Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 570

‫فقــه‬

‫الزكـاة‬
‫يوسف القرضاوي‬

‫الجزء الثاني‬
‫فهرس الكتاب‬
‫أى اؼباؿ حق سوى الزكاة؟‬
‫الزكاة والضريبة‬
‫اػباسبة‪ :‬الزكاة اإلسبلمية نظاـ جديد فريد‬
‫مصارؼ الزكاة‬
‫طريقة أداء الزكاة‬
‫أهداؼ الزكاة وآثارها ى حياة الفرد‬
‫زكاة الفطر‬
‫الباب الرابع‬
‫مصارؼ الزكاة‬
‫الغارموف‬
‫ى سبيل اهلل‬
‫ابن السبيل‬
‫مباحث حوؿ األصناؼ اؼبستحقني‬
‫األصناؼ الذين ال تصرؼ ؽبم الزكاة‬
‫سبهيد‬
‫الفقراء واؼبساكني‬
‫العاملوف عليها أو اعبهاز اإلداري واؼباُ للزكاة‬
‫اؼبؤلفة قلوهبم‬
‫ى الرقاب‬
‫سبهيد‬

‫لقػػد جػػاء أمػػر الزكػػاة ى القػػرآف ؾببػػبل كالصػػبلة بػػل أك ػػر إصبػػاال فلػػم تبػػني آيػػات الكتػػاب األمػواؿ‬
‫ال ػػب ذب ػ فيه ػػا الزك ػػاة وال مقػػادير الواج ػ منه ػػا وال و ػػروطها مػػن م ػػل ح ػػوالف اغب ػػوؿ ومل ػ‬
‫النصاب احملدد وإعفاء ما دوف النصاب‪.‬‬
‫وجػػاءت السػػنة التيػريعية القوليػػة والعبليػػة فبينػػز اةبػػل مػػن الزكػػاة كبػػا بينتػ ى الصػػبلة ونقػػل‬
‫ذل االثبات ال قات عن رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬جيبل بعد جيل‪..‬‬
‫ؽبػػذا كػػاف مػػن الػػبلزـ هنػػا وجػػوب اإليبػػاف بالسػػنة النبويػػة كبصػػدر تي ػريع لئلسػػبلـ وتعاليب ػ‬
‫وأحكام ػ بعػػد القػػرآف الكػػرٓ‪ :‬مصػػدر مبػػني ل ػ ووػػارح ومفصػػل وـبصػػل وصػػدؽ اهلل العظػػيم‪:‬‬
‫(وأنزلنا إلي الذكر لتبني للناس ما نزؿ إليهم ولعلهم يتفكروف) (النحل‪.)44 :‬‬
‫روى أبػػو داود‪ :‬أف رجػػبل قػػاؿ للصػػحال اعبليػػل عبػراف بػػن حصػػني‪ :‬يػػا أبػػا قبيػػد إنكػػم لتحػػدثوننا‬
‫بأحاديث ما قبد ؽبا أصبل ى القرآف! فغضػ عبػراف وقػاؿ للرجػل‪ :‬أوجػدم‪ :‬ى كػل أربعػني درنبًػا‬
‫ػكا كػذا؟ أوجػدم هػذا ى القػرآف؟ قػاؿ‪:‬‬ ‫درهم ومن كل كذا وكذا واة واة ومن كػل كػذا وكػذا بع ً‬
‫ال قػػاؿ‪ :‬فببػػن أمتػػذم هػػذا؟ أمتػػذسبوخ عنػػا وأمتػػذناخ عػػن الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬وذكػػر‬
‫أوياء كبو هذا (ـبتصر سنن أىب داود للبنذري‪.)474/2 :‬‬
‫عناية القرآف دبصارؼ الزكاة‪:‬‬
‫وإذا كػػاف أمػػر الزكػػاة قػػد جػػاء ى القػػرآف ؾببػػبل كبػػا عرفنػػا ف ن ػ قػػد ع ػ ‪-‬بصػػفة متاصػػة‪ -‬ببيػػاف‬
‫اعبهػػات الػػب تصػػرؼ ؽبػػا وفيهػػا الزكػػاة وٍ يػػدعها غبػػاكم يقسػػبها وفػػق رأى ل ػ قاصػػر أو هػػوى‬
‫متسػػل أو عصػػبية جاهليػػة‪ .‬كبػػا ٍ يػػدعها ؼبطػػامع الطػػامعني الػػذين ال يتورعػػوف أف سبتػػد أيػػديهم‬
‫إَ ما ليس ؽبم والذين يزاضبوف دبناكبهم اؼبستحقني من أهل الفاقة واغباجة اغبقيقيني وو عهد‬
‫الرسوؿ ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬تطلع بعض ذوى األعني اليرهة واألنفػس النهبػة وسػاؿ لعػاهبم‬
‫إَ أمواؿ الصدقات متوقعني مػن رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬أف يػنفحهم منهػا نفحػات‬
‫تيػػبع مػػن طبػػوحهم وترشػػى مػػن وػػرههم فلبػػا شػػرب الرسػػوؿ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬عػػنهم‬
‫صفحا وٍ يلق إليهم باال غبزوا وؼبزوا وتطاولوا على اؼبقاـ النبوي الكػرٓ فنزلػز آيػات الكتػاب‬ ‫ً‬
‫تفضػ نفػػاقهم وتكيػػه وػرههم وتبػػني جػػور مػوازينهم النفعيػػة اليصصػػية وتبػني اؼبصػػارؼ الػػب‬
‫هب أف توشع فيها الزكػاة وذلػ قولػ تعػاَ‪( :‬ومػنهم مػن يلبػزؾ ى الصػدقات فػ ف أعطػوا منهػا‬
‫رشوا وإف ٍ يعطوا منها إذا هم يسصطوف ولػو أمػم رشػوا مػا آتػاهم اهلل ورسػول وقػالوا حسػبنا اهلل‬
‫سيؤتينا اهلل من فضل ورسول إنا إَ اهلل راغبوف إمبػا الصػدقات للفقػراء واؼبسػاكني والعػاملني عليهػا‬
‫واؼبؤلف ػػة قل ػػوهبم وو الرق ػػاب والغ ػػارمني وو س ػػبيل اهلل واب ػػن الس ػػبيل فريض ػػة م ػػن اهلل واهلل عل ػػيم‬
‫حكيم) (التوبة‪.)66 - 58 :‬‬
‫وهبذخ اآليات انقطعز اؼبطامع وتبينز اؼبصارؼ وعرؼ كل ذي حق حق ‪.‬‬
‫روى أبػػو داود عػػن زيػػاد بػػن اغبػػارث الصػػدا قػػاؿ‪ :‬أتيػػز رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم‪-‬‬
‫فبايعت ‪-‬وذكر حديًا طويبل‪ -‬فأتػاخ رجػل فقػاؿ‪ :‬أعطػ مػن الصػدقة فقػاؿ لػ رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى‬
‫اهلل علي وسلم‪( :-‬إف اهلل ٍ يرض حبكم ن وال غػكخ ى الصػدقة حػك حكػم هػو فيهػا ف زأهػا‬
‫شبانيػػة أجػزاء فػ ف كنػػز مػػن تلػ األجػزاء أعطيت ػ حقػ ) (ى إسػػنادخ عبػػد الػػرضبن بػػن زيػػاد بػػن‬
‫أنعم األفريق وقد تكلم في غك واحد (ـبتصر اؼبنذري‪.)236/2 :‬‬
‫سر عناية القرآف دبصارؼ الزكاة‪:‬‬
‫لقد نب العلباء االقتصاديوف واالجتباعيوف على أف اؼبهم ليس هو جباية األمواؿ وربصيلها فقػد‬
‫تستطيع اغبكومات بوسا ل وك اغبصوؿ على شرا مباورة وغك مباورة وقد يكوف ذل مػع‬
‫رعاية العدؿ والنصفة ولكن األهػم مػن ذلػ هػو‪ :‬أيػن تصػرؼ هػذخ األمػواؿ بعػد ربصػيلها؟ فهنػا‬
‫قد يبيل اؼبيزاف وتلع األهواء ويأمتذ اؼباؿ من ال يستحق ووبرـ من من يستحق فػبل ع ػ‬
‫بعد ذل أف يهتم القرآف هبذا األمر وال يدع ؾبببل كبا ترؾ أوياء ك كة أمترى من الزكاة للسنة‬
‫تبينها وتفصلها‪.‬‬
‫لقػد عػرؼ التػاريمل اؼبػاُ ألوانًػػا ك ػكة مػن الضػرا قبػل اإلسػػبلـ كانػز ذبػط مػن طوا ػه اليػػع‬
‫كرهػػا ه ذببػػع ى متزانػػات األبػػاطرة واؼبلػػوؾ لتنفػػق علػػى أوصاصػػهم وأقػػارهبم‬ ‫طوعػػا أو ً‬
‫اؼبصتلفػػة ً‬
‫وأعػوامم وو كػػل مػػا يزيػػد أهبػػتهم ومتعػػتهم ويظهػػر عظبػػتهم وسػػلطامم شػػاربني عػػرض اغبػػا‬
‫بكل ما ربتاج فئات اليع العاملة والضعيفة من الفقراء واؼبساكني‪.‬‬
‫فلبػػا جػػاء اإلسػػبلـ وج ػ عنايت ػ األوَ إَ تل ػ الفئػػات احملتاجػػة وجعػػل ؽبػػم النصػػي األوفػػر ى‬
‫أمواؿ الزكاة متاصة وو مػوارد الدولػة عامػة وكػاف هػذا االذبػاخ االجتبػاع الروػيد سػب ًقا بعي ًػدا ى‬
‫عاٍ اؼبالية والضرا واألنفاؽ اغبكوم ٍ تعرف اإلنسانية إال بعد قروف طويلة‪.‬‬
‫وعلى شوء ما ذكػرخ القػرآف الكػرٓ عػن مسػتحق الزكػاة ومػا بينػ مػن سػنة النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ‬
‫وسلم‪ -‬ومتلفا الراودين‪.‬‬
‫سػػنتحدث ى الفصػػوؿ السػػبعة التاليػػة عػػن مصػػارؼ الزكػػاة ال بانيػػة وو فصػػل ثػػامن عػػن مباحػػث‬
‫متفرقػػة حػػوؿ األصػػناؼ اؼبسػػتحقني وو فصػػل أمتػػك عػػن األصػػناؼ الػػذين ال هبػػزئ صػػرؼ الزكػػاة‬
‫إليهم‪.‬‬

‫الفصل األوؿ‬
‫الفقراء واؼبساكني‬

‫فهرس‬

‫تابع الفقك القادر على الكس‬


‫اؼبتفرغ للعلم يأمتذ من الزكاة‬
‫اؼبستوروف اؼبتعففوف أوَ باؼبعونة‬

‫كم يعطى الفقك واؼبسكني من الزكاة؟‬

‫االذباخ األوؿ‪ :‬إعطا هبا ما يكفيهبا سباـ الكفاية‬


‫ؿبددا من اؼباؿ‬
‫مقدارا ً‬
‫االذباخ ال اْ‪ :‬إعطا هبا ً‬

‫رأي الغزاُ فيبا يعطاخ الفقك‬


‫ترجي أىب عبيد ؼبذه التوسعة ى اإلعطاء‬
‫مستوى ال ق للبعيية‬
‫معونة دا بة منتظبة‬
‫سبهيد‬

‫من نبا الفقك واؼبسكني؟‬

‫الفقك واؼبسكني عند اغبنفية‬


‫الفقك واؼبسكني عند األ بة ال بلثة‬
‫ال يعطى من سهم الفقراء واؼبساكني غ‬

‫الغ اؼبانع من أمتذ الزكاة‬


‫مذه ال وري وغكخ‬
‫مذه اغبنفية‬
‫مذه مال واليافع وأضبد‬
‫الفقك القادر على الكس‬

‫وروط القدرة على الكس الب ربرـ أمتذ الزكاة‬


‫اؼبتفرغ للعبادة ال يأمتذ من الزكاة‬

‫ح ػػددت اآلي ػػة ال ػػب ذكرناه ػػا م ػػن س ػػورة التوب ػػة مص ػػارؼ الزك ػػاة فكان ػػز شباني ػػة اؼبص ػػرفاف األوؿ‬
‫ػهبا ى أمػواؿ الزكػاة‪ .‬وهػذا يػدلنا علػى‬‫وال اْ‪ :‬نبا الفقراء واؼبساكني‪ .‬فهم أوؿ من جعل اهلل ل س ً‬
‫أف اؽبدؼ األوؿ من الزكاة هػو القضػاء علػى الفقػر والعػوز وإهالػة الػ اب علػى اغباجػة واؼبسػكنة‬
‫ى اةتبع اإلسبلم ‪.‬‬
‫وذل أف القرآف قد بدأ بالفقراء واؼبساكني والقػرآف قػد نػزؿ بلسػاف عػرل مبػني ومػن وػأف بلغػاء‬
‫العػػرب أف يبػػدأوا بػػاألهم فػػاألهم‪ .‬وؼبػػا كػػاف عػػبلج الفقػػر وكفالػػة الفق ػراء ورعػػايتهم هػػو اؽبػػدؼ‬
‫األوؿ واؼبقصػػود األهػػم مػػن الزكػػاة اقتصػػر النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬ى بعػػض أحادي ػ علػػى‬
‫ذل فقاؿ ؼبعاذ حني وجه إَ اليبن‪" :‬أعلبهم أف عليهم صدقة تؤمتذ من أغنيا هم وترد علػى‬
‫فقرا هم"‪.‬‬

