Professional Documents
Culture Documents
فقــه الزكـاة 2
فقــه الزكـاة 2
الزكـاة
يوسف القرضاوي
الجزء الثاني
فهرس الكتاب
أى اؼباؿ حق سوى الزكاة؟
الزكاة والضريبة
اػباسبة :الزكاة اإلسبلمية نظاـ جديد فريد
مصارؼ الزكاة
طريقة أداء الزكاة
أهداؼ الزكاة وآثارها ى حياة الفرد
زكاة الفطر
الباب الرابع
مصارؼ الزكاة
الغارموف
ى سبيل اهلل
ابن السبيل
مباحث حوؿ األصناؼ اؼبستحقني
األصناؼ الذين ال تصرؼ ؽبم الزكاة
سبهيد
الفقراء واؼبساكني
العاملوف عليها أو اعبهاز اإلداري واؼباُ للزكاة
اؼبؤلفة قلوهبم
ى الرقاب
سبهيد
لقػػد جػػاء أمػػر الزكػػاة ى القػػرآف ؾببػػبل كالصػػبلة بػػل أك ػػر إصبػػاال فلػػم تبػػني آيػػات الكتػػاب األمػواؿ
ال ػػب ذب ػ فيه ػػا الزك ػػاة وال مقػػادير الواج ػ منه ػػا وال و ػػروطها مػػن م ػػل ح ػػوالف اغب ػػوؿ ومل ػ
النصاب احملدد وإعفاء ما دوف النصاب.
وجػػاءت السػػنة التيػريعية القوليػػة والعبليػػة فبينػػز اةبػػل مػػن الزكػػاة كبػػا بينتػ ى الصػػبلة ونقػػل
ذل االثبات ال قات عن رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -جيبل بعد جيل..
ؽبػػذا كػػاف مػػن الػػبلزـ هنػػا وجػػوب اإليبػػاف بالسػػنة النبويػػة كبصػػدر تي ػريع لئلسػػبلـ وتعاليب ػ
وأحكام ػ بعػػد القػػرآف الكػػرٓ :مصػػدر مبػػني ل ػ ووػػارح ومفصػػل وـبصػػل وصػػدؽ اهلل العظػػيم:
(وأنزلنا إلي الذكر لتبني للناس ما نزؿ إليهم ولعلهم يتفكروف) (النحل.)44 :
روى أبػػو داود :أف رجػػبل قػػاؿ للصػػحال اعبليػػل عبػراف بػػن حصػػني :يػػا أبػػا قبيػػد إنكػػم لتحػػدثوننا
بأحاديث ما قبد ؽبا أصبل ى القرآف! فغضػ عبػراف وقػاؿ للرجػل :أوجػدم :ى كػل أربعػني درنبًػا
ػكا كػذا؟ أوجػدم هػذا ى القػرآف؟ قػاؿ: درهم ومن كل كذا وكذا واة واة ومن كػل كػذا وكػذا بع ً
ال قػػاؿ :فببػػن أمتػػذم هػػذا؟ أمتػػذسبوخ عنػػا وأمتػػذناخ عػػن الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -وذكػػر
أوياء كبو هذا (ـبتصر سنن أىب داود للبنذري.)474/2 :
عناية القرآف دبصارؼ الزكاة:
وإذا كػػاف أمػػر الزكػػاة قػػد جػػاء ى القػػرآف ؾببػػبل كبػػا عرفنػػا ف ن ػ قػػد ع ػ -بصػػفة متاصػػة -ببيػػاف
اعبهػػات الػػب تصػػرؼ ؽبػػا وفيهػػا الزكػػاة وٍ يػػدعها غبػػاكم يقسػػبها وفػػق رأى ل ػ قاصػػر أو هػػوى
متسػػل أو عصػػبية جاهليػػة .كبػػا ٍ يػػدعها ؼبطػػامع الطػػامعني الػػذين ال يتورعػػوف أف سبتػػد أيػػديهم
إَ ما ليس ؽبم والذين يزاضبوف دبناكبهم اؼبستحقني من أهل الفاقة واغباجة اغبقيقيني وو عهد
الرسوؿ -صلى اهلل علي وسلم -تطلع بعض ذوى األعني اليرهة واألنفػس النهبػة وسػاؿ لعػاهبم
إَ أمواؿ الصدقات متوقعني مػن رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم -أف يػنفحهم منهػا نفحػات
تيػػبع مػػن طبػػوحهم وترشػػى مػػن وػػرههم فلبػػا شػػرب الرسػػوؿ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -عػػنهم
صفحا وٍ يلق إليهم باال غبزوا وؼبزوا وتطاولوا على اؼبقاـ النبوي الكػرٓ فنزلػز آيػات الكتػاب ً
تفضػ نفػػاقهم وتكيػػه وػرههم وتبػػني جػػور مػوازينهم النفعيػػة اليصصػػية وتبػني اؼبصػػارؼ الػػب
هب أف توشع فيها الزكػاة وذلػ قولػ تعػاَ( :ومػنهم مػن يلبػزؾ ى الصػدقات فػ ف أعطػوا منهػا
رشوا وإف ٍ يعطوا منها إذا هم يسصطوف ولػو أمػم رشػوا مػا آتػاهم اهلل ورسػول وقػالوا حسػبنا اهلل
سيؤتينا اهلل من فضل ورسول إنا إَ اهلل راغبوف إمبػا الصػدقات للفقػراء واؼبسػاكني والعػاملني عليهػا
واؼبؤلف ػػة قل ػػوهبم وو الرق ػػاب والغ ػػارمني وو س ػػبيل اهلل واب ػػن الس ػػبيل فريض ػػة م ػػن اهلل واهلل عل ػػيم
حكيم) (التوبة.)66 - 58 :
وهبذخ اآليات انقطعز اؼبطامع وتبينز اؼبصارؼ وعرؼ كل ذي حق حق .
روى أبػػو داود عػػن زيػػاد بػػن اغبػػارث الصػػدا قػػاؿ :أتيػػز رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم-
فبايعت -وذكر حديًا طويبل -فأتػاخ رجػل فقػاؿ :أعطػ مػن الصػدقة فقػاؿ لػ رسػوؿ اهلل -صػلى
اهلل علي وسلم( :-إف اهلل ٍ يرض حبكم ن وال غػكخ ى الصػدقة حػك حكػم هػو فيهػا ف زأهػا
شبانيػػة أجػزاء فػ ف كنػػز مػػن تلػ األجػزاء أعطيت ػ حقػ ) (ى إسػػنادخ عبػػد الػػرضبن بػػن زيػػاد بػػن
أنعم األفريق وقد تكلم في غك واحد (ـبتصر اؼبنذري.)236/2 :
سر عناية القرآف دبصارؼ الزكاة:
لقد نب العلباء االقتصاديوف واالجتباعيوف على أف اؼبهم ليس هو جباية األمواؿ وربصيلها فقػد
تستطيع اغبكومات بوسا ل وك اغبصوؿ على شرا مباورة وغك مباورة وقد يكوف ذل مػع
رعاية العدؿ والنصفة ولكن األهػم مػن ذلػ هػو :أيػن تصػرؼ هػذخ األمػواؿ بعػد ربصػيلها؟ فهنػا
قد يبيل اؼبيزاف وتلع األهواء ويأمتذ اؼباؿ من ال يستحق ووبرـ من من يستحق فػبل ع ػ
بعد ذل أف يهتم القرآف هبذا األمر وال يدع ؾبببل كبا ترؾ أوياء ك كة أمترى من الزكاة للسنة
تبينها وتفصلها.
لقػد عػرؼ التػاريمل اؼبػاُ ألوانًػػا ك ػكة مػن الضػرا قبػل اإلسػػبلـ كانػز ذبػط مػن طوا ػه اليػػع
كرهػػا ه ذببػػع ى متزانػػات األبػػاطرة واؼبلػػوؾ لتنفػػق علػػى أوصاصػػهم وأقػػارهبم طوعػػا أو ً
اؼبصتلفػػة ً
وأعػوامم وو كػػل مػػا يزيػػد أهبػػتهم ومتعػػتهم ويظهػػر عظبػػتهم وسػػلطامم شػػاربني عػػرض اغبػػا
بكل ما ربتاج فئات اليع العاملة والضعيفة من الفقراء واؼبساكني.
فلبػػا جػػاء اإلسػػبلـ وج ػ عنايت ػ األوَ إَ تل ػ الفئػػات احملتاجػػة وجعػػل ؽبػػم النصػػي األوفػػر ى
أمواؿ الزكاة متاصة وو مػوارد الدولػة عامػة وكػاف هػذا االذبػاخ االجتبػاع الروػيد سػب ًقا بعي ًػدا ى
عاٍ اؼبالية والضرا واألنفاؽ اغبكوم ٍ تعرف اإلنسانية إال بعد قروف طويلة.
وعلى شوء ما ذكػرخ القػرآف الكػرٓ عػن مسػتحق الزكػاة ومػا بينػ مػن سػنة النػ -صػلى اهلل عليػ
وسلم -ومتلفا الراودين.
سػػنتحدث ى الفصػػوؿ السػػبعة التاليػػة عػػن مصػػارؼ الزكػػاة ال بانيػػة وو فصػػل ثػػامن عػػن مباحػػث
متفرقػػة حػػوؿ األصػػناؼ اؼبسػػتحقني وو فصػػل أمتػػك عػػن األصػػناؼ الػػذين ال هبػػزئ صػػرؼ الزكػػاة
إليهم.
الفصل األوؿ
الفقراء واؼبساكني
فهرس
ح ػػددت اآلي ػػة ال ػػب ذكرناه ػػا م ػػن س ػػورة التوب ػػة مص ػػارؼ الزك ػػاة فكان ػػز شباني ػػة اؼبص ػػرفاف األوؿ
ػهبا ى أمػواؿ الزكػاة .وهػذا يػدلنا علػىوال اْ :نبا الفقراء واؼبساكني .فهم أوؿ من جعل اهلل ل س ً
أف اؽبدؼ األوؿ من الزكاة هػو القضػاء علػى الفقػر والعػوز وإهالػة الػ اب علػى اغباجػة واؼبسػكنة
ى اةتبع اإلسبلم .
وذل أف القرآف قد بدأ بالفقراء واؼبساكني والقػرآف قػد نػزؿ بلسػاف عػرل مبػني ومػن وػأف بلغػاء
العػػرب أف يبػػدأوا بػػاألهم فػػاألهم .وؼبػػا كػػاف عػػبلج الفقػػر وكفالػػة الفق ػراء ورعػػايتهم هػػو اؽبػػدؼ
األوؿ واؼبقصػػود األهػػم مػػن الزكػػاة اقتصػػر النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -ى بعػػض أحادي ػ علػػى
ذل فقاؿ ؼبعاذ حني وجه إَ اليبن" :أعلبهم أف عليهم صدقة تؤمتذ من أغنيا هم وترد علػى
فقرا هم".
مذه اغبنفية:
ويرى اغبنفية أف الغ الذي وبرـ ب أمتذ الصدقة وقبوؽبا أحد أمرين:
األوؿ :مل ػ نصػػاب زكػػوي مػػن أي مػػاؿ كػػاف :كصبػػس مػػن اإلبػػل السػػا بة أو مػػا ب درهػػم أو
دينارا (قػدرناها اآلف دببلػغ 85جر ًامػا مػن الػذه ) ألف اليػرع جعػل النػاس صػنفني :غنيًػا عيرين ً
ػكا ى وقػػز واحػػد كبػن كػػاف لديػ ػكا تػػرد عليػ وال هبػوز أف يكػػوف غنيًػػا فق ً
تؤمتػذ منػ الزكػػاة وفق ً
نصػػاب ذبػ فيػ الزكػػاة ولكػػن عنػػدخ ك ػػرة مػػن العيػػاؿ وبتػػاجوف إَ ك ػػك مػػن النفقػػات ال هبػػوز أف
يعطى وال وبل ل أف يأمتذ من الزكاة.
وقاؿ بعض اغبنفية :بل اؼبعت هو نصاب النقود من أي ماؿ كاف سواء أبلغ نصابًا من جنس أـ
ٍ يبلغ .
فبن مل أربعني واة -نصاب الغنم -ال تبلغ قيبتها نصابًا نقػديًا (مػا ب درهػم) فهػو فقػك علػى
هذا الرأي فت علي الزكاة وربل ل الزكاة.
واسػػتدؿ بعضػػهم ؽبػػذا الػرأي حبػػديث( :مػػن سػػأؿ ولػ مػػا يغنيػ فقػػد سػػأؿ النػػاس إغبافًػػا .قيػػل :ومػػا
الذي يغني ؟ قاؿ :ما تا درهم).
واغبػػديث شػػعيه ومػػع هػػذا فهػػو ى الغ ػ اؼبػػانع مػػن الس ػؤاؿ .فهػػو ال يػػرد علػػى ـبػػالف اغبنفيػػة
الذين هبوزوف أمتذ الزكاة ؼبػن عنػدخ ما تػا درهػم ال تقػوـ بكفايتػ ألف الغػ الػذي وبػرـ السػؤاؿ ال
وبرـ الزكاة.
وبني علباء اغبنفية نقاش طويل ى اعتباد أي الرأيني .فلكاجع ى كتبهم (انظر على سبيل اؼب اؿ:
أيضا :ؾببع األمر ودر اؼبنتقػى الدر اؼبصتار وحاويت رد احملتار 86 - 88/2 :طبع استانبوؿ .و ً
هبامي ص .)223
ال اْ :أف يبل مػن األمػواؿ الػب ال ذبػ فيهػا الزكػاة مػا يفضػل عػن حاجتػ ويبلػغ قيبػة الفاشػل
م ػػا ب دره ػػم .كب ػػن يقتػ ػ م ػػن ال ي ػػاب والف ػػرش واألدوات والكتػ ػ وال ػػدور واغبواني ػػز وال ػػدواب
وغكها زيادة على ما وبتاج إلي كل ذل لبلبتذاؿ واالستعباؿ ال للت ارة واإلسامة ف ذا فضػل
مػػن ذل ػ مػػا يبلػػغ قيبت ػ مػػا ب درهػػم حػػرـ علي ػ أمتػػذ الصػػدقة .فبػػن كػػاف ل ػ داراف يسػػتغ عػػن
إحػػدانبا وهػػى إذا بيعػػز تسػػاوى نصػػاب النقػػود فػػبل هبػػوز لػ أمتػػذ الزكػػاة .وكػػذل إذا كػػاف عنػػدخ
كت ورثها م بل أو أدوات حرفة تساوى نصابًا ولػيس هػو ى حاجػة إليهػا ألنػ لػيس مػن أهػل
العلم وال من أرباب تل اغبرفة.
قػػاؿ الكاسػػاْ ى "البػػدا ع"" :ه قػػدر اغباجػػة مػػا ذكػػرخ الكرمت ػ ى ـبتصػػرخ فقػػاؿ :ال بػػأس بػػأف
يعطػػى مػػن الزكػػاة مػػن لػ مسػػكن ومػػا يتأثػػث بػ ى منزلػ ومتػػادـ وفػػرس وسػػبلح وثيػػاب البػػدف
وكت العلم إف كاف من أهل فػ ف كػاف لػ فضػل عػن ذلػ مػا يبلػغ قيبتػ مػا ب درهػم حػرـ عليػ
أمتذ الصدقة .ؼبا روى عػن اغبسػن البصػري أنػ قػاؿ" :كػانوا يعطػوف الزكػاة ؼبػن يبلػ عيػرة آالؼ
درهم من الفرس والسبلح واػبادـ والدار".
وقولػ " :كػػانوا" كنايػػة عػػن أصػػحاب رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -وهػػذا ألف هػػذخ األوػػياء
م ػػن اغبػ ػوا البلزم ػػة ال ػػب الب ػػد لئلنس ػػاف منه ػػا فك ػػاف وجوده ػػا وع ػػدمها سػ ػواء (ب ػػدا ع الص ػػنا ع
للكاساْ.)48/2 :
وذكر ى "الفتاوى" فيبن ل حوانيز ودور للغلة لكن غلتهػا ال تكفيػ وعيالػ :أنػ فقػك ووبػل لػ
أمتذ الصدقة عند ؿببد وعند أىب يوسه :ال وبل .وكذا لو ل كرـ ال تكفي غلت .
ولو عندخ طعاـ للقوت يسػاوى ( 266مػا ب درهػم) فػ ف كػاف كفايػة وػهر وبػل أو كفايػة سػنة
قيػػل :ال وبػػل وقيػػل :وبػػل ألن ػ مسػػتحق الصػػرؼ إَ الكفايػػة فيلحػػق بالعػػدـ وقػػد ادمتػػر علي ػ
الصبلة والسبلـ لنسا قوت سنة.
ولو ل كسوة اليتاء وهو ال وبتاج إليها ى الصيه وبل.
وو "التتارمتانية" عن "الصغرى" :ل دار يسكنها ولكن تزيػد علػى حاجتػ بػأف ال يسػكن الكػل
وبل ل أمتذ الصدقة ى الصحي .
وفيه ػػا :س ػػئل ؿبب ػػد عب ػػن ل ػ أرض يزرعه ػػا أو حواني ػػز يس ػػتغلها أو دار غلته ػػا ثبلث ػػة آالؼ وال
تكفى لنفقت ونفقة عيال سنة فأجاب :وبل ل أمتذ الزكػاة وإف كانػز قيبتهػا تبلػغ ألوفًػا وعليػ
الفتوى .وعندنبا :ال وبل.
قػػاؿ ابػػن عابػػدين :وسػػئلز عػػن اؼب ػرأة :هػػل تصػػك غنيػػة باعبهػػاز الػػذي تػػزؼ ب ػ إَ بيػػز زوجهػػا؟
والذي يظهر فبا مر :أف ما كاف من أثاث اؼبنزؿ وثياب البدف وأواْ االستعباؿ فبػا البػد ألم اؽبػا
من ػ فهػػو مػػن اغباجػػة األصػػلية ومػػا زاد علػػى ذل ػ مػػن اغبل ػ واألواْ واألمتعػػة الػػب يقصػػد هبػػا
الزينة إذا بلغ نصابًا تصك ب غنية.
قاؿ :ه رأيز ى "التتارمتانية" ى باب صدقة الفطر :سئل اغبسن بن على عبن ؽبا جواهر وآللئ
تلبسػػها ى األعيػػاد وتتػزين هبػػا للػػزوج وليسػػز للت ػػارة :هػػل عليهػػا صػػدقة الفطػػر؟ قػػاؿ :نعػػم إذا
بلغز نصابًا .وسئل عنها عبر اغبػافي فقػاؿ :ال هبػ عليهػا وػ ء .قػاؿ ابػن عابػدين :وحاصػل
ثبوت اػببلؼ ى أف اغبل غك النقدين من اغبوا األصلية .واهلل تعاَ أعلم (حاوية رد احملتػار:
89 - 88/2طبع استانبوؿ).
ومن الرا ع ح ًقا ما ذكرخ هنا فقهاء اإلسبلـ فقالوا :إذا تفرغ إنساف قػادر علػى الكسػ لعبػادة اهلل
تع ػػاَ بالص ػػبلة والص ػػياـ وكبونب ػػا م ػػن نواف ػػل العب ػػادات ال يعط ػػى م ػػن الزك ػػاة وال رب ػػل لػ ػ ؛ ألف
مصػػلحة عبادت ػ قاصػػرة علي ػ (انظػػر :الروشػػة للنػػووي 3669/2 :واةبػػوع .)494/6 :وألن ػ
مأمور بالعبل واؼبي ى مناك األرض وال رهبانية ى اإلسبلـ .والعبل ى هػذخ اغبػاؿ لكسػ
العيو من أفضل العبادات إذا صدقز في النية والتزمز حدود اهلل.
فػ ذا مػػا تفػػرغ لطلػ علػػم نػػافع وتعػػذر اعببػػع بػػني الكسػ وطلػ العلػػم ف نػ يعطػػى مػػن الزكػػاة
قدر ما يعين على أداء مهبت وما ييبع حاجات ومنها كتػ العلػم الػب البػد منهػا ؼبصػلحة دينػ
ودنياخ.
وإمبا أعطى طال العلم ألن يقػوـ بفػرض كفايػة وألف فا ػدة علبػ ليسػز مقصػورة عليػ بػل هػ
ةبوع األمة .فبن حق أف يعاف من ماؿ الزكاة ألما ألحد رجلني :إما ؼبن وبتاج مػن اؼبسػلبني.
أو ؼبن وبتاج إلي اؼبسلبوف .وهذا قد صبع بني األمرين.
واو ط بعضهم أف يكوف قبيبًا يرجى تفوق ونفع اؼبسلبني ب وإال ٍ يستحق األمتذ مػن الزكػاة
قادرا على الكسػ (انظػر اؼبرجػع السػابق ووػرح غايػة اؼبنتهػى 437/2 :وحاوػية الػروض
ما داـ ً
اؼبربع 466/4 :واةبػوع .)494 - 496/6 :وهػو قػوؿ وجيػ .وهػو الػذي تسػك عليػ الػدوؿ
اغبدي ة حيث تنفق على الن باء واؼبتفوقني بأف تتي ؽبم دراسات متاصة أو ترسلهم ى بع ات
متارجية أو دامتلية.
ولقػػد يظػػن ك ػػك مػػن النػػاس -مػػن سػػوء العػػرض لتعػػاليم اإلسػػبلـ وسػػوء التطبيػػق ؽبػػا -أف الفق ػراء
واؼبسػػاكني اؼبسػػتحقني للزكػػاة هػػم أولئ ػ اؼبتبطل ػػوف أو اؼبتس ػولوف الػػذين اح ف ػوا س ػؤاؿ النػػاس
وتظػاهروا بػالفقر واؼبسػػكنة ومػدوا أيػػديهم للغػادين والػرا حني ى اةػامع واألسػواؽ وعلػى أبػواب
اؼبسػػاجد وغكهػػا ولعػػل هػػذخ الصػػورة للبسػػكني كانػػز ماثلػػة ى أذهػػاف ك ػػك مػػن النػػاس منػػذ زمػػن
قدٓ حك ى زمن الرسوؿ -صلى اهلل علي وسلم -فبا جعل علي السػبلـ ينبػ النػاس علػى أهػل
اغباجػػة اغبقيقيػػني الػػذين يسػػتحقوف معونػػة اةتبػػع حبػػق وإف ٍ يفطػػن ؽبػػم الك ػػكوف فقػػاؿ عليػ
الصػػبلة والسػػبلـ ى ذلػ ( :لػػيس اؼبسػػكني الػػذي تػػردخ التبػػرة والتبرتػػاف وال اللقبػػة واللقبتػػاف إمبػػا
اؼبسكني الذي يتعفه اقرأوا إف وئتم( :ال يسألوف الناس إغبافًا) (البقرة.)273 :
ومعػ ( :ال يسػػألوف النػػاس إغبافًػػا) :ال يلحػػوف ى اؼبسػػألة وال يكلفػػوف النػػاس مػػا ال وبتػػاجوف إليػ
ف ف من سأؿ وعندخ ما يغني عن اؼبسألة فقد أغبه .وهذا وصه لفقراء اؼبهاجرين الذين انقطعوا
إَ اهلل ورسػول ولػػيس ؽبػػم مػػاؿ وال كسػ يػػردوف بػ علػػى أنفسػػهم مػػا يغنػػيهم (تفسػػك ابػػن ك ػػك:
.)324/4ق ػػاؿ تع ػػاَ ى وص ػػفهم والتنويػ ػ بي ػػأمم( :للفقػ ػراء ال ػػذين أحص ػػروا ى س ػػبيل اهلل ال
يستطيعوف شربًا ى األرض وبسبهم اعباهل أغنياء من التعفه تعرفهم بسيباهم ال يسألوف الناس
إغبافًا) (البقرة ..)273 :فهػؤالء وأوػباههم أحػق النػاس أف يعػانوا كبػا أروػدنا رسػوؿ اهلل -صػلى
اهلل علي وسلم -ى حدي اؼبذكور.
وو رواي ػػة أمت ػػرى( :لػ ػػيس اؼبسػ ػػكني الػ ػػذي يطػ ػػوؼ علػ ػػى الن ػػاس ت ػػردخ اللقب ػػة واللقبتػ ػػاف والتبػ ػػرة
والتبرتاف ولكن اؼبسكني الذي ال هبد غ يغنيػ وال يفطػن لػ فيتصػدؽ عليػ وال يقػوـ فيسػأؿ
الناس) (اغبديث بروايتي متفق علي ).
ذل هو اؼبسكني اعبدير باؼبعونة وإف كاف الناس يغفلوف عن وال يفطنوف ل .ولكػن رسػوؿ اهلل -
ػكا مػػنصػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -لفػػز األنظػػار إلي ػ ونب ػ العقػػوؿ والقلػػوب علي ػ .وإن ػ لييػػبل ك ػ ً
أصحاب البيوتات وأرباب األسر اؼبتعففني الذين أمت عليهم الزمن أو قعػد هبػم الع ػز أو قػل
ماؽبم وك رت عياؽبم أو كاف دمتلهم من عبلهم ال ييبع حاجاهتم اؼبعقولة.
وقػػد سػػئل اإلمػػاـ اغبسػػن البصػػري عػػن الرجػػل تكػػوف لػ الػػدار واػبػػادـ أيأمتػػذ مػػن الزكػػاة؟ فأجػػاب:
بأن يأمتذ إف احتاج وال حرج علي (األمواؿ ألىب عبيد ص .)556وقد ذكرنا فتوى اإلماـ ؿببد
بػػن اغبسػػن فػػيبن ل ػ أرض يزرعهػػا أو حوانيػػز يسػػتغلها أو غلتهػػا ثبلثػػة آالؼ وال تكفػػى لنفقت ػ
ونفقة عيال سنة :أن وبل ل أمتذ الزكػاة وإف كانػز قيبتهػا تبلػغ ألوفًػا وعليػ الفتػوى عنػد اغبنفيػة
كبا نقل ابن عابدين (رد احملتار.)88/2 :
كبا ذكرنا فتوى اإلمػاـ أضبػد ى الرجػل :إذا كػاف لػ عقػار يسػتغل أو شػيعة تسػاوى عيػرة آالؼ
درهػػم أو أقػػل مػػن ذلػ أو أك ػػر ولكنهػػا ال تقيبػ -يعػ ال تقػػوـ بكفايتػ -بأنػ يأمتػػذ مػػن الزكػػاة
(اؼبغ مع اليرح الكبك.)525/2 :
وقاؿ اليافعية :إذا كاف ل عقار ينقل دمتل عن كفايت فهو فقك أو مسكني فيعطػى مػن الزكػاة
سباـ كفايت وال يكله بيع (اةبوع.)492/6 :
وقاؿ اؼبالكية :هبوز دفػع الزكػاة ؼبػن يبلػ نصػابًا أو أك ػر لك ػرة عيالػ ولػو كػاف لػ اػبػادـ والػدار
الب تناسب (ورح اػبرو حباوية العدوى على متليل 245/2 :وحاوية الدسوق .)494/4 :
لػيس اؼبقصػػود بالزكػػاة إذف إعطػػاء اؼبعػػدـ اؼبػ ب فقػ ذلػ الػػذي ال هبػػد وػػيئًا أو ال يبلػ وػػيئًا
أيضا إغناء ذل الذي هبد بعض الكفاية ولكن ال هبد كل ما يكفي . وإمبا يقصد هبا ً
امتتلفز اؼبذاه الفقهية ى مقدار ما يعطى الفقك واؼبسكني مػن الزكػاة ونسػتطيع أف كبصػر هػذا
اػببلؼ ى اذباهني ر يسيني:
االذباخ األوؿ :يقوؿ ب عطا هبا ما يكفيهبا سباـ الكفاية باؼبعروؼ دوف ربديد دبقدار من اؼباؿ.
ؿبددا من اؼباؿ يقل عند بعضهم ويك ر عند آمترين. مقدارا ً
االذباخ ال اْ :يقوؿ ب عطا هبا ً
وس ػػنبدأ باالذب ػػاخ األوؿ؛ ألن ػ أق ػػرب إَ منط ػػق اإلس ػػبلـ ونصوص ػ وأهداف ػ ى ب ػػاب الزك ػػاة وق ػػد
انقسم هذا االذباخ إَ مذهبني:
-4مذه يقوؿ ب عطاء كفاية العبر.
-2ومذه يقتصر على إعطاء كفاية السنة.
يت ػ هػػذا اؼبػػذه إَ :أف يعطػػى الفقػػك مػػا يستأصػػل وػػأفة فقػػرخ ويقضػػى علػػى أسػػباب عػػوزخ
وفاقت ويكفي بصفة دا بة وال وبوج إَ الزكاة مرة أمترى.
قػػاؿ اإلمػػاـ النػػووي ى "اةبػػوع"" :اؼبسػػألة ال انيػػة -ى قػػدر اؼبصػػروؼ إَ الفقػػك واؼبسػػكني .:قػػاؿ
أصػػحابنا العراقيػػوف وك ػػكوف مػػن اػبراسػػانيني :يعطيػػاف مػػا ىبرجهبػػا مػػن اغباجػػة إَ الغػ وهػػو مػػا
ربصل ب الكفاية على الدواـ .وهػذا هػو نػل اليػافع رضبػ اهلل .واسػتدؿ لػ األصػحاب حبػديث
قبيصة بن اؼبصارؽ اؽببلُ -رشى اهلل عن -أف رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -قػاؿ( :ال ربػل
اؼبسألة إال ألحد ثبلثة :رجل رببل ضبالة فحلز ل اؼبسألة حك يصيبها ه يبس ورجل أصػابت
ػدادا مػػنجا حػػة اجتاحػػز مال ػ فحلػػز ل ػ اؼبسػػألة حػػك يصػػي قو ًامػػا مػػن عػػيو -أو قػػاؿ :سػ ً
عػػيو -ورجػػل أصػػابت فاقػػة حػػك يقػػوؿ ثبلثػػة مػػن ذوى اغب ػػا مػػن قومػ :قػػد أصػػابز فبلنًػػا فاقػػة
ػدادا مػػن عػػيو ػ فبػػا سػواهن مػػن فحلػػز لػ اؼبسػػألة حػػك يصػػي قو ًامػػا مػػن عػػيو ػ أو قػػاؿ :سػ ً
اؼبسألة يا قبيصة سحز يأكلها صاحبها سحتًا) (رواخ مسلم ى صحيح ).
قػػاؿ أصػػحابنا :فأجػػاز رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -اؼبسػػألة حػػك يصػػي مػػا يسػػد حاجتػ
فدؿ على ما ذكرناخ.
قالوا :ف ف كاف عادت االح اؼ أعطى ما يي ى ب حرفتػ أو آالت حرفتػ قلػز قيبػة ذلػ أـ
ك ػػرت ويك ػػوف ق ػػدرخ حبي ػػث وبص ػػل ل ػ م ػػن رحب ػ م ػػا يف ػ بكفايت ػ غالبًػػا تقريبًػػا وىبتل ػػه ذل ػ
بامتتبلؼ اغبرؼ والببلد واألزماف واألوصاص.
وقرب صباعة من أصحابنا ذل فقالوا :من يبيع البقػل يعطػى طبسػة دراهػم أو عيػرة .ومػن حرفتػ
ػاجرا أوبيع اعبوهر يعطى عيرة آالؼ درهم م بلً إذا ٍ يتأت ل الكفاية بأقل منها ومػن كػاف ت ً
متبػ ًػازا أو عطػ ًػارا أو صػرافًا أعطػػى بنسػػبة ذلػ ومػػن كػػاف متياطًػػا أو قبػ ًػارا أو قصػ ًػارا أو قصػػابًا أو
غكهم من أهل الصنا ع أعطى ما يي ى ب من اآلالت الب تصل ؼب ل .
وإف كػػاف مػػن أهػػل الضػػياع (اؼبػزارع) يعطػػى مػػا ييػ ى ب ػ شػػيعة أو حصػػة ى شػػيعة تكفيػ غلتهػػا
على الدواـ.
فػ ف ٍ يكػػن ؿب فًػػا وال وبسػػن صػنعة أصػبلً وال ذبػػارة وال وػػيئًا مػن أنػواع اؼبكاسػ أعطػػى كفايػػة
العب ػػر الغالػ ػ ألم ال ػ ى ب ػػبلدخ وال يتق ػػدر بكفاي ػػة س ػػنة (انظ ػػر :اةب ػػوع للن ػػووي- 493/6 :
.)495
ووش ذل مشس الدين الرمل ى وػرح اؼبنهػاج للنػووي .فػذكر أف الفقػك واؼبسػكني إف ٍ وبسػن
كػػل منهبػػا كسػػبًا حبرفػػة وال ذبػػارة يعطػػى كفايػػة مػػا بقػػى مػػن العبػػر الغالػ ألم الػ ى بلػػدخ .ألف
القصد إغناؤخ وال وبصل إال بذل ف ف زاد عبرخ علي أعطى سنة بسنة.
وليس اؼبراد ب عطاء من ال وبسن الكس إعطاءخ نق ًػدا يكفيػ بقيػة عبػرخ اؼبعتػاد بػل إعطػاءخ شبػن
ما يكفي دمتل من .كأف يي ى ل ب عقار يستغل ويغت ب عن الزكاة فيبلك ويورث عن .
قػػاؿ :واألقػػرب -كبػػا حب ػ الزركي ػ -أف لئلمػػاـ -دوف اؼبال ػ -و ػراءخ ل ػ ول ػ إلزام ػ بالي ػراء
وعدـ إمتراج عن ملك وحينئذ ليس ل إمتراج فبل وبل وال يص فيبا يظهر.
ولػػو مل ػ هػػذا دوف كفايػػة العبػػر الغال ػ كب ػػل ل ػ م ػػن الزكػػاة كفايت ػ .وال يي ػ ط اتصػػاف ي ػػوـ
اإلعطاء بالفقر واؼبسكنة.
قػػاؿ اؼبػػاوردي :لػػو كػػاف مع ػ تسػػعوف وال يكفي ػ إال رب ػ ما ػػة أعطػػى العيػػرة األمتػػرى وإف كفت ػ
التسعوف -لو أنفقها من غك اكتساب فيها -سنني ال تبلغ العبر الغال .
وهذا كل فيبن ال وبسن الكس .
أما من وبسن حرفة ال قة تكفي فيعطى شبن آلة حرفت وإف ك رت ومػن وبسػن ذبػارة يعطػى رأس
ماؿ يكفي رحب من غالبًا باعتبار عادة بلدخ .وىبتله ذل بامتتبلؼ األوصاص والنواح .
ولو أحسن أك ر من حرفة والكل يكفي أعطػى شبػن أو رأس مػاؿ األدّ وإف كفػاخ بعضػها فقػ
أعطػػى لػ .وإف ٍ تكفػ واحػػدة منهػػا أعطػػى لواحػػدة وزيػػد لػ وػراء عقػػار يػػتم دمتلػ بقيػػة كفايتػ
(انظر :ماية احملتاج إَ ورح اؼبنهاج ليبس الدين الرمل .)459/6 :أ هػ.
هذا ما نل علي اليافع ى األـ وما رجح وأمتذ ب صبهور أصحاب وفرعوا علي وفصلوا في
تلػ التفصػػيبلت الدقيقػػة الػػب نقلناهػػا هنػػا والػػب تػػدؿ علػػى مػػدى غػ الفقػ اإلسػػبلم باؼببػػادئ
والصور والفروع ى وك اةاالت.
وو مػػذه أضبػػد روايػػة سباثػػل مػػا نػػل عليػ اليػػافع فأجػػاز للفقػػك أف يأمتػػذ سبػػاـ كفايتػ دا ًبػػا
دبت ر أو آلة صنعة أو كبو ذل وقد امتتار هذخ الرواية بعض اغبنابلة ورجحوا العبػل هبػا (انظػر:
األنصاؼ.)238/3 :
وقاؿ اػبطال ى ورح حديث قبيصة السابق :في :أف اغبػد الػذي ينتهػ إليػ العطػاء ى الصػدقة
هػػو الكفايػػة الػػب هبػػا قػواـ العػػيو وسػػداد اػبلػػة وذلػ يعتػ ى كػػل إنسػػاف بقػػدر حالػ ومعييػػت
وليس في حد معلوـ وببل علي الناس كلهم مع امتتبلؼ أحواؽبم (معاٍ السنن.)239/2 :
إذا أعطيتم فأغنوا:
وهذا اؼبذه هو اؼبوافق ؼبا جاء عن الفاروؽ عبر -رشى اهلل عن -فلقػد رأينػا السياسػة العبريػة
الراودة تقوـ على هذا اؼببدأ اغبكيم الذي أعلن الفػاروؽ -رشػى اهلل عنػ ( :-إذا أعطيػتم فػأغنوا)
(األمواؿ ص .)565
كػ ػػاف عبػ ػػر يعبػ ػػل علػ ػػى إغنػ ػػاء الفقػ ػػك بالزكػ ػػاة ال ؾبػ ػػرد سػ ػػد جوعت ػ ػ بلقيبػ ػػات أو إقالػ ػػة ع رت ػ ػ
بدريهبات.
جاء رجل ييكو إلي سوء اغباؿ فأعطاخ ثبلثًػا مػن اإلبػل ومػا ذلػ إال ليقيػ مػن العيلػة .واإلبػل
كانػػز أنفػػع أمػواؽبم وأنفسػػها حينػػذاؾ وقػػاؿ للبػػوظفني الػػذين يعبلػػوف ى توزيػػع الصػػدقات علػػى
اؼبسػػتحقني( :كػػرروا علػػيهم الصػػدقة وإف راح علػػى أحػػدهم ما ػػة مػػن اإلبػػل) (األمػواؿ ص 565
.)566
وقػػاؿ معلنًػػا عػػن سياسػػت ذب ػاخ الفق ػراء" :ألكػػررف علػػيهم الصػػدقة وإف راح علػػى أحػػدهم ما ػػة مػػن
اإلبل" (اؼبصدر السابق).
وقاؿ عطاء الفقي التػابع اعبليػل" :إذا أعطػى الرجػل زكػاة مالػ أهػل بيػز مػن اؼبسػلبني ف ػ هم
فهو أح إَ" (نفس اؼبصدر).
وتسػػتطيع الدولػػة اؼبسػػلبة -بنػػاء علػػى هػػذا ال ػرأي -أف تنيػػئ مػػن أم ػواؿ الزكػػاة مصػػانع وعقػػارات
ومؤسسػػات ذباريػػة وكبوهػػا وسبلكهػػا للفقػراء كلهػػا أو بعضػػها .لتػػدر علػػيهم دمت ػبلً يقػػوـ بكفػػايتهم
كاملة .وال ذبعل ؽبم اغبق ى بيعها ونقل ملكيتها لتظل وب موقوفة عليهم.
هناؾ مذه ثاف قاؿ ب اؼبالكية وصبهور اغبنابلة وآمتروف من الفقهاء :أف يعطى الفقك واؼبسكني
مػػن الزكػػاة مػػا تػػتم ب ػ كفايت ػ وكفايػػة مػػن يعول ػ سػػنة كاملػػة .وٍ يػػر أصػػحاب هػػذا ال ػرأي شػػرورة
إلعطا كفاية العبر .كبا ٍ يروا أف يعطى أقل من كفاية السنة.
وإمبػػا حػػددت الكفاي ػػة بسػػنة ألم ػػا -ى الع ػػادة -أوس ػ مػػا يطلب ػ الفػػرد مػػن ش ػػباف الع ػػيو ل ػ
وألهلػ وو هػػدى الرسػػوؿ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -ى ذلػ أسػػوة حسػػنة فقػػد صػ أنػ ادمتػػر
ألهل قوت سنة (متفق علي ).
وألف أمػواؿ الزكػػاة ى غالبهػػا حوليػػة فػػبل داعػ إلعطػػاء كفايػػة العبػػر وو كػػل عػػاـ تػػأتى حصػػيلة
جديدة من موارد الزكػاة ينفػق منهػا علػى اؼبسػتحقني (اسػتظهر بعػض اؼبالكيػة أف الزكػاة إذا كانػز
ال تفرؽ كل عاـ إعطاء أك ر من كفاية السنة كبا ى حاوية الدسوق .)464/4 :
ويرى القا لوف هبذا اؼبذه أف كفاية السنة ليس ؽبا حد معلوـ ال تتعداخ من الػدراهم أو الػدنانك
بل يصرؼ للبستحق كفاية سنت بالغة ما بلغز.
ف ذا كانز كفايػة السػنة ال تػتم إال ب عطػاء الفقػك الواحػد أك ػر مػن نصػاب مػن نقػد أو حػرث أو
ػكا مسػػتح ًقا
ماوػية أعطػػى مػػن الزكػاة ذلػ القػػدر وإف صػار بػ غنيًػػا ألنػ حػػني الػػدفع إليػ كػػاف فقػ ً
(وػػرح اػبروػ علػػى مػ متليػػل 245/2 :وو حاوػػية الدسػػوق :494/4 :هبػػوز أف يػػدفع مػػن
الزكاة للفقك ى مرة واحدة كفاية سنة من نفقة وكسوة وإف اتسع اؼباؿ زيد العبد ومهر الزوجة).
الزواج من سباـ الكفاية:
وأح ػ ػ أف ألق ػػى مزي ػ ًػدا م ػػن الض ػػوء عل ػػى مفه ػػوـ "الكفاي ػػة" اؼبطل ػػوب ربقيقه ػػا وإسبامه ػػا للفق ػػك
واؼبسػػكني كبػػا يتصػػورها الفق ػ اإلسػػبلم .فبػػن الرا ػػع ح ًقػػا أف يلتفػػز علبػػاء اإلسػػبلـ إَ أف
الطعاـ واليراب واللباس ليسػز هػ حاجػات اإلنسػاف فحسػ بػل ى اإلنسػاف دوافػع أو غرا ػز
أمتػػرى تػػدعوخ وتل ػ علي ػ وتطالب ػ حبقهػػا مػػن اإلوػػباع ومػػن ذل ػ غريػػزة النػػوع أو اعبػػنس الػػب
جعلهػػا اهلل سػػوطًا يسػػوؽ اإلنسػػاف إَ ربقيػػق اإلرادة اإلؽبيػػة ى عبػػارة األرض وبقػػاء هػػذا النػػوع
اإلنسػػاْ فيهػػا إَ مػػا وػػاء اهلل .واإلسػػبلـ ال يصػػادر هػػذخ الغريػػزة وإمبػػا ينظبهػػا ويضػػع اغبػػدود
لسكها وفق أمر اهلل.
وإذا كاف اإلسبلـ قد مى عن التبتل واالمتتصاء وكل لوف من ألػواف مصػادرة الغريػزة وأمػر بػالزواج
كػػل قػػادر علي ػ مسػػتطيع ؼبؤنتػ ( :مػػن اسػػتطاع مػػنكم البػػاءة فليتػػزوج ف نػ أغػػض للبصػػر وأحصػػن
للفرج) (رواخ البصاري ى كتاب الصوـ من صحيح ) .فبل غرو أف ييرع معونة الراغبني ى الػزواج
فبن ع زوا عن تكاليف اؼبادية من اؼبهر وكبوخ.
وال ع إذا قػاؿ العلبػاء :إف مػن سبػاـ الكفايػة مػا يأمتػذخ الفقػك ليتػزوج بػ إذا ٍ تكػن لػ زوجػة
واحتاج للنكاح (حاوية الروض اؼبربع 466/4 :وانظر هامو مطال أوَ النهى.)447/2 :
بػل قػاؿ بعضػػهم :إذا ٍ تكفػ زوجػة واحػػدة زوج اثنتػني ألنػ مػػن سبػاـ كفايتػ (انظػػر :وػرح كتػػاب
النيل ووفاء العليل ى فق اإلباشية.)435/2 :
وقػػد أمػػر اػبليفػػة الراوػػد عبػػر بػػن عبػػد العزيػػز مػػن ينػػادى ى النػػاس كػػل يػػوـ :أيػػن اؼبسػػاكني؟ أيػػن
الغػػارموف؟ أيػػن النػػاكحوف؟ (البدايػػة والنهايػػة البػػن ك ػػك- .)266/9 :أي الػػذين يريػػدوف الػػزواج-
وذل ليقضى حاجة كل طا فة منهم من بيز ماؿ اؼبسلبني.
واألصل ى هذا ما رواخ أبو هريرة أف الن -صلى اهلل علي وسلم -جاءخ رجل فقاؿ :إْ تزوجز
ام ػرأة مػػن األنصػػار فقػػاؿ( :علػػى كػػم تزوجتهػػا)؟ قػػاؿ :علػػى أربػػع أواؽ (466=46×4درنبًػػا).
فقاؿ الن -صلى اهلل علي وسلم( :-على أربع أواؽ؟ كأمبا تنحتوف الفضة مػن عػرض هػذا اعببػل
!؟ ما عندنا ما نعطي ولكن عسػى أف نبع ػ ى بعػث تصػي فيػ ) (نيػل األوطػار346/6 :
واألواق ػ صبػػع أوقيػػة وقػػد تسػػاوى حينػػذاؾ 46درنبًػػا وكانػػز اليػػاة تقػػدر مػػن 5دراهػػم إَ 46
فهذا القدر ك ك على م ل هذا الرجل الذي جاء يطل اؼبعونة ى مهرخ).
واغبديث دليل على أف إعطاء الن -صلى اهلل عليػ وسػلم -ؽبػم ى م ػل هػذخ اغبػاؿ كػاف معروفًػا
ؽبم وؽبذا قاؿ ل ( :ما عندنا ما نعطي ) .ومع هذا حاوؿ عبلج حاجت بوسيلة أمترى.
كت العلم من الكفاية:
واإلس ػػبلـ دي ػػن يك ػػرـ العق ػػل وي ػػدعو إَ العل ػػم ويرف ػػع م ػػن مكان ػػة العلب ػػاء ويع ػػد العل ػػم مفت ػػاح
اإليبػاف ودليػػل العبػػل وال يعتػػد ب يبػاف اؼبقلػػد وال بعبػػادة اعباهػػل .ويقػوؿ القػػرآف ى صػراحة( :هػػل
يستوي الذين يعلبوف والذين ال يعلبوف) (الزمر ..)9 :ويقوؿ ى التفريق بني اعباهل والعاٍ وبني
اعبهػػل والعل ػػم( :ومػػا يس ػػتوي األعبػػى والبصػػك وال الظلبػػات وال الن ػػور) (فػػاطر..)26 - 49 :
ويقوؿ الرسوؿ -صلى اهلل علي وسلم( :-طل العلم فريضة على كل مسلم) (رواخ ابػن عبػد الػ
ى "العلم" عن أنس ورمز ل السيوط بعبلمة الصحة).
ػورا ى علػػم الػػدين وحػػدخ بػػل كػػل علػػم نػػافع وبتػػاج إلي ػ اؼبسػػلبوف ى ولػػيس العلػػم اؼبطلػػوب ؿبصػ ً
دني ػػاهم لص ػػحة أب ػػدامم وتنبي ػػة اقتص ػػادهم وعبػ ػرامم .وسبكي ػػنهم م ػػن التف ػػوؽ العس ػػكري عل ػػى
عدوهم وكبو ذل من األغراض ف ن فرض كفاية .كبا قرر احملققوف من العلباء.
فػبل ع ػ أف رأينػػا فقهػػاء اإلسػػبلـ يقػػرروف ى أحكػاـ الزكػػاة :أف يعطػػى منهػػا اؼبتفػػرغ للعلػػم علػػى
حني وبػرـ منهػا اؼبتفػرغ للعبػادة .ذلػ أف العبػادة ى اإلسػبلـ ال ربتػاج إَ تفػرغ كبػا وبتػاج العلػم
والتصص ػػل في ػ .كب ػػا أف عب ػػادة اؼبتعب ػػد لنفس ػ أم ػػا عل ػػم اؼب ػػتعلم فل ػ ولس ػػا ر الن ػػاس (اةب ػػوع:
.)496/6
وٍ يكته اإلسبلـ بذل بل قاؿ فقهاؤخ :هبوز للفقك األمتذ من الزكاة ليراء كت وبتاجها مػن
كت ػ العلػػم الػػب البػػد منهػػا ؼبصػػلحة دين ػ ودنيػػاخ (انظػػر األنصػػاؼ ى الفق ػ اغبنبل ػ 465/3 :
.)248
ورأينػػا فقهػػاء اغبنفيػػة هبيػػزوف نقػػل الزكػػاة مػػن بلػػد إَ آمتػػر بػػبل كراهػػة -علػػى متػػبلؼ القاعػػدة -إذا
نقلز لطال علم ؿبتاج (انظر :الدر اؼبصتار وحاويت .)94/2 :
وبعػػد عػػرض هػػذين اؼبػػذهبني مػػن مػػذاه الفقػ اإلسػػبلم :مػػذه مػػن يػػرى إعطػػاء الفقػػك كفايػػة
العبر كل مرة واحدة ..ومذه من يرى إعطاءخ كفاية سنة كاملة فحس فأي هذين اؼبػذهبني
أح ػػق أف يتب ػػع ولك ػػل منهبػػا وجهت ػ ودليل ػ ؟ ومتاصػػة إذا أردن ػػا أف تق ػػوـ اغبكومػػة اؼبس ػػلبة ب ػػأمر
الزكاة؟.
والذي أمتتارخ :أف لكل من اؼبذهبني ؾبال الذي يعبل ب في .
ذل أف الفقراء واؼبساكني نوعاف:
نػػوع يسػػتطيع أف يعبػػل ويكسػ ويكفػػى نفس ػ بنفسػ كالصػػانع والتػػاجر والػزارع ولكػػن ينقصػ
أدوات الصػػنعة أو رأس مػػاؿ الت ػػارة أو الضػػيعة وآالت اغبػػرث والسػػق فالواج ػ ؼب ػػل هػػذا أف
يعطى من الزكاة ما يبكنػ مػن اكتسػاب كفايػة العبػر وعػدـ االحتيػاج إَ الزكػاة مػرة أمتػرى بيػراء
ما يلزم ؼبزاولة حرفت وسبليك إياخ استقبلالً أو او ا ًكا على قدر ما تسب حصيلة الزكاة.
والنوع اآلمتر عاجز عن الكس كالزمن واألعبى والييمل اؽبرـ واألرملة والطفل وكبوهم فهػؤالء
ال بأس أف يعطى الواحد منهم كفاية السنة .أي يعطى راتبًا دوريًا يتقاشاخ كل عاـ بل ينبغػ أف
يػػوزع علػػى أوػػهر العػػاـ إف متيػػه مػػن اؼبسػػتحق اإلسػراؼ وبع ػػرة اؼبػػاؿ ى غػػك حاجػػة ماسػػة .وهػػذا
وهرا بيهر وكذل اؼبساعدات الدورية. هو اؼبتبع ى عصرنا فالروات إمبا تعطى للبوظفني ً
منصوصػػا علي ػ ى بعػػض كت ػ
ً والع ي ػ أن ػ بعػػد أف امت ػ ت هػػذا التقسػػيم وجدت ػ -تقريبًػػا-
اغبنابلة.
فقػػد قػػاؿ ى "غايػػة اؼبنتهػػى" ووػػرح -بعػػد أف ذكػػر قػػوؿ اإلمػػاـ أضبػػد ى صػػاح العقػػار والضػػيعة
الب تغل عيرة آالؼ أو أك ر وال تكفي " :إف لػ أف يأمتػذ مػن الزكػاة مػا يكفيػ " -قػاؿ" :وعليػ
فيعط ػػى ؿبػ ػ ؼ شب ػػن آل ػػة وإف ك ػػرت وت ػػاجر يعط ػػى رأس م ػػاؿ يكفيػ ػ .ويعط ػػى غكنب ػػا م ػػن فق ػػك
ومسكني سباـ كفايتهبا مع كفاية عا لتهبا سنة لتكرر الزكاة بتكػرر اغبػوؿ فيعطػى مػا يكفيػ إَ
م ل ػ " (مطال ػ أوَ النه ػػى .)436/2 :وه ػػو قري ػ فب ػػا امت تػ ػ وإف ٍ يص ػػرح بكفاي ػػة العب ػػر
ولكن مفهوـ من إعطاء شبن اآللة ورأس اؼباؿ.
ومػػن هنػػا يتبػػني لنػػا أف اؽبػػدؼ مػػن الزكػػاة لػػيس إعطػػاء الفقػػك درنبًػػا أو درنبػػني وإمبػػا اؽبػػدؼ ربقيػػق
مستوى ال ق للبعيية ال ق بػ بوصػف إنسػانًا كرمػ اهلل واسػتصلف ى األرض ..وال ػق بػ بوصػف
مسلبا ينتس إَ دين العدؿ واإلحساف وينتب إَ متك أمة أمترجز للناس. ً
وأدّ م ػػا يتحق ػػق بػ ػ ه ػػذا اؼبس ػػتوى أف يتهي ػػأ لػ ػ ولعا لتػ ػ طع ػػاـ ووػ ػراب مبل ػػم وكس ػػوة للي ػػتاء
وللصيه ومسكن يليق حبال .وهذا ما ذكػرخ ابػن حػزـ ى "احمللػى" كبػا سػيأن مفصػبلً ى البػاب
ال امن وذكرخ النووي ى "اةبوع" وو "الروشة" وذكرخ ك كوف من العلباء.
قػػاؿ النػػووي ى ربديػػد الكفايػػة الػػب تعبػػل الزكػػاة علػػى ربقيقهػػا بػػل إسبامهػػا لػػذوى اغباجػػة" :قػػاؿ
أصػػحابنا :اؼبعتػ ..اؼبطعػػم واؼبلػػبس واؼبسػػكن وسػػا ر مػػا ال بػػد لػ منػ علػػى مػػا يليػػق حبالػ بغػػك
إس ػ ػراؼ وال إقتػ ػػار ل ػػنفس اليػ ػػصل وؼبػ ػػن هػ ػػو ى نفقت ػ ػ " (اةبػ ػػوع 494/6 :وانظػ ػػر الروشػ ػػة:
.)344/2
وفبا البد للبرء من ى عصرنا :أف يتعلم أوالدخ من أحكاـ دينهم وثقافة عصرهم ما يزيل عػنهم
ظلبات اعبهل وييسر ؽبم سبيل اغبياة الكريبة ويعينهم على أداء واجباهتم الدينية والدنيوية.
وقػد مػر بنػا ى حبػػث اغباجػات األصػلية للفػػرد اؼبسػلم أف منهػا :دفػع اعبهػػل عنػ ؛ ف نػ مػػوت أدل
وهبلؾ معنوي.
وفبػا البػد للبػرء منػ ى عصػرنا أف ييسػر لػ سػبيل العػبلج إذا مػرض هػو أو أحػد أفػراد عا لتػ وال
ي ؾ للبرض يف س ويفت ب فهذا قتل للنفس وإلقاء باليػد إَ التهلكػة .وو اغبػديث( :تػداووا
يػا عبػاد اهلل فػ ف اهلل ٍ يضػع داء إال وشػع لػ دواء) (رواخ أضبػد وأصػحاب السػنن وابػن حبػاف ى
صحيح واغباكم وإسنادخ صحي كبا قاؿ اؼبناوي ى التيسك).
وقاؿ تعػاَ( :وال تلقػوا بأيػديكم إَ التهلكػة) (البقػرة( )495 :وال تقتلػوا أنفسػكم إف اهلل كػاف
رحيبا) (النساء.)29 : بكم ً
وو الصػػحي ( :اؼبسػػلم أمتػػو اؼبسػػلم ال يظلبػ وال يسػػلب ) وإذا تػػرؾ اؼبسػػلم أمتػػاخ أو تػػرؾ اةتبػػع
فردا من فريسة للبرض دوف أف يعاعب فقد أسلب ومتذل ببل و . اؼبسلم ً
ػارما
والذي ينبغ االلتفات إلي أف مسػتوى اؼبعييػة لليػصل ال يبكػن ربديػدخ ربدي ًػدا جام ًػدا ص ً
ألن ىبتله بامتتبلؼ العصور والبيئات وبامتتبلؼ ثروة كل أمة ومقدار دمتلها القوم .
ورب و ػ ء يكػػوف كباليًػػا ى عصػػر أو بيئػػة يصػػب حاجيًػػا أو شػػروريًا ى عصػػر آمتػػر أو بيئػػة
أمترى.
معونة دا بة منتظبة:
إذا عرفنا هدؼ اإلسبلـ من الزكاة -بالنظر للفقك واؼبسكني الذي ال وبسػن حرفػة وال يقػدر علػى
عبل -وهو كفالة مستوى معيي مبل م لػ ولعا لتػ وأنػ يعطػى سبػاـ كفايتػ ؼبػدة سػنة كاملػة ال
ليهر أو وهرين ..فلنضه إَ ذلػ أف الزكػاة بالنسػبة ؽبػذا الصػنه مػن اؼبسػتحقني معونػة دا بػة
منتظبػػة حػػك يػػزوؿ الفقػػر بػػالغ ويػػزوؿ الع ػػز بالقػػدرة أو تػػزوؿ البطالػػة بالكس ػ وهكػػذا..
ولنتأمل ى هذخ القصة الواقعية الب حكاها لنا أبو عبيد بسندخ .قاؿ:
(بينػػا عبػػر نصػػه النهػػار قا ػػل ى ظػػل وػ رة وإذا أعرابيػػة فتوظبػػز النػػاس ف اءتػ فقالػػز :إْ
امرأة مسكينة وَ بنوف .وإف أمك اؼبػؤمنني عبػر بػن اػبطػاب كػاف بعػث ؿببػد بػن مسػلبة سػاعيًا
وموزعا للصدقة -فلم يعطنا .فلعل -يرضب اهلل -أف تيفع لنا إلي !!. -تع جابيًا ً
قاؿ :فصاح بكفأ (متادم ) أف ادع ُ ؿببد بن مسلبة.
فقالز :إن أقب غباجب أف تقوـ مع إلي .
فقاؿ :إن سيفعل إف واء اهلل.
ف اءخ يرفأ فقاؿ :أج ..ف ػاء فقػاؿ :السػبلـ علػيكم يػا أمػك اؼبػؤمنني ..فاسػتحيز اؼبػرأة .فقػاؿ
عبػػر :واهلل مػػا آلػػو أف أمتتػػار متيػػاركم .كيػػه أنػػز قا ػػل إذا سػػأل اهلل -عػػز وجػػل -عػػن هػػذخ؟!
فػػدمعز عينػػا ؿببػػد ..ه قػػاؿ عبػػر :إف اهلل بعػػث إلينػػا نبي ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -فصػػدقناخ
واتبعناخ .فعبل دبا أمرخ اهلل ب ف عل الصدقة ألهلها من اؼبساكني حػك قبضػ اهلل علػى ذلػ .ه
اسػػتصله اهلل أبػػا بكػػر فعبػػل بسػػنت حػػك قبضػ اهلل .ه اسػػتصلف فلػػم آؿ أف أمتتػػار متيػػاركم إف
بع تػ فػأد إليهػا صػدقة العػاـ وعػاـ أوؿ ..ومػا أدرى لعلػى ال أبع ػ .ه دعػا ؽبػا جببػل فأعطاهػا
دقي ًقػػا وزيتًػػا وقػػاؿ :متػػذي هػػذا حػػك تلحقينػػا خبي ػ ف نػػا نريػػدها فأتت ػ خبي ػ فػػدعا ؽبػػا جببلػػني
آمتػرين وقػػاؿ :متػػذي هػػذا فػ ف في ػ ببل ًغػػا حػػك يػػأتيكم ؿببػػد بػػن مسػػلبة فقػػد أمرت ػ أف يعطي ػ
حق للعاـ وعاـ أوؿ) (األمواؿ ص .)599
عبلـ تدؿ هذخ القصة بأحداثها وحوارها؟.
إما تدؿ على مبادئ ومعاف ك كة وسامية ح ًقا.
تدؿ على مدى وعور اغباكم اؼبسلم دبسئوليت عن كل فرد يعيو ى ظل حكم اإلسبلـ.
وتدؿ على مدى وعور األفراد أنفسهم حبقهم ى عيية ال قة هتيئها ؽبم الدولة اؼبسلبة.
وتدؿ على أف الزكاة كانز الدعامة األوَ لبناء التكافل اؼبعيي ى اةتبع اؼبسلم.
وتػػدؿ علػػى أمػػا كانػػز معونػػة منتظبػػة مسػػتبرة إذا ٍ تصػػل لصػػاحبها ف ػ ف مػػن حق ػ أف يػػتظلم
وييكو.
وتػدؿ علػػى أف السياسػػة العبريػة الراوػػدة هػ إعطػػاء مػا يكفػػى ويغػ فقػد أعطػػى اؼبػرأة أوالً صبػبلً
ؿببػبلً بالػدقيق والزيػز ه أغبقػ جببلػني آمتػرين وجعػل هػذا كلػ عطػاء مؤقتًػا حػك يعطيهػا ؿببػد
بن مسلبة حقها عن العامني :اؼباش واغباشر.
متبعػا
ػدعا بػل كػاف ً وتدؿ -بعد ذل كل -على أف عبػر -رشػى اهلل عنػ ٍ -يكػن ى ذلػ مبت ً
لسنة رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -وػبليفت أىب بكر رشى اهلل عن .
الفصل ال اْ
العاملوف عليها
أو اعبهاز اإلداري واؼباُ للزكاة
فهرس
سبهيد
اؼبصرؼ ال الػث مػن مصػارؼ الزكػاة -بعػد الفقػراء واؼبسػاكني -هػم "العػاملوف عليهػا" ويقصػد هبػم
ك ػػل ال ػػذين يعبل ػػوف ى اعبه ػػاز اإلداري لي ػػئوف الزك ػػاة م ػػن جب ػػاة وبص ػػلوما وم ػػن متزن ػػة وحػ ػراس
وبفظومػػا ومػػن كتبػػة وحاسػػبني يضػػبطوف واردهػػا ومصػػروفها ومػػن مػػوزعني يفرقومػػا علػػى أهلهػػا...
كل هػؤالء جعػل اهلل أجػورهم ى مػاؿ الزكػاة لػئبل يؤمتػذ مػن أربػاب األمػواؿ سػواها وللتنبيػ علػى
أف تكوف للزكاة حصيلة قا بة بذاهتا ينفق منها على القا بني بأمرها.
واهتباـ القرآف هبذا الصنه ونص علي وجعل شبن األصناؼ ال بانية اؼبسػتحقني وجعػل ترتيبػ
بعػػد الفق ػراء واؼبسػػاكني وهػػم أوؿ اؼبصػػارؼ وأوالهػػا بالزكػػاة ...هػػذا كل ػ دليػػل علػػى أف الزكػػاة ى
اإلسبلـ ليسز وظيفة موكولة إَ الفرد وحدخ وإمبا ه وظيفة من وظا ه الدولة تيػرؼ عليهػا
وتدبر أمرها وتعني ؽبا من يعبل عليها من جاب ومتازف وكات وحاس ..إٌ وأف ؽبا حصػيلة
أو ميزانيػة متاصػػة يعطػػى منهػا رواتػ الػػذين يعبلػػوف فيهػا (انظػػر فصػػل "عبلقػة الدولػػة بالزكػػاة" مػػن
الباب القادـ).
واج اغبكومة إرساؿ اعبباة
ومن هنا نل الفقهاء :أن هب على اإلماـ أف يبعث السػعاة ألمتػذ الزكػاة ألف النػ -صػلى اهلل
علي ػ وسػػلم -واػبلفػػاء مػػن بعػػدخ كػػانوا يبع ػػوف السػػعاة وهػػذا أمػػر ميػػهور مسػػتفيض .ومػػن ذل ػ
حديث أىب هريرة ى الصحيحني أف رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسػلم( -بعػث عبػر بػن اػبطػاب
-رشػػى اهلل عن ػ -علػػى الصػػدقة) .وفيهبػػا ع ػػن سػػهل ب ػػن سػػعد :أن ػ -علي ػ الص ػػبلة والس ػػبلـ-
"استعبل ابن اللتبيػة علػى الصػدقات" واألحاديػث ى هػذا البػاب ك ػكة .وألف ى النػاس مػن يبلػ
اؼبػػاؿ وال يعػػرؼ مػػا هب ػ علي ػ ومػػنهم مػػن يعػػرؼ ويبصػػل فوج ػ أف يبعػػث مػػن يأمتػػذ (اةبػػوع
للنووي.)467/6 :
ويبعث اإلماـ أو نا ب عباؿ الزكاة للزروع وال بار -وهى ما ال يتعلق باغبوؿ -وقز وجوهبا وهو
إدراكهػػا حبيػػث يصػػلهم وقػػز اعبػػذاذ واغبصػػاد .وأمػػا اؼبواوػ وغكهػػا مػػن األمػواؿ الػػب يعتػ فيهػػا
ػهرا يػػأتيهم فيػ ويسػػتح أف يكػػوف ذلػ اليػػهر هػػو احملػػرـ اغبػػوؿ فينبغػ للسػػاع أف يعػػني وػ ً
صي ًفا كاف أو وتاء ألن أوؿ السنة اليرعية (اؼبصدر نفس ص .)476
وه ػػؤالء الع ػػاملوف عليه ػػا ؽب ػػم وظ ػػا ه و ػػك وأعب ػػاؿ متي ػػعبة كله ػػا متص ػػل بتنظ ػػيم أم ػػر الزك ػػاة
ب حصاء من ذب علي وفػيم ذبػ ومقػدار مػا هبػ ومعرفػة مػن ذبػ لػ وكػم عػددهم ومبلػغ
حػػاجتهم وقػػدر كفػػايتهم ...إَ غػػك ذل ػ مػػن اليػػئوف الػػب ربتػػاج إَ جهػػاز كامػػل مػػن اػب ػ اء
وأهل االمتتصاص ومن يعاومم.
إدارتاف للزكاة
ويبكػػن تقسػػيم هػػذا اعبهػػاز ى عص ػرنا اغباشػػر إَ إدارتػػني ر يسػػيتني تتبػػع كػػل إدارة منهبػػا فػػروع
وأقساـ:
األوَ :إدارة ربصيل الزكاة.
ال انية :إدارة توزيع الزكاة.
-4إدارة ربصيل الزكاة وامتتصاصاهتا:
أمػػا عبػػل القػػا بني علػػى التحصػػيل فهػػو عبػػل "شػرا " ومهبػػتهم تيػػب مػػا يسػػبى عنػػدنا "مػػأمور
الضػرا " .فبػػن وظيفػػتهم إحصػػاء اؼببػولني (مػػن ذبػ علػػيهم الزكػػاة) وأنػواع أمػواؽبم ومقػػادير مػػا
هبػ علػػيهم فيهػػا ورصػػد ذل ػ وصبع ػ مػػن أهل ػ والقيػػاـ علػػى حفظػ بعػػد صبعػ حػػك تتسػػلب
إدارة صرؼ الزكاة وتوزيعها .واؼبفروض أف يكوف ؽبا فروع ى ـبتله اؼبراكز واؼبناطق.
بيػػد أف امتتصػػاص هػػذخ اإلدارة أوسػػع ؾبػػاالً مػػن إدارات الض ػرا اغبدي ػػة فيبػػا أعلػػم .ف ػ دارات
الض ػرا -كبػػا وػػهدناها -تعبػػل ى ؾبػػاؿ النقػػود وحػػدها -مػػن ذه ػ وفضػػة -أمػػا إدارة صبػػع
اعا أمترى من األمواؿ م ل :اغببوب وال بار واؼباوية واؼبعدف (ويبكن أمتذ القيبػة الزكاة فتيبل أنو ً
ى هذا كل كبا هو مذه أىب حنيفة ومن وافق ..كبا سنفصل ذل ى الباب القادـ).
ويبكن أف ينيأ لكل نوع من هذخ األمواؿ قسم ىبتل ب ويقوـ بكافة وئون :
( أ ) قسم للركاز واؼبعادف وهو ما هب في اػببس .%26
(ب) وقسم للحبوب وال بار وهو ما هب في العير أو نصف %46أو .%5
(جػ) وقسم للباوية من إبل وبقر وغنم وؽبا حساب متاص هبا.
(د) وقسم للنقود وأمواؿ الت ارة وهو ما هب في ربع العير .%2.5
-2إدارة توزيع الزكاة وامتتصاصاهتا:
وعبػل هػذخ اإلدارة أقػػرب مػا يكػػوف إَ هيئػات "الضػػباف االجتبػاع " ى عصػرنا وعليهػا امتتيػػار
أفضػػل الطػػرؽ ؼبعرفػػة اؼبسػػتحقني للزكػػاة وحصػػرهم والتأكػػد مػػن اسػػتحقاقهم ومقػػدار حػػاجتهم
ومبلغ ما يكفيهم ووشع األسس السليبة لذل وف ًقا للعدد والظروؼ االجتباعية.
قػػاؿ اإلمػػاـ النػػووي :ينبغػ لئلمػػاـ والسػػاع وكػػل مػػن يفػػوض إليػ أمػػر تفريػػق الصػػدقات أف يعتػ
بضب اؼبستحقني ومعرفة أعدادهم وأقػدار حاجػاهتم حبيػث يقػع الفػراغ مػن صبػع الصػدقات بعػد
معرفتهم أو معها ليتع ل حقوقهم وليأمن هبلؾ اؼباؿ عندخ (انظر الروشة.)337/2 :
وهذا دليل على اهتباـ علبا نا -رضبهم اهلل -بتنظيم صرؼ الزكاة والعناية القصػوى دبسػتحقيها.
حك يصل إليهم حقهم ى أقرب وقز بدوف أف يطالبوا هم ب .
أيضػػا ى كػػل منطقػػة .ويبكػػن أف تنقسػػم هػػذخ اإلدارة إَ عػػدة
وهبػ أف يكػػوف ؽبػػذخ اإلدارة فػػروع ً
أقساـ:
( أ ) قسم للفقراء بسب الع ز عن العبل وييبل اليػيوخ اؽبػرمني واألرامػل واليتػامى واؼبصػابني
ى أثناء العبل والع زة من اؼبرشى والزم واؼبكفوفني وذوى العاهات وذوى الضعه العقل من
اةانني البلهاء وكبوهم على ورط أف يتحقق لديهم عدـ غناهم دباؿ موروث أو غكخ من اؼبوارد.
(ب) وقسم لذوى الدمتل القاصر عن كفايتهم وهم الذين يكتسبوف ولكن كسبهم ال يكفػيهم
لقلة األجر أو ك ػرة العيػاؿ أو ارتفػاع األسػعار أو غػك ذلػ مػن األسػباب .وهػم الػذين يسػبيهم
بعض الفقهاء "اؼبساكني".
(جػ ػ) وقسػػم الغػػارمني وييػػبل أصػػحاب الك ػوارث ومػػن اسػػتدانوا ألنفسػػهم ى غػػك ؿبػػرـ .كب ػا
ييبل :الغارمني إلصبلح ذات البني وما يقاس علي من ألواف ال واػبدمة االجتباعية.
( د ) وقسػػم إلعانػػة اؼبهػػاجرين واؼبيػػردين والبلجئ ػػني السياسػػيني الػػذين فػػروا مػػن ديػػار الكفػػر أو
أيضا الطػبلب اؼببعػوثني إَ بػبلد أمتػرى ى متدمػة اإلسػبلـ وهػو مصػرؼ "ابػن السػبيل" الطغياف و ً
كبا سيأن.
(هػ) وقسم ؽبيئات نير اإلسبلـ ى ببلد الكفر والدعوة إلي وإبػبلغ رسػالت إَ العػاٍ واسػتعادة
حكب ػ ى أرش ػ وربريػػر بػػبلد اإلسػػبلـ مػػن سػػلطاف الكفػػار وأحكػػاـ الكفػػر وهػػو مصػػرؼ "ى
سبيل اهلل" كبا سنفصل ذل ى موشع .
وربديػػد مػػا ينفػػق علػػى كػػل قسػػم مػػن هػػذخ األقسػػاـ ونصػػيب مػػن ميزانيػػة الزكػػاة ىبضػػع الجتهػػاد أوَ
وتبعػا ؼبػا سبليػ مصػلحة اإلقلػيم الػذي
األمر وتقدير أهػل اليػورى وف ًقػا لدراسػة إحصػا ية وػاملة ً
ذببػػع منػ الزكػػاة مػػع رعايػػة مصػػلحة اإلسػػبلـ باعتبػػارخ دعػػوة عاؼبيػػة ومصػػلحة اؼبسػػلبني بوصػػفهم
أمة متبيزة بني أمم األرض .وسنفصل ذل ى الفصل ال امن.
العامل موظه فالواج أف يعطى ما يكافئ وظيفت من أجر دوف وكػس وال وػط .وقػد روى
عػػن اليػػافع :أف العػػاملني عليهػػا يعطػػوف م ػػن الزكػػاة ى حػػدود ال ػ بن وه ػػو مب ػ علػػى رأي ػ ى
التسوية بني األصناؼ ال بانية ف ف كاف أجرهم أك ر من ال بن أعطوا من غك الزكاة.
ويرى اعببهور أمم يعطوف من الزكاة -كبا نػل القػرآف -كػل مػا يسػتحقون وإف كػاف أك ػر مػن
ال بن وهو رواية عن اليافع .على أف رأى اليػافع هنػا رأى وجيػ ؼبػا فيػ مػن رعايػة مصػلحة
الفقراء واؼبستحقني وهػو يتفػق مػع االذبػاخ اغبػديث ى الضػرا الػذي ينػادى بوجػوب االقتصػاد
ى نفقػػات اعببايػػة .ويعطػػى العامػػل ولػػو كػػاف غنيًػػا ألنػ إمبػػا يأمتػػذ أجػًػرا علػػى عبػػل أداخ ال معونػػة
غباجػة أصػابت .وقػػد روى أبػو داود عػػن النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -أنػ قػػاؿ( :ال ربػل الصػػدقة
لغ إال ػببسة :لغاز ى سبيل اهلل أو لعامل عليها أو لغارـ أو لرجل اوػ اها دبالػ أو لرجػل
كاف ل جار مسكني فتصدؽ علػى اؼبسػكني فأهػداها اؼبسػكني للغػ ) (قػاؿ النػووي ى اةبػوع:
هػػذا اغبػػديث حسػػن أو صػػحي رواخ أبػػو داود مػػن طػػريقني أحػػدنبا عػػن عطػػاء بػػن يسػػار عػػن أىب
سػػعيد اػبػػدري عػػن الن ػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -وال ػػاْ عػػن عطػػاء عػػن النػ -صػػلى اهلل عليػ
وسػلم -مرسػبلً وإسػنادخ جيػد ى الطػريقني .وقػاؿ اؼبنػذري (ى ـبتصػر السػنن )235/2 :وأمترجػ
ػندا .وقػػاؿ أبػػو عبػػر النحػػوي :وقػػد وصػػل هػػذا اغبػػديث صباعػػة مػػن روايػػة زيػػد بػػن
ابػػن ماج ػ مسػ ً
أسلم).
إذا كاف العامل على الزكاة موظ ًفا أمينًا من قبل الدولة فعلي أف هببعهػا مػن حيػث أمػر ويضػعها
ػكا.
حيث أمر وال هبوز لػ أف يسػتغل وػيئًا مػن مػاؿ الزكػاة لنفسػ أو يكػتم فبػا صبعػ قلػيبلً أو ك ً
فهػػذا مػػاؿ عػػاـ ال هبػػوز الطبػػع في ػ واألمتػػذ من ػ بغػػك حػػق .وقػػد جػػاءت ى ذل ػ أحاديػػث تطػػك
القلوب من هوؿ وعيدها وتنذر كل طامع فيبا ليس من حق بالعذاب اليديد.
عن عدى بن عبكة قاؿ :ظبعز رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -يقوؿ( :من استعبلناخ منكم
على عبل فكتبنا ـبيطًا (إبرة متي ) فبا فوق كاف غلوالً (متيانة) يأن ب يوـ القيامة) (إوػارة إَ
قول تعاَ( :ومن يغلل يأت دبا غػل يػوـ القيامػة) (آؿ عبػراف .)464 :فقػاـ إليػ رجػل أسػود مػن
األنصػػار كػػأْ أنظػػر إليػ فقػػاؿ :يػػا رسػػوؿ اهلل اقبػػل عػ عبلػ .قػػاؿ( :ومالػ )؟ قػػاؿ :ظبعتػ
تقوؿ كذا وكذا .قاؿ( :وأنا أقوؿ اآلف :من استعبلناخ منكم على عبل فلي ء بقليل وك ػكخ فبػا
أوتى من أمتذ وما مى عن انتهى)( .رواخ مسلم وأبو داود وغكنبا).
مارا بالبقيع (وفي اؼبقابر) فقاؿ :أفًا ل
وعن أىب رافع أن كاف مع الن -صلى اهلل علي وسلمً -
أفًػػا ل ػ .قػػاؿ أبػػو رافػػع :فك ػ ذل ػ ى ذرع ػ فاسػػتأمترت وظننػػز أن ػ يريػػدْ .قػػاؿ :مال ػ ؟
امو .فقلز :أأحدثز حدثًا؟ قاؿ :وما لػ ؟ قلػز :أففػز ل (قلػز :أفًػا لػ ) قػاؿ :ال .ولكػن
هذا فبلف بع ت ساعيًا على ب فبلف فغل مبرة (كسػاء مػن صػوؼ ـبطػ ) فػدرع علػى م لهػا مػن
النار)( .رواخ النسا وابن متزيبة ى صحيح ).
وعن عبادة بن الصامز :أف رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -بع على الصػدقة فقػاؿ( :يػا أبػا
الوليػػد اتػػق اهلل ..ال تػػأتى يػػوـ القيامػػة ببعػػك رببلػ لػ رغػػاء أو بقػػرة ؽبػػا متػوار أو وػػاة ؽبػػا ثغػػاء)
(الرغاء :صوت البعك واػبوار :صوت البقر .وال غاء :صوت الغنم) قاؿ :يا رسوؿ اهلل إف ذل
لكػذل ؟ قػاؿ" :إي والػذي نفسػ بيػدخ" .قػاؿ :فػػو الػذي بع ػ بػاغبق ال أعبػػل لػ علػى وػ ء
أبدا( .رواخ الط اْ ى الكبك وإسنادخ صحي ). ً
وإمبا أعلن ذل عبػادة -وهػو مػن هػو ى اؼبسػلبني -طلبًػا لسػبلمة دينػ وبع ًػدا عػن مظنػة اػبطػر
ومتيية من ورر الوعيد أف يتطاير إلي وهو ال ييعر.
كبػا ال هبػػوز للبوظػػه العامػػل علػػى الزكػػاة أف يكػػتم منهػػا وػػيئًا -ولػػو كػػاف إبػػرة متػػي تافهػػة -فػػبل
هبػػوز ل ػ أف يقبػػل لنفس ػ مػػن أربػػاب األم ػواؿ عطػػاء يعطون ػ إيػػاخ ف ن ػ روػػوة ولػػو أمتػػذخ باس ػػم
"اؽبديػة" إنػ يأمتػذ أجرتػ وكفايتػ مػن الدولػة فػبل وبػل لػ أف يزيػد عليهػا وػيئًا مػن دافعػ الزكػاة
ف ن ػ أك ػػل ألمػ ػواؿ الن ػػاس بالباط ػػل وه ػػو ذريع ػػة إَ الته ػػاوف م ػػع األغني ػػاء عل ػػى حس ػػاب الفقػ ػراء
واؼبستحقني .وأقل ما في أف يعرض األمتذ للتهبة .ومن وشع نفس مواشع الػتهم فػبل يلػومن مػن
أساء ب الظن.
عن أىب ضبيد الساعدي قاؿ :استعبل الن -صلى اهلل علي وسلم -رجبلً من األزد يقاؿ ل "ابن
اللتيبة" على الصدقة فلبا قدـ قاؿ :هذا لكم .وهذا أهدى إَ .قاؿ :فقاـ رسوؿ اهلل -صلى اهلل
علي وسلم -فحبد اهلل وأث علي .ه قاؿ( :أما بعد ف ْ أستعبل الرجل منكم علػى العبػل فبػا
والْ اهلل .فيأن فيقوؿ :هذا لكم وهذا هدية أهديز للنووي .أفبل جلس ى بيز أبيػ وأمػ حػك
تأتي ػ هديت ػ إف كػػاف صػػادقًا؟! واهلل ال يأمتػػذ أحػػد مػػنكم وػػيئًا بغػػك حق ػ إال لق ػ اهلل وببل ػ يػػوـ
ػكا ل ػ رغػػاء أو بقػػرة ؽبػػا مت ػوار أو وػػاة تيعػػر
القيامػػة .فػػبل أعػػرفن أحػ ًػدا مػػنكم لق ػ اهلل وببػػل بعػ ً
(تصػػي ) ه رفػػع يديػ حػػك ر ػ بيػػاض إبطيػ يقػػوؿ :اللهػػم هػػل بلغػػز)؟ (رواخ البصػػاري ومسػػلم
وأبو داود) (ال غي وال هي للبنذري -277/4 :طبع اؼبنكية).
كاف -صلى اهلل علي وسلم -يوصى اعبباة واؼبصدقني بالرفق واالعتػداؿ وكػاف ىبتػارهم مػن متػكة
أصػحاب وو زكػػاة الػػزروع وال بػػار كػاف يبعػػث مػػن أصػػحاب مػػن ىبػرص ال بػػار علػػى أهلهػػا .ومعػ
ػديرا تقريبيًػػا .وفا ػػدة اػبػػرص -كبػػا قػػاؿ ابػػن عبػػد الػ -أمػػن اػبيانػػة مػػن رب
مترصػػها :تقػػديرها تقػ ً
اؼبػػاؿ -ولػػذل هب ػ علي ػ البينػػة ى دعػػوى الػػنقل بعػػد اػبػػرص -وشػػب حػػق الفق ػراء ومطالبػػة
اؼبصدؽ بقدر ما مترص ...إٌ.
وقد ذكرنا ى مترص ال بار :أف رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -وَ على مترص ال بار عباالً
وقاؿ ؽبم( :متففوا اػبرص ف ف ى اؼباؿ الوصية والعرية والواطئة والنا بة).
فالوصية :ما يوصى هبا أرباهبا بعد الوفاة .والعرية :ما يعرى للصبلت ى اغبياة .والواطئة :ما تأكل
السابلة من ..ظبوا واطئة لوطئهم األرض .والنا بة :ما ينوب ال بار مػن اعبػوا .وهػذا تنبيػ بصػك
من الن -صلى اهلل علي وسلم -لل باة أف يراعوا جان الرفق باؼببولني وأف يذكروا أف ى اؼباؿ
مطال أمتر ال يسع اإلنساف أف يغفلها مطال يفرشها اإلنساف علػى نفسػ كالوصػية والعريػة.
أو تفرشها علي طبيعة اغبياة كالواطئة والنا بة.
ومػػن اعبوان ػ الروحيػػة الػػب سبيػػزت هبػػا فريضػػة الزكػػاة عػػن الض ػرا واؼبكػػوس األمتػػرى :أف اؼببػػوؿ
يدفعها عن طي نفس سا بل اهلل أف يتقبلها منػ وأف اعبػال الػذي يأمتػذها منػ مػأمور أف يػدعو
لػ بػػنل كتػػاب اهلل الػػذي يقػػوؿ( :متػػذ مػػن أمػواؽبم صػػدقة تطهػػرهم وتػػزكيهم هبػػا وصػػل علػػيهم إف
صبلت سكن ؽبم) (التوبة.)463 :
عن عبد اهلل بن أىب أوو :أف أباخ جاء إَ رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -بصدقة مال فقػاؿ:
(اللهم صل على آؿ أىب أوو) (رواخ أضبد والييصاف).
ذكر ابن رود أف الفقهاء الذين أجازوا الزكاة للعامػل عليهػا وإف كػاف غنيًػا .أجازوهػا للقضػاة ومػن
ى معناهم فبن اؼبنفعة هبم عامة للبسلبني (بداية اةتهد -276/4 :طبع اغبل ).
وو كتاب "النيل" وورح ى فق اإلباشية :أف الزكاة تعطى لعامػل عليهػا ومػن كػاف دبعنػاخ كقػاض
قياسػا علػى العامػل فيعطػوف بقػدر عنػا هم ووػغلهم
وواؿ ومفز وكبوهم فبن اوتغل بػأمر النػاس ً
ومنفعػػتهم ى اإلسػػبلـ وإف كػػانوا أغنيػػاء ألمػػم مكفوفػػوف بػػأمر اؼبسػػلبني عػػن السػػع ألنفسػػهم
(النيل وورح .)434/2 :
لكن عامة الفقهاء يروف إعطاء هؤالء من موارد الدولة األمترى من الفػ ء واػبػراج وكبونبػا ال مػن
الزك ػػاة إال م ػػن توس ػػع ى مص ػػرؼ "س ػػبيل اهلل" ورآخ يي ػػبل ك ػػل قرب ػػة أو مص ػػلحة كب ػػا س ػػيأن ى
الفصل السادس.
الفصل ال الث
اؼبؤلفة قلوهبم
وهػػم الػػذين ي ػراد تػػأليه قلػػوهبم باالسػػتبالة إَ اإلسػػبلـ أو الت بيػػز علي ػ .أو يكػػه وػػرهم عػػن
اؼبسلبني أو رجاء نفعهم ى الدفاع عنهم أو نصرهم على عدو ؽبم أو كبو ذل .
فهرس
أيضا يدلنا بوشوح على ما أكدناخ ى غك موشع مػن أف الزكػاة ى اإلسػبلـ ليسػز وهذا اؼبصرؼ ً
إحسانًا وصصيًا .وال عبادة ؾبػردة موكولػة إَ األفػراد .فػ ف هػذا الصػنه مػن مصػارؼ الزكػاة لػيس
فبػا يوكػػل إَ األفػراد ى العػادة الغالبػػة .وإمبػػا هػػو مػن وػػأف ر ػػيس الدولػػة أو مػن ينيبػ عنػ أو أهػػل
اغبل والعقد ى األمة.
فهػػؤالء هػػم الػػذين يسػػتطيعوف إثبػػات اغباجػػة إَ تػػأليه القلػػوب أو نفيهػػا وربديػػد صػػفات مػػن
يؤلفوف ومدى ما يبذؿ ؽبم وفق مصلحة اإلسبلـ وحاجة اؼبسلبني.
ذه أضبد وأصحاب إَ أف حكم اؼبؤلفة باؽ ٍ يلحق نسمل وال تبديل وهبػذا قػاؿ الزهػري وأبػو
جعف ػػر الب ػػاقر (انظ ػػر تفس ػػك الطػ ػ ي 346 - 344/44 :واؼبغ ػ ػ .)666/2 :وه ػػو م ػػذه
أيضػػا (انظػػر البحػػر 486 479/2 :ووػػرح األزهػػار 543/4 :وفقػ اإلمػػاـ اعبعفريػػة والزيديػػة ً
جعفر.)96/2 :
نسصا ى ذل .
قاؿ يونس :سألز الزهري عنهم فقاؿ :ال أعلم ً
قاؿ أبو جعفر النحاس :فعلى هذا :اغبكم فيهم ثابز ف ف كاف أحد وبتاج إَ تألفػ وىبػاؼ أف
تلحق اؼبسلبني من آفة أو يرجى أف وبسن إسبلم بعد دفع إلي .
ونقػػل القػػرط عػػن القاش ػ عبػػد الوهػػاب مػػن اؼبالكيػػة قػػاؿ :إف احتػػي إلػػيهم ى بعػػض األوقػػات
أعطوا.
وقاؿ القاش ابن العرل :الذي عندي أن إف قوى اإلسبلـ زالوا وإف احتي ؽبم أعطوا سهبهم.
كبػػا كػػاف رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -يعطػػيهم ف ػ ف ى الصػػحي ( :بػػدأ اإلسػػبلـ غريبًػػا
وسيعود غريبًا كبا بدأ) أ هػ.
وو كتػػاب "النيػػل" ووػػرح ى فق ػ اإلباشػػية (اعبػػزء ال ػػاْ ص :)436 434هػػو عنػػدنا علػػى
سػػقوط مػػا داـ اإلمػػاـ قويًػػا وعػػنهم غنيًػػا ..وأجػػاز التػػأليه للحاجػػة لػػدفع وػػر عػػن اؼبسػػلبني أو
جل نفع ؽبم.
وروى الط ي عن اغبسن قاؿ :ليس اليوـ مؤلفة (تفسك الط ي.)345/44 :
وعػن عػامر اليػع قػاؿ :إمبػا كانػز اؼبؤلفػة قلػوهبم علػى عهػد النػ -صػلى اهلل عليػ وسػلم -فلبػا
وَ أبو بكر -رضبة اهلل علي -انقطعز الروا (تفسك الط ي.)245/44 :
وذكر النووي عن اليافع :أف الكفار إف جاز تأليفهم ف مبا يعطػوف مػن سػهم اؼبصػاً مػن الفػ ء
وكبوخ وال يعطوف من الزكاة؛ ألف الزكاة ال حق فيها للكفار عندخ.
وأما اؼبسلبوف من اؼبؤلفة فعن قوالف ى إعطا هم بعد الن -صلى اهلل علي وسلم:-
األوؿ :ال يعطوف ألف اهلل أعز اإلسبلـ فأغ عن التأله باؼباؿ.
وال اْ :يعطوف ألف اؼبع الذي أعطوا ب قد يوجد بعد الن -صلى اهلل علي وسلم .-وإذا قلنػا
يعطوف ..فبن أين؟.
أيضا :قيل :من الصدقات لآلية .وقيل :من سهم اؼبصػاً مػن الفػ ء وغػكخ ألف الصػرؼ قوالف ً
إل ػػيهم م ػػن مص ػػلحة اؼبس ػػلبني (انظ ػػر ى ذلػ ػ اؼبه ػػذب وو ػػرح للن ػػووي (اةب ػػوع)- 497/6 :
.)498
واؼبذكور ى مذه اؼبالكية قوالف :قوؿ بانقطاع سهم اؼبؤلفة بعز اإلسبلـ وظهػورخ وقػوؿ ببقا ػ .
وق ػػد ذكرن ػػا رأى القاش ػػيني عب ػػد الوه ػػاب واب ػػن الع ػػرل (تفس ػػك الق ػػرط -اؼبرج ػػع الس ػػابق وذك ػػر
اػبطال ى معاٍ السنن ( :)234/2أف سهبهم ثابز هب أف يعطوخ وكذا ذكػر ابػن قدامػ ى
اؼبغ .)666/2 :
وو م ػ "متلي ػػل" :أف حكب ػ ب ػػاؽ أي ٍ ينس ػػمل ألف اؼبقص ػػود م ػػن دف ػػع الزك ػػاة إلي ػ ترغيب ػ ى
اإلسػػبلـ ال إعانتػ لنػػا حػػك يسػػق بنيػػر اإلسػػبلـ .وهػػذا اػبػػبلؼ ى اؼبػػذه مفػػرع -كبػػا قػػاؿ
الصاوي -على القػوؿ بػأف اؼبؤلػه كػافر يعطػى ترغيبًػا لػ ى اإلسػبلـ وهػو قػوؿ ابػن حبيػ .وأمػا
القوؿ اآلمتر -وهو البػن عرفػة -أف اؼبؤلػه مسػلم قريػ عهػد باإلسػبلـ يعطػى منهػا ليػتبكن مػن
اإلسبلـ فحكب باؽ اتفاقًا (انظر :حاوية الصاوي على بلغة السال .)233 - 232/4 :
وقاؿ صبهور اغبنفية :انتسمل سػهبهم وذهػ وٍ يعطػوا وػيئًا بعػد النػ -صػلى اهلل عليػ وسػلم-
وال يعطى اآلف ؼب ل حاؽبم.
قػػاؿ ى البػػدا ع" :وهػػو الصػػحي إلصبػػاع الصػػحابة علػػى ذل ػ ف ػ ف أبػػا بكػػر وعبػػر -رشػػى اهلل
عنهبػػا -مػػا أعطيػػا اؼبؤلفػػة قلػػوهبم وػػيئًا مػػن الصػػدقات وٍ ينكػػر أحػػد مػػن الصػػحابة -رشػػى اهلل
عػػنهم .-ف نػ روى أنػ ؼبػػا قػػبض رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -جػػاءوا أبػػا بكػػر وسػػألوخ :أف
يكت ؽبم متطًا (كتابة رظبية) بسهامهم .فأعطاهم ما سػألوخ ه جػاءوا إَ عبػر وأمتػ وخ بػذل
فأمتػػذ اػب ػ مػػن أيػػديهم ومزق ػ وقػػاؿ :إف رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -كػػاف يعطػػيكم
لي ػؤلفكم علػػى اإلسػػبلـ فأمػػا اليػػوـ فقػػد أعػػز اهلل دين ػ ف ػ ف ثبػػتم علػػى اإلسػػبلـ .وإال فلػػيس بيننػػا
وبيػنكم إال السػيه .فانصػرفوا إَ أىب بكػر فػأمت وخ دبػا صػنع عبػر رشػى اهلل عنهبػا وقػالوا :أنػػز
اػبليفة أـ عبر؟ قاؿ :هو إف واء .وٍ ينكر أبو بكػر قولػ وفعلػ وبلػغ ذلػ عامػة الصػحابة فلػم
إصباعا على ذل وألن ثبز باتفاؽ األمة أف الن -صلى اهلل علي وسلم- ً ينكروا فيكوف ذل
إمبػػا كػػاف يعطػػيهم ليت ػألفهم علػػى اإلسػػبلـ وؽبػػذا أظبػػاهم اهلل "اؼبؤلفػػة قلػػوهبم" واإلسػػبلـ يومئػػذ ى
شػػعه وأهل ػ ى قل ػػة وأولئ ػ ك ػػك ذوو ق ػػوة وع ػػدد والي ػػوـ حببػػد اهلل عػػز اإلس ػػبلـ وك ػػر أهل ػ
واوتدت دعا ب ورسمل بنيان وصار أهل اليرؾ أذالء .واغبكم مك ثبز معقػوالً دبعػ متػاص
ينته بذهاب ذل اؼبع " (بدا ع الصنا ع.)45/2 :
ومتبلصة ما ذكرخ صاح البدا ع يرجع إَ أمرين:
األوؿ :نسمل اغبكم وأف الذي نسص إصباع الصحابة.
ال ػػاْ :أف حكػػم التػػأليه ثبػػز ؼبع ػ معقػػوؿ وهػػو اغباجػػة إَ اؼبؤلفػػة وقػػد زالػػز هػػذخ اغباجػػة
بانتي ػػار اإلس ػػبلـ وغلبت ػ .فه ػػو م ػػن قبي ػػل انته ػػاء اغبك ػػم النته ػػاء علت ػ الغا ي ػػة ال ػػب ك ػػاف ألجله ػػا
اإلعطاء .ف ف اإلعطاء كاف إلعزاز الػدين وقػد أعػز اهلل اإلسػبلـ وأغػ عػنهم (رد احملتػار82/2 :
نقبلً عن البحر.
واغبق أف كبل األمرين غك صحي فالنسمل ٍ يقع واغباجة إَ تأليه القلوب ٍ تنقطع.
قوما من الزكاة كانوا يتألفوف أما دعوى النسمل بفعل عبر فليس في أدّ دليل .ف ف عبر إمبا حرـ ً
ى عهػػد الرسػػوؿ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -ورأى أنػ ٍ يعػػد هنػػاؾ حاجػػة لتػػأليفهم وقػػد أعػػز اهلل
وشعا ثابتًا دا ًبػا.
اإلسبلـ وأغ عنهم وٍ هباوز الفاروؽ الصواب فيبا صنع .ف ف التأليه ليس ً
وال كل من كاف مؤل ًفا ى عصر يظل مؤل ًفا ى غكخ مػن العصػور وإف ربديػد اغباجػة إَ التػأليه
وربديػػد أوػػصاص اؼب ػؤلفني أمػػر يرجػػع إَ أوَ األمػػر وتقػػديرهم ؼبػػا في ػ متػػك اإلسػػبلـ ومصػػلحة
اؼبسلبني.
ولقد قرر علباء األصوؿ :أف تعليق اغبكم بوصه ميتق يؤذف بعلية ما كاف من االوتقاؽ وهنا
علػػق صػػرؼ الصػػدقة باؼبؤلفػػة قلػػوهبم فػػدؿ علػػى أف تػػأليه القلػػوب هػػو علػػة صػػرؼ الصػػدقات
إليهم ف ذا وجدت هذخ العلة -وهى تأليه قلوهبم -أعطوا وإف ٍ توجد ٍ يعطوا.
ومػػن الػػذي لػ حػػق تػػأليه هػػؤالء أو أولئػ أو عػػدـ التػػأليه؟ إنػ وَ أمػػر اؼبسػػلبني أوالً .إنػ لػ
اغبق ى أف ي ؾ تأله قوـ كاف يتألفهم حػاكم مسػلم قبلػ ولػ اغبػق أف يػ ؾ تػأليه القلػوب ى
عهػػدخ بػػاؼبرة إذا ٍ يوجػػد ى زمن ػ مػػا يػػدعو إلي ػ ف ػ ف ذل ػ مػػن األمػػور االجتهاديػػة الػػب زبتلػػه
ػرعا .فػ ف نصػا وٍ ينسػمل و ً بامتتبلؼ العصور والبلداف واألحواؿ وعبر حني فعل ذلػ ٍ يعطػل ً
الزكاة تعطػى ؼبػن يوجػد مػن األصػناؼ ال بانيػة الػب جعلهػم اهلل تعػاَ أهلهػا فػ ذا ٍ يوجػد صػنه
منهم سق سهب وٍ هبز أف يقاؿ :إف ذل تعطيل لكتاب اهلل أو نسمل ل .
ف ػ ذا ٍ يوجػػد صػػنه "العػػاملني عليهػػا" لعػػدـ قيػػاـ حكومػػة مسػػلبة ذببػػع الزكػػاة وتوزعهػػا علػػى
مستحقيها وتوظه من يقوـ بذل فقد سق سهم العاملني عليها.
وإذا ٍ يوج ػػد ص ػػنه "ى الرق ػػاب" كب ػػا ى عص ػرنا ال ػػذي ألغ ػػى ال ػػرؽ الف ػػردي فق ػػد س ػػق ه ػػذا
السهم .وال يقػاؿ ى سػقوط هػذا السػهم أو ذاؾ :إنػ نسػمل للقػرآف أو تعطيػل للػنل (وهبػذا نتبػني
بط ػػبلف م ػػا يقولػ ػ بع ػػض اؼبعاصػ ػرين م ػػن جػ ػواز تعطي ػػل النص ػػوص أو ـبالفته ػػا إذا اقتض ػػز ذلػ ػ
مصلحة متصذين من موقه عبر من اؼبؤلفة قلوهبم تكأة ؽبم ى دعواهم العريضة .من ذل مػا
ادعػػاخ -صػػبح ؿببصػػاْ ى "فلسػػفة التي ػريع" ص -478أف عبػػر ٍ يتػػأمتر حػػك عػػن ـبالفػػة
النصػػوص إذا اقتضػػز السياسػػة اليػػرعية أو مصػػلحة اؼبسػػلبني ذل ػ واسػػتدؿ دبوشػػوع اؼبؤلفػػة..
ومن ذل ما كتبػ األسػتاذ ؿببػود اللبابيػدي ى ؾبلػة "رسػالة اإلسػبلـ" الػب كانػز تصػدر عػن دار
التقري ػ بػػني اؼبػػذاه ى القػػاهرة -ى مقػػاؿ عػػن "السػػلطة التيػريعية ى اإلسػػبلـ" وذه ػ إَ أف
األمة فب لػة ى هيئػة وػوراها مػن سػلطتها أف "ذببػد" بعػض النصػوص أو زبالفهػا إذا رأت ى ذلػ
مصلحة واستند إَ فعل عبر ..وما واهب من وقا ع .وؿباؿ أف يعطل عبر كتػاب اهلل أو ىبالفػ
عبدا وإمبا وجه ما ذكرناخ. ً
وقػػد ثػػار علبػػاء األزهػػر ؼبقػػاؿ اللبابيػػدي وردوا عليػ ى ؾبلػػة األزهػػر كبػػا رد عليػ اؼبرحػػوـ اليػػيمل
ؿببد ؿببد اؼبدْ ى رسالة ل "حبث على حبث" طبعز ى القاهرة).
ػصا غبكػػم إعطػػاء اؼبؤلفػػة قلػػوهبم بوج ػ مػػن الوجػػوخ فض ػبلً عػػن أف وإذف فبػػا صػػنع عبػػر لػػيس نسػ ً
إصباعػػا علػػى ذلػ وكػػذل قػػوؿ اغبسػػن واليػػع " :لػػيس اليػػوـ مؤلفػػة" لػػيس قػػوالً بالنسػػمل يكػػوف ً
حباؿ وإمبا هو إمتبار عن الواقع ى زمنهم.
إف النسمل إبطاؿ حكم ورع اهلل وإمبػا يبلػ اإلبطػاؿ مػن يبلػ التيػريع .ولػيس ذلػ إال هلل عػز
وجػػل عػػن طريػػق الرسػػوؿ اؼبػػوحى إلي ػ وؽبػػذا ال نسػػمل إال ى عصػػر الرسػػالة ونػػزوؿ الػػوح .وإمبػػا
تامػا ال يسػتطاع معػيعرؼ ذل بالنل علي من اليارع نفس أو بتعارض نصني ثابتني تعارشػا ً
ال جي بينهبا بوج من الوجوخ وعرؼ تاريمل كػل منهبػا .فػبل قبػد ب ًػدا مػن القػوؿ بنسػمل اؼبتػأمتر
للبتقدـ .فهل ى مسألتنا و ء من ذل ؟ هل هنال نػل مػن قػرآف أو سػنة عػارض الػنل علػى
اؼبؤلفة قلوهبم؟ فضبلُ عن نل صرح بنسص .
إف اإلجابة عن ذلػ بػالنف اعبػازـ بػبل ريػ فكيػه يػدعى نسػمل حكػم نصػز عليػ آيػة صػروبة
من كتاب اهلل وانقضى عصر الرسالة وهو ؿبكم معبوؿ ب ؟.
وقد قاؿ الياط ى م ل هذا اؼبقاـ" :إف األحكاـ إذا ثبتز على اؼبكله فادعاء النسمل فيها ال
يكػػوف إال بػػأمر ؿبقػػق؛ ألف ثبوهتػػا علػػى اؼبكلػػه أوالً ؿبقػػق فرفعهػػا بعػػد العلػػم ب بوهتػػا ال يكػػوف إال
دبعلػوـ ؿبقػػق ولػػذل أصبػع احملققػػوف علػػى أف متػ الواحػػد ال ينسػػمل القػرآف وال اػبػ اؼبتػواتر ألنػ
رفع للبقطوع باؼبظنوف" (اؼبوافقات.)64/3 :
وإذا كػػاف مت ػ الواحػػد ب صبػػاع احملققػػني ال ينسػػمل القػػرآف مػػع أنػ متػ عػػن النػ -صػػلى اهلل عليػ
وسػػلم -فكيػػه نػػدعى نسػػص بقػػوؿ صػػحال أو عبل ػ ؟ وهػػو عنػػد التأمػػل ال وببػػل أي مع ػ مػػن
معاْ النسمل.
وقبل الياط قاؿ ابن حزـ" :ال وبل ؼبسلم يؤمن باهلل واليوـ اآلمتر أف يقوؿ ى و ء مػن القػرآف
والسنة :هذا منسوخ إال بيقني .ألف اهلل عػز وجػل يقػوؿ( :ومػا أرسػلنا مػن رسػوؿ إال ليطػاع بػ ذف
اهلل) (النسػػاء ..)64 :وقػػاؿ تعػػاَ( :اتبع ػوا مػػا أنػػزؿ إلػػيكم مػػن ربكػػم) (األع ػراؼ .)3 :فكػػل مػػا
أنػػزؿ اهلل تعػػاَ ى القػػرآف أو علػػى لسػػاف نبي ػ ففػػرض اتباع ػ فبػػن قػػاؿ ى و ػ ء مػػن ذل ػ إن ػ
منس ػػوخ فق ػػد أوج ػ أال يط ػػاع ذل ػ األم ػػر وأس ػػق ل ػػزوـ اتباع ػ .وه ػػذخ معص ػػية هلل تع ػػاَ ؾب ػػردة
ومتػػبلؼ مكيػػوؼ إال أف يقػػوـ برهػػاف علػػى صػػحة قول ػ وإال فهػػو مف ػ مبطػػل ومػػن اسػػت از
متػػبلؼ مػػا قلنػػا فقولػ يػػؤوؿ إَ إبطػػاؿ اليػريعة كلهػػا ألنػ ال فػػرؽ بػػني دعػواخ النسػػمل ى آيػػة مػػا أو
حػػديث مػػا وبػػني دعػػوى غػػكخ ى آيػػة أمتػػرى وحػػديث آمتػػر فعلػػى هػػذا ال يصػ وػ ء مػػن القػػرآف
والسػػنة .وهػػذا متػػروج عػػن اإلسػػبلـ .وكػػل مػػا ثبػػز بيقػػني فػػبل يبطػػل بػػالظنوف وال هبػػوز أف تسػػق
طاع ػػة أم ػػر أمرن ػػا بػ ػ اهلل تعػ ػاَ ورسػ ػول إال بيق ػػني نس ػػمل ال وػ ػ فيػ ػ " أ ه ػ ػ (اإلحك ػػاـ ى أص ػػوؿ
األحكاـ -الباب العيرين .فصل ى :كيه يعلم اؼبنسوخ 458/4 :طبع اإلماـ دبصر).
وإذف فالصحي بل الصواب (الصحي -من اآلراء -مقابلة :الضعيه والصواب مقابلة :اػبطأ
واألص مقابل :الصحي ) :أف هذا السهم بػاؽ ٍ يلحػق حكبػ نسػمل وال تعطيػل .فقػد نصػز
علي آية صروبة من سورة التوبة وهى من أوامتر ما نزؿ من القرآف.
نسصا من كتاب وال سنة". قاؿ أبو عبيد" :إف اآلية ؿبكبة ال نعلم ؽبا ً
ف ذا كاف قوـ هذخ حػاؽبم :ال رغبػة ؽبػم ى اإلسػبلـ إال للنيػل وكػاف ى ردهتػم وؿبػاربتهم إف ارتػدوا
شرر على اإلسبلـ ؼبا عندهم من العز واؼبنعة .فرأى اإلماـ أف يرشمل ؽبم من الصدقة فعل ذل
ػببلؿ ثبلث:
إحداهن :األمتذ بالكتاب والسنة.
وال انية :البقيا على اؼبسلبني.
وال ال ػة" :إنػ لػػيس بيػػا س مػػنهم إف سبػػادى هبػم اإلسػػبلـ أف يفقهػػوخ وربسػػن فيػ رغبػػتهم" (األمػواؿ
ص .)667
مؤيدا مذه أضبد ى بقاء سهبهم ى مصارؼ الزكاة" :لنػا كتػاب اهلل وقاؿ ابن قدامة ى اؼبغ ً :
وسنة رسول :ف ف اهلل تعاَ ظبػى اؼبؤلفػة ى األصػناؼ الػذين ظبػى الصػدقة ؽبػم والنػ -صػلى اهلل
ػكا ىعلي ػ وسػػلم -قػػاؿ( :إف اهلل تعػػاَ حكػػم فيهػػا ف زأهػػا شبانيػػة أج ػزاء) وكػػاف يعطػػى اؼبؤلفػػة ك ػ ً
أمتب ػػار مي ػػهورة وٍ ي ػػزؿ ك ػػذل ح ػػك م ػػات وال هب ػػوز ت ػػرؾ كت ػػاب اهلل وس ػػنة رس ػول إال بنس ػػمل
والنسمل ال ي بز باالحتباؿ.
"ه إف النسمل إمبا يكوف ى حياة الن -صػلى اهلل عليػ وسػلم -ألف النسػمل إمبػا يكػوف بػنل وال
يكػػوف الػػنل بعػػد مػػوت الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -وانق ػراض زمػػن الػػوح .ه إف القػػرآف ال
ينسمل إال بقرآف وليس ى القرآف نسمل لذل وال ى السنة .فكيه يػ ؾ الكتػاب والسػنة دب ػرد
اآلراء والتحكم أو بقوؿ صحال أو غكخ؟ على أمم ال يروف قوؿ الصحال ح ة ي ؾ هبا قيػاس
فكيه ي كوف ب الكتاب والسنة؟.
"قػػاؿ الزهػػري :ال أعلػػم وػػيئًا نسػػمل حكػػم اؼبؤلفػػة (اغبنفيػػة ـبتلفػػوف ى تعيػػني الناسػػمل الػػذي نسػػمل
حكم اؼبؤلفة وهو ثابز بالنل القرآْ القاطع ..فبعضهم ادعى أن اإلصباع .وحاوؿ أف هبعل من
إصباعا وهيهات فقد علبز ما فيػ وبعضػهم حبػث عػن مسػتند ً موقه عبر من اؼبؤلفة ى زمن
ؽبػذا اإلصبػػاع اؼبػدعى زعػػم أنػ هػػو الناسػػمل .ه امتتلفػوا ى تعيػػني هػذا اؼبسػػتند .ف علػ ابػػن قبػػيم ى
"البحر" اآلية الب روى أف عبر ذكرها ى مواجهة اؼبؤلفة وهى قول تعاَ( :وقل اغبق من ربكم
فبػػن وػػاء فليػػؤمن ومػػن وػػاء فليكفػػر) مػػن سػػورة الكهػػه (آيػػة )29 :قػػاؿ ابػػن عابػػدين :وإمبػػا ٍ
ناسصا ألن متبلؼ الصحي ألف النسمل ال يكػوف إال ى حياتػ -صػلى اهلل عليػ هبعل اإلصباع ً
وسػػلم -واإلصبػػاع ال يكػػوف إال بعػػدخ" وبعضػػهم جعػػل اؼبسػػتند حػػديث إرسػػاؿ معػػاذ إَ الػػيبن
وأمػػرخ أف يأمتػػذ الصػػدقة مػػن أغنيػػا هم ويردهػػا علػػى فق ػرا هم( .انظػػر :الػػدر اؼبصتػػار وحاوػػية ابػػن
عابدين علي -83/2 :طبع استانبوؿ).
واغبػػق أف كػػل هػػذا سبحػػل ال هبػػوز نسػػمل نػػل قػػاطع دب ل ػ .فآيػػة الكهػػه( :وقػػل اغبػػق مػػن ربكػػم)
مكية بيقني فكيػه يسػتند إليهػا ى نسػمل جػزء مػن آيػة مدنيػة نزلػز بعػدها بسػنني طويلػة؟! وأيػن
التعػػارض ى اآليتػػني حػػك تنسػػمل إحػػدانبا األمتػػرى؟! وم ػػل ذلػ حػػديث معػػاذ فلػػيس فيػ إال أف
الزكػػاة مػػن األمػػة وإليهػػا تؤمتػػذ مػػن أغنيا هػػا وتػػرد علػػى فقرا هػػا .ولػػيس كضػرا اؼبلػػوؾ السػػابقني
حيػػث كانػػز تؤمتػػذ مػػن الفق ػراء والكػػادحني لتصػػرؼ علػػى أهبػػة اؼبل ػ وحاوػػيت .ولػػو كػػاف ذكػػر
الفقػراء هنػػا ينفػػى اؼبؤلفػػة لنفػػى بقيػػة األصػػناؼ مػػن العػػاملني عليهػػا والرقػػاب والغػػارمني وغػػكهم وٍ
يقل بذل أحد.
وؽبذا قاؿ عػبلء الػدين بػن عبػد العزيػز مػن اغبنفيػة :األحسػن أف يقػاؿ :هػذا تقريػر ؼبػا كػاف ى زمػن
الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم -مػػن حيػػث اؼبع ػ .وذل ػ أف اؼبقصػػود بال ػػدفع إل ػػيهم كػػاف إع ػزاز
اإلسػػبلـ لضػػعف ى ذلػ الوقػػز لغلبػػة أهػػل الكفػػر وكػػاف اإلعػزاز بالػػدفع .وؼبػػا تبػػدلز اغبػػاؿ بغلبػػة
أهل اإلسبلـ صار اإلعزاز ى اؼبنع .وكاف اإلعطاء ى ذل الزماف واؼبنع ى هذا الزماف دبنزلػة اآللػة
ػصا ...قػاؿ :وهػػو إلعػزاز الػدين واإلعػزاز هػو اؼبقصػػود .وهػو بػػاؽ علػى حالػ فلػم يكػػن ذلػ نسػ ً
نظػػك إهبػػاب الديػػة علػػى العاقلػػة ف مػػا كانػػز واجبػػة علػػى العيػػكة ى زمػػن النػ -صػػلى اهلل علي ػ
وسلم -وبعدخ على أهل الديواف ألف اإلهباب على العاقلة بسب النصرة واالستنصار ى زمن -
ػصا بػػلصػػلى اهلل عليػ وسػػلم -كػػاف بالعيػػكة وبعػػدخ بأهػػل الػػديواف ف هباهبػػا علػػيهم ٍ يكػػن نسػ ً
ك ػػاف تقري ػ ًػرا للبع ػ ال ػػذي وجب ػػز الدي ػػة ألجلػ ػ وه ػػو االستنص ػػار (أ ه ػ ػ) واستحس ػػن ى النهاي ػػة.
ومقتضى هذا التوجي أف اإلسبلـ إذا شعه -كبػا ى عصػرنا -هبػوز إعػزازخ باإلعطػاء .وال يقػوؿ
بذل اغبنفية .ولذل تعقب ابن اؽبباـ بأف ما قال ال ينفى النسمل ألف إباحة الدفع إليهم حكم
ورع كاف ثابتًا وقد ارتفع( .انظر :تفسك اآللوس .)327/3 :
"على أف ما ذكروخ من اؼبع ال متبلؼ بين وبني الكتاب والسنة ف ف الغ عنهم ال يوج رفع
حكبهم وإمبا يبنع عطيتهم حاؿ الغ عنهم فبك دعز اغباجػة إَ إعطػا هم أعطػوا فكػذل
صبيػػع األصػػناؼ :إذا عػػدـ مػػنهم صػػنه ى بعػػض األزمػػاف سػػق حكب ػ ى ذل ػ الػػزمن متاصػػة
وإذا وجد عاد .كذا ههنا" (اؼبغ .)666/2 :
قلنا :إف جواز التأليه وتقدير اغباجة إلي مرجع إَ أوَ األمر من اؼبسلبني .وؽبذا كػاف النػ -
صلى اهلل علي وسلم -واػبلفاء هم الذين يتولوف ذل .وهذا هو اؼبوافق لطبا ع األمور .فػ ف هػذا
فبا يتصل عادة بسياسة الدولة الدامتلية واػبارجية .وما سبلي عليها مصلحة الدين واألمة (ى ورح
األزهػػار ( :)543/4أف التػػأليه جػػا ز لئلمػػاـ فق ػ ؼبصػػلحة دينيػػة وأمػػا لغػػكخ فػػبل هبػػوز وأجػػاز
بعض الزيدية لرب اؼباؿ أف يتأله) .وعند إنباؿ اغبكومات ألمر الزكاة وأمر اإلسبلـ عامة -كبا
ى عصرنا -يبكن لل بعيات اإلسبلمية أف تقوـ مقاـ اغبكومات ى هذا اليأف.
وإذا ٍ يوجد حكومة وال صباعة وكاف لدى الفػرد اؼبسػلم فضػل مػن زكاتػ فهػل لػ أف يتػأله هبػا
كافرا؟.
ً
الرأي عندي أن ال هبوز ل ذلػ إال إذا ٍ هبػد مصػرفًا آمتػر كػبعض اؼبسػلبني الػذين يعييػوف ى
غػػك دار اإلسػػبلـ وال هبػػدوف مػػن يسػػتحق الزكػػاة مػػن اؼبسػػلبني ولكػػن رأوا مػػن الكفػػار مػػن إذا
أعط ػػوخ اس ػػتبالوا قلبػ ػ لئلس ػػبلـ وؼبػ ػواالة اؼبس ػػلبني ف ػػبل ب ػػأس ب عطا ػ ػ م ػػن الزك ػػاة ى ه ػػذخ اغب ػػاؿ
للضرورة .مع أف األوَ ى م ل هذخ الظػروؼ رصػد الزكػاة لنيػر اإلسػبلـ إف ٍ يبكػن إرسػاؽبا إَ
ببلد اإلسبلـ.
وبعد هذا كل فلسنا كبتم أف يكوف كل ما يرصد لتأليه القلوب من الزكاة وحدها ف ف ى مػوارد
بيػػز اؼبػػاؿ األمتػػرى متسػ ًػعا لئلسػػهاـ ى هػػذا اليػػأف مػػع الزكػػاة أو االسػػتقبلؿ بػ .ومتاصػػة إذا كػػاف
ػددا فهن ػػا يعب ػػل دب ػػا ج ػػاء ع ػػن
اؼبس ػػتحقوف للزك ػػاة م ػػن األص ػػناؼ األمت ػػرى أو ػػد حاج ػػة وأوف ػػر ع ػ ً
اليػػافع وغػػكخ وهػػو إعطػػاء اؼبؤلفػػة مػػن سػػهم اؼبصػػاً ومػػرد ذل ػ إَ رأى وَ األمػػر العػػادؿ
وتقدير أهل الرأي وميورة أهل اليورى ى األمة.
الفصل الرابع
ى الرقاب
فهرس
او ػػتبلز آي ػػة مص ػػارؼ الص ػػدقات عل ػػى أص ػػناؼ شباني ػػة رب ػػدثنا ع ػػن األربع ػػة األوَ منه ػػا وه ػػم:
الفقػراء واؼبسػػاكني والعػػاملوف عليهػػا واؼبؤلفػػة قلػػوهبم -وهػػم األصػػناؼ الػػذين تعطػػى ؽبػػم الزكػػاة-
وبقى من أصناؼ اؼبستحقني أربعة:
-4ى الرقاب وهو اؼبصرؼ اػبامس من ال بانية.
-2والغارمني وهو اؼبصرؼ السادس من ال بانية.
-3وو سبيل اهلل وهو اؼبصرؼ السابع من ال بانية.
-4وابن السبيل وهو اؼبصرؼ ال امن واألمتك.
وقد غايرت اآليات الب حصرت مصارؼ الزكاة ى األصناؼ ال بانية بني اؼبصارؼ األربعة األوَ
واألربعػػة األمتػػكة ..فػػاألولوف جعلػػز الصػػدقات ؽبػػم( :إمبػػا الصػػدقات للفقػراء واؼبسػػاكني والعػػاملني
عليها واؼبؤلفة قلوهبم) (التوبة.)66 :
واآلمتػػروف جعلػػز الصػػدقات فػػيهم( :وو الرقػػاب والغػػارمني وو سػػبيل اهلل وابػػن السػػبيل) (التوبػػة:
.)66فبا السر ى هذخ اؼبغايرة؟ وؼباذا ع عن استحقاؽ األولني للصػدقة ب ػ "الػبلـ" الػب هػ ى
األصل للتبلي وع عن استحقاؽ هؤالء ؽبا حبرؼ "ى" الب ه للظرفية؟.
إف القرآف ال يضع حرفًا بدؿ حرؼ اعتباطًا وال يغاير بني التعبكات جزافًا بل غبكبة ينب عليهػا
بكبلم اؼبع ز .وما يعقلها إال العاؼبوف .فبا هذخ اغبكبة؟.
لقد أجاب الزـبيري عن ذل بأف العدوؿ عن "البلـ" إَ "ى" ى األربعة األمتكة لئليذاف بأمم
أرسمل ى استحقاؽ الزكاة مػن األربعػة األوَ؛ ألف "ى" للوعػاء فنبػ علػى أمػم أحقػاء بػأف توشػع
ف ػػيهم الص ػػدقات وهبعل ػػوا مظن ػػة ؽب ػػا ومص ػػبًا (الكي ػػاؼ -46 45/2 :طب ػػع مص ػػطفى اغبل ػ ػ
4367هػ).
وعق ابن اؼبنك ى "االنتصاؼ" على كبلـ الزـبيري بالتنبيػ علػى نكتػة أدؽ وأعبػق :قػاؿ" :وه
سر آمتر هو أظهر وأقرب .وذل أف األصناؼ األربعة األوا ػل مػبلؾ ؼبػا عسػاخ يػدفع إلػيهم وإمبػا
يأمتذون ػ مل ًكػػا فكػػاف دمتػػوؿ الػػبلـ ال ًقػػا هبػػم .وأمػػا األربعػػة األوامتػػر فػػبل يبلك ػػوف م ػػا يصػػرؼ
كبػػوهم بػػل وال يصػػرؼ إلػػيهم ولكػػن ى مصػػاً تتعلػػق هبػػم .فاؼبػػاؿ الػػذي يصػػرؼ ى الرقػػاب إمبػػا
يتناول السادة اؼبكاتبوف والبا عوف فليس نصيبهم مصروفًا إَ أيديهم حك يع عن ذلػ بػالبلـ
اؼبيعرة بتبلكهم ؼبا يصرؼ كبوهم ..وإمبا هم ؿباؿ ؽبذا الصرؼ واؼبصلحة اؼبتعلقة ب .
زبليصػػا لػػذفبهم ال ؽبػػم وأمػػا سػػبيل اهلل
"وكػػذل الغػػارموف إمبػػا يصػػرؼ نصػػيبهم ألربػػاب ديػػومم ً
فواش في ذل .
تنبيهػا علػػى متصوصػيت مػػع ػدرجا ى سػبيل اهلل وإمبػا أفػػرد بالػذكر ً
"وأمػا ابػن السػػبيل فكأنػ كػاف منػ ً
صبيعػا .وعطفػ علػى اةػرور بػالبلـ فبكػن ولكنػ علػى القريػ منػ أقػرب واهلل أن ؾبرد من اغبػرفني ً
أعلم" (االنتصاؼ من الكياؼ وهو على هامو اؼبصدر السابق).
وأقوؿ :إف ما يصرؼ البن السبيل ليس سبلي ًكػا لػ .وإمبػا هػو مصػروؼ ى مصػلحت اؼبتعلقػة بسػفرخ
إَ بلػدخ ومػػا وبتاجػ إَ بلػوغ غرشػ وؽبػػذا يبكػن صػرف إَ جهػػة النقػل الػػب ستوصػػل إَ وطنػ
كيركة اؼببلحة أو الطكاف أو السكة اغبديدية م بل.
وكػػذل ذكػػر الفصػػر الػرازي :أن ػ تعػػاَ أثبػػز الصػػدقات لؤلصػػناؼ األربعػػة األوا ػػل بػػبلـ التبلي ػ
وهو قول ( :إمبا الصدقات للفقراء) .وؼبا ذكر الرقاب أبدؿ حػرؼ "الػبلـ" حبػرؼ "ى" فقػاؿ( :وو
الرقاب) .فبل بد ؽبذا الفرؽ من فا دة .وتل الفا دة ه أف تل األصناؼ األربعة اؼبتقدمة يدفع
إليهم نصيبهم من الصدقات .حك يتصرفوا فيها كبا واءوا وأما "ى الرقاب" فيوشع نصيبهم ى
زبليل رقبتهم من الرؽ وال يدفع إليهم وال يبكنوف من التصرؼ ى ذل النصػي كيػه وػاءوا
بل يوشع ى الرقاب بأف يؤدى عنهم.
"وك ػػذل الق ػػوؿ ى الغ ػػارمني يص ػػرؼ اؼب ػػاؿ ى قض ػػاء دي ػػومم وو الغػ ػزاة يص ػػرؼ اؼب ػػاؿ إَ م ػػا
وبتاجوف إلي ى الغزو .وابن السبيل كذل .
"واغباص ػػل أف األص ػػناؼ األربع ػػة األوَ يص ػػرؼ اؼب ػػاؿ إل ػػيهم ح ػػك يتص ػػرفوا في ػ كب ػػا و ػػاءوا .وو
األربعػػة األمتػػكة ال يصػػرؼ اؼبػػاؿ إلػػيهم بػػل يصػػرؼ إَ جهػػات اغباجػػات اؼبعتػ ة ى الصػػفات الػػب
ألجلها استحقوا الزكاة" (التفسك الكبك للرازي.)442/46 :
وذكر كبو ذل اػبازف ى تفسكخ (نقل اعببل ى حاويت على اعببللني.)292/2 :
وتبعػ ػػا ؽبػ ػػذخ اؼبغػ ػػايرة ى اآليػ ػػة بػ ػػني األصػ ػػناؼ اؼبسػ ػػتحقني قسػ ػػم صػ ػػاح اؼبنػ ػػار (تفسػ ػػك اؼبنػ ػػار:
ً
-596 - 586/46الطبعػػة ال انيػػة .وتبعػ اليػػيمل وػػلتوت (اإلسػػبلـ عقيػػدة ووػريعة ص 444
-443 -طبع دار القلم) -.اؼبصارؼ إَ قسبني أو حلقتني :أوػصاص ومصػاً .فاألوػصاص
تيبل األربعة األوَ مػع الغػارمني وابػن السػبيل .واؼبصػاً تيػبل مصػرفني :ى الرقػاب وو سػبيل
اهلل ونبػػا اؼبصػػرفاف اللػػذاف دمتلػػز عليهبػػا "ى" مباوػػرة .وٍ يعتػ الغػػارموف وابػػن السػػبيل مػػن صبلػػة
اؼبصػػاً بػػالعطه علػػى مػػا جاورهػػا .بػػل جعػػبل الوصػػفني معطػػوفني علػػى األصػػناؼ األوَ اةػػرورة
بالبلـ وذل الو اؾ األصناؼ الستة ى أمم أوصاص ذوو أوصاؼ والفقراء أوصاص اتصفوا
بالفقر والغارموف أوصاص اتصفوا بالغرـ ...إٌ .ولكن قد يعكر على هذا أف عطه كل صنه
علػػى جػػارخ القري ػ أوَ مػػن عطف ػ علػػى البعيػػد .واألليػػق بببلغػػة القػػرآف أف تكػػوف األصػػناؼ الػػب
أيضػا كبػا هػو
يعطى "ؽبا" الزكاة مت اورة متعاظبة واعبهات الب تصرؼ "فيهػا" الزكػاة مت ػاورة ً
امتتيار الزـبيري وابن اؼبنك والرازي وغكهم.
ومػػا يؤيػػد مػػا ذكػػرخ الػرازي ى الفػػرؽ بػػني األربعػػة األوَ واألربعػػة األمتػػر مػػا ذكػػرخ صػػاح "اؼبغػ "
مستقرا وال يراعى حاؽبم بعد الػدفع ً (اعبزء ال اْ ص .)676بقول :أربعة أصناؼ يأمتذوف أمت ًذا
ػتقرا ال هبػ
وهػػم :الفقػراء واؼبسػػاكني والعػػاملوف واؼبؤلفػػة فبػػك أمتػػذوها ملكوهػػا مل ًكػػا دا ًبػػا مسػ ً
علػػيهم ردهػػا حبػػاؿ .وأربعػػة مػػنهم -وهػػم الغػػارموف وو الرقػػاب وو سػػبيل اهلل وابػػن السػػبيل -ف ػ مم
يأمتذوف أمت ًذا مراعى :ف ف صرفوخ ى اعبهة الب استحقوا األمتذ ألجلها -وإال اس جع منهم.
"والفرؽ بني هذخ األصناؼ والب قبلها :أف هؤالء أمتذوا ؼبع ٍ وبصل بأمتذهم الزكاة واألولوف
حصل اؼبقصود بأمتذهم -وهو غ الفقراء واؼبساكني وتأليه اؼبؤلفني وأداء أجر العػاملني -وإف
قضى هؤالء (يع األربعة األمتكين) حاجتهم وفضل معهم فضل ردوا الفضل إال الغازي ف ف ما
فضل ل بعد غزوخ فهو ل "..أ هػ.
وهذا ى غك األوياء الب تبقى وتستبر زمنًا كالسبلح واػبيل فينبغػ أف تػرد بعػد الغػزو إَ بيػز
اؼباؿ.
والفرؽ الذي ذكرخ اليػيمل ابػن قدامػة هنػا صػحي وكػاف عليػ أف يؤيػدخ بتفرقػة القػرآف بػني األربعػة
األوَ واألربعة األمتكة دبغايرة التعبك بني أولئ وهؤالء كبا نب علػى ذلػ مػن بعػدخ وػارح غايػة
أيضا.
اؼبنتهى (مطال أوَ النهى .)454/2 :من اغبنابلة ً
مع "ى الرقاب"
الرقاب :صبع رقبة واؼبراد هبا ى القػرآف :العبػد أو األمػة وهػى تػذكر ى معػرض التحريػر أو الفػ
كػػأف القػػرآف الكػػرٓ يي ػك هب ػػذخ العبػػارة اةازيػػة إَ أف الػػرؽ لئلنسػػاف كالغ ػػل ى العنػػق والن ػػك ى
الرقبة وربرير العبد من الرؽ هو ف لرقبت من غلها وزبليل ؽبا من النك الذي ترزح ربت .
وو آية اؼبصارؼ قاؿ تعاَ( :وو الرقاب) ..ومعناها :وتصرؼ الصػدقات ى فػ الرقػاب وهػو
كناية عن ربرير العبيد واإلماء من نك الرؽ والعبودية .ويكوف ذل بطريقتني:
-4أف يُعاف اؼبكات وهو العبد الذي كاتب سػيدخ واتفػق معػ علػى أف يقػدـ لػ مبلغًػا معينًػا مػن
اؼباؿ يسعى ى ربصيل ف ذا أداخ إلي حصل على عتق وحريت .وقد أمػر اهلل اؼبسػلبني أف يكػاتبوا
ػكا -كبػا أمػرهم دبسػاعدهتم علػى وفػاء مػا التزمػوا بػ : من رقيقهم كل من أراد ذلػ وعلبػوا فيػ مت ً
اؼبػالكوف ييسػػروف علػػيهم ووبطػػوف عػػنهم وسػػا ر اةتبػػع يعػػاونومم باؼبػػاؿ علػػى اػبػػبلص مػػن الػػرؽ.
وو هذا يقوؿ اهلل تعاَ( :والذين يبتغوف الكتاب (أي اؼبكاتبة) .فبا ملكز أيبانكم فكػاتبوهم إف
متكا وآتوهم من ماؿ اهلل الذي آتاكم) (النور.)33 : علبتم فيهم ً
سهبا يعطوف من ما يعينهم على ربرير رقاهبم بأداء ما التزموا ب . ه فرض ؽبم ى ماؿ الزكاة ً
وإَ هذخ الطريقة ى ف الرقاب ذه أبو حنيفة واليافع وأصحاهببا والليث بن سعد.
واحت وا دبا روى عن ابن عباس أن قاؿ :قول ( :وو الرقاب) ..يريد اؼبكات .وتأكد هػذا بقولػ
تعاَ( :وآتوهم من ماؿ اهلل الذي آتاكم) (انظر التفسك الكبك للفصر الػرازي 442/46 :وانظػر
اؽبداية وفت القدير.)47/2 :
عبدا أو أمة فيعتقها أو يي ؾ هو وآمتروف ى ورا ها وعتقهػا -2أف يي ى الرجل من زكاة مال ً
أو يي ى وَ األمر فبا هببي من ماؿ الزكاة عبي ًػدا وإمػاء فيعػتقهم .وهػذا هػو اؼبيػهور عػن مالػ
وأضبد وإسحاؽ .وقاؿ ابن العػرل .إف ذلػ هػو الصػحي وأيػدخ بأنػ هػو ظػاهر القػرآف فػ ف اهلل
حيث ذكر الرقبة ى كتاب إمبا هو العتق ولو أراد اؼبكاتبني لذكرهم بػاظبهم األمتػل ..فلبػا عػدؿ
إَ الرقبة دؿ على أن أراد العتق .وربقيق أف اؼبكات قد دمتل ى صبلة الغارمني دبا علي من دين
الكتابػػة فػػبل يػػدمتل ى الرقػػاب وردبػػا دمتػػل في ػ اؼبكات ػ بػػالعبوـ ولكػػن ى آمتػػر قبػػم يعتػػق ب ػ
(أحكاـ القرآف.)955/2 :
صبيعا :معونة اؼبكاتبني وعتق الرقاب. واغبق أف عبارة اآلية تيبل األمرين ً
وقػد جػاء عػن إبػراهيم النصعػ وسػػعيد بػن جبػك مػن التػابعني أمبػػا كرهػا وػراء الرقػاب وعتقهػا مػػن
الزكػػاة ألف ذل ػ هبػػر إَ اؼبزك ػ منفعػػة وهػػى والء اؼبعتػػق ومكاث ػ إف ٍ يكػػن ل ػ وارث كبػػا تقػػرر
أحكػػاـ اإلسػػبلـ .ومػػن هنػػا جػػاء عػػن مال ػ :أف الرقبػػة الػػب يعتقهػػا م ػن زكػػاة مال ػ يكػػوف والؤهػػا
ومكاثها عببيع اؼبسلبني يع لبيز اؼباؿ (األمواؿ ص .)669 668
بأسا أف يعتق اؼبسلم رقبة من زكاة مالػ .وقػاؿ بعػد ولكن روى أبو عبيدة عن ابن عباس أن ٍ ير ً
ذكر قوؿ النصع وابن جبك :وقوؿ ابن عباس أعلى ما جاءنا ى هػذا البػاب وهػو أوَ باالتبػاع
وأعلم بالتأويل وقد وافق اغبسن على ذل .وعلي ك ك من أهل العلم (اؼبصدر السابق).
قاؿ :وفبا يقوى هذا اؼبذه أف اؼبعتق وإف متيه علي أف يصك إلي مكاث عتيق بالوالء ف ن ال
يؤمن أف هب جنايات يلحق وقوم عقلها (أي دينها) فيكوف أحدنبا باآلمتر (نفس اؼبصدر).
وهذا كل إذا توَ اليصل توزيع الزكاة بنفس أو وكيلػ .أمػا إذا توالهػا اغبػاكم اؼبسػلم -كبػا هػو
وأف الزكاة ى اإلسبلـ -فبل وج ؽبذا اػببلؼ ..ول أف يي ى ويعتقبن الرقيق مػا يتسػع لػ مػاؿ
الزكاة -بدوف جور على اؼبصارؼ األمترى( .واإلماـ اليافع يوج تسوية األصناؼ اؼبستحقني
للزكػػاة فػػبل يقػػل نصػػي "ى الرقػػاب" عػػن ال ػ بن) واألوَ لػػوَ األمػػر أف هببػػع بػػني األمػرين فيعػػني
اؼبكاتبني ويي ى العبيػد واإلمػاء .وهػذا مػا كتبػ اإلمػاـ الزهػري للصليفػة عبػر بػن عبػد العزيػز قػاؿ:
سهم الرقاب نصفاف :نصه للبكاتبني من اؼبسلبني ونصه يي ى بػ رقػاب فبػن صػلوا وصػاموا
وقدـ إسبلمهم فيعتقوف من الزكاة (اؼبصدر السابق).
ولكنا ال نقيد اغباكم ى ذلػ بنصػه وال نسػبة بػل حسػ مػا تقتضػي اؼبصػلحة وييػك بػ أهػل
اغبل والعقد.
سبق اإلسبلـ بتصفية نظاـ الرقيق
وإذا كػػاف رؽ األفػراد قػػد انتهػػى تقريبًػػا مػػن العػػاٍ ف نػ وبػػق لنػػا بػل هبػ علينػػا أف نسػ ل هنػػا أف
اإلسػػبلـ هػػو أوؿ نظػػاـ ى الػػدنيا عبػػل بكػػل الوسػػا ل علػػى تصػػفية الػػرؽ وإلغا ػ مػػن دنيػػا النػػاس
بالتدري .
لقد سد األبواب الك كة الواسعة الب كانػز مػدامتل للػرؽ ى العػاٍ فحػرـ أوػد التحػرٓ االسػتعباد
ػغارا وٍ يػػب حبػػاؿ أف يبيػػع اإلنسػػاف نفسػ أو ولػػدخ أو عػػن طريػػق امتتطػػاؼ األحػرار كبػ ًػارا أو صػ ً
زوجت ػ وٍ ييػػرع أبػ ًػدا أمتػػذ اؼبػػدين رقي ًقػػا ى دين ػ إذا ع ػػز عػػن الوفػػاء ب ػ وال أمتػػذ اةػػرـ رقي ًقػػا
جبريبت ػ كبػػا عػػرؼ ذل ػ ى و ػرا ع سػػابقة .وال اس ػ قاؽ األسػػك ى الغػػارات الظاؼبػػة الػػب تيػػنها
القبا ػػل واألمػػم بعضػػها علػػى بعػػض بغيًػػا وعػػدوانًا (انظػػر :كتػػاب حقػػوؽ اإلنسػػاف ى اإلسػػبلـ -
للدكتور على عبد الواحد واو ص -464 - 439طبع وزارة األوقاؼ بالقاهرة).
وٍ يست ن من األسباب الب عرفها العاٍ مفضية إَ الرؽ إال سببًا واح ًػدا شػيق فيػ كػل التضػييق
وأبقػػاخ علػػى سػػبيل اعبػواز واالمتتيػػار ال سػػبيل اغبػػتم واإللػزاـ .ذلػ هػػو اسػ قاؽ األسػػك ى حػػرب
إسػبلمية وػػرعية ٍ يبػػدأ اؼبسػػلم فيهػػا بعػػدواف .وذلػ إذا رأى إمػػاـ اؼبسػػلبني وأهػػل وػػوراخ ى ذلػ
مص ػػلحة لؤلمػػة واؼبل ػػة وذل ػ كبػػا إذا ك ػػاف الع ػػدو يس ػ ؽ أسػػرى اؼبس ػػلبني ف ػ ف اؼبعاملػػة باؼب ػػل
تقتض ػػيها اؼبص ػػلحة .ولئلم ػػاـ الع ػػادؿ أف يطل ػػق سػ ػراح األسػ ػرى بغ ػػك مقاب ػػل أو دبقاب ػػل م ػػادي أو
معنػػوي أو إطػػبلؽ أسػػرى مػػن اؼبسػػلبني مقابػػل أسػػرى اؼبيػػركني .وهػػذا مػػا نػػل علي ػ القػػرآف ى
صراحة ى أسرى احملاربني من أهل الكفر( :حك إذا أثصنتبػوهم فيػدوا الوثػاؽ ف مػا منًػا بعػد وإمػا
فداءً) (ؿببد.)4 :
وإذا كػاف اإلسػػبلـ قػػد أبقػػى -علػػى سػػبيل اعبػواز -بابًػػا شػػي ًقا للػػرؽ فقػػد فػػت أبوابًػػا واسػػعة للتحريػػر
والعتق ومن فضل اإلسبلـ أن استحدث العتق وٍ يستحدث الرؽ.
دعا اإلسبلـ إَ العتق ورغ في وجعل من أح القربات إَ اهلل وزاد على ذل ف عل كفارة
لك ػػك مػػن األمتطػػاء الػػب يتػػورط فيهػػا اؼبسػػلم حبكػػم بي ػريت .كاغبنػػث ى اليبػػني ومظػػاهرة الػػزوج
لزوجت وصباع الصا م ى مار رمضاف والقتل متطأ بل جعل كفارة السػيد إذا شػرب عبػدخ بغػك
حق أف يعتق .
ػكا وذلػ يكػوف بتبكيػنهم مػن الكسػ اغبػر ه أمر السػادة دبكاتبػة عبيػدهم إذا علبػوا فػيهم مت ً
ومعونػػة اةتبػػع اإلسػػبلم ؽبػػم .كبػػا قػػاؿ تعػػاَ ى ؿبكػػم القػػرآف( :والػػذين يبتغػػوف الكتػػاب فبػػا
متكا وآتوهم من ماؿ اهلل الذي آتاكم) (النور.)33 : ملكز أيبامم فكاتبوهم إف علبتم فيهم ً
ػهبا مػػن أمػواؿ الزكػػاة وهػػى الضػريبة الػػب يي ػ ؾ ه زاد علػػى ذل ػ كلػ ف عػػل للعتػػق والتحريػػر سػ ً
صبهور اؼبسلبني األعظم ى أدا ها .وهى اؼبورد الدا م لبيز اؼباؿ اإلسبلم .وذل هو سػهم "ى
الرقػػاب" (وهػػذا كلػ غػػك مػػا صػػنع اإلسػػبلـ مػػن رفػػع اؼبسػػتوى األدل واؼبػػادي للرقيػػق وجعلػ إنسػػانًا
أمتا ؼبػن جعلػ اهلل ربػز يػدخ :يأكػل فبػا يطعػم ويلػبس فبػا يلػبس وال يكلػه مػن العبػل ؿب ًما بل ً
إال ما يطيق وال يضرب وال يؤذى بل ال هبرح وعورخ بكلبة "عبدي" أو "أمب").
وليس من اؽبني أف ىبصل اإلسبلـ من هػذا اؼبػورد الػدوري اؽبا ػل جػزءًا لتحريػر الرقيػق قػد يكػوف
شبن حصيلة الزكاة وقد يكوف أك ػر بػل قػد يكػوف اغبصػيلة كلهػا إذا اسػتغنز األصػناؼ األمتػرى
كبا حدث ى عهد عبر بن عبد العزيز.
قػاؿ وبػىي بػن سػػعيد( :بع ػ عبػر بػن عبػػد العزيػز علػى صػدقات إفريقيػػة فاقتضػيتها وطلبػز فقػراء
ػكا وٍ قبػػد مػػن يأمتػػذها منػػا .فقػػد أغ ػ عبػػر بػػن عبػػد العزيػػز النػػاس. نعطيهػػا ؽبػػم فلػػم قبػػد فقػ ً
فاو يز هبا رقابًا فأعتقتهم) (سكة عبر بن عبد العزيز البن عبد اغبكم ص .)59
ولو أف اؼبسلبني أحسنوا تطبيق إسبلمهم وهتيأ ؽبم اغبكػم العػادؿ الراوػد فػ ات طويلػة المبحػى
الرؽ من ديارهم بعد وقز يسك.
هل يف األسك اؼبسلم من سهم الرقاب؟
وإذا كانز كلبة "الرقاب" عنػد إطبلقهػا تنصػرؼ إَ العبيػد فهػل يصػ أف تيػبل بعبومهػا رقبػة
األسػػك اؼبسػػلم الػػذي يػػتحكم في ػ األعػػداء الكفػػرة ربكػػم السػػيد ى الرقيػػق وهػػو ى أسػػرخ معػػرض
أيضا؟.
لبلس قاؽ ً
واؼبروى ى مذه اإلماـ أضبد أف ذلػ جػا ز فيصػ أف يفػ مػن الزكػاة األسػك اؼبسػلم :ألف فيػ
ف رقبة من األسر (الروض اؼبربع.)462/4 :
وقاؿ القاش ابن العرل اؼبالك :امتتله العلباء ى ف األسارى منها فقد قاؿ أصبغ :ال هبوز
ذل ػ وقػػاؿ ابػػن حبي ػ :هبػػوز ذل ػ .وإذا كػػاف ف ػ اؼبسػػلم عػػن رؽ اؼبسػػلم عبػػادة وجػػا ًزا مػػن
الصدقة فأوَ وأحرى أف يكوف ذل ى فكػ عػن رؽ الكػافر وذلػ (أحكػاـ القػرآف.)956/2 :
ػتبرا.
ف ذا كاف الرؽ قد ألغى ف ف اغبروب ال زالػز قا بػة والصػراع بػني اغبػق والباطػل ٍ يػزؿ مس ً
وبذل يظل ى هذا السهم متسع لفداء األسارى من اؼبسلبني.
ذك ػػر السػ ػػيد رو ػػيد رشػ ػػا ى تفسػ ػػك "اؼبن ػػار" أف لسػ ػػهم "ى الرق ػػاب" مص ػػرفًا ى ربريػ ػػر اليػ ػػعوب
اؼبسػتعبرة مػػن االسػػتعباد إذا ٍ يكػػن لػ مصػرؼ ربريػػر األفػراد (تفسػػك اؼبنػػار -598/46 :الطبعػػة
ال انية) .وأكد ذل األستاذ األك الييمل ؿببػود وػلتوت فقػاؿ بعػد أف ربػدث عػن انقػراض رؽ
متطرا من علػى اإلنسػانية .ذلكػم هػو األفراد" :ولكن -فيبا أرى -قد حل ؿبل اآلف رؽ هو أود ً
اس قاؽ اليعوب ى أفكارها وو أمواؽبا وسلطاما وحريتها ى ببلدها .كاف ذلػ رؽ أفػراد يبػوت
دبوهتم وتبقى دوؽبم حرة رويدة ؽبا من األمر واألهلية ما لسا ر األحرار الراودين .ولكن هذا رؽ
وػػعوب وأمػػم تلػػد وػػعوبًا وأفبػًػا هػػم ى الػػرؽ كآبػػا هم فهػػو رؽ عػػاـ دا ػػم يفػػرض علػػى األمػػة بقػػوة
ظاؼبػػة غامشػػة !! وإذف فبػػا أجػػدر هػػذا الػػرؽ باؼبكافحػػة والعبػػل علػػى الػػتصلل منػ ورفػػع ذلػ عػػن
اليعوب ال دباؿ الصدقات فق بل بكل األمواؿ واألرواح.
"وبذل نعرؼ مقدار مسػئولية أغنيػاء اؼبسػلبني عػن معونػة اليػعوب اإلسػبلمية" (اإلسػبلـ عقيػدة
ووريعة ص -446طبع .دار القلم).
هػػذا مػػا ذكػػرخ السػػيد روػػيد واليػػيمل وػػلتوت ذهابًػػا إَ التوسػػع ى مػػدلوؿ "الرقػػاب" لييػػبل رؽ
الي ػػعوب م ػػع رؽ األف ػراد .وال ػػذي أمي ػػل إلي ػ :أف ال حاج ػػة بن ػػا إَ ه ػػذا التوس ػػع ال ػػذي تفق ػػد ب ػ
الكلبات مدلوؽبا األصل أما مسػاعدة اليػعوب اؼبسػتعبدة علػى التحػرر ففػ مػاؿ الزكػاة متسػع
صبيعػػا ى هػػذا
ؽبػػم مػػن سػػهم "سػػبيل اهلل" فضػبلً عػػن م ػوارد الدولػػة األمتػػرى الػػب هب ػ أف تسػػاهم ً
السبيل.
الفصل اػبامس
الغارموف
اؼبصرؼ السادس من مصارؼ الزكاة كبا حددهتا اآلية الكريبة" :الغارموف" ..فبن هم الغارموف؟
فهرس
من هم الغارموف؟
من هم الغارموف؟
الغارموف :صبع غارـ .والغارـ :هو الػذي عليػ ديػن (ذكػر ابػن اؽببػاـ ى الفػت :أف الغػارـ مػن لزمػ
دين أو ل دين على الناس ال يقدر على أمتذخ وليس عندخ نصاب .وو هذا الكػبلـ نظػر؛ ألف
الغارـ ى اللغة :من علي الدين ولعل اوتب علي الغارـ بػالغرٓ الػذي يطلػق علػى الػدا ن واؼبػدين
وسبحاف من ال يسهو .وأما الصورة الب ذكرها ى الفت وهى من ل دين على النػاس ..إٌ .ف مبػا
جػاز الػػدفع إليػ ألنػ فقػػك يػ ًػدا كػابن السػػبيل ال ألنػ غػارـ( .انظػػر :حاوػػية رد احملتػػار.)63/2 :
أمػا الغػرٓ فهػو الػدا ن وقػد يطلػق علػى اؼبػدين .وأصػل الغػرـ ى اللغػة :اللػزوـ ومنػ قولػ تعػػاَ ى
جهػػنم( :إف عػػذاهبا كػػاف غر ًام ػا) (الفرقػػاف .)65 :ومن ػ ظبػػى الغػػارـ ألف الػػدين قػػد لزم ػ والغػػرٓ
ؼببلزمت اؼبدين.
