Professional Documents
Culture Documents
نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية
نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية
نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية
قال تعالى
َ ن ال ْ َ
ه(
سن َ ُ
ح َ
نأ ْعو َ لَ ،
في َت ّب ِ ُ و َ
ق ْ عو َم ُ
ست َ ِ
ن يَ ْ عَباِد ،ال ّ ِ
ذي َ شْر ِ ) َ
فب َ ّ
) الزمر (
كتاب
1
الجزء الول
الفصل الول :
البداية
صلناه تفصيل
وكل شيء ف ّ
2
البداية
قبل عدة سنوات ،كنت قد قرأت كتاب ) أحجار على رقعيية الشييطرنج ( للدميييرال الكنييدي ) وليييام كييار ( حيييث
يؤكد المؤلف في هذا الكتاب بالشواهد والدلة سيطرة اليهود على واقعنا المعاصيير .بعييد قراءتييي لهييذا الكتيياب ،
وبالنظر لما يجري على أرض الواقع ،تملكتني حالة من اليأس والقنوط .فأحلمنا وأمانينا إذا ما سار النيياس ميين
ططه وينفذه اليهود – وهم سائرون وما زالوا – أصبحت هبيياًء منثييورا ،وستسييير المييور حولنا على هدي ما ُيخ ّ
إلى السوأ يوما بعد يوم حتى يرث ال الرض ومن عليها .
لم أكن أعلم آنذاك أن بعد كل هذا الكفر والظلم والفساد الذي استفحل في الرض ،وأخذ ينتشر في أرض السييلم
والعروبة انتشار النار في الهشيم ،بعد أن ُمحيت آثار العيب والحرام ميين مفييردات قيياموس أهلهييا ،سييتظهر فييي
آخر الزمان خلفة راشدة على منهاج النبوة ُتعيد هذه المة للحياة من جديد ،فأحاديث الفتن ومييا يكييون بييين يييد ّ
ي
الساعة لم تكن معروفة للعامة قبل سنوات قليلة ،ولم تلق أي اهتمام كييون السيياعة بعيييدة عنييا – حسييبما نحييب أن
تكون – كل البعد .ومؤخرا بدأ كثير من الدارسين والباحثين ،يخوضون غمار ما جاء فيها من أحاديث ،منّبهين
لظهور الكثير من أشراطها الصغرى ومحّذرين من قرب أشراطها الكبرى .
معرفتي بوجود تلك الخلفة ،التي ستقطع الطريق على أصييحاب المييؤامرة اليهودييية العالمييية ،وتلغييي أحلمهييم
بسيادة العالم من القدس ،كانت لي بمثابة الضوء في آخر النفق ،تلك المعرفة الجديدة أعادت لي المييل ،بعييد أن
تملكني الكثير من اليأس والقنوط من أحوال أمتي العجيبة .اعترتني حالة ميين الفضييول فييأردت معرفيية المزيييد ،
ي من كتب علييى مختلييف مواضيييعها ،ميين حيث ساعدني حبي القديم للمطالعة ،فعّدت لمطالعة كل ما يقع بين يد ّ
عقيدة وفقه وسيرة وتاريخ فضل عن القرآن العظيم وتفسيييره ،فتيبين ليي أن العلييم والمعرفية يهتكييان الكيثير ميين
أستار الجهل بأمور الحياة الخرى ،ويزداد المرء بهما إيمانا ويقينا وصيلة بربيه وثباتيا عليى دينيه فيازددت حبيا
للمعرفة والمتابعة .
شملت مطالعاتي في تلك الثناء ،بعض الكتب التي تناولت سيرة المهدي ،وأكثر ما حاز على اهتمامي ميين هييذه
الحاديث ،ما يتعلق بالمهدي وظهوره والمعارك التي سيخوضها .وبعد تحليلي لتلك الحيياديث ومحاوليية الربييط
فيما بينها ،تبين لي بأن دولة إسرائيل الحالية لن تكون موجودة عنييد ظهيور أميره ،وأن المهييدي سييدخل القيدس
وبلد الشام ككل بل حرب ،فتبادر إلى ذهني بعض التسيياؤلت ،الييتي كييان ل بييد لييي ميين الجابيية عليهييا بييدافع
الفضول في البداية ،وأهمها كيف اختفت إسرائيل قبل ظهور المهدي ؟ ومن الذي كان سببا في اختفائها ؟
كنت سابقا أعتقد – كما كييان ومييا زال – يعتقييد عامية المسييلمين الييوم ،أن الطرييق إليى تحريير القييدس سييتكون
بالوحدة العربية ،وهذا بل شك ضرب من الخيال ،أو بالعودة إلى السلم وقيام الخلفيية السييلمية وهييذا أيضييا
أمر بعيد المنال ،والواقع ل ينبئ بذلك فاليهود الن يسيطرون علييى مجريييات المييور ،أكييثر ممييا نسيييطر علييى
زوجاتنا وأولدنا ،فهم يراقبون وُيحاربون أي جسم مسلم أو عربي ،تحول من حالة السكون إلى الحركة ،وكييل
المحاولت السلمية والقومية العربييية النهضييوية ُ ،وئدت واشيُتريت وبيعييت فييي سييوق النخاسيية ،فل أمييل فييي
المنظور القريب حسب ما نراه على أرض الواقع .
وأما إسرائيل فعلى ما يبدو أنها ستبقى جاثمة فوق صدورنا ،تمتييص دميياء قلوبنييا وتعيّد عليهييا نبضيياتها ،لتثبييت
للعالم أننا ما زلنا أحياء ؟! والعالم يأتي وينظر ويهّز رأسه موافقا ويمضي مطمئنييا ،نعييم إنهييم مييا زالييوا أحييياء !
وكأن العالم ينتظر منا أن نموت أو نفنى ،فيستيقظ يوما ما فل فلسطين ول فلسطينيون ،ليرتاح ميين تلييك المهميية
الثقيلة والمضنية ،التي ُرميت على كاهله – وكأنه بل خطيئة اقترفتها يداه – كي يرتاح من مراقبة طويلة لعملييية
احتضار شعب ُأدخل إلى قسم العناية الحثيثة منذ أكثر من 50عاما وما زال حيا .
وبالنظر إلى الواقع – قبل ثلث سنوات – ولغاييية هييذه اللحظيية ،فإنييك تييراه يقييول بييأن إسييرائيل سييتبقى .ولكيين
الحاديث النبوية الشريفة ترفض ما يقوله الواقع ،وتؤكد زوالها قبل ظهور المهدي والخلفيية السييلمية ،ولكيين
كيف ؟ ومن ؟ ومتى ؟ وللجابة على هذه السئلة كان ل بد من البحث ومن هناك وقبل ثلث سنوات تقريبا كانت
البداية .
3
ما يملكه عاّمة المسلمين في بلدنا من معتقدات فيما يتعّلق بتحرير فلسطين ،يتمحور حول ثلثة عبارات تقريبا ،
هي :أول ؛ عبارة " شرقي النهر وهم غربيه " المشهورة لدينا بين فلسطينيي الشتات ،وثانيا ؛ عبارة " عبادا لنا
" ،وثالثا ؛ عبارة " وليدخلوا المسجد " .والتفسيرات المعاصرة لهذه العبارات فيي مجملهيا ،حصيرت التحريير
بقيام الخلفة السلمية ،حتى أصييبحت مين المييور العقائدييية ،ويييؤمن بصييحتها الكييثير مين النيياس إن لييم يكين
الغلبية العظمى .
أما حديث ل تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود ويا مسلم يا عبد ال الذي غالبا ما نتدواله ،فهو يتحدث عيين مسييلمين
حقيقيين لن يتوفروا في ظل هذه الجواء على المدى القريب ،أو يتحيّدث عيين خلفيية إسييلمية ،وممييا أعلمييه أن
الخلفة السلمية لن تكون إل بظهور المهدي ،وخلف ذلك لم أجد في السنة النبوية من الحاديث ما يشييير إلييى
هذه الفترة ،فهي مغيبة تقريبا إل من حديث هنا أو هناك .
في النصف الثاني من عام 1998م ،ومن خلل البحث الولي في العديد من المصادر أمسكت ببعض الخيييوط ،
التي قادتني بدورها إلى اليات التي تحكي قصة العلو والفساد اليهودي في سورة السراء ،فطفقت أسبر معيياني
ألفاظها وعباراتها وتركيباتها اللغوية ،فتحصّلت على فهم جديد ليات هذه السورة ،يختلف تماما عيين معظييم مييا
تم طرحه سابقا ،ومن خلل هذا الفهم استطعت الجابة على معظم تساؤلتي ،وتساؤلت أخرى كييانت تييرد فييي
ذهني ،بين حين وآخر أثناء كتابتي لهذا البحث .
عادة ما كنت أطرح ما توصلت إليه شفاها أمام الخرين ،وغالبا ما كانت أفكاري ُتجابه بالمعارضيية أحيانييا بعلييم
وأحيانا من غير علم ،وغالبا ما كان النقاش يأخذ وقتا طويل ،وكان هناك الكثير مميين يرغبييون بالمعرفيية ،كييل
حسب دوافعه وأسبابه الخاصة ،وكانت الغلبية تفاجأ بما أطرحه من أفكار ،فالقناعات الراسخة لدى الغلبييية ،
مما سمعوه من الناس أو وجدوه في الكتب ،والواقع الذي يرونييه بييأم أعينهييم يخييالف بصييريح العبييارة مييا أذهييب
إليه .
والمشكلة أن المر جّد خطير ،فالواقع الجديد والمفاجئ الذي سيفرض نفسه خلل سنين قليلة ،عنييدما يييأتي أميير
ال ول ينطق الحجر والشجر بشيء ! كما كانوا يعتقدون سيوقع الناس فييي الحيييرة والرتبيياك ،لتتلطييم الفكييار
والتساؤلت في الذهان تلطم الموج في يوم عاصف ؛ ما الذي جرى ؟ وما الذي يجري ؟ وما الذي سيجري ؟
صلت عليه ،وعلى نطاق أوسع من دائرة القارب والييزملء . لذلك وجدت نفسي ملزما بإطلع الناس على ما تح ّ
وبالرغم من محدودية قدراتي وتواضعها إل أني حاولت جاهدا ،أن أصهر كل ما توصلت إليه مميا عّلمنيي ربيي
في بوتقة واحدة .تمّثلت في هذا الكتاب الذي بين أييديكم فييي أول محاولية لييي للكتابيية ،كمسيياهمة متواضييعة فيي
الدعوة إلى ال ونصرة لكتابه الكريم قبل أن يوضع على المحك ،عندما يتحّقق أحد أعظم النباء المستقبلية بشكل
مخالف ،لما اعتادوا أن من آراء وتفسيرات كثرت في الونة الخيرة ،تتناول ما ُتخبر عنه سييورة السييراء ميين
ي بني إسرائيل .إفساد ّ
كما وحاولت جاهدا أن أقدم هذا الكتاب في أسرع وقت ممكن ،بعد أن تأخرت سنتين وأكثر شغلتني فيهييا مشيياكل
الحياة الدنيا ومصائبها ،عن إخراج هذا الكتاب إلى حّيز الوجود ،ومن ثم لسعى ليصاله إلى أكبر عدد من أميية
السلم ،لعله يجد فيهم من يلق السمع وهو شهيد .
فإن أصبت فمن ال وإن أخطأت فمن نفسي ول حول ول قوة إل بال
هذا الكتاب سيكون بإذن ال متوافرا باستمرار ،ضمن موقع خاص به على شبكة النييترنت ،وإن تع يّذر الييدخول
إليه لسبب أو لخر ،فبالمكان الوصييول إليييه عيين طريييق محييرك بحييث جوجييل ) ( www.google.comبكتابيية
عنوان الكتاب كامل أو أحد العبارات الموجودة على صفحة الغلف ،حيث تستطيع من خلل هذا الموقع :
.1الحصول على أحدث نسخة من الكتاب .
.2إبداء أي ملحظة أو استفسار .
.3متابعة أطروحات جديدة قد تصدر للمؤلف مستقبل .
4
2001 / 7 / 20م _ 1422 / 4 / 29هي
المؤلف
5
تعقيب
من خلل ردود الفعال الولية لبعض الخوة ،سواء من قرأ أو من لم يقرأ الكتاب ،وجدنا أن الكثير ميين النيياس
تخلط ما بين أمرين ؛ المر الول :هو كشف الغيب الذي ل يعلمه إل ال ،وهو ما ل ندعيه في كتابنا هذا ونعوذ
بال من أن ندعيه ؛ والمر الثاني :هو قراءة وبيان وتفصيل ما هو مكشوف أصل في القرآن والسيينة ،ميين علييم
الغيب مما أوحى سبحانه وتعالى لرسوله عليه الصلة والسلم .
ن ِفففي
ب َل َيْعَلُمَها ِإّل ُهَو 59 ) ... ،النعييام ( ،ويقيول ) ُقفْل َل َيْعَلفُم َمف ْ
ح اْلَغْي ِ
عْنَدُه َمَفاِت ُ
يقول سبحانه وتعالى ) َو ِ
ن ) 65النمل ( وقد جاء أسلوب النفي وميين ثييم الثبييات ن ُيْبَعُثو َ
ن َأّيا َ
شُعُرو َ
ل َوَما َي ْ ب ِإّل ا ُّ
ض اْلَغْي َ
ت َواَْلْر ِ
سَمَوا ِ
ال ّ
في هذين الموضعين ليفيد الحصر ،أي حصر علم الغيب بال دون غيره ممن في السييموات والرض ،وهييذا مييا
يعلمه عامة الناس ويرددونه عن ظهر قلب ،وهذا مما ل خلف فيه ولكن السييؤال اليذي يطيرح نفسيه ،هيل هييذا
الحصر مطلق ؟
ب، عَلففى اْلَغْيف ِطِلَعُكفْم َ
لف ِلُي ْن ا ُّ
فإن كانت الجابة بنعم ،فما القول في الستثناء الذي جاء في قوله تعالى ) َوَمففا َكففا َ
حفًدا )غْيِبفِه َأ َ
عَلففى َ
ظِهفُر َ ل ُي ْ
ب َف َ
عففاِلُم اْلَغْيف ِ
شاُء ) 179آل عمران ( وفي قوله ) َ ن َي َ
سِلِه َم ْ ن ُر ُ جَتِبي ِم ْ
ل َي ْ ن ا َّ َوَلِك ّ
سوٍل 27) … ،الجن ( حيث استثنى سييبحانه وتعييالى الرسييل عليهييم السييلم ميين تلييك ن َر ُ ضى ِم ْ ن اْرَت َِ (26إّل َم ِ
صفِبْر ِإ ّ
ن ن َقْبفِل َهفَذا َ ،فا ْ ك ِمف ْت َوَل َقْوُمف َ ت َتْعَلُمَها َأْنف َ
ك َ ،ما ُكْن َ حيَها ِإَلْي َب ُنو ِ ن َأْنَباِء اْلَغْي ِ
ك ِم ْالقاعدة ،إذ يقول ) ِتْل َ
ن، ب َوَل اِْليَمففا ُت َتْدِري َما اْلِكَتففا ُ ن أَْمِرَنا َ ،ما ُكْن َ حا ِم ْك ُرو ً حْيَنا ِإَلْي َك َأْو َ
ن ) 49هود ( ويقول ) َوَكَذِل َ اْلَعاِقَبَة ِلْلُمّتِقي َ
سَتِقيٍم ) 52الشورى ( ليتييبين لنييا أن ط ُم ْ صَرا ٍك َلَتْهِدي ِإَلى ِ عَباِدَنا َ ،وِإّن َ ن ِشاُء ِم ْ ن َن َجَعْلَناُه ُنوًرا َنْهِدي ِبِه َم ْ ن َ َوَلِك ْ
ال سبحانه وتعالى أطلع على غيبه من شاء من رسله ،وبذلك لم يحجب علم الغيب بالكلية عيين البشيير ،والتيييان
بالحصر ثم الستثناء يفيد بأن مرد العلم بالغيب أول وأخيرا هييو علم الغيييوب ،وخيياب وخسيير ميين اسييتقى علييم
الغيب من غيره .
أما ما ُكشف للرسل فهو بعض من علم ال ،بما كان وما هو كائن وما سيكون ،مما اقتضت الحكمة اللهية كشفه
للناس عن طريق الوحي ،وكثير من هذا الغيب مخطوط فيما ورثته البشرية من كتب النبياء ،وفضل عما جيياء
به القرآن من أنباء الغيب ،فقد أخبر عليه الصلة والسلم بالكثير من أنبيياء الغيييب ماضيييا وحاضييرا ومسييتقبل ،
وأفاضت الحاديث النبوية في ذكر مييا سيييقع فييي مسييتقبل الميية ميين فتوحييات وفتيين وابتلءات ومحيين وأشييراط
وأمارات للساعة .
ب َ ،وَل َأُقوُل َلُكْم ِإّنففيعَلُم اْلَغْي َ
ل َ ،وَل َأ ْ ن ا ِّخَزاِئ ُعْنِدي َ وأما قوله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم ) ُقْل َل َأُقوُل َلُكْم ِ
ن ) 50النعام ( ،وقيوله ُ ) :قفْل َل ل َتَتَفّكُرو َصيُر َأَف َ
عَمى َواْلَب ِ سَتِوي اَْل ْي ُ ،قْل َهْل َي ْ
حى ِإَل ّن َأّتِبُع ِإّل َما ُيو َ
ك ِ ،إ ْ َمَل ٌ
سففوُء ، ي ال ّ سِن َ
خْيِر َ ،وَما َم ّ ن اْل َ
ت ِم َ سَتْكَثْر ُ
عَلُم اْلَغْيبَ َ ،ل ْ ت َأ ْ
ل َ ،وَلْو ُكْن ُ
شاَء ا ُّضّرا ِ ،إّل َما َ سي َنْفًعا َوَل َ ك لَِنْف ِ
َأْمِل ُ
ن ) 188العراف ( ل ينفي علمه عليه الصييلة والسييلم لبعييض الغيييب ،ومييا شيٌر ِلَقْوٍم ُيْؤِمُنو َ
ن َأَنا ِإّل َنِذيٌر َوَب ِ
ِإ ْ
قيل له ذلك إل ليجيب من يسأله عما لم يعلم من أنباء الغيب ،أو ما ل حكمة في الخبار عنه مما علم .
تمّيزت النصوص النبوية التي تتحدث عن أحداث المستقبل ،سيواء فيي القيرآن والسينة أو فيي التيوراة والنجييل
بالتلميح ل بالتصريح ،فهي غالبا ما تصف الشخوص والزمان والميياكن والظييروف والنتييائج ،باسييتخدام عييدة
أساليب لغوية ،كالستعارة والتشبيه واللتفات والعتراض وما إلى ذلك ،مما هو غير مألوف لناس هذا الزمان
،وخير مثال على ذلك هو ذكر اسم رسولنا الكريم عليه الصلة والسلم في التوراة والنجيييل ) أحمييد ( بييالمعنى
ل باللفظ ،وأحمد لغة هي اسم التفضيل من ) حمد ( ومعناها أحمد النيياس أو أكيثر النياس حميدا ،مييع أن اسيمه -
محمد -في الواقع جاء بنفس المعنى مع اختلف اللفظ .
والحكمة التي قد ل يدركها الكثير من الناس ،من عدم وضيوح النصيوص النبويية ،هيو بقياء نسييبة ضييئيلة مين
الشك ،لحرمان الناس ذوي العلقة من الدافع لتعطيل مجرييات المييور ،إذ ل بييد للسييباب والمسيببات أن تأخيذ
مجراها ،من حيث الزمان والمكان والشخوص ،حتى تتحقق النبوءات كما تم الخبار عنها .
ولنا في قصة فرعون مع موسى عليه السلم خير مثال على ما قد يفعله المجرمون لتعطيل أمر ال ،عنييدما أميير
بذبح مواليد بني إسرائيل كافة ،لمجرد رؤيا منام علم ميين تأويلهييا ،بييأن واحييدا منهييم سيييكون سييببا فييي تقييويض
6
أركان ملكه ،ورغم ما اتخذه من إجراءات وتدبيرات احترازية لحرمان هذا الطفييل ميين الحييياة ،إل أن مكيير الي
كان أعظم وأكبر ،وبالرغم من قدرته سبحانه على منع فرعون من إيذائه دون تدخل بشييري ،إل أنييه أوحييى لم
موسى بأن تتخذ من السباب ،ما هو كفيل بتحقيق المراد اللهي .
هذا ما كان من أحد المجرمين والعتاة لمجرد رؤيا منام ،فماذا لو أتاه نص صريح بأن الذي سيقوض أركان ملكه
،هو ذلك الطفل الذي سيأتي به اليم إلى قصره ،فهل كان فرعون سيتخذه ربيبا ،أم ماذا سيفعل به ؟
وللناس من أمر النبوءات الواردة في القرآن والسنة مواقف شتى ،فمنهم من ل يرغييب بييالفهم ،ومنهييم ميين ليييس
لديه القدرة على الفهم ،ومنهم من يعتقد بأن ل جدوى من البحث في أمرها ،ومنهم من يحاكمها بناء على أهواءه
وأحلمه ،فيأخذ ما اتفق وينكر ما اختلف .ولذلك تجد بعض الناس ،عند الحديث عن المستقبل ،يقييول مسييتنكرا
ل يعلم الغيب إل ال .
ب لَ ك اْلِكَتا ُ
ونحن كمسلمين مطلوب منا أن نؤمن بالغيب المخبر عنه في القرآن والسنة ،لقوله تعالى ) الم )َ (1ذِل َ
ن ) 3البقييرة ( وأعظييم لَة َوِمّمففا َرَزْقَنففاُهْم ُيْنِفُقففو َ
صَن ال ّ
ب َوُيِقيُمو َ
ن ِباْلَغْي ِ
ن ُيْؤِمُنو َ
ن ) (2اّلِذي َ
ب ِفيِه ُهًدى ِلْلُمّتِقي َ
َرْي َ
الغيب هو وجود ال ،ونحن وآباؤنا لم نعلم بوجييود الي ولييم نعرفييه حييق المعرفيية ،ولييم نعلييم بيياليوم الخيير ومييا
سيجري فيه من بعث وحساب وثواب وعقاب ،إل من خلل القرآن الموحى به من عند ال جل وعل إلييى محمييد
عليه الصلة والسلم ،وما دمنا آمنا بال وباليوم الخر من خلل كتابه ،فما لنييا ل نييؤمن بمييا سييواها ميين أخبييار
الغيب مما حواه هذا القرآن العظيم بين جنباته .
حْكَم فَة ،
ب َواْل ِ
عَلْيُكْم َءاَياِتَنا َ ،وُيَزّكيُكْم َ ،وُيَعّلُمُك فُم اْلِكَتففا َ
سوًل ِمْنُكْم َيْتُلو َ
سْلَنا ِفيُكْم َر ُ
يقول سبحانه وتعالى ) َكَما َأْر َ
ن ) 151البقرة ( لم ُيبعث عليه الصلة والسييلم فقييط ليتلييو علينييا القييرآن ،بييل ُبعييث َوُيَعّلُمكُْم َما َلْم َتُكوُنوا َتْعَلُمو َ
أيضا لُيزكينا وليعلمنا الكتاب والحكمة ،وليعلمنا ما لم نكن نعلم ميين قبييل ،لنخلييص ميين هييذه الييية وغيرهييا ميين
اليات التي جاءت بنفس النص ،أن هناك شيء اسمه الحكمة ،يراد لنا أن نتعلمييه ميين القييرآن والسيينة ،لكييل مييا
ورد فيها من تشريعات وحدود وأوامر ونواهي وأخبار الماضي والمستقبل ،قررهييا سييبحانه فييي أواخيير اليييات
وفي نهاية القصص كل حسب موضوعه .
حكمييا إلهيية
ومن مجمل اليات التي ورد فيها نبوءات مستقبلية ،تبين لنا وحسب ما تقرره تلييك اليييات أن هنيياك ِ
حكم اللهية عموما في أمرين :حصرت هذه ال ِ من الخبار عنها ،وقد ُ
أول :أن معرفة الخبر قبل تحققه من القرآن أو السنة ،هي بمثابة زف البشرى للذين آمنوا ونذير للييذين كفييروا ،
من الذين يعايشون ظروف الحدث المخبر عنه .وهذا مما يمل نفوس المؤمنين بالمل ،ويعطيهم الييدافع للعمييل ،
دون كلل أو ملل ،ويلهمهم الصبر على ما أصابهم من السقام والعلل ،ويمل نفييوس الكفييرة والمنكرييين الخييوف
والترقب والحذر ،ويزيدهم تحديا وطغيانا وكفرا ،لدرجة أن يتحّدوا ال لينزل بهم مييا يعييدهم ميين العييذاب ،كمييا
هي عادة الجبابرة والظلمة والمفسدين في الرض .
ثانيا :أن معاينة الحدث عند تحققه على أرض الواقع تمامييا كمييا ورد فييي القييرآن أو السيينة ،سيييكون بالضييرورة
سبب لزيادة إيمان المؤمنين بربهم وكتبه ،وزيادة في اجتهادهم بعبادته ،وأما للذين كفروا فهو زيييادة فييي قهرهييم
وإذللهم ،رغم كل ما أخذوه من إجراءات احترازية درءا ومنعا لمر ال .
أما من يّدعي بأن ل حكمة ول فائدة من الخبار عنها ،وأن معرفتها على حقيقتها يبعث في النفس اليأس والقنوط
والتواكل ،فأولئك يقولون على الي ميا ل يعلميون ،لمخيالفتهم لميا اقتضيته الحكمية اللهيية مين الخبيار عنهيا ،
ويّدعون بأنهم أكثر حكمة وعلما من أحكم الحاكمين وأعلم العالمين .
وخلصة القول :أننا لم نكشف شيئا من الغيب ،وما قمنا به لم يتعدى حدود القراءة والتفكر والتدبر ،فيمييا أنييزل
رب العزة على رسله وأنبيائه من أخبار الغيب ،وبذلنا ما وفقنيا الي إليى بيذله ،مين جهيد فيي فهمهيا واسيتيعابها
وتفصيلها وتبسيطها وتقديمها للناس بلغة يفهمونا ،وما لنا في ذلك من فضل ،إن الفضل إل ل .
وفي نهاية المر ،وبعد مخاض عسير كان هذا الكتاب ،الذي نعرضه مجانا ونحيياول جهييدنا إيصيياله للنيياس فييي
شتى بقاع الرض ،ونشكر كل من ساهم في نشره ،وغايتنا سيواء أصيبنا أو أخطانيا هيي نفيع النياس فيي دينهيم
ودنياهم ،وإنما العمال بالنّيات ولكل امرئ ما نوى .
7
وبضاعتنا في هذا الكتاب مستقاة من كتاب ال وسنة رسوله ،والناس أحرار في شييرائها أو العييراض فصييانعها
بشري متهم ،حيث ل وحي يوحى بعد وفاة المصطفى عليه الصييلة والسييلم ،ول نفرضييها علييى أحييد ولكيين ل
عليك إن اطلعت عليها ،فهي إن لم تنفعك فلن تضرك في شيء ،مع يقيننا الشخصي بأنهييا ل تخلييو ميين الفييائدة ،
بل فيها الكثير كما أجمع معظم من حظي بقراءة هذا الكتاب ،وتذكر أنك حر فيما اعتقدت بشأن هذه البضاعة .
أما بالنسبة لمسألة تحديد موعد من خلل العد ،فهو نتيجة لعملية عّد في كلم ال ومن كتاب ال ،وما هو بقييراءة
في فنجان أو نظر في النجوم ،وما طرحنا الفصل الخاص بهذه المسألة ،والتي قد تصيييب وقييد تخطييئ ،إل بعييد
أن تولدت لدينا قناعة ،بصرف النظر عن المواعيد المطروحة في ذلك الفصل ،تقول بأن نهاية كل من إسييرائيل
وأمريكا قريبة جدا جدا ،ومجريات المور سيتأخذ منحى مغايرا لما عليييه الحييال الن ،وسيييكون التغييير سييريعا
ومفاجئا ومضطردا ،بحيث تأخذ الناس حالة مستمرة من الخوف والترقب ربما تدوم لعدة سنين .
أما ما نود قوله لقّراء هذا الكتاب ،هو أن يأخذوا بأحسن ما في هذا الكتاب ،وأن يتركوا ما هو دونه ،تماشيا مييع
ن
سفَتِمُعو َ
ن َي ْ
عَبففاِد ،اّلفِذي َ
شفْر ِ
ما أخبر به أتباع رسله الكرام ،في حق ما أنزله عليهم من الهدي ،قيال تعيالى ) َفَب ّ
ب ) 18الزمر ( . ك ُهْم ُأْوُلوا اَْلْلَبا ِ
ل ،وُأْوَلِئ َ
ن َهَداُهُم ا ُ
ك اّلِذي َ
سَنُه ُ ،أْوَلِئ َ
ح َ
ن َأ ْ
اْلَقْوَل َ ،فَيّتِبُعو َ
هذا ما قاله رب العزة في حق كتبه وما أنزل فيها من الهدي على رسله ،فما بالك بقولنا في حق كتاب أنجزه عبد
من عباد ال ،ل ولن يصل إلى حد الكمال مهما بذل من جهد ،والعقل البشري له حييدود وطاقييات مهمييا بلييغ ميين
إبداع ،فإن أصاب في شيء أخطأ في أشياء ،وكل إنسان في نهاية المطاف لدية قدر ميين الحكميية ،ليميييز الغييث
من السمين فيما قرأ أو سمع .
ونسأل ال أن يهدينا وإياكم سواء السبيل
8
زوال إسرائيل قبل ظهور المهدي
استفاضت كثير من المؤلفات لكبار العلماء والئمة ،في ذكر المهدي وسيرته ،وأكدت على حتمية خروجه آخيير
الزمان ،ومن هؤلء على سبيل المثييال ل الحصيير ،ابيين حجيير والشييوكاني والسيييوطي والصييابوني وغيرهييم ،
وهناك من أفرد له بابا أو كان له مقال في كتاب كالذهبي وابن تيميه وابن القيم والقرطبي والييبرزنجي وغيرهييم .
وهناك الكثير من الكتب المتخصصة الحديثة ،جمعييت أقييوال أولئك العلميياء والئميية فييي المهييدي وأحييداث آخيير
الزمان ،فمن رغب بالستزادة فليرجييع إليهييا فهييي متييوافرة بكييثرة فييي المكتبييات هييذه اليييام ،واللمييام المسييبق
بالحاديث الواردة في المهدي ،سيساعد كثيرا في فهم ما استخلصته من أفكار في هذا الفصل .
وأما من ينكر أحاديث المهدي فل التفات لقوله ،فالحاديث الصريحة وغير الصريحة التي أتت على ذكر أخبييار
المهدي ،بلغت حد التواتر المعنوي وقد ورد فيها ما ُيقارب الربعين حييديثا .ومييا سيينتناوله منهييا هييو مييا يخييص
موضوع هذا الكتاب فقط .وأود أن أشير إلى أن ذكر المهييدي قييد جيياء فييي التييوراة ،حيييث أن الترجميية العربييية
للنص التييوراتي ُ ،تسيّميه ) بالقيّدوس ( فييي موضييع ) وبالغصيين ( فييي موضييع آخيير ،وهييذا النييص موجيود مييع
سيير النبييوءات التوراتييية ،وأشييارالتعليق ،في فصل النبوءات التوراتية .وقد تنبأ بظهوره ) نوسييتراداموس ( مف ّ
إليه بألفاظ صريحة سنوردها في فصل لحق .
وللحقيقة ،ومن خلل اطلعي علييى الكييثير ميين دراسيات وأبحياث الغربييين ،الييتي تتنيياول النبيوءات التوراتيية
والنجيلية ،الخاصة بأحداث النهاية ،تبّين لي بأن اليهود والنصارى أكثر إيمانا ويقينا من عامة المسلمين بحتمية
ظهييور المهييدي ،وانتصيياره فييي كافيية حروبييه واتخيياذه للقييدس عاصييمة لملكييه وامتييداده لمسيياحات شاسييعة ميين
الراضي .ولنهم يعلمون بأن النهاية قد اقتربت ،ويعتقدون بأنه سيقود تحالفييا عسييكريا ضييد الغييرب ينجييم عنييه
دمار الحضارة الغربية برمتها ،فهم يتوقعون ظهوره في أي لحظة ويخشون أن يظهر وأن تقوى شوكته وهم في
غفلة من أمرهم ،فلذلك تجدهم ُيحاولون تجنيد العالم بأسره ضد ما ُيسّمونه بالرهاب السلمي ،خوفييا ميين ذلييك
المصير المشؤوم الذي ينتظرهم عند ظهور أمره .
ش اْلَكْعَب فةَ
جْي ٌسّلَم َ :يْغُزو َ عَلْيِه َو َ
ل َ
صّلى ا ُّ ل َ سولُ ا ِّل َر ُت َ :قا َعْنَها َ ) ،قاَل ْ ل َ ي ا ُّضَ شُة َر ِ عاِئ َ
ن َ عْ رواية البخاري _ َ
خِرِه يْم ، ف ِب يَأّوِلِهْم َوآ ِ
سي ُ
خَف ُي ْ
ل َكْي َل ا ِّ
سو َ ت َ :يا َر ُخِرِهْم ُ : ،قْل ُ ف ِبَأّوِلِهْم َوآ ِ
س ُ خ َض ُ ،ي ْ ن اَْلْر ِ َ ،فِإَذا َكاُنوا ِبَبْيَداَء ِم ْ
عَلففى ِنّيففاِتِهْم ( رواه الشيييخان ، ن َ
خِرِهفْم ُ ،ثفّم ُيْبَعُثففو َف ِبفَأّوِلِهْم َوآ ِ
سف ُخ َل ُ :ي ْ س ِمْنُهْم َ ،قييا َن َلْي َ
سَواُقُهْم َ ،وَم َْوِفيِهْم َأ ْ
وأخرجه والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد .
9
سّلَم ِفييي َمَنيياِمِه َ ) ،فُقْلَنييا َ :يييا
عَلْيِه َو َ
ل َ صّلى ا ُّلِ َ لا ّ سو ُ ث َر ُ عَب َ
تَ : عْنَها َ ،قاَل ْ ل َ يا ُ ضَ شَة َر ِ عاِئ َ
ن َ عْ رواية مسلم _ َ
جفٍل ِمف ْ
ن ت ِ ،بَر ُن اْلَبْيف ِ ن ُأّمِتففي َيُؤّمففو َسففا ِمف ْ
ن َنا ًب ِإ ّ
جف ُ ل :اْلَع َ
ن َتْفَعُلُه َ ،فَقييا َ
ك َلْم َتُك ْ
شْيًئا ِفي َمَناِم َ
ت َ صَنْع َ ل َ ل ا ِّسو َ
َر ُ
س، جَميُع الّنييا َ طِرييقَ َقيدْ َي ْ ن ال ّلي ِإ ّ
ل ا ِّسييو َف ِبِهفْم َ ،فُقْلَنا َ :يييا َر ُس َ خ ِحّتى ِإَذا َكاُنوا ِباْلَبْيَداِء ُ تَ ، جَأ ِباْلَبْي ِ
ش َقْد َل َ
ُقَرْي ٍ
شفّتى َ ،يْبَعُثُهفْم صففاِدَر َ ن َم َ صفُدُرو َ حفًدا َ ،وَي ْ ن َمْهَلًكا َوا ِ سِبيِل َ ،يْهِلُكو َ ن ال ّ جُبوُر َواْب ُ صُر َواْلَم ْ
سَتْب ِل َ :نَعْم ِفيِهْم اْلُم َْقا َ
عَلى ِنّياِتِهْم ( ،رواه الشيخان ،وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد . ل َ
ا ُّ
ن ِقَبفلِن ِمف ْجيُئو َن ُأّمِتففي َي ِ
ش ِمف ْ
جْيف ٌ سيّلَم َ ) : عَلْييهِ َو َ
لي َ صيّلى ا ُّلي َ ل ا ِّ
سو ُل َر ُ ت َ :قا َ
سَلَمَة َقاَل ْ
ن ُأّم َعْ رواية أحمد _ َ
صففاِدُرُهْم
ف ِبِهفْم َ ،وَم َ سف َخ ِحَلْيَف فِة ُ
ن ِذي اْل ُ حّتى ِإَذا َكاُنوا ِباْلَبْيَداِء ِم ْل ِمْنُهْم َ ،
جٍل َيْمَنُعُه ا ُّت ِلَر ُ
ن اْلَبْي َ
شاِم َ ،يُؤّمو َ
ال ّ
جِبَر
ن ُن ِمْنُهْم َم ْ
جِبَر إِ ّ
ن ُن ِمْنُهْم َم ْ ل ِ :إ ّ
شّتى َ ،فَقا َصاِدُرُهْم َ جِميًعا َوَم َ ف ِبِهْم َ
س ُ خَف ُي ْ
ل َكْي َ ل ا ِّسو َت َ :يا َر ُشّتى َ ،فُقل َُ
لًثا ( رواه أحمد بهذا النص ،ورواته ثقات ،إل واحدا وثقه البعض وضعفه آخرون . َث َ
بداية ظهور المهدي ستكون في مكة بإذن ال ،وفور معرفته تسارع قليية ميين تلييك القليية لمبييايعته علييى المييارة ،
فيلجأ إلى الحرم تهّربا ويعتصم به فيظهر أمره شيئا فشيييئا ،فُيبعييث إليييه بجيييش يغييزو الكعبيية ،فيخسييف بييه فييي
الصحراء ما بين المدينة ومكة .
هذه الحاديث الثلثة متوافقة من حيث النص والمضمون ،غير أن الحديث الثالث وهو من رواية أحمد ،أضاف
ضح مخرج ذلك الجيش ومكان الخسف .ومع أن أحد الرواة ضعفه البعض ،إل أن تلك الضييافة ) ميين عبارة تو ّ
قبل الشام ( تتفق والتفسير المنطقي ،للحداث الموصوفة في جملة أحاديث هذا الفصل .
لنخلص إلى ما يلي :
.1أن جيشا سيغزو مكة .
.2وهذا الجيش من أمة محمد عليه الصلة والسلم ،ويعجب رسول ال ويحق له العجب ،فما آل إليه أمر
أمة السلم هذه اليام ،يثير ما هو أكثر من العجب والشفقة حتى في نفوس أعدائنا .
.3ومقصد هذا الجيش رجل من قريش يلجأ إلى الحرم ،وغايته وأد بؤرة الخلفيية السييلمية فييي مهييدها ،
خوفا من أن تزلزل أركان عبدة الحياة الدنيا .
ُ .4يخسف بهذا الجيش في الصحراء قبل وصوله إلى مكة .
.5ومخرج هذا الجيش من قبل الشام ؟!
خففُروجُ ب ُ ب َيْثِر َ
خَرا ُب َ ،و َ
ب َيْثِر َ
خَرا ُ
س َ ت الَمْقِد ِ ن َبْي ِعْمَرا ُ سّلَم ُ ) : عَلْيِه َو َ
ل َ صّلى ا ُّ ل َ ل ا ِّ
سو ُ ل َر ُل َ :قا َ ن ُمَعاٍذ َقا َعْ َ
خيِذ
عَلييى َف ِ
ب ِبَييِدهِ َ
ضيَر َ جاِل ُ ،ثيّم َ
ج الفّد ّخُرو ُ طيِنّيةِ ُ طْن ِ
سَ ح اْلُق ْطيِنّيِة َ ،وَفْت ُ طْن ِ
سَ ح اْلُق ْحَمِة َفْت ُج اْلَمْل َ
خُرو ُ حمَِة َ ،و ُ اْلَمْل َ
عيٌد َيْعِنييي ُمَعيياًذا ( .رواه أبييو داود ، ك َقا ِك َهاُهَنييا َ ،أْو َكَمييا َأّني َ ق َكَمييا َأّني َحي ّن َهيَذا َل َل ِإ ّاّلِذي حَّدَثُه َأْو َمْنِكِبِه ُ ،ثّم َقا َ
وأخرجه أحمد ،وصححه اللباني .
تعمر بيت المقدس في آخر الزمان برجوعها إلى الحكم العربي واتخاذها عاصمة للملييك ،فيرسييل حاكمهييا جيييش
إلى الكعبة عند ظهور أمر المهدي ،فيخرب المدينة المنّورة في طريقه إلى مكة ،ومن ثم ُيخسف بجيشييه قبييل أن
يصلها بالقرب من ذي الحليفة وهي ميقات إحرام أهل المدينة وبينها وبييين المدينيية سييتة أميييال أو سييبعة ،وبينهييا
وبين مكة مسيرة عشرة أيام .
10
وتجمع جزيرة العرب لقتال المهدي وصييحبه فيغزونهيا فيفتحهييا الي فتيدين لهيم ،ومين ثييم يخرجييون إليى إييران
فيفتحها ال فتدين لهم ،ومن ثم يغزون الروم فيفتحها ال ،ومين ثيم يخيرج اليدجال فيغزونيه بمعيية عيسيى علييه
السلم فيفتحه ال .
ولو تدبرت هذا الحديث ستجد أن البلدان التي سيييغزوها المهييدي عنييدما يمسييك بزمييام المييور ،هييي بييالترتيب ؛
جاَل ،
س أي إيييران ،ثالثييا :الفّروَم أي روسيييا وأوروبييا الشييرقية ،رابعييا :الفّد ّ
ب ثانيا َ :فففاِر َ
جِزيفَرَة اْلَعفَر ِ
أول َ :
والملحظ في هذا الحديث ،عدم ورود ذكر فتح بلد الشام والعييراق ،الييتي ل بييد للمهييدي ميين المييرور بهييا عنييد
خروجه لفتح فارس ،ولفتح الروم الذين سُيلقونه بالقرب من مدينة دمشق .
فلو كانت دولة إسرائيل قائمة في فلسطين ،أليس من الحرى بالمهدي وميين معييه تحريرهييا ،فييور خروجييه ميين
جزيرة العرب ؟!
يظهر بوضوح في هذا الحديث ،أن كل واحد من هذه المور إشارة لوقوع ما بعده ،كما هيو الحييال فيي الحييديث
السابق ،وكل منهما يتقاطع مع الخر في نقطتين ،هما ؛ أول :غزو الييروم ويقابلهييا خييروج الملحميية ،وثانيييا :
غزو الدجال ويقابلها خروج الدجال ،ويضيف الحييديث الول ثلثية أحييداث هيي عمييران بييت المقيدس وخيراب
يثرب وفتح القسطنطينية .
حّتففى ُيَقاِتفلَ
عُة َ
سففا َ ل َ ) :ل َتُقففوُم ال ّ سيّلَم َ ،قييا َ
عَلْييِه َو َ
لي َ صيّلى ا ُّ لي َ ل ا ِّ
سييو َ
ن َر ُن َأِبييي ُهَرْييَرَة َ ،أ ّ عي ْ
رواية مسلم _ َ
جفُر أَْو
حَجِر ،فََيُقفوُل اْل َشف َ
جفِر َوال ّ حَ ن َوَراِء اْل َ ي ِمف ْ
ئ اْلَيُهفوِد ّ خَتِبف َ
حّتفى َي ْنَ ، سفِلُمو َن اْلَيُهوَد َ ،فَيْقُتُلُهْم اْلُم ْ
سِلُمو َ
اْلُم ْ
جِر اْلَيُهففوِد ( .رواه شف َ
ن َ خْلِفففي َفَتَعففاَل َفففاْقُتْلهُ ِ ،إّل اْلَغْرَقفَد َففِإّنُه ِمف ْي َلف َ ،هفَذا َيُهففوِد ّعْبفَد ا ِّ سِلُم َيففا َ
جرُ َ :يا ُم ْشَال ّ
الشيخان ،وأخرجه أحمد والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه بنصوص أخرى .
هذا الحديث روي بعدة نصوص ،وهذا النص أشهرها وأكثرها تداول بين العامة ،أما نطق الحجر والشجر فهييو
أمر خارج عن المألوف والعادة ،ول ُيعقل أن تحصل تلك المعجيزة فيي آخير الزميان ،قبيل بيدء ظهيور أشيراط
الساعة الكبرى على القل حتى بظهور المهدي .فنطق الحجر والشجر أكثر إعجازا من نطق عيسى عليه السلم
في المهد صبيا .فمن المنطقي أل يحدث هذا المر ،قبل ظهور الحييداث غيير المألوفية للنيياس كأشيراط السياعة
الكبرى .ومن الرجح أن يتزامن هذا الحدث مع وجود عيسى عليه السلم لكي يستقيم المر ،فييالمعجزات غالبييا
ما تأتي على أيدي الرسل وهذا ما تؤيده سورة السراء كما سيتبين لنا لحقا .
11
ي النهر وهم غربيه ( ،فقد وردت في حديث آخر وهذا نصه ) عن نهيك بيين صييريم السييكوني ، أما عبارة ) شرق ّ
ن المشركين حتى ُيقاتل بقّيتكم الّدجاَل على نهِر الردن ،أنتففمقال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ) :لتقاتل ّ
شرقّيه وهم غربّيه ،ول أدري أين الردن يومئٍذ ( رواه الطبراني والبزار ،وقيييل رجييال الييبزار ثقييات وضييعّفه
اللباني .
ولم ترد هذه العبارة بأي من نصوص الحديث السابق على اختلفها ،وعلى ما يبدو لنا أن كل من الحييديثين آنفييّ
الذكر ،يصفان حدثا واحدا هو مقاتلة المسلمين للدجال ومن تبعه من اليهود آخر الزمان ،عند نزول عيسى عليييه
السلم ،حيث ُيقتل الدجال على أبواب القدس ،وهو حدث سيقع بعد نفاذ وعد الخرة ،بزوال العلو اليهييودي فييي
فلسطين والرض عموما بسنوات عديدة .
وبناءا على ما تقدم ،نقول أن زوال دولة إسيرائيل أمير حتميي يتبعيه زوال حلفائهيا مين الغيرب بالضيرورة قبيل
ظهور خلفة المهدي ،وأن من سيقوم بتحريرها هو جيش عربي ،وأن صاحب هذا الجيش سيتخذ مدينيية القييدس
عاصمة لملكه ،ومن ثم تدين له بلد الشام والعراق ،وأن فترة حكمييه أو حكييم ميين يخلفييه سييتكون حافليية بييالظلم
والجور ،وعند ظهور أمر المهدي في مكة يبعث حاكم مدينة القدس جيشا إلى الجزيرة ل قبل للمهييدي وجميياعته
به ،فُيخرب المدينة المنورة لدى مروره بها متجها إلى مكة فيخسف ال بهم الرض .
وآنذاك يظهر أمر المهدي ،فيهب إلى قتاله من رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها ،ميين أميية محمييد عليييه الصييلة
والسلم ،خوفا من عودة دين أكل الزمان عليه وشرب ،يدعوا إلى إخراجهييم ميين غّيهييم وضييللهم ،وحرمييانهم
مما يتلّذذون به من الشهوات والحرمات ،التي استحّلوها واستباحوها في هذا العصر ،فاسيتعبدتهم فل فكياك لهيم
منها ول يرضون عنها بديل .
فتكون أولى مواجهات المهدي مع جيش آخر ُ ،يجمع له من جزيرة العرب فينتصر عليهم حربا ،وبعد أن يستتب
له أمر الجزيرة يخرج إلى أهل الشام .فيتسلم مقاليييد الحكييم فيهييا تسييليما عيين طيييب خيياطر ،أو استسييلما خوفييا
خذ مدينة القدس عاصمة لخلفته ،ومن ثم يخرج إلى إيران فيفتحها ويعود إلى بلد الشام . ورهبة ،ويت ّ
ومن ثم تكون الروم ) نصارى الشرق ( قد جمعت له جيشا قوامه قرابة المليون نفر ،فيخييرج لملقاتههييا ،فتقييع
الملحمة الكبرى الفاصلة بين الحق والباطل بالقرب من دمشق ،فيكون النصر في النهاية حليف المهدي ومن معه
من المسلمين .ومن ثم يخرج إلى القسطنطينية ) استنبول ( فيفتحها بالتهليل والتكبير من غير قتييال ،وقريبييا ميين
نهاية حكمه يخرج الدجال فيعيث في الرض فتنة وفسادا ،وُيحصر المهدي وصييحبه فييي الشييام ،فينييزل عيسييى
عليه السلم فيهرب الدجال ومن تبعه من اليهود إلييى القييدس ،وهنيياك يلحقييون بييه فيقتلييه عليييه السييلم ،ويتييولى
المسلمون أمر البقية الباقية من اليهود ،فينطق الحجر والشجر فيبيدوهم عن بكرة أبيهم بإذن ال ،ول الميير ميين
قبل ومن بعد ،وال أعلم .
هذا ما سيكون من أمر المهدي بإذن ال ،قّدمناه بشكل مختصر وموجز ،تناولنا فيييه بعضييا مين سيييرة المهييدي ،
التي تعرضت لفتوحاته آخر الزمان ،مسييتندين إلييى مييا أوردنيياه ميين أحيياديث صييحيحة ،آخييذين بعييين العتبييار
أحاديث صحيحة أخرى لم يتسع المقام ليرادها .
أما موضوع هذا الكتاب فهو يبحث إجمال في حدثين عظيمين مفاجئين قبل ظهور المهدي وفي وقييت قريييب جييدا
جييدا ،وهمييا ؛ أول :نهاييية الدوليية اليهودييية واختفائهييا إلييى البييد ،ثانيييا :انهيييار الحضييارة الغربييية العملقيية
ومظاهرها المختلفة واختفائها إلى البد .
ما ستجده في ثنايا هذا الكتاب :
ي الجابة على التساؤلت المطروحة علييى صييفحة الغلف ،فيمييا يتعلييق بالدوليية اليهودييية ،ومصيييرها ومصييير
اليهود .
12
ي الجابة على كثير من التساؤلت التي تدور في أذهان الناس ،وتوضيييح كييثير ميين القضييايا الخلفييية التاريخييية
فيما يخص تاريخ وجغرافيا بني إسرائيل ،منذ نشأتهم الولى حتى قيام الساعة وخاصة فيما يتعلق بتواجييدهم فييي
فلسطين .
ي استقراء وتحليل ما جرى ويجري على أرض الواقع في منطقتنا والعالم من حولنا .
ي فهم حقيقة الصراع الدائر بين الغرب والشرق ،وحقيقة العداء الغربي للمتين العربية والسلمية ،والييذي بلييغ
أشّده في العقود الخيرة .
عمة بالشواهد والدلة من القرآن والسنة والتوراة والنجيييل والواقييع ،
ي تفسيرات منطقية للحداث المستقبلية ،مد ّ
ووضعها ضمن سياق زمني منطقي .
13
مختصر لمجمل أقوال المفسرين
سييرين
قبل أن نبدأ في البحار في معاني ومقاصد آيات سورة السراء ،سنتجول قليل في بعض كتييب قييدماء المف ّ
لنستعرض مجمل تفسيراتهم لهذه اليات ،ومجمل ما أوروده من روايات وآثار عن الفسيياد والعلييو فييي الرض
ووعديّ الولى والخرة ،ومن هؤلء المفسرين :القرطبي وابن كثير والطبري والبيضاوي ،والبغوي والنحاس
والثعالبي ،وأبي السعود والشوكاني وابن الجوزي ،والسيوطي والنسفي واللوسي .
قال اللوسي في تفسيره " :سورة بني إسرائيل - ،وهو السم التوقيفي لها -وتسييمى السييراء وسييبحان أيضييا ،
وهي كما أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير ،رضي ال تعيالى عنهيم مكيية ،وكونهيا كيذلك بتمامهيا
قول الجمهور .وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي ال تعالى عنهما ،أنييه قييال )) :إن التييوراة كلهييا فييي
خمس عشرة آية من سورة بني إسرائيل ،وذكر تعالى فيها عصيانهم وإفسادهم ،وتخريب مسجدهم واسييتفزازهم
النبي وإرادتهم إخراجه من المدينة ،وسؤالهم إياه عن الروح ،ثييم ختمهييا جييل شييأنه بآيييات موسييى عليييه السييلم
التسع وخطابه مع فرعون ،وأخبر تعالى أن فرعون أراد أن يستفزهم من الرض ،فأهلييك وورث بنييو إسييرائيل
من بعده ،وفي ذلك تعريض بهم أنهم سينالهم ما نال فرعون ،حيث أرادوا بالنبي ما أراد فرعييون بموسييى عليييه
السلم وأصيحابه ،ولميا كيانت هييذه السيورة مصيّدرة بقصيية تخرييب المسيجد القصييى ،افتتحيت بييذكر إسيراء
المصطفى تشريفا له – أي المسجد القصى -بحلول ركابه الشريف فيه ،جبرا لما وقع من تخريبه (( " .
اليات :
جففاءَ عُلفّوا َكِبيفًرا )َ (4ففِإَذا َ ن ُن َوَلَتْعُل ّض َمّرَتْي ِن ِفي اَْلرْ ِ سُد ّب َلُتْف ِ
سراِئيَل ِفي اْلِكَتففا ِ ضْيَنا ِإَلى َبِني إ ْ قال تعالى ) َوَق َ
عفًدا َمْفُعفوًل )ُ (5ثفّم َرَدْدَنفا َلُكفْم ن َو ْ لَل الّدَياِر َوَكفا َ خَسوا ِ جا ُ شِديٍد َف َ
س َ عَباًدا َلَنا ُأوِلي َبْأ ٍ عَلْيُكْم ِ
عُد ُأوَلُهَما َبَعْثَنا َ َو ْ
سْأُتْم َفَلَهففا َف فِإَذان َأ َ
سُكْم َوِإ ْ سنُتْم َِلنُف ِ ح َسنُتْم َأ ْ
ح َ ن َأ ْ
جَعْلَناُكْم َأْكَثَر َنِفيًرا )ِ (6إ ْن َو َ عَلْيِهْم َوَأْمَدْدَناُكْم ِبَأْمَواٍل َوَبِني َاْلَكّرَة َ
سففى ع َ عَلْوا َتْتِبيًرا )َ ( 7 خُلوُه َأّوَل َمّرٍة َوِلُيَتّبُروا َما َ جَد َكَما َد َسِ خُلوا اْلَم ْ جوَهُكْم َوِلَيْد ُ سوُءوا ُو ُ خَرِة ِلَي ُ لِعُد ا ْ جاَء َو ْ َ
شُر
ي َأْقَوُم َوُيَب ّ ن َيْهِدي ِلّلِتي ِه َ ن َهَذا اْلُقْرآ َ صيًرا )ِ ( 8إ ّ ح ِ
ن َ جَهّنَم ِلْلَكاِفِري َ
جَعْلَنا َ عْدَنا َو َ عْدُتْم ُ
ن ُ حَمُكْم َوِإ ْ َرّبُكْم َأنْ َيْر َ
عَذاًبا َأِليًمففا عَتْدَنا َلُهْم َ خَرِة َأ ْلِ
ن ِبا ْ ن َل ُيْؤِمُنو َ ن اّلِذي َ
جًرا َكِبيًرا )َ (9وَأ ّ ن َلُهْم َأ ْت َأ ّ
حا ِ صاِل َ
ن ال ّ ن َيْعَمُلو َن اّلِذي َ اْلُمْؤِمِني َ
ب َوُكّل سا َ ح َ ن َواْل ِسِني َعَدَد ال ّ جوًل )َ … (11وِلَتْعَلُموا َ عُن َسا ُ ن اِْلن َخْيِر َوَكا َ عاَءُه ِباْل َ شّر ُد َ
ن ِبال ّ سا ُع اِْلن َ )َ (10وَيْد ُ
ل ) 12السراء ( صي ً صْلَناُه َتْف ِيٍء َف ّ ش َْ
ْ َ
عل ُل ّ
ن ول َت َ ْ
ن َ
مّرت َي ْ ِ
ض َ
في الْر ِ
ن ِ
سد ُ ّ ب ل َت ُ ْ
ف ِ في ال ْك َِتا ِ
ل ِ ضي َْنا إ َِلى ب َِني إ ْ
سراِئي َ و َ
ق َ َ
وا ك َِبيًرا )(4 ُ
ُ ّ لع
14
ْ ُ عب َللا ً َ عدُ ُأوَل ُ
سللوا
جا ُ د َ
ف َ دي ٍ س َ
شل ِ دا لن َللا أول ِللي ب َلأ ٍ عل َي ْك ُل ْ
م ِ عث َْنا َ
ما ب َ َه َ و ْ
جاءَ َذا َ َ
فإ ِ َ
عوًل )(5 ف ُم ْ دا َ
ع ًو ْ ن َ كا َو َر َ
ل الدَّيا ِخَل َِ
عُد ُأوَلُهَما :والوعد بمعنى الموعود مراد بيه العقياب وفيي الكلم تقيدير ،أي فيإذا حيان وقيت حليول
جاَء َو ْ
َفِإَذا َ
العقاب الموعود ،وقيل الوعد بمعنى الوعيد وفيه تقدير أيضا ،وقيل بمعنى الوعد الييذي يييراد بيه اليوقت أي فيإذا
حان موعد عقاب أولى الفسادتين .
عَباًدا َلَنا :البعث بالتخلية وعدم المنييع ) البيضيياوي ( ،وقييال الزمخشييري " :خلينييا بينهييم وبييين مييا
عَلْيُكْم ِ
َبَعْثَنا َ
فعلوا ولم نمنعهم وفيه دسيسة اعتزال " ،وقال ابن عطية " :يحتمل أن يكون ال تعالى ،أرسييل إلييى ملييك أولئك
العباد رسول ،يأمره بغزو بني إسرائيل فتكون البعثة بأمر منه تعالى " .
شِديٍد :ذوي قوة وبطش في الحروب ،والبأس والبأساء في النكاية ،ومن هنييا قيييل إن وصييف البييأس
س َ
ُأوِلي َبْأ ٍ
بالشديد مبالغة .
لَل الّدَياِر :قال الجوهري " الجوس مصدر ،وقولييك جاسييوا خلل الييديار ،أى تخّللوهييا كمييا يجييوسخَسوا ِ
جا ُ
َف َ
الرجل للخبار أي يطلبها " ،أي عاثوا وافسدوا وقتلوا وتخللوا الزقة بلغة جذام بمعنييى الغلبيية والييدخول قهييرا ،
وقال الزجاج " :طافوا خلل الديار ينظرون هل بقي احد لم يقتلوه " والجييوس طلييب الشيييء باستقصيياء ،وقييال
اللوسي " :والجمهور على أن في هذه البعثة ،خّرب هؤلء العباد بيييت المقييدس ،ووقييع القتييل الييذريع والجلء
والسر في بني إسرائيل وحرقت التوراة " .
عًدا َمْفُعوًل :قضاء كائنا ل خلف فيه ،وكان وعد عقابهم ل بد أن يفعل ،أي ل بييد ميين كييونه مقضيييا أي
ن وَ ْ
َوَكا َ
مفروغ منه .
م أ َك ْث ََر ن َ ِ
فيللًرا عل َْناك ُ ْ
ج َ
و َ
ن َ
وب َِني َ
ل َ
وا ٍ
م َ
َ
مدَدَْناك ُ ْ
م ب ِأ ْ
عل َيهم َ
م ال ْك َّرةَ َ ْ ِ ْ َ
وأ ْ م َردَدَْنا ل َك ُ ْ
ثُ ّ
)(6
عَلْيِهْم :ثم للعطف وتفيد التراخي في الزمن ،يقول اللوسي " جعل َرَدَدنا موضع َنُرّد ،فعّبر ُثّم َرَددَْنا َلُكْم اْلَكّرَة َ
ن ( ،أي رددنا النسييان أسييفل ساِفِلي َ
سَفَل َ
عن المستقبل بالماضي " ،وُيضيف في تفسير قوله تعالى ) ُثّم َرَددَْناُه َأ ْ
سافلين من النار ،إل الذين آمنوا وعملوا الصالحات ،فلهم أجر غير ممنون بعد البعث والجييزاء " ،وهييذه الكيرة
بعد الجلوة الولى ،أي الرجعة والدولة والغلبة على الذين ُبعثوا عليكم .
ن :أعطاهم ال الموال والولد .
َوَأْمَدْدَناُكْم ِبَأْمَواٍل َوَبِني َ
جَعْلَناُكْم َأْكَثَر َنِفيًرا :والنفير أي القوم الذين يجتمعيون ،ليصييروا إلييى أعييدائهم فيحياربوهم ،وهيم المجتمعيون
َو َ
للذهاب إلى العدو ،أي أكثر رجال من عدوكم ،والنفير من ينفر مع الرجل من عشيرته .
سْأُتْم َفَلَها :وهذا الخطاب قيل أنيه لبنييي إسيرائيل الملبييثين لميا ذكير فييى هييذه
ن َأ َ
سُكْم َوِإ ْ
سنُتْم َِلنُف ِ
ح َ
سنُتْم َأ ْ
ح َ
ن َأ ْ
ِإ ْ
اليات ،وقيل لبني إسرائيل الكائنين في زمن محمد صلى ال عليه وآله وسلم ،ومعنيياه إعلمهييم مييا حييل بسييلفهم
فليرتقبوا مثييل ذلييك ،وأن إحسييان العمييال وإسيياءتها مختييص بهييم والييية تضييمنت ذلييك ،وفيهييا ميين الييترغيب
بالحسان والترهيب من الساءة ما ل يخفى فتأمل .
خَرِة :أي حضر وقت ما وعدوا من عقوبة المرة الخرة ،وجواب إذا محييذوف تقييديره بعثنيياهم لِعُد ا ْ
جاَء َو ْ
َفِإَذا َ
لدللة جواب إذا الولى عليه ،فالظاهر فإذا جاء ،وإذا جاء للدللة على أن مجيء وعد عقاب المرة الخييرة ،لييم
يتراخ عن كثرتهم واجتماعهم دللة على شدة شكيمتهم في كفييران النعييم ،وأنهييم كلمييا ازدادوا عييددا وعييدة زادوا
15
عدوانا وعزة ،إلى أن تكاملت أسباب الثروة والكثرة فاجأهم ال عز وجييل علييى الغيّرة ،نعييوذ بييال سييبحانه ميين
مباغتة عذابه .
حييذف لدلليية مييا سييبق عليييه ،وهييو جييواب إذا ،أي
جوَهُكْم :اللم لم كي ،وليسوءوا متعلق بفعييل ُ
سوُءوا ُو ُ
ِلَي ُ
بعثناهم ليسوءوا وجوهكم ،أي ليجعل العباد المبعوثون ،آثار المساءة والكآبة بادية في وجوهكم ،إشارة إلى أنييه
جمع عليهم ألم النفس والبدن .
جَد :اللم لم كي ،والضمير للعبيياد أولييى البييأس الشييديد ،والمسييجد مسييجد بيييت المقييدس ،قييال
سِخُلوا اْلَم ْ
َوِلَيْد ُ
اللوسي " :فإن المراد به بيت المقدس ،وداود عليه السلم ابتدأ بنيانه بعد قتل جالوت وإيتائه النبييوة ولييم يتّمييه ،
وأتّمه سليمان عليه السلم ،فلم يكن قبل داود عليه السلم مسجد حتى يدخلوه أول مرة ،ودفع بأن حقيقة المسييجد
الرض ل البناء ،أو يحمل قوله تعالى دخلوه على الستخدام ،والحق أن المسييجد كييان موجييودا قبييل داود عليييه
السلم كما قدمنا " .
َكَما َدخَُلوُه َأّوَل َمّرٍة :كما دخلوه أي دخول كائنا كدخولهم إياه أول مييرة ،قييال اللوسييي " :والمييراد ميين التشييبيه
أنهم يدخلونه بالسيف والقهر والغلبة والذلل ،وفيه أيضا أن هذا يبعد قول ،من ذهب إلييى أن أولييى المرتييين لييم
يكن فيها قتال ول قتل ول نهب " .
عَلْوا َتْتِبيًرا :أي ليدمروا ويخربوا والتبار الهلك ،وليتبروا أي يدّمروا ويهلكوا ما غلبييوا عليييه ميين
َوِلُيَتّبُروا َما َ
بلدكم ،أو مدة علوهم ،أي ما علوا عليه من القطار وملكوه من البلد ،وقيل مييا ظرفييية والمعنييى مييدة علييوهم
وغلبتهم على البلد ،تتبيرا أي تدميرا ُ ،ذكَر المصدر إزالة للشك وتحقيقا للخييبر ،مييا علييوا مفعييول لتييبروا ،أي
لُيهلكوا كل شيء غلبوه واستولوا عليه أو بمعنى مدة علوهم .
حَمُكْم :لبقية بني إسييرائيل عسييى ربكييم ،إن أطعتييم فيي أنفسيكم واسيتقمتم أن يرحمكيم ،وهيذه
ن َيْر َ
سى َرّبُكْم َأ ْع َ
َ
العودة ليست برجوع دولة وإنما هي بأن يرحم المطيع منهم ،وكان مين الطاعية اتبياعهم لعيسيى ومحميد عليهميا
السلم .
صل المرتين كان قبل بعثهما عليهما السلم .
* ذلك لن المتقدمين من المفسرين اعتبروا أن تح ّ
عْدَنا :وإن عدتم للفساد بعد الذي تقدم ،عدنا عليكم بالعقوبة فعاقبناكم في الدنيا ،بمثل ما عاقبناكم بييهعْدُتْم ُ
ن ُ
َوِإ ْ
في المرتين .
صيًرا :أي محبوسون في جهنم ل يتخلصون منها .
ح ِ
ن َ
جَهّنَم ِلْلَكاِفِري َ
جَعْلَنا َ
َو َ
مل ُللو َ
ن ع َ
ن يَ ْ ن ال ّل ِ
ذي َ مِني َ
ؤ ِ ش لُر ال ْ ُ
مل ْ وي ُب َ ّ
م َ
و ُ ي أَ ْ
قل َ هل َ دي ل ِل ّت ِللي ِ ه ِ
ن يَ ْ
قْرآ َ ذا ال ْ ُ
ه َ
ن َ
إِ ّ
َ
جًرا كِبيًرا )(9 َ َ َ
مأ ْ ه ْ
نل ُ تأ ّ حا ِصال ِ َ ال ّ
ي َأْقَوُم :أي إلى الطريقة التي هي أصوب وقيل الكلمة التي هي أعدل .
ن َيْهِدي ِلّلِتي ِه َ
ن َهَذا اْلُقْرآ َ
ِإ ّ
شر بما اشتمل عليه من الوعد بالخير ،آجل جًرا َكِبيًرا :أي ُيب ّ
ن َلُهْم َأ ْ
ت َأ ّ
حا ِ
صاِل َ
ن ال ّ
ن َيْعَمُلو َ
ن اّلِذي َ
شُر اْلُمْؤِمِني َ
َوُيَب ّ
وعاجل للمؤمنين الذين يعملون الصالحات ،ويراد بالتبشير مطلق الخبار ،أو يكون المراد منه معناه الحقيقييي ،
ويكون الكلم مشتمل على تبشير المؤمنين ببشارتين ،الولى ما لهم من الثواب والثانية ما لعدائهم من العقاب .
َ ة أَ ْ َ
ما )(10 ع َ
ذاًبا أِلي ً م َ عت َدَْنا ل َ ُ
ه ْ ن ِباْل ِ
خَر ِ مُنو َ ن َل ي ُ ْ
ؤ ِ ن ال ّ ِ
ذي َ وأ َّ
وهو عذاب جهنم ،أي أعددنا وهيأنا لهم فيما كفروا به وأنكروا وجييوده ميين الخييرة عييذابا مؤلمييا وهييو أبلييغ ميين
الزجر ،لما أن إتيان العذاب من حيث ل يحتسب أفظع وأفجع ،ولعل أهل الكتاب داخلون في هيذا الحكيم ،لنهيم
ل يقولون بالجزاء الجسماني ويعتقدون في الخرة أشياء ل أصل لها ،فلم يؤمنوا بييالخرة وأحكامهييا المشييروحة
16
في هذا القرآن حقيقة اليمان ،والعطف على أن لهم أجرا كبيرا ،فيكييون إعييداد العييذاب الليييم للييذين ل يؤمنييون
شيير بييه ،
بالخرة مبشرا به ،كثبوت الجر الكبير للمؤمنين الذين يعملون الصالحات ،ومصيييبة العييدو سييرور ُيب ّ
فكأنه قيل يبشر المييؤمنين بثييوابهم وعقيياب أعييدائهم ،ويجييوز أن تكييون البشييارة مجييازا مرسييل ،بمعنييى مطلييق
الخبار الشامل للخبار بما فيه سرور للمؤمنين .
جوًل )(11
ع ُ
ن َ
سا ُ نا ِْ
لن َ و َ
كا َ ر َ عاءَهُ ِبال ْ َ
خي ْ ِ ن ِبال ّ
شّر دُ َ سا ُ عا ِْ
لن َ وي َدْ ُ
َ
شّر :ويدعو النسان على ماله وولده ونفسه بالشر ،فيقول عند الغضييب :اللهييم العنييه وأهلكييه
ن ِبال ّ
سا ُ
ع اِْلن َ
َوَيْد ُ
ونحوهما .
خْيِر :أي كدعائه ربه بالخير ،أن يهب له النعمة والعافية ،ولو استجاب ال دعيياءه عليى نفسيه لهلييك ،
عاَءهُ ِباْل َ
ُد َ
ولكن ال ل يستجيب بفضله .
جوًل :بالدعاء على ما يكييره أن ُيسييتجاب لييه فيييه ،قيياله جماعيية ميين أهييل التفسييير ،وقييال ابيين
عُ
ن َ
سا ُ
ن اِْلن َ
َوَكا َ
عباس :ضجرا ل صبر له على السراء والضراء .
بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد ،هم أهل بابل ،وكان عليهم بختنصر في المرة الولى ،حين كذبوا إرمياء
وجرحوه وحبسوه ،قاله ابن عباس وغيره ،وقال قتادة :أرسل عليهييم جييالوت فقتلهييم ،فهييو وقييومه أولييوا بييأس
شديد ،وقال مجاهد :جاءهم جند من فارس يتجسسون أخبارهم ومعهم بختنصر ،فوعى حديثهم من بين أصحابه
،ثم رجعوا إلى فارس ولم يكن قتال ،وهذا في المرة الولى فكان منهم جوس خلل الديار ل قتل ذكره القشيييري
أبو نصر .وذكر المهدوي :عين مجاهييد أنيه جياءهم بختنصير ،فهزمييه بنيو إسييرائيل ثيم جياءهم ثانييية ،فقتلهيم
ودمرهم تدميرا ،ورواه ابن أبي نجيح عن مجاهد ذكره النحاس .وقال محمد بن إسحاق في خييبر فييه طييول :إن
المهزوم سنحاريب ملك بابل ،جاء ومعه ستمائة ألف راية تحت كل راية ألف فارس ،فنزل حييول بيييت المقييدس
فهزمه ال تعالى فرجعوا إلى بابل ،ثم مات سنحاريب بعد سبع سنين ،واستخلف بختنصر وعظمت الحداث في
بني إسرائيل ،واستحلوا المحارم وقتلوا نبيهم شعيا ،فجاءهم بختنصر ودخل هييو وجنييوده بيييت المقييدس ،وقتييل
بني إسرائيل حتى أفناهم .وقال ابن عباس وابن مسعود :أول الفساد قتل زكريا ،وقال ابن إسحاق :فسييادهم فيي
المرة الولى قتل شعيا نبي ال في الشجرة ،وذكر ابن إسحاق :أن بعض العلميياء ،أخييبره أن زكريييا مييات موتييا
ولم يقتل وإنما المقتول شعيا ،وقال سعيد بن جبير :في قوله تعالى ) ثم بعثنييا عليكييم عبييادا لنييا أولييي بييأس شييديد
فجاسوا خلل الديار ( هو سنحاريب من أهل نينوى بالموصل ملك بابل ،وهذا خلف ما قال ابيين إسييحاق ،فييال
أعلم وقيل :إنهم العمالقة وكانوا كفارا قاله الحسن .
وقد اختلف المفسرون من السلف والخلف في هؤلء المسلطين عليهم من هم ،فعن ابن عباس وقتادة :أنه جالوت
الجزري وجنوده ،سلط عليهم أول ثم أديلوا عليه بعد ذلك وقتل داود جالوت ،ولهيذا قيال ) ثييم رددنييا لكييم الكييرة
عليهم ( الية ،وعن سييعيد بين جيبير :أنيه ملييك الموصيل سينحاريب وجنيوده ،وعنيه أيضيا وعين غيييره :أنيه
بختنصر ملك بابل ،وقد وردت في هذا آثار كثيرة إسرائيلية ،لييم أر تطويييل الكتيياب بييذكرها ،لن منهييا مييا هييو
17
موضوع من وضع بعض زنادقتهم ،ومنها ما قد يحتمل أن يكون صحيحا ،ونحين فيي غنيية عنهيا ولي الحميد ،
وفيما قص ال علينا في كتابه غنية ،عما سواه من بقية الكتب قبله ،ولم يحوجنا ال ول رسوله إليهم ،وقد أخييبر
ال عنهم أنهم لما طغوا وبغوا سلط ال عليهم عيدوهم ،فاسيتباح بيضيتهم وسيلك خلل بييوتهم ،وأذلهيم وقهرهيم
جزاء وفاقا ،وما ربك بظلم للعبيد ،فإنهم كانوا قد تمييردوا وقتلييوا خلقييا ميين النبييياء والعلميياء ،وقييد روى ابيين
جرير :حدثني يونس بن عبد العلى ،حدثنا ابن وهب ،أخبرني سليمان بن بلل ،عن يحيى بيين سييعيد ،قييال :
سمعت سعيد بن المسيب ،يقول :ظهر بختنصر على الشام فخرب بيت المقدس وقتلهم ،ثم أتى دمشق فوجد بهييا
دما يغلي على كبا ،فسألهم ما هذا الدم ؟ فقالوا أدركنا آباءنا على هذا ،وكلما ظهر عليه الكبا ظهيير ،قييال :فقتييل
على ذلك الدم سبعين ألفا من المسلمين وغيرهم ،فسكن وهذا صحيح إلى سعيد بن المسيب ،وهييذا هييو المشييهور
وأنه قتل أشرافهم وعلماءهم ،حتى أنه لم يبق من يحفظ التوراة ،وأخييذ معييه منهيم خلقيا كيثيرا أسيرى مين أبنياء
النبياء وغيرهم ،وجرت أمور وكوائن يطول ذكرها ،ولو وجييدنا مييا هيو صييحيح أو مييا يقيياربه ،لجيياز كتييابته
وروايته وال أعلم .
فكان أول الفسادين قتل زكريا ،فبعث ال عليهم ملك النبط ،فخرج بختنصر حييين سييمع ذلييك منهييم ،ثييم إن بنييي
إسرائيل تجهزوا فغزوا النبط ،فأصابوا منهم واستنقذوا ما في أيديهم ،قال ابن زيد :كان إفسادهم الييذي يفسييدون
في الرض مرتين ،قتل زكريا ويحيى بن زكريا ،سلط ال عليهم سابور ذا الكتاف ،ملكا من ملييوك النبييط فييي
الولى ،وسلط عليهم بختنصر في الثانية .
عن حذيفة بن اليمان ،يقول :قال رسول ال :إن بني إسرائيل لما اعتدوا وعلوا وقتلوا النبياء ،بعث ال ي عليهييم
ملك فارس بختنصر ،وكان ال قد مّلكه سبع مائة سنة فسار إليهم حتى دخييل بيييت المقييدس ،فحاصييرها وفتحهييا
ي بيت المقدس ،واستخرج منهيا سييبعين وقتل علي دم زكريا سبعين ألفا ،ثم سبى أهلها وبني النبياء ،وسلب حل ّ
ي حتى أورده بابل ،قال حذيفة :فقلت يا رسول ال لقد كان بيت المقدس عظيما عنييد ألفا ومائة ألف عجلة من حل ّ
ال ،قال :أجل بناه سليمان بن داود ،ن ذهب ودر وياقوت وزبرجد ،وكان بلطه ميين ذهييب وبلطيية ميين فضيية
وعمده ذهبا ،أعطاه ال ذلك وسخر له الشياطين ،يييأتونه بهييذه الشييياء فييي طرفيية عيين ،فسييار بختنصيير بهييذه
الشياء حتى نزل بها بابل ،فأقام بنييوا إسييرائيل فييي يييديه مييائة سيينة ،تعييذبهم المجييوس وأبنيياء المجيوس ،فيهييم
النبياء وأبناء النبياء ،ثم إن ال رحمهم ،فأوحى إلى ملك من ملوك فارس يقال له كورش وكان مؤمنا ،أن سر
إلى بقايا بني إسرائيل حتى تستنقذهم ،فسار كورش ببني إسرائيل وحلي بيت المقدس ،حتى رده إليييه فأقييام بنييوا
إسرائيل مطيعين ل مائة سنة ،ثم إنهم عادوا في المعاصي ،فسلط ال عليهم ابطيانحوس ،فغزا بأبنيياء ميين غييزا
مع بختنصر ،فغزا بني إسرائيل حتى أتاهم بيت المقدس ،فسبى أهلها وأحرق بيت المقييدس ،وقييال لهييم يييا بنييي
إسرائيل ،إن عدتم في المعاصي عدنا عليكم بالسباء ،فعادوا في المعاصي فسيّير الي عليهييم السييباء الثييالث ملييك
رومية ،يقال له قاقس بن إسبايوس فغزاهم فييي الييبر والبحيير ،فسييباهم وسييبى حلييي بيييت المقييدس وأحييرق بيييت
المقدس بالنيران ،فقال رسول ال :هذا من صنعة حلي بيت المقدس ،وييرده المهيدي إلييى بييت المقييدس ،وهيو
ألف سفينة وسبع مائة سفينة يرسى بها على يافا ،حتى تنقل إلى بيت المقدس وبها يجمع ال الولين والخرين .
ثم اختلف أهل التأويل ،في الذين عنى ال بقوله أولي بأس شديد ،فيما كان من فعلهم ،في المرة الولى فييي بنييي
إسرائيل ،حين بعثوا عليهم ،ومن الذين بعث عليهم في المرة الخرة ،وما كان من صنعهم بهم ،فقال بعضهم :
كان الذي بعث ال عليهم في المرة الولى جالوت ،وهو من أهل الجزيرة ،وفيمييا روي عيين ابيين عبيياس قييوله :
بعث ال عليهم جالوت فجاس خلل ديارهم ،وضرب عليهم الخراج والذل ،فسألوا ال أن يبعث لهم ملكا يقاتلون
في سبيل ال فبعث ال طالوت ،فقاتلوا جالوت فنصر ال بني إسرائيل ،وقتل جالوت بيدي داود ورجييع ال ي إلييى
بني إسرائيل ُملكهم ،وقال آخرون :بل بعييث عليهييم فييي المييرة الولييى سيينحاريب ،وفيمييا روي عيين سييعيد بيين
المسيب يقول :ظهر بختنصر على الشام فخرب بيت المقدس وقتلهم ،وقال آخرون :يعني بييذلك قومييا ميين أهييل
فارس ،قالوا :ولم يكن في المرة الولى قتال ) ،ثم رددنا لكم … ( وفي قول ابن عباس ،الذي رواه عطية عنه
،هي إدالة ال إياهم من عدوهم جالوت حتى قتلوه ،وكان مجيء وعد المرة الخرة عند قتلهم يحيى بعييث عليهييم
18
بختنصر ،وخّرب بيت المقدس وأمر به أن تطرح فيه الجيف وأعانه على خرابه الروم ،فلمييا خربييه ذهييب معييه
بوجوه بني إسرائيل وأشرافهم ،وذهب بدانيال وعليا وعزاريا وميشائيل ،وهؤلء كلهم من أولد النبياء .
وفيما روي عن سعيد بن جبير ،قال :بعث ال عليهم في المرة الولى سنحاريب ،قال :فرّد ال لهم الكرة عليهم
كما أخبر ،قال :ثم عصوا ربهم وعادوا لما نهوا عنه ،فبعييث عليهييم فييي المييرة الخييرة بختنصيير فقتييل المقاتليية
وسبى الذرية وأخذ ما وجد من الموال ودخلوا بيت المقدس ،كما قال الي عيز وجيل ،ودخليوه فتّبيروه وخّربيوه
فرحمهم فرّد إليهم ملكهم وخّلص من كان في أيديهم من ذرية بني إسييرائيل ،وعيين مجاهييد قييال :بعييث الي ملييك
فارس ببابل جيشا ،وأمر عليهم بختنصر ،فأتوا بني إسرائيل فدمروهم فكانت هذه الخرة ووعدها .وعن قتييادة
قوله :فبعث ال عليهم في الخرة بختنصيير المجوسييي البييابلي أبغييض خلييق الي إلييه ،فسييبا وقتييل وخيّرب بيييت
المقدس وسامهم سوء العذاب ،وفيما روي عن ابن عباس قال :فلما أفسدوا ،بعث ال عليهم في المييرة الخييرة ،
بختنصر فخرب المساجد .
قال قتادة :إفسادهم في المرة الولى ما خالفوا من أحكام التوراة وركبوا المحارم ،وقييال ابيين إسييحاق :إفسييادهم
في المرة الولى قتل إشعياء في الشجرة وارتكابهم المعاصي ) ،بعثنا عليكم عبادا لنا ( قال قتادة :يعنييي جييالوت
الجزري وجنوده وهو الييذي قتلييه داود ،وقييال سييعيد بيين جييبير :يعنييي سيينحاريب ميين أهييل نينييوى ،وقييال ابيين
إسحاق :بختنصر البابلي وأصحابه وهو الظهر ) ،فييإذا جيياء وعييد الخييرة ( وذلييك قصييدهم قتييل عيسييى عليييه
السلم حين رفع ،وقتلهم يحيى بن زكريا عليهما السلم ،فسلط عليهم الفرس والروم خييردوش وطيطييوس حييتى
قتلوهم وسبوهم ونفوهم عن ديارهم .
والمرة الولى قتل شعياء أو حبس أرمياء أو مخالفة أحكام التوراة ،والثانية قتل يحيى بن زكريا والعزم على قتل
عيسى ) ،عبادا لنا ( قيل هو بختنصر وجنوده وقيل جالوت وقيل جند من فييارس وقيييل جنييد ميين بابييل ،والمييرة
الخرة هى قتلهم يحيى ابن زكريا ) وإن عدتم ( قال أهل السيير ،ثيم إنهيم عيادوا إليى ميا ل ينبغيي وهيو تكيذيب
محمد صلى ال عليه وآله وسلم ،وكتمان ما ورد من بعثه في التوراة والنجيل ،فعاد ال إلى عقوبتهم على أيدي
العرب ،فجرى على بني قريظة والنضير وبني قينقاع وخيبر ،مييا جييرى مين القتييل والسييبي والجلء وضييرب
الجزية ،على من بقي منهم وضرب الذلة والمسكنة .
واختلف في تعيين هؤلء العباد في إفسادهم الول ،فعن ابن عباس وقتادة هييم جييالوت الجييزري وجنيوده ،وقيال
ابن جبير وابن إسحاق هم سنحاريب ملك بابل وجنوده ،وقيل هم العمالقيية ،وفييي العلم للسييهيلي هييم بختنصيير
عامل لهراسف أحد ملوك الفرس الكيانية ،على بابل والروم وجنوده ،بعثوا عليهييم حييين كييذبوا أرميييا وجرحييوه
وحبسوه قيل وهو الحق .
واختلف في تعيين هؤلء العباد المبعوثين ،بعد أن ذكروا قتل يحيى عليه السلم في إفسادهم الخير ،فقييال غييير
واحد إنهم بختنصر وجنوده ،وتعقبه السهيلي وقال بأنه ل يصح ،لن قتل يحيى بعد رفع عيسى عليهما السييلم ،
وبختنصر كان قبل عيسى عليه السلم بزمن طوييل ،وقييل السيكندر وجنيوده ،وتعقبيه أيضيا وقيال :بيأن بيين
السكندر وعيسى عليه السلم نحوا من ثلثمائة سنة ،ثم قال لكنييه إذا قيييل إن إفسييادهم فييي المييرة الخيييرة بقتييل
شعيا جاز أن يكون المبعوث عليهم بختنصر ومن معه لنه كان حينئذ حيا ،والذي ذهب إليه اليهييود أن المبعييوث
أول بختنصر وكان في زمن آرميا عليه السلم ،وقيد أنييذرهم مجيئه صييريحا بعييد أن نهياهم عين الفسيياد وعبيادة
الصنام كما نطق به كتابه ،فحبسوه في بئر وجرحوه ،وكان تخريبه لبيت المقدس في السيينة التاسييعة عشيير ميين
حكمه ،وبين ذلك وهبوط آدم ثلثة آلف وثلثمائة وثماني وثلثين سنة وبقي خرابا سبعين سنة ،ثم إن أسبيانوس
19
جه وزيره طيطوس إلى خرابه فخربه سنة ثلثة آلف وثمانمييائة وثمانييية وعشييرين ،فيكييون بييين
قيصر الروم و ّ
البعثين عندهم أربعمائة وتسعون سنة ،وتفصيل الكلم في ذلك في كتبهم ،وال تعالى أعلم بحقيقة الحال .
وقال اللوسي " :ونعم ما قيل إن معرفة القوام المبعوثين ،بأعيانهم وتاريخ البعييث ونحييوه ،ممييا ل يتعلييق بييه
كبير غرض ،إذ المقصود أنه لما كثرت معاصيهم ،سييلط الي تعييالى عليهييم ميين ينتقييم منهييم مييرة بعييد أخييرى ،
وظاهر اليات يقتضي اتحاد المبعوثين أول وثانيا "
ونقول :نتفق مع اللوسي في بعض ما ذهب إليه ،ونختلف معه في التقليل من شأن المبعوثين ،التي ما أخبر بييه
لم الغيييوب ،لميين هييم فييي شييك ل لكبير غرض ،وهو إثبات أن هذا القران من لييدن ع ّ سبحانه في كتابه العزيز إ ّ
ص فْلَناُه
يٍء َف ّ
شف ْ
يلعبون من المسلمين وغيرهم ،فهذه النبييوءة تحكييي واقعييا نعاصييره الن ،بكييل تفاصيييله ) َوُك فّل َ
صيلً ( ومعرفة وتحديد المرتيين أمير فيي غايية الهميية .مييع أن عبييارته الخيييرة – رحمييه الي -فييي النيص َتْف ِ
سر الوحيد من القدماء ،الييذي أشييار صييراحة السابق ،التي أكد فيها " اتحاد المبعوثين أول وثانيا " ،وهو المف ّ
إلى هذا المر ،أعطتني دفعة كبيرة للمضي قدما في هذا البحييث ،حيييث كنييت قييد تتبعييت الضييمائر الييواردة فييي
اليات ،وتأكدت من هذا المر في بداية البحث ،فقد أّيدت هذه العبارة جانبا من الفكييار الييتي كنييت أحملهيا فيمييا
ن فنيياء دوليية يتعلق بهذه النبوءة ،بعدما تبّين لييي ميين خلل الحيياديث النبوييية الييتي ذكرتهييا فييي بداييية البحييث ،أ ّ
إسرائيل سيكون قبل قيام الخلفة السلمية ،التي ما زال عامة المسلمين ينتظرون ويأملون قيامها للقضاء عليهم
وإنهاء وجودهم .وبما أن المبعوثين عليهم أول وثانيا متحدين ،فييذلك يعنييي أن معرفتنييا لميين ُبعييث عليهييم أول ،
ستقودنا بالضرورة لمعرفة من سيبعث عليهم ثانيا ،ومن ثم الكشف عن الكثير مما أحاط هذه النبوءة من غموض
،كان سببا في كثير من التفسيرات المغلوطة ،التي حّيرت ُأناس هذا العصر وأربكتهم .
كان هذا عرضا لمجمل ما قاله المفسرين أجّلهم ال ورحمهم جميعا ،مع الخييذ بعييين العتبييار أن أحييدا منهييم لييم
يعاصر قيام دولية اليهيود للمييرة الثانيية ،وكيان أكييثرهم حداثية هيو اللوسيي الييذي تيوفي سيينة 1227هجيري ،
والملحظ من أقوالهم أنهم أجمعوا على أن تحّقق المرتين كان قبل السلم ،وأنهم نيبوا نسبة إحدى المرتييين إلييى
البابليين وبقيادة بختنصر ) نبوخذ نصر ( على الغلب ،وهو الحدث المشهور تاريخيا بما ُيسّمى ) السبي البييابلي
(.
ومعظم ما تقّدم من روايات هي أخبار موقوفة على أصحابها ،وأصلها أهل التييوراة حيييث أنهييا المصييدر الوحيييد
لمثل هذه الروايات ،والتي امتلت التفاسير منها ،وهي ليست مما ُيرجع إليه من الحكام الييتي يجييب بهييا العمييل
فُتتحرى في صحتها أو كذبها ،لذلك تساهل أغليب المفسيرين فيي نقلهييا عنهيم وهييي فييي بعييض منهييا أقييرب إلييى
الخرافة .
سرين فقد أعاد أغلبهم نسخ أقوال القدماء بشكل مختصر وأضافوها إلى كتبهم ،وليم يييأتوا أّما المعاصرين من المف ّ
بجديد إل واحدا هو الشيخ سعيد حوى رحمه ال ،حيث أعلمني أحد الزملء بذلك ،عندما عرضييت عليييه بعييض
طلعييت نتائج هذا البحث ،فقال لي بأن إحدى النتائج التي خرجت بها ،كان الشيخ قد أوردهييا فييي تفسيييره ،وقييد ا ّ
على تفسيره لهذه اليات مؤخرا فوجدت بأن الشيخ ،قّدمها كاحتمال موسوم بالشييك ،ولكنييا نطرحهييا علييى وجييه
اليقين الذي ل ُيخالطه شك ،بإذن ال .
أما أناس هذه اليام ممن علم أو لم يعلييم ،فقييد جيياءوا بتفسيييرات وأقيوال شييتى فيي هييذه اليييات ،منهيا ميا وافييق
تفسيرات القدماء وأقوالهم من جانب وخالفها في جوانب أخرى ومنها ما خالفها جملة وتفصيل .
هجر القرآن
القرآن في العادة ل ُيقرأ من قبل عاّمة المسلمين هذه اليام -إل ما رحم ربي -وإن ُقييرء فهييي قييراءة بل تفّكيير أو
ل )َ (27يفَوْيَلِتي َلْيَتِنفي َلفْم
سِبي ً
سوِل َ ت َمَع الّر ُ خذْ ُ
عَلى َيَدْيِه َيُقوُل َياَلْيَتِني اّت َظاِلُم َض ال ّتدّبر ،قال تعالى ) َوَيْوَم َيَع ّ
سففوُل
خفُذوًل )َ (29وَقفاَل الّر ُ ن َسففا ِ
لن َ
ن ِل ِْ
طا ُ
شفْي َ
ن ال ّجاَءِني َوَكا َ ن الّذْكِر َبْعَد ِإْذ َ
عْ ضّلِني َ ل )َ (28لَقْد َأ َ خِلي ً
لًنا َ
خْذ ُف َ
َأّت ِ
جوًرا ) 30الفرقان ( .وهجر القرآن نبوءة وقد تحققت في زماننا هذا . ن َمْه ُخُذوا َهَذا اْلُقْرآ َ
ب ِإنّ َقْوِمي اّت َ
َيَر ّ
20
تجميد القرآن وتعطيله وفصله عن الواقع ،ماضيا وحاضرا ومستقبل
يذهب كثير من الناس من علماء وعاّمة ،إلى أن فهم القرآن واكتشاف مكنوناته مقصور على فئة معينة من الناس
دون غيرهم ،أو في زمان أو مكان دون آخر .بالرغم من أن هناك الكثير من التفسيييرات الخيياطئة ،والروايييات
حح لغاية الن .ونحن باعتمادنا بشييكل كّلييي علييى تفسيييرات
المضّللة أحيانا في كتب التفسير القديمة والتي لم تص ّ
القدماء ،حرمنا أنفسنا من فهم كثير من اليات ،ذات الصلة بواقعنا المعاصر ،والتي ما كان لحد من المفسرين
قديما القدرة على تفسيرها في زمن يسبق زماننا هذا ،ول نقصد هنا التعريض بأي حال مين الحيوال ،بيأي مين
المفسرين أجّلهم ال فكل له عذره وأسبابه ،ولكن نريد أن نؤكد من خلل هذا الكتاب أن القرآن ما زال حّيا ،وما
زالت لديه القدرة على التيان بجديد حتى قيام الساعة ،ولم يكن فهم القرآن يوما ولن يكييون محصييورا بزمييان أو
مكان أو أشخاص دون غيرهم .
عادة ل ُتستخدم النصوص الصريحة في الكتب السييماوية وفييي السيينة النبوييية ،كأسييلوب للخبييار عيين مضييامين
النبوءات ،فعادة ما ُيستعمل الوصف والتشبيه والتمثيل .وهذا هو حال مجمل النبوءات المسييتقبلية ،تبقييى بعييض
سيير نفسييها بنفسييها .فلكتمييال
نصوصها عصية على الفهم ،حتى تتمكن من تجسيد نفسها علييى أرض الواقييع لتف ّ
معالمها أسباب ومسببات ل بد لها من أخيذ مجراهيا الطيبيعي ،وعيادة ميا تكيون فيي جيانب منهيا مبهمية خاصية
للطرف صاحب الدور الكبر بترجمة أحداثها على أرض الواقع .
وفي المقابل تبقى بعض نصوصها سهلة للهضم والفهم ،لمن جاءت في كتبهم إذا عاصروها ،ولكن بالَقْدِر الييذي
ل يسمح لهم ،بالتدخل في مجرياتها أو تعطيل السباب والمسببات المؤدية لتحّققها .ولتبقى قدرتهم علييى التييدخل
مقّيدة ،بما لم يعرفوه يقينا مما ُأبهم عليهم من نصوص النبوءة .ومثال ذلك ما جاء في كتب اليهييود والنصييارى ،
شر بنبوة سيدنا محمد عليه الصلة والسلم .وبالرغم من كثرة النصوص الييتي أخييبرت عنيه ،لييم من نصوص تب ّ
يستطع اليهود الستدلل عليه يقينا قبييل ظهييور أمييره وإل لقتلييوه .وصيياحب النبييوة لييم يكيين يعلييم بييأنه المقصييود
بنبوءات أهل الكتاب قبل أن يتنّزل عليه الييوحي ،وحييتى اسييمه ) محمييد ( عليييه الصييلة والسييلم ،جيياء مغييايرا
لسمه ) أحمد ( الموجود في كتبهم ،حيث جاء بالمعنى وليس باللفظ .وبعدما ُبعث ومع مرور الزمين بيدأ الواقيع
سر جميع النصوص التي كانت بحوزتهم شيئا فشيئا ،أمييا قريييش فمييا كييانت ُتصيّدق ميين نبيوءات أهييل الكتيياب ُيف ّ
شيئا .
وحتى لو ُكشفت مضامين النبوءات عند اكتمال معالم القدر ،وقبل تحقق الفصيل الخيير منهيا كيان مين الصيعب
على ذوي العلقة ،إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ،من أجل التييأثير علييى مجريييات أحييداثها أو منييع تحّققهييا ،
وخاصة أن معظم النبوءات إذا ُفسّرت وكان واقع الحال ل يتطابق مع التفسير وهذا أمر طييبيعي جييدا ،فعييادة مييا
ُيجابه التفسير بالنكار والتكذيب أو التشكيك حتى ممن يعنيهم المر ،أو الظن أن بالمكان منعها كمييا هييو الحييال
عند بني إسرائيل ،الذين يعلمون هذه النبييوءة علييم اليقييين وُيحيياولون جهييدهم منييع تحّققهييا ،كمييا حيياولوا جهييدهم
البحث عن نبينا عليه الصلة والسلم لمنع بعثه وظهور أمره .وكمييا سيييكون الحييال مييع كييثير ميين النيياس الييذين
سيطالعون هذا الكتاب ،الذي نكشف فيه ملبسات تحّقييق وعييد الخييرة كمييا لييم تكيين ميين قبييل ،بعييد أن تشييابكت
خيوطها واتصلت بإحكام منذ سنين عدة ولكن الناس كانوا عنها غافلين .
في كثير من الحيان نفهييم ألفيياظ القييرآن بييالمعنى الييذي نسييتخدمه بييه فييي حياتنييا المعاصييرة ،وربمييا يكيون هييذا
الستخدام مختلف أو مخالف تماما ،لستخدام العييرب القييدماء -الييذين نييزل القييرآن بلغتهييم -لنفييس اللفييظ ،ممييا
ل ( ،فنحن نستخدم هذا اللفظ تقريبا بمعنييى صَيتسّبب في سوء التفسير أو الفهم .فعلى سبيل المثال لنأخذ كلمة ) َف َ
واحييد ؛ َقطيَع التيييار َ ،فيّرق مييا بييين شيييئين بشيييء ثييالث ،طييرده ميين الوظيفية .أمييا العييرب القييدماء فقييد كييانوا
ج ،ومين هيذه المعياني تسيتطيع تفسيير خَر َ
قوَ يستخدمونها بمعان شتى ،تفهم عادة من السياق ،منها ؛ َقطَع وَفّر َ
جُنوِد ) 249البقرة ( على أن طالوت خرج بالجنود . ت ِباْل ُ
طاُلو ُ
صَل َ
قوله تعالى ) َفَلّما َف َ
21
وفي كثير من الحيان يحمل اللفظ الواحد في القرآن مفهوما عاما عريضا ،وينيدرج تحتيه عيدة مفياهيم خاصية ،
صلها القرآن فيي مواضيع عدييدة .ومين هيذه اللفيياظ عليى سيبيل المثيال ؛ الفسيياد والعليو والفاحشييةُيعّرفها وُيف ّ
والظلم ،وهذه كلها مفاهيم عامة يختلف تحديد مواصفاتها ومقاييسيها بياختلف فهيم الشيخص عليى سيبيل المثيال
ل حسب رأيه ،ستجد أن هناك تعاريف عديييدة ومتباينيية أمييا القييرآن فلييه
لماهّية اللفظ .وإذا تركنا الجابة للناس ك ٌ
تعريفه الخاص .
ن ) 59القصييص ( ،فمييا هييي ظففاِلُمو َ
فلنأخذ لفظ الظلم ،يقول سبحانه وتعالى ) َوَما ُكّنا ُمْهِلِكي اْلُقَرى ِإّل َوَأْهُلَهففا َ
ماهية هذا الظلم الذي يتحتم عليه إهلك القرى ؟ وكيف تسييتطيع القييرى أن تسييلم ميين الهلك ،بمييا أن الظلييم هييو
المقياس لذلك كما أخبر رب العزة ؟ ولفهم دللة هذا اللفظ ،يتحتم عليك أن ُتليّم بكييل ُمتعّلقيياته فييي جميييع اليييات
القرآنية التي ورد فيها ذكره ،لتخرج في النهاية بما ُيشبه المقياس الذي من خللييه تسييتطيع تعريييف هييذا المفهييوم
بالمقياس اللهي له ،وليس بالمقاييس الشخصية للناس .
اليجاز الشديد
مثل قوله تعالى ) فجاسوا خلل الديار ( حيث وصف سبحانه كل مييا فعلييه أولئك العبيياد فييي المييرة الولييى بثلث
كلمات فقط ،أو بالحرى كلمة واحدة هي ) فجاسوا ( ،وبالرغم من ذلك فإن هذه الكلميية وعنييد الطلع معانيهييا
في المعجم ،ستجد أنها تصّور مشهدا سينمائيا كامل ،وبدون الطلع على تلك المعيياني ليين تمتلييك القييدرة علييى
تخّيل ذلك المشهد .
حذف كلمة أو عبارة من السياق لسبق الدللة عليها فيما تقدم من نصوص ،مثل حذف جواب شييرط إذا الخيياص
بوعد الخرة ،وتقديره ) بعثناهم عليكم ( في الية ) ، (7لدللة قوله تعالى ) فإذا جاء وعد أولهما بعثنا عليكييم (
في الية ) . (5
اللتفات
الحديث عن الغائب ومن ثم النتقال لتييوجيه الخطيياب إلييى الحاضيير ،والعكييس بييالعكس بييين حييين وآخيير ،مثييل
ن فيي – الخطياب هنيا إليى ) وقضينا إلى – الحيديث هنيا عين الغيائب ) السيابقين مين بنيي إسيرائيل ( …لتفسيد ّ
الحاضر ) المعاصرين من بني إسرائيل ( . ( ..عادة ما يستخدم هذا السلوب ،في إخبار المستمع الحاضيير عيين
حدث وقع في الماضي .والهدف من إنزال هذه النبوءة في كتاب موسى ،وإعييادة نسييخها فييي القييرآن هييو كشييف
للغيب الذي ل يعلمه إل من أخبر عنه ،فيما أنزله من كتب على ُرسله ،لعل الناس المعاصرين بربهييم يؤمنييون ،
عند تحقق هذه النبوءة بكل تفاصيلها ،كما جاءت في الكتب السماوية .لذلك جاء الخبار في القرآن للناس كافيية ،
صة ،لن المر يعنيهم أكثر من غيرهم فلعّلهم إلى ربهم يرجعون . وجاء الخطاب لبي إسرائيل خا ّ
لقد أخبر سبحانه في الية ) (2أنه آتى موسى الكتاب ،وفي الية ) (4أخبر بأنه أنزل في ذلييك الكتيياب نييص هييذه
النبوءة ،التي سيشرع فيما يلي بالخبار عنها بكل تفاصيلها كما جاءت في كتاب موسى ،حيث جاء النص آنييذاك
مخاطبا لبني إسرائيل .وإتيان النص بأسلوب المخاطبة لبني إسرائيل في القييرآن ،يفيييد أن هنيياك جييزء ميين هييذه
النبوءة سيتحقق مستقبل بعد نزول هذه اليات ،وأعيد النص لتذكير بني إسرائيل وتنبيههم وتحذيرهم ،من مغبيية
الفساد في الرض في المرة لثانية ،مما يترتب عليه نفاذ الوعد الثاني كما نفذ الوعد الول .
طب في هذه اليات هم بنييوا إسييرائيل ) المعاصييرين ( ،ولكيين يجييب أل ننسييى أن هنيياك ميين يقييرأ ومع أن المخا َ
ويسمع خطابه تعالى – لبني إسرائيل – من خلل القرآن ،ممن هم من غييير بنييي إسييرائيل ول يعلمييون ميين أميير
هذه النبوءة شيئا ،فيما إذا كانت قد أنزلت عليهم في كتابهم أم ل ،فابتدأ عز وجل القصيية بالخبييار عين وجودهييا
في كتابهم لمن ل يعلم من الجمهور بذلك ،من مستمع وقييارئ لهييذه القصيية .لُيعيييد الجمهييور إلييى الجييواء الييتي
ُأنزلت فيها هذه النبوءة ليسُهل فهمها من قبلهم .وليصبحوا مساوين لبني إسرائيل في معايشة تلك الجييواء ،الييتي
يعرفونها كما يعرفون أبنييائهم ميين خلل مييا لييديهم ميين كتييب .لييذلك تجييده سييبحانه أحيانييا يتييوجه بالخطيياب إلييى
22
الجمهور ،تاركا ) خطاب بني إسرائيل ( ليضيف للقارئ خبرا أو تعقيبا عليى جيزء معيين مين هيذه النبيوءة ،أو
إيضاحا أو تفصيل لم يرد في النص الصلي للنبوءة ،التي سبق أن ُأنزلت عليهم أو تحقق بعد نزولها لييزم إخبييار
صييل اليمييانالجمهور عنه في هذه اليات .فالحكمة مين الخبييار بهييذه النبييوءة والكشييف عنهييا للبشيير ،هييي تح ّ
بالقرآن ومن أنزله ومن ُأرسل به ،كما عّقب سبحانه بقوله في نهاية السورة ) ُقْل َءاِمُنوا ِبِه َأْو لَ ُتْؤِمُنففوا )107
السراء ( .وسنبين إن شاء ال كل موضع حصل فيه التفات ،لتصييبح نصييوص النبييوءة أكييثر وضييوحا وأسييهل
للفهم .وعدم معرفة ماهية اللتفات ومواضعه -أحد أوجه البلغة في لغيية العييرب – سيييجعل ميين الصييعوبة بمييا
كان ،أن يفهم الناس النصوص القرآنية بشكل صحيح وربما يقلب المعنى بشكل مخالف تماما .
الضمائر
طب والغائب ،وتحديد على من يعييود كيل منهييا . متابعة الضمائر في هذه اليات بأنواعها الثلثة ،المتكّلم والمخا َ
ن كل الضمائر الواردة في اليات ) ( 8-4ما عدا ضييمائر المتكّلييم الييتي تعييود وهنا ل بد أن نوضح ونؤكد على أ ّ
عليه سبحانه ،تعود على أولئك العباد أولي البأس الشديد أنفسهم في مواضع ،وعلييى بنييي إسييرائيل فييي مواضييع
أخرى ،وهي محصورة فيهم على الطلق إذ لم يضف النص طرفا ثالثا .
العتراض
وهو إضافة جملة إلى السياق ،زيادة في اليضيياح والبانيية ،وهييو أحييد أوجييه البلغيية أيضييا .وغالبييا مييا يييأتي
كتعقيب على خبر قد سبق ذكره ،وعييدم وجييود هييذا التعقيييب ربمييا ُيييثير التسيياؤل فييي ذهيين المسييتمع ،فُيضيييف
الراوي من تلقاء نفسه خبرا جديدا منعا لتوارد الجتهييادات والتفسيييرات الخياطئة فييي مخيلتيه ،ولُيغنيي المسيتمع
الحاجة إلى السؤال .فعادة ما تأتي الجملة المعترضة كإضافة لزالة الغموض واللبس ،الذي قييد ينجييم عيين سييوء
تقدير المستمع ولزوم هذا التعقيب يعود لتقدير الراوي .
وقد وقع العتراض في نصوص النبوءة في موضعين ،في قوله تعالى " وكان وعييدا مفعييول " ،للتعقيييب علييى
الوعد الول ،لبيان أن هذا كان قد ُأنجز أم لم ُينجز .وفي قوله تعالى " وليتّبروا ما علييوا تتييبيرا " للتعقيييب علييى
العلو الكبير الخاص ببني إسرائيل ،لبيان وتأكيد أن هذا العلو ستتم إزالته مستقبل ل محالة .
الهوى والعاطفة
نحيين كمسييلمين مرتبطييون عاطفيييا بالمسييجد القصييى ،ومرتبطييون عاطفيييا بييالبطولت السييلمية وأبطالهييا ،
ومرتبطون عاطفيا بالخلفة السلمية وخلفائها ،لنها توّفر لنا شعورا بييالعزة والكراميية طالمييا افتقييدناه ،ونحيين
بأمس الحاجة إليه هذه اليام .وفي المقابل نحن أبعد ما نكون عيين السييلم فييي حياتنييا العملييية ،ولييو نظرنييا فييي
أعماق أعماقنا لوجدنا أننا نرفض السلم كأسلوب للحياة ،لن السلم بكييل بسيياطة يرفييض كييل مظيياهر الحييياة
سك بها الن معظم المسلمين ويسعون لبقائها ويحرصون على إدامتها والستزادة منها ما أمكنهم الدنيا ،التي يتم ّ
ذلك .
نص هذه النبوءة موجود في كتب اليهود ،فما الذي قييام بييه زعميياؤهم العلمييانيون والمتييدينون ،عنييدما أرادوا أن
سييروها علييى أن ال ي أراديقيموا لهم دولة ؟ أخذوا من النبوءة الجزء الخاص بالعودة من الشتات ورد السييبي ،وف ّ
لهم ذلك بغض النظر عن فسادهم وإفسادهم ،وأخفوا النصوص التي ُتحّذر من العقوبيية الييتي تنتظرهييم ،لُيضييفوا
على عودتهم إلى فلسطين بعدا دينيا توراتيا ،وبالتالي استطاعوا كسب التأييييد والييدعم المييادي والمعنييوي سياسيييا
واقتصاديا وعسكريا ،من اليهود والنصارى على حد سواء .
نحن أيضا نملك نص النبييوءة نفسييها وملزمييون بتحرييير القصييى ،ولننييا نشييعر بييالعجز وقصيير ذات اليييد قمنييا
بإضفاء البعد الديني على عملية التحرير بحصرها بخلفة إسلمية غير منظورة على المدى القريييب ،واسييتبعدنا
سيير المعطيييات احتمالية أن يتم هذا المر خارج هذا الطار العاطفي .وبعد أن تقوقعنا داخل هييذا الطييار بييدأنا ُنف ّ
جه حتى بلغ بنا المر ،إلى أن ُنحّمل النصوص القرآنية ما ل تحتمله لتوافق رغباتنييا حسب ما يتوافق مع هذا التو ّ
وأهوائنا وتطّلعاتنا كمنتسبين للسلم .فأخذنا عبارة ) عبييادا لنييا ( وعبييارة ) وليييدخلوا المسييجد ( وعبييارة ) كمييا
23
دخلوه أول مييرة ( وسييلخناها ميين جلييدها ،وقمنييا بالسييهاب فييي تفسييير وتفصيييل هييذه العبييارات وأهملنييا بعييض
سرنا بعضها الخر بشكل ُيناقض فحواها ،فعزلنا العبارات عن آياتها وعزلنا اليييات عيين العبارات الخرى ،وف ّ
بعضها وعزلنا مجموعة اليات عن السورة ،وعزلنا السورة عن بيياقي القييرآن وعزلنييا القييرآن عين كييل شيييء .
فخرجنا باستنتاجات وتحليلت وأصيدرنا أحكيام ،حرميت الكيثير مين النياس مين المعرفية الحقيقية اليتي تكتنفهيا
نصوص هذه النبوءة ،التي تم تفسيرها بتغليب من الهوى والعاطفة على النصوص القرآنية والسنة ،وعلى العقل
والمنطق والواقع والتاريخ والجغرافيا .
وبذلك أزاحت بعض التفسيرات التي حصرت تحرير القصى بقيام الخلفة السلمية عن غير قصد ،عن كاهييل
هذا الجيل عبء فكرة التحرير ،وأبعدت عن أذهان الناس شبح حرب قادمة ،مما سيياهم بشييكل غييير مباشيير فييي
تخدير أمة السلم لسنين طويليية ،لينُعييم النيياس بحييياة آمنيية مطمئنيية ولكيين للسييف بعيييدا عيين الييدين .فالخلفيية
السلمية على المدى القريب صيعبة التحقييق ،لن مقومييات قيامهيا ضيمن الظييروف الراهنية معدوميية .والمية
بحاجة لمن ُينّبهها ل لمن ُيخّدرها … وقبل طرح هذه الفكرة الخطرة عن تحرير المسجد القصى … ونسبها إلى
كتاب ال … وأن ال أراد ذلك … كان على رّواد هذه الفكرة … أن يتجّردوا من عييواطفهم وأهييوائهم كليييا عنييد
تفسير آيات ال … فالقرآن يطلب العقل سبيل للفهيم ل العاطفية والهيوى … لدرجيية أنيه جعييل ) القلييب ( موطنييا
للعقل بدل من العاطفة … وأن ُيفّكروا ملّيا قبل أن ُيقّدموها للناس … فنحن بحاجة لبناء مساجد في نفييوس النيياس
… فإن استطعنا القيام بذلك … فلن نحّرر المسجد القصى فقط … بل سنحّرر العالم بأسييره … وإن لييم نسييتطع
فالحرى بنا … أن نعتزل ونفّر إلى رؤوس الجبال … بأطلل المساجد المتبقييية فييي نفوسيينا … حييتى يييأتي الي
بأمره … !!!
طر والبعيد جدا عما جاء في النصوص القرآنية ،سيؤدي بالناس ل محالة إلى الوقوع فييي الحيييرة هذا الطرح الخ ِ
والرتباك ،ونشوء كثير من علمات الستفهام حول من قّدم هذه التفسيرات ،وحييول مصييداقية كتيياب الي نفسييه
من قبل ضعاف اليمان والعقل والقلب ،عندما تتحّقق النبوءة بشكل مغاير لتلك التفسيرات .
ربما ُيصّر الكثير من الواقعيون على أن الواقع ُينيياقض ممييا يطرحييه هييذا الكتيياب ،غييير أن هييذا الواقييع سيييتغير
بالتدريج ،أو بين عشية وضحاها ليتوافق مع أمر ال ،وإن لم يتوافق فأمر ال فوق الواقع وكثيرا ما يأتي بغتيية ،
وبالرغم من ذلك أعتقد بأن كثير من المتغيرات على المستوى القليمي والعالمي ،ستلوح فييي الفييق قبييل مجيييء
أمر ال وسيلحظها كل ذي بصيرة .
24
صلناه تفصيل
وكل شيء ف ّ
ن ) 76النمل ( ،تؤكييد هييذه الييية
خَتِلُفو َ
سَراِئيَل َأْكَثَر اّلِذي ُهْم ِفيِه َي ْ
ص عَلى َبِني ِإ ْ
ن َيُق ّ
ن َهَذا اْلُقْرآ َ
قال تعالى ) ِإ ّ
ضح لهييمالكريمة أن هذا القرآن فضل عن مخاطبته لكافة البشر ،جاء ليقصّ على بني إسرائيل أي لُيخاطبهم ويو ّ
بشكل خاص ،كثيرا مما اختلفوا فيه من أمور الدين والدنيا والخرة .فهو يحكي تاريخهم ويعييرض مييواقفهم ميين
أنبيائهم ،ومشاهد من كفرهم وعصيانهم وعدوانهم ،والعذابات التي أنزلها ال بهييم ،ويكشييف طبييائعهم ويفضييح
سرائرهم وُيفّند أقوالهم ،وُيحّذرهم وُيحّذر منهم ،وُيبّين لهم حقيقة ما جاء به رسلهم وأنبيائهم من وحييي ،بعييد أن
طمسته وشّوهت معالمه أقلم أحبارهم .
ل شييّ ممييا سييبق هييذا ل ( أي أن كي ّ صففي ً
صفْلَناُه َتْف ِ
يٍء َف ّ
ش ْ
ويقول سبحانه في الية ) (12من سورة السراء ) َوُكّل َ
القول من آيات ،قّد بّينه سبحانه بيانا واضحا ل ُلبس فيه .وهذا القول البليغ عندما تقرأه مرارا وتكرارا ،تجد أن
له وقعا خاصا في نفسك ،واليات التي تسييبق هييذا القييول ،تخبرنييا عيين أميير يتعلييق ببنييي إسييرائيل ،ميين حيييث
إفسادهم وعلوهم وعقابهم .وقد جاء هذا القول ) بالفعل ومفعييوله المطلييق للمبالغية فييي التأكييد ( ميرة واحيدة فييي
ت عاّما كما في قييوله تعييالى ) القرآن في هذا الموضع بالذات ،تعقيبا على ما مجمل ما جاء قبله من آيات ،ولم يأ ِ
صفْلَناُه
ب َف ّ
جْئَنففاُهْم ِبِكَتففا ٍ
ن ) 3فصلت ( ،أو في قييوله تعييالى ) َوَلَقفْد ِ عَرِبّيا ِلَقْوٍم َيْعَلُمو َ
ت َءاَياُتُه ُقْرَءاًنا َ
صَل ْ
ب ُف ّ
ِكَتا ٌ
ن ) 52العراف ( . حَمًة ِلَقْوٍم ُيْؤِمُنو َ
عْلٍم ُهًدى َوَر ْعَلى ِ َ
صيله
ل هذا على شيء ،فإنما يّدل على أن ميا تتحيّدث عنيه هيذه الييات أمير غايية فيي الهميية ،وليذلك ف ّ وإن د ّ
ك أو تقّول ،وأن هيذا التفصييل جياء لِعظيم هيذا المير وأن معرفتيه بكيل سبحانه تفصيل وأبانه بيانا ل يختمره ش ّ
دقائقه وتفاصيله ،ل بد إل أن يكون فيه الكثير من النفع والفائدة لمن ُيخاطبهم القييرآن ،ومييا كييان بيييانه وتفصيييله
عبثا .وما كان هذا الفصل إل للتعريف بهذه الييدقائق والتفاصييل ،ومييا جياء هييذا الكتيياب إل لتعميييم الفييائدة عليى
الناس ،وال من وراء القصد .
لو أمعنت النظر في مجمل سورة السراء ،لوجدت أنها تناوبت ما بين أسلوبي الخبار والمخاطبة ،ولييو أمعنييت
طبيية لبنييي
طبة للمسلمين بصفة عاّمة ،وإخبارييية وُمخا ِ
النظر في مقدمة السورة ،ستجد أنها جاءت إخبارية وُمخا ِ
صة .
إسرائيل بصفة خا ّ
والسؤال الول :لماذا ُأعيد نص النبوءة بأسلوب المخاطبة لبني إسرائيل في عصر أمة السلم ؟
مقدمة السورة ) اليات ( 3-1جاءت كتمهيد ،فهي تذكر المسجد القصى وتييبين قدسيّيته عنييد الي وبالتييالي عنييد
المسلمين ،وتذُكر كتاب موسى عليه السلم ،وتّذكر بني إسرائيل بما جاء فيه ،وبالذات عدم الشرك بال واّتخيياذ
ل عليهم ويذكرهم بنجاة أسلفهم من الطوفان ،وبنفس الييوقت يح يّذرهم ميين الهلك ميين نا ّوكلء من دونه ،ويم ّ
ل ،وقيامه خلل ذكر نوح عليه السلم ،وأّنه ما كان لنوح ومن معه النجاة ،لول إقراره بالعبودية ل ) عبدًا ( أو ً
بالعبادة ل ) وشكورًا ثانيًا ( .
السؤال الثاني :لماذا التمهيد وبهذا الشكل المرعب لبني إسرائيل ؟
هناك قول بأن كلتا المرتين وقعتا قبل السلم ،فلو كان هذا المر صحيحا لتوجب أن يكييون نييص النبييوءة كييامل
بأسلوب الخبار ،ولما كان هناك داعي لوجوده أصل ،فقد أخبرنا سبحانه في مواضع أخرى فييي القييرآن ،بييأنه
غضب عليهم ولعنهم وضرب عليهم الذلة والمسكنة ،وتوعدهم بأن يبعث عليهم ميين يسييومهم سييوء العييذاب إلييى
طعهم في الرض أمما .
يوم القيامة ،وق ّ
السؤال الثالث :ما هو المر الذي خرج عن كل ما تقّدم ،فأراد سبحانه لفت أنظارنا إليه مبينا أهميته ومنبها إليها
؟
وبما أن المرتين متشابهتين تماما ،فلو فرضنا جدل أن القول السابق صحيح ،لكان من الحييرى أن يييأتي النييص
في الحديث عن المرتين مجمل ،على سبيل المثال على النحو التالي ) … لتفسدن … مرتين ولتعلن عليوا كيبيرا
25
… فإذا جاء وعد كل منهما ،بعثنا عليكم عبادا لنا أولييي بييأس شييديد … فأسيياءوا وجييوهكم ودخلييوا المسييجد …
ل من الوعدين مفعول … وتّبروا ما علوا تتبيرا ( . وكان ك ّ
ل مرة على حدة ؟
صلت اليات ك ّ
صلت وَف ّ
السؤال الرابع :لماذا َف َ
أجملت الية الرابعة ثلثيية شييروط ميين شييروط المرتييين ،وهييي الرض ) المقّدسيية ( والعلييو والفسيياد ،والييية
الخامسة أفردت وأوجزت الحديث عن الوعد ) العقاب ( الول ،فذكرت البعث والجوس وصفة العبيياد ،وجياءت
صييلت مظياهر العليو الثيياني ،ميين لحظية النشييوء حيتى اكتميال
الفعال كلها بصيغة الماضي .واليية السادسيية ف ّ
مقوماته ،من حيث القدرة العسكرية والبشرية والقتصادية ،وجاءت الفعال كلها بصيغة الماضييي ،مييع حملهييا
لصفة الستقبال .
السؤال الخامس :لماذا جاءت أفعال وعد الوليى بصييغة الماضيي ،ولمياذا جياءت أفعيال وعيد الخيرة بصييغة
الستقبال ؟
السؤال السادس :لماذا جاء التخيير ما بين الحسان أو الساءة ،بعد اكتمال مظيياهر العلييو الثيياني وقبييل الحييديث
ت عند الحديث عن وعد الولى ؟عن عقاب وعد الخرة ،ولم يأ ِ
السؤال السابع :لماذا ُأخرجت كيفية مجيئهم ،عند مجيء وعد الخرة من نص النبوءة ،ولماذا ُأفردت فييي نهاييية
السورة ؟
صتهم مع فرعييون فييي نهاييية السييورة ،وذكيير وعييد الخييرة مييرة
السؤال الثامن :لماذا ُأعيد ذكر بني إسرائيل وق ّ
أخرى في اليات ) ( 104 – 101؟
د اْل َ ْ َ
صى
ق َ ج ِ
س ِ حَرام ِ إ َِلى ال ْ َ
م ْ د ال ْ َ
ج ِس ِ ن ال ْ َ
م ْ م ْ ه ل َي ًْل ِ
د ِعب ْ ِ
بِ َ سَرى ذي أ ْ ن ال ّ ِ
حا َسب ْ َ
) ُ
صيُر )(1 ْ
ع الب َ ِ
مي ُس ِ
و ال ّ ه َن آَيات َِنا إ ِّنه ُ
م ْ ه ِ ري َ ُ
ل ِن ُ ِ ه َ
ول ُح ْذي َباَرك َْنا َ ّ
ال ِ
ُتشير هذه الية بذكر المسجد الحرام ،إلى نقطة البداية لنتشار رسالة السلم ،التي أنعييم الي وأكييرم بهييا نييبيه ،
محمد عليه الصلة والسلم .وبذكر المسجد القصى ُتشير من طرف خفي إلييى مييا ورد فييي الحييديث الصييحيح ،
إلى أن مسك الختام لهذه الرسالة آخر الزمان ،سيكون بنزول الخلفة الراشدة وأميرها المهدي في بيت المقدس ،
بإذن ال .وهذا مما يوحي بأن قيام دوليية إسييرائيل هييو أحييد أشييراط السيياعة ،وأن نهايتهييا علميية لقييرب ظهييور
المهدي ونزول الخلفة فيها ،وال أعليم .وأهيم ميا جياءت بيه اليية هيو تعرييف المسيجد بوصيفه بالقصيى أي
البعد ،وبالذي باركنا حوله وهو المسجد الذي سيكون موضوع ما يلي هذه الية من آيات .
دوِنلي
ن ُ
مل ْ
ذوا ِ ل أ َّل ت َت ّ ِ
خل ُ سَراِئي َ
دى ل ِب َِني إ ِ ْ عل َْناهُ ُ
ه ً ج َ
و َ سى ال ْك َِتا َ
ب َ مو َوآتي َْنا ُ
) َ
كيًل )(2
و َِ
ن ُدونِن َأْوِلَيففاَء ِمف ْ
ن اْلَكففاِفِري َ
خفْذ اْلُمْؤِمُنففو َ
في هذه الية ،يحّذر ال بني إسرائيل ،من الّتكيال عليى غييره ) َل َيّت ِ
ن الفّذّل ..ي ِم ْ
ن َلُه َوِل ّسُه ) 28آل عمران ( ويختم سبحانه السورة ،بقوله ) َ ..وَلْم َيُك ْ ل َنْف َ
حّذُرُكْم ا ُّ
ن َ ..وُي َ
اْلُمْؤِمِني َ
لء مضييطهدين ( أي لم يتخذ له حليفا لضعف أو لذّلة ،وهذا تعريض بالعلو الحالي لبني إسرائيل ،حيث كييانوا أذ ّ
وبموالة الغرب أصبحوا سادة .
ويذّكرهم فيها بما أنزله عليهم من الهدى ليكون لهم نورا يهتدون به ،ومن ضيمنه هيذه النبيوءة اليتي أعادهييا إلييى
أذهانهم مخاطبا إياهم بمضمونها ،وكما وردت في الكتاب الذي ُأنزل على موسييى عليييه السييلم ،ويحيّذرهم ميين
ن على حّد سواء .
اّتخاذ أولياء من دونه من النس والج ّ
ططيوا ليه بمكرهيم ودهييائهم ونفيّذه فاختاروا الولء لغير ال ،وحّققوا مآربهم منذ البداية بالفساد والفساد ،بميا خ ّ
غيرهم ،من فتن وحروب سبقت وهّيأت الظروف وتسّببت في قيييام دولتهييم فييي فلسييطين .ولمييا تمكنييوا اسييتعلوا
واستكبروا فيها واستمروا بالفساد والفساد وساموا أهلها سوء العذاب ،فاستحّقوا غضب ال واستوجبوا العقاب ،
26
فتوافق أمرهم مع ذهب إليه النص القرآني ،بِذكر إفسادهم في الرض بمجملها أول ،ومن ثييم جيياء ِذكيير علييوهم
عُلّوا َكِبيًرا ( .
ن ُ
ن َوَلَتْعُل ّ
ض َمّرَتْي ِ
ن ِفي اَْلْر ِ
سُد ّ
الكبير الذي نشهده هذه اليام في قوله تعالى ) َلُتْف ِ
ش ُ
كوًرا )(3 دا َ
عب ْ ً
ن َ ه َ
كا َ ح إ ِن ّ ُ
ع ُنو ٍ مل َْنا َ
م َ ح َ
ن َ
م ْ ) ذُّري ّ َ
ة َ
جه لبنييي يقول ابن كثير " :تقديره يا ذرّية من حملنا مع نييوح ،فيييه تهييييج وتنييبيه علييى المنيية " وهييذا النييداء مييو ّ
إسرائيل ،وبالضافة لما قاله ابن كثير ،نلمس تهديدا وتحييذيرا خفييا لبنيي إسيرائيل ،مين وراء ذكير نيوح علييه
ن عليهم بتييذكيرهم بنعميية النجيياة مين فرعيون وقيومه ) َوِإْذ َفَرْقَنففا ِبكفْم السلم ،فعادة ما كان سبحانه وتعالى ،يم ّ
ن ) 50البقرة ( إل في هذا الموضع ،وهييي المييرة الوحيييدة فييي ظُرو َ ن َوَأْنُتْم َتن ُ
عْو َ
غَرْقَنا آَل ِفْر َ
جْيَناُكْم َوَأ ْ
حَر َفَأْن َ
اْلَب ْ
ن عليهم فيها ،بأنهم سللة من حمل مع نوح عليه السلم ،أي من الذين أنجاهم ال ميين الطوفييان ، القرآن التي يم ّ
ن ِفعيل هيؤلء هيو اليذي حثا لهم على اليمان به والعبادة والشكر له كما كان يفعل نيوح واليذين حملهيم معيه ،وأ ّ
ل بقيوم نيوح .وِذْكيُر نيوح فييي هييذا الموضيع وتكييرار ل بهم ميا حي ّ أنجاهم من الهلك ،فإن لم يفعلوا كما فعلوا ح ّ
صفيًرا ( خِبيًرا َب ِ عَباِدِه َ
ب ِ
ك ِبُذُنو ِ
ح َوَكَفى ِبَرّب َ
ن َبْعِد ُنو ٍ
ن ِم ْن اْلُقُرو ِ
ذكره ،في الية ) 17السراء ( ) َوَكْم َأْهَلْكَنا ِم ْ
دفعني إلى إلقاء نظرة على سورة نوح .
خُر ) ... جففاَء َل ُيفَؤ ّلف ِإَذا َجفَل ا ِّ ن َأ َ
ب َأِليفٌم )ِ ... (1إ ّ عفَذا ٌ ن َيفْأِتَيُهْم َن َقْبِل َأ ْك ِم ْن َأنِذْر َقْوَم َومنها قوله تعالى ) َ ...أ ْ
سفَتْكَبُروا
صفّروا َوا ْ شفْوا ِثَيففاَبُهْم َوَأ َسَتْغ َ
صففاِبَعُهْم ِفففي آَذاِنِهفْم َوا ْ جَعُلوا َأ َ عاِئي ِإّل ِفَراًرا )َ … (6 َ ... (4فَلْم َيِزْدُهْم ُد َ
ل َوَقاًرا ) ن ِّ جو َ جَعْل َلُكْم َأْنَهاًرا )َ (12ما َلُكْم َل َتْر ُ ت َوَي ْجّنا ٍجَعْل َلُكْم َ ن َوَي ْسِتْكَباًرا )َ … (7وُيْمِدْدُكْم ِبَأْمَواٍل َوَبِني َ ا ْ
سففاًرا )َ (21وَمَكفُروا َمْكفًرا ُكّبففاًرا ) خ َ ن َلفْم َيفِزْدُه َمففاُلُه َوَوَلفُدُه ِإّل َصْوِني َواّتَبُعوا َم ْ ع َ ب ِإّنُهْم َ ح َر َّ … (13قاَل ُنو ٌ
ن ِإّل
ظففاِلِمي َن َدّياًرا )َ ... (26وَل َتفِزْد ال ّ ن اْلَكاِفِري َض ِم ْ عَلى اَْلْر ِ ب َل َتَذْر َ ضّلوا َكِثيًرا َ … (24) ...ر ّ َ .. (22وَقْد َأ َ
َتَباًرا ) 28نوح (
اقرأ هذه اليات وتفّكر وتدّبر ) ..أول إنذار ..ول تأخير ..فرار ..إصرار واسييتكبار ..إمييداد بييأموال وأولد ..
وجنات وأنهار ..اسيتهزاء وسيخرية ..عصييان ..عبيادة القيوة والميال ..المكير الكيبير ..الضيلل ..الكفير ..
وأخيرا تبار ( ..
وهذا هو حال بني إسرائيل ..وهذا هو الفساد في الرض ..ورّد ال عليه أوله إنذار ..فإن كييان هنيياك اسييتكبار
عَلْيَهففا َ ،وَل
ضفّل َ
ضفّل َفِإّنَمففا َي ِ
ن َ
سِه َ ،وَم ْ
ن اْهَتَدى َفِإّنَما َيْهَتِدي ِلَنْف ِ وإصرار ..كان هناك تبار .يقول سبحانه ) َم ْ
سوًل ) 15السراء ( . ث َر ُ
حّتى َنْبَع َ
ن َخَرى َ ،وَما ُكّنا ُمَعّذِبي َ
َتِزُر َواِزَرٌة ِوْزَر ُأ ْ
والرسول قد ُبعث منذ ألف وأربعمائة وإحدى وثلثون عاما ،وقد أتاهم بالنذار في كتاب ربه ) وصحيفة النففذار
( الموجهة لتلك الفيياعي فييي الجحيير البيييض ،وتلييك الفئران المستأسييدة فييي قييدس القييداس هييي ) سففورة بنففي
ك َقْرَيًة َأَمرَْنا ُمْتَرِفيَهففا ( .. ن ُنْهِل َ
إسرائيل ( ومن أول حرف فيها وحتى آخر حرف ،حيث قال فيها ) َوِإَذا َأَرْدَنا َأ ْ
سُقوا ِفيَهففا ( ..فاغتييالوا وقد ساد دولة الكفر ويسودها ،قطاع الطرق واللصوص والقتلة وأسافل مجرميها ) َ ..فَف َ
أصالتها وقدسّية أرضها ،ووقار شيخوختها وسكينة عّبادها ،وحييياء حرائرهيا وأحلم طفولتهييا ،وحيتى طهيارة
جوَهُكْم … ( وهذا هو ) فعلففه سوُءوا ُو ُ عَلْيَها اْلَقْوُل ( ..وهذا هو ) قول ( رب العزة ) … ِلَي ُ ق َ
ح ّ مساجدها ) َ ..ف َ
صففيًرا )17 خِبي فًرا َب ِعَبففاِدِه َ
ب ِ ك ِب فُذُنو ِ( ) َ ..فَدّمْرَناَها َتْدِميًرا ) 16السراء ( وهذا هو ) تعقيبه ( ) … َوَكَفى ِبَرّب ف َ
ن َل فُه
ك َ ،وَل فْم َيُك ف ْ
ك ِفي اْلُمْل ِشِري ٌ ن َلُه َ خْذ َوَلًدا َ ،وَلْم َيُك ْ
ل اّلِذي َلْم َيّت ِ
حْمُد ِّ
السراء ( وهذه هي ) خاتمته ( ) َوُقْل اْل َ
ن الّذّل َ ،وَكّبْرُه َتْكِبيًرا ) 111السراء ( .ي ِم ْ
َوِل ّ
اقتصرت مقدمة السورة على ثلث آيات فقط ،حملت من المعاني ما يشحذ الفكر والوجدان ،ويعمل علييى تهييييج
العقل وتنبيهه من غفلته ،لستقبال واستيعاب ما سيأتي من عييرض ،لنبييوءة سييتغير مجييرى التاريييخ فييي ييوم أو
سهم في صميم معتقييداتهم ،وأكييثرهم تييأّثرا هييم بضعة أيام .وهذه النبوءة تعني كل من سمع برسالت السماء وتم ّ
ص عييودة اليهييود إلييى الرض أصييحاب الييديانات الثلث ،والييذي يمتلييك كييل منهييم مخزونييا عقائديييا ،فيمييا يخي ّ
المقدسة ،يلتقي مع أحدها ويتعارض مع الخر في التفاصيل والحداث .
27
ْ َ ب ،ل َت ُ ْ
ن
مّرت َي ْل ِ
ض َ
فللي الْر ِ
ن ِ
س لد ُ ّ
ف ِ فللي ال ْك َِتلللا ِ
ل ِ ضي َْنا إ َِلى ب َِني إ ْ
سللراِئي َ وق َ
) َ
َ
وا كِبيًرا )(4
عل ُّ ن ُ ُ
عل ّ َ
ولت َ ْ َ
ل ِفي ال ْك َِتـا ِ
ب: ضي َْنا إ َِلى ب َِني إ ْ
سراِئي َ َوق َ
ورد جذر الفعل قضى في القرآن ) (63مرة ،ومشتقات هذا الفعل حملت عدة معاني ،وعادة ما يأتي هذا الفعيل ،
س فَكُكْم )200 ض فْيُتْم َمَنا ِ
ليفيد تمام العمل الوارد نصا في السياق أو المفهوم ضييمنا ،كمييا فييي قييوله تعييالى ) َففِإَذا َق َ
ك اَْلْمفَر َ ،أ ّ
ن ضفْيَنا ِإَلْيفِه َذِلف َ
البقرة ( بمعنى أنجزتم مناسككم وانتهيتم منها ،وقوله تعالى في شأن لوط وقومه ) َوَق َ
ن ) 66الحجر ( أي أخبرنيياه بييالمر علييى وجييه النتهيياء منييه ،إذ ل رجعيية عنييه فل حي َصِب ِ
ع ُم ْ
طو ٌَداِبَر هَُؤَلِء َمْق ُ
حُيفُه ) 114طييه ( ،أي ميين قبيل أن ُتخييبر ك َو ْ
ضففى ِإَلْيف َ
ن ُيْق َ
ن َقْبفِل َأ ْ
ن ِ ،م ْ
جْل ِباْلُقْرَءا ِ
نقاش ول جدال فيه ) َوَل َتْع َ
بوحيه على وجه التمام .
ب ( أي أّنيا كّنيا قيد أخبرنيا بنييي إسيرائيل فييي كتييابهم -أي أنسففراِئيَل ِفففي اْلِكَتففا ِ
ضْيَنا ِإَلى َبِني إ ْ
وقوله تعالى ) َوق َ
مضمون هذا الخبر موجود في كتابهم نصا حتى هذه اللحظيية -بمييا سيييأتي تفصيييله فيمييا يلييي ميين شييأن إفسييادهم
جه في الحقيقة لمين هييم مين غييير بنييي إسييرائيل ،مميين ليييس وعلوهم في الرض ،والخطاب في هذه العبارة مو ّ
لديهم علم أو اطلع على هذا المر ،وما كان ال لُيخبر عنه إل لعظيم شأن ،وذلك من سييابق علييم علم الغيييوب
بما سيكون منهم مستقبل ،وليس ما قضاه عليهم بمعنى المر أو الحكم ،فحاشا ل أن يأمر بالفسيياد فييي الرض
أو أن يقضي به .
والكتاب المقصود هنا هو كتاب موسى عليه السييلم ،المنصيوص علييه فييي اليية الثانيية أعله وليييس التيوراة ،
فكتاب موسى شيء والتوراة شيء آخر .والذي قادني إلى معرفة تلك الحقيقة هو تسيياؤلي أول :عيين سييبب عييدم
ذكر التوراة بدل من الكتاب ،وثانيا :رغبتي بالطلع على نص النبوءة في التوراة نفسها فيما لو وجد .وبعد أن
استخرجت كافة اليات القرآنية التي ُذكر فيها موسى والييتي ُذكييرت فيهييا التييوراة ،تييبين لييي أن ذكيير التييوراة لييم
يرتبط بذكر موسى على الطلق ،وعدم الربط بينهما ل بد له من سبب ،وبيييان ذلييك والنييص التييوراتي للنبييوءة
في الترجمات العربية للتوراة اللتينية ،سيأتي في فصل قادم إن شاء ال .
َْ
ن عُل ُ ّ
وا ك َِبيًرا : ن وَل َت َعْل ُ ّ
مّرت َي ْ ِ
ض َ
ن ِفي الْر ِ
سد ُ ّ ل َت ُ ْ
ف ِ
سراِئيَل ِفففي
ضْيَنا ِإَلى َبِني إ ْ
هنا حصل التفات من الحديث عن الغائب وهم بني إسرائيل ككل ،في قوله تعالى ) َوَق َ
طب وهم بني إسرائيل ) المعاصييرين ( لرسييالة السييلم ،وذلييك بسييرد ب ( إلى الحديث إلى الحاضر الُمخا َ
اْلِكَتففا ِ
النبوءة بنفس السلوب والعبارات التي أنزلت عليهم في كتييابهم ،وكمييا خييوطب بهييا أسييلفهم قييديما قبييل 3آلف
زمن موسى عليه السلم .فجاءت نصوصييها مخاطبية لبنيي إسيرائيل ولكين بألفيياظ عربييية جزلية ميوجزة ،كمييا
وأضيف إليها تعقيبات لتبين وتؤكد بعض ما تحّقق منها ،قبل إنزالها في سورة السراء مييرة أخييرى علييى محمييد
ن . ( ...
ن َ ...وَلَتْعُل ّ
سُد ّ
عليه الصلة والسلم .فبدأت بقوله تعالى ) َلُتْف ِ
ن
ن َوَلَتْعُل ف ّ
ض َمّرَتْي ف ِ
ن ِفففي اَْلْر ِ
س فُد ّ
ن سبحانه ما بين الفساد والعلو في المرتين فييي قييوله ) َلُتْف ِ في هذا الموضع َقَر َ
عُلّوا كَِبيًرا ) 4السراء ( ولم يوضح التفاصيل ،ولتكون لدينا القدرة على معرفة شكل هذا الفساد وهييذا العلييو ، ُ
دعنا نمعن النظر في اليات التالية ،حيث اقترن فيها المرين معيا في مواضع أخرى من القران الكريييم ،كقييوله
سفَتْيَقَنْتَها
حفُدوا ِبَهففا َوا ْجَ
ن ) 4القصص ( وقييوله ) َو َ سِدي َ
ن اْلُمْف ِ
ن ِم ْض … ِإّنُه َكا َ ل ِفي اَْلْر ِ عَ ن َ عْو َ
ن ِفْر َ
تعالى ) ِإ ّ
ن ) 14النمل حيث جاءت هييذه الييية ،تعقيبييا علييى فرعييون سِدي َعاِقَبُة اْلُمْف ِ
ن َ
ف َكا َ
ظْر َكْي َ
عُلّوا َفان ُ
ظْلًما َو ُ
سُهْم ُ
َأْنُف ُ
وقومه لما علو وأفسدوا وجحدوا بآيات ال ،فكان جزاءهم الهلك غرقا .
ن ) 83القصييص ( ساًدا َواْلَعاِقَبُة ِلْلُمّتِقي ف َ
ض َوَل َف َ عُلّوا ِفي اَْلْر ِ ن ُ ن َل ُيِريُدو َ جَعُلَها ِلّلِذي َ
خَرُة َن ْ
لِ
ك الّداُر ا ْ
وقوله ) ِتْل َ
ن جزاء من لم ُيرد العلو والفساد ،سواء كان قادرا على ذليك أم ليم يكين ،هيو أن يكيون لهيم توضح هذه الية بأ ّ
ل بييه وبكنييوزه ، حسن ثواب الدنيا والخرة ،والعاقبة للمتقين بإذن ال ،وذلك تعقيبا على قارون وصنيعه وما ح ي ّ
صفَبِة ُأوِلفي اْلُقفّوِة )(76 حُه َلَتُنفوُء ِباْلُع ْ ن َمَففاِت َ ن اْلُكُنوِز َمففا إِ ّ
حيث قال تعالى فيما آتاه من المال والقوة ) َوآَتْيَناُه ِم ْ
ن الُق فُرو ِ
ن ن َقْبِل فِه ِم ف ْ
ك ِم ْ ل َقْد َأْهَل َن ا َّعنِدي َأَوَلْم َيْعَلْم َأ ّ عْلٍم ِعَلى ِ فجحد نعم ال ونسبها إلى نفسه ) َقاَل ِإّنَما ُأوِتيُتُه َ
28
سْفَنا ِبِه
خ َ
عَلى َقْوِمِه ِفي ِزيَنِتِه ) (79فأهلكه ال )َف َ
ج َ
خَر َ
جْمًعا ) (78فعل واستكبر ) َف َشّد ِمْنُه ُقّوًة َوَأْكَثُر َ
ن ُهَو َأ َ
َم ْ
ض ) 81القصص ( ليجعله عبرة لغيره . َوِبَداِرهِ اَْلْر َ
والملفت للنظر أن اقتران العلو بالفساد ،جيياء فييي أربييع آيييات فقييط ميين مجمييل القييرآن وكلهييا ذات علقيية ببنييي
إسرائيل ،وقد تقدم ذكرها أعله .
والقرآن كما نعلم ُأنزل للناس كافة ،منذ اليوم الول لبعثة نبينا عليه أفضل الصلة وأتم التسليم ،وحتى يييرث الي
الرض ومن عليها ،ومن ضمن هؤلء بني إسرائيل الذين عاصروا هذه الرسالة وهذا القرآن ،وقييد ذّكرهييم ال ي
وما زال ُيّذكرهم في معجزته الخاليدة بميا حصل لفرعون وقارون ،وهم أشّد الناس قربا لهييم لمييا علييوا وأفسييدوا
سّنَة اَْلّوِلي ف َ
ن ن ِإّل ُ ظُرو َ
في الرض ،وأّنهم إن أصّروا على الفساد في الرض مضت فيهم سنة الولين ) َفَهْل َيْن ُ
سفلَْنا
ن َقفْد َأْر َسفّنَة َمف ْ
ل ) 43فاطر ( وقال في سورة السيراء ) ُ حِوي ًلت ْ
سّنِة ا ِّ
جَد ِل ُ
ن َت ِل َوَل ْل َتْبِدي ً
سّنِة ا ِّ
جَد ِل ُن َت َِفَل ْ
ن ل مناص ل ) (77لينالهم ما نال سابقيهم من العذاب في الدنيا والخرة ،وأ ّ حِوي ًسّنِتَنا َت ْ
جُد ِل ُ
سِلَنا َوَل َت ِ
ن ُر ُ ك ِم ْ َقْبَل َ
ت ُقُلففوُبُكْم
سف ْل بالعودة إليه والنابة له ولكن هيهات لمن قيل في أسييلفهم ) ُثفّم َق َ لهم للنجاة من سخطه وغضبة ،إ ّ
ن ) 74البقرة ( .عّما َتْعَمُلو َ
ل ِبَغاِفٍل َ
سَوًة … َوَما ا ُّ شّد َق ْجاَرِة َأْو َأ َحَي َكاْل ِك َفِه َ
ن َبْعِد َذِل َِم ْ
علّو بني إسرائيل في المرة الولى ،لم تتضح تفاصيييله فييي سييورة السييراء ،لكنهييا جلّييية واضييحة فييي مواضييع
أخرى من القران ،وسيأتي الحديث عنها في حينه ،أما ما نحن بصييدده الن هييو توضيييح مفهييوم العليّو ،ولييدينا
ن العلّو المقصود هنا هو علّوهم كأّمة وليس كييأفراد ،فالخيييار مثالين هما فرعون وقومه وقارون وكنوزه ،وبما أ ّ
يقع على علّو فرعون وقومه ،وهذه آيات تعرضت لبعض من مظاهر هذا العلو ومقوماته ،قييال تعييالى ) َوَنففاَدى
ن ) 51الزخييرف ( ص فُرو َ ل ُتْب ِ
حِتففي َأَف َ
ن َت ْ
جِري ِم ْ
صَر َوَهِذِه اَْلْنَهاُر َت ْ ك ِم ْ س ِلي ُمْل ُعْونُ ِفي َقْوِمِه َقاَل َيا َقْوِم َأَلْي َ ِفْر َ
سى ض ) 29غافر ( وقال ) َوَقاَل ُمو َ ظاِهِرينَ ِفي اَْلْر ِ ك اْلَيْوَم َ وقال على لسان مؤمن آل فرعون ) َيا َقْوِم َلُكْم اْلُمْل ُ
جنفٌد
حفَر َرْهفًوا ِإّنُهفْم ُ ك اْلَب ْ
حَياِة الّدْنَيا ) 88يونس ( وقييال ) َواْتفُر ْ لُه ِزيَنًة َوَأْمَواًل ِفي اْل َ ن َوَم َعْو َ ت ِفْر َ
ك آَتْي َ
َرّبَنا ِإّن َ
ن )27 ع َوَمَقففاٍم َكِريفٍم )َ (26وَنْعَمفٍة َكففاُنوا ِفيَهففا َفففاِكِهي َ ن )َ (25وُزُرو ٍ عُيففو ٍت َو ُ
جّنففا ٍ
ن َ ن )َ(24كْم َتَرُكوا ِم ْ ُمْغَرُقو َ
الدخان ( وبالقليل من التدبر في اليات السابقة .
ن مقومات علو فرعون ومله ،وهم علية القوم ،ويمثلهم فييي زماننييا ،رجييال الحكييم والقضيياء والدوليية ، نجد أ ّ
ورجال السياسة والمال والقتصيياد ،والوجهيياء ورؤوس النيياس ،تتمثييل فيمييا يلييي :ملييك مصيير والسيييادة علييى
أهلها ،والقوة والمنعة والظهور في الرض ،وامتلك الزينة والموال ،والجنات والعيون ،والنهار الجارييية ،
والزرع والمقام الكريم ،والنعم المختلفة .
ي مفهوم العلو :هو مظهر من مظاهر الحياة ،بمعنى السييتعلء والرتفيياع والتكّبيير والتجّبيير ،ميين خلل امتلك
مقومات مادية ،كالرض والمال والقوة ،مما ُيمّكن الظلمة والمفسدون من سيادة الناس وسياستهم ،والتحكم فييي
تصريف شؤونهم ،على وجه من الظلم والبغي .
ن َلَعففاٍل ِفففي عفْو َ ن ِفرْ َأما مفهوم الفساد ؛ فهو يتمّثل في بعض ما قيل من آيات في فرعون وملئه ،قال تعييالى ) َوِإ ّ
فضفِع ُ سَت ْجَعفَل َأْهَلَهففا شِفَيًعا َي ْض َو َل ِفففي اَْلْر ِ ن عَ َعفْو َ ن ِفْر َن ) 83يونس ( ،وقييال ) ِإ ّ سِرِفي َن اْلُم ْ
ض َوِإّنُه َلِم ْاَْلْر ِ
ن َوَمَلِئِه ع فْو َ
ن ) 4القصييص ( ،وقييال ) ِإَلففى ِفْر َ سِدي َن اْلُمْف ِن ِم ْ ساَءُهْم ِإّنُه َكا َي ِن َ
حِ سَت ْ
ح َأْبَناَءُهْم َوَي ْ
طاِئَفًة ِمْنُهْم ُيَذّب ُ
َ
ن ) 12النمييل سِقي َ ن َوَقْوِمِه ِإّنُهْم َكاُنوا َقْوًما َفا ِعْو َن ) 46المؤمنون ( ،وقال ) ِإَلى ِفْر َ عاِلي َسَتْكَبُروا َوَكاُنوا َقْوًما َ َفا ْ
شَر َفَناَدى )َ (23فَقاَل َأَنا َرّبُكفْم ح َسَعى )َ (22ف َ صى )ُ (21ثّم َأْدَبَر َي ْ ع َ ب َو َ لَيَة اْلُكْبَرى )َ (20فَكّذ َ ( ،وقال ) َفَأَراُه ا ْ
شففاِد ) 29غيافر ( سفِبيَل الّر َن َمففا ُأِريُكفْم ِإّل َمففا َأَرى َوَمففا َأْهفِديُكْم ِإّل َ عْو ُ عَلى ) 24النازعات ( ،وقال ) َقاَل ِفْر َ اَْل ْ
عوُه ِإّنُهفْمطففا ُ
ف َقفْوَمهُ َفَأ َخ ّسفَت َ
غْيِري ) 38القصص ( ) َفا ْ ن ِإَلٍه َت َلُكْم ِم ْعِلْم ُل َما َن َيا َأّيَها اْلَم َُ
عْو ُ
وقال ) َوَقاَل ِفْر َ
ن َقْوَمُه َوَما َهَدى ) 79طه ( . عْو ُضّل ِفْر َ ن ) 54الزخرف ( ) َوَأ َ سِقي َ
َكاُنوا َقْوًما َفا ِ
ل أهييل مصير فرقييا وطيوائف متنابييذة ،واستضييعاف طائفية منهييم ) بنيي
ومظاهر إفسياده تتمثييل فيمييا يليي :جْعي ُ
إسرائيل ( ،بذبح أبنائهم واستحياء نسائهم ،والسراف في كييل أمييره ،والسييتكبار والفسييق ،وتكييذيب الرسييل ،
ومعصية ال وجحود آياته ،واّدعاء الربوبية واللوهية ،والستخفاف بعقول الناس وإضللهم ) من خلل وسائل
العلم المتاحة لفرعون في ذلك الوقت ( .
29
ي مفهوم الفساد :استضعاف الناس وتفريقهم وتصنيفهم ،وإثارة الفتن فيما بينهم ،والقتل وسفك الدماء ،وتكذيب
الرسل ،وتكذيب آيات ال وجحودها ،ومعصية ال ورسله ومحاربته لدين ال وأتباعه ،واستخفاف عقول النيياس
وتضليلهم وإضللهم ،وإنكار ربوبية ال ،وإنكار أحقيته في العبادة دون غيره .
وخلصة القول :هذا هو مفهوم العلو وهذا هو مفهوم الفساد ،الذي تتحدث عنهما سورة السراء ،لذلك عند أي
ي من المرتين الوارد ذكرهما في اليات أعله ،يجب أن تكون الحالة موضوع البحث ،مطابقة محاولة لتعيين أ ّ
ن علو وإفساد بني إسرائيل ،صورة في مرآة لعلو وإفساد فرعون وَمَلِئه ، تماما لما كان عليه فرعون وَمَلئه ،وكأ ّ
ي حالة ترافق فيهييا مثييل هييذا العلييو ومثييل هييذا
ل أن نبحث في ماضي بني إسرائيل وحاضرهم ،عن أ ّ وما علينا إ ّ
الفسيياد ،كمييا هييو الحييال بالنسييبة لفرعييون وقييومه .وليين نييذهب بعيييدا فإحييداهما موصييوفة فييي القييران الكريييم
وبالتفصيل أيضا ،والخرى نشاهدها بأم أعيننا على أرض الواقع منذ أكثر من خمسين عاما .
ض: َْ
ِفي الْر ِ
قرن سبحانه وتعالى بين الفساد والعلّو لكلتا المرتين بييالرض ،ولفييظ الرض هنييا اسييم جنييس ،وجيياءت كييذلك
عُلّوا َكِبيًرا (
ن ُ
ن َوَلَتعُْل ّ
ض َمّرَتْي ِ
ن ِفي اَْلْر ِ
سُد ّ
لتشمل الجزء والكل والخاص والعام ،حيث قال في الية )َ ) (4لُتْف ِ
سففوُءواولم يحّدد مكانا بعينه ،وعاد سييبحانه وحيّدد موقييع العقيياب فييي المرتييين ،حييين قييال فييي الييية )ِ ) (7لَي ُ
خُلوُه َأّوَل َمّرٍة ( حيييث ربييط ميا بييين العقياب والمسيجد ،لنفهيم مين ذليك أن جَد َ ،كَما َد َ
سِ خُلوا اْلَم ْ
جوَهُكْم َ ،وِلَيْد ُُو ُ
العقاب الموعود به بنو إسرائيل والمقصود هنا ،سينفذ فيهم فييي المرتييين خلل تواجييدهم فييي فلسييطين ) الرض
المقدسة ( وُذكر المسجد للشارة إلى المكان .وهذا المسجد تم تعريفه في بداية سورة السييراء فييي قييوله تعييالى )
حْوَلُه ) (1وقوله الذي باركنا حوله أي ما يليه من الرض ،ولم يقل باركنييا فيييه أي صى اّلِذي َباَرْكَنا َ جِد اَْلْق َسِاْلَم ْ
لم ُتحصر البركة في المسجد فقط ،بل شملت ما حوله من الرض .
حصر فيي المرتيين ،وأن ذكير الفسياد سيبق ذكيير العليّو ،وأن العليو ليم ُيحصير فييي والملحظ أن ذكر الفساد ُ
المرتين ،بل ُأفرد ووصف بالكبير .وبما أن التركيز هنا على المرة الثانية ،فذلك يوحي بأن الفساد في المرتييين
متطابق ،وبأن تحصيلهم للعلو على القل في المرة الثانية سيتأتى عن طريق الفساد ،وأن العلو الثاني أكبر ميين
الول لذلك تأخر ذكر العلو وصفته عن كلمة مرتين للختلف .ذلك لن إفساد بني إسرائيل الُمتأّتي عيين العل يّو ،
اقتصر على حدود دولتهم في فلسطين في المرة الولى ،وهذا ما ُيثبته القرآن والتييوراة .وأّمييا إفسييادهم وعليّوهم
الخير في فلسطين -والذي نعاصره الن -سبقه ورافقه إفساد وعلو شمل مشارق الرض ومغاربها .وال أعلييم
.
وبما أنّ العقاب سيحل بهم في الرض المقدسة ،يترتب على ذلك حتمية سبق وقوع الفسيياد والعليّو فيهييا ،حييتى
ولو سبق منهم الفساد والعلو في الرض على عمومها ،أو تزامن مع إفسييادهم وعلييوهم فييي الرض المقدسيية ،
لذلك جاء الحديث مجمل في الية ) ، (4وهي الية الولى من قصة الفسادتين ،فُذكَر الفسيياد والعلييو لشييتراط
ي من المرتين فيها .
وقوعهما في المرتين ،ولم يأتي بأي تفاصيل ل ّ
وخلصة القول :أن الرض التي سيتم فيها علو بني إسرائيل وإفسادهم ،هييي الرض علييى عمومهييا فييي المييرة
الثانية ،وفلسطين بشكل خياص فيي المرتيين .وأن عقيابهم فيي المرتيين سييكون فيي الرض المقدسية خاصية ،
وزوال علوهم في المرة الثانية من الرض على عمومها بشكل عام ،وال أعلم .
ن:
مّرت َي ْ ِ
َ
المرة هي الفعلة الواحدة من شيء ُيمكن تكراره ،والجمع ِمرار ،واعتدنا أن نجمعهييا علييى ميّرات .وقييد أوضييح
ح أن ُنضيف ثالثة ،ومن أفتى بثالثة فقد أفييتى
سبحانه بما ل يدع مجال للشك أنهما مّرتان بصريح اللفظ ،ول يص ّ
بغير علم .
وعندما تقول :مرة ومرتييان وثلث مييرات ،فييأنت فييي الواقييع َتعيّد فعليية واحييدة تتكيّرر ولهييا صييفة السييتمرار
كالعمرة والحج مثل ،لتقول اعتمرت مرة ومرتان وثلث مييرات ،والعمييرة لهييا شييروط ومناسييك خاصيية بهييا ،
ح أن َتعّد أفعال مختلفة على أنها ميّرات ،كييأن تقييول مثل عنييدما تعتميير تمّيزها عن غيرها كالحج مثل ،ول يص ّ
30
ح أن ُتسّمي فعلة غير مكتملة الشروط والمواصفات
ج مرة ،اعتمرت مرتين أو حججت مرتين .ول يص ّ
مرة وتح ّ
،على أنها مرة كعمرة بل طواف أو سعي .
ن المرتييين تكييرار لفعليية واحييدة ،تمتلييك نفييس الشييروط والمواصييفات ،وبمييا أن إفسيياد بنييي
وخلصة القييول :أ ّ
إسرائيل في الرض ،بدأ منذ نشأتهم قبل حوالي ) (3آلف سنة واستمر لغاية هذه اللحظة ،كان ميين الضييروري
لنا أن نستنبط من هذه اليات شروطا ومواصفات ،تجعل ميين السييهولة بمييا كييان تحديييد المرتييين وبدقيية متناهييية
وتحديد موقعهما من حيث الزمان والمكان ،وأول شرط من الشروط هو الفساد المقترن بالعلو ،والشرط الثيياني
أن يكون في الرض المقّدسة أي فلسطين دون غيرها .
ْ ُ عَبا ً َ عدُ ُأوَل ُ
سللوا
جا ُ د َ
ف َ دي ٍ س َ
شل ِ دا لَنا أول ِللي ب َلأ ٍ عل َي ْك ُ ْ
م ِ عث َْنا َما ب َ َه َ و ْ جاءَ َذا َ ) َ
فإ ِ َ
عوًل )(5 ف ُم ْ
دا َ ع ً و ْن َ كا َو َ
ر َل الدَّيا ِخَل َِ
ُ
جاَء وَعْد ُ أوَلهُ َ
ما : فَإ ِ َ
ذا َ
جاء أي مجيء الوقت المعين أو الموعد المحّدد ،والوعد أي الموعودين به من العقاب والهلك ،والمعنى إجمال
هو مجيء زمن الستحقاق لنفاذ الوعد بالعقاب والهلك ،ومجيء الوعد متعّلق بتحقق الشروط الثلثيية فييي الييية
عفًدا ) 59الكهييف ( أي ربييط الهلك بموعييد جَعْلَنففا ِلَمْهِلِكِهفْم مَْو ِ
ضح هذا المعنى في قوله تعالى ) َو َ السابقة ،ويتو ّ
عًة وََل سففا َ
ن َ خُرو َ
سفَتْأ ِ
جُلُهفْم َل َي ْ جففاَء َأ َ
جفٌل َففِإَذا َمعييين ل يتييأخر ول يتقيّدم ،كمييا فييي قييوله تعييالى ) َوِلُكفّل ُأّمفٍة َأ َ
ن) 34العراف ( وسرعة مجيء موعد الهلك وإبطاءه تعتمد على درجة الظليم ،وتجيد ذليك فيي قيوله سَتْقِدُمو َ
َي ْ
ظَلُمففوا … ) 59الكهف ( وقييوله ) … َوَمففا ُكّنففا ُمْهِلِكففي اْلُقفَرى ِإّل َوَأْهُلَهففا ك اْلُقفَرى َأْهَلْكَنففاُهْم َلّمففا َ
تعالى ) َوِتْلف َ
ظاِلُمونَ ) 59القصص ( والظلم المقصود هنا هو الظلم الممي مع توافر الصرار .إذ كلمييا زادت درجيية الظلييم َ
وزادت وتيرة اقترافه ،كلما أسرع إلى المم قدرها المحتوم ،لتمضي فيها سنن ال التي ل تتحول ول تتبدل .
31
طُه فْم َ ،وِقي فَل اْقُع فُدوا
ل اْنِبَعففاَثُهْم َفَثّب َ
ن َكِرَه ا ُّ
عّدًة َ ،وَلِك ْ
عّدوا َلُه ُ
ج َل َ
خُرو َ
ونجد ذلك في قوله تعالى ) َوَلْو َأَراُدوا ال ُ
ن ) 46التوبة (
عِدي َ
َمَع اْلَقا ِ
أي لو أرادوا الخروج لعّدوا عدة الخروج ،ولكنهم لم ُيعّدوا العّدة لن رغبة الخروج لديهم معدومة أصل .وبما
أن إرادتهم معدومة كره ال انبعاثهم ،فثّبطهم كي ل يخرجوا مكرهين حياًء أو رياًء ،خشية تأثيرهم السلبي علييى
ن من ُوجد لديه الرادة والرغبة في الخروج ،كان الولى بإزاليية الُمثّبطييات وإحيياطته
الخارجين .وفي المقابل فإ ّ
بالُمحّفزات لتمكينه من النبعاث والخروج .
ي مفهوم البعث :هو انتقال أو انقلب أو تحول ،أو تغير من حالة إلييى أخييرى ،نتيجيية ُمسيّبب خييارجي مييادي أو
معنوي .
ن عملية البعث هنا جاءت بمعنى النتقييال المكيياني ،أي أن هييؤلء العبيياد سيييأتون ميين خييارج
وخلصة القول :أ ّ
فلسطين ومن مكان بعيد نسبيا ،وعملية البعث معّلقة بالمشيئة اللهية ،وموعد البعث منييوط بهييذه المشيييئة ،وأن
هؤلء المبعوثين ولو تولدت فيهم الرادة ،ومهما حاولوا النقضاض ،مرارا وتكرارا على بني إسرائيل للقضاء
عليهم وإفنائهم ،فلن يتمكنوا من ذلك حتى مجيء الموعد الذي حّدده رب العزة .
لم يكن فهم هذه العبارة مشكلة للمفسرين القدماء ،وهم الكثر قربا وفهما للفاظ العربية وتركيباتها اللغوية ،ولييو
رجعت إلى تفسيراتهم للعبارة وآرائهم في أصييحاب البعييث الول والثيياني ،الييتي أجملناهييا فييي الفصييل السييابق ،
ن تحقق الوعدين قد تّم قبل السييلم ،فهييم ن أّنهم جزموا بأ ّ
لوجدت أّنهم بل استثناء لم يعيروها أدنى انتباه ،وبما أ ّ
على القل لم يثبتوا لهم صفة اليمان ،حيث أن بني إسرائيل آنذاك ،كييانوا ميين أهييل الكتيياب ،وكييل ميين حييولهم
كانوا عبدة أوثان .بل على العكس من ذلك نجد أنهم بل استثناء كانوا قد أثبتوا لهم صفة الكفر .
ثانيا :كلمة عباد نكرة ،وإضــافتها للجــار والمجــرور لــم تعّرفهــا ،وبالتــالي لــم توضــح
ماهية المعتقد
وردت هذه عبارة ) عبادا لنا ( في القرآن مرة واحدة فقط ،ولو أمعّنا النظر في تركيبتها لوجدنا أّنه سبحانه نّكيير
هؤلء العباد ،ولم ينسبهم إلى نفسه حتى بضمير متصل كأن يقول عبادنا ،وإنما ُأضييفت إليى الجياّر والمجيرور
ن تنكيرهم كان غاية بحّد ذاته ،والضافة للجاّر والمجرور جياءت هنيا لتفييد ملكيية الي لهيم فقيط ، ) لنا ( لنفهم أ ّ
وليس لها علقة ببيان ماهية المعتقد .وذلك ليعلم بني إسرائيل أن هذا البعث من عند الي وبتمكييين منييه سييبحانه ،
فكل ما يجري على الرض بخيره وشّره ،ل يكون إل بمشيئة ال جل وعل وتقدير منه .
لنعلم أن أصل العبودية الخضوع والذل كرها أكثر منها طواعية ،وأصل العبادة الطاعة والولء طواعية ورغبيية
ل كراهية فيها .
والعبودية ل تجب على الخلئق ،بدافع الربوبية أي الُملكية بأحقية الخلق واليجاد ،واقرأ سورة الملييك إن شييئت
يٍء ) 164النعيام ( أيشف ْ
ب ُكفّل َ
لف َأْبِغففي َرّبففا َوُهفَو َر ّ
غْيفَر ا ِّ
فهبي تفصل المر ،ونجدها في قوله تعالى ) ُقفْل َأ َ
ض َوَما َبْيَنُهَما ) 17المائدة ( أي مالك للسموات والرض ، ت َواَْلْر ِ سَمَوا ِ
ك ال ّ
ل ُمْل ُ
صاحب كل شيء ،وقوله ) َو ِّ
32
يٍء ) 102النعام ( مما يعقل ول يعقييل ،والخلييق هييو المييوجب لحقييوق الربوبييية والملكييية ، ش ْ
ق ُكّل َ
خاِل ُ
وقوله ) َ
عْبفًدا ) 93مرييم ( مين الملئكية حيتى ن َحَمف ِ
ض ِإّل آِتففي الّر ْ
ت َواَْلْر ِ
سفَمَوا ِ
ن ِفي ال ّ
ن ُكّل َم ْ
ولذلك قال جل شأنه ) ِإ ْ
الذّرة من التراب ،رغما عن أنوفهم ل خيار لهم بأحقية ما سبق من خلقه إياهم .
ق بدافع الشراء أو ما شابه ،التي توجب الملكية وحق التصرف بكييل شييؤون ويندرج تحت العبودية ،عبودية الر ّ
سففوُل َقفاَل
جاَءُه الّر ُ
ك اْئُتوِني ِبِه َفَلّما َ
العبد ،ومن هنا جاءت تسمية الرقيق بالعبد ،كما في قوله تعالى ) َوَقاَل اْلَمِل ُ
عِليٌم ) 50يوسيف ( والملييك هيو ملييك ن َ ن َرّبي ِبَكْيِدِه ّ
ن ِإ ّ
ن َأْيِدَيُه ّ
طْع َ
لِتي َق ّ
سَوِة ال ّ
سَأْلُه َما َباُل الّن ْ
ك َفا ْ
جْع ِإَلى َرّب َ
اْر ِ
خْم فًرا (
ص فُر َ
ع ِب الرسول أي صاحبه وسّيده ،والرسول هو نفس الفتى الييذي قييال ِ ) :إّنففي َأَراِنففي َأ ْ مصر وهو ر ّ
وربوبية الَمِلك لهذا الفتى جاءت بدافع ملكيته للفتى .
أما العبادة فهي تقديم فروض الطاعة والتقديس والولء لله أو للهة ،ول جبرية فيها فالخيار للمخلوق فهو يعبد
حَبففاَرُهْم َوُرْهَبففاَنُهْم َأْرَباًبففا ِمف ْ
ن خُذوا َأ ْ ما يشاء ،واللهة التي اتخذها الناس للعبادة كثيرة ومتنوعة ،قال تعالى ) اّت َ
ن )31 شفِرُكو َ عّمفا ُي ْ حاَنُه َسفْب َ
حفًدا َ ،ل ِإَلفَه ِإّل ُهفَو ُ ،
ن َمْرَيَم َوَما ُأِمُروا ِإّل ِ ،لَيْعُبفُدوا ِإَلًهففا َوا ِ
ح اْب َ
سي َ
ل َواْلَم ِ
ن ا ِّ
ُدو ِ
ن )56 س ِإّل ِلَيْعُبُدو ِ ن َواِْلن َ جّ ت اْل ِخَلْق ُ
ن والنس فهي عبادة ال ،لقوله تعالى ) َوَما َ التوبة ( أما الغاية من خلق الج ّ
الذاريات ( .
ل الناس يمارسون طقوسا العبادة ،سواء كانوا من أهل الكتب السماوية أو وثنيون أو ملحدون ،أما المؤمنون وك ّ
ص فْبَغًة
ل ِ
ن ا ِّ
ن ِم َ
سُح َ
ن َأ ْ
ل َوَم ْ
صْبَغَة ا ِّ
بال فهم من ُنسبت عبادتهم ل ،وليس من ُنسبوا بذواتهم فقط ،قال تعالى ) ِ
ن ) 138البقرة ( .
عاِبُدو َ
ن َلُه َ
حَُوَن ْ
ونجد أنه سبحانه يدعو إلى القرار بالربوبية ووحدانية اللوهية ،بأحقية الخلييق لكييل شيييء أول ،وميين ثييم يييأمر
شيٍْءق ُكّل َ خاِل ُل َرّبُكْم َ ،ل ِإَلَه ِإّل ُهَو َ ، بالخضوع له ،وإفراده سبحانه بالعبادة والتكال عليه ،في قوله ) َذِلُكْم ا ُّ
يٍء َوِكيٌل ) 102النعام ( .فل تستقيم العبادة إل بإقرار الربوبية ل أول ،ول يستقيم ش ْ
عَلى ُكّل َ
عُبُدوُه َ ،وُهَو َ
َ ،فا ْ
الحال بإقرار الربوبية ل وحدها دون القيام بمقتضيات العبادة .وهذا ما كان عليه كفار قريش ،حيث أنهييم أق يّروا
ن )87 ل ف َففَأّنى ُيْؤَفُكففو َ
ن ا ُّ
خَلَقُهفْم َلَيُقففوُل ّ ن َ
سفَأْلَتُهْم َمف ْ
ن َ بربوبية ال لهم ولكنهم أشركوا بالعبادة ،قال تعالى ) َوَلِئ ْ
ل ُزْلَفى … ) 3الزمر ( . الزخرف ( بينما عبادتهم للصنام قالوا فيها ) … َما َنْعُبُدُهْم ِإّل ِلُيقَّرُبوَنا ِإَلى ا ِّ
ن )11 طففاِئِعي َ
عففا َأْو َكْرًهففا َقاَلَتففا َأَتْيَنففا َ
طْو ً
ض ِاْئِتَيففا َ
لْر ِ ن َفَقاَل َلَها َوِل َْ
خا ٌ ي ُد َ
سَماِء َوِه َسَتَوى ِإَلى ال ّقال تعالى ) ُثّم ا ْ
سففّب ُ
ح صلت ( طوعا من قبيل العبادة ،ولو لم تأتيا طوعا لكان ذلك كرها من قبيل العبودية ،حيث قال تعييالى ) ُت َ ُف ّ
حُهْم ِ ،إّنُه َكففا َ
ن سِبي َ ن َت ْ ن َل َتْفَقُهو َ حْمِدِه َ ،وَلِك ْ
ح ِب َ سّب ُ
يٍء ِإّل ُي َش ْن َ ن ِم ْن َ ،وِإ ْ ن ِفيِه ّ
ض َوَم ْسْبُع َواَْلْر ُ
ت ال ّسَمَوا ُ
َلُه ال ّ
غُفوًرا ) 44السراء ( . حِليًما َ
َ
ومن ذلك ُيسّمى من يرزح تحت العبودية كرهييا عبييدا ،فل خيييار فييي أل يكييون فهييو مرغييم ،وُيسييمى ميين يقييوم
بواجبات العبادة طواعية عابدا ،فالخيار في أن يكون أو ل يكون عائد إليه ،وأشّد الكفر هو ما ُأنكر فيه العبودييية
عَبَد ( .
