﻣﺷﺗﻘﺎﺗﻬﺎ ﻣﺛﻼً ،إﻧﻣﺎ ﻳﻧﺑﻐﻲ ﺗﻧﺑﻳﻪ اﻟطﺎﻟب إﻟﻰ أن ﺗﻐﻳر اﻟﺣرﻛﺎت
)(٧
اﻹﻋراﺑﻳﺔ واﻟﺻﻳﻎ واﻷﺑﻧﻳﺔ ،ﻳؤدي إﻟﻰ ﺗﻐﻳﻳر اﻟﻣﻌﻧﻰ.
وﻓﻲ دراﺳﺗﻬﺎ "إﻋﺎدة ﺑﻧﺎء ﻣﻔﺎﻫﻳم اﻟﻧﺣو" ﺗرى د .ﺣورﻳﺔ ﺧﻳﺎط أن اﻟﻧﺣو
اﻟﻌرﺑﻲ ﺑﻠﻎ درﺟﺔ اﻟﻛﻣﺎﻝ ،ﻓﺗﻧﻘﻝ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎﻝ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻣﺣﻣد اﻟﺧﺿر
ﺣﺳﻳن ،ﻣن أن "ﺟوﻝ ﻓﻳرن ﻛﺗب ﻗﺻﺔ ﺧﻳﺎﻟﻳﺔ ﺑﻧﺎﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻳﺎح ﻳﺧﺗرﻗون
طﺑﻘﺎت اﻟﻛرة اﻷرﺿﻳﺔ ،ﺣﺗﻰ ﻳﺻﻠوا أو ﻳدﻧوا ﻣن وﺳطﻬﺎ .وﻟﻣﺎ أرادوا اﻟﻌود
إﻟﻰ ظﺎﻫر اﻷرض ،ﺑدا ﻟﻬم أن ﻳﺗرﻛوا ﻫﻧﺎﻟك أﺛ اًر ﻳدﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺑﻠﻎ رﺣﻠﺗﻬم
ﻓﻧﻘﺷوا ﻋﻠﻰ اﻟﺻﺧر ﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،وﻟﻣﺎ ﺳﺋﻝ ﺟوﻝ ﻓﻳرن ﻋن وﺟﻪ
اﺧﺗﻳﺎرﻩ ﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﻗﺎﻝ :إﻧﻬﺎ ﻟﻐﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻝ".
ﻣﻊ ذﻟك ﻓﺛﻣﺔ ﺳؤاﻝ ﻳطرﺣﻪ د .ﺳﺎﻣﻲ ﻋوض ،ﻓﻬﻝ ﻟﻐﺗﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
ﺻﻌﺑﺔ؟ ﺛم ﻳﺟﻳب ﻣﻌﺗﻣداً ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ أﺑو ﺣﻳﺎن اﻟﺗوﺣﻳدي ﻓﻲ اﻟﻠﻳﻠﺔ
اﻟﺳﺎدﺳﺔ ﻣن ﻛﺗﺎب )اﻹﻣﺗﺎع واﻟﻣؤاﻧﺳﺔ( ﻋن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ) :ﻗد ﺳﻣﻌﻧﺎ ﻟﻐﺎت
ﻛﺛﻳرة – ٕوان ﻟم ﻧﺳﺗوﻋﺑﻬﺎ – ﻣن ﺟﻣﻳﻊ اﻷﻣم ،ﻓﻣﺎ وﺟدﻧﺎ ﻟﺷﻲء ﻣن ﻫذﻩ
اﻟﻠﻐﺎت ﻧﺻوع اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،أي اﻟﻔرج اﻟذي ﺑﻳن ﻛﻠﻣﺎﺗﻬﺎ ،واﻟﻔﺿﺎء اﻟذي ﺑﻳن
) (٦
اﺑراﻫﻳم ﻣﺻطﻔﻰ – إﺣﻳﺎء اﻟﻧﺣو – اﻟﻘﺎﻫرة – ﻣطﺑﻌﺔ ﻟﺟﻧﺔ اﻟﺗﺄﻟﻳف واﻟﺗرﺟﻣﺔ واﻟﻧﺷر .١٩٣٧
) (٧
د .ﺳﺎﻣﻲ ﻋوض – ﻣﺟﻠﺔ ﻣﺟﻣﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ١٩٩٨ص ٩٠٧
٦١
ﺣروﻓﻬﺎ ،واﻟﻣﺳﺎﻓﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﻳن ﻣﺧﺎرﺟﻬﺎ ،واﻟﻣﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻧذوﻗﻬﺎ ﻓﻲ أﻣﺛﻠﺗﻬﺎ،
واﻟﻣﺳﺎواة اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗُﺟﺣد ﻓﻲ أﺑﻧﻳﺗﻬﺎ(.
وﻳﻧﻘﻝ ﻋن اﻟﻣﺳﺗﺷرق اﻟﻔرﻧﺳﻲ وﻟﻳم ﻣﺎرﺳﻳﻪ )أن ﻣن اﻟﺳﻬﻝ ﺟداً ﺗﻌﻠم
أﺻوﻝ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﻓﻘواﻋدﻫﺎ اﻟﺻرﻓﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗظﻬر ﻣﻌﻘدة ﻷوﻝ وﻫﻠﺔ ﻫﻲ
ﻗﻳﺎﺳﻳﺔ وﻣﺿﺑوطﺔ ﺑﺷﻛﻝ ﻋﺟﻳب ،ﻻ ﻳﻛﺎد ﻳﺻدق ،ﺣﺗﻰ إن ﺻﺎﺣب اﻟذﻫن
اﻟﻣﺗوﺳط ﻳﺳﺗطﻳﻊ ﺗﺣﺻﻳﻠﻬﺎ ﻓﻲ أﺷﻬر ﻗﻠﻳﻠﺔ ،وﺑﺟﻬد ﻣﻌﺗدﻝ .إن اﻟﻔﻌﻝ
اﻟﻌرﺑﻲ ﻫو ﻟﻌﺑﺔ أطﻔﺎﻝ إذا ﻗﻳس ﺑﺎﻟﻔﻌﻝ اﻟﻳوﻧﺎﻧﻲ أو ﺑﺎﻟﻔﻌﻝ اﻟﻔرﻧﺳﻲ .ﻓﻠﻳس
ﻫﻧﺎك ﺻﻌوﺑﺔ ﻓﻲ اﻻﺷﺗﻘﺎق .أﻣﺎ اﻟﻧﺣو ﻓﺑﺳﻳط ﻻ ﺗﻌﻘﻳد ﻓﻳﻪ ﻣطﻠﻘﺎً(.
وﻳﻧﻘﻝ أﻳﺿﺎً ﻋن اﻟﻣﺳﺗﺷرق اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻵﺧر ﻫذي ﻟوﺳﻳﻝ ﻗوﻟﻪ) :وﺗﻘدم
اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻧﺳﻘﺎً ﻣن ﻗواﻋد اﻹﻋراب ﺑﺳﻳطﺎً ،وﻓﻳﻪ ﻗدر ﻛﺑﻳر ﻣن اﻟﻣروﻧﺔ .ﻛﻣﺎ
ﺗﻘدم أﺳﺎﻟﻳب ﻣن ﺗرﻛﻳب اﻟﻛﻼم ﺗﺟﻣﻊ ﺑﻳن اﻟﺳذاﺟﺔ واﻟدﻗﺔ().(٩
ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑﻝ ﻓﺈن ﻟﺑﻌض أﻫﻝ اﻟﻠﻐﺔ رأﻳﺎً آﺧر ،وﻛﺎن "ﺧﻠف اﻷﺣﻣر"
اﻟﻣﺗوﻓﻰ ﺳﻧﺔ ١٨٠ﻫـ أوﻝ ﻣن ﺗﻧﺑﻪ إﻟﻰ ﻣﺎ اﻋﺗرى اﻟﻧﺣو ﺣﺗﻰ زﻣﺎﻧﻪ ﻣن
ﺗطوﻳﻝ وﺗﻌﻘﻳد ﻛﻣﺎ ﻳذﻫب اﻷﺳﺗﺎذ ﻣﺣﻣد اﻟﻛﺳﺎر ،اﻟذي ﻧﻘﻝ رأي اﻷﺣﻣر،
ﻣﻼﺣظﺎً أﻧﻪ ﺷﻛوى واﺿﺣﺔ ﺻرﻳﺣﺔ ﻣن ﺗﻌدد اﻷﺑواب اﻟﻧﺣوﻳﺔ وﻛﺛرة
اﻟﺗﻌﻠﻳﻼت اﻟﺗﻲ ﻻ طﺎﺋﻝ ﺗﺣﺗﻬﺎ ،وﻗد ﻗﻳﻝ ﻓﻲ اﻟﻧﺻف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن
اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﻬﺟري ،واﻟﻧﺣو ﻟﻣﺎ ﻳزﻝ ﻏض اﻹﻫﺎب ).(١٠
وﻫذا ﻣﺎ اﻧﺗﺑﻪ إﻟﻳﻪ أﻳﺿﺎً د .ﻋوض ،ﺣﻳن ذﻫب إﻟﻰ أن ﺑﻌض اﻟﻧﺣﺎة
ﻧﺣﺎ إﻟﻰ وﺿﻊ اﻟﻣﺗون ﺛم إﻟﻰ ﺷرﺣﻬﺎ ،ﺛم إﻟﻰ ﺷرح ﻫذا اﻟﺷرح أو اﺧﺗﺻﺎرﻩ.
) (٩
ﺣورﻳــﺔ ﺧﻳــﺎط – ﻋــن ﻣﺣﻣــد اﻟﺧﺿــر ﺣﺳــﻳن ﻓــﻲ "د ارﺳــﺎت ﻓــﻲ اﻟﻌرﺑﻳــﺔ وﺗﺎرﻳﺧﻬــﺎ "دﻣﺷــق – اﻟﻣﻛﺗــب
اﻹﺳــﻼﻣﻲ ١٩٦٠أﻣــﺎ ﺟــوﻝ ﻓﻳــرن ( ١٩٠٥ -١٨٢٨) juls verneﻓﻬــو ﻣؤﺳــس أدب اﻟﺧﻳــﺎﻝ اﻟﻌﻠﻣــﻲ
ورواﻳﺗﻪ اﻟﻣذﻛورة ﻫﻲ رﺣﻠﺔ إﻟﻰ ﻣرﻛز اﻷرض . journey to the center of the earth
)(١٠
ﺗﻳﺳﻳر ﻣﺑﺎﺣث اﻟﻧﻣو واﻟﺻرف د .ﺳﺎﻣﻲ ﻋوض ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺟﻣﻊ ١٩٩٨ص . ٩٠٤ – ٩٠٣
٦٢
ﺛم إﻧﻪ ﻳﻘدم ﻧﻣوذﺟﺎً ﻣن أﻟﻔﻳﺔ اﺑن ﻣﺎﻟك ،ﻫو إﻋراب أوﻝ ﺑﻳت ﻓﻳﻬﺎ،
وﻳﺳﺗﻐرق أﻛﺛر ﻣن ﺛﻣﺎﻧﻳﺔ أﺳطر ،وﻳﻘوﻝ" :إن ﻣن ﻳﻌود إﻟﻰ ﺷروح
اﻟﺣواﺷﻲ ﻓﻲ أﻟﻔﻳﺔ اﺑن ﻣﺎﻟك ﻓﺳوف ﻳﺟد أن ﺑﻌض ﻫذﻩ اﻟﺷروح ،ﻗد أﻏرﻗﺗﻬﺎ
اﻟﺻﻳﻐﺔ ،وﺟﻌﻠﺗﻬﺎ أﻗرب إﻟﻰ اﻟﻣﻣﺎﺣﻛﺎت اﻟﻠﻔظﻳﺔ "ﺛم ﻳﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ أن اﻟﺣذﻟﻘﺔ
ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻳم اﻟﻧﺣو ،وﺻﻠت إﻟﻰ أن ﻧﻣﺎذج ﻣن ﺗﻠك اﻟدروس ،ﻛﺎن ﻳﺳﺗﺷﻬد ﺑﻪ
ﻓﻲ اﻟطرف واﻟﻣﻠﺢ .ﻣن ذﻟك ﻗﺻﺔ أﻋراﺑﻲ ﺟﻠس ﻳﺳﺗﻣﻊ إﻟﻰ درس ﻓﻲ
أز ،ﻳﺎ
اﻟﻧﺣو ،ﻓﺳﻣﻊ اﻟﺷﻳﺦ ﻳﺳﺄﻝ ﺗﻼﻣﻳذﻩ وﻳﻘوﻝ :ﻛﻳف ﺗﻘوﻟون ﻣن ﺗؤزﻫم ّاً
ﻓﺎﻋﻝ اﻓﻌﻝ؟ أو ﻗﺎﻝ :
ﻛﻳف ﺗﺄﺗون ﺑﻣﺛﺎﻝ )اطﻣﺄﻧﻧت( ﻣن رﻣﻳت وﻏزوت وﺑﻌت وﻗﻠت؟ ﻓﺈذا
أوزز.
ﺳﻛﺗوا وﻟم ﻳﺟﻳﺑوا ،ﻗﺎﻝ اﻟﺷﻳﺦ :ﻳﻘﺎﻝ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻷوﻟﻰ :ﻳﺎ أز ّأز أو ْ
اﺑﻳﻌﻌت واﻗوﻟﻠت! ﻋﻧد ذﻟك
اﻏزووت و ّ
ارﻣﻳﻳت ،و ّ
وﻳﻘﺎﻝ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔّ :
ﻧﻬض اﻷﻋراﺑﻲ وﻗﺎﻝ:
ﺣﺗﻰ ﺗﻌﺎطوا ﻛﻼم اﻟزﻧﺞ واﻟروم أﺧذﻫم ﻓﻲ اﻟﻧﺣو ﻳﻌﺟﺑﻧﻲ
ُ ﻗد ﻛﺎن
)(١١
اﻟﻣﻔﺗﺎح ﻣﺣﻣد اﻟﻛﺳﺎر دﻣﺷق ١٩٧٦ص ٧٥
٦٣
اﻟﺳﻣﺎء ﻫﻧﺎ ﻓﺎﻋﻝ ﻟﻔﻌﻝ ﻣﺣذوف ﻳﻔﺳرﻩ اﻟﻔﻌﻝ اﻟﻣذﻛور ،إذ أﺻﻝ اﻟﻛﻼم "إذا
اﻧﺷﻘت اﻟﺳﻣﺎء اﻧﺷﻘت" وﻟﻣﺎ ﺳﺄﻟﻪ :ﻣﺎ اﻟﻣﺎﻧﻊ ﻣن أن ﺗﻛون اﻟﺳﻣﺎء ﻣﺑﺗدأ
وﺟﻣﻠﺔ اﻧﺷﻘت ﺧﺑ اًر ﻟﻪ؟ ﻗﺎﻝ ":إن ﻗواﻋد اﻟﻧﺣو ﻻ ﺗﺟﻳز إدﺧﺎﻝ "إذا" ﻋﻠﻰ
اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻻﺳﻣﻳﺔ .وﻫﻧﺎ ﻗﺎﻝ اﻟﻛﺳﺎر "اﻟﺗﻠﻣﻳذ" :ﻣﺎ ﻫو ﻣوﻗف ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ﻣن
اﻵﻳﺎت اﻟﻘرآﻧﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺣﺻر ﻟﻬﺎ ،واﻟﺗﻲ دﺧﻠت ﻓﻳﻬﺎ "إذا "ﻣﻊ ﺟﻣﻝ اﺳﻣﻳﺔ،
ﻣﺛﻝ :إذا اﻟﺷﻣس ﻛورتٕ ،واذا اﻟﺟﺑﺎﻝ ﺳﻳرتٕ ،واذا اﻟﻧﺟوم اﻧﻛدرتٕ ،واذا
ذﻧب ﻗﺗﻠت .إﻟﻰ آﺧر ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﺳﻣﺎء اﻧﻔطرتٕ .واذا اﻟﻣوؤودة ﺳﺋﻠت ﺑﺄي ٍ
ﻫذﻩ اﻵﻳﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو ﻓﻲ ﺳورﺗﻲ اﻻﻧﻔطﺎر واﻟﺗﻛوﻳر؟
وﻳﺿﻳف اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻛﺳﺎر ﻣن أﻗواﻝ اﻟﺷﻌراء اﻟﺗﻲ ﻻ ﺣﺻر ﻟﻬﺎ:
ﻧﻌﺎﺗﺑﻪ ﺑﺎﻟﺳﻳوف إﻟﻳﻪ ﻣﺷﻳﻧﺎ ﺧدﻩ ﺻﻌر
ّ اﻟﺟﺑﺎر اﻟﻣﻠك إذا
ﺳﻧن اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﺻﺣﻳﺣﺔ – واﻟﻘرآن اﻟﻛرﻳم ﺛم ﻳﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ اﻟﻘوﻝ :إن ﻛﺎﻧت ُ
اﻟﻣﺣﺎﻓظ اﻷوﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟﺳﻧن واﻟﺣﺎرس اﻷﻣﻳن ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻷﺳﺎﻟﻳب –
ﺗﺣﺗم دﺧوﻝ "إذا" ﻋﻠﻰ ﺟﻣﻠﺔ ﻓﻌﻠﻳﺔ ،أﻣﺎ ﻛﺎن اﻷوﻟﻰ ﻟﺗﻠك اﻵﻳﺎت أن ﻳﻛون
ﻧﺻﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ" :إذا ﻛورت اﻟﺳﻣﺎءٕ ،واذا ﺳﻳرت اﻟﺟﺑﺎﻝٕ ،واذا
اﻧﻛدرت اﻟﻧﺟومٕ ،واذا ﺳﺋﻠت اﻟﻣوؤودةٕ ..واذإ ..واذا"..
وﻟم ﻳﺗزﺣزح اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣﺑﺎرك اﻟﻣﻠﺗزم ﺑﻘواﻋد اﻟﻧﺣﺎة ﻋن ﻣوﻗﻔﻪ ،ﺑﻝ راح
ﻳﻠﺗﻣس ﻟﻛﻝ ﺟﻣﻠﺔ اﺳﺗﺷﻬد اﻟﻛﺳﺎر ﺑﻬﺎ ﻓﺎﻋﻼً ﻣﺣذوﻓﺎً أو ﻧﺎﺋب ﻓﺎﻋﻝ..اﻟﺦ.
ﺛم إﻧﻪ ﻳﻌﻠق ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘدم ﺑﺎﻟﻘوﻝ :ﺻدﻣﻧﻲ ﻛﻼم اﻷﺳﺗﺎذ ،ﻫذا اﻟﻣﻌﻘّد واﺿﺢ
اﻟﺗﻛﻠف واﻟﻣﺟﺎﻓﻲ ﻟﻠﺳﻠﻳﻘﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﺳﻠﻳﻣﺔ).(١٢
وﻳورد اﻷﺳﺗﺎذ ﻳوﺳف اﻟﺻﻳداوي ﻓﻲ "اﻟﻛﻔﺎف" ﻧﺻﻳن ﻳرﻳد ﻣﻧﻬﻣﺎ اﻟﻘوﻝ
)(١٢
د .ﺳﺎﻣﻲ ﻋوض ص ٩١٠ -٩٠٩
٦٤
إن ﺑﻌض اﻟﻧﺣﺎة ﻳﺗﻌﻣدون اﻟﺗﻌﻘﻳد ،ﻓﻘد ﻗﺎﻝ اﺑن ﻳﻌﻳش" :ﻗﺎﻝ اﻟﺧﻠﻳﻝ ﺑن
أﺣﻣد رﺣﻣﻪ اﷲ :ﻣن اﻷﺑواب ﻣﺎ ﻟو ﺷﺋﻧﺎ أن ﻧﺷرﺣﻪ ﺣﺗﻰ ﻳﺳﺗوي ﻓﻳﻪ اﻟﻘوي
واﻟﺿﻌﻳف ﻟﻔﻌﻠﻧﺎ ،وﻟﻛن ﻳﺟب أن ﻳﻛون ﻟﻠﻌﺎﻟم ﻣزﻳﺔ ﺑﻌدﻧﺎ".أﻣﺎ اﻟﻧص اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻓﻬو ﻣن ﻛﺗﺎب "اﻟﺣﻳوان" ﻟﻠﺟﺎﺣظ ،وﻓﻳﻪ ﻗوﻟﻪ" :وﻗﻠت ﻷﺑﻲ اﻟﺣﺳن اﻷﺧﻔش:
أﻧت أﻋﻠم اﻟﻧﺎس ﺑﺎﻟﻧﺣو ،ﻓﻠم ﻻ ﺗﺟﻌﻝ ﻛﺗﺑك ﻣﻔﻬوﻣﺔ ﻛﻠﻬﺎ ،وﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺎ ﻧﻔﻬم
ﺑﻌﺿﻬﺎ وﻻ ﻧﻔﻬم أﻛﺛرﻫﺎ ،وﻣﺎ ﺑﺎﻟك ﺗﻘدم ﺑﻌض اﻟﻌوﻳص وﺗؤﺧر ﺑﻌض
اﻟﻣﻔﻬوم؟ ﻗﺎﻝ :أﻧﺎ رﺟﻝ ﻟم أﺿﻊ ﻛﺗﺑﻲ ﻫذﻩ ﷲ ،وﻟﻳﺳت ﻫﻲ ﻣن ﻛﺗب اﻟدﻳن،
وﻟو وﺿﻌﺗﻬﺎ ﻫذا اﻟوﺿﻊ اﻟذي ﺗدﻋوﻧﻲ إﻟﻳﻪ ،ﻗﻠت ﺣﺎﺟﺗﻬم إﻟﻲ ﻓﻳﻬﺎ").(١٣
ﻋﻠﻰ ﻛﻝ ﺣﺎﻝ ،ﻓﺈن اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻛﺳﺎر ،ﻳذﻫب ﻓﻲ ﺗﻔﺳﻳر ﻫذا اﻟﺗﻌﻘﻳد
ﻣذﻫﺑﻳن ،اﻷوﻝ ﻳرى ﻓﻳﻪ أن اﻟﻧﺣﺎة اﻟذﻳن أورﺛوﻩ ﻫم ﺟﻣﻳﻌﺎً ﻣن اﻟﻣواﻟﻲ.
ﻳﻘوﻝ :وﺑﻌد اﻟﺧﻠﻳﻝ ،وﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺗﺣدﻳد ﻓﻲ أواﺧر اﻟﻘرن اﻟﻬﺟري اﻟﺛﺎﻧﻲ
وأواﺋﻝ اﻟﺛﺎﻟث ،دﺧﻠت اﻟﺗﻌﻠﻳﻼت اﻟﻧﺣوﻳﺔ ﻣرﺣﻠﺔ ﺟدﻳدة ﻋﻠﻰ ﻳد ﺳﻳﺑوﻳﻪ
واﻟﻣﺎزﻧﻲ واﻷﺧﻔش اﻷوﺳط ﻣن اﻟﺑﺻرﻳﻳن ،واﻟﻛﺳﺎﺋﻲ واﻟﻔراء ﻣن اﻟﻛوﻓﻳﻳن،
ﻣرﺣﻠﺔ ﺑﻠﻎ ﻓﻳﻬﺎ اﻟﺗﻌﻘﻳد ﻟﻠظواﻫر اﻟﻠﻐوﻳﺔ ﻣداﻩ ﻋﻠﻰ ﻳد ﻫؤﻻء اﻷﺋﻣﺔ اﻷﻋﻼم
و ﺟﻣﻳﻌﻬم ﻣن اﻟﻣواﻟﻲ – أي :ﻣن اﻷﻋﺎﺟم ﻏﻳر اﻟﻌرب.
أﻣﺎ اﻟﻣذﻫب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﻳرﺟﻌﻪ إﻟﻰ اﻟﺗﺄﺛر ﺑﺎﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻳوﻧﺎﻧﻳﺔ .ﻳﻘوﻝ :ﻟم ﻳﻛد
ﻳطﻝ اﻟﻘرن اﻟراﺑﻊ اﻟﻬﺟري ﺣﺗﻰ ﺑﻠﻎ طﻐﻳﺎن اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻳوﻧﺎﻧﻳﺔ ﻣداﻩ ،وﺧﺿﻌت
اﻷﺑﺣﺎث اﻟﻧﺣوﻳﺔ ﺧﺿوﻋﺎً ﺗﺎﻣﺎً ﻟﻌﻠم اﻟﻛﻼم واﻟﺟدﻝ ،وأﺻﺑﺣت اﻟﻌﻠﻝ
)(١٤
اﻟﻣﺣور اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟذي ﺗدور ﺣوﻟﻪ ﻣﻧﺎﻗﺷﺎت اﻟﻧﺣوﻳﻳن وﻣﻧﺎظراﺗﻬم.
وﻳؤﻛد ﻫذا اﻟﺑﺎﺣث أن اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﺑﻧﻰ ﻋﻠﻳﻬﺎ أﺑو اﻷﺳود اﻟدؤﻟﻲ ﻗواﻋد
اﻟﻠﺳﺎن اﻟﻌرﺑﻲ اﻷوﻟﻰ ،ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺑﺳﺎطﺔ واﻹﻳﺟﺎز وﺧﺎﻟﻳﺔ ﻣن ﻛﻝ
)(١٣
اﻟﻣﻔﺗﺎح – ﻣﺣﻣد اﻟﻛﺳﺎر ص ١٦٣ -١٦٢ -١٦١
)(١٤
اﻟﻛﻔﺎف – ﻳوﺳف اﻟﺻﻳداوي –دار اﻟﻔﻛر -دﻣﺷق ١٩٩٩ص٤٩
٦٥
ﻏﻣوض أو ﺗﻌﻘﻳد ﻳﺗﻧﺎﻓﻰ واﻟطﺑﻊ اﻟﻌرﺑﻲ اﻷﺻﻳﻝ .وﻟﻧﺎ أن ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ أﻳﺿﺎً
وﺑﻛﻝ اطﻣﺋﻧﺎن أن اﻟﻌﺟﻣﺔ أﺧذت ﺗﻐزو اﻟﻧﺣو اﻟﻌرﺑﻲ ﻣﻧذ آﻟت إﻣﺎﻣﺗﻪ ﻓﻲ
اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﻬﺟري إﻟﻰ ﻧﺎﺑﻐﺔ ﻣن اﻟﻣواﻟﻲ ﻫو ﻋﺑد اﷲ ﺑن أﺑﻲ اﺳﺣق
اﻟذي ﻳﻧﺳب إﻟﻳﻪ أﻧﻪ ﻛﺎن أوﻝ ﻣن ﻓﺗﺢ ﻓﻲ اﻟﻧﺣو ﺑﺎب اﻟﺗﻌﻠﻳﻝ وﻣد اﻟﻘﻳﺎس.
وﻗﻳﻝ ﻓﻲ ذﻟك :إﻧﻪ أوﻝ ﻣن ﺑﻌﺞ اﻟﻧﺣو ).(١٥
ٕواذ ﻧﺷﺄ ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻓﻲ اﻟﻧﺣو ،ﻣن ﺣﻳث ﺧﺿوع ﻗواﻋدﻩ ﻟﻸﻗﻳﺳﺔ اﻟﻣﺳﺗﻣدة
ﻣن اﻟﻣﻧطق اﻟﺻوري اﻟﻳوﻧﺎﻧﻲ ،ﻓﺈن ﻋظﻳﻣﺎً ﻣﺛﻝ اﻟﺧﻠﻳﻝ ﺑن أﺣﻣد اﻟﻔراﻫﻳدي
اﻟذي ﻳﺻﻔﻪ اﻟﻛﺳﺎر ﺑﺄﻧﻪ اﻟﻌﺑﻘري اﻟﻔذ واﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺻﻣﻳم ،اﻧﺟرف واﻧﺳﺎق ﻓﻲ ﺗﻳﺎر
اﻟﺗﻌﻠﻳﻝ واﻟﻘﻳﺎس اﻟذي ﻛﺎن ﻗد طﻐﻰ ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو طﻐﻳﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋر
اﻟﻌﻠوم اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻷﺧرى ،ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻠﻐوﻳﺔ واﻟدﻳﻧﻳﺔ ﻣﻧﻬﺎ).(١٦
وﻣﺛﻠﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻫﻧﺎك ﺟﺑﻬﺔ ﻟﻠﻣﻌﺟﺑﻳن ﺑﺎﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻳوﻧﺎﻧﻳﺔ ،ﺑﺎﻟﻐت ﻓﻲ ﻓﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻌﻠﺔ اﻟﻧﺣوﻳﺔ واﻧﺗﺻﺎرﻫﺎ ﻟﻠﻣﻧطق اﻟﻳوﻧﺎﻧﻲ ،واﻧﺗظم ﻓﻲ ﺻﻔوﻓﻬﺎ ﻣﻌظم
اﻟﻧﺣﺎة ،وﻛﺎن رأﻳﻬﺎ ﻫو اﻟﺳﺎﺋد ،ﻓﻘد ﻛﺎﻧت ﻫﻧﺎك أﻳﺿﺎً ﺟﺑﻬﺔ ﻣﻌﺎرﺿﺔ
اﺳﺗﻧﻛرت ﻏزو اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻣﻳدان اﻟﻧﺣو ﺑﻌد ﻏزوﻫﺎ اﻟﺑﺣوث اﻟدﻳﻧﻳﺔ .وﻛﺎن
ﺻوت ﻫذﻩ اﻟﺟﺑﻬﺔ ﺧﺎﻓﺗﺎً أوﻝ اﻷﻣر ،ﻣﺎ ﻳﻛﺎد ﻳﺳﻣﻊ ،ﺣﺗﻰ إذا ﻛﺎن اﻟﻘرن
اﻟﻬﺟري اﻟراﺑﻊ ،وﻛﺎن أﻣر اﻟﺟﺑﻬﺔ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻗد اﺳﺗﻔﺣﻝ ﺧطرﻩ ،ﺑرز اﻹﻣﺎم
ﺟﻧﻲ – ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أﺻﻠﻪ اﻟروﻣﻲ -ﺣﺎﻣﻼً ﻟواء اﻟﻠﻐوي اﻟﻛﺑﻳر اﺑن ّ
أﺿر ﺑﺎﻟﺑﺣوثّ اﻟﻣﻌﺎرﺿﺔ ،وراح ﻳطﺎﻟب ﺑوﺿﻊ ﺣد ﻟﻬذا اﻟﻐزو اﻟذي
)(١٧
اﻟﻧﺣوﻳﺔ ﺿر اًر ﻛﺑﻳ اًر.
اﻹﺷﻛﺎﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟذي ﻣﺎ زاﻝ ﻳواﺟﻪ اﻟﻧﺣوﻳﻳن ﺣﺗﻰ اﻟﻳوم ﺑﻌد "اﻟﻌﻠﺔ
)(١٥
اﻟﻣﻔﺗﺎح – اﻟﻛﺳﺎر -ص ٤٨
)(١٦
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص ٤٦
)(١٧
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص ٤٧
٦٦
اﻟﻧﺣوﻳﺔ" ﻫو ﻣﺎ اﺻطﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻣﻳﺗﻪ" :ﻧظرﻳﺔ اﻟﻌواﻣﻝ" .وﻛﺎن ﺷﺄن اﻟﻌﻠﺔ
اﻟﻧﺣوﻳﺔ ﻗد اﺳﺗﻔﺣﻝ ،ﺣﺗﻰ أﻣﺳت "ﻋﻠﺔ ﻫذا اﻟﻧﺣو وداءﻩ اﻟﻌﺿﺎﻝ" ﻛﻣﺎ ﻳﻘوﻝ
ﻣﺣﻣد اﻟﻛﺳﺎر.
أﻣﺎ ﻧظرﻳﺔ اﻟﻌواﻣﻝ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻣﻬد ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘوﻝ" :ﻣﻧذ ﺣﺎوﻝ اﻟﻧﺣﺎة اﻷواﺋﻝ
وﺿﻊ ﺿواﺑط ﻣطردة ﻟﻛﻼم اﻟﻌرب ،ﺗﻌرف ﺑﻬﺎ ﻣواﺿﻊ اﻟرﻓﻊ واﻟﺟر
واﻟﻧﺻب واﻟﺟزم ،اﺿطروا ﻷن ﻳﻔﺗرﺿوا ﻟﻛﻝ ﺣﺎﻟﺔ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﺳﺑﺑﺎً
أدى إﻟﻳﻬﺎ وأطﻠﻘوا ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺳﺑب أو اﻟﻣﺳﺑب ﻟﻔظﺔ "اﻟﻌﺎﻣﻝ" .ﻓﻬم ﻻﺣظوا
ﻣﺛﻼً أن وﺟود اﻷﺣرف"ﻛﺎﻟﺑﺎء و ..ﻣنٕ ..واﻟﻰ ..وﻋن ..وﻋﻠﻰ ..و ..ﻓﻲ..
أﻣﺎم اﻻﺳم اﻟﻣﻌرب اﻟﺻﺣﻳﺢ اﻵﺧر ﻳﺳﺗدﻋﻲ ﺟرﻩ دوﻣﺎً ﻓﺳﻣوا ﻣﺛﻝ ﻫذﻩ
اﻟﺣروف :ﺣروف اﻟﺟر أو ﻋواﻣﻝ اﻟﺟرٕ .وان وﺟود ﺑﻌض اﻷﺣرف ﻣﺛﻝ
"أن ،ﻟن ،ﻛﻲ "..أﻣﺎم ﺑﻌض ﺻﻳﻎ اﻟﻣﺳﺗﻣر ﺻﺣﻳﺢ اﻵﺧر ،ﻳﺳﺗدﻋﻲ
ﻧﺻﺑﻬﺎ ﻓﺳﻣوا ﻫذﻩ اﻷﺣرف :اﻟﻧواﺻب أو ﻋواﻣﻝ ﻧﺻب اﻟﻣﺿﺎرع .وﻫﻛذا
ﻣﻊ اﻟﺟوازم.
وﻣﺎ زاﻟوا ﻳﺗوﺳﻌون ﻓﻲ ﺗﺗﺑﻊ ﻣواطن اﻹﻋراب ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺎت اﻷﺳﻣﺎء
واﻷﻓﻌﺎﻝ ،ﻳﺑﺣﺛون ﻋن ﻋواﻣﻠﻬﺎ "اﻟﻠﻔظﻳﺔ واﻟﻣﻌﻧوﻳﺔ ،اﻟظﺎﻫرة واﻟﻣﻘدرة" ﺣﺗﻰ
ﺑﻠﻎ ﻋدد اﻟﻌواﻣﻝ :اﻟﻣﺋﺔ ،وأﻓردت ﻛﺗب ﺑﺗﻣﺎﻣﻬﺎ ﻟﺑﺣث ﻫذﻩ اﻟﻌواﻣﻝ.
وﻳﺳﺗطرد اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻛﺳﺎر ﻗﺎﺋﻼً :وﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻣدى ﺳﻳطرة ﻧظرﻳﺔ اﻟﻌواﻣﻝ ﻋﻠﻰ
اﻟﺑﺣوث اﻟﻧﺣوﻳﺔ ،ﻳﻛﻔﻲ اﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻣﺎ أوردﻩ اﻷﻧﺑﺎري ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ "اﻹﻧﺻﺎف
ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺋﻝ اﻟﺧﻼف ﺑﻳن اﻟﺑﺻرﻳﻳن واﻟﻛوﻓﻳﻳن" ﻟﻧرى ﻛﻳف ﺑرزت ﻫذﻩ
)(١٨
اﻟﻌواﻣﻝ وﻛﺄﻧﻬﺎ اﻟﻌﻣود اﻟﻔﻘري ﻟﻠﻧﺣو.
ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ اﻟذي ﺑﻠﻎ ﻋدد ﺻﻔﺣﺎﺗﻪ أﻟﻔﺎً وﺳﺗﺎً وﺛﻼﺛﻳن ﺻﻔﺣﺔ ﻣن اﻟﻘطﻊ
)(١٨
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص ٥١
٦٧
ﻛرس ﻣﻌظﻣﻪ ﻟﻧظرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﻝ ﺗﺣت ﻋﻧوان "اﻟﻣﻌﻧﻰ واﻹﻋراب اﻟﻛﺑﻳر ،وﻗد ّ
ﻋﻧد اﻟﻧﺣوﻳﻳن ..وﻧظرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﻝ" ﻳﻘوﻝ د .ﻋﺑد اﻟﻌزﻳز ﻋﺑدﻩ أﺑو ﻋﺑد اﷲ
اﻟﻣدرس ﺑﻛﻠﻳﺔ اﻵداب ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ "ﻗﺎر ﻳوﻧس" :ﻟﻘد ﻛﺛر اﻟﻛﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻣﻝ
ﻗدﻳﻣﺎً وﺣدﻳﺛﺎً ،وﻋﻠﻰ ﻣﺎﻟﻪ ﻣن أﺛر ﺳﻲء ﻓﻲ اﻟﻧﺣو اﻟﻌرﺑﻲ وﻓﻲ اﻷﺳﺎﻟﻳب
وﺻﻳﺎﻏﺗﻬﺎ وﻓﻬﻣﻬﺎ وﻟم ﻧر ﺑﻳن اﻟﻣﺗﻛﻠﻣﻳن ﻣن راﻋﻰ ﺟﺎﻧب اﻻﻋﺗداﻝ
واﻹﻧﺻﺎف .وأﻗوى ﻣﺎ وﺟﻬوﻩ إﻟﻰ "اﻟﻌﺎﻣﻝ" ﻣن طﻌن أﻣران:
أوﻟﻬﻣﺎ :أن اﻟﻧﺣﺎة ﻧﺳﺑوا إﻟﻳﻪ اﻟﻌﻣﻝ ﻓﺟﻌﻠوﻩ ﻫو اﻟذي ﻳرﻓﻊ أو ﻳﻧﺻب أو
ﻳﺟر أو ﻳﺟزم ،ﻣﻊ أﻧﻪ ﻗد ﻳﺧﻔﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰ أو ﻳﻌﻘدﻩ .وﻛﻳف ﻳﻧﺳب إﻟﻳﻪ اﻟﻌﻣﻝ
وﻫو ﻻ ﻳﻌﻣﻝ ﺷﻳﺋﺎًٕ ،واﻧﻣﺎ اﻟذي ﻳﻌﻣﻝ ﻫو اﻟﻣﺗﻛﻠم؟
ﺛﺎﻧﻳﻬﻣﺎ :أن اﻟﻧﺣﺎة وﻗد ﻗﺻروا ﻋﻠﻳﻪ اﻟﻌﻣﻝ وﺣدﻩ ،ﺑﺣﺛوا ﻋﻧﻪ ﻓﻲ ﺑﻌض
اﻟﺗراﻛﻳب اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﺻﺣﻳﺣﺔ ﻓﻠم ﻳﺟدوﻩ ،وﻗد اﺿطروا أن ﻳﻘدروﻩ وﻳﻔﺗرﺿوا
وﺟودﻩ وﻳﺗﻛﻠﻔوا وﻳﺗﻌﺳﻔوا.
وﻓﻲ دﻓﺎﻋﻪ ﻋن ﻧظرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﻝ ﻳﺳﺗطرد د .أﺑو ﻋﺑد اﷲ ﻗﺎﺋﻼً" :واﻟﺣق
أن اﻟﻧﺣﺎة أﺑرﻳﺎء ﻣﻣﺎ اﺗﻬﻣوا ﺑﻪ ،أذﻛﻳﺎء ﻓﻲ ﻣﺎ ﻗرروﻩ ﺑﺷﺄن ﻧظرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﻝ،
ﻓﻘد ﻗﺎﻣت ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻳواﻓق ﺧﻳر أﺳس اﻟﺗرﺑﻳﺔ اﻟﺣدﻳﺛﺔ ﻟﺗﻌﻠﻳم اﻟﻠﻐﺔ وﺿﺑط
ﻗواﻋدﻫﺎ وﺗﻳﺳﻳر اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ"(١٩).
وﻛﺎن ﻫذا اﻟﺑﺎﺣث ﻗد اﺳﺗﻔﺎض ﻓﻲ اﻟﻘﺳم اﻷوﻝ ﻣن ﻛﺗﺎﺑﻪ اﻟﻣذﻛور ﻓﻲ
ﺑﻳﺎن ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌﺎﻣﻝ ،اﻋﺗﻣﺎداً ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣن أﺷﻬر ﺗﻌرﻳﻔﺎت اﻟﻧﺣوﻳﻳن:
-١ﻣﺎ ﺑﻪ ﻳﺗﻘوم اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻘﺗﺿﻲ ﻟﻺﻋراب ،وﻫو ﺗﻌرﻳف اﺑن اﻟﺣﺎﺟب
ﻓﻲ "اﻟﻛﺎﻓﻳﺔ" ﻓﺎﻟﻔﻌﻝ ﻓﻲ ﻧﺣو "أﻛرم ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻳﺎً" ﻋﺎﻣﻝ ﻓﻲ اﻻﺳﻣﻳن .وﻛﻝ
ﻣن اﻟﻣﻌﻧﻳﻳن ﻳﻘﺗﺿﻲ ﻧوﻋﺎً ﺧﺎﺻﺎً ﻣن اﻹﻋراب ﻟﻳﺗﻣﻳز ﺑﻪ ﻋن ﺻﺎﺣﺑﻪ،
)(١٩
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص ١٢٩-١٢٨
٦٨
ﻓﺎﻗﺗﺿت "اﻟﻔﺎﻋﻠﻳﺔ" ﻓﻲ "ﻣﺣﻣد" أن ﻳﻛون ﻣرﻓوﻋﺎً و"اﻟﻣﻔﻌوﻟﻳﺔ" ﻓﻲ "ﻋﻠﻲ" أن
ﻳﻛون ﻣﻧﺻوﺑﺎً.
-٢ﻣﺎ أوﺟب ﻛون آﺧر اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻣرﻓوﻋﺎً أو ﻣﻧﺻوﺑﺎً أو ﻣﺟرو اًر ﻧﺣو:
ﺟﺎء زﻳد ورأﻳت زﻳداً وﻣررت ﺑزﻳد.
-٣ﻣﺎ أﺛّر ﻓﻲ آﺧر اﻟﻛﻠﻣﺔ أﺛ اًر ﻟﻪ ﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗرﻛﻳﺑﻲ .وﻫذا
ﺗﻌرﻳف أدق ﻣن اﻟﺳﺎﺑق .واﻟﻌﺎﻣﻝ ﺑﻬذا اﻟﺗﻔﺳﻳر اﻟﻌﺎم ﻣﻧطﺑق ﻋﻠﻰ ﺟﻣﻳﻊ
اﻟﻌواﻣﻝ اﻟﻧﺣوﻳﺔ ﺷﺎﻣﻝ ﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻧﻬﺎ زاﺋداً وﻣﺎ ﻛﺎن ﻏﻳر زاﺋد ﻓـ "ﻣن"اﻟزاﺋدة
ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ"ﻣﺎ ﻗﺎم ﻣن رﺟﻝ "أﺣدﺛت ﻛﺳرة رﺟﻝ ،وﻟﻠﻛﺳرة ﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ
اﻟﺗرﻛﻳﺑﻲ ﻣن ﺣﻳث أﻧﻬﺎ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ أن ﻣدﺧوﻟﻬﺎ ﻣﺣﻝ ﻟﻣﺎ دﻝ ﻋﻠﻳﻪ اﻟﺣرف
ﻣن ﻧﺻوﺻﻳﺔ اﻻﺳﺗﻐراق").(٢٠
ﻟﻘد ﺳﺑﻘت اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﺛورة اﻹﻣﺎم اﻟﻠﻐوي اﻟﻛﺑﻳر اﺑن ﺟﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﻬﺟري
اﻟراﺑﻊ ﻋﻠﻰ ﻏزو اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺑﺣوث اﻟﻧﺣوﻳﺔ .وﺑﻌد ﺣواﻟﻲ ﻗرﻧﻳن ظﻬر ﻓﻲ أﻗﺻﻰ
اﻟﻐرب ﻣن اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ،ﺻوت ﻣواز ،ﻋﻠﻰ ﻳد ﻣﺻﻠﺢ ﺷﺟﺎع ﻫو اﺑن
ﻣﺿﺎء اﻟﻘرطﺑﻲ )٥٩٢ -٥١١ﻫـ= ١١٩٦ – ١١١٨م( ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ "اﻟرد
ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣﺎة" ﻓﻘد وﺟد أن اﻟﺻﻌوﺑﺔ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ "ﻧظرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﻝ" اﻟﺗﻲ ﺟذﺑت
اﻧﺗﺑﺎﻩ اﻟﻧﺣﺎة وﺳﻳﻘوا وراءﻫﺎ ،ﻓﺟرﺗﻬم إﻟﻰ اﻓﺗراﺿﺎت وﺗﻌﻠﻳﻼت ،ﺻﻌﺑت
اﻟﻧﺣو وﻋﻘدت أﺑواﺑﻪ وأﺣﻛﺎﻣﻪ ،ﻓراح ﻳﻧﺎدي ﻓﻲ اﻟﻧﺣﺎة واﻟﻧﺎس ﻣن ﺣوﻟﻬم
"ﺣطﻣوا ﻧظرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﻝ ،ﺣطﻣوا اﻷﻗﻳﺳﺔ واﻟﻌﻠﻝ ،ﺣطﻣوا ﻛﻝ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻔﻳد ﻧطﻘﺎً،
ﺣﺗﻰ ﻧرﻓﻊ ﻛﻝ اﻟﺣواﺟز اﻟﺗﻲ ﺗﻌوق ﻓﻬم ﻣﺳﺎﺋﻝ اﻟﻧﺣو ﻓﻬﻣﺎً ﺻﺣﻳﺣﺎً ﻗﺎﺋﻣﺎً
ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﻠﻐوﻳﺔ اﻟﻣﺣﺳوﺳﺔ").(٢١
)(٢٠
اﻟﻣﻌﻧــﻰ واﻹﻋـراب ﻋﻧــد اﻟﻧﺣــو ﺑــﻳن وﻧظرﻳــﺔ اﻟﻌﺎﻣــﻝ ﺗــﺄﻟﻳف د .ﻋﺑــد اﻟﻌزﻳــز أﺑــو ﻋﺑــد اﷲ – طـراﺑﻠس-
اﻟﺟﻣﺎﻫﻳرﻳﺔ اﻟﻠﻳﺑﻳﺔ ١٩٨٢ص ٧٠٩ – ٧٠٨
)(٢١
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص ٢٩-٢٧
٦٩
وﻳذﻫب د .أﺣﻣد ﺣﺳن ﺣﺎﻣد إﻟﻰ أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﺑن ﻣﺿﺎء ﻫذﻩ ذﻫﺑت ﻓﻲ
واد ﻓﻠم ﻳﺳﺗﺟب ﻟﻪ ﻧﺣﺎة اﻟﻣﻐرب وﻻ ﻧﺣﺎة اﻟﻣﺷرق .وﻣﺎت اﺑن ﻣﺿﺎء وﻟم
ﺗﻣت ﺻﻌوﺑﺔ اﻟﻧﺣوٕ .واذ ﺟﺎء اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﻳث ﻋﺎدت ﻧﻐﻣﺗﻬﺎ ﺗﺗردد ﻋﻠﻰ
اﻷﻟﺳﻧﺔ ﻣن ﺟدﻳد وﺑﺻورة أﻗوى ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ،وﻗد ﺣﻔز ذﻟك ﺑﻌض اﻟﺑﺎﺣﺛﻳن
اﻟﻣﻌﺎﺻرﻳن إﻟﻰ اﻹدﻻء ﺑﺎﻟرأي ﻣن أﺟﻝ ﺗﻳﺳﻳر ﻗواﻋد اﻟﻌرﺑﻳﺔ .وﻣن ﻫؤﻻء
إﺑراﻫﻳم ﻣﺻطﻔﻰ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ "إﺣﻳﺎء اﻟﻧﺣو" إذ وﺟد اﻟﺻﻌوﺑﺔ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ وﺿﻊ
اﻟﻧﺣو وﺗدوﻳن ﻗواﻋدﻩ .وﻣن ﻫﻧﺎ اﺗﺟﻬت ﻣﺣﺎوﻟﺗﻪ ﺗﻳﺳﻳر اﻟﻧﺣو إﻟﻰ إﻟﻐﺎء
ﻧظرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﻝ وﻓﻲ ﺿوء ﻫذﻩ اﻟﻧظرﻳﺔ ﺿم إﺑراﻫﻳم ﻣﺻطﻔﻰ ﻛﺛﻳ اًر ﻣن
اﻷﺑواب اﻟﻧﺣوﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﺎب واﺣد .ﻣﺛﺎﻝ ذﻟك وﺿﻌﻪ أﺑواب اﻟﻣﺑﺗدأ واﻟﻔﺎﻋﻝ
وﻧﺎﺋب اﻟﻔﺎﻋﻝ ﺟﻣﻳﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺎب :اﻟﻣﺳﻧد إﻟﻳﻪ ،وﺣﻘﻬﺎ اﻟرﻓﻊ داﺋﻣﺎً .وﻋﺎرض
)(٢٢
دراﺳﺗﻬﺎ ﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ،ﻛﻝ ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺎب واﺣد ،ﻛﻣﺎ ﻓﻌﻝ اﻟﻧﺣﺎة اﻟﻘدﻣﺎء.
وﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ إﺻﻼح اﻟﻧﺣو ،ﻻ ﺑد ﻣن اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﺗﻲ ﺷﻛﻠت ﻓﻲ
ﻣﺻر ﻋﺎم ١٩٣٨ﺑرﺋﺎﺳﺔ د .طﻪ ﺣﺳﻳن ﻟﻠﻧظر ﻓﻲ أﻣر ﺗﻳﺳﻳر اﻟﻧﺣو ،وﺗﻘدﻳم
ﻣﻘﺗرﺣﺎت إﻟﻰ ﻣﺟﻣﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫرة واﻟﻣﺟﺎﻣﻊ اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻷﺧرى .وﻗد
أرﺟﻌت ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺻﻌوﺑﺔ اﻟﻧﺣو إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺑﺎب ،ﺗﺑدو ﺻﻠﺗﻬﺎ وﺛﻳﻘﺔ
ﺑﻧظرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﻝ .وﻫذﻩ اﻷﺳﺑﺎب ﻛﻣﺎ ﻳوردﻫﺎ د .أﺣﻣد ﺣﺳن ﺣﺎﻣد ﻫﻲ:
-١ﻓﻠﺳﻔﺔ ﺣﻣﻠت اﻟﻘدﻣﺎء ﻋﻠﻰ أن ﻳﻔﺗرﺿوا وﻳﻌﻠﻠوا وﻳﺳرﻓوا ﻓﻲ
اﻻﻓﺗراض واﻟﺗﻌﻠﻳﻝ.