‫من نبا الفقك واؼبسكني؟‬

‫ولكن من هو الفقك ومن هو اؼبسكني؟ هل نبا صنفاف أو صنه واحد؟‪.‬‬


‫ذه أبو يوسه صػاح أىب حنيفػة وابػن القاسػم مػن أصػحاب مالػ إَ أمبػا صػنه واحػد‪.‬‬
‫(انظ ػػر حاو ػػية الدس ػػوق ‪ 492/4 :‬وو ػػرح األزه ػػار‪ )569/4 :‬ومتالفهب ػػا اعببه ػػور‪ .‬ونب ػػا ى‬
‫اغبقيق ػػة ص ػػنفاف لن ػػوع واح ػػد وأع ػ هب ػػذا الن ػػوع أه ػػل الع ػػوز واغباج ػػة‪ .‬إال أف اؼبفس ػرين والفقه ػػاء‬
‫امتتلفوا ى ربديد مفهوـ كل من اللفظني على حدة وربديد اؼبراد ب حيث اجتبعا هنا ى سػياؽ‬
‫واحد‪ .‬والفقك واؼبسكني ‪-‬م ل اإلسبلـ واإليباف‪ -‬من األلفاظ الب قػاؿ العلبػاء فيهػا‪ :‬إذا اجتبعػا‬
‫ػردا عػػن‬
‫اف قػػا (أي يكػػوف لكػػل منهبػػا مع ػ متػػاص) وإذا اف قػػا اجتبعػا (أي إذا ذكػػر أحػػدنبا منفػ ً‬
‫اآلمتػػر كػػاف وػػامبل ؼبعػ اللفػػي اآلمتػػر الػػذي يقػػرف بػ )‪ .‬ونبػػا هنػػا ‪ -‬ى آيػػة‪( :‬إمبػػا الصػػدقات ‪)...‬‬
‫(التوبة‪ )66 :‬قد اجتبعا فبا مع الفقك واؼبسكني هنا؟‪.‬‬
‫رجػ وػػيمل اؼبفسػرين الطػ ي(تفسػػك الطػ ي‪ -369 368/44 :‬طبػػع دار اؼبعػػارؼ)‪ :‬أف اؼبػراد‬
‫بالفقك‪ :‬احملتاج اؼبتعفه الذي ال يسأؿ واؼبسكني‪ :‬احملتاج اؼبتذلل الذي يسأؿ وأيد ترجيح بأف‬
‫لفي اؼبسكنة ينبئ عػن ذلػ ‪ .‬كبػا قػاؿ تعػاَ ى وػأف اليهػود‪( :‬وشػربز علػيهم الذلػة واؼبسػكنة)‬
‫(البقرة‪ ) 64 :‬ا‪ .‬هػ‪.‬‬
‫أمػػا مػػا جػػاء ى اغبػػديث الصػػحي ‪( :‬لػػيس اؼبسػػكني الػػذي تػػردخ التبػػرة والتبرتػػاف ولكػػن اؼبسػػكني‬
‫ػكا لغويًػػا ؼبع ػ‬
‫ـبرجػػا ى هػػذا اؼببحػػث)‪ .‬فلػػيس هػػذا تفسػ ً‬
‫الػػذي يتعفػػه) (سػػيأن اغبػػديث كػػامبل ً‬
‫اؼبسكني‪ .‬فاؼبع اللغوي معروؼ لديهم وإمبا هو مػن بػاب "لػيس اليػديد بالصػرعة إمبػا اليػديد‬
‫الذي يبل نفس عند الغض " (متفق علي من حديث أىب هريرة (بلوغ اؼبراـ ‪-‬باب ال هي من‬
‫مس ػػاوئ األمت ػػبلؽ ص ‪ -362‬طب ػػع مص ػػطفى ؿبب ػػد)‪ .‬وكب ػػوخ م ػػن م ػػل ح ػػديث‪" :‬أت ػػدروف م ػػن‬
‫اؼبفلس"؟ وحديث‪" :‬ما تعدوف الرتوب فيكم"؟ وانظر اؼبغ ‪ -457/6 :‬طبع اإلماـ)‪.‬‬
‫وؽبذا قاؿ اإلماـ اػبطال حبق‪ :‬ى اغبديث دليل على أف اؼبسكني ‪ -‬ى الظاهر عندهم واؼبتعارؼ‬
‫لديهم‪ -‬هو السا ل الطواؼ‪ .‬وإمبا نفى ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬عن اسم اؼبسػكني ألنػ دبسػألت‬
‫تأتي ػ الكفايػػة وقػػد تأتي ػ الزيػػادة عليهػػا فتػػزوؿ حاجت ػ ويسػػق عن ػ اسػػم اؼبسػػكنة وإمبػػا تػػدوـ‬
‫اغباجة واؼبسكنة دبن ال يسأؿ وال يفطن ل فيعطى" (معاٍ السنن‪.)232/2 :‬‬
‫أيضا‪ :‬أي الصنفني أسوأ حاال؟ الفقك أـ اؼبسكني؟ فعند اليافعية واغبنابلػة‪:‬‬ ‫كبا امتتله الفقهاء ً‬
‫الفقك أسوأ‪.‬‬
‫وعند اؼبالكية ‪-‬وهو اؼبيهور عند اغبنفية‪ -‬أف األمػر بػالعكس ولكػل مػن الفػريقني أدلػة مػن اللغػة‬
‫واليرع‪.‬‬
‫ومهبػػا يكػػن مػػن أمػػر هػػذا اػبػػبلؼ ى ربديػػد اؼب ػراد باأللفػػاظ فقػػد نص ػوا أنفسػػهم علػػى أف هػػذا‬
‫اػببلؼ ال طا ل ربت وليس من وراء ربقيق شبرة ذب ى باب الزكػاة‪( .‬أسػه اؼبستيػرؽ جوزيػه‬
‫وديدا حني تعرض ؼبسػألة الفقػك واؼبسػكني فقػاؿ‪:‬‬ ‫وامتز ى "دا رة اؼبعارؼ اإلسبلمية" إسفافًا ً‬
‫والفرؽ الذي يذكر بني "الفقراء" و "اؼبساكني" فرؽ تعسػف مػن كػل وجػ ‪ .‬وعلػى كػل حػاؿ اعتػاد‬
‫علب ػػاء الفق ػ أف يفس ػػروا التعري ػػه حبي ػػث يكون ػػوف ه ػػم أنفس ػػهم ى معظ ػػم األحي ػػاف م ػػن إح ػػدى‬
‫الطػػا فتني‪ -.‬دا ػػرة اؼبعػػارؼ‪ - 366/46 :‬وهػػذا السػػصه ال يصػػدر مػػن رجػػل فيػ ذرة مػػن متلػػق‬
‫العلباء‪ .‬فبا كاف ؼب ل السرمتس من اغبنفية أو ابن العرل من اؼبالكية أو النووي من اليػافعية‬
‫أو ابػ ػػن قدامػ ػػة مػ ػػن اغبنابلػ ػػة أو ابػ ػػن حػ ػػزـ مػ ػػن الظاهريػ ػػة أو غػ ػػك هػ ػػؤالء مػ ػػن فقهػ ػػاء اؼبػ ػػذاه‬
‫اإلسبلمية‪ -‬أف يطبعوا ى أمتذ الزكاة باسم الفقر أو اؼبسكنة ووباولوا ربريه اؼبفاهيم والتعريفات‬
‫ليستفيدوا ماديًا من ورا ها !! لقد كاف هؤالء الفقهاء ما بني أغنياء باذلني وفقػراء زاهػدين‪ .‬وهػذا‬
‫واش لكل من عرؼ سكهتم‪ .‬أما ما زعب من الفرؽ التعسػف مػن كػل وجػ ‪-‬كبػا قػاؿ‪ -‬فب لػ‬
‫ال يفطن إَ الفروؽ الدقيقة بني هذخ األلفاظ الب ذبتبػع ى سػياؽ واحػد‪ .‬وهػى قضػية لغويػة قبػل‬
‫أف تكوف قضية فقهية‪ .‬وؽبذا متاض فيها اللغويوف واؼبفسروف كبا متاض الفقهاء‪ .‬وقد نصػوا علػى‬
‫أف اػببلؼ فيها ال شبرة ل ى باب الزكاة)‪.‬‬

‫الفقك واؼبسكني عند اغبنفية‪:‬‬


‫والذي ينفع ذكرخ هنا‪ :‬أف الفقك عند اغبنفية هو من يبل وػيئًا دوف النصػاب اليػرع ى الزكػاة‪.‬‬
‫أو يبل ما قيبت نصاب أو أك ر من األثاث واألمتعة وال ياب والكت وكبوهػا فبػا هػو ؿبتػاج إليػ‬
‫الستعبال واالنتفاع ب ى حاجت األصلية‪.‬‬
‫واؼبسكني عندهم من ال يبل ويئًا‪ .‬وهذا هو اؼبيهور‪.‬‬
‫وقد امتتله علباء اغبنفية ى ربديد اؼبراد بالنصاب أهو نصاب النقد ‪-‬ما ب درهم‪ -‬أـ النصاب‬
‫أيضػ ػػا ص‬
‫اؼبع ػػروؼ مػ ػػن أي مػ ػػاؿ كػ ػػاف؟ (انظػ ػػر ؾببػ ػػع األمػ ػػر ودر اؼبنتقػ ػػى هبامي ػ ػ ص ‪ 226‬و ً‬
‫‪.)223‬‬
‫فاؼبستحق للزكاة بوصه الفقر أو اؼبسكنة عندهم هو‪:‬‬
‫‪ -4‬اؼبعدـ الذي ال مل ل وهو اؼبسكني‪.‬‬
‫‪ -2‬الذي يبل من الدور واؼبتاع واألثاث وكبوخ ما ينتفع ب وال يستغ عن مهبا تبلغ قيبت ‪.‬‬
‫‪ -3‬الذي يبل دوف نصاب من النقود أقل من ما ب درهم بتعبكهم‪.‬‬
‫‪ -4‬الذي يبل دوف النصاب من غك النقود كػأربع مػن اإلبػل أو تسػع وثبلثػني مػن الغػنم وكبػو‬
‫ذل ‪ .‬بيرط أال تبلغ قيبتها ما ب درهم‪.‬‬
‫وهناؾ صورة امتتلفوا فيها وهى‪:‬‬
‫من يبل نصابًا من غك النقود كصبس من اإلبل أو أربعني من الغنم إذا كانػز قيبتهػا ال تبلػغ‬
‫أيضا الزكاة‪ .‬وبعضػهم قػاؿ‪ :‬هػو غػ تؤمتػذ منػ‬‫نصابًا نقديًا‪ .‬فبعضهم قاؿ‪ :‬ربل ل الزكاة وتلزم ً‬
‫الزكاة فبل تعطى ل (اؼبصدر السابق)‪.‬‬
‫وسنعود إليضاح ذل ى بياف الغ اؼبانع من أمتذ الزكاة‪.‬‬