والعبادة ل معا ،وشتان ما بين المسّميين مع أن جذرهما واحد وهو كلمة ) َ
ي ) عبيياد ( و ) عبيييد ( هييي عْبد ( ،والعبييد لغيية نقيييض اُلحيّر ،فكلمييت ّعباد وعبيد كلمتان مترادفتان ومفردهما ) َ
عَباِدَنففا َءاَتْيَنففاُه
ن ِ
عْبفًدا ِمف ْ
جفَدا َ
عْبد ( ،وذلك بدللة النص القرآنيي فيي قيوله تعيالى ) َفَو َ صيغة الجمع من كلمة ) َ
عْلًما ) 65الكهف ( ،ولو قال ) عابدا من عبادا ( لختلف المر ،وتييدبّر قييوله ن َلُدّنا ِ عّلْمَناُه ِم ْ
عْنِدَنا َو َ
ن ِحَمًة ِم ْ
َر ْ
شفُكوًرا ) 3السراء ( ،نجييد أنييه سييبحانه ُيخييبر أن نييوح عليييه عْبفًدا َ
ن َح ِإّنفُه َكففا َ
حَمْلَنا َمفَع ُنففو ٍن َتعالى ) ُذّرّيَة َم ْ
السلم ،كان عبدا أول من العبودية ،وعابدا بالشكر ل ثانيا من العبادة .
أما كلمة ) عابد ( وهو القائم بالعبادة ،فصيغة الجمع منها هيي ) عابيدون ( ،وذليك بدللية قيوله تعيالى ) َوَل َأَنففا
عُبُد ) 5الكافرون (
ن َما َأ ْ
عاِبُدو َ
عَبْدُتْم )َ (4وَل َأْنُتْم َ
عاِبٌد َما َ
َ
33
خامسا :ترادف كلمتي عباد وعبيد في المعنى والستخدام .
سادسا :كلمة عباد نكرة ،ول ُيعّرفها إل ما يأتي بعدها من سياق .
تشمل العبودية كل من فييي السييماوات والرض ومييا بينهمييا ميين الخلئق ،وتشييمل العبييادة كييل ميين يملييك العقييل
والرادة من خلقه ،ومنهم على سبيل المثال الملئكة والنييس والجيين ،وهييم المطييالبون والمكلفييون بييإفراده جييل
وعل باللوهييية والعبييادة والمحاسييبون عليهييا ،فييإن جيياءت كلمييتي عبيياد أو عبيييد معّرفيية ،أو غييير معّرفيية بييأل
ن اْلِعَبففاِد ) 48غافر ( ول تفيييد أيحَك فَم َبْي ف َ
ن الَّ َقْد َ
التعريف أو بالضافة ،فهي تفيد جملة الخلق كقوله تعالى ) ِإ ّ
ل إذا ُأضيف إليها ما يفيد ذلك :
معنى آخر على الطلق ،إ ّ
ن ) 81الصافات ( لُيبرز فيهييم سييبحانه صييفة اليمييان فهييم عبيياده المييؤمنين عَباِدَنا اْلُمْؤِمِني َ
ن ِكقوله تعالى ) ِإّنُه ِم ْ
ث على اليمان به .أو دل السياق على غير ذلك من نفي أو إثبات لصفة دون غيرهييا لتناسييب الموقييف ، وفيها ح ّ
عَباِدِه اْلُعَلَمففاُء ) 28فيياطر ( لُيييبرز فيهييم صييفة العلييم وحصيير خشييية الي بميين ن ِ ل ِم ْشى ا َّ خ َ
كقوله تعالى ) ِإّنَما َي ْ
ض فّلواعَبففاِدي َهفُؤَلِء َأْم ُه فْم َ
ضَلْلُتْم ِ
ث على طلب العلم ،وقوله ) َأَأْنُتْم َأ ْ
يتصف بالعلم فهم عباده العلماء ،وفيها ح ّ
سِبيلَ ) 17الفرقان ( دل السياق على ضللهم فهم عباده الضييالين وفيهييا تحييذير ميين الضييلل ،وقييوله ) ُقفْل َيففا ال ّ
سِهْم ) 53الزمر ( دل السياق على إسرافهم فهم عبيياده المسييرفين وفيهييا تنفييير ميين عَلى َأْنُف ِ سَرُفوا َ ن َأ ْعَباِدي اّلِذي َ
ِ
السراف ،وكّلهم نسبهم ال إلى نفسه بإضافة ضمير متصل يعود عليه سبحانه .
سابعا :التركيب اللغوي للعبارة ،جيء به لتخصيص جزء مــن كــل بصــفة معينــة وهــي
المراد إبرازها أصل .
35
وأما صفة البأس الشديد ،فقد ُأبرزت تهديدا وتحذيرا وتخويفا لبني إسرائيل ،من سوء عاقبتهم بوقوعهم بين أيدي
ل ول ذمة ،لعلهم ينتهون ويرجعون ويرتدعون عّما هم عليه ميين فسيياد
مثل أولئك الخلق ،الذين لن يرقبوا فيهم إ ّ
وإفساد واستعلء في الرض .
36
) أغاروا عليكم – ليل على الرجح – ودخلوا دييياركم ،ووطئوا أرضييكم ليقتلييوكم وينّكلييوا بكييم ،وتييرّددوا فيهييا
ذهابا وإيابا ،وطافوا خللها شرقا وغربا ،وتخّللوا أزقتكم واقتحموا بيوتكم بحثا وتقصّيا ،لعّلهم يجدوا منهييم ميين
بقي حيا ليقتلوه ( .
ن ال جّلت قدرته ،أوجز في وصف فعل هؤلء العباد في بني إسرائيل أّيما إيجيياز ،ليصييف كييل مييا نلحظ هنا أ ّ
فعلوه في كلمة واحدة فقط ،هي كلمة ) جاسوا ( لتصييف مشييهدا كييامل ،ولييم تكيين الضييافة ) خلل الييديار ( إ ّ
ل
جيج بالسيلح لتوضيح ما كان قد جيس .وهذا ُيشبه مشهد الغارات الوحشية ،اليتي كيان يقيوم بهيا المريكيي المد ّ
الناري ،على قرى الهنود الحمر شبه الُعّزل ،وما ُيخلفه وراءه من دمار ومآسيي ،مشيهد طالميا حفليت بيه أفلم
الغرب المريكي .
والعبارة جاءت لتصف ما قام به عباد البعث الول عند بعثهم ،قال تعالى ) فجاسييوا ( بصيييغة الماضييي ،أي أن
هذا الجوس قد وقع في الماضي ،ولم يقل ) ليجوسوا ( بصيغة الستقبال ،كما هو الحال في أفعال البعييث الثيياني
التي ستقع في المستقبل .
حُرماتهم
وخلصة القول :أن هذا الجوس قد وقع في الماضي ،وكان غاية في البشاعة واستباح فيه هؤلء العباد ُ
جميعها ،من أرض ومال وعرض ،فوقع فيهم القتل والنهب والسبي .
فُعوًل :
م ْ
دا َ
ن وَعْ ً وَ َ
كا َ
هذا الخبر جاء كتعقيب على الوعد الول ،ليؤكد سبحانه تحقق المرة الولى بعلوها وإفسادها وبعثهييا ،قييد تحقييق
ل ( ،للدللة على تمام الفعييل ،قبل نزول هذه اليات ،حيث جاءت صيغة اسم المفعول ) َمْفُعول ( من الفعل ) َفَع َ
ل ( فيما مضى من الزمان .ولم تأتي بأي حال من الحوال بمعنى ) مقضيا ( كما قّدمه بمعنى وكان وعدا ) قد ُفِع ْ
معظم المفسرين القدماء ،ومنهم القرطبي أجّله ال ،حيث قال فيها " وكان وعدا مفعول أي قضاء كائنييا ل خلييف
فيه " على اعتبار أن نفاذ الوعدين كان قبل السلم .
وقد جاءت هذه العبارة كجملة معترضة ،بحيث لو قمت بإسقاطها من السياق ،ومن ثم قرأت اليتين ) 4و ، ( 5
كما يلي … ) :بعثنيا عليكيم عبيادا لنيا أوليي بيأس شيديد ،فجاسيوا خلل اليديار .ثيم رددنيا لكيم الكيرة عليهيم ،
وأمددناكم … ( لوجدت أن السياق لم يتأثر بحييذفها ،فخييبر نفيياذ الوعييد الول انتهييى عنييد ذكيير الجييوس ،أي أن
الجوس قد وقع بعد البعث .وجاء التعقيب على الوعد بالجملة المعترضة ) وكان وعدا مفعيول ( لبييان وتأكييد أن
الوعد بالبعث الذي تقّدم ِذكره قد تحّقق فعل ،وكانت نتيجته هي الجوس ومن ثم يبدأ النييص بالخبييار عيين الوعييد
الثاني .
س فْبِتِهمْ
حيَتففاُنُهْم َي فْوَم َ
ت ِإْذ َتْأِتيِهْم ِسْب ِ
ن ِفي ال ّ حِر ِ ،إْذ َيْعُدو َضَرَة اْلَب ْ
حا ِ ت َ ن اْلَقْرَيِة اّلِتي َكاَن ْ عْ سَأْلُهْم َ
قال تعالى ) َوا ْ
عْن فُه ،ن َما ُنُهففوا َ عْ عَتْوا َ ن )َ … (163فَلّما َ سُقو َ ك َنْبُلوُهْم ِبَما َكاُنوا َيْف ُن َل َتْأِتيِهْم َ ،كَذِل َ سِبُتو َعا َ ،وَيْوَم َل َي ْشّر ً
ُ
ن ) 166العراف ( وهذه الحادثة كما نعلم وقعت في بني إسرائيل قبل مئات السنين ، سِئي َ خا ُِقْلَنا َلهُْم ُكوُنوا ِقَرَدًة َ
جوًهففا س ُو ُطِم ف َ ن َن ْن َقْب فِل َأ ْ
صّدًقا ِلَما َمَعُكْم ِم ْ
ب َءاِمُنوا ِبَما َنّزْلَنا ُم َ ن ُأوُتوا اْلِكَتا َ والن انظر قوله تعالى ) َيَأّيَها اّلِذي َ
ك ِبِه
شَر َن ُي ْ
ل َل َيغِْفُر َأ ْ ن ا َّ ل َمْفُعوًل )ِ (47إ ّ ن َأْمُر ا ِّ
ت َ ،وَكا َ سْب ِب ال ّ
حا َ صَ عَلى َأْدَباِرَها َأْو َنْلَعَنُهْم َكَما َلَعّنا َأ ْ
َفَنُرّدَها َ
48) ..النساء (
جاءت الجملة المعترضة ) وكان أمر ال مفعول ( زيادة لليضاح ،ولتؤكييد بمييا ل يييدع مجييال للشييك أو الظيين ،
لبني إسرائيل المعاصرين لرسالة السلم ،والمتشّككين منهم والذين خانتهم ذاكرتهم ،وغييير المص يّدقين بصييحة
هذا المر ،الذي كان ال قد أجراه في أسلفهم ،أن هذا المر وهو المسخ قد مضييى فييي أسييلفهم حقيقيية ،فجيياء
ن اليي
تعقيبه تعالى على ما تقدم من لعن ومسخ لسلفهم ،بقوله ) وكان أمر ال مفعول ( لزالة الشك ،ولتأكيد أ ّ
قادر على تكرار ذلك المر ،إن لم يؤمنوا بما ُأنزل من القرآن على وجه التهديد والتحذير .
ن تعقيبييه عييز وجييل
وخلصة القول :أن الوعد الول بالبعث كان قد مضى وانقضى قبل نزول هييذه اليييات ،وأ ّ
بقوله ) وكان وعدا مفعول ( جاء لتذكير اليهود الحاليين وتحذيرهم ،وإنباء المسلمين غير العالمين ،بوقوع ذلييك
في بني إسرائيل بأنه قد وقع فعل ،وبشرى لهم بأن الوعد الثيياني ،سيييتحقق كمييا تحّقييق الوعييد الول وأن الي ل
37
يخلف الميعاد ،وما عليهم إل الصبر والستمرار في كفيياحهم ضييد اليهييود ،وحسيين الظيين بييال وبوعييده – وعييد
حّتففى َيفْأِت َ
ي ن َداِرِهفْم َ ،
حّل َقِريًبففا ِمف ْ
عٌة َ ،أْو َت ُ
صَنُعوا َقاِر َ
صيُبُهْم ِبَما َ
ن َكَفُروا ُت ِ
الخرة – قال تعالى ) َوَل َيَزاُل اّلِذي َ
ف اْلِميَعاَد ) 31الرعد ( . خِل ُ
ل َل ُي ْ
ن ا َّ
ل ِإ ّ
عُد ا ِّ
َو ْ
م أ َك ْث َلَر
عل ْن َللاك ُ ْ
ج َ
و َ
ن َ
وب َِني ل َ
ل َ
وا ٍ
م َ
َ
م لدَدَْناك ُ ْ
م ب ِلأ ْ
عل َيه لم َ
م ال ْك َّرةَ َ ْ ِ ْ َ
وأ ْ م َردَدَْنا ل َك ُ ْ ) ثُ ّ
فيًرا )(6 نَ ِ
39
ونحن الن بانتظار أن ُيصدر رب العزة ،نتييائج أولئك الوغيياد السييفلة ،وكييأّني أتخّيييل الملئكيية ُيعيّدونها ،فييي
صاَرُهمْ َ ،كَما َلْم ُيْؤِمُنواب َأْفِئَدَتُهْم َوَأْب َ
عجلة من أمر ربهم لتكون جاهزة عند موعد التسليم ،فتدّبر في قوله ) َوُنَقّل ُ
ضْوُه
لخَِرِة َ ،وِلَيْر َ ن ِبا ْن َل ُيْؤِمُنو َ صَغى ِإَلْيِه َأْفِئَدُة اّلِذي َ
ن )َ … 110وِلَت ْ طْغَياِنِهْم َيْعَمُهو َ
ِبِه َأّولَ َمّرٍة َ ،وَنَذُرُهْم ِفي ُ
سِميُع اْلَعِلي فُم )عْدًل َ ،ل ُمَبّدَل ِلَكِلَماِتِه َوُهَو ال ّ صْدًقا َو َك ِ ت َكِلَمُة َرّب َ
ن َ … 113) ،وَتّم ْ َ ،وِلَيْقَتِرُفوا َما ُهْم ُمْقَتِرُفو َ
115النعام ( ،وموعدهم قريب وعند مجيئه سيكون الباب مشييرعا لولئك العبياد بيأمر ربهييم ،لينقضييوا عليهيم
ويزلزلوا أركانهم ،ويكسروا شوكتهم ويقتلعوها مين جييذورها ،والبعبييع المريكييي يغيطّ فييي سييبات عميييق ولين
يمنعهم من أمر ال أحد كان .
ق ،بعييد أن ن إخراج أهلها منها حي ّ ق ،وأ ّ ق ،فالذي أخبر عن ذلك هو الح ّ ن عودة اليهود إلى فلسطين ح ّ ونقول :أ ّ
ن ال عليهم بالستضعاف بالرض ،كما استضعف الذين من قبلهم فُأورثوا الرض من بعد ،فقد َأخرج رسوله مّ
ن ) 5النفييال ( وفيي إحييدى ن َلَكففاِرُهو َ ن اْلُمفْؤِمِني َ
ن َفِريًقففا ِمف ْ
ق َوِإ ّ
ح ّ
ك ِباْل َ
ن َبْيِت َ
ك ِم ْ
ك َرّب َ جَ خَر َق ) َكَما َأ ْ
من قبل بالح ّ
ن
ضَنا َأْو َلَتُعوُد ّ
ن أَْر ِ
جّنُكْم ِم ْ
خِر َ
سِلِهْم َلُن ْ
ن َكَفُروا ِلُر ُق ) َوَقاَل اّلِذي َ سننه الكونية لمن ُيخرج الناس من ديارهم قال الح ّ
ن ) 13إبراهيم ( . ظاِلِمي َن ال ّحى ِإَلْيِهْم َرّبُهْم َلُنْهِلَك ّ
ِفي ِمّلِتَنا َفَأْو َ
عوا ِإَلففى
ل َتِهُنففوا َ ،وَتفْد ُ
وهذه رسالة رب العزة إلى أمة محمد عليه الصلة والسيلم ومين سيورة ) محميد ( َ ) :ف َ
غْيَرُكْم ُثّم َل َيُكوُنوا
سَتْبِدْل َقْوًما َ
ن َتَتَوّلْوا َي ْ
عَماَلُكْم )َ … (35وِإ ْ
ن َيِتَرُكْم َأ ْ
ل َمَعُكْم َ ،وَل ْ
ن َ ،وا ُّ
عَلْو َ
سْلِم َ ،وَأْنُتْم اَْل ْ
ال ّ
َأْمَثاَلُكمْ ) ، (38وإن لم نكن نستحق النتساب لّمة ) محمييد ( عليييه أفضييل الصييلة والتسييليم قييول وعمل ،فسيّنة
الستبدال واقعة بنا ل محالة ومن المؤسف أنها على وشك .
وخلصة القول :أنه وبعد نفاذ الوعد الول فيكييم – والخطيياب لبنييي إسييرائيل -ميين قبييل هييؤلء العبيياد ،وقتِلهييم
وقهِرهم لكم وزوال دولتكم ،وتشتتكم في الرض بميدة مين الزمين طيالت أو قصيرت -تفييدها ثيّم -سينأذن لكيم
بالعودة إلى الرض المقدسة ،وتهزموهم كما هزموا أسلفكم ،وتعود لكم السطوة عليهم وتلحقوا بهييم مييا ألحقييوه
بأسلفكم ،وُنمّدكم بالفراد المدربين على القتال وبالمساعدات المالية والعسييكرية ونجعلكييم أكييثر عييددا وعتييادا .
س ( بإجراء القضاء والقدر ،وليس من قبيييل المكافييأة لبنيي إسيرائيل ن الّنا ِ
ك اَْلّياُم ُنَداِوُلَها بْي َ
وهذا من قبيل ) َوِتْل َ
سرين .
على إحسانهم ونيلهم رضاه سبحانه ،كما يّدعون في توراتهم وكما ذهب إلى ذلك بعض المف ّ
حييذفت لدللييةهذه العبارة غير موجودة أصل في نص الية ،وهي جواب شرط إذا الخاص بوعد الخييرة ،وقييد ُ
جواب شرط إذا الخاص بوعد أولهما .ولتوضيح عمل ) إذا ( وما يعنيه شرطها وجوابها ،نقول نستعمل ) إذا (
عادة ،إذا أردنيا تعلييق فعيل معيين ) ويسيمى جيواب شيرط إذا ( بفعيل آخير ) ويسيمى شيرط إذا ( ،كيأن تقيول
لزوجتك على سبيل المثال " :إذا حصلت على ترقية في نهاية الشهر ،اشتريت لك ذلك الخاتم " ،فالييذي ذهبييت
إليه في الواقع ،هو أنك عّلقت عملييية شييراء الخيياتم الييذي رغبييت فيييه زوجتييك ،بعملييية حصييولك علييى الترقييية
الموعود بها آخر الشهر ،فإن لم تكن هناك ترقية فلن تحصل زوجتك المسكينة علييى الخيياتم .فشييرط ) إذا ( هييو
) الحصول على الترقية ( وجواب الشرط هو ) شراء الخاتم ( .وبعبارة أخييرى نقييول أن حصييول زوجتييك علييى
الخاتم متعّلق بالحصول على الترقية .
خ فَرِة – بعثناهم عليكييم –
لِع فُد ا ْ
جففاَء َو ْ
وبإعادة عبارة ) بعثناهم عليكم ( المحذوفة ،يصبح النص كما يلي ) َف فِإَذا َ
جَد ( .وعبارة ) وليسوءوا وجوهكم ( ليست جوابا للشرط لرتباطها بلم كي ، سِخُلوا اْلَم ْ
جوَهُكْم َوِلَيْد ُ
سوُءوا ُو ُ
ِلَي ُ
حيث جاءت العبارة لتعليل البعث وتوضيح الغاية من البعث .وضييمير الغييائب المتصييل ) هييم ( فييي ) بعثنيياهم (
يعود على العباد أنفسهم ،وضمير المخاطب المتصل ) كم ( في ) عليكم ( يعود على بني إسرائيل .
وخلصة القول :أن هذه المرة هي الخيرة من المرتين ،وأن تحّقق البعث متعّلق بمجيء الموعد المحيّدد ،وبمييا
أن الضمير في كلمة ) بعثناهم ( يعود على نفس العباد ،فإن عباد البعث الثاني هم عباد البعث الول .
جوهَك ُ ْ
م: سوُءوا وُ ُ
ل ِي َ ُ
سّره .وفييي الواقييع سييتظهر معييالم الييذل والهييوان علييى
ل ِبالنسان ما َيْكَره ،وأساءه نقيض َ إساءة الوجه ،أن ُيفِع َ
وجوه اليهود ،من جراء سييلب أولئك العبيياد للمكتسييبات والمقومييات المادييية الييتي مّكنتهييم مين العلييو والسييتكبار
والسييتعلء علييى النيياس ،لُيحرمييوا هييذه الميييزة بتبييادل الدوار مييع أولئك العبيياد .ويكسييبوا ميييزة جديييدة هييي
الستضعاف والذل والنخفاض ،بتبادل الدوار مع الفلسطينيين أيضا ،ومن ثم ليقع فيهم ما أنزلوه بالفلسييطينيين
طيلة مدة علوهم ،من قتل وأسر وتعذيب وسلب للراضي والممتلكات وإتلف وهدم ،وعلى قاعييدة الجييزاء ميين
ن ) 14التوبيية ( .وضييمير الغييائب المتصييل ) واو الجماعيية ( فييي صفُدوَر َقفْوٍم ُمفْؤِمِني َ
ف ُ
شف ِ
جنييس العمييل َ ) ،وَي ْ
) ليسوءوا ( يعود على نفس العباد ،وضمير المخاطب المتصل )كم ( في ) وجوهكم ( يعود على بني إسرائيل .
41
والذي سيظهر على الوجه هو تعابير الستياء التي تنتج فييي الغييالب ،عين مشيياعر تجيييش بهييا النفييس البشييرية ،
كاللم والحسرة والغيظ والخزي والذل ،عندما تتعرض للذى النفسي ،الذي غالبا ما يكون ناتج عن فقدان مادي
لما هو جيد أو كسب ما هو سيئ أو كلهما معا ،وتعتمييد درجيية السييتياء علييى درجيية الفقييد أو الكسييب ،والييذي
سيفقده اليهود هو السيادة والغنى والقوة .
جُهفهُ
ظفّل َو ْحفُدُهْم ِبففالُْْنَثى َشفَر َأ َ
ونجد وصف لتعابير وجه ،يشعر صاحبه بسوء ألّم بييه فييي قييوله تعييالى ) َوِإَذا ُب ّ
شَر ِبِه … ) 59النحييل ( ،ونجييد وصييف آخيير لتعييابير سوِء َما ُب ّ ن ُن اْلَقْوِم ِم ْ
ظيٌم )َ (58يَتَواَرى ِم َ سَوّدا َوُهَو َك ُِم ْ
وجوه الذين اقترفوا السيئات ،عندما استيقنوا أن ل مفر ول عاصم من أمر ال ،وأنهم سينالون جييزاء سيييئاتهم ،
سّيَئٍة ِبِمْثِلَها َوَتْرَهُقُهْم
جَزاُء َت َ سّيَئا ِ
سُبوا ال ّ ن َك َفتملّكتهم مشاعر اليأس والقنوط من النجاة ،في قوله تعالى ) َواّلِذي َ
خاِلفُدو َ
ن ب الّناِر هُْم ِفيَها َ حا ُصَ ك َأ ْ
ظِلًما ُأوَلِئ َ
ن الّلْيِل ُم ْ
طًعا ِم َ
جوُهُهْم ِق َ
ت ُو ُشَي ْغ ِصٍم َكَأّنَما ُأ ْ
عا ِ
ن َ
ل ِم ْ
ن ا ِّ
ِذّلٌة َما َلُهْم ِم َ
) 27يونس (
توحي عبارة ) ليسوءوا وجوهكم ( أن ما سينزل بهم من عقاب على أيدي هؤلء العباد ،شيء شديد الوقييع وبييالغ
الثر والتأثير في نفوسهم ،مما سيعكس بالضرورة آثار المساءة على وجوههم ،لدرجيية أنييه سييبحانه أورد نفييس
جففوُه اّل فِذي َ
ن ت ُو ُ
سففيَئ ْ
التعبير ،في وصفه لحال الكفار عند رؤيتهم لعذاب جهنم ،في قوله تعالى ) َفَلّما َرَأْوُه ُزْلَفًة ِ
ل باليهود قريبا ليس له نظييير ،ول ُيمكيين ن ) 27الملك ( .فالعقاب الذي سيح ّ
عو َ
َكَفُروا َوِقيَل َهَذا اّلِذي ُكْنُتْم ِبِه َتّد ُ
أن يتأتى هذا العقاب ،إل من قبل أناس يملؤهم الحقد والكراهية ،ولييديهم رغبيية شييديدة وملحيية للنتقييام ميين بنييي
إسرائيل لسبب أو لخر .
ض َفَكَأّنَمففا َقَتفلَسففاٍد ِفففي اَْلْر ِس َأْو َف َسا ِبَغْيفِر َنْفف ٍ ن َقَتَل َنْف ً
سَراِئيَل َأّنُه َم ْ
عَلى َبِني ِإ ْ ك َكَتْبَنا َ جِل َذِل َ ن َأ ْ
قال تعالى ) ِم ْ
ك ِفففي ن َكِثيًرا ِمْنُهفْم َبْعفَد َذِلف َ
ت ُثّم ِإ ّ
سُلَنا ِباْلَبّيَنا ِ
جاَءْتُهْم رُ ُجِميًعا َوَلَقْد َس َ حَيا الّنا َ حَياَها َفَكَأّنَما َأ ْ ن َأ ْجِميًعا َوَم ْس َالّنا َ
ن ُيَقّتُلففوا َ ،أْو سفاًدا َ ،أ ْ
ض َف َن ِففي اَْلْر ِ سفَعْو َ سوَلُه َ ،وَي ْ ل َوَر ُ ن ا َّ
حاِرُبو َ ن ُي َجَزاُء اّلِذي َن )ِ (32إّنَما َ سِرُفو َض َلُم ْ
اَْلْر ِ
خ فرَِةلِ ي ِفي ال فّدنَيا َوَلُه فْم ِفففي ا ْ خْز ٌ ك َلُهْم ِ ض َذِل َن اَْلْر ِ ف َ ،أْو ُينَفْوا ِم ْ ل ٍ خَ ن ِجُلُهْم ِم ْ طَع َأْيِديِهْم َوَأْر ُ صّلُبوا َ ،أْو ُتَق ّ
ُي َ
ظيٌم ) 33المائدة ( عِب َعَذا ٌَ
تبين الية الولى عظم مكانة النفس البشرية عند ال ،إذ ليس لحد كان إزهيياق أرواح النيياس سييوى خالقهييا فهييو
الذي يحيي ويميت ،ومن أزهق روحا بغير نفس أي قصاصا أو لمنع الفساد في الرض ،كإقامة الحدود الموجبة
للقتل فكأنما قتل الناس جميعا ،ومن قام بهذا المر خارج نطاق ما تقّدم من موجبات القتل فقييد أعليين حربييه علييى
حصر جزاءه من قبل رب العزة بأربعة خيارات تنّفذ فيييه فييي ال .وأن من أعلن حربه على ال في الية الثانية ُ ،
الحياة الدنيا ،من قبل من أوكله ال بذلك حسبما يرتأيه منفذ الحكم ،إذ ل جناح عليه فيما ُأنزل به من عقوبة .
والملحظ أن هذا البيان جاء عاّما ،ولكنه ارتبط ببني إسرائيل بشكل خاص ،مما يوحي أن عقابهم في المرتين ،
شمل وسيشمل على ما يبدو هذه الخيارات مجتمعه ،بالقتل والصلب والتنكيل والسبي ،وبمييا أن النتيجيية النهائييية
لهذا العقاب هي زوال علوهم في فلسطين ،فهذا يعني رحيل من بقي حّيا فرارا عيين فلسييطين نهائيييا يجيّر أذيييال
الخيبة والهزيمة .وستفيض قلوب كل اليهود في كافة أرجاء العالم ،بمشاعر الييذل والخييزي والعييار والهييوان ، ،
مما يدعو القاصي والداني للشماتة بهم وبمن يشيّد علييى أيييديهم .وهييذا مييا تؤكييده اليييات الكريميية بييأن جزاءهييم
سيكون من جنس عملهم .
جد َ :
س ِ خُلوا ال ْ َ
م ْ وَل ِي َد ْ ُ
يعتقد الكثير من المسييلمين هييذه اليييام ،أن ذكيير المسييجد فييي هييذا الموضييع ،يييترتب علييه أن دخييوله وتحريييره
مقصورا على حملة لواء السلم ،أو بتعبير أدق أولياء ال وخاصته ،يوحييدهم ويقييودهم خليفيية يفييوقهم ولًء لي
ولدينه ،وفي الذهان صورة ابن الخطاب ،رضي ال وأرضاه عنه وصلح الدين رحمه ال ،ومن منا ل يتمنى
ذلك .
ولكن يحضرني هنا قول الشاعر " :ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما ل تشتهي السفن " فلو عييدنا
ي عمر وصلح الدين سنجد أنهما ل يتفّقان مع ما جاء فييي سييورة السييراء لسييببين ،الول ؛
بالذاكرة ،إلى دخول ّ
42
كان الدخول على النصارى فيي المرتيين ،والثيياني ؛ أن الجيوس لليديار لييم يقييع فيهميا ،وكيذلك السيياءة لوجييوه
اليهود .بالضافة إلى أن الدخول في المرتين كان فتحا وليس عقابا لحد .
ن المسألة هي لفظ المسجد ،الذي أورده سييبحانه للتعريييف والتأكيييد علييى أن الرض الييتي ُذكييرت فييي
ويبدو وكأ ّ
الية ) (4هي الرض التي تحوي المسجد أي مدينة القدس .
والسؤال هنا هل المساجد خاصة بالمسلمين فقط ؟ بكل تأكيد نعييم ،ولكيين لفييظ المسييجد ل ! نحيين نعلييم أن حادثيية
السراء كانت في مكية ،وأن سيورة السيراء ُأنزليت فيهيا أيضيا ،وأن الي سيبحانه وتعيالى لّميا سيّماه بالمسيجد
القصى ،لم يكن للمسلمين فيه ناقة ول بعير ولم يكن قائما كبناء أصل .وعبادة السجود ل كييانت قييد سييبقت منييذ
ن ُذّرّي فِة آَدَم َوِمّم ف ْ
ن ن ِم ف ْن الّنِبّيي ف َ
عَلْيِهْم ِم ْ ل َ ن َأْنَعَم ا ُّ
ك اّلِذي َ
آدم عليه السلم إلى يومنا هذا ،فاقرأ قوله تعالى ) ُأْوَلِئ َ
جًدا
سف ّخفّروا ُ ن َ حَمففا ِ ت الّر ْ
عَلْيِهفْم آَيففا ُ جَتَبْيَنا ِإَذا ُتْتَلففى َ
ن َهَدْيَنا َوا ْسَراِئيَل َوِمّم ْ
ن ُذّرّيِة ِإْبَراِهيَم َوِإ ْ
ح َوِم ْ
حَمْلنا َمَع ُنو ٍ
َ
لف آَنففاَء الّلْيفِل َوُهفْمت ا ِّن آَيففا ِ ب ُأّمفٌة َقاِئَمفٌة َيْتُلففو َ
ن َأْهفِل اْلِكَتففا ِ سفَواًء ِمف ْ
سففوا َ َوُبِكّيا ) 58مريم ( وقوله تعيالى ) َلْي ُ
ن ) 113آل عمران ( وكل مكان اتخذوه للسجود سّماه ال في القرآن مسجدا والمقصود هنا المكييان وليييس جُدو َ
سُ َي ْ
البناء .
جًدا )
سفف ِ
عَلْيِهْم َم ْ
ن َ
خَذ ّ
عَلى َأْمِرِهْم َلَنّت ِ
غَلُبوا َ
ن َ
عَلُم ِبِهْم َقاَل اّلِذي َ
عَلْيِهْم ُبْنَياًنا َرّبُهْم َأ ْ
انظر قوله تعالى ) َفَقاُلوا اْبُنوا َ
21الكهف ( .ومع أن أصحاب الكهف كانوا من أتباع عيسى عليييه السييلم ،فييإن الييذين غلبييوا علييى أمرهييم فييي
الواقع ،أقاموا عليهم مكانا للعبادة .وجاءت تسمية القرآن له بالمسجد ،على اعتبارهم له والقصد من بنييائه ،أمييا
سييماه
ي عنها ،وبالرغم من ذلييك ّ أنه مسجد خاص بالمسلمين فل ،والصلة بالنسبة للمسلمين في هذا المسجد منه ٌ
خذوه مكانا للعبادة ،التي أحد أركانها السجود وضمير الغائب المتصل ) واو الجماعة ( في القرآن مسجدا لنهم ات ّ
) وليدخلوا ( يعود على المبعوثين أنفسهم .
وخلصة القول :أن هؤلء المبعوثين لم يتييبين بنييص صيريح ول بتلمييح بييأنهم مين خاصيية عبياد الي ،وأن الي
نّكرهم وقصد تنكيرهم ،لمر اقتضته الحكمة اللهييية الييتي وضييحنا جانبييا منهييا فيمييا سييبق ،وأن معتقييدهم غييير
واضح من حيث اليمان أو الكفر ،وما زالت كل الحتمالت قائمة ،فربما يكونوا مؤمنين أو مسييلمين أو وثنيييين
أو ملحدين .ومن قال بعكس ذلك فقد جانبه الصواب بل أدنى شك .والمر الكثر وضوحا هييو اتحيياد المبعييوثين
أول وثانيا ،أي خروجهم من نفس الرض في المرتين ،مهما طييال الزميين أو قصيير وتعيياقبت عليهييا الجيييال ،
بمعنى أن أصيحاب البعيث الثياني هيم ورثية الرض مين أصيحاب البعيث الول ،وأنهيم أوليي قيوة وبطيش فيي
الحروب ،وأن عبارة ) وليدخلوا المسجد ( جاءت لتؤكد دخولهم لقلب الرض المقدسيية ) فلسييطين ( وسيييطرتهم
عليها بالكامل .
خُلوُه َأّوَل َمّرٍة ( هو تشبيه للدخول الثاني بالول ،وفي العادة عندما يروي شخص لخر قصة قوله تعالى ) َكَما َد َ
ث يحتياج إليى وصييف سييواء كييان هيذا الحيدث ،قيد وقييع ولييم يشييهده المسيتمع أو سييقع فيي
،وقع فيها ِذكُر حيد ٍ
المستقبل ،فبدل من أن يستغرق الراوي في وصف هذا الحدث وسرد حيثياته على حساب مجمل أحداث القصة ،
يعمد الراوي إلى تشبيه الحدث المراد وصييفه بحييدث آخيير مييألوف ومعييروف ميين الماضييي أو الحاضيير ،وذلييك
لتقريب صفة الحدث موضوع الخطاب لذهن المستمع ،ومن ثم يكمل سرد بقية الحداث .
س ) 275البقيرة ( ن اْلَمف ّ
ن ِمف ْ
طا ُ
شفْي َ
طفُه ال ّ
خّب ُ
ن ِإّل َ ،كَمففا َ ،يُقففوُم اّلفِذي َيَت َ
ن الّرَبا َل َيُقوُمو َ
ن َيْأُكُلو َ
قال تعالى ) اّلِذي َ
حيث شبه سبحانه قيام آكل الربا يوم القيامة مجهول الصفة بالنسبة لنا ،وهو حدث سيقع مستقبل بقيييام الممسييوس
أي المجنون ،وهو حدث ومشهد قد رأيناه ونراه فييي الماضييي والحاضيير مييرارا وتكييرارا ،ومعييروف ومييألوف
لذهن المستمع ،ونستطيع استرجاع ذلك المشهد من الذاكرة ،لنرى مشهدا مؤلما ومخزيييا لكييل الربييا عنييد بعثييه
يتميز به عن غيره ،فيقوم مفزوعا متحفزا مشوشا متخبطا ،ل يهدأ له بال ول تستكين له حال .
ولتوضيح المر أكييثر ،فلييو أن زوج مييدح زوجتييه -علييى سييبيل المثييال ُ -مبييديا إعجييابه بجمييال وجههييا قييائل :
) وجهك كالمريخ ( فهل ستكون الزوجة قادرة على معرفة مدى حبه لها ،في حال لم تكن عالميية بماهييية المريييخ
وصفته من حيث الجمال والقبح .وهل أبان هذا التشبيه بغير المييألوف والمعييروف للزوجيية ،وظيفتييه فييي تعييبير
43
الزوج عن مدى إعجابه بها أم أنه زادها حيييرة واضييطرابا ،لييذلك إذا أريييد المييدح ُتشيّبه جمييال النسيياء بييالقول :
) وجهك كالبدر ليلة تمامه ( وهي صورة معروفة ومألوفة لكل البشر ،تسييتطيع النسيياء اسييترجاعها ميين الييذاكرة
وتخّيلها واستيعابها ،ومعرفة مدى إعجاب زوجها بها .
واستخدام التشبيه في الية ) (7أفاد أمرين :
ي مين
ن دخول المسجد أي بيييت المقييدس حاصيل فييي المرتييين ،وهييذا يييدحض قييول ميين ذهيب إلييى أن أ ّ
أول ؛ أ ّ
المرتين ،كانت أو ستكون في غير بيت المقدس .
وثانيا ؛ تشابه صفة الدخول في المرتين الولى والخرة بالدخول عنوة ،لقوله تعييالى فييي وصييف الييدخول الول
) فجاسوا خلل الديار ( وهذا يدحض قول من ذهب ،إلى أن المرة الولى كانت للمسلمين كون دخيولهم إليهيا ليم
يحمل صفة الجوس .
ولكي يستقيم فهم هذه العبارة ،نود أن ُنشير إلى أن الخطاب لبني إسيرائيل لييم ينقطييع بييل ميا زال مّوجهيا إليهيم ،
عففُد
جاَء َو ْطب في قوله تعالى ) كما دخلوه أول مرة ( هم بنو إسرائيل ،واقرأ هذه الصياغة للنص َ ) ،فِإَذا َ فالُمخا َ
خُلوُه – عليكم – َأّوَل َمففّرٍة /
جَد َ ،كَما َد َ
سِ
خُلوا – عليكم – اْلَم ْ جوَهُكْم َ ،وِلَيْد ُ
سوُءوا ُو ُ
خَرةِ – بعثناهم عليكم – ِلَي ُ
لِ
اْ
عَلْوا َتْتِبيًرا ( .
انقطاع الخطاب والعودة إلى الجمهور َ /وِلُيَتّبُروا َما َ
وهذا يعني أن المعرفة بصفة الدخول الول محصورة ببنييي إسييرائيل فقييط ،وهييذا يقودنييا إلييى أن معرفيية اليهييود
صييلت لهييم ممييا لييديهم مين كتيب تحكيي تياريخهم ، المعاصرين المخاطبين ،لصفة هذا اليدخول بالضييرورة ،تح ّ
ومجمل تاريخهم القديم موثق في التوراة ،ويعلم سبحانه أن آباءهم القييدماء ،قييد وّثقييوا صييفة الييدخول فييي كتبهييم
فلذلك شبه الدخول الثاني لهم بما يعرفون .وإن أردت معرفة صفته كمسلم ،ل بد لييك ميين الرجييوع إلييى كتبهييم ،
وهذا الفهم يقودنا إلى مراجعة تاريخهم كامل ،لنتعّرف على صيفة اليدخول الول ،كميا وردت فيي اليية ) ( 5
وهذا ما سنفعله في الفصول القادمة .
والحقيقة أن هذا الحدث المفجع والرهيب الذي نزل بهم ،كان له بالغ الثر في نفوسييهم ،حيييث شيّكل لهييم الكييثير
من العقد ،فضل عما كان لديهم في السابق .جعلت منهم شعبا مجرما حاقدا على البشرية جمعيياء ،وعلييى أولئك
العباد الذين ساموهم سوء العييذاب فيي المييرة الولييى بشييكل خيياص .وميا جيياء التشيبيه هنيا إل لتيذكيرهم بحيدث
يعرفونه كما يعرفون أبنائهم ،ومن لم يعرفه منهم أو خانته ذاكرته ،يستطيع الرجوع إلييى تييوراتهم ،قييال تعييالى
ن ) 146البقرة ( ق َوُهْم َيْعَلُمو َ
ح ّ
ن اْل َ
ن َفِريًقا ِمْنُهْم َلَيْكُتُمو َ
ن َأْبَناَءُهْم َوِإ ّ
ب َيْعِرُفوَنُه َكَما َيْعِرُفو َ
ن آَتْيَناُهْم اْلِكَتا َ
) اّلِذي َ
وجاء هذا التشبيه والتذكير لنذارهم وتحذيرهم من مغبة العييودة إلييى العلييو والفسيياد ،ومييا ينتظرهييم ميين خييزي
عذاب الدنيا وهول عذاب الخرة .
ن الباحثين في هذا الموضوع حديثا من المسلمين ،كانوا قد أهملوا أكييبر وأعظييم موسييوعة والعجيب في المر ،أ ّ
خْلِففِه
ن َ
ن َيفَدْيِه َوَل ِمف ْ
ن بْيف ِ
طفُل ِمف ْ
تاريخية سماوية ،موجودة بين أيدينا ،أقصد القرآن الكريم الذي ) َل َيفْأِتيِه اْلَبا ِ
حِميٍد ) 42فصلت ( ولم يرجع إليها أحد ،مع أنه كاد أل يترك سورة مين سيورِه ،إل وأّرخ فيهيا حِكيٍم َ
ن َ
َتنِزيٌل ِم ْ
لبني إسرائيل ،فعلوهم الول ونشأته وإفسييادهم فييي الرض المقدسيية ،ظيياهر ماثييل للعيييان بمييا ل يييترك مجييال
للتقّول أو الجتهاد .وأما فيما يخص عقاب الوعد الول ،فقد وردت إشارات كافية في هذه اليات وفي مواضييع
ل على تحّققه قبل السلم . أخرى في القرآن تد ّ
ما عَل َ ْ
وا ت َت ِْبيًرا : وَل ِي ُت َب ُّروا َ
جياج :والتبييار في الُمعجم " :قال ابن جني :ل يقال له ِتْبر حييتى يكيون فييي تيراب معيدنه أو مكسيورا ،قيال الز ّ
ن ِإّل ظففاِلِمي َ
سره وأذهبه ،وفييي التنزيييل العزييز ) َوَل َتفِزْد ال ّ سره وأهلكه ،وتّبره أي ك ّ الهلك ،وتّبره تتبيرا أي ك ّ
عففاًدا
سيٍر ِتييبرا ،وفييي قييوله عييز وجييل ) َو َ َتَباًرا ) 28نوح ( قال الزجاج :معناه إل هلكا ،وليذلك سيمي كييل ُمك ّ
ل َتّبْرَنففا َتْتِبيفًرا ) 39الفرقييان ( ضفَرْبَنا َلفُه اَْلْمَثففاَل َوُك ّ
ل َ
ك َكِثيًرا )َ (38وُك ّ
ن َذِل َ
س َوُقُروًنا َبْي َ
ب الّر ّ
حا َ
صَ
َوَثُموَد َوَأ ْ
سرته وفّتته فقد تّبرته " . قال :التتبير التدمير وكل شيء ك ّ
44
والمعنى العام للعبارة ،هو ) ولُيدّمروا ما علوا تدميرا ( .وقد جاءت صيغة المفعول المطلق ) تتبيرا ( زيادة فييي
المبالغة وتأكيدا للفعل ) وليتبروا ( ،وسواء كانت ) مييا ( ظرفييية أو اسييم موصييول بمعنييى ) الييذي ( فهييي تشييمل
المكان والزمان والكم .
وكما أشرنا في تفسير العبارة السابقة ،فقد حصل انقطاع في الخطيياب المييوجه لبنييي إسييرائيل ،ليصييبح الحييديث
موجها للجمهور ،مضيفا تعقيبا حول مصير علو بني إسرائيل بدلليية ضييمير الغييائب المتصييل واو الجماعية فييي
كلمتي ) وليتبروا ( و ) علوا ( العائد على بني إسييرائيل أنفسييهم .والعبييارة ) وليتّبييروا مييا علييوا تتييبيرا ( جيياءت
للتعقيب على ما فعله بني إسرائيل أنفسهم بمقومات هذا العلو ،مما كان سييببا فييي زواليه .لُيصييبح المييراد هييو أن
علو بني إسرائيل ،حمل في أحشيائه بيذرة دميياره منييذ نشيأته ،بعييدم اليولء لي وعيدم اكييتراثهم ِبحّثييه لهيم علييى
الحسان وتحذيره لهم من الساءة .بل اعتمدوا على غير ال ،في تحصيل هذا العلو وإدامته وحمايته من الزوال
،بالفساد والفساد والثم والعدوان .
ليتبّين لنا أن الحديث عن الوعد الثاني ،انتهى بقييوله ) كمييا دخلييوه أول مييرة ( .وأن عبييارة ) وليتّبييروا مييا علييوا
ن عليوا كيبيرا ( فيي الييية ) ، (4ليؤكيد بميا ل ييدع تتبيرا ( جاءت تعقيبا على قوله تعالى في بداية القصة ) ولتعل ّ
صل عليه بنيي إسييرائيل ببعيدهم عين الي ، مجال للشك ،أن هذا العلو الموصوف بالكبير في الرض ،والذي تح ّ
سيصبح هباًء منثورا بما كسبته أيديهم .
صييل بيامتلكومن تعريفنا السابق لمفهوم العلو ،نجد أن العلو مظهر مين مظيياهر الحيياة ،كميا الغنيى الييذي يتح ّ
صل بامتلك المال القليل ،ويتم تحصيييله ميين خلل امتلك مقومييات مادييية ، المال الوفير ،وكما الفقر الذي يتح ّ
تتمّثل في السيادة على الرض وأهلها ،وسياستهم والتحّكم في مختلف شؤونهم ،والقدرة بامتلك القيوة ،والغنيى
بامتلك المال والموارد المادية الخرى .والحقيقة أن اليهود في هذا العصيير ،لييم يقتصيير عليوهم علييى فلسييطين
فحسب ،بل شمل أمريكا وبريطانيييا والكيثير مين الييدول الغربيية َ .فُهمييا شيكل مين أشييكال الفسيياد اليهيودي فييي
الرض ،وأداة للعدوان على الشعوب بأيدي اليهودية العالمية .
وبما أن العلو مظهر ،والمظاهر ل ُتدّمر تدميرا ،وإنما تزول زوال بفقدان أسيبابها ومقوماتهيا ،كميا ُأزييل عليو
ن َوقَفْوُمُه َوَمففا َكففاُنوا
عفْو ُ
صفَنُع ِفْر َ
ن َي ْ
فرعون بتدمير ما امتلك من مقومات علوه ،في قوله تعالى ) َوَدّمْرَنا َما َكففا َ
ن ) 137العراف ( .ونلحظ أن ال تبارك وتعالى لم يأت بالمصدر ) علوهم ( ليقول ) وليتييبروا علييوهم شو َ
َيْعِر ُ
تتبيرا ( ،وإنما قال ) وليتبروا ما (لن المقصود تدميره هنا ليس العلو بحّد ذاته ،وإنما تدمير ) ما ( عل عليه أو
به أو فيه بنوا إسرائيل بامتلكه والسيطرة عليه ،مما مّكنهم من الفساد في الرض ،أي تدمير كل ما يقييع تحييت
كلمة ) ما ( مما يمتلكونه من مقومات لعلوهم ،لتشمل المكان والزمان والكم لهذا العلو ،الموصوفة بالتفصيل في
اليتين ) 4و ، (6والتي تتلخص فيما يلي :
• استلب أو تدمير القوة العسييكرية المتطييورة ،والييتي مكنتهييم ميين العليو واسييتمراريته ،ورد الكييرة علييى
أعدائهم .
• ذهاب الموال والبنين والمداد ،الذي كان يتوفر لهم في حروبهم السابقة .
• استلب أو تدمير المكنة التي تمتعوا بالعلو فيها وكانت منطلقا لفسادهم في الرض .
لذلك جاءت عبارة ) وليتّبروا ما علوا تتبيرا ( في نهاية قصة المرتين ووعديهما ،كتعقيب لتوضيح مآل علو بنييي
ت للتعقيب على وعد الخرة بالرغم ميين ورودهييا بعييد إسرائيل الذي ورد ذكره في الية الرابعة في بداية ،ولم تأ ِ
النتهاء من وصف أحداثه .وقد جاء هييذا التعقيييب ُمتييأخرا ،لن زوال العلييو بشييكل نهييائي ،سيييكون كعاقبيية أو
نتيجة لنفاذ وعد الخرة فيهم ،ويبدوا لي أن زوال العلو اليهودي في العالم سيأتي على مراحل ،ليبدأ في فلسطين
ومن ثم يمتد لمريكا وبريطانيا وفرنسا والغرب إجمال ،بإذن ال .
وربما يذهب البعض إلى أن هذه العبارة ،جاءت للتعقيب على ما فعله هؤلء العباد ،بعلو بني إسرائيل فييي وعييد
الخرة ،على اعتبار أن الضمير واو الجماعة في ) وليتّبروا ( عيائد عليى العبياد ،وهيذا غيير صيحيح لن ذليك
يعني استمرارية الخطاب ،فلو أن الخطاب لبني إسرائيل استمر لجاءت العبارة على النحو التالي ) وليتّبروا ي مييا
علوتم ي تتبيرا ( هذا من جانب .
45
ومن جانب آخر لم ُيذكر في التعقيب شيء يخص وعد الخرة بذكر كلمة وعد مثل ،كما جيياء فييي التعقيييب علييى
الوعد الولى ،بقوله ) وكان وعدا مفعول ( وإنما جاء التعقيب الخير على بني إسيرائيل المييذكورين بالسيم فييي
الية الرابعة ،لعود ضمير الغائب ) واو الجماعة ( عليهم فييي كلميية ) وليتييبروا ( ،وكييذلك علييى علييوهم الكييبير
الموصوف في الية الرابعة أيضا ،لتصال ضمير الغائب العائد عليهم ) واو ( في كلمة ) علوا ( .
صييلوا عليييه ميين مقومييات العلييو
ولو فرضنا جدل استمرارية الخطيياب ،فهييل ُيعقييل أن ُيييدّمر المسييلمون ،مييا تح ّ
الصهيوني ،بعد أن يكونوا قد أوقعوا فيهييم القتييل والتنكيييل والسييبي والنفييي ،وتّمييت لهييم السيييطرة الكامليية علييى
صييلوا عليييه سييالما ميين
الرض بدخول القدس ؟! طبعا ل .بل على العكس تماماسيكونون بأمس الحاجة ،لمييا تح ّ
مال وعتاد لستخدامه في المواجهة الحقيقة المقبلة مع الغرب .
وخلصة القول :أن كل ما عل بنو إسرائيل عليه أو به أو فيه سيصييله الييدمار ل محاليية لعمييوم لفييظ العلييو حييتى
علوهم في الغرب ،إذ أن الذي أبقى علوهم قائما ومستمرا في فلسطين هييو علييوهم فييي الغييرب ،ولييذلك يصييبح
دمار الدول الغربية أمر محتما ،ليزول علو بني إسرائيل فيها أيضييا بشييكل نهييائي ،وبييذلك تنتفييي تمامييا قييدرتهم
على العلو مرة أخرى ،إذ أن هذا العلو هو علوهم الخير في الرض وأن أفعالهم ستكون سببا فييي زوال علييوهم
هذا ،وستجد مزيد من تفصيل هذه العبارة في الجزء الثالث من الكتاب .
والن لننتقل إلى خاتمة سورة السراء ،حيث ُذكر وعد الخرة مرة أخرى .أما سبب مجيء هذه اليات في آخر
السورة فهو لسببين :أول ؛ إظهار العجاز العددي في القرآن ،الذي سنظهره بيإذن الي لحقيا ،ثانييا ؛ للتعقييب
على الوعد الثاني في بني إسرائيل بعد نفاذه ،وما سيكون ممن علموا بتفاصيل هذا الوعد قبل نفاذه ،وما سيييكون
منهم بعد نفاذه تماما كما جاء به القرآن .
ق َأنَزْلَنفاهُ
ح ّ
جْئَنفا ِبكفْم َلِفيًففا )َ (104وِبفاْل َ خفَرِة ِ لِعفُد ا ْ جفاَء َو ْ ض َفِإَذا َ
سُكُنوا اَْلْر َ سَراِئيَل ا ْن َبْعِدِه ِلَبِني ِإ ْ
) َوُقْلَنا ِم ْ
ل) ث َوَنّزْلَناُه َتنِزي ً عَلى ُمْك ٍ س َ
عَلى الّنا ِ شًرا َوَنِذيًرا )َ (105وُقْرآًنا َفَرْقَناُه ِلَتْقَرَأُه َ ك ِإّل ُمَب ّسْلَنا َ
ق َنَزَل َوَما َأْر َ ح َّوِباْل َ
جًدا )(107 سف ّن ُ لْذَقففا ِ
ن ِل َْ
خفّرو َ
عَلْيِهفْم َي ِ
ن َقبِلفِه ِإَذا ُيْتَلففى َ ن ُأوُتوا اْلِعْلَم ِمف ْ
ن اّلِذي َ
ُ (106قْل آِمُنوا ِبِه َأْو َل ُتْؤِمُنوا ِإ ّ
عا )(109 شو ً خُ ن َوَيِزيُدُهْم ُ
ن َيْبُكو َلْذَقا ِ
ن لِ َْخّرو َ عُد َرّبَنا َلَمْفُعوًل )َ (108وَي ِ ن َو ْن َكا َن َرّبَنا ِإ ْ
حا َ
سْب َن ُ َوَيُقوُلو َ
" ) جئنا بكم لفيفا ( أي مختلطين ،وفسره ابن عبيياس جميعييا ،وبكييم جيياءت لتغليييب المخيياطبين علييى الغييائبين ،
) وبالحق أنزلناه وبالحق نزل ( ؛ عود إلى شرح حال القييرآن الكريييم ،فهييو مرتبييط بقييوله تعييالى ) لئن اجتمعييت
النس والجن ( وهكذا طريقة العرب في كلمها تأخذ في شيء ،وتستطرد منه إلى آخر ثم إلى آخر ثم إلى آخر ،
ثم تعود إلى ما ذكرته أول والحديث شجون ،فضمير الغائب للقييرآن ،وقييد حملييه بعضييهم علييى هييذا ،أو للوعييد
المذكور آنفا ،أي وعد الخرة الذي ُذكر في الية السابقة .
والمراد بالحق الول ؛ على ميا قييل الحكمية اللهييية المقتضيية لنزاليه ،وبالثيياني ميا اشيتمل علييه ميين العقيائد
والحكام ونحوها ،أي ما أنزلناه إل ملتبسا بالحق المقتضى لنزاله ،وما نزل إل ملتبسا بالحق الذي اشتمل عليه
،وقيل الحق في الموضعين المر المحفوظ الثابت ) ،وما أرسلناك إل مبشييرا ( ؛ للمطيييع بييالثواب ) ونييذيرا ( ؛
وللعاصي من العقاب ،فل عليك إل التبشير والنذار ل هداية الكفرة المقترحين .
ن ،فإنه أيسر للحفظ وأعون على الفهم ) وقرءانا فرقناه ( ؛ أي أنزلناه منجما مفّرقا ) على مكث ( ؛ أي تؤدة وتأ ّ
) ،ونزلناه تنزيل ( ؛ على حسب الحوادث والمصالح ،قل للذين كفروا ) آمنوا به ( أي بيالقرآن ) ،أو ل تؤمنيوا
إن الذين أوتوا العلم من قبله ( ؛ أي العلماء الذين قييرءوا الكتييب السييالفة ،ميين قبييل َتنيّزل القييرآن وعرفييوا حقيقيية
الوحي ،وأمارات النبوة ،وتمكنوا من تمييز الحق والباطل ،واُلمحقّ والُمبطييل ،أو رأوا نعتييك ونعييت مييا أنييزل
إليك .
46
) إذا يتلى ( أي القرآن ) عليهم يخرون للذقان ( ؛ يسقطون بسرعة علييى وجييوههم ) سييجدا ( تعظيمييا لميير الي
تعالى ،أو شكرا لنجاز ما وعد به في تلك الكتب من بعثتك ،وقال صاحب الفرائد ،المراد المبالغة في التحامييل
على الجبهة والنف ،حتى كأنهم يلصقون الذقان بالرض ،وهو وجه حسن جدا ،أي يقعون على الرض عنييد
التحقيق والمراد تصوير تلك الحالة .
) ويقولون ( ؛ أي في سجودهم أو مطلقا ) :سبحان ربنا ( عن خلف وعده ،أو عما يفعل الكفرة من التكذيب ) ،
إن كان وعد ربنا لمفعول ( ) ،ويخرون للذقان يبكون ( ؛ كّرَر الخييرور للذقييان لختلف السييبب ،فييإن الول
لتعظيم أمر ال تعالى أو الشكر لنجاز الوعد ،والثاني لما أّثر فيهم من ميواعظ القيرآن ،أي سيياجدين بيياكين مين
خشية ال تعالى ،ولمييا كييان البكيياء ناشييئا ميين الخشييية الناشييئة ميين التفّكيير الييذي يتجيّدد ،جيييء بالجمليية الفعلييية
) يبكون ( المفيدة للتجدد ) ويزيدهم ( ؛ القرآن بسماعهم له ) خشوعا ( لما يزيدهم علما ويقينييا بييأمر الي تعييالى ،
على ما حصل عندهم من الدلة " .من تفسير اللوسي .
فا : م لَ ِ
في ً جئ َْنا ِبك ْ
ِ
قيل في ) لسان العرب ( في كلمة لفيف ) ُمجَتِمع ملتف من كل مكان ( ،واللفيف ) القوم يجتمعون من قبائل شييتى
جْمع العظيم من أخلط شتى فيهم ليس أصلهم واحدا ( واللفيف ) ما اجتمع من الناس من قبائل شتى ( واللفيف ) ال َ
جْميع لالشريف والدنيء والمطيع والعاصي والقوي والضييعيف ( .والملحيظ أن معياني الكلميية جياءت بمعنييى َ
جميع ،والحقيقة أن الذي تم على أرض الواقع ،هو المجيء والجمييع مين أميياكن شيتى .وأن مجيئهييم جميعيا لين
يتحقق لنهم يتمّتعون بصفات طفيلية ،ل تمّكنهم من ترك الدول الغربية الغنية والعودة إلى فلسطين .
أما اليات ) (109-104وكما عقب سبحانه بعد ِذكره لوعد الخرة فييي بداييية السييورة .جيياءت بعييد ِذكييره تعييالى
لوعد الخرة ،في نهاية السورة تعقيبا على إنزاله هذا الوعد بنصه في القران ،كما ُأنزل في كتيياب موسييى عليييه
شفًرا َوَنفِذيًرا )َ (105وُقْرآًنففا
ك ِإّل ُمَب ّ
سْلَنا َ
ق َنَزَل َوَما َأْر َ
ح ّ
ق َأنَزْلَناُه َوِباْل َ
ح ّ
السلم من قبل ،حيث قال سبحانه ) َوِباْل َ
ل ) (106أي وبالحق الذي أوجبته الحكمة اللهية ،أنزلنييا خييبر ث َوَنّزْلَناُه َتنِزي ً
عَلى ُمْك ٍ
س َ
عَلى الّنا ِ
َفَرْقَناُه ِلَتْقَرَأُه َ
ق والصيدق هذا الوعد في القران ،الذي نّزله على عبيده تنيزيل ،وفّرقيه لُيقيرأ عليى النياس عليى مكيث ،وبيالح ّ
والخبر اليقين جاء هذا القران ،بهذا الوعد -مما سيكون من شأن بني إسرائيل – بكل تفاصيله وملبساته ،بما ل
يدع مجال للشك أو التقّول .
والحكمة اللهية التي اقتضت إنزاله ،كما جاء من نص اليات ،هي :
ن
ن اّلفِذي َشفُر اْلُم فْؤِمِني َ ف البشرى للمؤمنين الصابرين المرابطين المتمسييكين بييدينهم المخلصييين لييه ) َوُيب ّ أول :ز ّ
جًرا َكِبيًرا ) 9السراء ( ،بأن ال لن يخلف وعده الذي وعد ،وأن مييا وعييدهم ال ي ل ن َلُهْم َأ ْ
ت َأ ّ
حا ِ
صاِل َ
َيْعَمُلونَ ال ّ
محالة واقع ولو بعد حين ،ليحثهم على التمسك بدينهم والتحلي بالصييبر ،وعييدم السييتعجال لميير الي والركييون
لليأس ،فكلما ادلهمت الخطوب بالمؤمنين وضاقت السبل – كما هذه اليام – كان الفرج ،قاب قوسييين أو أدنييى )
ن اْلَقفْوِم
عف ْ
سفَنا َ شففاُء َ ،وَل ُيفَرّد َبْأ ُ
ن َن َ
ي َمف ْ
جَصُرَنا َ ،فُن ّ
جاَءُهْم َن ْ
ظّنوا َأّنُهْم َقْد ُكِذُبوا َ ،
سُل َ ،و َ س الّر ُسَتْيَئ َ
حّتى ِإَذا ا َْ
ن ) 110يوسف ( . جِرِمي َاْلُم ْ
وثانيا :إنذار بني إسرائيل ) الذين ل يؤمنون بالخرة ( والمكييذبين والمتشيّككين مميين غرتهييم الحييياة وآمنييوا بمييا
يقوله الواقع ،مع عدم قراءتهم له بشكل صحيح ،أكثر من إيمانهم بال وما جاء فيي كتيابه اليذي أنيزل ،وتحيذير
عَذاًبا َأِليًما ) 10السراء ( .
خَرِة َأعَْتْدَنا َلُهْم َ
لِ
ن ِبا ْ
ن َل ُيْؤِمُنو َ
ن اّلِذي َ
لهم من عقابه في الدنيا والخرة ) َوَأ ّ
صل اليمان لمن لم يؤمن بعد وتجّدد إيمان المؤمنين وزيادًة في اطمئنان قلوبهم ،عند نفيياذ هييذا الوعييد وثالثا :تح ّ
كما جاءت صفته في القرآن .حيث قال سبحانه للناس كافة على وجه التبكيت والتهديد شديد اللهجة ُ ) ،ق فْل آِمُنففوا
ن هييذا الوعييد ل محاليية واقييع ،وإيمييانكم بييه وبييالقرآن ِبِه َأْو َل ُتْؤِمُنوا … ( من أمر هذا الوعييد وهييذا القييرآن ،أ ّ
ن ُأوُتففوا اْلِعْلفَم
ن اّلفِذي َ
وعدمه سواء .وأن من كانوا قد علموه وسبق لهم اليمان به وتصديقهم له قبل تحققه ) … ِإ ّ
صدق ما جاء في كتابه ،سيييكون هييذا حييالهم عنييد تحققييه وبعييد تحققييه ) ِإَذا ن َقبلِِه … ( ،ليمانهم بمن أنزله و ِ ِم ْ
عُد َرّبَنففا َلَمْفُعففوًل ) (108أي أنهييم إذا
ن َو ْ
ن َكا َ
ن َرّبَنا ِإ ْ
حا َ
سْب َ
ن ُ
جًدا )َ (107وَيُقوُلو َسّ
ن ُ
لْذَقا ِ
ن ِل َْ
خّرو َ
ُيْتَلى عََلْيِهْم َي ِ
ي عليهم ِذكر هذا الوعييد عنييد وبعييد تحققييه خيّروا للذقييان سييجدا ،قييائلين ) :سييبحان ربنييا إن كييان وعييد ربنييا ُتل َ
47
ن َوَيِزيُدُهمْ
ن َيْبُكو َ
لْذَقا ِ
ن ِل َْ
خّرو َ
لمفعول ( وسيكون هذا حالهم مرة تلو مرة ،كلما ُتليت عليهم آيات هذا الوعد ) َوَي ِ
عا ) (109وما أن يقوموا حتى ل تكاد تحملهم أرجلهم ،وتغلب عليهم مشيياعرهم ميين شيّدة التصييديق وش يّدة شو ً
خُ
ُ
اليمان ،فيعودوا ليقعوا ساجدين خاشعين لمن ل ُيخلف وعده .
م ل ِل ْ َ عسى ربك ُ َ
صلليًرا
ح ِ
ن َ
ري َ
ف ِ
كا ِ هن ّ َ عل َْنا َ
ج َ ج َ
و َ
عدَْنا َ
م ُ
عدْت ُ ْ
ن ُ
وإ ِ ْ مك ُ ْ
م َ ح َ
ن ي َْر َ
مأ َْ ّ ْ ) َ َ
)( 8
عَسى ربك ُ َ
مك ُ ْ
م : ح َ
ن ي َْر َ
مأ َْ ّ ْ َ
بعد نفاذ الوعد الثاني ،يوجه سبحانه الخطاب للبقية الباقية من بنييي إسييرائيل ،الييذين نجيوا ميين هييذا العييذاب ولييم
ل فييي بنييي قييومهم لمييا علييوا يطلهم عقاب وعد الخرة ،لعّلهم يعتبرون مما حصييل بعييد أن رأوا مييا رأوا ممييا حي ّ
وأفسدوا في الرض .فلعلهم يعودون إلى ال ويصلحون أمرهييم فيتييوب الي عليهييم ويرحمهييم .قييال تعييالى ) َوَل
ن ) 56العييراف ( ، سِني َح ِ ن اْلُم ْ
ب ِم ْ ل َقِري ٌ حمََة ا ِّ ن َر ْ طَمًعا ِ ،إ ّخْوًفا َو َ عوُه َ حَها َ ،واْد ُ لِ صَ ض َبْعَد ِإ ْ
سُدوا ِفي اَْلْر ِ ُتْف ِ
حْكَمٍة ُثّمب َو ِن ِكَتا ٍن َلَما آَتْيُتُكْم ِم ْق الّنِبّيي َل ِميَثا َ خَذ ا ُّوعودتهم إلى ال تعني اعتناقهم للسلم ،لقوله تعالى ) َوِإْذ َأ َ
صفِري َقفاُلوا َأْقَرْرَنفا َقفاَل عَلفى َذِلُكفْم ِإ ْ خفْذُتْم َصُرّنُه َقاَل َأَأْقَرْرُتفْم َوَأ َ
ن ِبِه َوَلَتْن ُق ِلَما َمَعُكْم َلُتْؤِمُن ّ
صّد ٌسوٌل ُم َ جاَءُكْم َر َُ
ن
خفَرِة ِمف ْلِن ُيْقَبَل ِمْنُه َوُهفَو ِفففي ا ْ لِم ِديًنا َفَل ْسَ غْيَر اِْل ْن َيْبَتِغ َن )َ ) … (81وَم ْ شاِهِدي َ ن ال ّشَهُدوا َوَأَنا َمَعُكْم ِم ْ َفا ْ
حيٌم ) 89آل عمران ( .وهذا ما لم غُفوٌر َر ِ ل َ ن ا َّ حوا َفِإ ّ صَل ُك َوَأ ْن َبْعِد َذِل َ
ن َتاُبوا ِم ْ ن )ِ ) … (85إّل اّلِذي َ سِري َ
خا ِ اْل َ
يفعلوه سابقا ولن يفعلوه مستقبل ،فهم أعلنوا حربهم على ال قبل أن يعلنوهييا علييى أي شيييء آخيير ،وهيهييات أن
سَوًة … ) 74البقرة ( … شّد َق ْيتوبوا فقلوبهم كالحجارة ) … َأْو َأ َ
س(:
ن الّنا ِ
م ْ
ل ِ
حب ْ ٍ
و َ ن الل ّ ِ
ه… َ م ْ
ل ِ ) إ ِّل ب ِ َ
حب ْ ٍ
ك ِبفَأّنُهْم َكفاُنوالف َ ،ذِلف َ
ن ا ِّ
ب ِمف ْ
ضف ٍ
سفَكَنُة َ ،وَبفاُءوا ِبَغ َ
عَلْيِهْم الّذّلُة َواْلَم ْ
ت َضِرَب ْ قال تعالى في سورة البقرة ) … َو ُ
ن ) (61هذه الييية توضييح حكمييا صْوا َوَكاُنوا َيْعَتُدو َ
ع َ
ك ِبَما َ ق َ ،ذِل َح ّن ِبَغْيِر اْل َ
ن الّنِبّيي َ
ل َ ،وَيْقُتُلو َ
ت ا ِّ
َيْكُفُرونَ ِبآَيا ِ
إلهيا ُملزما لبني إسرائيل ،كان فيما سبق قييد صييدر بحقهييم عنييد كفرهييم وقتلهييم النبييياء ،ونلحييظ أن المسييكنة
عَلْيِه فْم الّذّل فُة
ت َض فِرَب ْ
عطفت على الذلة مباشرة ،وأنهما تلزما في الوقوع تحت الضييرب ،فييي قييوله تعييالى ) َو ُ ُ
سَكَنُة ( .َواْلَم ْ
حْبفلٍ
ن َمففا ُثِقُفففوا ِ ،إّل ِب َ عَلْيِهْم الّذّلُة َأْي َت َضِرَب ْ وفي سورة آل عمران ُ ،أعيد نفس النص السابق ،في قوله تعالى ) ُ
ت
ن ِبآَيففا ِك ِبفَأّنُهْم َكففاُنوا َيْكُففُرو َ سَكَنُة َ ،ذِلف َ عَلْيِهْم اْلَم ْ
ت َ
ضِرَب ْل َ ،و ُ ن ا ِّ
ب ِم ْ
ض ٍس َ ،وَباُءوا ِبَغ َن الّنا ِ حْبٍل ِم ْ
ل َو َ ن ا ِّ
ِم ْ
ن ) ، (112ولكن بفصل الذّلة عن المسييكنة ،مييع صْوا َوَكاُنوا َيْعَتُدو َ
ع َك ِبَما َ
ق َ ،ذِل َ
ح ّ
ن اَْلنِبَياَء ِبَغْيِر َ
ل ،وََيْقُتُلو َا ِّ
س ( ميين ن الّنففا ِحْب فٍل ِم ف ْ
ل ف َ ،و َ ن ا ِّ حْب فٍل ِم ف ْضرب كل منهما على حدة أول ،ومن ثم إضافة الستثناء التالي ) ِإّل ِب َ
ضرب الذّلة دون المسكنة ثانيا .ومن هنا نستطيع القول ،بأن الذّلة سُترفع عنهم في حالتين :الحالة الولى بحبل
48
من ال ،والحالة الثانية بحبل من الناس ،وأن المسكنة ستبقى ملزمة لهم ،في حال رفعت الذّلة عنهم أم لم ُترفع
.
ل ( ،بمعنى سويت عناقيييدها
طوُفَها َتْذِلي ًَ
ت ُق ُ
جاء في معجم لسان العرب ،الّذل نقيض العّزة ،وقوله تعالى ) وُذّلَل ْ
ضع له ،وأن المعنى الُمستفاد من الّذل هو الصغار والخضوع والنخفيياض ، خ َ
ل له أي َ خّفضت ،وتذّل َ
وُدّليت أي ُ
والنقيض لهذة الصفات هو الستكبار والسطوة والرتفاع .
عَلْيِهْم الّذّلُة :أي ُألزموا الّذلة والصغار فل منعة لهم ،بمعنى ل قوة لهم لمنع الغير من اسيتباحة دميائهم
ت َ
ضِرَب ْ
َو ُ
وأموالهم وأهليهم .وثبتت فيهييم هييذه الصييفة ولزمتهييم علييى ميّر العصييور ول خلص لهييم منهييا ،والسييبب فييي
ضربها عليهم هو استحقاقهم لغضب ال عليهم ،لكفرهم بآياته وقتلهم النبياء ،بالضافة لمييا كييان ميين عصيييانهم
لوامره واعتدائهم على حدوده .
جدوا . ق ُ
ما ث ُ ِ َ
فوا :أينما وُ ِ ن َ
أي ْ َ
حْبفٍل ِمفنْ
ن َما ُثِقُفففوا ِ ،إّل ِب َ
عَلْيِهْم الّذّلُة َ ،أْي َ
ت َ
ضِربَ ْ
هنا ل بد لنا من وقفة مع هذه العبارة ،حيث يقول سبحانه ُ ) ،
س ( ،فالذلة ملزمة لهم أينميا أقياموا أو ارتحلييوا ،وهييذه الذليية سيُترفع عنهييم مرتييين لُتسييتبدل ن الّنا ِ
حْبٍل ِم ْ
ل َو َ
ا ِّ
بالعلو ،أينما أقاموا أو ارتحلوا ،على امتداد سطح كوكب الرض ،فالعلو اليهييودي لمرتييين حييدث عييارض فييي
تاريخهم ومصيره إلى الزوال ،أو حالة استثنائية سيعيشها عامة الشعب اليهييودي لمرتييين أينمييا ُوجييد ،وسييتزول
هذه الحالة عن عامة الشعب اليهودي كذلك ،عندما يأذن رب العزة بزوال علوهم في المرة الثانييية ،وليعييود كييل
يهود العالم أفرادا وجماعات ،في شتى بقاع الرض إلى حالة الذلة ،التي هي في الصل الحاليية الييتي يسييتحقون
بمنظور رب العزة .
والسؤال الن ،لماذا كان هذا الفصل وهذا الستثناء ؟
س :الستثناء هنا يفيييد رفييع حاليية الّذليية ،لتصييبح حييالهم ميين ) الييذل والصييغار
ن الّنا ِ
حْبٍل ِم ْ
ل َ ،و َ
ن ا ِّ
حْبٍل ِم ْ
ِإّل ِب َ
والخضوع والنخفاض ( إلى العكس تماما ،أي ) العز والستكبار والسطوة والرتفاع ( ،وهذا ممييا يفيييد معنييى
العلو ،وهذا الستثناء يوضح أن العلو سيكون على حالين ،فالعلو الول كان بحبل ال ،أي باتكالهم على ال فييي
نشأته وتمكينه من خلل الوحي والنبوة ،وأن العلو الثاني سيكون بحبل الناس ،أي باتكالهم على الناس في نشأته
وتمكينه من خلل المساعدات المالية والعسكرية .
ن في جمال ودقة التعبير القرآني ،واستخدام كلمة ) حبل ( في هذا المقام ،فالحبل ُيرفع به دلييو الميياء ،ميين
وتمع ّ
قعر البئر إلى قمته ،فهو وسيلة لنتشال الشيء ،من أدنى حالته وإيصاله إلى أعلها ،ومن قوله عليييه الصييلة
والسلم ،لصاحب الناقة " اعقل وتوكل " ،نجد أنه وسيلة ربط لحكام الشيء وإبقاءه على حاله .
وهذا ما تحقق في الواقع ،فقد استطاع اليهيود بعيد أن كييانوا فيي القياع ،ميين تسيلق الحبييل المريكيي البريطياني
ي التمثييال ،وأخييذوا طرفييه الخيير ولّفييوه ليصعدوا إلى قمة تمثال الحرية ،ومن ثم تناولوا الحبل وربطوه في قرن ّ
سياجا منعيا حول دولتهم في فلسطين ،حتى أصبح عاّمة المريكييين عبيييدا لليهيود ،يقيّدمون لهييم القرابييين اليتي
نعلمها ،خشية أن يسحب اليهود طرف الحبل الذي يمسكونه بإحكام ،فيهيوي رأس التمثيال فيي البحير .وطيرف
الحبل الخر ليس ببعيد عن أولئك العباد ،فما زال ينتظرهم ليسحبوه ليغرق التمثال وأهله .
ل ) . (2فييي ن ُدوِنففي َوِكي ً خ فُذوا ِم ف ْ
نعلم أنّ ال قد حّذرهم من اتخاذ وكلء غيره ،في افتتاحية السورة قائل ) َأّل َتّت ِ
العلو الول لهم كانوا قد طلبوا العون من ال ،لقامة الدولة في الرض المقدسة ،وكان اتكالهم على الي لداميية
سِبيِل ) 246البقرة ( فآتاهم ال ما طلبييوا ) َوَلَقفْد آَتْيَنففا َبِنففي ث َلَنا َمِلًكا ُنَقاِتْل ِفي َ
ي َلُهْم اْبَع ْوجودها ِ ) ،إْذ َقاُلوا ِلَنِب ّ
ن ) 16الجاثية ( فجمييع لهييم الملييك عَلى اْلَعاَلِمي َ
ضْلَناُهْم َ
ت َوَف ّ
طّيَبا ِ
ن ال ّ
حْكَم َوالّنُبّوَة َوَرَزْقَناُهْم ِم ْ ب َواْل ُ
سَراِئيَل اْلِكَتا َِإ ْ
والنبوة في داود وسليمان عليهما السلم .وأما في العلو الثاني كانوا قد طلبوا العون من ) بلفور ( لقامة الدوليية ،
عَلْيِه فْم
والتكال على بريطانيا ليجادها وعلى أمريكا لدامة وجودها فكان لهم مييا أرادوا ) ُث فّم َرَدْدَنففا َلُك فْم اْلَك فّرَة َ
جَعْلَناُكْم َأْكَثَر َنِفيًرا ) 6السراء ( . ن َو ََوَأْمَدْدَناُكْم ِبَأْمَواٍل َوَبِني َ
49
ولو لم يأتي هذا الستثناء في سورة آل عمران ،وبقي على حاله كما هو في سورة البقرة ،لتناقض ذلك مع قييوله
عُلّوًا َكِبيَرًا ( ،سبحانه وتعالى عن ذلك علييوا
ن ُ
ن ،وَلَتْعُل ّ
ض َ ،مّرَتْي ِ
ن ِفي اَْلْر ِ
سُد ّ
تعالى في سورة السراء َ ) ،لُتْف ِ
كبيرا .
سَكَنُة :أي الحاجة للغيير والتسييول بل خجيل ،فل كرامية ول عييزة ول إبيياء لهيم ،فل يوجيد
عَلْيِهْم اْلَم ْ
ت َ
ضِرَب ْ
َو ُ
يهودي -وإن كان غنيا -خاليا من زي الفقر والخضوع والمهانة ) وهكذا تكون الطفيليات ( بارعون فييي التسييلق
على ظهور غيرهم بمكرهم ودهائهم ،لقضاء حاجاتهم الدنيوية الدنيئة .
ن البعض ،بناءا على عبارة ) جئنا بكم لفيفا ( أن وعد الخييرة مييا زال بعيييدا عيين التحقييق ،كييون تجّمييع بنييي يظ ّ
ن فيييإسرائيل في فلسطين لم يكتمل بعد ،فالكثير منهم – تقريبا النصف – ما زال في الدول الغربية ،وهييذا الظ ي ّ
غير محّله وينّم عن عدم معرفة بحقيقة الشخصية اليهودية ،فاليهود المنتشرون كالجراد في شرق العالم وغربه ،
لن يهاجروا إلى فلسطين إل في حالة واحدة إذا ُأجييبروا عليى ذلييك ُمكرهييين ،أو ُدّمير العيالم بأسييره وليم يبييق إل
فلسطين ليهاجروا إليها ،وهذا غير وارد في المنظييور القريييب ،ودمييار إسييرائيل القييادم سيييكون سييابقا بييل سييببا
لنهيار العالم الغربي ودماره .
فاليهود كائنات طفيلية ،ل تستطيع العيش بمعزل عن الخرين من غير اليهود ،وحييتى الدوليية اليهودييية تتصييف
بنفس الصفة ،فهي ل تستطيع البقاء والمحافظة علييى وجودهييا وكيانهييا ،بييدون المسيياعدة الخارجييية ميين الييدول
الغربية ،والتسّول الدائم والمستمر .وهذه هي المسكنة الييتي ضييربها الي عليهييم ،ولزمتهييم علييى ميّر تيياريخهم
ل والمخزي والمستمر ،للمحرقة ل على ذلك التسويق المذ ّ الطويل ،في غناهم وفقرهم وفي ذّلهم وعلوهم .ول أد ّ
النازية والتي جعلوا منها ومن تهمة معاداة السامية ،مسييمار جحييا فييي حلييق الشييعوب الغربييية لبتزازهييا ونهييب
خيراتها وخاصة ألمانيا ،فهم عالة على كل من آواهم ،وهذا ما يشهد به تاريخهم ،وكييان سييببا – بالضييافة إلييى
غدرهم ومكرهم ومؤامراتهم -في اضطهادهم .
واليهود هم أول من ابتكر الربا ويعيشون به وعليه ،والن هييم يملكييون معظييم بيييوت المييال العالمييية إن لييم تكيين
كلها ،حتى البنوك المركزية المريكية والبريطانية ،وحق إصدار النقد فيها ،فهل من المعقول أن يتركوا العجل
الذهبي ،ويغادروا جّنة إلههم بمحض إرادتهم ؟! طبعا ل ،فهذا ضرب من الخيال ،لييذلك أسييتطيع الجييزم – لمييا
ن تجّمعهم في فلسطين بكّلهم وكليلهم لن يكون ،وللعلم فإن معظم المهيياجرين اليهييود ،كييانوا ميين بلييدان تقدم – بأ ّ
أوروبا الشرقية المعروفة بفقرها ،وأما الغربيون فأعدادهم قليلة جدا .
ت في مجمل معاني لفيفا ما ُيفيد تجّمع كل اليهود في فلسطين كشرط لتحّقييق وعييد الخييرة ،
فضل عن ذلك ،لم يأ ِ
صل ،فالدول التي هاجروا والمعنى المستفاد منها هو الختلط في الصول والجمع من أماكن مختلفة وهذا قد تح ّ
منها شملت معظم أرجاء المعمورة وهي غنّية عن التعريف وهذا هو المراد .
ضييحها ،فل أما فيما يخص السنن اللهية في القرى الظالمة ،فقد وردت في هذا البحث الكثير من اليات التي تو ّ
أسرع من النتقام اللهي ليحل بها .وظلم اليهود وعلوهم واستكبارهم وعنجهّيتهم وعنصييرّيتهم ،ومحيياربتهم لي
ورسوله وأولياؤه وقتل البرياء العّزل ،وهدم البيوت واستلب الراضي واقتلع أشجارها واستيطانها ،ومنعهم
مساجد ال أن ُيذكر فيها اسمه وتدنيسها فاق كل تصّور ،وأوجب عقييابه سييبحانه لهييم منييذ زميين بعيييد .ولييول أن
ظم شأنه ضرب لهم موعد لن ُيخلفوه ،وأن أرضه المقدسة تزخر بأوليائه الصالحين عُ الحكيم العليم جّلت قدرته و َ
،لنزل الن عليهم رجزا من السماء ،كما أنزله على أسلفهم ،لمجرد تبديلهم للقول والهيئة عند دخول القرية ،
ن عقابهم سيكون مختلفا رحمية مين ربيك بعبيياده الصييالحين هنيياك ،لكيل لعنهم ال بكفرهم قليل ما يؤمنون .ولك ّ
ج فَل
ن َأ َ
ت ( ،و ) ِإ ّ
ل ٍ
لف َ
ج فَل ا ِّ
ن َأ َ
يسوءهم العذاب فضل عّما أساء لهم أولئك الوغاد ،فليرتقبوا إّنا مرتقبون ) َف فِإ ّ
ن ) 4نوح ( .
خُر َلْو ُكنُتْم َتْعَلُمو َ
جاَء َل ُيَؤ ّ
ل ِإَذا َ
ا ِّ
تعني عملية ربط نفاذ وعد الخرة بتجّمع كل اليهود في فلسطين ،أن وعد الخرة لن يتحقيق حيتى قييام السياعة ،
وهذا مخالف لما نراه على أرض الواقع ،حيث وصل الظلم اليهييودي أقصييى مييداه ،ومخييالف أيضييا لمييا تحكيييه
50
النصوص ،إذ أن هناك عودة أخرى للفساد ،وهناك عقاب آخر سينطق فيه الحجر والشجر قبييل قيييام السيياعة ،
التي أصبحت أشراطها الكبرى على البواب والناس عنها غافلون .
ما ُتخبر عنه اليات في السورة ،ليس وعدا بنصر للمؤمنين ،وإنمللا وعللد
استثنائي بعقاب بني إسرائيل :
ل بهيميؤكد النص القرآني ،في اليات من ) ( 7-5من سورة السيراء ،أن العقياب اللهيي لبنيي إسيرائيل سييح ّ
خرهم ال جّلت قدرته ،من أجل القيام بهذه المهمة العظيميية ،واختييارهم لهييذه على أيدي بشر ،طائفة من خلقه س ّ
المهمة لتصافهم بالبأس الشديد ،وغاية هذه المهمة هي النتقام ،وهذا النتقام إلهي الطابع ،وصفته شديد الوقييع
والتيأثير .وبالتييالي ميين الضيرورة بمييا كييان أن يمتلييك أولئك العبيياد ،مخزونييا هييائل وكّمييا ضيخما ،مين الحقييد
جه لبني إسرائيل لسبب أو لخر ،مما أوجد لديهم رغبية شييديدة وملحيية فييي النتقييام منهييم ،حييتى والكراهية المو ّ
يتوافق ذلك مع مقتضى الرادة اللهية في النتقام ،وليتجلى ذلك العييذاب فييي أبشييع صييوره ،كمييا لييو أنييه ُأنييزل
عليهم من السماء .وتوحي اليات بأن هناك علقة عدائية ما بين اليهود وأولئك العباد ،نشأت منييذ نهاييية علييوهم
الول وتجّددت مع بداية علييوهم الثيياني ،واسييتمرت وتزايييدت مييع مييرور الزميين ،وأن سييبق العييداء والعتييداء
اليهودي على أولئك العباد ،سيكون السبب في خروج أولئك العباد عليهم ،ولتوضيح ما خفييي بييين السييطور فييي
هذا النص القرآني الكريم ،سنقوم بطرح مثال قريب إلى أذهاننا .
51
صل لسببين :الشعور بالجوع أو لنأخذ مثل الرادة أو الرغبة في الكل وهي عادة ل تأتي عبثا ،وفي الغالب تتح ّ
شِره يأكل في العادة دون الحاجة للشعور بيالجوع ذليك لنهييا طبيع لوجود صفة الشراهة في النسان ،والنسان ال َ
ملزم له ،فتخّيل أن إنسانا كهذا كان جائعا فضل عن شراهته ،وعند نزوله من إلى الشارع مّر بمطعم ،فشيياهد
من خلل الواجهة الزجاجية دجاجة مشوية ،بالتأكيد ستتوّلد لديه رغبة شديدة في التهام تلك الدجاجة الشهية علييى
الفور ،للشعور باللذة والمتعة ولطفاء تلك الرغبة ،وعندما هّم بالدخول تبّين لييه أن المطعييم مغلييق للسييتراحة ،
وحسب اللفتة الموجودة على الباب ،تبين له أن المطعم لن ُيفتح قبل عشر دقائق .والييذي حصييل مييع صيياحبنا ،
أنه لم يترك المر ويمضي في حال سبيله ،بل أخذ المر على أنه موضوع شخصي كونه ذو طبع شييره ،وكييأن
الدجاجة اعتدت عليه بتعّرضها له في الطريق وطعنته في مقتييل ،فاتخييذ قييرارا بالنتقييام منهييا ،لكييي ُيزيييح عيين
كاهله عبء ذلك الوضع وذلك الشعور المييزري ،اليذي فرضيته علييه تليك الدجاجية بميا سيّببته ليه ميين اسيتثارة
ل النتظييار ،واستفزاز .ولكن هل يستطيع تنفيذ رغبته في النتقييام ميين الدجاجيية ؟ كل ! … إذن ل منيياص لييه إ ّ
لحين مجيء الموعد المنتظر ،فقّرر النتظار ريثما يفتح المطعم … والن تخيل سلوك ذلك النسان ،لحظة فتح
الباب وحتى لحظة وقوع الدجاجة بين يديه … ! وتخيل ما الييذي سيييفعله بتلييك الدجاجيية حييتى ينتهييي ميين أمرهييا
… ! وتخيل ما بقي من حطامها … ! وتخيل منظر الطاولة لحظة النتهاء منها … ! وتخيل منظره لحظة تركه
لساحة المعركة … وهو يشعر بنشوة النتصار … الذي حققه وباقتدار … على تلك الدجاجة المزعجة … !
أخبر سبحانه بأن عقابه لبني إسرائيل ،سيكون من فعل البشر ،والسييلوك البشيري فييي بعيض ميين جيوانبه ،هيو
مجموعة من الحوادث المتكررة .وما نحن بصدده فييي هييذا المقييام ،هييو القييانون الفيزيييائي ) لكييل فعييل رد فعييل
معاكس له بالتجاه ( ولكن ليس مساو له بالمقدار ،فرد الفعل في السلوك البشري تتدخل فيه عوامييل كييثيرة تغييير
من مقدار رد الفعل ،ومن قراءتنا للنص القرآني وفهمنا له ،نجد أن هذا العقاب اللهي ،سينفذ في بنييي إسييرائيل
على أيدي بشر ،وسيكون غاية في البطش والتنكيل والذلل .
وهذا السلوك البشري ل يقوم به إل من كان يعتمل في صدورهم رغبة شديدة فييي النتقييام .ورغبيية النتقييام لييدى
البشر ل تنشأ عبثا ،فغالبا ما تكون رّد فعل لفعل سابق .بمعنى أن الرغبة في النتقام لدى شخص ما ،تنتج عادة
لسبق العتداء من قبل شخص آخر ،فغالبا ما يتسبب الشخص المعتِدي ،في إيقاع الذى بالشخص المعتَدى عليه
،سواء كان هذا العدوان جسديا أو نفسيا ،مما ُيشكل خطرا وتهديدا على كيان المعتيَدى علييه برّمتيه ،مين حييث
المن والسلمة النفسية والجسدية ،فُيشّكل هذا العدوان استفزازا واستثارة ،تجعل المعتدى عليه يعيش حاليية ميين
التوتر والقلق ،تؤدي به أخيرا إلى القيام برد العييدوان بعييدوان أشييد قسييوة وأكييثر إيلمييا وتنكيل ،حييتى يتخّلييص
المعتَدى عليه من تلك الحالة ،بالضافة إلى رد اعتباره أمام نفسه وأمام الخرين ،ولدرء خطيير تكييرار العييدوان
من قبل المعتِدي نفسه أو من قبل غيره .
وفي كثير من الحيان ،يتكرر نفس السلوك البشري لشخص ما ،عند تعرضه لنفس المثير فييي أوقييات مختلفيية .
وفي أحيان كثيرة يتشابه سلوك شخص ما لدرجة التطابق مع سييلوك شييخص آخيير تعييرض لنفييس الموقييف ،وإن
اختلف فالختلف إما أن يكون :
أول ؛ في درجة الشدة ،للفعل نفسه من ) شتم ،أو ضرب ،أو إيذاء بليغ أو قتل ( .
ثانيا ؛ في درجة الشدة لرد الفعل من ) اكتئاب ،أو امتعاض ،أو شتم أو ضرب أو إيذاء بليغ أو قتل ( .
ثالثا ؛ في طبيعة الشخص المعتدى عليه ) فإن كان ذليل ربما يكتئب ،وإن كييان جبانييا ربمييا يمتعييض ،وإن كييان
قويا فيه لين ربما يشتم أو يضرب ،وإن كان عزيزا وقويا ربما يقتل وينكل ( .
وبما أن السلوك البشري حدث متكرر فهو قابل للدراسة والمقارنة ،وسورة السييراء أعطييت صييورة ميين صييور
هذا السلوك ،لولئك العباد في التعامل مع بني إسرائيل .وتصوير السلوك البشري يظهر في مواضع كثيرة أثناء
السرد القرآني للقصة ،الذي يعتمد التصوير بإيجاز شديد ،ليلقي على كاهيل القيارئ تخييل بقيية تفاصييل القصية
التي اختفت بسبب اليجاز ،وما كان المثال السابق إل ليضاح الجانب الخفي ،مما تحكيه النصوص من أحييداث
غير ظاهرة ،تغيب في العادة عن ذهن القارئ أثناء التلوة العادية لليات .
ما تحصل لدينا من ملمح لسلوك هؤلء العباد ،ومن أحداث من خلل اليات ،هو ما يلي :
52
.1صفة البأس الشديد :اتصاف هؤلء العباد بالصبر والجلد عند البلء وبالقوة والبطش عند اللقاء .
صلهم على العلو الكبير .
:قيام بنو إسرائيل بالعتداء على هؤلء العباد ،بعد تح ّ .2رّد الكّرة
ظم الظلم والفساد في الرض ،فكلما ازدادت وتيرته كلما اقترب .
:متعّلق بِع َ .3مجيء الوعد
:الخروج للغزو والغارة ،يقيترب كلميا ازدادت وتيييرة السيتفزاز والتهدييد ،وتناقصيت .4البعث
الُمعيقات والموانع .
:سلب مقومات العلو اليهودي في فلسطين . .5دخول المسجد
ظم النتقام وبشاعته ،باليذاء والقتل والتنكيل والتهجير والسبي .
عَ
ِ : .6إساءة الوجه
تتبع وقارن ما بين معطيات السلوكين :
) (1توافر صفة الشراهة ( (2استفزاز وإثارة من قبل الدجاجة ( (3توّلد الرادة والرغبة في الكفل
( (4الستعداد والتهيئة وانتظار الظروف المواتية ( (5مجيء الموعييد الييذي حيّدده صيياحب المطعييم
بانتهاء فترة السييتراحة ( (6النطلق نحييو الدجاجيية :بعييد فتييح البيياب وتمكييين الوصييول ( (7دخييول
المطعم ( (8التلذذ والستمتاع بالتهام الدجاجة ) (9ل وجود للدجاجة .
) (1توافر صفة البأس الشديد ( (2استفزاز وإثييارة بسييبق الييذاء والعتيداء مين قبيل بنيي إسييرائيل علييى
أصييحاب البعييث ( (3توّلييد الرادة والرغبيية فييي النتقييام ( (4السييتعداد والتهيئة وانتظييار الظييروف
المواتية ( (5مجيء الوعد :مع ازدياد وتيرة الظلم والفساد اليهودي في الرض وازديففاد خطففر العففدوان
اليهودي على المراد بعثهم ( (6النطلق نحو بني إسرائيل :بعد زوال الموانع وتوفر السباب ( (7
دخول المسجد ( (8النتقام بالتلذذ والستمتاع بالتنكيل ببني إسرائيل ) (9ل وجود لسرائيل .
الملمح الخفية التي ظهرت من خلل المقارنة هي :
.1ضرورة سبق الستفزاز اليهودي لولئك العباد ،بإضرارهم وإيذائهم بشييكل بييالغ الثيير ،والتهدييد الييدائم
بإبادتهم واستئصال شأفتهم .
.2توّلد حالة من التوتر والقلق والقهر ،لدى أولئك العباد ُيخّلفها ذلك التهديد بالعدوان .
.3تولد الرادة والرغبة بالنتقام لدى أولئك العباد ،برّد الصاع صاعين لدفع الذى والضرر ورّد العتبار .
.4العمل والستعداد والنتظار ،ريثما تأتي اللحظة المناسبة التي ُتمّكنهم من النقضاض .
والن لنطرح السئلة التالية :
من الشعب الذي يمتلك صفة الصييبر والجلييد عنييد وقييوع البلء ،والقييوة والبطييش عنييد مواجهيية .1
العداء ؟
من الشعب الذي ُهزم من قبل اليهود عند نشوء دولتهم ،والوحيد الذي استمر اليهود ،في إيذاءه .2
والعتداء عليه ،بشكل مباشر وغير مباشر ،وما زالوا حتى يومنا هذا ،وسيسييتمرون فييي إيييذاءه حييتى
ُيجبروه على الخروج عليهم ؟
من الشعب الذي ُيظهر رغبة شديدة وملحة في النتقام منهم ،والقضاء عليهم وإنهاء وجييودهم ، .3
وما بقي عليه إل أن ُيهيئ ال له ،أسباب الخروج والنبعاث ؟
من الشعب الذي ُبعث عليهم في المرة الولى ،ودّمر مملكتهم فييي فلسييطين بالييذات ؟ وأييين تقييع .4
الرض التي خرج منها الن ؟
من الشعب العزيييز والقيوي ،الييذي ل يقبييل الخضييوع والييذل والهيوان ،ولييديه القيوة والقييدرة ، .5
ل واقتدار ؟
ليفاجئهم ويكيل لهم الصاع صاعين ،وينزل بهم أبشع انتقام إلهي ،وبتج ّ
53
شروط ومواصفات المرة :
والن لنحاول استنباط الشروط والمواصفات ،التي يجب توافرها في المرة الواحدة ،ليصييبح لييدينا مقييياس ينييأى
بنا عن التخبط والعشوائية والجتهاد الخاطئ ،نستطيع من خلله تقييييم كييل حاليية ميين الحييالت المعروضيية بييين
أيدينا ،لجل التحقق وبدقة متناهية من كونها إحدى المرتين أم ل -:
أوجه التشابه بين المرتين :
.1المكان :الرض المقدسة -فلسطين .
.2صفة الفساد :أممي جماعي -القتل وسفك الدماء ،إخراج الناس من ديارهم ،محاربة الي ومييا جيياء بييه
رسله .
.3العلو :الستعلء -امتلك الرض والمال والقوة .
.4صفة المبعوثين :أقوياء وأعزاء -يفضلون الموت على الذل والمهانة ،ول يقبلييون بأقييل ميين رّد الصيياع
صاعين ،ومخرجهم من نفس الرض في المرتين .
.5صفة العقاب :انتقام إلهي -الدخول بالغلبة قسرا وقهرا ،وهدم مقومات الدولة ،وإفناء شعبها ،والشييتات
لمن ينجو منهم .
علمات فارقة تميز كل مرة عن الخرى :
النشأة والستمرارية :تواكلية -إحداهما بالتواكل على ال ،والخرى بالتواكل على الناس . .1
المجيء :مختلف -دخول فلسطين كأمة في الولييى ،دخولهييا كجماعييات متفرقيية ميين الشييتات فييي .2
الثانية .
الوعد :الول -تحقق قبل نزول سورة السراء ،والثاني -سيتحقق في مستقبل المة السلمية . .3
هذا السؤال كان قد أورده الزمخشري في الكشاف ،حيث قال ) " :عبادا لنا ( ،وُقرئ عبيدا لنا ،وأكثر ما ُيقال
عباد ال ،وعبيد الناس ،سنحاريب وجنوده وقيل بختنصر … فإن قلت كيف جاز أن يبعث ال الكفييرة وُيس يّلطهم
عليهم ؟ قلت :معناه خلينا بينهم وبين ما فعلوا ولم نمنعهم ،على أن ال أسند بعث الكفرة إلييى نفسييه ،فهييو كقييوله
ن ) 129النعام ( " انتهى .سُبو َ
ضا ِ ،بَما َكاُنوا َيْك ِ
ن َبْع ً
ظاِلِمي َ
ض ال ّ
ك ُنَوّلي َبْع َ
تعالى ) َوَكَذِل َ
ي ُ ،يييوجب علييى الي تعييالى أما المام أحمد فقد قال ردا على نفس السؤال " :هذا السؤال إنمييا يتييوجه علييى قييدر ّ
عّما َيْفَعُل
سَأُل َ
سئل هذا السؤال أجاب عنه بقوله ) :لَ ُي ْ ي إذا ُ
سن ّ
بزعمه ،رعاية ما يتوهمه بعقله مصلحة ،وأما ال ُ
ن ) 23النبياء ( " انتهى .
سَأُلو َ
َوُهْم ُي ْ
صل قبل نزول اليات ،حيييث أجمعييت كييل ول ننسى أن الكلم في المسألة أعله ،محمول على أن البعثين قد تح ّ
الروايات على كفر المبعوثين ،فجاء الكلم رّدا على من قد ينكر على ال بعث الكفرة علييى فسييقة أهييل الكتيياب ،
ب العيزة
ويحصر ذلك بالمؤمنين وهما وظنا واتباعا للهوى ُمقّدرا بأن فيي ذليك كيل المصيلحة والمنفعية ُملزميا ر ّ
برأيه .
وبالضافة لما تقّدم ،نسوق بعض الدلة من القرآن والسنة ،على تسليط ال النيياس بعضييهم علييى البعييض ،دون
بيان ماهية المعتقد من حيث اليمان أو الكفر ،وحتى نصرة الدين بالفجار :
ن ) 251البقرة (
عَلى اْلَعاَلِمي َ
ضٍل َ
ل ُذو َف ْ
ن ا َّ
ض َوَلِك ّ
ت اَْلْر ُ
سَد ِ
ض َلَف َ
ضُهْم ِبَبْع ٍ
س َبْع َ
ل الّنا َ
قال تعالى ) َوَلْوَل َدْفُع ا ِّ
لف
س فُم ا ِّ
جُد ُي فْذَكرُ ِفيَهففا ا ْ
سففا ِ
ت َوَم َ
صَلَوا ٌ
صَواِمُع َوِبَيٌع َو َ
ت َ
ض َلُهّدَم ْ
ضُهْم ِبَبْع ٍ
س َبْع َ
ل الّنا َ وقال أيضا ) َوَلْوَل َدْفُع ا ِّ
عِزيٌز ) 40الحج ( ي َل َلَقِو ّن ا َّ
صُرُه ِإ ّ
ن َيْن ُ
ل َم ْن ا ُّ
صَر َّكِثيًرا َوَلَيْن ُ
54
ل فييي معييرض
سّلَم ،أنه َقييا َ
عَلْيِه َو َ
ل َ
صّلى ا ُّ
ل َ
ل ا ِّ
سو ِ
عْنُه ،عن َر ُ
ل َ ي ا ُّضَومما روى البخاري عن َأِبي ُهَرْيَرَة َر ِ
جِر ( ،وأخرجه مسلم وأحمد والدارمي . جِل اْلَفا ِن ِبالّر ُ
ل َلُيَؤّيُد َهَذا الّدي َ
ن ا َّ
حديثه َ … ) :وِإ ّ
فإذا كان الحكيم العليم ينصر دينه بالفجار ،أفل ُيعّذب الكفار بالكفار ؟!!
أولم ُيسّلط ال التتار على فسقة المسلمين قديما ،وُيسّلط التراك والنصارى واليهود على فسقة المسييلمين حييديثا ،
أم أن هذا التسليط كان من عند غير ال ؟!!
والسؤال هل هناك منفعة أو مصييلحة ُ ،ترتجييى ميين بعييث الريييح والحجييارة ،أو بعييث الطييير والضييفادع ،علييى
القوام السابقة ،طالما أن الغاية هي عقاب الظلمة والمفسدين ؟!!
الخلصة :
.1أن إفساد بنو إسرائيل وعلوهم سيكون كأّمة ،وبقيام دولة لهم في فلسطين لمرتين فقط ،ل ثالث لهما .
.2أن البعث من عند ال ،وأنه عقاب وعذاب لبني إسرائيل لفسادهم في الرض بالدرجية الوليى ،بييالرغم
من كونه نصرا للمستضعفين من أهل فلسطين الذين انتصروا لربهم ودينهم .
.3أن هذا البعث متعّلق بموعد ،والمؤشر على قرب أجله ،هو ازدييياد وتيييرة الظلييم والفسيياد اليهييودي فييي
الرض ،وازدياد حدة التهديد اليهودي لصحاب البعث .
.4أن غاية هذا البعث ،هي النتقام من بني إسرائيل في الدرجة الولى ،وليس مكافأة لصلح المبعوثين أّيييا
كانوا .
.5أن الوعد الول كان قد ُأنجز فيما مضى قبل مجيء السلم ،بل قبل عيسى عليه السلم .
.6أن تحقق الوعد الثاني ،اشُترط فيه قبل تحقّقه :
أول :مجيئهم من الشتات ؛
ثانيا :هزيمة اليهود للمبعوثين وإلحاق الذى بهم ؛
ثالثا :اعتماد اليهود على المساعدات المادية والبشرية ؛
رابعا :تفّوق اليهود عسكريا على أعدائهم .
.7أن للبعث الثاني سبب ،وهو سييبق العتييداء اليهييودي علييى المبعييوثين ،وأن خييروج المبعييوثين عليهييم ،
سيكون لرفع الضرر والنتقام لنفسهم .
.8أن المبعوثين عليهم في المرة الثانية ،هم نفس المبعوثين عليهم في المرة الولى .
.9أن هذا البعث سيكون ُمفاجئا لهم ،وهم في قمة علوهم وتجبرهم ،وسيأتيهم من حيث ل يحتسبوا ،وسيييتم
قتل اليهود والتنكيييل بهييم ،وميين ثييم دخييول فلسييطين والسيييطرة عليهييا ،مييع انعييدام قييدرة اليهييود علييى صيّد
المبعوثين .
.10أن الدخول الول يعرفه اليهود كمعرفتهم لولدهم ،وليس للمسلمين معرفة بصفته كونهم لم ُيعاصرونه ،
ول يمكن معرفته إل من خلل الطلع على كتب اليهود .
.11أن تدمير مقومات علوهم في مشارق الرض ومغاربها أمر حتمي ولو بعد حين .
.12أن ماهية المعتقد للمبعوثين ُمبهمة ،فمن الجائز أن يكونوا كفرة أو مسلمين أو مييؤمنين أو ميين أولييياء ال ي
المخلصين ،في كل المرتين أو في مرة دون الخرى ،وأن أهيّم مييا ُيمّيزهييم فييي كل المرتييين هييو اّتصييافهم
بالبأس الشديد .
55
تاريخ وجغرافيا بني إسرائيل في القران
بعد مراجعتي لمعظم اليات القرآنية ،التي تحكي سيرة بني إسرائيل ،تيبّين ليي الكيثير مين الوقيائع المبهمية فيي
تاريخهم ،والكثير من المفاهيم المغلوطة ،التي كنت أحملها ويحملها عامة المسلمين ،والتي سيييرد تفصيييلها فييي
هذا الفصل إن شاء ال .كنت سأقتصر بحثي في تاريخ بني إسرائيل ،لثبات تحقق وعد المييرة الولييى ميين علييو
وإفساد وعقاب ،ولكن تبين لي من خلل الحاديث العامة ،وعند طرحي لموضييوع هيذا البحييث ،أن كييثيرا مين
الناس يجهلون تاريخ بني إسييرائيل ،وخاصيية ماهّييية الحييداث الييتي حصييلت معهييم وموقعهييا ميين حيييث الزمييان
والمكان ،والتي ُذكرت متفرقة في القرآن وبل ترتيب في أغلب الحيان ،ويجهلون أيضا حتى ترتيب أنبياء بنييي
إسرائيل وتعاقبهم ،لذلك كان ل بد لنا من تعقب تاريخهم منذ البداية .
56
ل؟ ع أ َوّ َ
ضـ َ
جدٍ وُ ِ سـ ِ
م ْ
َ
ل الل ّـهِ أيّ َ ســو َ ت :ي َــا َر ُ ل ) :قُل ْـ ُ ه ،قَــا َه عَن ْ ُي الل ّ ُ ض َ ن أِبي ذ َّر َر ِ
وع َ َ
ْ
ْ ْ َ ْ ْ َ ْ ْ ْ
صى ،قُل ُ
ت جدُ الق َ س ِ
م ْ م ال َل :ثُ ّ م أيّ ؟ َقا َ ت :ثُ ّم ،قُل ُ حَرا ُ جدُ ال َ س ِ م ْ ل :ال َ َقا َ
َ َ َ َ َ
ل، صل ّ ف َ صلةُ َ َ
ما أدَْركت ْك ال ّ حي ْث ُ َ
لَ : م َقا َ ن ،ثُ ّ عو َ ل :أْرب َ ُ ما ؟ َقا َ ن ب َي ْن َهُ َم كا َ :كَ ْ
ض لَ َ َ
جدٌ ( رواه الشيخان ،وأخرجه النسائي وابــن ماجــة وأحمــد . س ِ م ْ ك َ واْلْر ُ َ
ضـعَجاء في شرح السندي ،لنفس المتن عند ابن ماجة ،مــا نصــه " :قــوله ) وُ ِ
أول ( بالبناء على الضمة ) ،قال أربعون عاما ( قالوا :ليس المراد بناء إبراهيــم
للمسجد الحرام ،وبناء سليمان للمسجد القصــى ،فــإن بينهمــا مــدة طويلــة بل
ريب ،بل المراد بناؤها قبل هذين البناءين ،والله أعلم " .
ومين معيياني ) الوضيع ( ،فيي لسييان العيرب " والمواضييع معروفيية ،وواحييدها موضييع ،والموضييع هيو اسييم
ضُع الجزية " ،فتوضع الجزييية وتسييقط ،وفييي الحييديث " :و
المكان ،وفي الحديث " :ينزل عيسى بن مريم فَي َ
ضَعًا أي اختلقه وأوجده ،ووضع الشيء فييي المكييانضَع الشيء َو ْضُع العلم " أي يهدمه ويلصقه بالرض ،وَو ََي َ
أثبته فيه " .
ي ( ،وذلــك يفيــد بـأن الوضـع كـانضعَ ( بأي حال من الحوال بمعنى ) ب ُِنـ َ ت ) وُ ِ
ولم تأ ِ
للقواعــد فقــط .وقــد ُروي أن آدم عليــه الســلم ،هــو أول مــن بنــى الكعبــة ،
واتخذت مكانا ً لعبادة اللـه ،ومـن ثــم تحــول الموضــع لعبــادة الصــنام ،وأزيلـت
معالم ذلك البناء ،بفعل الطوفان زمن نوح عليه السلم ،واختفت هذه القواعــد
ضعَ ( في كل الموضعين ،هو نتيجة تراكم التربة ،على مّر السنين .وإعراب ) وُ ِ
ض مبني للمجهول ،أي أن فاعل الوضع غير معلوم في النــص ،وجــاءت فعل ما ٍ
بمعنى تعيين وتحديد مكان البيت ،وهناك روايات بأن الملئكة كشفت لدم عــن
سـاحي الراضـي نسـتطيع القـول أن موضعه ،عنـدما بنـاه لول مـرة .وبلغـة م ّ
) ُوضع ( ،جاءت بمعنى تحديد وإســقاط إحــداثيات الموقـع علـى الرض وتثــبيت
حدوده .
ول يختلف اثنان على أن من أعاد بناء البيت الحرام ،همــا إبراهيــم وإســماعيل عليهمــا
ن َل ت ُ ْ َ السلم ،بدللة قوله تعالى ) وإذْ ب ْ
ر ْ
ك ش ِ تأ ْ ن ال ْب َي ْ ِكا َ م َ م َ هي َوأَنا ِل ِب َْرا َِ ِ َ ّ
جوِد )26 سل ُ ع ال ّ ّ َ ْ ه لْر ب َي ْت ِللي ِللطّللائ ِ ِ
وط َ ّ ش لي ًْئا َ ِبي َ
والّرك ل ِ ن َ مي َ والقللائ ِ ِ ن َ في َ
وأنا أي كشفنا وأظهرنا له موضعه ومكّناه منه وأذنا له في بنائه ،ومن الحج ( ،ب ّ
ع لدَ وا ِ
ق َ ْ
م ال َ هي ل ُ
ع إ ِب َْرا ِ ف ُوإ ِذْ ي َْر َثم كان البناء برفعه فوق القواعد ،في قــوله ) َ
ل ) 127البقــرة ( ،والغايــة مــن بنــاءه هــو جعلــه مكانــا عي ُ ما ِس َوإ ِ ْ
ت َ ن ال ْب َي ْ ِم ْ ِ
للعبادة ،بما تشمله من طواف وقيام وركوع وســجود ،لمــن يســتجيبوا لرســالة
السلم ،كما ورد فــي اليــة أعله ،الــتي كــان يحملهــا إســماعيل عليــه الســلم
ق
صللاِد َ ن َ ه ك َللا َل إ ِّنلل ُ عي َ ما ِ س َب إِ ْ في ال ْك َِتا ِ واذْك ُْر ِوالمقيم في ذلك المكان ) َ
سوًل ن َب ِّيا ) 54مريم ( . ن َر ُ كا َ و َد َ ع ِ
و ْال ْ َ
وبعد أن تبّوأ يوسف عليه السلم في مصر منصبا ،يوازي منصب وزير الخزينة أو المالية في عصرنا الحالي ،
ف آَوى ِإَلْيِه س َ
عَلى ُيو ُ خُلوا َ لدى فرعون مصر .انتقل يعقوب وبنوه للحاق بيوسف في مصر ،قال تعالى ) َفَلّما َد َ
ن َتْأِويفِل
عّلمَْتنفي ِمف ْ
ك َو َ
ن اْلُمْلف ِ
ب َقفْد آَتْيَتِنفي ِمف ْ
ن )َ (100) … (99ر ّ
ل آِمِني َ
شاَء ا ُّ
ن َ
صَر ِإ ْ
خُلوا ِم ْ
َأَبَوْيِه وََقاَل اْد ُ
ث … ) 101يوسف ( ،ودخلوها معّززين مكّرمين آمنين ،وقوله ) آمنين ( يوحي بأن ليس كل ميين دخييل حاِدي ِاَْل َ
مصر آنذاك ليقيم فيه من الغرباء والدخلء ،سيكون آمنا على نفسه من الضطهاد والستعباد .
قصة يوسف عليه السلم أشهر من أن تعّرف لذلك سنوردها باختصار ،ونرّكز على بعض ما خفي منهييا .حيييث
سففيص فُه ِلَنْف ِ
خِل ْ
ك اْئُتوِني ِب فِه َأسَْت ْ
كانت مصر آنذاك إحدى ُكبريات الممالك القديمة ،بدللة قوله تعالى ) َوَقاَل اْلَمِل ُ
ض ) 29غييافر ( ، ن ِفففي اَْلْر ِ ظففاِهِري َ ك اْلَيفْوَم َ
… ) 54يوسف ( ،وعلى لسان مؤمن آل فرعون ) َيا َقْوِم َلُكْم اْلُمْل ُ
وكان نظام الحكم فيها ملكي وراثي ،وكلمة فرعون ربما تكون اسم أو لقب للملك ،ويقال أن الفراعنة لييم يكونييوا
ملوك مصر في زمن يوسف عليه السلم ،فسواء كان هذا أو ذاك ،فنحن نتحدث عن الوضاع في مصيير آنييذاك
بشكل عام ،حيث يبدو لنا أن المجتمع المصري كان يتأّلف من أربع طبقات -:
الطبقة الولى :العائلة الملكية ،التي هي في مصاف اللهة من حيث الحقوق والمتيازات .
الطبقة الثانية :الشراف من المصريين ،وهييم الموكييل إليهييم العمييال التنفيذييية ميين وزراء وكهنيية ومييا شييابه ،
سففى َرّبَنففا والذين يتمتعون بامتيازات استثنائية ،وهم علية القوم وسماهم سبحانه مل فرعون في قييوله ) َوَقففاَل ُمو َ
حَيففاِة الفّدْنَيا ) 88يونس ( .ومنهييم العزيييز صيياحب يوسييف عليييه لُه ِزيَنفًة َوَأْمفَواًل ِفففي اْل َ ن َوَم َ
عفْو َ
ت ِفْر َ
ك آَتْيف َ
ِإّن َ
ع فْو ُ
ن السلم ،وهامان الذي كان يشغل ما يشبه ،منصب رئيس الوزراء في عصرنا هذا ،قال تعييالى ) َوَقففاَل ِفْر َ
ب ) 36غافر ( . سَبا َ حا َلَعّلي َأْبُلُغ اَْل ْ
صْر ًن ِلي َ ن اْب ِ
َيا َهاَما ُ
س الحاجيية لعلمييه وانضوى يوسف عليه السلم ضمن هذه الطبقة ،مع أنييه كييان ميين الغربيياء ،كييونهم كييانوا بييأم ّ
وحكمته ،لدارة شيؤون البلد القتصيادية فيي سينين الجفياف ل لشييء آخير .بعيد أن أصيبح علييه السيلم مين
ن ) 54يوسف ن َأِمي ٌ
ك اْلَيْوَم َلَدْيَنا َمِكي ٌ
سي َفَلّما َكّلَمُه َقاَل ِإّن َ
صُه ِلَنْف ِ
خِل ْ
سَت ْ
ك اْئُتوِني ِبِه َأ ْ
المقربين للملك َ ) ،وَقاَل اْلَمِل ُ
ي ِإّنُه َل ُيْفِل ُ
ح ن َمْثَوا َ
سَ ح َ( بعد أن كان عبدا مملوكا لذلك العزيز ،الذي قال عنه يوسف عليه السلم ِ ) :إّنُه َرّبي َأ ْ
ب في الية السابقة جاء بمعنى صاحب أو ماليك ،ولفيظ العزييز هيو لقيب ُيطليق ن ) 23يوسف ( ولفظ ر ّ ظاِلُمو َ
ال ّ
خوطب به يوسف عليه السييلم ،ميين ِقَبييل أخييوته فييي الييية ). (88 على الشراف ذوي المناصب الرفيعة ،وقد ُ
58
ويبدو أن المجتمع المصري كان منغلقا على نفسه ،ول يخالط الغرباء من منظور الفوقييية والسييتعلء ،ويخيياف
الغرباء ويخشاهم وبالتالي كان ينبذهم .
والطبقة الثالثة :عامة المصريين وهم يعملون بالوظائف العامة والخاصة بامتيازات عادية ،وشملت هييذه الطبقية
نسبيا بني إسرائيل في زمن يوسف عليه السلم .
والطبقة الرابعة :العبيد وأغلبهم من غير المصييريين بل حقييوق وبل امتيييازات ،بييل علييى العكييس ليييس لهييم إل
ي السييجن ،المهانة والزدراء ،ويعملون بقييوتهم اليييومي فييي الزراعيية والبنيياء والخدميية ،وميين ضييمنها صيياحب ّ
وشملت هذه الطبقة بني إسرائيل بعد موت يوسف عليه السلم وحتى بعيث موسيى علييه السيلم .والمخطيئ مين
هييؤلء العبيييد فييي حييق المصييريين ،كييان مصيييره السييجن أو العييذاب الشييديد أو القتييل ،وبييدون محاكميية علييى
الرجح ،وخاصة إذا كان خصمه مصريا حتى لو ُأتهم زورا وبهتانا .
س ِلففي ُمْل فكُ
ن ِفي َقْوِمِه َقاَل َيا َقْوِم َأَلْي ف َ عْو ُوأما الموقع الجغرافي لعاصمة الملك ،وبدللة هذه اليات ) َوَناَدى ِفْر َ
ن)
جنفٌد ُمْغَرُقفو َ حَر َرْهًوا ِإّنُهفْم ُ ك اْلَب ْ
ن ) 51الزخرف ( َ ) ،واْتُر ْ صُرو َل ُتْب ِ
حِتي َأَف َ
ن َت ْ
جِري ِم ْ صَر َوَهِذِه اَْلْنَهاُر َت ْ
ِم ْ
ن ) 27الدخان ( ،فهو ع َوَمَقاٍم َكِريٍم )َ (26وَنْعَمٍة َكاُنوا ِفيَها َفاِكِهي َ
ن )َ (25وُزُرو ٍ عُيو ٍ ت َو ُ
جّنا ٍ
ن ََ(24كمْ َتَرُكوا ِم ْ
يقع على مجرى نهر النيل ،في أخصب الراضي المصرية ،أما سكنى فرعون وآله ) أي عائلته ( كانت خييارج
المدينة بمعزل عن الشعب ،وقصره مقام على ضفاف النيل .
ي السييجن ) هل كان يوسف داعية إلى ال في مصر ؟ نقول نعم ،وقد بدأ الدعوة في السجن ،عنييدما قييال لصيياحب ّ
سّمْيُتُموَها َأْنُتْم ن ُدوِنِه ِإّل َأسَماًء َ ن ِم ْحُد اْلَقّهاُر )َ (39ما َتْعُبُدو َ ل اْلَوا ِ
خْيٌر َأْم ا ُّ
ن َب ُمَتَفّرُقو َ ن َأَأْرَبا ٌ
جِ سْ ي ال ّ حَب ِ
صا ِ
َي َ
ن َأْكَثفَر ن اْلَقّيفُم َ ،وَلِكف ّ
ك الفّدي ُل َأَمَر َأّل َتْعبُفُدوا ِإّل ِإّيففاُه َ ،ذِلف َ
حْكُم ِإّل ِّ
ن اْل ُ
ن ِ ،إ ْطا ٍسْل َ
ن ُل ِبَها ِم ْ َوآَباُؤكُْم َ ،ما َأنَزَل ا ُّ
ن ) 40يوسف ( ،واستمرت دعوته حتى مماته ،قال تعالى على لسان مييؤمن آل فرعييون ) َوَلَق فْد س َل َيْعَلُمو َ الّنا ِ
ن َبْعفِدِه ل ف ِمف ْث ا ُّ
ن َيْبَعف َك ُقْلُتفْم َلف ْ
حّتففى ِإَذا َهَلف َ
جاَءُكْم ِبِه َ ، ك ِمّما َ شّت َ ،فَما ِزْلُتْم ِفي َ ن َقْبُل ِباْلَبّيَنا ِ
ف ِم ْس ُ جاَءُكمْ ُيو َُ
ب ) 34غافر ( وهو يعني أهل مصيير ،وكييان يوسييف عليييه السييلم ف ُمْرَتا ٌسِر ٌ ن ُهَو ُم ْ ل َم ْ ضّل ا ُّك ُي ِسوًل َ ،كَذِل َ َر ُ
يدعوا إلى ال تعالى بالقسط ،فما أطاعوه تلك الطاعة إل بمجرد الوزارة والجيياه الييدنيوي ،ولهييذا قييال مييؤمن آل
فرعون ) :فما زلتم في شك مما جاءكم به ،حتى إذا هلك ،قلتم لن يبعث الي ميين بعييده رسييول ( ،وطييال المييد
بقوم فرعون وببني إسرائيل فضّلوا إل قليل ،وكان منهم مؤمن آل فرعون الذي كان يكتييم إيمييانه ،وعلييى لسييانه
جاءت هذه الية ومنهم أيضا أهل موسى عليه السلم .
أحوال بني إسللرائيل فللي مصللر بعللد وفللاة يوسللف عليلله السلللم وحللتى
خروجهم منها :
بعد زوال سندهم لدى فرعون أصبح حالهم حال العبيد .وربما يكييون ذلييك فييي زميين فرعييون نفسييه أو ميين َمَلييك
بعده ،بعد وفاة يوسف عليه السلم ،لييزوال المصييلحة والنفييع الييذي تييأّتى ميين علييم يوسييف وحكمتييه فييي الدارة
والقتصاد .واستمر حالهم كذلك حتى خروجهم مع موسى عليه السييلم ،وحسييب مييا ُيييروى أن المييدة ،مييا بييين
دخولهم إلى مصر وخروجهم منها هي أربعمائة سنة ،وال أعلم ،وحالهم في تلك الفترة الزمنية ،يصييفه القييرآن
ساَءُهْم
ي ِن َ حِسَت ْ
ح َأْبَناَءُهْم َوَي ْ طاِئَفًة ِمْنُهْم ُيَذّب ُف َ ضِع ُ
سَت ْشَيًعا َي ْ
جَعَل َأْهَلَها ِ ض َو َ
ل ِفي اَْلْر ِ عَ ن َ
عْو َن ِفْر َبما يلي ِ ) :إ ّ
ن َأْبَنففاَءُكْم
حو َب ُي فَذّب ُ
سففوَء اْلَع فَذا ِ سوُموَنُكْم ُ ن َي ُ عْو َ
ن آِل ِفْر َ
جْيَناُكْم ِم ْ
ن ) 4القصص ( َ ) ،وِإْذ َن ّ سِدي َن اْلُمْف ِ
ِإّنُه َكانَ ِم ْ
ب اْلُمِهيفف ِ
ن ن اْلَعَذا ِ
سَراِئيَل ِم ْ جْيَنا َبِني ِإ ْ ظيٌم ) 49البقرة ( َ ) ،وَلَقْد َن ّ عِن َرّبُكْم َ لٌء ِم ْ
ساَءُكْم َوِفي َذِلُكْم َب َن ِن َحُيو َ
سَت ْ
َوَي ْ
) 30الدخان ( وازداد العذاب والضطهاد لهم ،ببعث موسى عليه السلم إلى فرعون وقومه .
مدَْين :
الموقع الجغرافي ل َ
قيل فيها في المعاجم :أنها تقع " قرب بحر القلزم ) البحر الحمر ( محاذية لتبوك ،وتقع بين وادي القرى والشام
،وقيل اتجاه تبوك بين المدينة والشام ،وقيل هي كفر سندة من أعمال طبرية ،وقيل بلد بالشام معلوم تلقاء غزة ،
وفي ) البداية والنهاية ( قال ابن كثير " :كيان أهيل ميدين قوميا عربيا ،وميدين هيي قريية مين أرض معيان مين
أطراف الشام ،مما يلي ناحية الحجاز قريبا من بحيرة قوم لوط ،وكانوا بعد قوم لوط بمدة قريبة " .
ي نهر الردن ،في السفح المطل على فلسطين والقول الخير هو أفضل ما قيل فيها ،وهو الرجح فهي تقع شرق ّ
قبالة أريحا ،حيث المكان المسمى بوادي شعيب حاليا ،والذي يقع فيه مقام النبي شعيب عليه السيلم ،فيي جبيال
محافظة البلقاء الردنية ،وهي أرض خصبة تصلح لزراعة القثائّيات ،وفيها الشييجار المثمييرة وعيييون الميياء ،
ط ِمْنُكفْم ِبَبِعيفٍد ) 89هيود ( ،
ويؤيد ما ذهبنا إليه قييوله تعييالى ،علييى لسييان شييعيب مخاطبييا قييومه ) َوَمففا َقفْوُم ُلففو ٍ
والمقصود هنا البعد المكاني ،حيث المسافة بين قرية شعيب والبحر الميت ) بحيرة لوط ( ل تتجيياوز ) (20كييم ،
أما البعد الزماني بين لوط وشعيب فُيقّدر بمئات السنين ،حيث أن لوط عاصر إبراهيم وأن شعيب عاصر موسييى
عليهم السلم .
وكما ورد في الروايات ،كان أهل مدين يقطعيون السيبيل ويخيفيون الميارة ،وهيم أصيحاب اليكية أي الشيجار
الملتفة والمتشابكة -وهي صفة موجيودة أيضيا فيي تليك المنطقية -وكيانوا مين أسيوء النياس معاملية ،يبخسيون
المكيال والميزان ويطففون فيهما ،يأخذون بالزائد ويدفعون بالناقص ،فييآمن بشييعيب بعضييهم وكفيير أكييثرهم ) ،
حوا ِفففي
ص فَب ُ
جَف فُة َفَأ ْ
خ فَذْتُهْم الّر ْ
ظي فٍم ) 189الشعراء ( ) َفَأ َ
عِ
ب َي فْوٍم َ
عفَذا َ
ن َ
ظّلِة ِإّنُه َكا َ
ب َيْوِم ال ّ
عَذا ُ
خَذُهْم َ
َفَكّذُبوهُ َفَأ َ
ن ) 91العراف ( ،ولم تدمر ديارهم بل بقيت على حالها ،ويقال أن ذلك كان في يوم شديد الحيير ، جاِثِمي ََداِرِهْم َ
فبعث ال ظلل من الغمام في بقعة قريبة من مكان سكناهم ،فذهبوا ليسيتظلوا بهيا فنيزل بهيم العيذاب ،وبقيي فيي
القرية من آمن لشعيب عليه السلم من قومه وهم قلة .
60
تحديد الموقع الجغرافي ،للمكان الللذي أوحللي فيلله ،إلللى موسللى عليلله
السلم :
نزل الوحي إلى موسى مرتين ؛ الوحي الول :هو الذي ُكلف به موسى بحمل الرسالة ،وما بعث به إلى فرعون
وبني إسرائيل ،أثناء عودته إلى مصر بعد خروجه من مدين ،والوحي الثاني :هو الشريعة الجديييدة الييتي ُكتبييت
في اللواح لبني إسرائيل ،بعد خروجهم من مصر في الطريق إلى الرض المقدسة ،ويعتقد الكثيرون أن الوحي
نزل على موسى ،على جبل سيناء الواقع في صحراء سيناء المصيرية وهييذا غيير صيحيح ،حيييث لييم يوجيد أي
نص في القرآن يفيد ذلك .والواقع أن هذه تسمية الصحراء المصرية بصحراء سيناء ،استندت إلييى مييا جيياء فييي
التوراة مع أن التوراة لم ُتحّدد موقع الصحراء أو الجبل .
وتذكر التوراة في سفر الخروج ،أن بني إسرائيل مروا على التوالي ،بثلثة صحارى ،هي الييواردة فييي النييص
جهوا نحو صحراء شييور :27 ، التالي بالترتيب :22 :15 " :ثم ارتحل موسى بإسرائيل من البحر الحمر ،وتو ّ
ثم بلغوا إيليم … :1 :16ثّم انتقلوا من إيليم حتى أقبلوا على صحراء سين ،الواقعة بين إيليم وسيناء " .
وجاء في نص آخر :1 :17 " :وتنقل بنوا إسرائيل على مراحل ،من صحراء سين … إلى أن خّيموا في رفيديم
… :2 :19فقد ارتحل السرائيليون من رفيديم إلى أن جاءوا إلى برية سيناء ،فنزلوا مقابل الجبل فصعد موسييى
للمثول أمام ال ،فناداه الرب من الجبل … : 20ونزل الرب على قمة جبل سيناء … "
وهذه النصوص ُتشير إلى أن جبل سيناء ،هو اسم الجبل الذي ُأوحي بجانبه إلييى موسييى ،وأن برييية سيييناء هييي
تسمية للمكان الواقع مقابل جبل سيناء .وأن برية سيناء هي البعد عن مصر ،كونها كانت آخر الصحارى الييتي
مّروا بها أثناء مسيرهم ،باتجاه بوابة الرض المقّدسة شرقي نهر الردن ،والترجمات العربييية للتييوراة ل ُتمّيييز
بين القفر ،أي الخلء غير المأهول بالسّكان وبين الصحارى الرملية القاحلة .
ن طوال أربعين سنة ،حتى جاءوا إلى تخوم أرض كنعان وجاء في التوراة " :35 :16واقتات السرائيليون بالم ّ
ن والسلوى كانت تنّزل عليهم طيلة أربعين سنة ،
العامرة بالسكان " .وهذا النص الكاذب والمضّلل ،يقول أن الم ّ
قبل وصولهم إلى مشارف فلسطين ،أي قبل أن ُيطلب منهم الدخول إلى الرض المقدسة ،وقبل أن يحكييم عليهييم
ن والسلوى كانت تنّزل عليهم خلل مسيرهم فييي الصييحراء ، بسنوات التحريم والتيه الربعين .والصحيح أن الم ّ
وهي مدة قصيرة ،أما سنوات التحريم والتيه الربعين -سنوات الغضب اللهي -فلم يكن يتنّزل عليهم شيء .
وتسمية الصحراء المصرية بسيناء ،وذكر التوراة أن بني إسرائيل عاشوا فيها أربعين سنة يأكلون المن والسلوى
،ضّللت حتى اليهود أنفسهم ،الذين بحثوا ونقبوا فيها طويل عن أي أثيير لمقييامهم فيهييا ولكيين دون جييدوى ،ممييا
اضطر بعض الباحثين اليهود مييؤخرا ،إلييى تكييذيب معظييم روايييات التييوراة ،ونشيير الكييثير ميين آرائهييم ونتييائج
أبحاثهم في الصحف .
أما كلمة الطور فقد وردت في القرآن ) (10مرات (8) ،منها بلفظ ) الطور ( معّرفة بأل التعريف ،بمعنى الجبل
ن ) 20المؤمنييون ( ، لِكِلي ف َ
صْبٍغ ِل ْ
ن َو ِ
ت ِبالّدْه ِ
سْيَناَء َتْنُب ُ
طوِر َ ن ُ
ج ِم ْ
خُر ُ
جَرًة َت ْ
شَ
،وواحدة بلفظ ) طور سيناء ( ) َو َ
ن ) 2الييتين ( .وسيييناء
سففيِني َطوِر ِ ن )َ (1و ُ ن َوالّزْيُتو ِ وواحدة بلفظ ) طور سينين ( بنفس المعنى السابق َ ) ،والّتي ِ
وسنين لغة إذا لم تمنع من الصرف ،أي لحقها التنيوين جيّرا ونصيبًا فإنهيا تعنيي كيثرة الشيجر ،وإذا ُمنعيت مين
الصرف كما هو الحال هنا فهي اسم ،والكلمات ) طيور وسييناء وسييينين ( ألفيياظ أعجميية ،ومميا تقييدم نسييتطيع
القول بأن ) طور سيناء ( اسم لجبل معروف لبني إسرائيل ،بمعنى ) جبل الغابة ( وهو في الحقيقة ،اسييم الجبييل
عّرف هذا الجبل من خلل القرآن ،بأنه ُينبت التين ي بجانبه إلى موسى ،حسب تسمية التوراة له ،وقد ُ الذي أوح َ
والزيتون .والمقصود بكلمة ) الطور ( المعّرفة بألف ولم ،أينما جاءت في القرآن هييو طييور سيييناء أو سييينين ،
والطور هو سلسلة جبال فلسطين ،التي تربض على تللها مدينة القدس ،والتي هي في الصل جبل واحد ،يمتد
من مدينة نابلس شمال إلى مدينة الخليل جنوبا .
ت
سف ُطوِر َناًرا َ ،قاَل َِلْهِل فِه اْمُكُثففوا ِ ،إّنففي آَن ْ
جاِنبِ ال ّ
ن َس ِم ْ
ساَر ِبَأْهِلِه ،آَن َ جَل َو َسى اَْل َ
ضى مو َ قال تعالى ) َفَلّما َق َ
ن ) 29القصص ( قلنا أن موسى عليييه السييلم ، طُلو َ
صَ
ن الّناِر َ ،لَعّلُكْم َت ْ
جْذَوٍة ِم ْ
خَبٍر َ ،أْو َ
َناًرا َ ،لَعّلي آِتيُكْم ِمْنَها ِب َ
خَبفٍر ( فوجييد ل طريقه بعد خروجه من مدين باتجاه مصر ، ،لقوله عليييه السييلم ) َلَعّلففي آِتيُكفْم ِمْنَهففا ِب َ كان قد ض ّ
61
نفسه في أحد الودية .ودخوله إلى الوادي كان عن طريق انحداره بواد فرعي جنوب البحر الميييت ،وكييان ذلييك
ليل وفي طقس بارد جدا .وأثناء التخييم هناك ،كان يلتفت يمنة ويسرة بحثا عن الدفء والهداية ،فآنس نارا ميين
جانب الجبل ،فاتجه إليها بعد أن استأذن أهله ،ليأتيهم بجذوة منها لجل الدفء ،أو يجد من يرشده إلى طريقييه ،
ولكنه لم يجد نارا ولم يجد في المكان أحد .
62
موسى في مصر :
كنت أعتقد وربما يشاركني كثيرون أيضا ،أن ُمقام موسى في مصر ،ل يتجيياوز عييدة أيييام أو عييدة أشييهر علييى
أبعد تقدير ،ولكن تبين لي أني كنييت مخطئا ،فالحييداث والوقييائع الييتي مييرت مييع موسييى عليييه السييلم كييثيرة ،
وتحتاج إلى سنوات عديدة ،وأظنه مكث هناك ما ل يقيل عين 30عاميا ،ييدعوا فرعيون وقيومه وبنيي إسيرائيل
ش فْرلَة َوَب ّ
صف َ
جَعُلوا ُبُيوَتُكْم ِقْبَلًة َوَأِقيُمففوا ال ّ
صَر ُبُيوًتا َوا ْ
ن َتَبّوَأا ِلَقْوِمُكَما ِبِم ْخيِه َأ ْسى َوَأ ِ حْيَنا ِإَلى ُمو َ أيضا َ ) ،وَأْو َ
ن ) 87يونس ( فلو تفكرت في الية الكريمة ،لتبينت أن طلبه سبحانه ببناء البيوت ،وجعلها باتجيياه بيييت اْلُمْؤِمِني َ
المقدس ،وَأْمِره إياهم بإقامة الصلة فيها ،ما كان إل لطييول ُمقييام ،ولييو كييان ُمقييامهم قصيييرا أو عارضييا ،لمييا
أمرهم بذلك .والجدل بين موسى عليه السلم وفرعون أخذ زمنييا طييويل ،بييدءا باللقيياء الول الييذي عييرض فيييه
موسى رسالته ،وما أّيدها به من آيات – العصا واليد – ولقاء يييوم الزينيية حيييث التقييى موسييى بالسييحرة ،وبنيياء
حاصفْر ًجَعل ِلففي َن َفا ْطي ِعَلى ال ّ ن َ غْيِري َفَأْوِقْد ِلي َياَهاَما ُن ِإَلٍه َ
ت َلُكْم ِم ْعِلْم ُ ل َما َ ن َياَأّيَها اْلَم َُ
عْو ُ
الصرح ) َوَقاَل ِفْر َ
ن ) 38القصص ( . ن اْلَكاِذِبي َظّنُه ِم ْ سى َوِإّني َل ُ َلَعّلي َأطِّلُع ِإَلى ِإَلِه ُمو َ
الصرح هو البناء الضخم والمرتفع ،وأعتقد أن الهرامات الثلثة هييي مييا ُأميير هامييان ببنائهييا ميين قبييل فرعييون
لينظر إلى إله موسى ،وفيما بعد اّتخذت تلك الصروح مقابر ومدافن .
عَلففى
ن َ
حصت مادة بناء الهرامات ،لتبين أنها من الطين المشوي ،لدللة قوله تعييالى ) َفَأْوِقفْد ِلففي َيَهاَمففا ُ إذ لو ُف ِ
ن ( ،إذ يخبر سبحانه – وما إعلمه لنا بذلك عبثا -بأنهم كانوا يستخدمون الطين في البناء ،وليس الحجييارة طي ِ
ال ّ
كما يعتقد علماء الثار ،الذين حاولوا جاهدين لتفسير اللييية المعقييدة والمسييتحيلة ،فييي رفييع تلييك الصييخور ذات
القطع الكبير ،إلى قمة الهرم حيث لم يكن لديهم رافعات عملقة .وهذا الخبر يكشف حقيقة ،ربما لم تخطر ببييال
علماء الثار من قبل ،ويجعل كيفية البناء غاية السهولة ،حيث كان عبيد فرعون ومنهييم بنييي إسييرائيل ،ينقلييون
الطين – وليس الصييخور والحجييارة -ويضييعوه فييي قييوالب مثبتيية علييى الهييرم نفسييه ،وكييل لبنيية فييي موقعهييا ،
وينتظرون الَلِبن حتى يتماسك ،لينزعوا القوالب ،وكلما أنجزوا مرحلة ،قاموا بتثبيت القوالب مرة أخرى ،على
ما تّم إنجازه ،وبدءوا بنقل الطين ليفرغوه فيها ،وهكذا دواليك حتى يكتمل بنيياء الهييرم .وميين الييداخل سييتجد أن
قلب الهرم مفرغ ،وستجد أن هناك سراديب طويلة غير نافذة ،تتييوّزع بكافيية التجاهييات ،والغاييية منهييا توزيييع
ي الطين الجاف ،وهي عملية تحتاج إلى وقت طويل نظرييا ،ولكين الحرارة ،عند إشعال النار في قلب الهرم لش ّ
مع كثرة العبيد فالمر مختلف ،واللية بسيطة وليست معقّدة ،ول تييوحي بييأن الفراعنية كييانوا جبيابرة وأشييداء ،
ي الطين قد تم على مراحل ،ولييس دفعية واحييدة . فبناة الهرام هم العبيد وليس الفراعنة أنفسهم ،وربما يكون ش ّ
صين لنفيها أو إثباتها ،وبذلك تكون الهرامات ،رمزا مين رميوز الكفير والعصييان وهذه الفكرة مطروحة للمخت ّ
والتمرد والتحدي الفرعوني ل ورسوله ،وربما يكون أبو الهول هو إله المصريين القدماء ،قبل أن ُيعلن فرعون
ربوبيته تحديا لموسى عليه السلم وربه .
وبالضافة إلى تلك الحداث ،التي وقعت أثناء تواجد موسى في مصر ،ما وقع في قوم فرعون ميين البلء الييذي
ضفَفاِد َ
ع جفَراَد َواْلُقّمفَل َوال ّ
ن َواْل َ
طوَفففا َ
عَلْيِهفُم ال ّ
سفْلَنا َ
أنزله ال ،وكلما كشف عنهم بلء أرسل عليهييم آخيير َ ) ،فَأْر َ
ن ) 133العراف ( .وستجد ما مّر بقوم فرعون من وقائع جِرِمي َ
سَتْكَبُروا َوَكاُنوا َقْوًما ُم ْ
ت َفا ْ
ل ٍ
صَت ُمَف ّ
َوالّدَم َءاَيا ٍ
سردت بإيجاز في اليات ) (136 – 103من سورة العراف ،واليات )85 ،أثناء تواجد موسى في مصر ،قد ُ
– (90من سورة النمل ،ومواضع أخرى متفرقة في القرآن الكريم .
ن
عف ْضفّلوا َ حَياِة الفّدْنَيا َرّبَنففا ِلُي ِ
لُه ِزيَنًة َوَأْمَواًل ِفي اْل َ
ن َوَم َعْو َت ِفْر َك آَتْي َ
سى َرّبَنا ِإّن َوفي نهاية المطاف ) َوَقاَل ُمو َ
ب اَْلِليفَم ) 88يونس ( أي حّتففى َيفَرْوا اْلَعفَذا َ
ل ُيْؤِمُنففوا َعَلففى ُقُلففوِبِهْم َف َ
شفُدْد َ عَلففى َأْمفَواِلِهْم َوا ْ
س َ طِمف ْ ك َرّبَنا ا ْ
سِبيِل َ
َ
ت َأّن فُه َل
ق َقففاَل آَمْن ف ُحّتى ِإَذا َأْدَرَكُه اْلَغ فَر ُ
الغرق ،فاستجيبت دعوة موسى ،وهذا بالضبط ما حصل مع فرعون ) َ
ن ) 90يونس ( ولو تمعنييت فييي قييول فرعييون لتييبينت أنييه لييم سِلِمي َ
ن اْلُم ْسَراِئيَل َوَأَنا ِم ْت ِبِه َبُنو ِإ ْ
ِإَلَه ِإّل اّلِذي آَمَن ْ
يؤمن ،لقوله ) الذي آمنت به بنو إسرائيل ( ،وأغلبية بني إسرائيل لم تكن تؤمن بال ،ولم يقل ال أو إلييه موسييى
تكبرا وعلوا .
63
ن َيْغِففُر الفّذُنوبَ سَتْغَفُروا ِلُذُنوِبِهْم َ ،وَمف ْل َ ،فا ْ
سُهْم َ ،ذَكُروا ا َّظَلُموا َأْنُف َشًة َ ،أْو َ ح َن ِإَذا َفَعُلوا َفا ِ
قال تعالى ) َواّلِذي َ
ت الّتْوَبفُة ِ ،لّلفِذي َ
ن سف ْن ) 135آل عمييران ( ،وقييال أيضييا ) َوَلْي َ عَلى َما َفَعُلوا َ ،وُهفْم َيْعَلُمففو َ صّروا َ ل َ ،وَلْم ُي ِ ِإّل ا ُّ
ن َوُهفْم ُكّففاٌر ُ ،أْوَلِئ َ
ك ن َيُموُتفو َن َ ،وَل اّلفِذي َ لَتا ْت َ ،قفاَل ِإّنفي ُتْبف ُحفَدُهْم اْلَمفْو ُضَر َأ َ
ح َ حّتى ِإَذا َ تَ ، سّيَئا ِن ال َّيْعَمُلو َ
عَذاًبا َأِليًما ) 18النساء ( . عَتْدَنا َلُهْم َ
َأ ْ
في رحلته مع بني إسرائيل ،في طريق العودة من مصر إلى مدين ،كانت ترافق موسى عليه السلم أّمة بأسييرها
بما لها وما عليها ،وأكثرها من غير المؤمنين وغير المطيعين ل تعالى وله عليه السلم ،مما جعل المسييير فيهييا
ن َيْفِتَنُه فْمن َومََلِئِهْم َأ ْ عْو َن ِفْر َف ِم ْ خْو ٍعَلى َ ن َقْوِمِه َسى ِإّل ُذّرّيٌة ِم ْ ن ِلُمو َ بطيئا وشاقا وطويل ،قال تعالى ) َفَما آَم َ
عَقُة َ ،وَأْنُتففْم صا ِخَذْتُكْم ال ّ جْهَرًة َ ،فَأ َ ل َحّتى َنَرى ا َّ كَ ، ن َل َ ن ُنْؤِم َسى َ ،ل ْ ) 83يونس ( ،وقال أيضا ) َوِإْذ ُقْلُتْم َياُمو َ
ن ) 56البقرة ( ،وكان قولهم هذا فور نجيياتهم وخروجهييم شُكُرو َ ن َبْعِد َمْوِتُكْم َلَعّلُكْم َت ْ
ن )ُ (55ثّم َبَعْثَناُكْم ِم ْ ظُرو ََتن ُ
من البحر ،بعدما رأوا كل ما أجراه ال على يد موسى من معجزات ،تلين لها قلييوب الجبييال وعقولهييا ،فأميياتهم
ال ثم أحياهم ،ولو نظرت إلى قولهم في الية السابقة واستخدام أداة الجزم والتأبيد ) لن ( ،تجد أن لديهم إصرار
سهم ،رغم مشاهدتهم لليات والثييار الداليية علييى وجييوده ، ي ومحجوب عن حوا ّ عجيب على الكفر ،بما هو غيب ّ
وأنهم ل يؤمنون إل بما تدركه الحواس من أشياء مادية ،وهذا ما جعلهم يقعون في فتنة العجييل الييذهبي بعييد هييذه
خفَذْتهُْمجْهفَرًة َفَأ َلف َ الحادثة ،وفي فتنة الدجال مستقبل بما لييديه ميين فتيين مادييية ظيياهرة للعيييان َ ) ،فَقففاُلوا َأِرَنففا ا َّ
طاًنا ُمِبيًنا ) سْل َ
سى ُ ك َوآَتْيَنا ُمو َ ن َذِل َعْت َ ،فَعَفْوَنا َ
جاَءْتُهْم اْلَبّيَنا ُن َبْعِد َما َ جَل ِم ْ خُذوا اْلِع ْظْلِمِهْم ُ ،ثّم ،اّت َ
عَقُة ِب ُ
صا ِ
ال ّ
153النساء ( وقد وقع هذا منهم قبل اتخاذهم للعجل .
64
سموا إلييى ) (12جماعيية لتيسييير ن )160العراف ( ومن هذه الية الكريمة نجد أنهم ُق ّ ظِلُمو َ سُهْم َي ْن َكاُنوا َأنُف ََوَلِك ْ
ن عليهم ربهم سبحانه عما يصفون ،بأن وّفر لهم كل أسباب الراحة من ماء وغذاء ،وحتى أنه عملّيه القيادة ،وم ّ
وقاهم من حيير الشييمس بييأن جعييل السييحاب يظللهييم ،أينمييا حليوا وأينمييا ارتحلييوا أثنيياء مسيييرهم باتجيياه الرض
الُمقّدسة ،وفي تلك الثناء مّروا على عبدة الصينام ،فطلبييوا مين موسييى أن يجعيل لهيم إليه كميا لهيؤلء آلهية )
جَعْل َلَنففا ِإَلًهففا َكَمففا َلُه فْم
سى ا ْ
صَناٍم َلُهْم َ ،قاُلوا َياُمو َ
عَلى َأ ْ
ن َ
عَلى َقْوٍم َيْعُكُفو َ
حَر َ ،فَأَتْوا َ
سَراِئيَل اْلَب ْجاَوزَْنا ِبَبِني ِإ َْو َ
ن ) 138العراف ( . جَهُلو َ َءاِلَهٌة َ ،قاَل ِإّنُكْم َقْوٌم َت ْ
ول يغب عن بالنا أن رحلة كهذه كانت تستوجب ما بين فترة وأخرى التخييييم والقاميية لبعييض الييوقت ،وميين ثييم
متابعة المسير وهكذا دواليك ،ولم تتعدى مدد القامة في أي من مراحل المسير ،سوى أيام أو أسييابيع معييدودة ،
فهم لم يركنوا إلى مكان معين ،إذ كان هناك مواعدة للقاء في جانب الطور اليمن في وادي عربة ،وكييانت هييذه
ن موسى عليه السلم وبعد أن قطع شييوطا كييبيرا فييي وادي عربيية المواعدة جماعية لموسى ولبني إسرائيل ،ولك ّ
استعجل اللقاء ،وعندما اقترب من المكان المحدد ،اسييتخلف أخيييه هييارون فييي قييومه وتركهييم ومضييى مسييرعا
رغبًة منه في إرضاء ربه ،واعتذارا عن التأخير الذي تسّبب به قومه من جّراء مماطلتهم وتّذمرهم .
اللقاء الول لموسى بربه بعد الخروج من مصر ،واتخاذ العجل في بطللن
وادي عربة :
خَتففارَوبناًء على ما كان منهم ،اختار موسى ) (70رجل من أفضلهم ،للعتذار عما فعله السفهاء من قييومه ) َوا ْ
ي َ ،أُتْهِلُكَنا ِبَمان َقْبُل َوِإّيا َ
ت َأْهَلْكَتُهْم ِم ْشْئ َ
جَفُة َ ،قاَل َربّ َلْو ِخَذْتُهْم الّر ْ
ل ِلِميَقاِتَنا َ ،فَلّما َأ َجًن َر ُسْبِعي َ
سى َقْوَمُه َ ُمو َ
حْمَنففا َوَأْن ف َ
ت غِفْر َلَنففا َواْر َ
ت َوِلّيَنا َفا ْ
شاُء َ ،أْن َ
ن َت َشاُء َوَتْهِدي َم ْن َت َ
ضّل ِبَها َم ْ ك ُت ِ ي ِإّل ِفْتَنُت َ
ن ِه ََفَعَل السَّفَهاُء ِمّنا ِ ،إ ْ
ن ) 155العراف ( فشهدوا الوحي بمعية موسى عليه السلم دون سماعه ،وشعروا بوجييود خييالقهم خْيُر اْلَغاِفِري َ
َ
وعظمة قدرته بأن زلزل الرض من تحت أرجلهم .
65
ي عشر بالسهر على تطللبيقه ،والحكللم
أخذ الميثاق ،وإلزام النقباء الثن ّ
بما جاء فيه :
عرض عليهم الميثاق ليلتزموا به ويلزمييوا أتبيياعهم علييى القيييام بييه ،ويتحملييوا مسييؤولية نقضييه فييترّددوا وهناك ُ
وأَبْوا ،فرفع سبحانه فوقهم الجبل وأجبرهم على أخذه بالقوة ،ولو أصّروا على الرفض لطبقه عليهم فقبلوه على
خْذَنا ميَثففاَقُكْم َوَرَفْعَنففا مضض ،وكان ال أعلم بما يعتمل في صدورهم ولكنه غفور رحيم ،حيث قال فيهم ) َوِإْذ َأ َ
ج فَل ِبُكْفِرِه فْم ُ ،ق فْل شِرُبوا ِفي ُقُلوِبِهْم اْلِع ْ صْيَنا َ ،وُأ ْع َ سِمْعَنا َو َ سَمُعوا َ ،قاُلوا َ خُذوا َما آَتْيَناُكْم ِبُقّوٍة َوا ْ طوَر ُ َفْوَقُكْم ال ّ
ن ) 93البقرة ( .فاختير ميين السييبعين رجل ) (12نقيبييا ،بعييدد السييباط ن ُكنُتْم ُمْؤِمِني َ سَما َيْأُمُرُكْم ِبِه ِإيَماُنُكْم ِإ ْ
ِبْئ َ
) أي قبائل بني إسرائيل ( وهم الذين ُتسميهم التوراة بالقضاة .وهذا نص الميثاق الذي ُألزموا بالعمل على تطيبيقه
شفَرعَ ي َ سَراِئيَل َ ،وَبَعْثَنففا ِمْنُهفْم اْثَنف ْ ق َبِني ِإ ْل ِميَثا َخَذ ا ُّ ،بالضافة إلى الوصايا الواردة في سورة النعام ) َوَلَقْد َأ َ
ضففال َقْر ً ضُتْم ا َّعّزْرُتُموُهْم َ ،وَأْقَر ْ سِلي َو َلَة َ ،وآَتْيُتْم الّزَكاَة َوآَمنُْتْم ِبُر ُصَن َأَقْمُتْم ال ّ ل ِإّني َمَعُكْم َ ،لِئ ْ َنِقيًبا َ ،وَقاَل ا ُّ
ض فّل
ك ِمْنُك فْم َ ،فَق فْد َ ن َكَفَر َبْعَد َذِل ف َ
حِتَها اَْلْنَهاُر َ ،فَم ْن َت ْ
جِري ِم ْ ت َت ْ
جّنا ٍ
خَلّنُكْم َ
سّيَئاِتُكْم َ ،وَُلْد ِعْنُكْم َ ن َ سًنا َُ ،لَكّفَر ّ
ح َ َ
سِبيِل ) 12المائدة ( . سَواَء ال ّ َ
كانت مدة المكث بادئ المر في الصحراء بسيطة ،وذلك لتذّمرهم وعييدم صييبرهم علييى طعييام واحييد ،أي المينّ
سففى َلف ْ
ن والسلوى ،فحكم عليهم سبحانه بإكمال المسير المقّدر مسييبقا ،بقييوله علييى لسييان موسييى ) َوِإْذ ُقْلُتفْم َيُمو َ
صِلَها َقاَل
عَدسَِها َوَب َ ن َبْقِلَها َوِقّثاِئَها َوُفوِمَها َو َ
ض مِ ْ
ت اَْلْر ُ ج َلَنا ِمّما ُتْنِب ُ
خِر ْ
ك ُي ْ
ع َلَنا َرّب َ
حٍد َفاْد ُ
طَعاٍم َوا ِ
عَلى َ
صِبَر َ َن ْ
سفَأْلُتْم ) 61البقرة ( وحيييث أنييه قييال ن َلُكفْم َمففا َ صفًرا َ ،ففِإ ّ
طففوا ِم ْ خْيفٌر اْهِب ُ
ن اّلِذي ُهفَو َأْدَنففى ِباّلفِذي ُهفَو َسَتْبدُِلو َ
َأَت ْ
صَر ( بدون تنوين ،فهي غير مصر التي خرجوا منها ،وإنما جاءت هنا بمعنى ) صرًا ( منونًة ،ولم يقل ) ِم ْ ) ِم ْ
ن لكم ما سألتم ( تعني أن هذا البلد يتمّيز ،بأن فيه ما سأله بني إسرائيل ميين بلدًا ( نكرة وغير معّرفة ،وقوله ) فإ ّ
نبيهم من عدس وبصل وغيره ،ولو تساءلنا عيين موقييع هييذا البلييد ،القريييب ميين الرض المقدسيية ،الييذي يتميييز
بخصوبة أراضيه ووفرة مياهه ميين ينييابيع وآبييار ويصييلح لزراعيية القّثائيييات ،بالتأكيييد سييتكون الجابيية الرض
الواقعة شرق نهر الردن ،وفي السفوح الغربية للجبال المطلة على فلسطين ،وبالتحديد قرية مدين الييتي يعرفهييا
موسى ،ويعرف مّيزاتها وخصائصها ،والتي كان أهلها قد هلكوا بعذاب يوم الظّلة ،قبل أو بعييد خييروج موسييى
منها ،ليرثها بنوا إسرائيل مع القلة المؤمنة ،من قوم شعيب التي نجت من العذاب ،وال أعلم .
أقام بنو إسرائيل في مدين بمعية موسى -على ما يبدو -سيينين عديييدة ،واطمييأنوا بهييا وإليهييا وطيياب لهييم المقييام
فيها ،حيث الزراعة وتربية المواشي والتجارة ،ومن الحداث التي نعتقد أنها وقعت فيها قصة البقييرة ) َوِإْذ َقففاَل
ن )67 جفاِهِلي َ ن اْل َ
ن ِمف ْن َأُكففو َ
ل َأ ْعفوُذ ِبففا ِّ
خفُذَنا ُهفُزًوا َقفاَل َأ ُحوا َبَقَرًة َقفاُلوا َأَتّت ِ
ن َتْذَب ُ
ل َيْأُمُرُكْم َأ ْ
ن ا َّ
سى ِلقْوِمِه ِإ ّ ُمو َ
حّتفى َأْبُلفَغ ح َ سففى ِلَفَتفاُه َل أَْبفَر ُالبقرة ( ،وقصة سفر موسى حيث مجمع البحرين ،لللتقاء بالعالم َ ) ،وِإْذ َقاَل ُمو َ
سففى َفَبَغففى ن َقفْوِم ُمو َ ن ِمف ْ ن َكففا َ
ن َقففاُرو َ حقًبا ) 60الكهف ( وقصة قارون المعروفيية ) ِإ ّ ي ُ ضَ ن َأْو َأْم ِحَرْي ِجَمَع اْلَب َْم ْ
حف ّ
ب ل ف َل ُي ِ ن ا َّصفَبِة ُأوِلففي اْلُقفّوِة ِإْذ َقففاَل َلفُه َقفْوُمُه َل َتْففَرحْ ِإ ّ
حُه َلَتُنففوُء ِباْلُع ْ
ن َمَفاِت َن اْلُكُنوِز َما ِإ ّعلْيِهْم َوآَتْيَناُه ِم َْ
ن ) 76القصص ( . حي َاْلَفِر ِ
وبعد مدة يسيره من الزمن من ذلك الحكم ،كشف موسى عليه السلم النقاب عن النبيوءة موضييوع هييذا الكتيياب ،
وأخبر عنها قبل أن ينتقل إلى جوار ربه .وتركهم في غيهم وطغيانهم يعمهون ،كما حكييم عليهييم ربهييم ،وُأوكييل
المر من بعده إلى النقباء الثني عشر أصحاب الميثاق ،ليحفظوا التوراة وليحكمييوا بييين النيياس بمييا جيياء فيهييا ،
ومن ذلك اليوم انتقلت مسؤولية حفظ التوراة والشريعة إلى أناس عاديين ،فبدأ ظهور الحبار ،قييال تعييالى ) ِإّنففا
حَبففاُر ِبمَففا
ن َواَْل ْ
ن َهففاُدوا َ ،والّرّبففاِنّيو َ
سفَلُموا ِ ،لّلفِذي َ
ن َأ ْ
ن اّلفِذي َ
حُكفُم ِبَهففا الّنِبّيففو َ
َأْنَزْلَنا الّتْوَراَة ِفيَها ُهًدى َوُنففوٌر َ ،ي ْ
شَهَداَء ) 44المائدة ( . عَلْيِه ُل َ ،وَكاُنوا َ ب ا ِّ
ن ِكَتا ِ
ظوا ِم ْ حِف ُ
سُت ْا ْ
67
دسة بعد نهاية سنوات التيه :
ملك لدخول الرض المق ّ
طلب ال ُ
عَلْيُكُم اْلِقَتاُل َأّل ُتَقاِتُلوا َقاُلوا َوَما لََنا
ب َن ُكِت َ سْيتُْم ِإ ْ
ع َل َقاَل َهْل َ سِبيِل ا ِّ ث َلَنا َمِلًكا ُنَقاِتْل ِفي َ ي َلُهُم اْبَع ْ
) ِإْذ َقاُلوا ِلَنِب ّ
عِليفٌم
لف َ ل مِْنُهفْم َوا ُّ
ب عََلْيِهفُم اْلِقَتففاُل َتَوّلفْوا ِإّل َقِلي ً ن ِدَياِرَنا َوَأْبَناِئَنا َفَلّمففا ُكِتف َ
جَنا ِم ْ
خِر ْ
ل َوَقْد ُأ ْ
سِبيِل ا ِّ َأّل ُنَقاِتَل ِفي َ
ن )(246 ظاِلِمي َ
ِبال ّ
وبعد انقضاء سنون التيه الربعون ،التي عاشوا خللها شرقي نهر الردن ُ .بعث فيهم نبيا ،يّدعون فييي التييوراة
أن اسمه ) صمويل ( .وربما لتعرضهم لضيق العيش والضطهاد والغيزو ،مين قبيل المماليك المجياورة شيرقي
ن َبْع فِد
س فَراِئيَل ِم ف ْ
ن َبِني ِإ ْ
ل ِم ْ
النهر ،طلبوا من هذا النبي أن يسأل ال ليبعث لهم ملكا ،قال تعالى ) َأَلْم َتَر ِإَلى اْلَم َِ
ل ف ) 246البقرة ( بغييية دخييول الرض المقدسيية الييتي س فِبيِل ا ِّ
ث َلَنا َمِلًكا ُنَقاِتْل ِفي َ
ي َلُهْم اْبَع ْ
سى ِ ،إْذ َقاُلوا ِلَنِب ّ
ُمو َ
كتب ال لهم ،فُبعث لهم طالوت ملكا وأنزل ال لهم التابوت تحمله الملئكة آية لملكه ،كييونهم ل يؤمنييون إل بمييا
ل يشربوا منه فشربوا منه إل قليل . ظم صفوفهم واجتاز بهم نهر الردن على أ ّ هو محسوس ،فأعّدهم ون ّ
ت( جففاُلو َ
لف َوَقَتفَل َداُووُد َ
ن ا ِّ
وكانت المواجهة مع الكنعانين -على الرجح فييي سيهول أريحيا َ ) -فَهَزُمففوُهْم ِبفِإْذ ِ
وقتل داود -الذي كان من جنود طالوت -جالوت قائد الكنعانيين فدخلوا القدس .ومن ثم انتقل الُملييك لييداود عليييه
شاُء ) 251البقرة ( ونص هذه الحداث عّلَمُه ِمّما َي َ
حْكَمَة َ ،و َ
ل اْلُمْلكَ َواْل ِ
السلم بغض النظر عن الكيفية ) َوآَتاُه ا ُّ
كامل تجده في اليات ) (251 – 246البقرة ،وكانت هذه أول معركة يقاتل فيهييا بنييو إسييرائيل ،وكييان جيشييهم
يتألف من القلة المؤمنة ،التي لم تكن قد شربت من النهيير ) نهيير الردن ( ،وكييان هييذا هييو الييدخول الول لبنييي
إسرائيل إلى الرض المقدسة .
معظم اليات التي أخبرت عن داود وملكه ،كانت ترّكز على شخص داود ،حيييث اّتصييف عليييه السييلم بييالورع
والتقوى وكثرة العبادة ،والعلم والقوة مع شيء من اللين في المعاملة ،وتوحي بيأن شييغله الشياغل ،كيان توطيييد
طابِ ) 20ص ( وإعداد ما استطاع من قوة للييدفاع خَصَل اْل ِ
حْكَمَة َوَف ْ
شَدْدَنا ُمْلَكُه َوآَتْيَناُه اْل ِ
أركان دولته الحديثة ) َو َ
عن دولته الصغيرة ،التي كانت محصورة في بيت المقدس وما حولها ،مين هجمييات القييوام المجيياورة لهيا ميين
الكنعانيين ،ولم يكن يسعى لتوسيع رقعة الدولة ،كون المة السرائيلية آنذاك كانت قليلة -وهي لم تكييثر إل فييي
العصر الحديث ،وبالتحديد بعد الحرب العالمية الثانية ،حيث ُرفع عنهم القتل -ولم تكن تستدعي امتلك مسيياحة
كبيرة من أرض فلسطين .
صفة الجبن الملزمة لليهود ومعالجتها بابتكار داود للدروع الحربية :
69
أكثر ما حّيرني في أمر ملك سليمان هو الغاية من تسخير الريح ،فالروايات في كتب التفسير غير منطقية ،حيث
تقول أنها كانت تحمل سليمان ومله وجنوده ،على بساط خشبي عظيم ،وتنقلهم من بلد إلى آخر للقتييال والييترفيه
وغيره ،ولم يرد في تواريخ المم التي عاصرت ملك سليمان ،أنهم شاهدوا يوما بساطا خشييبيا طييائرا ،وسييورة
النمل تؤكد أن سليمان وجنوده ،كانوا يسيرون على القدام أثناء تنقلهم .
ن وتدّبر في اليات ،التي تتحدث عن الريح وعن ملكييه عليييه السييلم ،تييبين لييي أنييه كييان وبعد طول تفكير وتمع ّ
يركب البحر ،منطلقا من الرض المقدسة ،فتجري الريح بمركبه إلى حيث أراد برفق ولين في الذهاب ،لتسهل
ب )(36 صففا َ
ث َأ َ
حْيف ُ
خففاًء َ جفِري ِبفَأْمِرِه ُر َح َت ْخْرَنا َلفُه الّريف َسف ّ
عليه عملية البحث والتقصي ،بدللة قييوله تعييالى ) َف َ
ص ) 37ص ( ،وبعد انتهاء المهمة ،يستعجل العودة إلى وطنه ،فيأمر الريح لتجييري غّوا ٍ ن ُكّل َبّناٍء َو َ
طي َ
شَيا ِ
َوال ّ
ض اّلِتي
جِري ِبَأْمِرِه ِإَلى اَْلْر ِ صَفًة َت ْعا ِ
ح َ ن الّري َ سَلْيَما َ
بقوة وسرعة إلى الرض المباركة ،بدللة قوله تعالى ) َوِل ُ
ن ) 82النبييياء ( ، ظي َحففاِف ِ
ك َوُكّنا َلُهفْم َن َذِل َ
عَملً ُدو َ ن َ ن َلُه َوَيْعَمُلو َ
صو َ
ن َيُغو ُن َم ْ
طي ِ
شَيا ِ
ن ال ّ َباَرْكَنا ِفيَها )َ (81وِم َ
وأما الغاية من القيام بالرحلت البحرية ،فهي السياحة واستخراج كنوز البحر وجلبها لمملكته ،ويؤيد مييا ذهبييت
إليه ذكر الغوص ،الذي كانت تقوم به الشياطين ،مباشرة بعد ذكر الريح في اليات السييابقة ،والغييوص عييادة ل
يكون إل في المياه العميقة ،وكانت مدة كل رحلة من رحلتييه شييهرين ،شييهر فييي الييذهاب وشييهر فييي العييودة ،
شْهٌر )12سبأ ( ،وال أعلم . حَها َ شْهٌر َوَرَوا ُغُدّوَها َ
ح ُن الّري َ
سَلْيَما َ
بدللة قوله تعالى ) َوِل ُ
صه قال المام أحمد ) :أن عمر بن الخطاب كان بالجابية فذكر فتح بيييت جاء في البداية والنهاية لبن كثير ،ما ن ّ
المقدس ،قال :قال ابن سيلمة فحيدثني أبيو سينان عين عبييد بين آدم :سيمعت عمير يقيول لكعيب :أيين تيرى أن
أصلي ؟ قال :إن أخذت عني صييليت خلييف الصييخرة ،وكييانت القييدس كلهييا بييين يييديك ،فقييال عميير :ضيياهيت
اليهودية ! ل ،ولكن أصلي حيث صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فتقدم إلييى القبليية فصييلى ثييم جيياء فبسييط
ردائه ،وكنس الكناسة في ردائه وكنس الناس ( .وهذا إسناد جيد ،اختيياره الحييافظ ضييياء الييدين المقدسييي ،فييي
70
كتابه المستخرج .وجاء في تاريييخ الطييبري فييي رواييية أخييرى ،أن عميير أجيياب كعييب بقييوله ) :فإنييا لييم نييؤمر
بالصخرة ولكّنا ُأمرنا بالكعبة ( .
ونقول أن مفاد الرواية أن كعب ،لما أشار على عمر بالصلة خلييف الصييخرة ،أراد منييه أن يجمييع القبلييتين فييي
صلته ،فأبى عمر وصلى جاعل وجه تلقاء الكعبة والصخرة من وراء ظهره .