-٢إﺳراف ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد ﻧﺷﺄ ﻋﻧﻪ إﺳراف ﻓﻲ اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت.
-٣إﻣﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺗﻌﻣق اﻟﻌﻠﻣﻲ ﺑﺎﻋد ﺑﻳن اﻟﻧﺣو واﻷدب).(٢٣
ﻣﻬﻣﺎ ﻳﻛن ﻣن أﻣر ﻓﻘد ﺷﻛﻠت ﻟﺟﺎن وﻋﻘدت ﻣؤﺗﻣرات أﺧرى ﻟﺗﻳﺳﻳر
)(٢٢
ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺟﻣﻊ ص ٨٨٦ -٨٨٥
)(٢٣
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص ٨٨٧ -٨٨٦
٧٠
اﻟﻧﺣو اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻣن ذﻟك اﻟﻣؤﺗﻣر اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ اﻷوﻝ اﻟذي ﻋﻘد ﺳﻧﺔ
،١٩٤٧وﻋرﺿت ﻓﻳﻪ اﻗﺗراﺣﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎﻝ ،ﺑﻳﻧﻬﺎ اﻗﺗراح ﺧﻠﻳﻝ
اﻟﺳﻛﺎﻛﻳﻧﻲ اﻟذي ﻗﺎﻝ ﺑﺎﺗﺑﺎع أﺳﻠوب اﻟﺟداوﻝ ﻓﻲ ﺗدرﻳس اﻷﺑواب اﻟﻧﺣوﻳﺔ
ﻣﺛﻝ :اﻟﺗواﺑﻊ واﻟﻧداء واﻻﺳﺗﻐﺎﺛﺔ واﻟﻧدﺑﺔ واﻻﺧﺗﺻﺎص واﻟﺗﺣذﻳر واﻹﻏراء
واﻟﻌدد واﻟﻘﻳﺎس ﻋﻠﻳﻬﺎ .ورأى أن ﻧﺧﺗﺎر ﻣن اﻟﻘواﻋد ﻣﺎ ﻧﺣﺗﺎج إﻟﻳﻪ ﻓﻲ
)(٢٤
اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻝ دون اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺗﻔﺻﻳﻼت.
وﻟﻘد أﻋﻳد ﺑﺣث ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﻳﺳﻳر اﻟﻧﺣو اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻣؤﺗﻣر اﻷوﻝ ﻟﻠﻣﺟﺎﻣﻊ
اﻟﻠﻐوﻳﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟذي ﻋﻘد ﻓﻲ دﻣﺷق ﺳﻧﺔ ،١٩٥٦وطﺎﻟب ﻓﻳﻪ د .ﻣﺻطﻔﻰ
ﺟواد ﺑﺗﻘﻠﻳﻝ اﻟﻘواﻋد ،واﻧﺗﻘﺎء اﻟﺷواﻫد ﻣن اﻟﻘرآن اﻟﻛرﻳم واﻟﺣدﻳث اﻟﻧﺑوي
اﻟﺷرﻳف اﻟﻣروي ﻟﻔظﺎً ﺛم ..ﻣن اﻟﺷﻌر اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺟﺎﻫﻠﻲ اﻟﺻﺣﻳﺢ ﺻﺣﺔ
ﻧﺳﺑﻳﺔ ،ﺛم ..ﻣن ﺷﻌر ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﺟﺎﻫﻠﻳﺔ).(٢٥
ﻋﻠﻰ ﻛﻝ ﺣﺎﻝ ﻓﺈن اﻟدﻛﺗور أﺣﻣد ﺣﺳن ﺣﺎﻣد ﻳﻘرر إﺧﻔﺎق اﻟﻣﺣﺎوﻻت
اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﺗﻳﺳﻳر اﻟﻧﺣو اﻟﻌرﺑﻲ ،وﻟﻳس أدﻝ ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻣن ﻗوﻝ اﻷﺳﺗﺎذ ﻋﻠﻲ
اﻟﻧﺟدي ﻧﺎﺻف "إن ﻣﺛﻝ ﺗﻠك اﻟﻣؤﺗﻣرات واﻟدراﺳﺎت اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺧﻠو ﻣن
اﻻرﺗﺟﺎﻝ ﺗؤدي إﻟﻰ اﻟﺑﻠﺑﻠﺔ ٕواﺿﺎﻋﺔ اﻟوﻗت ﺑدﻻً ﻣن اﻟﻔﺎﺋدة" وﻳﻘﺗرح أن ﻳﻐﻠق
ﻫذا اﻟﺑﺎب ﻷن اﻻﺳﺗﻘرار ﻋﻠﻰ ﻛﻝ ﺣﺎﻝ أﺑرك ﺛﻣرة.
ٕواذا ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻧﺣو ﺷﻲء ﻻ ﻧﺗﺑﻳﻧﻪ اﻵن "ﻓﺈن رﺟﺎﻝ اﻟﻌرﺑﻳﺔ وﻫم
ﺑﺣﻣد اﷲ أﻛﻔﻳﺎء ﻣﺗﺧﺻﺻون ،أﺣق أن ﻳﺗدارﻛوﻩ ﻣﻊ اﻷﻳﺎم وﻋﻠﻰ ﻧور
ﻣن اﻟﺗﺟرﺑﺔ واﻟﻣﻌﺎﻧﺎة").(٢٦
ﻋﻠﻰ أن د .ﺣﺎﻣد ﻳﻧﺗﻬﻲ أﺧﻳ اًر إﻟﻰ اﻟوﻗوف ﻋﻧد أﺳﺎﻟﻳب ﺗدرﻳس اﻟﻘواﻋد
)(٢٤
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص ٨٨٧
)(٢٥
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص ٨٨٩ -٨٨٨
)(٢٦
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص ٨٨٩
٧١
اﻟذي ﺟرى ﻣﻧذ وﻗت طوﻳﻝ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺎﻟﻳب:
-١اﻷﺳﻠوب اﻷﻧدﻟﺳﻲ اﻟذي ﻳﺟﻣﻊ ﺑﻳن اﻟﻘواﻋد واﻟﺷواﻫد أو اﻷﻣﺛﻠﺔ .وﻫو
ُﻳﺳﺎر ﻓﻳﻪ إﻣﺎ ﻣن اﻟﻘﺎﻋدة إﻟﻰ اﻟﺷﺎﻫد أو اﻟﻌﻛس :ﻣن اﻟﺷﺎﻫد إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻋدة.
-٢اﻷﺳﻠوب اﻟﻣﻐرﺑﻲ اﻟذي ﻳﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻋد دون اﻟﺷواﻫد.
-٣اﻷﺳﻠوب اﻟﺧﻠدوﻧﻲ اﻟذي ﻳﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﺷواﻫد دون اﻟﻘواﻋد ،أي
ﻣن اﻟﺷواﻫد واﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﻣﺷﻬورة إﻟﻰ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻝ ﻣﺑﺎﺷرة ﻓﻳﻘﺎس اﻟﻛﻼم ﺑﻌﺿﻪ
ﻋﻠﻰ ﺑﻌض دون اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺟردة .ﺗﻘوﻝ :ﻗﺎﻝ اﻟرﺟﻝ ﺑﺎﻟﺿم
ﻗﻳﺎﺳﺎً ﻋﻠﻰ )ﻗﺎﻝ اﻟﻧﺑﻲ( ﻗﺎﻝ اﻷﺣﻧف ﻗﺎﻝ اﻟﻣﻠﻬب .وﺗﻘوﻝ )اﻟﻧﻬﺎر ﺟﻣﻳﻝ(
ﺑرﻓﻊ اﻻﺛﻧﻳن ﻗﻳﺎﺳﺎً ﻋﻠﻰ ﻗوﻟﻬم :اﻟﻌﻠم زﻳن واﻟﺻدق ﻋز واﻟﻛذب ﺧﺿوع..
اﻟﺦ).(٢٧
-٤وﻳﻘﺗرح اﻟﺑﺎﺣث اﻟﻛرﻳم أﺳﻠوﺑﺎً آﺧر راﺑﻌﺎً ﻳطﻠق ﻋﻠﻳﻪ )اﻷﺳﻠوب
اﻟﺗﻛﺎﻣﻠﻲ( ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ُﻳﻧظر إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻧﺣوﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻧرﻳد ﺗدرﻳﺳﻬﺎ ﻟﻠﺗﻼﻣﻳذ ،ﻓﺈن
ﻛﺎن اﻷﺳﻠوب اﻷوﻝ ﻳﻘرب اﻟﻣﻌﻠوﻣﺔ أﻛﺛر ﻣن ﻏﻳرﻩ ﻓﻠﻧﺗﺑﻌﻪٕ ،واﻻ ﻓﻠﻧﻠﺟﺄ إﻟﻰ
اﻷﺳﻠوب اﻟﺛﺎﻧﻲ أو اﻟﺛﺎﻟث ،وﻫﻛذا .أو ﻧﺳﺗﻌﻳن ﺑﺎﻷﺳﺎﻟﻳب اﻟﺛﻼﺛﺔ ﻣﻌﺎً.
-٥وﻳﺧﻠص د .ﺣﺎﻣد ﻓﻲ ﺗﻳﺳﻳر ﻗواﻋد اﻟﻌرﺑﻳﺔ إﻟﻰ أﻣور ﻣﻧﻬﺎ :
-١ﻻﺑد ﻣن إﻗﺎﻣﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﻋﺷق ﻣﺎ ﺑﻳن اﻟدارس واﻟﻧﺣو ،ودوﻧﻬﺎ ﺗﺻﺑﺢ
اﻟﺣﻠوﻝ ﺻﻌﺑﺔ اﻟﻣﻧﺎﻝ.
-٢إﻧﺷﺎء ﻣﻌﺟم ﻧﺣوي ﻋﺎم وﺷﺎﻣﻝ ،ﺑﺣﻳث ﻳرﺟﻊ إﻟﻳﻪ اﻟطﺎﻟب ﻛﻠﻣﺎ
دﻋت اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻳﻪ.
-٣اﺧﺗﻳﺎر "ﻟﺟﻧﺔ آراء" ﻣن ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻧﺣو ﻟﻠرﺟوع إﻟﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﻌرض
ﻣن ﺧﻼف ﻧﺣوي ﺑﺣﻳث ﺗﺿم ﻧﺣﺎة ﻳﻣﺛﻠون ﻋﺻور اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﺑﻣﺎ ﻓﻳﻬﺎ
)(٢٧
ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺟﻣﻊ ص ٨٩٠
٧٢
اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﻳث .ﻳؤﺧذ ﺑرأﻳﻬم أو ﺑﺂراء ﻣن ﻧﻘﻠوا ﻋﻧﻬم.
-٤ﻋدم اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻷﺣﺎﺟﻲ واﻷﻟﻐﺎز اﻟﻧﺣوﻳﺔ
-٥ﻋدم اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺣواﺷﻲ واﻟﺗﻔﺻﻳﻼت اﻟﻣﻣﻠﺔ إﻻ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت
اﻟﺿرورﻳﺔ ﺟداً).(٢٨
)(٢٨
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص ٨٩٢ -٨٩١
٧٣
ﻟﻐﺔ اﻟﺿﺎد ﻓﻲ ﻣﻌﺎرﻛﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ
٧٤
اﻟﻔﺻﺣﻰ ﺗﺟﺎﺑﻪ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ
وﻟﺋن ﻛﺎﻧت اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻓﻲ ﺑداﻳﺔ ﺣﻳﺎﺗﻬﺎ ،ﻗد اﺳﺗطﺎﻋت أن ﺗﻛﺳب ﻣﺳﺎﺣﺎت
ﻳﺳﻳرة ﻣن داﺋرة اﻟﻔﺻﺣﻰ ،ﻓﺈن ﻋﻛس اﻷﻣر ﻫو اﻟذي ﻳﺟري اﻟﻳوم ،وﻳﻧﺑﻐﻲ
أن ﻳﻛون ﻛذﻟك ،ذاك أن وﺗﺎﺋر اﻟﺗطور اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻵﺧذة ﻓﻲ اﻻرﺗﻔﺎع،
واﺿطراد اﻟﺗﻘدم اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ،ﻻﺑد أن ﺗؤدي ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑﻝ ،وﻣن ﺣﻳث اﻟﻧﺗﻳﺟﺔ إﻟﻰ
اﺳﺗﻌﺎدة اﻟﻣﺳﺎﺣﺎت اﻟﻣﺳﺗﻠﺑﺔ ﻣن داﺋرة اﻟﻔﺻﺣﻰٕ ،واﻟﻰ ﺗﻘﻠﻳص اﻟرﻗﻌﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﺣﺗﻠﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ..ﻓﻲ أﺿﻳق اﻟﺣدود .ﺗؤﻛد ذﻟك ﺗﻠك اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﺎﺗت
ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘطر اﻟﻌرﺑﻲ اﻟواﺣد .ﺑﻝ اﻟﻣدﻳﻧﺔ اﻟواﺣدةٕ .واﻧﻣﺎ
ﺗﺗﺣدد ﻣﻼﻣﺢ ﻫذﻩ اﻟﺣرﻛﺔ ﻓﻲ ﻋدد ﻣن اﻟﻣؤﺷرات.
ﺗﻔﺎوت اﻟﻠﻐﺔ ﺑﻳن اﻷﺣﻳﺎء
ﻣن ذﻟك ﻣﺛﻼً ﻣﺎ ﻧﻼﺣظﻪ ،ﻣن اﺧﺗﻼف اﻟﻣﻔردات واﻟﺗ ارﻛﻳب اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ
داﺧﻝ ﻣدﻳﻧﺔ ﺑﻌﻳﻧﻬﺎ ،وﻟﺗﻛن ﻣدﻳﻧﺔ "دﻣﺷق" ﻣﺛﻼً .ﻓﺑﻳن ﺣﻲ ﻳﺗﻣﻳز ﺑﺎرﺗﻔﺎع
اﻟﺳوﻳﺔ
ّ اﻟﺳوﻳﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﻳﺔ ﻓﻳﻪ ﺑﺻورة ﻋﺎﻣﺔ ،وﺑﻳن ﺣﻲ آﺧر ﻣﺎ زاﻟت ﻫذﻩ
ﻣﻧﺧﻔﺿﺔ ﻓﻳﻪ ﻳﻠﻔت اﻟﻧظر ﺧﺎﺻﺔ أن اﻟﺿﺎﺑط اﻟذي ُﻳﻌﺗﻣد ﻋﻠﻳﻪ ﻓﻲ اﻟﺗﻣﻳﻳز
ﻫﻧﺎ ،ﻫو اﻗﺗراب اﻟﻠﻐﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻲ اﻷوﻝ ﻣن ﺣدود اﻟﻔﺻﺣﻰ ،أو ﻣﺎ ﺗﻣﻛن
ﺗﺳﻣﻳﺗﻪ "اﻟﻠﻬﺟﺔ" اﻟﺗﻲ ﻳﺳﺗﺧدﻣﻬﺎ اﻟﻣﺗﻌﻠﻣون ﻓﻲ أﺣﺎدﻳﺛﻬم ،واﺑﺗﻌﺎدﻫﺎ ﻓﻲ
اﻟﺣﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ.
ﻓﻲ اﻟﺣﻲ اﻷوﻝ ﻳﺳﺄﻝ اﻟرﺟﻝ ﺻﺎﺣﺑﻪ ﻗﺎﺋﻼً "ﻛﻳف ﺻﺣﺗك" ،وﻓﻲ اﻟﺣﻲ
اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻳﻘوﻝ" :ﺷﻠوﻧك" .ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﻻﻳﻬﻣﻧﺎ اﻵن ﺗﺧرﻳﺞ اﻟﻌﺑﺎرة اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ ﻓﻧﻘوﻝ إن
أﺻﻠﻬﺎ ﻫو :أي ﺷﻲء ﻟوﻧك ﻓذﻟك ﻣوﺿوع آﺧرٕ .واﻧﻣﺎ ﺗﻬﻣﻧﺎ اﻟﻣﻔردات ﻓﻲ
ذاﺗﻬﺎ وﺣﺳب.
اﺧﺗﻔﺎء أﻟﻔﺎظ ﻓﻲ اﻟﺣدﻳث اﻟﻌﺎدي
اﻟﻣؤﺷر اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻫو اﺧﺗﻔﺎء ﻛﺛﻳر ﻣن اﻷﻟﻔﺎظ واﻟﺗراﻛﻳب اﻟﻣﻐرﻗﺔ ﻓﻲ
٧٥
ﻋﺎﻣﻳﺗﻬﺎ ،ﻣن ﻟﻐﺔ اﻟﺣدﻳث اﻟﻌﺎدي ﺑﻳن اﻟﻣواطﻧﻳن ،ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼف
اﻧﺗﻣﺎءاﺗﻬم اﻟطﺑﻘﻳﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﻳﺔ .وﻫذا ﻳﺑدو واﺿﺣﺎً ..ﺣﺗﻰ ﻓﻲ أﻋﻣق
اﻷﺣﻳﺎء اﻟﺷﻌﺑﻳﺔ وأﻛﺛرﻫﺎ إﻏراﻗﺎً ﻓﻲ اﺳﺗﺧدام اﻟﻣﻔردات اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ .وﻗد ﻻ
ﻳﺻﻌب ﻋﻠﻰ اﻟدارس أن ﻳﻧﺗﺑﻪ إﻟﻰ أن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺳﺎﺋدة ﻓﻲ ﻫذﻩ
اﻷﺣﻳﺎء ﻗﺑﻝ ﻧﺻف ﻗرن ،ﻫﻲ ﻏﻳرﻫﺎ اﻟﻳوم .وﻣﻊ ﺗﻐﻠﻐﻝ اﻟرادﻳو واﻟﺗﻠﻔزﻳون
واﻟﺻﺣف واﻟﻛوﻣﺑﻳوﺗر ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﻧﺎطق ،ﻓﺈن اﻟﺗﻬذﻳب اﻟﻠﻐوي ﻗد ﻓرض
ﻧﻔﺳﻪ ﻋﻠﻳﻬم ﻓرﺿﺎً ،وﻫم ﻓﻲ ﻋﻘر دارﻫم .ودون وﻋﻲ أو إرادة ﻣﻧﻬم،
ﺑﺎﺗوا ﻳﺗداوﻟون ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻳﻧﻬم أﻟﻔﺎظﺎً ﺟدﻳدة ،ﻛﺎن ﻳﻣﻛن أن ﺗﻛون ﻣﺳﺗﻬﺟﻧﺔ
ﻟو اﺳﺗﺧدﻣوﻫﺎ ﻓﻲ زﻣن أﺳﺑق.
ﺟﺳور ﻟﻐوﻳﺔ ﺑﻳن اﻟﻘﺎﺻﻲ واﻟداﻧﻲ
اﻟﻣؤﺷر اﻟﺛﺎﻟث ﻳﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻠﻬﺟﺎت اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺎﺧﺗﻼف
اﻟﻣﻧﺎطق ﻓﻲ اﻟﻘطر اﻟواﺣد .ﻟﻘد ﺗﺻ ﱠدﻋت ﺣﺻون اﻻﻧﻐﻼق واﻟﻌزﻟﺔ اﻟﺗﻲ
ﻛﺎﻧت ﺗﺗﻣﺗرس ﺧﻠﻔﻬﺎ ﺗﻠك اﻟﻠﻬﺟﺎت .وﻣﺎ زاﻟت ﺗﻣﺗد ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﺟﺳور ﻗوﻳﺔ
وﺣد ٍة
ﺗﺻﻝ اﻟﻘﺎﺻﻲ ﺑﺎﻟداﻧﻲ ،وﺗﻣﺣو ﺗﻠك اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻔﺻﻝ ﺑﻘوة ّ
ﺑﻳن أﺑﻧﺎء اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.
ﻟﻘد اﺳﺗﻘطب ﺑﻧﺎء ﺳد اﻟﻔرات ﻓﻲ "اﻟطﺑﻘﺔ" ﻗﺑﻝ ﺳﻧوات ﻋدداً ﻛﺑﻳ اًر ﻣن
اﻟﻣﺗﻌﻠﻣﻳن واﻟﻣﺛﻘﻔﻳن وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻛﻧوﻗراطﻳﻳن .ﺟﺎؤوا ﻣن ﻣﺧﺗﻠف أرﺟﺎء
ﺳورﻳﺔ .وﻣﻊ ﻟﻘﺎﺋﻬم ﻫﻧﺎك – وﻟﻘﺎؤﻫم ذاك ﻛﺎن ﺻورة ﻋن اﻟﻠﻘﺎءات
اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﺗدور ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻧﺣﺎء – ﻛﺎن ﻻﺑد ﻣن أن ﻳﻘوم ﺗﻔﺎﻋﻝ
ﺑﻳﻧﻬم ﻫم أﻧﻔﺳﻬم ﻣن ﺟﻬﺔ ،وﺑﻳﻧﻬم وﺑﻳن ﺳﻛﺎن اﻟﻣﻧطﻘﺔ ذاﺗﻬﺎ ﻣن ﺟﻬﺔ
أﺧرى .وﻛﺎن ﻻﺑد ﻣن أرﺿﻳﺔ ﺛﻘﺎﻓﻳﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺗﺟﻣﻊ ﺑﻳﻧﻬم وﺗﻛون اﻟﻠﻐﺔ
ﻣن ﻋﻧﺎﺻرﻫﺎ اﻟﺑﺎرزة.
وﻣﺛﻠﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺳﻔر إﻟﻰ ﻫﻧﺎك ﻣﺻﺣوﺑﺎً ﺑﺎﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻧﻔﻲ ،ﻛذﻟك ﻓﺈن
٧٦
ظﻬور ،أﺣد ﻣن ﺗﻠك اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺑﻌﻳدة – ﻧﺳﺑﻳﺎً – ﻓﻲ إﺣدى ﻛﺑرﻳﺎت ﻣدن
ﺳورﻳﺔ ﺣﻳﻧذاك ﻛﺎن ﻳﺑدو أﺷﺑﻪ ﺑظﻬور اﻟﻔواﻛﻪ اﻟﻧﺎدرة.
اﻟﻣر
آﺧر ورﻗﺔ ﻓﻲ ﺷﻬر اﻟﻌﺳﻝ ّ
وﻧزﻋت آﺧر ورﻗﺔ ﻓﻲ ﻏﻳر أن ﻫذﻩ اﻟﺻورة ﺗﻐﻳرت ﻧﻬﺎﺋﻳﺎً اﻟﻳومُ .
اﻟﻣدن ﻋﻠﻳﻪ .وﻫذا ﻻﻳﻌﻧﻲُ ﻧﻔﺳﻬﺎ
اﻟﻣر اﻟطوﻳﻝ اﻟذي أﻏﻠﻘت َﺷﻬر اﻟﻌﺳﻝ ّ
ﺑﺎﻟطﺑﻊ أن ﻟﻐﺔ اﻟﻣدﻳﻧﺔ ﻫﻲ اﻷﻗوم واﻷﻗرب إﻟﻰ اﻟﻔﺻﺣﻰ ،وأن ﻟﻬﺟﺎت
اﻟﻣﻧﺎطق ﻫﻲ اﻷدﻧﻰ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ .ﺑﻝ إﻧﻪ ﻳﻌﻧﻲ اﻹﺷﺎرة ﻗﺑﻝ ﻛﻝ ﺷﻲء
إﻟﻰ ذﻟك اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺟدﻟﻲ Dialectical اﻟذي ﺗﺗﻣﻳز ﺑﻪ اﻟﻌﻼﻗﺎت
اﻟﺛﻘﺎﻓﻳﺔ اﻟﺟدﻳدة .وﻳﻛون ﺗرﻛﻳﺑﻪ Synthesisاﻟﻼزم ﻋﻧﻪ ﺑﺎﻟﺿرورة،
اﻧﺗﺻﺎر اﻟﻔﺻﺣﻰ ،وﺗﻼﺷﻲ اﻟﺣدود ﺗدرﻳﺟﻳﺎً ﺑﻳن اﻟﻠﻬﺟﺎت اﻟﻣﺗﺑﺎﻳﻧﺔ.
ﻋﺟز اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ اﻟﺗﻌﺑﻳري
واﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﺑﻌد ﻫذا وذاك ،ﻛﺎﺋن ﻏﻳر ﻗﺎﺑﻝ ﻟﻼﺳﺗﻣرار ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة ،ذاك
أﻧﻬﺎ ﺗﺣﻣﻝ ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ﺑذور ﻓﻧﺎﺋﻬﺎ واﺿﻣﺣﻼﻟﻬﺎ ،ﻻ..ﺑﺳﺑب اﻟﻌﺟز
اﻟﺗﻌﺑﻳري اﻟذي ﺗﺗﻣﻳز ﺑﻪ ﻓﺣﺳب ..ﺑﻝ ..ﺑﺳﺑب ﻋدم ﻗﺎﺑﻠﻳﺗﻬﺎ ﻟﻺﻋراب.
واﻹﻋراب ﻳﻌﻧﻲ ﻫﻧﺎ اﻟﺗﺣدﻳد واﻹﺑﺎﻧﺔ .ﻗﺑﻝ أن ﻳﻌﻧﻲ ﺣرﻛﺎت ﺗوﺿﻊ ﻓوق
اﻟﺣروف أو ﺗﺣﺗﻬﺎ .ﻳﻘوﻝ اﻟدﻛﺗور ﻋﺛﻣﺎن أﻣﻳن ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ "ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻌرﺑﻳﺔ"):(١
"اﻹﻋراب ﻣطﻠب اﻟﻌﻘﻝ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ .وﻟذﻟك ﻧرى أن اﻹﻋراب أرﻗﻰ ﻣﺎ
وﺻﻠت إﻟﻳﻪ اﻟﻠﻐﺎت ﻓﻲ اﻹﺑﺎﻧﺔ واﻟوﺿوح .وﻫذﻩ اﻟﻣرﺗﺑﺔ ﻗد ﺑﻠﻐﺗﻬﺎ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
اﻟﻔﺻﺣﻰ ،وﻻ ﻳﺷﺎرﻛﻬﺎ ﻓﻳﻬﺎ ﻣن اﻟﻠﻐﺎت اﻟﻘدﻳﻣﺔ إﻻ اﻟﻳوﻧﺎﻧﻳﺔ واﻟﻼﺗﻳﻧﻳﺔ،
وﻻ ﻳﺷﺎرﻛﻬﺎ ﻓﻳﻬﺎ ﻣن اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺣﻳﺔ إﻻ اﻷﻟﻣﺎﻧﻳﺔ".
) (١
ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ – د .ﻋﺛﻣﺎن أﻣﻳن – اﻟدار اﻟﻣﺻرﻳﺔ ﻟﻠﺗﺄﻟﻳف واﻟﺗرﺟﻣﺔ – – ١٩٦٥ص .٥٤
٧٧
اﻹﻋراب ﻛﻣﺎﻝ اﻹﺑﺎﻧﺔ
ﻟﻘد أﺷﺎر إﻟﻰ ذﻟك اﺑن ﺧﻠدون ،ﻓﻘﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺗﻪ" :إن ﻛﻼم اﻟﻌرب
واﺳﻊ .وﻟﻛﻝ ﻣﻘﺎم ﻋﻧدﻫم ﻣﻘﺎﻝ ﻳﺧﺗص ﺑﻪ ﺑﻌد ﻛﻣﺎﻝ اﻹﻋراب واﻹﺑﺎﻧﺔ.
أﻻ ﺗرى أن ﻗوﻟﻬم" :زﻳد ﺟﺎءﻧﻲ" ﻣﻐﺎﻳر ﻟﻘوﻟﻬم ":ﺟﺎءﻧﻲ زﻳد" ﻣن ﻗﺑﻝ أن
اﻟﻣﺗﻘدم ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻫو اﻷﻫم ﻋﻧد اﻟﻣﺗﻛﻠم").(٢
وﻧظر اﻟﻣﺳﺗﺷرق ﻟوﻳس ﻣﺎﺳﻳﻧﻳون إﻟﻰ اﻹﻋراب ﻧظرة ﺗﺿﻔﻲ ﻋﻠﻳﻪ
أﻫﻣﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﻬو ﻳﻘوﻝ:
ﻳﺎﻧﻳﺔ ﻗد ﻧﻘﻠت "أﺟروﻣﻳﺗﻬﺎ" -أي :ﻗواﻋدﻫﺎ – ﻋن "ﻓﻲ ﺣﻳن أن اﻟﺳر ّ
ﺑﻧﺎء
اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻳوﻧﺎﻧﻳﺔ ﻧﻘﻼً ﺣرﻓﻳﺎً ،ﻓﺈن ﻟﻐﺔ اﻟﺿﺎد اﺳﺗطﺎﻋت أن ﺗﺷﻳد ً
ٍ
روﻋﺔ ﺿﺧﻣﺎً ﻣن اﻹﻋراب ،ﻳﺿﻊ أﻣﺎم اﻷﺑﺻﺎر ﻣﺷﻬداً ﻓﻠﺳﻔﻳﺎً ذا
وأﺻﺎﻟﺔ".
وﻟﻌﻝ ﻓﻲ إﻳراد ﺑﻌض اﻷﻣﺛﻠﺔ ﻣﺎ ﻳﻛﻔﻲ ﻹﺑراز اﻟدور اﻟذي ﻟﻌﺑﻪ
اﻹﻋراب ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ اﻹﻳﺿﺎح واﻹﺑﺎﻧﺔ .ﻛﻣﺎ أن ﻓﻳﻪ أﻳﺿﺎً ﻣﺎ ﻳﺣﻣﻝ
ﻟﻠﻌﺎﻣﻳﺔ إداﻧﺗﻬﺎ اﻟﻘﺎﺗﻠﺔ .ﻳروى أن رﺟﻼً دﺧﻝ ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻲ " ﻛرم اﷲ
ﻋﺛﻣﺎن"
ْ اﻟﻧﺎس
ْ وﺟﻬﻪ " ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻣن ﻏﻳر إﻋراب – أي :ﺗﺷﻛﻳﻝ ": -ﻗﺗﻝ
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻋﻠﻲ" :ﺑﻳﱠن اﻟﻔﺎﻋﻝ واﻟﻣﻔﻌوﻝ ..ﱠ
رض اﷲ ﻓﺎك".
وذﻛر أن اﺑﻧﺔ أﺑﻲ اﻷﺳود اﻟدؤﻟﻲ وﻗﻔت ﻣرة ﺗﺗﺄﻣﻝ اﻟﺳﻣﺎء وﺗﺗﻌﺟب
أﺣﺳن اﻟﺳﻣﺎء" – ﺑﺿم اﻟﻧون – ﻓﻘﺎﻝ أﺑوﻫﺎ ُ ﻟﺟﻣﺎﻟﻬﺎ ،ﻓﻘﺎﻟت ﻷﺑﻳﻬﺎ ":ﻣﺎ
ﻧﺟوﻣﻬﺎ" ﺑﺿم اﻟﻣﻳم .ﻓﻘﺎﻟت :ﻣﺎ ﻋن ﻫذا أﺳﺎﻝٕ ،واﻧﻣﺎ أﻧﺎ أﺗﻌﺟب ،ﻓﻘﺎﻝُ ":
) (٢
ﻣﻘدﻣﺔ اﺑن ﺧﻠدون – ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻣﻌﺎرف اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﺑﺎﻟﻛﺣﻛﻳﻳن ﺑﻣﺻر – دون ﺗﺎرﻳﺦ = ص .٧٠٠
٧٨
اﻟﺳﻣﺎء – ﺑﻔﺗﺢ اﻟﻧون – واﻓﺗﺣﻲ ﻓﺎك".
َ ﻟﻬﺎ" :إذا ﻓﻘوﻟﻲ :ﻣﺎ أﺣﺳنَ
وﻫﻛذا وﺿﻊ ﺑﺎب اﻟﺗﻌﺟب وﺑﺎب اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻓﻲ اﻟﻧﺣو اﻟﻌرﺑﻲ.
وﺳﻣﻊ أﺑو اﻷﺳود ﻗﺎرﺋﺎً ﻳﻘ أر ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ" :إن اﷲ ﺑريء ﻣن اﻟﻣﺷرﻛﻳن
ورﺳوﻟﻪ" ﺑﻛﺳر اﻟﻼم ﻓﻲ "رﺳوﻟﻪ" ﻓﺄﻛﺑر أﺑو اﻷﺳود ذﻟك وﻗﺎﻝ " :ﻋز
وﺟﻪ اﷲ أن ﻳﺑ أر ﻣن رﺳوﻟﻪ" وﻛﺎن ﻫذا ﺳﺑﺑﺎً ﻓﻲ وﺿﻊ ﻋﻼﻣﺎت اﻹﻋراب
ﻟﻠﻣﺻﺣف ﺑﺄﻣر زﻳﺎد.
اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻗﺿﻳﺔ ﻓﻛرﻳﺔ وﺳﻳﺎﺳﻳﺔ
ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻛﺗﺑﻬﺎ اﻟدﻛﺗور ﻫﺷﺎم ﺑوﻗﻣرة ﺣوﻝ ﻗﺿﻳﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰ
)(٣
واﻟﻌﺎﻣﻳﺎت وﻧﺷرت ﻓﻲ ﻣﺟﻠﺔ اﻟوﺣدة اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺻدر ﻓﻲ اﻟرﺑﺎط
ﻟﻔت ﻧظري أﻣر ﻟم أﻛن أﺗﺻور أﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻧﺣو ﻓﻬو ﻳﻘوﻝ:
"ﻣﻧذ ﻣطﻠﻊ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ،ﺳﻧﺟد أﻧﻔﺳﻧﺎ أﻣﺎم وﺿﻌﻳﺔ ﺟدﻳدة،
أﺻﺑﺣت ﻓﻳﻬﺎ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻗﺿﻳﺔ ﻓﻛرﻳﺔ وﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ،وأﺻﺑﺢ ﻟﻬﺎ دﻋﺎة
ﻳﺿﻌون ﻟﻬﺎ اﻷﺳس ،وﻳﻌﻣﻠون ﻣن أﺟﻠﻬﺎ ،وﻳؤﻟﻔون ﻓﻳﻬﺎ ...وﺑﻬﺎ .وأﻛﺛر
اﻟذﻳن ﻗﺎﻣوا ﺑﻬذﻩ اﻟدﻋوة أوﻝ اﻷﻣر ﻛﺎﻧوا ﻣن اﻟﻣﺳﺗﺷرﻗﻳن".
وﻳوﺿﺢ ﻫذا اﻟﺑﺎﺣث أن اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻠﻬﺟﺎت اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻋﻧد ﺑﻌض اﻟدوﻝ
اﻷورﺑﻳﺔ ،ﻛﺎن ﻣرﺗﺑطﺎً ﺑﻐﺎﻳﺎت ﺑﺣت ﻫﻲ ﺗﻛوﻳن اﻟﻘﻧﺎﺻﻝ ﻟﻺﺷراف ﻋﻠﻰ
ﻣﺻﺎﻟﺢ ﺑﻠداﻧﻬم ﻓﻲ اﻟﻣﺷرق واﻟﻣﻐرب واﻟﺗﻣﻬﻳد ﻟﻼﺳﺗﻌﻣﺎر .وﻟذﻟك ﻓﻠﻳس
ﻣن اﻟﻌﺟﻳب أن ﺗﻘﺗرن اﻟﺣرﻛﺔ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎرﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﺛﻳر ﻣن ﻓﺗراﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟدﻋوة
إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﺗﺣت ﺳﺗﺎر ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺷﻌﺎرات ذات اﻟﺻﺑﻐﺔ
) (٣
ﻣﺟﻠﺔ اﻟوﺣدة – اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ – اﻟﻌدد – ١٩٧٨ -٣٤ -٣٣د .ﻫﺷﺎم ﺑوﻗﻣرة – ص .٩٨
٧٩
اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ أن ﺗرﻛﻳز اﻟﻠﻐﺎت اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻳؤدي ﺣﺗﻣﺎً إﻟﻰ ﺗﻔرﻗﺔ
ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﺑﻠدان اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔٕ ،واﻗﺎﻣﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻳﺎﻧﺎت ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ
وﺗﺎﺑﻌﺔ.
اﻟﺳﻳﺊ اﻟذي ﻟﻌﺑﻪ ّ وﻳﻧﺗﻬﻲ اﻟدﻛﺗور ﺑوﻗﻣرة ،ﺑﻌد أن ّﺑﻳن اﻟدور
اﻟﻣﺳﺗﺷرﻗون ﻓﻲ اﻟﺗروﻳﺞ ﻟﻠﻌﺎﻣﻳﺎت ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ،إﻟﻰ اﻟﺗﺄﻛﻳد ،أن
ﻓﻠوﻝ اﻟدﻋﺎة إﻟﻰ اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ،ﺗﺗﻧﺎﻗص ﻳوﻣﺎً ﺑﻌد ﻳوم ،وﺗﺻﺑﺢ ﻗﺿﻳﺔ
اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟﻔﺻﺣﻰ أﻣ اًر ﻳﻛﺎد ﻳﻛون ﻣﺳﻠﻣﺎً ﺑﻪ).(٤
اﺑن ﺧﻠدون ﻳﺗﺣدث ﻋن اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ
ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ،ﻓﺈن ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ أو اﻟﻌﺎﻣﻳﺎت ،أو اﻟﻠﻬﺟﺎت ﻟﻳﺳت
ﺟدﻳدة ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﺣﺗﻰ إن اﺑن ﺧﻠدون ﻟﻔت اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺗﻪ
إﻟﻳﻬﺎ ،ﻓﻳﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺗﺣدث ﻋن ﻧﺷﺄة اﻟزﺟﻝ ﻗﺎﺋﻼً:
"وﻟﻣﺎ ﺷﺎع ﻓن اﻟﺗوﺷﻳﺢ ﻓﻲ أﻫﻝ اﻷﻧدﻟس ،وأﺧذ ﺑﻪ اﻟﺟﻣﻬور
ﻟﺳﻼﺳﺗﻪ وﺗﻧﻣﻳق ﻛﻼﻣﻪ وﺗرﺻﻳﻊ أﺟزاﺋﻪ ،ﻧﺳﺟت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣن أﻫﻝ
اﻷﻣﺻﺎر ﻋﻠﻰ ﻣﻧواﻟﻪ ،وﻧظﻣوا ﻓﻲ طرﻳﻘﺗﻪ ﺑﻠﻐﺗﻬم اﻟﺣﺿرﻳﺔ ﻣن ﻏﻳر أن
ﻳﻠﺗزﻣوا ﻓﻳﻬﺎ إﻋراﺑﺎً ،واﺳﺗﺣدﺛوا ﻓﻧﺎً ﺳﻣوﻩ اﻟزﺟﻝ").(٥
ﺟﻠﻳﺔ ﻓﻳﻬﺎ ،ﻻﺑن وﻳورد اﺑن ﺧﻠدون ﻧﻣﺎذج ﺗﺑدو اﻟﺻﺑﻐﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ّ
ﻗزﻣﺎن ،وأﺑﻲ اﻟﺣﺳن اﻹﺷﺑﻳﻠﻲ واﻟزاﻫر واﻟﻣﻘري ...إﻟﺦ..
ﻓﺻﺎح اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ
ﺛﻣﺔ أﻣر آﺧر ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣﺟﺎﺑﻬﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ،ﻻﺑد أن ﻳﻠﻌب دو اًر ﻛﺑﻳ اًر ﻓﻲ
ﺗﺿﻳﻳق رﻗﻌﺔ اﻟﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗﻠﻬﺎ – ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼف أﺷﻛﺎﻟﻬﺎ وﺻﻳﻐﻬﺎ –
) (٤
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ – ص .٩٩
) (٥
ﻣﻘدﻣﺔ اﺑن ﺧﻠدون – ص .٧٦٢ – ٧٦١
٨٠
ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ .ذﻟك أن ﻧﺳﺑﺔ ﻛﺑﻳرة ﻣن اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻣظﻧوﻧﺔ ﻋﺎﻣﻳﺔ ،ﻫﻲ
ذات أﺻﻝ ﻋرﺑﻲ واﺿﺢ ﺻرﻳﺢ وﻗرﻳب ﺟداً ﻣن ﺟذور اﻟﻔﺻﻳﺢ .وﻻ ﺑﺄس
اﻟﻌﻳﻧﺔ اﻟﻌﺷواﺋﻳﺔ" ﻓﻲ ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع،ﻓﻲ إﻳراد ﺑﻌض اﻷﻣﺛﻠﺔ ﻋﻠﻰ طرﻳﻘﺔ " ّ
ﻣن ﻣﻌﺟم "أﻗرب اﻟﻣوارد" ﻟﻠﺷرﺗوﻧﻲ وﻫو ﻣن أﻓﺿﻝ اﻟﻣﻌﺎﺟم اﻟﺣدﻳﺛﺔ ،ﻣﻊ
أﻧﻪ ﻣطﺑوع ﻓﻲ أواﺧر اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ):(٦
-ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻛﻠﻣﺔ "ﺗﺦ" وﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﻔﺻﻳﺢ :ﺗﺦ اﻟﻌﺟﻳن أو اﻟطﻳن –
ﻻ َن .
ﻛﺛر ﻣﺎؤﻩ ﺣﺗﻰ ْ
ورطﻪ .وﻓﻲ اﻟﻘﺎﻣوس :دﻏﻣر اﻟﺷﻲء ﻳﻌﻧﻲ ﻏﻣر ﻓﻼﻧﺎً ،أي :ﱠ َ -د ْ
طﻪ .ودﻏﻣر ﻋﻠﻳﻪ اﻟﺧﺑر ،ﺧﻠطﻪ ﻋﻠﻳﻪ . ﺧﻠَ َ
ت ﻟﻪ :أي ﺷﺗﻣﺗﻪ ﻛﺛﻳ اًر .وﻓﻲ اﻟﻣﻌﺟم :ﺣﺷﻛت اﻟﺳﺣﺎﺑﺔ ،ﻛﺛر -ﺣ ﱠﺷ ْﻛ ُ
ﻣﺎؤﻫﺎ .ﺣﺷك اﻟﻘوم :اﺣﺗﺷدوا واﺟﺗﻣﻌوا .ﺣﺷﻛت اﻟرﻳﺢ :اﺧﺗﻠﻔت ﻣﻬﺎﺑﱡﻬﺎ،
وﻗﻳﻝ :اﺷﺗدت .وﻗد ﺟﻣﻌت اﻟﻠﻔظﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﺟﻣﻳﻌﺎً .
-ﻫﻧﺎﻟك ﻣﺛﻝ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻳﻘوﻝ " :ﻋﺿرط ﻻ ﺑﻳﺣﻝ وﻻ ﺑﻳرﺑط" وﻓﻲ
اﻟﻘﺎﻣوس :اﻟﻌﺿرط ﻫو اﻟﺧﺎدم ﻋﻠﻰ طﻌﺎم ﺑطﻧﻪ ،واﻷﺟﻳر .
-دﻓرﻩ :أي دﻓﻌﻪ .ﻓﻲ اﻟﻔﺻﺣﻰ :دﻓﻌﻪ ﻓﻲ ﺻدرﻩ .
-ﻳﻘوﻝ أﻫﻝ دﻳر اﻟزور :دﻫﻛﻪ أي دﻫﺳﻪ دﻫﺳﺎً ﺷدﻳداً .وﻓﻲ
اﻟﻣﻌﺟم :طﺣﻧﻪ وﻛﺳرﻩ .
-ﻫﻧﺎﻟك أﺳرة ﺳورﻳﺔ ﺗﺣﻣﻝ اﺳم " َد ْﻋ َدع" وﻣﻌﻧﻰ اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟﻔﺻﻳﺢ:
اﻟﻌ ْد ُو ﻓﻲ ﺑطء واﻟﺗواء .
َ
-ﺷﺎطت اﻟطﺑﺧﺔ .ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻣوس :ﺷﺎطت اﻟﻘدر ،وﻟﺻق ﺑﺄﺳﻔﻠﻬﺎ
ﺷﻲء ﻣن اﻟطﻌﺎم اﻟﻣطﺑوخ ﻓﻳﻬﺎ
) (٦
أﻗرب اﻟﻣوارد ﻓﻲ ﻓﺻﺢ اﻟﻌرﺑﻳﺔ واﻟﺷوارد – ﺗﺄﻟﻳف :ﺳﻌﻳد اﻟﺧوري اﻟﺷرﺗوﻧﻲ اﻟﻠﺑﻧﺎﻧﻲ – ﻣطﺑﻌﺔ ﻣرﺳﻠﻲ
اﻟﻳﺳوﻋﻳﺔ ﺑﻳروت .١٨٨٩
٨١
َ -د َﻏر ﻋﻠﻳﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ :ﻫﺟم .ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺟم :ﺣﻣﻝ ﻋﻠﻳﻪ واﻗﺗﺣم.
ودﻏر ﻓﻼن ﻓﻼﻧﺎً :ﺿﻐطﻪ ﺣﺗﻰ ﻣﺎت .
-دﻏر ﻋﻠﻳﻪ :ﻗﺣم ﻋﻠﻳﻪ ﻣن ﻏﻳر ﺗﺛﺑﻳت .
ﻗدﻣت ﻫذﻩ اﻷﻣﺛﻠﺔ ﻣن "أﻗرب اﻟﻣوارد" ،ﻓﻳﻣﺎ أﺻدرت "ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻟﺑﻧﺎن –
ﻧﺎﺷرون" ﻛﺗﺎﺑﺎً ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺑﺎب ﺟﺎء ﻓﻲ ﺳﺗﻣﺋﺔ وأرﺑﻊ وﺳﺗﻳن ﺻﻔﺣﺔ – ﻋﻧواﻧﻪ
"ﻣﻌﺟم ﻓﺻﺎح اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ" ﻟﻠﺑﺎﺣث اﻟﺳوري اﻟﺻدﻳق اﻷﺳﺗﺎذ ﻫﺷﺎم ﻧﺣﺎس .وﻫو
ﺟدﻳر وﺣدﻩ ﺑدراﺳﺔ ﺿﺎﻓﻳﺔ ﻳﺳﺗﺣﻘﻬﺎ ،أرﺟو أن أﻗوم ﺑﻬﺎ ﻓﻲ وﻗت ﻗرﻳب.
ﻛﺗّﺎب اﻟﻧﻬﺿﺔ واﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
ﻧﺷرت دار اﻟﻬﻼﻝ اﻟﻘﺎﻫرﻳﺔ ﺳﻧﺔ ١٩٢٣ﻛﺗﺎﺑﺎً ﻋﻧواﻧﻪ "ﻓﺗﺎوى ﻛﺑﺎر
اﻟﻛﺗﺎب واﻷدﺑﺎء" وﻗد طرﺣت ﻋﻠﻰ ﻋدد ﻣن اﻷدﺑﺎء واﻟﻣﻔﻛرﻳن اﻟﻣرﻣوﻗﻳن
ﺳؤاﻟﻳن .اﻷوﻝ ﺣوﻝ ﻣﺳﺗﻘﺑﻝ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ .واﻟﺛﺎﻧﻲ ﺣوﻝ ﻧﻬﺿﺔ اﻟﺷرق
اﻟﻌرﺑﻲ وﻣوﻗﻔﻪ إزاء اﻟﻣدﻧﻳﺔ اﻟﻐرﺑﻳﺔ.
ﻛﺎن ﻣﺻطﻔﻰ ﺻﺎدق اﻟراﻓﻌﻲ ﺑﻳن اﻟذﻳن ﺗﺣدﺛوا ﻋن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
وﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻬﺎ ،ﻓﻌﺑﱠر أوﻻً ﻋن إﻋﺟﺎﺑﻪ ﺑﺎﻟذﻳن ﻳﺗﻛﻠﻣون ﺑﻬذﻩ اﻟﻠﻐﺔ" :ﻫم ﻣن أﺑﻌد
اﻟﻣدﻧﻳﺔ ،وذﻫﺎﺑﺎً ﻓﻲ ﻋﺻورﻫﺎ وﺗﻐﻠﻐﻼً ﻓﻲ طﺑﻘﺎت
ّ اﻟﺷﻌوب أﻋراﻗﺎً ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ
اﻟﻣﻳراث اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ,وذﻟك أﺻﻝ ﻋظﻳم ﻓﻲ اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﻬﺎ ،ﺑﻌد أن ﺻﺎرت
ﻗطﻌﺔ ﻣن ﺗﺎرﻳﺧﻬم ،وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻋﻧﺎﻳﺔ إﻟﻬﻳﺔ ﺑﻬذﻩ اﻟﻠﻐﺔ أﻻ ﺗﺳﺗﻔﻳض إﻻ ﻓﻲ ﺗﻠك
اﻟﺷﻌوب".