‫الفقك واؼبسكني عند األ بة ال بلثة‪:‬‬


‫وعنػػد األ بػػة ال بلثػػة‪ :‬ال يػػدور الفقػػر واؼبسػػكنة علػػى عػػدـ مل ػ النصػػاب بػػل علػػى عػػدـ مل ػ‬
‫الكفاية‪.‬‬
‫موقعػػا مػػن كفايتػ مػػن مطعػػم وملػػبس‬‫فػػالفقك‪ :‬مػػن لػػيس لػ مػػاؿ وال كسػ حػػبلؿ ال ػػق بػ يقػػع ً‬
‫ومسكن وسا ر ما البد من لنفس وؼبن تلزمػ نفقتػ مػن غػك إسػراؼ وال تقتػك كبػن وبتػاج إَ‬
‫عيرة دراهم كل يوـ وال هبد إال أربعة أو ثبلثة أو اثنني‪.‬‬
‫موقعا من كفايت وكفاية من يعولػ ‪ .‬ولكػن‬ ‫واؼبسكني من قدر على ماؿ أو كس حبلؿ ال ق يقع ً‬
‫ال م ب الكفاية كبن وبتاج إَ عيرة في د سبعة أو شبانية وإف مل نصابًا أو نصبًا‪.‬‬
‫موقعػػا مػػن كفايت ػ بالنصػػه فبػػا فوق ػ فاؼبسػػكني هػػو الػػذي يبل ػ نصػػه‬‫وحػػدد بعضػػهم مػػا يقػػع ً‬
‫الكفاية فأك ر‪.‬‬
‫والفقك هػو الػذي يبلػ مػا دوف النصػه (انظػر‪ :‬مايػة احملتػاج ليػبس الػدين الرملػ ‪- 454/6 :‬‬
‫‪.)453‬‬
‫والنتي ة من هذا التعريه‪ :‬أف اؼبستحق للزكاة باسم الفقر أو اؼبسكنة هو أحد ثبلثة‪:‬‬
‫أوالً‪ -‬من ال ماؿ ل وال كس أصبلً‪.‬‬
‫موقعػػا مػػن كفايتػ وكفايػػة أسػرت ‪ .‬أي ال يبلػػغ نصػػه الكفايػػة‬
‫ثانيًػػا‪ -‬مػػن لػ مػػاؿ أو كسػ ال يقػػع ً‬
‫أي دوف ‪.%56‬‬
‫ثالًػػا‪ -‬مػػن لػ مػػاؿ أو كسػ يسػػد ‪ %56‬أو أك ػػر مػػن كفايتػ وكفايػػة مػػن يعػػوؽبم‪ .‬ولكػػن ال هبػػد‬
‫سباـ الكفاية‪.‬‬
‫واؼبراد بالكفاية للفقػك أو اؼبسػكني كفايػة السػنة عنػد اؼبالكيػة واغبنابلػة وأمػا عنػد اليػافعية فػاؼبراد‪:‬‬
‫كفايػة العبػر الغالػ ألم الػ ى بلػدخ فػ ف كػاف العبػػر اؼبعتػاد ؼب لػ سػتني وهػو ابػن ثبلثػني‪ .‬وكػػاف‬
‫عندخ ماؿ يكفي لعيرين سنة فق كاف من اؼبستحقني للزكاة غباجت إَ كفاية عير سنني‪.‬‬
‫قاؿ مشس الدين الرمل ‪" :‬ال يقاؿ‪ :‬يلزـ على ذل أمتذ أك ر األغنياء من الزكاة ! ألنا نقوؿ‪ :‬مػن‬
‫مع ػ مػػاؿ يكفي ػ رحب ػ أو عق ػار يكفي ػ دمتل ػ ‪ -‬غ ػ واألغنيػػاء غػػالبهم كػػذل " (مايػػة احملتػػاج‪:‬‬
‫‪.)453 - 454/6‬‬
‫وال ىبػػرج الفقػػك أو اؼبسػػكني عػػن فقػػرخ ومسػػكنت أف يكػػوف ل ػ مسػػكن ال ػػق ل ػ ؿبتػػاج إلي ػ وال‬
‫يكله بيع لينفق من ‪ .‬ومن ل عقار ينقل دمتل عن كفايت فهػو فقػك أو مسػكني‪ .‬نعػم لػو كػاف‬
‫نفيسا حبيث لو باع استطاع أف يي ى ب ما يكفي دمتل لزم بيع فيبا يظهر‪.‬‬ ‫ً‬
‫وم ػػل اؼبس ػػكن(امتتل ػػه فقه ػػاء الي ػػافعية ف ػػيبن اعت ػػاد الس ػػكن ب ػػاألجرة ومعػ ػ شب ػػن مس ػػكن أو لػ ػ‬
‫مسػػكن‪ :‬هػػل ىبػػرج عػػن الفقػػر دبػػا مع ػ ؟ أجػػاب ى مايػػة احملتػػاج باإلهبػػاب ومتالف ػ غػػكخ‪( .‬انظػػر‬
‫حاوية اليي ا ملسى على ماية احملتاج‪ .)456/6 :‬ثياب الػب يبلكهػا ولػو للت بػل هبػا ى بعػض‬
‫أيضا‪.‬‬
‫أياـ السنة وإف تعددت ما دامز ال قة ب ً‬
‫وكذل حلى اؼبرأة البل ق هبا احملتاجة للتزين ب عادة ال ىبرجها عن الفقر واؼبسكنة‪.‬‬
‫ػادرا كبػػرة ى السػػنة سػواء أكانػػز كتػ علػػم وػػرع كالفقػ‬ ‫وكتػ العلػػم الػػب وبتػػاج إليهػػا ولػػو نػ ً‬
‫والتفسػػك واغبػػديث أو آلػػة لػ كاللغػػة واألدب أو علػػم دنيػػوي نػػافع كالط ػ ؼبػػن كػػاف مػػن أهل ػ‬
‫وكبو ذل ‪.‬‬
‫وم ل كت العلم ألهل آالت اغبرفة وأدوات الصنعة الب وبتاج إَ استعباؽبا ى صنعت ‪.‬‬
‫كبا ال ىبرج عن الفقر واؼبسكنة مال الذي ال يقدر على االنتفاع بػ كػأف يكػوف ى بلػد بعيػد‬
‫ال يتبكن من اغبصوؿ عليػ ‪ .‬أو يكػوف حاش ًػرا ولكػن حيػل بينػ وبينػ كالػذي رب ػزخ اغبكومػات‬
‫اؼبستبدة أو تضع ربز اغبراسة وما واب ذل ‪.‬‬
‫وم ػػل ذل ػ ديون ػ اؼبؤجلػػة ألن ػ اآلف معسػػر إَ أف وبػػل األجػػل (انظػػر مايػػة احملتػػاج‪456/6 :‬‬
‫‪.)454‬‬

‫ال يعطى من سهم الفقراء واؼبساكني غ‬


‫ولك تتض لنا نظرة الفقهاء إَ الفقر واؼبسكنة وتكبلة ؼبعرفػة هػذين الصػنفني أو هػذا الصػنه‬
‫من اؼبستحقني للزكاة بوصه الفقر أو اؼبسكنة ينبغػ أف نلقػى بعػض الضػوء علػى اؼبعػ اؼبقابػل‬
‫الذي ىبرج هؤالء عن دا رة االستحقاؽ هبذا الوصه ‪-‬الفقر أو اؼبسكنة‪ -‬وهذا اؼبع اؼبقابل هػو‬
‫"الغ "‪.‬‬
‫فبن اؼبتفق عليػ بػني الفقهػاء‪ :‬أنػ ال يصػرؼ ى الزكػاة مػن سػهم الفقػراء واؼبسػاكني إَ غػ ألف‬
‫اهلل تعاَ جعلها للفقراء واؼبساكني والغ غك دامتل فيهم‪ .‬وأمت الن ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪-‬‬
‫أم ػػا (تؤمت ػػذ م ػػن أغني ػػا هم لػ ػ د عل ػػى فقػ ػرا هم) وق ػػاؿ‪( :‬ال رب ػػل الص ػػدقة لغػ ػ ) (رواخ أب ػػو داود‬
‫وال مذي وحسن )‪ .‬وألف أمتذ الغ منها يبنع وصوؽبا إَ أهلهػا وىبػل حبكبػة وجوهبػا وهػو إغنػاء‬
‫الفقراء هبا‪ .‬كبا قاؿ ابن قدامة(اؼبغ اؼبطبوع مع اليرح الكبك‪.)523/2 :‬‬
‫ولكن من هو الغ ى هذا اؼبقاـ وما حد الغ هنا؟‪.‬‬

‫الغ اؼبانع من أمتذ الزكاة‬

‫امتتله الفقهاء ى حد الغ اؼبانع من أمتذ الزكاة ما هو؟‪.‬‬


‫وإمبا قلنا‪ :‬الغػ اؼبػانع مػن أمتػذ الزكػاة ألف الغػ اؼبوجػ للزكػاة قػد اتفقػوا علػى معنػاخ ى اعببلػة‬
‫وهػو‪ :‬ملػ نصػػاب مػن األمػواؿ الناميػة اؼبعروفػػة بيػروط متاصػة‪ .‬علػػى حػني امتتلفػوا ى حػد الغػ‬
‫اؼبػػانع(هنػػاؾ غػ ثالػػث هػػو‪ :‬الغػ الػػذي يبنػػع سػؤاؿ الغػػك وهػػو دوف الغػ اؼبػػانع مػػن أمتػػذ الزكػػاة‬
‫أيضػػا قػػد امتتلف ػوا في ػ ‪ .‬ولعلنػػا نعػػرض ل ػ ى مناسػػبة‬
‫لتيػػديد اليػػرع ى اؼبسػػألة إال لضػػرورة‪ .‬وهػػم ً‬
‫أمترى)‪ .‬على أقواؿ نذكرها فيبا يل ‪:‬‬
‫مذه ال وري وغكخ‪:‬‬
‫فػػذه سػػفياف ال ػػوري وابػن اؼببػػارؾ وإسػػحاؽ بػػن راهويػ (معػػاٍ السػػنن‪ .)226/2 :‬إَ أف الغػ‬
‫الذي وبرـ مع أمتذ الزكاة والصدقات هػو ملػ طبسػني درنبًػا أو قيبتهػا مػن الػذه أي نصػه‬
‫ربع نصاب من النقود‪.‬‬
‫واسػػتدلوا حبػػديث ابػػن مسػػعود قػػاؿ‪ :‬قػػاؿ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪( :-‬مػػن سػػأؿ ولػ مػػا‬
‫يغني جاءت يوـ القيامػة طبػوش أو متػدوش أو كػدوح (اػببػوش‪ :‬هػ اػبػدوش‪ :‬يقػاؿ‪ :‬طبيػز‬
‫اؼب ػرأة وجهه ػػا إذا متدو ػػت بظف ػػر أو حدي ػػدة أو كبوه ػػا والك ػػدوح‪ :‬اآلث ػػار م ػػن اػب ػػدوش والع ػػض‬
‫وكبوخ)‪ .‬ى وجه )‪ .‬فقيل‪ :‬يا رسوؿ اهلل ومػا الغػ ؟ قػاؿ‪( :‬طبسػوف درنبًػا أو قيبتهػا مػن الػذه )‬
‫(رواخ أبػػو داود والنسػػا وال مػػذي وابػػن ماجػػة وحسػػن ال مػػذي وشػػعف غػػكخ مػػن األ بػػة (انظػػر‬
‫ـبتصر السنن للبنذري‪.)227 226/2 :‬‬
‫وهػػذا اؼبػػذه روايػػة عػػن أضبػػد‪ :‬فقػػد فرقػػز الروايػػة بػػني ملػ النقػػود وملػ غكهػػا‪ :‬فبػػن ملػ مػػن‬
‫غك النقود ما ال يقوـ بكفايت فليس بغ وإف ك رت قيبت ‪ .‬ومن مل من النقود طبسني درنبًا أو‬
‫قيبتها من الذه فهو غ ألف النقود ه اآللة اؼبباورة لؤلنفاؽ اؼبعدة ل دوف غكها وغبديث‬
‫ابن مسعود اؼبذكور‪.‬‬
‫ولكن صيارفة اغبديث شعفوا حديث ابن مسعود هذا وبينػوا علػة شػعف (رواخ أبػو داود والنسػا‬
‫وال مػذي وابػن ماجػػة وحسػن ال مػػذي وشػعف غػػكخ مػن األ بػػة (انظػر ـبتصػػر السػنن للبنػػذري‪:‬‬
‫‪.)227 226/2‬‬
‫وعلػى التسػليم بصػحة اغبػديث فقػد تأولػ بعػض العلبػاء بأنػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬قػاؿ ذلػ‬
‫لقػػوـ بأعيػػامم كػػانوا يت ػػروف باػببسػػني فتقػػوـ بكفػػايتهم (انظػػر‪ :‬األنصػػاؼ مػػن كت ػ اغبنابلػػة‪:‬‬
‫‪.)222 224/2‬‬
‫وضبلػ آمتػػروف علػػى أنػ ‪-‬عليػ أفضػػل الصػػبلة والسػػبلـ‪ -‬قالػ ى وقػػز كانػػز الكفايػػة الغالبػػة فيػ‬
‫خببسني (اؼبصدر السابق)‪.‬‬
‫وضبل غكهم على اؼبسألة إذ هػو وارد فيهػا فبػن ملػ اػببسػني حرمػز عليػ اؼبسػألة ولكػن ٍ‬
‫وبرـ علي األمتذ (معاٍ السنن‪ .)226/2 :‬وهذا هو األظهر‪.‬‬
‫قاؿ اػبطال‪ :‬قالوا‪ :‬وليس ى اغبديث أف مػن ملػ طبسػني درنبًػا ٍ ربػل لػ الصػدقة إمبػا فيػ أنػ‬
‫كػرخ لػ اؼبسػألة فقػ وذلػ أف اؼبسػألة إمبػا تكػوف مػع الضػػرورة وال شػرورة دبػن هبػد مػا يكفيػ ى‬
‫وقت إَ اؼبسألة (معاٍ السنن‪.)226/2 :‬‬