والغػػارـ ى مػػذه أىب حنيفػػة :مػػن علي ػ ديػػن وال يبل ػ نصػػابًا فاش ػبلً عػػن دين ػ (انظػػر :البحػػر
الرا ػػق 266/2 :والػػدر واؼبصتػػار وحاوػػيت رد احملتػػار .)63/2 :وعنػػد مال ػ واليػػافع وأضبػػد:
الغارموف نوعاف :غارـ ؼبصلحة نفس وغارـ ؼبصلحة اةتبع ولكل منهبا حكب .
النوع األوؿ :غػارـ اسػتداف ى مصػلحة نفسػ كػأف يسػتدين ى نفقػة كسػوة أو زواج أو عػبلج
ػهوا أو
مرض أو بناء مسكن أو وراء أثاث أو تزوي ولد أو أتله ويئًا على غكخ متطأ أو س ً
كبو ذل .
روى الط ي عن أىب جعفر -وكبوخ عن قتادة :-الغارـ :اؼبستدين ى غك سرؼ ولك لئلماـ أف
يقضى عنهم من بيز اؼباؿ (تفسك الط ي بتحقيق ؿببود واكر.)338/44 :
وأمتػػل مػػن ينطبػػق علي ػ هػػذا الوصػػه أولئ ػ الػػذين فاجػػأهتم ك ػوارث اغبيػػاة ونزلػػز هبػػم ج ػوا
اجتاحز ماؽبم واشطرهتم اغباجة إَ االستدانة ألنفسهم وأهليهم فعن ؾباهػد قػاؿ" :ثبلثػة مػن
الغػػارمني :رجػػل ذه ػ السػػيل دبال ػ ورجػػل أصػػاب حريػػق فػػذه دبال ػ ورجػػل ل ػ عيػػاؿ ولػػيس ل ػ
مػاؿ فهػو يػداف وينفػق علػى عيالػ " (مصػػنه ابػن أىب وػيبة -267/3 :طبػع حيػدر آبػاد .وانظػػر
الط ي :اؼبصدر السابق).
وو حػػديث قبيصػػة بػػن اؼبصػػارؽ -الػػذي رواخ أضبػػد ومسػػلم -أبػػاح النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم-
ؼبػػن أصػػابت جا حػػة اجتاحػػز مالػ أف يسػػأؿ وَ األمػػر حقػ مػػن الزكػػاة حػػك يصػػي قو ًامػػا مػػن
عيو .وسنذكرخ بتبام ى النوع ال اْ من الغارمني.
والزكاة هبذا تقوـ بنوع من التأمني االجتباع شد الكوارث ومفاجآت اغبياة سبق كل مػا عرفػ
العاٍ -بعد -من أنواع التأمني.
غػػك أف التػػأمني الػػذي حققػ اإلسػػبلـ ألبنا ػ بنظػػاـ الزكػػاة أظبػػى وأكبػػل وأمشػػل مػػن التػػأمني الػػذي
عرفػ الغػػرب ى العصػػر اغبػػديث دبراحػػل ومراحػػل .فالتػػأمني -علػػى الطريقػػة الغربيػػة -ال يعػػوض إال
مػػن اوػ ؾ بالفعػػل ى دفػػع أقسػػاط ؿبػػددة ليػػركة التػػأمني .وعنػػد إعطػػاء التعػػويض يعطػػى اليػػصل
اؼبنكػػوب علػػى أسػػاس اؼببلػػغ الػػذي أمػػن بػ ال علػػى أسػػاس متسػػا رخ وحاجاتػ .فبػػن كػػاف قػػد أمػػن
تعويضػػا أك ػػر ومػػن كػػاف مبلغػ أقػػل كػػاف نصػػيب أقػػل مهبػػا عظبػػز مصػػيبت ً دببلػػغ أكػ أعطػػى
وك ػػرت حاجات ػ .وذوو الػػدمتل احملػػدود يؤمنػػوف عػػادة دببػػالغ أقػػل فيكػػوف حظهػػم -إذا أصػػابتهم
الك ػوارث -أدّ .وذل ػ أف أسػػاس نظػػاـ التػػأمني الغػػرل الت ػػارة والكس ػ مػػن وراء األوػػصاص
اؼبؤمن ؽبم.
أما التأمني اإلسبلم فبل يقوـ على او اط دفع أقساط سابقة وال يعطى اؼبصاب باعبا حػة إال
على أساس حاجت ودبقدار ما يعوض متسارت ويفرج شا قت .
يعطػػى الغػػارـ ؼبصػػلحت قػػدر حاجتػ وحاجتػ هنػػا :هػ قضػػاء دينػ فػ ف أعطػػى وػػيئًا فلػػم يقػػض
الدين من بل بػرأخ منػ الػدا ن أو قضػاخ عنػ غػكخ أو قضػاخ هػو مػن غػك مػاؿ الزكػاة .فالصػحي
ػكا ف ػ ف
أن ػ يس ػ جع من ػ السػػتغنا عن ػ (اةبػػوع .)269/6 :وس ػواء أكػػاف الػػدين قلػػيبلً أـ ك ػ ً
اؼبطلوب سدادخ عن وتفريغ ذمت من .
والنوع ال اْ من الغارمني فئة من أصحاب اؼبروءة واؼبكرمات واؽببم العالية عرفها اةتبع العػرل
واإلس ػػبلم وه ػػم ال ػػذين يغرم ػػوف إلص ػػبلح ذات الب ػػني وذل ػ ب ػػأف يق ػػع ب ػػني صباع ػػة عظيب ػػة -
كقبيلتػػني أو أهػػل قػريتني -تيػػاجر ى دمػػاء وأمػواؿ ووبػػدث بسػػببها اليػػحناء والعػػداوة فيتوسػ
عوشػػا عبػػا بيػػنهم ليطف ػػئ ال ػػا رة فهػػذا قػػد أت ػػى
الرج ػػل بالصػػل بينهبػػا ويلتػػزـ ى ذمت ػ مػػاالً ً
عظيبػػا فكػػاف مػػن اؼبعػػروؼ ضبل ػ عن ػ مػػن الصػػدقة .لػػئبل هبحػػه ذل ػ بسػػادات القػػوـ معروفًػػا ً
اؼبصػػلحني أو يػػوهن عػزا بهم ف ػػاء اليػػرع ب باحػػة اؼبسػػألة فيهػػا وجعػػل ؽبػػم نصػػيبًا مػػن الصػػدقة
(ال ػػروض اؼبرب ػػع .)4362/4 :وم ػػن اعببي ػػل أف يص ػػرح علباؤن ػػا :أف الغ ػػارـ إلص ػػبلح ذات الب ػػني
يعطى من الزكاة لسداد غريب ولو كاف هذا اإلصبلح بني صباعتني من أهل الذمػة (انظػر :مطالػ
أوَ النهى.)443/2 :
وم ػػل هػػؤالء اؼبصػػلحني بػػني النػػاس كػػل مػػن يقػػوـ مػػن أهػػل اػبػػك ى عبػػل ميػػروع اجتبػػاع نػػافع
كبؤسس ػػة لؤليت ػػاـ أو مستي ػػفى لع ػػبلج الفق ػراء أو مس ػ د إلقام ػػة الص ػػبلة أو مدرس ػػة لتعل ػػيم
اؼبسلبني أو ما واب ذل من أعباؿ ال واػبدمة االجتباعية ف ن قد متدـ ى سبيل متػك عػاـ
لل باعة فبن حق أف يساعد من اؼباؿ العاـ ؽبا .وليس ى اليرع دليل يقصر الغارمني على من
غرم ػوا إلص ػػبلح ذات الب ػػني دوف غ ػػكهم فل ػػو ٍ ي ػػدمتل أولئ ػ ى لف ػػي "الغ ػػارمني" .لوج ػ أف
يأمتذوا حكبهم بالقياس (انظر :تفسك القرط .)274/3 :
ومعػ هػذا أف يعطػػى مػن اسػػتداف مػن أجػل هػػذخ اػبػدمات االجتباعيػػة النافعػة مػن مػػاؿ الزكػاة مػػا
يسػد بػ دينػ وإف كػػاف غنيًػػا كبػا نػػل علػػى ذلػ بعػػض اليػافعية (ذهػ بعػػض اليػػافعية إَ أف
من استداف لعبارة أو ف أسػك أو قػرى شػيه وكبػوخ يعطػى مػع الغػ إذا كػاف غنػاخ دبلػ العقػار
ال بالنقد( .انظر الروشة للنووي )349/2 :وقػاؿ الرملػ :علػى أنػ لػو قيػل :ال أثػر لغنػاخ بالنقػد
بعيدا (انظر ماية احملتاج.)455/6 : أيضا ضببلً على هذخ اؼبكرمة العاـ نفعها ٍ يكن ً ً
وإذا كػػاف النػػوع األوؿ قػػد اسػػتدانوا ؼبصػػلحة أنفسػػهم وأعينػوا عليهػػا فهػػؤالء قػػد اسػػتدانوا ؼبصػػلحة
اةتبػػع وهػػم أوَ باؼبعونػػة وإذا كػػاف األولػػوف ال يعطػػوف إال مػػع اغباجػػة فهػػؤالء يعطػػوف ولػػو مػػع
الغ (وهذا إف ٍ يكونػوا قػد دفعػوا مػن مػاؽبم فعػبلً ألمػم حينئػذ ال يكونػوف مسػتدينني كبػا قػاؿ
العلباء).
وقد ذكرنا ى مصرؼ العاملني علي حػديث( :ال ربػل الصػدقة إال ػببسػة :لغػاز ى سػبيل اهلل عػز
وجل أو لعامل عليها أو لغارـ) ..اغبديث.
وعػػن قبيصػػة بػػن ـبػػارؽ اؽبػػبلُ قػػاؿ :رببلػػز ضبالػػة فأتيػػز رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم-
أسأل فيها فقاؿ( :أقم حك تأتينا الصدقة فنأمر ل هبػا) .ه قػاؿ( :يػا قبيصػة إف اؼبسػألة ال ربػل
إال ألحػػد ثبلثػػة :رجػػل رببػػل ضبالػػة فحلػػز ل ػ اؼبسػػألة حػػك يصػػيبها ه يبس ػ -أي يكػػه عػػن
السؤاؿ -ورجػل أصػابت جا حػة (كارثػة) اجتاحػز مالػ فحلػز لػ اؼبسػألة حػك يصػي قو ًامػا مػن
سدادا من عيو -ورجل أصابت فاقة حك يقوؿ ثبلثة من ذوى اغب ا من قومػ : عيو -أو قاؿً :
سدادا من عيو- لقد أصابز فبلنًا فاقة فحلز ل اؼبسألة حك يصي قو ًاما من عيو -أو قاؿ ً
فبػا سػواهن مػن اؼبسػألة يػػا قبيصػة فسػحز يأكلهػا صػػاحبها سػحتًا) (رواخ أضبػد ومسػلم والنسػػا
وأبو داود (نيل األوطار -468/4 :طبع الع بانية).
واغببال ػػة -بف ػػت اغب ػػاء -م ػػا يتحبلػ ػ اإلنس ػػاف ويلتزمػ ػ ى ذمتػ ػ ليدفعػ ػ ى إص ػػبلح ذات الب ػػني
والسػػداد -بكسػػر السػػني -مػػا تسػػد ب ػ اغباجػػة واػبلػػل والق ػواـ مػػا تقػػوـ ب ػ حاجػػة ويسػػتغ ب ػ
(اؼبصدر السابق).
وقول ػ فػػيبن رببػػل ضبالػػة" :فحلػػز ل ػ اؼبسػػألة حػػك يصػػيبها ه يبس ػ " دليػػل علػػى أن ػ غ ػ ؛ ألف
الفقك ليس علي أف يبس حك يصي قو ًاما من عيو (انظر :تفسك القرط .)484/8 :
"وإمػػا لروعػػة مػػن اإلسػػبلـ أف يبػػد باؼبػػاؿ كػػل غػػارـ إلصػػبلح ذات البػػني وإق ػرار السػػبلـ والو ػػاـ..
وروعػػة من ػ أف يبػػد باؼبػػاؿ واؼبعونػػة أصػػحاب الك ػوارث واعب ػوا ويأمتػػذ بيػػدهم لينهض ػوا قبػػل أف
تعرؼ الدنيا بقروف نظاـ التػأمني علػى األوػياء واؼببتلكػات شػد اغبػوادث واألمتطػار ..وروعػة منػ
أف يفت ذراعي باؼبعونة للفقك الذي ييهد ثبلثة من ذوى اغب ا من قوم أن قد أصابت فاقػة ال
لكل من يظهر الفاقة ويدعى اؼبسكنة.
ػدادا مػػن
وروعػػة ه روعػػة أف هبعػػل الغايػػة مػػن إعطػػاء هػػذا وذاؾ أف يصػػي قو ًامػػا مػػن عػػيو أو سػ ً
عيو أي ما يقوـ دبعييت ويسد متلت ال ؾبرد لقيبػات يقػيم هبػا صػلب " (مػن كتػاب "العبػادة ى
اإلسبلـ" للبؤله ص -222 224الطبعة األوَ).
بقى هنا سؤاؿ :هل هبوز أف يقضى دين اؼبيز من الزكاة كبا يقضى دين اغب ؟؟.
ذك ػػر اإلم ػػاـ الن ػػووي ى ذلػ ػ وجه ػػني ى م ػػذه الي ػػافع :أح ػػدنبا :ال هب ػػوز ق ػػاؿ :وه ػػو ق ػػوؿ
الصيبري ومذه النصع وأىب حنيفة وأضبد.
وال اْ :هبوز لعبوـ اآلية وألن يص الت ع بقضاء دين كاغب وب قاؿ أبو ثور (اةبوع للنووي:
.)244/6
وكػػذل روى عػػن أضبػػد أن ػ ال هبػػوز دفػػع الزكػػاة ى قضػػاء ديػػن اؼبيػػز ألف الغػػارـ هػػو اؼبيػػز وال
يبكػػن الػػدفع إلي ػ .وإف دفعهػػا إَ غريب ػ وهػػو الػػدا ن صػػار الػػدفع إَ الغػػرٓ ال إَ الغػػارـ (اؼبغ ػ :
.)667/2
والقػػوؿ ال ػػاْ :هبػػوز لعبػػوـ اآليػػة وهػػى تيػػبل كػػل غػػارـ حيًػػا كػػاف أو ميتًػػا وألنػ يصػ التػ ع
بقضاء دين كاغب وب قاؿ مال وأبو ثور (اةبوع.)244/6 :
قػػاؿ اػبرو ػ ى وػػرح علػػى م ػ متليػػل :وال فػػرؽ ى اؼبػػدين بػػني كونػ حيًػػا أو ميتًػػا فيأمتػػذ منهػػا
السػلطاف ليقضػى هبػا ديػن اؼبيػز .بػل قػاؿ بعضػهم :ديػن اؼبيػز أحػق مػن ديػن اغبػ ى أمتػذخ مػن
الزك ػػاة .أي ألنػ ػ ال يرج ػػى قض ػػاؤخ خب ػػبلؼ اغبػ ػ (انظ ػػر و ػػرح اػبروػ ػ وحاو ػػية الع ػػدوى عليػ ػ :
.)248/2
وقاؿ القرط (تفسك القػرط " :)485/8 :قػاؿ علباؤنػا وغػكهم :يقضػى منهػا ديػن اؼبيػز ألنػ
مػػن "الغػػارمني" قػػاؿ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم( :-أنػػا أوَ بكػػل مػػؤمن مػػن نفس ػ ؛ مػػن تػػرؾ مػػاالً
ػياعا (الضػياع -بفػت الضػاد -العيػاؿ وأصػل مصػدر شػاع واؼبعػ : فؤلهل ومػن تػرؾ دينًػا أو ش ً
أيضػػا (انظػػر فقػ
ػغارا شػػا عني لفقػػرهم .ف ػ ُ وعلػ ) (متفػػق عليػ ) وهػػو مػػذه اعبعفريػػة ً تػػرؾ صػ ً
اإلماـ جعفر.)92 - 94/2 :
والػػذي نرجحػ :أف نصػػوص اليػريعة وروحهػػا ال سبنػػع قضػػاء ديػػن اؼبيػػز مػػن الزكػػاة؛ ألف اهلل تعػػاَ
جعػػل مصػػارؼ الزكػػاة نػػوعني :نػػوع ع ػ عػػن اسػػتحقاقهم بػػالبلـ الػػب تفيػػد التبلي ػ وهػػم الفق ػراء
واؼبساكني والعاملوف عليها واؼبؤلفة قلوهبم (وهؤالء هم الذين يبلكػوف) ونػوع عػ عنػ ب ػ "ى" وهػم
بقيػػة األصػػناؼ( :ى الرقػػاب والغػػارمني وو سػػبيل اهلل وابػػن السػػبيل) ..فكأنػ قػػاؿ :الصػػدقات ى
الغارمني وٍ يقل :للغارمني ..فالغارـ على هذا ال يي ط سبليك وعلى هذا هبوز الوفاء عن وهػذا
مػػا امتتػػارخ وأفػػك ب ػ وػػيمل اإلسػػبلـ ابػػن تيبيػػة (انظػػر فتػػاوى ابػػن تيبيػػة .)299/4 :ويؤيػػد هػػذا
شياعا ف ُ وعل ).
حديث( :من ترؾ دينًا أو ً
القرض اغبسن من الزكاة
بقػػى هنػػا حبػػث نػػتم بػ اغبػػديث عػػن هػػذا اؼبصػػرؼ وهػػو إعطػػاء القػػروض اغبسػػنة مػػن الزكػػاة :هػػل
قياسا للبستقرشني على الغارمني؟؟ أـ نقه عند حرفية النل وال قبيز ذل بنػاء علػى ً هبوزذل
أف الغارمني هم الذين استدانوا بالفعل.
أعتقػػد أف القيػػاس الصػػحي واؼبقاصػػد العامػػة لئلسػػبلـ ى بػػاب الزكػػاة ..ذبيػػز لنػػا القػػوؿ ب ػ قراض
احملتاجني من سهم الغارمني .على أف ينظم ذل وينيأ ل صندوؽ متاص .وبذل تسػاهم الزكػاة
مسانبة عبلية ى ؿباربة الربا ..والقضاء على الفوا د الربوية.
وهذا ما ذه إلي األساتذة :أبػو زهػرة ومتػبلؼ وحسػن ى حبػ هم عػن "الزكػاة" معللػني ذلػ بأنػ
إذا كانػػز الػػديوف العادلػػة تػػؤدى مػػن مػػاؿ الزكػػاة فػػأوَ أف تعطػػى منػ القػػروض اغبسػػنة اػباليػػة مػػن
الربا ل د إَ بيز اؼباؿ (حلقة الدراسات االجتباعية ص .)254ف علوخ من قياس األوَ.
وإَ م ل هذا الرأي ذه الباحث العبلمة الدكتور ؿببد ضبيػد اهلل اغبيػدر آبػادي األسػتاذ جبامعػة
اس ػػتانبوؿ وب ػػاريس وغكنب ػػا ى حب ػػث ل ػ بعن ػواف "بن ػػوؾ الق ػػرض ب ػػدوف رب ػػا" (ني ػرت مكتب ػػة اؼبن ػػار
بالكويز ى سلسة "كبو اقتصاد إسبلم سليم" اغبلقة ال انية) .وقد أيد رأي بأف القرآف جعػل ى
سهبا للغارمني وهم اؼبديونوف قاؿ :ومن اؼبعلوـ أن يوجد نوعاف من اؼبديونني: ميزانية الزكاة ً
-4الػذين ال يسػتطيعوف بسػب الفقػر اؼبػدقع وعػدـ الوسػا ل أف يػؤدوا مػا علػيهم مػن القػػرض ى
أجل مقدر.
-2الذين ؽبم حاجات مؤقتة .وؽبم الوسا ل ليؤدوا -ى وقز قصك -اؼبساعدة الب تلقوهػا علػى
وج الدين (انظر :ص 9 - 8من البحث اؼبذكور).
يريد األستاذ أف هبعل هذا الصنه من الغارمني ولكن كيػه وهػو قبػل أف يأمتػذ القػرض ٍ يكػن
غارما؟ .فاألرج ما سلك فقهاؤنا ال بلثة :أبو زهرة وزميبلخ أمت ًذا بقياس األوَ.
ً
الفصل السادس
ى سبيل اهلل
فهرس
سبهيد
مذه اغبنفية
مذه اؼبالكية
مذه اليافعية
مذه اغبنابلة
ع القرآف الكرٓ عن اؼبصرؼ السابع من مصارؼ الزكاة بقول (:وى سبيل اهلل) فبا اؼبقصود هبذا
اؼبصرؼ؟ ومن هم أهل الذي عنتهم اآلية؟
إف اؼبع ػ اللغػػوي األصػػل للكلبػػة واش ػ فالسػػبيل هػػو الطريػػق وسػػبيل اهلل :الطريػػق اؼبوصػػل إَ
اعتقادا وعببلً.
ً مرشات
قػػاؿ العبلمػػة ابػػن األثػػك" :السػػبيل ى األصػػل :الطريػػق .و"سػػبيل اهلل" عػػاـ يقػػع علػػى كػػل عبػػل
متالل ُسلِ َ بػ طريػق التقػرب إَ اهلل عػز وجػل بػأداء الفػرا ض والنوافػل وأنػواع التطوعػات .وإذا
أطلق فهو ى الغال واقع على اعبهاد حك صار لك رة االستعباؿ كأن مقصػور عليػ "( .النهايػة
البن األثك - 456/2 :طبع اؼبطبعة اػبكية).
وهبذا التفسك البني من ابن األثك لكلبة "سبيل اهلل" يتض لنا:
-4أف اؼبع ػ األصػػل للكلبػػة لغػػة هػػو :كػػل عبػػل متػػالل سػػل بػ طريػػق التقػػرب إَ اهلل فهػػو
ييبل صبيع األعباؿ الصاغبة فردية كانز أو صباعية.
-2أف اؼبع ػ الغال ػ للكلبػػة والػػذي يفهػػم منهػػا عنػػد اإلطػػبلؽ هػػو :اعبهػػاد حػػك صػػار لك ػػرة
استعباؽبا في كأن مقصور عليها.
وهذا ال دد بني اؼبعنيني كاف سببًا المتتبلؼ الفقهاء ى تعيني اؼبقصود من هذا اؼبصرؼ.
وؽبذا كاف اؼبع ال اْ دامتبلً ب صباع الفقهاء ى مع "سبيل اهلل".
ولكن اػببلؼ بني العلباء ى أمر آمتر وهو :هل يقصػر معػ "سػبيل اهلل" علػى اعبهػاد كبػا هػو
اؼبتبػػادر عنػػد اإلطػػبلؽ؟ أـ يت ػػاوز ذلػ فييػػبل اؼبعػ األصػػل للكلبػػة ى اللغػػة فػػبل يقػػه عنػػد
حدود اعبهاد بل ال يبقى عبل من أعباؿ ال واػبك إال دمتل في ؟
هػػذا مػػا نعرشػ فيبػػا يل ػ مبينػػني آراء الفقهػػاء وامتػػتبلفهم ى ربديػػد اؼبػراد اليػػرع هبػػذا اؼبصػػرؼ.
مرجحني ما نرى أن أوَ بالصواب .وباهلل التوفيق.
مذه اغبنفية
مذه اؼبالكية
نقػػل القاشػ ابػػن العػػرل ى "أحكػػاـ القػػرآف" -عنػػد تفسػػك( :وى سػػبيل اهلل) -عػػن مالػ قػػاؿ:
سػػبل اهلل ك ػػكة ولك ػ ال أعلػػم متبلفًػػا ى أف اؼب ػراد بػ ػ "سػػبيل اهلل" ههنػػا الغػػزو مػػن صبلػػة "سػػبيل
اهلل".
وعن ؿببد بن عبد اغبكم قاؿ :يُعطى من الصػدقة ى الكػراع والسػبلح ومػا ُوبتػاج إليػ مػن آالت
اغبػػرب وكػػه العػػدو عػػن اغبَػ ْػوزة؛ ألنػ كلػ ى سػػبيل الغػػزو ومنفعتػ .وقػػد أعطػػى النػ -صػػلى اهلل
علي وسلم -من الصػدقة ما ػة ناقػة ى نازلػة سػهل بػن أل ح بػة إطفػاءً لل ػا رة" (أحكػاـ القػرآف:
.)957/2
وى وػػرح الػػدردير علػػى "مػ متليػػل" :أف الزكػػاة يُعطػػى منهػػا اةاهػػد واؼبػراب ومػػا يلزمهبػػا مػػن آلػػة
اعبهاد بػأف ييػ ي منهػا سػبلح أو متيػل لينػازؿ عليهػا ويأمتػذ اةاهػد مػن الزكػاة ولػو كػاف غنيًػا؛
رسػل لبلطػبلع علػى عػورات ألف أمتذخ بوصػه اعبهػاد ال بوصػه الفقػر .ويُعطػى منهػا جاسػوس يُ َ
تبعا ػبليل ٍ -هبز صرؼ الزكاة لبناء سور حوؿ البلد كافرا .ولكن ً - العدو ويعلبنا هبا ولو كاف ً
ليحػػتفي ب ػ مػػن الكفػػار وال ى عبػػل مرك ػ يقاتػػل فيهػػا العػػدو (هػػذا مػػع أف الػػدردير نفس ػ ى
ورح الصغك قيّد اؼبنع من صرؼ الزكاة ى األسوار والسػفن وكبوهػا إذا كػاف لغػك جهػاد ى سػبيل
اهلل .انظر اليرح الصغك وحاوية الصاوي علي ص .)234 - 233
وذكػػر الدسػػوق ى حاوػػيت :أف اؼبنػػع مػػن بنػػاء األسػوار وصػػناعة اؼبراكػ وكبوهػػا إمبػػا هػػو قػػوؿ ابػػن
بيك وٍ يُعرؼ لغكخ .ومقابل ما ذكر عن ابن عبد اغبكم وٍ يذكر اللصبػ غػكخ واسػتظهرخ ى
التوش ػػي .وق ػػاؿ اب ػػن عب ػػد الس ػػبلـ :ه ػػو الص ػػحي (انظ ػػر الي ػػرح الكب ػػك م ػػع حاو ػػية الدس ػػوق :
.)497/4
ويبلحي على مذه اؼبالكية هنا:
-4أمم متفقوف علػى أف "سػبيل اهلل" يتعلػق بػالغزو واعبهػاد ومػا ى معنػاخ كالربػاط .أمػا اغبنفيػة
فقد امتتلفوا ما بني اعبهاد واغب وطل العلم وسا ر ال ُقَرب.
-2أمم يروف إعطاء اةاهد واؼبراب ولو كاف غنيًا خببلؼ اغبنفية .ورأيهم هنا أقرب إَ ظػاهر
القرآف حيث جعل مصرفًا مستقبلً عن مصرؼ الفقراء واؼبساكني .وأقرب إَ السنة فقد جػاء ى
اغبػػديث( :ال ربػػل الصػػدقة لغػ إال ػببسػػة) ..وذكػػر مػػنهم( :الغػػازي ى سػػبيل اهلل) وقػػد مػػر ى
الغػػارمني .وقػػد شػػعه ابػػن العػػرل رأي اغبنفيػػة ى او ػ اطهم الفقػػر ى الغػػازي وقػػاؿ :هػػذخ زيػػادة
علػػى الػػنل وعنػػدهم أف الزيػػادة علػػى الػػنل نسػػمل وال نسػػمل ى القػػرآف إال بقػػرآف م ل ػ أو مت ػ
متواتر! (انظر :أحكاـ القرآف.)957/2 :
-3أف صبهورهم هبيزوف الصرؼ ى مصاً اعبهاد كالسبلح واػبيل واألسوار والسفن اغبربية
وكبوها .وٍ يقصروا الصرؼ على أوصاص اةاهدين كبا هو مذه اغبنفية الذين يوجبوف سبلي
الزكاة ليصل معني.
واغبق أف رأي اؼبالكية هنا أليق بتعبك القرآف عن هذا اؼبصرؼ حبػرؼ "ى" -ال ب ػ "الـ" التبليػ
-ألف الظػػاهر مػػن هػػذا التعبػػك أف يكػػوف الصػػرؼ ى مصػػلحة اعبهػػاد قبػػل أف يكػػوف ألوػػصاص
اةاهدين.
مذه اليافعية
ومػذه اليػػافعية :أف "سػػبيل اهلل" -كبػػا ى اؼبنهػػاج للنػػووي ووػػرح البػػن ح ػػر اؽبي بػ -هػػم
الغزاة اؼبتطوعوف الذين ال يتقاشوف راتباً من اغبكومة أو بعبارة ابن ح ر :ال سهم ؽبػم ى ديػواف
اؼبرتزقػػة بػػل هػػم متطوعػػة يغػػزوف إذا ني ػػطوا وإال فهػػم ى حػػرفهم وصػػنا عهم قػػاؿ :و"س ػػبيل اهلل"
وشعا :الطريق اؼبوصلة إلي تعاَ ه ك ر استعبال ى اعبهاد؛ ألن سب اليهادة اؼبوصلة إَ اهلل ً
تعػاَ ه وشػػع علػػى هػػؤالء؛ ألمػم جاهػػدوا ال ى مقابػػل فكػػانوا أفضػل مػػن غػػكهم (ربفػػة احملتػػاج
بيرح اؼبنهاج 96/3 :وانظػر مايػة احملتػاج .)456 - 455/6 :فيعطػى هػؤالء مػا يعيػنهم علػى
الغزو ولو كانوا أغنياء.
ونػػل اليػػافع ى "األـ"" :ويعطػػى مػػن سػػهم "سػػبيل اهلل" جػػل وعػػز مػػن غػزا مػػن جػكاف الصػػدقة
ػكا كػػاف أو غنيًػػا وال يعطػػى منػ غػػكهم إال أف وبتػػاج إَ الػػدفع عػػنهم فيعطػػاخ مػػن دفػػع عػػنهمفقػ ً
اؼبيركني" (األـ 66/2 :ط طبع بوالؽ).
وإمبا او ط جكاف الصدقة؛ ألن ال هبوز عندخ نقل الزكاة إَ غك بلد اؼباؿ.
قاؿ النووي ى الروشة:
وأمػػا الغػػازي فيعطػػى النفقػػة والكسػػوة مػػدة الػػذهاب والرجػػوع ومػػدة اؼبقػػاـ بػػال غر وإف طػػاؿ وهػػل
يعطى صبيع اؼبؤنة أـ ما زاد بسب السفر؟ وجهاف.
فارسا وما يي ي بػ السػبلح وآالت القتػاؿ ويصػك ويعطى ما يي ي ب الفرس إف كاف يقاتل ً
ذل مل ًكا ل وهبوز أف يُستأجر ل الفرس والسبلح.
وىبتله ذل حبس ك رة اؼباؿ وقلت .وإف كاف يقاتل راجبلً فبل يعطى ليراء الفرس ..
ورجوعػا
ً ومقامػا
قاؿ النػووي ى بعػض وػروح اؼبفتػاح :أنػ يعطػى الغػازي نفقتػ ونفقػة عيالػ ذهابػاً ً
وسكز اعببهور عن نفقة العياؿ لكن أمتذها ليس ببعيد.
وق ػػاؿ :لئلم ػػاـ اػبي ػػار :إف و ػػاء دف ػػع الف ػػرس والس ػػبلح إَ الغ ػػازي سبلي ًك ػػا وإف و ػػاء اس ػػتأجر لػ ػ
مركوبػاً وإف وػػاء اوػ ى متػػيبلً مػػن هػػذا السػػهم ووقفهػػا ى سػػبيل اهلل تعػػاَ فيعػػكهم إياهػػا وقػػز
اغباجة ف ذا انقضز اس د (الروشة للنووي.)327 - 326/2 :
وحبث اليافعية هنا فيبػا إذا عػدـ الفػ ء وٍ يكػن مػع اإلمػاـ وػ ء للبرتزقػة واحتػاج اؼبسػلبوف إَ
من يكفيهم وػر الكفػار فهػل يعطػى اؼبرتزقػة مػن الزكػاة مػن سػهم "سػبيل اهلل" ؟ قػاؿ النػووي :فيػ
قوالف أظهرنبا :ال بل هب إعانتهم على أغنياء اؼبسلبني (الروشة للنووي.)324/2 :
وإذا امتنع األغنياء أو ٍ يوجد عندهم فضل أمواؿ وٍ هبد اإلماـ غك أهل الف ء فهل وبل ؽبػم
أف يأمتذوا من الزكاة كفايتهم؟
استظهر ابن ح ر ى ورح اؼبنهاج :أف ذل وبل ؽبم (ربفة احملتاج.)96/3 :
ونبلحي هنا:
أف مػػذه اليػػافعية يوافػػق مػػذه اؼبالكيػػة ى قصػػر هػػذا اؼبصػػرؼ علػػى اعبهػػاد واةاهػػدين وى
ج ػواز إعط ػػاء اةاه ػػد م ػػا يعين ػ عل ػػى اعبه ػػاد ول ػػو ك ػػاف غنيًػػا وى إج ػػازة الص ػػرؼ عل ػػى م ػػا يل ػػزـ
للب اهدين من سبلح ومعدات.
ولكن اليافعية هنا متالفوا اؼبالكية ى أمرين:
-4أمم او طوا أف يكوف اةاهدوف متطوعة وليس ؽبم سهم أو رات ى اػبزانة العامة.
السهباف األمترى من الفقراء -2أمم ال هبيزوف أف يصرؼ ى هذا السهم أك ر فبا يصرؼ على ُّ
واؼبساكني ..إٌ .بناء على قوؿ اليافع بوجوب التسوية بني األصناؼ كبػا سػنبين ى الفصػل
ال امن من هذا الباب.
مذه اغبنابلة
ومػػذه اغبنابلػػة -كبػػذه اليػػافعية -أف اؼبػراد ب ػ "سػػبيل اهلل" هػػو الغػزاة اؼبتطوعػػة الػػذين لػػيس
ؽبم رات أو ؽبم دوف ما يكفػيهم فيُعطػى اةاهػد مػنهم مػا يكفيػ لغػزوخ .ولػو كػاف غنيػاً .وإف ٍ
يغز بالفعل رد ما أمتذخ .ويتوج عندهم :أف الرباط على ال غور كالغزو كبلنبا ى سبيل اهلل.
وذكػػر ى "غايػػة اؼبنتهػػى" ووػػرح :أنػ هبػػوز لئلمػػاـ أف ييػ ي مػػن مػػاؿ الزكػػاة فرسػاً ويػػدفعها ؼبػػن
يغزو عليها ولو كاف الغازي هو صاح الزكاة نفس ؛ ألن بريء منها بدفعها لئلمػاـ .كبػا هبػوز
أيضػػا سػػفنًا وكبوهػػا لل هػػاد؛ ألمػػا مػػن حاجػػة الغػػازي ومصػػلحت وكػػل مػػا فيػ لػ أف ييػ ي منهػػا ً
مصلحة للبسلبني هبوز لئلماـ فعل ؛ ألن أدرى باؼبصاً من غكخ.
فرسػػا وببسػػها ى سػػبيل اهلل أو عقػ ًػارا يقفػ
وهػػذا خبػػبلؼ رب اؼبػػاؿ فػػبل هبػػوز لػ أف ييػ ي بزكاتػ ً
على الغزاة؛ لعدـ اإليتاء اؼبأمور ب (انظر مطال أوُ النهى.)448 - 447 / 2 :
أما اغب ففي روايتاف عن أضبد:
إحػػدانبا :أن ػ مػػن سػػبيل اهلل فيعطػػى الفقػػك مػػن الزكػػاة مػػا وب ػ ب ػ ح ػػة اإلسػػبلـ أو يعين ػ فيهػػا
غبديث أـ معقل األسدية :أف زوجها جعل بَ ْكًرا ى سبيل اهلل .وأما أرادت العبرة فسألز زوجهػا
البكر فأىب فأتز الن -صلى اهلل علي وسلم -فذكرت لػ فػأمرخ أف يعطيهػا وقػاؿ رسػوؿ اهلل -
صلى اهلل علي وسلم( :-اغب والعبػرة ى سػبيل اهلل) (رواخ أضبػد وأصػحاب السػنن وهػو شػعيه؛
متكلبػػا في ػ كبػػا أف في ػ اشػػطرابًا .وأمتػػرج أبػػو داود اغبػػديث
ً ألف ى سػػندخ رج ػبلً ؾبهػػوالً وراويًػػا
برواي ػػة أمت ػػرى وى إس ػػنادها ؿبب ػػد ب ػػن إس ػػحاؽ وه ػػو م ػػدلس وق ػػد ع ػػنعن( .انظ ػػر ني ػػل األوط ػػار:
- 484/4طبع اغبل ).
أيضا.
وقد روي هذا عن ابن عباس وابن عبر وهو قوؿ إسحاؽ ً
وال انية :أن ال يصرؼ من الزكاة ى اغب كبػا هػو قػوؿ اعببهػور قػاؿ ابػن قدامػة ى اؼبغػ :وهػذا
أص ؛ ألف سبيل اهلل عند اإلطبلؽ إمبا ينصرؼ إَ اعبهاد ف ّف كل ما ى القػرآف مػن ذكػر سػبيل
اهلل إمبا أريد ب اعبهاد إال اليسك في أف ُوببل ما ى اآلية على ذلػ ؛ ألف الظػاهر إرادتػ بػ
وألف الزكػػاة إمبػػا تصػػرؼ إَ أحػػد رجلػػني :ؿبتػػاج إليهػػا كػػالفقراء واؼبسػػاكني وى الرقػػاب والغػػارمني
لقضػػاء ديػػومم أو فبػػن وبتػػاج إليػ اؼبسػػلبوف كالعامػػل والغػػازي واؼبؤلػػه والغػػارـ إلصػػبلح ذات
أيضػا؛ ألف الفقػك ال البني .واغب للفقك ال نفع للبسلبني في وال حاجػة هبػم إليػ وال حاجػة بػ ً
فػػرض عليػ فيسػػقط وال مصػػلحة لػ ى إهبابػ عليػ وتكليفػ ميػػقة قػػد رفهػ اهلل منهػػا .ومتفػػه
عن إهباهبا وتوفك هذا القدر على ذوي اغباجة من سا ر األصناؼ .أو دفع ى مصاً اؼبسلبني
أوَ" (اؼبغ البن قدامة - 47/6 :طبع اإلماـ).
وهذا التوجي النَػ رك العبيق ال وبتاج إَ تعليق.
أم ػػا اغب ػػديث ال ػػذي اس ػػتندت إلي ػ الروايػػة األمت ػػرى ع ػػن أضب ػػد فق ػػد ش ػػعه س ػػندخ وعل ػػى ف ػػرض
التسليم بصحت فقد أجاب عن بعض اليافعية بأنػا ال مبنػع أف يقػاؿ :اغبػ مػن سػبيل اهلل وإمبػا
الن ػزاع ى "س ػػبيل اهلل" ى آيػػة( :إمبػػا الصػػدقات) وح ػػديث ( :ال ربػػل الص ػػدقة إال ػببسػػة) وذكػػر
منها( :الغازي ى سبيل اهلل) يدؿ على اؼبراد ى اآلية .على أف ى أصل داللة ذلػ اغبػديث علػى
نظرا؛ ألف الػذي فيػ إعطػاء بعػك ُجعِ َػل صػدقة ى سػبيل اهلل كبػا ى روايػة أو أوصػى بػ الدعوى ً
لسػبيل اهلل -كبػا ى أمتػرى -ؼبػن وبػ عليػ فلػو اف شػنا أنػ بعػك زكػاة فيُحتبػل أف يكػوف َمػػن
ػكا يسػػتحق االنتفػػاع ب ػ أو أن ػ أركب ػ مػػن غػػك سبلي ػ ل ػ وال سبل ػ (انظػػر ربفػػة احملتػػاج:
أعطي ػ فقػ ً
.)96/3
يبلحي فبا نقلناخ عن اؼبذاه األربعة أما اتفقز ى هذا اؼبصرؼ على أمور ثبلثة:
قطعا.
-4أف اعبهاد دامتل ى سبيل اهلل ً
-2ميػروعية الصػػرؼ مػػن الزكػػاة ألوػػصاص اةاهػػدين خبػػبلؼ الصػػرؼ ؼبصػػاً اعبهػػاد ومعداتػ
فقد امتتلفوا في .
-3عدـ جواز صرؼ الزكاة ى جهات اػبك واإلصبلح العامة من بناء السدود والقناطر وإنياء
اؼبسػػاجد واؼبػػدارس وإصػػبلح الطػػرؽ وتكفػػني اؼبػػوتى وكبػػو ذل ػ .وإمبػػا ع ػ ء هػػذخ األمػػور علػػى
موارد بيز اؼباؿ األمترى من الف ء واػبراج وغكها.
وإمبػػا ٍ هبػػز الصػػرؼ ى هػػذخ األمػػور لعػػدـ التبلي ػ فيهػػا كبػػا يقػػوؿ اغبنفيػػة أو ػبروجهػػا عػػن
اؼبصارؼ ال بانية كبا يقوؿ غكهم.
أمػػا مػػا نقػػل عػػن "البػػدا ع" مػػن تفسػػكخ جببيػػع ال ُقػ َػرب والطاعػػات فقػػد او ػ ط في ػ سبلي ػ الزكػػاة
فقكا ؽبذا ال ىبرج هذا الرأي عن ليصل فبل تعطى عبهة عامة كبا او ط أف يكوف اليصل ً
دا رة اؼبضيقني ى مدلوؿ "سبيل اهلل".
وانفرد أبو حنيفة باو اط الفقر ى اةاهد .كبا انفرد أضبد جبواز الصرؼ للح اج والُعبار.
واتفق اليافعية واغبنابلة على او اط أف يكوف اةاهدوف الذين يأمتذوف الزكاة من اؼبتطوعني غػك
اؼبرتبني ى الديواف.
واتفق -ما عدا اغبنفية -على ميروعية الصرؼ على مصاً اعبهاد ى اعببلة.
ومن العلباء -قديبًا وحديًا -من توسع ى مع "سبيل اهلل" فلم يقصرخ على اعبهاد ومػا يتعلػق
ب بل فسرخ دبا ييبل سا ر اؼبصاً والقربات وأعباؿ اػبك وال وف ًقا للبدلوؿ األصل للكلبػة
وشعا.
ً
ما نقل القفاؿ عن بعض الفقهاء:
مػن ذلػ مػػا نبػ عليػ اإلمػػاـ الػرازي ى تفسػكخ حيػػث ذكػػر :أف ظػػاهر اللفػػي ى قولػ تعػػاَ( :وى
سػػبيل اهلل) ال يوجػ القصػػر علػػى الغػزاة .ه قػػاؿ :فلهػػذا اؼبعػ نقػػل القفػػاؿ ى تفسػػكخ عػػن بعػػض
الفقهػػاء :أمػػا أجػػازوا صػػرؼ الصػػدقات إَ صبيػػع وجػػوخ اػبػػك :مػػن تكفػػني اؼبػػوتى وبنػػاء اغبصػػوف
وعب ػػارة اؼبس ػػاجد؛ ألف قول ػ ( :وى س ػػبيل اهلل) ع ػػاـ ى الك ػػل (تفس ػػك الفص ػػر ال ػرازي 443/46
)أ.هػ.
وٍ يبني لنا من هم هؤالء الفقهػاء ولكػن احملققػني مػن العلبػاء ال يطلقػوف وصػه الفقيػ إال علػى
اةتهد .كبا أف الرازي ٍ يعق على نقل القفاؿ بي ء فبا يوح دبيل إلي .
ونس ػ ابػػن قدامػػة ى "اؼبغ ػ " هػػذا ال ػرأي إَ أنػػس بػػن مال ػ واغبسػػن البصػػري .فقػػد قػػاال" :مػػا
أعطيز ى اعبسور والطرؽ فه صدقة ماشية" (اؼبغ .)467/2 :
فػػدلز هػػذخ العبػػارة علػػى ج ػواز صػػرؼ الزكػػاة ى إنيػػاء اعبسػػور والطػػرؽ وإصػػبلحها فهػ صػػدقة
ماشية ..أي جا زة ومقبولة.
ولكػػن أبػػا عبيػػد روى عنهبػػا العبػػارة اؼبػػذكورة دال ػة علػػى مع ػ آمتػػر .فقػػد ذكػػر أف اؼبسػػلم إذا مػػر
صػلوف معينػوف مػن بصدقت على العاور فقبضػها منػ ذبز ػ مػن الزكػاة .وكػاف العاوػروف -وهػم ؿب ر
قِبَل وُ األمر -يقفوف ى اعبسور والطرؽ ليأمتذوا من ذبار أهل اغبػرب اؼبسػتأمنني وأهػل الذمػة
واؼبسلبني ما هو مفػروض علػيهم مػن شػرا ذباريػة أوػب دبػا نسػبي اآلف "الضػرا اعببركيػة"
فقػػد كػػانوا يقفػػوف علػػى اغبػػدود غالبًػػا .وروى أبػػو عبيػػد مػػن أق ػواؿ التػػابعني ومػػن بعػػدهم ك ػ براهيم
واليػػع وأل جعفػػر البػػاقر -ؿببػػد بػػن عل ػ -مػػا يؤكػػد هػػذا اؼبع ػ وهػػو احتسػػاب مػػا يأمتػػذخ
العاور من الزكاة وقد جػاء عػن اغبسػن نفسػ صػروبًا .علػى متػبلؼ مػا قػاؿ ميبػوف بػن مهػراف ى
ذل :إن ىبرج زكاة مال وال يعتد دبا أمتذ من .ولكػن أبػا عبيػد قػاؿ :واألمػر عنػدنا علػى مػا قػاؿ
أن ػػس واغبس ػػن وإبػ ػراهيم والي ػػع وؿبب ػػد ب ػػن علػ ػ وعليػ ػ الن ػػاس (انظ ػػر األمػ ػواؿ ص - 573
.)575
وكذل رواخ ابن أل ويبة (ى اؼبصنه )466/3( :طبع حيدرآباد ونل الروايػة :مػا أمتػذ منػ
علػػى اعبسػػور والقنػػاطر فتلػ زكػػاة قاشػػية) .عنهبػػا ى "بػػاب مػػن قػػاؿ :وبتسػ دبػػا أمتػػذ العاوػػر"
كبا صػنع أبػو عبيػد وعلػى هػذا ال تسػتقيم نسػبة الػرأي الػذي ذكػرخ ابػن قدامػة إَ أنػس واغبسػن
رش اهلل عنهبا.
وى "اؼبصتصر النافع" من كت اإلمامية اعبعفرية .قػاؿ( :وى سػبيل اهلل) وهػو كػل مػا كػاف قربػة أو
مصلحة كاغب واعبهاد وبناء القناطر وقيل :ىبتل باعبهاد (اؼبصتصر النافع ص - 59طبع دار
الكتاب العرل -القاهرة).
وى "ج ػواهر الكػػبلـ ى و ػرا ع اإلسػػبلـ" وهػػو مػػن موسػػوعات الفق ػ اعبعفػػري ذكػػر أف اؼبصػػاً
كبناء القناطر واؼبساجد واغب وصبيع ُسبُل اػبك تدمتل ى سػبيل اهلل وأف عليػ عامػة اؼبتػأمترين.
وأيد ذل بأن مقتضى اللفي؛ ألف السبيل هو الطريق ف ذا أشيه إَ اهلل كاف عبارة عن كل ما
يكػػوف وسػػيلة إَ ربصػػيل رشػػا اهلل وثوابػ فيتنػػاوؿ اعبهػػاد وغػػكخ (جػواهر الكػػبلـ 79/2 :وانظػػر
ورا ع اإلسبلـ للحل - 87/4 :طبع دار مكتبة اغبياة .وفق اإلماـ جعفر .)92/2 :
عند الزيدية:
وجػػاء ى "الػػروض النضػػك" -مػػن كتػ الزيديػػة -ى وػػرح مػػا جػػاء عػػن اإلمػػاـ زيػػد :أف الزكػػاة ال
يعطى منها ى كفن اؼبيز وال بناء مس د .قاؿ :وذهػ مػن أجػاز ذلػ إَ االسػتدالؿ بػدمتوؽبا
ى صػنه "سػػبيل اهلل" إذ هػػو طريػق اػبػػك علػػى العبػوـ وإف ك ػػر اسػػتعبال ى فػرد مػػن مدلوالتػ .
وهو اعبهاد لك رة عروش ى أوؿ اإلسبلـ -كبػا ى نظػا رخ -لكػن ال إَ حػد اغبقيقػة العرفيػة
فهػػو بػػاؽ علػػى الوشػػع األوؿ فيػػدمتل فيػ صبيػػع أنػواع القػػرب علػػى مػػا يقتضػػي النظػػر ى اؼبصػػاً
العامة واػباصة إال ما متص الدليل .وهو ظاهر عبػارة "البحػر" ى قولػ :قلنػا :ظػاهر "سػبيل اهلل"
العبوـ إال ما متص الدليل (الروض النضك 428/2 :والبحر.)482/2 :
فهذا يدؿ على أف صاح "البحر" و"الروض" رجحا التوسع ى مع "سبيل اهلل".
وى ورح األزهار :أن هبوز ى هذا الصنه أف تصرؼ فضلة نصيب من الزكاة ى مصاً اؼبسلبني
العامػػة .نػػل علػػى ذل ػ اإلمػػاـ اؽبػػادي .قػػاؿ أبػػو طال ػ :وإمبػػا يصػػرؼ فيهػػذخ اؼبصػػاً مػػع غنػػاء
الفقػراء فأمػػا لػػو كػػاف َه فقػػك ؿبتػػاج كػػاف أحػػق بالزكػػاة .ورأي بعضػػهم أف هػػذا اليػػرط علػػى طريػػق
االستحباب وإال فلو صرؼ مع وجود الفقراء جاز.
متاصػا دبػا فضػل مػن سػبيل اهللونقل ى حواو األزهار عن البحر :أف الصرؼ ى اؼبصاً ليس ً
بل يصرؼ ما فضل من سهاـ ال بانية ى اؼبصػاً كبػا يُصػرؼ للفقػك مػن أمػواؿ اؼبصػاً (انظػر:
ورح األزهار وحواوي ص .)446 - 445
ذكر الييمل صباؿ الدين القاظب -رضب اهلل -ى تفسػكخ مػا ذكػرخ الػرازي مػن أف ظػاهر اللفػي ال
يوج ػ القصػػر علػػى الغػزاة ومػػا نقل ػ القفػػاؿ عػػن بعػػض الفقهػػاء ى ذلػ ه ذكػػر قػػوؿ صػػاح
"التػػاج"" :كػػل سػػبيل أريػػد بػ اهلل عػػز وجػػل -وهػػو بػػر -دامتػػل ى سػػبيل اهلل" (ؿباسػػن التأويػػل:
.) 3484/7وسكز عػن هػذخ النقػوؿ وٍ يعقػ عليهػا وهػو يػوح دبوافقػة شػبنية أو بعػدـ
االع اض.
أما السيد رويد رشا -صاح اؼبنار -رضبة اهلل .فقد قاؿ ى تفسك آية اؼبصارؼ ما نص :
"التحقيق أف سبيل اهلل هنا :مصاً اؼبسلبني العامػة الػب هبػا قػواـ أمػر الػدين والدولػة دوف األفػراد.
وأف ح األفراد ليس منها؛ ألن واج على اؼبستطيع دوف غكخ وهو من الفرا ض العينية بيرط
كالصػػبلة والصػػياـ ال مػػن اؼبصػػاً الدينيػػة الدوليػػة … ولكػػن وػػعكة اغبػ وإقامػػة األمػػة ؽبػػا منهػػا
في ػػوز الصػػرؼ مػػن هػػذا السػػهم علػػى ت ػػأمني طػػرؽ اغب ػ وتػػوفك اؼبػػاء والغػػذاء وأسػػباب الص ػػحة
للح اج إف ٍ يوجد لذل مصرؼ آمتر (تفسك اؼبنار - 585/4 :الطبعة ال انية).
وذكر صاح اؼبنار -بعد ذل بقليل (اؼبصدر السابق ص - )587أف سبيل اهلل ييبل سا ر
اؼبص ػػاً الي ػػرعية العام ػػة ال ػػب ه ػ م ػػبلؾ أم ػػر ال ػػدين والدول ػػة .وأوليه ػػا وأوؽب ػػا بالتق ػػدٓ االس ػػتعداد
للحػػرب لي ػراء السػػبلح وأغذيػػة اعبنػػد وأدوات النقػػل وذبهيػػز الغ ػزاة ( وهػػذا بالنسػػبة للحػػرب
اإلسػػبلمية واعبيػػوش اإلسػػبلمية الػػب تقاتػػل إلعػػبلء كلبػػة اهلل فحسػ ) وتقػػدـ م لػ عػػن ؿببػػد بػػن
عبػػد اغبك ػػم ولك ػػن ال ػػذي هبهػػز ب ػ الغ ػػازي يع ػػود بع ػػد اغبػػرب إَ بيػػز اؼب ػػاؿ إف كػػاف فبػػا يبق ػػى
كالسػػبلح واػبيػػل وغػػك ذل ػ ؛ ألنػ ال يبلك ػ دا ب ػاً بصػػفة الغػػزو الػػب قامػػز بػ بػػل يسػػتعبل ى
سبيل اهلل ويبقى بعد زواؿ تل الصفة عن ى سبيل اهلل ويػدمتل ى عبومػ إنيػاء اؼبستيػفيات
العسػػكرية وكػػذا اػبكيػػة العامػػة وإوػراع الطػػرؽ وتعبيػػدها ومػػد اػبطػػوط اغبديديػػة العسػػكرية -ال
الت ارية -ومنها بناء البوارج اؼبدرعة واؼبطارات اغبربية واغبصوف واػبنػادؽ ومػن أهػم مػا يُنفػق ى
سػػبيل اهلل ى زماننػػا هػػذا إعػػداد الػػدعاة إَ اإلسػػبلـ وإرسػػاؽبم إَ بػػبلد الكفػػار مػػن قبػػل صبعيػػات
منظبػػة سبػػدهم باؼبػػاؿ الكػػاى كبػػا يفعلػ الكفػػار ى تبيػػك ديػػنهم .وقػػد بينػػا تفصػػيل هػػذخ اؼبصػػلحة
العظيبة ى تفسك قول تعاَ( :ولتكن منكم أمة يدعوف إَ اػبك) (آؿ عبراف )464 :أ.هػ.
وكذا فسر الييمل ؿببود ولتوت -رضب اهلل" -سبيل اهلل" بأن " :اؼبصاً العامػة الػب ال ملػ فيهػا
ألح ػػد وال ػػب ال ىب ػػتل باالنتف ػػاع هب ػػا أح ػػد فبلكه ػػا هلل ومنفعته ػػا ػبل ػػق اهلل وأواله ػػا وأحقه ػػا:
التكػػوين اغبػػرل الػػذي تػػرد ب ػ األمػػة البغ ػ وربفػػي الكرامػػة وييػػبل العػػدد والعُػػدة علػػى أحػػدث
اؼبص عػػات البيػرية وييػػبل اؼبستيػػفيات عسػػكرية ومدنيػػة وييػػبل تعبيػػد الطػػرؽ ومػػد اػبطػػوط
اغبديديػػة وغػػك ذل ػ فبػػا يعرف ػ أهػػل اغبػػرب واؼبيػػداف .وييػػبل اإلعػػداد القػػوي الناش ػ لػػدعاة
إس ػػبلميني يُظه ػػروف صب ػػاؿ اإلس ػػبلـ وظباحتػ ػ ويفس ػػروف حكبتػ ػ ويبلغ ػػوف أحكامػ ػ ويتعقب ػػوف
مهاصبة اػبصوـ ؼبباد دبا يرد كيدهم إَ كبورهم.
"وكذل ييبل العبل على دواـ الوسا ل الػب يسػتبر هبػا حفظػة القػرآف الػذين تػواتر -ويتػواتر -
هبم نقل كبا أنزؿ من عهد وحي إَ اليػوـ وإَ يػوـ الػدين إف وػاء اهلل" أ.ه ػ( .اإلسػبلـ عقيػدة
ووريعة ص 98 - 97طبع األزهر).
وهو تأييد ؼبا ذه إلي صاح اؼبنار رضب اهلل.
وعلػػى هػػذا األسػػاس أفػػك مػػن سػػأل عػػن ج ػواز صػػرؼ الزكػػاة ى بنػػاء اؼبسػػاجد فكػػاف جواب ػ " :إف
اؼبس د الذي يراد إنياؤخ أو تعبكخ إذا كاف هو اؼبس د الوحيد ى القرية .أو كاف هبا غكخ ولكن
ػرعا ص ػػرؼ الزك ػػاة لبن ػػاء ه ػػذا اؼبسػ ػ د أو
يض ػػيق بأهله ػػا ووبت ػػاجوف إَ مسػ ػ د آمت ػػر صػ ػ و ػ ً
إصػبلح والصػرؼ علػى اؼبسػ د ى تلػ اغبالػة يكػوف مػن اؼبصػرؼ الػذي ذكػر ى آيػة اؼبصػارؼ
الواردة ى سورة التوبة باسم "سبيل اهلل" .
وهػذا مبػ علػى امتتيػار أف اؼبقصػػود بكلبػة " سػبيل اهلل" اؼبصػاً العامػػة الػب ينتفػع هبػا اؼبسػػلبوف
كاف ػػة وال زب ػػل واح ػ ًػدا بعينػ ػ فتي ػػبل اؼبس ػػاجد واؼبستي ػػفيات ودور التعل ػػيم ومص ػػانع اغبدي ػػد
والذمتكة وما إليها فبا يعود نفع على اعبباعػة .وأحػ أف أقػرر هنػا أف اؼبسػألة ؿبػل متػبلؼ بػني
العلباء (ه ذكر الييمل ما نقل الرازي ى تفسكخ عن القفاؿ من صرؼ الصدقات ى صبيع وجوخ
اػبػػك ) ...إَ أف قػػاؿ " :وهػػذا مػػا أمتتػػارخ وأطبػػئن إليػ وأفػػب بػ ولكػػن مػػع القيػػد الػػذي ذكرنػػاخ
بالنسبة للبساجد وهو أف يكػوف اؼبسػ د ال يغػ عنػ غػكخ وإال كػاف الصػرؼ إَ غػك اؼبسػ د
أوَ وأحق" أ هػ (الفتاوى للييمل ولتوت ص - 249طبع األزهر).
فتوى ـبلوؼ:
وسػػئل اليػػيمل حسػػنني ـبلػػوؼ مفػػب الػػديار اؼبص ػرية األسػػبق عػػن ج ػواز الػػدفع لػػبعض اعببعيػػات
ػتندا إَ مػا نقلػ الػرازي عػن القفػاؿ وغػكخ ى معػاػبكية اإلسبلمية من الزكاة .فػأفك بػاعبواز مس ً
"سبيل اهلل" (انظر :فتاوى ورعية للييمل ـبلوؼ اعبزء ال اْ).
موازنة وترجي
بعػػد أف ذكرنػػا أق ػواؿ اؼبػػذاه األربعػػة الػػب قصػػر أغلبهػػا "سػػبيل اهلل" علػػى اعبهػػاد ومػػا ى معنػػاخ
احملدثني الذي توسعوا ى مدلوؿ سبيل اهلل يلزمنا أف نبػني أي وذكرنا أقواؿ اآلمترين من القدام و َ
الوجهتني أوَ بالصواب وأحق بال جي .
لقد اعتبد اؼبو رسعوف على دليل واش هو اؼبع الوشع األصل للفظة "سػبيل اهلل" فهػ تيػبل
كل عبل متػكي .وكػل مػا يعػود علػى اؼبسػلبني باؼبنفعػة فأجػازوا -علػى هػذا -الصػرؼ ى بنػاء
اؼبساجد واؼبدارس واؼبستيفيات وى كل اؼبيروعات اإلنيا ية اػبكية.
أما اعببهور من فقهاء اؼبذاه األربعة فقد منعوا ذل معتبدين على دليلني:
األوؿ :وهػػو الػػذي عليػ عػػوؿ اغبنفيػػة -أف ركػػن الزكػػاة هػػو التبليػ وهػػو منعػػدـ ى الصػػرؼ إَ
جهات اػبك الب ال ملكية فيها ألحػد .والػدليل علػى ركنيػة التبليػ :أف اهلل تعػاَ ظباهػا صػدقة
وحقيقة الصدقة سبلي اؼباؿ للفقك (فت القدير.)26/2 :
ال ػػاْ :أف األمػػور اؼبػػذكورة مػػن بنػػاء اؼبسػػاجد واؼبػػدارس والسػػقايات وكبوهػػا ليسػػز مػػن اؼبصػػارؼ
ال باني ػػة ال ػػب ح ػػددها الق ػػرآف بقول ػ تع ػػاَ( :إمب ػػا الص ػػدقات للفق ػراء) ...اآلي ػػة و"إمب ػػا" للحص ػػر
واإلثبات ت بز اؼبذكور وتنف ما عداخ .وغبديث( :إف اهلل تعاَ حكم فيها ف زأها شبانية أجزاء)
....اغبديث وهذا ما اعتبد علي ابن قدامة ى اؼبغ (اؼبغ .)467/2 :
أما الدليل األوؿ ففي نظػر ؼبػا ذكرنػا مػن قبػل :أف اؼبصػارؼ الػب عػ عنهػا القػرآف حبػرؼ "ى" ال
يي ط فيها التبلي .وعلى هذا أفك من الفقهاء من أفك جبواز إعتاؽ الرقاب وقضاء دين اؼبيػز
من الزكاة مع انعداـ التبلي .ه إف التبلي يتحقق ب عطاء الزكػاة ألوُ األمػر ولػيس بػبلزـ أف
يضعها اؼبال ى يد الفقك ف ذا قبضها اإلماـ أو نا ب كاف ل أف يصرفها ى هذخ األمور.
أما الدليل ال اْ القا م علػى حصػر اؼبصػارؼ ى شبانيػة فلػيس بكػاؼ ى الػرد علػى اؼبتوسػعني مػا
داـ هػػؤالء يقولػػوف :إف هػػذخ األمػػور مػػن بنػػاء اؼبسػػاجد وغكهػػا هػ مػػن "سػػبيل اهلل" فلػػم زبػػرج عػػن
اؼبص ػػارؼ ال ػػب حص ػػرها اهلل .ب ػ ػ "إمب ػػا" ..ولك ػػن ال ػػرد الص ػػحي عل ػػى الق ػػا لني هب ػػذا ال ػرأي يك ػػوف
بتحديػػد اؼبػراد مػػن "سػػبيل اهلل" هػػل هػػو متػػاص بػػالغزو والقتػػاؿ -كبػػا هػػو رأي اعببهػػور -أـ هػػو
عاـ ييبل كل بر ومتك وقربة -كبا هو رأي من ذكرنا -وكبا يدؿ علي عبوـ اللفي.
ربديدا دقي ًقػا علينػا أف نسػتعرض مػوارد هػذخ الكلبػة ى القػرآف لنبػني مػاذا ولك كبدد هذا اؼبراد ً
يراد هبا حيث وردت فصك ما يفسر القرآف بالقرآف.
ذكػرت كلبػة " :ى سػبيل اهلل" ى القػرآف العزيػز بض ًػعا وسػتني مػرة (راجػع اؼبع ػم اؼبفهػرس أللفػػاظ
القرآف الكرٓ) .وقد جاء ذكرها على طريقتني:
-4فتارة ذبر حبرؼ "ى" (ى سبيل اهلل) ..كبا ى آية مصارؼ الزكاة هذخ وهو أك ر ما ورد ى
موشعا من القرآف.
القرآف وتارة ذبر حبرؼ "عن"( :عن سبيل اهلل) ..وذل ى ثبلثة وعيرين ً
وى هذخ اؼبواشع جاءت بعد واحد من فعلني إما الصد م ل( :إف الذين كفػروا وصػدوا عػن سػبيل
اهلل قػػد شػػلوا شػػبلالً بعيػ ًػدا) (النسػػاء( .. )467 :إف الػػذين كفػػروا ينفقػػوف أم ػواؽبم ليصػػدوا عػػن
سبيل اهلل) (األنفاؿ .) 36وإمػا اإلشػبلؿ م ػل( :ومػن النػاس مػن ييػ ي ؽبػو اغبػديث ليضػل عػن
سبيل اهلل) (لقباف.) 6 :
-2وحينبا ذبر بػ "ى" -وهو أك ر ما ورد ى القرآف -يكوف ذل بعػد فعػل اإلنفػاؽ( :وأنفقػوا
ى س ػػبيل اهلل) (البق ػػرة ) 495 :أو اؽب ػػرة( :وال ػػذين ه ػػاجروا ى س ػػبيل اهلل) (اغبػ ػ ) 58 :أو
اعبهػػاد( :وجاهػػدوا ى سػػبيل اهلل) (البقػػرة ) 248 :أو القتػػاؿ أو القتػػل( :يقػػاتلوف ى سػػبيل اهلل
فيَػ ْقتُلوف ُوي ْقتّلػوف) (التوبػة( )44 :وال تقولػوا ؼبػن يقتػل ى سػبيل اهلل أمػوات) (البقػرة )454 :أو
اؼبصبصة أو الضرب وما ييبهها .فبا اؼبراد بػ "سبيل اهلل" ى آيات القرآف؟
إف "السبيل" ى اللغة هو الطريق .و"سبيل اهلل" هو الطريق اؼبوصػل إَ رشػاخ وم وبتػ وهػو الػذي
بعػػث النبيػػني ليهػػدوا اػبلػػق إلي ػ وأمػػر متػػام رسػػل بالػػدعوة إلي ػ ( :ادع إَ سػػبيل رب ػ باغبكبػػة
واؼبوعظة اغبسنة) (النحل ) 425 :وأف يعلن ى الناس( :هذخ سبيل أدعوا إَ اهلل على بصكة
أنا ومن اتبع ) (يوسه.) 468:
وهناؾ سبيل آمتر مضاد هو سبيل الطاغوت وهو الذي يػدعو إليػ إبلػيس وجنػودخ وهػو الػذي
ينته بصاحب إَ النار وسص اهلل وقد قاؿ اهلل تعاَ مقارنًا بني الطػريقني وأصػحاهببا( :الػذين
آمنوا يقاتلوف ى سبيل اهلل والذين كفروا يقاتلوف ى سبيل الطاغوت) (النساء .) 76
وسبيل اهلل :دعات قليلوف وأعداؤخ الصادوف عن ك كوف( :ينفقوف أمواؽبم ليصدوا عن سػبيل اهلل)
(األنفاؿ( .)36 :ومن الناس من ييػ ي ؽبػو اغبػديث ليضػل عػن سػبيل اهلل) (لقبػاف( .)6 :وإف
تطػػع أك ػػر مػػن ى األرض يضػػلوؾ عػػن سػػبيل اهلل) (األنعػػاـ .)446 :هػػذا إَ أف تكػػاليه هػػذا
الطريػق ذبعػل أهػواء النفػػوس ـبالفػة لػ صػادة عنػ وؽبػذا جػاء التحػذير مػػن اتبػاع اؽبػوى( :وال تتبػػع
اؽبوى فيضل عن سبيل اهلل) (سورة ص.)26 :
وإذا كاف أعداء اهلل يبذلوف جهودهم وأمواؽبم ليصدوا عن "سبيل اهلل" فػ ف واجػ أنصػار اهلل مػن
اؼبؤمنني أف يبذلوا جهودهم وينفقوا أمواؽبم ى "سبيل اهلل" وهذا ما فرش اإلسبلـ ف عل جػزءًا
من الزكاة اؼبفروشة ىبصل ؽبذا اؼبصرؼ اػبطك " ى سبيل اهلل" .كبا حث اؼبؤمنني بصفة عامة
على إنفاؽ أمواؽبم ى "سبيل اهلل".
مع "سبيل اهلل" إذا قرف باإلنفاؽ
رأينا فيبا سبق أف القوؿ اؼبيهور واؼبعتبػد ى اؼبػذاه األربعػة :أف سػبيل اهلل معنػاخ الغػزو واعبهػاد
باؼبع العسكري اغبػرل .وبعبػارة أمتػرى :سػبيل اهلل هػ اغبػرب اإلسػبلمية م ػل حػروب الصػحابة
والتابعني ؽبم ب حساف الب متاشوها باسم اهلل .وربز راية القرآف وهدفهم أف ىبرجوا النػاس مػن
عبادة اػبلق إَ عبادة اهلل وحدخ ومن شيق العيو إَ سعة اغبيػاة ومػن جػور األديػاف إَ عػدؿ
اإلسبلـ.
ويتصػػور بعػػض النػػاس أف هػػذخ اغبػػرب لػػيس ؽبػػا وجػػود اليػػوـ وٍ يكػػن ؽبػػا وجػػود منػػذ أمػػد طويػػل.
واغبروب الب تندلع ى أوطاف اؼبسلبني اليوـ ومنػذ زمػن ليسػز حروبًػا إسػبلمية ىبوشػها مسػلبوف
شد كفار إمبا ه حروب وطنية قومية ىبوشها قوـ شد من اعتدوا على وطنهم أو قومهم .فه
إذف حػػروب دنيويػػة ال صػػلة ؽبػػا بالػػدين .وؽبػػذا ال تعت ػ "ى سػػبيل اهلل" فػػبل وبػػل للبسػػلم صػػرؼ
الزكاة إليها.
هذا ما يتصورخ بعض اؼبسلبني ويقولون .وهو كبلـ وبتاج إَ ربقيق وسبحيل حك يعرؼ صواب
من متطئ .
ػورا ى الصػ ػػورة الػ ػػب عرفػ ػػز ى ح ػ ػػروبإف اغبػ ػػرب ا ٍإلسػ ػػبلمية أو اعبهػ ػػاد اإلسػ ػػبلم ل ػ ػػيس ؿبصػ ػ ً
الصػػحابة تل ػ اغبػػروب الػػب وػػنز إلزالػػة القػػوى الطاغيػػة اؼبت ػ ة الػػب صػػدت عػػن سػػبيل اهلل
بالعنه وقاومز دعوة اهلل بالسػيه وقتلػز دعاهتػا بػالظلم والغػدر .تلػ اغبػروب الػب ٍ يعػرؼ
الت ػػاريمل ؽب ػػا م ػػيبلً ى غاياهت ػػا وال ى آداهب ػػا وال ى نتا ه ػػا وآثاره ػػا .فق ػػد كان ػػز حروبًػػا لتحري ػػر
عبيدا ؽبم.
اليعوب من تسل اؼبتأؽبني والطواغيز الذين أرادوا أف يتصذوا عباد اهلل ً
إمػػا صػػورة را عػػة -وال و ػ -للحػػرب اإلسػػبلمية ولل هػػاد اإلسػػبلم ولكنهػػا ليسػػز الصػػورة
الوحيػػدة .فقػػد وػػهد التػػاريمل اإلسػػبلم حروبًػػا ومعػػارؾ أمتػػرى وقػػه فيهػػا اإلسػػبلـ وأهل ػ موقػػه
الػػدفاع عػػن الػػذات واغبرمػػات واألرض واؼبقدسػػات .وقامػػز معػػارؾ لئلسػػبلـ مػػع أعدا ػ ال تقػػل
قدسية عن معارؾ الصحابة والتابعني .تل اؼبعارؾ الب ؼبعز فيها أظباء عباد الدين زنك ونػور
الدين ؿببود وصبلح الدين وقطز والظػاهر بيػ س وغػكهم .إمػا معػارؾ حطػني وبيػز اؼبقػدس
وعني جالوت وغكها .معارؾ إنقاذ األرض اإلسبلمية من أيدي التتار والصليبيني الغزاة.
وإذا كاف جهاد الصحابة والتابعني من أجل دعوة اإلسػبلـ فػ ف جهػاد نػور الػدين وصػبلح الػدين
وقط ػػز م ػػن أج ػػل دار اإلس ػػبلـ .واعبه ػػاد كب ػػا يف ػػرض غبباي ػػة العقي ػػدة اإلس ػػبلمية يف ػػرض غبباي ػػة
األرض اإلسبلمية .والعقيد اإلسبلمية كاألرض اإلسبلمية كلتانبا هب أف ربفي وتصاف مػن كػل
عدواف.
وإمبػػا نزلػػز األرض هػػذخ اؼبنزلػػة وجعػػل الػػدفاع عنهػػا عبػػادة وفريضػػة مقدسػػة ؛ ألمػػا "دار اإلسػػبلـ"
وضبػػاخ ووعػػاؤخ .ال ؾبػػرد أمػػا أرض اآلبػػاء واألجػػداد .فاؼبسػػلم قػػد يه ػػر وطػػن آبا ػ وأجػػدادخ علػػى
حب ل وتعلق ب إذا ٍ يكن لئلسبلـ في راية ترفع .وال كلبة تسبع كبا فعل الرسػوؿ وأصػحاب
حني تركوا مكة مهاجرين ى سبيل اهلل.
وال و أف من أهم ما ينطبق علي مع اعبهاد ى عصرنا هػو :العبػل لتحريػر األرض اإلسػبلمية
من حكم الكفار الذين استولوا عليهػا وأقػاموا فيهػا حكبهػم بػدؿ حكػم اهلل .سػواء أكػاف هػؤالء
يهودا أو نصارى أـ وثنيني أو ملحدين ال يدينوف بدين فالكفر كل ملة واحدة. الكفار ً
فالرأظبػػاُ واليػػيوع والغػػرل واليػػرق والكتػػال والبلدي ػ كلهػػم س ػواء ى وجػػوب ؿبػػاربتهم إذا
احتلوا جزءًا من ديار اإلسػبلـ يقػوـ بػذل أدّ الػببلد إَ هػذا اعبػزء يعػاومم األقػرب فػاألقرب
صبيعا إف ٍ تقم الكفاية إال باعببيع. حس اغباجة إَ أف ييبل الوجوب اؼبسلبني ً
وٍ يبتل اؼبسلبوف ى عصر كبا ابتلوا اليوـ بوقوع ك ك من ديارهم ى قبضة الكفرة اؼبسػتعبرين.
وى مقدمة هػذخ الػديار :فلسػطني الػب ُسػلر َ عليهػا وػذاذ اآلفػاؽ مػن اليهػود .وم ػل ذلػ كيػبك
ال ػػب تس ػػل عليه ػػا اؽبن ػػدوس اؼبي ػػركوف وأري ي ػػا واغببي ػػة وتي ػػاد والص ػػوماؿ الغ ػػرل وق ػ ص ال ػػب
تسػػلطز عليهػػا الصػػليبية اغباقػػدة اؼبػػاكرة وم ػػل ذلػ ظبرقنػػد وخبػػارى وطيػػقند وأزبكسػػتاف وألبانيػػا
وغكها من الببلد اإلسبلمية العريقة الب تسلطز عليها الييوعية اؼبلحدة الطاغية.
واس داد هذخ الببلد كلها وزبليصها من براثن الكفر وأحكاـ الكفار واج على كافة اؼبسلبني
بالتضامن وإعبلف اغبرب اؼبقدسة إلنقاذها فريضة إسبلمية.
ف ػ ذا قامػػز حػػرب ى أي جػػزء مػػن هػػذخ األج ػزاء هبػػذا القصػػد وؽبػػذخ الغايػػة :زبلػػيل البلػػد مػػن
أحكاـ الكفر وطغياف الكفرة فهػ -بػبل نػزاع -جهػاد ى سػبيل اهلل هبػ أف ُيبػوؿ ويُعػاف وأف
يُدفع ل قس من ماؿ الزكاة يقل ويك ر حس حصيلة الزكاة من جهة وحس حاجة اعبهػاد
مػػن جهػػة ثانيػػة وحسػ حاجػػة سػػا ر اؼبصػػارؼ األمتػػرى وػػدة وشػػع ًفا مػػن جهػػة ثال ػػة وكػػل هػػذا
موكوؿ ألهل اغبل والعقد وذوي الرأي واليورى من اؼبسلبني إف وجدوا.
أيضػػا :أف بعػػض اؼبسػػلبني وبسػػبوف أف كػػل مػػن ضبػػل السػػبلح فبػػن
ولكػػن فبػػا هب ػ التنبي ػ علي ػ ً
يتسػػبوف بأظبػػاء اؼبسػػلبني يعتػ ى " سػػبيل اهلل " أيًػػا كانػػز وجهتػ وغايتػ ووػػعارخ ورايتػ سػواء
مت ػػاض اؼبعرك ػػة باس ػػم اهلل أـ باس ػػم غ ػػكخ م ػػن اؼبصل ػػوقني وسػ ػواء أكان ػػز الراي ػػة ال ػػب يقات ػػل ربته ػػا
إس ػػبلمية أـ جاهلي ػػة .ف ػػبل ف ػػرؽ عن ػػدهم ب ػػني اغب ػػرب اإلس ػػبلمية واغب ػػرب القومي ػػة أو الوطني ػػة أو
الطبقية!
وال ػػذي نؤك ػػدخ :أف اغب ػػرب إمب ػػا تك ػػوف " ى س ػػبيل اهلل " إذا ارتبط ػػز ب ػػدوافع إس ػػبلمية وأه ػػداؼ
إسػػبلمية .أعػ أف تكػػوف حربًػػا لنصػػرة ديػػن اهلل وإعػػبلء كلبتػ والػػدفاع عػػن دار اإلسػػبلـ وكرامػػة
اإلسبلـ .وهذا هو الذي يبيز اغبرب اإلسبلمية من غكها.
فػ ذا أمتليػػز اغبػػرب مػػن هػػذا العنصػػر الروحػ فقػػد أصػػبحز حربًػػا دنيويػػة عاديػػة كػػالب ىبوشػػها
صبيعا حك اؼببلحدة والبلدينيوف. الناس ً
ف ػ ذا قامػػز حػػرب مػػن هػػذا النػػوع ال مكػػاف فيهػػا هلل -جػػل وػػأن -وال لدين ػ وال لكتاب ػ وال
لرسول فبل هبوز أف يصرؼ فيها درهم واحد من ماؿ الزكاة بزعم أما " ى سبيل اهلل "
لنفػػرض أف صباعػػة -مػ بلً -مػػن اليػػيوعيني األلبػػانيني أو األزبكسػػتانيني قػػاموا لتحريػػر ببلدهػػم -
اإلسبلمية األصل -من الييوعيني الروس وحاربوا من أجل ذل فهل تُػ َع ُّد هػذخ اغبػرب جه ً
ػادا
ى سػػبيل اهلل هبػػوز أف يػػدفع ؽبػػا مػػن أم ػواؿ الزكػػاة؛ ألمػػا حػػرب لتحريػػر أرض إسػػبلمية مػػن أيػػدي
أجان روس مستعبرين؟
قطع ػػا ب ػػالنف ؛ ألف الي ػػيوع األزبكس ػػتاْ كالي ػػيوع الروس ػ ى نظ ػػر اإلس ػػبلـ فه ػ واعب ػواب ً
تتحرر من سلطاف طاغوت لتقع ى سلطاف طاغوت آمتر.
صبيعػػا طواغيػػز أو أوليػػاء للطػػاغوت إمبػػا وال ع ػ ة بػػامتتبلؼ اعبنسػػيات أو األوطػػاف مػػا دام ػوا ً
جهادا إذا قػاـ هبػا مسػلبوف نبهػم أف يطػردوا حكػم الكفػر ليقيبػوا مكانػ تكوف م ل هذخ اغبرب ً
حكم اإلسبلـ ويسقطوا راية اعباهلية لكفعوا مكاما راية التوحيد.
إف اإلسبلـ ال يقػدس مطلػق اعبهػاد والقتػاؿ ولكنػ يقػدس اعبهػاد والقتػاؿ إذا كػاف ى سػبيل اهلل
دفاع ػػا ع ػػن أنفس ػػهم
فالن ػػاس -ك ػػل الن ػػاس -يق ػػاتلوف وهباه ػػدوف ويب ػػذلوف األنف ػػس واألم ػ ػواؿ ً
وحرماهتم وأوطامم حك الف ار ومػن ال ديػن ؽبػم يقػدموف روا ػع مػن البطػوالت والتضػحيات ى
سبيل الدفاع عن ديارهم وأقوامهم وال يعتد بي ء من ذل عند اهلل.
إمبا يتبيز اؼبؤمنوف عن غكهم من اؼبقػاتلني واةاهػدين بػأمم هباهػدوف ى سػبيل اهلل ويقػاتلوف ى
سبيل اهلل .هذا هو وعارهم وهذخ ه غايتهم.
فهػػذخ الغايػػة الكريبػػة اؼبقدسػػة ه ػ الػػب قدسػػز جهػػادهم وح ػرهبم وجعلت ػ مػػن أعظػػم العبػػادات
والقربات إَ اهلل.
ف ذا قاتل اؼبسلم لتحرير أرض فهو ال يقاتل ليحل فيها جنس مكاف جنس أو طبقة ؿبل طبقة
إمبػػا يقاتػػل ليطػػرد منهػػا حكػػم غػػك اهلل وليقػػوـ فيهػػا حكػػم اهلل ويسػػود فيهػػا وػػرع اهلل وتعلػػو كلبػػة
اهلل.
ؿبضػا .حربًػا ى سػبيل وبدوف هذا اؼبع يفقد القتاؿ نسػب وصػلت باإلسػبلـ ويصػب حربًػا دنيويػة ً
الطني ال ى سبيل الدين وما أعظم الفرؽ بني اغبربني !
ػاٍ اؼبسػػلم اليػػحي بدين ػ أف يفػػب بأن ػ " سػػبيل اهلل " وإف قتػػاالً مػػن هػػذا النػػوع ال يسػػتطيع العػ ِ
وهبػوز للبسػلبني أف يػدفعوا فيػ فريضػة زكػاهتم .وردبػا كػاف الػذين وببلػوف السػبلح فيػ أوػد عػػداوة
لئلسبلـ من الكفار األصليني.
جالسػػا مػػع
متػػرج أبػػو ؿببػػد عبػػد الغػ اغبػػافي بسػػندخ عػػن عبػػد الػػرضبن بػػن أل نعػػم قػػاؿ ( كنػػز ً
عبد اهلل بن عبر فأتت امرأة فقالز ل :يا أبا عبػد الػرضبن ..إف زوجػ أوصػى دبالػ ى سػبيل اهلل
! قػػاؿ ابػػن عبػػر :فهػػو كبػػا قػػاؿ ى سػػبيل اهلل ! فقلػػز (القا ػػل ابػػن أل ْنعػػم) :مػػا زدهتػػا فيبػػا
غبا (يع أن ٍ هببها جوابًػا وػافيًا يروبهػا فيبػا سػألز عنػ ) .قػاؿ :فبػا تػأمرْ يػا سألز عن إال ً
ابػػن أل نعػػم؟ آمرهػػا أف تدفع ػ إَ هػػؤالء اعبيػػوش الػػذين ىبرجػػوف فيعتػػدوف ى األرض ويقطعػػوف
السبيل ؟! قلز :فبا تأمرها؟ قاؿ آمرهػا أف تدفعػ إَ قػوـ صػاغبني إَ ح ػاج بيػز اهلل اغبػراـ
أولئ وفد الرضبن أولئ وفد الرضبن .أولئ وفد الرضبن) (تفسك القرط .485/8 :ويبػدو أف
هػػذخ القصػػة هػ أصػػل مػػا روي عػػن ابػػن عبػػر :أف اغبػ مػػن سػػبيل اهلل .حسػػببا يُفهػػم مػػن سػػياؽ
القرط ؽبا .وكبلـ ابن عبر يدؿ على أف سبيل اهلل إذا أطلق يفهم منػ اعبهػاد ولكنػ صػرفها عػن
هذا اؼبتبادر ؼبا رأى من اكبراؼ أهل اعبهاد وفسادهم).
وإذا كػػاف ابػػن عبػػر -رشػ اهلل عنهبػػا -ربػػرج أف هبعػػل عبػػل اعبيػػوش ى زمنػ ى سػػبيل اهلل -مػػع
أف اعبيػػوش ى ذلػ العصػػر ٍ يكػػن ؽبػػا رايػػة غػػك اإلسػػبلـ وال وجهػػة غػػك اإلسػػبلـ حػػك جيػػوش
جيووا ال يُذكر فيهػا اسػم اهلل وال اسػم اإلسػبلـ وال اػبوارج أنفسهم -فكيه لو رأى ابن عبر ً
جيووا يقوـ توجيهها كلػ علػى أسػاس علبػاْ تكاد تقاـ فيها صبلة أو عبادة هلل؟ وكيه لو رأى ً
ال مكػػاف في ػ هلل وال لكتاب ػ وال لرس ػول وال لدين ػ فه ػ ترفػػع وػػعارات جاهليػػة وسب ػػد الكفػػر
يومػػا إال لتتصػػذخ أداة لتقويػػة وأهل ػ وتسػػصر مػػن الػػدين ودعات ػ .وال تفكػػر ى االذبػػاخ إَ الػػدين ً
الروح أو إثارة اغبباس !
نعود فنقوؿ :إف كل قتاؿ يقوـ ربػز رايػة غػك رايػة اإلسػبلـ وؽبػدؼ غػك نصػرة اإلسػبلـ والػدفاع
عن حرمات قتاؿ غك إسبلم ومن اةازفة بالدين أف يقاؿ عن :ى سبيل اهلل.
ودليلنا على ذل ما رواخ اعبباعة عن أل موسى قاؿ :سئل رسوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم-
عػػن الرجػػل يقاتػػل و ػ اعة والرجػػل يقاتػػل ضبيػػة والرجػػل يقاتػػل ريػػاءً فػػأي ذل ػ ى سػػبيل اهلل؟
فقػػاؿ( :م ػػن قات ػػل لتكػػوف كلبػػة اهلل ه ػ العليػػا فه ػػو ى س ػػبيل اهلل) (ذكػػرخ ى اؼبنتقػػى .انظ ػػر ني ػػل
األوطار - 227 - 226/7 :طبع مصطفى اغبل -طبعة ثانية).
فهػذا هػو اؼبعيػار الفاصػل بػػني جهػاد اإلسػبلـ ومعػارؾ اعباهليػة .وهػػذا هػو الفػارؽ بػني سػػبيل اهلل
وسبيل الطاغوت" :من قاتل لتكوف كلبة اهلل ه العليا فهػو ى سػبيل اهلل" واؼبػراد ب ػ "كلبػة اهلل"
دعوة اهلل إَ اإلسبلـ (اؼبصدر السابق).
ول ػػيس اؼبس ػػلم مطالبً ػػا أف ينقػ ػ ع ػػن قل ػػوب الن ػػاس وإمب ػػا وبك ػػم عل ػػيهم أفػ ػر ًادا ومنظب ػػات وف ًق ػػا
الذباهػػاهتم العامػػة ووػػعاراهتم اؼبرفوعػػة ورايػػاهتم اؼبنصػػوبة وبيانػػاهتم اؼبعلنػػة وأمػػا النيػػات اػبفيػػة
والبواعث الباطنية لدى كل فرد فأمرها موكوؿ إَ اهلل تعاَ.
وهبػػذا البيػػاف نعلػػم أف القػػوؿ بػػأف كػػل قتػػاؿ ى هػػذا العصػػر لػػيس ب سػػبلم ولػػيس ى سػػبيل اهلل -
ألن ليس كقتاؿ الصحابة -متطأ وهتور .كبا أف القوؿ بػأف كػل قتػاؿ يقػوـ ى بػبلد اؼبسػلبني -
مهبػا تكػػن أهػداؼ أهلػ ووػعاراهتم وأفكػػارهم واذباهػاهتم -قتػػاؿ ى سػبيل اهلل هػػو أيضػاً متطػػأ
وؾبازفة.
فعلػػى علبػػاء اؼبسػػلبني ى هػػذا العصػػر أف يتق ػوا اهلل ى فتػػاويهم ويتحػػروا اغبػػق حػػك ال يضػػيعوا
أم ػ ػواؿ اؼبسػ ػػلبني ى تأييػ ػػد أنػ ػػاس يعػ ػػادوف اإلسػ ػػبلـ سػ ػ ًػرا وعبلنيػ ػػة ويصػ ػػفوف أحكام ػ ػ بالبدا يػ ػػة
والوحيية كبا يصبوف دعات بالتأمتر والرجعية فردبا كػاف هػؤالء "اؼبسػلبوف باألظبػاء" أشػر علػى
دين اإلسبلـ من اليهود والنصارى.
وأحق ما ينبغ أف يصرؼ إليػ سػهم ى " سػبيل اهلل " ى عصػرنا مػا ذكػرخ العبلمػة اؼبصػل السػيد
رويد رشا -رضب اهلل -حيث اق ح تأليه صبعية فبن بقى من أهل الدين واليرؼ من اؼبسػلبني
تػػنظم صب ػػع الزكػػاة م ػػنهم وتصػػرفها -قب ػػل كػػل و ػ ء -ى مصػػاً اؼب ػرتبطني هبػػذخ اعببعيػػة دوف
غكهم .قػاؿ" :وهبػ أف يراعػى ى تنظػيم هػذخ اعببعيػة :أف لسػهم "سػبيل اهلل" مصػرفًا ى السػع
إلعػػادة حكػػم اإلسػػبلـ وهػػو أهػػم مػػن اعبهػػاد غبفظ ػ -ى حػػاؿ وجػػودخ -مػػن عػػدواف الكفػػار
ومصرفًا آمتر ى الدعوة إلي والدفاع عن باأللسنة واألقبلـ إذا تعذر الدفاع عن بالسيوؼ واألسػنة
وألسنة النكاف" (تفسك اؼبنار - 598/46 :طبعة ثانية).
صبيعا .وهب على دعػاة هذا الكبلـ البصك يدؿ على فق عبيق وفهم دقيق لئلسبلـ وللحياة ً
فهبا وتطبي ًقا .ف ف مػن الببلهػة أف تؤمتػذ أمػواؿ اؼبتػدينني لتنفػق اإلسبلـ أف يعضوا علي بالنواجذ ً
على اؼببلحدة واؼبتحللني والعلبانيني !
أج ػػل إف أه ػػم وأوؿ م ػػا يعتػ ػ اآلف " س ػػبيل اهلل " ه ػػو العب ػػل اعب ػػاد الس ػػتئناؼ حي ػػاة إس ػػبلمية
صحيحة تطبق فيها أحكاـ اإلسبلـ كل :عقا د ومفاهيم ووعا ر وورا ع وأمتبلقًا وتقاليد.
ونع ػ ػ بالعب ػػل اعب ػػاد :العب ػػل اعبب ػػاع اؼب ػػنظم اؽب ػػادؼ لتحقي ػػق نظ ػػاـ اإلس ػػبلـ وإقام ػػة دول ػػة
اإلسبلـ وإعادة متبلفة اإلسبلـ وأمة اإلسبلـ وحضارة اإلسبلـ.
إف هػػذا اةػػاؿ هػػو ى اغبقيقػػة أوجػ وأوَ مػػا ينبغػ أف يصػػرؼ فيػ الغيػػوروف علػػى اإلسػػبلـ زكػػاة
أمػ ػواؽبم وعام ػػة ت ع ػػاهتم فػ ػ ف أك ػػر اؼبس ػػلبني -لؤلس ػػه ٍ -يفهبػ ػوا بع ػػد أنبي ػػة ه ػػذا اة ػػاؿ
وشػػرورة تأييػػدخ بػػالنفس واؼبػػاؿ ووجػػوب إي ػػارخ بكػػل عػػوف مسػػتطاع .علػػى حػػني ال تعػػدـ سػػا ر
اؼبصارؼ من يبد ؽبا يد اؼبساعدة من الزكاة وغك الزكاة.
وإذا كنا قد امت نا أف اعبهاد اإلسبلم ال ينحصر ى اعبان اؼبادي العسكري وحدخ وأن يتسع
ألنواع أمترى من اعبهاد لعل اؼبسلبني أك ر حاجة إليها اليوـ من غكهػا ف ننػا نسػتطيع أف نضػع
عدة صور وأم لة لل هاد اإلسبلم اؼبنيود ى هذا العصر.
وقبل عرض هذخ الصور واألم لة أح أف أوش حقيقة ؽبا أنبيتها هنا.
هػػذخ اغبقيقػػة هػ :أف عػ ء ذبهيػػز اعبيػػوش النظاميػػة وتسػػليحها واإلنفػػاؽ عليهػػا قػػد كػػاف -منػػذ
ف ػػر اإلسػػبلـ -ؿببػػوالً علػػى اػبزانػػة العامػػة للدولػػة اإلسػػبلمية ال علػػى أمػواؿ الزكػػاة .فكػػاف يُنفػػق
علػػى اعبيػػوش والسػػبلح واؼبقاتلػػة مػػن أم ػواؿ الف ػ ء واػب ػراج وكبوهػػا .وإمبػػا يصػػرؼ مػػن الزكػػاة علػػى
بعض األمور التكبيلية كالنفقة على اةاهدين اؼبتطوعني وكبو ذل .
وكػػذل نػػرى ميزانيػػة اعبيػػوش والػػدفاع ى عص ػرنا فعبؤهػػا يقػػع علػػى كاهػػل اؼبيزانيػػة العامػػة؛ ألمػػا
تتطل ػ نفقػػات ها لػػة تنػػوء هبػػا حصػػيلة الزكػػاة .ولػػو أف الزكػػاة ُضبرلػػز م ػػل هػػذخ النفقػػات لكانػػز
جديرة أف تبتلع حصيلتها كلها وال تكف .
ؽبذا نرى أف توجي هذا اؼبصرؼ إَ اعبهػاد ال قػاى وال بػوي واإلعبلمػ أوَ ى عصػرنا بيػرط أف
صحيحا فػبل يكػوف ميػوبًا بلوثػات القوميػة والوطنيػة وال ً متالصا وإسبلميًا
جهادا إسبلميًا ً يكوف ً
مطعبا بعناصر غربية أو ورقية يقصد هبا متدمة مػذه أو نظػاـ أو بلػد أو طبقػة يكوف إسبلميًا ً
ػكا مػػا يُتصػػذ عنوانًػػا ؼبؤسسػػات وأوشػػاع ه ػ ى باطنهػػا علبانيػػة ال أو وػػصل .ف ػ ف اإلسػػبلـ ك ػ ً
دينيػػة فبلبػػد إذف أف يكػػوف اإلسػػبلـ هػػو األس ػػاس واؼبصػػدر وهػػو الغايػػة والوجهػػة وهػػو القا ػػد
ػادا ى واؼبوج حك تستحق تل اؼبؤسسات ورؼ االنتساب إَ اهلل ويُعد العبل فيهػا وؽبػا جه ً
سبيل اهلل.
ونستطيع أف نضرب أم لة وك لك ك من األعباؿ الب ربتاج إليها رسالة اإلسبلـ ى هذا العصر
جهادا ى سبيل اهلل.
وه جديرة أف تُػ َعد حبق ً
إف إنياء مراكز للدعوة إَ اإلسبلـ الصحي وتبليػغ رسػالت إَ غػك اؼبسػلبني ى كافػة القػارات
ى هذا العاٍ الذي تتصارع في األدياف واؼبذاه جهاد ى سبيل اهلل.
وإف إنيػاء مراكػػز إسػبلمية واعيػػة ى دامتػل بػػبلد اإلسػػبلـ نفسػها ربتضػػن اليػباب اؼبسػػلم وتقػػوـ
علػػى توجيهػ الوجهػػة اإلسػػبلمية السػػليبة وضبايتػ مػػن اإلغبػػاد ى العقيػػدة واالكبػراؼ ى الفكػػر
واالكببلؿ ى السلوؾ وتُعدخ لنصرة اإلسبلـ ومقاومة أعدا جهاد ى سبيل اهلل.
وإف إنياء صحيفة إسػبلمية متالصػة تقػه ى وجػ الصػحه اؽبدامػة واؼبضػللة لتعلػ كلبػة اهلل
وتصػػدع بقولػػة اغبػػق وتػػرد عػػن اإلسػػبلـ أكاذيػ اؼبفػ ين ووػػبهات اؼبضػػللني وتعلػػم هػػذا الػػدين
ألهل متاليًا من الزوا د واليوا جهاد ى سبيل اهلل.
وإف نيػػر كتػػاب إسػػبلم أصػػيل وبسػػن عػػرض اإلسػػبلـ أو جان ػ من ػ ويكيػػه عػػن مكنػػوف
جػواهرخ ويػ ز صبػػاؿ تعاليبػ ونصػػاعة حقا قػ كبػػا يفضػ أباطيػػل متصػػوم وتعبػػيم م ػػل هػػذا
الكتاب على نطاؽ واسع جهاد ى سبيل اهلل.
وإف تفريػػغ رجػػاؿ أقويػػاء أمنػػاء ـبلصػػني للعبػػل ى اةػػاالت السػػابقة هببػػة وغػػكة وزبطػػي ػبدمػػة
ه ػػذا ال ػػدين وم ػػد ن ػػورخ ى اآلفػػاؽ ورد كي ػػد أعدا ػ اؼب بص ػػني ب ػ وإيقػػاظ أبنا ػ النػػا بني عن ػ
ومقاومة موجات التبيك واإلغباد واإلباحية جهاد ى سبيل اهلل .
وإف معاونػػة الػػدعاة إَ اإلسػػبلـ اغبػػق الػػذين تتػػآمر علػػيهم القػػوى اؼبعاديػػة لئلسػػبلـ ى اػبػػارج
مستعينة بالطغاة واؼبرتدين من الدامتل فتكيل ؽبم الضربات وتسل عليهم ألواف العذاب تقتيبلً
وذبويعا -إف معاونة هؤالء على اؼبقاومة وال بات ى وج الكفر والطغياف جهاد ً يدا
وتعذيبًا وتير ً
ى سبيل اهلل.
وإف الصػػرؼ علػػى هػػذخ اةػػاالت اؼبتعػػددة ؽبػػو أوَ مػػا ينبغ ػ أف يػػدفع في ػ اؼبسػػلم زكات ػ وفػػوؽ
زكات فليس لئلسبلـ -بعد اهلل -إال أبناء اإلسبلـ ومتاصة ى عصرة غُربة اإلسبلـ !
الفصل السابع
ابن السبيل
فهرس
قاؿ اعببهور
وقاؿ اليافع ى ابن السبيل
والذي أراخ
ليدا
أنا ابن اغبرب ربت و ً
ز واكتهلز لدان ِ
إَ أف وْب ُ
وكػػذل تفعػػل العػػرب وتسػػب الػػبلزـ لي ػ ء يعرف ػ ب ػ "ابن ػ " (تفسػػك الط ػ ي -بتحقيػػق ؿببػػود
واكر.)34/44 :
ػكا إذا أصػػيبز نفقت ػ أو فقػػدت .أو
وعػػن ابػػن زيػػد قػػاؿ :ابػػن السػػبيل اؼبسػػافر غنيًػػا كػػاف أو فقػ ً
أصاهبا و ء .أو ٍ يكن مع و ء فحق واج (اؼبصدر السابق).
وقػػد ذكػػر القػػرآف الكػػرٓ هػػذا اللفػػي "ابػػن السػػبيل" ى معػػرض العطػػه عليػ واإلحسػػاف إلي ػ شبػػاْ
مرات .فف القرآف اؼبك يقػوؿ اهلل تعػاَ ى سػورة اإلسػراء( :وآت ذا القػرىب حقػ واؼبسػكني وابػن
تبذيرا) (اإلسراء.)26 : السبيل وال تبذر ً
وى سورة الروـ( :فآت ذا القرىب حق واؼبسكني وابن السبيل ذلػ متػك للػذين يريػدوف وجػ اهلل)
(الروـ.) 38 :
تطوعػػا -قػػاؿ تعػػاَ: فرشػػا كػػاف أو ً وى القػػرآف اؼبػػدْ هبعل ػ اهلل تعػػاَ مػػن مصػػارؼ اإلنفػػاؽ ً -
(يسػػألون مػػاذا ينفقػػوف قػػل مػػا أنفقػػتم مػػن متػػك فللوالػػدين واألقػػرب يػػن واليتػػامى واؼبسػػاكني وابػػن
السبيل) (البقرة.)245 :
وي ػػأمر باإلحس ػػاف ى اآلي ػػة ال ػػب ظبي ػػز آي ػػة اغبق ػػوؽ العي ػػرة( :واعب ػػدوا اهلل وال تي ػػركوا بػ ػ و ػػيئًا
وبالوالػػدين إحسػػانًا وبػػذي القػػرىب واليتػػامى واؼبسػػاكني واعبػػار ذي القػػرىب واعبػػار اعبنػ والصػػاح
باعبن وابن السبيل وما ملكز أيبانكم) (النساء .)36
وهبعػل لػ حظًػػا ى بيػز مػػاؿ اؼبسػلبني مػن طبػػس الغنػا م( :واعلبػوا أمبػا غنبػتم مػػن وػ ء فػػأف هلل
طبس وللرسوؿ ولذي القرىب واليتامى واؼبساكني وابن السبيل) (األنفاؿ.)44 :
كبا هبعل ل حظَا من الف ء( :ما أفاء اهلل على رسول من أهل القرى فلل وللرسوؿ ولذي القرى
واليتامى واؼبساكني وابن السبيل ك ال يكوف دولة بني األغنياء منكم) (اغبير.)7 :
سهبا من الزكاة وه اآلية الب معنا( :إمبػا الصػدقات).إَ آمترهػا وحظًػا آمتػر -بعػد وهبعل ل ً
الزكاة -ى ماؿ األفراد وهبعل ذل من عناصػر الػ والتقػوى( :وآن اؼبػاؿ علػى حبػ ذوي القػرىب
واليتامى واؼبساكني وابن السبيل والسا لني وى الرقاب وأقاـ الصبلة وآتى الزكاة) (البقرة.)477 :
والسر ى عناية القرآف هبذا النوع أف دين اإلسبلـ قد دعا إَ السياحة ورغ ى السػفر والسػك
ى األرض ألسباب ك كة:
( أ ) فهنػػاؾ سػػياحة دعػػا إليهػػا البتغػػاء الػػرزؽ .قػػاؿ تعػػاَ( :فامي ػوا ى مناكبهػػا وكل ػوا م ػن رزق ػ )
(اؼبل ػ .)45 :وق ػػاؿ( :وآمت ػػروف يض ػربوف ى األرض يبتغ ػػوف م ػػن فض ػػل اهلل وآمت ػػروف يق ػػاتلوف ى
سبيل اهلل) (اؼبزمل.)26 :
وقػاؿ -عليػ الصػبلة والسػػبلـ( :-سػافروا تسػتغنوا) (ذكػرخ اؼبنػػذري ى ال غيػ وال هيػ ج ػ 2ى
كتاب الصوـ قاؿ :رواخ الط اْ ى األوس وروات ثقات).
( ب ) وهناؾ سياحة دعا إليها اإلسبلـ لطل العلم والنظػر واالعتبػارات بآيػات اهلل ى الكػوف
وسنت ى اػبلق عامة وى االجتباع البيري متاصة. ُ
قػػاؿ تعػػاَ( :قػػل سػػكوا ى األرض فػػانظروا كيػػه بػػدأ اػبلػػق) (العنكبػػوت .)26 :وكػػأف ى ذل ػ
إوارة إَ البحوث اعبيولوجية وتاريمل اغبياة وما واب ذل .
وقاؿ تعاَ( :قد متلز من قبلكم سنن فسكوا ى األرض فانظروا كيه كاف عاقبة اؼبكذبني) (آؿ
عبراف( )437:أفلم يسكوا ى األرض فتكوف ؽبم قلوب يعقلوف هبا أو آذاف يسبعوف هبػا ف مػا
ال تعبى األبصار ولكن تعبى القلوب الب ى الصدور) (اغب .)46 :
علبػا سػهل اهلل لػ طري ًقػا وقاؿ رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسػلم( :-مػن سػل طري ًقػا يلػتبس فػ ً
إَ اعبن ػػة) (ق ػػاؿ اؼبن ػػذري ى ال غي ػ وال هيػ ػ :رواخ مس ػػلم وغ ػػكخ (كت ػػاب العل ػػم ال غيػ ػ ى
الرحلػة ى طلػ العلػػم) (مػن متػػرج ى طلػ العلػم فهػػو ى سػػبيل اهلل حػك يرجػػع) (رواخ ال مػػذي
وحسن (اؼبصدر نفس ).
وقد شرب علباء اإلسبلـ األولوف ُم ُبلً رفيعة برحبلهتم اؼبنقطعة النظػك ى سػبيل طلػ العلػم فبػا
جعل علباء عصرنا ومؤرمتي -من الغرب واليرؽ -يس لون ؽبم بكل إع اب وإكبار.
(ج ػ) وهنػػاؾ سػػفر دعػػا إليػ اإلسػػبلـ لل هػػاد ى سػػبيل اهلل ومػػا سػػبيل اهلل إال الػػدفاع عػػن اغبَػ ْػوزة
وتأمني الػدعوة وإنقػاذ اؼبستضػعفني وتأديػ النػاك ني قػاؿ تعػاَ( :انفػروا متفافًػا وثقػاالً وجاهػدوا
بأموالكم وأنفسكم ى سبيل اهلل ذلكم متك لكم إف كنتم تعلبوف) (التوبة .)44 :ه ربدث عن
قاصدا التبعوؾ ولكن بعدت عليهم اليقة وسػيحلفوف وسفرا ًعرشا قريبًا ًاؼبنافقني قاؿ( :لو كاف ً
باهلل لو استطعنا ػبرجنا معكم يهلكوف أنفسهم واهلل يعلم إمم لكاذبوف) (التوبة.)42 :
وقاؿ تعاَ يعد اةاهػدين باؼب وبػة( :وال ينفقػوف نفقػة صػغكة وال كبػكة وال يقطعػوف واديًػا إال كتػ
ؽبم لي زيهم اهلل أحسن ما كانوا يعبلوف) (التوبة.)424 :
وقاؿ -علي السبلـ( :-لغدوة ى سبيل اهلل أو روحة متك من الدنيا وما فيها) (البصاري ى كتاب
اعبهاد).
( د ) وهناؾ سفر دعا إلي اإلسبلـ ألداء عبادت العاؼبية اؼبتبيزة "اغبػ " إَ بيػز اهلل اغبػراـ وهػو
الػػركن اػبػػامس مػػن أركػػاف اإلسػػبلـ قػػاؿ تعػػاَ( :وهلل علػػى النػػاس ح ػ البيػػز مػػن اسػػتطاع إلي ػ
سػػبيبلً) (آؿ عبػراف( )97 :وأذف ى النػػاس بػػاغب يػػأتوؾ رجػػاالً وعلػػى كػػل شػػامر يػػأتني مػػن كػػل
ف عبيق لييهدوا منافع ؽبم ويذكروا اسم اهلل ى أياـ معلومات) (اغب .)28 - 27 :
هػػذخ أنػواع مػػن السػػفر والسػػياحة والضػػرب ى األرض دعػػا إليهػػا اإلسػػبلـ أو حػػث عليهػػا ربقي ًقػػا
ألهدافػ ى األرض وت بيتًػػا لتعاليب ػ بػػني النػػاس وهنػػاؾ أنػواع أمتػػرى وديػػن هػػذا وػػأن ال بػػد أف
يعط عناية متاصة للبسافرين والسا حني ومتاصة من انقطع ب الطريق منهم وانقطع عػن ذويػ
ومال ومسق رأس وأف يأمر دبعونتهم بصفة عامة وإعطا هم من مػاؿ الزكػاة وهػو مػاؿ اعبباعػة
بصفة متاصة وى ذل تيػ يع للسػياحة والسػفر ى سػبيل األغػراض اؼبيػروعة .وإكػرامهم ؽبػؤالء
بعضػا ويأمتػذ ى غربتهم وانقطاعهم وإثبات غبقيقة اةتبع اؼبسػلم اؼبتباسػ الػذي ييػد بعضػ ً
بعض بيد بعض دوف اعتبار المتتبلؼ الديار أو بعد اؼبزار.
إف عنايػػة اإلسػػبلـ باؼبسػػافرين الغربػػاء واؼبنقطعػػني ؽب ػ عنايػػة فػػذة ٍ يُعػػرؼ ؽبػػا نظػػك ى نظػػاـ مػػن
األنظبة أو وريعة من اليرا ع .وه لوف من ألواف التكافل االجتباع فريػد ى بابػ .فلػم يكتػه
النظاـ اإلسبلم بسد اغباجات الدا بة للبػواطنني ى دولتػ بػل زاد علػى ذلػ برعايػة اغباجػات
الطار ػػة ال ػػب تع ػػرض للن ػػاس ألس ػػباب وظ ػػروؼ و ػػك كالس ػػياحة والض ػػرب ى األرض .ومتاص ػػة ى
عص ػػور ٍ تك ػػن ى ط ػػرؽ اؼبس ػػافرين هب ػػا فن ػػادؽ أو مط ػػاعم أو ؿبط ػػات ُم َع ػػدة لبلسػ ػ احة كب ػػا ى
عصرنا.
وى الواقع العبل قبد ابن سعد يروي لنا :أف عبر بن اػبطػاب -رشػ اهلل عنػ -ازبػذ ى عهػدخ
دارا متاصة أطلق عليهػا "دار الػدقيق" وذلػ أنػ جعػل فيهػا الػدقيق والسػويق والتبػر والزبيػ ومػا ً
ُوبتػػاج إليػ يعػػني بػ اؼبنقطػػع بػ والضػػيه ينػػزؿ بعبػػر .ووشػػع عبػػر ى طريػػق السػػبل مػػا بػػني مكػػة
واؼبدينػػة مػػا يصػػل مػػن ينقطػػع بػ ووببػػل مػن مػػاء إَ مػػاء (طبقػػات ابػػن سػػعد - 283/3 :طبػػع
بكوت).
وى عهد متامس الراودين عبر بن عبد العزيز وبدثنا أبو عبيد أن أمر اإلماـ ابػن وػهاب الزهػري
الس ػػنة ى مواش ػػع الصػػدقة .أي م ػػا وبفظ ػ م ػػن ُسػػنة الرس ػػوؿ أو ُس ػػنة الراو ػػدين ى أف يكت ػ ل ػ ُ
ػهبا .وفبػا جػاء ىػهبا س ً اؼبواشع الب تُصرؼ فيها الصدقة فكت ل كتابًا مطوالً قسبها فيػ س ً
الكتاب عن ابن السبيل قولػ " :وسػهم ابػن السػبيل يقسػم لكػل طػرؽ علػى قػدر مػن يسػلكها ويبػر
هبا من الناس لكل رجل راحل من ابن السبيل ليس ل مأوى وال أهل يأوي إليهم فيطعم حػك
هبد منزالً أو يقضػ حاجتػ .وهبعػل ى منػازؿ معلومػة علػى أيػدي أمنػاء ال يبػر هبػم ابػن سػبيل لػ
حاج ػػة إال آووخ وأطعبػ ػػوخ وعلف ػ ػوا دابت ػ ػ حػ ػػك ينفػ ػػد مػ ػػا بأيػ ػػديهم إف وػ ػػاء اهلل" (األم ػ ػواؿ ص
.)586
فهل رأت البيرية رعاية لذوي اغباجات م ل هػذخ الرعايػة ى نظػاـ غػك نظػاـ اإلسػبلـ أو ى أمػة
غك أمة اإلسبلـ؟!
اؼبنيئ للسفر واؼبنقطع ى الطريق
وهناؾ مسألة امتتله فيها الفقهاء :هل ينطبق وصه "ابن السبيل" على اؼبسافر الذي انقطػع بػ
أيضا؟
الطريق دوف غايت فق ؟ أـ ييبل وييبل الذي يريد إنياء السفر إَ بلد ً
قاؿ اعببهور:
إف اؼبنيئ للسفر ال يدمتل ى وصه ابن السبيل وذل :
( أ ) ألف السػػبيل هػػو الطريػػق وابػػن السػػبيل اؼبػػبلزـ للطريػػق الكػػا ن فيهػػا؛ كبػػا يقػػاؿ "ابػػن الليػػل"
للذي يك ر اػبػروج فيػ والقػاطن بلػدخ لػيس ى طريػق وال ي بػز لػ حكػم الكػا ن فيهػا وؽبػذا ال
ي بز ل حكم السفر بعزم علي دوف فعل .
( ب ) وألنػ ال يُفهػػم مػػن ابػػن السػػبيل إال الغريػ دوف مػػن هػػو ى وطنػ ومنزلػ وإف انتهػػز بػ
اغباجة منتهاها.
فوج ى رأي اعببهور أف ُوببل اؼبذكور ى اآلية على الغري دوف غكخ وإمبا يُعطى ولػ اليسػار
ى بلدخ؛ ألن عاجز عن الوصوؿ إلي واالنتفاع ب فهو كاؼبعدوـ ى حق فػ ف كػاف ابػن السػبيل
فقكا ى بلدخ أعط لؤلمرين :لفقرخ وألن ابن سبيل .ويعط لكون ابن سبيل قػدر مػا يوصػل إَ ً
بلدخ؛ ألف الدفع إلي ؽبذخ اغباجة فيقدر بقدرها (اليرح الكبك -مع اؼبغ .)762/2
إلعطاء ابن السبيل من ماؿ الزكاة وروط بعضها متفق علي وبعضها ـبتله في :
ؿبتاجا ى ذل اؼبوشػع الػذي هػو بػ إَ مػا يوصػل إَ وطنػ فػ ف كػاف عنػدخ مػا أوؽبا :أف يكوف ً
يوصػػل فػػبل يُعطػػى .ألف اؼبقصػػود إمبػػا هػػو إيصػػال إَ بلػػدخ خبػػبلؼ اةاهػػد ف نػ يأمتػػذ منهػػا -
عنػػد غػػك اغبنفيػػة -وإف كػػاف غنيًػػا ى اؼبوشػػع اؼبقػػيم فيػ ؛ ألف القصػػد مػػن إعطا ػ إرهػػاب العػػدو
وبدفع الزكاة إَ اةاهد يقوى بأس على عدو اهلل.
ال ػاْ :أف يكػوف سػفرخ ى غػك معصػية أمػا مػن كػاف سػفرخ ى معصػية كبػن متػرج لقتػل نفػػس أو
لت ػػارة ؿبرمػػة أو كبػػو ذلػ ف نػ ال يعطػػى مػػن الزكػػاة وػػيئًا؛ ألف القصػػد مػػن إعطا ػ إعانتػ وال
ػوحا فيعط ػػى لبقي ػػة س ػػفرخ .إال أف
يُع ػػاف دب ػػاؿ اؼبس ػػلبني عل ػػى معص ػػية اهلل إال أف يت ػػوب توب ػػة نص ػ ً
ىباؼ علي اؼبوت ف ن يعطى ولو ٍ يت ؛ ألن وإف عصى هو ال نعص كبن ب ك يبوت (انظر:
حاوػػية الدسػػوق 498/4:وقػػاؿ بعػػض اؼبالكيػػة :ال يعطػػى وإف متيػػه عليػ اؼبػػوت؛ ألف قباتػ ى
يػػد نفسػ بالتوبػػة .وانظػػر :حاوػػية الصػػاوي 233/4وقػػاؿ بعضػػهم :ينظػػر ى تلػ اؼبعصػػية فػ ف
ك ػػاف يري ػػد قت ػػل نف ػػس أوهت ػ ػ حرم ػػة ٍ يع ػ ػ إال إف ت ػػاب وإف متي ػػه علي ػ ػ اؼب ػػوت (اؼبص ػػدرين
اؼبذكورين).
والسفر الذي ال معصية في ييبل السفر للطاعة والسفر للحاجة والسفر للنزهة.
فأمػػا سػػفر الطاعػػة كػػاغب واعبهػػاد وطلػ العلػػم النػػافع والزيػػارة اؼبندوبػػة وكبوهػػا فػػبل متػػبلؼ ى
ورعا.
إعطا ؛ ألف اإلعانة على الطاعة مطلوبة ً
وأما السفر غباجة دنيوية كالسفر للت ارة وطل الرزؽ وكبو ذل .
فاؼبعروؼ عند القا لني بأف ابن السبيل" :هو الغري اؼبنقطع عن بلدخ ومال "
-أن يعطى ببل متبلؼ؛ ألف في إعانة ل على حوا دنياخ اؼبباحة وبلوغ غرش الصحي .
وأما عند اليافعية القا لني بأف" :ابن السبيل ييبل اؼبنيئ للسفر من بلدخ" ففي قوالف:
أحدنبا :ال يعطى؛ ألن غك ؿبتاج إَ هذا السفر.
وال اْ :يعطى؛ ألف الرمتل الب ناطهػا اليػرع بالسػفر ٍ تُفػرؽ بػني سػفر الطاعػة والسػفر اؼببػاح
كقصر الصبلة والفطر ى رمضاف .وهو الصحي .
وأما السفر للنزهة والفرجة فقد امتتله في امتتبلفًا أك ر .ومتاصة عند اليافعية واغبنابلة.
قاؿ بعضهم :يعطى؛ ألن سفر ى غك معصية.
وقػػاؿ غػػكهم :ال يعطػػى؛ ألن ػ سػػفر غػػك ؿبتػػاج إلي ػ بػػل هػػو نػػوع مػػن الفضػػوؿ (انظػػر :اةبػػوع
للنووي 244،245/6 :واليرح الكبك اؼبطبوع مع اؼبغ .)762 764/2 :
ال الث :أال هبد من يقرش ويسلف ى ذل اؼبوشع الذي هو في وهذا فيبن ل ماؿ ببلدخ يقدر
علػػى سػػداد القػػرض من ػ (انظػػر ى هػػذخ اليػػروط :وػػرح اػبريي ػ علػػى متليػػل 249/2 :ومايػػة
احملتاج للرمل .)456/6
وهذا اليرط إمبا او ط بعض اؼبالكية واليافعية ومتالفهم آمتروف من علباء اؼبذهبني:
فقػد رجػ ابػن العػرل ى "أحكػاـ القػرآف" والقػػرط ى "تفسػكخ" أف ابػن السػبل :يعطػى مػن الزكػػاة
ولػػو وجػػد مػػن يسػػلف .قػػاال :ولػػيس يلػػزـ أف يػػدمتل ربػػز منػػة أحػػد فقػػد وجػػد منػػة اهلل ونعبت ػ
(أحكاـ القرآف -القسم ال اْ -ص 958وتسفك القرط .)487/8 :
وقػػاؿ النػػووي :لػػو وجػػد ابػػن السػػبيل مػػن يقرشػ لغايتػ ٍ يلزمػ أف يقػ ض منػ بػػل هبػػوز صػػرؼ
الزكاة إلي (اةبوع.)246/6 :
وقػػاؿ اغبنيفػػة :األوَ أف يسػػتقرض إف قػػدر وال يلزمػ ذلػ ؛ عبػواز ع ػػزخ عػػن األداء (انظػػر :فػػت
القدير 48/2 :ورد احملتار.)64/2 :
وهذخ علة أمترى تضاؼ إَ ما ذكرخ ابن العرل والقرط .
فهبا علتاف سبنعاف وجوب االستقراض على ابن السبيل:
األوَ :أف ى االستقراض قبوالً ؼبنّة الناس وٍ يكلف اهلل ذل .
ال انية :جواز ع زخ عن سداد الدين وى ذل شرر ب وبالدا ن.
( أ ) يعطى ابن السػبيل مػن النفقػة والكسػوة مػا يكفيػ مقصػدخ أو موشػع مالػ إف كػاف لػ مػاؿ
ى طريق .هذا إف ٍ يكن مع ماؿ أصبلً .وإف كاف مع ماؿ ال يكفي أعط ما يتم ب كفايت .
ػفرا طػويبلً .وقػدروا السػفر الطويػل دبػا تقصػر فيػ الصػبلة وهػو
( ب ) ويُهيأ ل ما يركب إف كػاف س ً
كبو 86كم أو كاف شعي ًفا ال يقدر على اؼبي .
وإف كػػاف قويًػػا وسػػفرخ دوف مسػػافة القصػػر ٍ يُع ػ اؼبركػػوب ويعطػػى مػػا ينقػػل علي ػ زادخ إال أف
قدرا يعتاد م ل أف وببل بنفس . يكوف ً
قالوا :وصفة هتيئة اؼبركوب :أن إف اتسع اؼباؿ او ى لػ مركػوب .وإف شػاؽ اكػ ى لػ .وإمبػا قػالوا
ذلػ ؛ ألف وسػػا ل الركػػوب والنقػػل كانػػز هػ الػػدواب .فلهػػذا قػػالوا :تُيػ َ ى أو تُكػ َ ى .أمػػا اآلف
فقد تطورت وسا ل النقػل إَ السػيارات والقطػارات والبػوامتر والطػا رات فػبل سػبيل إَ اوػ ا ها
بػػل يُكػ َ ى لػ مػػا يبل ػػم حالػ منهػػا .فبػػن كػػاف يبل بػ ركػػوب القطػػار أو البػػامترة ال يُت يػػم نقلػ
بالطا رة حك ال يرهق ماؿ الزكاة دبا يبكن االستغناء عن .
(جػ) ويعطى صبيع مؤف سفرخ ال ما زاد بسب السفر فق .وهذا هو الصحي .
قادرا على الكس أـ ال. ( د ) ويعطى سواء أكاف ً
(هػ) ويعطى ما يكفي ى ذهاب ورجوع إف كاف يريد الرجوع وليس ل ى مقصدخ اؼباؿ.
وقاؿ بعض العلباء :ال يعطى للرجوع أثناء سفرخ وإمبا يعطى عند رجوع .
وبعضهم قاؿ :إف كاف عزم أف يصل الرجوع بالذهاب أعط للرجوع وإف كػاف عزمػ إقامػة مػدة
ٍ يع للرجوع .والصحي األوؿ.
( و ) وأما نفقة اإلقامة باؼبقصػد فقػد فصػل ى ذلػ اليػافعية فقػالوا :إف كانػز إقامتػ دوف أربعػة
أياـ -غك يوم الدمتوؿ واػبروج -أعط ؽبا؛ ألن ى حكم اؼبسافر ول الفطر والقصػر وسػا ر
رمتػػل السػػفر .وإف كانػػز أربعػػة أيػػاـ فػػأك ر -غػػك يػػوم الػػدمتوؿ واػبػػروج ٍ -يع ػ ؽبػػا؛ ألن ػ
ػافرا ابػػن سػػبيل وانقطعػػز رمتػػل السػػفر خبػػبلؼ الغػػازي ف ن ػ يعطػػى مػػدة متػػرج عػػن كون ػ مسػ ً
اإلقامػػة ى ال غػػر وإف طالػػز .والفػػرؽ أف الغػػازي وبتػػاج إلي ػ لتوقػػع الفػػت وألن ػ ال يػػزوؿ باإلقامػػة
اسم "الغازي" بل يتأكد خببلؼ اؼبسافر.
مقيبػػا غباجػػة يتوقػػع تن زهػػا (انظػػر
وقػػاؿ بعضػػهم :يعطػػى ابػػن السػػبيل وإف طػػاؿ مقام ػ إذا كػػاف ً
اةبوع 245،246/6 :واليرح الكبك ص .)764،762
( ز ) وإذا رجع ابن السبيل وقد فضل مع و ء هل يس د من أـ ال؟
قػاؿ اليػافعية :نعػم سػواء قػ علػى نفسػ أـ ال وقيػل :إف قػ علػػى نفسػ حبيػث بقػ معػ هػػذا
الفضػػل مػػن تقتػػكخ ٍ يرجػػع دبػػا فضػػل .وهػػذا خبػػبلؼ الغػػازي؛ حيػػث ال يسػ جع منػ إذا قػ علػػى
عوشػػا غباجتنػػا إليػ وقيامػ بػػالغزو وقػػد فعػػل وابػػن السػػبيل
نفسػ ؛ ألف مػػا يأمتػػذخ الغػػازي يأمتػػذخ ً
يأمتذ غباجت إلينا وقد زالز (اةبوع.)246/6 :
وقػػاؿ اغبنفيػػة :ال يلػػزـ ابػػن السػػبيل التصػػدؽ دبػػا فضػػل ى يػػدخ عنػػد قدرت ػ علػػى مال ػ كػػالفقك إذا
اسػػتغ وعنػػدخ وػ ء مػػن مػػاؿ الزكػػاة فػػبل يلزمػ التصػػدؽ (انظػػر :فػػت القػػدير 48/2:ورد احملتػػار:
.)64/2
ذه ػ بعػػض العلب ػاء اؼبعاص ػرين إَ أف صػػنه "ابػػن السػػبيل" ٍ يعػػد ل ػ وجػػود ى عص ػرنا نظػ ًػرا
لوجػػود الوسػػا ل الك ػػكة اؼبيسػػرة غبصػػوؿ اإلنسػػاف علػػى مالػ بالقػػدر الػػذي يريػػد مػػن أي مكػػاف ى
الدنيا عن طريق اغبوالة علػى البنػوؾ وكبوهػا (انظػر :تفسػك اؼبراغػ ج ػ 28وقػد ذكػر هػذا الػرأي
ى تفسك اآلية السادسة من سورة اغبير).
هذا ما ذكرخ اؼبرحوـ أضبد مصػطفى اؼبراغػ ى تفسػكخ .ولكننػا لبالفػ ونػرى أف ابػن السػبيل يوجػد
-رغم ما ذكرخ من سهولة اغبصوؿ على اؼباؿ من أي بلد -ى صور وك:
-4صور واقعة البن السبيل:
فبن الناس من يػُ َع ُّد غنيًا وليس ل رصيد ى البنوؾ فكيه وبصل م لػ علػى مالػ إذا كػاف بعي ًػدا
عن ػ ؟! وم ل ػ م ػػن ينقط ػػع -لظ ػػروؼ وأس ػػباب ـبتلف ػػة -ى قري ػػة نا ي ػػة أو ص ػػحراء واس ػػعة .وال
يستطيع الوصوؿ إَ اؼبدينة حك يأمتذ من البن ما يريد فباذا يكوف موقف ؟
إف م ػػل هػػذا هػػو ابػػن سػػبيل؛ ألنػ غػ انقطػػع عػػن مال ػ فاسػػتحق العػػوف وهػ صػػورة وإف كانػػز
نادرة فه تقع.
-2اؼبيردوف والبلجئوف:
ومػػن النػػاس مػػن هبػ علػػى مغػػادرة وطنػ ومفارقػػة مالػ وأمبلكػ مػػن قِبَػػل الغػزاة احملتلػػني أو الطغػػاة
اؼبستبدين من اغبكاـ الكفرة وأوػباخ الكفػرة الػذين يضػطهدوف أهػل اػبػك والصػبلح وىبرجػومم
من ديارهم وأمواؽبم بغك حق إال أف يقولوا :ربنا اهلل .ذبد الرجل من هؤالء يفر بدينػ وحريتػ مػن
ؿبرومػػا مػػن مال ػ ى موطن ػ وإف بق ػ هنػػاؾ باظب ػ ى البن ػ أو ربػػز بلػػدخ إَ بلػػد آمتػػر ويبقػػى ً
اغبراسة أو ما واب ذل .كبا هو وأف ك ك من اؼبضطهدين والبلجئني السياسيني.
فباذا يػُ َعد هؤالء فياالصطبلح الفقه ؟
إف ؽبم ماالً ومل ًكا ى أوطامم ولكن ال سلطاف ؽبم -ى حاشػرهم -عليػ وال سػبيل ؽبػم إليػ
يدا .وكل من كاف هذا وأن فهو ابن سبيل. فهم أغنياء مل ًكا فقراء ً
-4اؼبسافروف ؼبصلحة:
سفرا وال هبد نفقة واعت نا ما
وإذا أمتذنا دبذه اليافع الذي يُدمتل ى ابن السبيل :من يريد ً
رجحنػػاخ مػػن او ػ اط أف يكػػوف هػػذا السػػفر ى مصػػلحة معت ػ ة لئلسػػبلـ أو لل باعػػة اؼبسػػلبة -
صورا ك كة ؽبذا الصنه ى الطبلب النػاهبني والصػناع اغبػاذقني والفنيػنيأمكننا أف قبد ى عصرنا ً
اؼبتقنػػني وغػػكهم فبػػن وبتػػاجوف إَ بع ػػات للصػػارج للتصصػػل ى علػػم نػػافع أو للتػػدري علػػى
عبل منت يعود أثرخ باػبك على الدين واألمة.
-5احملروموف من اؼبأوى:
ػكا آمتػػر البػػن السػػبيل يػػدمتل فيػ ك ػػكوف حػػك ى كبػػا أف بعػػض العلبػػاء مػػن اغبنابلػػة أعطػػى تفسػ ً
السؤاؿ (انظر :اإلنصاؼ .)237/3 :يع اؼبتسولني عصرنا هذا فقد ذكر :أف أبناء السبيل هم ّ
الذين يتكففوف الناس ويسألومم.
أناسػػا
وفبػػا ينػػدى لػ اعببػػني أننػػا ال نػزاؿ نػػرى ى ك ػػك مػػن الػػببلد الػػب ينتسػ أهلهػػا إَ اإلسػػبلـ ً
ُح ِرموا نعبة اؼبأوى واؼبسكن وازبذوا من جوان اليوارع وأرصفة الطرقات مػأوى ؽبػم يف وػوف
تراهبا ويتغطوف هبوا ها فهؤالء "أبناء سبيل" ألف الطريق لكل منهم أم وأبوخ!!
إف هػؤالء وصػػبة ى جبػني اةتبػػع الػذي يعييػػوف فيػ فػػبل ع ػ أف يعػ هبػم القػػرآف ويػػذكرهم
ػهبا ى الضػريبة اإلسػػبلمية األوَ: بوصػه متػاص غػك وصػه الفقػراء واؼبسػاكني ويفػرض ؽبػم س ً
الزكاة.
أيضػػا .فيُعطَػػوف
وال غرابػػة أف يعطػػى هػػؤالء مػػن مػػاؿ الزكػػاة بوصػػفهم أبنػػاء سػػبيل وبوصػػفهم فقػراء ً
بالوص ػػه األوؿ م ػػا ُىب ػػرجهم ع ػػن بن ػػوة الطري ػػق ب ػػأف يُهي ػػأ ؽب ػػم اؼبس ػػكن البل ػػق حب ػػاؽبم ويعط ػػوف
بالوصػػه ال ػػاْ مػػا يضػػبن ؽبػػم سبػػاـ كفػػايتهم ويكفػػل ؽبػػم معييػػة حسػػنة يتحقػػق ؽبػػم فيهػػا إوػػباع
حاجاهتم البيرية من غك إسراؼ وال تقتك.
-6اللقطاء:
وذكر السيد روػيد رشػا ى تفسػكخ :أف اللقػي يووػ أف يػدمتل ى معػ ابػن السػبيل كبػا ذكػر
أف بعض أذكياء اؼبعاصرين امتتار ى رسالة ل :أف هذا هو اؼبع اؼبراد.
وقػػوى اليػػيمل روػػيد هػػذا االمتتيػػار -وإف ٍ هبػػزـ بػ -بػػأف اللفػػي يتسػػع للقػػي مػػا يتسػػع لغػػكخ.
هبل أمرخ بفقد الناصػر وبأف القرآف ع بأمر اليتيم واإلحساف ب غبكبة بالغة وه :أف اليتيم يُ َ
القوي الغيور وهو األب .أو تكوف تربيت ناقصة باعبهل الػذي هػو جنايػة علػى العقػل أو فسػاد
األمتبلؽ الذي هو جناية على النفس وهػو جبهلػ وفسػاد أمتبلقػ يكػوف و ًػرا علػى أوالد النػاس
يعاورهم فيسري إليهم فسادخ .ف ذا كاف هػذا وػأف اليتػيم فػاللقي أوَ وأجػدر منػ باإلحسػاف دبػا
ذكرنا من اغبكبة والفق .
قػػاؿ" :وإمب ػػا غفػػل صبي ػػع اؼبفس ػرين عػػن ذك ػػرخ لنػػدرة اللقط ػػاء ى زم ػػن اؼبتقػػدمني م ػػنهم وال ح ػػي
للبتأمترين منهم من التأليه إال النقل عنهم" (تفسك اؼبنار - 94/5 :طبعة ثانية).
علػػى أف اللقػػي إف ٍ يػػدمتل ى مع ػ "ابػػن السػػبيل" فهػػو دامتػػل ى عبػػوـ "الفق ػراء واؼبسػػاكني"
كبكا .فحق ى الزكاة ثابز بيقني. صغكا كاف أو ً ً قطعا ف ف الفقك هو احملتاج ً
الفصل ال امن
مباحث حوؿ األصناؼ اؼبستحقني
فهرس
ترجي أل عبيد
ذكر اهلل تعاَ مصارؼ الزكاة ى كتابة الكرٓ وحصرها ى شبانية أصػناؼ وػرحناها وفصػلنا القػوؿ
ى بياما وبق هنا مسألة ال بد من توشيحها وه :
هػػل هب ػ علػػى مف ػرؽ الزكػػاة -س ػواء أك ػػاف اؼبال ػ أو اغبػػاكم -أف يوزعه ػػا علػػى صبي ػػع ه ػػؤالء
األصناؼ ال بانية وأف يس روي بينهم ى قدر ما يعطي ؟
هكػػذا فهػػم بعػػض الفقهػػاء .مػػنهم اإلمػػاـ اليػػافع الػػذي أطػػاؿ ى تفصػػيل هػػذخ اؼبسػػألة ى كتػػاب
"األـ" ى فصوؿ ك كة.
قاؿ النووي ى اةبوع :قاؿ اليافع واألصحاب -رضبهم اهلل :-إف كاف مفرؽ الزكػاة هػو اؼبالػ
أو وكيلػ ػ س ػػق نص ػػي العام ػػل ووجػ ػ ص ػػرفها إَ األص ػػناؼ الس ػػبعة الب ػػاقني إف ُوِج ػػدوا وإال
فػػاؼبوجود مػػنهم وال هبػػوز تػػرؾ صػػنه مػػنهم مػػع وجػػودخ ف ػ ف ترك ػ شػػبن نصػػيب ..ودبػػذهبنا ى
استيعاب األصناؼ قاؿ عكرمة وعبر بن عبد العزيز والزهري وداود (اةبوع.)485/6 :
أيضا توافق مذه اليػافع :أنػ هبػ تعبػيبهم والتسػوية بيػنهم وأف يػدفع مػن وعن أضبد رواية ً
فصاعدا؛ ألن أقل اعببع إال العامل؛ ألف ما يأمتذخ أجرة ف ػاز أف يكػوف ً كل صنه إَ ثبلثة
احدا وإف توَ الرجل إمتراجها بنفس سق العامل .وهذا امتتيار أل بكػر مػن اغبنابلػة (الكػاى و ً
البن قدامة.)446/4 :
واسػػتح أصػػبغ -مػػن اؼبالكيػػة -مػػذه اليػػافع ى تعبػػيم األصػػناؼ حػػك ال ينػػدرس العلػػم
باسػػتحقاقهم وؼبػػا فيػ مػػن اعببػػع بػػني ـبتلػػه اؼبصػػاً ؼبػػا فيػ مػػن سػػد اػبلػػة والغػػزوة ووفػػاء الػػدين
وغػػك ذلػ وؼبػػا يوجب ػ مػػن دعػػاء اعببيػػع (نقػػل ذل ػ الصػػاوي ى حاوػػيت 334/ 4 :نقػبلً عػػن
اػبرو ).
قاؿ ابن عػرل :واتفقػوا علػى أنػ ال يُعطػى صبيعهػا للعػاملني فيهػا (نقػل ذلػ الصػاوي ى حاوػيت :
334/4نقػ ػبلً ع ػػن اػبروػ ػ ) ألف ذلػ ػ إمت ػػبلؿ باؼبقص ػػود م ػػن و ػػرعية الزك ػػاة وه ػػو س ػػد متل ػػة
اؼبسلبني وسد متلة اإلسبلـ كبا قاؿ الط ي.
واعتبد أصحاب اليافع على أف اهلل أشاؼ الصػدقة بػبلـ التبليػ ( :للفقػراء واؼبسػاكني) .إٌ
إَ مستحق حك يص من اؼبل على وجػ التيػري فكػاف ذلػ بيانًػا للبسػتحقني وهػذا كبػا
لػػو أوصػػى ألصػػناؼ معينػػني أو لقػػوـ معينػػني (أحكػػاـ القػػرآف البػػن العػػرل )947/2 :في ػ أف
صبيعا.
يعبهم ً
ػز رسػوؿ اهلل -صػلى واستدلوا من السنة دبا رواخ أبو داود عن زيػاد بػن اغبػارث الصػدا قػاؿ :أتي ُ
اهلل علي وسلم -فبايعت فأتػاخ رجػل فقػاؿ :أعطػ مػن الصػدقة .فقػاؿ رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ
وسػػلم( :-إف اهلل ٍ يػػرض حبكػػم ن ػ وال غػػكخ ى الصػػدقات حػػك حكػػم هػػو فيهػػا ف زأهػػا شبانيػػة
أجزاء ف ف كنز من أهل تل األجزاء أعطيت حق ).
ومتاله اليافع مال ٌ وأبو حنيفة وأصحاهببا وٍ يوجبوا استيعاب األصناؼ ى القسبة.
وقػػالوا :إف الػػبلـ ى اآليػػة ليسػػز الـ التبليػ وإمبػػا هػ الـ األجػػل كقولػ :هػػذا السػػرج للدابػػة
والباب للدار.
واستدلوا بقول تعاَ( :إف تبدوا الصدقات فنعبا ه وإف زبفوها وتؤتوها الفقراء فهو متك لكم)
(البقرة .)274 :فلم يذكر ؽبا ى اآلية مصرفًا إال الفقراء.
والصدقة مك أطلقز ى القرآف فه صدقة الفرض وقاؿ الن -صلى اهلل علي وسػلم( :-أمػرت
أف آمتػػذ الصػػدقة مػػن أغنيػػا كم وأردهػػا علػػى فق ػرا كم) وهػػذا نػػل ى ذكػػر أحػػد األصػػناؼ قرآنًػػا
وسنرة (أحكاـ القرآف البن العرل.)947/2 : ُ
وقػػد روي أبػػو عبيػػد عػػن ابػػن عبػػاس أن ػ قػػاؿ( :إذا وشػػعتها ى صػػنه واحػػد مػػن هػػذخ األصػػناؼ
فحسب إمبا قاؿ اهلل تبارؾ وتعاَ( :إمبا الصػدقات للفقػراء واؼبسػاكني) .وكػذا وكػذا لػئبل هبعلهػا
ى غك هذخ األصناؼ) .وكبوخ عن حذيفة.
عددا وأودهم فاقة.وعن ابن وهاب قاؿ :أسعدهم هبا أك رهم ً
وعن إبراهيم قاؿ :ما كانوا يسألوف إال عن الفاقة (الفاقة :الفقر).
وقاؿ سفياف وأهل العراؽ (أبو حنيفة وأصحاب ) :إذا وشعها ى صنه واحد من ال بانية أجزأخ.
احدا.وقاؿ إبراهيم النصع :إذا كاف اؼباؿ ك ًكا ففرق ى األصناؼ .وإذا كاف قليبلً فأعط صن ًفا و ً
وروى م ل هذا عن عطاء (ذكر هذخ اآلثار أبو عبيد ى "األمواؿ" ص .)578 - 576
وق ػػاؿ أب ػػو ث ػػور :إف أمترجػ ػ ص ػػاحب ج ػػاز لػ ػ أف يض ػػع ى قس ػػم وإف قس ػػب اإلم ػػاـ اس ػػتوع
األصناؼ.
وقػػاؿ مال ػ " :األمػػر عنػػدنا ى قسػػم الصػػدقات أف ذل ػ ال يكػػوف إال علػػى وج ػ االجتهػػاد مػػن
الواُ .فأي األصناؼ كانز اغباجة في والعدد أوثػر ذلػ الصػنه بقػدر مػا يػرى الػواُ وعسػى
أف ينتقل ذل إَ الصنه اآلمتر بعػد عػاـ أو عػامني أو أعػواـ فيػؤثر أهػل اغباجػة والعػدد حي بػا
كاف ذل .وعلى هذا أدركز من أرشى من أهل العلم" (أحكاـ القرآف.)948/2 :
بعضا.وأوج األقواؿ اؼبذكورة ما قال النصع وأبو ثور ومال وه -فيبا أرى -يكبل بعضها ً
ربقيق صاح الروشة الندية
وقػػد حقػػق ذلػ صػػاح الروشػػة النديػػة فقػػاؿ :إف اهلل سػػبحان جعػػل الصػػدقة ـبتصػػة باألصػػناؼ
ال بانية غػك سػا غة لغػكهم وامتتصاصػها هبػم ال يسػتلزـ أف تكػوف موزعػة بيػنهم علػى السػوية وال
أف يقسػ كػػل مػػا حصػػل مػػن قليػػل أو ك ػػك علػػيهم .بػػل اؼبع ػ :أف جػػنس الصػػدقات عبػػنس هػػذخ
األصناؼ فبػن وجػ عليػ وػ ء مػن جػنس الصػدقة ووشػع ى جػنس األصػناؼ فقػد فعػل مػا
أمرخ اهلل في وسق عن ما أوجب اهلل علي .ولو قيل :إن هب على اؼبالػ -إذا حصػل لػ وػ ء
صبيعػا لكػاف ذلػ
ذب في الزكاة -تقسيط علػى صبيػع األصػناؼ ال بانيػة علػى فػرض وجػودهم ً
-مع ما في من اغبرج واؼبيقة -ـبال ًفا ؼبػا فعلػ اؼبسػلبوف سػلفهم ومتلفهػم .وقػد يكػوف اغباصػل
نوعػا واح ًػدا
حقكا لو قسم على صبيع األصناؼ ؼبا انتفع كل صنه دبػا حصػل لػ ولػو كػاف ً ويئاً ً
عددا !!
فضبلً عن أف يكوف ً
وحػػديث زيػػاد بػػن اغبػػارث الػػذي قػػاؿ لػ النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم( : -إف اهلل ٍ يػػرض حبكػػم
ن وال غكخ ى الصدقات حك حكم فيها هو ف زأها شبانية أجزاء… ) هذا اغبديث على فػرض
صبلحيت لبلحت اج (فف إسنادخ مقاؿ) فاؼبراد بت ز ة الصدقة ذبز ة مصارفها كبا هو مصػارؼ
اآلية الب قصدها -صلى اهلل علي وسلم .-ولو كاف اؼبراد ذبز ة الصػدقة نفسػها وأف كػل جػزء ال
هبػػوز صػرف ى غػػك الصػػنه اؼبقابػػل لػ ؼبػػا جػػاز صػػرؼ نصػػي مػػا هػػو معػػدوـ مػػن األصػػناؼ إَ
غكخ وهو متبلؼ اإلصباع من اؼبسلبني.
ضا لو ُسلرم ذل لكاف باعتبار ؾببوع الصدقات الب ذبتبػع عنػد اإلمػاـ ال باعتبػار صػدقة كػل وأي ً
فرد فلم يبق ما يػدؿ علػى وجػوب التقسػي بػل هبػوز إعطػاء بعػض اؼبسػتحقني بعػض الصػدقات
بعضا آمتر.
وإعطاء بعضهم ً
نعم إذا صبع اإلمػاـ صبيػع صػدقات أهػل قُطػر مػن األقطػار وحضػر عنػدخ صبيػع األصػناؼ ال بانيػة
كاف صنه حق ى مطالبت دبا فرش اهلل .وليس علي تقسي ذلػ بيػنهم بالسػوية وال تعبػيبهم
بالعطػػاء بػػل لػ أف يعطػ بعػػض األصػػناؼ أك ػػر مػػن الػػبعض اآلمتػػر .ولػ أف يعطػ بعضػػهم دوف
ػبلحا عا ػ ًػد عل ػػى اإلس ػػبلـ وأهلػ ػ .مػ ػ بلً إذا صبع ػػز لديػ ػ الص ػػدقات
بع ػػض -إذا رأى ذلػ ػ ص ػ ً
وحضػػر اعبهػػاد وحقػػز اؼبدافعػػة عػػن َحػ ْػوَزة ا ٍإلسػػبلـ مػػن الكفػػار أو البغػػاة ف ػ ف ل ػ إي ػػار أصػػناؼ
اةاهدين بالصرؼ إليهم وإف استغرؽ صبيع اغباصل من الصدقات .وهكذا إذا انقضػز اؼبصػلحة
إي ار غك اةاهدين" أ.هػ( .الروشة الندية- 269-267/4 :بتصرؼ).
ترجي أل عبيد
وهذا ما رجح أبو عبيد فقد ذكر ما كتب اإلماـ الزهػري ألمػك اؼبػؤمنني عبػر بػن عبػد العزيػز عػن
منػػازؿ الصػػدقات ومواشػػعها كبػػا جػػاءت بالسػػنة فقػػاؿ :هػ شبانيػػة أسػػهم :سػػهم للفقػراء وسػػهم
للبساكني إَ آمتر السهاـ ال بانية.
ه فصػل مػػا يعطػػى لكػػل صػػنه مػن الفقػراء إَ ابػػن السػػبيل وكيػػه يقسػم السػػهم علػػى أنػواع كػػل
صنه من األصناؼ ال بانية ه قاؿ أبو عبيػد :فهػذخ ـبػارج الصػدقة إذا جعلػز ؾبػزأة وهػذا هػو
الوج ػ ؼبػػن قػػدر علي ػ وأطاق ػ غػػك أْ ال أحس ػ هػػذا هب ػ إال علػػى اإلمػػاـ الػػذي تك ػػر عنػػدخ
صدقات اؼبسلبني وتلزم حقوؽ األصناؼ كلها يبكنػ ك ػرة األعػواف علػى تفريقهػا .فأمػا مػن لػيس
عنػػدخ منهػػا إال مػػا يلػػزـ ػباصػػة مالػ ف نػ إذا وشػػعها ى بعضػػهم دوف بعػػض كػػاف جازيًػػا عنػ علػػى
قوؿ من ظبيناخ من العلباء.
واألصل ى هذا هو اغبديث اؼبأثور عػن النػ -صػلى اهلل عليػ وسػلم -حػني ذكػر الصػدقة فقػاؿ:
(تؤمتذ من أغنيا هم فتُػَرد ى فقرا هم) فلم يذكر -صػلى اهلل عليػ وسػلم - -هاهنػا -غػك صػنه
واحػػد .ه أتػػاخ مػػاؿ بعػػد هػػذا ف علػ ى صػػنه ثػػاف سػػوى الفقػراء وهػػم اؼبؤلفػػة قلػػوهبم :األقػػرع بػػن
حابس وعيينة بن حصن وعلقبة بن عبلثة وزيد اػبيػل قسػم فػيهم الذهبيػة الػب بعػث هبػا إليػ
عل ّ من أمواؿ أهل اليبن وإمبا الذي يؤمتذ من أمواؽبم الصدقة.
ه أتاخ ماؿ آمتر ف عل ى صنه ثالث وهم الغارموف.
ومػػن ذلػ قولػ لقبيصػػة بػػن اؼبصػػارؽ ى اغبَبالػػة الػػب رببػػل هبػػا( :أقػػم حػػك تأتينػػا الصػػدقة ف مػػا أف
نعينػ عليهػػا وإمػػا أف كببلهػػا عنػ ) فػػأراخ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -قػػد جعػػل بعػػض األصػػناؼ
أسعد هبا من بعض.
صبيعػػا وى أف ىبػػل هبػػا بعضػػهم دوف بعػػض إذا كػػاف فاإلمػػاـ ـبػػك ى الصػػدقة ى التفريػػق فػػيهم ً
ذل على وج االجتهاد وؾبانبة اؽبوى واؼبيل عن اغبق وكػذل مػن سػوى اإلمػاـ بػل هػو لغػكخ
أوسع إف واء اهلل" (األمواؿ ص 584وما قبلها).