وﻧظر ﺑﻌدﺋذ إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻧظرة ﻓﻳﻬﺎ ﺣﺻﺎﻓﺔ اﻟﺳﻳﺎﺳﻲ وذﻛﺎء اﻟﻣﻔﻛر،
ﻓﻘد ﻗﺎﻝ" :وظﺎﻫر أن ﻟﻛﻝ ﻟﻐﺔ ﻗوﻳﺔ وﺟﻬﺎً ﺳﻳﺎﺳﻳﺎً ،ﻛﻣﺎ أن ﻟﻛﻝ ﺳﻳﺎﺳﺔ ﻗوﻳﺔ
وﺟﻬﺎً ﻟﻐوﻳﺎً .ﻓﺎﻟﺷﻌوب ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺗﻼف واﻟﺗﻧﺎزع .وﻫﻧﺎ ﻣوﺿﻊ اﻟﺿﻌف
واﻟﻘوة .ﻓﺈن ﻧﻬض أﻫﻝ اﻟﻌرﺑﻳﺔ وﻛﺗﺑت ﻟﻬم اﻟﺳﻼﻣﺔ ﻣن ﺗﺣﻛم اﻟﻣﺳﺗﻌﻣرﻳن
وﺟﱠﻧﺑﻬم اﷲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺣن اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻓﺿﺎﺋﻝ اﻟﺳﻳﺎﺳﺔ ،ﻓﺗﻠك ﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
٨٢
ﻧﻔﺳﻬﺎٕ .وان ﺿﻌﻔوا ﻓذﻟك ﺿﻌﻔﻬﺎ .وﻣﺎ أراﻫﺎ إﻻ ﺳﺗﻧﻬض ﻓﻲ ﻣﺻر وﺳورﻳﺔ
ﻧﻬﺿﺔ ﻣن ﻳﺳﺗﺟﻣﻊ"
"ﻛرد ﻋﻠﻲ" ﻣﺗﻔﺎﺋﻝ ﺑﻣﺳﺗﻘﺑﻝ اﻟﻔﺻﺣﻰ
وﻛﺎن "ﻣﺣﻣد ﻛرد ﻋﻠﻲ" ﻣﺗﻔﺎﺋﻼً ﺑﻣﺳﺗﻘﺑﻝ اﻟﻔﺻﺣﻰ ﻓﻘﺎﻝ:
"إن اﺳﺗﻔﺗﺎءﻛم ﻓﻲ ﻣﺳﺗﻘﺑﻝ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻣﻬم ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ .وأظن اﻟﺗطور
اﻟﺳﻳﺎﺳﻲ اﻷﺧﻳر ﻳزﻳدﻫﺎ اﺳﺗﺣﻛﺎﻣﺎً واﻧﺗﺷﺎ اًر .ﻓﺈن اﻟﺗرﻛﻳﺔ ﻛﺎدت ﺗﻘﺿﻲ ﻋﻠﻳﻬﺎ
ﻓﻲ دﻣﺷق وﺑﻐداد ،ﺑﻝ . .ﻓﻲ ﻣﻛﺔ واﻟﻣدﻳﻧﺔ ,وﻫﺎ ﻫﻲ ﺗﻧﺷط ﻣن ﻋﻘﺎﻟﻬﺎ،
واﻟﻧﻔوس ﺗرﻏب ﻓﻲ ﺗﺣﺻﻳﻠﻬﺎ ،واﻟﻣﺗﻌﻠﻣون ﻳﻔﺎﺧرون ﺑﺈﺗﻘﺎﻧﻬﺎ .وﺳﺗدرس ﺑﻬﺎ
ﺟﻣﻳﻊ اﻟﻌﻠوم اﻟﻌﺎﻟﻳﺔ ،ﻓﺗﺣﺳن دراﺳﺗﻬﺎ ،وﺗزﻳد ﻣروﻧﺔ ﻟﻘﺑوﻝ اﻷوﺿﺎع
اﻟﺟدﻳدة ،ﻷﻧﻬﺎ ﻟم ﺗﺗﻌﺎص ﻋﻠﻰ ذﻟك ،وﻫﻲ ﻓﻲ ّإﺑﺎن ﺑﻌﺛﺗﻬﺎ ،ﻓﻛﻳف ﺑﻬﺎ ﻓﻲ
اﻟﻣﺳﻣﻳﺎت ﺗﻛﺛر .وﻟﻌﻠﻪ ﻻ
ﻫذا اﻟﻘرن ،وﻫﻲ ﺗرى اﻟﻌﻠوم ﺗزﻳد ،واﻷﻟﻔﺎظ و ّ
ﻳﻣﺿﻲ ﻗرن أو ﻗرﻧﺎن ﺣﺗﻰ ﺗﺗوﺣد اﻟﻠﻬﺟﺎت اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ،ﻷن اﻟﻔﺻﺣﻰ آﺧذة
ﺑﺎﻟﺗﻐﻠب ﻋﻠﻳﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻛﻝ ﺣﺎﻝ".
وﻛﺎﻧت اﻟرؤﻳﺔ اﻟﻘوﻣﻳﺔ ﻏﺎﻟﺑﺔ ،ﻋﻠﻰ رأي ﺧﻠﻳﻝ ﻣطران اﻟذي ﻗﺎﻝ:
"اﻟﻠﻐﺎت اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ – أو :اﻟﻠﻐﻰ – ﺳﺗﺑﻘﻰ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ اﺧﺗﻼف اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن.
وﻣﺎ داﻣت ﻻ ﺗﺗوﺣد اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﻓﻠن ﺗﺗوﺣد اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﻣﺟﺗﻣﻌﺔ ﻛﻠﻬﺎ
ﻓﻲ اﻟﻔﺻﺣﻰ أو ﻓﻲ اﻟﻣﺑﺗذﻟﺔ – ﻳﻌﻧﻲ :اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ – وﻟﻛن ﻫذا اﻻﺧﺗﻼف ﻋﻳﻧﻪ
ﻫو اﻟذي ﻛﺎن ،وﺳﻳﻛون أﻛﺑر ﺳﺑب ﻟﻠﻌﻧﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻔﺻﺣﻰ وﺗﻌﻣﻳﻣﻬﺎ ﺑﻳن طﺑﻘﺎت
اﻟﻣﺗﻌﻠﻣﻳن".
رأي ﺟﺑران ﺧﻠﻳﻝ ﺟﺑران
وﻧظر ﺟﺑران ﺧﻠﻳﻝ ﺟﺑران إﻟﻰ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰ واﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻧظرة وﺳطﺎ،
ﺑدا ﻓﻳﻬﺎ ﺗﺄﺛرﻩ ﺑﻧظرﻳﺔ "اﻟﻧﺷوء واﻻرﺗﻘﺎء" ﻟدارون اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻣوﺿﻊ أﺧذ
ورد ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻌﻬد :اﻟرﺑﻊ اﻷوﻝ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﻳن .ﻳﻘوﻝ ﺟﺑران" :إن
٨٣
ك اﻟﺧﺷن ﻓﻳﻬﺎ ﻓﻳﻠﻳن .وﻟﻛﻧﻬﺎ ﻻ، ،وﻳ ْدﻟَ ُ
اﻟﻠﻬﺟﺎت اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﺗﺗﺣور وﺗﺗﻬذب ُ
وﻟن ﺗﻐﻠب وﻳﺟب أﻻ ﺗﻐﻠب ﻷﻧﻬﺎ – اﻟﻔﺻﺣﻰ – ﻣﺻدر ﻣﺎ ﻧدﻋوﻩ
ﻓﺻﻳﺣﺎً ﻣن اﻟﻛﻼم وﻣﻧﺑت ﻣﺎ ﻧﻌدﻩ ﺑﻠﻳﻐﺎً ﻣن اﻟﺑﻳﺎن.
ﺳﻧﺔ ﺑﻘﺎء اﻷﻧﺳب .وﻓﻲ إن اﻟﻠﻐﺎت ﺗﺗﺑﻊ ،ﻣﺛﻝ ﻛﻝ ﺷﻲء آﺧرّ ،
اﻟﻠﻬﺟﺎت اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ اﻟﺷﻲء اﻟﻛﺛﻳر ﻣن اﻷﻧﺳب اﻟذي ﺳﻳﺑﻘﻰ ،ﻷﻧﻪ أﻗرب
إﻟﻰ ﻓﻛرة اﻷﻣﺔ ،وأدﻧﻰ إﻟﻰ ﻣراﻣﻲ ذاﺗﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ .ﻗﻠت :ﺳﻳﺑﻘﻰ ،وأﻋﻧﻲ
ﺑذﻟك أﻧﻪ ﺳﻳﻠﺗﺣم ﺑﺟﺳم اﻟﻠﻐﺔ وﻳﺻﻳر ﺟزءاً ﻣن ﻣﺟﻣوﻋﻬﺎ".
وﻗﺎﻝ ﻋﻳﺳﻰ اﺳﻛﻧدر اﻟﻣﻌﻠوف" :إذا ﺑﻘﻲ اﻟﻣﺣﺎﻓظون ﻋﻠﻰ أﺳﺎﻟﻳب
اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰ واﻗﻔﻳن ﻓﻲ ﺳﺑﻳﻝ اﻟﻣﺗﺳﺎﻫﻠﻳن واﻟﻧﺎﺣﻳن ﻣﻧﺣﻰ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻓﻲ
اﻟﻠﻐﺔ واﻷﺳﺎﻟﻳب ﻧﺎﺑذﻳن ﻛﻝ ﻣﺎ ﻳﺷوب اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰ ﻣﻧﻬﺎ ،ﻓﺳﺗظﻬر
ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ".
ﺗﻌرﻳب اﻷﻟﻔﺎظ اﻷﺟﻧﺑﻳﺔ
أﻣﺎ أﻣﻳن واﺻف ﺑك ﻓﻘد رأى اﻟﻣوﺿوع ﻣن وﺟﻬﺔ ﻧظر ،ﻳﻣﻛﻧﻧﺎ أن
ﻧﺻﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺄﺧذ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗطور ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺑﺎن ،ﻓﻬو ﻳﻘوﻝ" :ﻟﻐﺔ اﻟﻳوم
ﻟﻐﺔ وﺳط ،ﺑﻳن اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟوﺣﺷﻳﺔ ،وﺑﻳن اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ،ﺑﻣﻌﻧﻰ أن أﻫﻝ
ت أﺳﻣﺎﻋﻬم ﻋن اﻷﻟﻔﺎظ اﻟوﺣﺷﻳﺔ اﻟﻣﻬﺟورة اﻟﺗﻲ اﻟﻌﺻور اﻷﺧﻳرة َﻧَﺑ ْ
ﻻﻧﺟد أﺛرﻫﺎ ﻓﻲ ﻏﻳر ﻛﺗب اﻷدب اﻟﻘدﻳﻣﺔ .وﻣﺎﻟوا إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺳﻬﻠﺔ
اﻟﻣﻔﻬوﻣﺔ واﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻣﻘﺑوﻟﺔ اﻟﻣﺻﻘوﻟﺔ .أﻋﻧﻲ ﻧزﻟوا ﺑﺎﻟﻔﺻﺣﻰ ﻗﻠﻳﻼً ورﻓﻌوا
اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻛﺛﻳ اًر ،ﻓﻛﺎﻧت ﻟﻐﺔ اﻟﺟراﺋد واﻟﻣﺟﻼت .وﻫﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﻳوم وﻟﻐﺔ
اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻝ ﻛذﻟك .واﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻟﻐﺔ ﺻﺎﻟﺣﺔ ﻟﻠﻌﻠم ،وﻻ ﻳﻧﻛر ﺻﻼﺣﻳﺗﻬﺎ
إﻻ أﻫﻝ اﻟﺳﻳﺎﺳﺔ .وﻫذﻩ ﻣﺻﻧﻔﺎت أﻫﻝ اﻟﻌﺻر ،ﻟم ﻧﺟد ﻣن ﻳﺷﻛو ﻓﻘرﻫﺎ
إﻻ ﻣن ﺣﻳث ﺣﺎﺟﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺟﻣﻊ ﻟﻐوي ﻻﺧﺗﻳﺎر ﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻟﻌﻠوم
واﻟﻔﻧون واﻟﺻﻧﺎﻋﺎت .وﻫو أﻣر ﺳﻬﻝ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﺑطرﻳق اﻟﻣﺟﺎز واﻻﺷﺗﻘﺎق
٨٤
واﻟﻧﺣت .ﻓﻼ ﺟﻧﺎح أن ﻳﻌرب اﻟﻠﻔظ اﻷﻋﺟﻣﻲ ،ﻛﻣﺎ ﻳﻔﻌﻝ أﻫﻝ أوروﺑﺎ
ﺑﻠﻐﺎﺗﻬم ،وﻛﻣﺎ ﻓﻌﻝ ﻣن ﺳﺑﻘﻧﺎ ﻣن أﻫﻝ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻓﻘﺎﻟوا :اﻹﺑرﻳق واﻟطﺷت
واﻟطﺑق واﻟﻳﺎﻗوت واﻟﺑﻠور وﻛﻠﻬﺎ ﻓﺎرﺳﻳﺔ .واﻟﻔردوس واﻟﺑﺳﺗﺎن واﻟﻘﻧطﺎر
واﻟﻘﻧطرة وﻛﻠﻬﺎ روﻣﻳﺔ".
رأي اﻟﻣﺳﺗﺷرق ﻻﻣﻧس
ﻋﻠﻰ أن أﻏرب ﺟواب ،ﻛﺎن ﻣﺎ ﻛﺗﺑﻪ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻣﺳﺗﺷرق اﻟﻳﺳوﻋﻲ
اﻷب ﻻﻣﻧس وﺗﻔوح ﻣﻧﻪ راﺋﺣﺔ ﻏﻳر طﻳﺑﺔ ،اﺧﺗص ﺑﻬﺎ ﺑﻌض
اﻟﻣﺳﺗﺷرﻗﻳن ﻏﻳر اﻟﻣﻧزﻫﻳن ﻋن اﻟﻐرض ﺣﻳن ﻳﺗﺣدﺛون ﻋن اﻟﻌرب
وﻗﺿﺎﻳﺎ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﻓﻬو ﻳرى اﻟﻔﺻﺣﻰ ﻋﺎﻣﻝ ﻋزﻟﺔ ﻋن "اﻟﺣرﻛﺔ
اﻟﻌﺎﻣﺔ" – أي اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﻐرﺑﻳﺔ – وﺣﺎﺟ اًز دون اﻟﺗﻘدم .وﻳﻌﻠن أن
ﻣﺳﺗﻘﺑﻝ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻳﺗوﻗف ﻋﻠﻰ اﻻﺗﺣﺎد ﺑﺎﻟﻣدﻧﻳﱠﺔ اﻟﻐرﺑﻳﺔ .ﻳﻘوﻝ اﻷب
ﺣﺳن ﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺷرط أن ﻳﺗوﻟﻰ ٍ ﻻﻣﻧس" :إﻧﻲ أﺛق ﺑﻣﺳﺗﻘﺑﻝ
اﻟﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺑﻼد اﻟﻌرﺑﻳﺔ رﺟﺎﻝ ذوو ﻧظر ﺑﻌﻳد ،وأﻓﻛﺎر واﺳﻌﺔ ووطﻧﻳﺔ
ﺑﺎﻟﻣدﻧﻳﺔ
ّ رﺣﺑﺔ ،ﻳﻘﺗﻧﻌون ﺑﺄن ﻣﺳﺗﻘﺑﻝ ﻟﻐﺗﻬم ﻳﺗوﻗف ﻋﻠﻰ اﺗﺣﺎدﻫﺎ وﺛﻳﻘﺎً
اﻟﻐرﺑﻳﺔ .وﻳﺟب أن ُﻳﻌﻧﻰ أﻫﻝ اﻟﺑﻼد اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﺑﻠﻐﺗﻬم ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أﻧﻬﺎ ﻟﻐﺔ
وطﻧﻳﺔ .ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻳﻧﺑﻐﻲ ﻟﻬم أن ﻳﺛﺎﺑروا ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠم اﻟﻠﻐﺎت اﻷورﺑﻳﺔ اﻟﺗﻲ
ﻣﻛﻧت اﻟﺳورﻳﻳن ﺑوﺟﻪ ﺧﺎص أن ﻳﻠﻌﺑوا دورﻫم اﻟﺗﺎرﻳﺧﻲ :وﻟﻳس ﻋﻧدي
أدﻧﻰ ﺷك ﻓﻲ أﻧﻪ إذا ﺟﻌﻝ اﻟﺗﻌﻠﻳم اﻟﻌﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﺗﻧﻌزﻝ اﻟﺑﻼد
اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﺷﻳﺋﺎً ﻓﺷﻳﺋﺎً ﻋن اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،إذ ﺗﺻﺑﺢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟوطﻧﻳﺔ ﺣﺎﺟ اًز
ﻣﻧﻳﻌﺎً دون ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺗﻘدم.
ﺧوﻟﻧﻲ إﻳﺎﻩ اﻧﺻراﻓﻲ أﺛﻧﺎءﻫذا ﻫو رأﻳﻲ وﻻ ﺳﻠطﺔ ﻟﻲ ﻓﻲ إﺑداﺋﻪ إﻻ ﻣﺎ ّ
أرﺑﻌﻳن ﺳﻧﺔ إﻟﻰ ﺗﻌﻠم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ وﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺷﻌوب اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛﻠﻣﻬﺎ".
رأي اﻷﺟﻳﺎﻝ اﻟﺟدﻳدة ﻣن اﻟﻣﺳﺗﺷرﻗﻳن
٨٥
ﻋﻠﻰ أن ﻟﻸﺟﻳﺎﻝ اﻟﺗﺎﻟﻳﺔ ﻣن اﻟﻣﺳﺗﺷرﻗﻳن رأﻳﺎً آﺧر ﻣﺧﺗﻠﻔﺎً ﺟداً .وﺑﻳن
أﻳدﻳﻧﺎ ﻟﻘﺎءات ﻛﺎﻧت ﺑﻳن ﺛﻼﺛﺔ ﻣن اﻟﻣﺳﺗﺷرﻗﻳن اﻷﻟﻣﺎن اﻟﻣﻌﺎﺻرﻳن.
اﻷوﻝ ﻫو "ﻓوﻟف دﻳﺗرﻳش ﻓﻳﺷر" اﻟذي أﻣﺿﻰ ﺧﻣﺳﻳن ﻋﺎﻣﺎً ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻳم
اﻟﻌرﺑﻳﺔ واﻟﺗﺄﻟﻳف ﺣوﻟﻬﺎ .ﻓﻔﻲ ﺣوار ﻣﻌﻪ) (٧ﺳﺋﻝ :ﻫﻝ ﺗﻌﺗﻘد أن اﻟﻔﺻﺣﻰ
ﻋﻧدﻧﺎ ﻫﻲ ﻓﻲ طرﻳﻘﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺗﻐﻠب ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ،ﻛﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ أﻟﻣﺎﻧﻳﺎ؟
ﻓﺄﺟﺎب" :ﻋﻧدﻣﺎ زرت ﻣﺻر ﻟﻠﻣرة اﻷوﻟﻰ ،ﻟم أﻋﺛر ﻋﻠﻰ ﺷﺧص واﺣد
أﺗﺣدث ﻣﻌﻪ اﻟﻔﺻﺣﻰ .واﻟﻳوم ﺗﻐﻳر اﻟوﺿﻊ ،ﻓﻔﻲ اﻟﺟﺎﻣﻌﺎت ﻳﺗﺣدث
اﻷﺳﺎﺗذة اﻟﻔﺻﺣﻰٕ ،وان ﻛﺎﻧوا ﻻﻳﺣﺑون ذﻟك ،وأﺛﻧﺎء زﻳﺎرﺗﻲ ﻟﻣدﻳﻧﺔ ﻓﺎس،
ﻣﻧذ ﻋﺷر ﺳﻧوات راﻓﻘﻧﻲ وﻟد ﻓﻲ اﻟراﺑﻌﺔ ﻋﺷرة ﻣن ﻋﻣرﻩ ﻟﻠﻘﻳﺎم ﺑﺟوﻟﺔ ﻓﻲ
اﻟﻣدﻳﻧﺔ .ﺗﺣدﺛﻧﺎ ﺑﺎﻟﻔﺻﺣﻰ طواﻝ اﻟوﻗت .ﺑﻳﻧﻣﺎ اﻟﺟﻳﻝ اﻟﻘدﻳم ﻟم ﻳﻛن ﻳﺗﻘن
اﻟﻔﺻﺣﻰ ،وﻫو ﻣﺎ ﻳﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧﻌﺗﻘد ﺑﺄن اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰ ﺗﻧﺗﺷر ﺑﺷﻛﻝ
ﺳرﻳﻊ ﺑﻳن اﻟﻧﺎس .وﺧﻼﻝ ﺳﻧوات ﻗﻠﻳﻠﺔ ﻳﺻﻳر اﻟوﺿﻊ ﻋﻧدﻛم ﻛﻣﺎ ﻫو ﻓﻲ
أﻟﻣﺎﻧﻳﺎ اﻟﻳوم ،ﺑﺣﻳث ﻳﻌرف اﻟﻧﺎس ﺟﻣﻳﻌﻬم اﻟﻔﺻﺣﻰ ﻛﺗﺎﺑﺔ وﻗراءة
وﺷﻔﺎﻫﺔ".
واﻗﺗرح ﻫذا اﻟﻣﺳﺗﺷرق وﺿﻊ ﻗﺎﻣوس ﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎﻝ ﻓﻲ
اﻻﻧﻛﻠﻳزﻳﺔ واﻟﻔرﻧﺳﻳﺔ ،وأوﺿﺢ ﻗﺎﺋﻼً" :أﻗﺻد ﻗﺎﻣوﺳﺎً ﻳﻌطﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻛﻠﻣﺔ
اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،وﻳﻣد اﻟﻘﺎرىء ﺑﺎﻟﻌﺑﺎرات اﻟﺷﺎﺋﻌﺔ واﻟﺗﻌﺎﺑﻳر
اﻟﻣﻣﻛﻧﺔ".
اﻟﻠﻬﺟﺎت ﺗﻌود أﺻوﻟﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﺻﺣﻰ
ﺗﺎﻝ ﻣناﻟﻣﺳﺗﺷرق اﻟﺛﺎﻧﻲ "ﻫﺎرﺗﻣوت ﺑوﺑﺗﺳﻳن" ..وﻫو ﻣن ﺟﻳﻝ ٍ
اﻟﻣﺳﺗﺷرﻗﻳن اﻷﻟﻣﺎن وﻗد ﺗﺣدث ﻋن اﻟدور اﻟﻬﺎم اﻟذي ﺗؤدﻳﻪ اﻟﻔﺻﺣﻰ
) (٧
ﺻﺣﻳﻔﺔ اﻟﺷرق اﻷوﺳط – اﻟﻌدد ٦٤١٨ﺗﺎرﻳﺦ .١٩٩٦/٦/٢٤
٨٦
ﻷﻧﻬﺎ اﻟﻠﻐﺔ اﻟرﺳﻣﻳﺔ ﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻹﻋﻼم واﻟﺗﻌﻠﻳم ،وﻫﻲ أﻳﺿﺎً وﺳﻳﻠﺔ اﻟوﺣدة
اﻟﺛﻘﺎﻓﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط ﺑﻳن اﻟﺑﻼد اﻟﻌرﺑﻳﺔ .وﻗﺎﻝ" :إن ﻟﻠّﻬﺟﺎت دو اًر ﻣﻬﻣﺎً
ﻷﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻛﻠﻣﻬﺎ اﻟﻧﺎس ﻓﻲ ﺣﻳﺎﺗﻬم اﻟﻳوﻣﻳﺔ ،وﻫﻲ اﻟﺗﻲ
ﻳﺳﺗﺧدﻣوﻧﻬﺎ ﺑﻛﻝ ﻋﻔوﻳﺔ ﻓﻲ ﻋواطﻔﻬم وأﺣﺎﺳﻳﺳﻬم دون أي ﺗﻔﻛﻳر" .وﻗﺎﻝ
أﻳﺿﺎً" ﻳﺟب أن ﻧﻌطﻳﻬﺎ ﺣﻘﻬﺎ ﻣن اﻟدراﺳﺔ واﻟﺗﺣﻠﻳﻝ واﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻔﺻﺣﻰ" "ﻷن ﻫذﻩ اﻟﻠﻬﺟﺎت ﻛﻣﺎ ﻫو ﻣﻌروف ﺗﻌود ﻓﻲ أﺻوﻟﻬﺎ إﻟﻰ
اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰ اﻟﺗﻲ ﺗطورت ﻋﻧﻬﺎ".
وﻟم ﻳر "ﻓﻲ اﻧﺗﺷﺎر اﻟﻠﻬﺟﺎت اﻟﻣﺣﻠﻳﺔ ﺧط اًر ﻳﻬدد اﻟﻔﺻﺣﻰ ،ﻷن ﻫذا
أﻣر ﻋﺎم ﻓﻲ ﻛﻝ اﻟﻠﻐﺎت ،ﻓﺿﻼً ﻋن أن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰ ﻟﻬﺎ ﻣن
ﻣﻘوﻣﺎت اﻟﻘوة ﻣﺎ ﻳﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺑﻘﻰ داﺋﻣﺎً اﻟﻠﻐﺔ اﻷﺳﺎﺳﻳﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎﺑﺔ واﻟﻘراءة
واﻟﺗﻌﺎﻣﻝ اﻟرﺳﻣﻲ" واﻧﺗﻬﻰ إﻟﻰ اﻟﺗﺄﻛﻳد ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺟد "أي ﺿرر ﻳﻣﻛن أن
ﻳﻠﺣق ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰ ﻣن اﻟﻠﻬﺟﺎت".
اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻷﺳﺎﺳﻳﺔ ﻫﻲ اﻷﻣﻳﺔ
أﻣﺎ اﻟﺑﺎﺣث اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ اﻟﺷﺎب "ﺑﻳﺗر ﺑﻧﺷﺗﻳد" ﻓﺈﻧﻪ طرح ﻓﻛرة ﻫﺎﻣﺔ ﻓﻲ
ﻣوﺿوع اﻟﻔﺻﺣﻰ واﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ،ﻳﻣﻛن أن ﺗﻛون ﻓﻲ اﻟﻣﻧظور اﻟﻌﺎم ﻟﻬذﻩ
اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ .ﻓﻬو ﻳﻌﺗﻘد أن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻷﺳﺎﺳﻳﺔ ﻓﻲ اﻻزدواﺟﻳﺔ اﻟﻠﻐوﻳﺔ ﻟﻳﺳت
اﻟﻬوة ﺑﻳن اﻟﻔﺻﺣﻰ وﺑﻳن اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ،ﺑﻝ :اﻷﻣﻳﺔ ،وﻻ ﻳﻣﻛن ﺣﻝ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻫﻲ ّ
اﻻزدواﺟﻳﺔ اﻟﻠﻐوﻳﺔ ﺑﺗﺑﺳﻳط اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰٕ ،واﻧﻣﺎ ﺑﺎﻟﺗﻌﻠﻳم وطراﺋﻘﻪ "ﻷن
ﻣن ﻳﻘ أر ﻛﻝ ﻳوم ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰ ،وﻣن ﻳﺳﻣﻊ ﺑﻬﺎ ﺑراﻣﺞ اﻟﺗﻠﻔزﻳون وأﻓﻼم
اﻟﺳﻳﻧﻣﺎ ،ﻟن ﻳﺟد ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﻳد ﺻﻌوﺑﺔ ﻓﻲ إﺗﻘﺎن ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺔ ،وﻟن ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣن
ﺣﺎﻟﺔ اﻻزدواﺟﻳﺔ ﻫذﻩ ،وﻋﻠﻰ ﻛﻝ ﺣﺎﻝ ،ﻓﻠﻳس ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى
٨٧
ﻟﻐوي واﺣد").(٨
ﻟﻘد وﺿﻊ أﻣﻳن واﺻف ﺑك ﻳدﻩ ﻋﻠﻰ واﺣدة ﻣن ﻣﺷﻛﻼت اﻟﻔﺻﺣﻰ
ﻹدﺧﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺻﻣﻳم اﻟﻌﺻر وﺻﻠﺑﻪ ،ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺣدث ﻓﻲ ذﻟك اﻟزﻣن ﻗﺑﻝ
ﺳت وﺛﻣﺎﻧﻳن ﺳﻧﺔ ) (١٩٢٣ﻋن ﺗﻌرﻳب اﻷﻟﻔﺎظ اﻷﺟﻧﺑﻳﺔ ،ﻓﺎﻗﺗرح – ﻛﻣﺎ
ﺗﻘدم – أن ﺗﻧﻘﻝ اﻟﻣﻔردات اﻟﺟدﻳدة ﻓﻲ ﺻﻳﻐﺗﻬﺎ اﻷورﺑﻳﺔ ،ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻧﻘﻠت
ﺳﺎﻟﻔﺎﺗﻬﺎ :إﺑرﻳق .طﺷت .ﺑﺳﺗﺎن .ﻗﺳطﺎس..
ﺗﻳﻣور وﺗرﺟﻣﺔ "أﻟﻔﺎظ اﻟﺣﺿﺎرة"
اﻟﻣﻌﻧﻳﻳن ﺑﺷؤون
ّ ﻏﻳر أن ﺛﻣﺔ اﺗﺟﺎﻫﺎً ،ﻣﺎ ﻳزاﻝ ﻗوﻳﺎً ﺑﻳن ﻛﺛﻳرﻳن ﻣن
اﻟﻔﺻﺣﻰ ،ﻣﻧذ ﻣطﻠﻊ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﻳن ﺣﺗﻰ اﻵن .وﻫؤﻻء ﻳﺻرون ﻋﻠﻰ
ﺗﻌرب ،وأن ﺗﻌطﻰ ﻣﻘﺎﺑﻼًوﺟوب ﺗرﺟﻣﺔ اﻟﻣﻔردات اﻷﺟﻧﺑﻳﺔ ،ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ّ
ﻋرﺑﻳﺎً ﺻﻣﻳﻣﺎً ﻳﺷﺗق ﻣن ﺟذور ﻟﻐوﻳﺔ ﻋرﺑﻳﺔ.
ﻟﻘد دﻋﺎ اﻟﻘﺎص اﻟراﺣﻝ ﻣﺣﻣود ﺗﻳﻣور ﻓﻲ ﺣدﻳث أﺟرﺗﻪ ﻣﻌﻪ ﻣﺟﻠﺔ
"اﻟﺟدﻳد" اﻟﻘﺎﻫرﻳﺔ ﻋﺎم ١٩٧٢ﺗﻠك اﻟﻣﻔردات "أﻟﻔﺎظ اﻟﺣﺿﺎرة" وﻗﺎﻝ :إﻧﻪ
ﻳﻌد ﻣﻌﺟﻣﺎً ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻷﻟﻔﺎظ "ﻷن اﻟﻛﺎﺗب اﻟﻘﺻﺎص ﻳﺣﺗﺎج إﻟﻰ وﺻف
ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﻳت واﻟﺳوق واﻟﻣﺻﻧﻊ .وﻫو ﻻ ﻳﺳﺗطﻳﻊ أن ﻳﺻﻝ إﻟﻰ ﻣﺄرﺑﻪ
ﻣن دﻗﺔ ﺗﺻوﻳر اﻷﺷﺧﺎص واﻷﻣﻛﻧﺔ واﻟﻣواﻗف ،إﻻ ﺑوﺻف اﻷﺷﻳﺎء.
ﻓﺈذا اﺳﺗﻌﻣﻠﻬﺎ ﺑﺄﻟﻔﺎظﻬﺎ اﻷﺟﻧﺑﻳﺔ ،ﻓﻘد ﺑﺎﻋد ﺑﻳﻧﻪ وﺑﻳن اﻟﻔﺻﺣﻰ.
وﻣﺿﻰ اﻟﻘﺻﺎص اﻟﺷﻳﺦ ﻗﺎﺋﻼً :وﻟﻬذا ﻋﻧﻳت ﻣﻧذ ﻋﺷرات اﻟﺳﻧﻳن أن
أﺗﺣﺎﻳﻝ ﻻﺻطﻳﺎد اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﺳﻠﻳﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻣﻘﺎم اﻷﺟﻧﺑﻲ ﻣﺛﻝ
"اﻟﻣﺗﻛﺄ" ﺑدﻝ "اﻟﻛﻧﺑﺔ" و"اﻟﺷرﻓﺔ" ﺑدﻝ "اﻟﺑﻠﻛون".
ﻟﻘد وﺿﻊ اﻷﺳﺗﺎذ ﺗﻳﻣور ﻛﻠﻣﺔ "اﻟﻣﺗﻛﺄ" ﺑدﻻً ﻣن "اﻟﻛﻧﺑﺔ" ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ
) (٨
ﺟرﻳدة ﺗﺷرﻳن – دﻣﺷق – ١٩٩٨/٥/٩:ﺣوار ﻣﻊ د .ظﺎﻓر ﻳوﺳف .
٨٨
اﻟﻣﺻدر اﻟﻣﻳﻣﻲ أو اﺳم اﻟﻣﻛﺎن ﻣن ﻓﻌﻝ "اﺗﻛﺄ" .وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن
"اﻟﻛﻧﺑﺔ" ﻻﺗﻔﻳد اﻻﺗﻛﺎء وﺣﺳب ،ﺑﻝ ﺗﻔﻳد اﻟﺟﻠوس أﻳﺿﺎً ،ﻓﺈن ﻓﻲ اﻹﻣﻛﺎن
ﻏض اﻟﻧظر ﻋن ﻛﻠﻣﺔ "اﻟﻣﺗﻛﺄ" وﻗﺑوﻟﻬﺎ .وﻟﻛن ﻣﺎذا ﻳﻣﻛن أن ﻳﻘﺎﻝ ﺣوﻝ ﱠ
اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻷﺧرى وﺗرﺟﻣﺗﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻌرﺑﻳﺔ؟
ﻛﻠﻣﺎت أﺟﻧﺑﻳﺔ ﺗﺻﻌب ﺗرﺟﻣﺗﻬﺎ
إن أﻳﺎً ﻣن اﻟﻌﺎﻣﻠﻳن ﻓﻲ اﻟﺗرﺟﻣﺔ ﻳﺳﺗطﻳﻊ أن ﻳﻘدم ﺛﺑﺗﺎً ﺑﻌدد ﻛﺑﻳر ﻣن
اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻷﺟﻧﺑﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻻﻳﻣﻛن إﻳﺟﺎد ﻣﻘﺎﺑﻝ ﻣواز ﻟﻬﺎ ﺗﻣﺎﻣﺎً ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻌرﺑﻳﺔ .وﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ اﻟﻣﺛﺎﻝ ،ﻓﺈﻧﻲ ﻗرأت أﻛﺛر ﻣن ﺳﺑﻊ ﺗرﺟﻣﺎت ﻟﻛﻠﻣﺔ
:Alienationاﻻﻧﺳﺣﺎق .اﻟﺿﻳﺎع .اﻻﻧﺧﻼع .اﻻﻧﺳﻼب .اﻻﻧﺳﻼخ.
اﻟﻌزﻟﺔ .اﻻﺧﺗﻼﻝ اﻟﻌﻘﻠﻲ اﻟﺦ
وﻓﻲ اﻹﻣﻛﺎن إﻳراد أﻣﺛﻠﺔ ﻛﺛﻳرة أﺧرى ﻋن ﺗرﺟﻣﺎت أﺧرى ﻏﻳر دﻗﻳﻘﺔ
ﻟﻣﻔردات أﺟﻧﺑﻳﺔ ،ﻓﻘد دﻋﺎ ﻣﺻطﻔﻰ ﺻﺎدق اﻟراﻓﻌﻲ اﻟﺳﻳﻛﺎرة" :دﺧﻳﻧﺔ"
وﺳﻣﺎﻫﺎ ﻣﺣﻣود ﺗﻳﻣور "ﻟﻔﺎﻓﺔ" ﻟﻛن اﺳﻣﻬﺎ ﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣوم "ﺳﻳﻛﺎرة".
اﻟﻣ ﱠﺳرة" و اﻹرزﻳز" ﻓﻘد ظﻝ وﻣﻊ أن "اﻟﺗﻠﻔون" ﺗرﺟم إﻟﻰ "اﻟﻬﺎﺗف" و" ِ
وﺟ ِﻣﻊ "ﺗْﻠﻔَ َن – ﺗﻠﻔوﻧﺎت".
اﻟﺟﻣﻬور ﻳدﻋوﻩ "ﺗﻠﻔون " .ﺑﻝ ﻧﺣت ﻣﻧﻪ اﻟﻔﻌﻝ ُ
وﺳﻣﻲ "اﻟرادﻳو" ﻣذﻳﺎﻋﺎً ور ّاداً .ﻟﻛن اﺳﻣﻪ اﻷﺟﻧﺑﻲ ظﻝ ﻫو اﻟﻣﺳﺗﺧدم.
وﻛذﻟك اﻟﺣﺎﻝ ﻓﻲ "اﻟﺗﻠﻔزﻳون" ..و"اﻟﻣﺎﻳﻛروﻓون".
وﺛﻣﺔ أﻣﺎﻣﻧﺎ اﻵن ،وﻧﺣن ﻓﻲ ﻣﺳﺗﻬﻝ اﻟﻘرن اﻟﺣﺎدي واﻟﻌﺷرﻳن
ﻣﻔردات أﺟﻧﺑﻳﺔ ﻛﺛﻳرة ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺑﻳﻝ ،ﻣن ﻣﺛﻝ "اﻟﻛوﻣﺑﻳوﺗرComputer
" اﻟﺗﻲ ﺗرﺟﻣت ":ﺣﺎﺳوب .وﻋﻘﻝ اﻟﻛﺗروﻧﻲ" واﻻﺛﻧﺗﺎن ﻏﻳر دﻗﻳﻘﺗﻳن..
وﻏﻳر ﻣوﻓﻘﺗﻳن .و Internetاﻟﺗﻲ ﻟم ﻳﺟرؤ أﺣد ﻋﻠﻰ ﺗرﺟﻣﺗﻬﺎ ﺣﺗﻰ اﻵن
ٕوان ﻳﻛن ﺑﻌﺿﻬم دﻋﺎﻫم :اﻟﺷﺎﺑﻛﺔ .و Microwave وﻗد ﺗرﺟﻣت:
ﻣوﺟﺔ ﻛﻬرطﻳﺳﻳﺔ ﻗﺻﻳرة ﺟداً .وﻻ ﻳﻌﻘﻝ أن ﺗﺗرﺟم ﻛﻠﻣﺔ واﺣدة ﺑﺄرﺑﻊ
٨٩
ﻛﻠﻣﺎت ...وﻫﻛذا.
ﻟﻣﺎذا ﻻ ﻧﺗﻳﺢ ﻣﺟﺎﻻً ﻓﻲ ﻟﻐﺗﻧﺎ ﻻﺳﺗﻳﻌﺎب اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺟدﻳدة ﻛﻠﻬﺎ ،ﺑﻛﻠﻣﺎﺗﻬﺎ
اﻷﺟﻧﺑﻳﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ ﻫو ﺣﺎﺻﻝ ﻓﻲ ﻣﻌظم ﻟﻐﺎت اﻟﻌﺎﻟم؟
أﻟﻳس ﻣن أﻫداف اﻟﻠﻐﺔ ،أي ﻟﻐﺔ ،اﻟﺗﻔﺎﻫم ﺑﻳن اﻟﺑﺷر ،ﻓﺈذا زﻳد
ﻋدد اﻟﻣﻔردات اﻟﻠﻐوﻳﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﻳﻧﻬم ،ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼف اﻟﻘوﻣﻳﺎت،
أﻓﻼ ﻳﻘرب ذﻟك اﻟﺷﻘﺔ ﺑﻳﻧﻬم؟
ﺻﻌوﺑﺔ اﻣﺗﻼك ﻧﺎﺻﻳﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰ
ﺛﻣﺔ ﻣﺳﺄﻟﺔ أﺧرى ﻣن ﻣﺳﺎﺋﻝ اﻟﻔﺻﺣﻰ ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ ﺻﻌوﺑﺔ اﻣﺗﻼك
ﻧﺎﺻﻳﺗﻬﺎ ،ﻟدى ﺟﻣﻬور اﻟﻣﺛﻘﻔﻳن واﻟﺧرﻳﺟﻳن اﻟﺟﺎﻣﻌﻳﻳن ،واﻟﻣﻌﻧﻳﻳن ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻌرﺑﻳﺔ ذاﺗﻬﺎ أﺣﻳﺎﻧﺎً ،ﻓﻲ ﺣﻳث ﻳﺳﺗطﻳﻊ أﺣدﻫم أن ﻳﻘوﻝ إﻧﻪ أﺗﻘن ﻫذﻩ
اﻟﻠﻐﺔ ،ﺑﻛﻝ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻣن ﻣﻌﻧﻰ.
ﻟﻘد أﻛد ﻋدد ﻣن اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻣﺗﻣﻛﻧﻳن ،وﺑﻳﻧﻬم ﻣﺧﺗﺻون ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
أﻧﻬم ﻫم أﻧﻔﺳﻬم ﻣﻌرﺿون ﻟﻠوﻗوع ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﻏﻼط اﻟﻠﻐوﻳﺔَ .ﺑْﻠﻪَ
اﻟﺣدﻳث ﻋن أﻏﻼط اﻟﻧﺣو واﻟﺻرف ..ﺑﻝ اﻹﻣﻼء ..أﻳﺿﺎً وﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ
اﻟﻣﺛﺎﻝ ،ﻓﺈن أﻛﺛرﻧﺎ ﻳﺳﺗﻌﻣﻝ ﻛﻠﻣﺗﻲ "اﻟﺧطﺄ" و"اﻟﻐﻠط" ،ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ واﺣد،
وﻓﻲ ﻣوﺿﻊ واﺣد ﻣن اﻟﻛﻼم .وﻟﻛن اﻷﻣر ﻳﺧﺗﻠف ﻟدى اﻟرﺟوع إﻟﻰ
اﻟﻣﻌﺎﺟم ،واﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ ﻛﻠﺗﺎ اﻟﻛﻠﻣﺗﻳن .ﻓﺎﻷوﻟﻰ ﺗﺳﺗﻌﻣﻝ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠدﻻﻟﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌرﻳض اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺧطﺄ .ﻳﻘوﻝ اﻟزﻣﺧﺷري ﻓﻲ ﻣﻌﺟﻣﻪ "أﺳﺎس
ﻰء ﺧطﺄً ﻋظﻳﻣﺎً ،إذا ﺗﻌﻣد اﻟذﻧب .وﻣﺎ ﻛﻧﺎ ﺧﺎطﺋﻳن، ِ
اﻟﺑﻼﻏﺔ" :ﺧط َ
اﻟﻌْﻠم ﺧﻳر ﻣن أن ﺗﺧطﻰء ﻓﻲ اﻟدﻳن .وﻓﻲ وﻳﻘﺎﻝ :ﻷَن ﺗﺧطﻰء ﻓﻲ ِ
ْ
اﻟﻣﺛﻝ" :ﻣﻊ اﻟﺧواطﻰء ﺳﻬم ﺻﺎﺋب" .وﻗﺎﻝ اﻣرؤ اﻟﻘﻳس:
اﻟﺣﻼﺣﻼ ِ
اﻟﻣﻠ َك اﻟﻘﺎﺗﻠﻳن ﻳﺎﻟﻬف ﻫﻧد إذ َﺧ ِط ْﺋ َن ﻛﺎﻫﻼ
٩٠
ﺧﻳر ﻣﻌ ﱠد َ
ﺣﺳﺑًﺎ وﻧﺎﺋﻼ).(٩
) (٩
اﻟزﻣﺧﺷــري – دار اﻟﻛﺗــب اﻟﻣﺻـرﻳﺔ
أﺳــﺎس اﻟﺑﻼﻏــﺔ – ﺗــﺄﻟﻳف :ﺟــﺎر اﷲ أﺑــﻲ اﻟﻘﺎﺳــم ﻣﺣﻣــود ﺑــن ﻋﻣــر ّ
ﺑﺎﻟﻘﺎﻫرة – ١٩٢٢م – ١٣٤١ﻫ ـ.
)(١٠
ﺗﺎج اﻟﻌروس ﻣن ﺟواﻫر اﻟﻘﺎﻣوس – ﺗﺄﻟﻳف :اﻟﺳﻳد ﻣﺣﻣد ﻣرﺗﺿﻰ اﻟﺣﺳﻳﻧﻲ اﻟزﺑﻳدي – ﺗﺣﻘﻳق :ﻋﺑـد
اﻟﻌﻠﻳم اﻟطﺣﺎوي – ﻣطﺑﻌﺔ ﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻛوﻳت – ١٩٨٤م ١٤٠٤ﻫ ـ
)(١١
وزرة اﻟﺗرﺑﻳـﺔ اﻟﺳـورﻳﺔ –
اﻟﻣﻌﺟم اﻟﻣدرﺳﻲ – ﺗﺄﻟﻳف :ﻣﺣﻣد ﺧﻳر أﺑو ﺣـرب – ﺗـدﻗﻳق :ﻧـدوة اﻟﻧـوري – ا
.١٩٨٥
٩١
ﻟوﻻ أن ﻣؤﻟﻔﻪ اﻷﺳﺗﺎذ ﻣﺣﻣد ﺳﻠﻳم اﻟﺟﻧدي ﻛﺎن ﻳطﻧب ﻛﺛﻳ اًر ﻓﻲ دراﺳﺔ
اﻟﻠﻔظﺔ اﻟواﺣدة.
وﻫﻧﺎك ﻛﺗﺎب آﺧر .وﺟدﺗﻪ أﻳﺿﺎً ﻓﻲ ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻣرﺣوم واﻟدي ،أﻏﻔﻠت
ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻘدﻳس ﺑوﻟس ﻓﻲ ﺣرﻳﺻﺎ ﺑﻠﺑﻧﺎن ذﻛر ﺗﺎرﻳﺦ طﺑﻌﻪ ،وﻟﻛن ﻋﻠﻳﻪ
ﺧﺗم اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻌﻣوﻣﻳﺔ اﻟﻣﻧﺷﺄة ﻓﻲ ﺑﻳروت ﻋﺎم ١٨٦٣ﻋﻠﻰ أن طرﻳﻘﺔ
ﺗﻧﺿﻳد ﺣروف اﻟطﺑﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب ،وأﺳﻠوب إﺧراﺟﻪ ﻳدﻻن ﻋﻠﻰ
أﻧﻪ ﻗد طﺑﻊ ﻗﺑﻝ أﻛﺛر ﻣن ﻣﺋﺔ ﺳﻧﺔ ،ﺑﻌﻧوان "ﻣﻐﺎﻟط اﻟﻛﺗﺎب وﻣﻧﺎﻫﺞ
وﺣ َﺳب اﻟﻌﻧوان ،ﻓﺈناﻟﺻواب" ﺗﺄﻟﻳف اﻷب ﺟرﺟﻲ ﺟﻧن اﻟﺑوﻟﺳﻲَ ...
اﻟﻛﺗﺎب أﻟف ﻟوﺿﻊ اﻟﻳد ﻋﻠﻰ أﻏﻼط اﻟﻛﺗَﺎب اﻟﻣﺗداوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺟراﺋد
واﻟﻣﺟﻼت واﻟﻛﺗب .وﻣن ذﻟك ﻣﺛﻼً:
ﻋودﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﻣر – ﻏﻠط – وﺗﻌود ﻋﻠﻳﻪ واﻋﺗﺎد ﻋﻠﻳﻪ – ﻏﻠط ﱠ -
ﻋودﺗﻪ اﻷﻣر ﻓﺗﻌودﻩ واﻋﺗﺎدﻩ .– واﻟﺻواب :ﱠ
-ﺗﻌﻬد ﻟﻪ ﺑﻛذا .أي واﺛﻘﻪ ﺑﻪ – ﻏﻠط – واﻟﺻواب :ﻋﺎﻫدﻩ ﻋﻠﻰ ﻛذا .
-اﻋﺗﻧق ِد ْﻳن ﻛذا أي دان ﺑﻪ – ﻏﻠط – واﻟﺻواب :اﻧﺗﺣﻝ دﻳن
ﻛذا أي اﺗﺧذﻩ دﻳﻧﺎً ﻟﻪ .
-ﻋﺎﺋﻠﺔ اﻟرﺟﻝ وﻋﻳﻠﺗﻪ – ﻏﻠط – واﻟﺻواب :أﺳرﺗﻪ وﻋﺷﻳرﺗﻪ .
-ﻫؤﻻء ﻗوم أﻏراب ج ﻏرﻳب – ﻏﻠط – واﻟﺻواب :ﻏرﺑﺎء .
أﺳﺋﻠﺔ وﻣﻼﺣظﺎت
اﻧﺗﻘﻳت ﻫذﻩ اﻷﻣﺛﻠﺔ ﻣن اﻟﻛﺗﺎب ،ﻷطرح ﻣن ﺛم اﻟﺳؤاﻝ اﻟﺗﺎﻟﻲ :ﻓﺈذا ﻛﺎن
اﻟﻛﺗﺎب ﻣﺎ ﻳزاﻟون ﻣﻧذ أﻛﺛر ﻣن ﻣﺋﺔ ﺳﻧﺔ ﻳﺗﻌرﺿون إﻟﻰ اﻟوﻗوع ﻓﻲ اﻷﻏﻼط
ذاﺗﻬﺎ ،وﻣﺎ ﺑرﺣﻧﺎ ﻧﻘ أر ﻓﻲ اﻟﻛﺗب واﻟﺻﺣف واﻟﻣﺟﻼت ،وﺑﻳﻧﻬﺎ اﻷﻧواع
اﻷدﺑﻳﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،أﻏﻼطﺎً ﻣﺷﺎﺑﻬﺔ . .ﻓﻣﺎ اﻟذي ﻳﻣﻛن أن ﻳﻌﻧﻳﻪ ذﻟك؟
-١إن اﻷدﺑﺎء واﻟﻛﺗﺎب اﻟذﻳن ﻳﻛﺗﺑون اﻟﻘﺻﺔ واﻟرواﻳﺔ واﻟﺷﻌر
٩٢
واﻟﻣﻘﺎﻟﺔ واﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ ،وﻫم واﺛﻘون ﺛﻘﺔ ﺗﺎﻣﺔ ،ﻣن أن اﻟﻐﻠط ﻻ ﻳﺗﺳرب إﻟﻰ
ﻣﺎ ﻳﻛﺗﺑون ،ﻣن ﻗرﻳب أو ﺑﻌﻳد ،ﻫم ﻗﻠﺔ ﻧﺎدرة .
-٢إن اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟدراﺳﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻠﻘﺎﻫﺎ اﻟطﻼب ،ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف
اﻧﺗﻬﺎء ﺑﺎﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﻳﺔ –
اﻟﻣدارس واﻟﻛﻠﻳﺎت ﺑدءاً ﺑﺎﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻻﺑﺗداﺋﻳﺔ و ً
واﻟدراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻳﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﻳﻬﺎ اﻟدﻛﺗوراﻩ ..أﺣﻳﺎﻧﺎً – ﻻ ﺗﻛﻔﻲ ﻛﻲ ﺗﺟﻌﻝ
اﻟﻣﺗﻌﻠم ﻣﺎﻟﻛﺎً ﻧﺎﺻﻳﺔ ﻟﻐﺔ اﻟﺿﺎد ﻣﻠﻛﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ أو ﺷﺑﻪ ﻛﺎﻣﻠﺔ .وأﻧﺎ واﺣد
ﺑﻳن ﻫؤﻻء أﻏﻠط ﺣﻳﻧﺎً وأﺻﻳب ﺣﻳﻧﺎً ،ﻟﻛﻧﻧﻲ ﻻﺣظت ،ﺑﻌض أﺳﺎﺗذة اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ
"اﻟدﻛﺎﺗرة" ﻓﻲ ﻗﺳم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ذاﺗﻪ ﻳﻐﻠطون أﻏﻼطﺎً ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷوﻗﺎت
– ﻣﻣﺎ ﻳﻣﻛن أن ﻳدﺧﻝ ﻓﻲ ﻣﻘوﻟﺔ "ﻏﻠط ﺷﺎﺋﻊ ﺧﻳر ﻣن ﺻواب ﻣﻬﺟور"
إﻻ أن ذﻟك ﻣرﻓوض ﻣن وﺟﻬﺔ اﻟﻧظر اﻟﻌﻠﻣﻳﱠﺔ – اﻷﻛﺎدﻳﻣﻳﺔ .