‫مذه اغبنفية‪:‬‬
‫ويرى اغبنفية أف الغ الذي وبرـ ب أمتذ الصدقة وقبوؽبا أحد أمرين‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬مل ػ نصػػاب زكػػوي مػػن أي مػػاؿ كػػاف‪ :‬كصبػػس مػػن اإلبػػل السػػا بة أو مػػا ب درهػػم أو‬
‫دينارا (قػدرناها اآلف دببلػغ ‪ 85‬جر ًامػا مػن الػذه ) ألف اليػرع جعػل النػاس صػنفني‪ :‬غنيًػا‬ ‫عيرين ً‬
‫ػكا ى وقػػز واحػػد كبػن كػػاف لديػ‬ ‫ػكا تػػرد عليػ وال هبػوز أف يكػػوف غنيًػػا فق ً‬
‫تؤمتػذ منػ الزكػػاة وفق ً‬
‫نصػػاب ذبػ فيػ الزكػػاة ولكػػن عنػػدخ ك ػػرة مػػن العيػػاؿ وبتػػاجوف إَ ك ػػك مػػن النفقػػات ال هبػػوز أف‬
‫يعطى وال وبل ل أف يأمتذ من الزكاة‪.‬‬
‫وقاؿ بعض اغبنفية‪ :‬بل اؼبعت هو نصاب النقود من أي ماؿ كاف سواء أبلغ نصابًا من جنس أـ‬
‫ٍ يبلغ ‪.‬‬
‫فبن مل أربعني واة ‪-‬نصاب الغنم‪ -‬ال تبلغ قيبتها نصابًا نقػديًا (مػا ب درهػم) فهػو فقػك علػى‬
‫هذا الرأي فت علي الزكاة وربل ل الزكاة‪.‬‬
‫واسػػتدؿ بعضػػهم ؽبػػذا الػرأي حبػػديث‪( :‬مػػن سػػأؿ ولػ مػػا يغنيػ فقػػد سػػأؿ النػػاس إغبافًػػا‪ .‬قيػػل‪ :‬ومػػا‬
‫الذي يغني ؟ قاؿ‪ :‬ما تا درهم)‪.‬‬
‫واغبػػديث شػػعيه ومػػع هػػذا فهػػو ى الغ ػ اؼبػػانع مػػن الس ػؤاؿ‪ .‬فهػػو ال يػػرد علػػى ـبػػالف اغبنفيػػة‬
‫الذين هبوزوف أمتذ الزكاة ؼبػن عنػدخ ما تػا درهػم ال تقػوـ بكفايتػ ألف الغػ الػذي وبػرـ السػؤاؿ ال‬
‫وبرـ الزكاة‪.‬‬
‫وبني علباء اغبنفية نقاش طويل ى اعتباد أي الرأيني‪ .‬فلكاجع ى كتبهم (انظر على سبيل اؼب اؿ‪:‬‬
‫أيضا‪ :‬ؾببع األمر ودر اؼبنتقػى‬ ‫الدر اؼبصتار وحاويت رد احملتار‪ 86 - 88/2 :‬طبع استانبوؿ‪ .‬و ً‬
‫هبامي ص ‪.)223‬‬
‫ال اْ‪ :‬أف يبل مػن األمػواؿ الػب ال ذبػ فيهػا الزكػاة مػا يفضػل عػن حاجتػ ويبلػغ قيبػة الفاشػل‬
‫م ػػا ب دره ػػم‪ .‬كب ػػن يقتػ ػ م ػػن ال ي ػػاب والف ػػرش واألدوات والكتػ ػ وال ػػدور واغبواني ػػز وال ػػدواب‬
‫وغكها زيادة على ما وبتاج إلي كل ذل لبلبتذاؿ واالستعباؿ ال للت ارة واإلسامة ف ذا فضػل‬
‫مػػن ذل ػ مػػا يبلػػغ قيبت ػ مػػا ب درهػػم حػػرـ علي ػ أمتػػذ الصػػدقة‪ .‬فبػػن كػػاف ل ػ داراف يسػػتغ عػػن‬
‫إحػػدانبا وهػػى إذا بيعػػز تسػػاوى نصػػاب النقػػود فػػبل هبػػوز لػ أمتػػذ الزكػػاة‪ .‬وكػػذل إذا كػػاف عنػػدخ‬
‫كت ورثها م بل أو أدوات حرفة تساوى نصابًا ولػيس هػو ى حاجػة إليهػا ألنػ لػيس مػن أهػل‬
‫العلم وال من أرباب تل اغبرفة‪.‬‬
‫قػػاؿ الكاسػػاْ ى "البػػدا ع"‪" :‬ه قػػدر اغباجػػة مػػا ذكػػرخ الكرمت ػ ى ـبتصػػرخ فقػػاؿ‪ :‬ال بػػأس بػػأف‬
‫يعطػػى مػػن الزكػػاة مػػن لػ مسػػكن ومػػا يتأثػػث بػ ى منزلػ ومتػػادـ وفػػرس وسػػبلح وثيػػاب البػػدف‬
‫وكت العلم إف كاف من أهل فػ ف كػاف لػ فضػل عػن ذلػ مػا يبلػغ قيبتػ مػا ب درهػم حػرـ عليػ‬
‫أمتذ الصدقة‪ .‬ؼبا روى عػن اغبسػن البصػري أنػ قػاؿ‪" :‬كػانوا يعطػوف الزكػاة ؼبػن يبلػ عيػرة آالؼ‬
‫درهم من الفرس والسبلح واػبادـ والدار"‪.‬‬
‫وقولػ ‪" :‬كػػانوا" كنايػػة عػػن أصػػحاب رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬وهػػذا ألف هػػذخ األوػػياء‬
‫م ػػن اغبػ ػوا البلزم ػػة ال ػػب الب ػػد لئلنس ػػاف منه ػػا فك ػػاف وجوده ػػا وع ػػدمها سػ ػواء (ب ػػدا ع الص ػػنا ع‬
‫للكاساْ‪.)48/2 :‬‬
‫وذكر ى "الفتاوى" فيبن ل حوانيز ودور للغلة لكن غلتهػا ال تكفيػ وعيالػ ‪ :‬أنػ فقػك ووبػل لػ‬
‫أمتذ الصدقة عند ؿببد وعند أىب يوسه‪ :‬ال وبل‪ .‬وكذا لو ل كرـ ال تكفي غلت ‪.‬‬
‫ولو عندخ طعاـ للقوت يسػاوى ‪( 266‬مػا ب درهػم) فػ ف كػاف كفايػة وػهر وبػل أو كفايػة سػنة‬
‫قيػػل‪ :‬ال وبػػل وقيػػل‪ :‬وبػػل ألن ػ مسػػتحق الصػػرؼ إَ الكفايػػة فيلحػػق بالعػػدـ وقػػد ادمتػػر علي ػ‬
‫الصبلة والسبلـ لنسا قوت سنة‪.‬‬
‫ولو ل كسوة اليتاء وهو ال وبتاج إليها ى الصيه وبل‪.‬‬
‫وو "التتارمتانية" عن "الصغرى"‪ :‬ل دار يسكنها ولكن تزيػد علػى حاجتػ بػأف ال يسػكن الكػل‬
‫وبل ل أمتذ الصدقة ى الصحي ‪.‬‬
‫وفيه ػػا‪ :‬س ػػئل ؿبب ػػد عب ػػن ل ػ أرض يزرعه ػػا أو حواني ػػز يس ػػتغلها أو دار غلته ػػا ثبلث ػػة آالؼ وال‬
‫تكفى لنفقت ونفقة عيال سنة فأجاب‪ :‬وبل ل أمتذ الزكػاة وإف كانػز قيبتهػا تبلػغ ألوفًػا وعليػ‬
‫الفتوى‪ .‬وعندنبا‪ :‬ال وبل‪.‬‬
‫قػػاؿ ابػػن عابػػدين‪ :‬وسػػئلز عػػن اؼب ػرأة‪ :‬هػػل تصػػك غنيػػة باعبهػػاز الػػذي تػػزؼ ب ػ إَ بيػػز زوجهػػا؟‬
‫والذي يظهر فبا مر‪ :‬أف ما كاف من أثاث اؼبنزؿ وثياب البدف وأواْ االستعباؿ فبػا البػد ألم اؽبػا‬
‫من ػ فهػػو مػػن اغباجػػة األصػػلية ومػػا زاد علػػى ذل ػ مػػن اغبل ػ واألواْ واألمتعػػة الػػب يقصػػد هبػػا‬
‫الزينة إذا بلغ نصابًا تصك ب غنية‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬ه رأيز ى "التتارمتانية" ى باب صدقة الفطر‪ :‬سئل اغبسن بن على عبن ؽبا جواهر وآللئ‬
‫تلبسػػها ى األعيػػاد وتتػزين هبػػا للػػزوج وليسػػز للت ػػارة‪ :‬هػػل عليهػػا صػػدقة الفطػػر؟ قػػاؿ‪ :‬نعػػم إذا‬
‫بلغز نصابًا‪ .‬وسئل عنها عبر اغبػافي فقػاؿ‪ :‬ال هبػ عليهػا وػ ء‪ .‬قػاؿ ابػن عابػدين‪ :‬وحاصػل‬
‫ثبوت اػببلؼ ى أف اغبل غك النقدين من اغبوا األصلية‪ .‬واهلل تعاَ أعلم (حاوية رد احملتػار‪:‬‬
‫‪ 89 - 88/2‬طبع استانبوؿ)‪.‬‬