قػػاؿ ى اؼبنػػار :إف متػػبلؼ السػػله وأ بػػة األمصػػار ى اؼبسػػألة يػػدؿ علػػى أن ػ ٍ يسػػبق فيهػػا ُسػػنة
عبلية ؾببع عليها مػن عهػد الرسػوؿ وال مػن متلفا ػ الراوػدين فػدؿ هػذا علػى أمػم كػانوا يرومػا
من اؼبصاً الب ي ج فيها العبل دبا يػراخ أولػوا األمػر ى درجػة االسػتحقاؽ وقلػة اؼبػاؿ وك رتػ مػن
الصدقات وى بيز اؼباؿ.
وأقرب أقواؿ األ بة ى مراعاة اؼبصلحة قوؿ مال وإبراهيم النصع وأبعػدها عػن اؼبصػلحة والػنل
صبيعػػا قػػوؿ أل حنيفػػة (قػػد ذكرنػػا أف أبػػا عبيػػد روى عػػن ابػػن عبػػاس وحذيفػػة م ل ػ .والقػػوؿ جب ػواز
ً
وشػػعها ى ص ػػنه واح ػػد ال ينف ػ وج ػػوب مراع ػػاة اغباجػػة واؼبص ػػلحة ى التوزيػػع وإف ك ػػاف ذل ػ
موكػػوالً إَ شػػبك اؼبسػػلم) إال إذا كػػاف اؼبػػاؿ قلػػيبلً جػ ًػدا حبيػػث إذا أعطاهػػا واحػ ًػدا انتفػػع بػ وإذا
وزعػ علػػى مػػن يوجػػد مػػن األصػػناؼ أو علػ أفػراد صػػنه واحػػد كػػالفقراء ٍ يصػ أحػ ًػدا مػػا لػ
موقع من كفايت .
وأما جواز إعطػاء اؼبػاؿ أك ػر إَ واحػد مػن اؼبسػتحقني مػن صػنه واحػد فػبل وجػ لػ وال وػبهة.
وفهبا:
علبا ً واهلل تعاَ قد ذكر أصنافًا بصفة اعببع فبل يبكن أف يقوؿ أبو حنيفة وال من دون ً
"إف إعطػاء واحػد مػن صػػنه واحػد يػُ َعػد امت ػػاالً ألمػر اهلل وعبػبلً بكتابػ وينبغػ عبباعػة اليػػورى
نظامػػا لتقػػدٓ األهػػم فػػاؼبهم إذا ٍ تكػػه
مػػن أهػػل اغبػػل والعقػػد أف يضػػعوا ى كػػل عصػػر وقطػػر ً
الص ػػدقات اعببي ػػع ليبنعػ ػوا الس ػػبلطني واألمػ ػراء م ػػن التص ػػرؼ فيه ػػا ب ػػأهوا هم وذلػ ػ أف بع ػػض
األصناؼ يوجد ى بعػض األزمنػة واألمكنػة دوف بعػض كبػا أف درجػات اغباجػة زبتلػه" (تفسػك
اؼبنار - 593/46 :طبعة ثانية).
ومتبلصة القوؿ بعد ذكر هذخ اآلراء والتحقيقات وال جيحات نعرشها فيبا يل :
-4ينبغ تعبػيم األصػناؼ اؼبسػتحقني إذا ك ػر اؼبػاؿ ووجػدت األصػناؼ وتسػاوت حاجػاهتم أو
تقاربز .وال هبػوز حرمػاف صػنه مػنهم مػع قيػاـ سػب اسػتحقاق ووجػود حاجتػ .وهػذا يتعػني ى
حق اإلماـ أو السلطة اليرعية الب ذببع الزكوات وتفرقها على اؼبستحقني.
-2عند تعبيم األصناؼ اؼبوجودين بالفعل من ال بانية ليس بواج أف نسوي بػني كػل صػنه
وآمتر ق قدر ما يصرؼ ل وإمبػا يكػوف ذلػ حسػ العػدد واغباجػة .فقػد يوجػد ى إقلػيم ألػه
فقك وال يوجد من الغارمني أو ابن السبيل إال عيرة .فكيه يعطى عيرة مػا يعطػاخ ألػه؟! ؽبػذا
نػػرى األوفػػق هنػػا مػػا ذهػ إليػ مالػ ومػػن قبلػ ابػػن وػػهاب مػػن إي ػػار الصػػنه الػػذي فيػ العػػدد
واغباجة بالنصي األك (قاؿ الدردير ى ورح الصغك :يُندب إي ار احملتاج على غكخ بأف ُىبل
باإلعطػػاء أو ي ػزاد ل ػ في ػ علػػى غػػكخ علػػى حس ػ مػػا يقتضػػي اغبػػاؿ :إذ اؼبقصػػود سػػد اغباجػػة
( .)234/4متبلفًا ؼبذه اليافع .
ػرعا تقتض ػ
-3هبػػوز صػػرؼ الزكػػاة كلهػػا لػػبعض األصػػناؼ متاصػػة لتحقيػػق مصػػلحة معت ػ ة وػ ً
التصصيل .كبا أن عند إعطاء صنه من األصناؼ ال بانية ال يلزـ التسوية بني صبيػع أفػرادخ ى
قدر ما يُعطون بل هبوز اؼبفاشلة بينهم حس حاجاهتم .ف ف اغباجات زبتله من فرد إَ آمتر.
اؼبهم أف يكوف التفضل -إف وجد -لسب ومصلحة ال ؽبوى ووهوة ودوف إجحاؼ بػاآلمترين
من األصناؼ أو األفراد (مػن أجػود مػا قػرأت ى ذلػ مػا ى وػرح األزهػار ( )548/4قػاؿ" :وال
هبػػوز لئلمػػاـ ذلػ التفضػػيل إذا كػػاف غػػك ؾبحػػه باألصػػناؼ الباقيػػة فأمػػا إذا كػػاف ؾبح ًفػػا ٍ هبػػز؛
ألف ذلػ حيػه وميػػل عػن اغبػق .معػ اإلجحػاؼ هنػا :أف يعطػ أحػد الغػارمني مػػا يقضػ دينػ
واآلمتػػر دوف مػػا يف ػ بدين ػ أو يعط ػ أحػػد اب ػ السػػبيل مػػا يبلغ ػ وطن ػ واآلمتػػر دوف ذل ػ .أو
يعط فقك مػا يكفيػ وعولػ (عيالػ ) واآلمتػر دوف مػا يكفيػ وعولػ مػن غػك سػب مقػتض لػذل
كأف يكوف اؼبفضل مؤل ًفا أو كبو ذل .وهبوز لئلماـ أف يفضل بعض األوصاص فيعطي أك ر فبا
أعطػػى غػػكخ لتعػػدد السػػب فيػ اؼبوجػ السػػتحقاؽ الزكػػاة وذلػ كبػػو أف يكػػوف هػػذا اليػػصل
غارما ف ن يعطى أك ر من غكخ الجتباع هذخ الوجوخ في ") .أهػ ؾباهدا عامبلً ً
فقكا ً ً
-4ينبغ أف يكوف الفقراء واؼبساكني هم أوؿ األصناؼ الػذين تصػرؼ ؽبػم الزكػاة فػ ف كفػايتهم
وإغناءهم هو اؽبدؼ األوؿ للزكاة حك إف الرسوؿ -صػلى اهلل عليػ وسػلم ٍ -يػذكر ى حػديث
معاذ وغكخ إال هذا اؼبصرؼ( :تؤمتذ من أغنيا هم فتُػَرد على فقرا هم) وذل ؼبا ؽبذا اؼبصرؼ مػن
أنبية متاصة.
فبل هبوز للحاكم أف يأمتذ أمواؿ الزكاة لينفقها على اعبيو مػ بلً ويػدع الفئػات الضػعيفة احملتاجػة
من أهل الفقر واؼبسكنة يأكلها اعبوع والعرى والضياع ووبرقها اغبقد واغبسد والبغضاء.
مقدما على عبلج الفقر واؼبسكنة. وكل هذا ما ٍ تطرأ ظروؼ متاصة مؤقتة ذبعل عبلجها ً
-5ينبغ ػ األمتػػذ دبػػذه اليػػافع ى تعيػػني اغبػػد األقصػػى الػػذي يصػػرؼ للعػػاملني علػػى الزكػػاة
جباية وتوز ًيعا .وقد حددخ دبقدار "ال بن" من حصيلة الزكاة فبل هبوز الزيادة علي ف ف فبا يعػاب
ػكا فبػا هبػط منهػا ينفػق علػى اإلدارات واألجهػزة اؼبكلفػة ػدارا كب ً
على أك ر الضرا الوشػيعة أف مق ً
نقصػػا
باعببايػػة فػػبل تصػػل اؼببػػالغ احملصػػلة مػػن اؼبب ػولني إَ اػبزانػػة إال بعػػد أف تكػػوف قػػد نقصػػز ً
ملحوظًػػا بسػػب اإلس ػراؼ ى نفقػػات اعببايػػة والتحصػػيل ومػػا تسػػتلزم فصامػػة اؼبناص ػ وأناقػػة
اؼبكات والعنايػة باؼبظػاهر واؼبيػل إَ التعقيػد مػن تكػاليه صبػة وأمػواؿ طا لػة .وهػذا ى اغبقيقػة
إمبا يؤمتذ من اعبهات اؼبستحقة الب تُصرؼ فيها حصيلة ما ج من اؼباؿ .وإال زيد بقدرخ على
اؼبكلفني اؼبرهقني.
-6عنػػدما يكػػوف مػػاؿ الزكػػاة قلػػيبلً كبػػاؿ فػػرد واحػػد لػػيس بػػذي ثػػروة كبػػكة .فهنػػا يُعطػػى لصػػنه
واحد كبا قاؿ النصع وأبو ثور بل لفرد واحد كبا قاؿ أبو حنيفة؛ ف ف تفريق هذا القليل على
عػػدة أصػػناؼ أو عػػدة أف ػراد مػػن صػػنه واحػػد يضػػيع الفا ػػدة اؼبرجػػوة مػػن الزكػػاة .وقػػد مػػر بنػػا ى
مصرؼ "الفقراء واؼبساكني" ترجي مذه اليافع ى اإلغنػاء بالزكػاة فهػو أوَ مػن إعطػاء عػدد
من األفراد دريهبات لكل منهم ال تيف وال تكف .
وهػػذا مػػا ٍ يكػػن العػػدد اؼبوجػػود ى حاجػػة وػػديدة إَ إسػػعاؼ بػػأي و ػ ء ولػػو قلػػيبلً .فػػالتفريق
أفضل وأوَ عند ذ.
الفصل التاسع
األصناؼ الذين ال تصرؼ ؽبم الزكاة
فهرس
األحاديث اؼبروية ى ربرٓ الصدقة على آؿ ؿببد صلى اهلل علي وسلم
من هم آؿ ؿببد -صلى اهلل علي وسلم-؟
ما اغبكم إذا حرموا من الغنا م والف ء؟
مناقية وترجي
اؼببحث السادس :اػبطأ ى مصرؼ الزكاة
فعند اغبنفية
وعند اؼبالكية
وعند الزيدية
سبهيد
اؼببحث األوؿ :األغنياء
اؼببحث األوؿ
األغنياء
ذكرنا ى حب نا عن " الفقػراء واؼبسػاكني" :أف فقهػاء اإلسػبلـ متفقػوف علػى أنػ ال يعطػى مػن سػهم
الفق ػراء واؼبسػػاكني غ ػ لقول ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم( : -ال ربػػل الصػػدقة لغ ػ ) (مػػر زبرهبهبػػا
هناؾ ) .وقول ؼبعاذ (تؤمتذ من أغنيا هم ف د على فقرا هم )(مر زبرهبهبا هناؾ).
وقالوا :إف إعطاء األغنياء منها ىبل حبكبة وجوهبا وهو إغناء الفقراء هبا فلم هبز .
وهم مع اتفاقهم على هذا اغبكم امتتلفوا ى ربديد مع الغ الػذي وبػرـ األمتػذ مػن الزكػاة ويبنػع
منها وقد فصلنا ذل ى مصرؼ الفقراء واؼبساكني فلكجع إلي .
وامتتلػه الفقهػاء أيضػاُ ى بقيػة األصػناؼ فعنػػد اغبنفيػة ال تعطػػى الزكػاة لغػ ولػػو كػاف ى سػػبيل
اهلل أو غارماً إلصبلح ذات البني عببلً ب طبلؽ حديث معاذ واغبديث اآلمتر( :ال ربل لغ ).
وٍ يست نوا إال العامل :ألف ما يأمتذخ إمبا هو أجر على عبل .وإال اؼبؤلفة ولكػن سػهبهم سػق
بانتيار اإلسبلـ كبا قالوا (انظر :فت القدير على اؽبداية.)24/2 :
أمػػا األ بػػة اآلمتػػروف فقػػالوا :إمبػػا اقتصػػر ى حػػديث معػػاذ علػػى ردخ للفقػراء ألف ذلػ هػػو اؼبقصػػود
األهم للزكاة؛ إغناء الفقراء.
ولو كانز الزكاة ال تعطى إال لفقك ومسكني ما كاف هناؾ مع لذكر أصػناؼ سػتة ى آيػة التوبػة
بعد الفقراء واؼبساكني.
وكبا أمترجتم العامل عليها وابن السبيل -وإف كاف غنيًا ى بلدخ -أمترجوا الغازي الذي ال رات
ل ى ديواف اعبند والغارـ إلصبلح ذات البني.
والواقع أف آية اؼبصارؼ صبعز بني نوعني من اؼبستحقني:
الن ػػوع األوؿ :م ػػن وبت ػػاج م ػػن اؼبس ػػلبني وه ػػم :الفق ػراء واؼبس ػػاكني وى الرق ػػاب والغ ػػارموف ؼبص ػػلحة
أنفسهم وابن السبيل فهؤالء يعطوف غباجتهم ما تندفع ب حاجتهم.
النوع ال اْ :مػن وبتػاج إلػيهم اؼبسػلبوف وهػم :العػاملوف عليهػا واؼبؤلفػة قلػوهبم والغػارموف ؼبصػلحة
الغك وى سبيل اهلل .فهؤالء يُعطوف مع الفقر والغ .
وقػػد فصػػل ى ذل ػ اغبػػديث النبػػوي( :ال ربػػل الصػػدقة لغ ػ إال ػببسػػة :لغػػاز ى سػػبيل اهلل أو
لعامل عليها أو لغارـ أو لرجل او اها دبال أو لرجل ل جار مسػكني فتصػدؽ علػى اؼبسػكني
فأهدى اؼبسكني إلي ).
قاؿ النػووي :هػذا اغبػديث حسػن أو صػحي رواخ أبػو داود مػن طػريقني مرسػبلً وموصػوالً (قػاؿ ى
اةبوع ( :)266/6إسنادخ جيد ى الطريقني وصبػع البيهقػ طرقػ وفيهػا :أف مال ًكػا وابػن عيينػة
أرسػبلخ وأف معبػًػرا وال ػػوري وصػبلخ ونبػػا مػػن صبلػػة اغبفػاظ اؼبعتبػدين واغبػػديث إذا روي متصػبلً
ومرسبلً كاف اغبكم لبلتصاؿ على اؼبذه الصحي ).
وإذا كانػػز الزكػػاة ال ربػػل لغػ أف يأمتػػذها باسػػم الفقػػر واؼبسػػكنة؛ فػ ف اإلنسػػاف كبػػا يكػػوف غنيًػػا
بنفس قد يكوف غنيًا بغ غكخ.
ػكا
فالولد الصػغك يػُ َعػ ّد غنيًػا بغػ أبيػ ال فػرؽ بػني الػذكر واألن ػى ى ذلػ خبػبلؼ مػا إذا كػاف كب ً
فقكا ف ن ال يػُ َع ُّد غنيًا بيسار أبي وإف كانز نفقت عليػ كالبنػز الفقػكة الػب ال زوج ؽبػا واالبػن ً
الفقك العاجز عن الكس (انظر اؽبداية وفت القدير.)23/2 :
ػرعا وعُرفًػا -منسػوبة إليػ وؿبسػوبة عليػ ومكفيػة واؼبرأة الفقكة تُػ َع ُّد غنية بيسار زوجها وهػ -و ً
ب فبل هبوز إعطاؤها من الزكاة؛ ألف ذل ى اغبقيقة ينقل إعطاء للزوج.
وظاهر الرواية عند اغبنفية هبيز إعطاء امرأة الغ من الزكاة سواء فرض ؽبا النفقة أـ ال .وعػن أل
يوسػػه :أن ػ ال هبػػوز :ألمػػا مكفيػػة دب ػا تسػػتوجب علػػى الغ ػ مػػن النفقػػة حالػػة اليسػػار واإلعسػػار
فالصرؼ إليها كالصرؼ إَ ولد الغػ الصػغك (اؼبرجػع نفسػ ووػرح العنايػة علػى هػامو اؽبدايػة).
وفػػرؽ علبػػاء اغبنفيػػة بػػني زوجػػة الغ ػ وولػػدخ :أف اسػػتي اهبا النفقػػة دبنزلػػة األجػػرة خبػػبلؼ وجػػوب
نفقة الولد الصغك؛ ألن سب عن اعبز ية فكاف كنفقة نفس فالدفع إليػ كالػدفع إَ نفػس الغػ
(اؼبرجع نفس ص .)24
وأجػػاز بعػػض اليػػافعية إعطػػاء زوجػػة الغػ الفقػػكة وولػػدخ الفقػػك مػػن الزكػػاة مػػع قيػػاـ الػػزوج واألب
بالنفقة ومتالفهم آمتروف على عدة أقواؿ (اةبوع.)494/6 :
ومػػن هػػذخ األق ػواؿ :أف كػػل مػػن وجبػػز نفقت ػ علػػى غ ػ مػػن ولػػد أو زوجػػة أو قري ػ ربػػرـ علي ػ
الزكاة؛ ألن مكف بنفقت والغ هو الكفاية.
وعنػػد اؼبالكيػػة :أف الفقػػك الػػذي وجبػػز نفقتػ علػػى غػ ربػػرـ عليػ الزكػػاة ولػػو ٍ هبػػر النفقػػة عليػ
بالفعل؛ ألن قادر على أمتذها من باغبكم والقضاء.
واسػػت نوا مػػن ذل ػ مػػا إذا كػػاف الغ ػ ال سبكػػن الػػدعوى علي ػ أو يتعػػذر اغبكػػم علي ػ (انظػػر وػػرح
اػبرو على متليل.)244/2 :
والػػذي أرجحػ مػػا قلتػ أوالً إف ولػػد اإلنسػػاف الصػػغك وزوجتػ نبػػا اللػػذاف يعػػداف غنيػػني بغػ األب
والػػزوج فالولػػد مػػع أبي ػ والزوجػػة مػػع زوجهػػا وحػػدة ال تت ػزأ وألف نفقتهبػػا وجبػػز وجوبػػا بيرػنًػػا
بالكتاب والسنة فهبا مكفياف كفاية دا بة الزمة مستقرة .فبل هبػوز إعطػاء الزكػاة ؽببػا وال هبػوز
ؽببا األمتػذ خبػبلؼ سػا ر األقػارب فللحكومػة أف تتػوَ اإلنفػاؽ علػيهم مػن الزكػاة أو غكهػا مػن
موارده ػػا وتغن ػػيهم ع ػػن نفق ػػة أق ػػارهبم ولؤلف ػراد اؼبس ػػلبني أف يعط ػػوهم م ػػن زك ػػاهتم م ػػا يقض ػػوف بػ ػ
حاجػػات ال تسػػدها النفقػػة أو مػػا يغنػػيهم عػػن النفقػػة بالكليػػة ومتاصػػة علػػى مػػذه مػػن يق ػػوؿ
ب عطاء كفاية العبر للفقك واؼبسػكني (راجػع :حبػث "كػم يعطػى الفقػك واؼبسػكني مػن الزكػاة" ؟ -
الفصل األوؿ ص .)663فهذا و ء أعبق وأوسع مدى فبا تؤدي نفقة القري على القري .
اؼببحث ال اْ
األقوياء اؼبكتسبوف
وكبا جاءت األحاديث بتحرٓ الزكػاة علػى الغػ جػاءت بتحريبهػا علػى ذي اؼبػرة السػوي (واؼبػرة:
اليدة والقوة .والسوي :اؼبستوي األعضاء أي أف جسب سليم من العاهات .وإمبا حرمز الزكاة
على القوي؛ ألن ُمطال أف يعبل ويكف نفس بنفس ال أف يقعد ويتكل على الصدقات .فػ ذا
كػػاف قويًػػا ولكنػ ال هبػػد عبػبلً فهػػو معػػذور ومػػن حقػ أف يُعػػاف مػػن الزكػػاة حػػك يتهيػػأ لػ العبػػل
اؼببل م وى اغبديث اآلمتر( :ال حي فيها لغ وال لقوي مكتس ) (ذكر ى البحر)475/2( :
ق ػػوالً للي ػػافع أن ػ يي ػ ط ى الفق ػػك الض ػػعه والزمان ػػة وع ػػدـ الس ػػؤاؿ وه ػػذا اغب ػػديث ي ػػرد علي ػ .
ووقوفهػػا علػػى الػػزم باطػػل كبػػا قػػاؿ ابػػن العػػرل وقػػد تقػػدـ) وقػػد مػػر بنػػا حبػػث ذل ػ ى مصػػرؼ
"الفقراء واؼبساكني".
ػحيحا
ومتػػاله اغبنفيػػة ى ذل ػ فقػػالوا :هبػػوز دفػػع الزكػػاة إَ مػػن يبل ػ أقػػل نصػػاب وإف كػػاف صػ ً
مكتسػػبًا؛ ألنػ فقػػك والفقػراء هػػم اؼبصػػارؼ وألف حقيقػػة اغباجػػة ال يوقػػه عليهػػا فػػأدير اغبكػػم
على دليلها وهو فقد النصاب .وقاؿ ابن اؽبباـ :وعنػد غػك واحػد :ال هبػوز للكسػوب ؼبػا قػدمناخ
مػػن قول ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم( :-ال ربػػل الصػػدقة لغ ػ وال لػػذي مػػرة سػػوي) وقول ػ للػػرجلني
اللػػذين سػػأالخ فرآنبػػا جلػػدين( :أمػػا إن ػ ال حػػق لكبػػا فيه ػا وإف وػػئتبا أعطيتكبػػا) وأجػػاب بػػأف
دؿ علػى أف اؼبػراد حرمػة سػؤاؽببا لقولػ ( :وإف وػئتبا أعطيتكبػا) ولػو كػاف األمتػذ اغبديث ال ػاْ ّ
ؿبرما ٍ يفعل (انظر :اؽبداية وفت القدير.)28/2 : ً
وقػػد مػػر بنػػا هػػذا اغبػػديث مػػن قبػػل وفي ػ ( :وإف وػػئتبا أعطيتكبػػا وال حػػي فيهػػا لغ ػ وال لقػػوي
مكتس ) وإمبا قاؿ ؽببا ذل :ألن ٍ يعرؼ حقيقة حاؽببا وليس كل جلػد قػوي يكػوف مكتسػبًا
ما يكفي فلهذا أعطانبا بعد أو وعظهبا وأرودنبا إَ أف الغ واؼبكتس الحق ؽببا ى الزكاة.
وهػػذا هػػو امتتيػػار أل عبيػػد؛ ألن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -جعػػل الغ ػ والقػػوة علػػى االكتسػػاب
ػدودا عنػد الػرزؽ
عدلني وإف ٍ يكن القوي ذا ماؿ فهم اآلف سياف؛ إال أف يكوف هذا القوي ؾب ً
ؿبارفًػا (يطلػ الػػرزؽ وال هبػدخ) وهػو ى ذلػ ؾبتهػد ى السػػع علػى عيالػ حػػك يع ػزخ الطلػ
ف ػ ذا كانػػز هػػذخ حال ػ ف ػ ف ل ػ حينئػػذ ح ًقػػا ى أم ػواؿ اؼبسػػلبني لقول ػ اهلل تبػػارؾ وتعػػاَ( :وى
أمواؽبم حق معلوـ للسا ل واحملروـ) (الػذاريات )49 :روي عػن ابػن عبػاس ى هػذخ اآليػة :احملػروـ:
احملارؼ (األمواؿ ص.)577
اؼببحث ال الث
أصبع اؼبسلبوف على أف الكافر احملارب ألهل اإلسبلـ ال يعطى من الزكاة ويئًا (نقػل هػذا اإلصبػاع
ى البحر الزمتار ) 485/2 :وسند هذا اإلصباع قولػ تعػاَ( :إمبػا ينهػاكم اهلل عػن الػذين قػاتلوكم
ى الػػدين وأمترجػػوكم مػػن ديػػاركم وظػػاهروا علػػى إمت ػراجكم أف تولػػوهم ومػػن يتػػوؽبم فأولئ ػ هػػم
الظاؼبوف) (اؼببتحنة.)9 :
وألن ػ حػػرب علػػى اإلسػػبلـ وأهل ػ عػػدو للحػػق وحزب ػ وكػػل معونػػة تتحػػوؿ إَ متن ػػر يطعػػن ب ػ
الػػدين أو يقتػػل ب ػ اؼبػػؤمنني ولػػيس مػػن الػػدين وال مػػن العقػػل أف يعطػػى النػػاس مػػن أم ػواؽبم لقتػػل
أنفسهم أو االعتداء على مقدساهتم.
وم ل اؼبلحد الذي ينكر وجود اهلل وهبحػد النبػوة واآلمتػرة .فهػذا بطبيعتػ حػرب علػى الػدين فػبل
يعطى من أمواؿ أهل الدين.
وكذل اؼبرتد اؼبارؽ من اإلسبلـ بعد مػا دمتػل فيػ ؛ ألنػ ى نظػر اإلسػبلـ ال يسػتحق اغبيػاة وقػد
اق ؼ جريبة اػبيانة العظبى بارتدادخ عػن الػدين؛ ومفارقتػ عبباعػة اؼبسػلبني .قػاؿ -عليػ الصػبلة
والسبلـ( :-من بدؿ دين فاقتلوخ) (رواخ أضبد والبصاري وأصحاب السنن عن ابن عباس).
أمػػا أهػػل الذمػػة وهػػم أهػػل الكتػػاب ومػػن ى حكبهػػم فبػػن يعييػػوف بػػني ظه ػراْ اؼبسػػلبني حيػػث
دمتل ػوا ى ذمػػتهم ومتضػػعوا لسػػلطاف دولػػتهم وقبل ػوا جريػػاف أحكػػاـ اإلسػػبلـ علػػيهم واكتسػػبوا
بػ ػػذل التبعيػ ػػة لػ ػػدار اإلسػ ػػبلـ أو م ػ ػا ييػ ػػب "اعبنسػ ػػية" بلغػ ػػة عص ػ ػرنا فهػ ػػؤالء ى صػ ػػرؼ الزكػ ػػاة
والصدقات إليهم متبلؼ وتفصيل نوشح فيبا يل :
اإلعطاء من صدقة التطوع:
ال جنػػاح علػػى اؼبسػػلم أف يعط ػ غػػك اؼبسػػلم مػػن أهػػل الذمػػة فبػػا يتطػػوع ب ػ مػػن الصػػدقات رعايػػة
للرابطة اإلنسانية وغبرمة العهد الذي بينهم وبني اؼبسلبني .وكفرهم باإلسبلـ ال يبنع من ال هبم
واإلحسػػاف إلػػيهم -مػػا دامػوا غػػك ؿبػػاربني للبسػػلبني -قػػاؿ تعػػاَ( :ال ينهػػاكم اهلل عػػن الػػذي ٍ
يقػػاتلوكم ى الػػدين وٍ ىبرجػػوكم مػػن ديػػاركم أف ت ػ وهم وتقسػػطوا إلػػيهم إف اهلل وب ػ اؼبقسػػطني)
(اؼببتحنة.)8 :
وقد نزلز هذخ اآلية ًردا على ربرج بعض اؼبسلبني من بر أقارهبم اؼبيركني.
وقب ػػل ه ػػذا م ػػا رواخ ع ػػن اب ػػن عب ػػاس :أم ػػم ك ػػانوا يكره ػػوف الص ػػدقة عل ػػى أنس ػػاهبم وأقرب ػػا هم م ػػن
اؼبيػػركني فسػػألوا فػػر رمتل ؽبػػم ونزلػػز هػػذخ اآليػػة (ابػػن ك ػػك - 349/4 :طبػػع اغبل ػ )( .لػػيس
علي هداهم ولكن اهلل يهدي من يياء وما تنفقوا مػن متػك فؤلنفسػكم ومػا تنفقػوف إال ابتغػاء
وج اهلل وما تنفقوا من متك يوؼ إليكم وأنتم ال تظلبوف) (البقرة.)272 :
ومعػ ػ (وم ػػا تنفق ػػوف إال ابتغ ػػاء وجػ ػ اهلل) -كب ػػا ق ػػاؿ اب ػػن ك ػػك (اعب ػػزء األوؿ ص -)224أف
اؼبتصدؽ إذا تصدؽ ابتغاء وج اهلل فقد وقع أجرخ على اهلل وال علي ى نفػس األمػر ؼبػن أصػاب:
أل ٍّ أو فاجر؟ أو مستحق أو غكخ؟ وهو م اب علػى قصػدخ ومسػتند هػذا سبػاـ اآليػة( :ومػا تنفقػوا
من متك يوؼ إليكم وأنتم ال تظلبوف).
ػكا)
ويتيب ػػا وأس ػ ً
وق ػػد م ػػدح اهلل األب ػرار م ػػن عب ػػادخ بقول ػ ( :ويطعب ػػوف الطع ػػاـ عل ػػى حبػ ػ مس ػػكينًا ً
(اإلنساف.)8 :
وقػػد كػػاف األسػػرى حينئػػذ مػػن أهػػل اليػػرؾ كبػػا جػػاء عػػن اغبسػػن وغػػكخ (مصػػنه ابػػن أل وػػيبة:
.)46-39/4
اإلعطاء من صدقة الفطر:
وقري من صدقة التطوع صدقة الفطر والكفارات والنذور؛ فقد أجاز أبو حنيفة وؿببد وبعػض
الفقهاء صرفها إَ أهل الذمػة لعبػوـ األدلػة م ػل قولػ تعػاَ ى الصػدقات( :إف تبػدوا الصػدقات
فنعبػػا ه ػ وإف زبفوهػػا وتؤتوهػػا الفق ػراء فهػػو متػػك لكػػم ويكفػػر عػػنكم مػػن سػػيئاتكم) (البقػػرة:
.)274من غك فصل بني فقك وفقك.
وم ػػل قولػ ػ -تع ػػاَ -ى الكف ػػارات( :فكفارتػ ػ إطع ػػاـ عي ػػرة مس ػػاكني م ػػن أوسػ ػ م ػػا تطعب ػػوف
أهلػػيكم) (اؼبا ػػدة( .)89 :فبػػن ٍ يسػػتطع ف طعػػاـ سػػتني مسػػكينًا) (اةادلػػة .)4 :مػػن غػػك فصػػل
بني مسكني ومسكني.
وألف هذا من باب إيصاؿ ال إليهم وما مينا عن .
ومػػع ذل ػ قػػالوا :إف صػػرؼ هػػذخ األوػػياء إَ فقػراء اؼبسػػلبني أفضػػل بػػبل ريػ ؼبػػا في ػ مػػن إعانػػة
اؼبسلم على طاعة اهلل.
ػدوا ؿباربًػػا للبس ػلبني؛ ألف الصػػرؼ إلي ػ حينئػػذ يقػػعواو ػ ط أبػػو حنيفػػة أال يكػػوف غػػك اؼبسػػلم عػ ً
إعانة ل على قتاؿ أهل اإلسبلـ وهذا ال هبوز (انظر :بدا ع الصناع.)49/2 :
ونقػػل أبػػو عبيػػد وابػػن أل وػػيبة عػػن بعػػض التػػابعني :أمػػم كػػانوا يعطػػوف الرهبػػاف مػػن صػػدقة الفطػػر
(األمواؿ ص 644 643واؼبصنه.)39/4 :
اإلعطاء من زكاة األمواؿ ال هبوز عند اعببهور:
أما زكاة األمواؿ من العير ونصه العير وربع العير فاعببهور األعظم من العلبػاء علػى أنػ ال
هبوز دفع و ء منها لغك مسلم حك قاؿ ابن اؼبنذر :أصبعز األمػة :أنػ ال هبػزئ دفػع زكػاة اؼبػاؿ
إَ الػػذم وامتتلفػوا ى زكػػاة الفطػػر (انظػػر :اةبػػوع للنػػووي 228/6 :واإلصبػػاع اؼبػػذكور ى غػػك
اؼبؤلفة قلوهبم).
وأقػوى مػا اسػتدؿ بػ اعببهػور ؼبػذهبهم :حػديث معػاذ( :إف اهلل افػ ض علػيهم صػدقة ى أمػواؽبم
تؤمتذ من أغنيا هم وترد ى فقرا هم) فقد أمػر بػرد الزكػاة ى فقػراء مػن تؤمتػذ مػن أغنيػا هم وهػم
اؼبسلبوف فبل هبوز وشعها ى غكهم.
ولكػػن دعػػوى اإلصبػػاع الػػذي نقل ػ ابػػن اؼبنػػذر غػػك مسػػلبة هنػػا فقػػد نقػػل غػػكخ عػػن ابػػن س ػكين
والزهري .أمبا جوزا صرؼ الزكاة إَ الكفار (اةبوع للنووي.)228/6 :
وذكػ ػػر السرمتس ػ ػ ى اؼببسػ ػػوط :أف زفػ ػػر صػ ػػاح أل حنيفػ ػػة هبيػ ػػز إعطػ ػػاء الزكػ ػػاة للػ ػػذم قػ ػػاؿ
السرمتس :وهو القياس؛ ألف اؼبقصود إغناء الفقك احملتاج عن طريق التقػرب وقػد حصػل ولكنػ
رد على قوؿ زفر حبديث معاذ (انظر :اؼببسوط.)262/2 :
وروى ابن أل ويبة عن جابر بن زيد أن سئل عػن الصػدقة :فػيبن توشػع؟ فقػاؿ :ى أهػل ِملػتكم
من اؼبسػلبني وأهػل ذمػتهم وقػاؿ( :وقػد كػاف رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم -يقسػم ى أهػل
الذمة من الصدقة واػبُبس) (مصنه ابن أل ويبة.)46/4 :
والظاهر من السؤاؿ أن عن الصدقة الواجبة وه الزكاة أو وبتبلها مع التطوع مع أف الصدقات
الب كانز ذببع عند الرسوؿ -صلى اهلل علي وسلم -ويقسم منها على أهلهػا إمبػا هػ الزكػوات
ى الغال .ولكن اػب مرسل.
أيضػػا بسػػندخ عػػن عبػػر ى قولػ تعػػاَ( :إمبػػا الصػػدقات للفقػراء …) (التوبػػة: وروى ابػػن أل وػػيبة ً
.)66قاؿ :هم زم أهل الكتاب (مصنه ابن أل ويبة.)46/4 :
ومن الوقا ع اؼبيهورة :ما رواخ أبو يوسه عن أن فرض للييمل اليهودي مػن بيػز مػاؿ اؼبسػلبني
مػػا يصػػلح مسػػتدالً بآيػػة( :إمبػػا الصػػدقات للفق ػراء واؼبسػػاكني) .قػػاؿ" :وهػػذا مػػن مسػػاكني أهػػل
الكتػػاب" (انظػػر ص 426مػػن اػبػراج -طبػػع السػػلفية (ال انيػػة) وم ػػل هػػذا مػػا رواخ الػػببلذري ى
تارىب ػ ص :477أف عب ػػر ب ػػن اػبط ػػاب م ػػر -ع ػػن مقدم ػػة اعبابي ػػة م ػػن أرض دمي ػػق -بق ػػوـ
ؾبػ ػػذومني مػ ػػن النصػ ػػارى فػ ػػأمر أف يعط ػ ػوا الصػ ػػدقات وأف هبػ ػػري علػ ػػيهم القػ ػػوت .فالظػ ػػاهر مػ ػػن
الصدقات هنا :أما الزكاة اؼبفروشة .وه الب تكوف ربز يد الوالة حك هبزوا منها القوت).
قاؿ صاح "الروض النضك" (اعبزء ال اْ ص ) 426بعد ذكر ما رواخ ابن أل ويبة عن عبر:
ففيػ داللػػة أف مػػذه عبػػر جػواز صػػرفها ى أهػػل الكتػػاب وقػػد نقػػل صػػاح اؼبنػػار مػػن الزيديػػة
كبػػوخ وحكػػاخ ى "البحػػر" (البحػػر الزمتػػار )485/2 :عػػن الزهػػري وابػػن س ػكين قػػاؿ :وح ػػتهم
عبوـ لفي "الفقراء" ى اآلية.
وروى الط ي (تفسك الط ي بتحقيق ؿببود واكر) 368/44:عػن عكرمػة ى قولػ تعػاَ( :إمبػا
الصدقات للفقراء واؼبسػاكني) .قػاؿ" :ال تقولػوا لفقػراء اؼبسػلبني مسػاكني إمبػا اؼبسػاكني مسػاكني
أهل الكتػاب" (علػق األسػاتذة أبػو زهػرة وعبػد الػرضبن حسػن ومتػبلؼ علػى هػذا التفسػك -الػذي
يقوؿ بأف اؼبساكني هم مساكني أهل الكتاب -أن يفيد فا دتني:
إحدانبا :أف الفقك واؼبسكني صنفاف متغايراف ال يغ ذكر أحدنبا عن ذكر اآلمتر ى اآلية.
وثانيهبػػا :أنػ هبػػوز إعطػػاء الزكػػاة إَ اؼبسػػاكني مػػن أهػػل الذمػػة بيػػرط أف يكونػوا عػػاجزين ع ػ ًػزا
مطل ًقا؛ ألف القادرين كانز تؤمتذ منهم اعبزية ولػيس مػن اؼبعقػوؿ أف تؤمتػذ مػنهم اعبزيػة ويعطػوا
من الزكاة (انظر :حلقة الدراسات االجتباعية ص .)252
ػلبا يسػتحقها كبػا حكػ ذلػ وقَػيد بعضػهم جػواز إعطػاء الزكػاة للػذم دبػا إذا ٍ هبػد اؼبزكػ مس ً
اعبصاص عن عبيد اهلل بن اغبسن (أحكاـ القػرآف - 345/3 :طبػع اآلسػتانة) .وهػو قػوؿ بعػض
اإلباشية (ورح النيل.)423/2 :
موازنة وترجي
قلنا :إف أقوى ما استدؿ ب اعببهور ؼبذهبهم حديث معػاذ واغبػديث متفػق علػى صػحت ولكػن
داللت على ما قالوا غػك قاطعػة فاغبػديث وبتبػل أف الزكػاة تؤمتػذ مػن أغنيػاء كػل إقلػيم وتُػ َػرد علػى
فقرا ػ وهػػم باعتبػػار اإلقليبيػػة واؼبواطنػػة واعبػوار يػُ َعػػدوف مػػن الفقػراء اؼبنسػػوبني إَ أولئػ األغنيػػاء
ومن هنا استدلوا هبذا اغبديث على نقل الزكاة من بلد إَ بلد ال هبوز.
وعبػػوـ األدلػػة الػػب ذكرهػػا اغبنفيػػة ى ج ػواز صػػرؼ صػػدقة الفطػػر ومػػا معهػػا مػػن اآليػػات الػػب ٍ
تفصل بني فقك وفقك وال بني مسكني ومسكني -ييهد ؼبا روي عن عبر والزهري وابن سكين
وعكرمػػة وجػػابر ب ػػن زي ػػد وزفػػر .وك ػػذل آيػػة اؼببتحن ػػة ال ػػب تق ػػوؿ( :ال ينه ػػاكم اهلل ع ػػن ال ػػذين ٍ
يقاتلوكم ى الدين وٍ ىبرجػوكم مػن ديػاركم أف تػ وهم) (اؼببتحنػة .)8 :وقػد قػالوا :إف ظػاهر هػذا
دؿ عليػ حػػديث معػػاذ النصػر يقتضػ جػواز صػػرؼ الزكػػاة إلػػيهم؛ ألف أداء الزكػػاة بُِّػر هبػػم لػػوال مػػا ّ
(انظر البدا ع.)49/2 :
وقد تبني لنا :أف داللة حديث معاذ ال تقاوـ عبوـ النصوص األمترى وما فهم عبر -رشػ اهلل
عن -ى آية( :إمبا الصدقات) من مشوؽبا للبسلبني وغك اؼبسلبني.
فالػػذي أراخ بعػػد موازنػػة األدلػػة :أف األصػػل ى الزكػػاة أف تعطػػى لفق ػراء اؼبسػػلبني أوالً؛ ألمػػا ش ػريبة
مفروشػػة علػػى أغنيػػا هم متاصػػة ولكػػن ال مػػانع مػػن إعطػػاء الػػذم الفقػػك مػػن الزكػػاة إذا كػػاف ى
أمواؽبا سعة وٍ يكن ى إعطا إشرار بفقراء اؼبسلبني .وحسبنا ى هذا عبوـ اآلية وفعل عبر
وأقواؿ من ذكرنا من الفقهاء وهذخ قبة من التسام ٍ يرتفع إليهبا دين من قبل.
وهػػذا إذا كػػاف يعطػػى باسػػم الفقػػر واغباجػػة أمػػا إذا أعطػ تألي ًفػػا لقلبػ ورببيبًػػا لئلسػػبلـ إلي ػ أو
ترغيبًا ل ى نصرت والػوالء ألمتػ ولدولتػ فقػد رجحنػا األدلػة الناصػعة مػن كتػاب اهلل وسػنة رسػول
جواز ذل وبقاء هذا السهم إَ ما واء اهلل وإف كنا امت نا أف التأليه وإعطػاء اؼبؤلفػة قلػوهبم
إمبا هو من وأف اغبكومة اإلسبلمية ال من وأف األفراد ويبكػن أف تقػوـ اعببعيػات اإلسػبلمية ى
ذل مقاـ اغبكومات.
وال بػػد أف أنبػ هنػػا علػػى أف رأي مػػن قػػالوا بعػػدـ إعطػػاء الػػذم مػػن الزكػػاة لػػيس معنػػاخ تركػ لل ػػوع
وطبػػس الغنػػا م واؼبعػػادف واػب ػراج
والعػػري كػػبل بػػل يُعػػاف مػػن م ػوارد بيػػز اؼبػػاؿ األمتػػرى كػػالف ء ُ
وغكهػػا .وقػػد ذكػػر أبػػو عبيػػد ى "األمػواؿ" كتػػاب عبػػر بػػن عبػػد العزيػػز لعاملػ علػػى البصػػرة وفيػ :
"وانظر من قبل من أهل الذمة قد ك ت سن وشعفز قوت وولز عن اؼبكاس .فأجر عليػ
مػػن بيػػز مػػاؿ اؼبسػػلبني مػػا يصػػلح ( "..األمػواؿ ص .)46ومعػ "أجػػر عليػ " :اجعػػل لػ وػيئًا
جاريًا وراتبًا دوريًا .واعببيل ح ًقا أن ٍ يدع أهل الذمة حك يطلبوا هم اؼبعونػة بػل طلػ اػبليفػة
مػػن ال ػواُ أف يبػػادر هػػو فينظػػر ى حػػاالهتم ومطػػالبهم فيسػػدها مػػن بيػػز اؼبػػاؿ .وهػػذا هػػو عػػدؿ
اإلسبلـ.
استصبلحا غبال واح ًامػاً أما الفاسق فأجازوا إعطاءخ من الزكاة ما داـ باقيًا على أصل اإلسبلـ
آلدميتػ وألمػػا تؤمتػػذ منػ في ػػوز أف تػػرد عليػ فيػػدمتل ى عبػػوـ اغبػػديث( :تؤمتػػذ مػػن أغنيػػا هم
فتُػَػرد علػػى فقػرا هم) (انظػػر البحػػر الزمتػػار )486/2 :وهػػذا مػػا ٍ يأمتػػذ هػػذخ الزكػػاة لبلسػػتعانة هبػػا
ؿبرما؛ ألنػ ال يُعػاف دبػاؿ اهلل علػى وطرا ً
طبرا أو يقض هبا ً على فسق ومعصيت .كأف يي ي هبا ً
معصػػية اهلل .ويكف ػ ى ذل ػ غلبػػة الظػػن .وؽبػػذا قػػاؿ بعػػض اؼبالكيػػة :ال هبػػزئ دفػػع الزكػػاة ألهػػل
اؼبعاص إف ظن أمم يصرفوما فيها وال جاز اإلعطاء ؽبم (انظر :اليرح الكبك وحاوية الدسوق :
492/4وهو موافق ؼبذه اعبعفرية كبا ى فق اإلماـ جعفر .93/2 :واإلباشية كبػا ى النيػل
وورح .)4 - 434/2 :
وعن ػػد الزيدي ػػة :الفاس ػػق -ك ػػالغ -ال رب ػػل لػ ػ الزك ػػاة وال هب ػػزئ ص ػػرفها إلي ػ إال إذا ك ػػاف م ػػن
العاملني عليها أو اؼبؤلفة قلوهبم (ورح األزهار.)524 - 526/4 :
والػراج عنػػدي أف الفاسػق الػػذي ال يػؤذي اؼبسػػلبني بفسػق وال يتحػػداهم بف ػورخ ومعاصػػي ال
بػػأس ب عطا ػ مػػن الزكػػاة وإف كػػاف الصػػاغبوف واؼبسػػتقيبوف أوَ باإلصبػػاع .وأمػػا الفػػاجر اؼبسػػته
اؼبتب ب باحيت اةاهر بفسق فبل ينبغػ أف يعطػى مػن مػاؿ الزكػاة حػك يقلػع عػن غيػ ويعلػن
توبت .ف ف أوثق عرا اإليباف :اغب ى اهلل والبغض ى اهلل (مع حػديث رواخ أضبػد وابػن أل وػيبة
والبيهقػ ى وػػع اإليبػػاف ورمػػز ل ػ السػػيوط باغبسػػن ى اعبػػامع الصػػغك) (واؼبؤمنػػوف واؼبؤمنػػات
بعضهم أولياء بعض يأمروف باؼبعروؼ وينهوف عن اؼبنكر) (التوبة.)74 :
ومن مقتضى ذل أال يبد اةتبع اؼبسلم يد اؼبعونة إلي وهو ينصر عظام دبعاصي .ويعالنػ دبآشبػ
ويتحػػدى وػػعورخ العػػاـ .وال يقػػاؿ :إف ى هػػذا قسػػوة علػػى أهػػل الفسػػق واؼبعصػػية وتعريضػػهم ألف
جوعا ى ؾبتبع مسلم وقد جاء اإلسبلـ بالسباحة والرضبة والعفو والصف . يهلكوا ً
ف ػ ف الصػػف والعفػػو إمبػػا هبػػوز ى اإلسػػاءة اليصصػػية .أمػػا مػػن أسػػاء إَ اةتبػػع كل ػ وإَ الػػدين
وأهل فبل ينبغ أف يعفػى عنػ وال يبلػ أحػد العفػو عنػ .وإمبػا يسػتحق الرضبػة مػن رحػم نفسػ .
وهػو يبلػ ذلػ بالتوبػػة فأمػا إذا اسػتبرأ اؼبعصػػية وأصػر علػى طاعػػة اليػيطاف وركػوب الضػػبلؿ
جوعػا وال كرامػة .ومػن أهػاف نفسػ ال يُكػرـ .ومػن ال وم ُلػ فليبػز ً واالستصفاؼ باةتبع وقيب ُ
يرضبها ال يرحم.
جوعػا وعريًػا .علػى أف يصػل أو يصػوـ أو ً وكيه يستحق الرضبػة واؼبعونػة إنسػاف يػؤثر أف يهلػ
يدع اػببر والقبار؟ أو على األقل بعد ذل ويعزـ علي .
ولكػػن إذا كػػاف ؽبػػذا الفاسػػق اةػػاهر أسػػرة يعوؽبػػا في ػ أف تُعطػػى مػػن الزكػػاة وال تؤمتػػذ بذنب ػ .
كبا قاؿ تعاَ( :وال تكس كل نفس إال عليها وال تزر وازرة وزر أمترى) (األنعاـ.)464 :
وسئل ابن تيبية عن إعطاء الزكاة ألهل البدع أو ؼبن ال يصل فقاؿ:
"ينبغ ػ لئلنسػػاف أف يتحػػرى هبػػا اؼبسػػتحقني مػػن الفق ػراء واؼبسػػاكني والغػػارمني وغػػكهم .مػػن أهػػل
ػورا ف ن ػ ػ يس ػػتحق العقوب ػػة ب ػػاؽب ر وغػ ػػكخ
ال ػػدين اؼبتبع ػػني للي ػ ػريعة فب ػػن أظه ػػر بدع ػػة أو ف ػ ً
واالستتابة فكيه يُعاف على ذل " ؟ (ؾببوع فتاوى ابن تيبية.)87/25 :
وى تارك الصبلة قاؿ" :ومن ٍ يكن مصػليًا أمػر بالصػبلة فػ ف قػاؿ :أنػا أصػل أعطػ وإال ٍ
يُع " (اؼبرجع السابق ص .)89
صدرؽ ى ذل وأعط . يع أن إذا أظهر توبة ووعد بأف يصل ُ
وى "االمتتيػػارات" قػػاؿ وػػيمل اإلسػػبلـ" :ال ينبغػ أف تُعطػػى الزكػػاة ؼبػػن ال يسػػتعني هبػػا علػػى طاعػػة
اهلل؛ ف ف اهلل تعاَ فرشها معونة على طاعت ؼبن وبتاج إليها من اؼبؤمنني كالفقراء والغارمني أو ؼبػن
يعػػاوف اؼبػػؤمنني (كالعػػاملني عليهػػا واةاهػػدين ى سػػبيل اهلل) فبػػن ال يصػػل مػػن أهػػل اغباجػػات ال
يعطى ويئًا حك يتوب ويلتزـ أداء الصبلة" (االمتتيارات ص .)64
ولبػػتم هػػذخ اؼبسػػألة بكلبػػة نػ رػكة للبصػػل اإلسػػبلم روػػيد رشػػا ى هػػذا اؼبوشػػوع .قػػاؿ ى التفسػػك
(اعبزء العاور ص :)597 - 596
"من اؼبعلوـ باالمتتبار أن قد ك ر اإلغباد والزندقة ى األمصار الب أفسد التفرن تربيتها اإلسػبلمية
وتعليم مدارسها .ومن اؼبعلوـ من الدين بالضرورة أف اؼبرتد عػن اإلسػبلـ وػر مػن الكػافر األصػل
فبل هبوز أف يعطى ويئًا من الزكاة وال من صدقة التطوع .وأما الكافر األصل غك اغبرل في ػوز
أف يعطى من صدقة التطوع دوف الزكاة اؼبفروشة (أي على رأي اعببهور).
"واؼببلحػػدة ى أم ػػاؿ هػػذخ األمصػػار أصػػناؼ :مػػنهم مػػن هبػػاهر بػػالكفر بػػاهلل إمػػا بالتعطيػػل وإنكػػار
وجػػود اػبػػالق وإمػػا باليػػرؾ بعبادتػ .ومػػنهم مػػن هبػػاهر ب نكػػار الػػوح وبع ػػة الرسػػل أو بػػالطعن ى
الن -صلى اهلل علي وسلم -أو ى القرآف أو ى البعث واعبزاء .ومنهم من يػدع اإلسػبلـ دبعػ
اعبنسػية السياسػية ولكنػ يسػتحل وػرب اػببػر والزنػا وتػرؾ الصػبلة وغػكخ مػن أركػاف اإلسػبلـ فػبل
يصػػل وال يزك ػ وال يصػػوـ وال وب ػ البيػػز اغب ػراـ مػػع االسػػتطاعة وهػػؤالء ال اعتػػداد ب سػػبلمهم
اعبغراى فػبل هبػوز إعطػاء الزكػاة ألحػد فبػن ذكػر بػل هبػ علػى اؼبزكػ أف يتحػرى بزكاتػ مػن ي ػق
بصحة عقيدهتم اإلسبلمية وإذعامم لؤلمر والنه القطعيني ى الدين وال يي ط ى هؤالء عدـ
اقػ اؼ وػ ء مػػن الػػذنوب ف ػ ف اؼبسػػلم ق ػد يػػذن ولكن ػ يتػػوب .ومػػن أصػػوؿ أهػػل السػػنة أمػػم ال
يكفػػروف أحػ ًػدا مػػن أهػػل القبلػػة بػػذن وال ببدعػػة عبليػػة أو إعتقاديػػة هػػو فيهػػا متػػأوؿ ال جاحػػد
للنل.
وإف الفػػرؽ عظػػيم بػػني اؼبسػػلم اؼبػػذعن ألمػػر اهلل وميػ إذا أذنػ واؼبسػػتحل لػ ؾ الفػرا ض واقػ اؼ
الفواحو فهو يصر عليها بدوف وػعور مػا بأنػ مكلػه مػن اهلل بيػ ء وال بأنػ قػد عصػاخ وأنػ
هب علي أف يتوب إلي ويستغفرخ.
"وال ينبغػ إعطػػاء الزكػػاة ؼبػػن ييػ اؼبسػػلم ى إسػػبلم .ومػػا أدري مػػا يقػػوؿ فػػيبن يػراهم بعينػ ى
اؼبقػػاه واغبانػػات واؼببله ػ يػػدمتنوف أو يسػػكروف ى مػػار رمضػػاف حػػك ى وقػػز صػػبلة اعببعػػة
وردبا كاف اؼبلهى ذباخ مس د من مسػاجد اعببعػة؟ هػل يػُ َعػد هػؤالء مػن اؼبسػلبني اؼبػذنبني؟ أـ مػن
اؼببلحدة اإلباحيني؟ مهبا يكن ظن فيهم فبل يعطهػم مػن زكػاة مالػ وػيئًا بػل يتحػرى هبػا مػن ي ػق
استصبلحا ل فيكوف من اؼبؤلفة قلوهبم".
ً بدين وصبلح إال إذا علم أف ى إعطاء الفاسق
يطلق أهل السنة على الفرؽ اؼبصالفة ؽبم اؼبنفصلة عنهم اسم "أهل البدع" أو "أهل األهواء".
والبدع نوعاف :بدعة مكفررة وه الب زبرج بصاحبها من اإليباف إَ الكفر .والطوا ه زبتله ى
ذلػ بػني متطػرؼ ومعتػدؿ وبدعػػة مف رسػقة وهػ الػب يفسػق هبػػا صػاحبها وال يكفػر وهػو فسػػق
أيضا) ال فسق عبل وال سلوؾ. فكر واعتقاد (ويسبى فسق تأويل ً
فبا حكم إعطاء الفقراء واؼبستحقني من أهل الفرؽ اؼبصالفة؟
اغبػػق أف أهػػل السػػنة هػػم أعظػػم فػػرؽ األمػػة تسػػاؿبًا ى ذل ػ .فهػػم -فيبػػا عػػدا البػػدع الػػب يرومػػا
مكفرة وـبرجة من اإلسبلـ (انظر على سبيل اؼب اؿ :حاوية ابن عابدين -) 75/2 :هبيزوف دفػع
الزكاة لكل مسلم من أهل القبلة إذا كاف من أهل الصبلح واالسػتقامة .وال وػ أف أهػل السػنة
بعيدا عن البػدع ولػو متبعا لسنة الرسوؿ -صلى اهلل علي وسلمً - يفضلوف إعطاء الزكاة ؼبن كاف ً
كاف من اؼبنتسبني إليهم فكيه من غكهم؟ .وإمبا الكبلـ هنا ى اعبواز واإلجزاء وعدم .
فعند الييعة اإلماميػة اعبعفريػة :ييػ ط أف يكػوف اؼبعطػى مػن اليػيعة االثػ عيػرية لقػوؿ اإلمػاـ:
"ال تعطى الصدقة والزكاة إال ألصحاب ".
وال يسػت مػػن هػػذا اليػػرط إال اؼبؤلفػػة قلػػوهبم؛ ألف اؼبفػػروض فػػيهم الكفػػر أو النفػػاؽ كبػػا يسػػت
من تعط ل الزكاة بدافع اؼبصلحة العامة ال لسد متلت ودفع حاجت اػباصة.
كب ػػا أو ػػار الي ػػيمل مغْنػيّػػة ى "فق ػ اإلم ػػاـ جعف ػػر" إَ أف ه ػػذا الي ػػرط مت ػػاص بالزك ػػاة فق ػ أم ػػا
الصدقات اؼبستحبة في وز إعطاؤها لكل ؿبتاج (فق اإلماـ جعفر الصادؽ.)93/2 :
هػذا مػع أف الػنل الػذي اعتبػػد عليػ اليػيمل هنػا عػن إمػػاـ اؼبػذه -رشػ اهلل عنػ -منػع إعطػػاء
صبيعا وال وبسن تفسك الصدقة باؼبفروشة وإال ٍ يكن لعطه الزكاة عليها مع . الصدقة والزكاة ً
ػحز الروايػػة -يبكػػن تفسػػكها بػػاؼبع األعػػم الػػذي علػػى أف الصػػحبة ال ػواردة ى الػػنل -إف صػ ّ
ييبل كل مسلم.
وقد جاء عن بعض آؿ البيز ما يؤيد هذا العبوـ.
ذكػر البحػراْ ى "اغبػدا ق" عػن أل جعفػر البػاقر -رشػ اهلل عنػ :-أف رجػبلً جػاء إليػ وقػاؿ لػ :
رضب اهلل اقػبض مػ هػذخ اػببسػبا ة درهػم فضػعها ى مواشػعها ف مػا زكػاة مػاُ .قػاؿ اإلمػاـ:
بل متذها أنز وشعها ى جكان األيتاـ واؼبساكني وى إمتوت من اؼبسلبني (اؼبرجع السابق:
.)97/2
فهػػذا نػػل عػػن أل اإلم ػػاـ الصػػادؽ ٍ يقي ػػد السػػا ل بي ػ ء إال أف يبحػػث عػػن أم ػرين :اغباج ػػة
واإلسبلـ .فأمتوة اإلسبلـ فوؽ كل اعتبار .واؼبؤمنوف كلهم إمتوة بعضهم لبعض.
وعند اإلباشية متبلؼ ى جواز إعطا ها للبسلم غك اؼبتوُ (اؼبلتزـ باؼبذه ).
قاؿ بعضػهم :إذا علػم أنػ فقػك وٍ يعلػم أنػ ـبػاله وال موافػق أعطػاخ وأجازهػا بعػض للبصػاله
وقيػػل :إف كػػاف بػػني أظهرنػػا جػػاز وقيػػل :يعطيػ منهػػا إف كػػاف قريبًػػا للبعطػ .قػػاؿ ى وػػرح النيػػل:
والصػحي أمػػا ال تعطػػى إال ؼبتػػوُ وإف ٍ يوجػػد فبوقػػوؼ فيػ وإال فلبتػ أ منػ وإال فلبصػػاله
ورع ى مذهب ويُقدـ من ال يطعن فينا وبعدخ من قل طعن وبعدخ الطاعن ك ًكا وإال فلنصػراْ
وإال فلصابوْ (لعل لصابئ) وإال فليهودي وإال فلب وس وإال فلصنب وذلػ كلػ مػع عػدـ
اإلمكاف ومتوؼ ف أة اؼبوت وعدـ وجود سبيل بنحو إرساؿ (ورح النيل.)423/2 :
ويبلحي أف هذخ القيود األمتكة جعلز من الصع متروجها عن أهل اؼبذه .
وأما الزيدية فف ؾببوع الفق الكبك:
قاؿ زيد بن عل (علي السبلـ):
ال تع ػ مػػن زكػػاة مال ػ القدريػػة (القدريػػة :تطلػػق قػػديبًا علػػى الػػذين قػػالوا :إف األمػػر أنػػه أي ٍ
يسبق ب علم اهلل تعاَ وال يعلم اغبوادث إال بعد وقوعها ال قبل ذل وأوؿ مػن قػاؿ بػ معبػد
اعبه كبا ى صحي مسلم كبا تطلق على اؼبعتزلة وإطػبلؽ األوؿ هػو اؼبػراد هنػا واإلمػاـ زيػد
من التابعني فاؼبظنوف أن أدركهم) .وال اؼبرجئة (يطلق اؼبرجئ على من ترؾ القطع بوعيد الفساؽ
وعلى هذا صباعة من السله كاف يطلق على الذي يقوؿ باإليباف ببل عبل يعبل .وأنػ ال تضػر
مع اإليباف معصية .كبػا ال تنفػع مػع الكفػر طاعػة واإلرجػاء ى اللغػة التػأمتك والقا ػل بػذل قػد
أمت ػػر اإليب ػػاف ع ػػن العب ػػل واإلط ػػبلؽ األمت ػػك أنسػ ػ دبػ ػراد اإلم ػػاـ زي ػػد) .وال اغبروري ػػة (نس ػػبة إَ
ح ػػروراء :موش ػػع بظ ػػاهر الكوف ػػة اجتب ػػع فيػ ػ أوا ػػل اػبػ ػوارج ه و ػػاع اس ػػتعبال ى ك ػػل مت ػػارج
ويسبوف :احملكبة واليػراة وهببعهػم إكفػار علػ وع بػاف) وال مػن نصػ حربًػا آلؿ ؿببػد (مػن
نص ؽبم القتاؿ بالسيه بغياً وعدوانًا واستحبلالً وهذا يعبهػم وغػكهم ولكنػ ى حقهػم أوػد
وأما اؼبصالفة ى اؼبسا ل االجتهادية الب ٍ يقع فيها ثبوت إصباعهم وبعض مسا ل أصوؿ الدين
فادحػػا( .النظػػر الػػروض النضػػك- 89/2 : فبػػا كانػػز اليػػبهة فيهػػا قويػػة مػػن اعبػػانبني فػػبل يكػػوف ً
- )96صلى اهلل علي وسلم.-
قاؿ ى الروض النضك :في أف مذه اإلمػاـ (عليػ السػبلـ) عػدـ جػواز صػرؼ الزكػاة إَ فاسػق
التأويل وهو قوؿ اؽبادي والقاسم والناصر.
وح تهم :أف اػبطاب ى "أغنيا كم" متوج إَ اؼبؤمنني .لئبل يعاف على ما في معصية.
قاؿ :وذه صباعة من السله إَ جواز ذل .
فف ػ مص ػػنه اب ػػن أل و ػػيبة ب س ػػنادخ إَ فض ػػيل ق ػػاؿ :س ػػألز إب ػراهيم (النصع ػ ) ع ػػن أص ػػحاب
األهواء فقاؿ :ما كانوا يسألوف إال عن اغباجة.
أيضػػا اؼبؤيػػد بػػاهلل واإلمػػاـ وبػػىي واغبنفيػػة اليػػافعية لعبػػوـ لفػػي "الفقػراء" وألمػػا تؤمتػػذ
وقػػاؿ بػ ً
من ف د ى فقرا للص .
قػػاؿ اإلمػػاـ وبػػىي وأحػػد قػػوُ اليػػافع :إال مػػن كػػاف فسػػق دبػػا يضػػر اؼبسػػلبني كالبػػاغ واحملػػارب
وكبونبػػا .فػػبل هبػػوز الصػػرؼ إلػػيهم؛ إذ ى ذلػ إعانػػة علػػى زبػػذيل أمػػر اإلمػػاـ .واغبيلولػػة بينػ وبػػني
القياـ بأمر اؼبسلبني( .الروض النضك.)423/2 :
اؼببحث الرابع
إذا كاف القري بعيد القرابة فبن ال تلزـ صػاح الزكػاة نفقتػ فػبل حػرج ى إعطا ػ مػن زكػاة قريبػ
سواء إعطاء القري نفس أـ غكخ من اؼبزكني أو اإلماـ أو نا ب أع إدارة توزيع الزكػاة وسػواء
أعط من سهم الفقراء أو اؼبساكني أـ من غكنبا.
أمػػا القري ػ الوثيػػق القرابػػة -كالوالػػدين واألوالد واإلمتػػوة واألمت ػوات واألعبػػاـ والعبػػات … إٌ
فف جواز إعطا هم من الزكاة تفصيل:
ف ػ ذا كػػاف القري ػ يسػػتحق الزكػػاة ألن ػ مػػن العػػاملني عليهػػا أو ى الرقػػاب أو الغػػارمني أو ى سػػبيل
اهلل فلقريب أف يعطي من زكات وال حرج؛ ألن يستحق الزكاة هنا بوصه ال تػأثك للقرابػة فيػ وال
هبػ علػػى القري ػ -باسػػم القرابػػة -أف يػػؤدي عن ػ غُرمػ أو يتحبػػل عن ػ نفقػػة غػػزوخ ى سػػبيل
اهلل وما واب ذل .
وكذل إذا كاف ابن سبيل هبوز أف يعطي مئونة السفر.
أمػا اؼبؤلفػة قلػوهبم فلػيس إعطػاؤهم مػن وػأف األفػراد بػل مػن وػأف أوُ األمػر كبػا بينػا ذلػ مػػن
قبل.
ػكا أو مسػػكينًا فهػػل يعط ػ مػػن سػػهم الفق ػراء واؼبسػػاكني ى أـ إذا كػػاف القري ػ الوثيػػق القرابػػة فقػ ً
الزكاة؟ ولئلجابة على ذل هب أف نعرؼ من اؼبعط ؟
ف ذا كاف الذي يوزع الزكاة ويعطيها هو اإلماـ أو نا ب أو بتعبػك عصػرنا :إذا كانػز اغبكومػة هػ
الب تتوَ جباية الزكاة وصرفها فلها أف تعط ما تراخ من أهل اغباجة واالستحقاؽ ولو كاف من
تعطي ػ ه ػػو ول ػػد اؼبزرك ػ أو وال ػػدخ أو زوج ػ (انظ ػػر أحك ػػاـ الق ػػرآف الب ػػن الع ػػرل ص )965؛ ألف
صػػاح الزكػػاة يػػدفعها إَ وُ األمػػر اؼبسػػلم قػػد أبلغهػػا ؿبلهػػا وبر ػػز ذمت ػ منهػػا وأصػػب أمػػر
توزيعها منوطًا باغبكومة؛ إذا ٍ يعد ؼباؿ الزكاة بعد جبايت صلة وال نس دبالك من قبل إمبا هو
اآلف ماؿ اهلل أو ماؿ اؼبسلبني.
ػكا أو مسػػكينًا وكػػاف مػػن يعطيػ هػػو القريػ نفسػ فبلبػػد أف ننظػػر ى درجػػة وإذا كػػاف القريػ فقػ ً
قرابتػ ومػػن يكػػوف هػػو ؽبػػذا القريػ ؟ فػ ف كػػاف هػػذا الفقػػك أبًػػا للبزكػ أو ًأمػػا أو ابنًػػا أو بنتًػػا -
موسرا -فبل هبوز الصرؼ إَ أحد منهم من زكات . وكاف من هب على النفقة عليهم -بأف كاف ً
قاؿ ابن اؼبنذر :أصبع أهل العلم على أف الزكاة ال هبوز دفعها إَ الوالدين ى اغباؿ الب ُهبػ فيهػا
الػػدافع إلػػيهم علػػى النفقػػة علػػيهم وألف دفػػع زكاتػ إلػػيهم يغنػػيهم عػػن نفقتػ ويسػػقطها عنػ ويعػػود
نفعهػػا إليػ فكأنػ دفعهػػا إَ نفسػ فلػػم ذبػػز كبػػا لػػو قضػػى هبػػا دينػ (انظػػر :اؼبغػ البػػن قدامػػة:
.)647/2
وألف ماؿ الولد ماؿ لوالدي .وؽبذا جاء ى اؼبسند والسنن من غك وج عن رسوؿ اهلل -صلى اهلل
علي وسلم -أن قاؿ( :أنز ومال ألبي ) (تفسك ابن ك ػك 365/3 :واغبػديث رواخ أضبػد ى
اؼبسػػند مػػن ثبلثػػة طػػرؽ -عػػن عبػػرو بػػن وػػعي عػػن أبيػ عػػن جػػدخ -وصػػححها اليػػيمل وػػاكر.
انظر األحاديث ( )6678و ( )6962و( )7664اعبزء .)42 44كبا رواخ ابن ماج عػن
جابر ورجال ثقات والطػ اْ عػن ظبػرة وابػن مسػعود ب سػناد شػعيه كبػا ى التيسػك للبنػاوي:
.378/4كب ػػا اعت ػ الق ػػرآف بي ػػوت األبن ػػاء بيوتًػػا لآلب ػػاء؛ إذ ق ػػاؿ تع ػػاَ (وال عل ػػى أنفس ػػكم أف
ت ػػأكلوا م ػػن بي ػػوتكم) (الن ػػور.) 64 :أي بي ػػوت أبن ػػا كم (تفس ػػري الق ػػرط )344 /42 :ألن ػ ٍ
ينل عليهم ى اآلية كبقية األقارب وألف أكل اإلنساف من بيت ليس ى حاجػة إَ نػل ى رفػع
اغبرج عن .
وقاؿ -صلى اهلل عليػ وسػلم( :-إف أطيػ مػا أكػل الرجػل مػن كسػب وإف ولػدخ مػن كسػب ) (رواخ
ال مػػذي والنسػػا وابػػن ماج ػ عػػن عا يػػة ب سػػناد حسػػنة ال مػػذي وصػػحح أو حػػام كبػػا ى
أيضا بنحوخ بسند صحي وهو جػزء مػن حػديث رقػم ()6678 التيسك 344/4 :ورواخ أضبد ً
و(.)7664
ومػػن هنػػا قػػاؿ علبػػاء اغبنفيػػة :إف منػػافع األمػػبلؾ متصػػلة بػػني الوالػػدين واألوالد فػػبل يقػػع األداء
سبلي ًكا للفقك من كل وج بل يكوف صرفًا إَ نفس من وجػ ولقػوة الصػلة بيػنهم ٍ ذبػز وػهادة
بعضهم لبعض (انظر :بدا ع الصنا ع.)49/2:
وكػػذل ال هبػػوز دفػػع الزكػػاة إَ األوالد؛ ألمػػم جػػزء من ػ والػػدفع إلػػيهم كأن ػ دفػػع إَ نفس ػ .وال
يعكػػر علػػى ذل ػ اغبػػديث الػػذي رواخ البصػػاري وأضبػػد عػػن معػػن بػػن يزيػػد قػػاؿ :أمتػػرج أل دنػػانك
يتصػػدؽ هبػػا عنػػد اؼبس ػ د ف ئػػز فأمتػػذهتا فقػػاؿ :واهلل مػػا إيػػاؾ أردت ف ئػػز فصاصػػبت إَ
رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -فقػػاؿ( :لػ مػػا نويػػز يػػا يزيػػد ولػ مػػا أمتػػذت يػػا معػػن) إذ
الظاهر من هذخ الصدقة أما صدقة تطوع -كبا قاؿ اليوكاْ -وليسز الزكاة اؼبفروشة (انظر:
نيل األوطار.)489/4:
وٍ ىباله ى ذل إال ما نقل عن ؿببد بن اغبسن ورواية عن أل العبػاس مػن اليػيعة :أمػا ذبػزئ
ى اآلبػػاء واألمهػػات وأيػػد ذلػ صباعػػة مػػن متػػأمتري الزيديػػة ف ػػوزوا صػػرفها ى صبيػػع القرابػػة مػػن
األصػػوؿ والفصػػوؿ وسػػا ر ذوي الػػرحم .واحت ػوا بػػأف األصػػل مشػػوؿ العبومػػات ؽبػػم وال ـبصػػل
صػػحي ىبػػرجهم عنهػػا (الػػروض النضػػك .)424/2 :كبػػا روي عػػن مالػ :أنػ هبػػوز الصػػرؼ ى
ب البنني وفيبا فوؽ اعبد واعبدة (نيل األوطار .)489/4 :وكػأف ابػن اؼبنػذر وصػاح البحػر -
رضبهبا اهلل ٍ -تص عندنبا هذخ الروايات إذا حكيا اإلصبػاع علػى أنػ ال هبػوز صػرؼ الزكػاة ى
األص ػػوؿ -م ػػن اآلب ػػاء واألمه ػػات واألج ػػداد واعب ػػدات -والفص ػػوؿ -م ػػن األوالد وأوالد األوالد
(انظر البحر الزمتار.)486/2 :
واغب ػػة الػػب ذكرهػػا ابػػن اؼبنػػذر وغػػكخ هػ سػػند هػػذا اإلصبػػاع وذلػ "أف دفػػع زكاتػ إلػػيهم يغنػػيهم
عن نفقت ويسقطها عن ويعود نفعها إلي فكأن دفعها إَ نفس ".
وقد قيد ابن اؼبنذر نقل اإلصبػاع علػى عػدـ جػواز الػدفع إَ الوالػدين باغبػاؿ الػب هبػ فيهػا الػدافع
إلػػيهم علػػى النفقػػة علػػيهم .ف ػ ذا ٍ تتحقػػق ه ػذخ اغبػػاؿ -بػػأف كػػاف الولػػد معسػ ًػرا -ومل ػ نصػػابًا
ػكا أو مسػػكينًا وقلنػػا ى بعػػض وجبػػز في ػ الزكػػاة -فقػػد قػػاؿ النػػووي :إذا كػػاف الولػػد أو الوالػػد فقػ ً
األحواؿ " :ال ذب نفقت " في وز لوالدخ وولدخ دفع الزكاة إلي من سهم الفقراء واؼبسػاكني ألنػ
حينئذ كاألجن (اةبوع.)229/6 :
وقاؿ ابن تيبيػة :هبػوز صػرؼ الزكػاة إَ الوالػدين وإف علػوا وإَ الوالػد وإف سػفل إذا كػانوا فقػراء
وهػػو عػػاجز عػػن نفقػػتهم .أيػػد ذل ػ بوجػػود اؼبقتضػػى للصػػرؼ (وهػػو الفقػػر واغباجػػة) السػػاٍ عػػن
اؼبعػارض (أي ٍ يوجػػد مػػانع وػػرع يعػػارض هػػذا اؼبقتضػى) قػػاؿ ابػػن تيبيػػة :وهػػو أحػػد القػولني ى
مػػذه أضبػػد وإذا كانػػز أـ فقػػكة وؽبػػا أوالد صػػغار ؽبػػم مػػاؿ ونفقتهػػا تضػػر هبػػم .أعطيػػز مػػن
زكاهتم (امتتيارات ابن تيبية ص .)62 - 64
الصرؼ إَ الزوجة ال هبوز
أيضا .وؽبذا قاؿ ابن اؼبنذر :أصبع أهل العلم على أف وما قيل ى الوالدين واألوالد يقاؿ ى الزوجة ً
الرجػػل ال يعطػ زوجتػ مػػن الزكػػاة وذلػ ألف نفقتهػػا واجبػػة عليػ فتسػػتغ هبػػا عػػن أمتػػذ الزكػػاة
فلم هبز دفعها إليها كبا لو دفعها إليها على سبيل اإلنفاؽ عليها (انظر اؼبغػ 649/2 :ونيػل
األوطار.)488/4 :
ه إف الزوجػػة مػػن زوجهػػا كأن ػ نفس ػ أو بعض ػ كبػػا قػػاؿ تعػػاَ( :ومػػن آيات ػ أف متلػػق لك ػم مػػن
اجػػا) (الػػروـ .)24 :وبيػػز زوجهػػا هػػو بيتهػػا كبػػا قػػاؿ اهلل تعػػاَ( :ال زبرجػػوهن مػػن
أنفسػػكم أزو ً
بيوهتن) (الطبلؽ .. 4 :وه بيوت الزوجية الب ه مل األزواج عادة).
وما قال بعضهم (انظر :اةبوع 236 - 229/6 :ونيل األوطار 488/4 :والروض النضك:
.)426/2مػن جػواز صػرؼ الػزوج مػن زكاتػ إَ زوجتػ فػبل يعتػد بػ ؛ ألنػ ى اغبقيقػة إمبػا يعطػ
باليبني ليأمتذ باليباؿ.
أما دفع الزوجة من زكاهتا إَ زوجها الفقك أو اؼبسكني فقػد ذهػ أبػو حنيفػة وبعػض الفقهػاء إَ
أن ػ ال هبػػوز؛ ألف الرجػػل مػػن امرأت ػ كػػاؼبرأة مػػن زوجهػػا وقػػد منعنػػا إعطػػاء الرجػػل للزوجػػة كػػذل
إعطاء اؼبرأة زوجها.
ولكػػن قيػػاس إعطػػاء الػػزوج علػػى إعطػػاء الزوجػػة قيػػاس غػػك صػػحي ويػػردخ العقػػل والنظػػر كبػػا يػػردخ
النقل واألثر.
أما العقل والنظر فبا قاؿ أبو عبيد :أف الرجل هب علػى نفقػة امرأتػ وإف كانػز موسػرة وليسػز
معسرا فأي امتتبلؼ أود تفاوتًا من هذين؟ (األمواؿ ص .)588 ُذب على نفقت وإف كاف ً
وقػػاؿ ابػػن قدامػػة ى بيػػاف وجػ اعبػواز :وألنػ -أي الػػزوج -ال ذبػ نفقتػ عليهػػا فػػبل يبنػػع دفػػع
الزكػػاة إلي ػ كػػاألجن ويفػػارؽ الزوجػػة؛ ف ػ ف نفقتهػػا واجبػػة علي ػ وألف األصػػل ج ػواز الػػدفع وال
إصباع وقياس على من ثبز اؼبنع ى حق غك صحي لوشوح الفرؽ بينهبػا فيبقػى جػواز الػدفع
ثابتًا (اؼبغ .)656/2 :
وأما النقل واألثر فبا رواخ أضبد والييصاف عن زين امرأة عبد اهلل ابن مسعود قالػز :قػاؿ رسػوؿ
اهلل -صلى اهلل عليػ وسػلم( :-تصػدقن يػا معيػر النسػاء ولػو مػن حلػيكن) قالػز :فرجعػز إَ
عبد اهلل فقلز :إنػ رجػل متفيػه ذات اليػد (كنايػة عػن الفقػر) وإف رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ
وسػػلم -قػػد أمرنػػا بالصػػدقة فا ت ػ فاسػػأل ف ػ ف كػػاف كػػذل هبػػزي ع ػ وإال صػػرفتها إَ غػػككم.
قالز :فقاؿ عبد اهلل :ا ت أنز .قالز :فانطلقز ف ذا امرأة من األنصار بباب رسوؿ اهلل -صػلى
اهلل علي ػ وسػػلم -حػػاجب حاجتهػػا وكػػاف رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -قػػد ألقيػػز علي ػ
اؼبهابة … فصرج علينا ببلؿ فقلنا ل :ا ز رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -فأمت خ أف امرأتني
بالباب يسأالن :أذبزئ الصدقة عنهبا على أزواجهبا وعلػى أيتػاـ ح ورنبػا؟ وال زبػ مػن كبػن
… ف ػػدمتل ب ػػبلؿ فس ػػأل .فق ػػاؿ( :م ػػن نب ػػا) ؟ فق ػػاؿ :ام ػرأة م ػػن األنص ػػار وزين ػ فق ػػاؿ( :أي
الزيان ػ ) ؟ فقػػاؿ :ام ػرأة عبػػد اهلل .فقػػاؿ( :ؽببػػا أج ػراف :أجػػر القرابػػة وأجػػر الصػػدقة) رواخ أضبػػد
والييصاف .ولفي البصػاري( :أهبػزئ عػ أف أنفػق علػى زوجػ وعلػى أيتػاـ ى ح ػري)؟ (انظػر:
نيل األوطار.)488 - 487/4 :
قػػاؿ اليػػوكاْ :اسػػتدؿ هبػػذا اغبػػديث علػػى أن ػ هبػػوز للب ػرأة أف تػػدفع زكاهتػػا إَ زوجهػػا وب ػ قػػاؿ
ال وري واليافع وصاحبا أل حنيفة وإحدى الروايتني عن مال وعن أضبد وإلي ذه اؽبػادي
والناصػػر واؼبؤيػػد بػػاهلل -وهػػذا إمبػػا يػػتم دلػػيبلً بعػػد تسػػليم أف هػػذخ الصػػدقة صػػدقة واجبػػة وبػ جػػزـ
اؼبازري ويؤيد ذل قوؽبا( :أهبزئ ع )؟ وفهم آمتروف من اغبػديث أنػ ى صػدقة التطػوع بػدليل
قولػ ( :ولػػو مػػن حلػػيكن) وتػػأولوا مع ػ ( :أهبػػزئ ع ػ ) أي ى الوقايػػة مػػن النػػار .كأمػػا متافػػز أف
صدقتها على زوجها ال ربصل ؽبا اؼبقصود من ربصيل ال واب ودرء العقاب.
قاؿ اليوكاْ ى ذل :والظاهر أنػ هبػوز للزوجػة صػرؼ زكاهتػا إَ زوجهػا .أمػا أوالً :فلعػدـ اؼبػانع
من ذل ومن قاؿ :إن ال هبوز فعلي الدليل.
وأم ػػا ثانيً ػػا :ف ػػؤلف ت ػػرؾ استفص ػػال -ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم -ؽب ػػا ين ػػزؿ من ػػزؿ العب ػػوـ -فلب ػػا ٍ
تطوعا (نيل
فرشا أو ً ً يستفصلها عن الصدقة :هل ه تطوع أو واج ؟ فكأن قاؿ :هبزئ عن
األوطار.)488/4 :
أمػػا سػػا ر األقػػارب مػػن أخ وأمتػػز وعػػم وعبػػة ومتػػاؿ ومتالػػة ..إٌ فقػػد امتتلػػه الفقهػػاء ى دفػػع
الزكػاة إلػػيهم بػػني اعبػواز واؼبنػػع امتتبلفًػػا ك ػ ًكا .فبػن ؾبػ ِوز للػػدفع إَ اعببيػػع ومػػن مػػانع لل بيػػع أو
للبعض دوف البعض.
أيضا ى األساس الذي يبنوف علي حكم اؼبنع. والذين منعوا امتتلفوا ً
فبػػنهم مػػن نظػػر إَ الضػػم العبلػ للقريػ إَ األسػػرة فبػػا داـ قػػد شػػم إَ عيالػ أصػػب حكبػ
حكم زوجت وولدخ فلم هبز دفع الزكاة إلي .
ومنهم من نظر إَ إجبار اغباكم على النفقة فبا ٍ يصدر حكم قضػا يلزمػ ينفقػ قريبػ فلػ
أف يعطي من زكات .
ػرعا ال هبػوز لػ دفػع الزكػػاة
ومػنهم مػن نظػر إَ لػزوـ النفقػة وػرعاً؛ فبػن كانػز تلػزـ اؼبزكػ نفقتػ و ً
أيضا امتتلفوا فيبن هػو القريػ الػذي تلػزـ نفقتػ فػبل إلي ومن ال تلزـ نفقت هبوز .والقا لوف هبذا ً
هبوز دفع الزكاة إلي ؟
روى أبو عبيد بسندخ عن إبراهيم بن أل حفصة قاؿ :سألز سعيد بن جبك قلز :أعطػ متػالب
من الزكػاة؟ قػاؿ نعػم مػا ٍ تُػ ْغلِػق عليهػا بابًػا (انظػر :األمػواؿ ص :583- 582يعػ مػا يضػبها
إَ أسرت وعيال ) :يع ما ٍ يضبها إَ أسرت وعيال .
وروي عن اغبسن قاؿ :يضع الرجل زكات ى قرابت فبن ليس ى عيال (اؼبرجع السابق).
وٍ ير اليافع وجوب النفقة إال على األصوؿ وإف علوا والفروع وإف نزلوا.
وأشػػيق من ػ ى إهبػػاب النفقػػة مػػذه مال ػ الػػذي ٍ يوج ػ النفقػػة إال علػػى األب ألوالدخ مػػن
صػػلب الػػذكور حػػك يبلغ ػوا (وؽبػػذا سػػئل اليػػيمل علػػيو اؼبػػالك عػػن طال ػ علػػم بػػالغ قػػادر علػػى
ػادرا
الكس ؛ هل هبزئ أبػاخ إعطػاؤخ زكػاة مالػ ؟ فأجػاب جبػواز ذلػ .لسػقوط نفقتػ عنػ ببلوغػ ق ً
علي ػ واسػػتحقاق أمتػػذها .أي الوػػتغال بػػالعلم( .فػػت العػػاُ اؼبال ػ .)429/4 :واإلنػػاث حػػك
يتػػزوجن ويػػدمتل هبػػن أزواجهػػن خبػػبلؼ ولػػد الولػػد فػػبل نفقػػة ؽبػػم علػػى جػػدهم كبػػا ال تلػػزمهم
النفقة على جدهم .وتلزـ الولد النفقة على أبوي الفقكين كبا يلزـ الػزوج نفقػة امرأتػ ونفقػة متػادـ
واحدة ؽبا وال تلزـ نفقة أخ وال أمتز وال ذي قرابة وال ذي رحم ؿبرـ من (انظر اؼبدونة الك ى:
- 256/4اؼبطبعة اػبكية -الطبعة األوَ سنة 4324ه ػ) .وإذًا فبػن عػدا الوالػدين األوالد مػن
األقارب هبوز دفع الزكاة إليهم ى مذه مال (اؼبرجع السابق).
وذه آمتروف من العلبػاء إَ جػواز دفػع الزكػاة إَ األقػارب -مػا عػدا مػن اسػت نينا مػن الوالػدين
واألوالد -فبػػنهم مػػن ب ػ ذل ػ علػػى أف النفقػػة ال ذب ػ علػػى القري ػ لقريب ػ إال مػػن بػػاب ال ػ
والصػػلة ال اإلل ػزاـ واإلجبػػار .ومػػنهم مػػن رأى وجػػوب النفقػػة وٍ يرهػػا -مػػع ذل ػ -مانعػػة مػػن
إعطاء الزكاة .وهو مذه أل حنيفة وأصحاب واإلماـ وبىي وهو الرواية الظاهرة عن أضبد .قػاؿ
ابػػن قدامػػة :رواهػػا عن ػ اعبباعػػة .قػػاؿ ى روايػػة إسػػحاؽ بػػن إب ػراهيم وإسػػحاؽ ابػػن منصػػور وقػػد
سأل :يعط األخ واألمتز واػبالة من الزكاة؟ قاؿ يعط كل القرابة إال األبوين والولد وهذا قوؿ
أك ر أهل العلم .قاؿ :أبو عبيد :هو القوؿ عندي لقوؿ الن -صلى اهلل علي وسلم( :-الصػدقة
على اؼبسكني صدقة وه على ذي الرحم ثنتاف صػدقة وصػلة) (رواخ اػببسػة إال أبػا داود) فلػم
يي ط نافلة وال فريضة وٍ يفرؽ بني وارث وغكخ .وألن ليس من عبػودي نسػب فأوػب األجنػ
(اؼبغ .)648/2 :
وقد روى ابن أل ويبة وأبو عبيػد هػذا القػوؿ عػن صباعػة مػن الصػحابة والتػابعني :فعػن ابػن عبػاس
قاؿ :يعط الرجل قرابت من زكات إذا كانوا ؿبتاجني.
وعن إبراهيم :أف امرأة ابن مسعود سػألت عػن زكػاة حلػى ؽبػا (وكػاف يػرى ى اغبلػ الزكػاة) فقالػز:
أعطي ب أخ ُ أيتاـ فف ح ري؟ قاؿ :نعم.
وقاؿ سعيد بن اؼبسي :إف أحق من دفعز إلي زكان يتيب وذو قرابب.
وسئل اغبسن :أمت أأعطي زكاة ماُ؟ قاؿ :نعم وحبًا.
وسئل إبراهيم :امرأة ؽبا و ء أتعط أمتتها من الزكاة؟ قاؿ :نعم.
وعن الضحاؾ قاؿ :إذا كاف ل أقارب فقراء فهم أحق بزكات من غكهم.
وعػػن ؾباهػػد قػػاؿ :ال تُقبػػل ورضب ػ ؿبتاجػػة (انظػػر هػػذخ األق ػواؿ ى مصػػنه أل وػػيبة- 47/4 :
48األمواؿ :ص .)582 - 584
موازنة وترجي
والذي نرجح بعد ذكر هػذخ األقػواؿ واؼبػذاه هػو الػذي ذهػ إليػ أك ػر أهػل العلػم منػذ عصػر
الصػػحابة والتػػابعني ومػػن بعػػدهم مػػن جػواز دفػػع الزكػػاة إَ القريػ مػػا ٍ يكػػن ولػ ًػدا أو والػ ًػدا .وهػػو
الذي رجح أبو عبيد ى األمواؿ.
وح تنا ى ذل : ُ
أوالً :عبوـ النصوص الب جعلز صرؼ الزكاة للفقراء دوف سبييز بني قري وأجن م ػل آيػة( :إمبػا
الصػػدقات للفق ػراء واؼبسػػاكني) ..وحػػديث( :تؤمتػػذ مػػن أغنيػػا هم ف ػ د علػػى فق ػرا هم) ف ػ ف هػػذخ
العبوميػػات تيػػبل األقػػارب وٍ يػػرد ـبصػػل صػػحي ىبػػرجهم عنهػػا خبػػبلؼ الزوجػػة والوالػػدين
واألوالد فقد متصصوا منها باإلصبػاع الػذي ذكػرخ ابػن اؼبنػذر وأبػو عبيػد وصػاح البحػر وباألدلػة
الب ذكرناها هناؾ.
وثانيًػػا :مػػا ورد ى األقػػارب متاصػػة مػػن النصػػوص اؼبرغبػػة ى الصػػدقة علػػيهم م ػػل قولػ -صػػلى اهلل
عليػ وسػػلم( :-الصػػدقة علػػى اؼبسػػكني صػػدقة وهػػى علػػى ذي الػػرحم ثنتػػاف :صػػدقة وصػػلة) (رواخ
أضب ػػد والنس ػػا وال م ػػذي واب ػػن حب ػػاف واغب ػػاكم وال ػػدارقط وحس ػػن ال م ػػذي (ني ػػل األوط ػػار:
)489/4والصػػدقة تطلػػق علػػى الزكػػاة كبػػا عرفنػػا وقول ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم( :-إف أفضػػل
الصدقة على ذي الػرحم الكاوػ ) (رواخ أضبػد والطػ اْ عػن أل أيػوب ورويػا كبػوخ عػن حكػيم بػن
حػزاـ ذكػػرخ ى ؾببػػع الزوا ػػد وقػػاؿ :إسػػنادخ حسػػن وكػػذل رواخ الطػ اْ ى الكبػػك عػػن أـ كل ػػوـ
بنػػز عقبػػة ورجالػ رجػػاؿ الصػػحي (الػػروض النضػػك .)422/2 :والكاوػ هػػو اؼبضػػبر للعػػداوة.
وكػػذل مػػا رواخ الطػ اْ والبػزار عػػن عبػػد اهلل بػػن مسػػعود (ى اغبػػديث الػذي ذكرنػػاخ مػػن قبػػل مػػن
رواي ػػة الي ػػيصني وأضب ػػد) أف امرأت ػ قال ػػز ل ػػببلؿ :اق ػرأ عل ػػى رس ػػوؿ اهلل -ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم-
السػػبلـ مػػن امػرأة مػػن اؼبهػػاجرين وال تبػػني لػ وقػػل لػ :هػػل ؽبػػا مػػن أجػػر ى زوجهػػا مػػن اؼبهػػاجرين
لػيس لػ وػ ء وأيتػػاـ ى ح رهػا .وبنػػو أمتيهػا أف ذبعػػل صػدقتها فػػيهم؟ فػأتى بػبلؿ النػ -صػػلى
اهلل عليػ وسػػلم -فقػػاؿ( :نعػػم ؽبػػا أجػراف :أجػػر القرابػػة وأجػػر الصػػدقة) (رواخ الطػ اْ ى األوسػ
ورواخ البػزار بنحػػوخ وفيػ ح ػػاج بػػن نصػػر وثقػ ابػػن حبػػاف وغػػكخ وفيػ كػػبلـ ورجػػاؿ البػزار رجػػاؿ
أيضػ ػػا ى صػ ػػحي ابػ ػػن حبػ ػػاف( .انظػ ػػر الػ ػػروض
الصػ ػػحي انظػ ػػر ؾببػ ػػع الزوا ػ ػػد 446/3 :وهػ ػػو ً
النض ػػك .)422/2:وق ػػد ذكرن ػػا أف ت ػػرؾ االستفص ػػاؿ ى مق ػػاـ االحتب ػػاؿ ين ػػزؿ دبنزل ػػة العب ػػوـ ى
اؼبقاؿ كبا حقق علباء األصوؿ.
فرشا فهذا حق بالنسبة إَ الزوجة نفعا ويسق عن نفس ً أما قوؽبم :إن بالدفع هبل إَ نفس ً
واألوالد والوالدين؛ ألف اؼبنافع بينهم متصلة وهم وركاؤخ ى مال ونفقتهم واجبة علي وجوبًػا بيػنًػا
بالكتاب والسنة.
أما بقية األقارب فالذي أمتتارخ :أف نفقتهم إمبػا تلػزـ القريػ إذا ٍ يكػن هنػاؾ ى مػاؿ اؼبسػلبني
ما يغنيهم :من الزكػاة والفػ ء واػبُبػس وسػا ر مػوارد بيػز اؼبػاؿ األمتػرى فهنػا يُلػزـ القريػ اؼبوسػر
جوعا وعريًػا .وكػذل إذا ٍ توجػد اغبكومػة الػب ذببػع الزكػاة وتقػوـ ً بالنفقة وال يدع قريب يهل
بكفالػػة العػػيو للفق ػراء ف ػ ف علػػى القري ػ الغ ػ أف يكف ػ قريب ػ الفقػػك وال ي ك ػ فريسػػة للعػػوز
واغباجة وال حرج علي أف تتحقق هذخ الكفاية كلها أو بعضها فبا وج علي من زكاة.
ألف الواج هو كفاية القري وسػد حاجتػ وتفػري كربتػ صػلة لرضبػ ووفػاء حبقػ وٍ يػرد مػا
يبنع أف تكوف الزكاة من موارد هذخ الكفاية .كيه ولو كانز اغبكومة ه الب ذببيها لتولز ه
اإلنفػاؽ علػػى هػػؤالء الفقػراء مػػن مػػاؿ الزكػاة وغكهػػا؟ فكػػأف الفػرد اؼبسػػلم ى هػػذخ اغبالػة نا ػ عػػن
اإلمػػاـ أو الدولػػة ى اإلنفػػاؽ علػػى أقارب ػ وكفػػايتهم مػػن الزكػػاة الػػب كػػاف األصػػل أف تتػػوَ صبعهػػا
وتفريقها عليهم.
تعارشػا بػني لػزوـ نفقػة القريػ وإعطا ػ مػن الزكػاة فقػالوا بوجػػوب علػى أف مػن العلبػاء مػن ٍ يػػر ً
النفقة لؤلقارب بيروط متاصة ومع هذا أجازوا دفع الزكاة إليهم.
وهػذا مػذه أل حنيفػػة وأصػحاب فقػػد رأوا أف لػزوـ النفقػػة ال يبنػع إعطػػاء الزكػاة وإمبػػا اؼبػانع هػػو
اتصاؿ منافع األمبلؾ بني اؼبؤدي واؼبؤدى إلي فبل يتحقق التبلي الذي هو عندهم ركن الزكػاة
ويكوف اؼبزك كأمبا دفع إَ نفس قالوا :وهذا ال يتحقق إال بني اإلنسػاف وأوالدخ وآبا ػ وأمهاتػ
وؽبػػذا ال ذبػػوز وػػهادة بعضػػهم لػػبعض خبػػبلؼ بقيػػة األقػػارب؛ فالػػدفع إلػػيهم يتحقػػق ب ػ التبلي ػ ؛
النقطاع منافع األمبلؾ بينهم وؽبذا ذبوز وػهادة بعضػهم لػبعض (انظػر :بػدا ع الصػنا ع49/2 :
.)56 -
وقاؿ صاح "الروض النضػك" مػن متػأمتري الزيديػة" :ومػا ذكػروخ مػن التعليػل بػأف فيػ إسػقاط مػا
يلزم من النفقة اؼبستقبلة فبع كونػ فاسػد االعتبػار (ؼبصػادمت األحاديػث الػب رغبػز ى الصػدقة
علػػى األقػػارب) للبػػانع أف يقػػوؿ" :صػػرف للواجػ ى القريػ ٍ يسػػق وػػيئًا قػػد لزمػ ؛ ألف نفقػػة
القري إمبا ذب وقتًا فوقتًا" (الروض النضك.)423/2 :
وقاؿ اليوكاْ :األصل عدـ اؼبانع فبػن زعػم أف القرابػة أو وجػوب النفقػة مانعػاف فعليػ الػدليل
وال دليل (نيل األوطار.)489/4 :
اؼببحث اػبامس
األحاديث اؼبروية ى ربرٓ الصدقة على آؿ ؿببد -صلى اهلل علي وسلم-
روى أضبػػد ومسػػلم عػػن اؼبطلػ بػػن ربيعػة بػػن اغبػػارث بػػن عبػػد اؼبطلػ ( :أنػ والفضػػل بػػن العبػػاس
انطلقػػا إَ رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -قػػاؿ :ه تكلػػم أحػػدنا فقػػاؿ :يػػا رسػػوؿ اهلل جئنػػاؾ
لتؤرمرنا على هػذخ الصػدقات فنصػي منهػا مػا يصػي النػاس مػن اؼبنفعػة ونػؤدي إليػ مػا يػؤدي
الناس فقاؿ( :إف الصدقة ال تنبغ حملبد وال آلؿ ؿببد؛ إمبا ه أوساخ الناس) وى لفػي ؽببػا:
(ال ربل حملبد وال آلؿ ؿببد) ذكرخ ى اؼبنتقى (نيل األوطار.)475/4 :
وروى أبػػو داود وال مػػذي وصػػحح عػػن أل رافػػع قػػاؿ :وُ رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم-
رجبلً من ب ـبزوـ على الصدقة فقاؿ (أي ألل رافع) اتبع نص منها.
فقلػػز :حػػك أسػػأؿ رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -فسػػألت فقػػاؿ ُ( :إف مػػوَ القػػوـ مػػن
أنفسهم وإنا أهل البيز ال ربل لنا الصدقة) (انظر :اةبوعة.)468 467/6 :
وكاف أبو رافع موَ للن -صلى اهلل علي وسلم.-
وروى البصػػاري ى "بػػاب مػػا يػُػذكر ى الصػػدقة للنػ -صػػلى اهلل عليػ وآلػ وسػػلم ( -مػػن حػػديث
أل هريرة قػاؿ :أمتػذ اغبسػن بػن علػ -رشػ اهلل عنهبػا -سبػرة مػن سبػر الصػدقة ف علهػا ى فيػ -
وكاف طفبلً -فقاؿ الن -صلى اهلل علي وسلم( :-كمل كمل) ليطرحها .ه قاؿ( :أمػا وػعرت إنػا
أيضا.
ال نأكل الصدقة) ورواخ مسلم ً
قاؿ اغبافي :ى رواية مسلم( :إنا ال ربل لنا الصدقة) وى روايػة معبػر( :إف الصػدقة ال ربػل آلؿ
ػز مػع النػ - ؿببػد) وكػذا عنػد أضبػد والطحػاوي مػن حػديث اغبسػن بػن علػ نفسػ .قػاؿ :كن ُ
صػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم -فب ػػر عل ػػى ج ػرين م ػػن سب ػػر الص ػػدقة فأمت ػػذت من ػ سب ػػرة فألقيته ػػا ى ِ ر
ى
فأمتذها بلعاهبا فقاؿ( :إنا آؿ ؿببد ال ربل لنا الصدقة) وإسنادخ قوي (الفت .)228/3 :
وصبلػة األحاديػث اؼبػػذكورة تػدؿ علػى أف الصػػدقة ال ربػل للنػ -صػػلى اهلل عليػ وسػلم -وال آللػ
ولكن من هم آؿ ؿببد -صلى اهلل علي وسلم-؟ وما نوع الصدقة الب ال ربل ؽبم؟
ى ذل متبلؼ ك ك نذكرخ فيبا يل ه نعق علي دبا نرى رجحان ى هذا اؼبقاـ.
ذك ػػر اغب ػػافي ى "الف ػػت " والي ػػوكاْ ى "الني ػػل" (انظ ػػر ف ػػت الب ػػاري 227/3 :وني ػػل األوط ػػار:
.)484 - 482/4امتتبلؼ الفقهاء ى اؼبراد باآلؿ هنا:
فقػػاؿ اليػػافع وصباعػػة مػػن العلبػػاء :إمػػم بنػػو هاوػػم وبنػػو اؼبطلػ واسػػتدؿ اليػػافع علػػى ذلػ
بأف الن -صلى اهلل علي وسلم -أورؾ ب اؼبطل مع ب هاوم ى سهم ذوي القرىب وٍ يع
أحػ ًػدا مػػن قبا ػػل قػريو غػػكهم وتلػ العطيػػة عػػوض عوشػػوخ بػػدالً عبػػا ُحرمػػوخ مػػن الصػػدقة كبػػا
ػيز أنػا وع بػاف بػن عفػاف إَ النػ -صػلى أمترج البصاري مػن حػديث جبػك بػن مطعػم قػاؿ :مي ُ
أعطيز ب اؼبطل من ُطبس متي وتركتنا وكبن وهم دبنزلػة َ اهلل علي وسلم -فقلنا :يا رسوؿ اهلل
واحدة! فقاؿ رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم( :-إمبا بنو اؼبطل وبنو هاوم واحد).
عوشا عن الصدقة. وأجي عن ذل بأن إمبا أعطاهم ذل ؼبواالهتم ال ً
وقاؿ أبو حنيفة ومال واؽبادويػة :هػم بنػو هاوػم فقػ .وعػن أضبػد ى بػ اؼبطلػ روايتػاف .وعػن
غكخ :بنو غال بن فهر .كذا ى الفت .
واؼبػراد ببػ هاوػػم :آؿ علػ وآؿ عقيػػل وآؿ جعفػػر وآؿ العبػػاس وآؿ اغبػػرث وٍ يػػدمتل ى ذلػ
آؿ أل ؽب ؛ ؼبا قيل من أن ٍ يسلم أحد منهم ى حيات -صػلى اهلل عليػ وسػلم -ويػردخ مػا ى
وسػػر -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم- ُ جػػامع األصػػوؿ :أنػ أسػػلم عتبػػة ومعتػ ابنػػا أل ؽبػ عػػاـ الفػػت
ب سبلمهبا ودعا ؽببا ووهدا مع حنينًا والطا ه وؽببا عق عند أهل النس .
قػػاؿ ابػػن قدامػػة :ال نعلػػم متبلفًػػا ى أف ب ػ هاوػػم ال ربػػل ؽبػػم الصػػدقة اؼبفروشػػة .وكػػذا قػػاؿ أبػػو
طال من أهل البيز حك ذل عن ى البحر وكذا حك اإلصباع ابن رسبلف.
وقد نقل الط ي اعبواز عن أل حنيفػة وقيػل عنػ :ذبػوز ؽبػم إذا ُح ِرمػوا سػهم ذوي القػرىب .حكػاخ
الطحاوي.
ونقل بعض اؼبالكية عن األهبري منهم.
قاؿ ى الفت :وهو وج لبعض اليافعية.
أيضػػا عػػن أل يوسػػه :أمػػا ربػػل مػػن بعضػػهم لػػبعض ال مػػن غػػكهم وحكػػاخ ى البحػػر وحكػ فيػ ً
عػػن زيػػد بػػن عل ػ واؼبرتضػػى وأل العبػػاس اإلماميػػة .وحكػػاخ ى اليػػفاء عػػن اب ػ اؽبػػادي والقاسػػم
العياْ.
وق ػػاؿ اغب ػػافي :وعن ػػد اؼبالكي ػػة ى ذل ػ أربع ػػة أق ػواؿ مي ػػهورة :اعب ػواز اؼبن ػػع ج ػواز التط ػػوع دوف
الفرض عكس .
قاؿ اليوكاْ :واألحاديث الدالة على التحرٓ على العبوـ ترد على اعببيع وقد قيل :إما متواترة
اترا معنويًػػا .ويؤيػػد ذلػ قولػ تعػػاَ( :قػػل ال أسػػألكم عليػ أجػًػرا إال اؼبػػودة ى القػػرىب) (اليػػورى:
ت ػو ً
.) 23وقولػ ( :قػػل مػػا أسػػألكم علي ػ مػػن أجػػر) (سػػورة ص .) 86 :ولػػو أحلهػػا آللػ أوو ػ أف
يطعنوا في .
ولقول تعاَ( :متذ من أمػواؽبم صػدقة تطهػرهم وتػزكيهم هبػا) (التوبػة )463 :وثبػز عنػ -صػلى
اهلل عليػ وسػػلم( :-أف الصػػدقة أوسػػاخ النػػاس) (قػػاؿ اغبػػافي :يؤمتػػذ مػػن هػػذا ج ػواز التطػػوع دوف
الفػػرض وهػػو قػػوؿ أك ػػر اغبنفيػػة واؼبصػػح عنػػد اليػػافعية واغبنابلػػة .وأمػػا عكسػ "ج ػواز الفػػرض
دوف التطػػوع" فقػػالوا :إف الواج ػ ال يلحػػق بأمتػػذخ ذلػػة خبػػبلؼ التطػػوع .ووج ػ التفرقػػة بػػني ب ػ
هاوم وغكهم :أف موج اؼبنع رفع يػد األدّ علػى األعلػى فأمػا األعلػى علػى م لػ فػبل (الفػت :
.)227/3كبا رواخ مسلم.
وأما ما استدؿ ب القا لوف حبلها للهامش من اؽبامش من حديث العباس الذي أمترج اغبػاكم ى
النوع السابع وال بلثني من علوـ اغبديث ب سنادخ كل من ب هاوم (أف العباس بػن عػ اؼبطلػ
قػػاؿ :قلػػز :يػػا رس ػػوؿ اهلل إن ػ حرم ػػز علينػػا ص ػػدقات النػػاس هػػل رب ػػل لنػػا ص ػػدقات بعض ػػنا
لبعض؟ قاؿ :نعم) .فهذا اغبديث قد اهتم ب بعض روات .
وفض ػبلً عبػػا نقل ػ اإلمامػػاف ابػػن ح ػػر واليػػوكاْ نػػذكر هنػػا بعػػض مػػا جػػاء ى كت ػ اؼبػػذاه
األربعة لتباـ الفا دة.
ى "ؾببػػع األمػػر" ى فق ػ اغبنفيػػة قػػاؿ :وعػػن اإلمػػاـ أل حنيفػػة :ال بػػأس بصػػرؼ الكػػل (الفػػرض
والتطوع) إليهم.
وعن :جواز دفع الزكاة إليهم.
وى اآلث ػار حملبػػد :وعػػن اإلمػػاـ روايتػػاف قػػاؿ ؿببػػد :وبػػاعبواز نأمتػػذ؛ ألف اغبرمػػة ـبصوصػػة بزمان ػ
علي الصبلة والسبلـ.
وى در اؼبتقى :وعن اإلماـ جواز دفع اؽبامش زكات ؼب ل .
وعنػ :اعب ػواز ى زماننػػا مطل ًقػػا .قػػاؿ الطحػػاوي :وبػ نأمتػػذ وأقػػرخ القهسػػتاْ وغػػكخ( .انظػػر :ؾببػػع
األمر وهبامي در اؼبنتقى ص .)224
ورج ػ وػػيمل اإلسػػبلـ ابػػن تيبيػػة :أن ػ هبػػوز لب ػ هاوػػم األمتػػذ مػػن زكػػاة اؽبػػامشيني (مطال ػ أوُ
النهػػى )457/2 :وإليػ ذهػ اعبعفريػػة (فقػ اإلمػػاـ جعفػػر 94/9 :وفيػ (ص :)95أف الزكػػاة
اؼبستحبة من سا ر الناس ذبوز ؽبم م ل زكاة الت ارة وما عدا اغبنطة واليػعك والتبػر والزبيػ مػن
الزروع وال بار.
وأود اؼبذاه ى ذل هو مذه الزيدية الذين ٍ هبوزوا الزكاة من اؽبامش ؼب ل -علػى اؼبعتبػد
عندهم -وجعلوا أكػل اؼبيتػة للهػامش مقػد ًما علػى أمتػذ الزكػاة .قػالوا :فػ ف كػاف تنػاوؿ اؼبيتػة يضػرخ
أمتذ من الزكاة على سبيل االستقراض ويرد ذل مك أمكنػ .وهػذا كلػ ى اؼبضػطر الػذي متيػ
التل ػػه واؽب ػػبلؾ م ػػن اعب ػػوع أو العط ػػو أو الع ػػري وكب ػػوخ (و ػػرح األزه ػػار وحواو ػػي - 526/4 :
.)523
ويعرض هنا سؤاؿ مهم وهو :ما اغبكم إذا متبل بيز اؼباؿ من الغنيبة والف ء أو استوَ علي من
ال يعطيهم من ويئًا؟ قاؿ بعض اؼبالكية :ؿبل عدـ إعطاء ب هاوم إذا أعطوا مػا يسػتحقون مػن
بيز اؼباؿ ف ف ٍ يعطوخ وأشر هبم الفقر أعطوا منها .وإعطاؤهم أفضل من إعطاء غكهم.
وقيد بعضهم جواز هذا اإلعطاء حباؿ الضرورة وه اغباؿ الب يباح فهم فيها أكل اؼبيتػة .ومعػ
هذا التعبك أف التحرٓ باؽ وإمبا جاز للضرورة كسا ر احملرمات.
وقػػاؿ غػػكخ :قػػد شػػعه الػػدين ى هػػذخ األعصػػار اؼبتػػأمترة ف عطػػاء الزكػػاة ؽبػػم أنبػػل مػػن تعػػاطيهم
متدمة الذم والكافر والفاجر (حاوية الصاوي .232/4 :وفت العل اؼبال .)444/4 :
وقد نقلنا آن ًفا بعض ما جاء عن اغبنفية:
وقاؿ أبػو سػعيد اإلصػطصري مػن اليػافعية :إف ُمنعػوا حقهػم مػن اػببػس جػاز الػدفع إلػيهم؛ ألمػا
إمبا ُحرموا الزكاة غبقهم ى طبس اػببس ف ذا منعوا اػببس وج أف يدفع إليهم.
وذكر النووي عن الرافع :أف ؿببد بن وبػىي صػاح الغػزاُ كػاف يفػب هبػذا (اةبػوع227 /6 :
.)228 -
وكػػذا رجػ ابػػن تيبيػػة والقاشػ يعقػػوب مػػن اغبنابلػػة ج ػواز أمتػػذهم مػػن زكػػاة النػػاس إذا منعػوا مػػن
طبس الغنا م والف ء ألن ؿبل حاجة وشرورة (مطال أوُ النهى.)457/2 :
أيضا (فق اإلماـ جعفر.)95/2 : وهو مذه اإلمامية اعبعفرية ً
وٍ يواف ػػق اعببه ػػور عل ػػى إعط ػػاء الزك ػػاة لب ػ هاو ػػم (وح ػػدهم أو م ػػع ب ػ اؼبطل ػ عل ػػى اػب ػػبلؼ
السابق) وإف ُمنعوا اػببس .مستدلني بأف الزكاة إمبا ُحرمز عليهم ليرفهم برسوؿ اهلل -صلى اهلل
علي وسلم -وهذا اؼبع ال يزوؿ دبنع اػببس (اةبوع.)227/6 :
مناقية وترجي
والػػذي أراخ أف القػػوؿ ب عطػػاء الزكػػاة ألقػػارب اؼبصػػطفى -ص ػلى اهلل علي ػ وسػػلم -ى زماننػػا أرج ػ
وأقػػوى؛ غبرمػػامم مػػن طبػػس الغنػػا م والفػ ء الػػذي كػػاف يعطػػى منػ لػػذوي القػػرىب ى عهػػد النػ -
تعويضا من اهلل ؽبم عبا ُحرـ عليهم من الصدقة. ً صلى اهلل علي وسلم-
وس ػػهم ذوي الق ػػرىب ه ػػو اؼب ػػذكور ى قول ػ تع ػػاَ( :واعلب ػوا أمب ػػا غنب ػػتم م ػػن و ػ ء ف ػػأف هلل طبس ػ
وللرسػػوؿ ولػػذي القػػرىب واليتػػامى واؼبسػػاكني وابػػن السػػبيل) (األنفػػاؿ .)44 :وقولػ تعػػاَ( :مػػا أفػػاء
اهلل على رسول من أهل القرى فلل وللرسوؿ ولذي القرىب واليتامى واؼبساكني وابػن السػبيل كػ ال
يكوف دولة بني األغنياء منكم) (اغبير.)7 :
والق ػػوؿ ب ػػأف الزك ػػاة ُحرم ػػز عل ػػيهم لي ػػرفهم ل ػػيس بق ػػوي .واألوَ أف يك ػػوف ذلػ ػ ل ػػدفعهم عنػ ػ
ونص ػرهتم ل ػ حػػك او ػ ؾ ى ذل ػ مسػػلبهم وكػػافرهم .وهػػذا يعضػػد قػػوؿ اليػػافع ى شػػم ب ػ
اليػ ْػع ووقف ػوا ى اؼبطلػ إَ ب ػ هاوػػم ف ػ مم صبيعػػا ص ػ وا مع ػ علػػى األذى واعبػػوع ودمتل ػوا ِ
ً
وجػ ػ قػ ػريو ومق ػػاطعتهم الظاؼب ػػة .وإذا س ػػق الع ػػوض -وه ػػو س ػػهم ذي الق ػػرىب -لس ػػب م ػػن
األسباب كصلو بيز اؼباؿ أو الستبداد اغبكاـ دبا في وج أال ُوبرموا من الزكاة وإال انقلبز
شررا عليهم. اؼبزية الب ؽبم ً
وإذا كػػاف ك ػػك مػػن العلبػػاء قػػد ذهبػوا إَ سػػقوط سػػهم ذوي القػػرىب بعػػد مػػوت الرسػػوؿ وصػػكورت
لقرابػػة اػبليفػػة بعػػدخ أو صػػرف ى السػػبلح واعبهػػاد (روى أبػػو عبيػػد وأبػػو يوسػػه ى اػب ػراج وابػػن
جرير ى تفسك آية األنفاؿ (واعلبوا أمبا غنبتم) عن اغبسن بن ؿببد بن اغبنفية -وقد سئل عن
سهم الرسوؿ وسهم ذي القرىب -فقاؿ :امتتله الناس ى هذين السهبني بعد وفاة رسوؿ اهلل -
صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -فقػػاؿ قػػا لوف :سػػهم القرابػػة لقرابػػة الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -وقػػاؿ
قػػا لوف :لقرابػػة اػبليفػػة .وقػػاؿ قػػا لوف :سػػهم النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -للصليفػػة بعػػدخ .قػػاؿ:
فأصبع رأيهم على أف هبعلوا هذين السهبني ى اػبيل والعدة ى سػبيل اهلل قػاؿ :فكانػا علػى ذلػ
أيضػا :بدايػة اةتهػد394 - 396/4 : متبلفة أل بكر وعبر( .انظر األمػواؿ ص 332وانظػر ً
-طبع اغبل ) .بل إف على بن أىب طال ؼبا استصله سل ب سبيل أىب بكػر وعبػر ( األمػواؿ
-اؼبرجع نفس ) .
فينبغ أف يكوف قوؽبم ب باحة اؼبعوض وهو الزكاة .وفبا يقوي هذا الرأي أف صبلة األحاديػث الػب
استدؿ هبا صبهور العلباء على ربرٓ الزكاة على ب هاوم إَ يوـ القيامة وأشاؼ بعضهم إليهم
ب ػ اؼبطلػ .بػػل جعل ػوا م ػواليهم وعتقػػاءهم دبنػزلتهم ى اغبكػػم ليسػػز صػػروبة الداللػػة علػػى هػػذا
اغبكم.
واغبػػق أف الػػذي ينظػػر ى هػػذخ األحاديػػث نظػػرة ؾبػػردة مػػن العصػػبية والتقليػػد والتػػأثر بيػػهرة اغبكػػم
وجبللة القا لني ب يتبني ل غك ما ذهبوا إلي .
( أ ) فأما حديث اؼبطلػ بػن ربيعػة :فػ ف فتيػني مػن بػ هاوػم أرادا أف يوليهبػا النػ -صػلى اهلل
علي وسلم -على الصدقات فيصيبا منها كبػا يصػي النػاس مػن اؼبنفعػة فػأراد النػ -صػلى اهلل
عليػ وسػػلم -أف يسػػد عليهبػػا هػػذا البػػاب وأف هبعػػل مػػن آؿ بيتػ وأقاربػ قػػدوة للنػػاس ى البػػذؿ
والتضػػحية ال ى الغػػنم واالنتفػػاع .وقػػد قػػاؿ ؽبػػم يػػوـ فػػت مكػػة وقػػد طلبػوا مػػن السػػدانة والسػػقاية
فأعطاهم السقاية ؼبا فيها من غُرـ وكلفة وقاؿ( :إمبا أوليكم ما تػرزءوف ال مػا تػرزؤوف) (سػكة ابػن
هياـ 32/4 :بتحقيق ؿببد ؿبي الدين عبد اغببيد).
ولفػػي البصػػاري( :إف الصػػدقة ال تنبغػ آلؿ ؿببػػد) وهػػذا إمبػػا يػػدؿ علػػى كراهػػة التنزيػ والتنفػػك مػػن
مقاربػػة هػػذا العبػػل الػػذي هػػو مظنػػة ألمتػػذ مػػا ال وبػػل كبػػا فعػػل ابػػن اللتبيػػة .وؽبػػذا أىب عبػػادة بػػن
الصامز وغكخ أف يقبلوا الوالية على الصدقات ؼبا فيها من متطر التعرض ؼبا ال هبوز.
وهذخ الوالية مبناها على التيديد؛ ألما متعلقة دباؿ عاـ هو مال لل باعة وحق للبحتػاج مػن
اؼبسلبني أو من وبتاج إلي اؼبسلبوف فأي زيادة يأمتذها العامل عبا يسػتحق تُعػد مزاضبػة للفقػراء
واحملتاجني ى متالل حقهم وأكبلً ؼباؿ اعبباعة بالباطل.
ومع ورود هذا اغبديث ف ف ك ًكا من العلباء ى اؼبذاه اؼبتبوعة أجازوا أف يكوف العامل مػن بػ
هاوػػم كبػػا ذكرنػػا ذلػ ى سػػهم "العػػاملني عليهػػا" وحػػديث أل رافػػع يؤكػػد هػػذا اؼبعػ ويبػػني أف
إبعػػاد آؿ بيػػز الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -وأقارب ػ عػػن وػػئوف الصػػدقة لػػيس ليػػرؼ النس ػ
ولكن لدفع التهبة وقطع ألسنة اؼبف ين ووشػع األسػوة اغبسػنة وتربيػة اآلؿ ومػواليهم أف يوطنػوا
أنفسهم على رببل اؼبغارـ ال الطبع ى اؼبغاِ .ولو كاف اؼبنع لليرؼ ما دمتل اؼبواُ ى اؼبنع.
( ب ) وأما حديث اغبسن بػن علػ وقػوؿ الرسػوؿ -صػلى اهلل عليػ وسػلم( :-أمػا وػعرت إنػا ال
نأكل الصدقة) وى رواية مسلم( :ال ربل لنا الصدقة) فالذي يبدو ُ أف الن -صلى اهلل علي
وسػػلم -قالػ بوصػػف إمػػاـ اعبباعػػة ور ػػيس الدولػػة .ف ػ ف اجتبػػاع الصػػدقات عنػػدخ ال حلهػػا لػ وال
صبيعا .ومن هنا روي أف عبر ورب من لنب الصدقة متطػأ فتقيػأخ ألهل بيت ألما مل اؼبسلبني ً
(رواخ مال ى اؼبوطأ ى كتاب الزكاة).
وؽب ػػذا ق ػػاؿ ى "البح ػػر" :وال رب ػػل لئلم ػػاـ كالرس ػػوؿ ولتقي ػػؤ عب ػػر ل ػػنب الص ػػدقة (البح ػػر الزمت ػػار:
.)484/2
( ج ) وإذا غضضػػنا الطػػرؼ ع ػػن ه ػػذخ األسػػباب واؼببلبسػػات ال ػػب وردت فيهػػا هػػذخ األحادي ػػث
حتبا علػى ذريػة بػ هاوػم ونظرنا إَ ؾبرد ألفاظها فباذا تدؿ علي كلبة "آؿ ؿببد"؟ هل تدؿ ً
وحدهم أو مع ب اؼبطل إَ يوـ القيامة؟
ليس هناؾ دليل حاسم على ذل ؛ فآؿ ؿببد هنا كآؿ إبراهيم وآؿ عبراف ى اآلية الكريبة( :إف
ونوحػػا وآؿ إبػراهيم وآؿ عبػراف علػػى العػػاؼبني) (آؿ عبػراف .) 33 :فػػآؿ عبػراف اهلل اصػػطفى آدـ ً
هنػػا :مػػرٓ وابنهػػا عيسػػى وآؿ إبػراهيم :إظباعيػػل وإسػػحاؽ ويعقػػوب واألسػػباط ولػػيس اؼبػراد ذريتػ
إَ يػػوـ القيامػػة فقػػد قػػاؿ تعػػاَ ى إب ػراهيم وإسػػحاؽ (ومػػن ذريتهبػػا ؿبسػػن وظػػاٍ لنفس ػ مبػػني)
(الصافات .) 443 :ومن ذرية إبراهيم ـبربة العاٍ من اليهود.
وم ل هذا قول تعاَ( :فالتقط آؿ فرعوف) (القصل( .) 8 :وأغرقنا آؿ فرعوف) (البقرة.) 56 :
(وحاؽ بآؿ فرعوف سوء العذاب) (غافر.)45 :
فهػػل يفهػػم مػػن آؿ فرعػػوف إال هػػو وحػػدخ أو مػػع أهػػل بيتػ وألصػػق النػػاس بػ وأمتصػػهم؟ وهنػػا "آؿ
ؿببد" ينبغ أف يقصر على أهل بيت من أزواج وأوالدخ وأسباط وأقرب الناس إليػ وهػذا حكػم
متاص هبم حاؿ حيات -صلى اهلل علي وسلم -كبا جاء ذلػ عػن اإلمػاـ أل حنيفػة :وأمتػذ بػ
صاحب ؿببد بن اغبسن.
وكبػا ذكػػر صػػاح "البحػػر الزمتػػار" أنػ أحػػد أقػواؿ مالػ :ووجهػ أمػػا ُحرمػػز لػػدفع التهبػػة وقػػد
زالز بوفات -صلى اهلل علي وسلم( -البحر.)484/2 :
وهبذا يسق ما استدؿ ب اليوكاْ من م ل قول ( :قل ما أسألكم علي مػن أجػر) (الفرقػاف57 :
) .ولو أحلها ؽبم ألوو أف يطعنوا في .ف ف هذا إمبا يكوف ى حيات -صلى اهلل عليػ وسػلم.-
وأما بعد وفات فهم كغكهم من اؼبسلبني تؤمتذ الزكاة من أغنيا هم وترد على فقرا هم.
وإمبا قلنا هذا ألمرين:
األوؿ :أف اليػػرع اإلسػػبلم ى صبلػػة أحكامػ ٍ يبيػػز أقػػارب النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -علػػى
غكهم من الناس بل أعلن أف الناس سواسية كأسناف اؼبي ؛ هم كذل ى اغبقػوؽ والواجبػات
واؼبغارـ والعقوبات .وقد قاؿ علي الصبلة والسبلـ (وأٓ اهلل لو سرقز فاطبة بنز ؿببد لقطعػز
يدها) (متفق علي ) وقاؿ -صلى اهلل علي وسلم( :-من بطأ ب عبل ٍ يسػرع بػ نسػب ) (متفػق
علي ).
ال ػػاْ :وهػػو األهػػم أف الزكػػاة ى اإلسػػبلـ فريضػػة الزمػػة وحػػق معلػػوـ وشػريبة مقػػررة يتػػوَ اإلمػػاـ
أمتذها وصرفها ؼبن يستحقها فبل منة فيها ألحد على أحد .وما داـ اآلمتػذ يأمتػذها حبقهػا فػبل
جناح علي .
والع ي أف بعض الفقهاء -بل أك رهم -حرـ الزكاة اؼبفروشة على اؽبامشيني وأباح ؽبػم صػدقات
التطوع مع أف اؼبنة فيها أظهر.
ولػػو صػ ربػػرٓ الصػػدقة علػػى آؿ ؿببػػد -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -إَ يػػوـ القيامػػة .لكانػػز صػػدقة
النفػػل .وهػػذا مػػا نقلػ اغبػػافي عػػن بعػػض الفقهػػاء واسػػتدلوا لػ بػػأف الواجػ ال يلحػػق آمتػػذخ ذلػػة.
خببلؼ التطوع.
وقد تبني لنا فبا سبق أف ال إصباع ى اؼبسألة حك ال يُػتهم مػن أجػاز ؽبػم الزكػاة خبػرؽ هػذا السػور
اؼبنيع.
وقد رأينا أف اعبواز منقوؿ عن أل حنيفة وامتتيار صاحب ؿببد وهو وج لبعض اليافعية وقوؿ
عند اؼبالكية.
عل ػػى أف ى بعػػض الرواي ػػات اؼبنقول ػػة م ػػا يس ػػاعد الق ػػا لني بػػاعبواز اؼبطل ػػق .مػػن ذل ػ مػػا ذك ػػرخ ى
"البحػػر" أنػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -تصػػدؽ علػػى أرامػػل بػ اؼبطلػ وردخ صػػاح البحػػر بأنػ
صدقة نفل (البحر.)484/2 :
كبا أف أبا داود روى ى سػنن عػن ابػن عبػاس قػاؿ :بع ػ أل إَ النػ -صػلى اهلل عليػ وسػلم-
ى إبل أعطاها إياخ مػن الصػدقة .وى روايػة "أن ببػدؽبا" (رواخ أبػو داود ى بػاب الصػدقة علػى بػ
هاو ػػم وس ػػكز عن ػ ه ػػو واؼبن ػػذري وأمترج ػ النس ػػا (انظ ػػر ـبتص ػػر الس ػػنن .)246/2 :وق ػػد
أجاب النووي عن هذا اغبديث من وجهني:
منسومتا دبا ذكرناخ.
ً أحدنبا :أف يكوف قبل ربرٓ الصدقة على ب هاوم ه صار
ال اْ :أف يكوف قد اق ض من العباس للفقراء إببلً ه أوفاخ إياها من الصدقة وقد جاء ى رواية
أمترى ما يدؿ على هذا .وهبذا ال اْ أجاب اػبطال .واهلل تعاَ أعلم (اةبوع.)227/6 :
وال و أف األوَ األمتذ بظاهر اغبديث دوف ارتكاب التأويبلت أو القوؿ بالنسمل.
ويلػػوح ُ أف اإلمػػاـ البصػػاري ٍ ي بػػز عنػػدخ هػػذا اغبكػػم حػػديث صػػحي السػػند صػري الداللػػة.
وؽبذا عنوف ل بقولػ "بػاب مػا يُػذكر ى الصػدقة للنػ -صػلى اهلل عليػ وآلػ وسػلم "-فعبػارة" :مػا
يذكر" تدؿ على التضعيه والي .
وهذا من جهة النقل .ف ذا نظرنا إَ حكبة التيريع وجدناها ظاهرة ى ربريبها عليػ وعلػى آلػ ى
حياتػ ػ .ف نػ ػ -ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم -أراد أف ين ػػزخ نفسػ ػ وآلػ ػ ع ػػن أمت ػػذ الص ػػدقات ليض ػػرب
للبسلبني م بلً عاليًا ى التعود علػى التعفػه ال علػى األمتػذ ويكػوف ذلػ تطبي ًقػا للببػدأ الرفيػع
الذي أعلن ( :اليد العليا متك من اليد السفلى) (رواخ البصػاري ى بػاب االسػتغناء عػن اؼبسػألة مػن
كتاب الزكاة من حديث حكيم بن حزاـ) .ف ف إعطاء اؼباؿ مػن غػك مبادلػة عػني أو نفػع فيػ نػوع
مػػن اؼبنػػة والفضػػل للبعطػ علػػى اآلمتػػذ وقػػد ال تظهػػر هػػذخ اؼبنػػة بػػالنظر لعامػػة النػػاس الػػذين يتػػوَ
اإلمػػاـ القػػبض عػػنهم مػػن األغنيػػاء ه الصػػرؼ ؽبػػم .أمػػا اإلمػػاـ نفس ػ الػػذي يباوػػر القػػبض مػػن
اؼبؤمنني للصدقات فأوَ ب أال وب ربل عنق هذخ اؼبنة؛ وأهل بيت دبنزلت ى ذل .
وجوز أمتذها وى هذا اغبكم سر آمتر نب علي عبلمة اؽبند الدهلوي وهو :أن إف أمتذها لنفس ّ
ػباصت والذين يكوف نفعهم دبنزلة نفع كاف مظنة أف يظن الظانوف ويقػوؿ القػا لوف ى حقػ مػا
لػػيس حبػػق فػػأراد أف يسػػد هػػذا البػػاب بالكليػػة وهبهػػر بػػأف منافعهػػا راجعػػة إلػػيهم وإمبػػا تؤمتػػذ مػػن
أغنيػػا هم وتػػرد علػػى فقػرا هم رضبػػة هبػػم وتقريبًػػا ؽبػػم مػػن اػبػػك وإنقػػاذًا ؽبػػم مػػن اليػػر" (ح ػػة اهلل
البالغػة ) 542/2 :أمػػا ربػػرٓ الزكػػاة علػى اآلؿ إَ يػػوـ القيامػػة فػػبل يظهػػر فيػ مػػا ذكرنػػا مػػن السػػر
واغبكبة.
والع ػ فبػػن حرم ػوا الزكػػاة عل ػػى ب ػ هاوػػم واؼبطل ػ وٍ هبػػوزوا ؽب ػػم أمتػػذها ولػػو ُمنع ػوا ُطب ػػس
اػبُبػػس؛ ى بيػػز اؼبػػاؿ؛ لعػػدـ هػػذا اػببػػس كبػػا ى هػػذا الػػزمن أو السػػتبداد الػػوالة بػ كبػػا ى
أزمنػػة مض ػػز -كي ػػه يص ػػنع الفق ػراء واحملت ػػاجوف م ػػن ه ػػؤالء إذا ٍ يعط ػوا م ػػن الزكػػاة ح ػػك ؽب ػػذخ
جوعػا
الضرورة؟ وهل مػن إكػراـ آؿ بيػز النػ -صػلى اهلل عليػ وسػلم -أف ي كػوا حػك يهلكػوا ً
وال يعطوا من ماؿ الزكاة الذي هو حق معلوـ؟
وؽبػػذا أفػػك صباعػػة مػػن علبػػاء اؼبػػذاه األربعػػة وغكهػػا جبػواز أمتػػذهم مػػن الزكػػاة إف ُمنعػوا اػببػػس؛
ألن ػ ؿب ػػل حاج ػػة وش ػػرورة (انظ ػػر :و ػػرح غاي ػػة اؼبنته ػػى )457/2 :ب ػػل ق ػػاؿ بع ػػض اؼبالكي ػػة :إف
إعطاءهم ى هذخ اغبالة أفضل من إعطاء غكهم (حاوية الصػاوي علػى اليػرح الصػغك666/4:
-طبع دار اؼبعارؼ) .وهذا هو الصحي واهلل أعلم.
اؼببحث السادس
ػحيحا دوف علبػ ؛ ه تبػني لػ متطػؤخ فهػل هبز ػ إذا أمتطأ اؼبزك وأعطى زكاتػ مػن لػيس مصػرفًا ص ً
ذل وتسق عن الزكاة؟ أـ إف الزكاة ال تزاؿ َديْػنًا ى ذمت حك يضعها موشعها؟
امتتله أنظار الفقهاء ى هذخ اؼبسألة:
فقاؿ أبو حنيفة وؿببد بن اغبسن وأبو عبيد :هبز ما دفع وال يطال بدفع زكاة أمترى.
فعن معن بن يزيد قاؿ :كاف أل أمترج دنػانك يتصػدؽ هبػا فوشػعها عنػد رجػل ى اؼبسػ د ف ئػز
فأمت ػػذهتا فأتيت ػ هب ػػا .فق ػػاؿ :واهلل م ػػا إي ػػاؾ أردت فصاص ػػبت إَ الن ػ -ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم-
فقاؿ( :ل ما نويز يا يزيد ول ما أمتذت يا معن) رواخ أضبد والبصاري.
واغبديث وبتبل أف تكوف الصدقة نفبلً إال أف لفي (ما) ى قول ( :ل ما نويز) يفيد العبوـ.
أيضا ى االحت اج حديث أل هريرة أف الن -صلى اهلل علي وسلم -قاؿ( :قاؿ رجل (من وؽبم ً
ب إسرا يل) :ألتصػدقن الليلػة بصػدقة .فصػرج بصػدقت فوشػعها ى يػد سػارؽ (أي وهػو ال يعلػم)
فأصػػبحوا يتحػػدثوف :تصػػدؽ الليلػػة علػػى سػػارؽ .فقػػاؿ :اللهػػم ل ػ اغببػػد (ضبػػد اهلل علػػى تل ػ
اغباؿ ألن ال وببد على مكروخ سواخ) ألتصدقن بصػدقة .فصػرج بصػدقت فوشػعها ى يػد زانيػة
فأصبحوا يتحدثوف :تصدؽ الليلة على زانية .فقاؿ :اللهػم لػ اغببػد ألتصػدقن بصػدقة فصػرج
بصدقت فوشعها ى يد غ .فأصبحوا يتحدثوف :تصدؽ الليلة على غ .فقاؿ اللهم ل اغببػد
على زانية وعلى سػارؽ وعلػى غػ ! فػأتى (أي رأى ى منامػ ) فقيػل لػ :أمػا صػدقت علػى سػارؽ
فلعل أف يسػتعه عػن سػرقت .وأمػا الزانيػة فلعلهػا أف تسػتعفه هبػا عػن زناهػا .وأمػا الغػ فلعلػ أف
يعت فينفق فبا آتاخ اهلل عز وجل) (رواخ أضبد والبصاري ومسلم).
وألف الن -صلى اهلل علي وسلم -قاؿ للرجػل الػذي سػأل الصػدقة( :إف كنػز مػن تلػ األجػزاء
أعطيت حق ) وأعطى الرجلني اعبلدين وقاؿ( :إف وئتبا أعطيتبػا منهػا وال حػي فيهػا لغػ وال
لق ػػوي مكتسػ ػ ) .ول ػػو اعتػ ػ حقيق ػػة الغػ ػ م ػػا اكتف ػػى بقوؽبب ػػا كب ػػا ق ػػاؿ ى "اؼبغػ ػ " (اؼبغػ ػ :
.)667/2
وى مقابل هؤالء اؼبتساهلني تيدد صباعػة فػذهبوا إَ أنػ ال هبز ػ درع الزكػاة إَ مػن ال يسػتحقها
إذا تب ػػني لػ ػ متط ػػؤخ وأف عليػ ػ أف ي ػػدفعها م ػػرة أمت ػػرى إَ أهله ػػا؛ ألنػ ػ دف ػػع الواجػ ػ إَ م ػػن ال
يستحق فلم ىبرج من عهدت .كديوف اآلدميني.
ومذه اليافع أميل إَ التيديد كبا ى "الروشة" (الروشة ) 328/2 :وغكها.
فقكا؛ فباف غنيًا ففي روايتاف: ومذه أضبد :إذا أعطى الزكاة من يظن ً
رواية باإلجزاء ورواية بعدم (اؼبغ .)668/2 :
كافرا أو هامشيًا أو ذا قرابة للبعط فبػن ال هبػوز الػدفع إليػ ٍ هبز ػ عبدا أو ً
فأما إف باف اآلمتذ ً
الدفع إلي .روايػة واحػدة؛ ألنػ يتعػذر معرفػة الفقػك مػن الغػ دوف غػكخ كبػا قػاؿ تعػاَ( :وبسػبهم
اعباهل أغنياء من التعفه) (البقرة.) 273 :
وبػػني ه ػؤالء وأولئ ػ قبػػد الفقهػػاء مػػن فصػػلوا وفرق ػوا بػػني صػػورة وأمتػػرى فأجػػازوا بعضػػها ومنع ػوا
بعضا.
ً
فعند اغبنفية:
صحيحا ؽبا فظهر أنػ غػ أو ذمػ أو ظهػر أنػ ً من دفع زكات بعد ربر واجتهاد ؼبن ظن مصرفًا
أبوخ أو ابن أو امرأت أو هامش صحز زكات وليس علي إعادهتا؛ ألن أتى دبا ى وسع .
فأما لو ظهر أن كافر حرل -ولو مستأمنًا -فروي عن أل حنيفة أما ذبز وال إعادة؛ ألن أتػى
أيضا .وى رواية أمترى أما ال ذبزئ وهو قوؿ أل يوسػه .ألف صػلة اغبػرل ال تكػوف دبا ى وسع ً
ورعا ولذا ٍ هبز دفع صدقة التطوع إلي فلم يقع قُربة فت اإلعادة. ًبرا ً
ولو دفع بغك ربر وال و -بأف ٍ ىبطر ببال أن مصرؼ أوال -ه ظهر متطؤخ -بػأف تبػني لػ
أنػ غػػك مصػػرؼ ٍ -هبػػز وعليػ اإلعػػادة؛ ألنػ فػػرط ى بػػذؿ وسػػع فلػػو ٍ يظهػػر لػ وػ ء فهػػو
على اعبواز.
أما لو ربرى فدفع ؼبن ظنػ غػك مصػرؼ أو وػ وٍ يتح ّػر ٍ هبػز حػك يظهػر أنػ مصػرؼ فػ ف
باف صواب جاز ى الصحي ..
جالسػا ى صػه الفقػراء يصػنع صػنعهم أو كػاف عليػ زيهػم أو سػأل ً قالوا :ولو كاف اؼبػدفوع إليػ
فأعطاخ كانز هذخ األسباب دبنزلة التحري .حك لو ظهر غناخ ٍ يُعِد.
وهل يس د ما أمتذ متطأ؟
أمػػا اغبػػرل فػػبل .وأمػػا اؽبػػامش ففيػ روايتػػاف .وأمػػا الولػ ُػد الغػ فػػنعم وهػػل يطيػ لػ ؟ فيػ متػػبلؼ.
وإذا ٍ يط فقيل :يتصدؽ وقيل :يرد على اؼبعط (الدر اؼبصتار وحاويت .)74 - 73/2 :
وعند اؼبالكية:
إذا اجتهد فدفع الزكاة لغك مسػتحق ى الواقػع م ػل غػ وكػافر مػع ظنػ أنػ مسػتحق .فػ ف أمكػن
ردهػػا أمتػػذها منػ إف كانػػز باقيػػة أو أمتػػذ عوشػػها منػ إف فاتػػز بسػػب منػ كأكػػل وبيػػع وهبػػة
سواء غرة اآلمتذ ى هذخ اغبالة أـ ال.
وأما إذا فاتز بسب ظباوي نظػر فػ ف كػاف اآلمتػذ غ ّػر الػدافع ومتدعػ بػأف أظهػر لػ الفقػر وهػو
غ أو اإلسبلـ وهو كافر وج أف يرد عوشها ل .و إف ٍ يغرخ فبل و ء على اآلمتذ وهب
علػػى الػػدافع إعػػادة الزكػػاة مػػرة أمتػػرى حيػػث ٍ ذبز ػ األوَ إذ ٍ تصػػادؼ أهلهػػا وهػػم الفق ػراء
اؼبسلبوف .وهذا ى حالة دفع األفراد بأنفسهم إَ أهل الزكاة.
أم ػػا إذا دف ػػع اإلم ػػاـ أو نا ب ػ باجته ػػاد فتب ػػني أن ػ أمت ػػذها غ ػػك مس ػػتحق فت ػػزئ وال يغ ػػرـ اإلم ػػاـ
عوشػػها للفقػراء ألنػ اجتهػػد ؼبصػػلحة اؼبسػػلبني واجتهػػادخ حكػػم ال يتعقػ .حػػك ذكػػر بعضػػهم
أما ذبزئ ولو أمكن ردها .واع ض هذا بأف كبلـ أهل اؼبذه يفيد أما تنزع من يد مػن دفػع لػ
اغباكم -إذا كاف غك مستحق -إف أمكن وهو ظاهر؛ إذ كيه تكوف الزكػاة بيػد األغنيػاء وال
تنزع من أيديهم؟
فاإلمػػاـ ى هػػذا كالوصػ ومقػػدـ القاشػ حيػػث اتفقػوا علػػى أمػػا ذبػػزئ ى حقهبػػا إف تعػػذر الػػرد
دوف أف يغرما ويئًا وإف أمكن الرد وج اتفاقًا (اليرح الكبػك وحاوػية الدسػوق - 564/4 :
.)562
فهرس
سبهيد
عرفنا ى األبواب اؼباشية وجوب الزكاة وعرفنا على من ذب .وفيم ذب من األمواؿ ومقدار ما
هب ى كل منها كبا عرفنا :ؼبن تُصرؼ الزكاة واألصناؼ اؼبسػتحقني ؽبػا واألصػناؼ الػذين ال
هبوز أف تُصرؼ إليهم.
وبق علينا أف نعرؼ كيفية أداء الزكاة :هل يتوَ اؼبكله أداءها بنفس إَ مسػتحقيها أـ تتوالهػا
الدولػة ووُ األمػر؟ وهػػل هػذا ى كػل األمػواؿ أو ى بعضػها دوف بعػض؟ ومػػا اغبكػم إذا زبلػػى وُ
كافرا؟
األمر عن أمتذ الزكاة أو طلبها وكاف ظاؼبًا أو ً
قهرا بدوف نيرة من اؼبكله؟ وهل وهل تُي ط النية ى أداء الزكاة؟ وما اغبكم إذا أمتذها السلطاف ً
هبوز لوُ األمر أو للبكله نقل الزكاة من بلد اؼباؿ إَ بلد آمتر؟ وما حدود ذل ؟
وهل هبوز دفع القيم ى الزكاة أـ هب إمتراج عني اؼبنصوص علي وال بد؟
وهػػل هبػػوز تػػأمتك الزكػػاة إذا وجبػػز؟ ومػػا اغبكػػم إذا أمترهػػا؟ وهػػل تسػػق بالتػػأمتك ومػػا حكػػم
تع يلها؟ وهل هبوز كتباف الزكاة؟ وما عقوبة من كتبها؟ وما حكػم التهػرب أو الفػرار مػن الزكػاة
واالحتيػػاؿ إلسػػقاطها؟ إَ غػػك ذلػ مػػن اؼبباحػػث اؼبتعلقػػة بػػأداء الزكػػاة واالحتيػػاؿ إلسػػقاطها؟ إَ
غك ذل من اؼبباحث اؼبتعلقة بأداء الزكاة وإمتراجها.
صػػل اعبػواب عنهػػا ى الفصػػوؿ التاليػة مػػن هػذا البػػاب الػػذي كػل هػػذخ األسػئلة ومػػا يتصػػل هبػا .نف ر
عقدناخ ؽبذا الغرض.
الفصل األوؿ
عبلقة الدولة بالزكاة
فهرس
عند اغبنفية
عند اؼبالكية
عند اليافعية
قهرا
اإلصباع على تأدي اؼببتنع وأمتذها من ً
عقوبة اؼببتنع دبصادرة نصه مال وما في من متبلؼ
مناقية وترجي
عند اغبنابلة
عند الزيدية
دفع الزكاة إَ السلطاف اعبا ر
رأى اةوزين
رأي اؼبانعني مطل ًقا وأدلتهم
رأي القا لني بالتفصيل
التزاـ اغباكم لئلسبلـ ورط
صبعا وتفري ًقا وظباهم وأبرز دليل على ذل :أف اهلل -تعاَ -ذكر هؤالء القا بني على أمر الزكاة ً
ػهبا ى أم ػواؿ الزكػػاة نفسػػها وٍ وبػػوجهم إَ أمتػػذ رواتػػبهم مػػن ( ِ
لني َعلَْيػ َهػػا) وجعػػل ؽبػػم سػ ً العػػام َ
َ
ات لِْل ُف َقػَػر ِاء
بػػاب آمتػػر تأمينًػػا ؼبعاوػػهم وشػػبانًا غبسػػن قيػػامهم بعبلهػػم قػػاؿ تعػػاَ( :إمبػَػا الصػ َػدقَ ُ
ني َوِى َسػبِ ِيل اهللِ َوابْػ ِن السػبِ ِيل ِ ني َعلَْيػهػػا والْب َؤل َفػ ِػة قُػلُػػوبػهم وِى الرقَػ ِِِ والَ ِ
ػاب َوالْغَػػا ِرم َ ُُ ْ َ بسػػاكني َوالْ َعػػامل َ َ َ ُ َ َ
يم) (التوبة.)66 : ِ ِ ِ
يم َحك ٌ يضةً رم َن الل والل ُ َعل ٌفَر َ
ولػػيس بعػػد هػػذا الػػنل الص ػري ى كتػػاب اهلل ؾبػػاؿ ل ػ متل م ػ متل أو تػػأوؿ متػػأوؿ أو زعػػم
يضػةً رمػ َػن اللػ ِ) ومػػن ذا الػػذي زاعػػم ومتاصػػة بعػػد أف جعلػػز اآليػػة هػػذخ األصػػناؼ وربديػػدها (فَ ِر َ
هبرؤ على تعطيل فريضة فرشها اهلل؟!
ص َػدقَةً تُطَ رهػ ُػرُه ْم ِِ ِ
وقػاؿ -تعػاَ -ى نفػس السػورة الػب ذكػر فيهػػا مصػارؼ الزكػاةُ ( :متػ ْذ م ْػن ْأم َػواؽب ْم َ
ِ
صبلَتَ َ َس َك ٌن ؽبُ ْم) (التوبة.)463 : ص رل َعلَْي ِه ْم إِف َ
َوتُػَزركي ِهم هبَا َو َ
وقد ذه صبهػور اؼبسػلبني مػن السػله واػبلػه إَ أف اؼبػراد بالصػدقة ى هػذخ اآليػة الزكػاة كبػا
بينا ذل ى الباب األوؿ.
وأظهر دليل علػى ذلػ :أف مػانع الزكػاة ى عهػد أل بكػر تعلقػوا هبػذخ اآليػة وأمػا تػدؿ علػى أف
الػػذي يأمتػػذ الزكػػاة هػػو النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -وأنػ يعطػػيهم بػػدؽبا الصػػبلة علػػيهم وٍ يػػرد
عليهم أحد من الصحابة بأف اآليػة ى غػك الزكػاة الواجبػة وكػذل كػاف موقػه أ بػة اإلسػبلـ مػن
ص َػدقَةً) للنػ ِِ ِ
بعدهم ى رد وبهتهم .وكل ما قالوخ :أف اػبطػاب ى قولػ تعػاَُ ( :متػ ْذ م ْػن ْأم َػواؽب ْم َ
-صلى اهلل علي وسلم -ولكل من يل أمر اؼبسلبني من بعدخ حسببا فصلناخ من قبل.
األحاديث النبوية:
هذا ما جاء ى كتاب اهلل .أما السنة النبوية:
فف ػ حػػديث ابػػن عبػػاس ى الصػػحيحني وغكنبػػا .أف الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -حػػني بعػػث
معػا ًذا إَ الػػيبن قػػاؿ لػ ( :أعلبهػػم أف اهلل افػ ض علػػيهم ى أمػواؽبم صػػدقة تؤمتػػذ مػػن أغنيػػا هم
فػ د علػػى فقػرا هم فػ ف هػػم أطػػاعوؾ لػػذل ف يػػاؾ وكػرا م أمػواؽبم واتػػق دعػػوة اؼبظلػػوـ ف نػ لػػيس
بينها وبني اهلل ح اب) (رواخ اعبباعة عن ابن عباس).