-٣أﻳﻣﻛن اﻟﻘوﻝ إن ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺟﻣﻳﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺗب ﺑﻬﺎ ﺗراﺛﻧﺎ ،وﻣﺎ
زاﻟت راﺑطﺔ ﻗوﻣﻳﺔ أوﻟﻰ ﺑﻳﻧﻧﺎ ﻧﺣن ﻋرب اﻟﻘرن اﻟﺣﺎدي واﻟﻌﺷرﻳن ،ﺑﻳن
اﻟﻣﺣﻳط وﺑﻳن اﻟﺧﻠﻳﺞ ،ﻫﻲ ﻟﻐﺔ ،ﻣن اﻟﻌﺳر واﻟﺻﻌوﺑﺔ ﻓﻲ ﺣﻳث ﻳﺗﻌذر
إﺗﻘﺎﻧﻬﺎ؟
-٤ﻻ ﺑد ﻣن اﻹﻗرار ﺑﺄن ﻟﻐﺔ اﻟﺿﺎد ،ﺑﺎﺗت ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ إﻟﻰ
ﺟﻬود ﻋﻠﻣﻳﺔ ﺿﺧﻣﺔ ،وﻣؤﺗﻣرات ﻗوﻣﻳﺔ وﻗطرﻳﺔ ،ﻣوﺳﻣﻳﺔ وﺳﻧوﻳﺔ،
ﻳﺷﺎرك ﻓﻳﻬﺎ اﻟﻣﺧﺗﺻون ،ﻣن ﻏﻳر اﻟذﻳن أوﺗوا ﻗرﻳﺣﺔ ﺟﺎﻣدة وذﻫﻧﺎً
ﻣﺗﺣﺟ اًر ،ﻳﻌﺎد اﻟﻧظر ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺷﻛﻼت اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ وﻣﺳﺎﺋﻠﻬﺎ ،وﻓﻲ
ﻛﻝ ﻣﺎ ﻳﺗﻔرع ﻋﻧﻬﺎ ﻣن ﻧﺣو وﺻرف ٕواﻣﻼء ..وﺑﻼﻏﺔ ...
ﻓذﻟﻛﺔ ﺗﺎرﻳﺧﻳﺔ ﺣوﻝ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ
ﺛﻣﺔ ﻧﺻوص ﻗدﻳﻣﺔ ﻛﺛﻳرة ﺗﺷﻳر إﻟﻰ أن اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﺣﺎﻝ ﻟﻐوﻳﺔ ﻗدﻳﻣﺔ –
٩٣
ﺑﻳﻧﻬﺎ ﻣﺎ ذﻛرﻩ د .ﻫﺷﺎم ﺑوﻗﻣرة) – (١٢ﻣن أن اﺑراﻫﻳم ﺑن ﺳﻔﻳﺎن اﻟزﻳﺎدي
اﻟﻧﺣوي اﻟﻣﺗوﻓﻰ ﺳﻧﺔ ٢٩٤ﻫ ـ ﺳﻣﻊ ﻣﻐﻧﻳﺎً ﻳﻐﻧﻲ أﺑﻳﺎﺗﺎً ،ﻓﺳﺄﻟﻪ :ﻟﻣن
اﻟﺷﻌر أﺻﻠﺣك اﷲ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ اﻟﻣﻐﻧﻲ :ﻟﻲ ﻳﺎﺳﻳدي .وأﻧﺎ ﺟوان ﺑن دﺳت اﻟﺑﺎﻫﻠﻲ ﺳﻳدي!
ﻗﺎﻝ ،ﻓﻘﻠت :ﻟﻳس ﺟوان وﻻ دﺳت ﻋﺎﻓﺎك اﷲ ﻣن أﺳﻣﺎء اﻟﻌرب .ﻓﻘﺎﻝ:
إﻳش ﻋﻠﻳك ﻣن ذا ﻳﺎﺳﻳدي! ﻗﻠت :ﻓردد اﻟﺻوت .ﻗﺎﻝ :ﺗرﻳد ﺗﻘﺷﻣﻪ ﻛﻧـّك
ﻛﻧﻲ ﻣﺎ أﻋرﻓك! ﻣﺎ ﺗرﻛت ﻋﻠﻰ ﻛﺑد اﺑن ﻋﻣﻲ اﻻﺻﻣﻌﻲ ﻋﻘﺎب! أو ّ
اﻟﻣﺎء ،وﻗد ﺟﻳت إﻟﻲ! طﺎرت ﻓراخ ﺑرﺟك ،طﺎرت.
وﻳوﺿﺢ د .ﺑوﻗﻣرة ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻛﻼم ،ﻗﻳﻘوﻝ إن ﻣﻌﻧﻰ ﻛﻼم اﻟﻣﻐﻧﻲ ﻫو
اﻟﺗﺎﻟﻲ :إﻧك ﺗرﻳد أن ﺗﺳﻘط ﻋﻠﻰ اﻟﺻوت ﻓﺗﺳرﻗﻪ ﻣﻧﻲ ،ﻛﺄﻧك ﻋﻘﺎب ،أو
ﻛﺄﻧﻲ ﻣﺎ أﻋرﻓك! أﻟﺳت أﻧت اﻟذي أﺣرق ﻛﺑد اﺑن ﻋﻣﻲ اﻷﺻﻣﻌﻲ )ﻓﻣﺎ
آت إﻟﻲ اﻵن! اذﻫب ﻓﻘد اﻧﻛﺷف ﺗرﻛت ﻋﻠﻳﻬﺎ ﻣﺎء ( ﺑﺳرﻗﺎﺗك! وﻫﺎ أﻧت ٍ
أﻣرك ،وطﺎرت ﻓراخ ﺑرﺟك.
اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﺎت اﻟﺟﺎﺣظ
وﻣؤﻟﻔﺎت اﻟﺟﺎﺣظ ،أﻣﻳر اﻟﺑﻳﺎن اﻟﻌرﺑﻲ اﻟذي ﻋﺎش ﺑﻳن ﺳﻧﺗﻲ -١٥٩
٢٥٢ﻫ ـ = ٨٦٨-٧٧٥م ﺗﺣﻔﻝ ﺑﻣﻔردات ﻋﺎﻣﻳﺔ ﻧﺟدﻫﺎ ﻓﻲ "اﻟﺣﻳوان" و
"اﻟﺑﺧﻼء" ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ اﻟﻣﺛﺎﻝ .ﻓﻔﻲ ﻗﺻﺔ اﻟﺣﺎرﺛﻲ ﻓﻲ "اﻟﺑﺧﻼء") (١٣ﻧﺟد
ﻋدداً ﻣن اﻟﻣﻔردات اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻓﻲ ﺻﻔﺣﺔ واﺣدة ،ﻣﻧﻬﺎ" :دﻫﻘﺎن" و"ﺑﺎرﺟﻳن"
و "ﺟردﺑﻳﻝ" و "ﺷﻳﺻﺎن" ...إﻟﺦ.
وﻳورد اﻟﺟﺎﺣظ ﻣﺣﺎورات ﻋﺎﻣﻳﺔ ﺗطﺎﻟﻌﻧﺎ ﻓﻳﻬﺎ ﻛﻠﻣﺎت إذا روﺟﻊ
)(١٢
ﻣﺟﻠﺔ اﻟوﺣدة – اﻟﻌدد – ٣٣ ،٣٤ص .٩٧
)(١٣
اﻟــﺑﺧﻼء – ﻷﺑــﻲ ﻋﺛﻣــﺎن ﻋﻣــرو ﺑــن ﺑﺣــر اﻟﺟــﺎﺣظ – ﺷــرح وﺗﺣﻘﻳــق وﺗﻘــدﻳم :اﺳــﻣﺎﻋﻳﻝ اﻟﻳوﺳــف –
ﻣﻧﺷورات دار ﻛرم ﺑدﻣﺷق – دون ﺗﺎرﻳﺦ – ص .٨٠
٩٤
اﻟﻘﺎﻣوس ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻻ ﺗّﺿﺢ أﻧﻬﺎ ذات أﺻﻝ ﻓﺻﻳﺢ ﻓﻲ اﻵن ذاﺗﻪ.
ﻛﺎﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻘﺻﺔ ذاﺗﻬﺎ "ﻧﻔـّﺎض .دﻻّك .ﻣﻘـﱠور .ﻣﻐرﺑﻝ.
ﻣﺳوغ .ﻣﻠﻔﺢ .ﻣﺧـﱠﺿر ..إﻟﺦ".
ﱠ
ﺟذور اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻬﺟﺎت اﻟﻌرﺑﻳﺔ
ٕ ...واذا رﺟﻌﻧﺎ ﻣﺋﺔ ﺳﻧﺔ أﺧرى أو ﻣﺋﺗﻳن إﻟﻰ اﻟوراء ،وﺟدﻧﺎ ﺟذو اًر
أﺧرى ﻟﻠﻌﺎﻣﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻬﺟﺎت اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻣﺗداوﻟﺔ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﻠﻬﺟﺔ
اﻟﻘرﺷـّﻳﺔ اﻟﺻﺎﻓﻳﺔ اﻟﻧﺑﻳﻠﺔ .وﻫذا ﻣﺎ أﺷﺎر إﻟﻳﻪ اﻟﺛﻌﺎﻟﺑﻲ ﻓﻲ "ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ"
ﺗﺣت ﻋﻧوان" :ﻓﻲ ﺣﻛﺎﻳﺔ اﻟﻌوارض اﻟﺗﻲ ﺗﻌرض ﻷﻟﺳﻧﺔ اﻟﻌرب") (١٤ﻓﻬو
ﻳﻘوﻝ" :اﻟ َﻛ ْﺷ َﻛ ّﺷﺔ ﺗﻌرض ﻓﻲ ﻟﻐﺔ ﺗﻣﻳم ﻛﻘوﻟﻬم ﻓﻲ ﺧطﺎب اﻟﻣؤﻧث :ﻣﺎ
ﱡش ﺗﺣﺗكﺟﻌﻝ َرﺑ ِ
َ ﺑك .وﻗد ﻗ أر ﺑﻌﺿﻬم :ﻗد اﻟذي ﺟﺎء ﺑش )ﻳرﻳدونِ :
ﺳرﻳﺎً ،ﻟﻘوﻝ اﻟﻘرآن :ﻗد ﺟﻌﻝ رﺑك ﺗﺣﺗك ﺳرﻳﺎﱠ( .اﻟ َﻛ ْﺳ َﻛ َﺳﺔ ﺗﻌرض ﻓﻲ ﻟﻐﺔ
وس وأ َُم ُ◌س )ﻳرﻳدون :أﺑوك وأﻣك ( ﺑﻛر ﻛﻘوﻟﻬم ﻓﻲ ﺧطﺎب اﻟﻣؤﻧثُ :أﺑ َ
وﻋﻣﺎن ﻛﻘوﻟﻬم :ﻣﺷﺎء اﷲ ﻛﺎن اﻟﻌ ْﻧ َﻌﻧﺔ ﺗﻌرض ﻓﻲ ﻟﻐﺎت أﻋراب اﻟﺷﺣر ُ َ
)ﻳرﻳدون ﻣﺎﺷﺎء اﷲ ﻛﺎن( .اﻟطﻣطﻣﺎﻧﻳﺔ ﺗﻌرض ﻓﻲ ﻟﻐﺎت ﺣـِ ْﻣﻳر ﻛﻘوﻟﻬم:
اﻣ ْﻬواء )ﻳرﻳدون طﺎب اﻟﻬواء(.
طﺎب َ
وﻳﻼﺣظ د .ﺟﻣﻳﻝ ﻋﻠوش ﺑﺣق أن ﻫذﻩ اﻟﻠﻬﺟﺎت اﻟﺗﻲ أوردﻫﺎ
اﻟﺛﻌﺎﻟﺑﻲ ﻻ ﺗﻘﻝ ﺳوءاً ﻋن ﻛﺛﻳر ﻣن اﻟﻠﻬﺟﺎت اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﺻرﻧﺎ ،ﻣﻣﺎ
ﻳؤﻛد أن ﺟذور اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻣﻧﻐرﺳﺔ ﻓﻲ أﻗدم اﻟﻠﻬﺟﺎت).(١٦
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﻠﻐوﻳﻳن ﻻﺣﺗواء اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ . . .ﻗدﻳﻣﺔ
)(١٤
ﻛﺗﺎب ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ – ﻟﻺﻣﺎم أﺑﻲ ﻣﻧﺻور ﺑن اﺳﻣﻌﻳﻝ اﻟﺛﻌـﺎﻟﺑﻲ اﻟﻧﻳﺳـﺎﺑوري – ﻣطﺑﻌـﺔ اﻵﺑـﺎء اﻟﻳﺳـوﻋﻳﻳن
ﻓﻲ ﺑﻳروت ﺳﻧﺔ – ١٨٨٥ص .١٠٧
)(١٦
ﻣﺟﻠﺔ اﻟوﺣدة – اﻟﻌدد ٣٤ ،٣٣ص ٧٧
٩٥
وﻛﺎن اﻟدﻛﺗور ﻋﻠوش ﻗد ﺗوﻗف ﻣﻠﻳﺎً أﻣﺎم ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﻠﻐوﻳﻳن ﻣﻧذ
اﻟﻘرن اﻟﻬﺟري اﻟﺛﺎﻧﻲ ،واﻟﺟﻬود اﻟﻛﺑﻳرة اﻟﺗﻲ ﺑذﻟوﻫﺎ ،ﻻﺳﺗﻳﻌﺎب اﻟﻠﻬﺟﺎت
اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ واﺣﺗواﺋﻬﺎ واﻟﻬﻳﻣﻧﺔ ﻋﻠﻳﻬﺎ ،وﺗوﺟﻳﻬﻬﺎ اﻟوﺟﻬﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﻳدﻫﺎ
اﻟﻔﺻﺣﻰ وﺗﻬواﻫﺎ .وﻫو ﻳﻌرض ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎﻝ اﻟﻣؤﻟﻔﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺻدت
ﻟﻣواﺟﻬﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ) (١٦ﻣن ذﻟك ﻣﺛﻼً:
-ﻣﺎ ﺗﻠﺣن ﻓﻳﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻛﺳﺎﺋﻲ )ت ١٨٩ﻫـ( .
-إﺻﻼح اﻟﻣﻧطق ﻻﺑن اﻟﺳ ّﻛﻳت )ت ٢٤٤ﻫـ( .
-أدب اﻟﻛﺎﺗب ﻻﺑن ﻗﺗﻳﺑﺔ )ت ٢٧٦ﻫـ( .
-درة اﻟﻐواص ﻓﻲ أوﻫﺎم اﻟﺧواص ﻟﻠﺣرﻳري )ت ٥١٦ﻫـ( .
-ﻟﺣن اﻟﻌوام ﻷﺑﻲ ﺑﻛر اﻟزﺑﻳدي )ت ٣٧٩ﻫـ( .
-ﺗﺛﻘﻳف اﻟﻠﺳﺎن ﻷﺑﻲ ﻣﻛﻲ اﻟﺻﻘﻠﻲ ) ت ٥٠١ﻫـ( .
-اﻟﺟﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ إزاﻟﺔ اﻟرطﺎﻧﺔ ﻻﺑن اﻹﻣﺎم ) ت ٨٢٧ﻫـ( .
ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ زﻣن اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
...وﻣﻊ ﺑداﻳﺎت اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر اﻟﻣﻳﻼدي،
واﺣﺗدام اﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت اﻟداﺧﻠﻳﺔ واﻟﺧﺎرﺟﻳﺔ ،اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﻳﺔ ،ﻓﻲ اﻟوطن
اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻋﺎدت ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﺗواﺟﻪ اﻟراﻏﺑﻳن ﻓﻲ اﻟﻧﻬوض ﺑﺎﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
وﻟﻐﺗﻬﺎ اﻟﻔﺻﺣﻰ ﻓﻲ ﺻورة ﺟدﻳدة وﺻﻳﻎ ﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ ،ﻗد ﻻ ﻳﺧﻠو ﺑﻌﺿﻬﺎ
ﻣن اﻟﺑراءة واﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﺣﺎق ﺑﺎﻟﻣوﻛب اﻟﻐرﺑﻲ ،ﻋﻠﻰ أي ﻧﺣو ،وﻟﻛن
اﻟﺳﻳﺋﺔ ﻣن ﺟواﻧﺑﻪ ﺟﻣﻳﻌﺎً.
ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻵﺧر ﻣﺳﻣوم ،ﺗﻔوح اﻟﻧواﻳﺎ ّ
..ﻛﺎﻧت ﻫﻧﺎﻟك دﻋوات إﻟﻰ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ،ودﻋوات أﺧرى إﻟﻰ
)(١٦
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق – ص ٧٤
٩٦
اﺳﺗﺑداﻝ اﻷﺣرف اﻟﻼﺗﻳﻧﻳﺔ ﺑﺎﻟﺣروف اﻟﻌرﺑﻳﺔ .وﻛﺎﻧت ﺛﻣﺔ دﻋوة إﻟﻰ
اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻳﺔ اﻟﻣﺻرﻳﺔ ،أي :ﺗﻣﺻﻳر اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣد ﺗﻌﺑﻳر
اﻟدﻛﺗور اﺑراﻫﻳم ﻛﻳﻼﻧﻲ) .(١٧وﻫو ﻳرى أن ﻣﺟﻠﺔ "اﻟﻣﻘﺗطف" ﻛﺎﻧت
ﺻﺎﺣﺑﺔ اﻟدﻋوة اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻣﺻر – ﻋﻧدﻣﺎ دﻋت ﻋﺎم ١٨٨١رﺟﺎﻝ
اﻟﻔﻛر واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟﻌﻠوم ﺑﺎﻟﻠﻬﺟﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ،ﻓﻠم ﺗﻠق ﻫذﻩ اﻟدﻋوة
ﻗﺑوﻻً.
ﺛم أﺛﻳرت ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻣن ﺟدﻳد ﻋﺎم ١٩٠٢ﺣﻳن زﻋم
"وﻟﻣور" أﺣد اﻟﻘﺿﺎة اﻻﻧﻛﻠﻳز ﻓﻲ ﻣﺻر أن اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻟﻐﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻋن
اﻟﻌرﺑﻳﺔ .ووﺿﻊ ﻛﺗﺎﺑﺎً ﻋﻧواﻧﻪ "ﻟﻐﺔ اﻟﻘﺎﻫرة" وذﻫب إﻟﻰ ﺣد وﺿﻊ ﻗواﻋد
ﻟﻬﺎ ،ودﻋﺎ اﻟﻧﺎس إﻟﻰ اﺗﺧﺎذﻫﺎ ﻟﻐﺔ اﻟﻌﻠم واﻷدب ،ﻓﺛﺎرت ﺿﺟﺔ وﻫﺎﺟﻣت
اﻟﺻﺣف دﻋوة ﻫذا اﻷﺟﻧﺑﻲ اﻟﺗﻲ ﻗﺻد ﺑﻬﺎ ﺗﻬدﻳم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ .وﻳظن
اﻟدﻛﺗور ﻛﻳﻼﻧﻲ أن ﺣﺎﻓظ إﺑراﻫﻳم ﻧظم ﻗﺻﻳدﺗﻪ اﻟﺷﻬﻳرة "اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
ﺗﺗﺣدث ﻋن ﻧﻔﺳﻬﺎ" ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ:
وﻧﺎدﻳت ﻗوﻣﻲ ﻓﺎﺣﺗﺳﺑت ﺣﻳﺎﺗﻲ رﺟﻌت ﻟﻧﻔﺳﻲ ﻓﺎﺗﻬﻣت ﺣﺻﺎﺗﻲ
)(١٧
ﺷﺧﺻــﻳﺎت وﺻــور أدﺑﻳــﺔ – ﺗــﺄﻟﻳف د .إﺑ ـراﻫﻳم اﻟﻛﻳﻼﻧــﻲ – دار طــﻼس ﺑدﻣﺷــق – - ١٩٩٣ص
١٢٣
٩٧
أﻧﺎة ﺑﻐﻳر ﻳدﻧﻳﻧﻲ اﻟﻘﺑر ﻣن ﻣزﻟﻘًﺎ ﺑﺎﻟﺟراﺋد ﻳوم ﻛﻝ أرى
)(١٨
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص .١٢٤
٩٨
ﻣﺟﻠﺗﻲ "اﻟرﺳﺎﻟﺔ" و "اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ" أو ﻛﺗﺑﻪ اﻟﻬﺎﻣﺔ :ﻓﺟر اﻹﺳﻼم ،ﺿﺣﻰ
اﻹﺳﻼم ،ظﻬر اﻹﺳﻼم...إﻟﺦ.
ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻷﺛﻧﺎء ﻗﺎم اﻧﻛﻠﻳزي آﺧر ﻳدﻋﻰ وﻟﻳﺎم وﻟﻛوﻛس ﻋﺎم ١٩٢٦
ﺑﺗﺟدﻳد اﻟدﻋوة إﻟﻰ اﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻋن اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰ ،ﻣﻘدﻣﺎً ﻧﻣوذﺟﺎً ﻟذﻟك
ﺗرﺟﻣﺗﻪ أﺟزاء ﻣن "اﻹﻧﺟﻳﻝ" إﻟﻰ ﻣﺎ أﺳﻣﺎﻩ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻣﺻرﻳﺔ!
اﻟدﻋوة إﻟﻰ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑﺣروف ﻻﺗﻳﻧﻳﺔ
وﻋﺎم ١٩٤٤ﻓﻲ أﺛﻧﺎء اﻧﻌﻘﺎد ﻣؤﺗﻣر اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻊ ﻓؤاد
اﻷوﻝ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫرة ،ﻗدم ﻋﺑد اﻟﻌزﻳز ﻓﻬﻣﻲ "ﺑﺎﺷﺎ" اﻗﺗراﺣﻪ أن ﺗﻛﺗب اﻟﻌرﺑﻳﺔ
ﺑﺣروف ﻻﺗﻳﻧﻳﺔ ،ﻣﺑر اًر دﻋوﺗﻪ ﺑﺄن اﻟﻠﻐﺔ "ﻛﺎﺋن ﻛﺎﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺣﻳﺔ اﻷﺧرى،
ﻳﻧﻣو وﻳﻬرم وﻳﻣوت ﻣﺧﻠﻔﺎً ﻣن ﺑﻌدﻩ ذرﻳﺔ ﻣﺗﺷﻌﺑﺔ اﻷﻓراد" ﺛم ﻳﻧﺗﻘﻝ إﻟﻰ
اﻟﺣدﻳث ﻋﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ اﻟﺗطور ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻼﺗﻳﻧﻳﺔ ﻟﻐﺔ اﻹﻣﺑراطورﻳﺔ اﻟروﻣﺎﻧﻳﺔ
اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺿم اﻟﺷﻌوب اﻷوروﺑﻳﺔ اﻟﻼﺗﻳﻧﻳﺔ "ﻓﺄﺗﻰ ﻋﻠﻳﻬﺎ اﻟﺗطور
)(١٩
ﻓﺎﺷﺗُﻘﱠت ﻣﻧﻬﺎ اﻹﻳطﺎﻟﻳﺔ واﻟﻔرﻧﺳﻳﺔ واﻹﺳﺑﺎﻧﻳﺔ وﻏﻳرﻫﺎ"
وﻫداﻩ ﺗﻔﻛﻳرﻩ إﻟﻰ ﻧﺻﺢ اﻟﻌرب ﺑﺄن ﻳﺣذوا ﺣذو اﻷﺗراك ﺣﻳن ﻛﺗﺑوا
ﺑﺎﻟﺣروف اﻟﻼﺗﻳﻧﻳﺔ.
ﻓﻲ رد اﻷﺳﺗﺎذ ﻣﺣﻣد ﻛرد ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟدﻋوة ﺗﺳﺎءﻝ" :ﻣﺎذا ﻳﻛون
ﻣﺻﻳر ﻫذا اﻟﻧﺗﺎج اﻟﻔﻛري اﻟﻌرﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟذي أودﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﻣر
اﻟﻌﺻور ﻋظﻣﺎء وﻣﻔﻛرو اﻟﻣﺳﻠﻣﻳن ﻛﺗﺑﻬم وآﺛﺎرﻫم اﻟﻣطﺑوﻋﺔ
)(١٩
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ص .١٢٥
٩٩
واﻟﻣﺧطوطﺔ؟!"
اﻷﺗراك ﺣﻳن اﻋﺗﻣدوا اﻟﺣروف اﻟﻼﺗﻳﻧﻳﺔ "ﻗطﻌوا ﻛﻝ ﺻﻠﺔ ﺑﻳﻧﻬم وﺑﻳن
ﻣﺎﺿﻳﻬم" وﻋﻣر ﻫذا اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻻ ﻳزﻳد ﻋﻠﻰ ﺳﺗﻣﺋﺔ ﺳﻧﺔٕ " .واذا ﻋﻣﻠﻧﺎ
ﻋﻣﻝ اﻷﺗراك ﻧﻘﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﺗراث ﻋﻠﻣﻲ وأدﺑﻲ ودﻳﻧﻲ دام ﻣطرداً ﺧﻣﺳﺔ
ﻋﺷر ﻗرﻧﺎً ،ﻣﻣﺎ ﻟم ُﻳ ْﻌﻬَد ﻷﻣﺔ ﻣﺛﻠﻪ إﻻ إذا ﺻﺢ ﻣﺎ ﻧﻘﻝ ﻋن ﻗدم اﻟﻣدﻧﻳﺔ
اﻟﺻﻳﻧﻳﺔ).(٢٠
ﻣﺎﻫﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ؟
وﻟﻛن ..ﺑﻌد ﻛﻝ ﻣﺎ ﺗﻘدم ،ﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ؟ وﻣﺎ اﻟذي ﻳﻣﻳزﻫﺎ ﻋن
اﻟﻔﺻﺣﻰ؟
ﻓﻲ ﻛﺗﺎب أﻧور اﻟﺟﻧدي "اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﺑﻳن ﺧﺻوﻣﻬﺎ وﺣﻣﺎﺗﻬﺎ"
ﻳﻌرض آراء ﻋدد ﻣن اﻟﻛﺗﺎب واﻟﺑﺎﺣﺛﻳن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ،ﺑﻳﻧﻬم اﻷب
ﺷﻳﺧو اﻟذي وﺻﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺧﻠو ﻣن ﻛﻝ ﺗﺻرﻳف ٕواﻋراب وﺗرﻛﻳب ﺟﻣﻝ
ﻓﺿﻼً ﻋﻣﺎ ﻓﻳﻬﺎ ﻣن أﻏﻼط اﻹﻣﻼء .وﻗﺎﻝ إﺑراﻫﻳم ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر اﻟﻣﺎزﻧﻲ
إن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺿﺑط ٕواﺻﻼح وﺗوﺳﻳﻊ ٕواﻏﻧﺎء.
وذﻛر ﺟرﺟﻲ زﻳدان ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﻣﺗﺎز ﺑرﻛﺎﻛﺔ ﻋﺑﺎراﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻓﻳﻬﺎ ﻣن
اﻷﻟﻔﺎظ اﻷﻋﺟﻣﻳﺔ).(٢١
ﻋﻠﻰ أن أوﻓﻰ ﺗﻌرﻳف ﺑﻣﺎﻫﻳﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ .ﻫذا اﻟذي ﺟﺎء ﺑﻪ ﻋﻠﻲ
)(٢٠
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ص ١٣٠
)(٢١
اﻟﻠﻐــﺔ اﻟﻌرﺑﻳــﺔ ﺑــﻳن ﺣﻣﺎﺗﻬــﺎ وﺧﺻــوﻣﻬﺎ – ﺗــﺄﻟﻳف :اﻧــور اﻟﺟﻧــدي – ﻣطﺑﻌــﺔ اﻟرﺳــﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻘــﺎﻫرة – دون
ﺗﺎرﻳﺦ – ص .٢٣٦
١٠٠
ﻋﺑد اﻟواﺣد واﻓﻲ ﺣﻳن ﻗﺎﻝ" :اﻧﻬﺎ ﻟﻐﺔ ﻓﻘﻳرة ﻛﻝ اﻟﻔﻘر ﻓﻲ ﻣﻔرداﺗﻬﺎ .وﻻ
ﻳﺷﺗﻣﻝ ﻣﺗﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻛﺛر ﻣن اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﺿرورﻳﺔ ﻟﻠﺣدﻳث اﻟﻌﺎدي ،وﻫﻲ
إﻟﻰ ذﻟك ﻣﺿطرﺑﺔ ﻛﻝ اﻻﺿطراب ﻓﻲ ﻗواﻋدﻫﺎ وأﺳﺎﻟﻳﺑﻬﺎ وﻣﻌﺎﻧﻲ
أﻟﻔﺎظﻬﺎ وﺗﺣدﻳد وظﺎﺋف اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻓﻲ ﺟﻣﻠﻬﺎ ،ورﺑط اﻷﻟﻔﺎظ واﻟﺟﻣﻝ
ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺑﺑﻌض)"(٢٢
ﻏﻳر أن اﻟدﻛﺗور ﺟﻣﻳﻝ ﻋﻠوش ﺟﻣﻊ ﻣن ﺻﻔﺎت اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ،وﻣﺎ ﻓﻳﻬﺎ
ﻣن ﻋﻳوب ﻛﺑﻳرة ﺗﺟﻌﻝ اﻟﺧرق ﻳﺗﺳﻊ ﻋﻠﻰ اﻟراﻗﻊ ،ﻣﺎ ﻳﻛﻔﻲ ﻹﺻدار ﺣﻛم
ﻣطﻠق ﺑﺎﻹﻋدام ﻋﻠﻳﻬﺎ .وﺧﻼﻝ ذﻟك أﺣﺎط ﺑﺟواﻧب ﺗﻬﺎﻓﺗﻬﺎ وﻣﻘﺎﺗﻠﻬﺎ
اﻟﻣوﻟد،
ﺟﻣﻳﻌﺎً .ﻓﻬو ﻳﺿﻳف إﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﻘدم " ﻗﺑوﻝ – اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ – اﻟدﺧﻳﻝ و ّ
واﻗﺗراف اﻟﻠﺣن ،وﺿﻌف اﻟﺗﺄﻟﻳف ،وﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻘﻳﺎس ،واﻹﺧﻼﻝ ﺑﻧطق
اﻟﻛﻠﻣﺎت اﺧﺗﻼﺳﺎً أو ﻣطﻠﻘﺎً أو ﺣذﻓﺎً ،واﻟﺗﺻرف ﺑﺣرﻛﺎت ﺑﻧﺎء اﻟﻛﻠﻣﺔ،
إﻟﻐﺎء ﺗﺎﻣﺎً إﻟﻰ ﻏﻳر ذﻟك ﻣن
ً وﺗﺳﻛﻳن أواﺧر اﻷﻟﻔﺎظٕ ،واﻟﻐﺎء اﻹﻋراب
وﺗﺷوﻩ ﺟﻣﺎﻟﻪ ،وﺗﻘطﻊ ﺻﻠﺗﻪّ ﺷواﺋب ﺗﻣس ﺻﺣﺔ اﻟﻛﻼم اﻟﻌرﺑﻲ،
ﺑﺎﻟﻔﺻﺣﻰ").(٢٣
)(٢٢
ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ – ﻋﻠﻲ ﻋﺑد اﻟواﺣد واﻓﻲ – دار ﻧﻬﺿﺔ ﻣﺻر ﺑﺎﻟﻘﺎﻫرة – دون ﺗﺎرﻳﺦ – ص .١٥١
)(٢٣
ﻣﺟﻠﺔ اﻟوﺣدة – اﻟﻌدد – ٣٤ ،٣٣ص .٧٥
١٠١
اﻷﺿداد . .ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
) (١
اﻟﻠﻐــﺔ وﻣﻌﺎﺟﻣﻬــﺎ ﻓــﻲ اﻟﻣﻛﺗﺑــﺔ اﻟﻌرﺑﻳــﺔ .ﺗــﺄﻟﻳف :د .ﻋﺑــد اﻟﻠطﻳــف اﻟﺻــوﻓﻲ – دار طــﻼس – – ١٩٨٦
ص .٣٤
) (٢
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق – ص ٣٥
) (٣
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق – ص ٣٧
١٠٢
ﺗﻧظﻳم "ﻷن اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻛﺎﻧت ﺗﺗﺟﻪ أوﻻً إﻟﻰ اﻟﺟﻣﻊ واﻟﺗدوﻳن دون ﻏﻳرﻩ ،ﺧوﻓﺎً
ﻋﻠﻰ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻣن اﻟﻐرﻳب اﻟدﺧﻳﻝ") (٤وﻋرﻓت اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ ﻗد اًر أﻛﺑر
ﻣن اﻟﺗﻧظﻳم ،ﻛﺟﻣﻊ اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﺗرك ﻓﻲ ﺣرف واﺣد أو اﻟﺗﻲ ﺗرﺗﺑط
ﺑراﺑطﺔ اﻷﺿداد .وﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ وﺿﻌت اﻟﻣﻌﺟﻣﺎت اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ
اﻟﻣﻧظﻣﺔ ،واﻋﺗﻣد ﻣؤﻟﻔوﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻛﺗب ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺗﻳن اﻟﺳﺎﺑﻘﺗﻳن ،ﻓﺟﻣﻌوا
وأﺿﺎﻓوا ورﺗﺑوا وﻧﺳﻘوا.
وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻷﺛﻧﺎء ظﻬرت ﻛﺗب اﻷﺿداد وﻫﻲ "اﻟﺗﻲ ﺟﻣﻌت أﻟﻔﺎظﺎً
ﺗﺄﺧذ ﻣﻌﻧﻳﻳن ﻣﺗﺿﺎدﻳن ،ﺑﺣﻳث ﻳﻣﻛن اﺳﺗﺧدام ﻛﻝ ﻟﻔظﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﻟﻣﻌﻧﻳﻳن
ﻣﺗﻧﺎﻓرﻳن ،إذ أن ﻛﻝ ﻟﻔظﺔ ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺷﻲء وﺿ ﱠدﻩ").(٥
وﺑﻳن اﻟذﻳن وﺿﻌوا ﻣﻌﺟﻣﺎت اﻷﺿداد :اﻷﺻﻣﻌﻲ ،واﻟﺳﺟﺳﺗﺎﻧﻲ،
واﺑن اﻟﺳ ّﻛﻳت وﻗطرب ،وأﺑو اﻟطﻳب اﻟﻠﻐوي ،واﺑن اﻟدﻫﺎن واﻟﺻﻐﺎﻧﻲ،
واﺑن اﻷﻧﺑﺎري .وﻗد ﻗﺎم اﻟﻣﺳﺗﺷرق أوﻏﺳت ﻫﻔﻧر ﺑﺗﺣﻘﻳق:
-اﻷﺿداد – ﺗﺄﻟﻳف اﻷﺻﻣﻌﻲ" .ت – ٢١٥ﻫـ" .
-اﻷﺿداد – ﺗﺄﻟﻳف اﺑن اﻟﺳ ّﻛﻳت "ت – ٢٤٤ﻫـ" .
اﻷﺿداد – ﺗﺄﻟﻳف اﻟﺳﺟﺳﺗﺎﻧﻲ "ت – ٢٥٥ﻫـ" . -
-وﻧﺷرﺗﻬﺎ ﻣﻌﺎً ﻓﻲ ﺑﻳروت ﺳﻧﺔ ١٩١٣م دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ.
وﻧﺷر ﻫﻔﻧر أﻳﺿﺎً ﻛﺗﺎب اﻟﺻﻐﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻷﺿداد ﻓﻲ اﻟﺳﻧﺔ ذاﺗﻬﺎ وﺟﻌﻠﻪ
ذﻳﻼً ﻟﻠﻛﺗب اﻟﺛﻼﺛﺔ .
أﻣﺎ ﻛﺗﺎب ﻗطرب "اﻷﺿداد" ﻓﻘد ﺣﻘﻘﻪ اﻟﻣﺳﺗﺷرق ﻫﺎﻧس ﻛوﻓﻠر وﻧﺷرﻩ
) (٤
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ – ص ٣٨
) (٥
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ – ص ٦٧
١٠٣
)(٦
ﻋﺎم ١٩٣١ﻓﻲ ﻣﺟﻠﺔ " "ISLAMICAاﻟﻣﺟﻠد اﻟﺧﺎﻣس.
وﺣﻘق اﻟدﻛﺗور ﻋزة ﺣﺳن ﻛﺗﺎب أﺑﻲ اﻟطﻳب اﻟﻠﻐوي" :اﻷﺿداد ﻓﻲ ﻛﻼم
اﻟﻌرب" وﻧﺷرﻩ اﻟﻣﺟﻣﻊ اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ﺑدﻣﺷق ﻋﺎم ١٣٨٢ﻫـ ١٩٦٣ -م.
وﺗوﻟﻰ ﺗﺣﻘﻳق ﻛﺗﺎب اﺑن اﻟدﻫﺎن "اﻷﺿداد ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ" ﻣﺣﻣد آﻝ ﻳﺎﺳﻳن
وﻧﺷرﺗﻪ ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻧﻬﺿﺔ ﻓﻲ ﺑﻐداد ط ٢ﺳﻧﺔ ١٣٨٢ﻫـ ١٩٦٣م.
أﻣﺎ ﻛﺗﺎب اﻷﺿداد ﻻﺑن اﻻﻧﺑﺎري) (٧ﻣﺣﻣد ﺑن اﻟﻘﺎﺳم ،ﻓﻘد ﺻدر ﻓﻲ طﺑﻌﺔ
ﺣدﻳﺛﺔ أوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫرة ﺳﻧﺔ ١٣٢٥ﻫـ "اﻋﺗﻧﻰ ﺑﺿﺑطﻬﺎ ﺑﺎﻟﺷﻛﻝ وﺗﺻﺣﻳﺣﻬﺎ –
ﺣﺿرة – ﻣﻠﺗزم طﺑﻌﻬﺎ اﻟﺷﻳﺦ ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺳﻌﻳد اﻟراﻓﻌﻲ ،ﺻﺎﺣب اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ
اﻷزﻫرﻳﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺷﻳﺦ أﺣﻣد اﻟﺷﻧﻘﻳطﻲ ﺑﻌد ﻣﻘﺎﺑﻠﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺳﺧﺔ ﻗدﻳﻣﺔ
ﻣن ﺧط اﻟﻣؤﻟف – ﻳﻌﻧﻲ :اﺑن اﻷﻧﺑﺎري").(٨
وﺻدر ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب أﻳﺿﺎً ﻓﻲ اﻟﻛوﻳت ،ﻣن ﺗﺣﻘﻳق "أﺑو اﻟﻔﺿﻝ اﺑراﻫﻳم"
– اﻟﺗراث اﻟﻌرﺑﻲ ﻋﺎم .١٩٦٠وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﺳﻧﻌﺗﻣد اﻟﻛﺗﺎب اﻷوﻝ
) (٦
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ – ص ٦٨
) (٧
اﺑـن اﻷﻧﺑــﺎري ) ٣٢٨- ٢٧١ﻫـ ـ=٩٤٠ – ٨٨٤م ( :ﻣﺣﻣــد ﺑـن اﻟﻘﺎﺳــم ﺑــن ﻣﺣﻣـد ﺑــن ﺑﺷـﺎر ،أﺑــو ﺑﻛــر
اﻷﻧﺑــﺎري ،ﻣــن أﻋﻠــم أﻫــﻝ زﻣﺎﻧــﻪ ﻓــﻲ اﻷدب واﻟﻠﻐــﺔ ،وﻣــن أﻛﺛــر اﻟﻧــﺎس ﺣﻔظـﺎً ﻟﻠﺷــﻌر واﻷﺧﺑــﺎر ﻗﻳــﻝ :ﻛــﺎن
ﻳﺣﻔظ ﺛﻼﺛﻣﺋﺔ أﻟف ﺷﺎﻫد ﻓﻲ اﻟﻘرآن .وﻟد ﻓﻲ "اﻷﻧﺑﺎر" ﻋﻠـﻰ اﻟﻔـرات وﺗـوﻓﻲ ﺑﺑﻐـداد .وﻛـﺎن ﻳﺗـردد إﻟـﻰ أوﻻد
اﻟﺧﻠﻳﻔﺔ اﻟراﺿﻲ ﺑﺎﷲ ﻳﻌﻠﻣﻬم .ﻣن ﻛﺗﺑﻪ )اﻟ ازﻫـر( ﻓـﻲ اﻟﻠﻐـﺔ و)ﺷـرح اﻟﻘﺻـﺎﺋد اﻟﺳـﺑﻊ اﻟطـواﻝ اﻟﺟﺎﻫﻠﻳـﺎت( و
)إﻳﺿﺎح اﻟوﻗف واﻹﺑﺗداء ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﷲ ﻋز وﺟﻝ( و)اﻟﻬﺎءات( و)ﻋﺟﺎﺋب ﻋﻠوم اﻟﻘـرآن( و)ﺷـرح اﻷﻟﻔـﺎت(
– رﺳﺎﻟﺔ ﻧﺷرت ﻓﻲ ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺟﻣﻊ ﺑدﻣﺷق .و)ﺧﻠـق اﻹﻧﺳـﺎن( و)اﻷﻣﺛـﺎﻝ( و)اﻷﺿـداد( وأﺟـﻝ ﻛﺗﺑـﻪ – ﻓـﻲ
رأي اﻟزرﻛﻠﻲ – ) ﻏرﻳب اﻟﺣـدﻳث ( ﻗﻳـﻝ إﻧـﻪ ﺧﻣﺳـﺔ وأرﺑﻌـون أﻟـف ورﻗـﺔ .وﻟـﻪ ) اﻷﻣـﺎﻟﻲ ( ﻋـن "اﻷﻋـﻼم"
ﻟﺧﻳر اﻟدﻳن اﻟزرﻛﻠﻲ – اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ١٩٨٠دار اﻟﻌﻠم ﻟﻠﻣﻼﻳﻳن – اﻟﻣﺟﻠد اﻟﺳﺎدس – ص .٣٣٤
) (٨
اﻷﺿداد ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ .ﺗﺄﻟﻳف :ﺗﺎج اﻟﻠﻐﺔ ﻣﺣﻣد ﺑن اﻟﻘﺎﺳم ﻣﺣﻣد ﺑن ﺑﺷـﺎر اﻷﻧﺑـﺎري اﻟﻧﺣـوي – اﻟﻣطﺑﻌـﺔ
اﻟﺣﺳﻳﻧﻳﺔ اﻟﻣﺻرﻳﺔ ﺑﻛﻔر اﻟطﻣﺎﻋﻳن ﺑﻣﺻر – أواﺧر ﺷﻬر ﺷﻌﺑﺎن ١٣٢٥ﻫﺟرﻳﺔ .
١٠٤
اﻟذي ﺣﻘﻘﻪ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺷﻧﻘﻳطﻲ.
وﺟﻬﺔ ﻧظر ﻓﻲ ﺗﻔﺳﻳر "اﻷﺿداد"
ﻳﻘوﻝ د .ﻣراد ﻛﺎﻣﻝ ﻓﻲ ﺗﻘدﻳﻣﻪ ﻛﺗﺎب "اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻠﻐوﻳﺔ واﻷﻟﻔﺎظ
اﻟﻌرﺑﻳﺔ" ﻟﺟرﺟﻲ زﻳدان ﻓﻲ طﺑﻌﺔ ﺟدﻳدة)" :(٩ﻓﻲ أواﺋﻝ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﻳن
اﺳﺗطﺎع "ﻣورﻳس ﺟراﻣون" و"أﻧطون ﻣﻳﻳﻪ" و"ﺟوزﻳف ﻓﻧدرﻳﺳﻝ" أن ﻳﺛﺑﺗوا
أن اﻟﺗﻐﻳرات اﻟﺻوﺗﻳﺔ وﻏﻳرﻫﺎ ﻣن اﻟﺗﻐﻳرات اﻟﻠﻐوﻳﺔ ،ﻻﻳﻣﻛن اﻟﻘوﻝ إﻧﻬﺎ
ﻣﻣﺎﺛﻠﺔ ﻟﻠﺗﻐﻳرات اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟطﺑﻳﻌﻲ ،ﻛﻣﺎ ذﻫب ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻠﻐﺔ
ﺧﻼﻝ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ،وﻟﻛﻧﻬﺎ ﺗدﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺎﻋﻝ ﺑﻳن اﻟدواﻓﻊ اﻟﻧﻔﺳﻳﺔ
اﻟﻔﻳزﻳوﻟوﺟﻳﺔ ،وﺑﻳن ﻧظﺎم اﻟﻠﻐﺔ اﻟذي ﺗط أر ﻋﻠﻳﻪ اﻟﺗﻐﻳرات .واﻟﺗﻐﻳرات ﺗﺣدث
ﻓﻲ اﻷﻓراد ﻓﻲ اﻟﻼﺷﻌور أو ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣش اﻟﺷﻌور").(١٠
ﻳدﺧﻝ "اﻟﺗﺿﺎد" ﻓﻲ ﺻﻣﻳم ﻫذﻩ اﻟﺗﻐﻳرات اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻓﻲ اﻷﻓراد ﻋﻠﻰ
ﺻﻌﻳد اﻟﻼﺷﻌور .ﻓﺈن رؤﻳﺔ اﻟﺷﻲء أو اﻟﺣرﻛﺔ ،ﻗد ﺗﺳﺗدﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ
ﺿدﻫﺎ .وﻫذا ﻣﺎ ﻳﻔﺳرﻩ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس ﻓﻲ دراﺳﺗﻪ ﺗداﻋﻲ ذاﺗﻬﺎ ﺿدﻩ أو ّ
اﻷﻓﻛﺎر ،ﻓﻘد ﺟﻌﻝ ﻟذﻟك ﻗﺎﻧوﻧﺎً ﺑﺛﻼﺛﺔ ﺑﻧود:
-اﻟﺗداﻋﻲ ﺑﺎﻻﻗﺗران "اﻗﺗران ﺷﻲء ﺑﺷﻲء" .
-اﻟﺗداﻋﻲ ﺑﺎﻟﺗﺷﺎﺑﻪ "ﻓﻼن ﻳﺷﺑﻪ ﻓﻼﻧﺎً" .
-اﻟﺗداﻋﻲ ﺑﺎﻟﺗﺿﺎد "أﺑﻳض أﺳود" .
وﻟﻛن اﻟﺗﺿﺎد اﻟﻬﺎم ﺟداً ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻫو ذاك اﻟذي ﻳﺟﻌﻝ
اﻟﻣﻌﻧﻳﻳن اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﻳن – وأﺣﻳﺎﻧﺎً :ﻋدة ﻣﻌﺎن – ﻛﺎﻣﻧﻳن ﻓﻲ ﻗﻠب اﻟﻛﻠﻣﺔ
ﻓﺎﻟﺟ ْون" ﺗﻌﻧﻲ اﻷﺑﻳض واﻷﺳود و"اﻟﻘَﻧﻳص" ﻟﻠﺻﺎﺋد واﻟﻣﺻﻳد اﻟواﺣدة " َ
) (٩
دار اﻟﺣداﺛﺔ – ﻟﺑﻧﺎن – ﺑﻳروت – اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ .١٩٨٢
)(١٠
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق – ص .٨
١٠٥
ِ
اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر .و"اﻟطرب" ﻟﻠﻔرح واﻟﺣزن .وﻫذا ﻣﺎ ﻳؤﻛد ﻟﻠﻣﺳﺗﺄﺟر و
َ و"اﻟﻛري"
أن اﻟﻌﻘﻝ اﻟﻌرﺑﻲ ﻫو ﻓﻲ طﺑﻳﻌﺗﻪ ﻏﻳر ﺳﻛوﻧﻲ .ﺑﻝ ﻫو ﺟدﻟﻲ
.dialectical
)(١١
إن اﻟدﻛﺗور ﻋﺑد اﻟﻛرﻳم اﻟﻳﺎﻓﻲ ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻓرﻳدة ﻟﻪ ﻋن أﺑﻲ ﺗﻣﺎم
ﻳﺳﺗﺧرج ﻣن ﺑﻌض ﺷﻌرﻩ ﻣن اﻷﺿداد ﻣﺎ ﻳﺣﻣﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘوﻝ إن اﻟﺗﺿﺎد
ﻫو أﺳﺎس اﻟﺗﻔﻛﻳر ﻋﻧدﻩ.
وﻳرى أﻳﺿﺎً أن أﺑﺎ ﺗﻣﺎم "ﻳرى ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﺗﺿﺎد أن اﻟﺣرﻛﺔ ﻫﻲ
اﻷﺻﻝ ﻓﻲ ُﺣ ْﺳن اﻟطﺑﻳﻌﺔ وﺟﻣﺎﻝ اﻷرض" وﻫو ﻳذﻫب أﺑﻌد ﻣن ذﻟك
ﻓﻳﻘوﻝ" :ﺣﻳن ﻧطﺎﻟﻊ ﺷﻌر أﺑﻲ ﺗﻣﺎم ﻧﺟد أﻧﻪ ﻗد ﺳﺑق ﻫﻳﻐﻝ وأﻣﺛﺎﻟﻪ ﻣن
اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺑﻌﺻور طوﻳﻠﺔ ﻓﺷق طرﻳق اﻟدﻳﺎﻟﻛﺗﻳك اﻟﻣﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﺻراع
اﻷﺿداد ،ﻓﻬو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ أﺑو اﻟﺟدﻝ اﻟﺣدﻳث".
وﻣن اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﻣوﻓﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻘدﻣﻬﺎ اﻟدﻛﺗور اﻟﻳﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎﻝ ﻗوﻝ
أﺑﻲ ﺗﻣﺎم:
ﻓﺻواب ﻣن ﻣﻘﻠﺗﻲ أن ﺗﺻوﺑﺎ ﻣن ﺳﺟﺎﻳﺎ اﻟطﻠوﻝ أﻻ ﺗﺟﻳﺑﺎ
وﻣﺟﻳﺑًﺎ ﻼ
ﺳﺎﺋ ً اﻟدﻣﻊ ﺗﺟد ﺟواﺑًﺎ ﺑﻛﺎك واﺟﻌﻝ ﻓﺎﺳﺄﻟﻧﻬﺎ
)(١١
دراﺳﺎت ﻓﻧﻳﺔ ﻓﻲ اﻻدب اﻟﻌرﺑﻲ – ﺗﺄﻟﻳف :د .ﻋﺑد اﻟﻛرﻳم اﻟﻳﺎﻓﻲ – طﺑﻌـﺔ – ١٩٧٢ص ١١٠وﻣـﺎ
ﺑﻌد .