لتوضيح المر نحتاج إلى معرفة طبيعة العبادة في شريعة موسى عليه السلم ،فالصلة لديهم كانت تؤّدى بشييكل
ن َتَبّوآ
خيِه َ ،أ ْ
سى َوَأ ِ
حْيَنا ِإَلى ُمو َ
فردي في البيت أو فيما ُيسّمى بالمحراب في المعبد المقدس ) أي الهيكل ( ) َوَأْو َ
ن ) 87يونس ( ،والمحييراب شفِر اْلُم فْؤِمِني َ
لَة َ ،وَب ّصف َجَعُلففوا ُبُيففوَتُكْم ِقْبَل فًة َ ،وَأِقيُمففوا ال ّصَر ُبُيوًتا َ ،وا ْ ِلَقْوِمُكَما ِبِم ْ
صصة للصلة والييدعاء والييذكر ،والغلييب أنهييا كييانت تقييام مرتفعيية عيين عبارة عن غرفة صغيرة منعزلة ،مخ ّ
الرض ،وهي أشبه ما يكون بالعلّيية أو السيّدة ،وقييد ارتبييط ذكير المحييراب فييي القييرآن ،بأنبييياء بنيي إسيرائيل
ب ) 21ص ( ،وبآخر أنبيييائهم ح فَرا َس فّوُروا اْلِم ْ
ص فِم ِإْذ َت َ
خ ْك َنَب فُأ اْل َ
الوائل في فلسطين داود وسليمان َ ) ،وَهْل َأَتففا َ
ب ) 39آل عمران ( . حَرا ِصّلي ِفي اْلِم ْ لِئَكُة َوُهَو َقاِئٌم ُي َ
زكريا ويحيى ) َفَناَدْتُه اْلَم َ
أما الصرح فعلى ما يبدو أنه كان أعجوبة من أعاجيب الزمان ،وأن من قام ببنيائه وصيناعة محتويياته هييم الجين
والشياطين ،وأن مادة البناء كييانت ميين النحيياس والزجيياج ومييواد أخييرى مييا عييدا الحجييارة ،وأنييه اشييتمل علييى
المحيياريب والتماثيييل والوانييي النحاسييية الصييغيرة ،والحييواض أو الييبرك المائييية الضييخمة المصيينوعة ميين
النحاس ،والجواهر والكنوز من لؤلؤ ومرجان وغيرها ،مما كانت تستخرجه الشياطين من أعماق البحييار .قييال
جِري ح َت ْ خْرَنا َلُه الّري َ سّب )َ (35ف َ ت اْلَوّها ُك َأْن َ
ن َبْعِدي ِإنّ َحٍد ِم ْب ِلي ُمْلًكا َل َيْنَبِغي َِل َ غِفْر ِلي َوَه ْ با ْ تعالى ) َقاَل َر ّ
طفِر ، ن اْلِق ْعْيف َسفْلَنا َلفُه َص ) 37ص ( وقال أيضا ) َوَأ َ غّوا ٍ ن ُكّل َبّناٍء َو َطي َ شَيا ِ
ب )َ (36وال ّ صا َ ث َأ َ
حْي ُخاًء َ ِبَأْمِرِه ُر َ
ن َل فُه مَففاسِعيِر )َ (12يْعَمُلففو َ ب ال ّ
عَذا ِ
ن َ ن َأْمِرَنا ُنِذْقُه ِم ْ
عْغ ِمْنُهْم َ ن َيِز ْ
ن َرّبِه َوَم ْ ن َيَدْيِه ِبِإْذ ِ
ن َيْعَمُل َبْي َ
ن َم ْجّ ن اْل ِ
َوِم ْ
عَبففاِدي ن ِ ش فْكًرا َوَقِلي فٌل ِم ف ْ
عَمُلففوا آَل َداُووَد ُ
ت،ا ْ سَيا ٍب َ ،وُقُدوٍر َرا ِ جَوا ِ ن َكاْل َ
جَفا ٍب َ ،وَتَماِثيَل َ ،و ِ حاِري َ ن َم َشاُء مِ َْي َ
شُكوُر ) 13سبأ ( . ال ّ
وأستطيع وصف هذا الصرح بأنه بناء ضخم ومرتفع ،كانت الصخرة تقع في مركزه ،تحيط بها ساحة واسييعة ،
أرضيتها من الزجاج المصقول ُ ،يرى من خللها ماء يجري أسفل منها ،أو ماء راكد في أحواض مائية ،وضع
فيها ما استجلبه سليمان من المناظر والمشاهد البحرية ،مما استخرجته له الشييياطين ميين أعميياق البحيير ،وعلييى
أطراف تلك الساحة أقيمت المحاريب العديدة للعبادة من كل جانب .وال أعلم .
وقد سمعت من زميل لي زار المسجد وتجّول فيه ،أن هناك آبارا وأحواضا مائية ،تحت ساحة المسجد القصييى
مباشرة ،فإذا كان ذلك صحيحا ،ومع علمنييا بييأن المسييجد القصيى ُبنيي فييي نفييس موقييع المسييجد السيابق ،وأن
الصخرة هي القبلة الفعلية لليهود ،فهذا المر ُيؤكد أن الصرح الذي كان قد ُبني في عهد سييليمان عليييه السييلم ،
هو المسجد الذي دخله أولئك المبعوثين أول مرة ،وخّربوه ونهبوا محتوياته ولم يبقوا له أثر ُيذكر ،وعييدم وجييود
آثار له ُيؤكد أن هذا الصرح لم يتم بناءه بالطرق المألوفة ،سواء بهندسة البناء أو بالمواد المستخدمة ،فُبناته هييم
الجن والشياطين ،وبالتأكيد فإن طريقتهم في البناء تختلف عن طريقة البشر ،وطبيعة المواد المسييتخدمة تختلييف
عما يستخدمه البشر ،وربما يكون هذا الصرح الخرافي هو ما دفع نبوخذ نصيير صيياحب حييدائق بابييل المعّلقيية ،
للغارة على بني إسرائيل في المرة الولى لنهب محتوياته .
الروايات الموجودة في كتب التفسير ،عن قصة سليمان وحبه لملكة سبأ ورغبته في الزواج منها ،وإدخالها إلييى
الصرح لرؤية ساقيها ،فيما إذا كان عليهما شعر أو أن قدميها كحوافر الحمار ،لن أبوها أو أمهيا مين الجين …
71
إلى آخره .مما ليس له أصل حتى في التوراة ،جيرّدت سيليمان علييه السيلم مين حكمتيه فيي اليدعوة إليى الي ،
وجعلت منه رجل مزواجا شهوانيا كما أراد له أعداء ال وأعداء أنبياؤه أن يكون .
جفْدُتَها
ولكي نفهم ما جرى من حوار وأحداث بييين سييليمان وملكيية سييبأ ،دعنييا نتمعيين قليل فييي قييول الهدهييد ) َو َ
ن) سِبيِل َ ،فُهْم َل َيْهَتففُدو َ
ن ال ّ
عْ
صّدُهْم َ
عَماَلُهْم َ ،ف َ
ن َأ ْ
طا ُ
شْي َ
ن َلُهْم ال ّ
ل َ ،وَزّي َ
ن ا ِّ
ن ُدو ِ
س ِم ْ
شْم ِ
ن ِلل ّ
جُدو َ
سُ
َوَقْوَمَها َي ْ
24النمل ( يقول الهدهد أنه وجدها هي وقومها ،يعبدون الشمس ميين دون ال ي ،ويعّلييل ذلييك بقييوله أن الشيييطان
زّين لهيم أعميالهم ،بمعنيى أن الشييطان فتنهيم وأوهمهيم ،وزّيين لهيم الباطيل عليى أنيه الحيق ،وعّميى سيمعهم
طل عقولهم عن تمييز الحقيقة من الوهم ،فحرمهم القدرة على الحكم على معتقييداهم ،أهييي خطييا وأبصارهم ،فع ّ
أم صواب ،فعبدوا الشمس على أنها ربهم ،وبذلك صّدهم عين السيبيل ،أي منعهيم مين الوصيول إليى الحقيقية ،
وهي أن ال هو ربهم ،فما دامت أبصارهم قد عميت ،ويعتقدون بصوابية عبادة الشمس ،فمن أين لهم الهداييية ،
جهها الهدهد لسليمان من خلل هذا القول ،هي أنهم بحاجيية لميين يهييديهم ، وهم على حالهم تلك .والرسالة التي و ّ
وُيزيل الغشاوة عن أبصارهم .فتكّفل سليمان عليه السلم بهدايتهم ،وبإزالة هذه الغشاوة ،لعلهم ُيبصييرون وميين
صها وأعطييى سييليمان مفاتيييح خ َ
ح الهدهد حالتهم المرضية وش ّ ثم يهتدون ،بما أوتي من علم وحكمة ،بعد أن شّر َ
الحل ،والن دعنا نتعلم منه عليه السلم ،هذا الدرس العملي في الدعوة إلى ال .
لذلك حملت قومها وأتته على جناح السرعة ،وفي طريقها إليه كان عليه السلم ُيعّد لها الضييربة الثانييية ،فطلييب
ن ) (41لختبييار مييدى ن َل َيْهَتفُدو َ
ن اّلفِذي َ
ن ِمف ْ
ظفْر َأَتْهَتفِدي َأْم َتُكففو ُ
عرشها وأمر بتنكيييره ،وعّلية ذلييك كييانت ) َنن ُ
استعدادها للهداية للدين الجديد ،وليس المقصود هو اهتدائها إلى العرش .كان هّمه عليه السلم هدايتها وقومها ،
وليس الزواج منها كما صّورته بعض الروايات في كتب التفسير .
طم بداخلها فعل عندما رأته وكان جلب العرش بحّد ذاته ،كفيل بتحطيم ذلك الجدار الذي تمترست خلفه .وقد تح ّ
ف ،وكيان بمقيدورها أن تعيترف سئلت عنه لم ُتثِبيت وليم َتني ِ
وعرفته ،لكنها أضمرت ذلك وتمالكت نفسها .ولما ُ
ت َتْعُب فُد ِم ف ْ
ن صّدَها َما َكاَن ْ
جلت ذلك .والسبب هو ذلك الجدار نفسه ) َو َ بأّنه عرشها ،وأن ُتسلم على الفور ولكنها أ ّ
ل ( ،أي الغشاوة التي أعمت بصرها وبصيرتها ،وخوفها من قومها أيضا ،فقالت ) َكَأّنُه ُهَو ( وحتى لييو ن ا ِّ
ُدو ِ
ي على متاعك الكثير من التعديلت ،فستبقى فيه أشياء كثيرة تدلك عليه ،فكانت إجابتهييا حكيميية وغاييية فييي ُأجر َ
التعقل ،فلم تثبت وتسلم أسلحتها الواهية من الوهلة الولى ،محافظة منها على كبريائها كملكة ،ولييم تنييف لنهييا
72
تعلم وقومها ويعلم سليمان وقومه علم اليقين أنه هو بعينه ،فتدل على كبرياء أجوف وعن بلهة وغباء ،فإجابتها
ك كانت هي السلم .
الموسومة بالش ّ
كانت تعلم بحكمتها أن هناك شيئا آخيير ينتظرهييا ،سيييأتي أوانيه بعييد حيين ،فكشيفت بهيذه الجابيية لسيليمان عين
استعدادها للهداية ،فيما لو عييرض عليهييا برهانييا دامغييا وقاطعييا .ولكيين مييا الييذي فعلييه سييليمان حقيقيية فييي هييذا
الموقف ؟ كان إحضار عرشها لظهار مدى عظم ملكه الموهوب له من قبييل ربييه ،وكييان تنكييير العيرش ليقيياظ
حاسة البصر ودقة الملحظة لديها وتحفيزا لعقلها وقلبها ،ولكنها لما اهتدت إلى إنه عرشها أخييذتها العييزة بييالثم
شيئا قليل فكابرت حتى حين .
خِلففي
فكانت الضربة الثالثة والخيرة ،أي القاضية التي سّوت ذلك الجدار بالرض ولم تترك له أثرا ) ِقيَل َلَها اْد ُ
ح ( فما الذي كان في الصرح ؟ كانت أرضية الصرح من زجاج مصقول ومن تحت الزجاج ماء ،وعنييدما صْر َ
ال ّ
عْ
ن ت َ شَف ْ
جًة َوَك َ سَبْتُه ُل ّ
ح ِ
همت بالدخول شاهدت الماء فرفعت ثوبها خوفا من البلل وهّمت بالمشي فيه ) َفَلّما َرَأْتُه َ
ساَقْيَها ( فتبسم سليمان وكأنه خاطبها ضاحكا :لقد كنت واهمة فلن يصل الماء إلى ثوبك فأنزليه وتقدمي ،فهذا ) َ
ن َقَواِريَر ( فأنزلته ودخلت ولما لمست قدميها الزجاج تبين لهييا بطلن ميا اعتقيدت .وهنيا مربيط ح ُمَمّرٌد ِم ْصْر ٌ
َ
الفرس فما كان منها إل أن خجلت ،من وهمها وانعييدام بصيييرتها ،وذهيياب عقلهييا وحكمتهييا وضييللها فييي تلييك
اللحظة ،إذ لم تستطع تمييز الزجاج من الماء ،فاستوعبت على الفور مضمون الرسالة التي وجهها لها سليمان .
العبرة :
ق ،بينما يكون في الحقيقة على باطل ،وهذا هو حالها وقومها بعبييادة الشييمس ن النسان بجهله أنه على ح ّ فقد يظ ّ
سيكت بالباطيل عين جهيل ،فتيبينت بالتجربية والبرهيان بطلن من دون ال ،وأنه دعاها إلى الحق عن علم ،فتم ّ
سففي (
ت َنْف ِ
ظَلْم ف ُ
ب ِإّنففي َ
ق مع سليمان ،فاستجابت على الفور لدعوة سليمان الولى ،قائليية ) َر ّ معتقدها ،وأن الح ّ
ن ) 44النمييل ( فميا كيان ميين قومهيا إل أن ب اْلَعففاَلِمي َ
لف َر ّ
ن ِّ
سفَلْيَما َ
ت َمفَع ُ
سفَلْم ُ
باتباع الباطل عن غيير علييم ) َوَأ ْ
جح أن سليمان لم يتزوجها ،وال أعلم ،ودانت بعد ذلك مملكتها تبعوها ،وعادت إلى مملكتها لهداية قومها ،وُأر ّ
لسليمان دينيا ل عسكريا ،وبقيت العلقات والمصييالح التجارييية وغيرهييا قائميية بييين الييدولتين ،مييرورا بجزيييرة
العرب لفترة طويلة ،حسبما تثبته سورة سبأ ) ، (20 – 15حتى كفر قوم سبأ بأنعم ال إل قليل منهم ،ومع تقادم
الزمن انقطعت تلك العلقة .
أما بني إسرائيل في عصر سليمان ،فلم يختلفوا كثيرا عما كانوا عليه في عصر موسى وداود ،حيث كانوا علييى
الييدوام فاسييدين كييأفراد إل ميين رحييم الي ،ومييا اختلييف عليهييم فييي عصيير سييليمان ،أن سييليمان ساسييهم بييالقوة
ن
جف ّ
ن اْل ِ
جُنفوُدُه ِمف ْ
ن ُ
سفَلْيَما َ
شفَر ِل ُ
ح ِ
والسلطان ،وكان يأخذهم إلى القتال وهم بطبيعتهم له كارهون ،قال تعالى ) َو ُ
جمع ،ويوزعون أي يساقون بانضباط ول يتقدم آخرهييم ن ) 17النمل ( ،وحشر أي ُ عو َ
طْيِر َفُهْم ُيوَز ُ
س َوال ّ
َواِْلْن ِ
على أولهم .
هل تح ّ
قق العلو الول لبني إسرائيل في فلسطين ؟
خُلففوا اَْلْرضَ وأما سبق دخولهم للرض المقدسة ،فقد قال فيه سبحانه على لسان موسييى عليييه السييلم ) َيَق فْوِم اْد ُ
ل َلُكْم ) 21المائدة ( أي ُكتب لبني إسرائيل دخولهييا ،وقييال سييبحانه ) َوَأْوَرْثَنففا اْلَقفْوَم اّلفِذي َ
ن ب ا ُّسَة اّلِتي َكَت َ
اْلُمَقّد َ
ض َوَمَغاِرَبَها اّلِتي َباَرْكَنا ِفيَها ) 137العراف ( أي ملكوها وسكنوها ،وذلك بعد ق اَْلْر ِ
شاِر َ ن َم َ
ضَعُفو َ
سَت ْ َكاُنوا ُي ْ
انقضاء سنوات التحريم والتيه الربعين .والرض المبارك فيها هي فلسطين ،ومشارقها ومغاربها أي كلهييا ميين
النهر إلى البحر ،وهذه هي حيدود الرض المقّدسية والمباركية وحيدود مملكية اليهيود القديمية .لنخليص إليى أن
الرض المقّدسة والمباركة هي فلسطين فقط وليس بلد الشام عامة .إذ أن موسى عليه السلم كان يتواجد وقومه
73
شرقي نهر الردن ،ولو كان شرق النهر أرضا مقّدسية لمييا قيال ادخليوا الرض المقدسية وهيو بيداخلها أصييل .
وشرق النهر لم يوّرث لبني إسرائيل وإنما أقاموا فيه فترة الغضب اللهي عليهم وميين ثييم تركوهييا وارتحلييوا إلييى
فلسطين .
وصلنا إلى مرحلة تحقق العلو ،بوحي من ال وقيادة أنبياؤه وملوكه ،وكان هذا هو العلييو الول لبنييي إسييرائيل ،
وأما الفساد فلم يكن قد وقع منهم لقتران الملك بالنبوة ،وما كان للنبياء عليهم السلم أن يفسييدوا فييي الرض ،
ونجد أن النبي التالي لسليمان في الذكر ،من أنبياء بني إسرائيل في القرآن هو زكريييا وميين بعييده يحيييى ،وكييان
آخرهم عيسى عليهم السلم جميعا .وقد بعث النبياء الثلثة بالتتابع وعاصر بعضهم بعضا ،وكان ذلك بعد فترة
طويلة من وفاة سليمان ،وبعد عيسى لم ُيبعث فيهم أنبياء ،ويقّدر المؤرخون بأن المييدة مييا بييين سييليمان وعيسييى
بأكثر من 900سنة .
وما كان بعث عيسى عليه السلم بالنجيل ،إل لتجديد الشريعة التي جاء بها موسى ،بعد أن أضاع بنو إسييرائيل
ض اّل فِذي
ن َلُكْم َبْع َ
حْكَمِة َوُِلَبّي َ
جْئُتُكْم ِباْل ِ
ت َقاَل َقْد ِ
سى ِباْلَبّيَنا ِ
عي َ
جاَء ِ
التوراة واختلفوا في أمرها .قال تعالى ) َوَلّما َ
ن ) 63الزخرف ( .وُيثبت التاريخ أن بعث عيسى عليه السييلم ،كييان فييي زميين طيُعو ِ
ل َوَأ ِ
ن ِفيِه َفاّتُقوا ا َّ
خَتِلُفو َ
َت ْ
صل عليه بنو إسرائيل قد زال واندثر .مما يترتب عليه الحكم الروماني للمنطقة ،مما يعني أن هذا العلو الذي تح ّ
أن الفساد قد وقع ،وأن البعث قد تحقق في الفترة الممتدة ما بين سليمان وعيسى عليهما السلم ،في زمن أقييرب
إلى حكم سليمان منه إلى بعث عيسى .
المملكة اليهودية بعد سليمان :
وليس من المعقول أن نجزم بأن مملكة سليمان انهارت بموته .وبما أن نظام الحكييم كييان ملكيييا وراثيييا كمييا أقيّره
القرآن ،فل بد أن يكون الملك قد انتقل إلى أحد أبناء سليمان الذين لم يكونوا أنبياء في واقع الحال ،فالنبوة آنييذاك
خرجت من الملك وأصبحت في عاميية الشييعب ،وهنييا تحيّرر العصيياة والمعتييدين ميين اليهييود ،ميين عبييدة المييال
والسلطة تجارا ومرابين من حكم وملك النبياء ،حيث كان الوحي يقف سّدا منيعا أمام طموحاتهم وأحلمهم ،في
ت َلَنا ِمْثَل َما ُأوِت َ
ي حَياَة الّدْنَيا َيَلْي َ
ن اْل َ
ن ُيِريُدو َ
نهب ثروات البلد والعباد ،فهم أبناء الذين قال فيهم تعال ) َقاَل اّلِذي َ
ظيٍم ) 79القصص ( . عِظ َ
حَّقاُرونُ ِإّنُه َلُذو َ
وعلى مر السنين تغّييرت الحيوال وتغلغيل المرابيين والتجيار فيي أوسياط الحكيم وتبيادلوا المصيالح والمنيافع ،
وأصبحوا من علية القوم ليفرضوا على الملوك ما شيياءوا ميين سياسييات تخييدم مصييالحهم .ولييو راجعييت التييوراة
المؤرخ الوحيد لتلك الفترة ،لوجدت أن عدد الملوك الذين تعاقبوا على الحكم ،على مدى 300سنة تقريبييا ،هييو
22ملكا ،وهو عدد كبير نسيبيا ،بمعيدل 14سينة حكيم لكيل مليك .وذليك لكيثرة الغتييالت اليتي كيان ييدّبرها
ويوقعها فيهم علية القوم ،ومن والهم من الكهنة والحبار ،فيمن صلح أو فسييد مين هيؤلء المليوك .والملحيظ
أيضا أن معظم ملوكهم كانوا صغارا في السن ،وربما كان ذلك هو الغاية مين قتيل آبيائهم ،فوجيود مليك صيغير
السن يسهل عليهم السيطرة على شؤون الحكم ليكونوا هم خبرائه ومستشاريه ،وهييذه هييي سياسييتهم فييي العصيير
الحالي في شتى بقاع الرض .وعلى الجانب الخر كان هناك النبياء الذين لم ينقطع بعثهييم فييي بنييي إسييرائيل ،
ليعيدوا أولئك العصاة عن غّيهم وبغيهم بدعوتهم إلى العودة إلى شرع الي ،وتيذكيرهم وتحيذيرهم بميا قضياه الي
عليهم إن أفسدوا في الرض .
تخبرنا كثير من اليات القرآنية عن إفساد بني إسرائيل ،حيث الشييرك بييال ،وتكييذيب فريييق ميين النبييياء وقتييل
فريق آخر ،وقتل أوليياء الي مين النياس ،وسيفك دمياء بنيي قيومهم وإخراجهيم مين دييارهم ،وتحرييف الكهنية
والحبار لكتاب ال ليوافق أهواء علية القوم ،والعتداء على حدود ال وعصيان أوامره ،وأكلهييم الربييا وأمييوال
الناس بالباطل … إلى آخره .ومجمل هذه اليات تخاطب بني إسرائيل كأمة ،فأين ومتى وقع منهيم هيذا الفسياد
الممي … ؟!
74
وهل تح ّ
قق الفساد الول ؟
75
حَر )
سف ْ
س ال ّ
ن الّنففا َ
ن َكَفُروا ُيَعّلُمو َ
طي َ
شَيا ِ
ن ال ّ
ن َوَلِك ّ
سَلْيَما ُ
ن َوَما َكَفَر ُ
سَلْيَما َ
ك ُ
عَلى ُمْل ِ
ن َ
طي ُ
شَيا ِ
) َواّتَبُعوا َما َتْتُلو ال ّ
102البقرة (
.4الربا والسرقة والحتيال :
عَذاًبا َأِليًما ) 161النساء (
ن ِمْنُهْم َ
عَتْدَنا ِلْلَكاِفِري َ
طِل َوَأ ْ
س ِباْلَبا ِ
عْنُه َوَأْكِلِهْم َأْمَواَل الّنا ِ
خِذِهُم الّرَبا َوَقْد ُنُهوا َ
) َوَأ ْ
ن ) 62المائدة (
س َما َكاُنوا َيْعَمُلو َ
ت َلِبْئ َ
ح َ
سْ
ن َوَأْكِلِهُم ال ّ
ن ِفي اِْلْثِم َواْلُعْدَوا ِ
عو َ
ساِر ُ
) َوَتَرى َكِثيًرا ِمْنُهْم ُي َ
.5ترك المر بالمعروف والنهي عن المنكر :
ن ) 79المائدة (
س َما َكاُنوا َيْفَعُلو َ
ن ُمْنَكٍر َفَعُلوُه َلِبْئ َ
عْن َ
) َكاُنوا َل َيَتَناَهْو َ
.6نقض العهود والمواثيق :
ن )(100
ق ِمْنُهْم َبْل َأْكَثُرُهْم َل ُيْؤِمُنو َ
عْهًدا َنَبَذُه َفِري ٌ
عاَهُدوا َ
) َأَوُكّلَما َ
وهكذا نستطيع القول بأن العلو الول والفسيياد الول لبنييي إسييرائيل قييد تحّققييا فييي الرض المقّدسيية ،وأن بداييية
علوهم كانت بملك داود ،ووصل إلى أقصى مداه في عصر سليمان عليه السلم ،وأما الفساد فكانت بييدايته بعييد
خر هذا الملييك وهييذه المملكيية فييي الهييواء … ؟! وهييل ميّر ذلييك وفاة سليمان عليه السلم … والسؤال الن هل تب ّ
الفساد دون عقاب … ؟!
76
بعض الحكام التي صدرت في حقهم فيما سبق نزول القرآن :
دسة ؟
وهل دخلوا الرض المق ّ
لو عدنا إلى زمن موسى عليه السلم ،بعد أن وصل وقومه إلى مشارف الرض والمقدسة ،حيييث قييال لقييومه )
ن ) 21المييائدة ( سفِري َ
خا ِ
عَلففى َأْدَبففاِرُكْم َفَتْنَقِلُبففوا َ
لف َلُكفْم َوَل َتْرَتفّدوا َ
ب ا ُّ
سفَة اّلِتففي َكَتف َ
ض اْلُمَقّد َ
خُلففوا اَْلْر َ
َيَقفْوِم اْد ُ
والرض المقدسة هي فلسطين ولم تقّدس في القرآن أرض غيرها .وقد وردت هذه العبارة في القرآن مرة واحييدة
حرموا ميين دخولهييا أربعييين سيينة ،ولييم فقط ،وكان بنو إسرائيل آنذاك أمة واحدة ،فامتنعوا عن الدخول إليها ،ف ُ
يكن التيه بضياعهم وتشرذمهم في الرض كما قد يتوهم البعض ،وإنما بحرمانهم من الهداية والقيادة برفع النبييوة
والوحي ،وهذا يؤكد أن موسى عليه السلم ،انتقل إلى جوار ربه قبل أو بداييية سيينوات التحريييم ،ولييذلك تجّلييت
الحكمة اللهية باختيار النقباء الثني عشر وأخذ الميثاق منهم مسبقا ،لعلمه المسبق بما سيكون منهم .وُترك أميير
ل حسب السييبط الييذي ينتميي إلييه ،لقييادتهم والفصيل بينهيم فييي الحييوال المدنيية بني إسرائيل لولئك النقباء ،ك ٌ
والشرعية .
ن َبْعِد
سَراِئيَل ِم ْ
ن َبِني ِإ ْ
ل ِم ْ
وفي نهاية الربعين سنة ،وصل ال ما كان قد قطعه فبعث فيهم نبيا َ ) ،أَلْم َتَر ِإَلى اْلَم َِ
لف ) 246البقييرة ( وكلميية ) المل ( تعنييي علييية القيوم ، سفِبيِل ا ِّ
ث َلَنا َمِلًكا ُنَقاِتْل ِفففي َ
ي َلُهُم اْبَع ْ
سى ِإْذ َقاُلوا ِلَنِب ّ
ُمو َ
وطلب القتال كان لدخول الرض المقدسة التي كان قد ُكتب لهييم دخولهييا علييى لسييان موسييى فييي الييية السييابقة .
وعندما أذن ال لهم بدخولها بعد قتال جالوت وجنوده والنتصار عليهم بقتل داود عليه السيلم لجييالوت ،دخلوهيا
مجتمعين كأمة أيضا ،فأقام لهم داود عليه السلم دولتهم الولى وعلوهم الول .
77
وعيسى عليهما السلم .وإذا علمنا أن بني إسرائيل كانوا بحاجة إلى النبياء ) حبل ال ( لدخول الرض المقدسيية
لقامة دولتهم فيها ،ولم يكن فيهم أنبياء في سنوات التحريم ،غير ذلك النبي الييذي ُبعييث عنييد انقضييائها ،والييذي
صل منهم قبييل بعييث عيسييى عليييه توجهوا إليه لطلب المساعدة والنصرة من ال ،لتبين لنا أن قتل النبياء ،قد تح ّ
السلم ،وهو آخر أنبيائهم ،وبعد وفاة سليمان عليه السلم آخر النبياء الملوك ،حيث لم تعد بهييم حاجيية للنبييياء
ليذّكروهم بشرع ال واللتزام به ،بعد أن أمسى لهم الملك والعلو في الرض ،فييأهواء ورغبييات وأطميياع الييذين
) أشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ( والذين ) قست قلوبهم فهي كالحجارة أو شد قسوة ( ل تتفق وشرع ال .
ض ُأَمًما ( أي فرّقناهم ،نجد أنه سبحانه أثبت خروجهم ونفيهم من طْعَناُهْم ِفي اَْلْر ِ
ولو نظرنا في قوله تعالى ) َوَق ّ
الرض المقدسة ،وشتاتهم في الرض على عمومها ،على القل قبل بعث محمد عليه الصلة والسلم بالقرآن ،
فهل ُيعقل أن أمة بأسرها ،تقوم بالتخلي عن ُملكها وترك أرضها من تلقاء نفسييها ورغبيية عنهييا ؟!!! أم أن هنيياك
أمر عظيم نزل بها ،فتركت أرضها قسرا وقهرا ،بعد أن ُأزيل ملكها وأفل نجمها ؟!!! وقد ورد ذكر هذا الحييدث
عًدا َمْفُعوًل ) 5السراء ( .وبما أن تلك ن َو ْلَل الّدَياِر َ ،وَكا َ
خَسوا ِ
جا ُ
في القرآن بصيغة الماضي ،بقوله تعالى ) َف َ
جْئَنففا ِبُكفْم َلِفيًفففا )104السييراء (
خَرِة ِ
لِعُد ا ْ
جاَء َو ْ
العبارة أثبتت شتاتهم بعد أن كانوا أمة واحدة ،والعبارة ) َفِإَذا َ
تشترط مجيئهم من الشتات والتجّمع في فلسطين ،ولم يرد نص في القرآن ُيثبت مجيئهم وتجّمعهم من الشتات قبل
السلم لقامة علوهم الثاني .نستطيع الجزم بأن وعد الولى بقيام المملكة الولى وزوالها قد تحقييق ،وأن المييرة
الثانية قد تحّققت بمجيئهم وتجّمعهم من الشتات لقامة دولتهم الحالية .
78
لفف
ن ا ِّ
حٍد ِإّل ِبِإْذ ِ
ن أَ َ
ن ِبِه ِم ْ
ضاّري َ
ن اْلَمْرِء َوَزْوجِِه َ ،وَما ُهْم ِب َ
ن ِبِه َبْي َ
ن ِمْنُهَما َ ،ما ُيَفّرُقو َ
المعترضة ) َفَيَتَعّلُمو َ
(.
ضّرُهْم َ ،وَل َيْنَفُعُه فْم … إلييى آخيير الييية
.4وُيعّقب سبحانه على ما قامت به تلك الفئة بقوله ) َوَيَتَعّلُمونَ َما َي ُ
( .وهذا ما يقومون به لغاييية الن ،فييي محييافلهم الماسييونية ومدارسييهم الدينييية ،حيييث ُيمارسييون وُيعّلمييون
منتسبيهم وتلميذهم طقوس عبادة الشياطين وفنون السحر والشعوذة .
وأما عند مجيء السلم ،كان جزء منهم متواجد في الجزيرة العربية ،وأخرجوا منها زمن عمر رضي ال عنه
ش فِر ) 2الحشر ( والحشيير معنيياه ح ْ ن ِدَيففارِِهْم َِلّوِل اْل َ
ب ِم ْ
ن َأْهِل اْلِكَتا ِ
ن َكَفُروا ِم ْ
ج الِذي َ
خَر َ
،قال تعالى ) ُهَو اّلِذي َأ ْ
الجمع ،والجمع يختلف عن الجميع ،وقوله ) لول الحشر ( أي بداية الجمييع ،والجمييع يكييون عييادة بعييد التشيّرد
والشتات ،والمقصود هنا الجمع في الدنيا ،وليس الحشر بعد الموت والبعث ،حيث كانت وجهتهم عنييد الخييروج
إلى بلد الشام ،وأما الجلء الذي حكم ال به عليهم ،في زمن الرسييول عليييه السييلم وصييحبه الكييرام ،لييم يكيين
عذابا كالموصوف في سورة السراء ،ل فييي الوعييد الول ول فييي الوعييد الثيياني ،فكيفييية العقيياب فييي المرتييين
لَء َ ،لَع فّذَبهُْم
جَعَلْيِه فُم اْل َ
لف َ
ب ا ُّ
ن َكَت َمتطابقة كما أوضحنا سابقا ،وهذا ما يقرره سبحانه في الية التالية ) َوَلْوَل َأ ْ
ب الّناِر ) 3الحشر ( وقوله تعالى ) لعّذبهم ( يفيد بأن الجلء لم ُيعتبر عييذابا بمعنييى عَذا ُ
خَرِة َلِِفي الدّْنَيا َوَلُهْم ِفي ا ْ
الكلمة ،أما قتل وسبي يهود بني قريظة ،فهو استثناء حصل لخطورة ما قاموا به من خيانة في أحرج لحظيية ميين
تاريخ المة السلمية .
خُلففوُه َأّوَل َمفرّةٍ
جَد َكَمففا َد َسف ِ
خُلوا اْلَم ْوإن لم يكن ما تقّدم مقنعييا بمييا فيييه الكفاييية ،فييانظر إلييى قييوله تعييالى ) َوِلَيفْد ُ
عَلْوا َتْتِبيًرا ) 7السراء ( فأي مسجد الييذي دخلييه المسييلمون علييى اليهييود آنييذاك ،ومييا هييو المسييجد َوِلُيَتّبُروا َما َ
المقصود أصل في هذه الية ؟! وما صفة العلو الذي كييان لهييم آنييذاك ؟! ،وأمييا فسييادهم وإفسييادهم فييي الجزيييرة
ن ِفففي اَْلْرضِ سفعَْو َ لف َوَي ْ طَفَأَها ا ُّ
ب َأ ْ
حْر ِ وغيرها من الماكن ،فهو مشمول في الية الكريمة ) ُكّلَما َأْوَقُدوا َناًرا ِلْل َ
ن ) 64المائدة ( ولحظ قوله تعالى ) ويسعون ( بصيغة المضارع لتفيد السييتمرارية سِدي َ
ب اْلُمْف ِ
ح ّ
ل َل ُي ِ
ساًدا َوا ُّ
َف َ
والمثابرة على الفساد في الرض على عمومها ،وهذا هو ديدنهم على مر العصور ،لذلك كييانوا عرضيية للقتييل
والتنكيل والنهييب والسييلب والطييرد والنفييي ،أينمييا حلييوا وأينمييا ارتحلييوا ،فطييافوا معظييم أرجيياء ميين المعمييورة
وتواجدوا في كل قاراتها على مدى ما يزيد عن 3آلف سنة ،واستمر حالهم هذا على مر العصور ،وهذا ما لييم
يقع في أي شعب من شعوب الرض ،وكان الستثناء الوحيد هو حصولهم على الدولة فييي القييدس مرتييين فقييط .
وبعد شتاتهم في المرة الولى لم يكن لهم علو ولم يكن لهم جمع من الشتات ،الييذي هيو أحييد شييروط ومواصييفات
تحقق الوعد الثاني ،إل ما ُنشاهده الن على أرض الواقع ،من علو ظاهر مقترن بالفساد والفساد ،فييي الرض
على عمومها والُمقّدسة فلسطين على وجه الخصوص .
79
تاريخ اليهود في التوراة والتلمود
ن َبْع فِدهِ
جيُل ِإّل ِم ْ ت الّتْوَراُة َواِْلن ِ ن ِفي ِإْبَراِهيَم َوَما ُأْنِزَل ْ جو َ حا ّ
ب ِلَم ُت َ
وحسب النص القرآني ،في الية ) َيَأْهَل اْلِكَتا ِ
ن الّتففْوَراِة ) ن َيَدْيِه ِم ْ صّدًقا ِلَما َبْي َن َمْرَيَم ُم َ سى اْب ِ عَلى آَثاِرِهْم ِبِعي َ ن ) 65آل عمران ( ،والية ) َوَقّفْيَنا َ ل َتْعِقُلو َ َأَف َ
حصر في الفترة الزمنية الواقعة بين وفاة إبراهيم ونبّوة عيسى عليهما السلم ، 46المائدة ( نجد أن نزول التوراة ُ
ن َهففاُدوا َوالّرّبففاِنّيو َ
ن سفَلُموا ِلّلفِذي َ ن َأ ْ
ن اّلفِذي َ حُكُم ِبَهففا الّنِبّيففو َ
ومن قوله تعالى ) ِإّنا َأنَزْلَنا الّتْوَراَة ِفيَها ُهًدى َوُنوٌر َي ْ
شَهَداءَ ) 44المائدة ( نجد أنهيا أنزليت كمرجيع لبنيي إسيرائيل عَلْيِه ُ
ل َوَكاُنوا َ ب ا ِّن ِكَتا ِ
ظوا ِم ْ حِف ُ
سُت ْحَباُر ِبَما ا ْ َواَْل ْ
ب َقفْد) بني يعقوب عليه السلم ( لستنباط واستخراج الحكييام الشييرعية منهييا ،وفييي قييوله تعييالى ) َيَأْه فَل اْلِكَتففا ِ
ن ُأوُتففواق اّلفِذي َ ل ِميَثففا َ خَذ ا ُّب )15المائدة ( وقوله ) َوِإْذ َأ َ ن اْلِكَتا ِ
ن ِم ْخُفو َ ن َلُكْم َكِثيًرا ِمّما ُكْنُتْم ُت ْ
سوُلَنا ُيَبّي ُ
جاَءُكمْ َر ُ َ
ن ) 187آل شفَتُرو َ س َمففا َي ْل َفِبْئ َ شفَتَرْوا ِبفِه َثَمًنففا َقِلي ًظُهففوِرِهْم َوا ْ س َوَل َتْكُتُموَنُه َفَنَبفُذوُه َوَراَء ُ اْلِكَتابَ َلُتَبّيُنّنُه ِللّنا ِ
عمران ( نجد وصفا لحال اليهود معها وما كان منهم ،في إخفائها وكتمانها وتحريفها وإظهار غير ما جاء فيها ،
وكل ما قيل فيها من معاني في المعجم ينسجم مع واقع التوراة الحالي ،وليس على كتاب موسى فقييط والييذي هييو
في الصل جزء منها ،وما كان الفصل بينها وبين موسى عليه السلم في القران إل ليؤكد هذه الحقيقة .
ن ُتَن فّزلَ
ن َقْب فِل َأ ْ
سِه ِ -م ف ْ
عَلى َنْف ِ سَراِئيُل َ حّرَم ِإ ْسَراِئيَل ِ -إّل َما َ
ل ِلَبِني ِإ ْ
حّن ِ طَعاِم َكا َولو تمعّنا في هذه الية ) ُكّل ال ّ
ل(، ن ) 93آل عميران ( ونظيرت فيي قيوله تعيالى ) ُتَنيّز َ صفاِدِقي َ
ن ُكْنُتفْم َالّتْوَراُة ُ -قْل َففْأُتوا ِبففالّتْوَراِة َفاْتُلوَهففا ِإ ْ
لوجدت أن التنزيل غير النزال ،فالول على مراحل والثاني لمرة واحدة ،ومن ثييم انتقلنييا إلييى سييورة النعييام ،
سففىعَلْيُكْم … )ُ = (153) … (152) … (151ثفّم = آَتْيَنففا ُمو َ حّرَم َرّبُكْم َ وتدبرنا اليات ) ُقْل َتَعاَلْوا َأْتُل َما َ
ن ) 154النعييام ( حَمفًة َلَعّلُهفْم ِبِلَقففاِء َرّبِهفْم ُيْؤِمُنففو َ
يٍء َوُهفًدى َوَر ْش ْ
ل ِلُكّل َ صي ًن َوَتْف ِ سَ ح َعَلى اّلِذي َأ ْ ب َتَماًما َ اْلِكَتا َ
حّرم عليهم في التوراة ،وأن مجيء أداة العطف ) ُثّم ( بعد ذكيير مييا جيياء لوجدنا أن هذه اليات توضح ما كان قد ُ
ب ( بعييدها سى اْلِكَتا َ في التوراة مباشرة ،والتي تفيد لغًة الترتيب والتراخي في الزمن ،ومجيء العبارة ) آَتْيَنا ُمو َ
،يؤكد بما ل يدع مجال للشك أمرين ؛ الول :أن التوراة شيء يختلف عن كتاب موسى عليه السلم ،والثيياني :
أنها سبقت كتاب موسى عليه السلم في النزول .
80
م بين دفتيه جميع ما ُأنزل على أنبياء بني إسرائيل :
التوراة كتاب يض ّ
والرجح أن التوراة ُأنزلت مفّرقة بدءًا من يعقوب أو إسحاق وانتهاًء بزكريا عليهم السلم ،وأنها مجمل ما ُأنييزل
على يعقوب ويوسف وموسى وداود وسليمان وزكريا وبقية أنبيائهم ممن لم تذكر أسمائهم في القرآن ،قال تعييالى
ن ِمفف ْ
ن ي الّنِبّيو َ
سى َوَما ُأوِت َ
عي َ
سى َو ِ
ي ُمو َ
ط َوَما ُأوِت َ
سَبا ِ
ب َواَْل ْ
ق َوَيْعُقو َ
حا َ
سَ عيَل َوِإ ْ
سَما ِ) َوَما ُأنِزَل ِإَلى ِإْبَراِهيَم َوِإ ْ
ن ) 136البقرة ( ولحظ أن ترتيب أسماء النبييياء ،فييي هييذه الييية سِلُمو َ
ن َلُه ُم ْحُحٍد ِمْنُهْم َوَن ْ
ن َأ َ
ق َبْي َ
َرّبِهْم َل ُنَفّر ُ
ن النزال شمل كل من إبراهيم وإسيماعيل وإسييحاق ويعقيوب جاء متعاقبا حسب الترتيب الزمني ،ولحظ أيضا أ ّ
صهما باليتاء ،وأفييرد النييبيين ميين غييير ذرييية والسباط وتوقف .وأفرد موسى وعيسى مع أنهم من السباط وخ ّ
إبراهيم باليتاء أيضا ،والظاهر أن هناك فرق بين النييزال واليتيياء ،وأمييا ماهييية السييباط فسيينبّينها فييي فصييل
آخر .
ولو اطلعت على مجمل النصوص القرآنية ،لوجدت أن ما ُنسب إلى موسييى عليييه السييلم باليتيياء ،هييو الكتيياب
صا إلى موسى عليه السلم ،فييي أي والفرقان والهدى وضياء وذكر واللواح والصحف ،وأن التوراة لم تنسب ن ّ
موضع من المواضع ال ) (18في القرآن ،وهي ) 6مرات في آل عمران ،و 7مرات في المائدة ،ومرة واحدة
في كلٍ من العراف والتوبة والفتح والصف والجمعية ( وخلصية القيول أن ذكير التيوراة فيي القيران ُيقصيد بيه
الكتاب الذي كان بأيدي اليهود زمن نزول القرآن وحتى عصرنا هييذا ،والييذي مجمييل مييا ُأنييزل علييى أنبييياء بنييي
إسرائيل عليهم السلم ،وأن المقصود بذكر الكتاب المذكور في سورة السراء هو ما ُأنزل علييى موسييى وحييده ،
وال أعلم .وأما ما ُينسب إلى موسى عليه السلم في التوراة الحالية ،فهي السفار الخمسيية الولييى ميين مجمييوع
أسفارها ،وهي أسفار التكوين والخروج واللويين والعدد والتثنية ،وعلى الرجح أن بعض هذه السييفار كسييفر
التكوين ،كان موجودا قبل موسى عليه السلم ،ومن المحتمل أن يكون هذا السفر هييو مجمييوع صييحف إبراهيييم
وإسحاق ويعقوب عليهم السلم .
ي ،ميا نصييه :ي ،ما نصه " :جاء في كتاب ) البيدء والتارييخ ( للمقدسي ّ جاء في كتاب ) البدء والتاريخ ( للمقدس ّ
وذلك أن ) بختنصر ( لما خرب بيت المقدس وأحرق التورية وساق بني إسرائيل إلى أرض بابل ،ذهبت التييوراة
من أيديهم حتى جّددها لهم عزير فيمييا يحكييون ،والمحفييوظ عيين أهييل المعرفيية بالتواريييخ والقصييص أن عزيييرا
) عزرا الكاتب ( أملى التوراة في آخر عمره ،ولم يلبث بعدها أن مات ودفعها إلى تلميذ من تلمذته ،وأمره بأن
يقرأها على الناس بعد وفاته ،فعن ذلك التلميذ أخذوها ودونوها ،وزعموا أن التلميذ هو الييذي أفسييدها وزاد فيهييا
وحرفها ،فمن ثم وقع التحريف والفساد في الكتاب وُبّدلت ألفاظ التوراة ،لنها من تأليف إنسان بعييد موسييى لنييه
يخبر فيها عما كان من أمر موسى عليه السلم ،وكيف كييان ميوته ووصيييته إلييى يوشييع بين نييون ،وحييزن بنييي
إسرائيل وبكاؤهم عليه ،وغير ذلك مما ل يشكل على عاقل أنه ليس من كلم ال عز وجل ول من كلم موسييى ،
وفي أيدي السامرة توراة مخالفة للتوراة التي في أيدي سائر اليهود ،في التواريخ والعياد وذكر النبيياء ،وعنيد
النصارى توراة منسوبة إلى اليونانية ،فيها زيادة في تواريخ السنين على التورية العبرانييية ،بييألف وأربييع مييائة
سنة ونيف ،وهذا كله يدل على تحريفهم وتبديلهم ،إذ ليس يجوز وجود التضاد فيها من عند ال " انتهى .
أما ما دفعني للبحث في أمر التوراة في البداية ،هو رغبتي في استخراج نص النبوءة منها ،ومقييارنته مييع نييص
سورة السراء ،واستقراء تاريخهم حسب ما يروونه هم بأنفسهم ،فيما إذا كان هناك ما يفيد تحقق الوعد الول ،
من خلل البحث في التوراة الحالية ،والموجودة تحت اسم العهد القديم ،في الكتاب المقدس الخاص بالنصارى ،
ي نسختين عنه واحدة باسم )كتاب الحياة /ترجمة تفسيرية /ط / 1988 2جي سي سنتر القاهرة حيث توفرت لد ّ
( وتقع في ) (1128صفحة ،وأخرى باسم ) الكتاب المقدس /دار الكتاب المقدس في الشرق الوسط ( وتقع فييي
) ( 1358صفحة مترجمة عن التوراة اليونانية ،وبما أن عدد الصفحات كبير جدا ،ومن المؤكييد أن هييذا النييص
قد اعتراه الكثير من التحريف والتزوير من إضافة ونقص ،فهو يحتاج إلى قراءة مركزة ومتأنية من اللييف إلييى
الياء ،مما يتطلب الكثير من الوقت والجهد ،فضل عما ُتصاب به من دوار كلما حاولت أن تستجمع ما ورد فيها
،من أفكار مشتتة ومضّللة ،ولما فيها من إسهاب وإطالة وتكرار ،لذلك كان ل بد لي من تحديد على من ُأنزلييت
81
هذه النبوة ،وما هو المقصود بقوله سبحانه ) في الكتاب ( على وجه الدقة وفييي أي فييترة زمنييية ُأنزلييت ،لتكييون
عملية البحث فيها أقل جهدا ،وعند بحثي عنها فيما ُنسب إلى موسييى عليييه السييلم ميين أسييفار وجييدتها فييي سييفر
التثنية ،وقد اعتراها الكثير من التشويه من حذف وإضافة ،وفيما يلي بعض ميين بقايييا نصوصييها الييتي تييوزعت
على مدى ) 18صفحة ( :
دوِنللي
ن ُ
م ْ ل أ َّل ت َت ّ ِ
خ ُ
ذوا ِ سَراِئي َ
دى ل ِب َِني إ ِ ْ عل َْناهُ ُ
ه ً ج َ
و َ سى ال ْك َِتا َ
ب َ مو َ
ءات َي َْنا ُ
و َ
) َ
كيًل ) 2السراء ( و ِ َ
" إصحاح :26آية :16لقد أمركم الرب إلهكم هذا اليوم ،أن تعملوا بهذه الفرائض والحكيام ،فييأطيعوا واعمليوا
بها من كل قلوبكم ومن كل نفوسكم … :17 ،وأن عليكم طاعة جميع وصاياه :19،فيجعلكم أسمى من كل المييم
] مستعليا على جميع القبائل [ التي خلقها في الثناء والشرف والمجد ) ،العلو ( . " … ،
إخبار موسى عليه السلم بنص النبوءة كان قبل دخولهم إلى الرض المقدسة :
" :1-9 :27وأوصى موسى وشيوخ إسرائيل الشعب قائلين :أطيعوا جميع الوصايا التي أنييا أمركييم بهييا اليييوم .
فعندما تجتازون نهر الردن ،إلى الرض التي يهبهييا الييرب إلهكييم لكييم ،تنصييبوا لنفسييكم حجييارة كييبيرة … ،
وتكتبون عليها جميع كلمات هذه الشريعة … ،ثم قال موسى والكهنة واللويون لجميع شعب إسرائيل " :
سفر الخروج :2 : 20 " :أنا هو الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر ديار عبوديتك :3 ،ل يكن لك آلهيية
أخرى سواي :4 ،ل تنحت لك تمثال ول صورة :5 ، … ،ل تسجد لهن ول تعبييدهن :7 ، … ،ل تنطييق باسييم
الرب باطل :12 ، … ،أكرم أباك وأمك :13 ، … ،ل تقتل :14 ،ل تزن :15 ،ل تسرق :16 ،ل تشهد على
قريبك شهادة زور :17 ،ل تشته بيت جارك ، … ،ول شيئا مما له " .
وهذا ما ُيسّمونه بالوصايا العشر ،واخترت النص من سفر الخروج ،كونه أكثر وضوحا ومطابقة للقرآن ،حيث
ورد نص الميثاق والوصايا في والبقرة ) ( 84 – 83والنعام ) ( 153 – 151والسراء ) . ( 39 – 22
ْ َ ب ل َت ُ ْ
ن
مّرت َي ْل ِ
ض َ
فللي الْر ِ
ن ِ
س لد ُ ّ
ف ِ فللي ال ْك ِت َللا ِل ِ ضي َْنا إ ِل َللى ب َن ِللي إ ْ
سللراِئي َ ق َ و َ
) َ
َ
وا كِبيًرا ) 4السراء ( ُ
عل ّن ُ ُ
عل ّ َ
ولت َ َْ
" :16-21 :31و قال الرب لموسى :ما إن تموت وتلحق بآبائك ) مستقبل ( … حالما أدخلهم إلى الرض التي
تفيض لبنا وعسل ، … ،فيأكلون ويشبعون ويسمنون ،فإنهم يسعون وراء آلهة أخرى ويعبدونها ويزدرون بييي
وينكثون عهدي .فيحتدم غضبي عليهم في ذلك اليوم ،وأنبذهم وأحجب وجهييي عنهييم ،فيكونييوا فريسيية :، … ،
فمتى حّلت بهم شرور كثيرة ومصائب جّمة ،يشهد هذا النشيد عليهم ،لنه سيظل يترّدد علييى أفييواه ذرّيتهييم ،إذ
أنني عالم بخواطرهم التي تدور بخلدهم الن ،قبل أن ُأدخلهم إلى الرض كما ] أقسمت [ " ) .وهذا يعني أن ال
أخبرهم من سابق علمه بما سيكون منهم بعد دخولهم للرض المقّدسة (
م ِل َن ْ ُ َ َ
سك ُ ْ
م ) 7السراء ( ف ِ سن ْت ُ ْ
ح َ
مأ ْسن ْت ُ ْ
ح َ
نأ ْ) إِ ْ
" :1-13 :28وإن أطعتم صوت الرب طاعة تامة ،حرصا منكم على تنفيذ جميع وصاياه فإن الرب إلهكم يجعلكم
أسييمى ميين جميييع أمييم الرض .وإذا سييمعتم لصييوت الييرب إلهكييم ،فييإن جميييع هييذه البركييات تنسييكب عليكييم
82
لت أرضكم ،ونتاج بهائمكم ،ويهزم الرب أمييامكم أعييدائكم القييائمين وتلزمكم ، … ،كما تتبارك ُذّرّيتكم ،وغ ّ
طيرق ،فيفتيح اليرب كنيوز سيمائه عليكم ،فيقبلون عليكم فيي طرييق واحيدة ،ولكّنهيم ُيوّليون الدبيار فيي سيبع ُ
الصالحة ،فيمطر على أرضكم في مواسمها ،وُيبارك كل ما تنتجه أيديكم ، … ،فإّنه يجعلكم رؤوسيا ل أذنابيا ،
متسامين دائما ) علو ( ،ول ُيدرككم انحطاط أبدا ) ذّلة ( … " ) .مثوبة الصلح (
) وإ ن أ َ ْ
فل َ َ
ها ) 7السراء ( م َ
سأت ُ ْ
َ َ ِ ْ
" 15 :28ولكن إن عصيتم صوت الرب إلهكم ،ولم تحرصوا على العمل بجميع وصاياه وفرائضيه ،اليتي أنيا
لت أرضييكم ، ل اللعنيية بأبنييائكم ،وغ ّ
آمركم اليوم بها ،فإن جميع هذه اللعنات تحييل بكييم وتلزمكييم ، … ،وتحي ّ
ب عليكييم اللعنيية والفوضييى والفشييل ،حييتى تهلكييوا وتفنييوا سييريعا لسييوء أفعييالكم إذ
ب اليير ّ
ونتاج بهائمكم ،ويص ّ
تركتموني ،ويتفشى بينكم الوباء حتى ُيبيدكم ،وتصبح السماء من فوقكم كالنحاس ،والرض من تحتكم كالحديييد
ب أمام أعدائكم ،فتقبلون عليهم في طريق واحدة ،وتولون الدبار أمامهم متفرقين فييي سييبع :25 ،ويهزمكم الر ّ
طرق ،وتصبحون عبرة لجميييع ممالييك الرض :26 ،وتكييون جثتكييم طعامييا ،لجميييع طيييور السييماء ووحيوش
الرض ،ول يطردها أحد ] وليس من يزعجها [ :28 ،ويبتليكم الرب بالجنون والعمى وارتباك الفكير ] وحييرة
سس العمييى فييي الظلم ،وتبييوء طرقكييم بالخفيياق ،ول سسون طرقكم في الظهر ،كما يتح ّ القلب [ :29 ،فتتح ّ
تكونون إل مظلومين مغصوبين كل اليام :32 ،يساق أولدكم وبناتكم إلى أمة أخرى … وما في أيييديكم حيليية ،
… :36 ،ينفيكم الرب أنتم وَمِلككم إلى أمة أخرى ،ل تعرفونها أنتييم ول آبيياؤكم :37 ، … ،وتصييبحون مثييار
دهشيية وسييخرية وعييبرة فييي نظيير جميييع الشييعوب ] :43 ، … ،الغريييب الييذي فييي وسييطك ،يسييتعلي عليييك
متصاعدا ،وأنت تنحط متنازل [ ) عودة الذل وزوال العلو ( ، … :44 ،وهم يكونون رؤوسًا وأنتم تكونون ذنبا
" ) .عقوبة الفساد (
1 :29وهذه هي نصوص العهد ،الذي أمر الرب موسى ،أن يقطعه مع بني إسرائيل في سهول موآب ،فضييل
عن العهد الذي قطعه معهم في حوريب :2 ،ودعا موسى جميع إسرائيل 4 :29 ، … ،و لكن اليرب ليم يعطكيم
حتى الن ،قلوبا لتعوا ] لتفهمييوا [ وعيونييا لتبصييروا و أذانييا لتسييمعوا :9 ، … ،فييأطيعوا نصييوص هييذا العهييد
واعملوا بها ] ،لكي تفلحوا في كل ما تفعلون [ :14 ، … ،ولست أقطع هذا العهييد وهييذا القسييم معكييم وحييدكم ،
:15بل … ُأبرمه أيضا مع الجيال القادمة ) حيث سيقع منهم الفساد مّرتين مسييتقبل ( :18 ، … ،فاحرصييوا
83
صل فيه الشّر ،فيحمل ثمرا علقما ساّما :19 ،فإن سمَع كلم هذا الَقسييم يسييتمطر بركيية
أن ل يكون بينكم ،من تأ ّ
على نفسه ) أي يزّكيي نفسييه ( قييائل :سيأكون آمنيا ،حيتى وليو أصييررت علييى السييتمرار فييي سيلوك طريقييي
) الصرار على المعصية ( ،إن هذا ُيفضي إلى فناء الخضر واليابس ،على حد سواء :20 ،إن الرب ل يشيياء
الرفق بمثل هذا النسان ،بل يحتدم غضبه وغيرته عليه ،فتنزل به كل اللعنات المدّونة في هذا الكتاب ،ويمحييو
اسمه من تحت السماء :22 ،فيشاهد أبناؤكم من الجيال القادمة ،والغرباء الوافدون من أرض بعيدة ،بليا تلك
الرض :23 ، … ،إذ تصبح جميع الرض كبريتا محترقة ل زرع فيها ، … ،كانقلب سدوم ) قييوم لييوط ( ،
ظ عظيييم ،
ط وغيي ٍ ب وسييخ ٍالتي قلبها الرب من جراء غضبه وسخطه :28 ، … ،واجتّثهم ميين أرضييهم ،بغضي ٍ
وطّوح بهم إلى أرض أخرى ) السبي والشتات ( . " … ،
فا ) 104السراء ( م لَ ِ
في ً جئ َْنا ب ِك ُ ْ
ة ِ عدُ اْل ِ
خَر ِ و ْ
جاءَ َ
ذا َ ) َ
فإ ِ َ
ل بكم هذه البركات واللعنات ) تحقق الوعد الول من علو وإفساد وعقاب ( كلها التي وضعتها 1 :30وعندما تح ّ
ُنصب أعينكم ،ورّددتموها في قلوبكم بين المم ،حيث شّتتكم الييرب إلهكييم :2 ،ورجعتييم إلييى الييرب إلهكييم أنتييم
وبنوكم :3 … ،فإن الرب إلهكم يرّد سبيكم ويرحمكم ،ويّلم شتاتكم من بين جميع الشييعوب ،الييتي نفيياكم الييرب
إلهكم إليها … ،
م أ َك ْث َلَر
عل ْن َللاك ُ ْ
ج َ
و َ
ن َ
وب َِني ل َ
ل َ
وا ٍ
م َ
َ
م لدَدَْناك ُ ْ
م ب ِلأ ْ
عل َيه لم َ
م ال ْك َّرةَ َ ْ ِ ْ َ
وأ ْ م َردَدَْنا ل َك ُ ُ ) ثُ ّ
فيًرا ) 6السراء ( نَ ِ
:5 :30ويعيدكم إلى الرض التي امتلكها آباؤكم فتمتلكونها ،ويحسن إليكم ويكّثركم أكثر من آبائكم :7 :30 ،و
ُيحّول الرب إلهكم كل هذه اللعنات ) العقاب الذي سيكون قد نزل بهم فييي المييرة الولييى ( علييى أعييدائكم ،وعلييى
مبغضيكم الذين طردوكم ) الذين أنزلوا بهم العقاب اللهي في المرة الولى ( 8 :30 ،و أما أنتم فتطيعون صوت
الرب من جديد ) في المرة الثانية ( ،وتعملون بجميع وصاياه التي أنا أوصيكم بها اليوم :9 ،فيفيض الرب عليكم
خيرا ،في كل عمل ميا تنتجيه أييدكم ،ويكّثير ثميرة أحشيائكم ،ونتياج بهيائمكم ،أرضيكم ) … ،وكيل ميا تقيدم
مشروط بالحسان (
فسك ُم وإن أ َ ْ َ َ
فل َ َ
ها ) 7السراء ( ) تكرار ( م َ
سأت ُ ْ
َ م ِل َن ْ ُ ِ ْ َ ِ ْ
سن ْت ُ ْ
ح َ
مأ ْسن ْت ُ ْ
ح َ
نأ ْ) إِ ْ
:10 :30هذا إن سمعتم لصوت الرب إلهكم ،وحفظتم وصاياه وفرائضه المدّونة في كتاب الشييريعة هييذا ) ،أي
طهييا أحبييارهم وكهنتهييم ( ،وإن رجعتييم إلييى الييرب تعاليم شريعة موسى في التوراة ،وليس تعاليم التلمود التي خ ّ
إلهكم ،من كل قلوبكم ومن كل نفوسكم :11 ،إن ما أوصييكم بيه اليييوم مين وصييايا ،ليسيت متعيّذرة عليكييم ول
بعيدة المنال :15 ، … ،انظروا :ها أنا قد وضييعت أمييامكم اليييوم ،الحييياة والخييير والمييوت والشيير … :16 ،
أوصيتكم اليوم أن ُتحّبوا الرب إلهكم ،وأن تسلكوا في طرقه ،وتطيعوا وصاياه وفرائضه وأحكامه ،لكييي تحيييوا
وتنمو ،فيبارككم الرب ،في الرض التي أنتم ماضون إليها لمتلكها :17 ،ولكن إن تحّولت قلوبكم ولم تطيعوا
،بل غويتم وسجدتم للهة أخرى وعبييدتموها :18 ،فييإني أنييذركم ] ُأنّبئكييم [ اليييوم أنكييم ل محاليية هييالكون ،ول
تطول اليام على الرض ) أي مقامكم ( التي أنت عابر ) نهر ( الردن لتدخلها وتمتلكها …
:19ها أنا ُأشهد عليكم اليوم السماء والرض ،قد وضييعت أمييامكم الحييياة والمييوت ) أي وضييحت لكييم طريييق
النجاة وطريق الهلك ،واستبدالها بكلمتي الحياة والموت من خلل النقل أو التحريف ،ترّتب عليييه إنكييار الحييياة
الخرة ،واليوم الخر من بعث وحساب ،فالجزاء عندهم دنيوي فقط ،فالثواب هو إطاليية الحييياة ،والعقيياب هييو
قصرها ( ،البركة واللعنة ) أي الجزاء في الدنيا ( ،فاختاروا الحياة ) أي الشريعة ( لتحيوا ) لتنجييوا ميين عييذاب
سكون به لنه هو حييياتكم ) أي الدنيا والخرة ( أنتم ونسلكم :20 ،إذ تحّبون الرب إلهكم و تطيعون صوته ،وتتم ّ
84
نجاتكم ( والذي ُيطيل أيامكم لتسييتوطنوا ] لكييي تسييكنوا [ الرض الييتي حلييف الييرب لبييائك ،إبراهيييم وإسييحاق
ويعقوب أن يعطيها لكم .
:1 :31ومضى موسى يقول لبني إسرائيل … :2 :وقد قال لي الرب :ليين تعييبر هييذا الردن ) المقصييود نهيير
الردن ( :3ولكن الرب إلهكم هو عابر أمامكم ،وهو يبيد تلك المم من قّدامكم فييترثونهم ] :6 ، … ،تش يّددوا [
جعوا ،ل تخشونهم ول تجزعوا منهم ،لن الرب إلهكم سائر معكم ،ل يهملكم ول يترككم . وتش ّ
ي جميع شيوخ أسباطكم و عرفاءكم ) النقباء ( ،لتلو على مسييامعهم هييذه الكلمييات ،وأشييهد 28 :31اجمعوا إل ّ
عليهم السماء والرض :29 ،لنني واثق أنكم بعد موتي ،تفسدون وتضلون عن الطريق الييذي أوصيييتكم بهييا ،
فيصيبكم الشّر في آخر اليام ) المرة الثانية تكون آخر الزمان ( ،لنكم تقترفون الشر أميام اليرب ،حيتى تيثيروا
غيظه بما تجنيه أيديكم :30 ،فتل موسى في مسامع كل جماعة إسرائيل ] بكلمات [ هذا النشيد … ،
كيًل ) 2السراء (
و ِ
دوِني َ
ن ُ
م ْ
ذوا ِ ) أ َّل ت َت ّ ِ
خ ُ
جدوا عظمة إلهنا :4 ،هو الصخر ) الوكيل ( ] الكامل صنيعه [ ،سبله جميعها عدل :3 :32باسم الرب أدعو فم ّ
،هو إله أمانة ل يرتكب جورا ،صديق وعادل هو :5 ،لقد اقترفوا الفساد أمامه ،ولم يعودوا له أبناء ،بل لطخة
ي ،أليييس هييو أبيياكم وخييالقكم ،عار ،إنهم جيل أعوج وملتو :6 ،أبهذا تكافئون الرب ،أيها الشعب الحمق الغييب ّ
الذي عملكم وخلقكم :7 ،اذكروا اليام الغابرة ،وتأملوا في سنوات الجيال الماضية ،اسييألوا آبييائكم فينييبئوكم ،
ش ،فأحياط بهيم ورعياهم وصيانهم … :12 ، جَدهم في أرض قفٍر وفي خلء موح ٍ وشيوخكم فيخبروكم َ :10 ،و َ
وحده قاد شعبه ،وليس معه إله غريب ) أي آخر ( :13 ،أصعدهم على هضاب الرض ،فأكلوا ثمار الصحراء
،وغّذاهم بعسل من حجر ،وزيتا من حجر الصّوان ،و … و …
الدخول الثاني كان بحبل من الناس ،إذ ل حاجة بهم إلى الله :
:15فسمن بنو إسرائيل ورفسوا ،سمنوا وغلظوا واكتسوا شحما ) كناية عن الترف ( ،فرفضييوا اللييه صييانعهم
وتنّكروا لصخرة خلصهم :16 ،أثاروا غيرته بآلهتهم الغريبة ،وأغاظوه بأصنامهم الرجسة :17 ،للهة غريبة
لم يعرفوها بل ظهرت حديثا ) المال والقوة والناس ( ،آلهة لم يرهبها آبيياؤهم ميين قبييل :18 ،لقييد نبييذتم الصييخر
الذي أنجبكم ونسيتم ال الذي أنشأكم ) وهذا حالهم وحال دولتهم الحالية ( .
َ
ة … )7
مللّر ٍ خُلللوهُ أ ّ
و َ
ل َ جد َ ك َ َ
مللا دَ َ سلل ِ خُلوا ال ْ َ
م ْ ول َِيللدْ ُ هك ُ ْ
م َ جللو َ
و ُ
ءوا ُسللو ُ
) ل ِي َ ُ
السراء (
:19فرأى الرب ذلك ورذلهم ،إذ أثار أبناؤه وبناته غيظه :20 ،وقال :سأحجب وجهي عنهم فأرى ماذا سيكون
مصيرهم ؟ إنهم جيل متقلب وأولُد خونة ، … :21 ،لذلك سأثير غيرتهم بشعب متوحش ) أولي بييأس شييديد ( ،
وأغيظهم بأمة حمقاء ] أمة ل تفهمون لغتها [ :22فها قييد أضييرم غضييبي نييارا ُ ،تحييرق حييتى الهاوييية السييفلى ،
لتها ،وتحرق أسس الجبييال :23 ،أجمييع عليهييم شييرورا ،وُأنفييذ سييهامي فيهييم :24 ،أجعييل وتأكل الرض وغ ّ
أنياب الوحوش ،مع حّمة زواحف الرض تنشب فيهم :25 ،يثكلهم سيف العدو فييي الطريييق ،ويسييتولي عليهييم
الرعب داخل الخدور ،فيهلك الفتى مع الفتاة ،والرضيييع مييع الشيييخ ) الجييوس الثيياني ( :26قلييت :أشيّتتهم فييي
زوايا الرض ،وأمحو من بين الناس ذكرهم ) أي في المييرة الولييى ( :27 ،لييول خييوفي ميين تبجييح العييدو ،إذ
ظمت ) أعداء بني إسرائيل ( وليس ما جرى من ِفعل الرب . عُ
يظنون قائلين :إن يدنا قد َ
85
ة ) 7السراء ( عدُ اْل ِ
خَر ِ و ْ
جاءَ َ
ذا َ ) َ
فإ ِ َ
28 :32إن بني إسرائيل أمة غبية ول بصيييرة فيهييم ) ل يعقلييون ول يفقهييون ( :29 ،لييو عقلييوا لفطنييوا لمييآلهم
وتأملوا في مصيرهم :32 ،إذ أن كرمتهم من كرمة سدوم ،ومن حقول عمورة ) ،تشيه إفسييادهم وإصييرارهم ،
بإفساد قوم لوط وإصرارهم ( وعنبهم ينضح سّما ،وعناقيدهم تفيض مرارة :33 ،خمرهم حّمة الفيياعي ،وسيمُ
الثعابين المميت 34 :32أليس ذلك مدخرا عندي ،مختوما عليه في خزائني :35 ،لي النقمة وأنا ُأجازي ،فييي
ل أقدامهم ،فيوم هلكهم بات وشيكا ،ومصيرهم المحتوم ُيسرع إليهم ) ،كلما الوقت المعين ) مجيء الوعد ( تز ّ
أمعنوا في الفساد كلما اقترب موعد هلكهم ( .
عسى ربك ُ َ
مك ُ ْ
م … ) 8السراء ( ح َ
ن ي َْر َ
مأ َْ ّ ْ ) َ َ
" :36لن الرب يدين شعبه ) بني إسرائيل ( ويرأف بعبيده ،عندما يييرى أن قيّوتهم قييد اضييمحلت ) زالييت بعييد
المرة الثانية ( … " .
وَل عن ْك ُل ْ
م َ ضلّر َ
ف ال ّ ن كَ ْ
شل َ فَل ي َ ْ
مل ِك ُللو َ ه َ
دون ِل ِ
ن ُ
مل ْ
م ِ
مت ُل ْ
ع ْ
ن َز َ عوا ال ّ ِ
ذي َ ل اد ْ ُ ) ُ
ق ِ
ويل ) 56السراء ( ً ح ِتَ ْ
ب لمساعدتكم وتبسط عليكم" 37 :32عندئذ يسأل الرب :أين آلهتهم ؟ أين الصخرة التي التجأوا إليها ؟ :38لته ّ
حمايتها :39انظروا الن :إني أنا هو وليس إله معي ،أنا أميت وأحيي ،أسحق وأشفي ول منقذ ميين يييدي … ،
ي ُ :42 ،أسييكر
ت به يدي للقضاء ،فإني أنتقم من أعييدائي وأجييازي مبغضي ّ
:41إذا سننت سيفي البارق ،وأمسك ْ
سهامي بالدم ويلتهم سيفي لحما بدم القتلى والسبايا ،ومن رؤوس قواد العدو ) قادة إسرائيل ( … " .
" 45 :32وعندما انتهى موسى ،من تلوة جميع كلمات هذا النشيد على السييرائيليين :46 ،قييال لهييم :تييأّملوا
بقلوبكم في جميع الكلمات ،التي أنا أشهد عليكم بهيا الييوم ،لكيي توصييوا بهيا أولدكييم ،ليحرصييوا علييى العمييل
بكلمات هذه التوراة كلها :47 ،لنها ليست كلمات ل جدوى لكم منهيا ،إنهيا حيياتكم وبهيا تعيشيون طيويل ،فيي
الرض التي أنتم عابرون نهر الردن إليهييا لترثوهييا … :5 :34فمييات موسييى عبييد الييرب ،فييي أرض مييوآب
]حسب [ قول الرب " .
نلحظ هنا أن النبوءة ،اعتراها بعض التشويه مين حيذف أو إضيافة أو تبيديل ،ولكنهيا حيافظت عليى خطوطهيا
العريضة ،ونلحظ أيضا أنها فصلت المرتين كل منهما على حدة .
جح كثير من الناقدين والباحثين الغربيون ،من الذين وضعوا التييوراة تحييت المجهيير ،كونهييا العهييد القييديم ميين
رّ
كتابهم المقدس ،أنها كتبت بأيدي بشر ،وذلك لما تحفل به من خرافات وأساطير ،ولتناقضييها مييع العهييد الجديييد
) النجيل ( ،وتناقضها مييع المنطييق والواقييع ،وتناقضييها أيضييا مييع المصييادر التاريخييية الخييرى فييي مواضييع
عديدة ،وُيجمع الكثير منهم أن كتابتها وجمعها قد تم بعد السبي البابلي ،وجاء القرآن ليكشف الكثير ميين أكاذيبهييا
طلعي عليها تبين لي أن من قام بإعادة كتابة التوراة ،هم أشخاص مشييبعون بمشيياعر وافتراءاتها ،ومن خلل ا ّ
الحقد والقهر والنقمة والرغبة في النتقام ،وكل هذه المشاعر موجهة بالترتيب نحو :
ض
ل وعل ) ،يقولون أن يعقوب عليه السلم صرع ال في البرية ،واستطاع ال النجاة بع ّ .1رب العزة ج ّ
يعقوب في فخذه ،فسبب له عرق النساء ،ومن أجل ذلك ل يأكل اليهود عرق النساء الييذي فييي الفخييذ ،سييفر
التكوين ، 32-24 :32ويقولون عنه سبحانه أنه كثير البكيياء وكييثير النييدم علييى مييا أنزلييه بشييعبه المقييدس ،
86
طييردوا منييه بل
ولذلك كانوا وما زالوا يعتقدون ،أن ال سيصلح خطأه معهم ،بإعادتهم إلييى وطنهييم ،الييذي ُ
ذنب أو خطيئة ،فالخطأ منسوب إلى ال ورسله وملئكته والشعوب المجاورة ،أما شعب ال المقّدس ،فليس
له خطيئة فهو حمل وديع ،وهذا نوع من السقاط النفسي ،لعظم الخطيئة ،وفداحة العقيياب الييذي وقييع منهييم
وبهم ( .
.2الرسل والنبياء ) ،يقولون أن موسى وهارون خانا الرب وسط الشعب التثنية ؛ ، 51-50 :32وهارون
هو الذي صنع العجل الذهبي ،الخروج ، 6-1 :32وداود ارتكب خطيئة الزنا مع زوجة الجندي ؛ صموئيل
الثاني ، 27-1 :11 ،وسليمان عبد آلهة أخرى ،وفعل الشّر في عينييي الييرب ،كمييا فعييل أبييوه ؛ ملييوك أول
. ( 8-1 :11
.3الكنعانيون القدماء وورثتهم الجدد ) الفلسطينيون ( ) ،سفر التكوين :27-20 :9واشتغل نييوح بالفلحيية
ي أبيييه ،فخييرجعر ّوغرس كرما ،وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خيمته ،فشاهد حام أبو الكنعانيين ُ
وأخبر أخويه اللذين كانا في الخارج ،فأخذ سام ويافث ،رداءً ووضعاه على أكتافهما ،ومشيييا القهقييرى إلييى
داخل الخيمة ،وسترا عورة أبيهما من غير أن يستديرا بوجهيهما نحوه فُيبصييرا عييورته .وعنييدم أفيياق نييوح
من سكره ،وعلم ما فعله ابنه الصغير ،قال :ليكيين كنعييان ملعونييا ،وليكيين عبييد العبيييد لخييوته ،ثييم قييال :
تبارك ال إله سام ،وليكن كنعان عبدا له ،ليوسع ال ليافث ،وليكن كنعان عبدا له ( .
.4الكلدانيون في بابل ،وورثتهم الجدد ) العراقيون ( ) ،وأحقادهم على بابل وأهلهييا ُ ،أفييرد الحييديث عنهييا
في موضع آخر ( .
.5جميع شعوب الرض مييا عييدا اليهييودي الصييرف ) .والمثليية علييى ذلييك موجييودة فييي أسييفار موسييى ،
ونصوص التلمود ( .
.6سبط بنيامين الخ الشقيق ليوسف عليه السلم .
وكل مشاعر الحقد والرغبة في النتقام ممن ُذكروا أعله ،أفرغها الكتبة ) الكهنة والحكماء ( في كتابهم المقييدس
) التوراة ( ،فأعادوا جمعها ونسخها تحت وطأة انفعالت نفسية رهيبة ،وتمت فبركة جميع أسفارها بما يتناسييب
مع تلك المشاعر التي خلفها السبي البابلي في عقولهم وقلوبهم ،والتي كانت أكبر فاجعة ُأصيب بها بنو إسييرائيل
والكثر إيلما على مّر التاريخ .
وقد تبين لي أن هناك تطويل وتكرار غير مبرر لنفس الحدث أو الموضييوع ،وأحيانييا يكييون هييذا التكييرار لنفييس
السفر كامل تحت مسميين ،مثل أسفار أخبار اليام وأخبار الملوك مع اختلف بسيط ،وأحيانا لنفييس الفقييرة فييي
جمعييت علييى القييل ميين مصييدرين مختلفييين ،وُأخييذت نفس السفر ،وهذا التكرار يدل على أن نصوص التييوراة ُ
جمعت في كتاب واحيد دون تفضييل نيص عليى آخير ،فالحيدث الواحيد أحيانيا يتكيّرر مرتيين النصوص منهما و ُ
وثلثة دون وجود فارق جوهري في المضمون .
وبعد أن قمت بمطالعة التوراة بشكل ُمتكّرر تأكدت من هذه الحقيقة ،التي لم يكن قد تنّبه لهييا البيياحثون والناقييدون
حّرفت أكثر ميين الخييرى ، من قبل ،وهي أن التوراة قد جمعت فعل من نسختين ُمختلفين ،وأن إحدى النسختين ُ
وأن لغة كل منهما تختلف عن الخرى ،فغالبا ميا يكيون هنياك ُمسيّمين لنفيس الشيخص أو المكيان ،حيتى يخيال
للقارئ أنها أسماء لشخوص أو أماكن مختلفة ،وكمثال على ذلك إبرام وإبراهيييم ،وسيياراي وسييارة ،وصييحراء
سين وصحراء سيناء ،ومملكة يهوذا ومملكة إسرائيل ،والسبي البابلي والسبي الشوري .وهييذا الرتبيياك الييذي
وقع فيه مؤلفو التوراة المتأخرون ،أثناء محاولة التوفيق بجمع ما جيياء فييي النسييختين ،تسييبب فييي هييذا العييرض
التأريخي المشّوه للوقائع ،مما أفقد التوراة مصداقيتها حتى للكثير من الباحثين اليهييود أنفسييهم ،ولكييل ميين بحييث
من علماء التنقيب والثار .ولكنها بقيت المرجع التاريخي الوحيد لتاريخ بني إسرائيل .
وفي كثير من الحيان تشعر بسخافة كتابها من سخافة أفكارها وأخبارها وسخافة تبريرها وتعليلها ،كقصة عرق
النساء وصراع يعقوب مع ال ،وفبركة قصة نوح وأولده أعله ،ناهيك عن ألفاظها البييذيئة الييتي أحيانييا تييترفع
عن كتابتها حتى الروايات الهابطة ،ورائحة اللحوم والدماء والخمور والمشاوي والهش والنييش … إلييى آخييره ،
وما يربط التوراة بالوحي هو ما يظهر في ثناياها من خطوط عريضة ،هي البقية الباقية اليتي سيلمت ميين أييديهم
87
رغما عن أنوفهم ،وهذا ل يعني أل نقرأ هييذا الكتيياب -بييل علييى العكييس تمامييا -تيّوجب علييى المسييلمين قراءتييه
وقراءة التلمود أيضا منذ أمد بعيد وقراءة ما ُكتب فيهما من مؤلفات ناقدة ،لمعرفة العقلييية الييتي يفكيير بهييا هييؤلء
ولمعرفة ما يطمحون إليه ،والحقيقة أني ما كنت لقرأها وأقرأ ما ُكتب فيها من مؤلفات عديدة لول هذا البحث .
تقول السفار التاريخية في التوراة ،بيأن مملكية سيليمان انقسيمت بعيد ميوته إليى مملكيتين ،جنوبيية فيي القيدس
واسمها يهوذا ) القدس ( وهي الصل ،وشمالية واسمها إسرائيل ) نابلس ( وهي المنشقة .
وأما ما ُينسب من إفساد إلى ملوك المملكة الجنوبية ،فقد جاء في نفس السفر ما نصه :2 :21 " ،وارتكب الش يرّ
ب ،مقترفا رجاسات المم الذين طردهم الرب من أمام بني إسرائيل ، … :3 ،وأقام مذابح البعييل ، ي الر ّفي عين ّ
ونصب تماثيييل عشييتاروت ) مدينيية بابلييية ( ،وسييجد لكييواكب السييماء وعبييدها :6 ،ولجييأ إلييى أصييحاب الجييانّ
والعّرافين ،وأوغل في ارتكاب الشّر :10 … ،ثم قال الرب على لسان عبيييده النبييياء :لن منسّييى ملييك يهييوذا
ل يهوذا … ، … :12 ،ها أنا أجلب شرا على أورشليم ويهييوذا :13 ،ي …ي ، اقترف جميع هذه الموبقات ،وأض ّ
وأمسح أورشليم كما ّيمسح الطبق من بقايا الطعام :14 ،وأنبييذ شييعبي وأسييلمهم إلييى أيييدي أعييدائهم ،فيصييبحون
سى فسفك دم أبرياء كثيرين ،حتى مل غنيمة وأسرى لهم :15 ،لنهم ارتكبوا الشّر في عيني :16 … ،وزاد من ّ
أورشليم من أقصاها إلى أقصاها ،فضل عن خطيئته التي استغوى بها يهوذا . " … ،
وتخبر التوراة أن الحروب استمرت بين المملكتين ،واستعانة المغلوب بالقوام المجيياورة علييى الخيير ،إلييى أن
جاء الغزو الشوري وسبى المملكة الشمالية 721ق.م .
ي الرب ) حسب قيولهم ( ،وفيي عهيد المليك يهويياقيم ،هياجم وتتابَع الملوك الجنوبيون في ارتكاب الشّر في عين ّ
نبوخذ نصر ) بختنصر ( مملكة يهوذا وخضعت له ثلث سنوات ،ثم تمرّد عليه ) يهوياقيم ( :2 :24 " ،فأرسل
الرب غزاة من كلدانيين وأراميين وموآبيين وعّمونيين ) سكان العراق والردن القدماء ( ،للغييارة علييى مملكيية
يهوذا وإبادتها ،بموجب ما قضى به اليرب ،عليى لسيان عبييده النبيياء :4 ،وانتقاميا لليدم اليبريء اليذي سيفكه
سى ( ،إذ أنه مل أورشليم بدم البرياء . " … ،) من ّ
وفي عهد الملك ) يهوياكين ( " … :10 :24زحييف قييادة نبوخييذ نصيير ملييك بابييل علييى أورشييليم ،وحاصييروا
المدينة ،ثم جاء نبوخذ نصر بنفسه وتسّلم زمام القيادة ،فاستسلم ) يهويياكين ( … واسيتولى عليى جمييع ميا فيي
88
خزائن الهيكل والقصر ، … ،تماما كما قضى الرب :14 ،وسبى نبوخذ نصر أهل أورشليم ) " ،وكما يقولييون
أنه وّلى ابن عم الملك خلفا له ،وسّماه صدقّيا ،وبعد سنوات ارتكب صدقّيا الشر في عيني الرب كالعادة ،وتمّرد
على ملك بابل ،وآنذاك ( :1 :25 " ،زحف نبوخذ نصر ملك بابل ،بكامل جيشه على أورشليم وحاصرها … ،
:3 ،تفاقمت المجاعة في المدينة ،حتى لم يجد أهلها خبزا يأكلونه :6 ،فأسروا الملك ) الذي كان ينوي الهييرب (
واقتادوه إلى ملك بابل ، … ،ثّم قتلوا أبناء صدقّيا على مرأى منه ،وقلعوا عينيه ،وسياقوه إليى بابيل :9 ، … ،
وأحرق الهيكل وقصر الملك وسائر بيوت أورشليم ،وسبى نبوزرادان ) قائد الحرس الملكي ( بقية الشييعب … ،
، 121ولكنه ترك فيها فقراء الرض المساكين :13 .وحطم الكلدانيون أعمدة النحيياس وبركيية النحيياس … إلييى
آخره ) ،كل محتويات الهيكل ونقلوها إلييى بابييل ( :18 ،وسييبى رئيييس الحييرس الملكييي ) سييرايا رئيييس الكهنيية
وأعوانه وقادة الجيش وندماء الملك ،وفي المجمل هم علية القييوم وزمييرة الفسيياد والفسيياد فييي الرض ( فقتلهييم
سبي شعب يهوذا من أرضه " . ملك بابل في المعسكر في أرض حماة ) المدينة السورية ( ،وهكذا ُ
فما أطول باله هذا النبوخذ نصر ،حتى يزحف عليهم مرارا وتكرارا .والحقيقة أنييه زحييف عليهييم مييرة واحييدة ،
وبشكل مفاجئ فأباد مملكتهم ،وما هذا التطويل والتطويل والتكرار ،إل من صنع أيدي الكتبة ،وما ) يهوييياقيم (
و) يهوياكين ( إل تسميتين لنفس الملك الذي حصل في عصره السبي البابلي .
خيت لعصير المليوك ابتيداًء مين ما تقدم من نصوص كان من السفار التي ُيسّمونها السفار التاريخية ،واليتي أر ّ
طالوت وداود وسليمان ،وانتهاءً بيهوياكين الذي وقييع السييبي البييابلي فييي عصييره .والحقيقيية أنييه لييم يكيين هنيياك
مملكتين ولم يكين هنياك سيبيين ،وإنمييا مملكيية واحييدة وسييبي واحيد .ولكين نتيجيية كتابيية التيوراة بتليك الطريقية
المزدوجة أصبحت المملكة مملكتين وأصبح الزحف البابلي زحفين ،ولحل الشكال قولبوه في زمانين مختلفين .
أما ادعيياء انقسيام المملكيية ،فييالقرآن أثبييت بطلنيه فيي موضيعين ،أول ؛ ُذكير العليو مرتييين كأميية فيي زميانين
مختلفين ،ثانيا ؛ الية التي تتحدث عن سفكهم دمائهم وإخراجهم أنفسهم ،تؤكد أن ذلك لم يكن انشقاق في الحقيقة
،بل كان ذلك قتل وإخراج وسلب ،لطائفة مستضعفة من قييومهم ،وفييي الحقيقيية وقييع هييذا الفعييل فييي سييبط الخ
الشقيق ليوسف عليه السلم ،الذي ُتسميه التوراة ) ببنيامين ( ،وما كان بإمكان هؤلء ،إقامة دولية فيي أراضيي
الكنعانيين المجاورة التي لجيأوا إليهيا ،وميا كيانت حروبهيم ميع المملكية الم إل ضيمن جييوش الكنعيانيين وهيو
الرجح ،أو كثّوار لسترداد أسلبهم وديارهم .
وربما أن بعضيهم اسيتنجد بالبيابليين كنيوع مين النتقيام ) بأسيهم بينهيم شيديد ،تحسيبهم جميعيا وقليوبهم شيّتى (
فاستجابوا لهم ،وربما كان ذلك طمعا في كنوز هيكل سليمان ،والي أعليم .حييث ليم ييأتي أي ذكير فيي التارييخ
للسبي الشوري لعشرة أسباط ) قبائل ( من المملكة الشمالية ،حسب مييا ييّدعي مؤلفييو التييوراة ،حييتى أن بعييض
سييبيت إلييى مدينيية أشييور برمتهييا ،
الباحثون الذين صّدقوا التوراة ،يتساءلون عن كيفية اختفاء تلك القبائل ،التي ُ
جح أن اختراع قصة المملكة الثانية وسبيها ،هو أحد مظاهر السقاط النفسي لمن عوقبوا ،على من لييم ومن المر ّ
ُيعاقبوا من الذين ُأخرجوا من ديارهم رغم أنوفهم تجنبييا وتخفيفييا للشييعور بيياللم ،كلمييا طييرأ علييى مخيلتهييم تلييك
الذكرى الليمة ،ويحصل هذا عادة عليى المسيتوى الشخصيي ،فيور تعيرض الشيخص لحادثية مؤلمية ،فيعيزو
الخطاء التي تسببت في الحادثة إلى الخرين .
إشعياء هو أول النبياء الكبار وهم أربعة ،وُيقال أنه ُبعث في فترة ،بلغ فيه إفساد بني إسرائيل الذروة قبل وقوع
سفره جاء حافل بالتقريع والتوبيخ والتحذير والنذار ،والتذكير بنص النبوءة الييذي جيياءالسبي البابلي ،حيث أن ِ
به موسى ،ويروى أنه من النبياء اليذين ُقتليوا ) التعرييف بأصيحاب السيفار مين النبيياء ،مسيتقاة مين مقدمية
المترجم لكل سفر ( :
" :4 :1ويل للمة الخاطئة ،الشعب المثقل بالثم ،ذرية مرتكبي الشّر ،أبناء الفساد :10 .اسمعوا كلمة الرب
يا حكام سدوم ) قرية لوط ( :15 … ،عندما تبسطون نحوي أيديكم أحجب وجهي عنكم ،وإن أكثرتم الصييلة ل
أستجيب ،لن أيديكم مملوءة دميا :16 ،اغتسيلوا ،تطّهيروا ،أزيليوا شيّر أعمييالكم مين أميام عينيي ،كفيوا عين
ق ،انصفوا المظلوم ،اقضوا لليييتيم ،ودافعييوا عيين الرمليية ،
اقتراف الثم :17 ،وتعّلموا الحسان ،اْنشدوا الح ّ
ب قد تكّلم
ن فم الر ّ
… :19إن شئتم وأطعتم ،تتمتعون بخيرات الرض ،وإن أبيتم وتمّردتم فالسيف يلتهمكم ،ل ّ
" ) ويستطرد واصفا حال المدينة آنذاك ( … :21 " ،كانت تفيض حّقا ،ويأوي إليهييا العييدل ،فأصييبحت وكييرا
ضييتك مزّيفية ،وخميرك مغشوشيية بمياء :23 ،أصييبح رؤسياءك عصياة ،وشيركاء للمجرمييين :22 ،صيارت ف ّ
لصوص ُ ،يولعون بالرشوة ويسعون وراء الهبات ،ل يدافعون عن اليتيم ،ول ُترفع إليهم دعوى الرملة " .
" :8 :3قد َكَبت ) وقعت ( أورشليم ،انهارت يهييوذا ) المملكيية ( ،لنهمييا أسيياءتا بييالقول والفعييل إلييى الييرب ،
وتمّردتا على سلطانه :9 ،ملمح وجوههم تشهد عليهييم ،إذ يجيياهرون بخطيئتهييم كسييدوم ول يسييترونها ،فويييل
شروا الصّديقين بالخير ،لنهم سيييتمتعون بثييواب أعمييالهم :11 ،أّمييا للذين جلبوا على أنفسهم شّرا :10 ،ولكن ب ّ
الشّرير فويل له وبئس المصير … :12 ،إن قادتكم ُيضّلونكم ويقتادونكم في مسالك منحرفة … " .
سِكر … :12 ،يتلّهون في مآدبهم بالعود والرباب والدف والناي والخمر " :11 :4ويل لمن … يسعون وراء الُم ْ
عظميياؤهم جوعييا ،وتهلييك
ب :13 … ،لذلك ُيسبى شعبي لنهم ل يعرفون ،ويموت ُ ،غير مكترثين بأعمال الر ّ
ط كل متشامخ فيها ) ،الذل بعد العلييو ( … :18ويييل ل النسان وُيخفض الناس وُيح ّ العامة عطشا :15 … ،وُيذ ّ
جييل بعقييابه حييتى نييراه ) انظيير اليييات 92،99
لمن يجّرون الثم بحبال الباطييل :19 … ،ويقولييون لُيسييرع وُيع ّ
السراء و 58،59الكهف ( ،لُينفذ مقّدس إسرائيل مآربه فينا ،فندرك حقيقة ما يفعله بنا :21 ،ويل للحكمياء فيي
أعين أنفسهم ،والذكياء في نظر ذواتهم ) … ،الصرار على المعصية وتحدي ال (
" :25 :4لذلك احتدم غضب الرب ضّد شعبه ،فمّد يده عليهم وضربهم ،فارتعشيت الجبيال ،وأصيبحت جثيث
موتاهم كالقاذورات في الشوارع ،ومع ذلك لم يرتّد غضبه ،ولم تبرح يييده ممييدودة بالعقيياب :26 ،فيرفييع راييية
لمم بعيدة ،ويصفر لمن فييي أطييراف الرض ،فيقبلييون ُمسييرعين :27 ،دون أن يكّليوا أو يتعييثروا أو يعييتريهم
ُنعاس أو نوم :28 … ،سهامهم مسيينونة ،وقسيّيهم مشييدودة ،حييوافر خيلهييم كأنهييا صيّوان ،عجلت مركبيياتهم
مندفعة كالعصار :29 ،زئيرهم كأنه زئير أسد ،يزمجر وينقض على فريسته ،ويحملها وليس من منقييذ :30 ،
ُيزمجرون … كهدير البحر ،وإن جاس أحدهم في البلد متفرسا ،ل يرى سوى الظلمة والضيق ،حتى الضييوء
قد احتجب وراء سحبه ) . ..صفات جيش البعث (
جلون أحكام جور :2 ،ليصيّدوا البائسييين عيين العييدل ، " :1 :10ويل للذين يسّنون شرائع ظلم ،وللكتبة الذين يس ّ
ويسلبوا مساكين شعبي حّقهم ،لتكون الرامل مغنما لهم ،وينهبوا اليتامى :3 ،فماذا تصنعون فييي يييوم العقيياب ،
عندما تقبل الكارثة من بعيد ! إلى من تلجئون طلبا للعون ؟ وأين تودعون ثروتكم ؟ لم يبقى شيء سوى أن تجثييوا
بين السرى ،وتسقطوا بين القتلييى :21 … ،وترجييع بقييية ذرييية يعقيوب إلييى الييرب القييدير ،مييع أن شييعبك يييا
إسرائيل ،فإن بقية فقط ترجع ،لن ال قضى بفنائهم ،وقضاؤه عادل " ) .البعث من خارج فلسطين (
90
" :8 :46اذكروا هذا واتعظوا ،انقشوه في آذانكم أيها العصاة ،تذّكروا المور الغابرة القديمة ،لنييي أنيا الي
وليس إله آخر :10 ،وقد أنبأت بالنهاية منذ البداية ،وأخبرت منذ القدم ،بأمور لم تكيين قييد حييدثت بعييد ،قييائل :
مقاصدي ل بد أن تتم ،ومشيئتي ل بد أن تتحقق :11 ،أدعوا من المشرق الطائر الجارح ،ومن الرض البعيييدة
ي ييا غلظ القليوب ،أيهيا البعييدون برجل مشورتي ،قد نطقت بقضائي ،ول بد أن ُأجريه :12 … ،أصيغوا إلي ّ
عن البّر :13 ،لقد جعلت أوان بّري قريبا ،لم يعد بعيدا ،وخلصي ل ُيبطئ … ) الشرق هي جهة البعث (
ي ،وقيّوتكم فييي
ن خلصكم مرهون بالتوبيية والركييون إلي ّ :15-17 :30لنه هكذا قال الرب ،قّدوس إسرائيل :إ ّ
الطمأنينة والثقة بي ،لكنكم أبيتم ذلك ،وقلتم :ل بل نهرب على الخيل ،أنتم حّقا تهربييون ،لهييذا فييإن مطييارديكم
ُيسرعون في تعّقبكم ،يهرب منكم ألف ميين زجييرة واحييد ،وتتشيّتتون جميعييا ميين زجييرة خمسيية ،حييتى ُتييتركوا
كسارية على رأس جبل …
نلحظ أن إشعياء يدعوا إلى التوبة والصلح ،ويصف ما وصل ببني إسرائيل من إفسيياد ،وييّذكرهم ويحيّذرهم
ويعيد إلى أذهانهم مضمون تلك النبوءة ،التي جاءت في أسفار موسى ،ونصوص إشعياء لييم تحمييل فييي طياتهييا
تصريح عن ماهية المبعوثين ،سوى أن الفقرة الخيرة ،ذكرت جهة مخرج البعث ،وربما يكون ذلك إضافة من
مؤلفي التوراة .
ارميا هو ثاني النبياء الكبار ،وُيقال أن هذا النبي عاش في الفترة ما قبل وما بعيد السيبي البيابلي ،وكيان فحيوى
ق قدره فل ملجأ منه إل إليه ،
رسالته :دعوة قومه إلى التوبة والعودة إلى ال والتخلي عن الوهام ،وتقدير ال ح ّ
ول يرّد غضبه قوة أو مال أو جاه .وقد ُوصف هذا النبي ) بالنبي البّكاء ( من كثرة بكاءه على قومه ،بعد وقييوع
الكارثة التي طالما حّذرهم منها فلم يستجيبوا له .
" :2 :7اسمعوا كلم الرب … :3قّوموا طرقكم وأعمالكم فُأسكنكم في هذا الموضع :4 ،ل تتكّلوا علييى أقييوال
الكذب ) النفاق ( :5 ،لكن إن قّومتم حّقا طرقكم وأعمالكم ،وأجريتم قضاًء عادل فيما بينكييم :6 ،إن لييم تجييوروا
على الغريب واليتيم والرملة ،ولم تسفكوا دما بريئا … وإن لم تضّلوا وراء الوثان :7 ،عندئذ ُأسكنكم في هييذا
الموضع … إلى البد :8ها أنتم قد اتكلتم على أقوال الكييذب ) نيافقتم ( ،ولكين ميين غييير جييدوى :9 ،أتسيرقون
خرون للبعل ) الصنم ( :10ثم تمثلون في حضرتي …هل أصبح هذا الهيكل وتقتلون وتزنون وتحلفون زورا وتب ّ
) الذي ُأقيم لذكري ( مغييارة لصييوص ؟! … :20لييذلك ُيعليين اليرب :هييا غضيبي وسيخطي ينصيّبان علييى هيذا
الموضع …
" :7 :8إن اللقلق في السماء يعرف ميعاد هجرته ،وكذلك … ،أّما شعبي فل يعرف قضيياء الييرب ! :8كيييف
تّدعون أنكم حكميياء ،ولييديكم شييريعة الييرب ،بينمييا حولهييا قلييم الكتبيية المخييادع إلييى ُأكذوبيية ؟! سيييلحق الخييزي
بالحكماء ،ويعتريهم الفزع والييذهول ،لنهييم رفضييوا كلميية الييرب ،إذ أي حكميية فيهييم ؟! لييذلك ُأعطييي نسييائهم
لخرين ،وحقولهم للوارثين القاهرين ،لنهم جميعهم من صييغيرهم إلييى كييبيرهم مولعييون بالربييح ،حييتى النييبي
والكاهن يرتكبان الزور في أعمالهما ،ويعالجون جراح شعبي باستخفاف ،قييائلين :سييلٌم ،سييلٌم ،فييي حييين ل
ط ،ولم يعرفوا الخجل ،لذلك سيسقطون بييين ل ! لم يخزوا ق ّ يوجد سلم ،هل خجلوا عندما ارتكبوا الرجس ؟! ك ّ
الساقطين ،وحين ُأعاقبهم ُيطّوح بهم ،يقول الرب " .
" :22 :10اسمعوا ،ها أخبار تتواتر عن جيش عظيم ،مقبل من الشييمال ،ليحيّول مييدن يهييوذا ،إلييى خييرائب
ومأوى لبنات آوى " .
ت بييالقوسب ميين أقاصييي الرض ،تسيّلح ْ ب زاحف من الشمال ،وأّميية عظيميية تهي ّ
" :22 :6انظروا ،ها شع ٌ
والرمح ،وهي قاسية ل ترحم ،جلبتها كهدير البحر ،وهي مقبليية علييى صييهوات الخيييل ،قييد اصييطّفت كإنسييان
ب الوهن في أيدينا ،وتّولنييا كييرب وألييم ،كييألم امييرأةواحد ،لمحاربتك يا أورشليم ،سمعنا أخبارهم المرعبة فد ّ
تعاني المخاض ،ل تخرجوا إلى الحقل ،ول تمشوا في الطريق ،فللعدّو سيف ،والهول ُمحّدق من كل جهة ،فيا
أورشليم ارتدي المسوح ،وتمّرغي فييي الرميياد ،ونييوحي كميين ينييوح علييى وحيييده ،وانتحييبي نحيبييا مييرا ،لن
91
الُمدّمر ينقض علينا فجأة ،إني أقمتك ُممَتحنا للمعدن ) إقامة مملكتهم كان لمتحانهم ( ،وجعلت شعبي مادًة خام ،
لكي تعرف طرقهم وتفحصها ،فكّلهم عصاة متمّردون ساعون في النميمة ،هم نحاس وحديد ،كلهم فاسدون " .
" :3 :23وأجمع شتات غنمي من جميع الراضي ،التي أجليتها إليها ،وأرّدها إلى مراعيها ،فتنموا وتتكاثر ،
وُأقيم عليها رعاة يتعّهدونها ،فل يعتريها خوف من بعد ،ول ترتعد ول تضل ،ها أيام مقبلة ُأقيم فيها لداود ذرّية
ِبّر ،ملكا يسود بحكمة ،ويجري في الرض عدل وحّقييا ،فييي عهييده يتيّم خلص شييعب يهييوذا ،ويسييكن شييعب
إسرائيل آمنا " .
" :3 :30ها أيام مقبلة أرّد فيها سبي شعبي … ،وأعيدهم إلى الرض الييتي أعطيتهييا لبييائهم فيرثونهييا ) ،ثييم
يقول ( :سمعنا صراخ رعب ،عم الفزع وانقرض السلم ، … ،ما أرهب ذلك اليوم ،إذ ل مثيل له ،هو زميين
طهمطم أنيار أعناقهم وأقطع ُرب َ ضيق على ذرية يعقوب ،ولكنها ستنجوا ،في ذلك اليوم ،يقول الرب القدير ُ :أح ّ
) أي أرفع قيود العبودية والذل عنهم ( فل يستعبدهم غريب فيما بعد ،بل يعبدون الرب إلههم ،وداود ملكهم الذي
ن ويستريح ،من غير أن ُيضايقه أحد ، … ،فُأبيُد ُأقيمه عليهم ) شرك بال ( … ،فيرجع نسل إسرائيل ،ويطمئ ّ
جه ك بينها ،أّم أنت فل ُأفنيك ُأوّدبك بالحق ،ول ُأبيّرئك تييبرئة كامليية ) ، … ،الخطيياب مييو ّ
جميع المم التي شّتت َ
لورشليم ( إن جرحك ل شفاء له ،وضربتك ل علج لها ،إذ ل يوجد من يييدافع عيين دعييواك ، … ،قييد نسيييك
س ،لن إثمييك عظييٌم ض قييا ٍب مبغي ٍ ك عقييا َ
ب عييدّو ،وعاقبتي ِ
محّبوك ،وأهملوك إهمال ،لني ضربتك كما َيضر ُ
وخطاياك متكاثرة ، … ،لهذا أوقعتك بالمحن ،ولكن سيأتي يييوم ُيفييترس فيييه جميييع ُمفترسيييك ،ويييذهب جميييع
مضايقيك إلى السبي ،ويصبح ناهبيك منهوبين ،لني أرّد لك عافيتك وُأبرئ جراحك " .
النصوص الخيرة أعله من النصوص المضّللة ،التي شّكلت قناعات ومعتقدات عاّمة اليهيود حكميياًء ومغفليين ،
وملخصها أنهم في المرة الثانية ،سيقيمون لهم دوليية فييي أرض الميعيياد ،وُيبعييث لهييم ملكييا ميين نسييل داود عليييه
السييلم ،يحكييم الرض كلهييا بييالحق والعييدل ،وليييس فلسييطين فقييط ،ففلسييطين ل تتسييع لحلمهييم وأوهييامهم
وهلوسهم وأمانّيهم ،وينعم اليهود تحت حكمه بالسلم والمن إلييى البييد ) فل بعثييا ول نشييورا ( ،ويكييون فيهييا
اليهود أسيادا ،وباقي خلق ال عبيدا تحت لهم .
لقد أضاع كتبة التوراة الحقيقة ،وظلموا أجيالهم القادمة من حيييث ل يعلمييون ،فكييذبوا الكذبيية وصيّدقها أبنييائهم ،
وأصبحت من صميم معتقداتهم ،فالمعاصرين من اليهود والنصارى ،يتعاملون مع كييل نصييوص التييوراة بغثهييا
وسمينها ،على أنها من عند ال .
يقولون أن النص التالي ،هو رسالة من إرمياء إلى المسبيين فييي بابييل ُ ،يخييبرهم فيهييا أن مقييامهم هنيياك سيييكون
طويل ،وينصحهم فيها بأن ُيقيموا فيها ويبنوا بيوتا ويتزوجوا ويتكاثروا ،وهذا جزء من نصها :
ت إليكم وأفي لكم بوعودي الصالحة ،برّدكم إلييى " :10 :29ولكن بعد انقضاء سبعين سنة عليكم في بابل ،ألتف ُ
هذا الموضع ،لني عرفت ما رسمته لكم ،إنهييا خطييط سييلم ل شيّر ،لمنحكييم مسييتقبل ورجيياء ، … ،وحييين
تجدونني ،أرّد سبيكم ،وأجمعكم من بين جميع المم ،ومن جميع الماكن التي شّتتكم إليها . " … ،
في الحقيقة أن كتبة التوراة ،كانوا يعتقدون أن عودتهم الجزئية في عهد كورش الفارسي من بابل إليى أورشييليم ،
بعد ) (70سنة من السبي ،هي العودة الثانية التي سيتحقق فيها النصف الثاني من نبوءة موسى وإشعياء وارميا ،
ومنذ ذلك اليوم وهم ينتظرون ،أن ُيبعث فيهم ) الملك الله ( لُيقيم لهم دولة في القدس فلم يكن لهم ذلك ،ويييروى
ي)أن الذين رجعوا من بابل أعادوا بنيياء الهيكييل بييالرغم ميين معارضيية المقيمييين .وطييال انتظييارهم وبييين عييام ّ
37ق.م – 70م ( أي مائة سنة تقريبا ،حصلوا على حكييم ذاتييي محييدود ) المملكيية الهيرودييية ،وكييان الملييك ميين
أصل يهودي آرامي ( تحت التاج الروماني ،وفي زمانهم تواجد زكريا ويحيى وُبعث إليهم عيسى علييه السييلم ،
فتآمروا عليه ودفعوه إلى الرومان لقتله وصلبه ،حيث كانت سلطة القتل في أيدي الرومان .
وبعد زوال مملكتهم على يد ) نبوخذ نصير ( البيابلي عيام 586م ،وحييتى تشيّتتهم النهييائي علييى يييد ) هادرييان (
الروماني عام 135م ُ ،أخرج أغلبية اليهود منهييا ،ولييم تقييم لليهييود فييي فلسييطين قائميية ،وأقصييى مييا اسييتطاعوا
الحصول عليه ،هو ذلك الحكم الذاتي في بداية الحكم الروماني لبلد الشام ،حيث قضييى هييذا المييبراطور علييى
أي أمل لهم في إعادة إقامة دولتهم الثانية ،فكان انتشارهم في كافة أرجاء العالم .
92
) ولنكمل النصوص من سفر ارميا ( :8 :31 " ،ها أنا آتي بهم من بلد الشمال ،وأجمعهم من أقصى أطييراف
الرض ،وفيهم العمى والعرج ،الحبلى والماخض ،فيرجع حشد عظيم إلى هنا "
" :27 :31ها أيام مقبلة ،يقول الرب ُ ،أكّثر فيها ذرية إسرائيل ويهوذا ،وُأضاعف نتاج بهائمهم أضعافا ،وكما
ترّبصت بهم لستأصل ،وأهدم وأنُقض وُأهلك وُأسيء ،كذلك أسهر عليكم لبنيكم وأغرسكم " .
" :33 :31سأجعل شريعتي في دواخلهم ، … ،وأكون لهم إلها ويكونون لي شعبا ،لني سأصفح عن إثمهييم ،
ولن أذكر خطاياهم من بعد " .
) وهذا محض افتراء وتحريف ،وتتبع هذه الكذوبة عبارات مبهمة ،ومن ثم ُتفاجأ بهذه العبارة التي تقييول ( " :
عندئذ َأنبذ ذرية إسرائبل من أجييل كيل ميا ارتكبييوه " ) ،لتفهييم أن العبيارات المبهمية ،كييانت بييدل مين عبييارات
حذفوها ،وهي عبارات مفادها اشتراط الحسان للثواب والفساد للعقاب ( .
" :38 :31ها أيام مقبلة ُ ،يعاد فيها بناء هذه المدينة للرب ، … ،ولن تستأصل أو ُتهدم إلى البد " .
بالنظر في قولهم هذا وخاصة العبارة الخيرة ،نجد أن مؤلفي التوراة قضوا علييى أي أمييل لليهييود فييي الصييلح
ي في استمرار وجودهم ،فمؤّدى هذه العبارة أنهييم سيييقيمون والصلح في دولتهم الحالية ،حيث أنه شرط أساس ّ
فيها إلى البد ،بغض النظر عن إصلحهم أو إفسادهم فيها ،لتصبح نهاية دولتهم حتمية في الموعد المحّدد ،وقد
لحظت من خلل تتبعي لما جاء في المرة الثانية ،أنهم بعد كل عقاب مأساوي يحل بهييم ،يبييدءون بييذكر العييودة
والجمع من الشتات والبركة والكثرة ،ويفيضون فيها وصفا وشرحا ،والنتيجيية تكييون علييى الييدوام هييي انتصييار
ربهم على أعدائهم ومحقهم عن بكرة أبيهم ،وجعل أرضهم صحراء قاحلة ،أما هم فيعشون جنة ونعيما ،ويكون
ي عنهم ربهم ورضوا عنه .لهم الملك في الرض إلى البد ،بعد أن رض َ
) وانظر إلى هذه النبوءة في المرة الثانية على لسان الرب ( :10 :42إن أقمتم في هذه الرض ،فإني أبنيكم ول
أهدمكم ،وأغرسكم ول أستأصلكم ،لني أسفت على الشّر الذي ألحقته بكم ) ربهم يأسف ( ،ل تخشوا ملك بابييل
الذي أنتم منه خائفون ،فإني معكيم لخلصيكم وأنجيكيم مين ييده ) بل قييد أو شيرط ( ،وُأنعيم عليكيم ،فيرحمكيم
ضهم على عدم الخشية من ملك بابل وكأن ملك بابل سُيبعث من تلقيياء ويرّدكم إلى أرضكم ) ،فربهم يأسف ،ويح ّ
نفسه ( .
هذا الحدث المشهور تاريخيا هو أول وأقسى وأفظع حدث ،وقع في تاريخ اليهود كأمة من حيييث مييا ترتييب عليييه
من أذى مادي ومعنوي ،مما كان له أبلغ الثر في تشكيل وجدان وفكر الشييعب اليهييودي ،وليييس أدل علييى ذلييك
صله من جميع جوانبه يييتراوح مييا بييين ) من أن عدد الصفحات ،التي تتطّرق إلى ذكر متعّلقات هذا الحدث ،وتف ّ
(400 – 350صفحة أي ما ُيعادل ثلث التوراة .وقد جاء في كتيياب ) الخييتراق الصييهيوني للمسيييحية ( للقييس
إكرام لمعي ،ونقل عن كتاب ) تاريخ اليهود ( للكاتب ) بول جونسون ( ما نصييه :وفييي بابييل لييم يعامييل اليهييود
معاملة سيئة ،فقد وجدت مخطوطات بجوار عشتاروت – أقييدم مييدن بابييل – وجييد فيهييا قائميية بأسييماء المسييبيين
ونشاطهم في بابل ،وكان بها اسم ) يهوياكين ( ملك يهييوذا وبعييض السييماء الخييرى ،وموضييح بهييا أن اليهييود
عملوا بالتجارة واكتسبوا أموال كثيرة ،وكانت لهم أوضاعهم المتميزة إلى حّد ما .وأما أشور فيشير نفس الكاتب
،إلى عدم وجود أي دليل من ذكر أو أثر ،يؤكد رواية سبيهم إليها .
نص منقول عن كتاب ) التلمود تاريخه وتعاليمه ( لظفر السلم خان :
" عندما بلغت ذنوب إسرائيل مبلغها ،وفاقت حدود ما ُيطيقه الله العظيم ،وعنييدما رفضييوا أن ُينصييتوا لكلمييات
وتحذيرات ارميا ،ترك النبي أورشليم وسافر إلى بلد بنيييامين ) الخ الشيقيق ليوسيف ( ،وطالمييا كييان النيبي ل
يزال في المدينة المقّدسة كان يدعو لها بالرحمة فنجت ،ولكنه عندما هجرها إلى بلد بنيامين ،دّمر نبوخذ نصيير
93
طم الهيكل المقّدس ،ونهب مجوهراته وتركه فريسة للنيران الملتهبة ،وكان نبورذدان الذي آثيير
بلد إسرائيل وح ّ
البقاء في ريبله ) منطقة سورية بالقرب من حماة ( قد أرسل نبوخذ نصر لتدمير أورشليم " .
" وقبل أن يبدأ نبوخذ نصر حملته العسكرية ،سعى لمعرفة نتائج الحملة بواسطة الشارات نظرا لذهوله ،فرمى
من قوسه نحو المغرب فسارت باتجاه أورشليم ،ثم رمى مرة أخرى نحو الشرق لكن السهم اتجهت نحو أورشليم
،ثم رمى مرة أخرى ليتأكد من محل وقييوع المدينيية الُمذنبيية الييتي وجييب تطهيرهييا ميين الرض ،وللمييرة الثالثيية
جه مييع ُأمييرائه وضييباط جيشييه إلييى
اتجهت سهمه نحو أورشليم ،وبعد أن استولى نبوخذ نصر على المدينة ،تييو ّ
داخل الهيكل ،وصاح ساخرا مخاطبا إله إسرائيل :وهل أنت الله العظيم الذي يرتعد أمامه العالم ؟ ها نحيين فييي
مدينتك ومعبدك ! " .
" ووجد نبوخذ علمة لرأس سهم على أحد جدران الهيكل ،كأن أحدا ُقتل أو ُأصيب بها ،فسأل :ميين ُقتييل هنييا ؟
فأجاب الشعب ) :زكريا بن يهوياداه ( كبير الكهنة ،لقد كان ُيحّذرنا في كل سيياعة ميين حسيياب اعتييداءاتنا ،وقييد
سئمنا من كلماته فانتهينا منه .فذبح جنود نبوخذ نصر سكان أورشليم كهنتها وشييعبها ،كهولهييا وشييبابها ونسييائها
وأطفالها ،وعندما شاهد كبير الكهنة هذا المنظر ألقى بنفسه بالنار ،التي أشعلها نبوخذ نصر في الهيكييل ،وتبعييه
بقية الكهنة مع عودهم وآلتهم الموسيقية الخرى ،ثم ضرب جنود نبوخذ نصر السلسل الحديدية في أيدي بيياقي
السرائيليين " .
" ورجع ارميا النبي إلى أورشليم وصحب إخوانه البؤساء الذين خرجوا عرايا ،وعند وصولهم إلى مدينة ُتسمى
بيت كورو هّيأ لهم ملبس جيدة ،وتكّلم مييع نبوخييذ نصيير والكلييدانيين ،قييائل لهييم :ل تظيين أنييك بقوتييك وحييدها
استطعت أن تتغّلب على شعب الرب الُمختار ،إنها ذنوبهم الفاجرة التي ساقتهم إلى هذا العذاب " .
نجد أن رواية التلمود أكثر وضييوحا ميين رواييية التييوراة حيييث أنهييا لييم تييذكر مملكييتين ،وتؤكييد أن اسييم المملكيية
الجنوبية المقام فيها الهيكل هو إسرائيل وليس يهوذا كما ُذكر في التوراة .وأن ميين أسييقطوا عليهييم اسييم إسييرائيل
والمملكة الشمالية ،هم الذين ُأخرجوا من ديارهم ،ولم يقع فيهم السيبي الشيوري المزعيوم ،وبقيوا عليى حيالهم
خارج حدود المملكة ،حيث يذكر النص التلمودي أن ارميا النبي لجأ إليهم " ترك النبي أورشليم وسافر إلييى بلد
بنيامين " .وبنيامين حسب التوراة هو الخ الشقيق ليوسف عليه السلم ،وهذا يوحي أن الحقد القديم بين الخييوة
الباء ،توارثه البناء على مّر العصور ،وبيأن السييباط الخيرى القويية ،أخرجييت سيبط بنييامين المستضييعف
عندما سيطرت على مقاليد الحكم بعد سليمان عليه السلم .وبالتالي ُيثبت هذا النص وقوع السبي البابلي ،وينفييي
وقوع السبي المسمى بالشوري .وأن أشور وبابل آنييذاك تسييميتان لمملكيية واحييدة عنييد كتبيية التييوراة ،وأن أحييد
مصادر التوراة ذكر على أنه بابلي ،والخر ذكره على أنه آشوري ،وأما نبوخذ نصر فتجده أحيانا ملكا وأحيانييا
وزيرا أو قائدا للجيش أو قائدا للحرس .
) من كتاب مراثي ارميا في نهاية سفره ( :1 " :كيف أصبحت المدينة الهلة بالسييكان مهجييورة وحيييدة ؟! هييذه
التي كانت عظيمة بين المم ،صارت كأرملة ! صارت السيدة بين المدن تحت الجزية ! تبكي في الليل بمرارة ،
سيبيت لنهيا ،وأصيبحوا أعيداًء لهيا ُ ، وتنهمر دموعها على خّديها ،ل ُمعّزي لها بين ُمحبيها ،غدر بها جمييع خ ّ
يهوذا إلى المنفى ، … ،فأقامت شقية بين المييم ، … ،تهيّدمت جميييع أبوابهييا ، … ،ارتكبييت أورشييليم خطيئة
ب جميييع جبييابرتي فييي نكراء فأصبحت نجسة ، … ،لم تذكر آخرتها لهذا كييان سييقوطها رهيبييا ، … ،بيّدد اليير ّ
ب العذراء بنت صهيون ،كما ُيييداس العنييب فييي شّباني ،داس الر ّي حشدا من أعدائي ليسحقوا ُ وسطي ،وأّلب عل ّ
ب عادل حقا ،وقد تمّردت على أمره ،فاستمعوا يا جميع الشييعوب ،واشييهدوا وجعييي ،قييد المعصرة ، … ،الر ّ
ي كهنتي وشيوخي في المدينة ، … ،ها السيييف يثكييل فييي الخييارج ، ي وشّباني إلى السبي َ ، … ،فِن َ
ذهب عذارا َ
ويسود الموت في البيت … " .
ب بل رحميية ،جميييع مسيياكن يعقييوب ، … ،وألحييق العييار بالمملكيية وحّكامهييا ،إذ س يّواها
" :2قييد هييدم اليير ّ
ل عزيز في عيوننييا ، … ،وهييدم جميييع بالرض ، … ،وّتر قوسه كعدّو ،نصب يمينه كُمْبِغض ،ذبح بقسوة ك ّ
قصورها ودّمر حصونها ، … ،جلس شيوخ ابنة صهيون علييى الرض صييامتين ،عّفييروا رؤوسييهم بالرميياد ،
94
وارتدوا المسوح ،وطأطأت عذارى أورشليم رؤوسهن إلى الرض ،كّلت عينيياي ميين البكيياء ، … ،نّفييذ الييرب
ظييم قييوة
قضاءه ،وحقق وعيده الذي حكم به منذ الحقب السييالفة ،هييدم ولييم يييرأف ،فأشييمت بييك الخصييوم ،وع ّ
ب وتأّميل ، … ،قيد انطيرح الصيبيان والشييوخ فيي غبيار الطرقيات ،سيقط عيذارا َ
ي عدوك ، … ،انظر ييا ر ّ
شّباني بالسيف ،قد قتلتهم في يوم غضبك ،ونحرتهم من غير رحمة … " وُ
" :3أنا هو الرجل الذي شهد البلية ،التي أنزلها قضيب سيخطه ، … ،ولكين هيذا ميا ُأنياجي بيه نفسيي ،ليذلك
ن ،لن مراحمييه ل تييزول ، … ،فلميياذا يشييتكي النسييان حييين يغمرني الرجاء ،من إحسانات الرب ،أننا لم نفي َ
ُيعاقب على خطاياه ؟ … ،لنفحص طرقنييا ونختبرهييا ،ونرجييع إلييى الييرب ،لنرفييع أيييدينا وقلوبنييا إلييى الي فييي
السماوات " … ،
" ، … :4لن عقاب إثم ابنة شعبي ،أعظم من عقاب خطيئة سدوم ،التي انقلبت في لحظة ،من غييير أن تمت يدّ
إليها يد إنسان ،كان ُنبلؤها ،أنقى من الثلج ،وأنصع من اللبن ،أجسادهم أكثر حميرة مين المرجيان ،وقامياتهم
ب كامييلكالياقوت الزرق ،فأصبحت صورتهم أكثر سوادا من الفحم ،فلم ُيعرفوا في الشوارع ، … ،نفث اليير ّ
ب حمّو غضبه ،وأضرم نارا في صهيون ،فالتهمت ُأسسها ، … ،عقابا لها على خطايا أنبيائهييا ، سخطه ،وص ّ
وآثام كهنتها ،الذين سفكوا في وسطها دماء الصّديقين ، … ،آذنت نهايتنا ،وتّمت أيامنا ،وأِزفت خاتمتنا ،كييان
ُمطاردونا أسرع من نسور السماء ،تعّقبونا على الجبال ،وترّبصوا بنا في الصحراء " … ،
ب ما أصابنا ،انظر وعاين عارنا ،قد تحّول ميراثنا إلى الغرباء ،وبيوتنا إلى الجانب ،أصبحنا " :5اذكر يا ر ّ
أيتاما ل أب لنا ،وأمهاتنا كالرامل ، … ،داس ُمضطهدونا أعناقنا ُ ،أعيينا ولييم نجييد راحيية ،خضييعنا باسييطين
أيدينا إلى أشور ومصر ،لنشبع خبزا ، … ،تسّلط علينا عبيييد ،وليييس ميين ُينقييذنا ميين أيييديهم ، … ،اغتصييبوا
عّلق النبلء ميين أيييديهم ،ولييم يييوّقروا الشيييوخ ) كبييار القييوم ( .
النساء في صهيون ،والعذارى في ُمدن يهوذا ُ ،
ف
شّبان للطحن ،وهوى الصبيان تحت الحطييب ،هجيير الشيييوخ ) كبييار السيين ( بّوابييات المدينيية ،وكي ّ خروا ال ُ
سّ
الشّبان عن غنائهم ،انقطع فرح قلوبنا ،وتحّول رقصنا إليى نيوح ،تهياوت أكالييل رؤوسينا ،فوييل لنيا لننيا قيد
شي على قلوبنا ،وأظلمت عيوننا ،لن جبل صهيون أصبح أطلل ،ترتع فيه الثعالب " . غِأخطأنا ،لهذا ُ
95
فلسطين عبر التاريخ
70م تدمير الهيكل الثاني على يد المبراطور الروماني ) تيطس أو تايتوس ( .
إخماد ثورة ) باركوبا ( اليهودي ضد الرومان ،وإبعاد بقية اليهود عن القدس على يد المبراطور ) هادريييان ( .
135 -132م
638 – 313م فلسطين تحت الحكم البيزنطي ) نسبة إلى بيزنطة ( .
سس المبراطور قسيطنطين ،اليذي جعيل المسييحية اليدين الرسيمي للمبراطوريية ،عاصيمة ) في عام 330م أ ّ
عرفت بالقسطنطينية .وفييي عييام 395م انقسييمت المبراطورييية الرومانييية ، جديدة للنصف الشرقي في بيزنطة ُ
إلى قسمين :شرقية عاصمتها بيزنطة ) القسطنطينية ( وغربية وعاصمتها روما ،ومييع اتخيياذ المسيييحية كديانيية
رسييمية للمبراطورييية الرومانييية ،بييدأ عصيير الضييطهاد المسيييحي لليهييود ،واسييتمّر حييتى منتصييف القييرن
الماضي (
638م العرب المسلمون يفتحون فلسطين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب .
1099 - 638م فلسطين تحت الحكم السلمي ) المويون ،العباسيون ،الفاطميون ،السلجقة ( .
96
الصليبيون يقيمون المملكة اللتينية في القدس 1187 - 1099 .م
صلح الدين اليوبي يهزم الصليبيين في معركة حطين 1187 .م
1220م فلسطين تحت حكم المماليك بعد هزيمة المغول في موقعة عين جالوت .
1917 - 1516م فلسطين جزء من المبراطورية العثمانية وعاصمتها استنبول ) القسطنطينية ( .
إنشاء أول مستوطنة زراعية صهيونية ) بتاح تكفا ( في فلسطين 1878 .م
البارون ) ادموند دورتشلد ( يبدأ دعمه المالي للمستوطنات اليهودية 1882 .م
أول موجة من 25ألف مهاجر صهيوني تدخل فلسطين ،وغالبيتهم من أوروبا الشرقية 1903 – 1882 .م
ينعقد المؤتمر الصهيوني الول " في بال بسويسرا " ويصدر " برنامج بال " الذي يدعو إلى إقامة وطن للشييعب
اليهودي في فلسييطين ،ويقييرر إنشيياء المنظميية الصييهيونية العالمييية ) ( WZOللعمييل ميين أجييل هييذا الهييدف .
1897م
إنشاء أول كيبوتز على قاعدة العمل اليهودي ،إنشاء قاعدة تل أبيب شمالي يافا 1909 .م
* بداية الحرب العالمية الولى 1914 .م
المراسلت بين الشريف حسين )شريف مكة وقائد الثورة العربية ضد العثمانيون ( ،وبين سير هنري مكميياهون
) المندوب السامي في مصر ( تنتهي إلى اتفاق استقلل ووحدة البلد العربييية ،تحييت الحكييم العربييي بعييد انتهيياء
الحرب 3/1/1916 .م
اتفاقية ) سايكس بيكو ( السرية لتقسيم البلد العربية ،التي كيانت تحيت الحكييم العثميياني بييين بريطانييا وفرنسيا .
16/5/1916م
) وقد كشف البلشفة ) الروس ( النقاب عنها في تشرين أول 1917م (
الشريف حسين يعلن استقلل العرب عن الحكم العثماني وبداية الثورة العربية 1916 .م
وزير الخارجية البريطاني ) بلفور ( يتعهد بالدعم البريطاني لوطن قومي لليهود في فلسطين 2/11/1917 .م
قوات الحلفاء بقيادة الجنرال اللنبي البريطاني تحتل فلسطين 9/1917/- .م
* نهاية الحرب العالمية الولى 30/10/1918 .م
المجلس العلى لمؤتمر السلم سان ريمو يعطي بريطانيا النتداب على فلسطين 25/4/1920 .م
المندوب السامي سييير هربييرت صييموئيل السياسييي اليهييودي النجليييزي يدشيين " الدارة المدنييية البريطانييية " .
1/7/1920م
عصبة المم تقّر النتداب على فلسطين 24/7/1921 .م
* بداية الحرب العالمية الثانية 1/9/1938 .م
اللجنة المريكية – النجليزية لتقصي الحقائق تصل إلى فلسطين 6/3/1946 .م
تقرير اللجنة المريكية النجليزية يقدر حجم القوات المسلحة اليهودية ) ( 69 - 61ألف فرد ،ويوصييي بقبييول
100.000يهودي في فلسطين ،وفلسطين تضرب احتجاجا ) .هنا تدخل العناية المريكية ( 5/1946/- .م
لجنة المم المتحدة الخاصة تقترح خطة للتقسيم ،والجامعة العربية ترفضها 8/9/1947 .م
بريطانيا تعلن أنها ستغادر فلسطين خلل ستة شهور إذا لم يتم التوصل إلى تسوية 29/10/1947 .م
97
الجمعييية العامية للمييم المتحيدة ،توصيي بتقسييم فلسييطين بنسيبة %56.5لدولية يهودييية ،ونسييبة %43للدولية
الفلسطينية ،ومنطقة دولية حول القدس 29/11/1947 .م
الجامعة العربية تنظم جيش النقيياذ العربييي ) قييوة متطييوعين بقيييادة فييوزي القيياوقجي لمسيياعدة الفلسييطينيين فييي
مقاومة التقسيم ( 12/1947/- .م
بريطانيييا توصييي المييم المتحييدة بإنشيياء دولييتين يهودييية وفلسييطينية بعييد أسييبوعين ميين انتهيياء النتييداب .
8/12/1947م
جيش النقاذ العربي يشن هجمات ناجحة على المستعمرات السرائيلية شمالي بيسان 16/2/1948 .م
القاوقجي يدخل فلسطين ويقود وحدات جيش النقاذ في مثلث جنين -نابلس -طولكرم 7/3/1948-5 .م
الرئيس المريكي ) ترومان ( يدعو إلى هدنة فورية للقتال 25/3/1948 .م
عصابة ) شتيرن ( ترتكب مذبحة في دير ياسين بييالقرب ميين القييدس تسييفر عيين مقتييل أكييثر ميين 250شخصيًا .
9/4/1948م
قرار لمجلس المن يدعو إلى هدنة 17/4/1948 .م
نهايللة النتللداب البريطللاني وإعلن الدولللة السللرائيلية مللن تللل أبيللب .
15/5/1948م
القوات اللبنانية تعبر الحدود وتستعيد مؤقتا قرى المالكية وقدس من الهاجاناة 17/5/1948 -15 .م
القوات الردنية تعبر نهر الردن وتتحرك صوب القدس ،وتسيطر على الشيخ جراح والحي اليهودي في المدينة
القديمة 28/5/1948 -15 .م
الوحدات العراقية تعبر نهر الردن وتتحرك نحو مثلث نابلس -جنين -طولكرم 4/6/1948 – 15/5 .م
القوات المصرية تعبر الحدود وتتحرك عبر الساحل إلى اسدود 7/6/19489 – 15/5 .م
تقدم الطوابير السورية عبر الشمال 10/6/1948 -16/5 .م
مجلس المن الدولي يعين الكونت ) فولك برنادوت ( كوسيط دولي في فلسطين 20/5/1948 .م
قرار مجلس المن الدولي بوقف إطلق النار 1948 /22/5 .م
الهدنة الولى 8/7/1948 -11/6 .م
الهدنة الثانية 15/10/1948 -18/7 .م
تقرير الوسيط الدولي ) برنادوت ( يقترح تقسيم فلسطين الى دولتين ؛ عربية وإسرائيلية ،مع بقاء القييدس منطقيية
دولية وُترفض من العرب وإسرائيل 16/9/1948 .م
اغتيال الوسيط الدولي ) برنادوت ( في القدس بواسييطة عصييابة ) شييتيرن ( ،ويخلفييه نييائبه المريكييي ) رالييف
باتش ( .
توقيع اتفاقيات الهدنة من قبل الدول العربية التي شاركت في حرب 48باستثناء العراق :
24/2الهدنة المصرية – السرائيلية .
23/3الهدنة اللبنانية – السرائيلية .
3/4الهدنة الردنية -السرائيلية .
98
20/5الهدنة السورية – السرائيلية .
99
المراحل الزمنية في تاريخ اليهود حسب ما جاءت فللي سللورة
السراء
بعد كل ما تقدم وبالنظر مليا في اليات من ) ( 8 – 4من سورة السراء ،نجد أن هناك خمس مراحل زمنية في
تاريخ بني إسرائيل ،توضحت على النحو التالي :
عُلّوا َكِبي فًرا
ن ُ
ن َوَلَتْعُل ّ
ض َمّرَتْي ِ
ن ِفي اَْلْر ِ
سُد ّ
ب َلُتْف ِ
سراِئيَل ِفي اْلِكَتففا ِ
ضْيَنا ِإَلى َبِني إ ْ
♦ المرحلة الولى َ ) :وَق َ
)(4
) زمن موسى عليه السلم حيث أوحى إليه ربه عز وجل ،فيما أنزل إليه من الكتاب نص هذه النبوءة ،والرجح
أنها أنزلت في بداية فترة التيه قبل أربعين عاما ،من دخولهم الول للرض المقدسة ( .
عًدا َمْفُعوًل )(5
ن َو ْ
عُد ُأوَلُهَما ………………… …… …… َوَكا َ
جاَء َو ْ
♦ المرحلة الثانية َ ) :فِإَذا َ
) منذ نهاية فترة التيه … بدء حرب الملك طالوت لدخول الرض المقدسة …ُملييك ونبيّوة داود وسييليمان عليهمييا
السلم … ُملك ُمتوارث بدون نبّوة :فساد وإفساد … حتى السبي البابلي سنة 586قبل الميلد ( .
♦ المرحلة الثالثة ُ … ) :ثّم … )(6
) منذ السبي البابلي … بعث عيسى عليه السلم … نزول سورة السراء بنص هذه النبوءة سيينة 621م … إلييى
ما قبل حرب 1948م ( .
عَلْوا َتْتِبيًرا )(7
عَلْيِهْم … … … … … َوِلُيَتّبُروا َما َ
♦ المرحلة الرابعة َ ) :رَدْدَنا َلُكْم اْلَكّرَة َ
) منذ قيام دولة إسرائيل ) 15/5/1948م ( … وانتصار الجيش إسرائيلي فييي حروبييه … ووصييول الدوليية إلييى
قمة مجدها … حتى نهايتها ( .
عْدَنا … ) (8
عْدُتْم ُ
ن ُ
حَمُكْم َوِإ ْ
ن َيْر َ
سى َرّبُكْم َأ ْ
ع َ
♦ المرحلة الخامسة َ ) :
) منذ نهاية إسرائيل … قيام الدولة العربية المتحدة في بلد الشام والعراق … الحرب العالمية النووية الثالثة …
ظهور المهدي … معارك المهدي … قيام المبراطورية السلمية وعاصييمتها القييدس … خييروج الييدجال …
نزول عيسى عليه السلم … هروب الدجال وأتباعه إلى فلسطين … قتل اليدجال … نطيق الحجيير والشييجر …
حتى الذبح النهائي لبني إسرائيل على أرض فلسطين ( .
100
الجزء الثاني
الفصل الول :
101
المؤامرة اليهودية على العالم
ططففوا لففه عنففد طلففوع
" ويل للُمتآمرين بالسوء ،الذين يحيكون الشّر وهم في مضاجعهم ،الذين ُينّفذون مففا خ ّ
الفجر ،لن ذلك في ُمتناول أيديهم ،يشتهون حقول فيغتصففبونها ،وبيوتففا فيسففتولون عليهففا ،يجففورون علففى
الرجل وعلى بيته ،وعلى النسان وميراثه " ) التوراة :سفر ميخا . ( 2-1 :2 ،
" قد باد الصالح من الرض ،واختفى الُمستقيم من الناس ،جميعهم يكمنون لسفك الدماء ،وكففل واحففد منهففم
جّد أيديهم في ارتكاب الشّر ،ويسعى الرئيس والقاضففي وراء الرشففوة ،ويملففي العظيففم عليهففم يقتنص أخاه َ .ت ِ
ق .أفضففلهم مثففل العوسففج ،وأكففثرهم اسففتقامة مثففل سففياج الشففوك "
أهواء نفسه ،فيتآمرون جميعا على الحف ّ
) التوراة :سفر ميخا . ( 3-2 :7 ،
طها قلم كاتب عربييي أو غربييي حاقييد علييى هذه النصوص التي تكشف حقيقة اليهود والعقلية التي يفّكرون ،لم تخ ّ
اليهود واليهودية ،من المعادين للسامية اليهودية ،وإنما جاءت في التوراة ،كتيياب اليهييود والنصييارى المقيّدس .
وبالرغم من ذلك ما زال الكثير ،من مفكري وكتاب العرب في هذا العصر الغبر ،ينكر أن هناك مؤامرة ُتحاك
ضد كل ما هو مسلم وضد كل ما هو عربي ،بل ضد كل ما هو غير يهودي ،ويتهمون كل من يقول بذلك ،بييأنه
من مؤيدي نظرية المؤامرة التي ل أصل لها من الصحة .أما ما نقوله نحن في هؤلء أحد أمرين ،إما أن يكونوا
شركاء في المؤامرة ،ويعملون ما بوسعهم لتجهيل الناس بعلم ،حتى ل يتنّبهوا لسيلحتها ورموزهييا فُيقاوموهيا ،
ب غير الذي نعيش فيه ُ ،يدلون بدلوهم لُيضّلوا الناس بغير علم .وإما أن يكونوا ُأناس يعيشون على سطح كوك ٍ
ك ) 156العراف ( ،وذلييك بعييد لنعلم أن تسمية القرآن لبني إسرائيل باليهود ُ ،أطلقت عليهم لقولهم ) ِإّنا ُهْدَنا ِإَلْي َ
اتخاذهم العجل ،بمعنى أنهم أعلنوا التوبة عن فعلهم والرجوع إلى ال ،وفي الحقيقة كييان ذلييك قييولهم بألسيينتهم ،
شِرُبوا ِفي ُقُلوِبِهُم اْلِعجَْل صْيَنا َوُأ ْ
ع َ سِمْعَنا َو َ شغفت بعبادة العجل ،حيث قال سبحانه ) َقاُلوا َ وأما قلوبهم فُأشربت و ُ
ن ) 93البقرة ( ،وكان هيذا حيالهم بمعيية نيبيهم موسيى علييه ن ُكْنُتْم ُمْؤِمِني َ
سَما َيْأُمُرُكْم ِبِه ِإيَماُنُكْم ِإ ْ
ِبُكْفِرِهْم ُقْل ِبْئ َ
ن َهففاُدوا ن اّلفِذي َالسلم .ولم يختلف حالهم مع نبينيا محميد علييه الصيلة والسيلم ،حييث قيال فيهيم سيبحانه ) ِمف َ
طْعًنففا ِفففي
س فَنِتِهْم َو َ
عَنا َلّيا ِبَأْل ِ
سَمٍع َ ،وَرا ِ غْيَر ُم ْ سَمْع َ
صْيَنا َ ،وا ْ ع َ سِمْعَنا َو َن َ ضِعِه َ ،وَيُقوُلو َ ن َمَوا ِ عْ ن اْلَكِلَم َ
حّرُفو َ ُي َ
لف ِبُكْفِرِهفْم َف َ
ل ن َلَعَنُهفُم ا ُّخْيفًرا َلُهفْم َوَأْقفَوَم َوَلِكف ْ ن َظْرَنفا َ ،لَكفا َسفَمْع َواْن ُطْعَنفا َوا ْسفِمْعَنا َوَأ َن َ ،وَلْو َأّنُهْم َقاُلوا َ الّدي ِ
ل ) 46النساء ( . ن ِإّل َقِلي ً
ُيْؤِمُنو َ
وأما الديانة اليهودية :فهي معتقد ،اختلط فيه شيء من بقايا مشّوهة لكتب أنبيائهم ،مع آراء وتفسيرات أحبييارهم
ومعتقدات وأساطير وخرافات القوام ،التي عاشوا فيما بينها على مّر العصور ،ومصدر هذه العقيدة في الصل
هو التوراة ،والتي سبق أن قلنا أنها ُكتبت بشكلها النهائي في القرن الول الميلدي ،قبييل خروجهييم النهييائي ميين
فلسطين وتشّتتهم في كافة أرجاء الرض .
وفيما بعييد السييبي البييابلي ،قييام كهنتهييم وأحبييارهم ) حكمييائهم ( بتييأليف ُكتييب جمعييوا فيهييا ،معتقييداتهم وآرائهييم
ت به موسى عليه السلم مكتوبا ،والذي تنيياقلوه شييفاها وشروحهم للتوراة ،وقالوا أنها القانون الشفوي الذي لم يأ ِ
سيّمي بييالتلمود ،والييذي يعتييبرونه أكيثر ُقدسييية ميين التيوراة نفسيها ،
جمعت هذه المؤلفيات فيمييا ُ عبر الجيال ،و ُ
جمع في بابييل عييام 500م ي تلمود أورشليم ،والخر ُ سم َ جمع في فلسطين عام 400م و ُ ولديهما تلمودان أحدهما ُ
ي تلمود بابل وهو الشهر ويقع في ُ 36مجّلدا .وقد كان التلمود ُيعامل بسرية فيما بين اليهود ،وقد تم طبعييه سم َوُ
في أوروبا في القرون الوسطى ،وكّلما ُأكتشف أمره في الدول الوربية ،كييان ُيصيادر وُيجميع وُيحييرق ،وكيان
اكتشافه سببا في كثير من حالت الضطهاد والتعذيب والقتييل والنفييي لليهيود .وميين هييذا نخلييص إلييى أن الديانيية
اليهودية ،هي ما جاء من معتقدات في التلمود أول وثانيا وثالثا … ،والتوراة على ما بقي فيها من وحي أخيرا .
102
ماهية التلمود ومعتقدات اليهود :
ل ) ُمبالغ فيه ( وبعضها كريه ،
قال د ) .جوزيف باركلي ( أحد الباحثين في التلمود " :وبعض أقوال التلمود مغا ٍ
وبعضها الخر كفر ،ولكنها تشّكل في صورتها المخلوطة أثرًا غير عادي ،للجهد النساني ،وللعقل النساني ،
وللحماقة النسانية " .
ي ) تعيياليم التلمييود ( لظفيير السييلم
ومما جاء في التلمود من تعاليم ،نعرض بعييض المقتطفييات التالييية ميين كتيياب ّ
خان ،و) بروتوكولت حكماء صهيون ( لعجاج نويهض :
يقول عجاج نويهض :هذه الكلمات للعلمة ) بولس حنا مسعد ( صاحب كتيياب ) همجييية التعيياليم الصييهيونية ( ،
شر به العالم ،وللمسلم قرآنه ينشره بين جميع الشييعوب ،أمييا ومما قاله المؤلف في مقدمته " :للمسيحي إنجيله يب ّ
السرائيلي فله كتابان ؛ كتاب معروف وهو التييوراة ل يعمييل بييه ،والخيير مجهييول ل يعرفييه العييالم ) التلمييود (
ضله على الول ويدرسه خفية وهو أساس كل مصيبة .والنصارى يؤمنون بأن ال هو أبو الجميع ،والمسلمين يف ّ
يعترفون بأن ال رب العالمين .أما الصهيونيون يريدون أن يكيون الليه لهيم وحيدهم ،زد عليى ذليك أن التلميود
ص على أن جميع خيرات الرض ملك لبني إسرائيل ،وأن النصارى والمسيلمين وعبيدة الوثيان خلقيوا عبييدا ين ّ
لهم .هم منحدرون من ال كما ينحدر البن من أبيه ،وشعوب الرض مشّتقة من الرواح النجسيية ،ولييم ُيعطييوا
صورة النسانية إل إكراما لبني إسرائيل " .
نظرة التلمود لكافة البشر :
" المخلوقات نوعان ؛ علوي وسيفلي .العييالم يسييكنه سييبعون شييعبا بسييبعين لغيية .إسييرائيل صييفوة المخلوقييات ،
جن .إن نفييوس واختاره ال لكي تكون له السيادة العليا على بني البشر جميعا سيييادة النسييان علييى الحيييوان الُمييد ّ
اليهود منّعم عليها بأن تكون جزءا من ال ،فهي تنبثق من جييوهر الي كمييا ينبثييق الولييد ميين جييوهر أبيييه ،وهييذا
السبب يجعل نفس اليهودي أكثر قبول عند ال وأعظم شأنا عند ال من نفوس سائر الشييعوب ،لن هييؤلء ُتشييت ّ
ق
نفوسهم من الشيطان وهي مشابهة لنفوس الحيوانات والجماد " .
ولهيذا يقيول التلميود " :أن زرع ) نطفية ( الرجيل غيير اليهيودي هيي زرع حييواني .وزرع الغيراب كيزرع
الحصان .وإن غير اليهود كلب عنيد اليهيود .وإن غيير اليهيودي ل يختليف بشييء عين الخنزيير اليبري .وإن
بيوت غير اليهود زرائب للحيوانات ،وقد ُكتب على شعوب الرض :لحومكم ميين لحييوم الحمييير وزرعكييم ميين
زرع الحيوانات .وكما أن ربة البيت تعيش من خيرات زوجها ،هكذا أبناء إسرائيل يجب أن يعيشوا من خيييرات
المم دون أن يتحّملوا عناء العمل " .
أمة ُمحتقرة ،من العار الزواج بعربية ،يعبيدون الصينام ،مرتكبيو تسيعة أعشيار الجيرائم فيي العيالم ،صيفتهم
الغدر وكراهية اليهود ،كانوا قادة تخريب الهيكل مع نبوخذ نصر .
" إن عبدة الوثان الذين ل يعتنقون الدين اليهودي والمسيحيين والمسلمين ،هم في نظر اليهود أعداء ال وأعييداء
اليهود " .و" يسمح التلمود لصدقاء ال وأقاربه في أن ُيضّلوا الشرار " .و" ممنوع السييلم علييى الكفييار " ،
ش الغريييب وتييدينه بالربييا الفيياحش " .و" يجييب انييتزاع قلييب
ن " الرييياء مسييموح بييه " .و" ُيمكنييك أن تغي ّ
ولكي ّ
النصراني من جسده وإهلك علية القوم منهم " .و" إذا رّد أحد اليهود إلى الغريب ما أضاعه فالرب ل يغفيير لييه
أبدا " .و" ُأقتل عبدة الوثان ولو كان أكثر الناس كمال " .و" إذا وقع وثني في حفرة فاسييددها عليييه بحجيير " .
و" من يسفك دم الكفار ) غير اليهييود ( بيييده يقيّدم قربانييا ُمرضيييا لي " .وإجمييال يقيول التلمييود :أن مين ينتهييك
الوصايا العشر مع غير اليهود فهو جائز بل واجب .
103
التجديف على الله :
" اليهود يضعون التلمود فوق التوراة والحاخام فوق ال ،وال يقرأ وهو واقف على قييدميه ،ومييا يقييوله الحاخييام
يفعله ال ،إن تعاليم اللهوتيين في التلمود لهي أطيب ميين كلم الشييريعة ) كلم الي ( ،والخطايييا الُمقترفيية ضييد
التلمود لهي أعظم من المقترفة ضد التوراة " .و" إن الرباني مناحيم ُيطلعنا بالتفاق مع كثير من العلميياء ،علييى
أن ال يأخذ رأي الربانيين على الرض ،فييي المشيياكل الييتي تنشييأ فييي السييماء " .و" إن كلمييات الربييانيين أشيدّ
عذوبة من كلمات النبياء … وذلك لن كلماتهم هي كلمات ال " .
و" إن ال قد تاب عن تركه بني إسرائيل يرتطمون في الشقاء كمن يتييوب عيين إثييم شخصييي . " … ،و" أن الي
ل قسمه بقسم آخيير نظيييره . " … ،و" أن الي قييد عندما ُيقسم في كل مرة بدون ُمبّرر معقول ،فمن اللزم أن يح ّ
ب إلييى
أقسم بغير عدل ،وارتكب خطيئة الكذب لكي يلقي السلم والوئام بين سارة وإبراهيم " .و" أن اليهود أح ي ّ
ال من الملئكة ،فالذي يصفع اليهودي كمن يصفع العناية اللهية سواء بسواء ،وهذا ُيفسر لنييا اسيتحقاق اليوثني
وغير اليهودي الموت إذا ضرب يهوديا " .و" وإذا أراد الرجل أن يقترف ذنبا فعليه أن يييذهب إلييى مكييان ،هييو
مجهول فيه ،لئل ُيهين ال علنية " .
الملئكة :
" إن عمل الملئكة الرئيسي سكب النوم على عيون البشر وحراستهم في الليل ،أما في النهار فإنهم ُيصيّلون عيين
البشر ،ولذلك يجب أن نلتجئ إليهم " .
النبياء :
" أن إبراهيم أكل 74رجل ،وشرب دمائهم دفعة واحدة ،ولذلك كان له قوة 74رجل " .وصييفوا عيسييى عليييه
السلم بالحمق والمجييذوم و" غشيياش بنييي إسييرائيل " ،واتهمييوا أمييه بالزنييا ،وتلميييذه بالملحييدين ،والنجيييل
بالكتاب المملوء بالثم .
التنجيم :
يعتقد التلمود اعتقادا جازما ،بأن التنجيم علم يتحكم بحياة الناس ،ومن أقوالهم " :إن تأثير النجوم تجعييل الرجييل
ذكيا ،وبنو إسرائيل تحت تأثير النجوم " " ،إن كسوف الشمس آية سوء للشعوب ،وخسوف القمر آية سوء لبني
إسرائيل ،لن إسرائيل تعتمد في بقائها على القمر " .
السحر :
لهم فيها أقوال شتى " ،تنتقل نفس اليهودي بعد موته إلى جسييد آخيير ،وعنييدما يلفييظ المتقييدم فييي السيين أنفاسييه ،
تسرع نفسه إلى جنين في بطن أمه " .ومنهييا ؛ أن اليهييودي الييذين يقتييل يهوديييا " تييدخل روحييه فييي الحيوانييات
ي عشر شهرا ،ثم تعود ثانية لتدخل في الجمادات ،ثييم والنباتات ،ثم تذهب إلى الجحيم وتعّذب عذابا أليما مدة اثن ّ
في الحيوانات ،ثم في الوثنيين ،حتى ترجع إلى جسد يهودي بعد تطهيرها " .ويقولون أن الجنة ليييس فيهييا أكييل
أو شرب ،أو زواج أو تناسل … ،وإنما يجلس الصالح فيها بوقار وسكينة ،ويقولون أن نار جهنم ل سلطان لها
على ُمذنبي بني إسرائيل ،ول سلطان لها على تلمذة الحكماء .
104
ويقولون أنه ل حساب بعد انفصال الروح عن الجسد .ويقولون " المشييروبات السييماوية هييي الخمييور الفيياخرة ،
المعّتقة المحفوظة من يوم الخليقية السيادس ،وهيذه الجّنية اللذييذة ل ييدخلها إل اليهيود الصيالحون ،أميا البياقون
جون في نييار جهنييم " .و" … ،ويييأتي المسييلمون بعييد النصييارى لنهييم ل يغسييلون سييوى أيييديهم وأرجلهييم
فُيز ّ
وأفخاذهم وعوراتهم ،كل هؤلء ُيحشرون حشرا في جهنم ول يغادرونها أبدا " .
" إن المسيح ) الذي ينتظرون ظهوره ( ُيعيد قضيب الُملك إلى إسرائيل ،فتخدمه الشعوب وتخضع لييه الممالييك ،
ول يأتي ما لم ينقرض ُملك الشعوب غير اليهودية ،ذلك أن إسرائيل إذا كان صالحا ،يجب علييه أن يعميل بغيير
هوادة ،في العمل على أن ينبذ المتسّلطين ) الحكام ( على الشعوب نبذ النييواة ،لن السييلطة علييى الشييعوب غييير
اليهودية هي من نصيب اليهود فقط ،وفي كل مكان يدخله اليهود يجييب أن يكونييوا هييم المتسيّلطين ،وطالمييا هييم
بعيدون عن تحقيق هذه الفكرة فيعتبرون أنفسهم منفيين وغرباء " .
صل لدينا لما جاء في التلمود من أفكار وأقوال لحاخامات اليهود ( .
) وهذا المقتطفات جزء يسير مما تح ّ
عَنففا سفَمٍع َوَرا ِ غْيفَر ُم ْ سفَمْع َ صْيَنا َوا ْ
ع َ سِمْعَنا َو َ ن َ ضِعِه َوَيُقوُلو َ ن َمَوا ِ عْ ن اْلَكِلَم َحّرُفو َ ن َهاُدوا ُي َ ن اّلِذي َ
قال تعالى ) ِم َ
ن َلَعَنُهفُمخْيفًرا َلُهفْم َوَأْقفَوَم َوَلِكف ْن َ ظْرَنا َلَكا َسَمْع َواْن ُ طْعَنا َوا ْ سِمْعَنا َوَأ َ
ن َوَلْو َأّنُهْم َقاُلوا َ طْعًنا ِفي الّدي ِ سَنِتِهْم َو َ َلّيا ِبَأْل ِ
ن َقْبفِل َأ ْ
ن صفّدًقا ِلَمففا َمَعُكفْم ِمف ْب َءاِمُنوا ِبَما َنّزْلَنففا ُم َ ن ُأوُتوا اْلِكَتا َ ل ) (46يَأّيَها اّلِذي َ ن ِإّل َقِلي ًل ُيْؤِمُنو َ ل ِبُكْفِرِهْم َف َ ا ُّ
ل ف َل ن ا َّل ف َمْفُعففولً )ِ (47إ ّ ن َأْمفُر ا ِّت َوَكففا َسفْب ِ ب ال ّ حا َ صف َعَلى َأْدَباِرَها َأْو َنْلَعَنُهْم َكَما َلَعّنا َأ ْ جوًها َفَنُرّدَها َ طِمسَ ُو ُ َن ْ
ظيًما )َ (48أَلْم َتَر ِإَلففى اّل فِذي َ
ن عِل فََقِد اْفَتَرى ِإْثًما َ ك ِبا ِّشِر ْن ُي ْ شاُء َوَم ْ ن َي َ ك ِلَم ْ
ن َذِل َ
ك ِبِه َوَيْغِفُر َما ُدو َ شَر َ ن ُي ْ َيْغِفُر َأ ْ
ب َوَكَفى ِبفِه ِإْثمًففا ل اْلَكِذ َ عَلى ا ِّ ن َ ف َيْفَتُرو َ ل ) (49اْنظُْر َكْي َ ن َفِتي ًظَلُمو َ شاُء َوَل ُي ْ ن َي َ
ل ُيَزّكي َم ْ سُهْم َبِل ا ُّ ن َأْنُف َ
ُيَزّكو َ
ن َكَف فُروا َه فُؤلَِء ن ِلّل فِذي َ
ت َوَيُقوُلففو َغو ِ طا ُ ت َوال ّ جبْ ِن ِباْل ِ
ب ُيْؤِمُنو َ ن اْلِكَتا ِ صيًبا ِم َن ُأوُتوا َن ِ ُمِبيًنا )َ (50أَلْم َتَر ِإَلى اّلِذي َ
صيًرا ) 52النساء ( . جَد َلُه َن ِ
ن َت ِل َفَل ْ
ن ا ُّن َيلَْع ِل َوَم ْ ن َلَعَنُهُم ا ُّك اّلِذي َ ل )ُ (51أوَلِئ َ سِبي ً
ن َءاَمُنوا َ ن اّلِذي ََأْهَدى ِم َ
ن )(7
سائ ِِلي َ
ت ِلل ّ
خوَت ِهِ َءاَيا ٌ
ف وَإ ِ ْ
س َ
ن ِفي ُيو ُ
كا َ قال تعالى ) ل َ َ
قد ْ َ
سورة يوسف وبالرغم من تسميتها باسيمه علييه السييلم ،فهييي تحكيي فييي الواقيع قصية ُأخيوة يوسييف ،وتيروي
تفاصيل أول مؤامرة حاكها ونفذها بنوا إسرائيل ) يعقوب ( بدم بارد ،ضد أبيهم وأخيهم يوسف عليهمييا السييلم ،
أحّبهم إلى قلب أبيييه وبوحشييية منقطعيية النظييير ،وقيوله تعييالى ) فييي يوسييف وأخييوته آيييات للسييائلين ( يؤكييد أن
ل على عدم إيمانهم بال وما جيياء بييه أنبييياءه ،ميين علييم
موضوع السورة هو ما قام به أخوة يوسف من أفعال ،تد ّ
وموعظة وحكمة ،وأنهم لما كادوا ليوسف ما كادوه ،كانوا قد أغفلوا كليا وجيود الي سييبحانه وتعييالى ،وأنكييروا
105
ططون له رأسا عليى عقيب ،وأنكيروا أيضيا نبيوة أبيهيم
قدرته على التدخل بمجريات المور ،وقلب نتائج ما ُيخ ّ
يعقوب عليه السلم .
ن
ك َكْيفًدا ِإ ّ
ك َفَيِكيفُدوا َلف َ
خَوِتف َ
عَلففى ِإ ْ
ك َ
ص ُرْؤَيففا َ
صف ْ
ي َل َتْق ُ
جاء في تفسير القرطبي رحمه ال للية التالية ) َقاَل َيُبَنف ّ
ن ) (5ما نصه " :ودل أيضا على أن يعقوب عليه السلم ،كان أحس ميين بنيييه حسييد عُدّو ُمِبي ٌ
ن َ
سا ِ
لْن َ
ن ِل ِْ
طا َ
شْي َ
ال ّ
ل بييذلك صييدورهم ،فيعملييوا الحيليية فييي هلكييه ، يوسف وبغضه ،فنهاه عن قصص الرؤيا عليهم ،خوف أن تغ ّ
ومن هذا ومن فعلهم بيوسف ،يدل على أنهم كانوا غير أنبياء ،في ذلك الوقت ) ولم يكونوا أنبييياء فييي غييير ذلييك
الوقت أيضا ( ،ووقع في كتاب الطبري لبن زيد ،أنهم كييانوا أنبييياء ،وهييذا يييرّده القطييع بعصييمة النبييياء عيين
الحسد الدنيوي ،وعن عقوق الباء ،وتعريض مؤمن للهلك ،والتآمر في قتله ،ول التفات لقييول ميين قييال إنهييم
كانوا أنبياء ،ول يستحيل في العقل زلة نبي ،إل أن هذه الزلة قد جمعت أنواعا من الكبائر ،وقد أجمع المسلمون
على عصمتهم منها وإنما اختلفوا في الصغائر " .
وفي لسان العرب " قيل السبط واحد السباط وهو ولد الولد ،وقال ابن سيييده :السييبط ولييد البيين والبنيية ،وفييي
الحديث الحسن والحسين سبطا رسول ال صلى ال عليه وسلم ورضي عنهما ،ومعناه طائفتييان وقطعتييان منييه ،
ومنه حديث الضباب ،إن ال غضب على سبط من بني إسرائيل فمسخهم دواب ،والسبط من اليهود كالقبيلة ميين
سّمي سبطا ،ليفرق بين ولد إسييماعيل وولييد إسيحاق وجمعيه أسييباط . العرب ،وهم الذين يرجعون إلى أب واحد ُ
قالوا والصحيح أن السباط في ولد إسحاق بن إبراهيم بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل عليهم السلم ،وإنما سييمي
هؤلء بالسباط ،وهؤلء بالقبائل ليفصل بين ولد إسماعيل ،وولد إسحاق عليهما السلم .وجاء أيضييا أن السييبط
لغة ،هو نبات ذو ساق طويلة مفردة عليها أوراق دقيقة تعلفه البل " .
وبالتالي نستطيع القول بأن لفظ السباط ُ ،أطلق على أحفاد يعقوب عليهم السلم وليس على أبنائه الثنييي عشيير ،
عيَل سفَما ِ بل يتعدى ذلك إلى كل نسل بني إسرائيل حتى يومنا هذا ،وأّما قوله تعييالى ) َوَمففا ُأنفِزَل ِإَلففى ِإْبَراِهيفَم َوِإ ْ
ط ) 136البقرة ( المقصود هنا النبياء من الحفاد على مّر العصييور ،ومنهييم يوسييف سَبا ِ
ب َواَْل ْ ق َوَيْعُقو َ
حا َ
سَ َوِإ ْ
وموسى وداود وسليمان وزكريا ويحيى وعيسى ،ومن ُكّذب وُقتل من أنبياء بني إسرائيل وهم كثير ممن لم ُتذكر
ص القرآن على نبّوته هيو يوسيف علييه السيلم ،بدللية أسمائهم .والوحيد من أبناء يعقوب الثني عشر ،الذي ن ّ
ن َوَأّيففو َ
ب سفَلْيَما َن ُذّرّيِتفِه َداُوَد َو ُن َقْبفُل َوِمف ْ
حففا َهفَدْيَنا ِمف ْ
ل َهفَدْيَنا َوُنو ً ب ُك ّق َوَيْعُقففو َحا َ سَ
قوله تعالى ) َوَوَهْبَنا َلُه ِإ ْ
ن َقْب فُل ِباْلَبّيَنففا ِ
ت ف مِ ْ
س ُ جاَءُكْم ُيو ُ ن ) 84النعام ( وقوله ) َوَلَقْد َ سِني َ ح ِ جِزي اْلُم ْ ك َن ْ
ن َوَكَذِل َ
سى َوَهاُرو َ سفَ َوُمو َ َوُيو ُ
سففوًل ) 34غييافر ( بالضييافة إلييى مييا ل ِمنْ َبْع فِدِه َر ُ
ث ا ُّ
ن َيْبَع َ
ك ُقْلُتْم َل ْحّتى ِإَذا َهَل َجاَءُكْم ِبِه َ ك ِمّما َ شّ َفَما ِزْلُتْم ِفي َ
جاء من آيات في سورة يوسف .
طا ُأَمًما ) 160العراف ( وقوله تعييالى ) أسييباطا أممييا ( أي
سَبا ً
شَرَة َأ ْ
ع ْ
ي َ
طْعَناُهُم اْثَنَت ْ
وانظر في قوله تعالى ) َوَق ّ
تم فرزهم حسب انتساب كل فرد منهم ،إلى أحد أبناء يعقوب عليه السلم فنتج بالتالي اثنتي عشرة أمة ،وكل أمة
سمي كل سبط باسم أحد أبناء يعقوب ،وعلى ذلك ُيطلييق لفييظ سييبط علييى مجموعيية ميين ُأطلق عليها لفظ سبط ،و ُ
الفراد ،يجمعهم انتسابهم إلى أب واحد ،فيقال سبط يوسف أي قبيلة يوسف .
قام أبناء يعقوب بعقد اجتماع سري ،بعيدا عن المعنيين بالمر ) يعقوب ويوسف وأخيه ( .1
كانت المشكلة مدار البحث حب أبيهم ليوسف وأخيه ،والدافع هو الحسد وحب التمّلك . .2
106
ل ،وضلله واضح ل ُلبس فيه .
ي ال ضا ّ
ن أبيهم يعقوب نب ّ
كان هناك إقرار بالجماع ،أ ّ .3
صلة من الكثرة ) فهم عشرة أشّقاء كبار مقابل اثنان صغار ( .
كانوا يؤمنون بالقوة المتح ّ .4
جمعتهم وحدة الغاية والمصلحة . .5
ل ل َك ُـم وجـ َ َ ) اقْتُلوا يوس َ َ
ن ب َعْـدِهِ قَوْ ً
مــا مـ ْ م ،وَت َ ُ
كون ُــوا ِ ه أِبيك ُـ ْ
ْ َ ْ ُ خـ ُ
ضا ،ي َ ْ ف ،أوِ اط َْر ُ
حوهُ أْر ً ُ ُ ُ
ن )(9حي َصال ِ ِ
َ
الطرح الول كان القتل أي حتمية الهلك . .1
الطرح الثاني كان النفي إلى أرض بعيدة مع احتمالية الهلك . .2
ب أبيهم .
كانت الغاية الستفراد بح ّ .3
القرار بعدم مشروعية عملهم وفساده ،وذلك قبل شروعهم بالتنفيذ . .4
ب ول عبد .
تبييت نية التوبة والصلح قبل ارتكاب الجريمة ،وهذا منطق أعوج ل يقبله ر ّ .5
إغفالهم للعناية اللهية الُمّدخرة في علم الغيب ،والتي تتدخل في الوقت المناسب لتسيير المور . .6
س ـّياَرةِ ،
ض ال ّ قط ْ ُ
ه ب َعْـ ُ ب ،ي َل ْت َ ِ
ج ّ ف ،وَأ َل ْ ُ
قوهُ ِفي غََياب َةِ ال ْ ُ قت ُُلوا ُيو ُ
س َ م َ ،ل ت َ ْمن ْهُ ْ
ل ِ ل َقائ ِ ٌ
) َقا َ
ن )(10 م َفا ِ
عِلي َ ن ك ُن ْت ُ ْ إِ ْ
كان أصلحهم فاسدا ،حيث وافقهم على فعل المنكر مع تخفيف الضرر . .1
كان هناك إصرار لدى الغلبية . .2
كان القرار النهائي أخف الضرر :إلقاء يوسف فييي بئر مييع تييوافر احتمالييية الهلك ،فيمييا لييو لييم يلتقطييه .3
أحد .
عدم الكتراث بنبوة أبيهم ،وما كان يتنّزل عليه من الوحي . .4
غفلة وعمى بصر وبصيرة واتباع للهوى ،فليس فيهم ذو رأي سديد ول حتى شيطان أخرس . .5
جهل بعواقب المور ،كالثر النفسي والمعنوي البالغ ،علييى ميين يطمحييون بالسييتفراد بحبييه ،وبالتييالي .6
عدم تحقق مرادهم .
تبييت النية للقيام بالفعل عندما تحين الفرصة . .7
َ ْ َ
دا ي َْرت َـعْ معَن َــا غَـ ًه َ سل ْ ُن ) (11أْر ِ حو َص ُ ه ل ََنا ِ ف ،وَإ ِّنا ل َ ُ س َ مّنا عََلى ُيو ُ ك َل ت َأ َ ما ل َ َ ) َقاُلوا ي َأَباَنا َ
خـا ُ َ ن َتـذ ْهَُبوا ِبـهِ ،وَأ َ َ َ
نفأ ْ حُزن ُِنـي أ ْ ل إ ِّنـي ل َي َ ْ ن )َ (12قـا َ ظو َ حـافِ ُ ه لَ َ ب ،وَإ ِّنا ل َ ُ وَي َل ْعَ ْ
غافُلون )َ (13قاُلوا ل َئ ِ َ َ ْ
ة ،إ ِّنا إ ِ ً
ذا صب َ ٌ
ن عُ ْ ح ُ ب وَن َ ْ ن أك َل َ ُ
ه الذ ّئ ْ ُ ْ َ ه َ ِ م عَن ْ ُب ،وَأن ْت ُ ْ ه الذ ّئ ْ ُ ي َأك ُل َ ُ
َ َ َ
حي ْن َــا
ب ،وَأوْ َ جـ ّجعَُلوهُ فِــي غََياب َـةِ ال ْ ُ ن يَ ْ مُعوا أ ْ ج َ ما ذ َهَُبوا ب ِهِ ،وَأ ْ ن ) (14فَل َ ّ سُرو َ خا ِ لَ َ
م َل ي َ ْ َ
ن )(15 شعُُرو َ ذا وَهُ ْ م هَ َ مرِهِ ْ م ب ِأ ْ إ ِل َي ْهِ ل َت ُن َب ّئ َن ّهُ ْ
لم يكن يعقوب في العادة يأمنهم على يوسف وأخوه لمعرفته بعدم صلحهم . .1
لم ينتظروا الفرصة للتنفيذ بل سعوا إلى خلقها وإيجادها باستخدام الحيلة والمكر والدهاء . .2
تجاهلوا تأكيد أبيهم لهم بأن غيبة يوسف عن وجهه ،ولو لفترة بسيطة تسييبب لييه الحييزن .فكيييف إذا كييان .3
ذلك أبديا ؟! وكانت تلك محاولة منه عليه السلم لحياء ضمائرهم لعّلهم يرجعون ،ولكنهم لم يشعروا بذلك فكييان
كما أخبره سبحانه .
107
ططييوه مسييبقا بشييأن
ططهم قبل التنفيذ ،وقد أخبرهم بمييا كييانوا قييد خ ّ
كان أبوهم عليه السلم على علم بمخ ّ .4
الذئب ،لكن ذلك لم ُيثنهم عن عزمهم .
قرار التنفيذ اُتخذ بالجماع . .5
تييم إخفيياء النوايييا الجرامييية اتجيياه يوسييف ،تحييت غطيياء ميين الحييرص علييى مصييلحته ،لقنيياع أبيهييم .6
بالستجابة لمطلبهم .
َ َ
عْنـد َ ف ِ سـت َب ِقُ ،وَت ََرك َْنـا ُيو ُ
سـ َ ن )َ (16قـاُلوا ي َأَباَنـا إ ِّنـا ذ َهَب َْنـا ن َ ْ كو َشاًء ي َب ْ ُ ع َ م ِجاُءوا أَباهُ ْ ) وَ َ
َ ُ َ َ َ َ َ َ
جــاُءوا عَلــى ن ) (17وَ َ صادِِقي َ ن لَنا ،وَلوْ كّنا َ م ٍمؤْ ِ ت بِ ُ
ما أن ْ َ ب ،وَ َ ه الذ ّئ ْ ُ عَنا ،فَأكل ُ مَتا ِ َ
ّ َ ُ َ ُ َ َ َ
ه ميـ ٌ
ل َ ،واللـ ُ ج ِ
صـب ٌْر َ مـًرا ،فَ َ مأ ْ سـك ْ ف ُ م أن ْ ُ
ت لكـ ْ سـوّل ْ ل َ ب َ ،قا َ
ل ب َـ ْ صهِ ب ِد َم ٍ كذِ ٍ مي ِ قَ ِ
ن )(18 فو َ ص ُ
ما ت َ ِ ن عَلى َ َ ست ََعا ُم ْ ال ْ ُ
الستخفاف بأبيهم واستضعافه لكبر سّنه . .1
التضليل واختلق وفبركة الشواهد والدلة لتبرئة أنفسهم وإدانة الذئب . .2
ي ال مع علمهم بذلك .
الجرأة في الكذب على نب ّ .3
يقين يعقوب عليه السلم من كذبهم وتجّنيهم على الذئب . .4
ومما أحزنه عليه السلم هو ما كان عليه أبناءه من قليية إيمييانهم وعقييوقهم لييه ،وظلييم لخيهييم ،وفسييادهم .5
وإفسادهم ،وصفات وطبائع غاية في السوء ،ل تليق بالنبياء أو بأبناء أنبياء يتنّزل الوحي بين ظهرانيهم ،وفييي
المقابل لم يملك عليه السلم إل الصبر والرجاء وطلب العون من ال لمجابهتم .