وو ػػاهدنا م ػػن ه ػػذا اغب ػػديث ه ػػو قول ػ -علي ػ الس ػػبلـ -ى تل ػ الصػػدقة اؼبفروش ػػة( :تؤمت ػػذ م ػػن
أغنيا هم ف د على فقرا هم) فبني اغبديث أف اليأف فيها أف يأمتذها آمتذ ويردها راد ال أف تُ ؾ
المتتيار من وجبز علي .
قػػاؿ وػػيمل اإلسػػبلـ اغبػػافي ابػػن ح ػػر :اسػػتدؿ ب ػ علػػى أف اإلمػػاـ هػػو الػػذي يتػػوَ قػػبض الزكػػاة
وصػػرفها إمػػا بنفسػ وإمػػا بنا بػ فبػػن امتنػػع مػػنهم أمتػػذت منػ قهػ ًػرا" (فػػت البػاري للحػػافي ابػػن
ح ر 23/3 :ى ورح حديث وصية معاذ من صحي البصاري كتاب الزكاة :باب أمتذ الصدقة
من األغنياء وترد إَ الفقراء حيث كانوا) .ونقلها اليوكاْ بنصها ى نيل األوطار (نيػل األوطػار:
- 424/4طبع مصطفى اغبل (ال انية).
وق ػػد ج ػػاءت أحادي ػػث ك ػػكة ى توجيػ ػ ه ػػؤالء الع ػػاملني عل ػػى الزك ػػاة .وك ػػانوا يس ػػبوف الس ػػعاة أو
اؼبصدقني وقد ذكرنا ويئًا من ذل ى مصرؼ "العاملني عليهػا" مػن البػاب السػابق .كبػا جػاءت
أحاديث ك كة أمترى ى بياف واج اؼبكلفني بالزكاة كبو هؤالء اؼبصدقني سنذكر أنبها قريبًا.
وهذا الذي جاءت ب السنة القولية أكدت السنة العبلية والواقع التارىب الذي جرى علي العبل
ى عهد الرسوؿ -صلى اهلل علي وسلم . -واػبلفاء الراودين من بعدخ.
قاؿ اغبافي ابن ح ر ى "التلصيل" عند زبري ما ذكرخ اإلماـ الرافع أف رسوؿ اهلل -صػلى اهلل
علي وسلم -واػبلفاء بعدخ كانوا يبع وف السعاة ألمتذ الزكاة :هذا ميهور.
فف الصحيحني عن أل هريرة :بعث عبر على الصدقة.
وفيهب ػػا ع ػػن أل ضبي ػػد :اس ػػتعبل (اس ػػتعبل :جعل ػ ع ػػامبلً عل ػػى الزك ػػاة أو غكه ػػا أي واليًػػا عل ػػى
وئوما) .رجبلً من األزد يقاؿ ل "ابن اللتيبة".
وفيهبا عن عبر :أن استعبل ابن السعدي.
وعن أل داود :أف الن -صلى اهلل علي وسلم -بعث أبا مسعود ساعيًا.
وى مسند أضبد :أن بعث أبا جهم بن حذيفة مصدقًا.
وفي :أن بعث عقبة بن عامر ساعيًا.
وفي من حديث قرة بن دعبوص :بعث الضحاؾ بن قيس ساعيًا.
وى اؼبستدرؾ :أن بعث قيس بن سعد ساعيًا.
وفي ػ مػػن حػػديث عبػػادة بػػن الصػػامز :أن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -بع ػ علػػى أهػػل الصػػدقات.
وبعث الوليد بن عقبة إَ ب اؼبصطلق ساعيًا.
وروى البيهقػ عػػن اليػػافع :أف أبػػا بكػػر وعبػػر كانػػا يبع ػػاف علػػى الصػػدقة .وقػػد أمترجػ اليػػافع
عن إبراهيم بن سعد عن الزهري هبذا وزاد :وال يؤمتروف أمتذها ى كل عاـ.
وقاؿ ى القدٓ :وروى عن عبر :أن أمترها عاـ الرمػادة ه بعػث مصػدقًا فأمتػذ عقػالني (العقػاؿ:
يراد ب هنا زكاة العاـ) .عقالني.
وى الطبقات البػن سػعد :أف النػ -صػلى اهلل عليػ وسػلم -بعػث اؼبصػدقني إَ العػرب ى هػبلؿ
احملرـ سنة تسػع .وهػو ى مغػازي الواقػدي بأسػانيدخ مفس ًػرا (انظػر :التلصػيل-466 459/2 :
طبع وركة الطباعة الفنية اؼبتحدة بالقاهرة).
وذكر ابن سعد أظباء هؤالء اؼبصدقني وأظبػاء القبا ػل الػب بع ػوا إليهػا .فبعػث عيينػة بػن ِحصػن إَ
ب سبيم يصدقهم.
وبعث بريدة بن اغبصي إَ أسلم وغفار يصدقهم .ويقاؿ :كع بن مال .
ومَزينة.
وبعث عباد بن بير األوهل إَ ُسليم ُ
وبعث رافع بن مكيث إَ ُجهينة.
وبعث عبرو بن العاص إَ فزارة.
وبعث الضحاؾ بن سفياف الكبلل إَ ب كبلب.
وبعث بُسر بن سفياف الكع إَ ب كع .
وبعث ابن اللتيبة األزدي إَ ب ذبياف.
وبعث رجبلً من سعد ُه َذٓ على صدقاهتم.
قاؿ ابن سعد :وأمػر رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم -مصػدقي أف يأمتػذوا العفػو مػنهم ويتوقػوا
كرا م أمواؽبم (طبقات ابن سعد -466/2 :طبع بكوت).
وذكر ابن إسحاؽ صباعة آمترين بع هم الن -صلى اهلل علي وسلم -إَ قبا ل وأقاليم أمترى من
جزيرة العرب.
العنس ّ وهو هبا.
فبعث اؼبهاجر بن أل أمية إَ صنعاء فصرج علي َ
وبعث زياد بن لَبِيد إَ حضرموت.
وبعث عدي بن حام إَ ط وب أسد.
وبعث مال بن نويرة على صدقات ب حنظلة.
وفرؽ صدقات ب سعد على رجلني :فبعث الزبرقاف بن بدر علػى ناحيػة وقػيس بػن عاصػم علػى
ناحية.
وبعث العبلء بن اغبضرم على البحرين.
وبعث عليًا إَ قبراف لي بع صدقاهتم ويقدـ علي جبزيتهم (زاد اؼبعاد.)472/2 :
وى ال اتي اإلدارية للكتاْ نقل عن ابن حزـ ى جوامع السك وعن ابػن إسػحاؽ والكبلعػ ى
السػػكة وعػػن ابػػن ح ػػر ى اإلصػػابة صبلػػة مػػن أظبػػاء الصػػحابة الػػذين اسػػتعبلهم النػ -صػػلى اهلل
علي وسلم -على والية الصدقات أو كتابتها.
ق ػػاؿ اب ػػن ح ػػزـ ى كتابػ ػ "جوام ػػع الس ػػك" :ك ػػاف كاتػ ػ رس ػػوؿ اهلل -ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم -ى
الصػػدقات ال ػزبك بػػن الع ػواـ ف ػ ف غػػاب أو اعت ػػذر كت ػ جهػػم بػػن الصػػلز وحذيفػػة بػػن اليب ػػاف
(ال اتي اإلدارية ص .)398
وقاؿ (اؼبرجع السباؽ ص :)398-396ترجم ى اإلصػابة لؤلرقػم بػن أل األرقػم الزهػري فػذكر:
أيضػػا كافيػػة بػػن سػػبع
أف الطػ اْ متػػرج :أنػ -عليػ السػػبلـ -اسػػتعبل علػػى السػػعاية .وتػػرجم فيهػػا ً
األسدي فنقل عن الواقػدي :أف اؼبصػطفى -عليػ السػبلـ -اسػتعبل علػى صػدقات قومػ .وتػرجم
أيضػػا غبذيفػػة بػػن اليبػػاف األزدي فنقػػل عػػن ابػػن سػػعد :أن ػ -علي ػ السػػبلـ -بع ػ مصػػدقًا علػػى ً
أيض ػػا لكه ػػل ب ػػن مالػ ػ اؽب ػػذُ ف ػػذكر أف اؼبص ػػطفى -عليػ ػ الس ػػبلـ-
األزد وت ػػرجم ى اإلص ػػابة ً
أيضػا ػبالػد بػن ال صػاء فػذكر أف أبػا داود والنسػا استعبل علػى صػدقات هػذيل وتػرجم فيهػا ً
أمترجا من طريق معبػر عػن الزهػري عػن عا يػة أف النػ -صػلى اهلل عليػ وسػلم -بعػث أبػا جهػم
بػػن حذيفػػة مصػػدقًا وتػػرجم ػبالػػد بػػن سػػعيد بػػن العػػاص األمػػوي أف اؼبصػػطفى -علي ػ السػػبلـ-
أيضا ػبزيبة بن عاصم العكل فذكر أف ابن قانع روى من استعبل على صدقات مذح .وترجم ً
عدسػا ومتزيبػة وفػدا علػ النػ -صػلى طريق سيه بن عبر عن اؼبيسر بػن عبػد اهلل بػن عػدس أف ً
اهلل علي وسلم -فوَ متزيبة على األحبلؼ وكت ل :بسم اهلل الرضبن الرحيم مػن ؿببػد رسػوؿ
اهلل ػبزيبػػة بػػن عاصػػم :إْ بع ت ػ سػػاعيًا علػػى قوم ػ فػػبل يُضػػاموا وال يُظلب ػوا" ذكػػرخ الروػػاط
أيضػػا لسػػهم بػن من ػػاب التبيبػ فنقػػل عػػن الطػ ي أنػ كػػاف مػػن وقػػاؿ :أنبلػ أبػػو عبػػر وتػػرجم ً
عبػػاؿ الن ػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -علػػى صػػدقات ب ػ سبػػيم فبػػات اؼبصػػطفى -علي ػ السػػبلـ-
وه ػػو عل ػػى ذل ػ وت ػػرجم لعكرمػػة ب ػػن أل جه ػػل فنق ػػل ع ػػن الط ػ ي :أف الن ػ -علي ػ الس ػػبلـ-
استعبل عل صدقات هوازف عاـ وفات وتػرجم ؼبالػ بػن نػويرة فػذكر أنػ كػاف مػن أرداؼ اؼبلػوؾ
وأن -صلى اهلل علي وسلم -استعبل على صدقات قوم وترجم ؼبتبم بن نػويرة التبيبػ فقػاؿ:
بع ػ -علي ػ السػػبلـ -علػػى صػػدقات ب ػ سبػػيم وى ترصبػػة مػػرداس بػػن مال ػ الغنػػوي أن ػ -علي ػ
السبلـ -والخ صدقة قوم " أهػ.
وهبػػذا يكػػوف النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -قػػد غطػػى اعبزيػػرة -تقريبًػػا -بسػػعات ومصػدرقي ليتولػوا
هذخ الفريضة من أهلها ويوزعوها على مستحقيها.
وكػػاف -عليػ الصػػبلة والسػػبلـ -يػػزودهم -كبػػا ذكرنػػا مػػن قبػػل -بالنصػػا والتعليبػػات البلزمػػة
ؽبم ى معاملة أرباب األمواؿ ويوص دا ًبا بالرفق هبم والتيسك عليهم دوف هتاوف ى حق اهلل.
كبا كاف ُوب رذر هؤالء السعاة أود التحػذير مػن تنػاوؿ وػ ء مػن اؼبػاؿ العػاـ بغػك حػق مهبػا يكػن
قلػػيبلً .وكػػاف وباس ػ بعضػػهم أحيانًػػا .كبػػا قيػػل :إف ابػػن اللتيبػػة ؼبػػا قػػدـ حاسػػب [عػػن أل ضبيػػد
الساعدي قاؿ :استعبل رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -ابن اللتيبة -رجبلً مػن األزد -علػى
الصدقة ف اء باؼباؿ فدفع إَ رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -فقاؿ :هذا لكم وهذههدية
إَ فقػػاؿ لػ النػ -صػلى اهلل عليػ وسػػلم" :-أفػػبل قعػدت ى بيػػز أبيػ وأمػ فتنظػػر أهػديز ّ
أيهدي إلي أـ ال" ؟! (رواخ الييصاف واللفي ؼبسلم)].
قػاؿ ابػػن القػػيم :وكػاف ى هػػذا ُح ػػة علػػى ؿباسػبة العبػػاؿ (الػػوالة) واألمنػاء فػ ف ظهػػرت متيػػانتهم
عزؽبم ووَ أمينًا (زاد اؼبعاد واؼبرجع السابق).
وهذا كل يدلنا بوشوح على أف أمر الزكاة كاف منذ عهد الن -صلى اهلل علي وسلم -من وئوف
الدولة وامتتصاصها .وؽبذا حرص الرسوؿ -علي السبلـ -أف يعني لكل قػوـ أو قبيلػة يػدمتلوف ى
اإلسبلـ مصدقًا يأمتذ من أغنيا هم الزكاة ويفرقها على مستحقيها .وكذل متلفاؤخ من بعدخ.
وؽبػػذا قػػاؿ العلبػػاء" :هب ػ علػػى اإلمػػاـ أف يبعػػث السػػعاة ألمتػػذ الصػػدقة؛ وألف الن ػ -صػػلى اهلل
علي وسلم -واػبلفاء من بعدخ كانوا يبع وف السػعاة؛ وألف ى النػاس مػن يبلػ اؼبػاؿ وال يعػرؼ مػا
هب ػ علي ػ ومػػنهم مػػن يبصػػل فوج ػ أف يبعػػث مػػن يأمتػػذ( "..اةبػػوع 467/6 :والروشػػة:
.)246/2
أم ػػا أرب ػػاب األم ػ ػواؿ م ػػن أف ػ ػراد الي ػػع في ػ ػ عل ػػيهم أف يس ػػاعدوا ه ػػؤالء الس ػػعاة عل ػػى أداء
مهبػػتهم ويػػؤدوا إلػػيهم مػػا وج ػ علػػيهم وال يكتبػػوهم وػػيئًا مػػن أم ػواؿ زكػػاهتم .هػػذا مػػا أمػػر ب ػ
رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -وما أمر ب أصحاب .
عػػن جريػػر بػػن عبػػد اهلل قػػاؿ "جػػاء نػػاس مػػن األع ػراب إَ رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم-
أناسػػا مػػن اؼبص ػدرقني (جبػػاة الصػػدقة) يأتوننػػا فيظلبوننػػا ! فقػػاؿ رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهللفقػػالوا :إ رف ً
علي وسلم( : -أرشوا ُمصدرقيكم) (رواخ مسلم ى صحيح ).
وعػػن جػػابر بػػن عتيػ -رشػ اهلل عنػ -أف رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -قػػاؿ( :سػػيأتيكم
ركػ مبغضػوف فػ ذا أتػوكم فرحبػوا هبػم ومتلػوا بيػنهم وبػني مػػا يبتغػوف فػ ف عػدلوا فؤلنفسػػهم وإف
ظلب ػوا فعليهػػا ف ػ ف سبػػاـ زكػػاتكم رش ػػاهم وليػػدعوا لكػػم) (رواخ أبػػو داود كبػػا ى نيػػل األوط ػػار:
-455/4طب ػػع الع باني ػػة وق ػػاؿ اؼبن ػػاوي ى الف ػػيض" :ال ريػ ػ أف اؼبص ػػطفى -ص ػػلى اهلل عليػ ػ
وسػػلم ٍ -يسػػتعبل ظاؼبػػا قػ بػػل كانػػز سػػعات علػػى غايػػة مػػن ربػػرى العػػدؿ؛ كيػػه ومػػنهم علػ ّػى
ً
وعبػػر ومعػػاذ؟ ومعػػاذ اهلل أف يػػوُ اؼبصػػطفى -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -ظاؼبػػا! فػػاؼبع :سػػيأتيكم
ً
عبػػاُ يطلبػػوف مػػنكم الزكػػاة والػػنفس ؾببولػػة علػػى حػ اؼبػػاؿ فتبغضػػومم وتزعبػػوف أمػػم ظػػاؼبوف
وليسػوا بػػذل فقولػ " :إف ظلبػوا" مبػ علػػى هػػذا الػػزعم .ويػػدؿ علػػى ذلػ لفػػي "إف" اليػػرطية
وه تدؿ على الفرض والتقدير ال على اغبقيقة.
وقاؿ اؼبظهري :ؼبا عم اغبكم صبيػع األزمنػة قػاؿ :كيفبػا يأمتػذوف الزكػاة ال سبنعػوهم وإف ظلبػوكم
ف ػ ف ـبػػالفتهم ـبالفػػة للس ػػلطاف؛ ألم ػػم م ػػأموروف م ػػن جهت ػ وـبالفػػة الس ػػلطاف ت ػػؤدي إَ الفتن ػػة
وثوراما.
ورد اؼبناوي هذا القوؿ بأف العلة لو كانز ه اؼبصالفػة جػاز كتبػاف اؼبػاؿ لكنػ ٍ هبػز لقولػ ى
حػػديث" :نكػػتم مػػن أموالنػػا بقػػدر مػػا يعتػػدوف؟ قػػاؿ :ال "أمػػا سػػعادة غكنػػا (كػػذا ولعػػل الص ػواب:
غػػكخ) أي الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -ف غضػػاب ظػػاؼبهم واج ػ وإرشػػاؤخ فيبػػا يروم ػ بػػاعبور
حراـ"( .انتهى من فيض القدير.)475/4 :
أديز الزكاة
وعن أنس -رش اهلل عن : -أف رجبلً قاؿ لرسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم :-إذا ُ
ز منها إَ اهلل ورسول ؟ قاؿ( :نعػم إذا أديتهػا إَ رسػوُ فقػد بر ػز منهػا إَ إَ رسول فقد بر ُ
اهلل ورسػول ولػ أجرهػػا وإشبهػػا علػػى مػػن بػػدؽبا) (نسػػبة ى اؼبتقػػى إَ أضبػػد (نيػػل األوطػػار اؼبرجػػع
السابق) -45( .فق الزكاة.)2/
فتاوى الصحابة:
وعػػن سػػهل بػػن أل صػػاً عػػن أبيػ قػػاؿ" :اجتبػػع عنػػدي نفقػػة فيهػػا صػػدقة -يعػ بلغػػز نصػػاب
الزكاة -فسألز سعد بن أل وقاص وابػن عبػر وأبػا هريػرة وأبػا سػعيد اػبػدري أف أقسػبها أو
صبيعا أف أدفعها إَ السلطاف ما امتتله عل منهم أحد". أدفعها إَ السلطاف؟ .فأمروْ ً
وى روايػػة" :فقلػػز ؽبػػم :هػػذا السػػلطاف يفعػػل مػػا تػػروف (كػػاف هػػذا ى عهػػد بػ أميػػة) فػػأدفع إلػػيهم
زكان؟! فقالوا كلهم :نعم فادفعها"( .رواها اإلماـ سعيد بن منصور ى مسندخ) (كبا قاؿ النووي
ى اةبع).
وعػػن ابػػن عبػػر -رش ػ اهلل عن ػ -مػػا قػػاؿ( :ادفع ػوا صػػدقاتكم إَ مػػن والخ اهلل أمػػركم فبػػن بػػر
فلنفس ومن أه فعليها).
وعن قزعة موَ زياد بن أبي أف ابن عبر قاؿ( :ادفعوها إليهم وإف وربوا هبػا اػببػر) قػاؿ النػووي:
روانبػػا البيهقػ ب سػػناد صػػحي أو حسػػن (هػػذخ األحاديػػث واآلثػػار كلهػػا ذكرهػػا اإلمػػاـ النػػووي ى
"اةبوع".)464-462/6 :
وعن اؼبغكة بن وعبة أن قاؿ ؼبوَ ل -وهو على أموال بالطا ه :كيه تصنع ى صدقة ماُ؟
قاؿ :منها ما أتصدؽ ب ومنها ما أدفع إَ السلطاف.
قاؿ :وفيم أنز من ذل ؟! (أنكر علي أف يفرقها بنفس ).
فقاؿ :إمم يي وف هبا األرض ويتزوجوف هبا النساء !!
فق ػػاؿ :ادفعه ػػا إل ػػيهم؛ فػ ػ ف رس ػػوؿ اهلل -ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم -أمرن ػػا أف ن ػػدفعها إل ػػيهم" (رواخ
البيهق ى السنن الكبك) (اؼبرجع السابق).
هػػذخ األحاديػػث الصػػروبة عػػن رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -وهػػذخ الفتػػاوى اغباظبػػة مػػن
صحابت الكراـ ذبعلنا ندرؾ بل نػوقن :أف األصػل ى وػريعة اإلسػبلـ أف تتػوَ اغبكومػة اؼبسػلبة
أمر الزكاة فت بيها من أرباهبا وتصرفها على مستحقيها وأف على األمة أف تعاوف أولياء األمر ى
ذل إقر ًارا للنظاـ وإرساءً لدعا م اإلسبلـ وتقوية لبيز ماؿ اؼبسلبني.
"وردبػػا قػػاؿ قا ػػل :إف اليػػأف ى األديػػاف أف تػػوقي الضػػبا ر وربػػىي القلػػوب وتضػػع أمػػاـ أبصػػار
الناس م بلً أعلى ه رباوؿ أف تقودهم بزماـ اليوؽ إَ م وبة اهلل أو تسوقهم بسوط اػبيية من
عقاب ػ تاركػػة ألصػػحاب السػػلطاف أف وبػػددوا وينظب ػوا ويطػػالبوا ويعػػاقبوا فهػػذا مػػن وػػأف السػػلطة
السياسية وليس من مهبة التوجي الدي !
أبدا ى اإلسبلـ ف ن عقيػدة ونظػاـ واعبواب :أف هذا قد يص ى أدياف أمترى ولكن ال يص ً
ومتلق وقانوف وقرآف وسلطاف.
ميطورا ى اإلسبلـ :وطر من للدين ووػطر آمتػر للػدنيا وليسػز اغبيػاة مقسػومة: ً ليس اإلنساف
بعضها لقيصر وبعضها هلل .وإمبا اغبياة كلها واإلنساف كل والكوف كل هلل الواحد القهار.
ج ػػاء اإلس ػػبلـ رس ػػالة و ػػاملة هادي ػػة ف عل ػػز م ػػن ه ػػدفها ربري ػػر الف ػػرد وتكريبػ ػ وترقي ػػة اةتب ػػع
وإسعادخ وتوجيػ اليػعوب واغبكومػات إَ اغبػق واػبػك ودعػوة البيػرية كلهػا إَ اهلل :أف يعبػدوخ
بعضا أربابًا من دوف اهلل.
وال ييركوا ب ويئًا وال يتصذ بعضهم ً
وى هذا اإلطػار جػاء نظػاـ الزكػاة فلػم ُذبعػل مػن وػئوف الفػرد بػل مػن وظيفػة اغبكومػة اإلسػبلمية
فوكل اإلسبلـ جبايتها وتوزيعهػا علػى مسػتحقيها إَ الدولػة ال إَ شػبا ر األفػراد وحػدها وذلػ
عببلة أسباب ال وبسن بيريعة اإلسبلـ أف هتبلها:
أوالً :إف ك ًكا من األفراد قد سبوت شبا رهم أو يصػيبها السػقم واؽبػزاؿ فػبل شػباف للفقػك إذا تػرؾ
حق ؼب ل هؤالء.
ثانياً :ى أمتذ الفقك حقػ مػن اغبكومػة ال مػن اليػصل الغػ حفػي لكرامتػ وصػيانة ؼبػاء وجهػ
أف يراؽ بالسؤاؿ ورعاية ؼبياعرخ أف هبرحها اؼبن أو األذى.
ثالًا :إف ترؾ هذا األمر لؤلفراد هبعل التوزيع فوشى فقد ينتب أك ر من غ إلعطاء فقػك واحػد
فقرا.
على حني يُغفل عن آمتر فبل يفطن ل أحد وردبا كاف أود ً
ػورا عل ػػى األف ػراد م ػػن الفق ػراء واؼبس ػػاكني وأبنػػاء الس ػػبيل؛ فب ػػن
ابعػػا :إف ص ػػرؼ الزكػػاة ل ػػيس مقصػ ً
رً
اعبهػػات الػػب تُصػػرؼ فيهػػا الزكػػاة مصػػاً عامػػة للبسػػلبني ال يقػػدرها األف ػراد وإمبػػا يقػػدرها أولػػو
األمر وأهل اليورى ى اعبباعة اؼبسلبة ك عطاء اؼبؤلفة قلوهبم وإعداد العػدة والعػدد لل هػاد ى
سبيل اهلل وذبهيز الدعاة لتبليغ رسالة اإلسبلـ ى العاؼبني.
متامسػػا :إف اإلسػػبلـ ديػػن ودولػػة وقػػرآف وسػػلطاف .وال بػػد ؽبػػذا السػػلطاف وتل ػ الدولػػة مػػن مػػاؿ ً
تقػيم بػ نظامهػػا وتنفػذ بػ ميػػروعاهتا .وال بػد ؽبػػذا اؼبػػاؿ مػن مػوارد والزكػػاة مػورد هػػاـ دا ػػم لبيػػز
اؼباؿ ى اإلسبلـ" (من كتبانا "ميكلة الفقر وكيه عاعبها اإلسبلـ" ص .)95-94
رأي اؼبالكية:
وقػػاؿ اؼبالكيػػة :تػػدفع الزكػػاة وجوبًػػا لئلمػػاـ العػػدؿ ى أمتػػذها وصػػرفها وإف كػػاف جػػا ًرا ى غكنبػػا
نقدا) ف ف طلبها العدؿ فادع إمتراجها ٍ يُصدؽ. سواء أكانز ماوية أـ حرثًا أو عينًا ( ً
وهل الدفع ؼب ل هذا اإلماـ واج أو جا ز فق ؟
ذكػػر الػػدردير ى وػػرح الكبػػك أن ػ واج ػ .واع ش ػ الدسػػوق ى حاوػػيت بأن ػ مكػػروخ كبػػا ى
التوشي وغكخ.
وإمبػػا الواج ػ اتفاقًػػا هػػو الػػدفع إَ العػػدؿ ى األمتػػذ والصػػرؼ وى غكنبػػا (اليػػرح الكبػػك حباوػػية
الدسوق .)564-563/4 :
وقػػاؿ القػػرط " :إذا كػػاف اإلمػػاـ يعػػدؿ ى األمت ػػذ والصػػرؼ ٍ يس ػػغ للبال ػ أف يت ػػوَ الصػػرؼ
بنفسػ ى النػػاض (النقػػد) وال غػػكخ وقػػد قيػػل :إف زكػػاة النػػاض علػػى أربابػ وقػػاؿ ابػػن اؼباجيػػوف:
ذل إذا كاف الصرؼ للفقراء واؼبساكني ف ف احتػي إَ صػرفها لغكنبػا مػن األصػناؼ فػبل يفػرؽ
عليهم إال اإلماـ" (تفسك القرط .)477/8 :
اليافعية:
وعند اليافعية :للبال أف يفرؽ زكات بنفس ى األمواؿ الباطنة وه :الذه والفضة وعػروض
الت ارة وزكاة الفطر (وفيها وج أما من األمواؿ الظاهرة).
وأمػػا األمػواؿ الظػػاهرة والغػػبلت الزراعيػػة واؼبعػػادف ففػ جػواز تفريقهػػا بنفسػ قػػوالف أظهرنبػػا وهػػو
اعبديػػد :هب ػػوز والق ػػدٓ :ال هبػػوز بػػل هب ػ صػػرفها إَ اإلمػػاـ إف كػػاف عػػادالً ف ػ ف كػػاف جػػا ًرا
فوجهاف أحدنبا :هبوز وال هب وأصحهبا :هب الصرؼ إلي لنفاذ حكب وعدـ انعزال .
قالوا :ولو طلػ اإلمػاـ زكػاة األمػواؿ الظػاهرة وجػ التسػليم إليػ بػبل متػبلؼ بػذالً للطاعػة فػ ف
امتنعوا قاتلهم اإلماـ وإف أجابوا إَ إمتراجها بأنفسهم ف ف ٍ يطلبها اإلمػاـ وٍ يػأت السػاع
أمترها رب اؼباؿ ما داـ يرجو ؾب ء الساع ف ذا أيس فرؽ بنفس . ّ
طوعا
وأما األمواؿ الباطنة فقاؿ اؼباوردي :ليس للوالة نظر ى زكاهتا وأرباهبا أحق هبا ف ف بذلوها ً
قبلهػػا ال ػواُ ف ػ ف عل ػػم اإلمػػاـ مػػن رج ػػل أن ػ ال يؤديه ػػا بنفس ػ فهػػل ل ػ أف يق ػػوؿ :إمػػا أف ي ػػدفع
بنفس وإما أف تدفع إَ حك أفرؽ؟ في وجهاف هبرياف ى اؼبطالبة بالنذور والكفارات.
قاؿ النووي" :األص وجوب هذا القوؿ إزالة للبنكر" (الروشة.)266-265/2 :
اغبنابلة:
وعنػػد اغبنابلػػة :ال هب ػ دفعهػػا إَ اإلمػػاـ ولكػػن لػ أمتػػذها وال ىبتلػػه اؼبػػذه -كبػػا قػػاؿ ى
اؼبغ -أف دفعهػا إَ اإلمػاـ جػا ز سػواء أكػاف عػادالً أو غػك عػادؿ وسػواء أكانػز مػن األمػواؿ
الظاهرة أو الباطنة .وي أ بدفعها إلي سػواء تلفػز ى يػد اإلمػاـ أو ٍ تتلػه صػرفها ى مصػارفها
ػرعا فػ يء بػػدفعها ؼبػػاأو ٍ يصػػرفها ؼبػػا جػػاء ذل ػ عػػن الصػػحابة .وألف اإلمػػاـ نا ػ عػػنهم وػ ً
ػرعا ف ػ يء بػػدفعها إلي ػ كػػوُ اليتػػيم إذا
جػػاء ذل ػ عػػن الصػػحابة .وألف اإلمػػاـ نا ػ عػػنهم وػ ً
أيضا ى أف صاح اؼباؿ هبوز أف يُفرقها بنفس . ً قبضها ل وال ىبتله اؼبذه
أي ذل أح وأفضل :أف يفرقها اؼبال بنفس إذا ٍ يطلبها اإلماـ وإمبا اػببلؼ ى اؼبذه ُّ :
أـ يدفعها إَ اإلماـ العادؿ ليقوـ بصرفها ى ؿبلها؟
قاؿ ابن قدامة ى "اؼبغ ":
"يُسػػتح لئلنسػػاف أف يل ػ تفرقػػة الزكػػاة بنفس ػ ليكػػوف علػػى يقػػني مػػن وصػػوؽبا إَ مسػػتحقها
س ػواء أكانػػز مػػن األم ػواؿ الظػػاهرة أو الباطنػػة .قػػاؿ اإلمػػاـ أضبػػد :أع ػ إَ أف ىبرجه ػػا وإف
دفعها إَ السلطاف فهو جا ز.
وقاؿ اغبسن ومكحوؿ وسعيد بن جبك وميبوف بن ِمهراف :يضعها رب اؼباؿ ى موشعها.
وقاؿ ال وري :احله ؽبم واكذهبم وال تعطهم ويئًا إذا ٍ يضعوها مواشعها وقاؿ :ال تعطهم.
وقاؿ عطاء :أعطهم إذا وشعوها مواشعها .فبفهوم :أن ال يعطيهم إذا ٍ يكونوا كذل .
وقاؿ اليع وأبو جعفر .إذا رأيز الوالة ال يعدلوف فضعها ى أهل اغباجة من أهلها.
(ويبلحي أف هذخ األقواؿ ى الوالة اعبا رين فبل تؤيد ما قال صاح اؼبغ ).
قػػاؿ :وقػػد روى عػػن أضبػػد أن ػ قػػاؿ :أمػػا صػػدقة األرض فيع ب ػ دفعهػػا إَ السػػلطاف وأمػػا زكػػاة
األمواؿ -كاؼبواو -فبل بأس أف يضعها ى الفقراء واؼبساكني.
فظاهر هذا :أن استح دفع العُير متاصػة إَ األ بػة وذلػ ألف العُيػر قػد ذهػ قػوـ إَ أنػ
مؤونة األرض فهو كاػبراج يتوالخ األ بة خببلؼ سا ر الزكاة.
قاؿ :والذي رأيز ى اعبامع قاؿ :أما صدقة الفطر فيع ب دفعها إَ السلطاف.
ه قاؿ أبو عبد اهلل -يع اإلماـ أضبد -قيل البن عبر :إمم يقلدوف هبػا الكػبلب وييػربوف هبػا
اػببور؟! قاؿ :ادفعها إليهم.
وقػػاؿ ابػػن أل موسػػى وأبػػو اػبطػػاب :دفػػع الزكػػاة إَ اإلمػػاـ العػػادؿ أفضػػل وهػػو قػػوؿ أصػػحاب
اليافع .
ه ذكػػر ابػػن قدامػػة قػػوؿ مػػن يوجػ دفعهػػا إَ اإلمػػاـ ى كػػل األمػواؿ وقػػوؿ مػػن يوجػ ذلػ ى
األم ػواؿ الظػػاهرة كبال ػ وأل حنيفػػة وأل عبيػػد مسػػتدلني دبػػا ذكرنػػاخ مػػن قبػػل بآيػػةُ ( :مت ػ ْذ ِمػ ْػن
ْأم َواؽبِِ ْم) (التوبة .)463 :ومقاتلة أل بكر والصحابة عليها…إٌ.
ورد عليهم بقول :ولنا على جواز دفعها بنفس أن دفع اغبق إَ مسػتحق اعبػا ز تصػرف فػأجزأخ
كبا لو دفع الدين إَ غريب وكزكاة األمواؿ الباطنة وألن أحد نوع الزكاة فأوب النوع األمتر
واآلية تدؿ على أف لئلماـ أمتػذها وال متػبلؼ فيػ ومطالبػة أل بكػر هبػا؛ لكػومم ٍ يؤدوهػا إَ
أهلها ولو أدوها إَ أهلهػا ٍ يقػاتلهم عليهػا؛ ألف ذلػ ـبتلػه ى إجزا ػ فػبل ذبػوز اؼبقاتلػة مػن
أجل وإمبا يطال اإلماـ حبكم الوالية والنيابة عن مستحقيها ف ذا دفعها إلػيهم جػاز؛ ألمػم أهػل
رود خببلؼ اليتيم.
وأما وج فضيلة دفعها بنفس فؤلنػ إيصػاؿ اغبػق إَ مسػتحقي مػع تػوفك أجػر العبالػة وصػيانة
حقهػػم مػػن متطػػر اػبيانػػة ومباوػػرة تف ػري كربػػة مسػػتحقها وإغنا ػ هبػػا مػػع إعطا هػػا لػػؤلوَ مػػن
ؿباوي أقارب وذوي رضب وصلة رضب هبا فكاف أفضل كبا لو ٍ يكن آمتذها من أهل العدؿ.
قاؿ ابن قدامة :ف ف قيل :فالكبلـ ى اإلماـ العادؿ؛ إذ اػبيانة مأمونة ى حق .
قلنا :اإلماـ ال يتوَ ذل بنفس بػل يفوشػ إَ سػعات وال تػؤمن مػنهم اػبيانػة ه ردبػا ال يصػل
إَ اؼبسػػتحق -الػػذي قػػد علبػ اؼبالػ مػػن أهلػ وجكانػ -وػ ء منهػػا .وهػػم أحػػق النػػاس بصػػلت
وصدقت ومواسات (انظر :اؼبغ -644-644/2 :طبع اؼبنار (ال ال ة).
رأي الزيدية:
وعند الزيدية :أف والية الزكاة إَ اإلماـ ظاهرة وباطنة وال واليػة لػرب اؼبػاؿ فيهػا مػع وجػود اإلمػاـ
العادؿ .وفسروا الظاهرة بزكاة اؼبواو وال بار وم لها الفطرة واػبراج واػببس وكبوها .والباطنة زكاة
النقدين وما ى حكبها كالسبا وأمواؿ الت ارة .وهذا بيرط مطالبت هبا.
واستدلوا بآيةُ ( :مت ْذ ِم ْن ْأم َواؽبِِ ْم) (التوبة .)463 :وحبديث :تؤمتذ مػن أغنيػا هم وكبػوخ وببع ػ -
صلى اهلل علي وسلم -للسعاة .وبفعل اػبلفاء .وهذا خببلؼ الكفارات والنذور واؼبظاٍ فػبل واليػة
لئلماـ عليها وإمبا ه من وأف األفراد إال أف يتقاعدوا عن إمتراجها فيلزمهم اإلماـ بذل .
والفرؽ :أف الزكاة وكبوها وجبز ب هباب اهلل تعاَ .خببلؼ الكفارات وكبوهػا ف مػا وجبػز بسػب
من اؼبكله.
وإذا ثبز أف أمر الزكاة إَ اإلماـ فبن أمترج زكات إَ غك اإلماـ بعد أف وقع الطل من اإلمػاـ
ٍ هبزخ الب أمترجها ولزم إعادت ولو كاف حاؿ اإلمتراج جاهبلً بأف أمرهػا إَ اإلمػاـ أو دبطالبتػ
عذرا ى اإلمتبلؿ ب .
هبا؛ ألف جهل بالواج ال يكوف ً
واع ض بعضهم بأف الذي ال يُعذر جبهلػ هػو الواجػ اةبػع عليػ أمػا اؼبصتلػه فيػ فاعبهػل فيػ
كاالجتهاد ل وج .وى كوف والية الزكاة إَ اإلمػاـ ى األمػواؿ كلهػا متػبلؼ ومقتضػى هػذا أف
ذبز مع اعبهل باغبكم.
ورد على هذا بأف اػبػبلؼ اؼبػذكور إمبػا هػو عػدـ الطلػ مػن اإلمػاـ فأمػا مػع مطالبتػ فأمرهػا إليػ
باإلصباع وتسليبها إلي الزـ (ورح األزهار وحواوي .)529-527/4 :
ػودا لكػػن رب اؼبػػاؿ ى غػػك جهػػة واليتػ فرقهػػا اؼبالػ
فػ ف ٍ يكػػن ى الزمػػاف إمػػاـ أو كػػاف موجػ ً
اؼبرود ى مستحقها (واؼبرود هو البالغ العاقل) وغك اؼبرود كالص واةنوف ومن ى حكبهبا -
كاؼبغب علي واؼبفقود -ىبرجها ولي بالنية (ورح األزهار.)535-534/4 :
رأي اإلباشية:
ظاهرا -إَ اإلماـ وال يقسم غ زكات بنفس وإف وعند اإلباشية :أمر الزكاة -إذا كاف اإلماـ ً
فعل أعادها وذبز إف أمرخ اإلماـ بتفريقها كذل نا اإلماـ وعامل .
وعندهم قوؿ ب جزا ها إذا أعطاها بغك أمػر اإلمػاـ وأجػاز فعلػ وقػوؿ آمتػر بأمػا ذبز ػ مطل ًقػا إال
إف طالب هبا ف ن يعيدها ل ولو طالب بعد علب بأن قد أعطاها.
واستدؿ ؽبذا القوؿ األمتك بأف ابن مسعود -رش اهلل عن -طل الزكػاة مػن زوجتػ فلػوال جػواز
إعطا ها إذا أعطيز بغك إذف اإلماـ ٍ يطلبها.
وأما قوؽبا :ال حك أسأؿ رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -ف مبا امتنعز ـبافػة أال هبػوز للبػرأة
أف تعط زوجها وبنيها زكاهتا.
واسػػتدؿ مػػن أوج ػ إعطاءهػػا لئلمػػاـ بقػػوؿ أل بكػػر -رش ػ اهلل عن ػ ( : -واهلل لػػو منعػػوْ عقػػاالً
كػػانوا يؤدون ػ إَ رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -لقػػاتلتهم علي ػ ) .فأبػػاح قتػػاؽبم بػػل اعتقػػدخ
فريضػػة واجبػػة علػػى مػػنعهم الزكػػاة من ػ فيػػبل مػػا لػػو منعوهػػا لكػػومم قػػد أعطوهػػا ى أهلهػػا أو
لكػومم أرادوا أف يعطوهػا ألهلهػا بأنفسػهم أو لكػومم ال يعطومػا مطل ًقػا إنك ًػارا ؽبػا وهػو الواقػع
ى نفػػس األم ػػر إذ ق ػػالوا :ال قبعػػل ى أموالن ػػا وػػركاء وارتػػدوا والع ػ ة بعب ػػوـ اللفػػي ال خبص ػػوص
عبوما (ورح النيل.)438-437/2 : سبب ولفظ هنا علق في القتاؿ على اؼبنع ً
تعرض ؽبذخ اؼبسألة ويومتنا األجبلء :عبد الوهاب متبلؼ وعبد الرضبن حسػن وؿببػد أبػو زهػرة
-رضبه ػػم اهلل -وذلػ ػ ى ؿباشػ ػرهتم ع ػػن الزك ػػاة بدمي ػػق س ػػنة 4982ال ػػب نظبته ػػا اعبامع ػػة
العربية .قالوا:
قد تعني اآلف أف يتوَ وُ األمر صبع الزكاة من كل األمواؿ الظاهرة والباطنة لسببني:
أوؽببػػا :أف النػػاس ترك ػوا أداء الزكػػاة ى كػػل األم ػواؿ ظاهرهػػا وباطنهػػا؛ فلػػم يقوم ػوا حبػػق الوكالػػة الػػب
أعطاها ؽبم اإلماـ ع بػاف بػن عفػاف ومػن جػاء بعػدخ مػن األمػراء والػوالة وقػد قػرر الفقهػاء أف وُ
األمر إف علم أف أهل جهة ال يػؤدوف الزكػاة أمتػذها مػنهم قه ًػرا ال فػرؽ ى ذلػ بػني مػاؿ بػاطن
وماؿ ظاهر وعلى ذل فقد زالز الوكالة ووج األمتذ باألصل والسك على ما قررخ الفقهاء.
ثانيهبػػا :أف األم ػواؿ صػػارت كلهػػا ظػػاهرة تقريبًػػا؛ فػػاؼبنقوالت الت اريػػة ربصػػى كػػل عػػاـ إيراداهتػػا
ولكل تاجر صغك أو كبك س ل ذباري ربصى فيػ أموالػ وتعػرؼ فيػ اػبسػارة واألربػاح فػالطرؽ
أيضػا لتفػرض علػى رأس اؼبػاؿ وعليهػا الب تعرؼ هبا األرباح لتفرض عليها شرا اغبكومة تعػرؼ ً
فريضػػة الزكػػاة الػػب هػ حػػق اهلل وحػػق السػػا ل واحملػػروـ .أمػػا النقػػود فأك رهػػا مػػودع باؼبصػػارؼ ومػػا
يي ػػبهها .وعلبهػػا هب ػػذخ الطريقػػة س ػػهل ميس ػػور وال ػػذين يودع ػػوف نق ػػودهم بط ػػوف األرض ليس ػوا ى
اغبقيقة من أهل اليسار الفاحو وعددهم يقل اآلف ويئًا فييئًا .فليُ ؾ أمر هؤالء إَ دينهم.
"ولقػػد قػػرر الفقهػػاء ى حػػاؿ اػبضػػوع لقػرار اإلمػػاـ ع بػػاف -رشػ اهلل عنػ : -أنػ ى حػػاؿ ظهػػور
األمػواؿ الباطنػػة يؤمتػػذ منهػػا الزكػػاة بعبػػاؿ اإلمػػاـ ولػػذل كػػاف عبػػل العاوػرين قا ًبػػا مػػع األمتػػذ
بقرار ع باف؛ ألمم كانوا يأمتذوف الزكػاة عنػد انتقػاؿ النقػود وعػروض الت ػارة مػن بلػد إَ بلػد إذ
بذل كانز تعت ظاهرة ال باطنة فكانوا يأمتذوما عند االنتقاؿ إال إذا أقاـ اؼببوؿ الدليل على
أن أعطاها للفقراء أو أعطاها لعاور آمتر ى هذا العػاـ" (حلقػة الدراسػات االجتباعيػة لل امعػة
العربية -الدورة ال ال ة -حبث "الزكاة").
وهذا الكبلـ من الوشوح وقوة الدليل حبيث ال وبتاج إَ تعليق.
ومن هنا هب على كل حكومة إسبلمية أف تنيئ "مؤسسة" أو "إدارة" متاصة تتوَ وئوف الزكاة
ربصػػيبلً وتوز ًيعػػا فتأمتػػذها مػػن حيػػث أمػػر اهلل وتصػػرفها حيػػث أمػػر اهلل كبػػا وشػػحنا ذل ػ ى
مصرؼ "العاملني عليها" ى باب "مصارؼ الزكاة".
ولك أرى أف تُ ؾ نسبة معينة من الزكاة الواجبة كػالربع أو ال لػث لضػبا ر أربػاب اؼبػاؿ يوزعومػا
قياسا علػى أمػر الرسػوؿ -صػلى اهلل عليػ دبعرفتهم وامتتيارهم على اؼبستورين من أقارهبم وجكامم ً
وسػػلم -للصارصػػني أف يػػدعوا ال لػػث أو الربػػع ألربػػاب اؼبػػاؿ ليصػػرفوا زكات ػ بأنفسػػهم علػػى أحػػد
التفسكين .وبذل نكوف قد أمتذنا خبك ما ى الطريقتني وصبعنا بني اغبسنيني وراعينا االعتبػارات
الب ذكرها اغبنابلة ى استحباب تفرقة اؼبال لزكات بنفس .
ػتورا
أساس ػػا غبكبه ػػا ودس ػ ً وه ػػذا كل ػ ب ػػالنظر إَ اغبكوم ػػة اإلس ػػبلمية وه ػ ال ػػب تلت ػػزـ اإلس ػػبلـ ً
ومنهاجا عببيع وئوما ال قافية واالجتباعية واالقتصػادية والسياسػية وإف متالفػز حكػم ً لدولتها
اليرع ى بعض األحكاـ اعبز ية كبا سنبني ذل قريبًا.
ػتورا للحكػػم وربكػػم بغػػك مػػا أنػػزؿ اهلل فبػػا أساسػػا للدولػػة ودسػ ً أمػػا اغبكومػػة الػػب تػػرفض اإلسػػبلـ ً
تسػػتوردخ مػػن مػػذاه الغػػرب أو اليػػرؽ .فهػػذخ ال هبػػوز ؽبػػا أف تأمتػػذ الزكػػاة وإال اسػػتحقز وعيػػد
ض فَ َبػػا َجػَػزاءُ َمػػن يَػ ْف َعػ ُػل َذلػ َ ِمػػن ُك ْم ض ِ
الكتَػ ِ
ػاب َوتَ ْك ُفػ ُػرو َف بِػبَػ ْع ٍ اهلل تعػاَ إذ قػػاؿ( :أفَػتُػ ْؤِمنُػػو َف بِػبَػ ْع ِ
ومػػا اللػ ُ بِغَافِػ ٍػل َعبػػا تَػ ْع َبلُػػو َف) ِ
العػ َذاب َ أوػ رد َ
ِ
ي ِى اغبَيَػػاةِ الػ ُّػدنْػيَا َويَػ ْػوَـ القيَ َامػ ِػة يُػ َػرُّدو َف َإَ َ
إال متػ ْػز ٌ
(البقرة.)85 :
أقواؿ اؼبذاه فيبن كتم الزكاة أو امتنع منها أو ادعى أداءها
وفبا يؤكد مسئولية الدولة عن الزكاة :ما قررخ فقهاء اؼبذاه اإلسبلمية كافة من عقوبة اؼببتنع عػن
طوعػػا وامتتيػ ًػارا .ومػػا فصػػل بعضػػهم مػػن القػػوؿ فيبػػا إذا
الزكػػاة وأمتػػذها منػ بػػالقهر إف ٍ يػػدفعها ً
ادعى عدـ مل النصاب أو سق الزكاة عن أو كبو ذل .
عند اغبنفية:
حوؿ أو قاؿ: مر ب علي -فقاؿ ٍ :يتم ل ْ فعند اغبنفية :من طل من العاور زكاة مال -إذا ّ
ػز إَ عاوػػر آمتػػر وكػػاف هنػػاؾ عاوػػر آمتػػر علػػى َديْػػن ؿبػػي أو مػػنقل للنصػػاب أو قػػاؿ :أديػ ُ
ؿبقق طل منػ اليبػني فػ ذا حلػه صػ ّدؽ .وى روايػة :اوػ اط أف ىبػرج بػراءة متطيػة بالػدفع إَ
عاوػر آمتػػر وردوا هػػذخ الروايػػة بػأف اػبػ ييػػب اػبػ (ثبػز ى عصػرنا أف اػبطػػوط -وإف كانػػز
تتيػػاب ى الظػػاهر -تتبػػايز ى الواقػػع فكػػل كاتػ لػ متطػ الػػذي يبيػػزخ ولػػذل دال ػػل وأمػػارات
يعرفها أهل االمتتصاص من مت اء اػبطوط .واألحكاـ اليرعية مبنية على غلبة الظن وقد أصػب
أمتتاما معتبدة.
أمرا ال بد من .كبا أف السلطات سبن موظفيها ً اعتباد الكتابة واػب ى عصرنا ً
وللبػػزورين عقوبػػات صػػارمة) .وقػػد يػُػزور .وقػػد ال يأمتػػذ الػ اءة غفلػػة منػ وقػػد تضػػيع بعػػد األمتػػذ
حكبا فيعت قول مع يبين . فبل يبكن أف ذبعل ً
وإذا حله وظهر كذب -ولو بعد سنني -أمتذت من الزكاة؛ ألف حق األمتػذ ثابػز فػبل يبطػل
باليبني الكاذبة.
ولػػو قػػاؿ للعاوػػر إذا طلػ منػ الزكػػاة :قػػد أديتهػػا بنفسػ إَ الفقػراء ى البلػػد وحلػػه علػػى ذلػ
صػػدؽ .إال ى زكػػاة األنعػػاـ؛ ألف حػػق األمتػػذ فيهػػا للسػػلطاف فػػبل يبلػ إبطالػ .وكػػذل األم ػواؿ
الباطنة إذا أمترجها من البلد؛ ألما ب متراجها التحقز باألمواؿ الظاهرة فكاف األمتذ فيها لئلماـ
أو َمن ينوب عن (الدر اؼبصتار وحاوية ابن عابدين علي -43-42/2 :طبع اؼبيبنية).
وم ػػل ذلػ اػبػػارج مػػن األرض مػػن زرع وشبػػر فهػػو مػػن األمػواؿ الظػػاهرة (يبلحػػي أف أك ػػر اغبنفيػػة
ينظػػروف إَ العُسػػر كأن ػ و ػ ء غػػك الزكػػاة ألن ػ لػػيس بعبػػادة ؿبضػػة وفي ػ مع ػ مؤنػػة األرض أي
أجرهتػػا وال ييػ ط فيػ حػػوالف اغبػػوؿ اتفاقًػػا وال النصػػاب عنػػد أل حنيفػػة وؽبػػذا يؤمتػػذ مػػن ال كػػة
ولػػو ٍ يوصػ بػ وهبػ مػػع الػػدين وى أرض الصػػغك واةنػػوف والوقػػه وؽبػػذا قػػالوا :إف تسػػبيت
زكاة ؾباز .وبعضهم قاؿ :هو زكػاة علػى قػوؿ الصػاحبني فقػ ورد ذلػ احملقػق ابػن اؽببػاـ وقػاؿ:
ال و أنػ زكػاة كبػا ذكرنػا ذلػ ى زكػاة ال ػروة الزراعيػة ص 367والصػحي مػا أدنػاخ غػك مػرة:
أف الزكاة :كلها ليسز عبادة ؿبضة ولذا ذبرى فيها النيابػة وتؤمتػذ قه ًػرا .وذبػ -علػى اؼبصتػار
-ى ماؿ الص واةنوف … إٌ) .ولذا كاف لئلمػاـ أمتػذ العُيػر منػ جػ ًا .ويسػق الفػرض عػن
صػػاح األرض كبػػا لػػو أدى بنفس ػ إال أمػػم قػػالوا :إذا أدى بنفس ػ ي ػػاب ث ػواب العبػػادة وإذا
أمتذخ اإلماـ يكوف ل ثواب ذهاب مال ى وج اهلل تعاَ (اؼبصدر السابق ص.)54
عند اؼبالكية:
كرهػػا إذا كػػاف لػ مػػاؿ ظػػاهر وعػرزر .فػ ف ٍ يكػػن لػ مػػاؿ
مػػن امتنػػع عػػن أداء الزكػػاة أمتػػذت منػ ً
ظاهر .وكاف معروفًا باؼبػاؿ ف نػ ُوبػبس حػك يظهػر مالػ فػ ف ظهػر بعضػ واهتػم ى إمتفػاء غػكخ.
فقاؿ مال :يصدؽ وال وبله :أن ما أمتفى وإف اهتم .وأمتطأ َمن وبله الناس.
وإف ٍ يبكن أمتذها من إال بقتاؿ قاتل اإلماـ وال يقصد قتلػ فػ ف اتفػق أنػ قتػل أح ًػدا قُتػل بػ
هدرا (اليرح الكبك حباوية الدسوق .)563/4 : وإف قتل أحد كاف ً
عند اليافعية:
وعند اليافعية قاؿ صاح "اؼبهذب"" :من وجبز علي الزكاة وامتنع من أدا ها نظرت:
جاحدا لوجوهبا فقد كفر وقتػل بكفػرخ كبػا يُقتػل اؼبرتػد؛ ألف وجػوب الزكػاة معلػوـ مػن ً "ف ف كاف
دين اهلل -تعاَ -شرورة فبن جحد وجوهبا فقد كذب الل وكذب رسول فحكم بكفرخ.
أمتذت من وعُرزر."وإف منعها خببلً هبا ِ
"وقاؿ اليافع ى القدٓ :تؤمتذ الزكاة ووطر مال ؼبا روى هبز بن حكيم عن أبي عن جدخ عػن
رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -قاؿ( :ومن منعها ف نا آمتذوها ووطر مال عزمة مػن عزمػات
ربنا ليس آلؿ ؿببد فيها وػ ء) (اغبػديث رواخ أضبػد وأبػو داود والنسػا وقػد تقػدـ الكػبلـ عليػ
أيضػػا ى اؼبسػػتدرؾ 398/4 :وصػػح إسػػنادخ ى البػػاب األوؿ ص .95 94وقػػد رواخ اغبػػاكم ً
ووافق الذه وقػاؿ وبػىي بػن معػني :إسػنادخ صػحي إذا كػاف مػن دوف هبػز ثقػة وسػئل أضبػد عػن
هذا اغبديث فقاؿ :ما أدري وجه وسئل عن إسنادخ فقاؿ :صاً اإلسناد وقاؿ أبو حػام :هبػز
ال ُوبت ب وقاؿ ابن حباف :لوال هذا اغبديث ألدمتلت ى ال قػات وقػاؿ ابػن حػزـ :غػك ميػهور
بالعدالة وقاؿ ابن الطبلع :ؾبهػوؿ؛ وتعقبػا بأنػ قػد وثقػ صباعػة مػن األ بػة وقػاؿ ابػن عػديٍ :
منكرا وقاؿ الذه :ما ترك عاٍ ق وإمبػا توقفػوا ى االحت ػاج بػ .وقػد تُكلػ ِم فيػ أر ل حديًا ً
أنػ كػاف يلعػ باليػطرن .قػاؿ ابػػن القطػاف :ولػيس ذلػ بضػا ر لػ .فػ ف اسػتباحت مسػألة فقهيػػة
ميػػتهرة وقػػاؿ البصػػاري :ىبتلفػػوف في ػ وقػػاؿ ابػػن ك ػػك :األك ػػر ال وبت ػػوف ب ػ وقػػاؿ اغبػػاكم:
حدي ػ ػ ص ػػحي وق ػػد حس ػػن لػ ػ ال م ػػذي ع ػػدة أحادي ػػث ووثقػ ػ واح ػػت بػ ػ أضب ػػد وإس ػػحاؽ
والبصاري متارج الصحي وعلق ل وروى عن أل داود أن ح ة عندخ.
انظ ػ ػػر ني ػ ػػل األوط ػ ػػار -422/4 :طب ػ ػػع الع باني ػ ػػة وهت ػ ػػذي الته ػ ػػذي 499-498/4 :ترصب ػ ػػة
( .)924وميزاف االعتداؿ 354-353/4 :ترصبة ( .)4324والصحي هو األوؿ.
"وإف امتنػػع (أي َمػػن خبػػل بالزكػػاة) دبنعػػة قػػاتلهم اإلمػػاـ؛ ألف أبػػا بكػػر الصػػديق -رشػ اهلل عنػ -
قاتل مانع الزكاة" أ هػ( .انظر :اؼبهذب وورح "اةبوع" .)332-334/5:
قهرا:
اإلصباع على تأدي اؼببتنع وأمتذها من ً
واغبكػػم األوؿ -وهػػو اغبكػػم بكفػػر مػػن منػػع الزكػػاة جاحػ ًػدا لوجوهبػػا وقتلػ مرتػ ًػدا -ؾببػػع علي ػ
بيػػرط أال يكػػوف فبػػن يعػػذر م ل ػ كػػأف يكػػوف حػػديث عهػػد باإلسػػبلـ أو نيػػأ بعيػ ًػدا عػػن أمصػػار
اؼبسػػلبني .كبػػا ذكرنػػا ى البػػاب األوؿ .وكػػذل اغبكػػم ال ػػاْ وهػػو أمتػػذ الزكػػاة قهػ ًػرا فبػػن وجبػػز
علي ػ وامتنػػع مػػن أدا هػػا خب ػبلً هبػػا .وكػػذل تعزيػػرخ وتأديب ػ بػػاغببس وكبػػوخ (انظػػر :البحػػر الزمت ػػار:
.)496/2
عند اغبنابلة:
وعند اغبنابلة م ل ما عند اليافعية .قاؿ ابػن قدامػة بعػد أف بػني ردة مػانع الزكػاة جح ًػدا وتكػذيبًا:
وإف منعهػا معتقػ ًػدا وجوهبػا وقػػدر اإلمػاـ علػػى أمتػذها منػ أمتػذها وعػػزرخ .وٍ يأمتػذ زيػادة عليهػػا ى
غل مال وكتب حك ال يأمتذ اإلماـ زكات فظهر علي . قوؿ أك ر أهل العلم وكذل إف ّ
وقاؿ إسحاؽ بن راهوية وأبو بكر عبد العزيز :يأمتذها ووطر مال .ؼبا روي هبز بن حكيم.
متارجػػا عػػن قبضػػة اإلمػػاـ قاتلػ .ألف الصػػحابة -رشػ اهلل عػػنهم -قػػاتلوا مانعيهػػا .ف ػ ففػ ف كػػاف ً
أيضػا وٍ تُسػ ذريتػ ألف اعبنايػة مػن غػكهم .وألف اؼبػانع ال ظفر ب ودبال أمتذها مػن غػك زيػادة ً
يس فذريت أوَ .وإال قُتِل وٍ ُوبكم بكفرخ.
وعن أضبد ما يدؿ على أن يكفر بقتالػ عليهػا .فػروى اؼبيبػوْ عنػ :إذا منعػوا الزكػاة -كبػا منعػوا
أبػػا بكػػر -وقػػاتلوا عليهػػا ٍ .يورث ػوا .وٍ يصػػل علػػيهم .قػػاؿ عبػػد اهلل بػػن مسػػعود :مػػا تػػارؾ الزكػػاة
دبسلم.
ووجػ ذلػ ؛ مػػا روى :أف أبػػا بكػػر -رشػ اهلل عنػ -ؼبػػا قػػاتلهم وعضػػتهم اغبػػرب قػػالوا :نؤديهػػا.
قاؿ :ال أقبلها حك تيػهدوا أف قتبلنػا ى اعبنػة وقػتبلكم ى النػار) وٍ يُنقػل إنكػار ذلػ عػن أحػد
من الصحابة فدؿ على كفرهم.
ووج األوؿ :أف عبر وغكخ من الصحابة امتنعوا من القتاؿ ى بدء األمر ولو اعتقدوا كفرهم ؼبا
توقفوا عن .ه اتفقوا على القتاؿ وبق الكفر على أصل النف وألف الزكاة فرع من فروع الدين
فلػم يكفػػر تاركػ دب ػرد تركػ كػػاغب .وإذا ٍ يكفػػر ب كػ ٍ يكفػػر بالقتػػاؿ عليػ كأهػػل البغػ .وأمػػا
الذين قاؿ ؽبم أبو بكر هذا القوؿ فيُحتبػل أمػم جحػدوا وجوهبػا وألف هػذخ قضػية ى عػني (أي
ى حالة معينة) فبل يُتحقق من الػذين قػاؿ ؽبػم أبػو بكػر هػذا القػوؿ؟ فيحتبػل أمػم كػانوا مرتػدين
ووبتبل أمم جحدوا وجوب الزكاة ووبتبل غك ذل فبل هبوز اغبكم ب ى ؿبػل النػزاع ووبتبػل
ػاهرا .كبػػا
أف أبػػا بكػػر قػػاؿ ذلػ ألمػػم ارتكبػوا كبػػا ر ومػػاتوا مػػن غػػك توبػػة فحكػػم ؽبػػم بالنػػار ظػ ً
ػاهرا واألمػر إَ اهلل تعػاَ ى اعببيػع وٍ وبكػم علػيهم بالتصليػد حكم لقتلى اةاهدين باعبنػة ظ ً
قومػػا
وال يلػزـ مػن اغبكػم بالنػار اغبكػم بالتصليػد بعػد أف أمتػ النػ -صػلى اهلل عليػ وسػلم -أف ً
من أمت يدمتلوف النار ه ىبرجهم اهلل تعاَ منها ويدمتلهم اعبنػة" اه ػ (انظػر :اؼبغػ -573/2 :
.)575
عند الزيدية:
وى األزهػػار ووػػرح للزيديػػة :إذا ادعػػى رب اؼبػػاؿ أف الزكػػاة سػػاقطة عن ػ وأن ػ ال يبل ػ النصػػاب
فالقوؿ قول ولكن هبػ علػى اإلمػاـ أو مػن يلػ مػن جهتػ أف وبلفػ عنػد التهبػة -أي باليػ
ى صػػدق -وهػػذا إذا ٍ تكػػن عدالت ػ ظػػاهرة فأمػػا إذا كػػاف ظػػاهر العدالػػة ف ن ػ ال ُوبلػػه (وػػرح
األزهار وحواوي 536/4 :وانظر :البحر.)494-496/2 :
أم ػػا إذا أق ػػر رب اؼب ػػاؿ بوج ػػوب الزك ػػاة لك ػػن ادعػ ػى أنػ ػ ق ػػد فرقه ػػا -قب ػػل مطالب ػػة اإلم ػػاـ -ى
مستحقها وٍ يتحقق اؼبصدؽ ذل فعلى مدع التفريق أف يقيم البينة علػى ذلػ ؛ ألف األصػل
صبيعا .وإال
عدـ اإلمتراج -وعلى أف التفريق وقع قبل طل اإلماـ .ف ف أقاـ البينة على الوجوب ً
أمتذها من اؼبصدؽ وليس ل أف يقبل قول ولو كاف ظاهر العدالة (اؼبرجع السابق).
وفبا يتبم ما سبق ما ذكرخ العلباء ى حكم دفػع الزكػاة إَ السػلطاف اعبػا ر وامتػتبلفهم فيػ علػى
ثبلثة أقواؿ:
-4اعبواز مطل ًقا -2 .اؼبنع مطل ًقا -3 .التفصيل.
رأى اةوزين:
أما اةوزوف فاحت وا ؼبذهبهم ى جواز الدفع إَ الظلبة جببلػة أحاديػث صػروبة منهػا مػا ذكػرخ ى
"اؼبنتق " (انظر :نيل األوطار.)465-464/4 :
ػز منهػػا إَ
ػز الزكػػاة إَ رسػول فقػػد بر ػ ُ
( أ ) عػػن أنػػس" :أف رجػبلً قػػاؿ :يػػا رسػػوؿ اهلل إذا أديػ ُ
ز منها إَ اهلل ورسول فل أجرها وإشبها اهلل ورسول ؟ قاؿ( :نعم إذا أديتها إَ رسوُ فقد بر َ
على من بدؽبا) (رواخ أضبد كبا ى نيل األوطار -455/4 :طبع الع بانية).
( ب ) وعن ابن مسػعود أف رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم -قػاؿ( :إمػا سػتكوف بعػدي أثػرة
وأمور تنكروما) قالوا :يا رسوؿ اهلل فبا تأمرنػا؟ .قػاؿ( :تػؤدوف اغبػق الػذي علػيكم وتسػألوف اهلل
الذي لكم) (متفق علي -اؼبرجع السابق).
ػز رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم -ورجػل يسػأل فقػاؿ: (جػ) وعن وا ػل بػن ح ػر قػاؿ :ظبع ُ
أرأيز إف كاف علينا أمراء يبنعوننا حقنا ويسػألوننا حقهػم؟ فقػاؿ( :اظبعػوا وأطيعػوا؛ ف مبػا علػيهم مػا
ضبلوا وعليكم ما ضبلتم) (رواخ مسلم وال مذي وصحح -اؼبرجع نفس ).
وؽبػػذخ األحاديػػث مغػػزى ذو أنبيػػة وهػػو أف الدولػػة اإلسػػبلمية ى حاجػػة دا بػػة إَ مػػاؿ تقػػيم ب ػ
التكافػػل االجتبػػاع وربقػػق ب ػ كػػل مصػػلحة عامػػة تعلػػو هبػػا كلبػػة اإلسػػبلـ ف ػ ذا كػػه األف ػراد
أيػديهم عػن مػػد الدولػة باؼبػاؿ الػػبلزـ عبػور بعػض اغبػػاكبني امتتػل ميػزاف الدولػػة واشػطرب حبػػل
األمة وطبع فيها أعداؤها اؼب بصوف فكػاف ال بػد مػن طاعتهػا بػأداء مػا تطلػ مػن الزكػاة .وهػذا
ال يناى مقاومة الظلم بكل سبيل ورعها اإلسبلـ.
فعلى األفراد اؼبسلبني أف يقدموا مػا يُطلػ مػنهم مػن اغبقػوؽ اؼباليػة وعلػيهم مػع ذلػ اؼبناصػحة
قيامػا بواجػ النصػيحة ى الػدين والتواصػ بػاغبق والصػ واألمػر بػاؼبعروؼ والنهػ لوالة األمػر ً
عن اؼبنكر.
احا عندهم في من كفرا بو ً
ويبقى هنا حق اعبباعة اؼبسلبة بل واجبها ى متلع يد الطاعة إذا رأوا ً
اهلل برهاف.
كبا يبقى حق الفرد اؼبسلم بل واجب ى التبرد على كل أمػر مباوػر يصػدر إليػ دبعصػية صػروبة
كبا جػاء ى اغبػديث الصػحي ( :السػبع والطاعػة حػق علػى اؼبػرء اؼبسػلم فيبػا أحػ وكػرخ مػا ٍ
يػػؤمر دبعصػػية فػ ذا أمػػر دبعصػػية فػػبل ظبػػع وال طاعػػة) (رواخ اعبباعػػة عػػن ابػػن عبػػر كبػػا ى اعبػػامع
الصغك).
والذي ال ري في أف هؤالء األمراء الذين أفك الصحابة بػدفع الزكػاة إلػيهم إمبػا هػم قػوـ مسػلبوف
حكبا بل جاهدوا ى سػبيل وفتحػوا الفتػوح باظبػ وربػز رايتػ . آمنوا باإلسبلـ والتزموخ وارتضوخ ً
اتباعا للهوى.
وإف حادوا ى بعض أحكامهم عن إي ًارا للدنيا أو ً
فهػػؤالء تُػػدفع إلػػيهم الزكػػاة وسػػا ر اغبقػػوؽ اؼباليػػة كبػػا صػػرحز بػػذل األحاديػػث الصػػحيحة الػػب
استدؿ هبا اعببهور.
وهؤالء غك ك ك من حكاـ عصرنا الذين قطعوا صلتهم باإلسبلـ وازبذوخ وراءهم ظهريًا وازبػذوا
ورا بل إف منهم َمن أصب حربًا على اإلسبلـ وأهل ودعاتػ فهػؤالء ال هبػوز أف هذا القرآف مه ً
يػُ َعانوا دباؿ الزكاة على نير كفرهم وإغبادهم وإفسػادهم ى األرض فػالتزاـ اغبػاكم لئلسػبلـ وػرط
ى جواز دفع الزكاة إلي .
ولقػػد اتفػػق صبهػػور الفقهػػاء علػػى أف ابػػن السػػبيل اؼبسػػافر ى معصػػية ال يُعطػ مػػن مػػاؿ الزكػػاة حػػك
يتوب وكذل الغارـ ى معصية إذ ال هبوز أف يعانا من ماؿ اهلل على معصية اهلل.
فكيػػه حبػػاكم يأمتػػذ مػػاؿ اهلل ليصػػد عػػن سػػبيل اهلل ويعطػػل وػريعة اهلل ويػػؤذي كػػل َمػػن دعػػا إَ
حكم الل ؟
ويع ب هنا ما قال اؼبصل العبلمػة السػيد روػيد رشػا -رضبػ اهلل -ى تفسػك اؼبنػار قػاؿ :وإمػاـ
اؼبسلبني ى دار اإلسبلـ هو الذي تؤدي ل صدقات الزكاة وهػو صػاح اغبػق جببعهػا وصػرفها
ؼبستحقيها وهب علي أف يقاتل الذين يبتنعوف عن أدا ها إلي .
"ولكن أك ر اؼبسلبني ٍ يبق ؽبػم ى هػذا العصػر حكومػات إسػبلمية تقػيم اإلسػبلـ بالػدعوة إليػ
وال ػػدفاع عن ػ واعبه ػػاد ال ػػذي يوجب ػ وجوبًػػا عينيًػػا أو كفا يًػػا وتق ػػيم ح ػػدودخ وتأمت ػػذ الص ػػدقات
اؼبفروشػػة كبػػا فرشػػها وتضػػعها ى مصػػارفها الػػب حػػددها بػػل سػػق أك ػػرهم ربػػز سػػلطة دوؿ
اإلفرن وبعضهم ربز سلطة حكومػات مرتػدة عنػ أو ملحػدة فيػ (أصػب هػذا النػوع هػو األعػم
األغل على اغبكومػات ى ك ػك مػن بػبلد اؼبسػلبني اليػوـ فقػد ربػررت مػن سػلطاف دوؿ اإلفػرن
لتقػػع ى سػػلطة العلبػػانيني والبلدينيػػني) .ولػػبعض اػباشػػعني لػػدوؿ اإلف ػرن رؤسػػاء مػػن اؼبسػػلبني
اعبغ ػرافيني ازبػػذهم اإلف ػرن آالت إلمتضػػاع اليػػعوب ؽبػػم باسػػم اإلسػػبلـ حػػك فيبػػا يهػػدموف ب ػ
اإلسبلـ ويتصرفوف بنفوذهم وأمرهم ى مصاً اؼبسلبني وأمواؽبم اػباصة هبم فيبػا لػ صػفة دينيػة
مػػن صػػدقات الزكػػاة واألوقػػاؼ وغكهػػا .فأم ػػاؿ هػػذخ اغبكومػػات ال هبػػوز دفػػع وػ ء مػػن الزكػػاة ؽبػػا
مهبا يكن لق ر يسها ودين الرظب .
"وأم ػػا بقاي ػػا اغبكوم ػػات اإلس ػػبلمية ال ػػب ي ػػدين أ بته ػػا ورؤس ػػاؤها باإلس ػػبلـ وال س ػػلطاف عل ػػيهم
لؤلجان ػ ى بيػػز مػػاؿ اؼبسػػلبني فه ػ الػػب هب ػ أداء الزكػػاة الظػػاهرة أل بتهػػا .وكػػذا الباطنػػة -
كالنقػدين -إذا طلبوهػا وإف كػانوا جػا رين ى بعػض أحكػامهم كبػا قػاؿ الفقهػاء وتػ أ ذمػة مػن
أداها إليهم وإف ٍ يضعوها ى مصارفها اؼبنصوصة -ى اآلية اغبكيبة -بالعدؿ.
"والذي نل علي احملققوف -كبا ى ورح اؼبهذب وغكخ -أف اإلماـ أو السلطاف إذا كاف جػا ًرا
ال يضع الصدقات ى مصارفها اليػرعية فاألفضػل ؼبػن وجبػز عليػ أف يؤديهػا ؼبسػتحقيها بنفسػ
إذا ٍ يطلبها اإلماـ أو العامل من قِبَلِ " (تفسك اؼبنار -595،596/46 :الطبعة ال انية)
الفصل األوؿ
عبلقة الدولة بالزكاة
فهرس
عند اغبنفية
عند اؼبالكية
عند اليافعية
قهرا
اإلصباع على تأدي اؼببتنع وأمتذها من ً
عقوبة اؼببتنع دبصادرة نصه مال وما في من متبلؼ
مناقية وترجي
عند اغبنابلة
عند الزيدية
دفع الزكاة إَ السلطاف اعبا ر
رأى اةوزين
رأي اؼبانعني مطل ًقا وأدلتهم
رأي القا لني بالتفصيل
التزاـ اغباكم لئلسبلـ ورط
صبعا وتفري ًقا وظباهم وأبرز دليل على ذل :أف اهلل -تعاَ -ذكر هؤالء القا بني على أمر الزكاة ً
ػهبا ى أم ػواؿ الزكػػاة نفسػػها وٍ وبػػوجهم إَ أمتػػذ رواتػػبهم مػػن ( ِ
لني َعلَْيػ َهػػا) وجعػػل ؽبػػم سػ ً العػػام َ
َ
ات لِْل ُف َقػَػر ِاء
بػػاب آمتػػر تأمينًػػا ؼبعاوػػهم وشػػبانًا غبسػػن قيػػامهم بعبلهػػم قػػاؿ تعػػاَ( :إمبػَػا الصػ َػدقَ ُ
ني َوِى َسػبِ ِيل اهللِ َوابْػ ِن السػبِ ِيل ِ ني َعلَْيػهػػا والْب َؤل َفػ ِػة قُػلُػػوبػهم وِى الرقَػ ِِِ والَ ِ
ػاب َوالْغَػػا ِرم َ ُُ ْ َ بسػػاكني َوالْ َعػػامل َ َ َ ُ َ َ
يم) (التوبة.)66 : ِ ِ ِ
يم َحك ٌ يضةً رم َن الل والل ُ َعل ٌفَر َ
ولػػيس بعػػد هػػذا الػػنل الص ػري ى كتػػاب اهلل ؾبػػاؿ ل ػ متل م ػ متل أو تػػأوؿ متػػأوؿ أو زعػػم
يضػةً رمػ َػن اللػ ِ) ومػػن ذا الػػذي زاعػػم ومتاصػػة بعػػد أف جعلػػز اآليػػة هػػذخ األصػػناؼ وربديػػدها (فَ ِر َ
هبرؤ على تعطيل فريضة فرشها اهلل؟!
ص َػدقَةً تُطَ رهػ ُػرُه ْم ِِ ِ
وقػاؿ -تعػاَ -ى نفػس السػورة الػب ذكػر فيهػػا مصػارؼ الزكػاةُ ( :متػ ْذ م ْػن ْأم َػواؽب ْم َ
ِ
صبلَتَ َ َس َك ٌن ؽبُ ْم) (التوبة.)463 : ص رل َعلَْي ِه ْم إِف َ
َوتُػَزركي ِهم هبَا َو َ
وقد ذه صبهػور اؼبسػلبني مػن السػله واػبلػه إَ أف اؼبػراد بالصػدقة ى هػذخ اآليػة الزكػاة كبػا
بينا ذل ى الباب األوؿ.
وأظهر دليل علػى ذلػ :أف مػانع الزكػاة ى عهػد أل بكػر تعلقػوا هبػذخ اآليػة وأمػا تػدؿ علػى أف
الػػذي يأمتػػذ الزكػػاة هػػو النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -وأنػ يعطػػيهم بػػدؽبا الصػػبلة علػػيهم وٍ يػػرد
عليهم أحد من الصحابة بأف اآليػة ى غػك الزكػاة الواجبػة وكػذل كػاف موقػه أ بػة اإلسػبلـ مػن
ص َػدقَةً) للنػ ِِ ِ
بعدهم ى رد وبهتهم .وكل ما قالوخ :أف اػبطػاب ى قولػ تعػاَُ ( :متػ ْذ م ْػن ْأم َػواؽب ْم َ
-صلى اهلل علي وسلم -ولكل من يل أمر اؼبسلبني من بعدخ حسببا فصلناخ من قبل.
األحاديث النبوية:
وهذا الذي جاءت ب السنة القولية أكدت السنة العبلية والواقع التارىب الذي جرى علي العبل
ى عهد الرسوؿ -صلى اهلل علي وسلم . -واػبلفاء الراودين من بعدخ.
قاؿ اغبافي ابن ح ر ى "التلصيل" عند زبري ما ذكرخ اإلماـ الرافع أف رسوؿ اهلل -صػلى اهلل
علي وسلم -واػبلفاء بعدخ كانوا يبع وف السعاة ألمتذ الزكاة :هذا ميهور.
فف الصحيحني عن أل هريرة :بعث عبر على الصدقة.
وفيهب ػػا ع ػػن أل ضبي ػػد :اس ػػتعبل (اس ػػتعبل :جعل ػ ع ػػامبلً عل ػػى الزك ػػاة أو غكه ػػا أي واليًػػا عل ػػى
وئوما) .رجبلً من األزد يقاؿ ل "ابن اللتيبة".
وفيهبا عن عبر :أن استعبل ابن السعدي.
وعن أل داود :أف الن -صلى اهلل علي وسلم -بعث أبا مسعود ساعيًا.
وى مسند أضبد :أن بعث أبا جهم بن حذيفة مصدقًا.
وفي :أن بعث عقبة بن عامر ساعيًا.
وفي من حديث قرة بن دعبوص :بعث الضحاؾ بن قيس ساعيًا.
وى اؼبستدرؾ :أن بعث قيس بن سعد ساعيًا.
وفي ػ مػػن حػػديث عبػػادة بػػن الصػػامز :أن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -بع ػ علػػى أهػػل الصػػدقات.
وبعث الوليد بن عقبة إَ ب اؼبصطلق ساعيًا.
وروى البيهقػ عػػن اليػػافع :أف أبػػا بكػػر وعبػػر كانػػا يبع ػػاف علػػى الصػػدقة .وقػػد أمترجػ اليػػافع
عن إبراهيم بن سعد عن الزهري هبذا وزاد :وال يؤمتروف أمتذها ى كل عاـ.
وقاؿ ى القدٓ :وروى عن عبر :أن أمترها عاـ الرمػادة ه بعػث مصػدقًا فأمتػذ عقػالني (العقػاؿ:
يراد ب هنا زكاة العاـ) .عقالني.
وى الطبقات البػن سػعد :أف النػ -صػلى اهلل عليػ وسػلم -بعػث اؼبصػدقني إَ العػرب ى هػبلؿ
احملرـ سنة تسػع .وهػو ى مغػازي الواقػدي بأسػانيدخ مفس ًػرا (انظػر :التلصػيل-466 459/2 :
طبع وركة الطباعة الفنية اؼبتحدة بالقاهرة).
وذكر ابن سعد أظباء هؤالء اؼبصدقني وأظبػاء القبا ػل الػب بع ػوا إليهػا .فبعػث عيينػة بػن ِحصػن إَ
ب سبيم يصدقهم.
وبعث بريدة بن اغبصي إَ أسلم وغفار يصدقهم .ويقاؿ :كع بن مال .
ومَزينة.
وبعث عباد بن بير األوهل إَ ُسليم ُ
وبعث رافع بن مكيث إَ ُجهينة.
وبعث عبرو بن العاص إَ فزارة.
وبعث الضحاؾ بن سفياف الكبلل إَ ب كبلب.
وبعث بُسر بن سفياف الكع إَ ب كع .
وبعث ابن اللتيبة األزدي إَ ب ذبياف.
وبعث رجبلً من سعد ُه َذٓ على صدقاهتم.
قاؿ ابن سعد :وأمػر رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم -مصػدقي أف يأمتػذوا العفػو مػنهم ويتوقػوا
كرا م أمواؽبم (طبقات ابن سعد -466/2 :طبع بكوت).
وذكر ابن إسحاؽ صباعة آمترين بع هم الن -صلى اهلل علي وسلم -إَ قبا ل وأقاليم أمترى من
جزيرة العرب.
العنس ّ وهو هبا.
فبعث اؼبهاجر بن أل أمية إَ صنعاء فصرج علي َ
وبعث زياد بن لَبِيد إَ حضرموت.
وبعث عدي بن حام إَ ط وب أسد.
وبعث مال بن نويرة على صدقات ب حنظلة.
وفرؽ صدقات ب سعد على رجلني :فبعث الزبرقاف بن بدر علػى ناحيػة وقػيس بػن عاصػم علػى
ناحية.
وبعث العبلء بن اغبضرم على البحرين.
وبعث عليًا إَ قبراف لي بع صدقاهتم ويقدـ علي جبزيتهم (زاد اؼبعاد.)472/2 :
وى ال اتي اإلدارية للكتاْ نقل عن ابن حزـ ى جوامع السك وعن ابػن إسػحاؽ والكبلعػ ى
السػػكة وعػػن ابػػن ح ػػر ى اإلصػػابة صبلػػة مػػن أظبػػاء الصػػحابة الػػذين اسػػتعبلهم النػ -صػػلى اهلل
علي وسلم -على والية الصدقات أو كتابتها.
ق ػػاؿ اب ػػن ح ػػزـ ى كتابػ ػ "جوام ػػع الس ػػك" :ك ػػاف كاتػ ػ رس ػػوؿ اهلل -ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم -ى
الصػػدقات ال ػزبك بػػن الع ػواـ ف ػ ف غػػاب أو اعت ػػذر كت ػ جهػػم بػػن الصػػلز وحذيفػػة بػػن اليب ػػاف
(ال اتي اإلدارية ص .)398
وقاؿ (اؼبرجع السباؽ ص :)398-396ترجم ى اإلصػابة لؤلرقػم بػن أل األرقػم الزهػري فػذكر:
أيضػػا كافيػػة بػػن سػػبع
أف الطػ اْ متػػرج :أنػ -عليػ السػػبلـ -اسػػتعبل علػػى السػػعاية .وتػػرجم فيهػػا ً
األسدي فنقل عن الواقػدي :أف اؼبصػطفى -عليػ السػبلـ -اسػتعبل علػى صػدقات قومػ .وتػرجم
أيضػػا غبذيفػػة بػػن اليبػػاف األزدي فنقػػل عػػن ابػػن سػػعد :أن ػ -علي ػ السػػبلـ -بع ػ مصػػدقًا علػػى ً
أيض ػػا لكه ػػل ب ػػن مالػ ػ اؽب ػػذُ ف ػػذكر أف اؼبص ػػطفى -عليػ ػ الس ػػبلـ-
األزد وت ػػرجم ى اإلص ػػابة ً
أيضػا ػبالػد بػن ال صػاء فػذكر أف أبػا داود والنسػا استعبل علػى صػدقات هػذيل وتػرجم فيهػا ً
أمترجا من طريق معبػر عػن الزهػري عػن عا يػة أف النػ -صػلى اهلل عليػ وسػلم -بعػث أبػا جهػم
بػػن حذيفػػة مصػػدقًا وتػػرجم ػبالػػد بػػن سػػعيد بػػن العػػاص األم ػوي أف اؼبصػػطفى -علي ػ السػػبلـ-
أيضا ػبزيبة بن عاصم العكل فذكر أف ابن قانع روى من استعبل على صدقات مذح .وترجم ً
عدسػا ومتزيبػة وفػدا علػ النػ -صػلى طريق سيه بن عبر عن اؼبيسر بػن عبػد اهلل بػن عػدس أف ً
اهلل علي وسلم -فوَ متزيبة على األحبلؼ وكت ل :بسم اهلل الرضبن الرحيم مػن ؿببػد رسػوؿ
اهلل ػبزيبػػة بػػن عاصػػم :إْ بع ت ػ سػػاعيًا علػػى قوم ػ فػػبل يُضػػاموا وال يُظلب ػوا" ذكػػرخ الروػػاط
أيضػػا لسػػهم بػػن من ػػاب التبيبػ فنقػػل عػػن الطػ ي أنػ كػػاف مػػن وقػػاؿ :أنبلػ أبػػو عبػػر وتػػرجم ً
عبػػاؿ الن ػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -علػػى صػػدقات ب ػ سبػػيم فبػػات اؼبصػػطفى -علي ػ السػػبلـ-
وه ػػو عل ػػى ذل ػ وت ػػرجم لعكرمػػة ب ػػن أل جه ػػل فنق ػػل ع ػػن الط ػ ي :أف الن ػ -علي ػ الس ػػبلـ-
استعبل عل صدقات هوازف عاـ وفات وتػرجم ؼبالػ بػن نػويرة فػذكر أنػ كػاف مػن أرداؼ اؼبلػوؾ
وأن -صلى اهلل علي وسلم -استعبل على صدقات قوم وترجم ؼبتبم بن نػويرة التبيبػ فقػاؿ:
بع ػ -علي ػ السػػبلـ -علػػى صػػدقات ب ػ سبػػيم وى ترصبػػة مػػرداس بػػن مال ػ الغنػػوي أن ػ -علي ػ
السبلـ -والخ صدقة قوم " أهػ.
وهبػػذا يكػػوف النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -قػػد غطػػى اعبزيػػرة -تقريبًػػا -بسػػعات ومصػدرقي ليتولػوا
هذخ الفريضة من أهلها ويوزعوها على مستحقيها.
وكػػاف -عليػ الصػػبلة والسػػبلـ -يػػزودهم -كبػػا ذكرنػػا مػػن قبػػل -بالنصػػا والتعليبػػات البلزمػػة
ؽبم ى معاملة أرباب األمواؿ ويوص دا ًبا بالرفق هبم والتيسك عليهم دوف هتاوف ى حق اهلل.
كبا كاف ُوب رذر هؤالء السعاة أود التحػذير مػن تنػاوؿ وػ ء مػن اؼبػاؿ العػاـ بغػك حػق مهبػا يكػن
قلػػيبلً .وكػػاف وباس ػ بعضػػهم أحيانًػػا .كبػػا قيػػل :إف ابػػن اللتيبػػة ؼبػػا قػػدـ حاسػػب [عػػن أل ضبيػػد
الساعدي قاؿ :استعبل رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -ابن اللتيبة -رجبلً مػن األزد -علػى
الصدقة ف اء باؼباؿ فدفع إَ رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -فقاؿ :هذا لكم وهذههدية
إَ فقػػاؿ لػ النػ -صػلى اهلل عليػ وسػػلم" :-أفػػبل قعػدت ى بيػػز أبيػ وأمػ فتنظػػر أهػديز ّ
أيهدي إلي أـ ال" ؟! (رواخ الييصاف واللفي ؼبسلم)].
قػاؿ ابػػن القػػيم :وكػاف ى هػػذا ُح ػػة علػػى ؿباسػبة العبػػاؿ (الػػوالة) واألمنػاء فػ ف ظهػػرت متيػػانتهم
عزؽبم ووَ أمينًا (زاد اؼبعاد واؼبرجع السابق).
وهذا كل يدلنا بوشوح على أف أمر الزكاة كاف منذ عهد الن -صلى اهلل علي وسلم -من وئوف
الدولة وامتتصاصها .وؽبذا حرص الرسوؿ -علي السبلـ -أف يعني لكل قػوـ أو قبيلػة يػدمتلوف ى
اإلسبلـ مصدقًا يأمتذ من أغنيا هم الزكاة ويفرقها على مستحقيها .وكذل متلفاؤخ من بعدخ.
وؽبػػذا قػػاؿ العلبػػاء" :هب ػ علػػى اإلمػػاـ أف يبعػػث السػػعاة ألمتػػذ الصػػدقة؛ وألف الن ػ -صػػلى اهلل
علي وسلم -واػبلفاء من بعدخ كانوا يبع وف السػعاة؛ وألف ى النػاس مػن يبلػ اؼبػاؿ وال يعػرؼ مػا
هب ػ علي ػ ومػػنهم مػػن يبصػػل فوج ػ أف يبعػػث مػػن يأمتػػذ( "..اةبػػوع 467/6 :والروش ػة:
.)246/2
أم ػػا أرب ػػاب األم ػ ػواؿ م ػػن أف ػ ػراد الي ػػع في ػ ػ عل ػػيهم أف يس ػػاعدوا ه ػػؤالء الس ػػعاة عل ػػى أداء
مهبػػتهم ويػػؤدوا إلػػيهم مػػا وج ػ علػػيهم وال يكتبػػوهم وػػيئًا مػػن أم ػواؿ زكػػاهتم .هػػذا مػػا أمػػر ب ػ
رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -وما أمر ب أصحاب .
عػػن جريػػر بػػن عبػػد اهلل قػػاؿ "جػػاء نػػاس مػػن األع ػراب إَ رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم-
أناسػػا مػػن اؼبص ػدرقني (جبػػاة الصػػدقة) يأتوننػػا فيظلبوننػػا ! فقػػاؿ رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهللفقػػالوا :إ رف ً
علي وسلم( : -أرشوا ُمصدرقيكم) (رواخ مسلم ى صحيح ).
وعػػن جػػابر بػػن عتيػ -رشػ اهلل عنػ -أف رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -قػػاؿ( :سػػيأتيكم
ركػ مبغضػوف فػ ذا أتػوكم فرحبػوا هبػم ومتلػوا بيػنهم وبػني مػػا يبتغػوف فػ ف عػدلوا فؤلنفسػػهم وإف
ظلب ػوا فعليهػػا ف ػ ف سبػػاـ زكػػاتكم رش ػػاهم وليػػدعوا لكػػم) (رواخ أبػػو داود كبػػا ى نيػػل األوط ػػار:
-455/4طب ػػع الع باني ػػة وق ػػاؿ اؼبن ػػاوي ى الف ػػيض" :ال ريػ ػ أف اؼبص ػػطفى -صػ ػلى اهلل عليػ ػ
وسػػلم ٍ -يسػػتعبل ظاؼبػػا قػ بػػل كانػػز سػػعات علػػى غايػػة مػػن ربػػرى العػػدؿ؛ كيػػه ومػػنهم علػ ّػى
ً
وعبػػر ومعػػاذ؟ ومعػػاذ اهلل أف يػػوُ اؼبصػػطفى -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -ظاؼبػػا! فػػاؼبع :سػػيأتيكم
ً
عبػػاُ يطلبػػوف مػػنكم الزكػػاة والػػنفس ؾببولػػة علػػى حػ اؼبػػاؿ فتبغضػػومم وتزعبػػوف أمػػم ظػاؼبوف
وليسػوا بػػذل فقولػ " :إف ظلبػوا" مبػ علػػى هػػذا الػػزعم .ويػػدؿ علػػى ذلػ لفػػي "إف" اليػػرطية
وه تدؿ على الفرض والتقدير ال على اغبقيقة.
وقاؿ اؼبظهري :ؼبا عم اغبكم صبيػع األزمنػة قػاؿ :كيفبػا يأمتػذوف الزكػاة ال سبنعػوهم وإف ظلبػوكم
ف ػ ف ـبػػالفتهم ـبالفػػة للس ػػلطاف؛ ألم ػػم م ػػأموروف م ػػن جهت ػ وـبالفػػة الس ػػلطاف ت ػػؤدي إَ الفتن ػػة
وثوراما.
ورد اؼبناوي هذا القوؿ بأف العلة لو كانز ه اؼبصالفػة جػاز كتبػاف اؼبػاؿ لكنػ ٍ هبػز لقولػ ى
حػػديث" :نكػػتم مػػن أموالنػػا بقػػدر مػػا يعتػػدوف؟ قػػاؿ :ال "أمػػا سػػعادة غكنػػا (كػػذا ولعػػل الص ػواب:
غػػكخ) أي الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -ف غضػػاب ظػػاؼبهم واج ػ وإرشػػاؤخ فيبػػا يروم ػ بػػاعبور
حراـ"( .انتهى من فيض القدير.)475/4 :
أديز الزكاة
وعن أنس -رش اهلل عن : -أف رجبلً قاؿ لرسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم :-إذا ُ
ز منها إَ اهلل ورسول ؟ قاؿ( :نعػم إذا أديتهػا إَ رسػوُ فقػد بر ػز منهػا إَ إَ رسول فقد بر ُ
اهلل ورسػول ولػ أجرهػػا وإشبهػػا علػػى مػػن بػػدؽبا) (نسػػبة ى اؼبتقػػى إَ أضبػػد (نيػػل األوطػػار اؼبرجػػع
السابق) -45( .فق الزكاة.)2/
فتاوى الصحابة:
وعػػن سػػهل بػػن أل صػػاً عػػن أبيػ قػػاؿ" :اجتبػػع عنػػدي نفقػػة فيهػػا صػػدقة -يعػ بلغػػز نصػػاب
الزكاة -فسألز سعد بن أل وقاص وابػن عبػر وأبػا هريػرة وأبػا سػعيد اػبػدري أف أقسػبها أو
صبيعا أف أدفعها إَ السلطاف ما امتتله عل منهم أحد". أدفعها إَ السلطاف؟ .فأمروْ ً
وى روايػػة" :فقلػػز ؽبػػم :هػػذا السػػلطاف يفعػػل مػػا تػػروف (كػػاف هػػذا ى عهػػد بػ أميػػة) فػػأدفع إلػػيهم
زكان؟! فقالوا كلهم :نعم فادفعها"( .رواها اإلماـ سعيد بن منصور ى مسندخ) (كبا قاؿ النووي
ى اةبع).
وعػػن ابػػن عبػػر -رش ػ اهلل عن ػ -مػػا قػػاؿ( :ادفع ػوا صػػدقاتكم إَ مػػن والخ اهلل أمػػركم فبػػن بػػر
فلنفس ومن أه فعليها).
وعن قزعة موَ زياد بن أبي أف ابن عبر قاؿ( :ادفعوها إليهم وإف وربوا هبػا اػببػر) قػاؿ النػووي:
روانبػػا البيهقػ ب سػػناد صػػحي أو حسػػن (هػػذخ األحاديػػث واآلثػػار كلهػػا ذكرهػػا اإلمػػاـ النػػووي ى
"اةبوع".)464-462/6 :
وعن اؼبغكة بن وعبة أن قاؿ ؼبوَ ل -وهو على أموال بالطا ه :كيه تصنع ى صدقة ماُ؟
قاؿ :منها ما أتصدؽ ب ومنها ما أدفع إَ السلطاف.
قاؿ :وفيم أنز من ذل ؟! (أنكر علي أف يفرقها بنفس ).
فقاؿ :إمم يي وف هبا األرض ويتزوجوف هبا النساء !!
فق ػػاؿ :ادفعه ػػا إل ػػيهم؛ فػ ػ ف رس ػػوؿ اهلل -ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم -أمرن ػػا أف ن ػػدفعها إل ػػيهم" (رواخ
البيهق ى السنن الكبك) (اؼبرجع السابق).
هػػذخ األحاديػػث الصػػروبة عػػن رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -وهػػذخ الفتػػاوى اغباظبػػة مػػن
صحابت الكراـ ذبعلنا ندرؾ بل نػوقن :أف األصػل ى وػريعة اإلسػبلـ أف تتػوَ اغبكومػة اؼبسػلبة
أمر الزكاة فت بيها من أرباهبا وتصرفها على مستحقيها وأف على األمة أف تعاوف أولياء األمر ى
ذل إقر ًارا للنظاـ وإرساءً لدعا م اإلسبلـ وتقوية لبيز ماؿ اؼبسلبني.
"وردبػػا قػػاؿ قا ػػل :إف اليػػأف ى األديػػاف أف تػػوقي الضػػبا ر وربػػىي القلػػوب وتضػػع أمػػاـ أبصػػار
الناس م بلً أعلى ه رباوؿ أف تقودهم بزماـ اليوؽ إَ م وبة اهلل أو تسوقهم بسوط اػبيية من
عقاب ػ تاركػػة ألصػػحاب السػػلطاف أف وبػػددوا وينظب ػوا ويطػػالبوا ويعػػاقبوا فهػػذا مػػن وػػأف السػػلطة
السياسية وليس من مهبة التوجي الدي !
أبدا ى اإلسبلـ ف ن عقيػدة ونظػاـ واعبواب :أف هذا قد يص ى أدياف أمترى ولكن ال يص ً
ومتلق وقانوف وقرآف وسلطاف.
ميطورا ى اإلسبلـ :وطر من للدين ووػطر آمتػر للػدنيا وليسػز اغبيػاة مقسػومة: ً ليس اإلنساف
بعضها لقيصر وبعضها هلل .وإمبا اغبياة كلها واإلنساف كل والكوف كل هلل الواحد القهار.
ج ػػاء اإلس ػػبلـ رس ػػالة و ػػاملة هادي ػػة ف عل ػػز م ػػن ه ػػدفها ربري ػػر الف ػػرد وتكريبػ ػ وترقي ػػة اةتب ػػع
وإسعادخ وتوجيػ اليػعوب واغبكومػات إَ اغبػق واػبػك ودعػوة البيػرية كلهػا إَ اهلل :أف يعبػدوخ
بعضا أربابًا من دوف اهلل.
وال ييركوا ب ويئًا وال يتصذ بعضهم ً
وى هذا اإلطػار جػاء نظػاـ الزكػاة فلػم ُذبعػل مػن وػئوف الفػرد بػل مػن وظيفػة اغبكومػة اإلسػبلمية
فوكل اإلسبلـ جبايتها وتوزيعهػا علػى مسػتحقيها إَ الدولػة ال إَ شػبا ر األفػراد وحػدها وذلػ
عببلة أسباب ال وبسن بيريعة اإلسبلـ أف هتبلها:
أوالً :إف ك ًكا من األفراد قد سبوت شبا رهم أو يصػيبها السػقم واؽبػزاؿ فػبل شػباف للفقػك إذا تػرؾ
حق ؼب ل هؤالء.
ثانياً :ى أمتذ الفقك حقػ مػن اغبكومػة ال مػن اليػصل الغػ حفػي لكرامتػ وصػيانة ؼبػاء وجهػ
أف يراؽ بالسؤاؿ ورعاية ؼبياعرخ أف هبرحها اؼبن أو األذى.
ثالًا :إف ترؾ هذا األمر لؤلفراد هبعل التوزيع فوشى فقد ينتب أك ر من غ إلعطاء فقػك واحػد
فقرا.
على حني يُغفل عن آمتر فبل يفطن ل أحد وردبا كاف أود ً
ػورا عل ػػى األف ػراد م ػػن الفق ػراء واؼبس ػػاكني وأبنػػاء الس ػػبيل؛ فب ػػن
ابعػػا :إف ص ػػرؼ الزك ػاة ل ػػيس مقصػ ً
رً
اعبهػػات الػػب تُصػػرؼ فيهػػا الزكػػاة مصػػاً عامػػة للبسػػلبني ال يقػػدرها األف ػراد وإمبػػا يقػػدرها أولػػو
األمر وأهل اليورى ى اعبباعة اؼبسلبة ك عطاء اؼبؤلفة قلوهبم وإعداد العػدة والعػدد لل هػاد ى
سبيل اهلل وذبهيز الدعاة لتبليغ رسالة اإلسبلـ ى العاؼبني.
متامسػػا :إف اإلسػػبلـ ديػػن ودولػػة وقػػرآف وسػػلطاف .وال بػػد ؽبػػذا السػػلطاف وتل ػ الدولػػة مػػن مػػاؿ ً
تقػيم بػ نظامهػػا وتنفػذ بػ ميػػروعاهتا .وال بػد ؽبػػذا اؼبػػاؿ مػن مػوارد والزكػػاة مػورد هػػاـ دا ػػم لبيػػز
اؼباؿ ى اإلسبلـ" (من كتبانا "ميكلة الفقر وكيه عاعبها اإلسبلـ" ص .)95-94
بيز ماؿ الزكاة
ومػػن هنػػا نعلػػم أف األسػػاس ى النظػػاـ اإلسػػبلم أف يكػػوف للزكػػاة ميزانيػػة متاصػػة وحصػػيلة قا بػػة
بػػذاهتا ينفػػق منهػػا علػػى مصػػارفها اػباصػػة احملػػددة وهػ مصػػارؼ إنسػػانية وإسػػبلمية متالصػػة وال
تُضم إَ ميزانية الدولة العامة الكبكة الب تتسع ؼبيروعات ـبتلفة وتُصرؼ ى مصارؼ وك.
ولقػػد أوػػارت آيػػة مصػػارؼ الزكػػاة مػػن سػػورة التوبػػة إَ هػػذا اؼببػػدأ حػػني قػػررت أف العػػاملني عليهػػا
يأمتذوف مرتباهتم منها .فبع هذا أف يكوف ؽبا ميزانية مستقلة يُنفق على إدارهتػا منهػا كبػا بينػا
ذل ى مصارؼ الزكاة .وذل ما فهب اؼبسلبوف منذ أقدـ العصور .فقد جعلوا للزكاة بيز مػاؿ
قا ًبا بذات .إذ قسبوا بيوت اؼباؿ ى الدولة اإلسػبلمية إَ أربعػة أقسػاـ فصػلها فقهػاء اغبنفيػة ى
كتبهم.
أوؽبػػا :بيػػز اؼبػػاؿ اػبػػاص بالصػػدقات وفي ػ م ػػل زكػػاة األنعػػاـ السػػا بة وعيػػور األراش ػ ومػػا
يأمتذخ العاور من ذبار اؼبسلبني اؼبارين علي .
ال اْ :بيز اؼباؿ اػباص حبصيلة اعبزية واػبراج.
ال الػث :بيػز اؼبػاؿ اػبػاص بالغنػا م والركػاز (عنػد مػن يقػوؿ :إنػ لػيس مػن الزكػاة وال يُصػرؼ ى
مصارفها).
الرابع :بيز اؼباؿ اػباص بالضوا ع وه األمواؿ الػب ال يُعػرؼ ؽبػا مالػ ومنهػا ال كػات الػب ال
وارث ؽبا أو ؽبا وارث ال يرد علي كأحد الػزوجني وديػة اؼبقتػوؿ الػذي ال وُ لػ واللقطػات الػب
ٍ يُعرؼ ؽبا صاح (انظر اؼببسوط 48/3 :والبدا ع 69 68/2 :والدر اؼبصتار وحاوية رد
احملتار علي .)66 59/2 :
األمواؿ الظاهرة واألمواؿ الباطنة ومن يل زكاهتا
قسػػم الفقهػػاء األم ػواؿ ال ػػب ذب ػ فيهػػا الزكػػاة إَ ظػػاهرة وباطنػػة :فالظػػاهرة ه ػ الػػب يبكػػن لغ ػػك
مالكها معرفتها وإحصاؤها وتيبل اغباصبلت الزراعية من حبوب وشبار وال روة اغبيوانية من إبل
وبقر وغنم.
واألمواؿ الباطنػة هػ النقػود ومػا ى حكبهػا وعػروض الت ػارة .وامتتلفػوا ى زكػاة الفطػر فأغبقهػا
بعضهم بالظاهرة وبعضهم بالباطنة.
فأمػػا القسػػم األوؿ -وهػػو اؼبػػاؿ الظػػاهر -فقػػد اتفق ػوا -تقريبًػػا -علػػى أف واليػػة جبايتػ وتفريق ػ
علػػى مسػػتحقي لػػوَ األمػػر ى اؼبسػػلبني ولػػيس مػػن وػػأف األف ػراد وال يُػ ؾ لػػذفبهم وشػػبا رهم
وتقػػديرهم اليصصػ وهػػو الػػذي تػواترت الروايػػات أف النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -كػػاف يبعػػث
رس ػػل وعبالػ ػ لتحص ػػيل الواجػ ػ عل ػػيهم فيػ ػ وه ػػو ال ػػذي ُهبػ ػ اؼبس ػػلبوف عل ػػى أدا ػ ػ للدول ػػة
وهباهدوف على منعػ (انظػر :األمػواؿ :ص .)534وؽبػذا قػاؿ أبػو بكػر ى وػأف قبا ػل العػرب الػب ُ
أبز أف تدفع إلي الزكاة الب كانوا يدفعوما لرسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم( : -واهلل لو منعوْ
عقاالً كانوا يؤدون لرسوؿ اهلل لقاتلتهم علي ) وهذا كاف ى األمواؿ الظاهرة وخباصة األنعاـ.
أما القسم ال اْ -وهو األمواؿ الباطنة من نقود وعروض ذبػارة -فقػد اتفقػوا علػى أف لئلمػاـ أف
يتػػوَ أمتػذها ويقػػوـ بتوزيعهػػا علػػى أهلهػػا؛ ولكػػن هػػل هبػ عليػ ذلػ ؟ وهػػل لػ أف ُهبػ النػػاس
على دفعها إلي وإَ موظفي ؟ وأف يقاتلهم على ذل كبا فعل أبو بكر؟
هذا ما امتتله في الفقهاء وفيبا يل أهم أقواؿ اؼبذاه ى والية الزكاة:
رأي اغبنفية:
صػ َػدقَةً) ٍِ ِ
فعنػػد اغبنفيػػة :واليػػة األم ػواؿ الظػػاهرة إَ اإلمػػاـ ال إَ اؼبػػبلؾ آليػػة ( ُمت ػ ْذ مػ ْػن ْأمػ َػواؽب ْم َ
(التوبة .)463 :وألف أبا بكر طالبهم بالزكاة وقاتلهم عليها .وألف ما لئلماـ قبضة حبكم الوالية
ال هبوز دفع إَ اؼبوَ علي كبا ى وُ اليتيم (انظر :اؼبغ -643/2 :طبع اؼبنار).
وأمػا األمػواؿ الباطنػة فهػ مفوشػػة إَ أرباهبػا وقػػد كانػز ى األصػػل لئلمػػاـ ه تػرؾ أداؤهػػا إلػػيهم
منذ عهد ع باف -رش اهلل عن -حيث رأي اؼبصلحة ى ذل ووافق الصحابة -كبػا سػيأن
-فصار أرباب األمواؿ كالوكبلء عن اإلماـ وإف ٍ يُبطل ذلػ حقػ ى أمتػذها .وؽبػذا قػالوا :لػو
علػػم السػػلطاف مػػن أهػػل بلػػدة أمػػم ال يػػؤدوف زكػػاة األم ػواؿ الباطنػػة ف ن ػ يطػػالبهم هبػػا وإال فػػبل
ؼبصالفت اإلصباع (حاوية ابن عابدين.)5/2 :
وأمػواؿ الت ػػارة ى مواشػػعها مػػن األمػواؿ الباطنػػة فػ ذا كانػػز منقولػػة مػػن إقلػػيم إَ إقلػػيم ومػ ّػر هبػػا
التاجر على العاور فقد التحقز بالظاهرة ووج دفعها إلي .والعاور هو من نصب اإلماـ على
الطريق للبسافرين ليأمتذ الصدقات وغكها من الت ار اؼبارين بأمواؽبم علي .قالوا :وما ورد من ذـ
ظلبا (اؼبرجع السابق ص.)42-44 العيار ؿببوؿ على اآلمتذ ً
رأي اؼبالكية:
وقػػاؿ اؼبالكيػػة :تػػدفع الزكػػاة وجوبًػػا لئلمػػاـ الع ػدؿ ى أمتػػذها وصػػرفها وإف كػػاف جػػا ًرا ى غكنبػػا
نقدا) ف ف طلبها العدؿ فادع إمتراجها ٍ يُصدؽ. سواء أكانز ماوية أـ حرثًا أو عينًا ( ً
وهل الدفع ؼب ل هذا اإلماـ واج أو جا ز فق ؟
ذكػػر الػػدردير ى وػػرح الكبػػك أن ػ واج ػ .واع ش ػ الدسػػوق ى حاوػػيت بأن ػ مكػػروخ كبػػا ى
التوشي وغكخ.
وإمبػػا الواج ػ اتفاقًػػا هػػو الػػدفع إَ العػػدؿ ى األمتػػذ والصػػرؼ وى غكنبػػا (اليػػرح الكبػػك حباوػػية
الدسوق .)564-563/4 :
وقػػاؿ القػػرط " :إذا كػػاف اإلمػػاـ يعػػدؿ ى األمت ػػذ والصػػرؼ ٍ يس ػػغ للبال ػ أف يت ػػوَ الصػػرؼ
بنفسػ ى النػػاض (النقػػد) وال غػػكخ وقػػد قيػػل :إف زكػػاة النػػاض علػػى أربابػ وقػػاؿ ابػػن اؼباجيػػوف:
ذل إذا كاف الصرؼ للفقراء واؼبساكني ف ف احتػي إَ صػرفها لغكنبػا مػن األصػناؼ فػبل يفػرؽ
عليهم إال اإلماـ" (تفسك القرط .)477/8 :
اليافعية:
وعند اليافعية :للبال أف يفرؽ زكات بنفس ى األمواؿ الباطنة وه :الذه والفضة وعػروض
الت ارة وزكاة الفطر (وفيها وج أما من األمواؿ الظاهرة).
وأمػػا األمػواؿ الظػػاهرة والغػػبلت الزراعيػػة واؼبعػػادف ففػ جػواز تفريقهػػا بنفسػ قػػوالف أظهرنبػػا وهػػو
اعبديػػد :هب ػػوز والق ػػدٓ :ال هبػػوز بػػل هب ػ صػػرفها إَ اإلمػػاـ إف كػػاف عػػادالً ف ػ ف كػػاف جػػا ًرا
فوجهاف أحدنبا :هبوز وال هب وأصحهبا :هب الصرؼ إلي لنفاذ حكب وعدـ انعزال .
قالوا :ولو طلػ اإلمػاـ زكػاة األمػواؿ الظػاهرة وجػ التسػليم إليػ بػبل متػبلؼ بػذالً للطاعػة فػ ف
امتنعوا قاتلهم اإلماـ وإف أجابوا إَ إمتراجها بأنفسهم ف ف ٍ يطلبها اإلمػاـ وٍ يػأت السػاع
أمترها رب اؼباؿ ما داـ يرجو ؾب ء الساع ف ذا أيس فرؽ بنفس . ّ
طوعا
وأما األمواؿ الباطنة فقاؿ اؼباوردي :ليس للوالة نظر ى زكاهتا وأرباهبا أحق هبا ف ف بذلوها ً
قبلهػػا ال ػواُ ف ػ ف عل ػػم اإلمػػاـ مػػن رج ػػل أن ػ ال يؤديه ػػا بنفس ػ فهػػل ل ػ أف يق ػػوؿ :إمػػا أف ي ػػدفع
بنفس وإما أف تدفع إَ حك أفرؽ؟ في وجهاف هبرياف ى اؼبطالبة بالنذور والكفارات.
قاؿ النووي" :األص وجوب هذا القوؿ إزالة للبنكر" (الروشة.)266-265/2 :
اغبنابلة:
وعنػػد اغبنابلػػة :ال هب ػ دفعهػػا إَ اإلمػػاـ ولكػػن لػ أمتػػذها وال ىبتلػػه اؼبػػذه -كبػػا قػػاؿ ى
اؼبغ -أف دفعهػا إَ اإلمػاـ جػا ز سػواء أكػاف عػادالً أو غػك عػادؿ وسػواء أكانػز مػن األمػواؿ
الظاهرة أو الباطنة .وي أ بدفعها إلي سػواء تلفػز ى يػد اإلمػاـ أو ٍ تتلػه صػرفها ى مصػارفها
ػرعا فػ يء بػػدفعها ؼبػػا
أو ٍ يصػػرفها ؼبػػا جػػاء ذل ػ عػػن الصػػحابة .وألف اإلمػػاـ نا ػ عػػنهم وػ ً
ػرعا ف ػ يء بػػدفعها إلي ػ كػػوُ اليتػػيم إذا
جػػاء ذل ػ عػػن الصػػحابة .وألف اإلمػػاـ نا ػ عػػنهم وػ ً
أيضا ى أف صاح اؼباؿ هبوز أف يُفرقها بنفس . ً قبضها ل وال ىبتله اؼبذه
أي ذل أح وأفضل :أف يفرقها اؼبال بنفس إذا ٍ يطلبها اإلماـ وإمبا اػببلؼ ى اؼبذه ُّ :
أـ يدفعها إَ اإلماـ العادؿ ليقوـ بصرفها ى ؿبلها؟
قاؿ ابن قدامة ى "اؼبغ ":
"يُسػػتح لئلنسػػاف أف يل ػ تفرقػػة الزكػػاة بنفس ػ ليكػػوف علػػى يقػػني مػػن وصػػوؽبا إَ مسػػتحقها
س ػواء أكانػػز مػػن األم ػواؿ الظػػاهرة أو الباطنػػة .قػػاؿ اإلمػػاـ أضبػػد :أع ػ إَ أف ىبرجه ػػا وإف
دفعها إَ السلطاف فهو جا ز.
وقاؿ اغبسن ومكحوؿ وسعيد بن جبك وميبوف بن ِمهراف :يضعها رب اؼباؿ ى موشعها.
وقاؿ ال وري :احله ؽبم واكذهبم وال تعطهم ويئًا إذا ٍ يضعوها مواشعها وقاؿ :ال تعطهم.
وقاؿ عطاء :أعطهم إذا وشعوها مواشعها .فبفهوم :أن ال يعطيهم إذا ٍ يكونوا كذل .
وقاؿ اليع وأبو جعفر .إذا رأيز الوالة ال يعدلوف فضعها ى أهل اغباجة من أهلها.
(ويبلحي أف هذخ األقواؿ ى الوالة اعبا رين فبل تؤيد ما قال صاح اؼبغ ).
قػػاؿ :وقػػد روى عػػن أضبػػد أن ػ قػػاؿ :أمػػا صػػدقة األرض فيع ب ػ دفعهػػا إَ السػػلطاف وأمػػا زكػػاة
األمواؿ -كاؼبواو -فبل بأس أف يضعها ى الفقراء واؼبساكني.
فظاهر هذا :أن استح دفع العُير متاصػة إَ األ بػة وذلػ ألف العُيػر قػد ذهػ قػوـ إَ أنػ
مؤونة األرض فهو كاػبراج يتوالخ األ بة خببلؼ سا ر الزكاة.
قاؿ :والذي رأيز ى اعبامع قاؿ :أما صدقة الفطر فيع ب دفعها إَ السلطاف.
ه قاؿ أبو عبد اهلل -يع اإلماـ أضبد -قيل البن عبر :إمم يقلدوف هبػا الكػبلب وييػربوف هبػا
اػببور؟! قاؿ :ادفعها إليهم.
وقػػاؿ ابػػن أل موسػػى وأبػػو اػبطػػاب :دفػػع الزكػػاة إَ اإلمػػاـ العػػادؿ أفضػػل وهػػو قػػوؿ أصػػحاب
اليافع .
ه ذكػػر ابػػن قدامػػة قػػوؿ مػػن يوجػ دفعهػػا إَ اإلمػػاـ ى كػػل األمػواؿ وقػػوؿ مػػن يوجػ ذلػ ى
األم ػواؿ الظػػاهرة كبال ػ وأل حنيفػػة وأل عبيػػد مسػػتدلني دبػػا ذكرنػػاخ مػػن قبػػل بآيػػةُ ( :مت ػ ْذ ِمػ ْػن
ْأم َواؽبِِ ْم) (التوبة .)463 :ومقاتلة أل بكر والصحابة عليها…إٌ.
ورد عليهم بقول :ولنا على جواز دفعها بنفس أن دفع اغبق إَ مسػتحق اعبػا ز تصػرف فػأجزأخ
كبا لو دفع الدين إَ غريب وكزكاة األمواؿ الباطنة وألن أحد نوع الزكاة فأوب النوع األمتر
واآلية تدؿ على أف لئلماـ أمتػذها وال متػبلؼ فيػ ومطالبػة أل بكػر هبػا؛ لكػومم ٍ يؤدوهػا إَ
أهلها ولو أدوها إَ أهلهػا ٍ يقػاتلهم عليهػا؛ ألف ذلػ ـبتلػه ى إجزا ػ فػبل ذبػوز اؼبقاتلػة مػن
أجل وإمبا يطال اإلماـ حبكم الوالية والنيابة عن مستحقيها ف ذا دفعها إلػيهم جػاز؛ ألمػم أهػل
رود خببلؼ اليتيم.
وأما وج فضيلة دفعها بنفس فؤلنػ إيصػاؿ اغبػق إَ مسػتحقي مػع تػوفك أجػر العبالػة وصػيانة
حقهػػم مػػن متطػػر اػبيانػػة ومباوػػرة تف ػري كربػػة مسػػتحقها وإغنا ػ هبػػا مػػع إعطا هػػا لػػؤلوَ مػػن
ؿباوي أقارب وذوي رضب وصلة رضب هبا فكاف أفضل كبا لو ٍ يكن آمتذها من أهل العدؿ.
قاؿ ابن قدامة :ف ف قيل :فالكبلـ ى اإلماـ العادؿ؛ إذ اػبيانة مأمونة ى حق .
قلنا :اإلماـ ال يتوَ ذل بنفس بػل يفوشػ إَ سػعات وال تػؤمن مػنهم اػبيانػة ه ردبػا ال يصػل
إَ اؼبسػػتحق -الػػذي قػػد علبػ اؼبالػ مػػن أهلػ وجكانػ -وػ ء منهػػا .وهػػم أحػػق النػػاس بصػػلت
وصدقت ومواسات (انظر :اؼبغ -644-644/2 :طبع اؼبنار (ال ال ة).
رأي الزيدية:
وعند الزيدية :أف والية الزكاة إَ اإلماـ ظاهرة وباطنة وال واليػة لػرب اؼبػاؿ فيهػا مػع وجػود اإلمػاـ
العادؿ .وفسروا الظاهرة بزكاة اؼبواو وال بار وم لها الفطرة واػبراج واػببس وكبوها .والباطنة زكاة
النقدين وما ى حكبها كالسبا وأمواؿ الت ارة .وهذا بيرط مطالبت هبا.
واستدلوا بآيةُ ( :مت ْذ ِم ْن ْأم َواؽبِِ ْم) (التوبة .)463 :وحبديث :تؤمتذ مػن أغنيػا هم وكبػوخ وببع ػ -
صلى اهلل علي وسلم -للسعاة .وبفعل اػبلفاء .وهذا خببلؼ الكفارات والنذور واؼبظاٍ فػبل واليػة
لئلماـ عليها وإمبا ه من وأف األفراد إال أف يتقاعدوا عن إمتراجها فيلزمهم اإلماـ بذل .
والفرؽ :أف الزكاة وكبوها وجبز ب هباب اهلل تعاَ .خببلؼ الكفارات وكبوهػا ف مػا وجبػز بسػب
من اؼبكله.
وإذا ثبز أف أمر الزكاة إَ اإلماـ فبن أمترج زكات إَ غك اإلماـ بعد أف وقع الطل من اإلمػاـ
ٍ هبزخ الب أمترجها ولزم إعادت ولو كاف حاؿ اإلمتراج جاهبلً بأف أمرهػا إَ اإلمػاـ أو دبطالبتػ
عذرا ى اإلمتبلؿ ب .
هبا؛ ألف جهل بالواج ال يكوف ً
واع ض بعضهم بأف الذي ال يُعذر جبهلػ هػو الواجػ اةبػع عليػ أمػا اؼبصتلػه فيػ فاعبهػل فيػ
كاالجتهاد ل وج .وى كوف والية الزكاة إَ اإلمػاـ ى األمػواؿ كلهػا متػبلؼ ومقتضػى هػذا أف
ذبز مع اعبهل باغبكم.
ورد على هذا بأف اػبػبلؼ اؼبػذكور إمبػا هػو عػدـ الطلػ مػن اإلمػاـ فأمػا مػع مطالبتػ فأمرهػا إليػ
باإلصباع وتسليبها إلي الزـ (ورح األزهار وحواوي .)529-527/4 :
ػودا لكػػن رب اؼبػػاؿ ى غػػك جهػػة واليتػ فرقهػػا اؼبالػ
فػ ف ٍ يكػػن ى الزمػػاف إمػػاـ أو كػػاف موجػ ً
اؼبرود ى مستحقها (واؼبرود هو البالغ العاقل) وغك اؼبرود كالص واةنوف ومن ى حكبهبا -
كاؼبغب علي واؼبفقود -ىبرجها ولي بالنية (ورح األزهار.)535-534/4 :
رأي اإلباشية:
ظاهرا -إَ اإلماـ وال يقسم غ زكات بنفس وإف وعند اإلباشية :أمر الزكاة -إذا كاف اإلماـ ً
فعل أعادها وذبز إف أمرخ اإلماـ بتفريقها كذل نا اإلماـ وعامل .
وعندهم قوؿ ب جزا ها إذا أعطاها بغك أمػر اإلمػاـ وأجػاز فعلػ وقػوؿ آمتػر بأمػا ذبز ػ مطل ًقػا إال
إف طالب هبا ف ن يعيدها ل ولو طالب بعد علب بأن قد أعطاها.
واستدؿ ؽبذا القوؿ األمتك بأف ابن مسعود -رش اهلل عن -طل الزكػاة مػن زوجتػ فلػوال جػواز
إعطا ها إذا أعطيز بغك إذف اإلماـ ٍ يطلبها.
وأما قوؽبا :ال حك أسأؿ رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -ف مبا امتنعز ـبافػة أال هبػوز للبػرأة
أف تعط زوجها وبنيها زكاهتا.
واسػػتدؿ مػػن أوج ػ إعطاءهػػا لئلمػػاـ بقػػوؿ أل بكػػر -رش ػ اهلل عن ػ ( : -واهلل لػػو منعػػوْ عقػػاالً
كػػانوا يؤدون ػ إَ رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -لقػػاتلتهم علي ػ ) .فأبػػاح قتػػاؽبم بػػل اعتقػػدخ
فريضػػة واجبػػة علػػى مػػنعهم الزكػػاة من ػ فيػػبل مػػا لػػو منعوهػػا لكػػومم قػػد أعطوهػػا ى أهلهػػا أو
لكػومم أرادوا أف يعطوهػا ألهلهػا بأنفسػهم أو لكػومم ال يعطومػا مطل ًقػا إنكػ ًارا ؽبػا وهػو الواقػع
ى نفػػس األم ػػر إذ ق ػػالوا :ال قبعػػل ى أموالن ػػا وػػركاء وارتػػدوا والع ػ ة بعب ػػوـ اللفػػي ال خبص ػػوص
عبوما (ورح النيل.)438-437/2 : سبب ولفظ هنا علق في القتاؿ على اؼبنع ً
قبػل أف أرجػ وأمتتػار مػا أراخ بعػد هػذخ النقػوؿ مػن األقػواؿ واؼبػذاه أود أف أوػك إَ أف فقهػػاء
صبيعا -رغم امتتبلفهم على تفصيبلت ك كة -كاؼبتفقني على أمرين أساسيني: ً اؼبذاه
األوؿ :أف من حق اإلماـ أف يطالػ الرعيػة بالزكػاة .ى أي نػوع مػن أنػواع اؼبػاؿ ظػاهر أو بػاطن
ومتاصػػة إذا علػػم مػػن حػػاؿ أهػػل بلػػد أمػػم يتهػػاونوف ى إيتػػاء الزكػػاة كبػػا أمػػر اهلل وهػػذا مػػا أكػػدخ
علباء اغبنفية.
وؽبذا قاؿ بعض الفقهاء :إف اػببلؼ ى كوف أمر الزكػاة إَ اإلمػاـ إمبػا هػو مػع عػدـ الطلػ منػ
فأما مع مطالبت فأمرها إلي باإلصباع (انظر :ورح األزهار.)529/4 :
وحػػك لػػو قلنػػا ب بػػوت اػبػػبلؼ فػ ف مطالبت ػ وإلزامػ هبػػا ترفػػع اػبػػبلؼ ألف حكػػم اإلمػػاـ ى أمػػر
اجتهادي وتبني ل يرفع اػببلؼ في كقضاء القاش (انظر :البحر.)496/2 :
ال ػػاْ :وهػػذا أمػػر قطعػ ال ريػ فيػ وال متػػبلؼ :أف اإلمػػاـ أو وُ األمػػر إذا أنبػػل أمػػر الزكػػاة وٍ
يطال هبا ٍ تسق التبعة عن أرباب اؼبػاؿ بػل تبقػى ى أعنػاقهم وال تطيػ ؽبػم حبػاؿ وهبػ
عليهم أداؤها بأنفسهم إَ مستحقيها؛ ألن عبادة وفريضة دينية الزمة بل لو اج أ حػاكم مػا أف
يقػػوؿ :قػػد أعفيػػتكم منهػػا أو أسػػقطتها عػػنكم -ى األم ػواؿ اةبػػع عليهػػا -لكػػاف قول ػ بػػاطبلً
هدرا وظل كل مسلم مسئوالً عن إمتراجها إَ أهلها. وكبلم ً
وإذا ثبتز هاتاف اغبقيقتاف باتفاؽ فقد بق هنا أمر امتتلفوا في ؛ وهو ما يتعلق باألمواؿ الباطنة
وهل واليتها إَ اإلماـ أـ إَ األفراد.
وال ػػذي أراخ أف النص ػػوص واألدل ػػة الي ػػرعية ال ػػب جعل ػػز الزك ػػاة م ػػن و ػػئوف اإلم ػػاـ أو اغبكوم ػػة
اؼبسلبة ٍ تفرؽ بني ماؿ ظاهر وماؿ باطن وأف الواج على اغبكومة اؼبسػلبة -مػك وجػدت
-أف تتوَ أمر الزكػاة ربصػيبلً وتوز ًيعػا .هػذا هػو األصػل ى تلػ الفريضػة كبػا يتبػني ذلػ فيبػا
يل :
ات) (التوبػػة" .)66 :دلػػز هػػذخ اآليػػة علػػى ( أ ) قػػاؿ اإلمػػاـ الػرازي ى تفسػػكخ آليػػة( :إِمبػَػا الصػ َػدقَ ُ
ومػػن يل ػ مػػن قِبَلػ والػػدليل عليػ :أف اهلل -تعػػاَ- أف هػػذخ الزكػػاة يتػػوَ أمتػػذها وتفرقتهػػا اإلمػػاـ َ
سهبا فيها وذلػ يػدؿ علػى أنػ ال بػد ى أداء هػذخ الزكػوات مػن عامػل والعامػل جعل للعاملني ً
هػػو الػػذي نصػػب اإلمػػاـ ألمتػػذ الزك ػوات فػػدؿ هػػذا الػػنل علػػى أف اإلمػػاـ هػػو الػػذي يأمتػػذ هػػذخ
ص َػدقَةً) (التوبػة .)463 :فػالقوؿ بػأف ِِ ِ
الزكوات وتأكػد هػذا الػنل بقولػ تعػاَُ ( :متػ ْذ م ْػن ْأم َػواؽب ْم َ
اؼبالػ هبػػوز لػ إمتػراج زكػػاة األمػواؿ الباطنػػة بنفسػ إمبػػا يُعػػرؼ بػػدليل آمتػػر .ويبكػػن أف يُتبسػ ى
إثباتػ بقولػ تعػػاََ ( :وِى ْأمػ َػواؽبِِ ْم َحػ لق لرلسػػا ِ ِل َوالْ َب ْح ُػر ِوـ) (الػػذاريات .)49 :فػ ذا كػػاف ذلػ اغبػػق
ح ًقا للسا ل واحملروـ وج أف هبوز دفع إلي ابتداء" (التفسك الكبك للرازي.)444/46 :
أيضػا ى على أف هذخ اآلية الب ذكرها الرازي ال تصل ُمتَ َبس ًكا؛ ألف حق السػا ل واحملػروـ ثابػز ً
األمواؿ الظاهرة ببل و ومع ذل دلز الدال ل على أما من وأف اإلماـ ال من وئوف األفراد
كبا بني هو نفس .
( ب ) وقاؿ احملقق اغبنف اليهك كباؿ الدين بن اؽبباـ :إف ظاهر قول تعاَّ ( :مت ْذ ِم ْن ْأم َواؽبِِ ْم
صػ َػدقَةً) … اآليػػة يوجػ حػػق أمتػػذ الزكػػاة مطل ًقػػا لئلمػػاـ (يع ػ :ى األمػواؿ الظػػاهرة والباطنػػة). َ
وعلى هذا كاف رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -واػبليفتاف من بعػدخ .فلبػا وَ ع بػاف وظهػر
تغك الناس كرخ أف يفتو السعاة على الناس مسػتور أمػواؽبم ففػوض الػدفع إَ اؼبػبلؾ نيابػة عنػ
وٍ ىبتله الصحابة علي ى ذل .وهذا ال يُسق طل اإلماـ أصبلً .ولذا لػو علػم أف أهػل بلػد
ال يؤدوف زكاهتم طالبهم هبا (فت القدير البن اؽبباـ -487/4 :طبع بوالؽ).
(جػ) وفبا يدؿ على أف الن -صلى اهلل علي وسػلم -كػاف يأمتػذ الزكػاة مػن األمػواؿ كلهػا ظػاهرة
أو باطنػػة :مػػا رواخ أبػػو عبيػػد وال مػػذي والػػدارقط :أف النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -بعػػث عبػػر
ػز لرس ػػوؿ اهلل ص ػػدقة س ػػاعيًا عل ػػى الص ػػدقة ف ػػأتى العب ػػاس يس ػػأل ص ػػدقة مال ػ .فق ػػاؿ :ق ػػد ع ل ػ ُ
سنتني فرفع عبر إَ الن -صلى اهلل علي وسلم -فقاؿ( :صدؽ عب ؛ قد تع لنػا منػ صػدقة
سػػنتني) (األم ػواؿ ص 599واغبػػديث قػػد ورد مػػن عػػدة طػػرؽ ٍ زبػػل مػػن شػػعه ولكػػن يقػػوي
بعضػػا .انظػػر فػػت البػػاري 244/3 :وقػػد اسػػتدؿ الفقهػػاء باغبػػديث علػػى ج ػواز تع يػػل بعضػػها ً
الزكاة).
زرعا وماوية.
تاجرا وٍ يكن مال ً واؼبعروؼ أف العباس كاف ً
( د ) وقد ورد حديث مياب لذل :أف الن -صػلى اهلل عليػ وسػلم -بعػث سػعات عببػع الزكػاة
فقاؿ بعض البلمزين :منع ابن صبيل ومتالد بن الوليد والعباس بن عبػد اؼبطلػ فصطػ رسػوؿ
اهلل -صلى اهلل علي وسلم -فكذب عػن اثنػني :عػن العبػاس ومتالػد وصػدؽ علػى ابػن صبيػل وفبػا
متالدا احتبس أدراع وأعتُدخ ى سبيل اهلل .وأما العباس عم رسوؿ متالدا؛ إف ً قال ( :إمم يظلبوف ً
اهلل -ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم -فهػ ػ عليػ ػ وم له ػػا معه ػػا) وى رواي ػػة( :فهػ ػ عل ػػى وم له ػػا معه ػػا)
(األمواؿ ص 593-592واغبديث رواخ أضبد والييصاف -نيل األوطار.)449/4 :
(هػ) يؤيد ذلػ مػا رواخ أبػو داود وغػكخ مػن حػديث علػ ّ أف النػ -صػلى اهلل عليػ وسػلم -قػاؿ:
(هػػاتوا ربػػع العيػػور مػػن كػػل أربعػػني درنبًػػا درهػػم) ..اغبػػديث (انظػػر :معػػاٍ السػػنن488/2 :
489وتعليق ابن القيم على هذا اغبديث ى هتذي سنن أل داود .مع اؼبصدر نفس ).
فقول ( :هاتوا) يدؿ على طل الزكاة من النقود وإعطا ها لئلماـ.
( و ) وقػػد وردت الروايػػات الك ػػكة :أف أبػػا بكػػر وعبػػر وع بػػاف وابػػن مسػػعود ومعاويػػة وعبػػر بػػن
عبػػد العزيػػز وغػػكهم كػػانوا يأمتػػذوف الزكػػاة مػػن العطػػاء وهػ رواتػ اعبنػػود ومػػن ى حكبهػػم مػػن
اؼبرتبني ى الديواف.
كاف أبػو بكػر -رشػ اهلل عنػ -إذا أعطػى إنسػانًا العطػاء سػأل :هػل لػ مػاؿ؟ فػ ف قػاؿ :نعػم
زكى مال من عطا وإال سلم ل عطاءخ.
وكاف ابن مسعود يزك أعطياهتم من كل أله طبسة وعيرين (إذ كاف مذهب عػدـ اوػ اط اغبػوؿ
ى اؼباؿ اؼبستفاد) كبا بينا ذل من قبل.
وكػػاف عبػػر إذا متػػرج العطػػاء صبػػع أم ػواؿ الت ػػار فحس ػ عاجلهػػا وآجلهػػا ه يأمتػػذ الزكػػاة مػػن
الياهد والغا (مصنه ابن أل ويبة.)44/4 :
وعن قدامة قاؿ :كنػز إذا جئػز ع بػاف بػن عفػاف -رشػ اهلل عنػ -أقػبض عطػا سػأل :هػل
عندؾ من ماؿ وجبز في الزكاة؟ فػ ف قلػز :نعػم أمتػذ مػن عطػا زكػاة ذلػ اؼبػاؿ وإف قلػز:
ال دفع إَ عطا (األـ لليافع - 44/2 :طبع بوالؽ (األوَ).
( ز ) كب ػػا أف الفت ػػاوى ال ػػب روي ػػز ع ػػن اب ػػن عب ػػر وغ ػػكخ م ػػن الص ػػحابة -رش ػ اهلل ع ػػنهم -ى
وجوب دفع الزكاة إَ األمراء وإف ظلبوا ٍ تفرؽ بني ماؿ ظاهر وماؿ باطن.
تعرض ؽبذخ اؼبسألة ويومتنا األجبلء :عبد الوهاب متبلؼ وعبد الرضبن حسػن وؿببػد أبػو زهػرة
-رضبه ػػم اهلل -وذلػ ػ ى ؿباشػ ػرهتم ع ػػن الزك ػػاة بدمي ػػق س ػػنة 4982ال ػػب نظبته ػػا اعبامع ػػة
العربية .قالوا:
قد تعني اآلف أف يتوَ وُ األمر صبع الزكاة من كل األمواؿ الظاهرة والباطنة لسببني:
أوؽببػػا :أف النػػاس ترك ػوا أداء الزكػػاة ى كػػل األم ػواؿ ظاهرهػػا وباطنهػػا؛ فلػػم يقوم ػوا حبػػق الوكالػػة الػػب
أعطاها ؽبم اإلماـ ع بػاف بػن عفػاف ومػن جػاء بعػدخ مػن األمػراء والػوالة وقػد قػرر الفقهػاء أف وُ
األمر إف علم أف أهل جهة ال يػؤدوف الزكػاة أمتػذها مػنهم قه ًػرا ال فػرؽ ى ذلػ بػني مػاؿ بػاطن
وماؿ ظاهر وعلى ذل فقد زالز الوكالة ووج األمتذ باألصل والسك على ما قررخ الفقهاء.
ثانيهبػػا :أف األم ػواؿ صػػارت كلهػػا ظػػاهرة تقريبًػػا؛ فػػاؼبنقوالت الت اريػػة ربصػػى كػػل عػػاـ إيراداهتػػا
ولكل تاجر صغك أو كبك س ل ذباري ربصى فيػ أموالػ وتعػرؼ فيػ اػبسػارة واألربػاح فػالطرؽ
أيضػا لتفػرض علػى رأس اؼبػاؿ وعليهػا الب تعرؼ هبا األرباح لتفرض عليها شرا اغبكومة تعػرؼ ً
فريضػػة الزكػػاة الػػب هػ حػػق اهلل وحػػق السػػا ل واحملػػروـ .أمػػا النقػػود فأك رهػػا مػػودع باؼبصػػارؼ ومػػا
يي ػػبهها .وعلبهػػا هب ػػذخ الطريقػػة س ػػهل ميس ػػور وال ػػذين يودع ػػوف نق ػػودهم بط ػػوف األرض ليس ػوا ى
اغبقيقة من أهل اليسار الفاحو وعددهم يقل اآلف ويئًا فييئًا .فليُ ؾ أمر هؤالء إَ دينهم.
"ولقػػد قػػرر الفقهػػاء ى حػػاؿ اػبضػػوع لقػرار اإلمػػاـ ع بػػاف -رشػ اهلل عنػ : -أنػ ى حػػاؿ ظهػػور
األمػواؿ الباطنػػة يؤمتػػذ منهػػا الزكػػاة بعبػػاؿ اإلمػػاـ ولػػذل كػػاف عبػػل العاوػرين قا ًبػػا مػػع األمتػػذ
بقرار ع باف؛ ألمم كانوا يأمتذوف الزكػاة عنػد انتقػاؿ النقػود وعػروض الت ػارة مػن بلػد إَ بلػد إذ
بذل كانز تعت ظاهرة ال باطنة فكانوا يأمتذوما عند االنتقاؿ إال إذا أقاـ اؼببوؿ الدليل على
أن أعطاها للفقراء أو أعطاها لعاور آمتر ى هذا العػاـ" (حلقػة الدراسػات االجتباعيػة لل امعػة
العربية -الدورة ال ال ة -حبث "الزكاة").
وهذا الكبلـ من الوشوح وقوة الدليل حبيث ال وبتاج إَ تعليق.
ومن هنا هب على كل حكومة إسبلمية أف تنيئ "مؤسسة" أو "إدارة" متاصة تتوَ وئوف الزكاة
ربصػػيبلً وتوز ًيعػػا فتأمتػػذها مػػن حيػػث أمػػر اهلل وتصػػرفها حيػػث أمػػر اهلل كبػػا وشػػحنا ذل ػ ى
مصرؼ "العاملني عليها" ى باب "مصارؼ الزكاة".
ولك أرى أف تُ ؾ نسبة معينة من الزكاة الواجبة كػالربع أو ال لػث لضػبا ر أربػاب اؼبػاؿ يوزعومػا
قياسا علػى أمػر الرسػوؿ -صػلى اهلل عليػ دبعرفتهم وامتتيارهم على اؼبستورين من أقارهبم وجكامم ً
وسػػلم -للصارصػػني أف يػػدعوا ال لػػث أو الرب ػع ألربػػاب اؼبػػاؿ ليصػػرفوا زكات ػ بأنفسػػهم علػػى أحػػد
التفسكين .وبذل نكوف قد أمتذنا خبك ما ى الطريقتني وصبعنا بني اغبسنيني وراعينا االعتبػارات
الب ذكرها اغبنابلة ى استحباب تفرقة اؼبال لزكات بنفس .
ػتورا
أساس ػػا غبكبه ػػا ودس ػ ً وه ػػذا كل ػ ب ػػالنظر إَ اغبكوم ػػة اإلس ػػبلمية وه ػ ال ػػب تلت ػػزـ اإلس ػػبلـ ً
ومنهاجا عببيع وئوما ال قافية واالجتباعية واالقتصػادية والسياسػية وإف متالفػز حكػم ً لدولتها
اليرع ى بعض األحكاـ اعبز ية كبا سنبني ذل قريبًا.
ػتورا للحكػػم وربكػػم بغػػك مػػا أنػػزؿ اهلل فبػػا أساسػػا للدولػػة ودسػ ً أمػػا اغبكومػػة الػػب تػػرفض اإلسػػبلـ ً
تسػػتوردخ مػػن مػػذاه الغػػرب أو اليػػرؽ .فهػػذخ ال هبػػوز ؽبػػا أف تأمتػػذ الزكػػاة وإال اسػػتحقز وعيػػد
ض فَ َبػػا َجػَػزاءُ َمػػن يَػ ْف َعػ ُػل َذلػ َ ِمػػن ُك ْم ض ِ
الكتَػ ِ
ػاب َوتَ ْك ُفػ ُػرو َف بِػبَػ ْع ٍ اهلل تعػاَ إذ قػػاؿ( :أفَػتُػ ْؤِمنُػػو َف بِػبَػ ْع ِ
ومػػا اللػ ُ بِغَافِػ ٍػل َعبػػا تَػ ْع َبلُػػو َف) ِ
العػ َذاب َ
أوػ رد َ
ِ
ي ِى اغبَيَػػاةِ الػ ُّػدنْػيَا َويَػ ْػوَـ القيَ َامػ ِة يُػ َػرُّدو َف َإَ َ
إال متػ ْػز ٌ
(البقرة.)85 :
وفبا يؤكد مسئولية الدولة عن الزكاة :ما قررخ فقهاء اؼبذاه اإلسبلمية كافة من عقوبة اؼببتنع عػن
طوعػػا وامتتيػ ًػارا .ومػػا فصػػل بعضػػهم مػػن القػػوؿ فيبػػا إذا
الزكػاة وأمتػػذها منػ بػػالقهر إف ٍ يػػدفعها ً
ادعى عدـ مل النصاب أو سق الزكاة عن أو كبو ذل .
عند اغبنفية:
حوؿ أو قاؿ: مر ب علي -فقاؿ ٍ :يتم ل ْ فعند اغبنفية :من طل من العاور زكاة مال -إذا ّ
ػز إَ عاوػػر آمتػػر وكػػاف هنػػاؾ عاوػػر آمتػػر علػػى َديْػػن ؿب ػي أو مػػنقل للنصػػاب أو قػػاؿ :أديػ ُ
ؿبقق طل منػ اليبػني فػ ذا حلػه صػ ّدؽ .وى روايػة :اوػ اط أف ىبػرج بػراءة متطيػة بالػدفع إَ
عاوػر آمتػػر وردوا هػػذخ الروايػػة بػأف اػبػ ييػػب اػبػ (ثبػز ى عصػرنا أف اػبطػػوط -وإف كانػػز
تتيػػاب ى الظػػاهر -تتبػػايز ى الواقػػع فكػػل كاتػ لػ متطػ الػػذي يبيػػزخ ولػػذل دال ػػل وأمػػارات
يعرفها أهل االمتتصاص من مت اء اػبطوط .واألحكاـ اليرعية مبنية على غلبة الظن وقد أصػب
أمتتاما معتبدة.
أمرا ال بد من .كبا أف السلطات سبن موظفيها ً اعتباد الكتابة واػب ى عصرنا ً
وللبػػزورين عقوبػػات صػػارمة) .وقػػد يػُػزور .وقػػد ال يأمتػػذ الػ اءة غفلػػة منػ وقػػد تضػػيع بعػػد األمتػػذ
حكبا فيعت قول مع يبين . فبل يبكن أف ذبعل ً
وإذا حله وظهر كذب -ولو بعد سنني -أمتذت من الزكاة؛ ألف حق األمتػذ ثابػز فػبل يبطػل
باليبني الكاذبة.
ولػػو قػػاؿ للعاوػػر إذا طلػ منػ الزكػػاة :قػػد أديتهػا بنفسػ إَ الفقػراء ى البلػػد وحلػػه علػػى ذلػ
صػػدؽ .إال ى زكػػاة األنعػػاـ؛ ألف حػػق األمتػػذ فيهػػا للسػػلطاف فػػبل يبلػ إبطالػ .وكػػذل األم ػواؿ
الباطنة إذا أمترجها من البلد؛ ألما ب متراجها التحقز باألمواؿ الظاهرة فكاف األمتذ فيها لئلماـ
أو َمن ينوب عن (الدر اؼبصتار وحاوية ابن عابدين علي -43-42/2 :طبع اؼبيبنية).
وم ػػل ذلػ اػبػػارج مػػن األرض مػػن زرع وشبػػر فهػػو مػػن األمػواؿ الظػػاهرة (يبلحػػي أف أك ػػر اغبنفيػػة
ينظػػروف إَ العُسػػر كأن ػ و ػ ء غػػك الزكػػاة ألن ػ لػػيس بعبػػادة ؿبضػػة وفي ػ مع ػ مؤنػػة األرض أي
أجرهتػػا وال ييػ ط فيػ حػػوالف اغبػػوؿ اتفاقًػػا وال النصػػاب عنػػد أل حنيفػػة وؽبػػذا يؤمتػػذ مػػن ال كػػة
ولػػو ٍ يوصػ بػ وهبػ مػػع الػػدين وى أرض الصػػغك واةنػػوف والوقػػه وؽبػػذا قػػالوا :إف تسػػبيت
زكاة ؾباز .وبعضهم قاؿ :هو زكػاة علػى قػوؿ الصػاحبني فقػ ورد ذلػ احملقػق ابػن اؽببػاـ وقػاؿ:
ال و أنػ زكػاة كبػا ذكرنػا ذلػ ى زكػاة ال ػروة الزراعيػة ص 367والصػحي مػا أدنػاخ غػك مػرة:
أف الزكاة :كلها ليسز عبادة ؿبضة ولذا ذبرى فيها النيابػة وتؤمتػذ قه ًػرا .وذبػ -علػى اؼبصتػار
-ى ماؿ الص واةنوف … إٌ) .ولذا كاف لئلمػاـ أمتػذ العُيػر منػ جػ ًا .ويسػق الفػرض عػن
صػػاح األرض كبػػا لػػو أدى بنفس ػ إال أمػػم قػػالوا :إذا أدى بنفس ػ ي ػػاب ث ػواب العبػػادة وإذا
أمتذخ اإلماـ يكوف ل ثواب ذهاب مال ى وج اهلل تعاَ (اؼبصدر السابق ص.)54
عند اؼبالكية:
كرهػػا إذا كػػاف لػ مػػاؿ ظػػاهر وعػرزر .فػ ف ٍ يكػػن لػ مػػاؿ
مػػن امتنػػع عػػن أداء الزكػػاة أمتػػذت منػ ً
ظاهر .وكاف معروفًا باؼبػاؿ ف نػ ُوبػبس حػك يظهػر مالػ فػ ف ظهػر بعضػ واهتػم ى إمتفػاء غػكخ.
فقاؿ مال :يصدؽ وال وبله :أن ما أمتفى وإف اهتم .وأمتطأ َمن وبله الناس.
وإف ٍ يبكن أمتذها من إال بقتاؿ قاتل اإلماـ وال يقصد قتلػ فػ ف اتفػق أنػ قتػل أح ًػدا قُتػل بػ
هدرا (اليرح الكبك حباوية الدسوق .)563/4 : وإف قتل أحد كاف ً
عند اليافعية:
وعند اليافعية قاؿ صاح "اؼبهذب"" :من وجبز علي الزكاة وامتنع من أدا ها نظرت:
جاحدا لوجوهبا فقد كفر وقتػل بكفػرخ كبػا يُقتػل اؼبرتػد؛ ألف وجػوب الزكػاة معلػوـ مػن ً "ف ف كاف
دين اهلل -تعاَ -شرورة فبن جحد وجوهبا فقد كذب الل وكذب رسول فحكم بكفرخ.
"وإف منعها خببلً هبا ِ
أمتذت من وعُرزر.