١٠٦
ﻣن أﺳﺎﻟﻳب اﻟﺗﺿﺎد
ﻫﻧﺎﻟك أﻛﺛر ﻣن أﺳﻠوب ﻟﻠﻧﻔﻲ ﺣﺳب ﺣرﻛﺔ اﻟذﻫن ،ﻓﻳﻣﻛن أن ﻧﻘوﻝ
ﻣﺛﻼً" :طوﻳﻝ – وﻏﻳر طوﻳﻝ أو – ﻻ طوﻳﻝ" ﻛذﻟك اﻟﻘوﻝ "ﻗﺻﻳر –
ﻏﻳر ﻗﺻﻳر أو – ﻻ ﻗﺻﻳر".
وﻣﺛﻝ ذﻟك ﻗوﻟﻧﺎ" :أﺳود – ﻻ أﺳود أو – ﻏﻳر أﺳود" ﻛذﻟك اﻟﻘوﻝ:
"أﺑﻳض – ﻏﻳر أﺑﻳض أو -ﻻ أﺑﻳض".
وﻟﻛن اﻟطﺑﻳﻌﻲ أن ﻧﻘوﻝ "طوﻳﻝ وﻗﺻﻳر" و"أﺳود وأﺑﻳض" ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻧﻘوﻝ
"ﺣرﻛﺔ وﺳﻛون" و"ظﻼم وﺿﻳﺎء" وﻫﻧﺎك ﻣﻌﺟﻣﺎت ﻛﺛﻳرة اﻫﺗﻣت ﺑﻬذﻩ
اﻷﺿداد ﻓﻲ ﺑﻌض ﻓﺻوﻟﻬﺎ ،ﻫﻲ ﻣﻌﺟﻣﺎت اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﺛﻝ "ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ"
)(١٢
ﻟﻠﺛﻌﺎﻟﺑﻲ و"ﺗﻬذﻳب اﻷﻟﻔﺎظ" ﻻﺑن اﻟﺳ ّﻛﻳت و"اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻛﺗﺎﺑﻳﺔ"
ﻟﻠﻬﻣذاﻧﻲ .وﻓﻳﻪ ﻓﺻﻝ ﻋﻧواﻧﻪ "ﺑﺎب اﻷﺿداد" ﻣﻧﻪ "اﻟﻔرح واﻟﻐم .اﻟﻳﺳﺎر
اﻟدﻧو واﻟﺑﻌد .اﻹظﻬﺎر واﻟﻛﺗﻣﺎن ..إﻟﺦ".
واﻟﻔﻘر .اﻟﻣدح واﻟﺛﻠبّ .
..إﻻ أن ﻣﺎ ﻳﻌﻧﻳﻧﺎ ﻫﻧﺎ ﻫو اﺟﺗﻣﺎع اﻟﻣﻌﻧﻳﻳن أو أﻛﺛر ﻓﻲ ﻟﻔظ واﺣد،
وﻫذا ﻣﺎ اﻫﺗﻣت ﺑﻪ ﻣﻌﺟﻣﺎت اﻷﺿداد ،وﺑﻳﻧﻬﺎ ﻛﺗﺎب اﺑن اﻷﻧﺑﺎري اﻟذي
ﻧﺣن ﻓﻲ ﺻدد اﻟﺣدﻳث ﻋﻧﻪ.
ﻓﻲ ﺗﻌرﻳف اﻷﺿداد
ورد ﻓﻲ ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب أن اﻟﺿد ﻫو ﻛﻝ ﺷﻲء ﺿﺎ ﱠد ﺷﻳﺋﺎً ﻟﻳﻐﻠﺑﻪ .وورد
)(١٢
اﻷﻟﻔــﺎظ اﻟﻛﺗﺎﺑﻳــﺔ – ﺗــﺄﻟﻳف :ﻋﺑــد اﻟــرﺣﻣن ﻋﻳﺳــﻰ اﻟﻬﻣــذاﻧﻲ – ﻣطﺑﻌــﺔ اﻷﺑــﺎء اﻟﻳﺳــوﻋﻳﻳن ﻓــﻲ ﺑﻳــروت
– ١٨٩٩اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ – ص ٢٩٦
١٠٧
اﻟﺗﻌرﻳف ﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ "ﺗﺎج اﻟﻌروس") (١٣ﻟﻠزﺑﻳدي وأﺿﺎف" :اﻟﺳواد ﺿد
اﻟﺑﻳﺎض ،واﻟﻣوت ﺿد اﻟﺣﻳﺎة :ﻗﺎﻝ اﻟﻠﻳث .وﻳﻘﺎﻝ :ﻟﻘﻲ اﻟﻘوم أﺿدادﻫم
وأﻧدادﻫم أي :أﻗراﻧﻬم .وﻗﺎﻝ اﻷﺧﻔش :اﻟﻧد ﻫو اﻟﺿد واﻟﺷﺑﻪ .وﻗﺎﻝ اﺑن
اﻟﺳﻛﻳت :ﺣﻛﻰ ﻟﻧﺎ أﺑو ﻋﻣرو :اﻟﺿد ﻣﺛﻝ اﻟﺷﻲء .واﻟﺿد :ﺧﻼﻓﻪ.
وﺟﺎء ﻓﻲ "اﻟﻣﺻﺑﺎح اﻟﻣﻧﻳر") :(١٤اﻟﺿد ﻫو اﻟﻧظﻳر واﻟﻛفء .واﻟﺟﻣﻊ
ﺿﺎدﻩ( )ﻣﺿﺎدةً( إذا ﺑﺎﻳﻧﻪ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ أﺿداد .واﻟﺿد ﺧﻼﻓﻪ .و) ّ
و)اﻟﻣﺗﺿﺎدان( اﻟﻠذان ﻻﻳﺟﺗﻣﻌﺎن ﻛﺎﻟﻠﻳﻝ واﻟﻧﻬﺎر.
وأﺷﺎر اﻟﺷرﺗوﻧﻲ ﻓﻲ "أﻗرب اﻟﻣوارد") (١٥إﻟﻰ ﻣﺎ دﻋﺎﻩ "ﻟﻐﺎت اﻷﺿداد":
اﻟﻠﻐﺎت اﻟداﻟّﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻳﻳن ﻣﺗﺿﺎدﻳن ﻛﺎﻟﺿد ﻟﻠﻣﺛﻝ واﻟﻣﺧﺎﻟف.
ﻛﺗﺎب اﺑن اﻷﻧﺑﺎري
ﻫﻧﺎك إﺟﻣﺎع ﺑﻳن اﻟﺑﺎﺣﺛﻳن ﻋﻠﻰ ان ﻛﺗﺎب "اﻷﺿداد" ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﻻﺑن
اﻷﻧﺑﺎري ﻫو واﺣد ﻣن أﻫم ﻛﺗب اﻷﺿداد اﻟﻣطﺑوﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ،
وﻗد ﺟﻣﻊ ﻓﻳﻪ ﻣﺋﺗﻳن وﺛﻼﺛﺔوﺗﺳﻌﻳن ﻟﻔظﺎً ﻣن أﻟﻔﺎظ اﻷﺿداد .وﻫﻧﺎك ﻣن
ﻳﻘوﻝ إﻧﻬﺎ ﺛﻼﺛﻣﺋﺔ).(١٦
وﻫو ﻳﺳﺗﻬﻝ ﻛﺗﺎﺑﻪ ﺑﺗﺑﻳﺎن اﻟﻐرض ﻣن ﺗﺄﻟﻳﻔﻪ ﻗﺎﺋﻼً" :وﻗد ﺟﻣﻊ ﻗوم ﻣن أﻫﻝ
ﺻﻧﻔوا ﻓﻲ إﺣﺻﺎﺋﻬﺎ ﻛﺗﺑﺎً
اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺣروف – ﻳﻌﻧﻲ :اﻟﻛﻠﻣﺎت – اﻟﻣﺗﺿﺎدةّ .
)(١٣
ﺗــﺎج اﻟﻌــروس ﻣــن ﺟـواﻫر اﻟﻘــﺎﻣوس ﻟﻠﺳــﻳد ﻣﺣﻣــد ﻣرﺗﺿــﻰ اﻟﺣﺳــﻳﻧﻲ اﻟزﺑﻳــدي – ﺗﺣﻘﻳــق اﻟــدﻛﺗور ﻋﺑــد
اﻟﻌزﻳز ﻣطر – ﻣطﺑﻌﺔ ﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻛوﻳت – ١٩٧٠اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻣن – ص ٣١٠
)(١٤
اﻟﻣﺻﺑﺎح اﻟﻣﻧﻳر – ﺗﺄﻟﻳف :اﺣﻣـد ﻣﺣﻣـد ﺑـن ﻋﻠـﻲ اﻟﻔﻳـوﻣﻲ اﻟﻣﻘـري – اﻟﻣﻛﺗﺑـﺔ اﻟﻌﺻـرﻳﺔ – ﺻـﻳدا –
اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ – ١٩٩٧ص ١٨٦
)(١٥
أﻗــرب اﻟﻣ ـوارد ﻓــﻲ ﻓﺻــﺢ اﻟﻌرﺑﻳــﺔ واﻟﺷ ـوارد – ﺗــﺄﻟﻳف :ﺳــﻌﻳد اﻟﺧــوري اﻟﺷ ـرﺗوﻧﻲ – ﻣطﺑﻌــﺔ ﻣرﺳــﻠﻲ
اﻟﻳﺳوﻋﻳﺔ ﺑﺑﻳروت ﺳﻧﺔ ١٨٨٩ص ٦٧٩
)(١٦
اﻟﻠﻐﺔ وﻣﻌﺎﺟﻣﻬﺎ -ﺗﺄﻟﻳف :ﻋﺑد اﻟﻠطﻳف اﻟﺻوﻓﻲ – ص ٧١
١٠٨
ﻧظرت ﻓﻳﻬﺎ ﻓوﺟدت ﻛﻝ واﺣد ﻣﻧﻬم أﺗﻰ ﻣن اﻟﺣروف – اﻟﻛﻠﻣﺎت –
ﺑﺟزء ،وأﺳﻘط ﻣﻧﻬﺎ ﺟزءاً .وأﻛﺛرﻫم أﻣﺳك ﻋن اﻻﻋﺗﻼﻝ ﻟﻬﺎ ،ﻓرأﻳت أن
أﺟﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻧﺎ ﻫذا ﻋﻠﻰ َﺣ َﺳب ﻣﻌرﻓﺗﻲ وﻣﺑﻠﻎ ﻋﻠﻣﻲ ،ﻟﻳﺳﺗﻐﻧﻲ ﻛﺎﺗﺑﻪ
واﻟﻧﺎظر ﻓﻳﻪ ﻋن اﻟﻛﺗب اﻟﻘدﻳﻣﺔ اﻟﻣؤﻟﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﺛﻝ ﻣﻌﻧﺎﻩ").(١٧
وﻛﺎن ﻗﺑﻝ ذﻟك ،ﻗد ﻋرض وﺟﻬﺔ اﻟﻧظر اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎرض ﻓﻛرة اﻷﺿداد
أن ﻳﻛون اﻟﺣرف – اﻟﻛﻠﻣﺔ – ﻣؤدﻳﺎً ﻋن ﻣﻌﻧﻳﻳن ﻣﺧﺗﻠﻔﻳن .وﻳظن أي ْ
اﻟزﻳﻎ واﻹزراء ﺑﺎﻟﻌرب أن ذﻟك ﻛﺎن ﻣﻧﻬم ﻟﻧﻘﺻﺎن ﺣﻛﻣﺗﻬم أﻫﻝ اﻟﺑِ َدع و َ
وﻗﻠﺔ ﺑﻼﻏﺗﻬم ،وﻛﺛرة اﻻﻟﺗﺑﺎس ﻓﻲ ﻣﺣﺎوراﺗﻬم ﻋﻧد اﺗﺻﺎﻝ ﻣﺧﺎطﺑﺎﺗﻬم،
وﻳﺣﺗﺟون ﺑﺄن اﻻﺳم ﻣﻧﺑﻰء ﻋن اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟذي ﺗﺣﺗﻪ، ّ ﻓﻳﺳﺄﻟون ﻋن ذﻟك
وداﻝ ﻋﻠﻳﻪ ،وﻣوﺿﺢ ﺗﺄوﻳﻠﻪ.
ط َ◌ب
ﻓﺈذا اﻋﺗور اﻟﻠﻔظﺔ اﻟواﺣدة ﻣﻌﻧﻳﺎن ﻣﺧﺗﻠﻔﺎن ،ﻟم ﻳﻌرف اﻟﻣﺧﺎ َ
ِ
اﻟﻣﺧﺎط ِ◌ب ،وﺑطﻝ ﺑذﻟك ﺗﻌﻠﻳق اﻻﺳم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﻣﻰ").(١٨ أﻳﻬﻣﺎ أراد
رد اﺑن اﻷﻧﺑﺎري ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻻﻋﺗراض اﻟذي ﺗﺿﻣن وﺟﻬﺔ ﻧظرﻩ ﻓﻲ وﻳ ّ َ
)(١٩
ﻗﺎﺋﻠﻪ ،وﻫو ﻻﺑد أن ﻳﻛون ﻣن اﻟﺷﻌوﺑﻳﻳن "أﻫﻝ اﻟﺑدع واﻟزﻳﻎ واﻹزراء
ﺑﺎﻟﻌرب" ﻓﻳﻘوﻝ:
"ﻓﺄﺟﻳﺑوا ﻋن ﻫذا اﻟذي ظﻧوﻩ وﺳﺄﻟوا ﻋﻧﻪ ،ﺑﺿروب ﻣن اﻷﺟوﺑﺔ،
أﺣدﻫن أن ﻛﻼم اﻟﻌرب ﻳﺻﺣﺢ ﺑﻌﺿﻪ ﺑﻌﺿﺎً ،وﻳرﺗﺑط أوﻟﻪ ﺑﺂﺧرﻩ،
وﻻﻳﻌرف ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺧطﺎب ﻣﻧﻪ إﻻ ﺑﺎﺳﺗﻳﻔﺎﺋﻪ واﺳﺗﻛﻣﺎﻝ ﺟﻣﻳﻊ ﺣروﻓﻪ،
ﻓﺟﺎز وﻗوع اﻟﻠﻔظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﻧﻳﻳن اﻟﻣﺗﺿﺎدﻳن ﻷﻧﻬﺎ ﻳﺗﻘدﻣﻬﺎ وﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌدﻫﺎ
)(١٧
اﻷﺿداد ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ .ﺗﺄﻟﻳف :اﺑن اﻷﻧﺑﺎري – ص ١١
)(١٨
اﻷﺿداد – ص ٢
)(١٩
اﺑن درﺳﺗوﻳﻪ )ت ٣٤٧ﻫ ـ ( أﻟّف ﻛﺗﺎﺑﺎً ﻓﻲ إﺑطﺎﻝ اﻷﺿداد :اﻟﻠﻐﺔ وﻣﻌﺎﺟﻣﻬﺎ .
١٠٩
ﻣﺎ ﻳدﻝ ﻋﻠﻰ ﺧﺻوﺻﻳﺔ أﺣد اﻟﻣﻌﻧﻳﻳن دون اﻵﺧر ،وﻻﻳراد ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ
اﻟﺗﻛﻠم واﻹﺧﺑﺎر إﻻ ﻣﻌﻧﻰ واﺣد ﻓﻣن ذﻟك ﻗوﻝ اﻟﺷﺎﻋر:
اﻷﻣ ْﻝ
َ وﻳﻠﻬﻳﻪ ﻳﺳﻌﻰ، واﻟﻔﺗﻰ ﻛﻝ ﺷﻰء ﻣﺎ ﺧﻼ اﻟﻣوت ﺟﻠّ ْﻝ
ﻓدﻝ ﻣﺎ ﺗﻘدم ﻗﺑﻝ "ﺟﻠﻝ" وﺗﺄﺧر ﺑﻌدﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﺎﻩ" :ﻛﻝ ﺷﻲء ﻣﺎ ﺧﻼ
اﻟﻣوت ﻳﺳﻳر" وﻻ ﻳﺗوﻫم ذو ﻋﻘﻝ وﺗﻣﻳﻳز أن اﻟﺟﻠﻝ ﻫﻧﺎ ﻣﻌﻧﺎﻩ ﻋظﻳم.
وﻳﻘدم اﺑن اﻷﻧﺑﺎري ﻣﺛﺎﻻً آﺧر:
وﻟﺋن ﺳطوت ﻷُوِﻫَﻧ ْن ﻋظﻣﻲ ﻼ
ﺟﻠ ً ون
َﻋﻔَ ْ
ﻷُ ﻋﻔوت
ُ ﻓﻠﺋن
ﺛم ﻳﺗﺎﺑﻊ ﺷﺎرﺣﺎً :ﻓدﻝ اﻟﻛﻼم ﻋﻠﻰ أﻧﻪ أراد "ﻓﻠﺋن ﻋﻔوت ﻷﻋﻔون ﻋﻔواً
ﻋظﻳﻣﺎً ،ﻷن اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﻳﻔﺧر ﺑﺻﻔﺣﻪ ﻋن ذﻧب ﻳﺳﻳر" ﻓﻠﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻠﺑس
ﻓﻲ ﻫذﻳن زاﺋﻼً ﻋن ﺟﻣﻳﻊ اﻟﺳﺎﻣﻌﻳن ،ﻟم ُﻳ ْﻧﻛر وﻗوع اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻳﻳن
ﻣﺧﺗﻠﻔﻳن ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻳن ﻣﺧﺗﻠﻔﻲ اﻟﻠﻔظ").(٢٠
ﺧطﺔ اﺑن اﻷﻧﺑﺎري ﻓﻲ "اﻷﺿداد"
-١ﻟم ﻳرﺗب ﻛﺗﺎﺑﻪ ﺣﻳن وﺿﻌﻪ ﺗرﺗﻳﺑﺎً أﺑﺟدﻳﺎً ،ﻛﻣﺎ ﺟرت اﻟﻌﺎدة ﻓﻲ
وﺿﻊ اﻟﻣﻌﺟﻣﺎت .وﻟذﻟك ﻓﺈﻧﻪ ﺑدأﻩ ﺑﺣرف ﻫو اﻟﺳﺎﺑﻊ ﻋﺷر ﻓﻲ اﻷﺑﺟدﻳﺔ
اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻫو "اﻟظﺎء" ﻓﻲ ﻛﻠﻣﺔ "اﻟظن" اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻐرق ﺷرﺣﻬﺎ زﻫﺎء ﺧﻣس
ﺻﻔﺣﺎت .ﻓﻲ ﺣﻳن ﻧﺟد ﺣرﻓﻲ "اﻷﻟف" و"اﻟﺟﻳم" ﻓﻲ اﻟﺻﻔﺣﺎت اﻷﺧﻳرة
ﻣن اﻟﻛﺗﺎب ،ورﻗﻣﻬﺎ ﻫو " "٣٠٨و" ."٣٠٩وﻋدد ﺻﻔﺣﺎت اﻟﻛﺗﺎب
"اﻟﻣطﺑوع" ﻫو ﺛﻼﺛﻣﺋﺔ وﺧﻣس وﺳﺑﻌون ورﻗﺔ .
)(٢٠
اﻷﺿداد ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ – ﻻﺑن اﻻﻧﺑﺎري – ص ٤ ،٣ ،٢
١١٠
-٢ﻟم ﻳﻣﻳز اﺑن اﻷﻧﺑﺎري ﻓﻲ ﻋرض ﻣﻔرداﺗﻪ وﺷرﺣﻬﺎ ﺑﻳن ﻓﻌﻝ
وﺑﻳن اﺳم وﺑﻳن ﺣرف .ﻛﺎن ﻳﻘدﻣﻬﺎ وﻳﺗﺣدث ﻋﻧﻬﺎ ﻛﻳﻔﻳﺎً ﻋﻠﻰ ﻫواﻩ،
ﻣﻧﺗﻘﻼً ﻣن اﻟﺣروف إﻟﻰ اﻷﺳﻣﺎء ﻓﺎﻷﻓﻌﺎﻝ دون ﺣرج .ﻓﻔﻲ ﺻﻔﺣﺗﻳن
ﻣﺗﺗﺎﻟﻳﺗﻳن ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ﺗﺣدث ﻋن ﻫذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺎت :
ﻟﻠﻣﺳن وﻟﻠﺷﺎب .
ّ ُ " -ﻣ ِﺷ ّ
ب" – اﺳم:
" -أﻋﺑﻝ" – ﻓﻌﻝ :إذا ﺳﻘط ورﻗﻪٕ .واذا أﺧرج ﺛﻣرﺗﻪ .
)(٢١
" -طﻠﻌت" – ﻓﻌﻝ :ﻋﻠﻰ اﻟرﺟﻝ :أﻗﺑﻠت ﻋﻠﻳﻪ .وأدﺑرت ﻋﻧﻪ .
-٣ﻳﻌﺗﻣد اﻹﺳﻬﺎب ﻓﻲ اﻟﺷرح ،ﺑﺎﺳﺗﻣرار ،ورﺑﻣﺎ ﻻﺗدﻋو اﻟﺣﺎﺟﺔ
إﻟﻰ ذﻟك .اﻧظر إﻟﻰ ﻫذا اﻹﺳﻬﺎب :ﻓﻲ ﺣدﻳﺛﻪ ﻋن "أ ُﺷ ّد" ﻳﻘوﻝ" :ﺑﻠﻎ
ﻓﻼن أﺷدﻩ إذا ﺑﻠﻎ ﺛﻣﺎﻧﻲ ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ .وﺑﻠﻎ أﺷدﻩ إذا ﺑﻠﻎ أرﺑﻌﻳن ﺳﻧﺔ".
ﻗﺎﻝ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ" :ﺣﺗﻰ إذا ﺑﻠﻎ أﺷدﻩ وﺑﻠﻎ أرﺑﻌﻳن ﺳﻧﺔ" .ﻗﺎﻝ اﻟﻔراء :وﻳﻘﺎﻝ
اﻷﺷد أرﺑﻌون ﺳﻧﺔ .ﻗﺎﻝ وﺣﻛﻰ ﻟﻲ ﺑﻌض اﻟﻣﺷﻳﺧﺔ ﺑﺈﺳﻧﺎد ذﻛرﻩ أن
اﻷﺷد ﺛﻼث وﺛﻼﺛون ﺳﻧﺔ ،واﻻﺳﺗواء أرﺑﻌون ﺳﻧﺔ) ..(٢٢اﻟﺦ ..
-٤ﻳﻣﻳﻝ إﻟﻰ اﻻﺳﺗطراد ﻛﻠﻣﺎ ﺳﻧﺣت أﻣﺎﻣﻪ ﻓرﺻﺔ ﻟذﻟك ،وﻻﻏراﺑﺔ
ﻣﺎدام ﻗد وﻟد ﺑﻌد وﻓﺎة ﺳﻳد اﻻﺳﺗطراد وظرﻳﻔﻪ اﻟﺟﺎﺣظ ﺑﻌﺷرﻳن ﺳﻧﺔ
ﺗﻘرﻳﺑﺎً" :اﻟﺟﺎﺣظ ٢٥٥-١٦٣ :ﻫ ـ .اﺑن اﻷﻧﺑﺎري ٣٢٨ -٢٧١ :ﻫ ـ" ﻓﻼ
ﺑد أﻧﻪ ﻗرأﻩ ﺟﻳداً ،وﺗﺄﺛر ﺑﺄﺳﻠوﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ .ﻓﻠﻧﻧظر ﻣﺎذا ﻓﻌﻝ وﻫو ﻓﻲ
ﺻدد ﻛﻠﻣﺔ "وﺛب" ".ﻳﻘﺎﻝ :وﺛب اﻟرﺟﻝ إذا ﻧﻬض وطﻔر ﻣن ﻣوﺿﻊ إﻟﻰ
وﺣ ْﻣَﻳر ﺗﻘوﻝ :وﺛب اﻟرﺟﻝ إذا ﻗﻌد .وﻗﺎﻝ اﻷﺻﻣﻌﻲ وﻏﻳرﻩ: ﻣوﺿﻊِ .
دﺧﻝ رﺟﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻠك ﻣن ﻣﻠوك ِﺣ ْﻣَﻳر ،وﻛﺎن اﻟﻣﻠك ﺟﺎﻟﺳﺎً ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ
)(٢١
اﻷﺿداد ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ – ص ٣٥١ ،٣٥٠
)(٢٢
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص ١٩٣ ،١٩٢
١١١
ب! ﻳرﻳد :اﺟﻠس .ﻓطﻔر ﻓﺳﻘط ﻣﺷرف ،ﻓﺎرﺗﻘﻰ إﻟﻳﻪ ،ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻣﻠك :ﺛِ ْ
ظﻔَﺎر" " َﺣ ﱠﻣر" أي :ﺗﻛﻠم ﺑﻠﺳﺎن ﻓﺎﻧدﻗت ﻋﻧﻘﻪ .ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻣﻠك :ﻣن دﺧﻝ " َ
ﺣﻣﻳر .وﻗﺎﻝ ﺑﻌﺿﻬم :ﻣﻌﻧﻰ "ﺣ ﱠﻣر" ﺗزّﻳﺎ ﺑزّﻳﻬم ،وﻟﺑس اﻟﺣﻣر ﻣن اﻟﺛﻳﺎب
ظ ِ
ﻔﺎر" ظﻔﺎري .و" َ اﻟﺟ ْزع اﻟ َ
ظﻔﺎر" اﺳم ﻣدﻳﻧﺔ ﺑﺎﻟﻳﻣن ،ﻳﻧﺳب إﻟﻳﻬﺎ َ و" َ
ذام ﻷﻧﻬﻣﺎطﺎم وﺣ ِ ﻛﺳرت ﻷﻧﻬﺎ أﺟرﻳت ﻣﺟرى ﻣﺎ ﺳﻣﻲ ﺑﺎﻷﻣر ﻛﻘوﻟك :ﻗَ ِ
َ
ِ
وطﻣﺎر ق ﻣن أﺳﻣﺎء اﻟﻣﻧﻳﱠﺔ، وﻧظﺎر .وﻣن ذﻟكَ :ﺣﻼ ِِ ﻋﻠﻰ ﻣﺛﺎﻝ :ﻗَواﻝ
اﺳم ﺟﺑﻝ) .(٢٣
-٥ﻳﻘدم اﻟﺣﻛﺎﻳﺔ ﻣﻊ اﻟﺷﺎﻫد ،ﺑﻳن وﻗت وﺑﻳن آﺧر ،ﺧﻼﻝ ﺷرﺣﻪ
ﻣﻔرداﺗﻪ ﻓﻲ اﻷﺿداد .ﻣﺛﺎﻝ ذﻟك ﻣﺎ ﻛﺎن وﻫو ﻳﺗﺣدث ﻋن ﻟﻔظﺔ "ﻟﺣن"
ﻓﺑﻌد أن ﺑﻳن أﻧﻬﺎ ﺗﻘﺎﻝ ﻟﻠﺧطﺄ وﻟﻠﺻواب ،وﺑﻳن وﺟوﻫﺎً وﺷواﻫد ﻓﻲ ذﻟك،
ﺧﺑرﻧﺎ اﻷﺻﻣﻌﻲ ﻋن ﻋﻳﺳﻰ ﺑن ﻋﻣر ﻗﺎﻝ ،ﻗﺎﻝ ﻗﺎﻝ ،ﻣورداً ﺣﻛﺎﻳﺔّ " :
ﻣﻌﺎوﻳﺔ ﻟﻠﻧﺎس :ﻛﻳف اﺑن زﻳﺎد ﻓﻳﻛم .ﻗﺎﻟوا :ظرﻳف ﻋﻠﻰ أﻧﻪ َﻳْﻠ َﺣن ،ﻗﺎﻝ :ﻓذاك
أظرف ﻟﻪ .ذﻫب ﻣﻌﺎوﻳﺔ إﻟﻰ أن ﻣﻌﻧﻰ ﻳﻠﺣن :ﻳﻔطُن وﻳﺻﻳب).(٢٤
وﺛﻣﺔ ﺣﻛﺎﻳﺔ ﻣﺛﻠﻬﺎ – واﻟﺣﻛﺎﻳﺎت ﻛﺛﻳرة – رواﻫﺎ ﺑﻌد اﻟﻌﻧﻌﻧﺔ .ﻗﺎﻝ:
ﻛﺗب ﻣﻌﺎوﻳﺔ إﻟﻰ زﻳﺎد ﻛﺗﺎﺑﺎً ،وﻗﺎﻝ ﻟﻠرﺳوﻝ :إﻧك ﺳﺗرى إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺑﻪ رﺟﻼً،
ﻓﻘﻝ ﻟﻪ :إن أﻣﻳر اﻟﻣؤﻣﻧﻳن ﻳﻘوﻝ ﻟك ﻗد ﺷﻛﻛت ﻗﻲ ﻗوﻟك:
ﻏﻳﺎ
ﺑﻣﺧطﻰ إن ﻛﺎن ّ
ً وﻟﻳس أﺻﺑﻪ
ْ ُر ْﺷدًا ﺣﺑﻬم
ّ ك
ﻳُ ﻓﺈن
)(٢٣
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص ٧٧
)(٢٤
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص ٢٠٨
١١٢
إﻟﻳﱠﺎ ﻬمﱠ
ﻛﻠ ُ اﻟﻧﺎس أﺣب وأﻗرﺑوﻩُ اﻟﻧﺑﻲ ﻋم ﺑﻧو
ﻓﻘﺎﻝ )اﻟرﺳوﻝ( ﻷﺑﻲ اﻷﺳود ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﻣﻌﺎوﻳﺔ .ﻓﻘﺎﻝ :ﻗﻝ ﻟﻪ ﻻﻋﻠم ﻟك
ﺑﺎﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﻗﺎﻝ اﷲ ﻋز وﺟﻝٕ " :واﻧﺎ أو إﻳﺎﻛم ﻟﻌﻠﻰ ﻫدى أو ﻓﻲ ﺿﻼﻝ ﻣﺑﻳن"
أﻓﺗرى رّﺑﻧﺎ ﺷك .ﻓﺳﻛت ﻣﻌﺎوﻳﺔ ﻟﻣﺎ ﺑﻠﻐﻪ اﺣﺗﺟﺎج أﺑﻲ اﻷﺳود).(٢٥
وﻛﺎن اﺑن اﻷﻧﺑﺎري ﻳﺗﺣدث ﻋن " َﺟ ْﺑر" ،ﻓﻬﻲ :ﻟﻠﻣﻠك واﻟﻌﺑد ﻣﺳﺗﺷﻬداً
ﻳﻘوﻝ اﺑن اﻷﺣﻣر:
اﻟﺟﺑر أﻳﻬﺎ ﺻﺑﺎﺣًﺎ واﻧﻌم ﺑﻪ ﺑﻳت
ُﺣ َ ﺑراووق ﻓﺎﺳﻠم
ﻓﺈذا ﻫو ﻳﺳﺗطرد إﻟﻰ ﺣدﻳث آﺧر .ﻗﺎﻝ" :أراد أﻳﻬﺎ اﻟﻣﻠك .وﻗوﻟﻬم:
ﺟﺑرﺋﻳﻝ .ﻣﻌﻧﺎﻩ :ﻋﺑد اﷲ .ﻓﺎﻟﺟﺑر اﻟﻌﺑد ،و"اﻹﻳﻝ" و"اﻹ ّﻝ" اﻟرﺑوﺑﻳﺔ .وﻛﺎن
اﺑن ﻳﻌﻣر ﻳﻘ أر " َﺟ ْﺑ َر إ ﱡﻝ" ﺑﺗﺷدﻳد اﻟﻼم .وﻗﺎﻝ ﺑﻌض اﻟﻣﻔﺳرﻳن "اﻹ ﱡﻝ" ﻫو
اﷲ ﺟﻝ اﺳﻣﻪ .واﺣﺗﺞ ﺑﻘوﻝ اﷲ ﺟﻝ وﻋز "ﻻ ﻳرﻗُﺑون ﻓﻲ ﻣؤﻣن إﻻﱠ
وﻻذ ﱠﻣﺔً" ﻗﺎﻝ :ﻣﻌﻧﺎﻩ ﻻﻳرﻗﺑون اﷲ وﻻذﻣﺗﻪ .وﻳﺣﻛﻰ ﻋن أﺑﻲ ﺑﻛر اﻟﺻدﻳق
ﻟﻣﺎ أﻗدﻣوا ﻋﻠﻳﻪ ،ﻣن ﻗﺗﺎﻝ ﻣﺳﻳﻠﻣﺔ اﺳﺗﻘرأﻫم رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻪ أن اﻟﻣﺳﻠﻣﻳن ّ
ﺑﻌض ﻗرآﻧﻪ ﻓﻠﻣﺎ ﻗرىء ﻋﻠﻳﻪ ﻋﺟب وﻗﺎﻝ :إن ﻫذا اﻟﻛﻼم ﻟم ﻳﺧرج ﻣن
ِإ ﱠﻝ أي :ﻣن رﺑوﺑﻳﺔ .وﻳﻘﺎﻝ :اﻹ ّﻝ اﻟﻘراﺑﺔ واﻟذﻣﺔ واﻟﻌﻬد) ...(٢٦إﻟﺦ".
ﺛم ﻻ ﻳﻧﺗﻬﻲ ﻫذا اﻻﺳﺗطراد ،ذاك أﻧﻧﺎ ﻧﻘ أر ﺑﻌد ﻗﻠﻳﻝ" :وﻗﺎﻝ ﺑﻌض
اﻟﻣﻔﺳرﻳن :ﺟﺑرﺋﻳﻝ ﻣﻌﻧﺎﻩ :ﻋﺑد اﷲ .وﻣﻳﻛﺎﺋﻳﻝ ﻣﻌﻧﺎﻩ :ﻋﺑد اﷲ .واﺳراﻓﻳﻝ
)(٢٥
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص ٢٤٤
)(٢٦
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص ٣٤٦
١١٣
ﻣﻌﻧﺎﻩ :ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن .وﻛﻝ اﺳم ﻓﻳﻪ إﻳﻝ ﻓﻬو ﻣﻌﺑﱠد ﷲ ﻋز وﺟﻝ").(٢٧
-٦ﻛﺎن ﻳﻠﺟﺄ إﻟﻰ ﺗﺄوﻳﻝ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻷﺿداد ﻓﻲ ﺿوء اﻵﻳﺎت اﻟﻘرآﻧﻳﺔ
واﻟﺣدﻳث اﻟﺷرﻳف ،ﻣن ذﻟك ﻛﻠﻣﺔ" :اﻷُ ﱠﻣﺔ" ﻓﺗﻘﺎﻝ ﻟﻠواﺣد اﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟذي
ﻳؤﺗم ﺑﻪ وﻳﻛون ﻋﻠﻣﺎً ﻓﻲ اﻟﺧﻳر ،ﻛﻘوﻟﻪ ﻋز وﺟﻝ" :إن إﺑراﻫﻳم ﻛﺎن أﻣﺔ
ﻗﺎﻧﺗﺎً ﷲ ﺣﻧﻳﻔﺎً" وﻳﻘﺎﻝ :اﻷﻣﺔ ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ ،ﻛﻘوﻟﻪ ﻋز وﺟﻝ" :وﺟد ﻋﻠﻳﻪ أﻣﺔ
ﻣن اﻟﻧﺎس ﻳﺳﻘون" وﻳﻘﺎﻝ :اﻷ ُّﻣﺔ أﻳﺿﺎً ﻟﻠواﺣد اﻟﻣﻧﻔرد ﺑﺎﻟدﻳن .ﻗﺎﻝ ﺳﻌﻳد
ﺑن زﻳد ﺑن ﻋﻣرو ﺑن ُﻧﻔَﻳﻝ ،ﻗﻠت :ﻳﺎرﺳوﻝ اﷲ ،إن أﺑﻲ ﻗد ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ
رأﻳت وﺑﻠﻐك ،أﻓﻼ أﺳﺗﻐﻔر ﻟﻪ .ﻗﺎﻝ :ﺑﻠﻰُ ،ﻳ ْﺑﻌث ﻳوم اﻟﻘﻳﺎﻣﺔ أﻣﺔ وﺣدﻩ.
وﻳﻔﺳر ﻫذا اﻟﺣرف – اﻟﻛﻠﻣﺔ – ﻣن ﻛﺗﺎب اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺗﻔﺳﻳرﻳن ﻣﺗﺿﺎدﻳن،
اﻟﻧﺑﻳﻳن ﻣﺑﺷرﻳن
وﻫو ﻗوﻟﻪ ﺟﻝ وﻋز" :ﻛﺎن اﻟﻧﺎس أﻣﺔ واﺣدة ﻓﺑﻌث اﷲ ّ
وﻣﻧذرﻳن" ﻓﻳﻘوﻝ ﺑﻌض اﻟﻣﻔﺳرﻳن :ﻣﻌﻧﺎﻩ ﻛﺎن اﻟﻧﺎس ﻣؤﻣﻧﻳن ﻛﻠّﻬم.
وﻳﻘوﻝ ﻏﻳرﻩ ﻣﻌﻧﺎﻩ :ﻛﺎن اﻟﻧﺎس ﻛﻔﺎ اًر ﻛﻠّﻬم .ﻓﺎﻟذﻳن ﻗﺎﻟوا :اﻷﻣﺔ ﻫﻬﻧﺎ
ﻏرق اﻟﻛﺎﻓرﻳن ﻣن ﻗوم ﻧوح اﻟﻣؤﻣﻧون ،ذﻫﺑوا إﻟﻰ أن اﷲ ﻋز وﺟﻝ ،ﻟﻣﺎ ﱠ
ﺑﺎﻟطوﻓﺎن ،وﻧﺟﻰ ﻧوﺣﺎً واﻟﻣؤﻣﻧﻳن ،ﻛﺎن اﻟﻧﺎس ﻛﻠﻬم ﻓﻲ ذﻟك اﻟوﻗت
ﻣؤﻣﻧﻳن ،ﺛم ﻛﻔر ﺑﻌﺿﻬم ﺑﻌد اﻟوﻗت ،ﻓﺄرﺳﻝ اﷲ إﻟﻳﻬم أﻧﺑﻳﺎء ﻳﺑ ّﺷرون
وﻳﻧذرون وﻳدﻟوﻧﻬم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺳﻌدون ﺑﻪ وﻳﺗوﻓر ﻣﻧﻪ ﺣظﻬم .وﻣن ﻗﺎﻝ:
اﻷﻣﺔ ﻓﻲ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﻛﺎﻓرون ،ﻗﺎﻝ :ﺗﺄوﻳﻝ اﻵﻳﺔ :ﻛﺎن اﻟﻧﺎس ﻗﺑﻝ
اﻟﻧﺑﻳﻳن
ّ إرﺳﺎﻝ اﷲ ﻧوﺣﺎً ﻛﺎﻓرﻳن ﻛﻠﻬم ،ﻓﺄرﺳﻝ اﷲ ﻧوﺣﺎً وﻏﻳرﻩ ﻣن
ﻳﺗدﻳﻧون ﺑﻪ،
وﻳدﻟون اﻟﻧﺎس ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ّ واﻟﻣﺑﻌوﺛﻳن ﺑﻌدﻩ ﻳﺑﺷرون وﻳﻧذرونّ ،
ﻣﻣﺎ ﻻﻳﻘﺑﻝ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳوم اﻟﻘﻳﺎﻣﺔ ﻏﻳرﻩ .واﷲ أﻋﻠم ﺑﺣﻘﻳﻘﺔ اﻟﻘوﻟﻳن
)(٢٧
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص ٣٤٧
١١٤
وأﺣﻛم) .(٢٨
وﻓﻲ ﻣﺛﻝ ﻫذا ﻳﻘدم ﺗﻔﺳﻳرﻳن ﻣﺗﺿﺎدﻳن ﻟﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ "واﻟﻌﺎدﻳﺎت
ﺿﺑﺣﺎ" ﻳﻘوﻝ ﺑﻌﺿﻬم :اﻟﻌﺎدﻳﺎت اﻟﺧﻳﻝ .واﻟﺿﱠﺑﺢ ﺻوت أﻧﻔﺎس اﻟﺧﻳﻝ
إذا ﻋدون .ﻳﻘﺎﻝ :ﻗد ﺿﺑﺢ اﻟﻔرس وﻗد ﺿﺑﺢ اﻟﺛﻌﻠب ،وﻛذﻟك ﻣﺎ
أﺷﺑﻬﻬﻣﺎ .وﻳﻘﺎﻝ :اﻟﻌﺎدﻳﺎت اﻹﺑﻝ .وﺿﺑﺣﺎً ﻣﻌﻧﺎﻩ ﺿﺑﻌﺎ ،ﻓﺄﺑدﻟت اﻟﺣﺎء
ﻣن اﻟﻌﻳن .ﻛﻣﺎ ﺗﻘوﻝ اﻟﻌربُ :ﺑﻌﺛر ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺑور وﺑﺣﺛر ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺑور،
ﻓﻣن ﻗﺎﻝ :اﻟﻌﺎدﻳﺎت اﻟﺧﻳﻝ ،ﻗﺎﻝ :ﻫﻲ اﻟﻣورﻳﺎت ﻗدﺣﺎً ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗوري اﻟﻧﺎس
ﺑﺳﻧﺎﺑﻛﻬﺎ إذا وﻗﻌت ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺟﺎرة ،وﻫﻲ اﻟﻣﻐﻳرات ﺻﺑﺣﺎً ،وﻣن ﻗﺎﻝ:
اﻟﻌﺎدﻳﺎت اﻹﺑﻝ ،ﻗﺎﻝ :اﻟﻣورﻳﺎت ﻗدﺣﺎً اﻟرﺟﺎﻝ ،ﻳﺗﺑﻳن ﻣن رأﻳﻬم وﻣﻛرﻫم
ﻣﺎ ﻳﺷﺑﻪ اﻟﻧﺎر اﻟﺗﻲ ﺗورى ﻓﻲ اﻟﻘَ ْدح .واﻟﻣﻐﻳرات ﺻﺑﺣﺎ :اﻹﺑﻝ ﻳذﻫب إﻟﻰ
أﻧﻬﺎ ﺗﻌدو ﻓﻲ ﺑﻌض أوﻗﺎت اﻟﺣﺞ .ﺛم ﻳﻘدم اﺑن اﻷﻧﺑﺎري ﺧﺑ اًر ﻋن
ﻣﺟﺎدﻟﺔ ﻛﺎﻧت ﺑﻳن اﺑن ﻋﺑﺎس )ر( واﻹﻣﺎم ﻋﻠﻲ ﻛرم اﷲ وﺟﻬﻪ ،ﺣوﻝ
إن ﻛﺎﻧت أوﻝ ﻏزوة ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﻫذﻳن اﻟﺗﻔﺳﻳرﻳن .وﻗد ﻗﺎﻝ اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻲْ :
ﻟﺑدر ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻌﻧﺎ إﻻ ﻓرﺳﺎن ،ﻓرس ﻟﻠزﺑﻳر ،وﻓرس ﻟﻠﻣﻘداد ،ﻓﻛﻳف
ﺗﻛون اﻟﻌﺎدﻳﺎت اﻟﺧﻳﻝ؟! .إﻧﻣﺎ اﻟﻌﺎدﻳﺎت ﺿﺑﺣﺎً ﻣن "ﻋرﻓﺔ" إﻟﻰ "اﻟﻣزدﻟﻔﺔ"
وﻣن "اﻟﻣزدﻟﻔﺔ" إﻟﻰ "ﻣﻧﻰ" ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻐد ﻓﺎﻟﻣﻐﻳرات ﺻﺑﺣﺎ إﻟﻰ "ﻣﻧﻰ"
ﻓذﻟك ﺟﻣﻊ .ﻓﺄﻣﺎ ﻗوﻟﻪ :ﻓﺄﺛرن ﺑﻪ ﻧﻘﻌﺎً ،ﻓﻬو ﻧﻘﻊ اﻷرض ﺣﻳن ﺗطؤﻩ
ﻋت ﻋن ﻗوﻟﻲ ورﺟﻌت إﻟﻰ ﻗوﻝ ﻋﻠ ﱠﻲ ﺑﺄﺧﻔﺎﻓﻬﺎ .ﻗﺎﻝ اﺑن ﻋﺑﺎس ،ﻓﻧز ُ
رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻪ)."(٢٩
)(٢٨
اﻷﺿداد ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ – ﻻﺑن اﻷﻧﺑﺎري – ص ٢٣٦ – ٢٣٥
)(٢٩
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص ٣١٨ـ ٣١٩ـ .٣٢٠
١١٥
-٧ﺗﺑدو اﻟﻧزﻋﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ واﺿﺣﺔ ﻟدى اﺑن اﻷﻧﺑﺎري ،ﺑﻳن ﻣوﺿﻊ
وﺑﻳن آﺧر ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب .ﻓﻬو ﻳﻣر ﺑﺄﺳﻣﺎء ﻳﻌرﻓﻬﺎ ﻛﺛﻳرون ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ
أﻋﺟﻣﻳﺔ ،ﻳرى وﺟﻬﺎ ﻟﻌروﺑﺗﻬﺎ ،ﻟﻛﻧﻪ ﻳﺗﺣﻔظ ﻗﺎﺋﻼً" :ﻻ ﻗﻳﺎس" .ﻣن ذﻟك
ﻣﺛﻼً اﺳم "ﻳﻌﻘوب" .
اﻟﺣ َﺟﻝ
ﺗﺳﻣﻲ ذ َﻛر َ
ﻳﻘوﻝ اﺑن اﻷﻧﺑﺎري :ﻳﻛون ﻋرﺑﻳﺎً ﻷن اﻟﻌرب ّ
ﻳﻌﻘوﺑﺎً وﻳﺟﻣﻌوﻧﻪ :ﻳﻌﺎﻗﻳب .ﻗﺎﻝ ﺳﻼﻣﺔ ﺑن ﺟﻧدﻝ:
ﻣطﻠوب ﻏﻳر ﺷــﺄو وذﻟك أودى اﻟﺷﺑﺎب ﺣﻣﻳداً ذو اﻟﺗﻌﺎﺟﻳب
ُ أودى
اﻟﻳﻌﺎﻗﻳب ض
َرْﻛ َ ﻳدرﻛﻪ، ﻛﺎن ﻟو ﻳطﻠﺑــﻪ اﻟﺷــﻳب وﻫذا ﺣﺛﻳﺛًﺎ وﻟّﻰ
وﻳﺗﻣﻬﻝ ﻟﻳﺗﺣﻔظ ﻣﻊ أﺑﻲ ﺑﻛر اﻟذي ﻗﺎﻝ :وﻻ ﻳﻘﺎس ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷﺳﻣﺎء
اﻟﺛﻼﺛﺔ ،أﻋﻧﻲ :اﺳﺣﺎق وﻳﻌﻘوب وأﻳوب ،ﻏﻳرﻫﺎ ﻣن اﻷﺳﻣﺎء اﻷﻋﺟﻣﻳﺔ
ﻣﺛﻝ إدرﻳس وﻏﻳرﻩ ،ﻷﻧﻪ ﻟم ﻳﺳﻣﻊ ﻣن اﻟﻌرب إﺟراء ﺳوى ﻫؤﻻء اﻟﺛﻼﺛﺔ
١١٦
ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﻣﻌرﻓﺔ .وﻣﺣﺎﻝ أن ﻳﻌﻣﻝ ﻣن ﻫذا ﺑﺎﻟﻘﻳﺎس ﻣﺎ ﺗﻧﻛﺑﻪ اﻟﻌرب وﻻ
ﺗﻌرﻓﻪ).(٣٠
اﻷﻟﻔﺎظ واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ :اﻟﻧﻘﺎﺋض واﻟﻣﺗرادﻓﺎت
ﻳﺗوﻗف اﺑن اﻷﻧﺑﺎري ﻣﻠﻳﺎً ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺔ ﻛﺗﺎﺑﻪ ،أﻣﺎم ﻣﺎ ﻳﻣﻛن أن ﻧدﻋوﻩ:
اﻷﺿداد أو اﻟﻧﻘﺎﺋض ،واﻟﻣﺗرادﻓﺎت ،ﻓﻳﻘوﻝ إن أﻛﺛر ﻛﻼم اﻟﻌرب ﻳﺄﺗﻲ
ﻋﻠﻰ ﺿرﺑﻳن آﺧرﻳن ،أﺣدﻫﻣﺎ أن ﻳﻘﻊ اﻟﻠﻔظﺎن اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﻧﻳﻳن
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﻳن ﻛﻘوﻟك :اﻟرﺟﻝ واﻟﻣرأة ،واﻟﺟﻣﻝ واﻟﻧﺎﻗﺔ ،واﻟﻳوم واﻟﻠﻳﻠﺔ ،وﻗﺎم
ﻻﻳﺣﺎط ﺑﻪ .واﻟﺿرب اﻵﺧر، وﻗﻌد ،وﺗﻛﻠم وﺳﻛت ،وﻫذا ﻫو اﻟﻛﺛﻳر اﻟذي ُ
اﻟﺑ ّر واﻟﺣﻧطﺔ،
أن ﻳﻘﻊ اﻟﻠﻔظﺎن اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟواﺣد ،ﻛﻘوﻟكُ :
اﻟﻌ ْﻳر واﻟﺣﻣﺎر ،واﻟذﺋب واﻟﺳﱠﻳد ،وﺟﻠس وﻗﻌد ،وذﻫب وﻣﺿﻰ. و َ
وﻳرﻓض اﺑن اﻷﻧﺑﺎري أن ﻳﻌد ﻫذﻩ اﻷﻟﻔﺎظ ﻣﺗرادﻓﺎت ،ﻛﻣﺎ درج
ﺑﻌﺿﻬم ﻋﻠﻰ ذﻟك .ﻣﺣﺗﺟﺎً ﺑرأي اﺑن اﻷﻋرﺑﻲ ﻧﻘﻼً ﻋﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ أﺑو اﻟﻌﺑﺎس
:ﻛﻝ ﺣرﻓﻳن أوﻗﻌﺗﻬﻣﺎ اﻟﻌرب ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻰ واﺣد ،ﻓﻲ ﻛﻝ واﺣد ﻣﻧﻬﻣﺎ
ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻳس ﻓﻲ ﺻﺎﺣﺑﻪ ،رﺑﻣﺎ ﻋرﻓﻧﺎﻩ ﻓﺄﺧﺑرﻧﺎ ﺑﻪ .ورﺑﻣﺎ ﻏﻣض ﻋﻠﻳﻧﺎ ﻓﻠم
ﻧﻠزم اﻟﻌرب ﺟﻬﻠﻪ.
وﻳؤﻛد رﺑط اﻷﺳﻣﺎء ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺣدﻳث ،ﻧﺎﻗﻼً ﻋن اﻟرﺟﻝ
ﻧﻔﺳﻪ :اﻷﺳﻣﺎء ﻛﻠﻬﺎ ﻟﻌﻠّﺔ ﺧﺻت اﻟﻌرب ﻣﺎ ﺧﺻﺻت ﻣﻧﻬﺎ ﻣن اﻟﻌﻠﻝ
ﻣﺎﻧﻌﻠﻣﻪ ﻣﻧﻬﺎ وﻣﺎ ﻧﺟﻬﻠﻪ.