بعد أن مّرت سنين على تلك الحادثة ،وأصبح يوسف وزيرا لمالية فرعون ،وقِدَم أخوته إليه في مصيير ،احتييال
عليهم ليأمن منهم على أخيه ،ويرفع عنه ما كان قد وقع عليه من ظلم وكيد .
كان يوسف عليه السلم على علم ،بما كانوا يكيدون لخيه ،عن طريق الوحي أو القياس . .1
عدم توبتهم عما فعلوه سابقا ،وبقائهم على نفس الحال . .2
خيانيية يوسييف بييالغيب بعييد كييل هييذه السيينين ،واتهييامه زورا وبهتانييا بالسييرقة ،فيوسييف ميين عبيياد الي .3
المخلصين ،وما كان له أن يسرق .
تأكيد يوسف على فسادهم وإفسادهم بما حّدث به نفسه ،حيث لم يجهر نبي ال بقوله ) أو بحكمييه عليهييم ( .4
شّر َمَكاًنا ( فما فعلوه معه ل ُيقارن بخطيئة السرقة التي اتهموه بها ،والتي أنهم أسوء حال ممن يسرق ) َقاَل َأْنُتْم َ
ن )73 ساِرِقي َ
ض َوَما كُّنا َ
سَد ِفي اَْلْر ِ
جْئَنا ِلُنْف ِ
عِلْمُتْم َما ِ
ل َلَقْد َ
أقّروا بأنها أحد أشكال الفساد في الرض ) َقاُلوا َتا ِّ
يوسف ( .
) وتوّلى عَنهم وَقا َ َ
م )(84 ن فَهُ ـوَ ك َ ِ
ظي ـ ٌ ح ـْز ِ ن ال ْ ُ م َ ت عَي َْناهُ ِ ض ْ ف َواب ْي َ ّ س َ فى عََلى ُيو ُ س َ ل ي َأ َ ُْ ْ َ ََ َ
ن )َ (85قــا َ ْ ُ َ ُ ُ ُ ّ
َقالوا َتاللهِ ت َ ْ ُ
ل كي َ
ن الَهــال ِ ِ م َ ن ِ ضا أوْ ت َكو َ حَر ً ن َ حّتى ت َكو َ ف َ
س َ فت َأ ت َذ ْكُر ُيو ُ
َ َ ّ َ َ ّ َ ش ُ ما أ َ ْ
ي اذ ْهَب ُــوان ) (86ي َب َن ِـ ّ مــو َ ما ل ت َعْل ُ ن اللهِ َ م َ م ِ حْزِني إ ِلى اللهِ وَأعْل ُ كو ب َّثي وَ ُ إ ِن ّ َ
ّ َ ّ َ َ
ن َروِْح الل ـهِ مـ ْ س ِه ل ي َي ْئ َ ُ ن َروِْح اللهِ إ ِن ّـ ُ م ْسوا ِ خيهِ وَل ت َي ْئ َ ُ ف وَأ ِ س َ ن ُيو ُ م ْ سوا ِ س ُ ح ّ فَت َ َ
ن )(87 َ
م الكافُِرو َ ْ قوْ ُإ ِّل ال َ
ْ
عدم اكتراثهم بسوء حال يعقوب عليه السلم ،ومدى ما نزل به من أذى نفسي وجسدي . .1
108
قسوة قلوبهم باستنكارهم حزن أبيهم على يوسف . .2
يعقوب يقطع الرجاء من أبنائه ،ويشكو قسوة أبنائه وضعفه وقلة حيلته في مواجهة أفعالهم إلى ال . .3
لم يعترفوا لبيهم بحقيقة فعلتهم مع يوسف ،مع علمهم ومعرفتهيم ومعايشيتهم لحيال أبيهييم ،ومييا وصيلت .4
إليه من سوء .
كان يعقوب على يقين من نجاة يوسف وكذب أبنائه عليه . .5
هنا تتضح مفارقة عجيبة ،توضح الكثير من معالم الشخصية اليهودية السرائيلية القديمة الحديثيية ،فهييم يعلمييون
علم اليقين أن يوسف ذهب إلى غير رجعة وأنه ُقتل على الرجح ،ولكنهم لم يعييترفوا لبيهييم بحقيقيية مييا فعلييوا ،
وظّلوا مصّرين على حكاية الذئب ،فل ضمير يؤنبهم ول قلب يشعر مع أبيهم .وأبيهم يعلم علم اليقين ميين ربييه ،
أن يوسف على قيد الحياة ،وأنه نبي وسيكون له شأن كبير مستقبل ،إذ كان عالما بتأويل رؤيا يوسييف السييابقة ،
وأن أخوته سيسجدون له لعلو منزلته ،وهذا ما كان ُيصّبره عليه السلم حين قال ) فصييبر جميييل ( أمييا مييا كييان
يؤلمه عليه السلم ،هو إصرار أبنائه على ما هم عليه واستمرارهم ،وعدم التوبة والرجوع إلى ال .
م م ال ْي َـوْ َ ب عَل َي ْك ُـ ُ ري ـ َ ل َل ت َث ْ ِ ن ) (91قَــا َ خــاط ِِئي َ ن ك ُّنا ل َ َه عَل َي َْنا وَإ ِ ْ ك الل ّ ُ قد ْ َءاث ََر َ ) َقاُلوا َتالل ّهِ ل َ َ
ْ َ َ
ن مـ ْل ُرؤْي َــايَ ِ ذا ت َأِوي ـ ُ ت هَ َ ل ي َأب َ ِ ن ) ) … (92وََقا َ مي َ ح ِ م الّرا ِ ح ُ م وَهُوَ أْر َ ه ل َك ُ ْ فُر الل ّ ُ ي َغْ ِ
َ َ َ
ن مـ َ م ِ جــاَء ب ِك ُـ ْ ن وَ َ ج ِ سـ ْ ن ال ّ مـ َ
جِني ِ خَر َ ن ِبي إ ِذ ْ أ ْ س َ ح َ قا وَقَد ْ أ ْ ح ّجعَلَها َرّبي َ ل قَد ْ َ قَب ْ ُ
َ َ َ
و
ه هُ َ شاُء إ ِن ّ ُ ما ي َ َ ف لِ َطي ٌ ن َرّبي ل ِ خوَِتي إ ِ ّ ن إِ ْن ب َي ِْني وَب َي ْ َ شي ْطا ُ ن ن ََزغَ ال ّ ن ب َعْدِ أ ْ م ْ ال ْب َد ْوِ ِ
كم َ
م إ ِذ ْ ت ل َـد َي ْهِ ْ مــا ك ُن ْـ َ ك وَ َ حيهِ إ ِل َي ْـ َ ب ُنو ِ ن أن َْباِء ال ْغَي ْ ِ م ) ) … (100ذ َل ِ َ ِ ْ كي ُ م ال ْ َ
ح ِ ال ْعَِلي ُ
َ َ َ
ن) مِني َ مـؤْ ِ ت بِ ُ صـ َ حَر ْ س وَل َـوْ َ مــا أك ْث َـُر الن ّــا ِ ن ) (102وَ َ مك ُـُرو َ م يَ ْ م وَهُ ْ مَرهُ ْ مُعوا أ ْ ج َأ ْ
(103
كانت نشأة بني إسرائيل كقبيلة بدوية ،تعيش ضمن قبائل البدو في صحراء النقب ،وكان أول عهد لهييم بالُملييك ،
في زمن يوسف عليه السلم ،تحت التاج الفرعوني في مصر ،حيث وّفر لهم اُلملك آنييذاك حييياة هييانئة رغيييدة ،
وأزال عنهم بؤس وشقاء حياة البدواة ،ولما زال ملك يوسف عليه السلم بوفاته ،انقلب حالهم رأسا على عقييب ،
خت لييديهم قناعيية بييأن الملييك والغنييى يعنييي السييعادة
فقاسوا شتى أنواع العذاب والمهانيية ،ومنييذ ذلييك اليييوم ترسي ّ
وزوالهما يعني الشقاء .
وعندما بعث سبحانه لهم موسى عليه السلم لم يستجيبوا له ،فهم ل ينتظرون من يدعوهم إلى ال ي ،ول يؤمنييون
بما هو غيبي وغير محسوس ،دين فيه إله غير مرئي يمنح جنة غير مرئية ،والحصول عليها مشروط بالصلح
والصلح بعد عمر طويل ،وبعد موت وبعث وحساب ،وإنميا يؤمنيون بمين يمنحهيم ملكيا مجانييا دنيوييا مادييا
عاجل ل آجل ،يكون في متناول اليد بل جهد أو عناء منهم لتحصيله ،ول مانع لديهم بعد ذلك أن يكون لهم إله ،
ي فسيارعوا لعبيادته ،لييذلك بشرط أن يكون محسوسا ويوافق أهوائهم ،كالعجل الذهبي الذي صيينعه لهيم السيامر ّ
عانى منهم عليه السلم ما عاناه ،في رحلته معهم من مصر إلى الرض المقّدسة .
110
عيسى عليه السلم لم يوافق أهواءهم :
ومع بقاء بعضهم في الرض المقدسة من الذين كانوا قد أخرجوا من المملكيية ميين المستضييعفين ،وعييودة بعييض
المسبيين من بابل إليها بعد مدة من الزمن ،كانت أعينهييم تتطلييع إلييى الُملييك ميين جديييد ،حيييث كييانوا يظّنييون أن
علوهم الثاني ،سيكون بعد عودتهم من بابل مباشرة ،إذ كانت لديهم عدة نبييوءات ،الولييى بعيسييى عليييه السييلم
الذي سُيبعث من جبال ساعير ) القدس ( فييانتظروه ليقيييم لهييم ملكهييم الثيياني ،وفييي فييترة انتظييارهم تنيياوب علييى
حكمهم عدة شعوب ،إلى أن ُبعث عيسى في زمن الحكم الروميياني لفلسييطين ،فييدعاهم للعييودة إلييى الي والمحبيية
والسلم ،وعندما جاءهم بما لم يوافق أهواءهم ،بالرغم ميين توافييق صييفته مييع مييا جيياءت بييه التييوراة ،حيياربوه
ضوا الرومان الوثنيون على قتله وصلبه . وعادوه وكادوا له وتآمروا عليه ،وحر ّ
وقبل بعث عيسى وبعده تعّرضوا للكثير من الذل والهوان ،من قبل الشعوب التي حكمتهم ،وفي كل مييرة قيياموا
فيها بالتمرد والعصيان للستقلل وإقامة الملك ساموهم سوء العذاب ،وكان آخرها على يد ) هدريان ( الروماني
،الذي فّرق ال شملهم في شتى بقاع الرض ،فاتجه قسم كبير منهم إلى الجزيرة العربية ،وسييكنوا بييالقرب ميين
المدينة المنورة مكان هجرة الرسول عليه الصلة والسلم ،صاحب النبوءة الثانية لديهم ،ملك البّر الذي س يُيبعث
من جبال فاران ) مكة ( ،ويكون له ولخلفائه ملكا يشمل مشارق الرض ومغاربها .
وكان اليهود يترّقبون أخباره ويحسبون لزمان مولييده ومبعثييه ،مييع كرههييم وعييدائهم المسييبق لييه كييونه ميين ولييد
إسماعيل وليس منهم ،وعندما ُبعث عليه السلم ،عاينوا صفته وامتحنوه بأسئلتهم بما علموا وما لم يعلموا ،ولما
تبّينوا صدق نبوته حاولوا استمالته لجانبهم بالغواء والغراء ،مستغلين رغبته عليه السلم في اتباعهم له كونهم
أهل كتاب وهم القرب لتصديقه ومؤازرته ومناصييرته ،وكييان مرادهييم منييه هييو اتبيياع ملتهييم لتحقيييق رغبيياتهم
وأهوائهم ،لخراجه من الجزيرة إلى فلسييطين لقاميية ملكييه عليهييم هنيياك ،ففضييحهم رب العييزة وحيّذر رسييوله
الكريم من الوقوع في حبائلهم وشراكهم ،ولّما تيّقنوا من عدم رضوخه لهم ،أنكروا نبييوته وناصييروا المشييركين
خروا في ذلييك جهييدا ،وحيياولوا عليه ،وكادوا له بكل ما ُأتوا من مكر ودهاء وحيلة ،فآذوه وآذوا أصحابه ولم يد ّ
فتنته وقتله عدة مّرات ،إلى أن تّم جلئهم وإخراجهم من جزيرة العرب .
ومع ظهور السلم ومعرفتهم بما سيكون من أمره ،من سرعة انتشاره واتساع دولته لتشمل مناطق شاسييعة ميين
العالم ،ومن ضمنها سيطرته على الرض المقّدسة ،تلشت أحلمهم في عييودتهم إليهييا ،لقاميية ملكهييم الممييي
الثاني فيها على المستوى الفرعوني ،فتخّلوا عن ذلك الطموح مؤقتا ،وشييرعوا فييي تحقيييق الملييك الفييردي علييى
المستوى القاروني ،بجمع المييال بييالطرق المشييروعة وغييير المشييروعة ،ميين ربييا واحتيييال وسييرقة والتهريييب
وتجارة الرقيق والدعارة ،والتمتع بزينة الحياة الدنيا من جّراء هذا الكسب ،واسييتمروا علييى تلييك الحييال إلييى أن
تمكّنوا من إقامة دولتهم الحالية في فلسطين ،منتظرين حكم العالم أجمع من خلل النبوءة الخيييرة ،بالييذي يييأتي
من ربوات القدس ) مسيحهم المنتظر ( .
وبعد ذلك اتجه أغلبهم إلى الشمال ،وتفرقوا في البلد العربية الخرى ،فتواجدوا في العراق وبلد الشام ومصر
والندلس ،وبالرغم من تعامل السلم السمح مع أهل الكتاب ،إل أنهم كانوا مقّيدين بما وضعه السلم من قيييود
على أهوائهم ومطامعهم المادية ،ووجود القرآن عييدوهم اللييدود وثيقيية أبدييية ،تكشييف طبييائعهم وحقيقيية نواييياهم
وتحذر منهم .ولكي يستطيع أحدهم من العيش في ظل الحكم السلمي ،كييان يعمييد إلييى إظهييار إسييلمه وإخفيياء
يهوديته ،أو أن ُيرغم نفسه كارها على التخلي عين طبييائعه وأهيوائه فيي الفسياد والفسيياد ،وهيذا ممييا ل يوافييق
طبعهم ول ما ييأمرهم بيه تلميودهم ،وليذلك آثير الكيثير منهيم الهجيرة مين كيل البلد اليتي كيانت تخضيع للحكيم
السلمي تباعا على مّر العصور ،ومن ثم استقر بهم المقام في القارة الوروبية ،حيث وجدوا فيهييا متنفسييا فييي
البداية لجهل الوربيين بطبيعتهم البشعة .
111
ملك القاروني :
الضطهاد الوروبي لليهود وفشلهم في تحصيل ال ُ
وعنييدما تييبين للوربيييين مييع مييرور الييوقت ،أن الكييثير ميين المشيياكل والمصييائب والكييوارث الجتماعييية
والقتصادية ،من فقر ومجاعات وانهيارات اقتصادية ،وانتشار للفساد والرذيليية ،كييان سييببه اليهييود ،وضييعوا
الكثير من الحلول لمواجهة مشكلتهم ،مثل سن القوانين التي تقيد حركتهم وتعاملتهم ،فلم تكن تجدي نفعا مع مييا
يملكون من مكر ودهاء .وتم عزلهم في أحياء سكنية خاصة بهم فلم يجدي ذلك نفعا ،فكان ل بد من الحل الخير
وهو طردهم ونفيهم من معظم بلدان أوروبا الغربية ،وكان رجالت الكنيسة آنييذاك يعملييون كمستشييارين للملييوك
في العصور الوسطى ،وكانوا يؤيدون تلك الجراءات ضد اليهود لتحريم المسيحية للزنا والربا ،بالضييافة إلييى
ض وعداءٍ للمسيحيين في تلمودهم السييري ،اليذي جليب لهييم ما اكتشف من تجديف على المسيح والدته وكرٍه وبغ ٍ
المذابح الجماعية في بعض البلدان الوربية كإسبانيا والبرتغال ،وفي النهاية تم طردهييم بالتعيياقب وعلييى فييترات
متباعدة ،من فرنسا وسكسونيا وهنغاريا ،وبلجيكا وسلوفاكيا والنمسييا ،وهولنييدا وإسييبانيا وليتوانيييا ،والبرتغييال
وإيطاليا وألمانيا ،بدءا مين عييام 1253م وحييتى عييام 1551م ،فاضييطر اليهيود للهجييرة ،إليى روسييا وأوروبيا
الشرقية والمبراطورية العثمانية .
آنذاك أصبح لليهود كشعب مشتت هّما مشتركا ،من جّراء الضييطهاد والتعييذيب والطييرد ميين قبييل الوروبيييين .
وأبواب الجّنة الوربية قد أغلقت من دونهم ،حيث بدأ هناك بعد رحيل أغلب اليهود ما ُيسمى بالنهضة الوروبية
،فحيل بينهم وبين تحقيق أحلمهم ،سواء على مستوى الملك المميي ،أو مسيتوى المليك الفيردي ،وهيذا ميا ل
يستطيعون احتماله أو تقّبله ،وهذه الجييواء تييذّكرنا بييأجواء المييؤامرة الولييى فييي تيياريخهم ،حيييث واجييه أخييوة
يوسف هّما مشتركا ،تمّثل في شعورهم بالدونية بالمقارنة مع يوسف وأخيه ،وكان دافعهم الحسد فيياجتمعوا سييرا
وتآمروا وأجمعوا فنّفذوا .
ويحضيرني فييي هييذا المقييام قييول لبيين القييم ،إذ يقيول فييي كتياب الفيوائد أن أصييول المعاصيي ،ثلثيية :الكيبر
والحرص والحسد ،فالكبر جعل إبليس يفسق عن أمر ربه ،والحرص أخرج آدم من الجنة ،والحسييد جعييل أحييد
ي آدم يقتل أخاه ،وبعد التدبر في هذا القول ،ستجد أن الطريق إلى الوقوع في المعصية ،هييو الوقييوع فريسيية ابن ّ
للمقارنة والمفاضلة ،من خلل العتماد على الحواس فقط وبتغييب العقل والفيؤاد ،وبالتييالي فقييدان القييدرة علييى
الستبصار والحكم على المور ،وقد نهى سبحانه في مواضع كثيرة من القرآن عن المقارنة والمفاضلة ،وحسم
المر بأن الفضل من لدنه يؤتيه من يشاء من عباده ،أما اليهود وبعد إطلعي على ما جاء في توراتهم وتلمييودهم
ضلون ،فإنهم جمعوا فيها أصول المعاصي كلها ،فالكبر جعلهم أفضل الناس على الطلق ،والحرص جعلهم يف ّ
الدنيا على الخرة ،والحسد جعلهم يستبيحون ممتلكات الخرين ويستحّلونها لنفسهم .
) لوثر ( بإصلحاته الكنسية في القرن السادس عشر ُ ،يم ّ
كن اليهود من احتلل أوروبــا
اقتصاديا :
ضّمت التوراة وعندما تم تدمير السلطة الكنسية ،التي قام بها الصلحيون في أوروبا ) بفعل اليهود أنفسهم ( ،و ُ
إلى النجيل في كتب النصارى المقدسة ،وجييد اليهييود بعييض القبييول فييي الييدول الوروبييية ،فعييادوا إليهييا شيييئا
فشيئا ،ونتيجة للضطهاد والطرد الجماعي ،الذي تعرض له اليهود في هذه الدول فيما مضى ،اجتمع قارونييات
المال اليهود ،وبدءوا يعقدون اجتماعاتهم السرية في نهايات القييرن الثييامن عشيير ) قبييل أكييثر ميين مييائتي سيينة (
للنتقام وتجنب ذليك المصيير المرعيب ميرة أخيرى .وبوجيود الميال اليهيودي ،تشيكل ليديهم مخططيا شييطانيا
للسيطرة على العالم كله وحكمه فوضعوا مخططا مبييدئيا ،كييان موجهييا فييي الدرجيية الولييى ضييد ملييوك أوروبييا
ورجالت الدين المسيحي .
112
أكبر وأخطر مؤامرة في تاريخ اليهود
ويتلخص مخططهم المبدئي مما ُكشف من محاضر اجتماعاتهم في كتاب ) أحجار على رقعة الشييطرنج ( لمييؤلفه
) وليام كار ( ضابط الستخبارات في البحرية الكندية ،بما يلي :
الهدف العام :تأليه المادة ونشر المييذاهب اللحادييية ،لتمهيييد سيييطرة اليهييود علييى العييالم ،وميين ثييم تتويييج
أنفسهم ملوكا وأسيادا على الشعوب ) .ونتيجة لذلك برز الكثيرين من الُمفّكرين اليهود كفرويد وماركس وغيرهم
،ومن غير اليهود ميين الميأجورين كييداروين وغيييره ،حيييث بيدأت الطروحيات والنظريييات اللحادييية المنكيرة
ل ،فظهرت الشيوعية ) ل إله ( والرأسمالية ) المييال هيو الليه ( وظهيرت الشيتراكية ) اليتي لوجود ال عّز وج ّ
جمعت ما بين المبدأين من حيث الكفر ( .
فلسفة المخطط :يتم تقسيم الشعوب إلى معسكرات متنابذة ،تتصارع إلى البد دونمييا توقييف ،حييول عييدد
من المشاكل القتصادية والسياسية والجتماعية والعرقييية وغيرهييا ،وميين ثييم يتييم تسييليح هييذه المعسييكرات ،ثييم
طييم بعضييها بعضييا ،
يجري تدبير حادث ما ) فتنة ( تتسبب في إشعال الحروب بين هذه المعسكرات ،لُتْنِهك وتح ّ
وبالتالي تتساقط الحكومات الوطنية والمؤسسات الدينية تباعا .
السيييطرة علييى رجييالت الحكييم علييى مختلييف المسييتويات والمسييؤوليات ،بييالغواء المييالي ) الرشييوة ( .1
والغراء الجنسي ،وعند وقوعهم يتم استغللهم لغايات تنفيذ المخطط ،وعنييد تفكييير أي منهييم بالنسييحاب ،يتييم
تهديييده بالنطفيياء السياسييي أو الخييراب المييالي ،أو تعريضييه لفضيييحة عاميية كييبرى تقضييي علييى مسييتقبله ،أو
تعريضه لليذاء الجسدي أو بالتخلص منه بالقتل .
دفع معتنقي المذهب اللحادي المادي ،للعمل كأساتذة والجامعات والمعاهد العلمييية وكمفكرييين ،لترويييج .2
فكييرة الممييية العالمييية بييين الطلب المتفييوقين ،لقاميية حكوميية عالمييية واحييدة ،وإقنيياعهم أن الشييخاص ذوي
المواهب والملكات العقلية الخاصة ،لهم الحق في السيطرة على من هم أقييل منهييم كفيياءًة وذكيياًء ) وذلييك كغطيياء
لجرهم لعتناق المذهب اللحادي ( .
يتم استخدام الساسة والطلب ) من غير اليهود ( الذين اعتنقيوا هييذا الميذهب كعملء خلييف السييتار ،بعييد .3
إحللهم لدى جميع الحكومات بصفة خبراء أو اختصاصيين ،لدفع كبيار رجييال الدولية إلييى نهيج سياسييات ،مين
شييأنها فييي المييدى البعيييد خدميية المخططييات السييرية لليهييود ،والتوصييل إلييى التييدمير النهييائي لجميييع الديييان
والحكومات التي يعملون لجلها .
السيطرة على الصحافة وكل وسائل العلم ،لترويج الخبار والمعلومييات الييتي تخييدم مصييالح اليهييود ، .4
وتساهم في تحقيق هدفها النهائي .
أما القائمون على المؤامرة فهم مجموعة كبيرة منظمة من جنود إبليس ،تضم حفنة ميين كبييار أثرييياء اليهييود فييي
العالم ،بالضافة إلى حفنة من كبار حاخامات الشرق والغرب ،ومن السماء الييتي أطلقهييا عليهييم البيياحثون فييي
مؤلفاتهم ،جماعة النورانيون ،وحكومة العالم الخفية ،واليهود العالمّيون .يعملون بل كلييل أو ملييل علييى تييدمير
الخلق والديان ،وإشعال الحروب القليمية والعالمية ،ويسيطرون على كثير من المنظمييات السييرية والعلنييية
اليهودية وغير اليهودية تحت مسميات عديدة ،ولهم عملء ذوي مراكز رفيعيية ومرموقيية فييي معظييم الحكومييات
الوطنية لدول العالم ،من الذين باعوا شييعوبهم وأوطييانهم بييأبخس الثمييان ،وتمّيييزوا بييولئهم المطلييق للمييؤامرة
وأصحابها ،وفيما يلي سنعرض أهدافهم وسياساتهم .
113
بروتوكولت حكماء صهيون
يقول ) ويليام كار ( أن هذه البروتوكولت ،عرضها ) ماير روتشيلد ( أحد كبار أثرياء اليهود ،أمام اثني عشيير
من كبار أثرياء اليهود الغربيون ،في فرانكفورت بألمانيا عام 1773م ،أما كشفها فقد تييم بالصييدفة عييام 1784م
في ألمانيا نفسها من قبل الحكومة البافارية ،وتمت محاربتها ومحاربة كل رموزهييا الظيياهرة فييي ألمانيييا آنييذاك .
ولذلك انتقلت إلى السرية التامة ،وسارع معظم يهود العالم إلى التنصل منها ،واستطاعوا بما لديهم من نفوذ ميين
إرغام الناس والحكومات عليى تجاهلهيا ،ومنيذ ذليك الييوم اليذي ُكشيفت فييه وحيتى منتصيف القيرن الماضيي ،
والكّتاب والباحثون الغربيون يتناولونها بالبحث والتقصي ،ويؤكدون مطابقة ما جاء فيها ،مع ما جييرى ويجييري
على أرض الواقع ،ويحّذرون حكوماتهم من الخطيير اليهييودي المحيّدق بييأممهم ،ولكيين ل حييياة لميين تنييادي فييي
حكومات تغلغل فيها اليهود ،كما تتغلغل بكتيريا التسوس في السنان ،ومعظم الكتب التي حّذرت -وما زالييت -
تحّذر من الخطر اليهودي على شعوب العالم كان مصيرها الختفاء من السييواق ،أو اللقيياء فييي زوايييا النسيييان
والهمال .
أما من ُيفّكر اليوم بمناهضة اليهود ومعاداتهم في الغرب فقد ثكلته أمه ،فخذ ) هايدر ( مثل زعيييم أحييد الحييزاب
النمساوية الذي أطلق يوما عبارات مناهضة لليهود ،عندما فيياز حزبييه ديموقراطيييا بأغلبيية فييي مقاعييد البرلمييان
جة إعلمية كبرى في إسرائيل وأمريكا وبريطانيا وفرنسا والمم المتحدة ،حييتى ُأرغييم قامت الدنيا ولم تقعد ،ض ّ
التحاد الوروبي على مقاطعة النمسا لمنع ) هايدر ( من ترشيح نفسه لمنصب في الحكومة النمساوية .
ق هو القوة ) .بمعنى أن الذي يملك القوة هييو الييذي ُيحيّدد مفيياهيم الحييق
أن قوانين الطبيعة تقضي بأن الح ّ .1
ويفرضها على الخرين ( .
أن الحرية السياسية ليست إل فكرة مجردة ولن تكون حقيقة واقعة ) .بمعنى أنك تستطيع الدعاء ظاهرييا .2
بأنك ديموقراطي وتسمح بحرية الرأي ولكن في المقابل يجب قمع الرأي الخر سرا ( .
سلطة الذهب ) المال ( فوق كل السلطات حتى سلطة الدين ) .محاربة الدين وإسييقاط أنظميية الحكييم غييير .3
الموالية ،من خلل تمويل الحركات الثورية ذات الفكار التحررية وتمويل المنتصر منها بالقروض ( .
الغاية تبّرر الوسيلة ) .فالسياسي الماهر :هو الذي يلجأ إلى الكذب والخداع والتلفيق فييي سييبيل الوصييول .4
إلى سدة الحكم ( .
ميين العييدل أن تكييون السيييادة للقييوى ) .وبالتييالي تحطيييم المؤسسييات والعقييائد القائميية ،عنييدما يييترك .5
المستسلمون حقوقهم ومسؤولياتهم ،للركض وراء فكرة التحّرر الحمقاء ( .
ضرورة المحافظة على السرية ) .يجب أن تبقى سيلطتنا الناجميية عين سييطرتنا عليى المييال مخفّيية عين .6
أعين الجميع ،لغاية الوصول إلى درجة من القوة ل تستطيع أي قوة منعنا من التقدم ( .
ضرورة العمل على إيجاد حكام طغاة فاسدين ) .لن الحرية المطلقة تتحول إلى فوضى وتحتاج إلى قمييع .7
،لكي يتسنى لولئك الحكام سرقة شعوبهم ،وتكبيل بلدانهم بالديون ولتصبح الشعوب برسم البيع ( .
إفسيياد الجيييال الناشييئة لييدى المييم المختلفيية ) .ترويييج ونشيير جميييع أشييكال النحلل الخلقييي لفسيياد .8
الشبيبة ،وتسخير النساء للعمل في دور الدعارة ،وبالتالي تنتشر الرذيلة حتى بين سيدات المجتمع الراقي إقتييداًء
بفتيات الهوى وتقليدا لهن ( .
الغزو السلمي التسللي هييو الطريييق السييلم ،لكسييب المعييارك مييع المييم الخييرى ) .الغييزو القتصييادي .9
لغتصاب ممتلكات وأموال الخرين ،لتجنب وقوع الخسائر البشرية في الحروب العسكرية المكشوفة ( .
إحلل نظام مبني على أرستقراطية المال بدل من أرسييتقراطية النسييب ) .لييذلك يجييب إطلق شييعارات : .10
الحرية والمساواة والخاء ،بين الشعوب بغية تحطيم النظام السابق ،وكان هذا موجها إلى السر الوروبية ذات
114
الجذور العريقة ،ومن ضمنها السيير الملكييية والمبراطورييية ،ليلقييى لصييوص هييذه المييؤامرة بعييدها شيييئا ميين
التقدير والحترام ( .
إثارة الحروب وخلق الثغرات في كل معاهدات السيلم اليتي تعقيد بعيدها لجعلهيا ميدخل لشيعال حيروب .11
جديدة ) .وذلك لحاجة المتحاربين إلى القروض ،وحاجة كيل مين المنتصير والمغليوب لهيا بعيد الحيرب لعيادة
العمار والبناء ،وبالتالي وقوعهم تحت وطأة الديون ومسك الحكومييات الوطنييية ميين خّناقهييا ،وتسيييير أمورهييا
حسب ما يقتضيه المخطط من سياسات هدامة ( .
خلق قادة للشعوب من ضعاف الشخصية الذين يتميزون بالخضوع والخنييوع ) .وذلييك بييإبرازهم وتلميييع .12
صورهم من خلل الترويج العلمي لهم ،لترشيحهم للمناصب العامة في الحكومات الوطنية ،ومن ثم التلعيب
صصين لتنفيذ سياساتنا ( .
بهم من وراء الستار بواسطة عملء متخ ّ
امتلك وسائل العلم والسيطرة عليهييا ) .لتروييج الكياذيب والشياعات والفضيائح الملّفقية الييتي تخييدم .13
المؤامرة ( .
قلب أنظمة الحكم الوطنييية المسييتقلة بقراراتهييا ،والييتي تعمييل ميين أجييل شييعوبها ول تسييتجيب لمتطلبييات .14
المؤامرة ) .وذلك بإثارة الفتن وخلق ثورات داخلية فيهيا لتيؤدي إليى حالية مين الفوضيى ،وبالتيالي سيقوط هيذه
النظمة الحاكمة وإلقاء اللوم عليها ،وتنصيب العملء قادة في نهاية كل ثورة وإعدام من ُيلصق بهم تهمة الخيانة
من النظام السابق ( .
استخدام الزمات القتصادية للسيطرة على توجهات الشييعوب ) .التسييبب فييي خلييق حييالت ميين البطاليية .15
والفقر والجوع ،لتوجيه الشعوب إلى تقديس المال وعبادة أصحابه ،لتصبح لهم الحقية والولوية فييي السيييادة ،
واتخاذهم قدوة والسير على هديهم ،وبالتالي سقوط أحقية الدين وأنظمة الحكم الوطنية ،والتمرد على كل مييا هييو
مقّدس من أجل لقمة العيش ( .
نشر العقائد اللحادية المادية ) .من خلل تنظيم محافل الشييرق الكييبرى ،تحييت سييتار العمييال الخيرييية .16
والنسانية ،كالماسونية ونوادي الروتاري والليونز ،والتي تحارب في الحقيقة كل مييا تمثلييه الديييان السييماوية ،
وتساهم أيضا في تحقيق أهداف المخطط الخرى داخل البلدان التي تتواجد فيها ( .
خداع الجماهير المستمر باستعمال الشعارات والخطابات الرّنانة والوعود بالحرية والتحرر ) .التي تلهب .17
حماس ومشاعر الجماهير لدرجة يمكن معها ،أن تتصرف بما يخالف حييتى الواميير اللهييية وقييوانين الطبيعيية ،
وبالتالي بعد الحصول على السيطرة المطلقة على الشعوب ،سنمحو حتى اسم ال من معجم الحياة ( .
ضرورة إظهار القوة لرهاب الجماهير ) .وذلك من خلل افتعال حركات تمرد وهمية على أنظمة الحكم .18
،وقمع عناصرها بالقوة على علم أو مرأى من الجماهير ،بالعتقال والسيجن والتعيذيب والقتيل إذا ليزم المير ،
لنشر الذعر في قلوب الجماهير ،وتجّنب أي عصيان مسلح قد ُيفّكرون فيه عند مخالفة الحكام لمصالح أممهم ( .
استعمال الدبلوماسية السرّية من خلل العملء ) .للتييدخل فييي أي اتفاقييات أو مفاوضييات ،وخاصيية بعييد .19
الحروب لتحوير بنودها بما يتفق مع مخططات المؤامرة ( .
الهدف النهائي لهذا البرنامج هو الحكومة العالمية الييتي تسيييطر عليى العيالم بأسيره ) .ليذلك سييكون مين .20
الضروري إنشاء احتكارات عالمية ضخمة ،من جّراء اتحاد ثروات اليهود جميعها ،بحيييث ل يمكيين لي ثييروة
ظمت من الصمود أمامها ،مما يؤدي إلى انهيييار هييذه الييثروات والحكومييات ،عنييدما من ثروات الغرباء مهما ع ُ
جه اليهود العالميون ضربتهم الكبرى في يوم ما ( .
يو ّ
الستيلء والسيطرة على الممتلكات العقارية والتجارية والصييناعية للغربيياء ) .وذلييك ميين خلل ؛ أول : .21
فرض ضرائب مرتفعة ومنافسة غير عادلة للتجار الوطنيين ،وبالتييالي تحطيييم الييثروات والمييدخرات الوطنييية ،
وحصول النهيارات القتصادية بالمم .ثانيا :السييطرة عليى الميواد الخيام وإثيارة العميال ،للمطالبية بسياعات
عمل أقل وأجور أعلى ،وهكذا تضطر الشركات الوطنية لرفع السعار ،فيييؤدي ذلييك إلييى انهيارهييا وإفلسييها ،
ويجب أل يتمكن العمال بأي حال من الحوال من الستفادة من زيادة الجور ( .
115
إطالة أمد الحروب لستنزاف طاقات المم المتنازعة ماديا ومعنويا وبشييريا ) .لكييي ل يبقييى فييي النهاييية .22
سوى مجموعات من العمال ،تسيطر عليها وتسوسها حفنية مين أصيحاب المليييين العملء ،ميع عييدد قلييل مين
أفراد الشرطة والمن لحماية الستثمارات اليهودية المختلفة ،بمعنى آخر إلغاء الجيوش النظامية الضييخمة حربييا
أو سلما في كافة البلدان ( .
الحكومة العالمية المستقبلية تعتمد الدكتاتورية المطلقية كنظييام للحكييم ) .فييرض النظييام العييالمي الجديييد ، .23
الذي يقوم فيه الدكتاتور بتعيين أفراد الحكومة العالمية ،من بين العلماء والقتصاديين وأصحاب المليين ( .
تسلل العملء إلى كافة المستويات الجتماعييية والحكومييية ) .ميين أجييل تضييليل الشييباب وإفسيياد عقييولهم .24
بالنظريات الخاطئة ،حتى تسهل عملية السيطرة عليهم مستقبل ( .
ترك القوانين الداخلية والدولية اليتي سينتها الحكوميات واليدول كميا هيي ،وإسياءة اسيتعمالها وتطبيقهيا . .25
) عن طريق تفسير القوانين بشكل مناقض لروحها ،يستعمل أول قناعا لتغطيتهييا ومين ثيم يتيم طمسيها بعيد ذليك
نهائيا ( .
ثم يختم المتحّدث عرضه بالقول " :لعلكم تعتقدون أن الغرباء ) غير اليهود ( لن يسكتوا بعد هذا ،وأنهم سيهّبون
للقضاء علينا ،كل هذا اعتقاد خاطئ .سيكون لنا في الغرب منظمة على درجة من القوة والرهاب ،تجعل أكثر
القلوب شجاعة ترتجف أمامها ،تلك هي منظمة الشبكات الخفية تحت الرض ،وسنعمل علييى تأسيييس منظمييات
من هذا النوع ،في كل عاصمة ومدينة نتوّقع صدور الخطر منها " ،انتهى .
* بتصّرف من كتاب ) أحجار على رقعة الشطرنج ( .
ن هذا المخطط ُ ،وضع قبل أكثر من 200سنة تقريبا ،وأن العمل على تنفيذه بقي جاريييا علييى نود أن ُنشير إلى أ ّ
قدم وساق ،وكان دائم التجيّدد والتطيّور ميين حيييث القييائمين عليييه ،وميين حيييث برامجييه وأدواتييه ،ليتوافييق مييع
التطورات المتسارعة التي ظهرت في القرنين الماضيين ،من ُمخترعات واكتشافات كوسيائل التصيال ووسيائل
طته أيدي أبالسة اليهود على طط الشيطاني ،الذي خ ّ سخّرت كلها لخدمة هذا الُمخ ّ الحروب على مختلف أنواعها ُ ،
مّر العصور ،وما كان لبشر من غير اليهود ،أن يجمعييوا كيل هييذا الشيّر فييي جعبتهيم ،ويصيهروه بهييذا الشييكل
الُمذهل المتعّمق ،في معرفته بدواخل النفس البشرية وأهوائها ،ومكامن ضعفها وقوتها ،اتقانا ربما يعجز إبليس
نفسه عن التيان بمثله ،حتى استطاعوا من خلله ،التحكم بالبشر بدءا من الرئيييس المريكييي بعظمتييه ،وحييتى
إنسان الغياهب الفريقية بفقره وقلة حيلته ،الذي ل يدري ما الذي ُيحاربه أول ،الجوع أم اليييدز .وهييا هيم الن
بدءوا ُيزيلون أقنعتهم شيئا فشيئا ،فتصريحاتهم من مواقع السياسة المريكية ومواقفهم ،تكشف عيين مييدى قباحيية
ق النسانية .وجوههم وأفعالهم في ح ّ
إسقاط جميع أنظمة الحكم الوراثية العريقة في أوروبا من خلل الثورات التحررية :
وقد استطاع اليهود من خلل مواظبتهم على تنفيذ هذه البروتوكولت ،من إسقاط نظام الحكم الملكي في بريطانيا
لفترة ليست بالقصيرة ،ومن ثم عاد النظام الملكي ،بشكل صوري ل يتمتع بأي سلطة كما هو الحييال الن ،كمييا
وقاموا بإسقاط النظام الملكي في فرنسا ،ومن ثم تم تحويلها إلى النظام الجمهوري .وبعد إثارتهم للحرب العالمية
الولى ،استطاعوا إسقاط الحكم القيصري في روسيا ،الذي عاملهم كما عوملوا في أوروبا ،ولكيين بييدون طييرد
وإدخال الحكم الشيوعي إليها ،واستطاعوا إسقاط الحكييم القيصييري فييي ألمانيييا أيضييا ،وأسييقطوا المبراطورييية
العثمانية ،وكان آخر الحصاد هو وضع فلسطين تحت النتداب البريطاني .
ولو أنك نظرت إلى البروتوكول رقم ) ، (23ستجد أن النظام الذي كان ُينادي به الرئيس المريكي ) بييوش ( فييي
بداية التسعينيات بعد انهيار التحاد السوفييتي ،موجود تحت نفس السم ) النظام العالمي الجديييد ( وهييذه العبييارة
طيط أصييبح فييي مراحلييه الخيييرة ، نفسها مكتوبة أيضا على الدولر باللغة اللتينية ،وهييذا مؤشيير علييى أن المخ ّ
116
حيث أن هذا البرتوكول هييو الثييالث قبييل الخييير ،ومييا بقييي عليهييم للوصييول إلييى هييدفهم النهييائي ،سييوى تنفيييذ
البرتوكولين ) (24و ) ، (25وهما المتعلقّين بالعولمة بجانبيها الثقافي والقتصادي ،والتي سنوضحها لحقا .
الرؤساء المريكيون الوائل ُيح ّ
ذرون من الخطر اليهودي
ترجمة النص الكامل للجزء الخاص باليهود من خطاب بنيامين فرانكلين أمام الكونغرس :
" أيها السادة :هنالك خطر كبير يتهدد الوليات المتحدة المريكية … وهذا الخطر هو اليهود … ففييي أي أرض
ل بها اليهود … يعملون على تدني المستوى الخلقي والتجياري فيهيا … وعليى ميدى تياريخهم الطوييل … يح ّ
ظّلوا متقوقعين على أنفسهم في معزل عن المم التي يعيشون فيها … ولم يندمجوا فيي حضيياراتها … بييل كييانوا
يعملون دوما على إثارة الزمات المالية وخنق اقتصادياتها … كما حصل في البرتغال وإسبانيا .
لكثر من 1700سنة … وهم يبكون على قدرهم ومصيرهم المحزن … أعني طردهييم ونفيهييم ميين وطنهييم الم
) فلسطين ( … ولو أن العالم المتحضر ) الغرب ( أعاد لهم فلسطين الن … فإنهم على الفور سيختلقون الكييثير
من السباب والعذار والحجج الواهية … ليبرروا عدم رغبتهم فييي العييودة إليهييا … لميياذا ؟ … لنهييم كائنييات
طفيلية … والطفيليات ل تستطيع أن تتطفل على طفيليات أخرى … فهم ل يستطيعون العيش مع بعضهم البعض
… مما يستدعي ضرورة تواجدهم بين المسيحيين … أو بين أناس من غير جنسهم .
وإن لييم ُيطييردوا ميين الوليييات المتحييدة بمييوجب الدسييتور … فييإنهم وخلل مييائة عييام علييى القييل ميين الن …
سيتوافدون إلى هذا البلد بأعداد كبيرة … وبتلك العييداد سييوف يحكمونييا ويييدّمرونا … ميين خلل تغيييير أنظميية
الحكم لدينا … والتي بذلنا نحن المريكيين من أجييل توطيييدها علييى ميير السيينين … الغييالي والنفيييس ميين دمائنييا
وأرواحنا وممتلكاتنا وحرياتنا … وإن لم يتم طردهم … وبعد مائتي سنة من الن …فييإن أحفادنييا سيييعملون فييي
الحقول ليل نهار … من أجل إشباع بطونهم وجيوبهم … بينما يجلسون هم في قصييورهم يفركييون أيييديهم فرحييا
واغتباطا … بما حصدوه من غلل وأرباح .
وها أنا أحذركم أيها السادة … إن لم تطردوا اليهود من هذا البلد إلى البد … فيإن أولدكيم وأحفيادكم سييلعنونكم
في قبوركم … ومع أنهم يعيشون بيننا منذ أجيال … فإن ُمُثلهم العليا ما زالت تختلف كليا ،عما يتحلى به الشعب
المريكييي ميين ُمُثييل … فالفهييد الرقييط ل يمكنييه تغيييير لييون جلييده … سييوف ُيعّرضييون مؤسسيياتنا ومقوماتنييا
الجتماعية للخطر … لذلك يجب طردهم بنص من الدستور " .
وكان فرانكلين من الرؤساء الوائل في أمريكا ،والذي استشييعر الخطيير اليهييودي قبييل تغلغلييه فييي أمريكييا ،ميين
خلل دراسته لتوراتهم ولتاريخهم في أوروبا وما أحدثوه من خراب فيها .
وهذا قسم من خطاب الرئيس المريكي ) لنكولن ( للمة ،فــي نهايــة مــدته الرئاســية
الولى :
" إنني أرى في الفق ُنذر أزمة تقترب شيئا فشيئا … وهي أزمة تثيرني وتجعلني أرتجف على سلمة بلييدي …
فقد أصبحت السيادة للهيئات والشركات الكبرى … وسيترتب على ذلك وصول الفساد إلى أعلى المناصب … إذ
أن أصحاب رؤوس الموال سيعملون على إبقاء سيطرتهم على الدولة … مسييتخدمين فييي ذلييك مشيياعر الشييعب
وتحّزباته … وستصبح ثروة البلد بأكملها تحت سيطرة فئة قليلة … المر الذي سيؤدي إلى تحطم الجمهورية "
.
وكان هذا الخطاب قبل أكثر من 130سنة بعد أن تغلغل اليهود في أمريكا ،وقد اغتيل هذا الرئيس في بداية فييترة
الرئاسية الثانية ،لن كل أصييحاب رؤوس المييال المريكييي أصييبحوا ميين اليهييود .كمييا اغتيييل الرئيييس ) جييون
كندي ( عندما أعلن عن برامجه الصلحية ،ورغبته ببناء أمريكا من الداخل ونهج التعايش السلمي مع الخييارج
كروسيا والبلدان الخرى ،وهذا مما يتعارض كليا مع بروتوكولت أرباب المال اليهود وحكمائهم .
بعد اغتيال ) كندي ( استوعب رؤساء أمريكا الدرس وحفظوه عن ظهير قليب ،فليم يجيرؤ أحيدهم عليى نهيج أي
سياسة تتعارض مع طموحات اليهود وتطلعاتهم على كافة الصعدة ،بييل كييانوا فييور انتخييابهم يسييارعون لتقييديم
117
فييروض الطاعيية والييولء لسيييادهم اليهييود .وخييدماتهم لليهييود خلل الربعييين سيينة الماضييية ظيياهرة للعيييان ،
وأصبحت مهمة الرئيس المريكي ل تتعدى مهمة ) كلب الصيد المييدّرب جيييدا ( ،لصييطياد الشييعوب وثرواتهييا
وجلبها لليهود في الداخل والخارج ،وفي نهاية ولية كل كلب جيد منهم ُيعّلق في رقبته وساما رفيعييا ميين المديييح
اليهودي ،فيهّز ذنبه فرحا ويمضي خارجا من البيت البيض ،بعد حصوله علييى شييرف عضييوية ) نييادي كلب
جروا في بيتييهالصيد ( اليهودي ،وكلنا يذكر قصة ) كلينتون ( عندما نسي نفسه وحاول الضغط على نتنياهو ،فف ّ
البيض القنبلة ) لوينسكي ( ،التي كانت ُمعّدة منذ لحظة انتخابه فأعادته إلى صوابه ،وإلى موقعه الحقيقي ككلب
صيد ل أكثر ،فأصبح في نهاية مدة رئاسته صهيونيا أكثر من الصييهاينة أنفسييهم ،يمسييح بفييروه البيييض النيياعم
نعال أحذيتهم ،عسى أن يقتات هييو وزوجتييه علييى فتييات مييوائدهم ،فييي قاعييات مجلييس الشيييوخ المريكييي بعييد
خروجهم من البيت البيض .
الظروف التي سبقت الحرب ،من كتاب ) أحجار على رقعة الشطرنج ( بتصّرف :
ي معاهدة فرساي المجحفة بحق ألمانيا :التي كان لليهود وعملئهم اليد الطولى فييي صييياغتها ميين وراء السييتار ،
لتكون بؤرة لتوريط ألمانيا في حرب أخرى ،إذا تطلييب الميير مسييتقبل .حيييث أن بنييود هييذه المعاهييدة اقتطعييت
جزءا من الراضي اللمانية وضمتها إلى بولندا ،وأرغمت ألمانيا على دفييع التعويضييات للخسييائر الناجميية عيين
الحرب العالمية الولى ،وأبقت ألمانيا تحت طائلة الديون إلى ما ل نهاية .
ي وجود الحركة النازية في ألمانيا :والسبب في بلورة أفكارهيا هيو معرفية اللميان بفصيول الميؤامرة اليهوديية ،
حيث أن الصيغة النهائية لبرتوكولت حكماء المؤامرة التي تدعو لتفييوق العييرق اليهييودي ،والييتي ُكشييفت أصييل
فيما سبق في ألمانيا نفسها ،دفعييت المفكيير اللميياني ) كييارل ريييتر ( إلييى طييرح أفكييار تييدعو إلييى تفييوق العييرق
الجرماني ،ردا على ما طرحته برتوكولت حكماء اليهود .وميين أقييوال مؤسييس الفكيير النييازي ) كييارل ريييتر (
الذي نشر أفكيياره عييام 1849م :لكييي يعييود السييلم والحرييية القتصييادية إلييى العييالم ،يجييب أول القضيياء علييى
جهييون الشيييوعية ويسيييطرون عليهييا . الممولين اليهود ،وعلى جميع أعضاء الحركة الثورية العالمية ،الييذين ُيو ّ
ومضييمون المعتقييدات النازييية يقضييي بتفييوق العييرق الجرميياني ،والييذي يتييوجب عليييه إخضيياع العييالم بييالقوة
العسكرية ،ويجب أن تكون الطاعة فيه لرئيس الدولة الجرمانية طاعة عمياء وبييدون نقيياش .وعلييى مييا يبييدو أن
رجالت الحرب اللمان بعد الحرب العالمية الولى ،وما لحق بألمانيا من إجحاف من خلل المؤامرات اليهودية
قبل وبعد الحرب ،اقتنعوا بالمييذهب النييازي واعتنقييوا مبييادئه ،فوضييعوا مخططهييم العسييكري لكتسيياح أوروبييا
وأمريكا للقضاء على الممولين اليهود والستيلء على ثرواتهم الطائلة .
ي مرتكزات السياسة اللمانيية :كيانت تقيوم علييى وجيوب تحريير ألمانييا مين التفاقيييات القتصيادية المفروضيية
عليها ،من قبل الممولين والمرابين الدوليين ،بعد أن أدرك الزعماء اللمان خطر هيذه التفاقييات عليى اسيتقلل
البلد ،لن الفوائد المفروضة على القروض المالية بموجب هذه التفاقيات ،ستؤدي حتميا إليى وقيوع البلد فيي
براثن دائنيها ) بمعنى ارتهان القرار والموقف السياسي والقتصادي بمصلحة الدائنين بغض النظر عيين مصييلحة
المة ( تماما كما وقعت بريطانيا عام 1694م ،وفرنسا عام 1790م ،وأمريكييا عييام 1791م .وبالتييالي سييتكون
هذه القروض دينا واستعبادا لكل فرد من أفراد الشعب ،لن تسديدها ليين يكييون إل بفييرض مزيييد ميين الضييرائب
يدفعها المواطنون جميعا ،ويكون المستفيد الذي ل يخسر أبدا هو الييدائن ،أي الممييول المرابييي العييالمي .عنييدئذ
صمم القادة اللمان على خلق عملة ألمانية ،ل تستند إلييى القييروض بييل تعتمييد علييى الييدخل القييومي والممتلكييات
الوطنية ،وعلى موارد الصناعة والزراعة والثروات الطبيعية وعلى الطاقة النتاجية للمة .
ي وصول هتلر إلى سدة الحكم :يذهب مؤلف الكتيياب إلييى أن شخصييية هييذا الرجييل اعتراهييا الكييثير مين التشييويه
العلمي اليهودي الغربي ،وفي الحقيقة لم يكن هتلر داعية حييرب ولييم يكيين معتنقييا للمييذهب النييازي ،بييل كييان
رجل قوميا يسعى لرفع الظلم والجحاف الذي لحق بأمته من جراء معاهدة فرساي ،وكان عييدًوا لييدودا للنييازيين
والممولين اليهود على حد سواء ،وقد جاء في الصفحة الخيرة من كتابه ) كفاحي ( الذي كتبييه فييي السييجن عييام
1934م ،قبل أن يتسّلم الزعامة ما نصه " :وبهذا يقف الحزب الشتراكي الوطني موقفا إيجابيا ميين المسيييحية ،
118
ولكنه ل يترك أمييور العقيييدة لجماعيية ميين المنحرفييين ) النييازيين ( ،وميين جهيية أخييرى يحييارب الييروح المادييية
اليهودية المتغلغلة في نفوسنا وفي نفوس الخرين " .أما عيين معاهييدة فرسيياي فقييد كتييب يقييول " :إنهييا لييم تكيين
لمصلحة بريطانيييا ولكنهييا كييانت أول وأخيييرا فييي صييالح اليهييود لتييدمير ألمانيييا " .ونيود أن نضيييف أن السييبب
الرئيسي في هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الولى وهي في قمة انتصاراتها العسييكرية ،هييو الثييورات والفتيين
التي أحدثها الممولون اليهود بإحياء الثورات الشيوعية داخل ألمانيا ،والييتي أضييعفت الجبهيية الداخلييية وأضييعفت
الروح المعنوية لدى الجيش اللماني ،والتي تسببت في تنازل القيصر عيين عرشييه وتوقيييع الهدنيية لللتفييات إلييى
الشأن الداخلي ،خوفا من سيطرة الشيوعية على ألمانيا كما حصل في روسيا .
ي نشوء دول المحور :وجد الشعب اللماني بصورة عامة أنه يشيارك شيعوب اليابيان وإيطالييا وإسيبانيا ،آميالهم
وأمانيهم في المستقبل السياسي والقتصادي فظهر حلف المحور ،ونظرا لديناميكية زعماء تلك الدول وما بييذلوه
من جهود ضخمة ،تمكّنوا من إعادة بناء بلدانهم على كافة المستويات الصناعية والزراعية والعسكرية بمييا يشييبه
المعجزات .
بدأ هتلر عييام 1936م محيياولت التحييالف مييع بريطانيييا ،وجييرت عييدة محادثييات غييير رسييمية بييين دبلوماسيييي
البلدين ،وكانت الغاية من هذا التحالف ،هو رغبة اللمان في احتلل جميع الدول الشيييوعية ،وتحرييير شييعوبها
جهييون حركتهييا وإعدام جميع الخونة فيها ،وذلك لقناعة اللمان بارتباط الشيوعية بكبار أغنياء اليهود ،الييذين يو ّ
ويمّولونها ،كما يوجهون ويمولون في نفس الوقت الحركيية الصييهيونية السياسييية ،وكييان الييرد البريطيياني علييى
مقترحات اللمان سلبيا ،معبرا عن عدم موافقته على هذه المقترحات ،فيياقتنع هتليير بييأنه يسييتحيل علييى أي أميية
بمفردها ،أن تحطم نفوذ المرابين العالميين وخاصة في الييدول المسيّماة بالديموقراطييية ،وذلييك لتحّكمهييم المييالي
بهذه الدول وإيقاعهم إياها تحت طائلة الديون .
ولّما رفض هتلر أوامر لوردات الحرب النازيين ،لردع الشيوعية وستالين منفردا حيياولوا اغتييياله ،ولمييا فشييلوا
حاولوا إضعاف شعبيته التي حققها بين اللمان ،فبدأ النازيون بنشر الفكار النازية اللحادية بين الشعب اللماني
،واستغلت الصحافة المعادية ذلك وألصقت هذه التهمة بهتلر ،وبدأت وسائل العلم حملتها ضد هتليير ،وانقسييم
الشعب اللماني إلى قسمين ووقع هتليير بييين فكييي كماشيية ،رجييال الكنيسيية ميين جهيية ورجييال النازييية ميين جهيية
أخرى ،أما في بريطانيا فكانت وسائل العلم اليهودية ،ماضية في تشويه صورة هتلر وألمانيا لتمنع أي فرصة
لي تقارب ألماني بريطاني .
وعندما عرضت ألمانيا مشروعا مقبول لمشكلة الممر البولندي ودانزنغ المدينيية اللمانييية ،الييتي سييببتها معاهييدة
فرساي الجائرة ،سارع أقطاب المؤامرة ليجاد تحالف بريطاني بولندي من خلل فبركتهم لنذار مييزّور ،تنييذر
خض عن معاهييدة بريطانييية لحماييية البولنييديين ميين أي فيه ألمانيا البولنديين بالستسلم خلل 48ساعة فقط ،تم ّ
عدوان ألماني عام 1939م .ومن ثم عملوا على إقناع البولنديين بصييلحية معاهييدة الحماييية البريطانييية ،وهكييذا
ن عليييه الحملت أهمل البولنديون المذكرة اللمانية أشهرا عديدة ،فييي حييين كييانت الصييحافة المعادييية لهتليير تشي ّ
العنيفة المضادة ،وذلك لسبب واحد هو معيياداته لصييحاب المييؤامرة العالمييية ،واعتميياده سياسيية مسييتقلة داخييل
المبراطورييية اللمانييية ،بعيييدا عيين قروضييهم وخططهييم القتصييادية المييدمرة ،وبشييكل عييام كييانت الصييحافة
سير الغربية ،قد هّيأت الشعوب هناك لتقف موقفا معاديا لللمان ،ولجميع الدول اليتي تؤييد سياسيتهم ،وبيدأت تف ّ
وتحّلل أقواله وأفعاله وتقلب الحقائق وتفبرك الخبار وتحذر من أطماعه التوسعية .
وهكذا بعد التعنت البولندي وتجاهله للمذكرة اللمانية ،ضجر هتلر من انتظار الرد ،ومن الحيرب المشيينة اليتي
وجهتها ضده صحافة الحلفاء ،فييأمر جيوشييه بييالتحرك نحييو بولنييدا لسييترجاع مييا اسييتقطع ميين أراضييي ألمانيييا
بالقوة ،ولم يتعّد إلى ما وراءها بل توقف عند ذلك الحيّد .عنييدئذ أعلنييت بريطانيييا الحييرب علييى ألمانيييا بمييوجب
التفاقية السابقة ،مع علم الذين أوجدوا هذه التفاقية عدم قدرة بريطانيا ،على حماية نفسها في مواجهة القييدرات
العسكرية اللمانية .وعندما تأكد لهم أن رئيس اليوزراء البريطيياني ) تشييامبرلين ( ،غييير ُمتحمييس للييدخول فييي
حرب فعلية مع ألمانيا ،أسقطوه وجاءوا ) بتشرشل ( الذي قام بقصف المدن اللمانية بالطائرات .وهكذا اضيطر
119
هتلر مرغما لتكملة تلك الحرب المدمرة ُ ،مستجيبا للوردات الحرب النازيون التي دامت قرابة الخمييس سيينوات ،
وانتهت بخروج معظم الدول الييتي شيياركت فيهييا ،مثقليية بالييديون والخسييائر المادييية والبشييرية .وكييان المسييتفيد
الوحيد هم المرابون اليهود ،الذين مّولوا هذه الحييرب فييي سيينواتها الخمييس ،ومّولييوا عمليييات العمييار بعييدها ،
بقروض لم تستطع البلدان الوربية تسديدها إلى يومنا هذا .
وأما ألمانيا ومن أجل عدائها المعلن لليهود سواء من هتلر أو من قبل النازيون ،فقد لقت مصيييرها المحتييوم ميين
تقسيم أراضيها وتحجيمها قدراتها ونهب مقّدراتها وثرواتها ،حيييث اسييتطاع اليهييود العييالميون بمييا يملكييونه ميين
أموال ،ومن خلل سييطرتهم عليى اقتصياديات اليدول الغربيية برمتهيا ،ومصيادرة قرارهيا السياسيي وتجيييره
لخدمة مخططاتهم الشيطانية ،وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا ،من التخلص من الخطر اللماني الييذي كييان ُيهيّدد
ططاتهم لتدمير البشرية .
ض مضجعهم ويتقاطع مع مخ ّ وجودهم ويق ّ
ويخلص صاحب كتاب ) أحجار على رقعة الشطرنج ( المسيحي الكندي ،في نهاية حييديثه عيين الحييرب العالمييية
الثانية ،يوجهه لمن انساق وساهم من ساسة الغرب ،في نجاح المخطييط الجهنمييي للمرابييين اليهييود ،طمعييا بمييا
يلقونه لهم من فتات وحطام هذه الدنيا الزائلة ،إلى القول :
" أما الحقيقة الولى :فهي أن النسان لن يصحب معه إلى القبر شلليئا مللن
كنوز الدنيا ،أو شيئا من أكاليل المجد والثناء …
والحقيقة الثانية :هي أن القبر ليس النهاية ،بل إنه الطريق الذي ل منللاص
منه ول مفّر بعد القبر ،من تقديم الحساب أخيرا ،حيللث ليللس للمرابيللن
العالميين من حول ول قوة " .
كان مخطط المؤامرة يقتضي تنفيذ ما جاء في البروتوكولت بحرفتيه ،والغاية من ذلك السيطرة على اقتصاديات
دول العالم بأسرها ،وحصر رؤوس الموال العالمية كلها في أيدي اليهود ،وعندما يحين الموعد المناسييب يعمييد
اليهود إلى شراء الذهب من السواق العالمية وتكديسه ،ومن ثم ُيشعلون نيييران الحييرب العالمييية الثالثيية ،والييتي
حسب تصورهم ستكون كارثية بكل معنى الكلمة علييى العييالم بأسييره ،وتخلييف وراءهييا قطعانييا بشييرية جائعيية ،
ملحدة ل تؤمن إل بما هو مادي ،ومنحلة ل تبحث إل عن كل مييا ُيشييبع غرائزهييا الجسييدية ،آنييذاك ُيعليين ملييوك
الذهب عن أنفسهم ،ويشييترطون لنقيياذ تلييك القطعييان البشييرية ميين المييوت جوعييا ،بمييا أنهييم يملكييون الييذهب ،
تنصيبهم ملوكا على الرض لُيقيموا دولتهم العالمية الدكتاتورية وعاصمتها القدس ،فل تملك تلك القطعييان إل أن
تدين بالعبودية المطلقة لليهود ،بعد أن جاءها نور الذهب لُيبدد ظلمة الديان الموحشة .
إذ كان من المفروض أن تقوم الحرب العالمية الثالثة حسب ُمخططيياتهم ،بعييد ) ( 25 – 20عامييا ميين الحييرب
العالمية الثانية ،ولكن ما لم يكن في الحسبان هو موت لينين نتاج المييؤامرة اليهودييية ،وانقلب ) سييتالين ( علييى
ططيها ،وتخّلصه من جميع القادة اليهود في الحيزب الشييوعي ،وإقييامته لتحيياد سيوفييتي قييوي ططاتها ومخ ّ
مخ ّ
جييم اليهييود
وامتلكه للسلح النووي ،ومقاسمته لمريكييا حكييم العييالم ودخييول عصيير الحييرب البيياردة ،الييذي ح ّ
وطموحاتهم بوقوفه نّدا قويا في وجه أمريكا وطموحاتها ،فكان ل بد من تدميره وتفكيكه أول ،عن طريق الغزو
السلمي التسلي المطروح في البروتوكول رقم ) . ( 9
فوجدوا في ) غورباتشوف ( ضالتهم ،ولما أوشك التحاد على النهيار أجهزوا عليه بعميلهم الخر ) يلتسين ( ،
فسيطر على مقاليد الحكم بالقوة ،وأنهى ما ُيسمى بحلف وارسو ،وأزاح الحكم الشيوعي المناهض لمريكييا عيين
روسيييا ،وأخييذ بنصييائح صييندوق النقييد الييدولي للصييلح القتصييادي ميين خصخصيية وغيرهييا ،فاسييتطاع
المليييارديرات اليهييود كيي ) بيريزوفسييكي ( ميين شييراء معظييم المشيياريع السييتثمارية الروسييية ،وشييراء القييرار
السياسي والقتصادي الروسي ،وبالضافة إلى ما كانت تواجهه روسيا من أوضاع اقتصادية مترّدية ،أدخلوهييا
في حرب استنزافية مع الشيشان في أوساط التسعينيات ،وكل ذلك حتى يتسنى لليهود أن يصولوا ويجولييوا ،فييي
كافة أرجاء العالم لُيحققوا طموحاتهم ،وخاصة في منطقة الشييرق الوسييط ،وعنييدما خلييت لهييم السيياحة بانهيييار
التحاد السوفييتي ،وتجيييير قييرارات روسيييا بييالموال اليهودييية أشييعلوا حييرب الخليييج الثانييية ،باسييتخدام نفييس
120
السيناريو المستخدم في الحرب العالمية الثانية ،وخرجوا بنفس النتائج ،وشيياركت روسيييا فييي الحمليية الثلثينييية
على العراق ،على استحياء من حليفها السابق ،غير أن الحصار العراقي شمل كل منيياحي الحييياة ،ولييم يقتصيير
على التصنيع العسكري كما هو الحال مع ألمانيا واليابان .
ططيي ومفكييري اليهيود التوراتييون فييي الغيرب ، وكان مؤتمر مدريد للسلم ،الذي كان في الصييل ،غايية لمخ ّ
والذي لم يكن يوافق عليه حكام إسرائيل العلمانيون ،وذلك لخلق درع من معاهدات السلم ،لحماية إسرائيل ميين
الخطار الخارجية ،من دول ما وراء دول الطوق ،ولتحييد طول الطوق نفسها ،ودفعها لخوض الحروب نيابيية
عن الدولية اليهوديية ،فيي حيال فكيرت أي دولية بعييدة كروسييا والعيراق ،العيدوين الليدودين حسيب النبيوءات
التوراتية ،بالضافة إلى مصر والسودان وليبيا ،والردن وسوريا وإيران وأفغانستان ،وكل هذه الدول مذكورة
في التوراة بأسمائها القديمة .ولذلك كييانت هنيياك معاهييدة السييلم المصييرية ،لقطييع الطريييق علييى مصيير نفسييها
والسودان وليبيا ،وكييانت المعاهييدة الردنييية لقطييع الطريييق علييى الييدول الشييرقية ،ولييم تتحقييق معاهييدة السييلم
السورية ،نتيجة التعنت السوري لسترجاع هضبة الجولن ،التي ل تستطيع إسرائيل التخلي عنها بأي حال ميين
الحوال ،فكانت هناك معاهدة أمنية بين إسرائيل وتركيا بديل عن المعاهدة السييورية مؤقتييا لقطييع الطريييق علييى
روسيا ،أما هذه اليام فالموقف من سوريا قد اختلف باختلف الموقف السوري من إسرائيل ومين العييراق ،مميا
يستدعي أفكارا جديدة وأسلوبا جديدا للتعامل مع سوريا .
بغض النظر عما ُيمّثله من أنظمة وقوانين وقرارات تأخذ طابع العدالة والنصاف ،فيالتطبيق فيي الواقيع يختليف
كليا ويأخذ طابع الجور والظلم ،كما هو الحال مييع فلسييطين والعييراق مين جييانب ،وإسييرائيل ميين جييانب آخيير .
فالقرارات ملزمة للجانب الول وغييير ملزميية للجييانب الثيياني .وخييذ إسييرائيل وجنييوب إفريقيييا ميين جييانب آخيير
كنظاميين عنصريين ،فالنظام الول زالت عنه صفة العنصرية بقرار من مجلس المن مع بقاء النظام العنصري
،والثاني زالت عنه هذه الصفة بزوال النظام ،وهذا ل ُيسّمى كما يحلو لبعض الغافلين ازدواجية فييي التعامييل أو
الكيل بمكيالين ،فالحقيقة هي أن مجلس المن الخاص بالمم المتحدة هو مجلييس أميين يهييودي عييالمي ،وبالتييالي
ليس هناك ما ُيسّمى بمعيارين أو مكيالين ،بيل هيو معييار واحيد ومكييال واحيد يقييس كيل الشيياء وفيق اليرؤى
اليهودية السرائيلية ،فهو الذي أوجد دولة إسرائيل وهو الذي حافظ على بقائها وإدامتها .
لنطرح هذه التساؤلت :كم كان عدد الدول التي كانت قلقة بمصير اليهود ؟ وما الداعي لوجييود دوليية لليهييود بمييا
أن اليهودية ديانة وليست قومية ؟ ومن قال بأن القومية تعطييي الشيرعية لقاميية دولية ؟ فهنيياك الكيراد والرمين
وألبان كوسوفو وغيرهم الكثير ممن هم متواجدين على أراضيهم ! فلماذا لم ُيوجد لهم مجلس المن دول ؟! وبدل
من ذلك يتغاضى عن إبادتهم وقمعهم ،خاصة إذا كانوا مسلمين كالبوسيينة وكوسييفو والشيشييان ،أو أعييداًء لدوليية
حليفة لليهود كأكراد تركيا ،وعندما يتعّلق المر بالعراق ُيصبح الكراد في الشييمال مسييألة إنسييانية ُتقلييق مجلييس
المن .فما مصلحة أمم العالم قاطبة ومجلس أمنها في إنشاء دولة لليهود ! مع وجود النظمة العلمانية فييي معظييم
دول العالم حتى في معظم الدول السلمية والعربية ! إل أن يكون هذا المجلس هييو مجلييس أميين يهييودي بحييت ،
صل اليهود على ذلك ؟ ولكن كيف تح ّ
الجواب بسيط جدا ،فهم قادرون على ضمان الغلبية لصدار أي قرار يرغبون بتمريره ،من خلل العمييل ميين
خلف الستار بالترغيب والترهيب القتصادي والسياسي لعضاء مجلس المن .بالضافة إلى إيجاد حييق النقييض
) الفيتو ( للدول دائمة العضوية ،منها ثلث دول مؤيدة لسرائيل بالسيطرة القتصييادية ،مييع أن واحييدة تكفييي ،
ج منهما خيرا وهما روسيا والصين ،اللتان غالبا مييا لتعطيل أي قرار ل يخدم المصالح اليهودية ،ودولتان ل ُيرت َ
كانتا تتماشيان مع الرغبة المريكية نتيجة السترضاء السياسي ،كغض الطرف عن ممارسات هاتين الييدولتين ،
فيما يخص مثل حقوق النسان فييي الصييين ،أو اضييطهاد الشييعوب الُمجيياورة والقلّيييات العرقييية أو الدينييية فييي
121
روسيا ،بالضافة إلى الغراء القتصادي متعدد الوجه .وفي حال فّكرت إحداهما في استعمال أي منهما ،حق
النقض على قرار يخدم إسرائيل تصبح دولة نازية ول سيامية ،وتبييدأ اللية العلميية اليهودييية العالميية بالطبييل
والزمر ،فالمور تصبح محسومة مسبقا ،ومؤخرا ُكشف النقاب عن هذه السياسيية علنييا ،عنييدما ه يّددت أمريكييا
دوليية كولومبيييا المستضييعفة بفييرض مقاطعيية اقتصييادية ،عنييدما صييّوتت لصييالح إرسييال قييوة حماييية دولييية
للفلسطينيين .
ولنأخذ على سبيل المثال القييرارات الخاصيية بييالعراق ،فمعظييم هييذه القييرارات اُتخييذت بالجميياع بحجيية مخالفيية
العراق للقانون الدولي آنذاك ،وطريقة تأمين الجماع تمت كما هي العادة بطريقة آلية من خلل النشاط الملحوظ
للديبلوماسية اليهودية المريكية من وراء الستار ،ومن أمام الستار أحيانا بجولت مكوكية .فمعظييم دول مجلييس
المن إّما أن تكيون حليفية أو صيديقة أو مديونية أو منهيارة اقتصياديا .وعنيدما ُوضيع أول قيرار بيدأت الماكينية
اليهودية ،بالدوران بأقصى سيرعتها وطاقتهيا مدفوعية بأحقادهيا ومخاوفهيا التوراتيية ،لفيرض قيرارات جدييدة
ولتأمين تطبيق القرارات وتنفيذها ،والعالم كليه ل يعليم لغايية الن حقيقية النواييا اليهوديية المريكيية البريطانيية
الفرنسية ،من وراء تلك الحرب وهذا الحصار .وفي الحقيقة ما ُوضع بقرار ل ُيرفع إل بقرار وهذا ينطبق على
الحصار ،ولن ُيرفع هذا الحصار اليهودي التوراتي ما دامت أمريكييا تملييك حييق النقييض ،إل أن يتييم خييرق هييذا
الحصيار بيدون قيرار رفيع مين جيانب دولية عظميى كروسييا أو الصيين ،ل يسيتطيع القيانون اليدولي اليهيودي
المريكي معاقبتها ،كونها تمتلك سلحا نوويا قادرا علييى أن يمحييو أمريكييا وحلفائهييا عيين الوجيود بمييا فيهييا ميين
يهود ،وهذا الحتمال ُيعّد نوع من الُمغامرة في الظروف الراهنيية ،ومييع ذلييك بييدأ التمييرد الروسييي علييى أواميير
أسياد العالم يلوح في الفق .
ما الذي تنادي به هذه المنظمات ؟ تنادي بحرية المرأة وحقوق النسان وحقيوق الطفيل وتنظييم النسيل وتحديييده ،
وغيرها من الحريات والحقوق ،وكل هذه الحريات والحقوق عند المناداة بها ،غالبا ما تأخييذ الطييابع السياسييي ،
فانظر إلى الدول المتهميية بانتهيياك هييذه الحريييات وهييذه الحقيوق ،هييي الييدول العربييية السييلمية أول ،والييدول
السلمية غير العربية ثانيا ،والدول الشيوعية ثالثا ،وما عدا ذلك إذا كان موجودا فهو لذّر الرماد فييي العيييون ،
فما الذي يريدون من وراء ذلك ؟ انظر إلى الحياة الجتماعييية فييي الغييرب ،الييذي سييمح ويسييمح بهييذه الحريييات
والحقوق ،تجد أن الجابة هي ما يلي :
تحّرر الفكر فنتج الكفر واللحياد وعبيادة الميادة وتقديسيها ،تحيررت النسياء فتنيازلن عين دورهين الفطيري فيي
المومة والتربيية ،فنتجيت كافية أنيواع الباحيية والفجيور واليدعارة ،وأصيبحت لحيوم النسياء عرضية للكلب
الضاّلة ،وتحّررت الطفولة فتطاولت على الباء والمهات والمعّلمين والمعّلمات ،وتميّردت عنييد البلييوغ لتييترك
السرة ،وطفقت تبحث عن إشباع الغرائز والشهوات .لنخلص ميين ذلييك إلييى أن المطالبيية بحماييية هييذه الحقييوق
والحريات ،هي في الصل دعوة للتمرد على الطبيعة البشرية وأبجدياتها ،وعلى القيم الروحية والخلقية الييتي
قّدمتها الديان السماوية كمنهج للحياة .وتهدف إلى ضرب السرة التي هي اللبنة الساسية في بناء المجتمعييات ،
وذلك بحرمان الب من دوره القيادي مما يؤدي إلى تفكيك العلقات ما بين أفرادهيا ،وضيياع اليرؤى المشيتركة
للبقاء والستمرار .ولو قمت بإحصائية لعدد الغربيون ذوي الولدات الشرعية ! ربما لوجدت أن معظمهييم أولد
زنا ،شّر الخلق عند ال !! أما نحن … فماضييون علييى الييدرب لنييواكب ُمتطلبييات العصيير اليهييودي … بجهييود
الجهابذة من مفكرين وخبراء واختصاصيين … من دعاة التحّرر والتحرير والصلح القتصييادي والثقييافي …
وسنصل … عّما قريب … إن لم يّداركنا ال برحمته .
مهمة هذه المؤسسة تقديم النصائح ،بما ُيسمى ببرامج التصحيح القتصادي ،ومن ثم تقديم القييروض والحصييول
على ضمانات للسداد ،ولكن هيل تكييترث هيذه المؤسسية بمصييير الميوال المقّدميية ،وهيل تتييابع تنفيييذ برامجهييا
التصحيحية ؟ وما هي طبيعة هذه البرامج وماذا تحمل في طياتها ؟ في الحقيقة تذهب معظم الموال المقّدميية إلييى
جيوب المتنّفذين في الحكم وكنفقات للجهزة الحكومييية ،ول تظهيير المتابعيية إل عنييدما تقييع الييدول المديونيية فييي
122
أزمات اقتصادية تعجز بسببها من سداد اسيتحقاقات اليدين ،فييأتي الصيندوق بمجموعية اقتراحيات جدييدة كرفيع
الضرائب والسعار والرسوم على كل شيء لتحصيييل أقسيياط ديييونه ،وربمييا يقييترح بييأن يضييعوا فييي بيييت كييل
مواطن مستقبل موظفييا حكوميييا ،ليحصييي عليييه عييدد لقمييات الطعييام الييتي يأكلهييا أفييراد عيائلته ،أو مييا تحرقييه
عضلتهم من سّكر أثناء الحركة بما أنه أحد مصادر الطاقة ،ولُتجبى منه نسبة الضريبة على كييل لقميية أو غييرام
سّكر ،والنتيجة هي رفع السييعار والرسييوم والضييرائب باسييتمرار ،والضييحية أول وأخيييرا هييو المييواطن من ال ُ
المسحوق .وُيضاف دين جديد للخروج من الزمة القتصادية ،وُتعيياد جييدولته مييع الييديون القديميية مييرة أخييرى
ومن ثم تقع أزمة جديدة ،نتيجة النسييياب المسييتمر لييرأس المييال اليوطني ،فييي المجتمعييات السييتهلكية وغييير
المنتجة إلى الخارج ،فضل عن السرقات والختلسات ،ومن ثم ديون جديدة وهكذا دواليك … ،فيتضخم أصل
الدين القومي ليصل إلى أرقام فلكية ،ل تستطيع الشعوب حتى تسديد قيمة فوائدها السنوية …
وبالتالي تصادر أو بالحرى ُتشترى القرارات السياسية ،كما اشُتريت قييرارات التحيياد السييوفييتي ،فييي حييرب
الخليج وما بعدها بعد أن اختلييس ) غورباتشييوف ( وحاشيييته ،مييا مجمييوعه أربعيية مليييارات دولر ثمنييا لتييدمير
التحاد السوفييتي ،لكي يتمكن اليهود من التفّرد بحكم العييالم مين خلل نظييامهم العييالمي الجديييد .وبعييد أن أزاح
الرئيس الروسي ) يلتسين ( غريمه من الكرملين بقوة المدرعات أكميل صيفقة اليبيع ،فياختلس عليى ميدى سينين
حكمه ما مجموعه سبعة مليارات دولر من مساعدات صندوق النقد لدولي .ولما اُكتشف المر مين قبييل الييروس
وصار ) يلتسين ( قاب قوسين أو أدنى من الملحقة القضائية ،اشتعلت بقدرة قادر أحداث داغسييتان والتفجيييرات
شّنت حرب غير مييبررة للقضيياء علييى الرهيياب فييي الشيشييان جل أي ضحية ،و ُ الوهمية في موسكو والتي لم ُتس ّ
وانشغل الشعب الروسي فيها ،ونسي اختلسات ) يلتسين ( الذي قّدم استقالته واشترط علنا على خليفته ) بوتين (
،عدم ملحقته قضائيا عند تسلمه للسلطة ،فمن الييذي مّكيين ) يلتسييين ( ميين ذلييك ؟ وكيييف صييعد ) بييوتين ( ميين
المجهول ليصبح رئيسا لروسيا ؟!
ُيص يّرح الملييياردير اليهييودي ) سييوروس ( بييأن المسييؤول عيين تييدبير ذلييك ،هييو الملييياردير اليهييودي الخيير
) بيريزوفسكي ( الذي قّدم التمويل لثييوار داغسييتان السييلميين ،وبعييد اشييتعال النيييران وغييزو الشيشييان انقطييع
التمويل ،وبالتالي ذهبت الشعب الشيشيياني المسييلم ضييحية لمييؤامرة ) يلتسييين ،بيريزوفسييكي ،بييوتين ( .وكمييا
غييدر بييه ،فكييانت نتيجتهييا السييتعمار
حصل مع الشريف حسين في الثورة العربية فييي الحييرب العالمييية بعييد أن ُ
والنتداب وضياع فلسطين وتشرذم المة العربية ،وكما حصل مع هتلر في الحرب العالمية الثانية ،ومع صييدام
حسين في حربي العييراق الُمييدّمرتين .هييل المشييكلة فييي أن العييرب ل يقييرءون التاريييخ أو القييرآن أو التييوراة أو
النجيل ؟! أم أن العرب ل يقرءون شيئا ،وإن قرءوا ل يفهمون ،وإن فهموا ل يعمليون .فيي الحقيقية هيذا لييس
من قولي ،وإنما سمعته يوما من أحدهم ،منسوبا إلييى أحييد زعميياء اليهييود ربمييا يكييون ) بيغيين ( ،والغريييب أن
سيناريو المؤامرة هو نفسه بكل حيثياته يتكّرر في كل مرة !!!
والسؤال هنا ،من هم أصحاب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الحقيقيون ؟! وإن كانت تملكهمييا الييدول ،فمييا
معنى أن تكون بلدان كأمريكا وبريطانيا وفرنسا واليابان مثل ،من أكثر دول العالم أرقاما للدين القومي ؟! فالدين
القومي المريكي المعلن لعام 2000م كما ُنشر في إحدى الصحف ،يصل إليى 300أليف ملييار دولر ،واليدين
القومي الياباني يصل إلى 280ألف مليار دولر ،وهما أكبر اقتصادين في العالم .ولم يكفهم كل ذلك وكما أخوة
يوسف ،لم ينتظروا الفرصة ولم يتقاعسوا ،بل سارعوا لخلق الفرصة بالمكر والحيلة للظفر بأخيهم ،لييم تسييتكن
أبالسة الشر ولم يهدأ لهم بال ،فهم دائمو الحركة والبحث في مطابخ السياسة والقتصاد هناك في الغييرب ،وكييل
جيل ُيكمل ما بدأه الخر ويضيف عليه تعديلته ،ويستعجل تنفيذ خطوات المخطط الشيييطاني ،ويحلييم كييل جيييل
خر التنفيذ يعني تأخر المجيء ،وآخر ما تفّتقت عنه أذهانهم فييي بأن يكون مجيء مليكهم المنتظر في زمانه ،وتأ ّ
حلقات هذا المسلسل الطويل ،هو فكييرة العولمية الييتي ل تعييدو أكييثر ميين كونهييا وحيييا شيييطانيا ،لنشيير المييذهب
الشيطاني وفرضه على شعوب العالم .
العولمة :
العولمة :كلفظ ُمجّرد مصطلح ُمبهم ،ويصبح مفهوما وتضح ماهيته عندما ُتضاف إليه كلمة أخرى ،كييأن نقييول
عولمة الثقافة وعولمة القتصاد .وبما أننا نعلم أن من ُينادي بالعولمة ويدعوا إليها هي أمريكا ،فذلك يعني أول :
123
تعميم الثقافة المريكية ،وثانيييا :تعميييم النظييام القتصييادي المريكييي الرأسييمالي .وبشييكل شييمولي هييو فييرض
الحضارة المريكية الغربية بكافة جوانبها ،كأسلوب جديد للحياة على كافة شعوب العالم ،ولو قمنا بتقييييم بسيييط
للحضارة المريكية ،لوجدنا أن من رسم وشّكل معالم وأبعيياد هييذه الحضييارة ،منييذ بييدايات القييرن الماضييي هييم
السياد الجدد لمريكا ،أعني أرباب المال اليهود من خلل سيطرتهم المطلقة على كافة أدوات النتاج المريكييي
القتصادي والثقافي .
أما ملمح الحضارة المريكية ،فهي في الواقع ترجمة حّية لما يحمله اليهود من عقائد كفرية إلحادييية ،ل تييؤمن
إل بكل مييا هييو محسييوس ،تييدعوا إلييى تييأليه رأس المييال والقتصيياد وعبييادة أصييحابه .وتييدعوا إلييى أخلقيييات
سمتها النحلل والباحية والدعوة لممارسة كل رذيلة والتحلل من كل فضيييلة .لنخلييص إلييى اجتماعية تلمودية ِ ،
القول إلى أن الغاية من العولمة ،هو نشر العقيدة اليهودييية المادييية الدنيوييية ،الخاصيية بأصييحاب الييبروتوكولت
اليهود تمهيدا لضربتهم النهائية .
في أواخر القرن الماضي ،تمكن اليهود من نشر هذه العقيييدة فييي أمريكييا والييدول الغربييية ،وبعييد أن اسييتحكمت
قبضتهم على مواقع صنع القرار فيها ،من خلل امتلكهم لرؤوس المييوال المحّركيية لقتصيياديات هييذه الييدول .
ومع انتهاء الحرب الباردة وتفّرد أمريكا بحكم العييالم ،امتلييك هييؤلء القييوة العظمييى والوحيييدة فييي العييالم ،الييتي
أصبحت كالمعّلم الشرس بعصاه الطويلة ،الذي يسعى كل التلميذ لنيل رضاه ،بالنصياع لوامره وترك نواهيه
،وينفذون ما يفرضه عليهم رغبة ورهبة ،حتى لو أوردهم موارد الهلك .فأصبح لدى هيؤلء القيدرة أكيثر مين
أي وقت مضى -حسب تصورهم -على تنفيذ ما تبقى من خطوات مخططهم الشيطاني .
في الجانب الخر من العالم تقف بشموخ المجتمعات الشرقية ،ميين المييؤمنين بييال وحييتى الملحييدين والوثنيييون ،
ذوي المعتقدات والقيم الراسخة ،والتي غرسها وحافظ عليهيا النبيياء والمفّكريين ورجيال اليدين قيديما وحيديثا ،
لتشّكل حواجز منيعة أمام طموحات اليهودية العالمية ،فكانت آخر القلع التي يتطّلعون إلى تحطيمها ،وما تبقييى
من أسوارها في طريقه للنهيار .
ولما أصبحت الرياح مواتية لهم ،جلس أسياد العالم وائتمروا فتفّتقت أذهانهم ،عن هذه الفكار الجهنمية الخاصة
بمنظمة التجارة العالمية وقوانينها ،ومتطلبات النتساب إليها لختراق جميع الحواجز القتصادية ،الييتي أقامتهييا
الحكومات لحماية ثرواتهييا الوطنييية ،ميين النسييياب التلقييائي إلييى جيييوب أربيياب المييال اليهييود ،والييتي سيييكون
بمقدورهم من خللها إصابة عدة عصافير بحجر واحد .
وسييائلها الثقافييية :بييالترتيب هييي المطبوعييات والراديييو والسييينما والتلفيياز والفيييديو والطبيياق اللقطيية وأخيييرا
النترنت .وكان ابتكار النترنت بُمشاركة الطباق اللقطة ،التي ُأجبرت الدول العربييية علييى السييماح بييدخولها
واقتناها قبل 4إلى 5سنوات ،أكييبر ضييربة لمييا أقييامه هييؤلء ميين حييواجز لحماييية شييعوبهم ميين الغييزو الثقييافي
الغربي .وجاءت العولمة القتصادية لترفع الرسوم الجمركية عنها ،لتصبح في متناول من ل يملك ثميين رغيييف
الخبز ،ولتكون بمثابة حصان طروادة ولكن بحّلة جديدة ،لتصل إلى البيدوي فيي خيمتيه ،والمشيّرد فيي كهفيه ،
والموظف في مكان عمله ،والطالب في جامعته ومدرسته ،وحتى الطفل في مهده .
التحذير من خطر العقائد والخلقيات اليهودية ،والتي يسعون الن لنشرها تحت ُمسميات عولمة الثقافة وعولمة
القتصاد ،جاء في بعض أقوال رؤساء الغرب :
) لنكولن ( … " :فقد أصبحت السيادة للهيئات والشركات الكبرى … إذ أن أصحاب رؤوس الموال سيييعملون
على إبقاء سيطرتهم على الدولة … وستصبح ثروة البلد بأكملها ،تحت سيطرة فئة قليلة … المر الذي سيؤدي
إلى تحطم الجمهورية " .
) فرانكلين ( " :ومع أنهم يعيشون بيننا منذ أجيال … فييإن ُمُثلهييم العليييا مييا زالييت تختلييف كليييا عمييا يتحلييى بييه
الشعب المريكي من ُمُثل … فالفهد الرقط ل يمكنه تغيير لون جلده ) عبارة مقتبسة من التوراة ( " .
) هتلر ( " :ومن جهة أخرى يحارب ،الروح المادية اليهودية ،المتغلغلة في نفوسنا وفي نفوس الخرين " .
بعد هذا العرض نستطيع تعريف لفظ العولمة على أنها :
124
مصطلح مضلل استعمل كغطاء للتعبير عن برنامييج يهييودي أمريكييي لتهويييد العييالم بأسييره .أدواتيه الثقافييية هييي
وسائل التصال والعلم المختلفيية ،وأدواتييه القتصييادية صييندوق النقييد والبنييك الييدولي والخصخصيية ومنظميية
ضيير ،وثانيييا :نهييب ثييرواتالتجارة العالمية .وغايته أول :خلق ديانة مادية جديييدة تحييت عنييوان الثقافيية والتح ّ
الشعوب تحت عنوان تحرير التجارة ،وذلك لتهيئة الجواء لظهييور اليهييود كأسييياد للعييالم بأسييره ،عنييدما يحييين
الوقت المناسب لذلك .
الخطر الجتماعي ؛ يتمّثل في ضرب منظومة العقائد والقيم والخلق ،لدى الشعوب المختلفة في العالم ،والييتي
بدورها تشكل الضمير النساني للفرد ،الذي ُيحاول السمو بالنسان إلييى مرتبيية الملئكيية .وأمييا الهييدف النهييائي
المرتجى من بعدها الجتماعي فهيو تشييكيل أجييال جدييدة ،تبحييث بشيتى الوسيائل والسيبل عمييا ُيشيبع غرائزهييا
ورغباتها ونزواتها ،لتهبط بالنسان إلى ما دون مرتبة الحيوان ،وبذلك يسييهل علييى مخططييي المييؤامرة اليهييود
حكمييوا ميين قبييل سييادة العييالم
سياسة هذه الجيال وتذليلها .وبالتالي لن تكون هناك معارضة لمثل هؤلء فيما لييو ُ
الجدد ملوك اللحاد والباحية ،وهذا ما تصبوا إليه الجيال التي هي في طور التشّكل الن .
وقد بدأنا في السنوات الخيرة ،نرى نماذج من المسوخ البشرية في العديد من بيوت المسلمين ،فتيان وفتيييات ل
يرغبون في التعلم أو العمل ،والفشل هو السمة البييارزة فييي أعمييالهم وتوجهيياتهم ونتييائجهم ،يجوبييون الشييوارع
ويرتادون الماكن العامة ويذهبون إلى الجامعات بحثا عن الحب والمجون والخلعة ،بعد أن أصييبحت جامعاتنييا
وشوارعنا معارض لدور الزياء العالمية ،ول أحد يريد العفاف والطهر ،لذلك تجدهم يعزفون عن الزواج .
والثر الكبر في تشكيل هذه النماذج ،يكمن في القنوات الفضائية العربية – فضل عن قنوات الباحة الجنبية –
وخاصية اليتي تضيم فيي طاقمهييا مقيّدمي ومقيّدمات البراميج اللبنيانيون ،بعيرض الكاسييات العارييات الميائلت
المميلت ،اللواتي يتحدثن بلسان عربي مبين ،مما أعطى المبرر لفتياتنا وكسر الحاجز النفسي لييديهن ،ليّتخييذن
منهن قدوة ُتحتذى بمباركة من الباء الذين ينظرون إلييى تلييك الغييواني وأولئك المخّنييثين ،بعييين الرضييا والقبييول
والعجاب والستحسان والستمتاع .
صد ،وهم يدفعون فتياتهمحرماته عن سبق إصرار وتر ّ ما تراه اليوم أن رجال أمة السلم يتحّدون ال وحدوده و ُ
بشكل مباشر لممارسة مهنة عرض الزياء ،في الشوارع والماكن العامية والجامعيات وأمياكن العمييل .هيدفهن
دائما وأبدا الغواء والفتنة بحركات وأصوات ،ل تقوم بها إل إناث القطط في شهر شباط ولمرة واحدة في السيينة
،أّما رجال بلد العرب أوطاني شيوخا وشبابا ،أصبحوا كذكورها ولكن على مدار السنة .لينتهي بهيين المطيياف
في أحضان الرذيلة فل أحد معصوم ،واليذباب البشيري الجيائع يمل الجيواء بحثيا عين قطعية الحليوى أو كييس
للقمامة فل فرق عنده .
أما أطفال أمة السلم ،فهم بين أيدي أمهات صفتهن قد تقّدمت أعله ل يفقهن من الزواج شيييئا ،ول يملكيين ميين
عاطفة المومة واحد بالمليون مما تمتلكه وحوش القفر .وتربية الطفال لديهن تقوم على مبييادئ تربييية الييدواجن
وتسمين الخراف .أطفال مهملون في زوايا الغرف يحملقون في برامج المسوخ المتحركة ،وأغيياني ومسلسييلت
عِمَد إلى تغيير المناهج المدرسية ،لسلخ الطفل عن هويته وأفلم الدعارة العربية والجنبية .أما في المدرسة فقد ُ
حذفت أمجاد البطال والبطولت السلمية ،وبدل منها تم تصميم بطولت وهمييية لبطييال السلمية العربية ،ف ُ
من ورق .وربما يضيفون غدا مناهج التربية الجنسية لتثقيييف الجيييال الناشييئة فييالغرائز تحتيياج إلييى تعلييم .وتييم
تغيير أساليب التربية والتدريس بإلغاء عقوبة الضييرب وإلغيياء عقوبيية الرسييوب ،وإدخييال لغيية العولميية كمبحييث
أساسي في المناهج الدراسية .
وخلصة القول بأنهم سُيهّودون العالم ،تحت غطاء أمريكييي مييدموغ بِيي ) ( made in USAلدرجيية أنهييم ربمييا
ُيجبروك على الذهاب لصلة الجمعة
في يوم السبت أو الحد بعد إحدى ندوات حوار الديان .
125
أما الخطر القتصادي ؛ فيتمّثل في ضرب قوانين الحماية التي ُوضييعت للمحافظيية علييى الييثروة الوطنييية .وذلييك
لتسهيل عملية سلب ثروات الشعوب ،وتكديسها في المصارف العالمية وإفقارها وتجويعها .إذ لم يكفهم مييا يقييوم
به البنك الدولي وصندوق النقد والخصخصة من نهب لثروات الشعوب ،من خلل تغلغل السييتثمارات اليهودييية
في شتى أقطار العالم ،بعد كل هزة أو أزمة اقتصادية مفتعلة بشكل مباشر أو غير مباشيير .فموجيية الخصخصيية
التي هي أحد برامج صيندوق النقيد اليدولي ،أتياحت ليرؤوس الميوال اليهوديية اليدخول لليدول العربيية ،تحيت
ُمسميات شركات أجنبية عالمية كبرى ،أو عن طريق شيركات محلييية بأسيماء عربيية صييورية مقابيل حفنية ميين
الدولرات .
بل ابتكروا ما هو أخطر بكيثير ،الشيق الخير اليذي كيان ) كلينتيون ( ُييرّوج للنضيمام ليه ،أل وهيو ) منظمية
التجارة العالمية ( والتي تدعو لتحرير التجارة وتحرير رأس المال .والملحظ أن كييل مبييادئهم الهداّميية عييادة مييا
تحمييل صييفة التحرييير أو التحيرر ،وانظير إلييى هيذا القيول العييرج العيوج ،فالشييعوب عنيدما تحميي سييلعتها
وصنعتها تصبح ُمستعِمرة لتجارتها لذلك فهي بحاجة إلى التحرير .أما المراد ميين وراء ذلييك فييي الحقيقيية ،فهييو
طياة بيأوراق التغلييف البراّقية الملّونية ، السطو على مكتسبات الدول الغنية والفقييرة بطيرق شيرعية ملتويية ،مغ ّ
لتسحر أعين الشعوب المسحوقة بما ُيشبه عملية التنويم المغناطيسي .ولنوضح مييا نقصييده بييذلك ،بأنييك تسييتطيع
في البداية على سبيل المثال ،الحصول على سيارة جيدة بثمن زهيد نتيجيية تخفيييض الجمييارك والرسييوم ،ولكيين
هذا التخفيض سيترتب عليه عجز كبير في الموازنة العامة للدولة ،فمن أين ستغطي الدوليية هييذا العجييز برأيييك ،
إن لم تعتمد على فرض رسوم وضرائب بديلة تحت مسميات أخيرى ،لتصيل فيي النهايية إليى عيدم القيدرة عليى
شراء الوقود لتلك السيارة ،لعدم قدرة الراتب على تأمين متطلبات الحياة الساسية .
وبعد أن تمّكنوا من خلق قطعان من المستهلكين ،تنظر بعين القداسة لكل ما هو غربي ومسييتورد ،ميين منتجييات
ثقافية وتكنولوجية استهلكية الطابع ،جاءوا باتفاقيات هذه المنظمة لرفييع القيييود ميين قييوانين جمركييية وضييريبية
على السلع المستوردة ،وذلك بغية فتح السواق الوطنية للسلع الجنبية ،وبالتالي تتهافت المجتمعات الستهلكية
على تلك السلع ،فتتسّرب العملة الوطنية إلى الخارج بل توقف ،ويترّتب على ذلك عجز كبير في ميزانيات دول
العالم الثالث ،التي ل تملك صناعات منافسة تعّوض وتعيد جزء من العملة المفقودة .لييذلك ستضييطر الحكومييات
إلى اتخاذ إجراءات علجية عديدة لسّد عجز الموازنة ،الييتي غالبييا مييا يتكفييل بهييا صييندوق النقييد الييدولي بزيييادة
الضرائب بكافة الشكال والُمسّميات ،بمبررات ومن غير مييبررات أحيانييا ،بالضييافة إلييى تراكييم ديييون جديييدة
وزيادة الضرائب تعني رفع السعار تلقائيا ،وهكذا دواليك … ،وسيظهر التأثير المدّمر على شعوب الدول التي
انضّمت لهذه المنظمة ،خلل فترة ربما ل تزيد عيين سيينة أو سيينتان .وذلييك عنييدما تبييدأ المؤسسييات والشييركات
الوطنية بالفلس والنهيار تباعا ،ومن ثم انتشار البطالة والفقر والجوع بين مواطنيها انتشار النار في الهشيم .
هناك فرق شاسع بين فلسفة القتصاد وفلسفة الدمار والخراب .تقضي فلسفة القتصاد بأن تنفيق أقيل مميا ُتنتيج ،
وتّدخر الفائض لتقلبات الزمن ،وأما فلسفة الدمار والخراب تقضي بأن تنفق أضعاف أضعاف مييا تنتييج ،لتنتهييي
في أحضان صندوق النقد الدولي ،ول أظن من قال :على قّد لحافك مّد رجلييك كيان حاصيل عليى دكتيوراه فيي
القتصاد ليصل إلى هذه النتيجة .وأتساءل كيف عاشت البشرية ما ُيقارب الستة آلف سنة ،بدون صندوق النقييد
الدولي وبرامجه الصلحية .
أما الن … فأمعن النظر والفكر والوجدان ،في كل ما يدور من حولك ،في بيتك ،في الشارع ،في المدرسيية ،
ي هدي يسير هذا الواقع الذي
في الجامعة ،في وطنك ،بل في العالم أجمع … وأجب هن هذا التساؤل … على أ ّ
نحن عليه الن … ؟! على هدي القرآن … أم على هدي أسياد هذا الزمان !
ي اليهود الغربيون :وأغلبهم أثرياء ،استطاعوا التغلغل في أوروبا الغربية في نهاية القييرون الوسييطى ،وبييدايات
عصر النهضة ) (17-16فازدادوا ثراء فوق ثراء بمييا لييديهم ميين وسييائل وإمكانيييات وأخلقيييات ،لجمييع المييال
126
بطرق مشروعة وغالبا غير مشروعة ،لم يكن الوروبيون والمريكيون ُيمارسونها أو يتنّبهوا إليهييا ،رغييم كييل
تحذيرات الرؤساء والساسة والخبراء المخلصين لممهم ،حتى " وقع الفأس في الرأس " ،فتربعوا علييى عييرش
القتصاد العالمي حاليا .
ي اليهود الشرقيون الشكناز :وأغلبهم فقراء ،وقد بقي حالهم كذلك في بلدان أوروبييا الشييرقية وروسيييا الفقيييرة ،
وكانوا مضطهدين ومنبوذين في أغلب الحيان ،ويعيشون فيما ُيسّمى بالغيتوهات أو الكيبوتس .
ي اليهود الشرقيون العرب :وهم الذين عاشوا فييي البلييدان العربييية كييأفراد وجماعييات ،يتمتعييون بحييق المواطنيية
مثلهم مثل غيرهم ،وكثير منهييم ُأجييبر علييى الهجييرة إسييرائيل مين خلل دّبييره الموسيياد السييرائيلي ميين أزمييات
لرغامهم على المغادرة ،وبقي جزء منهم في البلدان العربية لغاية الن .
ي المتحّررون :وأغلبهم من يهييود الغييرب ،ومهمتهييم تنفيييذ مييا جيياء فييي بروتوكييولت الحكميياء ،وحكييم العييالم
صييبون َمِلكييا ميين
اقتصاديا وسياسيا ،يكونون فيه شيوخ المة ،ويضييعون الدسييتور ،ويرسييمون السياسييية ،وُين ّ
أنفسهم ،دكتاتورا ُمطلقا على العالم ،ييؤمر فُيطيياع ،ويكيون بمثابيية الليه عليى الرض ،ول إليه فييي السييماء ،
فُيصبح اليهود أسيادا وبقية خلق ال ،بل استثناء عبيدا لهم .
ي العلمانيون :وأغلبهم من يهود الشرق الوروبي ،ومهمتهم هي تنفيذ أهداف الحركة الصهيونية السياسية ،التي
تلّفعت بالدين اليهودي ،من أجل تحقيق أهدافها السياسييية ،بإيجيياد " غيتييو " قييومي لليهييود فييي فلسييطين ،لرفييع
الضطهاد والذل الذي لزمهم طيلة ،وليجاد موطئ قييدم لهيم ،فنييوائب اليدهر الغربييية غيير مضيمونه ،فربميا
ينقلبون عليهم يوما ما ويطردونهم ،وهم الذين يشّكلون الحزاب العلمانية في الدولة اليهودية .
ي المتدينون :وأغلبهم من يهود الشييرق بمييا فيهييم يهييود البلد العربييية ،وظهييرت منهييم حركييات دينييية متطرفيية
طها أحبارهم القييدماء علييى شييكل نبييوءات ،وتتلخييص فييي كثيرة ،ومهمتهم هي تنفيذ الوصايا التوراتية ،التي خ ّ
استلب الراضي ،وتهجير السكان الوثنيين ،والستيطان ،وهدم المسجد القصى وبناء الهيكل ،تمهيييدا للملييك
اليهودي الداودي القادم ،الذي سيأتي من ربوات القدس ،ليحكم العالم إلى البد ،فينتشيير الحييق والعييدل والسييلم
اليهودي في الرض ،وهم الذين يشّكلون الحزاب الدينية المتطّرفة .
وكل هذه الصناف اليهودية في المحصلة ،وجوه عديدة لعملة واحدة هي التوراة والتلمود ،أخطر وثيقييتين علييى
مستقبل البشرية والعالم ،لذلك احتل التحذير من اليهود واليهودية ،مساحة شاسعة من قرآننا العظيم .بينما احتييل
الفكر اليهودي المادي مساحة شاسعة ميين عقييول أميية السييلم ،فنسيييت إلههييا ،وطفقييت تركييض وراء العجييول
الذهبية المادية للسامرّيون الجدد .
آخر ما نود قوله ،أن اليهود قطعوا شيوطا كييبيرا ،فيي تنفييذ مخططهييم الشيييطاني للسيييطرة علييى العيالم ،حيتى
صاروا ) نظريا ( قاب قوسين أو أدنى ،من الوصول إلى هدفهم النهائي في ظرف سنين قليلة ،ونجيياحهم اعتمييد
في الدرجة الولى ،ليس على ذكائهم ومكرهييم ودهييائهم فحسييب ،بييل فييي العييزف علييى وتيير يطييرب لييه جميييع
الناس ،بل استثناء إل من رحم وهدى ربي ،أل وهو سهولة وقوع النفس البشييرية أسيييرة لهوائهييا وأطماعهييا ،
ن بها ،عندما تنعدم لييديها القيييم الروحييية
ومن ثم إرغامها على الخلود إلى الرض ،لترضى بالحياة الدنيا وتطمئ ّ
صلة من فهم حقيقة العلقة ما بين السماء والرض ،والتي توضحها سورة السراء بكل فصولها اليمانية ،الُمتح ّ
،فاقرأها إن رغبت في الفهم ،فهي تحكي واقعنا المعاصر بكل فصوله ،ومن أجل أن تفهييم فصييولها ،كييان هييذا
الفصل في هذا الكتاب .
سفبُ جِميًعففا َ ،يْعَل فُم َمففا َتْك ِ
ن َقْبِلِهْم َ ،فِلّلِه اْلَمْكُر َ
ن ِم ْ
وقد يسأل سائل :ثم ماذا ؟ ُنجيب بقوله تعالى َ ) :وَقْد َمَكَر اّلِذي َ
ن
ل ُبْنَياَنُهْم ِم َ
ن َقْبِلِهْم َ ،فَأَتى ا ُّ
ن ِم ْعْقَبى الّداِر ) 42الرعد ( وقوله َ ) :قْد َمَكَر اّلِذي َ ن ُسَيْعَلُم اْلُكّفاُر ِلَم ْ
س َ ،و َُكّل َنْف ٍ
ن ) 26النحل ( . شُعُرو َ حْيثُ َل َي ْن َ ب ِم ْن َفْوِقِهْم َ ،وَأَتاُهُم اْلَعَذا ُ
ف ِم ْ
سْق ُ عَلْيِهُم ال ّخّر َ اْلَقَواعِِد َ ،ف َ
والعلو اليهودي قائم على قاعدتين ،هما إسرائيل كميوطن بميا فيهيا القيدس ،كعاصيمة مسيتقبلية للدولية اليهوديية
العالمية البدية ،وأمريكا كقوة اقتصادية عسكرية ،لتمكين هذا الحلم اليهودي .فل غرابة ول عجب إن أتييى ال ي
127
هذا البنيان من القواعد ،فخّر على رؤوسهم وعلى رؤوس ميين يشيّد علييى أيييديهم سييقف أحلمهييم وطموحيياتهم ،
فأتاهم العذاب من حيث ل يشعرون .
ونختم هذا الفصل بنص من التوراة ،يؤكد لليهود أن عاقبة أفعييالهم سييتكون مييدمرة ل محاليية ،وأن الكييأس الييتي
جّرعوها للشعوب ل بد أن يتجّرعوها في النهاية ،حتى لو تخندقوا في الحصن المريكي البريطاني المنيييع فييذلك
لن ُيجدي نفعا ،ومهما ُكبرت أمريكا وعظمت وتعالت فال أكبر وأعظم وأعلييى ،وليييت عبييدة أمريكييا ميين أمييتي
يفقهون ذلك ،لعلهم يرجعون قبل فوات الوان .
" ويل لمن يكّوم لنفسه السلب ،ويثرى على حساب ما نهب ،إنما إلى متى ؟ أل يقففوم عليففك دائنففوك بغتففة ،
أول يثورون عليك وُيملونك ُرعبا .فتصبح لهم غنيمة لنك سلبت أمما كثيرة ،فإن بقية الشعوب ينهبونك ثأرا
،لما سفكت من دماء ،وارتكبت من جور في الرض ،فدّمرت ُمدنا ،وأهلكت الساكنين فيها .ويل لمففن ي فّدخر
ت مؤامرتففك بيتففكطخف ْلبنيه مكسب ظلم ،وُيشيد مسكنه في مقام حصين ،ليكون فففي مففأمن مففن الخطففر .لقففد ل ّ
بالعار ،حين استأصلت أمما عديدة ،وجلبت الففدمار علفى نفسففك ،حففتى حجفارة الجففدران تصفرخ مفن شفّرك ،
فترّدد الدعائم الخشبية أصداءها .ويل لمففن يبنففي مدينففة بالففدماء ،وُيؤسففس قريففة بففالثم " ) .التيوراة :سييفر
حبقوق ( 12-6 :2
قال تعالى
شفاُء ،ف َي َ ق َكْيف َن ُ ،يْنِفف ُ
طَتا ِ
سفو َ ت َأْيفِديِهْم َ ،وُلِعُنفوا ِبَمفا َقفاُلوا َ ،بفْل َيفَداُه َمْب ُ غّلف ْ
ل َمْغُلوَلٌة ُ ، ت اْلَيُهوُد َيُد ا ِّ
) َوَقالَ ِ
ضاَء ِإَلى َيْوِم اْلِقَياَمففِة ،طْغَياًنا َوُكْفًرا َ ،وَأْلَقْيَنا َبْيَنُهُم اْلَعَداَوَة َواْلَبْغ َ
كُ ، ن َرّب َ
ك ِم ْ ن َكِثيًرا ِمْنُهْم َ ،ما ُأْنِزَل ِإَلْي ََوَلَيِزيَد ّ
ن ) 64المائدة ( سِدي َب اْلُمْف ِح ّل َل ُي ِ ساًدا َ ،وا ُّ ض َف َ
ن ِفي اَْلْر ِ سَعْو َ
ل َ ،وَي ْ طَفَأَها ا ُّ ب َأ ْ حْر ِ
ُكّلَما َأوَْقُدوا َناًرا ِلْل َ
128
النبوءات التوراتية بين الماضي والمستقبل
بالرغم من تحريف التوراة ونسخها وتأليفها عدة مرات ،وضعف الترجمة إلييى العربييية وانحيازهييا .إل أنهييا مييا
ل وعل ،تستطيع الستدلل عليها من خلل مقابلتها ومقارنتها مييع مييا لييدينا ميين زالت تحوي بقية من كلم ال ج ّ
وحي ،وتسيتطيع أحيانيا ملحظية السياليب اليتي تيم بهيا كتابية التيوراة ،مين إضيافة وحيذف وتبيديل لمواضيع
العبارات كما أخبر عنها القرآن الكريم .وهذه البقية هي ما كان يستدل اليهود من خللها وما زالوا ،علييى بعييض
الحداث المستقبلية ،كبعث عيسى ومحمد عليهما السلم قديما ،وما سيقع من أحداث النهاية مستقبل .
وكما قلنا في الفصل السابق ،أن معرفتهم بما وجد لديهم من نبوءات ،كانت بمثابيية القييوة الدافعيية فييي تحركيياتهم
لستباق تحّقق هذه النبوءات على أرض الواقع ،ولم وليين يييألوا جهييدا فييي اسييتعجالها إن وافقييت أهييوائهم أو فييي
تعطيلها إن خالفتها .
في هذا الفصل سنتتبع في البداييية ،بعييض الخبييار الييتي وردت فييي التييوراة بشييكل مقتضييب وسييريع ،وميين ثييم
سنعرض جانبا من النبوءات التوراتية ،التي تحققت في الماضي ،وجانبا من النبوءات التي لم تتحقق بعييد ،ممييا
ُيساعد على استقراء بعض النبوءات المستقبلية لييديهم ،لنتعيّرف علييى المخيياوف اليهودييية وتطلعيياتهم وأحلمهييم
وأمانّيهم المتعّلقة بعودتهم إلى فلسطين للمرة الثانية .
ومن خلل هذا الكشف تستطيع التعرف على حقيقة العقلية التي ُيفّكر بها يهود ،ومن ثم قراءة مواقفهم وسياسييتهم
على الساحتين العالمية والقليمية ،وتستطيع أيضا قراءة سياسات ومواقف أمريكييا ،الييتي يحكمهييا ويييديرها فييي
الخفاء زعماء المؤامرة العالمية من الثرياء والحاخامات اليهود ،لتجد أن التوراة ونبوءاتها هي مييا س يّير اليهييود
في الماضي ،وهي ما ُيسّيرهم في الحاضر والمستقبل .
ل َ ،فَوْيٌل َلُهْم
شَتُروا ِبِه َثَمًنا َقِلي ً
ل ِ ،لَي ْ
عْنِد ا ِّ
ن ِ
ن َهَذا ِم ْ
ب ِبَأْيِديِهْم ُ ،ثّم َيُقوُلو َ
ن اْلِكَتا َ
ن َيْكُتُبو َ
قال تعالى ) َفَوْيٌل ِلّلِذي َ
ن ) 79البقرة ( سُبو َت َأْيِديِهْم َ ،وَوْيٌل َلُهْم ِمّما َيْك ِ
ِمّما َكَتَب ْ
ن َكَف فُروا
عَلففى اّل فِذي َ
ن َ
حو َ
س فَتْفِت ُ
ن َقْبُل َي ْ
ق ِلَما َمَعُهْم َ ،وَكاُنوا ِم ْ
صّد ٌ ل ُ ،م َ
عْنِد ا ِّن ِ ب ِم ْ
جاَءُهْم ِكَتا ٌ
وقال أيضا ) َوَلّما َ
ن ) 89البقرة ( عَلى اْلَكاِفِري َ
ل َ عَرُفوا َكَفُروا ِبِه َ ،فَلْعَنُة ا ِّ
جاَءُهْم َما َ
َفَلّما َ
ب َ ،وَيُقوُلففو َ
ن ن اْلِكَتفا ِ
ب َ ،وَما ُهَو ِم َ
ن اْلِكَتا ِ
سُبوُه ِم َ
ح َب ِ ،لَت ْسَنَتُهْم ِباْلِكَتا ِ
ن َأْل ِ
ن ِمْنُهْم َلَفِريًقا َ ،يْلُوو َ
وقال أيضا ) َوِإ ّ
ن ) 78آل عمران ( ب َوُهْم َيْعَلُمو َ
ل اْلَكِذ َعَلى ا ِّن َ ل َ ،وَيُقوُلو َ عْنِد ا ِّ
ن ِ
ل َ ،وَما ُهَو ِم ْ عْنِد ا ِّ
ُهَو ِمنْ ِ
" تكوين :18 :15 :في ذلك اليوم ،عقد الرب ميثاقا مع إبراهيم ،قائل :سأعطي نسلك هذه الرض ،من نهيير
مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات " .
" تكوين :8-4 :17 :ها أنا أقطع لك عهدي ،فتكون أبا لمم كثيرة ،وُأصيّيرك ُمثمييرا جييدا ،يخييرج ميين نسييلك
ملوك ،فأكون إلها لك ولنسلك من بعدك .وأهبك أنت وذرّيتك أرض كنعان التي نزلت فيها غريبا ُ ،ملكًا أبديا " .
جمعييت ميين مصيدرين ُمختلفييين كميا سيبق ي تكرار الوعد لبراهيم بأرضين مختلفييتين ،ناتييج عين كيون التييوراة ُ
وأوضحنا ،وأحد المصدرين أقل تطّرفا وُمغالة ،في التحريف والكييذب مين الخيير ،وهييذا الوعييد بمييا أنيه كييان
لبراهيم ونسله ،فهو ليس حكرا على نسل إسحاق ،بل يشمل نسل إسماعيل أيضا ،ونجد أن النص الثاني يكذب
النص الول .
129
وعد الله لهاجر في إسماعيل :
" تكوين :19-15 :17 :وقال الرب لبراهيم :أما ساراي زوجتيك ،وُأباركهيا وُأعطييك منهيا ابنيا ،سيأباركها
ن سارة زوجتك هي التي تلد لك ابنا ،وتدعو اسمه اسيحق وُأقييم وأجعلها أّما لشعوب ،ومنها يتحّدر ملوك أمم ،إ ّ
عهدي معه ،ومع ذرّيته من بعده إلى البد " .
" تكوين :20 :17 :وأّما إسماعيل فقد استجبت لطلبتك من أجله ،سُأباركه حقا ،وأجعله ُمثمرا ،وأكّثيير ذرّيتييه
جدا ،فيكون أبا لثني عشر رئيسا يلد ،وُيصبح أّمة كبيرة " .
" تكوين :21-14 :21 :فنهض إبراهيم في الصييباح البيياكر ،وأخييذ خييبزا وقربيية ميياء ،ودفعهمييا إلييى هيياجر ،
ووضعهما على كتفيها ،ثم صرفها مع الصبي ،فهامت على وجهها في برية بئر سبع .وعنييدما فييرغ الميياء ميين
القربة ،طرحت الصبي تحت إحدى الشجار ،ومضت وجلست قبالته ،على ُبعد مائة مييتر ) ،تييبريرهم :حييتى
ل تشهد ميوت الصيبي ( ،ورفعيت صيوتها وبكيت ) .ناداهيا ملك اليرب قيائل ( " :قيومي واحمليي الصيبي ،
وتشّبثي به لّني سأجعله أّمة عظيمة " ،ثييم فتحييت عينيهييا ،فأبصييرت بئر ميياء ،فييذهبت وملت القربيية وسييقت
الصبي .وكان ال مع الصبي فكُبر ،وسكن في صحراء فاران ،وبرع في رمي القوس ،واّتخذت له ُأّمه زوجيية
من مصر " .
ي في هذا النص ُيوحي كتبة التوراة ،أن إبراهيم تخّلى عيين هيياجر وابنهييا وطردهمييا طييردا ،ويقولييون فييي بداييية
جرت فيها ،وفي نهاية النص يقولون بأنه سكن في صحراء فاران ، النص أنه سكن بئر السبع ،وأن بئر زمزم تف ّ
وهذا يعني أن التسمية العبرية القديمة لصحراء الجزيرة العربية هو صحراء فاران ،وجبال فاران هي جبال مكة
أو الجزيرة العربية ،ولذلك كان اليهود يعلمون على وجه التحديد ،أن نبيًا من نسل إسماعيل سُيبعث فييي جزيييرة
العرب ،مما دفعهم للرحيل إليها والقامة فيها .
من كتاب ) المنتظم في تاريخ الملوك والمم ( لبي الفرج " عن حسان بن ثابت ،قال :إني لغلٍم يفعة ابيين سييبع
ي بيثرب ،يصرخ ذات غداة :يا معشر يهود ،فلما قييالوا :مييا لييك ،ويلييك ! قييال :طلييع نجييم أو ثمان ،إذا يهود ٌ
أحمد الذي ولد هذه الليلة ،قال :فأدركه اليهودي ولم يؤمن به " .
من كتاب ) المنتظم ( " أخبرنا أبو الحسن بن البراء قالت آمنة … :وكان بمكة رجل من اليهود حييين ولييد ،فلمييا
أصبح قال :يا معشر قريش ،هل ولد فيكم مولود ؟ قالوا :ل نعلمه ،قال :ولد الليلة نبي العرب ،بييه شييامة بييين
منكبيه سوداء فيها شعرات ،فرجع القوم فسألوا أهليهم فقيل :ولد الليلة لعبد المطلب غلم فلقوه فأخبروه ،فنظيير
ن بكييم سييطوة ، إليه فقال :ذهبت النبوة من بني إسرائيل ،هذا الذي سّره أحبارهم ،يا معشر قريش وال ي ليسييطو ّ
يخرج نبأها من المشرق إلى المغرب " .
" إشعياء :2 :9 :الشعب السالك في الظلمة أبصيير نيورا عظيمييا ،والمقيمييون فييي أرض ظلل الميوت ،أضياء
عليهم نور عظيم … :7-6 :9لنه ُيولد لنا ولد ،وُيعطى لنا ابن يحمل الرياسة على كتفه ،وُيدعى اسمه عجيبا ،
ُمشيرا ،إلها قديرا ،أبا أبديا ،رئيس السلم ،ول تكون نهاية لنمو رياسته وللسلم ،اللَذْين يسييودان عييرش داود
ومملكته ،لُيثبتها بالحق والبّر ،من الن وإلى البد ،إن غيرة الرب ُتتم هذا " .
" إشعياء :13 :9 :إن الشعب لم يرجع تائبا إلى من عيياقبه ،ول طلييب الييرب القييدير .لييذلك سيييقطع الييرب ميين
إسرائيل ،في يوم واحد الرأس والذنب ،النخل والسل " .
ي علم اليهود من خلل النص الول :
أن نجما عظيما سيظهر عند مولد أحمد ، .1
وأن علمة النبوة ستكون على كتفه ، .2
أما اسمه العجيب في هذا الموضع فوصفته أقلم الكهنة ،بمشير وإله وأب ورئيس سلم . .3
أما رسالته فتشمل مشارق الرض ومغاربها حتى قيام الساعة ، .4
أما إضافة عرش داود ومملكته فهي من أمانيهم وأحلمهم . .5
أما النص الثاني فيؤكد انقطاع النبوة وخروجها من بني إسرائيل بمولد هذا النبي ومبعثه .6
" إشعياء :1 :32 :ها إن ملكا يملك بالبّر ) محمد ( ،ورؤساء يحكمون بالعدل ) الخلفاء ( ] :2 ،ويكون إنسان [
) أي ليييس إلهييا كمييا صيّوره النييص السييابق ( كملذ ميين الريييح ،وكملجييأ ميين العاصييفة ،أو كجييداول مييياه فييي
صحراء ،أو كظل صخرة عظيمة في أرض جدباء :3 ،عندئذ تنفتح عيون النيياظرين وتصييغي آذان السييامعين ،
لمّيون ( ، … .حتى تنسكب علينييا روح ميين :4فتفهم وتعلم العقول المتهّورة ،وتنطق بطلقة اللسنة الثقيلة ) ا ُ
السييماء ،فتتحيّول البرييية ) الصييحراء ( إلييى مييرج خصيييب ،وُيحسييب المييرج غابيية ،عنييدئذ يسييكن العييدل فييي
الصحراء ،وٌيقيم البّر في المرج الخصيب ،فيكون ثمر البّر سلما ،وفعل البّر سكينة وطمأنينة إلى البد " .
132
صفة المصطفى عليه الصلة والسلم :
" إشعياء :1 :42 :هو ذا عبدي الذي أعضده ،مختاري الذي ابتهجت به نفسي ،وضعت روحي عليه ليسييوس
المم بالعدل :2 ،ل يصيح ول يصرخ ،ول يرفيع صييوته فييي الطرييق :3 ،ل يكسير قصييبة مرضوضية ) أي
ُيقيمها ( ،ول يطفئ فتيلة ] خامدة [ ) أي ُيشعلها ( ،إنما بأمانة ُيجري عدل ) ،أي أنه ل يسيء إلى الناس ،بييل
سخ العدل فييي الرض ،وتنتظيير الجييزائر شييريعته :6 ،أنييا ل ول ُتثّبط له هّمة ،حتى ير ُّيحسن إليهم ( 4 ،ل يك ّ
الرب قد دعوتك بالّبر ،أمسكت بيدك وحييافظت عليييك ،وجعلتييك عهييدا للشييعب ونييورا للمييم :7 ،لتفتييح عييون
العمي ،وتطلق سراح المأسييورين فييي السييجن ،وتحيّرر الجالسييين فييي ظلميية الحبييس :9 ،هييا النبيّوات السييالفة
ئ بها قبل أن تحدث " … ، ن عنها ،وُأنب ُتتحقق ،وأخرى جديدة ُأعل ُ
وقارن كل ما تقّدم مع ما قاله وهب بن منبه أحد ُمسلمي اليهود ،حيث أجمل كل هذه النبوءات في هذا النييص ميين
كتاب ) المنتظم ( لبي الفرج " قال وهب بن منبه :أوحى ال تعالى إلى إشعياء ،إني ُمبعث نبيييا أمّيييا ،أفتييح بييه
آذانا صما ،وقلوبا غلفا ،وأعينا عميا ،مولده بمكة ومهاجره طيبة ) المدينيية المنيورة ( ،وملكيه بالشييام ،عبييدي
المتوكل المرفوع الحبيب المجيب ،ل يجزي بالسيئة السيئة ،ولكن يعفو ويصفح ،ويغفر بالمؤمنين ،وليس بفييظ
ول غليظ ،ول صخاب في السواق ،ول متزّين بييالفحش ول قيّوال ُ ،أسيّدده لكييل جميييل ،وأهييب لييه كييل خلييق
كريم ،وأجعل السكينة لباسه ،والييبّر شييعاره ،والتقييوى والحكميية مقييولته ،والصييدق والوفيياء طييبيعته ،والعفييو
والمغفرة والمعروف خلقه ،والعدل والحق شريعته ،والهدى إمامه ،والسلم ملته ،وأحمد اسمه ،أهدي به بعد
الضللة … ،به بعد الجهالة ،وُأكثر به بعيد القلية ،وأغنييي بييه بعيد العيلية ،وأجمييع بيه بعييد الفرقيية بيين قلييوب
مختلفة ،وأهواء متشتتة ،وأمم متفرقة ،أجعل أمته خير أمة أخرجت للناس ،تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر
،توحيدا لي ،وإيمانا بي ،وإخلصا لي ،وتصديقا لما جاء به رسلي ،وهم دعاة الشمس ) النور ( ،طوبى لتلك
القلوب " .
133
وة أحمد عليه الصلة والسلم حسدا وبغيا :
اليهود ينكرون نب ّ
من كتاب ) المنتظم ( لبي الفرج " عن ابن عباس قال :كانت يهود قريظة والنضير وفدك وخيبر ،يجدون صفة
النبي قبيل أن ُيبعث ،وأن دار مهاجره المدينة ،فلما ُولد رسول ال ،قالت أحبييار اليهييود ولييد أحمييد الليليية ،هييذا
الكوكب طلع ،فلما تنّبأ ،قالوا تنبأ أحمد ،قد طلع الكييوكب ،كييانوا يعرفييون ذلييك وُيقيّرون بييه ،ومييا منعهييم ميين
اّتباعه إل الحسد والبغي " .
كان هذا عرضا لبعض من نبوءات التوراة التي تحّققت في الماضي ،وعرضا لكيفية فهمهم لشاراتها ورموزهييا
وتفسيرهم لها .وفيمييا يلييي سيينبدأ بعييرض أغلييب نبييوءاتهم المسييتقبلية ،والتفسيييرات المعاصييرة لهييا مين الييرواد
الغربيون من اليهود والنصارى ،مع التعقيب عليها أحيانا .
ي بكلمته ،فخاطبتكم بها ،ولكنكم لم تسمعوا ، ب يوحي إل ّ " ارميا :3 :25 :على مدى ثلث وعشرين سنة ،والر ّ
طرِقه الش يّريرة ،وممارسيياته الثيميية ، … :5وقد قالوا لكم ) النبياء ( :توبوا الن ليرجع كل واحد منكم ،عن ُ
ى :7 ،غير أنكم لم تسمعوا لييي ،بييل أثرتييم غيظييي … :6ول تضلوا وراء آلهة أخرى … عندئذ ل ُأنزل بكم أذ ً
بما جنته أيديكم ،فاستجلبتم على أنفسكم الشّر :8 ،لذلك يقول الرب القدير :لنكييم عصيييتم كلمييي :9 ،فهييا أنييا
ُأجّند جميع قبائل الشمال ،بقيادة نبوخذ نصر عبدي ،وآتي بهييا إلييى هييذه الرض ،فيجتاحونهييا ويهلكييون جميييع
سّكانها ،مع سائر المم المحيطة بهييا ،وأجعلهييم مثييار دهشيية وصييفير ،وخييرائب أبدييية :10 ،وُأبيييد ميين بينهييم
أهازيج الفرح والطرب … ،وضجيج الرحى ونور السييراج :11 ،فتصييبح هييذه الرض بأسييرها قفييرا خرابييا ،
وُتستعبد هذه المم لملك بابل ،طوال سبعين سنة :12 ،وفي ختام السبعين سنة ُأعاقب ملك بابل وأّمته ،وأرض
ي ،يقول الرب :13 ،وُأنّفذ فييي تلييك الرض ،كييل القضيياء الييذي الكلدانيين على إثمهم ،وُأحولها إلى خراب أبد ّ
ن أممييا كييثيرة وملوكييال ما دّون في هذا الكتاب ،وتنبأ به إرميييا علييى جميييع المييم :14 ،إذ أ ّ
نطقت به عليها ،ك ّ
عظماء يستعبدونهم أيضا ،وهكذا ُأجازيهم بمقتضى أفعالهم ،وما جنته أيديهم من أعمال أثيمة " .
ي نص النبوءة في هذه الفقرة ،بالمقارنة مع نص النبوءة الصلي في سفر التثنية ،هييو محييض افييتراء وتزوييير ،
فالكاتب في الواقع يسرد تاريخا لحداث بعد وقوعها ،يحّدد فيه أسماء وأمكنة وأزمنيية ،مييع أنييه يحكيهييا بصيييغة
المستقبل ،وفي النهاية يسكب بعضا من حقده الدفين على بابل وأهلها ،فاضحا الثيير النفسييي الييذي كييان يعييتريه
ن هذا النص ُأعيدت كتابته بالضافات من قبل مؤلفي التوراة بعد السييبي البييابلي ،فمثل عند كتابتها ،وهذا يؤكد أ ّ
سفر إشعياء يقول بأن الطائر الجارح سيأتي من المشرق ،وسفر إرمياء يقول أن نبوخذ نصر يأتي من الشييمال ،
وفي الحقيقة ربما يكون كل المرين بناًء على نصوص التوراة صحيح ،ليكون خروج نبوخذ نصر من الشرق )
بابل ( ،وغزوه لمملكتهم من الشمال ) حماة ( ،أما جهة المخرج في المرة الولى لم تكن معروفة إل بعييد تحقييق
البعث ،فلذلك كانت الفقرة السابقة سردا تاريخيا .
" ارميا :3 :30 :ها أيام مقبلة أرّد فيها سبي شعبي … ،وأعيدهم إلى الرض التي أعطيتها لبائهم فيرثونها ) ،
ثم يقول ( :سمعنا صراخ رعب ،عم الفزع وانقرض السلم ، … ،ما أرهب ذلييك اليييوم ،إذ ل مثيييل لييه ،هييو
زمن ضيق على ذرية يعقوب ،ولكنها ستنجو ،في ذلك اليوم ،يقول الرب القدير ُ :أحطّييم أنيييار أعنيياقهم وأقطييع
طهم ) أي أرفع قيود العبودية والذل عنهم ( فل يستعبدهم غريب فيمييا بعييد ،بييل يعبييدون الييرب إلههييم ،وداود ُرب َ
ن ويستريح ،من غييير أن ُيضييايقه أحييد ، … ،فُأبييُد ملكهم الذي ُأقيمه عليهم … ،فيرجع نسل إسرائيل ،ويطمئ ّ
جهك بينها ،أّم أنت فل ُأفنيك ُأوّدبك بالحق ،ول ُأبيّرئك تييبرئة كامليية ) ، … ،الخطيياب ميو ّ
جميع المم التي شّتت َ
لورشليم ( إن جرحك ل شفاء له ،وضربتك ل علج لها ،إذ ل يوجد من يييدافع عيين دعييواك ، … ،قييد نسيييك
س ،لن إثمييك عظييٌم ض قييا ٍ ب مبغي ٍ ك عقييا َ
ب عييدّو ،وعاقبتي ِ
محّبوك ،وأهملوك إهمال ،لني ضربتك كما ُيضر ُ
134
وخطاياك متكاثرة ، … ،لهذا أوقعتك بالمحن ،ولكن سيأتي يييوم ُيفييترس فيييه جميييع ُمفترسيييك ،ويييذهب جميييع
مضايقيك إلى السبي ،ويصبح ناهبيك منهوبين ،لني أرّد لك عافيتك وُأبرئ جراحك " .
ي هذه الفقرة تتحدث عن المرة الثانية وعقابهم الثاني ،وهذا النص منقول كامل مع حذف بعض العبييارات الييزائدة
كعبارة يقول الرب أو ما شابه ،فانظر ماذا أضافوا إليها ،لقد أضاعوا الحقيقة وظلموا أجيالهم القادميية ميين حيييث
ل يعلمون ،فكذبوا الكذبة وصّدقها أبنائهم ،وأصبحت من صميم معتقداتهم ،فالمعاصرين من اليهود والنصييارى
يتعاملون مع كل نصوص التوراة بغثها وسمينها ،على أنها من عند ال ،وأن ل مجال لتكذيبها .وما ُأضيف إلى
هذه النبوءة المستقبلية ،كما يعتبرونها هيم هيو كييل مييا تحتيه خييط .وأخطير مييا فييي هيذه الضيافة هيو تفسيييرهم
المعاصر لها .
" حزقيال :5 :5 :هذه هي أورشليم التي أقمتها في وسط الشعوب … ،فخالفت أحكامي بأشّر مما خالفتها المييم
… لذلك من حيث أنكم تمّردتم أكثر من المم المحيطة بكم ، … ،ها أنا أنقلب عليك يا أورشليم ،وأجري عليييك
قضاء على مشهد من المم ،فأصنع بك ما لم أصنعه من قبل ،وما لم أصنع مثله من بعد ،عقابا لك علييى جميييع
سّكانك يموتون بالوبأ والجوع فيأرجاسك ، … ،فأنا أيضا أستأصل ،ول تترأف عليك عيني ول أعفو … ُثلث ُ
ن ُيقتل حولك بالسيف ،وُثلث أخير ُأشّتته بين المم ،وأتعقبه بسيف مسلول ،وهكذا ُأنّفييس عيين
وسطك ،وُثلث ثا ٍ
غضبي ،ويخمد سخطي ،إذ أكون قد انتقمت … وأجعلك خرابا وعارا بين المم … أنا الرب قد قضيت " .
ي هذا النص يؤكد مقتل ثلثي اليهود ،وشتات ثلث سيكون عرضة للقتل والتنكيل والضطهاد .
" حزقيال :3 :6 :ها أنا أجلب عليكم سيفا وأهدم مرتفعاتكم ،فتصبح مذابحكم أطلل ، … ،وأطرح قتلكم أمام
أصنامكم ،وُألقي جثث أبناء إسرائيل أمام أوثانهم ،وأذري عظامهم حول مذابحكم ،وحيثما ُتقيمون تتحول ُمدنكم
إلييى أطلل … ،يمييوت البعيييد بالوبييأ ،والقريييب يصييرعه السيييف ،والبيياقي منهييم والُمحاصيير تقضييي عليهييم
المجاعة ، … ،وأمّد يدي عليهم في جميع مواطن إقامتهم " .
ي هنا يؤكد نزول العقاب بهم على اختلف أمكنة إقامتهم ،ويؤكد بأن مدنهم التي يتواجدون فيها ستصبح خرابا .
" حزقيال :15 :7 :السيف ُمسّلط من الخييارج ،والوبييأ والجييوع ميين الييداخل … أمييا النيياجون منهييم ،فيلييوذون
ل الركييب مائعيية كالمييياه ،
بالجبال كحمام الودية ،يبكي كل واحد منهم على إثمه ،جميع اليدي مسترخية ،وك ي ّ
يتلفعييون بالمسييوح ) الملبييس الخشيينة ( ،ويغشيياهم الرعييب ،ويكسييو العييار وجييوههم جميعييا ،ويطغييى القيَرع
ضتهم في الشوارع ،ويضييحي ذهبهيم نجاسيية ،وتعجييز فضييتهم وذهبهييم ) الصلع ( على رؤوسهم .ويطرحون ف ّ
عن إنقاذهم في يوم غضب الرب " .
135
الوعد بالعودة إلى فلسطين من الشتات :
ي بكلمتيه ،قيائل :ييا ابين آدم ،قيل لخوتيك وأقربيائك وسيائر شيعب " حزقييال 14 :11 :ثيم أوحيى اليرب إلي ّ
إسرائيل ،في الشتات معك ،الذين قال لهم سكان أورشليم :ابتعدوا عن الرب ،لنا قد وهبت هذه الرض ميراثييا
.ولكن إن كنت ،قد فّرقتهم بين المم ،وشّتتهم بين البلد ،فإني أكون لهم َمقِدسييا صييغيرا ،فييي الراضييي الييتي
تبّددوا فيها .لذلك قل لهم :سأجمعكم من بين الشعوب ،وأحشدكم من الراضي التي شّتتكم فيهييا ،وأهبكييم أرض
إسرائيل .وعندما ُيقبلون إليها ينتزعون منها جميع أوثانها الممقوتة ورجاساتها ) أي الحسييان والصييلح بييترك
أوثانهم وأرجاسهم ،ولكنهم عملوا ويعملون على انتزاع الفلسطينيين وهدم أوثانهم المقدسة ( ،أعطيهم جميعا قلبا
واحدا ،وأجعل في دواخلهم روحا جديدا ،وأنزع قلب الحجر من لحمهم ،وأستبدله بقلب من لحييم ،لكييي يسييلكوا
في فرائضي ،ويطيعوا أحكامي ويعملوا بها ،ويكونون لي شعبا وأنييا أكييون لهييم إلهييا .يقيول السيّيد الييرب :أّمييا
طُرقهم على رؤوسهم ) فإن أحسنوا فلهييا الذين ضّلت قلوبهم وراء أوثانهم ورجاساتهم ،فإني أجعلهم يلَقْون عقاب ُ
وإن أساءوا فعليها ( " .
الحث على الحسان والتوبلة والرجللوع إللى الللله ،لنهللا السلبيل الوحيللد
للنجاة :
ن طريق الرب غير عادلة ،أطرقييي " حزقيال :32-29 :18 :يقول السيد الرب :ومع ذلك يقول بيت إسرائيل إ ّ
جة ؟! لذلك ُأدينكم يا شعب إسرائيل ،كييل واحييد بُمقتضييى غير عادلة يا بيت إسرائيل ؟! أليست طرقكم هي المعو ّ
طُرقه .يقول السيد الرب :توبوا وارجعوا عن ذنوبكم كّلها ،فل يكون لكم الثم معثرة هلك .اطرحوا عنكم كييل ُ
ذنوبكم ،واحصلوا لنفسكم على قلب جديد وروح جديدة ،فلماذا تموتون يا شييعب إسييرائيل ؟! إذ ل ُأس يّر بمييوت
أحد ،فتوبوا واحيوا " .
ي يؤكد النص على فسادهم على الدوام ،وأنهم ل يعترفون بذلك ،بل يّدعون بأن الرب غييير عييادل بعقييابهم علييى
ضهم النص على التوبة والعودة ،وُيحّذرهم من الهلك إن لم يفعلوا .
فسادهم ،كما ويح ّ
" حزقيال :16-6 :21 :يقول السيد الرب :أّما أنت يا ابن آدم ،فتنّهد بقلب ُمنكسر وحزن ومرارة ،فإن سألوك
على ماذا تتنّهد ؟ تجيبهم :على الخبيار اليواردة اليتي ُتيذيب كيل قليب ،فتسيترخي الييدي ويعيتري القنيوط كيل
ي بكلمته قائل :يييا ابيين آدم ،تنّبييأ
روح ،وتصبح الركب كالماء ،ها هي الخبار واردة ول بد أن تتم .وأوحى إل ّ
ن للذبح الُمبرم ،وصقل ليومض بالبريق ،فهل سّ
ف قد تم سّنه وصقله ،قد ٌ
ف ،سي ٌ
وقل :هذا ما ُيعلنه الرب :سي ٌ
نبتهج قائلين :عصا ابني ) البن إسرائيل الدولة ،والعصا كناية عن القوة ( تحتقر كييل قضيييب ؟! ) بمعنييى فهييل
نسخر من هذا السيف ونستهزئ بجبروته مغتّرين بقوتنا ( ،وقد ُأعطي السيف ليصقل ويجيّرد بييالكف ،وهييا هييو
بعد سّنه وصيقله ُيسيّلم لييد القاتيل ،اصيرخ واعيول ييا ابين آدم ،لنيه يتسيّلط عليى شيعبي ،وعليى كيل رؤسياء
إسرائيل ،يتعّرض شعبي لهوال من جراء هذا السيف ،لذلك اضرب على صدرك فزعا ) نييدبا ( .يقييول السيييد
الرب :لنه امتحان ) وجود إسرائيل في فلسطين ( ،وماذا يحدث إن لم ُتقبل العصا الُمحتقِرة ) اُلمزدِرييية ،غييير
البهة بالعقاب ( ؟! ) بمعنى ماذا ستكون عاقبتها ،إذا رسبت بالمتحان اللهي ( .أنا الرب قد تكّلمت ) قضيت (
:فتنبأ يا ابن آدم ،واصفق كفا على كف ،وليضرب السيف مرتّين ،بل ثلث مّرات ،إنييه سيييف القتلييى ،سيييف
المجزرة العظيمة الُمحّدقة بهم ،لكي تذوب القلوب ،ليتهاوى كثيرون عند كل بواباتهم ،لهذا جّردت سيييفا متقلبييا
جه حّدك ،وأنا أيضييا ُأص يّفق بكفييي ، بّراقا مصقول للذبح .فيا سيف اجرح يمينا ،اجرح شمال ،اجرح حيثما تو ّ
وُأسكن غضبي " .
ي هذا النص يصف الجبن اليهودي وحالة الرعب التي ستصيبهم ،عندما يدخل عليهم هييذا السيييف الييذي يعرفييونه
جيدا ،والذي مّزق أجسادهم شّر ُممزق ذات مّرة .ويحّذر النص من الستهزاء بهذا السيف ،والغترار بييالقوة ،
136
لنه سيف من صنع ال ،وسيسّلم ليد القاتل في الموعد الُمحّدد ،ويؤكييد أن الرسييوب فييي المتحييان أي الفسيياد ،
معناه نفاذ القضاء بوقوع المجزرة .
طط طريقين لزحف ملك بابل .من ب بكلمته قائل :أّما أنت يا ابن آدم ،فخ ّ ي الر ّ" حزقيال :19 :21 :وأوحى إل ّ
أرض واحدة تخرج الطريقان ] وأنت يا ابن آدم ،عّييين لنفسييك طريقييين ،لمجيييء سيييف ملييك بابييل ،ميين أرض
واحدة تخرج الثنتان [ ) النص الثاني من النسخة الخييرى ( ، ... ،لنكييم ذّكرتييم بييإثمكم ،إذ انكشييف تمردكييم ،
فتجّلت خطاياكم في كييل مييا ارتكبتمييوه ميين أعمييال ،لهييذا إذ ذّكرتييم بأنفسييكم ُ ،يقبييض عليكييم باليييد ،وأنييت أّيهييا
المطعون الثيم ،ملك إسرائيل ،يا من أِزف يومه في ساعة العقاب النهييائي ،اخلييع العماميية وانييزع التياج ،فلين
يبقى الحال كسالف العهد به ،ارفع الوضيع ،وضع الرفيع ) اجعل الوضيييع عاليييا ،والعييالي وضيييعا ( ،هييا أنييا
أقلبه ،أقلبه ،أقلبه ،حتى ل يبقى منه أثر ) تاج الملك ( إلى أن يأتي صاحب الحكم ،فأعطيه إياه ) للذي يأتي من
ربوات القدس ( " .
ي هذه النبوءة توضح لهم أن أرض الخروج الثاني هيي بابيل ،بمييا ل يييدع مجيال للشيك ،وأن البعييث عقياب لهيم
لفسادهم ،وأن ملكهم سيزول ل محالة ،وأن تاج الُملك سُيعطى لصاحبه عندما يأتي من ربييوات القييدس ،وهييي
النبوءة الرابعة والخيرة التي أخييبر عنهييا موسييى عليييه السييلم قبييل مييوته .وبمييا أنهييم ل يفقهييون ول يعلمييون ،
وعقولهم وقلوبهم كالحجارة أو أشّد قسييوة ،فهييم ل يتقّبلييون فكييرة زوال ملكهييم ،وذهيياب الملييك لغييير شييعب الي
الُمختار وأبناء ال وأحبائه ،حسب ما عّلمهم كهنتهم وأحبارهم ،لييذلك فهييم سيييعملون المسييتحيل للمحافظيية علييى
بقائهم في فلسطين ،بغض النظر عن إفسادهم فيها ،ليخرج هذا الملك التييوراتي الُمنتظيير فيهييم ،ليحكمييوا العييالم
من خلله إلى البد .
ب بكلمته قائل :وأنت يا ابين آدم ،أُتييدين المدينيية السييافكة الييدماء ؟! إذاً
ي الر ّ
" حزقيال :17-2 :22 :وأوحى إل ّ
عرّفها بكل رجاساتها ) أي بّين صفة إفسادها ( ،وقل :هذا ما ُيعلنه السيد الرب :أّيتها المدينة التي تسييفك الييدماء
جست بما عملت من أصنامك في وسطها ،لتستجلب العقاب على نفسها ، … ،قد أثمت بما سفكت من دماء ،وتن ّ
ت منتهى أيامك ،لذلك جعلتك عييارا عنييد المييم ،ومثييار سييخرية لجميييع البلييدان ، .قد قّربت يوم دينونتك ،وبلغ ِ
… ،أنت يا نجسة ،يا كثيرة الشغب ،هو ذا كل واحد من رؤساء إسرائيل ،ممن كانوا فيييك ،انهمييك فييي سييفك
جسييت أيييامت ُمقّدسيياتي ون ّ
الدماء على قدر طاقته .فيك استخّفوا بأب وأم ،واضييطهدوا اليييتيم والرمليية ،احتقيير ِ
سييبوتي .أقييام فيييك وشيياة عمليوا علييى سييفك الييدم ،وأكلييوا أمييام الصيينام علييى الجبييال ،وارتكبييوا فييي وسييطك
ظلما ونسيتني " . الموبقات ، … ،أخذت الربا ومال الحرام ،وسلبت أقربائك ُ
سيفك مين دم " حزقيال :16-13 :22 :ها أنا قد صّفقت بكفي من جّراء ،ما حصلت عليه من ربح حيرام ،وميا ُ
في وسطك .فهل يصمد قلبك أو تحتفظ يداك بقوتهما ،في اليام التي أتعامل معك فيها ؟! أنييا الييرب قييد تكّلمييت ،
وُأتمم ما أنطق به .سُأشتتك بين المم وُأبعثرك بين البلدان ،وأزيل نجاستك منك ،وتتدّنسين بنفسييك عليى ميرأى
من المم ،وتدركين أّني أنا الرب " .
ي الرب بكلمته قائل :يا ابن آدم ،تنبأ وقل لها أنت أرض ،لم تتطّهري ولييم " حزقيال :31-23 :22 :وأوحى إل ّ
جسوا مقادسي ،لم ُيمّيزوا بين الُمقّدس والرجس ، ُيمطر عليها في يوم الغضب ، ... ،خالف كهنتها شريعتي ،ون ّ
ولم يعلموا الفرق بين الطاهر والّنجس ،رؤساؤها فيها كذئاب خاطفة ُ ،تمّزق فرائسها ،إذ يسفكون دماء النيياس ،
في سبيل الربح الحرام ،وأنبياؤها ) أي المتنبئون الجدد كعوفاديا يوسف ( يَرْون لها رؤى باطلة ، … ،قييائلين :
هييذا مييا يعلنييه الييرب -مييع أن الييرب لييم يعليين شيييئا َ : -أِفرطييوا فييي ظلييم شييعب الرض ،فاغتصييبوا سييالبين ،
واضطهدوا الفقير والمسكين ،وظلموا الغريييب جييورا .فالتمسييت ميين بينهييم رجل واحييدا ،يبنييي جييدارا ) رجل
ُمصلحًا ( ،ويقف في الثغرة أمامي ،حتى ل ُأخربها فلم أجد .فصببت سخطي عليهم ،والتهمتهم بنييار غضييبي ،
جازيتهم بحسب طرقهم ،يقول السيد الرب " .
137
جل وقييائع عاينهييا الييراوي ،وتؤكييد أن
ي هذه النصوص تصف إفساد دولة اليهود الحالية بدقة متناهية ،وكأنها ُتس ّ
الهلك والخراب واقع بهم ل محالة ،عندما تبلغ هذه الدولة منتهى أيامها .
في الصحاحات ) ، 26ي ، 27ي ، ( 28تجد وصفا تفصيليا لمدينة سّماها كتبة التوراة ) صييور :مدينيية سيياحلية
خص صفات هذه المدينة ومميزاتها بما يلي :
لبنانية ( نل ّ
سّكانها على البحر .
ُمسيطرة هي و ُ .1
ُترعب جميع جيرانها . .2
تاجرة الشعوب وكاملة الجمال . .3
تقبع في قلب البحار . .4
تأتيها السفن التجارية من كل مكان . .5
شعبها وجيشها خليط من أمم أخرى . .6
تتمتع بكونها مركز للتجارة العالمية . .7
ي وهذه الوصاف ل تنطبق إل على أمريكا كدولة أو على ) نيويورك ( كمدينة ،وأما صفة عقابها فهي كما يلي :
دمارها سيتحصل بريح شرقية ) أي من الشرق ( . .1
اندلع النيران في وسطها . .2
تحّولها إلى رماد . .3
مصيرها الغرق ولن يبقى منها أثر . .4
القائمون على خرابها غرباء من أعتى المم . .5
ي وأما أسباب الغضب اللهي عليها وعلى ملكها فهي :
تنصيب ملكها لنفسه كإله للبشر . .1
تربعه في مجلس اللهة في قلب البحار . .2
الدعاء بامتلكه حكمة اللهة . .3
الستحواذ على الذهب والفضة واّدخارها . .4
مضاعفة الثروة بمهارتها في التجارة . .5
التجارة الظالمة . .6
البهاء والجلل والتكبر والستعلء لفرط الغنى . .7
ي وفي النص التالي تسمية أخرى لها هي مصر :
" حزقيال :16-3 :29 :ها أن أنقلب عليك يا فرعون ملك مصر ،أيها التمسياح الكيامن فييي وسيط أنهيياره … ،
وُأخرجك قسرا من أنهارك ،وأسماكها ما برحت عالقة بحراشفك ،وأهجرك في البرية ،مع جميع سمك أنهييارك
،فتتهاوى على سطح أرض الصحراء ،فل ُتجمع ول ُتلّم ،بل تكون قوتا لوحوش البّر وطيييور السييماء .فُيييدرك
ب هشًة لبني إسرائيل ،ما أن اعتمييدوا عليييك بييأكفهم ،حييتىعّكاز قص ٍكل أهل مصر أني أنا الرب ،لّنهم كانوا ُ
ل متيونهم .ليذلك هيا أنيا أجليب سييفا ،طميت وقصيفت كي ّ انكسرت ومّزقت أكتافهم ،وعنيدما توّكيأوا علييك ،تح ّ
ل مييدنها
وأستأصل منك النسان والحيوان ،وأجعل ديييار مصيير ،الكييثر وحشيية بييين الراضييي المقفييرة ،وتظي ّ
138
الكثر خرابا بين المدن الخربة … وأجعلهم أقلية لئل يتسلطوا علييى الشييعوب ،فل تكييون بعييد ،موضييع اعتميياد
لبني إسرائيل ،بل ُتذّكرهم بإثمهم حين ضّلوا وراءهم … "
ي قد يظن القارئ للوهلة الولى أن هذا النص يتنبأ بخراب مصر ،ولكن بعد إمعان النظر في العلقة مييا بييين هييذا
ضحة بما تحته خط ،ستجد أن المقصود بهذا النص هم فراعنيية هييذا العصيير أمريكييا الفرعون وبين اليهود ،المو ّ
ومن شايعها ،وعلى ما يبدو أن المقصود بالتمساح هييو السييطول ،والمقصييود بالسييماك هييو السييفن الحربييية ،
والمقصييود بالنهييار هييي البحييار الييتي تنشيير فيهييا القييوات البحرييية المريكييية ،وعلييى مييا يبييدو أن السيياطيل
المريكية ،ستخرج وتجتمع في مكان ما ) ربما البحر المتوسييط ( ،بعييد إنهيياء الوجييود اليهييودي فييي فلسييطين ،
لتلقي مصيرها المحتوم الذي ُيخبر عنه هذا النص .
ي وفي نصوص أخرى ربما نوردها لحقا ،ستجد أن هناك تسييميات أخييرى ،اسييتخدمها كتبيية التييوراة والنجيييل
لنفس المدينة ،كبابل الجديدة وبابل الُعظمى كناية عن دولة عظمى ،سيتزامن وجودها مع ظهور الدولة اليهودييية
في فلسطين .
خر جيشا أشّد تسخير ،ضّد صور فأصبحت صر ملك بابل ،قد س ّن نبوخذ ن ّ
" حزقيال : -18 :29 :يا ابن آدم :إ ّ
كل رأس من رؤوس جنوده صلعاء ،وكل كتف ُمجّردة من الثياب ،ولكن لم يغنم هو ول جيشه شيئا من صور ،
رغم ما كابده من جهد للستيلء عليها .لذلك … ،ها أنا أبذل ديار مصر لنبوخذ نصر ملك بابل ،فيستولي على
ثروتها ،ويسلبها غنائمها وينهبها ،فتكون هذه ُأجرًة لجيشه " .
ب بات وشيييكا ، ن يوم الر ّي الرب بكلمته قائل :يا ابن آدم تنّبأ ،وقل ، … :إ ّ
" حزقيال :13-1 :30 :وأوحى إل ّ
… ،إّنه يوم ُمكفهّر بالغيوم ،ساعة دينونة ) نهاية ( للميم ،إذ ُيجيّرد سييف عليى مصير ،فيُعيّم اليذعر الشيديد
إثيوبيا ،عندما يتهاوى قتلى مصر ،ويستولي على ثروتها ،وُتنقض ُأسسييها .ثييم تسييقط معهييم بالسيييف ،إثيوبيييا
سّكانها من مجييدل إلييى وفوط ولود ،وشبه الجزيرة العربية وليبيا ،وشعوب الرض الُمتحالفة معهم … فيتهاوى ُ
أسوان ...فُتصبح أكثر الراضي الُمقفرة وحشة ،وُتضحي ُمدنها أكثر الُمدن خرابا … في يوم هلك مصر الذي
ل بد أن يتحّقق .
صر ملك بابل ،إذ ُيقبل بجيشه ،أعتى جيوش المم لخراب ديييار مصيير ، لني سأفني جماهير مصر بيد نبوخذ ن ّ
فُيجّردون عليها سيوفهم ،ويملئون أرضها بالقتلى ،وُأجّفييف مجيياري نهيير النيييل ،وأبيييع الرض لقيوم أشييرار ،
طم الصنام ،وُأزيل الوثان ميين ممفيييس ،ول يبقييى ب قد قضيت .ثّم ُأح ّ وُأخّرب البلد فيها بيد الغرباء ،أنا الر ّ
بعد ،رئيس في ديار مصر ،وُألقي فيها الرعب " .
ي الرب بكلمته قائل :يا ابن آدم ،ولول علييى جنييد مصيير ، … ،يسييقطون صييرعى " :18-30 :32وأوحى إل ّ
وسط قتلى السيف .قد أسلمت مصر للسيف ،وأسروها مع كل حلفائهيا ،وهنياك أشيور ) سيوريا ( وقيومه … ،
وحلفاؤه .… ،وهناك أيضا عيلم ) أفغانستان ( وحلفاؤهييا … وهنيياك أيضييا ماشييك وتوبييال ) مييدن روسييية ( ،
ل حلفائهمييا … ،وهنيياك أيضييا أدوم ) الردن ( وملوكهييا ورؤسييائها … ،وهنيياك ُأمييراء الشييمال ،وكييل
وك ي ّ
الصيدونيين ) اللبنانيين ( … ،أولئك الييذين أشيياعوا الرعييب فييي أرض الحييياء ، … ،كلهييم قتلييى ،وصييرعى
السيف " .
ي هذه الفقرات الثلثة ،مقتطعة من الصحاحات ) ( 32 ، 31 ، 30التي كّررت بإسهاب ما جاء في الصحاح )
، ( 29وعلى ما يبدو أن محتوى هذه الصحاحات الثلثة ،قد تنيياولته أقلم الكتبيية بكييثير ميين التبييديل والتحييوير
والضافة ،وقد أوردنا هذه الفقرات لتعيينها بعض الشعوب والدول ،التي يعتبرها الغرب أعييداًء ل ي ،الييذي هييو
سرين الجدد للتوراة ،أن الييدول الميذكورة فييي هييذه النصيوص ، المسيح عند النصارى .ويفترض الكثير من المف ّ
ستقوم بالتحالف مستقبل ،ومن ثم ستغزو إسرائيل وتنهي وجودها ،بقيادة مصر أو العراق أو روسيييا منفييردة أو
مجتمعة ،مما يتسبب في مواجهة مصيرية كييبرى بييين الشييرق والغييرب ،يطلقييون عليهييا تسييمية ) هرمجييدون (
الحرب العالمية الثالثة ،ويجزمون بأن النصر سيكون فيها حليف أحباء ال من اليهود والنصارى ،علييى أعييداءه
من المسلمين وغيرهم ،وحتمية وقوع هذه الحرب المستقبلية ،أصييبحت فييي السيينوات الخيييرة ،حقيقيية وعقيييدة
139
راسخة لدى عامة نصارى الغرب وساسييتهم المهووسييون بييالنبوءات التوراتييية ،وهييذا ممييا سيياهم فيييه واسييتغلته
اليهود في أمريكا ،لدفع أمريكا لخوض هذه الحرب الوهمية ،التي فيها كل المصلحة ليهود الشرق والغرب ضييد
العرب والمسلمين ،من قبل أن تبدأ .
وقد تكيون هييذه النصيوص فييي الحقيقية ُ ،تخيبر عين السييتعمار الغربييي لكيل البلييدان العربيية والبلييدان الخيرى
المذكورة فيها ،أو ُتخبر عن توحيد البلدان المذكورة بالقوة ،من قبل ورثة نبوخذ نصر الجدد ،بعد قيامهم بإنهاء
الوجود اليهودي في فلسطين .
ي الرب بكلمته قائل :يا ابن آدم ،إن المقيمين في خرائب أرض إسييرائيل ، " حزقيال :29-24 :33 :فأوحى إل ّ
يقولون :إن إبراهيم كان فردا واحدا ،ومع ذلك ورث الرض ،وهكييذا نحيين كيثيرون ،وقيد ُوهبييت لنيا الرض
ميراثا .لذلك قل لهم أتأكلون اللحم بالدم ،وتتعّلق عييونكم بأصينامكم ،وتسيفكون اليّدم ،فهيل ترثيون الرض ؟!
اعتمدتم على سيوفكم ،وارتكبتم الموبقات ، … ،فهل ترثون الرض ؟! قل لهم :هذا ما ُيعلنه الييرب :إن الييذين
ُيقيمون في الخرائب ُ ،يقتليون بالسيييف .والييذين يسييكنون فييي العييراء ،أبييذلهم قوتييا للوحييوش .والمتمّنعييون فييي
سرونه على أنه السلح النووي والكيماوي ( .فأجعل الرض أطلل ُمقفرة الحصون والمغاور يموتون بالوبأ ) ُيف ّ
ل كبريائها وعّزتها … فُيدركون أّني أنا الرب ،حين أجعل الرض خربة ُمقفرة ) وهذا ما س يُتحدثه أسييلحة ،وُيذ ّ
الدمار الشامل التي يرتعبون منها لتوافقها مع ما جاءت به التوراة ( من جّراء ما ارتكبوه من رجاسات " .
ي وهذه النبوءة تؤكد زوال الدولة اليهودية بعد قيامها ،وذبح اليهود وتشريدهم وفنائهم ) بالنووي والكيميياوي كمييا
يعتقدون ( ،وبالضافة إلى ذلك تؤكد خراب الرض إجميال ؟ ولكنهيم يرفضيون هيذه النبيوءة جملية وتفصييل ،
ويصّرون على مخالفة مييا جيياء فيهييا ،ويبييذلون قصييارى جهييدهم لمنييع تحّققهييا .وليو طييالعت نصييوص التيوراة
بمجملها ،ستجد أنه بعد كل مرة ُ ،تخبر التوراة بحتمية نفاذ قضاء ) الرب ( في إسييرائيل وشييعبها عنييد الفسيياد ،
شييتتوا
ُيضيف ) كتبة التوراة ( نصوصا تفيد بأن ربهم دائما وأبدا يعود ويعفوا عنهم ،فيجمعهم مين الرض الييتي ُ
فيها ،ويعيدهم إلى أرض الميعاد التي ُوهبت لهم ،فّيفسدون فيها ،فُيعّذبون وُيشتتون ،فيجمعهم ويعيييدهم إليهييا ،
وهكذا دواليك ) … ،حسب ما يشتهيه كتبة التوراة ( ،واليهود حييتى بعييد زوال دولتهييم الحالييية ليين يسييتكينوا أو
يهدءوا ،طمعًا في تحصيل ذلك الملك البدي الذي يحلمون به ،وهو ما رسم معالمه أقلمهييم الكهنيية والحبييار ،
في النص التالي :
مِلك القدس المنتظر من نسل إسماعيل ل من نسل داود :
َ
ي الرب بكلمته قائل :يا ابن آدم ، … ،وها أنا أحشد أبناء إسرائيل من بييين " حزقيال :28-21 :37 :وأوحى إل ّ
المم ،التي تفّرقوا فيها ،وأجمعهم من كل جهة ،وُأحضرهم إلييى أرضييهم ،وأجعلهييم أميية واحييدة ، … ،تحييت
ي ميينرئاسة ملك واحد ، … ،ول ينقسييمون إلييى مملكييتين .ول يتدّنسييون بعييد بأصيينامهم ورجاسيياتهم ،ول بييأ ّ
معاصيهم ،بل ُأخّلصهم من مواطن إثمهم ،وُأطّهرهم فيكونون لي شعبا ،وأكون لهم إلهييا .وُيصييبح داود عبييدي
ملكا عليهم ، … ،فيمارسون أحكامي وُيطيعون فرائضي ويعملون بمقتضاها .وُيقيمون في الرض التي وهبتها
لعبدي يعقوب ،التي سكن فيها آباؤهم ،فيستوطنون فيها ،هم وأبناؤهم وأحفادهم إلى البد ،ويكييون عبييدي داود
رئيسا عليهم مدى الدهر .وُأبرم معهم ميثاق سلم ،فيكون معهم عهدا أبديا ، … ،فتييدرك المييم أّنييي أنييا الييرب
سرونها بإقامة الهيكل ( إلى البد " . ُمقّدس إسرائيل ،حين يكون مقِدسي قائما فيهم ) أي العبادة ل ،ولكنهم ُيف ّ
ي هذه النبوءة الُمحّرفة هي ما يسير عليه اليهود منذ أجيال وما زالوا ،حيييث أن كتبيية هييذا النييص استخلصييوا مييا
ُيوافق أهوائهم وأطماعهم ،من ُمجمل النبوءات السابقة واللحقة وصهروها فييي بوتقيية واحييدة ،وبييات ميين جيياء
بعدهم من اليهود ليحملها ويعتقد بها كحقيقة غير قابلة للنقض أو المناقشة ،فهي ُنسبت إلييى الييرب .ومييؤدى هييذه
النبوءة يقول :أنه وعند مجيئهم من الشتات ) نبوءة العلو والفساد الثاني مع استثناء العقاب ،الذي طالما تح يّدثت
عنه النصوص السابقة ( ،سيبعث ال لهم ملكا ) وجاءت شخصية هذا الملك من خلل تجميييع النبييوءات الخاصيية
جال ( ،وجعلوه من نسل داود ) َمِلَكهم الول ( ،ويكون ُملكه البييدي هييذا فييي فلسييطين برسولنا ،وعيسى ،والد ّ
140
ق والعدل ) اليهوديين طبعا ( في أرجاء المعمورة .وعلى هذا ) يأتي من ربوات القدس ( ،وفي زمانه ينتشر الح ّ
يعتقد عامة اليهود أن عودتهم الحالية هي العودة الخيرة والنهائية ،والتي ورد ذكرها في سورة السراء ،تحييت
عّدتم عدنا ( وليست المرة الثانية ،التي سيتحّقق فيها وعد الخرة ،ولكن هذا العتقاد ليس يقينيا بيل
عبارة ) وإن ُ
ك توّلد نتيجة التناقض في النصوص التوراتية ،فهم يعملون على الحتمال الول هناك نسبة من الشك ،وهذا الش ّ
مع عدم إغفالهم للحتمال الثاني .وحقيقة النص أعله ُتخبر عن ُملك المهدي في القدس ،وهو من نسل إسماعيل
عليه الصلة والسلم .
ي الرب بكلمته قائل :يا ابن آدم ،التفت بوجهك نحيو جيوج أرض ميياجوج ، " حزقيال :12-1 :38 :وأوحى إل ّ
رئيس روش ) روسيا ( ماشك ) موسكو ( وتوبال ،وتنّبأ عليه ،وقل :هذا ما ُيعلنه الس يّيد الييرب :هييا أنييا أنقلييب
عليك ،يا جوج رئيس روش وماشك وتوبال ،وأقهرك … ،وأطردك أنت وكل جيشك خيل وفرسانا ،وجميعهم
ن .ومن جملتهم ،رجال فارس ) ُمرتدون أفخر ثياب ،جمهورا غفيرا ،كلهم قابض سيف ،وحامل أتراس ومجا ّ
إيران ( ،وإثيوبيا ) السودان ( وفوط ، … ،وأيضا جييومر ) اليميين /أوروبييا الشييرقية ( وكييل جيوشييه ،وبيييت
توجرمة ) بلد القوقاز الروسية /الشيشان ( من أقاصي الشمال مع كييل جيوشييه ،جيييوش غفيييرة اجتمعييت إليييك
) أي لرئيس روش ( .إذ بعد أيام كثيرة ُتستدعى للقتال ،فتقبل في السنين الخيرة ) آخر الزمان ( ،إلييى الرض
الناجية من السيف ) فلسطين ( ،التي تم جمع أهلها من بييين شييعوب كييثيرة ،فتييأتي ُمنييدفعا كزوبعيية … ،أفكييار
سييوء تييراودك ، … ،للسييتيلء علييى السييلب ،ونهييب الغنييائم ،ومهاجميية الخييرائب الييتي أصييبحت آهليية ،
ولمحاربة الشعب المجتمع من بين المم ، … ،الُمستوطن في مركز الرض " .
ي هذا النص النبوي وقع فيه خلط كبير بين نبوءتين ،وحقيقة هذا النص تحكي وقائع الملحمة الكبرى ،التي سييتقع
مستقبل بين الروس والعرب ،والتي سنتطرق لذكرها لحقا ،ولنكمل النص …
خروج يأجوج ومأجوج ونهايتهم عند وصولهم لمشارف مدينة القدس :
"حزقيال :23-14 :38 :لذلك تنّبأ يا ابن آدم وقل لجوج ،هذا ما ُيعلنه الرب :في ذلك اليوم عندما يسكن شعبي
إسرائيل آمنا … وُتقبل أنت من مقّرك في أقاصي الشمال ،مع جيوش غفيرة ،تغشى الرض ،كّلهم راكبو خيييل
… ،وتزحف على شعبي إسرائيل ،كسحابة تغطي الرض ،في اليام الخيرة ،أني آتي بك إلى أرضي ،لكي
تعرفني الشعوب ،عندما تتجّلى قداستي ،حين ُأدّمرك يا جوج أمام عيونهم .هذا مييا يقييوله السيييد الييرب :ألسييت
أنت الذي ،تحّدثت عنه في اليام الغابرة ،على ألسنة عبيدي أنبياء إسرائيل ،الذين تنّبأوا فييي تلييك اليييام لسيينين
ل رجييل ضيّد أخيييه .وُأدينييه بالوبيياء وبالييدم ،
كثيرة ؟! … ،وُأسّلط عليه السيف في كل جبالي ،فيكون سيييف كي ّ
وُأمطير علييه وجيوشييه ،وعلييى جمييوع حلفيائه الغفييرة ،مطييرا جارفيا ،وبيردا عظيمييا ،ونييارا وكبريتييا … ،
فيدركون أني أنا الرب … فيخرج سكان ُمدن إسرائيل ) بعد أن يكونوا قيد اعتصيموا منهيم فيي جبيال القيدس ( ،
ي والسهام ،والحراب والرماح ،ويوقدون بهييا النييار سييبع سيينين ، ن ،والترسة والقس ّ ويحرقون السلحة والمجا ّ
وينهبون ناهبيهم ،ويسلبون سالبيهم " .
سره وُيأوّله الباحثون الجدد حديثا ميين اليهييود والنصييارى ،أن روسيييا ي مفاد هذه النبوءة والنبوءة السابقة ،كما ُيف ّ
) جوج وماجوج ( وحلفائها ،ستقوم بغزو أرض إسرائيل ،عندئٍذ سيقف الرب بجانب إسييرائيل وحلفائهييا فيكييون
النصر حليفهم .والخلط الذي أوجده مؤلفيو التييوارة ،بتكييرار ذكيير يييأجوج ومييأجوج فيي نصيين مختلفيين ،دفيع
سري التوراة في الغرب للعتقاد بأن الروس هم يأجوج ومييأجوج ،والحقيقيية الييتي نعلمهييا نحيين كمسييلمون أن مف ّ
خروج يأجوج ومأجوج ،سيقع بعد زوال دولة إسرائيل ،بييل بعييد ذبييح اليهييود النهييائي ،وبعييد خييروج الييدجال ،
ونزول عيسى عليه السلم ،وأما غيزو اليروس لبلد الشيام ،فسييكون لقتيال المسيلمين فيي زمين المهيدي وقبيل
خروج الدجال .