"وقاؿ اليافع ى القدٓ :تؤمتذ الزكاة ووطر مال ؼبا روى هبز بن حكيم عن أبي عن جدخ عػن
رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -قاؿ( :ومن منعها ف نا آمتذوها ووطر مال عزمة مػن عزمػات
ربنا ليس آلؿ ؿببد فيها وػ ء) (اغبػديث رواخ أضبػد وأبػو داود والنسػا وقػد تقػدـ الكػبلـ عليػ
أيضػػا ى اؼبس ػتدرؾ 398/4 :وصػػح إسػػنادخ ى البػػاب األوؿ ص .95 94وقػػد رواخ اغبػػاكم ً
ووافق الذه وقػاؿ وبػىي بػن معػني :إسػنادخ صػحي إذا كػاف مػن دوف هبػز ثقػة وسػئل أضبػد عػن
هذا اغبديث فقاؿ :ما أدري وجه وسئل عن إسنادخ فقاؿ :صاً اإلسناد وقاؿ أبو حػام :هبػز
ال ُوبت ب وقاؿ ابن حباف :لوال هذا اغبديث ألدمتلت ى ال قػات وقػاؿ ابػن حػزـ :غػك ميػهور
بالعدالة وقاؿ ابن الطبلع :ؾبهػوؿ؛ وتعقبػا بأنػ قػد وثقػ صباعػة مػن األ بػة وقػاؿ ابػن عػديٍ :
منكرا وقاؿ الذه :ما ترك عاٍ ق وإمبػا توقفػوا ى االحت ػاج بػ .وقػد تُكلػ ِم فيػ أر ل حديًا ً
أنػ كػاف يلعػ باليػطرن .قػاؿ ابػػن القطػاف :ولػيس ذلػ بضػا ر لػ .فػ ف اسػتباحت مسػألة فقهيػػة
ميػػتهرة وقػػاؿ البصػػاري :ىبتلفػػوف في ػ وقػػاؿ ابػػن ك ػػك :األك ػػر ال وبت ػػوف ب ػ وقػػاؿ اغبػػاكم:
حدي ػ ػ ص ػػحي وق ػػد حس ػػن لػ ػ ال م ػػذي ع ػػدة أحادي ػػث ووثقػ ػ واح ػػت بػ ػ أضب ػػد وإس ػػحاؽ
والبصاري متارج الصحي وعلق ل وروى عن أل داود أن ح ة عندخ.
انظػ ػ ػر ني ػ ػػل األوط ػ ػػار -422/4 :طب ػ ػػع الع باني ػ ػػة وهت ػ ػػذي الته ػ ػػذي 499-498/4 :ترصب ػ ػػة
( .)924وميزاف االعتداؿ 354-353/4 :ترصبة ( .)4324والصحي هو األوؿ.
"وإف امتنػػع (أي َمػػن خبػػل بالزكػػاة) دبنعػػة قػػاتلهم اإلمػػاـ؛ ألف أبػػا بكػػر الصػػديق -رشػ اهلل عنػ -
قاتل مانع الزكاة" أ هػ( .انظر :اؼبهذب وورح "اةبوع" .)332-334/5:
قهرا:
اإلصباع على تأدي اؼببتنع وأمتذها من ً
واغبكػػم األوؿ -وهػػو اغبكػػم بكفػػر مػػن منػػع الزكػػاة جاحػ ًػدا لوجوهبػػا وقتلػ مرتػ ًػدا -ؾببػػع علي ػ
بيػػرط أال يكػػوف فبػػن يعػػذر م ل ػ كػػأف يكػػوف حػػديث عهػػد باإلسػػبلـ أو نيػػأ بعيػ ًػدا عػػن أمصػػار
اؼبسػػلبني .كبػػا ذكرنػػا ى البػػاب األوؿ .وكػػذل اغبكػػم ال ػػاْ وهػػو أمتػػذ الزكػػاة قهػ ًػرا فبػػن وجبػػز
علي ػ وامتنػػع مػػن أدا هػػا خب ػبلً هبػػا .وكػػذل تعزيػػرخ وتأديب ػ بػػاغببس وكبػػوخ (انظػػر :البحػػر الزمت ػػار:
.)496/2
والػػذي نػراخ أف حػػديث بَػ ْهػػز بػػن حكػػيم لػػيس فيػ مطعػػن معتػ وهػػو -كبػػا قلنػػا مػػن قبػػل (راجػػع
ص .)94وما بعدها - .يتضبن عقوبة تعزيرية مفوشة إَ رأي اإلماـ وتقػديرخ .وهػو يػدمتل فيبػا
ذكرن ػػاخ غ ػػك م ػػرة م ػػن األحادي ػػث ال ػػب ت ػػرد ع ػػن النػ ػ -ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم -بوص ػػه اإلمام ػػة
والرياسة كبا ذكر القراى والدهلوي وغكنبا (انظر :ص 253-254من هذا الكتاب).
وقد سبق هذا اغبديث ما تفرش التيريعات اغبدي ة من عقوبػات ماليػة رادعػة للبتهػربني مػن دفػع
ما عليهم من الضرا .
والذين ردوا حديث هبز استندوا إَ أحد أمور ثبلثة:
-4بعضػػهم اسػػتند إَ معارشػػة اغبػػديث ؼبػػا ثبػػز أنػ ال حػػق ى اؼبػػاؿ سػػوى الزكػػاة .وقػػد روى ى
ذل ػ حػػديث مرفػػوع (انظػػر :البحػػر الزمتػػار 496/2 :واؼبغ ػ 573/2 :واألحكػػاـ السػػلطانية
للباوردي ص.)424
-2وبعضهم استند إَ أن نوع من العقوبة باؼباؿ وهذا كاف ى أوؿ اإلسبلـ ه نسمل.
-3وبعضهم استند إَ أف اغبديث شعيه لضعه هبز راوي وعلى هذا عوؿ النووي.
فأمػػا األمػػر األوؿ فسػػنبني ى بػػاب مسػػتقل أف ى اؼبػػاؿ حقوقًػػا سػػوى الزكػػاة كبػػا جػػاءت بػػذل
اآليات الكريبة وصحز ب األحاديث الصروبة .فبل تعارض إذف بني حديث هبز وغكخ.
وأما ال اْ فالصحي أف العقوبة باؼباؿ ٍ تُنسمل وقد ذكر احملقق ابن القيم ى "الطػرؽ اغبكبيػة"
طبػس عيػػرة قضػػية لرسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -وػبلفا ػ الراوػػدين ربققػػز فيهػػا العقوبػػة
باؼباؿ (انظر :الطرؽ اغبكبية -صلى اهلل علي وسلم -287-طبع اؼبدْ).
وأمػػا تضػػعيه اغبػػديث فالػػذي يبػػدوا أنػ لػػيس تضػػعيه سػػند بػػل هػػو نػػوع مػػن اإلعػػبلؿ بسػػب
موشوع اغبػديث .فهػو مبػ علػى األمػرين السػابقني .وؽبػذا قبػدهم أو بعضػهم شػعفوا هب ًػزا بسػب
هذا اغبدث وٍ يُضعفوا اغبديث بسػب هبػز كبػا هػو اؼبتبػع .قػاؿ ابػن حبػاف :لػوال هػذا اغبػديث
هبزا ى ال قات!ألدمتلز ً
ق ػػاؿ اب ػػن الق ػػيم ى هت ػػذي س ػػنن أل داود بع ػػد أف نق ػػل ك ػػبلـ األ ب ػػة ى هبْ ػػز وتص ػػحي أضب ػػد
وإسحاؽ وابن اؼبدي غبدي :وليس ؼبن رد هذا اغبديث ُح ة ودعوى نسػص دعػوى باطلػة إذ
هػ دعػػوى مػػا ال دليػػل عليػ وى ثبوتيػػرعيةالعقوبات اؼباليػػة عػػدة أحاديػػث عػػن النػ -صػػلى اهلل
علي ػ وسػػلم ٍ -ي بػػز نسػػصها حب ػػة وعبػػل هبػػا اػبلفػػاء بعػػدخ .وأمػػا معارشػػت حبػػديث ال ػ اء ى
قصػػة ناقتػ ففػ غايػػة الضػػعه فػ ف العقوبػػة إمبػػا تسػػوغ إذا كػػاف اؼبعاقػ متعػػديًا دبنػػع واجػ أو
ارتكػػاب ؿبظػػور .وأمػػا مػػا تولػػد مػػن غػػك جنايتػ وقصػػدخ فػػبل يسػػوغ أحػػد عقوبتػ عليػ .وقػػوؿ مػػن
ضبل ذل على سبيل الوعيد دوف اغبقيقة ى غاية الفسػاد يُنػزخ عػن م لػ كػبلـ النػ -صػلى اهلل
علي وسلم -وقوؿ ابن حباف :لوال حدي هذا ألدمتلناخ ى ال قػات كػبلـ سػاق ج ًػدا ف نػ إذا
ٍ يكػػن لضػػعف سػػب إال روايت ػ هػػذا ألدمتلنػػاخ ى ال قػػات كػػبلـ سػػاق جػ ًػدا ف ن ػ إذا ٍ يكػػن
دورا بػاطبلً .ولػيس لضعف سب إال روايت هذا اغبديث وهذا اغبػديث إمبػا ُرّد لضػعف كػاف هػذا ً
ى روايتػ ؽبػػذا مػػا يوجػ شػػعف ؛ ف نػ ٍ ىبػػاله في ػ ال قػػات (هتػػذي السػػنن مػػع ـبتصػػر اؼبنػػذري
واؼبعاٍ.)494/2 :
ػكا مػػن أصػػحاب الكتػ اؼبعتبػػدة ى الفقػ كاليػكازي ى "اؼبهػػذب" واؼبػػاوردي ى والغريػ أف ك ػ ً
"األحكاـ السلطانية" وابن قدامة ى "اؼبغ " وغكهم ردوا حديث هب ْػز الصػحي أو اؼبصتلػه علػى
األقل ى صحت حبديث ال قيبة ل من الناحيػة العلبيػة وهػو حػديث( :لػيس ى اؼبػاؿ حػق سػوى
الزكاة).
وؽبػػذا ينبغػ معرفػػة درجػة األحاديػػث وقيبتهػػا مػػن مصػػادرها ومػػن أهلهػػاَ ( ..والَ يػُنَبرئُػ َ ِم ْػ ُػل َمتبِػ ٍك)
(فاطر.)44 :
عند اغبنابلة:
وعند اغبنابلة م ل ما عند اليافعية .قاؿ ابػن قدامػة بعػد أف بػني ردة مػانع الزكػاة جح ًػدا وتكػذيبًا:
وإف منعهػا معتقػ ًػدا وجوهبػا وقػػدر اإلمػاـ علػػى أمتػذها منػ أمتػذها وعػػزرخ .وٍ يأمتػذ زيػػادة عليهػػا ى
غل مال وكتب حك ال يأمتذ اإلماـ زكات فظهر علي . قوؿ أك ر أهل العلم وكذل إف ّ
وقاؿ إسحاؽ بن راهوية وأبو بكر عبد العزيز :يأمتذها ووطر مال .ؼبا روي هبز بن حكيم.
متارجػػا عػػن قبضػػة اإلمػػاـ قاتلػ .ألف الصػػحابة -رشػ اهلل عػػنهم -قػػاتلوا مانعيهػػا .ف ػ ففػ ف كػػاف ً
أيضػا وٍ تُسػ ذريتػ ألف اعبنايػة مػن غػكهم .وألف اؼبػانع ال ظفر ب ودبال أمتذها مػن غػك زيػادة ً
يس فذريت أوَ .وإال قُتِل وٍ ُوبكم بكفرخ.
وعن أضبد ما يدؿ على أن يكفر بقتالػ عليهػا .فػروى اؼبيبػوْ عنػ :إذا منعػوا الزكػاة -كبػا منعػوا
أبػػا بكػػر -وقػػاتلوا عليهػػا ٍ .يورث ػوا .وٍ يصػػل علػػيهم .قػػاؿ عبػػد اهلل بػػن مسػػعود :مػػا تػػارؾ الزكػػاة
دبسلم.
ووجػ ذلػ ؛ مػػا روى :أف أبػػا بكػػر -رشػ اهلل عنػ -ؼبػػا قػػاتلهم وعضػػتهم اغبػػرب قػػالوا :نؤديهػػا.
قاؿ :ال أقبلها حك تيػهدوا أف قتبلنػا ى اعبنػة وقػتبلكم ى النػار) وٍ يُنقػل إنكػار ذلػ عػن أحػد
من الصحابة فدؿ على كفرهم.
ووج األوؿ :أف عبر وغكخ من الصحابة امتنعوا من القتاؿ ى بدء األمر ولو اعتقدوا كفرهم ؼبا
توقفوا عن .ه اتفقوا على القتاؿ وبق الكفر على أصل النف وألف الزكاة فرع من فروع الدين
فلػم يكفػػر تاركػ دب ػرد تركػ كػػاغب .وإذا ٍ يكفػػر ب كػ ٍ يكفػػر بالقتػػاؿ عليػ كأهػػل البغػ .وأمػػا
الذين قاؿ ؽبم أبو بكر هذا القوؿ فيُحتبػل أمػم جحػدوا وجوهبػا وألف هػذخ قضػية ى عػني (أي
ى حالة معينة) فبل يُتحقق من الػذين قػاؿ ؽبػم أبػو بكػر هػذا القػوؿ؟ فيحتبػل أمػم كػانوا مرتػدين
ووبتبل أمم جحدوا وجوب الزكاة ووبتبل غك ذل فبل هبوز اغبكم ب ى ؿبػل النػزاع ووبتبػل
ػاهرا .كبػػا
أف أبػػا بكػػر قػػاؿ ذلػ ألمػػم ارتكبػوا كبػػا ر ومػػاتوا مػػن غػػك توبػػة فحكػػم ؽبػػم بالنػػار ظػ ً
ػاهرا واألمػر إَ اهلل تعػاَ ى اعببيػع وٍ وبكػم علػيهم بالتصليػد حكم لقتلى اةاهدين باعبنػة ظ ً
قومػػا
وال يلػزـ مػن اغبكػم بالنػار اغبكػم بالتصليػد بعػد أف أمتػ النػ -صػلى اهلل عليػ وسػلم -أف ً
من أمت يدمتلوف النار ه ىبرجهم اهلل تعاَ منها ويدمتلهم اعبنػة" اه ػ (انظػر :اؼبغػ -573/2 :
.)575
عند الزيدية:
وى األزهػػار ووػػرح للزيديػػة :إذا ادعػػى رب اؼبػػاؿ أف الزكػػاة سػػاقطة عن ػ وأن ػ ال يبل ػ النصػػاب
فالقوؿ قول ولكن هبػ علػى اإلمػاـ أو مػن يلػ مػن جهتػ أف وبلفػ عنػد التهبػة -أي باليػ
ى صػػدق -وهػػذا إذا ٍ تكػػن عدالت ػ ظػػاهرة فأمػػا إذا كػػاف ظػػاهر العدالػػة ف ن ػ ال ُوبلػػه (وػػرح
األزهار وحواوي 536/4 :وانظر :البحر.)494-496/2 :
أم ػػا إذا أق ػػر رب اؼب ػػاؿ بوج ػػوب الزك ػػاة لك ػػن ادع ػػى أنػ ػ ق ػػد فرقه ػػا -قب ػػل مطالب ػػة اإلم ػػاـ -ى
مستحقها وٍ يتحقق اؼبصدؽ ذل فعلى مدع التفريق أف يقيم البينة علػى ذلػ ؛ ألف األصػل
صبيعا .وإال
عدـ اإلمتراج -وعلى أف التفريق وقع قبل طل اإلماـ .ف ف أقاـ البينة على الوجوب ً
أمتذها من اؼبصدؽ وليس ل أف يقبل قول ولو كاف ظاهر العدالة (اؼبرجع السابق).
وفبا يتبم ما سبق ما ذكرخ العلباء ى حكم دفػع الزكػاة إَ السػلطاف اعبػا ر وامتػتبلفهم فيػ علػى
ثبلثة أقواؿ:
-4اعبواز مطل ًقا -2 .اؼبنع مطل ًقا -3 .التفصيل.
رأى اةوزين:
أما اةوزوف فاحت وا ؼبذهبهم ى جواز الدفع إَ الظلبة جببلػة أحاديػث صػروبة منهػا مػا ذكػرخ ى
"اؼبنتق " (انظر :نيل األوطار.)465-464/4 :
ػز منهػػا إَ ػز الزكػػاة إَ رسػول فقػػد بر ػ ُ( أ ) عػػن أنػػس" :أف رجػبلً قػػاؿ :يػػا رسػػوؿ اهلل إذا أديػ ُ
ز منها إَ اهلل ورسول فل أجرها وإشبها اهلل ورسول ؟ قاؿ( :نعم إذا أديتها إَ رسوُ فقد بر َ
على من بدؽبا) (رواخ أضبد كبا ى نيل األوطار -455/4 :طبع الع بانية).
( ب ) وعن ابن مسػعود أف رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم -قػاؿ( :إمػا سػتكوف بعػدي أثػرة
وأمور تنكروما) قالوا :يا رسوؿ اهلل فبا تأمرنػا؟ .قػاؿ( :تػؤدوف اغبػق الػذي علػيكم وتسػألوف اهلل
الذي لكم) (متفق علي -اؼبرجع السابق).
ػز رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم -ورجػل يسػأل فقػاؿ: (جػ) وعن وا ػل بػن ح ػر قػاؿ :ظبع ُ
أرأيز إف كاف علينا أمراء يبنعوننا حقنا ويسػألوننا حقهػم؟ فقػاؿ( :اظبعػوا وأطيعػوا؛ ف مبػا علػيهم مػا
ضبلوا وعليكم ما ضبلتم) (رواخ مسلم وال مذي وصحح -اؼبرجع نفس ).
وؽبػػذخ األحاديػػث مغػػزى ذو أنبيػػة وهػػو أف الدولػػة اإلسػػبلمية ى حاجػػة دا بػػة إَ مػػاؿ تقػػيم ب ػ
التكافػػل االجتبػػاع وربقػػق ب ػ كػػل مصػػلحة عامػػة تعلػػو هبػػا كلبػػة اإلسػػبلـ ف ػ ذا كػػه األف ػراد
أيػديهم عػن مػػد الدولػة باؼبػاؿ الػػبلزـ عبػور بعػض اغبػػاكبني امتتػل ميػزاف الدولػػة واشػطرب حبػػل
األمة وطبع فيها أعداؤها اؼب بصوف فكػاف ال بػد مػن طاعتهػا بػأداء مػا تطلػ مػن الزكػاة .وهػذا
ال يناى مقاومة الظلم بكل سبيل ورعها اإلسبلـ.
فعلى األفراد اؼبسلبني أف يقدموا مػا يُطلػ مػنهم مػن اغبقػوؽ اؼباليػة وعلػيهم مػع ذلػ اؼبناصػحة
قيامػا بواجػ النصػيحة ى الػدين والتواصػ بػاغبق والصػ واألمػر بػاؼبعروؼ والنهػ لوالة األمػر ً
عن اؼبنكر.
احا عندهم في من كفرا بو ً
ويبقى هنا حق اعبباعة اؼبسلبة بل واجبها ى متلع يد الطاعة إذا رأوا ً
اهلل برهاف.
كبا يبقى حق الفرد اؼبسلم بل واجب ى التبرد على كل أمػر مباوػر يصػدر إليػ دبعصػية صػروبة
كبا جػاء ى اغبػديث الصػحي ( :السػبع والطاعػة حػق علػى اؼبػرء اؼبسػلم فيبػا أحػ وكػرخ مػا ٍ
يػػؤمر دبعصػػية فػ ذا أمػػر دبعصػػية فػػبل ظبػػع وال طاعػػة) (رواخ اعبباعػػة عػػن ابػػن عبػػر كبػػا ى اعبػػامع
الصغك).
والذي ال ري في أف هؤالء األمراء الذين أفك الصحابة بػدفع الزكػاة إلػيهم إمبػا هػم قػوـ مسػلبوف
حكبا بل جاهدوا ى سػبيل وفتحػوا الفتػوح باظبػ وربػز رايتػ . آمنوا باإلسبلـ والتزموخ وارتضوخ ً
اتباعا للهوى.
وإف حادوا ى بعض أحكامهم عن إي ًارا للدنيا أو ً
فهػػؤالء تُػػدفع إلػػيهم الزكػػاة وسػػا ر اغبقػػوؽ اؼباليػػة كبػػا صػػرحز بػػذل األحاديػػث الصػػحيحة الػػب
استدؿ هبا اعببهور.
وهؤالء غك ك ك من حكاـ عصرنا الذين قطعوا صلتهم باإلسبلـ وازبذوخ وراءهم ظهريًا وازبػذوا
ورا بل إف منهم َمن أصب حربًا على اإلسبلـ وأهل ودعاتػ فهػؤالء ال هبػوز أف هذا القرآف مه ً
يػُ َعانوا دباؿ الزكاة على نير كفرهم وإغبادهم وإفسػادهم ى األرض فػالتزاـ اغبػاكم لئلسػبلـ وػرط
ى جواز دفع الزكاة إلي .
ولقػػد اتفػػق صبهػػور الفقهػػاء علػػى أف ابػػن السػػبيل اؼبسػػافر ى معصػػية ال يُعطػ مػػن مػػاؿ الزكػػاة حػػك
يتوب وكذل الغارـ ى معصية إذ ال هبوز أف يعانا من ماؿ اهلل على معصية اهلل.
فكيػػه حبػػاكم يأمتػػذ مػػاؿ اهلل ليصػػد عػػن سػػبيل اهلل ويعطػػل وػريعة اهلل ويػػؤذي كػػل َمػػن دعػػا إَ
حكم الل ؟
ويع ب هنا ما قال اؼبصل العبلمػة السػيد روػيد رشػا -رضبػ اهلل -ى تفسػك اؼبنػار قػاؿ :وإمػاـ
اؼبسلبني ى دار اإلسبلـ هو الذي تؤدي ل صدقات الزكاة وهػو صػاح اغبػق جببعهػا وصػرفها
ؼبستحقيها وهب علي أف يقاتل الذين يبتنعوف عن أدا ها إلي .
"ولكن أك ر اؼبسلبني ٍ يبق ؽبػم ى هػذا العصػر حكومػات إسػبلمية تقػيم اإلسػبلـ بالػدعوة إليػ
وال ػػدفاع عن ػ واعبه ػػاد ال ػػذي يوجب ػ وجوبًػػا عينيًػػا أو كفا يًػػا وتق ػػيم ح ػػدودخ وتأمت ػػذ الص ػػدقات
اؼبفروشػػة كبػػا فرشػػها وتضػػعها ى مصػػارفها الػػب حػػددها بػػل سػػق أك ػػرهم ربػػز سػػلطة دوؿ
اإلفرن وبعضهم ربز سلطة حكومػات مرتػدة عنػ أو ملحػدة فيػ (أصػب هػذا النػوع هػو األعػم
األغل على اغبكومػات ى ك ػك مػن بػبلد اؼبسػلبني اليػوـ فقػد ربػررت مػن سػلطاف دوؿ اإلفػرن
لتقػػع ى سػػلطة العلبػػانيني والبلدينيػػني) .ولػػبعض اػباشػػعني لػػدوؿ اإلف ػرن رؤسػػاء مػػن اؼبسػػلبني
اعبغ ػرافيني ازبػػذهم اإلف ػرن آالت إلمتضػػاع اليػػعوب ؽبػػم باسػػم اإلسػػبلـ حػػك فيبػػا يهػػدموف ب ػ
اإلسبلـ ويتصرفوف بنفوذهم وأمرهم ى مصاً اؼبسلبني وأمواؽبم اػباصة هبم فيبػا لػ صػفة دينيػة
مػػن صػػدقات الزكػػاة واألوقػػاؼ وغكهػػا .فأم ػػاؿ هػػذخ اغبكومػػات ال هبػػوز دفػػع وػ ء مػػن الزكػػاة ؽبػػا
مهبا يكن لق ر يسها ودين الرظب .
"وأم ػػا بقاي ػػا اغبكوم ػػات اإلس ػػبلمية ال ػػب ي ػػدين أ بته ػػا ورؤس ػػاؤها باإلس ػػبلـ وال س ػػلطاف عل ػػيهم
لؤلجان ػ ى بيػػز مػػاؿ اؼبسػػلبني فه ػ الػػب هب ػ أداء الزكػػاة الظػػاهرة أل بتهػػا .وكػػذا الباطنػػة -
كالنقػدين -إذا طلبوهػا وإف كػانوا جػا رين ى بعػض أحكػامهم كبػا قػاؿ الفقهػاء وتػ أ ذمػة مػن
أداها إليهم وإف ٍ يضعوها ى مصارفها اؼبنصوصة -ى اآلية اغبكيبة -بالعدؿ.
"والذي نل علي احملققوف -كبا ى ورح اؼبهذب وغكخ -أف اإلماـ أو السلطاف إذا كاف جػا ًرا
ال يضع الصدقات ى مصارفها اليػرعية فاألفضػل ؼبػن وجبػز عليػ أف يؤديهػا ؼبسػتحقيها بنفسػ
إذا ٍ يطلبها اإلماـ أو العامل من قِبَلِ " (تفسك اؼبنار -595،596/46 :الطبعة ال انية)
الفصل ال الث
دفع القيبة ى الزكاة
فهرس
أدلة اة روزين
موازنة وترجي
سب اػببلؼ
إذا وج ػ علػػى رب اؼبػػاؿ وػػاة ى غنب ػ .أو ناقػػة ى إبل ػ أو إردب ى قبح ػ أو قنطػػار ى شبػػرخ
وفاكهتػ فهػػل يتحػػتم عليػ أف ىبػػرج هػػذخ األوػػياء عينهػػا أـ ُىبػػك بينهػػا وبػػني أداء قيبتهػػا بػػالنقود
م بلً ف ذا أمترج القيبة أجزأت وصحز زكات ؟
امتتلػه ى ذلػ الفقهػػاء علػى أقػواؿ :فبػنهم مػػن يبنػع ذلػ ومػنهم مػػن هبيػزخ بػػبل كراهػة ومػػنهم
من هبيزخ مع الكراهة ومنهم من هبيز ى بعض الصور دوف بعض.
وأك ػػر اؼبتيػػددين ى منػػع إمت ػراج القيبػػة هػػم اليػػافعية والظاهريػػة ويقػػابلهم اغبنفيػػة فهػػم هبيػػزوف
إمتراجها ى كل حاؿ وعند اؼبالكية واغبنابلة روايات وأقواؿ.
فف ػ ـبتصػػر "متلي ػػل" .أف دف ػػع القيبػػة ال هبػػزيء وق ػػد تبػػع في ػ اب ػػن اغباج ػ وابػػن بي ػػك وق ػػد
اع ش ى "التوشي " بأن متبلؼ مػا ى اؼبدونػة ونصػ اؼبيػهور ى إعطػاء القيبػة :أنػ مكػروخ ال
طعامػا ويكػرخ للرجػل اوػ اء عرشػا أو ً ؿبػرـ (قػاؿ ى اؼبدونػة" :وال يعطػ فبػا لزمػ مػن الزكػاة العػني ً
صدقت " أهػ ف عل من وراء الصدقة وأن مكروخ وم ل البن عبد السبلـ.
قاؿ الباج :ظاهر اؼبدونة وغكها :أن من باب وراء الصدقة واؼبيهور في أن مكروخ ال ؿبرـ.
وقد قاؿ بعض اؼبالكية :ظػاهر كبلمهػم :أف مػا ى التوشػي وابػن عبػد السػبلـ هػو الػراج ويػدؿ
أيضا وهنػاؾ تفصػيل ل امتتيار ابن رود ل حيث قاؿ :اإلجزاء أظهر األمواؿ وصوب ابن يونس ً
ى إمتراج القيبة انفرد ب بعض اؼبالكية وذكرخ الدردير وهو :أف إمتراج العني "النقود" عن اغبػرث
أو اؼباوػػية هبػػزيء م ػػع الكراه ػػة وأمػػا إمت ػراج العػػرض عنهبػػا أو ع ػػن العػػني أو إمت ػراج اغبػػرث أو
اؼباو ػػية ع ػػن الع ػػني أو اغب ػػرث ع ػػن اؼباو ػػية أو عكس ػ ف ػػبل هب ػػزيء .انظ ػػر الي ػػرح الكب ػػك لل ػػدردير
وحاوية الدسوق علي .)562/4 :
وى وػػرح الرسػػالة البػػن نػػاج (اعبػػزء األوؿ ص . )346قػػوؿ ألوػػه وابػػن القاسػػم بػػأف إمت ػراج
القيبة مطل ًقا جا ز وقيل بعكس .
وى اؼبدونة :من ج خ اؼبصدؽ على أمتذ شبن الصدقة رجوت أف ذبزي .قاؿ الييوخ :ألنػ حػاكم
وحكم اغباكم يرفع اػببلؼ (انظر :ورح الرسالة لزروؽ.)346/4 :
وأما عند اغبنابلة فذكر ى "اؼبغ " :أف ظاهر مذه أضبد :أن ال هبزيء إمتراج القيبة ى و ء
من الزكوات ال زكاة الفطر وال زكاة اؼباؿ ألن متبلؼ السنة.
وروي عػػن أضبػػد القػػوؿ بػػاعبواز فيبػػا عػػدا الفطػػرة وقػػاؿ أبػػو داود :سػػئل أضبػػد ع ػن رجػػل بػػاع شبػػرة
شبرا وإف واء شبرا أو شبن ؟ قاؿ :إف واء أمترج ً لبل ؟ قاؿ :عيرخ على الذي باع .قيل ل :فيصرج ً
أمترج من ال بن وهذا دليل على جواز إمتراج القيم (اؼبغ -65/3 :طبع اؼبنار (ال انية).
أما زكاة الفطر فقد ودد فيها وٍ هبز إعطاء القيبة وأنكر على مػن احػت بفعػل عبػر بػن عبػد
العزيز (اؼبصدر السابق) .كبا سنبني ذل ى الباب السابع.
سب اػببلؼ
والسب األوؿ ؽبذا النزاع يرجع إَ امتتبلؼ زوايا النظر إَ حقيقة الزكاة :هل ه عبادة وقربة هلل
تعاَ أـ حق مرت ى ماؿ األغنياء للفقراء؟ وبتعبكنا :شريبة مالية مفروشة على مال النصاب؟
واغبػػق أف الزكػػاة -كبػػا ذكرنػػا ى غػػك موشػػع -رببػػل اؼبعنيػػني ولكػػن بعػػض الفقهػػاء كاليػػافع
وأضبد -ى اؼبيهور عن -وبعض اؼبالكية وكذل الظاهرية غلبوا معػ العبػادة والقربػة ى الزكػاة
فحتبوا على اؼبال إمتراج العني الب جاء هبا النل وٍ هبوزوا ل إمتراج القيبة.
وغل أبو حنيفة وأصحاب وآمتػروف مػن األ بػة اعبانػ اآلمتػر :أمػا حػق مػاُ قصػد بػ سػد متلػة
الفقػ ػراء ف ػػوزوا إمتػ ػراج القيب ػػة (انظ ػػر البح ػػر 474 476 444/2 :وفقػ ػ اإلم ػػاـ جعف ػػر:
.)74-76/2
استند اؼبانعوف إَ أدلة متفرقة -من النظر واألثر -قببع وتاهتا ونرتبها فيبا يل :
-4قػػاؿ إمػػاـ اغبػػرمني اعبػػوي -وهػػو وػػافع :-اؼبعتبػػد ى الػػدليل ألصػػحابنا :أف الزكػػاة قُربػػة هلل
تعاَ وكل ما كاف كذل فسبيل أف يتبػع فيػ أمػر اهلل تعػاَ ولػو قػاؿ إنسػاف لوكيلػ :اوػ ثوبًػا
وعلم الوكيل أف غرش الت ػارة ووجػد سػلعة هػ أنفػع ؼبوكلػ ٍ يكػن لػ ـبالفتػ وإف رآخ أنفػع
فبا هب هلل تعاَ بأمرخ أوَ باالتباع.
وكبػػا ال هبػػوز ى الصػػبلة إقامػػة السػ ود علػػى اػبػػد والػػذقن مقػػاـ السػ ود علػػى اعببهػػة واألنػػه
والتعليل في دبع اػبضوع؛ ألف ذل ـبالفة للنل ومتروج على مع التعبد .كذل ال هبػوز ى
الزكػػاة إمت ػراج قيبػػة اليػػاة أو البعػػك أو اغب ػ أو ال بػػر اؼبنصػػوص علػػى وجوب ػ ؛ ألف ذل ػ متػػروج
على النل وعلى مع التعبد والزكاة أمتز الصبلة (اةبوع للنووي.)43/5 :
وبي ػػاف ذلػ ػ :أف اهلل س ػػبحان أم ػػر ب يت ػػاء الزك ػػاة ى كتابػ ػ أم ػ ًػرا ؾببػ ػبلً دب ػػل قولػ ػ ( :وآتػ ػوا الزَك ػػا َة)
وج ػػاءت السػػنة ففصػػلز م ػػا أصبل ػ القػػرآف وبينػػز اؼبقػػادير اؼبطلوبػػة دب ػػل قول ػ -صػػلى اهلل علي ػ
وسػػلم( : -ى كػػل أربعػػني وػػاة وػػاة) (ى كػػل طبسػػة مػػن اإلبػػل وػػاة) إٌ فصػػار كػػأف اهلل تعػػاَ
قػػاؿ" :وآت ػوا الزكػػاة مػػن كػػل أربعػػني وػػاة وػػاة" فتكػػوف الزكػػاة ح ًقػػا للفقػػك هبػػذا الػػنل فػػبل هبػػوز
االوتغاؿ بالتعليل إلبطاؿ حق من العني.
-2يؤك ػػد ه ػػذا اؼبع ػ أمػػر آمت ػػر ذكػػرخ القاش ػ أب ػػو بكػػر ب ػػن العػػرل اؼبػػالك وه ػػو :أف التكلي ػػه
واالبتبلء بػ متراج الزكػاة لػيس بػنقل األمػواؿ فقػ -كبػا فهػم أبػو حنيفػة -فػ ف هػذا ذهػوؿ عػن
التوفية غبق التكليه ى تعيني الناقل وهو يوازي التكليه ى قدر الناقل فػ ف اؼبالػ يريػد أف
يبقى ملك حبال وىبرج من غكخ عن ف ذا مالز نفس إَ ذل وعلقز ب كاف التكليه قطػع
تل ػ العبلقػػة الػػب ه ػ بػػني القل ػ وبػػني ذل ػ اعبػػزء مػػن اؼبػػاؿ فوج ػ إمت ػراج ذل ػ اعبػػزء بعين ػ
(أحكاـ القرآف القسم ال اْ ص. )945
ػكرا هلل عل ػػى نعب ػػة اؼب ػػاؿ
-3ومع ػ ػ ثال ػػث وه ػػو :أف الزك ػػاة وجب ػػز ل ػػدفع حاج ػػة الفق ػػك و ػ ً
واغباجات متنوعة فينبغ أف يتنوع الواج ؛ ليصػل إَ الفقػك مػن كػل نػوع مػا تُػدفع بػ حاجتػ
ووبصل وكر النعبة باؼبواساة من جنس ما أنعم اهلل علي ب (انظر اؼبغ .)66/3 :
-4وبعد ذل قد روى أبو داود وابن ماج (ذكرخ ى "اؼبنتق " وقاؿ اليوكاْ :صحح اغباكم
على ورطهبا وى إسنادخ عطاء عن معاذ وٍ يسبع من ؛ ألن ولد بعد موت أو ى سنة موت أو
بعد موت بسنة (نيل األوطار -452/4 :طبع الع بانية) .أف الن -صػلى اهلل عليػ وسػلم -قػاؿ
ؼبعاذ حني بع إَ اليبن( :متذ اغب من اغب والياة من الغنم والبعك من اإلبػل والبقػر مػن
البقػػر) وهػػو نػػل هب ػ الوقػػوؼ عنػػدخ فػػبل هبػػوز ذبػػاوزخ إَ أمتػػذ القيبػػة ألن ػ ى هػػذخ اغبػػاؿ
سيأمتذ من اغب ويئًا غك اغبػ ومػن الغػنم وػيئًا غػك اليػاة ....إٌ وهػو متػبلؼ مػا أمػر بػ
اغبديث.
أدلة اة روزين
أمػػا الػػذين أجػػازوا إمتػراج القيبػػة بػػدالً عػػن العػػني مػػن اغبنفيػػة ومػػن وافقهػػم مػػن الفقهػػاء فيػػرحوا
وجهة مذهبهم وبينوا مستندهم من العقل والنقل دبا نذكرخ فيبا يل :
-4إف اهلل تعاَ يقوؿُ ( :مت ْذ ِم ْن أمواؽبم صدقةً) (التوبة )463 :فهو تنصيل على أف اؼبأمتوذ
ماؿ والقيبة ماؿ فأوبهز اؼبنصوص علي .
أمػػا بيػػاف الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -ؼبػػا أصبل ػ القػػرآف دب ػػل( :ى كػػل أربعػػني وػػاة وػػاة) فهػػو
للتيسك على أرباب اؼبواو ال لتقييػد الواجػ بػ ؛ فػ ف أربػاب اؼبواوػ تعػز فػيهم النقػود واألداء
فبا عندهم أيسر عليهم (اؼببسوط.)457/2 :
-2وقد روى البيهق بسندخ والبصاري معل ًقا عن طاوس قاؿ :قاؿ معاذ باليبن :ا توْ خببػيس
أو لبيس آمتذخ منكم مكاف الصدقة ف ن أهوف عليكم ومتك للبهاجرين باؼبدينة.
وى روايػػة" :ا تػػوْ بعػػرض ثيػػاب آمتػػذخ مػػنكم مكػػاف الػػذرة واليػػعك" (السػػنن الك ػ ى للبيهق ػ :
.)443/4
وذل أف أهل اليبن كػانوا ميػهورين بصػناعة ال يػاب ونسػ ها فػدفعها أيسػر علػيهم علػى حػني
كاف أهل اؼبدينة ى حاجة إليها وقد كانز أمواؿ الزكػاة تفضػل عػن أهػل الػيبن فيبعػث هبػا معػاذ
إَ اؼبدينػػة عاصػػبة اػببلفػػة وقػػوؿ معػػاذ الػػذي اوػػتهر فػػرواخ طػػاوس فقيػ الػػيبن وإمامهػػا ى عصػػر
التابعني -يدلنا على أن ٍ يفهم من اغبديث اآلمتػر الػذي أمػرخ فيػ الرسػوؿ بأمتػذ اعبػنس( :متػذ
اغبػ مػػن اغبػ واليػػاة مػػن الغػػنم…) أنػ إل ػزاـ بأمتػػذ العػػني ولكػػن ألنػ هػػو الػػذي يطال ػ ب ػ
أربػػاب األم ػواؿ والقيبػػة إمبػػا تؤمتػػذ بامتتيػػارهم وإمبػػا عػػني تل ػ األجنػػاس ى الزكػػاة تسػػهيبلً علػػى
أرباب األمواؿ؛ ألف كل ذي ماؿ إمبا يسهل علي اإلمتراج من نوع اؼباؿ الذي عندخ كبا جاء ى
بعػػض اآلثػػار :أن ػ -علي ػ السػػبلـ -جعػػل ى الديػػة علػػى أهػػل اغبلػػل حل ػبلً (اعبػػوهر النق ػ البػػن
ال كباْ اؼبطبوع مع السنن الك ى.)443/4 :
-3وروى أضبػػد والبيهق ػ :أف الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -أبصػػر ناقػػة مسػػنة ى إبػػل الصػػدقة
فغضػ وقػػاؿ :قاتػػل اهلل صػػاح هػػذخ الناقػػة" !! (يعػ السػػاع الػػذي أمتػػذها) فقػػاؿ :يػػا رسػػوؿ
اهلل إْ ارذبعتها ببعكين من حواو الصدقة .قاؿ( :فنعم إذف) وهذا اغبديث صاً لبلحت ػاج
ب من حيث السند (انظر اؼبصدر السابق) ومن حيث الداللة ف ف أمتذ الناقة ببعكين إمبا يكوف
باعتبار القيبة.
-4إف اؼبقصود من الزكاة إغناء الفقك وسد متلة احملتاج وإقامػة اؼبصػاً العامػة للبلػة واألمػة الػب
هبػػا تعلػػو كلبػػة اهلل وهػػذا وبصػػل بػػأداء القيبػػة كبػػا وبصػػل بػػأداء اليػػاة وردبػػا يكػػوف ربقيػػق ذل ػ
بأداء القيبة أظهر وأيسر ومهبا تتنوع اغباجات فالقيبة قادرة على دفعها.
-5ه إن هبوز باإلصباع العدوؿ عن العني إَ اعبنس بأف ىبػرج زكػاة غنبػ وػاة مػن غػك غنبػ
أيضا من جنس إَ جنس. وأف ىبرج عُير أرش حبًا من غك زرع ف از العدوؿ ً
وى هذا رد على القاش ابن العرل الذي رأى أف لليارع قص ًػدا ى تعيػني اعبػزء الواجػ إمتراجػ
ػودا
من اؼباؿ لقطع العبلقة بني قل اؼبال وبػني ذلػ اعبػزء اؼبعػني مػن مالػ ولػو كػاف ذلػ مقص ً
لليارع ما جاز ل باإلصباع أف يعدؿ عن هذا اعبزء من مال وىبرج م ل من جنسػ مػن مػاؿ آمتػر
ألي ـبلوؽ من الناس.
-6روى سػػعيد بػػن منصػػور ى سػػنن عػػن عطػػاء قػػاؿ :كػػاف عبػػر بػػن اػبطػػاب يأمتػػذ العػػروض ى
الصدقة من الدراهم (اؼبغ .)65/3 :
موازنة وترجي
أعتقػػد أننػػا بعػػد التأمػػل ى أدلػػة الف ػريقني يتبػػني لنػػا رجحػػاف مػػا ذه ػ إلي ػ اغبنفيػػة ى هػػذا اؼبقػػاـ
تسندهم ى ذل األمتبار واآلثار كبا يسندهم النظر واالعتبار.
واغبقيقة أف تغلي جانػ العبػادة ى الزكػاة وقياسػها علػى الصػبلة ى التقيػد دبػا ورد مػن نصػفيبا
يؤمتذ -ال يتفق هو وطبيعة الزكاة الب رج فيهػا مػن متػالفوا اغبنفيػة أنفسػهم اعبانػ اآلمتػر:أمػا
حق ماُ وعبادة متبيزة فأوجبوها ى ماؿ الص واةنوف حيث تسق عنػ الصػبلة وكػاف أوَ
هبػم أف يػػذكروا هنػا مػػا قػالوخ هنػػاؾ وردوا بػ علػػى اغبنفيػة الػػذين أسػقطوا الزكػػاة مػن غػػك اؼبكلفػػني
قياسا على الصبلة.
ً
والواقػػع أف رأي اغبنفيػػة أليػػق بعص ػرنا وأهػػوف علػػى النػػاس وأيسػػر ى اغبسػػاب ومتاصػػة إذا كانػػز
هناؾ إدارة أو مؤسسة تتوَ صبػع الزكػاة وتفريقهػا فػ ف أمتػذ العػني يػؤدي إَ زيػادة نفقػات اعببايػة
بسب ما وبتاج نقل األوياء العينية من مواطنها إَ إدارة التحصيل وحراستها واحملافظػة عليهػا
من التله وهتيئة طعامها ووراهبا وحظا رها إذا كانز من األنعاـ من مؤنة وكله ك كة .فبػا ينػاى
مبدأ "االقتصاد" ى اعبباية.
وقد روى هذا الرأي عن عبر بن عبد العزيز واغبسن البصري وإلي ذه سفياف ال وري وروي
عن أضبد م ل قػوؽبم ى غػك زكػاة الفطػر (اؼبغػ .)65/3 :قػاؿ النػووي :وهػو الظػاهر مػن مػذه
البصاري ى صحيح (اةبوع.)429/5 :
وقاؿ ابن رود :وافق البصاري ى هػذخ اؼبسػألة اغبنفيػة مػع ك ػرة ـبالفتػ ؽبػم لكػن قػادخ إَ ذلػ
الدليل (فت الباري.)266/3 :
وذل أف البصاري عقد بابًا ألمتذ العروض ى الزكاة (وهو أمتذ بالقيبة) مستدالً بأثر معاذ الذي
رواخ عن طاوس حيث طل أف يأمتذ منهم ال ياب ى الصػدقة مكػاف الػذرة واليػعك فػ ف ذلػ
أهػػوف علػػيهم ومتػػك ألصػػحاب النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -باؼبدينػػة (ذكػػر البصػػاري أثػػر طػػاوس
معل ًقا بصيغة اعبزـ وهذا دليل على صحت عندخ وقد كاف طاوس -وهو إمػاـ الػيبن وفقيههػا ى
عصػر التػابعني -عاؼبػا بأمتبػػار معػاذ بػاليبن وإيػراد البصػاري ألثػرخ ى معػػرض االحت ػاج بػ يقتضػ
ً
قوت عندخ (الفت .)266/3 :
كبا استدؿ بأحاديث أمترى منها ما جاء ى كتاب أل بكر ى صدقة اؼباوية إذ جاء في ( :ومن
بلغػػز صػػدقت بنػػز ـبػػاض (وليسػػز عنػػدخ) وعنػػدخ بنػػز لبػػوف ف مػػا تُقبػػل من ػ ويعطي ػ اؼبص ػدرؽ
ػياها يػدؿ علػى
عيرين درنبًا أو واتني) وأمتذ سن بدؿ سن ومع إعطاء قيبة الفرؽ دراهم أو و ً
أف أمتذ العني ليس مطلوبًا بالذات ولكن للتيسك على أرباب األمواؿ.
اعبا أن ال تقوـ ب ح ّ ة لوجوخ ذكرها. أما ابن حزـ فرد االستدالؿ حبديث طاوس ز ً
طاوسا ٍ يدرؾ معا ًذا وال ولد إال بعد موت معاذ. أوؽبا :أن مرسل ألف ً
ال ػػاْ :أنػ لػػو صػ ؼبػػا كانػػز فيػ ح ّ ػػة؛ ألنػ لػػيس عػػن رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -وال
ح ة إال فيبا جاء عن علي السبلـ.
ال الث :أن ليس في أن قاؿ ذل ى الزكاة وقد يبكن -لو ص -أف يكوف قال ألهػل اعبزيػة
وكاف يأمتذ منهم الذرة واليعك والعرض مكاف اعبزية.
الرابع :أف الدليل على بطبلف هذا اػب ما في مػن قػوؿ معػاذ" :متػك ألهػل اؼبدينػة" وحاوػا هلل أف
ػكا فب ػػا أوجب ػ (احملل ػ -342/6 :طب ػػع يق ػػوؿ مع ػػاذ ه ػػذا في ع ػػل م ػػا ٍ يوجب ػ اهلل -تع ػػاَ -مت ػ ً
اإلماـ).
واغبق أف هذخ الوجوخ شعيفة:
فطاوس -وإف ٍ يلق معا ًذا -عػاٍ بػأمرخ متبػك بسػكت كبػا قػاؿ اليػافع وقػد كػاف طػاوس إمػاـ
اليبن ى عصر التابعني فهو على دراية بأحواؿ معاذ وأمتبارخ والعهد قري .
لسنة النػ -صػلى اهلل وعبل معاذ ى اليبن وأمتذخ القيبة دليل على أن ال هبد ى ذل معارشة ُ
علي وسلم -وهو الذي جعل اجتهادخ ى اؼبرتبة ال ال ة بعد القرآف والسػنة وعػدـ إنكػار أحػد مػن
الصحابة علي يدؿ على موافقتهم الضبنية على هذا اغبكم.
أما احتباؿ أف يكوف هذا اػب ى اعبزية فهو شعيه بل باطل كبا قاؿ العبلمة أضبػد وػاكر ى
تعليق عل احملل ف ن ى رواية وبىي بن آدـ" :مكاف الصدقة".
وأما الوج الرابع فهو تعسه وربامل من ابن حزـ ف ف مع " :متك لكم" ى اػبػ " :أنفػع لكػم"
غبػػاجتهم إَ ال يػػاب أك ػػر مػػن الػػذرة واليػػعك وهػػذا أمػػر واقػػع ال ن ػزاع في ػ .أمػػا قول ػ ٍ" :يوجب ػ
اهلل" ....إٌ فهػػذا هػػو موشػػوع النػزاع فػػبل هبػػوز االحت ػػاج بػػنفس الػػدعوى وأمتػػذ القيبػػة حينئػػذ
يكوف فبا أوجب اهلل تعاَ ى ورع .
وذه ػ ابػػن تيبيػػة مػػذهبًا وس ػطًا بػػني الف ػريقني اؼبتنػػازعني قػػاؿ في ػ " :األظهػػر ى هػػذا :أف إمت ػراج
القيبػػة لغػػك حاجػػة وال مصػػلحة راجحػػة فبنػػوع من ػ وؽبػػذا قػػدر الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم-
اعب اف بياتني أو عيرين درنبًا وٍ يعدؿ إَ القيبة وألنػ مػك جػوز إمتػراج القيبػة مطل ًقػا فقػد
يعػػدؿ اؼبال ػ إَ أنػواع رديئػػة وقػػد يقػػع ى التقػػوٓ شػػرر وألف الزكػػاة مبناهػػا علػػى اؼبواسػػاة وهػػذا
معتػ ى قػػدر اؼبػػاؿ وجنسػ وأمػػا إمتػراج القيبػػة للحاجػػة أو للبصػػلحة أو العػػدؿ فػػبل بػػأس بػ :
م ل أف يبيع شبر بستان أو زرعػ بػدراهم فهنػا إمتػراج عُيػر الػدراهم هبز ػ وال يُكلػه أف ييػ ي
شبرا أو حنطة إذ كاف قد ساوى الفقراء بنفس وقد نل أضبد على جواز ذل . ً
وم ػػل أف هب ػ علي ػ وػػاة ى طبػػس مػػن اإلبػػل ولػػيس عنػػدخ مػػن يبيع ػ وػػاة ف ػ متراج القيبػػة هنػػا
كاؼ وال يُكله السفر إَ مدينة أمترى ليي ي واة.
وم ػػل أف يكػػوف اؼبسػػتحقوف للزكػػاة طلب ػوا منػ إعطػػاء القيبػػة لكومػػا أنفػػع فيعطػػيهم إياهػػا أو يػػرى
الساع أما أنفع للفقراء كبا نُقل عن معاذ بن جبل أن كاف يقوؿ ألهل اليبن" :ا توْ خببيس
أو لبيس أيسر علػيكم ومتػك ؼبػن ى اؼبدينػة مػن اؼبهػاجرين واألنصػار" وهػذا قػد قيػل :إنػ قالػ ى
الزكاة وقيل ى اعبزية" اهػ(-ؾببوع فتاوى ابن تيبية -83-82/25 :طبع السعودية).
وهػػذا قريػ فبػػا امت نػػاخ واغباجػػة واؼبصػػلحة ى عصػرنا تقتضػ ج ػواز أمتػػذ القيبػػة مػػا ٍ يكػػن ى
ذل شرر بالفقراء أو أرباب اؼباؿ.
الفصل الرابع
نقل الزكاة إَ غك بلد اؼباؿ
فهرس
إصباعا
ً جواز نقل الزكاة من بلد إذا استغ أهل
لئلسػػبلـ ى إنفػػاؽ حصػػيلة الزكػػاة سياسػػة حكيبػػة عادلػػة تتفػػق هػ وأحػػدث مػػا ارتقػػى إليػ تطػػور
األنظبػػة اإلداريػػة والسياسػػية واؼباليػػة ى عص ػرنا الػػذي ىبيػػل لػػبعض النػػاس أف كػػل مػػا يػػأن ب ػ مػػن
النظم والتيريعات جديد مبتكر.
فق ػػد ع ػػرؼ الن ػػاس ى عص ػػور اعباهلي ػػة وى عه ػػود الظ ػػبلـ ى أوروب ػػا وغكه ػػا كي ػػه كان ػػز ذبػ ػ
الض ػرا واؼبك ػػوس م ػػن الفبلح ػػني والص ػػناع واحمل ف ػػني والت ػػار وغ ػػكهم فب ػػن يكس ػ رزق ػ بك ػػد
اليبني وعرؽ اعببني وسهر الليل وتع النهار لتذه هذخ األمواؿ -اؼببزوجة بػالعرؽ والػدـ
والدمع -إَ اإلم اطػور أو اؼبلػ أو األمػك أو السػلطاف ى عاصػبت الزاهيػة فينفقهػا ى توطيػد
عروػ ومظػػاهر أهبتػ واإلغػػداؽ علػػى مػػن حولػ مػػن اغبػراس واألنصػػار واألتبػػاع فػ ف بقػ فضػػل
فلتوسػػيع العاصػػبة وذببيلهػػا واس شػػاء أهلهػػا فػ ف فضػػل وػ ء فؤلقػػرب اؼبػػدف إَ جنابػ العػػاُ!!
وهو ى ذل كل غافل عن تل القرى الكادحة اؼبتعبة والػديار العاملػة النا يػة الػب منهػا جبيػز
هػ ػػذخ اؼبكػ ػػوس وأمتػ ػػذت هػ ػػذخ األم ػ ػواؿ (مػ ػػن كتابنػ ػػا "ميػ ػػكلة الفقػ ػػر وكيػ ػػه عاعبهػ ػػا اإلسػ ػػبلـ"
ص.)444
فلبا جاء اإلسبلـ وأمر اؼبسلبني ب يتاء الزكاة كبا أمر وُ األمر بأمتذها جعل من سياست :أف
تػػوزع ى اإلقلػػيم الػػذي ُذبػػط من ػ وهػػذا متفػػق عليػ ى وػػأف اؼبواو ػ والػػزروع وال بػػار ف ػ ف الزكػػاة
أيضػػا علػػى أف زكػػاة الفطػػر تػػوزع حيػػث يقػػيم اليػػصل الػػذي تفػػرؽ حيػػث يوجػػد اؼبػػاؿ واتفق ػوا ً
وجبز علي .
وامتتلف ػوا ى النقػػود وكبوهػػا هػػل تػػوزع حيػػث يوجػػد اؼبػػاؿ أو حيػػث يوجػػد اؼبال ػ ؟ (انظػػر حاوػػية
الدسوق )566/4 :واألوهر الذي علي األك روف :أما تتبع اؼباؿ ال اؼبال .
والػدليل علػى هػذخ السياسػة هػػو سػنة الرسػوؿ -صػلى اهلل عليػ وسػلم -ومتلفا ػ الراوػدين فحػػني
وج -صلى اهلل علي وسلم -سعات ووالت إَ األقاليم والبلداف عببع الزكػاة أمػرهم أف يأمتػذوها
من أغنياء البلد ه يردوها على فقرا .
ولقػػد مػ ّػر بنػػا حػػديث معػػاذ -اؼبتفػػق علػػى صػػحت -أف النػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -أرسػػل إَ
اليبن وأمرخ أف يأمتذ الزكاة من أغنيا هم ويردها على فقرا هم.
وكذل نفذ معاذ وصية الن -صلى اهلل علي وسػلم -فف ّػرؽ زكػاة أهػل الػيبن ى اؼبسػتحقني مػن
أهل اليبن بل ّفرؽ زكاة كل إقليم ى احملتاجني من متاصة وكت بذل ؽبػم كتابًػا كػاف فيػ :مػن
انتقل من ـببلؼ (قػاؿ ابػن األثػك ى النهايػة :اؼبصػبلؼ ى الػيبن كالرسػتاؽ ى العػراؽ .يعػ :أنػ
اسم إلقليم إداري كاحملافظػة) .عيػكت (يعػ :الػذي فيػ أرشػ ومالػ ) فصػدقت وعيػرخ ى ـبػبلؼ
عيكت (رواخ عن طاوس ب سناد صحي أمترج سعيد بن منصػور وأمتػرج كبػوخ األثػرـ كبػا ى نيػل
األوطار.)464/2 :
وعن أل جحيفة قاؿ :قػدـ علينػا مصػدرؽ رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم -فأمتػذ الصػدقة مػن
قلوصا (ناقػة) (رواخ ال مػذي وقػاؿ: يتيبا فأعطاْ منها ً غبلما ً أغنيا نا ف علها ى فقرا نا فكنز ً
حديث حسن (اؼبصدر السابق).
وى الصػػحي :أف أعرابيًػػا سػػأؿ رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -عػػدة أسػػئلة منهػػا :بػػاهلل الػػذي
أرسل :آهلل أمرؾ أف تأمتذ الصدقة من أغنيا نا فتقسبها على فقرا نا؟ قاؿ( :نعم).
وروى أبػو عبيػد عػػن عبػر -رشػ اهلل عنػ -أنػ قػاؿ ى وصػيت :أوصػػى اػبليفػة مػػن بعػدي بكػػذا
متكا فػ مم أصػل العػرب ومػادة اإلسػبلـ :أف يأمتػذ مػن حواوػ وأوصي بكذا وأوصي باألعراب ً
أمواؽبم فكدها ى فقرا هم (األمواؿ ص.)595
وك ػػذل ك ػػاف العب ػػل ى حي ػػاة عب ػػر :أف يفػ ػرؽ اؼب ػػاؿ حي ػػث ُِ
صب ػػع ويع ػػود الس ػػعادة إَ اؼبدين ػػة ال
وببلوف ويئًا غك أحبلسهم الب يتلفعوف هبا أو عصيهم الب يتوكأوف عليها:
فعن سعيد بن اؼبسي :أف عبر بعث معا ًذا ساعيًا على ب كبلب أو على ب سعد بن ذبيػاف
فقسم فيهم حك ٍ يدع ويئًا حك جاء حبلس الذي مترج ب على رقبت (األمواؿ ص. )596
وقاؿ سعد من أصحاب يعلى بن أمية وفبن استعبلهم عبر ى الزكػاة :كنػا لبػرج لنأمتػذ الصػدقة
فبا نرجع إال بسياطنا (اؼبرجع السابق ى .)596
وسػئل عبػػر عبػػا يؤمتػػذ مػػن صػػدقات األعػراب :كيػػه نصػػنع هبػػا؟ فقػػاؿ عبػػر :واهلل ألردف علػػيهم
الصدقة حك تروح على أحدهم ما ة ناقة أو ما ة بعك (اؼبصنه -265/3 :طبع حيدر آباد).
هذا إَ أف نقل الزكاة من بلد مع حاجة فقرا ـبػل باغبكبػة الػب فرشػز ألجلهػا ولػذا قػاؿ ى
"اؼبغ " :وألف اؼبقصود بالزكاة إغناء الفقراء هبا فػ ذا أحبنػا نقلهػا أفضػى إَ بقػاء فقػراء ذلػ البلػد
ؿبتاجني (اؼبغ .)672/2 :
وعلػػى هػػذا الػػنه الػػذي امتتط ػ الرسػػوؿ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -ومتلفػػاؤخ الراوػػدوف سػػار أ بػػة
العدؿ من اغبكاـ وأ بة الفتوى من فقهاء الصحابة والتابعني.
فعن عبراف بن حصني -رش اهلل عن -أنػ وَ عػامبلً علػى الصػدقة -مػن قِبَػل زيػاد بػن أبيػ أو
بعض األمراء ى عهد ب أمية -فلبا رجع قاؿ ل :أين اؼباؿ؟
قػػاؿ :وللبػػاؿ أرسػػلت ؟! أمتػػذناخ مػػن حيػػث كنػػا نأمتػػذخ علػػى عهػػد رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ
وسلم -ووشعناخ حيث كنا نضع (رواخ أبو داود وابن ماج .انظر نيل األوطار.)464/4 :
طاوسا -فقي اليبن -عامبلً للصػدقة علػى ـبػبلؼ (إقلػيم) فكػاف ً ووَ ؿببد بن يوسه ال قف
يأمتػػذ الصػػدقة مػػن األغنيػػاء فيضػػعها ى الفق ػراء فلبػػا فػػرغ قػػاؿ ل ػ :ارفػػع حسػػاب فقػػاؿ :مػػا ُ
حساب :كنز آمتذ من الغ فأعطي اؼبسكني (األمواؿ ص.)595
وعن فرقد السبص قػاؿ :ضبلػز زكػاة مػاُ ألقسػبها دبكػة فلقيػز سػعيد بػن جبػك فقػاؿ :ارددهػا
فاقسبها ى بلدؾ (اؼبرجع السابق).
وعػػن سػػفياف ال ػػوري :أف زكػػاة ضبلػػز مػػن الػػري إَ الكوفػػة فردهػػا عبػػر بػػن عبػػد العزيػػز إَ الػػري
(اؼبرجع نفس ).
قاؿ أبو عبيد :والعلباء اليوـ ؾببعوف على هذخ اآلثار كلهػا :أف أهػل كػل بلػد مػن البلػداف أو مػاء
من اؼبياخ (بالنظر للبادية) أحق بصدقتهم ما داـ فيهم من ذوي اغباجة واحد فبا فوؽ ذل وإف
أتى ذل على صبيع صدقتها حك يرجع الساع وال و ء مع منها.
واستدؿ أبو عبيد دبا ذكرناخ آن ًفا من مت معاذ الذي عاد حبلس الذي متػرج بػ علػى رقبتػ ومتػ
سعيد الذي قاؿ :كنا لبػرج لنأمتػذ الصػدقة فبػا نرجػع إال بسػياطنا ودبػا سػنذكر قريبًػا مػن مراجعػة
عبر ومعاذ حني أرسل إلي بعض ما فضل من صدقات أهل اليبن.
قاؿ أبو عبيد :فكػل هػذخ األحاديػث ت بػز أف كػل قػوـ أوَ بصػدقتهم حػك يسػتغنوا عنهػا ونػرى
اسػػتحقاقهم ذلػ دوف غػػكهم إمبػػا جػػاءت بػ السػػنة غبرمػػة اعبػوار وقػػرب دارهػػم مػػن دار األغنيػػاء
(نفس اؼبرجع).
ف ف جهل اؼبص ردؽ فحبل الصدقة من بلد إَ آمتػر سػواخ وبأهلهػا فقػر إليهػا ردهػا اإلمػاـ إلػيهم
كبا فعل عبر بن عبد العزيز وكبا أفك ب سعيد بن جبك (نفس اؼبرجع).
إال أف إبراهيم (النصع ) واغبسن (البصري) رمتصا ى الرجل يؤثر هبا قرابت .
قاؿ أبو عبيد :وإمبا هبوز هذا لئلنساف ى متاصت ومال فأما صدقات العػواـ (صبهػور األمػة) الػب
تليها األ بة (أو لو األمر) فبل.
وم ل قوؽببا حديث أل العالية :أن كاف وببل زكات إَ اؼبدينة.
قاؿ أبو عبيد :وال نراخ متل هبا إال أقارب أو موالي (األمواؿ ص)598
إصباعا
ً جواز نقل الزكاة من بلد إذا استغ أهل
وإذا كػػاف األصػػل اؼبتفػػق عليػ أف الزكػػاة تفػّػرؽ ى بلػػد اؼبػػاؿ الػػذي وجبػػز فيػ الزكػػاة فػ ف مػػن اؼبتفػػق
علي كذل أف أهل البلد إذا استغنوا عػن الزكػاة كلهػا أو بعضػها النعػداـ األصػناؼ اؼبسػتحقة أو
لقلػػة عػػددها وك ػػرة مػػاؿ الزكػػاة -جػػاز نقلهػػا إَ غػػكهم :إمػػا إَ اإلمػػاـ ليتصػػرؼ فيهػػا حس ػ
اغباجة أو إَ أقرب الببلد إليهم.
روى أبو عبيد :أف معاذ بن جبل ٍ يزؿ باعبند (اعبند موشع باليبن) .إذ بع رسػوؿ اهلل -صػلى
اهلل علي ػ وسػػلم -إَ الػػيبن حػػك مػػات الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -وأبػػو بكػػر ه قػػدـ علػػى
عبر فردخ على ما كاف علي فبعث إليػ معػاذ ب لػث صػدقة النػاس فػأنكر ذلػ عبػر وقػاؿٍ :
أبع ػ جابيًػػا وال آمتػػذ جزيػػة ولكػػن بع ت ػ لتأمتػػذ مػػن أغنيػػاء النػػاس ف ػ د علػػى فق ػرا هم فقػػاؿ
أحدا يأمتػذخ مػ -فلبػا كػاف العػاـ ال ػاْ بعػث إليػ وػطر معاذ :ما بع ز إلي بي ء وأنا أجد ً
الصػػدقة ف اجعػػا دب ػػل ذل ػ فلبػػا كػػاف العػػاـ ال الػػث بعػػث إلي ػ هبػػا كلهػػا فراجع ػ عبػػر دب ػػل مػػا
ػدت أح ًػدا يأمتػذ مػ وػيئًا (نفػس اؼبرجػع ص 596وراجػع راجع قبل ذل فقػاؿ معػاذ :مػا وج ُ
تعليقنا على هذخ القصة ى متاسبة كتابنا "ميكلة الفقر وكيه عاعبها اإلسبلـ").
إف إنكػػار عبػػر علػػى معػػاذ ى أوؿ األمػػر ه مراجعتػ لػ مػػرة ومػػرة ومػػرة دليػػل علػػى أف األصػػل ى
الزكػاة تفريقهػا ى بلػدها وإقػرار عبػػر صػنيع معػاذ بعػد مراجعتػ دليػػل علػى جػواز نقػل الزكػػاة إذا ٍ
يوجد من يستحقها ى بلدها.
آراء اؼبذاه ى النقل عند عدـ االستغناء
والػػذي يلػػوح ُ -بعػػد مػػا ذكرنػػاخ مػػن األحاديػػث واآلثػػار واألقػواؿ -أف األصػػل ى الزكػػاة أف تُفػػرؽ
وتنظيب ػػا حملارب ػػة الفق ػػر ومطاردت ػ وت ػػدريبًا لك ػػل إقل ػػيم عل ػػى
ً حيػػث صبع ػػز رعاي ػػة غبرم ػػة اعب ػوار
االكتفػػاء الػػذان وعػػبلج ميػػاكل ى دامتل ػ وألف فقػراء البلػػد قػػد تعلقػػز أنظػػارهم وقلػػوهبم هبػػذا
اؼباؿ فكاف حقهم في مق ّد ًما على حق غكهم.
مانعػػا مػػن اػبػػروج علػػى هػػذا األصػػل إذا رأى اإلمػػاـ العػػادؿ -دبيػػورة أهػػل ومػػع ذلػ كلػ ال أرى ً
ومتكا لئلسبلـ. اليورى -ى ذل مصلحة للبسلبني ً
ويع بػ مػػا قالػ اإلمػػاـ مالػ ى هػػذا :ال هبػػوز نقػػل الزكػػاة إال أف يقػػع بأهػػل بلػػد حاجػػة فينقلهػػا
اإلماـ إليهم على سبيل النظر واالجتهاد (تفسك القرط .)475/8 :
وقاؿ ابن القاسم من أصحاب :إف نقل بعضها لضرورة رأيت صوابًا (اؼبرجع السابق).
وروى عن سحنوف أن قاؿ :ولو بلغ اإلماـ أف ى بعض الػببلد حاجػة وػديدة جػاز لػ نقػل بعػض
الصدقة اؼبستحقة لغكخ إلي ف ف اغباجة إذا نزلز وج تقديبها على من ليس دبحتاج (واؼبسلم
أمتو اؼبسلم ال يسلب وال يظلب ) (نفس اؼبرجع).
وذكػػر ى اؼبدونػػة عػػن مال ػ :أف عبػػر بػػن اػبطػػاب كت ػ إَ عبػػرو بػػن العػػاص وهػػو دبصػػر عػػاـ
ػكا يكػوف أوؽببػا عنػدي وآمترهػا الرمادة (وهو عاـ اةاعة) :يا غوثاخ يا غوثاخ للعػرب!! ج رهػز إَ ع ً
عندؾ رببل الدقيق ى العباء (ال ياب) فكاف عبر يقسم ذل بيػنهم علػى مػا يػرى ويوكػل علػى
ذل رجاالً ويأمرهم حبضػور كبػر اإلبػل ويقػوؿ :إف العػرب ربػ اإلبػل فأمتػاؼ أف يسػتحيوها
فلينحروها وليأتدموا بلحومها ووحومها وليلبسوا العباء الػذي أتػى فيهػا الػدقيق (اؼبدونػة الكػ ى:
246/4وهػػذا األثػػر رواخ اغبػػاكم ى اؼبسػػتدرؾ بػػأطوؿ فبػػا ى اؼبدونػػة وقػػاؿ :صػػحي علػػى وػػرط
مسلم وأقرخ الذه .)466-465/4 :
بعضا.
وهكذا تتكافل األقاليم واألقطار اإلسبلمية ى ساعة العسرة ويكبل بعضها ً
وفبا يؤيد ذل ما يأن:
أوالً :أف أي بلػػد أو إقلػػيم ى الدولػػة اإلسػػبلمية الواسػػعة لػػيس جػػزءًا مسػػتقبلً كػػل االسػػتقبلؿ وال
واليػػة منفصػػلة عػػن سػػا ر الواليػػات ولكنهػػا تػرتب باغبكومػػة اؼبركزيػػة وبسػػا ر اؼبسػػلبني -ارتبػػاط
اعبزء بالكل والفرد باألسرة والعضو بسا ر اعبسد وهذخ الوحدة وال اب والتكافل الذي يفرش
اإلسػػبلـ ال يسػػتقيم مع ػ أف يُػ ؾ كػػل بلػػد ووػػأن ى عزلػػة عػػن الػػببلد األمتػػرى وعػػن عاصػػبة
اإلسبلـ ف ذا نزلز نازلة كب اعة أو حريق أو وباء ببلد كػاف أهلػ أحػوج إَ العػوف وإسػعافهم
ألزـ من ذوي اغباجة ى بلد الزكاة.
ثانيًا :أف هناؾ مصارؼ م ل تأليه القلوب علػى اإلسػبلـ والػوالء لدولتػ وم ػل "سػبيل اهلل" فقػد
امت نا أنػ ييػبل اعبهػاد ومػا ى حكبػ مػن كػل عبػل يعػود علػى اإلسػبلـ بالنصػر وعلػو الكلبػة
وم ػل ذلػ إمبػػا يكػػوف غالبًػػا مػػن وػػأف اإلمػػاـ وبتعبػػك عصػرنا مػػن وػػأف اغبكومػػة اؼبركزيػػة حػػك لػػو
قصرنا مدلوؿ "سبيل اهلل" على "اعبهاد" ف ن ى عصرنا ليس من وأف األفراد وال اإلدارات احمللية
بل هو من "وئوف الدولة العليا".
ومن هنا يتحتم أف يكوف للحكومة اؼبركزية مورد تنفق من على هػذخ األمػور الػب تفرشػها مصػلحة
اإلسػػبلـ ومنفعػػة اؼبسػػلبني فػ ف كػػاف لػػديها مػػن اؼبػوارد مػػا يغنيهػػا عػػن الزكػػاة فبهػػا ونعبػػز وإال
فلئلماـ أف يطل مػن زكػوات األقػاليم مػا يسػد تلػ ال غػرات ومػن هنػا ذكػر القػرط قػوالً لػبعض
العلبػػاء ى هػػذخ اؼبسػػألة وهػػو :أف سػػهم الفق ػراء واؼبسػػاكني يقسػػم ى موشػػع اؼبػػاؿ أمػػا سػػا ر
السهاـ فتنقل باجتهاد اإلماـ (تفسك القرط .)476/8 :
وهذا من األمور االجتهادية الب هب أف يؤمتػذ فيهػا بػرأي أهػل اليػورى كبػا كػاف يفعػل اػبلفػاء
مطردا ى كل عاـ. الزما ًأمرا ًالراودوف ولذا ال زبضع لتحديد ثابز وال يعت أمتذها ً
وهذا يفسر لنا ما جاء عن عبر بن عبد العزيز :أن كت إَ عبال ( :أف شػعوا وػطر الصػدقة -
ق ػػاؿ أب ػػو عبي ػػد :أي ى مواش ػػعها -وابع ػوا إُ بي ػػطرها) ه كت ػ ى الع ػػاـ اؼبقب ػػل( :أف ش ػػعوها
كلها) (األمواؿ ص . )594يع ى مواشعها.
وقد ذكرنا أن رد زكاة ضبلز من الري إَ الكوفة.
وليس ى هذا -فيبا أرى -امتتبلؼ وال تناقض وإمبا فعل ذل حس اؼبصلحة واغباجة.
وؽبذا قاؿ ابن تيبية :وربديد اؼبنع من نقل الزكاة دبسافة القصر ليس علي دليل ورع وهبوز نقل
الزكاة وما ى حكبها ؼبصلحة ورعية (االمتتيارات ص.)59
ثالًا :أف فبا اوتُهر حك صار يقينًا أف الن -صلى اهلل علي وسلم -كاف يستدعى الصدقات من
األعراب إَ اؼبدينة ويصرفها ى فقراء اؼبهاجرين واألنصار:
أمتػرج النسػػا مػن حػػديث عبػػد اهلل بػػن هػبلؿ ال قفػ قػػاؿ :جػػاء رجػػل إَ رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل
ػدت أف أقتػػل بعػػدؿ عنػػاؽ أو وػػاة مػػن الصػػدقة فقػػاؿ -صػػلى اهلل علي ػ
علي ػ وسػػلم -فقػػاؿ :كػ ُ
وسلم( : -لوال أما تعطى فقراء اؼبهاجرين ما أمتذهتا).
وم ل ذل حديث الن -صلى اهلل علي وسلم -حني قػاؿ لقبيصػة بػن اؼبصػارؽ ى اغببلػة( :أقػم
حك تأتينا الصدقة؛ ف ما أف نعين عليها وإما أف كببلها عن ) فرأى إعطاءخ إياهػا مػن صػدقات
اغب از وهو من أهل قبد ورأى ضبلها من أهل قبد إَ أهل اغب از (األمواؿ ص. )666
وكذل حديث عدي بن حػام حػني ضبػل صػدقات قومػ بعػد النػ -صػلى اهلل عليػ وسػلم -إَ
أل بكر ى أياـ ال ِردة (األمواؿ ص.)966
وم ل حػديث عبػر حػني قػاؿ البػن أل ذبػاب وقػد بع ػ ى عػاـ الرمػادة -بعػد اةاعػة ( :-اعقػل
عليهم عقالني (العقاؿ صدقة العاـ) فاقسم فيهم أحدنبا وا ت باآلمتر) (اؼبرجع السابق).
وكذل حديث معاذ حني قاؿ ألهل اليبن :ا توْ خببيس أو لبػيس آمتػذخ مػنكم مكػاف الصػدقة
ف ن أهوف عليكم وأنفع للبهاجرين باؼبدينة (نفس اؼبرجع).
قػػاؿ أبػػو عبيػػد :ولػػيس ؽبػػذخ األوػػياء ؿببػػل إال أف تكػػوف فض ػبلً عػػن حػػاجتهم وبعػػد اسػػتغنا هم
عنها كالذي ذكرناخ عن عبر ومعاذ (اؼبرجع نفس ).
وأقوؿ :ليس ببلزـ أف يستغنوا عنها استغناءً مطل ًقا فاالستغناء مرات بعضها دوف بعض.
أيضػػا زبتلػػه ولئلمػػاـ النظػػر فػػيبن تيػػتد حاجت ػ وذب ػ اؼببػػادرة دبعونت ػ ومػػن تقبػػل
واغباجػػات ً
حال التأمتك والصػ إَ حػني كبػا أف هنػاؾ مػن اؼبصػاً العاجلػة والنػوازؿ الطار ػة مػا ال وبتبػل
التسويه.
على أن ينبغ أف يكوف اؼبنقػوؿ جػزءًا مػن الزكػاة ال كلهػا ونقػل الكػل ال هبػوز إال عنػد االسػتغناء
اؼبطلق عنها .كبا ى مت عبر ومعاذ.
ػددا ى جػواز النقػػل يقصػػروفوفبػػا هبػ التنبيػ عليػ :أف اليػػافعية وهػػم أك ػػر اؼبػػذاه األربعػػة تيػ ً
هذا التيدد على صاح اؼباؿ إف فرؽ بنفس .أما اإلمػاـ والسػاع علػى الصػدقات فلهبػا جػواز
النقل على الصحي .
قػػاؿ صػػاح "اؼبهػػذب" مػػن اليػػافعية" :إف كػػاف اإلمػػاـ أذف للسػػاع ى تفريقهػػا فرقهػػا وإف ٍ
يأذف ل ضبلها إَ اإلماـ" (اةبوع.)473/6 :
وقاؿ النووي ى ورح " :واعلم أف عبارة اؼبصنه (اؼبذكورة) تقتض اعبزـ جبواز نقػل الزكػاة لئلمػاـ
والساع وأف اػببلؼ اؼبيهور ى نقل الزكاة إمبا هو ى نقل رب اؼباؿ متاصة."...
ورج ػ هػػذا الرافع ػ .قػػاؿ" :وهػػذا الػػذي رجح ػ هػػو ال ػراج الػػذي تقتضػػي األحاديػػث" (اؼبرجػػع
السابق ص.)475
وإذا كػػاف لئلمػػاـ أف هبتهػػد ى نقػػل الزكػػاة مػػن بلػػد إَ غػػكخ ؼبصػػلحة إسػػبلمية معت ػ ة ف ػ ف للفػػرد
أيضا إذا كاف هو الذي أيضا غباجة أو ؼبصلحة معت ة ً اؼبسلم الذي وجبز علي الزكاة أف ينقلها ً
يتوَ إمتراجها بنفس .كبا هو حاصل اآلف.
وذل م ل االعتبارات الب ذكرها اغبنفية ى جػواز النقػل .كػأف تنقػل إَ أقػارب ؿبتػاجني أو إَ
مػػن هػػو أوػػد حاجػػة وأك ػػر فاقػػة أو إَ مػػن هػػو أنفػػع للبسػػلبني وأوَ باؼبعونػػة أو إَ ميػػروع
إسػبلم ى بلػد آمتػر .ي تػ عليػ متػك كبػك للبسػلبني قػد ال يوجػػد م لػ ى البلػد الػذي يكػػوف
فيػ اؼبػػاؿ أو كبػػو ذلػ مػػن اغبكػػم واؼبصػػاً الػػب يطبػػئن إليهػػا قلػ اؼبسػػلم اغبػريل علػػى دين ػ
ومرشاة رب .
الفصل اػبامس
تع يل الزكاة وتأمتكها
فهرس
هبلؾ اؼباؿ
اؼببادرة إَ إمتراجها
تقدٓ أداء الزكاة قبل موعدها
ُح ة اؼبانعني
ح ة اة روزين
هل للتع يل حد ؟
اؼبيػهور عنػد اغبنفيػة أمػا ذبػ وجوبًػا موس ًػعا ولصػاح اؼبػاؿ تأمتكهػا مػا ٍ يُطالػ ؛ ألف األمػر
بأدا ها مطلق فبل يتعني الزمن األوؿ ألدا ها دوف غكخ كبا ال يتعني مكاف دوف مكاف .هػذا مػا
ذه إلي أبو بكر الرازي اعبصاص.
أما الكرمت من أ بة اغبنفية فقاؿ :هػ واجبػة علػى الفػور؛ ألف األمػر يقتضػ الفوريػة وحػك إف
كػػاف ال يقتض ػ الفوريػػة وال ال امت ػ فالوج ػ اؼبصتػػار -كبػػا قػػاؿ احملقػػق ابػػن اؽببػػاـ -أف األمػػر
بالصػػرؼ إَ الفقػػك معػ قرينػػة الفػػور وه ػ أنػ لػػدفع حاجتػ وهػ مع لػػة فبػػك ٍ ذبػ علػػى
الف ػػور ٍ وبص ػػل اؼبقص ػػود م ػػن اإلهب ػػاب عل ػػى وجػ ػ التب ػػاـ (ف ػػت الق ػػدير 483-482/4 :ورد
احملتار.)44-43/2 :
وهذا القوؿ هو الصواب وهو الذي علي مال واليافع وأضبد وصبهور العلباء.
وذل كبا قاؿ ابن قدامة :أف األمر يقتض الفورية على الصػحي -كبػا ى األصػوؿ -ولػذل
يسػػتحق اؼبػػؤمتر لبلمت ػػاؿ العقػػاب ومػػن ه أمتػػرج اهلل تعػػاَ إبلػػيس وسػػص عليػ ووخبػ بامتناعػ
عن الس ود ولو أف رجبلً أمر عبدخ أف يسقي فأمتر ذل الستحق العقوبػة وألف جػواز التػأمتك
يناى الوجوب لكوف الواجػ مػا يُعاقػ علػى تركػ ولػو جػاز التػأمتك عبػاز إَ غػك غايػة فتنتفػ
العقوبة بال ؾ.
ولو سلبنا أف مطلق األمر ال يقتضػ الفػور القتضػاخ ى مسػألتنا؛ إذ لػو جػاز التػأمتك ههنػا ألمتػرخ
دبقتضى طبع ثقة من بأنػ ال يػأه بالتػأمتك فيسػق عنػ بػاؼبوت أو بتلػه مالػ أو بع ػزخ عػن
األداء فيتضرر الفقراء واؼبستحقوف للزكاة.
وألف ههنػػا قرينػػة تقتض ػ الفػػور وه ػ أف الزكػػاة وجبػػز غباجػػة الفق ػراء وه ػ نػػاجزة في ػ أف
ػاجزا وألمػػا عبػػادة تتكػػرر فلػػم هبػػز تأمتكهػػا إَ وقػػز وجػػوب م لهػػا كالصػػبلةيكػػوف الوجػػوب نػ ً
والصوـ.
شررا ى نفس أو ماؿ ل سواها فل تأمتكها. شررا ف ف متي ى إمتراجها ً وهذا كل ما ٍ ىبو ً
لقوؿ الن -صلى اهلل علي وسلم( : -ال شرر وال شرار) (رواخ أضبد وابن ماج عن ابػن عبػاس
أيضا عن عبػادة بػن الصػامز ورواخ اغبػاكم والػدارقط عػن أل سػعيد وحسػن النػووي وابن ماج ً
بعضػػا وقػػاؿ اؽبي ب ػ :
ى األربعػػني واألذكػػار قػػاؿ :ورواخ مال ػ مرس ػبلً مػػن طػػرؽ يقػػوي بعضػػها ً
رجالػ ثقػػات وقػػاؿ العبل ػ :لػ وػواهد ينتهػ ؾببوعهػػا إَ درجػػة الصػػحة أو اغبسػػن احملػػت بػ
وق ػػاؿ الي ػػيمل أضب ػػد و ػػاكر ى زبػ ػري اغب ػػديث ( )2897م ػػن اؼبس ػػند :إس ػػنادخ ش ػػعيه ومعن ػػاخ
صحي ثابز ب سناد صحي عند ابن ماج من حديث عبادة بن الصامز.
والفػرؽ بػػني الضػرر والضػرار :أف الضػرر ابتػػداء الفعػػل والضػرار اعبػزاء عليػ واألوؿ إغبػػاؽ مفسػػدة
بالغك مطل ًقا وال اْ إغباقها ب على وج اؼبقابلة انظر الكبلـ على هذا اغبديث ى جامع العلوـ
واغبك ػػم الب ػػن رج ػ ػ واؼبب ػػني اؼبع ػػني لفه ػػم األربع ػػني للق ػػاري ص 485-486وف ػػيض الق ػػدير
للبناوي )432-434/6 :وألن إذا جاز تأمتك قضاء دين اآلدم لذل فتػأمتك الزكػاة أوَ"
أهػ (اؼبغ البن قدامة.)865-864/2 :
اؼببادرة إَ إمتراجها
واؼببادرة إَ الطاعات واؼبسارعة إَ أدا ها -بصفة عامة -فبا دعػا إليػ اإلسػبلـ ورغػ فيػ .قػاؿ
تعػػاَ( :فاسػػتبقوا اػب ػكات) (البقػػرة 448 :واؼبا ػػدة )48 :وقػػاؿ سػػبحان ( :وسػػارعوا إَ مغفػػرة
من ربكم وجنة) (آؿ عبراف.)433 :
ؿببودا ى كل الصاغبات فف الزكػاة وكبوهػا مػن اغبقػوؽ اؼباليػة أك ػر ضب ًػدا؛ متيػية وإذا كاف هذا ً
أف يغلػ اليػ أو يبنػع اؽبػػوى أو تعػرض العػوارض اؼبصتلفػة فتضػػيع حقػوؽ الفقػراء وؽبػذا قػػاؿ
العلب ػػاء :إف اػب ػػك ينبغػ ػ أف يُب ػػادر بػ ػ ؛ فػ ػ ف اآلف ػػات تع ػػرض واؼبوان ػػع سبن ػػع واؼب ػػوت ال ي ػػؤمن
والتسويه غك ؿببود واؼببادرة أمتلل للذمة وأنفى للحاجػة وأبعػد عػن اؼبطػل اؼبػذموـ وأرشػى
للرب تعاَ وأؿبى للذن (نيل األوطار -448/4 :طبع الع بانية).
وى اغبديث أف الن -صلى اهلل علي وسلم -قاؿ( :ما متالطز الصدقة ماالً ق إال أهلكت ).
رواخ اليافع والبصاري ى تارىبػ واغببيػدي وزاد قػاؿ( :يكػوف قػد وجػ عليػ ى مالػ صػدقة
فبل زبرجها فيهل اغبراـ اغببلؿ) (اؼبرجع السابق ص.)448
ػودا فهػػل هبػػوز تع يلهػػا وتقػػديبها عػػن اؼبوعػػد احملػػدد ؽبػػا
وإذا كانػػز اؼببػػادرة إَ إمتراجهػػا أمػ ًػرا ؿببػ ً
ك متراجها قبل اغبوؿ أو اغبصاد؟
هذا ما امتتله في الفقهاء كبا سنرى.
األمواؿ الزكوية قسباف :قسم يُي ط ل اغبوؿ كاؼباوػية السػا بة والنقػود وسػلع الت ػارة وقسػم ال
يُي ط ل اغبوؿ كالزروع وال بار.
فأم ػػا القس ػػم األوؿ ف ػػأك ر الفقه ػػاء عل ػػى أنػ ػ :م ػػك وج ػػد س ػػب وج ػػوب الزك ػػاة -وه ػػو النص ػػاب
الكامل -جػاز تقػدٓ الزكػاة قبػل حلػوؿ اغبػوؿ بػل هبػوز تع يلهػا غبػولني أو أك ػر .خبػبلؼ مػا إذا
ع لها قبل ِمل النصاب فبل هبوز.
وهبذا قاؿ اغبسن وسعيد بن جبك والزهري واألوزاع وأبػو حنيفػة واليػافع وأضبػد وإسػحاؽ وأبػو
عبيد (اؼبغ .)636/2 :
وقاؿ ربيعة ومال وداود :ال هبوز تقدٓ الزكاة قبل حلوؿ اغبوؿ سواء قدمها قبػل ملػ النصػاب
أو بعػدخ (اؼبغػ :اؼبرجػع نفسػ وقػاؿ ابػػن روػد ى بدايػػة اةتهػد 266/4 :وسػػب اػبػبلؼ :هػػل
هػ عبػػادة أو حػػق واجػ للبسػػاكني فبػػن قػػاؿ :عبػػادة ووػػبهها بالصػػبلة ٍ هبػػز إمتراجهػػا قبػػل
الوقز ومن وبهها باغبقوؽ الواجبة اؼبؤجلة أجاز إمتراجها قبل األجػل علػى جهػة التطػوع وقػد
احػػت اليػػافع حبػػديث علػ :أف النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم" -استسػػله صػػدقة العػػابس قبػػل
ؿبلها").
وجػػوز بعػػض اؼبالكيػػة تقػػديبها بػػزمن يسػػك ى زكػػاة النقػػود ومنهػػا عػػروض التػػاجر اؼبػػدير وديون ػ
اؼبرجوة اغباصلة من البيع ال من القرض وكذل اؼباوية الب ال ساع ؽبػا فت ػزيء الزكػاة حينئػذ
مع كراهة التقدٓ خببلؼ زكاة الػزرع وال بػر وعػروض التػاجر احملتكػر وديػن اؼبػدير مػن قػرض فػبل
ذبزيء وكذل الب ؽبا ساع إذا قدـ إمتراجها قبػل اغبػوؿ بغػك السػاع وأمػا إذا دفعػز للسػاع
قبل اغبوؿ بزمن يسك ف ما ذبزيء.
وامتتلف ػوا ى ربدي ػػد ال ػػزمن اليس ػػك ال ػػذي يُغتف ػػر في ػ التق ػػدٓ م ػػن ي ػػوـ وي ػػومني إَ و ػػهر وو ػػهرين
واؼبعتبد هو اليهر فبل هبزيء التقدٓ بأك ر من .
وهبوز التقدٓ ببل كراهة إذا كانز الزكاة ستنقل من موشع الوجوب إَ فقك أود حاجػة لتصػل
إَ مستحقها عند اغبوؿ بل هػذا التقػدٓ واجػ كبػا صػرح بعػض اؼبالكيػة حػك لػو تلفػز الزكػاة
أو شاعز بعد هذا التقدٓ ف ما ذبزيػ وال يضػبنها؛ ألمػا زكػاة وقعػز موقعهػا حيػث صػار هػذا
الوق ػػز ى حك ػػم وق ػػز وجوهب ػػا ول ػػيس عليػ ػ أف ىب ػػرج ع ػػن الب ػػاق خب ػػبلؼ التق ػػدٓ ى الص ػػور
الس ػػابقة ف ن ػ ىب ػػرج ع ػػن الب ػػاق إف بل ػػغ نص ػػابًا (انظ ػػر الي ػػرح الكب ػػك وحاو ػػية الدس ػػوق علي ػ :
.)562/4
ُح ة اؼبانعني:
وح ػة اؼبػانعني :أف اغبػػوؿ أحػد وػػرط الزكػاة -كالنصػػاب -فلػم هبػػز تقػديبها عليػ ؛ كبػا ٍ هبػػز
تقديبها قبل مل النصاب اتفاقًا وألف اليرع وقز للزكػاة وقتًػا وهػو اغبػوؿ فلػم هبػز تقػديبها عليػ
كالصبلة (اؼبغ اؼبرجع السابق).
ح ة اة روزين:
واستدؿ اةػوزوف لتع يػل الزكػاة دبػا روي أبػو داود وغػكخ عػن علػ ّ :أف العبػاس سػأؿ رسػوؿ اهلل -
ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم -ى تع ي ػػل ص ػػدقت قب ػػل أف رب ػػل ف ػػرمتل ل ػ ى ذل ػ (رواخ اػببس ػػة إال
النس ػػا كب ػػا رواخ اغب ػػاكم وال ػػدارقط والبيهقػ ػ ورجػ ػ ال ػػدارقط وأب ػػو داود إرس ػػال وتعض ػػدخ
أحاديث أمترى .انظر نيل األوطار 466 459/4 :واةبوع.)446-445/6 :
وى سند اغبديث كبلـ ولكن ييػهد لػ مػا أمترجػ البيهقػ عػن علػ ّ :أف النػ -صػلى اهلل عليػ
وسػػلم -بعػػث عبػػر علػػى الصػػدقة فقيػػل :منػػع ابػػن صبيػػل ومتالػػد بػػن الوليػػد والعبػػاس عػػم النػ -
صلى اهلل علي وسلم -فدافع الن -صػلى اهلل عليػ وسػلم -عػن متالػد والعبػاس وكػاف فبػا قالػ :
(إنا كنػا احت نػا فاستسػلفنا العبػاس صػدقة عػامني) (السػنن الكػ ى 444/4 :وأمتػرج أبػو داود
الطيالس ػ مػػن حػػديث أل رافػػع :أف الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -قػػاؿ لعبػػر" :إنػػا كنػػا تع لنػػا
ص ػػدقة م ػػاؿ العب ػػاس ع ػػاـ األوؿ( .ني ػػل األوط ػػار اؼبرج ػػع الس ػػابق) وق ػػد ج ػػاءت ه ػػذخ القص ػػة ى
الصػػحي مػػن حػػديث أل هريػػرة وفيهػػا( :وأمػػا العبػػاس فهػ علػ وم لهػػا معهػػا ه قػػاؿ :يػػا عبػػر
أما علبز أف عم الرجل صنو أبي )؟ (اؼبرجع نفس والقصة ى صحي مسلم).
قػػاؿ أبػػو عبيػػد ى روايػػة( :فهػ علػ وم لهػػا معهػػا) يقػػاؿ :كػػاف تسػػله منػ صػػدقة عػػامني :ذلػ
العاـ والذي قبل (قاؿ اليوكاْ :وفبا يرج أف اؼبراد ذل :أف الن -صلى اهلل علي وسلم -لػو
أيضػا اغببػل علػى أراد أف يتحبل ما علي ألجل امتناع لكفاخ أف يتحبل م لهػا مػن غػك زيػادة و ً
االمتناع في سوء ظن بالعباس( :نيل األوطار اؼبرجع السابق).
واسػػتدلوا مػػن جهػػة النظػػر والقيػػاس بػػأف هػػذا تع يػػل ؼبػػاؿ ُوِجػػد سػػب وجوبػ قبػػل وجوبػ وذل ػ
جػػا ز كتع يػػل قضػػاء الػػدين قبػػل حلػػوؿ أجل ػ وكػػأداء كفػػارة اليبػػني بعػػد اغبلػػه وقبػػل اغبنػػث
وكفارة القتل بعد اعبرح قبل زهوؽ الروح وهو مسلم وجا ز عند مال (اؼبغ .)636/2 :
وأمػػا ق ػػوؽبم :إف اغب ػػوؿ أح ػػد وػػرط الزك ػػاة فل ػػم هب ػػز تق ػػديبها علي ػ كالنصػػاب فغػػك مس ػػلم؛ ألف
تقديبها قبل مل النصػاب تقػدٓ ؽبػا علػى سػببها فأوػب تقػدٓ كفػارة اليبػني علػى اغبلػه وكفػارة
القتػػل علػػى اعبػػرح وألن ػ هنػػا يكػػوف قػػد قػػدمها علػػى اليػػرطني وى الصػػورة األوَ قػػدمها علػػى
أحدنبا وهو اغبوؿ فاف قا (اؼبرجع السابق).
وأمػػا قػػوؽبم :إف للزكػػاة وقتًػػا فنقػػوؿ مػػا قال ػ اإلمػػاـ اػبطػػال :إف الوقػػز إذا دمتػػل ى الي ػ ء رف ًقػػا
باإلنساف فػ ف لػ أف يسػوغ مػن حقػ ويػ ؾ االرتفػاؽ بػ كبػن ع ػل ح ًقػا مػؤجبلً آلدمػ وكبػن
أدى زكػاة غا ػ عنػ وإف كػاف علػى غػػك يقػني مػن وجوهبػػا عليػ ؛ ألف مػن اعبػػا ز أف يكػوف ذلػ
اؼباؿ تال ًفا ى ذل الوقز (معاٍ السنن.)224/2 :
وأما الصبلة والصياـ فتعبد ؿبض والتوقيز فيهبا غك معقوؿ اؼبع وإمبا هو التكليه واالبتبلء
في أف يقتصر علي .
وإف ع ل زكاة نصاب ى ملك وما ينت عنػ أو يرحبػ فيػ أجػزأخ عػن النصػاب دوف الزيػادة عنػد
اليافع وأضبد؛ ألن ع ل زكاة ماؿ ليس ى ملك فبل هبوز.
وعند أل حنيفة :هبز ؛ ألن تابع ؼبا هو مالك فيأمتذ حكب (اؼبغ .)634/2 :
والقسػػم ال ػػاْ مػػن األمػواؿ الػػب ذبػ فيهػػا الزكػػاة مػػا ال يُيػ ط لػ اغبػػوؿ كػػالزروع وال بػػر واؼبعػػدف
والركػػاز وهػػذا ال هبػػوز فيػ تع يػػل الزكػػاة وأجػػاز بعػػض اليػػافعية تع يػػل العُيػػر واألرجػ أنػ ال
هبػػوز ألف العٌيػػر هب ػ بسػػب واحػػد وهػػو إدراؾ ال بػػرة وانعقػػاد اغب ػ ف ػ ذا ع ل ػ قدم ػ علػػى
سبب فلم هبز كبا لو قدـ زكاة اؼباؿ على النصاب (انظر اةبوع.)466/6 :
واو ط بعض اغبنابلة ى تع يػل العُيػر أف يكػوف ذلػ بعػد نبػات الػزرع وطلػوع الطلػع ى النصػل
وكبو ذل .
هل للتع يل حد ؟
وإذا أجزنا تع يل الزكػاة غباجػة أو مصػلحة فػ ف تأمتكهػا عػن وقػز إمتراجهػا الواجػ ال هبػوز إال
غباجة داعية أو مصلحة معت ة تقتض ذل .م ػل أف يؤمترهػا ليػدفعها إَ فقػك غا ػ هػو أوػد
حاجة من غكخ من الفقراء اغباشػرين وم ػل ذلػ تأمتكهػا إَ قريػ ذي حاجػة؛ ؼبػا لػ مػن اغبػق
اؼبؤكد وما فيها من اعبر اؼبضاعه.
ول ػ أف يؤمترهػػا لعػػذر مػػاُ حػ َػل ب ػ فأحوج ػ إَ مػػاؿ الزكػػاة فػػبل بػػأس أف ينفق ػ ويبقػػى دينًػػا ى
عنق وعلي األداء ى أوؿ فرصة تسن ل .
قػػاؿ مشػػس الػػدين الرمل ػ :ول ػ تأمتكهػػا النتظػػار أحػػوج أو أصػػل أو قري ػ أو جػػار؛ ألن ػ تػػأمتك
لغػػرض ظػػاهر وهػػو حيػػازة الفضػػيلة وكػػذل ليػ وى حيػػث تػػردد ى اسػػتحقاؽ اغباشػرين ويضػػبن
إف تلػػه اؼبػػاؿ ى مػػدة التػػأمتك .غبصػػوؿ اإلمكػػاف وإمبػػا أمتػػر لغػػرض نفسػ فيتقيػػد جػوازخ بيػػرط
سبلمة العاقبة ولو تضرر اغباشر باعبزع حرـ التأمتك مطل ًقػا؛ إذ دفػع شػررخ فػرض فػبل هبػوز تركػ
غبيازة فضيلة (ماية احملتاج.)434/2 :
ػكا فػػبل هبػػوز
ػكا فأمػػا إف كػػاف ك ػ ً
واوػ ط ابػػن قدامػػة ى جػواز التػػأمتك غباجػػة أف يكػػوف وػػيئًا يسػ ً
ونقػػل عػػن أضبػػد قولػ :ال هبػػرى علػػى أقاربػ مػػن الزكػػاة ى كػػل وػػهر .يعػ ال يػػؤمتر إمتراجهػػا حػػك
يدفعها إليهم متفرقػة ى كػل وػهر وػيئًا فأمػا إف ع لهػا فػدفعها إلػيهم أو إَ غػكهم متفرقػة أو
ؾببوعػػة جػػاز؛ ألنػ ٍ يؤمترهػػا عػػن وقتهػػا وكػػذل إف كػػاف عنػػدخ مػػاالف أو أم ػواؿ زكاهتػػا واحػػدة
وزبتل ػػه أحواؽب ػػا م ػػل أف يك ػػوف عن ػػدخ نص ػػاب وق ػػد اس ػػتفاد ى أثن ػػاء اغب ػػوؿ م ػػن جنسػ ػ دوف
النصػػاب ٍ هبػػز تػػأمتك الزكػػاة لي بعهػػا كلهػػا؛ ألنػ يبكنػ صبعهػػا بتع يلهػػا ى أوؿ واجػ منهػػا
(اؼبغ .)685/2 :
وكػػذل صػػرح بعػػض اؼبالكيػػة :أف تفريػػق الزكػػاة واج ػ علػػى الفػػور وأمػػا بقاؤهػػا عنػػد رب اؼبػػاؿ
وكلبا جاءخ مستحق أعطاخ منها على مدار العاـ فبل هبوز (حاوية الدسوق .)566/4 :
ولئلمػػاـ أو مػػن ينػػوب عن ػ مػػن اؼبػػوظفني اؼبسػػئولني ى صبػػع الزكػػاة أف يػػؤمتر أمتػػذها مػػن أرباهبػػا
ؼبصلحة كأف أصاهبم قح نقل األمواؿ وال برات.
عاما فلم يأمتذ منهم الصدقة في واحت اإلماـ أضبد على جواز ذل حبديث عبر :أمم احتاجوا ً
وأمتذها منهم ى السنة األمترى (انظر :مطال أوُ النه .)446/2 :
وقد ذكر أبو عبيد عن ابن أل ذباب .أف عبر أمتر الصػدقة عػاـ الرمػادة (وكػاف عػاـ ؾباعػة) فلبػا
أحيػػا النػػاس (أي نػػزؿ علػػيهم اغبيػػا :وهػػو اؼبطػػر) بع ػ فقػػاؿ :اعقػػل فػػيهم عقػػالني فاقسػػم فػػيهم
عقاالً وا ت باآلمتر (األمواؿ ص )374والعقاؿ :صدقة العاـ.
وكػػاف ذلػ مػػن حكبػػة عبػػر -رش ػ اهلل عنػ -وحسػػن سياسػػت ورفقػ بالرعيػػة فػػأمتر الزكػػاة عػػن
اؼبب ػولني ى عػػاـ اةاع ػة كبػػا درأ القطػػع عػػن الس ػراؽ ى م ػػل هػػذا العػػاـ فقػػاؿ( :ال قطػػع ى عػػاـ
سنة) (اؼبرجع السابق ص )559والسنة :القح .
ػذرا عػن
وى حديث أل هريرة اؼبتقدـ ى تع يل الزكاة :أف الن -صلى اهلل عليػ وسػلم -قػاؿ معت ً
تأمتك العباس لصدقت ( :ه عل وم لهػا معهػا) .قػاؿ أبػو عبيػد :أرى -واهلل أعلػم -أنػ أمتػر عنػ
الصدقة عامني غباجة عرشز للعباس ولئلماـ أف يؤمتر على وج النظر ه يأمتذخ (نيل األوطار:
.)459/4
أما تأمتك الزكاة بغك عذر ولغك حاجة فبل هبوز ويأه هبذا التأمتك ويتحبػل تبعتػ حيػث تبػني
أما واجبة على الفور.
وى ذل يقوؿ صاح "اؼبهذب من اليػافعية" :مػن وجبػز عليػ الزكػاة ٍ هبػز لػ تأمتكهػا؛ ألنػ
حػػق هب ػ ص ػرف إَ اآلدم ػ توجهػػز اؼبطالبػػة بالػػدفع إلي ػ فلػػم هبػػز ل ػ التػػأمتك كالوديعػػة إذا
أمتػػر مػػا هبػ عليػ مػػع أمترهػػا وهػػو قػػادر علػػى أدا هػػا شػػبنها؛ ألنػ ّ
طالػ هبػػا صػػاحبها فػ ف ّ
إمكاف األداء فضبن كالوديعة" (اةبوع.)334/5 :
وى كتػ اغبنفيػػة :أف تػػأمتك الزكػاة مػػن غػػك شػػرورة تُػ َػرد بػ وػػهادة مػن أمترهػػا ويلزمػ اإله كبػػا
صرح ب الكرمت وغكخ وهو عني ما ذكرخ اإلماـ أبو جعفر الطحػاوي عػن أل حنيفػة :أنػ يكػرخ
ف ف كراهة التحرٓ ه احملبل عند إطبلؽ اظبها قالوا :وقد ثبز عن أ بتنا ال بلثػة وجػوب فوريتهػا
يعنوف :أبا حنيفة وأبا يوسه وؿببد بن اغبسن.
قل كيوـ أو يومني؛ ألمم فسروا الفور بأوؿ أوقات اإلمكاف قالوا :والظاهر أن يأه بالتأمتك ولو ّ
وقد يقػاؿ :اؼبػراد أال يػؤمتر إَ العػاـ القابػل ؼبػا ى "البػدا ع" :عػن "اؼبنتقػى" إذ ٍ يػؤد حػك مضػى
حوالف فقد أساء وأه (الدر اؼبصتار وحاويت .)44/2 :
وعندي :أن ال ينبغ العدوؿ عن ظاهر ما جاء عن فقهاء اؼبذه وإف كاف التسام ى يوـ أو
أمرا فبكنًا جريًػا علػى قاعػدة اليُسػر ورفػع اغبػرج .أمػا التسػام ى وػهر ووػهرين يومني بل أياـ ً
بػػل أك ػػر إَ مػػا دوف العػػاـ .كبػػا يُفهػػم مػػن نقػػل "البػػدا ع" فػػبل يصػ اعتبػػارخ حػػك ال يتهػػاوف
الناس ى الفورية الواجبة.
وقد وبدث أحيانًا أف ىبرج رب اؼباؿ زكات فتضيع بسب ما كأف تُسرؽ أو رب ؽ أو كبو ذل
جيدا فقاؿ:
تلصيصا ًً امتتلفز أنظار الفقهاء ى هذخ اؼبسألة وػبصها ابن رود
قومػػا قػػالوا :ذبػػزيء عنػ وقػػوـ قػػالوا :هػػو ؽبػػا شػػامن حػػك يضػػعها
"إذا أمتػػرج الزكػػاة فضػػاعز فػ ف ً
(أي ى موشعها) وقوـ فرقوا بني أف ىبرجها بعد أف أمكن إمتراجهػا وبػني أف ىبرجهػا أوؿ زمػاف
الوجػػوب واإلمكػػاف فقػػاؿ بعضػػهم :إف أمترجهػػا بعػػد أيػػاـ مػػن اإلمكػػاف والوجػػوب شػػبن وإف
أمترجها ى أوؿ الوجوب وٍ يقع من تفري ٍ يضبن وهو ميهور مذه مال .
وقوـ قالوا :إف فرط شبن وإف ٍ يفرط زكى ما بق وب قاؿ أبو ثور واليافع .
وقػػاؿ ق ػػوـ :بػػل يُع ػ ّد الػػذاه مػػن اعببيػػع ويبقػػى اؼبسػػاكني ورب اؼبػػاؿ و ػريكني ى الب ػػاق بق ػػدر
حظهبا من حي رب اؼباؿ .م ل اليريكني يذه بعض اؼباؿ اؼبي ؾ بينهبػا ويبقيػاف وػريكني
على تل النسبة ى الباق .
فيتحصل ى اؼبسألة طبسة أقواؿ:
-4قوؿ :إن ال يضبن ب طبلؽ.
-2وقوؿ :إن يضبن ب طبلؽ.
-3وقوؿ :إف فرط شبن وإف ٍ يفرط ٍ يضبن.
-4وقوؿ :إف فرط شبن وإف ٍ يفرط زكى ما بق .
-5والقوؿ اػبامس :يكوناف وريكني ى الباق اهػ (بداية اةتهد - 246/4 :طبع االستقامة).
أيضػػا ؼبسػػألة أمتػػرى وهػ هػػبلؾ بعػػض اؼبػػاؿ بعػػد وجػػوب الزكػػاة وقبػػل إمتراجهػػا
وعػػرض ابػػن روػػد ً
فقاؿ:
"إذا ذه بعض اؼباؿ بعػد الوجػوب وقبػل الػتبكن مػن إمتػراج الزكػاة فقػوـ قػالوا :يُزّكػ مػا بقػ
وقوـ قالوا :حاؿ اؼبساكني وحاؿ رب اؼباؿ حاؿ اليريكني يضيع بعض ماؽببا".
قاؿ ابن رود :والسب ى امتتبلفهم :تيبي الزكاة بالديوف -أع أف يتعلق اغبق فيهػا بالذمػة ال
بعػني اؼبػػاؿ أو تيػػبيهها بػػاغبقوؽ الػب تتعلػػق بعػػني اؼبػػاؿ ال بذمػػة الػذي يػػدخ علػػى اؼبػػاؿ كاألمنػػاء
وغكهم.
فبن وب مالك الزكاة باألمناء قاؿ :إذا أمترج فهل اؼبصرج فبل و ء علي .
ومن وبههم بالغرماء قاؿ :يضبنوف.
أغبقهػػم باألمنػػاء مػػن صبيػػع الوجػػوخ إذ كػػاف األمػػني يضػػبن إذا ومػػن فػػرؽ بػػني التفػري وال تفػري
فرط.
وأما من قاؿ :إذا ٍ يُفرط زك ما بق ف نػ وػب مػن هلػ بعػض مالػ بعػد اإلمتػراج دبػن ذهػ
بعض مال قبل وجوب الزكاة في كبا أن إذا وجبز الزكاة عليػ ف مبػا يزكػ اؼبوجػود فقػ كػذل
هذا إمبا يزك اؼبوجود من مال فق .
وسب االمتتبلؼ :هو تردد وب اؼبال بني الغرٓ واألمني واليري ومن هل بعض مالػ قبػل
الوجوب.
وأما إذا وجبز الزكاة وسبكن من اإلمتراج فلم ىبرج حك ذه بعض اؼباؿ ف مم متفقػوف -فيبػا
أحسػ -أنػ شػػامن إال ى اؼباوػػية عنػػد مػػن رأى أف وجوهبػػا إمبػػا يػػتم بيػرط متػػروج السػػاع مػػع
اغبوؿ وهو مذه مال .اهػ (بداية اةتهد -244-246/4 :طبع االسػتقامة وانظػر احمللػ :
363/6والدر اؼبصتار حباوية ابن عابدين.)86-79/2 :
إذا أمتر الزكاة لعػذر أو لغػك عػذر فب ّػر عليػ عػاـ أو عػدة أعػواـ دوف أدا هػا وإيتا هػا أهلهػا فهػل
تسق دبض السنني؟
واعبواب :أما حق أوجب اهلل للفقراء واؼبساكني وسا ر اؼبستحقني.
فبػػن مقتضػػى ذل ػ أال تسػػق -وقػػد وجبػػز ولزمػػز -دبػػرور عػػاـ أو أك ػػر؛ ألف مض ػ الػػزمن ال
يسق اغبق ال ابز.
وى هذا يقوؿ اإلماـ النػووي :إذا مضػز عليػ سػنوف وٍ يػؤد زكاهتػا لزمػ إمتػراج الزكػاة عػن صبيعهػا
سواء علم وجوب الزكاة أـ ال وسواء أكاف ى دار اإلسبلـ أـ ى دار اغبرب .هذا مذهبنا.
قاؿ ابن اؼبنذر :لو غل أهل البغ على بلد وٍ يؤد أهػل ذلػ البلػد الزكػاة أعو ًامػا ه ظفػر هبػم
اإلماـ أمتذ منهم زكاة اؼباش ى قػوؿ مالػ واليػافع وأل ثػور وقػاؿ أصػحاب الػرأي :ال زكػاة
عليهم ؼبا مضى وقالوا :لو أسلم قػوـ ى دار اغبػرب وأقػاموا سػنني ه مترجػوا إَ دار اإلسػبلـ ال
زكاة عليهم ؼبا مض (اةبوع.)337/5 :
ػاعدا وهػو حػ تػؤدي ويقوؿ أبو ؿببد ابن حزـ (احملل .)87/6 :من اجتبػع ى مالػ زكاتػاف فص ً
كلها لكل سنة علػى عػدد مػا وجػ عليػ ى كػل عػاـ وسػواء أكػاف ذلػ ؽبروبػ دبالػ أو لتػأمتر
السػػاع (ؿبصػػل الزكػػاة مػػن قبػػل الدولػػة) أو عبهلػ أو لغػػك ذلػ وسػواء ى ذلػ العػػني (النقػػود)
واغبرث واؼباوية وسواء أتز الزكاة على صبيع مال أو ٍ تػأت وسػواء رجػع مالػ بعػد أمتػذ الزكػاة
من ػ إَ مػػا ال زكػػاة في ػ أو ٍ يرجػػع وال يأمتػػذ الغرمػػاء وػػيئًا حػػك تسػػتوى الزكػػاة (هػػذا مب ػ علػػى
القػػوؿ الصػػحي :أف الزكػػاة ذبػ ى الذمػػة ال ى عػػني اؼبػػاؿ فػ ذا كانػػز ى الذمػػة فحػػاؿ علػػى مالػ
حوالف ٍ يؤد زكاهتبا وج علي أداؤها ؼبا مضى وال تنقل عن الزكاة ى اغبوؿ ال ػاْ وكػذل
إف كػاف أك ػر مػن النصػاب ٍ تػنقل الزكػاة وإف مضػػى عليػ أحػواؿ فلػو كػاف عنػدخ أربعػوف وػػاة
مضػػى عليهػػا أح ػواؿ ٍ يػػؤد زكاهتػػا وج ػ علي ػ ثػػبلث وػػياخ وإف كانػػز ما ػػة دينػػار فعلي ػ سػػبعة
دنانك ونصه؛ ألف الزكاة وجبز ى ذمت فلم يؤثر ى تنقيل النصاب ولكن إف ٍ يكن ل ماؿ
آمتػػر يػػؤدي الزكػػاة من ػ احتبػػل أف تسػػق الزكػػاة ى قػػدرها؛ ألف الػػدين يبنػػع وجػػوب الزكػػاة (انظػػر
اؼبغ .)686-679/2 :
فػ ذا كانػػز الضػريبة تسػػق بالتقػػادـ ومػػرور سػػنوات تقػػل أو تك ػػر -حسػ ربديػػد القػػانوف -ف ػ ف
الزكػػاة تظػػل دينًػػا ى عنػػق اؼبسػػلم ال تػ أ ذمتػ وال يص ػ إسػػبلم وال يصػػدؽ إيبانػ إال بأدا هػػا
وإف تكاثرت األعواـ.
هل تسق الزكاة باؼبوت؟
ذهػ صبهػػور الفقهػاء إَ أف الزكػػاة ال تسػق دبػػوت رب اؼبػػاؿ بػل زبػػرج مػن تركتػ وإف ٍ يػػوص
هبا .هذا قػوؿ عطػاء واغبسػن والزهػري وقتػادة ومالػ (ى كتػ اؼبالكيػة :أف الزكػاة :تػارة زبػرج مػن
رأس اؼبػػاؿ وتػػارة زبػػرج مػػن ال لػػث أي مػػن تركػػة اؼبيػػز فػ ف أوصػػى هبػػا فبػػن ال لػػث وإف اعػ ؼ
حبلوؽب ػػا وأوص ػػى ب متراجه ػػا فب ػػن رأس اؼب ػػاؿ( .حاو ػػية الدس ػػوق )562/4 :وى و ػػرح الرس ػػالة
لزروؽ 472/2 :ى زكاة عامة يبوت قبل التبكن من إمتراجها ف ما من رأس مال لتعينها وانظػر
بداية اةتهد -244/4 :طبع االستقامة) واليػافع (قػاؿ النػووي :إذا وجبػز الزكػاة وسبكػن مػن
أدا هػ ػػا ه مػ ػػات ٍ تسػ ػػق دبوت ػ ػ عنػ ػػدنا بػ ػػل هب ػ ػ إمتراجهػ ػػا مػ ػػن مال ػ ػ عنػ ػػدنا .انظ ػػر اةبػ ػػوع:
.)335/5
وأضبػػد وإسػػحاؽ وأل ثػػور وابػػن اؼبنػػذر (اؼبغػ )684-683/2 :وهػػو مػػذه الزيديػػة (األزهػػار
وورح 463/4 :والبحر.)444/2 :
وقاؿ األوزاع والليث :تؤمتذ من ال لث مقدمة على الوصايا وال هباوز ال لث.
وقػػاؿ ابػػن س ػكين واليػػع والنصغ ػ وضبػػاد بػػن سػػليباف وال ػػوري وغػػكهم :ال زبػػرج إال أف يكػػوف
أوصى هبا وكذل قاؿ أبو حنيفة وأصحاب :أما تسق دبوت اؼبكله إال أف يوص هبا وزبرج
من ال لث ويزاحم هبا أصحاب الوصايا وإذا ٍ يوص هبا سقطز وال يلزـ الورثة إمتراجها وإف
أمترجوهػػا فصػػدقة تطػػوع؛ ألمػػا عبػػادة مػػن وػػرطها النيػػة فسػػقطز دبػػوت مػػن ه ػ علي ػ كالصػػبلة
والصوـ (هذا قوؿ أل حنيفة ى زكاة الذه والفضة .أما الزرع واؼباوػية فقػد امتتلفػز عنػ الروايػة
فيهبا :أتسق أـ تؤمتذ بعد موت ؟ انظر احملل 89-88/6 :واةبوع.)336-335/5 :
ومعػ هػػذا :أف اغبنفيػػة يقولػػوف :مػػات آشبػًػا بػ ؾ هػػذخ الفريضػػة وال سػػبيل إَ إسػػقاطها عنػ بعػػد
موت كتػارؾ الصػبلة والصػياـ وؽبػذا قػاؿ بعػض اغبنفيػة :إذا أمتػر الزكػاة حػك مػرض يػؤدي س ًػرا مػن
الورثة (ذكرخ ى رد احملتار 44/2 :نقبلً عن الفت ).
والصحي هو القوؿ األوؿ ف ف الزكاة -كبا قاؿ ابن قدامة -حق واج تصػ الوصػية بػ فلػم
تسػق بػاؼبوت كػػدين اآلدمػ وألمػػا حػق مػػاُ واجػ فلػػم يسػق دبػػوت مػن هػػو عليػ كالػػدين
وتفارؽ الصوـ والصػبلة ف مبػا عبادتػاف بػدنيتاف ال تصػ الوصػية هببػا وال النيابػة فيهبػا (اؼبغػ
البن قدامة 684-683/2 :واةبوع.)336/5 :
على أن قد ورد ى الصحي ( :من مػات وعليػ صػياـ صػاـ عنػ وليػ ) مػع أف الصػياـ عبػادة بدنيػة
وصصية وجازت في النيابة بعد اؼبوت فضبلً من اهلل ورضبة فأوَ بذل الزكاة وه حق ماُ
كبا قدمنا.
قاؿ صػاح "اؼبهػذب" مػن اليػافعية (اةبػوع )234/6 :ومػن وجبػز عليػ الزكػاة وسبكػن مػن
أدا ها فلم يفعل حك مات وج قضاء ذل من تركت ؛ ألن حق ماُ لزم ى حاؿ اغبياة فلػم
يسػػق بػػاؼبوت كػػدين اآلدمػ ف ػ ف اجتبعػػز الزكػػاة وديػػن اآلدم ػ وٍ يتسػػع اؼبػػاؿ لل بيػػع ففي ػ
ثبلثة أقواؿ:
أح ػػدنبا :يُق ػػدـ دي ػػن اآلدمػ ػ ؛ ألف مبن ػػاخ عل ػػى التي ػػديد والتأكي ػػد وح ػػق اهلل تع ػػاَ مبػ ػ عل ػػى
التصفيه.
وال ػػاْ :تُق ػػدـ الزك ػػاة؛ لقولػ ػ -ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم -ى اغبػ ػ ( :ف ػػدين اهلل أح ػػق أف يُقض ػػى)
(اغبديث ى الصحيحني من رواية ابن عباس -رش اهلل عنهبا -ى الصوـ .اؼبصدر السابق).
ال الث :يقسم بينهبا؛ ألمبا تساويا ى الوجوب فتساويا ى القضاء.
والقوؿ بتقدٓ الزكاة على غكها من ديوف العباد هو قوؿ الظاهرية وقد نصرخ أبو ؿببػد ابػن حػزـ
وعضدخ باألدلة من الكتاب والسنة الصػحيحة قػاؿ :فلػو مػات الػذي وجبػز عليػ الزكػاة سػنة أو
أقرهبػػا أو قامػػز عليػ بينػػة ورثػ ولػػدخ أو كبللػػة (الكبللػػة :مػػن ورثػ
سػػنتني ف مػػا مػػن رأس مالػ ّ
غك ولدخ ووالدخ) .ال حق للغرماء وال للوصية وال للورثة حك تستوى (يع الزكاة) كلها سواء ى
ذل :العني واؼباوية والزرع.
ونػػاقو ابػػن حػػزـ اغبنفيػػة وغػػكهم فبػػن أسػػقطوا الزكػػاة دبػػوت رب اؼبػػاؿ ونسػ إلػػيهم غايػػة اػبطػػأ؛
ألمم أسقطوا -دبوت اؼبرء -دينًا هلل تعاَ وج عليػ ى حياتػ بػبل برهػاف أك ػر مػن أف قػالوا:
لو كاف ذل ؼبا واء إنساف أف ال يورث ورثت ويئًا إال أمكن .
قػاؿ :فبػػا تقولػوف ى إنسػػاف أك ػػر مػن إتػػبلؼ أمػواؿ النػػاس ليكػػوف ذلػ دينًػػا عليػ وال يػػرث ورثتػ
ويئًا ولو أما ديوف يهودي أو نصراْ ى طبػور أهرقهػا ؽبػم؟ فبػن قػوؽبم :أمػا كلهػا مػن رأس مالػ
س ػواء ورث ورثت ػ أـ ٍ يرث ػوا فنقض ػوا علػػتهم بػػأوحو نقػػض وأسػػقطوا حػػق اهلل -تعػػاَ -الػػذي
جعل للفقراء واؼبساكني من اؼبسػلبني والغػارمني مػنهم وى الرقػاب مػنهم وى سػبيل تعػاَ وابػن
السبيل فريضة من اهلل تعاَ -وأوجبوا ديوف اآلدميني وأطعبوا الورثة اغبراـ.
والع كل من إهباهبم الصبلة بعد متروج وقتها على العامػد ل كهػا وإسػقاطهم الزكػاة -ووقتهػا
قا م -عن اؼبتعبد ل كها !!
قاؿ أبو ؿببد :ويبني صحة قولنا وبطبلف قػوؿ اؼبصػالفني قػوؿ اهلل -عػز وجػل -ى اؼبواريػث( :مػن
بعد وصي ٍة يُوصى هبػا أو ديػن) (النسػاء )44 :فعػم -عػز وجػل -الػديوف كلهػا والزكػاة ديػن قػا م ِ
هلل -تعاَ -وللبساكني والفقراء والغارمني وسا ر من فرشها تعاَ ؽبم ى نل القرآف.
ه روى ابن حزـ ب سنادخ اغبديث الػذي أمترجػ مسػلم ى صػحيح ورواخ سػعيد بػن جبػك وؾباهػد
وعطػػاء عػػن ابػػن عبػػاس قػػاؿ :جػػاء رجػػل إَ النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -فقػػاؿ :إف أمػ ماتػػز
وعليها صوـ وػهر أفأقضػي عنهػا؟ فقػاؿ( :لػو كػاف علػى أمػ ديػن أكنػز قاشػي عنهػا)؟ قػاؿ:
نعم .قاؿ( :فدين اهلل أحق أف يُقضى).
وى روايػػة عػػن ابػػن عبػػاس -مػػن طريػػق ابػػن جبػػك -أن ػ -عليػ السػػبلـ -قػػاؿ( :فاقض ػوا اهلل فهػػو
أحق بالوفاء).
قاؿ :فهؤالء عطاء وسعيد بن جبك وؾباهد يروون عػن ابػن عبػاس فقػاؿ هػؤالء بػآرا هم :بػل ديػن
اهلل -تعاَ -ساق ودين الناس أحػق أف يُقضػى! والنػاس أحػق بالوفػاء"!! اه ػ (احمللػ -89/6 :
.)94
وإذا غضضػػنا الطػػرؼ عػػن عنػػه ابػػن حػػزـ ى اؽب ػػوـ وأسػػلوب ى مناقيػػة اػبصػػوـ (بعػػض النػػاس
يرى إسقاط االسػتفادة مػن ابػن حػزـ ما يًػا مػن أجػل عنفػ وطريقتػ ى مهاصبػة اؼبػذاه وأتباعهػا
وكبػػن -وإف كنػػا ننكػػر ذلػ علػػى ابػػن حػػزـ -نػػرى االنتفػػاع دبػػا يػػوردخ مػػن أفكػػار واعتبػػارات فلنػػا
فقه وعلي عنف ولكل امرئ ما نوى وحساب على اهلل وكل واحد يؤمتذ من كبلم ويُ ؾ إال
الن صلى اهلل علي وسلم) والتفتنا فق إَ ما استدؿ ب من القرآف واغبديث فالذي يتأكد لنا
أف الزكاة حق أصيل ثابز ال يسقط تقادـ وال موت وأما تؤمتذ من ال كة وتُقدـ على كل حق
وكل دين سواها وبذل يكػوف اإلسػبلـ قػد سػبق التيػريعات اؼباليػة اغبدي ػة الػب قػررت للحكومػة
حػػق امتيػػاز علػػى أم ػواؿ اؼبػػدينني بالضػريبة تسػػبق ب ػ غكهػػا مػػن دا ػ اؼببػػوؿ اؼبتػػأمتر عػػن السػػداد
(مبادئ النظرية العامة للضريبة للدكتور عبد اغبكيم الرفاع وحسني متبلؼ ص. )443
الفصل السادس
مباحث متفرقة حوؿ أداء الزكاة
فهرس
إظهار إمتراج الزكاة
امتتبلؼ الفقهاء
اؼبالكية وبرموف اغبيل ويبطلوف أثرها
اغبنابلة كاؼبالكية
الزيدية وبرموف اغبيل
ما يقول آمتذ الزكاة ومعطيها
هػػل هبػػوز التهػػرب أو الفػرار مػػن الزكػػاة؟ وبعبػػارة أمتػػرى :هػػل هبػػوز االحتيػػاؿ إلسػػقاط الزكػػاة عبػػن
وجبز علي ؟
امتتبلؼ الفقهاء:
ذكر ابن تيبية ى "القواعد النورانيػة" أف أبػا حنيفػة هبرػوز االحتيػاؿ إلسػقاط الزكػاة قػاؿ :وامتتلػه
أصحاب :هل هو مكروخ أـ ال فكره ؿببد وٍ يكره أبو يوسه.
قاؿ :وحرـ مال االحتياؿ إلسقاطها وأوجبها مع اغبيلة وكرخ اليافع اغبيلة ى إسقاطها.
وأما أضبد فقول ى االحتياؿ كقوؿ مال :وبرـ االحتياؿ لسقوطها ويوجبها مع اغبيلة كبا دلػز
علي سورة (ف)( .يقصد قصة أصحاب اعبنة كبا سيأن ذلػ ى كػبلـ ابػن قدامػة) وغكهػا مػن
الدال ل (القواعد النورانية ص .)89
ومػػا ذكػػرخ ابػػن تيبيػػة عػػن أىب يوسػػه ىبػػاله مػػا صػػرح ب ػ ى كتاب ػ "اػب ػراج" حيػػث قػػاؿ مػػا نص ػ
بػػاغبرؼ" :ال وبػػل لرجػػل يػػؤمن بػػاهلل واليػػوـ اآلمتػػر منػػع الصػػدقة وال إمتراجهػػا مػػن ملكػ إَ ملػ
صباعػػة غػػكخ ليفرقهػػا بػػذل فتبطػػل عنػ الصػػدقة بػػأف يصػػك لكػػل واحػػد مػػنهم مػػن اإلبػػل والبقػػر
والغ ػػنم م ػػا ال ذبػ ػ فيػ ػ الص ػػدقة وال وبت ػػاؿ ى إبطػ ػاؿ الص ػػدقة بوجػ ػ وال س ػػب " (اػبػ ػراج ألىب
يوسه ص .)8
وهذا الكبلـ واش الداللة على أف اإلماـ أبا يوسه وبػرـ االحتيػاؿ إلسػقاط الزكػاة وإبطاؽبػا بػأي
وج أو سب .
فلعػػل الػػذي ذكػػرخ ابػػن تيبيػػة واوػػتهر عػػن أىب يوسػػه :أف اغبيػػل تنفػػذ قضػػاء وإف كانػػز ال ذبػػوز
ديانة.
واؼبنصوص ى كت اغبنفية :أف بعض اغبيل يكرخ وبعضها ال يكرخ.
فقد قالوا :يكرخ أف وبتاؿ ى صرؼ الزكاة إَ والدي اؼبعسرين بأف تصدؽ هبا على فقػك ه صػرفها
الفقك إليهبا وهى وهكة مذكورة ى غال الكت .
وحني ذكروا :أف الزكاة ال تصرؼ لبناء مس د وال إَ كفن ميز وقضاء دين وكبو ذلػ قػالوا:
واغبيلػػة ى الػػدفع إَ هػػذخ األوػػياء مػػع صػػحة الزكػػاة أف يتصػػدؽ علػػى الفقػػك ه يػػأمرخ بفعػػل هػػذخ
األوياء ويكوف ل ثواب الزكػاة وللفقػك ثػواب هػذخ القػرب كبػا قػالوا هنػا :إف للفقػك أف ىبػاله
أمػػرخ إف وػػاء؛ ألنػ مقتضػػى صػػحة التبليػ والظػػاهر أنػ ال وػػبهة فيػ ؛ ألنػ ملكػ إيػػاخ عػػن زكػػاة
مال ػ ػ وو ػػرط علي ػ ػ و ػػرطًا فاس ػ ًػدا واؽبب ػػة والص ػػدقة ال يفس ػػداف بالي ػػرط الفاس ػػد (ال ػػدر اؼبصت ػػار
وحاويت .)69/2 :
ولكػػن يبلحػػي أف هػػذخ اغبيػػل -مػػا يكػػرخ منهػػا ومػػا ال يكػػرخ -ى صػػرؼ الزكػػاة .أمػػا ى إسػػقاط
الزكاة عن مال النصاب فلم أجد ى كت اغبنفية الب راجعتها من صرح جبوازخ.
اغبنابلة كاؼبالكية:
وقػاؿ ابػػن قدامػػة ى "اؼبغػ " " :قػػد ذكرنػػا أف إبػداؿ النصػػاب بغػػك جنسػ يقطػػع اغبػػوؿ ويسػػتأنه
حػوالً آمتػر فػ ف فعػل هػذا فػر ًارا مػن الزكػاة ٍ تسػق عنػ سػواء أكػاف البػدؿ ماوػية أو غكهػا مػن
النص وكذا لػو أتلػه جػزءًا مػن النصػاب قص ًػدا للتنقػيل لتسػق عنػ الزكػاة ٍ تسػق وتؤمتػذ
الزكاة من ى آمتر اغبػوؿ إذا كػاف إبدالػ وإتبلفػ قػرب الوجػوب ولػو فعػل ذلػ ى أوؿ اغبػوؿ ٍ
ذب الزكاة؛ ألف ذل ليس دبظنة الفرار.
" ودبا ذكرناخ قاؿ مال واألوزاع وابن اؼباجيوف وإسحاؽ وأبو عبيد.
" وقاؿ أبو حنيفة واليافع :تسق عن الزكاة؛ ألنػ نقػل قبػل سبػاـ حولػ فلػم ذبػ فيػ الزكػاة
كبا لو أتله غباجت .
قػػاؿ ابػػن قدامػػة :ولنػػا قػػوؿ اهلل تعػػاَ( :إنػػا بلونػػاهم كبػػا بلونػػا أصػػحاب اعبنػػة إذ أقسػػبوا ليصػػرمنها
مصػػبحني وال يسػػت نوف فطػػاؼ عليهػػا طػػا ه مػػن ربػ وهػػم نػػا بوف فأصػػبحز كالصػػرٓ)(.القلػػم:
.)26 - 47فعػػاقبهم اهلل تعػػاَ بػػذل لف ػرارهم مػػن الصػػدقة وألن ػ قصػػد إسػػقاط نصػػي مػػن
انعقػػد سػػب اسػػتحقاق (يع ػ الفق ػراء واؼبسػػتحقني) .فلػػم يسػػق كبػػا لػػو طلػػق امرأت ػ ى مػػرض
موت ػ وألن ػ ؼبػػا قصػػد قصػ ًػدا فاسػ ًػدا اقتضػػز اغبكبػػة معاقبت ػ بنقػػيض قصػػدخ كبػػن قتػػل مورث ػ
الستع اؿ مكاث عاقب اليػرع باغبرمػاف (اؼبغػ اؼبطبػوع مػع اليػرح الكبػك)532 - 534 :2 :
فاسدا فبل يستحق العقاب.
قصدا ً
وهذا خببلؼ ما إذا أتله بعض مال غباجت ف ن ٍ يقصد ً
وعنػػد الزيديػػة ى ذل ػ بعػػض تفصػػيل حيػػث قػػالوا :ال هبػػوز التحيػػل إلسػػقاط الزكػػاة وو ذل ػ
صورتاف :إحدانبا قبل الوجوب (وبتعبك أدؽ :قبل حصوؿ اليرط وهو اغبوؿ) وال انية :بعدخ.
أما قبل الوجوب فنحو أف يبل نصػابًا مػن نقػد فػ ذا قػرب حػوالف اغبػوؿ عليػ اوػ ى بػ وػيئًا
قصدا للحيلة ى إسقاطها .فذل ال هبوز ف ف فعل أه وسقطز. ال ذب في الزكاة كالطعاـ ً
ومن فقها هم من قاؿ :إن مباح.
وأما الصورة الب بعد الوجوب فنحػو أف يصػرفها إَ الفقػك وييػرط عليػ الػرد إليػ ويقػارف اليػرط
العقػػد كبػػو أف يقػػوؿ :قػػد صػػرفز إليػ هػػذا عػػن زكػػان علػػى أف تػػردخ علػػى فػ ف هػػذخ الصػػورة ال
ذبوز وال ذبزئ ببل متبلؼ ى اؼبذه .
ف ف تقدـ اليرط كبو أف تقع مواطأة -قبل الصرؼ -على الرد ه صرفها إلي من غك ورط فبا
تواطآ علي فاؼبذه أف ذل ال هبوز وال هبزئ وقاؿ بعضهم ذبزئ مع الكراهة التحريبية.
ووج اؼبذاه :أن يؤدى إَ إسقاط حق الفقراء وقد جعل اهلل ذل ؽبم ففي إبطػاؿ مػا وػرع
اهلل وأرادخ وكل حيلة توصل هبا إَ ـبالفة مقصود اليارع فهػ حػراـ ويبطػل أثرهػا (وػرح األزهػار
وحواوي .)546-539/4 :
أيضػا .قػالوا :ال هبػوز ؼبػن ال ربػل لػ الزكػاة أف
وكبا منعوا التحيل إلسقاطها منعوا التحيل ألمتذها ً
يتحيل ليحل ل أمتذها.
والتحيل ألمتذها ل صورتاف:
إحداها :أف يقبض الفقك الزكاة ربيبلً ليأمتػذها مػن ال ربػل لػ مػن هػامش أو غػ أو ولػد أو والػد
أو غكهم فبن ليسوا من أهل الزكاة فبل هبوز ذل وال ذبزئ الزكاة وهب ردها.
واست نوا من ذل ما إذا أمتذها ؽبامش فقك وكبو ذل ف ف ذل جا ز وإف تقدمز مواطأة.
والصورة ال انية :زبتل دبن ال ربل ل الزكاة ألجل غناخ وهو أف يتحيل ب متراج ما يبلك إَ مل
فقكا فيحل ل أمتذها فاؼبذه :أف ذل ال هبوز وقيػدخ بعضػهم دبػا إذا فعػل ذلػ غكخ ليصك ً
للبكاثرة ال ليأمتذ ما يكفي إَ وقز الدمتل فهو هبوز (ورح األزهار.)544 - 546/4 :
واػببلص ػػة :أنػ ػ إذا قص ػػد باغبيل ػػة وجػ ػ اهلل تع ػػاَ ومطابق ػػة مقاص ػػد الي ػػرع واؼبي ػػل ع ػػن اغبػ ػراـ
جػػازت وإف قصػػد هبػػا ـبالفػػة مقصػػود اليػػرع ٍ ذبػػز ولػػو أجزناهػػا مطل ًقػػا ٍ يبػػق ؿبػػرـ إال حػػل
(حواو األزهار 539/4 :وانظر :البحر.)487/4 :
وو حواو األزهار عن اليوكاْ قاؿ " :الذي ال ؿبيل عن اطراح كل حيلػة ربلػل مػا حػرـ اهلل
أو ربرـ ما حلل وتصحيحها ليس من اليريعة ى ورد وال صدر" (اؼبرجع السابق ص .)246
الوشعية ى مظػاهر عػدة نظ ًػرا ؼبػا ؽبػا مػن ونرى اعبان الروح الذي سبتاز ب الزكاة عن الضرا
صفة العبادة ى نظاـ اإلسبلـ.
وإوعارا برابطة
ً منها :أف جال الزكاة مأمور أف يدعو ألهلها عند دفعها ل ترغيبًا ؽبم ى اؼبسارعة
سبييزا للبسلبني عن غكهم من أهل اؼبلل والديانات ودافع اؼبكوس األمتوة بني اآلمتذ واؼبعطى و ً
اعبا رة وهذا امت اؿ لقول تعػاَ( :متػذ مػن أمػواؽبم صػدقة تطهػرهم وتػزكيهم هبػا وصػل علػيهم إف
صبلت سكن ؽبم)( .التوبة.)463 :
ومع "صل عليهم" ادع ؽبم وقد بني اهلل تعاَ أثر هذا الدعاء ى أنفس دافع الصدقات وهو
السكينة والطبأنينة واألمن والت بز وقد روى عبد اهلل بن أىب أوو( :كػاف رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل
عليػ وسػػلم -إذا أتػػاخ قػػوـ بصػػدقتهم قػػاؿ :اللهػػم صػػل علػػيهم فأتػػاخ أىب أبػػو أوو بصػػدقت فقػػاؿ:
اللهم صل على آؿ أىب أوو ) (قاؿ ى اؼبنتقى :متفق علي .نيل األوطار.)453/4 :
وهػػذا الػػدعاء غػػك مقيػػد بصػػيغة معينػػة وقػػاؿ اإلمػػاـ اليػػافع :أح ػ أف يقػػوؿ :آج ػرؾ اهلل فيبػػا
طهورا وبارؾ فيبا أبقيز (الروشة للنووي.)244/2 : ً أعطيز وجعل ل
وقد روى النسا أف الن -صلى اهلل عليػ وسػلم -دعػا لرجػل بعػث بناقػة حسػناء فقػاؿ( :اللهػم
بارؾ في وو إبل ) (سنن النسا :كتاب الزكاة.)36/5 :
وهػػل هػػذا الػػدعاء واجػ أو مسػػتح ؟ ظػػاهر األمػر ى اآليػػة يفيػػد الوجػػوب وهػػو قػػوؿ الظاهريػػة
وبعػػض اليػػافعية وقػػاؿ اعببهػػور :لػػو كػػاف واجبًػػا لعلب ػ الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -لسػػعات
ووالت كبعاذ وغكخ غك أف ذل ٍ ينقل (انظر :نيل األوطار.)453/4 :
وهػػذا االع ػ اض مػػردود :عب ػواز اكتفا ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -باآليػػة الػػب ال زبفػػى علػػى م ػػل
معاذ رشى اهلل عن .
أيضا :إف سا ر ما يأمتذخ اإلماـ مػن الػديوف والكفػارات وغكهػا ال هبػ عليػ فيهػا الػدعاء وقالوا ً
أيضا ال ح ة في ! ل بوت األمر ى الزكاة بصري اآليػة دوف وكذل الزكاة (اؼبرجع السابق) وهذا ً
غكهػػا وهػػذا ؼبػػا ؽبػػا مػػن عظػػيم اؼبنزلػػة ى الػػدين وألمػػا حػػق الزـ دوري فحسػػن ال غي ػ في ػ
والت بيز علي .
متاصا ب -صلى اهلل علي وسلم -لكوف صبلت سكنًا ؽبم خبػبلؼ غػكخ فهػذا وأما جعل الوجوب ً
ت بي ػػز للي ػػبهة ال ػػب تعل ػػق ب ػػذيلها اؼب ػػانعوف للزك ػػاة ى عه ػػد أىب بك ػػر وٍ يقبله ػػا م ػػنهم أح ػػد م ػػن
متاصػػا بالرسػػوؿ؟ فػػاألرج أف يبقػػى األمػػر أصػػلعامػػا وآمترهػػا ً الصػػحابة وكيػػه قبعػػل أوؿ اآليػػة ً
صػػيغت مفيػ ًػدا للوجػػوب وهػػذا يوافػػق طبيعػػة الزكػػاة اػباصػػة ونظػػرة اإلسػػبلـ إليهػػا ومػػا يبيزهػػا عػػن
الضرا الب يفرشها البير.
ومنها :أف دافػع الزكػاة مطالػ أف يكػوف طيػ الػنفس هبػا داعيًػا اهلل أف يتقبلهػا منػ وأف هبعلهػا
مغرم ػػا علي ػ هك ػػذا علبن ػػا رسػػوؿ اهلل -ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم -حي ػػث ق ػػاؿ( :إذا
مغنبػػا ل ػ ال ً ً
مغرمػػا) (اغبػػديث رواخ
مغنبػػا وال ذبعلهػػا ً
أعطيػػتم الزكػػاة فػػبل تنسػوا ثواهبػػا أف تقولػوا :اللهػػم اجعلهػػا ً
اب ػػن ماج ػػة ج ػ ػ 4رق ػػم ( )4797ورواخ عب ػػد ال ػػرزاؽ ى جامع ػ كب ػػا أو ػػار الس ػػيوط ى اعب ػػامع
الكبػػك مػػن حػػديث أىب هريػػرة ورمػػز ل ػ بعبلمػػة الضػػعه وقػػاؿ اؼبنػػاوي ى الفػػيض (:)296/4
واغبػػديث لػػيس بيػػديد الضػػعه كبػػا وهػػم .قػػاؿ ى األصػػل :وشػػعه وذلػ ألف فيػ سػػويد بػػن
سعيد .قاؿ أضبد :م وؾ وانظر :نيل األوطار.)453 - 452/4 :
مع ػ اغبػػديث أف علػػى اؼبكلػػه إذا أعطػػى الزكػػاة -للفقػػك اؼبسػػتحق أو للعامػػل عليهػػا مػػن قبػػل
اإلمػػاـ -أال يهبػػل هػػذا الػػدعاء ليػػتم لػ ثواهبػػا ومعػ الػػدعاء :اللهػػم طيػ نفسػ هبػػا حػػك أرى
مغنبا ورحبًا ُ ى دي ودنياي وآمترن وال أراها غرامة أغرمها وأمترجها وأنا كارخ. إمتراجها ً
مرفوعا( :إذا فعلز أمب طبس عيػرة متصػلة حػل هبػا وقد روى ى حديث رواخ ال مذي عن على ً
مغرم ػػا) (إس ػػنادخ ش ػػعيه كب ػػا ى ني ػػل
مغنب ػػا والزك ػػاة ً
ال ػػببلء وع ػػد منه ػػا :إذا ازب ػػذت األمان ػػة ً
مغرما فهو هبن نفس وأمت أسباب الببلء. األوطار) وإذا سأؿ اؼبسلم رب أال هبعل زكات ً
وهػػذا بنػػاء عل ػػى فع ػػل "أعطي ػػتم" مب ػ للفاع ػل وه ػػذا اؼبيػػهور وهب ػػوز بنػػاءخ للبفع ػػوؿ كبػػا ق ػػاؿ
اؼبن ػػاوي .فيك ػػوف اػبط ػػاب للبس ػػتحقني .أي إذا أعطي ػػتم -أيه ػػا اؼبس ػػتحقوف -ف ػػبل ت ك ػوا مكاف ػػأة
مغرمػػا (قػػاؿ ى الفػػيضمغنبػػا وال ذبعلهػػا عليػ ً
اؼبزكػ علػػى إحسػػان بػػأف تقولػوا :اللهػػم اجعلػ لػ ً
( :)296/4فيػ أنػ ينػػدب قولػ ذلػ وإف ٍ يػذكروخ؛ ألنػ مػػن الفضػػا ل وقػػد دمتػػل ربػػز أصػػل
كلى وهو طل الػدعاء لػ ) وم ػل ذلػ وكيػل اؼبسػتحقني وهػو اإلمػاـ أو نا بػ وهػو اؼبفهػوـ مػن
قول تعاَ( :وصل عليهم).
التوكيل ى إمتراج الزكاة
إذا ٍ تكػػن اغبكومػػة اؼبسػػلبة ه ػ الػػب تتػػوَ أمػػر الزكػػاة جبايػػة وتوز ًيعػػا وكػػاف األفػػراد هػػم الػػذين
يقوموف بصرفها على مستحقيها -كبا هو اليػأف ى معظػم الػببلد اإلسػبلمية اليػوـ -فػاألوَ ؼبػن
ىبرج الزكاة :أال ىب الفقك أف ما يعطي إياخ زكاة فقد يؤذى اآلمتذ ذل القوؿ -ومتاصة إذا كػاف
من اؼبستورين الذين يتعففوف عن أمتذ الصدقات -وال حاجة إلي .
ػكا ٍ وبػت إَ إعبلمػ أنػ زكػاة قػاؿ اغبسػن: قػاؿ ى "اؼبغػ "" :وإذا دفػع الزكػاة إَ مػن يظنػ فق ً
أتريد أف تقرع ؟! ال زب خ.
وقػػاؿ أضبػػد بػػن اغبسػػن :قلػػز ألضبػػد :يػػدفع الرجػػل الزكػػاة إَ الرجػػل فيقػػوؿ :هػػذا مػػن الزكػػاة أو
يسكز؟
قاؿ" :وٍ يبكت هبذا القوؿ؟! يعطي ويسكز .ما حاجت إَ أف يقرع "؟! (اؼبغ .)647/2 :
بػػل قػػاؿ بعػػض اؼبالكيػػة :يكػػرخ ؼبػػا في ػ مػػن كسػػر قل ػ الفقػػك (بلغػػة السػػال وحاوػػية الصػػاوي:
.)335/4
وعند اعبعفرية م لبا عند أهل السنة ى ذل :أن ال هب إعبلـ الفقك بالزكاة حني الدفع إلي وال
بعػػدخ .قػػاؿ أبػػو بصػػك :قلػػز لئلمػػاـ البػػاقر(عليػ السػبلـ) :الرجػػل مػػن أصػػحابنا يسػػتح أف يأمتػػذ
الزكاة فأعطي منها وال أظبى أما من الزكػاة؟ قػاؿ :أعطيػ وال تسػم وال تػذؿ اؼبػؤمن (انظػر :فقػ
اإلماـ جعفر الصادؽ.)88/2 :
قاؿ اإلماـ النووي :إذا كاف لرجل على معسر دين فأراد أف هبعل عن زكات وقاؿ لػ :جعلتػ عػن
زكػػان فوجهػػاف (ى مػػذه اليػػافع ) .أصػػحهبا ال هبز ػ وهػػو مػػذه أىب حنيفػػة وأضبػػد؛ ألف
الزكاة ى ذمت فبل ت أ إال ب قباشها وال اْ :هبز وهو مذه اغبسن البصري وعطاء؛ ألن لػو
دفع إلي ه أمتذخ من جاز فكذا إذا ٍ يقبض كبػا لػو كانػز عنػدخ دراهػم وديعػة ودفعهػا عػن
الزكػػاة ف نػ هبز ػ سػواء قبضػػها أـ ال .أمػػا إذا دفػػع الزكػػاة إليػ بيػػرط أف يردهػػا إليػ عػػن دينػ فػػبل
يصػ الػػدفع إليػ وال نويػػا ذلػ وٍ ييػػرطاخ جػػاز باالتفػػاؽ وأجػزأخ عػػن الزكػػاة وإذا ردخ إليػ عػػن
الدين برئ منػ ولػو قػاؿ اؼبػدين :ادفػع إَ زكاتػ حػك أقضػي دينػ ففعػل أجػزأخ عػن الزكػاة
وملك القبض وال يلزم دفع إلي عن دين ف ف دفع أجزأخ (اةبوع.)244 - 246/6 :
بأسػا إذا كػاف ذلػ
ً ما ذكرخ النػووي عػن اغبسػن هنػا نقلػ عنػ أبػو عبيػد :أنػ كػاف ال يػرى بػذل
من قرض .قاؿ" :فأما بيوعكم هذخ فبل" .أي إذا كاف الدين شبنًا لسلعة كبا هو اليأف ى ديػوف
الت ار فبل يراخ اغبسن ؾبزًا وهو تقييد حسن.