ﺛم ﻳﺗﺎﺑﻊ ﻋن اﺑن اﻷﻋراﺑﻲ ،ﻣﺳﻧداً اﻟﻛﻼم إﻟﻰ أﺑﻲ ﺑﻛر ،أن ﻣﻛﺔ
ﺳﻣﻳت ﻣﻛﺔ ﻟﺟذب اﻟﻧﺎس إﻟﻳﻬﺎ .واﻟﺑﺻرة ﺳﻣﻳت اﻟﺑﺻرة ﻟﻠﺣﺟﺎرة اﻟﺑﻳض
)(٣٠
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .٣٦٥ – ٣٦٤
١١٧
اﻟرﺧوة ﺑﻬﺎ – واﻟﻛوﻓﺔ ﺳﻣﻳت اﻟﻛوﻓﺔ ﻻزدﺣﺎم اﻟﻧﺎس ﺑﻬﺎ ﻣن ﻗوﻟﻬم :ﻗد
ﺗﻛوﻓﺎً إذا رﻛب ﺑﻌﺿﻪ ﺑﻌﺿﺎً .واﻹﻧﺳﺎن ﺳﻣﻲ إﻧﺳﺎﻧﺎً ﺗﻛوف اﻟرﻣﻝ ّ ّ
ﻟﻧﺳﻳﺎﻧﻪ .واﻟﺑﻬﻳﻣﺔ ﺳﻣﻳت ﺑﻬﻳﻣﺔ ﻷﻧﻬﺎ أُﺑﻬﻣت ﻋن اﻟﻌﻘﻝ واﻟﺗﻣﻳﻳز ﻣن
ﻗوﻟﻬم :أﻣر ﻣﺑﻬم ،إذا ﻛﺎن ﻻﻳﻌرف ﺑﺎﺑﻪ .وﻳﻘﺎﻝ ﻟﻠﺷﺟﺎعُ :ﺑ ْﻬ َﻣﺔ ﻷن
ُﻣﻘﺎﺗﻠﻪ ﻻﻳدري ﻣن أي وﺟﻪ ﻳوﻗﻊ اﻟﺣﻳﻠﺔ ﻋﻠﻳﻪ .ﻓﺈن ﻗﺎﻝ ﻟﻧﺎ ﻗﺎﺋﻝ :ﻷي
ودﻋد دﻋداً.
ٌ اﻟﻣوﺻﻝ،
َ ﻋﻠﺔ ﺳﻣﻲ اﻟرﺟﻝ رﺟﻼً ،واﻟﻣرأة اﻣرأة ،واﻟﻣوﺻ ُﻝ
ﻗﻠﻧﺎ ﻟﻌﻠﻝ ﻋﻠﻣﺗﻬﺎ اﻟﻌرب وﺟﻬﻠﻧﺎﻫﺎ أو ﺑﻌﺿﻬﺎ).(٣١
اﻻﺗﺳﺎع ﻓﻲ اﻟﻛﻼم
وﻓﻲ ﻣﻌرض ﺗﺄوﻳﻠﻪ ارﺗﺑﺎط اﻷﺳﻣﺎء ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،ﻳطرح ﻓﻛرة أﺧرى ﻟﺳﻧﺎ
ﻧدري إﻟﻰ أي درﺟﺔ ﻛﺎﻧت ﺟدﻳدة ﻓﻲ زﻣﺎن اﺑن اﻷﻧﺑﺎري ﻫﻲ "اﻻﺗﺳﺎع
ط ُر ٍب ﻗوﻟﻪ" :إﻧﻣﺎ أوﻗﻌت اﻟﻌرب اﻟﻠﻔظﺗﻳنﻓﻲ اﻟﻛﻼم" :وﻫﻧﺎ ﻳﻧﻘﻝ ﻋن ﻗُ ْ
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟواﺣد ﻟﻳدﻟّوا ﻋﻠﻰ اﺗﺳﺎﻋﻬم ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻬم ،ﻛﻣﺎ زاﺣﻔوا ﻓﻲ
أﺟزاء اﻟﺷﻌر ﻟﻳدﻟّوا ﻋﻠﻰ أن اﻟﻛﻼم واﺳﻊ ﻋﻧدﻫم ،وأن ﻣذاﻫﺑﻪ ﻻﺗﺿﻳق
ﻳﻧوع اﺑن اﻷﻧﺑﺎري ﻋﻠﻰ ﻫذا ﻋﻠﻳﻬم ﻋﻧد اﻟﺧطﺎب واﻹطﺎﻟﺔ واﻹطﻧﺎب .ﺛم ﱠ
اﻟﻠﺣن ،ﻧﺎﺳﺑﺎً اﻟﻛﻼم إﻟﻰ آﺧرﻳن ﻗﺎﻟوا :إذا وﻗﻊ اﻟﺣرف – اﻟﻛﻠﻣﺔ – ﻋﻠﻰ
ﻣﻌﻧﻳﻳن ﻣﺗﺿﺎ ﱠدﻳن ،ﻓﺎﻷﺻﻝ ﻟﻣﻌﻧﻰ واﺣد ،ﺛم ﺗداﺧﻝ اﻻﺛﻧﺎن ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ
ﺻرﻳم .ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻠﻳﻝ :ﺻرﻳم وﻟﻠﻧﻬﺎر ﺻرﻳم .ﻷن اﻻﺗﺳﺎع .ﻓﻣن ذﻟك :اﻟ ﱠ
اﻟﻠﻳﻝ ﻳﻧﺻرم ﻣن اﻟﻧﻬﺎر ،واﻟﻧﻬﺎر ﻳﻧﺻرم ﻣن اﻟﻠﻳﻝ ،ﻓﺄﺻﻝ اﻟﻣﻌﻧﻳﻳن ﻣن
ﺑﺎب واﺣد وﻫو اﻟﻘطﻊ .وﻛذﻟك :اﻟﺻﺎرخ اﻟﻣﻐﻳث .واﻟﺻﺎرخ اﻟﻣﺳﺗﻐﻳث.
ﺳﻣﻳﺎ ﺑذﻟك ﻷن اﻟﻣﻐﻳث ﻳﺻرخ ﺑﺎﻹﻏﺎﺛﺔ واﻟﻣﺳﺗﻐﻳث ﻳﺻرخ ﺑﺎﻻﺳﺗﻐﺎﺛﺔ، ّ
)(٣١
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .٧ – ٦
١١٨
ﱡدﻓﺔ ،اﻟﺿوء. ﱡدﻓَﺔ ،اﻟظﻠﻣﺔ واﻟﺳ ْ
ﻓﺄﺻﻠﻬﻣﺎ ﻣن ﺑﺎب واﺣد .وﻛذﻟك :اﻟﺳ ْ
ﺳ ﱠﻣﻳﺎ ﺑذﻟك ﻷن أﺻﻝ اﻟﺳدﻓﺔ اﻟﺳﺗر ،ﻓﻛﺄن اﻟﻧﻬﺎر إذا أﻗﺑﻝ ﺳﺗر ﺿوؤﻩ
ظﻠﻣﺔ اﻟﻠﻳﻝ ،وﻛﺄن اﻟﻠﻳﻝ إذا أﻗﺑﻝ ﺳﺗرت ظﻠﻣﺗﻪ ﺿوء اﻟﻧﻬﺎر).(٣٢
اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﺑﻳن أﺣﻳﺎء اﻟﻌرب
وﻓﻲ ﺗﻘﻠﻳﺑﻪ اﻟرأي ﺣوﻝ اﻟﻣﻌﻧﻳﻳن اﻟﻣﺗﺿﺎدﻳن ﻟﻛﻠﻣﺔ واﺣدة ﻳﻧﺗﻬﻲ اﺑن
اﻷﻧﺑﺎري إﻟﻰ اﻟﻘوﻝ :إذا وﻗﻊ اﻟﺣرف – اﻟﻛﻠﻣﺔ – ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻳﻳن
ﻣﺗﺿﺎدﻳن ،ﻓﻣﺣﺎﻝ أن ﻳﻛون اﻟﻌرﺑﻲ أوﻗﻌﻪ ﻋﻠﻳﻬﻣﺎ ﺑﻣﺳﺎواة ﻣﻧﻪ ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ،
وﻟﻛن أﺣد اﻟﻣﻌﻧﻳﻳن ﻟﺣ ﱠﻲ ﻣن اﻟﻌرب ،و اﻵﺧر ﻟﺣﻲ ﻏﻳرﻩ ،ﺛم ﺳﻣﻊ
ﺑﻌﺿﻬم ﻟﻐﺔ ﺑﻌض ،ﻓﺄﺧذ ﻫؤﻻء ﻋن ﻫؤﻻء ،وﻫؤﻻء ﻋن ﻫؤﻻء ،ﻗﺎﻟوا:
اﻟﺟ ْو ُن ،اﻷﺳود ﻓﻲ ﻟﻐﺔ ﺣﻲﻓﺎﻟﺟ ْو ُن ،اﻷﺑﻳض ﻓﻲ ﻟﻐﺔ ﺣﻲ ﻣن اﻟﻌرب .و َ َ
آﺧر ،ﺛم أﺧذ أﺣد اﻟﻔرﻳﻘﻳن ﻣن اﻵﺧر).(٣٣
ﺛم ﻳﻧﺗﻘﻝ إﻟﻰ ﺑﺣث ﻓﻲ ﻋﻳن اﻟﻔﻌﻝ ﻓﻲ اﻹطﺎر ﻧﻔﺳﻪ.
اﻟﺗﻔﺎﺳﻳر اﻟﻣﺗﺿﺎدة :ذو اﻟﻘرﻧﻳن
وﻳرى اﺑن اﻷﻧﺑﺎري أن اﻷﺿداد ﻳﻣﻛن أن ﺗﺗﺿﻣن "اﻟﺗﻔﺎﺳﻳر
اﻟﻣﺗﺿﺎدة" أﻳﺿﺎً ،ﻣﻣﺎ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﻟﻪ ﺑﺎﻷﻟﻔﺎظ .ﻣن ذﻟك ﻣﺛﻼً ﻗوﻟﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ "وﻳﺳﺄﻟوﻧك ﻋن ذي اﻟﻘرﻧﻳن" .وﻓﻲ ﺷرﺣﻪ ذﻟك ﻳﻌرض ﺣﻛﺎﻳﺔ :أن
ﺧﺎﻟد ﺑن ﻣﻌدان ﻗﺎﻝ ﺳﻣﻊ ﻋﻣر رﺣﻣﻪ اﷲ رﺟﻼً ﻳﻘوﻝ ﻟرﺟﻝ ﻳﺎذا اﻟﻘرﻧﻳن.
ﻓﻘﺎﻝ :أﻣﺎ ﺗرﺿون أن ﺗﺳﻣوا ﺑﺄﺳﻣﺎء اﻷﻧﺑﻳﺎء ﺣﺗﻰ ﺻرﺗم ﺗﺳﻣون ﺑﺄﺳﻣﺎء
اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ.
اﻟﺗﻔﺳﻳر اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻌد اﻟﻌﻧﻌﻧﺔ ﻳﻧﻘﻠﻪ ﻋن ﻣﺟﺎﻫد .ﻗﺎﻝ :ﻣﻠك اﻷرض
)(٣٢
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .٨- ٧
)(٣٣
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .١٠
١١٩
ﺷرﻗﻬﺎ وﻏرﺑﻬﺎ أرﺑﻌﺔ ،ﻣؤﻣﻧﺎن وﻛﺎﻓران .ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻣؤﻣﻧﺎن ﻓﺳﻠﻳﻣﺎن ﺑن داود
وذو اﻟﻘرﻧﻳن .وأﻣﺎ اﻟﻛﺎﻓران ﻓﺎﻟذي ﺣﺎ ﱠج إﺑراﻫﻳم ﻓﻲ رﺑﻪ ،ﻳﻌﻧﻲ :ﻧﻣروذ
ﱠر.
وﺑﺧت ﻧﺻ َ
َ
واﻟﺗﻔﺳﻳر اﻟﺛﺎﻟث ﻳﻧﺳﺑﻪ إﻟﻰ اﻷﻣﺎم ﻋﻠﻲ ﺑن أﺑﻲ طﺎﻟب رﺿﻲ اﷲ
ﻋﻧﻪ :ﻗﺎم إﻟﻳﻪ رﺟﻝ ﻓﻘﺎﻝ :ﻳﺎ أﻣﻳر اﻟﻣؤﻣﻧﻳن ،أﺧﺑرﻧﻲ ﻋن ذي اﻟﻘرﻧﻳن
أﻧﺑﻳﺎً ﻛﺎن أم ﻣﻠﻛﺎً؟
ﻓﻘﺎﻝ :ﻟﻳس ﺑﻧﺑﻲ وﻻ ﻣﻠك ،وﻟﻛﻧﻪ ﻋﺑد ﺻﺎﻟﺢ أﺣب اﷲ ﻓﺄﺣﺑﻪ،
وﻧﺎﺻﺢ اﷲ ﻓﻧﺎﺻﺣﻪ .ﺑﻌﺛﻪ اﷲ ﻋز وﺟﻝ إﻟﻰ ﻗوﻣﻪ ﻓﺿرﺑوﻩ ﻋﻠﻰ ﻗرﻧﻪ
اﻷﻳﻣن ﻓﻣﺎت .ﺛم أﺣﻳﺎﻩ اﷲ ﻓدﻋﺎﻫم ،ﻓﺿرﺑوﻩ ﻋﻠﻰ ﻗرﻧﻪ اﻷﻳﺳر ﻓﻣﺎت
ﺳﻣﻲ ذو اﻟﻘرﻧﻳن ذا اﻟﻘرﻧﻳن ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻓﻲوﻓﻳﻛم ﻣﺛﻠﻪ .وﻗﺎﻝ اﻟﺣﺳن :إﻧﻣﺎ ّ
رأﺳﻪ ﺿﻔﻳرﺗﺎن ﻣن ﺷﻌر ﻳطﺄ ﻓﻳﻬﻣﺎ .ﻗﺎﻝ ﻟﺑﻳد ﺑن رﺑﻳﻌﺔ :
أﻣﻳم ،ﻣﻘﻳم ٍ
ﺟدث، ِ
ﺑﺎﻟﺣ ْﻧو ﻓﻲ واﻟﺻﻌب ذو اﻟﻘرﻧﻳن أﺻﺑﺢ ﺛﺎوﻳﺎً
َ
أﻣﺎ اﻟﺗﻔﺳﻳر اﻟراﺑﻊ ﻓﻘد ذﻛرﻩ اﺑن ﺷﻬﺎب اﻟزﻫري اﻟذي ﻗﺎﻝ :ﺳﻣﻲ ذا
اﻟﻘرﻧﻳن ﻷﻧﻪ ﺑﻠﻎ ﻗرن اﻟﺷﻣس ﻣن ﻣﺷرﻗﻬﺎ ،وﻗرﻧﻬﺎ ﻣن ﻣﻐرﺑﻬﺎ .وﻗﺎﻝ
وﻫب اﺑن ﻣﻧﺑﻪ :ﺳﻣﻲ ذا اﻟﻘرﻧﻳن ﻷﻧﻪ ﻣﻠك ﻓﺎرس واﻟروم).(٣٤
اﻷﻟﻔﺎظ واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ :وزن ﻓﻌوﻝ
وﻳﻧﻘﻝ اﺑن اﻷﻧﺑﺎري ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻋن ﻗطرب ،ﻳﻘﺎﻝ :رﻛوب ﻟﻠرﺟﻝ اﻟذي
ﻳرﻛب .ورﻛوب ﻟﻠطرﻳق اﻟذي ﻳرﻛب .واﻧﺷد:
ﺻوان اﻟﺣﺻﻰ رﻛوﺑﺎ َﻳ َد ْﻋن ّ
أي ﻣرﻛوﺑﺎً.
)(٣٤
اﻷﺿداد ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ .ﺗﺄﻟﻳف اﺑن اﻷﻧﺑﺎري .ص .٣١٠ – ٣٠٩
١٢٠
وأﻧﺷد ﻷوس ﺑن ﺣﺟر
ق
إذا ﺿم ﺟﻧﺑﻳﻪ اﻟﻣﺧﺎرم َرْزَد ُ ﻛﺄﻧﻪ رﻛوب
ٌ وﻫم
ٌ ﺗﺿ ﱠﻣﻧﻬﺎ
)(٣٥
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق .ص .٣١٢
١٢١
وﺑﺣث . . .ﻓﻲ اﻟﺗﺻﻐﻳر
ﺛم ﻳدﺧﻝ اﺑن اﻷﻧﺑﺎري ﻓﻲ ﺑﺣث ﻧﺣوي ﻓﻲ اﻟﺗﺻﻐﻳر ﻓﻳرى أﻧﻪ ﻋﻠﻰ
ﺛﻣﺎﻧﻳﺔ أوﺟﻪ ..إﻻ أن ﻣﺎ ﻳﻬﻣﻧﺎ ﻣﻧﻬﺎ ﻫﻧﺎ:
-ﺗﺻﻐﻳر اﻟﻌﻳن ﻟﻧﻘﺻﺎن ﻓﻳﻬﺎ ﻛﻘوﻟك :ﻫذا ُﺣ َﺟ ْﻳر ،إذا ﻛﺎن
ﺻﻐﻳ اًر .وﻛذﻟك :ﻫذﻩ دوﻳرة إذا ﻟم ﺗﻛن ﻛﺑﻳرة واﺳﻌﺔ .
-وﻳﻛون اﻟﺗﺻﻐﻳر ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺗﺣﻘﻳر اﻟﻣﺻ ﱠﻐر ﻓﻲ ﻋﻳن اﻟﻣﺧﺎطب
ﺻ َﻐر ﻛﻘوﻝ اﻟﻘﺎﺋﻝ :ذﻫﺑت اﻟدﻧﺎﻧﻳر ﻓﻣﺎ ﺑﻘﻲ وﻟﻳس ﺑﻪ ﻧﻘص ﻓﻲ ذاﺗﻪ وﻻ ِ
ﻣﻧﻬﺎ إﻻ ُدﻧﻳﻧﻳٌِر واﺣد .وﻛذﻟك :ﻫﻠك اﻟﻘوم ،ﻓﻣﺎ ﺑﻘﻲ إﻻ أﻫﻝ ُﺑَﻳ ْﻳت .
-وﻳﻛون اﻟﺗﺻﻐﻳر ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻰ اﻟذم ﻛﻘوﻟﻬم :ﻳﺎﻓَُوْﻳ ِﺳق ،ﻳﺎ ُﺧَﺑﻳ ُ
ﱠث .
-وﻳﻛون اﻟﺗﺻﻐﻳر ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻰ اﻟرﺣﻣﺔ واﻹﺷﻔﺎق واﻟﻌطف ﻛﻘوﻟﻬم
ﺑﻧﻲ وﻳﺎ أُﺧ ﱠﻲ وﻟﻠﻣرأة ﻳﺎ أُﺧﻳﱠﺔ) .(٣٦
ﻟﻠرﺟﻝ :ﻳﺎ ّ
أﻣﺛﻠﺔ أﺧرى ﻣن اﻷﺿداد :اﻷﻓﻌﺎﻝ
ﻳرﺟﻊ اﺑن اﻷﻧﺑﺎري ﻓﻲ ﻓﻌﻝ "ﻳﻬوي" إﻟﻰ "ﻗطرب" ﻹﺛﺑﺎت أﻧﻪ ﻣن
اﻷﺿداد ،ﻓﻳﻘوﻝ :ﻳﻛون ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻳﺻﻌد ،وﻳﻛون ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻳﻧزﻝ ،وأﻧﺷد:
ِ
اﻟﻛﺎﺳر واﻟدﻟُو ﺗﻬوي ﻛﺎﻟﻌﻘﺎب
وﻗﺎﻝ :ﻣﻌﻧﺎﻩ ﺗﺻﻌد .واﻟﻣﻌروف ﻓﻲ ﻛﻼم اﻟﻌرب ،ﻫوت اﻟدﻟو ﺗﻬوي
ُﻫ ِوّﻳﺎً إذا ﻧزﻟت .ﻗﺎﻝ ذو اﻟرﱠﻣﺔ:
واﻧﺷﻼﻟﻬﺎ آﻻﻓﻪ اﻟﺻوى ﺑذات ﻫوي اﻟدﻟو ﻓﻲ اﻟﺑﺋر ﺷﻠﱠﺔٌ
ّ ﻛﺄن
)(٣٦
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .٢٥٥ – ٢٥٤
)(٣٧
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .٣٣٢
١٢٢
وﻓﻲ ﺗﻘدﻳﻣﻪ اﻟﻔﻌﻝ "أﺧﻔﻳت" اﻟﺷﻲء :إذا ﺳﺗرﺗﻪ ،وأﺧﻔﻳﺗﻪ إذا أظﻬرﺗﻪ،
ﻳﺳﺗﺷﻬد ﺑﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ "إن اﻟﺳﺎﻋﺔ آﺗﻳﺔ أﻛﺎد أﺧﻔﻳﻬﺎ" ﻓﻣﻌﻧﺎﻩ أﻛﺎد أﺳﺗرﻫﺎ،
ُﺑﻲ" .أﻛﺎد أﺧﻔﻳﻬﺎ ﻣن ﻧﻔﺳﻲ ،ﻓﻛﻳف أطﻠﻌﻛم ﻋﻠﻳﻬﺎ .وﻳذﻫب وﻓﻲ ﻗراءة "أ ّ
إﻟﻰ ﺗﺄوﻳﻝ ﻣن ﻧﻔﺳﻲ ،ﻣن ﻗَﺑِﻠﻲ وﻣن ﻏﻳﺑﻲ ،ﻛﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﻠم ﻣﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺳﻲ
وﻻ أﻋﻠم ﻣﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺳك .وﻳﻘﺎﻝ :ﻣﻌﻧﻰ اﻵﻳﺔ أن اﻟﺳﺎﻋﺔ آﺗﻳﺔ أﻛﺎد أظﻬرﻫﺎ.
وﻳﻘﺎﻝ :ﺧﻔﻳت اﻟﺷﻲء إذا أظﻬرﺗﻪ.
وﻳﺳﺗﺷﻬد ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻰ اﻹظﻬﺎر ﺑﻘوﻝ اﻟﺷﺎﻋر:
اﻷرض ﺗﺣﻠﻳﻝ
َ ﻓﻲ أرﺑﻊ ﱡﻣﺳﻬُن ﺛﻣﺎﻧﻳﺔ ﺑﺄظﻼف اﻟﺗراب ُﻳﺧﻔﻲ
وﻓﻲ "ﺧﺑت" اﻟﻧﺎر :إذا ﺳﻛﻧت ٕواذا ﺣﻣﻳت ﻳﺳﺗﺷﻬد ﺑﻘوﻝ اﻟﻛﻣﻳت:
اﻟﻣ ْﺧﺑﻲ
ﱠﺢ ﻧﻳران اﻟﻣﻛﺎرم ﻻ ُ
ﻣؤﺟ ُ وﺣﺎﺟب اﺑﻧﻣﺎﻩ
وَ ﺿرٌار وﻣﻧﺎ
ّ
)(٣٨
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص ٨٠
)(٣٩
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .١٥١ – ١٥٠
١٢٣
اﻟﻣﺗﺿﺎدﻳن.
وﻓﻲ ﻋﻧﻌﻧﺔ ﺗﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ ﻋﺑد اﷲ ﺑن اﻟزﺑﻳر ﻳﻘدم اﻟﻔﻌﻝ "ﺗﻠﺣﻠﺢ" ﺑﻣﻌﻧﻰ إذا أﻗﺎم ﻓﻲ
اﻟﻣوﺿﻊ وﺛﺑتٕ ،واذا زاﻝ ،ﻳروي ﻋن رﺳوﻝ اﷲ )ص( أﻧﻪ ﻟﻣﺎ ﻫﺎﺟر إﻟﻰ
اﻟﻣدﻳﻧﺔ ودﺧﻠﻬﺎ ،ﺟﺎءت ﺑﻪ ﻧﺎﻗﺗﻪ إﻟﻰ ﻣوﺿﻊ اﻟﻣﻧﺑر ﻓﺎﺳﺗﻧﺎﺧت وﺗﻠﺣﻠﺣت.
وﻓﻲ ﺗﺄوﻳﻝ ذﻟك ،ﻳﻘوﻝ :إذا ﻛﺎن ﺗﻠﺣﻠﺢ ﺑﻣﻌﻧﻰ أﻗﺎم وﺛﺑت ،ﻓﺄﺻﻠﻪ ﺗﻠﺣﱠﺢ ﻣن
اﻹﻟﺣﺎح ،ﻓﺎﺳﺗﺛﻘﻠوا اﻟﺟﻣﻊ ﺑﻳن ﺛﻼث ﺣﺎءات ،ﻓﺄﺑدﻟوا ﻣن اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ ﻻﻣﺎً ،ﻛﻣﺎ ﻗد
ﺻﱠر ،ﻓﺄﺑدﻟوا ﻣن اﻟراء اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ ﺻﺎداً.
ﺻر اﻟﺑﺎب ،وأﺻﻠﻪَ : ﺻ ْر َ
ﻗﺎﻟواَ :
وﻳﺗﺎﺑﻊ :وﻳﻘﺎﻝ ﻗد ﺗﺣﻠﺣﻝ اﻟرﺟﻝ إذا زاﻝ وأﺻﻠﻪ ﺗﺣﻠﻝ ،ﻓﺄﺑدﻟوا ﻣن اﻟﻼم
ﺣﺎء ،ﻛﻣﺎ ﻗﺎﻟوا :ﻗد ﺗﻛﻣﻛم اﻟرﺟﻝ إذا ﻟﺑس اﻟ ُﻛ ﱠﻣﺔ وﻫﻲ اﻟﻘﻠﻧﺳوة، اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ ً
)(٤٠
أﺻﻠﻪ ّ :
ﺗﻛﻣم.
واﻋﺗﻣﺎداً ﻋﻠﻰ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ "ﻗﻝ ﻻ ﺗﻌﺗذروا" ﻳﻘدم اﻟﻔﻌﻝ "اﻋﺗذر" إذا أﺗﻰ
ﺑﻌذر أو ﻟم ﻳﺄت .وﻓﻲ ﺗﻔﺳﻳر اﻵﻳﺔ ﻳﻘوﻝ إﻧﻬم اﻋﺗذروا ﺑﻐﻳر ﻋذر ﺻﺣﻳﺢ.
ﻋذر اﻟرﺟﻝ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﺟﺔ ،إذا ﻗﺻﱠر ﻓﻳﻬﺎ .وﻗد أﻋذر إذا ﺑﺎﻟﻎ وﻳﻘﺎﻝ أﻳﺿﺎً :ﻗد ﱠ
وﻟم ﻳﻘﺻر .ﻣن ذﻟك ﻗوﻟﻬم :ﻗد أﻋذر ﻣن أﻧذر أي ﺟﺎء ﺑﻣﺣض اﻟﻌذر).(٤١
أﺿداد ﻣن اﻷﺳﻣﺎء
"اﻟﻠﺣن" ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻠﺧطﺄ ،وﻳﻘﺎﻝ ﻟﻠﺻواب .ﻳﻘوﻝ اﺑن اﻷﻧﺑﺎري :ﻓﺄﻣﺎ ﻛون
اﻟﻠﺣن ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺧطﺄ ،ﻓﻼ ﻳﺣﺗﺎج ﻓﻳﻪ إﻟﻰ ﺷﺎﻫد .وأﻣﺎ ﻛوﻧﻪ ﻋﻠﻰ
ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺻواب ،ﻓﺷﺎﻫدﻩ ﻗوﻝ اﷲ ﻋز وﺟﻝ "ﻟﺗﻌر ّﻓﻧﻬم ﻓﻲ ﻟﺣن اﻟﻘوﻝ"
ﻣﻌﻧﺎﻩ ﻓﻲ ﺻواب اﻟﻘوﻝ وﺻﺣﺗﻪ) ..(٤٢اﻟﺦ.
)(٤٠
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص .٢٠٦ – ٢٠٥
)(٤١
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص ٢٨٠
)(٤٢
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص ٢٠٧
١٢٤
"واﻟﻣﺳﺗﺧﻔﻲ" ﻳﻛون اﻟظﺎﻫر وﻳﻛون اﻟﻣﺗواري .ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻣﺗواري ﻓﻬو
ﻣن ﻗوﻟﻬم :ﻗد اﺳﺗﺧﻔﻰ اﻟرﺟﻝ ،إذا ﺗوارىٕ .واذا ﻛﺎن اﻟظﺎﻫر ﻓﻬو ﻣن
اﻟﻣروي :ﻟﻳس ﻋﻠﻰ
ّ ﺧﻔﻳت اﻟﺷﻲء ،إذا أظﻬرﺗﻪ .ﻣن ذﻟك اﻟﺣدﻳث ُ ﻗوﻟﻬم:
ﺳﻣﻲ اﻟﻧﺑﺎش ﻣﺧﺗﻔﻳﺎً اﻟﻧﺑﺎشٕ ،واﻧﻣﺎ ّ
اﻟﻣﺧﺗﻔﻲ ﻗطﻊ .ﻣﻌﻧﺎﻩ :ﻟﻳس ﻋﻠﻰ ّ
وﻳظﻬر أﻛﻔﺎﻧﻬم).(٤٣ﻷﻧﻪ ﻳﺧرج اﻟﻣوﺗﻰ ُ
و"ﺑﻌض" ﻳﻛون ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺑﻌض اﻟﺷﻲء وﺑﻣﻌﻧﻰ ﻛﻠﻪ .ﻗﺎﻝ ﺑﻌض أﻫﻝ
ُﺑﻳ َن ﻟﻛم
اﻟﻠﻐﺔ ،ﻓﻲ ﻗوﻝ اﷲ ﻋز وﺟﻝ ﺣﺎﻛﻳﺎً ﻋن ﻋﻳﺳﻰ ﻋﻠﻳﻪ اﻟﺳﻼم "وﻷ ّ
ﺑﻌض اﻟذي ﺗﺧﺗﻠﻔون ﻓﻳﻪ"
ﻣﻌﻧﺎﻩ :ﻛﻝ اﻟذﻳن ﺗﺧﺗﻠﻔون ﻓﻳﻪ .واﺣﺗﺞ ﺑﻘوﻝ ﻟﺑﻳد:
ﺑﻌض اﻟﻧﻔوس ِﺣﻣﺎﻣﻬﺎ
َ ﻳﻌﺗﻠق
ْ أو أرﺿﻬﺎ
َ ﻟم إذا ٍ
أﻣﻛﻧﺔ ك
ﺗَّار ُ
ﻣﻌﻧﺎﻩ :أو ﻳﺗﻌﻠق ﻛﻝ اﻟﻧﻔوس ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺳﻠم ﻣن اﻟﺣﻣﺎم أﺣد ،واﻟﺣﻣﺎم ﻫو اﻟﻘدر.
وﻳﺗﺎﺑﻊ اﺑن اﻷﻧﺑﺎري ﻗﺎﺋﻼً :وﻗﺎﻝ ﻏﻳرﻩ :ﺑﻌض ﻟﻳس ﻣن اﻷﺿداد وﻻﻳﻘﻊ
ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻝ أﺑداً وﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟﻝ :وﻷﺑﻳن ﻟﻛم ﺑﻌض اﻟذي ﺗﺧﺗﻠﻔون ﻓﻳﻪ:
ﺿُر ﻣن اﺧﺗﻼﻓﻛم ،ﻷن اﻟذي أﻏﻳب ﻋﻧﻪ ﻻ أﻋﻠﻣﻪ ،ﻓوﻗﻌت )ﺑﻌض( َﺣ َﻣﺎ أ ْ
ﻓﻲ اﻵﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﻪ اﻟظﺎﻫر ﻓﻳﻬﺎ .وﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻗوﻝ ﻟﺑﻳد" :أو ﻳﻌﺗﻠق ﺑﻌض اﻟﻧﻔوس
ﺣﻣﺎﻣﻬﺎ" :أو ﻳﻌﺗﻠق ﻧﻔﺳﻲ ﺣﻣﺎﻣﻬﺎ ،ﻷن ﻧﻔﺳﻲ ﻫﻲ ﺑﻌض اﻟﻧﻔوس.
و" َﺣ ْرف" ﻣن أﺳﻣﺎء اﻷﺿداد ،ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻠرﺟﻝ اﻟﻘﺻﻳر ﺣرف ،وﻳﻘﺎﻝ ﻟﻠﻧﺎﻗﺔ
اﻟﻌظﻳﻣﺔ ﺣرف .وﻗﺎﻝ ﺑﻌض اﻟﺑﺻرﻳﻳن :ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻠﻧﺎﻗﺔ اﻟﺻﻐﻳرة ﺣرف ،وﻟﻠﻌظﻳﻣﺔ
ﺣرفٕ .واﻧﻣﺎ ﻗﻳﻝ ﻟﻠﻌظﻳﻣﺔ ﺣرف ﻟﺷ ﱠدﺗﻬﺎ وﺻﻼﺑﺗﻬﺎ ﺷﺑﻬت ﺑﺣرف اﻟﺟﺑﻝ.
وﻳﻘﺎﻝ :ﺑﻝ ﻗﻳﻝ ﻟﻬﺎ ذﻟك ﻟﺳرﻋﺗﻬﺎ ﺷﺑﻬت ﺑﺣرف اﻟﺳﻳف ﻓﻲ ﻣﺿﺎﺋﻪ.
)(٤٣
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص ٦٣
١٢٥
ﻗﺎﻝ اﻟﺷﺎﻋر:
)(٤٥
ﺑﺎﻧﺗﻪ ﺑﺣرف ﺿﺎﻣر
ﻓﺎﻗطﻊ ﻟُ َ دم ﻟك وﺻﻠﻪ
ٕواذا ﺧﻠﻳﻠك ﻟم ُﻳ ْ
)(٤٥
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص ١٧٣
)(٤٦
اﻷﺿداد ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ – اﺑن اﻷﻧﺑﺎري – ص .١٨٣
١٢٦
ق" .وﻛوﻧﻬﺎ ﻣزﻳدة ﻟﻠﺗوﻛﻳد ﺷﺎﻫدﻩ ﻗوﻝ اﷲ ﻋز وﺟﻝ ﻳﻧﻔد وﻣﺎ ﻋﻧد اﷲ ﺑﺎ ٍ
"ﻣﻣﺎ ﺧطﺎﻳﺎﻫم أﻏرﻗوا" ﻣﻌﻧﺎﻩ :ﻣن ﺧطﺎﻳﺎﻫم .وﻗوﻟﻪ أﻳﺿﺎً "ﻓﺑﻣﺎ ِ
ﻧﻘﺿﻬم ّ
)(٤٧
ﻣﻳﺛﺎﻗَﻬم" ﻓﻣﻌﻧﺎﻩ :ﻓﺑﻧﻘﺿﻬم ﻣﻳﺛﺎﻗﻬم .
"ﻫﻝ" ﺗﻛون اﺳﺗﻔﻬﺎﻣﺎً ،وﺗﻛون ﻟﻠﺗﺣﻘﻳق ﺑﻣﻌﻧﻰ "ﻗد" .ﻳﻘوﻝ اﺑن
اﻷﻧﺑﺎري :ﺗﻛون اﺳﺗﻔﻬﺎﻣﺎً ﻋن ﻣﺎ ﻳﺟﻬﻠﻪ اﻹﻧﺳﺎن وﻻ ﻳﻌﻠﻣﻪ ،ﻓﻳﻘوﻝ :ﻫﻝ
ﻗﺎم ﻋﺑد اﷲ؟ ﻣﻠﺗﻣﺳﺎً ﻟﻠﻌﻠم وزواﻝ اﻟﺷك .وﺗﻛون "ﻫﻝ" ﺑﻣﻌﻧﻰ "ﻗد" ﻓﻲ
ﺣﺎﻝ اﻟﻌﻠم واﻟﻳﻘﻳن وزواﻝ اﻟﺷك .ﻓﺄﻣﺎ ﻛوﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ،ﻓﻼ ﻳﺣﺗﺎج
ﻓﻳﻪ إﻟﻰ ﺷﺎﻫد .وأﻣﺎ ﻛوﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻰ "ﻗد" ﻓﺷﺎﻫدﻩ ﻗوﻝ اﷲ ﻋز وﺟﻝ:
"ﻫﻝ أﺗﻰ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن ﺣﻳن ﻣن اﻟدﻫر" ﻗﺎﻝ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن أﻫﻝ اﻟﻌﻠم،
ﻣﻌﻧﺎﻩ :ﻗد أﺗﻰ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن..
اﻟﻧﺑﻲ )ص( ﻓﻲ ﺑﻌض ﻏزواﺗﻪ:ّ ﺛم ﻳﺳﺗﺷﻬد ﺑﺎﻟﺣدﻳث اﻟﺷرﻳف :ﻗﺎﻝ
"اﻟﻠﻬم ﻫﻝ ﺑﻠّﻐت" ﻓﻣﻌﻧﺎﻩ ﻗد ﺑﻠﻐت .وﻗﺎﻝ ﺑﻌض أﻫﻝ اﻟﻠﻐﺔ إذا دﺧﻠت
"ﻫﻝ" ﻟﻠﺷﻲء اﻟﻣﻌﻠوم ﻓﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻹﻳﺟﺎب واﻟﺗﺄوﻳﻝ).(٤٨
)(٤٧
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .١٦٩
)(٤٨
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .١٦٦ – ١٦٥
١٢٧
اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ واﻹﻋﻼم
) (١
ﻣﺟﻠﺔ "اﻟﺟﻳﻝ" اﻟﻣﺟﻠد -١٩اﻟﻌدد – ٩ﺳوﻧﻳﺎ ﺳﻠوم – ص .١٥٤
١٢٨
اﻷﻋﻣق ﺷﻲء آﺧر .ﻓﻧﺣن إزاء ﻣﺷﻛﻠﺔ ﺣﻘﻳﻘﻳﺔ ﻻﺑد ﻣن اﻻﻋﺗراف ﺑﻬﺎ،
إذا ﻛﻧﺎ ﻧود ﻟﻠﻐﺗﻧﺎ اﻟﻔﺻﺣﻰ أن ﺗﺳﺗﻘر وﺗﻧﻣو وﺗﺳود.
ٕواﻧﻣﺎ ﺗﻛﺑر اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺣﻳن ﻧﻧﺗﺑﻪ إﻟﻰ أﻧﻧﺎ ﻧﻘﺿﻲ اﻟوﻗت اﻷطوﻝ ﻧﺣن
وأﺑﻧﺎؤﻧﺎ ،أﻣﺎم أﺟﻬزة اﻟﺗﻠﻔزﻳون واﻟرادﻳو ،ﻣﺳﺗﻣﻌﻳن أو ﻣﺷﺎﻫدﻳن ،ورﺑﻣﺎ
ﻳﺣدث أﺣدﻫم اﻵﺧر، أﻣﺿﻰ ﻧﻔر ﻣن اﻷﺳرة اﻟواﺣدة ﺳﺎﻋﺎت ،دون أن ّ
ﻣﺷدودﻳن ﺟﻣﻳﻌﺎً إﻟﻰ ﺗﻣﺛﻳﻠﻳﺔ أو ﻓﻳﻠم أو ﺑرﻧﺎﻣﺞ ﻳﺷﺎﻫدون.
وﺣﻳن ﻳﺻدر ﻏﻠط ﻣن ﻫذا اﻟﻣذﻳﻊ أو ﺗﻠك اﻟﻣذﻳﻌﺔ ،ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ أو
اﻟﻧﺣو واﻟﺻرف ،ﻓﺈن اﻟطﻔﻝ أو اﻟﻔﺗﻰ – واﻟراﺷد أﺣﻳﺎﻧﺎً – ﻳﺣﺳب أن ﻫذا
ﻫو اﻟﺻواب ،ﻓﺈذا ﺗﻛرر ﻣرات ﻋدﻳدة ،رﺳﺦ اﻟﻐﻠط ﻓﻲ اﻟذﻫن ،ﺣﺗﻰ
ﻳﻌﺳر اﻗﺗﻼﻋﻪ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﻳﺎن ،ﻧظ اًر ﻟﻣﺎ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﻪ اﻟﻌﺎدة ﻣن ﻗوة
ﺗﺗﻐﻠﻐﻝ ﻓﻲ ﺛﻧﺎﻳﺎ اﻟﻣزاج واﻟﻌﻘﻝ.
ﻣﻐﺎﻟط اﻟﻛﺗﺎب وﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﺻواب
ﻣﺎ ﺑرﺣت أﺗﻣﻧﻰ ﻣﺛﻼً أن أﻗ أر ﺗرﺟﻣﺔ ﻓﻳﻠم أﺟﻧﺑﻲ..ﺧﺎﻟﻳﺔ ﻣن اﻷﻏﻼط
اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻠﻊ اﻟﻌﻳن ﻛﻣﺎ ﻳﻘوﻟونَ .ﺑْﻠﻪ ﺳﻘم اﻟﺗرﺟﻣﺔ ﻓﻲ أﺣﻳﺎن ﻛﺛﻳرة ﻓﻲ ﺣﻳث
ﻻ ُﻳﻔﻬم ﻣﻧﻬﺎ ﺷﻲء ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ رﻛﺎﻛﺔ ﻟﻐﺗﻬﺎ وﻓﺳوﻟﺗﻬﺎ.
ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻟﻳﺳت ﺟدﻳدةٕ ،واﻧﻣﺎ ﻳؤﻛد ذﻟك وﻣﻬﻣﺎ ﻳﻛن ﻣن أﻣر ّ
وﺟود ﻋدة ﻣؤﻟﻔﺎت ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﺣوﻝ اﻷﻏﻼط ﻓﻲ اﻹﻋﻼم اﻟﻣﻘروء
ﻗﺑﻝ ﺳﻧوات ﺑﻌﻳدة .ﻣن ذﻟك ﻣﺛﻼً ﻛﺗﺎب ﺻدر ﻓﻲ أواﺧر اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ
ﻋﺷر – دون ذﻛر ﺗﺎرﻳﺦ طﺑﻌﻪ ،وﻟﻛن ﻣطﺑﻌﺗﻪ ،واﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﻋرﺿﺗﻪ
ﻳوﺣﻳﺎن ﺑذﻟك وﻋﻧواﻧﻪ "ﻣﻐﺎﻟط اﻟﻛﺗﺎب وﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﺻواب").(٢
) (٢
"ﻣﻐ ــﺎﻟط اﻟﻛﺗ ــﺎب وﻣﻧ ــﺎﻫﺞ اﻟﺻـ ـواب" ،ﺑﻘﻠ ــم اﻷب ﺟرﺟ ــﻲ ﺟ ــﻧن اﻟﺑوﻟﺳ ــﻲ – ﻣطﺑﻌ ــﺔ اﻟﻘ ــدﻳس ﺑ ــوﻟس –
ﺣرﻳﺻﺎ ) -ﻟﺑﻧﺎن ( – دون ﺗﺎرﻳﺦ .
١٢٩
وﺛﻣﺔ ﻛﺗﺎب "إﺻﻼح اﻟﻔﺎﺳد ﻣن ﻟﻐﺔ اﻟﺟراﺋد" اﻟﻣطﺑوع ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟرﺑﻊ
اﻷوﻝ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﻳن).(٣
ﻣن أﻳن ﺗﺗﺳرب اﻷﻏﻼط إﻟﻰ وﺳﺎﺋﻝ اﻹﻋﻼم ﻋﺎﻣﺔ ،واﻟﻣﺳﻣوﻋﺔ
واﻟﻣرﺋﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ؟
ﻻﺑد ﻣن اﻹﻗرار ﺑﺄن ﺛﻣﺔ ﺿﻌﻔﺎً ﻋﺎﻣﺎً ،ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼف ﻣﺳﺗوﻳﺎت
اﻟدراﺳﺔ ،ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﻳﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻧﺣو واﻟﺻرف واﻟﺑﻼﻏﺔ..
واﻹﻣﻼء ..واﻟﻠﻐﺔ ذاﺗﻬﺎ.
وﻻ ﺑﺄس ﻫﻧﺎ ،ﻣن ﻋودة ﺳرﻳﻌﺔ إﻟﻰ ﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﺗﻌﻠﻳم ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات اﻟﺧﻣﺳﻳن
اﻟﻣﺎﺿﻳﺔ ،ﻳوم ﻛﺎن ﻧﻣو اﻟﺗﻌﻠﻳم ﻋﻣودﻳﺎً ،ﻻ أﻓﻘﻳﺎً ،ﻣﺛﻠﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات
اﻟﺗﺎﻟﻳﺔ ،ﺑﻌد أن أﻗرت إﻟزاﻣﻳﺔ اﻟﺗﻌﻠﻳم وﻣﺟﺎﻧﻳﺗﻪ وأدﺧﻝ ﻣﺑدأ اﻟﺗرﻓﻳﻊ اﻵﻟﻲ
ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻔوف اﻻﺑﺗداﺋﻳﺔ .إن ﻧﻳﻝ اﻟﺷﻬﺎدة اﻻﺑﺗداﺋﻳﺔ ﻛﺎن ﻳﻌﻧﻲ ﺣداً أدﻧﻰ
ﻣﻘﺑوﻻً ﻣن اﻹﻟﻣﺎم ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ .وﻛﺎن ﻳﺳﻣﺢ ﻟﺣﺎﻣﻝ ﻫذﻩ اﻟﺷﻬﺎدة ﺑﺷﻐﻝ
وظﻳﻔﺔ ﻣﻌﻠم وﻛﻳﻝ ،ﻳﻣﻛن أن ُﻳﺛﺑﱠت ﻓﻲ ﻣﺎﺑﻌد ..إذ ﻳﻧﺟﺢ ﻓﻲ اﻣﺗﺣﺎن
ﻣﻌﻳن .أﻣﺎ اﻵن ..ﻓﺈن اﻟﺗﺧرج ﻣن ﻗﺳم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ذاﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ،
ﻋﺎد ﻻ ﻳﻌﻧﻲ إﺗﻘﺎن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ...ﺣﺗﻣﺎ.
اﻟﻐﻠط ﻻ ﻳﻛﻠف أﻛﺛر ﻣن اﺑﺗﺳﺎﻣﺔ
وﻧﺳﺗطﻳﻊ اﻟﻛﻼم ،دون ﺣرج ،ﻣن ﺟﺎﻧب آﺧر ﻋن ﺗدﻧﻲ ﻣﺳﺗوى
ﺑﻌض ﻣدرﺳﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻧوﻳﺔ – واﻟﺟﺎﻣﻌﻳﺔ أﻳﺿﺎً –
وﻣﻌروف أن ﻓﺎﻗد اﻟﺷﻲء ﻻ ﻳﻌطﻳﻪ.
ﻛﺎن اﻟوﻗوع ﻓﻲ اﻟﻐﻠط ،ﻳﻌﻧﻲ ﺷﻌور ﺻﺎﺣﺑﻪ ﺑﻛﺛﻳر ﻣن اﻟﺣرج
واﻻرﺗﺑﺎك ،ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎن ﻫذا اﻟﻐﻠط طﻔﻳﻔﺎً .وﻟﻛﻧﻪ اﻵن ،ﻻ ﻳﻘﺗﺿﻲ ﺳوى
)" (٣إﺻﻼح اﻟﻔﺎﺳد ﻣن ﻟﻐﺔ اﻟﺟراﺋد" ﺗﺄﻟﻳف ﻣﺣﻣد ﺳﻠﻳم اﻟﺟﻧدي – ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﺗرﻗﻲ .١٩٢٥ -
١٣٠
اﺑﺗﺳﺎﻣﺔ ﺑﺳﻳطﺔ ،ﻗد ﺗﻌﻧﻲ :ﻫﻝ ﺧرﺑت اﻟدﻧﻳﺎ ﺟراء ﻫذا اﻟﻐﻠط ؟
ﻳﺣدث ﻫذا ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﻳﺷﻌر ﺑﺧﺟﻝ وﺣرج ﻛﺑﻳرﻳن ،ﻣن ﻳﻐﻠط
ﻓﻲ ﻟﻐﺔ أﺟﻧﺑﻳﺔ ﻣﺎ..وﻗد ﻳﻛون ﻟذﻟك ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻌﻘدة اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟدوﻧﻳﺔ ﻟدى
ﻫؤﻻء اﻟﻧﺎس...
وﺗﻣﺛﻝ اﻟﺗرﺟﻣﺔ اﻟردﻳﺋﺔ واﺣداً ﻣن ﻣﺟﺎﻻت اﻹﺳﻬﺎم اﻟواﺳﻌﺔ ﻓﻲ
اﻷﻏﻼط اﻟﻠﻐوﻳﺔ .وﺗﺳرﺑت ﻧﺗﻳﺟﺔ ذﻟك ﺗراﻛﻳب إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﻫﺟﻳﻧﺔ
ﺗﻣﺎﻣﺎً ،ﻣن ﻣﺛﻝ ﻗوﻟﻬم" :ﻛﻠﻣﺎ ﻛﺛر اﻟﻐﻳم ،ﻛﻠﻣﺎ ﻛﺛر اﻟﻣطر" وﻣﻌروف أن
"ﻛﻠﻣﺎ" اﻟﻣﺻدرﻳﺔ اﻟظرﻓﻳﺔ ،ﻻﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺗﻛرارﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺟواب ﻣرة ﺛﺎﻧﻳﺔ.
ﻗﺎﻝ اﻟﺷﺎﻋر:
رﱠﻛب اﻟﻣرء ﻓﻲ اﻟﻘﻧﺎة ﺳﻧﺎﻧﺎ ﻗﻧﺎة اﻟزﻣﺎن أﻧﺑت ﻛﻠﻣﺎ
١٣١
ﻳﻌود ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤ ﱠﻛد وﻳﻧﺎﺳﺑﻪ ،ﻓﻳﻘﺎﻝ" :ﺟﺎء اﻟرﺟﻝ ﻧﻔﺳﻪ" و "ر ُ
)(٤
أﻳت اﻟﻣرأة
ذاﺗﻬﺎ".
• إن ﻛﻠﻣﺗﻲ "ﺳوى" و"ﻏﻳر" ﻫﻣﺎ ﻣن أدوات اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ،ﺗردان
ﻫﻛذا دون إدﺧﺎﻝ "اﻝ" اﻟﺗﻌرﻳف ﻋﻠﻳﻬﻣﺎ .واﻟﻐﻠط اﻟﺻراح ﻓﻲ ﺗﻌرﻳﻔﻬﻣﺎ
ﻛﺄن ﻳﻘﺎﻝ :وﻫذا "اﻟﺳﱠوى" ﻣن اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت .وﻫذﻩ اﻷﻟﻔﺎظ "اﻟﻐﻳر" ﻣﻔﻬوﻣﺔ.