141
الطار العام للحداث المستقبلية حسب الترتيب الزمني لحزقيال :
غزو الجيش العراقي لسرائيل وإنهاء وجود اليهود فيها . .1
توحيد البلدان العربية تحت لواء واحد . .2
خراب الرض في حرب عالمية نووية ُمدّمرة بين معسكرين شرقي وغربي . .3
نزول الخلفة السلمية في القدس . .4
روسيا وحلفاؤها من نصارى الشرق يغزون دولة السلم في زمن المهدي . .5
خروج يأجوج ومأجوج ونهايتهم عند وصولهم لمشارف مدينة القدس . .6
ي هذه هي قراءتنا لنبوءات حزقيال ،من خلل معرفتنا بأحداث آخر الزمان مما ورد في القرآن والسنة ،أمييا فهييم
النصارى الجدد لهذه النبوءات فهو فهييم مرتبيك ومضيطرب ،إذ أنهييم عنييد تفسييرها ل ُيعييرون انتباهييا لترتيبهيا
الزمني كما جاءت في سفر حزقيال ،فمعظم تفسيراتهم على اختلفها تذهب إلى أن كل هييذه الحييداث ،سييتتحقق
في زمن واحد متمثلة في حرب عالمية ثالثة .
تفسير جبريل لحدى رؤى النبي دانيال " :دانيال :19 :8 :وقال :هيا أن ُأطلعيك عليى ميا سييحدث ،فيي آخير
ن الرؤيا ترتبط بميعاد النتهاء ] وقت الُمنتهى [ ،أن الكبش ذو القرنين الذي رأيتييه هييو ملييوك حقبة الغضب ،ل ّ
مادي وفارس ) إيران والعراق ( ،والييتيس الشييعر هييو ملييك اليونييان ) الغييرب ( ،والقييرن العظيييم النييابت بييين
عينيه ،هو الملك الول وما أن انكسر ،حتى خلفه أربعة عوضا عنيه ،تقاسيموا مملكتييه ،ولكين لييم ُيميياثلوه فييي
قوته .وفي أواخر ملكهم ،عندما تبلغ المعاصي أقصى مداها ) عند اكتمال الظلم ( ،يقوم ملك فظ حيياذق وداهييية
سرون يرون بأنه الرئيس العراقي ( ،فُيعظييم شييأنه ،إنمييا ليييس بفضييل ] جافي الوجه وفاهم الحيل [ ) بعض المف ّ
قّوته ) أي بقدرة ال ( .وُيسّبب دمارا رهيبا ) نتيجة استخدام أسلحة الييدمار الشييامل ( ،ويفلييح فييي القضيياء علييى
القوياء ) أمريكا والغرب ( ،ويقهر شعب ال ) اليهود ( .وبدهائه ومكره ُيحّقق مآربه ،ويتكّبر في قلبه ،وُيهلك
طم بغير يد النسان ) أي يموت موتا طبيعيا ( الكثيرين وهم في طمأنينة ،ويتمّرد على رئيس الرؤساء ،لكنه يتح ّ
".
ي يرى نوستراداموس ) المتنبئ الشهير ( قديما من خلل هذا النص ،أن نقطة البداية ) الشرارة ( للحرب العالمية
النهائية المدّمرة ،ستكون محصورة في ثلثة بلدان هي ) إيران والعراق وفلسطين ( أما أتباعه الجييدد فيييرون أن
هذه النبوءة تتحدث عن صدام حسين ،وغزوه لسرائيل وتدميرها وإشعاله لنييار الحييرب العالمييية الثالثيية ،فتييارة
يصفونه بنبوخذ نصر جديد ،وتارة يصفونه بصلح الدين الجديد ،وتييارة بييدجال آخيير الزمييان الييذي يظهيير فييي
ي المزمن ،للعييراق إيران أو العراق ،وهذه النبوءة وتفسيراتها الحديثة مما ُيفسر جانبا من العداء الغربي المرض ّ
وللعراقيين ولشخص الرئيس العراقي .
ل شعب إسرائيل على شريعتك ،وانحرفوا فلم يسمعوا صوتك ،فسكبت علينا اللعنة " دانيال :11 :9 :قد تعّدى ك ّ
صت عليه شريعة موسى عبد ال ،لننا أخطأنا إليك .وقييد نف يّذت قضيياءك الييذي
وما أقسمت أن توقعه بنا ،كما ن ّ
142
قضيت به علينا ،وعلى قضاتنا الذين توّلوا أمرنا ،جالبا علينا عليى أورشييليم شيرا عظيمييا ،ليم يحيدث ليه مثييل
تحت السماء ، … .ولم ] نتضّرع إلى [ وجهك أيها الرب إلهنا ،تائبين عن آثامنا وُمتنّبهين لحقك ،فأضمرت لنا
العقاب ،وأوقعته بنا لنك إلهنا الباّر في كل أعمالك ،التي صنعتها لننا لم نستمع إليك ".
ي هنا ُيخبر دانيال عن العقاب على اعتبار ما سيكون ،وبأنه قضاء كان موسى عليه السلم قد أخبر عنه في كتابه
،وموضحا السباب التي أوجبت العقاب ،وأن العقاب سُيرفع لو سبقته التوبة ،ويقيّرر دانيييال أن الي عييادل فييي
عقابه لشعبه المختار .
ص متداخل ،على ما يبدو أنه تكرار لنفس نص الرؤيا الولى أعله ،لييم أسييتطع تتّبييع ي النص التالي هو تكملة لن ّ
بداياته بدقة ،يتحّدث عن حروب وعن ملك ما ،لم أسييتطع تحديييد ميياهيته أو مخرجييه ،ولكيين مين قييراءة النييص
اللحق ،يتبين أنه الذي تسبب في زوال الحكم السلمي وقيام دولة إسرائيل فييي فلسييطين .ويصييف هييذا النييص
بدقة الواقع الحالي لهل فلسطين وللعرب والمسلمين إجمال ،ويحمل بشرى لهم بالنصر والفييرج ميين عنييد ال ي ،
عندما يحين موعد نهاية الدولة اليهودية ،وما كان عودة اليهود لفلسطين إل امتحانيا ،ليمييز الطييب مين الخيبيث
والمؤمن من المنافق .
جسييه ،وتزيييل المحرقيية الدائميية ) أي الحكييم " دانيييال :31 :11 :فُتهيياجم بعييض قييّواته حصيين الهيكييل وتن ّ
السلمي ( ،وتنصب الرجييس الُمخيّرب ) أي دوليية إسييرائيل ( .وُيغييوي بالُمداهنيية المعتييدين علييى عهييد الييرب
) اليهود ( ،أّما الشعب ) الفلسطينيون ( الذين يعرفون إلههم فإّنهم يصمدون وُيقاومون .والعارفون منهم ُيعّلمييون
كثيرين ،مع أّنهم ُيقتلون بالسيف والنار ،ويتعّرضون للسر والنهيب أّياميا ) سينين معيدودة ( ،ول يتلقيون عنيد
سقوطهم ) قتلى وجرحى ( إل عونا قليل ،وينضّم إليهم كثيرون نفاقييا ) حييال العييرب ( ،ويعييثر بعييض الحكميياء
تمحيصا لهم وتنقية ،حتى يأزف وقت النهاية ) نهاية إسرائيل ( ،في ميقييات الي المعّييين ) أي عنييد مجيييء وعييد
الخرة ( " .
ظم على كل إله وُيجّدف بالعظائم على إله " دانيال :36 :11 :ويصنع الملك ) ملك إسرائيل ( ما يطيب له ،ويتع ّ
اللهة ،وُيفلح إلى أن يحين اكتمال الغضب ،إذ ل بّد أن يتم ما قضى ال به ،ولن يبالي هيذا المليك بآلهية آبيائه ،
… ،إّنما يكرم إله الحصييون بييدل منهييم ) أي يّتكييل علييى القييوة ( . … ،وعنييدما تييأزف النهاييية ُ ،يحيياربه ملييك
ض عليه ملك الشمال ،كالزوبعة بمركبات وفرسان وسفن كثيرة ،ويقتحم دياره كالطوفان الجارف الجنوب ،فينق ّ
.ويغزو أرض إسرائيل ،فيسقط عشرات اللوف صرعى ،ول ينجيو منيه سيوى ،أرض أدوم وأرض ميوآب ،
والجزء الكبر من أرض عمون ) ممالك الردن القديمة ( ،يبسط يده على الراضي ،فل تفلت منه حييتى أرض
مصر .ويستولي على كنوز الذهب والفضة ،وعلى كل ذخائر مصر ،ويسييير الليييبيون والثيوبيييون فييي ركييابه
) ليبيا والسودان ( ،وتبلغه أخبار من الشرق ومن الشمال ،فيرجع بغضب شديد ،لُيدّمر ويقضي على كييثيرين ،
وينصب خيمته الملكية ،بين البحر وأورشليم ،ويبلغ نهاية مصيره ) الوفاة ( ،وليس له من نصير " .
ل إل عليهييا ،والنييص ي يبدو أن هذا النص يتحّدث عن آخر رئيس لسرائيل ،وهو ملك ل يؤمن إل بالقوة ول يتك ّ
يصف الغزو العراقي القادم لسرائيل ،وسيطرة رئيس العراق على معظم بلدان المنطقيية وحكمييه لهييا ،واتخيياذه
القدس عاصمة لملكه ،ومن ثم موته موتا ل قتل .وأما ذكر ملكين من الشمال والجنوب ،فهو ناتييج عيين ارتبيياك
كتبة التوراة ،في تحديد هوية هذا الملك ،والذي تبين لدينا من النبوءات السابقة ،أن هناك ملكين سيقومان بغييزو
إسرائيل ،الول هو ملك بابل وكان مخرجه حسب إشعياء من الشرق ،وكان غزوه لسييرائيل حسييب ارميييا ميين
الشمال ،وهذا يفيد بأنه خرج من الشرق ،وغزاهم من الشمال عن طريق سوريا حيث كان ُمعسييكرا فييي منطقيية
حماة .والملك الثاني هو جوج رئيس ماجوج أي الرئيس الروسي ،الذي سيغزوهم من أقصى الشييمال ،ومييع أن
كل منهما حادث منفصل عن الخر إل أنهم جمعوهما في نص واحد بطريقة مربكة للقارئ ،مما أدى إلى حيييرة
143
الدارسين والباحثين الجدد لهذه النصوص ،في محاولتهم لمعرفة ظروف الحرب العالمية الثالثة ،ولتحديد شييق ّ
ي
النزاع فيها وأحلف كل منهم ،وهذا النص تكرار لنص تفسير جبريل للرؤيا الذي تقّدم أعله .
" :9 :12اذهب يا دانييال ،لن الكلمييات مكتومية ومختومية إلييى وقيت النهاييية .كييثيرون يتطّهيرون ويتنّقيون
حصييون بالتجييارب ) ُيمتحنييون ( ،أمييا الشييرار فيرتكبييون شييرا ول يفهمييون ،ولكيين ذوو الفطنيية ُيييدركون
وُيم ّ
] يفهمون [ " .
ي يؤكد هذا النص أن الحداث التي أخبر عنهييا سييتأخذ مكانهييا فييي زمييان النهاييية ،وسيُيمتحن ميين خللهييا أنيياس
كثيرون ،فمنهم من يقع بشّر أعماله ،ومنهم من ينجو بجميل صنعه وفهمه ،واختياره للطريييق الصييوب ،بنيياًء
على ما جاء في هذه النبوءات .
وهم اثنا عشر نبيا ،وعلى ما يبدو أنهم ُبعثوا في الفترة ،الييتي كييان لليهيود فيهييا تواجييد فييي جيزئي فييي القييدس ،
وتمتعوا فيها بحكم شبه ذاتي ،للقلة التي بقيت فيها ولمن عادوا من السييبي البييابلي ،وامتييدت هييذه الفييترة مييا بعييد
سّموا بالنبياء الصغار كون أسفارهم صغيرة الحجم ،حيث السبي البابلي إلى ما قبل بعث عيسى عليه السلم ،و ُ
يتراوح عدد صفحات كل منها ما بييين ) ( 12-2صييفحة ،ومعظييم رؤاهييم ونبييوءاتهم تتحييدث عيين أحييداث آخيير
الزمان ،المرتبطة بعودتهم الثانية إلى فلسطين :
سفر يوئيل
" هذا ما أوحى به الرب ،إلى يوئيل بن فثوئيل :اسمعوا هذا أّيها الشيوخ ،وأصغوا يا جميع أهل الرض … ،
:15 :1يا له من يوم رهيييب ،لن ييوم الييرب قرييب ،حيامل معيه الييدمار مين عنيد القييدير … ،اصييحوا أيهييا
السكارى ،وابكوا يا جميع مدمني الخمر … فإن أمًة قوية قد زحفت على أرضي ُ ،أمة قوية ل ُتحصى لكثرتها ،
لها أسنان ليث وأنياب لبؤة … ،
:2 :2هو يوم ظلمة وتجّهم ،يوم غيوم ُمكفهّرة وقتام دامس ،فيه تزحف أمة قوية وعظيمة ،كما يزحييف الظلم
على الجبال ،أّمة لم يكن لها شبيه في سالف الزمان ،تلتهم النار ما أمامها ،وُيحرق اللهيييب مييا خلفهييا ،الرض
أمامها جنة عدن ،وخلفها صحراء موحشة ،يثبون على رؤوس الجبييال ،فييي جلبيية كجلبيية المركبييات ،كفرقعيية
ف للقتال .تنتاب الرعدة منهم كل الشييعوب ،وتشييحب كييل الوجييوه ، ش ،وكجيش عات ُمصط ّ لهيب نار يلتهم الق ّ
ضييون علييى المدينيية ،
يندفعون كالجبابرة وكرجال الحرب ، … ،ينسّلون بين السلحة من غييير أن يتوقفييوا ،ينق ّ
ويتواثبون فوق السوار ،يتسّلقون البيوت ،ويتسّللون من الكوى كاللصييوص ،ترتعييد الرض أمييامهم وترجييف
جنده ل ُيحصى لهم عدد ،ومن ُينّفذ أمره يكون ُمقتييدرا السماء ، … ،يجهر الرب بصوته في ُمقّدمة جيشه ،لن ُ
،لن يوم الرب عظيم ومخيف ،فمن يحتمله ؟! " .
ض فيه تلك المة القوية ،لتنفيذ وعد الخرة فييي شييعب الي
ي يوم الغضب الذي يصفه يوئيل ،هو اليوم الذي ستنق ّ
المختار .
" يوئيل :30 :2 :وأجري آيات في السماء ،وعلى الرض ،دما ونييارا وأعمييدة دخييان .وتتحييول الشييمس إلييى
ظلم ) كسوف الشمس ( ،والقمر إلى دم ) وخسوف القمر ( ،قبل مجيء يوم اليرب العظييم الُمخييف .إّنميا كيل
من يدعو باسم الرب يخلص ،لن النجاة تكون في جبل صهيون وفي أورشليم …
144
ي ُيشير هييذا النييص إلييى أن نهاييية إسييرائيل سيسييبقها بعييض الشييارات والييدلئل فييي السييماء وفييي الرض ،أمييا
الشارات الرضية فهي قتل وسفك دماء ،ودمار ونار وحرائق ودخان ،وأما الشارات السييماوية فهييي كسييوف
كّلي للشمس يليه خسوف كّلي للقمر ،تتم مشاهدتهما من فلسييطين علييى التييوالي ،والملفييت للنظيير أن الشييارات
السماوية قد وقعت بالفعل في المنطقة ،فالكسوف الكلي للشمس حدث بتاريخ 1999 / 8 / 11م ،وتبعه خسوف
صل هذا الحدث على هذا النحيو ، كلي للقمر بتاريخ ، 2001 / 1 / 9ولول مرة بعد قيام الدولة اليهودية ،يتح ّ
وهو ما لن يتكّرر قبل 180سنة على القل .
:1 :3لّنه في تلك اليام ،وفي ذلك الحين ،عندما أرّد سبي يهوذا وأورشليم ،أجمع المم كّلها ،وأحضرهم إلى
وادي يهوشافاط ،وأحاكمهم هناك ،من أجل شييعبي وميراثييي إسييرائيل ، … ،نييادوا بهييذا بييين المييم ،وتييأهبوا
للحرب ، … ،أسرعوا وتعييالوا ميين كييل ناحييية ، … ،لتنهييض المييم وتقبييل إلييى وادي القضيياء ، … ،تعييالوا
ودوسوا ،فإن المعصرة الخمر قد امتلت ،والحياض فاضت بكثرة شّرهم …
ي يوم الغضب يشمل أيضا ،ما سيقع من غضب إلهي لحق ،على بقية شعوب الرض .
وتقطر الجبال في ذلك اليوم خمرة عذبة ،وتفيض التلل باللبن ،وجميع ينابيع يهوذا تتدفق ماء ،ويخرج ينبوعييا
من هيكل الرب ،يروي واد السنط ،وتصبح مصر خرابا ،وأدوم قفرا موحشا ،لفرط ما أنزلوه من ظلم ، … ،
ولنهم سفكوا دما بريئا في ديارهم .أما يهوذا فيإّنه يسيكن الرض إليى البيد ،وتعمير أورشيليم مييدى الجييال ،
وُأزّكي دمهم الذي لم ُأبّرئه ،لن الرب يسكن في صهيون ) كناية عن الدين ( " .
رؤيا حبقوق
" :3-11 :1أينما تلّفت أشهد أمييامي جيورا واغتصييابا ،ويثييور حييولي خصييام ونييزاع ،لييذلك بطلييت الشييريعة
) تعطّلت ( وباد العدل ،لن الشرار ُيحاصرون الصّديق ،فيصدر الحكم ُمنحرفا عن الحقّ .
جبييوا وتحّييروا ،لنيي ُمقبييل علييى إنجيياز أعمييال ،فييي عهيدكم ،إذا ُأخيبرتم بهييا ل تييأّملوا الميم وأبصييروا ،تع ّ
تصّدقونها .فها أنا ُأثير الكلدانيين ،هيذه المية الحانقية الُمندفعية ،الزاحفية فيي رحياب الرض ،لتسيتولي عليى
حكمها وعظمتهييا ميين ذاتهييا .خيولهييا أسييرع ميين النمييور ،وأكييثر مساكن ليست لها ،أّمة ُمخيفة ُمرعبة ،تستمّد ُ
ضراوة من ذئاب المساء ،فرسانها يندفعون بكبرييياء ،قييادمين ميين أميياكن بعيييدة ُ ،متسييابقين كالنسيير الُمسييرع ،
للنقضاض على فريسته ُ ،يقبلون جميعهم ليعيثوا فسادا ،ويطغى الرعب منهم على قلوب الناس قبييل وصيولهم ،
فيجمعون أسرى كالرمل .يهزءون بالملوك ويعبثون بالحكام ،ويسيخرون مين الحصيون ،يجعليون حولهيا تلل
من التراب ،ويستولون عليها .ثم يجتاحون كالريح ويرحلون ،فقوة هؤلء الرجال هي إلههم " .
" 3 :2لن الرؤيا ل تتحّقق إل في ميعادها ،وتسرع إلى نهايتها ،إنها ل تكذب وإن توانت فانتظرها ،لنها ل
بّد أن تتحّقق ولن تتأخر طويل " .
" :3-13 :3قد أقبل ال من أدوم ) الردن ( ،وجاء القّدوس من جبل فاران ) مكة ( ،غمر جلله السماوات ،
وامتلت الرض من تسبيحه ،إن بهاؤه كالنور ،وميين يييده يييومض شييعاع ،وهنيياك يحجييب قيّوته .يتقيّدمه وبييأ
والموت يقتفي خطاه .وقف وزلزل الرض ،تفيّرس فييأرعب المييم ،انييدّكت الجبييال البدييية ،وانهييارت التلل
145
شقق أخبية ديار مديان ترجييف رعبييا
القديمة ،أما مسالكه فهي منذ الزل ،لقد رأيت خيام كوشان تنوء بالبلية ،و ُ
".
ي هذا النص مشابه للنص النبوي الذي ورد في سفر التثنية بداية هذا الفصل ،فعبارة ) جيياء القيّدوس ( ُتشييير إلييى
عودة الدين ،وعبارة ) من جبل فاران ( ُ ،تحّدد مكان ظهور القائم على أمره وهي جبيال الجزييرة العربيية ،أميا
عبارة ) قد أقبل ال ( ،فتعني قدوم شيء من أمر ال ،كالبعث أو الملك المنتظيير ،وعبييارة ) ميين أدوم ( أي ميين
الردن ُ ،تشير إلى الجهة التي سيأتي منها البعث ،أو التي سيأتي منها المهدي لدخول القدس ،وعلى ما يبييدو أن
صل النبوءة ،التي جاءت على لسان موسى عليه السلم ) وأتى ميين ربييوات القييدس ، سر وُيف ّ
هذا النص ،جاء لُيف ّ
وعن يمينه نار شريعة لهم ( ،وتؤكد أن المهدي سيظهر في مكة ،ومن ثم سينتقل إلى القدس لُيعيد للسلم مجييده
وبهاءه ،ولُييدد بنوره عصورا من ظلم القلوب والعقول .
رؤيا صفنيا
ل على الرب :1-4 :3ويل للمدينة الظالمة الُمتمّردة الدنسة ،التي ل ُتصغي لصوت أحد ،وتأبى التقويم ،ول تتك ّ
،ول تتقّرب من إلهها ،رؤساؤها في داخلها ُأسود زائرة ،وقضاتها كذئاب المساء الجائعة ،التي ل تبقيي شييئا ،
من فرائسها إلى الصباح ،أنبياؤها مغرورون وخونة ،وكهنتها ُيدّنسون المقدس ،ويتعّدون على الشريعة …
لعاقب يهوذا وكل أهل أورشليم " :2 :1يقول الرب :سأمحو محوا كل شيء عن وجه الرض . … ،أمّد يدي ُ
،وُأفني من هذا الموضع بقية عبدة البعل ،وكل كهنة الوثن ، … .فتصبح ثروتهم غنيمة ،وبيتهم خرابا " .
جي
سفر ح ّ
" :7-8 :1هكذا يقول الرب القدير :تأملوا فيما فعلتم ،اصعدوا الجبل ،واجلبوا خشبا وشّيدوا الهيكل ،فأرضى
جد …عنه وأتم ّ
:5-9 :2بمقتضى عهدي الذي أبرمتيه معكيم ،عنيدما خرجتيم مين دييار مصير ،إن روحيي مياكث معكيم ،فل
تفزعوا .لنييه هكييذا يقييول الييرب :هييا أنييا ُمزمييع ميّرة أخييرى ،عّمييا قليييل أن ُأزلييزل السييماء والرض والبحيير
واليابسة ،وأن ُأزعزع أركان جميع المييم ،فُتجلييب نفائسييهم إلييى هيذا المكيان ،وأمل الهيكيل بالمجيد ،فاليذهب
والفضة لي يقول الرب القدير ،ويكون مجد هذا الهيكل الخير ،أعظم من مجد الهيكل السييابق ،وأجعييل السييلم
يسود هذا الموضع ،يقول الرب القدير " .
146
ي هذا النص الُمحّرف ،مما يّتخيذه اليهيود كييدعوة لعييادة بنياء الهيكيل ،والحقيقية أن الي أمرهيم بعبييادته وإقامية
شريعته ،ولكنهم يعبدون الذهب والفضة ،ومسييتودعها هييو الهيكييل ،ويسييعون لبنيياءه لجعلييه مصييرف دولييي أو
بورصة عالمية ،وهذا كان حالهم عند مجيء المسيح عليه السلم ،وكما هييو موصييوف بالنجيييل ،وأمييا النييص
غير الُمحّرف الذي يخبرهم فيه ربهم ،بأنه ل يريد منهم هيكل وإنما يريد منهم صلحا وإصييلحا ،فهييو موجييود
أيضا في نفس السفر ،بعد أسطر قليلة وهذا نصه :
ل أعمال أيديهم ،وما ُيقيّدمونه نجييس .والن تييأملوا فيمييا صيينعتم
" :14-15 :2هذا هو حال الشعب ، … ،فك ّ
اليوم ،وفيما صنعتم في اليام السالفة ،قبل أن تضعوا حجرا فوق حجر ،لبناء هيكل الرب !!! " .
سفر زكريا
تحذير يهود هذا الزمان على لسان زكريا عليه السلم :
ي فأرجع ب أشّد الغضب على آبائكم ،ولكن ُقل لهم هذا ما ُيعلنه الرب القدير :ارجعوا إل ّ :2-6 :1لقد غضب الر ّ
طرقكييم الباطليية ،وأعمييالكم
إليكم .ول تكونوا كآبائكم ،الذين حّذرهم النبييياء السييابقون ،قييائلين :ارجعييوا عين ُ
ي … ،ألم تدركوا أقوالي وفرائضيي ،اليتي أمير بهيا عبييدي النبيياء الشّريرة ،ولكّنهم لم يسمعوا ولم ُيصغوا إل ّ
آباءكم ،قائلين :لقد نّفذ الرب القدير ،ما عزم أن ُيعاقبنا به ) فييي المييرة الولييى ( ،بمقتضييى مييا ارتكبنيياه ،ميين
أعمال باطلة " .
" :8 :7هذا ما يقوله الرب القدير :اقضوا بالعدل ،ولُيبِد كل منكييم إحسييانا ورحميية لخيييه .ول تجييوروا علييى
الرملة واليتيم ،والغريب والمسكين .ولكنهم أَبْوا أن ُيصغوا ،واعتصموا بعنادهم غير عابئين ،وأصموا آذانهيم
ب غضييب عظيييم ميين لييدن الييرب القييدير … ،
سوا قلوبهم كالصيّوان لئل يسييمعوا ، … ،فانصي ّ لئل يسمعوا .وق ّ
وأضحت الرض المبهجة قفرا " .
ي ورجل رفقييتي ،اضييرب الراعييي فتتبيّدد " :7-9 :13ويقول الرب القدير :استيقظ أيها السيف ،وهاجم راع ّ
صغار ) أي المستضعفين ( .يقول الرب :فيفنى ُثلثا شعب أرضي ،ويبقى ُثلثهم الخراف ،ولكّني أرّد يدي عن ال ّ
حص الذهب " . حصه كما ُيم ّلنقيه تنقية الفضة ،وأُم ّ
حيا فقط .فُأجيز هذا الثلث في النار ُ ،
ي هذا النص ُيشير إلى الوعد الثاني وعقابه ،حيث يفنى ثلثان وينجييو ثلييث ،وهييذا الثلييث ُيمتحيين بمجيييء الييدجال
فيفنى من تبعه منهم ،وينجو منهم من يعتنق السلم .
سلب منكييم فييي وسييطكم .لنييي أجمييع المييم علييى أورشييليم
" :1 :14انظروا ها يوم ُمقبل للرب ُ ،يقسم فيه ما ُ
لتحاربها ،فُتؤخذ المدينة وُتنهب البيوت ،وُتغتصب النساء ،وُيسبى نصف أهلهييا إلييى المنفييى ،إّنمييا ل ينقييرض
بقية الشعب من المدينة " .
147
ب بييين أكييداس الحنطيية ،فيلتهمييون
ل ملتهي ٍ
بالرعب ،وفارسه بالجنون ، … ،أجعل عشائر يهوذا ، … ،كمشييع ٍ
ل أورشليم ،آمنة آهلة في موضعها " . الشعوب من حولهم ،ممن عن يمينهم وعن يسارهم ،بينما تظ ّ
ن هذا النص ُيشير إلى أن إسرائيل ،سُتهاجم من قبل أمم كثيرة فينتصر الرب لورشييليم وعشييائرها وتبقييى ي مع أ ّ
آمنة مطمئنة ،لكن في النصوص التي تلي هذا النص ،تجد نواحا ونحيبا من قبل ذرييية داود ،والنييواح والنحيييب
ل يكون عادة من شدة الفرح وإنما من شدة اللم ،لوقوع فاجعيية مييا حّلييت بهييم ،وفييي النييص التييالي وصييفا لهييذا
النواح :
" :11 :12في ذلك اليوم يكون النواح في أورشليم ،مميياثل للنييواح فييي هييدد رّمييون فييي سييهل مجيّدو ،فيشيييع
النحيب بين أهل البلد " .
ي وحسب ما يعتقد اليهود والنصارى ،فإن هذا النص ُيحّدد ساحة المعركيية البرييية ،فيي الحيرب القادمية الُمسيّماة
) هرمجدون ( بين إسرائيل وأعدائها ،في سهل مجّدو شمال فلسطين .
" :12 :14وهذا هو البلء الذي ُيعاقب به الرب ،جميع الشعوب الذين اجتمعوا على أورشليم :تته يّرأ لحييومهم
وهم واقفون على أرجلهم ،وتتآكل عيونهم في أوقابها ،وتتلف ألسيينتهم فييي أفييواههم :13 .فييي ذلييك اليييوم ُيلقييي
الرب ،الرعب في قلوبهم ،حتى ترتفع يد الرجل ضد رفيقه فيهلكان معا :14 .وُيحارب أبناء يهوذا أيضا دفاعييا
عن أورشليم ،ويغنمون ثروات من المم الُمحيطة " .
ي ُيشّكل هذا النص توليفة غريبة ،من صنع الكتبة .فالفقرة ) (12تصف مييا ُيشييبه تييأثير تعيّرض الجسييم لحييرارة
شديدة جدا .والية ) (13تصف ما ُيشبه قيام الساعة .والفقرة ) (14وكأنها نص مأخوذ مما يلي الفقرة ) (16فييي
النص اللحق ،إذ كيف يقوم أبناء يهوذا بمحاربة الجثث المحترقة !!!
" :13 :9ها أنا ُأتر يهوذا كقوس ،وأجعل أفرايم كسهم ،وُأثير رجييال صييهيون علييى أبنيياء اليونييان ،فتكييونين
كسيف جّبار :15 ، … .يقيهم الرب القدير حجارة المقلع ،بل تقصر عنهم ويطئونهييا ،ويشييربون ويصييخبون
ب إلههييم لنهييم شييعبه وقطيعييه ، كالسكارى من الخمر ) من نشوة النصر ( :16 .في ذلييك اليييوم ُ ،يخّلصييهم اليير ّ
صعة في تاج ،فما أجملهم وأبهاهم ! " . ويتألقون في أرضه كحجارة كريمة مر ّ
ي هذا النييص يصييف رجييال ُيقيياتلون أبنيياء اليونييان أي ليييس آبيياءهم ،واليونييان هييم الغييرب وُيمّثلهييم الن أمريكييا
حلفائهم من أبناء اليونان ؟
وبريطانيا وحلف الناتو ،وهم كما نعلم حلفاء لسرائيل ،فكيف سيقاتل رجال صهيون ُ
ي ملخص ما ُتفصح عنه هذه النصوص :
بربط هذه النصوص مع النصوص السابقة ،نجد أن النصوص السييابقة ُتحيّذر اليهييود ميين الفسيياد فييي الرض ،
ومن ثم ُتخبر بأن الفساد سيقع منهم ل محالة ،ممييا ُيحتييم انسيكاب الغضيب اللهيي عليهييم ،والنتيجية هييي وفيياة
ثلثيهم ونجاة ثلث وخراب أرضهم ،بمعنى نهاية دولتهم فييي فلسيطين ،وهييذا يعنييي أن القيدس سيتكون فيي أيييدي
أناس من غير اليهود ،وهم الذين أنهوا الوجود اليهودي فيها .
ومن ثم تبدأ بالخبار بأن أورشليم أي القدس ،ستكون محط أنظار جميع شعوب العالم ،وبأن شعوبا كثيرة ستأتي
لقتال أهلها والستيلء عليها ،فيهلكوا جميعا وتبقى القدس آمنيية عييامرة بسييكانها .وهلك هييذه الشييعوب سيييكون
باحتراقها بالسلحة النووية ،وُيحارب أهل فلسطين آنذاك في معركة برية فُينصرون ويغنمون ويسلمون .
والخصم ُيحّدده النص الخير بأبناء اليونان ،أي حلف الناتو بقيادة أمريكا ،وُيخييبر النييص بييأن الي سيييقي شييعبه
المتواجد في فلسطين ،من صورايخ أعداءهم وقنابلهم ،ويكون النصر حليفهم ،وميين ثيم ُيخيبر عين صيفة القيوم
الذين ُيحاربون أبناء اليونان ،وهي صفة ل تليق إل بالمسلمين .
بناء الهيكل تعبير مجازي والمراد منه إقامة الدين وليس إقامة البناء :
" :14-17 :1هذا ما يقوله الرب القدير :إّني قد غرت على أورشليم ،وعلى صيهيون ) جبيل المسيجد ( غييرة
ن غضبي ُمتأجج على المم المتنعمة ) وهم على رأسها ( .لقد اغتظييت عظيمة ) ،من أجل ما فعلوه فيها ( ،ولك ّ
ح كثيرا ( من شعبي ،إل أّنهم زادوا من فواجعهم .لذلك يقول الرب :سأرجع إلى أورشييليم بفيييضقليل ) والص ّ
148
مين المراحيم ) بعودتهيا إليى أهلهيا ( ،فُيبنيى هيكليي ) فُيقيام اليدين ( ،وتعمير أورشيليم ) ُتّتخيذ عاصيمة للحكيم
السلمي ( ،واهتف قائل :هذا ما يقوله الرب القدير :ستفيض ُمدني خيرا ثانية ويرجع الرب ،فُيعّزي صهيون
ويصطفي أورشليم " .
ي وفيما يلي تكرار لنفس النص ،ولكن بدون التشويهات التي أضافها الكهنة إلى النص أعله :
" :2-3 :8هذا ما يقوله الرب القدير :إّنني أغار على صهيون غيرة عظيمة ُ ،مفعمة بغضب شديد على أعدائها
لقيم في أورشليم ،فُتييدعى آنئذ
) وأعداءها هم اليهود أنفسهم ( .لهذا يقول الرب القدير :ها أنا عائد إلى صهيون ُ
ق ،كما ُيدعى جبل الرب القدير بالجبل الُمقّدس " .مدينة الح ّ
ي وهذا سيكون عند ظهور ملك القدس المنتظر ،الذي تتحّدث عنه النصوص التالية :
ملك القدس المنتظر الذي ُتخبر عنه توراة اليهود هو المهدي :
" :9-10 :9ابتهجي جدا يا ابنة صهيون ،واهتفي يا ابنة أورشليم ،لن هو ذا ملكك ُمقبل إليك .هو عادل ظافر
،ولكّنه وديع راكب على أتان .وأستأصل المركبات الحربية مين أفرايييم ،والخييل ميين أورشييليم ،وتبيييد أقييواس
القتال ،ويشيع السلم بين المم ،ويمتّد ملكه من البحر إلى البحر ،ومن نهر الفرات إلى أقاصي الرض " .
ي يقول اليهود أنه الملك الرب ،ويقول النصارى أنه عيسى عليه السلم وقد تحقق ذلك ،والحقيقة أن هذه النبييوءة
مستقبلية ولم تتحقق لغاية الن ،فصاحبها هو المهدي الذي سيقهر كل خصومه ،ومن ثم يشيييع السييلم والميين ،
ب الرعب في قلوبهم الفزعة . على امتداد ملكه الموصوف بالنص ،وهذا مما يجعل أي صحوة إسلمية ،تد ّ
اليهود أقرب إلى القرار بوجود ال من إنكاره ،ولكن معرفة الُمِقّر منهم بال محصورة ،في إطييار مييا جيياء فييي
التوراة والتلمود ،التي تصف ال بصفات ،أقرب مييا يكييون إلييى صييفات الب البشييري ،الييذي يعطييي ويعطييف
ويعفو ويصفح ،ول يغضب على أبنائه مهما بلغوا من السييوء ،وُيخطييئ ولكنييه يعييود ويعييترف بخطئه فييي حييق
أبنائه ويرجع عنه ،وكأنهم البن البكر صاحب الحظوة عند الب كما هي العادة ،ويتعيياملون مييع الي علييى هييذا
الساس لفهمهم الخاطئ لمسألة التفضيل ،باختيارهم لحمل الرسييالة السييماوية ورعاييية الي لهييم فيمييا مضييى ميين
الزمان ،وتستطيع تصّور العقلية التي يتعاملون بها مع ال ،بعقلييية البيين الُمييدّلل النيياني الفاسييد والمفسييد عييديم
البصر والبصيرة ،والذي ل يتوقع من أبيه الذى مهما ارتكب من أخطاء .حتى ولو حّذره والده مرارا وتكييرارا
من استمراره على نفس الحال ،فهو ل يريد أن ُيصّدق أن هذا الب المعطاء الحاني ،من الممكن يوما من اليييام
أن ُيعاقب ابنه المدّلل مهما كانت السباب .وتستطيع تصّور الكيفية التي يتعامل بها اليهود مع بيياقي البشيير ،ميين
خلل الكيفية التي يتعامل بها ذلك البن مع باقي أخوته ،وهذه الكيفية هي ما تجده في تعاليم التلمود .
خر هو نكران للبعث بعيد الميوت ، خر ،فمؤدى نكران اليوم ال ِ وأخطر معتقدات اليهود هو عدم اليمان باليوم ال ِ
ونكران للحساب ونكران للجزاء الخروي والبديل لييديهم إن ُوجييد فهييو الجييزاء الييدنيوي .وهييذا ممييا يييؤدي إلييى
العتقاد بعبثية الخلق ،وعبثية اليمان بال أصل ،فل جدوى من الصلح والصلح إن لييم يكيين هنيياك ثييواب ،
ول ضير من الفساد والفساد إن لم يكن هناك عقاب ،وبعض من هذه الفكار اللحادية ،تجدها فييي التييوراة فييي
سفر الجامعة سفر العبث والعبثية .ولذلك أخذ اليهود على عاتقهم ،مسؤولية الفساد فييي الرض دونمييا وازع أو
رادع ،بما أخفاه مؤلفو التوراة من ذكر لليوم الخر ومتعّلقاته ،فالثواب حسب اعتقادهم هو مقدار ما ينالونه ميين
كسب دنيوي بشتى الوسائل والسبل ،والعقاب هو مقدار ما يخسرونه من هذا الكسييب .وحييتى ُيجّنييب رب العييزة
أّمة السلم خطر هذا العتقاد ،اقترن ذكر اليمان بال بذكر اليمان باليوم الخر والخرة ،بصييريح اللفييظ 26
مرة في القرآن ،وتكاد ل تخلو سورة من ذكر متعّلقاته أو التذكير بها ،من بعييث وحسيياب وجييزاء ومييا يليييه ميين
عقاب وثواب .وانعدام إيمانهم باليوم الخر ،أوجد لديهم الصفات السلبية الييتي تمتعييوا بهيا علييى ميّر العصييور ،
مثل الحرص على الحياة والجبن والبخل والسعي وراء الكسب المادي وانعدام المبادئ والقيييم والصييفات البشييرية
المحمودة .
وللتعويض عما حذفوه من الصول العقائدييية الصييحيحة ،وللتوفيييق مييا بييين المعتقييدين السييابقين ،طييرح مؤلفييو
التوراة والتلمود الكثير من الفكار اللحادية ،كفكرة الملك الله الرب من نسل داود ،الذي سيظهر بلحميه ودميه
ليسكن جبل صهيون في القدس ويحكم العالم إلى البد ،لينفوا بعبارة ) إلى البد ( أي أمل لليهود ليعتقدوا بنهاييية
الحياة الدنيا ،وبوجود حياة أخرى هي التي تتصف بالبدية ،مما أبهم على العاميية مصييير الييروح بعييد المييوت ،
فطرحوا حول مصيرها أفكار متضاربة هي أقرب إلى المعتقدات الوثنية منها إلى أي شيء آخر .
كان السبي البابلي بما أحدثه من دمار وتنكيل وأسر ،أكييبر صييدمة يتعييرض لهييا الشييعب اليهييودي ،حيييث قلبييت
كيانهم رأسا على عقب ،ولم تقم لهم قائمة منذ ذلك اليوم ،حتى تمكنوا ميين تحقيييق علييوهم الثيياني فييي فلسييطين ،
ولول مشيئة ال التي ينكرونها ما كان .والييذي لييم يكيين يتخيلييه أو يتصييوره اليهييود آنييذاك وهييم فييي قميية علييوهم
الول ،أن يتخلى عنهم رب الجنود ،وأن يبعث عليهم أمة جافية الوجه لتعمل فيهم سيف انتقامه ،وأن ُينزل بهييم
ل وخزيا ،بعد عزة وقوة وعلو ،بالرغم من كل ذلك الدلل -الموّثق فييي التيوراة -الييذي أحيياطهم بيه ، ضعة وذ ّ
منذ خروجهم من مصر -وما أجراه سبحانه لهم من معجزات ،وعفوه عنهم رغم كفرهييم وعصيييانهم وعييدوانهم
مرارا وتكرارا -حتى أدخلهم إلى الرض المقّدسة وأقام لهم مملكة بل جهد أو عناء .
150
وبالرغم من وضع نبوءة الفسادين وما يليهما من عقاب ،سيفا إلهيا مسلطا على رقييابهم ،لييم وليين يرجعييوا عيين
غيهم وطغيانهم ،فهم مسكونون بما تقّوله كهنتهم وأحبارهم وحاخاماتهم ) الحكماء ( على ال وعلى رسله وعلييى
كل ما هو مقّدس ،مما أدى إلى إصابتهم كأّمة بحالة معقيّدة ميين الفصييام العقلييي ،ميين جييراء اعتنيياقهم لمعتقييدات
خاطئة ،نتيجة ما زرعه حكماؤهم في التوراة والتلمود ،من خرافات وأساطير وآراء وتفسيرات ،هي أقييرب مييا
يكون إلى الوهام والهلوس ،فأنبتت تلك المسييوخ الشيييطانية عديميية البصيير والبصيييرة ،الييتي اّتحييدت وآمنييت
بشييكل جميياعي بمعتقييدات خاصيية بهييا ،تتنييافى مييع الطبيعيية البشييرية السييليمة ،فُرفضييت واضييطهدت ميين كييل
المجتمعات البشرية ،التي ساءها ذلك السلوك الجماعي الشاذ والمنحرف لتلك المسوخ ،وبالتالي لم تجد الشعوب
حل لمشكلتهم إل الطرد والنفي ،أو إجبارهم بمراسيم ملكية على التقوقع والعيييش كالبهييائم فييي حظييائر المواشييي
ن الغرب أنه بإيجاد غيتو كبير لهم فلسيطين ، المسماة بالغيتوهات أو الكيبوتس ،ومع ذلك لم ينجح هذا الحل .وظ ّ
ونفيهم إليه وحشرهم فيه ،سيتخلصون من مشكلتهم إلى البد ،ولكن تبين لهم بعد فوات الوان ،أنهم كانوا علييى
خطأ ،إذ أنهم بعد تمّكنهم من إقامة وطن قومي لهم ،أصّر معظمهم وخاصة الغنياء منهم على البقاء في الغرب
،فأصيب نصارى الغرب مؤخرا بعدوى الفصام اليهييودي ،لنهييم يملكييون اسييتعدادا وراثيييا توراتيييا لييذلك ،لمييا
يحملونه بدورهم من معتقدات خاطئة ،بناءً على ما أورده كتبة النجيل ميين أوهييام وهلوس مشييابهة .لييذلك ميين
الطبيعي جدا ،أن ترى زعماء اليهود يصافحون العرب ،راسمين على شييفاهم تلييك البتسييامة العريضيية ،بينمييا
أيديهم تقطر من دم أبنائهم وأخوانهم وكأن شيئا لم يكن .
ما يعتقده اليهود بالنسبة لوجودهم الحالي في فلسطين :
خلصة ما يعتقده اليهود هذه اليام ،وهم القرب والكثر فهما لنبوءات التوراة ،لمعرفتهم بالطرق السيرية اليتي
ُكتبت فيها نصوص التوراة ،وما تضمنته من أسرار ورموز ،مفاتيح حلها موجييودة ،فييي كتييب خاصيية لييديهم ،
بناًء على ما تقّدم :
ُتخبرهم بعض نصوص التوراة بأنهم ،بعد العودة من الشتات ،ل محالة سُيفسدون ،وأن ال سيييبعث .1
عليهم من ُيعاقبهم ،من العراق أو إيران أو كليهما .
ن ُملكهم بعد العودة من الشتات ،سينضوي مستقبل تحت لواء ملييك ميين وُتخبرهم نصوص أخرى ،أ ّ .2
نسل داود أو الملك الرب القدير ،يظهر آخر الزمان يقود اليهود وينتصر على أعداء إسرائيل ،ويحكم العييالم
أجمع من القدس ملكا أبديا ،يتصف بالحق والعدل والسلم وأن أوانه قد اقترب ،ولتعجيل ظهييوره ل بييد لهييم
من الستيلء على أرض فلسطين كاملة ،وتفريغ شعبها منهييا وهييدم المسييجد القصييى وبنيياء الهيكييل ،لكييي
يتسنى لهذا الملك تقديم القربان الُمقّدس على مذبحه ،وهو أول عمل سيقوم به فور ظهييوره ،ويعتقييدون بييأن
جل بظهور هذا الملك . سرعة إنجاز هذه المور ،سُتع ّ
وُتخبرهم نصييوص أخييرى ،أن هنيياك كييم هييائل ميين العييداء الييذين سيُيهاجمون إسييرائيل مسييتقبل ، .3
وسيكون النصر حلييف إسيرائيل وحلفائهيا .ليذلك فهيم يعمليون بل كليل أو مليل ،مين وراء السيتار الغربيي
المريكي البريطاني لتأمين هذا النصر الموعود .
ي لذلك كان ل بد ليهود أمريكا على وجه الخصوص ،من أجل تعطيل النبوءة التي تخبر عن دمار دولتهييم ،ومين
أجل تحقق النبوءة التي تنسب إليهم الملك البدي ،الذي سيقوم في القدس في نهاية المر ،أن يعملوا :
على تقوية إسرائيل بإمدادها بالموال والتكنولوجيا العسكرية الُمتطّورة التقليدية والنووية . .1
على إجبار دول هؤلء العداء التوراتيون علييى المييوالة للغييرب ،وميين ثييم المييوالة لسييرائيل عيين .2
طريق الترغيب والترهيب .
على حرمان اليدول المعاديية لسيرائيل ميين هيذه القيدرات ،وإضيعاف هيذه القيدرات حيين امتلكهييا .3
وتدميرها .
على تدمير الستقرار الداخلي لتلك الدول ،سياسيا واقتصاديا واجتماعيا إن تعّذر ذلك عسكريا . .4
ي ويعتقدون أن الخطر القادم يتمّثل بشكل أساسي في :
151
البلدان العربية والسلمية وعلى رأسها العراق . .1
البلدان الشيوعية المناهضة للديموقراطية الرأسمالية وعلى رأسها روسيا والصين . .2
شخص المير الُمسلم الذي أخبرت عنييه التييوراة ،بييأنه سيييخرج ميين جزيييرة العييرب ليملييك مشييارق .3
الرض ومغاربها .
وللسباب الثلثة مجتمعة ،عمل اليهود وما زالوا يعملون على تواجييد السيياطيل والقواعييد العسييكرية المريكييية
البريطانية ،بشكل مكثف في منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية ،وتركيا والبحيير الحميير والبحيير البيييض
المتوسط سابقا ولحقا ،لكي تمنع العراق من مهاجمة إسرائيل ،ولكي تمنع هذا المير المسييلم ميين الخييروج ميين
أرض الجزيرة ،وظهور أمره وأمر السلم من جديد .فكما أنهييم أي اليهييود سييكنوا جزيييرة العييرب ،ليحيياربوا
محمد عليه الصلة والسلم .فهم الن متواجدون فيها تحت القناع المريكي ،في انتظار خروجييه ليحيياربونه بل
أدنى شك .ولقطع الطريق على الجيش الروسي عند هجييومه علييى إسييرائيل ،أمييا اّدعييائهم بالتواجييد فييي منطقيية
الخليج ،للحفاظ على مصالح الوليات الُمتحدة فذلك لذّر الرماد في العيييون ،فمصيالحهم محمّييية بسيواعد عربييية
وأوامرهم مطاعة حتى في غرف النوم .
وغزو العراق لسرائيل الذي هو أول مشهد في الحلقة الخيرة ،من مسلسل اليهود التاريخي الطويل ،قد اقترب
أوانه وأشرف زمانه ،وهم يعلمون ذلك من خلل الحساب ومن خلل الظييواهر الفلكييية ،كمييا علمييوا قييديما عيين
طريق الفلك بموعد مولده عليه السلم وموعد بعثه .
بابل وآشور وبلد الكلدانيين ي العراق ) .درجة أولى فييي العييداء التييوراتي لسييرائيل ،وبامتييياز مييع .1
ي الخليج الولى والثانية ،وضرب المفاعل النووي ،وفييرض حصييار مرتبة الشرف ( .تم توريطه في حرب ّ
أبدي ،ويطمحون إلى إبادة شعبه بالسلحة النووية ،فييي أقييرب فرصيية ممكنيية .ومشييمول فييي قائميية الييدول
الراعية للرهاب .
ل حلفائهما ،وبيت توجرمة ميين أقاصييي الشييمال يي دول التحيياد السييوفييتي
روش وماشك وتوبال وك ّ .2
السابق ) .درجة ثانية ( .تييم تفكيييك التحيياد السييوفييتي ،وإضييعاف الحييزب الشيييوعي المنيياهض للغييرب ،
وتدمير اقتصاد روسيا وتوريطها مع صندوق النقد الدولي .وتوريطها في حربين استنزافيتين فييي جمهورييية
الشيشان .
مادي ،ورجال فارس ي إيران ) .درجة ثانية ( .تم توريطهييا فييي حييرب الخليييج الولييى ،ومقاطعيية .3
اقتصادية أمريكية وعداء ُمعلن ،تشجيع الحركات الصييلحية الهداميية ،وإثييارة الفتيين والثييورات الداخلييية ،
لشعال حروب أهلية ،طمعا في قلب نظام الحكم السلمي فيها ،وهي مشمولة في القائمة المريكييية للييدول
الراعية للرهاب .
إثيوبيا ي السودان ) .درجة ثالثة ( .ما زالييت الحييروب الهلييية الييتي يييدعمها الغييرب مشييتعلة فيهييا ، .4
ومقاطعة اقتصادية أمريكية وعداء ُمعلن ُ ،وقصفت بالصواريخ المريكييية فييي زمين ) كلينتيون ( ،لتهامهييا
بالتعاون مع ابن لدن ،وهي مشمولة في القائمة المريكية للدول الراعية للرهاب .
ليبيا ) .درجة ثالثة ( ٌقصفت من قبل الطائرات المريكية في زمن الرئيس المريكي ) ريغان ( ،تييم .5
فبركة حادثة تفجير الطائرة ) لوكربي ( واُتهمت بتدبيرها ،ومن ثم ُفرض عليهييا ،حظيير دولييي ميين مجلييس
المن ،ومقاطعة اقتصادية أمريكية ،وهي مشمولة في القائمة المريكية للدول الراعية للرهاب .
أشور وحلفائها ي سوريا ) .درجة ثالثة ( .موضوعة على جدول مؤامراتهم القادميية ،وهييي مشييمولة .6
في القائمة المريكية للدول الراعية للرهاب .
152
عيلم وحلفاؤها ،ملوك الشرق ي أفغانستان وباكسيتان ) .درجية ثالثية ( .حظير ومقاطعية اقتصيادية .7
على كلتا الدولتين ،تم قصف معسكرات تنظيم القاعدة في أفغانستان .وأفغانسييتان غيير مشيمولة فيي القائمية
المريكية للدول الراعية للرهاب ،كونهم ل يعترفون بنظام الحكم فيها .
153
النبوءات النجيلية بين الماضي والمستقبل
النجيل في الصل كتاب سماوي ُأنزل على عيسييى عليييه السييلم ،بنييص واحييد مصييدقا لمييا جيياء فييي التييوراة ،
ويحمل في طياته شريعة جديدة لليهود ،وناسخة لبعض مييا جياء فييي شيريعة موسيى ،لتخّفييف عنهييم الكييثير مين
العباء والكثير من القيود والغلل ،التي كانوا قد ألزموا بها في التوراة نتيجة فسقهم وعصيانهم وظلمهم .
ومن أهم ما جاء به عيسى عليه السلم ،هي البشرى بنبي الهدى ) أحمد ( عليه الصلة والسلم .وكلمة النجيييل
في اليونانية تعني البشرى أو البشارة ،ويّدعي النصارى أن هذه البشرى هي بشييرى الخلص ،أّميا فيميين كييانت
ن
صّدًقا ِلَما َبْي َ
ل ِإَلْيُكْم ُم َ
سوُل ا ِّسَراِئيَل ِإّني َر ُ ن َمْرَيَم َيَبِني ِإ ْسى اْب ُعي َ
البشارة حقيقة فنجده في قوله تعالى ) َوِإْذ َقاَل ِ
ن )6 حٌر ُمِبيف ٌ سف ْ
ت َقفاُلوا َهفَذا ِ جففاَءُهْم ِباْلَبّيَنففا ِ
حَمفُد َفَلّمفا َسفُمُه َأ ْ
ن َبْعفِدي ا ْ
سوٍل َيْأِتي ِم ْشًرا ِبَر ُ
ن الّتْوَراِة َوُمَب ّ
ي مِ َ
َيَد ّ
الصييف ( .ونيص البشييارة بنبينييا محميد علييه الصيلة والسيلم ،موجييود فيي النجيييل الرابييع المنسييوب ليحييى
) يوحّنا ( عليه السلم ،في الصحاحات ) ، ( 16-14وُمسّمياته هي " المؤّيد" و " المؤّيد الييروح الُقييدس " و "
روح الحق " و" سّيد هذا العالم " في الترجمة التي اقتبست منها هييذا النييص ،وفييي ترجمييات أخييرى " :الييروح
الُقدس الُمِعين " و" الُمَعّزي " .
أما ما هو موجود هذه اليام في الناجيل ،هو ُمجّرد بقايا من الوحي اللهي .وهذا مييا يؤكيّده حييتى المييؤمنين بييه
من النصارى أنفسهم فقد جاء في مقّدمة نسخة العهد الجديد من الكتاب الُمقّدس ،دار المشرق ط ، 13ميا نصيه "
ك يبحث عن الحداث التي تم إثباتهييا والتحّقييق منهييا ،يقييع إن القارئ في عصرنا وهو حريص على الّدقة ،ل ينف ّ
في حيرة أمام تلك المؤلفات ) الناجيل الربعة وملحقاتها ( ،التي تبدو له مفّككيية يخلييو تصييميمها ميين التنسيييق ،
ويستحيل التغلب على تناقضاتها ،ول ُيمكنها أن ترّد على السئلة التي ُتطرح عليها " انتهى .
وهكذا يعترف رجالت الدين المسيحي أن محتويات كتابهم المقّدس ُمتناقضة ،وأنهييا مؤلفييات ُكتبييت بأيييدي بشيير
بعد المسيح بما يزيد على 300سنة ،وأقدم النسخ المتوافرة ذات أصل يوناني وتعود إلى القرن الرابع الميلدي .
وأما النصوص الصلية للنجيل بلغته العبرية أو الرامية فهي غير موجييودة .وللحقيقيية يسييتحيل أن يكييون ذلييك
صحيحا ،فقد سمعت يوما أن الكثير من المخطوطات الصلية ،موجود على شكل لفائف وقراطيس فييي قييوارير
زجاجييية عليى رفيوف فييي أقبييية الكنييائس الكييبرى ،ول ُيسييمح لي كيان مين الوصيول إليهييا إل كبييار رجيالت
الكنيسة ،الحريصون على إضلل الناس بكتم ما في تلك المخطوطات من حقائق ،تنفييي ألوهييية عيسييى وتييدعوا
إلى وحدانية ال .
ي النصارى ،فهو ل يعدو أكثر من كونه كتاب يحكي سيرة المسيح عليييه السييلم أما الكتاب الموجود حاليا بين يد ّ
-كما التوراة تحكي سيرة موسى -بشكل حائر وُمضطرب ،تغلب عليه ِذكر أفعاله أكثر ميين أقييواله ،حييتى أنييك
تشعر عند قراءته أن المسيح شخصية خيالية أسطورية ساذجة غبية وبليدة ،خالية من الحكمة والمنطق ،وحاشييا
ل أو لبنه كما يّدعون أو حتى لرسول أن يكون كذلك .غير أن إنجيل يوحّنييا ) يحيييى ( وسييفر الرؤيييا المنسييوب
ليوحّنا ،يبدو أنهما أكثر قربا إلى السفار الُمتأخرة من التوراة ،حيث أنهما يتفقييان مييع أسييلوب كتابيية النصييوص
التوراتية إلى درجة التطيابق ،ميين حييث النشيياء واللفياظ الُمسيتخدمة والُمسيمّيات ،وحييتى تكييرار وازدواجييية
جمعا ونسخا من مصدرين ُمختلفين . النصوص التي تؤكد أنهما ُ
وقد جاء في مقّدمة سفر الرؤيا من نسخة العهد الجديد من الكتاب الُمقّدس ،دار المشييرق ط ، 13مييا نصييه " :ل
يأتينا سفر رؤيا يوحّنا ،بشيء من اليضاح عن كاتبه .لقد أطلق على نفسه اسم يوحّنا واسم نبي ،وليم ييذكر قيط
عثر على بعض آثاره منذ القرن الثيياني ي عشر ) التلميذ ( .هناك تقليد على شيء من الثبوت ،وقد ُ أنه أحد الثن ّ
) الميلدي ( ،وورد فيه أن كاتب الرؤيا هو الرسول يوحّنا ،وقد ُنسب إليه أيضا النجيل الرابييع .بيييد أنييه ليييس
في التقليد القديم إجماع على هذا الموضوع .وقد بقي المصدر الرسولي لسفر الرؤيا عرضة للشك مّدة طويلة في
سيرين فيي عصيرنا ُمتشييعبة كييثيرا ،ففيهييم مين يؤكيد أن الختلف فييي بعض الجماعات المسيحية .إن آراء الُمف ّ
النشاء والبيئة والتفكير اللهوتي ،يجعل نسبة سيفر الرؤييا والنجيييل الرابييع ،إليى كياتب واحييد أمييرا عسيييرا .
154
سرون يرون أن ظروف إنشاء سفر الرؤيا ،أشّد تشعبا من ذلييك بكييثير ،فهييو ليييس ُمؤّلفييا ُمتجانسييا بييل
وهناك ُمف ّ
محاولة غير ُمحكمة لجمع أجزاء ُمختلفة ُ ،أنشئت ثم ُنّقحت في العقود الخيرة من القرن الول " انتهى .
وللحق نستطيع الجزم بأن التوراة تم تنقيحها وجمعها بشكل نهائي ،في هذه الحقبة ميين الزميين بعييد وفيياة عيسييى
وموت يحيى عليهما السلم .
نجد من خلل ما تقّدم أن النصارى أنفسهم ،كان لييديهم الكييثير ميين الشييكوك حييول سييفر الرؤيييا ،وبعييد قراءتييي
لمحتوى هذا السفر تبين لي ،أن أسلوب إنشاءه هيو نفيس السييلوب ،الييذي ُأنشييئت بيه أسييفار التييوراة مين حييث
اللفاظ والعبارات ،وحتى تكرار الفكار والنصوص وتحويرها وتحريفها ،وتبديل مواضعها من تقديم وتأخير ،
سفر يحتوي على نبيوءات ُمشيابه ،لميا جياء فيي لتشويه الرؤى النبوية التي تأتي عادة في غير صالح اليهود .وال ِ
سفر زكريا في التوراة ينتهي عند ذكر الدجال ،وُيغفل ما سيأتي بعده من السفار الُمتأخرة من التوراة ،حيث أن ِ
أحداث ،وتجد أن سفر الرؤيا ُيعيد بعض ما جاء في السفار الُمتييأخرة ميين التييوراة وميين ضييمنها سييفر زكريييا ،
ويكمل الحداث حتى دخول أهل الجنة الجنة ودخول أهل النار النار .
وما تقّدم يدفعني إلى العتقاد أن كتبة هذين السفرين ،هم كهنيية اليهييود الييذين ألفييوا التييوراة ،إذ أن آثييار أقلمهييم
واضحة للعيان ،مما فيه من تناقض أحيانا وتكرار أحيانا أخرى ،لمحاولتهم فهم هذه النبوءات وتفسييرها حسيبما
يتناسب مع زمانهم ،أي مع بداية التقويم الميلدي ،حيث كانت مقومات ذلك العصر ورموزه ،تختلف كليا عّمييا
لدينا في العصر الحالي ،حيث بدأت هذه النبوءات هذه اليام ،تأخذ مكانها على أرض الواقع .
ويبدو أن الُمتأخرين من الكهنة اليهود ،كانوا عاقدي العزم على ضّم سفر الرؤيا والنجيييل المنسييوب إلييى يوحّنييا
إلى التوراة ،فيأعملوا أقلمهم فيهما ،ويبدوا أنهم تراجعوا عن ذلك في اللحظة الخيرة فقيّرروا إسييقاطهما ،بعييد
أن تنكّروا لنبوة يحيى وعيسى عليهما السييلم .فسييفر الرؤيييا كمييا الحييال بالنسييبة لنجيييل يوحنييا ُ ،يهيياجم اليهييود
جمعات كهنتهم ) الُمسّماة بالسنهدرين ( التي كانوا يتدارسون فيها التوراة ) والحقيقيية أنهييم كييانوا أنفسهم ويهاجم م ّ
يدرسون التوراة كما ندرس الزيتون ( والتي وصفها هذا السفر بُمجمعات الشيطان .حيث جاء فيه " رؤيا :9 :2
وأعلم افتراء الذين يقولون أنهم يهود وليسوا بيهود ،بل هم َمجَمع للشياطين " .رؤيا :9 :3ها إني أعطيك ُأناسا
من َمجَمع للشيطان ،يقولون أنهيم يهيود ،وميا هيم إل كيّذابون " ،وهياتين العبيارتين مثيال عليى التكيرار لنفيس
المعنى وبنفس اللفاظ تقريبا .
طييه الكهنية
بالضافة إلييى ذلييك جيياء سيفر الرؤييا بنبيوءات ُتخيالف أهيواء الكهنية ،وتتنياقض ميع ميا كييان قيد خ ّ
الُمتقّدمين ،ومنها أّنه ُيثبت البعث والحساب والجزاء ،وهذا مما ُينكره اليهود ويجحدونه .فالتوراة على امتييدادها
ضح مصير الروح بعد الموت ،وما يملكونه ميين معتقييدات فيييا يتعلييق بييالروح الشاسع ،ل تجد فيها حتى كلمة تو ّ
والبعث والجزاء ،تعتمد في الدرجة الولى على أقوال متناقضيية ومرتبكيية لحكمييائهم ،وهييذه القييوال مثبتيية فييي
التلمود ،وهي أقرب ما تكون إلى معتقدات الوثنيين كتناسخ الرواح والحلولية .
وربما تكون نسبة هذا السفر إلى ) يوحّنا ( ،وهو يحيى بن زكريا عليهما السلم صحيحه ،حيث أن يحيييى كييان
قد سبق عيسى عليه السلم في البعث لليهود ،وحال سفر الرؤيا يشبه حال السفار المتييأخرة ميين التييوراة ،الييتي
امتازت بالطابع الدعوي النبوي في معظمها .وبعد أن أسقط اليهود النجيل وسفر الرؤيا ،المنسوبين إلييى يوحنييا
من التوراة ،تلّقفته كهنة النصارى ،ومن ثم قاموا بتحريفه بالحذف والضيافة والتبيديل ،لثبيات ُألوهيية عيسييى
عليه السلم ،وأضافوه إلى كتابهم الُمقّدس ،على ما هو عليه من ازدواجية وتكرار باللفاظ والفكار .
أّما الكلم في النجيل المنسوب إلى يوحّنا ،هو أقرب ما يكون إلى كلم عيسى عليه السلم ،حيييث جيياءت علييى
لسانه البشارة بنبّينييا عليييه الصييلة والسييلم ،كمييا نييص عليهييا القييرآن الكريييم ،وهييذا النجيييل يتمّيييز عيين بيياقي
الناجيل ،بأنه ُيرّكز على القوال التي جاء بها عيسى عليه السيلم ،أكيثر مين طييابع السييرد القصصيي للفعييال
التي قام بها ،الذي غلب على الناجيل الخرى .
155
إنجيل يوحنا
ن الّتفْوَراِة ،
ن َيفَديّ ِمف َ
صّدًقا ِلَما َبْيف َ
سوُل الِّ ِإَلْيُكْم ُ ،م َ سَراِئيَل ِإّني َر ُ ن َمْرَيَم َ ،يَبِني ِإ ْ
سى اْب ُ
عي َقال تعالى ) َوِإْذ َقاَل ِ
ن ) 6الصف ( حٌر ُمِبي ٌ سْ ت َ ،قاُلوا َهَذا ِ جاَءُهْم ِباْلَبّيَنا ِ
حَمُد َ ،فَلّما َ
سُمُه َأ ْ
ن َبْعِدي ا ْ
سوٍل َيْأِتي ِم ْ شًرا ِبَر ُ
َوُمَب ّ
ق ،الذي ل يسييتطيع " :16-18 :14وأنا سأسأل الب ،فيهب لكم مؤّيدًا آخر ،يكون معكم إلى البد ،روح الح ّ
العالم أن يتلّقاه لّنه ل يراه ول يعرفه ،أّما أنتم فتعلمون ،أّنه ُيقيم عنييدكم ويكييون فيكييم ،ليين أدعكييم يتييامى فييإني
أرجع إليكم " .
ي ُيخبر عيسى أتباعه في هذا النص أن الب سيرسل لهم مؤيدا آخر ،غير عيسى عليه السلم ،فييإن كييان عيسييى
هو ال ،فإن ال سيبعث للنصارى إلها غير عيسى ،وإن كان ابن ال فإن ال سيييبعث لهييم ابنييا لييه غييير عيسييى ،
وإن كان عيسى رسول الي فييإن الي سيييبعث لهييم رسييول آخيير غيييره .وُيخييبر أيضييا أن رسييالته سييتكون خاتميية
ق ويعدل به ،وُيخبرهم بأنهم امتازوا على الخرين من سكان العالم ،بيأن ليديهم الرسالت السماوية ،ويأتي بالح ّ
علم بهذا الرسول ،وبإخبارهم أيضا أن الوحي من بعده لن ينقطع .
" : 24-25 :14ومن ل ُيحبني ل يحفظ كلمي ،والكلمة التي تسييمعونها ليسييت كلمييتي ،بييل كلميية الب الييذي
أرسلني .قلت لكم هذه الشياء وأنا ُمقيم عندكم " .
" :26-31 :14ولكن المؤّيد الروح القدس ،الذي ُيرسله الب باسمي ،هييو ُيعلمكييم جميييع الشييياء ،وُيييذّكركم
بجميع ما قلته … .لقد أنبأتكم ُمنذ الن بالمر قبل حدوثه ،حتى إذا حدث تؤمنون ،ليين ُأطيييل عليكييم الكلم بعييد
ب الب وأّنيي أعمييل كميا ي ،وميا ذليك إل ليعيرف العييالم أّنيي ُأحي ّ
ذلك ،لن سيد هذا العالم آت وليس ليه يييد علي ّ
أوصاني " .
ي يخبرهم بأن هذا المؤّيد ،سُيذّكرهم ميين خلل الييوحي بمييا سييبقه ،وُيعّلمهييم أشييياء جديييدة ،وسييبب إخبيياره لهييم
بذلك ،هو وجوب اليمان به واّتباعه عند ظهوره .يصفه عيسى بأنه س يّيد هييذا العييالم ،ويؤكييد مجيئه ،وأنييه ذو
أفضلية على من قبله ،وُيخبرهم في نهاية النص أّنه بّلغهم البشارة بأمانة كما أخبره ربه .
ق الُمنبثق ميين الب ،فهييو يشييهد لييي وأنتييم أيضييا
" :26-27 :15ومتى جاء الُمؤّيد ،الذي أرسله لكم روح الح ّ
تشهدون ،لنكم معي منذ البدء " .
ي هذا النص تكرار لجزاء مما تقدم من نصوص .
ل من يقتلكم
ن فيها ك ّ
ُ :1-14 :16قلت لكم هذه الشياء لئل تعثروا .سيفصلونكم عن المجامع ،بل تأتي ساعة يظ ّ
بأنه يؤدي عبادة ل … .وقد قلت هذه الشياء لكم لتذكروا إذا أتت الساعة أّني ُقلتها لكم ،ولم أقلها منذ البدء لّني
كنت معكم ،أّما الن فإّني ذاهب إلى الذي أرسلني ،وما من أحد يسألني إلى أين أذهب ؟ ل بل مل الحزن قلوبكم
ض ل يأتكم المؤّيد ،أّما إذا ذهبت فأرسله إليكم " .
،لّني قلت لكم هذه الشياء .فإن لم أم ِ
_ ُيثبت هذا النص بما ل يدع مجال للشك ،أن هذا المؤّيد سُيرسل ل محالة ،وأن بعثه مرتبط بذهاب عيسى عليه
السلم .
" :8-11 :16وهو متى جاء ،أخزى العالم على الخطيئة والبّر والدينونة :أما على الخطيئة ،فلنهم ل يؤمنون
بي .وأّما على البّر ،فلني ذاهب إلى أبي ،وأما على الدينونة ،فلن سّيد هذا العالم قد ِدين . ".
ي هذا النص فيه فلسفة تفسيرية من الكاتب ،محاول ترميم ما أفسييده ميين تغيييير لللفيياظ والعبييارات ومواضييعها ،
شييرا شرا ونذيرا ،يييدعوا إلييى الييبّر وُيييدين الخطيئة ُ ،مب ّ والمعنى المراد من وراء هذا النص ،أنه يأتي شاهدا وُمب ّ
ي ِإّنففا
بالثواب وُمنذرا بالعقاب وشاهد على الخلق يوم الدينونة أي يوم القيامة وال أعليم ،قييال تعييالى ) َيَأّيَهففا الّنِبف ّ
شًرا َوَنِذيًرا ) 45الحزاب ( .
شاِهًدا َوُمَب ّ
ك َ
سْلَنا َ
َأْر َ
156
ق ،أرشدكم إلى الحقّ كله ،لّنه لن يتكّلم من عنده ،بل يتكّلييم بمييا
" :13-14 :16فمتى جاء هو ،أي روح الح ّ
جدني لنه يأخذ مما لي وُيخبركم " .يسمع ،ويخبركم بما سيحدث ،سُيم ّ
طف ُ
ق ق ،وُيبّلغ رسالة ربه علييى أكمييل وجييه َ ) ،وَمففا َيْن ِ
ق " ،سيرشدهم إلى الح ّ
ي هذا النص ُيخبر بأن " روح الح ّ
حى ) 4النجم ( ،وُينبئهم بأمور غيبية ستحدث لحقا . ي ُيو َ
حٌن ُهَو ِإّل َو ْ
ن اْلهََوى )ِ (3إ ْ
عَِ
ولو أمعنت النظر أخي القارئ ،في النصوص أعله أو رجعت إلى الكتاب نفسييه ،ستكتشييف بسييهولة محيياولت
التضليل والتمويه ،من خلل تتّبع النصوص ومقارنتها مع بعضها البعض ،فاللفاظ والُمسّميات تتكّرر بصييورة
ُمزدوجة ،وتتقّدم أحيانا وتتأخر أحيانا أخرى ) ُيحّرفييون الكلييم عيين مواضييعه ( ،كمييا هييو الحييال فييي النصييوص
التوراتية تماما .وغالبا ما يكشف أحد النصوص المزدوجة كذب وتضليل النص الخر .
إنجيل متى
" متى :13 :23 :ولكن الويل لكم أّيها الكتبة والفّريسّيون المراءون ،فإنكم ُتغلقون ملكوت السماوات فييي وجييوه
الناس ،فل أنتم تدخلون ،ول تدعون الناس يدخلون ، … ،فإنكم تطوفون البّر والبحر ،لتكسبوا ُمتهّودا واحدا ،
فإذا تهّود جعلتموه أهل لجهّنم ،ضعف ما أنتم عليه .الويل لكم أيها القادة العميان ،تقولون :من أقسييم بالهيكييل ،
فقسمه غير ُملزم ،أّما من أقسم بذهب الهيكل ،فقسمه ُملزم " .
" :27 :23الويل لكم … فإنكم كالقبور المطلية بالكلس ،تبدو جميلة من الخارج ،ولكّنهييا ميين الييداخل ،ممتلئة
بعظام الموتى وكل نجاسة .كذلك أنتم أيضا تبدون للناس أبرارا ،ولكّنكم ميين الييداخل ممتلئون بالرييياء والفسييق .
… الويل لكم … فإنكم تبنون قبور النبياء وُتزّينون مدافن البرار ،وتقولييون :لييو عشيينا فييي زميين آبائنييا ،لمييا
شاركناهم في سفك دماء النبياء .فبهذا تشهدون على أنفسكم ،بأنكم أبناء قاتلي النبياء ،فأكملوا ما بدأه آبيياؤكم ،
ليطفح الكيل " .
" :33 :23أيها الحّيات ،أولد الفاعي ،كيف ُتفلتون من عقياب جهّنيم ؟ ليذلك هيا أنيا ذا ُأرسيل إليكيم ،أنبيياء
وحكماء ومعّلمين ،فبعضهم تقتلون وتصلبون ،وبعضهم في مجامعكم تجلدون ،ومن مدينة إلى ُأخرى ُتطاردون
سفك في الرض ،من دم هابيل الّبار إلى دم زكرّيا بن برخيا ،الذي قتلتموه بيين الهيكيل ،حتى يقع عليكم كل دٍم ُ
والمذبح .الحق أقول لكم :أن عقاب ذلك كله سينزل بهذا الجيل " .
" :37 :23أورشليم ،يا قاتلة النبياء وراجمة المرسييلين إليهييا .كييم ميّرة أردت أن أجمييع أولدك ،كمييا تجمييع
الدجاجة فراخها تحت جناحيها ،فأَبْيتم .ها إن بيتكم ُيترك لكم خرابا ،فإني أقول لكم :أّنكم لن تروني ميين الن ،
حتى تقولوا ُ :مبارك التي باسم الرب " .
" :1 :24 :ثم خرج يسوع من الهيكل ، … ،فقال لهم :أما ترون هذه المباني كلها ؟ الحقّ أقول لكم :لن ُيترك
هنا حجر فوق حجر إل وُيهدم " .
" :3 :24وبينما كان جالسا على جبل الزيتون ،تقّدم إليه التلميذ على انفراد ،وقالوا له :أخبرنا متى يحدث هذا
) أي خراب أورشليم ( ،وما هي علمة رجوعك ،وانتهاء الزمان ؟ فأجاب يسوع :انتبهييوا ،إّييياكم أن ُيض يّلكم
أحد ،فسوف يأتي كثير من الناس منتحلين اسمي ،ويضيّلون ُأناسييا كييثيرين .وستسييمعون بييالحروب وبإشيياعات
عن الحروب ،فإياكم أن تفزعوا ،فل بّد من حدوثها ،ولكن ليين تكييون النهاييية عنييدئذ .فسييتقوم أميية علييى أميية ،
ومملكة على مملكة ،وتحدث مجاعات وزلل في أماكن كثيرة ،وهذا ليس إل بدء المخاض " .
157
اضطهاد المؤمنين بالله وفساد الدنيا ُيب ّ
شر بقرب النهاية :
" :9 :24وستسلمون عندئذ إلييى الضيييق وتقتلييون ،وُيبغضييكم جميييع الييوثنيين ميين أجييل اسييمي .فيعييثر أنيياس
كثيرون ،وُيسلم بعضهم بعضا ويتباغضون … .ويزداد الثم ،فتفتر المحبة في أكثر النيياس ،والييذي يثبييت إلييى
النهاية فذاك الذي يخلص .وسُتعلن بشارة الملكوت هييذه ،فييي المعمييورة كّلهييا ،شييهادة لييدى الييوثنيين أجمعييين ،
وحينئذ تأتي النهاية " .
" متى :15 :24 :فإذا رأيتم الُمخّرب الشنيع ،الذي تكّلم عليه النبي دانيال ،قائمييا فييي المكييان الُمقيّدس – ليفهييم
القارئ – فليهرب إلى الجبال من كان عندئذ في اليهودية ،ومن كان على السييطح فل ينييزل ليأخييذ مييا فييي بيتييه ،
ومن كان في الحقل فل يرجع ليأخذ رداءه ،الويل للحوامل والمرضعات في تلك اليام ،صّلوا لئل يكون هربكييم
في الشتاء أو في يوم سبت " .
" لوقا :24-20 :21 :فإذا رأيتم أورشليم قد حاصرتها الجيوش ،فاعلموا أن خرابها قد اقترب ،فمن كان يومئذ
في اليهودية فليهرب إلى الجبال ،ومن كان في وسييط المدينيية فليخييرج منهييا ،وميين كييان فييي الحقييول فل يييدخل
إليها ،لن هذه اليام أيام نقمة يتم فيها جميع ما ُكتب ،الويل للحوامل والمرضعات في تلك اليام ،فستنزل الشّدة
على هذا البلد وينزل الغضب على هذا الشعب ،فيسقطون قتلى بحّد السيف ويؤخذون أسرى إلى جميع المم " .
ي المقصود بالُمخّرب الشنيع ،في النص الول المييأخوذ ميين إنجيييل مييتى هييي دوليية الفسيياد إسييرائيل ،وهييذا مييا
ضحه النص الثاني من إنجيل لوقا بنص صريح بعبارة )فإذا رأيتم أورشليم ( .ولو تمّعنت في النصائح الُمقّدمة يو ّ
للشعب اليهودي لتجّنب القتل والسر .ستجد أن دخول الجيوش على أورشييليم ،سيييكون ُمفيياجئا وسييريعا وبييدون
ضجة ،لدرجة أن من على سطح المنييزل ل يشييعر بيدخولهم إلييى بيتيه .وأن ميين فيي الرييياف ل يسييمع بهييم إل
ُمتأخرا ،وأما النصارى الجدد في الغرب ،فيرون أن المقصود بالُمخّرب الشيينيع -أو رجسيية الخييراب فييي سييفر
دانيال -هو الدجال عدو المسيح ،الذي سيظهر في القدس وأما اليهود فيرون أنه المسجد القصى .
صيير
" :21 :24فستحدث عندئذ شّدة عظيمة لم يحدث مثلها ،منذ بدء الخليقة إلى اليوم ولن يحيدث ،وليو ليم تق ّ
تلك اليام ،لما نجا أحد من البشر ،ولكن من أجل الُمختارين ستقصر تلك اليام " .
ي وهذا أحد النصوص التي يستند إليها نصارى الغرب في تحليلتهم ،بالقول بأن الحرب العالمييية الثالثيية سييتكون
نووية ل محالة ،لسرعة هذه السلحة في حسم المعركة .
" :29 :24وعلى أثر الشّدة في تلك اليام ُ ،تظلم الشيمس ) كسييوف ( ،والقميير ل ُيرسييل ضيوءه )خسيوف ( ،
وتتساقط النجوم من السماء ) الصواريخ ( ،وتتزعزع قوات السييماء ) دوي النفجييارات ( .وتظهيير عنييدئذ فييي
158
السماء آية ابن النسان .فتنتحب جميع قلئل الرض ،وترى ابن النسان آتيا على غمام السماء ،في تمام العييزة
والجلل " .
ي وهذا النص جعل الصوليون النجيليون ،يعتقدون بأن مجيء عيسى عليه السلم ،يسبقه حييرب كونييية نووييية
شاملة ،تحرق الخضر واليابس ،وهم يعملون على دفع القادة السياسيين فييي أمريكييا إلييى التحضييير لهييا ،بغييية
النتصار فيها والنجاة من أهوالها ،فهي ل محالة قادمة ،ومن ضمن التحضيرات -فضل عن التسييلح النييووي -
إصرار أمريكا مؤخرا ،على إنشاء الدرع المضاّد للصورايخ البالستية .
" :32 :24من التينة خذوا العبرة ،فمتى لنت أغصانها ونبتت أوراقها ،علمتم أن الصيف قريب ،وكذلك أنتم
ل هذه المور ،فاعلموا أن ابن النسان قريب بل على البواب … السماء والرض تييزولن وكلمييي إذا رأيتم ك ّ
ل يزول … " .
" :37 :24وكما كانت الحال في زمن نوح ،كذلك ستكون عند رجوع ابن النسان ،فقد كان الناس قبل الطوفان
،يأكلون ويشربون ويتزّوجون وُيزّوجون ،وما كانوا يتوقعون شيئا ،حتى جاء الطوفان فجرفهم أجمعين " .
رؤيا يوحّنا
" :14 :9فقال للملك السادس " :أطلق الملئكة الربعة الُمقّيدين على النهيير الكييبير ،نهيير الفييرات " ،وكييان
هؤلء الملئكة الربعة ُ ،مجّهزين استعدادا لهذه السيياعة والييوم والشييهر والسيينة ،فيُأطلقوا ليقتليوا ثلييث البشيير .
وسمعت أن جيشهم يبلغ مائتي مليون ُمحارب ،ورأيت في الرؤيا الخيييول وعليهييا فرسييان يلبسييون دروعييا … .
وكانت رؤوس الخيل مثل رؤوس السود ،تلفظ من أفواهها نارا ودخانا وكبريتا ،فُقتل ثلييث النيياس بهييذه البليييا
الثلث … .وكانت قوة الخيل القاتلة تكمن في أفواهها وفي أذنابها أيضا ،أما سائر النيياس الييذين لييم يموتييوا ميين
هذه النكبات لم يتوبوا عن أعمالهم … " .
ي هذا النص ُيبين أن هنالك جيش كبير العدد ،مقّييد عليى نهير الفيرات أي فيي العيراق ،وسيُيفكّ قييده فيي موعيد
ُمعين .ويصف هذا النص ما يملكه هذا الجيش من آلّيات حربية حديثة ،وأن هناك ُأناس سينجون من هذا الجيييش
،ولكنهم بالرغم من ذلك لن يتوبوا .
ف مياؤه ،ليصيير مميرا للمليوك " :12-14 :16وسكب الملك السادس ،كأسيه عليى نهير الفيرات الكيبير فجي ّ
القييادمين ميين الشييرق ،وعنييد هييذا رأيييت ثلثيية أرواح نجسيية ، … ،وهييي أرواح شيييطانية قييادرة علييى صيينع
الُمعجزات ،تذهب إلى ملوك الرض جميعا ،وتجمعهم للحرب في ذلك اليوم العظيم ،يوم ال ي القييادر علييى كييل
شيء " .
ف نهر الفرات ميين جييراء ذلييك ،إمييا قبييل أو بعييد نشييوب ي هذا النص ُيخبر بأن العراق قد ُيضرب بالنووي ،فيج ّ
الحرب العالمية ،ليصير ممرا للدول الشرقية لتشارك في الحييرب القادميية ،والييدول الواقعيية شييرق الفييرات تبييدأ
بإيران وتنتهي بالصين ،ومن ثم يجتمع ملوك العالم لتبدأ الحرب البرية ،التي ُيحّدد مكانها في النص اللحق .
" :16-21 :16وجمعت الرواح الشيطانية جيوش العالم كلها ،في مكان ُيسيّمى بالعبرييية " هرمجييدون " .ثييم
ي الميير " .فحييدثت بيروق سكب الملك السابع كأسه على الهواء فدوى صوت من العرش ، … ،يقول ُ " :قض َ
وأصوات ورعود وزلزال عنيف ،لم تشهد الرض لييه مييثيل ،منييذ أن ُوجييد النسييان علييى الرض ،لنييه كييان
ل الدمار بُمدن المم ،فقد ذكر ال بابل الُعظمى زلزال عنيفا جّدا ،فانقسمت المدينة الُعظمى إلى ثلثة أقسام ،وح ّ
159
جزر كلهيا واختفيت الجبيال ،وتسياقط مين السيماء عليى النياس َبيَردٌ
ليسقيها كأسا تفور بخمر غضبه ،وهربت ال ُ
ل حّبة بقدار وزنة واحدة ،فجّدف الناس على ال ،بسبب هذه البلية الشديدة جدا " .
كبير ،ك ّ
ي هذا النص يصف هذه الحرب ،فهناك صواريخ تسقط من السماء ،وأصوات انفجاراتها ُمدّوييية كالرعييد محدثيية
خيير
جييزر تحييت الميياء لييذوبان الكتييل الجليدييية ،وتب ّ
زلزل عنيفة ،واختفاء الجبال من شدة الزلزل ،وهروب ال ُ
طحات المائية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة التي ستحدثها السلحة النووية . المس ّ
أّميا المدينية الُعظميى اليتي ستنقسيم إليى ثلثية أقسيام فهيي بل شيك أمريكيا ،وإن كيان هنياك مدينية بعينهيا فهيي
نيويورك ،بالرغم من أن كتبة التوراة ،أضافوا عبارة ) فقد ذكر ال بابل الُعظمى ( .فلفظ مدينية بالعبرييية يعنيي
عظمييى فييي العصيير الحييالي ،فهييم أضييافوا هييذه العبييارة لكييون بابييل فييي دولة ،وبما أن النبوءة تحكي عن دولة ُ
ُمخّيلتهم ُ ،تمّثل الدولة العظمى والقوية في العصور القديمة ،أما بابل الحالية أي العراق ،فهييي ليسييت بييأي حييال
من الحوال بالدولة العظمى ،وهذه الصفة تتمّيز بها أمريكا .
سري النبوءات التوراتية والنجيلية ُمؤخرا اكتشفوا هيذا المير ،ومنهيم مين قيام بتيأليف كتيب ويبدو أن بعض مف ّ
تنبأوا فيها بدمار إسرائيل ومن ثم أمريكا ،وبالتالي تستطيع قراءة النصوص ،التي ُتخبر عن دمار بابل العظمييى
ل بأمريكا نتيجة هذه الحييرب وليييس العييراق .ولكيين اليهييود يريييدونها بابييل
أو الجديدة ،على أنها ُتخبر عّما سيح ّ
سفنهم ،بإذن ال .القديمة ،ولكن ستجري الرياح بما ل تشتهيه ُ
" :6-10 :19ثّم سمعت صوتا ، … ،يقول " :هّللويا ! فإن الرب الله القادر على كل شيء ،قد َمَلك ،لنفرح
جده ،فإن عرس الحمل ،قد حان موعده ،وعروسيه قيد هّييأت نفسيها ،ووهيب لهيا أن تلبيس الكتيان ونبتهج ونم ّ
البيض الناصع ،والكتان يرمز إلى أعمال الصلح التي قام بها القّديسون " .
" :11 :19ثم رأيت السييماء مفتوحية ،وإذا حصييان أبيييض ُيسيّمى راكبييه " المييين الصيادق " ،الييذي يقضييي
ويحارب بالعدل … .وكان الجناد الذين في السماء ،يتبعونه راكبين خيول بيضاء ، … ،وكان يخرج من فمييه
سيف حاّد ،ليضرب به المم ،ويحكمهم بعصا من حديد . " … ،
ي ل أجد تفسيرا لهذه النبوءة ،إل أنها ُتخبر عن المهدي ) الحمل ( وعروسه ) القييدس ( ،وجيوشييه ) الجنيياد ( ،
وانتصاراته في الحروب التي سيخوضها .
" :4 :20ثّم رأيت عروشا ُمنح الجالسون عليهييا حييق القضيياء .ورأيييت نفيوس الييذين ُقتليوا فيي سيبيل الشييهادة
ليسوع ،وفي سبيل كلمة ال ،والذين … ،وقد عادوا إلى الحياة ،وملكوا مع المسيح ألف سنة .هذه هي القياميية
الولى .أما بقية الموات فل يعودون إلى الحياة حتى تنقضي اللف سنة " .
ي ظاهر هذا النص ُيبشر بعودة المسيح ،وبأنه سيحكم من انتسب إلييى الديانيية المسيييحية بعييد بعثهييم ميين المييوت ،
بغض النظر عن فساد من انتسب إليه أو صلحه ،مدة ألف عام يعيشون فيها بسييلم ،أمييا بقييية البشيير ميين غييير
المسيحين ،فسيقومون بعد ألف سنة فيما ُيسّمونه بالقيامة الثانية .وسُيخّلدون في نار جهنم ول في خلقه شؤون .
" :11-12 :20ثم رأيت عرشا عظيما أبيض ،هربت السماء والرض من أمام الجييالس عليييه ،فلييم يبييق لهمييا
ل الحييياة
مكان .ورأيت الموات كبارا وصغارا ،واقفين أمام العرش .وُفتحت الكتب ،ثم ُفتح كتاب آخر هو سج ّ
طرح الموت … وكل من لم ،وِدين الموات بحسب ما هو ُمدّون في تلك الكتب ،كل واحد حسب أعماله … .و ُ
طرح في ُبحيرة النار " .
ُيوجد اسمه في سجل الحياة ُ ،
" :1 :12ثم رأيت سماء جديدة وأرضا جديدة ،ل بحر فيها ،لن السماء والرض القييديمتين قييد زالتييا .ورأيييت
المدينة الُمقّدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند ال . … ،وسمعت صييوتا هاتفييا ميين العييرش " :الن
صار مسكن ال مع الناس هو يسكن بينهم ،وال نفسه يكون معهم إلها لهم ،وسيمسح كل دمعة عيين عيييونهم ،إذ
يزول الموت والحزن … ،لن المور القديمة كلها زالت " .
ي في الحقيقة يصف هذا النيص ييوم الحشير والحسياب ،حييث أن أورشيليم هيي أرض المحشير ،وهيذا الموقيف
العظيم الوارد في هذا النص ،موصوف بالتفصيل في مواضع كثيرة من القرآن .ولكن النصارى يفهمون النييص
على أن إلههم ) المسيح ( سينزل ليسكن معهم في أورشليم الجديدة ،التي يصييفونها فييي نهاييية السييفر ،وهييو فييي
الحقيقة وصف ُيشبه وصف الجّنة في القرآن ،والموت ل يزول إل عندما يدخل أهل الجنة إلى الجنة وأهييل النييار
إلى النار .
ي يفهم عامة النصارى وخاصتهم من ُمجمل النصوص أعله ،أنه عندما تبدأ الحداث الُمدّمرة التي سيتعّرض لها
كوكب الرض ،بأن المسيح سيعود وسيرتفع بهم فوق السحاب ،وبعد نهاية الحييداث الييتي ليين تسييتمّر طييويل ،
سينزل بهم ويحكمهم مدة ألف عام ،تحت أرض وسماء جديدتين .وهنا وقع خلط ما بين استعادة الرض لبركتها
غْيفَر اَْلْر ِ
ض ض َ
بعد الخراب ،وبين تبّدل السماء والرض يوم القيامة ،كما جاء في قوله تعالى ) َيفْوَم ُتَبفّدُل اَْلْر ُ
حِد اْلَقّهاِر ) 48إبراهيم ( .
ل اْلَوا ِ
ت َوَبَرُزوا ِّ
سَمَوا ُ
َوال ّ
ولذلك ظهرت جماعة التدبيريين ،التي تدعوا إلى تييدمير كييوكب الرض بالسييلحة النووييية ،لقناعيياتهم الجديييدة
نتيجة تفسيرهم الجديد ،بأن هناك أرض جديدة وسماء جديدة ستأتي بعييد الييدمار .والمصيييبة الكييبرى أن رؤسيياء
وساسة ،أكبر دولة عظمى في العالم يؤمنون بذلك ،ويسيييرون بالعييالم نحييو الهاوييية ) فجييورج بييوش البيين ( ل
يكترث بظاهرة النحباس الحراري ،وارتفاع درجة حرارة الرض ،وهو غير معني بتوقيييع اتفاقييية ) كيوتييو (
للحد من هذه الظاهرة ،بما أن هذه الرض ستؤول إلى الزوال ،وما يعنيييه فييي الدرجيية الولييى ،هييو السييتعداد
للحرب النووية القادمة هجوما ودفاعا .
161
الغربيون وهوس النبوءات التوراتية والنجيلية
يعتقد اليهود ونصارى الغرب ،أن قيام دولة إسرائيل للمرة الثانية في فلسطين ،هو علميية لقييرب ظهييور الملييك
المنتظر بالنسبة لليهود ،وللمجيء الثاني للمسيح بالنسبة للنصارى ،ولذلك يعكف الكثير من النصارى واليهييود ،
على اختلف تخصصاتهم العلمية والمهنية في السنوات الخيرة ،على دراسة وتحليل وتفسير النبوءات التوراتية
والنجيلية ،التي ُتخبر عن أحداث آخيير الزمييان .وخاصيية فيمييا يتعّلييق بنهاييية إسييرائيل ودمييار العييالم الغربييي ،
وعودة السلم في نهاية المطاف لواجهة الصدارة .ونطاق هذه البحييوث فييي الغييالب ،يييدور حيول مييا جيياء فييي
سيير هييذه النصيوص ،والكتيياب التوراة والنجيل من نصوص نبوية ،وما ُقّدم فيها من كتييب ومؤلفييات ميؤخرا تف ّ
الكثر شهرة في هذا المجال ،هو كتاب ) نبوءات نوستراداموس ( الغامض ،والسوق الرائجة لطروحيياتهم فييي
هذا المجال هي شبكة النترنت .
وإذا أردت أن تعرف مقدار ما تشغله هذه النبوءات المستقبلية ،ميين فكيير كبييار رجييالت السياسيية والييدين والعلييم
وعامة الشعوب الغربية ،وفي مقّدمتها المريكية والبريطانيية والفرنسيية ،وحيتى عامية النصيارى واليهيود فيي
شتى بقاع الرض ،فما عليك إل أن تزور شبكة النترنت ،وأن تقوم بالبحث – على سبيل المثييال – عيين إحييدى
الكلمات التالية World War III ) ، (WW III ) ، (WW3 ) ، ( Armegeddon ) ، ( Nostradamus ) ، ( Prophecy ) :
، ( ) ، ( Miracle) ، ( Piple ) ، ( Torahلتجد أن هناك مئات اللف من المواقع التي تعرض البحاث والكتب
والدراسات ،التي تبحث في تفسير النصوص التوراتية والنجيلية .
ي وفيما يلي بعض المثلة على مثل هذه المواقع :
•(NOSTRADAMUS, CATHOLIC PROPHECY ON WORLD WAR III (1999-2030
A Catholic Prophecy Nostradamus prophesied that World War III would be initiated ...
... .by Russia and Iran on July 4th of 1999 with nuclear and chemical weapons
[http://web.tusco.net/newone/nostradamus.htm [More Results From: web.tusco.net
ي من كتاب ) نبوءات نوستراداموس ( للطبيب الفرنسيي د ) .دو فونيبرون ( ،ترجمية أسيامة الحياج ،دار مكتبية
التربية ،بيروت ،طبعة 1996م .
هو مسيحي كاثوليكي فرنسي ذو أصل يهيودي ،عياش فيي الفيترة ) 1566 – 1503م ( أّليف أحيد أشيهر كتيب
النبوءات التوراتية والنجيلية .يقول هذا المتنبئ في مقدمة كتابه أن مصييدر نبييوءاته ،هييو مجموعيية ميين الكتييب
والمجلدات القديمة ،التي كان قد ورثها عن أجداده اليهود ،كانت مخبأة منييذ قييرون عديييدة ،وعلييى مييا يبييدو أنيه
استطاع من خللها ،الكشف عن الرموز التوراتية اللفظية والعددية ،اليتي اسيتخدمها مؤلفيو التيوراة مين الكهنية
والحبار ،ومن ثم قام بقراءة الحداث الواردة في النبوءات .ووضعها في كتاب على شكل رسائل نثرية وأبيات
شعرية سّماها الرباعيييات ،اسييتخدم فيهييا الكييثير ميين السييتعارات والرمييوز الواضييحة الدلليية أحيانييا والمضيّللة
والُمحّيرة أغلب الحيان .
وقد اجتهد كثير من الباحثين الغربيين وخاصة فييي العصيير الحييديث ،وأجهييدوا أنفسييهم بمحيياولت مضيينية لحييل
رموزه وطلسمه ،ومحاولت مضنية لمطابقتها لما جرى ويجري وسيجري على أرض الواقع ،لدرجة أنيك ليو
بحثت عن لفظ ) ( Nostradamusفي أحد محّركات البحث على شييبكة النييترنت ،سييتجد آلف المواقييع لمراكييز
وجمعيات وكتب ودراسات ،تبحث فيي أمير نبيوءاته وتجتهييد فيي مطابقتهييا ميع الواقيع ،فيي محاولية لسيتقراء
المسييتقبل ،وخاصيية فيمييا يتعلييق بأحييداث النهاييية ،وخاصيية الحييرب العالمييية الثالثيية ونهاييية الحضييارة الغربييية
المرتبطيية بعييودة الخلفيية السييلمية ،والملفييت للنظيير أن هييذا المتنييبئ يحمييل حقييدا وكراهييية شييديدة للعييرب
والمسلمين ،حيث يصفهم بأبشع الصفات بأسلوب على ل يخلو من التحريض .
ومن أشهر الكتب في تفسير نبوءاته وفك رموزه وطلسمه ،هييو كتيياب ) نبييوءات نوسييتراداموس ( ،الييذي أّلفييه
طبع هذا الكتاب عدة مييرات ،أعييوام 38و 39و الطبيب الفرنسي ) دو فونبرون ( ،المتوفى عام 1959م ،وقد ُ
1940م ،ومن ثم ُأعيد طبعه بعد عدة سنوات من خلل ابن المؤلف ،ومما أضافه البن إلى الطبعة الجديييدة ميين
الكتاب نص مخطوط بقلم أبيه الطبيب ،كتبه قبل وفاته بأربعة أشهر بعنوان ) بحث في الحداث القادمة ( .
وهذا نصه :
" يجب النظر بصورة منفصلة إلى الحداث وتتابعها الزمني ،إن ترتيبها من حيث الزمان ل يمكن تص يّوره ،إل
ضمن عملية افتراضية ،إذ أن المعطيات المتعلقة بها شديدة التشييذر ،بحيييث ل يمكيين أن تييؤدي إلييى اسييتنتاجات
أكيدة كليا …
إن جميع النبوءات القّيمة مترّكزة على الحقبة ،التي سييتغدو فيهييا الحضييارة الغربييية ،مهيّددة بالييدمار .والوقييائع
الساسية لهذه الزمة العالمية ،هي كالتالي :الحرب والثييورة العامتييان ،تييدمير بيياريس الكلييي بالنييار ،وتييدمير
جزء من مرسيليا ،بتلطم لمواج البحر ،هزات أرضية مخيفة ،وباء طاعون يقضي على ثلثي البشرية ،البابييا
المطرود من روما ،انشقاق كنسي …
يبدو أن هذه الحداث ستبدأ بالحرب بين الشرق والغرب ،أما ذريعتها فسييتكون فييي الشييرق الوسييط ) العييراق ،
إيران ،أو فلسطين ( ،ومن المرجح أن تجري على مرحلتين ،على غرار حرب 1945– 39م …
163
في تلك اللحظة يظهيير نجييم مييذّنب سييوف يميّر علييى مقربيية ميين الرض ،لدرجيية أنهييا سييتجتاز شييعره الُمحّمييل
بالحصى ،هذه النيازك الجوية التي ستكون بمثابة انتقام السماء العجائبي ،سوف تسقط على أمكنة محّددة ،حيث
ستكون محتشدة قوات الثورة الحمراء ،والسطول الروسي في البحر المتوسط …
من المرجح أن تدمير باريس ،سيتم في المرحلة الثانية من النزاع ،قبل وقت قصير من طرد البابا من روما …
" ،انتهى .
وجاء في نفس المقدمة ما مفاده أن المحنة الكبرى ،التي ستشهد بداية تدمير الحضارة اليهودية المسيحية ،كييان )
نوستراداموس ( قد حّدد نقطة انطلقها في الشهر السابع من عام 1999م .
نصوص من نبوءات ) نوستراداموس ( من كتاب الطبيب الفرنسي :
صه :
في الرسالة إلى هنري الثاني ورد ما ن ّ
" وسوف تتم حملة جديدة ،ما وراء البحر المتوسط لنقاذ النييدلس ،الييتي ُيهيّددها النهييوض الول للمحمييديين .
) إشارة للستعمار الغربي للبلد العربية ( .
والمكان الذي كان به مسكن إبراهيييم فييي الماضييي البعيييد ) أي العييراق ( سييوف ُتهيياجمه رسييل المسيييح ) إشييارة
للعدوان الصليبي على العراق ( .
ومدينة ) سيشم ( أي فلسطين ،سوف ُتحيط بها وتهاجمها من كل الجهات ،جيوش غربييية قوييية جييدا سييتحد ميين
قوة أساطيلهم .وفي هذا الملك سوف يحدث حزن عظيم تقفر مدنه الكبرى ) .إشارة لستلب فلسطين (
والذين يعودون إليها أولئك الذين سُيمارس ال غضبه ضدهم ) أي اليهود في فلسييطين ( ،والمكييان الُمقيّدس ليين
يؤوي بعد ذلك ،سوى عدد صغير جدا من الكفار ) يقصد المسلمين ( ،أوه ! في أي حزن فاجع ،سييتكون عنييدئذ
النساء الحبالى ،اللواتي ستمنعهن ثمرة أحشائهن من الهرب …
وخلل كل هييذا التقييدير الكرونولييوجي ) الممتييد طوليييا عييبر الزميين ( ،الُمعيياد إلييى الكتابييات المقّدسيية ،سيييتولد
اضطهاد رجال الكنيسة ،من خلل تحالف قادة الشييمال العسييكريين )ميين قبييل دول التحيياد السييوفييتي السييابق ،
يأجوج ومأجوج ( ،وهذا الضطهاد سيدوم 11عاما غييير مكتمليية ،وستسييقط خللهييا الدوليية الشييمالية الرئيسييية
) روسيا ( ،بعد أن ُتنجز تلك السنوات ميين الضييطهاد ،سيييأتي حليفهييا الجنييوبي ) العييرب ( ،الييذي سيضييطهد
رجال الكنيسة على مدى ثلثة أعوام وبقسوة أشّد … إلى حّد أن دم رجال الدين الحقيقيين سيسييبح فييي كييل مكييان
…
وللمرة الخيرة أيضا سترتجف كل الممالك المسيحية ،وكذلك ممالك الكفييار خلل 25عامييا ،سييتكون الحييروب
والمعارك أكثر دموية من أي وقت مضى ،وسوف ُتحرق المدن والقصور وكل المباني الخرى ،وسيتم هجرها
وتدميرها ،مع إهراق عظيم لدماء العذارى والمهات والرامل المغتصبات ،والطفييال الُرضييع الييذين س يُيرمى
طم عظامهم ) وصف لعقاب اليهود في فلسطين ( ،الكثير من الشرور سيييتم ارتكابهييا بهم على جدران المدن وتح ّ
بفعل الشيطان المير الجهنمي ،بحيث كل العالم الكاثوليكي تقريبا ،سيييتعّرض للخييراب والبييادة ،وقبييل أن تتييم
هذه الحداث ،ستدوي في الفضيياء طيييور غريبيية ) هييي الطيائرات ( … ،وسيتختفي بعيد قلييل ،بفعييل الكارثية
النهائية للعالم ) الحرب العالمية النووية الثالثة ( … ومن ثم ستقوم حقبة جديدة ،عهد ذهييبي سيييأمر بييه الخييالق ،
وعندئذ سيبدأ بين ال والبشر سلم شامل ) زمن عيسى عليه السلم ( … "
وفي نهاية الفصيل ) (11مين الكتيياب يخليص المؤلييف إلييى القيول " :كييل الشيرق إذن سييينتفض مين جديييد ضيد
الغرب ،وحبره العظم الخير بطرس الروماني ) أمريكا ( … "
ي نجد أن المؤلف من خلل فهمه لمجمل نصوص ) نوستراداموس ( ،يخلص إلى أن الشعوب الشييرقية بمييا فيهييا
من إثنيات متنوعة ،ستتحد ضد الغرب في مواجهة مصيرية نهائية .
وفي بدايات الفصل ) (14على لسان المتنبئ :
164
" 1-9من الشرق سيأتي العمل الغادر .الذي سُيصيب إيطاليا وورثيية روموليوس .بصييحبة السييطول الليييبي .
ارتجفوا يا سكان مالطا والجزر القريبة المقفرة " .
ي نجد أن المتنبئ يصف انتفاضة الشرق بالعمل الغادر ،الذي سيطيح بإيطاليا وورثيية المبراطورييية الرومانييية ،
ونجده يذكر ليبيا بالسم مؤكدا انضمامها للتحالف الشرقي ،مثيرا رعب الغربيين من هذا العمل الغادر .
وفي الفصل ) (27يقول المؤلف :
" بمقدار ما نبتعد في المستقبل ،يغدو من الصعوبة بما كان ،أن نربط بين الحداث ،التي ستعيشها البشييرية فييي
انحدارها القصى .إل أن التكرار المتواصل للتاريخ متشابه ،وعلى شبكته الُمتجّددة باستمرار ُ ،يمكن أن ُتطّرز
سلفا المعركة الخيرة والُمخيفة ،التي سيظفر بها الشرق البربري على الغرب المسيحي .
ي هنا يلصق المؤلف صيفة البربريية بالشيرق ،ويؤكيد انتصيار هيذا الشيرق المتيوحش ،عليى الغيرب المسييحي
المسالم والمتحضر .
مستفيدين من النقسامات التي سُيثيرها المسيح الدجال ،وميين الضييعف والفوضييى الناتجيية عين مييذاهبه ،ينجييح
العرب والسيوّيون والمغول في اجتياح أوروبا ،بعضهم عبر إيطاليا وإسبانيا كما هي العييادة ،والخييرون عييبر
القارة والجو ،في حين تنهار فرنسا والكنيسة ،ويتعرض البابا بالذات إلى الغتيييال وسييط الفسيياد العييام ،تظهيير
ظواهر مرعبة في السماء .
ي نجد أن المتنبئ ُ ،يحّدد في هذا النص ماهية الشعوب الشرقية التي يقصدها ،ويضع العرب على رأس القائميية ،
ويؤكد نجاحهم في اجتياح معظم دول أوروبا برا وبحرا وجوا .
في عام الكسوفين الكاملين ،من طرف لخر طرف في العالم القديم ،تحصل أمور غريبة :تظلييم الشييمس ويفقييد
القمر نوره ،وضجيج البحر والموج ،سيييجعل النيياس ييبسييون رعبييا ،لنييه سيصييل الطوفييان التكفيييري الجديييد
) عودة الخلفة السلمية ( ،ليختم فجأة العصر الذي بدأ مع زمن نوح " .
ي في هذا النص ُيحّدد المتنبئ فلكيا نقطة البداية ،لحداث مسلسل الرعب الخير الذي يصفه في كتييابه ،بكسييوف
كلي كبير للشمس ) 1999م ( ،متبوعا بخسوف كلي للقمر .
يؤكد المؤلف على حتمية وقوع مواجهيية أخيييرة بييين الغييرب والشييرق ،ويؤكييد علييى حتمييية ظفيير الشييرق بهييا ،
وكنتيجة لهذه المواجهة ستنهار فرنسا ) التي كانت ُتمثل الدولة الصليبية العظمى آنذاك ،في العصيير الييذي عيياش
فيه المتنبئ ،أما الن فأمريكا هي الدولة العظمى ،وراعية الحملت الصييليبية الجديييدة علييى الشييرق ( وسييتنهار
الكنيسة ) بمعنى انهيار الييدين بظهييور الييدين السييلمي ميين جديييد ( .ويعييزو المؤلييف نجيياح الشييرق فييي غييزوه
أوروبا ،إلى ما أثاره المسيح الدجال من ضعف وفوضى وانقسام ،وليس غضبا إلهيا لكفرهييم وضييللهم ورغبيية
إلهية في إظهار الحق وزهق الباطل ،والحقيقة أن الذي سيتسبب في ظهور الضعف والنقسييام الوروبييي ،بييين
مؤيد ومعارض هو إسرائيل ) المسيح الدجال الحقيقي ( والشعب اليهودي بشكل عام .
سييرو النبييوءات التوراتييية علييى شييخص مفسييد ومخيّرب سيييظهر فييي المكييان والمسيح الدجال هو لفظ ،يطلقه مف ّ
المقّدس ،وهو معاٍد للمسيحية وللمسيح وأتبيياعه ،سيييقود الشييرق فييي معركتييه الخيييرة مييع إسييرائيل والغييرب ،
وينسبون إليه كل ما ُيوصف في التوراة من إفسيياد ،حييتى إفسيياد الدوليية اليهودييية الحالييية الموصييوف بييالتوراة ،
وبذلك أصبح الفساد اليهودي السرائيلي ،الذي حّذرت منه التوراة ووصفته بدقة متناهية ،منسوبا إلييى شييخص
المسيح الدجال الذي لم يظهر بعد ،لتكون إسرائيل وحلفائها بمنأى عن الغضب والعقاب اللهي ،الييذي سينسييكب
على الدجال وأتباعه ،وأتباعه هم من العرب والروس والمغول حسب اعتقادهم .
وفيما يلي بعض النصوص ،التي استقى منها المؤلف هذه الفكار :
" 2-70سيف السماء يمتد فوق العالم … يجري إعدام عظيم لمن سيموتون وهم يتخاطبون "
165
" 2-18مطر جديد مفاجئ وعنيف … تتساقط من السماء على البحر ،الحجارة والنار … تموت بغتيية الجيييوش
السبعة البرية والبحرية " .
" 2-56من لم ينجح الطاعون والسلح في الجهاز عليهم … سُيضربون من أعالي السماء " ..
" 2-86خلل الغرق الذي سيتم قرب البحر الدرياتيكي … ستهتز الرض لُتميت من كانوا يحومون في الهييواء
…"
" 3-83الجو والسماء والرض سُتظلم وتضطرب … حينئذ سيتضرع الكافر ل وقّديسيه "
أمريكا :
" 9-44اهربوا ،اهربوا يا سكان جنيف أجمعين … عهدكم الذهبي سيغدو عهدا حديديا … "
ي هذه الدعوة للهرب من جنيف ،هي في الصل دعوة للهرب من بابل في النصوص التوراتية ،ليتبين لنا أن لفظ
بابل استخدمه كتبة التوراة ،للتعبير عن دولة أو مدينة ذات مييال وجمييال وسييطوة سييتظهر مسييتقبل ،كمييا كييانت
جنيف في عصر نوستراداموس ،الذي لم ُيعاصر العصر الذهبي لمريكا وعاصمتها التجارية ) نيويورك ( .
" 1-26الصاعقة العظيمة ستسقط في وضح النهار "
" 1-87النار المركزية التي تجعل الرض تهتز … ستتجلى حول المدينة الجديدة ) نيويورك ( "
طس في البحيرة الغالية "
" 10-49بستان العالم قرب المدينة الجديدة … سُيؤخذ وُيغ ّ
" 6-97سماء خط التوازي ، 45ستحترق تقترب النار من المدينة الجديدة العظيمة … "
" 9-55أية حرب مخيفة ستتهيأ في الغرب … وفي العام التييالي سيييأتي الطيياعون … رهيبييا إلييى حيّد أنييه علييى
شّبان والعجزة والقطعان … سيكون للدم والنار سلطة في فرنسا … ال ُ
" 4-67في العام الذي سيشتعل فيه الزمن والحرب معا … سيكون ثمة مسار كبير للمقييذوف فيي الهيواء الجيياف
) الصواريخ النووية ( … يحترق المكان الكبير بنيران آتية من بعيد … يرى الناس القحييط والعاصييفة ،تحصييل
حروب وغزوات " .
" 8-16في روما ،حيث كلي القدرة بنى هيكله … سيكون طوفان كبير ومفاجئ … بحيث ما من مكيان ،وميا
من أرض ستسمح باتقائه … ستمر المياه من فوق الولمب فيزول " .
" 3-32القبر الكبير للشعب البريطاني … سيكون على وشيك النفتيياح … حييين تزمجير الحيرب قييرب حيدود
ألمانيا … وفي بلد مانتو ) إيطاليا ( " .
" 3-70بريطانيا العظمى ،أي إنكلترا … تتعرض لثورة عنيفة ) تغمرها المياه ( … " .
" 8-15نحو الشمال تعزيزات كبرى من الحشود البشرية ) روسيا ( … تضرب أوروبا والعالم أجمع تقريبا …
خلل الكسوفين ،تقوم بمطاردة مهمة … وتدخل هنغاريا في الحياة والموت " .
خلصة ما يتنبأ به ) نوستراداموس ( ،هو دمار الدول الغربية ) أمريكا وبريطانيا وفرنسييا ( بهجييوم صيياروخي
نووي مفاجئ ،يصفه بكل دقة ) مطر جديد مفاجئ وعنيف …( وُيعّرف هذا المطر الجديد ) تتساقط ميين السييماء
على البحر ،الحجارة والنار ( وُيعّرفه أكثر بقوله ) للمقذوف في الهواء الجيياف ( وُيحيّدد مصييدره ) بنيييران آتييية
من بعيد ( ويصف تأثيره ) يرى الناس القحط والعاصفة ( ويصييف مييا يعقبييه ) سيييكون طوفييان كييبير ومفيياجئ (
خر مييياه البحييار والمحيطييات ، نتيجة ارتفاع درجة حرارة الرض ،التي ستعمل على ذوبان الكتل الجليدية ،وتب ّ
ومن ثم لتعود وتسقط على شكل مطر غزير مسببة طوفانا ،تغرق في مياهه أمريكا وبريطانيا إلى غير رجعة .
166
وما يعطي مصداقية لنبوءات هذا المتنبئ ،واهتماما منقطع النظييير بهييا لييدى الغربيييين ،هييو تحّقييق الكييثير منهييا
حسب اعتقادهم ،بالرغم من إبهامها وعموميتها ،ووصفه الدقيق -قبييل ) (450سيينة تقريبييا -للسييلحة ووسييائل
النقل ،التي استخدمت في الحروب العالمية ،والتي لم تكن موجودة أصل في عصره .وهذا مما ُيع يّزز مخيياوف
هؤلء من صدق نبوءاته ،بشأن دمار الحضارة الغربية برمتها من قبل الشرقيين ،كما ُيعلن عن ذلك بصراحة .
من خلل هذه النصيوص والنصيوص التوراتيية الصيلية ،تيبين للكيثير مين البياحثين المريكييين والبريطيانيين
والفرنسيييين ،المشييغولين بنبييوءات ) نوسييتراداموس ( ،أن المقصييود بالمدينيية الجديييدة ،الييتي سيييلحقها الييدمار
والخراب ،هي ) نيويورك ( بشكل خاص وأمريكا بشكل عام .وخوفا من صدق هذه النبييوءات المرعبيية ُ ،تجهييد
ث الخطييى ،سيعيا لمتلك اليدرع النيووي أمريكا نفسها – بقيادة الحيزب الجمهيوري التيوراتي النجيلييي -وتحي ّ
المضاد ،للنبوءات التوراتية بصواريخها النووية الروسية والصينية ،ل الصواريخ النووية العراقية أو اليرانييية
أو الكورية الشمالية كما تّدعي .
في تقرير لوكالة ) أ ف ب ( من واشنطن ،نقل عيين صييحيفة الدسييتور الردنييية ،الصييادرة بتاريييخ - 7 - 12
2001م ،جاء ما نصه " :أعلنت وزارة الدفاع المريكية أمس ،تسريع برنامجهييا للييدرع المضيياد للصييواريخ ،
الذي قد يصطدم بالقيود التي تفرضها معاهدة ) إيه بي أم ( " :وذلك في غضون بضعة أشهر عوضييا عين بضييع
سنين " .وصّرح مساعد وزير الدفاع المريكي ) بول وولفييوفيتس ( فييي كلميية أمييام لجنيية القييوات المسييلحة فييي
مجلس الشيوخ " :لقد بدأنا متأخرين سباقا ضد الزمن " .وبحسب المسؤول المريكي ،فإن عمليييات التجييارب
وتطوير نظام الدرع المضاد للصواريخ ،سيصطدم بل شك ،بقيود نصت عليها معاهييدة ) إيييه بييي أم ( ،وأشييار
إلى " أن هناك فرصا عديدة ليتم ذلك في غضون بضعة أشففهر بففدل مففن بضففع سففنين " ،وأكد أنييه " ينبغييي أن
نتجاوز قيودا تفرضها علينا معاهدة ) إيه بي أم ( ،وقال أن الوليات المتحدة ،ستحاول العمل علييى إبييرام اتفيياق
مع روسيا ،يتضّمن ترتيبات جديدة ،بهدف تجاوز معاهدة ) إيه بي أم ( ،وأشار مع ذلك إلى أنه " :سيكون ميين
ضل التوصل لذلك من خلل التعاون ) مع الصعب التأكد من تأمين ذلك خلل السنة المقبلة " .وأضاف " :كنا ُنف ّ
روسيا ( ،ول نزال متفائلين بأن مثل هذا الخيار أمر ممكن " .وذكييرت صييحيفة واشيينطن بوسييت ( فييي عييددها
أمس أن وزارة الخارجية ،أن وزارة الخارجية المريكية أمرت السبوع الماضيي ،سيفارات الوليييات المتحييدة
في العالم ،باطلع الحكومات الجنبييية علييى النييية المريكييية ،بتطييوير مشييروع الييدرع المضييادة للصييواريخ "
انتهى .
الذريعة المريكية بتخّوفها من مهاجمتها بصواريخ باليستية ،ميين قبييل العييراق وإيييران وكوريييا الشييمالية ،غييير
مقنعة لكل دول العالم ،وحتى حلفاء أمريكا من الوروبيين ،أما السباب الحقيقية لنتاج هذا الدرع ،فمرّدها هو
مخاوف توراتية وإنجيلية بحتة ،وهي على أربعة احتمالت :
وقاية نفسها من أي هجوم روسي ،أثناء المواجهة القادمة بين الشييرق والغييرب ،فيمييا لييو فكييرت روسيييا .1
ببدء هجوم مباغت ،بعد تحالفها مع الدول العربية والسلمية ،وهو الحتمال الضعف .
التفكير بالمبادرة بالهجوم على روسيا ،استعجال للمواجهة الحتمية التي فرضتها عليهم النبوءات ،فكسب .2
شييرين
جه الضربة الولى للطرف الخر ،وقييد يكييون اسييتجابة لييدعوات الُمب ّ
المعركة سيكون من نصيب ،من ُيو ّ
النجيلين ،استعجال للمجيء الثاني للمسيح .
تنفيذ نواياها المعلنة اتجاه العراق ،بالقيام بعمل إجرامي جديد ُ ،يريح أعصاب اليهود في الشرق والغرب .3
إلى البد ،من خطر زوال إسرائيل على أيدي العراقيين ،بشن حرب أو بتوجيه ضربة نووية واسييعة النطيياق أو
محدودة ،وهو الحتمال القوى .
منع إمكانية ظهور ذلك القائد المسلم ،الذي سيتسبب في دمار الحضارة الغربييية ،بضييرب بييؤر القيييادات .4
السلمية الحالية .
167
وعلى ما يبدو أن صفة الستعجال ،جاءت من فهييم حاخامييات اليهييود للنصييوص النبويية ،ومعرفتهييم ميين خلل
الشارات الفلكية ،والحسابات الموجودة في التوراة ،بقرب تحقق هذه الحداث على أرض الواقع .
" 10-86سيأتي ملك أوروبا مثل غريفون … ُترافقه جماعة الشمال … سيقود حشدا كبيرا من الحمر والبيض
… ويسيرون ضد ملك بابل " .
" 1-55في ظل المناخ الذي سيواجه بابل … سيكون الدم المراق غزيرا … والرض والبحر والجيو والسيماء
جائرات … بفعل البدع والمجاعة والحكومات والطاعون والفوضى " .
ض مضاجعهم ،وهو المبّرر الوحيييد لحربهييم الشييعواء ،الييتي وهو المر الذي ُيرعب نصارى ويهود الغرب ويق ّ
يشّنوها ضد السلم ومن ُيمّثلييه ،دون كلييل أو ملييل ،بييدفع ميين أحبييار اليهييود وكهنتهييم ،فييي كييواليس ودهيياليز
السياسة الغربية ،كما كانوا ُيزّينون لكفار قريش سوء أفعالهم ،في كواليس ودهاليز السياسة في مكة ،خوفييا ميين
ظهور أمر الدولة المحمدية الولى ،وكنا قد أشرنا سابقا إلى بعض النصوص التوراتية الصلية ،الييتي اسييتطاع
) نوستراداموس ( من خللها التنبؤ بهذا المر بنصوص صريحة ل ُلبس فيها :
" 5-55من الجزيرة العربية السعيدة … سييولد قيائد مسيلم كيبير … يهيزم إسيبانيا ويحتيل غرناطية … يصيد
المسلمون الصليب … يخون البلد واحد من قرطبة " .
" 5-25أمام المير العربي ،بعد الحرب الملكية الفرنسية … تسقط مملكة الكنيسة في البحر … يأتون من جهة
فارس مليونا … حين يستولي الشيطان على مصر واستنبول .
" 2-29سُيغادر الشرقي مقّره … يجتاز جبال البينين ويدخل فرنسا … يعبر الثلوج الخالدة ) جبال اللب ( …
ويضرب كل واحد بعصاه " .
" 9-100سيجري كسب المعركة البحرية ليل … يكون ذلك خراب الغرب … سيكون ثمة ميثاق أحمر ،تتلطخ
الكنيسة بالدم … يشهد المهزوم إفلت النصر منه ويستشيط غضبا " .
" 2-93قريبا من نهر التيبر ُ ،تهّدد آلهة الموت … بعد فيضان عظيم بقليل … يقع البابا في السر … يحرقييون
القصر والفاتيكان " .
ي إذن يعلم الغربيون يهودا ونصارى مما جاء في كتبهييم ،أن هنيياك قييائد مسييلم كييبير ،هييو نفييس المييير العربييي
والشرقي ،الذي سيولد في الجزيرة العربية ،وأن هذا القائد سينتصر في حروبه ،موحدا بذلك جميييع دول العييالم
السلمي ،ومن ثم سيجتاح أوروبا كاملة ،بجيوشه الجرارة البالغية فيي نيص ) ( 1ملييون ،وفيي نيص آخير )
( 200مليون مقاتل ،مسببا سقوط الحضارة المسيحية اليهودية واندثارها ،لذلك تجد الغرب يسعى حثيثييا ،لييوأد
أية بادرة تلوح في الفق لحياء الخلفة السلمية .
يقول مؤلف الكتاب :إذا كانت أوروبا وفرنسا بوجه خاص ،بقيت بمنأى عن أي غزو ميين جييانب العييالم العربييي
منذ أيام ) شارلمان ( ،فالحرب الكبرى ستشهد عودتهم المؤذية ،هذا ما سماه ) نوستراداموس ( في الرسالة إلييى
هنري الثاني " بالعودة المحمدية الولى " .حيث يقول ) نوستراداموس ( :
" 3-4حين سيقترب تمّرد المسلمين ،لن نكون بعيدين جدا عن هذا وذاك … البرد والقحط والخطر على الحدود
… حتى حيث بدأ الوحي اللهي " .
… " 4-39لن إمبراطورية الهلل ستخرج من سباتها … "
168
" 6-42سيجري التخلي عن السلطة للكلم الفتان … لمبراطورية الهلل التي ستفرض نفسها … وتم يّد رايتهييا
إلى ما فوق اليطاليين … ستكون في يد شخص يتظاهر بالحكمة " .
" 5-73سيتم اضطهاد كنيسة ال … وتصادر البنييية الدينييية … سيُيعري الولييد أمييه … وسيييتفق العييرب مييع
البولنديين " .
" 10-33الجماعة القاسية ذات الرداء الطويل ) المسلمون ( … ستأتي مخبئة خناجرها … يستولي قائدها على
فلورنسا ومكان اللهبة المزدوجة ) روما ( … قائما بفتحه مع القتلة والحالمين " .
ي تؤكد هذه النصوص ،أن المة السلمية ستنهض من سباتها ،وستفرض نفسها كدولة عظمى ،وعليى مسياحة
واسعة من الرض ،تشمل أجزاء من أوروبا الغربية ،وُيخبر ) نوستراداموس ( بخبث ودهيياء يهييوديين ،بييأنهم
أي المسلمون الغادرون القساة القتلة ،سيضطهدون كنيسة ال ،ويستولون على إيطاليا كلها .وهذه إحدى الصور
التي شكلتها النبوءات التوراتية والنجيلية ،عن السلم والمسيلمين بشيكل عيام ،وبيدون اسيتثناء لي عربيي أو
سرو هييذه صر .وهذه الصور أجاد في تشويهها والتخويف منها ،والتحريض على محاربتها ،مف ّ مسلم حتى لو تن ّ
النبوءات قديما وحديثا ،حتى أصبحت من المسلمات العقدية لييدى عاميية الغربيييين ،فل عجييب ول غرابيية ،ميين
سرو الكتاب المقدس ،الييذي حمل الغربيين لهذا العداء العقائدي المزمن للعرب والمسلمين ،فهذا ما ُيخبرهم به مف ّ
ل يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه ،حسب اعتقادهم .
الملفت للنظر أن كثير مين البيياحثين ،فييي نصييوص النبييوءات التوراتييية والنجيلييية ،هييم مميين يشييغلون مراكييز
حساسيية ومرموقية ،فييي السيلك السياسيي والعسيكري والييديني ،وهيذا الكياتب هيو أحييدهم ،ول ُيعقييل أل تتيأثر
القرارات السياسية والعسكرية لهؤلء ،بما يحملونه من أفكار ومعتقدات ُ ،تشّكل خطرا علييى الميين والسييتقرار
العالمي ،ول ُيعقل أل تؤثر أفكارهم ومعتقداتهم في قرارات رؤساء دولهم ،هذا إن لم يكن رؤساء الدول أنفسييهم
) كريغان وبوش ( يحملون هذه الفكار والمعتقدات .
ي تفصيل الحداث بشخوصها ومكانها وزمانها ،سنعرضه لحقا في الفصول الخيرة ،ولكيين سيينتوقف قليل مييع
حح بعضا من أحداثه وشخوصه : هذا الكتاب ،لنوضح ونص ّ
صلح الدين الجديد ي كناية عن القائد الذي سُينهي العلو اليهودي الثاني في فلسطين . .1
مملكة فلسطين السلمية ي كناية عن الخلفة السلمية في القدس . .2
170
العاهل الردني ي كناية عن ملك القدس المنتظر ،أي المهدي الذي يعود بنسبه ،إلى الرسول عليه الصلة .3
والسلم كما هو معتقد .
ثورات إسلمية تكتسح البلدان العربية ي حروب المهدي لتوحيد البلدان العربية والسلمية . .4
السلح الكهرومغناطيسي ،لُيضيء السماء ليل ي شريعة السلم التي ستبعث من جديد بخلفة المهدي . .5
من قبرص والسكندرية ،حتى حدود الردن والحدود السورية العراقية ي امتداد الدولة السلمية . .6
إنتاج السلح الكهرومغناطيسي ي ربما تكون صحيحة ،ولكيين ميين الرجييح أنهييا فكييرة ابتييدعها الكتيياب ، .7
لتفسير النتصار المقبل للعرب على إسرائيل وتيدميرها ،رغييم امتلكهيا للتكنولوجييا العسيكرية وأسيلحة الييدمار
الشامل وتحالفها مع الغرب ،حسب رأيه .والحقيقة أن فلسطين لن يتم تييدميرها ،لتصييبح قفييرا ل تصييلح للسييكن
للبد ،كما ُتخبر النصوص التوراتية .
الدمار الموصوف ي هو دمار لمريكا ل فلسطين ،أما فلسطين فسيتم استعادتها بدون تييدمير ،وهييي الييتي .8
ستكون أكثر البلدان ،أمانا وطمأنينة خلل الحداث القادمة ،وستكون بمنأى عن ضربات أسلحة الييدمار الشييامل
بإذن ال ،حيث ُقدر لها بعد تلك الحداث ،أن تكون عاصمة الخلفة السلمية .
حقيقة ما وقع فيه هذا الكاتب ،أنه قام ببناء هرم نبوءاته على أساس صحة النصوص التوراتية ،إذ أنه ل يعلم أن
كتبة التوراة قاموا ببعثرة وجمع ثلثة أخبار نبوية ،متباعدة ومتتابعة فييي نصييوص مرتبكيية ومضييطربة ،ليظينّ
الكيياتب أنهييا تحكييي حييدثا نبويييا واحييدا .وهييذه الخبييار النبوييية الثلثيية بييالترتيب هييي ؛ أول :الغييزو العراقييي
لسرائيل ،وثانيا :تحالف الروس والعرب ضد الغرب في الحرب العالمية الثالثة ،بعد سقوط الدوليية اليهودييية ،
وثالثا :خروج المهدي من مكة واتخاذ القدس عاصمة لخلفته الممتدة ،ميين النيييل إلييى الفييرات وميين تركيييا إلييى
اليمن .
ونلحظ هنا أن مؤلف هذا الكتيياب ،كييان قييد شييغل منصييب مسيياعد رئيييس أركييان الحييرب البريطيياني ولشييؤون
السياسة أيضا ،ونحن هنا ل نطرح تكهنات أو تخّرصات ،حول معتقداتهم بالنسبة لنا كمسلمين وعرب ،فهذا ما
يعتقدون ويؤمنون به ويطرحونه في كتبهم ،والتي هي من أكثر الكتب مبيعا في بلدانهم ،وأن هذا المؤلف وغيره
الكثير من الذين يحملون هذه الفكييار ،كييانوا فييي المييس القريييب جييدا يشييتركون فييي صيينع القييرارات الخاصيية
ك أنييك ستصيياب بالييذهول ممييا يطرحييونه ميين بالمنطقة ،ولو اطلعت على غزارة إنتاجهم في هذا المجال ،ل شي ّ
أفكار وقناعات جنونية ومرعبة ُ ،يقّدمونها لشييعوبهم علييى أنهييا مسييلمات ،وستصيياب بالييذهول لغفليية أمتنييا عمييا
يحملونه من عقائد وقناعات ،وما يقترفونه بناءً عليها ميين سياسييات ُيحيكونهييا تحييت سييتر الظلم ،فييي كييواليس
السياسة الغربية وينفذونها على أرض واقع أمتنا ،ونشاركهم نحيين أيضييا فييي تنفيييذها ،بعييد أن ُيقيّدموها لنييا فييي
غلف من ورق السولفان الملون ،الذي يكشف ميين خلل شييفافيته وسييخافته حقيقيية أهييدافهم البشييعة ،والمشييبعة
بالحقد على أمة القرآن التي تخّلت عنه طوعا ل كرها منذ أمد ليس بالقصير .ولكن ذلك ل ولن يرضيييهم ،حييتى
ُيحّققوا كامل أحلمهم وأمانيهم ،وُيتخّلصوا من كامل مخاوفهم وهواجسهم ،التي لن تزول إل بييزوال هييذه الميية
عن وجه الرض ،والتي وعيدها ربهيا بالبقياء حيتى تقيوم السياعة ،وليذلك عياجل أم آجل ،سيتقودهم أوهيامهم
وهواجسهم إلى تدمير أنفسهم ،بكسب مزيد من العداء والحقاد من جيراء تخبطهيم العميى ،وسييرحلوا قريبيا
ل ف ُيوِرُثهَففا
ض ِّ
ن اَْلْر َ
جدا إلى غير رجعة ،وسيرث الصالحون من هذه المة الرض بأسرها ،بإذن ال ي ) … ِإ ّ
ن ) 128العراف ( . عَباِدِه َواْلَعاِقَبُة ِلْلُمّتِقي َ
ن ِ
شاُء ِم ْ
ن َي َ
َم ْ
قال تعالى
ت َأْهَواَءُهْم ،
ن اّتَبْع َ
ل ُهَو اْلُهَدى َ ،وَلِئ ِ
ن ُهَدى ا ِّ حّتى َتّتِبَع ِمّلَتُهْم ُ ،قْل ِإ ّ
صاَرى َ ، ك اْلَيُهوُد َوَل الّن َ
عْن َ
ضى َ
ن َتْر َ
) َوَل ْ
صيٍر )(120 ي َوَل َن ِ
ل ِمنْ َوِل ّ ن ا ِّ
ك ِم َ ن اْلِعْلِم َ ،ما َل َ
ك ِم َ
جاَء َ
َبْعَد اّلِذي َ
) البقرة (
171
السياسة المريكية ونبوءات التوراة والنجيل
ستناول في هذا الفصل ،مسألة تأثير نبوءات التوراة والنجيل ،على القرارات السياسة المريكية ،وخاصيية مييا
يتعلق بمنطقة الشرق الوسط ،لنفهم أبجديات هييذه السياسيية المنحييازة لسييرائيل ،والمعادييية للعييرب والمسييلمين
بشكل عام ،والتي اجتهد الكثير من المحللين في تفسييرها وتحليييل دوافعهيا .وخيير مين تعيّرض لهييذه المسيألة ،
وأفاض في بحثها هي الكاتبة المريكية ) غريس هالسل ( في كتاب ) النبوءة والسياسيية ( ،وهييو ميين منشييورات
) الناشر للطباعة ( ،ط 1990 3م ،ترجمة محمد السّماك .
172
ن ال قد أوصاهم بذلك -كل المييور الييتي ميين
ي وأن مهمة أعضاء هذه الحركة وأتباعها ،هي تدبير وتهيئة -وكأ ّ
جل في عودة المسيح إلى الرض ،ومن ضمن تلك المور : الممكن ،أن تع ّ
أول :ضرورة إضعاف العرب عسكريا ،
وثانيا :تلبية جميع مطالب إسرائيل بالدعم المالي والسياسي والعسكري ،
وثالثا :تعزيز ترسانتها النووية .
تؤكد الكاتبة المريكية ) غريس هالسل ( أن بذور هذه الُمعتقدات الُمدّمرة ،نشأت في نهاية القرن التاسييع عشيير .
طبع أول مرجع إنجيليي ليه عييام وكان رائد هذا التجاه في تفسير الكتاب الُمقّدس هو ) سايروس سكوفيلد ( ،وقد ُ
1909م ،زرع فيه آراءه الشخصية في النجيييل ،وصييار أكييثر الكتييب المتداوليية حييول المسيييحية .وبييدأت هييذه
الُمعتقدات في الظهور وتعّززت ،عندما تتابعت انتصارات إسرائيل على دول الجوار العربييية ،وبلغييت ذروتهييا
بعد الجتياح السرائيلي لجنوب لبنان .
وتقول الكاتبة :وفي إحدى المناسبات كان ) سكوفيلد ( يذّكر ُمستمعيه بأنه " :عام بعد عام كان ُيرّدد التحذير بأن
عالمنا ،سيصل إلى نهايته بكارثة ودمار ومأساة عالمية نهائية " .ولكنه يقول أيضا " :أن المسيحيين الُمخّلصين
حبوا بهذه الحادثة ،لنه ُمجّرد ما أن تبدأ المعركة النهائية ،فإن المسيح سوف يرفعهييم فييوق السييحاب
يجب أن ُير ّ
وسُينقذون ،وأنهم لن ُيواجهوا شيئا من المعاناة التي تجري تحتهم " .
وتقول " :بالرغم من أن بعض الصوليين لم يتقّبلوا هذه الفكرة ،إل أنها تسّببت في انقسام كييبير .فهنيياك مؤشيير
إلى أن أعداد المسيحيين الذين يتعّلقون بنظرية ) هرمجدون ( في تزايد ُمضطرد ،فُهم مثل سييكوفيلد يعتقييدون أن
المسيح وعد المسيحيين الُمخّلصين بسماء جديدة وأرض جديييدة ،وبمييا أن الميير كييذلك ،فليييس عليهييم أن يقلقييوا
حول مصير الرض ،فليذهب العالم كّله إلى الجحيم ،لُيحّقق المسيح للقّلة الُمختارة سماًء وأرضا جديدتين " .
" إن استقصاء عام 1984م ،الذي أجرته مؤسسة ) باتكيلو فيتش ( أظهر أن 39بالمائة من الشييعب المريكييي ،
يقولون ،أنه عندما يتحّدث عن تدمير الرض بالنار ،فإن ذلك يعني ،أننييا نحيين أنفسيينا سييوف ُنييدّمر الرض ب
) هرمجدون ( نووية .وأظهرت دراسة لمؤسسة ) نلسن ( ُنشييرت فييي ُأكتييوبر 1985م ،أن 61مليييون أمريكييي
شرين ،يقولون أننا ل نستطيع أن نفعل شيئا ،لمنع حرب نووية تتفجر في حياتنا " .يستمعون بانتظام إلى ُمب ّ
ي ومن أكثر الصوليين النجيليين شهرة ،من الذين ُيبشرون على شاشة التلفزيون بنظرية ) هرمجدون ( :
بات روبرتسون :يملك شبكة تلفزيونية مسيحية ،مكونة من ثلث محطات ،عائداته السيينوية تصييل إلييى .1
200مليون دولر ،ومساهم في محطة تلفزيون الشرق الوسط في جنوب لبنان ،يشياهد برامجيه أكيثر مين 16
مليون عائلة أمريكية .
جيمي سواغرت :يملك ثاني أكبر المحطات النجيلية شهرة ُ ،يشاهد برامجييه مييا مجمييوعه 9,25مليييون .2
منزل .
جيم بيكر :يملك ثالث أشهر محطة تبشيرية ،عائداته السنوية تصل إلى 100-50مليييون دولر ُ ،يشيياهد .3
برامجه حوالي 6مليين منزل ،يعتقييد أن علينييا أن نخييوض حربييا رهيبيية ،لفتييح الطريييق أمييام المجيييء الثيياني
للمسيح .
أورال روبرتس :تصل برامجه التلفزيونية إلى 5,77مليون منزل . .4
جيري فولويل :تصل دروسه التبشيرية إلى 5,6مليون منزل ،يملك محطة الحرييية للبييث بالكابييل ،أقييام .5
بعد شرائها بأسبوع ،حفل عشاء على شرف جورج بوش نائب الرئيس ريغان آنذاك .وقييد أخييبر فولويييل يومهييا
بأن جورج بوش ،سيكون أفضل رئيس في عام 1988م .
173
كينين كوبلند ُ :يشاهد برامجه 4,9مليون منزل .يقول " :أن ال أقام إسرائيل .إّننييا ُنشيياهد الي يتحييرك .6
من أجل إسرائيل … إنه لوقت رائع أن نبدأ في دعم حكومتنا ،طالما أّنها تييدعم إسييرائيل … إنييه لييوقت رائع أن
ُنشعر ال ،مدى تقديرنا لجذور إبراهيم " .
ريتشارد دي هان :يصل في برنامجه إلى 4,75مليون منزل . .7
شر بتعاليم سكوفيلد التي تقول " :أن ال كان يعييرف
ريكس همبرد :يصل إلى 3,7مليون منزل ،وهو ُيب ّ .8
منذ البداية الولى ،أننا نحن الذين نعيش اليوم ،سوف ُندّمر الكرة الرضية " .
شرون بنظرية هرمجدون نووييية وتعّقب الكاتبة بقولها " :لقد ذكرت ثمانية من الذين ٌيقّدمون البرامج الدينية ،وُيب ّ
في الذاعة والتلفزيون ،ومن بين 4آلف أصولي إنجيلي … ،هناك 3آلف من التدبيريين ،يعتقدون أن كارثة
نووية فقط ،يمكن أن ُتعيد المسيح إلى الرض .إن هذه الرسالة ُتبث عبر 1400محطة دينية في أمريكييا .وميين
سيس إنجيلي يييذيعون يوميييا برامييج ميين خلل 400محطيية راديييو ،فييإن الكثرييية السيياحقة منهييم ميين بين ألف ق ّ
التدبيريين .وتقول :أن بعض هؤلء القساوسة ورؤساء الكنييائس ،هييم مين القيوة بحييث يظهييرون كييالملوك فيي
مناطقهم " .
والرسالة التي ُيرسلها هؤلء على الدوام هي " :لن يكون هناك سلم حتى يعود المسيح ،وأن أي تبشير بالسييلم
قبل هذه العودة هو هرطقة ) تخريف وكفر ( إنه ضد كلمة ال ) ضد ما جاء في الُكتب المقدسة ( إنه ضد المسيييح
" .وهذا ما يقوله أيضا ) جيم روبرتسون ( التلفزيوني النجيلي الذي دعاه الرئيس ) ريغان ( للقاء صلة افتتاح
المؤتمر الحزب الجمهوري عام 1984م .
تقول الكاتبة أن هذا الكتاب ،أصبح الكثر مبيعا خلل السبعينات ،حيث بيع منه حوالي 18مليون نسخة ،وفييي
سيير كييل التاريييخ ،قييائل أن دوليية إسييرائيل هييي الخييط
تعليقها على هييذا الكتيياب ومييؤلفه ،تقييول " أن المؤلييف يف ّ
التاريخي لمعظم أحداث الحاضر والمستقبل " .
) ومن ذلك يأتي تقديس النصارى المريكان لسرائيل ،ولحظ أن هييذا الكتيياب قييرأه مييا ل يقييل عيين 18مليييون
أمريكي عند صدوره ،أما الن فربما قد قيرأه معظيم الشيعب المريكيي ،وخطيورة هيذا الكتياب تنبيع مين كيون
الفكار والمعتقدات التي أوردها المؤلف منسوبة إلى ال ،كما أوضح في كتابه المقّدس لديهم ( .
" ويقول لندسي :أن الجيل الذي ُولد عام 1948م ،سوف يشهد العودة الثانية للمسييح .ولكين قبيل هيذا الحيدث ،
علينا أن نخوض حربين ،الولى ضد يأجوح ومأجوج ) أي الروس ( ،والثانية في هرمجدون .والمأسيياة سييتبدأ
هكذا :كل العرب بالتحالف مع السوفييت ) الروس ( ،سوف ُيهاجمون إسرائيل " .
) وهذا تحذير وتحريض للغرب النصراني ،لمعاداة العرب المسلمين والروس الشيوعيين (
وتقول الكاتبة بعد مقابلتها للمؤلف " :أن لندسي ل يبدو عليه الحزن ،عندما ُيعلن :أن كل مدينة في العييالم سيييتم
تدميرها في الحرب النووية الخيرة ،وتعّقب الكاتبة :تصّوروا أن ُمدنا مثل لندن وباريس وطوكيو ،ونيويييورك
ولوس أنجلوس وشيكاغو وقد ُأبيدت " .
ويقول لندسي " :إن القوة الشرقية سوف ُتزيل ثلث العالم … عندما تصل الحييرب الكييبرى إلييى هييذا المسييتوى ،
بحيث يكون كل شخص تقريبا قد ُقتل ،ستحين ساعة اللحظة العظيمة ،فُينقذ المسيح النسانية من الندثار الكامل
) الفناء ( " .
وُيتابع لندسي " :وفي هذه الساعة سيتحول اليهود ،الذين نجييوا مين الذبيح إلييى المسيييحية … سيييبقى 144أليف
يهودي فقط ،على قيد الحياة بعد معركة هرمجدون " .
) إذن يجب أل يكترث نصارى الغرب ،بنشوب حرب عالمية نووية ثالثة مدمرة ،ما دامت مجمييل ضييحايا هييذه
الحرب ،ستكون من المسلمين واليهود وبقية الوثنيين في الشرق ،غير المؤمنين بألوهية المسييح ،بييل عليهييم أن
174
يستعجلوا نشوبها بالعمل على تسريع المواجهة بين الشرق والغرب ،حتى يعود المسيح للرض مييرة ثانييية لُينقييذ
البشرية النصرانية فقط من الندثار الكامل ( .
مب ّ
شر النجيلي ) جيري فولويل ( : وقفة مع ال ُ
بعد عرضه لنظرية هرمجدون مستخدما الدلة التوراتييية والنجيلييية .تقييول الكاتبيية بعييد حضييورها للعييرض " :
رسم فولويل صورة ُمرعبة عن نهاية العالم ،ولكنه لم يبُد حزينا أو حتى مهتّما .في الواقع أنهى عظتييه بابتسييامه
كبيرة ،قائل :ما أعظم أن نكون مسيحيين ! إن أمامنا ُمستقبل رائعا " .
وفي إحدى تسجيلته يقول :
" وهكذا ترون أن هرمجدون حقيقة ،إنها حقيقة ُمرّكبة .ولكن نشكر ال لنهييا سييتكون نهاييية العاميية ،لنييه بعييد
شييرين بالكتياب الُمقيّدس ، ن كيل الُمب ّ
ذلك سيكون المسرح ُمعّدا ،لتقديم الملك الرب المسييح ،بقيوة وعظمية … إ ّ
يتوّقعون العودة الحتمية للله … وأنا نفسي ُأصّدق ،بأننا جزء من جيييل النهاييية ،اليذي لين ُيغيادر قبييل أن يييأتي
المسيح " .
" ومنذ 2600سنة تنبأ النبي العبراني حزقيال ،أن أمة ستقوم إلى الشمال ميين فلسييطين ،قبييل وقييت قصييير ميين
العودة الثانية للمسيح … في الفصلين 38و 39من حزقيال ،نقرأ أن اسم هذه الرض هو روش .ويذكر أيضا
اسم مدينتين هما ماشك وتوبال … إن هذه السماء تبدو ُمشابهة بشييكل ُمييثير ،لموسييكو وتيبولسييك ،العاصييمتين
الحاكمتين اليوم في روسيا … وكذلك كتب حزقيال أن هذه الرض ستكون ُمعادية لسرائيل ،وأنه من أجل ذلييك
حلفاء ُمختلفين فييي اليييام الخيييرة … وقييد سيكون ضدها .وقال أيضا أن روسيا سوف تغزوا إسرائيل بمساعدة ُ
سّمى هؤلء الحلفاء :إيران ) التي كنا ُنسميها فييارس ( ،وجنييوب إفريقيييا أو إثيوبيييا ،وشييمال إفريقيييا أو ليبيييا ،
وأوروبا الشرقية ) جومر ( ،والقوقاز جنوب روسيا ) توجرمة ( " .
" بالرغم من المال الوردية وغير الواقعية تمامييا الييتي أبييدتها حكومتنييا ،حييول اتفاقييية كييامب ديفيييد بييين مصيير
وإسرائيل ،إل أن هذه التفاقية لن تدوم .إننا نصييلي بالفعييل ميين أجييل السييلم فييي القييدس … إننييا نحييترم كييثيرا
ي إسيرائيل ومصير … ولكين أنيت وأنيا نعيرف أنيه ،لين يكيون هنياك سيلم حقيقيي فيي الشيرق ي حكومت ّ
رئيس ّ
الوسط ،إلى أن يأتي يوم يجلس فيه الله المسيح على عرش داود في القدس " .
وفي كتابه ) الحرب النووية والمجيء الثاني … ( ،في فصل الحرب القادمة مع روسيا ،يتنبأ ) فولويل ( بغييزو
سوفييتي لسرائيل ...وفي نهاييية المعركيية سيسييقط خمييس أسييداس الجنييود السييوفييت ،وبييذلك يبييدأ أول احتفييال
للرب .ويجري احتفال آخر بعد معركة هرمجدون … وسيتوقف التهديد الشيوعي إلييى البييد ،وسيسييتغرق دفيين
الموتى مدة 7أشهر .
تقول الكاتبة " :كان ) رونالد ريغان ( واحدا ،من الذين قرءوا كتاب ) آخر أعظم كييرة أرضييية ( … فييي وقييت
مبكر من عام 1986م ،أصبحت ليبيا العدو الول ) لريغان ( … واستنادا إلى ) جيمس ميلز ( ،الرئيس السييابق
لمجلس الشيوخ في ولية كاليفورنيا ،فإن ) ريغان ( كره ليبيا لنه رأى أنها واحييدة ميين أعييداء إسييرائيل ،الييذين
ذكرتهم النبوءات وبالتالي فإنها عدو ال " .
" وعندما كان ) ريغان ( مرشحا للرئاسة عام 1980م ،كان ُيواصل الحديث عن هرمجدون ،ومن أقواله " :إن
نهاية العالم قد تكون في متناول أيدينا … إن هذا الجيل بالتحديد هو الجيل الذي سيشهد هرمجدون " .
" إن معظييم المييؤمنين ) بالتدبيرييية ( ،ينظييرون إلييى روسيييا علييى أنهييا شيييطانية ،وأنهييا ُتمّثييل إمبراطورييية
الشيطان .ولقد جاهر ) ريغان ( بذلك فيي 1983 / 3 / 8م ،عنيدما قيال " :إن التحياد السيوفييتي هيو حجير
الزاوية في العالم المعاصر " " .إنني أؤمن أن الشيوعية فصل حزين وسيئ في التاريخ النسيياني ،الييذي يكتييب
الن صفحاته الخيرة " .
175
وتقول الكاتبة :يقول )جيمس ميلز ( في مقال صحفي " :إن اسييتعمال ) ريغييان ( لعبييارة إمبراطورييية الشيييطان
… كان إعلنا انطلق من اليمان الذي أعرب لي عنيه ،فييي تليك الليلية عيام 1971م … إن ) ريغيان ( كرئييس
أظهر بصورة دائمة ،التزامه القيام بواجباته ،تمشيييا مييع ارادة الي … إن ) ريغييان ( كييان يشييعر بهييذا اللييتزام
صيصا ،وهو يعمل على بناء ،القدرة العسكرية للوليات المتحدة وحلفائها … خ ّ
… صحيح أن حزقيال تنبأ بانتصار إسرائيل وحلفائها ،في المعركة الرهيبة ضد قوى الظلم ،إل أن المسيحيين
المحافظين مثل رئيسنا ،ل يسمح لهم التطرف الروحي ،بأن يأخييذوا هييذا النتصييار كُمسيّلمات .إن تقوييية قييوى
ق لتربح هذا الصراع المهم ،هو في عيون مثل هؤلء الرجال ،عمييل ُيحّقييق نبييوءة الي انسييجاما مييع إرادتييهالح ّ
السامية ،وذلك حتى يعود المسيح مّرة ثانية …
… وبالتأكيد فإن توجهه بالنسبة للنفاق العسكري ،وبرودته اتجاه ُمقترحييات نييزع السييلح النييووي ،متفقيية مييع
وجهة نظره هذه ،التي يستمّدها من سفر الرؤيا … إن هرمجدون التي تنبأ بها حزقيال ،ل ُيمكيين أن تحييدث فييي
عالم منزوع السلح .إن كل من يؤمن بحتمية وقوعهيا ،ل ُيمكين توقيع تحقيقيه لنيزع السيلح .إن ذليك ُينياقض
مشيئة ال كما وردت على لسانه …
… إن سياسات الرئيس ) ريغان ( الداخلية والمالية ُ ،منسجمة مع التفسير اللفظي ،للنبوءات التوراتية والنجيلية
.فل يوجد أي سبب للغضب من مسألة الَدْين القومي المريكي ،إذا كان ال سيطوي العالم كّله قريبا " .
وتقول الكاتبة " :وبناء على ذلك ،فإن جميع البرامج المحلية ،التي تتطلب إنفاقا كبيرا ،يمكن بل يجب أن ُتعّلق
من أجل توفير المال ،لتمويل برامج تطوير السلحة النووية ،من أجل إطلق الحمييم الُمييدّمرة علييى الشييياطين ،
أعداء ال وأعداء شعبه ،وأضاف ميلز :
" لقد كان ) ريغان ( على حق عندما اعتقد أن أمامه فرصيية أكييبر ،لينفييق المليييارات ميين الييدولرات ،اسييتعدادا
لحرب نووية مع يأجوج ومأجوج ،لو كان معظم الشعب الذي أعاد انتخابه ،يؤمن كما أخبرني ،بمييا يييؤمن هييو
به ،بالنسبة ) لهرمجدون ( والعودة الثانية للمسيح " .
في لقاء للكاتبة مع محام فلسطيني مسيحي بروتستنتي إنجيلي ،يعمل في القدس ،بعد أن عاد ميين أمريكييا ليعيييش
ظمهم الُمبشّيير ) فولويييل (
جاج المريكيين ،الذين ُين ّ
في فلسطين ،في معرض رّده على سؤال ،عن رأيه في الح ّ
لزيارة أرض المسيح ،قال :
" بالنسبة للنجيليين الصوليين مثل ) فولويل ( ،فإن اليمان بإسرائيل يتقدم على تعيياليم المسيييح .إن الصييهاينة
ُيفسدون تعاليم المسيح .إن صهيونية ) فولويل ( سياسية ل علقيية لهييا ،بييالقيم أو الخلق أو بمواجهيية المشيياكل
الحقيقية .إنه يدعو أتباعه إلى تأييد إسرائيل ،ويطلب من دافع الضرائب المريكي ،أن ُيقيّدم لسييرائيل 5مليييار
دولر كل سنة .إذ أنه يؤكد لتباعه وبما أنهم مؤيدون للصهيونية ،فهييم علييى الطريييق الصييحيح ،وفييي الجييانب
الرابح دوما …
وفي الواقع فإن مسيحيين مثل ) فولويل ( ُ ،يوّفرون للسرائيليين الدافع للتوسع ومصادرة المزيد من الراضييي ،
ولضطهاد مزيد من الشعوب ،لنهم يّدعون أن ال إلى جانب إسرائيل ،وأن العم سام راغييب فييي التوقيييع علييى
الفاتورة …
إن السرائيليين ،يعرفون أن مسيحيين جيدين ومؤثرين مثل ) فولويل ( ،يقفون معهم على الدوام ،بغض النظر
عما يفعلون أخلقيا ومعنويييا .ومهمييا بلغييوا ميين القمييع ،فييإن السييرائيليين يعرفييون أن الصييهيونيين المسيييحيين
المريكيين معهم ،ويرغبون في إعطائهم السييلحة ومليييارات الييدولرات ،وسُيصيّوتون إلييى جييانبهم فييي المييم
المتحّدة " .
176
مبشر ) فولويل ( والترويج لسرائيل سياسيا :
ال ُ
في بحث قام به اثنان من الساتذة الجامعيين عن حياة ) فولويل ( ،يؤكد د ) .غودمان ( أن ) فولويل ( تحّول ميين
الوعظ الديني ،إلى الوعظ السياسييي المؤييد للدولية الصييهيونية ،بعيد النتصيار العسيكري السيرائيلي فيي عيام
1967م .حيث أن هذا النتصار الُمذهل ،كان له تأثير كبير على العديد من المريكييين ،فيي اليوقت اليذي كيان
فيه شعور الهزيمة والخيبة ُ ،يخّيم على الكثير من المريكيين ميين جيّراء الحييرب الفيتنامييية ،وميين هييؤلء كييان
) فولويل ( الذي نظر إلى المر بطريقة مختلفة ،حيث قال :أن السييرائيليين ،مييا كييانوا لينتصييروا لييو لييم يكيين
خل من ال .
هناك تد ّ
ونتيجيية لييذلك بييدأ السييرائيليون باسييتخدام ) فولويييل ( فييي السييبعينيات ،لتحقيييق أغراضييهم ومطييالبهم ،وتأييييد
سياساتهم لدي الشعب والساسة المريكييان ،وفييي خطيياب لييه عييام 1978م فييي إسييرائيل ،قييال " :إن الي ُيحييب
أمريكا ،لن أمريكا ُتحب اليهود " .وفي مناسبات عديدة كان يقيول للمريكيييين " :إن قييدر المية يتوقييف علييى
التجاه ،الذي يتخذونه من إسرائيل … وإذا لييم ُيظهيير المريكيييون ،رغبية جازميية فييي تزويييد إسييرائيل بالمييال
والسلح ،فإن أمريكا ستخسر الكثير " .وقد قامت وسائل العلم الصهيونية بإبرازه وتلميييع صييورته ،ليصييبح
شخصية سياسية وإعلمية مرموقيية علييى السيياحة المريكييية ،لدرجيية أن الرئيييس ) ريغييان ( رتييب لييه حضييور
اجتماع مجلس المن القومي ) البنتاغون ( ،ليستمع وُيناقش كبار المسؤولين فيييه ،حييول احتمييال نشييوب حييرب
نووية مع روسيا .
ُيتابع د ) .غودمان ( " :في عام 1981م ،عندما قصفت إسرائيل المفاعل النووي قرب بغداد ،تخّوف ) بيغيين (
يء في الوليات الُمتحّدة .ومن أجل الحصول على الدعم ،لم يتصييل بسيييناتور أو كيياهن يهييودي ،من رد فعل س ّ
إنما اتصل ) بفولويل ( … وقبل أن ُيغلق سماعة الهاتف ،قال ) فولويل ( ) لبيغن ( " :السيييد رئيييس الييوزراء ،
أريد أن أهنئك على المهمة ،التي جعلتنا فخورين جدا بإنتاج طائرات ف . " 16
وقال د ) .برايس ( " :إن أي عمل عسكري قامت أو ستقوم به إسرائيل ،تستطيع أن تعتمد فيه على دعم اليمين
المسيحي " .
هدم المسجد القصى وبناء الهيكللل ،مطلللب إلهللي منصللوص عليلله فيلله
التللوراة ،كمللا يعتقللد مسلليحيو الغللرب ،فضللل عللن يهللود الشللرق
والغرب :
أثناء رحلة الحج الثانية للكاتبة ،وفي لقاء مع أحد مستوطني ُمستعمرة ) غوش أمونيم ( ُ -معقبة على قوله -قالت
له :إن بناء هيكل للعبادة شيء ،وتدمير المسجد شيء آخر ،فمن الممكن أن ُيؤدي ذلك إلى حييرب بييين إسييرائيل
والعرب ،فرّد قائل " :تماما هذا ما ُنريده أن يحدث لننا سوف نربحها ،ومن ثم سنقوم بطرد العرب من أرض
إسرائيل ،وسُنعيد بناء الهيكل وننتظر مسيحنا " .
تقول الكاتبة " :لقد زرت قبة الصخرة ،وهي واحدة من أجمل الصروح فيي العيالم – واليتي ُتقيارن بجميال تياج
محل – وقد تم بناؤها عام 685م ،بيأمر مين الخليفية الميوي عبيد المليك بين ميروان ،وهيو البنياء الجميل فيي
القدس .وتقول :على الرغم من أن المسيح دعا إلى إقامة المعابد في النفس ،فإن الصوليين المسيحيين ُيصّرون
على أن ال ُيريد أكثر من بناء معبد روحي ،إنه ُيريد معبدا حقيقيا من السمنت والحجارة ُ ،يقام تماما في الموقييع
الذي توجد فيه الصروح السلمية " .
ويقول ) لندسي ( في كتاب ) آخر أعظم كرة أرضية ( " :لم يبق سوى حدث واحييد ليكتمييل المسييرح تمامييا أمييام
إسرائيل ،لتقوم بدورها في المشهد العظيم الخير من مأساتها التاريخييية ،وهييو إعييادة بنيياء الهيكييل القييديم ،فييي
موقعه القديم .ول يوجد سوى مكان واحد يمكن بناء الهيكل عليه ،استنادا إلى قانون موسى في جبل موريا حيث
الهيكلن السابقان " .
177
نشأة المسيحية الصهيونية :
تقييول الكاتبيية " :أواخيير أغسييطس 1985م سييافرت ميين واشيينطن إلييى سويسييرا ،لحضييور المييؤتمر المسيييحي
الصهيوني الول في بازل ،برعاييية السييفارة المسيييحية العالمييية فييي القييدس ،لتعيّرف علييى خلفييية الصييهيونية
ث المسييحيون إسييرائيل علييى ضيّم الضيفة الغربيية ،بسييكانها المليييون السياسية … في أحد مقررات المؤتمر حي ّ
فلسطيني … فاعترض يهودي إسرائيلي :بأن ثلث السرائيليين ُيفضلون مقايضة الراضي المحتلة بالسييلم مييع
الفلسطينيين … فرّد عليه مقرر المؤتمر :إننا ل نهتم بما ُيصّوت عليه السييرائيليون وإنمييا بمييا يقييوله الي ،والي
أعطى هذه الرض لليهود " .
وتقول " :كان تقديري أنه من بين 36ساعة … فإن المسيحيين الذين أشرفوا على المؤتمر ،خصصوا %1من
الوقت لرسالة المسيح وتعاليمه ،وأكثر من %99من الوقت للسياسة .ول ُيوجد في المر ما ُيييثير السييتغراب ،
ذلك أن المشرفين على المؤتمر ،برغم أنهم مسيحيون فهم أول وقبل كل شيء صهاينة ،وبالتييالي فييإن اهتمييامهم
الول هو الهداف الصهيونية السياسية " .
وفي بحثها عن أصل الصهيونية السياسية ،الداعية إلى عييودة اليهييود إلييى فلسييطين ،تؤكييد الكاتبيية أن ) ثيييودور
هرتزل ( لم يكن أصل صاحب هذه الفكرة ،وإنما كان ُدعاتها هيم المسييحيون البروتسيتانت ) ذوي الغلبيية فيي
أمريكا وبريطانيا الن ( قبل ثلث قرون من المؤتمر الصهيوني الول .حيث ضّم لوثر زعيييم حركيية الصييلح
الكنسي في القرن السادس عشر ،توراة اليهود إلى الكتاب المقّدس تحت اسييم العهييد القييديم .فأصييبح المسيييحيون
الوربيون ُيبدون اهتماما أكبر باليهود ،وبتغيير التجاه السائد الُمعادي لهم في أوروبا .
وتقول الكاتبة " :توجه البروتستانت إلى العهد القديم ليس فقط لنه أكثر الكتب شهرة ،ولكن لنه المرجع الوحيد
لمعرفة التاريخ العام .وبذلك قّلصوا تاريخ فلسطين ما قبل المسيحية إلى تلك المراحل التي تتضيّمن فقييط الوجييود
ضعوا فيي إطييار العتقيياد ،أنيه ليم يحيدث شييء فيي فلسيطين العبراني فيها .إن أعدادا ضخمة من المسيحيين ُو ِ
القديمة ،سوى تلك الخرافات غير الموثقة من الروايات التاريخية المدّونة في العهد القديم " .
وتقول " :في منتصف عام 1600م بييدأ البروتسييتانت بكتابيية معاهييدات ُ ،تعليين بييأن علييى جميييع اليهييود ُمغييادرة
أوروبا إلى فلسطين .حيث أعلن ) أوليفر كرمويل ( بصفته راعي الكومنولث البريطاني الييذي ُأنشييئ حييديثا ،أن
الوجود اليهودي في فلسطين هو الذي سُيمّهد للمجيء الثاني للمسيح .ومن هناك في بريطانيييا بييدأت بييذرة الدوليية
الصهيونية الحديثة في التخّلق " .
وفي خطاب لمندوب إسرائيل في المم المتحّدة ) بنيامين نتنييياهو ( عييام 1985م -الييذي أصييبح فيمييا بعييد رئيسييا
لسرائيل -أمام المسيحيين الصهاينة ،قال " :إن كتابات المسيحيين الصييهاينة ميين النجليييز والمريكييان أّثييرت
بصورة ُمباشرة على تفكير قادة تاريخيين ،مثييل ) لويييد جييورج ( و ) آرثيير بلفييور ( و ) ودرو ويلسييون ( ،فييي
مطلع هذا القرن … الذين لعبوا دورا أساسيا ،في إرساء القواعد السياسية والدولية لحياء الدولة اليهودية " .
حلما بييالرض والقييوة ،وعلييى ذلييك فييإن السياسيية
وتقول " :لم يكن حلم هرتزل روحانيا بل كان جغرافيا ،كان ُ
الصهيونية ضّللت الكثير من اليهود … وقد اّدعى الصهاينة السياسيون أنه لم يكن هناك فلسطينيون يعيشييون فييي
فلسطين … ويقول ) موش مانوحين ( :أنه انتقل إلى الدولة اليهودية الجديدة ،على أمييل أن يجييد جّنيية روحييية ،
ولكّنه اكتشف أن الصهاينة " ل يعبدون ال ،ولكنهم يعبدون قوتهم " .
وتقول " :لن يهود أمريكا – مثل ) آندي غرين ( – يعرفون أنه يمكنهم العتماد ،على دعم 40مليون مسيييحي
إنجيلي أصولي ،فهم ُيصادرون الرض من الفلسطينيين بقوة السلح .ويقول غرين الذي انتقل إلى إسرائيل عام
1975م ،ول يييزال يحتفييظ بجييواز سييفره المريكييي " :ليييس للعييرب أي حييق فييي الرض إنهييا أرضيينا علييى
الطلق ،هكذا يقول الكتاب المقّدس إنه أمر ل نقاش فيه .من أجييل ذلييك ل أجييد أي ُمييبرر للتحيّدث مييع العييرب
حول ادعاءاتهم المنافسة لنا ،إن القوى هو الذي يحصل على الرض " .
178
غاية إسرائيل من التحالف مع اليمين المسيحي في أمريكا :
يوضح ) ناتان بيرلمتر ( يهودي أمريكي ،ميين حركية ) بنياي بييرث ( – منظمية يهودييية -فييي أمريكيا ،أسييباب
تحالف يهود الوليات المتحدة مع الصوليين المسيحيين ،بقوله " :أن الصوليين النجيليييين ُيفسّييرون نصييوص
الكتاب الُمقّدس بالقول " :أن على جميع اليهود ،أن يؤمنوا بالمسيح أو أن ُيقتلوا في معركيية هرمجييدون .ولكنييه
يقول في الوقت نفسه " :نحن نحتاج إلى كل الصدقاء لدعم إسرائيل … وعندما يأتي المسيييح فسييوف نفكيير فييي
خياراتنا آنذاك .أما الن دعونا ُنصّلي ونرسل السلحة " .
تشير الكاتبة إلى كتاب ) مصير اليهود ( للمؤلفة اليهودية ) فيييورليخت ( الييذي تصييفه بييالرائع ،حيييث تقييول فيييه
الكاتبة اليهودية " :أن أول مساهمة لليهودية كانت القانون الخلقي ،وأن عظميية اليهودييية لييم تكيين فييي ملوكهييا
وإنما في أنبيائها .وأن ال لم يأمر اليهود بالموت ولكّنه أمرهم بالحياة .وُتدّلل على قولها بنص من التييوراة " لقييد
وضعت أمامكم الحياة والموت … ولذلك عليكم أن تختاروا الحياة " .وُتضيف :مع ذلك فإن السرائيليين بوضع
مصيرهم بيد الجيوش والسلحة ،وبتشريفهم الجنرالت أكثر ميين النبييياء .ل يختييارون الحييياة وإنمييا يختييارون
ن أولئك الذين يجعلون من إسرائيل إلها ُيعبد يدفعوننا في هذا التجاه " . الموت " .وُتحّذر من أ ّ
ي وتلخص الكاتبة أهداف إسرائيل من التحالف ،مع اليمين المسيحي في الوليات المتحدة :
الحصول على المال . •
أن يكون الكونغرس مجرد خاتم مطاطي للموافقة على أهدافها السياسية . •
تمكينها من السيطرة الكاملة والمنفردة على القدس . •
وتقول على لسان ) إسرائيل شاهاك ( " :إن طبيعة الصهيونية هي البحييث الييدائم عيين حيياٍم ومعيييل .فييي البداييية
جهون ويعتمدون كلّيا على الوليات المتحدة .وقييد أقيياموا هييذا جه الصهاينة السياسيون إلى إنجلترا ،والن يتو ّ
تو ّ
الحلف مع اليمين المسيحي الجديد ،لكي ُيبّرر أي عمل عسكري أو إجرامي تقوم به إسرائيل " .
وتقول الكاتبة " :إن للقادة الصوليين النجيليين اليوم قوة سياسية ضففخمة .إن اليميففن المسففيحي الجديففد هففو
النجم الصاعد في الحزب الجمهوري ،وتحصد إسرائيل مكاسب سياسففية جمففة داخففل الففبيت البيففض مففن خلل
تحالفها معه " .
وتنقل الكاتبة :إن ) مارفن ( – أحد زملئها في رحلة الحج -كغيره من اليمين المسيحي الجديد ،يشييعر بالنشييوة
لنه مع الحليف الرابح .وقد نقل إلي ميرة المقطيع 110اليذي يتحيّدث عين يهيوه وهيو يسيحق اليرؤوس ،ويمل
الرض بجثث غير المؤمنين ،والمقطع 137الذي ُيعرب فيه عن الرغبة من النتقام ،من أطفال بابليين وإلقائهم
فوق الصخور .ثم قال ) مارفن ( :وهكذا يتوجب على السرائيليين أن ُيعاملوا العرب بهذه الطريقيية .ورغييم أن
) مارفن ( كان معجبا ومطلعا على نصوص التاريخ التوراتي ،إل أنه كان جاهل فيمييا يتعلييق بالصييراع العربييي
السرائيلي .لنه يعرف مسبقا كل ما يعتقييد أن الي يريييد منييه أن يعرفييه .وقييال لييي " :إن علييى المريكيييين أن
يتعلموا من السرائيليين كيف ُيحاربون " .ويشارك ) مييارفن ( كييذلك هييؤلء بالعتقيياد " بأننييا نحيين المسيييحيين
نؤخر وصول المسيح من خلل عدم مساعدة اليهود على مصادرة مزيد من الرض من الفلسطينيين " .
وتخُلص الكاتبة إلى القول " :بأن عدة مليين من المسيحيين المريكيين ،يعتقييدون أن القييوانين الوضييعية يجييب
أل ُتطبق على مصادرة اليهود واسترجاعهم لكل أرض فلسطين ،وإذا تسّبب ذلك في حييرب عالمييية نووييية ثالثيية
فإنهم يعتقدون بأنهم تصّرفوا بمشيئة ال " .
وتذكر الكاتبة أن هناك قائمة بأسماء 250منظمة إنجيلية أصولية موالية لسرائيل ،من مختلف الحجام والعمييق
في أمريكا ،ومعظم هذه المنظمات ننشأت وترعرت خلل السنوات الخمس الخيرة ،أي منذ عام 1980م .