‫مذه مال واليافع وأضبد‪:‬‬


‫ؿبتاجػػا حرمػػز عليػ الصػػدقة‬
‫اؼبػػذه األمتػػك‪ :‬أف الغػ هػػو مػػا ربصػػل بػ الكفايػػة فػ ذا ٍ يكػػن ً‬
‫ؿبتاجا حلز ل الصدقة وإف مل نصػابًا بػل نصػبًا واألشبػاف وغكهػا‬
‫وإف ٍ يبل ويئًا وإف كاف ً‬
‫ى هػذا سػواء‪ .‬وهػو مػػا ذهػ إليػ مالػ واليػافع وأضبػد ى الروايػة الراجحػة عنػ ‪ .‬قػاؿ اػبطػػال‪:‬‬
‫قاؿ مال واليافع ‪ :‬ال حد للغ معلوـ وإمبا يعت حاؿ اإلنساف بوسع وطاقت فػ ذا اكتفػى دبػا‬
‫عندخ حرمز علي الصدقة وإذا احتاج حلز ل (معاٍ السنن‪.)227/2 :‬‬
‫قاؿ اليافع ‪ :‬قد يكػوف الرجػل بالػدرهم غنيًػا مػع كسػ وال يغنيػ األلػه مػع شػعف ى نفسػ‬
‫وك رة عيال (رواخ مسلم وأبو داود والنسا ‪-‬انظر اغبديث (‪ )4575‬جػ‪ 2‬ـبتصر اؼبنذري لسنن‬
‫أىب داود وسيأن اغبديث كامبلً ى فصل "الغارموف")‪.‬‬
‫وهذا اؼبذه هو الذي تعضػدخ اليػريعة بنصوصػها وروحهػا‪ .‬كبػا تؤيػدخ اللغػة واسػتعباالهتا‪ .‬وفبػا‬
‫يدؿ ؽبذا اؼبذه ‪:‬‬
‫( أ ) مػا جػاء ى اغبػديث أف النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬قػاؿ لقبيصػة بػن اؼبصػارؽ الػذي جػػاء‬
‫يسػػأل ى ضبالػػة رببلهػػا‪( :‬ال ربػػل اؼبسػػألة إال ألحػػد ثبلثػػة‪ :‬رجػػل أصػػابت فاقػػة فحلػػز لػ اؼبسػػألة‬
‫ػدادا مػن عػيو) ‪ .‬اغبػديث (رواخ مسػلم وأبػو داود والنسػا ‪-‬‬ ‫حك يصي قو ًامػا مػن عػيو أو س ً‬
‫انظػػر اغبػػديث (‪ )4575‬جػ ػ‪ 2‬ـبتصػػر اؼبنػػذري لسػػنن أىب داود وسػػيأن اغبػػديث كػػامبلً ى فصػػل‬
‫"الغارموف") فقد أباح ل اؼبسألة حك هبد القواـ أو السداد من العيو‪.‬‬
‫ؿبتاجػا فهػو فقػك يػدمتل ى عبػوـ الػنل‬ ‫( ب ) أف اغباجة ه الفقر والغ شدها فبن كػاف ً‬
‫ومن استغ دمتل ى عبوـ النصوص احملرمة‪ .‬والدليل علػى أف الفقػر هػو اغباجػة قػوؿ اهلل تعػاَ‪:‬‬
‫(يا أيها الناس أنتم الفقػراء إَ اهلل) (فػاطر‪- .)45 :‬أي احملتػاجوف إليػ وقػوؿ اليػاعر‪" :‬وإْ إَ‬
‫معروفها لفقك"‪ -‬أي حملتاج‪.‬‬
‫وبناء على ذل يتفرع أمراف‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أف مػن كػػاف لػ مػػاؿ يكفيػ ‪-‬سػواء أكػػاف ذلػ مػػن مػػاؿ زكػػوي أو غػػك زكػػوي أو مػػن كسػػب‬
‫وعبلػ أو مػػن أجػػرة عقػػارات أو غػػك ذلػ ‪ -‬فلػػيس لػ األمتػػذ مػػن الزكػػاة‪ .‬ويعتػ وجػػود الكفايػػة لػ‬
‫ولعا لت ومن يعول ألف كل واحد منهم مقصود دفع حاجت فيعت ل ما يعت للبنفرد‪ .‬وصبهػور‬
‫العباؿ واؼبػوظفني مػن هػذا الصػنه الػذي يعػد غنيًػا بكسػب اؼبت ػدد ال دبالػ وثروتػ اؼبػدمترة‪ .‬فلػو‬
‫فقكا لكاف كل هؤالء يستحقوف الزكاة‪ .‬وهذا غك مقبوؿ‪.‬‬ ‫كاف من ال يبل نصابًا ً‬
‫ثانيًػػا‪ :‬أف مػػن ملػ مػػن أمػواؿ الزكػػاة نصػػابًا ‪-‬أو أك ػػر‪ -‬ال تػػتم بػ كفايتػ لنفسػ ومػػن يعولػ فلػ‬
‫األمتذ من الزكاة ألن ليس بغ ‪.‬‬
‫فبػػن لػ عػػروض ذبػػارة قيبتهػػا ألػػه دينػػار أو أك ػر ولكػػن ال وبصػػل لػ مػػن رحبهػػا قػػدر كفايتػ ‪-‬‬
‫لكساد السوؽ أو ك رة العياؿ أو كبوها‪ -‬هبوز ل األمتذ من الزكاة‪.‬‬
‫ومن كاف ل مواش تبلغ نصابًا أو ل زرع يبلغ طبسة أوسق ال يقوـ ذل جببيع كفايت هبػوز لػ‬
‫األمتذ من الزكاة وال يبنع ذل وجوهبا علي ألف الغ اؼبوج للزكاة هو مل النصػاب بيػروط‪.‬‬
‫أما الغ اؼبػانع مػن أمتػذها فهػو مػا ربصػل بػ الكفايػة وال تػبلزـ بينهبػا (انظػر وػرح غايػة اؼبنتهػى‪:‬‬
‫‪.)435/2‬‬
‫قػاؿ اؼبيبػػوْ‪ :‬ذاكػػرت أبػػا عبػػد اهلل (أضبػػد بػػن حنبػػل) فقلػػز‪ :‬قػػد تكػػوف للرجػػل اإلبػػل والغػػنم ذبػ‬
‫فيها الزكاة وهو فقك ويكوف لػ أربعػوف وػاة وتكػوف لػ الضػيعة (اؼبزرعػة) ال تكفيػ ‪ .‬أفيعطػى مػن‬
‫الزكاة؟ قاؿ‪ :‬نعم … وذكر قػوؿ عبػر‪ :‬أعطػوهم وإف راحػز علػيهم مػن اإلبػل كػذا وكػذا (اؼبغػ ‪:‬‬
‫‪.)664/2‬‬
‫وقػػاؿ أضبػػد ‪-‬ى روايػػة ؿببػػد بػػن اغبكػػم‪ -‬إذا كػػاف لػ عقػػار أو شػػيعة يسػػتغلها ‪-‬عيػػرة آالؼ أو‬
‫أك ر وال تكفي ‪ -‬يأمتذ من الزكاة (ورح الغاية‪.)435/2 :‬‬
‫وقيل ل ‪ :‬يكوف للرجل الزرع القا م وليس عندخ ما وبصدخ أيأمتػذ مػن الزكػاة؟ قػاؿ‪ :‬نعػم (اؼبصػدر‬
‫السابق)‪.‬‬
‫قاؿ ى ورح الغاية‪" :‬من ل كت وبتاجهػا للحفػي واؼبطالعػة أو ؽبػا حلػى للػبس أو لكػراء ربتػاج‬
‫إلي فبل يبنعها ذل من أمتذ الزكاة (ورح الغاية‪.)435/2 :‬‬

‫الفقك القادر على الكس‬


‫وإذا كػػاف مػػدار االسػػتحقاؽ هػػو اغباجػػة ‪-‬حاجػػة الفػػرد إَ كفايػػة نفسػ ومػػن يعولػ ‪ -‬فهػػل يعطػػى‬
‫احملتاج وإف كاف متبطبلً يعيو عالة على اةتبع ووبيا على الصدقات واإلعانات وهو مػع ذلػ‬
‫قوى البنياف قادر على الكس وإغناء نفس بكسب وعبل ؟!‪.‬‬
‫إف الذي أرجح ى ذل هػو مػا ذهػ إليػ اليػافعية واغبنابلػة حيػث قػالوا‪ :‬ال هبػوز صػرؼ الزكػاة‬
‫إَ غػ مػػن سػػهم الفقػراء واؼبسػػاكني وال إَ قػػادر علػػى كسػ يليػػق بػ وبصػػل لػ منػ كفايتػ‬
‫وكفاية عيال (اةبوع‪.)228/6 :‬‬
‫وهذا اؼبذه هو الذي تعضدخ نصوص اليرع وقواعدخ‪ .‬حك ذه بعض اغبنفيػة ‪-‬وهػم هبيػزوف‬
‫الدفع للفقك الكسوب‪ -‬إَ أن ال يطي ل األمتذ ألف جواز النفع ال يستلزـ جواز األمتػذ كبػا‬
‫فقكا فالدفع جا ز واألمتذ حراـ‪.‬‬ ‫إذا دفع إَ غ يظن ً‬
‫وقاؿ صبهور اغبنفية‪:‬‬
‫األمتذ ليس حبراـ ولكن عدـ األمتذ أوَ ؼبن ل سداد من عيو (ؾببع األمر ص‪.)226‬‬
‫أيض ػػا إَ ع ػػدـ جػ ػواز ال ػػدفع للق ػػادر عل ػػى التكسػ ػ (نس ػػب ى حاو ػػية‬
‫وذهػ ػ بع ػػض اؼبالكي ػػة ً‬
‫الدسوق ‪ 4494/4‬إَ وبىي بن عبر)‪.‬‬
‫وإمبػا قلنػػا‪ :‬إف هػػذا اؼبػذه هػػو الػػذي تؤيػدخ نصػػوص اليػػرع وقواعػدخ‪ .‬ألف الواجػ الػػذي يفرشػ‬
‫اإلسػػبلـ علػػى كػػل قػػوى قػػادر علػػى العبػػل أف يعبػػل وأف ييسػػر ل ػ سػػبيل العبػػل وبػػذل يكفػػى‬
‫ػكا مػن أف يأكػل‬ ‫طعاما قػ مت ً‬
‫نفس بكد يبين وعرؽ جبين ‪ .‬وو اغبديث الصحي (ما أكل أحد ً‬
‫من عبل يدخ) (رواخ البصاري وغكخ (ال غي وال هي للبنذري ج ػ‪ - 2‬أوؿ كتػاب البيػوع) وال‬
‫هبوز ؼبن وجد عببلً يكفي وهو يقدر علي أف يدع ليأمتذ من الصدقات أو يسأؿ الناس‪.‬‬
‫ومن أجل ذل رأينا رسوؿ اإلسبلـ ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬يقػوؿ ى صػراحة ووشػوح‪( :‬ال ربػل‬
‫الصدقة لغ وال لذي مرة سوى) (رواخ اػببسة وحسن ال مذي)‪.‬‬
‫واؼبرة‪ :‬القوة واليدة والسوي‪ :‬اؼبستوي السليم األعضاء‪.‬‬
‫وروى الط ي عن زهػك العػامري‪ :‬أنػ لقػ عبػد اهلل بػن عبػرو بػن العػاص فسػأل عػن الصػدقة‪ :‬أي‬
‫ماؿ ه ؟ فقاؿ‪ :‬مػاؿ العرجػاف (صبػع أعػرج) والعػوراف والعبيػاف وكػل منقطػع بػ (يعػ الضػعفاء‬
‫وذوى العاه ػػات والعػػاجزين ع ػػن الكس ػ )‪ .‬فق ػػاؿ ل ػ ‪ :‬إف للعػػاملني ح ًقػػا واةاهػػدين ! (أي م ػػن‬
‫سهم العاملني عليها وسهم سبيل اهلل) قاؿ عبد اهلل‪ :‬إف اةاهدين قوـ أحل ؽبم (أي أبي ؽبم أف‬
‫يأمتذوا ما يعينهم على اعبهاد) والعاملني عليها قدر عبالتهم‪ .‬ه قاؿ‪( :‬ال ربل الصدقة لغ وال‬
‫لذي مرة سوى) (تفسك الط ي بتحقيق ؿببود واكر‪.)234/44 :‬‬
‫وهذخ الكلبة الب قاؽبػا عبػد اهلل بػن عبػرو رويػز مرفوعػة إَ النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬عػن‬
‫عدد من الصحابة ‪-‬رشى اهلل عنهم‪ -‬كبا رفعها هو إَ النػ ى روايػة أمتػرى (رفعػ إَ النػ ‪-‬‬
‫صلى اهلل علي وسػلم‪ -‬أبػو هريػرة وحبيػ بػن جنػادة وجػابر وطلحػة وعبػد الػرضبن بػن أىب بكػر‬
‫وابػػن عبػػر‪ -.‬انظػػر نص ػ الرايػػة‪ 464 -399/2 :‬وانظػػر مصػػنه ابػػن أىب وػػيبة‪-267/3 :‬‬
‫‪ 268‬طبع حيدر آباد)‪.‬‬
‫وال اعتػػداد بالقػػدرة اعبسػػبانية واللياقػػة البدنيػػة مػػا ٍ يكػػن معهػػا كسػ يغ ػ ويكفػػى ألف القػػوة‬
‫بغػػك كس ػ ال تكسػػو مػػن عػػرى وال تطعػػم مػػن جػػوع‪ .‬قػػاؿ النػػووي‪ :‬إذا ٍ هبػػد الكسػػوب مػػن‬
‫يستعبل حلز ل الزكاة ألن عاجز (اةبوع‪.)494/6 :‬‬
‫ف ذا كاف اغبديث اؼبذكور قد اكتفى بذكر "ذي اؼبرة السوي" ف ف حديًا آمتػر قيػد هػذا اإلطػبلؽ‬
‫وأشاؼ إَ القوة االكتساب‪.‬‬
‫فعػػن عبيػػد اهلل بػػن عػػدى بػػن اػبيػػار أف رجلػػني أمت ػ اخ أمبػػا أتيػػا الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪-‬‬
‫يسػػأالن مػػن الصػػدقة فقلػ فيهبػػا البصػػر ورآنبػػا جلػػدين (قػػويني) فقػػاؿ‪( :‬إف وػػئتبا أعطيتكبػػا‬
‫وال حػػي فيهػػا (أي ى الزكػػاة) لغ ػ وال لقػػوى مكتس ػ ) (رواخ أضبػػد وأبػػو داود والنسػػا وقػػاؿ‬
‫أضبد‪ :‬ما أجودخ من حديث" وقاؿ النػووي‪" :‬هػذا اغبػديث صػحي " ‪-‬اةبػوع‪ -489/6 :‬وقػد‬
‫سكز عن أبو داود واؼبنذري ‪ -‬ـبتصر السنن‪.)233/2 :‬‬
‫وإمبا متكنبػا الرسػوؿ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬ألنػ ٍ يكػن علػى علػم ببػاطن أمرنبػا فقػد يكونػاف‬
‫ى الظاهر جلدين قادرين ويكوناف ى الواقع غك مكتسبني أو مكتسبني كسبًا ال يكفى‪.‬‬
‫واسػتدؿ العلبػاء باغبػديث علػى أنػ ينبغػ لػوَ األمػر ‪-‬أو رب اؼبػاؿ‪ -‬وعػي آمتػذ الزكػاة الػذي ال‬
‫يعرؼ حقيقة حال وتعريف أما ال ربل لغ وال قادر على الكس أسوة برسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل‬
‫علي وسلم‪( -‬نيل األوطار‪.)476/4 :‬‬
‫واؼبػراد باالكتسػػاب‪ :‬اكتسػػاب قػػدر الكفايػػة‪ .‬وإال كػػاف مػػن أهػػل االسػػتحقاؽ للزكػػاة والع ػػز عػػن‬
‫أصػػل الكس ػ لػػيس بيػػرط (اةبػػوع‪ .)496/6 :‬وال يص ػ أف يقػػاؿ بوقػػوؼ الزكػػاة علػػى الػػزم‬
‫واؼبرشى والع زة فحس ‪.‬‬
‫واؼبعت ‪-‬كبا قاؿ النووي‪ -‬كس يليق حبال ومروءت ‪ .‬وأما ما ال يليق ب فهو كاؼبعدوـ (اةبوع‪:‬‬
‫‪.)496/6‬‬
‫على أف حديث ربػرٓ الزكػاة علػى "ذي اؼبػرة السػوي" يعبػل ب طبلقػ بالنسػبة للقػادر الػذي يسػتبر‬
‫ى البطالة مع هتيؤ فرص الكس اؼببل م ؼب ل عرفًا‪.‬‬
‫واػببلصة أف القادر على الكس الذي وبرـ علي الزكاة هو الذي تتوافر في اليروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -4‬أف هبد العبل الذي يكتس من ‪.‬‬
‫ورعا ف ف العبل احملظور ى اليرع دبنزلة اؼبعدوـ‪.‬‬ ‫‪ -2‬أف يكوف هذا العبل حبلالً ً‬
‫‪ -3‬أف يقدر علي من غك ميقة وديدة فوؽ احملتبل عادة‪.‬‬
‫‪ -4‬أف يكوف مبل ًبا ؼب ل وال ًقا حبال ومركزخ ومروءت ومنزلت االجتباعية‪.‬‬
‫‪ -5‬أف يكتس من قدر ما تتم ب كفايت وكفاية من يعوؽبم‪.‬‬
‫ػرعا أف يكفػػى نفسػ بنفسػ وأف اةتبػػع‬ ‫ومعػ هػػذا‪ :‬أف كػػل قػػادر علػػى الكسػ مطلػػوب منػ وػ ً‬
‫بعامة ‪-‬ووَ األمر خباصة‪ -‬مطلوب من أف يعين على هذا األمر الذي هو حق ل وواج علي ‪.‬‬
‫ػاجزا عػػن الكس ػ ‪ -‬لضػػعه ذان كالصػػغر والعت ػ واليػػيصومتة والعاهػػة واؼبػػرض أو‬ ‫فبػػن كػػاف عػ ً‬
‫قادرا وٍ هبد بابًا حبلالً للكس يليػق دب لػ أو وجػد ولكػن كػاف دمتلػ مػن كسػب ال يكفيػ‬ ‫كاف ً‬
‫وعا لت أو يكفي بعػض الكفايػة دوف سبامهػا ‪ -‬فقػد حػل لػ األمتػذ مػن الزكػاة وال حػرج عليػ ى‬
‫دين اهلل‪.‬‬
‫ه ػذخ ه ػ تعليبػػات اإلسػػبلـ الناصػػعة الػػب صبعػػز بػػني العػػدؿ واإلحسػػاف أو العػػدؿ والرضبػػة‪.‬؛ أمػػا‬
‫مب ػػدأ اؼب ػػاديني الق ػػا لني‪" :‬م ػػن ال يعب ػػل ال يأك ػػل" فه ػػو مب ػػدأ غ ػػك طبيع ػ وغ ػػك أمتبلق ػ وغ ػػك‬
‫اعػػا وببػػل قويهػػا شػػعيفها ويقػػوـ قادرهػػا بعاجزهػػا أفػػبل‬
‫إنسػػاْ‪.‬؛ بػػل إف ى الطيػػور واغبيوانػػات أنو ً‬
‫يبلغ اإلنساف مرتبة هذخ الع باوات؟!‪.‬‬