أمػا أبػػو عبيػػد فيػػدد ى ذلػ وٍ يػػرخ ؾبزًػػا حبػاؿ ونقلػ عػػن سػػفياف ال ػػوري ورأى ى ذلػ ـبالفػػة
للسنة كبا متي أف يكوف صاح الدين إمبا أراد أف يق مال هبذا الػدين الػذي قػد يػئس منػ
متالصػػا (األم ػواؿ ص - 596 - 595 ً في عل ػ ردءًا ؼبال ػ يقي ػ ب ػ وال يقبػػل اهلل إال مػػا كػػاف ل ػ
طبع دار اليرؽ).
وقػػاؿ ابػػن حػػزـ :مػػن كػػاف ل ػ ديػػن علػػى بعػػض أهػػل الصػػدقات فتصػػدؽ علي ػ بدين ػ قبل ػ ونػػوى
بذل أن من الزكاة أجزأخ ذل وكذل لػو تصػدؽ بػذل الػدين علػى مػن يسػتحق وأحالػ بػ
على من هو ل عندخ ونوى بذل الزكاة ف ن هبز .
برهاف ذل :أن مأمور بالصدقة الواجبة وبأف يتصدؽ على أهل الصدقات مػن زكاتػ الواجبػة دبػا
علي منها ف ذا كاف إبراؤخ من الدين يسبى صدقة فقد أجزأخ.
واسػػتدؿ ابػػن حػػزـ حبػػديث أىب سػػعيد اػبػػدري ى صػػحي مسػػلم قػػاؿ :أصػػي رجػػل علػػى عهػػد
رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -ى شبار ابتاعها فك ر دينػ فقػاؿ رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ
وسلم( : -تصدقوا علي ) قاؿ :وهو قوؿ عطاء بن أىب رباح وغكخ (احمللى.)466 - 465/6 :
أيضػػا .فقػػد سػػأؿ رجػػل جعفػ ًػرا الصػػادؽ قػػا بلً ُ :ديػػن علػػى قػػوـ قػػد طػػاؿ وهػػو مػػذه اعبعفريػػة ً
حبسػ عنػػدهم ال يقػػدروف علػػى قضػػا وهػػم مسػػتوجبوف للزكػػاة :هػػل ُ أف أدعػ فأحتسػ بػ
عليهم من الزكاة؟ قاؿ :نعم (فق اإلماـ جعفر.)94/2 :
وعن ػػدي أف ه ػػذا الق ػػوؿ أرج ػ م ػػا داـ الفق ػػك ه ػػو اؼبنتف ػػع ى النهاي ػػة بالزك ػػاة بقض ػػاء حاج ػػة م ػػن
حوا األصػلية وهػى وفػاء دينػ وقػد ظبػى القػرآف الكػرٓ حػ ال َػدين عػن اؼبعسػر صػدقة ى قولػ
تعاَ( :وإف كاف ذو عسرة فنظرة إَ ميسرة وأف تصػدقوا متػك لكػم إف كنػتم تعلبػوف)( .البقػرة:
.)286
فهػػذا تصػػدؽ علػػى اؼبػػدين اؼبعسػػر وإف ٍ يكػػن في ػ إقبػػاض وال سبلي ػ واألعبػػاؿ دبقاصػػدها ال
عاجزا عػن الوفػاء وأف ي ػ مػن دينػ ويعلبػ بػذل فب ػل هػذا بصورهتا وهذا بيرط أف يكوف ً
قطعػا مػن الغػارمني فهػو مػن أهػل الزكػػاة
اؼبػدين العػاجز إف ٍ يكػن مػن الفقػراء واؼبسػاكني فهػػو ً
واإلبراء دبنزلة اإلقباض وهو وبقق للبدين حاجة نفسية ب زاحة ثقل الدين عن كاهل فينػزاح عنػ
هم الليل وذؿ النهار ومتوؼ اؼبطالبة واغببس فضبلً عن عقوبة اآلمترة.
غك أف ما قال اغبسن من تقييد ذل بدين القرض ال ديوف الت ارات أمر ينبغ اعتبارخ متيػية
اس ساؿ الت ار ى البيع بالدين رغبة ى مزيد من الرب ف ذا أعيػاهم اقتضػاء الػدين احتسػبوخ مػن
الزكاة وفي ما في .
فهرس
سبهيد
ظػػل علب ػػاء اؼباليػػة والض ػريبة زمنًػػا ط ػػويبلً وه ػػم ين ػػأوف بالض ػريبة أف تك ػػوف ؽبػػا أه ػػداؼ إنس ػػانية أو
اجتباعية أو اقتصادية متيية أف يؤثر ذل على هدفها األوؿ عندهم وهو وفرة اغبصيلة وغزارة
اؼب ػػاؿ ال ػػذي يت ػػدفق عل ػػى اػبزان ػػة م ػػن وراء جبايته ػػا وعُ ػػرؼ ه ػػذا االذب ػػاخ باس ػػم "م ػػذه اغبي ػػاد
الضري ".
ػكا بعػػد تطػػور األفكػػار وتقلػ األحػواؿ واوػػتعاؿ ال ػػورات اشػػطروا أف يرفضػوا تلػ الفكػػرة وأمتػ ً
التقليديػػة وأف ينػػادوا باسػػتصداـ الض ػريبة لتحقيػػق أهػػداؼ اجتباعيػػة واقتصػػادية معينػػة كتقليػػل
الفوارؽ بني الطبقات وإعادة التوازف االقتصادي ى اةتبع إَ غك ذل من األهداؼ.
أما الزكاة ى اإلسبلـ فكاف ؽبا وأف آمتر.
إف اإلس ػػبلـ جعله ػػا ركنًػػا م ػػن أركان ػ وو ػػعكة م ػػن و ػػعا رخ وعب ػػادة م ػػن عباداتػ ػ يؤديه ػػا اؼبس ػػلم
بوصػػفها فريضػػة دينيػػة مقدسػػة امت ػػاالً ألمػػر اهلل وابتغػػاء مرشػػات طيبػػة هبػػا نفسػ متالصػػة هبػػا نيتػ
حك ربوز القبوؿ عند اهلل تعاَ( :إمبا األعباؿ بالنيات وإمبا لكل امرئ ما نوى) (مر زبرهب ).
(ومػػا أمػػروا إال ليعبػػدوا اهلل ـبلصػػني ل ػ الػػدين حنفػػاء ويقيب ػوا الصػػبلة ويؤت ػوا الزكػػاة وذل ػ دي ػػن
القيبة)( .البينة.)5 :
فالزكػػاة -ى اؼبقػػاـ األوؿ -يقػػوـ هبػػا اؼبسػػلم بوصػػفها جػػزءًا مػػن التكليػػه اإلؽب ػ لئلنسػػاف الػػذي
اسػػتصلف اهلل ى هػػذخ األرض ليعبػػدخ تعػػاَ ويعبرهػػا بػػاغبق والعػػدؿ لي ػ شبرتػ ى دار أمتػػرى
فهػػو يعػػد ويصػػقل ويصػػهر ى بوتقػػة التكػػاليه واالبػػتبلء ى هػػذخ ليصػػل للصلػػود والنعػػيم ى الػػدار
الباقيػػة األمتػػرى فػ ذا طهػػرت نفسػ وزكػػا قلب ػ بػػالتزاـ حػػدود اهلل وإقامػػة واجبات ػ كػػاف أهػبلً لنعػػيم
اغبياة اآلمترة وجوار اهلل ى جنت وكاف مػن (الػذين تتوفػاهم اؼببل كػة طيبػني يقولػوف سػبلـ علػيكم
ادمتلوا اعبنة دبا كنتم تعبلوف)( .النحل.)32 :
وؽبذا اؼبع قرف القرآف بني الصبلة والزكاة ى شبانيػة وعيػرين موش ًػعا منػ وقرنػز بينهبػا السػنة ى
عيرات اؼبواشع وعرؼ ى اإلسبلـ أف الزكاة أمتز الصبلة ال ذبوز التفرقػة بينهبػا وقػد صبعهبػا
اهلل وؽبذا قاؿ أبو بكر ؼبن تردد من الصحابة ى قتاؿ من أقاموا الصبلة وامتنعوا من أداء الزكػاة:
(واهلل ألقاتلن من فرؽ بني الصبلة والزكاة).
ومن ه تذكر أحكاـ "الزكاة" ى كت الفق اإلسبلم دبصتله مذاهب ى قسػم "العبػادات" تاليػة
ألحك ػاـ الصػػبلة (هػػذا هػػو الغال ػ ى كت ػ الفق ػ وقليػػل منهػػا يػػذكر الصػػوـ بعػػد الصػػبلة علػػى
أساس أمبا عبادتاف بدنيتاف :أي أف كلتيهبا تػؤدى جبهػد بػدْ وميػقة جسػيبة .أمػا الزكػاة فهػ
معا) .اقتداء بالكتاب والسنة.
عبادة مالية واغب عبادة بدنية ومالية ً
وقيبػا
ومع وشوح مع العبادة ى الزكاة ف ف هنػاؾ أهػدافًا إنسػانية جليلػة ومػ بلً أمتبلقيػة رفيعػة ً
روحية عليا كاف اإلسبلـ يقصد إَ ربقيقها وت بيتها من وراء فريضة الزكاة كبا نبهز على ذل
اآليات واألحاديث وكبا التفز إَ ذل ك ك من ؿبقق علباء اإلسبلـ.
وحني طبق اؼبسلبوف ى العصور األوَ وريعة الزكاة كبا أمر اهلل ورسػول ربققػز هػذخ األهػداؼ
اعبليلة وبرزت آثارها ى حياة الفرد اؼبسلم واةتبع اإلسبلم ماثلة للعياف.
وهذخ األهداؼ ليسز مادية فحس وال معنوية فحس بػل تيػبل اعبػانبني اؼبػادي واؼبعنػوي
وتع باألهداؼ الروحية واألمتبلقية عنايتها باألهداؼ االقتصادية واؼبالية.
فهذخ األهداؼ ليسز فردية فق وال اجتباعية فق بل منها مػا يعػود علػى الفػرد سػواء أكػاف
معطيًا للزكاة أـ آمت ًذا ؽبػا ومنهػا مػا يعػود علػى اةتبػع اؼبسػلم وربقيػق أمنػ ونيػر رسػالت وحػل
ميكبلت .
وييتبل هذا الباب على فصلني أساسيني:
األوؿ :يبحث ى أهداؼ الزكاة وآثارها ى حياة الفرد اؼبسلم.
وال اْ :يبحث ى أهداؼ الزكاة وآثارها ى حياة اةتبع اؼبسلم.
الفصل األوؿ
أهداؼ الزكاة وآثارها ى حياة الفرد
فهرس
اؼببحث األوؿ
الزكاة الب يؤديهػا اؼبسػلم امت ػاالً ألمػر اهلل وابتغػاء مرشػات إمبػا هػ تطهػك لػ مػن أرجػاس الػذنوب
بعامة ومن رجس الي خباصة.
ذلػ اليػ الػػذميم الػػذي أحضػرت األنفػػس وابتلػػى بػ اإلنسػػاف؛ فقػػد وػػاء اهلل أف يغػػرس ى حنايػػا
اإلنسػػاف ؾببوعػػة مػػن الػػدوافع النفسػػية أو الغرا ػػز تسػػوق سػػوقًا إَ السػػع ى األرض وعبارهتػػا
فكػػاف منهػػا حػ التبلػ وحػ الػػذات وحػ البقػػاء وكػػاف مػػن آثارهػػا هػػذخ الغرا ػػز أو النػوازع
ػورا).و ػ اإلنسػػاف دبػػا ى يػػدخ وحبػ االسػػتئ ار بػػاػبكات واؼبنػػافع دوف النػػاس( :وكػػاف اإلنسػػاف قتػ ً
(اإلسراء( .)466 :وأحضرت األنفس الي )( .النساء .)428 :فكاف ال بد لئلنساف الراق أو
اإلنسػػاف اؼبػػؤمن أف يسػػتعل علػػى ن ػوازع األثػػرة واألنانيػػة ى نفس ػ وأف ينتصػػر علػػى نزعػػة الي ػ
ببواعث اإليباف وال فبلح ل ى دنياخ أو آمترت إال باالنتصار على هذا الي اؼبقيز.
الي آفة متطرة على الفرد واةتبع؛ إما قد تدفع من اتصه هبا إَ الدـ فيسفك وإَ اليػرؼ
فيدوس وإَ الدين فيبيع وإَ الوطن فيصون ولذا روى عػن الرسػوؿ -صػلى اهلل عليػ وسػلم-
أن ػ جعل ػ أحػػد اؼبهلكػػات فقػػاؿ( :ثػػبلث مهلكػػات :و ػ مطػػاع وهػػوى متبػػع وإع ػػاب اؼبػػرء
بنفس ػ ) (رواخ الط ػ اْ ى األوس ػ ع ػػن اب ػػن عبػػر ب س ػػناد شػػعيه كبػػا ى التيس ػػك576/4 :
أيضػػا أبػػو اليػػيمل ى التػػوبيمل والب ػزار وأبػػو نعػػيم والط ػ اْ ى األوس ػ والبيهق ػ عػػن أنػػس
(ورواخ ً
وشعف العراق كبا ى "الفيض" 366/3 :ولكػن حسػن األلبػاْ ى صػحي اعبػامع الصػغك)
وقاؿ تعاَ( :ومن يػوؽ وػ نفسػ فأولئػ هػم اؼبفلحػوف)( .اغبيػر 9 :والتغػابن .)46 :كررهػا
ى القرآف مرتني قصر فيها الفبلح على مػن وقػى هػذا الػداء الفتػاؾ ومتطػ الرسػوؿ -صػلى اهلل
عليػ وسػػلم -فقػػاؿ( :إيػػاكم واليػ ؛ ف مبػػا هلػ مػػن كػػاف قػػبلكم باليػ .أمػػرهم بالبصػػل فبصلػوا
وأمػػرهم بالقطيعػػة فقطع ػوا وأمػػرهم بػػالف ور فف ػػروا) (أمترج ػ أبػػو داود والنسػػا .انظػػر :ـبتصػػر
اؼبنذري.)263 /2 :
فالزكاة هبػذا اؼبعػ طهػرة :أي تطهػر صػاحبها مػن متبػث البصػل اؼبهلػ وإمبػا طهارتػ بقػدر بذلػ
وفرح ب متراج واستبيارخ دبصرف إَ اهلل تعاَ.
والزكػػاة كبػػا ربقػػق مع ػ التطهػػك للػػنفس ربقػػق مع ػ التحريػػر ؽبػػا ربررهػػا مػػن ذؿ التعلػػق باؼبػػاؿ
واػبضػػوع لػ ومػػن تعاسػػة العبوديػػة للػػدينار والػػدرهم فػ ف اإلسػػبلـ وبػػرص علػػى أف يكػػوف اؼبسػػلم
ػيدا لكػػل مػػا ى هػػذا الكػػوف مػػن عناصػػر ػررا مػػن اػبضػػوع ألي وػػئ سػواخ سػ ً
عبػ ًػدا هلل وحػػدخ متحػ ً
وأوياء.
ػيدا ف ػ ذا هػػو يعبػػد نفس ػ ؼبػػا
وأي تعاسػػة أعظػػم مػػن أف هبعػػل اهلل اإلنسػػاف ى األرض متليفػػة وسػ ً
عليها من مادة وماؿ؟!
أي تعاسة أعظم من أف يصب صبع اؼباؿ هدؼ اإلنساف وأك نب ومبلغ علب وؿبور حياتػ
وقد متلق لرسالة أك وهدؼ أظبى؟!
وال غرو أف جاء النور من ميكاة النبػوة وبػذر مػن هػذخ التعاسػة الػب هػ مػن لػوازـ العبوديػة لغػك
اهلل تعاَ( :تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس وانتكس وإذا وي
فبل انتقو) (رواخ البصاري ى كتاب اعبهاد وكتاب الرقاؽ وابن ماجة ى الزهد)..
ومن ه كاف هذا اػبلق مػن أوصػاؼ اؼبػؤمنني اؼبتقػني ى نظػر القػرآف .فػ ذا فػت اإلنسػاف اؼبصػحه
اليريه وتبل فاربة الكتاب ه اذب إَ الصفحة التالية ليقرأ طليعػة سػورة البقػرة وجػد فيهػا بيانًػا
لصػػفات اؼبتقػػني الػػذين ينتفعػػوف هبػػدى الكتػػاب العزيػػز( :آٍ ذل ػ الكتػػاب ال ري ػ في ػ هػػدى
للبتقني الذين يؤمنوف بالغي ويقيبوف الصبلة وفبا رزقناهم ينفقوف)( .البقرة.)3 - 4 :
وقبل ذل ٍ يغفل القرآف اؼبك هذا اػبلق من أمتبلؽ اؼبؤمنني :فف سورة اليورى اؼبكيػة( :فبػا
أوتيتم من وئ فبتاع اغبياة الدنيا وما عند اهلل متك وأبقى للذين آمنوا وعلى رهبم يتوكلوف والػذين
هبتنبػػوف كبػػا ر اإله والفػواحو وإذا مػػا غضػػبوا هػػم يغفػػروف والػػذين اسػػت ابوا لػرهبم وأقػػاموا الصػػبلة
وأمرهم وورى بينهم وفبا رزقناهم ينفقوف)( .اليورى.)38 - 36 :
وقػػد امتتلػػه اؼبفسػػروف ى ربديػػد اؼب ػراد مػػن ذل ػ .فقيػػل :الزكػػاة اؼبفروشػػة -ويػػروى هػػذا عػػن ابػػن
عبػػاس -لقػػرف اإلنفػػاؽ ب قامػػة الصػػبلة وقيػػل :صػػدقة التطػػوع -وروى عػػن الضػػحاؾ -نظػ ًػرا إَ أف
الزكاة ال تأتى إال بلفظها اؼبصتل هبا وقيل :هو النفقة على األهل والعياؿ.
وقيل :هو عػاـ ييػبل ذلػ كلػ (انظػر القػرط )479/4 :وهػذا هػو الصػحي الػذي ينبغػ أف
تفهم اآليات ى شو فاألمر أوسع وأعم مػن الزكػاة الفريضػة أو صػدقة التطػوع أو النفقػة علػى
األهل .إن متلق من أمتػبلؽ اؼبػؤمنني (الػذين ينقػوف أمػواؽبم بالليػل والنهػار س ًػرا وعبلنيػة)( .البقػرة:
)274و(الذين ينفقوف ى السراء والضراء)( .آؿ عبراف.)434 :
(الصابرين والصادقني والقانتني واؼبنفقني واؼبستغفرين باألسحار)( .آؿ عبراف.)47 :
وفبا يدؿ علػى ذلػ مػا جػاء ى القػرآف اؼبكػ مػن أوصػاؼ اؼبتقػني( :إف اؼبتقػني ى جنػات وعيػوف
آمتذين ما آتاهم رهبم إمم كانوا قبل ذل ؿبسنني كانوا قليبلً من الليػل مػا يه عػوف وباألسػحار
هم يستغفروف وو أمواؽبم حق للسا ل واحملروـ)( .الذاريات.)49 - 45 :
منوعا إال اؼبصػلني الػذين هػم علػى جزوعا وإذا مس اػبك ً هلوعا إذا مس الير ً (إف اإلنساف متلق ً
صبلهتم دا بوف والذين ى أمواؽبم حق معلوـ للسا ل واحملروـ)( .اؼبعارج.)25 - 49 :
وبعد ذل إف الذي يعتاد اإلنفاؽ فبا بيدخ لغكخ والبػذؿ مػن ملكػ مواسػاة إلمتوانػ ومسػانبة ى
مصػػاً أمتػ يبعػػد أوػػد البعػػد أف يعتػػدي علػػى مػػاؿ غػػكخ ناهبًػػا أو سػػارقًا؛ ف نػ ليصػػع علػػى مػػن
يعطى من مال ابتغاء رشا اهلل أف يأمتذ ما ليس ل لي ل على نفس سص اهلل.
ومػػن أوا ػػل مػػا أنػػزؿ مػػن القػػرآف ى مكػػة سػػورة الليػػل وفيهػػا يقسػػم اهلل تعػػاَ فيقػػوؿ( :والليػػل إذا
يغيى والنهار إذا ذبلى وما متلػق الػذكر واألن ػى إف سػعيكم ليػك فأمػا مػن أعطػى واتقػى وصػدؽ
باغبس فسنيسرخ لليسرى وأما من خبل واستغ وكػذب باغبسػ فسنيسػرخ للعسػرى ومػا يغػ عنػ
مال ػ ػ إذا ت ػػردى إف علين ػػا لله ػػدى وإف لن ػػا لآلمت ػػرة واألوَ فأن ػػذرتكم ن ػ ًػارا تلظ ػػى ال يص ػػبلها إال
األوػػقى الػػذي كػػذب وتػػوَ وسػػي نبها األتقػػى الػػذي يػػؤتى مالػ يتزكػػى ومػػا ألحػػد عنػػدخ مػػن نعبػػة
ذبزى إال ابتغاء وج رب األعلى ولسوؼ يرشى)( .سورة الليل كاملة).
تضبنز السورة الكريبة صنفني من الناس:
صنه أث اهلل عليػ ويسػرخ لليسػرى ألنػ ( :أعطػى واتقػى وصػدؽ باغبسػ ) .فاإلعطػاء صػفة مػن
صفات األساسية جبان التقوى والتصديق باغبس وأطلق القرآف وصػف باإلعطػاء وٍ يقػل مػاذا
أعطػػى؟ وال مػػن أعطػػى؟ وال نػػوع مػػا أعطػػى؛ ألف اؼبقصػػود أف نفس ػ نفػػس كريبػػة معطيػػة باذلػػة ال
لئيبة مانعة فالنفس اؼبعطية ه النافعة احملسنة الب طبعها اإلحساف وإعطاء اػبك فتعطى متكها
لنفسها ولغكها فه دبنزلة العني الب ينتفع الناس بيػرهبم منهػا وسػقى دواهبػم وأنعػامهم وزرعهػم
فهم ينتفعوف هبا كيه واءوا فه ميسرة لذل وهكػذا الرجػل اؼببػارؾ ميسػر للنفػع حيػث حػل
ف زاء هذا أف يسرخ اهلل لليسرى كبا كانز نفس ميسرة للعطاء.
وصػػنه مقابػػل ؽبػػذا ذم ػ اهلل ويسػػرخ للعسػػرى؛ ألن ػ (خبػػل واسػػتغ وكػػذب باغبس ػ ) .فهػػذا هػػو
الصنه اليحي اللئيم الذي خبل دبال وظن نفس مستغنيًا عن اهلل وعن الناس وكذب دبا وعػد
اهلل مػػن حسػػن العاقبػػة للبػػؤمنني الصػػادقني .ؽبػػذا أنػػذرخ اهلل( :نػ ًػارا تلظػػى ال يصػػبلها إال األوػػقى
الذي كذب وتوَ) .م ل هذا الذي كذب باغبس وتوَ عن اإلعطاء والتقوى.
(وسػػي نبها األتقػػى الػػذي يػػؤتى مال ػ يتزكػػى ومػػا ألحػػد عنػػدخ مػػن نعبػػة ذبػػزى إال ابتغػػاء وج ػ رب ػ
األعلى ولسوؼ يرشى).
لقد كانز هذخ السورة اؼببكرة مػن سػور القػرآف اؼبكػ دبػا اوػتبلز عليػ مػن هػذين النبػوذجني -
ميػػكة إَ االذبػػاخ الػػذي يسػػك في ػ اإلسػػبلـ كبػػو اؼبػػاؿ وكبػػو األغنيػػاء وموشػػحة النبػػوذج اػبلق ػ
الذي ينيدخ اإلسبلـ ويرشاخ اهلل تعاَ.
زبلق بأمتبلؽ اهلل
واإلنس ػػاف إذا تطه ػػر م ػػن اليػ ػ والبص ػػل واعت ػػاد الب ػػذؿ واإلنف ػػاؽ ارتقػ ػى م ػػن حض ػػيض الي ػ ػ
ػورا)( .اإلسػراء )466 :واقػ دبن أفػػق الكبػاالت "الربانيػػة" فػ ف مػػن اإلنسػاْ( :وكػاف اإلنسػػاف قت ً
صػػفات اغبػػق تبػػارؾ وتعػػاَ إفاشػػة اػبػػك والرضبػػة واعبػػود واإلحسػػاف دوف نفػػع يعػػود علي ػ تعػػاَ
والسع ى ربصيل هذخ الصفات بقدر الطاقة البيرية زبلػق بػأمتبلؽ اهلل وذلػ منتهػى كبػاالت
اإلنسانية.
قػػاؿ اإلمػػاـ الػرازي (التفسػػك الكبػػك" :)464/46 :إف الػػنفس الناطقػػة -يعػ تلػ الػػب صػػار هبػػا
اإلنسػػاف إنسػػانًا -ؽبػػا قوتػػاف :نظريػػة وعبليػػة؛ فػػالقوة النظريػػة كباؽبػػا ى التعظػػيم ألمػػر اهلل والقػػوة
العبلية كباؽبا ى اليفقة على متلق اهلل فأوج اهلل الزكػاة ليحصػل عبػوهر الػروح هػذا الكبػاؿ
افعا لآلفات عػنهم -وؽبػذا وهو اتصاف بكون ؿبسنًا إَ اػبلق ساعيًا ى إيصاؿ اػبكات إليهم ر ً
السر قاؿ -علي السبلـ( -حب ػز عنػ ى مظانػ فلػم أجػد لػ أصػبلً وال مػن تكلػم عليػ ( :زبلقػوا
أيضا من أف االستغناء عن الي ء أعظػم مػن بأمتبلؽ اهلل) ا هػ (وفبا يقرب من هذا اؼبع ما قال ً
االستغناء بالي ء؛ ف ف االستغناء بالي ء يوجػ االحتيػاج إليػ إال أنػ يتوسػل بػ إَ االسػتغناء
عػػن غػػكخ فأمػػا االسػػتغناء عػػن اليػ ء فهػػو الغ ػ التػػاـ ولػػذل فػ ف االسػػتغناء عػػن اليػ ء صػػف
اغبق واالستغناء بالي ء صفة اػبلق فاهلل سبحان ؼبا أعطػى بعػض عبيػدخ أمػواالً ك ػكة فقػد رزقػ
نص ػػيبًا واف ػ ًػرا م ػػن ب ػػاب االس ػػتغناء باليػ ػ ء .فػ ػ ذا أم ػػرخ بالزك ػػاة ك ػػاف اؼبقص ػػود أف ينقلػ ػ م ػػن درج ػػة
االستغناء بالي ء إَ اؼبقاـ الذي هو أعلى من وأورؼ من وهو االستغناء عن الي ء).
ومن آثػار هػذا اػبلػق وذلػ الػروح الػذي مبػاخ اإلسػبلـ ى نفػوس اؼبسػلبني عػن طريػق الزكػاة أعػ
متلق البذؿ وروح ال :تل الصػدقات اعباريػة الػب متلفهػا اؼبسػلبوف اػبػكوف ؼبػن بعػدهم ينتفعػوف
هبػػا والػػب تتب ػػل واشػػحة ى نظػػاـ "الوقػػه اػبػػكي" ومػػا شػػرب فيػ الواقفػػوف اؼبسػػلبوف مػػن أم لػػة
فريػ ػػدة ى صػ ػػدؽ عاطفػ ػػة اػبػ ػػك وأصػ ػػالة روح ال ػ ػ ى حنايػ ػػاهم واتسػ ػػاع هػ ػػذخ الػ ػػروح ؼبصتلػ ػػه
اغباجات ووك احملتاجني إَ اؼبعونة اؼبادية أو اؼبعنوية من كل األجناس والطبقػات بػل مػن غػك
اإلنساف ى بعض األحياف (انظر مباذج من هذا الوقه ى كتابنا "اإليباف واغبياة" فصػل" :الرضبػة"
ص - 294ص.)293
ومػػن اؼبعلػػوـ الػػذي تنػػادى ب ػ العقػػوؿ وتقػػرخ الفطػػر وتػػدعو إلي ػ األمتػػبلؽ وربػػث علي ػ األديػػاف
واليرا ع :أف االع اؼ باعببيل ووكر النعبة أمر الزـ.
والزكاة توقي ى نفس معطيها مع اليكر هلل تعػاَ واالعػ اؼ بفضػل عليػ وإحسػان إليػ فػ ف
هلل عػػز وجػػل -كبػػا قػاؿ اإلمػػاـ الغػزاُ -علػػى عبػػدخ نعبػػة ى نفسػ وو مالػ .فالعبػػادات البدنيػػة
وػػكر لنعبػػة البػػدف واؼباليػػة وػػكر لنعبػػة اؼبػػاؿ ومػػا أمتػػس مػػن ينظػػر إَ الفقػػك وقػػد شػػيق علي ػ
الرزؽ وأحرج إلي ه ال تسب نفس بأف يؤدى وكر اهلل تعاَ على إعفا ػ عػن السػؤاؿ وإحػواج
غكخ إلي بربع العير أو العير من مال " (اإلحياء - 493/4 :طبع اغبل ).
ومن اإلوباءات العبيقػة ؽبػذا اؼبعػ ى أفكػار اؼبسػلبني وميػاعرهم -معػ أف الزكػاة مقابػل النعبػة
-أف كػػل نعبػػة هبػ أف تقابػػل بزكػػاة مػػن اإلنسػػاف سػواء أكانػػز النعبػػة ماديػػة أـ معنويػػة وؽبػػذا
ورع بني اؼبسلبني أف يقولوا :زؾ عن عافيت .زؾ عن بصرؾ ونور عيني .زؾ عن علب .زؾ
عن قبابة أوالدؾ ...وهكذا وهو إوباء نبيل صبيل وقد روى ى اغبديث( :لكل و ء زكاة) (رواخ
ابن ماجة عن أىب هريرة والط اْ عن سهل بن سعد ورمز ل السيوط بعبلمة الضػعه وأوػار
إَ شعف اؼبنذري ى ال غي ).
عبلج للقل من ح الدنيا
والزكاة من وج آمتر -تنبيػ للقلػ علػى واجبػ كبػو ربػ وكبػو اآلمتػرة وعػبلج لػ مػن االسػتغراؽ
ى ح الدنيا وح اؼباؿ؛ ف ف االستغراؽ ى حب -كبا قػاؿ الػرازي -يػذهل الػنفس عػن حػ
اهلل وعػػن التأه ػ لآلمتػػرة فاقتضػػز حكبػػة اليػػرع تكليػػه مالػ اؼبػػاؿ بػ متراج طا فػػة من ػ مػػن
ومنعػا مػن انصػراؼ الػنفس بالكليػة إليػ
كسرا من ودة اؼبيل إَ اؼباؿ ً يدخ ليصك ذل اإلمتراج ً
وتنبيها ل على أف سعادة اإلنساف ال ربصل عند االوتغاؿ بطل اؼباؿ وإمبا ربصل ب نفاؽ اؼبػاؿ ً
ى طل مرشاة اهلل تعاَ .ف هباب الزكاة عبلج صاً متعني إلزالة مرض حػ الػدنيا عػن القلػ
(ى التفسك نفس ص .)464
ويوشػ الػرازي (اؼبرجػػع السػػابق) .السػػر ى اسػػتيبلء حػ اؼبػػاؿ علػػى القلػ اإلنسػػاْ فيقػػوؿ" :إف
ك رة اؼباؿ توج ودة القوة وكباؿ القدرة؛ وتزايد اؼباؿ يوج تزايد القدرة وتزايد القدرة يوج
تزايػػد االلتػػذاذ بتل ػ القػػدرة وتزايػػد اللػػذات يػػدعو اإلنسػػاف إَ أف يسػػعى ى ربصػػيل اؼبػػاؿ الػػذي
صار سببًا غبصوؿ هذخ اللذات اؼبتزايدة؛ وهبذا الطريق تسك اؼبسألة مسألة الدور؛ ألن إذا بالغ ى
السػػع ازداد اؼبػػاؿ -وذل ػ يوج ػ ازديػػاد القػػدرة وهػػو يوجػ ازديػػاد اللػػذة وهػػو وببػػل اإلنسػػاف
علػػى أف يزيػػد ى طل ػ اؼبػػاؿ -وؼبػػا صػػارت اؼبسػػألة مسػػألة الػػدور ٍ يظهػػر ؽبػػا مقطػػع وال آمتػػر
وآمترا وهػو أنػ أوجػ علػى صػاحب صػرؼ طا فػة مػن تلػ األمػواؿ إَ مقطعا ًفأثبز اليرع ؽبا ً
اإلنفاؽ ى طل مرشاة اهلل تعاَ؛ ليصرؼ النفس عػن ذلػ الطريػق الظلبػاْ الػذي ال آمتػر لػ
ويتوج إَ عاٍ عبودية اهلل وطل رشوان " .ا هػ.
ومع هذا :أف اهلل ال وب لعبدخ اؼبؤمن أف يسك ى حلقة مفرغة ال يعرؼ ؽبا طرفًا تنته عنػدخ:
حلقة قوامها صبع اؼباؿ واغبرص علي واالمبػاؾ ى طلبػ وإمبػا وبػ أف يػذكرخ بػأف اؼبػاؿ وسػيلة
ال غايػػة وأف يقػػوؿ لػ :عنػػد هػػذا اؼبكػػاف مػػن اغبلقػػة قػػه لتنفػػق وتتصػػدؽ وزبػػرج حػػق اهلل وحػػق
الفقك وحق اعبباعة.
إف اهلل أباح للبسلم صبع اؼبػاؿ وأبػاح لػ طيبػات الػدنيا ولكنػ ٍ يػرض ذلػ لػ مهبػة وغايػة ى
اغبيػػاة إنػ متلػػق لغايػػة أظبػػى ولػػدار أبقػػى .إف الػػدنيا متلقػػز لػ وأمػػا هػػو فصلػػق لآلمتػػرة ولعبػػادة
اهلل وما الدنيا إال طريق لآلمترة وال بػأس أف هببػل اإلنسػاف الطريػق ويبهػدخ ولكػن ال ينسػى أنػ
في سا ر إَ هدؼ وساع إَ غاية.
إف اهلل يعطى اؼباؿ من وب ومن ال وب يعطي اؼبؤمن والكافر وال والفاجر( :كػبل مبػد هػؤالء
ؿبظورا)( .اإلسراء.)26 :
ً وهؤالء من عطاء رب وما كاف عطاء رب
فوجػػود اؼبػاؿ ى يَػ َػدي اإلنسػػاف لػػيس دلػػيبلً علػػى فضػػل وال متػػكخ إمبػػا الفضػػل واػبػػك ى بػػذؿ اؼبػػاؿ
هلل وإنفاق ى سبيل اهلل وابتغاء ما عند اهلل.
إف اؼبػاؿ ى نظػػر اإلسػػبلـ متػك ونعبػػة ولكنػ متػػك يبتلػى بػ اإلنسػػاف كبػا يبتلػػى باليػػر( :ونبلػػوكم
بالي ػػر واػب ػػك فتن ػػة)( .األنبي ػػاء( )35 :إمب ػ ػا أم ػ ػوالكم وأوالدك ػػم فتن ػػة)( .التغ ػػابن( )45 :فأم ػػا
اإلنساف إذا ما ابتبلخ رب فأكرم ونعب )( .الف ر.)45 :
والسػػعيد مػػن اعت ػ نفس ػ أمينًػػا علػػى اؼبػػاؿ ومسػػتصل ًفا في ػ فأنفق ػ حيػػث أمػػر اهلل( :وأنفق ػوا فبػػا
جعلكم مستصلفني في )( .اغبديد.)7 :
والزكاة تدري للبسلم على مقاومة فتنة اؼباؿ وفتنة الدنيا ب عداد الػنفس للبػذؿ امت ػاالً ألمػر اهلل
وسعيًا ى مرشات سبحان .
إف وػػر مػػا تصػػاب بػ األمػػم وهبعػػل أعػػدادها اؽبا لػػة ك ػػرة كغ ػػاء السػػيل ويغػػرى هبػػا أعػػداءها :أف
يصػػاب أبناؤهػػا بػػالوهن الػػذي ىبػػدر األنفػػس ووبطػػم الع ػزا م ويقتػػل الػػروح اؼبعنويػػة وسػػر هػػذا
الػػوهن -كبػػا عرفنػػا رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -ينحصػػر ى أمػرين :ح ػ الػػدنيا وكراهيػػة
اؼبوت (من حديث رواخ أضبد 278/5 :وأبو داود ى كتاب اؼببلحم من حديث ثوباف).
فػ ذا تعلػػم اؼبسػػلم كيػػه يػػدع الػػدنيا لآلمتػػرة ويبػػذؿ اؼبػػاؿ هلل يػػؤمتر هػػوى نفسػ ؼبصػػلحة غػػكخ أو
حاجت فقد حطم الوهن وحقق القوة لنفس وبالتاُ ألمت .
الزكاة منبية ليصصية الغ
ومػػن مع ػ التزكيػػة الػػب ربققهػػا الزكػػاة :أمػػا مبػػاء وزيػػادة ليصصػػية الغ ػ وكيان ػ اؼبعنػػوي .فاإلنسػػاف
الػػذي يسػػدى اػبػػك ويصػػنع اؼبعػػروؼ ويبػػذؿ مػػن ذات نفس ػ ويػػدخ ليػػنهض ب متوان ػ ى الػػدين
واإلنسػػانية وليقػػوـ حبػػق اهلل عليػ ييػػعر بامتػػداد ى نفسػ وانيػراح واتسػػاع ى صػػدرخ ووبػػس دبػػا
وبس ب من انتصر ى معركة وهو فعبلً قد انتصر على شعف وأثرت وويطاف وح وهواخ.
فهػػذا هػػو النبػػو النفسػ والزكػػاة اؼبعنويػػة ولعػػل هػػذا مػػا نفهبػ مػػن عبػػارة اآليػػة( :تطهػػرهم وتػػزكيهم
هبا) (التوبة .)463 :فعطه التزكية على التطهػك يفيػد هػذا اؼبعػ الػذي ذكرنػاخ إذ كػل كلبػة ى
القرآف ؽبا معناها وداللتها.
والزكػػاة تػرب بػػني الغػ وؾبتبعػ بربػػاط متػػني سػػداخ احملبػػة وغببتػ اإلمتػػاء والتعػػاوف؛ فػ ف النػػاس إذا
علبوا ى اإلنساف رغبت ى نفعهم وسعي ى جل اػبك ؽبم ودفع الضك عنهم أحبوخ بالطبع
ومالز نفوسهم إلي ال ؿبالة على ما جاء ى األثر( :جبلز القلوب على ح من أحسن إليها
وبغض من أساء إليها) (رواخ ابن عدى ى الكامل وأبو نعيم ى اغبليػة والبيهقػ ى وػع اإليبػاف
مرفوع ػػا ب س ػػناد ش ػػعيه ب ػػل قي ػػل :موش ػػوع وص ػػح البيهق ػ ػ وقف ػ ػ .ق ػػاؿ
عل ػػى اب ػػن مس ػػعود ً
مرفوعػػا وموقوفًػػا (التيسػػك .)485/4 :فػػالفقراء إذا علبػوا أف الرجػػل الغ ػالسػػصاوي :وهػػو باطػػل ً
يصرؼ إليهم طا فة من مال وأن كلبػا كػاف مالػ أك ػر كػاف الػذي يصػرؼ إلػيهم مػن ذلػ اؼبػاؿ
أك ػر أمػػدوخ بالػدعاء واؽببػػة وللقلػػوب آثػار ولػػؤلرواح حػرارة فصػػارت تلػ الػدعوات سػػببًا لبقػػاء
ذل ػ اإلنسػػاف ى اػبػػك واػبص ػ .كبػػا قػػاؿ ال ػرازي وإلي ػ اإلوػػارة بقول ػ تعػػاَ( :وأمػػا مػػا ينفػػع
النػػاس فيبكػػث ى األرض)( .الرعػػد )47 :وبقولػ -عليػ الصػػبلة والسػػبلـ( :-حصػػنوا أمػوالكم
بالزكػػاة) (رواخ أبػػو داود ى اؼبراسػػيل ع ػن اغبسػػن ورواخ الط ػ اْ والبيهق ػ وغكنبػػا عػػن صباعػػة مػػن
مرفوعػػا متصػبلً مػػن وجػػوخ شػػعيفة قػػاؿ اؼبنػػذري :واؼبرسػػل أوػػب ( .انظػػر :فػػيض القػػدير:
الصػػحابة ً
..)388 /3
والزكاة -كبا ه طهارة للنفس وتزكية ؽبا -ه تطهك ؼباؿ الغ وتنبية.
ه طهارة للباؿ؛ ف ف تعلق حق الغك باؼباؿ هبعل ملوثًا ال يطهر إال ب متراج منػ وى م ػل هػذا
اؼبع ػ يق ػػوؿ بع ػػض الس ػػله" :اغب ػػر اؼبغص ػػوب ى ال ػػدار ره ػػن خبراهب ػػا" وك ػػذل ال ػػدرهم ال ػػذي
اسػػتحق الفقػػك ى اؼبػػاؿ رهػػن بتلوي ػ كل ػ وؽبػػذا يقػػوؿ علي ػ الصػػبلة والسػػبلـ ( :إذا أديػػز زكػػاة
مال فقد أذهبز عن ورخ)(رواخ ابن متزيبة ى صحيح واغباكم عن جابر وفي كبلـ سػيأن ى
باب ال امن).
وأك ر من ذل ما روي عن علي الصبلة والسبلـ( :حصنوا أموالكم بالزكاة) وما أحوج األغنيػاء
إَ هذا التحصني ومتاصة ى عصرنا الذي عرؼ اؼببادئ اؽبدامة وال ورات اغببر.
إف تعلق حق الضػعيه والفقػك دبػاؿ الغػ تعلػق قػوى حػك إف بعػض الفقهػاء ذهبػوا إَ أف الزكػاة
تتعلػػق بعػػني اؼبػػاؿ ال بذمػػة الغػ وأف عػػني اؼبػػاؿ مهػػدد بػػاؽببلؾ أو الػػنقل مػػا ٍ ىبػػرج حػػق الزكػػاة
من وو هذا جاء حديث نبوي( :ما متالطز الصدقة ماالً ق إال أهلكت ).
وجػػاء ى بعػػض الروايػػات ( :يكػػوف قػػد وج ػ علي ػ ى مال ػ صػػدقة فػػبل زبرجهػػا فيهل ػ اغب ػراـ
اغببلؿ) (قد مر زبري اغبديث من قبل ص .)93
بل إف ماؿ األمة كلها ليهدد بالنقل وعروض اآلفات السباوية الب تضر باإلنتاج العػاـ وهتػب
بالدمتل القػوم ومػا ذلػ إال أثػر مػن سػص اهلل تعػاَ ونقبتػ علػى قػوـ ٍ يتكػافلوا وٍ يتعػاونوا
وٍ وببػػل قػػويهم شػػعيفهم وى اغبػػديث( :مػػا منػػع قػػوـ الزكػػاة إال منع ػوا اؼبطػػر مػػن السػػباء ولػػوال
البها م ٍ يبطروا) (تقدـ زبرهب ص .)93
إف تطهك ماؿ الفرد واعبباعة من أسباب الػنقل واحملػق ال يكػوف إال بػأداء حػق اهلل وحػق الفقػك:
الزكاة
وإذا قلنػػا :إف الزكػػاة مطهػػرة للبػػاؿ وسػػب لنبا ػ ول كت ػ ف مبػػا نع ػ بػػذل اؼبػػاؿ اغبػػبلؿ الػػذي
وصل إَ يد حا زخ من طريق ميروع .أما اؼباؿ اػببيث الذي جاء عن طريق النه أو االمتتبلس
أو الرووة أو استغبلؿ النفوذ أو الربا أو القبار أو أي نوع من أنػواع أكػل أمػواؿ النػاس بالباطػل
فػ ف الزكػػاة ال تػػؤثر فيػ وال تطهػػرخ وال تباركػ ومػػا أبلػػغ مػػا قالػ بعػػض اغبكبػػاء :م ػػل الػػذي يطهػػر
اؼباؿ اغبراـ بالصدقة كب ل الذي يغسل القاذورات بالبوؿ!
وردبػػا يظػػن ك ػػك مػػن اللصػػوص الصػػغار أو الكبػػار اؼبعػػروفني باسػػم اللصوصػػية أو اؼبصتفػػني ربػػز
أظب ػاء مػػزورة كاذبػػة -أف حبسػػبهم أف يتصػػدقوا بػػبعض مػػا كسػػبوا مػػن سػػحز ومػػا صبع ػوا مػػن مػػاؿ
حرـ ف ذا هم عند اهلل مقبولوف وإذا هم عند الناس برآء أطهار!!
رفضػػا حاظبًػػا ويقػػوؿ ن ػ اإلسػػبلـ ى ذل ػ ( :إف اهلل طي ػ ال وهػػو وهػػم كػػاذب يرفض ػ اإلسػػبلـ ً
يقبل إال طيبًا) (رواخ مسلم وال مذي (ال غي وال هي )44/3 :وى صحي البصاري كبوخ -
باب :الصدقة من كس طي -كتػاب الزكػاة) (مػن صبػع مػاالً مػن حػراـ ه تصػدؽ بػ ٍ يكػن
ل في أجر وكاف إصرخ علي ) (رواخ ابن متزيبة وابن حباف ى صحيحيهبا واغباكم وقػاؿ :صػحي
اإلسػػناد (ال غيػ وال هيػ ( )266/4 :ال يقبػػل اهلل صػػدقة مػػن غلػػوؿ وال صػػبلة بغػػك طهػػور)
(رواخ أبو داود ب سناد صحي واللفي ل ومسلم ى صحيح (فت الباري )478/3 :والغلوؿ:
اػبيانة ى الغنيبة.
ال يقبل اهلل صدقة من م ل هذا اؼباؿ اؼبلوث كبا ال يقبل الصبلة بغك طهارة.
ويقػػوؿ( :والػػذي نفسػ بيػػدخ ال يكسػ عبػػد مػػاالً حر ًامػػا فيتصػػدؽ بػ فيقبػػل منػ وال ينفػػق منػ
فيب ػػارؾ ل ػ في ػ وال ي ك ػ متلػػه ظه ػػرخ إال كػػاف زادخ إَ النػػار .إف اهلل ال يبحػػو السػػيئ بالس ػػيئ
ولكػػن يبحػػو السػػيئ باغبسػػن .إف اػببيػػث ال يبحػػو اػببيػػث) (رواخ أضبػػد وغػػكخ مػػن طريػػق حسػػنها
بعض علباء اغبديث (ال غي وال هي ..)44/3 :
قاؿ القرط :وإمبا ال يقبل اهلل الصدقة باغبراـ؛ ألن غك فبلوؾ للبتصدؽ وهو فبنوع مػن التصػرؼ
ػأمورا منهيًػا مػن وجػ واحػد
في واؼبتصدؽ بػ متصػرؼ فيػ فلػو قبػل منػ لػزـ أف يكػوف اليػ ء م ً
وهو ؿباؿ (فت الباري.)486/3 :
بل قاؿ بعض علباء اغبنفية :لو دفع رجل إَ فقك ويئًا من اؼباؿ اغبػراـ يرجػو بػ ال ػواب يكفػر
أيضػا ولػو ظبعػ آمتػر فػأمن علػى دعا ػ -مػع علبػ بذل ولو علم بذل الفقك فدعا لػ يكفػر ً
باغباؿ -يكفر كذل وم ل لو بػ مسػ ًدا مػن اغبػراـ يرجػو بػ القربػة؛ ألنػ يطلػ ال ػواب فيبػا
في العقاب وال يكوف ذل إال باستحبلؿ اغبػراـ وهػو كفػر وهػذا كلػ ى اغبػراـ اؼبقطػوع حبرمتػ
ال اؼبيتب في (انظر :حاوية رد احملتار على الدر اؼبصتار.)27/2 :
فػػبل وبسػػنب واهػػم أف الزكػػاة كفػػارة للغصػ عػػن إه غصػػب وللبرتيػ عػػن جريبػػة روػػوت وللبػرال
عػػن قباسػػة ربػػاخ .هيهػػات هيهػػات ؼبػػا زعبػوا؛ فػ ف اؼبػػاؿ اغبػراـ ال تقبػػل منػ زكػػاة بػػل ال ذبػ فيػ
زكاة .إف الزكاة ال ذبػ إال ى مػاؿ يبلكػ صػاحب واإلسػبلـ ال يقػر اؼبلكيػة اغبػراـ وإف طػاؿ عليػ
األمػد .إنػ ال يقػوؿ للغاصػبني واؼبرتيػني واللصػوص الصػغار أو الكبػار :تصػدقوا ولكػن يقػوؿ ؽبػػم
قبػل كػػل وػ ء :ردوا األمػواؿ الػػب ى أيػػديكم إَ أصػػحاهبا! (راجػػع ص 454 - 452مػػن هػػذا
الكتاب).
والزكاة بعد ذل مبػاء للبػاؿ وبركػة فيػ وردبػا اسػتغرب ذلػ بعػض النػاس فالزكػاة ى الظػاهر نقػل
من اؼباؿ ب متراج بعض فكيه تكوف مباء وزيادة؟!
ولكن العارفني يعلبوف أف هذا النقل الظاهري وراءخ زيادة حقيقية :زيػادة ى مػاؿ اةبػوع وزيػادة
ى ماؿ الغ نفس ف ف هذا اعبزء القليل الػذي يدفعػ يعػود عليػ أشػعاف مػن حيػث يػدرى أو ال
يدرى.
وقري ػ مػػن هػػذا مػػا ن ػراخ ى بعػػض الػػدوؿ الغنيػػة اؼبتصبػػة تت ػ ع بػػأمواؿ مػػن عنػػدها لػػبعض الػػدوؿ
الفقكة -ال هلل -ولكن لتصلق قوة ورا ية ؼبنت اهتا.
وإذا نظرنػػا نظػػرة نفسػػية نػػرى أف الػػدينار ى يػػد رجػػل زبفػػق ل ػ القلػػوب باغب ػ وهتتػػه ل ػ األلسػػنة
بالدعاء وربوط األيدي باغبباية والرعاية -الدينار مع هذا اإلنساف أود قػدرة وأك ػر حركػة مػن
بضعة دنانك مع غكخ ولعل هذا التفسك االقتصادي للنباء هو بعض ما تيك إليػ آيػات القػرآف:
(وما أنفقتم من و ء فهو ىبلف وهو متك الرازقني)( .سبأ.)39 :
(اليػػيطاف يعػػدكم الفقػػر ويػػأمركم بالفحيػػاء واهلل يعػػدكم مغفػػرة من ػ وفض ػبلً واهلل واسػػع علػػيم).
(البقرة.)268 :
(وما آتيتم من زكاة تريدوف وج اهلل فأولئ هم اؼبضعفوف)( .الروـ.)39 :
(يبحق اهلل الربا ويرىب الصدقات)( .البقرة.)276 :
وال تػػنس هنػػا عبػػل العنايػػة اإلؽبيػػة ى هػػذا اإلمتػػبلؼ واإلربػػاء بغػػك مػػا نعػػرؼ مػػن األسػػباب واهلل
يؤتى من فضل ما يياء ؼبن يياء( :واهلل ذو الفضل العظيم)( .البقرة.)465 :
ػافزا لػ علػى ت بػك مالػ وتنبيػة
ه إف اعبزاء الذي يؤمتذ كل حوؿ زكاة من مػاؿ اؼبسػلم يكػوف ح ً
ثروت إما بنفس أو دبياركة غكخ حك ال تأكلها الزكػاة وهػذا الت بػك يعػود علػى رب اؼبػاؿ -وف ًقػا
لسنة اهلل -بأشعاؼ ما أمتذ من .
اؼببحث ال اْ
والزكػػاة بػػالنظر آلمتػػذها ربريػػر لئلنسػػاف فبػػا يػػذؿ كرامػػة اإلنسػػاف وم ػؤازرة عبليػػة ونفسػػية ل ػ ى
معركت ػ الػػدا رة مػػع أحػػداث اغبيػػاة وتقلبػػات الزمػػاف فبػػن الػػذي يأمتػػذ الزكػػاة ويسػػتفيد منهػػا مػػن
األفراد؟
إن الفقك الذي أتعب الفقك؟
أو اؼبسكني الذي أرهقت اؼبسكنة؟
أو الرقيق الذي أذل الرؽ!
أو ابن السبيل الذي أيأس االنقطاع عن األهل واؼباؿ!
أيضػػا -تطهػػك مػػن داء اغبسػػد والكراهيػػة فاإلنسػػاف إذا عضػػت أنيػػاب الفقػػر والزكػػاة -آلمتػػذها ً
ودهتػ ػ داهي ػػة اغباج ػػة ورأى حولػ ػ م ػػن ينعب ػػوف ب ػػاػبك ويعيي ػػوف ى الرغ ػػد وال يب ػػدوف لػ ػ ي ػ ًػدا
بالعوف بل ي كون ؼبصال الفقر وأنياب هذا اإلنساف ال يسلم قلب من البغضاء والضػغينة علػى
ؾبتبع يهبل وال يع بأمرخ وتربة الي واألنانية ال تنبز إال اغبقد واغبسد لكل ذي نعبة.
واإلسبلـ يقيم العبل ق بني الناس على أساس من األمتوة اعبامعة بينهم وأصػل هػذخ األمتػوة :هػو
اإلنسانية اؼبي كة والعقيدة اؼبي كة( :كونوا عباد اهلل إمتوانًا) (رواخ مسلم عن أىب هريرة)( .اؼبسلم
أمتػػو اؼبسػػلم) (متفػػق علي ػ عػػن ابػػن عبػػر ومسػػلم عػػن عقبػػة بػػن عػػامر وأبػػو داود عػػن عبػػرو بػػن
األحوص وعن قيلة ابنة ـبرمة (انظر :كيه اػبفا )24/2 :ولػن تقػوـ هػذخ األمتػوة وتسػتقر إذا
يدا دبعونة.
وبع أحد األمتوة وترؾ اآلمترين هبوعوف وهو ينظر إليهم فبل يبد ؽبم ً
إف هذا معناخ تقطيع األواصر بني األمتوة وإيقاد نار الكراهية واغبسػد ى صػدر الفقػك احملػروـ شػد
الغ الواجد وهذا ما يقه اإلسبلـ دون ووبوؿ دوف وقوع .
ف ف اغبسد والبغضاء داء فتاؾ وآفة قاتلة ومتسارة مدمرة للفرد واةتبع.
اغبس ػػد متس ػػارة عل ػػى ال ػػدين؛ ألن ػ ينح ػػرؼ بتفك ػػك اغباس ػػد فيس ػػئ الفه ػػم ى قس ػػبة اهلل ألرزاؽ
عبػػادخ وقػػد وببػػل القػػدر وزر التظػػاٍ االجتبػػاع الواقػػع بػػني النػػاس وؽبػػذا قػػاؿ القػػرآف ى وصػػه
اليهود( :أـ وبسدوف الناس على ما آتاهم اهلل من فضل )( .النساء.)54 :
واغبسػػد والبغضػػاء واألحق ػػاد آف ػػات تنصػػر ى كيػػاف الفػػرد الروح ػ واعبس ػػب وو كيػػاف اعبباعػػة
اؼبادي واؼبعنوي .فالفرد الذي يغزو قلب اغبسد وربتل الضغينة والكراهية لػن يكػوف إنسػانًا كامػل
اإليباف؛ ألف القل ال يتسع إليباف باهلل وحقد على عباد اهلل.
أيضػػا إن ػ يػػؤدى إَ اإلصػػابة بػػأمراض وبيلػػةواغبسػػد والكراهيػػة داء ج بػػاْ كبػػا هػػو داء نفس ػ ً
كقرحػػة اؼبعػػدة وشػػغ الػػدـ واغبسػػد والكراهيػػة يضػراف ب نتػػاج اةتبػػع واقتصػػادخ فاغباسػػد الكػارخ
إنس ػػاف مص ػػاب بض ػػعه اإلنتػػاج إف ٍ يك ػػن بعقب ػ .إن ػ ب ػػدؿ أف يعب ػػل وينػػت يف ػػرع طاقت ػ ى
الكراهيػػة والبغضػػاء واغبسػػد .فػػبل ع ػ أف ظبػػى نػ اإلسػػبلـ هػػذخ اآلفػػات( :داء األمػػم) وحػػذر
النػ أمتػ أف تػػدب إلػػيهم العقػػارب واغبيػرات السػػامة فقػػاؿ( :دب إلػػيكم داء األمػػم مػػن قػػبلكم:
اغبسػػد والبغضػػاء والبغضػػاء هػ اغبالقػػة .أمػػا إْ ال أقػػوؿ ربلػػق اليػػعر ولكػػن ربلػػق الػػدين) (رواخ
البزار ب سناد جيد والبيهق وغكنبا (ال غي وال هي .)44/4 :
ٍ وب ػػارب اإلس ػػبلـ ه ػػذخ اآلف ػػات النفس ػػية االجتباعي ػػة اػبط ػػكة ب ػػالوعي اة ػػرد واإلرو ػػاد النظ ػػري
فحس ػ ولكن ػ عبػػل علػػى اقػػتبلع أسػػباهبا مػػن اغبيػػاة واستئصػػاؿ جػػذورها مػػن اةتبػػع فلػػيس
درسا بليغًا ى متطر اغبقد واغبسد وكل غبظة ى يكفى اعبا ع أو احملروـ أو العرياف أف تلقى علي ً
دروسػػا عبليػػة أمتػػرى:
ً حياتػ التعسػػة البا سػػة وحيػػاة الطػػاعبني النػػاعبني اؼب فػػني مػػن حولػ تلقنػ
كيػػه وبسػػد؟ وكيػػه وبقػػد؟ وكيػػه يػػبغض؟ وكيػػه يغلػػى قلب ػ كراهيػػة وغيظًػػا ونقبػػة؟ ومػػن أجػػل
ذل ػ فػػرض اإلسػػبلـ الزكػػاة لييسػػر للعاطػػل العبػػل ويضػػبن للعػػاجز العػػيو ويقضػػى عػػن الغػػارـ
الػػدين ووببػػل ابػػن السػػبيل إَ أهلػ ووطنػ فييػػعر النػػاس أمػػم إمتػػوة بعضػػهم أوليػػاء بعػػض وأف
ماؿ اآلمترين مػاؿ ؽبػم عنػد الضػرورة واغباجػة ووبػس الفػرد أف قػوة أمتيػ قػوة لػ إذا شػعه وغػ
أمتي ػ مػػدد ل ػ إذا أعسػػر وى هػػذا اعبػػو يبتػػد ظػػل اإليبػػاف دبػػا يتبع ػ مػػن ح ػ وإي ػػار( :ال يػػؤمن
أحػدكم حػك وبػ ألمتيػ مػا وبػ لنفسػ ) (رواخ أضبػد واليػيصاف وال مػذي والنسػا وابػن ماجػػة
عن أنس كبا ى اعبامع الصغك).
الفصل ال اْ
هداؼ الزكاة وآثارها ى حياة اةتبعأ ُ
فهرس
ميكلة التيرد
سبهيد
ميكلة التسوؿ
اإلسبلـ وبارب التسوؿ تربويًا وعبليًا
الغِ َ الذي ُوبرـ السؤ َاؿ
العبلج العبل للتسوؿ بتيغيل القادرين
ميكلة اليحناء وفساد ذات البني
إف اعبان االجتباع من أهداؼ الزكاة ظاهر ال ري فيػ ويكفػ أف ننظػر إَ مصػارؼ الزكػاة
نظرة سريعة لتتض لنا هذخ اغبقيقة وشوح الصب لذي عينني.
إذا قرأنػػا آيػػة التوبػػة (إمبػػا الصػػدقات للفقػراء واؼبسػػاكني والعػػاملني عليهػػا واؼبؤلفػػة قلػػوهبم وى الرقػػاب
والغ ػػارمني وى س ػػبيل اهلل واب ػػن الس ػػبيل فريض ػػة م ػػن اهلل) (التوب ػػة .)66 :تب ػػني لن ػػا أف م ػػن ه ػػذخ
األهداؼ ما ل صبغة دينية سياسية؛ ألن يتصل باإلسبلـ بوصف دينًا ودولة وذل ما ييػك إليػ
سهبا( :اؼبؤلفة قلوهبم) (وى سبيل اهلل).
إف هذين اؼبصرفني يقتضياف أف تكوف ؽبذا الدين صباعة ودولة ذببػع الزكػوات مػن أرباهبػا بواسػطة
(العػػاملني عليهػػا) ه تنفػػق منهػػا علػػى نيػػر دعوت ػ وإعػػبلء كلبت ػ والػػدفاع عػػن حوزت ػ وذل ػ
بتأليه القلوب علي ودعوة اليعوب إلي ف ما دعوة إَ "سبيل اهلل".
وقد فصلنا القوؿ ى مع هذين اؼبصرفني وداللتهبا ى "مصارؼ الزكاة" فلكجع إَ ذلػ هنػاؾ.
كبػػا سػػنبني ى هػػذا الفصػػل عبلقػػة الزكػػاة باؼبقومػػات الروحيػػة واألمتبلقيػػة للب تبػػع اؼبسػػلم ولؤلمػػة
اؼبسلبة.
ومن هذخ األهداؼ مال صبغة اجتباعية كبساعدة ذوي اغباجات واألمتذ بأيدي الضػعفاء مػن
فقػراء ومسػػاكني وغػػارمني وأبنػػاء سػػبيل .فػ ف مسػػاعدة هػػؤالء تػػؤثر فػػيهم بوصػػفهم أفػر ًادا وتػػؤثر ى
اةتبع كل باعتبارخ كيانًا متباس ًكا واغبق أف اغبدود بني الفرد واةتبع متدمتلة .بل اةتبع لػيس
إال ؾببوعة أفرادخ فكل مػا يقػوي وصصػية الفػرد وينبػ مواهبػ وطاقاتػ اؼباديػة واؼبعنويػة هػو مػن
غػػك وػ تقويػػة للب تبػػع وترقيػػة لػ وكػػل مػػا يػػؤثر ى اةتبػػع بصػػفة عامػػة يػػؤثر ى أفػرادخ وػػعروا
بذل أو ٍ ييعروا.
فػػبل ع ػ أف نعػػد تيػػغيل العاطػػل ومسػػاعدة العػػاجز ومعونػػة احملتػػاج كػػالفقك واؼبسػػكني والرقيػػق
واؼب ػػدين أه ػػدافًا اجتباعي ػػة ؼب ػػا ت ػػؤدي إلي ػ م ػػن سباس ػ اةتب ػػع وتكافل ػ وه ػ ى الوق ػػز نفسػ ػ
أهداؼ فردية بالنظر ؽبؤالء اآلمتذين للزكاة.
إف الزكاة جزء من نظاـ التكافل االجتباع ى اإلسػبلـ ذلػ التكافػل الػذي ٍ يعرفػ الغػرب إال
ى دا رة شيقة ه دا رة التكافل اؼبعيي دبسػاعدة الفئػات العػاجزة والفقػكة وعرفػ اإلسػبلـ ى
دا رة أعبق وأفس حبيث ييبل جوان اغبياة اؼبادية واؼبعنوية .فهناؾ التكافل األدل والتكافػل
العلب والتكافل السياس والتكافل الدفاع والتكافل اعبنا والتكافل األمتبلق والتكافل
أمتكا التكافل اؼبعيي وهو الػذي متصػل االقتصادي والتكافل العبادي والتكافل اغبضاري و ً
اليػػوـ متطػػأ باسػػم "التكافػػل االجتبػػاع " (انظػػر أقسػػاـ هػػذا التكافػػل العيػػرة ى كتػػاب "او ػ اكية
اإلسبلـ" للدكتور مصطفى السباع -الطبعة ال انية -اؼبطبعة اؽبامشية بدميق).
ػكا مػػن الزكػػاة؛ ألنػ يتب ػػل ى عػػدة متطػػوط تيػػبلالتكافػػل االجتبػػاع إذف نظػػاـ أمشػػل وأوسػػع ك ػ ً
صبيعا والزكػاة متػ واحػد مػن هػذخ اػبطػوط وهػ فروع اغبياة كلها ونواح االرتباطات البيرية ً
تيػػبل مػػا يسػػبى اآلف بػ ػ"التػػأمني االجتبػػاع " و "الضػػباف االجتبػػاع " ؾبتبعػػني والفػػرؽ بػػني
التأمني والضباف أف كل فرد ى التأمني يؤدى قسطًا من دامتل ى نظك تأمين عنػد ع ػزخ الػدا م
أو اؼبؤقز .أما ى الضباف فالدولة هػ الػب تقػوـ بػ مػن ميزانيتهػا العامػة بػدوف أف ييػ ؾ أفػراد
اةتبع بأداء قس معني.
ػكا فبػػن يػػؤدوف الزكػػاة ى عػػاـ قػػد يكونػػوف ى العػػاـ التػػاُ مسػػتحقني للزكػػاة بػػنقل مػػا ى
وإف ك ػ ً
أي ػػديهم ع ػػن الوفػػاء حب ػػاجتهم أو حل ػػوؿ ك ػوارث جعل ػػتهم يس ػػتدينوف عل ػػى أنفس ػػهم وعي ػػاؽبم أو
انقطػػاعهم عػػن وطػػنهم ومػػاؽبم أو كبػػو ذل ػ .فه ػ مػػن هػػذخ الناحيػػة تػػأمني اجتبػػاع وهنػػاؾ
آمتػػروف ٍ يكون ػوا فبػػن وجبػػز علػػيهم الزكػػاة مػػن قبػػل وٍ يسػػاهم بي ػ ء ى حصػػيلة الزكػػاة ولكن ػ
يستحقها لفقرخ وحاجت فه من هذخ الناحية شػباف اجتبػاع (ى ظػبلؿ القػرآف لليػهيد سػيد
قط .)84/46 :
غػػك أف الزكػػاة ى الواقػػع أقػػرب إَ الضػػباف منهػػا إَ التػػأمني؛ ألمػػا ال تعطػ الفػػرد دبقػػدار مػػا دفػػع
كبا هو اليأف ى نظاـ التأمني وإمبا تعطي دبقدار ما وبتاج إلي قل ذل أو ك ر.
إف الزكاة بذل تعد أوؿ تيريع منظم ى سبيل شباف اجتباع ال يعتبد على الصدقات الفردية
التطوعيػػة .بػػل يقػػوـ علػػى مسػػاعدات حكوميػػة دوريػػة منتظبػػة مسػػاعدات غايتهػػا ربقيػػق الكفايػػة
لكل ؿبتاج :الكفاية ى اؼبطعم واؼبلبس واؼبسكن وسا ر اغباجات لنفس اليػصل وؼبػن يعولػ ى
غك إسراؼ وال تقتك.
ولق ػػد س ػػدت الزك ػػاة ك ػػل م ػػا يتص ػػور م ػػن أن ػواع اغباج ػػات الناو ػػئة ع ػػن الع ػػز الف ػػردي أو اػبل ػػل
االجتبػػاع أو الظػػروؼ العارشػػة الػػب ال يسػػلم مػػن تأثكهػػا بيػػر وكبػػن نق ػرأ فيبػػا كتب ػ اإلمػػاـ
الزهري لعبر بن عبد العزيز عن مواشع السنة ى الزكاة :أف فيها نصيبًا للزم واؼبقعػدين ونصػيبًا
لكػػل مسػػكني بػ عاهػػة ال يسػػتطيع حيلػػة وال تقلبًػػا ى األرض ونصػػيبًا للبسػػاكني الػػذي يسػػألوف
ويسػػتطعبوف (حػػك يأمتػػذوا كفػػايتهم وال وبتػػاجوا بعػػدها إَ السػؤاؿ) ونصػػيبًا ؼبػػن ى السػ وف مػػن
أهل اإلسبلـ فبن ليس ل أحد ونصيبًا ؼبن وبضر اؼبساجد من اؼبساكني الذين ال عطػاء ؽبػم وال
سهم (ليس ؽبم روات وال معاوات منتظبػة) وال يسػألوف النػاس ونصػيبًا ؼبػن أصػاب الفقػر وعليػ
دين وٍ يكن و ء من ى معصية اهلل وال يتهم ى دين أو قاؿ ى دين ونصيبًا لكل مسافر ليس
لػ مػػأوى وال أهػػل يػػأوي إلػػيهم فيػػؤوى ويطعػػم وتعلػػه دابتػ حػػك هبػػد منػزالً أو يقضػػى حاجػػة"
(انظر :األمواؿ ص .)586 - 578
فهػػو شػػباف وػػامل لكػػل أصػػناؼ احملتػػاجني وكػػل حاجػػاهتم اؼبصتلفػػة بدنيػػة ونفسػػية وعقليػػة وقػػد
رأينا كيه اعت الزواج من اغباجات الب هب إوباعها وكذل كت العلم ألهلها.
متاصػػا باؼبسػػلبني وحػػدهم بػػل مشػػل ك ػل مػػن يعػػيو ى ظػػل دولػػتهم مػػن اليهػػود ً وٍ يكػػن ذل ػ
والنصارى كبا فعل سيدنا عبر مع اليهودي الذي وجدخ يسأؿ على األبواب وأمر بكفالتػ مػن
بيز ماؿ اؼبسػلبني وجعػل ذلػ مبػدءًا لػ وألم الػ (اؼبرجػع نفسػ ص .)46كبػا أنػ حػني رأى
قوما ؾبذومني من النصارى أمر أف يرت ؽبم معاش من بيز اؼباؿ اإلسبلم ى طريق إَ دميق ً
(تاريمل الببلذري ص .)477
هذا هو الضباف االجتباع الذي ٍ تفكر فيػ الػدوؿ الغربيػة إال منػذ وقػز قريػ وٍ تفكػر فيػ
إمتبلصػػا هلل وال رضبػةً بالضػػعفاء ولكػػن دفعتهػػا إليػ ال ػػورات العارمػػة وموجػػات اؼبػػذاه اليػػيوعية
ً
واالوػ اكية .كبػػا دفعتهػػا إليػ اغبػػرب العاؼبيػػة ال انيػػة ورغبتهػػا ى اس شػػاء وػػعوهبا وح ػ هم علػػى
االستبرار ى بذؿ الدـ والعرؽ حك تضع اغبرب أوزارها.
وك ػػاف أوؿ مظه ػػر رظب ػ ؽب ػػذا الض ػػباف ى س ػػنة 4944ح ػػني اجتبع ػػز كلب ػػة إقبل ػ ا والوالي ػػات
اؼبتحدة األمريكية ى مي ػاؽ األطلنطػ علػى وجػوب ربقيػق الضػباف االجتبػاع لؤلفػراد (الضػباف
االجتباع للدكتور صادؽ مهدى ص .)426
ومػػع هػػذا ٍ يبلػػغ وػػأف الضػػباف اإلسػػبلم ى مشول ػ لكػػل م ػواطن وربقيق ػ الكفايػػة التامػػة لكػػل
حاجات األساسية هو وأسػرت فضػبلً عبػا ذهػ إليػ اإلمػاـ اليػافع ومػن وافقػ ى ربقيػق كفايػة
العبر للفقراء وإغنا هم بالزكاة غ دا ًبا ال وبتاجوف بعدخ إَ معونة أو مساعدة.
والع ػ أف يسػػبق اإلسػػبلـ هػػذخ الػػدوؿ بقػػروف عديػػدة ى إقامػػة شػػباف اجتبػػاع يفرشػ الػػدين
استصبلصا غبقوؽ الفقراء من براثن األغنياء ومع هػذا ً وتنظب الدولة وتسل من أجل السيوؼ
قبػػد مػػن الكػػاتبني مػػن يرجػػع فضػػل الضػػباف االجتبػػاع إَ أوروبػػا .أمػػا تارىبنػػا وتراثنػػا فيهػػاؿ عليػ
ال اب!!
ومػن ذلػ أف جامعػػة الػدوؿ العربيػػة عقػدت حلقػػة للدراسػات االجتباعيػػة سػنة 4952بدميػػق
ومتصصػػز هػػذخ اغبلقػػة لدراسػػة التكافػػل االجتبػػاع وقػػد ألقػػى مػػدير اغبلقػػة اؼبس ػ "دانيػػل س.
جكج" ؿباشرة عن "تطور التكافل االجتباع " ذكر فيها :أف احملتاجني ى القروف الغػابرة ٍ يكػن
جوعػػا وأف تػػاريمل التػػدابك
أمػػامهم وسػػيلة إال االسػػت داء أو تلقػػى الصػػدقات للػػتصلل مػػن اؼبػػوت ً
اغبكومية إلعانة الفقراء يرجع إَ القػرف السػابع عيػر وقػد ازبػذت اػبطػوات األوَ وػكل تنظػيم
اؼبعونة إَ الفقراء من قبل اؽبيئات احمللية ...إٌ( .حلقة الدراسات االجتباعية -الدورة ال ال ػة -
ص .)247
وهذا من أثر اعبهل بتاريمل اإلسبلـ وحقيقة فريضة الزكاة الذي بينا -دبػا ال وػ فيػ -أمػا نظػاـ
تقوـ علي اغبكومة اؼبسلبة جباية وصرفًا وأما ليسػز مػن بػاب اإلحسػاف الفػردي أو الصػدقات
التطوعية وإمبا ه -بػالنظر لػذوي اغباجػات -حػق معلػوـ وبػالنظر لػذوي األمػواؿ شػريبة إلزاميػة
مفروشػػة وأمػػا ش ػريبة تقػػوـ عليهػػا الدولػػة اؼبسػػلبة ربصػػيبلً وتوز ًيعػػا .إال أمػػا تتبيػػز عػػن الض ػريبة
الوشعية خبلودها وثباهتا ف ذا أنبلتها اغبكومات وٍ تطالػ هبػا فػ ف اؼبسػلم ال يصػ إسػبلم وال
وتطهكا ؼبال وفرض علي أف ىبرجها طيبػة هبػا ً يتم إيبان إال ب متراجها إرشاء لرب وتزكية لنفس
نفس متالية من اؼبن واألذى واحملتػاج الػذي يأمتػذها ى هػذخ اغبػاؿ يأمتػذها وقػد علبػ اإلسػبلـ
أما حػق لػ ى مػاؿ اهلل اسػتصله فيػ بعػض عبػادخ وأف اعبباعػة مطالبػة أف تقاتػل مػن أجػل هػذا
اغبق اؼبعلوـ.
وللزكاة أثرها ى اعبان االقتصادي وقد أورنا إَ ذل ى الفصل السابق ف ما دبا تسػتقطع مػن
أرباب اؼباؿ تدفعهم إَ العبل على تعويض ما أمتذ منهم.
وهػػذا أوشػ مػػا يكػػوف ى زكػػاة النقػػود فقػػد حػػرـ اإلسػػبلـ كنزهػػا وحبسػها عػػن التػػداوؿ والت بػػك
وجاء ى ذل وعيد اهلل تعاَ( :والذين يكنزوف الذه والفضة وال ينفقوما ى سبيل اهلل فبيرهم
بعذاب ألي ٍم) (التوبة.)34 :
وٍ يكته هبػذا الوعيػد اؽبػادر اليػديد بػل أعلػن حربًػا عبليػة علػى الكنػز ووشػع اػبطػة اغبكيبػة
إلمت ػراج النق ػػود م ػػن الي ػػقوؽ واػب ػػزا ن وذل ػ ح ػػني ف ػػرض % 2.5عل ػػى ال ػػروة النقدي ػػة س ػواء
استغلها صاحبها أـ ٍ يستغلها .فالزكاة بػذل سػوط يسػوق سػوقًا إَ إمتػراج النقػود لتعبػل وتغػل
وتكسػ وتنبػػى حػػك ال يػػأن عليهػػا مػػرور األعػواـ وى هػػذا جػػاءت األحاديػػث واآلثػػار( :اذبػػروا
بأمواؿ اليتامى حك ال تأكلها الزكاة).
وقد ربدثنا عن و ء من ذل ى زكاة النقود وحكبة فرشيتها على رأس اؼباؿ.
وفػػوؽ ذلػ كلػ فػ ف للزكػػاة أهػػدافها وآثارهػػا ى ربقيػػق اؼب ػػل العليػػا الػػب تعػػيو ؽبػػا األمػػة اؼبسػػلبة
وتعيو هبا وى رعاية مقوماهتا الروحية الب يقوـ عليها بناؤها ويب كياما وتتبيز وصصيتها.
"واألمػة -كبػػا يقػػوؿ األسػػتاذ البهػ اػبػػوُ -دبقوماهتػػا الروحيػػة ال دبقوماهتػػا اغبسػػية فحسػ .بػػل
إف اؼبقومػػات اغبسػػية ال قيبػػة ؽبػػا ى بنػػاء األمػػة ودعػػم كيامػػا بػػدوف اؼبقومػػات الروحيػػة .لػػذا نػػرى
اإلسػػبلـ وبفػػل هبػػا وهبعػػل اإلنفػػاؽ مػػن مػػاؿ اعبباعػػة علػػى رعايتهػػا ودعبهػػا فريضػػة الزمػػة فه ػ
للكياف اؼبعنػوي كاليػراب والطعػاـ للكيػاف اغبسػ وقػد أصػل اإلسػبلـ تلػ اؼبقومػات الروحيػة ى
ثبلثة أصوؿ (أوارت إليها آية مصارؼ الزكاة):
األص ػػل األوؿ :ت ػػوفك اغبري ػػة لكاف ػػة أف ػراد اةتب ػػع ولكن ػ ى ه ػػذا اؼبق ػػاـ ي ػػنل عل ػػى فرش ػػية فػ ػ
الرقاب أي ربرير األرقاء من ذؿ العبودية وذل أوؿ ما عرفز اإلنسانية قاطبػة مػن ظبػو التيػريع
ى ربرير األرقاء :أف هبعل ربريػرهم فريضػة علػى اؼبسػلبني بسػهم مػن أمػواؽبم مقػرر وقػد جػاء هػذا
اغبق ى آية الزكاة ى قولة تعاَ( :وى الرقاب) (التوبة.)66 :
واألصػػل ال ػػاْ :بعػػث نبػػم األفػراد ومواهػ اؼبػػروءة فػػيهم إَ بػػذؿ اؼبكرمػػات الػػب ربقػػق للب تبػػع
مكروها يوو أف يقع. ً منافع أدبية أو حسية أو ترد عن
"ذل أف ى األفراد طاقات ال حد ؽبا ى ح اػبك واالستعداد ؼبصتله اػبدمات االجتباعية
وه كبواه العقل ٍ ىبلقهػا اهلل سػدى بػل متلقهػا لتحقػق ذاهتػا وتػؤدي وظيفتهػا ى اغبيػاة.
فػ ذا كػػاف مػػن الواجػ تيػ يع طاقػػات الػػذهن واسػػت ارة كامنهػػا لتػػؤدي وظيفتهػػا ى اغبيػػاة فػ ف
تي ػ يع مواه ػ اؼبػػروءة الفطريػػة ى األف ػراد أحػػق وأوَ ال ل بارهػػا ومػػا تبػػدع مػػن م ػػل كريبػػة ى
أيضػا هػ السػبيل الػذي يعػد لنػا الرجػاؿ ذوي القػيم وىبػرج لؤلمػة ثروهتػا اغبياة فحس بل ألمػا ً
األساسية من النفوس السامية الكريبة ف ن ليس أفضل مػن فعػل اػبػك إال الػنفس الػب فعلتػ والنيرػة
الػػب بع تػ واألمػػة الػػب تعػ هبػػذا الطػراز تعػ بأسػػباب القػػوة ودعامػػات اةػػد كلػ وكفاهػػا وػػرفًا
وأهليةً للحياة ما تييع من عزا م اػبػك ومواجيػد اغبػ بػل كفاهػا ب ًػرا بػاغبق وباغبيػاة وبنفسػها
أمػػا تسػػتصرج مػػن منػػاجم النفػػوس والفطػػر أشبػػن كنوزهػػا وأوػػرؼ معادمػػا وهت ػ للحيػػاة أوػػرؼ
معانيهػػا وترق ػػى باإلنسػػانية إَ أكػػرـ قيبهػػا وذل ػ هػػو اؼب ػػل األعلػػى ال ػػذي أرادخ اهلل لئلنسػػانية
وللحياة.
"فواج ُ اعبباعة أف تتعهد تل الطاقات ى نفوس أفرادها دبا ينبهها وي كها وينبيها ال أف ت ؾ
لئلنباؿ واعببود يوهن قواها ويطبس ينابيعها فقد يكوف أحد هؤالء بصدد مكرمػة يبػذؿ فيهػا
مال كل حك يصك إَ ال و ء ليدفع عن أمت بابًا من الير كاف يوو أف يهز أمنها ويغزو
قلػػوب فريػػق منه ػا باليػػحناء والػػبغض .ف ػ ذا تركنػػا ذل ػ الػػذي أدت ػ مروءت ػ إَ الفقػػر يواج ػ شبػػرة
عبلػ فلػن يعػػود إَ مػروءة أمتػرى إذا أتػػي لػ أف يػنهض مػػن ع رتػ ولػن يقتػػدي بػ -بعػػد -ذو
مػػروءة ى مكرمػػة فػػاغبق والعػػدؿ يقضػػى بػػأف يكػػوف ؼب ػػل هػػذا الػػذي غػػرـ مػػا غػػرـ نصػػي ى مػػاؿ
اعبباعة أو أف يكوف ى هذا اؼباؿ سهم إلطبلؽ نبم ذوي اؼبػروءة وتيػ يع حػوافز اػبػك فػيهم
فبل يضاـ أحدهم بالفقر على ما أسله لؤلمػة مػن متػك وهػذا مػا قػدـ اإلسػبلـ وقضػى بػ اغبػق
سبحان ى آية الصدقات( :والغارمني) (التوبة.)66:
واألصػػل ال الػػث :رعايػػة العقا ػػد والتعػػاليم الػػب نزلػػز لتزكيػػة مبػػادئ الفطػػرة ى اإلنسػػاف وخباصػػة
إحكػاـ الصػػلة بػػاهلل وتبصػك الفػػرد بغايتػ مػػن اغبيػاة وبطػػورخ األمتػػروي الػذي هػػو صػػا ر إليػ وال
بػػد حبكػػم تطػػورخ ى مراحػػل األزؿ وهػػو مػػا جػػاء ى قولػ تعػػاَ ى اآليػػة نفسػػها( :وى سػػبيل اهلل)
(التوبة.)66 :
"وفبا أدمتلوخ ى مفهوـ قول ( :وى سبيل اهلل) نفقػات الغػزو والػدفاع أي إعػداد اعبيػوش والػدفاع
واعبهاد ى اإلسبلـ إمبا هو -أصبلً -دفاع عن العقيدة وجهاد ى سػبيلها ولػيس أم ًػرا مػدنيًا حبتًػا
جهادا وطنيًا صرفًا مقطوع الصلة باهلل بػل هػو -أوالً وقبػل كػل وػ ء -جهػاد ى سػبيل اهلل وال ً
وأمتػػل مػػا كػػاف ى سػػبيل اهلل هػػو مػػا كػػاف ى صػػيانة العقيػػدة والػػدفاع عنهػػا والتبكػػني ؽبػػا وامتػػداد
سػػلطاما( " ...مػػن كتػػاب "االوػ اكية ى اةتبػػع اإلسػػبلم " لؤلسػػتاذ البهػ اػبػػوُ ص-444
.)444
وبرعايػػة هػػذخ األصػػوؿ ال بلثػػة تكػػوف الزكػػاة قػػد قامػػز بػػدورها ى ت بيػػز القػػيم العليػػا واؼبقومػػات
اؼبعنوية األصيلة الب وبرص عليها اةتبع اؼبسلم بل يقوـ عليها كيان كبا قلنا.
وهبػػذا يتحقػػق التكامػػل والتسػػاند ى اغبيػػاة اإلسػػبلمية وى كافػػة الػػنظم اإلسػػبلمية فالزكػػاة -وإف
نظاما ماليًا ى الظاهر -ال تنفصل عن العقيػدة وال عػن العبػادة وال عػن القػيم واألمتػبلؽ كانز ً
وال عن السياسة واعبهاد وال عن ميكبلت الفرد واةتبع واغبياة واغبياء.
وى اؼبباحػػث التاليػػة نعػػرض لػػبعض اؼبيػػكبلت االجتباعيػػة اؼبهبػػة الػػب تعػػاّ منهػػا ؾبتبعاتنػػا
ويتطل اؼبصلحوف ؽبا العبلج وعبلقة الزكاة بعبلج هذخ اؼبيكبلت أو زبفيه آثارها وويبلهتا.
وقػػد فصػػلنا القػػوؿ ى "ميػػكلة الفقػػر" متاصػػة وكيػػه عاعبهػػا اإلسػػبلـ وموشػػع الزكػػاة مػػن هػػذا
الع ػػبلج ى كت ػػاب مس ػػتقل (بعن ػواف "مي ػػكلة الفق ػػر وكي ػػه عاعبه ػػا اإلس ػػبلـ" ني ػػر دار العربي ػػة.
بكوت) .نيرناخ فلكجع إلي من واء.
ميكلة الفوارؽ
ػورا علػػى ؿباربػػة الفقػػر دبعونػػة مؤقتػػة أو دوريػػة ولكػػن مػػن أهػػدافها توسػػيع
لػػيس هػػدؼ الزكػػاة مقصػ ً
قاعػػدة التبلػ وتك ػػك عػػدد اؼبػػبلؾ وربويػػل أكػ عػػدد مسػػتطاع مػػن الفقػراء اؼبعػػوزين إَ أغنيػػاء
مالكني ؼبا يكفيهم طواؿ العبر.
ذلػ أف هػػدؼ الزكػػاة إغنػػاء الفقػػك بقػػدر مػػا تسػػب بػ حصػػيلتها ومتراجػ مػػن دا ػػرة اغباجػػة إَ
دا ػػرة الكفايػػة الدا بػػة وذلػ بتبليػ كػػل ؿبتػػاج مػػا يناسػػب ويغنيػ كػػأف سبلػ التػػاجر مت ػًػرا ومػػا
يلزم ػ ويتبع ػ وسبل ػ ال ػزارع شػػيعة ومػػا يلزمهػػا ويتبعهػػا وسبل ػ احمل ػ ؼ آالت حرفت ػ ومػػا يلزمهػػا
ويتبعها -كبا وشحنا ذل ى مصارؼ الزكاة (راجع مبحث "كػم يعطػى الفقػك اؼبسػكني"؟ مػن
الباب الرابع -الفصل األوؿ) - .فه هبذا تعبل على ربقيق هدؼ عظيم :هو التقليل من عدد
األجراء والزيادة ى عدد اؼببلؾ.
وذلػ هػػدؼ مػػن أهػػداؼ اإلسػػبلـ الكبػكة ى ميػػداف االقتصػػاد واالجتبػػاع؛ أف ييػ ؾ النػػاس ى
اػبكات واؼبنافع الب أودعها اػبالق ى األرض وال يقتصر تداوؽبا على فئة األغنياء وحدهم ووبػرـ
اآلمتروف.
صبيعػػا" ى اآليػػة
صبيعػػا) (البقػػرة .)29 :وكلبػػة " ً قػػاؿ تعػػاَ (هػػو الػػذي متلػػق لكػػم مػػا ى األرض ً
مع ػػا
يصػ ػ أف تك ػػوف تأكي ػ ًػدا ؼب ػػا ى األرض أو للن ػػاس اؼبص ػػاطبني وال م ػػانع م ػػن إرادة اؼبعني ػػني ً
صبيعا ال لتستأثر ب فئة دوف أمترى. فاؼبع على هذا أف صبيع ما ى األرض ـبلوؽ للناس ً
ومػػن هنػػا يعبػػل اإلسػػبلـ علػػى عدالػػة التوزيػػع وتقػػارب اؼبلكيػػات ى اةتبػػع وهػػو بنظػػاـ الزكػػاة
والف ء وغكنبا .يعبل على إعادة التػوازف وتقريػ اؼبسػتويات بعضػها مػن بعػض كبػا نػل علػى
ذلػ صػراحة ى كتػاب اهلل -عػػز وجػل -ى آيػة توزيػػع الفػ ء فقػاؿ( :مػا أفػػاء اهلل علػى رسػول مػػن
أهػػل القػػرى فللػ وللرسػػوؿ ولػػذي القػػرىب واليتػػامى واؼبسػػاكني وابػػن السػػبيل كػ ال يكػػوف دولػػة بػػني
األغنياء منكم) (اغبير.)7 :
وإذا كػػاف اإلس ػػبلـ ق ػػد أق ػػر التف ػػاوت ب ػػني الن ػػاس ى اؼبع ػػايو واألرزاؽ ألن ػ -ب ػػبل و ػ -نتي ػػة
لتفػػاوت فطػػرى ى اؼبواهػ واؼبلكػػات والقػػدر والطاقػػات .فبػػن اؼبقػػرر أف االعػ اؼ هبػػذا التفػػاوت
والتفاشػػل لػػيس معنػػاخ أف يػػدع اإلسػػبلـ الغ ػ يػػزداد غ ػ والفقػػك يػػزداد فقػ ًػرا فتتسػػع اليػػقة بػػني
الفريقني ويصب األغنياء ى اةتبع "طبقة" كت ؽبا أف تعيو ى أبراج من العاج تتوارث النعػيم
والغ ويبس الفقراء "طبقة" كت عليها أف "سبوت" ى أكواخ من البؤس واغبرماف.
بػػل تػػدمتل اإلسػػبلـ بتيػريعات القانونيػػة وتنظيباتػ العبليػػة ووصػػاياخ ال غيبيػػة وال هيبيػػة لتقريػ
اؼبسافة بني هؤالء وأولئ .فعبل على اغبد من طغياف األغنياء والرفع من مستوى الفقراء.
ولسز هنا ى مقاـ اغبديث عن وسا ل اإلسبلـ الك كة ى هذا التقري (سنفصل ذلػ إف وػاء
اهلل ى كتابنػػا "معػػاٍ النظػػاـ االقتصػػادي ى اإلسػػبلـ ") وإمبػػا أربػػدث عػػن الزكػػاة باعتبارهػػا وسػػيلة
بارزة من هذخ الوسا ل! إذ ه أمتذ من الغ وإعطاء للفقك.
إننػػا إذا تصػػورنا اةتبػػع اإلسػػبلم الصػػحي الػػذي يعبػػل أف ػرادخ فيتقنػػوف العبػػل اسػػت ابة لنػػداء
اإلسػبلـ :يبيػوف ى مناكػ األرض الػذلوؿ ويلتبسػػوف الػرزؽ ى متباياهػػا وينتيػروف ى أرجا هػػا
وذب ًارا وعاملني ى وك اؼبيادين وؿب فني بيك اغبرؼ مسػتغلني لكػل الطاقػات اعا ُ
وصن ً
اعا ُُزر ً
صبيعػػا منػ -إذا تصػػورنا هػػذا منتفعػػني بكػػل مػػا اسػػتطاعوا فبػػا سػػصر اهلل ؽبػػم ى السػػبوات واألرض ً
اةتبع فكم تكوف نسبة القادرين الذين ذب عليهم الزكاة ى ثرواهتم ودمتوؽبم؟
جدا والعدد سيكوف ها بلً. إف النسبة ببل ري ستكوف كبكة ً
وكم تكوف نسبة الذين قعد هبم الع ز عن العبل أو أعيتهم ك رة العياؿ وقلة الدمتل؟
ؿبدودا.
جدا والعدد سيكوف ً إما ببل و ستكوف نسبة شئيلة ً
وهنا يتسع اةاؿ -وحصيلة الزكاة من الضػصامة كبػا ذكرنػا -لنأمتػذ منهػا عػن سػعة لتبليػ ذوي
الػدمتل الضػػئيل أو الػػذين ال دمتػػل ؽبػػم فتقػػرب اؼبسػػافة بيػػنهم وبػػني غػػكهم مػػن اؼبوسػرين مػػن أبنػػاء
األمة.
إف أعظم آفة تصي اةتبػع وهتػز كيانػ ه ًػزا وتنصػر ى عظامػ مػن حيػث ييػعر أو ال ييػعر :أف
يوجد ال راء الفاحو إَ جان الفقػر اؼبػدقع أف يوجػد مػن يبلػ القنػاطك اؼبقنطػرة ومػن ال يبلػ
قػوت يومػ أف يوجػػد مػن يضػػع يػدخ علػػى بطنػ ييػكو زضبػػة التصبػة وجبػوارخ مػن يضػػع يػدخ علػػى
بطنػ ػ يي ػػكو عض ػػة اعب ػػوع أف يوج ػػد م ػػن يبلػ ػ القص ػػور الفصب ػػة ال يس ػػكنها وال وبت ػػاج إليه ػػا
وبالقرب من ح رة "البدروـ" الب تضم ى أحيا ها الدقاؽ رجبلً وأبوي وزوج وأوالدخ!!
إف هدؼ الزكاة أال يقع هذا التفاوت الياسع البيع وأقل مػا ربققػ أف ىبتفػ هػذا الفريػق ال ػاْ
الذي ال هبػد مسػتوى العػيو البل ػق بػ مػن الطعػاـ والكسػاء واؼبػأوى وأك ػر مػن ذلػ أمػا تعبػل
على أف ترتفع هبؤالء حك يق بوا من أولئ ويدمتلوا ى زمرة األغنياء اؼبالكني.
ميكلة التسوؿ
يغرس اإلسبلـ ى نفس اؼبسلم كراهة السؤاؿ للناس تربية ل على علو اؽببة وعزة الػنفس وال فػع
عن الدنايا وإف رسوؿ اإلسبلـ ليضع ذل ى صه اؼببػادئ الػب يبػايع عليهػا صػحابت وىبصػها
بالػػذكر شػػبن أركػػاف البيعػػة .فعػػن أل مسػػلم اػبػػوالْ قػػاؿ :حػػدث اغببي ػ األمػػني أمػػا هػػو إَ
فحبيػ وأمػػا هػػو عنػػدي فػػأمني :عػػوؼ بػػن مالػ قػػاؿ ( :كنػػا عنػػد رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ
وسػػلم -سػػبعة أو شبانيػػة أو تسػػعة فقػػاؿ( :أال تبػػايعوف رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم؟) ولنػػا
حػػديث عهػػد ببيعػػة .قلنػػا :قػػد بايعنػػاؾ! حػػك قاؽبػػا ثبلثًػػا وبسػػطنا أيػػدينا فبايعنػػا فقػػاؿ قا ػػل :يػػا
رس ػػوؿ اهلل إن ػػا ق ػػد بايعن ػػاؾ فع ػػبلـ نبايع ػ ؟ ق ػػاؿ( :أف تعب ػػدوا اهلل وال تي ػػركوا ب ػ و ػػيئًا وتص ػػلوا
الصػػلوات اػببػػس وتسػػبعوا وتطيع ػوا) وأسػػر كلبػػة متفيػػة قػػاؿ ( :وال تسػػألوا النػػاس وػػيئًا) قػػاؿ
راوي اغبػػديث( :فلقػػد كػػاف بعػػض أولئ ػ النفػػر يسػػق سػػوط فبػػا يسػػأؿ أحػ ًػدا أف يناول ػ إيػػاخ)
(رواخ مسلم وأبو داود والنسا وابن ماجة -كبا ى ال غي وال هي جػ 2بػاب :ال هيػ مػن
اؼبسألة).
وهكذا نفذ هؤالء األصحاب اؼبيامني مضبوف هذخ البيعة النبوية تنفي ًذا "حرفيًا" فلػم يسػألوا أح ًػدا
جهدا ورش اهلل عن الصػحابة فػ مم مػا انتصػروا علػى النػاس حك فيبا ال يرزأ ماالً وال يكله ً
إال بعد أف انتصروا على أنفسهم وألزموها صراط دينهم اؼبستقيم.
وعن ثوباف موَ رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -قاؿ :قاؿ رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم-
( :مػػن يتكفػػل ُ أف ال يسػػأؿ النػػاس وػػيئًا وأتكفػػل ل ػ باعبنػػة؟) فقػػاؿ ثوبػػاف :أنػػا يػػا رسػػوؿ اهلل
فقػػاؿ( :ال تسػػأؿ النػػاس وػػيئًا) فكػػاف ال يسػػأؿ أحػ ًػدا وػػيئًا (رواخ أبػػو داود -اؼبصػػدر السػػابق -
وأمترج البيهق ى السنن الك ى.)497/4 :
ولقػػد صػػور ؽبػػم الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -اليػػد اآلمتػػذة بػ ػ "اليػػد السػػفلى" واليػػد اؼبتعففػػة أو
اؼبعطي ػػة بػ ػ ػ "اليػ ػػد العلي ػػا" وعلبهػ ػػم أف يروش ػ ػوا أنفسػ ػػهم عل ػػى االس ػػتعفاؼ ف ػػيعفهم اهلل وعلػ ػػى
ناسا من األنصار سألوا رسوؿ اهلل - االستغناء عن الغك فيغنيهم اهلل فعن أل سعيد اػبدري :أف ً
صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -فأعطػػاهم ه سػػألوخ فأعطػػاهم حػػك إذا نفػػد مػػا عنػػدخ قػػاؿ( :مػػا يكػػوف
عنػػدي مػػن متػػك فلػػن أدمتػػرخ عػػنكم ومػػن يسػػتعه يعف ػ اهلل ومػػن يسػػتغن يغن ػ اهلل ومػػن يتص ػ
يص ػ خ اهلل ومػػا أعط ػ أحػػد مػػن عطػػاء أوسػػع مػػن الص ػ ) (رواخ السػػتة إال ابػػن ماجػػة -اؼبرجػػع
نفس وانظر السنن الك ى 495/4 :وما بعدها).
العبل هو األساس
لقد علم الرسوؿ -صلى اهلل علي وسلم -أصحاب مبدأين جليلني من مبادئ اإلسبلـ:
اؼببدأ األوؿ :أف العبل هو أساس الكس وأف على اؼبسلم أف يبي ى مناكػ األرض ويبتغػ
من فضل اهلل وأف العبل -وإف نظر إليػ بعػض النػاس نظػرة اسػتهانة -أفضػل مػن تكفػه النػاس
وإراقة ماء الوج بالسؤاؿ( :ألف يأمتذ أحػدكم حبلػ علػى ظهػرخ فيػأن حبزمػة مػن اغبطػ فيبيعهػا
فيكػػه اهلل هبػػا وجه ػ متػػك مػػن أف يسػػأؿ النػػاس أعطػػوخ أو منعػػوخ) (رواخ البصػػاري ى أوؿ كتػػاب
"البيع" عن الزبك).
ُحرمة سؤاؿ الناس
واؼببػػدأ ال ػػاْ :أف األصػػل ى س ػؤاؿ النػػاس وتكففهػػم هػػو اغبُرم ػةُ ؼبػػا ى ذل ػ مػػن تع ػريض الػػنفس
للهواف واؼبذلة فبل وبل للبسلم أف يل أ للسؤاؿ إال غباجة تقهرخ على السؤاؿ فػ ف سػأؿ وعنػدخ
طبووا ى وجه يوـ القيامة. ً ما يغني كانز مسألت
وى هذا اؼبع جاءت صبلةُ أحاديث تُرره من اؼبسألة بوعيد تنفطر ل القلوب.
مرفوعػا( :ال تػزاؿ اؼبسػألةُ بأحػدكم حػك يلقػىمن ذلػ مػا رواخ اليػيصاف والنسػا عػن ابػن عبػر ً
اهلل وليس ى وجه مزعة غبم ).
أصحاب السنن( :مػن سػأؿ ولػ مػا يغنيػ جػاءت يػوـ القيامػة طبػوش أو متػدوش أو ُ ومنها ما رواخ
كػػدوح ى وجهػ ) فقيػػل :يػػا رسػػوؿ اهلل! ومػػا الغػ ؟ قػػاؿ( :طبسػػوف درنبًػػا أو قيبتهػػا ذهبًػػا) (رواخ
األربعة).
فاؼبسألة تصي اإلنساف ى أمتل مظهر لكرامت وإنسانيت وهو وجه .
ومنها حديث( :من سأؿ ول أوقية فقد أغبه) (رواخ أبو داود والنسا ).
واألوقية أربعوف درنبًا.
ومنها حديث( :من سأؿ وعندخ ما يغني .ف مبا يستك ر من النار -أو من صبر جهػنم -فقػالوا :يػا
رسوؿ اهلل وما يغني ؟ قاؿ( :قدر ما يغدي ويعيي ) (رواخ أبو داود).
وهل اؼبراد أف عندخ غداء يوـ وعياءخ؟ أـ اؼبراد أن يكس قوت يوـ بيوـ في د غداءخ وعياءخ
على دا م األوقات؟
لعل هذا هو األرج واألليق فب ل هذا هو الذي هبد من رزق اؼبت دد ما يغني عن ذؿ السؤاؿ.
ولكن ؼباذا امتتلفز مقادير الغ الذي َوبُرُـ مع السؤاؿ ى هذخ األحاديث؟
إف أفضل جواب عػن هػذا السػؤاؿ مػا ذكػرخ العبلمػة وُ اهلل الػدهلوي ى كتابػ الفريػدُ " :ح ػة اهلل
البالغة" حيث قاؿ (اعبزء ال اْ ص - 46طبع اؼبنكيػة) :هػذخ األحاديػث ليسػز متصالفػة عنػدنا؛
ألف الناس على منازؿ وك ول واحد كس ال يبكن أف يتحوؿ عن فبػن كػاف كاسػبًا باغبرفػة
ػاجرا حػػك ِ
ارعػػا حػػك هبػػد آالت الػػزرع ومػػن كػػاف تػ ً
فهػػو معػػذور حػػك هبػػد آالت اغبرفػػة ومػػن كػػاف ز ً
هبػػد البضػػاعة ومػػن كػػاف علػػى اعبهػػاد مسػ زقًا دبػػا يػػروح ويغػػدو مػػن الغنػػا م -كبػػا كػػاف أصػػحاب
رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -فالضاب في أوقية أو طبسوف درنبًا.
ومػػن كػػاف كاسػػبًا وببػػل األثقػػاؿ ى األسػواؽ أمتػػل مػػن الغػ الػػذي وبػػرـ معػ أمتػػذ الزكػػاة .ف ػ ف
اليارع ودد ى اؼبسألة وبالغ ى التحذير منها فبل ربل للبسلم إال لضػرورة وال شػرورة دبػن هبػد
ما يكفي ى وقت إَ اؼبسألة كبا قاؿ اػبطال.
هذخ ه تربية اإلسبلـ ألبنا وهذخ ه توجيهات وإروادات ؽبم.
ولكن اإلرواد النظري والتوجي اػبلقػ وال بيػة النفسػية ال تكفػى مػا ٍ يصػحبها عػبلج عبلػ
للسػا لني الػذين يسػألوف عػن حاجػة ملحػة وشػرورة قػاهرة وقػد قيػل :إف صػوت اؼبعػدة أقػوى مػػن
نداء الضبك.
مػػن األهػػداؼ األساسػػية لئلسػػبلـ أف يسػػود اإلمتػػاء أبنػػاء البيػػر كافػػة وأبنػػاء ؾبتبعػػة متاصػػة .فػ ذا
سػػاد اإلمتػػاء -دبػػا ينطػػوي علي ػ مػػن ؿببػػة وألفػػة ومػػا ي بػػرخ مػػن تكافػػل وتعػػاوف -فقػػد سػػاد األمػػن
والسػػبلـ وظللػػز السػػكينة ربػػوع اةتبػػع وٍ يعػػد يػػرى النػػاس تلػ اػبصػػومات الكبػػكة علػػى أمػػور
صغكة وال تل اؼبنازعات الدا بة على أعراض اغبياة التافهة.
ولن يتحقق ذل إال إذا استقر ى القلوب إيبػاف عبيػق بػاهلل تعػاَ وبالػدار اآلمتػرة وهبػدؼ كبػك
يعػػيو اإلنسػػاف لػ ويبػػوت عليػ هػػو نصػػرة اغبػػق واػبػػك .هبػػذا تسػػتعل النفػػوس اؼبؤمنػػة علػػى اؼبتػػاع
األدّ وتتطلع إَ األفق األعلى وال تقه ى الطريق لتقاتل على أعػراض الػدنيا وهػ شبػن قليػل
واآلمترة متك وأبقى.
وقد رأينا هػذخ الصػور النبوذجيػة للب تبػع اؼبتػآمت اؼبتحػاب ى اةتبػع اإلسػبلم األوؿ الػذي
شبت مدينة الرسوؿ -صلى اهلل عليػ وسػلم -رغػم مػا هنػاؾ مػن تبػاين كػاف يبكػن أف يقػه عقبػة
ى سػػبيل هػػذا اإلمت ػاء الرا ػػع فػػاةتبع يتػػأله مػػن اؼبهػػاجرين وهػػم قػػوـ وافػػدوف دمتػػبلء علػػى أهػػل
البلد وهػم مػن العػرب اؼبسػتعربة -أعػ العػدنانيني ومػن األنصػار وهػم أهػل البلػد وأصػحاب وهػم
من العرب العرباء -أع القحطانيني وبني كل من القحطانيني والعدنانيني تنػافس وتفػامتر قػدٓ
وحػػك هػػؤالء األنصػػار يتػػألفوف مػػن بطنػػني كبػكين طاؼبػػا قامػػز بينهبػػا حػػروب ودمػػاء زبلفػػز عنهػػا
ترات وأحقػاد ونبػا األوس واػبػزرج ومػع هػذا ذبػد بػني هػؤالء وأولئػ اغببيػ كػببلؿ والفارسػ
كسلباف والروم كصهي وهناؾ فوؽ ذل البدوي اػبين كػأل ذر واؼبتحضػر الػذي رل ى
أحضاف النعيم كبصع بن عبك.
ومع ذل كل قاـ -ى ظل اإليباف -ذل اإلمتاء الفريد الذي ٍ تكتحل عني الدنيا برؤية م ل .
فرأينا اةتبع الذي وب الفرد في ألمتي ما وب لنفس ويكرخ ل ما يكرخ لنفس ويػرى إيبانػ ال
يكبػػل بغػػك هػػذا .بػػل رأينػػا في ػ مػػن يػػؤثر أمتػػاخ علػػى نفس ػ وهبػػود بالطعػػاـ وهػػو أوػػد مػػا يكػػوف
عطيػا وقػد رسػم القػرآف لنػا صػورة مػن هػذا اةتبػع جوعا ويتنازؿ عػن اؼبػاء وهػو أوػد مػا يكػوف ً ً
الفاشل ى قول تعاَ( :للفقراء اؼبهاجرين الذين أمترجوا من ديارهم وأمواؽبم يبتغوف فضبلً من اهلل
ورشوانًا وينصروف اهلل ورسول أولئ هم الصادقوف والذين تبوءو الػدار واإليبػاف مػن قػبلهم وببػوف
مػػن هػػاجر إلػػيهم وال هبػػدوف ى صػػدورهم حاجػػة فبػػا أوت ػوا ويػػؤثروف علػػى أنفسػػهم ولػػو كػػاف هبػػم
متصاصة ومن يوؽ و نفس فأولئ هم اؼبفلحوف) (اغبير.)9-8 :
هذا هو اةتبع الذي يضع اإلسبلـ نص عيني صػورة م لػى تتطلػع إليهػا األعػني وتصػبو إليهػا
اقعا يلبس الناس. النفوس ويعبل اؼبصلصوف على أف تكوف و ً
ولك ػػن اإلس ػػبلـ دي ػػن واقعػ ػ .إنػ ػ ال يي ػػرع للقب ػػم العالي ػػة وينس ػػى الس ػػفوح اؽبابط ػػة .ال يي ػػرع
للحػػاالت الرا عػػة النػػادرة ويغفػػل األح ػواؿ الطبيعيػػة السػػا دة إن ػ ال يف ػ ض البيػػر مبل كػػة يبيػػوف
ػكا مػػا تسػػوقهم غرا ػػزهم وتسػػوؿ ؽبػػم أنفسػػهمعلػػى األرض أوُ أجنحػػة ولكنػ يف شػػهم بيػ ًػرا ك ػ ً
األمػػارة بالسػػوء ويوسػػوس ؽبػػم وػػياطني اإلنػػس واعبػػن يػػوح بعضػػهم إَ بعػػض زمتػػرؼ القػػوؿ
ػرورا وتغػريهم أعػراض اغبيػػاة الػػدنيا وتتقػػاذفهم أمػواج الفػ اؼبظلبػػة وهػػذا مػػا هبعلهػػم يتنػػازعوف غػ ً
ويتصاصبوف ويتقاتلوف .فتيتم أعراض وتسل أمواؿ وتسف دماء.
التقاتل قدٓ ى البير
وقد وقع هذا منذ كاف على وج هػذخ األرض الواسػعة أسػرة واحػدة مكونػة مػن والػدين وأوالدنبػا:
آدـ وح ػواء وبنيهبػػا وبناهتبػػا -وٍ يبنػػع ذل ػ أف يعتػػدي أخ علػػى أمتي ػ فيقتل ػ بغيًػػا وعػػدوانًا فبػػا
حقق سوء ظن اؼببل كة هبذا اؼبصلػوؽ اعبديػد الػذي اسػتصلف اهلل ى األرض حػني قػالوا متطلعػني
إَ رتبػة اػببلفػة( :أذبعػل فيهػػا مػن يفسػد فيهػػا ويسػف الػدماء وكبػن نسػػب حببػدؾ ونقػدس لػ )
(البقرة.)36:
وقد قل القرآف علينا قصة اب آدـ لنرى فيها كيه يكوف اإلنساف إذا انساؽ وراء الغريزة وأغفل
داع ػ اإليبػػاف .قػػاؿ تعػػاَ( :واتػػل علػػيهم نبػػأ اب ػ آدـ بػػاغبق إذ قربػػا قربانًػػا فتقبػػل مػػن أحػػدنبا وٍ
يتقبل من اآلمتر قاؿ ألقتلن قاؿ إمبػا يتقبػل اهلل مػن اؼبتقػني لػئن بسػطز إَ يػدؾ لتقتلػ مػا أنػا
بباس يدي إلي ألقتلػ إْ أمتػاؼ اهلل رب العػاؼبني إْ أريػد أف تبػوأ بػ شب وإشبػ فتكػوف مػن
أصػػحاب النػػار وذل ػ ج ػزاء الظػػاؼبني فطوعػػز ل ػ نفس ػ قتػػل أمتي ػ فقتل ػ فأصػػب مػػن اػباس ػرين
فبعث اهلل غرابًا يبحػث ى األرض لكيػ كيػه يػوارى سػوأة أمتيػ قػاؿ يػا ويلػب أع ػزت أف أكػوف
م ل هذا الغراب فأواري سوأة أمت فأصب من النادمني) (اؼبا دة.)34-27 :
ى هذا الوقز اؼببكر من حياة البير-حيث ٍ يكن يعرؼ اإلنساف كيه توارى سػوأة اؼبيػز وٍ
ير ميتًا يدفن بعد -قتل اإلنساف أمتاخ اإلنساف أمتاخ ألم وأبي !
ماذا فعل اإلسبلـ الدين اؼب اُ الواقع لعبلج هذخ اؼبيكلة القديبة اعبديدة؟
ل ػػئن ك ػػاف الن ػزاع والتقات ػػل أم ػ ًػرا ال من ػػاص من ػ حبك ػػم طبيع ػػة البي ػػر ٍ يك ػػن مع ػ ذل ػ أف ي ػ ؾ
يومػا بعػد يػوـ .إف اػبصػومة حػني ربػدث والنػزاع ليستيري متطرخ ويتطاير وررخ ويزداد سوء أثػرخ ً
حػػني يقػػع أوػػب بػػاغبريق حػػني ييػ .فهػػل يػ ؾ اغبريػػق يلػػتهم اػبضػػر واليػػابس واةتبػػع يكتفػػى
بػػالتفرج أو الصػراخ؟ ال فػػبل بػػد أف يتػػدمتل اةتبػػع كػػل بقػػدر طاقتػ -إلطفػػاء النػػار بكػػل سػػرعة
فبكنة وال بأس أف ىبصل اةتبع رجاالً من أبنا إلطفاء م ل هذخ اغبرا ق مزودين باإلمكانػات
البلزمة واؼبعدات الكافية.
دارا أو أك ػر مػن دورخ وأي هتػاوف ى اةتبع إذف مسئوؿ بالتضامن عن إطفػاء أي حريػق يصػي ً
إطفا ىبيى سوء أثرخ على اعببيع ال ؿبالة.
وهذخ اػبصومات حريق من نوع آمتر حريق ال يدمر البنياف واغب ارة وال يأكل اػبي واغبط
واؼبتاع ولكنػ يأكػل القلػوب والضػبا ر ويػدمر معػاْ اغبػ واػبػك ى الصػدور واةتبػع مسػئوؿ
أيضا عن إطفاء هذا اغبريق اؼبعنوي اػبطػر علػى اإليبػاف واألمتػبلؽ والػذي بػني الرسػوؿ بالتضامن ً
-ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم -س ػػوء أث ػػرخ بقولػ ػ ( :إف فس ػػاد ذات الب ػػني هػ ػ اغبالق ػػة) (رواخ أب ػػو داود
وال مذي (من حديث يأن قريبًا) ويروى عن ( :ال أقوؿ :ربلق اليعر ولكن ربلػق الػدين) (هػذخ
الزيادة ذكرها ال مذي بدوف إسناد).
على اةتبع أف يتدمتل إلطفاء أي وقاؽ وبدث حػك ولػو كػاف ذلػ بػني زوج وزوجتػ علػى أف
يكػػوف القػػا بوف باإلطفػػاء واإلصػػبلح مػػن أهػػل الػػزوجني حػػك ال يتسػػع اػبػػرؽ علػػى الراقػػع قػػاؿ
ػبلحا
وحكبػػا مػػن أهلهػػا إف يريػػدا إصػ ً
ً حكبػػا مػػن أهل ػ
تعػػاَ( :وإف متفػػتم وػػقاؽ بينهبػػا فػػابع وا ً
متبكا) (النساء.)35 : عليبا ً يوفق اهلل بينهبا إف اهلل كاف ً
وقد بينز اآلية أف اغبكبني يكوناف من أهل الزوجني ولكن الذي يبعث اغبكبني وييكل هػذا
"اةلس العا ل " هو اةتبػع اؼبصاطػ بقولػ " :فػابع وا" فبػ بلً ى أوُ األمػر مػن أهػل اغبػل والعقػد
في ف ف ٍ يوجد هؤالء كاف اعببيع مسئولني مسئولية تضامنية.
وإذا كاف اةتبع مسئوالً عن نزاع صغك يقع دامتل أسػرة فكيػه بنػزاع أكػ منػ يقػع بػني أسػرتني
أو بلدتني؟! إف مسئوليت هنا -ال و -أك وتدمتل -ال ري -ألزـ.
وهنا يأمر القرآف بالتدمتل اغباسم غبل النزاع واإلصبلح بني الطا فتني وإيقاؼ الصراع بينهبا ولػو
بقوة السبلح( :وإف طا فتاف من اؼبؤمنني اقتتلوا فأصلحوا بينهبا ف ف بغز إحدانبا على األمترى
فقػػاتلوا الػػب تبغػ حػػك تفػ ء إَ أمػػر اهلل فػ ف فػػاءت فأصػػلحوا بينهبػػا بالعػػدؿ وأقسػػطوا إف اهلل
وب اؼبقسطني إمبا اؼبؤمنوف إمتوة فأصلحوا بني أمتويكم واتقوا اهلل لعلكم ترضبوف) (اغب رات9 :
.)46 -
ووبػػث القػػرآف علػػى اإلصػػبلح بػػني النػػاس ى أك ػػر مػػن موشػػع فيقػػوؿ( :فػػاتقوا اهلل وأصػػلحوا ذات
بينكم وأطيعوا اهلل ورسول إف كنتم مؤمنني) (األنفاؿ.)4 :
ويقوؿ( :ال متك ى ك ػك مػن قبػواهم إال مػن أمػر بصػدقة أو معػروؼ أو إصػبلح بػني النػاس ومػن
عظيبا) (النساء.)444 : أجرا ً يفعل ذل ابتغاء مرشات اهلل فسوؼ نؤتي ً
وقػػد جػػاءت أحاديػػث الرسػػوؿ تؤكػػد هػػذا اؼبع ػ وترغ ػ ى اإلصػػبلح دب ػػل هػػذا األسػػلوب القػػوي
اؼبػػؤثر( :أال أدلكػػم علػػى أفضػػل مػػن درجػػة الصػػبلة والصػػياـ والصػػدقة؟ إصػػبلح ذات البػػني ف ػ ف
فساد ذات البػني هػ اغبالقػة) (رواخ أبػو داود ى كتػاب األدب وال مػذي ى صػفة القيامػة وقػاؿ:
صحي ).
عباف اؼبصاغبات
وكبػػا متصػػل اةتبػػع رجػػاالً إلطفػػاء اغبريػػق مػػزودين بالسػػيارات و"اػبػراطيم" ينبغػ لػ -مػػن بػػاب
أوَ -أف ىبصل رجاالً لئلصبلح بني النػاس بتكػوين "عبػاف للبصػاغبات" ى كػل جهػة أو قريػة
يكوف من سلطتها التدمتل لفض اػبصومة والتعفية على آثارها بكل الوسا ل.
العقبة اؼبالية:
كئودا تقػه ى سػبيل اإلصػبلح وحسػم اػبػبلؼ تلػ هػ عقبػة اؼبػاؿ؛ فقػد غك أف هنال عقبة ً
تكوف هناؾ ديات أو غرامات على أحد الطرفني أو على كليهبا لآلمتػر ال يسػتطيع دفعهػا أو
ال يػػرى دفعهػػا وٍ يسػػام فيهػػا الطػػرؼ اآلمتػػر وٍ يكػػن مػػن اؼبصػػلحة فػػرض ذلػ بػػالقوة عبػبلً
على رأب الصدوع والتئاـ اعبروح .فبا اغبل إذف؟ وكيه التغل على هذخ العقبة الكأداء؟
اغبل يسك تقدم لنا الزكاة من "سهم الغارمني" .فقد ذكرنا ى "مصارؼ الزكاة" أف مػن الغػارمني
قوما من أصحاب القلوب الكبكة عرفها اةتبع العرل واإلسبلم ؛ كػاف الواحػد مػن هػؤالء يتقػدـ ً
إلصػػبلح مػػا بػػني أسػرتني أو قبيلتػػني ويلتػػزـ دفػػع مػػا يقتضػػي الصػػل مػػن ديػػات وغرامػػات مػػن مالػ
اػباص ليصبد نػار الفتنػة ويقػر السػكينة والسػبلـ وكػاف مػن فضػل اإلسػبلـ أف يعػاف هػؤالء مػن
الزكاة على ذل اؽبدؼ النبيل.
وى حػػديث قبيصػػة بػػن اؼبصػػارؽ اؽبػػبلُ الػػذي َربَبػػل َضبَالػػة ى إصػػبلح ه أتػػى الن ػ -صػػلى اهلل
حرجا من السػؤاؿ ى ذلػ -فقػاؿ لػ النػ - علي وسلم -يسأل اؼبعونة فيها -وٍ يكونوا هبدوف ً
صلى اهلل علي وسػلم( : -أقػم حػك تأتينػا الصػدقة فنػأمر لػ هبػا) .ه ذكػر لػ أف أي رجػل رببػل
ضبالة فقد حلز ل اؼبسألة حك يصيبها ه يبس ( .رواخ أضبد ومسلم).
ومػػن الرا ػػع ح ًقػػا ى التسػػام اإلسػػبلم :أف نػػل الفقهػػاء علػػى أف الغػػارـ إلصػػبلح ذات الب ػػني
يعطػػى مػػن الزكػػاة ولػػو كػػاف اإلصػػبلح بػػني أهػػل ذمػػة مػػن اليهػػود أو النصػػارى (انظػػر :مطالػ أوُ
النهى.)443/2 :
ف ف سيادة السبلـ والو ػاـ بػني صبيػع الػذين يعييػوف ى كنػه اةتبػع اإلسػبلم هػدؼ أصػيل مػن
أهداؼ اإلسبلـ.
سؤاؿ فقه
لكػػن هػػل ال بػػد أف يػػدفع أحػػد األوػػصاص أوالً غرامػػات الصػػل مػػن مالػ اػبػػاص ه يعطػػى بعػػد
ذل ما دفع من ماؿ الزكاة ليكوف حقيقة مػن "الغػارمني"؟ إف عبػارات الفقهػاء بصػفة عامػة تػدؿ
على او اط ذل مراعاة للفي اآلية (قاؿ ى غاية اؼبنتهى وورح :السػادس غػارـ تػدين إلصػبلح
ذات البني ولو كاف غنيًا؛ إف ٍ يػدفع مػن مالػ مػا رببلػ ؛ ألنػ إذا دفعػ منػ ٍ يصػر مػدينًا ولػو
اقػ ض ووفػػاخ فلػ األمتػػذ لوفا ػ لبقػػاء الغػػرـ (مطالػ أوُ النهػػى )444/2 :ولكػػن روح اآليػػة
واؽبدؼ الذي يرمى إلي اليارع من وراء هذا السهم ال سبنع من إعطاء عبنة الصل لتػدفع بػدورها
إَ الطػػرؼ اؼبسػػتحق مػػا دامػػز اؼبصػػلحة قػػد ربققػػز بتقريػػر عبنػػة يعتػػد برأيهػػا اةتبػػع الػػذي كومػػا
ورش ػ عنهػػا وإف كػػاف ال بػػد مػػن احملافظػػة علػػى اليػػكل فػػيبكن أف يكلػػه أحػػد أعضػػاء الل نػػة
اش ػػا م ػػن أح ػػد الن ػػاس أو اؼبؤسس ػػات ه ي ػػرد علي ػ م ػػا غرم ػ بع ػػد ذل ػ م ػػن س ػػهمبال ػػدفع استقر ً
الغارمني صندوؽ اؼبصاغبات.
على أننا هب أال نغفل أنبية وجود الصنه األوؿ الذي ينب ق من شبك اةتبػع بػاذالً مػن ذات
يػ ػػدخ للرف ػ ػػق واإلصػ ػػبلح دوف أف يض ػ ػػبن اس ػ ػ داد م ػ ػػا دفػ ػػع فوج ػ ػػود هػ ػػذا الصػ ػػنه -ى اؼبي ػ ػزاف
األمتبلق ػ -هػػدؼ ى ذات ػ وبس ػ ل ػ حسػػاب كبػػك ى تقػػدير اإلسػػبلـ .كبػػا وشػػحنا ذل ػ ى
عبلقة الزكاة باؼبقومات الروحية لؤلمة.
ميكلة الكوارث
الكفاية واألمن
وبرص اإلسبلـ على أف يعيو كل فرد من أبنا ى كفاية من العػيو وأمػن مػن اػبػوؼ ليسػتطيع
ييػػا بعبادت ػ فبتنًػػا علػػيهم هبػػاتني
أف يػػؤدى عبػػادة اهلل أداء متيػػوع وإحسػػاف وؽبػػذا طال ػ اهلل قر ً
النعبتػػني :الكفايػػة واألمػػن .فقػػاؿ تعػػاَ( :إليػػبلؼ قػريو إيبلفهػػم رحلػػة اليػػتاء والصػػيه فليعبػػدوا
رب هػػذا البيػػز الػػذي أطعبهػػم مػػن جػػوع وآمػػنهم مػػن متػػوؼ) (سػػورة ق ػريو كاملػػة) .ووػػر مػػا
يصػػاب بػ بلػػد أف وبػػرـ هػػاتني النعبتػػني كبػػا قػػاؿ اهلل تعػػاَ( :وشػػرب اهلل مػ بلً قريػػة كانػػز آمنػػة
مطبئنػػة يأتيهػػا رزقهػػا رغػ ًػدا مػػن كػػل مكػػاف فكفػػرت بػػأنعم اهلل فأذاقهػػا اهلل لبػػاس اعبػػوع واػبػػوؼ دبػػا
كانوا يصنعوف) (النحل.)442 :
مسلبا كاف أو غػك ومن أجل ذل رأينا التيريع اإلسبلم يكفل لكل من يعيو ى ظل دولت ً -
مسػػلم -مسػػتوى مبل ًبػػا مػػن اؼبعييػػة هبػػد في ػ الغػػذاء والكسػػاء واؼبسػػكن كبػػا هبػػد سػػبل العػػبلج
والتعليم ميسرة ل .
وقد رأينا ى تيػريع الزكػاة كيػه عبلػز علػى معاعبػة ميػكلة الفقػر بتهيئػة العبػل للعاطػل وإعطػاء
الكفاية للبحتاج :كفيت وعا لت ؼبدة عاـ -على قوؿ -أو كفايت العبر كل على قوؿ آمتر ومن
رفعا ؼبستوى معييت . كاف عندخ بعض الكفاية أعط سباـ ما يكفي ً
كوارث الزمن
ولكػػن اإلنسػػاف قػػد يكػػوف ى كفايػػة مػػن العػػيو بػػل ى سػػعة منػ ولكػػن ال يلبػػث أف يعضػ الػػدهر
فقكا بعد غ ً ذليبلً بعد عز مضطربًا بعػد طبأنينػة وأمػاف.بناب ويضرب شربات مفاجئة ت ك ً
تل ه الكوارث اؼبفاجئة الب ال يد لئلنساف ى جلبها وال دفعها.
يكوف التػاجر ى رغػد مػن العػيو فتغػرؽ السػفينة الػب رببػل ذبارتػ أو وبػ ؽ مت ػرخ وفيػ كػل رأس
مال .
وصػػاح الػػزرع أو الغػػرس الػػذي تنػػزؿ اآلفػػات السػػباوية فت تػػاح زرعػ أو غرسػ وكػػذل الفػػبلح
الػػذي أكلػػز "الػػدودة" قطنػ أو قبحػ أو أذرتػ أو الػػذي هلكػػز جاموسػػت فكػػاد يهلػ بعػػدها
غبا.
ً
دورا عػػامرة وأفقػػرت أنا ًسػػا كػػانوا ى حببوحػػة مػػن الغ ػ جعلػػز
هػػذخ الك ػوارث الػػب طاؼبػػا متربػػز ً
الك كين ىبافوف على متاجرهم ومصانعهم ورؤوس أمواؽبم وعلى ذويهػم مػن بعػدهم فبح ػوا عػن
وػ ء يػػأمنوف بػ مػػن شػربات الػػدهر وغػػدرات األيػػاـ فكػػاف مػػن ذلػ نظػػاـ التػػأمني الػػذي عرفػ
الغرب ى القروف األمتكة ى صور وك وألواف عديدة.
وقبػػل أف يعػػرؼ اةتبػػع الغػػرل نظػػاـ التػػأمني بقػػروف كػػاف اةتبػػع اإلسػػبلم يػػؤمن أف ػرادخ بطريقت ػ
اػباصػػة إذ كػػاف "بيػػز مػػاؿ اؼبسػػلبني" هػػو وػػركة التػػأمني الك ػ ى الػػب يل ػػأ إليهػػا كػػل مػػن نكب ػ
الدهر في د في العوف واؼببلذ.
إن ػ ال يػ ؾ اؼبصػػاب ربػػز رضبػػة ت عػػات قػػد تصػػل إلي ػ مػػن اػبػكين مػػن النػػاس وإف كػػاف ال يبنػػع
ذل بل يرغ في تنبيػة لعواطػه اػبػك وميػاعر الرضبػة بػني النػاس وقػد قػاؿ النػ -صػلى اهلل
علي وسػلم -ألصػحاب عنػدما وػكا إليػ رجػل جا حػة حلػز بػ ( :تصػدقوا عليػ ) فتصػدؽ النػاس
علي ػ ػ (تق ػ ػػدـ ص 674وق ػ ػػد رواخ أضب ػ ػػد 58 36/3 :ومس ػ ػػلم ى كت ػ ػػاب اؼبس ػ ػػاقاة وأب ػ ػػو داود
والنسا ى البيوع وال مذي ى الزكاة وابن ماجة ى األحكاـ).
نعم ال يدع اإلسبلـ اؼبنكوب لت عػات النػاس الطيبػني وحػدها بػل هبعػل لػ نصػيبًا ى بيػز اؼبػاؿ
وى مػػاؿ الزكػػاة بالػػذات يطال ػ ب ػ وُ األمػػر غػػك هيػػاب وال مت ػػل فهػػو رجػػل مػػن اؼبسػػلبني
يطل حق من بيز ماؿ اؼبسلبني.
وى حديث قبيصػة بػن اؼبصػارؽ الػذي ذكرنػاخ مػن قبػل أف النػ -صػلى اهلل عليػ وسػلم -قػاؿ لػ :
(إف اؼبسػػألة ال ربػػل إال ل بلثػػة )....وذكػػر مػػنهم رج ػبلً أصػػابت جا حػػة اجتاحػػز مال ػ فحلػػز ل ػ
اؼبسألة حك يصي قوا ًما من عيو.
وقد جاء عن مفسػري السػله ى تأويػل معػ "الغػارمني" ى آيػة مصػارؼ الزكػاة أنػ " :مػن احػ ؽ
بيت ػ أو ذهػ ػ الس ػػيل دبالػ ػ ف ػػأداف عل ػػى عيال ػ " (انظ ػػر :فص ػػل "الغ ػػارموف" م ػػن مص ػػرؼ الزك ػػاة.
ص 665وما بعدها).
كوارث الريه
إف أحوج الناس إَ االنتفاع هبذا السهم هم أهل الريه الكادحوف اؼبتعبوف.
ػدارا
لقد كاف أهل القرى قديبًا يتكافلوف فيبا بينهم إذا حلز بأحدهم كارثة صبعػوا مػن بيػنهم مق ً
ودا ألزرخ وتقوية لظهرخ.
من اؼباؿ يدفعون ألي ً
وبعد أف غاض نبع العواطه اػبكة من صدور الناس إال قليبلً أصب الفػبلح اؼبسػكني -ى بلػد
كبصػػر -سبػػوت جاموسػػت فيحػػزف عليهػػا كأمػػا بعػػض أهلػ وتبكػػى عليهػػا زوجػ وأوالدخ كػػأمم
يبكوف عز ًيزا عليهم ًأما أو أبًا ويعرؼ الناس أف فبلنًا قػد انكسػر ظهػرخ! وم ػل هػذا مػن أهلكػز
اآلفات زرع وأود من من اح ؽ بيت ودمر علي معاو وؿبصول .كل هػؤالء اؼبنكػوبني تسػتطيع
الزكػػاة مػػن سػػهم "الغػػارمني" بػػل مػػن سػػهم "الفق ػراء واؼبسػػاكني" أف تنتيػػلهم مػػن هػػوة النكبػػة
وتأمتذ بأيديهم ليبضوا ى قافلة اغبياة مع السا رين وال يتصلفوا فيهلكوا مع اؼبنقطعني.
ميكلة العزوبة
وقه اإلسبلـ دوف إرمتاء العناف لغريزة اعبنس لتنطلق بغك حدود وال قيود ولػذل حػرـ الزنػا ومػا
يفض إلي وما يلحق ب ولكن إَ جان ذل قاوـ النزعة اؼبضادة لذل :نزعػة مصػادرة الغريػزة
وكبتها ومػن أجػل ذلػ دعػا إَ الػزواج ومػى عػن التبتػل واػبصػاء (التبتػل :االنقطػاع عػن النسػاء
وعن الدنيا للعبادة واػبصاء قطع اليهوة بسل اػبصيتني) .فبل ينبغ ؼبسلم أف يعرض عن الزواج
مع القدرة علي بدعوى التبتل هلل أو التفرغ للعبادة وال ه واالنقطاع عن الدنيا.
وق ػػد ؼبػ ػ النػ ػ -ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم -ى بع ػػض أص ػػحاب و ػػيئًا م ػػن الن ػػزوع إَ ه ػػذخ الوجه ػػة
الرهبانية فأعلن أف هذا اكبراؼ عن م اإلسبلـ وإعراض عن سنت علي الصبلة والسبلـ.
وقاؿ ؽبم( :إمبا أنا أعلبكم باهلل وأمتياكم ل ولكن أقوـ وأناـ وأصػوـ وأفطػر وأتػزوج النسػاء
فبػػن رغػ عػػن سػػنب فلػػيس مػ ) (رواخ البصػػاري) وقػػاؿ سػػعد بػػن أل وقػػاص( :رد رسػػوؿ اهلل -
صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -علػػى ع بػػاف بػػن مظعػػوف التبتػػل ولػػو أذف لػ المتتصػػينا) (رواخ البصػػاري)
ووج عليػ السػبلـ نػداءخ إَ اليػباب عامػة فقػاؿ( :يػا معيػر اليػباب مػن اسػتطاع مػنكم البػاءة
فليتزوج ف ن أغض للبصر وأحصن للفرج) (رواخ البصاري).
قادرا علي .
ومن هنا قاؿ بعض العلباء :إف الزواج فريضة على اؼبسلم ال وبل ل ترك ما داـ ً
وال يليق باؼبسلم أف يصد عن الزواج متيية شيق الرزؽ علي أو ثقل اؼبسػئولية علػى عاتقػ وعليػ
أف وبػػاوؿ ويسػػعى وينتظػػر فضػػل اهلل ومعونت ػ الػػب وعػػد هبػػا اؼبتػػزوجني الػػذين يرغبػػوف ى العفػػاؼ
واإلحصػػاف .قػػاؿ تعػػاَ( :وأنكح ػوا األيػػامى مػػنكم والصػػاغبني مػػن عبػػادكم وإمػػا كم إف يكون ػوا
فقراء يغنهم اهلل من فضل ) (النور .)32 :وقاؿ رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم ( : -ثبلثة حق
على اهلل عومم :الناك الذي يريد العفاؼ واؼبكات الذي يريد األداء -أي العبد الذي يريد أف
وبرر رقبت ببذؿ مقدار من اؼباؿ يكات علي سيدخ -والغازي ى سػبيل اهلل) (رواخ أضبػد والنسػا
وال مذي وابن ماجة واغباكم .عن أل هريرة ب سناد صحي كبا ى التيسك.)474/4 :
ومن فضل اهلل وعون الذي وعد بػ كػل مػؤمن يريػد إعفػاؼ نفسػ بػالزواج :أف يبػد اةتبػع اؼبسػلم
-فبػ بلً ى اغبكومػػة أو مؤسسػػة الزكػػاة -يػػدخ إلي ػ باؼبسػػاعدة ى اؼبهػػر ونفقػػات الػػزواج إف كػػاف مػػن
أهػػل اغباجػػة حػػك يسػػتطيع أف يسػػت ي لنػػداء اإلسػػبلـ ى غػػض البصػػر وإحصػػاف الفػػرج وإقامػػة
األسرة اؼبسلبة ومعرفة آية اهلل البينة الب نب عليها عبادخ فبتنًا عليهم بقولػ ( :ومػن آياتػ أف متلػق
اجػػا لتسػػكنوا إليهػػا وجع ػػل بيػػنكم مػػودة ورضبػػة إف ى ذل ػ آليػػات لق ػػوـ لكػػم مػػن أنفسػػكم أزو ً
يتفكروف) (الروـ.)24:
ػادا م ػ غػػك مسػػبوؽ إلي ػ ولكن ػ الػػذي قػػررخ
ػداعا مػػن عنػػد نفس ػ أو اجتهػ ً ولسػػز أقػػوؿ هػػذا ابتػ ً
أ بتنا منذ قروف؛ فقد جعلوا الزواج من سباـ الكفاية وقالوا :إف مػن سبػاـ الكفايػة مػا يأمتػذخ الفقػك
ليتػػزوج ب ػ إذا ٍ تكػػن ل ػ زوجػػة واحتػػاج إَ الػػزواج .كبػػا فصػػلنا ذل ػ ى موشػػع مػػن مصػػارؼ
الزكاة (انظر :موشوع" :الزواج من سباـ الكفاية" ص.)668
ميكلة التيرد
رأينػػا ى بػػاب "مصػػرؼ الزكػػاة" :كيػػه عػ القػػرآف بػػابن السػػبيل ى سػػورخ اؼبكيػػة واؼبدنيػػة وأمػػر ى
سهبا ى ماؿ الزكاة. أمتكا ً
أك ر من موشع باإلحساف ب وإيتا حق ه جعل ل ً
ومػػا ذاؾ إال ألف اؼبسػػلم وب ػ لئلنسػػاف أف يكػػوف "ابػػن بيػػز" يؤوي ػ ويكػػرخ ل ػ أف يكػػوف "ابػػن
سبيل" ومن هنا كاف من اؼبقرر ى اليريعة أف يكػوف لكػل إنسػاف مسػكن ال ػق بػ يؤويػ وعيالػ
واعت هذا من اغباجات األصلية الب ال بد للبرء منها ليعيو ويبقى.
ػكا أو مسػػكينًا "واؼبعت ػ :
قػػاؿ اإلمػػاـ النػػووي ى بيػػاف معػ الكفايػػة الػػب بػػدوما يكػػوف اإلنسػػاف فقػ ً
اؼبطعػم واؼبلػػبس واؼبسػػكن وسػػا ر مػػا ال بػد منػ علػػى مػػا يليػػق حبالػ بغػػك إسػراؼ وال إقتػػار لػػنفس
اليصل وؼبن هو ى نفقت " (راجع ذل ربز عنواف "مستوى ال ق للبعيية" ص .)646
وق ػػاؿ اب ػػن ح ػػزـ ى بي ػػاف األو ػػياء األساس ػػية ال ػػب هبػ ػ أف تتػ ػوافر لك ػػل إنس ػػاف ى ظ ػػل النظ ػػاـ
اإلسبلم " :وفرض على األغنياء ى كل بلػد أف يقومػوا بفقػرا هم وهبػ هم السػلطاف علػى ذلػ -
إف ٍ تقم الزكوات وال فئ سا ر اؼبسلبني هبم -فيقاـ ؽبم دبا يلزمهم من القوت الػذي ال بػد منػ
ومػػن ملػػبس للصػػيه واليػػتاء م ػػل ذلػ ومػػن مسػػكن يكػػنهم مػػن اليػػبس واؼبطػػر وعيػػوف اؼبػػارة"
(احمللى.)456/6 :
وقػػد ذكرنػػا ى مبحػػث "ابػػن السػػبيل" مػػن مصػػارؼ الزكػػاة أف مػػن اؼبعاص ػرين مػػن صػػرؼ معنػػاخ إَ
"اللقي " وال بُعػد ى ذلػ فػ ف السػبيل أهلػ وأمػ وأبػوخ واللقطػاء شبػرة عبريبػة اق فهػا غػكهم فػبل
وببلػػوف إشبهػػا .قػػاؿ تعػػاَ( :وال تكسػ كػػل نفػػس إال عليهػػا وال تػػزر وازرة وزر أمتػػرى) (األنعػػاـ:
.)464فبن الواج أف يكوف ؽبم حي من ماؿ الزكاة ترعى ب وئومم وينفق من على حسػن
تربيتهم وإعدادهم لغد طاهر مستقيم.
قطع ػػا ى الفق ػ ػراء واؼبس ػػاكني .فه ػػو م ػػن
وال ػػذين ال ي ػػدمتلوف اللق ػػي ى "اب ػػن الس ػػبيل" يدمتلون ػ ػ ً
مصارؼ الزكاة ببل نزاع.
فهرس
احملتويات
حكبة ميروعيتها
أيضػا صػدقة الفطػر وقػد بينػا مع زكاة الفطر :أي الزكاة الب سػببها الفطػر مػن رمضػاف وتسػبى ً
ػكا ى القػرآف والسػنة كبػا أف لفظة "الصدقة" تطلق ور ًعا علػى الزكػاة اؼبفروشػة وقػد جػاء ذلػ ك ً
أيضػػا زكػػاة الفطػػر كأمػػا مػػن الفطػػرة الػػب هػ اػبلقػػة فوجوهبػػا عليهػػا تزكيػػة للػػنفس وتنقيػػة
تسػػبى ً
لعبلها ويقاؿ للبصرج هنا "فطرة" بكسر الفاء وه مولدة ال عربية وال معربة .بػل اصػطبلحية
للفقهاء (قاؿ ابن عابدين ى حاويت ى النهر عن ورح الوقاية :إف لفي "الفطػرة" الواقػع ى كػبلـ
الفقهاء وغكهم مولد حك عدخ بعضهم من غبن العامة .أ هػ .أي أف الفطرة اؼبراد هبا الصدقة غك
لغوية ؛ ألما ٍ تأت هبذا اؼبع وأما ما ى "القاموس" مػن أف الفطػرة -بالكسػر -صػدقة الفطػر
واػبلق ػػة فاع ش ػ بع ػػض احملقق ػػني ب ػػأف األوؿ غ ػػك ص ػػحي ؛ ألف ذل ػ اؼبص ػػرج ٍ يعل ػػم إال م ػػن
ػكا فيػ مػن متلػ اغبقػا ق اليػرعية باللغويػة وى اليارع وقد عُػد مػن غلػ "القػاموس" مػا يقػع ك ً
"اؼبغرب" :أف الفطرة هبذا اؼبع قػد جػاءت ى عبػارات اليػافع وغػكخ وهػ صػحيحة مػن طريػق
اللغ ػة وإف ٍ أجػػدها فيبػػا عنػػدي مػػن األصػػوؿ وى ربريػػر النػػووي :ه ػ اسػػم مولػػد ولعلهػػا مػػن
الفط ػػرة ال ػػب هػ ػ اػبلق ػػة .ق ػػاؿ أب ػػو ؿبب ػػد األهب ػػري :معناه ػػا زك ػػاة اػبلق ػػة كأم ػػا زك ػػاة الب ػػدف وى
اؼبص ػػباح :وق ػػوؽبم الفط ػػرة -األص ػػل ذبػ ػ زك ػػاة الفط ػػرة وهػ ػ الب ػػدف :فح ػػذؼ اؼبض ػػاؼ وأق ػػيم
اؼبضاؼ إلي مقام واستغ ب ى االستعباؿ لفهم اؼبع … أ هػ وميػى عليػ القهسػتاْ وؽبػذا
نقػل عػن بعضػػهم :أمػا تسػػبى صػدقة الػرأس وزكػاة البػػدف واغباصػل :أف لفػػي الفطػرة -بالتػػاء -ال
و ػ ى لغويت ػ ومعنػػاخ اػبلقػػة وإمبػػا الكػػبلـ ى إطبلق ػ م ػر ًادا ب ػ اؼبصػػرج ف ػ ف أطلػػق علي ػ بػػدوف
تقدير :فهو اصطبلح ورع مولد وأما مػع تقػدير اؼبضػاؼ فػاؼبراد هبػا اؼبعػ اللغػوي ولعػل هػذا
وج الصحة الذي أرادخ صاح اؼبغرب( .انظر :رد احملتاؿ)78/2 :
وقد فرشز ى السنة ال انية من اؽب رة -وه السنة الب فرض فيها صػياـ رمضػاف (انظػر :اؼبرقػاة:
-.)459/4طهػػرة للصػػا م مػػن اللغػػو والرفػػث وطعبػػة للبسػػاكني وإغنػػاء ؽبػػم عػػن ذؿ اغباجػػة
والسؤاؿ ى يوـ العيد.
فهػػذخ الزكػػاة ش ػريبة متبيػػزة عػػن بقيػػة الزك ػوات األمتػػرى ؛ إذ ه ػ ش ػريبة علػػى األوػػصاص وتل ػ
شػريبة علػػى األمػواؿ وؽبػػذا ال ييػ ط ؽبػػا مػػا ييػ ط للزكػوات األمتػػرى مػػن ملػ النصػػاب بيػػروط
اؼببينػػة ى مواشػػعها .كبػػا سػػنرج ذلػ ويسػػب الفقهػػاء هػػذخ الزكػػاة زكػػاة الػػرؤوس أو الرقػػاب أو
األبداف واؼبراد بالبدف اليصل ال ما يقابل الروح أو النفس.
وجوب زكاة الفطر
روى اعبباعة عن عبد اهلل بن عبػر -رشػ اهلل عنهبػا( -أف رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم-
صاعا من وػعك علػى كػل حػر أو عبػد ذكػر أو صاعا من سبر أو ً فرض زكاة الفطر من رمضاف ً
أن ى من اؼبسلبني) (ذكرخ ى منتقى األمتبار -نيل األوطار -479/4 :طبع الع بانية).
قػػاؿ صبهػػور العلبػػاء مػػن السػػله واػبلػػه :مع ػ (فػػرض) هنػػا :ألػػزـ وأوج ػ فزكػػاة الفطػػر فػػرض
واجػ عنػػدهم لػػدمتوؽبا ى عبػػوـ قولػ تعػػاَ (وآتػوا الزكػاة) (سػػورة البقػػرة 446:والنسػػاء77:
والنور 56:وغكها) وقد ظباها رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسػلم -زكػاة فهػ دامتلػة ى أمػر اهلل
تعػاَ هبػا ولقولػ ى اغبػديث( :فػرض) وهػػو غالػ ى اسػػتعباؿ اليػرع هبػذا اؼبعػ وفبػا يؤكػػد أف
أيضػا ؛ إذ قػاؿ ى اغبػديث: (فرض) دبع "أوج وألزـ" اق اما حبرؼ (على) الب تفيد الوجػوب ً
(على كل حر وعبد) .كبا أف الروايات الصحيحة فيها( :أمر رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم-
) وظاهر األمر يفيد الوجػوب كػذل (انظػر :وػرح النػووي علػى مسػلم 58/7 :وانظػر :احمللػى:
.)449/6
وقد صرح أبو العالية وعطاء وابن سكين بأما فريضة .كبا ى البصاري (ذكرخ معل ًقػا وقػاؿ اغبػافي
ى الفػػت :وصػػل عبػػد الػػرزاؽ عػػن ابػػن جػري عػػن عطػػاء ووصػػل ابػػن أل وػػيبة مػػن طريػػق عاصػػم
األحػػوؿ عػػن اآلمتػرين وإمبػػا اقتصػػر البصػػاري علػػى ذكػػر هػػؤالء لكػػومم صػػرحوا بفرشػػيتها وإال فقػػد
نقل ابن اؼبنذر وغكخ اإلصباع على ذل ").
وهو مذه مال واليافع وأضبد.
فرشا بناء على قاعدهتم ى التفرقة بني الفرض والواجػ . وذه اغبنفية إَ أما واجبة وليسز ً
فالفرض عندهم ما ثبز بدليل قطع والواج ما ثبز بػدليل ظػ ومػن آثػار هػذخ التفرقػة :أف
جاحػػد الفػػرض يكفػػر أمػػا جاحػػد الواجػ فػػبل يكفػػر وؽبػػذا يسػػبوف الواجػ " :الفػػرض العبلػ "
ى مقابلة "الفرض االعتقػادي" وهػذا خبػبلؼ الفػرض عنػد األ بػة ال بلثػة ف نػ ييػبل القسػبني:
مػػا ثبػػز بقطعػ وبظػ وهبػػذا نعلػػم :أف اغبنفيػػة ليسػوا ـبػػالفني للبػػذاه ال بلثػػة ى اغبكػػم (قػػاؿ
احملقق ابن اؽبباـ :ال متبلؼ ى اؼبع :ف ف االف اض الذي ي بتون ليس على وج يكفر جاحدخ
فهو مع الوجوب الػذي نقػوؿ بػ غايتػ أف الفػرض ى اصػطبلحهم أعػم مػن الواجػ ى عرفنػا
فأطلقناخ على أحد جزأي وإمبا قاؿ اغبنفية بػالوجوب هنػا دوف الفرشػية لوجػود بعػض اػبػبلؼ ى
وجوهبػػا ومػػا ورد مػػن أحاديػػث فليسػػز قطعيػػة ال بػػوت وال الداللػػة( .انظػػر :اؼبرقػػاة علػػى اؼبيػػكاة:
)466/4وإمبا هو امتتبلؼ ى االصطبلح وال مياحة في .