وتقول الكاتبة في فصل مزج الدين بالسياسة :أن السرائيليون ُيطالبون بفييرض سيييادتهم وحييدهم ،علييى المدينيية
التي ُيقّدسها مليار مسيحي ومليار مسلم ،وحوالي 14مليون يهودي .وللدفاع عن اّدعائهم هذا فييإن السييرائيليين
– ومعظمهم ل يؤمن بال – يقولون :بأن ال أراد للعبرانيون أن يأخذوا القدس إلى البد .ومن أجييل ترويييج هييذه
صييرس تن ّجه السرائيليون إلى ) مايك ايفنز ( اليهودي المريكي ،الذي ُقّدم في أحد المعابد على أنه ق ّ
الرسالة تو ّ
179
ليساعد شعبه ،وأنه صديق لجورج بوش ويحتل مكانة مرموقيية فييي الحييزب الجمهييوري ،وميين حييديثه فييي هييذا
المعبد قوله " :إن ال يريد من المريكيين ،نقل سييفارتهم ميين تييل أبيييب إلييى القييدس ،لن القييدس هييي عاصييمة
داود .ويحاول الشيطان أن يمنع اليهود ،من أن يكون لليهود حق اختيار عاصمتهم .إذا لم تعترفوا بالقدس ملكية
يهودية ،فإننا سندفع ثمن ذلك من حياة أبنائنا وآبائنا ،إن ال ،سُيبارك الذين ُيباركون إسرائيل ،وسيلعن لعنيها
".
الخاتمة :
وفي الخاتمة تقول الكاتبة " :فكرت في خيارنا للحياة أو المييوت طييوال السيينين العديييدة الماضييية ،مسييتمعة إلييى
) جيري فولويل ( وغيره من النجيليين ،الذين يطّلون علينا عبر الهاتف والكتاب المقّدس باليد الخرى ،نيياقلين
عن كتاب دانيال من العهد القديم ،وعن كتاب سفر الرؤيا من العهد الجديييد ،قييائلين :أن الي قييد قضييى علينييا أن
نخوض حربا نووية مع روسيا ...
اقتناعا منهم بأن هرمجدون نووية ل مفيير منهييا بمقتضييى الخطيية اللهييية ،فييإن العديييد ميين النجيليييين المييؤمنين
بالتدبيرية ،ألزموا أنفسهم سلوك طريق مع إسرائيل ،يؤدي بشكل مباشر – باعترافهم أنفسهم – إلى محرقة أشييّد
وحشية وأوسع انتشارا ،من أي مجزرة ُيمكن أن يتصورها عقل ) أدولف هتلر ( الجرامي …
لقد وجدت فكرهم الوعظي تحريضيا تصادميا في حّثهم على الستعداد لنهاية العالم ،إنهم يدفعونني إلى العتقيياد
بأننا قطعنا مسافة طويلة بعيدا عن بداياتنا كبشر .إن معظمنييا يتمسييك باعتبييار حسيين الجييوار كعلقيية رائعيية فييي
حياتنا المتحضرة ؛ معاملة الخرين كما نحب أن ُيعاملونا ،وفوق ذلييك عيياش الكييثيرين بهييدف أكييثر نبل ؛ وهييو
مغادرة هذه الدنيا في حاله ،أفضل من تلك التي وجدوها عليها " .
بعد هذا العرض لبعييض مييا جيياء فييي هييذا الكتيياب ،نسييتطيع القييول أن الحلييف المنعقييد بييين إسييرائيل والوليييات
المتحّدة ،هو حلف عقائدي عسكري ُتغذيه النبوءات التوراتية والنجيلييية .لدرجيية أن الكييثير مين أفييراد الشييعب
ل يتمنى لو أنه ولد يهوديا ،لينعم بالنتساب إلى شعب ال المختار ،الذي يقاتل ال عنهم في جميع المريكي الضا ّ
حروبهم ضد الكفرة من المسلمين والشيوعيين .ونحن كمسلمين بتواجدنا على أرض اليهود وبمقاومتنييا للحتلل
الصهيوني ،نمنع ال من تحقيق إرادته بإعطاء أرض فلسطين لليهود .فالشعب المريكي ينظيير علييى أن اليهييود
شرفاء أمريكييا يعتقييدون بعكييس هم جنود ال ،وأن الفلسطينيون هم إرهابيون وجنود الشيطان ،وأن قلة قليلة من ُ
ذلك ،من الذين سبروا أغوار الحقيقة ودرسوا التاريييخ والجغرافيييا والواقييع بعييين العداليية والنصيياف ،حييتى أن
بعضهم طعن في مصداقية كتبهم الُمقّدسة ،ولكن كل جهود الشرفاء من مواقييف ومحاضييرات وبرامييج ومؤلفييات
ذهبت أدراج الرياح ،ذلك لنهم قلة ول يملكون ما يملكه اليهود وأتباعهم من القوة والمييال ،فكييانوا كميين ُيجيّدف
بالرمال .
ي ونستطيع تلخيص العلقة ما بين إسرائيل وأمريكا ) اليهود والنصارى ( كما يلي :
أن التحالف بين الدولتين ،فضل عن كل شيء ،هو حلف ديني عقائدي ،أقوى من أي معاهييدة أو اتفاقييية •
مكتوبة على الورق .
كل من المريكان والسرائيليون ينتظرون المسيح الخاص بهم . •
يتفق الطرفان على أن قيام الدولة اليهودية في فلسطين إشارة لقرب مجيئه . •
ويتفق الطرفان على وجوب سيطرة اليهود على فلسطين كاملة ،واتخاذ القدس عاصمة للدولة اليهودييية ، •
ومن ثم يتوجب عليهم إقامة الهيكل مكان المسييجد القصييى ،وأن هييذه المييور مييا لييم تأخييذ مجراهييا علييى أرض
الواقع فإنها ستعطل مجيء المسيح بالنسبة للطرفين .
وأن ظهور المسيح سيكون مسبوقا بحييرب ُمييدمرة سييتقع بييين إسييرائيل وأعييدائها ،تحصييد مييا ل ُيعيّد ول •
ُيحصى من أرواح البشر وتنتهي بخييراب الرض ،ورّواد الميؤامرة اليهودييية العالمييية يبييذلون قصييارى جهييدهم
لشعالها ،لقطف ثمار مخططهم الشيطاني بإثارة الفتن وافتعال الزمات .
180
وبناء على ذلك ،تجد أمريكا نفسها ملزميية عقائديييا بتسييليح إسييرائيل مييا أمكنهييا ذلييك ،وبييدعمها فييي كييل •
مخططاتها داخل فلسطين وخارجها ،استعدادا لوقوع هذه الحرب المدمرة لضمان انتصار إسرائيل وحلفائها ضد
أعداء ال .
هكذا هي المعادلة بكل بساطة ،فساسة الشعب المريكي جملة وتفصيل صهاينة أكثر من ساسة إسرائيل أنفسهم ،
وما عبادة المريكيين لسرائيل إل لتقّربهم إليى الي زلفيى ،وليذلك يسيعى المريكييون قبيل السيرائيليون لتلبيية
متطلبات مجيء المسيح ،وأعجب من العرب عندما يطلبون من صهاينة الغرب رفع ظلم صهاينة الشرق .
ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء وبدأنا بتتّبييع الرؤسيياء المريكيييين المتيأخرين ،لتيبين لنييا أن الرؤسياء ميين الحيزب
الديموقراطي كانوا أكثر اعتدال وأكثر ميل إلى السلم مع العرب وروسيا ،بغض النظر عن مفهومهم له ،وأقل
تجاوبا مع متطلبات كل من الصهيونية اليهودية والصهيونية المسيحية الصولية الُمتطّرفة ،كما هو حال الرئيس
) كيارتر ( – الييذي انتهييت وليتيه عيام 1980م – حييث ُأنجييزت فييي عهييده اتفاقيية ) كييامب ديفييد ( بيين مصير
وإسييرائيل ،والرئيييس ) كلينتييون ( 200-1992 ،م ،الييذي ُأنجييزت فييي عهييده اتفاقييية وادي عربية بييين الردن
وإسرائيل ،وحاول جاهدا صنع ) كامب ديفيد ( أخييرى مييع الفلسيطينيين ،رغييم خروجيه عين النيص بمحيياولته
الخجولة لرضاء هؤلء بقصف مصانع الدوية السودانية وقصف العراق بين حين وأخر .
ولتبين لنا أيضا ،أن الرؤساء من الحزب الجمهوري اليميني المسيحي النجيلي التوراتي الصييولي المتط يّرف ،
كانوا أكثر تطرفا وعدوانية وأقييل اهتمامييا بالسييلم ،ويتجيياوبون مييع متطلبييات اليهييود بييل ُينّفييذونها بحييذافيرها .
ن الحرب على ليبيا ،وتييم فييي عصيره ضييرب المفاعيل العراقييي واجتيياح فالرئيس ) ريغان ( 1988-1980م ش ّ
بيروت ،واشتعلت في عصره نيران الحرب اليرانية وتم إطالة أمدها وانتهت بنهايية وليتيه .والرئييس ) بيوش
ن الحرب على العراق وفرض عليه الحصار ،وتم إسقاط الشيوعية وتفكيك التحاد الب ( 1992-1988 ،م ،ش ّ
السوفييتي ،وأعلن عن نظامه العالمي الجديد المذكور في بروتوكولت اليهود .
ومؤخرا جاء دور ) بوش البن ( ،لُيكمل سلسلة جرائم أسلفه مين الجمهيوريين ،وُينفيذ ميا ُأعيّد ليه هيؤلء مين
ط أجدادهم أسفار التوراة والنجيل طوها ،قبل وصوله لسدة الحكم ،كما خ ّبرامج مسبقة ،كان أبالسة اليهود قد خ ّ
،وبروتوكولت الحكماء ،فيما ُيسّمى ) بتقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الدنى ، ( 2001حيث بدأ بتنفيذ
ما جاء فيه من أوامر ،فور تسّلمه للسلطة :
ضرب بغداد دون سابق إنذار ،وبدأت إدارته بالترويج " للعقوبات الذكية " ،التي طالب بها خبثاء معهييد .1
واشنطن .
وأظهر عداءه لروسيا والصين . .2
وطلب الرئيس المصيري لمعاقبية مصير علييى موقفهيا المتشيّدد مييع إسيرائيل فييي قمية القيياهرة ،بخفييض .3
المساعدات وتأخير إنشاء منطقة التجارة الحرة فيما لو أصّرت على ذلك .
وصّرح عن رغبته في نقل السفارة المريكية إلى القدس . .4
ودعم إسرائيل في قمعها لنتفاضة الرهابيين الفلسطينيين ،وبّرر وما زال ُيبّرر جرائمها . .5
وظهر هناك من يدعو إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان ،من اللبنانيين المدعومين بالموال اليهودية .6
تحت غطاء الدين .
وقام وزير الخارجية بجولة في دول المنطقة ،لشرح السياسة الجديدة التي جيياء بهييا هييذا التقرييير ،الييذي .7
تمت صياغته بذكاء ودهاء يهودي صرف ،بناء على المخاوف النبوية التوراتية .
181
ُيؤكد هذا التقرير الذي تّم إنجازه بتاريخ 2000 – 12 – 12م أن مصير هذه المنطقيية ،مرهييون بمييا جيياء ميين
طلعيت عليى هيذا التقريير ، نبوءات في الكتب المقّدسة ،ومرهون أيضيا بكيفيية تفسييرهم لهيذه النبيوءات .وإذا ا ّ
فستجد أنه يوضح السياسات التي يتوجب على الرئيس المريكي نهجهيا ،للسييطرة عليى هيذه المنطقية واسيتعباد
س السييم فييي العسييل ،بنيياًء علييى المخيياوف اليهودييية
شعوبها ،ستجد أنها قد ُرسمت بدهاء ومكر ،على طريقة د ّ
المنبثقة من النبوءات التوراتية .حيث أن ُمجمل بنود هذا التقرير ،جاءت لدرء المخاطر عن الدولة اليهودية فقط
ل غير .وفيما يلي سنعرض من فصول هذا التقرييير الخمسيية ،بعييض المقتطفييات شييديدة التعلييق بموضييوع هييذا
الكتاب .وقد ُنشر هذا التقرير مترجما على حلقات ،في جريدة العييرب اليييوم الردنييية ،فييي النصييف الول ميين
شهر آذار 2001م .
تأسس معهد واشنطن الذي قدم هذه التقرير عام 1985م ،وهو يعمل كوحدة للبحوث تابعة للجنة للعلقات العاّميية
ب ) ايباك ( ،وهي الُمنظّمة الصهيونية الولى في الوليات الُمتحدة ،التي ُتعتبر المريكية السرائيلية ،المسماة ِ
" خط الدفاع الول عن إسرائيل " ،ويضم في عضويته مفكرون وسياسيون وخبراء أمريكيون يهودا ومسيحيين
صهاينة في الفكر والمعتقد .وقد تطّور هذا المعهد ليصبح مصدر التأثير العظم ،في صيينع القييرارات السياسييية
الخاصة بالمنطقة ،التي تتخذها الدارات المريكية المتعاقبة .ويصدر هذا التقرير فييي بداييية كييل ولييية رئاسييية
جديدة ،ليكون نورا يهتدي به الرئيس المريكي الجديد ،ونجاح هذا الرئيييس وفشييله لييدى سييادته اليهييود ،يعتمييد
ظميية علييى علقيية وثيقيية مييععلى مدى التزامه ،ومقدار ما أنجزه من الهداف الييواردة فييي التقرييير ،وهييذه المن ّ
الرؤساء والساسة المريكان .
دبلوماسية عربية إسرائيلية -اردع الحرب القليمية بين إسرائيل والدول العربية ،واستطلع مسالك جديدة .
التأكيد على أن الوليات المتحدة حليفة لسرائيل ،وأنها ل ترتبط معها بأحكام ومعاهدات مكتوبة ،وإنما بروابييط
أقوى من القيم والمصالح المشتركة .المضي قدما في نقل سفارة الوليات المتحدة إلى الموقع المقييرر فييي القييدس
الغربية .
التركيز على الدول الموالية للغرب :تحتاج الوليات المتحدة إلى التواصل مع الزعمياء العييرب والمسيلمين ومييع
ن دور اليدولشعوبهم ،في السعي إلى إشراكهم في حوار صيادق وصيريح حيول آراء ومصيالح كيل منهيم .إذ أ ّ
الموالية للغرب في المنطقة مهم جدا ،في وضع الجندة السياسية الجتماعية الثقافية للشييرق الوسييط ،ويصييدق
ذلك بشكل خاص على مصر وتركيا ،والعربية السعودية والمغرب والردن .وقد اتضيح ذليك أثنياء قمية كيامب
ديفيد 2000م وبعدها ،عندما أدى غياب التشاور مع الدول العربية الرئيسية ،حول قضية القدس خصوصييا إلييى
طرحت في الجتماع .تقليص فرصة قبول عرفات ،بأي من الحلول المختلفة التي ُ
تتحمل مصر من بين جميع الدول المسؤولية الكبر بصفتها الدولة العربية القوى ،والدولة التي تحمل إجراءاتها
الثر الكثر أهمية في المنطقة .إذ ُتعتبر تصريحات الرئيس المصييري حسييني مبييارك ،ضييد أي توسيييع للنييزاع
الفلسييطيني السييرائيلي ،وضييد تحييويله إلييى حييرب عربييية إسييرائيلية جييدارا واقيييا ،بييوجه انتشييار المزيييد ميين
الراديكالية ) أي التوجه المعادي لسرائيل وأمريكا ( .
المثلث السرائيلي اللبناني السوري :ينبغي على الدارة المريكية الجديدة ،أن ُتعّزز قوة الردع السرائيلية ضد
احتمالت تعرضها لهجمات برية أو صاروخية ،تقوم بها قوات حييزب الي المييدعوم ميين سييوريا وإيييران .علييى
الدارة المريكية أن تدعم الحركة الناشيئة فيي لبنيان ،والداعيية إليى الضيغط مين أجيل المزييد مين الحريية فيي
الداخل ،وتخفيف قبضة سوريا المطبقة على الشؤون اللبنانية .
182
الفصل الثاني :
اعزل جهــود مكافحــة الرهــاب عــن ديناميكيــات العمليــة الســلمية ،وعــزز الــرد علــى
التحديات المستمرة :
ينبغي على الوليات المتحدة ،أن تتبع سياسية ل تسيامح فيهيا :ففيي اليوقت اليذي يحيق للسيلطة الفلسيطينية ،أن
تختلف مع إسرائيل حول القضايا الدبلوماسية ،فإن العلقة المريكييية الفلسييطينية يجييب أن تييدفع ثميين التهيياون ،
الذي ُتبديه السلطة الفلسطينية بشأن التزامها بمكافحة الرهاب .
ينبغي على الوليات المتحدة أن ُتعزز جهودها الرامية للرتقاء بالتعاون الدولي ،ضد شييبكات العنييف السييلمية
الُمتطّرفة .وينبغي أن تعمل مع دول أوروبا والشرق الوسط ،لممارسة ضغط جمياعي عليى تليك اليدول القليلية
التي ما زالت تقدم الملذ للرهابيين ،أو تغض النظر عنهم وهي إيران وباكستان واليمن وأفغانستان .
* وقفة قصيرة مع مقال ،في جريدة الدستور الردنية الصادرة ،بتاريخ 2001 – 7 – 5م ،نقل عن رويترز :
) تصدير المقال :في حال هاجم ابن لدن مصالح أمريكية -واشنطن ُتهّدد طالبان بانتقام عسكري (
" واشنطن – رويترز ؛ قال نائب وزير الخارجية المريكية ) ريتشارد أرميتاج ( :أن الوليات المتحّدة قييد تشينّ
ن أسامة بن لدن على هجمات مصالح أمريكية .وكان انتقاما عسكريا على حركة طالبان ،إذا ش ّ
) أرميتاج ( ُيعّقب على تحذير قّدمه إلى طالبان ،سييفير الوليييات المتحييدة لييدى باكسييتان ) ويليييام
عقد في إسلم أباد يوم الجمعة الماضي .وقال مسؤول في طالبيان لروييترز أن ملم ( في اجتماع ُ
طالبان التي توفر المأوى لبن لدن ،تم إبلغها بأنها سييتتحمل المسيؤولية عين أي هجمييات عليى
مصالح أمريكية … " ،انتهى .
لخضاع الرهابيين للدانة الجنائية ،يتحتم على الولييات المتحيدة متابعية الليتزام بملحقية أولئك المجرميين ،
حيتى وإن واجيه المير عقبيات دبلوماسيية .عليى الحكومية التحاديية العميل عليى إيقياف المناصيرين المحلييين
المؤيدين للجماعات الرهابية ) ،المقصود هنا هو الجاليات العربية الداعمة للحركات الجهادية في فلسطين ( .
لقد تقلص عدد الدول الداعمة للرهاب إلى سبع دول ،وآخر الييدول الييتي ُرفييع اسييمها هييي العييراق عييام 1982م
وأعيد عام 1991م أما آخر اسم ُأضيف للقائمة هو السودان عام 1993م .على الرئيس كجزء ميين عملييية إعييادة
النظر ،أن ُيفكر بتحديد الطيرق اليتي تسيتطيع مين خللهيا تليك اليدول مين رفيع اسيمها مين القائمية ) أي وضيع
متطلبات جديدة لشهادات حسن السيرة والسلوك المريكية ( .وخصوصا تلييك الييتي أظهييرت اهتمامييا بييذلك مثييل
183
ليبيا والسودان وسوريا ،بعد ذلك يجب ربط درجة الدعم المقّدم للرهاب بدرجة العقوبات التي تفرضها الوليات
المتحدة ،وكذلك بمستوى التعامل الذي يقوم بين الحكومة المعنية وحكومة الوليات المتحدة .
ضح التهديد الذي ُيمّثله صدام حسين لمصالح الوليات المتحدة :
و ّ
نعتقد أن من المهم تحديد تلك المصالح المريكية الحيوية التي يمكن لصدام أن ُيهيّددها ،ووضييع خطييوط حمييراء
ُتشّكل عند تجاوزها تحّديا غير مقبول ،يستدعي ردا عسكريا أمريكيا واسع النطاق .
ما أن يتم النتهاء من هذه المراجعة ،يتوجب على الرئيس ،أن يطرح مقرراتها علييى الشييعب ،كتهيئة لحتمييال
وقوع مواجهة عسكرية واسعة النطاق مع صدام إذا ما اقتضييى الميير … فييي حاليية العييدوان خييارج أراضيييه أو
استخدامه لسلحة الدمار الشامل ،أو حتى نشرها في حالت معينة أو عدوانه على الكراد .
ي ُيقصد بالقوة واسعة النطاق :
أول ؛ حملت القصف المتواصلة ضد الهداف التي تحمي النظام ،
ثانيا ؛ إذا كانت النتهاكات العراقية خطيرة بما يكفي يعني إرسال قوات أرضية ،بقدرات كافية بمشاركة الحلفيياء
لغرض إحلل التغيير في النظام العراقي ،
ثالثا ؛ في حالة استخدام أسلحة الدمار الشامل ،يتوجب استخدام جميع الوسائل الُمتاحيية ضييد نظييام صييدام حسييين
) أي استخدام السلح النووي ( .
على الوليات المتحدة أن تكون مستعدة ،للعمل بالتنسييق ميع الحلفيياء الرئيسييين وبييالخص السيعودية والكيويت
وبريطانيا .وبذل مزيد من الجهد لقناع تركيا ،بلعب دور أكثر فاعلية في الرد على التح يّدي الييذي ُيمّثلييه صييدام
حسين .
أحد الخطوط الصفراء التي تجاوزها صييدام بالفعييل ،هييو التوقييف عيين التعيياون مييع مفتشييي السييلحة .أظهييرت
دروس التاريخ الليمة ،أن صييدام ل يسيمح بعملييات تفيتيش ،تكشييف ميا تبقيى مين برامجيه لنتياج الصيواريخ
وأسلحة الدمار الشامل ،كما أن السرة الدولية غير مستعدة لتأييد استخدام القوة لرغام صدام على التعاون .
إلى جانب التفتيش المهني الدقيق الذي يجب أن تصّر الوليات المتحدة عليه .يوجد عنصر مهم آخر ،هييو الييدعم
الذي يجب أن توفره واشنطن لجماعات المعارضة العراقية كعنصر إضافي لحتواء صدام .
184
ضمن عملها مع المعارضة العراقية ،ينبغي للوليات المتحدة أن تضع رؤية أوضح لعراق ما بعد صييدام ،علييى
واشنطن أن توضح أنه كلما ازداد العراق مسالمة وانفتاحا وديموقراطية كلما ازداد دعمها له .
إسرائيل :أكد على التحالف غير المكتوب ،فهو يعكيس عميق ينيابيع اليدعم والتيآخي اليذي يشيعر بيه الشيعب
المريكي إزاء إسرائيل ،والذي يشمل كافيية الطييياف السياسييية المريكييية .ينبغييي علييى الدارة أن تأخييذ زمييام
المبادرة في الرتقاء بشراكتها لسرائيل ،إلى مستوى مواجهة التهديدات الستراتيجية المشييتركة … وسييط جييو
التهديدات الجديدة ومع اضطراد تقّدم السلحة الحديثة .فإن على الدارة أن تواجه التحدي السياسييي المتمثييل فييي
التوضيح لجارات إسرائيل ،بأن أمريكا سوف تعارض أي مجهود ،للتوصل إلى مستوى الندية الستراتيجية مع
إسرائيل .
دول مجلس التعاون الخليجي :تقوية المن النفطي والعسييكري والقتصييادي ،لضييمان اسييتمرار تييدفق
النفط بأسعار مناسبة .على الوليييات المتحيّدة تعميييق دعمهييا للصييلحات القتصييادية فييي تلييك الييدول ،بسييبب
مصلحتها في استقرار النظمة الملكية الخليجية .
مصر :لدى مصر قدرة على لعب دور إيجابي ،فييي تعزيييز العتييدال والسييتقرار فييي المنطقيية ،أو لعييب دور
سلبي في تعقيد وإعاقة مبادرات الوليات المتحدة القليمية .ولو حافظت مصر على وضييعها المقبييول فييإن علييى
الوليات المتحدة ،أن تكون مستعدة للمضي قدما في مبادراتها القتصادية .
الردن :ادعم السلم مع إسرائيل ،واحذر من العودة إلى احتضان عييراق صييدام .أمييا علييى الجييانب العسييكري
فينبغي له المساعدة في عملية التعامل مع المن الحدودي ،ومكافحة الرهاب ،والخطر العراقي المحتمل .أحييد
185
السباب المبررة لتقديم معونة أمريكية كبيرة هو المسعى الذي يبذله العراق ،لجذب الردن بتقديم مساعدة نفطية
900-600مليون دولر .ولحباط الغراء العراقي ،بوسع دول الخليج تقديم النفييط بشييروط ملئميية ،وتوسيييع
دائرة التجارة ،واستخدام العمالة الردنية .
تركيا ُ :يعتبر بقاؤها ،كدولة ديموقراطية علمانية موالية للغرب ،مصلحة حيوية للوليات المتحدة .حيث تلعييب
تركيا دورا مركزيا في عملية احتواء العراق .
ادعم التعاون ما بين شركاء أمريكا القليميييين ،وميين ضييمنها إسييرائيل وتركيييا ودول مجلييس التعيياون الخليجييي
ن التعاون بين تركيا وإسرائيل ُ ،يعتبر الفضل بين جميع حالت التعاون المني القليمي فييي والردن ومصر .إ ّ
المنطقة .
لدى الوليات المتحدة مصالح دائمة في الشرق الوسط ،من بينها ؛ منع وقييوع الحييرب ،وتسييهيل التقييدم باتجيياه
سلم عربي إسرائيلي ،وضمان أمن وسلمة إسرائيل ،وتوطيد الستقرار والمن والرفاهية والتنمية ،في تركيا
والدول العربية المعتدلة ،والمحافظة على حرية تدفق النفط وبأسعار معقولة .بعد النتصار في الحرب الباردة ،
وحرب الخليج في مطلع التسعينيات ،تمكنت الوليات المتحدة من ممارسة الزعامة فييي مجيالين مهمييين ،هميا ؛
بناء السلم العربي السرائيلي وتعزيز المن في الخليج .
العولمة :
على مدى العقد الخير ،كان سجل المنطقة مشوشا بالنسبة للعولميية ،فميين جييانب لييم تسييتطع الحييواجز الوطنييية
القوييية ،أن تمنييع انتشييار وسييائل العلم الحديثيية ،مثييل القنييوات الفضييائية العربييية ،الييتي أنهييت – بمصيياحبة
النترنت – سيطرة الدولة على المعلومات ،كما تم العتراف على مستوى المنطقة باقتصيياد السييوق ،والنفتيياح
على التجارة والستثمار الدوليين ،بصفتها أفضل الطرق لتحقيق التنمية … إل أن الشرق الوسط ُيعتبر خاسييرا
صته في التجارة العالمية في تدهور مستمر . نسبيا في سباق العولمة ،فح ّ
طييات الفضييائية والنيترنت ،وأخيييرا وليييس آخيرا .فمين المحتميل جيدا ،أن يرتيدي
بفضل أجهزة الفيديو والمح ّ
المتظاهرون في رام ال أو طهران بنطلونات وأحذية من إنتاج أمريكي .
* بقولهم هذا ،يكشف رواد العولمة ودعاتها ،عن الييوجه القييذر لهييا ولغاياتهييا ،بشييقّيها الثقييافي والقتصييادي ،
فغايات العولمة هي :
أول :مسخ الهوية العربية والسلمية بشكل خاص والشرقية بشكل عام ،باستهلك الثقافة المريكية عن طريييق
وسائل العلم المختلفة .
ثانيا :ومن ثم جعل جميع دول العالم سوقا مفتوحة ،للمنتجات المريكييية بمختلييف أنواعهييا ،بإجبييار الحكومييات
على رفع القيود ،التي ُوضعت لحماية ودعم الصناعات الوطنية .
إذ ليس هناك أي أهمية ُتيذكر ليدى رواد العولمية ،بالنسيبة لتظياهرك ضيد إسيرائيل وأمريكيا ،وحيرق أعلمهيا
وصور زعمائها ،بما أنك تدعم في نفس الوقت اقتصاد الدولتين باستهلك منتجاتهميا ،مميا ُيسياهم بزييادة النميو
القتصادي فيهما ،وأمريكا سيطرت على العالم اقتصاديا ،وبذلك تمّكنت من السيطرة عليه عسكريا .
على المستوى الدولي ،ما زالت هيمنة أمريكا القليمية على مييا كييانت عليييه ،إل أن هنيياك تصيياعدا ،فييي عييزم
القوى الخرى وقدرتها ،على التأثير في مجرى الحداث في الشرق الوسط ،خصوصييا باتجيياه إعاقيية السياسيية
المريكية في المنطقة .ويبرز في هذا المجال ثلثة لعبين مهمين :
186
روسيا :أصبحت روسيا أكثر قومية خلل العقد الماضي ،وازدادت شكوكها فيما يتعلق بعلقاتها مييع الوليييات
المتحدة … لكنها أصبحت من جديد لعبا ُمثيرا للمشاكل … دأبت روسيييا علييى تقيويض جهيود المييم المتحيدة ،
الرامية إلى السيطرة على التسلح وفرض العقوبات ،حتى أن الرئيس الروسي مؤخرا أثنييى بنفسييه علييى التعيياون
التام بين موسكو وبغداد .لم ُتبِد روسيا تعاونا ُيذكر مع مساعي الوليات المتحدة المدعومة بدولرات المساعدات
،للحيلولة دون انتشار أسلحة الدمار الشامل وتكنولوجيا الصواريخ ،من روسيا إلى الشرق الوسط وخصوصييا
إلى إيران .
الصين :فالصييين ،تمتلييك القييدرة علييى تغيييير ميييزان القييوى القليمييية ،بتزويييد دول فييي المنطقيية بتكنولوجيييا
الصواريخ وأسلحة الدمار الشامل .في الوقت الذي تستطيع الصين فيه أن تصبح قوة إيجابية بالنسبة لنمو اقتصاد
العولمة ،إذا ما واصلت فتح أسواقها وخصخصة اقتصادها .
أوروبا :على سبيل المثال لعبييت الييدول الوروبييية ،دورا مهمييا فييي تسييهيل الدبلوماسييية الهييادئة بييين إسييرائيل
والفلسطينيين .وفييي تييأمين التمويييل السييخي للسييلطة الفلسييطينية بعييد عييام 1993م .وفييي فييرض منيياطق حظيير
الطيران شمال وجنوب العراق .إن ممييا ُيؤسيف ليه أن فرنسييا قييد أصيبحت العقبية الكيبرى ،فييي طرييق تحقييق
التنسيق المريكي الوروبي ،حول الكثير من قضايا الشرق الوسط ،خصوصا تلييك المتعلقيية بالعملييية السييلمية
والسياسة الُمتبعة إزاء العراق .
على خلفية هذا الطار الستراتيجي ،نعتقد بأن الشرق الوسط مرشح لن يكون منطقة مضييطربة ،خلل فييترة
ولية الرئيس المريكي الجديد .سيتغذى بعض ذلك الضطراب ،على مشاعر عدم الرضا والرغبة فييي تحقيييق
الوحدة ،والمور غير المنجزة في النزاع العربي السرائيلي .كما أن بعضا منه ،سوف يتولد نتيجيية التغييييرات
البركانية التي تنتظر إيران .وسوف ينتج بعضيه الخير عين ردود الفعيل المترتبية ،عليى عيودة انبعياث صيدام
حسين .
يحتاج الرئيس المريكي الجديد وكبار مساعديه ،لدراك أن الشييرق الوسييط يييدخل القييرن الواحييد والعشييرين ،
بقيادة زعماء جدد بل خبرة ،يتولون الزعامة من المحيييط الطلسييي إلييى الخليييج الفارسييي ،باقتصيياديات راكييدة
وبأسلحة مرعبة عالية التقنية ،لها القدرة على نقل النزاعات إلى شيواطئ أمريكيا .إن لجنية الدراسية الرئيسيية ،
في معهد واشنطن لسياسيية الشييرق الوسييط الدنييى قييد وضييعت هييذا التقرييير ،ميين أجييل تقييديم النصييح للرئيييس
المريكي الجديد ،حول الطرق الكفيلة بإدارة هذه اللحظة العاصفة ،على نحو يحمييي مصييالح الوليييات المتحييدة
وحلفائها … انتهى القتباس .
بنود هذا التقرييير اليهييودي المقيّدم للرئيييس المريكييي واضييحة وربمييا ل تحتيياج لتعليييق ،فالمخيياوف والهييداف
التوراتية واضحة ،خلف ما يّدعي اليهود بأنه مصالح للوليات المتحيّدة ،تقضييي بتحجيييم وتييدمير ثلثيية قييوى ،
ذات الخطر الكبر على مسييتقبل الدولية اليهوديية فييي المنطقية ،حسيبما أوضيحته التفسيييرات الجدييدة للنبيوءات
التوراتية ،وهي روسيا ) يأجوج ومأجوج ( ،والعراق وإيران ) مادي وفارس وبابل وأشور ( ،كافة الدول ذات
التوجه السلمي ،التي يسمونها بالراعية للرهاب ) خوفا من إحياء الخلفة السلمية ( .
والسؤال المطروح بعد الطلع على هذا التقرير :لماذا يشغل العففراق المسففاحة الكففبر ،فففي مفففردات صففحيفة
برتوكولت حكماء صهيون الجديدة ،المسّماة بتقرير معهد واشنطن ؟!
ونختم هذا الفصل ،بقول لظفر السلم خان صاحب كتاب ) تعاليم التلمييود ( " :وقييد سيياعدت كراهييية بريطانيييا
العمياء ،وغدرها بالعرب والمسلمين ،ووجود النزعة الصليبية الخاطئة لييدى البلييدان الوربييية وأمريكييا ،علييى
نجاح المخططات الصهيونية وغزو البلدان العربية في الحرب العالمية الولى ،فنرى القائد الفرنسييي ) غييورو (
عففدنا يففا صففلح الففدين ! " ،
الذي فتح دمشق يقول ،وقد وضع قيدمه علييى قيبر صييلح الييدين " :هففا نحففن قففد ُ
والجنرال النجليزي ) اللنبي ( عند دخوله القدس ،يقول أمام كنيسة القيامة " :اليوم ،انتهت الحروب الصففليبية
".
قال تعالى
شَرُكوا 82)… ،المائدة (
ن َأ ْ
ن َءاَمُنوا ،اْلَيُهوَد َ ،واّلِذي َ
عَداَوًة ِلّلِذي َ
س َ
شّد الّنا ِ
ن َأ َ
جَد ّ
) َلَت ِ
187
دسة تأمر اليهود بتدمير أصحاب البعث
الكتب المق ّ
احتييل العييراق مسيياحة شاسييعة فييي التقرييير السييابق ،لن التييوراة ُتخييبر هييؤلء الصييهاينة ميين يهييود ونصييارى
صراحة ،وفي مواضع عديدة بأن العراقيون هم أصحاب البعييث الثيياني ،وتييأمرهم بالعمييل علييى تييدمير العييراق
ل يّدخروا جهيدا ،مين أجيل والعراقيين ،عندما يتمكّنوا من العلو في الرض للمرة الثانية ،وُتحّرضهم وتحّثهم بأ ّ
إعادته إلى العصر الحجري ،حتى ل يتمّكن أحفاد البابليين من النبعاث عليهم مرة أخرى عندما يأذن ال بييذلك ،
وفي هذا الفصل سنعرض جانبا من النصوص التوراتية ،التي تصرح بحتمية بعث العراقيين عليهم مرة أخرى ،
والتي يأمر فيها كتبة التوراة يهود هذا العصر بالنتقام من أهل بابل ،كونهم أحفاد نبوخذ نصيير ،وللقضيياء علييى
فرص انبعاثهم مرة أخرى لزالة العلو الثاني لهم في فلسطين .
صللر البعللث
بعض مقتطفات من النصوص التوراتيللة ،الللتي تح ُ
بالعراقيين :
موسى :
ض عليكم كالنسر :50 ،أّمةسفر التثنية " 49 :28ويجلب الرب عليكم أمة من بعيد ،من أقصى الرض ،فتنق ّ
] جافية الوجه [ يثير منظرها الرعب ،ل تهاب الشيييخ ول تييرأف بالطفييل ) أولييي بييأس شييديد ( :51 ،فتسييتولي
ق لك قمحييا ول خمييرا ول زيتييا … ،حييتى تفنييك ، على نتاج بهائمكم ،وتلتهم غلت أرضكم حتى تفنوا ،ول ُتب ِ
:52وتحاصركم في جميع مدنكم ،حتى تتهدم أسواركم الشامخة الحصينة ،التي وثقتم بمناعتها " … ،
:29 :31لنني واثق أنكم بعد موتي ،تفسدون وتضلون عن الطريق الذي أوصيتكم بها ،فيصيبكم الشّر في آخر
اليام ) المرة الثانية تكون في آخر اليام ( ،لنكم تقترفون الشر أمام الرب ،حتى تثيروا غيظه بما تجنيه أيييديكم
…".
:19 :32فرأى الرب ذلك ورذلهم ،إذ أثار أبناؤه وبناته غيظه :20 ،وقال :سأحجب وجهيي عنهييم فييأرى ميياذا
سيكون مصيرهم ؟ إنهم جيل متقلب وأولُد خونة :21 ،ي …ي ،ي لذلك سأثير غيرتهم بشعب متوحش ) أولي بييأس
شديد ( ،وأغيظهم بأمة حمقاء ] أمة ل تفهمون لغتها [ .
إشعياء :
ارميا :
:9 :25فها أنا ُأجّند جميع قبائل الشمال ،بقيادة نبوخذ نصر عبدي* ،وآتي بها إلى هييذه الرض ،فيجتاحونهييا
ويهلكون جميع سّكانها ،مع سائر المم المحيطة بها ،وأجعلهم مثار دهشة وصفير ،وخرائب أبدية .
* ) عبدي ( جاءت صفة لنبوخذ نصر في التوراة .
188
:22 :10اسمعوا ،ها أخبار تتواتر عن جيش عظيم ،مقبل من الشمال ،ليحّول مدن يهوذا ،إلى خرائب ومأوى
لبنات آوى .
ب مين أقاصييي الرض ، … ،لمحاربتيك ييا
ب زاحف من الشييمال ،وأّمية عظيمية تهي ّ
:22 :6انظروا ،ها شع ٌ
أورشليم .
حزقيال :
ب بكلمته قائل :أّما أنت يييا ابيين آدم ،فخطّييط طريقييين لزحييف ملييك بابييل .ميين أرض
ي الر ّ
:19 :21وأوحى إل ّ
واحدة تخرج الطريقان ،وفي ترجمة أخرى ] وأنت يا ابن آدم ،عّين لنفسك طريقين ،لمجيء سيف ملييك بابييل ،
من أرض واحدة تخرج الثنتان [
:22-23 :23وآتي بهم عليك من كل ناحية ،أبناء البابليين ،وسائر الكلدانيين ،ومعهم جميع أبناء أشور .
ي يعلم اليهود علم اليقين أن المبعوثين عليهم في المرة الثانية ،سيييخرجون ميين أرض بابييل وأشييور ،فالكلييدانيون
بابليين وآشوريون هم سكان العراق القدماء .وبابل مدينة عراقية تقع في وسط العراق إلييى الجنييوب ميين بغييداد ،
وأشور مدينة عراقية تقع في شماله .ورغم معرفتهييم هييذه فهييم مسييتمّرون فييي غيهييم وطغيييانهم ،ذلييك لنهييم لييم
يؤمنوا بال ول بأنبيائه سابقا ولحقا ،فمعرفتهم به سبحانه جاءت من خلل آراء كهنتهم وأحبارهم .فهم يأخييذون
من التوراة ما يوافق أهوائهم ويتركون ما سواه ،أما ما يؤمنون به حقا فهو المال والقوة ،وبما أنهم يملكون القوة
والمال ،وبما أن ال قد كشف لهم عن ُمخططاته ،بالنسبة لحتمييية القضيياء علييى وجييودهم فييي فلسييطين ،فالحييل
لديهم ليس التوبة والرجوع إلى ال ) الذي ل يقيمون له قدرا نتيجة افتراءات زنادقة التلمود عليه سييبحانه وتعييالى
ططات ال وإبطالها ،معتمدين على ما أّلفه الكهنة من نبوءات خاطئة عيين الملييك عّما يصفون ( وإنما بمخالفة ُمخ ّ
ططيات الكهنيية والحبييار القديمية الجديييدة ،اليتي ُوضييعت كحيلّ الموعود ،وذلك بكل بساطة من خلل تنفييذ مخ ّ
لمعضلتهم المستعصية مع ال وهي إبادة الكلدانيين ومحو بابل الجديدة عن الوجود ،وتحويلها إلى صحراء قاحليية
ل تسكنها إل الثعالب ،وما كان تصييريح أحييد كلبهييم ) بييوش الب ( ،عنييدما قييال ) :بييأنه سيُيعيد العييراق إلييى
العصر الحجري ( إل من خلفية توراتية حاقدة .
189
ضباع بين أبراجها ،وبنييات آوى فييي قصييورها الفخميية .إن وقييت عقابهييا بييات
فيها ] معز الوحش [ ،وتعوي ال ّ
وشيكا ،وأيامها لن تطول " .
ن الرب ] سيرحم [ ذرّية يعقوب ،ويصطفي شعب إسرائيل ثانية ُ ،ويحّلهم فييي أرضييهم ،فينضييم " 1 :14ولك ّ
الغرباء إليهم ويلحقون ببيت يعقوب .وتُمّد شعوب الرض إليهم يد العون ،ويصيرون عبيدا لبني إسييرائيل ،فييي
أرض الرب ،ويتسّلطون على آسريهم وظالميهم .في ذلك اليوم ُيريحكم الرب ،من عنائكم وشييقائكم وعبييوديتكم
القاسية " .
طم
" :4-23 :14فتسخرون من ملك بابل قائلين " :كيف استكان الظالم وكيف خمدت غضبته الُمتعجرفة ؟ قد ح ّ
الرب عصا المنافق وصولجان الُمتسلطين … حييتى شييجر السييرو وأرز لبنييان عّمهييا الفييرح ،فقييالت " :منييذ أن
انكسرت شوكتك ،لم يصيعد إلينيا قياطع حطيب " … واليذين يرونيك ،يحملقيون فييك ويتسياءلون " :أهيذا هيو
النسان الذي زعزع الرض وهّز الممالك ،الذي حّول المسكونة إلى مثل القفر ،وقلب ُمدنها ،ولم ُيطلق أسييراه
طرحييت بعيييدا عيين قييبرك ،كغصيين مكسييور … لنييك خّربييت أرضييك ليرجعوا إلى بيوتهم ؟ " … أما أنت فقد ُ
وذبحت شعبك ،فذرّية فاعلي الثم يبيد ذكرها إلييى البييد .أعيّدوا مذبحيية لبنييائه جييزاء إثييم آبييائهم ،لئل يقومييوا
ب ضدهم ،وأمحو من بابل ،اسمًا وبقيًة ويرثوا الرض فيملئوا وجه البسيطة ُمدنًا .يقول الرب القدير " :إني أه ّ
ت للمياه ،وأكنسها بمكنسة الدمار " . ل وذريًة ،وأجعلها ميراثًا للقنافذ ومستنقعا ٍ
ونس ً
ي دعوة للشماتة والسخرية من بابل بعد سقوطها .ودعوة لعييداد مذبحيية لبنائهييا ؛ أول :للنتقييام منهييم لمييا فعلييه
آبائهم سابقا ،وثانيا :لمنع البناء من تكرار فعل الباء لحقا ،وتلك هي ُمبّرراتهم لتدمير العراق .
ل فلسطين ) إسرائيل ( ،لن القضيب الذي ضربك قد انكسر .فانه ميين أصييل تلييك " :29 :14ل تفرحي يا ك ّ
الفعى يخرج ُأفعوان ،وذرّيته تكون ثعبانا ساّما طّيارا … ولول أّيها الباب ،ونوحي أّيتها المدينة ،ذوبييي خوفييا
يا فلسطين قاطبة ،لن جيشا ُمدّربا قد زحف نحوك من الشمال … " .
ي وهذا النص ُيحذر اليهود من الفرح ،بانكسار قضيييب بابييل ) أي بانكسييار العييراق فييي بييادئ الميير ( لنييه فييي
لفعوان ل محاليية خييارج ميين أصييل تلييك الفعييى طييال النهاية سينهض من جديد ،لُينجز ما قضاه ال عليهييم .فييا ُ
الزمان أو قصر ،وسينفث سّمه في أجسادهم عند مجيء الموعد ،وذريته ستكون أشد بأسا وأشد تنكيل .
" النبوءة التي قضى بها الرب ،على بابل وعلى بلد الكلدانيين ،على لسان ارميا النييبي :أخِبييروا فييي الشييعوب
طييم مييردوخ وأسِمعوا وارفعوا راية ،أسِمعوا ل تخفوا ،قولوا :قد تم الستيلء على بابل ،ولحق ببيل العار وتح ّ
) أسماء لصنام بابل ( ،خربت أصنامها وانسحقت أوثانهييا ،لن أمية ميين الشييمال ،قييد زحفييت عليهييا ،لتجعييل
أرضها مهجورة ،شرد منها الناس والبهائم جميعا " .
التنفيذ مرتبط بعودتهم إلى فلسطين :
" وفي تلك اليام ،يقول الرب ،يتوافد بنو إسرائيل وبنو يهوذا معا ،يبكون في سيرهم ويلتمسون الييرب إلههييم ،
ن شعبي كغنم جهون إليها قائلين :هلم ننضّم إلى الرب ،بعهد أبدي ل ُينسى ،إ ّ
يسألون عن الطريق صهيون ويتو ّ
ضاّلة قد أضّلهم رعاتهم ،وشّردوهم على الجبال ،فتاهوا ما بين الجبل والتل ،ونسوا مربضهم ،كل من وجدهم
ق ،ورجيياءافترسهم ،وقال أعدائهم :ل ذنب علينا لنهم ،هم الذين أخطأوا في حقّ الرب ،الذي هو ملذهم الح ّ
آبائهم "
" اهربوا من وسط بابل ،واخرجوا من ديار الكلدانيين ،وكونوا كالتيوس أمام قطيع الغنييم ) ،الطلييب ميين جميييع
الغربيين ُمغادرة العراق قبل القصف ( فها أنا ُأثير وأجلب على بابل ،حشود ُأمييم عظيميية ،ميين أرض الشييمال ،
فيتأّلبون عليها ،ويستولون عليها من الشمال ،وتكون سهامهم كجّبار متميّرس ل يرجييع فارغييا ) ميين الصيييد ( ،
فتصبح أرض الكلدانيين غنيمة ،وكل من يسلبها ُيتخم ) عوائد النفط ( ،يقول الرب .لنكييم تبتهجييون وتطفييرون
ن أّمكيم قيد لحقهيا الخيزي الشيديد ،غبطة يا ناهبي شعبي ،وتمرحون كِعجلٍة فوق العشب وتصهلون كالخيل ،فيإ ّ
ل بأسييرها مهجييورة ل الشعوب ،وأرضها تصير قفييرا جافييا وصييحراء ،وتظي ّ وانتابها الخجل ،ها هي ُتضحي أق ّ
وخربة ،كل من يمّر ببابل ُ ،يصيبه الذعر ويصفر دهشة ،لما ابتليت به من نكبات " .
191
تحريض على تدمير بابل :
" اصطّفوا على بابل من كل ناحية ،يا جميع موتري القواس ،ارموا السهام ول تبقييوا سييهما واحييدا ،لنهييا قييد
ق الرب ) لنها أنزلت بهم العقاب اللهي في المرة الولى ( ،أطلقوا هتاف الحرب عليهييا ميين كييل أخطأت في ح ّ
جانب ) طبل وزمر العلم الغربي قبل بدء الحرب ( ،فقد استسلمت ) لقرارات مجلس المن ( وانهارت أسسها
وتقوضت أسوارها ) البنية التحتية ( ،لن هذا هو انتقام الرب ) بل هو انتقامهم ( ،فاثييأروا منهييا ) تحريييض ( ،
وعاملوها بمثل ما عاملتكم ،استأصلوا الّزارع من بابل ،والحاصد بالمنجل في يوم الحصاد ،إذ يرجع كل واحييد
إلى قومه ،ويهرب إلى أرضه فرارا من سيف العاتي " .
شييم
خيير ميين ه ّل ميين افترسييه ،ونبوخييذ نصيير آ ِ
" إسرائيل قطيع غنم مشّتت ،طردته السود ،كان ملك أشور أو ّ
عظامه ) كان هذا واقع حال الكهنة ،عند كتابة هذه الوثيقة ،موضييحين دوافييع هييذا التحريييض ( ،لييذلك هييذا مييا
ُيعلنه الرب القدير إله إسرائيل :ها أنا ُأعاقب ملك بابل وأرضه ،كما عاقبت ملك أشور من قبييل ،وأرّد إسييرائيل
إلى مرتعه ،فيرعى فييي الكرمييل وباشييان ،وتشييبع نفسييه فييي جبييل أفرايييم وجلعيياد .وفييي ذلييك الزمييان والوان
) المستقبل ( ،يقول الرب ) وما هو بقوله ( ُ :يلتمييس إثييم إسييرائيل فل يوجييد ،وخطيئة يهييوذا فل تكييون ،لنييي
أعفو عمن أبقيته منهما ) في المرة الثانية بعد السبي البابلي ( " .
تحريض مستمر:
" ازحف على أرض ميراثايم ) الجّبار المتمّرد ،أي ملك بابل ( ،وعلى المقيمين في فقود ) أرض العقاب ،بابل
ت جلبية القتيال فييي
عَلي ْ
خّرب ودّمر وراءهم ) أثناء فرارهم ( ،يقول الرب ،وافعل حسب كل ما آمرك به .قد َ ( َ
ي وُمباشر ( ،صييوت تحطيييم عظيييم ) دوي القنابييل ( ،كيييف تكسيّرتالرض ) على مرآى من العالم في بث ح ّ
ت فيه يا بابل ) تورطت في الحرب نتيجة مييؤامرة ت الشرك فوقع ِ
طمت بابل ،مطرقة الرض كلها ؟ قد نصب ُ وتح ّ
ب ،قد فتح الرب ) أمريكا الييتي ض عليك ،لّنك خاصمت الر ّت ( وُقب َ
( ،من غير أن تشعري ،قد ُوجّدت ) ُأخذ ِ
يعبدون ( مخزن سلحه ،وأخرج آلت سخطه ) التعبير هنا أكثر دقة وبمصطلحات حديثة ( ،لنه ما برح للسيد
الرب القدير ،عمل ُينجزه في ديار الكلدانيين ) حربين مدّمرتين وحصار وما زال فييي جعبتهييم أكييثر ،لحقييا ( ،
ازحفوا عليها من أقاصي الرض ،وافتحوا أهراءها ،وكّوموها أعراما واقضوا عليها قاطبة ،ول تييتركوا منهييا
بقية ) ،نهب ثرواتها وخيراتها ( ،اذبحوا جميع ثيرانها ،أحضروها للذبح ،ويل لهم لن يييوم موعييد عقييابهم قييد
حان " .
" اسمعوا ها جلبة الفاّرين الناجين ،من ديار بابل ليذيعوا في صهيون ،أنبيياء انتقييام الييرب إلهنييا والثييأر لهيكلييه ،
خري السيلح ( ،عسييكروا حولهييا فل ُيفليت منهييا أحييد استدعوا إلى بابل رماة السهام ،جميع موتري القسي )ُمييذ ّ
) الحصار ( ،جازوها بُمقتضى أعمالها ،واصنعوا بها كما صنعت بكم ،لنها بغت على الرب قّدوس إسرائيل ،
ك أيتهياليذلك ُيصيرع شيّبانها فيي سياحاتها ،ويبييد فيي ذليك الييوم جمييع جنودهيا ،يقيول اليرب .هيا أنيا ُأقاومي ِ
المتغطرسة ،يقول الرب القدير ،لن يوم إدانتك ،وتنفيذ العقاب فيك قد حييان ،فيتعّثيير الُمتغطييرس ويكبييو ،ول
يجد من ُينهضه ،وُأضرم نارا في ُمدنه فتلتهم ما حوله " .
" وهذا ما يعلنه الرب القدير :قد وقع الظلم على شعب إسرائيل ) عقابهم من قبل بابل كييان ظلم يًا لهييم ( ،وعلييى
شعب يهوذا ،وجميع الذين سبوهم وتشّبثوا بهم ولم يطلقوهم ،غير أن فاديهم قييوي ،الييرب القييدير اسييمه ،وهييو
حتما ُيدافع عن قضيتهم ،لكي ُيشيع راحة في الرض ،وُيقلق أهل بابل .ها سيف على الكلييدانيين ،يقييول الييرب
وعلى أهل بابل ،وعلى أشرافها وعلى حكامها " .
192
طبيعة العقاب الذي يأمل اليهود أن يوقعوه في بابل وأهلها :
" ها سيف على عّرافيها فيصبحون حمقى ،وها سيف على ُمحاربيها فيمتلئون رعبا .ها سيف على خيلها وعلى
مركباتها ،وعلى ِفرق ُمرتزقتها فيصيييرون كالنسيياء ،هييا سيييف علييى كنوزهييا فُتنهييب ،هييا الحَيّر علييى مياههييا
فُيصيبها الجفاف ) ربما بسبب ضربة نووية قادمة ( لنها أرض أصنام ،وقد ُأولع أهلها بالوثيان .لييذلك يسييكنها
ل مهجورة إلى البييد .غييير آهلية بالسييكان إلييى مييدى وحش القفر مع بنات آوى ،وتأوي إليها رعال النعام ،وتظ ّ
الدهر .وكما قلب ال سدوم وعمورة وما جاورهما ،هكذا لين يسيكن فيهيا أحيد ،أو يقييم فيهيا إنسيان ) وهيذا ميا
يصبون إليه ،ولن يهدأ لهم بال حتى يحققوه ( " .
ف من الملوك ،قييد هّبييوا ميين أقاصييي الرض ،يمسييكون بالقسييّ " ها شعب ُمقبل من الشمال ،أّمة عظيمٌة ولفي ٌ
ويتقّلدون بالرماح ُ ،قساة ل يعرفون الرحمة ،جلبتهم كهدير البحر ،يمتطون الخيل وقد اصطفوا كرجييل واحييد ،
لمحاربتك يا بنت بابل ) بابل الجديدة هي بنت بابل القديمة ،أي العراق ( ،قد بلغ خبرهم ملييك بابييل ،فاسييترخت
ض أسييد ميين أجمييات نهيير
ض عليها ،كما ينق ي ّ
يده وانتابته الضيقة ،ووجع امرأة في مخاضها .انظر ،ها هو ينق ّ
الردن ،هكذا وفي لحظة أطردهم منها ،وُأولي عليها من أختاره ) قلب نظام الحكم ،وإسييقاط الرئيييس ،وتولييية
من يرضون عنه ( .لنه من هو نظييري ؟ ومين ُيحياكمني ؟ وأي راع يقيوى عليى مواجهيتي ؟ " ) مين منطليق
العنجهية والقوة العمياء ( .
ططه ودّبره عميان القلب والبصييرة ،مين كهنتهيم وأحبيارهم ب ضّد بابل ) بل ما خ ّ ططه الر ّ
" لذلك اسمعوا ما خ ّ
الحاقدين ( ،وما دّبره ضد ديار الكلييدانيين ،هييا صييغارهم ُيجيّرون جيّرا ،وُيخيّرب مسيياكنهم عليهييم .ميين دوي
سقوط ) القنابل التوراتية على ( بابل ترجف الرض ،ويترّدد صراخها بين المم " . أصداء ُ
" وهذا ما ُيعلنه الرب ) أربابهم ( :ها أنا ُأثيير عليى بابيل ،وعليى الُمقيميين فيي دييار الكليدانيين ريحيا ُمهلكية ،
وأبعث إلى بابل ُمذّرين ُيذّرونها ،ويجعلون أرضييها قفييرا ،وُيهاجمونهييا ميين كييل جييانب فييي يييوم بلّيتهييا .ليييوتر
شيّبانها ،بيلجج بسلحه ) لتلقي طائراتهم كل حمولتها فييوق بابييل ( ،ل تعفيوا عين ُ خر ( الرامي قوسه وليتد ّ
) ُيذ ّ
أبيدوا كل جيشييها إبيادة كاملية ،يتسياقط القتليى فيي أرض الكلييدانيين ،والجرحييى فيي شييوارعها ) مين الميدنيين
ض بييالثم ضيّد قيّدوس إسييرائيل ب القييدير ،وإن تكيين أرضييهما تفيي ُ طبعا ( ،لن إسرائيل ويهوذا لم ُيهملهما اليير ّ
) ربهم معهم دائما حتى لو وصل إفسادهم عنان السماء ( " .
ج كل واحد بحياته ،ل تبيدوا ميين جيراء إثمهيا ) دعيوة للجالييات الغربيية لمغيادرة " اهربوا من وسط بابل ،ولين ُ
العراق ( ،لن هذا هو وقت انتقام الرب ) الوقت الذي حدده جورج بوش ( ،وموعد ُمجازاتها ) تصفية الحساب
القديم قبل 2500عام تقريبا ( ،كانت بابل كأس ذهب في يييد الي ) الييثروة والقييوة ( ،فسييكرت الرض قاطبيية ،
طمييت ،فولولييوا عليهييا ،خييذوا بلسييما
جّنت الشييعوب .فجييأة سييقطت بابييل وتح ّ
تجّرعت المم من خمرها ،لذلك ُ
لجرحها لعلها تبرأ ُ .قمنا بمداواة بابل ) حرب الخليج الولى ،وضرب المفاعل النييووي ( ،ولكيين لييم ينجييع فيهييا
ض كل واحييد منييا إلييى علج ) إذ قامت بالتهديد بحرق نصفها حال اعتدائها على أي بلد عربي ( .اهجروها وليم ِ
أرضه ،لن قضاءها قد بلغ عنان السيماء ،وتصياعد حيتى ارتفييع إليى الغييوم ) تهدييدها لدولية الفيياعي ميرارا
وتكرارا ( " .
193
تحريض اليرانيين على تدمير بابل :
" قد أظهر الرب بّرنا ،فتعالوا لُنذيع في صهيون ،ما صنعه الييرب إلهنييا .سيّنوا السييهام وتقّلييدوا الييتروس ،لن
طد العزم علييى إهلك بابييل ،لن هييذا هييو انتقييام الييرب ، الرب قد أثار روح ملوك الماديين ) اليرانيين ( ،إذ و ّ
والثأر لهيكله .انصبوا راية على أسوار بابل ،شّددوا الحراسة ،أقيموا الرصاد ) الجواسيييس والعملء ( أعييدوا
طط وأنجز ما قضى به على أهل بابل ،أيتها السيياكنة إلييى جييوار المييياه الغزيييرة ،ذات الكمائن ،لن الرب قد خ ّ
الكنوز الوفيرة ،إن نهايتك قد أزفت ،وحان موعد اقتلعك ،قد أقسم الرب القدير بذاته ،قييائل :لملّنييك ُأناسييا
كالغوغاء فتعلوا جلبتهم عليك " .
سس الدنيا بحكمته ،ومّد السييماوات بفطنتييه ،مييا إن ينطييق بصييوته ،حييتى " هو الذي صنع الرض بقدرته ،وأ ّ
تتجمع غمار المياه في السماوات ،وتصعد السحب من أقاصي الرض ،ويجعييل للمطيير بروقييا ،وُيطلييق الريييح
ي من تمثاله ،لن صنمه المسبوك كاذب ول حياة ئ خامل وعديم المعرفة ،وكل صائغ خز َ من خزائنه ،كل امر ٍ
فيه ،جميع الصنام باطلة وصنعة ضلل ،وفي زمن عقابها تبيد .أما نصيب يعقوب فليييس مثييل هييذه الوثييان ،
بل جابل كل الشياء .وشعب إسرائيل ميراثه ،واسمه الرب القدير ،أنت فأس معركتي وآلة حربي ،بييك ُأم يّزق
طيم الرجييلشييم المركبيية وراكبهييا ،بييك ُأح ّ
طييم مماليك ،بييك أجعييل الفيرس وفارسيها أشييلء ،وأه ّ
المم إربا وُأح ّ
والمرأة ،والشيخ والفتى والشاب والعذراء ،بك أسحق الراعي وقطيعه ،والحارث وفّدانه والحّكام والولة " .
" سُأجازي بابل وسائر الكلدانيين على شّرهم ،الذي ارتكبوه في حق صهيون ،على مرأى منكم ،يقول الييرب .
ها أنا أنقلب عليك أيها الجبييل المخيّرب ،أنييت ُتفسييد كييل الرض ،لييذلك أميّد يييدي عليييك ،وأدحرجييك ميين بييين
الصخور ،وأجعلك جبل محترقا ،فل ُيقطع منييك حجيير لزاوييية ،ول حجيير ُيوضييع لسيياس ،بييل تكييون خرابييا
أبديا ،يقول الرب " .
" انصبوا رايًة في الرض ،انفخوا في البوق بين المم ) وسائل العلم الغربية ( ،أثيروا عليها الم يَم لقتالهييا ،
ك أراراط ومّنيي وأشيكناز ) تركييا وميا حولهيا ( ،أقيميوا عليهيا قيائدًا ،اجعليوا الخييل تزحيف وأّلبوا عليها ممال َ
ك الميياديين ) اليرانيييين ( ،وكييل حّكييامهم وولتهييم
ب الشرسة .أثيروا عليها المَم وملييو َل الجناد ِ
عليها ،كجحاف ِ
ض ترتجف وتقشييعّر ،لن قضيياء الييرب علييى وسائر الديار التي يحكمونها ) إمبراطورية فارس القديمة ( .الر ُ
بابل يتّم ،ليجعل أرض بابل خرابا وقفرا " .
" قد أحجم ُمحاربو بابل الجبابرة عين القتيال ،واعتصييموا فييي معياقلهم ،خييارت شييجاعتهم وصياروا كالنسيياء ،
طمت مزاليجها ،يركض عّداء لملقاة عّداء آخير ،وُيسيرع ُمخيبر للقياء ُمخيبر ،لُيبليغ احترقت مساكن بابل وتح ّ
ملك بابل أن مدينته ،قد تم الستيلء عليهييا ،ميين كييل جييانب ،قييد سييقطت المعييابر ،وُأحرقييت أجمييات القصييب
ن أهل بابل كالبيدر ،وقييد حييان بالنار ،واعترى المحاربين الذعر ،لن هذا ما ُيعلنه الرب القدير إله إسرائيل :أ ّ
أوان درس حنطته ،وبعد قليل يأزف موعد حصادهم " .
194
دوافع النتقام ) تكرار ( :
" يقول المسبيون " :قد افترسنا نبوخذ نصر ملك بابل ،وسحقنا وجعلنا إناًء فارغا ،ابتلعنييا كتّنييين ،ومل جييوفه
ل ببابل ما أصابنا ،وما أصاب لحومنييا ميين ظلييم " ، حّ
من أطايبنا ،ثم لفظنا من فمه " .يقول أهل أورشليم " :لي ُ
وتقول أورشليم " :دمي على أهل أرض الكلدانيين " ) مطالبة بالثأر مستقبل من الجيال القادمة ( .
" لذلك هذا ما ُيعلنه الرب :ها أنا ُأدافع عن دعواك وانتقم لك ،فأجفف بحر بابل وينابيعها ،فتصير بابل ركاما ،
صل لهم ذلك في حييال ضييرب العييراق نوويييا ، ومأوى لبنات آوى ،ومثار دهشة وصفير وأرضا موحشة ) سيتح ّ
وهو ما ُيفّكرون به حاليا ( ،إنهم يزأرون كالسود ،وُيزمجرون كالشبال ) ،أي العراقيون ،وهذا ما ُيغيظ تلييك
الفئران ،التي ترتعد فرائسها ،وتصطك أسنانها هلعا وجزعا ،عند سماعها للتهديدات العراقية ( ،عند شييبعهم ،
ُأعّد لهم مأدبة ) دولة الكويت ،وحكامها باستجابتهم لبالسة المكر والدهاء جعلوا منها مأدبة ( ،وُأسييكرهم حييتى
تأخذهم نشوة ) الغراء والمديح لحكام العراق ،باستجابتهم للفريق الثاني ميين البالسيية ( ،فينيياموا نومييا أبييديا ل
يقظة منه ،يقول الرب .وُأحضرهم ) العراقيين ( كالحملن للذبح ،وكالكباش والتيوس " .
ي وكل الفريقين وبقية الدول العربية بعلم ومن غييير علييم ،وقعييوا فييي الفييخ الييذي ُنصييب لهييم وكلهييم ملييومين بل
استثناء ،ومن يضع اللوم على فريق دون الخر فقد جانبه الصواب ،فكل عربي كان له دور في المؤامرة ونف يّذه
ل أخذ نصيبه في تأجيج نار الفتنة .وفي المحصلة ُنهبت ثييروات الميية واسييتخدمت لشييباع على أكمل وجه ،وك ٌ
ل يييتركوا العييراق ،حييتى يعييود
بعضا من الرغبة اليهودية في النتقام من بابل ولديهم مزيد ،فتوراتهم تأمرهم بأ ّ
إلى العصر الحجري ،كما صرح الرئيس المريكي آنذاك ،وأقصى أمانّيهم هييي اختفيياء أي مظهيير ميين مظيياهر
ض مضيياجعهم ،مييا الحياة في العراق ،خوفا من تكرار كابوس السبي البابلي ،الذي ما زال يييؤرق أجفييانهم ويقي ّ
دام هناك عراق قوي ُيهّدد وجودهم وقادر على الوصول إليهم .
المصير المرعب الذي كان اليهود يتمنونه لبابل بعد حرب الخليج وما زالوا :
ي على بابل ! كيف سقطت فخر كل الرض ! كيف صارت بابل مثار دهشة بييين المييم ! قييد طغييى " كيف اسُتول َ
البحر على بابل ،فغمرها بأمواجه الهائجة ،وأصبحت ُمدنها موحشة ،وأرض قفيير وصييحراء ،أرض ل يييأوي
ب الصنم بيل في بابل ،وأستخرج ميين فمييه مييا ابتلعييه ) ،نهييب ثييروات
إليها أحد ،ول يجتاز بها إنسان ،وأعاق ُ
ف المم من التوافد إليه ،وينهدم أيضا سور بابل " .العراق تعويضا عن كنوز الهيكل ( ،فتك ّ
ي ل بد لهم من ضرب العراق بالنووي عاجل أم آجل ،حتى يتمكنوا من تحقيييق هييذا الحلييم التييوراتي ،فالسييلحة
ي اليهودي من اسم بابل وأشور ،كما هو واضييح ميين هييذه النصييوص ، ضّالتقليدية لم ُتجدي نفعا ،والرعب المَر ِ
ليس له علج إل محو هذا البلد بأهله عن الوجود وإلى البد ،وهذا ما ُيصّرحون بييه فييي هييذه النصييوص ،وميين
معرفتك بطبيعة العلج الذي يصفونه لنفسهم ،تستطيع التعرف على خطورة الحالة المرضّية المستعصية ،التي
ُيعانون منها وخطورة ما قد ُيقدمون عليه مستقبل في حق العراق .
" اخرجوا من وسطها يا شعبي ) لذلك لم يبدأ العدوان إل بعد خروج رعايا الدول المعتديية ،والنيية كييانت تيدمير
ج كل واحد بحياته ،هربا من احتدام غضب الرب ،ل تخّر قلييوبكم العراق عن بكرة أبيه لو ُأتيح لهم ذلك ( ،ولين ُ
ول تفزعوا ،مما يشيع في الديار من أنباء ،إذ تروج شائعة في هذه السينة ،وُأخيرى فيي السينة التاليية ،ويسيود
العنف الرض ،ويقوم ُمتسّلط على ُمتسّلط .لذلك ها أيام ُمقبلة ُ ،أعاقب فيها أصنام بابل ،ويلحق العييار بأرضييها
كلها ،ويتساقط قتلها في وسطها ،عندئذ تتغنى بسقوط بابل ،السماوات والرض وكل ما فيهييا ،لن الُمييدّمرين
يتقاطرون عليها من الشمال ،يقول الرب " .
195
المستهدف هو شعب بابل :
" كما صرعت بابل قتلى إسرائيل ،هكذا ُيصرع قتلى بابل في كل الرض ) السن بالسيين والعييين بييالعين ( ،يييا
أّيها الناجون من السيف ،اهربوا ل تقفوا ،اذكروا الرب في مكانكم البعيد ،ول تبرح أورشليم من خواطركم .قد
ي لننا استمعنا للهانة ،فكسا الخجل وجوهنييا ) إسيياءة الييوجه ( ،إذ انتهييك الغربيياء ) أي البييابليون (
لحقنا الخز َ
مقادس هيكل الرب ) بعدما حّوله الكهنة إلى بورصة ،للتبادلت التجارية الربوّية ،حسبما ذكر أنبياؤهم ( " .
ن جرحاها في كل ديارها ،وحييتى لييو
" لذلك ها أيام ُمقبلة ،يقول الرب ُ ،أنّفذ فيها قضائي على أصنام بابل ،ويئ ّ
ن الُمدّمرين ينقضون عليها من عندي ،صنت معاقلها الشامخة ،فإ ّ
ارتفعت بابل فبلغت عنان السماء ،وحتى لو ح ّ
يقول الرب " .
المصير المرعب الذي كان اليهود يتمنونه لبابل بعد حرب الخليج وما زالوا ) تكرار ( :
" ها صوت صراخ يترّدد في بابل ،صوت جلبة دمار عظيم من أرض الكلدانيين ،لن الييرب قييد خ يّرب بابييل ،
جاجة ،وعل ضييجيج أصييواتهم ،لن الُمييدّمر وأخرس جلبتها العظيمة ،إذ طغت عليها جحافل أعدائها ،كمياه ع ّ
قد انقض على بابل ،وأسَر ُمحاربيها ،وتكسرت كييل قسيّيها ) أسييلحتها ( ،لن الييرب إلييه ُمجييازاة ،وهييو حتمييا
ُيحاسبها ،إني ُأسكُر رؤساءها وحكماءها ومحاربيهيا ،فينيامون نوميا أبيديا ل يقظية منيه ، … ،وهيذا ميا ُيعلنيه
الرب القدير :إن سور بابل العريض ُ ،يقّوض وُيسّوى بالرض ،وبّواباتها العالية تحترق بالنار ،ويييذهب تعييب
الشعوب باطل ،ويكون مصير جهد المم للنار " .
" وكان ارميا قد دّون في كتاب واحد ،جميع الكوارث التي سُتبتلى بها بابييل ،أي جميييع النبييوءات المدّونيية عيين
بابل ) ،وأرسله ارميا إلى بابل وقال لحامله ( " :حالما تصل إلى بابل ،اعمل على تلوة جميع هييذه النبييوءات ،
وقل :أيها الرب ،قد قضيت على هذا الموضع بالنقراض ،فل يسكن فيه أحد ميين النيياس والبهييائم ،بييل ُيصييبح
خرابا أبديا " ،ومتى فرغت من تلوة هذا الكتاب ،اربط به حجرا واطرحه فيي وسيط الفيرات ،وقيل " :كيذلك
تغرق بابل ،ول تطفو بعد ،لما ُأوقعه عليها من عقاب ،فيعيا كل أهلها " .
طها مؤلفو التوراة ،علييى أنهييا عقوبيية الي لبابييل ،مييا هييي إل العقوبيية الييتي تنتظيير
ي هذه الوثيقة المرعبة التي خ ّ
إسرائيل وأمريكا مستقبل ،ولكنهم أرادوها لبابل ،ونفّذوا فصولها في العراق ،فصل تلو الخيير ،وهييم يسييعون
الن من وراء الكواليس لتنفيذ بقية فصولها .
سبب العقاب اللهي هو استعلئها وإضللها لشعوب الرض ،وما أوقعتييه ميين ظلييم بهييم ،ودمارهييا سيييأتي مين
الشمال ،من خلل تحالف عدة دول ،وبضربات نووية كثيفة ومفاجئة .تتسبب بدمار عظيييم وحييرائق وجفيياف ،
ومن ثم طوفان عظيم يجتاح أراضيها ،ليتركها قفرا أجرد ل يصلح للسكن أبد الييدهر .وجيوشييها الييتي كييانت قييد
خرجت منها سيتم ذبحها كالحملن والتيوس .
198
الفعوان العراقي في سفر إشعياء
خطورة هذا الفعوان المرعب ،تتمثل في ما يحمله في أحشائه من سموم ُمميتة ،كان أسلفهم قد تجّرعوهييا ميين
قبل ،ووصفوا تأثيرها المؤلم على امتداد التوراة الشاسع ،فشغلت حّيييزا كييبيرا ميين فكرهييم ووجييدانهم ،فمج يّرد
ل بأسلفهم ،من جّراء تلييك الفعييى الييتي أنجبييت هييذا الفعييوان ،
التفكير بتكرار ذلك المصير المرعب ،الذي ح ّ
ُيصيبهم بحالة من الذعر والهلع ،لذلك كان وسيكون لهم ،محاولت عديدة للتخّلص من خطر هذا الفعوان علييى
وجودهم :
الُمحاولة الولى :هي الحرب اليرانية العراقية ،لصابته بالشلل وقد ُأصيب ،فتسّنى لهم ضرب مفاعله •
النووي ،واجتياح بيروت ،وترحيل منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان .
الُمحاولة الثانية :هي الحرب المريكية العراقييية ،لتغيييير رأس هييذا الفعييوان ،وزرع رأس جديييد لييه ، •
وتقطيع أوصاله وتفريق شملها ،وتوزيع دمه على جميع القبائل التي اجتمعت عليه ،ولم ُيكتب لها النجاح .
الُمحاولة الثالثة :هي الحصار الممي ولجان التفتيش ،لنييزع النييياب الييتي تنفييث السيّم ،بتييدمير أسييلحة •
الدمار الشامل ،وحرمانه من امتلك أسلحة جديدة ،فاقتلعوا النياب واستخرجوا السّم ،ولكن النياب نبتييت ميين
جديد ،والسم يتجّدد ول ينقطع .
الُمحاولة الرابعة :هي الحرب المريكية الشاملة ،مع احتمالية توجيه ضربات نووية محدودة إن أمكيين ، •
لقطع الرأس والوصال معا ،حيث لم يُعد هناك أهمية لتوزيع دمه علييى القبييائل .وستصييبح احتمالييية الضييربات
النووية قائمة وحتمية فور امتلك أمريكا ،للدرع الُمضاد للصواريخ الُمحّملة بييالرؤوس النوويية ،وهيذه الحييرب
ططييون لهييا ويسييتعجلونها ،
حسييبان أمريكييا وإسييرائيل ،فهييم ُيخ ّ
قائمة بل أدنى شك ،إن لم يقييع مييا لييم يكيين فييي ُ
ويطلبون من الرئيس المريكي ،تهيئة الشعب المريكي لتقّبلها ،وسيعملون جهدهم لشييعالها فييي أقييرب فرصيية
ممكنة ،ظنا من الذين ل يعقلون ول يفقهون ،بأنهم قادرين على منيع رب العيزة مين إنجياز وعيده فيهيم ،بإبيادة
العراقيين وتقسيم العراق وإسقاط قيادته .
ونختم هذا الفصل بنص من المزمور 137من سفر المزامير ،الذي يترنم به اليهود والنصارى في صلواتهم :
" يا ابنة بابل المحتم خرابها ،طوبى لمن ُيجازيك بما جازيتنا به ،طوبى
لمن ُيمسك صغارك ويلقي بهم إلى الصخر "
199
الجزء الثالث
الفصل الول :
بل هم في شك يلعبون
معّلم مجنون
ثم تولوا عنه وقالوا ُ
200
وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة
تبين لنا من خلل هذه القراءة الجديدة لتاريخ بني إسرائيل ،في القرآن والسّنة والتوراة والتلمود ،أن البابلّيون هم
أصحاب البعث الول ،وبناءً على ذلك ،يكون العراقيييون حصييرا وبل أدنييى شييك هييم أصييحاب البعييث الثيياني .
وسيتبين لنا في هذا الفصل ،من خلل قراءة جديدة للواقع بأن اليهود على علم بهذا البعث وأصحابه ،وظّنا منهم
بأنهم قادرون على مخالفة أمر ال بمنع تحقق البعث الثاني ،خططوا ونّفذوا وما زالوا يخططون لدرء خطير هييذا
البعث الموعودين به ،بإبادة أصحابه بشتى الوسائل والسبل ،لقناعتهم بأن بقاء دولتهم يتحتم عليييه محييو العييراق
وشعبه عن خريطة العالم .
دأبت أمريكا ومن سار في ركبها ،على إعلن عدائها لقيادة العراق الحالية وإبداء الرغبة في إسقاطها ،وجعلييت
من بقاء القيادة العراقية على سييدة الحكيم فييي بغييداد وسيابقتها فيي غييزو الكيويت ،مثيال لعدوانيية هييذه الحكوميية
وخطورتها على جيرانها ،وذريعة لدامة الحصار ولتجريد العراق من مقومات وجوده .ليصييل العييالم والشييعب
العراقي إلى قناعة ،بأن المستهدف حقيقة ميين وراء الصييرار المريكييي ،علييى إبقيياء الحصييار مفروضييا علييى
العراق ،هي القيادة العراقية الحالية بتوجهاتها العدوانية ضد جيرانها ،مما ُيهدد أمن منطقة الخليج الحيوية للعالم
،وبإسقاط هذه القيادة ستنعم منطقة الخليج بالمن مجّددا حسب الرؤى المريكية .
ومع أن أمريكا ل ُتبِد أدنى اهتمام بمصير الشعب العراقييي ،بييل علييى العكييس ميين ذلييك ،كييان ومييا زال بعييض
مسؤوليها من اليهود ُ ،يبدون سعادة عارمة بل خجل أو مواربة ،بوقوع المزيد من الضحايا في العييراق ،حيييث
الغالبية العظمى من الطفال ،الذين سقطوا من جييراء نقييص الدوييية والغييذاء ،حييين تصييرح وزيييرة الخارجييية
المريكية ) أولبرايت ( ،في حوار صحفي في محطة ) : ( CBSبييأن تسيّبب أمريكييا بمييوت نصييف مليييون طفييل
عراقي " أمر يستحق العناء " ،إل أن العالم أجمع ،والشعب العربييي وحييتى الشييعب العراقييي ،لييم يبحييث عيين
الدوافع الحقيقية لهذا العداء المريكي للعراق .
" توراة -إشعياء :16 :13 :كل من ُيؤسر ُيطعن ،وكل من ُيقبض عليه ُيصرع بالسيف ،وُيمّزق أطفالهم على
مرأى منهم ،وُتنهب بيوتهم وُتغتصب نسائهم " .
"توراة -إشعياء :23-20 :14 :فذرّية فاعلي الثم ،يبيييد ذكرهييا إلييى البييد .أعيّدوا مذبحيية لبنييائه جييزاء إثييم
ب ضييدهم ،وأمحييو آبائهم ،لئل يقوموا ويرثوا الرض فيملئوا وجه البسيطة ُمدنًا .يقول الرب القدير " :إني أهي ّ
ت للميياه ،وأكنسيها بمكنسية اليدمار … ل وذريًة ،وأجعلها ميراثيًا للقنافيذ ،ومسيتنقعا ٍمن بابل ،اسمًا وبقيًة ونس ً
وهذا ما ُيعلنه الرب :ها أنا ُأثير على بابل ،وعلى الُمقيمين في ديار الكلييدانيين ريحييا ُمهلكيية ،وأبعييث إلييى بابييل
خر ( الرامييي ُمذّرين ُيذّرونها ،ويجعلون أرضها قفرا ،وُيهاجمونها من كييل جييانب فييي يييوم بلّيتهييا .ليييوتر ) ُيييذ ّ
شيّبانها ،بييل أبيييدوا كييل جيشييها إبييادة كامليية ،يتسيياقط القتلييى فييي أرض جج بسلحه ،ل تعفييوا عيين ُ قوسه وليتد ّ
الكلدانيين ،والجرحى في شوارعها ) من المدنيين طبعا ( " .
" توراة -مزامير :8 :137يا ابنة بابل المحتم خرابها ،طوبى لمن ُيجازيك بما جازيتنا به ،طيوبى لمين ُيمسيك
صغارك ويلقي بهم إلى الصخر " .
وباستجابة ) أولبرايت ( وكافة الجوقة اليهودية في الدارات المريكية المتعاقبة ،لوامر الرب القدير الواردة في
التوراة ،استطاع بنوا إسرائيل من رّد الصاع صاعين لهل بابل ،وهكذا يكون العراقيون حصرا من ُرّدت لبنييي
إسرائيل الكرة عليهم ،إذ أنهم أنزلوا بالعراقيين أضعاف أضعاف ما أنزله البابليون بهم في المرة الولى .
ولو عدنا إلى كامل النصوص التوراتية ،ونظرنا إلى ما يجري حقيقة على أرض الواقع ،لتبين لنا أن المستهدف
الحقيقي هو العراق لنه أرض البعث ،والشعب العراقي لنه يحمل صفة أهل البعث ،والقيادة العراقية لرسييالها
البعوث في كل الحروب العربية السرائيلية ،وعدم قبولها وتوقيعهييا علييى اتفاقيييات الهدنيية ،ولعلنهييا المتجيّدد
201
عن نية البعث بمناسبة وبدون مناسبة في السنوات الخيرة ،منذ انتهاء حرب الخليج الولى وحتى هذه اللحظيية ،
ورفضها لمعاهدات السلم والتطبيع ،ولصرارها على مقولة فلسطين عربية من البحر إلى النهر ،والدعوة إلييى
تحرير فلسطين بالقوة .
وفي حال استطاع الغرب اليهودي إسقاط القيادة العراقية ،فسيكون البديل كما هييي العييادة قيييادة موالييية للغييرب ،
ومعادية للشعب العراقي وللميية العربيية ،المتخميية أصيل بالعييداء مين أبنياء جليدتنا ،لتزييد الميية ذل وهوانيا
أضعافا مضاعفة ،أما مصير العراق بين يدي هكذا قيادة ،فسيييكون بل شييك كمييا يتمّنييى يهييود الغييرب والشييرق
ججة بالسلحة المتطورة .وانظر إلى حييال ألمانيييا بعييد ويشتهون ،ليتحّقق لهم ما لم يحلموا بتحقيقه بجيوشهم المد ّ
الحرب ،وانظر إلى حال التحاد السوفييتي ،العدو الثاني للوجود اليهودي في فلسطين كما ُتخبر التوراة ،عندما
استطاعوا إيصال الخونة – من شعبه – إلى سدة الحكم وما فعلوه به ،لنقول بأن مهمة القيادة المستقبلية للعييراق ،
فيما لو ُأسقطت القيادة الحالية هي :
تفكيك العراق وتقسيمه إلى دويلت صغيرة ،كردية وسنية وشيعية في الشمال والوسط والجنوب . •
إثارة الحروب والفتن بين هذه الدويلت لشغالها عن المهمة الساسية التي ُأنيطت بأصحاب البعث . •
تدمير القتصاد وإفقار الشعب العراقي ليركض لهثا وراء قروض صندوق النقد الدولي . •
حظر امتلك وتصنيع السلحة . •
تقديم فروض الطاعة والولء ليهود الغرب والشرق ،وإنهاء حالة الحييرب مييع إسييرائيل ومباركيية عملييية •
السلم .
فالمعضلة الساسية لدى الغرب المملوك من قبل اليهود ،هي وجود عراق قييوي وقييادر ،فكمييا صييدقت نبييوءات
التوراة في عودتهم من الشييتات إلييى فلسييطين ،فهييم يخشييون أيضييا صييدق النبييوءات الخييرى ،فيمييا تصييفه فييي
نصوص عديدة من عقاب حتمي ،غاية في البشاعة سينزل بهم بعد العودة إليها ،من قبل أصحاب البعث الول ،
بالرغم مما ُأضيف إليها من نصوص قليلة مضللة ُتخبر عن ملكهم البدي ،نصوص ل ُتسمن ول تغني من جوع
تبعث في تخّبطها وعدم منطقيتها ،في نفوسهم القلق أكثر مما تبعث على الطمأنينة .ليجد اليهود أنفسهم ملزمييون
بتسخير كل إمكانياتهم دون كلل أم ملل ،لدفع قادة الغرب إلى القضياء الميبرم عليى العيراق ،وكمييا هييي عيادتهم
دائما وأبدا يدفعون الخرين لخوض حروبهم نيابة عنهم ،مذ طلبوا من موسى وربه الذهاب للقتال عنهم ،وحييتى
حربهم الخيرة على العراق التي خاضتها ومازالت تخوضها أمريكييا وبريطانيييا فييي العليين وفرنسييا المنافقيية فييي
الخفاء ،والحرب الوحيدة التي كسبها اليهود منفردين في مواجهة جيش ،هي عند دخييولهم فلسييطين مييع طييالوت
في المرة الولى ،وكان ذلك بتأييد من ال للقلة المؤمنة ،وبشجاعة نيبي الي داود علييه السيلم ،فالمسيألة ليديهم
مسألة حياة أو موت ،وبقاء العراق يعني تبخر أحلم الشعب اليهودي بسيادة العالم من القدس .
ومما يؤذي الذان اليهودية في الشرق والغرب هو سماعها ،لتصريحات هذه القيادة المتكررة ،بضرورة تحرير
ض مضييطجعهم فييي فلسييطين ،وُيعيييد إلييى أذهييانهم تلييك
فلسطين من البحر إلى النهر وطرد اليهود منها ،مما يق ّ
الذكريات الليمة للبعث الول ،التي أشبعتها أسفار التوراة وصفا وتفصيل ،لتتراءى لهم ،صورة نبوخييذ نصيير
وهتلر وصلح الدين ،دفعة واحدة في شخص الرئيس العراقي .
العمل على بقيياء الحصيار علييى ميا هيو عليييه ميا أمكنهييم ذليك ،ومنييع أي محاولية لتفكيكييه أو إضييعافه ، .1
والستمرار في نهب ثروات العراق وحرمانه من تطوير أسلحته وتجديدها .
محاولة إسقاط القيادة العراقية ،عن طريق إحداث فتن وثورات داخلية ،أو عن طريق مواجهيية عسييكرية .2
واسعة النطاق بعد خلق المبررات لها ،باستفزاز جديد للعييراق للقيييام بعمييل عييدواني داخلييي ،ضييد الكييراد فييي
الشمال أو الشيعة في الجنوب ،أو القيام بعمل عدواني خارجي ضد إحدى دول الجوار .
202
ضرب العراق نوويا كخيار أخير ،وهذا الحتمال غير قائم حاليا حيث أنيه مرفيوض عالميييا ،فمثييل هييذا .3
المر سيؤلب العالم بأسره ضد أمريكا ومؤيديها .ولكن هذا الحتمال سيقوى في حال فشلت الخيييارات السييابقة ،
وخاصة عند امتلك أمريكا للدرع المضاد للصورايخ البالستية .
ي والسؤال الن :هل من الممكن أن يكون هناك ضربة نووية للعراق ؟
ف مياؤه ،ليصيير
جاء في سفر الرؤيا ما نصه " :وسكب الملك السادس ،كأسيه عليى نهير الفيرات الكيبير فجي ّ
ممرا لملوك القادمين من الشرق " .
شفكُ سيّلَم ُ " :يو ِ
عَلْييِه وَ َ
لي َ صيّلى ا ُّ
لي َ ل ا ِّ
سيو ُ ل َر ُ
ل َ :قا َ
ن َأِبي ُهَرْيَرَة َ ،قا َعْ
أما في السنة النبوية فقد جاء ما نصه َ :
شْيًئا " .رواه البخاري ،وأخرجه مسلم والترمييذي خْذ ِمْنُه َل َيْأ ُ
ضَرُه َف َ
ح َن َب َفَم ْ
ن َذَه ٍ
ن َكْنٍز ِم ْ
عْ
سَر َ
ح ِ
ن َي ْ
اْلُفَراتُ َأ ْ
جَب فٍل
ن َ
عف ْ
ت َسَر اْلُفَرا ُح ِ حّتى َي ْعُة َسا َ
،وأبو داود وابن ماجه وأحمد .وفي نص آخر من رواية مسلم َ " :ل َتُقوُم ال ّ
ب " ،يحسر أي ينكشف عن . ن َذهَ ٍِم ْ
ُيخبر النص في سفر الرؤيا ،أن شيئا ما سيسكب على نهر الفرات فيجييف ميياؤه ،وُيخييبر الحييديث الصييحيح عيين
انحسار الفرات عن كنز من ذهب قبل قيام الساعة ،وانحسار الفرات يعني ذهاب ماءه ،فهل سيكون جفافه نتيجة
لما تنتجه السلحة النووية من حرارة شديدة عند انفجارها ؟!
وبالضافة إلى ما ورد من مخططات لتدمير العراق والطاحة بقيادته ،كميا جياءت فيي تقريير واشينطن السيابق
يقول الصحفي فتحي خطاب من القاهرة ،في مقال له في جريدة العرب اليوم الردنييية ) لييم أنتبييه لتوثيييق تاريييخ
صدورها ،ولكنه على الرجح كان في بداية شهر : ( 2001/ 3
" حّذر خبراء عسكريون من ُمخطط عسكري أمريكي إسرائيلي ،يستهدف فرض السيطرة الُمطلقة على المنطقة
جه ) شييارون ( ،وتطبيق ما ُيعييرف فييي ) البنتيياغون ( بخطيية إعييادة دمييج المنطقيية عسييكريا وأمنيييا … وأن تييو ّ
لسيييتحداث وزارة تعنييى بتطييوير السيييلحة النووييية وأسييلحة اليييدمار الشييامل ،واسييتحداث وزارة للشييؤون
الستخباراتية في سابقة هي الولى من نوعها ،يأتي في إطار ما تفرضه ضرورات نظام الحماية المنية الجديييد
… وكشف الخبراء العسكريون في مصر ،عن الترتيبات المريكية لنشيياء أكييبر شييبكة صيياروخية فييي منطقيية
الخليج العربي ،تتمتع بمدى قتالي واسع يشمل العراق وإيران ودول أخرى ،بالضافة إلى مناطق شمال إفريقيييا
والبحر الحمر ،لضمان أمن منطقة الخليج وملحقة الطائرات الُمغيرة والتدمير السريع لية أهداف ُمعادية ...
وأكد الخبراء أن وزير الخارجية المريكي ) كولن باول ( حصل على موافقة دول خليجية … على إنشاء الشبكة
،التي سيتم تزويدها بأحدث أجهزة التصالت الحديثة والنذار المبّكر ،الييتي سييتكون لهييا القييدرة علييى التعامييل
السريع مع العمليات الطارئة ،وقادرة على منع إصابة الشبكة بأي خلل أثناء العمليات العسكرية .وسوف تتحمل
دول الخليج النصيب الكييبر ،ميين تكلفيية مشييروع هييذه الشييبكة الصيياروخية ،وأن هنيياك مشيياورات واتصييالت
عسكرية ،للترتيب لنشاء هذه الشبكة ولعداد التفصيلت الفنييية المتعّلقيية بهييا … وحيّذر الخييبراء ميين الُمخطييط
العسكري السرائيلي لضرب العراق بالقنابل النيترونية ،والتي سييتم إطلقهيا عليى منطقية غيرب العيراق وفيق
إعلن ) شارون ( …
وأوضح العالم الفيزيائي الدكتور طييارق النميير بقييوله :أن القنابييل النيوترونييية النووييية هييي قنابييل إشييعاعية ذات
أحجام مختلفة ،منها أسطوانات إبرية في حجم القلم ،وتستطيع قتل جميع الكائنات الحية في مساحة قطرها ُمحّدد
سلفا ،وتأثير كل قنبلة منها يتحدد حسب حجمهييا ،بحيييث يتييم زراعتهييا داخييل الراضييي العراقييية ،وفييي الييوقت
المحدد سيتم تفجير هذه القنابل بواسطة أشعة الليزر … وأن إسرائيل مهتمة بتجربة أسلحتها الجديييدة علييى أرض
العراق ،بعدما نفذت عدة تجارب أسفل مياه خليج العقبة … ول أستبعد أن تعمل أمريكييا وبريطانيييا ،علييى زرع
قنابل نيوترونية في مناطق من العراق ،بحيث تبقى بغداد تحت التهديد الدائم ،بتدمير حقييول القنابييل النيوترونييية
بواسطة أشعة الليزر في نطاق العقوبات الذكية " .
ما لفت انتباهي في هذا التقرير الصحفي ،هو انسييجامه مييع المخيياوف اليهودييية التوراتييية ،حيييث ُيسيّمي الييدول
والمناطق التي تضم الدول المعادية لسرائيل توراتيا ،ومنها إيران والعراق وليبييا فيي شيمال إفريقييا والسيودان
وإثيوبيا بمحاذاة البحر الحمر ،واللتان كانتا قديما دولة واحدة ،وُيشير أيضا إلى ضرورة ضرب العراق حسييب
203
ما تدعو وُتحّرض عليه النصوص التوراتية .ولفت انتباهي أيضا التركيز على منطقة غيرب العيراق ،اليتي مين
المتوقع أن يتواجد فيها الجيش العراقي قبل تحّركه لغزو لسرائيل .
وفي تقرير آخر من واشنطن للصفحي محمد دلبح ُ ،نشيير فييي جرييدة الدسيتور الردنيية ) التارييخ غييير مّوثييق (
يقول فيه :
" تبحث وزارة الدفاع المريكية ) البنتاغون ( إنتاج قنابييل نوويية مين نيوع جدييد ،قيادرة عليى اخييتراق مراكييز
القيادة ،والتحصينات التي يسييتخدمها الزعميياء والقييادة .ونقلييت صييحيفة ) واشيينطن بوسييت ( عيين مصييادر فييي
الحكومة المريكية والكونغرس قولها :أن الهدف من إنتاج هذه القنابل ،هو تجّنب ما ُتسّميه الحكوميية المريكييية
الضرار الجانبية ،التي ُتحدثها السلحة التدميرية بأنواعها .ويقول المدافعون عن هذا النوع من القنابييل النوويية
الصغيرة – مقارنة بغيرها – أنها قد تعمل على قيام الوليييات المتحييدة ،بتخفيييض مخزونهييا الحييالي ميين القنابييل
ي وزييير الييدفاعالنووية ،دون أن تتعّرض مفاهيمها المنية لخطار أو تعديلت .ونسبت الصحيفة إلى مستشييار ّ
المريكي ) دونالد رامسفيلد ( قوله :أن السلحة النووية المريكية الحالية ،لفن تفردع الرئيففس العراقفي صففدام
حسين ،لنه يعلم بأن الرئيس المريكي ،لن يقوم بإلقاء قنبلفة نوويفة – بقفوة مفائة كيلفو طفن -علفى بغفداد ،
سّكانها ،بهدف القضاء على أسلحة الدمار الشامل … ومن ناحية أخييرى لُيدّمر المدينة بأكملها ،ويقضي على ُ
يعتزم اتحاد العلماء المريكيين ،إصدار تقرير هذا السبوع يقول فيه " أن إضافة هذا النوع ميين القنابييل النووييية
إلى المخزون النووي في العالم ،سيجعل استخدام هذا النوع من السلح أكثر احتمال " .
أستطيع القول بأن التفكير المريكي السرائيلي العسكري على المدى القريب ،بعد المعارضيية والدانيية العالمييية
لضربهم بغداد مؤخرا ،سيكون محصورا في الردع وليس في الهجوم ،لعدم وجود ذريعة للهجوم مقبولة دوليييا ،
) كذريعة القضاء على أسلحة الدمار الشامل العراقية ( منتظرين فبركة مؤامرة جديدة أو تحّرك عراقي خيياطئ ،
وأعتقد أنهم سُيحاولون استفزازه في المستقبل القريب بشتى الوسائل والسبل ،ليعلنوا عليييه حربهييم الشيياملة .أمييا
ن تلك الحرب -أستطيع القول ،أنهييم وفييور امتلكهييم للييدرع على المدى البعيد -إن لم ُيعطهم العراق الذريعة لش ّ
النووي -الذي سيكون جاهزا بعد خمس سنوات حسب تقديرهم -واليذي سيُيوفر لهيم الحمايية مين أي ردود فعيل
نووية ،سيشيّنون حربهيم الُمقّدسية عليى العيراق ،وسييقومون بضيربه بوابيل مين القنابيل النوويية ،حيتى يغيدو
صحراء قاحلة خاوية على عروشها .لكي يتخلص يهود العالم من هذا الرعييب التييوراتي الُمسيّلط علييى رقييابهم ،
لينتظروا بسلم ملكهم الذي سيظهر في القدس ،والذي سيعيشون معه أحلمهم الوردية إلى البد ،ومن المحتمييل
جدا أن تكون الضربة النووية للعراق ،كرد فعل أمريكي علييى الييدخول العراقييي لفلسييطين ،لتبييدأ بييذلك الحييرب
العالمية الثالثة .
الموقف العالمي إزاء العراق :
كانت غاية الغرب في السنوات الخيرة وما زالت ،هي تدمير العراق تحقيقا لرغبات اليهود في حماية إسرائيل .
وما كان للغرب أن ُيحّقق هذا الهدف ،بالخروج على العراف والمواثيق الدولية بأي شكل ميين الشييكال ،للقيييام
بعدوان مباشر ومكشوف على العراق ،وما كان لمريكا بعظمتها أن تقوم منفردة بعمييل عييدواني ضييد العييراق ،
لنها في هذه الحالة ستجابه العالم بأسره .وبما أن مآرب اليهود من خلل إشعال حرب الخليج الولى لم تتحّقق ،
بل على العكس من ذلك تماما ،خرج العراق ميين هييذه الحييرب محتفظييا بقييوته ،وقييامت قيييادته بتهديييد إسييرائيل
ك لليهييود علييىجهارا نهارا ،بحرق نصف إسرائيل حال اعتدائها على أي بلد عربي ،كانت هذه القيادة كميين ح ي ّ
جرب .
آنذاك قامت الدنيا ولم تقعد ،طبل وزمر في الشرق والغرب لتأكيد عدوانية العراق ونييازيته ،فحييرق اليهييود هييو
ي ،وكان ذلك لتهيئة الرأي الغربي والعالمي ،لستقبال هتلر جديييد يسييعى لحييرق اليهييود .وفييي ي ناز ّ
فعل هتلر ّ
خضت عن غزو العراق للكويت ،وبذلك استطاعت أمريكا أن ُتوجد مبّررا الخفاء كانت ُتطبخ مؤامرة جديدة ،تم ّ
قانونيا لتدمير العراق ،فغزو العراق للكويت كان مخالفا للقوانين والعراف والمواثيق الدولية ،وبذلك استطاعوا
إضفاء الشرعية على عدوانيتهم ،لتحقيق مآربهم الحقيقية تحييت غطيياء الشييرعية الدولييية ،وبييدل ميين أن تييواجه
أمريكا المعتدية العالم بأسره ،أصبحت الضحية العراقية تواجه العالم بعد أن أصييبحت معتدييية ،كمييا حصييل مييع
204
ألمانيا بنفس السيناريو ما قبل الحرب العالمية الثانية وبكل حيثياته ،والسبب هو عداء قيادة البلدين لسياد العالم ،
وبذلك ُأجبرت دول العالم المختلفة ،على اتخاذ موقف معادي للعراق ،حتى من قبييل حلفيياءه التقليييديين فييي ذلييك
الوقت .
أما في الوقت الحالي ،فقد بدأت دول العالم مؤخرا تصحو من أكاذيب الدارات المريكية المتعاقبيية ،لتييبرير مييا
تنتهجييه مين سياسييات إزاء العييراق ،فكييل المييبّررات السييابقة لييم تعييد موجييودة ،وأصييبحت العمييال المريكييية
العدوانية ُتجابه بالمعارضة الشديدة من قبل أغلب دول العالم .وحتى قرارات الشرعية الدولييية ،تميييل كييثير ميين
الدول ومنها روسيا والصين إلى التغاضي عن البحث في مسألة التزام العراق بها من عدمه ،ومنها مسييألة فييرق
التفتيش عن السلحة .بل تعمد هذه الدول أحيانا إلى خرق هذه القرارات سرا ،حتى وصل المر بمجلس الييدوما
الروسي ،إلى المطالبة بالتصويت على عملية رفع الحصييار عيين العييراق ميين جييانب واحييد .أمييا الكييثر تمسييكا
بقرارات الشرعية الدولية ،فهم الذين يذرفون دموع التماسيييح علييى الشييعب العراقييي ،بييدعوى أنهييم حريصييون
على مصلحة هذا الشعب ،وأن قيادة هذا الشعب ليست حريصة عليه ،بما أنهييا عصييت وتميّردت علييى قييرارات
الشرعية الدولية ،التي جعلوا من يعصيها بمنزلة من عصى ال إن لم تكن أعظم .
وأما دعوى المريكان بأن العراق ُيشكل تهديدا للمصالح المريكيية فيي منطقية الشيرق الوسيط ،وعليى رأسيها
تدفق النفط بأسعار معقولة واستمرارية فتييح السيواق الخليجيية للبضييائع المريكيية فهييي دعيوى باطلية ،فهييذان
المران هما تحصيل حاصل منذ اغتيال الزعيم العربي الوحيد ،الذي عارض الله المريكي بقطييع النفييط ليشي ّ
ل
بذلك العالم الغربي بأسره .وأما التذّرع بعدوانية العراق على جيرانه بغزوه للكويت فهو محض افتراء ،لن ميين
أجبر العراق على غزو الكويت هم المريكان بعلم وحلفائهم الكويتيون بغير علم ،وبتخطيط وتدبير وتشجيع ميين
المريكان أنفسهم لكل الطرفين ،وبمساعدة من العرب أنفسهم .لنخلص إلى القييول أن العييداء المريكييي للعييراق
أصبح غير مبّرر ،في نظر شعوب العالم كافة حتى من قبل الشعب المريكي نفسييه ،الييذي أصييبح ُيحييرج قييادته
بتفنيد كافة الحجج والذرائع ،التي ُيبّررون فيها مواقفهم المتناقضة من العراق وإسرائيل .
ولنخلص إلى القول ،أول ؛ بأن الموقف العالمي إزاء الصراع المريكي العراقي ،أصبح مختلفا بييل مغييايرا لمييا
كان عليه في السابق ،فهناك بعض الدول العظمى وحييتى الصييغرى منهييا ،بيياتت تتخييذ موقفييا مناهضييا لمريكييا
ولسرائيل ،ومتعاطفا مع العراق وفلسطين ،وخير مثال على ذلك موقف كولومبيييا فييي مجلييس الميين المؤيييد ،
لرسال قوة حماية دولية للفلسطينيين ،مبدية عدم اكتراثها بمقاطعات أمريكا القتصادية ،وموقفي كل من روسيا
والصين .وثانيا ؛ بأن الموقف المريكي المعادي للعراق ،عند عدم عزوه للمخاوف التوراتية اليهودييية ُ ،يصييبح
أمرا ل ُيمكن فهمه من قبل الخرين .
الموقف العربي من العراق :
دأبت أمريكا على دفع المور ،باتجاه جعيل اليرأي العيالمي والعربيي والعراقيي ،يعتقيد بيأن السيبب فيي معانياة
الشعب العراقي هو القيادة العراقية بتوجهاتها العدوانية ،حتى بات كثير من العرب يعتقدون بأن هيذه القييادة هييي
السبب الحقيقي ،فيما وصل إليه العرب من ذل وهوان وفرقة ،وضياع لثرواتهم النفطية فضل عمييا كييانوا عليييه
في السابق .بل مضى الكثير منهم إلى أبعد من ذلك ،فاتهموا هذه القيادة بالتآمر والتواطؤ مع الغرب نفسه ،ضد
العرب وضد الشعب العراقي ،ليصبح إسقاط القيادة العراقية مطلبا عالميا وعربيا وعراقيا ،وليبقى رفع المعانيياة
عن الشعب العراقي مرتبطا بإسقاط القيادة العراقية الحالية .وهذا مما جعل البعض يذهب إلييى القييول أيضييا ،أن
الغرب مستفيد من وجود القيادة العراقية على رأس السلطة لذلك ل يرغب بإسقاطها ،وأن الرئيس العراقي متآمر
ومتواطئ مع أمريكا للضرار بشعبه وأمته ،وحتى ضربه لسرائيل كان فقط ليذر الرمياد فيي العييون .وليو أن
أمريكا لم تكن مستفيدة من وجوده لعملت على إزاحته ،تأليها من أولئك لمريكا بغير علييم ،وكأّنهييا القييادر علييى
كل شيء .
وكما أخطأ الشريف حسين بوضع ثقته في النكليز في الحرب العالمية الولى ،وسيياهم بتنفيييذ مخططييات اليهييود
من حيث ل يدري ،أخطأت القيادة العراقية عندما وثقت بأمريكا وبعض مواليها من العرب المتييآمرين فييي ظهيير
الغيب ،لينطلي عليها معسول الكلم ،فسيق العراق كما ُيساق الفهد إلى قفص الصياد ،فييدخل حربييين مييدمرتين
205
كان الهدف منهما تحطيم قدراته ،وعلى ما يبدو أن هذه القيادة استيقظت من غفوتها فور دخولها للكويت ،وعنييد
انكشاف الوجه الحقيقي لمريكا ولكن بعد فوات الوان ،فانسحبت من حرب الخليج الثانية لنقاذ ما يمكن إنقاذه ،
ولكن المتآمرون على العراق من عرب وعجم ،لم ُيعطوها الفرصة للتقاط أنفاسها فتوالت قرارات مجلس المن
حصير الميارد تباعا ،وكان الحصار اليذي ليم يكين فيي الحسيبان وكيانت لجيان التفيتيش وكيانت التعويضيات ،ف ُ
العراقي في قمقم قرارات مجلس المن الدولي ،ريثما يجد المتآمرون عليه طريقة للجهاز عليه تماما .
كان مقتل القيادة العراقية الول الذي استغله المتآمرون خير اسييتغلل ،هييو مييا يتمتييع بييه العراقيييون إجمييال مين
صفات العزة والنفة ،وعدم قبولهم للذل والهوان والتطاول عليهم مين قبييل الخرييين .فعنييدما ُأغييري الكويييتيون
بالتطاول على العراق كانت الحرب النتقامية .وكان المقتل الثاني وما زال هو أن العراقيين رجال حرب وليسوا
برجال مكر وكذب ومراء .لذلك كان من السهولة بما كان أن تنطلي عليهييم دسييائس المكييرة الفجييرة ميين الغييرب
والشرق .وأما رجم القيادة العراقية بالخيانيية والتواطييؤ مييع الغييرب ميين بعييض المحبطييين العييرب ،فييذلك أول :
لجهلهم بما يدور في مطابخ الغرب والشرق ضد هذه المة بشكل عام وضد العراق بشكل خاص ،وثانيا :لخيبيية
أملهم فيما عقدوه من آمال على القيادة العراقية لرفع حالة الذل والهوان المزمنة التي ُيعانون منهييا ،وخاصيية بعييد
ك معاقل الصهاينة ،قبل أن تتحّقق أحلم الشعب العربي في العزة والكرامة . أن توقفت الصواريخ العراقية عن د ّ
التخّلص من الشعور بعقدة الذنب ،حيث أن أفعال القيادة العراقية أضّرت حقيقة بالشعب العراقييي والميية .1
العربية حتى لو كانت عن غير قصد .
تييبيض الصييفحة ونفييي تهميية الخيانيية والتواطييؤ ،حيييث أن القيييادة العراقييية ،أصييبحت متهميية ميين قبييل .2
الخرين .
ضرورة التعويض عما لحق الشعب العراقي والمة العربية ،من ذل وهوان نتيجة النكسار العراقي . .3
إثبات القدرة العراقية على النهوض بالمة العربية ،وقيادتها لما تصبو إليه ميين منييازل العييز والكراميية ، .4
والتي طالما كانت تتحدث عنها فيما مضى ،ولكنها لم تفلح لغاية الن ،مما شيّكك فيي مصييداقية القييادة العراقييية
في تصديها لهموم المة العربية .
إثبات صدق تبني القيادة العراقية ،لمقولة " عاشت فلسطين حرة عربية مين البحير إليى النهير " ،واليتي .5
ُتعتبر من أولويات الحزب الحاكم .
الخروج من الوضع المأساوي والُمهين ،الذي نجم عن الحصار البدي ،المفروض على العراق منذ أحد .6
عشر عاما .
قطع الطريق على المخططات اليهودية المريكية لتدمير العراق التي أصبح العراقيون يعونها تماما . .7
النتقام من التطاول السرائيلي الجبان بضرب المفاعييل النييووي العراقييي أثنيياء انشييغاله فييي الحييرب مييع .8
إيران .
النتقام من التطاول المريكي أثناء وما بعد حرب الخليج الثانية . .9
إظهار عدم مقدرة أمريكا على حماية مسخها الخداج في المنطقة في أي مواجهة عسكرية حقيقية . .10
سييلبية مواقيف القييادات العربيية غييير المييبّررة ميين العيراق ،وييأس القييادة العراقيية وقنوطهييا مين هيذه .11
القيادات ،خاصة بعد مؤتمري القمة الخيرين في القاهرة وعمان .
تعّلق آمال الشعب الفلسطيني اليائس بصحوة المارد العراقي المحاصر ،وخروجه من القامة الجبرية في .12
القمقم ،وهذا ما ُيظهره الفلسطينيون أثناء مسيراتهم برفع صور الرئيس العراقي والعلم العراقية .
206
حاجة الشعوب العربية إلى بطل حقيقي يعيد لها أمجادها ،في زمن عّزت فيه البطوليية ،إل ميين بطييولت .13
على نمط بطولت الدون كيشوت في معاركه مع طواحين الهواء ،اليتي ميا فيتئت تتغنيى بهيا وبأبطالهيا شاشيات
التلفزة العربية ليل ونهارا .
العراق غريق لن يخشى البلل ،وعلى ما يبدو أنييه سيييعمل علييى مبييدأ أنييا والطوفييان ميين بعييدي ،وإن لييم .14
يكسب فل شيء يخسره .
الستفزاز أو العدوان المريكي القادم بناءً على التحريض اليهودي ،كما ورد في تقرييير واشيينطن بإثييارة .15
مسألة المفتشين ،مع نهاية شهر 11/2001م أو بإثارة فتنة جديدة ،تييدفع العييراق للقيييام بعمييل عييدواني داخييل أو
خارج أراضيه .
يتحّدث النص القرآني في سورة السراء عن نزاع بين طرفين ،تربط ما بينهما علقة ثأرية متأصييلة فييي النفييس
ظم شأنه أو صُغر ،وكأنه ل يوجييد علييى اليهودية منذ آلف السنين ،ول يضع في حسبانه أي طرف آخر مهما ع ُ
الكرة الرضية سوى بني إسرائيل وأولئك العباد .وهذا ما نجده في الية السادسة والخمسين من سييورة السييراء
ضيّر ( ورد فيييل ) (56ولفييظ ) ال ّ حِوي ً
عْنُكْم َ ،وَل َت ْ
ضّر َ
ف ال ّ
ش َ
ن َك ْ
ل َيْمِلُكو َ
ن ُدوِنِه َ ،ف َ
عْمُتْم ِم ْ
ن َز َ
عوا اّلِذي َ
) ُقِل اْد ُ
القرآن ) (29مرة فقط ،وبمعنى واحد هو الذى أو العذاب في الحييياة الييدنيا ،والمعنييى الجمييالي للييية بييأن الي
سبحانه وتعالى ُ ،يخاطب ُأناسا أثناء نزول العذاب بهم متحييديا إّييياهم ،بييدعوة ميين اّتكلييوا عليهييم ميين دونييه لرفييع
عذاب ال عنهم .ووعد الخرة هو وعد إلهي لليهود بالعذاب – وليس للمسلمين بالنصر -سيقع ل محالة ،والذين
نهاهم ال في نفس السورة عن اتخاذ وكلء من دونه هم بنوا إسرائيل أنفسهم ،ولن يملك أحييد ميين الجيين والنييس
رفعه أو حتى تحويله عنهم ،ولكن كيف ؟
لنتفق أول على أن تحقق هذا الوعد بغزو العراق لسرائيل ،يعتمد أساسا علييى انفييراد العييراق بإسييرائيل ويمكيين
لهذا المر أن يتحّقق في حالتين :
الحتمال الول :أن يكون هذا الغييزو مسييبوقا بييدمار جميييع القييوى العسييكرية الييتي يمتلكهييا الغييرب وإسييرائيل ،
كنتيجة لتدخل بشري بقيام حرب نووية عالمية بييين الغييرب والشييرق ،أو كنتيجيية لتييدخل إلهييي بإحييداث كييوارث
طبيعية هائلة في الغرب شبيهة بأحداث يوم القيامة .
الحتمال الثاني :أن يكون هذا الغزو ضمن معطيات الواقع الحالي ،مع بقاء جميع القوى العسكرية التي يمتلكهييا
الغرب وإسرائيل .باستخدام العراق لتقنيات وخطط عسكرية بسيطة ،تحمل في طياتها منطق عسكري جديد ،لم
تألفه الشعوب ول تتيوقعه ضيمن المعطييات الحاليية ،يكيون مين شيأنه أثنياء الغيزو ،إلغياء أو تهمييش القيدرات
العسكرية السرائيلية والغربية كليا .
والحتمال الول ضعيف جدا ،حيث أنه يتطلب أن تقوم القوى الغربية بفعل عييدواني ُيهيّدد السييتقرار العييالمي ،
مما ُيجبر القوى الشرقية المتمثلية بروسييا والصيين مثل ،عليى اليرد بشيكل عنييف وميدّمر لعيادة الميور إليى
نصابها .وضمن المنظور القريب ل يوجد من السباب ،ما يدفع القوى الغربية للقيام بمثل هذا الفعيل العيدواني .
أما الفعل اللهي بتدمير القوى الغربية فهو أمر مستبعد كليا ،لن الحاديث النبوية فيما ُيخص الفترة الزمنية التي
يظهر فيها المهدي ُ ،تشير إلى فناء التكنولوجيا العسكرية وغير العسكرية بمجملها ،سواء ما يمتلكه الشرق أو ما
يمتلكه الغرب ،ول ُتشير إلى فناء جميع الدول والشعوب التي تمتلك هذه التكنولوجيييا ،فكيييف فنيييت التكنولوجيييا
بكليتها ولم تفنى الشعوب … ؟!
وهذا مما يؤكد أمرين ،أول :بقاء بعض اليدول وفنياء البعيض الخير ،وثانييا :فنياء جمييع السيلحة المتطيورة
صييل ل محاليية ،
وعلى رأسها السلحة النووية من كل الطرفين .فالدمار القييادم للحضييارة الغربييية برمتهييا سيتح ّ
وعلى ما يبدو من جّراء حرب عالمية نووية مدمرة تستنفذ فيها كافة السلحة المتطورة من على وجييه البسيييطة ،
مع بقاء بعض الشعوب المنتصرة ،بعد أن تكون ألقت ما في جعبتها من أسلحة على خصومها المنكسرة ،وبيذلك
207
يغدو من الممكن قيام الخلفة السلمية في ظل غياب تلك القوى لتحكم الكون بأسره ،إذ ل بد للنصر من أسييباب
ومسببات مادية فضل عن العقائد الروحية .
أما الحتمال الثاني فهو القوى ،إذ أن المؤشييرات عليى السياحة العالمييية والمحلييية ،تؤكييد عليى أن العييراق لين
يستطيع الصمود حتى وقت متأخر جدا ،فصبر القيادة العراقية بدأ ينفذ ،والتحركات السياسية المتعييددة للخلص
من الحصار ،على المستوى القليمي والدولي باتت غير مجدية ،ورغم كل ذلك ل يبدو أن هناك ضوء في آخيير
النفق ،والضغوط والتهديدات المريكية في تزايد مستمر ،فل بد لهييا ميين القيييام بعمييل مييا لتحريييك المييور ،أو
قلبها رأسا على عقب .وكذلك المر بالنسبة للشعب الفلسطيني في فلسطين ،إذا ما استمر الحال على ما هو عليه
من الخذلن العربي والعالمي ،فهو أقرب إلى النهيار منه إلى الستمرار ،وستكون النتيجة مأساوية على المدى
البعيد ،وعلى عكس ما يتوقعه الناس منهم ،فللنسان طاقة محيدودة عليى الصيبر ،وسييبدأ الفلسيطينيون مجيّددا
بالنسياب إلى الخارج شيئا فشيئا .
معطيات الواقع الحالي تؤكد حتمية نفاذ هذا الوعد في وقت قريب :
وسّر قابلية نفاذ هذا الوعد في الوقت الراهن تكمن في أربع معطيات ،أول :في القيييادة الحالييية للعييراق الييتي إن
زالت لن تتكّرر ،فهي التي تملك إرادة الغزو بعدما تولدت لديها نتيجة عملية مخاض عسيييرة ،تمثلييت بمييا لحييق
بالعراق من ظلم وإجحاف وإذلل في السنوات الخيرة على عهد هذه القيييادة ،وهييي الُمطالَبيية بإزاليية هييذا الظلييم
والهوان والثأر ممن تسّبب فيه ،وبعث أولئك العباد المشار إليهم في النص القرآني أساسا -وكما أوضحنا سابقا -
قائم على علقة ثأرية بينهم وبين اليهود غايته النتقام ليس إل .
وثانيا :في القيادة الحالية لسييرائيل ،بقيييادة أكييثر اليهييود إجرامييا ووحشييية ،ودورهييا فييي ازدييياد حيّدة ودموييية
النتفاضة الجديدة ،والتي ساهمت وستساهم في استمرارية انغماس يهود إسرائيل في شأنهم الييداخلي ،وإهمييالهم
وعدم التفاتهم لمن يترّبص بهم الدوائر من الخارج ،مما يعطي فرصة أكبر لنجاح الغزو العراقي .
وثالثا :في حالة المجتمع السيرائيلي الراهنية ،وخاصية بعييد اختييياره لقيييادة هيي الكيثر دمويية بييين سيابقاتها ،
وبأغلبية ساحقة مما ُيشير إلى أن الشعب بكليته ،أصبح أيضا شعبا دمويا فاسييدا ومفسييدا ،وعنييدما تصييبح الميية
بأسرها تمليك هيذه الصيفة ،وحسييب السيينن اللهيية ،نجيد أن هلكهييا بيات وشيييكا جييدا .وإذا علمنييا أن السيفاح
) شارون ( يحمل على عاتقه ،تنفيذ مجمل أحلم اليهود التوراتية الواردة في الفصول السابقة قبل نهاية وليتييه ،
وعلى رأسها هدم المسجد القصى ،نستطيع القول بأن هلك هييذه الميية ليين يتجيياوز الربييع سيينوات علييى أبعييد
الحتمالت .
ورابعا :في القيادة الحالية المريكية غير المتزنة ،التي أعلنت عدائيتها غير المييبررة للعييراق ،وقييامت بضييربه
فور تسلمها للسلطة دون سابق إنذار ،بييالرغم ميين سياسيياته التصييالحية وتجيياوبه الكامييل مييع قييرارات الشييرعية
الدولية ،وانتهاجه لسلوب الحوار مع مجلس المن _ وكل ذلك لم ولن ُيجدي نفعا ،إذ أن المطلوب ميين العييراق
هو عبادة إسرائيل التي يعبدون ،وتقديم فروض الطاعة والولء للسامرّيون الجدد في الغرب المتصهين _ والييتي
أظهرت أيضا في المقابل تغاضيا وصمتا ،علييى مييا تقييترفه القيييادة السييرائيلية بشييكل غييير مسييبوق ،ممييا أثييار
حفيظة حتى المنافقين من حلفاء أمريكا ،فتعاقبت التنديدات والنتقادات لهذا التصيرف الهيوج مين قبيل الُمهيّرج
المريكي بوش .
هذا ،فضل عما أثارته القيادة المريكية من اسييتياء عييالمي ودولييي ،لسياسييتها المعادييية لييدول الشييرق القصييى
والدنى من روسيا شمال وحتى اليمن جنوبا ،ومن الصين شرقا وحتى ليبيا غربا ،ولحلفائها الغربيين من الدول
غير المنحازة لسياساتها ،وللبشرية جمعاء بعدم توقيعها على اتفاقية الحد من النبعاث الحييراري ،حييتى انعكييس
ذلك على مشيياركة أمريكييا فييي اللجييان المنبثقيية عيين هيئة المييم المتحييدة ،فُأسييقطت ميين لجنييتي حقييوق النسييان
ومكافحة المخدرات ،خلل فترة قصيرة مما يعكس السخط الدولي على أمريكا وسياساتها .
فضل عن ذلك ،يأتي مشروع الدرع المضاد للصواريخ المثير للجدل ،والذي ترّوج له أمريكا على أنه مشييروع
دفاعي بحت ،تسعى لمتلكه متذّرعة بمخيياوف غييير منطقييية ميين هجييوم نييووي ،ربمييا تقيوم بيه إحييدى الييدول
المارقة كإيران وكوريا الشمالية ،أو جماعات إرهابية ميين الممكيين أن تحصييل يومييا مييا علييى السييلح النييووي ،
208
لضمان تأييد حلفائها لهذا المشروع ،الذين أبدوا حوله الكثير من التحفظات ،لعدم قناعتهم بالمسوغات المريكية
لهذا المشروع .والذي ُيجابه أيضا بمعارضة شديدة من قبل روسيييا والصييين ،كييون هييذا المشييروع سيييلغي قييوة
الردع النووية ،لي دولة تمتلك السلح النووي .فالسلح النووي في الصل هو قوة ردع كفيلة ،بمنع أي دوليية
مارقة أو غير مارقة من مجرد التفكير بضرب أمريكا نووييا ،ليتيبين لنيا أن دوافيع أمريكيا المعلنية لمتلك هيذا
الدرع غير مبررة وغير منطقية .
أما دوافعها غير المعلنة لمتلك هذا الدرع ،فهي نابعة من المخاوف التوراتية والنجيلية ،فيما يتعّلق بالمواجهة
المقبلة بين الشرق والغرب ،والتي تناولناها في فصل سابق ،ومحركاتها الرئيسية هي العراق وروسيا والمهدي
.وبامتلك أمريكا لهذا الدرع ،تتحول صواريخها النووية إلى أسلحة هجومية ،قادرة على ضييرب أي جماعيية ،
أو دولة نوويا أو غير نووية من المذكورة آنفا ،في حالة قيامها بتهديد المصالح أو أمن أمريكا وحلفائها ،دون أن
تكترث بأي هجوم نووي مضاد حتى من قبل روسيا والصيين ،وبيذلك تسيتطيع أمريكيا فيرض إرادتهيا عليى أي
عرض الحائط . دولة بالقوة إن لم تمتثل لسياساتها طواعية ،ضاربة بهيئة المم ومجالسها وقراراتها ومواثيقها ُ
ولو بحثت عمن يسعى بحمياس لتروييج فكيرة هيذا اليدرع ،فيي الدارة المريكيية ومجلسيي الشييوخ والنيواب ،
لوجدت أنهم في معظمهييم ميين اليهييود وميين المتصييهينين النصييارى مين عبييدة إسييرائيل ،المسييكونين بالمخيياوف
التوراتية والنجيلية .وأن الهدف المنشود من إقامة هذا الدرع ،هييو تمكييين النبييوءات التوراتييية المسييتقبلية الييتي
توافق أهوائهم وأمانيهم من التحقق ،وتعطيل جميع النبوءات التي تخالفها ،وبذلك تصبح قابلييية نفيياذ هييذا الوعييد
بالشكل الذي نتحدث عنه شبه معدومة بييل مسيتحيلة ،ففييور شييعور أمريكييا بيأي بيوادر تحركيات عراقييي باتجيياه
إسرائيل ،لن تتردد الدارة المريكية التوراتية في أن تجعل أرض العراق صعيدا جييرزا ،دون خييوف أو وجييل
وليصبح اسم العراق نسيا منسيا .هذا إن لم تستبق المور كما هي العادة ،بضرب العراق والخلص من أمييره ،
حتى قبل أن ُيفكر بالتحرك فور امتلكها لهذا الدرع ،بعد خمس سنوات ميين البييدء فييي تنفيييذه حسييب تقييديراتها ،
ليصبح أمر نفاذ هذا الوعد بعد هذه المدة الزمنية ضربا من الخيال ،فل بد من تحقق هذا الوعييد قبييل مضييي هييذه
المدة .
وقد يقول قائل أن أمريكا ل تخشى أحدا ،ولو أرادت بالعراق السوء لفعلت ،ونقول بأن هذا القول غير صييحيح ،
فلتدمير القدرة العسكرية التقليدييية وأسييلحة الييدمار الشييامل العراقييية ،احتيياجت أمريكييا أول :مييبررا وهيو غييزو
الكويت ،وثانيا :لجماع أممي لستصدار قرار باستخدام القوة ،وثالثا :لمشاركة 30دولة لتنفيذ الهجوم لتوزيع
دمه على القبائل ،ومن ثم ُفتح المجال لجراءاتها العدائية المستمرة اتجاه العراق .فلو كانت قادرة فما الداعي لما
قامت به من خطوات سبقت الضرب الفعلي للعراق ! ونقول بأن أمريكا لن تجييرؤ علييى ضييرب العييراق نوويييا ،
بداعي الخوف على مصالحها أو أمنها ،في ظيل امتلك نفيس السيلح ،مين قبيل دول مناهضية لهيا ولسياسياتها
كروسيا والصين ،لنها بالمقابل ستعطي لهما مبررا لضربها نوويا دون سابق إنذار ،في حال قيام أمريكا بتهديد
مصالحهما وأمنهما .فالمخاوف المريكية من أسلحة الدمار الشامل تأتي من العراق ،وكما نعلم فإن العراق كان
على علقة طيبة مع أمريكا قبل حرب الخليج الثانية ،ولم ُيهيّدد يومييا ل أميين الوليييات المتحييدة ول مصييالحها ،
وحتى بعد احتلله للكويت لم يكن ذلك لُيغّير من طبيعة تلك العلقة ،والذين هيّدد العييراق أمنهييم قبييل جيّره لغييزو
الكويت وما زال ،وتستطيع صواريخه الكيماوية والبيولوجية أن تصلهم ،هم يهود إسرائيل وهو ما كان قد أيقييظ
المخاوف التوراتية لسياد أمريكا من اليهود ،فكان ما كان ووقع ما لم يكن في الحسبان .
الجللواء الن مغللايرة تمامللا ،للجللواء الللتي قللامت فللي ظلهللا الدولللة
اليهودية :
منذ أكثر من مائتي سنة ،قام اليهود بوضع مخطط طويل المد ،جمعوا فيه ما بين مطييامع أربيياب المييال اليهييود
في السيييطرة القتصييادية ،وأحلم الحاخامييات التوراتييية فييي فلسييطين .وكييان الهييدف النهييائي للعمييل الجميياعي
اليهودي وما زال ،هو السيادة الكاملة على كوكب الرض من خلل حكييم ملكييي ديكتياتوري ،يتخييذ ميين القييدس
عاصمة له لتحقيق مطلب الطرفيين معيا .نظرييا وبإغفيال القيدرة اللهيية اليتي ل ييؤمن اليهيود بوجودهيا ،فيإن
مخططهم الفسادي قابل للتحقق على أرض الواقع ،أما عمليا وبإدخال القدرة اللهية ُيصبح أمر تحقق مخططهم
هذا ضربا من الخيال .
209
وقد تمكين اليهيود مين خلل هييذا المخطيط ،مين تحقيييق السييطرة القتصيادية ،علييى العيالم الغربييي ،بييامتلك
الصناعة المصرفية ،وشراء الستثمارات بكافة أشكالها ،وأهمها الصناعات العسكرية والعلمية .ممييا مّكنهييم
من السيطرة على مجمل سياسيات تلك الدول الداخلية والخارجية ،ومن ثم تم تسييخيرها لخدميية أهييداف المخطييط
اليهودي آنف الذكر .
ولو أمعنت النظر في ظروف المنطقة ،التي سبقت الحربين العالميتين الولى والثانية ،لوجدت أنها تتقيياطع كليييا
مع المخططات اليهودية ،بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين ،في ظييل موقييف السييلطان عبييد الحميييد ،الرافييض
حتى لقامة اليهود فيها كأفراد ،حتى استيئست رسل اليهود من المر .ولو أمعنييت النظيير فييي نتييائج الحربييين ،
ستجد أنها خيدمت المخطيط اليهييودي بشييكل ملفييت للنظير ،حييث تمخضييت الحيرب الولييى عين انهييار الدولية
العثمانية ،ومن ثم إصدار وعد بلفور ،ووضع فلسطين تحيت النتيداب البريطياني ،ومين ثيم فتيح بياب الهجيرة
خض عنها إنشاء المييم المتحييدة ميين خمييس دول حليفيية ومنتصييرة ، اليهودية .ومن ثم قامت الحرب الثانية ،فتم ّ
وفي تلك الجواء تم استصدار قرار أممي بتقسيم فلسييطين ،ميين خلل دعييم غربييي أمريكييي بريطيياني فرنسييي ،
وعدم معارضة شرقية روسية صينية ،حيث كان لكل دولة من تلك الدول والمييأخوذة بنشييوة النتصييار ،أطميياع
لنيل جزء من الكعكة العالمية بعد الحرب ،وكان أحد المطالب الغربية ،هو تقديم فلسطين لليهود عليى طبيق مين
ذهب .وفي المقابل ،ستجد أن نتائج هذه الحرب كييانت مأسيياوية علييى مجمييل الييدول ،اليتي شياركت فيهييا حيتى
جيار المنتصرة منها ،بما أنها تكّبليت بالييديون اليهوديية إليى ميا ل نهايية ،والمسيتفيد الوحيييد دائميا وأبييدا ،هيم ت ّ
الحروب من سادات اليهود ،أثرياء وحاخامات ممن يحكمون العالم الغربي في الخفاء .
ي لنخلص إلى أن قيام إسرائيل واستمرارها ،اعتمد على عدة أمور :
تمكين بريطانيا من السيطرة علييى فلسييطين لستصييدار وعييد بلفييور ،الييذي لييم يكيين كافيييا لتحقيييق الحلييم .1
اليهودي ،بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين .ومن ثم وضع فلسطين تحت النتداب البريطاني لتمكييين بريطانيييا
من تنفيذ الوعد ،بفتح أبواب الهجرة وخلق واقع جديد يسمح لليهود بإقامة الدولة .
التضليل العلمي المستمر للرأي العالمي ،بترويج مقولة أرض بل شعب وشييعب بل أرض .بالضييافة .2
إلى التضخيم العلمي لمسألة الضطهاد الممي لليهود ،وخاصة ترويج حكاية ضييحايا المحرقيية النازييية السييتة
مليين .لكسب تعاطف وتأييد الرأي العالمي الغربي ،ومن ثم استغلل الحلفاء الخمسة المنتصييرين والمؤسسييين
للمم المتحدة ،لستصدار قرار أممي بتقسيم فلسطين تمخض عنه قيام دولة إسرائيل ،بطلييب وتأييييد ميين الييدول
الغربية ،وقبول من الدول الشرقية ،حيث كانت حسبة المصالح للدول الخمسة الكييبرى آنييذاك تسييير فييي مركييب
واحد ،بينما كانت الدول العربية بأسرها مملوكة من قبل الغرب .
الرعاية القتصييادية والسياسييية والعسييكرية المريكييية والوربييية المسييتمرة لسييرائيل فييي حييالتي السييلم .3
والحرب .
ي والسؤال الن ،هل الظروف التي أوجدت دولة إسرائيل وحافظت على بقائها واستمراريتها ما زالت قائمة ؟
فور خروج الجيش البريطاني وفور العلن عن قيام الدولة اليهودية ،اسييتطاعت الجيييوش العربييية قهيير .1
الجيش السرائيلي والوصول إلى مشارف تل أبيب ،ولول استجابة العرب للوامر المريكية بوقف القتييال ،لمييا
استطاع الغرب من إمداد إسرائيل بالعدة والعتاد لما تمّكنت لحقا من النتصار ،ولما كان هناك مييا ُيسييمى بدوليية
إسرائيل ،ولكن قّدر ال وما شاء فعل .
بعد النفتاح العلمي وعالمية وسائل التصال وتعّدد مصادر المعلومات ُ ،أتيح للييرأي العييالمي وخاصيية .2
المناهض لمريكا وسياساتها ،رؤية الجانب الخر من الصورة ،الذي عملت وسائل العلم الغربية على التعتيم
عليه فيما مضى ،فبات الكل يعلم أن فلسطين لم تكن يوما من اليام أرضا بل شعب ،بل فيهييا شييعب ل مثيييل لييه
بين الشعوب ،له إرادة تفل الحديد ويستحق التقدير والحترام ،وبات الكل يعلم أن الشعب الذي كييان يتبيياكى ميين
ط عليييهالضطهاد النازي له ،تبين أنه أكثر نازية ووحشية من النازيين أنفسهم ،فتبيّدل التعيياطف معييه إلييى سييخ ٍ
ي من أفعاله ،ولول الفيتو المريكي والدعم البريطاني والفرنسي والتخيياذل العربييي المسيّلط ل عالم ّ
واستياءٍ وخج ٍ
210
على رقاب الفلسطينيين ،واُلمحِبط حتى لنصار القضية الفلسطينية من الشعوب غير العربية ،لما استمرت هييذه
الدولة النازية الجديدة في الوجود .
ولو تتبعنا كافة الحروب العربية السرائيلية ،لوجدنا أن إسرائيل لم تكن قادرة بأي حال من الحوال على .3
مجابهة الجيوش العربية ،بييل لييم تكيين قييادرة علييى حماييية نفسييها ،لييول الييدعم العسييكري المريكييي البريطيياني
الفرنسي المعلن والخفي بالسلح والفراد ،من خلل الجسور الجوية التي كانت توصل هييذا الييدعم ،فالمواجهيية
في كل الحروب لم تكن بين العرب وإسرائيل وإنما كانت بين العرب والغرب ،ولوجدنا أن مجمل نوايا القيييادات
العربية كانت معروفة باليوم والساعة ،وأن تحركات الجيوش العربية وإمداداتها كييانت معلنيية ومكشييوفة وبطيئة
وغير منسقة لتعدد القيادات ،ولوجدنا أن عامل اليوقت كييان حاسييما فيي مجمييل تلييك الحييروب ،ممييا كييان ُيمّكين
إسرائيل من الستعداد وطلب النصرة من الغرب .
كانت هذه قراءتنا للواقع ،أما معطيات الواقع المنظور كما يقرأها عامة الناس ،والييتي ل تييوحي بيياقتراب تحّقييق
وعد الخرة وبإمكانية الدخول العراقي لفلسطين في ظل هذه المعطيات ،سنحاول تصحيح هذه القراءة ما أمكن ،
من خلل رسم صورة للدخول القادم من خلل صور ومشاهد ،من القرآن والتاريخ والواقع ،لتقريب صييفة هييذا
الدخول لذهن القارئ ،وذلك أول :لتأكيد مصداقية ما جاء به كتاب ال من أميير هييذا الوعييد قبييل تحّققييه ،وعلييى
النحو الذي أراده رب العزة ل كما أرادته أهواء البشر ،وثانيا :بيان مدى قابلية تحّقق هذا البعث في زمن قريييب
جدا ،وضمن معطيات الواقع الحالي الذي قد يراه الناس مخالفا لما نذهب إليه جملة وتفصيل .
من صور الدخول في القرآن :
نطرح فيما يلي بعضا من صور الدخول مما ورد ذكره في القرآن الكريم :
طٌة َ ،نْغِفْر
حّ
جًدا َ ،وُقوُلوا ِ
سّ
ب ُ
خُلوا اْلَبا َ
غًدا َ ،واْد ُ
شْئُتْم َر َ
ث ِ
حْي ُ
خُلوا َهِذِه اْلَقْرَيَة َ ،فُكُلوا ِمْنَها َ) َوِإْذ ُقْلَنا اْد ُ •
ن ) 58البقرة ( سِني َح ِسَنِزيُد اْلُم ْ
طاَياُكْم َ ،و َ خَ
َلُكْم َ
كان هذا وصف للدخول ،الذي ُأمر به بنو إسرائيل على قرية مدين شبه الخاوية ،بعد هلك أغلبية أهلها بالعذاب
،وتركهم لرضهم ومساكنهم وممتلكاتهم من الزروع والمواشي ،وهذا ميا ُيشيير إلييه قييوله تعييالى ) فكلييوا منهيا
حيث شئتم رغدا ( أي أن ما فيها من خيرات وأنعام ،أصبح فييي متنيياول أيييديهم بمجييرد الييدخول ،وهييذه العبييارة
طلييب منهييمقيلت لدم وزوجه عند أمرهم بدخول الجنة ،وكان هذا من لطف ال بهم ومّنه وكرمه عليهم ،ولذلك ُ
عند دخول باب القرية ،التعبير بالقول والهيئة عن شكرهم وطاعتهم ل على هييذه النعميية الييتي كييانوا قييد طلبوهييا
صييلوا عليهييا دون جهيد أو عنيياء ،إذ لييم ُيجييابهوا بأييية ممانعية أو مقاومية ،بييل عليى العكييس قوبليوا
سابقا ،وتح ّ
بالترحيب ،من قبل شعيب والقلة المؤمنة ممن بقي من قومه ،لمصاهرة موسى عليه السلم لهييم وإقييامته عنييدهم
فيما مضى ،وال أعلم .
ن)
غاِلُبو َ
خْلُتُموُه َفِإّنُكْم َ
ب َ ،فِإَذا َد َ
عَلْيِهُم اْلَبا َ
خُلوا َ
عَلْيِهَما ،اْد ُ
ل َ
ن َ ،أْنَعَم ا ُّ
خاُفو َ
ن َي َ
ن اّلِذي َ
ن ِ ،م َ
لِجَ
) َقاَل َر ُ •
23المائدة (
كان هذا وصف للدخول الذي ُأمر به بنو إسرائيل لييدخول الرض المقّدسيية المأهوليية بالسييكان ،فييي محاولية ميين
رجلين مؤمنين عالمين بواقع الحال ،لتشجيعهم وطمأنتهم ،لعلهم يرجعون عن موقفهم الرافييض لييدخولها وطييرد
سكانها الوثنيون والستيطان فيها بدل منهم ،حيث يؤكد لهما الرجلن ،بأنهم ليين يتعرضييوا للذى عنييد الييدخول
وفي حال كانت هناك مواجهة ،فلن ُيكّلفهم ذلك سوى كسر الباب بقتل الحراس المتواجييدين عليييه ومباغتيية أهلهييا
في الداخل .وعلى ما يبدو أن موسى عليه السلم قبل أن يأمر بني إسرائيل بالدخول ،كان قد بعث هذين الرجلين
للتجسس على أهل المدينة المقّدسة ،فوجيدا أن أهلهيا عليى غيير اسيتعداد للحيرب وأنهيم ل يملكيون جيشيا ،وليم
يكونوا جبارين حقيقة كما ادعى بنوا إسرائيل لحقا ،وأنهييم ل يملكييون سييوى بضييعة حيّراس علييى بيياب المدينيية
فقط .وعندما أمر موسى قومه بالدخول رفضوا ُمتذرعين بجبروت أهلها تقاعسييا وخييذلنا وجبنييا ،فعّقييب هييذين
الرجلين على قول موسى ،بقولهم ذلك تفنيدا لّدعائهم وتوضيحا لحقيقة المر كما رأوها بُأّم أعينهييم ،ومييع ذلييك
أصّر بنو إسرائيل على موقفهم الرافض للييدخول بقليية إيمييانهم وفسييقهم وجبنهييم .ودخييول كهييذا يحتيياج للمباغتيية
211
كعنصر أساسي ،لمنيع الخصييم مين السييتعداد والجاهزييية للقتييال ،مميا ُيقّلييل أو يمنييع الخسييائر فييي المواجهييات
المكشوفة ،ويدفع الخصم إلى الستسلم والرضوخ للمر الواقع ،ومن ثم الرحيل عن الرض .
ن ) 34النمل (
ك َيْفَعُلو َ
عزَّة َأْهِلَها َأِذّلًة َ ،وَكَذِل َ
جَعُلوا َأ ِ
سُدوَها َ ،و َ
خُلوا َقْرَيًة َأْف َ
ك ِ ،إَذا َد َ
ن اْلُمُلو َ
ت ِإ ّ
) َقاَل ْ •
وكان هذا وصفا لدخول الملوك على القرى المتمّردة والمتطاولة على أمرهم ومكانتهم ،وجاء هذا الوصييف علييى
لسان ملكة سبأ ،تحذيرا لقومها من عصييان أمير المليك سيليمان علييه السيلم ،وهيذا اليدخول هيو السيوأ عليى
الطلق .وانظر في رّد سليمان عليه السلم عندما تمّردوا على أمره ولييم يييأتوه مسييلمين كمييا طلييب حييين قييال )
ن ) 37النميل ( فعصيييان أمير غُرو َ
صا ِ
جّنُهْم ِمْنَها َأِذّلًة َوُهْم َ
خِر َ
جُنوٍد َل ِقَبَل َلُهْم ِبَها َ ،وَلُن ْ
جْع إَِلْيِهْم َ ،فَلَنْأِتَيّنُهْم ِب ُ
اْر ِ
الملوك -ذوي القوة والعزة والنفة -والتطاول عليهم بأي شكل من الشكال ُ ،يحمل على أنييه تحقييير وتقليييل ميين
شأنهم وُيعتبر إهانة ل يستطيعون غفرانها ،والرد عليها عادة ما يكييون كمييا هييو ظيياهر فييي رد سييليمان عليهييم ،
بإرسال جيش ل قبل للخصم به ل من حيث العدد ول من حيث العدة ،ونتيجة فعلهم هي كما وصفته ملكة سبأ في
الية الولى ،وما أكّد عليه سليمان في الية الثانية أعله .
وغاييية هييذا الييدخول فييي العييادة تكييون للنتقييام ورد العتبييار ،باسييتباحة الرض والمييال والعييرض وبتخريييب
الممتلكات والقتل والتنكيل في العاميية ،وأسيير عليية القييوم وإذللهييم وميين ثييم قتلهييم والتنكيييل بهييم وسييبي نسييائهم
وأطفالهم ،وتسخيرهم للعمل كجواري وخدام في القصور إمعانا فيي إذللهيم ،ودخيول كهيذا عيادة ميا ُتعلين فييه
الرغبة في النتقام ،ويتم فيه تهديد الخصم مسبقا لذلله وإدخييال الرعييب فييي قلبييه ،ممييا يكييون أدعييى لنهييياره
وسرعة تداعيه عند المواجهة ،في حال تجّرأ على ذلك .
حّلِقي ف َ
ن ن ُ ،م َ
ل ف َءاِمِني ف َ
شففاَء ا ُّ
ن َ
ح فَراَم ِ ،إ ْ
جَد اْل َ
سف ِ
ن اْلَم ْ
خُل ّق َ ،لَت فْد ُ
ح ّ
سففوَلُه الّرْؤَيففا ِبففاْل َ
ل ف َر ُ
ق ا ُّ
ص فَد َ
) َلَق فْد َ •
حا َقِريًبا ) 27الفتح ( ك َفْت ً
ن َذِل َ
ن ُدو ِ
جَعَل ِم ْ ن َ ،فَعِلَم َما َلْم َتْعَلُموا َ ،ف َ خاُفو َن َل َت َ
صِري َ
سُكْم َ ،وُمَق ّ
ُرُءو َ
هذه هي المرة الخرى والوحيدة في القرآن ،التي يرتبط فيها ذكر الدخول بالمسجد وهييو دخييول المسييجد الحييرام
في مكة ،ولو أمعنت النظر في نص الية ستجد أنها تصييف المسييلمين أثنيياء تأدييية العمييرة ،وقييد جيياء فييي كتييب
سّمي لحقا بعمرة القضاء ،في العام التالي لصلح الحديبية فأنزلت هذه الية التفسير أن هذه الرؤيا قد تحّققت فيما ُ
سّمي في القرآن فتحا وليس دخييول تصديقا للرؤيا ووعدا بالفتح ،وأما الدخول العسكري لمكة والمسجد الحرام ،ف ُ
،والمعروف أن المسلمين عندما خرجوا لغزو مكة كانوا قد أعدوا عدة الحرب ،وقد روى المام مسلم عن جيابر
" :أن رسول ال دخل مكة وعليه عمامة سوداء من غير إحرام " ،وقال ابن كييثير فييي تفسيييره للييية ) (24ميين
نفس السورة ،والتي سيرد نصها في الحديث عن فتح مكيية أن الرسييول علييه الصيلة والسيلم " :لييم يسييق عييام
الفتح هديا وإنما جاء محاربا مقاتل في جيش عرمرم " .
الدخول القادم للمسجد القصى لن يكون لتخريبه كما وقع في المرة الولى ،ولن يكون بقصييد الزيييارة فقييط لداء
عبادة من العبادات ،كما هو الحال عند دخول المسجد الحرام الموصوف في الية أعله ،فالمقصود بقوله تعييالى
) وليدخلوا المسجد ( هو الدخول إلى الرض المباركة الييتي تحييوي هييذا المسييجد ،أي فلسييطين ككييل والسيييطرة
عليها ،وِذكر المسجد الذي هو بمثابة القلب من الجسد بالنسبة للرض المباركة والمقّدسة ،جاء للشارة وللتأكيد
على أن نفاذ الوعد بشكل كامل ،وسيتحصييل أخيييرا بييدخول القييدس لزاليية العلييو اليهييودي ميين فلسييطين وإنهيياء
الوجود اليهودي فيها .
جَد ) (7سييتجد أن الغايييةسِخُلوا اْلَم ْ
جوَهُكْم َ ،وِلَيْد ُ
سوُءوا ُو ُخَرِة ِ ،لَي ُ
لِ
عُد ا ْ
جاَء َو ْ
ولو تمعّنت في قوله تعالى ) َفِإَذا َ
صل هذه الساءة من جّراء ما سيقع فيهييم ميين قتييل وتنكيييل من البعث في الصل هي إساءة وجوه اليهود ،وستتح ّ
وسبي وفرار .ومن ثم جاء ذكر المسجد ليكون دخيول القيدس واسيتعادتها ،نتيجية تيأّتى مين جيّراء ميا وقيع فيي
اليهود من إساءة ،والنكى والكثر إيلما لمن بقي من اليهييود بعييد زوال دولتهييم ،هييو أن ُتّتخييذ القييدس عاصييمة
لدولة عربية كبرى ،لتصبح أحلم يهود الشرق والغرب المتعلقة بها هباًء منثورا ،بعد أن كانت قيياب قوسييين أو
أدنى من التحقق .وبالتالي يكون مجيء لفظ الدخول في هذه الحاليية ،تأكيييدا لتحرييير فلسييطين واسييتعادة المسييجد
والستيلء عليه من قبل المبعوثين ،وأن البعث لم يقتصيير علييى إسيياءة الوجييوه فقييط .والتشييبيه هنييا كييان لصييفة
212
الدخول منذ اجتيازهم لحدود الرض المقّدسة ،بما تخلله من قتل وتنكيل وأسيير وإذلل حييتى وصييولهم إلييى قلييب
مدينة القدس ،ليتأكد لنا زوال علوهم منها بشكل كامل قهرا وقسرا ،بالضبط كما حصل في المرة الولييى ،عنييد
صر .
دخول البابليين بقيادة نبوخذ ن ّ
وعلى ما يبدو أن الدخول القادم ،سيييجمع بييين صييفتي الييدخول الثيياني والثييالث المشييار إليهمييا أعله ،لن غاييية
الدخول القادم تجمع ما بين غايتيهما ،وهما أول :طييرد اليهييود وإعييادة الرض لصييحابها الصييليين ،وثانيييا :
إشباع الرغبة العراقية في النتقام من اليهود وإذللهم .
ومن جانب آخر ،نجد أن قوله تعالى ) ليسوءوا … وليدخلوا … كما دخلوه … ( يصف ما سيجري على أرض
فلسطين لحظة الوصول إليها ،وحتى استعادة كامل أرضييها .والييذي سيييجري حقيقيية علييى أرض الواقييع حسييب
الوصف القرآني ليس بمعركة ،وإنما غزو من قبل أمة ل تعرف الرحمة لمة ضييعيفة وجبانيية مسييتباحة الرض
والمال والعرض ،ولو أنك فّكرت بهذا الحدث نظريا كما جاء به النص القرآني ،وحاولت مطابقته مييع معطيييات
الواقع الحالي ستجد بأن عملية تحققه ضرب من الخيال ،ضمن الظروف الراهنة التي تؤكد رجحان كفة مييوازين
القوى العالمية ،لصالح اليهود وحلفائهم الغربيين .
ل ميين
ي حال إسرائيل في المنطقة كحال ثري يملك منزل في منطقة معزولة عيين المدينيية ،يحتييوي علييى كيّم هييائ ٍ
الكنوز والمقتنيات الثمينة ،ويقتني عتاد جيش كامل من السلحة ،مين مسدسييات وأسييلحة رشاشية وقنابيل يدويية
وصواريخ ،لحماية هذه الممتلكات من هجمات اللصوص .
فلو أن مجموعة كبيرة من اللصوص ل تملك سوى السلح البيض فّكرت بالسطو على مثييل هييذا المنييزل ،فهييل
ستنجح ؟!
إذا وقع هذا السطو وشعر صاحب المنزل باللصوص وهم خييارج السييوار ،فسيييكون بمقييدوره التصييال •
برجال المن ومشاغلتهم بما لديه من السلحة متنوعة وفتاكة ،حتى يتمكن من الحصول على المساعدة ،هييذا إن
لم يكن قد فرق شملهم وأبادهم عن بكرة أبيهم قبل وصول المساعدة إليه ،لتكون إمكانييية صييدهم فييي هييذه الحاليية
كبيرة جدا .
إذا وقع السطو ولم يشعر صاحب المنزل باللصوص ،إل بعد دخولهم إلى المنزل والنتشييار فييي أرجيياءه •
فهو خاسر ل محالة ،ولكن أمامه عدة خييارات أول :التصيال بالمسيياعدة الييتي لين تصييل فييي اليوقت المناسيب
وسيكون ضررها أكثر من نفعها في حال أحس اللصوص بذلك ،فقد ُيصبح قتله أمرا محتما وكذلك الحال فيما لو
حوصر اللصوص من قبل رجال المن داخل المنييزل الُمتخييم بالسييلحة ،ثانيييا :المواجهيية المسييلحة فيمييا لييو لييم
يتمكن من التصال ،والنتيجة مع كثرتهم محسومة لصالحهم بقتله ونهييب محتويييات المنييزل ،وثالثييا :الفييرار أو
الختفاء والتسليم بالمر الواقع لتنهب محتويات المنزل .
إذا وقع السطو ولم يشعر صاحب المنزل باللصوص إل وسكين أحدهم تضغط على حنجرتييه منبهييين إييياه •
من النوم ،هنا ستكون النتيجيية محسييومة فنهييب المنييزل أصييبح تحصيييل حاصييل ،وأمييا أميير نجيياته ميين عييدمها
فمرهون بأيدي اللصوص .
ولغزو إسرائيل يتطليب المير تجّنيب الحالية الوليى ،وهيي ميا جيرت علييه العيادة فيي كافية الحيروب العربيية
السرائيلية ،والعمل على ما أمكن على تحقيق الحالة الثالثة أو الحالة الثانييية علييى القييل ،بهجييوم كييبير وشييامل
ق والمحافظة على السرية التامة ،مما يحرم إسييرائيل ومباغت وسريع ،تكفله وحدة القيادة من خلل العمل المنس ّ
من الستعداد ،ويلغي جميع قدراتها الدفاعية والهجومية ويحرمها حتى من القدرة علييى طلييب المسيياعدة كييذلك ،
ولنخلص إلى القول بأن نجاح هذه المهمة يتطّلب عدة عوامل :
أول :إعداد جيش كبير العدد ،يفوق تعداد الجيش السرائيلي أضعافا مضاعفة ،يتم تدريبه على كافيية السيياليب
القتالية الحديثة ،ويكون لفراده القدرة على تحمل الجهد والجوع والعطيش ،والقيدرة عليى البقياء والسيتمرارية
في أقسى الظروف ،تملؤهم رغبة جامحة بالنتقام ،وُيسّيرهم حقد جارف .
213
ثانيا :المحافظة على السرية التامة منذ لحظة النطلق حتى الوصول ،لتوفير عنصر المباغتة .
ثالثا :سرعة الوصول ،باستخدام كافة الوسائل والتقنيات العصرية المتاحة .
رابعا :شمولية الهجوم ،من خلل تعدد الجبهات .
خامسا :سرعة النتشار .
ي ولو نظرنا إلى واقع إسرائيل ستجد أنها أشبه بالطفل الخداج الذي يعيش فييي بيئة مصييطنعة ،ويحتيياج فيهييا إليى
من ٌيقّدم له الحماية والرعاية والعناية المستمرة والحثيثة والمداد بالغذاء والهواء فييي الظييروف الطبيعييية ،وإلييى
العلج المكثف في الزمات الصحية بسبب نقص المناعة وعدم القدرة على المقاومة .
ومشكلة إسرائيل أن حاضنتها تقع في بيئة معادية ،وهي عرضة لن ُيفتك بها في أي لحظة ،وأن أمريكا القائميية
على رعايتها والعناية بها تبعد عنها آلف الميال ،وتحتاج إلى وقت ليس بالقصير لتقديم العون لها كلمييا أليّم بهييا
عارض مفاجئ ،وغالبا ما كانت أمريكا تلجأ إلى الحيلة والمماطلة ،في كييل ميّرة لكسييب الييوقت كييي تييؤمن لهييا
العلج المناسب وتنقذها من الهلك .
وللتخلص من هذا المسخ ،يتطليب المير المباغتية بييالهجوم وسييرعة النجيياز وعيدم التيأخير أثنيياء عمليية القتيل
والستمرارية حتى مفارقة الروح الجسد ،لحرمان القائمة على الرعاية من كسب الوقت ،الذي تحتيياجه لتعطيييل
عملية قتل المسخ ومن ثم لتقوم بإنعاشه ،كما جرت العادة في كافة الحروب العربية السييرائيلية .ولنخلييص إلييى
القول بأن نجاح هذه المهمة يعتمد على ثلثة عوامل :
أول :المباغتة بالهجوم .
وثانيا :سرعة النجاز .
وثالثا :الستمرارية حتى مفارقة الروح الجسد إذ ليس بإمكان أمريكا أن تحيي الموتى ولو فّكرت بذلك فليين تجييد
من ُيؤّيدها .
في السنة السادسة للهجرة كان الرسول عليه الصلة السلم وألييف وأربعمييائة رجييل ميين المسييلمين ،قييد أحرمييوا
بالعمرة متوجهين إلى مكة ،فلما علم مشركي قريش بالمر خرجوا بخيلهم لصّدهم عن دخييول المسييجد الحييرام .
فسلك عليه الصلة والسلم طريقا غير التي كان عليها ،حتى وصل إلى الحديبية بركت الناقة على غير عادتها ،
فعلم عليه الصلة والسلم أنها لن تعدو مكانها ،وبأن العمرة لم ُتكتب لهم ذلك العام فأقييام وميين معيه فيهييا .فكييان
فيها الصلح الذي كان من بنوده ،حرمان المسلمين من أداء العمرة في ذلك العام على أن يعودوا لدائها في العييام
ق ذلك على المسلمين ،ومنهم عمر بن الخطاب رضي ال عنه ،الذي أراد قتالهم والدخول قسرا ،ولييم شّ المقبل ف ُ
تهدأ سَْورة غضبه إل بعض أن ُأنزلت آيات سورة الفتح ُ ،مبّينة الحكمة اللهية التي غفل عنها بعض من أّيد قتييال
أهل مكة من الصحابة رضوان ال عليهم .
ل ف ِبمَففا
ن ا ُّ
عَلْيِهْم َ ،وَكففا َ
ظَفَرُكْم َن َأ ْ
ن َبْعِد َأ ْ
ن َمّكةَ ِ ،م ْ طِعْنُهْم ِبَب ْ
عْنُكْم َ ،وَأْيِدَيُكْم َف َأْيِدَيُهْم َ قال تعالى ) َوُهَو اّلِذي َك ّ
حّلفُه َ ،وَلفْوَل ن َيْبُلفغَ َم ِ
ي َمْعُكوًففا َأ ْحَراِم َ ،واْلَهْد َ جِد اْل َ
سِن اْلَم ْ عِصّدوُكْم َ ن َكَفُروا َ ،و َ صيًرا )ُ (24هُم اّلِذي َ ن َب َِتْعَمُلو َ
لف ِفففي خَل ا ُّ
عْلفٍم ِ ،لُيفْد ِ
صففيَبُكْم ِمْنُهفْم َمَعفّرٌة ِبَغْيفِر ِ
طُئوُهْم َ ،فُت ِ ن َت َ
ت َ ،لْم َتْعَلُموُهْم َ ،أ ْ ساٌء ُمْؤِمَنا ٌ ن َوِن َ
جاٌل مُْؤِمُنو َِر َ
عَذاًبا َأِليًما ) 25الفتح ( فبالرغم من توافر الرغبة اللهية ن َكَفُروا ِمْنُهْم َ شاُء َ ،لْو َتَزّيُلوا َ ،لَعّذْبَنا اّلِذي َن َي َ
حَمِتهِ َم ْ
َر ْ
في تعذيب الكفار وتوافر التأييد اللهي للمسلمين في مواجهاتهم للمشركين ،وأسيير المسييلمين لميين خييرج لصيّدهم
عن المسجد مين مشيركي قرييش ُ ،منيع المسيلمين مين اليدخول لمكية قسيرا ،لئل ُيلحقيوا الذى بيالمؤمنين غيير
سمح للمسلمين بقتال المشركين ودخييول مكيية المعلومين من أهل مكة ،وأنه لو كان هؤلء ظاهرين ومعلومين ،ل ُ
قسرا .
قلنا في فصل سابق أن صفة دخول المسجد القصى ،في المرة الثانية مشابهة لصفة دخييوله فييي المييرة الولييى ،
والدخول الول كما علمنا كان من قبل البييابليين .ولكيين ميا نيود أن نؤكييد علييه هنيا ،أن ظيروف الييدخول الول
214
مختلفة عن ظروف اليدخول الثيياني ،فالييدخول الول وقيع عليى كفيرة اليهيود وفسيقتهم ،بعيد أن قيياموا بييإخراج
المؤمنين المستضعفين من ديارهم ،وإبعادهم إلى خارج حدود المملكة .وما نييراه أمامنييا علييى أرض الواقييع فييي
فلسطين ككل ،هو تداخل المدن الفلسطينية بالمدن اليهودية والمستوطنات ،واختلط السكان من عرب ويهود في
بعض المدن وخاصة في مدينة القييدس .وهييذا الواقيع مشيابه إلييى حييد مييا ظيروف مكيية قبيل الفتييح حييث اختلط
المؤمنين سّرا بالكفار ،وهذا مما ينفي ،وال أعلم ،استخدام القوة بشكل مفرط أثناء الدخول العراقي لفلسييطين ،
ومما ينفي وقوع مواجهة شاملة في حرب معلنة ومكشيوفة ،ولنتعيرف عليى الفكير العسيكري لرسيول الي علييه
الصلة والسلم ،في كيفية التعامل مع هذا الواقع وكيفية التدبير اللهي في تنفيذ وعده سنعرض فيمييا يلييي بعييض
الملمح من فتح مكة .
لما كان صلح الحديبية دخل بنو بكر في عقد قريش ،ودخلت خزاعة في عقد رسول ال عليييه الصييلة والسييلم ،
فاغتنمت جماعة من بني بكر تحالفها مع قريش في السنة الثامنة للهجرة ،فأصابوا من خزاعيية ثييأرا قييديما لهييم ،
وكانت قريش قد رفدت بني بكر بالسلح والرجال ،فخرج نفر ميين خزاعيية حييتى قييدموا علييى رسييول الي عليييه
الصلة والسلم ،فأخبروه بما أصيب منهم ومظاهرة قريش لبنييي بكيير عليهييم ،فوعييدهم عليييه الصييلة والسييلم
بالنصر فانصرفوا راجعين ،فخرج أبو سفيان حتى قدم المدينة ليطلب الشفاعة ويشيّد فيي العقيد ويزييد فيي الميدة
فرجع خائبا .
في تلك الثناء ُأمر المسلمون بالجهاد ،وُأخفيت عنهم جهة الخروج في بادئ المر كما ُأخفي موعد الخروج ،ثييم
إن رسول ال أخبر الناس قبيل خروجه بفترة قصيرة أنه سائر إلى مكة وأمرهم بالجيّد والتهيييؤ ،وقييال " :اللهففم
خذ العيون والخبار عن قريش حتى نبغتها في بلدها " .وكلنا يعلم قصة حاطب بن أبييي بلتعييه ،عنييدما حيياول ُ
إعلم قريش بما كان من أمر المسلمين ،فكشف ال أمره عن طريييق اليوحي فُعّمييت الخبيار عين قريييش ونييزل
جيش الفتح بالقرب من مكة دون أن يشعر به أهلها .
كان العباس عم الرسول عليه الصلة والسلم ،قد أعلن إسلمه عند مقدم جيش المسلمين لغزو مكة ،وممييا قيياله
حين نزل رسول ال مّر الظهييران " :واصففباح قريففش ،والف لئن دخففل رسففول ال ف مكففة عنففوة قبففل أن يففأتوه
فيستأمنوه ،إنه لهلك قريش إلى آخر الدهر " .فخرج العباس رضي ال عنييه ليبحييث عيين رجييل ميين قريييش ،
ليطلب لها المان من رسول ال عليه الصلة والسلم ،خوفا من أن ُيهلكها جيييش المسييلمين القييادم للنتقييام منهييا
لنقض العهد ،فوجد صاحبه أبي سفيان فاستجلبه ليطلب المان ،ولول ما ُأعطي أبو سفيان من المان لهل مكيية
وإطلق سراحه صباحا ،لُيخبرهم قبل دخول جيش المسلمين لهلكت قريش .
ن معرفتهييا لييوقت كانت قريش -بعد أن نقضت العهد -تتوقع خروج الرسول عليه الصلة والسييلم عليهييا ،ولكي ّ
صلة لذلك لم تقم بالستعداد للمواجهة ،وكانت تعتميد عليى خيبر يأتيهيا مين خروجه على وجه الدقة ،لم تكن متح ّ
عمليات التجسس ،التي دأبت على القيام بها منذ نقضييها للعهييد للبييدء فييي السييتعداد .ولكيين ذلييك الخييبر لييم يييأت
بمشيئة ال حتى كان صباح يوم الفتح على لسان أبي سفيان ،الذي كان قد أسلم داعيا أهل مكيية إلييى الستسييلم ل
داعيا إياهم إلى النفير .
كان ُمحّرك الخروج على قريش ،هو الرغبة في النتقام منها لنقضها العهد والثأر لبني خزاعة بالضييافة ليدوافع
أخرى ،أما رسول ال عليه السلم فكان أرحم بأهل قريش من أنفسهم .
توافر الوعد اللهي لرسوله وللمؤمنين بالفتح . .1
حاطة عملية الخروج بالسرية التامة لتوفير عنصر المباغتة ،مما حرم قريش ميين السييتعداد للمواجهيية ، .2
سواء بإعداد العدد والعدة أو بالستعانة بما حولها مين القبيائل ،ممين كيانوا عليى عيداء ميع المسيلمين ،وميع أن
المسافة ما بين المدينة ومكة تزيد على 400كم ،وأن وسائل النتقال كانت بدائية وبطيئة جدا ،تمّكيين المسييلمون
من الوصول ومباغتة أهل مكة من خلل الخذ بالسباب والعتماد على التأييد اللهي .
215
تأمين الزيادة العددية لدب الرعب في قلوب المشركين ،وإجبيارهم علييى الستسييلم لنعييدام القييدرة عليى .3
المواجهة ،ولسحق أي مقاومة محتملة مهما كان حجمها ،حيث بلغ تعداد الجيش قرابة عشرة آلف رجل ،وهييو
حرمت قريييش ميين فعلييه نفس العدد الذي استطاعت قريش وحلفائها من القبائل ،جمعه في غزوة الخندق وهو ما ُ
عند فتح مكة .
علم المسلمين التام بجغرافية مكة ومحيطها مما أفاد المسلمين قبل وأثناء الدخول . .4
والهم من كل ما تقّدم هو التأييد والتمكين والتدبير اللهي ،من البداية إلى النهاية لنجاز ذلك الوعد . .5
ي والن لو طرحنا التساؤل التالي ،أليس من الممكيين أن تتييوفر ذات المقومييات للعراقيييين لُينجييز الي وعييده لبنييي
إسرائيل ؟!
توافر نفس الُمحّرك للخروج وتوافر دوافع ومبررات أخرى طرحناها أعله . .1
توافر الوعد اللهي بعقاب بني إسرائيل على أيدي العراقيين حتى لو لم ُيذكروا بالسم في النص القرآني . .2
توافر وحدة القيادة وقدرتها في هذه الحالة على إخفاء أميير الغييزو ميين حيييث تييوقيته وكيفّيتييه ممييا يضييمن .3
عنصر المباغتة .
القرب المكاني وتوافر آليات النقل الحديثة مما يضمن سرعة الوصول . .4
توافر الكثرة والستعداد والتدريب المكثف ،فهذا هو ما ُيشيياهده القاصييي والييداني علييى شاشيية التلفزيييون .5
العراقي مؤخرا ،ول يأخذ هذا الميير علييى محمييل الجيّد ،إل يهييود أمريكييا وإسييرائيل ميين المييؤمنين بييالنبوءات
التوراتية ،لدرجة أن ) شارون ( سييافر مييؤخرا لمريكييا فقييط ،لبحييث أميير جيييش القصييى الييذي ُيعيّده الرئيييس
العراقي ،حيث وعَده المريكان بالتكفل بأمره ،وطلبوا منه الهتمام بالشأن الداخلي والعمل علييى تهييدئة المييور
ظاهريا ،ومربط الفرس أن العالم ل ُيعير أدنى اهتمييام للسييتعدادات العراقييية الجارييية حاليييا علييى قييدم وسيياق ،
وحتى أمريكا نفسها على ما يبدو تقلل من شأن هذا الجيش ،ول تتوقع أن يقوم العراق بغزو إسرائيل برا .
توافر التجربية والخييبرة الميدانييية للقييادات العسيكرية العراقيية ،بمشياركتها فييي كافية الحييروب العربيية .6
السرائيلية والحرب اليرانية ودخولها المفاجئ للكويت .
توافر التأييد والتمكين اللهي بتذليل السبل أمام العراقيين ،والتي من شأنها تحقيق هذا الوعد بالكيفية التي .7
جاءت بها النصوص القرآنية .
ي سفر يوئيل :1 :1 " :هذا ما أوحى به الرب إلى يوئيل بن فثوئيل :اسمعوا هذا أّيها الشيوخ ،وأصغوا يا جميع
أهل الرض … ،
:15 :1يا له من يوم رهيييب ،لن ييوم الييرب قرييب ،حيامل معيه الييدمار مين عنيد القييدير … ،اصييحوا أيهييا
السكارى ،وابكوا يا جميع مدمني الخمر … فإن أمًة قوية قد زحفت على أرضي ُ ،أمة قوية ل ُتحصى لكثرتها ،
لها أسنان ليث وأنياب لبؤة … ،
:2 :2هو يوم ظلمة وتجّهم ،يوم غيوم ُمكفهّرة وقتام دامس ،فيه تزحف أمة قوية وعظيمة ،كما يزحييف الظلم
على الجبال ،أّمة لم يكن لها شبيه في سالف الزمان ،تلتهم النار ما أمامها ،وُيحرق اللهيييب مييا خلفهييا ،الرض
أمامها جنة عدن ،وخلفها صحراء موحشة ،يثبون على رؤوس الجبييال ،فييي جلبيية كجلبيية المركبييات ،كفرقعيية
ف للقتال .تنتاب الرعدة منهم كل الشييعوب ،وتشييحب كييل الوجييوه ، ش ،وكجيش عات ُمصط ّ لهيب نار يلتهم الق ّ
ضييون علييى المدينيية ،
يندفعون كالجبابرة وكرجال الحرب ، … ،ينسّلون بين السلحة من غييير أن يتوقفييوا ،ينق ّ
ويتواثبون فوق السوار ،يتسّلقون البيوت ،ويتسّللون من الكوى كاللصييوص ،ترتعييد الرض أمييامهم وترجييف
جنده ل ُيحصى لهم عدد ،ومن ُينّفذ أمره يكون ُمقتييدرا السماء ، … ،يجهر الرب بصوته في ُمقّدمة جيشه ،لن ُ
،لن يوم الرب عظيم ومخيف ،فمن يحتمله ؟! " .
216
ي سفر حبقوق :3 :1 " :أينما تلّفت أشهد أمامي جورا واغتصييابا ،ويثييور حييولي خصييام ونييزاع ،لييذلك بطلييت
ق. الشريعة ) تعطّلت ( وباد العدل ،لن الشرار ُيحاصرون الصّديق ،فيصدر الحكم ُمنحرفا عن الح ّ
جبوا وتحّيروا ،لني ُمقبل على إنجاز أعمال ،في عهدكم ،إذا ُأخبرتم بها ل " :5 :1تأّملوا المم وأبصروا ،تع ّ
تصّدقونها .فها أنا ُأثير الكلدانيين ،هيذه المية الحانقية الُمندفعية ،الزاحفية فيي رحياب الرض ،لتسيتولي عليى
حكمها وعظمتهييا ميين ذاتهييا .خيولهييا أسييرع ميين النمييور ،وأكييثر مساكن ليست لها ،أّمة ُمخيفة ُمرعبة ،تستمّد ُ
ضراوة من ذئاب المساء ،فرسانها يندفعون بكبرييياء ،قييادمين ميين أميياكن بعيييدة ُ ،متسييابقين كالنسيير الُمسييرع ،
للنقضاض على فريسته ُ ،يقبلون جميعهم ليعيثوا فسادا ،ويطغى الرعب منهم على قلوب الناس قبييل وصيولهم ،
فيجمعون أسرى كالرمل .يهزءون بالملوك ويعبثون بالحكام ،ويسيخرون مين الحصيون ،يجعليون حولهيا تلل
من التراب ،ويستولون عليها .ثم يجتاحون كالريح ويرحلون ،فقوة هؤلء الرجال هي إلههم " .