‫اؼبتفرغ للعبادة ال يأمتذ من الزكاة‪:‬‬

‫ومن الرا ع ح ًقا ما ذكرخ هنا فقهاء اإلسبلـ فقالوا‪ :‬إذا تفرغ إنساف قػادر علػى الكسػ لعبػادة اهلل‬
‫تع ػػاَ بالص ػػبلة والص ػػياـ وكبونب ػػا م ػػن نواف ػػل العب ػػادات ال يعط ػػى م ػػن الزك ػػاة وال رب ػػل لػ ػ ؛ ألف‬
‫مصػػلحة عبادت ػ قاصػػرة علي ػ (انظػػر‪ :‬الروشػػة للنػػووي‪ 3669/2 :‬واةبػػوع‪ .)494/6 :‬وألن ػ‬
‫مأمور بالعبل واؼبي ى مناك األرض وال رهبانية ى اإلسبلـ‪ .‬والعبل ى هػذخ اغبػاؿ لكسػ‬
‫العيو من أفضل العبادات إذا صدقز في النية والتزمز حدود اهلل‪.‬‬

‫اؼبتفرغ للعلم يأمتذ من الزكاة‪:‬‬

‫فػ ذا مػػا تفػػرغ لطلػ علػػم نػػافع وتعػػذر اعببػػع بػػني الكسػ وطلػ العلػػم ف نػ يعطػػى مػػن الزكػػاة‬
‫قدر ما يعين على أداء مهبت وما ييبع حاجات ومنها كتػ العلػم الػب البػد منهػا ؼبصػلحة دينػ‬
‫ودنياخ‪.‬‬
‫وإمبا أعطى طال العلم ألن يقػوـ بفػرض كفايػة وألف فا ػدة علبػ ليسػز مقصػورة عليػ بػل هػ‬
‫ةبوع األمة‪ .‬فبن حق أف يعاف من ماؿ الزكاة ألما ألحد رجلني‪ :‬إما ؼبن وبتاج مػن اؼبسػلبني‪.‬‬
‫أو ؼبن وبتاج إلي اؼبسلبوف‪ .‬وهذا قد صبع بني األمرين‪.‬‬
‫واو ط بعضهم أف يكوف قبيبًا يرجى تفوق ونفع اؼبسلبني ب وإال ٍ يستحق األمتذ مػن الزكػاة‬
‫قادرا على الكسػ (انظػر اؼبرجػع السػابق ووػرح غايػة اؼبنتهػى‪ 437/2 :‬وحاوػية الػروض‬
‫ما داـ ً‬
‫اؼبربع‪ 466/4 :‬واةبػوع‪ .)494 - 496/6 :‬وهػو قػوؿ وجيػ ‪ .‬وهػو الػذي تسػك عليػ الػدوؿ‬
‫اغبدي ة حيث تنفق على الن باء واؼبتفوقني بأف تتي ؽبم دراسات متاصة أو ترسلهم ى بع ات‬
‫متارجية أو دامتلية‪.‬‬

‫اؼبستوروف اؼبتعففوف أوَ باؼبعونة‬

‫ولقػػد يظػػن ك ػػك مػػن النػػاس ‪-‬مػػن سػػوء العػػرض لتعػػاليم اإلسػػبلـ وسػػوء التطبيػػق ؽبػػا‪ -‬أف الفق ػراء‬
‫واؼبسػػاكني اؼبسػػتحقني للزكػػاة هػػم أولئ ػ اؼبتبطل ػػوف أو اؼبتس ػولوف الػػذين اح ف ػوا س ػؤاؿ النػػاس‬
‫وتظػاهروا بػالفقر واؼبسػػكنة ومػدوا أيػػديهم للغػادين والػرا حني ى اةػامع واألسػواؽ وعلػى أبػواب‬
‫اؼبسػػاجد وغكهػػا ولعػػل هػػذخ الصػػورة للبسػػكني كانػػز ماثلػػة ى أذهػػاف ك ػػك مػػن النػػاس منػػذ زمػػن‬
‫قدٓ حك ى زمن الرسوؿ ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬فبا جعل علي السػبلـ ينبػ النػاس علػى أهػل‬
‫اغباجػػة اغبقيقيػػني الػػذين يسػػتحقوف معونػػة اةتبػػع حبػػق وإف ٍ يفطػػن ؽبػػم الك ػػكوف فقػػاؿ عليػ‬
‫الصػػبلة والسػػبلـ ى ذلػ ‪( :‬لػػيس اؼبسػػكني الػػذي تػػردخ التبػػرة والتبرتػػاف وال اللقبػػة واللقبتػػاف إمبػػا‬
‫اؼبسكني الذي يتعفه اقرأوا إف وئتم‪( :‬ال يسألوف الناس إغبافًا) (البقرة‪.)273 :‬‬
‫ومعػ ‪( :‬ال يسػػألوف النػػاس إغبافًػػا)‪ :‬ال يلحػػوف ى اؼبسػػألة وال يكلفػػوف النػػاس مػػا ال وبتػػاجوف إليػ‬
‫ف ف من سأؿ وعندخ ما يغني عن اؼبسألة فقد أغبه‪ .‬وهذا وصه لفقراء اؼبهاجرين الذين انقطعوا‬
‫إَ اهلل ورسػول ولػػيس ؽبػػم مػػاؿ وال كسػ يػػردوف بػ علػػى أنفسػػهم مػػا يغنػػيهم (تفسػػك ابػػن ك ػػك‪:‬‬
‫‪ .)324/4‬ق ػػاؿ تع ػػاَ ى وص ػػفهم والتنويػ ػ بي ػػأمم‪( :‬للفقػ ػراء ال ػػذين أحص ػػروا ى س ػػبيل اهلل ال‬
‫يستطيعوف شربًا ى األرض وبسبهم اعباهل أغنياء من التعفه تعرفهم بسيباهم ال يسألوف الناس‬
‫إغبافًا) (البقرة‪ ..)273 :‬فهػؤالء وأوػباههم أحػق النػاس أف يعػانوا كبػا أروػدنا رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى‬
‫اهلل علي وسلم‪ -‬ى حدي اؼبذكور‪.‬‬
‫وو رواي ػػة أمت ػػرى‪( :‬لػ ػػيس اؼبسػ ػػكني الػ ػػذي يطػ ػػوؼ علػ ػػى الن ػػاس ت ػػردخ اللقب ػػة واللقبتػ ػػاف والتبػ ػػرة‬
‫والتبرتاف ولكن اؼبسكني الذي ال هبد غ يغنيػ وال يفطػن لػ فيتصػدؽ عليػ وال يقػوـ فيسػأؿ‬
‫الناس) (اغبديث بروايتي متفق علي )‪.‬‬
‫ذل هو اؼبسكني اعبدير باؼبعونة وإف كاف الناس يغفلوف عن وال يفطنوف ل ‪ .‬ولكػن رسػوؿ اهلل ‪-‬‬
‫ػكا مػػن‬‫صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬لفػػز األنظػػار إلي ػ ونب ػ العقػػوؿ والقلػػوب علي ػ ‪ .‬وإن ػ لييػػبل ك ػ ً‬
‫أصحاب البيوتات وأرباب األسر اؼبتعففني الذين أمت عليهم الزمن أو قعػد هبػم الع ػز أو قػل‬
‫ماؽبم وك رت عياؽبم أو كاف دمتلهم من عبلهم ال ييبع حاجاهتم اؼبعقولة‪.‬‬
‫وقػػد سػػئل اإلمػػاـ اغبسػػن البصػػري عػػن الرجػػل تكػػوف لػ الػػدار واػبػػادـ أيأمتػػذ مػػن الزكػػاة؟ فأجػػاب‪:‬‬
‫بأن يأمتذ إف احتاج وال حرج علي (األمواؿ ألىب عبيد ص ‪ .)556‬وقد ذكرنا فتوى اإلماـ ؿببد‬
‫بػػن اغبسػػن فػػيبن ل ػ أرض يزرعهػػا أو حوانيػػز يسػػتغلها أو غلتهػػا ثبلثػػة آالؼ وال تكفػػى لنفقت ػ‬
‫ونفقة عيال سنة‪ :‬أن وبل ل أمتذ الزكػاة وإف كانػز قيبتهػا تبلػغ ألوفًػا وعليػ الفتػوى عنػد اغبنفيػة‬
‫كبا نقل ابن عابدين (رد احملتار‪.)88/2 :‬‬
‫كبا ذكرنا فتوى اإلمػاـ أضبػد ى الرجػل‪ :‬إذا كػاف لػ عقػار يسػتغل أو شػيعة تسػاوى عيػرة آالؼ‬
‫درهػػم أو أقػػل مػػن ذلػ أو أك ػػر ولكنهػػا ال تقيبػ ‪-‬يعػ ال تقػػوـ بكفايتػ ‪ -‬بأنػ يأمتػػذ مػػن الزكػػاة‬
‫(اؼبغ مع اليرح الكبك‪.)525/2 :‬‬
‫وقاؿ اليافعية‪ :‬إذا كاف ل عقار ينقل دمتل عن كفايت فهو فقك أو مسكني فيعطػى مػن الزكػاة‬
‫سباـ كفايت وال يكله بيع (اةبوع‪.)492/6 :‬‬
‫وقاؿ اؼبالكية‪ :‬هبوز دفػع الزكػاة ؼبػن يبلػ نصػابًا أو أك ػر لك ػرة عيالػ ولػو كػاف لػ اػبػادـ والػدار‬
‫الب تناسب (ورح اػبرو حباوية العدوى على متليل‪ 245/2 :‬وحاوية الدسوق ‪.)494/4 :‬‬
‫لػيس اؼبقصػػود بالزكػػاة إذف إعطػػاء اؼبعػػدـ اؼبػ ب فقػ ذلػ الػػذي ال هبػػد وػػيئًا أو ال يبلػ وػػيئًا‬
‫أيضا إغناء ذل الذي هبد بعض الكفاية ولكن ال هبد كل ما يكفي ‪.‬‬ ‫وإمبا يقصد هبا ً‬