واﻟﺻواب اﻟﻘوﻝ" :وﺳوى ﻫذا ﻣن اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت" .و"ﻫذﻩ اﻷﻟﻔﺎظ ﻏﻳر
اﻟﻣﻔﻬوﻣﺔ" .
وﻳدﺧﻝ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻐﻠط ﺗﻌرﻳف ﻟﻔظ "ﺑﻌض" ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻﺗﻌرف
ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق.
• اﺳﺗﺧدام "ﻻم" اﻻﺧﺗﺻﺎص واﻟﻣﻠك ﻓﻲ ﻏﻳر ﻣوﺿﻌﻬﺎ ﻳؤدي
إﻟﻰ رﻛﺎﻛﺔ وﺿﻌف ﻓﻲ ﺗرﻛﻳب اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻠﻐوي .وﻗد ﻛﺛر ذﻟك ﻓﻲ
اﻟﺳﻧوات اﻷﺧﻳرة ،ﺣﺗﻰ ﺑﺎت ﻧﺗﻳﺟﺔ اﻟﺗﻛرار واﻟﺗواﺗر ،وﻛﺄﻧﻪ ﺻواب .
ﻳﻘﺎﻝ ﻣﺛﻼً "اﻟﺟﻧﺔ ﻟﻠﻣؤﻣﻧﻳن" ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ اﻻﺧﺗﺻﺎص .وﻳﻘﺎﻝ أﻳﺿﺎً:
"ﻟﻪ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﻣوات وﻣﺎ ﻓﻲ اﻷرض" ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ اﻟﻣﻠك).(٥
وﻧﻐﻠط ﺣﻳن ﻧﻘوﻝ" :ﻓﻲ اﻟﺳن اﻟﻣﺑﻛرة ﻟﻠطﻔﻝ" ﻓﺎﻷﻓﺻﺢ أن ﻧﻘوﻝ" :ﻓﻲ
) (٤
ذﻛرت ﻛﺗب اﻟﻧﺣو اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺳﺑﻌﺔ أﻟﻔﺎظ ﻟﻠﺗوﻛﻳد ﻫـﻲ :ﻧﻔـس – ﻋـﻳن – ﻛـﻼ – ﻛﻠﺗـﺎ – ﻛـﻝ – ﺟﻣﻳـﻊ –
ﻋﺎﻣــﺔً ﻓﻘــط .وﻟﻛــن ﺑﻌﺿــﻬم أﺿــﺎف ﻟﻔظ ـﺎً آﺧــر ﻫــو "ذات " وﻫــو دارج وﻻ أرى ﻣﺎﻧﻌ ـﺎً ﻣــن اﺳــﺗﺧداﻣﻪ" :
ﺷـذور اﻟــذﻫب ﻓـﻲ ﻣﻌرﻓــﺔ ﻛـﻼم اﻟﻌــرب " ﻻﺑـن ﻫﺷــﺎم – ﺷـرﺣﻪ ﻣﺣﻣــد ﻣﺣﻳـﻲ اﻟــدﻳن ﻋﺑـد اﻟﺣﻣﻳــد – ﻣﺻــر
اﻟﺟدﻳدة – ﻳوﻟﻳﺔ – ١٩٤٨ص ٤٤٢ﻓﻣﺎ ﺑﻌد – و ﻗواﻋد اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ " ﺗﺄﻟﻳف :ﺣﻧﻔﻲ ﻧﺎﺻـﻳف وآﺧـرﻳن
" دون ﺗــﺎرﻳﺦ " -اﻟﻘــﺎﻫرة و" اﻟواﺿــﺢ ﻓــﻲ اﻟﻘواﻋــد واﻹﻋ ـراب " ﺗــﺄﻟﻳف :ﻣﺣﻣــد زرﻗــﺎن اﻟﻔــرخ " دون ﺗــﺎرﻳﺦ "
دﻣﺷق .
) (٥
" أﻗ ــرب اﻟﻣـ ـوارد ﻓ ــﻲ ﻓﺻ ــﺢ اﻟﻌرﺑﻳ ــﺔ واﻟﺷـ ـوارد " ﺗ ــﺄﻟﻳف :ﺳ ــﻌﻳد اﻟﺧ ــوري اﻟﺷـ ـرﺗوﻧﻲ – ﻣطﺑﻌ ــﺔ ﻣرﺳ ــﻠﻲ
اﻟﻳﺳوﻋﻳﺔ – ﺑﻳروت ﺳﻧﺔ .١٨٨٩
١٣٢
ﺳن اﻟطﻔﻝ اﻟﻣﺑﻛرة" ﻓﻠﻔظ "اﻟﻣﺑﻛرة" ﻫو ﺻﻔﺔ ﻟﻛﻠﻣﺔ "ﺳن" وﻳﺟﺎﻧﺑون
اﻟﺻواب ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﻘوﻟون ﻓﻲ ﻧﺷرات اﻷﺧﺑﺎر" :ﺟرى ذﻟك إﺛر ﻗﺗﻝ اﻟﺟﻧود
اﻹﺳراﺋﻳﻠﻳﻳن ﻻﺛﻧﻳن ﻣن اﻟﻔﻠﺳطﻳﻧﻳﻳن" وﻛﺎن ﻳﺟب أن ﻳﻘﺎﻝ .." :اﺛﻧﻳن ﻣن
اﻟﻔﻠﺳطﻳﻧﻳﻳن" ﻷن ﻛﻠﻣﺔ "اﺛﻧﻳن" ﻫﻲ ﻣﻌﻣوﻝ اﻟﻣﺻدر اﻟﻣﺿﺎف اﻟذي
ﻳﻌﻣﻝ ﻋﻣﻝ اﻟﻔﻌﻝ اﻟﻣﺑﻧﻲ ﻟﻠﻣﻌﻠوم ،ﻓﻬﻲ إذاً "ﻣﻔﻌوﻝ ﺑﻪ".
ﻳﺣﻣﻠون اﻟﻠوم ﻟﻠﺟﺎﻧب اﻟﻔﻠﺳطﻳﻧﻲ" وﻫﻛذا أُﻟﻐﻲ وﻳﻘوﻟون أﻳﺿﺎًّ " :
ﻳﺣﻣﻠون
ﻳﺣﻣﻠون" اﻟذي ﻳﻧﺻب ﻣﻔﻌوﻟﻳن ﻓﺎﻟﺻواب ﻗوﻟﻬم ) "ّ (٦ ﻣﻌﻣوﻻ ﻓﻌﻝ " ّ
ﻳﺣﻣﻠون اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻔﻠﺳطﻳﻧﻲ اﻟﻠوم.اﻟﻠوم اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻔﻠﺳطﻳﻧﻲ" .أو ّ
ﻓﺗﺢ ﻫﻣزة إن وﻛﺳرﻫﺎ:
• ﻳﻛﺛر اﻟﻐﻠط ﻓﻲ ﻓﺗﺢ ﻫﻣزة "أن" أو ﻛﺳرﻫﺎ .وﻫﻲ واﺟﺑﺔ اﻟﻔﺗﺢ ﻓﻲ
اﻟﻣواﺿﻳﻊ اﻟﺗﺎﻟﻳﺔ) :(٧
-١أن ﻳﻛون ﻟﻠﻣﺻدر اﻟﻣؤوﻝ ﻣﻧﻬﺎ وﻣن ﻣﻌﻣوﻟﻳﻬﺎ ﻣﺣﻝ ﻟﻺﻋراب:
اﻟﻔﺎﻋﻝ "أو ﻟم ﻳﻛﻔﻬم أﻧﺎ أﻧزﻟﻧﺎ") (٨أي إﻧزاﻟﻧﺎ .أو ﻧﺎﺋب اﻟﻔﺎﻋﻝ "ﻗﻝ أوﺣﻲ
إﻟﻲ أﻧﻪ اﺳﺗﻣﻊ ﻧﻔر ﻣن اﻟﺟن") .(٩
-٢أن ﺗﻘﻊ ﻣﻔﻌوﻻً ﻟﻐﻳر اﻟﻘوﻝ" .وﻻ ﺗﺧﺎﻓون أﻧﻛم أﺷرﻛﺗم ﺑﺎﷲ") .(١٠
-٣أن ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ رﻓﻊ ﺑﺎﻹﺑﺗداء "وﻣن آﻳﺎﺗﻪ أﻧك ﺗرى اﻷرض
) (٦
ﻟﻳس ﺑﻳن اﻷﻓﻌﺎﻝ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺻب ﻣﻔﻌوﻟﻳن ،ﻓﻌﻝ " ﺣ ﱠﻣﻝ " وﻟﻛن ﻫﻧﺎك ﻣرادﻓـﻪ " أﻋطـﻰ " وﻫـو ﻓـﻲ ﻣﻌﻧـﺎﻩ
ﺗﻘرﻳﺑﺎً .
) " (٧ﺷذور اﻟذﻫب " ص .٢١٨ -٢١٧
) (٨
ﻣن ﺳورة اﻟﻌﻧﻛﺑوت – ﻣن اﻵﻳﺔ .٥١
) (٩
ﻣن ﺳورة اﻟﺟن – ﻣن اﻵﻳﺔ .١
)(١٠
ﻣن ﺳورة اﻹﻧﻌﺎم – ﻣن اﻵﻳﺔ .٨١
١٣٣
ﺧﺎﺷﻌﺔ") (١١أو أن ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ اﻟﺧﺑر "اﻋﺗﻘﺎدي أﻧك ﻓﺎﺿﻝ" .
-٤أن ﺗﻛون ﻣﺟرورة ﺑﺎﻟﺣرف "ذﻟك ﺑﺄن اﷲ ﻫو اﻟﺧﺎﻟق") (١٢أو أن
ﺗﻛون ﻣﺟرورة ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ "إﻧﻪ ﻟﺣق ﻣﺛﻝ ﻣﺎ أﻧﻛم ﺗﻧطﻘون") .(١٣
-٥أن ﺗﻘﻊ ﺗﺎﺑﻌﺔ – ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ اﻟﻌطف أو اﻟﺑدﻝ "اذﻛروا ﻧﻌﻣﺗﻲ
اﻟﺗﻲ أﻧﻌﻣت ﻋﻠﻳﻛم وأﻧﻲ ﻓﺿﻠﺗﻛم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻣﻳن") .(١٤
-٦أن ﺗﻘﻊ ﺑﻌد "ﻟوﻻ" و"ﻟو" و"إﻻ" ﻧﺣو "ﻟوﻻ أﻧك ﺗﻌﻣﻝ ﻻﺣﺗﺟت اﻵﺧرﻳن"
و"ﻟو أﻧﻪ ﻋﻣﻝ ﻟﺗﺻدى ﻟﻠﻔﻘر" و"ﺗﻌﺟﺑﻧﻲ أﺧﻼﻗﻪ إﻻ أﻧﻪ ﻛﺛﻳر اﻟﻧﺳﻳﺎن") .(١٥
وﻳﺟب ﻛﺳر ﻫﻣزة "إن" ﻓﻲ اﻟﻣواﺿﻊ اﻟﺗﺎﻟﻳﺔ):(١٦
-١ﻓﻲ اﺑﺗداء اﻟﻛﻼم "إﻧﺎ أﻋطﻳﻧﺎك اﻟﻛوﺛر") .(١٧
إن ﻣﻔﺎﺗﺣﻪ -٢أن ﺗﻘﻊ ﻓﻲ أوﻝ اﻟﺻﻠﺔ "وآﺗﻳﻧﺎﻩ ﻣن اﻟﻛﻧوز ﻣﺎ ﱠ
ﻟﺗﻧوء") (١٨أو ﻓﻲ أوﻝ اﻟﺻﻔﺔ ﻧﺣو "ﻣررت ﺑرﺟﻝ إﻧﻪ ﻓﺎﺿﻝ" أو ﻓﻲ أوﻝ
اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﺣﺎﻟﻳﺔ ﻛﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ" :ﻛﻣﺎ أﺧرﺟك رﺑك ﻣن ﺑﻳﺗك ﺑﺎﻟﺣقٕ ،وان
ﻓرﻳﻘﺎً ﻣن اﻟﻣؤﻣﻧﻳن ﻟﻛﺎرﻫون") (١٩أو أن ﺗﺟﻲء ﻓﻲ أوﻝ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻣﺿﺎف
ﺟﻠﺳت ﺣﻳث إن زﻳداً ﺟﺎﻟس" .ُ إﻟﻳﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺧﺗص ﺑﺎﻟﺟﻣﻝ ﻧﺣو "
)(١١
ﻣن ﺳورة ﻓﺻﻠت – ﻣن اﻵﻳﺔ .٣٩
)(١٢
ﻣن ﺳورة اﻟﺣﺞ – ﻣن اﻵﻳﺔ .٦
)(١٣
ﻣن ﺳورة اﻟذارﻳﺎت – ﻣن اﻵﻳﺔ .٢٣
)(١٤
ﻣن ﺳورة اﻟﺑﻘرة – ﻣن اﻵﻳﺔ .٤٧
)(١٥
" اﻟواﺿﺢ " ﻣﺣﻣد زرﻗﺎن اﻟﻔرخ – ص .١٨٠
)(١٦
" ﺷذور اﻟذﻫب " ص .٢١٦ – ٢١٥
)(١٧
ﻣن ﺳورة اﻟﻛوﺛر – ﻣن اﻵﻳﺔ .١
)(١٨
ﻣن ﺳورة اﻟﻘﺻص – ﻣن اﻵﻳﺔ .٧٦
)(١٩
ﻣن ﺳورة اﻷﻧﻔﺎﻝ – ﻣن اﻵﻳﺔ .٥
١٣٤
-٣أن ﺗﻘﻊ ﻗﺑﻝ اﻟﻼم اﻟﻣﻌﻠﻘﺔ أي اﻟﻣزﺣﻠﻘﺔ ﻧﺣو "واﷲ ﻳﻌﻠم إﻧك
ﻟرﺳوﻟﻪ") .(٢٠
-٤أن ﺗﻘﻊ ﻣﺣﻛﻳﺔ ﺑﺎﻟﻘوﻝ ﻧﺣو "ﻗﺎﻝ إﻧﻲ ﻋﺑد اﷲ") .(٢١
-٥أن ﺗﻘﻊ ﺟواﺑﺎً ﻟﻠﻘﺳم ﻛﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ" :ﺣم واﻟﻛﺗﺎب اﻟﻣﺑﻳن إﻧﺎ أﻧزﻟﻧﺎﻩ") .(٢٢
-٦أن ﺗﻘﻊ ﺧﺑ اًر ﻧﺣو " زﻳد إﻧﻪ ﻓﺎﺿﻝ " .
وﻟﻳس ﻣن ﺿﺎﺑط ﻓﻲ اﻹﻋﻼم اﻟﻣﺳﻣوع أو اﻟﻣرﺋﻲ ﻟﺿﺑط ﻫذﻩ اﻟﻬﻣزة
ﻓﻘد ﻳﻛﺳروﻧﻬﺎ ﺣﻳث ﻳﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﻔﺗﺢ ﻛﻘوﻟﻬم "وأﺿﺎف إن" وﻗد ﻳﻔﺗﺣوﻧﻬﺎ
ﺣﻳث ﻳﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﻛﺳر ﻛﻘوﻟﻬم "ﻗﺎﻝ أن".
ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻋﻳن اﻟﻣﺿﺎرع :
• ﻳﺻﻌب ﺿﺑط ﻋﻳن اﻟﻣﺿﺎرع أﺣﻳﺎﻧﺎً دون اﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺟم،
ﻟﻛن ﻫﻧﺎك أﻓﻌﺎﻻً ﻛﺛﻳرة اﻹﺳﺗﻌﻣﺎﻝ ﻗراءة وﻛﺗﺎﺑﺔ ،ﻓﻲ ﺣﻳث ﻻﻳﻘﻊ ﻏﻠط
ﻓﻲ ﻟﻔظﻬﺎ ﻟو ﺗرك ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺗﻠﻘﺎﺋﻳﺎً .
وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈﻧﻬم ﻳﻐﻠطون ﻓﻲ ﻗراءﺗﻬﺎ ﺣﺗﻰ وﻫﻲ ﻓﻲ ﺻﻳﻐﺔ اﻟﻣﺎﺿﻲ،
ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷوﻗﺎت ،ﻣﺛﻝ اﻷﻓﻌﺎﻝ اﻟﺗﺎﻟﻳﺔ" :ﺷرب .ﻛﺳر .ﻟﻌب .ﺿرب.
ﺳﺣب .ﻋﻣﻝ ....إﻟﺦ".
ﻳﻛﺛر اﻟﻐﻠط أﻳﺿﺎً ﻓﻲ ﻗراءة اﻟﺣرف اﻷﺧﻳر ﻣن اﻟﻔﻌﻝ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻣﻌﺗﻝ
ﺳﻌوا" ﺣﻳث ﻳﻧﺑﻐﻲ أن ﻗﺿوا – َ رﻣوا – َاﻵﺧر ﺑﺎﻷﻟف .ﻓﺈن أﻓﻌﺎﻻً ﻣﺛﻝ " َ
ﺗﻛون ﺣروف "اﻟﻣﻳم واﻟﺿﺎد واﻟﻌﻳن" ﻣﻔﺗوﺣﺔ ،ﺗﻘ أر ﻣﺿﻣوﻣﺔ .وﺛﻣﺔ أﻓﻌﺎﻝ
ﻳﺟب أن ُﻳﻘ أر اﻟﺣرف اﻷﺧﻳر ﻓﻳﻬﺎ ﻣﺿﻣوﻣﺎً ،ﻟﻛﻧﻬم ﻳﻔﺗﺣوﻧﻬﺎ ﻛﻘوﻟﻬم:
)(٢٠
ﻣن ﺳورة اﻟﻣﻧﺎﻓﻘﻳن – ﻣن اﻵﻳﺔ .١
)(٢١
ﻣن ﺳورة ﻣرﻳم – ﻣن اﻵﻳﺔ .٣٠
)(٢٢
ﻣن ﺳورة اﻟدﺧﺎن – ﻣن اﻵﻳﺔ .١
١٣٥
اﻣوا" ﺑﻔﺗﺢ اﻟﻼم واﻟﻣﻳﻣﻳن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎﻝ. ﺳﺎﻣوا – ر َ"ﻗﺎﻟَوا – َ
"ﺣﺳب" ﺳﺎﻛﻧ ًﺔ . . .وﻣﺗﺣرﻛﺔ
• ﻫﻧﺎك ﻛﻠﻣﺗﺎن ﻣﺧﺗﻠﻔﺗﺎ اﻟﻣﻌﻧﻰ واﻟدﻻﻟﺔ واﻹﻋراب ،ﻟﻛﻧﻬﻣﺎ
ﺗﺳﺗﺧدﻣﺎن ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ واﺣد ،ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن اﺧﺗﻼف اﻟﻣﻘﺎم .ﻋدد
ﺣروﻓﻬﻣﺎ واﺣد ،ﻟﻛن ﺷﻛﻠﻬﻣﺎ ﻳﺧﺗﻠفَ " .ﺣ ْﺳب" و " َﺣ َﺳب" .
ﻻﺑد ﻣن اﻟﺗﻣﻳﻳز ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ إذاً ﻛﻣﺎ ﻳﻠﻲ:
ﻫم"أي ﻛﻔﺎﻳﺗك درﻫم .وﻗد ﺗزاد اﻟﺑﺎء ﻓﻳﻘﺎﻝ أ -١ -ﻧﻘوﻝ " َﺣ ْﺳُﺑ َك در ُ
ﻓﺣ ْﺳب ﻣﺑﺗدأ واﻟﺑﺎء زاﺋدة .وﻟﻛن "اﻟﺳﻳن" ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﻳن "ﺑﺣﺳﺑك درﻫم" َ
ﺳﺎﻛﻧﺔ .
ﺣﺳﺑك ﻣن رﺟﻝ" أي "ﻛﺎﻓﻳﺎً ﻟك" َ أ -٢ -وﻧﻘوﻝ أﻳﺿﺎً" :ﻫذا ز ُ
ﻳد
ﺑﻧﺻب " َﺣ ْﺳب" ﺣﺎﻻً ﻣن زﻳد .
أ -٣ -وﻧﻘوﻝ أﻳﺿﺎً " َﺣ ْﺳب" ﻏﻳر ﻣﺿﺎﻓﺔ ،ﻓﺗُﺑﻧﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺿمَ
ﻳد ﺻدﻳﻘﻲ ب ﻳﺎأﺧﻲ" وﻗد ﺗدﺧﻝ اﻟﻔﺎء ﻟﻠﺗزﻳﻳن ،ﻓﻳﻘﺎﻝ" :ز ُ ﻛﻘوﻟﻧﺎ" :ﻫذا َﺣ ْﺳ ُ
ﻓﺣﺳب" أي ﻳﻛﻔﻳﻧﻲ ﻋن ﻏﻳرﻩ .
ب_ أﻣﺎ اﻟﻠﻔظ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻬو " َﺣ َﺳب" ﻣﻔﺗوﺣﺔ اﻟﺳﻳن ،وﺗدﻝ ﻫذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺔ
ﺣﺳبﻋﻠﻰ اﻟﻌدد واﻟﻘدر ﻛﻘوﻟﻧﺎ" :ﻫذا ﺑﺣﺳب ﻫذا"وﻣﻧﻪ "اﻷﺟر ﻋﻠﻰ َ
اﻟﻣﺻﻳﺑﺔ" و"ﻟﻳﻛن ﻋﻣﻠك ﺑﺣﺳب ذﻟك"
)(٢٣
اﻟﺣ َﺳب" وﻫو ﻣﺎ ﻧﻌدﻩ ﻣن ﻣﻔﺎﺧر اﻵﺑﺎء . وﻫﻧﺎك أﺧﻳ اًر " َ
ﻣﻊ اﻷﻓﻼم واﻟﺑراﻣﺞ اﻟﻣﺗرﺟﻣﺔ
• ﻳﺿﻳق اﻟﻣﺟﺎﻝ ﻫﻧﺎ ﻛﺛﻳ اًر ﻋن اﻟﺣدﻳث ﻓﻲ أﻏﻼط اﻟﻧﺣو واﻟﺷﻛﻝ،
)(٢٣
" أﻗرب اﻟﻣوارد " .
١٣٦
ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻛﺛر ﻗراءةً ﺑﺄﺻوات ﺑﻌض اﻟﻣذﻳﻌﻳن أو ﻣﻘدﻣﻲ اﻟﺑراﻣﺞ أو
اﻟﻣﺗﺣدﺛﻳن ،وﻛﺗﺎﺑﺔً ﻓﻲ ﺗرﺟﻣﺔ اﻟﺣوار اﻷﺟﻧﺑﻲ ،ﻓﻲ اﻷﻓﻼم واﻟﺑراﻣﺞ،
إﻟﻰ اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰ ،وﻫﻲ ﻫﻧﺎ ﻣطﺑوﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺷرﻳط -وﻟﺳت ﻫﻧﺎ
ﻷﺗﺣدث ﻋن رﻛﺎﻛﺔ اﻟﺗرﺟﻣﺔ وﺳﻘﻣﻬﺎ إﻟﻰ درﺟﺔ اﻟﻌﺟز ﻋن ﻓﻬم ﻣﺎ ﻳﻘﺻد
ﺑﻬﺎ – ﻋﻠﻰ أﻧﻲ أﻗف ﻋﻧد ﺑﻌض اﻷﻓﻌﺎﻝ اﻟﻣﺎﺿﻳﺔ اﻟﻧﺎﻗﺻﺔ ،واﻷﺣرف
اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻝ" :ﻛﺎن وأﺧواﺗﻬﺎ"و "إن وأﺧواﺗﻬﺎ" ﻓﻌوﺿﺎً ﻋن أن ﻳﻘﺎﻝ
"ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟدار رﺟﻝ" ﻳﻧﺻب اﺳم ﻛﺎن اﻟﻣﺗﺄﺧر ،ﻛﻣﺎ ﻟو أن ﺷﺑﻪ اﻟﺟﻣﻠﺔ
ﻣﺳد اﺳم ﻛﺎن ..
ﻣن اﻟﺟﺎر واﻟﻣﺟرور "ﻓﻲ اﻟدار" ﺳد ّ
واﻷﻣر ﻛذﻟك ،ﻟو ﻛﺎن ﻣﻛﺎن اﻟﺟﺎر واﻟﻣﺟرور "ظرف ﻣﻛﺎن أو زﻣﺎن"
ﻓﻳﻘوﻟون" :ﻛﺎن ﺧﻠف اﻟﺟﺑﻝ رﺟﻼً"!
وﻳﻘوﻟون" :إن اﻷﻣر ﻋظﻳﻣﺎً" و"ﻟﻳت اﻟطرﻳق ﻗﺻﻳ اًر ...وﻫﻛذا.
....ﺛم ﺣدث وﻻﺣرج ﻋن اﻟﺧﻠط ﺑﻳن اﻷﺣرف اﻟﺷﻣﺳﻳﺔ واﻟﻘﻣرﻳﺔ.
وﻫو ﻣﺎ ﻛﺎن ﺟﻳﻠﻧﺎ ﻳﻌرﻓﻪ ﺑﻌد اﻟﺻف اﻷوﻝ اﻻﺑﺗداﺋﻲ.
ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻠﻬﺟﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ
اﻷﻣر اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟذي ﻧﺣب أن ﻧﻘﺎرﺑﻪ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻝ اﻹﻋﻼم اﻟﻣﺳﻣوع
واﻟﻣرﺋﻲ ﻫو اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ أو اﻟﻠﻬﺟﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔٕ .واذا ﻛﺎن ﺛﻣﺔ ﻟﻬﺟﺎت
ﻋﺎﻣﻳﺔ ﻋرﺑﻳﺔ ﻣﺗﻌددة ،إﻻ أن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺷﻛو ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد
ﻫﻲ واﺣدة ﺗﻘرﻳﺑﺎً.
وأﺣب أن أﺗﺳﺎءﻝ ﻫﻧﺎ :ﻫﻝ ﻳﻣﻛن اﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻋن اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻝ
اﻹﻋﻼم؟
وﻳﺗﺑﻊ ذﻟك ﺣﻛﻣﺎً ﺳؤاﻝ آﺧر طﺑﻳﻌﻲ ،ﻓﻠﻣﺎذا ﻳرﻏب اﻟﻛﺗﺎب وﺧﺎﺻﺔ
ﻛﺗﺎب اﻟﺗﻣﺛﻳﻠﻳﺎت أن ﻳﻌﺑروا ﻋن اﻷﺣداث اﻟﺟﺎرﻳﺔ واﻟﻧﻣﺎذج اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ
اﻟﻣﺗﺣﺎورة ،ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ؟
١٣٧
-١ﺳﻬوﻟﺔ اﻟﺗﻌﺑﻳر ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻳﺔ :
ﻓﺎﻟﻛﺎﺗب ﻫﻧﺎ ،ﻻﻳﺻرف أي ﺟزء ﻣن اﻫﺗﻣﺎﻣﻪ ،ﻧﺣو ﺿﺑط ﻣﻔرداﺗﻪ
وﺗراﻛﻳﺑﻪ ،ﻣن ﺣﻳث ﺧﺿوﻋﻬﺎ إﻟﻰ ﻗواﻋد اﻟﻧﺣو واﻟﺻرف وﺑﻌدﻫﺎ ﻋن
اﻟرﻛﺎﻛﺔ واﻟﻔﺳوﻟﺔ .ﻓﻳطﻠق اﻟﻌﻧﺎن ﻷﻓﻛﺎرﻩ وﺧواطرﻩ ﺗﺳﺗرﺳﻝ ﻓﻲ اﻟﺣوار
دون ﻗﻳود.
-٢ﺣ اررة اﻟﺣوار وﺻدﻗﻪ :
ﻳﻧطﻠق اﻟﻛﺎﺗب ﻓﻲ ﺣوارﻩ ﻫﻧﺎ ،ﻣن وﺟوب إﻧطﺎق ﻧﻣﺎذﺟﻪ اﻟدراﻣﻳﺔ ،ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ
ذاﺗﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛﻠم ﻓﻲ ﺑﻳﺋﺗﻬﺎ اﻟطﺑﻳﻌﻳﺔ .وﻫو ﻳرى أن ﻣن ﻏﻳر اﻟﻣﻧﺎﺳب أو
اﻟﻣﻌﻘوﻝ ﺟﻌﻝ "ﻧﻣوذج دراﻣﻲ" ﻣﻐرق ﻓﻲ ﻋﺎﻣﻳﺗﻪ اﻟﻔﻛرﻳﺔ واﻟﻠﻔظﻳﺔ،
ﻳﺗﺣدث ﻓﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺣوار ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻳﺗﺣدث اﻟﻣﺗﻌﻠﻣون أو اﻟﻣﺛﻘﻔون.
وﻟو أﻧﻪ ﻓﻌﻝ ذﻟك ،ﻟﻛﺎﻧت ﻧﺗﻳﺟﺗﻪ اﻟﻣﺑﺎﺷرة ،ﻫﻲ ﺷﻌور اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ أو
اﻟﻣﺷﺎﻫد ﺑﺎﻻﻓﺗﻌﺎﻝ ،ﻣﻣﺎ ﻳﻧﺄى ﺑﺎﻷﺣداث واﻟﺣوار ﻋن اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ ﻗﻠﺑﻪ
واﻟﺗﺄﺛﻳر ﻓﻳﻪ.
-٣ﻋدم اﻋﺗﻳﺎد اﻷذن ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺻﺣﻰ :
إن ﻟﻐﺔ اﻟﺣوار اﻟدارج ﻓﻲ ﺣﻳﺎة اﻟﻧﺎس اﻟﻳوﻣﻳﺔ ﻫﻲ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ .ﺣﺗﻰ
اﻟﻣﺗﻌﻠﻣون واﻟﻣﺛﻘﻔون أﻧﻔﺳﻬم ،ﻓﺈﻧﻬم ﻳدﻳرون أﺣﺎدﻳﺛﻬم ﺑﻠﻐﺔ ﻫﻲ اﻗرب إﻟﻰ
روح اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ،ﻣن ﺣﻳث ﻋدم ﺧﺿوﻋﻬﺎ ﻟﺿواﺑط اﻟﻧﺣو واﻟﺻرف واﻟﻠﻐﺔ،
ٕوان ﻳﻛن ﺑﻌض اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻣﻐرق ﻓﻲ ﻋﺎﻣﻳﺗﻪ ﺑﻌﻳداً ﻋﻧﻬﺎ .ﻛﻣﺎ أن ﻫؤﻻء
اﻟﻣﺗﺣدﺛﻳن ﻻ ﻳﻬﺗﻣون ﻛﺛﻳ اًرﺑﺿﺑط ﺗﻠﻔّظﻬم ﺑﺎﻷﺣرف اﻟﻠﺛوﻳﺔ.
"اﻟﺑﺧﻳﻝ" ...وﻋد١ة ﻣﺳﺗوﻳﺎت ﻟﻐوﻳﺔ
ﻟﻘد أﺣس اﻟﻛﺎﺗب اﻟﻣﺳرﺣﻲ ﻣﺎرون ﻧﻘﺎش ﺑﻬذﻩ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ،ﻣﻧذ أن ﻗدم ﻣﺳرﺣﻳﺗﻪ
اﻷوﻟﻰ "اﻟﺑﺧﻳﻝ" ﻋﺎم ،١٨٤٧ﻓﺟﻌﻝ ﻓﻳﻬﺎ ﻋدة ﻣﺳﺗوﻳﺎت ﻟﻐوﻳﺔ ﻓﺄﻧطق اﻟﺧﺎدﻣﺔ
اﻟﻠﺑﻧﺎﻧﻳﺔ "أم رﻳﺷﺎ" ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻳﺔ اﻟﻠﺑﻧﺎﻧﻳﺔ ،وأﻧطق "ﻋﻳﺳﻰ" ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻳﺔ اﻟﻣﺻرﻳﺔ .وﺗرك
١٣٨
"ﻏﺎﻟﻲ" و"ﻧﺎدر" ﻳﻧطﻘﺎن ﺑﺎﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻛﻣﺎ ﻳﻧطق ﺑﻬﺎ اﻷﺗراك ،وﺳﻣﺢ ﻟﻠﺷﺧﺻﻳﺎت
)(٢٤
اﻟﻣﺗﻌﻠﻣﺔ ﺑﻧطق اﻟﻔﺻﻳﺣﺔ .ﻟﻛن ﻋﻣﻠﻪ ﻟم ﻳﻛن ﺣﻼً ﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺣوار"
وﻧﺷر ﺳﻠﻳﻣﺎن ﻓﻳﺿﻲ اﻟﻣوﺻﻠﻲ ﻋﺎم ١٩١٩رواﻳﺔ ﻋﻧواﻧﻬﺎ "اﻟرواﻳﺔ
اﻹﻳﻘﺎظﻳﺔ" اﺳﺗﻌﻣﻝ ﻓﻲ ﺣوارﻫﺎ ﺑﻌض اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ رﻏﺑﺔ ﻓﻲ أن
ﺻﻧوع" ﻣؤﺳس ُﻣﻳون وﻳﺗﺄﺛروا ﺑﻬﺎ .وﺗﻠك أﻳﺿﺎً ﺣﺎﻝ "ﻳﻌﻘوب ّ ﻳﻔﻬﻣﻬﺎ اﻷ ّ
اﻟﻣﺳرح اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺻر ،ﻓﻘد ﻛﺗب ﻣﺳرﺣﻳﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻳﺔ رﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﺗﺛﻘﻳف
اﻟﺷﻌب).(٢٥
ودون أن ﻳﻛون اﻟﻛﺗﺎب ﻋﺎﺟزﻳن ﻋن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻔﺻﺣﻰ ،ﻓﺈﻧﻬم ﻛﺎﻧوا
ﻳﻛﺗﺑون اﻟﺣوار ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻳﺔ أو ﻳﻠﺟؤون إﻟﻰ أﺳﻠوب اﻟﺟﻣﻊ ﺑﻳن اﻟﻔﺻﺣﻰ
واﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ،ﺗﻠك ﺣﺎﻝ ﻣﺣﻣد ﺗﻳﻣور اﻟذي ﻛﺗب ﻣﺳرﺣﻳﺎت ذات ﺣوار
ﻋﺎﻣﻲ" :اﻟﻌﺻﻔور ﻓﻲ ﻗﻔص – ﻋﺑد اﻟﺳﺗﺎر أﻓﻧدي – اﻟﻬﺎوﻳﺔ" ﺑﻝ إﻧﻪ ّ
ﻛﺗب ﺣوار ﻣﺳرﺣﻳﺔ "اﻟﻌﺻﻔور ﻓﻲ ﻗﻔص" ﺑﺎﻟﻔﺻﺣﻰ أوﻝ اﻷﻣر ،ﻟﻛﻧﻪ
ﻧﻘﻠﻪ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﺣﻳن رﻏب ﻓﻲ ﺗﺟﺳﻳد اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺷﺑﺔ).(٢٦
وﻛذﻟك ﻓﻌﻝ أﺧوﻩ اﻟﻘﺎص اﻟﻣﻌروف ﻣﺣﻣود ﺗﻳﻣور اﻟذي ﻛﺎﻧت
ﺣوارات ﻗﺻﺻﻪ اﻟﻘﺻﻳرة اﻷوﻟﻰ ﺣﺗﻰ ﻋﺎم ١٩٢٨ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ..ﺛم ﻋدﻝ
ﻋن اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﺻﺣﻰ ،وأﻋﺎد ﻧﺷر أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻷوﻟﻰ ﺑﻌد أن ﺟﻌﻝ
اﻟﺣوار ﻓﻳﻬﺎ ﻓﺻﻳﺣﺎً).(٢٧
)(٢٤
" اﻟﻠﻐــﺔ اﻟﻌرﺑﻳــﺔ اﻟﻔﺻــﻳﺣﺔ ﻓــﻲ اﻟﻌﺻــر اﻟﺣــدﻳث – ﺗــﺄﻟﻳف :ﺳــﻣر روﺣــﻲ اﻟﻔﻳﺻــﻝ – ﻣﻧﺷــورات اﺗﺣــﺎد
اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرب – دﻣﺷق – ١٩٩٣ص .٢٥٩
)(٢٥
-١٦اﻟﻣﺻدر ذاﺗﻪ – ص .٢٦٠
)(٢٦
اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ – ص .٢٦١
)(٢٧
اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق – ص .٢٦٣
١٣٩
إذاً ﻓﺈن ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻗدﻳﻣﺔ ﺗﻌود إﻟﻰ أواﺳط اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر
اﻟﻣﺎﺿﻲ ،ﻣﻊ ﺑزوغ أوﻝ ﺗﺑﺎﺷﻳر اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ.
ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻠﻬﺟﺎت اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
وأﻗوﻝ إن اﻟﻛﺛرة اﻟﻛﺎﺛرة ﻣن اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟﺗﻣﺛﻳﻠﻳﺔ ﻓﻲ اﻹذاﻋﺎت و
ﺗﻘدم ﻟﻠﺟﻣﺎﻫﻳر اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﺗﻠﻔزﻳوﻧﺎت اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﺑﻣﺎ ﻓﻳﻬﺎ اﻷﻗﻧﻳﺔ اﻟﻔﺿﺎﺋﻳﺔّ ،
داﺧﻝ اﻟوطن اﻟﻛﺑﻳر وﺧﺎرﺟﻪ ﺑﺎﻟﻠﻬﺟﺔ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ.
ﻟﻘد اﺳﺗطﺎﻋت ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﺎﻫﻳر أن ﺗﺳﺗوﻋب اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ اﻟﻣﺻرﻳﺔ ،ﻧظ اًر ﻟﻠﻛم
اﻟﺿﺧم ﻣن اﻷﻓﻼم اﻟﺳﻳﻧﻣﺎﺋﻳﺔ واﻟﻣﺳﻠﺳﻼت اﻟﺗﻠﻔزﻳوﻧﻳﺔ .ﻣﻣﺎ ﺟﻌﻝ أذن
اﻟﻌرﺑﻲ ﻣﻌﺗﺎدة ﻋﻠﻰ ﺳﻣﺎع ﻫذﻩ اﻟﻠﻬﺟﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻣﻬﺎ .وﻟﻛن ﻣﺎذا ﻳﻘﺎﻝ،
ﺣﻳن ﻳدور اﻟﺣوار ﺑﻌﺎﻣﻳﺎت اﻟﻣﻐرب اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺳﻳﻧﻣﺎ واﻟﺗﻠﻔزﻳون.
إن اﻟﻣﺳﺗﻣﻊ أو اﻟﻣﺷﺎﻫد ،ﻳﻐﻳب ﻋن إدراﻛﻪ ﻛﺛﻳر ﻣن ﻣﻌﺎﻧﻲ
اﻟﻣﻔردات واﻟﺗراﻛﻳب اﻟﻣﺗداوﻟﺔ ﻫﻧﺎك ،ﻓﻲ ﻟﻬﺟﺔ ﻛﻝ ﻗطر ﻣن أﻗطﺎر
أن ﻫذا ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺔ اﻟﻣﻐرب اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻛﺑﻳر .وﻗد رأى ﺑﻌض اﻟﻛﺗﺎب ّ
ﺿرورات اﺳﺗﺧدام اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰ ،ﻟﻐﺔ ﻓﻲ اﻟﺣوار اﻟﺗﻣﺛﻳﻠﻲ ﻓﺈن
"اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺻﻳﺣﺔ ﻳﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ اﻟﺗواﺻﻝ اﻟﻠﻐوي – واﻟﺛﻘﺎﻓﻲ.. .
ﻣن ﺛم– ﺑﻳن اﻟﻌرب ﻣن اﻟﻣﺣﻳط إﻟﻰ اﻟﺧﻠﻳﺞ".
ﻛﺗﺎب اﻟﻣﺳرح . .واﻟﻔﺻﺣﻰ
...وﻟﺋن ﻛﺎن ﻣﺎﻳﻠﻔت اﻟﻧظر ،أن ﻛﺗﺎب اﻟﻣﺳرح ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ
اﻟﻌﻘود اﻷﺧﻳرة ،أﻣﺳﻰ ﻛﺛﻳرون ﻣﻧﻬم ﻳﻛﺗﺑون ﻣﺳرﺣﻳﺎﺗﻬم ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ
اﻟﻔﺻﺣﻰ ﻛﺎﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻋﺑد اﻟﻛرﻳم ﺑرﺷﻳد ﻓﻲ "ﻣراﻓﻌﺎت اﻟوﻟد اﻟﻔﺻﻳﺢ"
واﻟﻌراﻗﻲ ﻋﺎدﻝ ﻛﺎظم ﻓﻲ "اﻟزﻣن اﻟﻣﻘﺗوﻝ ﻓﻲ دﻳر اﻟﻌﺎﻗوﻝ" واﻟﻣﺻري
اﻟﻔرﻳد ﻓرج ﻓﻲ "اﻟزﻳر ﺳﺎﻟم" واﻟﺳوري د .ﻋﻠﻲ ﻋﻘﻠﺔ ﻋرﺳﺎن ﻓﻲ
"اﻟﻐرﺑﺎء"وﺳﻌد اﷲ وﻧوس ﻓﻲ "ﺣﻔﻠﺔ ﺳﻣر ﻣن أﺟﻝ ٥ﺣزﻳران" إﻻ أن ذﻟك
١٤٠
ﻟم ﻳﺣﺳم اﻷﻣر ،وﺑﻘﻳت اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣﻌﻠﻘﺔ ..ﻓﻬﻝ ﻳﻣﻛن اﻟﺳﻳر ﻓﻲ طرﻳق
َو َﺳط واﻷﺧذ ﺑﺎﻗﺗراح ﺗوﻓﻳق اﻟﺣﻛﻳم؟
ﻟﻘد ﻛﺎﻧت اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻟﻠﻣﺳرح ﻫم ﺗوﻓﻳق اﻟﺣﻛﻳم اﻷوﻝ ﻣﻧذ ﺑداﻳﺔ ﺣﻳﺎﺗﻪ
اﻷدﺑﻳﺔ ،ﻟﻛﻧﻪ ﻛﺗب ﻣﻌظم أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻷوﻟﻰ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ﻣﺛﻝ "اﻟﻣرأة اﻟﺟدﻳدة"
و"اﻟزﻣﺎر" و"ﺟﻧﺳﻧﺎ اﻟﻠطﻳف" و"رﺻﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻠب" .ﺛم ﻋدﻝ ﻋن ذﻟك إﻟﻰ
اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻔﺻﺣﻰ.
ﺛم ﻗدم اﻗﺗراﺣﺎً ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﺳرﺣﻳﺗﻪ "اﻟﺻﻔﻘﺔ" اﻟﺗﻲ ﺻدرت ﻋﺎم ١٩٥٩
دﻋﺎ ﻓﻳﻪ إﻟﻰ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ،ﺑﻠﻐﺔ ﺗﺟﻣﻊ ﺑﻳن اﻟﻔﺻﺣﻰ واﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ،وﻫﻲ ﻧﻔﺳﻬﺎ اﻟﺗﻲ
ﻛﺗب ﺑﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ .وﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻫﻲ "ﻟﻐﺔ ﺻﺣﻳﺣﺔ ﻻ ﺗﺟﺎﻓﻲ
ﻗواﻋد اﻟﻔﺻﺣﻰ .وﻫﻲ ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ﻣﻣﺎ ﻳﻣﻛن أن ﻳﻧطق ﺑﻪ اﻷﺷﺧﺎص
ﻻﺟو ﺣﻳﺎﺗﻬم .ﻟﻐﺔ ﺳﻠﻳﻣﺔ ﻳﻔﻬﻣﻬﺎ ﻛﻝ ﺟﻳﻝ وﻛﻝ ﻗطر وﻻ ﻳﻧﺎﻓﻲ طﺑﻳﻌﺗﻬم و ﱠ
وﻛﻝ إﻗﻠﻳم ،ﻳﻣﻛن أن ﺗﺟري ﻋﻠﻰ اﻷﻟﺳﻧﺔ ﻓﻲ ﻣﺣﻳطﻬﺎ .ﻗد ﻳﺑدو ﻷوﻝ وﻫﻠﺔ
ﻟﻘﺎرﺋﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﻣﻛﺗوﺑﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ،وﻟﻛﻧﻪ إذا أﻋﺎد ﻗراءﺗﻬﺎ طﺑﻘًﺎ ﻟﻘواﻋد اﻟﻔﺻﺣﻰ
ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺟدﻫﺎ ﻣﻧطﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻗدر اﻹﻣﻛﺎن .ﺑﻝ إن اﻟﻘﺎرىء ﻳﺳﺗطﻳﻊ أن ﻳﻘرأﻫﺎ
ﻗراءﺗﻳن :ﻗراءة ﺑﺣﺳب ﻧطق اﻟرﻳﻔﻲ ﻓﻳﻘﻠب اﻟﻘﺎف إﻟﻰ ﺟﻳم أو إﻟﻰ ﻫﻣزة
ﺗﺑﻌﺎً ﻟﻠﻬﺟﺔ إﻗﻠﻳﻣﻪ ،ﻓﻳﺟد اﻟﻛﻼم طﺑﻳﻌﻳﺎً ﻣﻣﺎ ﻳﻣﻛن أن ﻳﺻدر ﻋن رﻳﻔﻲ.
ﺛم ...ﻗراءة أﺧرى ﺑﺣﺳب اﻟﻧطق اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺻﺣﻳﺢ ﻓﻳﺟد اﻟﻌﺑﺎرات ﻣﺳﺗﻘﻳﻣﺔ
ﻣﻊ اﻷوﺿﺎع اﻟﻠﻐوﻳﺔ اﻟﺳﻠﻳﻣﺔ".
اﻻزدواﺟﻳﺔ اﻟﻠﻐوﻳﺔ واﻟﻧﻣو اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ
وﺑﻌد ،ﻓﺈﻧﻲ ﻟﻳﺧﻳﻝ إﻟﻲ أن ﺣﻝ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻫذﻩ اﻻزدواﺟﻳﺔ اﻟﻠﻐوﻳﺔ ﻋﻠﻰ
ﻧﺣو ﺟذري ،ﻣرﺗﺑط ﺑﻧﻣو أﻣﺗﻧﺎ اﻟﺗﻌﻠﻳﻣﻲ ورﻗﻳﻬﺎ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ،وﺳوف ﺗظﻝ
اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣطروﺣﺔ ﻣﺎ دام ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ أﻣﻳون ﺗرﻓﻊ ﻧﺳﺑﺗﻬم أﺣﻳﺎﻧﺎً
١٤١
ﺣﺗﻰ ﺳﺗﻳن ﺑﺎﻟﻣﺋﺔ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺑﻠدان اﻟﻧﺎطﻘﺔ ﺑﺎﻟﺿﺎد.
وﺣﻳن ﺗؤذن ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺿﻠﺔ ﺑﺣﻝ ،ﻓﻘد ﻻﻧﺻﻝ ﻣﺑﺎﺷرة ﺣﻳﻧذاك إﻟﻰ
اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻧﺷود ﻓﻲ ﻟﻐﺔ ﻓﺻﺣﻰ ﺳﻠﻳﻣﺔ ﺗﻣﺎﻣﺎً ،وﻫذا أﻣر طﺑﻳﻌﻲ ﻟدﻳﻧﺎ،
وﻟدى أﻣم اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .إﻻ أن اﻷﻣر اﻟﻣﻬم ﻫو أن ﻧرﺗﻘﻲ ﺑوﺳﺎﺋﻝ
إﻋﻼﻣﻧﺎ اﻟﻣﺳﻣوﻋﺔ واﻟﻣرﺋﻳﺔ إﻟﻰ درﺟﺔ ﺗﻘﻝ ﻣﻌﻬﺎ اﻷﻏﻼط إﻟﻰ اﻟﺣدود
اﻟدﻧﻳﺎ .واﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻳﻧﻧﺎ وﺑﻳن ﻫذﻩ اﻟوﺳﺎﺋﻝ ﺟدﻟﻳﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺗؤﺛر ﻓﻳﻧﺎ ﻣﺛﻠﻣﺎ
ﻧؤﺛر ﻓﻳﻬﺎ.
وﻋﻠﻰ ﻛﻝ ﺣﺎﻝ ،ﻓﻼ ﺑﺄس ﻓﻲ إﻳراد ﺑﻌض اﻟﻣﻘﺗرﺣﺎت ﻟﺗﺣﺳﻳن اﻷداء:
-١ﻳﺟب ﺗﻘدﻳم دروس ﺗﻘوﻳﺔ ﺣﺿورﻫﺎ إﻟزاﻣﻲ ،ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺋﻝ اﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻌرﺑﻳﺔ وﻧﺣوﻫﺎ وﺻرﻓﻬﺎ ،ﻳﺷﺎرك ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻳﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣﻠون اﻟرﺋﻳﺳﻳون
ﻓﻲ ﻛﻝ ﻣﺎ ﻳﺗﺻﻝ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﻓﻲ اﻹذاﻋﺔ واﻟﺗﻠﻔزﻳون . .ﻣن ﻣذﻳﻌﻳن
وﻣﻘدﻣﻲ ﺑراﻣﺞ وﻣﺗرﺟﻣﻲ اﻷﻓﻼم واﻟﻣﺳﻠﺳﻼت واﻟﺑراﻣﺞ اﻷﺟﻧﺑﻳﺔ .
-٢ﺿرورة وﺟود داﺋرة ﻣن اﻟﻣراﺟﻌﻳن اﻟﻣدﻗﻘﻳن اﻟﻠﻐوﻳﻳن ذوي
اﻷﻫﻠﻳﺔ ،ﻳﺗﺎﺑﻌون ﻧﺷرات اﻷﺧﺑﺎر واﻟﺑراﻣﺞ واﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟﻣﺗرﺟﻣﺔ ،ﻣن أﺟﻝ
ﺗﺻوﻳب ﻣﺎ ﻳرد ﻓﻳﻬﺎ ﻣن أﻏﻼط وﻟﻔت أﻧظﺎر اﻟﻣﺳؤوﻟﻳن ﻋﻧﻬﺎ ﻣﺑﺎﺷرة،
ﻋن طرﻳق اﻻﺗﺻﺎﻝ ﺑﻬم ﺷﻔﻬﻳﺎً وﻛﺗﺎﺑﻳﺎً .وﺗﻣﻛن اﺳﺗﺷﺎرﺗﻬم ﻓﻲ أﺛﻧﺎء
إﻋداد ﻧﺷرات اﻷﺧﺑﺎر .