" 3 :2لن الرؤيا ل تتحّقق إل في ميعادها ،وتسرع إلى نهايتها ،إنها ل تكذب ،وإن توانت فانتظرها ،لنها ل
بّد أن تتحّقق ،ولن تتأخر طويل " .
كلنا يعلم أن وجيود إسيرائيل وبقائهيا ،ل يعتميد فيي الدرجية الوليى عليى مقّوماتهيا الذاتيية ،مهميا بلغيت قوتهيا
العسكرية من عدة وعتاد ،فحصنهم المنيع هو أمريكا بقوتها وعظمتها ،والحصن الخر هو الطييوق المنييي ميين
معاهدات السلم والحلف العسكرية ،التي سعوا جاهدين للتوقيع عليها مع دول الجوار .وهذين الحصيينين همييا
ما يتكل عليه اليهود ،كضمانة لستمرار وجودهم وشعورهم نسييبيا بالمييان ،الييذي ُيمّكنهييم ميين البييدء فييي تنفيييذ
مشاريعهم التوراتية على أرض فلسطين .
أما اليهود في الحقيقة فليس لديهم عقيدة أو مبدأ ،ليبذلوا أرواحهم في سبيل الدفاع عنها كما هي الحال عند غيرهم
من شعوب الرض .لذلك تجدهم أشّد الناس حرصا على الحياة ،فل ُيقاتلون إل مجييبري وفييي قيرى محصينة أو
من وراء جدر ،فعادة الخروج للقتال ليست من شأنهم ،أما الخروج للقتل وسفك دماء غير المقاتلين فهذا أكثر ما
يستطيعون القيام به ،وعلى تخّوف من إصابتهم من قبل خصمهم العزل ،وهييذا مييا نشيياهده علييى أرض الواقييع
هذه اليام .
جج بالسييلح ،هيو البحييث عين أما في حال المواجهة المعلنة المكشوفة ،فأول ما ُيفّكر به الجندي السرائيلي المد ّ
صن خلفه ،هذا إن تجرأ على القتال ،وإن لم يجرؤ فأول ما ُيفّكر به هو أن ييولي الدبييار مطلقييا لسيياقيه ملجأ يتح ّ
العنان هاربا إلى حيث ل يدري ،فكيف إذا لم يكن هنياك مواجهية بيل غيزو مفياجئ ،أتخّييل هيذا الجنيدي وفيور
سماعه بأمر خروج أحفاد نبوخذ نصر ،من بابل وقبل اجتيازهم للحدود العراقية باتجاه إسرائيل ،وقد تسيّمر فيي
مكانه وتجّمد الدم في عروقه وشّلت أطرافه .وخلصة القول أن دولتهم محكوم عليها بالفناء منييذ لحظيية قيامهييا ،
وهم يعلمون ذلك علم اليقين وأن الجندي السرائيلي ،مهزوم بالرعب من قبل أن تبدأ المعركة .
على ما يبدو ،وبعد هذه القراءة المطّولة ،أنه لن تكون هناك معركة معلنة ومكشوفة وطويلة المد ،تستخدم فيها
الليات الحربية من مدافع ودبابات وصواريخ وطائرات ،وإنما غزو سريع ومباغت لجيش كبير بعدد هييائل ميين
الجند الُمدّربين على سرعة النتقييال والنتشييار ومزودييين بأسييلحة خفيفيية ،هييم أشييبه -كمييا تصييورهم التييوراة -
باللصوص في خفة حركتهم وانسيابهم وتسّللهم ،وبالنسور بسرعة انقضاضها ،وبالسييود فييي قوتهييا وجبروتهييا
وبطشها .وقد ل يخلو المر من مواجهات ولكنها ستكون محدودة وقصيرة ربما ل تتعييدى كسيير البيياب ،بمعنييى
أن العقبة الوحيدة التي ربما تواجه المهاجمين ،ل تعدو عن كونها مقاومة بسيطة على الحدود ،وال أعلم .
وكون هذا الهجوم مباغتا ُ ،يفهم من تحذير النجيل لليهود بأن من سييمع بمحاصييرة أورشييليم بييالجيوش ،إذا كيان
في الحقل فل يرجع إلى المدينة ،وإذا كان على سقف المنزل فل ينزل إلى أسفل ليجلييب متاعييا أو مييا شييابه ،أي
أن هناك من سيسمع بهذا الغزو بعد خروجه إلى الحقل ،وأن هناك من سيسييمع بييالغزو بعييد صييعوده إلييى سييطح
منزله ،والخروج من المدينة إلى الحقل والعيودة ربمييا ل يتجياوز سيويعات معيدودة ،وأمييا الصيعود إليى سيطح
217
المنزل والنزول عنه فربما ل يتجاوز دقائق معدودة .فالفارق الزمني قصير جدا ما بيين الحييالتين ،فاليذي خيرج
إلى الحقل لم يكن يعلم بالغزو قبل خروجه ،والذي صعد إلى سطح المنزل لم يكن قد سمع بالغزو قبل صعوده .
ومن المحتمييل أن يكييون هييذا الغييزو ليل ،وميين المحتمييل أن يبييدأ الهجييوم ليييل الجمعيية لينتهييي ييوم السييبت قبييل
الظهيرة ،استغلل لنقطاع أغلب اليهود عن العمل بحجة التزامهم بشريعة حرمة السبت ،التي ما ألييزم ال ي بهييا
إل أصحاب تلك القرية ،وال أعلم .وسينجم عن هذا الغزو تفريغ كامل لليهود من فلسطين سواء بالقتل أو الفرار
،وسيطرة كاملة على مساحة فلسطين كلها ،وبالتالي فرض واقع جديد ُيعيد المور إلى نقطة الصفر ،أي ما قبل
قيام إسرائيل بخمسين عاما أيام خلو فلسطين من اليهود ،وال أعلم .
هذا الحدث السريع والمباغت المرعب والعجيب ،عندما يقع سُيصاب العالم بأسره بالذهول والشلل ربما لشهر أو
لعدة أشهر ،وأول ما ُيجابه به سماع خبره هو عدم التصديق ،وسيحتاج الغرب اليهودي الحليف لسرائيل ،إلييى
وقت طويل ليفيق من هول الصدمة ،وليجد الغرب نفسه عاجزا عن القيام بأي رد فعييل سييريع ومييؤثر للمسيياعدة
فل إسرائيل ول يهود ،أما من هم في الصف المناهض لسرائيل وأمريكا من الشرق فسيصابون بنفس الشعور ،
ولكن شعور ل يخلو من الشماتة باليهود إجمال وبأمريكا بشكل خاص ،أما اليهييود إجمييال ويهييود أمريكييا بشييكل
خاص ،فسيصابون بخيبة أمل كبيرة وهم يرون أحلهم التوراتية تتحول إلى سراب .
وبعد امتصاص الصدمة الولى ،ستبدأ المواقف العالمية من هذا الحدث في التبلور ،لتجييد أمريكييا نفسييها عنييدما
تبدأ بالتحرك ،لعادة إحياء الدولة اليهودية بدفع من سادتها اليهود المتربعين على عروشها ،أنهييا تغنييي منفييردة
خييارج السييرب العييالمي ،الييذي أضييحى مؤيييدا ومعجبييا بمييا قيّدمه العراقيييون ،ميين حييل سييحري لتلييك المشييكلة
المستعصية ،التي أّرقت جفون العالم طوال قرن من الزمان .
طلعة على أدق تفاصيل القضية الفلسطينية ،قد اسييتعادوا أرضييهم فالعرب من وجهة النظر العالمية ،التي باتت م ّ
وحقوقهم ،وإسرائيل بما قّدمته من أعمال وحشية وهمجية خلل سنين عمرها ،وعدم استجابتها لقيرارات الجهية
التي أوجدتها ل تستحق الوجود والبقاء ،فالحق هو عودة فلسطين إلى أهلها العرب ،والباطل هو وجود إسييرائيل
على أرض العرب ،فإذا جاء الحق وزهق الباطل فليس هنيياك مشييكلة بالنسييبة لمجمييل دول العييالم ،الييتي ل تقييع
تحت النتداب المريكي اليهودي المعاصر ،فالمشكلة ُوجدت بإقامة إسرائيل في قلب الوطن العربي وزالت هييذه
المشكلة بزوالها .
الوعد والموعد والواقع :
وبالعودة إلى الوراء قليل نجد أن المسلمون استاءوا كثيرا ،عندما ُمنعوا من أداء العمرة بصحبة رسول ال عليييه
الصلة السلم في السنة السادسة للهجرة ،وما زاد في قهرهم هو ذلك الصلح ،الذي منييع دميياء المشييركين منهييم
وأبقى المسجد الحرام في أيديهم لمدة عشر سنوات قادمة ،فعّقب سييبحانه وتعييالى علييى ذلييك قييائل ) َفَعِلفَم َمففا َلفْم
َتْعَلُموا … ( والذي كان يعلمه رب العزة مسبقا هو أنهم سيؤدون العمرة في العام التالي ،وأن هييذا الصييلح الييذي
استاءوا من عقده مع مشركي قريش ،وأضفى عليهم شعورا باليأس والحباط ،سيييكون هييو نفسييه سييببا ومييبررا
حا َقِريًبففا )27 ك َفْت ً
ن َذِل َ
ن ُدو ِ
جَعَل ِم ْ
لفتح مكة عند نقضه من قبل قريش بعد سنتين من إبرامه ،فعّقب بقوله ) … َف َ
الفتح ( .
حتى أكثر المسلمين إيمانا ويقينا وتفاؤل ،لم يكن يتصور لحظة منعهم من أداء العمرة وإبييرام الصيلح ،بييأن فتييح
مكة سيكون بعد سنتين فقط ،من تاريخ تلك اللحظة ،وبتلك الصورة الحتفالية والمشّرفة لتكييون تأدييية فريضييتي
الحج والعمرة متاحة لهم في أي وقت شاءوا .
وبالنظر لواقع المسلمين في غزوة الحزاب وهم قلة ،وقريش وقبائل الجزيرة بمشركيها ويهودها يتربصون بهييم
ريب المنون من الداخل والخارج ،هل كان ممن المكن أن يتصور أن هذه الحيال سيتنقلب رأسيا عليى عقيب بعيد
ثلث سنوات ،فيغزو المسلمين مكة بعشرة آلف مقاتل ؟!
218
وبالرغم من اختلف طبيعة الوعود اللهية من حيث الثواب والعقاب ،إل أننا نتحّدث هنا عن الوعييد بحييد ذاتييه ،
لنقول بأن الوعد اللهييي ل يحيّده زمييان ول مكييان ول واقييع ،ول ننسييى بييأن وعييد الخييرة المييذكور فييي سييورة
السراء هو وعد بعقاب اليهود في المقام الول ،ولكن هناك أسباب ومسببات ل بييد أن تأخييذ مجراهييا قبييل إتيييان
أمر ال .
قال تعالى
ن ) 53العنكبوت
شُعُرو َ
ب َ ،وَلَيْأِتَيّنُهْم َبْغَتًة َ ،وُهْم َل َي ْ
جاَءُهُم اْلَعَذا ُ
سّمى َ ،ل َ
جٌل ُم َ
ب َ ،وَلْوَل َأ َ
ك ِباْلَعَذا ِ
جُلوَن َ
سَتْع ِ
) َوَي ْ
(
وقال
ظّنوا َأّنُه فمْجوا َ ،و َ خُر ُن َي ْ
ظَنْنُتْم َأ ْ
شِر َ ،ما َح ْ
ن ِدَياِرِهْم َِ ،لّوِل اْل َ
ب ِم ْن َأْهِل اْلِكَتا ِ
ن َكَفُروا ِ ،م ْ ج اّلِذي َ
خَر َ) ُهَو اّلِذي َأ ْ
ن ُبُيففوَتهُْم
خِرُبفو َ
ب ُ ،ي ْعف َ ف ِففي ُقُلففوِبِهُم الّر ْ
سفُبوا َ ،وَقفَذ َ حَت ِ
ث َلفْم َي ْ
حْيف ُن َ ل ِمف ْ
ل َ ،فَأَتاُهُم ا ُّ
ن ا ِّ
صوُنُهْم ِم َ ح َُماِنَعُتُهْم ُ
صاِر ) 2الحشر ( عَتِبُروا َيُأوِلي اَْلْب َن َ ،فا ْ ِبَأْيِديِهمْ َوَأْيِدي اْلُمْؤِمِني َ
219
وليتبروا ما علوا تتبيرا
قلنا في نهاية تفسيرنا لعبارة ) وليتبروا ما علوا تتبيرا ( :أن كل ما عل بنو إسييرائيل عليييه أو بييه أو فيييه سيصييله
الدمار ل محالة لعموم لفظ العلو ،حتى علوهم في الغرب ،إذ أن الذي أبقى علوهم قائمييا ومسييتمرا فييي فلسييطين
في الصل هو علوهم في الغرب .ولذلك يصبح دمار الدول الغربية أمر محتما ،ليزول علييو بنييي إسييرائيل فيهييا
أيضا بشكل نهائي ،وبذلك تنتفي تماما قدرتهم على العلو مييرة أخيرى ،إذ أن هيذا العليو هيو عليوهم الخيير فييي
الرض .
ويؤكد سبحانه أن السبب في زوال هذا العلو هو ما قدمته أيدي اليهود أنفسهم ،حيث أن ال كان قد اشترط عليهييم
الحسان لدامة هذا العلو ،وحذرهم من زواله إن هم أساءوا ،وجاء هذا الشييرط مباشييرة قبييل إخبيياره عيين وعييد
الخرة في الية السابعة ،فاليهود حكموا على أنفسهم بالهلك وعلى علوهم بالزوال :
أول :وذلك لنهم لم ُيحسنوا ،بل على العكس من ذلك أساءوا ،ولييم يييألوا جهييدا بالفسيياد فييي الرض ضيياربين
بالتحذير اللهي عرض الحائط .
ثانيا :والنكى من ذلك أنهم قاموا بتوجيه رسالة أخرى لرب العزة ،ومؤداهييا يقييول :بأننييا سيينفعل مييا يحلييو لنييا
وسنفسد في الرض وسنمنعك من بعث عبادك الشداء الذين ُتهّددنا بهم ،لننا س يُنبيدهم عيين بكييرة أبيهييم قبييل أن
ُتفكر في بعثهم ،مظهرين إصرارا عز نظيره في تحّديهم لرب العزة بأن ينزل بهم ما وعدهم ،مّتكلييين علييى مين
هم دونه لحمايتهم ووقايتهم من أمر ال ،منكرين ربوبية ال وألوهيته وقدرته على تصريف أمور الكون ،وكذلك
حقيقة البعث بعد الموت ،وهذه المور هي ما تتناوله سورة السراء على امتدادها ،ميين وجييوه متعييددة ،وبييذلك
تكون عداوتهم للعراق وعدوانهم عليه ،ورغبتهم في تدميره وإبادة أهلييه سييببا فييي خييروج أهييل العييراق عليهييم ،
انتقاما ودفعا لما ُيحيق بهم من أخطار ،في حيال اسيتمر تواجيد الدولية اليهوديية عليى أرض فلسيطين ،ليخربيوا
بيوتهم بأيديهم وأيدي المسلمين .
ثالثا :هي حرب ال عليهم ل حرب أحد ،ذلك بأنهم تحدوا ال وأعلنوا حربهم عليه ،وعلى كل من يؤمن بيه ربييا
وإلها واحدا أوحدا ،خاب وخسر الذين من دونه ،وأن رب العييزة قِبييل التحيّدي وأعليين حربييه عليهييم ،وهييذا مييا
تستشعره من خلل مجمل آيات سورة السراء ،ولكن لم يتبّقى إل أن تحين سيياعة الصييفر ليييروا ميين الي مييا لييم
يكونوا يحتسبون .
وفي الصل كما أوضحنا سابقا ،أن علوهم غير المسبوق في الغرب ،هو الذي أوجد علوهم في فلسطين لحقا ،
وإذا كانت النتيجة أي علوهم في فلسطين تستحق الزوال ،فالولى أن ُيزال المتسّبب فيها أي علوهم في الغييرب ،
حتى تنتفي فرصة ظهور تلك النتيجة ) أي العلو اليهودي ( مرة أخرى ،فكما أن زوال دولة إسرائيل أميير حتمييي
فزوال أمريكا أمر أكثر حتمية .
فاليهود لهم من حيث المكان إفسادين :
أول :فييي فلسييطين إفسيياد بسييفك الييدماء ،وإخييراج النيياس ميين ديارهييا ،والسييتيلء علييى ممتلكيياتهم ،وإتلف
الخضر واليابس ،ومنع مساجد ال أن ُيذكر فيها اسمه ،والسعي في خرابها … إلى آخره .
وثانيا :في أمريكيا واليدول الغربيية إفسياد بنشير العقيائد الماديية اللحاديية ،وإشياعة الرذيلية والنحلل الخلقيي
والخلقي في شتى مناحي الحياة ،بالضافة إلى تفريق الناس وتصنيفهم واستضييعاف طييوائف منهييم ،وسيومهم
سوء العذاب ،لدرجة حرقهم وإبادتهم بالسلحة التقليدية والنووية ،وعلى قاعدة الجزاء من جنس العمل ،ل شييك
لدي من أن كبرى المدن المريكية ،سُتضرب من السماء بصواريخ نووية ،أو بشهب من السييماء مسييببة دمييارا
كالدمار ،الذي أحدثته قنابلها المدن اليابانية ولكن على مدى أوسع بكثير .
220
زوال العلو اليهودي في أمريكا لن يتوانى كثيرا عن زوال العلو اليهللودي
في فلسطين :
ل، ن ا ِّ
ب ِم ْ
ض ٍ
س َ ،وَباُءوا ِبَغ َ
ن الّنا ِ
حْبٍل ِم ْ
ل َو َ
ن ا ِّ
حْبٍل ِم ْ
ن َما ُثِقُفوا ف ِإّل ِب َ
عَلْيِهْم الّذّلُة ف َأْي َ
ت َ
ضِرَب ْ
قال تعالى ) ُ
… ) 112آل عمران ( الذلة هي الضعة والنخفاض وهي نقيض العزة والعلو ،وأين ما ثقفوا تعني أينمييا وجييدوا
في الرض على امتداد رقعتها ،وخلصة ما تقيوله هيذه الييية أن الشييعب اليهيودي كأمية وأفيراد سييمّر بخمسيية
مراحل ،هي ذات المراحل التي أشرنا إليها في نهاية الجزء الول ،وهي على التوالي ) :ذل ،علو ،ذل ،علييو
،ذل ( .ومن ذلك نفهم أن صفة العلو وهي المرحلة الرابعيية ،سييتزول عنهييم فييي شييتى بقيياع الرض سيواء فييي
إسرائيل أو في أمريكا ،أو فيما سواها من دول العالم ،ليدخل الشعب اليهودي بأسييره فييي المرحليية الييتي تليهييا ،
ولتعود إليه صفة الذل التي هي القاعدة أينما وجييد أيضييا وعلييى مسييتوى الفييراد والجماعييات ،حيييث كييان العليو
صل ذلك إل بانكسار وزوال كل الدول ،التي يوجييد بهييا علييو يهييودي ظيياهر وفييي استثناًء لمرتين فقط ،ولن يتح ّ
مقّدمتها أمريكا .
صة وشاملة ،سنجد أنهيا فياقت فرعييون فييي عليوه
ولو أننا نظرنا إلى أمريكا كدولة وما تقوم به حاليا نظرة ُمتفح ّ
واستعلئه وفساده وإفساده ،باحتضانها للعقائد اليهودية الشيطانية ،والسهر على تطبيقها وترويجهييا فييي الرض
على عمومها بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى .
والعقاب اللهي الموعود به بنو إسرائيل كان للفساد الناجم عن العلييو ،وعليوهم الن يتمثييل فييي مكييانين تحديييدا
هما فلسطين وأمريكا ،وفضل عن ذلك فإن أمريكا المتعالية على شعوب الرض ،وبصييرف النظيير عيين كونهييا
مكانا للعلو اليهودي ،سييتكون هييدفا مؤكييدا لنسييكاب الغضييب اللهييي عليهييا ،بمييا يفييوق الغضييب اللهييي علييى
إسرائيل ،وذلك لن أمريكا تجمع ما بين علييوين وإفسييادين ،همييا :العليو والفسيياد اليهييودي ،والعلييو والفسيياد
الذاتي لها ،ليتأكد لنا أنها أولى من إسرائيل بالعقاب وبما هو أشد بأسا وأشد تنكيل ،وهذا بإذن ال ما سنشهده في
السنوات القليلة القادمة وما ذلك على ال بعزيز .
وقد يستغرب ويستنكر كثير من أمة السلم ،والصح من المؤمنين بالله ) أمريكا ( مجرد التفكييير بييأن أمريكييا
ن َقْبِلِه فْم ،
ن ِم ف ْعاِقَبُة اّلِذي َ
ن َ ف َكا َ
ظُروا َكْي َ
ض َ ،فَيْن ُ
سيُروا ِفي اَْلْر ِ
ستزول ،وكأنهم ل يقرءون قوله تعالى ) َأَوَلْم َي ِ
عِليًمففا َق فِديًرا )ن َ ض ِ ،إّن فُه َكففا َت َوَل ِفي اَْلْر ِ سَمَوا ِ
يٍء ِ ،في ال ّ
ش ْ
ن َجَزُه ِم ْ ل ِلُيْع ِ
ن ا ُّ
شّد ِمْنُهْم ُقّوًة َ ،وَما َكا َ
َوَكاُنوا َأ َ
44فاطر ( .
شفّد ِمْنُهفْم ُقفّوًة
ن َقْبِلِهفْم َ ،كففاُنوا ُهفْم َأ َ
ن َكاُنوا ِمف ْ
عاِقَبُة اّلِذي َ
ن َ ف َكا َظُروا َكْي َض َ ،فَيْن ُسيُروا ِفي اَْلْر ِ وقوله ) َأَوَلْم َي ِ
ق ) 21غافر ( ن َوا ٍ
ل مِ ْ
ن ا ِّ ن َلُهْم ِم َل ِبُذُنوِبِهْم َ ،وَما َكا َ
خَذُهُم ا ُّ
ض َ ،فَأ َ
َوَءاَثاًرا ِفي اَْلْر ِ
بعد امتصاص يهود أمريكا والغرب للصدمة ،من جّراء الكارثيية الييتي حّلييت ببنييي جلييدتهم فييي فلسييطين ،سييتبدأ
الماكينة اليهودية في الغرب في بذل أقصى طاقاتها ،وعمل ما بوسعها لعادة عقارب الساعة قبل فوات الوان ،
من خلل الدبلوماسية في مجلس المن ،لشن حرب دوليية تحييت غطيياء الشيرعية الدوليية لتحريير إسيرائيل ميين
العرب ،كما كان المر عند مطالبتهم بتحرير الكويت ،وسُتفاجأ هذه الماكينة اليهودية ببرود وجمود شديدين ،لم
يسبق لها أن واجهتهما من قبل معظييم دول العييالم لُتثبييت عييدم نجاعتهييا هييذه المييرة ،وسييتجد مشيياريع القييرارات
طرحت ،معارضة شييديدة ميين قبييل روسيييا والصييين ،حييتى لييو تطّلييب المريكية والبريطانية والفرنسية فيما لو ُ
المر استخدام حق النقض من قبلهمييا ،خوفييا ميين اليدخول فييي مواجهية ل ُتحميد عقباهييا مييع العيالم بيين الغييرب
المسيحي والشرق المسلم .
وربما يأخذ المر قرابة السنتين بين مّد وجزر ،حتى يستطيع اليهود تحريض أمريكا ،وبعيض دول الغيرب مين
ن حرب مصيرية على العرب ، حلف الناتو ،وحملها على تحريك أساطيلها ،باتجاه شواطئ البحر المتوسط ،لش ّ
عرض الحائط . ضاربة بمجلس المن وغطاءه الشرعي -بعد اليأس من الحصول عليه ُ -
221
وعلى الجانب الخر ،سيضطر العرب والمسيلمون لتوحييد صيفوفهم كرهيا مين البعيض وطواعيية مين البعيض
الخر ،والنضواء تحت لواء واحد للدفاع عن القصى بعد عودته إلى حظيرة السلم ،وسيبدأ التقارب العربي
الروسي الصيني ،على ما يبدو في التشكل ،إلى ما ُيشبه الحلف العسكري وربما يكون باتفاقيات مكتوبيية ،وال ي
أعلم .
بوجود القيادة الحالية غير المتزنة لمريكا وبتأييد من صهاينة الحزب الجمهوري ،سيتمكن اليهود أخيرا من جيرّ
أمريكا للدخول في مواجهة غير محسوبة مع العالمين العربي والسلمي ،بدفع من العقائد الدينية المش يّوهة فيمييا
يخص وجود اليهود في فلسطين وعيودة المسييح الثانييية للنصيارى والولييى لليهيود ،بالضييافة إليى الرغبية فيي
النتقام للمكانة المريكية التي ُمّرغت في التراب أمام العالم أجمع ،بزوال مسييخها الخييداج بطرفيية عييين دون أن
ُيعير العرب عظمة أمريكا وجبروتها أدنى انتباه .
في ظرف سنتين من استعادة العرب لفلسطين ،سيُتعلن أمريكييا حربهييا اليهودييية الصييليبية المقّدسيية علييى العييرب
والمسلمين ،مما ُيثير حالة من عدم الستقرار في سائر أرجاء العالم ،وستبدأ المواقف العالمية ميين هييذا العلن
شيئا فشيئا بالتباين والتمايز ،بشكل لم يسبق له مثيل لينقسم إلى العالم معسكرين شرقي وغربي ،يقف إلى جييانب
العرب معظم الدول المناهضة لمريكا في الشرق وفي مقدمتها روسيا ،ويقف إلى جانب أمريكا دول حلف الناتو
وملحقاته .
وعندما تبدأ أمريكا بحشد قواتها وأساطيلها في البحر البييض ،وتبيوء كيل المحياولت والتحيذيرات والتهدييدات
العالمية ،لثني أمريكا عن عزمها بالفشل ،وتصبح المواجهة أمر ل مفر منييه ،سييتتطور المواقييف الدولييية فجييأة
وتتحول إلى أحلف عسكرية ،بحيث تضطر وتنجّر الكييثير ميين الييدول للمشيياركة الفعلييية فييي الحييرب الييدائرة ،
وعلى ما يبدو أن أمريكا نتيجة لذلك ستفقد زمام السيطرة مبكرا ،وربما تلجييأ إلييى اسييتخدام السييلح النييووي فييي
وقت ما بضرب بعض العواصم العربية ،كبغداد والقياهرة عليى سيبيل المثيال ،وربميا يكيون ذليك قبيل الحيرب
البرية ،ظنا منها أن ذلك سيحسم المعركة لصالحها في وقت مبكر .
ولكن ما لن يكون في حسياب أمريكيا ،هيو رّد الفعيل الروسيي والصييني العنييف ،عليى اسيتخدام أمريكيا لهيذا
السلح ،لتبدأ الصواريخ النووية الروسية وربما الصينية ،تنهال على أمريكا تباعا دون سابق إنذار لتبيييدها عيين
بكرة أبيها ،هذا إن لم ُيسقط عليها رب العزة كسيفا مين السيماء .ومين ثيم تبيدأ الحيروب البينيية بيين دول العيالم
المختلفة المتخاصمة ،فيختلط الحابل بالنابل لتشمل هيذه الحيرب معظيم بقيياع العييالم .وليدخول السييلحة النوويية
دائرة الصراع ،ستكون هذه الحرب سريعة وقصيييرة وحاسييمة ،ولكيين حجييم الييدمار فيهييا سيييكون هييائل جييدا ،
وستنتهي بالمواجهة البرية البحرية على سواحل فلسطين بين الغرب والشرق ،بانتصار العرب والروس نصييرا
مؤزرا ،وال أعلم .
نعلم أن المبراطورية الرومانية القديمة ،كانت قد انقسمت إلى قسييمين شييرقي وغربييي ،واّتخييذت القسييطنطينية
عاصمة للجزء الشرقي ،وروما عاصمة للجزء الغربي ،وذلك قبل ظهور السلم بحوالي مييائتي سيينة ،وبقيييت
القسطنطينية عاصمة لمملكة الروم الشرقية منذ ذلك الوقت ،حتى تم فتحها على يد محمد الفاتييح سييابع السييلطين
العثمانيين ،وبذلك اختفت مملكة الييروم الشييرقية إلييى البييد ،وأمييا سييكان تركيييا الحيياليين فمعظهييم ميين التييراك
المتأسلمون ،الذين يعودون في أصولهم إلى غرب الصين ،مع بقاء نسبة قليلة من النصارى فيهييا ذوي الصييول
الرومية ،أما النسبة الكبر من الروم فقد هاجرت وانتشرت فيما حولها من بلدان أوروبا الشرقية .
ولنذكر هنا أن المسلمين حاصروا القسطنطينية إحدى عشرة مرة ،ولم يتمكنوا من فتحها إل بعد أن بييدأت شييمس
العثمانيون الترك بالظهور فيما ُيسمى بآسيا الصغرى ،وذلك بعد ضعف الدولة السلجوقية وانحللها عام 1300م
تقريبا ،فبدأت دولتهم بالتساع غربا على حساب مملكة الروم الشرقية شيئا فشيئا ،حتى اقتصيرت مملكية اليروم
الشرقية عليى القسيطنطينية وضيواحيها ،وعنيدما تسيّلم محميد الفاتيح لمقالييد الحكيم ليم يتيوانى عين فتحهيا سينة
1453م .ومن ثم استمرت فتوحات العثمانيين حتى شملت معظم بلدان منطقة البلقان في أوروبا الشرقية .
223
والمتتبع للتاريخ الحديث ،سيجد أن روسيا القيصرية بعد بزوغ شمسها ،أصبحت الوريث الكييبر لمملكيية الييروم
الشرقية بعد زوالها ،حيييث كييانت ومييا زالييت فييي القييرون الخيييرة ،تحيياول تنصيييب نفسييها كراعييية وحامييية ،
لمصالح نصارى الشرق ذوي المذهب الرثوذكسي ،وأخذت على عاتقها بعييد أن اشييتد عودهييا ،مهميية اسييتعادة
القسطنطينية من التراك ومن ثم إعادتها كعاصمة دينية للكنيسة الرثوذكسييية كمييا كييانت فييي السييابق ،وهييو مييا
تحاول الستئثار به حاليا الكنيسة اليونانية الموالية للغرب .وفيما يلي بعض البنود التي جاءت في وصية بطييرس
الكبر ،المؤسس الحقيقي للملكة الروسية في أواخر القرن السابع عشر ،ميين كتيياب ) تاريييخ الدوليية العثمانييية (
لفريد بك المحامي :
" البند التاسع :ينبغي التقرب بقدر المكان من استنبول والهند ،وحيث انه من القضايا المسلمة أن من يحكم على
استنبول ،يمكنه حقيقة أن يحكم على الدنيا بأسرها … ،
البند الحادي عشر ، … :وحينما نستولي على استنبول ،علينا أن نسلط دول أوروبييا القديميية علييى دوليية النمسييا
حربا ،أو ُنسكن حسدها ومراقبتها لنا ،بإعطائها حصة صغيرة من الماكن ،التي نكييون قييد أخييذناها ميين قبييل ،
وبعدها نسعى إلى نزع هذه الحصة منها .
البند الثاني عشر :ينبغي أن نستميل لجهتنا جميع المسيحيين ،الذين هم من مذهب الروم المنكرييين لرياسيية البابييا
الروحية ،والمنتشرين في بلد المجر والممالك العثمانية ،ونجعلهم أن يتخذوا دولة روسيا مرجعييا ومعينييا لهييم ،
ومن اللزم قبل كل شيء ،إحداث رياسة مذهبية ،حتى نتمكن من إجراء نوع من السلطة الدينية عليهم … " .
ن عداوة للسلم والمسلمين ،ولكيين بييالنظر إلييى الطييوائف الثلثيية الكييبرى المهيمنيية كل النصارى بل استثناء تك ّ
على العالم المسيحي ،نجد أن معتنقي المذهب البروتستانتي والذي ُتمّثله أمريكييا وبريطانيييا وهولنييدا ،هييم الشيّد
عدواة وكراهية للمسلمين والعرب بشكل خاص ،والمعروفين بميلهم وتأييدهم لليهييود ،ويليهييم فييي ذلييك معتنقييي
المذهب الكاثوليكي ،والذي ُتمّثله فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وباقي الدول الغربية ،وأقّلهييم عييدواة وكراهييية
هم معتنقي المذهب الرثوذكسي ،والذي ُتمّثله روسيا ودول أوروبا الشرقية .
والمتتبع للتاريخ القديم والحديث ،سيجد أن الطوائف المسيحية الثلثة علييى خلف دائم ،وأن العييداوة والبغضيياء
مستفحلة وذات جذور عميقة ،فنصارى الشرق الرثوذكس لم ينسوا ولم يغفروا لنصارى الغرب من الكاثوليك ،
ما أوقعوه بهم من مذابح في حملت الغرب الصليبية ،ولم يقبلوا مؤخرا اعتذار البابا عنها .والعييداوة والبغضيياء
مستفحلة حتى بين الكاثوليك والبروتستنت من جهة أخرى ،كما هو الحال في أيرلنييدا الشييمالية ،وهييذا مييا أخييبر
ظففا ِمّمفا ُذّكفُروا ِبفِه ،
حّ
سفوا َ خفْذَنا ِميَثفاَقُهْم َ ،فَن ُ
صففاَرى َ ،أ َ ن َقفاُلوا ِإّنفا َن َ
ن اّلفِذي َ
عنه سبحانه وتعالى في قوله ) َوِمف ْ
ن ) 14المييائدة ( وهييذه ص فَنُعو َ
ل ِبَما َكاُنوا َي ْ ف ُيَنّبُئُهْم ا ُّ
سْو َضاَء ِ ،إَلى َيْوِم اْلِقَياَمِة َ ،و َ
غَرْيَنا َبْيَنُهْم اْلَعَداَوَة َواْلَبْغ َ
َفَأ ْ
العداوة والبغضاء ل انقطاع لها مستمرة إلى يوم القيامة ،وهذا ما أكّده التاريخ الوروبي القديم والحديث .
والمتتبع للتاريخ السلمي والعربي ،سيجد أن ما ُتخييبر عنيه هييذا الحيياديث النبوييية أعله ،مين شييأن مصييالحة
صييلهم معييا علييى النصيير والغنيميية
المسييلمين أو العييرب للنصييارى ،والتحييالف معهييم ضييد عييدو مشييترك ،وتح ّ
صل قييديما أو حييديثا .
والسلمة ،ومن ثم الختلف وإضمار الغدر وعودة الروم لمقاتلة المسلمين ،لم يكن قد تح ّ
وبما أن الدنيا تعّد سنواتها الخيرة ،وأشراط الساعة الكبرى باتت على البواب ،فل شييك أن هييذه الحييرب الييتي
سيخوضها المسلمين والنصارى جنبا إلى جنبا ،ضد عيدوهم المشيترك للميرة الوليى والخييرة سيتقع فيي وقيت
قريب .والحاديث النبوية ُتخبر أن هناك ثلثة أطراف ؛ المسلمون والروم وعدو مشترك للمسلمين والروم .
وبما أن هذا الحدث سيقع ضمن معطيات الواقع الحالي ،ومن خلل قييراءة الواقييع ،فييي ضييوء مييا أخييبرت عنييه
الحاديث ،سنجد أن الروم ما زالوا ينقسمون إلى قسمين :
نصارى الشرق من معتنقي المذهب الرثوذكسي ،وهم الُمقيمييون إجمييال فييي أوروبييا الشييرقية ،أو دول •
حلف وارسو القديم الذي كانت فيه الزعامة وما زالت للدولة الروسية .
224
نصارى الغرب من معتنقي المذهب البروتستانتي والمذهب الكاثوليكي ،وهم المقيمون إجمال في أمريكييا •
وأوروبا الغربية ،أو دول حلف الناتو بزعامة أمريكا .
ن عداوة مذهبية قل نظيرها للفريييق الخيير .ولييو نظرنييا إلييى الواقييع الحييالي لوجييدنا أن أمريكييا وكل الفريقين ُيك ّ
وبريطانيا وفرنسا ،هي الدول الشّد عداءً للعرب والمسلمين منذ حروبهم الصليبية الولييى ،الييتي كييانت تقودهييا
فرنسا بصفتها الراعيية للمييذهب الكيياثوليكي ،منضييويا تحييت لوائهييا كييل ميين ألمانيييا وإيطاليييا وإنكلييترا ،وحييتى
حروبهم الستعمارية في العصر الحديث بقيادة أمريكا ،وما موالة هذه الدول لبعض الدول العربييية إل مداهنيية ،
من قبيل الحرص على مصالحها فقييط ،بييل هييي أكييثر مقتييا واحتقييارا وامتهانييا لتلييك الييدول نفسييها ميين غيرهييا ،
ل عييداًء للعييربولوجدنا أيضا أن الروس ونصارى الشرق إجمال ،ممن يعتنقون المذهب الرثوذكسييي هييم القي ّ
والمسلمين من مجموع المذاهب النصرانية .
لنخلص إلى القول ،بأن الفريييق الييذي سيييكون حليفنييا فييي المعركيية القادميية هييم الييروس ،ضييد عييدونا وعييدوهم
المشترك أمريكا ومين شييايعها مين دول حليف النيياتو .وأن هيذا التحييالف بيين الييروس والعييرب سيحصييل بيدافع
المصالح أول ،وعليى قاعيدة عيدو عيدوي صيديقي ثانييا ،ولييس حبيا بيالعرب أو بالمسيلمين ،ولكين لتعيارض
مصالحهم مع مصالح المريكان ،ولكراهية الروس المذهبية لمريكا واليهود .
هذه الحرب البشع في تاريخ البشرية ،أجد أحداثها ونتائجها موصوفة في كييثير ميين اليييات ،فييي مطييالع سييور
كثيرة من سور القرآن ،والتي يعتقد معظم الناس ،أنهييا ُتخييبر عيين أحييداث ييوم القياميية ،ومنهييا اشييتعال البحييار
واضطراب السماء وزلزلة الجبييال وانهيييار بعضييها ،وحييتى السييلحة المسييتخدمة فييي الحييروب الحديثيية ،كييان
سبحانه قد أخبر عنها ،أيضا في مطالع السور فالطارق هو الصاروخ والعاديات هي الدبابات ،وربما نفرد لهييذا
المر بحثا خاصا ،إن شاء ال في وقت لحق ،وسيكون متوافرا على نفس موقع الكتيياب هييذا إن أسييعفنا الييوقت
وكان في العمر بقية .
تدمير عدد كبير من المدن الكبرى ،وخاصة في أمريكا ومن شايعها من الدول في الشرق والغرب . .1
ارتفاع هائل ومفاجئ ،في درجة حرارة الرض نتيجة التفجيرات النووية ،ذوبان الكتل الجليدية القريبيية .2
من القطب الشمالي للكرة الرضية ،وتبخر مياه المحيطات والبحار ،وعودتها على شييكل أمطييار غزييرة ،ممييا
يتسبب في طوفان كبير ،أشبه ما يكون بطوفان نوح عليه السلم ،وبالتالي اختفاء بعض البلدان والجزر غرقا .
اختفاء معالم الحضارة الغربية ومظاهرها ،من خلل الموت البطيء للتكنولوجيييا المتبقييية ،لعييدم القييدرة .3
على تجديدها ،بكسر حلقة أو أكثر من حلقات سلسلة إنتاجها ) ،نفط _ كهرباء _ تقنية _ كهرباء _ نفط ( .
عودة منطقة الشرق الوسط كبؤرة للنشاط والصراع العالمي ،كما كانت في العصور القديمة . .4
عودة عصور الجاهلية الولى في أبشع صورها ،بما فيها من ظلم وجور وفساد وإفساد ،وال أعلم . .5
قال تعالى
ل َوَلًدا )(4
خَذ ا ُّ
ن َقاُلوا اّت َ
) َوُيْنِذَر اّلِذي َ
ن ِإّل َكِذًبا )(5
ن َيُقوُلو َ
ن َأْفَواِهِهْم ِإ ْ
ج ِم ْ
خُر ُ
ت َكِلَمًة َت ْ
لَباِئِهْم َكُبَر ْ
عْلٍم َوَل ِ
ن ِ
َما َلُهْم ِبِه ِم ْ
سًفا )(6
ث َأ َ
حِدي ِ
ن َلْم ُيْؤِمُنوا ِبَهَذا اْل َ
عَلى َءاَثاِرِهْم ِإ ْ
ك َ
سَخٌع َنْف َ
ك َبا ِ
َفَلَعّل َ
ل )(7
عَم ً
ن َ
سُح َ
ض ِزيَنًة َلَها ِلَنْبُلَوُهْم َأّيُهْم َأ ْ
عَلى اَْلْر ِ
جَعْلَنا َما َ
ِإّنا َ
جُرًزا )(8
صِعيًدا ُ
عَلْيَها َ
ن َما َ
عُلو َ
جا ِ
َوِإّنا َل َ
) الكهف (
225
وجعلنا لمهلكهم موعدا
ل اهتمامي في بداية المر محصورا في معرفة ماهية أولئك العباد ،الذين سيبعثهم ال علييى بنييي إسييرائيلكان ج ّ
في المرة الثانية ،وخلل هييذا البحييث اضييطررت لطييرق مواضيييع كييثيرة ذات علقيية بموضييوع البحييث ومنهييا
موضوع هذا الفصل ،الذي يبحث في مسألة العد في القرآن ومحاولة تقدير فترة زمنية لنهاية الدولة اليهودية فييي
فلسطين ،والذي دفعني للبحث في هذه المسألة هو عدم اقتناعي بنتائج ما اطلعت عليه من أبحاث قدمها آخرون .
أغلب رجال الدين إل من رحم ربي ُ ،ينّفرون من مسألة العّد في القرآن ،ومنهم من ُينكر ذلييك جمليية وتفصيييل ،
وربما يذهب البعض إلى اتهام من يبحث في هذا المر بالسحر والشعوذة والتنجيم .ويتذّرع البعض فييي معييرض
إنكاره واستنكاره لمسييألة العيّد فييي القييرآن ،بعييدم وجيود خييبر صييريح وصييحيح عين رسييول الي علييه الصييلة
والسلم ،أتى من قريب أو بعيد على ذكر هذه المسألة ،وذلك مع علمهيم بعيدم وجيود خيبر أو حيتى أثير ُ ،ينكير
وجود العجاز العددي في القرآن ،أو ينهى عن البحث في أمر إثباته وبيانه !!
تراوحت غايات الخبار عن أنباء المستقبل ما بين البشارة والنذارة ،وأهم النباء المستقبلية التي يريد رب العييزة
أن يتيقن منها الناس هي اليوم الخر ،بما فيه من بعث وحساب وثواب وعقاب ،وهذه الحقيقيية تكيياد ل تخلييو أي
من سور القرآن من ذكرها والتذكير بها ،إذ أن مؤدى إنكار اليوم الخر حتى ولو ُقرن مع اليمان بال هو عبييث
صل عليه مين مكاسيب دنيويية فقيط ،وبيذلك يفسيد النياس وتفسيد وعبثية ،لُيصبح إحسان النسان مرتبط بما يتح ّ
س َل
ن َأْكَث فَر الّنففا ِ
الرض فيحل بهم الهلك ،ولذلك عّقب سبحانه بعد الخبار عيين هييذه النبييوءة بقييوله ) … َوَلِك ف ّ
ن ) 7الروم ( .
غاِفُلو َ
خَرِة ُهْم َ
لِ
نا ْ
عِ
حَياِة الّدْنَيا َ ،وُهْم َ
ن اْل َ
ظاِهًرا ِم َ
ن َ
ن )َ (6يْعَلُمو َ
َيْعَلُمو َ
وقد جاءت أخبار النبوءات المستقبلية في القرآن والسّنة مسبقا ،لتتحّقق في أزمييان يكييون الميؤمنين فيهييا ،بييأمس
الحاجة لما يقوي إيمانهم وُيثّبتهم على دينهم ويشّد من أزرهم ،في مواجهة أهل الكفر والفسيوق والعصييان ،كميا
هو الحال مع النبوءة السابقة .وجاءت أيضا لتتحّقق في أزمان يكاد فيها اليمان أن يلفظ أنفاسه الخيييرة لُتعيييد لييه
الحياة في قلوب أصحابه ،ولينفضوا ما علق بأرواحهم وما أغشى أبصييارهم وبصييائرهم ميين رميياد هييذه الييدنيا ،
التي أوشكت على الفناء .فإذا ما عاصر الناس تحّقق نبوءة على أرض الواقيع مميا أخيبر بيه القيرآن ،أثبيت هيذا
القرآن للناس بشكل قاطع وملموس محسوس بأنه من لدن حكيم عليم عالم للغيب والشهادة ،وأن ل بييد للنيياس مين
المثول بين يديه فالموت ليس نهاية المطاف ،بل هو بداية رحلة ل نهاية لها من الشقاء أو السعادة .
227
وجعلنا لمهلكهم موعدا :
ُترّكز سورة السراء بشكل كبير على ذكر وعد الخرة ،وهو وعييد بهلك بنييي إسييرائيل وزوال دولتهييم ،وهييذا
عْمُت فْم َأّل ف ْ
ن الوعد له موعد ويقول سبحانه وتعالى في سورة الكهف ،التي تلي سورة السراء مباشييرة ) … َب فْل َز َ
عًدا ) جَعْلَنا ِلَمْهِلِكِهْم َمْو ِ
ظَلُموا َ ،و َ
ك اْلُقَرى َأْهَلْكَناُهْم َلّما َ
عٌد … )َ (58وِتْل َ
عًدا )َ … (48بْل َلُهْم َمْو ِ
جَعَل َلُكْم َمْو ِ
َن ْ
(59هذا التكرار لكلمة موعد والتأكيد على أن هناك موعد أمر ملفت للنظر .حاولت في البداية إيجاد أوجه الشبه
عّدت إلى سورة الكهف وقمت بدارسة وتحليل المثال المطروح فيها ،فخرجت منه بعييدة بين السورتين ،ومن ثم ُ
قواعد رياضية فتملكني شعور آنذاك ،أن هذا المثال إنما ُوضع ليكون بمثابيية مفتيياح ،للكشييف عيين موعييد هلك
بني إسرائيل في سورة السراء .
بعد إطلعي على قصة أصحاب الكهف ،من خلل كتاب ) أهل الكهف ( لحدى دور النشر الردنييية -ل أذكيير
اسم المؤلف -الذي يؤكد فيه المؤلف ،أن الكهف المعني هو الكهييف الموجييود بييالقرب ميين العاصييمة الردنييية ،
وأن أحداث القصة وقعت بعد وفاة عيسى عليه السلم ،وقبييل بعييث محمييد عليييه الصييلة والسييلم ،حيييث كييانت
المبراطورية الرومانية الوثنية آنذاك مسيطرة على المنطقة ،وأن القضية التي كانت مطروحة آنذاك هي مسييألة
البعث بعد الموت ،التي كان ينكرها الوثنّيون الرومانيون واليهود الخاضعين لسيطرتهم كذلك .
والحكمة من جّراء تنويمهم ومن ثم بعثهم ،ومن ثم العثور عليهم من قبل أهل المدينة ،كانت لثبييات البعييث بعييد
الموت لدى ُأناس ذلك العصر من وثنيون ويهود ،وهذا ما ُيخبر عنه سبحانه وتعالى صراحة فييي قييوله ) َوَك فَذِل َ
ك
ن َبْيَنُهفْم َأْمَرُهفْم … ) (21أي عو َب ِفيَهففا ِ ،إْذ َيَتَنففاَز ُ
عَة َل َرْي َ
سا َن ال ّ ق َ ،وَأ ّ حّ ل َ عَد ا ِّن َو ْ
عَلْيِهْم ِ ،لَيْعَلُموا َأ ّ
عَثْرَنا َ
َأ ْ
ق _ بييالبعث بعييد المييوت حّل َ عَد ا ِّ
ن َو ْ أن ال أعثر ُأناس تلك المدينة المجاورة للكهف لكي يعلم أولئك الناس بي ) َأ ّ
ب ِفيَها ( .ومجيء قصة أصحاب الكهف في القرآن لييم يكيين فييي الصييل لطييرح التسيياؤلت عَة َل َرْي َ سا َن ال ّ_ َوَأ ّ
ل ُتَماِر ِفيِهففْم عن عددهم وعن مدة لبثهم ،فهذا أمر ل طائل منه ول فائدة فيه فهو سبحانه ينهى عن ذلك بقوله ) َف َ
سفْبَعٌةن َحفَدًا ) 22الكهف ( وقييد قيّرر سييبحانه عييددهم بقييوله ) َوَيُقوُلففو َ ت ِفيِهفْم ِمْنُهفْم َأ َ
سَتْف ِ
ظاِهَرًا َوَل َت ْ ِإّل ِمَراًء َ
عَلُم ِبِعّدِتِهْم َما َيْعَلُمُهْم ِإّل َقِليٌل ) 22الكهف ( إذ اسييتثنى هييذه العبييارة ميين قييوله ) رجمييا َوَثاِمُنُهْم َكْلُبُهْم ُقْل َرّبي َأ ْ
ث ِمففاَئٍةل َ
بالغيب ( واقتصرها على القوال السابقة فقط .وأما مدة لبثهم فقد قّررها في قوله ) َوَلِبُثوا ِفي َكْهِفِه فْم َث َ
ض ) 26الكهف ( تأكيد على ت َواَْلْر ِ سَمَوا ِ غْيبُ ال ّ عَلُم ِبَما َلِبُثوا َ ،لُه َ
ل َأ ْسًعا ) (25وقوله ) ُقِل ا ُ ن َواْزَداُدوا ِت ْ سِني َ
ِ
أن ما أخبر عنه من مدة لبثهم هو الحق ،فهو أعلم بغيب الماضي والمستقبل كما أكّد على إخباره عن عّدتهم فيمييا
سبق .
نخلص من ذلك ،إلى أن المسألة المراد التركيز عليها هي شيء آخيير غييير إحصيياء عييددهم أو مييدة لبثهييم ،هييي
خييص سيبحانه إشارات لدرس رائع في الرياضيات اللهية ،ولتوضيح هذا الدرس سنبدأ مع بدايية القصية حيييث ل ّ
جًبا )ِ (9إْذ َأَوى عَن َءاَياِتَنا َف َوالّرِقيِم َكاُنوا ِم ْ
ب اْلَكْه ِ حا َصَ ن َأ ْت َأ ّ
سْب َح ِالقصة كاملة في أربع آيات ،في قوله ) َأْم َ
عَلففى َءاَذاِنِهفْم ِفففي
ضفَرْبَنا َ شفًدا )َ (10ف َ ن َأْمِرَنفا َر َ
ئ َلَنا ِم ْحَمًة َوَهّي ْ ك َر ْ
ن َلُدْن َف َفَقاُلوا َرّبَنا َءاِتَنا ِم ْ
اْلِفْتَيُة ِإَلى اْلَكْه ِ
خيص يقيول :أن صففى ِلمَففا َلِبُثففوا َأَمفًدا ) (12هيذا المل ّ ح َ ن َأ ْ
حْزَبْيف ِ
ي اْل ِ
عَدًدا )ُ (11ثّم َبَعْثَناُهْم ِلَنْعَلفَم َأ ّ ن َسِني َ
اْلَكْهفِ ِ
أصحاب الكهف فتية لجأوا إلى الكهف ،وطلبوا من ربهم أن يرحمهييم وأن ُيهيييئ لهييم سييبيل للنجيياة ميين قييومهم ،
فأسلمهم سبحانه للنوم في الكهف عددا من السنين ثم بعثهم ،ثم عّلل أمر نومهم ثييم بعثهييم بييأنه يريييد أن يعلييم ميين
ص مدة لبثهم في الكهف من عدد السنين . أحصى ممن لم ُيح ِ
وتعليل النوم والبعث حقيقة كنا قد أوضحناه سابقا ،ولكن الملفت للنظر هنا هو تعليل البعث في بداية القصة علييى
غير الوجه الحقيقي له ،بقوله تعالى ) لنعليم أي الحزبيين أحصيى لميا لبثيوا أميدا ( إذ ل ُيعقيل أن يكيون المقصيد
صها .وفي الواقع فإن المد ) أي الفترة الزمنية ( ل ُيحصييى الحقيقي هو معرفة من أحصى مدة اللبث ممن لم ُيح ِ
صل بالحساب .ولو فّكرت في معنى الحصاء رياضيا لوجييدت أن هييذا الييذي جيياء فييي اليييتين إحصاًء وإنما يتح ّ
228
غير منطقي من الناحية الرياضية العملية ،فعملية الحصاء والعّد ل يمكن القيام بها إل إذا كييان المييراد إحصيياءه
أو عّده ماثل أمامك عيانا ،كأن تحصي مجموعة من الشياء .أما أن تحصي شيئا ل تلمسه بيديك أو تراه بعينيييك
فهذا أمر مستحيل .وأما بالنسبة للسنين فل ُيمكن بأي حال من الحوال إحصائها أيضا ،لنها ليسييت أشييياء قابليية
للعّد وإنما تتحصل معرفتها بالحساب ،فهي نتيجة لجمع عدد من الشهور ،والشهور نتيجة لجمع عدد من اليييام .
وعلى سبيل المثال ،إذا أردت معرفة عمر شخص ما أو عمر ُأّمة ما ،فما ستقوم بييه هيو عمليية طييرح للتواريييخ
لتحصيل عدد السنين ،التي ُتمّثل عمر ذلك الشخص أو عمر تلك المة .
وبالتالي نستطيع القول بأن هذا التركيب اللغوي ،جاء ليلفت انتباهنا إلى ما جاء في هذه القصة من إعجاز عييددي
لغوي ،ولحصاء أشياء ماثلة أمام أعيننا أل وهي كلمات القصة ،التي توافييق عييدد السيينين الييتي لبثهييا أصييحاب
الكهف في كهفهم ،والتي إن قمت بإحصاءها ستكون في الحقيقة قمت بعّد مدة اللبث بالسنين ،لن عييدد الكلمييات
سفَمَوا ِ
ت ب اْل ّغْيف ُيوافق عدد السنين ،ويقول سبحانه تعقيبييا علييى هييذا العجيياز فيمييا يلييي القصيية مين آيييات ) َلفُه َ
ث عليى إمعيان سِمْع ) (26وكأنه ح ّ صْر ِبِه َوَأ ْ ض ( أي ما كشفه من شأن هؤلء الفتية من غيب الماضي ) أَْب ِ َواَْلْر ِ
النظر فيما بين يديك من إعجاز وكشفه والخبار عنه ،ويؤكد سبحانه ميين خلل هييذا التوافييق العييددي فييي نهاييية
ت ا ِّ
ل القصة أن ) ل ُمَبّدَل ِلَكِلَماِته ) 27الكهف ( كما أكّد أيضا في سورتي النعام ويونس بقوله ) َوَل ُمَبّدَل ِلَكِلَما ِ
ل ) (64ليتبين لك أن ل تبديل لمواقع الكلمات فيه ول زيادة فيه ول نقص ،وهييذا مييا ت ا ِّ
)َ ) (34ل َتْبِديَل ِلَكِلَما ِ
ن ) 9الحجر ( ظو َ حففاِف ُ
ن َنّزْلَنا اْلّذْكَر َوِإّنا َلُه َل َ
حُتثبته هذه السورة وسورة السراء أيضا مصداقا لقوله تعالى ) ِإّنا َن ْ
لًفا َكِثيًرا ) 82النساء ( . خِت َ
جُدوا ِفيِه ا ْ
ل َلَو َ
غْيِر ا ِّ
عْنِد َ
ن ِن ِم ْ وقوله ) َوَلْو َكا َ
يقول سبحانه ) أحصى لما لبثوا أمدا ( نتبين من ذلك ،أن المراد هو إجييراء عملييية إحصيياء أو عيّد ،وأن المييراد
إحصاؤه _ حسب ظاهر النص القرآني -هو مدة اللبث ،وبما أن إحصيياء مييدة اللبييث ُمتعيّذر فالحصيياء سيييكون
لشياء ُتمّثل هذه المّدة ،أل وهي الكلمات الماثلة أمامنا والتي ُتشكل أحداث القصة ،لنستطيع من خلل إحصييائها
معرفية عيدد سينين ميدة اللبيث ،وكيأنه سيبحانه أراد أن ُيعلمنيا درسيا رياضييا نسيتطيع مين خلل القواعيد اليتي
سنستنبطها منه ،من استخراج عدد السنين لمدة لبث ُأناس ،كان قد سبق ذكرهم فييي السييورة الييتي سييبقت سييورة
الكهف ،وهذا يعني أن مدة لبثهم لها نهاية بهلكهم والمشار إليها بوعد الخرة .
سًعا (
ن َواْزَداُدوا ِت ْ
سِني َ
ث ِماَئٍة ِ ب 4اْلَكْهفَِ … … 5وَلِبُثوا ِ 306ففي َ 307كْهِففِهْمَ ) 308ث َ
ل َ حا َنَ 3أ ْ
صَ تَ 2أ ّ
سْب َ ) َأْمَ 1
ح ِ
(25)309
تبدأ القصة من الية ) (9بعبارة ) أم حسبت ( وتنتهي في الية ) (25بعبارة ) ثلثمائة سففنين وازدادوا تسففعا ( .
نلحظ أن كلمة ) كهفهم ( تحمل العدد ) ( 308وأن العدد الذي يلي العدد ) (308هو ) (309وبدل من أن ينتهييي
العّد عند الكلمة التي تلي كلمة ) كهفهم ( مباشرة بقولنا :ثلثمائة وتسعة جاء سبحانه بعبارة ،تحكييي العييدد نفسييه
بالكلمات ) ثلثمائة سنين وازدادوا تسعا ( لتحمل العبارة كاملة العدد ) . ( 309
وقوله سبحانه ) ثلثمائة سنين وازدادوا تسعا ( وعدم قوله ) تسع وثلثمائة (جاءت لُيعّلمنا قاعدة حسابية لحسيياب
الفرق بين السينين الشمسيية والسينين القمريية ،بإضيافة 3سينوات لكيل 100شمسيية لنحصيل عليى ميا ُيعادلهيا
بالقمرية ،حيث أن كل ) (100سنة شمسية تعادل ) (103سنوات قمرية تقريبا .ومفاد هييذه العبييارة أنهييم لبثييوا )
(300سنة شمسية و) (309سنة قمرية ،والهم من ذلك أن عدد الكلمات جاء متفقا مع مدة لبثهم بالسنين القمرية
،أي أن كل كلمة مّثلت سنة قمرية ل شمسية .وبناء على ذلك وعنييد اسييتخدام هييذه الطريقيية فييي سييورة السييراء
سنتعامل مع السنين القمرية .
أول :ذكر أحد مشتقات لفظ اللبث في السورتين ،وهو لفظ يأتي أينما ورد في القرآن ،للشارة إلى مدة زمنييية ،
ن ِفففي َأْه فِل
سِني َ
ت ِ
ن ) 42يوسف ( َ ) ،فَلِبْث َ ضَع سِِني َ
ن ِب ْ جِ سْث ِفي ال ّ
عاٍم ) 259البقرة ( َ ) ،فَلِب َ ت ِماَئَة َ
) َقاَل َبْل َلِبْث َ
ن ) 112المؤمنييون ( ) ، سفِني َ
عَدَد ِ
ض َ
شًرا ) 103طه ( ) َقاَل َكْم َلِبْثُتْم ِفي اَْلْر ِ ع ْ
ن َلِبْثُتْم ِإّل َ
ن ) 40طه ( ِ ) ،إ ْ َمْدَي َ
عاًما ) 14العنكبوت ( . ن َسي َخْم ِ سَنٍة ِإّل َ
ف َ ث ِفيِهْم َأْل ََفَلِب َ
230
صى ِلَما َلِبُثففوا َأَم فًدا ( في الكهييف )
ح َ
عَدًدا … َأ ْ
ن َ
سِني َ
ثانيا :ذكر لفظ ُيشير إلى الحصاء أو العّد في السورتين ) ِ
ب ( في السراء بإضافة لفظ الحساب . سا َ
ح َ
ن َواْل ِ
سِني َ
عَدَد ال ّ
َوِلَتْعَلُموا َ
ولتحديد الموعد المحتمل لنهايتها -أي نفيياذ وعييد الخييرة -بييالتقويمين الهجييري والميلدي سُنضيييف سييتين سيينة
قمرية إلى تاريخ إعلن قيامها بالتقويم الهجري ،مع العلم أن تاريخ إعلن قيام الدولة السرائيلية هو / 5 / 15
1948م ،ويقابل هذا التاريييخ بييالتقويم الهجييري / 6رجييب 1367 /هيي ،ورجييب هييو الشييهر السييابع فييي السيينة
الهجرية .
60سنة قمرية 1367 / 7 / 6 +هي = 1427 / 7 / 6هي
وبذلك تكون إسرائيل قد أتمييت السيينة السييتون ميين عمرهييا بتاريييخ / 5رجييب 1427 /هيي والييذي ُيقييابله بييالتقويم
الميلدي 2006 / 7 / 30م ،وقد تكون نهاية إسرائيل في بحر السنة التي تسبق هذا التاريخ على أقرب تقدير أو
في بحر السنة التي تليها على أبعد تقدير وال أعلم .
كنا قد أوضحنا بالفصل السابق إلى أن قوله تعييالى ) َوِلُيَتّبفُروا َمففا عََلفْوا َتْتِبيفًرا ( جيياء لتأكيييد حتمييية زوال العلييو
اليهودي من الرض على عمومها سواء كان في فلسطين أو في أمريكا ،وبما أن هذه العبارة تييوحي بتمييام زوال
231
العلو بشكل مطلق من كل أرجاء الرض ،فهذا يعني بالضرورة زوال الجبروت المريكي المسيطر عليه يهوديا
بدمار أمريكا وبريطانيا واندثارهما تماما حتى ل يبقى لليهود في شتى بقاع الرض من مقومات العلو والسيادة ما
يعينهم على إفسادهم في الرض .
ولتحديد الموعد المحتمل لنهاية أمريكا سنضيف 64سنة قمرية هي عييدد الكلمييات منييذ بداييية القصيية حييتى نهاييية
عَلْوا َ 63تْتِبيًرا ( … 64إلى تاريخ إعلن قيام إسرائيل ،أو 4سنوات قمرييية هييي عييددعبارة ) َوِلُيَتّبُروا َ 61ما َ 62
كلمات هذه العبارة إلى أقصى موعد لنهاية إسرائيل .
وبما أن / 5رجب 1427 /هي ،هو آخر أيام السنة الي 60من عمر إسرائيل فإن أقصى موعد لنهاية أمريكا هو :
4سنوات قمرية 1427 / 7 / 5 +هي = 1431 / 7 / 5هي
ويقابله بالتقويم الميلدي 2010 / 6 / 16 :م
* بنيت الستنتاجات أعله على اعتبار أن عبارة ) كما دخلوه لول مرة ( هي تمييام الحييديث عين وعييد الخيرة ،
وأن عبارة ) وليتبروا ما علوا تتبيرا ( هي تمام الحديث عن زوال العلو اليهييودي الكييبير الييوارد ذكييره فييي الييية
الرابعة من بداية القصة ،وقد يكون هذا العتبار خاطئا لحتمال أن يكييون نفيياذ وعييد الخييرة يشييمل زوال العلييو
اليهودي في فلسطين وأمريكا ،فقد تتزامن النهايتان مييع نهاييية العبيارة الولييى أو ميع نهاييية العبيارة الثانيية والي
أعلم .
عْدَنا ( بأنها ُتخبر عن عودتهم للفساد وعودة الي عليهيم بالعقياب عليى ييد عْدُتْم ُ
ن ُ
قلنا في تفسير قوله تعالى ) َوِإ ْ
عيسى عليه السلم والمهدي ومن معهما من المؤمنين ،ولتحديد الموعد المحتمييل للعقيياب النهييائي لبنييي إسييرائيل
عفْدَنا ( … 71 عفْدُتْمُ 70
نُ 69سنضيف 71سنة قمرية هي عدد الكلمات منذ بداية القصة حتى نهاية عبارة ) … َوِإ ْ
إلى تاريخ إعلن قيام إسرائيل ،أو 11سنوات قمرية إلى أقصى موعد لنهاية إسرائيل حيث كلمة ) عدنا ( تحمل
خُلوُه َأّوَل َمّرٍة. ( 60
العدد ) ( 11بعد نهاية الحديث عن وعد الخرة في قوله تعالى ) َكَما َد َ
11سنة قمرية 1427 / 7 / 5 +هي = 1438 / 7 / 5هي
ويقابله بالتقويم الميلدي 2017 / 4 / 1 :م
س فْبًعا
ش َ ي َ ، … ،يِعي ُ خِر ُأّمِتي اْلَمْهِد ّ
ج ِفي آ ِ
خُر ُل ُ ) :ثّم َي ْ
سّلَم َقا َ
عَلْيِه َو َ
ل َ
صّلى ا ُّ
ي َ ن الّنِب ّ
ي َأ ّ
خْدِر ّسِعيٍد اْل ُ
ن َأِبي َ عَْ
س فٌع ( س فْبٌع َوِإّل َفِت ْ
صفَر َف َ
ن ُق ِححه اللبيياني وأخرجييه الترمييذي ) … ِإ ْ جًا ( رواه الحاكم وصي ّ جَحََأْو َثَماِنَيًا َ ،يْعِني ِ
ن( سفِني َ سفْبَع ِ ك َسفًعا ( وأبييو داود ) … َيْمِلف ُ سفْبًعا َأْو ِت ْ
سففا َأْو َ
خْم ًسًعا … ( و ) … َ سْبًعا َأْو ِت ْ
ك َوأحمد ) … َيْمِل ُ
ي.خْدِر ّ
سِعيٍد اْل ُن َأِبي َ
عْ سٌع … ( كّلهم َ سْبٌع َوِإّل َفِت ْ
صَر َف َ ن ُق ِوابن ماجه ) ِإ ْ
جح لدينا أن خروج المهدي سيكون بعد زوال أمريكا وقبييل خييروج الييدجال ،وسييتنتهي خلفتييه بنييزول ومن المر ّ
عيسى عليه السلم وتسليمها له وال أعلم ،ومتوسط مدة خلفته إذا أخييذنا بعييين العتبييار اختلف الروايييات هييو
ح هذا التقدير نستطيع حساب موعييد خروجييه بطييرح ) ( 7سيينوات ،ميين الموعييد المتوقييعسبع سنوات ،فإن ص ّ
لنزول عيسى عليه السلم ) : ( 1438
1438هي – 1431 = 7هي
ويقابله بالتقويم الميلدي 2010 :م
232
التأريخ لقيام دولة إسرائيل في سورة السراء :
من الملفت للنظر أمر تكرار ذكر بني إسرائيل وتكرار ذكر وعد الخرة في بدايية السيورة وفيي نهايتهيا ،وأثنيياء
محاولتي المتكّررة للربط العددي بين ذكريهما في بداية السورة ونهايتها ،تبين لي ما يلي :
سراِئيَل (4) …4في بداية السورة ،حتى تصل ضْيَنا ِ 1إَلى َ 2بِني 3إ ْ
أنك إذا قمت بإحصاء الكلمات من عبارة ) َوَق َ
1367 1366
ت … ) (101في ت َبّيَنا ٍ
سَع آَيا ٍ
سى ِت ْ
)َ (100وَلَقْد آَتْيَنا ُمو َ نَ 1365قُتوًرا ن 1364اِْلْن َ
سا ُ إلى عبارة ) … َوَكا َ
نهاية السورة ،ستجد أن الكلمة الولى في بداية الذكر الثاني لبني إسييرائيل فييي السييورة ،جيياءت لتحمييل العييدد )
( 1367وهذا العييدد فييي الواقييع ،يمثييل السيينة الييتي قييامت فيهييا دوليية إسييرائيل بييالتقويم الهجييري ،وهييو موعييد
استيلئهم الفعلي على أرض فلسطين وبدء استيطانهم فيها وتجّمعهم من شتى بقاع الرض .
سوءوا … 5في الية رقم ) (7بداية السورة خَرِةِ 4لَي ُعُد 3ا ْ
لِ جاَءَ 2و ْ
وإذا قمت بعّد الكلمات من قوله تعالى ) َفِإَذا َ 1
إلى ما قبل عبارة ) فإذا جاء وعد الخرة … في الية رقم ) (104نهاية السييورة وتييوقفت عنييد عبييارة ) اسففكنوا
ض (104) … 1367لوجدت أنك قد توقفت عند نفس سُكُنوا 1366اَْلْر َ
سَراِئيَل ا ْالرض ( في قوله ) َوُقْلَنا … ِلَبِني ِإ ْ
العدد ). (1367
وربما كان هذا الكشف عن موعد إعلن قيام دولة إسرائيل في سورة السراء من خلل عملييية العيّد باتبيياع نفييس
الطريقة التي استخلصناها في سورة الكهف هو ما أضفى على موضوع هذا الفصل بعضييا ميين المصييداقية ،أمييا
فيما يتعلق بإضافة هذا الفصل إلى الكتاب قبل نشره فكنا نراوح بين رأيين ،يقييول الول بييأن الطييرح المقيّدم فييي
الكتاب من القوة بحيث ل يحتاج إلى إضافة هذا الفصل إذ أنه سينعكس سلبا عليى الكتياب عنييد الكيثير ميين النياس
وخاصة عند من يعتبرون مسألة العّد في القرآن ضربا من الشعوذة ،وأميا اليرأي الثياني فيقيول بيأن إضيافة هيذا
ح مييا ورد فيييه ميينالفصل ستجلب قّراء للكتاب ما كانوا ليقرءوا هذا الكتيياب لييول وجييود هييذه المسييألة ،وإن صي ّ
مواعيد سيضاعف قوة الطرح أضعافا مضاعفة ،وغايتنا أول وأخيرا هي نصرة كتاب ال من خلل بيان ما جاء
فيه من أنباء تتحدث عن حاضرنا ومستقبلنا ،وفي النهاية حسمنا الميير بإضييافة هييذا الفصييل بعييد إبييداء كييل ميين
عارض الضافة ممن تمت استشارتهم عن رغبته في الطلع على محتوى هذا الفصل .
تحذير
كل ما ورد في هذا الكتاب هو مجرد أفكار ورؤى وتصّورات شخصية للمؤلف داعبت مخيلة المؤلف منذ أواخر
تسعينيات القرن الماضي ،وخوفا من إثم الكتمان وحجب علم من كتاب ال عن الناس كان لزاما علينييا كشييف مييا
ن ال به علينا من علم ،وقمنا بتأليف الكتاب ونشره بمجهود فردي مع ضيق الييوقت وعييدم التفييرغ علييى نشييره مّ
على أوسع نطاق آملين أن ينتفع به الناس في دينهم ودنياهم مجانا بل مقابل وتحييت اسييم مسييتعار إذ ل مطمييع لنييا
في مكاسب دنيوية نجنيها من وراء هذا العمل وال من وراء القصد .
نود أن نلفت انتباه الخوة القّراء إلى أن هذه القراءة العددية ناتجة عن تقييديرات شخصييية ميين الممكيين أن تخطييئ
كما أنها من الممكن أن تصيب ،وإصابتنا في أحد هذه المواعيييد -فيمييا لييو حصييلت -فييذلك ل يعنييي بالضييرورة
إصابتنا في المواعيد الخرى ،والتصديق بهذه مسألة من عدمها متروك لقناعة القارئ الشخصييية ،فييإن أخطأنييا
فمن أنفسنا وإن أصبنا فمن ال ،ول حول ول قوة إل بال وال ولي التوفيق .
قال تعالى
ن َ ،ل ذا ال ْ ُ ْ َ
ءا ِ
قْر َ ه َ
ل َ مث ْ ِن ي َأُتوا ب ِ ِ عَلى أ ْ نَ ، ج ّ وال ْ ِ
س َ ت اْل ِن ْ ُ ع ِ م َ
جت َ َ
نا ْ
ِ ل ل َئ ِ ) ُ
ق ْ
َ و َ َ ْ
هيًرا )(88 ضظ ِ ع ٍ م ل ِب َ ْه ْ
ض ُع ُن بَ ْ
كا َ ول ْ هَ ، مث ْل ِ ِ
ن بِ ِ
ي َأُتو َ
233
سرناه بلسانك لعّلهم يتذ ّ
كرون فإنما ي ّ
تبدأ سورة الدخان بتعظيم شأن القرآن الكريم ،وتعظيم شأن الليلة التي ُأنزل فيها ،وترّكييز السييورة علييى النييذار
شًرا
شاِهًدا َوُمَب ّ
ك َسْلَنا َ
ي ِإّنا َأْر َ
دون البشرى ،حيث قال سبحانه في إرسال محمد عليه الصلة والسلم ) َيَأّيَها الّنِب ّ
َوَنِذيًرا ) 45الحزاب ( ويؤكد سبحانه أنه أرسله منذرا للبشر من قبييل أن يحييل بهييم العقيياب رحميية منييه بعبيياده .
والعقاب الذي تأتي على خبره اليات وتحّذر منه هييو البطشيية الكييبرى الييتي لييم ُتحيّدد ماهيتهييا هنييا ،ونييذير هييذه
البطشة هو الدخان الذي سيسبقها بقليل ،فليرتقبه الناس فإن ظهر وعاينوه ،فليعتبروا وليحذروا وليعودوا عما هم
عليهم من الشك والتشكيك في أمر ربهم ،واللعب في أمر دينهم ،والطعن فييي رسييولهم الكريييم الييذي ُبعييث إليهييم
بشيرا ونذيرا ،فإن لم يفعلوا ولن يفعلوا فليرتقبوا البطشة الكبرى .وقد ظهر الدخان الموصوف في هييذه السييورة
سييرت هييذه النبييوءة في عاصمة أحد القطار العربية ،فاقرأ معنا هذا الفصل والفصول التي تليه ،لتعرف كيييف ُف ّ
على أرض الواقع ،ولتعرف من هم الموعودين بالبطشة الكبرى قريبييا ،بعييد إصييرارهم علييى مييا هييم عليييه ميين
الكفر والفسوق والعصيان ،بالرغم من غشيان الدخان لهم بنفس الصفة التي أخبرت عنها اليات .
و ه إ ِّل ُ
هل َ ن )َ (7ل إ ِل َل َ
قِني َ
مللو ِ ن ك ُن ْت ُل ْ
م ُ مللا إ ِ ْ ه َ
مللا ب َي ْن َ ُ
و َ
ض َِ واْل َْر
ت َوا ِ م َ
س َ
ب ال ّ ) َر ّ
ن )(8 َ ْ ُ ُ
وِلي َ م ال ّ ءاَبائ ِك ُ ب َوَر ّم َ ت َرب ّك ْ مي ُ
وي ُ ِحِيي َيُ ْ
" أي إن كنتم من أهل اليقان ،علمتم كونه سبحانه رب السماوات والرض لنه من أظهر اليقينيات دليل ،وفييي
هذا الشرك تنزيل إيقانهم منزلة عدمه لظهور خلفه عليهم ،وهو مراد من قال :إنه من باب تنزيل العييالم منزليية
الجاهل لعدم جريه على موجب العلم ،قيل :ول يصح أن يقال :إنهم نزلوا منزلة الشاكين لما كييان قييوله سييبحانه
جل عليهم بالشييك لنهيم وأن أقيّروا بعد :بل هم في شك ،ول أدري بأسا في أن يقال :إنهم نزلوا أول كذلك ثم س ّ
ك للحييادهم فيي صيفاته وإشييراكهم بيه تعييالى شييأنه "بأنه عز وجل رب السماوات والرض ،لم ينفّكوا عن الشي ّ
اللوسي .
ن )(9 ك ي َل ْ َ
عُبو َ ش ّ
في َ
م ِ
ه ْ ) بَ ْ
ل ُ
" ) بل هم في شك يلعبون ( أي ليسوا على يقين فيما يظهرونه من اليميان والقييرار فييي قيولهم إن الي خيالقهم ،
ك ،وإن توهمييوا أنهييم مؤمنييون فهييم يلعبييون فييي دينهييم ،وقيييل
وإنما يقولونه لتقليد آبائهم من غير علم فهم في ش ّ
يلعبون يضيفون إلى النبي صلى ال عليه وسلم الفتراء والستهزاء ،ويقال أعرض عن المواعظ لعييب ،وهييو
كالصبي الذي يلعب فيفعل ما ل يدري عاقبته " القرطبي .
" ل يقولون ما يقولون مما هو مطابق لنفي المر عن جدر وإذعان بل يقولونه مخلوطا بهزء ولعب وهذه الجمليية
خبر بعد خبر لهم ،واللتفات عن خطابهم لفرط عنادهم وعدم التفاتهم ،والفاء في قوله تعييالى :فييارتقب لييترتيب
الرتقاب أو المر به على ما قبلها ،فإن كونهم في شك يلعبون مما يوجب ذلك ،أي فانتظر لهم يوم تأتي السييماء
بدخان مبين " اللوسي .
234
ب عل َ هل َ غ َ ْ ) َ
ذا ٌ ذا َ س َ
شللى الن ّللا َ ن ) (10ي َ ْ
مِبي ٍ
ن ُ
خا ٍ
ماءُ ب ِدُ َ
س َ
م ت َأِتي ال ّ
و َ
ب يَ ْ
ق ْ فاْرت َ ِ
م )(11 َ
أِلي ٌ
" ارتقب معناه انتظر ،يا محمد بهؤلء الكفار ،يوم تأتي السييماء بييدخان مييبين ،قيياله قتييادة .وقيييل معنيياه احفييظ
قولهم هذا ،لتشهد عليهم " ،القرطبي .
" يعني تعييالى ذكييره بقييوله ) فييارتقب ( فييانتظر يييا محمييد بهييؤلء المشييركين ميين قومييك ،الييذين ) هييم فييي شييك
يلعبون ( ) ،يغشى الناس ( يغشى أبصارهم من الجهد الذي يصيبهم ) ،هذا عذاب أليم ( يعني أنهييم يقولييون ممييا
نالهم من ذلك الكرب والجهد ،هذا عذاب أليم ( " الطبري .
ن )(12
مُنو َ م ْ
ؤ ِ ب إ ِّنا ُ
ذا َ عّنا ال ْ َ
ع َ ف َ ) َرب َّنا اك ْ ِ
ش ْ
" أي يقول الكافرون ،إذا عاينوا عذاب ال وعقابه سائلين رفعه وكشفه عنهم ) ربنا اكشيف عنيا العييذاب ( " ابين
كثير .
ضيرعون إليى ربهيم بمسيألتهم
" وقوله ) ربنا اكشف عنا العذاب ( يعني أن الكافرين الذين يصيبهم ذلك الجهد ،ي ّ
إياه كشف ذلك الجهد " الطبري .
ل وعل عنهييم العييذاب ،فكييأنهم قييالوا :
فجّ
" كما صرح به غير واحد من المفسرين ،وعُد منهم باليمان إن كش َ
ربنا إن كشفت عنا العذاب آمنا لكن عدلوا عنه " اللوسي .
236
قللاُلوا َ
و َ
ه َ
عن ْل ُ ول ّ ل ْ
وا َ ن ) (13ث ُل ّ
م تَ َ مِبي ٌ سو ٌ
ل ُ م َر ُ
ه ْ
جاءَ ُ
قد ْ َ م الذّك َْرى َ
و َ ه ُ) أّنى ل َ ُ
ن )(14جُنو ٌ م ْ
م َ عل ّ ٌم َ
ُ
" قال ابن عباس :أي يتعظون وال أبعدهم من التعاظ والتذكر ،بعييد تييوليهم عيين محمييد صييلى الي عليييه وسييلم
وتكذيبهم إياه ) وقالوا ُمعّلم مجنون ( أي عّلمه بشر أو عّلمه الكهنيية والشييياطين ثييم هييو مجنييون وليييس برسييول "
القرطبي .
" ) أنييى لهييم الييذكرى ( نفييي صييدقهم فييي الوعيد ،وأن غرضييهم إنميا هيو كشيف العييذاب والخلص ،أي كيييف
يتذكرون أو من أين يتذكرون بذلك ،ويفون بما وعدوه من اليمان عند كشف العييذاب عنهييم وقييد جيياءهم رسييول
مبين ،أي والحال أنهم شاهدوا من دواعي التذكر وموجبات التعاظ ما هيو أعظيم مين ذلييك فييي إيجيابهم ،حيييث
جاءهم رسول عظيم الشأن ،ظاهر أمر رسالته باليات والمعجزات التي تخز لهييا صييم الجبييال ،أو مظهييرا لهييم
مناهج الحق ) ثيم توليوا عنيه ( أي عين ذليك الرسييول علييه الصيلة والسيلم ،ولييم يقييل ومجنييون بييالعطف لن
المقصود تعديد قبائحهم " اللوسي .
ة ال ْك ُب َْرى ش ال ْب َطْ َ
ش َ م ن َب ْطِ ُ
و َ
ن ) (15ي َ ْ
دو َ
عائ ِ ُ قِليًل إ ِن ّك ُ ْ
م َ ب َ ع َ
ذا ِ فوا ال ْ َ ش ُ كا ِ) إ ِّنا َ
ن )(16 مو َ ق ُ
من ْت َ ِإ ِّنا ُ
" والحتمال الثاني أن يكون المراد إنا مييؤخرو العييذاب عنكييم قليل ،بعييد انعقيياد أسييبابه ووصييوله إليكييم ،وأنتييم
مستمرون فيما أنتم فيه من الطغيان والضلل ،ول يلزم من الكشف عنهم أن يكون باشرهم " ابن كثير .
" أي إن كشفنا عنكم العذاب كشفا قليل ،أو زمانا قليل عدتم ،والمراد على مييا قيييل عييائدون إلييى الكفيير ،وأنييت
عيُدهم ُمنييزل
تعلم أن عودهم إليه يقتضي إيمانهم وقد مر أنهم لم يؤمنييوا ،وإنميا وعييدوا اليمييان فإمييا أن يكيون و ْ
َمنزلة إيمانهم ،أو المراد عائدون إلى الثبات على الكفر أو على القرار والتصريح به ) .يوم نبطش ( يوم نسيّلط
القتل عليهم ونوسع الخذ منهم ،وفي القاموس بطش به ،أخذه بالعنف والسطوة كأبطشه ،والبطش الخذ الشديد
في كل شيء " اللوسي .
" وروى ابن جرير عن عكرمة ،قال :قال ابن عباس رضي ال عنهميا ) :قييال ابيين مسيعود رضيي الي عنيه ،
البطشة الكبرى يوم بدر ،وأنا أقول هييي يييوم القياميية ( وهييذا إسييناد صييحيح عنييه ،وبييه يقييول الحسيين البصييري
ح الروايتين عنه ،وال أعلم " ،ابن كثير . وعكرمة في أص ّ
َ َ
دوا إ ِل َل ّ
ي نأ ّ م ) (17أ ْ ري ل ٌ ل كَ ِ سللو ٌ م َر ُ ه ْ
جللاءَ ُ
ل أ َميلن )َ (18
و َ
ن َ و َ
عل ْ فْر َ
م ِ و َ ق ْ م َ ه ْ قب ْل َ ُ فت َّنا َ قدْ َ ول َ َ
َ
ه إ ِن ّلليعل َللى الل ّل ِ عل ُللوا َ ن َل ت َ ْ وأ ْ َ ٌ ِ ٌ لول س ر
ْ َ ُ م ل ُ ك َ ل لي ل ّ نِ إ ه
ِ ّ لال َ د با َ ع
ِ
علذْت بربللي وربك ُلم أ َ َ ْ
ن) ِ لو ل م
ْ ُجُ ر َ ت ن ْ ْ ّ َ َ ّ ُ ِ َ ُ لي ل ّ ن إ
َ ِ و ( 19 ) ن بيم
ٍ ُ ِ ٍ ن طا ل س
م بِ ُ ءاِتيك ُ ْ َ
م ء َ َ هل ُ َ ن )َ (21 ُ مُنلوا ِللي َ م تُ ْ َ
و ٌ
قل ْ ؤل ِ ن َ هأ ّ عا َرّبل ُ فلدَ َ زلو ِ عت َ ِ فلا ْ ؤ ِ ن لل ْ وإ ِ ْ َ (20
ن )(22 مو َ ر ُ ج ِم ْ ُ
" يقول تعالى ،ولقد اختبرنا قبل هؤلء المشركين قيوم فرعيون وهيم قبيط مصير ،وجياءهم رسيول كرييم يعنيي
موسى كليمه عليه الصلة والسلم " ،ابن كثير .
ظم عند ال عز وجل ،أو عنييد المييؤمنين أو عنييده تعييالى وعنييدهم ،أو كريييم فييي
" ) رسول كريم ( أي ُمكرم مع ّ
نفسه متصف بالخصال الحميدة والصفات الجليلة حسبا ونسبا " اللوسي .
" ) وإنييي عييذت بربييي وربكييم ( أي التجييأت إليييه تعييالى ،وتييوكلت عليييه جييل شييأنه ) أن ترجمييون ( ميين أن
ترجموني ،أن تؤذوني ضربا أو شتما ،أو أن تقتلوني ) وإن لم تؤمنييوا لييي فيياعتزلون ( فكونييوا بمعييزل منييي ل
علي ول لي ول تتعرضوا لي بسوء ،فليس ذلك جزاء من يدعوكم إلى ما فيه فلحكم ،فدعا ربه بعييد أن أصيّروا
على تكذيبه عليه السلم ) أن هؤلء قوم مجرمون ( " ،اللوسي .
237
" وفيه اختصار كأنه قيل :أن هؤلء مجرمون تناهى أمرهم في الكفر وأنت أعلم بهم ،فافعل بهم ما يسييتحقونه ،
جيل لهييم مييا يسييتحقون بييإجرامهم ،وقيييل :قيوله ربنيا ل تجعلنييا فتنية للقيوم
قيل :كان دعاؤه عليه السلم اللهم ع ّ
الظالمين إلى قوله فل يؤمنوا حتى يروا العذاب الليم ،وإنما ذكر ال سييبحانه السييبب الييذي اسييتوجبوا بييه الهلك
لُيعلم منه دعاؤه والجابة معا ،وأن دعاءه على يأس مين أيمييانهم وهيذا ميين بلييغ اختصييارات الكتيياب المعجييز "
اللوسي .
ُ
ن
ري َ شلل ِ من ْ َ
ن بِ ُح ُما ن َ ْ
و َوت َت َُنا اْلوَلى َ م ْي إ ِّل َ ه َن ِ ن ) (34إ ِ ْ قوُلو َ ء ل َي َ ُ
ؤَل ِ ه ُ
ن َ ) … إِ ّ
ع م َ َ َ ُ ْ )َ (35
م ت ُب ّل ٍ
و ُقل ْ خي ْلٌر ،أ ْم َ هل ْن ) (36أ ُ قي َ صللاِد ِ م َ ن كن ْت ُل ْ فلأُتوا ِبآَبائ ِن َللا إ ِ ْ
َ
ن )… (37 مي َر ِ
ج ِم ْ َ
م كاُنوا ُ ه ْم ،إ ِن ّ ُه ْ ْ
هلكَنا ُ َ م،أ ْ ه ْ ن َ وال ّ ِ
قب ْل ِ ِ م ْ ن ِذي َ َ
" ) إن هؤلء ( كفار قريش لن الكلم فيهم ،وذكر قصة فرعون وقومه استطرادي للدللة علييى أنهييم مثلهييم فييي
ل بهم ،وفي اسييم الشييارة )هييؤلء ( تحقييير لهييم ) ليقولييون ( :الصرار على الضللة ،والنذار على مثل ما ح ّ
) إن هي إل موتتنا الولى ( أي ما العاقبة ونهاية المر ،إل الموتة الولييى المزيليية للحييياة الولييى ) ،ومييا نحيين
بمنشرين ( أي بمبعوثين بعدها " اللوسي .
" ) إن هؤلء ليقولون إن هي إل موتتنا الولى وما نحن بمنشرين ،فأتوا بآبآئنا إن كنتييم صييادقين ( يقييول تعييالى
ذكره مخبرا عن قيل مشركي قريش لنبي ال صلى ال عليه وسلم ،إن هييؤلء المشييركين ميين قومييك يييا محمييد ،
ليقولون إن هي إل موتتنا الولى التي نموتها وهي الموتة الولى ،وما نحن بمنشرين بعد مماتنييا ول بمبعييوثين ،
تكذيبا منهم بالبعث والثواب والعقاب " الطبري .
" ) أهم خير أم قوم تبع ( هذا استفهام إنكار ،أي إنهم مستحقون في هذا القول العييذاب ،إذ ليسييوا خيييرا ميين قييوم
تبع والمم المهلكة ،وإذا أهلكنا أولئك فكذا هؤلء " القرطبي .
" ) والذين من قبلهم ( أي قبل قيوم تبيع كعياد وثميود ،أو قبيل قرييش فهيو تعمييم بعيد تخصييص ) ،أهلكنياهم (
استئناف لبيان عاقبة أمرهم هّدد به كفار قريش ) إنهييم كييانوا مجرمييين ( تعليييل لهلكهييم ،أي أهلكنيياهم بسييبب
كونهم مجرمين ،فليحذر كفار قريشا " اللوسي .
ن)
قب ُللو َ
مْرت َ ِ
م ُ
هل ْ
ب إ ِن ّ ُ
ق ْ
فللاْرت َ ِ م ي َت َذَك ُّرو َ
ن )َ (58 عل ّ ُ
ه ْ ك لَ َ
سان ِ َ
سْرَناهُ ب ِل ِ َ
ما ي َ ّ ) َ
فإ ِن ّ َ
(59
" أي أنزلناه سييهل واضييحا بينييا جليييا ،بلسييانك الييذي هييو أفصييح اللغييات وأجلهييا وأحلهييا وأعلهييا ) ،لعلهييم
ف وعانَد ،قييال يتذكرون ( أي يتفّهمون ويعلمون ،ثم لما كان مع هذا الوضوح والبيان ،من الناس من َكفَر وخال َ
ال تعالى لرسوله صييلى الي علييه وسيلم ،مسييليا ليه وواعييدا ليه بالنصير ومتوعيدا لمين كيّذبه بييالعطب والهلك
) فارتقب ( أي انتظر ) إنهم مرتقبييون ( أي فسيييعلمون لميين سييتكون النصييرة ،والظفيير وعلييو الكلمية فييي الييدنيا
والخرة " ابن كثير .
" ) فإنما يسرناه بلسانك ،لعلهم يتذكرون ،فارتقب إنهم مرتقبون ( يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صييلى الي عليييه
وسلم ،فإنما سّهلنا قراءة هذا القرآن ،الذي أنزلناه إليك بلسانك ليتذكر هؤلء المشييركون ،الييذين أرسييلناك إليهييم
حججه ،ويتعظوا بعظاته ويتفكروا في آياته ،إذا أنت تتلوه عليهم ،فُينيبوا إلى طاعة ربهم ويذعنوا للحق بِعبِره و ُ
عندما تبينهموه .وقوله ) فارتقب إنهم مرتقبون ( يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم ،فانتظر أنت
يا محمد الفتح من ربك ،والنصر على هؤلء المشركين بال من قومك من قريش ،إنهييم منتظييرون عنييد أنفسييهم
قهرك وغلبتك ،بصدهم عما أتيتهم به من الحق ،من أراد قبوله واتباعك عليه " الطبري .
" ) فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون ( أي كي يفهمييوه ويتييذكروا بيه ويعملييوا بمييوجبه ) فييارتقب ( أي وأن لييم
ل بهم ،وهو تعميم بعد تخصيص ،بقوله تعالى ) فارتقب يوم تأتي السماء …حتى قييوله … إنهييم يتذكروا بما يح ّ
مرتقبون ( وقيل :معناه مرتقبون ما يحل بهم تهكما ،وفي الية من الوعد له صيلى الي تعيالى علييه وسيلم ميا ل
يخفى " اللوسي .
238
سورة الدخان ُتنذر قوما من أمة السلم كفروا بعد إيمانهم
ن )(9 ك ي َل ْ َ
عُبو َ ش ّ
في َ
م ِ
ه ْ بَ ْ
ل ُ
هذا الوصف لم يكن بحال من الحوال لمشركي قريش ،فهؤلء كّذبوا وكفروا بمييا جيياء بييه محمييد عليييه الصييلة
ن والهييوى ،ك في المعتقد عادة يتأّتى بعد اليمان ،بوحي من شياطين النس والج ي ّ والسلم جملة وتفصيل .والش ّ
مما يدفع النسان في النهاية إلى الكفر .وأما اللعب جاء بمعنى العراض عما ينفع والسييتهزاء بييه ،والنشييغال
بما ل ينفع بل وبما يضّر ،وهي صفة يمتاز بها الصبية والولد الصغار ،لصغر عقولهم وقلة مداركهم وضيييق
أفقهم وعدم مقدرتهم على أخذ العبرة والعظة .
أما هؤلء القوم من أمة محمد ،فهم في شك من أمر ال ،والشك هو انعدام اليقين بمعنييى أنهييم غييير مييوقنين بمييا
أخبر عنه في كتابه المبين ،الذي جاء به الرسيول الميبين بلسيان عربيي ميبين مين أميور الغييب ،وعليى رأسيها
ربوبية ال وألوهيته ووحدانيته وإنكار قدرته على البعث ،أي الشك بملكية ال للسييماوات والرض ومييا بينهمييا ،
وقدرته على تصريف المور ،والشك بحقيقة الحياة بعد الممات .لذلك فهم ل يتورعون عيين اتخيياذ دينهييم هييزوا
ولعبا ،إذ ل بعث ول حساب ول عقاب يردعهم .
ن َقْبِلُكفمْ
ب ِمف ْ
ن ُأوُتففوا اْلِكَتففا َ
ن اّل فِذي َ
خُذوا ِديَنُكْم ُهُزًوا َوَلِعًبا ِ ،م َ
ن اّت َ
خُذوا اّلِذي َن َءاَمُنوا َ ،ل َتّت ِقال تعالى ) َيَأّيَها اّلِذي َ
ن ) 57المائدة ( ،فالذين يوالون الذين اتخذوا دين ال هييزوا ولعبييا ، ن ُكْنُتْم ُمْؤِمِني َ
ل ِ ،إ ْ
َواْلُكّفاَر َأْوِلَياَء َ ،واّتُقوا ا َّ
من اليهود والنصارى والكفار إجمال ،وهم ُيظهرون اليمان ليسوا بمؤمنين ،فما بالك بمن يتخييذ دييين السييلم ،
هزوا ولعبا ويحاربه وهو ينتسب إليه .
ت َلْي فسَ س فَب ْ
س ِبَما َك َسَل َنْف ٌ ن ُتْب َ
حَياُة الّدْنَيا َوَذّكْر ِبِه َأ ْ
غّرْتُهُم اْل َخُذوا ِديَنُهْم َلِعًبا َوَلْهًوا َو َن اّت َ
وقال تعالى ) َوَذِر اّلِذي َ
ن
ب ِمف ْ شفَرا ٌ سفُبوا َلُهفْم َ سُلوا ِبَما َك َ ن ُأْب ِ
ك اّلِذي َ
خْذ ِمْنَها ُأوَلِئ َعْدٍل َل ُيْؤ َن َتْعِدْل ُكّل َ شِفيٌع َوِإ ْ
ي َوَل َ ل َوِل ّن ا ِّ
َلَها ِمنْ ُدو ِ
حَياُة الّدْنَيا
غرّْتُهُم اْل َ
خُذوا ِديَنُهْم َلْهًوا َوَلِعًبا َو َ ن اّت َن ) 70النعام ( ،وقال ) اّلِذي َ ب َأِليٌم ِبَما َكاُنوا َيْكُفُرو َ
عَذا ٌ
حِميٍم وَ َ َ
ن ) 51العراف ( . حُدو َ جَسوا ِلَقاَء َيْوِمِهْم َهَذا َوَما َكاُنوا ِبآَياِتَنا َي ْ ساُهْم َكَما َن َُفاْلَيْوَم َنْن َ
فهؤلء القوم يتصفون بأمرين :
الول :أنهم ل يؤمنون بال وباليوم الخر .
الثاني :أن شغلهم الشاغل هو الحياة الدنيا ،وأنهم يتخذون أمور دينهم مادة للهزء والسخرية واللهو .
نلحظ أن المفسرين اختلفوا على ثلثة مواقف ،فمنهم من وافق تفسير ابن مسعود ،ومنهم من وافييق تفسييير ابيين
ل منهم أكمل تفسير السورة ،على ما ارتأى من صوابية اعتقيياده بالنسييبة عباس ،ومنهم من أخذ بالحتمالين .وك ّ
لهذا الدخان .وأما من حيث زمن الوقوع ،فالحتمال الول ،يقول بأن الدخان والبطشيية قييد مضيييا فييي مشييركي
قريش ،والحتمال الثاني يقول بييأنه قبيل ييوم القياميية ،والحتميال الثييالث يقيول بيأنه مين أحييداث ييوم القياميية ،
وللفصل في هذه القوال والمواقيف ،سنسيتنبط صيفات هيذا اليدخان مين الييات نفسيها ،وصيفات هيؤلء القيوم
وأفعالهم في نهاية الفصل ،بمعزل عن الروايات والتفسيرات السابقة ،فظياهر الييات الكريمية ييدل عليى أن ميا
ورد في اليات هو نبأ دخان سيظهر في المستقبل ،والقدر على بيان أمره هو مين يعاصير ظهيوره بعيد اكتميال
معالمه ،كما هي العادة في فهم وتفسير النبوءات المستقبلية .
ن )(12
مُنو َ م ْ
ؤ ِ ب إ ِّنا ُ
ذا َ عّنا ال ْ َ
ع َ ف َ َرب َّنا اك ْ ِ
ش ْ
وهذا هو دعاء المُعرضين عن ذكر ال كما هي العادة ،من المسرفين والمشركين والكفار من الناس إجمييال كلمييا
سففا َ
ن س اِْلْن َ
ستهم الضراء والبأساء ،سواء كانوا من أمة السلم أو ميين غيرهييا كمييا فييي قييوله تعييالى ) َوِإَذا َم ف ّ
مّ
239
س فِرِفي َ
ن ن ِلْلُم ْ
ك زُّي ف َ
سُه َكَذِل َ
ضّر َم ّ
عَنا ِإَلى ُ
ن َلْم َيْد ُ
ضّرُه َمّر َكَأ ْ
عْنُه ُ
شْفَنا َ
عًدا َأْو َقاِئًما َفَلّما َك َ
جْنِبِه َأْو َقا ِ
عاَنا ِل َ
ضّر َد َ
ال ّ
ن ) 12يونس ( . َما َكاُنوا َيْعَمُلو َ
ن ِنْعَمفٍة َفِمفنَ
ولحظ ضمير المخاطب ) كم ( ،والذي يعود على المخاطبين بالقرآن ،في قوله تعالى ) َوَما ِبُكْم ِم ْ
ن )54 شفِرُكو َ
ق ِمْنُكفْم ِبَرّبِهفمْ ُي ْ
عْنُكفْم ِإَذا َفِريف ٌ ضفرّ َ ف ال ّ
ش َ ن )ُ (53ثّم ِإَذا َك َ جَأُرو َ
ضّر َ ،فِإَلْيِه َت ْ
سُكُم ال ّل ُ ،ثّم ِإَذا َم ّا ِّ
ضفُتْم َوَكففا َ
ن عَر ْ
جفاُكْم ِإَلفى اْلَبفّر َأ ْ
ن إِّل ِإّيففاُه َفَلّمففا َن ّ
عو َ
ن َتفْد ُ
ضفّل َمف ْ حفِر َضّر ِففي اْلَب ْ
سُكُم ال ّ النحل ( ،وقوله ) َوِإَذا َم ّ
ن َكُفوًرا ) 67السراء ( . سا ُاِْلْن َ
والقرب والظهر بالنظر في دعواهم تلك ،وإقرارهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم من اليمان عند غشيان الدخان
لهم ،أن يكون هؤلء من أمية محميد علييه الصيلة والسيلم ،فسيقوا عين دينهييم ميع كيونهم مسييلمين نفاقيا عليى
الغلب ،وشركهم في ال جاء بعد اليمان به .أما قريش فلم يكن هذا حالهم ،وما كان ليصدر منها هذا الييدعاء ،
فمنهم من أسلم ومنهم أصّر على كفره ،أما النفاق فلم يعرفوه ولم يكن لهم فيه مصلحة ،ومن المعروف أن النفاق
ظهر بعد انتشار السلم وهو ما حصل في المدينة المنورة ،لعدة غايات وأهمها وأخطرهييا هيو سييعيهم لمحاربيية
تعاليم الدين وهدم معالمه داخل المجتمعات السلمية ،وسورة الدخان مكييية وحييال هييؤلء كحييال ميين قييال فيهييم
سبحانه ،في مطلع سورة البقرة :
ن َءاَمُنففوا ، لف َ ،واّلفِذي َ ن ا َّعو َ خاِد ُن )ُ (8ي َ خِر َ ،وَما ُهْم ِبُمْؤِمِني َ لِ ل َ ،وِباْلَيْوِم ا ْ
ن َيُقوُل َ :ءاَمّنا ِبا ِّ س َم ْن الّنا ِ ) َوِم َ
ب َأِليفٌم ِبَمففا َكففاُنوا
عفَذا ٌ ضففا َوَلُهفْم َلف َمَر ً ض َفَزادَُهفُم ا ُّ ن )ِ (9في ُقُلوِبِهْم َمَر ٌ شُعُرو َسُهْم َوَما َي ْ ن ِإّل َأْنُف َعو َ خَد ُ
َوَما َي ْ
ن َلن َوَلِك ْ سُدو َ ن )َ (11أَل ِإّنُهْم ُهُم اْلُمْف ِ حو َ صِل ُن مُ ْ حُض َقاُلوا ِإّنَما َن ْ
سُدوا ِفي اَْلْر ِ َيْكِذُبونَ )َ (10وِإَذا ِقيَل َلُهْم َل ُتْف ِ
سَفَهاُء َوَلِك ْ
ن سَفَهاُء َأَل ِإّنُهْم هُُم ال ّ ن ال ّن َكَما َءاَم َ س َقاُلوا َأُنْؤِم ُن الّنا ُ ن )َ (12وِإَذا ِقيَل َلُهْم َءاِمُنوا َكَما َءاَم َ شُعُرو َ َي ْ
سَتْهِزُئو َ
ن ن ُم ْ حُ طيِنِهْم َقاُلوا ِإّنا َمَعُكْم ِإّنَما َن ْشَيا ِخَلْوا ِإَلى َ ن َءاَمُنوا َقاُلوا َءاَمّنا َوِإَذا َ ن )َ (13وِإَذا َلُقوا اّلِذي َ َل َيْعَلُمو َ
ت
حف ْ لَلَة ِباْلُهفَدى َفَمففا َرِب َ ضف َ شفَتَرُوا ال ّ نا ْ ك اّلِذي َ
ن )ُ (15أوَلِئ َ طْغَياِنِهْم َيْعَمُهو َئ ِبِهْم َوَيُمّدُهْم ِفي ُ سَتْهِز ُ ل َي ْ
) (14ا ُّ
ن ) 16البقرة ( . جاَرُتهُْم َوَما َكاُنوا ُمْهَتِدي َ ِت َ
حيث قال سبحانه ) ومن الناس ( ولم يحصر هذا السلوك بطائفة ميين النيياس أو بزميين معييين ،وهييذا السييلوك بييدأ
بالظهور بعدما قويت شوكة السلم في المدينة المنورة ،واستمر على مّر العصور حتى يومنا هذا .
َ
عل ّ ٌ
م قاُلوا ُ
م َ و َ
ه َ
عن ْ ُ ول ّ ْ
وا َ ن ) (13ث ُ ّ
م تَ َ مِبي ٌ سو ٌ
ل ُ م َر ُ
ه ْ
جاءَ ُ
قد ْ َ م الذّك َْرى َ
و َ ه ُأّنى ل َ ُ
ن )(14 جُنو ٌم َْ
من أين لهؤلء القوم الذكرى ؟! أي التوبة والنابة إلى ال ،وقد سبق منهم العراض عما جاء به الرسول الكريم
،الذي ل ُيشّكك في كرم أخلقه أو حسبه أو نسبه أو لسانه العربي المبين ،محمد عليه الصلة والسلم بعد مجيئه
واليمان به والنتساب إلى دينه .وفضل عن سبق العراض عن رسالته ،بعد احتضانها لمدة من الزمن ،توّلوا
عنه وأعرضوا عما جاء به ،واتهموه بالتعّلم من الكّهان والشياطين بحوادث ميتافيزيقية وما شابه ،وأضافوا إليه
صفة الجنون إمعانا منهم في الجرام والفتراء والستهزاء ،فيإن سيلم مين الكهانية ليم يسيلم مين الجنيون .فييرّد
ك َلَعلى
ن ) 29الطور ( َ ) ،وِإّن َ
جُنو ٍ
ن َوَل َم ْ
ك ِبَكاِه ٍ
ت ِبِنْعَمِة َرّب َ
عليهم ربهم قولهم هذا بقوله لرسوله ) َفَذّكْر َ ،فَما َأْن َ
سوٍل َكِريٍم ) 40الحاقة ( ظيٍم ) 4القلم ( ِ ) ،إّنُه َلَقْوُل َر ُ
ق عَ ِ
خُل ٍ
ُ
ستفاجأ أخي المسلم أن المقصود بهذا القول ليسوا مشركي قريش ،بييل مشييركي ومنييافقي هييذا العصيير ميين أميية
وُ
السلم ،وأنهم قالوا هذا القول وأكثر في رسول ال عليه الصلة والسييلم ،تحييت رعاييية ودعييم حكييومي مييادي
ومعنوي ،وأن هذا الفتراء ذاته هو الذي أخبر عنه سبحانه وهو من أكبر السباب الموجبة لعقابهم .
ن )(15
دو َ
عائ ِ ُ قِليًل إ ِن ّك ُ ْ
م َ ب َ
ذا ِ فوا ال ْ َ
ع َ ش ُ إ ِّنا َ
كا ِ
وُيخبر سبحانه بأنه سيرفع العذاب عنهم قليل بعد انعقاد أسبابه ،بكشف الدخان بعد نيلهيم قسيطا مين أذاه ،نيزول
عند رغبتهم السابقة وإقرارهم باليمان عند غشيانه لهم ،فالدخان مجرد تحذير ولفت انتباه لهم ،بأن ال هييو رب
جية بيأنه ليم يعطهيم
السموات والرض وبأنه قادر عليى إمياتتهم وإهلكهيم كميا أميات آبيائهم ،ولئل تكين لهيم ح ّ
الفرصة للتوبة والنابة .ومن ثم ٌيقّرر سبحانه بأنهم سيعودون لميا كيانوا علييه مين الشييك واللعيب ،وسيضييفون
240
إليها التولي والعراض والعصيان والتهام لرسوله الكريم ،ليستوجبوا عن جدارة واستحقاق أن يبطش بهييم رب
العزة بطشته الكبرى .
ل
سوَلُه َلَعَنُهُم ا ُّ
ل َوَر ُ
ن ا َّ
ن ُيْؤُذو َ
ب َأِليم ) 61التوبة ( وقال ) اّلِذي َ
عَذا ٌ
ل َلُهْم َ
سوَل ا ِّ
ن َر ُ
ن ُيْؤُذو َ قال تعالى َ ) :واّلِذي َ
عَذاًبا ُمِهيًنا ) 57الحزاب ( . عّد َلُهْم َ
خَرِة َوَأ َلِِفي الّدْنَيا َوا ْ
ن )(16
مو َ
ق ُ ة ال ْك ُب َْرى إ ِّنا ُ
من ْت َ ِ ش ال ْب َطْ َ
ش َ م ن َب ْطِ ُ
و َ
يَ ْ
شِديٌد ) 12البروج ( .ونستطيع تصّور طبيعة هذه البطشيية ميين ك َل َ
ش َرّب َ
ط َ ن َب ْ
أما بطش رب العزة فهذا وصفه ) ِإ ّ
حٍر )سَ جْيَناُهْم ِب َ
ط َن ّ
صًبا ِإّل َءاَل ُلو ٍ
حا ِ عَلْيِهْم َ
سلَْنا َ
ط ِبالّنُذِر )ِ (33إّنا َأْر َ ت َقْوُم ُلو ٍقوله تعالى في سورة القمر ) َكّذَب ْ
عف ْ
ن شَتَنا َفَتَماَرْوا ِبالّنفُذِر )َ (36وَلَقفْد َراَوُدوُه َ ط َ شَكَر )َ (35وَلَقْد َأْنَذَرُهْم َب ْ ن َ جِزي َم ْ ك َن ْ
عْنِدَنا َكَذِل َ
ن ِ ِ (34نْعَمًة ِم ْ
عَذاِبي َوُنُذِر ) سَتِقّر )َ (38فُذوُقوا َ ب ُم ْعَذا ٌ
حُهْم ُبْكَرًة َ صّب َعَذاِبي َوُنُذِر )َ (37وَلَقْد َ عُيَنُهْم َفُذوُقوا َ سَنا َأ ْ
طَم ْضْيِفِه َف َ
َ
ن ُمّدِكٍر ) 40القمر ( وتماروا بالُنذر أي كّذبوا إنذارات لوط عليييه الصييلة ن ِللّذْكِر َفَهْل ِم ْسْرَنا اْلُقْرَءا َ (39وََلَقْد َي ّ
والسلم وتحذيراته لهم ،وأكثروا الجدال والستهزاء بها ومنها فبطش بهم ربهم ،وما وقع من قييوم لييوط هييو مييا
وقع من هؤلء ،بعد أن جاءهم هذا رسولهم الكرييم نييذيرا مين غضيب الي ،فغشييهم الييدخان وسيتبغتهم البطشيية
ك يلعبون ،من أمر هذا الرسول المبين وأمر هذا الكتيياب المييبين الكبرى ،وهم ما زالوا ُيمارون ويتمارون في ش ٍ
وأمر هذا الدخان المبين .
ي وما نزل بقوم لوط نستخلصه من اليات التالية :
عَلْيَهففا ،
طْرَنا َ
ساِفَلَها َ ،وَأْم َ
عاِلَيَها َ
جَعْلَنا َ
جاَء َأْمُرَنا َ ،
ب )َ (81فَلّما َ ح ِبَقِري ٍ
صْب ُ
س ال ّح َأَلْي َ
صْب ُ
عَدُهُم ال ّ
ن َمْو ِ) … ِإ ّ
ن ِبَبِعيٍد ) 83هود ( . ظاِلِمي َ
ن ال ّ
ي ِم َ
ك َ ،وَما ِه َ
عْنَد َرّب َ
سّوَمًة ِضوٍد )ُ (82م َ جيٍل َمْن ُسّن ِ جاَرةً ِم ْ
حَ
ِ
كان ذلك في الصباح الباكر حيث ُرفعت قرية لوط عليه الصييلة والسييلم بميين فيهييا إلييى السييماء ،وتقيول بعييض
الروايات أن الملئكة في السماء الولى سمعت نباح كلبهم ،ومن ثم ُقلبت وُرميت من ذلك الرتفاع الشاهق إلى
الرض ،فأحدثت ذلك الجرف الجغرافي الممتد ميين علييى طييول نهيير الردن ووادي عربيية ،وميين ثييم ُأمطييرت
بالحجارة التي ل تزال ظاهرة إلى يومنا هذا ،منغرسة في الطين على شواطئ البحر الميت .وخلصة القييول أن
البطشة تعني خراب الديار وهلك أهلها بغض النظر عن الوسيلة ،مشهد يحمييل فييي ثناييياه أبشييع صييور للنتقييام
اللهي ،حين يوغل الناس بإصييرار فييي الجييرام بحييق الي وحييق رسييله الكييرام دون وازع أو رادع ،ضيياربين
عرض الحائط ،مستحّقين بذلك غضبا إلهيا عارما .بإنذارات ربهم ُ
عا ربل َ
ن
هأ ّ م… َ
ف لد َ َ َ ّ ُ ل كَ ِ
ريل ٌ سللو ٌ
م َر ُ
ه ْ
جللاءَ ُ
و َ
ن َ
و َ
عل ْ
فْر َ
م ِو َ م َ
قل ْ قب ْل َ ُ
هل ْ فت َّنا َ ول َ َ
قدْ َ َ
ن )(22 مو ر ج م م
ْ ٌ ُ ْ ِ ُ َ و َ
ق ء
ِ لَ ُ
ؤ ه
َ
ومفاد اليات أعله هو أن حال هيؤلء القيوم ،ميع محمييد الكرييم المييين الميبين علييه الصييلة والسييلم ،كحييال
فرعون وقومه مع موسى الكريم المين المبين عليه الصلة والسلم ،وذلك نفيا لما قاله هؤلء عنهما ،سواء من
فرعون وقومه أو ممن أشرك وكفر من أمة محمد .ومن تشبيه الحال بالحال نستطيع التعرف على موقف هييؤلء
القوم من محمد ،من خلل معرفة موقف فرعون وقومه من موسيى ،اليذي ورد بالتفصييل فيي القيرآن الكرييم ،
حيث أن اليات ،التي تصف موقف فرعون وقومه من موسى ورسالته ،تكاد تبين ما تحويه سييورة الييدخان ميين
مقاصد إلهية تكتنفها اليات الكريمة .
ي دعا موسى عليه الصلة والسلم فرعون وقومه إلى تقوى ال ،فجادلوه واستهزءوا به وبما جيياء بييه ،وأنكييروا
ربوبية ال ،واتهمه فرعون بالجنون وهّدده بالسجن إن اّتخذ إلها غيره ،فأراه موسى آيات ربه الكيبرى ،فيياتهمه
بالسحر وببلوغه مرتبة عالية في علمه ،ليصبح كبيرا السحرة ونّفذ تهديده فيمن اتبعه وآمن به من السحرة .
241
ف َأنْ خفا ُ ب ِإّنفي َأ َن )َ (11قفاَل َر ّ ن َأَل َيّتُقفو َن )َ (10قفْوَم ِفْرعَفْو َ ظففاِلِمي َت اْلَقْوَم ال ّن اْئ ِسى َأ ِ ك ُمو َ ) َوِإْذ َناَدى َرّب َ
سَراِئيَل )َ … (17قففاَل سْل َمَعَنا َبِني ِإ ْ ن َأْر ِ ن )َ (16أ ْ ب اْلَعاَلِمي َ سوُل َر ّ ن َفُقوَل ِإّنا َر ُ عْو َن )َ … (12فْأِتَيا ِفْر َ ُيَكّذُبو ِ
حْوَلُه َأَل ن َ ن )َ (24قاَل ِلَم ْ ن ُكْنُتْم ُموِقِني َ ض َوَما بَْيَنُهَما ِإ ْ ت َواَْلْر ِ سَمَوا ِ ب ال ّ ن )َ (23قاَل َر ّ ب اْلَعاَلِمي َعْونُ َوَما َر ّ ِفْر َ
ن )َ (27قاَل َر ّ
ب جُنو ٌسَل ِإَلْيُكْم َلَم ْسوَلُكُم اّلِذي ُأْر ِ ن َر ُ ن )َ (26قاَل ِإ ّ ب َءاَباِئُكُم اَْلّوِلي َ ن )َ (25قاَل َرّبُكْم َوَر ّ سَتِمُعو ََت ْ
ن )(29 جوِني َ سف ُن اْلمَ ْ
ك ِمف َ جَعَلّن َغْيِري َل ْ ت ِإَلًها َخذْ َ ن اّت َ
ن )َ (28قاَل َلِئ ِ ن ُكْنُتْم َتْعِقُلو َ
ب َوَما َبْيَنُهَما ِإ ْق َواْلَمْغِر ِ شرِ ِاْلَم ْ
ن) ن ُمِبي ف ٌ ي ُثْعَبا ٌ
صاُه َفِإَذا هِ َع َ ن )َ (31فَأْلَقى َ صاِدِقي َ ن ال ّ ت ِم َ ن ُكْن َ ت ِبِه ِإ ْن )َ (30قاَل َفْأ ِ يٍء ُمِبي ٍ ش ْ
ك ِب َجْئُت َ
َقاَل َأَوَلْو ِ
عِليٌم )َ … (34قاَل َءاَمْنُتْم َلُه َقْبَل حٌر َ سا ِحْوَلُه ِإنّ َهَذا َل َ ل َ ن )َ (33قاَل ِلْلَم َِ ظِري َضاُء ِللّنا ِ ي َبْي َ ع َيَدُه َفِإَذا ِه َ
(32وََنَز َ
صفّلَبّنُكْم
ف َوَُل َ ل ٍ ن خِ َجَلُكفْم ِمف ْ ن َأْيفِدَيُكْم َوَأْر ُ
طَعف ّ
ن َُلَق ّ ف َتْعَلُمفو َ سفْو َ حَر َفَل َسف ْ
عّلَمُكُم ال ّ ن َلُكْم ِإّنُه َلَكِبيُرُكُم اّلِذي َن َءاذَ َ َأ ْ
جَمِعينَ ) ) … (49الشعراء ( . َأ ْ
ولهذا تشابهت لغة الخطاب وتشابهت الحجة في قول الرسولين الكريمين :
ن)
ب َءاَبففاِئُكُم اَْلّوِلي ف َ
ن )َ … (24قاَل َرّبُكْم َوَر ّ
ن ُكْنُتْم ُموِقِني َ
ض َوَما َبْيَنُهَما ِإ ْ
ت َواَْلْر ِ
سَمَوا ِ
ب ال ّ
موسى َ ) :قاَل َر ّ
26الشعراء (
ن ) 8الدخان
ب َءاَباِئُكُم الَّْوِلي َ
ن )َ … (7رّبُكْم َوَر ّ
ن ُكْنُتْم ُموِقِني َ
ض َوَما َبْيَنُهَما ِإ ْ
ت َواَْلْر ِ
سَمَوا ِ
ب ال ّ
محمد َ … ) :ر ّ
(
ي فأنذرهم ال بالمألوف للناس من العذاب كالقحط والجوع ،مشعرا إييياهم بقييدرته علييى أخييذهم لعلهييم يرجعييون ،
ش النحييس " لموسييى ومين معيه وليم ينسيبوها إليى الي .وأصيّروا علييى ولكنهم رّدوا هذه البتلءات ،إلى " الو ّ
كفرهم فأرسل عليهم ما لم يألفوه ،كالطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ،فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين .
ولكنهم لما وقع بهم العذاب وعاينوه وعدوا موسيى باليميان فيي حيال ُكشيف عنهيم .وُرفيع العيذاب عنهيم لجيل
مسمى هم بالغوه ،وفور شعورهم بالرخاء نكثوا عهدهم وعادوا لما سييبق ،فييانتقم الي منهييم لتكييذيبهم ليييات الي
وغفلتهم عنها .
سَنُة َ ،قاُلوا لََنا ح َ جاَءْتُهُم اْل َ ن )َ (130فِإَذا َ ت َ ،لَعّلُهْم َيّذّكُرو َ ن الّثَمَرا ِ ص ِم َن َوَنْق ٍ سِني َ
ن ِبال ّعْو َخْذَنا َءاَل ِفْر َ ) َوَلَقدْ َأ َ
ن) ن َأْكَثَرُهفْم َل َيْعَلُمففو َ ل ف َ ،وَلِكف ّعْنفَد ا ِّطففاِئُرُهْم ِن َمَعفُه َ ،أَل ِإّنَمففا َ سى َوَم ْ طّيُروا ِبُمو َ سّيَئٌة َ ،ي ّ صْبُهْم َ ن ُت َِهِذِه َ ،وِإ ْ
طوَفففا َ
ن عَلْيِهفُم ال ّ سفْلَنا َ ن )َ (132فَأْر َ ن َلفكَ ِبُمفْؤِمِني َحف ُحَرَنا ِبَها َ ،فَما َن ْ سَن َءاَيٍة ِ ،لَت َْ (131وَقاُلوا َمْهَما َتْأِتَنا ِبِه ِم ْ
ن )َ (133وَلّمففا َوَقفَع جِرِميف َ سفَتْكَبُروا َ ،وَكففاُنوا َقْوًمففا ُم ْ ت َ ،فا ْ ل ٍصف َت ُمَف ّ ع َوالفّدَم َ ،ءاَيففا ٍضَفاِد َ جَراَد َواْلُقّمَل َوال ّ َواْل َ
ن َمَع ف َ
ك س فَل ّ
ك َ ،وَلُنْر ِ ن َل َجَز َلُنْؤِمَن ّعّنا الّر ْت َ شْف َن َك َك َ ،لِئ ْ عْنَد َ
عِهَد ِ ك ِبَما َ ع َلَنا َرّب َ
سى اْد ُ جُز َ ،قاُلوا َ :يُمو َ عَلْيِهُم الّر ْ َ
ن )َ (135فاْنَتَقْمَنففا ِمْنُهفْم ، جفٍل ُهفْم َبففاِلُغوُه ِ ،إَذا ُهفْم َيْنُكُثففو َ جفَز ِإَلففى َأ َعْنُهُم الّر ْشْفَنا َ
سَراِئيَل )َ (134فَلّما َك َ َبِني ِإ ْ
ن، ضفَعُفو َ سَت ْ ن َكففاُنوا ُي ْ ن )َ (136وَأْوَرْثَنا اْلَقْوَم اّلِذي َ غاِفِلي َعْنَها َ غَرْقَناُهْم ِفي اْلَيّم ِ ،بَأّنُهْم َكّذُبوا ِبآَياِتَنا َ ،وَكاُنوا َ َفَأ ْ
صفَبُروا َ ،وَدّمْرَنفا سفَراِئيَل ِبَمفا َ عَلى َبِني ِإ ْ سَنى َ ح ْك اْل ُت َكِلَمُة َرّب َض َوَمَغاِرَبَها اّلِتي َباَرْكَنا ِفيَها َ ،وَتّم ْ ق اَْلْر ِ شاِر َ َم َ
ن ) 137العراف ( . شو َ ن َوَقْوُمُه َ ،وَما َكاُنوا َيْعِر ُ عْو ُ صَنُع ِفْر َ
ن َي ْ َما َكا َ
ي فما آمن لموسى سوى فئة قليلة من مجموع بني إسرائيل ،وتبعهم فرعون إلى البحر وعندما أدركه الغرق ،ندم
الله فخان قومه وأعلن توبته وإيمانه بإله آخر ،هو الله الذي آمنت به بنوا إسرائيل حسب قوله .
ن )َ … (75فَمفا جِرِمي َ سَتْكَبُروا َوَكاُنوا َقْوًما ُم ْ ن َوَمَلِئِه ِبآَياِتَنا َفا ْعْو َ ن ِإَلى ِفْر َ
سى َوَهاُرو َ ن َبْعِدِهْم ُمو َ ) ُثّم َبَعْثَنا ِم ْ
ن َلَعففاٍل ِفففي اَْلْرضِ عفْو َ ن ِفْر َن َيْفِتَنُهفْم َ ،وِإ ّ
ن َوَمَلِئِهْم َ ،أ ْعْو َ ن ِفْر َف ِم ْ خْو ٍ عَلى َ ن َقْوِمِه َ ، سى ِإّل ُذّرّيٌة ِم ْ ن ِلُمو َ َءاَم َ
حّتففى ِإَذا
ع فْدًوا َ ،
جُنوُدُه َبْغًيففا َو َن َو ُ
عْو ُحَر َ ،فَأْتَبَعُهْم ِفْر َ سَراِئيَل اْلَب ْجاَوْزَنا ِبَبِني ِإ ْ
ن )َ … (83و َ سِرِفي َن اْلُم ْ
َوِإّنُه َلِم َ
ن ) 90يونس ( . سِلِمي َ
ن اْلُم ْ
سَراِئيَل َ ،وَأَنا ِم َ ت ِبِه َبُنو ِإ ْ ت َأّنُه َل ِإَلَه ِإّل اّلِذي َءاَمَن ْ
ق َ ،قاَل َءاَمْن ُ َأْدَرَكُه اْلَغَر ُ
ف عقولهم فأطاعوه ،وأض يّلهم عيين ي وأما عامة المصريين فقد اتبعوا إلههم وربهم العلى فرعون ،بعد أن استخ ّ
السبيل فكانوا قوما فاسقين كإلههم ،ومن الغريب أن صفة خفة العقل صفة متوارثة لغاييية الن فييي عاميية الشييعب
المصري إل من رحم ربي ،كما ورث أهل العراق صفة البأس الشديد من أجدادهم البابليين .
حا ،
صفْر ً
جعَفْل ِلففي َ ن َ ،فا ْ
طيف ِ
عَلففى ال ّ
ن َ
غْيِري َ ،فَأْوِقْد ِلي َياَهاَمففا ُ
ن ِإَلٍه َت َلُكْم ِم ْ
عِلْم ُ
ل َما َن َيَأّيَها اْلَم َُ
عْو ُ
) َوَقالَ ِفْر َ
صى )ع َ ب َو َ
لَيَة اْلُكْبَرى )َ (20فَكّذ َ
ن ) 38القصص ( َ ) .فَأَراُه ا ْ ن اْلَكاِذِبي َ
ظّنُه ِم َ
سى َوِإّني َل ُ َلَعّلي َأطِّلُع ِإَلى ِإَلِه ُمو َ
242
عوُه
طا ُ
ف َقْوَمُه َفَأ َ
خ ّ
سَت َ
عَلى ) 24النازعات ( َ ) .فا ْ شَر َفَناَدى )َ (23فَقاَل َأَنا َرّبُكْم اَْل ْ
ح َ
سَعى )َ (22ف َ ُ (21ثمّ َأْدَبَر َي ْ
ن َقْوَمُه َوَما َهَدى ) 79طه ( .عْو ُ ضّل ِفْر َن ) 54الزخرف ( َ ) .وَأ َ سِقي َ
ِإّنُهْم َكاُنوا َقْوًما َفا ِ
ي أما علية القوم حاشية السوء فكان رأيهيم أنهييم هيم المصييلحون ،وأن موسييى ومين معيه ميين الميؤمنين بيال هييم
الُمفسدون في الرض ،وكذلك رأي فراعنة هذا العصر بأنفسهم وبالمصلحين من الناس ،بمعنى أن موسى وميين
معه سيدفعون الناس إلى عبادة ال فيتركوا عبادة آلهة فرعون ،مما يجعلهم يستنكفوا عن طاعته ليؤول ملكه إلى
الزوال فتفسد الرض ،لذلك توجب التخلص من شرورهم بقتل أبنائهم واستحياء نسائهم وقهرهم ،وقتييل الييرأس
المحّركة للفتنة .
سفُنَقّتُل َأْبَنففاَءُهمْ
ك َقففاَل َ
ك َوَءاِلَهَتف َ
ض َوَيفَذَر َسفُدوا ِفففي اَْلْر ِسففى َوَقفْوَمُه ِلُيْف ِ
ن َأَتَذُر ُمو َ
عْو َن َقْوِم ِفْر َل ِم ْ ) َوَقاَل اْلَم َُ
ع َرّبفُه ، سففى َ ،وْلَيفْد ُ
ن َذُروِني َأْقُتفْل ُمو َ عْو ُ
ن ) 127العراف ( َ ) .وَقاَل ِفْر َ ساَءُهْم َوِإّنا َفْوَقُهْم َقاِهُرو َ سَتحِْيي ِن َ َوَن ْ
ساَد )(26ض اْلَف َظِهَر ِفي اَْلْر ِ ن ُي ْ
ن ُيَبّدَل ِديَنُكْم َ ،أْو َأ ْ
ف َأ ْخا ُ ِإّني َأ َ
ي وأما مؤمن آل فرعون فكان له رأي آخر ،إذ قال لقومه فمن ينصرنا من بأس ال إن جاءنا ؟!
ن َ :مففا ُأِريُك فمْ
عْو ُ
جاَءَنا َ … ،قاَل ِفْر َ
ن َ
ل ِإ ْ
س ا ِّ
ن َبْأ ِ
صُرَنا ِم ْ
ن َيْن ُ
ض َ ،فَم ْ
ن ِفي اَْلْر ِ ظاِهِري َ
ك اْلَيْوَم َ) َيَقْوِم َلُكُم اْلُمْل ُ
شاِد ) 29غافر ( وعلى هذا فليحذر فراعنة أمة السلم الجدد ،الذين يهدون سِبيَل الّر َ
ِإّل َما أََرى َ ،وَما َأْهِديُكْم ِإّل َ
الناس إلى سبيل الرشاد الخاص بهم ،من بأس ال !!
ي وجاء نصر ال لرسوله الكريم فأنجاه من مكر فرعون وملئه ،وأنزل بهم ما استجلبوه علييى أنفسييهم ميين عييذاب
الدنيا والخرة .
شفّيا َوَيفْوَم
ع ِ
غُدّوا َو َ
عَلْيَها ُ
ن َ
ضو َ
ب ) (45الّناُر ُيْعَر ُ
سوُء اْلَعَذا ِ
ن ُ
عْو َ
ق ِبآِل ِفْر َحا َ
ت َما َمَكُروا َو َ سّيَئا ِ
ل َ ) َفوََقاُه ا ُّ
ب ) 46غافر ( شّد اْلَعَذا ِ
ن َأ َ
عْو َ
خُلوا َءاَل ِفْر َعُة َأْد ِ
سا ََتُقوُم ال ّ
ي وأخيرا ،تهديد وتحذير شديد اللهجة لمن كفر بالنذير محمد من ملقاة نفس المصير ،فليس هناك اسييتثناء لحييد
حتى ولو انتسب لمته وادعى السلم ،فملة الكفر عند رب العزة واحدة ومصيرها واحد ،إذ ل خيرية في الكفر
.
ن ُأوَلِئُكمْ
خْيٌر ِم ْ
عِزيٍز ُمْقَتِدٍر )َ (42أُكّفاُرُكْم َ خَذ َخْذَناُهْم َأ ْ
ن الّنُذُر )َ (41كّذُبوا ِبآَياِتَنا ُكّلَها َفَأ َ عْو َ
جاَء َءاَل ِفْر َ
) َوَلَقْد َ
سوًل ن َر ُعْو َسْلَنا ِإَلى ِفْر َ
عَلْيُكْم َ ،كَما َ ،أْر َ
شاِهًدا َسوًل َ ، سْلَنا ِإَلْيُكْم َر ُ
َأْم َلُكْم َبَراَءٌة ِفي الّزُبِر ) 43القمر ( ِ ) .إّنا َأْر َ
ل ) 16المزمل ( . خًذا َوِبي ً خْذَناُه َأ ْ
سوَل َ ،فَأ َ
ن الّر ُ
عْو ُصى ِفْر َ)َ (15فَع َ
ن ،بأن الذين ورثوا أرض مصر هم بني إسرائيل ،فتاريييخ مصيير القييديم والحييديث ل وقد جانب الصواب من ظ ّ
يدل على ذلك ،وكذلك تاريخ بني إسرائيل في القرآن والسنة والتوراة والتلمود كما بيّناه سابقا ،وأما المقصييودين
بوراثتها ها هنا هم أهل مصر ،من أبناء من بقي من قوم فرعون وعبيييده ،حيييث لييم ُيهلييك منهييم فييي اليييم غرقييا
سوى من تبع بني إسرائيل أثناء خروجهم من مصر ،أمييا الرض الييتي ورثهييا بنييو إسييرائيل بعييد خروجهييم ميين
مصر فهي الرض المقّدسة والمباركة فلسطين .
243
م ك َللاُنوا
هل ْ
م ،إ ِن ّ ُ
ه ْ لول َللى … أ َ ْ
هل َك ْن َللا ُ هي إّل موت َت َُنا ا ْ ُ
َ ْ ن ِ َ ِ
ن :إِ ْقوُلو َ
ء ل َي َ ُؤَل ِه ُن َ
إِ ّ
ن )(37 مي َ ر ِج ِ
م ُْ
ُيقّرر سبحانه وتعالى بأن ) َهُؤَلِء ( أي أصحاب الدخان ُينكرون البعث والنشور ،كما ُيقّرر سبحانه وتعالى أنهييم
ليسوا بخير من قوم تبع والذين من قبلهم حيث أهلكهم ال بإجرامهم ،ومن المفهوم ضمنا بأن في هييذا وعيييد لميين
ُيجرمون في حق ال ورسله وكتبه وينكرون البعث ،حيث أنهم لو آمنوا بحقيقة رجعتهم إلى ال فييي اليييوم الخيير
صيل ليديهم اليقيين بييذلك لميا
لتقديم الحساب ،ونيل ما ترتب على أقوالهم وأفعالهم تلييك مين ثيواب وعقيياب ،وتح ّ
تجّرأوا على الجرام كما أجرم الذين من قبلهم ،فهم في شك يلعبيون ومصييرهم الهلك ل محاليية ،وانظير قييوله
تعالى موضحا حقيقة حالهم وهو أعلم بما يعتمل في صدورهم ،وحقيقة موقفه منهم ومن أمثالهم ماضيا ومستقبل
:
ف ِفففي
لِئ َ
خَ جَعَلُكفْم َصفُدوِر )ُ (38هفَو اّلفِذي َ ت ال ّ عِليٌم ِبَذا ِض ِ ،إّنُه َ ت َواَْلْر ِ سَمَوا ِ ب ال ّ غْي ِعاِلُم َ ل َ ن ا َّ قال تعالى ) ِإ ّ
ن ُكْفُرُه فْم ِ ،إّل عْنَد َرّبِهْم ِ ،إّل َمْقًتا َ ،وَل َيِزي فُد اْلَكففاِفِري َ ن ُكْفُرُهْم ِ ن َكَفَر َفَعَلْيِه ُكْفُرُه َ ،وَل َيِزيُد اْلَكاِفِري َ ض َ ،فَم ْ
اَْلْر ِ
جففاَءُهْم
حَدى اُْلَممِ َ ،فَلّمففا َ ن ِإ ْن َأْهَدى ِم ْ جاَءُهْم َنِذيٌر َ ،لَيُكوُن ّ ن َجْهَد َأْيَماِنِهْم َ ،لِئ ْل َ سُموا ِبا ِّ ساًرا )َ … (39وَأْق َ خ َ َ
ئ ِإّل ِبفَأْهِلِه َ ،فَهفْل
سفّي ُق اْلَمْكفُر ال ّ حي ُ ئ َ ،وَل َي ِ سّي ِ
ض َ ،وَمْكَر ال ّ سِتْكَباًرا ِفي اَْلْر ِ َنِذيٌر َ ،ما َزاَدُهْم ِإّل ُنُفوًرا ) (42ا ْ
ض،سيُروا ِفي اَْلْر ِ ل )َ (43أَوَلْم َي ِ حِوي ً ل َت ْسنِّة ا ِّ جَد ِل ُن َت ِ
ل َ ،وَل ْ ل َتْبِدي ً
سّنِة ا ِّجَد ِل ُن َت ِن َ ،فَل ْ سّنَة اَْلّوِلي َ ن ِإّل ُظُرو َ َيْن ُ
يٍء ِ ،فففي شف ْ ن َ جفَزُه مِف ْ لف ِلُيْع ِ
ن ا ُّشفّد ِمْنُهفْم ُقفّوًة َ ،وَمففا َكففا َ ن َقْبِلِهفْم َ ،وَكففاُنوا َأ َ ن ِمف ْ عاِقَبُة اّلفِذي َن َ ف َكا َظُروا َكْي َ َفَيْن ُ
ظْهِرَهففا عَلى َ ك َ سُبوا َ ،ما َتَر َ س ِ ،بَما َك َ ل الّنا َ خُذ ا ُّ عِليًما َقِديًرا )َ (44وَلْو ُيَؤا ِ ن َ ض ِ ،إّنُه َكا َ ت َوَل ِفي اَْلْر ِ سَمَوا ِال ّ
صيًرا ) 45فاطر ( . ن ِبِعَباِدِه َب ِ
ل َكا َ ن ا َّجُلُهْم َ ،فِإ ّجاَء َأ َسّمى َ ،فِإَذا َ جٍل ُم َ خُرُهْم ِإَلى َأ َ ن ُيَؤ ّن َداّبٍة َ ،وَلِك ِْم ْ
ن )85
ك اْلَكففاِفُرو َ
سَر ُهَناِل َ
خ ِ
عَباِدِه َ ،و َ
ت ِفي ِ
ل اّلِتي َقْد خََل ْ
سّنَة ا ِّ
سَنا ُ ،
ك َيْنَفُعُهْم ِإيَماُنُهْم َ ،لّما َرَأْوا َبْأ َ
وقال ) َفَلْم َي ُ
غافر ( .
-إذن ل أحد ممن أجرم في حق ال بمفازة من العذاب ،وما ترِكهم في طغيانهم يعمهيون إل لحيين مجييء أجلهيم
الُمعلوم سلفا ،وتأخير العذاب عنهم ما كان لعجز أو لقصر ذات يد ،إذ أنهم كلما أمعنييوا فييي الكفيير كلمييا ازدادوا
مقتا وغضبا وخسارة وكلما اقترب إليهم أجلهم وهم ل يشعرون ،ولن يقبل إيمانهم عنييد معاينيية العييذاب ،بعييد أن
حق القول عليهم وصدر الحكم بكفرهم ونفذ قضاء ال فيهم .
ن )(59
قُبو َ
مْرت َ ِ
م ُ
ه ْ
ب إ ِن ّ ُ
ق ْ
فاْرت َ ِ م ي َت َذَك ُّرو َ
نَ ، عل ّ ُ
ه ْ ك لَ َ
سان ِ َ
سْرَناهُ ب ِل ِ َ
ما ي َ ّ َ
فإ ِن ّ َ
أي أن ال سبحانه أنزل هذا القرآن بلسان العرب ،فما هو بأعجمي حييتى نيّدعي عييدم الفهييم ،وجعلييه قييابل للفهييم
حجب عنه الفهييم ،ووجييده طلسييم والهضم لمن أراد خير الدنيا والخرة ،ومن لم ُيرد وارتاده لمر ما غير ذلك ُ
ورموز ل يفقه منها شيئا ،فكّذب وجادل وكفر ونسب إلى كتاب ال ما ليس فيه وأعرض عيين اتبيياعه ونهييى عيين
العمل به وحاربه بشتى الوسائل والسبل :
ن
ن )َ … (21وِمْنُهفْم َمف ْ ظفاِلُمو َح ال ّب ِبآَيفاِتِه ِإّنفُه َل ُيْفِلف ُل َكفِذًبا َأْو َكفّذ َعَلى ا ِّ ن اْفَتَرى َ ظَلُم ِمّم ِ ن َأ ْقال تعالى ) َوَم ْ
ن َيفَرْوا ُك فّل َءاَي فٍة َل ُيْؤِمُنففوا ِبَهففا ،
ن َيْفَقُهوُه َ ،وِفي َءاَذاِنِهفْم َوْقفًرا َ ،وِإ ْ عَلى ُقُلوِبِهْم َأِكّنًة َأ ْ جَعْلَنا َ ك َ ،و َسَتِمُع ِإَلْي َ
َي ْ
ن
عْنفُه َ ،وَيْنفَأْو َن َن )َ (25وُهفْم َيْنَهفْو َ طيرُ اَْلّوِليف َسا ِن َهَذا ِإّل َأ َ ن َكَفُروا ِ ،إ ْ ك َ ،يُقوُل اّلِذي َ جاِدُلوَن َ ك ُي َ
جاُءو َ حّتى ِإَذا َ َ
عَلى الّناِر َ ،فَقاُلوا َ :يَلْيَتَنا ُنَرّد َوَل ُنَكّذ َ
ب ن )َ (26وَلْو َتَرى ِإْذ ُوِقُفوا َ شُعُرو َ سُهْم َ ،وَما َي ْ ن ِإّل َأْنُف َن ُيْهِلُكو َ
عْنُه َ ،وِإ ْ َ
عْنُه ،ن َقْبُل َ ،وَلْو ُرّدوا َلَعاُدوا ِلَما ُنُهوا َ ن ِم ْ خُفو َن )َ (27بْل َبَدا َلُهْم َ ،ما َكاُنوا ُي ْ ن اْلُمْؤِمِني َ ن ِم َ ت َرّبَنا َ ،وَنُكو َ ِبآَيا ِ
ن ) 29النعام ( . ن ِبَمْبُعوِثي َحُ حَياُتَنا الّدْنَيا َوَما َن ْ
ي ِإّل َ ن ِه َ ن )َ (28وَقاُلوا ِإ ْ َوِإّنُهْم َلَكاِذُبو َ
) فارتقب ( خاص برسوله عليه الصلة والسلم ،وفيه وعد بنصييرته ونصييرة أتبيياعه بييإهلك خصييومه ،وعييام
لمن ُيخاطبهم القرآن ) إنهم مرتقبون ( أي مرتقبين هلكهم غير مصّدقين ،مستهزئين غير عابئين بما وعدهم ال
من أمر البطشة الكبرى ،وفيه تهّكم من ال بهم وتحقيرا لشأنهم وقوله ) فييارتقب ( يفيييد أن ذلييك سيييقع مسييتقبل ،
ث على الترّقب والنتظار كقوله ) فارتقب يوم تأتي السييماء ( لمعاينيية الحييدث الول ) أي الييدخان ( الييذي وفيه ح ّ
بّين رب العزة خبره ،وبّين ما سيكون قولهم عند نزوله بهييم ،ومييا سيييكون مييوقفهم بعييد كشييفه عنهييم ،وميين ثييم
244
) فارتقب ( في آخر السورة لمعاينة الحدث الثاني ) أي البطشة الكبرى ( لتعلم وليعلييم المؤمنييون ،بييأن مييا أخييبر
عنه هذا القرآن الكريم المبين هو الحق ،وأن من أنزله هو الحييق ،وأن مييا ُينكييره هييؤلء بكفرهييم هييو الحييق فل
ُيضيرك وُيضير المؤمنين به ،كفرهم وفسوقهم وعصيانهم ،فلن تأسف عليهم السماء ول الرض كما لييم تأسييف
ض فّل ِإَذا اْهَت فَدْيُتْم ِ ،إَلففى
ن َ
ضّرُكْم َم ف ْ
سُكْم َ ،ل َي ُ
عَلْيُكْم َأْنُف َ
ن َءاَمُنوا َ
على من أهلكناهم من قبل قال تعالى ) َيَأّيَها اّلِذي َ
ن )105المائدة ( . جِميًعا َفُيَنّبُئُكْم ِبَما ُكْنُتْم َتْعَمُلو َ
جُعُكْم َ
ل َمْر ِ
ا ِّ
م( ل كَ ِ
ري ٌ سو ٌ
م َر ُ
ه ْ
جاءَ ُ
و َ
ن َ
و َ
ع ْ
فْر َ
م ِ
و َ م َ
ق ْ قب ْل َ ُ
ه ْ فت َّنا َ ول َ َ
قد ْ َ ) َ
جاء في لسان العرب أن " جماع معنييى الفتنيية البتلء والمتحييان والختبيار ،وأصيلها مييأخوذ مين قولييك فتنيت
ش فّرالفضة والذهب ،إذا أذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيد " ،ويتضح معناها من قييوله تعييالى ) َوَنْبُلففوُكْم ِبال ّ
ن َيُقوُلففوا َءاَمّنففا َ ،وُهفْم َل
ن ُيْتَرُكففوا َ ،أ ْس َ ،أ ْ ب الّنففا ُ
سف َ
ح ِ
خْيِر ِفْتَنًة ) 35النبياء ( ،وقيوله تعيالى ) الففم )َ (1أ َ َواْل َ
لف
ن ا ُّ
ن )َ … ( 3وَلَيْعَلَمف ّ ن اْلَكففاِذِبي َ
صَدُقوا َ ،وَلَيْعَلَم ّن َ ل اّلِذي َ
ن ا ُّ
ن َقْبِلِهْم َ ،فَلَيْعَلَم ّن ِم ْن )َ (2وَلَقْد َفَتّنا اّلِذي َ ُيْفَتُنو َ
ن ) 11العنكبوت ( ليكييون معنييى الفتنيية هييو المتحييان والختبييار ،ويكييون ذلييك ن اْلُمَنففاِفِقي َ
ن َءاَمُنوا َوَلَيْعَلَمف ّاّلِذي َ
بالبتلء بالشر أو بالخير ،ليعلم ال الصادق من الكاذب وليعلم المؤمن من المنافق .
والملحظ في اليات أعله أن المخاطب في الية ) ( 35من سييورة النبييياء هييم المعاصييرين لرسييالة السييلم ،
وأن الحديث في الية ) ( 2من سورة العنكبوت ،كان عن الناس إجمال وبشكل عام .أما قوله ) ولقد فتنييا الييذين
من قبلهم ( فالضمير ) هم ( يعود على المعاصرين لرسالة السلم ،واليذين فتنيوا مين قبلهيم هيم كيل مين سيبقت
فتنتهم قبل مجي السلم ،إذ لم يكن في هذه العبارة تحديييد لقييوام بعينهييا سييبقت فتنتهييا ،فهييي أسييبقية زمانييية ل
مكانية .
وأما في سورة الدخان فيقول سبحانه وتعالى ) ولقد فتنا قبلهييم ( ،وضييمير الغييائب ) هييم ( فييي كلميية ) قبلهييم ( ،
يعود حصرا على أصحاب الدخان الموعودين بالبطشة الكبرى ،وبمجيء التحديد لقوم بعينهم بقوله تعييالى ) قييوم
فرعون ( تصبح أسبقية ) قوم فرعون ( لهؤلء الناس ،مكانية وزمانية في آن واحد ،ونلحظ هنا أن الفتنة كانت
للقوم بشكل عام ،إذ لم يقل سبحانه ) فرعييون ( أو ) فرعييون وقييومه ( أو ) فرعييون وملئه ( ،وإنمييا قييال ) قييوم
فرعون ( .
246
ليصبح المعنى بأننا قمنا بامتحان واختبار هؤلء القوم ) أصحاب الدخان ( ،فكان منهم ما كان فييي حييق رسييولهم
وحق ما جاء به من الهدي ،ورسبوا في المتحان الذي ُقّدم إليهم ،بمجيء محمد عليه الصييلة والسييلم الرسييول
الكريم ،وتبّين لنا وتأّكد أنهم كاذبون فاسيتحقوا بطشيتنا الكيبرى ،كميا كنيا قيد فتنييا قبلهيم فييي نفيس الرض قييوم
فرعون ،ببعث رسولنا الكريم موسى عليه الصلة والسلم إليهم ،فكذبوه وحاربوه واتهمييوه بالسييحر والجنييون ،
فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر .
وهنا نفهم من قوله تعالى ) يغشى الناس ( بأن المقصودين هنا أناس بعينهم ل جملة البشر ،وحقيقة هؤلء النيياس
موضحة في اليات بشكل ل لبس فيه ،وأهم ما يتمّيزون به هو الكفر والنفاق ،وأن هذا الدخان سيغشاهم كعييذاب
وذلك لكفرهم ونفاقهم ،مما ينفي أن هذا الدخان سُيبتلى به عامة البشر ،من مؤمنين وكفار ومنافقين ،وُيفهييم ميين
قوله ) الناس ( أنه سيغشى عامة الناس المقيمين في المكان الذي أحدث الناس فيييه مييا وصييفته اليييات أعله دون
سائر البشر .
ن
عْو َ
ن ِفْر َ
ن )ِ (30م ْ
ب اْلُمِهي ِ
ن اْلَعَذا ِ
سَراِئيَل ِم َ
جْيَنا َبِني ِإ ْ
أما الشارة الثانية للمكان فجاءت في قوله تعالى ) َوَلَقْد َن ّ
… ( ونجاتهم كانت بخروجهم من مصر ،وذكر بني إسرائيل أيضييا جيياء هنييا لشييتراكهم مييع الفراعنيية بالفسيياد
والفساد في الرض ،وانعدام اليمان بال واليوم الخر ،ومحاربتهم ل ولرسله وأنبيائه والصالحين ميين النيياس
قبل العلو وبعده ،فأنزل ال بهم العذاب تلو العذاب .
ن ) (37وفيييه تهديييد جِرِميف َ
ن َهفُؤَلِء … ( أصييحاب الييدخان ) … َأْهَلْكَنففاُهْم ِ ،إّنُهفْم َكففاُنوا ُم ْ
وقوله تعييالى ) … ِإ ّ
ضمني للمخاطبين بالقرآن ،من كفرة أمة محمد عليه الصلة والسلم ،بالهلك كما ُأهلييك الييذين ميين قبلهييم لمييا
فعلوا مثل فعلهم .
تساؤلت :
والسؤال الول :هل ظهر الدخان في مصر حيث مكان إقامة فرعون وقومه ؟!
ن ( قبل ظهور الدخان ؟!
ك َيْلَعُبو َ
شّوالسؤال الثاني :هل كان أهل مصر ) ِفي َ
والسؤال الثالث :هل أمعن أهل مصر في التولي والعراض ،عما جاء به رسول ال عليه الصلة والسييلم بعييد
ن ( أيضا ؟!
جُنو ٌ
ظهور الدخان ) َوَقاُلوا _ عنه _ ُمَعّلٌم َم ْ
247
فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين
في هذا الفصل ،سنعرض جانبا من مقالت كانت قد وردت في صحيفة الهرام المصرية ،تتحييدث عيين سييحابة
كثيفة من الدخان السود ،غشَيت سكان القاهرة ،في الفترة الواقعة ما بين 1999 / 10/ 30 – 20م .
248
سللحابة الللدخان تتلشللى نهائيللا مللن فللوق القللاهرة خلل 48
ساعة
الصفحة الولى /الثنين 16 /من رجب 1420هي 25 ،أكتوبر 1999م ،السنة -124العدد 41230
موقع الصفحة على شبكة النترنت هو www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/FRON13.HTM :
249
سر اختناق القاهرة !
25أكتوبر 1999م ،السنة -124العدد 41230 تحقيقات /الثنين 16 /من رجب 1420هي ،
موقع الصفحة على شبكة النترنت هو www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/INVE1.HTM :
حرق حطب القطن وقش الرز مع خليط الغازات المركبة سبب سييحابة الييدخان .المواطنييون :إصييابات بييالنف
والحلق وصعوبة في التنفس نتيجة للتلوث .مصدر أمني 5 :بلغات فقط حول حرائق المخلفات وتم إخمادها .
أما السيدة سمر عمر محمود من سكان مدينة نصر ،فقد وصفت الدخان بأنه عبييارة عيين دخييان ينبعييث ميين آبييار
بترول تحترق وليس دخانا عاديا ،ينبعث من مخلفات قمامة ،كما أن الجو الحار ساعد على حدوث انقبيياض فييي
حالة الجو جعلتنا ل نستطيع التنفس .
أحمد علي أبو الحسن ،مشرف اجتماعي بجامعة الزهير بمدينية نصير ،يقيول إنيه يشيعر بحالية اختنياق شيديدة
وحرقان بعينيه ،لم يستطع معها البصار بصورة جيدة .
ومن جانبه أكد مصدر أمني بنجدة القاهرة ،بأن النجدة لم تتلق بلغيات حيرائق ليلية أميس ،عيدا حرييق محيدود
شب في محطة بنزين التعاون بشارع قصر العيني .وذكر المصدر المني أن الدارة تلقت ليلة أمس ،حييوالي 5
بلغات حريق في مخلفات قمامة وتم إخمادها فورا .وأوضح أن الدارة تلّقت إشارة بأن الشبورة ،التي أحيياطت
سماء القاهرة ليلة أمس ،كانت نتيجة حرق مخلفات محصول القطن والرز بالرياف .
وحول أسباب الظاهرة ،كتب عبد المجيد الشوادفي من الشرقية ،في محاولة سريعة وعاجلة ،لحتواء السييباب
التي أدت إلى ظهور السحابة السوداء فوق سماء القاهرة وعدد من محافظات الدلتا ،نتيجة لقيام الفلحييين بحييرق
251
قش الرز المتخلف عن حصاد المحصول ،مما ترتب عليه حدوث اختناقات وإصابات في العيون بييين الكييثيرين
من أبناء ومحافظة الشرقية .
قّرر المحافظ الدكتور حسين رمزي كاظم تنفيذ عييدة إجييراءات للقضيياء علييى هييذه الظيياهرة ،الييتي انتشييرت فييي
مختلف مساحات الراضي المزروعة بالرز ،والتي تبلغ حوالي 150ألف فدان .وتم التفاق مع اللواء محمد
صادق أبو النور مساعد وزير الداخلية لمن الشييرقية ،علييى تكليييف رؤسيياء الوحييدات المحلييية بييالقرى والمييدن
ومأموري مراكز الشرطة ،بتنظيم حملت لخماد عمليات حرق قييش الرز ،والسييتعانة بفييرق الييدفاع المييدني
والحريق لطفاء النيران المشتعلة في الحقول وتحرير محاضر للمخالفين .
وكانت سحابة الدخان الكثيفة التي خّيمت على مدى اليام الماضية فوق محافظة الشرقية ،قد امتدت إلييى منيياطق
طت الطرق الرئيسية التي تربط بينها وبين الطرق الصييحراوية ،ممييا أدى
متعددة في المحافظات المجاورة ؟ وغ ّ
إلى إعاقة الرؤية أمام سائقي السيارات وعرضتهم إلى ارتكاب حوادث تصادم .
252
المزارعون :القش بريء
تحقيقات /الثنين 16 /من رجب 1420هي 25أكتوبر 1999م ،السنة -124العدد 41230
موقع الصفحة على شبكة النترنت هو www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/INVE4.HTM :
254
من مزارع الرز ،بين الطريق الدائري والطريق الزراعي عند مدينة قليوب ،بالضافة لمساحات أخرى كييانت
ظاهرة من طريق بلبيس الصحراوي باتجاه الخانكة .
صورة ليلية :سحابة الدخان حجبت مباني القاهرة مرة أخرى مساء أمس
تجدد انتشار الدخان في سماء القاهرة الكبرى مساء أمس ،وتلقت الهرام اتصالت هاتفييية ميين قيياطني السيياحل
وشبرا مصر ومصر الجديدة ،ومدينة السلم والعجوزة والمنيل والهرم ،بإحساسهم بتكاثر الدخان وأنهييم أغلقييوا
نوافذ مساكنهم .وصرحت الدكتورة نادية مكرم عبيد وزيرة شئون البيئة ،بأن كثافة سييحابة الييدخان الييتي عييادت
إلى سماء القاهرة ،أقل مما كانت عليه مساء السبت الماضي حين بلغت ذروتها .وقالت لمنيدوبي الهيرام ،أنهيا
في اجتماع دائم مع خبراء البيئة المصريين وبعض الخبراء من الدنمارك ،لرصد وتحليل الدخنة الموجييودة فييي
سماء القاهرة الكبرى .وأكّدت وجود مرتفع جوي قادم من شمال الجمهورية ،وأنه أدى إلى عدم تشتت الملوثات
العالقة فييي الجييو ،وزيييادة شييعور المييواطنين بهييا فييي بعييض منيياطق القيياهرة الكييبرى .وحييذر الييدكتور طييارق
صفوت ،رئيس قسم المراض الصدرية بجامعة عين شمس ،من أن هذه السحابة تزيييد مخيياطر التهيياب الشييعب
الهوائية للمواطنين ،وحدوث النزلت الربوية وحساسية جهاز التنفس .ونفى مييدير أميين القليوبييية مييا تييرّدد عيين
احتراق مخلفات أحد المصانع الكبرى بي ) بنها ( .
255
متابعة :عبد العظيم الباسل وناجي الجرجاوي وسالي وفائي وأشرف أمين
صورة ليلية
أكتوبر ،تلقت الهرام العديد من المكالمات التليفونية ، في حوالي الساعة السابعة والنصف مساء أمس 26 ،
تؤكد عودة سحابة الدخان مرة أخرى ،في مناطق السيياحل وشييبرا ومصيير الجديييدة ،ومدينيية السييلم والعجييوزة
والمنيل والهرم .وقد أغلق المواطنون النوافذ لشعورهم بالختناق .وصرحت الدكتور ناديية مكيرم عبييد وزييرة
شؤون البيئة ،بأن سحابة الدخان الخانق عادت إلى سماء القيياهرة بييالمس ،ولكيين ليسييت بكثافيية السييحابة ،الييتي
غطييت القيياهرة منييذ ثلثيية أيييام .وقييالت :أنهييا فييي اجتميياع دائم مييع خييبراء الييبيئة المصييريين وبعييض الخييبراء
الدانماركيين ،لرصد وتحليل الدخنة المنبثقة والمنتشرة في سماء القاهرة الكبرى .
وأشارت إلى أن التحليل المبدئي للدخنة ،أكد وجود نسبة عالية من الجسيمات العالقة والتربيية الرفيعيية ،سيياعد
على انتشارها سكون الجو وعدم تحريكها بواسطة الرياح ،ومازالت أبحاثنييا مسييتمرة للوصييول إلييى حقيقيية هييذه
ساعة المقبلة .وعّللت عودة الدخنة إلى تضافر مجموعة من العوامل أهمها المسابك الدخنة خلل الي 48
والصناعات الملوثة للبيئة ،وحرق بقايا محصولي الرز والقطن في الحقول المجاورة للقاهرة .
أكّدت السيدة نادية مكرم عبيد ،أن استمرار ظهور الدخان المنتشر في سماء القاهرة الكييبرى ،هييو نتيجيية وجييود
مرتفع جوي قيادم مين شيمال الجمهوريية ،أدى إليى عيدم تشييتت الملوثيات العالقية فيي الجيو ،والييتي شييعر بهيا
المواطنون في بعض مناطق القيياهرة الكييبرى .وقييالت الييوزيرة إن الييوزارة تقييوم حاليييا بالتعيياون مييع الجهييزة
المعنية ،بمتابعة الموقف للتخفيف من تركيز تلك الملوثات ،حيث أشارت مصادر الرصاد الجوييية ،إلييى توقييع
استمرار هذه الظاهرة لمدة 3أيام على القل .
ومن جانبه ،قال الدكتور محمود نصر ال مدير معمل تلوث الهواء بالمركز القومي للبحوث :إن حرائق القمامية
والملوثات الناتجة من العربات والصناعات الصغيرة ،ليست السبب الوحد في هذه الحالة المناخية ،فهناك نييوع
من الركود للحركة الرئيسية والفقية للهواء ،هذا بالضافة إلى انخفاض سرعة الرياح وتغير العوامييل الجوييية ،
مما يؤدي إلى حالة من الحتباس الحراري ،لذلك يجب أن تشكل غرفة عمليات ،في مثل هييذه الحييالت ليقيياف
الملوثات المنبعثة ) .تبريرات وتكهنات جديدة (
وشرح الدكتور محمود نصير الي ميدير معميل تليوث الهيواء ،أنيه مين المتوقيع أن تكيون الدخنية ) ولييس مين
المؤكد ( ،ناتجة عن احتراق وقود البييترول أو القماميية ! هييذه الدخنيية عبييارة عيين جسيييمات عالقيية ميين الييدخان
السود ،ثاني أكسد الكربون ،وثاني أكسيد الكبريت ،أول أكسيد الكربون ،وأكاسيد النيتروجين ،لذلك يجب أن
يكون هناك حل سريع وفوري ،وتشكيل غرفة عمليات لرصد مصادر التلوث ،وكل منطقة سكنية بها محرقة أو
256
مقلب زبالة ،يجب أن تبلغ الجهات المسؤولة مثل وزارة البيئة وجهاز شؤون البيئة حتى تخمد هذه الحرائق فورا
.
ويضيف الدكتور محمود نصر ال :إننا الن أمام احتمالين ،إما أن تنشط حركة الهواء مرة أخرى ويعود المنيياخ
لوضعه الطبيعي ،أو يستمر الوضع على ما هو عليه ،مما يؤدي إلييى تركييز الهيواء وبالتييالي تراكييم الملوثييات ،
والتي سُيضاّر منها مرضى الصدر والدورة الدموية والقلب .ويضيف الدكتور محمود نصر ال ،أنييه للسييف ل
توجد خريطة توضح مراكز التلوث بالقيياهرة ،مثييل المحييارق وبعييض الييورش والمصييانع ،والييتي ميين الممكيين
التحكم بها في مثل هذه الحالت بإيقاف مصادر التلوث ،بشكل تدريجي ومؤقت لحين عودة الرياح لنشاطها .
ويضيف الدكتور محمود نصر ال :أن حادثا مشابها وقع في لندن عام ) 56المسؤول السابق قييال أنييه وقييع عييام
، ( 49حيث ازدادت كثافة السحب المعبأة بالملوثات ،مما أدى إلى إصابة العديد باللتهابييات الشييعبية ،وتطييور
المر إلى مرحلة الختناق والوفاة .لذلك يطالب الدكتور محمود نصر الي ،بييأن تتييابع محطييات الرصييد التابعيية
لجهاز شؤون البيئة ،تغيرات مكونات الهواء في كييل منطقيية ،وتحييدد مصييادر التلييوث سييواء كييانت محييارق أو
مصانع .ووقفها بشكل مؤقت لحين تحسن الحالة الجوية وعودة الرياح لسرعتها الطبيعية .
ومن جانبه أكد مجدي البسيوني رئيييس هيئة النظافيية وتجميييل القيياهرة :أنييه قييام بجوليية ميدانييية ،للوقييوف علييى
مصادر انبعاث الدخنة من جديد ،فوجد أن المقالب الرسمية لم يحدث بها أي اشتعال للقمامة ،بينما لحظ وجود
الدخنة بكثافة في المناطق المتاخمة للراضي الزراعية على امتداد المشروع البلبيسي .وأجمعت المصادر على
أن الحرائق ل تزال مشتعلة في الحقول بمنطقة الخانكة والطريق الدائري .وطالب البسيييوني :بضييرورة تحييرك
الرصاد والبيئة ،للكشف عن سر هذه الظاهرة ،التي تفاجئ القاهرة بين الحين والخر .
ومن جانبه أكد المستشار صييبري الييبيلي محييافظ القليوبييية أنييه بييالمس فقييط ،تييم تحرييير 35محضرا بي ) قها
وطوخ ( لحرق قش الرز المخالف ،والحملت مازالت مستمرة من الزراعة ومجالس المدن لمتابعة المخالفين .
مؤكدا أن سبب الدخان يرجع للرز المحترق ميين بعييض المزارعييين ،بمنطقيية اللييج والخانكيية بجييوار الطريييق
الدائري .ونفى المستشار البيلي عدم حرق أي كاوتش كما ترّدد عن أحد المصانع الكبرى .
ومن جانبه صرح د .محمد عطييية الفيييومي رئيييس مجلييس محلييي محافظيية القليوبييية :بييأنه ل توجييد حييرائق فييي
المنشآت الموجودة على أرض المحافظة حتى السيياعة التاسييعة مسيياء الثلثيياء 26أكتوبر ،ولم تتلق النجدة أو
المطافئ أية بلغات في هذا الخصوص ،إل أنه قد توجييد بعييض حييرائق يشييعلها بعييض المزارعييين للمحاصيييل
المنتهية ،لكنها ل تخرج عن كونها حرائق محدودة الثر وغير ذات تأثير .وعلى الجانب الخر لم يشيعر سييكان
القليوبية بالدخان الذي شعر به سكان القاهرة ،ولييم تتغييير طبيعيية المنيياخ ول رائحيية الجييو عيين المييور المعتييادة
) بالرغم من أن الحرق يتم في القليوبية ،وهي تبعد عن القاهرة 25كم ( .ونفى مدير أمن القليوبية ما ترّدد عيين
طى سماء القاهرة . احتراق مخلفات أحد المصانع الكبرى بي ) بنها ( مسببة الدخان الذي غ ّ
لحظ المواطنون أن المصائب توالت علينا ،منيذ إعلن النقلب اليوزاري الخيير ،بيدءا مين اختطياف طيائرة
بسكين وانهيار بعض المدارس ،ثم انتهاءً بالسحابة السوداء الغامضيية والسييقوط المييروع للطييائرة المصييرية فييي
شييها
المياه المريكية ،وهذه الملحظة عن تتابع المصائب صحيحة بالقطع ،وقييد اسييتنتج النيياس أن الييوزارة ) و ّ
نحس ( .
259
إل أننا ل نتفق طبعا مع هذا التفسير ،ومن واجبنا أن ننتبه إلى أن ما جرى ،أخطر كثيرا من كونه مجرد أحداث
متفرقة تتابعت بسبب النحس .
ونحن في تحليلنا ُنفّرق بين نمطين من الحداث ،الول له أسبابه المحلية الظاهرة ،ومثل ذلك اختطيياف الطييائرة
بالسكين وسقوط المدارس ،وما سبقه من تصادم القطارات وتهاوي ركابها فيوق القضيبان ،فمثيل هيذه الحيداث
كوارث داخلية في أسبابها ومغازيها ،فهي تكشف عين ميدى النحطياط ،اليذي بلغيه جهازنيا الداري ،اليذي ل
يعرف كيييف ُينظييم العمييل ول كيييف تتييم الصيييانة والمتابعيية ،والييذي أصييبح ل يعييرف العقيياب الفييوري للمهمييل
والفاسد .ويتفّرع عن هذا كل ما ُيعانيه المواطن ،من ظلم وإذلل لدى تعامله مع أية مصلحة حكومية .
إل أنني ُأرّكز هنا على النمط الثاني من المصائب التي اجتاحتنا ،والذي يتمّثل في السييحابة السييوداء وفييي سييقوط
الطائرة في المياه المريكية ،وسأضيف أيضا التهديد باستقلل جنوب السودان .
بالنسبة للسحابة السوداء ،مؤكد أن هناك إجماعا على رفييض التفسييير الرسييمي المعليين ،بحكاييية مقييالب الزباليية
ح التفسييير لكييان سييببا إضييافيا لعييزل ) يوسييف والييي ( !! ولكننييا ل
وحرق قش الرز وما شابه … طبعا لييو صي ّ
نصّدق مثل غيرنا هذا التفسير المتهافت والمهييين للعقييول ،ونحيين ل نتسيّقط أسييبابا لعييزل ) والييي ( فييوالي مييش
ناقص ،والتهامات الخرى الثابتة في حقه تكفي وزيادة للطاحة به ومحاكمته .
ولكن مع الرفض الجماعي لعلن الحكومة عن حكاية قش الرز ،حاول الناس أن يتوصلوا بمعرفتهم للسييباب
الكييثر احتمييال ومنطقييية ،لحكاييية السييحابة السييوداء ،وفييي سييعيهم هييذا حيياولوا أن يرصييدوا أي تغّييير جديييد ،
يربطونه بنشوء هذه الظاهرة المفاجئة وغير المألوفة ،فلم يجدوا أمامهم إل مناورات النجم السيياطع وانتشيير بييين
الناس أنها السبب ،وهذا التفسير للظاهرة العجيبة والمؤذية ُ ،يعّبر في تقديري عن اتجاه سليم فييي التحليييل ،فهييو
من ناحية يعكس وعيا شعبيا عميقا ،في التعامل مع الحلف الصهيوني المريكي ،على أمننييا ووجودنييا … وميين
جهة أخرى ،فقد خّمن الناس أن لجوء الحكومة إلى كذبة مفضوحة وسييخيفة ُ ،يخفييي حرجهييا ميين إعلن السييبب
الحقيقي لمأساة السحابة السوداء ،فتأكد عندهم أن مناورات النجم الساطع قد تكون السبب ،الُمثير للحرج .
وقد ذكرت أن ما وصل إليه جمهور الناس وخاصييتهم ُ ،يعتييبر تحليل فييي التجيياه الصييحيح ،ولكيين قييد ل تكييون
مناورات النجم الساطع ،بالذات ،مسؤولة وبشكل مباشير عين هييذه الظياهرة ،إذن كيييف حييدثت ؟ ل أسييتبعد أن
تكون الحكومة عاجزة مثلنا ،عن المساك وبالدليل بالسبب الحقيقي لمصيييبة السييحابة السييوداء ،ول غرابيية فييي
قولي هذا ،فمين الثيابت الن ،أن ترسيانة العيداء فيي مجيال الحيرب البيولوجيية والكيمائيية ،فيهيا الكيثير مين
الطلسم والسرار التي يصعب فهم كنهها ،وفيها تنويع هييائل ،فبعضييها ُيمكيين أن يقتييل والبعييض الخيير ُيمكنييه
اليذاء دون القتل ،وحسب الدرجة المطلوبة … وفي كل الحوال ،فإن الميزة العظمى لهييذه السييلحة السييرية ،
أنها ُتحدث فعلها المدمر دون أن تتمكن الضحية ،من معرفة السبب أو من التثبت من نوع الوسائل ،التي حملييت
إليها أسلحة القتل واليذاء .
) ويسهب الكاتب قليل في الحديث عن السلحة السرية ،ويضييرب قصيية المحاوليية السييرائيلية الفاشييلة لغتيييال
خالد مشغل ،واستخدام اليورانيوم المستنفذ في العراق ويوغسيلفيا ،ومنتجيات الهندسية الوراثيية فيي الغذيية ،
ومن ثم يختم كل ذلك بقوله ( :
في إطار ما سبق ،لم ل تكون سحابتنا الغامضة ضمن وسائل الحرب السرية ؟! ول يعني هذا ،أن ما جرى كان
بالضرورة في إطار أسلحة البادة الشاملة ،فقد ذكرت أن أسلحتهم أصبح فيهييا درجييات متصيياعدة ميين اليييذاء ،
الذي قد ل يصل في كل الحالت إلى القتل .