‫كم يعطى الفقك واؼبسكني من الزكاة؟‬

‫امتتلفز اؼبذاه الفقهية ى مقدار ما يعطى الفقك واؼبسكني مػن الزكػاة ونسػتطيع أف كبصػر هػذا‬
‫اػببلؼ ى اذباهني ر يسيني‪:‬‬
‫االذباخ األوؿ‪ :‬يقوؿ ب عطا هبا ما يكفيهبا سباـ الكفاية باؼبعروؼ دوف ربديد دبقدار من اؼباؿ‪.‬‬
‫ؿبددا من اؼباؿ يقل عند بعضهم ويك ر عند آمترين‪.‬‬ ‫مقدارا ً‬
‫االذباخ ال اْ‪ :‬يقوؿ ب عطا هبا ً‬
‫وس ػػنبدأ باالذب ػػاخ األوؿ؛ ألن ػ أق ػػرب إَ منط ػػق اإلس ػػبلـ ونصوص ػ وأهداف ػ ى ب ػػاب الزك ػػاة وق ػػد‬
‫انقسم هذا االذباخ إَ مذهبني‪:‬‬
‫‪ -4‬مذه يقوؿ ب عطاء كفاية العبر‪.‬‬
‫‪ -2‬ومذه يقتصر على إعطاء كفاية السنة‪.‬‬

‫اؼبذه األوؿ‪ -‬إعطاء الفقك كفاية العبر‪:‬‬

‫يت ػ هػػذا اؼبػػذه إَ‪ :‬أف يعطػػى الفقػػك مػػا يستأصػػل وػػأفة فقػػرخ ويقضػػى علػػى أسػػباب عػػوزخ‬
‫وفاقت ويكفي بصفة دا بة وال وبوج إَ الزكاة مرة أمترى‪.‬‬
‫قػػاؿ اإلمػػاـ النػػووي ى "اةبػػوع"‪" :‬اؼبسػػألة ال انيػػة‪ -‬ى قػػدر اؼبصػػروؼ إَ الفقػػك واؼبسػػكني‪ .:‬قػػاؿ‬
‫أصػػحابنا العراقيػػوف وك ػػكوف مػػن اػبراسػػانيني‪ :‬يعطيػػاف مػػا ىبرجهبػػا مػػن اغباجػػة إَ الغػ وهػػو مػػا‬
‫ربصل ب الكفاية على الدواـ‪ .‬وهػذا هػو نػل اليػافع رضبػ اهلل‪ .‬واسػتدؿ لػ األصػحاب حبػديث‬
‫قبيصة بن اؼبصارؽ اؽببلُ ‪-‬رشى اهلل عن ‪ -‬أف رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬قػاؿ‪( :‬ال ربػل‬
‫اؼبسألة إال ألحد ثبلثة‪ :‬رجل رببل ضبالة فحلز ل اؼبسألة حك يصيبها ه يبس ورجل أصػابت‬
‫ػدادا مػػن‬‫جا حػػة اجتاحػػز مال ػ فحلػػز ل ػ اؼبسػػألة حػػك يصػػي قو ًامػػا مػػن عػػيو‪ -‬أو قػػاؿ‪ :‬سػ ً‬
‫عػػيو‪ -‬ورجػػل أصػػابت فاقػػة حػػك يقػػوؿ ثبلثػػة مػػن ذوى اغب ػػا مػػن قومػ ‪ :‬قػػد أصػػابز فبلنًػػا فاقػػة‬
‫ػدادا مػػن عػػيو ػ فبػػا سػواهن مػػن‬ ‫فحلػػز لػ اؼبسػػألة حػػك يصػػي قو ًامػػا مػػن عػػيو ػ أو قػػاؿ‪ :‬سػ ً‬
‫اؼبسألة يا قبيصة سحز يأكلها صاحبها سحتًا) (رواخ مسلم ى صحيح )‪.‬‬
‫قػػاؿ أصػػحابنا‪ :‬فأجػػاز رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬اؼبسػػألة حػػك يصػػي مػػا يسػػد حاجتػ‬
‫فدؿ على ما ذكرناخ‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬ف ف كاف عادت االح اؼ أعطى ما يي ى ب حرفتػ أو آالت حرفتػ قلػز قيبػة ذلػ أـ‬
‫ك ػػرت ويك ػػوف ق ػػدرخ حبي ػػث وبص ػػل ل ػ م ػػن رحب ػ م ػػا يف ػ بكفايت ػ غالبًػػا تقريبًػػا وىبتل ػػه ذل ػ‬
‫بامتتبلؼ اغبرؼ والببلد واألزماف واألوصاص‪.‬‬
‫وقرب صباعة من أصحابنا ذل فقالوا‪ :‬من يبيع البقػل يعطػى طبسػة دراهػم أو عيػرة‪ .‬ومػن حرفتػ‬
‫ػاجرا أو‬‫بيع اعبوهر يعطى عيرة آالؼ درهم م بلً إذا ٍ يتأت ل الكفاية بأقل منها ومػن كػاف ت ً‬
‫متبػ ًػازا أو عطػ ًػارا أو صػرافًا أعطػػى بنسػػبة ذلػ ومػػن كػػاف متياطًػػا أو قبػ ًػارا أو قصػ ًػارا أو قصػػابًا أو‬
‫غكهم من أهل الصنا ع أعطى ما يي ى ب من اآلالت الب تصل ؼب ل ‪.‬‬
‫وإف كػػاف مػػن أهػػل الضػػياع (اؼبػزارع) يعطػػى مػػا ييػ ى ب ػ شػػيعة أو حصػػة ى شػػيعة تكفيػ غلتهػػا‬
‫على الدواـ‪.‬‬
‫فػ ف ٍ يكػػن ؿب فًػػا وال وبسػػن صػنعة أصػبلً وال ذبػػارة وال وػػيئًا مػن أنػواع اؼبكاسػ أعطػػى كفايػػة‬
‫العب ػػر الغالػ ػ ألم ال ػ ى ب ػػبلدخ وال يتق ػػدر بكفاي ػػة س ػػنة (انظ ػػر‪ :‬اةب ػػوع للن ػػووي‪- 493/6 :‬‬
‫‪.)495‬‬
‫ووش ذل مشس الدين الرمل ى وػرح اؼبنهػاج للنػووي‪ .‬فػذكر أف الفقػك واؼبسػكني إف ٍ وبسػن‬
‫كػػل منهبػػا كسػػبًا حبرفػػة وال ذبػػارة يعطػػى كفايػػة مػػا بقػػى مػػن العبػػر الغالػ ألم الػ ى بلػػدخ‪ .‬ألف‬
‫القصد إغناؤخ وال وبصل إال بذل ف ف زاد عبرخ علي أعطى سنة بسنة‪.‬‬
‫وليس اؼبراد ب عطاء من ال وبسن الكس إعطاءخ نق ًػدا يكفيػ بقيػة عبػرخ اؼبعتػاد بػل إعطػاءخ شبػن‬
‫ما يكفي دمتل من ‪ .‬كأف يي ى ل ب عقار يستغل ويغت ب عن الزكاة فيبلك ويورث عن ‪.‬‬
‫قػػاؿ‪ :‬واألقػػرب ‪-‬كبػػا حب ػ الزركي ػ ‪ -‬أف لئلمػػاـ ‪-‬دوف اؼبال ػ ‪ -‬و ػراءخ ل ػ ول ػ إلزام ػ بالي ػراء‬
‫وعدـ إمتراج عن ملك وحينئذ ليس ل إمتراج فبل وبل وال يص فيبا يظهر‪.‬‬
‫ولػػو مل ػ هػػذا دوف كفايػػة العبػػر الغال ػ كب ػػل ل ػ م ػػن الزكػػاة كفايت ػ ‪ .‬وال يي ػ ط اتصػػاف ي ػػوـ‬
‫اإلعطاء بالفقر واؼبسكنة‪.‬‬
‫قػػاؿ اؼبػػاوردي‪ :‬لػػو كػػاف مع ػ تسػػعوف وال يكفي ػ إال رب ػ ما ػػة أعطػػى العيػػرة األمتػػرى وإف كفت ػ‬
‫التسعوف ‪-‬لو أنفقها من غك اكتساب فيها‪ -‬سنني ال تبلغ العبر الغال ‪.‬‬
‫وهذا كل فيبن ال وبسن الكس ‪.‬‬
‫أما من وبسن حرفة ال قة تكفي فيعطى شبن آلة حرفت وإف ك رت ومػن وبسػن ذبػارة يعطػى رأس‬
‫ماؿ يكفي رحب من غالبًا باعتبار عادة بلدخ ‪.‬وىبتله ذل بامتتبلؼ األوصاص والنواح ‪.‬‬
‫ولو أحسن أك ر من حرفة والكل يكفي أعطػى شبػن أو رأس مػاؿ األدّ وإف كفػاخ بعضػها فقػ‬
‫أعطػػى لػ ‪ .‬وإف ٍ تكفػ واحػػدة منهػػا أعطػػى لواحػػدة وزيػػد لػ وػراء عقػػار يػػتم دمتلػ بقيػػة كفايتػ‬
‫(انظر‪ :‬ماية احملتاج إَ ورح اؼبنهاج ليبس الدين الرمل ‪ .)459/6 :‬أ هػ‪.‬‬
‫هذا ما نل علي اليافع ى األـ وما رجح وأمتذ ب صبهور أصحاب وفرعوا علي وفصلوا في‬
‫تلػ التفصػػيبلت الدقيقػػة الػػب نقلناهػػا هنػػا والػػب تػػدؿ علػػى مػػدى غػ الفقػ اإلسػػبلم باؼببػػادئ‬
‫والصور والفروع ى وك اةاالت‪.‬‬
‫وو مػػذه أضبػػد روايػػة سباثػػل مػػا نػػل عليػ اليػػافع فأجػػاز للفقػػك أف يأمتػػذ سبػػاـ كفايتػ دا ًبػػا‬
‫دبت ر أو آلة صنعة أو كبو ذل وقد امتتار هذخ الرواية بعض اغبنابلة ورجحوا العبػل هبػا (انظػر‪:‬‬
‫األنصاؼ‪.)238/3 :‬‬
‫وقاؿ اػبطال ى ورح حديث قبيصة السابق‪ :‬في ‪ :‬أف اغبػد الػذي ينتهػ إليػ العطػاء ى الصػدقة‬
‫هػػو الكفايػػة الػػب هبػػا قػواـ العػػيو وسػػداد اػبلػػة وذلػ يعتػ ى كػػل إنسػػاف بقػػدر حالػ ومعييػػت‬
‫وليس في حد معلوـ وببل علي الناس كلهم مع امتتبلؼ أحواؽبم (معاٍ السنن‪.)239/2 :‬‬
‫إذا أعطيتم فأغنوا‪:‬‬
‫وهذا اؼبذه هو اؼبوافق ؼبا جاء عن الفاروؽ عبر ‪-‬رشى اهلل عن ‪ -‬فلقػد رأينػا السياسػة العبريػة‬
‫الراودة تقوـ على هذا اؼببدأ اغبكيم الذي أعلن الفػاروؽ ‪-‬رشػى اهلل عنػ ‪( :-‬إذا أعطيػتم فػأغنوا)‬
‫(األمواؿ ص ‪.)565‬‬
‫كػ ػػاف عبػ ػػر يعبػ ػػل علػ ػػى إغنػ ػػاء الفقػ ػػك بالزكػ ػػاة ال ؾبػ ػػرد سػ ػػد جوعت ػ ػ بلقيبػ ػػات أو إقالػ ػػة ع رت ػ ػ‬
‫بدريهبات‪.‬‬
‫جاء رجل ييكو إلي سوء اغباؿ فأعطاخ ثبلثًػا مػن اإلبػل ومػا ذلػ إال ليقيػ مػن العيلػة‪ .‬واإلبػل‬
‫كانػػز أنفػػع أمػواؽبم وأنفسػػها حينػػذاؾ وقػػاؿ للبػػوظفني الػػذين يعبلػػوف ى توزيػػع الصػػدقات علػػى‬
‫اؼبسػػتحقني‪( :‬كػػرروا علػػيهم الصػػدقة وإف راح علػػى أحػػدهم ما ػػة مػػن اإلبػػل) (األمػواؿ ص ‪565‬‬
‫‪.)566‬‬
‫وقػػاؿ معلنًػػا عػػن سياسػػت ذب ػاخ الفق ػراء‪" :‬ألكػػررف علػػيهم الصػػدقة وإف راح علػػى أحػػدهم ما ػػة مػػن‬
‫اإلبل" (اؼبصدر السابق)‪.‬‬
‫وقاؿ عطاء الفقي التػابع اعبليػل‪" :‬إذا أعطػى الرجػل زكػاة مالػ أهػل بيػز مػن اؼبسػلبني ف ػ هم‬
‫فهو أح إَ" (نفس اؼبصدر)‪.‬‬
‫وتسػػتطيع الدولػػة اؼبسػػلبة ‪-‬بنػػاء علػػى هػػذا ال ػرأي‪ -‬أف تنيػػئ مػػن أم ػواؿ الزكػػاة مصػػانع وعقػػارات‬
‫ومؤسسػػات ذباريػػة وكبوهػػا وسبلكهػػا للفقػراء كلهػػا أو بعضػػها‪ .‬لتػػدر علػػيهم دمت ػبلً يقػػوـ بكفػػايتهم‬
‫كاملة‪ .‬وال ذبعل ؽبم اغبق ى بيعها ونقل ملكيتها لتظل وب موقوفة عليهم‪.‬‬