ونقل اؼبالكية عن أوه :أما سنة مؤكدة (حكى ابن حػزـ ى احمللػى ( :)448/6عػن مالػ أف
فرشػػا وعلػق اليػػيمل وػاكر عليػ بػأف هػػذا وهػم مػػن ابػن حػػزـ أو فبػن نقػػل عنػ
زكػاة الفطػػر ليسػز ً
فقد قاؿ مال ى اؼبوطأ :ذبػ زكػاة الفطػر علػى أهػل الباديػة كبػا ذبػ علػى أهػل القػرى وذلػ
أف رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -فرض زكاة الفطر من رمضػاف علػى النػاس" ...إٌ وحكػاخ
ابن رود ى بداية اةتهد 269/4 :عن بعض اؼبتأمترين من أصحاب مال وٍ يعين ) وهو قوؿ
بعض أهل الظاهر وابن اللباف من اليافعية وتأولوا كلبة "فػرض" ى اغبػديث دبعػ "قػدر" ومػا
ذكرناخ قبل يرد عليهم.
وقاؿ :ابن دقيق العيد :أصل "فرض" ى اللغة "قػدر" لكػن ى عػرؼ اليػرع إَ الوجػوب فاغببػل
علي أوَ.
وقاؿ ابن اؽبباـ:
ضبل اللفي على اغبقيقة اليرعية ى كبلـ اليارع متعني ما ٍ يقم صػارؼ عنػ واغبقيقػة اليػرعية
متصوصػا ى لفػي البصػاري ومسػػلم :أنػ أمػر بزكػاة الفطػر ومعػ لفػي "فػػرض" ً غػك ؾبػرد التقػدير
هو مع لفي "أمر".
ويؤيػد الوجػوب تسػبيتها زكػاة فتػدمتل ى عبػوـ الزكػػاة الػب أمػر اهلل هبػا وتوعػد مانعيهػا بالعػػذاب
اليديد ومن هنا حكى النووي قوؿ ابن اللباف بسنريتها ه قاؿ :هذا واذ منكر بل غل صري .
وقاؿ إسحاؽ بن راهوي :إهباب زكاة الفطر كاإلصباع بل نقل ابن اؼبنذر اإلصباع على وجوهبا.
وقػػوؿ إسػػحاؽ أدؽ لوجػػود متػػبلؼ طفيػػه فيهػػا كبػػا ذكرنػػا وألف إب ػراهيم بػػن عليػػة وأبػػا بكػػر
األصم قاال :إف وجوهبا نسمل بفرض الزكاة.
واسػتدؿ ؽببػػا دبػػا رواخ أضبػػد والنسػػا عػػن قػػيس بػػن سػعد بػػن عبػػادة :أنػ سػػئل عػػن صػػدقة الفطػػر
فقػػاؿ( :أمػػر رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -بصػػدقة الفطػػر قبػػل أف تنػػزؿ الزكػػاة فلبػػا نزلػػز
الزكاة ٍ يأمرنا وٍ ينهنا وكبن نفعل ).
وى إسناد اغبػديث مقػاؿ ففيػ راو ؾبهػوؿ -كبػا قػاؿ اغبػافي (وتبعػ ى هػذا السػيوط ى وػرح
النسػػا واليػػوكاْ ى نيػػل األوطػػار - 486/4( :طبػػع الع بانيػػة) ولكػػن اليػػيمل أضبػػد وػػاكر
تع ػ ػ م ػػن ق ػػوؿ اب ػػن ح ػػر وم ػػن تبعػ ػ بع ػػد أف س ػػاؽ اغب ػػديث كب ػػا رواخ النس ػػا ()49/5
ب سػنادين قػاؿ عنهبػػا :إسػناداف صػػحيحاف رواهتبػا ثقػػات فلػيس فيػ ؾبهػوؿ قػ (حاوػية احمللػػى:
- .)449/6وعلػػى تقػػدير صػػحت ال دليػػل فيػ علػػى النسػػمل الحتبػػاؿ االكتفػػاء بػػاألمر األوؿ ؛
ألف ن ػػزوؿ ف ػػرض ال يوج ػ س ػػقوط ف ػػرض آمت ػػر (انظ ػػر :ف ػػت الب ػػاري - 444 446/4 :طب ػػع
مص ػ ػ ػػطفى اغبل ػ ػ ػ واؼبرق ػ ػ ػػاة 466 459/4 :واحمللػ ػ ػػى 449 448/6 :والروش ػ ػ ػػة للن ػ ػ ػػووي:
294/2ووػػرح مسػػلم لػ 58/7 :ونيػػل األوطػػار - 486/4 :طبػػع الع بانيػػة والفػػت الربػػاْ
وورح )237-234/9 :واألصل ى أوامر اهلل ورسول أف تظل ؿبكبة باقية وال ي بز النسمل
دب رد االحتباؿ.
ؽبػػذا اسػػتقر األمػػر بػػني اؼبسػػلبني كافػػة علػػى وجػػوب زكػػاة الفطػػر وٍ يعبػػأ أحػػد بيػػذوذ مػػن وػػذ
ؼبصالفت لئلصباع قبل وبعدخ (انظر :البحر الزمتار )495/2 :وأما ما ذكرخ اؼبستيػرؽ "وػامتز"
هن ػػا ففيػ ػ متلػ ػ ك ػػك (ذك ػػر "و ػػامتز" ى دا ػػرة اؼبع ػػارؼ اإلس ػػبلمية ( :)364/46أف الفقه ػػاء
أمتكا تعت زكاة الفطػر واجبػة :أمػاىبتلفوف ى وجوب زكاة الفطر .قاؿ :وحبس الرأي الذي ساد ً
عند اؼبالكية فبل تعت إال سنة .أ هػ.
وى هذا متل ك ك .فقد رأينا أف الفقهاء وب ؾببعني علػى وجػوب الفطػرة حػك نقػل ابػن اؼبنػذر
اإلصباع علي وإذا وذ اثناف أو ثبلثة ى أعصر ـبتلفػة فػبل عػ ة بيػذوذهم .أمػا عنػد اؼبالكيػة فػبل
تعت عندهم إال واجبًا كبا هو اؼبعتبد ى كت اؼبػذه .انظػر مػ بلً :بلغػة السػال علػى اليػرح
الصػػغك للػػدردير 237/4 :واليػػرح الكبػػك وحاوػػية الدسػػوق علي ػ 564/4 :أمػػا مػػا نقػػل عػػن
أوػػه فلػػيس هػػو اؼبعتبػػد ى اؼبػػذه .دليػػل وػػامتز اغػ بقػػوؿ ابػػن أل زيػػد ى "الرسػػالة" :زكػػاة
الفطر سنة واجبة فرشها رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -على الكبػك والصػغك ...إٌ .مػع أنػ
ٍ يكتػػه بقولػ " :سػػنة" حػػك قػػاؿ" :واجبػػة فرشػػها رسػػوؿ اهلل" وؽبػػذا قػػاؿ اليػراح :اؼبيػػهور أمػػا
فػػرض بالسػػنة .انظػػر :وػػرح الرسػػالة لػػزروؽ 344/4:ومالػ صػػرح ى "اؼبوطػػأ" بوجوهبػػا واسػػتدؿ
ػكا
عليػ باغبػػديث كبػػا ذكرنػػا قبػػل ,وإذف ال يكػػوف وجػػوب زكػػاة الفطػػر مػػن الػرأي الػػذي سػػاد أمتػ ً
كبا زعم وامتز بل فبا عرؼ منذ عهد النبوة).
حكبة ميروعيتها
واغبكبػػة ى إهبػػاب هػػذا الزكػػاة مػػا جػػاء عػػن ابػػن عبػػاس قػػاؿ( :فػػرض رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ
وسػلم -زكػػاة الفطػر طهػػرة للصػا م مػػن اللغػػو والرفػث وطعبػػة للبسػاكني) (رواخ أبػػو داود ى بػػاب
زك ػػاة الفط ػػر وس ػػكز علي ػ ه ػػو واؼبن ػػذري وه ػػو دب اب ػػة التحس ػػني منهب ػػا كب ػػا قي ػػل ورواخ اغب ػػاكم
أيضا ى باب زكاة ( )469/4وقاؿ :صحي على ورط البصاري ووافق الذه ورواخ ابن ماجة ً
الفط ػػر وال ػػدارقط ص249وق ػػاؿ :ل ػػيس ى رواتػ ػ ؾب ػػروح والبيهقػ ػ ص 463وانظ ػػر :اؼبرق ػػاة:
473/4ونص الراية 444/2 :وتكبلة اغبديث" :من أداها قبػل الصػبلة فهػ زكػاة مقبولػة
ومن أداها بعد الصبلة فه صدقة من الصدقات".
واللغػػو :مػػا ال فا ػػدة فيػ ومػػا ال يعػ وقيػػل :الباطػػل والرفػػث :هػػو ى األصػػل مػػا يتصػػل باعببػػاع
وما يتعلق ب فبا هبري بني اؼبرء وزوج .ه استعبل ى كل كبلـ قبي ).
فهذخ اغبكبة مركبة من أمرين:
األمر األوؿ :يتعلق بالصا بني ى وهر رمضاف وما عسى أف يكػوف قػد وػاب صػيامهم مػن لغػو
القػػوؿ ورفػػث الكػػبلـ والص ػػياـ الكامػػل الػػذي يص ػػوـ في ػ اللسػػاف واعب ػوارح كبػػا يصػػوـ ال ػػبطن
والفػػرج .فػػبل يسػػب الصػػا م للسػػان وال ألذن ػ وال لعين ػ وال ليػػدخ أو رجل ػ أف تتلػػوث دبػػا مػػى اهلل
ورس ػول عن ػ مػػن قػػوؿ أو فعػػل وقلبػػا يسػػلم صػػا م مػػن مقارفػػة و ػ ء مػػن ذل ػ حبكػػم الضػػعه
البيري الغال ف اءت هذخ الزكاة ى متتاـ اليهر دب ابة غسل أو "ضباـ" يتطهر ب من أوشػار
ما واب نفس أو كدر صوم وذب ما في من قصور ف ف اغبسنات يذهنب السيئات.
كبا جعل اليارع السنن الروات مع الصلوات اػببس ج اَ ؼبا قد وبدث فيها من غفلػة أو متلػل
أو إمتبلؿ ببعض اآلداب ووبهها بعض األ بة بس ود السهو .قاؿ وكيػع بػن اعبػراح :زكػاة الفطػر
ليهر رمضاف كس دة السػهو للصػبلة ذبػ نقصػاف الصػوـ كبػا هبػ السػ ود نقصػاف الصػبلة
(ماية احملتاج.)468/2 :
وأمػػا األمػػر ال ػػاْ :فيتعلػػق بػػاةتبع وإوػػاعة احملبػػة واؼبسػػرة ى صبيػػع أكبا ػ ومتاصػػة اؼبسػػاكني وأهػػل
اغباجة في .
فالعيػػد يػػوـ فػػرح وسػػرور عػػاـ فينبغ ػ تعبػػيم السػػرور علػػى كػػل أبنػػاء اةتبػػع اؼبسػػلم ولػػن يفػػرح
اؼبسػػكني ويسػػر إذا رأى اؼبوسػرين والقػػادرين يػػأكلوف مػػا لػػذ وطػػاب وهػػو ال هبػػد قػػوت يومػ ى يػػوـ
عيد اؼبسلبني.
فاقتضز حكبة اليارع أف يفرض ل ى هذا اليوـ ما يغني عن اغباجة وذؿ السؤاؿ وييعرخ بأف
اةتبػػع ٍ يهبػػل أمػػرخ وٍ ينسػ ى أيػػاـ سػػرورخ وهب تػ وؽبػػذا ورد ى اغبػػديث( :أغنػػوهم ى هػػذا
اليوـ) (قاؿ ى نيل األوطار :أمترج البيهق والدارقط عن ابن عبر وى رواية للبيهق :أغنوهم
أيضػػا ابػػن سػػعد ى الطبقػػات مػػن حػػديث عا يػػة وأل سػػعيد: عػػن ط ػواؼ هػػذا اليػػوـ وأمترج ػ ً
( -486/4طبع الع بانية) وانظر :نص الراية 432/2 :وحاوية احمللى.)426/6 :
أيضػػا :تقليػػل مقػػدار الواج ػ -كبػػا سػػيأن-وإمتراجػ فبػػا يسػػهل علػػى وكػػاف مػػن حكبػػة اليػػارع ً
النػػاس مػػن غالػ قػػوهتم حػػك ييػ ؾ أكػ عػػدد فبكػػن مػػن األمػػة ى هػػذخ اؼبسػػانبة الكريبػػة وهػػذا
اإلسعاؼ العاجل ى هذخ اؼبناسبة اؼبباركة.
الفصل ال اْ
على من ذب زكاة الفطر وعبن ذب ؟
فهرس
هل ذب عن اعبنني؟
على من ذب زكاة الفطر؟
ى حػػديث ابػػن عبػػر السػػابق الػػذي رواخ اعبباعػػة( :أف رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -فػػرض
زكاة الفطر من رمضاف على كل حر أو عبد ذكر أو أن ى من اؼبسلبني).
صاعا من سبػر أو
وروى البصاري عن قاؿ( :فرض رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -زكاة الفطر ً
صاعا من وعك على العبد واغبر والذكر واألن ى والصغك والكبك من اؼبسلبني). ً
وعػن أل هريػرة ى زكػػاة الفطػر( :علػى كػػل حػر وعبػد ذكػػر وأن ػى صػغك أو كبػػك فقػك أو غػ ).
(رواخ أضبػػد واليػػيصاف والنسػػا وهػػو اغبػػديث رقػػم ( )486مػػن كتػػاب الزكػػاة .مػػن الفػػت الربػػاْ:
)439/9وهذا من كبلـ أل هريرة ولكن م ل ال يقاؿ بالرأي.
وهذخ األحاديث تدلنا على أف هذخ الزكاة فريضة عامة على الرؤوس واألوصاص مػن اؼبسػلبني ال
فرؽ بني حر وعبد وال بني ذكر وأن ػى وال بػني صػغك وكبػك بػل ال فػرؽ بػني غػ وفقػك وال بػني
حضري وبدوي وقاؿ الزهري وربيعة والليث :إف زكاة الفطػر زبػتل باغبضػر وال ذبػ علػى أهػل
البادية وظاهر األحاديث يرد عليهم فالصواب ما علي اعببهور (نيل األوطار.)484/4 :
وروى ابن حزـ هذا القوؿ عن عطاء ورد عليػ بػأف رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم ٍ -ىبػل
أعرابيًا وال بدويًا من غكهم فلم هبز زبصيل أحد من اؼبسلبني (احمللى.)434/6 :
هل ذب عن اعبنني؟
وقػػوؿ ابػػن عبػػر ى حدي ػ ( :كػػل حػػر أو عبػػد) ييػػبل الغػ والفقػػك الػػذي ال يبلػ نصػػابًا كبػػا
ص ػػرح بػ ػ أب ػػو هري ػػرة ى حدي ػ ( :غػ ػ أو فق ػػك) وإَ ذلػ ػ ذهػ ػ األ ب ػػة ال بلث ػػة واعببه ػػور وٍ
يي ػ طوا لوجوهبػػا إال اإلسػػبلـ وأف يكػػوف مقػػدار هػػذخ الزكػػاة الواجبػػة فاش ػبلً عػػن قوت ػ وقػػوت مػػن
تلزم نفقت يوـ العيد وليلت وفاشبلً عن مسكن وأثاث وحوا األصلية.
ػكا وال ؾبػ ػػاؿ قػ ػػاؿ اليػ ػػوكاْ :وهػ ػػذا هػ ػػو اغبػ ػػق ؛ ألف النصػ ػػوص أطلقػ ػػز وٍ زبػ ػػل غنيًػ ػػا وال فقػ ػ ً
لبلجتهػػاد ى تعيػػني اؼبقػػدار الػػذي يعت ػ أف يكػػوف ـبػػرج الفطػػرة مال ًكػػا ل ػ وال سػػيبا والعلػػة الػػب
وػػرعز ؽبػػا الفطػػرة موجػػودة ى الغػ والفقػػك وهػ التطهػػر مػػن اللغػػو والرفػػث واعتبػػار كونػ واجػ ًػدا
لقوت يوـ وليلة أمر ال بد من ؛ ألف اؼبقصود من ورع الفطرة إغناء الفقراء ى ذل اليػوـ فلػو ٍ
يعت ى حق اؼبصرج ذل لكاف فبن أمرنا ب غنا ى ذل اليػوـ ال مػن اؼبػأمورين بػ متراج الفطػرة
وإغناء غكخ (نيل األوطار.)486/4 :
ومتالفهم أبو حنيفة وأصحاب فقػالوا :ال ذبػ إال علػى مػن يبلػ نصػابًا بػدليل حػديث البصػاري
(رواخ معل ًقػػا ى كتػػاب الوصػػايا مػػن صػػحيح وتعليقات ػ اةزومػػة ؽبػػا حكػػم الصػػحة كبػػا هػػو رأي
اعببه ػػور متبلفًػػا الب ػػن ح ػػزـ) والنس ػػا ( :ال ص ػػدقة إال ع ػػن ظه ػػر غػ ػ ) والغػ ػ عن ػػدهم ملػ ػ
النصاب والفقك ال غ ل فبل ذب علي ؛ ألن ربل ل الصػدقة فػبل ذبػ عليػ كبػن ال يقػدر
عليها .كبا استدلوا بالقياس على زكاة اؼباؿ.
وأجاب اآلمتروف -كبا ذكر اليوكاْ -بأف اغبديث الذي ذكروخ ال يفيد اؼبطلوب فقد رواخ أبو
أيضػػا البصػػاري ى كتػػاب النفقػػات داود (كػػذا اقتصػػر اليػػوكاْ علػػى أل داود واغبػػديث أمترج ػ ً
والنسػػا ى كتػػاب الزكػػاة وأضبػػد ى اؼبسػػند 278 - 245/2 :وعنػػد مسػػلم ى الزكػػاة" :أفضػػل
الصدقة -أو متك الصدقة -عن ظهر غ ") .بلفي( :متك الصدقة مػا كػاف عػن ظهػر غػ ) وهػو
مرفوعػا" :أفضػل الصػدقة جهػد اؼبقػل" أيضا حبديث أل هريرة -عنػد أل داود واغبػاكمً - معارض ً
مرفوعػا( :أفضػل الصػدقة :سػر إَ فقػك وجهػد مػن مقػل) وفسػرخ وحبديث أل أمامة عند الطػ اْ ً
ى "النهاية" بقدر ما وبتبل حاؿ قليل اؼباؿ.
وحبػػديث أل هريػػرة عنػػد النسػػا وابػػن متزيبػػة وابػػن حبػػاف ى صػػحيح -اللفػػي ل ػ -واغبػػاكم -
وصػػحح علػػى وػػرط مسػػلم -أف الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -قػػاؿ( :سػػبق درهػػم ما ػػة ألػػه
درهم)! فقاؿ رجل :وكيه ذاؾ يا رسوؿ اهلل؟ قاؿ( :رجل ل ماؿ ك ك أمتذ من عرض مال ما ة
ألػػه درهػػم فتصػػدؽ هبػػا ورجػػل لػػيس ل ػ إال درنبػػاف فأمتػػذ أحػػدنبا فتصػػدؽ ب ػ فهػػذا تصػػدؽ
بنصه مال )… .اغبديث.
وأما استدالؽبم بالقياس على زكاة اؼباؿ فغك صحي -كبا قاؿ اليوكاْ ؛ ألن قياس مع الفػارؽ
؛ إذ وجوب الفطرة متعلػق باألبػداف ووجػوب الزكػاة األمتػرى متعلػق بػاألمواؿ فاف قػا (انظػر :نيػل
األوطار.)486 - 485/4 :
أيضػػا بعبػػوـ
وأمػػا قػػوؽبم :الغػ ملػ النصػػاب والفقػػك ال غػ لػ فػػبل ذبػ عليػ فقػػد رد علػػيهم ً
األحاديػػث الصػػحيحة اؼبرويػػة ى إهبػػاب زكػػاة "الفطػػر" علػػى كػػل مسػػلم دبػػا ى ذلػ الغػ والفقػػك
ودبا صرح ب أبو هريرة ى حدي ( :غ أو فقك) وما رواخ أضبد وأبو داود عن ثعلبة بن أل صغك
ػاعا مػػن قب ػ -أوعػػن أبي ػ أف رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -قػػاؿ( :أدوا صػػدقة الفطػػر صػ ً
قاؿ :بر -عن كػل إنسػاف صػغك أو كبػك حػر أو فبلػوؾ غػ أو فقػك ذكػر أو أن ػى .أمػا غنػيكم
فيزكي اهلل وأما فقككم فكد اهلل علي أك ر فبا أعطى) وى روايػة أل داود( :صػاع مػن بػر أو قبػ
عن كل اثنني).
وألف ه ػػذخ الص ػػدقة -كبػػا ق ػػاؿ اب ػػن قدامػػة -ح ػػق مػػاؿ ال يزي ػػد بزيػػادة اؼب ػػاؿ فػػبل يعت ػ وج ػػوب
النصاب فيها كالكفارة وال يبنع أف يؤمتذ من ويعطى كبن وج علي العير ى زرع وهو بعد
ؿبتاج إَ ما يكفي وعيال .
وحديث( :ال صدقة إال عن ظهػر غػ ) ؿببػوؿ علػى صػدقة اؼبػاؿ وهػذخ صػدقة متاصػة عػن البػدف
والنفس (انظر :اؼبغ .)74/3 :
والذي أراخ :أف لليارع هدفًا أمتبلقيًػا تربويًػا -وراء اؽبػدؼ اؼبػاُ -مػن فػرض هػذخ الزكػاة علػى كػل
مسلم غ أو فقك .ذل هو تدري اؼبسلم على اإلنفاؽ ى الضراء كبا ينفق ى السراء والبػذؿ
ى العسػػر كبػػا يبػػذؿ ى اليسػػر ومػػن صػػفات اؼبتقػػني الػػب ذكرهػػا القػػرآف أمػػم (ينفقػػوف ى السػراء
والضراء) (آؿ عبراف )434 :وهبذا يتعلم اؼبسلم -وإف كػاف فقػك اؼبػاؿ رقيػق اغبػاؿ -أف تكػوف
يومػػا ى كػػل عػػاـ
يػػدخ هػ العليػػا وأف يػػذوؽ لػػذة اإلعطػػاء واإلفضػػاؿ علػػى غػػكخ ولػػو كػػاف ذلػ ً
وؽبذا أرج مذه اعببهور الذين ٍ يي طوا لوجوب هذخ الزكاة مل النصاب.
كبا أرج رأي أل حنيفة وغكخ فبن أوجبها على الزوجة ى ماؽبا ؼبا في من إوعار اؼبرأة اؼبسلبة
هبذا الواج السنوي وتعويدها البذؿ من ماؽبا اػباص ال ؾبرد االعتباد على الزوج .ف ذا تطػوع
الزوج فأمترج عنها جاز.
ووػرط اعببهػػور إلهبػػاب هػذخ الزكػػاة علػػى الفقػػك أف يكػوف عنػػدخ مقػػدارها فاشػبلً عػػن قوتػ وقػػوت
من تلزم نفقتػ ليلػة العيػد ويومػ وأف يكػوف فاشػبلً عػن مسػكن ومتاعػ وحاجاتػ األصػلية .فبػن
كػػاف لػ دار وبتػػاج إليهػػا لسػػكناها أو إَ أجرهػػا لنفقتػ أو ثيػػاب بذلػ لػ أو ؼبػػن تلزمػ مؤنتػ أو
هبػػا م وبتػػاج إَ ركوهبػػا واالنتفػػاع هبػػا ى حوا ػ األصػػلية أو سػػا بة وبتػػاج إَ مبا هػػا كػػذل أو
بضاعة ىبتل رحبها الذي وبتاج إلي ب متراج الفطرة منها -فبل فطػرة عليػ ؛ ألف هػذا فبػا يتعلػق بػ
حاجت األصلية فلم يلزم بيع كبؤنة نفس ومن ل كت وبتاج إليها للنظر فيها واغبفػي منهػا ال
يلزمػ بيعهػػا واؼبػرأة إذا كػػاف ؽبػػا حلػػى للػػبس أو لكػراء ربتػػاج إليػ ٍ يلزمهػػا بيعػ ى الفطػػرة ومػػا
فضػػل مػػن ذل ػ ع ػن حوا ػ األصػػلية وأمكػػن بيع ػ وصػػرف ى الفطػػرة وجبػػز الفطػػرة ب ػ ؛ ألن ػ
أمكػػن أداؤهػػا مػػن غػػك شػػرر أصػػلى .فأوػػب مػػا لػػو ملػ مػػن الطعػػاـ مػػا يؤديػ فاشػبلً عػػن حاجتػ
(انظر :اؼبغ 76/3 :والروشة.)366 - 299/2 :
الدين اؼبؤجل ال يبنع زكاة الفطر
ومػػن كػػاف ى يػػدخ مػػا ىبرجػ عػػن صػػدقة الفطػػر وعليػ ديػػن م لػ لزمػ أف ىبػػرج الصػػدقة ؛ إال أف
يكوف مطالبًا بالدين فعلي قضاء الدين وال زكاة علي .
قاؿ ابن قدامة :إمبا ٍ يبنع الدين الفطرة (كبا يبنع زكاة اؼباؿ) ؛ ألما آكد وجوبًا ؛ بدليل وجوهبا
علػػى الفقػػك ومشوؽبػػا لكػػل مسػػلم قػػدر علػػى إمتراجهػػا ووجػػوب رببلهػػا عبػػن وجبػػز نفقت ػ علػػى
غكخ وال تتعلػق بقػدر مػن اؼبػاؿ ف ػرت ؾبػرى النفقػة وألف زكػاة اؼبػاؿ ذبػ باؼبلػ والػدين يػؤثر
ى اؼبلػ فػػأثر فيهػػا وهػػذخ ذبػ علػػى البػػدف (يعػ علػػى اليػػصل) والػػدين ال يػػؤثر فيػ وتسػػق
الفطرة عند اؼبطالبة بالدين ؛ لوجوب أدا عند اؼبطالبة وتأكدخ بكون حق آدم معػني ال يسػق
باإلعسار وكون أسبق سببًا وأقدـ وجوبًا يأه بتأمتكخ ف ن يسق غك الفطرة وإف ٍ يطالػ بػ
؛ ألف تأثك اؼبطالبة إمبا هو ى إلزاـ األداء وربرٓ التأمتك (اؼبرجع السابق).
الفصل ال الث
مقدار الواج ومم يكوف؟
فهرس
مقدار الصاع
األجناس الب ىبرج منها
إمتراج القيبة
تعقي وترجي
مذه القا لني بأف الواج صاع من كل طعاـ
ػاعا مػن عن ابن عبر قاؿ( :فرض رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم -زكػاة الفطػر مػن رمضػاف ص ً
صاعا من وعك) ...اغبديث (رواخ اعبباعة). سبر أو ً
وعػػن أل سػػعيد اػبػػدري قػػاؿ( :كنػػا لبػػرج زك ػػاة الفطػػر -إذ كػػاف فينػػا رسػػوؿ اهلل صػػلى اهلل علي ػ
ػاعا
ػاعا مػن زبيػ أو صػ ً ػاعا مػن وػػعك أو صػ ً ػاعا مػن سبػػر أو صػ ً ػاعا مػن طعػػاـ أو صػ ً
وسػلم -صػ ً
من أق فلم نػزؿ كػذل حػك قػدـ علينػا معاويػة اؼبدينػة .فقػاؿ :إْ ألرى مػدين مػن ظبػراء اليػاـ
ػاعا مػػن سبػػر فأمتػػذ النػاس بػػذل ) (رواخ اعبباعػػة) وزاد غػػك البصػػاري :قػػاؿ أبػػو سػػعيد: يعػػدؿ صػ ً
(فبل أزاؿ أمترج كبا كنز أمترج ).
دؿ هذاف اغبدي اف وغكنبا على أف الواج ى زكاة الفطر صاع عن كل نفس.
قاؿ الدهلوي :وإمبػا قػدر بالصػاع ؛ ألنػ ييػبع أهػل بيػز ففيػ غنيػة معتػد هبػا للفقػك وال يتضػرر
اإلنساف ب نفاؽ هذا القدر غالبًا( .اغب ة البالغة.)569/2 :
أيضا عند األ بة ال بلثػة وهػو ً والصاع ى غك القب والزبي واج باإلصباع وى غكنبا واج
ق ػػوؿ أل س ػػعيد اػب ػػدري وأل العالي ػػة وأل الي ػػع اء واغبس ػػن البص ػػري وج ػػابر ب ػػن زي ػػد وإس ػػحاؽ
واؽبػػادي والقاسػػم والناصػػر واؼبؤيػػد بػػاهلل كبػػا ذكػػر اليػػوكاْ (نيػػل األوطػػار 483/4 :واؼبغ ػ :
57/3وفي :امتتلفز الرواية عػن علػ وابػن عبػاس واليػع فػروي صػاع وروي نصػه صػاع (أ
هػ ػ) وأبػػو سػػعيد روى عن ػ ابػػن حػػزـ مػػا ىبػػاله اؼبعػػروؼ عن ػ مػػن وجػػوب الصػػاع وهػػو غري ػ
(احمللى.)436 /6 :
مذه القا لني بنصه الصاع من القب
وقاؿ أبو حنيفة وأصحاب :هبزئ نصه صػاع مػن قبػ وامتتلػه عنػ ى الزبيػ (أمػا الصػاحباف
ف عػػبلخ كػػالتبر وهػػو روايػػة عػػن اإلمػػاـ وصػػححها بعػػض اغبنفيػػة ورجحهػػا ابػػن اؽببػػاـ ى فػػت
الق ػػدير م ػػن جه ػػة ال ػػدليل وذك ػػر ى الػػدر اؼبصت ػػار عػػن صباع ػػة أف علي ػ الفت ػػوى (الػػدر وحاو ػػيت :
)83/2وه ػػو م ػػذه زي ػػد ب ػػن علػ ػ واإلم ػػاـ وب ػػىي كب ػػا ق ػػاؿ الي ػػوكاْ (ني ػػل األوط ػػار اؼبرج ػػع
السابق) وقاؿ ابن حزـ :وص عن عبر بن عبد العزيز وطاوس وؾباهد وسعيد بن اؼبسي وعػروة
بػػن ال ػزبك وأل سػػلبة بػػن عبػػد الػػرضبن بػػن عػػوؼ وسػػعيد بػػن جبػػك وهػػو قػػوؿ األوزاع ػ والليػػث
وسفياف ال وري .كبا أورد ابن حزـ عدة روايات عػن صباعػة مػن الصػحابة قػالوا بػذل :مػنهم أبػو
بكػػر وعبػػر وع بػػاف وعل ػ وعا يػػة وأظبػػاء بنػػز أل بكػػر وأبػػو هريػػرة وجػػابر بػػن عبػػد اهلل وابػػن
مسعود وابن عباس وابن الزبك وأبو سعيد اػبدري .قاؿ :وهو عنهم كلهػم صػحي إال عػن أل
بكر وابن عباس وابن مسعود (احمللى 434 - 428/6 :وانظر :نصػ الرايػة مػع بغيػة األؼبعػ :
.)447 - 446/2
ػاعا مػػن
ػاعا مػػن سبػػر أو صػ ً
ػاعا مػػن طعػػاـ أو صػ ً
وح ػػة اعببهػػور حػػديث أل سػػعيد ى قولػ " :صػ ً
صاعا من أق ".
صاعا من زبي أو ً وعك أو ً
قاؿ النووي :والداللة في من وجهني:
أح ػػدنبا :أف الطعػ ػػاـ ى ع ػػرؼ أهػ ػػل اغب ػ ػػاز اسػ ػػم للحنط ػػة متاصػ ػػة ال سػ ػػيبا وقػ ػػد قرن ػ ػ ببػ ػػاق
اؼبذكورات.
صاعا فدؿ على أف اؼبعت صاع وثانيهبا :أن ذكر أوياء قيبتها ـبتلفة وأوج ى كل نوع منها ً
وال نظر إَ قيبت (ورح النووي على صحي مسلم.)66/7 :
قػػاؿ :ول ػػيس للق ػػا لني بنص ػػه صػػاع ح ػػة إال ح ػػديث معاويػػة وأحادي ػػث شػػعيفة ش ػػعفها أه ػػل
اغبديث وشعفها بني (اؼبرجع السابق).
واعببهور هبيبوف عن حديث معاوية بأن قوؿ صحال وقد متالف أبو سعيد وغكخ فبن هو أطوؿ
منػ صػػحبة وأعلػػم بػػأحواؿ النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -وإذا امتتلػػه الصػػحابة ٍ يكػػن قػػوؿ
بعضػػهم بػػأوَ مػػن بعػػض .فػػبل بػػد مػػن الرجػػوع إَ دليػػل آمتػػر .قػػالوا :وجػػدنا ظػػاهر األحاديػػث
والقيػػاس متف ًقػػا علػػى اوػ اط الصػػاع مػػن اغبنطػػة كغكهػػا فوجػ اعتبػػادخ وقػػد صػػرح معاويػػة بأنػ
رأي رآخ ال أن ظبع من الن -صلى اهلل علي وسلم -ولو كاف عند أحد من حاشري ؾبلس -
مػػع ك ػرهتم ى تل ػ اللحظػػة -علػػم ى موافقػػة معاويػػة للسػػنة عػػن الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم-
لذكرخ كبا جرى ؽبم ى غك هذخ القصة (اؼبرجع نفس ص.)62 64
والرأي واالجتهاد ميروع كبا دؿ علي صنيع معاوية ومػن وافقػ مػن الصػحابة ولكنػ مػع وجػود
النل فاسد االعتبار (فت الباري - 374/3 :طبع السلفية).
تعقي وترجي
والذي يبدو من ؾببوع الروايات أف القب ٍ يكن من أطعبتهم اليا عة على عهد النػ -صػلى
ػاعا من ػ كبػػا فػػرض ى غػػكخ مػػن اهلل علي ػ وسػػلم -وٍ يفػػرض الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -صػ ً
اليػػعك والتبػػر ومػػن الزبيػ واألقػ ويؤكػػد ذلػ مػػا رواخ اليػػيصاف عػػن عبػػد اهلل بػػن عبػػر قػػاؿ:
ػاعا مػػن وػػعك قػػاؿ:
ػاعا مػػن سبػػر أو صػ ً
(أمػػر رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -بزكػػاة الفطػػر :صػ ً
ف عػػل النػػاس عدلػ مػػدين مػػن حنطػػة) وى روايػػة أمتػػرى( :فعػػدؿ النػػاس بػ نصػػه صػػاع مػػن بػػر)
(صحي مسلم بيرح النووي 66/7 :وفت الباري- 272- 274/3 :طبع السلفية).
قػػاؿ ابػػن القػػيم :واؼبعػػروؼ أف عبػػر بػػن اػبطػػاب جعػػل نصػػه صػػاع مػػن بػػر مكػػاف صػػاع مػػن هػػذخ
األوياء .ذكػرخ أبػو داود (وقػاؿ ابػن ح ػر :أوػار ابػن عبػر بقولػ " :النػاس" إَ معاويػة ومػن تبعػ
وقػػد وقػػع ذل ػ صػػروبًا ى حػػديث أيػػوب عػػن نػػافع أمترج ػ اغببيػػدي ى مسػػندخ عػػن سػػفياف بػػن
عيينة وفي " :قاؿ ابن عبر :فلبا كاف معاوية عدؿ الناس نصه صاع بر بصاع من وعك" وهكذا
أمترج ػ ابػػن متزيبػػة ى صػػحيح مػػن وج ػ آمتػػر عػػن سػػفياف وهػػو اؼبعتبػػد وه ػو موافػػق لقػػوؿ أل
سعيد وهو أصرح من .
ػلبا ى كتػػاب "التبييػػز" وأمػػا روايػػة أل داود الػػب أوػػار إليهػػا ابػػن القػػيم فقػػد ذكػػر اغبػػافي أف مسػ ً
حكم على الراوي فيها بالوهم وأوش الرد علي .انظر :فت الباري - 372/3 :طبػع السػلفية)
وى الصػػحيحني :أف معاويػػة هػػو الػػذي قػػوـ ذلػ وفيػ عػػن الن ػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -آثػػار
بعضا (زاد اؼبعاد.)344 - 343/4 : مرسلة مسندة يقوي بعضها ً
ص َعك وغكخ وحديث اغبسن البصري قاؿ :متط ابن عباس ى وذكر ابن القيم حديث ابن أل ُ
آمتر رمضاف على من البصرة فقاؿ :أمترجوا صدقة صومكم فكػأف النػاس ٍ يعلبػوا! فقػاؿ :مػن
ههنا من أهل اؼبدينػة؟ قومػوا إَ إمتػوانكم فعلبػوهم ؛ فػ مم ال يعلبػوف .فػرض رسػوؿ اهلل -صػلى
صاعا مػن سبػر أو وػعك أو نصػه صػاع مػن قبػ علػى كػل حػر اهلل علي وسلم -هذخ الصدقة ً
أو فبلوؾ ذكر أو أن ى صغك أو كبك فلبا قػدـ علػ ورأى رمتػل السػعر قػاؿ( :قػد أوسػع اهلل
ػاعا م ػػن ك ػػل وػ ػ ء)؟ رواخ أب ػػو داود -وه ػػذا لفظػ ػ -والنس ػػا (ق ػػاؿ عل ػػيكم فل ػػو جعلتب ػػوخ ص ػ ً
النسػػا :اغبسػػن ٍ يسػػبع مػػن ابػػن عبػػاس وكػػذل قػػاؿ أضبػػد وابػػن اؼبػػدي وغكنبػػا مػػن األ بػػة.
فعلػػى هػػذا :ى اغبػػديث انقطػػاع وإمبػػا قػػالوا ذل ػ ألف ابػػن عبػػاس كػػاف بالبصػػرة ى عهػػد عل ػ
واغبسن ى عهدي ع باف وعل كاف باؼبدينة وعقػ علػى ذلػ اليػيمل أضبػد وػاكر فقػاؿ :كػل
هػػذا وهػػم :فػ ف اغبسػػن عاصػػر ابػػن عبػػاس يقينًػػا وكونػ كػػاف باؼبدينػػة أيػػاـ أف كػػاف ابػػن عبػػاس واليًػػا
علػػى البصػػرة ال يبنػػع ظباعػ منػ قبػػل ذلػ أو بعػػدخ كبػػا هػػو معػػروؼ عػػن احملػػدثني مػػن االكتفػػاء
باؼبعاص ػػرة .ه ال ػػذي يقط ػػع بس ػػباع منػ ػ ولقا ػ ػ إي ػػاخ :م ػػا رواخ أضب ػػد ى اؼبس ػػند ب س ػػناد ص ػػحي
( )3426عن ابن سكين :أف جنازة مرت باغبسن وابن عباس فقاـ اغبسن وٍ يقم ابن عباس
فقػػاؿ اغبسػػن البػػن عبػػاس :قػػاـ ؽبػػا رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -فقػػاؿ :قػػاـ وقعػػد" ولػػيس
بع ػػد ه ػػذا بي ػػاف ى اللق ػػاء والس ػػباع .أ ه ػ ػ .انظ ػػر :ـبتص ػػر اؼبن ػػذري م ػػع مع ػػاٍ الس ػػنن وحواو ػػي :
222/2أقوؿ :ولكن اؼبعاصرة وحدها ال تكفى لسباع متطبة قيلز على من البصػرة ى وقػز
كاف في اغبسػن يقينًػا ى غػك البصػرة .فػبل بػد أنػ نقلهػا بواسػطة مػن ظبػع .إمبػا تكفػى اؼبعاصػرة ى
األحاديث الب ٍ توقز دبكاف وزماف متػاص إال أف يقػاؿ :إف م ػل هػذخ اػبطبػة ال بػد أف تكػوف
معروفػػة لػػدى أهػػل البصػػرة ولػػيس مػػن الػػبلزـ أف يسػػبعها اغبسػػن مػػن ابػػن عبػػاس كبػػا قػػالوا ى
طػػاوس عػػن معػػاذ :طػػاوس عػػاٍ بػػأمر معػػاذ وإف ٍ يلق ػ ولكػػن قػػد روي عػػن ابػػن عبػػاس ى هػػذخ
اػبطبػػة" :صػػاع مػػن طع ػػاـ" وانظػػر :الس ػػنن الك ػ ى واعب ػػوهر النق ػ 469- 467/4 :ونص ػ
الراي ػػة )449 - 448/2 :وعن ػػدخ :فق ػػاؿ علػ ػ ( :أم ػػا إذا أوس ػػع اهلل عل ػػيكم فأوس ػػعوا ؛ اجعل ػػوخ
صاعا من بر وغكخ). ً
قاؿ ابن القيم وكاف ويصنا رضب اهلل -يع ابن تيبية -يقوي هذا اؼبذه ويقوؿ :هو قياس قػوؿ
أضبد ى الكفارات :أف الواج فيها من ال نصه الواج من غكخ (زاد اؼبعاد.)344/4 :
ويتبني لنا من كل ما ذكرناخ :أف األحاديث الواردة بنصه الصاع مػن القبػ ليسػز مػن الضػعه
حبيػػث تػػرد صبلػػة ومتاصػػة إذا ص ػ حػػديث اغبسػػن عػػن ابػػن عبػػاس ولكنهػػا ليسػػز مػػن الصػػحة
واليهرة بني الصحابة حبيث هبزـ ب بوهتا ك بوت الصاع من التبر واليعك واألق والزبي .
ولو صحز هذخ ما متفيز على م ل ابن عبر وأل سعيد ومعاوية ومن ظبع كبلم مػن الصػحابة
وتبلمذهتم.
وصػنيع معاويػػة ظػػاهر ى أنػ جعػػل نصػػه صػػاع القبػ عػػدالً لصػػاع التبػػر فهػػو مػػن بػػاب اؼبعادلػػة
والقيبػػة ولػػذا قػػاؿ أبػػو سػػعيد" :تل ػ قيبػػة معاويػػة ال أقبلهػػا وال أعبػػل هبػػا" (أمترج ػ ابػػن متزيبػػة
واغبػػاكم ى صػػحيحيها مػػن طريػػق ابػػن إسػػحاؽ كبػػا ى الفػػت 373/3 :طبػػع السػػلفية وانظػػر:
اؼبسػػتدرؾ 444/4 :واحمللػػى 436/6 :ونص ػ الرايػػة )448 - 447/2 :وكػػذل فعػػل مػػن
الصحابة ؼبا ك ر القب ى زمنهم :رأوا أف نصه صاع من يقوـ مقاـ صاع مػن اليػعك كبػا قػاؿ
ابن اؼبنذر.
فال ػػذي يطب ػػئن إلي ػ القل ػ م ػػن الرواي ػػات :أف الص ػػاع ثاب ػػز ب ػػالنل ى األطعب ػػة األربع ػػة (التب ػػر
واليػػعك والزبيػ واألقػ ) وٍ ي بػػز عنػ صػػاع مػػن قبػ علػػى التحقيػػق .كبػػا ٍ تصػػل أحاديػػث
نصػػه الصػػاع منػ إَ درجػػة الصػػحة وأمػػا مػػن جعػػل اؼبقػػدار نصػػه صػػاع مػػن القبػ -كبعاويػػة
ومن وافق من الصحابة رش اهلل عنهم -بدؿ صاع من وعك أو سبر فقد فعل ذل باالجتهػاد
بناء على أف قيم ما عدا القب متساوية وكاف القب إذ ذاؾ غػاَ الػ بن .لكػن يلػزـ علػى قػوؽبم
أف تعت القيبة ى كل زماف وى كل بلد فيصتله اغباؿ وال ينضب وردبا لػزـ ى بعػض األحيػاف
آصع (صبع صاع) من قب (فت الباري - 374/3 :طبع السلفية).
وى زيػارة ُ إَ باكسػتاف ذكػر ُ بعػػض العلبػاء هنػاؾ :أف قيبػة القبػ عنػدهم أدّ بك ػك جػ ًػدا
من قيبة التبر فكيه يكوف الواج في نصه الواج ى التبر؟ وكذل الزبيػ فهػو اآلف ى
أيضا!
معظم البلداف أغلى من القب ومن التبر ً
وال ىبلصنا من هذخ اإلوكاالت إال اعتبار الصاع هو األساس.
وفبا يدؿ على أف الصحابة رش اهلل عنهم غبظوا ما قلناخ من اعتبار القيبة مػا ذكرنػاخ عػن اإلمػاـ
ػاعا مػن بػر وغػكخ .فػدؿ علػى
عل حني رأى رمتل األسعار بالبصػرة حيػث قػاؿ ؽبػم :اجعلػوخ ص ً
أن كاف ينظر إَ القيبة ى ذل كبا قاؿ اغبافي (فت الباري -اؼبرجع السابق).
فعلػى هػذا ينبغػ أف يكػوف األصػل هػو الصػػاع مػن غالػ قػوت البلػد أو اليػصل كبػا سػػيأن
ػاعا
وإذا أريد إمتراج القبػ وكػاف غاليًػا .جػاز إمتػراج نصػه صػاع منػ إذا كانػز قيبتػ تسػاوى ص ً
من القوت الغال السا د .بناء على اجتهاد الصحابة ى إمتراج القب بالقيبة.
اتباعػا للػنل ال ابػز بيقػني الػذي
متروجػا مػن اػبػبلؼ و ً
ً وإمتراج الصاع أحػوط ى األحػواؿ كلهػا
ىبرج اؼبسلم فبا يريب إَ ما ال يريب ومن أوسع اهلل علي فليوسع .كبا قاؿ عل رش اهلل عن .
من الغري أّ وجدت ى بعض كت اؼبالكية" :أن يندب للبزك أال يزيد على الصاع بل تكرخ
الزيػػادة علي ػ ؛ ألن ػ ربديػػد مػػن اليػػارع فالزيػػادة علي ػ بدعػػة مكروهػػة كالزيػػادة ى التسػػبي علػػى
ثػػبلث وثبلثػػني وهػػذا إذا ربققػػز الزيػػادة وأمػػا مػػع الي ػ فػػبل" (انظػػر اليػػرح الكبػػك للػػدردير:
.)568/4
والذي أراخ أف هذا التنظػك أو التيػبي غػك مسػلم ؛ فػ ف الزكػاة ليسػز مػن اليػئوف التعبديػة احملػض
كالصبلة وما يتعلق هبا من الذكر والتسبي .فالزيادة فيها على الواجػ ال حػرج فيػ بػل هػو أمػر
ػكا فهػو متػػك لػ ) (البقػػرة )484 :وذلػ ى فديػػة حسػن كبػا قػػاؿ القػرآف الكػػرٓ( :فبػن تطػػوع مت ً
الصياـ وه طعاـ مسكني.
وقػػد روى اإلمػػاـ أضبػػد وأبػػو داود عػػن أل بػػن كعػ أف رجػبلً وجبػػز عليػ ى مالػ بنػػز ـبػػاض
فلم يرض أف يعطيها اؼبصدؽ ؛ ألما ال لػنب فيهػا وال تصػل للحبػل والركػوب وأىب إال أف يعطػ
ناقة كوماء وؼبا رفض أل أف يقبلها من ؛ ألما فوؽ الواج علي احتكبػا إَ النػ -صػلى اهلل
علي وسلم -فقاؿ ل ( :ذاؾ الذي علي .ف ف تطوعز خبك آجرؾ اهلل في وقبلنػاخ منػ ) ه أمػر
بقبضػػها من ػ ودعػػا ل ػ ى مال ػ بال كػػة (رواخ أضبػػد وأبػػو داود واغبػػاكم وصػػحح ووافق ػ الػػذه
وسيأن بنص وسبام ى الباب التاسع -الفصل السادس).
وهذا نل ى قبوؿ ما زاد عن الواج وفي وعد بزيادة األجر ال بالكراهة وقد قاؿ عل رش
اهلل عن :أما إذا أوسع اهلل عليكم فأوسعوا.
على أن لو صحز بدعية التطوع بالزيادة لكانز ؿبرمة ال مكروهة فق فكل بدعة شبللة.
نعػػم يبكػػن أف يقػػاؿ ذل ػ فػػيبن يزيػػد علػػى الصػػاع مػػن بػػاب الغلػػو والتنطػػع ال مػػن بػػاب السػػصاء
والتطوع وى الصحي ( :هل اؼبتنطعوف) (رواخ أضبد ومسلم وأبو داود عن ابن مسعود).
مقدار الصاع
وقد حققنا فيبا تقدـ أف الصاع يساوى سدس كيلة مصرية أي قدح وثلث مصري .كبا ى ورح
الدردير وغكخ وهو يساوى بالوزف باعبرامات ( 2456وذل حس الوزف بالقب ).
وإذا كػػاف هػػذا هػػو وزف الصػػاع مػػن القبػ فقػػد قػػالوا :إف مػػا عػػداخ مػػن األصػػناؼ أمتػػه منػ .فػ ذا
أمترج منها مقدار ذل وزنًا كانز أك ر من صاع.
فػ ف كػاف هنػػاؾ صػنه يقتػات منػ النػاس وهػو أثقػػل مػن القبػ -كػػاألرز مػ بلً -فالواجػ الزيػػادة
على الوزف اؼبذكور دبا يوازي الفرؽ.
ومن هنا رأى بعض العلباء االعتباد على الكيل دوف الوزف ؛ ألف ى اغببوب اػبفيه وال قيل.
قاؿ اإلماـ النووي ى الروشة :قد يستيكل شب الصاع باألرطاؿ ف ف الصاع اؼبصرج ب ى زمن
رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -مكياؿ معروؼ وىبتله قدرخ وزنًا بامتتبلؼ جنس مػا ىبػرج
كال ػػذرة واغبب ػػل وغكنب ػػا وفي ػ ػ ك ػػبلـ طوي ػػل فب ػػن أراد ربقيق ػ ػ راجع ػ ػ ى "و ػػرح اؼبهػ ػػذب "
وـبتصرخ :أف الصواب ما قال اإلماـ أبػو الفػرج الػدارم مػن أصػحابنا :أف االعتبػاد ى ذلػ علػى
الكيل دوف الوزف وأف الواج أف ىبرج بصاع معاير بالصاع الذي كاف ىبرج ب ى عصر رسوؿ
اهلل -صلى اهلل علي وسلم -وذل الصاع موجود ومن ٍ هبدخ وج علي إمتراج قدر يتيقن أن
ال ينقل عن وعلى هذا فالتقػدير خببسػة أرطػاؿ وثلػث تقريبًػا (كػذا ولعػل الصػواب :تقريػ أو
تقري ) وقاؿ صباعة من العلباء :الصاع أربع حفنات بكف رجل معتدؿ الكفني واهلل أعلم" أ هػ
(الروشة.)362 - 364/2 :
هذا ما قال النووي ؛ وقد ييق اعتبار ما قالػ ى عصػرنا الػذي أصػب كػل وػ ء فيػ يقػدر بػالوزف
تقريبًا.
وقػػاؿ ابػػن حػػزـ :وجػػدنا أهػػل اؼبدينػػة ال ىبتلػػه مػػنهم اثنػػاف ى أف مػػد رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ
وسػػلم -الػػذي يػػؤدى بػ الصػػدقات لػػيس بػػأك ر مػػن رطػػل ونصػػه وال دوف رطػػل وربػػع وقػػد قػػاؿ
بعضهم :هو رطل وثلث.
قػػاؿ :ولػػيس هػػذخ امتتبلفًػػا ولكن ػ علػػى حس ػ رزانػػة اؼبكيػػل مػػن ال ػ والتبػػر واليػػعك (احمللػػى:
.)245/5
وذكر ى اؼبغ عن أضبد قاؿ :صاع ابن أل ذ طبسػة أرطػاؿ وثلػث .قػاؿ أبػو داود :وهػو صػاع
الن -صلى اهلل علي وسلم -قاؿ :واألوَ ؼبن أمترج من طعاـ ثقيػل الػوزف أف يزيػد وػيئًا احتياطًػا
(اؼبغ .)59/3 :
ػاعا ونصػ ًفا
أمػػا اغبنفيػػة فالصػػاع عنػػدهم شبانيػػة أرطػػاؿ كبػػا ذكرنػػاخ ى زكػػاة الػػزرع فهػػو يسػػاوى صػ ً
عند اعببهور .فنصف يساوى ثل صاع غكهم وقدرخ (أي النصه) بعػض ميػايمل اغبنفيػة بقػدح
وسدس باؼبصري وبعضهم بقدح وثلث (رد احملتار.)84 - 83/2 :
احدا ى النتي ة رغػم احتػداـ النػزاع ولكػن وهبذا يكوف اؼبقدار الواج ى القب عند الفريقني و ً
واسعا ى إمتراج ما عدا القب حيث ىبرج اغبنف شعه غكخ على هذا التقدير. يظهر الفرؽ ً
ومن ٍ يكن عنػدخ مكيػاؿ وال ميػزاف .فليصػرج أربعػة أمػداد واؼبػد -كبػا قػالوا -مػلء كفػى الرجػل
متكا فهو متك ل .
صاعا ومن تطوع ً اؼبعتدؿ وأربع حفنات على هذخ الطريقة تساوى ً
نصػػز األحاديػػث ال ػواردة ى زكػػاة الفطػػر علػػى أصػػناؼ معينػػة مػػن الطعػػاـ وه ػ التبػػر واليػػعك
والزبي ػ ػ واألق ػ ػ -وه ػػو الل ػػنب اةف ػػه ال ػػذي ٍ ين ػػزع زب ػػدخ -وزادت بع ػػض الرواي ػػات :القب ػ ػ
وبعضها :السلز أو الذرة .فهل هػذخ األصػناؼ تعبديػة ومقصػودة لػذاهتا حبيػث ال هبػوز للبسػلم
العدوؿ عنها إَ غكها من أصناؼ األطعبة واألقوات؟
أم ػػا اؼبالكي ػػة والي ػػافعية فق ػػالوا :ه ػػذخ األص ػػناؼ ليس ػػز تعبدي ػػة وال مقص ػػودة ل ػػذاهتا وؽب ػػذا كػ ػاف
الواج على اؼبسلم أف ىبرج فطرت مػن غالػ قػوت البلػد وى قػوؿ :مػن غالػ قػوت اليػصل
نفس .
وه ػػل الق ػػوت اؼبنظ ػػور ل ػ ه ػػو األغل ػ ى الع ػػاـ كل ػ ؟ أـ األغل ػ ى رمض ػػاف متاص ػػة؟ أـ ى ي ػػوـ
اإلمتراج؟ أـ ى يوـ الوجوب؟
احتبػػاالت ذكرهػػا اؼبالكيػػة ومػػاؿ بعضػػهم إَ اعتبػػار يػػوـ اإلمت ػراج ولكػػن رج ػ آمتػػروف اعتبػػار
األغل ى رمضاف (حاوية الدسوق .)565/4 :
وعند اليافعية قاؿ الغزاُ ى "الوسي " :اؼبعت غال قوت البلد وقز وجوب الفطرة ال ى صبيع
السنة وقاؿ ى الوجيز :غال قوت البلد يوـ الفطر (الروشة.)365/2 :
واوػ ػ ط اؼبالكي ػػة أف يك ػػوف غالػ ػ الق ػػوت م ػػن أص ػػناؼ تس ػػعة ح ػػددوها وهػ ػ :الي ػػعك والتب ػػر
والزبي والقب والذرة والسلز واألرز والدمتن واألق .فبك وجدت التسعة أو بعضها وتساوت
ى االقتيػػات متػػك ى اإلمت ػراج مػػن أيهػػا وػػاء ومػػع غلبػػة واحػػد منهػػا تعػػني اإلمت ػراج من ػ كبػػا إذا
زبيكا.
انفرد وإف وجدت أو بعضها واقتيز غكها تعني اإلمتراج منها ً
وٍ أجد ؽبذخ التيقيقات والتفريعات دليبلً يستند إليػ وؽبػذا قػاؿ بعػض ؿبققػ اؼبػذه :إنػ مػك
اقتيز غك التسعة أمترج فبا يقتات ولو وجدت التسعة أو بعضها.
معا ال ى زمن اليدة وحدخ. واؼبراد باالقتيات :أف يصب قوت وعيي من ى زمن الرمتاء واليدة ً
وؽبػػذا أجػػازوا إمتػراج اللحػػم واللػػنب وكبػػوخ مػػا داـ قوتًػػا وىبرجػ حينئػػذ بػػالوزف .أمػػا الػػدقيق فػػامتتلفوا
في .
وعػػرض اؼبالكيػػة هنػػا ؼبسػػألة وه ػ مػػا إذا اقتػػات اليػػصل مػػا هػػو أدّ وأدوف مػػن قػػوت البلػػد
وحاصل ما قالوا :أف مػن اقتػات األدوف لع ػز عػن قػوت البلػد أجػزأ اتفاقًػا وإف كػاف لبصػل ووػ
ٍ هبز اتفاقًا وإف كاف ؽبضم نفس أو لعادت كبدوي يأكل اليعك حباشرة يقتات أهلها القبػ
ففي متبلؼ واؼبعتبد هو اإلجزاء (اليرح الكبك حباوية الدسوق .)567 - 566/4 :
وعند اليافعية :كل ما هب في العير من اغببوب وال بار -وهو ما يقتات ى حالة االمتتيػار ال
الضػػرورة-فهػػو صػػاً إلمتػراج الفطػػرة وحكػػى قػػوؿ قػػدٓ عػػن اليػػافع :أنػ ال هبػػزئ فيهػػا اغببػػل
والعدس واؼبذه اؼبيهور هو األوؿ.
وترددوا ى األق وقاؿ النووي :ينبغ أف يقطع جبوازخ لصحة اغبديث في من غك معارض.
واألص أف اللنب واعبنب ى معناخ ولكػن قػالوا :ال هبػزئ اعبػنب اؼبنػزوع زبػدخ كبػا ال هبػزئ األقػ
أيضا اؼبسوس واؼبعي من اغببوب. اؼببل الذي أفسد ك رة اؼبل جوهرخ وم ل ً
وهبػػزئ اغب ػ القػػدٓ وإف قلػػز قيبت ػ إذا ٍ يتغػػك طعب ػ ولونػ وال هبػػزئ الػػدقيق وال السػػويق وال
اػببز كبا ال هبزئ القيبة وقاؿ بعضهم :هبزئ ألف اؼبقصود إوباع اؼبسكني ى هذا اليوـ.
وى الواج من األجناس اةز ػة ثبلثػة أوجػ أصػحها عنػد اعببهػور :غالػ قػوت البلػد وال ػاْ:
قوت نفس وال الث :يتصك بني األجناس.
قالوا :وإذا أوجبنا قوت نفس أو البلد فعػدؿ إَ مػا دونػ ٍ هبػز وإف عػدؿ إَ أعلػى منػ جػاز
باالتفاؽ.
وإذا اعت نػػا قػػوت نفسػ وكػػاف يليػػق بػ الػ وهػػو يقتػػات اليػػعك خبػبلً لزمػ الػ ولػػو كػػاف يليػػق بػ
اليعك فكاف يتنعم ويقتات الػ فاألصػ :أنػ هبز ػ اليػعك والقػوؿ ال ػاْ :يتعػني الػ (الروشػة
للنووي.)363/2 :
أجناسػا ال غالػ فيهػا أمتػرج مػا وػاء واألفضػل أف ً وإذا أوجبنا غال قوت البلد وكانوا يقتػاتوف
ىبرج من األعلى (اؼبرجع السابق ص.)365
وظػػاهر مػػذه أضبػػد :أن ػ ال هبػػوز العػػدوؿ عػػن األصػػناؼ اػببسػػة اؼبنصػػوص عليهػػا مػػع قدرت ػ
عليها سواء أكاف اؼبعدوؿ إلي قوت بلدخ أو ٍ يكن اؼبغ اؼبرجع السابق.)62/3 :
وهبوز عند أل حنيفة وأضبد إمتػراج الػدقيق والسػويق ؛ ألنػ فبػا يكػاؿ وينتفػع بػ الفقػك وقػد كفػى
مؤنة الطحن (نفس اؼبرجع).
والػػذي يظهػػر أف الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -إمبػػا حػػدد األصػػناؼ اؼبػػذكورة ؛ ألن ػ كانػػز ه ػ
قومػػا يعييػػوف علػػى األرز كبػػا ى اليابػػاف مػ بلً
األقػوات اؼبتداولػػة ى البيئػػة العربيػػة عند ػػذ .فلػػو أف ً
كانػػز فطػرهتم فبػػا يتقوتػػوف بػ ولػػو كػػاف قػػوـ يعييػػوف علػػى األذرة كبػػا ى الريػػه اؼبصػػري لكػػاف
واجبهم هو األذرة .فلهذا أرج أف ىبرج اؼبرء فطرت مػن غالػ قػوت بلػدخ أو مػن غالػ قوتػ إذا
كاف أفضل من قوت البلد.
وعنػػد ابػػن حػػزـ :ال هبػػزئ و ػ ء غػػك التبػػر أو اليػػعك ال زبي ػ وال قب ػ وال دقيػػق وال أق ػ وال
غكها وأطاؿ ى االحت اج لذل ورد سا ر األحاديث اؼبصالفة وونع على ـبالف رأي كعادت
(احمللى 448/6 :وما بعدها).
وفبا استدؿ ب ما رواخ دبسندخ عن أل ؾبلز قػاؿ :قلػز البػن عبػر :إف اهلل قػد أوسػع والػ أفضػل
من التبر؟ يعػ :ى صػدقة الفطػر :فقػاؿ لػ ابػن عبػر :إف أصػحال سػلكوا طري ًقػا فأنػا أحػ أف
أسلك (اؼبرجع السابق ص .)427
إصباعػػا مػػن الصػػحابة .بػػرغم اآلثػػار
ً ويبػػالغ ابػػن حػػزـ ى االسػػتدالؿ هبػػذا األثػػر حػػك ليكػػاد هبعل ػ
الك ػػكة الػػوفكة الػػب جػػاءت خببلفػ ويكفػػى أف أذكػػر هنػػا تعليػػق العبلمػػة اليػػيمل أضبػػد وػػاكر علػػى
رأى ابػػن حػػزـ هػػذا ى حاوػػية احمللػػى حيػػث قػػاؿ" :مػػن تأمػػل ى طريػػق األحاديػػث الػواردة ى زكػػاة
الفطػػر وفق ػ معناهػػا مػػع امتػػتبلؼ ألفاظهػػا عػػن الصػػحابة رش ػ اهلل عػػنهم علػػم أف ابػػن حػػزـ ال
ح ػة لػ ى االقتصػػار علػػى إمتػراج التبػػر واليػػعك وهػػذا معاويػة حبضػػرة الصػػحابة رشػ اهلل عػػنهم
رأى مدين من ظبراء الياـ بدؿ صػاع مػن وػعك أو غػكخ وٍ ينكػر عليػ ذلػ أحػد -أي إمتػراج
القب موشع اليعك -وإمبا أنكر أبو سػعيد اؼبقػدار فػرأى إمتػراج صػاع مػن قبػ وابػن عبػر إمبػا
كػػاف ىبػػرج ى متاصػػة نفسػ مػػا كػػاف ىبػػرج ى عهػػد رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -وٍ ينكػػر
علػػى مػػن أمتػػرج غػػك ذلػ ولػػو رأى عبػػل النػػاس بػػاطبلً وهػػم الصػػحابة والتػػابعوف ألنكػػرخ أوػػد
إنكار وقد كاف رشػ اهلل عنػ يتيػدد ى أوػياء ال علػى سػبيل التيػريع بػل علػى سػبيل اغبػرص
على االتباع فق كبا كاف ينزؿ ى مواشع نزوؿ رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسػلم -وٍ يػر أحػد
من اؼبسلبني ذلػ واجبًػا والزكػاة إمبػا جعلػز إلغنػاء الفقػك عػن الطػواؼ ى يػوـ العيػد واألغنيػاء
يتبتعوف دباؽبم وعياؽبم ولينظر امرؤ لنفس :هل يرى أن يغػ الفقػك عػن الطػواؼ إذا أعطػاخ صػاع
سبػػر أو صػػاع وػػعك ى بلػػد م ػػل القػػاهرة ى م ػػل هػػذخ األيػػاـ؟! ومػػاذا يفعػػل هببػػا الفقػػك إال أف
يطوؼ لي د من يي يهبا ببصس من القيبة ليبتاع لنفس أو ألوالدخ ما يتقوتوف ب ؟!" (هػامو
احمللى.)432 - 434/6:
إمتراج القيبة
أما إمتراج القيبة فلم هبزخ األ بػة ال بلثػة ى زكػاة الفطػر وى سػا ر الزكػوات .سػئل أضبػد عػن عطػاء
الدراهم ى صدقة الفطر فقاؿ :أمتاؼ أال هبز ؛ متبلؼ سنة رسوؿ هلل.
وقيل ل :قوـ يقولوف :عبر بن عبد العزيز كاف يأمتذ القيبة؟
قاؿ :يدعوف قوؿ رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسػلم -ويقولػوف :قػاؿ فػبلف؟ قػاؿ ابػن عبػر":فػرض
رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم …"-اغبػػديث قػػاؿ اهلل تعػػاَ( :أطيع ػوا اهلل وأطيعػوا الرسػػوؿ)
(النساء.)59:
فهػػو يػػرى دفػػع القيبػػة ـبالفػػة لرسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -وهػػذا قػػوؿ مال ػ واليػػافع
(اؼبغ .)65/3:
وكذل قػاؿ ابػن حػزـ :ال ذبػزئ قيبػة أصػبلً ألف ذلػ غػك مػا فػرض رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ
اض منهبا وليس للزكاة مال معني في وز رشاخ وسلم -والقيبة ى حقوؽ الناس ال ذبوز إال ب ٍ
أو إبراؤخ (احمللى.)437/6 :
وقاؿ ال وري وأبو حنيفػة وأصػحاب :هبػوز إمتػراج القيبػة وقػد روي ذلػ عػن عبػر بػن عبػد العزيػز
واغبسن البصري (اؼبغ 65/3:وى احمللى" :46/6 :ص ذل عن عبر بن عبد العزيز").
روى ابػػن أل وػػيبة عػػن ع ػػوف قػػاؿ :ظبع ػػز كتػػاب عبػػر بػػن عبػػد العزيػػز يق ػرأ إَ عػػدى بالبصػػرة
(وع ػػدى ه ػػو الػ ػواُ)" :يؤمت ػػذ م ػػن أه ػػل ال ػػديواف م ػػن أعطي ػػاهتم م ػػن ك ػػل إنس ػػاف نص ػػه دره ػػم "
(مصنه ابن أل ويبة.)38- 37/4 :
وعن اغبسن قاؿ :ال بأس أف تعطى الدراهم ى صدقة الفطر (اؼبرجع السابق).
وعن أل إسحاؽ قاؿ :أدركتهم وهم يؤدوف ى صدقة رمضاف الدراهم بقيبة الطعاـ.
وعن عطاء :أن كاف يعط ى صدقة الفطر ورقًا (دراهم فضية) (نفس اؼبرجع).
( أ ) وفبا يدؿ ؽبذا القوؿ أف الن -صػلى اهلل عليػ وسػلم -قػاؿ( :أغنػوهم -يعػ اؼبسػاكني -ى
هػػذا اليػػوـ) واإلغنػػاء يتحقػػق بالقيبػػة كبػػا يتحقػػق بالطعػػاـ وردبػػا كانػػز القيبػػة أفضػػل إذ ك ػػرة
الطعاـ عند الفقك ربوج إَ بيعها والقيبة سبكن من وراء ما يلزم من األطعبة واؼببلبس وسػا ر
اغباجات.
( ب ) كبػػا يػػدؿ علػػى ج ػواز القيبػػة مػػا ذكػػرخ ابػػن اؼبنػػذر مػػن قبػػل :أف الصػػحابة أجػػازوا إمت ػراج
نصػػه الصػػاع مػػن القبػ ؛ ألمػػم رأوخ معػػادالً ى القيبػػة للصػػاع مػػن التبػػر أو اليػػعك وؽبػػذا قػػاؿ
صاعا من التبر"
معاوية" :إْ ألرى مدين من ظبراء الياـ تعدؿ ً
(جػ) ه إف هذا هو األيسر بالنظر لعصرنا ومتاصة ى اؼبناطق الصناعية الػب ال يتعامػل النػاس فيهػا
إال بالنقود .كبا أن -ى أك ر البلداف وى غال األحياف -هو األنفع للفقراء.
والذي يلوح ُ :أف الرسوؿ -صلى اهلل علي وسلم -إمبػا فػرض زكػاة الفطػر مػن األطعبػة لسػببني:
األوؿ :لنػدرة النقػػود عنػػد العػرب ى ذلػ اغبػػني فكػاف إعطػػاء الطعػػاـ أيسػر علػػى النػػاس وال ػػاْ:
أف قيبة النقػود زبتلػه وتتغػك قوهتػا اليػرا ية مػن عصػر إَ عصػر خبػبلؼ الصػاع مػن الطعػاـ ف نػ
ييبع حاجة بيرية ؿبددة كبا أف الطعاـ كاف ى ذل العهد أيسر على اؼبعطػ وأنفػع لآلمتػذ
واهلل أعلم بالصواب.
وقد فصلنا القوؿ ى موشػوع "دفػع القيبػة" ى الزكػوات عامػة ى بػاب "طريقػة أداء الزكػاة" فلكجػع
إلي .
بقيز هنا بعض مسا ل تتعلق ب متراج القيبة ذكرها علباء اغبنفية:
األوَ :أف اؼبػػراد بػػدفع القيبػػة قيبػػة اغبنطػػة أو اليػػعك أو التبػػر يػػؤدى قيبػػة أي الػ بلث وػػاء عػػن
أل حنيف ػػة وأل يوس ػػه وق ػػاؿ ؿبب ػػد :ي ػػؤدى قيب ػػة اغبنط ػػة (ال ػػدر اؼبصت ػػار وحاو ػػيت "رد احملت ػػار":
.)86/2
والػػذي أمتتػػارخ :أف يػػدفع قيبػػة صػػاع مػػن غالػ قػػوت البلػػد مػػن أوسػ األصػػناؼ فػ ف كػػاف مػػن
أجودها فهو أحسن.
ال انية :أن ال هبوز أداء األجناس اؼبنصوص عليها بعضها عن بعض باعتبار القيبة .فكبا ال هبوز
إمتراج اغبنطة عن اغبنطة باعتبار القيبة ؛ بأف يؤدى نصه صاع من حنطػة جيػدة عػن صػاع مػن
حنطة وس ال هبوز إمتراج سبر أو وعك عن اغبنطة باعتبار القيبة بأف يػؤدى نصػه صػاع سبػر
م بلً تبلغ قيبت نصه صاع مػن حنطػة عػن اغبنطػة بػل يقػع عػن نفسػ وعليػ تكبيػل البػاق ؛
ألف القيبة إمبا تعت ى غك اؼبنصوص علي (ذكر ذل ى رد احملتار 83/2 :نقبلً عن البدا ع).
ال ال ة :امتتله اغبنفية :أيهبا أفضل :دفع القيبة أـ إمتراج اؼبنصوص علي ؟
فقاؿ بعضهم :دفع اغبنطة أفضػل ى األحػواؿ كلهػا سػواء أكانػز أيػاـ وػدة أـ ال ؛ ألف ى هػذا
موافقػػة للسػػنة .وفصػػل آمتػػروف فقػػالوا :إذا كػػاف الػػزمن زمػػن وػػدة وأزمػػة ى األق ػوات فػػدفع العػػني
(اغبنطة) أفضل وأما ى أوقات السعة والرمتاء فدفع القيبة أفضل ؛ ألما أعػوف علػى دفػع حاجػة
الفقك (اؼبرجع السابق).
ومن هذا يتض لنا أف اؼبدار ى األفضلية على مدى انتفػاع الفقػك دبػا يػدفع لػ فػ ف كػاف انتفاعػ
بالطعاـ أك ر كاف دفع أفضل كبا ى حالة اةاعة واليدة وإف كاف انتفاع بالنقود أك ر .كاف
دفعها أفضل.
وينبغػ أف يوشػػع ى اغبسػػاب انتفػػاع أسػػرة الفقػػك كلهػػا ال نفعػ وحػػدخ فقػػد يأمتػػذ بعػػض الفقػراء
ذوي العياؿ القيبة وينفقها على نفس أو ى أوياء كبالية على حني أوالدخ وبتاجوف إَ القػوت
الضروري .فدفع الطعاـ ؽبؤالء أوَ.
الفصل الرابع
وقز الوجوب واإلمتراج
مك ىبرجها؟
مك ذب زكاة الفطر؟
مك ىبرجها؟
روى الييصاف وغكنبا عن ابن عبر( :أف رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -أمػر بزكػاة الفطػر أف
تؤدى قبل متروج الناس إَ الصبلة) يريػد صػبلة العيػد وعػن عكرمػة قػاؿ :يقػدـ الرجػل زكاتػ يػوـ
الفطر بني يدي صبلت ؛ إف اهلل تعاَ يقوؿ( :قد أفل من تزكى وذكر اسم رب فصلى) (األعلى:
.)45 - 44
وروى ابػػن متزيبػػة مػػن طريػػق ك ػػك بػػن عبػػد اهلل عػػن أبي ػ عػػن جػػدخ أف رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ
وسلم -سئل عن هذخ اآلية فقاؿ( :نزلز ى زكاة الفطر) (نيل األوطار.)495/4 :
ػكا" شػعيه ج ًػدا عنػد أ بػة اغبػديث (بػل قػاؿ اليػافعولكن اغبديث شػعيه اإلسػناد ألف "ك ً
وأبو داود :إن ركن من أركاف الكػذب وقػاؿ ابػن حبػاف :إنػ منكػر اغبػديث ج ًػدا يػروى عػن أبيػ
عػػن جػػدخ بنس ػصة موشػػوعة ؛ ال وبػػل ذكػػرخ ى الكت ػ إال علػػى جهػػة التع ػ إال أف ال مػػذي
يصػػح ل ػ وذكػػر الػػذه أف العلبػػاء ال يعتبػػدوف علػػى تصػػحي ال مػػذي غبدي ػ .انظػػر :مي ػزاف
االعت ػ ػ ػ ػػداؿ 467 - 466/3 :وهت ػ ػ ػ ػػذي الته ػ ػ ػ ػػذي 423 - 424/8 :والت ػ ػ ػ ػػاريمل الكب ػ ػ ػ ػػك
للبصػػاري 4/4 :ص 247واعبػػرح والتعػػديل 2/2ص 454واؼبسػػتدرؾ للحػػاكم.)428/4 :
كبا يوهن من هذا اغبديث :أف السورة مكية وزكاة الفطر إمبا وػرعز باؼبدينػة بعػد فرشػية صػياـ
رمضػػاف وو ػػرعية العي ػػدين وق ػػد يت ػػأوؿ مع ػ ( :نزل ػػز ى زك ػػاة الفط ػػر) أف اآلي ػػة ت ػػدؿ عل ػػى ذل ػ
بالعبارة أو اإلوارة ال أف زكاة الفطر سب لنزوؽبا باؼبع االصطبلح !
وق ػػد أمت ػػرج البص ػػاري ومس ػػلم ع ػػن أل س ػػعيد( :كن ػػا لب ػػرج ى عه ػػد رس ػػوؿ اهلل -ص ػػلى اهلل عليػ ػ
ػاعا مػػن طعػػاـ) وظػػاهرخ صػػحة اإلمتػراج ى اليػػوـ كلػ ولكػػن اليػراح تػػأولوا وسػػلم -يػػوـ الفطػػر صػ ً
بأوؿ اليوـ وهو ما بني صبلة الصب إَ صبلة العيد كبا ى الفت .
وضبل اليافع التقييد ب ػ "قبػل الصػبلة" علػى االسػتحباب لقولػ عليػ الصػبلة والسػبلـ( :أغنػوهم
ى هذا اليوـ) و (اليوـ) يصدؽ على صبيع النهار (فت الباري.)375/3 :
ويرى صبهور الفقهػاء أف تأمتكهػا عػن الصػبلة مكػروخ ؛ ألف اؼبقصػود األوؿ منهػا إغنػاء الفقػك عػن
الس ػؤاؿ والطل ػ ى هػػذا اليػػوـ فبػػك أمترهػػا فػػات جػػزء مػػن اليػػوـ دوف أف يتحقػػق هػػذا اإلغنػػاء
(اؼبغ .)67/3 :
ويرى ابن حزـ أف وقتها ينته بابيضاض اليبس وحلوؿ وقز صبلة العيد .فالتأمتك عن حراـ.
قاؿ :فبن ٍ يؤدها حك مترج وقتها فقد وجبز ى ذمت ومالػ ؼبػن هػ لػ فهػ ديػن لػ وحػق
مػػن حقػػوقهم قػػد وج ػ إمتراجهػػا م ػن مال ػ وحػػرـ علي ػ إمسػػاكها ى مال ػ فوجػ علي ػ أداؤهػػا
أب ػ ػ ًػدا ويس ػ ػػق ب ػ ػػذل حقه ػ ػػم ويبق ػ ػػى ح ػ ػػق اهلل ى تض ػ ػػييع الوق ػ ػػز ال يق ػ ػػدر عل ػ ػػى ج ػ ػ خ إال
باالستغفار والندامة (احمللى.)443/6 :
وماؿ اليوكاْ إَ أف إمتراجها قبل الصبلة واج ؛ غبديث ابن عباس( :فبن أداها قبل الصبلة
فه زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصبلة فه صدقة من الصدقات).
ومع أما (صدقة من الصدقات) :أي ليس ؽبا ال واب اػباص لزكاة الفطر بوصفها قربػة ؽبػا وقػز
معلوـ.
وأما تأمتكها عن يوـ العيد فقاؿ ابػن رسػبلف :إنػ حػراـ باالتفػاؽ ؛ ألمػا زكػاة واجبػة فوجػ أف
يكوف ى تأمتكها إه كبا ى إمتراج الصبلة عن وقتها (نيل األوطار.)495/4 :
وقاؿ ى "اؼبغ " :ف ف أمترها عن يوـ العيد أه ولزمػ القضػاء (وكػذا قػاؿ الػدردير ى اليػرح الكبػك
( :)568/4وال تسػػق الفطػػرة دبع ػ زمنهػػا ل تبهػػا ى الذمػػة) وحكػػى عػػن ابػػن س ػكين والنصع ػ
الرمتص ػػة ى تأمتكه ػػا ع ػػن ي ػػوـ العي ػػد وحك ػػاخ اب ػػن اؼبن ػػذر ع ػػن أضب ػػد واتب ػػاع الس ػػنة أوَ (اؼبغ ػ :
.)67/3
وأما تقديبها وتع يلهػا فبنػع منػ ابػن حػزـ وٍ يسػام ى أدا هػا قبػل طلػوع ف ػر يػوـ الفطػر بيػوـ
وال أقػػل وقػػاؿ :ال هبػػوز تقػػديبها قبػػل وقتهػػا أصػبلً (احمللػػى 443/6 :ومػػذه ابػػن حػػزـ هنػػا هػػو
أيضػػا كب ػا ى فق ػ اإلمػػاـ جعفػػر ( )466/2حيػػث ٍ هبػػز تقػػديبها قبػػل هػػبلؿ مػػذه اإلماميػػة ً
وواؿ) .بناء على رأي ى عدـ جواز تع يػل الزكػاة مطل ًقػا وهػو ـبػاله ؼبػا صػ عػن الصػحابة ى
تع يلها.
فروى البصاري عن ابن عبر قػاؿ(:كػانوا يعطومػا قبػل الفطػر بيػوـ أو يػومني) والضػبك ى (كػانوا)
يرجػػع إَ أصػػحاب الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -وهػػم الػػذين هبػػم يقتػػدى فيهتػػدى وإَ هػػذا
يوما أو يومني. ذه أضبد وقاؿ :ال هبوز أك ر من ذل يع ً
أيضػػا وأجػػاز بعضػػهم التقػػدٓ إَ ثبلثػػة أيػػاـ (اليػػرح الكبػػك حباوػػية وهػػو اؼبعتبػػد عنػػد اؼبالكيػػة ً
الدسوق )568/4 :وقاؿ بعض اغبنابلة :هبوز تع يلها من بعد نصه اليهر.
وقػػاؿ اليػػافع :هبػػوز مػػن أوؿ وػػهر رمضػػاف ؛ ألف سػػب الصػػدقة الصػػوـ والفطػػر عنػ فػ ذا وجػػد
أحد السببني جاز تع يلها كزكاة اؼباؿ بعد مل النصاب (اؼبغ .)69 - 68/3 :
وقاؿ أبو حنيفة :هبوز تع يلها من أوؿ اغبوؿ ؛ ألما زكاة فأوبهز زكاة اؼباؿ.
وعند الزيدية :هبوز تع يلها ولو إَ عامني كزكاة اؼباؿ (البحر .)496/2
وقوؿ مال وأضبد أحوط وأقرب إَ ربقيق اؼبقصود وهو إغناؤهم ى يوـ العيد بالذات.
والقػػوؿ جب ػواز إمتراجهػػا مػػن بعػػد نصػػه اليػػهر أيسػػر علػػى النػػاس ومتاصػػة إذا كانػػز الدولػػة ه ػ
الب تتوَ صبع زكػاة الفطػر .فقػد ربتػاج إَ زمػن لتنظػيم جبايتهػا وتوزيعهػا علػى اؼبسػتحقني .حبيػث
تيرؽ مشس العيد وقد وصل إليهم حقهم فيعروا بفرحة العيد وهب ت كبا ييعر سا ر الناس.
وم ل ذل إذا تولز زكاة الفطر مؤسسة أو صبعية إسبلمية.
الفصل اػبامس
ؼبن تُصرؼ زكاة الفطر؟
فهرس
قاؿ ابن رود :أما ؼبن تصرؼ؟ .فأصبعوا على أما تصرؼ لفقػراء اؼبسػلبني لقولػ -صػلى اهلل عليػ
وسلم" : -أغنوهم" ...اغبديث.
وهل يقتصر صرفها على الفقراء واؼبساكني أـ تعبم على األصناؼ ال بانية؟ اؼبيػهور مػن مػذه
اليافع :أن هب صرؼ الفطرة إَ األصناؼ الذين تُصػرؼ إلػيهم زكػاة اؼبػاؿ وهػم اؼبػذكورف ى
ات) (التوبػػة )66 :وتلػػزـ قسػػبتها بيػػنهم بالسػػوية (اةبػػوع )444/6 :وهػػو آيػػة( :إمبػَػا الصػ َػدقَ ُ
مذه ابن حزـ ف ذا فرقها اؼبزك بنفس سق سهم العاملني لعدـ وجودهم واؼبؤلفة ألف أمرهم
إَ اإلماـ ال إَ غكخ (احملل .)445-443/6 :
ورد ابن القيم على هذا الرأي فقاؿ" :وكاف من هدي -صلى اهلل علي وسلم -زبصيل اؼبسػاكني
هبػػذخ الصػػدقة وٍ يكػػن يقسػػبها علػػى األصػػناؼ ال بانيػػة قبضػػة قبضػػة وال أمػػر بػػذل وال فعل ػ
أحد من أصحاب وال من بعدهم بل أحد القولني عندنا :أن ال هبوز إمتراجها إال على اؼبسػاكني
متاصة.
وهذا القوؿ أرج من القوؿ بوجوب قسبتها على األصناؼ ال بانية (زاد اؼبعاد.)345/4 :
وعنػػد اؼبالكيػػة :إمبػػا تُصػػرؼ للفق ػراء واؼبسػػاكني وال تُصػػرؼ لعامػػل عليهػػا وال ؼبؤلػػه قلب ػ وال ى
الرقػػاب وال لغػػارـ وال ةاهػػد وال البػػن سػػبيل يتوصػػل هبػػا لبلػػدخ بػػل ال تعطػػى إال بوصػػه الفقػػر
وإذا ٍ يوجد ى بلػدها فقػراء نقلػز ألقػرب بلػد فيهػا ذلػ بػأجرة مػن اؼبزكػ ال منهػا لػئبل يػنقل
الصاع (اليرح الكبك حباوية الدسوق .)569-568/4 :
فتبني هبذا أف هنا ثبلثة أقواؿ:
-4قوؿ بوجػوب قسػبتها علػى األصػناؼ ال بانيػة -أو َمػن وجػد مػنهم -بالسػوية وهػو اؼبيػهور
عند اليافعية.
-2وقػػوؿ جب ػواز قسػػبتها علػػى األصػػناؼ وج ػواز زبصيصػػها بػػالفقراء وهػػو قػػوؿ اعببهػػور؛ ألمػػا
ني) (التوبة .…)66 :اآلية. الصدقات لل ُف َقر ِاء واؼبساكِ ِ
ً صدقة فتدمتل ى عبوـ قول تعاَ( :إمبا
َ
-3وقػػوؿ بوجػػوب زبصيصػػها بػػالفقراء وهػػو مػػذه اؼبالكيػػة -كبػػا ذكرنػػا -وأحػػد القػولني عنػػد
أضبد ورجح ابن القيم وويص ابن تيبية.
وإَ هذا القوؿ ذه اؽبادي والقاسػم وأبػو طالػ :أف الفطػرة تُصػرؼ ى الفقػراء واؼبسػاكني دوف
غػػكهم مػػن مصػػارؼ الزكػػاة ال بانيػػة ؼبػػا جػػاء ى األحاديػػث أمػػا( :طعبػػة للبسػػاكني) وغبػػديث:
(أغنوهم ى هذا اليوـ) (نيل األوطار.)495/4 :
ومػػع وجاهػػة هػػذا القػػوؿ وسبيػػي مػػع طبيعػػة زكػػاة الفطػػر وهػػدفها األساسػ فػػأرى أال نسػػد البػػاب
بالكلية ومبنع جواز استصدامها ى اؼبصارؼ األمترى عند اغباجة.
واألحاديث الب ذكروها تدؿ على أف اؼبقصود األهم منها إغناء الفقراء هبا ى ذل اليوـ متاصػة
في ػ تقػػديبهم عل ػ غػػكهم إف وجػػدوا وهػػذا ال يبنػػع أف تُصػػرؼ ى اؼبصػػارؼ األمتػػرى حس ػ
اغباجػػة واؼبصػػلحة كبػػا ذكػػر الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -ى زكػػاة األم ػواؿ :أمػػا( :تُؤمتػػذ مػػن
أغنيػػا هم ف ػ ُ د علػػى فق ػرا هم) وٍ يبنػػع ذل ػ أف تُصػػرؼ ى اعبهػػات األمتػػرى الػػب أروػػدت إليهػػا
اآلية الكريبة.
وهبذا يتض :أف القوؿ الػذي لبتػارخ هػو تقػدٓ الفقػراء علػى غػكهم إال غباجػة ومصػلحة إسػبلمية
معت ة.
والقػػوؿ الصػػحي الػػذي علي ػ أك ػػر الفقهػػاء أف لليػػصل الواحػػد أف يػػدفع فطرت ػ إَ مسػػكني أو
عدة مساكني كبا أف لل باعة أف يدفعوا فطرهتم إَ مسكني واحد؛ إذ ٍ يفصل الدليل (البحر
الزمتار.)497/2 :
وكرخ بعضهم دفع الواحد إَ عدد؛ ألنػ ال يتحقػق بػ اإلغنػاء اؼبػأمور بػ ى اغبػديث وم ػل ذلػ
دفع صباعة ك ػكة فطػرهتم إَ واحػد يؤثرونػ هبػا مػع وجػود غػكخ فبػن هػو م لػ ى اغباجػة أو أحػوج
من ػ دوف مسػػوغ يقتض ػ هػػذا اإلي ػػار (انظػػر :ال ػػدر اؼبصتػػار وحاوػػيت 85/2 :واليػػرح الكب ػػك
حباوية الدسوق .)568/4 :
وما دامز صدقة الفطر زكاة فػبل هبػوز دفعهػا إَ كػل مػن ال هبػوز دفػع زكػاة اؼبػاؿ إليػ مػن كػافر
معػػاد لئلسػػبلـ أو مرتػػد أو فاسػػق يتحػػدى اؼبسػػلبني بفسػػق أو غػ دبالػ أو كسػػب أو متبطػػل
قػػادر علػػى الكس ػ وال يعبػػل أو والػػد أو ولػػد أو زوجػػة؛ ألف اؼبسػػلم حػػني يػػدفعها إَ هػػؤالء
كأمبا يدفعها إَ نفس وقد فصلنا ذل ى باب "مصارؼ الزكاة".
إال إف عدـ الفقراء في فتنقل إَ ما قػرب منػ كبػا ذكرنػا عػن اؼبالكيػة وقػاؿ ى البحػر :تُكػرخ ى
غك فقراء البلد إال لغرض أفضل (البحر الزمتار.)263/2 :
الباب ال امن
أى اؼباؿ حق سوى الزكاة؟
فهرس
ربرير وترجي
سبهيد
الفصل األوؿ
رأي من نفى أف ى اؼباؿ ح ًقا سوى الزكاة
فهرس
موقفهم من النصوص اؼبعارشة
سبهيد
ذه ك ك من الفقهاء (نسب ى البحر ( )438/2إَ األك ر) .إَ أف اغبق الوحيد ى اؼباؿ هو
الزكػػاة فبػػن أمتػػرج زكات ػ فقػػد طهػػر مال ػ وبر ػػز ذمت ػ وال يطال ػ بعػػدها بي ػ ء آمتػػر إال مػػا
تطػوع بػ رغبػػة ى م وبػة اهلل وابتغػػاء زيػادة األجػػر وهػذا اؼبػذه هػػو الػذي اوػػتهر عنػد اؼبتػػأمترين
حك ال يكاد يُعرؼ غكخ.
األحاديث الب احت هبا النافوف
-4استند أصحاب هذا اغبديث إَ اغبديث الذي رواخ الييصاف وغكنبا عن طلحة -رش اهلل
عن -قاؿ :جػاء رجػل إَ رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم -مػن أهػل قبػد ثػا ر الػرأس يُسػبع
دوي صوت وال يُفق ما يقػوؿ حػك دنػا مػن رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم -فػ ذا هػو يسػأؿ
عن اإلسبلـ فقاؿ رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسػلم( : -طبػس صػلوات ى اليػوـ والليلػة فقػاؿ:
ه ػػل عل ػ غ ػػكهن؟ ق ػػاؿ :ال إال أف تط ػػوع .ق ػػاؿ رس ػػوؿ اهلل -ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم : -وص ػػياـ
رمضاف .قاؿ :هل عل غػكخ؟ قػاؿ :ال إال أف تطػوع وذكػر الزكػاة فقػاؿ :هػل علػ غكهػا قػاؿ:
ال إال أف تطػػوع) فػػأدبر وهػػو يقػػوؿ :ال أزيػػد علػػى هػػذا وال أنقػػل منػ فقػػاؿ رسػػوؿ اهلل -صػػلى
اهلل علي وسلم( : -أفل إف صدؽ) أو( :دمتل اعبنػة إف صػدؽ) (رواخ السػتة إال ال مػذي كبػا
ى صبع الفوا د.)44/4 :
-2وم ل ما روى البصاري عن أل هريرة -رش اهلل عن :-أف أعرابيًا أتى الن -صلى اهلل علي
دمتلز اعبنة فقاؿ( :تعبد اهلل ال تيرؾ ب ويئًا وتقيم ُ وسلم -فقاؿ :دل على عبل إذا عبلت
الصبلة اؼبكتوبة وتؤدي الزكاة اؼبفروشة وتصوـ رمضاف) .قاؿ :والذي نفس بيدخ ال أزيد على
هذا فلبا وَ قػاؿ رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلمَ ( : -مػن سػرخ أف ينظػر إَ رجػل مػن أهػل
اعبنة فلينظر إَ هذا) (رواخ ال مذي ى كتاب الزكاة 98-97/3 :ال مذي مع ورح ابن العػري
وقاؿ :حسن غري ).
فف اغبػديث األوؿ أمتػ الرسػوؿ -صػلى اهلل عليػ وسػلم -الرجػل :أف ال وػ ء عليػ غػك الزكػاة
إال أف يتطوع وهو دليل ظاهر.
وى اغبدي ني أعلن الرجبلف السا بلف :أمبا ال يزيػداف علػى الزكػاة اؼبفروشػة وػيئًا ورشػى الرسػوؿ
-صلى اهلل علي وسلم -منهبا ذل بل أمت أمبا من أهل اعبنة ولو كاف ى اؼباؿ حػق سػوى
الزكاة ما استحقا اعبنة مع ترك .
-3واسػػتندوا إَ مػػا رواخ ال مػػذي عػػن أل هريػػرة :أف الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -قػػاؿ( :إذا
ػيز مػا عليػ ) (رواخ اغبػاكم وقػاؿ :صػحي وأقػرخ الػذه 396/4 : أديز زكاة مال فقػد قض َ َ
ولكػػن قػػاؿ ابػػن ح ػػر ى التلصػػيل ص :477إسػػنادخ شػػعيه) ومػػن قضػػى مػػا عليػ ى مالػ ٍ
يكن علي حق في وال يُطال ب متراج و ء آمتر على سبيل الوجوب.
مرفوعػػا( :إذا أديػػز زكػػاة مالػ فقػػد أذهبػػز عنػ وػػرخ) -4وم لػ مػػا أمترجػ اغبػػاكم عػػن جػػابر ً
(رواخ ابػػن متزيبػػة ى صػػحيح واغبػػاكم 396/4 :وقػػاؿ :صػػحي علػػى وػػرط مسػػلم وافقػ الػػذه
وقاؿ اغبافي ى الفت ( :)475/3رج أبو زرعة والبيهق وغكنبا وقف كبا عند البزار .أهػ.
ووػػر اؼبػػاؿ ى الػػدنيا :تلفػ وؿبػػق ال كػػة من ػ وى اآلمتػػرة وػػرخ العػػذاب اؼبعػػد ؼبػػن شػػيع حقػػوؽ اهلل
في ).
وإمبا يذه عن اإلنساف ور اؼباؿ ى الدنيا واآلمترة إذا أديز من اغبقوؽ كلها.
ػاحا مػػن ذه ػ فسػػألز عػػن -5وكػػذل مػػا رواخ اغبػػاكم عػػن أـ سػػلبة :أمػػا كانػػز تل ػبس أوشػ ً
ذل الن -صلى اهلل علي وسلم -فقػاؿ :أكنػز هػو؟ فقػاؿ( :إذا أديػز زكاتػ فلػيس بكنػز) (قػاؿ
اغباكم ( :)296/4صحي على ورط البصاري وافق الذه وى إسنادخ كبلـ وقد ربدثنا عن
ى زكاة اغبل من الباب ال الث ص 327-325فلكجع إلي ).
وى بعض روايات ( :ما بلغ أف تؤدي زكات فزك فليس بكنز) (أمترج أبو داود).
وفي داللة على أف الوعيد الذي جاء ى حق الكانزين ألمواؽبم ال يلحق من أدى زكات ولو كػاف
ى اؼباؿ حق واج آمتر ما سلم من الوعيد.
وزاد بعػض أصػػحاب هػػذا الػرأي علػى ذلػ كلػ فػػرووا عػػن النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -حػػديًا
صػػروبًا يقػػوؿ( :لػػيس ى اؼبػػاؿ حػػق سػػوى الزكػػاة) (يعػػزى هػػذا اغبػػديث إَ روايػػة ابػػن ماجػ ولكػػن
قػػاؿ النػػووي ى اةبػػوع عنػ :إنػ حػػديث شػػعيه جػ ًػدا ال يعػػرؼ 332/5 -وقبلػ قػػاؿ البيهقػ
ػنادا -الس ػػنن الكػ ػ ى:
ى ه ػػذا اغب ػػديث :يرويػ ػ أص ػػحابنا ى التع ػػاليق ولس ػػز أحف ػػي فيػ ػ إس ػ ً
84/4واع ض اغبافي العراق علي برواية ابن ماج ل ى سنن هبذا اللفػي وذكػر ابنػ اغبػافي
أبو زرعة :أن عند ابن ماج يلفي" :ى اؼباؿ حق سوى الزكاة" كبا هو عند ال مذي وى بعض
نسػػمل ابػػن ماج ػ " :لػػيس ى اؼبػػاؿ حػػق سػػوى الزكػػاة" -طػػرح الت ري ػ -48/4 :ومع ػ هػػذا :أف
أيضػػا العبلمػػة
ً "لػػيس" زيػػدت ى اغبػػديث عػػن طريػػق النسػػاخ ووػػاع اػبطػػأ بعػػد كبػػا بػػني ذل ػ
الييمل أضبد وػاكر -رضبػ اهلل -ى التعليػق علػى األثػر 2536-مػن تفسػك الطػ ي-343/3 :
-344طبع اؼبعارؼ وفبا استدؿ ب على وقوع هذا اػبطأ ى ابن ماج ما يل :
-4رواية الط ي لؤلثر 2527-من نفس طريق وبىي بن آدـ الػب رواخ منهػا ابػن ماجػ ونصػ :
"إف ى اؼباؿ غب ًقا سوى الزكاة".
معا وٍ يفرؽ بني روايتيهبا وكذل -2نس ابن ك ك ى تفسكخ اغبديث لل مذي وابن ماج ً
احدا.
صنع النابلس ى ذمتا ر اؼبواريث 44699؛ إذ نسب إليهبا حديًا و ً
إسنادا ولو كاف ى ابن ماج على هذا اللفي ؼبا ً -3قوؿ البيهق كبا تقدـ :لسز أحفي في
قاؿ ذل إف واء اهلل .أهػ.
وم ل قوؿ النووي :ال يعرؼ وٍ يير الييمل واكر إَ ما قال أبو زرعة فلعل ٍ يطلع علي .
وهػػذا التحقيػػق أصػػوب وأوَ مػػن وصػػه اغبػػديث باالشػػطراب لروايتػ مػػن طريػػق واحػدة بلفظػػني
متنافيني كبا هو اليا ع).
هػػذخ ه ػ صبلػػة األحاديػػث الػػب يؤمتػػذ مػػن ظاهرهػػا أف ال حػػق ى اؼبػػاؿ سػػوى الزكػػاة واغبػػدي اف
األوالف منهػػا مػػن أحاديػػث الصػػحيحني فػػبل مطعػػن ى ثبوهتبػػا واغبػػديث ال الػػث شػػعه إسػػنادخ
والرابع رج وقف واػبامس ى إسنادخ كبلـ.
جدا ومردود ببل وػ . أما اغبديث القا ل( :ليس ى اؼباؿ حق سوى الزكاة) ف ن حديث شعيه ً
بل متطأ وربريه (انظر :التعليق السابق .فاؼبعوؿ علي حدي ا الصحيحني).
فهرس
سبهيد
أدلة هؤالء
وذه آمتروف منذ عهد الصحابة والتابعني إَ أف ى اؼباؿ ح ًقا سوى الزكاة.
جاء ذل عن عبر وعل ّ وأل ذر وعا ية وابن عبر وأل هريرة واغبسن بن عل ّ وفاطبة
بنز قيس من الصحابة رش اهلل عنهم.
وص ذل عن اليع وؾباهد وطاوس وعطاء وغكهم من التابعني.
أدلة هؤالء
ب ولَ ِكػن الػِ ػوه ُكم قِبػل اؼب ْيػ ِرِؽ واؼب ْغػ ِر ِ ُّ استدؿ هؤالء -أوالً -بقول تعػاَ( :لَ ْػي ِ
س الْػ أف تُػ َولػواْ ُو ُج َ ْ َ َ َ َ َ َ َ
ِ من آمن بِالل ِ واليػوِـ ِ
اآلمت ِر واؼببل ِ َك ِة و ِ
الكتَ ِ
ػاب َوالنبِي
ػامى ػاؿ َعلَػى ُحبرػ َذ ِوي ال ُق ْػرَىب َواليَتَ َ ػني َوآتَػى اؼب َ
َ َ َ َ َ َْ َْ ََ
ػاـ الص ػػبل َة َوآتَػػى الزَك ػػا َة َواؼبوفُػػو َف بِ َع ْه ػ ِػد ِه ْم إِ َذا َ
ني وِى الرقَػ ِ
ػاب َوأقَػ َ َ
واؼبس ػػاكِني واب ػػن الس ػبِ ِيل والس ػػا ِلِ
َ َ ََ َ َ ْ َ
ُ
ص َػدقُواْ َوأ ُْولَئِػ َ ُه ُػم اؼبتػ ُقػو َف) َ ين
َ ػأس أ ُْولَئِػ َ ال ِػذػني البَ ِ
َ ػاء َوالضػر ِاء َو ِح
عاهدواْ والصابِ ِرين ِى البأس ِ
َ َ َ َ َُ َ
ُ
(البقرة.)477 :
وقد روى ال مذي وغكخ أف الن -صلى اهلل علي وسلم -تبل هذخ اآلية مسػتدالً هبػا علػى اغبكػم
سألز -الن -صلى اهلل علي وسلم -عن الزكاة فقاؿ" :إف ى اؼبذكور فعن فاطبة بنز قيسُ :
وه ُك ْم) ...اآلية. س الِْ أف تُػ َولُّواْ ُو ُج َ اؼباؿ غب ًقا سوى الزكاة" ه تبل هذخ اآلية الب ى البقرة( :لَْي َ
ف ػ ذا كػػاف ى اغبػػديث شػػعه -كبػػا قػػاؿ ال مػػذي -ف ػ ف آيػػة ال ػ اؼبػػذكورة تقػػوي عضػػدخ وتيػػد
أزرخ وهػ وحػػدها ُح ػػة بالغػػة فقػػد جعلػػز مػػن أركػػاف الػ وعناصػػرخ إيتػػاء اؼبػػاؿ علػػى حبػ ذوي
القػػرىب واليتػػامى واؼبسػػاكني واب ػػن الس ػػبيل ....إٌ ..ه عطفػػز علػػى ذل ػ إقامػػة الص ػػبلة وإيت ػػاء
الزكاة والعطػه -كبػا هػو معلػوـ -يقتضػ اؼبغػايرة فػدؿ علػى أف ذلػ اإليتػاء غػك إيتػاء الزكػاة.
قاؿ القرط معقبًا على اغبديث اؼبذكور :واغبديث وإف كاف في مقاؿ فقد دؿ علػى صػحت معػ
ما ى اآلية نفسها من قول تعاََ ( :وأقَ َاـ الصبل َة َوآتَى الزَكا َة) ...فذكر الزكاة مع الصبلة وذلػ
ػاؿ َعلَػػى َحبرػ ِ) ....لػػيس الزكػػاة اؼبفروشػػة فػ ف ذل ػ يكػػوف دليػػل علػػى أف اؼبػراد بقولػ َ ( :وآتَػػى اؼبػ َ
َ
فرشا غك الزكاة؟ قيػل :قػد تكر ًارا (وقاؿ الط ي :ف ف قاؿ قا ل :وهل من حق هب ى ماؿ إيتاؤخ ً
امتتله أهل التأويل ى ذل .
فقاؿ بعضهم :في حقػوؽ ذبػ سػوى الزكػاة .واعتلػوا لقػوؽبم ذلػ هبػذخ اآليػة وقػالوا :ؼبػا قػاؿ اهلل
اؿ َعلَى َحبر ِ َذ ِوي ال ُقرىب" ومن ظبى اهلل معهم ه قاؿ بعدَ " :وأقَ َاـ الصبلََة تبارؾ وتعاََ " :وآتَى اؼب َ
َ
ومن ظبى معهم غك َوآتَى الزَكا َة" علبنا أف اؼباؿ الذي وصه اؼبؤمنني ب أمم يؤتون ذوي القرىب َ
احدا ٍ يكن لتكريرخ مع مفهوـ. الزكاة الب ذكر أمم يؤتوما؛ ألف ذل لو كاف ماالً و ً
قالوا :فلبا كاف غك جا ز أف يقوؿ تعاَ ذكرخ قوالً ال مع ل علبنا أف حكػم اؼبػاؿ األوؿ غػك
الزكاة وأف الزكاة الب ذكرها بعد غكخ.
قالوا :وبعد فقد أباف تأويل أهل التأويل صحة ما قلنا ى ذل .
وقاؿ آمتروف :بل اؼباؿ األوؿ هو الزكاة … أ هػ.
ويبدو من كبلـ اإلماـ الط ي أن مياؿ إَ قوؿ األولني.
انظر :تفسك الط ي -348/3 :طبع اؼبعارؼ وتفسك القرط .)42/4 :
وال يقػػاؿ إف اؼب ػراد باإليتػػاء اؼبػػذكور هػػو التطػػوع والصػػلة ال الوجػػوب ف ػ ف اآليػػة بصػػدد الػػرد علػػى
اليه ػػود اؼبتبس ػػكني باؼبظ ػػاهر واألو ػػكاؿ وبي ػػاف الػ ػ اغب ػػق وال ػػدين الص ػػدؽ وه ػػذا يقتضػ ػ بي ػػاف
األركػػاف ال اؼبكبػػبلت والف ػرا ض ال النوافػػل والواجبػػات ال اؼبسػػتحبات وكػػل مػػا ذكرت ػ اآليػػة ى
وػػرح حقيقػػة الػ مػػن هػػذا القبيػػل فاإليبػػاف بػػاهلل واليػػوـ اآلمتػػر واؼببل كػػة والكتػػاب والنبيػػني وإقػػاـ
الصػػبلة وإيتػػاء الزكػػاة والوفػػاء بالعهػػد والص ػ ى البأسػػاء والض ػراء وحػػني البػػأس كلهػػا عناصػػر
أساسػػية ال يتحقػػق بػػدوما بػػر العقيػػدة أو العبػػادة أو األمتػػبلؽ فلبػػاذا يكػػوف إيتػػاء اؼبػػاؿ علػػى حبػ
ذوي القرىب ..إٌ .هو وحدخ النافلة واؼبندوب ى اآلية كلها؟؟.
وذكر أبو عبيد أف بعضهم كاف يرى هذخ اآليػة منسػومتة كبػا قػاؿ الضػحاؾ :نسػصز الزكػاة كػل
صدقة ى القرآف (األمواؿ ص .)357،358وه دعوى جريئة ال يسندها دليل وال وب دليل
وكبلـ اهلل ال يُنسمل باالدعاء.
ػاؿ َعلَػى
ػصا لقولػ فيهػاَ ( :وآتَػى الْ َب َ
ولو ص قوؿ الضحاؾ لكاف قول ى اآليةَ ( :وآتػى الزَكػا َة) ناس ً
حكبا ينسص اعبزء اآلمتر وهذا غك معقوؿ. ِ
ُحبر ) فيقرر جزء اآلية ً
عل ػػى أف اآلي ػػة إمب ػػا او ػػتبلز عل ػػى متػ ػ َووص ػػه أله ػػل الػ ػ والتق ػػوى واألمتب ػػار ال تُنس ػػمل؛ ألف
نسصها يكوف تكذيبًا لقا لها وتعاَ اهلل عن ذل .
روى أبػػو عبيػػد عػػن ابػػن عبػػاس ى هػػذخ اآليػػة قػػاؿ :نزلػػز باؼبدينػػة حػػني نزلػػز الف ػرا ض وحػػدت
اغبدود وأمروا بالعبل (اؼبرجع نفس ص )358فه آية ؿبكبة ببل ري .
واستدلوا -ثانيًا -بقول تعاَ ى سورة األنعاـ بعد أف ام اهلل على عبادخ ب نياء اعبنات والنصػل
ػادخِ َوال
والزرع والزيتوف والرماف متياهبا وغك متيػاب ُ ( :كلُػواْ ِمػن َشبػَ ِرخِ إ َذا ْأشبَػر وآتُػواْ حقػ يػػوـ حص ِ
َ َ َ ُ ََْ َ َ ً
ِ ِ
وح ػتهم أف اغبػق اؼبػأمور بػ ى اآليػة هػو وػ ء ني) (األنعػاـُ )444 : تُ ْس ِرفُواْ إن ُ ال ُوب ُّ اؼبُ ْس ِرف َ
غك الزكاة وذل بني من وجوخ:
-4أف اآلية مكية نزلز قبل فرض العُير ى اؼبدينة والدليل على مكيتهػا أف السػورة نزلػز صبلػة
واحػػدة ى مكػػة كبػػا جػػاءت بػػذل أوػػهر الروايػػات( .وقػػد بينػػا ذلػ مػػن قبػػل) وادعػػاء أف هػػذخ
اآلية وحدها مدنية زبصيل ببل دليل.
-2أف اؼبطلوب فيها إيتاء حق ال بر يوـ حصػادخ وهػذا ال يتػأتى ى زكػاة العُيػر؛ ألنػ إمبػا ىبػرج
بعد التصفية والتنقية ليعرؼ مقدار اغباصل ه ىبرج عُيرخ أو نصه عُيرخ.
ِ ِ
ني) وال إسراؼ ى الزكاة؛ ألما ؿبدودة بتقدير -3قول ى اآليةَ ( :وال تُ ْس ِرفُواْ إِن ُ ال ُوب ُّ اؼبُ ْس ِرف َ
اليارع وليس ألحد أف ينقل منها أو يزيد فيها (راجع احملل البن حزـ.)246،247/5 :
ومن قاؿ إف اغبق الذي أمرت اآلية ب يتا كاف ويئًا واجبًػا ه نُسػمل فقػد ردوا عليػ بػأف النسػمل ال
ي بز دب رد االحتباؿ واالدعاء .قاؿ ابن حزـ :من ادعى أن نسمل ٍ يصدؽ إال بنل يتصل إَ
رس ػػوؿ اهلل -ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم -وإال فب ػػا يع ػػز أح ػػد أف ي ػػدع ى أي آي ػػة و ػػاء وى أي
حػديث وػػاء أنػ منسػػوخ ودعػػوى النسػمل إسػػقاط لطاعػة اهلل تعػػاَ فيبػػا أمػر بػ مػن ذلػ الػػنل
وهذا ال هبوز إال بنل مسند صحي (اؼبرجع السابق).
قاؿ ابن حزـ :ف ف قيل :فبا هذا اغبػق اؼبفػ ض ى اآليػة؟ قلنػا :نعػم هػو حػق غػك الزكػاة وهػو أف
يعط اغباصػد حػني اغبصػد مػا طابػز بػ نفسػ وال بػد ال حػ ّد ى ذلػ .هػذا ظػاهر اآليػة وهػو
قوؿ طا فة من السله (نفس اؼبرجع).
وؽبذا جاء عن ابن عبر ى تفسك هذا اغبق" :كانوا يعطوف ويئًا سوى الزكاة".
وقاؿ عطاء" :يعطى من حضرخ يومئذ ما تيسر وليس بالزكاة".
أيضػػا" :عنػػد الػػزرع يعط ػ القبضػػة
وقػػاؿ ؾباهػػد" :إذا حضػػرت اؼبسػػاكني طرحػػز ؽبػػم منػ " وقػػاؿ ً
وعند الصراـ يعط القبضة وي كهم يتتبعوف آثار الصراـ".
وقاؿ إبراهيم النصغ " :يعط م ل الضعث" (اغبزمة) (نفس اؼبرجع السابق).
وعػػن أل العاليػػة وسػػعيد بػػن جبػػك وعل ػ ّ بػػن اغبسػػني والربيػػع بػػن أنػػس كبػػو قػػوؿ هػػؤالء (اؼبرجػػع
نفس ).
قاؿ ابن ك ك :وقد ذـ اهلل سبحان الذين يصرموف وال يتصدقوف .كبا ذكر عن أصحاب اعبنة ى
سورة "ف" (راجع :ابن ك ك ى تفسك اآلية.)482-484/2 :
وقد مضػى اػبػبلؼ ى ربديػد اؼبػراد بػاغبق ى هػذخ اآليػة وتػرجي نسػص بالزكػاة ومعػ النسػمل ى
هػػذا -والػػذي يعنينػػا هنػػا -أف صػػحابيًا جلػػيبلً كػػابن عبػػر وصباعػػة مػػن فقهػػاء التػػابعني م ػػل عطػػاء
وؾباهد والنصغ وغكهم يأمتذوف من هذخ اآلية :أف ى اؼباؿ ح ًقا سوى الزكاة.
ابعا -دبا صحز ب األحاديث من إهباب حق الضيه على اؼبضيه .فعن أل وري واستدلوا -ر ً
-متويلد بن عبرو رش اهلل عن -أف رسوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم -قػاؿ( :مػن كػاف يػؤمن
باهلل واليوـ اآلمتر فليكػرـ شػيف جا زتػ يػوـ وليلػة والضػيافة ثبلثػة أيػاـ فبػا كػاف بعػد ذلػ فهػو
صػ ػػدقة) (رواخ مال ػ ػ والبص ػ ػػاري ومس ػ ػػلم وأب ػ ػػو دواد وال مػ ػػذي واب ػ ػػن ماج ػ ػ كبػ ػػا ى ال غي ػ ػ :
.)244/3
واألمر ب كرام يػدؿ علػى الوجػوب بػدليل تعليػق اإليبػاف عليػ وبػدليل جعػل مػا بعػد ال بلثػة األيػاـ
صدقة.
يؤيػػد ذلػ مػػا قالػ رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -لعبػػد اهلل بػػن عبػػرو -رشػ اهلل عنهبػػا:-
(إف عبسػػدؾ علي ػ ح ًقػػا وإف لعينػ علي ػ ح ًقػػا وإف لػػزورؾ عليػ ح ًقػػا وإف لزوج ػ علي ػ
ح ًقا) (رواخ البصاري -واللفي ل -ومسلم وغكنبا .اؼبصدر نفس ) وزورؾ :أي زوارؾ وأشياف .
ويؤكػػدخ حػػديث أل هريػػرة أف النػ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -قػػاؿ( :أيبػػا شػػيه نػػزؿ بقػػوـ فأصػػب
ؿبرومػػا فلػ أف يأمتػػذ بقػػدر قػراخ وال حػػرج عليػ ) (رواخ أضبػػد ورواتػ ثقػػات واغبػػاكم وقػػاؿ: الضػػيه ً
صحي اإلسناد كبا قاؿ اؼبنذري ى ال غي ).
بل روى اؼبقداـ بن معد يكرب الكندي :أف رسوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم -قػاؿ( :أيبػا رجػل
ؿبرومػا فػ ف نصػرخ حػق علػى كػل مسػلم حػك يأمتػذ بقػرى ليلتػ مػػن قومػا فأصػب الضػيه ً أشػاؼ ً
زرعػ ومالػ ) (رواخ أبػػو داود واغبػػاكم وقػػاؿ :صػػحي اإلسػػناد اؼبصػػدر السػػابق) وعنػ عػػن النػ -
فبن أصب بفنا فهو علي ديػن).... صلى اهلل علي وسلم( :-ليلة الضيه حق على كل مسلم َ
اغبديث (رواخ أبو داود وابن ماج .انظر :ال غي وال هي .)242-244/3 :
وروى ابن حزـ من طريق مسلم عن عقبة بن عامر :قلنا :يا رسوؿ اهلل إن تبع نا فننزؿ بقوـ فبل
يقروننػا فبػػا تػرى؟ قػػاؿ رسػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم" :-إف نػزلتم بقػػرى قػوـ فػػأمروا لكػم دبػػا
ينبغ للضيه فاقبلوا ف ف ٍ يفعلوا فصذوا منهم حق الضيه الذي ينبغ ؽبم".
ناسػا فقػراء وأفالصفة كانوا ً ومن طريق البصاري بسندخ إَ عبد الرضبن بن أل بكر :أف أصحاب ُ
الن -صلى اهلل علي وسلم -قاؿ( :من كاف عنػدخ طعػاـ اثنػني فليػذه ب الػث ومػن كػاف عنػدخ
طعاـ أربعة فليذه خبػامس ومػن كػاف عنػدخ طعػاـ طبسػة فليػذه بسػادس) .أو كبػا قػاؿ وأف
أبا بكر جاء ب بلثة وانطلق رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -بعيرة.
وؾببػػوع هػػذخ األحاديػػث يػػدؿ داللػػة واشػػحة علػػى أف للضػػيه الطػػارؽ ح ًقػػا أكيػ ًػدا ى مػػاؿ أمتيػ
اؼبسلم الذي أشاف حك إف اعبباعة لي ػ عليهػا معاونتػ ونصػرخ حػك يأمتػذ هػذا اغبػق اؼبؤكػد
وواش ػ أف هػػذا اغبػػق و ػ ء غػػك الزكػػاة؛ ألف الزكػػاة إمبػػا ذب ػ ى وقػػز متػػاص -عنػػد اغبػػوؿ أو
اغبصػػاد -وكبػػو ذل ػ والضػػيه يطػػرؽ ى أيػػة سػػاعة وؽبػػذا قػػاؿ ابػػن حػػزـ :الضػػيافة فػػرض علػػى
ضػػري والبػػدوي والفقيػ واعباهػػل يػػوـ وليلػػة مػ ة وإربػػاؼ ه ثبلثػػة أيػػاـ شػػيافة وال مزيػػد فػ فاغبَ َ
الزما وإف سبادى على قراخ فحسن ف ف منع الضيافة الواجبة فل أمتذها زاد على ذل فليس نراخ ً
مغالبة وكيه أمكن ويُقضى ل بذل (احملل .)474/9 :
قاؿ اليوكاْ" :وقد امتتله العلباء ى حق الضيه :هل هو واج أو مستح ؟.
فاعببهور على أف الضيافة من مكارـ األمتبلؽ وؿباسن الدين وليسز واجبة متبلفًػا لليػث بػن
سعد ف ن أوجبها ليلة واحدة.
وح ة اعببهور ما جاء ى اغبديث اؼبتفق علي ( :من كاف يؤمن باهلل واليػوـ اآلمتػر فليكػرـ شػيف
جا زت قالوا :وما جا زت يا رسوؿ اهلل؟ قاؿ :يوـ وليلػة والضػيافة ثبلثػة أيػاـ فبػا كػاف وراء ذلػ
فهو صدقة)… اغبديث.
فلفػػي (جا زت ػ ) اؼبػػذكور ى اغبػػديث يػػدؿ علػػى االسػػتحباب ف ػ ف اعبػػا زة ه ػ العطيػػة والصػػلة الػػب
أصلها علػى النػدب وقلبػا يُسػتعبل هػذا اللفػي ى الواجػ ومعػ اغبػديث :االهتبػاـ بالضػيه
ى أوؿ يػػوـ وليلػػة وإرباف ػ دبػػا يسػػتطيع مػػن بػػر وإلطػػاؼ (انظػػر :نيػػل األوطػػار-463-432/8 :
طبع اغبل ).
أيضا إَ األحاديث القاشية حبرمة مػاؿ اؼبسػلم إال بطيػ نفسػ واألحاديػث الدالػة كبا استندوا ً
على أف ليس ى اؼباؿ حق سوى الزكاة.
أما األحاديث الواردة ى حق الضيه فقد كاف ؽبم منها مواقه:
قاؿ اػبطال" :إمبا كاف يلزـ ذل ى زمن -صلى اهلل علي وسلم -حيث ٍ يكن بيز ماؿ وأمػا
اليوـ فأرزاقهم ى بيز اؼباؿ ال حق ؽبم ى أمواؿ اؼبسلبني".
وضبلػ بعضػػهم علػػى أف هػذا كػػاف ى أوؿ اإلسػػبلـ إذ كانػز اؼبواسػػاة واجبػػة فلبػا اتسػػع اإلسػػبلـ
سمل ذل (نيل األوطار.)462/8 : نُ ِ
قاؿ اليوكاْ" :واغبق وجوب الضيافة ألمور:
األوؿ :إباحة العقوبة بأمتذ اؼباؿ ؼبن ترؾ ذل وهذا ال يكوف ى غك واج .
وال اْ :التأكيد البالغ جبعل ذل فرع اإليباف باهلل واليوـ اآلمتر ويفيد أف فعل متبلف فعل مػن ال
يؤمن بػاهلل واليػوـ اآلمتػر ومعلػوـ أف فػروع اإليبػاف مػأمور هبػا .ه تعليػق ذلػ بػاإلكراـ وهػو أمتػل
من الضيافة فهو داؿ على لزومها باألوَ.
وال الث :قول ( :فبا وراء ذلػ فهػو صػدقة) فهػو صػري أف مػا قبػل ذلػ غػك صػدقة بػل واجػ
ورعا.
ً
والرابع :قول ( :ليلة الضيه حق واج ) فهذا تصري بالوجوب ٍ يأت ما يدؿ على تأويل .
واػبامس :قول -صلى اهلل علي وسلم( :-ف ف نصرخ حق على كل مسلم) ف ف ظاهر هذا وجوب
النصرة وذل فرع وجوب الضيافة.
ق ػػاؿ" :إذا تق ػػرر ه ػػذا تق ػػرر ش ػػعه م ػػا ذه ػ إلي ػ اعببه ػػور وكان ػػز أحادي ػػث الض ػػيافة ـبصص ػػة
ألحاديث حرمة األمواؿ إال بطيبة األنفس وغبديث( :ليس ى اؼباؿ حق سوى الزكاة).
"ومػػن التعسػػفات ضبػػل أحاديػػث الضػػيافة علػػى سػػد الرمػػق ف ػ ف هػػذا فبػػا ٍ يقػػم علي ػ دليػػل وال
دعز إلي حاجة".
"وك ػػذل زبص ػػيل الوج ػػوب بأه ػػل ال ػػوبر دوف أه ػػل اؼب ػػدف" أه ػ ػ (ني ػػل األوط ػػار -اؼبرج ػػع الس ػػابق
ص.)463
متامسا -دبا جاء ى القرآف الكرٓ من الوعيد بيأف الذين يبنعوف اؼبػاعوف .قػاؿ تعػاَ: واستدلوا ً -
ػاهو َف الػذيِ َن ُهػ ْم يػُ َػراءُو َف ويبنعػوف اؼبػاعوف) (اؼبػاعوف4 : (فَػويل لرْلبصلرني الذين هم عػن ِِ
صػبلَهت ْم َس ُ
َْ ٌ ُ َ َ َ ُ ْ َ َ
)7 -وقد روى أبو داود ى باب "حقوؽ اؼباؿ" من كتاب الزكاة عػن عبػد اهلل بػن مسػعود قػاؿ:
(كنػػا نعػػد اؼبػػاعوف علػػى عهػػد رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -عاريػػة الػػدلو والقػػدر) (اغبػػديث
أيضا.)483/4 : سكز علي أبو داود ه اؼبنذري -ـبتصر السنن 247/2 :وأمترج البيهق ً
ومع هذا أف إعارة هذخ األوياء الصغكة الب وبتػاج إليهػا اعبػكاف بعضػهم مػن بعػض واجبػة؛ ألف
ما نعهبا مذموـ مستحق للويل كالساه عن الصبلة اؼبرا وال يستحق اؼبكله الويػل إال علػى
ترؾ واج .
قطعػػا فقػػد ثبػػز أف ى اؼبػػاؿ ح ًقػػا سػػوى وإذا ثبػػز أف إعػػارة هػػذخ األوػػياء واجبػػة وهػ غػػك الزكػػاة ً
الزكاة.
أيضػػا :اؼبػػاعوف مػػا تعػػاورخ النػػاس بيػػنهم :الفػػأس والقػػدر وروى ابػػن حػػزـ بسػػندخ عػػن ابػػن مسػػعود ً
واوباه (ذكرخ ابن حزـ ى احملل 468/9-من طريق ابن أل ويبة) وعن ابن عباس ى تفسك
اؼبػ ػػاعوف اؼبػ ػػذكور ى اآليػ ػػة :أن ػ ػ متػ ػػاع البيػ ػػز وروى عن ػ ػ :العاريػ ػػة (اؼبرجػ ػػع السػ ػػابق والبيهق ػ ػ :
)484-483/4وم ل عن عل ّ ابن أل طالػ (احمللػ :اؼبرجػع اؼبػذكور) وعػن أـ عطيػة :هػ
اؼبهنة يتعاطاها الناس بينهم (اؼبرجع السابق).
وعن ابن عبر :هو اؼباؿ ُيبنع حق قاؿ ابن حزـ" :وهو موافق ؼبا ذكرناخ وهو قوؿ عكرمة وإبراهيم
وغكنبا وما نعلم عن أحد من الصحابة -رش اهلل عنهم -متبلفًا ؽبذا" (نفس اؼبرجع).
وكػػل هػػؤالء -كبػػا قػػاؿ ابػػن حػػزـ -ح ػػة ى اللغػػة وقػػد اتفقػػز أق ػواؽبم علػػى تفسػػك اؼبػػاعوف دبػػا
ذكرناخ.
قاؿ ابن حزـ" :ف ف قيل :قد روى عن عل ّ -رش اهلل عن :-أما الزكاة قلنا :نعم وٍ يقل :لػيس
العارية .ه قد جاء عن :أما العارية فوج صبع قولي " أهػ (اؼبرجع نفس ).
على أف حديث ابن مسعود عند أل داود لػ حكػم اؼبرفػوع عنػد احملػدثني؛ لنسػبت تفسػك اؼبػاعوف
إَ عهد رسوؿ اهلل -صلى اهلل عليػ وسػلم -ولػو كػانوا ـبطئػني لصػح الػوح متطػأهم ى فهػم
كتاب اهلل.
سادسػػا -بالنصػػوص اعببػػة الػػب أوجبػػز التعػػاوف والتكافػػل وال ػ احم بػػني اؼبسػػلبني واسػػتدلوا ً -
وفرشػػز إطعػػاـ اؼبس ػػكني واغبػػض علي ػ وجعلػػز ذل ػ مػػن شب ػرات األمتػػوة ومقتضػػيات اإليب ػػاف
واإلسبلـ.
اإله والعػ ْدواف) (اؼبا ػدة)2 : من ذل قول تعاَ( :وتعاونوا علػى الػ والتقػوى وال تعػاونوا علػى ْ
وقػاؿ تعػػاَ ى وصػػه اؼبػػؤمننيُ ( :رضبػػاءُ بَػْي ػنَػ ُه ْم) (الفػت )29 :وبػػني العقبػػة الػػب علػػى كػػل إنسػػاف
ومػا ْأد َر َاؾ مػا
أف هبتازها ليناؿ م وبة اهلل ويكػوف مػن أصػحاب اؼبيبنػة فقػاؿ( :فَػبل اقْػػتَ َح َم الع َقبَػة َ
ين الع َقبةُ فَ ُّ رقَػب ٍة أو إطْعاـ ِى يػوٍـ ِذي مسغَب ٍة يتِيبا َذا م ْقرب ٍة أو ِمس ِكينا َذا مْتػرب ٍة ُه َكاف ِمػن ال ِ
ػذ
َ َ َ ْ َ َ ً َ ََ ْ ْ ً َ ََ َ َ ْ َ ٌ َْ ََ
اب اؼبْي َبنَ ِة) (البلد.)48-44 : ُ أص َح
ْ اصوا بِالص ِْ َوتَػ َواصواْ بِالْ َبْر َضبَِة ْأولئِ َ
َآمنُواْ َوتَو ْ
َ ِ ِ ِ
ني َوابْ َن السبِ ِيل) (اإلسراء.)26 : وقاؿ تعاََ ( :وآت َذ ال ُقْرَىب َحق ُ َوالْب ْسك َ
اعبَػػا ِر ِذي ال ُقػ ْػرَىب َواعبَػػا ِر ػامى واؼبسػػاكِ ِ ِِ وقػػاؿ سػػبحان ( :وبِ ِ
ني َو ْ إح َسػػانًا َوبػػذي ال ُقػ ْػرَىب َواليَتَػ َ َ َ َالوالػ َػديْ ِن ْ
َ َ
اعبنُ ِ و ِ
الصاح ِ بِ ْ
ز ْأيبَانُ ُك ْم) (النساء.)36 : اعبَن ِ َوابْ ِن السبِ ِيل َوَما َملّ َك ْ ُ َ
وقػػد ذكرنػػا مػػن قبػػل اآليػػات الك ػػكة الػػب جعلػػز إطعػػاـ اؼبسػػكني واغبػػض علػػى إطعامػ مػػن عبل ػػم
بػز الػػذي يُ َك ػ رذ ُ اإليبػػاف وترك ػ مػػن ل ػوازـ الكفػػر والتكػػذي بػػاآلمترة مػػن م ػػل قولػ تعػػاََ ( :أرأيْػ َ
ني) (اؼب ػػاعوف )3-4 :وق ػػاؿ ى ػك ِػض علَ ػػى طَع ػ ِػاـ اؼبِس ػ ِ بِالػ ػدري ِن فَػ ػ َذل َ ال ػ ِػذي يػ ػ ُد ِ
ْ َ ػيم َوالَ َوبُ ػ ُّ َ
ع اليَت ػ ََ ّ
ني) (اؼبدثر-43 : ِ ِ ِ ِ
ني َوٍَْ نَ ُ نُطْع ُم اؼب ْسك َ صل َ أسباب دمتوؿ اةرمني ى سقر( :قَالُواْ ٍَْ نَ ُ م َن اؼبُ َ
)44وى وػػأف َمػػن أون كتاب ػ بيػػبال فاسػػتحق صػػل ّ اعبحػػيم والعػػذاب األلػػيم( :إن ػ ُ َكػػاف ال
ني) (اغباقة.)34-33 : ض َعلَى طَ َع ِاـ اؼبِسك ِ ُّ وب
ُ َ الو مِ ي يػ ْؤِمن بِالل ِ الع ِ
ظ
ْ َ َ ُ ُ
وصور الرسوؿ -صلى اهلل علي وسػلم -بأحادي ػ حقيقػة اةتبػع اإلسػبلم ومبلػغ تكافلػ وترابطػ
بعضػا) (متفػق عليػ ) .فلػيس اةتبػع اؼبسػلم وتضامن فقاؿ( :اؼبؤمن للبؤمن كالبنياف ييػد بعضػ ً
لبنػػات منفصػػلة متفرقػػة -وبعبػػارة أمتػػرى -لػػيس أبنػػاء اإلسػػبلـ أف ػر ًادا متنػػاثرين كػػل مػػنهم يعػػيو
كبَػل اعبسػد الواحػد؛ إذا منفصبلً عن غكخ .بػلَ ( :مَ ُػل اؼبسػلبني ى تػوادهم وتعػاطفهم وتػراضبهم َ
اوتك من عضو تداعى ل سا ر األعضاء باغببى والسهر) (متفق علي ).
بعضػػا ويسػػتفيد صبيعػػا ىبػػدـ بعضػػها ً وأي تضػػامن أقػػوى مػػن تضػػامن أج ػزاء اعبسػػد الواحػػد؟ إمػػا ً
بعضػػها مػػن بعػػض ويػػأٍ سػػا رها ألٍ جػػزء واحػػد منهػػا وقػػاؿ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم( :-لػػيس
دبؤمن َمن بات وبعاف وجارخ إَ جنب جا ع) (رواخ الط اْ والبيهق وإسنادخ حسن).
وعن عل بن أل طال -رش اهلل عن -قاؿ :قاؿ رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم( :-إف اهلل
فرض على أغنياء اؼبسلبني ى أمواؽبم بقدر الذي يسػع فقػراءهم ولػن هبهػد الفقػراء إذا جػاعوا أو
أليبػػا) (ق ػاؿ ػديدا ويعػػذهبم عػػذابًا ً عػػروا إال دبػػا يصػػنع أغنيػػاؤهم أال وإف اهلل وباسػػبهم حسػػابًا وػ ً
اؼبنذري ى ال غي :رواخ الط اْ ى األوس والصغك وقاؿ :انفرد ب ثابز بن ؿببد الزاهد .قاؿ
اؼبنذري :وثابز ثقة صدوؽ روى عن البصاري وغكخ وبقية رواتػ ال بػأس هبػم وروى موقوفًػا علػى
عل ّ -رش اهلل عن -وهو أوب -.ال غي جػ :4الزكػاة وذكػرخ ابػن حػزـ ى احمللػ موقوفًػا علػى
عل ّ 458/6-من طريق سعيد بن منصور).
ابن حزـ يدافع عن هذا اؼبذه
برهان من القرآف:
وآت ذا القػػرىب حق ػ واؼبسػػكني وابػػن السػػبيل) (اإلس ػراء)26 : "برهػػاف ذل ػ :قػػوؿ اهلل تعػػاَِ ( :
وقول تعاَ( :وبالوالدين إحسانًا وبذي القرىب واليتامى واؼبساكني واعبار ذي القػرىب واعبػار اعبنُػ ِ
َ
والصاح باعبن وابن السبيل وما ملكز أيبانكم) (النساء.)36 :
"فأوج ػ تعػػاَ حػػق اؼبسػػاكني وابػػن السػػبيل مػػع حػػق ذي القػػرىب واف ػ ض اإلحسػػاف إَ األبػػوين
وذي القرىب واؼبساكني واعبار وما ملكػز اليبػني واإلحسػاف يقتضػ كػل مػا ذكرنػا ومنعػ إسػاءة
ببل و .
وقػػاؿ تعػػاََ ( :مػػا سػػلككم ى سػػقر قػػالوا ٍ ن ػ ُ مػػن اؼبصػػلني وٍ ن ػ نطعػػم اؼبسػػكني) (اؼبػػدثر:
.)44-42فقرف اهلل تعاَ إطعاـ اؼبسكني بوجوب الصبلة.
برهان من اغبديث:
"وعن رسوؿ اهلل -صلى اهلل علي وسلم -من طرؽ ك كة ى غاية الصحة :أن قاؿ( :من ال يػرحم
الناس ال يرضب اهلل) (رواخ أضبد واليػيصاف وال مػذي عػن جريػر بػن عبػد اهلل وأضبػد وال مػذي عػن
أل سعيد وش هذا اؼبع بألفاظ ـبتلفة وطرؽ ك كة وصلز إَ درجة التواتر كبػا ى التيسػك
للبنػػاوي )447/2-ومػػن كػػاف علػػى فضػػلة -زيػػادة عػػن حاجػػة -ورأى اؼبسػػلم أمتػػاخ جا ًعػػا
عريانًا شا ًعا فلم يغ فبا رضب ببل و .
أناسػا فقػراء وأف رسػوؿ اهلل - وعن عبػد الػرضبن بػن أل بكػر الصػديق :أف أصػحاب الصػفة كػانوا ً
صلى اهلل علي وسػلم -قػاؿ( :مػن كػاف عنػدخ طعػاـ اثنػني فليػذه ب الػث ومػن كػاف عنػدخ طعػاـ
أربعة فليػذه خبػامس ...أو سػادس) (رواخ أضبػد ى 499-497/4 :ورواخ البصػاري ى كتػال
اؼبواقيز واؼبناق من صحيح ).
وعػػن ابػػن عبػػر أف رسػػوؿ اهلل -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -قػػاؿ( :اؼبسػػلم أمتػػو اؼبسػػلم ال يظلب ػ وال
يسلب ) (رواخ أضبد ى مسندخ 94/2 :و 264/4والبصاري ى اؼبظػاٍ واإلكػراخ مػن صػحيح
ومسػلم ى الػ وأبػو داود ى األدب وال مػذي ى صػفة القيامػػة عػن ابػن عبػر) ومػن تركػ هبػػوع
ويعرى وهو قادر على إطعام وكسوت فقد أسلب -يع متذل .
وعن أل سعيد اػبدري أف رسػوؿ اهلل -صػلى اهلل عليػ وسػلم -قػاؿ( :مػن كػاف عنػدخ فضػل ظهػر
فليعػػد بػ علػػى مػػن ال ظهػػر لػ ومػػن كػػاف عنػػدخ فضػػل زاد فليعػػد بػ علػػى مػػن ال زاد لػ ) ..قػػاؿ:
فذكر من أصناؼ اؼباؿ ما ذكر حك رأينا أن ال حق ألحد منا ى فضل) (رواخ مسلم ى النكػاح
واللقطػػة وأبػػو داود ى الزكػػاة وأضبػػد ى اؼبسػػند )34/2 :وهػػذا إصبػػاع مػػن الصػػحابة -رشػ اهلل
عنهم -ىب بذل أبو سعيد وبكل ما ى اػب نقوؿ.
ومػػن طريػػق أل موسػػى عػػن الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم -قػػاؿ( :أطعب ػوا اعبػػا ع وفك ػوا العػػاْ)
(الع ػػاْ :األس ػػك واغب ػػديث رواخ البص ػػاري وفيػ ػ بع ػػد "أطعبػ ػوا اعب ػػا ع" :وع ػػودوا اؼبػ ػريض) .ق ػػاؿ:
جدا.
والنصوص من القرآف واألحاديث الصحاح ى هذا تك ر ً
من اآلثػػار:
قػػاؿ أبػػو ؿببػػد" :ومػػا نعلػػم عػػن أحػػد مػػنهم متػػبلؼ هػػذا إال عػػن الضػػحاؾ بػػن م ػزاحم ف نػ قػػاؿ:
نسصز الزكاة كل حق ى اؼبػاؿ ومػا روايػة الضػحاؾ ح ػة فكيػه رأيػ ؟! (ٍ يضػعه الضػحاؾ
أحػػد -فيبػػا رأيػػز -إال وبػػىي بػػن سػػعيد ووثقػ أضبػػد وابػػن معػػني وأبػػو زرعػػة والع لػ والػػدارقط
وذك ػػرخ اب ػػن حب ػػاف ى ال ق ػػات وق ػػاؿ اغب ػػافي ى التقري ػ :ص ػػدوؽ ك ػػك اإلرس ػػاؿ .انظ ػػر :مي ػزاف
االعت ػػداؿ 326-325/2 :وهت ػػذي الته ػػذي .454-453/4 :عل ػػى أف ش ػػعه الرواي ػػة ال
يوج شعه الراوي .كبا ادعى ابن حزـ .فاحملػدثوف يضػعفوف ابػن أل ليلػى -مػ بلً -مػع أنػ ى
الفق إماـ).
"والع أف احملت هبذا أوؿ ـباله ل ..فكى ى اؼباؿ حقوقًا سػوى الزكػاة منهػا :النفقػات علػى
األبػ ػػوين احملتػ ػػاجني وعلػ ػػى الزوجػ ػػة وعلػ ػػى الرقيػ ػػق وعلػ ػػى اغبي ػ ػواف والػ ػػديوف واألروش ..فظهػ ػػر
تناقضهم.
ففرض علي أف يأمتذ اؼباء حيث وجدخ وأف يقاتل علي . "ويقولوف :من عطو فصاؼ اؼبوت ٌ
"فػػأي فػػرؽ بػػني مػػا أبػػاحوا لػ مػػن القتػػاؿ علػػى مػػا يػػدفع بػ عػػن نفسػ اؼبػػوت مػػن العطػػو وبػػني مػػا
منعوخ من من القتاؿ عن نفس فيبا يدفع ب عنها اؼبوت من اعبوع والعرى وهذا متبلؼ لئلصباع
والقرآف وللسنن وللقياس.
طعاما فيػ فضػل عػن قاؿ أبو ؿببد :وال وبل ؼبسلم اشطر أف يأكل ميتة أو غبم متنزير وهو هبد ً
فرشػػا علػػى صػػاح الطعػػاـ إطعػػاـ اعبػػا ع فػ ذا كػػاف ذلػ كػػذل صػػاحب ؼبسػػلم أو لػػذم ؛ ألف ً
فليس دبضطر إَ اؼبيتة وال إَ غبم اػبنزير وباهلل تعاَ التوفيق ول أف يقاتل عن ذل فػ ف قُتػل
فعلى قاتل القود (القصاص) وإف قَػتَل اؼبانع ف َ لعنة اهلل؛ ألن منع ح ًقا وهػو طا فػة باغيػة .قػاؿ
ُمت ػ ػ َػرى فَػ َق ػ ػػاتِلُواْ ال ػ ػ ِػب تَػْبغِػ ػ ػ َح ػ ػػك تَِفػ ػ ػ ءَ َإَ ْأمػ ػ ػ ِر اللػ ػ ػ )
إح ػ ػ َػد ُانبَا َعلَ ػ ػػى األ ْ
ػز ْ
تع ػ ػػاَ( :فَػ ػ ػ ف بَػغَ ػ ػ ْ
(اغب رات )9:ومانع اغبػق بػاغ علػى أمتيػ الػذي لػ اغبػق وهبػذا قاتػل أبػو بكػر الصػديق -رشػ
اهلل عن -مانع الزكاة" أهػ (احملل البن حزـ 459/6 :وقد علق الييمل أضبد واكر على رأي ابن
حزـ هذا بكلبة قيبة وبسن أف نس لها هنا ففيها عػ ة وذكػرى .قػاؿ" :مػن هػذا ومػن أم الػ ى
الي ػريعة اإلسػػبلمية يػػرى اؼبنصػػه أف التي ػريع اإلسػػبلم ى الػػذروة العليػػا مػػن اغبكبػػة والعػػدؿ
ولي ػػز إمتوانن ػػا ال ػػذين غػ ػرهتم القػ ػوانني الوش ػػعية وأوػ ػربتها نفوس ػػهم يطلع ػػوف عل ػػى ه ػػذخ ال ػػدقا ق
ويتفقهوما لكوا أف دينهم جػاءهم بػأعلى أنػواع التيػريع ى األرض تيػريع ييػبع القلػ والػروح
ويطبػػق ى كػػل زمػػاف ومكػػاف إف هػػو إال وحػ يػػوحى ولػػو فقػ اؼبسػػلبوف أحكػػاـ ديػػنهم ورجعػوا
إَ استنباطها مػن اؼبنبػع الصػاى واؼبػورد العػذب -الكتػاب والسػنة -وعبلػوا دبػا يػأمرهم بػ رهبػم ى
متاصة أنفسهم وى أمورهم العامة وى أحواؿ اجتباعهم -لو عبلوا هذا لكانوا سادة األمػم
وهػػل قامػػز وهػػل قامػػز ال ػػورات اػبربػػة اؽبادمػػة والف ػ اؼبهلكػػة إال مػػن ظلػػم الغػ للفقػػك ومػػن
جوعا وعريًا؟! واؼب ل على ذل ك كة؛ ولػو فقػ األغنيػاء استئ ارخ خبك الدنيا وجبوارخ أمتوخ يبوت ً
لعلبػوا أف أوؿ مػػا وبفػػي علػػيهم أمػواؽبم إسػػداء اؼبعػػروؼ للفقػراء بػػل القيػػاـ كبػػوهم دبػػا أوجبػ اهلل
صبيعػػا" .إمػػا صػػيحة حػػق أطلقهػػا
علػػى األغنيػػاء فليفقهػوا وليعلبػوا فقػػد جػػاءهتم النػػذر؛ هػػدانا اهلل ً
عاما وٍ ذبد آذانًا واعية فكاف ما كاف). الييمل -كبا أطلقها غكخ منذ أربعني ً
الفصل ال الث
ربرير وترجي
فهرس
وال ػػذي أراخ بع ػػد ع ػػرض أقػ ػواؿ الفػ ػريقني وأدلتهب ػػا أف و ػػقة اػب ػػبلؼ بينهب ػػا ليس ػػز بالس ػػعة ال ػػب
نتصيلها ف ف بينهبا مواشع اتفاؽ ببل و فيها وال ينازع فيها أحد من الطرفني:
( أ ) فحق الوالدين ى النفقة إذا احتاجا وولدنبا موسر ال نزاع في .
( ب ) وحػػق القري ػ ال نػزاع فيػ كػػذل مػػن حيػػث اؼببػػدأ وإمبػػا امتتلف ػوا ى درجػػة القرابػػة اؼبوجبػػة
للنفقة ما بني موسع ومضيق.
(جػ) وحق اؼبضطر إَ القوت أو الكساء أو اؼبأوي ى أف يغاث ال نػزاع فيػ .قػاؿ اعبصػاص ى
أحكاـ القرآف" :إف اؼبفروض إمتراج هو الزكاة إال أن ربدث أمور توج اؼبواساة واإلعطاء كبػو
اعب ػػا ع اؼبض ػػطر والع ػػاري اؼبض ػػطر أو مي ػػز ل ػػيس لػ ػ م ػػن يكفنػ ػ أو يواريػ ػ " أه ػ ػ (أحك ػػاـ الق ػػرآف
لل صاص.)434/3 :
وم ل ذل اؼبضطر إَ عارية الدلو والدر والفػأس وكبوهػا فبػا يػدمتل ربػز اسػم "اؼبػاعوف" فػدفع
الضرر عن اؼبسلم فرض كفاية باإلصباع.
( د ) وحق صباعة اؼبسلبني ى دفع ما ينوهبم من النوازؿ العامة الب تنزؿ هبم كصد متطػر العػدو
واستنقاذ أسرى اؼبسػلبني مػن أيػدي الكفػار ومقاومػة األوبئػة واةاعػات وكبوهػا فػبل ىبػاله فقيػ
هنا ى أف حق اعبباعة مقدـ على حق الفرد وأف وجػوب اؼبسػانبة ى هػذخ النػوازؿ موشػع إصبػاع
من علباء اؼبسلبني.
قػػاؿ الرملػ ى وػػرح اؼبنهػػاج" :ومػػن فػػروض الكفايػػة :دفػػع شػػرر اؼبسػػلبني ككسػػوة عػػار وإطعػػاـ
جا ع إذا ٍ يندفع بزكػاة وبيػز مػاؿ علػى القػادرين وهػم :مػن عنػدخ زيػادة علػى كفايػة سػنة ؽبػم
وؼبب ػػومم وه ػػل اؼب ػراد م ػػن دف ػػع شػػرر م ػػن ذكػػر :مػػا يس ػػد الرمػػق أـ الكفاي ػػة؟ ق ػػوالف .أص ػػحهبا:
ثانيهبػا .في ػ ى الكسػػوة مػا يسػ كػػل البػدف علػػى حسػ مػا يليػػق باغبػػاؿ مػن وػػتاء وصػػيه
ويلح ػػق بالطع ػػاـ والكس ػػوة م ػػا ى معنانب ػػا ك ػػأجرة طبيػ ػ وشب ػػن دواء ومت ػػادـ منقط ػػع .كب ػػا ه ػػو
واش " (ماية احملتاج.)449/7 :
وقد ذكرنا ى سهم "سبيل اهلل" ى مصارؼ الزكاة مػا قالػ النػووي وغػكخ مػن اليػافعية مػن وجػوب
إعانة اعبنػود النظػاميني -مػن غػك مػاؿ الزكػاة -علػى األغنيػاء إذا ٍ يكػن ى بيػز اؼبػاؿ مػا يُعطَ ْػوف
من .
وهذا القاش أبػو بكػر بػن العػرل الفقيػ اؼبػالك يقػوؿ ى "أحكػاـ القػرآف"" :ولػيس ى اؼبػاؿ حػق
سوى الزكاة وإذا وقع أداء الزكاة ونزلز بعد ذل حاجة ف ن هب صػرؼ اؼبػاؿ إليهػا باتفػاؽ مػن
العلباء.
وقد قاؿ مال :هب على كافة اؼبسلبني فداء أسراهم وإف استغرؽ ذل أمواؽبم.