ن البتلء الذي مّثلته السحابة السوداء الغامضة ،قد يكيون مجيّرد إشيارة تحيذير ) لقيد أصياب الكياتب هنيا كبيدإّ
الحقيقة ،وهي كذلك ( وشّد للذن ،فالدولة قد تتوصل إلى نفس الستنتاج الذي وصلناه ،وهذا في ظنهم يكفييي –
مع ضغوط أخرى -لكي تخضع الدولة ،وُتنّفذ ما ُيطلب منها خوفا من تكرار الظاهرة وتصاعدها ،إن الدولة قييد
ل تتمكن من تقديم أدلة قاطعة تثبت وقوع الجريمة ،وإن كانت ترجح قيامها ،ولكن هييذا الغمييوض هييو مييا ُيمّيييز
260
الشكال الجديدة للحروب الكيماوية والبيولوجية ،والتي ُيمكن أن تحقق ما يستهدفه القصف النووي بالصواريخ ،
ولكن دون ضجيج ودليل … انتهى القتباس .
* صحيفة الشعب والتي ُأخذ منها هذا المقال ،موقوفة عن العمل من قبل الحكومة المصرية .
قراءة سريعة في مقالت الهرام والشعب
صحيفة الهرام
الدخنة والغازات والروائح النفاذة … ظاهرة غريبة بحاجة إلى تفسير … سحابة دخان كثيفة … الدخان الكثيف
… السحابة العالقة بسماء القاهرة … دخان ينبعث من آبار بترول تحترق وليس دخانا عاديا … بأن هنيياك شيييئا
يحرق في الهواء … هذا الدخان الخانق … وبالنسبة لدخان السييحابة الخيييرة فقييد اتسييم بالكثافيية ووجيود رائحيية
نّفاذه مصاحبة له … أن هناك شيئا غير طبيعي ،في الهواء منذ عشرة أيام … لغز السحابة السوداء .
تعرضت سماء الدلتا والقاهرة حتى الجيزة لتلوث هوائي شديد … غطّييت أجييواء القيياهرة خاصيية منطقييتي مدينيية
نصر ومصر الجديدة ومناطق وسط البلد ومصر القديمة … الدخان الكثيف الذي يمتييد ميين حلييوان إلييى المعييادي
والمنيل والمهندسين … نتيجة لهذا الدخان الخانق ،الذي لف القاهرة ...فوق سماء القاهرة وعدد ميين محافظييات
الدلتا … التي خّيمت على مدى اليام الماضية فوق محافظة الشرقية … تجدد انتشار الييدخان فييي سييماء القيياهرة
الكبرى من الساحل وشبرا مصر ومصر الجديدة ،ومدينة السلم والعجوزة والمنيل والهرم .
اختناق القاهرة الذي استمر لثلثة أيام متتالية … وأيًا كانت أسبابها الحقيقييية فقييد انزعييج العديييد مين الهييالي …
تسبب في حالة من القلق بين سكان القاهرة … أثار ذعر السكان … المبالغة في قلق ووصف الحييدث ،بالكارثيية
…
العراض المبدئية للتعرض لها ،تشمل التهاب العيون والنف والذن والصدر والحلق وصعوبة في التنفييس …
وسّبب بعض حالت الختنياق … أزميات تنفسيية نتيجية لزمتية الهيواء وغيياب الوكسيجين الكيافي ،وأصيابت
الطفال وكبار السن بالختناق … عدم القدرة على التنفس رغم إغلق نوافذ الشقق … ل نستطيع التنفييس ونكيياد
نصاب بحالة اختناق شديدة … أصيب بحالة اختناق شديدة وحرقان بعينييه ،لييم يسييتطع معهيا البصييار بصيورة
طت الطرق الرئيسية مما أدى إلييى إعاقيية الرؤيية ،أمييام سييائقي السيييارات وعرضييتهم إلييى ارتكيياب
جيدة ...وغ ّ
حوادث التصادم ...وقد أغلق المواطنون النوافذ لشعورهم بالختناق .
تهيج في الغشية المخاطية للعين والنف لمن تعرضوا له ،وأدى ذلييك إلييى إصييابتهم بضيييق فييي التنفييس نتيجيية
تهيج هذه الغشية ،فارتفع عدد الحالت المصابة وزاد عدد المترّددين علييى أقسييام الصييدر بالمستشييفيات العاميية
والخاصة .
ثلثة احتمالت :حرق المخلفات الزراعية ،حرق القمامة ،عوادم السيارات … أثييارت سييحابة الييدخان الخييانق
التي غطت القاهرة أول أمس ،تساؤلت عديدة حول أسبابها ..البعض أرجعهييا لحييرق مقييالب القماميية المنتشييرة
حول القاهرة ،وعّللها البعض الخر بحرق بقايا جذور نبات الرز .
261
مقالب الزبالة بريئة من التهمة :
من جانبه يؤكد اللواء مجدي البسيوني رئيييس هيئة التجميييل والنظافيية بالقيياهرة :إن هييذه السييحابة العالقيية بسييماء
القاهرة ل ترجع إلى حرق القمامة ،لُيبّرئ مقالب القمامة ويتهم القش .
ي أما المزارعون فقد بّرءوا القش بحجج منطقية ،بالضافة إلى أن دخان حرق القييش والخشيياب ذو لييون أبيييض
ورائحة خاصة ومميزة ،وتختلف عن دخان حرق المواد البترولية ،ذو اللون السود والرائحيية النفاثيية ،وكييذلك
تختلف عن دخان حرق القمامة ،ذو اللون القل سوادا ،والرائحة الكريهة .
وشرح الدكتور محمود نصير الي ميدير معميل تليوث الهيواء ،أنيه مين المتوقيع أن تكيون الدخنية ) ولييس مين
المؤكد ( ناتجة عن احتراق وقود البييترول ! أو القماميية ! هييذه الدخنيية عبييارة عيين جسيييمات عالقيية ميين الييدخان
السود المكون من :
ثاني أكسد الكربون ، .1
وثاني أكسيد الكبريت ، .2
أول أكسيد الكربون ، .3
وأكاسيد النيتروجين . .4
لذلك يجب أن يكون هناك حل سريع وفوري ،وتشكيل غرفيية عمليييات ،لرصييد مصييادر التلييوث ،وكييل منطقيية
سكنية ،بها محرقة أو مقلب زبالة ،يجب أن تبلغ الجهات المسؤولة ،مثييل وزارة الييبيئة وجهيياز شييؤون الييبيئة ،
حتى تخمد هذه الحرائق فورا .
ي وبما أنه ل يوجد حقول نفط تحترق في القاهرة ،نجد أن هذا المختص ُيبعيد الشيبهة عين القيش ويعيزوه لمقيالب
القمامة ،والتي أكد المسؤولون أنها موقوفة عن العمل منذ ثلث سنوات وأنها ليست السبب .
عودة الدخان … ول حرائق تؤخذ بعين العتبار … ؟!
ل الجراءات الحترازية والحتياطات اللزمة ،التي اتخذت على الرض بمنع الحيرائق فيي القياهرة ي ورغم ك ّ
ب الييذعر والرعييب بيين سييكان القياهرة
وما حولها ،يعود الدخان بنفس الكثافة ويبقى عالقا في سماء القاهرة ،ليد ّ
من جديد ،في ليل 1999 / 10 / 26م ،ليصبح لغزا غامضا ل يقبل تبريرا منطقيا ول يجد تفسيرا علميا .
وقالت الوزيرة :أنها في اجتماع دائم مع خبراء البيئة المصريين وبعض الخبراء الييدانماركيين ،لرصييد وتحليييل
الدخنة المنبثقة والمنتشرة في سماء القاهرة الكبرى .وأشارت إلى أن التحليل المبدئي للدخنة ،أكد وجود نسييبة
عالية من الجسيمات العالقة والتربة الرفيعة ،ساعد على انتشارها سكون الجو ،وعدم تحريكها بواسطة الرييياح
سر الماء بعد الجهد بالماء ( ،وما زالت أبحاثنا مستمرة للوصول إلى حقيقة هذه الدخنة .
) كمن ف ّ
ي أي بالرغم من كل محطات الرصد التي عّددها أحد المقالت أعله ،ليم تسيتطع اليوزيرة وخبرائهيا اليدنمركيين
من معرفة أسبابها .
تلقى الدكتور عاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء تقريرا شامل مساء أمس ،من الدكتورة نادية مكرم عبيد وزيرة
الدولة لشؤون البيئة ،حول ظاهرة الدخان الكثيف الذي غطى سماء القاهرة منذ يوم السبت الماضي ،وعيياد إلييى
الظهور يومي أمس وأمس الول .
262
إحدى الحقائق المرعبة ،على لسان وزيرة الدولة لشؤون البيئة :
وصرحت الدكتورة نادية مكرم عبيد وزيرة الدولة لشؤون البيئة ،بأن معدلت تليوث الهيواء وصيلت أخييرا إليى
300ميكروغرام في المتر المكعب ،بما يتجاوز أربعة أضعاف نسب التلوث المنية .
ي فكيف وصلت نسبة التلوث بالدخان إلى هذه الدرجة بين عشية وضحاها … ؟! ولماذا لم ُتطلع الوزيرة وخييبراء
الرصد الشعب المصري ،على تقارير التحليلت المخبرية أثنيياء حييدوث الظيياهرة أو بعييد انتهائهييا ،واقتصييرت
على تبريرات وتفسيرات أشبه ما يكون بحكايا جدتي .
ش النحييس ( وكما تطّير فرعون وقومه بموسى ومن معه ،لما كان ينزل بهم العييذاب ،تطّييير أهييل مصيير ) بييالو ّ
ن َأْكَثَرُهفْم َل
لف َ ،وَلِكف ّ
عْنفَد ا ِّ
طففاِئُرُهْم ِ
للوزارة الجديدة ،وكان جيواب رب العيزة لهييل مصير القييدماء ) َأَل ِإّنَمففا َ
َيْعَلُمونَ ( .
الظاهرة العجيبة والمؤذية ،المفاجئة وغير المألوفة ،مأساة السحابة السوداء ،مصيبة السحابة السوداء ،سحابتنا
الغامضة ،السحابة السوداء الغامضة .
ن البتلء الذي مّثلته السحابة السوداء الغامضة ،قييد يكييون مجيّرد إشييارة تحييذير
وتخلص الصحيفة إلى القول :إ ّ
وشّد للذن .
ي وهنا أصاب كاتب المقال كبد الحقيقة ،نعم هو تحذير وإنذار نهائي … ولكن من قبل من … ؟!
263
بل هم في شك يلعبون
* النصوص الكاملة لمادة هذا الفصل ،تجدها علييى موقييع باسييم ) ملييف وليميية لعشيياب البحيير ( ،علييى شييبكة
النترنت على العنوان :
، www.mohammadabbas.com/books/alwaai/alwaai8.htmأو العنوان :
www.alshaab.com/GIF/31-08-2001/Walima.htm
" ل إليه إل ال … بكيت …لم يكن طول الجيرح بالمسيافة بييل بيالزمن ..جيرح طيوله أليف وخمسييمائة عييام ..
صرخت :تبت أيديكم ..أيما كنتم ..وأينما كنتم ..وأيما أنتم ..وأيا كان من وراءكييم ..يييا كلب النييار يييا حطييب
جهنم ...
أمسكت باليهاتف واتصلت بصديق كي أبثه همي … استطعت بعد جهد جهيد ،أن أقرأ للصييديق بعييض الجمييل ،
التي انصبت على جسدي كالنار ..كرصاص منصهر ..طفحت من كتاب داعر فاسق فيياجر كييافر ..طبعتييه لنييا
ونشرته بيننا وزارة الثقافة المصرية ..وليس السرائيلية ول المريكية …
حرون هو القلم في يدي ..وقلبي ل يطاوعني ،أن أنقل لكم الكلمات الفاسقة الداعرة الكافرة ،التي أوردها كتيياب
فاسق داعر كافر ..نشرته هيئة ،لبد أن تكون فاسقة داعرة كافرة ،تحت رئاسة مسييئول ،لبييد أن يكييون داعييرا
فاسقا كافرا ..
إليكم ما طبعته ونشرته وزارة الثقافة المصرية " :وهؤلء يهمشون التاريخ ،ويعيدونه مليون عام إلييى الييوراء ،
في عصر الذرة والفضاء والعقل المتفجر ،يحكموننا بقوانين آليهة البدو ،وتعاليم القرآن ..خيراء "..
ل إليه إل ال ..ل إليه إل ال ..ل إليه إل ال ...
264
صرخت في نفسي :كيف يا صفيق قرأتها فلم تمت الفور ..كيف ؟! …
تراءى لي الرسول ،صلى ال عليه وسلم ،يناظرني معاتبا يوم القيامة ،فصرخت من الخجل …
تراءى لي الزبير بن العوام ،يهتف صارخا في حروب الردة :من يبايعني على الموت ...
تراءى لي مليين وملين من الشهداء والصابرين ..بييذلوا حييياتهم واحتسييبوا صييبرهم ،لتقييديس اسييم الي ورفييع
كلمته ..ثم أتى الشيطان ليكتب ما يسميه كتابا ،تعتبره وزارة الثقافة المصرية – وهى الخييرى شيييطان -أدبييا ،
فتنشره على الناس كي تنّورهم ...
وزارة الثقافة المصرية في بلد الزهر ،وصلح الدين وقطز وخالد السلمبولي ،تنشر يا قراء كتابا يدعى أنييه
رواية ،يقول :أن القرآن خيراء ..ثم ل يلبث أن يقول :إخرأ بربك …
ل إليه إل ال … أول مرة ألقى مثل هذا اللم في حياتي ..
ول حتى استدراجنا كقطيع من الخييراف ،إلييى مقتليية الخليييج ..حييين انييدفع بالشييرك والغبيياوة والخيانيية والجهييل
والنفاق ،نصفنا يقتل نصفنا ..كقطيع ..قطيع من الخراف يندفع إلى المجزرة ،وهو فرح بها نشوان ..
ول حتى عندما حمل السادات ،كفننا وكرامتنا وتاريخنا ،ليذهب مذموما مدحورا إلى القدس ..
ول حتى مع الذبح اليومي الذي نشارك فيه للعراق ..ول حتى يوم موت أبى ..أبدا ..لم أشعر بمثل هذا اللم ...
القرآن ..خيراء …
ملذنا الخير ينتهك ويهان ...
كان صديقي ما يزال على اليهاتف … وكنت ما أزال أبكى ،وأنا أقرأ له ،مما نشرته وزارة الثقافيية المصييرية ..
رائدة التكفير ل التنوير " :ال قال انكحوا ما طاب لكم .رسولنا المعظم كان مثالنا جميعيا ،ونحين عليى سينته ..
لقد تزوج أكثر من عشرين امرأة ،بين شرعية وخليلة ومتعة " ..
ثم يسييتطرد الكتيياب الفيياجر الكييافر ،الييذي يلبييس عبيياءة رواييية ،وليييس برواييية ،إل فييي عقييول مخصييية شيياذة
مريضة ،سعت وتسعى إلى نشر الكفر والفاحشة ..يستطرد مجترئا على الذات الليهية ،ليقييول " :إن رب هييذه
الرض ،كان يزحف وهو يتسلل من عصور الرمل والشمس ،ببطيء السلحفاة " .
ويسوق في حوار فاجر كافر " :هو من صنع ربى ..ل بد أن ربك فنان فاشل إذن " ..
ل إليه إل ال …
ويقول الفاجر بن الفاجر ،الفاسق بن الفاسق ،الكافر بن الكييافر :مؤلفييا وطابعييا وناشييرا ووزارة " :داخييل هييذه
الهواز التي خلقها الرب ،في الزمنة الموغرة في القدم ،ثم نسيها فيما بعييد لييتراكم مشيياغله ،الييتي ل ُتحيّد فييي
بلد العرب وحدها ،حيث الزمن يدور على عقبيه منذ ألفي عام " .
و " أقام ال مملكته الوهمية ،في فراغ السماوات " ..
و " وخلع الجلد المتخلف والبالي ،الذي خاطه السلم فوق جلودنا القديمة " ..
و " إن حبل السرة ،ما يزال موصول مع الزمنة الرعوية ،وأزمنة عبادة ال الواحد القهار في السماء والرض
،وذلك الذي يقول للشيء كن فيكون " .
آه ينصدع لها القلب ،وينحطم الفؤاد ،وتنكسر الروح ...
برح الخفاء يا ناس ،وهذا وقت المفاصلة ،إما إيمان ،وإما كفر ...
للوهلة الولى ..والدوار يكتنفني ،قلت لنفسي :اذهب إلى الزهر علييى الفييور واصييعد منييبره ،واصييرخ :ميين
يبايعني على الموت ..؟!
265
ثم آخذ الرهط الذي يجتمع حولي ،وأتوجه بهم إلى قصر الرئيييس مبييارك ..عييراة صييدورنا نازفيية قلوبنييا دامعيية
عّزل أيدينا ..نسأليه ،والسؤال دم :ما هي الحدود بين السلم والكفيير ..؟ مييا هييي التخييوم بييين التنييوير
عيوننا ُ
والتعهير ..؟ ما هى الطخوم بين تجفيف المنابع ،والخروج من الملة ..؟ ما هي البيون بين أن تكون مصر قائدة
للتنوير حقا يرتضيها العرب والمسلمون ،وبين أن تكون قوادة للكفر والفسوق والعصيان ..؟
نهتف فييه :أنت ولى المر … وليس لنا أن نقيم الحد على الفجرة الكفرة الفسقة بأيدينيا …
تسلل إلى نفسي أمل ميت ..أن يكون ثمة لبس قد حدث أمام صحيفة السبوع ،عندما فجيرت هييذه الفضيييحة منييذ
أسابيع قليليية ..لعييل الكتيياب طبييع فييي إسييرائيل مثل ..وقليت لنفسييي أن السييلم يييأمرني بييالتثبت ..بحثييت عين
الكتاب ..ووجدته :
) وليميية لعشيياب البحيير ..حيييدر حيييدر ..سلسييلة آفيياق الكتابيية ..العييدد -35اليييهيئة العاميية لقصييور الثقافيية ..
وعنوانها كما هو مثبت 16 :أ شيارع أميين سيامي -قصير العينيي – القياهرة ت– 3564842 – 3564841 :
فاكس – 3564202أما الطابع فهيو :شيركة الميل للطباعية والنشير ،أميا قائمية العيار الدنييسة المكتوبية عليى
صفحات الكتاب الولى ،فتجمع :رئيس مجليس الدارة :عليى أبيو شيادي ،أميين عيام النشير :محميد كشييك ،
رئيييس التحرييير :إبراهيييم أصييلن ،الشييراف الفنييي :د .محمييود عبييد العيياطي ،مييدير التحرييير :حمييدي أبييو
جلييل ( ...
ل إليه إل ال …
كنت أظن أني محتاج لقراءة الرموز بين السطور ،كي أكشف الشرك الخفي ..حتى جاء هيذا الكتياب ،وفجييرت
صحيفة السبوع قضيته …
ليس الشرك الخفي بل الكفر البواح ...
هو الخيانة ل ولرسوله ..هو الخيانة للمة وللوطن ..هي العمالة الصريحة المباشرة لمريكا وإسرائيل ...
هو التسلل إلى عقول أبنائنا لخراجهم مين السيلم تمامييا ،كمييا قييال ) زويميير ( ..هيو نشير الباحييية والسيفالة
والشذوذ وقتل روح المة …
إن العار ل يلحق بوزارة الثقافة فقط ..فتضامن المسؤولية الوزارية ،يجعل مجلس الوزراء كلييه مسييئول ،وكييل
وزير مسئول ..ورئيس الوزراء مسئول ..و..
لكن الفاجر يكتب ،والفاجر ينشر أن "القرآن خييراء " ..و " خرا بربك " ..ثم يجد من يدافع عنه ..
أما من وزير يستقيل … ؟!
ل إليه إل ال ...
يا جللة ملوك وفخامة رؤساء الدول السلمية ..لطالما تعاونتم على الثم والعدوان ..فتعاونوا ولو مييرة للييدفاع
عن القرآن ..اطلبوا الرئيس مبارك اليوم ..قولوا له أن ما نشرته وزارة الثقافة المصرية ،لم يذبييح المسيلمين فيي
مصر فقط ،بل في العالم السلمي كله ..من لم يفعل منكم ذلك ،فليأت ال يوم القيامة والقرآن خصمه … !
من كان منكم يحب ال والرسول ،فليدافع عن القرآن …
من كان منكم مذنبا فليكفر عن ذنوبه ،بالدفاع عن القرآن ..
يا شيخ الزهر ...ل إليه إل ال … يا فضيييلة المفييتى … يييا شيييوخ الزهيير ،ويييا طلبيية جامعيية الزهيير … يييا
خطباء المساجد … ل إليه إل ال ...
يا كل هيئة ومؤسسة وصحيفة في العالم السلمي … اكتبوا أنهم في بلد الزهر ،ينشرون أن القرآن خيراء …
يا شيخ يوسف القرضاوي … دافع عن القرآن بما أنت له أهل … إن المة تنتظر فتواك في كل مسئول عن نشر
هذا الكتاب … أصرخ فيك … أهتف فيك :مصر لم تعد بخير ..مصر لم تعد بخير ..مصيير لييم تعييد بخيييير …
فالنجدة النجدة والغوث الغوث … فإنه القيرآن … ول إليه إل ال …
266
يا سيادة الرئيس … أطفئ الفتنية …
واعلم هدانا وهداك الي ،أن المير لييس أمير وزيير فاسيق أو وزارة فياجرة ،بيل هيو منهيج مشيرك تسيلل إليى
النظام ..مسئوليتك أمام ال أن تزيله وأن تحاربه حتى لو استشهدت دونه ..منهج مشييرك ل يقتصير علييى وزارة
ول يقوم به مجرد أفراد ...
واعلم هدانا وهداك ال ،أن مثل هذا المنهج الفاجر ،هو الذي يغيب في السجون والمعتقلت عشرات اللف من
شباب ،لم يأخذوا عليهم سوى أن السلم دينهم والقرآن كتابهم ..بينما يييرى ذلييك المنهييج الخييائن الفيياجر الكييافر
العميل ،أن القرآن خيراء … وذلك ما ينقمونه عليهم …
واعلم هدانا وهداك ال ،أن أسوأ ما تفعل أن تكتفي ،بإقالة وزير أو تنحية مسئول ...
فالخطب أطم والمصيبة أعم ...
قل لي يا سيادة الرئيس :هل ترضى لعهدك – دون العهود جميعا – أن تصمه هذه الوصمة ..فالقرآن لم يتعرض
لمثل ما يتعرض له الن ..أبدا ..ول حتى في عهد كرومر ..بل وحتى الفراعنة كانوا يقدسون كتب الدين ...
قل لي يا سيادة الرئيس :هل كانت الدولة تسكت لو أن من كتب هذا الكتاب ،أو طبعه ،أو نشييره ووزعييه ،كييان
قد وضع النجيل أو التوراة مكان القرآن ؟! ..ما كانت الدولة لتسكت ..وما كنا نحن أيضا سنسكت ..
يا سيادة الرئيس :إنك مسئول عن هذه الفئة المنحرفة الشاذة ..مسئول أمام المية وأميام التارييخ وأميام الي ..إن
القانون في بريطانيا يحمي النجيل والتوراة ..وأخوتنا المسلمون هناك يجاهدون لمّد مظلة الحماية إلى القييرآن ..
فهل ترضى لنفسك أن نجاهد أمامك لسن قانون يحمي القرآن ؟! …
يا سيادة الرئيس :إنك كادح إلى ربك كدحا فملقيه ..وإني وال لمشفق عليك ،من أن تلقاه وهييذه الفعليية الشيينعاء
في كتابك ..توضع في ميزانك ..وما أثقلها ..ما أثقلها ..ما أثقلها !..
وإنني أناشدك يا سيادة الرئيس -أبيت اللعيين -أن تطفييئ لهيييب الفتنيية ببييييان يصييدر عيين الرئاسيية اليييوم ..بيييان
استغفار إلى ال ..واعتذار إلى المية ..
فإن لم تفعل يا سيادة الرئيس … فإنني أرجوك :مر رجالك بقتلي … قتلة غلم أهل الخدود " .
* مقتطفات من مقال آخر ،د .محمد عباس ،صحيفة الشعب 5/5/2000 :م ،تصدير المقال :
الجريمة مستمرة ..
ثلثية الثقافة في مصر :
الجريمة مستمرة … وسوف تخطئون خطأ مروعا ،إذا ظننتم أنييه مجييرد كتيياب داعيير فيياجر كييافر أفلييت ..وأن
المر قد ل يتكرر مرة أخرى ...
ليس مجرد الكتاب بل إنه المنهج ..منهج متعمييد مقصييود ..منهييج أخطبييوطي ينفييذ بالضييبط تعيياليم المستشييرقين
والمبشرين ،والستعمار في صورته الحديثة ..منهج يدرك أن أخطر ما فيي السيلم والقيرآن هيو ذليك اليميان
اليقيني ،اليذي يجعيل مين المسيلمين بشيرا يمكين أن يتفوقيوا حيتى عليى الملئكية ،ويجعيل مين المنيافقين أشيبه
بالخنازير والقردة ..وتلك هي النقطة التي تثير عجب وحنق المنافقين ،عندما يلحظون استعلءنا عليهم ،مهما
أدبرت عنا الدنيا وأقبلت عليهم ..استعلء البشر على الخنازير ..ولقييد أدرك الغييرب منييذ قييرون ،أنييه هييزم فييي
267
المواجهة المسلحة مع الحضارة السلمية ..وأنه ل سبيل أمامه إل إفييراغ السييلم ميين محتييواه ..ولقييد اسييتعان
على ذلك حينا بالستعمار ،حتى اطمأن إلى أنه رّبى بيننا نخبة فاسدة مفسدة ،فتركها لتنوب عنه ..وهم منا لكيين
قلوبهم قلوب ذئاب ...
ليس مجرد كتاب يا أمة ...الجريمة مستمرة ول إليه إل ال …
الجريمة مستمرة … والثقافة في بلدنا تهدف إلى ثلثة أشياء ل تنسوها :
أن تكون حرية التفكير مرادفة للكفر ...
وأن تكون حقوق المرأة مرادفة للعهر ...
وأنه بعد نشر الكفر والعهر سيكون المجتميع السيلمي ،قيد غيرق فيي غيبوبية فقيد معهيا كيل مناعية ..ليسيهل
التطبيع بعد ذلك مع إسرائيل والنسحاق أمام الغرب ...
الجريمة مستمرة يا ناس ..وسأعرض عليكم على الفور نماذج ل تقل سفالة وبشياعة ،عمييا عرضيت عليكييم فييي
المقالة الماضية ...فلنتناول معا كتابا أخرجته وزارة الثقافة أيضا ،اليهيئة العامة لقصور الثقافة ) كتابات نقدييية ،
العدد ، 97ديسمبر ، 99والكتاب معروض ،عند باعيية الصييحف ،وإن كنييت أحسييب أن السيييد الييوزير ،الييذي
يطلقون عليه ) زين الرجال ( سوف يأمر بسحبه غدا ،قبل انتشار الفضيحة ..عنوان الكتاب :شعر الحداثيية فييي
مصر ،وقائمة العار للهيئة المشرفة عليه هي ذات قائمة العار ،التي نشرناها في السبوع الماضي وعلى رأسها
أيضا :علي أبو شادي ( ...
ولقد وّفر علينا إدوارد الخراط مئونة البحييث فييي عشييرات ،ميين إصييدارات وزارة الثقافيية المصييرية ،لعشييرات
الشعراء المصريين -وأغلبهم وال ليسوا شعراء ،وليسوا بشرا -حين استعرضها في هذا الكتاب 700 :صييفحة
تقريبا ..وسعره خمسة جنيهات ..وتيذكروا يييا قييراء ،أن هيذه الكتيب هيي الييتي يخرءونهييا – إذا صيح التعييبير-
لتشكيل وجدان المة ...
فلنييدلف معييا إلييى كلمييات السييفالة والشييذوذ والكفيير البييواح ..فلنييدلف دامعييين إلييى السييخرية ميين الييذات الليييهية
والمرسييلين ..فلنييدلف إلييى محاكيياة هازليية هييازئة كمحاكيياة مسيييلمة الكييذاب ..فلنييدلف إلييى خيييوط الشييبكة الييتي
ي أن أنبه القراء ،أن مييا سيييقرؤونه علييى الفييور بييالغ الفحييش ،وأن يصطادون بها المة ..إل أنني أجد لزاما عل ّ
يبعدوه عن أيدي أبنائهم …
) لم نشأ أن نورد شيئا مما اقتبسه المؤلف من أمثلة على شعر الحداثة فيي مصير … حييث أن ميا يطرحيونه مين
شعر منها جلود الذين كفروا ،وهي ل تقييل سييفالة وانحطاطييا عيين الرواييية السييابقة بييل
تصويرات وتشبيهات ،تق ّ
تفوقها أحيانا .تستطيع الطلع على ما لم نقم بإيراده هنا مما اقتبسه كاتب المقال ،وشيوخ الزهر في تقيياريرهم
من نصوص ،على موقع الملف على شبكة النترنت ( .
ويستطرد الكاتب قوله :
هذا هو تنوير وزارة الثقافة المصرية ،يا مسلمون ويا عرب ...هذا هو ما يحاربون به السلم ...
عهر عاهر ،ل يرعاه إل فاجر وعيياهر ..وتييذّكر ..أن ميين
يا عاطف عبيد ..هذا هو الفجر بعينه ُ ..فجر فاجر و ُ
وّلى أمر المسلمين فاجرا فهو فاجر مثله …
تصورت يا ناس أن نشر المقال ،سيسفر عن نسف كل مؤسسات وزارة الثقافة على الفور ..
لكن تصّوري كان أمل جهيضا في القلب ..وعلى العكس ..وجييدت ميين المثقفييين والنخبيية ميين يييدافع عيين الكفيير
البواح ...
لقد احتفظت حضارتنا بتراث أوغل في الفحش بل والكفر ..ونذكر أبييي نيواس والغيياني والفييرق المختلفيية الييتي
زاغت عن السلم ..كان المجرى الرئيسي للنهر سليما ،ولم يكن يضره كيثيرا أن يبيول كليب أو خنزيير فييه ..
لكن عندما يكون الماء راكدا ..وليس لدينا سوى كوب من الماء ،ونحن تائهون في البيييداء فييي اليييهجير ،فكيييف
نسمح للكلب أن تبول في مائنا الخيير ..
268
* مقتطفات من مقال آخر ،د .محمد عباس ،صحيفة الشعب 12/5/2000 :م ،تصدير المقال :
ل إلله إل الله ..
يا سيادة الرئيس :الفتنة تطل ..فأطفئها ..
يا شيخ الزهر :دافع عن دين الله ..
يا فضيلة المفتي :صمتك مذهل ..
إن وزيرة في الحكومة المصرية ،هي التي صرحت أن %17من طالبات الجامعة ،قد تزوجن زواجا عرفيا ...
فكم يا ترى ؟! لم يحتجن إلى ورقة التوت المغشوشة يغطين بها سوءاتهن ...
ولماذا نندهش لذلك إذا كانت مطبوعات وزارة الثقافة ،تتدنى حتى تنشر الفسق والفجور ،وتصف بعهيير كييل مييا
يهدم القيم والثوابت ...
لماذا نندهش عنييدما تتحييدث بعييض الدراسييات ،إلييى أن أكييثر ميين %50ميين طلب الجامعيية يتعيياطون البييانجو
) مخدر ( ...
وبرغم ذلك كله ،فإن اعتراضيينا علييى تشييبيه القييرآن بالخيييراء ،لييم يييترّكز علييى المؤلييف ،ول علييى روايتييه ..
فليذهب إلى الجحيم ،ما دام قد اختار الطريق إليها ..لقد انصب اعتراضي ،على قيام وزارة الثقافيية المصييرية ،
بإعادة نشر الرواية في مصر ..والرواية التي تباع في السواق بثلثين أو أربعين جنيها ،دعمتهييا وزارة الثقافيية
حتى بيعت بأربعة جنيهات ..هل هذا هو الفكر الذي ننقله ونعلمه لبنائنا …
نعم ..كذب المسؤولون في وزارة الثقافة وكانت مجلتهم وصحفهم تكذبهم ..لقد صييرحوا بييأن الرواييية مسييموح
بها في كل الدول العربية ...
لكن أخبار الدب :تذكر بالنص على لسان حيدر حيدر " :عشت في بيئة تحيياربني علييى المسييتوى الييديني ،ول
يقولون أنني علماني ول عقلني وتنويري بل يقولون ملحدا "
ويسألونه :هل كنت تجد صعوبة في نشر أعمالك ؟ فيجيب " :صعوبة شديدة جدا … فقد عشت أنا وكتيبي ،فيي
حالة منع مستمر من بلد عربية كثيرة " …
اقرءوا أيضا في نفس العدد من أخبار الدب ،تعليق الستاذ محمود أمين العالم " :أخذت أقلب بين يدي رواييية ،
وليمة لعشاب البحر أو نشيد الموت للستاذ حيدر حيدر ،بحثا عن اسم ناشر أو مطبعة فلم أجد ،وأخيرا علمييت
أن دور النشر العربية جميعا ،رفضت نشر هذه الرواية فقام هو بطبعها على نفقته ،ولكن يبدو أن المطبعة الييتي
قامت بطبع هذه الرواية ،قد آثرت هي أيضا السلمة فاكتفت بالطبع وامتنعت عن ذكر اسمها .صدرت الرواييية
مجّهلة إل من اسم مؤلفها ،ولقد علمت كذلك ،أن الرواية تكاد تعتمد فييي توزيعهييا علييى اليييد ،وعلييى العلقييات
الشخصية كما توزع المخدرات أو المنبهات المحظورة " .
فلماذا كذبت أجهزة وزارة الثقافة ...؟!
لماذا ُيكذب الوزير نفسه كل يومين ..لقد صرح أول بأن الرواية مصادرة ،منذ منتصف نوفمبر الماضي ..وفى
شِر بيانه ،كان بيان علي أبو شادي يقول :أن الرواية صدرت فييي منتصييف نوفمييبر ) أي بعييد ظهييور
نفس يوم َن ْ
الدخان بأسبوعين ( ...
لماذا حاول الوزير باستمرار أن يخلط بين طبعة مصرية ،هو الذي أصدرها ورعاها وباعها بعشر ثمنها ،وبيين
طبعات لبنانية لم نسأليه ولم نطلب حسابه عنها ،رغم أنه بحكم مسئوليته الوزارية ،مسئول عما يدخل إلييى البلد
من عناصر الثقافة …
269
إن القانون النجليزي مثل ُيجّرم العتداء على التوراة والنجيل ..وهم ل يعتبرون القرآن كتابا سييماويا مقدسييا ..
ق للقرآن في بلده أن يقّدس ..لقد منع فيلم العشاء الخييير للمسيييح فييي لنييدن ،وخرجييت
هم وشأنهم ..لكن أل يح ّ
المظاهرات تحطم دور السينما التي تعرضه في باريس ...
لماذا لجأ بعض مثقفينا ) المدافعين عن وزارة الثقافة ( إلى هذا اليهجوم الضاري ؟ …
لماذا اعتبرتم فاروق حسني فرعونكم َ ،فُرحتم كالكهنة القدامى تدعون لعبادته من دون ال ؟ …
وأقول لكم على الرغم مني يا ناس ،أنهم حققوا بعض النجاح في خطتهم ..فقد وعييدتكم فييي السييبوع الماضييي ،
أن أتناول اليوم كتابا من كتب وزارة الثقافة ،تدعو فيه كاتبته ،إلى تعديل القرآن ،كي يتوافق مع النظام العييالمي
الجديد ومواثيق حقوق النسان …
وأن هؤلء الناس ،ينظرون إلى السلم وإلينا ،كما ينظر مبدعهم حيدر حيدر ،الذي يقول فييي صييفحة ، 510
من كتابه الملعون :
"ضحك الرجل وهو يرمم جثة البدوي فيه :لكنني ملحد كما تعرفين ..الشرف ..وأخلق المسلمين في مؤخرتي
من عشرات العوام " .
ل تعترضوا يا قراء ..فنقادنا الجهابذة ،يرون أن هذا الكلم السافل البذيء إبداعا ..
بيان مجمع البحوث السلمية
بيان الزهر
الزهر /مكتب المام الكبر /شيخ الزهر ،بييان مجميع البحيوث السيلمية بشيأن ،روايية ) وليميية لعشيياب
البحر ( لمؤلفها السيد حيدر حيدر .طبع ونشر اليهيئة العامة لقصور الثقافة ،التابعة لوزارة الثقافة بالقاهرة .
تم عرض موضوع الرواية المشار إليها على لجنة البحوث الفقهية ،فكّلفت اثنييين ميين أعضييائها المتخصصييين ،
حيّدد لهييا يييوم
بكتابة تقريرين منفصلين عن الرواية ،لعرضها في جلسيية اسييتثنائية لمجمييع البحييوث السييلمية ُ ،
الربعاء 17مايو سنة ، 2000وقد تم عرض هذين التقريرين والرواييية علييى المجمييع فييي جلسييته السييتثنائية ،
وتبين ما يأتي :
أول :أن وزارة الثقافة التي نشرت هذه الرواية ،لم تستطلع رأي الزهر الشريف أو مجمع البحوث السييلمية ،
مع ما ورد فيها من أمور كثيرة تتصل بالسلم والعقيدة والشريعة ،وذلك على خلف ما يقضى به القييانون 103
لسنة … 1961
ثانيا :إن الرواية مليئة باللفاظ والعبارات ،اليتي تحّقير وتهيين جميييع المقدسيات الدينييية ،بمييا فييي ذليك ذات الي
سبحانه وتعالى والرسول صلى ال عليه وسلم ،والقرآن الكريم واليوم الخر والقيم الدينية .
ومن ذلك أنها تستهزئ بذات ال ،مثل وصفه بأنه فنان فاشل ) ص ، ( 219 :وأنه نسي بعييض مخلوقيياته ،ميين
تراكم مشاغله التي ل تحد في بلد العرب وحدها ) ص ، ( 257 :وأنه أقام مملكته الوهمية في فييراغ السييماوات
ليدخل في خلود ذاته بذاته ) ص . ( 426 :
كما يفتري على الرسول عليه الصلة والسلم ،بأنه تزوج أكثر من عشرين امرأة ،ما بين شرعية وخليلة ومتعة
) ص ، ( 148 :وأنه كان يتزوج من عذارى القبائل بغية توحيدها ) ص . ( 427 ، 426 :
وأنه حّرف في آيات القرآن الكريم ،ونسب إليه ما ليس منه كقوله " والي تعييالى قييال فييي كتييابه العزيييز .. " :إذا
بليتم بالمعاصي فاستتروا ) " ..ص ، ( 148 :كما أن الرواييية تحيّرض صييراحة علييى الخييروج علييى الشييريعة
السلمية ،وعدم التمسك بأحكامها ،وذلك بالدعوة إلى ضييرورة النفصييال عيين الييدين والي والخلق والتقاليييد
والزمنة الموحلة ،والجنة والجحيم الخرافيييين ،وطاعيية أولييى الميير والوالييدين ،والييزواج المبييارك بالشييرع ،
وسائر الكاذيب والطقوس التي رسمتها دهور الكذب ) ص . ( 348 :
270
ثالثا :إن الرواييية خرجييت علييى الداب العاميية خروجييا فاضييحا ،وذلييك بالييدعوة إلييى الجنييس غييير المشييروع ،
واستعمال اللفاظ في الوقاع ،وأعضائه الجنسية للذكر والنثى ،بل حياء مما يعف اللسان عيين ذكرهييا ،وكتابيية
نصها حفظا على الحياء العام الذي انتهكته الرواية .
رابعا :إن الرواية لم تكتف بذلك ،بل حّرضت صراحة على إهانة جميع الحكام العرب ،ووصفتهم بأقبييح وأقييذع
الوصاف ،مما يعف المقام عن ذكرها ،وطالبت بالخروج عليهم والثورة ولو بإراقة الدماء .
خامسا :اتضح لمجمع البحوث السلمية من كل ما سبق ،أن ما ورد بروايية ) وليميية لعشيياب البحيير ( لمؤلفهييا
حيدر حيدر ،خيروج عميا هيو معليوم مين اليدين بالضيرورة ،وينتهيك المقدسيات الدينيية والشيرائع السيماوية ،
والداب العامة والقيم القومية ،ويثير الفتن ويزعزع تماسك وحدة المة ،التي هي الركيزة الساسية لبناء الدولة
،ويضع على عاتق من نشروا هذه الرواية ،دون استطلع رأي أهل الختصاص المسؤولية الكامليية ،عيين هييذا
ضيح تفصييل بيالتقريرين المقيدمين ،مين التجاوز والثار المترتبة عليه دينيا واجتماعيا ،وذلك عليى النحيو المو ّ
عضويّ مجمع البحوث السلمية المشار إليهما .
وال ولى التوفيق ..تحريرا في 13من صفر سنة 1421هي ..الموافق 17من مايو سنة 2000م ،شيخ الزهر
:الدكتور محمد سيد طنطاوي
القرضاوي يطالب مبارك بالتدخل لوقف الموجة الثقافية
الفاجرة
منكر " ل ما في وليمة لعشاب البحر ُ " كُ ّ
ناشد فضيلة العلمة د .يوسف القرضاوي ،الرئيس المصري حسني مبييارك ،أن يتييدخل لوقييف الموجيية الثقافييية
الفاجرة -حسب وصفه -عند حّدها ،وشّدد فضيلته على أهمية الحرص على وحدة المة ،كما حّيا شييخ الزهر
والزهر ،ورئيس جامعة الزهر والطلب والطالبات ،الذين وقفوا موقفيا موحيدا ضيد روايية الكياتب السيوري
وليمة لعشاب البحيير ،الييتي طبعتهييا وزارة الثقافيية المصييرية وتسييببت فييي حاليية اليييهياج الييتي شييهدها الشييارع
المصري مؤخرًا ،واعتبر د .القرضاوي في خطبة الجمعة أمس ،أن الرواية تدخل في باب الكفيير ،مسييتندًا فييي
ذلك على بيان الزهر الشريف ،ورأي فضيلته أن هذا العمل كفر ،بغض النظيير عيين الشييخاص ،واعتييبر ميين
قاله ورضي به كافرا .
العلمية القيرضياوي في خطبة الجمعة ) 15صفر ( 19/5/2000 – 1420
* بعد انتهاء الخطبة ،اتصلنا بفضيلة العلمة د .يوسف القرضاوي ،وسألناه عن مدى دخول هذا العمل الييروائي
في باب الكفر فأجاب :
" إن بيان مجمع البحوث السلمية بالزهر الشريف ،يدل عليى أن هيذا مين الكفير ،لنيه خيروج عليى ميا هيو
معلوم من الدين بالضرورة ،وانتهاك للمقدسات الدينية والشرائع السماوية ،وهذا واضح لكل ميين قييرأ الرواييية ،
لما فيه من ازدراء واستخفاف باللوهية والقرآن والرسول والقيم الدينية كلها في مواضع شتى ،وأضاف :
ونحن نقول :إن هذا العمل كفر بغض النظر عن الشيخاص ،فمن قاليه واعيا متعمدا ذاكرا فهو كافر ،ورضييي
به وهو يعلم هذا فهو كافر ،ومن كان يجهل بما فيه ثم ُأعلم بمضمونه ورضيه فهو كافر ،هذا هو الحكم الشرعي
أما الحكم على الشخاص ،فل ندخل فيه فهو يحتاج إلى تحقيق وقضاء " .
273
قال تعالى
ن )(83
دو َ
ع ُ م ال ّ ِ
ذي ُيو َ ه ُ
م ُ
و َ
قوا ي َ ْحّتى ي َُل ُ وي َل ْ َ
عُبوا َ ، ضوا َ
خو ُ
م يَ ُ
ه ْ ) َ
فذَْر ُ
) الزخرف (
وقال
ن )(45 ع ُ
قو َ ص َ
ه يُ ْ
في ِ م ال ّ ِ
ذي ِ ه ُ
م ُ
و َ حّتى ي َُل ُ
قوا ي َ ْ م َ
ه ْ ) َ
فذَْر ُ
) الطور (
274
معّلم مجنون
ثم تولوا عنه وقالوا ُ
في هذا الملف سيجد القارئ جزءا يسييرا مين التغطيية العلميية ،اليتي نشيرت ميؤخرا عين خلييل عبيد الكرييم
وكتبه .ومنها صحيفة القدس العربي ،والهييرام القتصيادي وصييحيفة أخبييار الدب ،والخيييرة كرسييت نفسييها
للدفاع عن كل اجتراء على الذات اللهية ،ويبدو أنها ذهبت في ذلك إلييى أبعييد ممييا نتصييور ،ويكفييي دليل علييى
ذلك أن محاميها في قضايا الرأي ،هو فريييد الييديب ..محييامي الجاسييوس السييرائيلي عييزام عييزام وسييعد الييدين
إبراهيم ..كما أنه محامي الشواذ من عبدة الشيطان ..
نعم ..
جاسوسية ..وخيانة ..وشذوذ ..
فذلك هو الوجه الخر ،للدفاع عن الكفر ..
السلم الشيوعي
سبعة كتب مشبوهة للمفكر اليساري خليل عبد الكريم
موقع المقال على شبكة النترنت http://www.lailatalqadr.com/stories/p6260501.shtml :
أو http://www.alshaab.com/GIF/31-08-2001/Khalil%20Abd%20Alkareem.htm :
بقلم بدر الشبيب :
" … خليل عبد الكريم كاتب يساري أو شيوعي أو تقدمي ،يكتب في السييلم ..ول بييأس أن يكتييب ،كييائن ميين
كان عن الدين الحنيف ،ولكن السؤال هو :ماذا يكتب ؟
وقد كان خليل عبد الكريم عضًوا في جماعة الخوان المسلمين منذ سنوات طويلة خلت ،ولكنه تيرك ميوقعه هيذا
وتحّول من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ،فأصبح عضًوا في اللجنة المركزية لحزب التجمع الييوطني التقييدمي
الوحدوي ،وهو حزب يساري يقول عنه السلميون إنه حزب شيوعي .
ومنذ عشر سنوات أو أكثر ،يثير خليل عبد الكريم عاصفة في مصر وخارجها بكتبه التي يضعها عن السييلم ..
وتتعرض هذه الكتب للمنع والمصادرة والهجوم العنيف ،ومع هذا فإن الرجل لم يتوقف عن الكتابة ،ولم يتوقييف
عن تغيير خطه الفكري الذي يصدم الجميع .ورغم أن عدًدا من أساتذة الجامعات الكبار ،قد حاولوا كشف ما في
دراساته هذه من زيف وافتراءات على السلم ،إل أن شيًئا ل يمنع الرجل من الستمرار ،بييل إنييه يييزداد غل يًوا
مع كل كتاب جديد غير عابئ بما تثيره كتبه من رفض عنيف .
ويستخدم خليل عبد الكريم لغة جارحة في كتبه ،كما يطرح آراء وأفكار ل يمكيين أن توصييف ،إل بأنهييا خييروج
على الملة وعلى رأي الجماعة وعلى رأي الجمهور .
وهو ينطلق في هذا من مقولة :أننا يجب أن نتمتع بالجرأة العقلية ،وأن نطييرح كييل الفكييار وكييل الشخصيييات ،
على مائدة التشريح العقلي الموضوعي ،البعيد عن الهوى وعيين الفكييار الجيياهزة ،الييتي يكتييب بهييا المؤرخييون
والدارسون للسلم عن الدعوة والرسالة وسيدنا محمد ..يقول خليل عبد الكريييم فييي صييدر كتيياب أخييير لييه " ..
وآمل -وهذا أمر متوقع -أل يسيء البعض فهم هذه الدراسة على نحييو لييم يييرد علييى خاطرنييا ،وكنييا قييد طالبنييا
بضرورة كتابة التاريخ السلمي ،كتابة علمية موضوعية بداية بالحبيب المصطفى ،وكّررنا أن الكتابة بطريقيية
مغايرة للكتابات التقليدية ،يتعين أن تقابل بأفق رحيب وعقلنية بعيدة عن التشنج ،ونذكر هؤلء بأن المين نفسه
،أكد أن من اجتهد واخطأ فله أجر ،ونحن نأمل في أن نحظى بالجرين ..أجر الجتهاد وأجر الصابة " .
275
وفى ظل ما يدعيه من جرأة عقلية على هذا النحو ،فإن خليل عبد الكريم يمضي في هذه الكتابييات ،الييتي ل نجييد
ل في تاريخ السلم .ونحن ل ندعو بالطبع إلى مصادرة هذه الكتب أو الحجر على حرية الرجل ،ولكننييا لها مثي ً
ندعو المتخصصين وعلماء الدين وشيوخ المة إلى مناقشة أفكار الرجييل ،ودحييض مييا فيهييا ميين شييبهات بشييكل
علمي هادئ بعيًدا عن الترويع والتخويف والرهاب الفكري .
وهناك الن ،ما ل يقل عن سبعة كتييب هاميية أصييدرها الرجييل فييي السيينوات الخيييرة ،وهييي تسييتحق المناقشيية
والتحليل لعرض ما فيها من آراء والرد عليها .
ولسنا هنا بالطبع في معرض تحليل هذه الكتب أو مناقشتها ،فليس هنا ول الن يتم هذا المر ،ولكننييا قييد نكتفييي
عا فكرًيا لهذا الرجل .والكتب السبعة اليتي سينعرض لهييا صا أنها تكّون الن مشرو ًبالتعريف السريع بها ،خصو ً
هنا هي :
حا فييي هييذا العصيير ،وهذا الكتاب يقوم على فكرة واحدة أساسية ،هي أن تطبيق الشريعة السلمية لم يعييد صييال ً
لن هذا التطبيق سوف يجر علينا من المشاكل ما ل حصر لها .ومع أن السلم وكما جيياء فييي القييرآن العظيييم ،
هو الدين الخالد الذي يصلح للبشر كافة ويصلح في كل زمان ومكان ،إل أن خليل عبد الكريم له رأي آخر ،فهو
ضييا تشييريعات وعقوبييات ونظييام سياسييي " وهنييايقول بييالحرف " :إن السييلم ليييس عبييادات فقييط ،بييل هييو أي ً
الخطورة من وجهة نظره ،إذ يرى أن تطبيق الشريعة سوف يؤدي بنيا إليى أضيرار ،تفيوق بمراحييل الضيرار
التي تترتب على إهمالنا لتطبيقها .وتلك هي دعوة العلمانيين واللدينيين الييذين يفضييلون القييانون الوضييعي علييى
الشريعة السلمية .
ل للكتيياب الول إذ أنييه ينطلييق ميين نفييس الفكييرة ،الييتي ترفييض الشييريعةل وتأصييي ًوهييذا الكتيياب يعتييبر اسييتكما ً
السلمية وترفض تطبيقها ،وهنا يقول خليل عبد الكريم " :إن هذه الشريعة التي ينادون بها هي مجرد تعيياليم ،
كان يقول ويأخذ بها عرب الجاهلية ،ثم جاء محمد فأخييذ هييذه التعيياليم ،وأعمييل فيهييا عقلييه وفكييره ،حييتى بييدت
وكأنها شيء جديد " .ولهذا فإن السؤال الذي يطرحه خليل عبد الكريم ،هو :هل تصلح هذه التعاليم ،الييتي كييان
يطبقها بدو الصحراء ،قبل أكثر من أربعة عشير قرًنيا ،لكيي تحكمنيا الييوم ؟! عليى أن ميا هيو أخطير مين هيذا
السؤال ،ما معناه وخلصته أنه ليس ثمة شيء منزل من السييماء ،بييل إن الشييياء كلهييا ميين صيينع سيييدنا محمييد
… !!
وفى هذا الكتاب ،يقول خليل عبد الكريم صراحة أن السلم ليييس شيييًئا غييير العبييادات ،مييع أن طلبيية المراحييل
التعليمية الولى يعرفون أن السلم يقوم على دعامتين ،هما العبادات والمعاملت .ولكنييه يحصيير السييلم فييي
العبادات فقط ،ولهذا فإن ميدانه الصلي هو المساجد والجوامع والتكايييا والحسييينيات ،أو الخلوي والخانقاهييات
والزوايا والمصلّيات ،وحضرات الصوفية وحلقات الذكر ومجالس دلئل الخيرات .ومعنى هذا أن السيلم ديين
للعبادة وليس ديًنا للحياة ،فهو يحصر وظيفته في دور العبادة ،أما شؤون الناس وتصريف حياتهم فليس للسييلم
شأن بها .وهنا نعود إلى مقولت المغرضين ،الذين يقولون إن السلم ليس ديًنا ودولة بل هو دين فقط .
رابًعا :كتاب ) مجتمــع يــثرب ..العلقــة بيــن الرجــل والمــرأة فــي العهــدين المحمــدي
والخليفي ( :
وهذا كتاب َمْعَيبيية ،لنييه يشييوه السييلم فييي أعظييم عصيوره ،أي فييي مرحليية النبييوة وصييدر السييلم والخلفيياء
الراشدين .وسيوف يلحييظ القييارئ فيي اللحظيية الولييى ،أن الكيياتب يسييتخدم كلميية ) يييثرب ( ول يسييتخدم اسييم
) المدينة المنورة ( علًما بأن السم الول ،قد نسخه السلم وألغاه النبي وأطلق عليها هذا السم الجديد الجميييل .
276
ولكن ليست هذه هي المشكلة في هذا الكتاب ،ولكن المشكلة هي في الدراسة الجتماعية المزعومة الييتي قيّدمها ،
والتي شوه بها ومن خللها أعظم المجتمعات وأعظم العصور وأعظم الشخصيات ،حين نكتشف أن المجتمع فييي
مدينة رسول ال ،وهو المجتمع الذي أقام دولة ونشر ديًنا ،هذا المجتمع ورجاله ،لم يكونوا مشغولين بشيء قدر
…!
انشغالهم بالمرأة والجنس مًعا
وهذا الكتاب ينزع عن النبي محمد صلى ال عليييه وسييلم ،صييفات الرسييالة والنبييوة والييوحي جميًعييا ،إذ يحيياول
المؤلف أن يثبت أنه ليس هناك شيء من هذا كله ،ولكن المر كان ينحصر في رغبة قريش فييي أن تقيييم دوليية ،
وأن تسود على القبائل العربية في شبه الجزيرة وما حولها .وقد تم هذا وفق تخطيط محكم قييام بييه رجييل داهييية ،
هو جدّ النبي صلى ال عليه وسلم ،وهو عبد المطلب اليذي جياء بحفييده محميد ،اليذي ليم يكين أقيل منيه ذكياًء ،
سا لهذه الدولة .لقد أراد عبد المطلب أن يصنع ملًكا فصنع نبًيا ،أي أن الحكاية كلها هيييوصنع منه حاكًما ومؤس ً
الحكم وهي السيطرة وهي السيادة إلى جوار ملوك وأبيياطرة ،يحيطييون بقبييائل العييرب ابتييداء ميين كسييرى حييتى
هرقل .
وهذا هو آخر كتب خليل عبد الكريم ،ولعله من أخطرها جميًعا .ويقوم هذا الكتاب على فكرة واحدة أساسية هييي
أن سيدنا محمد ليس نبًيا ،ولكنه تلميذ عبقري لمجموعة من الساتذة هم :السيدة خديجة ،وابيين عمهييا ورقيية بيين
نوفل ،وبقية أفراد السرة وهم :ميسرة والراهب بحيرا والراهب عداس والبطرك عثمان بن الحويرت ..وكلهييم
مسيحيون ..ولقد قامت هذه المجموعة النصرانية على صناعة هذا النبي ،بعد أن عكفوا عليى تعليميه لكيثر مين
خمسة عشر عاًما ،حفظ فيها كتب الولين والخرين ،وعرف التوراة والنجيل والمذاهب والعقائد ،وانتهى هذا
كله بنجاح التجربة أي الرسالة وصنع هذا العبقري الذي أصبح نبًيييا ،ووضييع كتيياب حّييير العيياملين علييى امتييداد
القرون هو القرآن الكريم .
ويقول خليل عبد الكريم بالحرف الواحد " :وهذا الكتاب يقدم رؤية جديييدة ،نزعييم أنهييا غييير مسييبوقة لحييل هييذا
اللغز الذي مل الدنيا وشغل الناس ،وقد بدأنا بمحمد قبل أن يلتقي أبوه بييأمه حييتى التقطتييه سيييدة قريييش ،بعييد أن
توسمت فيه بفراسة يعز مثلها أنه هو القادم المنتظر ،ثم قيامها بمعونة سخية من ابن عمها القييس ،بييدور ل نجييد
له في تاريخ الديان مجرد شبيه ،أنها ملحمة خالدة سلخت من عمر الطيياهرة والقييس ،عقيًدا ونصييف العقييد ميين
الزمان ،في العداد والتصنيع والتهيئة والتأهيل ،حتى طيرح ذليك العميل الصيبور اليدءوب المتيأني المخطيط ،
والمرسوم بدقة متناهية ثمرته الناجحة ،وحدثت واقعة غار حييراء بصييورة فييذة معجبيية ،أدهشييت حييتى فاعليهييا
وهما سيدة نساء قريش وورقة بن نوفل ،لنها جاءت بصورة لم تخطر لهما على بييال ،ول شييك أن هييذا النجياح
يؤوب بنسبة كبيرة إلى موضوع التجربة ،وهو محمد فقد كان عبقرًيا ل يفري فرية أحد ،ذلك أن سيييرته الذاتييية
وخبراته الشخصية وملكاته العقلية والنفسية واللسانية كانت ركائز أساسية في فلح التجربة " .
277
ي ل يفري فرية أحد ) :أي ل يكذب كذبة أحد ،بمعنى جاء بكذبة لم يسبقه إليها أحد من قبلييه ،حيييث كييان ُيسييمى
الصادق المين في مكة ،وبذلك ينفي عنه الكاتب هاتين الصفتين ،فيكون إيرادهما في عنوان الكتاب ،ميين قبيييل
الستهزاء والستخفاف ،به وبمن صيّدقوه علييى ميدى 1400سيينة ،وهيذا مميا مل قليب مسييلمة الكيذاب هييذا ،
وأمثاله ،غيظا وحسدا على خير الخلق وأكرمهم ،محمد عليه الصلة والسلم (
ضا في نفس الكتاب " ...أما في المساء وفي ليل مكة الطويل شتاًء ،فكييان مييع الطيياهرة -أي خديجيية - ويقول أي ً
بمفردها أحيانًا ،وبحضور القس أحياًنا أخرى ،حيث تتم في تلك القعدات مذاكرة الصحاحات مباشرة ) التييوراة
والنجيل ( ثم إدارة الحوار بشأنها ،وأما بتلّقيهييا ميين الم الييرءوم والزوجية الحنييون خديجيية ،الييتي ل شييك أنهييا
أجادت القراءة والكتابة ،وقد قرأت تلك الصحاحات وخزنّتها في ذاكرتها ،أو أنهييا طفقييت تقرأهييا لييه مباشييرة .
وكييل هييذا يييدور بالنهييار فييي السييواق والحييوانيت والعييياد ،ومييا يتييم سييماعه ميين القييس ورقيية وخديجيية ميين
الصحاحات ،التي عّربها القس في الليالي الطييوال ) لتخييرج فييي شييكل سيور القييرآن ( ومييا يعقبهييا مين شييروح
وإيضاحات ) السنة النبوية ( وحوارات بالجلسات ،التي قد تستمر حتى بيزوغ الفجيير .نقيول أن كيل هييذا ،كيان
ل ،ولييم تشييهد لييه ضييريًبا ،ولييميجري تخزينه وبرمجته في ذاكرة العبقري ،الذي لم تر جزيرة العييرب لييه مييثي ً
ي -يتمتيع بيذاكرة حديديية ، ي ُأمي ّ
صة وقد آمنا أنه أمي ل يقرأ ول يكتييب ،والمييي -أ ّتعاين له شبيًها أو نًدا ،خا ّ
وحافظة واعية أشد الوعي ،فما بالك إذا اجتمعت المية والعبقرية الفذة في شخص واحد " .
ويقول في موضع آخر " ...ومهما كانت الجهود التي بذلتها الطاهرة وعاضدها فيهييا ابيين عمهييا القييس ،فأنهييا ل
تنفي عن التجربة وفي مقدمتها حادث الغار ،جانبها الغيبي وناحيتها الميتافيزيقية ) المتافيزيقية :لفظ توصف بييه
ضري الظواهر الخارقة الطبيعية ،التي عادة ما تتأتى ،على أيدي الكهان والسحرة والمشعوذين والدراويش ومح ّ
الرواح ،وذلك لنفيي اليوحي ( إذ ل تعييارض بييين المريين ،بييل إن كل منهميا يكمييل الخير وييدعمه .ويقيول
ضا ..حتٌم علينا أن نقّر ونعترف بمهيارة خديجية ،فييي المييزج بييين المومية الفياضية بييالحب والحنيان ،وبيين أي ً
العداد الكريم الدقيق لتلقى التجربة ،ولول هذا الخلط البارع لما ُقّدر للتجربة الفلح والنجيياح الييذي مل الييدنيا ،
وشغل الناس منذ أربعة عشر قرًنا ومييازال يشييغلهم حييتى الن وربمييا لمييد بعيييد ،مييا لييم تتبييدل جييذرًيا أحيوالهم
لس التراث المبارك عن أماكنهم الميمونيية الجتماعية والقتصادية والثقافية ،وما لم يتحّلل حراس الساطير وج ّ
" ) بمعنى ما لم يعمل جهابذة المفّكرين من أمثال الكاتب ،على رفع هالة القداسة عن محمد ورسييالته فتعييالى الي
عما ُيشرك به المجرمون ( .
ثم يقول خليل عبد الكريم في موضع آخر وأخير " ...كان أسى محمد المرير على فقد خديجيية أميًرا بييديهًيا لنهييا
الم الرءوم والزوجة الحبيبة ،ولولها ما أكمل التجربة حتى نهايتها ،وهييي الييتي أتيياحت لييه الّتميياس مييع ورقيية
وعداس وبحيرا ،وقضاء الليالي الطوال مع ابن نوفل في المدارسة والمذاكرة والمحاورة ،وهي التي كانت تقييرأ
له الصحف التي عّربها القس نوفل ،وهي التي هيأت له الختلط بأصحاب جميع الملل والنحل والعقائد والديان
ظت بهم مكة ،ولول التفرغ الدائم وهو أحد عطايا أم هند لما انفسحت لييه الفرصيية الثمينيية .ول شييك أن الذين اكت ّ
الخلطة بأصحاب الديانات شّكلت جزًءا من الخطة المرسومة ،لما انضوت عليييه الخطيية ميين تميّرس واسييتماع ،
وحفظ وحوار ومدارسة وتخزين معلومات .لقد أدركت خديجة منذ فجر التجربة ،أن احترامه التجارة ل يدع لييه
فسحة من الوقت ،في حين أن التجربة تحّتم ضيرورة التفيرغ الكاميل ،وطلق كيل ميا يشيغله عنهيا طلًقيا بائًنيا
بينونة كبرى " .
وبعد ..فهذه مجرد وقفة سريعة ،عند كتب خليل عبد الكريم ..وليس منها كتاًبا أقل خطورة ميين الخيير ..ولكيين
ربما كان هذا الكتاب الخير هو أخطرها ..فسوف نلحظ هنا ،أن سيدنا محمد ،صلى ال ي عليهييم وسييلم ،ليييس
نبًيا يوحى إليه ،بل هو رجل عبقري ،تمت صناعته على يد السيدة خديجة وجماعتها ،وهم مجموعة ميين أقبيياط
مكة ،وأنه تم تحفيظه الكتب السماوية ،التي سبقته كلها ،فكان النتاج هيو هيذا الرسييول .وأغييرب مين هييذا ،أن
الكتاب كله ،ل ترد فيه كلمة " الرسالة " ،للدللة على الدين الحنيف ،بل هو يسميها " التجربة " ..فلقد نجحييت
ل ،من فوق سييبع سييماوات . " تجربة " خديجة ومن معها ،بما يعني أنها شيء أرضي ،وليست شيًئا علوًيا منز ً
وفي هذا السياق ،فهو يسمي السيدة خديجة باسم " الطاهرة " تيمًنا باسم مريم العذراء ،اليتي طّهرهيا رب العيزة
والجلل واصطفاها على نساء العالمين ،ودللة السم هو أن السيدة خديجة كانت نصرانية ،وبعد هييذا ،فهييو ل
278
يتورع ،عن وصف الوحي ،الذي نزل على رسول ال ،صلى ال عليه وسلم ،في غار حراء بأنه حادث غيييبي
ميتافيزيقي !
279
فابيو ( ليقدمه للمحاكمة ،لنه كتب ) الساطير المؤسسة للسياسة السرائيلية ( ،كما لييم يتسييع صييدره ليي ) دافييد
ايرفنج ( المؤرخ البريطاني الذي شكك في أرقام الهولوكوست " .
" وأصدر مجمع البحوث السلمية من جهته تقريرًا عن الكتاب ،أوضح فيه أن الكتيياب يعتييبر إنكييارا لرسييالت
النبياء .ويعرض الكتاب لحياة الرسول الكريم بشكل مييزٍر ...وانتهييى التقرييير إليى التوصييية بمصيادرة الكتياب
ل عدوانيًا على عقيدة المة السلمية ،ينكر مبييدأ الرسييالت السييماوية إنكييارًا قاطعيًا ،ويزعييم أن
الذي يمثل عم ً
جميع النبياء صناعة أرضية بشرية .من الجدير بالييذكر أن التوصييية بالمصييادرة صييدرت بإجميياع آراء علميياء
مجمع البحوث .
من ناحيته أكد د .يحيى إسماعيل المين العام لجبهة علماء الزهر ،أن الكلم الوارد في الكتاب ل يحتمييل حكم يًا
ل :لسنا أمام ثقافة أو فكر ول يمكن أن تكون الوقاحة إبداعًا .
آخر غير الكفر .وأضاف قائ ً
وليمة جديدة ،وفي نفس الطار نشييرت صييحيفة الوفييد تقريييرا ،تحييت عنيوان وزارة الثقافيية تطبييع كتابيًا يهيياجم
السلم ،ويقول التقرير :أن مجمع البحوث السلمية ،طلب مصادرة كتاب ) المييرأة والجنوسيية فييي السييلم (
والذي قامت بتأليفه ليلى أحميد باللغية النجليزيية ،وطبعتيه وزارة الثقافية عليى نفقتهيا بعيد ترجمتيه … وكشيف
التقرير ،أن الكتاب يزعم أن القرآن اقتبس مادته التاريخية من التوارة ،وأن السلم سلب حقوق المييرأة .واتهييم
التقرير المؤلفة بالتشكيك في سماوية القرآن وبالتحريف المتعمد لوقائع السيرة النبوية ...وطلييب التقرييير مسيياءلة
المجلس العلى للثقافة ،عن إضاعة أموال الدولة في عمل يدعو لهدم السلم .
ة( خ ْ
شي َ ً و أَ َ
شدّ َ شية الل ّ َ
هأ ِْ س كَ َ
خ ْ َ ِ ن الّنا َ
و َ خ َ
ش ْ ) يَ ْ
في نيجيريا تخرج المليين من الناس ،لتجتمع في صعيد واحد مطالبة بتطبيق الشريعة ،فتبدأ ولييية تلييو أخييرى
بتطبيقها ،بالرغم مين معارضية الغيرب النصيراني ،أميا فيي مصير أم اليدنيا بليد الزهير كميا ُيسيّميها الشيقاء
المصريون ،وفي أرض الكنانة كما ُيسميها الشقاء العرب ،فالشريعة السلمية لديهم انتهييت مييدة صييلحيتها ،
لذلك يتوجب علينا أن ُنلقيها في سلة المهملت ،ليكون مصيرها الحرق في مقالب قمامة القاهرة .
هي نفسها حرب فرعون وملئه ،على موسى ومن معييه ميين المييؤمنين ،تتجيّدد علييى نفييس الرض وعلييى نفييس
الشاكلة ،ول وازع ول رادع ،بالرغم من سكنهم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم ،فأخذهم وأبقييى أثرهييم لتييذكير
من يأتي بعدهم ببطشه وجبروته .
في مصر ُتصدر المحكمة الدارية في القاهرة ،في مطلع شهر 7/2001م ،قيرارا بيإغلق صيحيفتي ) النبيأ ( و
) آخر نبأ ( ،لنها أساءت لمشاعر القباط بنشر صور فاضحة ،انحرافات جنسييية لراهييب مطييرود ميين الييدير ،
مما أثار تظاهرات غاضبة للقباط في حزيران الماضي .وهييذا القييرار عييادل بل أدنييى شييك فييديننا ل يقبييل هييذا
الفعل .
ولكن ماذا عن إساءة مشاعر المسلمين ،وماذا عن الساءة لكتاب ال ،وماذا عن الساءة لرسول ال ،وماذا عن
الجتراء على ال ،لقد ُرفعت قضايا ضد من قاموا بذلك ،ولكن هل اتخذت تلك المحكمة قرارا مشابها ...؟! نعم
..لقد أخذت الحكومة المصرية قرارا ،ولكن بإغلق الصحف التي دافعت عن مقدسات المة ،بدعوى الرهاب
الفكييري للمبييدعين ،اليذين انهييالوا علييى السيلم ليحطمييوا أوثيانه وأصينامه ،الييتي ألفيوا آبيياءهم وأجيدادهم لهييا
عاكفين ،منذ أربعة عشر قرنا من الزمان … !!
ما يلفت النتباه إلى أن أقباط مصر ،غضبوا لدينهم بشكل جماعي وهم أقلية في مصيير ،وميين حييق النسييان بييل
واجب عليه أن يغضب ،ول يكون الغضب محمودا إل في هذا الموقف ،ولكن هل غضب المسلمون في مصر ،
عندما انتهكت وما زالت مقّدساتهم الدينية جمل وتفصيل .
280
يقول د .محمد عباس " :كانت المة تغلي بالغضب ،وكان قلبها متمثل في طلبة جامعة الزهيير ،حيييث تظيياهر
25ألف طالب ،وكانت الدولة مترددة حتى حسمت أمرها بإطلق الرصاص ،على قلب المة على طلبة جامعة
الزهر .ويقول :كان موقف شيوخ الزهر وطلبته رائعا ،فقد أصدر 70عالما أزهريا بيانا " .
ولكن ما شاهدناه على شاشة التلفزيون هو مظاهرة تضييم بضييعة عشييرات ميين فتيييات الزهيير ،وأدتهييا الشييرطة
المصرية من قبل أن تبدأ ،حسبما جاء في النشرات الخبارية ،وما نود أن ُنشير إليه هنا أن الميية المصييرية لييم
ُتحرك ساكنا ،فهي منشغلة بدنياها من رأسها حتى أخمص قدمها ،لتستمر المعركة على صييفحات الصييحف ميين
قبل القلة من أبناء مصر الذين انتصروا لدينهم ،وخذلتهم أمتهم وخذلت دينها قبل أن تخذلهم حكومتهم ،وما نسبة
25ألف طالب مما يزيد عن 50مليون مسلم في مصر … ؟!
وهذا الوضع المؤسف والمأسوي في مصر ،الذي حاول د .محمد عباس تجميله ،والييذي يبعييث السييى والحييزن
في قلب كل مسلم ،هو ما تستشعره في ثنايا مقالت وبيانات ،د .محمد عبيياس نفسييه ،وهييو ينييادي فييي أمتييه فل
سامع ول مجيب ،مما اضييطره للسييتنجاد بييالزهر وطلبتييه والمفييتي والقرضيياوي ،بعييد أن وجييد نفسييه وحيييدا
ي كماشة إعلم الكفر والضللة وجبروت فرعون وسطوته ،فاستجابوا له بعد حين . محاصرا ،بين فك ّ
فلماذا انتصرت الحكومة لنصارى مصر وحاربت مسلميها ؟! أليييس لنهييم يخشييون النيياس ميين نصييارى الغييرب
سييرون القييدماء أن المقصييود فييي
كخشية ال أو أشد خشية ،نعم ..هذا هو الشرك بعينه ،لييذلك اعتقييد بعييض المف ّ
اليات هم مشركي قريش ،ظنا منهم أن الشرك وّلى من غير رجعة .
نعم ..إنهم يشّكون بربوبية ال وألوهيته ول يدينون له بالعبادة ،ويشّكون في قدرته علييى نصيير أوليييائه والنتقييام
من خصومه ،وُيضاف إلى شركهم صفة أخرى هي النفاق ،وهو ما لم ينتبه إليه من ذهبييوا إلييى ذلييك القيول ميين
سرين ،فمشركو قريش أخذتهم العزة بالثم ،فل حاجة بهم لُينافقوا رسول ال وصحبه ،ولم ُيعطوا الدنية في الُمف ّ
معتقدهم بالرغم من بطلنه ،حتى ُفتحت مكة ودخلوا في السلم وما ظهر النفاق إل في المدينة .
وفي خضم هذه الموجة ،ومع ضعف نور السلم وأفول شمسييه ،سيييتحول النفيياق قريبييا إلييى كفيير بييواح ،فليين
يكون هناك داعيا للخجل .حينها ستكون بطشة ربك الكبرى على البواب ،ويكون أهل مصر قد أعذروا ال فييي
أنفسهم بما كسبت أيديهم وبما سكتوا عن الحق ،فالساكت عن الحق شيطان أخرس ،لنعود إلى قوله تعييال ) َوَمففا
ن) ظففاِلُمو َ
عَلْيِهْم َءاَياِتَنا َوَما ُكّنا ُمْهِلِكي اْلُقَرى ِإّل َوَأْهُلَها َ
سوًل َيْتُلو َ
ث ِفي ُأّمَها َر ُ حّتى َيْبَع َ ك اْلُقَرى َ ك ُمْهِل َ
ن َرّب ََكا َ
59القصص ( ورحمة من ربك بعث رسله الكرام ،مبشرين بعظييم ثييواب الييدنيا والخييرة ،ومنييذرين ميين بأسييه
الشديد في الدنيا والخرة ،ورحمة بأهل مصر ها قد أنذرهم بالدخان ،حتى يوقظهم ميين غفلتهييم لعلهييم يرجعييون
ن َرّبفف َ
ك ن ) 131النعام ( وقوله ) َوَما َكا َ غاِفُلو َ
ظْلٍم َ ،وَأْهُلَها َك اْلُقَرى ِب ُك ُ ،مْهِل َن َرّب َن َلْم َيُك ْ
ك َأ ْ
مصداقا لقوله ) َذِل َ
ن ) 117هود ( . حو َصِل ُظْلٍم َ ،وَأْهُلَها ُم ْ ك اْلُقَرى ِب ُِلُيْهِل َ
ن، ن ِلْلُمفْؤِمِني َ ل َوُيفْؤِم ُ ن ِبففا ِّخْيٍر َلُكفْم ُ ،يفْؤِم ُ ن ُ ،قْل ُأُذنُ َ ن ُهَو ُأُذ ٌ ي َ ،وَيُقوُلو َ ن الّنِب ّن ُيْؤُذو َ قال تعالى ) َوِمْنُهُم اّلِذي َ
لف ضففوُكْم َ ،وا ُّ ل َلُكْم ِلُيْر ُ ن ِبا ِّحِلُفو َ ب َأِليٌم )َ (61ي ْ عَذا ٌل َلُهْم َ سوَل ا ِّ ن َر ُن ُيْؤُذو َ ن َءاَمُنوا ِمْنُكْم َ ،واّلِذي َ حَمةٌ ِلّلِذي ََوَر ْ
جَهّنفَمن َل فُه َنففاَر َ سففوَلُه َ ،ففَأ ّ ل َوَر ُ حاِدِد ا َّ ن ُي َن )َ (62أَلْم َيْعَلُموا َأّنُه َم ْ ن َكاُنوا ُمْؤِمِني َ ضوُه ِ ،إ ْ ن ُيْر ُ ق َأ ْح ّسوُلُه َأ َ َوَر ُ
سففوَرٌة ُتَنّبُئُهفْم ِبَمففا ِفففي ُقُلففوِبِهْم ُ ،قفِل عَلْيِهفْم ُ ن ُتَنفّزَل َ ن َ ،أ ْحفَذُر اْلُمَنففاِفُقو َ ظيُم )َ (63ي ْ ي اْلَع ِ
خْز ُ ك اْل ِخاِلًدا ِفيَها َ ،ذِل َ َ
ل َوَءاَيففاِتِه ب ُ ،قْل َأِبففا ِّ ض َوَنْلَع ُ خو ُ ن ِإّنَما ُكّنا َن ُسَأْلَتُهْم َ ،لَيُقولُ ّن َ ن )َ (64وَلِئ ْ حَذُرو َ ج َما َت ْ خِر ٌل ُم ْ ن ا َّ سَتْهِزُئوا ِ ،إ ّ ا ْ
طاِئَففًة ، ب َ طاِئَففٍة ِمْنُكفْم ُ ،نَعفّذ ْ ن َ عف ْ ف َ ن َنْعف ُ ن )َ (65ل َتْعَتِذُروا َقْد َكَفْرُتْم َبْعفَد ِإيَمففاِنُكْم ِ ،إ ْ سَتْهِزُئو َ سوِلِه ُكْنُتْم َت ْ َوَر ُ
ف، ن اْلَمْع فُرو ِ عِ ن َ ن ِباْلُمْنَكِر َوَيْنَهْو َ ض َ ،يْأُمُرو َ ن َبْع ٍ ضُهْم ِم ْ ت َبْع ُ ن َواْلُمَناِفَقا ُ ن ) (66اْلُمَناِفُقو َ جِرِمي َ ِبَأّنُهْم َكاُنوا ُم ْ
ن َواْلُمَناِفَقففا ِ
ت لف اْلُمَنففاِفِقي َ عفَد ا ُّ ن )َ (67و َ سفُقو َ ن ُهفُم اْلَفا ِ ن اْلُمَنففاِفِقي َ
سفَيُهْم ِ ،إ ّ ل ف َفَن ِ
سففوا ا َّ ن َأْيفِدَيُهْم َ ،ن ُ ضففو َ َوَيْقِب ُ
ش فّدن َقْبِلُكْم َ ،كاُنوا َأ َ ن ِم ْ ب ُمِقيٌم )َ (68كاّلِذي َ عَذا ٌ ل َوَلُهْم َ سُبُهْم َوَلَعَنُهُم ا ُّح ْ ي َ ن ِفيَها ِ ،ه َ خاِلِدي َ
جَهّنَم َ َواْلُكّفاَر َ ،ناَر َ
لِقِهْم ،خَ ن َقْبِلُكْم ِب َ
ن ِم ْ سَتْمَتَع اّلِذي َ لِقُكْم َكَما ا ْ خَ سَتْمَتْعُتْم ِب َ
لِقِهْم َ ،فا ْ خَ سَتْمَتُعوا ِب َ ِمْنُكْم ُقّوًة َوَأْكَثَر َأْمَواًل َوَأْوَلًدا َ ،فا ْ
ن )َ (69أَل فْم َي فْأِتِهْم َنَب فُأ س فُرو َ خا ِ ك ُهُم اْل َ خَرِة َ ،وُأوَلِئ َ لِ عَماُلُهْم ِفي الّدْنَيا َوا ْ ت َأ ْ
ط ْ حِب َ
ك َ ضوا ُ ،أوَلِئ َ خا ُ ضُتْم َكاّلِذي َ خ ْ َو ُ
ت، س فُلُهْم ِباْلَبّيَنففا ِ
ت َ ،أَتْتُه فْم ُر ُ ن َواْلُمْؤَتِفَكففا ِ ب َم فْدَي َ
حا ِ صَعاٍد َوَثُموَد َوَقْوِم ِإْبَراِهيَم َوَأ ْ ح َو َ ن َقْبِلِهْم َ ،قْوِم ُنو ٍ ن مِ ْ اّلِذي َ
ض، ضفُهمْ َأْوِلَيففاُء َبْعف ٍ ت َبْع ُ ن َواْلُمْؤِمَنففا ُ ن )َ (70واْلمُْؤِمُنففو َ ظِلُمففو َ سفُهْم َي ْن َكففاُنوا َأْنُف َ ظِلَمُهفْم َ ،وَلِكف ْ لف ِلَي ْ
ن ا ُّ َفَما َكا َ
سففوَلُه ُ ،أوَلِئ َ
ك لف َوَر ُ ن ا َّ طيُعففو َ ن الّزَكففاَة َوُي ِ لَة َوُيْؤُتففو َ صف َ ن ال ّ ن اْلُمْنَكفِر َ ،وُيِقيُمففو َ عف ِن َ ف َوَيْنَهفْو َن ِباْلَمْعُرو ِ َيْأُمُرو َ
281
حِتَهففا اَْلْنَهففارُ ن َت ْ
جفِري ِمف ْ ت َت ْجّنفا ٍتَ ، ن َواْلُمْؤِمَنفا ِ لف اْلُمفْؤِمِني َ عفَد ا ُّ
حِكيفٌم )َ (71و َ عِزيٌز َ ل َ ن ا َّل ِ ،إ ّ حمُُهُم ا ُّسَيْر ََ
ي، ظيُم )َ (72يَأّيَها الّنِب ّ ك ُهَو اْلَفْوُز اْلَع ِ ل َأْكَبُر َ ،ذِل َ
ن ا ِّ ن ِم َ ضَوا ٌ ن َ ،وِر ْ عْد ٍت َ جّنا ِ
طّيَبًة ِفي َ ن َ ساِك َخاِلِدينَ ِفيَها َ ،وَم َ َ
ل َما َقاُلوا َ ،وَلَقْد َقففاُلوا ن ِبا ِّ حِلُفو َ
صيُر )َ (73ي ْ س اْلَم ِ جَهّنُم َوِبْئ َ عَلْيِهْم َ ،وَمْأَواُهْم َ ظ َغُل ْ
ن َوا ْ جاِهِد اْلُكّفاَر َواْلُمَناِفِقي ََ
ضِلِه َ ،فِإ ْ
ن ن َف ْ سوُلُه ِم ْ ل َوَر ُ غَناُهُم ا ُّ ن َأ ْلِمِهْم َ ،وَهّموا ِبَما َلْم َيَناُلوا َ ،وَما َنَقُموا ِإّل َأ ْ سَ َكِلَمَة الُْكْفِر َ ،وَكَفُروا َبْعَد ِإ ْ
ي َوَلن َوِلف ّ ض ِمف ْ خَرِة َ ،وَما َلُهفْم ِفففي اَْلْر ِ لِعَذاًبا َأِليًما ِفي الّدْنَيا َوا ْ ل َ ن َيَتَوّلْوا ُيَعّذْبُهُم ا ُّ
خْيًرا َلُهْم َ ،وِإ ْ ك ََيُتوُبوا َي ُ
ن )َ (75فَلّمففا َءاَتففاُهْم حي َ صففاِل ِن ال ّن ِم ف َ ن َوَلَنُكوَن ّصّدَق ّضِلِه َ ،لَن ّن َف ْ ن َءاَتاَنا ِم ْ ل َ ،لِئ ْ
عاَهَد ا َّ ن َ صيٍر )َ (74وِمْنُهْم َم ْ َن ِ
ل َمفا خَلُفوا ا َّ عَقَبُهْم ِنَفاًقا ِفي ُقُلوِبِهْم ِإَلى َيْوِم َيْلَقْوَنُه ِ ،بَما َأ ْ ن )َ (76فَأ ْ ضو َ خُلوا ِبِه َوَتَوّلْوا َوُهْم ُمْعِر ُ ضِلِه َ ،ب ِن َف ْ ِم ْ
ب )78 لُم اْلُغُيففو ِ عّلف َ ن ا َّ ج فَواُهْم َ ،وَأ ّ ل ف َيْعَل فُم سِ فّرُهْم َوَن ْ
ن ا َّن )َ (77أَل فْم َيْعَلُمففوا َأ ّ ع فُدوُه َ ،وِبَمففا َكففاُنوا َيْك فِذُبو َ َو َ
التوبة ( .
عَذاًبا ُمِهيًنا )57
عّد َلُهْم َ
خَرِة َ ،وَأ َ
لِ
ل ِفي الدّْنَيا َوا ْ
سوَلُه َ ،لَعَنُهُم ا ُّ
ل َوَر ُ
ن ا َّ
ن ُيْؤُذو َ
ن اّلِذي َ
قال تعالى ) ِإ ّ
الحزاب (
شَرى
ظَلُموا َ ،وُب ْ
ن َ
عَرِبّيا ِ ،لُيْنِذَر اّلِذي َ
ساًنا َ
ق ِل َ
صّد ٌ
ب ُم َ
حَمًة َ ،وَهَذا ِكَتا ٌ سى ِإَماًما َوَر ْ
ب ُمو َ
ن َقْبِلِه ِكَتا ُ
وقال ) َوِم ْ
ن ) 12الحقاف ( سِني َ ح ِ
ِلْلُم ْ
282
يوم نبطش البطشة الكبرى
وهكذا نكييون قييد عايشيينا أجييواء المشييهد الثييالث قبييل الخييير ميين فصييول سييورة الييدخان ،وبقييي المشييهد الرابييع
والخير ،المشهد الكثر رعبا وهول إنها البطشة الكبرى ،التي سينتقم فيها رب العزة مميين آذوا رسييوله ،وهييو
ن َءاَمُنففوا ، سفَلَنا َ ،واّلفِذي َ
صُر ُر ُوعد خاص لمحمد عليه الصلة والسلم ول يخلف ال وعده ،قال تعالى ) ِإّنا َلَنْن ُ
عِزيفٌز ُذو اْنِتَقففاٍمل َ ن ا َّ
سَلُه ِ ،إ ّ
عِدِه ُر ُف َو ْخِل َ
لَ ُم ْ
نا ّ
سَب ّ
ح َ
ل َت ْ
شَهاُد ) (51وقال ) َف َ
حَياِة الّدْنَيا َ ،وَيْوَم َيُقوُم اَْل ْ
ِفي اْل َ
) 47إبراهيم ( .
أما المؤمنون من أهل مصر فربهم أعلم بهم ،وهو كفيل بأن يقيهم العذاب حيث وعدهم بالنصر كما وعد رسييله )
صففُر عَلْيَنا َن ْ
حّقا َ ن َ جَرُموا َ ،وَكا َ ن َأ ْن اّلِذي َت َ ،فاْنَتقَْمَنا ِم َ
جاُءوُهْم ِباْلَبّيَنا ِ ل ِ ،إَلى َقْوِمِهْم َف َسًك ُر ُ
ن َقْبِل َسْلَنا ِم َْوَلَقْد َأرْ َ
خَل فْوا ن َن ِ ،إّل ِمْثَل َأّيففاِم اّل فِذي َ
ظُرو َ ن ) 47الروم ( ،ووعدهم بالنجاة كما وعد رسله ،قال تعالى ) َفَهْل َيْنَت ِ اْلُمْؤِمِني َ
عَلْيَنففاحّقففا َ
ك َ ن َءاَمُنوا ،كَ فَذِل َ سَلَنا َ ،واّلِذي َجي ُر ُ ن )ُ (102ثّم ُنَن ّ ظِري َ
ن اْلُمْنَت ِ
ظُروا ِ ،إّني َمَعُكْم ِم َن َقْبِلِهْم ُ ،قْل َفاْنَت ِ ِم ْ
ن ) 103يونس ( . ج اْلمُْؤِمِني َُنْن ِ
وبعد جدال طويل لمؤمن آل فرعون مع أئمة الكفر من قومه ،في حوار يمتد من الية 28في سورة غافر وحييتى
صيٌر ِباْلِعَبففاِد )َ (44فَوَقففاُه ل َب ِ
ن ا َّل ِ ،إ ّ
ض َأْمِري ِإَلى ا ِّ
ن َما َأُقوُل َلُكْم َ ،وُأَفّو ُسَتْذُكُرو َالية ، 44يقول لقومه َ ) :ف َ
ش فّيا َ ،وَي فْوَم َتُقففوُم
ع ِ
غُدّوا َو َ
عَلْيَها ُ
ن َ ضو َب ) (45الّنارُ ُيْعَر ُ سوُء اْلَعَذا ِن ُ عْو َق ِبآِل ِفْر َحا َت َما َمَكُروا َ ،و َ سّيَئا ِ
ل َ ا ُّ
ب ) (46وكذلك سيفعل الذين من بعدهم عندما يسمعون بأمر هذا الكتاب ، شّد اْلَعَذا ِ
ن َأ َ
عْو َخُلوا َءاَل ِفْر َ
عُة َ ،أْد ِسا َ
ال ّ
فسُيمارون وُيكثرون من الجدل الجدال ،لُيثبتوا أن هذه السورة لم تكن بييأي حييال ميين الحييوال بشييأن مصيير ومييا
يجري في مصر ،وما ذلك بمنجيهم من العذاب ،فالولى بهم أن ُيصلحوا ما فسد من أمرهم ليدرءوا العذاب عيين
أنفسهم .
المكان هو القاهرة بشكل خاص حيييث ظهيير الييدخان ،وميين المرجييح أل يمتييد إلييى غيرهييا مين المييدن المصييرية
الكبرى وربما يمتد ،وال أعلم .
النتيجة هي دمار القاهرة وخرابها وهلك أهلها هلكييا عامييا غاييية فييي البشيياعة ،وهييذا مسييتفاد ميين قييوله تعييالى
) بطشتنا ( عند حديثه عن عذاب قوم لوط ،التي أوضحنا صفتها في فصل سابق ،فتلك بطشة وهذه بطشة كبرى
.
ي خياص وظياهر كعيذابات القيوام السيابقة ،ميع بقياء ومن المرجح وال أعلم ،أل تكون هذه البطشية بفعيل إلهي ّ
الحتمالية قائمة كالخسف والزلزل .ومن المحتمل أن تكون ضييربة أو ضييربات نووييية ،تييترافق وتييتزامن مييع
أحداث الحرب القادمة ،وال أعلم .
ومما يدعم احتمال ضرب القاهرة نوويا ،هو ما جاء في أسفار التوراة من أخبار بخراب مصيير وحريقهييا بالنييار
وهلك أهلها ،وجفاف النيل وروافده فربما تصدق إن كانت هي المقصودة فعل ،في النصوص التالية :
ي نص من سفر إشعياء ،وهو السفر القل تشويها وتحريفا ،وهو السفر الييذي مييازال يحتفييظ بنصييوص البشييرى
بمحمد عليه الصلة والسلم ،وإليك نصه :
" إشعياء :16-1 :19 :نبوءة بشأن مصر ،ها هو الرب قادم إلى يركب سحابة سريعة ،فترتجف أوثييان مصيير
في حضرته ،وتذوب قلوب المصريين في داخلهم ،وُأثير مصريين عليى مصيريين فيتحيياربون ،ويقيوم الواحييد
على أخيه ،والمدينيية علييى المدينيية ،والمملكيية علييى المملكيية ،فتييذوب أرواح المصييريين فييي داخلهييم ،وُأبطييل
ى قيياس ،فيسييودمشورتهم ،فيسألون الوثان والسحرة وأصحاب التوابع والعّرافين ،وُأسّلط على المصريين مول ً
ملك عنيف عليهم ،هذا ما يقوله الرب القدير …
283
… وتنضب مياه النيل ،وتجف الحواض وتيبييس ُ ،تنتيين القنييوات ،وتتنيياقص تفّرعييات النيييل وتجييف ،ويتلييف
القصب والسل ،وتذبل النباتات على ضفاف نهر النيل ،والحقييول والمزروعييات كلهييا تجييف ،وكأنهييا لييم تكيين
سيير الييذين يلقييون شييباكهم فييي المييياه ،
مخضّرة .فيئن الصيادون وطارحو الشصوص في النيل وينوحون ،ويتح ّ
شط ،ويفقد حائكو الكتان الفاخر كل أمل ،ويسحق الرجال أعمييدة ويتوّلى اليأس قلوب الذين يصنعون الكتان المم ّ
الرض ،ويكتئب كل عامل أجير …
… رؤساء صوعن حمقى ،ومشورات أحكم حكماء فرعون غبية ,كيف تقولون لفرعون ،نحن من نسل حكماء
حمييق ،وأبناء ملوك قدامى ؟! أين حكماؤك يا فرعون ،ليطلعوك على ما قضى به الرب القدير على مصر ؟! قد َ
ل مصر شرفاء قبائلهييا .جعييل الييرب فيهييا روح فوضييى ،فأضيّلوا رؤساء صوعن ،وانخدع أمراء نوف ،وأض ّ
مصر في كل تصّرفاتها ،حتى ترّنحت كترّنح السكران في قيئه ،فلم يبق لُعظمائها أو أدنيائهيا ميا يفعليونه فيهيا .
في ذلك اليوم ،يرتعد المصريون كالنساء ،خوفا من يد الرب القدير التي يهّزها فوقهم " .
ي ومقتطفات من نص آخر لرميا ُ ،ينّبئ بخراب مصر :
" ارميا : -13 :46 :النبوءة التي أوحى بها الرب إلى ارميا النبي ،عن زحييف نبوخييذ نصيير لمهاجميية مصيير :
أذيعوا في مصر ،وأعلنوا في مجدل ،خّبروا في ممفيس ،وفي تحفنحيس ،قولوا :قف متأهبا لن السيييف يلتهيم
ِمن حولك … .فتقول بقية اليهود آنذاك " :قوموا لنرجييع إلييى قومنييا ،وإلييى أرض موطننييا ،هربييا ميين السيييف
الطاغي " .ويهتفون هناك " :إن فرعون ملك مصر ،ليس سوى طبل أجييوف ،أضيياع فرصييته " … .تييأهبوا
للجلء يأهل مصر ،لن ممفيس ستصبح أطلل وخربا مهجورا .مصر عجلة فاتنة هاجمها الهلك من الشمال ،
حتى مرتزقتها في وسطها كعجول مسّمنة ،قد نكصوا على أعقابهم هاربين معا ،ولم يصمدوا لن يييوم بلئهييم ،
قد حل بهم في وقت عقابهم " .
ي ومقتطفات من نص آخر لحزقيال ُ ،ينّبئ بخراب مصر :
ب بياتن ييوم الير ّ ي اليرب بكلمتيه قيائل :ييا ابين آدم ،تنّبيأ ،وقيل ، … :إ ّ
" حزقيال :13-1 :30 :وأوحى إلي ّ
وشيكا ، … ،إّنه يوم ُمكفهّر بالغيوم ،ساعة دينونة ) نهاية ( للمم ،إذ ُيجّرد سيييف علييى مصيير ،فيُعيّم الييذعر
الشديد إثيوبيا ،عندما يتهاوى قتلى مصر ،ويستولي على ثروتها ،وُتنقييض ُأسسييها .ثييم تسييقط معهييم بالسيييف ،
سيّكانها ميينإثيوبيا وفوط ولود ،وشبه الجزيرة العربية وليبيييا ،وشييعوب الرض الُمتحالفيية معهييم … فيتهيياوى ُ
مجدل إلى أسوان ...فُتصبح أكثر الراضي الُمقفرة وحشة ،وُتضحي ُمدنها أكثر الُمدن خرابا … في يييوم هلك
مصر ،الذي ل بد أن يتحّقق ...
صيير ملييك بابييل ،إذ ُيقبييل بجيشييه أعييتى جيييوش المييم لخييراب ديييار
… لني سأفني جماهير مصر بيد نبوخييذ ن ّ
مصر ،فُيجّردون عليها سيوفهم ،ويملئون أرضييها بييالقتلى ،وُأجفّييف مجيياري نهيير النيييل ،وأبيييع الرض لقيوم
طم الصنام ،وُأزيييل الوثييان ميين ممفيييس ،
ب قد قضيت .ثّم ُأح ّ أشرار ،وُأخّرب البلد فيها بيد الغرباء ،أنا الر ّ
ول يبقى بعد رئيس في ديار مصر ،وُألقي فيها الرعب " .
284
الخصومة لكل ما جاء به من الحق .وهذا ما يقوم به عادة المدافعين عن الباطل لضلل الناس ودفعهييم للعتقيياد
بوجهة نظرهم ،وهذه الصورة كثيرا ما نراها هذه اليام ،في حوارات أهل الباطل ومناقشاتهم ،حتى من بعييض
رجال الدين عندما يجتمعون فيما بينهم ،علييى منييابر العلم المرئييية والمسييموعة والمكتوبية .قيال تعيال ) َوَمففا
خفُذوا َءاَيففاِتي َوَمفا
ق َواّت َ
حف ّ
ضففوا ِبفِه اْل َ
ح ُ
طفِل ِلُيْد ِ
ن َكَففُروا ِباْلَبا ِ
جاِدُل اّلِذي َ
ن َوُي َ
ن َوُمْنِذِري َ
شِري َ
ن ِإّل ُمَب ّ
سِلي َ
سُل اْلُمْر َ
ُنْر ِ
ُأْنِذُروا ُهُزًوا ) 56الكهف (
والسؤال الن :هل سيتمارى أهل مصر بهذا الكتاب ،فيما لو وقع تحت أيديهم ،كمييا تمييارى الييذين ميين قبلهييم ؟
نقول :نعم بل أدنى ! ألم يقل سبحانه ) أّنى لهييم الييذكرى ( ،وقييد كيّذبوا برسييالة محمييد عليييه الصييلة والسييلم ،
فالحرى بهم أن ُيكذبوا من هو دونه من البشر ،أيا كانت درجتهييم أو صييفتهم ،وألييم يقييل سييبحانه ) يييوم نبطييش
… ( وعقب على هذا اليوم ،بقوله ) فارتقب إنهم مرتقبون ( فالمسألة باتت مسألة وقت ل أكثر … فلنرتقييب …
ونرى … !
ولكن هل يفيد هذا النذار السابق للعذاب ؟ نقول :نعم ولو لم يكن فيه فائدة لما أنزله ال في كتابه :
أول :إذ لو عاد أهل مصر عامة ،عّما هم علييه لُرفيع عنهيم العيذاب ،كميا ُرفيع عين قيوم ييونس علييه الصيلة
والسلم ،وأما التأكيد على أنهم سينزل بهم ،كان لسبق علم ال ،بما سيكون من إصرارهم على ما هم علييه بعيد
كشف الدخان .
ثانيا :وربما سيكون هناك عودة لبعض أهل مصر على المستوى الفردي ،فيما لو انتبه أحدهم لهييذا الميير ،ميين
خلل قراءته لسورة الدخان ،أو تم تنبيهه لهذا النذير اللهي .وكون الناس منشغلون بدنياهم عن قييراءة القييرآن ،
فذلك حجة إضافية عليهم يوم القيامة فيما لو تذّرعوا بأن لم يأتهم نذير ،في أنهم كانوا حقا معرضين عيين كتييابه ،
كما أخبر سبحانه بحالهم من سابق علمه في كتابه العزيز ،ليكييون النييذير فييي متنيياول أيييديهم وهييم ل يشييعرون .
وربما يكون أحدهم قد انتبه ،ولما لم ُيكّلف نفسه بالبحث ،إذ ل يرى نفسه ملزما بفهييم كتيياب ال ي فتسيياءل … ؟!
فضّلله عاّمي أو عالم أو فقيه بغير علم … !
سفَلًفا َوَمَث ً
ل جَعْلَنففاُهْم َ
ثالثا :ليكون في كل هذا عبرة لمن يعتبر من المصريين وغيرهم من الميم ،قيال تعيالى ) َف َ
ن ) 56الزخرف ( سلفا لمن سيأتي بعدهم ومثل لمن عاصرهم .
خِري َ
لِِل ْ
قد يستنكر البعض إهلك ال للعامة كونهم مسلمين ،وردا على ذلك ،نقول أن ربهم أعلم بهم ،وهو القيدر عليى
ق .وممييا قيياله رب العييزة فييي سيينن إهلك القييرى ، كيفية التعامل معهم ،وحكمه في خلقه عدل وقضاؤه فيهم حي ّ
جِرِميَهففا ِلَيْمُكفُروا
ك جََعْلَنا ِفففي ُكفّل َقْرَيفٍة َ ،أَكففاِبَر ُم ْ
موضحا أسباب استحقاق أهلها للعقاب بفعل ساداتها هو ) َوَكَذِل َ
ك َقْرَيةً َ ،أَمْرَنا ُمْتَرِفيَها
ن ُنْهِل َ
ن ) 123النعام ( ،وقال ) َوِإَذا َأَرْدَنا َأ ْ شُعُرو َ
سِهْم َوَما َي ْ
ن ِإّل ِبَأْنُف ِ
ِفيَها َ ،وَما َيْمُكُرو َ
عَلْيَها اْلَقْوُل َ ،فَدّمْرَناَها َتْدِميًرا ) 16السراء ( ق َ ح ّسُقوا ِفيَها َ ،ف َ
َ ،فَف َ
سِعيًرا )عّد َلُهْم َ ن َوأَ َ
ن اْلَكاِفِري َ
ل َلَع َن ا َّوأما أسباب استحقاق العامة للعقاب ،كما ُيبّينوها هم بأنفسهم قال تعالى ) ِإ ّ
لف
طْعَنفا ا َّ
ن َيَلْيَتَنفا َأ َ
جففوُهُهْم ِففي الّنففاِر َيُقوُلففو َب ُو ُ صيًرا )َ (65يْوَم ُتَقّل ُ ن َوِلّيا َوَل َن ِ جُدو َن ِفيَها َأَبًدا َل َي ِخاِلِدي َ
َ (64
ن
ن ِمف َ
ضفْعَفْي ِل )َ (67رّبَنففا َءاِتِهفْم ِ سفِبي َ
ساَدَتَنا َوُكَبَراَءَنففا َفَأضَفّلوَنا ال ّ
طْعَنا َسوَل )َ (66وَقاُلوا َرّبَنا ِإّنا َأ َ طْعَنا الّر ُ
َوَأ َ
لف ِمّمففا َقففاُلوا ،سففى َ ،فَبفّرَأُه ا ُّ ن َءاَذْوا ُمو َ ن َءاَمُنوا َ ،ل َتُكوُنففوا َكاّلفِذي َ ب َواْلَعْنُهْم َلْعًنا َكِبيًرا )َ (68يَأّيَها اّلِذي َ اْلَعَذا ِ
سِديًدا ) 70الحزاب ( ل َوُقوُلوا َقْوًل َ ن َءاَمُنوا اّتُقوا ا َّ جيًها )َ (69يَأّيَها اّلِذي َ ل َو ِعْنَد ا ِّن َِوَكا َ
ن )(96 صفُمو َ ن )َ (95قاُلوا َوُهفْم ِفيَهففا َيخَْت ِ جَمُعو َ
س َأ ْ
جُنوُد ِإْبِلي َ
ن )َ (94و ُ وقال تعالى ) َفُكْبِكُبوا ِفيَها ُهْم َواْلَغاُوو َ
ن )َ (99فَمففا َلَنففا ِمف ْ
ن جِرُمو َ ضّلَنا ِإّل اْلُم ْ
ن )َ (98وَما َأ َ ب اْلَعاَلِمي َ
سّويُكْم ِبَر ّ
ن )ِ (97إْذ ُن َ لٍل ُمِبي ٍ
ضَل ِإنْ ُكّنا َلِفي َ
َتا ِّ
حِميٍم ) 101الشعراء ( . ق َ صِدي ٍ شاِفِعينَ )َ (100وَل َ َ
ظففاِلُمونَ ن َيفَدْيِه َ ،وَلفْو َتفَرى ِ ،إِذ ال ّ
ن َ ،ولَ ِباّلفِذي َبْيف َ ن ِبَهفَذا اْلُقفْرَءا ِ
ن ُنفْؤِم َ
ن َكَففُروا َ ،لف ْوقال تعالى ) َوَقاَل اّلفِذي َ
سَتْكَبُروا َ ،لْوَل َأْنُتْم َلُكّنففا
نا ْ
ضِعُفوا ِ ،لّلِذي َسُت ْ
نا ْ ض اْلَقْوَل َ ،يُقوُل اّلِذي َ ضُهْم ِإَلى َبْع ٍجُع َبْع ُعْنَد َرّبِهْم َ ،يْر ِ
ن ِ
َمْوُقوُفو َ
ُمْؤِمِنينَ ) 31سبأ (
285
وذلك بسبب طاعتهم وتأليههم لسادتهم وكبرائهم من المجرمين ،ورضاهم واتباعهم لمنهج كييبرائهم ،سييواء كييان
ذلك كرها أم طوعا ،وممارستهم للفساد والفساد كل حسب طاقته .وفساد الحكام عييادة مييا يكييون مسييبوقا بفسيياد
ظرين الطامعين في السلطة ،صابين جيام غضيبهم الشعوب وانحرافها ،وليس العكس كما يتصور الكثير من المن ّ
على الحكام ،والجدى بهؤلء والجدر بأن يشعروا بالرثاء لحال الملوك ،والشفاق عليهم من حسابهم العسير ،
بين يدي ملك الملوك إن كانوا من الظالمين وليصلحوا أنفسهم أول ،ورب العزة كفييل بيأن ييوّلي عليهيم مين هيو
خير منهم ،ول أذكر بالضبط من القائل " لو يعلم الملوك ما نشعر به من حلوة اليمان لقاتلونا عليها بالسيوف "
صلواوهل يضمن هؤلء أل ُيفتنوا ببريق المال والسلطة ،كما افُتتن الملوك والحكام على مّر العصور فيما لو تح ّ
سِهْم ) 11الرعد ( .
حّتى ُيَغّيُروا َما ِبَأْنُف ِ
ل َل ُيَغّيُر َما ِبَقْوٍم َ
ن ا َّ
عليهما ،قال تعالى ) ِإ ّ
ض فّلوا
ن َت فَذْرُهْم ُي ِ
ك ِإ ْ
وتدّبر دعاء نوح عليه السلم على قومه ،حيث شملت دعوته من هم في ظهور آبائهم ِ ) :إّن ف َ
جًرا َكّفاًرا ) 27نوح (
ك َوَل َيِلُدوا ِإّل َفا ِ
عَباَد َ
ِ
وتفّكر وتدّبر في قصة أصحاب السبت ،فيما يلي من آيات :
عا َوَيفوْمَشفّر ً سْبِتِهْم ُحيَتاُنُهْم َيْوَم َ ت ِإْذ َتْأِتيِهْم ِ
سْب ِ ن ِفي ال ّحِر ِإْذ َيْعُدو َ
ضَرَة اْلَب ْحا ِ
ت َ ن اْلَقْرَيِة اّلِتي َكاَن ْ
عِ سَأْلُهْم َ ) َوا ْ
ل ف ُمْهِلُكُه فْم َأْو
ن َقْوًما ا ُّ ظو َ ت ُأّمٌة ِمْنُهْم ِلَم َتِع ُن )َ (163وِإْذ َقاَل ْ سُقو َ ك َنْبُلوُهْم ِبَما َكاُنوا َيْف ُن َل َتْأِتيِهْم َكَذِل َسِبُتو َ َل َي ْ
ن
عِن َ ن َيْنَهْو َجْيَنا اّلِذي َ
سوا َما ُذّكُروا ِبِه َأْن َ ن )َ (164فَلّما َن ُ شِديًدا َقاُلوا َمْعِذَرًة ِإَلى َرّبُكْم َوَلَعّلُهْم َيّتُقو َعَذاًبا َ ُمَعّذُبُهمْ َ
عْنُه ُقْلَنففا َلُهفْم ُكوُنففوا
ن َما ُنُهوا َ عْ عَتْوا َ ن )َ (165فَلّما َ سُقو َ
س ِبَما َكاُنوا َيْف ُ ب َبِئي ٍظَلُموا ِبَعَذا ٍ ن َ خْذَنا اّلِذي َسوءِ َوَأ َ ال ّ
ن ) 166العراف ( . سِئي َخا ِ ِقَرَدًة َ
إذن هناك نجاة لمن ينهون عن السوء أول ،ومن ثم هناك عذاب للذين ظلميوا ثانييا بميا كيانوا يفسييقون ،والفسيق
اصطلحا هو الخروج من الدين ،ولحظ هنا أن النجاة ُكتبت لميين أمييروا بييالمعروف ونهييوا عيين المنكيير ،فهييل
نجرؤ أو نقوى هذه اليام على فعل ذلك ،وإيمان الواحد منا على حرف وخوفنا على فقييدان متيياع الحييياة الييدنيا ،
أشد من خوفنا من أمر ال … ؟!
عَلفى
ب َ
صفاَبْتُه ِفْتَنفٌة ،اْنَقَلف َ
ن َأ َ
ن ِبفِه َ ،وِإ ْ
طَمَأ ّ
خْيرٌ ا ْ
صاَبُه َ
ن َأ َ
ف َ ،فِإ ْحْر ٍعَلى َل َ ن َيْعُبُد ا َّ
س َم ْن الّنا ِ قال تعالى ) َوِم َ
ن ) 11الحج ( ن اْلُمِبي ُ
سَرا ُ
خ ْ
ك ُهَو اْل ُ
خَرَة َذِل َلِ سَر الّدْنَيا َوا ْ
خ ِ
جِهِه َ ،
َو ْ
عينْ سيَأُلُه َ ت َأ ْخْيِر ،وَُكْني ُ ن اْل َعْ سّلَم َ عَلْيِه َو َ
ل َ صّلى ا ُّ ل َ ل ا ِّ
سو َ ن َر ُ سَأُلو َ س َ ،ي ْن الّنا ُ ن ،قال َ :كا َ ن اْلَيَما ِوعن حَُذْيَفَة ْب َ
ل َبْع يَد َه يَذاخْيِر َ ،فَه ْ ل ِبَهَذا اْل َجاَءَنا ا ُّ شّر َ ،ف َ جاِهِلّيٍة َو َ ل ِإّنا ُكّنا ِفي َ ل ا ِّ سو َ ت َ " :يا َر ُ ن ُيْدِرَكِني َ ،فُقْل ُ خاَفَة َأ ْشّر َ ،م َ ال ّ
خُنيُه ؟ ت َ :وَمييا َد َ ن ُ ،قْلي ُ خف ٌل َ :نَعفْم َ ،وِفيفِه َد َ خْييٍر ؟ َقييا َ ن َ
شّر ِم ْ ك ال ّل َبْعَد َذِل َ
ت َ :وَه ْ ل َ :نَعْم ُ ،قْل ُشّر ؟ َقا َ ن َ خْيِر ِم ْاْل َ
عففاٌة ِإَلففى
ل َ :نَعفْم ُد َ شيّر ؟ َقييا َ ن َ خْييِر ِمي ْ ك اْل َ
ل َبْعَد َذِلي َ ت َ :فَه ْف ِمْنُهْم َوُتْنِكُر ُ ،قْل ُ ن ِبَغْيِر َهْدِيي َ ،تْعِر ُ ل َ :قْوٌم َيْهُدو َ َقا َ
ن جِْلفَدِتَنا َوَيَتَكّلُمففو َ
ن ل ُ :هفْم ِمف ْ صْفُهْم َلَنييا ؟! َفَقييا َ
ل ِ ل ا ِّ سو َ
ت َ :يا َر ُ جاَبُهْم ِإَلْيَها َقَذُفوُه ِفيَها ُ ،قْل ُ ن َأ َ
جَهّنَم َ ،م ْ ب ََأْبَوا ِ
ن َلُهيمْن َليْم َيُكي ْ
ت َ :فيِإ ْن َوِإَمففاَمُهْم ُ ،قْلي ُ سفِلِمي َ عَة اْلُم ْ جَما َ ل َ :تْلَزُم َك ؟ َقا َ ن َأْدَرَكِني َذِل َ ت َ :فَما َتْأُمُرِني ِإ ْ سَنِتَنا ُ ،قْل ُ
ِبَأْل ِ
عَلففى ت َت َ ،وَأْن َ ك اْلَمْو ُ حّتى ُيْدِرَك َ جَرٍة َ ، شَ صِل َ ض ِبَأ ْ ن َتَع ّ ق ُكّلَها َ ،وَلْو َأ ْ ك اْلِفَر َ
عَتِزْل ِتْل َل َ :فا ْل ِإَماٌم ؟ َقا َ عٌة َو َ جَما َ
َ
ك " . .رواه الشيخان ،وأخرجه الترمذي والنسائي وأبو داود وابن وأحمد . َذِل َ
صيّلى الُّيلي َ سييولُ ا ِّ ل َر ُ
ل ؟ َفَقييا َ
ضي ُس َأْف َ
ي الّنييا ِ
ل َ ،أ ّ ل ا ِّ
سو َ ل َيا َر ُ
ل ِ " :قي َعْنُه َ ،قا َ
ل َي ا ُّ
ضَ
ي َر ِ خْدِر ّسِعيٍد اْل ُن َعْ وَ
ب َيّتِقففي
ش فَعا ِ
ن ال ّ ب ِم ف ْ
ش فْع ٍ
ن ِفي ِ ل ُ :مْؤِم ٌن ؟ َقا َسِه َوَماِلِه َ ،قاُلوا ُ :ثّم َم ْ
ل ِبَنْف ِ
سِبيِل ا ِّ
جاِهُد ِفي َ
ن ُي َ
سّلَم ُ:مْؤِم ٌعَلْيِه َو َ
َ
شّرِه " .رواه الشيخان ،وأخرجه وأبو داود وابن ماجه وأحمد . ن َس ِم ْع الّنا َ ل ،وََيَد ُا َّ
ب ) 25النفال (
شِديُد اْلِعَقا ِ
ل َ
ن ا َّ
عَلُموا َأ ّ
صًة َ ،وا ْ
خا ّ
ظَلُموا ِمْنُكْم َ
ن َ
ن ،اّلِذي َ
صيَب ّ
وقال تعالى ) َواّتُقوا ِفْتَنًة َل ُت ِ
ن(
مو َ ل ال ّ
ظال ِ ُ م ُ
ع َ
ما ي َ ْ فًل َ ،
ع ّ غا ِ ن الل ّ َ
ه َ سب َ ّ وَل ت َ ْ
ح َ ) َ
صففاُر )(42 ص ِفيفِه اَْلْب َخ ُ شف َخُرُهْم ِلَيفْوٍم َ ،ت ْن ِ ،إّنَمففا ُيفَؤ ّ
ظففاِلُمو َ
عّما َيْعَمُل ال ّلَ ، غاِف ًل َ ن ا َّ
سَب ّح َقال تعالى َ ) :وَل َت ْ
ب َ ،فَيُقففوُل س َ ،يْوَم َيْأِتيِهُم اْلَعَذا ُطْرُفُهْم َوَأْفِئَدُتُهْم َهَواٌء )َ (43وَأْنِذِر الّنا َ سِهْم َل َيْرَتّد ِإَلْيِهْم َن ُمْقِنِعي ُرُءو ِ طِعي َ
ُمْه ِ
ن َقْبفُل َ ،مفا َلُكفْم
سْمُتْم ِمف ْ سَل َ ،أَوَلْم َتُكوُنوا َأْق َ ك َ ،وَنّتِبِع الّر ُ عَوَت َ
ب َد ْج ْ
ب ُ ،ن ِ جٍل َقِري ٍ خْرَنا ِإَلى َأ َظَلُموا َ :رّبَنا َأ ّ
ن َاّلِذي َ
ضَرْبَنا َلُكُم اَْلْمَثاَل )(45 ف َفَعْلَنا ِبِهْم َ ،و َ ن لَُكْم َكْي َ
سُهْم َ ،وَتَبّي َ
ظَلُموا َأْنُف َ
ن َن اّلِذي َساِك ِسَكْنُتْم ِفي َم َ ن َزَواٍل )َ (44و َ ِم ْ
286
عِدِه
ف َو ْ
خِل َ
ل ُ ،م ْ
ن ا َّ
سَب ّ
ح َ
ل َت ْ
جَباُل )َ (46ف َ
ن َمْكُرُهْم ِلَتُزوَل ِمنُْه اْل ِ
ن َكا َ
ل َمْكُرُهْم َ ،وِإ ْ
عْنَد ا ِّ
َوَقْد َمَكُروا َمْكَرُهْم َ ،و ِ
عِزيٌز ُذو اْنِتَقاٍم ) 47إبراهيم ( … ل َ ن ا َّ
سَلُه ِ ،إ ّ
ُر ُ
ب ) 52إبراهيم (
حٌد َ ،وِلَيّذّكَر ُأوُلو اَْلْلَبا ِ
س َ ،وِلُيْنَذُروا ِبِه َ ،وِلَيْعَلُموا َأّنَما ُهَو ِإَلٌه َوا ِ
غ ِللّنا ِ
لٌ… َهَذا َب َ
ج فِزي
ك َن ْ
جَهّن فَم َ ،ك فَذِل َ
جِزيِه َ
ك َن ْ
ن ُدوِنِه َ ،فَذِل َ
ن َيُقْل ِمْنُهْم ِ ،إّني ِإَلٌه ِم ْ
إدعاء البشر لللوهية َ ) :وَم ْ .1
ن ) 29النبياء (
ظاِلِمي َ
ال ّ
ظيفٌم )13
عِ
ظْلفٌم َ
ك َل ُ
شفْر َ
ن ال ّ
ل ِإ ّ
ك ِبففا ِّ
شفِر ْ
ي َل ُت ْ
ظُه َيُبَن ّ
ن ِلْبِنِه َوُهَو َيِع ُ
الشرك بال َ ) :وِإْذ َقاَل ُلْقَما ُ .2
لقمان (
ك ِإًذا
ت َفِإّنف َ
ن َفَعْلف َ
ك َففِإ ْ
ضفّر َ
ك َوَل َي ُ
ل َمفا َل َيْنَفُعف َ
ن ا ِّ
ن ُدو ِ
ع ِم ْ
الشرك في الدعاء والولء َ ) :وَل َتْد ُ .3
ن ) 106يونس ( ظاِلِمي َ
ن ال ّ
ِم َ
ب ِبآَيففاِتهِ ِإّنفُه َل
لف َكفِذًبا َأْو َكفّذ َ
عَلى ا ِّ
ن اْفَتَرى َ
ظَلُم ِمّم ْ
ن َأ ْ
الكذب على ال أو التكذيب بآياته َ ) :وَم ْ .4
ن ) 21النعام (ظاِلُمو َ
ح ال ّ
ُيْفِل ُ
جِرِمي ف َ
ن ن اْلمُ ْ
عْنَهففا ِإّنففا ِم ف َ
ض َ
ع فَر َ
ت َرّبِه ُثّم َأ ْ
ن ُذّكَر ِبآَيا ِ
ظَلُم ِمّم ْ
ن َأ ْ
العراض عن آيات ال َ ) :وَم ْ .5
ن ) 22السجدة (
ُمْنَتِقُمو َ
جففاَءُهُم
ق َو َ
حف ّ
سوَل َ
ن الّر ُ
شِهُدوا َأ ّ
ل َقْوًما َكَفُروا َبْعَد ِإيَماِنِهْم َو َ
ف َيْهِدي ا ُّ
الكفر بعد اليمان َ ) :كْي َ .6
ن ) 86آل عمران ( ظاِلِمي َ
ل َل َيْهِدي اْلَقْوَم ال ّ
ت َوا ُّ
اْلَبّيَنا ُ
عَلففى
ض َقففاِدٌر َ
ت َواَْلْر َسَمَوا ِ
ق ال ّ
خَل َ
ل اّلِذي َ
ن ا َّ
إنكار البعث وقدرة ال على الخلق َ ) :أَوَلْم َيَرْوا َأ ّ .7
ن ِإّل ُكُفوًرا ) 99السراء ( ظاِلُمو َ ب ِفيِه َفَأَبى ال ّ
ل َل َرْي َ
جًجَعَل َلُهْم َأ َ
ق ِمْثَلُهْم َو َ
خُل َ
ن َي ْ
َأ ْ
طوا ِبِعْلِمِه َوَلّما َي فْأِتِهْم
حي ُ
التكذيب المسبق بدون علم ممن أخذتهم العزة بالثم َ ) :بْل َكّذُبوا ِبَما َلْم ُي ِ .8
ن ) 39يونس ( ظاِلِمي َ
عاِقَبُة ال ّ
ن َ
ف َكا َ
ظْر َكْي َ
ن َقْبِلِهْم َفاْن ُ
ن ِم ْ
ب اّلِذي َ
ك َكّذ َ
َتْأِويُلُه َكَذِل َ
ضففوا
خو ُ
حّتففى َي ُ
عْنُهفْم َ
ض َ
عِر ْ
ن ِفي َءاَياِتَنففا َففَأ ْ
ضو َ
خو ُ ن َي ُت اّلِذي َ الخوض في آيات ال َ ) :وِإَذا َرَأْي َ .9
ن ) 68النعام ( ظاِلِمي َ
ل َتْقُعْد َبْعَد الّذْكَرى َمَع اْلقَْوِم ال ّ
ن َف َ طا ُ
شْي َك ال ّ
سَيّن َ
غْيِرِه َوِإّما ُيْن ِ
ث َ
حِدي ٍ
ِفي َ
ن ) 113النحل (
ظاِلُمو َ
ب َوُهْم َ
خَذُهْم اْلَعَذا ُ
سوٌل ِمْنُهْم َفَكّذُبوُه َفَأ َ
جاَءُهْم َر ُ
تكذيب الرسل َ ) :وَلَقْد َ .10
حوًرا )47
سف ُ
ل َم ْ
جًن ِإّل َر ُ
ن َتّتِبُعففو َ
ن ِإ ْ
ظففاِلُمو َ
اتهييام الرسييل بييالمس إنكييارا للييوحي ِ ) :إْذ َيُقففوُل ال ّ .11
السراء (
287
ظَلُموا َهففْل
ن َ
جَوى اّلِذي َ
سّروا الّن ْ
اللهو والتجني على الرسل في السر والعلن َ ) :لِهَيًة ُقُلوُبُهْم َ ،وَأ َ .12
ن ) 3النبياء ( صُرو َ
حَر َوَأْنُتْم ُتْب ِ
سْ
ن ال ّ
شٌر ِمْثُلُكْم َأَفَتْأُتو َ
َهَذا ِإّل َب َ
عَلْيففِه
عاَنُه َ
ك اْفَتَراُه َوَأ َ
ن َهَذا ِإّل ِإْف ٌ
ن َكَفُروا ِإ ْ
اتهام الرسول بالكذب والتعّلم من البشر َ ) :وَقاَل اّلِذي َ .13
ظْلًما َوُزوًرا ) 4الفرقان (
جاُءوا ُ
ن َفَقْد َ
خُرو َ
َقْوٌم َءا َ
خفْذ ُ
ت عَلفى َيفَدْيِه َيُقفوُل َيَلْيَتِنفي اّت َ
ظاِلُم َ
ض ال ّ
العراض عن هدي الرسل واتباع سبلهم َ ) :وَيْوَم َيَع ّ .14
ل ) 27الفرقان (
سِبي ً
سوِل َ
َمَع الرّ ُ
ن ُي فْذَكَر ِفيَهففا
ل ف َأ ْ
جَد ا ِّ
سففا ِ
ن َمَنَع َم َ
ظَلُم ِمّم ْ
ن َأ ْ
منع ذكر ال في المساجد والسعي في خرابها َ ) :وَم ْ .15
خَراِبَها ) 114البقرة (
سَعى ِفي َ
سُمُه َو َ
ا ْ
شفَهاَدًة
ن َكَتفَم َ
ظَلفُم ِمّمف ْ
ن َأ ْ
ل َ ،وَمف ْ
عَلُم أَِم ا ُّ
كتم ما ُأوتي الناس من علم من عند ربهم ُ) :قْل َءَأْنُتْم َأ ْ .16
ل ) 140البقرة (ن ا ِّ
عْنَدُه ِم ْ
ِ
عَت فَدْيَنا ِإّنففا ِإًذا َلِم ف َ
ن ش فَهاَدِتِهَما َوَمففا ا ْ
ق ِم فنْ َ
حف ّ
ش فَهاَدُتَنا َأ َ
ل َل َ
ن ِبففا ِّ
س فَما ِ
شييهادة الييزور َ … ) :فُيْق ِ .17
ن ) 107المائدة ( ظاِلِمي َ
ال ّ
ل ف َوَمففا َلُه فْم ِم ف ْ
ن ض فّل ا ُّ
ن َأ َ
ن َيْهِدي َم ْ
عْلٍم َفمَ ْ
ظَلُموا َأْهَواَءُهْم ِبَغْيِر ِ
ن َ
اتباع الهوى َ ) :بْل اّتَبَع اّلِذي َ .18
ن ) 29الروم (صِري َ
َنا ِ
ك ِإًذا َلِمف ْ
ن ن اْلِعْلفِم ِإّنف َ
ك ِمف ْ
جففاَء َ
ن َبْعفِد َمففا َ
ت َأْهفَواَءُهْم ِمف ْ
ن اّتَبْعف َ
اتباع أهيواء أهيل الكتياب َ ) :وَلِئ ْ .19
ن )145البقرة (ظاِلِمي َ
ال ّ
ن ِإّل
عفْدَوا َ
ل ُ
ن انَتَه فْوا َف َ
ل َففِإ ْ
ن ِّ
ن الّدي ُ
ن ِفْتَنٌة َوَيُكو َ
حّتى َل َتُكو َ
فتنة الناس في دينهم َ ) :وَقاِتُلوُهْم َ .20
ن ) 193البقرة (
ظاِلِمي َ
عَلى ال ّ
َ
ن ) 35البقرة (
ظاِلِمي َ
ن ال ّ
جَرَة َفَتُكوَنا ِم ْ
شَ
معصية أمر ال َ ) :وَل َتْقَرَبا َهِذِه ال ّ .21
ن)
ظاِلُمو َ
ك ُهْم ال ّ
ل َفُأْوَلِئ َ
حُدوَد ا ِّ
ل َتْعَتُدوَها َوَمنْ َيَتَعّد ُ
ل َف َ
حُدوُد ا ِّ
ك ُ
العتداء على حدود ال ِ ) :تْل َ .22
229البقرة (
جفَزاُء
ك َ
ب الّنففاِر َوَذِلف َ
حا ِ
صف َ
ن َأ ْ
ن ِمف ْ
ك َفَتُكففو َ
ن َتُبوَء ِبفِإْثِمي َوِإْثِمف َ
القتل وسفك الدماء ِ ) :إّني ُأِريُد َأ ْ .23
ن ) 29المائدة (
ظاِلِمي َ
ال ّ
ن ) 45المائدة (
ظاِلُمو َ
ك ُهْم ال ّ
ل َفُأْوَلِئ َ
حُكْم ِبَما َأنَزَل ا ُّ
ن َلْم َي ْ
الحكم بغير ما أنزل ال َ ) :وَم ْ .24
عِليفٌم
لف َ
ل ِمْنُهفْم َوا ُّ
عَلْيِهفْم اْلقَِتففاُل َتَوّلفْوا ِإّل َقِلي ً
ب َ
الستنكاف عن القتال في سبيل ال َ ) :فَلّما ُكِتف َ .25
ن ) 246البقرة (
ظاِلِمي َ
ِبال ّ
ب َوَقففاَل ْ
ت ت اَْلْب فَوا َ
غّلَق ْ
سِه َو َ
ن َنْف ِ
عْ
خيانة العهد ونكران المعروف َ ) :وَراَوَدْتُه اّلِتي ُهَو ِفي َبْيِتَها َ .26
ن ) 23يوسف ( ظاِلُمو َح ال ّ
ي ِإّنُه َل ُيْفِل ُ
ن َمْثَوا َ
سَح َ
ل ِإّنُه َرّبي َأ ْ
ت َلكَ َقاَل َمَعاَذ ا ِّ
َهْي َ
موالة الذين يقاتلون المسلمين وُيخرجونهم من ديارهم ،وموالة الذين ُيؤيدونهم وُيسيياندونهم فييي .27
جُكفْم َأ ْ
ن خَرا ِ
عَلى ِإ ْ
ظاَهُروا َ
ن ِدَياِرُكْم َو َ
جوُكْم ِم ْ
خَر ُ
ن َوَأ ْ
ن َقاَتُلوُكْم ِفي الّدي ِن اّلِذي َ
عِل َ فعلهم ِ ) :إّنَما َيْنَهاُكُم ا ُّ
ن ) 9الممتحنة ( ظاِلُمو َ ك ُهُم ال ّن َيَتَوّلُهْم َفُأوَلِئ َ
َتَوّلْوُهمْ َوَم ْ
ضُهْم َأْوِلَياُء
صاَرى َأْوِلَياَء َبْع ُ
خُذوا اْلَيُهوَد َوالّن َ
ن آَمُنوا َل َتّت ِ
موالة اليهود والنصارى َ ) :يَأّيَها اّلِذي َ .28
ن ) 51المائدة ( ظاِلِمي َ
ل َل َيْهِدي اْلَقْوَم ال ّن ا َّ ن َيَتَوّلُهْم ِمْنُكْم َفِإّنُه ِمْنُهْم ِإ ّ
ض َوَم ْ
َبْع ٍ
خَواَنُكْم َأْوِلَيففاَء ِإ ْ
ن خُذوا آَباَءُكْم َوِإ ْ
ن آَمُنوا َل َتّت ِ
موالة الكافرين ولو كانوا أولي قربى َ ) :يَأّيَها اّلِذي َ .29
ن ) 23التوبة ( ظاِلُمو َ
ك ُهْم ال ّن َيَتَوّلُهْم ِمْنُكْم َفُأْوَلِئ َ
ن َوَم ْ
عَلى اِْليَما ِ
حّبوا اْلُكْفَر َ
سَت َ
ا ْ
ضفَنا َأْو
ن َأرْ ِ
جّنُكفْم ِمف ْ
خِر َ
سفِلِهْم َلُن ْ
ن َكَففُروا ِلُر ُ
إخراج الناس من ديييارهم وتشييريدهم َ ) :وَقففاَل اّلفِذي َ .30
ن )13إبراهيم ( ظاِلِمي َن ال ّ
حى ِإَلْيِهْم َرّبُهْم َلُنْهِلَك ّ
َلَتُعوُدنّ ِفي ِمّلِتَنا َفَأْو َ
288
لًل ) 24نوح (
ن ِإّل ضَ َ
ظاِلِمي َ
ضّلوا َكِثيًرا َوَل َتِزِد ال ّ
إضلل الناس َ ) :وَقْد َأ َ .31
ن َتِبيَد َهِذِه َأَبففًدا
ن َأ ْ
ظّسِه َقاَل َما َأ ُ
ظاِلٌم ِلَنْف ِ
جّنَتُه َوُهَو َ
خَل َ
الستعلء والستكبار في الرض َ ) :وَد َ .32
) 35الكهف (
شفيّ ن َرّبُهفْم ِباْلَغفَداِة َواْلَع ِعو َ
ن َيفْد ُطفُرِد اّلفِذي َازدراء فقراء المييؤمنين والعييراض عنهييم َ ) :وَل َت ْ .33
ن ِم ف َ
ن طُرَدُه فْم َفَتُكففو َيٍء َفَت ْ
شف ْ
ن َ عَليِْهْم ِم ف ْ
ك َ ساِب َح َ
ن ِ يٍء َوَما ِم ْ
ش ْ
ن َ
ساِبِهْم ِم ْ
ح َ
ن ِ
ك ِم ْ
عَلْي َ
جَهُه َما َ
ُيِريُدونَ َو ْ
ن ) 52النعام ( ظاِلِمي َ
ال ّ
سففى َأنْ ع َن َقفْوٍم َ خْر َقفوٌم ِمف ْسف َن َءاَمُنوا َل َي ْ الستهزاء بالخرين والتقليل من شأنهم َ ) :يَأّيَها اّلِذي َ .34
سُكْم َوَل َتَناَبُزوا ِباَْلْلَقا ِ
ب ن َوَل َتْلِمُزوا َأْنُف َخْيًرا ِمْنُه ّن َن َيُك ّسى َأ ْع َ ساٍء َ ن ِن َ
ساٌء ِم ْخْيًرا ِمْنُهْم َوَل ِن َ
َيُكوُنوا َ
ن ) 11الحجرات ( ظاِلُمو َ ك ُهُم ال ّب َفُأوَلِئ َ
ن َلْم َيُت ْ
ن َوَم ْ
ق َبْعَد اِْليَما ِ
سو ُسُم اْلُف ُ
س اِل ْ
ِبْئ َ
الستعاضة عن اليمان بال واليوم الخر ،والجهاد في سبيله ،بخدمة حجاج بيت ال الحييرام ) : .35
لف َل
سفِبيِل ا ِّ
جاَهفَد ِفففي َ
خفِر َو َ
لِ
ل َوالَْيفْوِم ا ْ
ن ِبففا ِّ
ن َءاَمف َ
حَراِم َكَمف ْ
جِد اْل َ
سِعَماَرَة اْلَم ْ
ج َو ِحا ّسَقاَيَة اْل َ
جَعْلُتمْ َِأ َ
ن ) 19التوبة ( ظاِلِمي َ
ل َل َيْهِدي اْلَقْوَم ال ّ ل َوا ُّعْنَد ا ِّ
ن ِ سَتُوو َ َي ْ
حَمففاِر
حِمُلوَها َكَمَث فِل اْل ِ
حّمُلوا الّتْوَراَة ُثّم َلْم َي ْ
ن ُحمل القرآن والعمل بنقيض ما جاء به َ ) :مَثُل اّلِذي َ .36
ن ) 5الجمعة ( ظاِلِمي َل َل َيْهِدي اْلَقْوَم ال ّل َوا ُّت ا ِّ
ن َكّذُبوا ِبآَيا ِ
س َمَثُل اْلَقْوِم اّلِذي َ
سَفاًرا ِبْئ َ
حِمُل َأ ْ
َي ْ
نحن نرى أن زمن النهاية قد اقترب ،وأن الحلقة الولى من مسلسل أحداثها ،ستبدأ على أبعييد الحتمييالت خلل
فترة زمنية ل تزيد عن أشهر معدودة .وأن أحداث النهاية سيهلك فيها الكثير من النيياس وتنهييار فيهييا الكييثير ميين
المم ،وقد يستنكر الكثيرون هذا المر .
ح ) 17السراء ( ولييو رجعنييا إلييى اليوراء قليل ،واسييتذكرنا تلييكن َبْعِد ُنو ٍن ِم ْن اْلُقُرو ِ
قال تعالى ) َوَكْم َأْهَلْكَنا ِم َ
سفِلِه ) 8الطلق ( لوجيدنا أن أشيكال الظليم اليتي مارسيتها تليك ن َأْمفِر َرّبَهففا َوُر ُ
عْ
ت َ عَت ْالقوام التي ُأهلكت لّما ) َ
القوام ،ل ُتقارن مع ما تمارسييه القييوام المعاصييرة هييذه اليييام ،أفل تسييتحق القييوام المعاصييرة الهلك ؟ وإن
كانت كذلك أليس هلكها بقريب ؟!
ولو استذكرنا تاريخ المة السلمية ،سنجد أنها ُمنيييت بكييثير ميين النكبييات والمصييائب ،كلمييا كييانت تبتعييد عيين
الخرة وتلتصق بالحياة الدنيا .والحالة التي نعيشها الن هي السوأ على مر التاريخ ،فنحن منغمسون في الحييياة
الدنيا من الرأس حتى أخمص القدم ،وأما السلم فهو مجرد شعار تسويقي ،نلَبسه كلما اقتضت الحاجة ليذلك ...
ص ِم ف َ
ن ع َوَنْق ف ٍ جففو ِف َواْل ُ خ فْو ِ
ن اْل َ
يٍء ِم ف َشف ْ أفل نستحق الهلك ...أو الستبدال ..أو التأديب على القل ؟! ولو ) ِب َ
جِلُك فْم َ ،أْو
ت َأْر ُ
ن َتحْ ف ِن َفْوِقُكْم َ ،أْو ِم ف ْ
عَذاًبا ِم ْعَلْيُكْم َ
ث َ
ن َيْبَع َ
ت ) 155البقرة ( ؟! أو ) َأ ْ س َوالّثَمَرا ِاَْلْمَوالِ َواَْلْنُف ِ
ن ) 65النعام ( ؟! ت َلَعّلُهْم َيْفَقُهو َ
ف الَْيا ِصّر ُف ُن َ ظْر َكْي َ
ض ،اْن ُ
س َبْع ٍ
ضُكْم َبْأ َ
ق َبْع َ
شَيًعا ،أَو ُيِذي َ
سُكْم َِيْلِب َ
وعلى ما يبدو أن إهلك القرى سيبدأ بثلثية الفساد والظلم في الرض ،على مسييتوى الييديانات الثلث اليهودييية
والنصرانية والسلم ،متمثلة في إسرائيل وأمريكا ومصر ،ومن ثم بقية القرى المفسييدة والظالميية تباعييا ،علييى
قاعدة الجزاء من جنس العمل بإذن ال ،وما ذلك على ال بعزيز .
َ
ن(
دو َ
ع ّ
ما ت َ ُ
م ّ
ة ِ
سن َ ٍ ك ك َأل ْ ِ
ف َ عن ْدَ َرب ّ َ
ما ِ
و ً
ن يَ ْ
وإ ِ ّ
) َ
ظّنففونَجَر َ ،وَت ُ
حَنففا ِ
ب اْل َ
ت اْلُقُلففو ُ
صاُر َ ،وَبَلَغ ِ
ت اَْلْب َ
غ ِ
سَفَل ِمْنُكْم َ ،وِإْذ َزا َ
ن َأ ْ
ن َفْوِقُكْم َ ،وِم ْ
جاُءوُكْم ِم ْ
قال تعالى ) ِإْذ َ
ظُنوَنا ) 10الحزاب ( كان هذا حال صحابة رسول ال عليه الصلة والسلم ،أكثر الناس إيمانييا وعزيميية ل ال ّ
ِبا ِّ
وصبرا وثباتا على دينهم ،لقيد بليغ منهيم الخيوف مبلغيا عظيميا ،حيتى سياورتهم الشيكوك والظنيون فيي غيزوة
ب عليهم من بأقطارها من ملل الكفر والشرك ،جمعتهييا الصييهيونية اليهودييية الحاقييدة قييديما الحزاب ،عندما تأل ّ
لوأد دولة السلم الحديثة ،خوفا من ضياع السيطرة اليهودية على مجريات المور في الجزيييرة العربييية بإثييارة
الفتن والحروب بين القبائل ،حيث كان اليهود المرجعية الستشارية لمشييركي قريييش وغيرهييم ميين القبييائل فيمييا
يتعّلق بأساطير الولين .
289
وفي العالم العربي والسلمي شرقا وغربا ،يشعر الناس بالحباط واليأس والخوف ،من الوضييع الُمتييأزم الييذي
يعيشونه في السنوات الخيرة إجمال ،وفي هذه اليام علييى وجييه الخصييوص ،وهييم يشيياهدون مييا يجييري علييى
أرض السراء والمعراج وغيرهييا ،مين هجميية شرسيية شيينها أوغيياد الصييهانية فييي الشييرق ،مييدعومين بأوغيياد
الصهانية من يهود ومسيحيين في الغرب ،حتى بدأ اليأس والقنوط من رحمة ال يتسّرب إلى قلوب الكثير منهم ،
ن السوء ،بل ومنهم من كفر بييال رّبييا وبالسييلم دينيا فيي لحظيية مين اللحظييات ، ن بال ظ ّ
لدرجة أن منهم من ظ ّ
ومنهم من دعا على أهله وولده وعلى الشعوب العربية وحّكامها بالهلكة والخراب .
لمثل أولئك في هذا الزمان يقول سبحانه وتعالى ،قبل ما يزيد على 1400سنة ،في كتابه المجيد في نهاية سورة
عوِقْبُتْم ِبِهعاَقْبُتْم َفَعاِقُبوا ِبمِْثِل َما ُ
ن َالنحل ،قبل أن يبدأ في الخبار عن وعد الخرة في السورة التي تليها َ ) :وِإ ْ
ق ِمّمففاضْي ٍ
ك ِفي َ عَلْيِهْم َ ،وَل َت ُ ن َ حَز ْ
ل َ ،وَل َت ْ
ك ِإّل ِبا ِّصْبُر َصِبْر َوَما َ
ن )َ (126وا ْ صاِبِري َخْيٌر ِلل ّ
صَبْرُتْم َلُهَو َ
ن ََوَلِئ ْ
ن )(128 سُنو َ ح ِ
ن ُهْم ُم ْ
ن اّتَقْوا َ ،واّلِذي َ
ل َمَع اّلِذي َ
ن ا َّن )ِ (127إ ّ َيْمُكُرو َ
عفاَءهُ شفّر ُد َ ن ِبال ّسففا ُ
ع اِْلْن َ
وفي معرض تعقيبه على وعد الخرة ،الذي نعيشه الن بكل حيثّيياته ،يقيول َ ) :وَيفْد ُ
عَرضَ ن َأ ْ
سا ِعَلى اِْلْن َ جوًل ) 11السراء ( ويقول أيضا في نفس السورة َ ) :وِإَذا َأْنَعْمَنا َ عُن َ سا ُ
ن اِْلْن َ
خْيرِ َ ،وَكا َِباْل َ
خْي فِر ،
عففاِء اْل َ
ن ُد َن ِم ف ْ
سا ُسَأُم اِْلْن َصلت َ ) :ل َي ْ
سا )(83ويقول في سورة ُف ّ
ن َيُئو ً
شّر َكا َ
سُه ال ّجاِنِبِه َ ،وِإَذا َم ّ
َوَنَأى ِب َ
ط )(49 س َقُنو ٌ
شّر َفَيُئو ٌ سُه ال ّ ن َم ّ
َوِإ ْ
حففٍد
ك َِل َ
س َذا َ
خْيٌر َ ،وَلْي َ
ن َأْمَرُه ُكّلُه َ
ن ِ ،إ ّ
جًبا َِلْمِر اْلُمْؤِم ِ
عَسّلَم َ " : عَلْيِه َو َ
ل َصّلى ا ُّ
ل َل ا ِّ
سو ُ
ل َر ُب َ ،قا َ صَهْي ٍ
ن ُ عْ وَ
خْيًرا َلُه " .رواه مسلم . ن َ صَبَر َفَكا َضّراُء َ ، صاَبْتهُ َ ن َأ َ
خْيًرا َلُه َ ،وِإ ْ
ن َشَكَر َ ،فَكا َ
سّراُء َ
صاَبْتُه َ
ن َأ َن ِ ،إ ْ
ِإّل ِلْلُمْؤِم ِ
كثير من الناس ،ببعدهم عن القرآن والسنة ل يفهمون الكثير من الغايات والمقاصد اللهية ،ميين تصييريف أمييور
خْيِر
شّر َواْل َ
الناس بالشكل المنظور والمحسوس ،وخاصة فيما يتعّلق بالبتلء سواء بالخير أو الشّر ) َوَنْبُلوكُْم ِبال ّ
ضح وبّين في كتابه العزيز للمؤمنين ،أن عاقبة ن ) 35النبياء ( مع أن ال سبحانه وتعالى ،و ّ جُعو َ
ِفْتَنًة وَِإَلْيَنا ُتْر َ
المور هي ما يجب أن ُنرّكز عليه أنظارنا وعقولنا وقلوبنا .وأن نعّلق آمالنا دائما وأبدا على العاقبة ،أي المنتهى
الذي ستؤول إليه المور فيما بعد ،سواًء في الدنيا أو الخرة مهما طال الزمن أو قصيير ،وأل نعّلييق آمالنييا علييى
الواقع الذي نعيش فيه ،فبعد غزوة الحزاب التي زاغت فيها أبصار المؤمنين ،وبلغييت قلييوبهم الحنيياجر وظنييوا
بال الظنون ُفتحت مكة ،وكييانت تلييك الفئة المؤمنيية الصييابرة والثابتيية ،هييي نفسييها الييتي قييادت جيوشييا زلزلييت
عروش أكبر دول الكفر والطغيان في ذلك الزمان .
كان يوسف عليه السلم قد ُأبعد عن أبويه طفل ،وُأخذ من قبل ُأناس غرباء إلى أرض غريبة وبيييع عبييدا بييدارهم
قليلة ،وعاش غريبا حتى بلغ أشّده ،واُتهم بمراودة زوجة سيده فألقي في السجن سنينا طويلة .ولكن بعد كل تلك
صي ُ
ب شاُء ُن ِث َي َ حْي ُض َيَتَبّوُأ ِمْنَها َ
ف ِفي اَْلْر ِ
س َ
ك َمّكّنا ِلُيو ُ
المعاناة وفي نهاية المطاف كان المر مختلفا كليا ) َوَكَذِل َ
ن َءاَمُنففوا
خْي فٌر ِلّل فِذي َ
خ فَرِة َ
لِجُر ا ْ ن ) 56يوسف ( وأما في الخرة ) َوَل ْ سِني َ
ح ِ
جَر اْلُم ْ
ضيُع َأ ْ
شاُء َوَل ُن ِ
ن َن َ
حَمِتَنا َم ْ
ِبَر ْ
ن ) 57يوسف ( َوَكاُنوا َيّتُقو َ
شفَتَراهُ
ويؤكد سبحانه بأن بداية التمكين ليوسف كانت منذ دخوله لبيت العزيز مع كونه دخله عبييدا ) َوَقففاَل اّلفِذي ا ْ
ن
ض َوِلُنَعّلَمفُه ِمف ْف ِففي اَْلْر ِ سف َ
ك َمّكّنففا ِلُيو ُ
خفَذُه َوَلفًدا َوَكفَذِل َن َيْنَفَعَنففا َأْو َنّت ِ
سى َأ ْ ع َ
صَر ِلْمَرَأِتِه َأْكِرِمي َمْثَواُه َن ِم ِْم ْ
ن الناظر إلى يوسف عبدا سييجينا قابعييا فييي زوايييا النسيييان والهمييال ،ولييو كييان أكييثر ث … ( ولك ّ حاِدي َِتْأِويِل اَْل َ
الناس تفاؤل ،لم يكن يخطر بباله أن حال هذا العبد السجين المتهم بالخيانة ،سينقلب رأسييا علييى عقييب ،لُيصييبح
وزير مالية مصر أكبر دول العالم القديم ؟! ولكن حكمة ال اقتضت ،عكس ما قد يتصّوره أغلييب الواقعيييون ميين
ُأناس ذلك العصر ،وعلى رأسهم العزيز وامرأته .لذلك أكد سبحانه على أن الناس – خاصة غير المييؤمنين بييال
وصفاته جّلت قدرته – ُيعانون في الغالب ،من قصر النظيير والفكيير بييأنه قييادر علييى تنفيييذ مشيييئته ،فييي أقسييى
الظروف وأحلكها واستحالتها مخالفا كل معطيات الواقع ،الذي يتذّرع به الناس هييذه اليييام لييذلك قييال فييي تكمليية
ضح سبحانه حقيقة مييا ن ) (21وفي سورة الروم ُيو ّ س َل َيْعَلُمو َ ن َأْكَثَر الّنا ِ عَلى َأْمِرِه َ ،وَلِك ّ
ب َ
غاِل ٌل َ الية ) … َوا ُّ
ن ) (7وظيياهر غاِفُلو َ
خَرِة ُهْم َ
لِ
نا ْ
عِ حَياِة الّدْنَيا َ ،وُهْم َ ن اْل َ
ظاِهًرا ِم َ ن َ يعلمه الناس ويؤمنون به ،في قوله ) َيْعَلُمو َ
الحياة الدنيا هو الواقع المشاهد .
290
أما بالنسبة لواقع المة السلمية الحالي ،وما يواجهه الشعب الفلسطيني من معاناة ،من قبل المفسدون الصهاينة
في الغرب والشرق ،فإن ال وعد المؤمنين بالنصر من عنده ،ووعييد عييدوهم قبييل ثلثيية آلف سيينة بالعييذاب إن
أفسدوا في الرض ،وقد أفسدوا فيها ما يزيد على خمسين سنة ،وبلغ إفسادهم هذه اليييام عنييان السييماء ،فهييذان
وعدان صدرا ممن ل يخلف الميعاد ،ولكن المر يحتاج إلى اليمان بال والصييبر والثبييات علييى الييدين ،وعلييى
صبرهم وثباتهم في مواجهة عدوهم مع حسن الظن بال رب العالمين .
عَدهُل َو ْ
ف ا ُّخِل َن ُي ْب َ ،وَل ْ ك ِباْلَعَذا ِ
جُلوَن َ
سَتْع ِ
يقول سبحانه في شأن المفسدين في الرض مخاطبا رسوله وأمته ) َوَي ْ
سفِل َ ،وَل ن الّر ُصَبَر ُأوُلو اْلَعفْزِم ِمف َ صِبْر َكَما َ ن ) 47الحج ( وقال ) َفا ْ سَنٍة ِمّما َتُعّدو َ
ف َ ك َ ،كَأْل ِعْنَد َرّب َن َيْوًما َِ ،وِإ ّ
ن )35 سُقو َك ِإّل اْلَقْوُم اْلَفا ِ
غ َفَهْل ُيْهَل ُ
لٌ عًة ِمنْ َنَهاٍر َب َ
سا َ
ن َلْم َيْلَبُثوا ِإّل َ
عُدو َن َما ُيو َ جْل َلُهْم َ ،كَأّنُهْم َيْوَم َيَرْو َ
سَتْع َِت ْ
الحقاف ( .
س الناس من الشّر فهم يستعجلون زواله ،ورغبوا في الخير وهم يستعجلون إطلله ،فقييد اسييتقوى هذه اليام ،يأ َ
سِبيٍل ) 11غافر ( ؟ !
ن َ
خُروجٍ ِم ْ
ق وطالت غيبته ) َفَهْل ِإَلى ُ
الباطل وزادت سطوته وغاب الح ّ
عادة ما يشعر النسان في حالت الفرح ،بأن الزمن ينقضي كلميح اليبرق ،فالسيبوع يميّر وكيأنه ييوم ،والييوم
وكأنه ساعة ،والساعة وكأنها دقيقة ،أما في حيالت الفيراغ أو الحيزن فيشيعر بيأن الزمين يسيير ببطيئ شيديد ،
ويكاد أن يتوقف ،فالدقيقة تمّر وكأنها ساعة ،والساعة وكأنها يوم ،واليوم كأنه شييهر ،فالحسيياس بييالزمن أميير
نسبي ،يعتمد على الحالة النفسية التي تعتري النسان بين حين وآخر .
وحتى ل يتخّبط النسان في تقديراته للزمن تبعا لحالته النفسية ،اُتخذت اليام والشهور والسنون ،وهييي مقيياييس
ثابتة ومنتظمة ،لعتمادها عليى الحركية المنتظمية والثابتية للجيرام السيماوية ،اليتي أبيدعها رب هيذا الكيون .
وبقيت مسألة كيفية تقدير الزمن بالنسبة لليوم الواحد ،فاصطلح على تقسيم اليييوم إلييى 24سيياعة ،والسيياعة إلييى
60دقيقة ،والدقيقة 60ثانية .
ويرى كثير من المسلمين أن فترة الظلم والفساد على الرض طالت جييدا ،وربمييا سييتطول أكييثر عنييد البعييض .
ونقول هي في الميقات السماوي قصيرة جييدا ،ولتوضيييح الفكييرة وتقريبهييا إلييى الذهييان ليييس إل سيينقوم بعملييية
حسابية بسيطة .
اليوم في الميقات السماوي = 1000سنة ،واليوم في الميقات الرضي = 24ساعة
فإذا قمنا بقسمة 1000سنة على 24ساعة ،سنكون قادرين على التوصل لمعرفة نسبية لمقييدار السيياعة الواحييدة
في الميقات السماوي :
41,6 = 24 ÷ 1000سنة
إذن الساعة الواحدة في الميقات السماوي تقابل 41,6سنة أرضية
أي أن الساعة في الميقات السماوي ُ ،تقابل 42سنة تقريبا بالمقارنة مع الميقات الرضي
ولحساب عمر الدولة اليهودية على سبيل المثال بالميقات السماوي ،وبما أن العمر المتوقع لها هو 60سنة ،نجد
أن :
) ( 1ساعة سماوية 41,6 :سنة أرضية
) س ( ساعة سماوية 60 :سنة أرضية
ومن خلل الضرب التبادلي :
نجد أن ) س ( = ) 1,44 = 41,6 ÷ ( 1 × 60ساعة سماوية
291
أي أن عمرها ،هو ساعة واحدة و 0,44من الساعة .وبما أن الساعة لدينا ،تتكون من ) ( 60دقيقة .
ليتبين لنا أن إحساس أهل السماء بانقضاء 60سنة أرضية ُ ،يماثل إحساسنا بانقضاء ساعة واحدة وسييت عشييرين
دقيقة فقط على الرض ،وهو زمن قصير جدا بالنسبة لهل السماء ،وطويل جدا بالنسبة لهل الرض .
لذلك يشعر الناس على الرض بطول الزمن وامتداده ،فتجدهم يستعجلون الوعود اللهية بإهلك القيرى الظالمية
خرها ،وأما أهل السماء فهم على العكييس تمامييا ،يييرون أن العييذاب أو النصيير وبنصر المؤمنين ويعجبون من تأ ّ
يتنزل على الناس بسرعة كبيرة جدا ،وأن الحيداث تجيري كلمييح البصير وهيذا ميا يؤكييده الخبيار اللهييي عين
ن صييحابة رسييول الي ميين كييثرة مييا أّكييد سييبحانه وتعييالى علييى قربهييا أن سييتقع فييي الساعة في القرآن ،حتى ظ ّ
زمانهم ،لذلك كان الناس آنذاك يكثرون السؤال عنها إشفاقا من أمرها ،وها قد مّر أكثر من 1400سنة ولييم تقييم
ب َواِق فٍع )(1
سففاِئٌل ِبَع فَذا ٍ
بعد ،وهذه الحقيقة هي ما ُيقّرره سبحانه وتعالى في مطلع سورة المعارج ،حيث قييال ) َ
سففي َ
ن خْم ِ
ن ِمْقفَداُرُه َح ِإَلْيِه ِفي َيْوٍم َكففا َ
لِئَكُة َوالّرو ُ
ج اْلَم َ
ج )َ (3تْعُر ُ
ل ِذي اْلَمَعاِر ِ
ن ا ِّس َلُه َداِفٌع )ِ (2م َ
ن َلْي َ
ِلْلَكاِفري َ
ل )ِ (5إّنُهْم َيَرْوَنُه َبِعيًدا )َ (6وَنَراُه َقِريًبا ) 7المعارج ( جِمي ً
صْبًرا َ
صِبْر َ
سَنٍة )َ (4فا ْ ف َ َأْل َ
وقال تعالى
ن(
قُبو َ
مْرت َ ِ
م ُ
ه ْ
ب إ ِن ّ ُ
ق ْ ) َ
فاْرت َ ِ
292
الطوفان الخير وطوق النجاة
ن )41
جُعففو َ
عِمُلوا َلَعّلُهفْم َيْر ِ
ض اّلِذي َ
س ِليُِذيَقُهْم َبْع َ
ت َأْيِدي الّنا ِ
سَب ْ
حِر ِبَما َك َ
ساُد ِفي اْلَبّر َواْلَب ْ
ظَهَر اْلَف َ
قال تعالى ) َ
الروم (
لم تحمل الرض في أحشائها عبر تاريخها الطويل ،حمل فاسدا ومفسدا كهذا الحمل الذي حملته فييي المييائة سيينة
الخيرة .فقد حوت في رحمها جميع خطايا ومعاصي المم السابقة ،التي كانت فيما مضى ُتهلييك لمجييرد خطيئة
أو معصية واحدة ُتصّر عليها ،كعبادة الصنام أو إتيييان الفييواحش أو تطفيييف الكيييل ،وذلييك بييالرغم ميين وجييود
تعاليم موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلة والسلم ،حية مسطورة بين دفات الكتب .فالرض حبلى بالفساد ول
بد لهذا الحمل ،الذي عظم شييأنه وكييبر حجمييه ميين جراحيية قيصييرية مؤلميية جييدا ،لنقيياذ رحييم الرض قبييل أن
تتسّرب لبقيته العفونة فل ُيسمح له بحمل آخر .
ض ِ ،مّمففا َيْأُكفُل الّنففاسُ ت اَْلْر ِ ط ِبفِه َنَبففا ُ
خَتَل َ
سفَماِء َ ،فففا ْن ال ّحَيففاِة الفّدْنَيا َ ،كَمففاٍء َأْنَزْلَنففاُه ِمف ْ
قال تعالى ) ِإّنَما َمَثُل اْل َ
ل َأْو َنَهففاًرا ،
عَلْيَها َ ،أَتاَها َأْمُرَنا َلْي ًن َن َأْهُلَها َأّنُهْم َقاِدُرو َ
ظّ ت َ ،و َخُرَفَها َواّزّيَن ْ ض ُز ْت اَْلْر ُ خَذ ْحّتى ِإَذا َأ ََواَْلْنَعاُم َ ،
ن ) 24يونس ( ت ِلَقْوٍم يََتَفّكُرو َ
لَيا ِ
صُل ا ْك ُنَف ّ س َ ،كَذِل َ ن ِباَْلْم ِ ن َلْم َتْغ َصيًدا َ ،كَأ ْح ِ جَعْلَناَها ََف َ
خُرَفَهففا
ض ُز ْ
ت اَْلْر ُ
خ فَذ ْ
هذه الية تحمل في ثناياها سنة إلهية جاءت على شكل شرط وجواب للشرط ،والشرط ) َأ َ
عَلْيَهففا هيو أن تأخييذ الرض أبهيى صييورها ،وأن ُيصيبح أهلهيا منشيغلونن َ
ن َأْهُلَها َأّنُهفْم َقففاِدُرو َ
ظّت َ ،و َ
َواّزّيَن ْ
بمظاهرها مفتونون بجمالها ،يبذلون قصارى جهدهم في تحصيل متاعهييا ،غيافلين عين شييكر خالقهييا وبارئهييا ،
ظانين أنهم قادرين وبل منازع على تصريف شؤونها ،وشؤون من على ظهرها من المخلوقات ،منتقصين قييدر
وقدرة خالقهم وخالقها .
وهذه السنة اللهية ستمضي في عصرنا وقريبا جدا ،كما مضت مرارا وتكرارا فيي القيوام ،كلميا ابتعيد النياس
صل
صل اليات ،وأن هذا المر المف ّ عن الغاية اللهية من جعل النسان خليفة في الرض .وُيعّقب سبحانه أنه ف ّ
في الية مطروح للتفّكر فيه ،بمعنى أنك متى عاينت ما أخيبرت عنيه الييات ،متمّثل عليى أرض الواقيع فتوقيع
أمر ال في أي لحظة ،هذا إن كنت ممن يتفّكرون .
وهنا شرط آخر خاص بأمة السلم ،فإن تحّقق منها ما ُتخبر عنه اليات وقد تحّقق هيذه الييام ،بيل حالنييا أسيوأ
من ذلك بكثير ،إذ لمن نكتفي بحب الحياة الدنيا ومفرداتها ،فقد بدأنا مؤخرا نمارس الفسيياد والظلييم والعصيييان ،
والتعدي على حدود ال في وضح النهار وفي الماكن العامة ..فييي الشييارع ..فييي الجامعيية ..فييي التلفيياز ..فييي
ك أن أمر على وشك الصحف ..في الكتب ..ولكن الرحمن الرحيم ،لم ُينزل بنا غضبه حتى هذه اللحظة ،ول ش ّ
أن يأتي … !
293
أمر ال سيحيق بنا قريبا ،وأقّله شيييء ميين الخيوف والجيوع ونقييص مين الميوال والنفيس والثميرات ،وأكييثره
الهلك العاجل في الدنيا ونار جهنم في الخرة ،هذا لمن فسق عن أمر ربه من أمة محمد عليه الصلة والسلم ،
أما من ضرب بمظاهر الحياة الدنيا عرض الحائط وتاجر بما عند ربه ،فآمن وصبر وعمييل صييالحا فييأولئك لهييم
البشرى من ربهم في الدنيا والخرة ،ول خوف عليهم ول هم يحزنون .
ن)
غففاِفُلو َ
ن آَياِتَنففا َ
عْ
ن ُهْم َ
طَمَأّنوا ِبَها َ ،واّلِذي َ
حَياِة الّدْنَيا َ ،وا ْ
ضوا ِباْل َ
ن ِلَقاَءَنا َ ،وَر ُ
جو َن َل َيْر ُ
ن اّلِذي َقال تعالى ) ِإ ّ
ن ) 8يونس ( سُبو َ
ك َمْأَواُهْم الّناُر ِبَما َكاُنوا َيْك ِ
ُ (7أْولَِئ َ
ي يدعو إلى الصلح والصييلح ،وهبييوط مرت البشرية بعدة محطات ،بدأت بهبوط آدم عليه السلم بمذهب إله ّ
إبليس بمذهب شيطاني يدعو إلى الفساد والفساد .ومنذ ذلك اليوم بدأ الصراع الحقيقي بين مذهبين ،بييين مييذهب
إبليس ومذهب رب العزة وكل له جنده ،وُتركت للبشر حرية الختيار في تجنيد أنفسييهم لنصييرة أحييد المييذهبين ،
وكل من الفريقين سيتحّمل تبعة اختياره .
حين بدأت الحياة البشرية على الرض ،كان مقام آدم عليه السلم في أرض الجزيرة العربية ،حيث كييانت جنيية
ال في الرض ،فقام ببناء أول بيت وضع لعبادة ال في مكة المكرمة ،وتناسل فيها وكثر أولده وأحفيياده .ومييع
مرور الزمن ،بدأ المذهب الشيطاني ينتشر في نسله ،والمذهب اللهي يضمحل شيئا فشيئا .وبعد وفيياة آدم عليييه
السلم استفحل المذهب الشيطاني ،حتى عّم أرجاء المعمورة التي لم تتجاوز حدود الجزيرة العربية آنذاك .
في هذه الجواء ُ ،بعث سبحانه نوح عليه السلم لدعوة قيومه ،فليم يسيتجب ليه إل قلية مين المستضيعفين ،ولميا
واجهوه بإصرارهم على الكفر واستمرارهم بالفساد في الرض ،ولما انقطع رجاءه في هدايتهم هنالك دعا ربييه
ليقطع دابر الكافرين ،فُأمر بصناعة الفلك وبييدأ بإقييامته وسييط اليابسيية ،حيييث أقييرب بحيير يبعييد آلف الميييال ،
وإقامة الفلك في ذلك المكان هو الجنون بعينه ،فما كان من قومه إل أن سخروا منه وممن معه ،وهيم ل يعلميون
وعن عاقبتهم غافلون ،وفجأة … انقلب كل شيء رأسا على عقب ،كان الطوفان الذي رافقه انقلب كوني هييائل
في جغرافية الرض ،جعلت من الجزيرة العربية صحراء قاحلة .
ورست سفينته على جبل الجودي في الموصل شمالي العراق ،فنزل الذين انتصروا للمذهب اللهييي واسييتوطنوا
العراق في بادئ المر ،ومع مرور الزمن ،وميين هنيياك بييدءوا بالنتشييار شيييئا فشيييئا فييي شييتى بقيياع الرض .
وعادت المور بعد الطوفان كما كانت في بداية عهد آدم عليه السلم وبدأ الناس في التناسل والتكاثر .
وبعد نوح عليه السلم ومع مرور الزمن بدأ المذهب الشيطاني دورته الثانية ،فأخذ سييبحانه يبعييث الرسييل تباعييا
إلى تلك القوام التي كانت محصورة ،في هييذه منطقيية الهلل الخصيييب والجزيييرة العربييية ،حيييث أن المنيياطق
البعد لم تكن مأهولة آنذاك ،وُأخذت معظم أقوام الرسل السابقين بالعذاب ،ومن ثم بدأ الناس منييذ تلييك اللحظيية ،
في النتشار إلى البلدان البعد شيئا فشيئا -حتى عمروا الرض كلها في عصرنا الحالي – ومع ذلك بقيت الكثافة
السكانية آنذاك متمركزة فيي هيذه المنطقية ،وليذلك اختصيت بالرسيالت السيماوية دون غيرهيا .ومين ثيم ُبعيث
إبراهيم عليه السلم إلى قومه في بلدة أور جنوب العراق فلم يؤمنييوا لييه ،فييتركهم وهيياجر إلييى الرض المقّدسيية
لُيسلم الراية إلى نسله من بعده .
وبعد مرور الزمن ،وبعد ضلل بني إسرائيل أثنيياء تواجييدهم فييي مصيير ،عيين شييريعة آبييائهم إبراهيييم واسييحق
ويعقوب عليه السلم ُ ،بعث فيهم موسى عليه السلم فلم يؤمنوا له ول لمن بعده إل قليل .وبعد سنين طويلة ،من
انتصار بني إسرائيل للمذهب الشيطاني ُبعث فيهم عيسى عليه السلم رسول مجيّددا ،فلييم يؤمنييوا لييه بييل حيياولوا
قتله ،فتوفاه ال ورفعه إلى السماء ،ليعود آخر الزمان وينهي آخر حلقات مسلسل الطوفان الخير ،والذي ستبدأ
حلقاته بالتتابع بعد شهور قليلة ،والناس لهية قلوبهم وهم عنه غافلون .
294
ويكمل المذهب الشيطاني مشواره ومع مرور الزمن ،فجأة يتعطل هذا المذهب فييي هييذه البقعيية ميين العييالم لفييترة
دامت ما يقارب ) (1350عام ِ ،ببعث نبي الهدى عليه أفضل الصلة والسلم بخاتمة الرسالت السييماوية ،وميين
ثم يتوفاه ال ليترك لنا هذا القرآن العظيم ،حبل متينا ممدودا ما بين السماء والرض ،لمن ابتغى الهداييية ووجييد
في نفسه العزم والقوة ،فُدحر ذلك المذهب اللعين وولى هاربا .وفي السنوات الخيرة عادت أمة السلم لتحييذوا
حذو سابقيها من المم وتحتضن ذلك المذهب ،لينُبت في هذه البقعة من العييالم وينمييوا ويزدهيير مشييمول بالعناييية
جة التقدم والحضارة ،فعاد ذلك المذهب وشمل كافة أرجاء الدنيا بما فيها مهد الرسييالت السييماوية ، والرعاية بح ّ
بلد الشام والعراق وجزيرة العرب ،فأصبح العالم أجمع أسوأ مما كان عليه قبل طوفان نوح عليه السلم .
وفي نهاية الطوفان ُ ،يبعث عيسى بن مريم عليه السلم ليعيد المور إلى نصابها ،وتسييتعيد الرض بركتهييا فييي
زمانه وينعم الناس بالمن والمان ،ويمضي المهدي ويمضييي عيسييى عليييه السييلم بعييد أن يبلييغ سيين الكهولية ،
وتبقى القلة المؤمنة فيبدأ المذهب الشيطاني من جديد انتشار النار في الهشيم في نسييل تلييك القليية ،وتخطييف ريييح
لينة أرواح البقية المؤمنة وتبقى الغلبية الكافرة ،وتجري الزمنة مسرعة إلى حيث الساعة …
المرحلة الولى :أكبر وأبشع مذبحة في تاريخ الشعب اليهودي على يد العراقيين في فلسطين .
المرحلة الثانية :تحالف العرب مع الروس في حييرب عالمييية نووييية ثالثيية ،تنتهييي فنيياء الحضييارة الغربييية
ومظاهرها .
المرحلة الثالثة :عودة أجواء داحس والغبراء في المنطقة العربية لتصفية الحسابات فيما بعد الحرب العالمية
الثالثة .
المرحلة الرابعة :خروج المهدي من مكة ،وبدء حروبه لضم الجزيرة العربييية وإيييران وتركيييا ،والملحميية
الكبرى مع الروس .
المرحلة الخامسة :سقوط عبدة المادة وظاهر الحياة الدنيا بين براثن الد ّ
جال في حرب الجوع والعطش .
المرحلة السادسة :نزول عيسى عليه السلم ،والذبح النهييائي للييدجال وأتبيياعه ميين اليهييود علييى مشييارف
القدس .
المرحلة السابعة :فناء من بقي من الشعوب الشرقية في حرب يأجوج ومأجوج ،وحصر الصفوة من عبيياد
ال مع عيسى عليه السلم في جبال فلسطين .
المرحلة الثامنة :فناء يأجوج ومأجوج ،وتغّير في جغرافية الرض وعودة مناخهييا الفردوسييي ) جنيية آخيير
الزمان ( كما كانت على عهد آدم عليه السلم .
المرحلة التاسعة :عصر المن والسلم تحت حكم عيسى عليه السلم ،مكمل سنين عمييره حييتى يبلييغ سيين
الكهولة .
* ملحظة :المراحل تحمل ترتيبا زمنيا ،وقد يكون هناك اندماج بين المراحل أو تقديم أو تأخير ،وال أعلم .
295
إذا بقي البصر حيث موطئ القدم … فلن تَر النجوم في بطن السماء … ول القمر في ليل تمييامه … ول الشييمس
في عّز الظهيرة … فمنذ هذه اللحظة …
] نهاية الكتاب [
296
كتاب
نهاية إسرائيل والوليات المتحدة المريكية
متوفر على شبكة النترنت ضمن موقع وعد الخرة
موقع شخصي للمؤلف يتم من خلله تقديم فكرة عن الكتاب ،وتقديم خدمة تحميل الكتاب مجانا
هذا الكتاب لم ُيعط حق نشره ،لي من دور النشر ،حتى يتسنى لنا عرضه من خلل شبكة النترنت ،وليتسنى
للجميع الطلع على ما يحويه هذا الكتاب من أفكار وطروحات
الكتاب غير متوفر مطبوعا في السواق ،ومن رغب بطباعته ونشره فله الحق بذلك ،ودون داع للرجوع إلى
المؤلف
إذ ل نبتغ من وراءه منفعة مادية أو معنوية قل شأنها أو كبر
297