-٣ﻋرض ﺗرﺟﻣﺎت اﻷﻓﻼم واﻟﺗﻣﺛﻳﻠﻳﺎت واﻟﺑراﻣﺞ اﻷﺟﻧﺑﻳﺔ ،ﻋﻠﻰ
اﻟﻣراﺟﻌﻳن اﻟﻣدﻗﻘﻳن اﻟﻠﻐوﻳﻳن ﻗﺑﻝ طﺑﺎﻋﺗﻬﺎ وﺗﺳﺟﻳﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺷرطﺔ،
ﻋﻠﻰ أن ﻳﻛون ﻫذا ﺷرطﺎً ﻟﺷراﺋﻬﺎ أو ﻣﺑﺎدﻟﺗﻬﺎ .
-٤إﺻدار ﻧﺷرة ﺑﺄﻫم اﻷﻏﻼط اﻟﻣﻠﺣوظﺔ ،ﻣﻊ ﺗﺻوﻳﺑﻬﺎ..وﺗﻌﻣﻳﻣﻬﺎ
١٤٢
ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻣﻠﻳن اﻟرﺋﻳﺳﻳﻳن ﻓﻲ اﻹذاﻋﺔ واﻟﺗﻠﻔزﻳون.
١٤٣
ﻣﻌﺟم ﻋﻳن اﻟﻔﻌﻝ
ﻣن اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﻳز ﺑﻬﺎ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﺗﻌدد اﻟﺻﻳﻎ اﻟﺗﻲ
ﻳﺗﺷﻛﻝ ﺑﻬﺎ اﻟﻔﻌﻝ اﻟﻣﺿﺎرع .وﻫذا ﻳﺗرك أﺛ اًر ّﺑﻳﻧﺎً ﻓﻲ ﺷﻛﻝ اﻟﻔﻌﻝ
وﻣﺿﻣوﻧﻪ ﻋﺎﻣﺔ ،ﺛم ﻳﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ ﺗﻌدد ﻣدﻫش ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ.
وﻻﺑﺄس ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣن اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ،ﻛﻲ ﺗﺗﺿﺢ أﺑﻌﺎد ﻫذا اﻟﻣوﺿوع،
وﻧﺿﻊ ﻳدﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻳت اﻟﻘﺻﻳد .ﻓﺈذا رأﻳﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﻛﻠﻳزﻳﺔ اﻟﺣدﻳﺛﺔ
أﻧﻣوذﺟﺎً ،ﻳﻣﻛن أن ﻧﻘﺎﺑﻠﻪ ﺑﻠﻐﺔ اﻟﺿﺎد ،ﻓﻲ ﻫذا اﻷﻣر ،أي :ﺻﻳﻐﺗﻲ
اﻟﻣﺎﺿﻲ واﻟﻣﺿﺎرع ،وﺟدﻧﺎ أن ﺛﻣﺔ ﺻﻳﻐﺔ واﺣدة ﻟﻛﻝ ﻣﻧﻬﻣﺎ .واﻟﺧﻼف
اﻟوﺣﻳد ﺑﻳن ﻫﺎﺗﻳن اﻟﺻﻳﻐﺗﻳن ﻓﻲ ﻟﻐﺗﻧﺎ اﻟﻌرﺑﻳﺔ واﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﻛﻠﻳزﻳﺔ ،أن
اﻟﻣﺿﺎرع ﻫو اﻷﺻﻝ ﻓﻲ ﻫذﻩ ،ﻋﻠﻰ ﺣﻳن أن اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻫو اﻷﺻﻝ ﻓﻲ
ﻟﻐﺗﻧﺎ .ﻓﻧﺣن ﻧﻘوﻝ ﻣﺛﻼً:
-ﻋﺎش – ﻳﻌﻳش.
-ﻫدى – ﻳﻬدي.
ﻳﻘرر.
ﻗرر – ﱠ
ﱠ -
-live – lived
-conduct – conducted
-decide – decided
وﻫﻛذا ﻧﻼﺣظ أن اﻟﻔﺎرق ﺑﻳن ﺻﻳﻐﺔ اﻟﻣﺿﺎرع وﺑﻳن ﺻﻳﻐﺔ اﻟﻣﺎﺿﻲ،
ﻳﻧﺣﺻر ﻓﻲ إﺿﺎﻓﺔ ﻻﺣﻘﺔ ،ﻻﺗؤدي إﻟﻰ ﺗﻐﻳﻳر ﻓﻲ ﺗرﺗﻳب اﻟﺣروف .إﻧﻬﺎ
إﺿﺎﻓﺔ ﻓﺣﺳب.
١٤٤
أﻣﺎ اﻷﻓﻌﺎﻝ اﻟﺗﻲ ﺗﺷذ ﻋن ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة ﻓﻲ ﺻوغ اﻟﻣﺎﺿﻲ ،ﻓﻲ ﺣﻳث
ﻳﺗﻐﻳر ﺗرﺗﻳب ﺣروف اﻟﻔﻌﻝ ،أو ﻳﺗﻐﻳر ﺷﻛﻝ اﻟﻔﻌﻝ ﺟوﻫرﻳﺎً ،ﻓﺈن اﻟﻘﺎرىء
أو اﻟﻣراﺟﻊ ﻳﺳﺗطﻳﻊ أن ﻳﻌرﻓﻬﺎ ﺣﺻ اًر ﻓﻲ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻣطﺑوﻋﺔ ﻓﻲ ﺧﺗﺎم أي
ﻣﻌﺟم ﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﻛﻠﻳزﻳﺔ ،ﺗﺣت ﻋﻧوان :أﻓﻌﺎﻝ ﻏﻳر ﻗﻳﺎﺳﻳﺔ irregular
، verbsﻣﺛﻝ:
-ﻳذﻫب – ذﻫبGo – went .
Teach – Taught -ﻳﺗﻌﻠم – ﺗﻌﻠم.
ﻣزقTear- Tore . -ﻳﻣزق – ﱠ
وﻟدى اﻟﻌودة إﻟﻰ ﺗﻌدد اﻟﺻﻳﻎ اﻟﺗﻲ ﻳﺗﺷﻛﻝ ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻣﺿﺎرع ﻓﻲ
اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،وﻓﻲ أﺛﻧﺎء ﺑﺣﺛﻧﺎ ،وﺗﻘﻠﻳﺑﻧﺎ ﺻﻔﺣﺎت اﻟﻣﻌﺎﺟم اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﻧﻔﺎﺟﺄ
أﻳﺿﺎً ﺑﻣﺳﺄﻟﺔ ،رﺑﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﻫﻲ أن اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻋﺎﻣﺔ
ﺳواء أﻛﺎﻧت اﺳﻣﺎً أم ﻓﻌﻼً ،ﺗﺧﺿﻊ ﻟﺗﻐﻳر ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ ﺑﺗﻐﻳر ﺷﻛﻠﻬﺎ – ﺷﻛﻠﻬﺎ
ﺑﺎﻟﺣرﻛﺎت – وﻳﺗﻐﻳر اﻟﻣﻌﻧﻰ أﺣﻳﺎﻧﺎً دون ﺗﻐﻳﻳر "اﻟﺗﺷﻛﻳﻝ " ،وﻟﻛن
اﻟﻣﺻدر ﻳﺗﻐﻳر ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت.
وﻫذﻩ أﻣﺛﻠﺔ ﻣن اﻷﺳﻣﺎء ،ﺛم اﻷﻓﻌﺎﻝ :
اﻷﺳﻣﺎء :
َ ) -ﺣ ْرف( ﻛﻝ ﺷﻲء طرﻓﻪ وﺷﻔﻳرﻩ وﺣ ﱡدﻩ .اﻟﺟﻣﻊ :أﺣرف
وﺣروف.
) -ﻓﻼن ﻋﻠﻰ َﺣ ْرف ﻣن أﻣرﻩ( أي ﻧﺎﺣﻳﺔ ﻣﻧﻪ ،إذا رأى ﺷﻳﺋﺎً ﻋدﻝ
١٤٥
)(١
أي إذاﻋﻧﻪ .وﻣﻧﻪ ﻗوﻝ اﻟﻘرآن "وﻣن اﻟﻧﺎس ﻣن ﻳﻌﺑد اﷲ ﻋﻠﻰ َﺣ ْرف"
ﺿراء.
اﻟﺳراء ﻻ اﻟ ّ
ﻟم ﻳر ﻣﺎ ﻳﺣب اﻧﻘﻠب ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ ،ﻓﻳﻌﺑدﻩ ﻓﻲ ّ
اﻟﺣ ْرف( ﻣﺳﻳﻝ اﻟﻣﺎء واﻟﻧﺎﻗﺔ اﻟﺿﺎﻣرة اﻟﺻﻠﺑﺔُ ،ﺷﺑﱠﻬت ﺑﺣرف
َ ) -
اﻟﺟﺑﻝ ﻓﻲ ﺷدﺗﻬﺎ وﺻﻼﺑﺗﻬﺎ .ﻗﺎﻝ ذو اﻟﻬﻣﺔ :
طو ظﻣﺂن َﺳﻬُ َوق وظﻳف أَزﱡج َ
اﻟﺧ ْ ٌ ﻳﺷﻠﱡﻬﺎ ﺳﻧﺎء
ٌ َﺣ ْرف َﺟﻣﺎﻟﻳﱠﺔ
ط َرف
اﻟﺣ ْرف :واﺣد ﺣروف اﻟﻬﺟﺎء .وﻫو ﻣﺄﺧوذ ﻣن ﻣﻌﻧﻰ اﻟ َ -و َ
واﻟﺟﺎﻧب ....اﻟﺦ.
ب اﻟرﺷﺎد.اﻟﺣ ْرف( ﻗﺎﻝ أﺑو ﺣﻧﻳﻔﺔ ﻫو اﻟذي ﺗﺳﻣﻳﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔَ :ﺣ ﱠ
ُ ) -
اﻟواﺣدة ) ُﺣ ْرﻓﺔ( وﻓﻲ اﻷﺳﺎس أﻧﻪ :اﻟﺧردﻝ .و -اﻟﺣرﻣﺎن ،وﻫو اﺳم ﻣن
ﻣﺣﺎرف" أي ﻣﻧﻘوص اﻟﺣظ ﻻﻳﻧﻣو ﻟﻪ ﻣﺎﻝ) ....(٢اﻟﺦ. َ ﻗوﻟك" :رﺟﻝ
اﻷﻓﻌﺎﻝ :
اﻟﺳﻬم :ﺧرج ﻣنُ َ ) -دَﺑر( اﻟﻧﻬﺎر واﻟﺻﻳف ُدﺑو اًر :إذا اﻧﺻرم و-
اﻟﻬدف .دﺑر اﻟرﺟﻝ َد ْﺑ اًر :ﻣﺎت .و -ﻓﻼﻧﺎً :ﺗﺑﻌﻪ ﻣن وراﺋﻪ .و -اﻟﺣدﻳث
ﻳﺢ :ﺗﺣوﻟت ﻋن ﻓﻼن :ﺣﱠدﺛﻪ ﻋﻧﻪ ﺑﻌد ﻣوﺗﻪ .و -اﻟرﺟ ُﻝ :ﺷﺎخ .و -اﻟر ُ
َدﺑو اًر.
َ ) -دَﺑرﻧﻲ ﻓﻼن( ﺟﺎء ﺑﻌدي وﺧﻠﻔﻲ.
ُ ) -دﺑِ َر( ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﻬوﻝ :أﺻﺎﺑﺗﻪ اﻟدﺑور.
) (١
ﺳورة اﻟﺣﺞ – اﻵﻳﺔ .١١
) (٢
أﻗ ــرب اﻟﻣـ ـوارد ﻓ ــﻲ ﻓﺻ ــﺢ اﻟﻌرﺑﻳ ــﺔ واﻟﺷـ ـوارد – ﺗ ــﺄﻟﻳف :ﺳ ــﻌﻳد اﻟﺧ ــوري اﻟﺷـ ـرﺗوﻧﻲ – ﻣطﺑﻌ ــﺔ ﻣرﺳ ــﻠﻲ
اﻟﻳﺳوﻋﻳﺔ – ﺑﻳروت -١٨٨٩اﻟﺻﻔﺣﺔ – ١٨٢اﻟﺟزء اﻷوﻝ.
١٤٦
َ ) -دﺑﱠر( اﻷﻣر :ﻧظر ﻓﻲ ﻋﺎﻗﺑﺗﻪ وﺗﻔﻛر .و -اﻋﺗﻧﻰ ﺑﻪ .و -رﺗﱠﺑﻪ
وﻧظﻣﻪ .و -اﻟﺣدﻳث :ﻧﻘﻠﻪ ﻋن ﻏﻳرﻩ .و -ﻋﻠﻰ ﻫﻼﻛﻪ :اﺣﺗﺎﻝ ﻋﻠﻳﻪ
وﺳﻌﻰ ﻓﻳﻪ.
أﺳﻣﺎء ﻣن اﻟﺟذر ﻧﻔﺳﻪ )دﺑر(:
ودُﺑور. ) -اﻟ ﱢدْﺑر( ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻧﺣﻝ واﻟزﻧﺎﺑﻳر ،اﻟواﺣدة ) َدْﺑرة( ج :أ ُ
َدﺑر ُ
و -ﻣﺷﺎرات اﻟﻣزرﻋﺔ .و -أوﻻد اﻟﺟراد .و -ﺧﻠف اﻟﺷﻲء .و-
اﻟﺟَﺑﻝ .و -رﻗﺎد ﻛﻝ ﺳﺎﻋﺔ .و -ﻗطﻌﺔ ﺗﻐﻠظ ﻓﻲ اﻟﺑﺣر اﻟﻣوت .و– َ
ﻛﺎﻟﺟزﻳرة ﻳﻌﻠوﻫﺎ اﻟﻣﺎء .وﻳﻧﺿب ﻋﻧﻬﺎ .و -اﻟﻣﺎﻝ اﻟﻛﺛﻳر.
) -اﻟ ﱠدْﺑر( ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻧﺣﻝ واﻟزﻧﺎﺑﻳر ،وأوﻻد اﻟﺟراد ،واﻟﻣﺎﻝ اﻟﻛﺛﻳر.
) -اﻟ ﱡدُﺑر واﻟ ﱡد ْﺑر ( :ﻧﻘﻳض اﻟﻘُُﺑﻝ .و -ﻣن ﻛﻝ ﺷﻲء :ﻋﻘﺑﻪ
وﻣؤﺧرﻩ .و)دﺑر اﻟﺻﻼة( :اﻧﻘﺿﺎؤﻫﺎ.
-ﺟﺋﺗك ُدُﺑ َر اﻟﺷﻬر ،وﻓﻲ ُدُﺑ ِرﻩ ،وﻋﻠﻰ ُدُﺑ ِرﻩ :أي آﺧرﻩ.
) -اﻟ ﱡدُﺑر( :زاوﻳﺔ اﻟﺑﻳت _ .ج أدﺑﺎر.
) -اﻟ ﱠدﺑِر( َﻛ َﻛﺗِف :ذو اﻟدﺑر ،وﻫو اﻟﻣﻌﻘور .
)(٣
وﻫذا ﻣﺛﺎﻝ آﺧر ،ﻟﺟذر ﻟﻐوي آﺧر ،ﺗﺧﺗﻠف ﻓﻳﻪ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﻋﺎﻣﺔ
ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﻔﻌﻝ واﻻﺳم ،وﻫو )ﺳﻛر(.
اﻷﻓﻌﺎﻝ:
اﻟﻧﻬر :ﺳ ﱠد ﻓﺎﻩ .و- َ َ ) -ﺳ َﻛ َر( اﻹﻧﺎء َﺳ ْﻛ اًر :ﻣﻸﻩ .و-
وﺳ َﻛراﻧﺎً :ﺳﻛﻧت ﺑﻌد اﻟﻬﺑوب .و -ﻋﻳﻧﻪ :ﺗﺣﻳرت وﺳﻛﻧت اﻟرﻳﺢُ ُﺳ ُﻛو اًر َ
) (٣
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .٣١٧-٣١٦
١٤٧
اﻟﺣﺎر :ﻓﺗر.
اﻟﺣر و ﱡﻋن اﻟﻧظر .و -ﱡ
ك ّ◌رﻩ( :ﺳ ﱠدﻩ.
اﻟﺑﺎب وﺳ ّ
َ َ ) -ﺳ َﻛر
وﺣﻳﱠرت. وﺳ ﱠﻛ ْ ِ
رت(ُ :ﺣﺑﺳت ُ ُ ) -ﺳﻛرت أﺑﺻﺎرﻧﺎ ُ
َ ) -ﺳ ِﻛ َر ﻓﻼن ﻋﻠﻰ ﻓﻼن( ﻏﺿب واﻏﺗﺎظ" ،ﻟﻬم ﻋﻠﻲﱠ َﺳ َﻛٌر"
وﺳ َﻛراﻧﺎً :ﻧﻘﻳضوﺳ ُﻛ اًر َ
وﺳ َﻛ اًر ُ
أي :ﻏﺿب ﺷدﻳد .و -ﻣن اﻟﺷراب َﺳ ْﻛ اًر َ
ﺻﺣﺎ.
-و)ﺳ ﱠﻛرﻩ( ﺣﻧﻘﻪ.
اﻷﺳﻣﺎء :
-اﻟ ﱠﺳ ْﻛرَ :ﺑ ْﻘﻠﺔ ﻣن اﻷﺣرار.
-اﻟ ﱠﺳ ْﻛر :اﻻﺳم ﻣن ﺳﻛر اﻟﻧﻬر ،أي ﺳ ﱠدﻩ .و -ﻣﺎ ُﺳ ﱠد ﺑﻪ اﻟﻧﻬر.
-اﻟ ﱡﺳ ْﻛر :ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻌﺗرض ﺑﻳن اﻟﻣرء وﻋﻘﻠﻪ.
-اﻟ ﱠﺳ َﻛر :اﻟﺧﻣر .و -ﻧﺑﻳذ ﻳﺗﺧذ ﻣن اﻟﺗﻣر واﻟﻛﺷوث .و -ﻛﻝ ﻣﺎ
ُﻳ ْﺳﻛر .و -ﻣﺎ ُﺣ ﱠرم ﻣن ﺛﻣرﻩ .و -اﻟﺧﻝ .و -اﻟطﻌﺎم.
-اﻟ ﱠﺳ ْﻛرة :اﻟﺷدة واﻟﻐﺷﻳﺔ واﺧﺗﻼط اﻟﻌﻘﻝ).(٤
ﻳﺑدو ﻣﻣﺎ ﺗﻘدم اﺧﺗﻼف ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻛﻠﻣﺔ ﺑﺎﺧﺗﻼف ﺣرﻛﺗﻬﺎ ،وﺧﺎﺻﺔ
وﺳطﻬﺎ ،ﺳواء أﻛﺎﻧت ﻓﻌﻼً ﻣﺎﺿﻳﺎً أم اﺳﻣﺎً .ﻓﻛﻳف اﻟﺣﺎﻝ ،إذ ﻳﻛون
اﻟﻔﻌﻝ ﻣﺿﺎرﻋﺎًٕ ،واذ ﺗﺧﺗﻠف ﺣرﻛﺔ ﻋﻳﻧﻪ؟! ﻻ ﻳﻘﺗﺻر اﻷﻣر إذاً ﻋﻠﻰ
ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺿﺑط ﻋﻳن اﻟﻔﻌﻝ ،ﺑﻝ ﻳﺗﺟﺎوزﻫﺎ إﻟﻰ اﺧﺗﻼف ﻣﻌﻧﺎﻩ ﺑﺎﺧﺗﻼف
ﺣرﻛﺗﻬﺎ وﺗﺷﻛﻳﻠﻬﺎ".
) (٤
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص .٥٢٧
١٤٨
وﻛم ﻣن ﻳوم أﺣﺻﻳﻧﺎ ﻓﻳﻪ اﻟﻣرات اﻟﺗﻲ ﻋدﻧﺎ ﻓﻳﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺟﻣﺎت،
ﻓﺈذا ﻧﺳﺑﺔ ﻛﺑﻳرة ﻣﻧﻬﺎ ،ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﺳﺑﻳﻝ ﺿﺑط ﻋﻳن اﻟﻔﻌﻝ .وأﻧت ﺣﻳن
ﺗﺑﺣث ﻋن ﻋﻳن اﻟﺛﻼﺛﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﺟم ،ﺗطﻣﺋن ﻧﻔﺳﻳﺎً إﻟﻰ أﻧك أﻣﻧت اﻟزﻟﻝ
وﺗﺟﻧﺑت اﻟﺧطﻝ ،ﻓﺗﺛق ﺑﻣﺎ ﺗﻛﺗب وﺗﻘرأ ،ﻟﻛن ﻟﻼطﻣﺋﻧﺎن ﻣدارج ،ﻓﺛﻣﺔ
ﺷك آﺧر ﻳﺳﺎورك ،وﻗﻠق آﺧر ﻳﺳﺗﺑد ﺑك ،ﺣﻳن ﺗرى ﻋﻳن اﻟﻔﻌﻝ ﻣوﺿﻊ
ﺗﺟﺎذب ﺑﻳن ﻣﻌﺟم وآﺧر ،ﻣن ﻣﻌﺟﻣﺎﺗﻧﺎ اﻟﻣﻌﺎﺻرة.
وأﻣﺛﻠﺗﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﻫﻲ" :اﻟﻣﻌﺟم اﻟوﺳﻳط" و"اﻟﻣﻧﺟد ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ"
و"اﻟراﺋد"ﻓﻣﺎذا ﺗﻌﻣﻝ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻛﻬذﻩ").(٥
إذاً ﻛﻳف اﻟﺳﺑﻳﻝ ﻟﻠوﺻوﻝ إﻟﻰ ﺿﺑط ﻋﻳن اﻟﻣﺿﺎرع ،ﻫﻝ ﺛﻣﺔ ﺳوى
اﻟﻣﻌﺎﺟم؟!
ﺑﺎدىء ذي ﺑدء ،ﻻﺑد ﻣن ﺻرف اﻟﻧظر ﺗﻣﺎﻣﺎً ،ﻋن اﻟرﻛون إﻟﻰ
اﻟﺳﻣﺎع ،ﻓﻲ ﻫذا اﻷﻣر ،ﻓﻘد ﺗرﻛن اﻷذن إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻣﻛن أن ﺗﻛون ﻗد أﻟﻔﺗﻪ
ﻣن ﻏﻠط ﺷﺎﺋﻊ .وﻓﻲ اﻹﻣﻛﺎن ،أن ﻧﻼﺣظ ﻓﻲ أﺳ ﱠﻰ اﻟﻔﺎرق اﻟﺷﺎﺳﻊ ﺑﻳن
ﻟﻐﺔ اﻟﻌرب اﻟﻳوم ،وﺑﻳن ﻟﻐﺗﻬم أﻣس" .ﻟﻘد ﻓﺷﺎ اﻟﻠﺣن ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﺿﺎد.
وﻛﺎد اﻟﺳﻣﺎع ﻳﺻﺑﺢ ﻗﻳﺎﺳﻳﺎً واﻟﺷذوذ ﻗﺎﻋدة .ﻓﻛم ﻣن ﻓﻌﻝ ﺧﺎﻟﻪ اﻟﻘﺎرىء
ﻣﺿﻣوم اﻟﻌﻳن ،ﻓﺈذا ﻫو ﺧﻼف ذﻟك").(٦
إن اﻟﺑﺎﺣث ،وﻫو ﻳﺗﺎﺑﻊ ﻣوﺿوع "ﻋﻳن اﻟﻣﺿﺎرع"ﻣﻘﻠﱠﺑﺎً ﺻﻔﺣﺎت ﻫذا
اﻟﻣﻌﺟم أو ذاك ،ﻻﺑد أن ﻳﻧﺗﺑﻪ إﻟﻰ أن ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﺗﺧذ إﺷﻛﺎﻻً ﺧﺎﺻﺎً.
ﻓﺎﻟﻔﻌﻝ اﻟواﺣد ،ﻗد ﺗﻛون ﻟﻪ أﻛﺛر ﻣن ﺻﻳﻐﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺿﺎرع ،وﻣﻊ ﺗﻐﻳﱡر
) (٥
ﻣﻌﺟم ﻋﻳن اﻟﻔﻌﻝ – ج .اﻟﻳﺎس – ج .ﻧﺎﺻﻳف – ص .٥
) (٦
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .٦
١٤٩
اﻟﺷﻛﻝ – اﻟﺗﺷﻛﻳﻝ – ﻳﺗﻐﻳر اﻟﻣﻌﻧﻰ ،ﻣﻊ اﻷﺧذ ﺑﻌﻳن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﺷﺗﻘﺎق
اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣﺟﺎزﻳﺔ .وﻣﺎ أﻛﺛر اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﻘرؤﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺟم "ﻋﻳن
اﻟﻔﻌﻝ" .ﻓﺈن ﻟﻠﺟذر )أﺛر( ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺎﺿﻲ واﻟﻣﺿﺎرع ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ:
اﻟﺣدﻳث :ﻧﻘﻠﻪ ورواﻩ ﻋن ﻏﻳرﻩ .وأﺛرﻩ:
َ َﺛﺎرةً أو أُﺛْرة
-١أَﺛَر – أُﺛْ اًر أو أ َ
ﺗﺑﻊ أﺛَرﻩ.
ﻏﻳرﻩ :ﺗرك ﻓﻳﻪ ﻋﻼﻣﺔ ُﻳ ْﻌ َرف -٢أَﺛَر – ُ◌ أُﺛْ اًر أو أُﺛَْرةً اﻟﺳﻳف أو ً
ﺑﻬﺎ ،وآﺛر ﻓﻼنٌ أن ﻳﻔﻌﻝ ﻛذا :اﺧﺗﺎر ﻓﻌﻠﻪ.
ﻓﺿﻝ ﻧﻔﺳﻪ ﻋﻠﻳﻪ -٣أﺛِ َر – َ◌َ أَﺛَ اًر أو أَﺛََرة أو أُﺛَْرة أو أُﺛْرى ﻋﻠﻳﻪّ :
ﻓﻲ اﻟﻧﺻﻳب.
ﺗﻔرغ ﻟﻪ .و- -٤أَﺛِ َر – َ◌ أَﺛَ اًر ﻋﻠﻰ اﻷﻣر :ﻋزم ﻋﻠﻳﻪ ،و -ﻟﻸﻣر :ﱠ
)(٧
ﻳﻔﻌﻝ ﻛذا :ﺷرع ﻳﻔﻌﻠﻪ
وﻓﻲ اﻟﺑﺎب ﻧﻔﺳﻪ ﻧﻘ أر اﻟﻣﺛﺎﻝ اﻵﺗﻲ ،ﻓﻲ اﻟﺟذر )أدم(:
اﻟﺧﺑز :ﺧﻠطﻪ ﺑﺎﻹدام ،أي ﺑﻣﺎ ﻳواﻓﻘﻪ ﻣن طﻌﺎم. َ -١أَدم ◌ِ -أ َْدﻣﺎً
ِ
اﻟﻣﺗﺧﺎﺻ َﻣ ْﻳ ِن :وﻓﱠق -٢أ ََد َم – ُ◌ أ َْدﻣﺎً أﻫﻠَﻪ :ﺻﺎر ﻟﻬم أﺳوة .و–
ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ.
)(٨
-٣أَدم – َ◌ أ ََدﻣﺎً :اﺷﺗدت ُﺳ ْﻣرﺗﻪ .
وﻓﻲ اﻟﻣﺛﺎﻟﻳن اﻷﺧﻳرﻳن ،اﺧﺗﻠﻔت ﻋﻳن اﻟﻣﺿﺎرع ،واﺧﺗﻠﻔت ﺻﻳﻐﺔ
اﻟﻣﺻدر ،ﻟﻛن ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻔﻌﻝ ظﻝ واﺣداً.
وﺷﺑﻳﻪ ﺑﻬذا ﻧﻠﺣظﻪ ﻓﻲ اﻟﺟذر )أرك( ﻛﻣﺎ ﻳﻠﻲ:
) (٧
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص .١٠
) (٨
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .١١
١٥٠
-١أ َِرك – َ◌ اَ َرﻛﺎً اﻟﺟﻣﻝ :اﻋﺗﻝ ﺑطﻧﻪ ﻣن أﻛﻝ اﻷراك.
َ -٢أر َك – ُ◌ أ ُُروﻛﺎً أو أ َْرﻛﺎً اﻟﺟﻣ ُﻝ :رﻋﻰ اﻷراك ،وﻫو ﻧوع ﻣن اﻟﺷﺟر.
َ -٣أر َك – َ◌ أ ََرﻛﺎً اﻟﺟرحُ :ﺑرىء
-٤أ َِر َك – ُ◌ أ ُُروﻛﺎً اﻟﺟرُح :ﺑرىء .
)(٩
وﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺑﺎء ،ﻧﺗﺎﺑﻊ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺟذر اﻟﺗﺎﻟﻲ )ﺑطﻝ ( وﻧرى اﺧﺗﻼﻓﻬﺎ
ﺑﺎﺧﺗﻼف ﻋﻳن اﻟﻣﺿﺎرع واﻟﻣﺻدر أﻳﺿﺎً:
طﻼﻧﺎ :ذﻫب ﺿﻳﺎﻋﺎً .ﻓَ َﺳد .ﺳﻘط وﺑ ْ
وﺑطُوﻻً ُطﻼً ُ ط َﻝ – ُ◌ ُﺑ ْ َ -١ﺑ َ
ﺣﻛﻣﻪ.
وﺑطﺎﻟﺔً اﻟﻌﺎﻣﻝ :ﺗﻌطﻝ. طﻝ – ُ◌ َﺑطﺎﻟﺔً ُ َ -٢ﺑ َ
طﻝ – ُ◌ َﺑطﺎﻟﺔً ﻓﻲ ﺣدﻳﺛﻪَ :ﻫ َزﻝ. َ -٣ﺑ َ
َ -٤ﺑ ِطﻝ – َ◌ َﺑطﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺣدﻳﺛﻪ :ﻫزﻝ.
َ -٥ﺑطُﻝ – ُ◌ ُﺑطُوﻟﺔًَ :ﺷ ُﺟﻊ واﺳﺗﺑﺳﻝ ،ﺻﺎر ﺑطﻼً).(١٠
إن ﻋﻳن اﻟﻣﺿﺎرع ﻓﻲ اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ ،ظﻠت ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬﺎ،
ﻟﻛن ﺻﻳﻐﺔ اﻟﻣﺻدر وﺣدﻫﺎ ،ﻫﻲ اﻟﺗﻲ اﺧﺗﻠﻔت أﻳﺿﺎً ،ﻣن اﻟذﻫﺎب
ﺿﻳﺎﻋﺎً إﻟﻰ اﻟﺑطوﻟﺔ.
وأﻣﺎﻣﻧﺎ ﻣﺛﺎﻝ آﺧر ﻣن ﺑﺎب اﻟﺛﺎء ،ﻟم ﺗﺗﻐﻳر ﻓﻳﻪ ﻋﻳن اﻟﻣﺿﺎرع ،إﻻ
أن اﻟﻣﺻدر ﻫو اﻟذي ﺗﻐﻳر ﻟﻛن اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻛﺎن ﺷﻳﺋﺎً آﺧر) :ﺛﻘب(.
اﻟﺷﻲء :ﺧرﻗﻪ .و -ت اﻟﻧﺎﻗﺔَ :ﻏ ُزَر ﻟﺑﻧﻬﺎ .و- َ ب – ﺛَ ْﻘﺑﺎً -١ﺛَﻘَ َ
رُأﻳﻪ :ﻧﻔَذ.
) (٩
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص .١٣
)(١٠
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص .٣٣
١٥١
اﻟطﺎﺋر:
ُ اﻟﻧﺟم أﺿﺎء .و- ُ اﻟﻧﺎر :اﺗﻘدت .و- ت – ُ◌ ﺛُﻘوﺑﺎً ُ -٢ﺛَﻘََﺑ ْ
ارﺗﻔﻊ .و -ت اﻟراﺋﺣﺔُ :اﻧﺗﺷرت
أﺷﺑﻪ ﻟﻬب اﻟﻧﺎر ﻓﻲ ﺷدة ﺣﻣرﺗﻪ ،ﻓﻬو ﻘﺎﺑﺔًَ :
-٣ﺛﻘب – ُ◌ ﺛَ َ
ﺛَِﻘ ٌ
ﻳب).(١١
وﻧﻘ أر ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺟﻳم اﻣﺛﻠﺔ ﻣﺗﻌددة ،ﻳﺗﺑﻳن ﻓﻳﻬﺎ ﺗﻌدد ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻛﻠﻣﺔ ،ﻣﻊ
ﺗﻐﻳر ﺷﻛﻝ ﻋﻳن اﻟﻣﺿﺎرع ،ودون أن ﻳﺗﻐﻳر ﻫذا اﻟﺷﻛﻝ أﻳﺿﺎً .وﻫﺎﻫو ذا
ﺟذر )ﺟد( :
َ -١ﺟ ﱠد َ ◌ِ -ﺟ ﱠداًَ :ﻋظُم .ﺻﺎر ذا ﺣظ.
َ -٢ﺟ ﱠد – ِ◌ ِﺟ ﱠداً ﻓﻼن :ﻟم ﻳﻬزﻝ .و -ﻓﻲ اﻷﻣر :اﺟﺗﻬد.
َ -٣ﺟ ﱠد – ِ◌ ِﺟ ﱠدةً :ﺣدث ﺑﻌد أن ،ﻟم ﻳﻛن .ﺻﺎر ﺟدﻳداً.
َ -٤ﺟ ﱠد – ُ◌ َﺟ ّداً أو ِﺟداداً اﻟﺷﻲء :ﻗطﻌﻪ ﻓﻬو ﻣﺟدود أو َﺟدﻳد.
اﻟﺛدي :ﻳﺑس ﻓﻬو أﺟد).(١٢ ُ َ -٥ﺟ ﱠد – َ◌ َﺟ َدداً )ﺑﺎب ﻓرح ﻳﻔرح (
وﻧﻼﺣظ ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﺗﻌدد اﻟﻣﺻﺎدر ) َﺟ ﱠدا – ِﺟ ﱠدا – ِﺟ ﱠدة – َﺟ َدداً – ِﺟداداً(.
وﻧﻔﺎﺟﺄ ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟراء ﺑﺄن ﻟﻠﺟذر )روح ( ﻋﺷر ﺣﺎﻻت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ
ﻣﺗﻌددة ،ﻧﻌرﺿﻬﺎ ﻛﻣﺎ ﻳﻠﻲ:
اﻟﻌ ِﺷ َﻲ( )وﻳﺳﺗﻌﻣﻝ اح – ُ◌ َرواﺣﺎً :ﺟﺎء أو ذﻫب ﻓﻲ اﻟرواح ) َ -١ر َ
اﻟﻣﺿﻲ (ﻋﻣﻝ ﻓﻳﻪ.
َ ﻟﻣطﻠق اﻟذﻫﺎب و
اح – ُ◌ َرواﺣﺎً أو َرْوﺣﺎً اﻟﻘوم إﻟﻳﻬم أو ﻋﻧدﻫم :ذﻫب إﻟﻳﻬم ﻓﻲ -٢ر َ
)(١١
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .٥١-٥٠
)(١٢
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص .٥٧
١٥٢
اﻟرواح :ذﻫب إﻟﻳﻬم ﻣطﻠﻘﺎً.
اﻟﻌﺷﻲ( إﻟﻰَ اح( راﺋﺣﺔً اﻹﺑ ُﻝ :ارﺗ ﱠدت ﻓﻲ اﻟرواح ) ت – َ◌ )ﺗَر ُ اﺣ ْ
-٣ر َ
اﻟﻣراح.
ُ
اﻟﻳوم :ﻛﺎن رﻳﱠﺣﺎً. اح – َرْوﺣﺎً ُ -٤ر َ
اﻟﺑﻳت :دﺧﻠﺗﻪُ اﻟرﻳﺢ. ُ اﻟﻳوم :ﻛﺎن رﻳﱠﺣﺎً .و- اح ِرْﻳﺣﺎً ُ اح – َﻳر ُ -٥ر َ
ﻳﺢ :دﺧﻠوا ﻓﻳﻬﺎ. اﻟﻘوم اﻟر َ
اﻟﺷﻲء :أﺻﺎﺑﺗﻪ .وُ - َ ﻳﺢ
و -ت اﻟر ُ
ﻳﺢ )ﺑﺎﻟﺑﻧﺎء ﻟﻠﻣﺟﻬوﻝ( :أﺻﺎﺑﺗﻪ اﻟرﻳﺢ ،ﻓﻬو َﻣ ُروح أو ُﻣ ِر ٌ
ﻳﺢ. ِ -٦ر َ
وﺟد راﺋﺣﺗﻪ .و -ﻟﻠﻣﻌروف :أﺳرع اﻟﺷﻲءَ :َ اح – َ◌ َﻳراح راﺣﺔُ -٧ر َ
إﻟﻰ ﻓﻌﻠﻪ ﻓَ ِرﺣﺎً .و -ت ﻳدﻩ ﻟﻸﻣر :ﺧﻔﱠت .و– ﻣﻧك ﻣﻌروﻓﺎً :ﻧﺎﻟﻪ .و-
ﺟر :اﻛﺗﺳﻰ ورﻗﺎً ﺑﻌد إدﺑﺎر اﻟﺻﻳف. ﱠ
اﻟﺷ ُ
ﻳﺣﻪ.اﻟﺷﻲء :وﺟد ر َ َ -٨راح – ِ◌ َرْﻳﺣﺎً
رواﺣﺎً أو راﺣﺎً أو راﺣﺔً أو ِرﻳﺎﺣﺔً أو ُرُؤوﺣﺎً أو اح َ -٩راح –َ َﻳر ُ
ْأرَﻳﺣﱠﻳﺔً ﻟﻸﻣر :ﻓرح ﺑﻪ وأﻗﺑﻝ ﻋﻠﻳﻪ.
َ -١٠رِو َح – )َﻳ ْرَو ُح ( َرَوﺣﺎً :اﺗﺳﻊ .
)(١٣
)(١٣
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – ص .١٨٠ -١٧٩
١٥٣
ب –.ب( ﻗََﺑﺑﺎً :ﻗَ ﱠب – َ◌ )َﻳﻘَ ﱡ -٣ﻗَﺑِ َ
ب – ِ◌ ﻗُﺑوﺑﺎً اﻟﻘومُ :رﻓﻌوا أﺻواﺗﻬم ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺔ. -٤ﻗَ ﱠ
ت ﻗﻌﻘﻌﺔُ ﻧﺎﺑﻪ .و– اﻷﺳد أو اﻟﻔﺣﻝُ :ﺳ ِﻣ َﻌ ْ
ُ ب – ِ◌ ﻗَﱠﺑﺎً أو ﻗَﺑِﻳﺑﺎً -٥ﻗَ ﱠ
ط ﱠﻲ اﻟﺛوب :أدﻣﺟﻪ.
)(١٤
ﻳد ﻓﻼن :ﻗطﻌﻬﺎ . ب – ُ◌ ﻗَﱠﺑﺎً َ -٦ﻗَ ﱠ
ﻟﻘد أﺷﺎر ﻣؤﻟﻔﺎ ﻣﻌﺟم ﻋﻳن اﻟﻔﻌﻝ إﻟﻰ اﻟﻳﻧﺎﺑﻳﻊ اﻟﺗﻲ اﻋﺗﻣدا ﻋﻠﻳﻬﺎ،
وﻫﻲ ﻣﻌﺎﺟم "ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب" و"ﺗﺎج اﻟﻌروس" و"اﻟﺻﺣﺎح"..اﻟﺦ ،ﻓﻲ اﻟوﻗت
اﻟذي أرادا ﻓﻳﻪ أن ﻳوﺿﺣﺎ ﻟﻘﺎرﺋﻬﻣﺎ أﻧﻬﻣﺎ أراﺣﺎﻩ ﻣن ﻫذا اﻟﻌﻧﺎء ﻗﺎﺋﻠﻳن:
"وﻫﻧﻳﺋﺎً إذ ذاك – أي ﻟدى اﻟﻌودة إﻟﻰ اﻟﻣراﺟﻊ اﻟﻣذﻛورة – ﻟﻣن ﻛﺎن ﻓﻲ
ﻋﺟﻠﺔ ﻣن أﻣرﻩ ،ﻷﻧﻪ ﺳﻳﺿﻳﻊ ﺑﻳن ﺳطورﻫﺎ".
ﺿ ﱠﻣ َن اﻟﻣؤﻟﻔﺎن ﻫذا اﻟﻣﻌﺟم اﻟﻣﺧﺗص اﻟﻔرﻳد اﻷوﻝ ﻣن ﻧوﻋﻪ ﻓﻲ ﻟﻘد َ
اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ زﻫﺎء ﺧﻣﺳﺔ آﻻف ﺟذر ﻟﻐوي ،ﻫﻲ اﻷﺻوﻝ اﻟﺛﻼﺛﻳﺔ ﻓﻲ
ﻟﻐﺔ اﻟﺿﺎد .وﻫﺎﻫﻣﺎ ذان ﻳﻘوﻻن "ﻧﺣن ﻟم ﻧﻬﻣﻝ ﻣﻧﻬﺎ ﺷﻳﺋﺎً ،وﻟم ﻧﺗﺟﺎوز
ﺟذ اًر ﻟﺣﺳﺎب آﺧر ،إﻻ ﻣﺎ ﻣﺎت ﻣﻧﻬﺎ وأﻫﻣﻠﺗﻪ اﻟﻣﻌﺟﻣﺎت اﻟﻘدﻳﻣﺔ
واﻟﺣدﻳﺛﺔ ،ﺑﻳد أﻧﻧﺎ راﻋﻳﻧﺎ ﻓﻳﻪ اﻟﺗﺑﺳﻳط ﻣﺎ أﻣﻛن").(١٥
وراﻋﻳﺎ أﻳﺿﺎً ﻓﻲ ﻣواد ﻣﻌﺟﻣﻬﻣﺎ اﻟﺗرﺗﻳب اﻷﻟﻔﺑﺎﺋﻲ ﻟﻠﺟذور اﻟﺛﻼﺛﻳﺔ،
ﻛﻣﺎ ﺟﺎءت ﻓﻲ أﺻوﻝ اﻟﻠﻐﺔ ،دون ﻗﻠب أو ﺿﺑط ﺑﺎﻟﺷﻛﻝ .واﺗﺑﻌﺎ ﻓﻲ ﻫذا
اﻟﻣﺟﺎﻝ اﻷﺻوﻝ اﻟﻣﺄﻟوﻓﺔ ﻟدى اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺟﻣﺎت اﻷﺧرى ،ﻋن ﻛﻠﻣﺔ ﻣﺎ
)(١٤
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص .٣٦٢
)(١٥
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ – ص .٦
١٥٤
ﻟذا ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻛﻝ ﻣن ﻳطﻠب ﻓﻌﻼً ﻣﻌﺗﻝ اﻟﻌﻳن أو اﻟﻼم أن ﻳردﻩ أوﻻً إﻟﻰ
أﺻﻠﻪ اﻟواوي أو اﻟﻳﺎﺋﻲ.
وﺷرﺣﺎ ﻣﻧﻬﺟﻬﻣﺎ ﻓﻲ ﺗﺄﻟﻳف ﻫذا اﻟﻣﻌﺟم .وﻫو ﻳﻘوم أوﻻً ﻋﻠﻰ ﺿﺑط
ﻋﻳن اﻟﻔﻌﻝ .وﻋﻠﻰ ذﻛر ﻣﺻدرﻩ أو ﻣﺻﺎدرﻩ اﻟﻣﺳﻣوﻋﺔ ﺛﺎﻧﻳﺎً ،وﻋﻠﻰ ﺷرح
ﻣﻌﻧﺎﻩ ﺛﺎﻟﺛﺎً .وﻗد ﻳﺳﺗطردان "ﺑﻌد اﻟﺷرح واﻟﺗﻔﺳﻳر ،وﺣﻳث ﺗدﻋو اﻟﺣﺎﺟﺔ
إﻟﻰ ذﻛر ﺑﻌض اﻟﺻﻔﺎت ﻣذﻛرةً ﻳﻠﻳﻬﺎ اﻟﻣؤﻧث أﺣﻳﺎﻧﺎً ،وﻣﻔردة ﻳﻠﻳﻬﺎ اﻟﺟﻣﻊ
أﺣﻳﺎﻧﺎً .ﻓﺈن اﺧﺗﺻت اﻟﺻﻔﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻷﺧﻳر وﺣدﻩ ﺗﺑﻌﺗﻪ دون ﻓﺎﺻﻝ
ﺑﻳﻧﻬﻣﺎٕ .وان ﻋﻣت ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺟذر ﻛﻠﻬﺎ ،أو اﺧﺗﺻت ﺑﻔﻘرة ﻣﻧﻪ أي ﺑواﺣد
ﻣن ﻓروﻋﻪ ،ﻓﺻﻝ ﺑﻳﻧﻬﺎ وﺑﻳن اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻷﺧﻳر ﺑﻔﺎﺻﻠﺔ ".وﻗد ﻋﺎﻟﺟﺎ
اﻟﺻﻳﻎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﺣرﻛﺔ ﻋﻳن اﻟﺛﻼﺛﻲ ﻓﻘﻠﺑﺎ "اﻟﻔﻌﻝ ﻋﻠﻰ وﺟوﻫﻪ اﻟﻣﻌروﻓﺔ
ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻘر ﻣرﻗﻣﺔ وﺻﻠت إﻟﻰ ﻋﺷر ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﻓﻌﺎﻝ" -ﻛﻣﺎ ﺗﻘدم..
ﻟدى ﻋرض اﻷﻣﺛﻠﺔ – وﺣرﺻﺎً ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟوﺿوح وﻋدم اﻟوﻗوع ﻓﻲ
اﻟﻠﺑس ﻓﺈﻧﻬﻣﺎ اﺿط ار أﺣﻳﺎﻧﺎً "إﻟﻰ إﺛﺑﺎت ﻋﻳن اﻟﻣﺿﺎرع ﺑﻳن ﻗوﺳﻳن.
وأﻛﺛر ﻣﺎ ﻳﻛون ﻫذا ﻓﻲ ﻣﻌﺗﻝ ،ﺣرف اﻟﻌﻠﺔ ﻓﻳﻪ ﻣﺗﺣرك").(١٦
ﺑﻠﻰ ،إن اﻟﻘﻳﺎس ﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﺳﻬﻝ ،أﻣﺎ اﻟﺳﻣﺎع ﻓﺻﻌب ﻋوﻳصٕ .واذا
ﻛﺎن ﻫذا ﻳﺣوﻝ دون اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻳﻪ ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ ﻋﻳن اﻟﻔﻌﻝ ،ﻓﻘد ﻏدا ذﻟك
ﻋﻘدة اﻟﻌﻘد ،ﻷن ﻋﻳن اﻟﺛﻼﺛﻲ وﻣﺻدرﻩ ﻗﻳﺎﺳﻳﺎن ﻻﻳﺧﺿﻌﺎن ﻟﻘﻳﺎس
ﻣطﻠق .وﻣن ﻫﻧﺎ ﺗﺟﻲء أﻫﻣﻳﺔ ﻫذا اﻟﻣﻌﺟم ،وﻫو اﻷوﻝ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﺿﺎد.
وﻗد ظﻝ اﻟﻣؤﻟﻔﺎن ﺗراودﻫﻣﺎ ﻓﻛرﺗﻪ وﻳﺳﻌﻳﺎن إﻟﻰ ﺗﻧﻔﻳذﻫﺎ طواﻝ ﺧﻣﺳﺔ
)(١٦
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق – اﻟﻣﻘدﻣﺔ.
١٥٥
ﻋﺷر ﻋﺎﻣﺎً.
ٕواذا ﻛﺎن ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب ﻳﺳد ﻓراﻏﺎً ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﻳن ﻛﻝ
اﻟﻌون "ﻣن ﻛﺎن ﻏﻳو اًر ﻋﻠﻰ ﻟﻐﺔ اﻟﺿﺎد ،وﻛﺎن ﻓﺻﻳﺢ اﻟﻠﻔظ ﻫﺎﺟﺳﻪ ،ﻓﻣﺎ
ﻳﻘ أر اﻟﻛﻠﻣﺔ إﻻ ﺑﻌد أن ﻳطﻣﺋن إﻟﻰ ﺣﺳن ﻟﻔظﻬﺎ ٕواﻋراﺑﻬﺎ ،وﻻ ﻳﻛﺗب
اﻟﻛﻠﻣﺔ إﻻ ﺑﻌد أن ﻳطﻣﺋن إﻟﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﻧﺣوﻫﺎ ٕواﻣﻼﺋﻬﺎ".
وﻻﺷك أﻧﻪ ﺳﻳرﻳﺢ ﻫذا اﻟﻌرﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻟﻐﺗﻪ وﻳﻌﻔﻳﻪ ﻣن أن ﺗﻼزﻣﻪ
اﻟﻣﻌﺟﻣﺎت ﻋن ﻳﻣﻳﻧﻪ وﺷﻣﺎﻟﻪ.
١٥٦
ﻓﻬرس
ﻣﻘدﻣﺔ ٣ ............................................................
ﻓﻲ دﻫﺎﻟﻳز . .اﻟﺿﺎد ٦ .............................................
ﻣوﺷور اﻟﻔﺻﺣﻰ اﻟﺟﻣﻳﻝ ١٠ ........................................
ﻓﻲ ﻧﺷﺄة اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ٣٥ ...........................................
ﻣن ﺗﺎرﻳﺦ ﻟﻐﺔ اﻟﺿﺎد ٤٥ ............................................
اﻟﻧﺣــو اﻟﻌ ـرﺑﻲ٥٩ ...................................................
ﻟﻐﺔ اﻟﺿﺎد ﻓﻲ ﻣﻌﺎرﻛﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻣﻳﺔ ٧٤ ...............................
اﻷﺿداد . .ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ١٠٢ ....................................
اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ واﻹﻋﻼم ١٢٨ ..........................................
ﻣﻌﺟم ﻋﻳن اﻟﻔﻌﻝ ١٤٤ ..............................................
ﻓﻬرس ١٥٧ .........................................................
١٥٧
اﻟﻛﺗب اﻟﺻﺎدرة
١٥٨
٩ـ دﻣﺷــق ﻓــﻲ ﻋﻳــون اﻟﺷــﻌر اﻟﻌرﺑــﻲ ﺟﺎن أﻟﻛﺳﺎن
اﻟﺣدﻳث
١٥٩
رﻳم ﻋﺑد اﻟﻐﻧﻲ ١٩ـ وﻫﺞ روح
١٦٠