وكػػذل إذا منػػع ال ػواُ الزكػػاة (أي منػػع توزيعهػػا علػػى اؼبسػػتحقني بعػػد أمتػػذها) فهػػل هب ػ علػػى
األغنيػػاء إغنػػاء الفقػراء؟ مسػػألة نظػػر أصػػحها عنػػدي وجػػوب ذلػ علػػيهم" أه ػ (أحكػػاـ القػػرآف -
القسم األوؿ -ص.)66-59
وأكػػد ذلػ القػػرط ى تفسػػكخ فقػػاؿ" :واتفػػق العلبػػاء علػػى أنػ إذا نزلػػز باؼبسػػلبني حاجػػة -بعػػد
أداء الزكاة -هب صرؼ اؼباؿ إليها" ونقل ذل مال رضب اهلل" :هب على الناس فداء أسراهم
أيضا وهو يقػوي مػا امت نػاخ" (تفسػك القػرط : وإف استغرؽ ذل أمواؽبم" .ه قاؿ" :وهذا إصباع ً
.)223/2
أيضػػا ى كتاب ػ الفريػػد "االعتصػػاـ"" :إذا متػػبل بيػػز اؼبػػاؿ وارتفعػػز
وقػػاؿ اليػػاط مػػن اؼبالكيػػة ً
حاجػػات اعبنػػد إَ مػػاؿ يكفػػيهم فلئلمػػاـ -إذا كػػاف عػػدالً -أف يوظػػه علػػى األغنيػػاء (أي أف
يرت ػ علػػيهم ش ػرا ) دبػػا ي ػراخ كافيًػػا ؽبػػم ى اغبػػاؿ إَ أف يظهػػر مػػاؿ ى بيػػز اؼبػػاؿ" (االعتصػػاـ
ص.)463
وهذخ النصوص الواشحة من الفقهاء الذين صرحوا بأف ال حق ى اؼباؿ سػوى الزكػاة تبػني لنػا أف
النافني إمبا قصدوا نف اؼبكوس اعبا رة الب يفرشها بعض اغبكاـ توسعة على أنفسهم وأتباعهم
وتضػػيي ًقا علػػى وػػعوهبم وإف ٍ تػػدفع إَ ذل ػ حاجػػة وٍ تقتض ػ مصػػلحة عامػػة وكأمبػػا متي ػ
هؤالء العلباء أف يتصذ اغبكاـ الظلبة قوؽبم ذريعة إَ فرض اؼبكوس والضرا اؼبرهقة بغك حق
فس ّدوا عليهم الباب وقطعوا علػيهم السػبيل بقػوؽبم" :ال حػق ى اؼبػاؿ سػوى الزكػاة" (سػيأن مزيػد
إيضاح لذل ى الباب التاسع :الزكاة والضريبة -الفصل السابع).
ولكن هناؾ صبلة مواشع امتتله فيها الفريقاف امتتبلفًا حقيقيًا منها:
( أ ) حق الزرع وال بر عند اغبصاد.
( ب )وحقوؽ اؼباو من اإلبل والغنم واػبيل.
(جػ) وحق الضيه.
( د ) وحق اؼباعوف.
فهذخ كلها ى نظر أصحاب اؼبذه ال اْ حقوؽ واجبة ى اؼباؿ يػأه اؼبسػلم إف قصػر ى أدا هػا
ويستحق عقوبة اهلل على ذل .
وه عند أصحاب اؼبذه األوؿ حقوؽ مندوبة يناؿ م وبة اهلل إذا هو أداها وال يأه ب كها ما
ٍ تكػػن هنػػاؾ شػػرورة إليهػػا فت ػ كبػػا قػػاؿ اعبصػػاص ى عاريػػة الػػدلو والقػػدر والفػػأس وكبوهػػا
(أحكاـ القرآف لل صاص .)584/3 :إف عارية هػذخ اآلالت قػد تكػوف واجبػة ى حػاؿ الضػرورة
إليها ومانعها مذموـ مستحق للػذـ وقػد يبنعهػا اؼبػانع لغػك شػرورة فينبػئ ذلػ عػن لػؤـ وؾبانبػة
ػز ألسبػم مكػارـ األمتػبلؽ) أه ػ (رواخ
أمتبلؽ اؼبسلبني وقاؿ الن -صلى اهلل علي وسلم( : -بع ُ
البصػػاري ى األدب اؼبفػػرد وابػػن سػػعد ى الطبقػػات واغبػػاكم ى اؼبسػػتدرؾ والبيهق ػ ى اليػػع
عن أل هريرة ب سناد صحي كبا ى التيسك.)362/4 :
(هػ) وأهم من كل مػا ذكرنػاخ مػن اغبقػوؽ اعبز يػة :حقػوؽ الفقػراء ى أمػواؿ األغنيػاء وهػ حقػوؽ
توج ػ ؽبػػم ى رأي أصػػحاب اؼبػػذه ال ػػاْ أف يقػػوـ األغنيػػاء ى بلػػدهم بكفػػايتهم مػػن اؼبأكػػل
واؼبيرب واؼبلبس واؼبسكن ومػا ال بػد لئلنسػاف منػ وهبػ هم السػلطاف علػى ذؾ إذا ٍ تقػم هبػم
الزكوات وال موارد الدولة األمترى.
مناقية وترجي
وال بد لنا من وقفة عند هذخ اغبقوؽ اؼبتنازع عليها وخباصة األمتك منها:
-4أمػػا حػػق الػػزرع وال بػػر عنػػد اغبصػػاد فقػػد رجحنػػا ى زكػػاة الػػزروع وال بػػار أف اؼب ػراد ب ػ العُيػػر
ونصه العُير كبا هو قوؿ طا فػة مػن السػله وال يبنػع مػن ذلػ أف اآليػة مكيػة فقػد أمػر اهلل
صػػل
تعػػاَ هبػػذا اغبػػق ؾببػبلً ى مكػػة ه بينػ علػػى لسػػاف رسػول باؼبدينػػة فهػػو مػػن اةبػػل الػػذي فُ ر
وبػُ رني وهذا مع النسمل الذي روي عن بعض السله.
-2وأمػػا حػػق الضػػيه فالواشػ مػػن األحاديػػث أف اؼبػراد بػ :الغريػ الػػذي ينػػزؿ ببلػػد غػػك بلػػدخ
فكأنػ مػرادؼ البػػن السػبيل وؽبػػذا قػاؿ ابػػن عبػاس وصباعػػة مػن التػػابعني :ابػن السػػبيل هػو الضػػيه
س الػِ ") وقػد صػرحز األحاديػث أف مػن (انظر /تفسك ابن ك ك 268/4 :من تفسك آيػة" :لَ ْػي َ
حق أف يػُ ْقَرى عند طروق وال ري أف هذا و ء غك الزكاة.
-3وأما حق اؼباعوف فلوال أن واج ما استحق مانع الوعيد بالويل الػذي ذكػرخ القػرآف والػذين
فسروا اؼباعوف بالزكاة ٍ يبنعوا تفسكخ دبتاع البيز وما يتعاورخ الناس.
-4وأما حقوؽ الفقراء ى أمواؿ األغنياء وما أوج اهلل من اإلحساف هبم والوفاء حباجاهتم من
طعػػاـ وكسػػاء وغكنبػػا ف ػ ف األمػػر فيهػػا أبػػني وأوش ػ مػػن أف يؤيػػد بآيػػة أو آيتػػني أو حػػديث أو
س الػِ ) .وحبػديث( :ى اؼبػاؿ حػق سػوى الزكػاة) وكبػوخ إمبػا حدي ني واهتبػاـ العلبػاء بآيػة( :لَ ْػي َ
هو ؼبا فيها من تقرير اؼببدأ وإثبات اليػكل أوالً وهػو أف ى اؼبػاؿ ح ًقػا سػوى الزكػاة .أمػا اؼبوشػوع
نفس ػ فاألدلػػة علي ػ أوش ػ مػػن فلػػق الصػػب ف ػ ف طبيعػػة النظػػاـ اإلسػػبلم -كبػػا رظبت ػ آيػػات
صحاحا وحسانًا -ذبعل التكافل ى اةتبع فريضة الزمة ً القرآف مكية ومدنية وأحاديث الرسوؿ
والتعػػاوف واؼبواسػػاة واجبًػػا ال بػػد مػػن أدا ػ فػػالقوي فيػ وببػػل الضػػعيه والغػ يأمتػػذ بيػػد الفقػػك
والقري يصل قرابت واعبار وبسن إَ جارخ ومن أشاع هذخ التعاليم فليس مػن اإلسػبلـ وال مػن
رسول ى و ء وبريء اهلل من .
جاء رجل من بػ سبػيم إَ النػ -صػلى اهلل عليػ وسػلم -فقػاؿ :يػا رسػوؿ اهلل أنػا رجػل ذو مػاؿ
ك ػػك وأهػػل وحاشػػرة فػػأمت ْ كيػػه أنفػػق؟ وكيػػه أصػػنع؟ قػػاؿ( :زبػػرج زكػػاة مال ػ ف مػػا طهػػرة
تطهرؾ وتصل أقارب وتعرؼ حق السا ل واعبار واؼبسكني) (رواخ أضبد عن أنس ورجال رجػاؿ
الصػػحي -ال غي ػ وال هي ػ -263/4 :طبػػع اؼبنكيػػة) وأمترج ػ أبػػو عبيػػد وابػػن اؼبنػػذر -الػػدر
اؼبن ور .)49/4 :ف عل للسا ل واعبار واؼبسكني ح ًقا بعد الزكاة كبا عطه صلة األقارب علػى
ني َوابْػ َػن الس ػبِ ِيل) ِ ِ
الزكػػاة وهػػذا موافػػق ؼبػػا جػػاء ى القػػرآف الكػػرَٓ ( :وآت َذا ال ُقػ ْػرَىب َحق ػ ُ َوالْب ْسػػك َ
(اإلسراء )26:وموافق ؼبا جاء ى اغبديث اآلمتر( :للسا ل حق وإف جاء على فرس) (رواخ أضبد
ى مسند اغبسني بن عل ّ وأبػو داود ى كتػاب الزكػاة -بػاب حػق السػا ل -وقػاؿ اغبػافي العراقػ :
إسنادخ جيد ورجال ثقات كبا ى "الآللئ للسيوط " 446/2 :وقد صحح الييمل أضبد واكر
ى تعليق علي ى اؼبسند برقم ( :)4736اعبزء ال الث ص.)473
وقاؿ -صلى اهلل علي وسلم( : -من ال يػرحم النػاس ال يرضبػ اهلل) (رواخ اليػيصاف وال مػذي عػن
جرير بن عبد اهلل وقد تقدـ) وقاؿ( :لن تؤمنوا حك تراضبوا) قالوا :رحيم -يػا رسػوؿ اهلل -كلنػا
قاؿ( :إما ليسز برضبة أحدكم صاحب ولكنها رضبػة العامػة) (رواخ الطػ اْ عػن أل موسػى ورواخ
رواة الصػػحي كبػػا قػػاؿ اؼبنػػذري ى اعبػػزء ال الػػث مػػن ال غيػ -كتػػاب القضػػاء وغػػكخ) .إَ غػػك
ذل من األحاديث.
وأدّ مػ ػػا يتحقػ ػػق ب ػ ػ هػ ػػذا ال ػ ػ احم والتعػ ػػاوف والتكافػ ػػل واإلحسػ ػػاف -الػ ػػذي أمػ ػػرت ب ػ ػ اآليػ ػػات
واألحاديث -أال وبرـ فرد ى هذا اةتبع من مستوى معيي مبل م هبد في اغباجات األصلية ل
ولعيال من اؼبأكل واؼبيرب واؼبلبس واؼبسكن والعبلج والتعليم وكل ما ال بد للبرء من .
فػ ذا كانػػز أمػواؿ الزكػػاة ومػوارد الدولػػة تكفػ لتحقيػػق هػػذا اؼبسػػتوى مػػن حصػػيلتها فبهػػا ونعبػػز
وكفػػى اهلل اؼبػػؤمنني أف يطػػالبوا حبػػق آمتػػر للفق ػراء وإذا ٍ تكػػه أم ػواؿ الزكػػاة واؼب ػوارد األمتػػرى ى
القض ػػاء عل ػػى الفق ػػر وإغن ػػاء الفق ػ ػراء ف ػ ػ ف ح ًق ػػا عل ػػى األغني ػػاء الق ػػادرين أف يقوم ػ ػوا متض ػػامنني
بكفايتهم كل ى حدود أقارب وجكان ومن يتصل ب ف ذا قاـ البعض بدافع إيبامم إَ أداء هػذا
الواج ػ حبيػػث ُك ِفػ َػى احملتػػاجوف حػػاجتهم فقػػد سػػق اإله عػػن البػػاقني وإال ف ػ ف لػػوُ األمػػر أف
يتدمتل باسم اإلسبلـ ويرت ى أمواؿ األغنياء ما يقوـ بالضعفاء والفقراء.
وإذا كاف هذا يعت خ ك ك من الناس متطوة تقدمية ٍ تعرفها أوروبا إال منذ أزمنة متأمترة فػ ف هػذا
وسنت منذ طلعز مشسػ ى اآلفػاؽ ومػا قػررخ صػحابة الرسػوؿ وتػابعوهم ما قررخ اإلسبلـ ى كتاب ُ
ى غك لبس وال متفاء.
وإذف ..فب ػػا تأوي ػػل األحادي ػػث ال ػػب يفي ػػد ظاهره ػػا أف ال ح ػػق ى اؼب ػػاؿ س ػػوى الزك ػػاة إال بتط ػػوع
اؼبال وأف من أدى زكات فقد قضى ما علي ؟؟.
إف الذي يتض لنا فبا صػ مػن تلػ األحاديػث (قػد بينّػا درجتهػا ى أوؿ هػذا البػاب) .أف الزكػاة
ػكرا لنعبػة اهلل
ه اغبق الػدوري احملػدد ال ابػز ى اؼبػاؿ والواجػ علػى األعيػاف بصػفة دا بػة و ً
ػكا وتزكيػػة للػػنفس واؼب ػاؿ وهػػو حػػق واج ػ األداء ولػػو ٍ يوجػػد فقػػك يسػػتحق اؼبواسػػاة أو وتطهػ ً
حاجة تستدع اؼبسانبة.
فالفرد اؼبسلم اؼبال للنصاب ى الظروؼ العادية ال يُطال بي ء ى مالػ غػك الزكػاة فػ ذا أداهػا
فقد قضى ما علي وأذه عن نفس ور مال وليس علي و ء آمتػر إال أف يطػوع كبػا جػاء
ى اغبديث.
أما اغبقوؽ األمترى فه حقوؽ طار ة غك ثابتة ثبوت الزكاة وغك مقدرة دبقدار معلوـ كبقادير
الزكاة فه زبتله بامتتبلؼ األحواؿ واغباجات وتتغك بتغك العصور والبيئات واؼببلبسات.
وه ػ ى الغال ػ ال ذب ػ علػػى األعيػػاف بػػل علػػى الكفايػػة إذا قػػاـ هبػػا الػػبعض سػػق اغب ػرج عػػن
ػطرا وهػػو قػػادر علػػى دفػػع شػػرورت في ػ عليػ
البػػاقني وقػػد تتعػػني أحيانًػػا كػػأف يػػرى اليػػصل مضػ ً
دفعهػا أو يكػػوف لػ جػار جػػا ع أو عريػػاف وهػػو قػادر علػػى معونتػ كبػا أف الغالػ أف توكػػل هػػذخ
السلطة .إال أف يرى حاكم مسلم أف يفرض بقوة اغبقوؽ إَ إيباف األفراد وشبا رهم دوف تدمتل ُ
فرشا ما أوجب اإليباف إهبابًا ومتاصة إذا ك رت حاجات األفػراد واتسػعز نفقػات الدولػة القانوفً .
وأعباؤها كبا ى عصرنا اغبديث .فحينئذ ال بد من تدمتل الدولة وإلزامها.
وقاؿ ابن تيبية ى تفسك قوؿ" :ليس ى اؼباؿ حق سوى الزكاة"" :أي ليس في حق هب بسػب
اؼبػػاؿ سػػوى الزك ػاة وإال ففي ػ واجبػػات بغػػك سػػب اؼبػػاؿ كبػػا ذب ػ النفقػػات لؤلقػػارب والزوجػػة
والرقيػػق والبهػػا م وهب ػ ضبػػل العاقلػػة وقضػػاء الػػديوف وهب ػ اإلعطػػاء ى النا بػػة وهب ػ إطعػػاـ
فرشا على الكفاية إَ غك ذل من الواجبات اؼبالية لكػن بسػب عػارض اعبا ع وكسوة العاري ً
واؼباؿ ورط وجوهبا كاالستطاعة ى اغب ف ف البػدف سػب الوجػوب واالسػتطاعة وػرط واؼبػاؿ
ى الزكػػاة هػػو السػػب والوجػػوب مع ػ حػػك لػػو ٍ يكػػن ى بلػػدخ مػػن يسػػتحقها ضبلهػػا إَ بلػػد
أمترى وه حق وج هلل تعاَ" (كتاب "اإليباف" -الكبك -346/7: -ؾببوع الفتاوى).
الباب التاسع
الزكاة والضريبة
فهرس
سبهيد
هذا الباب دراسة موازنة أو مقارنػة بػني الزكػاة كبػا وػرعها اإلسػبلـ وبػني الضػريبة الوشػعية كبػا
سبصض ػػز عنه ػػا األفك ػػار واألنظب ػػة اؼبالي ػػة اغبدي ػػة .ف ػػنحن ال نق ػػارف الزك ػػاة بالضػ ػرا ى عص ػػر
الروماف أو ال ُفرس وى العصور الوسطى بأوروبا؛ إذ ال ؾباؿ للبوازنة واؼبقارنة بني الزكاة والضرا
ى تل ػ العصػػور وإمبػػا نقػػارف الزكػػاة بالض ػريبة ى صػػورهتا اغبدي ػػة بعػػد أف مػ ّػرت بتطػػورات وػػك
وأدمتلز عليها تعديبلت وربسينات عديدة وصػقلتها ذبػارب القػروف ومتػدمتها عقػوؿ كبػكة مػن
ـبتله األقطار والبيئات حك نض ز واستوت على سوقها.
وسنبني ى فصوؿ هذا الباب ما بني الزكاة والضػريبة اغبدي ػة مػن ميػاهبات ومقارنػات تت لػى هبػا
حقيقػػة كػػل منهبػػا وتتبيػػز هبػػا الزكػػاة بوصػػفها فريضػػة ماليػػة ذات طػػابع متػػاص وفلسػػفة متاصػػة.
فه ػ متبيػػزة ى طبيعتهػػا وأساسػػها ومواردهػػا ومصػػارفها وأنصػػبتها ومقاديرهػػا كبػػا ه ػ دبباد هػػا
وأهدافها وشباناهتا وسنرى كيه سبقز ب بلثة عير قرنًا -أو تزيد -أرقػى مػا انتهػى إليػ الفكػر
اؼباُ والضري ى عصرنا اغبديث من مبادئ وأحكاـ وكيه امتازت دبعاف تقصر عنها الضريبة.
ويضم هذا الباب شبانية فصوؿ:
األوؿ :ى حقيقة الضريبة وحقيقة الزكاة.
وال اْ :ى األساس النظري لفرض الضريبة وفرض الزكاة.
وال الث :ى وعاء الضريبة ووعاء الزكاة.
والرابع :ى مبادئ العدالة بني الضريبة والزكاة.
واػبامس :ى النسبية والتصاعد بني الضريبة والزكاة.
والسادس :ى شبانات الضريبة وشبانات الزكاة.
والسابػع :ى بياف ورعية الضرا جبوار الزكاة.
وال امن :ى بياف أف الضرا ال تغ عن الزكاة.
الفصل األوؿ
حقيقة الضريبة وحقيقة الزكاة
فهرس
معا
الزكاة عبادة وشريبة ً
سبهيد
وم ػػن مت ػػبلؿ التع ػريفني يتض ػ لن ػػا أف هنػػاؾ أوج ػ امت ػػتبلؼ وأوج ػ اتفػػاؽ ب ػػني الض ػريبة والزك ػػاة
وسنبدأ ببياف أوج االتفاؽ.
( أ ) فعنصر القسر واإللزاـ الذي ال تتحقق الضريبة إال ب موجود ى الزكاة إذا تأمتر اؼبسػلم عػن
أدا هػػا بػػدافع اإليبػػاف ومقتضػػى اإلسػػبلـ وأي قسػػر وإل ػزاـ أك ػػر مػػن أمت ػذها بقػػوة السػػبلح فبػػن
منعها ومن سل السيه لقتاؿ من جحدها وكاف ذا ووكة؟.
( ب ) كبا أف مػن وػأف الضػريبة أف تػدفع إُ هيئػة عامػة م ػل السػلطة اؼبركزيػة والسػلطات احملليػة
(إمبػػا ذكػػروا هػػذا القيػػد ى مع ػ الض ػريبة اح ػ ًازا فبػػا كػػاف وبػػدث ى أوروبػػا ى العصػػور الوسػػطى
عندما كاف الفبلحوف يدفعوف الضرا إُ صاح األرض!) وكذل الزكاة إذ األصل فيها أف
تػػدفع إُ اغبكومػػة بواسػػطة اعبهػػاز ال ػػذي ظبػػاخ القػػرآف "العػػاملني عليهػػا" كبػػا وشػػحنا ذل ػ ى
موشع .
( ج ) ومػػن مقومػػات الض ػريبة :انعػػداـ اؼبقابػػل اػبػػاص فػػاؼببوؿ يػػدفع الض ػريبة بصػػفت عضػ ًػوا ى
ؾبتبػػع متػػاص يسػػتفيد مػػن أوج ػ نيػػاط اؼبصتلفػػة والزكػػاة كػػذل ال يػػدفعها اؼبسػػلم مقابػػل نفػػع
عضوا ى ؾبتبع مسلم يتبتع حببايتػ وكفالتػ وأمتوتػ .فعليػ أف يسػهم ً متاص وإمبا يدفعها بوصف
ى معونػػة أبنا ػ وتػػأمينهم شػػد الفقػػر والع ػػز وك ػوارث اغبيػػاة وأف يقػػوـ بواجبػ ى إقامػػة اؼبصػػاً
العامة لؤلمة اؼبسلبة الب هبا تعلو كلبػة اهلل وتنيػر دعػوة اغبػق ى األرض بغػض النظػر عبػا يعػود
علي من اؼبنافع اػباصة من وراء إيتاء الزكاة.
( د ) وإذا كاف للضريبة -ى االذباخ اغبديث -أهػداؼ اجتباعيػة واقتصػادية وسياسػية معينػة فػوؽ
جذورا ى هذخ النواح مدى وأوسع أف ًقا وأعبق ً أيضا أهداؼ أبعد ً هدفها اؼباُ ف ف الزكاة ؽبا ً
اؼبػػذكورة وى غكهػػا فبػػا لػ األثػػر ى حيػػاة الفػػرد واعبباعػػة (انظػػر ذلػ بتفصػػيل ى بػػاب "أهػػداؼ
الزكاة" من هذا الكتاب).
معا
الزكاة عبادة وشريبة ً
فهرس
سبهيد
النظرية التعاقدية
نظرية سيادة الدولة
لعل فبا يلق شوءًا أك ػر علػى حقيقػة الزكػاة أف نعػرض ؼبػا ذكػرخ علبػاء اؼباليػة العامػة ى "تكييػه"
الضريبة الوشعية وبياف األساس الذي ب علي فرشها قانونًا إذ باؼبقارنة تت لػى لنػا طبيعػة الزكػاة
ومتصا صها بوصفها فريضة إؽبية وشريبة مقدسة ذات طابع متاص وفلسفة متاصة.
امتتل ػػه الب ػػاح وف واؼبفك ػػروف ى الطبيع ػػة القانوني ػػة وبعب ػػارة أمت ػػرى :ى األس ػػاس الق ػػانوْ لف ػػرض
الضرا على الناس.
النظرية التعاقدية:
فػػذه فبلسػػفة القػػرف ال ػػامن عيػػر إَ أف الض ػريبة تقػػوـ علػػى أسػػاس عبلقػػة تعاقديػػة بػػني الدولػػة
والفرد فكى أنصار هذخ النظرية أف الضريبة تدفع مقابل النفػع الػذي يعػود علػى اؼببػوؿ مػن رعايػة
الدولة للبرافق العامة دبوج عقد شب م ـ بػني الدولػة واؼبػواطنني -وهػذخ الفكػرة هػ تطبيػق
لنظرية "العقد االجتباع " الذي قاؿ هبا "جاف جاؾ روسو" ى بياف أساس الدولة.
وق ػػد ذهػ ػ أنص ػػار النظري ػػة التعاقدي ػػة ى تكيي ػػه طبيع ػػة العق ػػد اؼبػ ػ ـ ب ػػني الدول ػػة وداف ػػع الضػ ػريبة
مذاه وك:
فقػػاؿ مكابػػو :إف الضػريبة شبػػن عاجػػل ييػ ي بػ الفػػرد ضبايػػة اعبباعػػة ومعػ هػػذا :أف اؼبػ ـ عقػػد
بيع.
وقاؿ آدـ ظبيػث :إف هػذا العقػد هػو عقػد إهبػار أعبػاؿ فالدولػة تقػوـ بػأداء متػدمات للبػواطنني
ويقوـ اؼبواطنوف بدفع الضريبة ؽبا كأجر ؽبذخ األعباؿ.
وقاؿ مونتسكيو وهوبز :إف العقد تأمني فالضريبة ه قس التأمني الذي يدفع اؼببػوؿ مػن مالػ
للتأمني على اعبزء الباق .
غػػك أف الناقػػدين بينػوا أف هػػذا التصػػوير متػػاطئ مػػن أساسػ فبػػن غػػك اؼببكػػن ربقيػػق التعػػادؿ بػػني
الضريبة الػب يػدفعها اؼببػوؿ وبػني مػا يعػود عليػ مػن نفػع مػن متػدمات الدولػة ألنػ ال يبكػن تقػدير
نسبة اؼبنفعة الب تعود على كل مػواطن علػى حػدة مػن النفقػات العامػة كاحملافظػة علػى األمػن أو
تنظػػيم القضػػاء أو نيػػر التعلػػيم أو الػػدفاع الػػوط فضػبلً عػػن أنػ لػػو أمكػػن تقػػدير هػػذخ اؼبنفعػػة
احتياجػا إُ متػدمات الدولػة مػنً ف ف هذخ النظرية تؤدي إَ نتا ظاؼبػة فالطبقػات الفقػكة أك ػر
الطبقات الغنية وتطبي ًقا لنظرية البدؿ أو اإلهبار هب أف يتحبلوا الع ء األك للضريبة.
كبػػا أف نظريػػة "التػػأمني" معيبػػة مػػن نػػاحيتني :األوَ أمػػا تقصػػر وظيفػػة الدولػػة علػػى احملافظػػة علػػى
األم ػن وهػػو مػػا ىبػػاله الواقػػع والناحيػػة ال انيػػة :أف عقػػد التػػأمني يلقػػى علػػى عػػاتق اؼبػػؤمن ع ػ ء
تعويض اػبسا ر ى حني أف الدولة ال تلتزـ بتعويض األفراد عبا يلحقهم من شرر.
أما أساس فرض الزكاة واغبقوؽ اؼبالية كلها فيقوـ على نظريات أُمتر نبينها ى ما يل :
النظرية العامة للتكليه:
أُوالهػػا :النظريػػة العامػػة للتكليػػه وتقػػوـ هػػذخ النظريػػة علػػى أف مػػن حػػق اػبػػالق اؼبػػنعم أف يكلػػه
ووكرا لنعبت وليبلوهم أيهم أحسن عببلً ً عبادخ ما يياء من واجبات بدنية ومالية أداءً غبق
ليصتػ مػا ى صػدورهم ولػيبحل مػػا ى قلػوهبم ولػيعلم مػن يتبػع رسػػل فبػن ينقلػ علػى عقبيػ
فيبيز اهلل اػببيث من الطي واؼبس ء من احملسن ويوفيهم أعباؽبم وهم ال يظلبوف.
إف اإلنسػػاف ال ىبلػػق عب ػػا وٍ يػ ؾ سػػدى (أفحسػػبتم أمبػػا متلقنػػاكم عبًػػا وأنكػػم إلينػػا ال ترجعػػوف)
(اؼبؤمنػػوف( ..)445 :أوبس ػ اإلنسػػاف أف ي ػ ؾ سػػدى) (القيامػػة .)36 :كػػبل ٍ ي ػ ؾ سػػدى
بل بعث اهلل إلي النبيني مبيرين ومنذرين فعرفػوخ أمػر اهلل وميػ وحقوقػ وواجباتػ (لي ػزي الػذين
أساءوا دبا عبلوا وهبزي الذين أحسنوا باغبس ) (الن م.)34 :
وكبا كله اهلل اؼبسلم بالصبلة وه الفريضة اليومية الب يؤديها طبس مرات ى اليوـ ى مواقيتها
احملػػددة مقاومػػا ن ػوازع الكسػػل وبواعػػث اؽبػػوى ودواع ػ الغفلػػة وعوا ػػق الػػدنيا (وإمػػا لكبػػكة إال
على اػباوعني) (البقرة.)45 :
وكلفػ بالصػػياـ وهػػو الفريضػػة السػػنوية الػػب يبسػ فيهػػا أيػػاـ وػػهر كامػػل عػػن وػػهون الػػبطن والفػػرج
كبا جاء ى اغبديث القدس ( :يدع الطعاـ من أجل ويدع اليراب من أجل ويدع لذتػ مػن
أجل ػ ) (رواخ ابػػن متزيبػػة ى صػػحيحة وأصػػل ى الصػػحيحني .انظػػر ال غي ػ وال هي ػ للبنػػذري
ج 2كتاب :الصياـ).
وكلفػ بػػاغب وهػو فريضػػة العبػر الػػب يرربػل فيهػػا اؼبسػلم مفارقًػػا األهػل والػػوطن إَ واد غػػك ذي
زرع ليعظم وعا ر اهلل ويطوؼ ببيز اهلل ويرجع من ذنوب كيوـ ولدت أم .
أجل ..كبا كله اهلل اؼبسلم بالصبلة والصياـ وكل منهبا عبادة بدنية وباغب وهو عبادة بدنية
ماليػة كلفػ بالزكػػاة وهػ عبػػادة ماليػػة متالصػػة فيهػا بػػذؿ اؼبػػاؿ الػػذي هػو وػػقيق الػػنفس وعصػ
اغبياة وفتنة الدنيا ليعلم من يعبدخ تعاَ حقا فيبذؿ ما عنػدخ هلل ومػن يعبػد مالػ ودنيػاخ فيؤثرهػا
على رشا اهلل (ومن يوؽ و نفس فأولئ هم اؼبفلحوف) (اغبير.)9 :
نظرية االستصبلؼ:
والنظرية ال انية ..نظرية االستصبلؼ ى ماؿ اهلل.
وأساس هذخ النظرية :أف اؼبػاؿ مػاؿ اهلل تعػاَ واإلنسػاف مسػتصله فيػ فػاهلل سػبحان هػو اؼبالػ
اغبق لكل مػا ى الكػوف أرشػ وظبا ػ (وهلل مػا ى السػبوات ومػا ى األرض) (الػن م( .)34 :لػ
مػػا ى السػػبوات ومػػا ى األرض ومػػا بينهبػػا ومػػا ربػػز ال ػػرى) (ط ػ .)6 :فكػػل مػػا ى هػػذا العػػاٍ
علوي وسفلي مل متالل هلل تعاَ وليس ألحد ورؾ ى ذرة من (قل ادعوا الػذين زعبػتم مػن
دوف اهلل ال يبلكوف م قاؿ ذرة ى السبوات وال ى األرض وما ؽبم فيهبػا مػن وػرؾ ومػا لػ مػنهم
من ظهك) (سبأ )22 :وذل اؼبل دبقتضى متلق ؽبا وهيبنت عليها (اهلل متالق كل و ء وهو
علػى كػػل وػ ء وكيػػل) (الزمػػر( .)62 :ومتلػػق كػل وػ ء فقػػدرخ تقػػديراً) (الفرقػػاف( .)2 :إف الػػذين
تدعوف من دوف اهلل لن ىبلقوا ذبابا ولو اجتبعوا ل ) (اغب .)73 :
واألمػواؿ كلهػػا ملػ هلل تعػػاَ فهػػو واهبهػػا واؼبػػنعم هبػػا علػػى عبػػادخ وهػػو وحػػدخ متالقهػػا ومنيػػئها
إنتاجػا" يتصػذ ؾبالػ ى مػادة متلقهػا اهلل سػبحان وسػصرها لػ وعبل عبل اإلنساف الػذي نسػبي " ً
وؽبػػذا يقػػوؿ االقتصػػاديوف :إف اإلنتػػاج هػػو متلػػق اؼبنفعػػة ولػػيس متلػػق اؼبػػادة ومع ػ هػػذا أن ػ وبػػوؿ
اؼبػادة لتيػبع حاجاتػ وتكػوف ؽبػػا منفعػة (انظػر االقتصػػاد السياسػ للػػدكتور رفعػز احمل ػػوب/ 4 :
.)492 494
ك ػػل م ػػا يق ػػوـ بػ ػ اإلنس ػػاف ى "اإلنت ػػاج" ال يت ػػاوز التغي ػػك ى أوش ػػاع األو ػػياء وأماكنه ػػا ك ػػأف
يستصلصػها مػن مواطنهػا األصػلية باالسػتصراج أو الصػيد مػ بلً أو ينقلهػا مػن مكػاف تزيػد فيػ عػن
اغباجة إَ مكاف وبتاج إليها في أو وبفظها عػن طريػق التعبئػة واػبػزف لينتفػع هبػا ى اؼبسػتقبل أو
ىبضػعها لػػبعض اؼبػػؤثرات لتصػػب صػػاغبة لسػػد حاجػػة مػػا أو وبوؽبػػا مػػن وػػكل إَ آمتػػر بػػاغبل أو
متاصا في عل منها وػيئًا جدي ًػدا .هػو ؾبػرد الغزؿ أو النقو أو الطحن .إٌ أو يؤله بينها تألي ًفا ً
التغيك ى أوشاع العناصر وأماكنها حك ى حاؿ إحداث ثروة جديدة ٍ تكن مػن قبػل كبػا ى
الزراعػػة أو تربيػػة اغبيػواف ال يعبػػل اإلنسػػاف أك ػػر فبػػا يعبلػ ى اؼبظػػاهر اإلنتاجيػػة األمتػػرى (انظػػر:
االقتصاد السياس للدكتور عل عبد الواحد واى ص 76 - 74الطبعة اػبامسة).
هذا ما يقررخ فبلسفة االقتصاد بوشوح ى بياف وظيفػة اإلنسػانية ى اإلنتػاج :ؾبػرد ربػوير وتغيػك ى
أوشاع وأمػاكن األوػياء اؼبوجػودة فعػبل ومػن موجػدها؟ إنػ (ربنػا الػذي أعطػى كػل وػ ء متلقػ ه
هدى) (ط .)5:
(اهلل الػػذي متلػػق السػػبوات واألرض وأنػػزؿ مػػن السػػباء مػػاءً فػػأمترج ب ػ مػػن ال ب ػرات رزقًػػا لكػػم
وسػػصر لكػػم الفل ػ لت ػػري ى البحػػر بػػأمرخ وسػػصر لكػػم األمػػار وسػػصر لكػػم اليػػبس والقبػػر
دا بني وسػصر لكػم الليػل والنهػار وآتػاكم مػن كػل مػا سػألتبوخ وإف تعػدوا نعبػة اهلل ال ربصػوها)
(إبراهيم.)34 - 32 :
حك هذا التغيك والتحوير من الذي يسر سبل لئلنساف ومنحػ القػدرة علػى فعلػ وأمػدخ بكػل مػا
يعين ى هذا السبيل؟ إن ربنا الذي متلق اإلنساف وٍ يكن ويئا مذكورا وعلب ما ٍ يكن يعلم.
ولنضرب لذل بعض األم لة:
غرسػػا فػػآتى شبػ ًػرا فكػػم ي ػوازي عبػػل يػػدخ ى اغبػػرث
زرعػػا فأنبػػز حبًػػا أو غػػرس ً إذا زرع اإلنسػػاف ً
والسػ ػػق والتعهػ ػػد جبان ػ ػ عبػ ػػل يػ ػػد اهلل الػ ػػذي جعػ ػػل األرض ذلػ ػػوالً وصػ ػػرؼ الريػ ػػاح وسػ ػػصر
السػػحاب وأنػػزؿ اؼبػػاء مػػن السػػباء مطػ ًػرا أو أجػراخ ى األرض مػًػرا ووفػػر اغبػرارة اؼببل بػػة والضػػوء
الكػػاى واؽب ػواء اؼبناس ػ وهيػػأ للحبػػة ى بػػاطن ال ػ اب غػػذاءها مػػن وػػك العناصػػر حػػك صػػارت
و رة مورقة م برة؟
أال ما أقل عبل اإلنساف وجهدخ جبان رعاية اهلل!!
ه مػػا عبػػل اإلنسػػاف إذا ٍ يهبػ اهلل العقػػل الػػذي يفكػػر ويػػدبر والقػػدرة الػػب هبػػا ينفػػذ واألدوات
الب هبا يعبل؟!
ؽبػػذا يبػػني القػػرآف فضػػل اهلل علػػى عبػػادخ ويػػرد اغبػػق إَ نصػػاب فيقػػوؿ( :أفػرأيتم مػػا ربرثػػوف ءأنػػتم
حطامػػا فظلػػتم تفكهػػوف إنػػا ؼبغرمػػوف بػػل كبػػن ؿبرومػػوف
تزرعون ػ أـ كبػػن الزارعػػوف لػػو نيػػاء عبعلنػػاخ ً
أجاجػػا فلػػوال
أفػرأيتم اؼبػػاء الػػذي تيػربوف ءأنػػتم أنزلتبػػوخ مػػن اؼبػػزف أـ كبػػن اؼبنزلػوف لػػو نيػػاء جعلنػػاخ ً
تيكروف) (الواقعة.)76 - 63 :
ويقػػوؿ ى سػػورة أمتػػرى( :فلينظػػر اإلنسػػاف إَ طعام ػ أنػػا صػػببنا اؼبػػاء صػػبًا ه وػػققنا األرض و ػ ًقا
فأنبتنا فيها حبًا وعنبًا وقضبًا) (عبس )28 - 24 :ويقوؿ ى سورة ثال ة (وآية ؽبم األرض اؼبيتػة
أحييناها وأمترجنا منها حبًػا فبنػ يػأكلوف وجعلنػا فيهػا جنػات مػن لبيػل وأعنػاب وف رنػا فيهػا مػن
العيوف ليأكلوا من شبرخ وما عبلت أيديهم أفبل ييكروف) (يس .)35- 32
نعم( ..أفبل ييكروف)؟ وهم يأكلوف مػن شبػار ٍ تعبلهػا أيػديهم وإمبػا عبلتهػا يػد اهلل اهلل الػذي
أحيا األرض اؼبيتة وأمترج منها اغب وأنيأ اعبنات وف ر العيوف.
وليس عبل يد اهلل ى الزراعػة فحسػ بػل ى كػل ناحيػة مػن اغبيػاة زراعػة أو ذبػارة أو صػناعة
أو غكها -فف الصػناعة مػ بلً قبػد اؼبػادة "اػبػاـ" مػن متلػق اهلل ال مػن إنتػاج اإلنسػاف ومػن هنػا
ام اهلل على الناس دبادة اغبديد فقاؿ( :وأنزلنا اغبديد في بأس وػديد ومنػافع للنػاس) (اغبديػد:
)25والتعبك بػ "أنزلنا" يع أف اهلل متلق بتدبك ظباوي علوي ال دمتل لئلنساف في .
وقبػػد مػػادة الوقػػود والقػػوى احملركػػة مػػن صػػنع اهلل وحػػدخ فاإلنسػػاف ٍ ىبلػػق الفحػػم وال البػ وؿ وال
الكهرباء وإمبا اكتيفها فق أما الذي ب ها ى الكوف فهو اهلل.
وقبد االهتداء إَ الصناعات من إؽباـ اهلل وتعليبػ لئلنسػاف مػا ٍ يكػن يعلػم كبػا قػاؿ تعػاَ عػن
ن اهلل داود( :وعلبناخ صنعة لبػوس لكػم لتحصػنكم مػن بأسػكم فهػل أنػتم وػاكروف) (األنبيػاء:
.)8
والنتي ة من هذا :أف اؼباؿ رزؽ يسوق اهلل لئلنساف فضبلً من ونعبة ومهبا يذكر اإلنساف علب
وجهػػدخ فليػػذكر عبػػل القػػدرة اإلؽبيػػة ى اإلهبػػاد واإلمػػداد (ومػػا بكػػم مػػن نعبػػة فبػػن اهلل) (النحػػل:
.)53فبل غرابة بعد هذا أف ينفق اإلنساف عبد اهلل بعض ما رزق اهلل ى سبيل اهلل وإعبلء كلبة
قيامػا للواهػ اؼبػنعم حبػق اليػكر علػى نعبا ػ ومػن أجػل هػذا يقػوؿ اهلل وعلى إمتوان عباد اهلل ً
اهلل ى كتابػ ( :أنفقػوا فبػػا رزقنػػاكم) (البقػػرة( .)254 :وفبػػا رزقنػػاهم ينفقػػوف) (البقػػرة )3 :ويقػػرر
أف اؼبػػاؿ مػػاؿ اهلل واإلنسػػاف مػػا هػػو إال مسػػتصله في ػ أو موظػػه م ػؤسبن علػػى تنبيت ػ وإنفاق ػ
واالنتفاع والنفع ب .يقوؿ تعاَ( :وآتػوهم مػن مػاؿ اهلل الػذي آتػاكم) (النػور )33 :ويقػوؿ( :وال
ػكا ؽبػػم بػػل هػػو وػػر ؽبػػم) (آؿ عب ػراف: وبسػػنب الػػذين يبصلػػوف دبػػا آتػػاهم اهلل مػػن فضػػل ه ػػو متػ ً
.)486ليذكرهم هبذخ اغبقيقة :أف اؼباؿ رزؽ من عنػد اهلل آتػاهم مػن فضػل ويقػوؿ( :وأنفقػوا فبػا
جعلكػػم مسػػتصلفني في ػ ) (اغبديػػد .)7 :فاإلنسػػاف لػػيس مال ػ اؼبػػاؿ ى اغبقيقػػة ولكن ػ متليفػػة
اؼبال -وهػو اهلل تعػاَ -ووكيلػ فيػ (قػاؿ ابػن القػيم" :هػل يصػ أف يقػاؿ :إف أح ًػدا وكيػل اهلل"؟
وأجاب بالنف " :ف ف الوكيل من يتصرؼ عن موكلػ بطريػق النيابػة واهلل عػز وجػل ال نا ػ لػ وال
ىبلف ػ أحػػد بػػل هػػو الػػذي ىبلػػه عبػػدخ كبػػا قػػاؿ الن ػ -صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم" :-اللهػػم أنػػز
الصػػاح ى السػػفر واػبليفػػة ى األهػػل" .ه قػػاؿ" :علػػى أن ػ ال يبتنػػع أف يطلػػق ذل ػ باعتبػػار أن ػ
مأمور حبفي ما وكلػ فيػ ورعايتػ والقيػاـ بػ " انتهػى مػن مػدارج السػالكني427 - 426 / 2 :
مطبعة السنة احملبدية).
قػاؿ صػػاح "الكيػاؼ" ى قولػ تعػاَ( :وأنفقػوا فبػػا جعلكػم مسػػتصلفني فيػ ) .يعػ أف األمػواؿ
الب ى أيديكم إمبا ه أمواؿ اهلل خبلق وإنيا ؽبػا وإمبػا مػولكم إياهػا ومتػولكم االسػتبتاع هبػا
وجعلكم متلفاء بالتصرؼ فيها فليسز ه بأموالكم ى اغبقيقة وما أنتم فيها إال دبنزلة الػوكبلء
والنػ ػواب ف ػػأنفقوا منه ػػا ى حق ػػوؽ اهلل ول ػػيهن عل ػػيكم اإلنف ػػاؽ م ػػن م ػػاؿ غ ػػكخ إذا أذف لػ ػ فيػ ػ
(الكياؼ.)266 / 3 :
وليسز شبػرة العلػم بػأف اؼبػاؿ مػاؿ اهلل واإلنسػاف فيػ دبنزلػة النا ػ أو الوكيػل مقصػور علػى هتػوين
أيضا
البذؿ واإلنفاؽ علي حيث ينفق من ماؿ غكخ وقد أذف ل في بل يفيد العلم هبذخ اغبقيقة ً
أف يتقيد اإلنساف دبييئة اؼبال اغبقيق للباؿ فػ ف الوكيػل مػا هػو إال فب ػل إلرادة اؼبوكػل ومنفػذ
ؼبػػا يطلبػ ولػػيس لػ حػػق االنفػراد بالتصػػرؼ حسػػببا يهػػوى وييػػته وإال بطلػػز وكالتػ وٍ يعػػد
جديرا حبق االستصبلؼ الذي أساء استعبال . ً
وقػػد نبػ علباؤنػػا -رضبهػػم اهلل -علػػى حػػق اهلل ى اؼبػػاؿ بعبػػارات بليغػػة نػػذكر منهػػا مػػا قالػ اإلمػػاـ
الرازي ى تفسكخ:
"إف الفقراء عياؿ اهلل واألغنياء متزاف اهلل ألف األمواؿ الب ى أيػديهم أمػواؿ اهلل فلػيس دبسػتبعد
أف يقوؿ اهلل اؼبال ػبازن :اصرؼ على احملتاجني من عياُ" (التفسك الكبك.)463 / 46 :
وم ػػا قالػ ػ القاشػ ػ اب ػػن الع ػػرل (أحك ػػاـ القػ ػراف ص :.)945إف اهلل حبكبتػ ػ البالغ ػػة وأحكامػ ػ
اؼباشػػية العاليػػة متػػل بعػػض النػػاس بػػاألمواؿ دوف الػػبعض نعبػػة منػ علػػيهم وجعػػل وػػكر ذلػ
منهم إمتراج سهم يردون إَ من ال ماؿ ل نيابػة عنػ سػبحان وتعػاَ فيبػا شػبن بفضػل ؽبػم ى
قول ( :وما من دابة ى األرض إال على اهلل رزقها) (هود.)6 :
فػ ذا شػػن الغ ػ -وهػػو اػبػػازف ؼبػػاؿ اهلل واألمػػني عليػ -هبػػذا اؼبػػاؿ علػػى عيػػاؿ اهلل وامتػػتل نفسػ
بنعبت دومم فقد استوج نكاؿ اهلل وعقوبت .
وقػػد وػػاع بػػني ع ػواـ اؼبسػػلبني حػػديث قدس ػ عػػن اهلل تعػػاَ يقػػوؿ :اؼبػػاؿ مػػاُ والفق ػراء عيػػاُ
واألغنياء وكبل ف ذا خبل وكبل على عياُ أذقتهم وباُ وال أباُ " (حب ز عن فلػم أجػد لػ
أصبل وال من تكلم علي )..
ومػػع أف لفػػي اغبػػديث غػػك ثابػػز مػػن جهػػة السػػند فػ ف معنػػاخ ى اعببلػػة صػػحي ووػػهرت لػػدى
صبهػػور اؼبسػػلبني تػػدؿ علػػى رسػػوخ نظريػػة االسػػتصبلؼ ى مػػاؿ اهلل وتغلغلهػػا ى أفكػػارهم وهػػو
تغلغل أصيل ل جذورخ العبيقة من كتاب اهلل وسنة رسوؿ اهلل.
ومػػن الطريػػه أف أك ػػر اؼبتس ػولني واليػػحاذين ى بػػبلد اؼبسػػلبني يعرفػػوف هػػذخ النظريػػة ويسػػتغلوما
ػكا هػػذخ
السػػتعطاؼ القػػادرين واسػػتصراج الصػػدقات مػػن أيػػديهم وال ع ػ أف تسػػبع مػػنهم ك ػ ً
الكلبة" :من ماؿ اهلل"! وه كلبة حق يريدوف هبا باطبلً.
وى اغبديث( :ويل لؤلغنياء من الفقراء يوـ القيامػة يقولػوف :ربنػا ظلبونػا حقوقنػا الػب فرشػز لنػا
عليهم فيقوؿ اهلل تعاَ :وعزن وجػبلُ ألدنيػنكم وألبعػدمم) (الطػ اْ ى الصػغك واألوسػ عػن
أنس وإسنادخ شعيه (صبع الفوا د.)442 / 4 :
ػورا وأعبػق أث ًػرا تلػ هػ أمتػوة العقيػدة فػ ف وفوؽ هذخ األمتوة العامػة هنػاؾ أمتػوة أبعػد منهػا غ ً
العقيدة اإلسبلمية ترب بني اؼبؤمنني هبا برباط فكري وروح ال تنفصم عراخ رباط هبعػل األخ ى
العقيػػدة أقػػرب إَ القلػ والفكػػرة وأسػػرع إَ اؼبعونػػة والن ػػدة مػػن األخ ى الػػدـ والنسػ وؽبػػذا
قاؿ تعاَ(:إمبا اؼبؤمنوف أمتوة) (اغب رات.)46 :
ومػن حػػق هػػذخ األمتػػوة الروحيػػة وهػػذخ الرابطػػة العقليػػة العاطفيػػة أف تػػؤن شبارهػػا ى ؾبػػاؿ التضػػامن
العلب والتكافل االجتباع اؼبعاو وإال كانز أمتوة فارغة جوفاء.
ويتأكػػد حػػق هػػذخ األمتػػوة إذا كػػاف اؼبؤمنػػوف هبػػا يعييػػوف ى ظػػل ؾبتبػػع واحػػد فهنػػا تنضػػم رابطػػة
اؼبساكنة ى الوطن الواحد إَ رابطة األمتوة اإليبانية الواصلة ومن ال ابػز أف دار اإلسػبلـ -علػى
سعتها -وطن واحد للبسلبني وأف أبناء اإلسبلـ دامتل هذا الدار ؾبتبع واحد.
وقػػد بػػني رسػػوؿ اإلسػػبلـ -صػػلى اهلل عليػ وسػػلم -حقػػوؽ هػػذخ األمتػػوة بأحادي ػ الك ػػكة اؽباديػػة:
بعض ػػا) (متف ػػق عليػ ػ م ػػن ح ػػديث أل موس ػػى)( ..م ػػل (اؼب ػػؤمن للب ػػؤمن كالبني ػػاف يي ػػد بعضػ ػ ً
اؼبؤمنني ى توادهم وتراضبهم كب ل اعبسػد الواحػد إذا اوػتكى منػ عضػو تػداعى لػ سػا ر اعبسػد
باغببى والسهر) (متفق علي من حديث النعباف بن بيك)( .اؼبسلم أمتو اؼبسػلم ال يظلبػ وال
يسلب )( .رواخ البصاري ومسلم وأبو داود (ال غي وال هي 389 / 3 :د طبع اغبل ).
ومن ترؾ أمتاخ هبوع ويعرى ويبرض وهو قادر على إنقاذخ من اعبوع والعرى واؼبػرض فقػد أسػلب
ومتذل .
ويقوؿ -علي الصبلة والسبلـ( :-ما آمػن ل مػن بػات وػبعاف وجػارخ جػا ع إَ جنبػ وهػو يعلػم)
(رواخ الط اْ والبزار من حديث أنس وإسنادخ حسن وروى الط اْ وأبو يعلى كبػوخ مػن حػديث
ابن عباس ورواخ اغباكم من حديث عا ية (ال غي وال هي . )358 3 :
بعضػػا وأسػػرة واحػػدة يكفػػل كػػل أخ فيهػػا هػػذا هػػو اةتبػػع اؼبسػػلم :بنيػػاف مرصػػوص ييػػد بعض ػ ً
أمتػػاخ ب ػػل جس ػػد واح ػػد إذا او ػػتكى بعض ػ او ػػتكى كل ػ .فب ػػن ح ػػق اإلنس ػػاف اؼبس ػػلم ال ػػذي ال
يسػػتطيع أف يعبػػل أو يسػػتطيع أف يعبػػل وال هبػػد عبػبلً أو يعبػػل وال هبػػد كفايتػ مػػن عبلػ أو
هبد ولكن حل ب من أحداث الزمن ما أفقرخ إَ اؼبعونة كأف اح ؽ بيت أو ذه السػيل دبالػ
أو أصابز اعبوا زرع أو أفلسز ذبارت أو كبو ذل فبا جعل يداف على عيال كػذل مػن
سافر لغرض ميروع فانقطع ى الطريق غريبًا عن وطن ومال .
مػػن حػػق كػػل واحػػد مػػن هػػؤالء أف يعػػاف وييػػد أزرخ ويؤمتػػذ بيػػدخ ليػػنهض ويسػػك ى قافلػػة اغبيػػاة
مرفػوع الػرأس بوصػػف إنسػػانًا كرمػ اهلل -وإال فػبل متػػك ى اإلنسػػاف وال ى اؼبػػؤمن إذا شػػيع أمتػاخ
ى العقيدة واإليباف.
هبذا كل يتض لنا األساس النظري لفرض الزكاة ى اإلسبلـ وهو و ء أوسع وأعبق وأمتلد مػن
األسػػاس الػػذي ب ػ علي ػ فػػرض الض ػريبة وقػػد يكػػوف ى نظريػػة التكافػػل قػػدر مي ػ ؾ بػػني الزكػػاة
والضريبة ولكن النظريات ال بلث األمتر فبا سبيزت ب فريضة الزكاة ببل مراء.
الفصل ال الث
وعاء الضريبة ووعاء الزكاة
فهرس
سبهيد
اؼببحث األوؿ
والي ػريعة اإلس ػػبلمية ح ػػني فرش ػػز الزكػػاة ى رأس الك ػػاؿ -اؼباوػػية وال ػػروة الت اريػػة والنق ػػود -ق ػػد
سبقز االو اكيني وأم اؽبم فبن نادوا بفرض الضرا على رأس اؼباؿ حك غاَ بعضهم فطل
أف تكػػوف هػ الضػريبة الوحيػػدة -أي يقتصػػر عليهػػا النظػػاـ اؼبػػاُ وتتنػػاوؿ رأس الكػػاؿ دوف غػػكخ
(علم اؼبالية للدكتور رويد الدقر ص .)352
ومن هنا أوصى بعض علباء اؼبالية -عند الل وء إَ شريبة رأس اؼباؿ لبلسػتفادة مػن بعػض اؼبزايػا
الب تتبتع هبا -أف يراعى ما يل :
-4يستحسػن أال تػػؤدى هػذخ الضػريبة إَ اقتطػاع جػػزء كبػػك مػن رأس اؼبػػاؿ ذاتػ وإمبػػا يفضػػل أف
تكوف معتدلة ى نسبتها حبيث تقه عند الدمتل الناوئ عػن رأس اؼبػاؿ فسػتوى منػ حص ًػرا دوف
أف تتعرض إَ رأس اؼباؿ ذات .
-2هب أال تفرض الضريبة "وحيػدة" ى النظػاـ الضػري وإمبػا تفػرض "تكبيليػة" أي إَ جانػ
شػرا أمتػػرى ومتاصػػة "الضػريبة علػػى الػػدمتل" (علػػم اؼباليػػة للػػدكتور روػػيد الػػدقر ص - 355
الطبعة ال انية).
-3أف يعفػػى صػػاح ال ػػروة ال ػػب تق ػػل عػػن رق ػػم مع ػػني أو صػػاح الػػدمتل م ػػن ال ػػروة إذا ك ػػاف
الدمتل يقل عن حد معني.
-4هب استبعاد التكاليه على ال روة كالديوف والرهوف وكبوها (موارد الدولة ص .)476
وكبن إذا نظرنا إَ الزكاة الب ورعها اإلسبلـ ى رأس اؼبػاؿ وجػدناها -حببػد اهلل -ميػتبلة علػى
اؼبزايا الب ذكروها م أة من العيوب الب انتقدوها متضبنة أحسن التوصيات الب نبهوا عليها.
-4فاإلس ػػبلـ ٍ يوج ػ ػ الزك ػػاة ى ك ػػل رأس اؼب ػػاؿ ب ػػل ى اؼب ػػاؿ الن ػػام اؼبغ ػػل فقػ ػ واؼبػ ػراد ب ػ ػ
"النام " :ما من وأن أف ينبى ولو عطل صاحب وإمبا او ط النباء ى اؼبػاؿ لتؤمتػذ الزكػاة مػن
الزيادة والفضل ويبقى األصػل سػاؼبا وكلبػة "الزكػاة" ى لغػة العػرب معناهػا النبػاء وؽبػذا كػاف فبػا
ً
عللوا ب إطبلقها على هذخ الفريضة اؼبالية .أف متعلقهػا األمػواؿ ذات النبػاء (انظػر :فػت البػاري:
468 /3مقدمة كتاب الزكاة).
ومن هنا امت نا رأي القا لني بعدـ زكاة اغبلػى اؼببػاح اؼبسػتعبل لعػدـ مبا ػ خبػبلؼ مػا ازبػذ كن ًػزا
أو كاف في سرؼ ظاهر وؾباوزة للبعتاد وكػذل إذا اسػتعبل الرجػاؿ حليػة ؽبػم أو اسػتعبل ى
اآلنية والتباثيل وكبوها فف كل ذل الزكاة ؛ ؼبا في من ثروة نافعة ى غك حاجة إليها.
أيضػػا اتفػػق الفقهػػاء علػػى أف ال زكػػاة ى دور السػػك وثيػػاب البػػدف وأثػػاث اؼبنػػزؿ ودواب
وؽبػػذا ً
الركػػوب وسػػبلح االسػػتعباؿ وآالت احمل فػػني وكتػ العلػػم وألمػػا ليسػػز بناميػػة وألمػػا ميػػغولة
باغباجة األصلية للبال (انظر :فت القدير وورح العناية على اؽبداية.)489 - 487/4 :
هػػذا مػػع أف السػػا د ى تي ػريع الض ػرا أال يعفػػى اؼبنػػزؿ الػػذي يسػػكن صػػاحب مػػن الض ػريبة وى
بعػض الواليػات السويسػرية تتنػاوؿ الضػريبة -فضػبلً عػن الػدمتوؿ اؼبصتلفػة -كافػة ال ػروات اؼبنقولػة
واألوياء القابل للت بني حك األثاث (علم اؼبالية للدقر.)355 :
-2وٍ تفػػرض اليػريعة اإلسػػبلمية الزكػػاة ى رأس اؼبػػاؿ ال ابػػز نفسػ كاؼبصػػانع والعقػػارات بػػل ى
رأس اؼباؿ اؼبتداوؿ أما رأس اؼباؿ ال ابز فتؤمتذ الزكاة من غلت ومبا كاألرض الزراعية الػب جػاء
هب ػػا ال ػػنل وم ػػا أغبقن ػػاخ هب ػػا م ػػن العب ػػارات وكبوه ػػا م ػػن اؼبس ػػتغبلت وهب ػػذا ال ت ػػب الزك ػػاة نب ػػم
اؼب ػػدمترين وال ت ػػدعوهم إَ التوس ػػع ى إنف ػػاؽ دمتله ػػم ـباف ػػة أف يتح ػػوؿ إَ أص ػػوؿ ثابت ػػة كب ػػا
وبدث نتي ة لبعض الضرا .
متاصػػا
-3وٍ تفػػرض اليػريعة اإلسػػبلمية الزكػػاة ى كػػل رأس مػػاؿ قػػل أو ك ػػر بػػل فرشػػز نصػػابًا ً
اعت ت ػ اغبػػد األدّ للغ ػ وأعفػػز مػػا دون ػ مػػن وجػػوب الزكػػاة إال أف يتطػػوع اؼبال ػ وقػػد قػػدر
ذل -كبا ورحنا مػن قبػل -دبػا قيبتػ 85جر ًامػا مػن الػذه بالنسػبة للنقػود وال ػروة الت اريػة
فأوجبػز فيػ الزكػػاة إذا حػػاؿ عليػ اغبػػوؿ وكػاف فاشػبلً عػػن حاجػػات اؼبالػ األصػػلية واغباجػػات
األصلية زبتله بامتتبلؼ العصور كبا بينا من قبل.
ػكا منػ وإمبػا فرشػها -4كبا أف اإلسبلـ ٍ يرفع سعر الزكاة ى رأس اؼباؿ حبيث تقتطع جػزءًا كب ً
بنسػػبة معتدلػػة جػػدا ه ػ % 5.2ربديػ ًػدا ى النقػػود وال ػروة الت اريػػة وتقريبًػػا ى هبيبػػة األنعػػاـ
حبيث يستطاع أمتذها بسهولة من الدمتل النات من مبا ومتاصة أف الزكاة فريضة دورية.
والواقع أف اإلسبلـ حػني فػرض الضػريبة علػى رأس اؼبػاؿ -ى النقػود والت ػارة واؼباوػية ٍ -يقصػد
إَ إمتضػاع رأس اؼبػػاؿ ذاتػ بػػل قصػػد إمتضػػاع الػػدمتل النػات عنػ وفبػػا هبػػدر بالػػذكر أف فقهاءنػػا
نصوا على هذا اؼبع بعبارات صروبة..
فييمل اإلسػبلـ ابػن قدامػة ى "اؼبغػ " يقػوؿ ى التفريػق بػني مػا اعتػ لػ اغبػوؿ مػن األمػواؿ ومػا ٍ
يعتػ لػ " :إف مػػا اعتػ لػ اغبػػوؿ مرصػػد للنبػػاء فاؼباوػػية مرصػػدة للػػدر والنسػػل وعػػروض الت ػػارة
مرصػدة للػرب وكػػذا األشبػار (يعػ الػرب ) فػػاعت ؽبػاغبوؿ ألنػ مظنػػة النبػاء ليكػػوف إمتػراج الزكػػاة
مػػن الػرب ف نػ أسػػهل وأيسػػر ولكػػيبل يفضػ إَ تعاقػ الوجػػوب ى الػػزمن الواحػػد مػرات فينفػػذ
ماؿ اؼبال " (اؼبغ ( 625 / 2 :بتصرؼ) وانظر ص 484من هذا الكتاب).
وقاؿ صاح "اؽبداية" ى فق اغبنفية :وال بد من اغبوؿ؛ ألن ال بد من مدة يتحقق فيها النباء
وقدرها اليارع باغبوؿ ألن اؼبتبكن ب من االستنباء الوتبال على الفصوؿ اؼبصتلفة والغال
تفاوت األسعار فيها فأدير اغبكم علي .
ػرعا
وعلق احملقق الكباؿ ابن اؽبباـ ى "فػت القػدير" علػى بيػاف هػذخ اغبكبػة ى اوػ اط اغبػوؿ و ً
فقػػاؿ :وحقيقت ػ " :أف اؼبقصػػود مػػن وػػرعية الزكػػاة -مػػع اؼبقصػػود األصػػل مػػن االبػػتبلء -مواسػػاة
فقكا بأف يعط مػن فضػل مالػ قلػيبلً مػن ك ػك واإلهبػاب ى اؼبػاؿ الفقراء على وج ال يصك هو ً
ػوما مػػع اغباجػػة إَ اإلنفػػاؽ الػػذي ال مبػػاء ل ػ يػػؤدي إَ متػػبلؼ ذل ػ عنػػد تكػػرر السػػنني متصػ ً
في ػػرط اغب ػػوؿ ى اؼبع ػػد للت ػػارة (يري ػػد التنبي ػػة والت ب ػػك) م ػػن العب ػػد أو خبل ػػق اهلل تع ػػاَ إي ػػاخ ؽب ػػا
ليػػتبكن مػػن ربقيقهػػا ى الوجػػود فيحصػػل النبػػاء اؼبػػانع مػػن حصػػوؿ شػػد اؼبقصػػود" (فػػت القػػدير
ورح اؽبداية.)482 / 4 :
وهبذا يتض لنػا أف اؽبػدؼ ٍ يكػن أمتػذ الزكػاة مػن رأس اؼبػاؿ نفسػ بػل مػن إيػرادخ ومبا ػ ولكػن
ؼباذا تؤمتذ الزكاة من اإليراد والنباء حقيقة؟..
يق ػػوؿ اب ػػن قدامػ ػ ى اعبػ ػواب ع ػػن ذلػ ػ (اؼبغػ ػ ٍ" :.)625 / 2تعتػ ػ حقيق ػػة النب ػػاء لك ػػرة
امتتبلف ػ وع ػػدـ ش ػػبط وألف م ػػا اعت ػ ت مظنت ػ ٍ يلتف ػػز إَ حقيق ػػة ك ػػاغبكم م ػػع األس ػػباب"
(ييك هبذا إَ أف اليرع ال يرت أحكام إال على األوصاؼ الظاهرة اؼبنضػبطة وهػ مػا يسػبيها
الفقهػػاء "العلػػل" أو"األسػػباب" ال علػػى "اغبكػػم" الػػب ه ػ العلػػة اغبقيقيػػة غبكػػم اليػػارع وم ػػاؿ
ذل :أف اإلسبلـ ورع للبسافر الفطر ى رمضاف وقصر الصبلة الرباعية واغبكبة ى ذل ه
اؼبيػػقة ولكنهػػا ؼبػػا كانػػز أمػ ًػرا غػػك ؿبػػدد وال منضػػب ٍ يلتفػػز إليػػة ورتػ اليػػارع اغبكػػم علػػى
مظنة اؼبيقة وهو السفر نفس )..
اؼببحث ال اْ
يعت "الدمتل" أهػم أوعيػة الضػريبة ى العصػر اغبػديث وإذا كػاف أعظػم مصػادر الػدمتل قػديبًا هػو
اؼبلكيػة العقاريػػة فػ ف عصػرنا قػػد فػت أبوابًػػا جديػدة للػػدمتل ناوػػئة عػن العبػػل أو رأس اؼبػػاؿ أو
معا.
االثنني ً
فعنػػدما تقػػدمز حركػػة التصػػنيع وزاد تيػػار اؼببػػادالت الدامتليػػة واػبارجيػػة زادت اإليػرادات الناوػػئة
عػػن العبػػل ورأس اؼبػػاؿ وتنوعػػز ومػػن ذل ػ أربػػاح النيػػاط الت ػػاري والصػػناع وإيػرادات القػػيم
اؼبنقولة من أسهم وسندات وذل إَ جان أرباح اؼبهن واؼبرتبات واألجػور الػب أصػبحز تػدفع
إَ عدد كبك من اؼبوظفني والعباؿ باؼبنيآت اؼبصتلفة.
ونظػ ًػرا للتوسػػع ى امتتصاصػػات الدولػػة اغبدي ػػة مػػن جهػػة وظهػػور مصػػادر جديػػدة غػػك اإلي ػرادات
العقارية من جهة أمترى فقػد عبػأت الػدوؿ ى الوقػز اغباشػر إَ الضػرا اؼبباوػرة علػى الػدمتل
ػوردا للصزانػػة وبػػذل قلػػز األنبيػػة النسػػبية للض ػرا غػػك اؼبباوػػرة مػػن رسػػوـ صبركيػػة
بوصػػفها مػ ً
وشرا اسػتهبلؾ وفضػبلً عػن ذلػ فضػرا الػدمتل ػ ى نظػر علبػاء اؼباليػة ػ أقػرب إَ ربقيػق
العدالػػة ى الظػػروؼ اغبدي ػػة الػػب البػػد فيهػػا مػػن او ػ اؾ أصػػحاب اإلي ػرادات غػػك العقاريػػة مػػع
أص ػػحاب اإليػ ػرادات العقاري ػػة ى ربب ػػل األعب ػػاء العام ػػة (مػ ػوارد الدول ػػة لل ػػدكتور س ػػعد م ػػاهر ص
.)447
مع الدمتل
والدمتل هو" :ال روة اعبديدة الب تفيض من مصدر معلوـ قابل لل بات".
( أ ) فبلبػػد مػػن مصػػدر للػػدمتل س ػواء أكػػاف ماديًػػا كالعقػػار واؼبنقػػوؿ العي ػ والنقػػدي أو معنويًػػا
كالعبل (الذي يبكن تقديرخ باألجر النقدي) أو مزهبًا منهبا فبصادر الدمتل :إما رأس اؼبػاؿ أو
معا.
العبل أو نبا ً
وؼبا كاف رأس اؼباؿ ينقسم إَ عقار ومنقوؿ ف ف الدمتل الذي يفيض منهبا هو دمتػل مػن ال ػروة
العقارية ومن ال روة اؼبنقولة.
أمػػا عػػن العبػػل فقػػد يباوػػرخ اؼببػػوؿ بنفس ػ دوف أف ي ػرتب بربػػاط اػبضػػوع لغػػكخ ويضػػطلع بعبػػل
يػػدوي أو عقلػ فدمتلػ ى هػػذخ اغبػػاؿ دمتػػل مه ػ مسػػتبد مػػن اؼبهنػػة الػػب يبارسػػها ف ػ ذا ارتػػب
بغكخ بعقد إجارة أوصاص ف ف دمتل يتصذ حينئذ صورة الروات أو األجور أو اؼبكافآت.
وؼبػػا كػػاف اؼبصػػدر ال الػػث ـبتلطًػػا هببػػع بػػني اؼبػػاؿ والعبػػل فػ ف الػػدمتل اؼبسػػتبد منػ هػػو الػرب ى
العادة (مبادئ علم اؼبالية العامة للدكتور ؿببد فؤاد إبراهيم.)322/4 :
تبعا للبصدر يقسبوف الدمتوؿ إَ ريع وفا دة وأجر ورب . وعلى أساس التفرقة ً
(ب) واألصػػل ى هػػذخ اؼبصػػادر كلهػػا أمػػا تتصػػه بالبقػػاء وال بػػات واؼب ػراد ال بػػات النس ػ وأقػػل
درج ػػات ال ب ػػات احتب ػػاؿ الع ػػودة إَ اإلنت ػػاج ولك ػػن ه ػػذخ اؼبص ػػادر تتف ػػاوت ى احتباؽب ػػا للبق ػػاء
والػػدواـ فػرأس اؼبػػاؿ أقػػدر علػػى البقػػاء ى هػػذخ الناحيػػة مػػن العبػػل (اؼبصػػدر السػػابق نفسػ ) وهػػذخ
الف ػػروؽ النس ػػبية ى درج ػػة بق ػػاء مص ػػدر ال ػػدمتل تك ػػوف ع ػػادة مس ػػو ًغا المت ػػتبلؼ أعب ػػاء الضػ ػريبة
الواح ػػدة فيزي ػػد الس ػػعر إذا ك ػػاف مص ػػدر ال ػػدمتل م ػػاالً فحس ػ وىبف ػػه إذا ك ػػاف اؼبص ػػدر عب ػبلً
فحس ػ ويكػػوف الع ػ ء وس ػطًا إذا كػػاف اؼبصػػدر مزهبًػػا مػػن اؼبػػاؿ والعبػػل بػػل قػػد يتفػػاوت سػػعر
أيضػا حبسػ نػوع رأس اؼبػاؿ فسػعر الضػريبة علػى الػدمتل مػن األراشػ الزراعيػة يبكػن أف
الضريبة ً
يكوف أعلى من سعر الضريبة على دمتل اؼببػاْ ؛ ألف اؼببػاْ تسػتهل بعػد مػدة ..وهكػذا (مػوارد
الدولة ص .)422
واإلسبلـ كبا فرض الزكاة على رأس اؼباؿ ى ال روة اغبيوانيػة والت اريػة والنقديػة فػرض الزكػاة علػى
أيضا .وأوش م ل لذل ما فرش اإلسبلـ على دمتل االسػتغبلؿ الزراعػ أو مػا الدمتل واإليراد ً
عػػرؼ باسػػم "زكػػاة الػػزروع وال بػػار" فقػػد أوج ػ فيهػػا العُيػػر أو نصػػه العُيػػر حس ػ طريقػػة ري
األرض بآلة أو بغك آلة أعطانا اإلسبلـ مبدءًا ل وزن ومتطرخ ى عاٍ التيريع الضري وذل هو
تنويع سعر الواج وفق اعبهد اؼببذوؿ فكلبا قل اعبهد ارتفعز نسبة الضريبة وكلبا زاد اعبهػد
هبطز النسبة.
ومػػن هنػػا فػػرض اإلسػػبلـ اػبُبػػس ( )%26علػػى مػػا يع ػػر علي ػ مػػن الكنػػوز اؼبدفونػػة ى األرض
وفرض نصه اػببس (العُير) ( )%46على ما سقى مػن الػزرع وال بػر دبػاء السػباء أو بالراحػة
وفػػرض (نص ػػه العيػػر) %5علػػى م ػػا سػػقى بال ػػدواب أو اآلالت وفػػرض نصػػف (رب ػػع العي ػػر)
( )%2.5على ما يكسب من وراء كدخ وعبل كبا هو اليأف ى كس الت ارة.
أيضا ذه بعض الفقهاء إَ أف الواج ى اؼبستصرج مػن اؼبعػادف يتنػوع مػن طبػس إَ ومن هنا ً
رب ػػع العي ػػر حس ػ اؼبؤن ػػة واؼبي ػػقة كب ػػا بين ػػا ذل ػ ى موش ػػع (ى الفص ػػل الس ػػابع م ػػن الب ػػاب
ال الث).
ومن أنواع زكاة الدمتل ى اإلسبلـ :ما ذهػ إليػ صباعػة مػن األ بػة مػن القػوؿ بزكػاة العسػل وأف
في العير .وهو ما رجحناخ وقسنا علي اؼبنت ات اغبيوانية.
ومػػن ذلػ :زكػػاة الػػدمتل النػػات مػػن إنتػػاج ال ػػروة اؼبعدنيػػة علػػى امتػػتبلؼ ى قػػدر الواجػ .ومػػن
أيضػػا :زك ػػاة ال ػػدمتل الناو ػػئ م ػػن إنت ػػاج ال ػػروة البحري ػػة مػػن لؤل ػػؤ وعن ػ وأظب ػػاؾ وغكهػػا فب ػػا
ً ذل ػ
يستصرج من البحر وهذا ما ذه إلي بعض السله وما امت ناخ وأيدناخ.
ومػن ذلػ :الػدمتل الناوػئ مػػن أجػرة األرض الزراعيػة الػب تػؤجر ؼبػػن يزرعهػا بنقػود معينػة فاؼبالػ
يزك األجرة كبا يزك الزارع اػبارج من األرض من زرع وشبر.
ومػػن ذل ػ زكػػاة الػػدمتل الناوػػئ مػػن اسػػتغبلؿ اؼببتلكػػات كالعبػػارات والسػػيارات ومػػا وػػاهبها فبػػا
يكرى ويؤجر ويدر على مالك دمتبلً كبا ذه إلي بعض العلباء ورجحناخ ى موشع .
ومػ ػن ذلػ ػ :زك ػػاة ال ػػدمتل الناو ػػئ م ػػن كس ػ العب ػػل واؼبه ػػن اغب ػػرة .وي ػػدمتل ى ذلػ ػ الرواتػ ػ
واألجور واؼبكافآت وما يسػتفيدخ أصػحاب اؼبهػن واغبػرؼ اؼبصتلفػة مػن اؼبكاسػ والػدمتوؿ ففػ
كل هذا الزكاة ػ بيروطها ػ على ما رجحناخ.
اؼببحث ال الث
ذكرنػػا أف علبػػاء الض ػريبة قسػػبوا الض ػرا مػػن حيػػث وعا هػػا ػ إَ ش ػرا علػػى رأس اؼبػػاؿ ػ
وشرا على الدمتل وشرا على األوصاص ػ وقد ربدثنا عن الزكاة بوصفها شريبة على رأس
اؼب ػػاؿ وش ػ ػريبة عل ػػى ال ػػدمتل وبقػ ػػى أف نتح ػػدث ع ػػن ن ػػوع م ػػن الزك ػػاة ه ػػو م ػػن الض ػ ػريبة علػ ػػى
األوػػصاص وشػريبة األوػػصاص تصػػي اؼببػػوؿ مباوػػرة علػػى أنػ العنصػػر اػباشػػع للضػريبة بغػػض
النظر عن حالت اليصصية من غ أو فقر وكانز تسػبى "شػريبة الػرؤوس" ألمػا تؤمتػذ عػن كػل
رأس أي كل وصل.
وشػريبة الػػرؤوس هػػذخ قػػد تعبػػد الدولػػة إَ فرشػػها حبيػػث تصػػي الرجػػاؿ والنسػػاء واألطفػػاؿ علػػى
السواء أو على األوصاص الذين تتوافر فيهم بعض اليروط اػباصة كاو اط األهلية السياسية
أو يتقرر فرشها على األقليات أو األجان . .إٌ.
مزاياها وعيوهبا
ومػػن مزايػػا هػػذخ الض ػريبة :أمػػا ال تكلػػه اإلدارة اؼباليػػة مئونػػة البحػػث ى ربديػػد العناصػػر اػباشػػعة
للضريبة فضبلً عن أما تقرر متضوع اعببيع للضريبة وف ًقا ؼببدأ العبومية اؼبطلقة ػ فتزداد اغبصيلة.
على أن يؤمتذ عليها أما تصطدـ دببادئ القدرة على رببػل الضػريبة وأدا هػا مػا داـ يسػتقطع مػن
صبيعا مقدار واحد مهبا تتباين دمتوؽبم وثرواهتم. طوا ه اؼببولني ً
ومػن ه أعرشػز الػدوؿ اغبدي ػػة عنهػا واذبهػز إَ شػرا األمػواؿ ومػع ذلػ فبػا زالػز بعػػض
الػػدوؿ اغبدي ػػة تل ػػأ إَ فػػرض هػػذا النػػوع مػػن الضػرا لتحقيػػق بعػػض األهػػداؼ اػباصػػة ؛ كػػأف
صبيعػا يسػهبوف ى رببػل تفرشها علػى اعببيػع لتنبيػة الوجػداف اعببػاع عنػدهم ولتيػعرهم أمػم ً
األعبػػاء العامػػة ولتح ػ هم بالتبعيػػة علػػى االهتبػػاـ باليػػئوف السياسػػية وبيػػئوف اؽبيئػػات احملليػػة إذا
كانوا مقيبني باألقاليم.
ػددا مػػن الواليػػات األمريكيػػة مػػا بػػرح يفػػرض ش ػريبة علػػى الػػرؤوس وإف كػػافهػػذا ويبلحػػي أف عػ ً
ىبصل حصيلتها إما لئلنفاؽ على التعليم وإما لتقػدٓ إعانػات اجتباعيػة وإمػا لتحسػني حػاؿ
الطرؽ.
أيضا شػريبة الػرؤوس كضػريبة ؿبليػة ومػا علػى اؼببػوؿ -إف ٍ يػرد وكذل فرنسا ما زالز تفرض ً
اػبضوع ؽبػا -إال أف يعبػل ثبلثػة أيػاـ سػنويًا ى تعبيػد الطػرؽ وصػيانتها (مػن كتػاب "مبػادئ علػم
عل ػػى اؼبالي ػػة العام ػػة " لل ػػدكتور ؿبب ػػد ف ػؤاد إب ػراهيم 365/4 :ػ 367ػ مبح ػػث " الض ػرا
األوصاص ").
وإذا نظرنػػا إَ زكػػاة الفطػػر الػػب فرشػػها اإلسػػبلـ مػػرة ى كػػل عػػاـ دبناسػػبة الفػراغ مػػن فريضػػة الصػػياـ
نوعا مػن الضػريبة علػى األوػصاص فيهػا مزاياهػا مػن حيػث سػهولة فرشػها وقدوـ العيد وجدناها ً
وسػػهولة ربصػػيلها وعبومهػػا لكػػل اؼبكلفػػني وهػ مػػع ذلػ متاليػػة فبػػا تعػػاب بػ تلػ الضػرا
ألما قػدر يسػك يسػهل علػى الػنفس أداؤخ عػن طيػ متػاطر ومتاصػة الرتباطهػا بعبػادة مفروشػة
ومعػػاف قدسػػية وأهػػداؼ روحيػػة وأمتبلقيػػة كبػػا أف مػػن ال يقػػدر علػػى دفعهػػا معفػػى منهػػا ب صبػػاع
اؼبسلبني.
إف اليريعة اإلسبلمية بفرض هذخ الزكػاة السػنوية علػى كػل مسػلم رجػل أو امػرأة صػغك أو كبػك
غ ػ أو فقػػك إمبػػا أرادت أف تعػػود اؼبسػػلم البػػذؿ ى العسػػر واليسػػر واإلنفػػاؽ ى السػراء والض ػراء
واالهتبػػاـ بػػاآلمترين واليػػعور حباجػػة احملتػػاجني ومتاصػػة ى مناسػػبة سػػارة كقػػدوـ العيػػد واالنتهػػاء
من فريضة الصوـ.
مانعػػا أف يعطػػى اؼبسػػلم هػػذخ الزكػػاة وإف كػػاف فبػػن يسػػتحق أمتػػذها وقػػد
ومػػن هنػػا ٍ يػػر اإلسػػبلـ ً
جاء ى اغبديث( :أما غنيكم فيزكي اهلل تعاَ وأما فقككم فػكد اهلل عليػ أك ػر فبػا أعطػى) (تقػدـ
ى زكاة الفطر).
وال زالز هذخ الزكاة فبا وبرص اؼبسلبوف ى وك بقاع األرض على أدا هػا لت ػ مػا نقصػ اللغػو
والرفث من صيامهم رغم إنباؿ الك كين منهم لزكاة األمواؿ.
الفصل السابع
هل تُفرض شرا مع الزكاة؟
فهرس
السنة
وجوب اليورى من الكتاب و ُ
هل اليورى ُمعلِبة أـ ملزمة؟
اؼببحث ال الث :وبهات اؼبانعني لفرض الضرا
سبهيد
مع الزكاة اؼببحث األوؿ :األدلة على جواز فرض الضرا
معلومػا ى أمػواؿ اؼبسػلبني وجعلهػا شػريبة تتوالهػا اغبكومػة إذا كاف اإلسبلـ قد فرض الزكاة ح ًقا ً
اؼبسلبة جباية وصرفًا فهل هبػوز ؽبػذخ اغبكومػة أف تفػرض علػى األغنيػاء شػرا أمتػرى إَ جػوار
الزكػػاة إلقامػػة مصػػاً األمػػة وتغطيػػة النفقػػات العامػػة للدولػػة؟ أـ تُعػػد الزكػػاة ه ػ الفريضػػة اؼباليػػة
الوحيدة الب ال يؤمتذ من اؼبسلبني غكها؟
ولك يتض هذا األمر جليًا من وجهة نظػر اليػريعة اإلسػبلمية قبعػل الكػبلـ فيػ حػوؿ مباحػث
ثبلثة:
اؼببحث األوؿ :األدلة على جواز فرض الضرا .
اؼببحث ال اْ :اليروط الب هب مراعاهتا ى فرض الضرا .
اؼببحث ال الث :وبهات اؼبانعني لفرض الضرا والرد عليها.
وها كبن نتحدث عنها على هذا ال تي .
اؼببحث األوؿ
أما األدلة على جواز فرض الضرا العادلة فنوشحها فيبا يل :
أوالً -أف التضامن االجتباع فريضة:
وال حاجة بنا إَ إعادة ما ذكرناخ من أدلة على هذا اغبكم ى باب "أى اؼباؿ حق سوى الزكاة"؟
وحسػبنا أف نػذكر أف اعببيػع متفقػوف علػى أنػ إذا نزلػز باؼبسػلبني حاجػة عامػة بعػد الزكػاة وجػ
سػػدها مهبػػا اسػػتغرؽ ذلػ مػػن األمػواؿ حػػك الػػذين يقولػػوف" :لػػيس ى اؼبػػاؿ حػػق سػػوى الزكػػاة"
يقػػرروف ذل ػ ى وشػػوح .كبػػا يؤكػػد ذل ػ مػػا ذكرنػػاخ ى نظريػػة "التكافػػل" ونظريػػة "اإلمتػػاء" ى
أساسا لكل ما يُفرض من حقػوؽ ى اؼبػاؿ ً حدي نا عن األساس النظري لفرض الزكاة فه تصل
أيضا.
بعد الزكاة ً
ثانيًا -أف مصارؼ الزكاة ؿبدودة ونفقات الدولة ك كة:
فقد عرفنا أف الزكاة شريبة ذات صبغة متاصة وأهداؼ معينػة :أهػداؼ اجتباعيػة وأمتبلقيػة ودينيػة
وسياسػػية كبػػا بينػػا فيبػػا سػػبق ولػػيس هػػدفها اؽبػػدؼ اؼبػاُ فقػ -أعػ ؾبػػرد صبػػع اؼبػػاؿ لئلنفػػاؽ
على مرافق الدولة -إال على قوؿ من جعل "سبيل اهلل" ييبل كل طاعة ومصػلحة وهػو متػبلؼ
ما تدؿ علي اآلية واغبديث ومتبلؼ ما ذه إلي اعببهور.
وم ػػن هن ػػا كان ػػز مص ػػارؼ الزك ػػاة ؿبص ػػورة ى األص ػػناؼ ال باني ػػة ال ػػب ح ػػددها الق ػػرآف وهببعه ػػم
ؿبتاجػػا مػػن اؼبسػػلبني كػػالفقراء واؼبسػػاكني وى الرقػػاب والغػػارمني ألنفسػػهم وابػػن
وصػػفاف :مػػن كػػاف ً
السػػبيل ومػػن وبتػػاج إلػػيهم اؼبسػػلبوف :كاةاهػػدين ى سػػبيل اهلل واؼبؤلفػػة قلػػوهبم والعػػاملني عليهػػا
والغارمني ؼبصلحة اةتبع.
وؽبػذا كػاف للزكػاة بيػز مػاؿ متػاص -أي ميزانيػػة مسػتقلة -وٍ ُهبَػ روز الفقهػاء أف ُىبلػ ماؽبػا بػػأمواؿ
اؼبػوارد األمتػػرى لتُصػػرؼ ى مصػارفها اليػػرعية اؼبنصوصػػة وتقػوـ دبهبتهػػا األوَ ى إقامػػة التكافػػل
االجتباع .
ضػم مػاؿ اػبػراج إَ مػاؿ الصػدقات؛ ألف اػبػراج ومػن أجػل ذلػ قػاؿ أبػو يوسػه :ال ينبغػ أف يُ َ
ىء عببيع اؼبسلبني والصدقات ؼبن ظبى اهلل عز وجل (اػبراج ص.)95
أيضا قالوا" :ال تُصرؼ الزكاة إَ بناء اعبسور وسبهيد الطػرؽ ووػق األمػار وبنػاء اؼبسػاجد وؽبذا ً
والرب واؼبدارس والسقايات وسد الب وؽ" (اؼبغ .)667/2 :
ولكن هذخ األمور شرورية للدولة اإلسبلمية وألي دولة فبػن أيػن تنفػق علػى هػذخ اؼبرافػق وإقامػة
هذخ اؼبصاً إذا ٍ هبز ؽبا الصرؼ من الزكاة؟
واعبواب :أما كانز تنفق على هذخ اؼبصاً من ُطبس الغنا م اغبربية الب يستوُ عليها اؼبسػلبوف
من أعدا هم احملاربني أو فبا أفاء اهلل عليهم من أمواؿ اؼبيركني بغك حػرب وال قتػاؿ وكػاف هػذاف
اؼبػػورداف ى عهػػود الفػػت اإلسػػبلم األوَ يغنيػػاف اػبزانػػة دبػػا ال ربتػػاج معػ إَ فػػرض شػرا علػػى
الناس غك الزكاة .وخباصة أف واجبات الدوؿ حينذاؾ كانز ؿبػدودة .أمػا ى عصػرنا -وقػد نضػ
هذاف اؼبورداف -فلم يعد إلقامة مصاً األمة مورد إال فرض شػرا أو وظػا ه علػى ذوي اؼبػاؿ
بقدر ما وبقق اؼبصلحة الواج ربقيقها وف ًقا لقاعدة" :ما ال يتم الواج إال ب فهو واج ".
ولقد رأينػا فقهػاء اليػافعية يقػرروف أف الغػزاة "اؼبرتزقػة" الػذين ؽبػم سػهم ى الفػ ء -وبعبػارة أمتػرى:
اعبنػػود النظػػاميني الػػذين ؽبػػم رات ػ مػػن اػبزانػػة العامػػة -ال هبػػوز أف يُصػػرؼ ؽبػػم و ػ ء مػػن أم ػواؿ
الزكاة .فأما سهم "سػبيل اهلل" فهػو للبتطوعػة مػن اةاهػدين .ولكػنهم حب ػوا هنػا مػا إذا ٍ يكػن ى
اػبزانة العامة و ء يُعط من لل نػود اؼبنتظبػني واحتػاج اؼبسػلبوف إَ مػن يكفػيهم وػر الكفػار
فبن أين يُعط هؤالء اؼبنتظبوف ما يقوـ حباجاهتم ومطالبهم؟
لقػػد رجػ النػػووي وغػػكخ مػػن أ بػػة اليػػافعية أنػ يلػػزـ أغنيػػاء اؼبسػػلبني إعػػانتهم مػػن غػػك مػػاؿ الزكػػاة
(انظر :الروشة 324/2 :وربفة احملتاج.)96/3 :
اؼببحث ال اْ
ولكن الضريبة الب يع ؼ ؽبا اإلسبلـ باليػرعية ويرشػى نظامػ عنهػا هػ الػب تتػوافر ؽبػا اليػروط
اآلتية:
اليرط األوؿ -اغباجة اغبقيقية إَ اؼباؿ وال مورد آمتر:
إ ّف أوؿ اليػػروط :أف تكػػوف هنػػاؾ حاجػػة حقيقيػػة بالدولػػة إَ اؼبػػاؿ .حبيػػث ال تكػػوف هنػػاؾ م ػوارد
أمترى تستطيع اغبكومة هبا أف ربقق أهدافها وتقيم مصاغبها دوف إرهاؽ الناس بالتكاليه.
وذل ػ أف األصػػل ى اؼبػػاؿ اغبرمػػة وى الػػذمم ال ػ اءة مػػن التكػػاليه ماليػػة وغػػك ماليػػة فػػبل هبػػوز
انتهاؾ حرمة اؼبِلكية اػباصة وأمتذ اؼباؿ من مالك وتكليه األمة أعباء مالية إال لضرورة قاشػية
أو حاجة داعية ف ذا ٍ توجد اغباجػة أو ُوج ِػدت وكػاف عنػد اغبكومػة مػن األمػواؿ أو اؼبػوارد مػا
يغط نفقاهتا ويغنيها عن إلزاـ الناس بالضرا فبل هبوز فرض الضرا حينئذ.
وقد تيدد علباء اؼبسلبني وأصحاب الفتػوى مػنهم ى رعايػة هػذا اليػرط إَ أبعػد حػد .واوػ ط
تامػػا حػػك هبػػوز فػػرض ش ػرا ومػػا صػػنعوا ذل ػ إال متيػػية بعضػػهم أف ىبلػػو بيػػز اؼبػػاؿ متلػ ًػوا ً
إسػراؼ اغبكػػاـ ى طل ػ األم ػواؿ غباجػػة ولغػػك حاجػػة وإرهػػاؽ الرعيػػة دبػػا ال ربتبل ػ طػػاقتهم مػػن
الوظا ه اؼبالية واؼبكوس اعبا رة.
واغبػػق أف التػػاريمل اإلسػػبلم يػػروي لنػػا مػػن ذل ػ مواقػػه را عػػة لعلبا نػػا وقف ػوا فيهػػا مػػع مصػػلحة
اليعوب وشد ترؼ السبلطني وأتباع السبلطني.
فحينبػػا أراد سػػلطاف مصػػر "قطػػز" الت هػػز لقتػػاؿ التتػػار اسػػت ابة لطل ػ اؼبل ػ الناصػػر صػػاح
حل والياـ يومئذ صبع القضاة والفقهاء واألعياف ؼبياورهتم فيبا يعتبد علي ى أمر التتار وأف
يؤمتػػذ مػػن النػػاس مػػا يُسػػتعاف ب ػ علػػى جهػػادهم فحضػػروا ى دار السػػلطنة بقلعػػة اعببػػل وحضػػر
اليػيمل عػػز الػػدين بػن عبػػد السػػبلـ والقاشػ بػدر الػػدين السػػن اري قاشػ قضػػاة الػػديار اؼبصػرية
وغكنبا من العلباء وتناقيوا ى األمر فكاف االعتباد على ما يقولػ ابػن عبػد السػبلـ ومتبلصػة
ما قال للسلطاف قطز" :أن إذا طرؽ العدو ببلد اإلسبلـ وج على العاٍ قتاؽبم وجػاز لكػم أف
تأمتذوا من الرعية ما تستعينوف بػ علػى جهػادكم بيػرط أال يبقػى ى بيػز اؼبػاؿ وػ ء وتبيعػوا مػا
لكم من اغبوا ل (صبع حياصة :وه كسػاء مووػ بالػذه ىبلعػ السػلطاف علػى أمرا ػ وأعوانػ
ى مناس ػػبات متاص ػػة) .اؼبذهب ػػة واآلالت النفيس ػػة ويقتصػ ػػر كػ ػػل اعبن ػػد علػ ػػى مركوب ػ ػ وسػ ػػبلح
ويتساووا هم والعامة أما أمتذ األمواؿ مػن العامػة مػع بقايػا ى أيػدي اعبنػد مػن األمػواؿ واآلالت
الفػػامترة فػػبل" .وانفػػض اةلػػس علػػى ذل ػ (انظػػر :الن ػػوـ الزاهػػرة 73-72/7 :والسػػلوؾ ؼبعرفػػة
دوؿ اؼبلوؾ 447-446/4 :وطبقات اليافعية البن السبك ى ترصبة الييمل عز الدين).
وتكرر هذا اؼبوقه الي اع لئلماـ النووي مع الظاهر بي س.
فحينبػػا متػػرج الظػػاهر إَ قت ػػاؿ التتػػار باليػػاـ وٍ يك ػػن ى بيػػز اؼبػػاؿ مػػا يق ػػوـ بت هيػػز اعب ػػيو
واإلنف ػػاؽ عل ػػى اؼبق ػػاتلني اس ػػتفك علب ػػاء الي ػػاـ ى جػ ػواز ف ػػرض ش ػرا عل ػػى الي ػػع إلعان ػػة
السلطاف واعبيو على قتاؿ األعداء وتغطية النفقات اؼبطلوبة .فأفتاخ العلباء جبواز ذل للحاجة
واؼبصلحة وكتبوا ل بذل وكاف اإلماـ النووي غا بًا فلبا سأؿ السلطاف العلبػاء :هػل بقػ مػن
أحػػد؟ قػػالوا :نعػػم بق ػ اليػػيمل ؿبي ػ الػػدين النػػووي ..فطلب ػ فحضػػر فقػػاؿ ل ػ :اكت ػ متط ػ
(توقيع ) مع الفقهاء .فامتنع الييمل وأىب وسأل السلطاف :ما سب امتناعػ ؟ قػاؿ اليػيمل :أنػا
أعػػرؼ أنػ كنػػز ى الػػرؽ لؤلمػػك "بندقػػدار" ولػػيس لػ مػػاؿ ه مػػن اللػ عليػ وجعلػ مل ًكػػا
وظبعز أف عندؾ ألػه فبلػوؾ لكػل فبلػوؾ حياصػت مػن الػذه وعنػدؾ ما تػا جاريػة لكػل جاريػة
ُحػػق مػػن اغبلػ ف ػ ف أنفقػػز ذلػ كل ػ وبقيػػز فباليكػ بػػالبتوف والصػػوؼ بػػدالً مػػن اغب ػوا ل
وبقيز اعبواري ب ياهبن دوف اغبل أفتيت بأمتذ اؼباؿ من الرعية.
فغض الظاهر من كبلمػ وقػاؿ لػ :أمتػرج مػن بلػدي دميػق فقػاؿ :السػبع والطاعػة ومتػرج إَ
"نوي".
فق ػػاؿ الفقه ػػاء للس ػػلطاف :إف ه ػػذا م ػػن كب ػػار علبا ن ػػا وص ػػلحا نا وفب ػػن يُقت ػ َػدى هب ػػم فأع ػػدخ إَ
دميق فأذف الظاهر برجوع ولكن الييمل رفض وقاؿ :ال أدمتلها والظاهر هبػا ومػات الظػاهر
بعػػد وػػهر( .عػػن كتػػاب "اإلسػػبلـ اؼبف ػ ى علي ػ لؤلسػػتاذ ؿببػػد الغ ػزاُ ص 223-222الطبعػػة
اػبامسة).
وفبػػا كتبػ إَ السػػلطاف الظػػاهر بيػ س ى رسػػالة ينصػػح فيهػػا ويوشػ لػ حكػػم اليػػرع قػػاؿ" :وال
وبل أف يؤمتذ من الرعية و ء ما داـ ى بيز اؼباؿ و ء من نقد أو متاع أو شػياع تُبػاع أو غػك
ذل ػ وهػػؤالء علبػػاء اؼبسػػلبني ى بػػبلد السػػلطاف -أعػػز اهلل أنصػػارخ -متفقػػوف علػػى ه ػذا وبيػػز
ػكا وبرك ػػة" (م ػػن ترصب ػػة اإلم ػػاـ الن ػػووي للح ػػافي
اؼب ػػاؿ حبب ػػد اهلل معب ػػور زادخ اهلل عب ػػارة وس ػػعة ومت ػ ً
السصاوي -مطبعة صبعية النير والتأليه باألزهر -سنة .)4935
السنة
وجوب اليورى من الكتاب و ُ
السنة:
وال نقوؿ ذل من عند أنفسنا فهذا ما يدؿ علي الكتاب و ُ
عنصرا أساسيًا من العناصر الب تكوف اةتبع اؼبؤمن قاؿ تعػاَ: أما الكتاب :فقد جعل اليورى ً
ػاه ْم يُ ِنف ُق ػ ػ ػػو َف) (وال ػ ػ ػػذيِن اس ػ ػ ػػت ابواْ لِػ ػ ػػررهبِم وأقَػ ػ ػػامواْ الص ػ ػ ػػبلةَ وأم ػ ػ ػػرهم و ػ ػ ػػورى بػي ػ ػ ػػن ِ
هم َوفب ػ ػ ػػا َرَزقْػنَػ ػ ػ ُ
َ ْ َ ُ ْ ُ َ َْ َ ْ َ ْ ََُ َ ْ َ ُ
(الي ػػورى )38:ف ع ػػل الي ػػورى قرين ػػة لبلس ػػت ابة هلل وإقام ػػة الص ػػبلة واإلنف ػػاؽ فب ػػا رزؽ اهلل
وذلػ ى العه ػد اؼبك ػ وهػػو عهػػد تقريػػر اؼببػػادئ واألصػػوؿ والطػػابع العػػاـ ألسػػلوب هػػو الوصػػه
ذما وتقر ًيعا. مدحا وثناءً أو ً ً
ػز فَػتَوك ػ ْػل َعلَ ػػى الل ػ ػ ) (آؿ ره ْم ِى ْ
األم ػ ػ ِر فَػ ػ ذَا َعَزْم ػ َ وى العه ػػد اؼب ػػدْ ن ػػزؿ قول ػ ػ تع ػػاََ ( :و َو ػػا ِو ُ
عبراف .)459:وؼبا كاف العهد اؼبدْ عهد تيريع وتنظيم للب تبع اإلسبلم فقد ازبذت اآلية
أسلوب األمر وكاف الطابع العاـ هو األمر والنه .
وفبػػا هبػػدر بػػاألمر أف هػػذخ اآليػػة نزلػػز بعػػد غػػزوة "أُحػػد" الػػب استيػػار النػ صػػلى اهلل عليػ وسػػلم
فيها أصحاب :أيقعد باؼبدينة أـ ىبػرج إَ العػدو؟ فأوػار عليػ صبهػورهم بػاػبروج إلػيهم فصػرج وٍ
يكػػن ذل ػ مػػن رأي ػ وكانػػز العاقبػػة قتػػل سػػبعني مػػن الصػػحابة ى سػػبيل اهلل .ومػػع هػػذخ النتي ػػة
نزلز اآلية تؤكد اليورى وتأمر هباَ ( :و َوا ِوْرُه ْم) أي ُد ْـ على مياورهتم وال يبنعن ما حدث مػن
اؼبياورة فبا ندـ من استيار.
السنة :فكاف صلى اهلل علي وسلم يياور أصحاب ى األمور اؽبامة الب ٍ يوح إلي فيها بأمر وأما ُ
مػػن اهلل ؛ وػػاورهم يػػوـ "بػػدر" ى الػػذهاب إَ العػػك وٍ يكتػػه بػرأي اؼبهػػاجرين حػػك اطبػػأف إَ
أيضا أين يكػوف اؼبنػزؿ فنػزؿ علػى رأي اغببػاب بػن اؼبنػذر ووػاورهم ى موافقة األنصار وواورهم ً
اػبروج يوـ "أحد" -كبا ذكرنا -وواورهم يوـ "اػبندؽ" ى مصاغبة األحزاب ب لث شبار اؼبدينػة
عامئػػذ فػػأىب ذلػ عليػ السػػعداف -سػػعد بػػن معػػاذ وسػػعد بػػن عبػػادة -فػ ؾ ذلػ ووػػاورهم يػػوـ
"اغبديبية" ى أف يبيل على ذراري اؼبيركني فقاؿ ل الصدريق :إنا ٍ قب ء لقتاؿ أحد وإمبػا جئنػا
معتبػرين فأجاب ػ إَ مػػا قػػاؿ وقػػاؿ صػػلى اهلل عليػ وسػػلم ى قصػػة اإلفػ ( :أوػػكوا علػ معيػػر
اؼبس ػػلبني ى ق ػػوـ أبن ػوا (أي اهتبوه ػػا واألب ػػن :التهب ػػة وأبن ػػز الرج ػػل :إذا رميت ػ خبلػػة س ػػوء فه ػػو
مأبوف) أهل ورمػوهم) واستيػار عليًػا وأسػامة ى فػراؽ عا يػة رشػ اهلل عنهػا (تفسػك ابػن ك ػك:
- 426/4طبعة اغبل ).
ق ػػاؿ اب ػػن ك ػػك بع ػػد أف ذك ػػر ه ػػذخ اؼبي ػػاورات كله ػػا" :فك ػػاف ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم يي ػػاورهم ى
اغبػػروب وكبوهػػا وقػػد امتتلػػه الفقهػػاء :هػػل كػػاف ذل ػ واجبًػػا علي ػ أو مػػن بػػاب النػػدب تطييبًػػا
لقلوهبم؟ على قولني" .أهػ (اؼبرجع السابق).
ولػػئن جػػاز اػبػػبلؼ ى وػػأف الرسػػوؿ اؼبعصػػوـ اؼبؤيػػد بػػالوح ال هبػػوز اػبػػبلؼ فػػيبن بعػػدخ مػػن
األ ب ػػة واألم ػراء وأص ػػحاب الس ػػلطاف واآلي ػػة ص ػػروبة ى األم ػػر واألم ػػر ى أص ػػل يفي ػػد الوج ػػوب.
وح ػػرص الرس ػػوؿ ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم عل ػػى تنفي ػػذ اؼبي ػػاورة ى األم ػػور اؽبام ػػة ي ػػرج الوج ػػوب
وذبارب األمة اإلسبلمية ى تارىبها الطويل مع اؼبستبدين وما جرخ االستبداد عليها من ويبلت -
ربتم علينا هذا الفهم ى اآلية الكريبة.
هل اليورى ُمعلِبة أـ ملزمة؟
اؼببحث ال الث
ردبػػا يظػػن بعػػض النػػاس أف الزكػػاة تغ ػ عػػن غكهػػا وأنػ ال هبػػوز فػػرض شػػريبة بعػػدها وقػػد ي بتػػوف
هذا ويؤيدون ببعض اليبهات الب قببلها فيبا يل :
إف اإلسبلـ قػد احػ ـ اؼبلكيػة اليصصػية وجعػل كػل إنسػاف أحػق دبالػ وحػرـ األمػواؿ كبػا حػرـ
الػػدماء واألعػراض حػػك جػػاء ى اغبػػديث( :مػػن قُتِػػل دوف مال ػ فهػػو وػػهيد) (رواخ اعبباعػػة) .وال
وبل أمتذ ماؿ امرئ إال بطي نفس من .
والضرا -مهبا يقل القا لوف ى ت يرها وتفسكها -ليسز إال مصادرة عبزء من اؼباؿ يؤمتذ مػن
كرها.
قسرا و ً
أرباب ً
إف األحاديث النبوية جاءت بذـ اؼبكوس والقا بني عليها وإيعادهم بالنار واغبرماف من اعبنة.
ػكا علػى مصػر -علػى رويفػع فعن أل اػبك رش اهلل عن قػاؿ( :عػرض مسػلبة بػن ـبلػد -وكػاف أم ً
ػز رسػػوؿ اهلل صػػلى اهلل علي ػ وسػػلمبػػن ثابػػز رش ػ اهلل عن ػ أف يولي ػ العي ػػور فقػػاؿ :إْ ظبعػ ُ
يقوؿ :صاح اؼبكس ى النار) (رواخ أضبػد مػن روايػة ابػن ؽبيعػة والطػ اْ كبػوخ وزاد :يعػ العاوػر
-ال غي وال هي 568/4 :طبع اغبل ).
وعػػن عقبػػة بػػن عػػامر أن ػ ظبػػع رسػػوؿ اهلل صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم يقػػوؿ( :ال يػػدمتل اعبنػػة صػػاح
مكس) (رواخ أبو داود وابن متزيبة ى صحيح واغبػاكم كلهػم مػن روايػة ؿببػد بػن إسػحاؽ وقػاؿ
اغباكم :صحي على ورط مسػلم .قػاؿ اؼبنػذري :كػذا قػاؿ ومسػلم إمبػا متػرج حملبػد بػن إسػحاؽ
ى اؼبتابعات -اؼبصدر السابق.)567-566/4 :
وهذا اغبديث والذي قبل وإف كاف فيهبا كػبلـ يؤيػدنبا اغبػديث الػذي رواخ مسػلم ى صػحيح
ى قصة اؼبرأة الغامدية الب ضبلز من الزنا وأقاـ الن صػلى اهلل عليػ وسػلم عليهػا اغبػد باع افهػا
بعػػد أف وشػػعز وفطبػػز وليػػدها وى هػػذا اغبػػديث( :لقػػد تابػػز توبػػة لػػو تاهبػػا صػػاح مكػػس
لغُِفَر ل ).
دؿ هذا اغبديث علػى أف ذنػ صػاح اؼبكػس أوػد مػن ذنػ امػرأة زنػز وهػ متزوجػة وضبلػز
من الزنا وهذا من أود الوعيد.
كبا يعضد هذخ األحاديث ما ورد ى ذـ "العيارين" مػن أحاديػث إذا ٍ تبلػغ درجػة الصػحة أو
اغبُسن ف ف بعضها يقوى ببعض.
مػػن ذلػ مػػا رواخ الطػ اْ ى الكبػػك بسػػندخ عػػن ع بػػاف بػػن أل العػػاص عػػن النػ صػػلى اهلل عليػ
وسػػلم( :إف اهلل يػػدنو مػػن متلق ػ فيغفػػر ؼبػػن يسػػتغفر إال لبغ ػ بفرجهػػا أو عيػػار) (ذكػػرخ ى ؾببػػع
أيضػػا .قػػاؿ :ورجػػاؿ أضبػػد رجػػاؿ الزوا ػػد 88/3بألفػػاظ عػػدة عػػن الكبػػك واألوس ػ وعػػن أضبػػد ً
الصحي إال أف في عل بن زيد وفي كبلـ وقد وثق).
قاؿ ابن األثك ى النهايػة (النهايػة ى غريػ اغبػديث -446/4 :طبعػة اؼبطبعػة اػبكيػة)" .اؼبكػس
الضريبة الب يأمتذها اؼباكس وهو العيار".
مكسػػا باسػػم العُيػػر
ً وقػػاؿ البغػػوي" :يريػػد بصػػاح اؼبكػػس الػػذي يأمتػػذ مػػن الت ػػار إذا مػػروا عليػ
مكس ػػا باس ػػم العُي ػػر
(ال غي ػ وال هي ػ .)567/4 :ق ػػاؿ اؼبن ػػذري :أم ػػا اآلف فػ ػ مم يأمت ػػذوف ً
أمتر ليس ؽبا اسم بل و ء يأمتذون حر ًاما وسحتًا ويأكلون ى بطومم ن ًػارا ُح ػتهم ومكوسا َ
ً
في داحضة عند رهبم وعليهم غض وؽبم عذاب وديد" (اؼبرجع السابق.)567/4 :
وقاؿ اؼبناوي ى صاح اؼبكس :اؼبراد ب العيار وهو الذي يأمتذ الضريبة من الناس .ونقل عن
الطي ػ قول ػ :وفي ػ أف اؼبكػػس مػػن أعظػػم اؼبوبقػػات .وعػػدخ الػػذه مػػن الكبػػا ر (كبػػا ى صػػفحة
449م ػػن "الكب ػػا ر" لل ػػذه .مطبع ػػة البي ػػاف ب ػػكوت .ولك ػػن ال ػػذه ٍ وب ػػدد م ػػا ه ػػو اؼبك ػػس
بالضب بل قاؿ" :اؼبكاس من أك أعواف الظلبة بل هو من الظلبة أنفسهم ف ن يأمتذ ما ال
يستحق ويعطي من ال يستحق" .وكػذل عػدخ ابػن ح ػر اؽبي بػ ى الزواجػر ).ه قػاؿ "فيػ وػب
من قاطع الطريق وهو ور من اللل .ف ف عسه الناس وجدد عليهم شرا فهو أظلم وأغيم
فبػػن أنصػػه ى مكسػ ورفػػق برعيتػ .وجػػال اؼبكػػس وكاتبػ وآمتػػذخ مػػن جنػػدي ووػػيمل وصػػاح
زاوية وركاء ى الزور أ َكالوف للسحز" أ هػ (فيض القدير.)449/6 :
أيضػػا ى رفػػع العيػػور عػػن أهػػل اإلسػػبلـ .م ػػل مػػا رواخ
ويلحػػق باألحاديػػث الػػب ذكرناهػػا مػػا جػػاء ً
سعيد بػن زيػد قػاؿ :ظبعػز رسػوؿ اهلل صػلى اهلل عليػ وسػلم يقػوؿ( :يػا معيػر العػرب اضبػدوا اهلل
الذي رفع عنكم العيور) (قاؿ ى ؾببع الزوا ػد :87/3رواخ أضبػد وأبػو يعلػى والبػزار وفيػ رجػل
ٍ يسم وبقية رجال موثقوف).
ومػػا رواخ رجػػل عػػن النػ صػػلى اهلل عليػ وسػػلم( :إمبػػا العيػػور علػػى اليهػػود والنصػػارى ولػػيس علػػى
اؼبسػػلبني عيػػور) وى بعػػض طرقػ ( :ولػػيس علػػى أهػػل اإلسػػبلـ عيػػور) (رواخ أضبػػد 474/3مػػن
طريق عطاء بن السا عن رجل من بكر بػن وا ػل عػن متالػ قػاؿ :قلػز :يػا رسػوؿ اهلل أعيػر
قػػوم ؟ قػػاؿ" :إمبػػا العيػػور" ..إٌ ..ومػػن طريػػق عطػػاء نفسػ عػػن حػػرب بػػن عبيػػد اهلل ال قفػ عػػن
أيضا عن حرب بن هػبلؿ ال قفػ عػن أل أميػة -كػذا -رجػل مػن بػ تغلػ : متال ..وعن عطاء ً
أن ظبع الن صلى اهلل علي وسلم يقوؿ" :ليس على اؼبسػلبني عيػور" ..إٌ .ورواخ أبػو داود ى
سنن عن حرب بن عبيد اهلل بن عبك عػن جػدخ أل أمػ عػن أبيػ يرفعػ -انظػر :ـبتصػر السػنن -
األحاديث 254-253/4 :2927 2926 2925 2924وكبلـ اؼبنذري عليها .قػاؿ
عبد اغبق :وهو حديث ى سندخ امتتبلؼ وال أعلب من طريق ُوبت ب .
وقاؿ ابن القطاف :حرب هػذا سػئل عنػ ابػن معػني فقػاؿ :ميػهور وذا غػك كػاؼ ى ت بيتػ فكػم
من ميهور ال يُقبل .أما جدخ أبو أم فبل يُعرؼ أصبلً فكيه أبوخ؟!
وقاؿ اؼبناوي :رواخ البصاري ى تارىب الكبك وساؽ اشطراب الرواة في وقاؿ :ال يتابع علي .
وذكرخ ال مذي ى الزكاة -باب :ليس على اؼبسلبني جزية -بغك سند .ورواخ أضبد ى اؼبسػند عػن
الرجػػل اؼبػػذكور .قػػاؿ اؽبي ب ػ :وفي ػ عطػػاء بػػن السػػا امتػػتل وبقيػػة رجال ػ ثقػػات -الفػػيض:
. 564/2والع ي أف اؼبناوي ذكر هذا ى الفيض ولكن ى "التيسك" 358/4قاؿ :إسنادخ
حسن أو صحي !!).
قاؿ اؼبناوي ى ورح هذا اغبديث ى "التيسك"" :إمبا" ذب "العيور علػى اليهػود والنصػارى" فػ ذا
صوغبوا على العُير وقز العقد أو على أف يدمتلوا ببلدنا للت ارة ويؤدوا العُير أو كبوخ لزمهم.
"وليس على اؼبسلبني عيور" غك عيور الزكاة وهذا أصل ى ربرٓ أمتذ اؼبكس مػن اؼبسػلم .أه ػ
التيسك.358/4 :
هػػذخ ه ػ وػػبهات الػػذين ال هبيػػزوف فػػرض ش ػرا جب ػوار الزكػػاة بعػػد أف بسػػطناها ووشػػحناها
وسنرد عليها فيبا يل :
أما اليبهة األوَ فقػد فرغنػا مػن الػرد عليهػا ى البػاب السػابق .وبينػا باألدلػة الناصػعة :أف ى اؼبػاؿ
ح ًقا بل حقوقًا سوى الزكاة وأف هذا أمر ؾببع علي ى الواقع.
وبعػػد أف فنػػدنا كػػل اليػػبهات الػػب يتبس ػ هبػػا معارشػػو وػػرعية الض ػرا العادلػػة وبسػػن بنػػا -
لتأكيد ما بيناخ ى هذا الفصل -أف نذكر أف الفق اإلسبلم قػد عػرؼ شػرا غػك الزكػاة أعػ
شػرا عادلػػة أقرهػػا صباعػػة مػػن فقهػػاء اؼبػػذاه اؼبتبوعػػة كبػػا عرفػوا الضػرا غػػك العادلػػة ورتبػوا
أحكاما.
ً عليها
لك ػػنهم ٍ يطلقػ ػوا عل ػػى ه ػػذخ وتلػ ػ اس ػػم "الضػ ػرا " ب ػػل ظباه ػػا بع ػػض الفقه ػػاء م ػػن اؼبالكي ػػة:
"الوظا ه" أو "اػبراج".
وظباهػػا بعػػض اغبنفيػػة " :النوا ػ " -صبػػع نا بػػة -وهػػى أسػػم ؼبػػا ينػػوب الفػػرد مػػن جهػػة السػػلطاف
حبق أو باطل .
وظباهػا بعػػض اغبنابلػة" :الكلػػه السػلطانية" أي التكليفػػات اؼباليػػة الػب يُلػػزـ هبػا السػػلطاف رعيتػ أو
طا فة منهم.
ى الفق اغبنف :
فف فق اغبنفية قبد اؼبتقدمني منهم واؼبتػأمترين قػد عرشػوا ؽبػذخ الضػرا العادلػة وأقػروا وػرعيتها.
فهذا العبلمة ابن عابدين يذكر أف من "النوا " ما يكوف باغبق م ل:
كػػري النهػػر (كػػري النهػػر :اسػػتحداث حفػػرخ) .اؼبي ػ ؾ وأجػػرة اغبػػارس للبصلػػة -اؼبسػػبى بػػديار
مصػر "اػبفػػك" -ومػػا وظػػه لئلمػاـ لي هػػز بػ اعبيػػوش وفػداء األسػػارى بػػأف احتػػاج إَ ذلػ وٍ
يكػػن ى بيػػز اؼبػػاؿ و ػ ء فوظػػه علػػى النػػاس ذل ػ .ومع ػ "وظػػه علػػيهم" أي فػػرض علػػيهم
فريضة دورية.
ومػػن النوا ػ مػػا يكػػوف بغػػك حػػق قػػاؿ ابػػن عابػػدين :ك بايػػات زمننػػا (حاوػػية ابػػن عابػػدين -رد
احملتار.)58/2 :
قاؿ ى "القنية" من كت اغبنفية:
قػ ػػاؿ أبػ ػػو جعفػ ػػر البلص ػ ػ :مػ ػػا "يض ػ ػرب " (نبلحػ ػػي أن ػ ػ اسػ ػػتعبل كلبػ ػػة "شػ ػػرب" ومن ػ ػ اوػ ػػتقز
"الضريبة") .السلطاف علػى الرعيػة مصػلحة ؽبػم يصػك دينًػا واجبًػا وح ًقػا مسػتح ًقا كػاػبراج .وقػاؿ
مياىبنا :وكل ما "يضرب " اإلماـ عليهم ؼبصلحة ؽبم فاعبواب هكذا حك أجػرة اغبراسػني غبفػي
الطريق من اللصوص ونص الدروب وأبواب السػك وهػذا يُعػرؼ وال يعػرؼ متػوؼ الفتنػة.
ه قػػاؿ :فعلػػى هػػذا مػػا يؤمتػػذ ى متػوارزـ مػػن العامػػة -ديػػن واجػ ال هبػػوز االمتنػػاع عنػ ولػػيس
بظلم .ولكن يعلم هػذا اعبػواب للعبػل بػ وكػه اللسػاف عػن السػلطاف وسػعات فيػ ال للتيػهك
حك ال يت اسر ى الزيادة على القدر اؼبستحق"أهػ.
ويع بػ "التيهك" إعبلف هذخ الفتوى وتعبيم العلم هبا.
نقل ذل ابن عابدين ى حاويت "رد احملتار" ه قاؿ :وينبغ تقييد ذل دبا إذا ٍ يوجػد ى بيػز
اؼباؿ ما يكف لذل (رد احملتار.)95/2 :
وهذا النل الذي أثبتناخ هنا واهد صري الداللة على ما نقوؿ فهػؤالء الفقهػاء مقتنعػوف بػأف مػا
يضػرب السػػلطاف مػػن شػرا ؼبصػػلحة اعببهػػور ديػػن واجػ وحػػق مسػػتحق ومػػع هػػذا ذيلػوا هػػذا
اغبكم بقوؽبم :هذا أمر يُعرؼ وال يُعرؼ متوؼ الفتنة يعنوف أف يظل هذا اغبكم ى دا رة متاصة
بني الفقهاء وتبلميذهم وال يياع بني اغبكػاـ وأعػوامم حػك ال يت اسػروا ى الزيػادة علػى القػدر
اؼبستحق ويرهقوا اليع بالتكاليه اؼبالية لسب وغك سب .
ى فق اؼبذاه ال بلثة:
وقػػاؿ اليػػيمل اؼبػػالق مػػن اؼبالكيػػة :توظيػػه اػب ػراج علػػى اؼبسػػلبني مػػن اؼبصػػاً اؼبرسػػلة وال و ػ
عندنا ى جوازخ وظهور مصلحت ى ببلد األندلس ى زماننػا لك ػرة اغباجػة ؼبػا يأمتػذخ العػدو مػن
اؼبس ػػلبني س ػػوى م ػػا وبت ػػاج إليػ ػ الن ػػاس وش ػػعه بي ػػز اؼب ػػاؿ عن ػ ػ فه ػػذا يقط ػػع جب ػ ػوازخ اآلف ى
األنػدلس وإمبػػا النظػػر ى اؼبقػػدار احملتػػاج إليػ مػػن ذلػ وذلػ موكػػوؿ إَ اإلمػػاـ (هتػػذي الفػػروؽ
والقواعد السنية تػأليه اليػيمل ؿببػد علػ بػن اليػيمل حسػني مفػب اؼبالكيػة وهػو مطبػوع هبػامو
"الفروؽ" للقراى .)444/4
وقد نقلنا من قبل عن اإلمامني -الغزاُ والياط -جػواز فػرض هػذا اػبػراج إذا متػبل بيػز اؼبػاؿ
واحتاج اإلماـ.
وسيأن ى كبلـ اإلماـ ابن تيبية عن الكله السلطانية واؼبظاٍ اؼبيػ كة مػا يفيػد إقػرارخ لػبعض مػا
يأمتذخ السلطاف باعتبارخ من اعبهاد باؼباؿ الواج على األغنياء كبا نقل عن صاح "غيػاث
األمػػم" (غيػػاث األمػػم -كبػػا ى كيػػه الظنػػوف 4243/2 :كتػػاب "ى اإلمامػػة" إلمػػاـ اغبػػرمني
اعبوي اليافع اؼبتوو سنة 478هػ).
وهبذا قبد ى كل مذه من اؼبذاه األربعة علباء بل أ بة مرموقني أفتوا جبواز فرض الضػرا
العادلػػة .وإف ربفػػي بعضػػهم ى إعػػبلف ذل ػ وتيػػهكخ متيػػية مغػػاالة اغبكػػاـ ى األمتػػذ وجػػورهم
على اليع .
فهرس
هذا النظاـ الفذ -نظػاـ الزكػاة -الػذي أسػاء فهبػ وتطبيقػ ك ػك مػن اؼبسػلبني بػل وػوه وطعػن
فيػ بعػػض اؼبضػػللني فبػػن ينتسػػبوف إَ اإلسػػبلـ ووببلػػوف أظبػػاء اؼبسػػلبني -هػػذا النظػػاـ وجػػد مػػن
الكتاب الغربيني من ين روخ ب وي علي ويييد بفضل اإلسبلـ الذي سبق الػنظم العاؼبيػة اغبدي ػة
بيرع للناس.
يتحدث "أرنولد" ى كتاب "الدعوة اإلسبلمية" عن وعا ر اإلسبلـ فيذكر اغب اإلسبلم ومزاياخ
وجليل أهداف ه ينتقل إَ الزكاة فيقوؿ:
فرشػػا آمتػػر يػُػذ ركر اؼبسػػلم بقول ػ تعػػاَ( :إمبػَػا اؼب ْؤِمنُػػو َف
"وإَ جان ػ نظػػاـ اغب ػ قبػػد إيتػػاء الزكػػاة ً
ُ
إمت َوةٌ) (اغب رات.)46:
ْ
وه نظرية دينية تتحقق على صورة را عة تبعث على الدهو ى اةتبع اإلسبلم وتت لى ى
أعب ػػاؿ الي ػػفقة إزاء اؼبس ػػلم اعبدي ػػد ..ومهب ػػا يك ػػن جنسػ ػ ولونػ ػ وأس ػػبلف ف نػ ػ يُقبَ ػػل ى زم ػػرة
اؼبػػؤمنني ويتب ػوأ مكان ػ علػػى قػػدـ اؼبسػػاواة مػػع أقران ػ اؼبسػػلبني" (الػػدعوة إَ اإلسػػبلـ -لتومػػاس
أرنولد -ترصبة الدكتور حسن إبراهيم حسن وميل ص.)457
ويق ػػوؿ "لي ػػود روش"" :لق ػػد وج ػػدت ى اإلس ػػبلـ ح ػػل اؼبي ػػكلتني االجتب ػػاعيتني اللت ػػني تي ػػغبلف
العاٍ.
إمت َوةٌ) فهذا أصبل مبادئ االو اكية. ِ
األوَ :ى قوؿ القرآف( :إمبَا اؼبُْؤمنُو َف ْ
وال انية :فرض الزكاة على كل ذي مػاؿ وزبويػل الفقػراء حػق أمتػذها غصػباَ إف امتنػع األغنيػاء عػن
طوعا وهذا دواء الفوشوية". دفعها ً
وينقػػل لنػػا األسػػتاذ ؿببػػد كػػرد علػػى عػػن كاتػ أجنػ آمتػػر قولػ ى الزكػػاة" :وكانػػز هػػذخ الضػريبة
فرشا دينيًا يتحتم على اعببيع أداؤخ وفضبلً عن هذخ الصفة الدينية .فالزكػاة نظػاـ اجتبػاع عػاـ ً
ومصدر تدمتر بػ الدولػة احملبديػة مػا سبػد بػ الفقػراء وتعيػنهم وذلػ علػى طريقػة نظاميػة قويبػة ال
اسػػتبدادية ربكبيػػة وال عرشػػية طار ػػة" (مػػن كتػػاب "اإلسػػبلـ واغبضػػارة الغربيػػة" -لكػػرد عل ػ -
مطبعة عبنة التأليه وال صبة والنير -الطبعة ال انية -ص.)476
"وهذا النظاـ البديع كاف اإلسبلـ أوؿ من وشع أساس ى تاريمل البيرية عامة .فضريبة الزكاة الب
كانز ذب طبقات اؼببلؾ والت ار واألغنياء على دفعها لتصرفها الدولة علػى اؼبعػوزين والعػاجزين
مػػن أفرادهػػا هػػدمز السػػياج الػػذي كػػاف يفصػػل بػػني صباعػػات الدولػػة الواحػػدة ووحػػدت األمػػة ى
دا ػػرة اجتباعيػػة عادلػػة .وبػػذل بػػرهن هػػذا النظػػاـ اإلسػػبلم علػػى أنػ ال يقػػوـ علػػى أسػػاس األثػػرة
البغيضة" (اؼبرجع نفس ص.)77-76
وينقل عن "ماسينيوف" اؼبستيرؽ الفرنس اليهك قول :
" إف لدين اإلسبلـ من الكفاية ما هبعل يتيدد ى ربقيق فكرة اؼبساواة وذل بفػرض الزكػاة الػب
يدفعها كل فػرد لبيػز اؼبػاؿ وهػو ينػاهض الػديوف الربويػة والضػرا غػك اؼبباوػرة الػب تفػرض علػى
اغباجات األولية الضرورية ويقه ى نفس الوقز إَ جان اؼبلكية الفردية ورأس اؼباؿ الت اري
وبذل وبل اإلسبلـ مرة أمترى مكانًا وسطًا بني نظريات الرأظباليػة ال جوازيػة ونظريػات البليػفية
الييوعية " .
وتقػػوؿ الكاتبػػة اإليطاليػػة الػػدكتورة "فػػاغلكي" ى كتاهبػػا الػػذي نقػػل إَ العربيػػة بعن ػواف "دفػػاع عػػن
اإلسبلـ":
"لقػػد اع فػػز صبيػػع األديػػاف إَ حػػد مػػا باألنبيػػة األمتبلقيػػة واالجتباعيػػة الك ػ ى الػػب ينطػػوي
ػكا حسػػيا عػػن الرضبػػة .ولكػػن اإلسػػبلـ يتبتػػع عليهػػا تقػػدٓ الصػػدقات وأوصػػز بػػذل بوصػػف تعبػ ً
وحدخ باةد اؼبتب ل ى جعػل الصػدقة إلزاميػة نػاقبلً تعػاليم اؼبسػي إَ دنيػا األمػر ومػن َه إَ دنيػا
الواق ػػع .فك ػػل مس ػػلم مل ػػزـ -حبك ػػم الق ػػانوف -ب ػػأف ىبص ػػل ج ػػزءًا م ػػن ثروت ػ ػ ؼبص ػػلحة الفق ػ ػراء
حسػا أعبػق مػن واحملتاجني واؼبسافرين والغرباء ...إٌ .وبػأداء هػذخ الفريضػة الدينيػة ىبتػ اؼبػؤمن ً
اإلنسػػانية ويطهػر روحػ مػػن اليػ ويأمتػػذ ى مػراودة األمػػل بػػالفوز باؼبكافػػأة اإلؽبيػػة" (دفػػاع عػػن
اإلسبلـ ص.)69
ويقوؿ اؼبرحػوـ اليػيمل ؿببػود وػلتوت -وػيمل اعبػامع األزهػر األسػبق -معل ًقػا علػى حػديث معػاذ
الذي قاؿ ل في الرسوؿ صلى اهلل عليػ وسػلم( :أعلبهػم أف اهلل افػ ض علػيهم ى أمػواؽبم صػدقة
تؤمتذ من أغنيا هم فتُػَرد على فقرا هم).
"يػػدؿ هػػذا التعلػػيم النبػػوي علػػى أف الزكػػاة ى نظػػر اإلسػػبلـ ليسػػز إال صػػرؼ بعػػض أمػواؿ األمػػة
فب لة ى أغنيا هم إَ األمة نفسها فب لػة ى فقرا هػا .وبعبػارة أمتػرى :ليسػز إال نقػل األمػة بعػض
ماؽبا من إحدى يديها وهػ اليػد اؼبيػرفة الػب اسػتصلفها اهلل علػى حفظػ وتنبيتػ والتصػرؼ فيػ
-وه يد األغنياء -إَ اليد األمترى وه اليد العاملة الكادحػة الػب ال يفػ عبلهػا حباجتهػا
أو الػػب ع ػػزت عػػن العبػػل وجعػػل رزقهػػا في ػ ومن ػ وه ػ يػػد الفق ػراء" (كتػػاب "اإلسػػبلـ عقيػػدة
ووريعة" ليلتوت).
مهبة الزكاة ى اةتبع اؼبسلم:
ويعرض اؼبصل اإلسػبلم العبلمػة السػيد أبػو األعلػى اؼبػودودي ؼبهبػة الزكػاة وموشػعها مػن النظػاـ
االقتصادي اإلسبلم ى كتاب "أسس االقتصاد بني اإلسبلـ والنظم اؼبعاصرة "
"الذي يريدخ اإلسبلـ ى حقيقة األمر -كبا قلنا من قبل -أال تُ ؾ ال روة تت بع ى موشع من
اؼبواشػػع ى اةتبػػع وال ينبغ ػ للػػذين نػػالوا مػػن ال ػػروة غبسػػن حظهػػم أو بكفػػاءهتم مػػا يزيػػد عػػن
حاجػػاهتم أف يػػدمتروها وال ينفق ػوا منهػػا بػػل علػػيهم أف ينفق ػوا منهػػا ى وجػػوخ يبكػػن هبػػا للػػذين ٍ
يسعدهم اغبي أف ينالوا نصيبًا كافيًا من ثروة اةتبع ى تداوؽبا.
"وؽبػػذا الغػػرض ينيػػئ اإلسػػبلـ -ى جانػ -روح السػػصاء واعبػػود والتعػػاوف االجتبػػاع اغبقيقػ
بتعاليب ػ اػبُلقيػػة السػػامية وطػػرؽ ال غي ػ وال هي ػ اؼبػػؤثرة حػػك يصػػب النػػاس دبػػيلهم الطبيع ػ
ييبئزوف من صبع ال روة وادمتارها ويرغبوف ى إنفاقها بأنفسهم وى اعبان اآلمتر يضع قانونًا
يوج أف يؤمتذ مقدار معلوـ لفبلح اةتبع وإسعادخ من أمواؿ الناس .فهذا اؼبقدار اؼبعلوـ من
أمواؿ الناس هو "الزكاة" وال ىبفى عليػ مػا للزكػاة مػن أنبيػة بالغػة ى نظػاـ اإلسػبلـ االقتصػادي
وه أهم أركاف اإلسبلـ بعد الصبلة حػك لقػد صػرح القػرآف بػأف مػن يكنػز اؼبػاؿ ال وبػل لػ حػك
ص َدقَةً تُطَ رهُرُه ْم َوتُػَزركي ِهم ِهبَا) (التوبة.)463 : ِِ ِ
يؤدي زكات فقاؿُ ( :مت ْذ م ْن ْأم َواؽب ْم َ
"وكلبة "الزكاة " نفسها تدؿ على أف ى ال روة الب هببعها اإلنساف قباسة ومتباثػة ال تطهػر مػا ٍ
ىبػػرج منهػػا %2.5ى سػػبيل اهلل" كػػل عػػاـ .واهلل غ ػ ال ينال ػ مػػالكم وال وبتػػاج إلي ػ ؛ إال أف
تسعوا ى ترفي الفقراء وتعبلػوا علػى ترقيػة األعبػاؿ النافعػة الػب ييػبل نفعهػا طبقػات األمػة كلهػا
ِ ني َعلَْيػها واؼب َؤل َف ِة قُػلُوبػهم وِى الرقَ ِني والْع ِاملِ
ِ فقاؿ( :إَمبَا الصدقَات لِْل ُف َقر ِ
ني َوِى اب َوالْغَا ِرم َ ُُ ْ َ َ َُ َ َ َ اكس اؼب
و اء
ََ ُ َ َ ََ
سبِ ِيل الل َوابْ ِن السبِ ِيل) (التوبة.)66 :
"فهذخ ه صبعية اؼبسلبني للتعاوف االجتباع وهذخ ه وركتهم للتأمني االجتباع وهذا هو
ماؽبم االحتياط .
"وهذخ ه ال روة الكافلة للعاطلني مػنهم وهػذخ هػ الوسػيلة إلعانػة ع ػزهتم ومرشػاهم ويتامػاهم
وأياماهم ومواساهتم وتعهد أحواؽبم؛ وفوؽ كل ذل هو الي ء الذي يغ اؼبسػلم عػن التفكػر ى
غػػدخ .فببػػدأ اإلسػػبلـ السػػاذج الفطػػري أنػ إذا كنػػز غنيًػػا اليػػوـ فسػػاعد غػػكؾ ليسػػاعدؾ غػػكؾ
ػكا
غدا .فليس ل أف تيغل بال بالتفكك فيبػا يكػوف عليػ حالػ إف أصػبحز فق ً إذا افتقرت ً
انتقلز إَ الدار اآلمترة وكيه تن و مػن اؼبصػا إذا أو حاؿ زوج وأوالدؾ إذا نالت َ اؼبنية و َ
مرشز أو أصبز باغبريق أو الفيضاف؟ وماذا تفعل إف كنػز علػى سػفر ولػيس َ نزلز ب نازلة أو
عندؾ و ء من اؼبػاؿ؟ فالزكػاة هػ الػب تغنيػ وتن يػ عػن التفكػر ى م ػل هػذخ األمػور إَ أبػد
اآلباد.
"ليس علي إال أف تؤدي %2.5مػن ثروتػ اؼبػدمترة إَ مؤسسػة اهلل للتػأمني ه تػأمن مػن كػل
آفػػة علػػى نفس ػ ؛ إن ػ لسػػز حباجػػة إَ هػػذخ ال ػػروة ى هػػذا الوقػػز فػػدع الػػذين هػػم ى حاجػػة
إليهػػا ينفقػػوف منهػػا ويسػػدوف هبػػا حاجػػاهتم ه تعػػود عليػ هػػذخ ال ػػروة بتبامهػػا غػ ًػدا بػػل سػػتعود
علي وه أك ر منها اآلف إف افتقرت إليها أنز أو أوالدؾ.
أيضا يبدو التضاد الواش بني مبادئ ومناه الرأظبالية ومبادئ ومناه اإلسػبلـ .فالػذي "وههنا ً
تقتضي الرأظبالية أف هببع اإلنسػاف اؼبػاؿ ويأمتػذ عليػ الربػا حػك ين ػذب إَ حبكتػ وينصػ فيهػا
كل ما عند غكخ من اؼباؿ .ولكن ذل فبا ال يتفق مع طبيعة اإلسبلـ فهو يػأمر إذا ذببػع اؼبػاؿ
ى حبكة من البحكات حبفر ال ع منها وتوزيع ما ها إَ ما حوؽبا من الزروع اؼبيتة حك تعود إليهػا
اغبيػػاة .إف تػػداوؿ ال ػػروة مقيػػد ى نظػػاـ الرأظباليػػة وهػػو حػػر ى نظػػاـ اإلسػػبلـ .ف نػ ال بػػد لػ إف
ػودا فيػ مػن ذي قبػل وإال فلػيس أردت أف تأمتذ اؼبػاء مػن حػوض الرأظباليػة أف يكػوف مػاؤؾ موج ً
لػ حبػػاؿ مػػن األحػواؿ أف تنػػاؿ منػ ولػػو قطػػرة واحػػدة مػػن اؼبػػاء .ولكػػن اؼببػػدأ الػػذي هبػػرى عليػ
نظاـ حوض اإلسبلـ أن مػن كػاف عنػدخ مػن اؼبػاء مػا يزيػد عػن حاجتػ فليصػب ى هػذا اغبػوض
ومن كاف ى حاجة إَ اؼباء فليأمتذخ من .فالظػاهر أف هػذين الطػريقني متضػاداف فيبػا بينهبػا مػن
حيػػث أصػػلهبا وطبيعتهبػػا ولػػيس اعببػػع بينهبػػا ى نظػػاـ اقتصػػادي إال اعببػػع بػػني الضػػدين ى
حقيقة األمػر وال يكػاد يبػر ذلػ خبلػد رجػل عاقػل" أه ػ (أسػس االقتصػاد ى اإلسػبلـ ص-428
.)434
ويتحػػدث الداعيػػة اإلسػػبلم اعبليػػل السػػيد أبػػو اغبسػػن النػػدوي ى كتاب ػ "األركػػاف األربعػػة" عػػن
ظبػػات الزكػػاة اإلسػػبلمية البػػارزة .فبػػن أبرزهػػا وأعبقهػػا ى التػػأثك مػػا يق ػ ف هبػػذخ الفريضػػة مػػن روح
اإليباف واالحتسػاب .وهػ الػروح الػب تت ػرد منهػا الضػرا الرظبيػة .ه يعػرض لسػبة أمتػرى ذات
أنبية وداللة بالغة فيقوؿ:
"والسػػبة ال انيػػة البػػارزة الػػب سبيػػز الزكػػاة عػػن سػػا ر اعببايػػات والضػرا الػػب كانػػز تُفػػرض ى زمػػن
اؼبل ػ ػػوؾ والس ػ ػػبلطني وى عه ػ ػػد اغبكوم ػ ػػات اليصص ػ ػػية أو ى عص ػ ػػرنا اغباش ػ ػػر ى اعببهوري ػ ػػات
ػحا ى البداي ػػة والنهاي ػػة وى النت ػػا وحكوم ػػات الي ػػعوب وذبعله ػػا زبتل ػػه عنه ػػا امتتبلفً ػػا واش ػ ً
واآلثػػار ه ػ وشػػعها اليػػرع الػػذي قػػررخ الرسػػوؿ صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم بلفظ ػ اؼبع ػػز اغبكػػيم
وتعبػػكخ النبػػوي الػػدقيق الػػذي يػُ َعػػد مػػن جوام ػػع الكلػػم .فقػػاؿ( :تؤمت ػػذ مػػن أغنيػػا هم وتُػػرد عل ػػى
فق ػرا هم) وذل ػ وشػػع الزكػػاة األصػػيل اليػػرع الػػذي كانػػز علي ػ وهب ػ أف تكػػوف علي ػ إَ أف
يػػرث اهلل األرض ومػػن عليهػػا فه ػ تؤمتػػذ مػػن األغنيػػاء الػػذين يسػػتوفوف وػػروط وجوهبػػا ويبلكػػوف
النصػػاب اؼبعػ ّػني اؼبنصػػوص وتُصػػرؼ ى مصػػارؼ عينهػػا اهلل تعػػاَ ى القػػرآف وٍ يكله ػا إَ رأي
ات ل ْل ُف َق ػ ػراء) ....اآليػ ػػة
مي ػ ػ ع أو مقػ ػػنن أو حػ ػػاكم أو عػ ػػاٍ وهػ ػػو قول ػ ػ تعػ ػػاَ( :إمبػَػػا الصػ ػ َػدقَ ُ
(التوبػة .)66:وتفضػل اليػريعة وتػرج األحاديػػث النبويػة أف تُصػػرؼ هػذخ الصػػدقات علػى فقػراء
البلد الذي ُذب َط في .
"وكذل كاف نظاـ الزكاة حك ى اغبكومػات الػب ٍ تكػن دقيقػة كػل الدقػة وال أمينػة كػل األمانػة
ى تطبيق األحكاـ اليػرعية وربقيػق اؼب ُػل اإلسػبلمية العليػا ى اغبكػم والسياسػة .فلػم ُوبػرـ الفقػراء
ُ
واؼبسػػاكني حقهػػم ى ظػػل هػػذخ اغبكومػػات وٍ تتعطػػل حػػدود اهلل كػػل التعطػػل (كتػػاب "اػب ػراج"
لقاش ػ القضػػاة اإلمػػاـ أل يوسػػه ومقدمت ػ -بص ػفة متاصػػة -برهػػاف سػػاطع علػػى مػػا كػػاف مػػن
اهتباـ ى أوج الدولة العباسية بأحكاـ اػبػراج والزكػاة والصػدقات ف نػ كتػ هػذا الكتػاب العظػيم
بػػاق اح مػػن أمػػك اؼبػػؤمنني "هػػاروف الروػػيد") .ى هػػذخ اغبكومػػات الػػب يبػػالغ ك ػػك مػػن اؼبػػؤرمتني
اؼبغرشػػني والبػػاح ني اؼبستيػػرقني ى ذمهػػا واكبرافهػػا عػػن تعػػاليم اإلسػػبلـ بػػل ثورهتػػا عليهػػا كبػػا
يقولوف.
"وبػػالعكس مػػن ذلػ اعببايػػات والضػرا واؼبكػػوس الػػب تفرشػػها اغبكومػػات اليػػوـ فهػ صػػورة
مقلوبة معكوسة للزكاة فهذخ الضرا -العادلة منها واةحفة والصغكة منهػا والضػصبة -تؤمتػذ
م ػػن الفقػ ػراء وأوس ػػاط الن ػػاس وتُػ ػ َػرد عل ػػى الرؤس ػػاء واألغني ػػاء واألقوي ػػاء .إم ػػا ذبتب ػػع َبع ػ َػرؽ جب ػػني
الفبلحني والعبلة والصناعني والت ار الذين ييتغلوف ليل مار ى متاجرهم ودكاكينهم وتُصرؼ
هذخ األمواؿ بسصاء -بل بقسوة نادرة ووقاحة زا دة -ى استقباؿ رؤساء اعببهوريات الزا ػرين
للػػببلد وو وال بهػػم الػػب تيػػب وال ػػم "ألػػه ليلػػة وليلػػة" اػبياليػػة األسػػطورية وو اؼبهرجانػػات الػػب
وبتفػػل هبػػا بػػني حػػني وحػػني وو مػػآدب السػػفارات ى الػػببلد األجنبيػػة الػػب ذبػػري في ػ اػببػػر جػػري
األمار وى دعايات اغبكومة الب تستنفد موارد اليع وسبتل دماءخ وربػوؿ بػني رجػل اليػع
وقوتػ ػ وى جع ػػاالت الص ػػحفيني األجانػ ػ ووك ػػاالت األنب ػػاء وروات ػ اؼب ػػذيعني الب ػػارعني ال ػػذين
حػػذقوا فػػن تلفيػػق األمتبػػار واهتػػاـ األبريػػاء وتي ػري األحيػػاء مػػن اؼبنافسػػني واألعػػداء وتكػػاليه
الصػػحه الػػب تعت ػ أهػػم وأنفػػع مػػن أقػػوى اعبيػػوش وأحػػدث األسػػلحة فبػػا مػػن حكومػػة وػػعبية
ديبقراطية وال من حكومة ويوعية أو او اكية إال وه سبتل دـ اليع كاإلسفن وتصػب ى
حبر الدعاية والرواء السياس والتلبيس الصحف وؿباكبة اؼبعارشني من اةػرمني وغػك اةػرمني
تعبكا ى وصه هذخ الضرا الب تقوـ عليها اغبكومات اليوـ من تصويرا وال أصدؽ ً ً فبل أدؽ
قولنػػا :إمػػا "تؤمتػػذ مػػن فق ػرا هم وتُػ َػرد علػػى أغنيػػا هم" لػػذا كانػػز الزكػػاة اإلسػػبلمية الػػب فرشػػها اهلل
علػػى عبػػادخ اؼبوسػرين لط ًفػػا ورضبػػة باألمػػة ونتي ػػة لنعبػػة النبػػوة الػػب ال نعبػػة فوقهػػا "شػريبة" -إذا
ػدارا وأمتفهػػا مؤنػػة وأعظبهػػا يبنًػػا وبركػػة
كػػاف ال بػػد مػػن إطػػبلؽ هػػذخ الكلبػػة -أقػػل الضػرا مقػ ً
وأك رهػػا فا ػػدة ألمػػا( :تؤمتػػذ مػػن أغنيػػا هم وتُػ َػرد علػػى فقػرا هم) أه ػ (األركػػاف األربعػػة ص-426
.)422
وبعػػد ..فػ ْ أهػػدي هػػذخ الدراسػػة إَ رجػػاؿ الفكػػر والتيػريع اؼبػػاُ والضػري ليعلبػوا كيػػه سػػبق
اإلس ػػبلـ ال ػػنظم اؼبالي ػػة والضػ ػريبية اغبدي ػػة في ػػرع ه ػػذخ الضػ ػريبة احملكب ػػة "الزك ػػاة" متض ػػبنة أفض ػػل
اؼببادئ وأعدؿ األحكاـ وأنبػل األهػداؼ وأقػوى الضػبانات ه لينزلػوا علػى حكػم اليػرع الػذي
يػػدينوف ب ػ والواقػػع الػػذي يعييػػوف في ػ فكاع ػوا معتقػػدات األمػػة الػػب يُيػػرعوف ؽبػػا ويضػػعوا هػػذخ
الضريبة اؼبقدسة "الزكاة" ى مقدمة الضرا الب يسنوما ه يُفرعوا ويكبلوا دبا تقتضي اغباؿ من
شرا تصاعدية أو نسبية.
وأهػػدي هػػذخ الدراسػػة إَ رجػػاؿ الضػػباف االجتبػػاع ليعلبػوا علػػم اليقػػني أف هػػذخ الفريضػػة ه ػ
أوؿ إعانػػة تُػػنظم بواسػػطة اغبكومػػة -ى تػػاريمل اإلنسػػاف -ؼبصتلػػه ذوي اغباجػػات ى اةتبػػع بػػل
هػ حػق معلػوـ ؽبػم وفريضػة مػػن اهلل وأف تػاريمل التػدابك اغبكوميػة إلعانػة الضػعفاء واحملتػػاجني ال
يبدأ بالقرف السابع عير -كبا قيػل -كبػا أف الضػباف االجتبػاع لػيس مػن مسػتوردات الغػرب
وال من مبتكرات العصر بل هو نظاـ إسبلم أصيل وفرخ اإلسبلـ للبسلبني وغك اؼبسلبني.
ووجوهػا عربيػػة أو وػػرقية وقلوبًػػا
ً وأهػدي هػػذخ الدراسػػة إَ اؼب قفػػني العصػريني الػػذين وببلػػوف أظبػػاءً
وعقوالً أوروبية أو أمريكية أو روسية أو صينية يتبعػوف -رظبيًػا -الديانػة اإلسػبلمية وهػم أجهػل
الناس باإلسبلـ ..إليهم هذخ الدراسة ليعلبوا أف اإلسبلـ ليس دين صومعة وال كهنوت وإمبا هػو
دين ودولة عقيدة ونظاـ علم وعبل دنيا وآمترة حرية وعدؿ حقوؽ وواجبات .وأوشػ م ػل
لذل نظاـ الزكاة.
وأهدي هذخ الدراسة إَ كافة اليعوب اإلسبلمية وحكوماهتا اؼبعاصرة؛ ل اجع موقفهػا مػن وػرا ع
اإلسػػبلـ ونظب ػ ومنهػػا الزكػػاة عسػػى أف تزيػػل التنػػاقض القػػا م ى حياهتػػا وتطػػرد مػػن دسػػاتكها
وقوانينها االستعبار التيريع كبا طردت االسػتعبار السياسػ والعسػكري ويعػود اإلسػبلـ دينهػا
ومصدر قوانينها وأنظبتها.
ػكا ..أهػػدي هػػذخ الدراسػػة إَ اؼبيػػتغلني بالفقػ اإلسػػبلم وال قافػػة اإلسػػبلمية والػػداعني إَ وأمتػ ً
تطبيػق نظػػاـ اإلسػػبلـ لعلهػػم هبػػدوف ى هػػذخ الدراسػػة الفقهيػػة اؼبقارنػػة ى شػػوء القػػرآف والسػػنة مػػا
يزيػدهم إيبانًػا بػأف هػػذا الػدين قػادر علػى مواجهػػة التطػور وقيػادة اغبيػاة مػػن جديػد وتوجيػ دفتهػػا
إَ اغبق واػبك والعدؿ ى ظل وريعت اػبصبة اؼب رية الصاغبة اؼبصلحة لكل زماف ومكاف.
وآمتر دعوانا :أف اغببد هلل رب العاؼبني.