‫اؼبذه ال اْ ‪ -‬يعطى كفاية سنة‪:‬‬

‫هناؾ مذه ثاف قاؿ ب اؼبالكية وصبهور اغبنابلة وآمتروف من الفقهاء‪ :‬أف يعطى الفقك واؼبسكني‬
‫مػػن الزكػػاة مػػا تػػتم ب ػ كفايت ػ وكفايػػة مػػن يعول ػ سػػنة كاملػػة‪ .‬وٍ يػػر أصػػحاب هػػذا ال ػرأي شػػرورة‬
‫إلعطا كفاية العبر‪ .‬كبا ٍ يروا أف يعطى أقل من كفاية السنة‪.‬‬
‫وإمبػػا حػػددت الكفاي ػػة بسػػنة ألم ػػا ‪-‬ى الع ػػادة‪ -‬أوس ػ مػػا يطلب ػ الفػػرد مػػن ش ػػباف الع ػػيو ل ػ‬
‫وألهلػ وو هػػدى الرسػػوؿ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬ى ذلػ أسػػوة حسػػنة فقػػد صػ أنػ ادمتػػر‬
‫ألهل قوت سنة (متفق علي )‪.‬‬
‫وألف أمػواؿ الزكػػاة ى غالبهػػا حوليػػة فػػبل داعػ إلعطػػاء كفايػػة العبػػر وو كػػل عػػاـ تػػأتى حصػػيلة‬
‫جديدة من موارد الزكػاة ينفػق منهػا علػى اؼبسػتحقني (اسػتظهر بعػض اؼبالكيػة أف الزكػاة إذا كانػز‬
‫ال تفرؽ كل عاـ إعطاء أك ر من كفاية السنة كبا ى حاوية الدسوق ‪.)464/4 :‬‬
‫ويرى القا لوف هبذا اؼبذه أف كفاية السنة ليس ؽبا حد معلوـ ال تتعداخ من الػدراهم أو الػدنانك‬
‫بل يصرؼ للبستحق كفاية سنت بالغة ما بلغز‪.‬‬
‫ف ذا كانز كفايػة السػنة ال تػتم إال ب عطػاء الفقػك الواحػد أك ػر مػن نصػاب مػن نقػد أو حػرث أو‬
‫ػكا مسػػتح ًقا‬
‫ماوػية أعطػػى مػػن الزكػاة ذلػ القػػدر وإف صػار بػ غنيًػػا ألنػ حػػني الػػدفع إليػ كػػاف فقػ ً‬
‫(وػػرح اػبروػ علػػى مػ متليػػل‪ 245/2 :‬وو حاوػػية الدسػػوق ‪ :494/4 :‬هبػػوز أف يػػدفع مػػن‬
‫الزكاة للفقك ى مرة واحدة كفاية سنة من نفقة وكسوة وإف اتسع اؼباؿ زيد العبد ومهر الزوجة)‪.‬‬
‫الزواج من سباـ الكفاية‪:‬‬
‫وأح ػ ػ أف ألق ػػى مزي ػ ًػدا م ػػن الض ػػوء عل ػػى مفه ػػوـ "الكفاي ػػة" اؼبطل ػػوب ربقيقه ػػا وإسبامه ػػا للفق ػػك‬
‫واؼبسػػكني كبػػا يتصػػورها الفق ػ اإلسػػبلم ‪ .‬فبػػن الرا ػػع ح ًقػػا أف يلتفػػز علبػػاء اإلسػػبلـ إَ أف‬
‫الطعاـ واليراب واللباس ليسػز هػ حاجػات اإلنسػاف فحسػ بػل ى اإلنسػاف دوافػع أو غرا ػز‬
‫أمتػػرى تػػدعوخ وتل ػ علي ػ وتطالب ػ حبقهػػا مػػن اإلوػػباع ومػػن ذل ػ غريػػزة النػػوع أو اعبػػنس الػػب‬
‫جعلهػػا اهلل سػػوطًا يسػػوؽ اإلنسػػاف إَ ربقيػػق اإلرادة اإلؽبيػػة ى عبػػارة األرض وبقػػاء هػػذا النػػوع‬
‫اإلنسػػاْ فيهػػا إَ مػػا وػػاء اهلل‪ .‬واإلسػػبلـ ال يصػػادر هػػذخ الغريػػزة وإمبػػا ينظبهػػا ويضػػع اغبػػدود‬
‫لسكها وفق أمر اهلل‪.‬‬
‫وإذا كاف اإلسبلـ قد مى عن التبتل واالمتتصاء وكل لوف من ألػواف مصػادرة الغريػزة وأمػر بػالزواج‬
‫كػػل قػػادر علي ػ مسػػتطيع ؼبؤنتػ ‪( :‬مػػن اسػػتطاع مػػنكم البػػاءة فليتػػزوج ف نػ أغػػض للبصػػر وأحصػػن‬
‫للفرج) (رواخ البصاري ى كتاب الصوـ من صحيح )‪ .‬فبل غرو أف ييرع معونة الراغبني ى الػزواج‬
‫فبن ع زوا عن تكاليف اؼبادية من اؼبهر وكبوخ‪.‬‬
‫وال ع إذا قػاؿ العلبػاء‪ :‬إف مػن سبػاـ الكفايػة مػا يأمتػذخ الفقػك ليتػزوج بػ إذا ٍ تكػن لػ زوجػة‬
‫واحتاج للنكاح (حاوية الروض اؼبربع‪ 466/4 :‬وانظر هامو مطال أوَ النهى‪.)447/2 :‬‬
‫بػل قػاؿ بعضػػهم‪ :‬إذا ٍ تكفػ زوجػة واحػػدة زوج اثنتػني ألنػ مػػن سبػاـ كفايتػ (انظػػر‪ :‬وػرح كتػػاب‬
‫النيل ووفاء العليل ى فق اإلباشية‪.)435/2 :‬‬
‫وقػػد أمػػر اػبليفػػة الراوػػد عبػػر بػػن عبػػد العزيػػز مػػن ينػػادى ى النػػاس كػػل يػػوـ‪ :‬أيػػن اؼبسػػاكني؟ أيػػن‬
‫الغػػارموف؟ أيػػن النػػاكحوف؟ (البدايػػة والنهايػػة البػػن ك ػػك‪- .)266/9 :‬أي الػػذين يريػػدوف الػػزواج‪-‬‬
‫وذل ليقضى حاجة كل طا فة منهم من بيز ماؿ اؼبسلبني‪.‬‬
‫واألصل ى هذا ما رواخ أبو هريرة أف الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬جاءخ رجل فقاؿ‪ :‬إْ تزوجز‬
‫ام ػرأة مػػن األنصػػار فقػػاؿ‪( :‬علػػى كػػم تزوجتهػػا)؟ قػػاؿ‪ :‬علػػى أربػػع أواؽ (‪466=46×4‬درنبًػػا)‪.‬‬
‫فقاؿ الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( :-‬على أربع أواؽ؟ كأمبا تنحتوف الفضة مػن عػرض هػذا اعببػل‬
‫!؟ ما عندنا ما نعطي ولكن عسػى أف نبع ػ ى بعػث تصػي فيػ ) (نيػل األوطػار‪346/6 :‬‬
‫واألواق ػ صبػػع أوقيػػة وقػػد تسػػاوى حينػػذاؾ ‪ 46‬درنبًػػا وكانػػز اليػػاة تقػػدر مػػن ‪ 5‬دراهػػم إَ ‪46‬‬
‫فهذا القدر ك ك على م ل هذا الرجل الذي جاء يطل اؼبعونة ى مهرخ)‪.‬‬
‫واغبديث دليل على أف إعطاء الن ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬ؽبػم ى م ػل هػذخ اغبػاؿ كػاف معروفًػا‬
‫ؽبم وؽبذا قاؿ ل ‪( :‬ما عندنا ما نعطي )‪ .‬ومع هذا حاوؿ عبلج حاجت بوسيلة أمترى‪.‬‬
‫كت العلم من الكفاية‪:‬‬
‫واإلس ػػبلـ دي ػػن يك ػػرـ العق ػػل وي ػػدعو إَ العل ػػم ويرف ػػع م ػػن مكان ػػة العلب ػػاء ويع ػػد العل ػػم مفت ػػاح‬
‫اإليبػاف ودليػػل العبػػل وال يعتػػد ب يبػاف اؼبقلػػد وال بعبػػادة اعباهػػل‪ .‬ويقػوؿ القػػرآف ى صػراحة‪( :‬هػػل‬
‫يستوي الذين يعلبوف والذين ال يعلبوف) (الزمر‪ ..)9 :‬ويقوؿ ى التفريق بني اعباهل والعاٍ وبني‬
‫اعبهػػل والعل ػػم‪( :‬ومػػا يس ػػتوي األعبػػى والبصػػك وال الظلبػػات وال الن ػػور) (فػػاطر‪..)26 - 49 :‬‬
‫ويقوؿ الرسوؿ ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( :-‬طل العلم فريضة على كل مسلم) (رواخ ابػن عبػد الػ‬
‫ى "العلم" عن أنس ورمز ل السيوط بعبلمة الصحة)‪.‬‬
‫ػورا ى علػػم الػػدين وحػػدخ بػػل كػػل علػػم نػػافع وبتػػاج إلي ػ اؼبسػػلبوف ى‬ ‫ولػػيس العلػػم اؼبطلػػوب ؿبصػ ً‬
‫دني ػػاهم لص ػػحة أب ػػدامم وتنبي ػػة اقتص ػػادهم وعبػ ػرامم‪ .‬وسبكي ػػنهم م ػػن التف ػػوؽ العس ػػكري عل ػػى‬
‫عدوهم وكبو ذل من األغراض ف ن فرض كفاية‪ .‬كبا قرر احملققوف من العلباء‪.‬‬
‫فػبل ع ػ أف رأينػػا فقهػػاء اإلسػػبلـ يقػػرروف ى أحكػاـ الزكػػاة‪ :‬أف يعطػػى منهػػا اؼبتفػػرغ للعلػػم علػػى‬
‫حني وبػرـ منهػا اؼبتفػرغ للعبػادة‪ .‬ذلػ أف العبػادة ى اإلسػبلـ ال ربتػاج إَ تفػرغ كبػا وبتػاج العلػم‬
‫والتصص ػػل في ػ ‪ .‬كب ػػا أف عب ػػادة اؼبتعب ػػد لنفس ػ أم ػػا عل ػػم اؼب ػػتعلم فل ػ ولس ػػا ر الن ػػاس (اةب ػػوع‪:‬‬
‫‪.)496/6‬‬
‫وٍ يكته اإلسبلـ بذل بل قاؿ فقهاؤخ‪ :‬هبوز للفقك األمتذ من الزكاة ليراء كت وبتاجها مػن‬
‫كت ػ العلػػم الػػب البػػد منهػػا ؼبصػػلحة دين ػ ودنيػػاخ (انظػػر األنصػػاؼ ى الفق ػ اغبنبل ػ ‪465/3 :‬‬
‫‪.)248‬‬
‫ورأينػػا فقهػػاء اغبنفيػػة هبيػػزوف نقػػل الزكػػاة مػػن بلػػد إَ آمتػػر بػػبل كراهػػة ‪-‬علػػى متػػبلؼ القاعػػدة‪ -‬إذا‬
‫نقلز لطال علم ؿبتاج (انظر‪ :‬الدر اؼبصتار وحاويت ‪.)94/2 :‬‬

‫أي اؼبذهبني أوَ باالتباع؟‬

‫وبعػػد عػػرض هػػذين اؼبػػذهبني مػػن مػػذاه الفقػ اإلسػػبلم ‪ :‬مػػذه مػػن يػػرى إعطػػاء الفقػػك كفايػػة‬
‫العبر كل مرة واحدة‪ ..‬ومذه من يرى إعطاءخ كفاية سنة كاملة فحس فأي هذين اؼبػذهبني‬
‫أح ػػق أف يتب ػػع ولك ػػل منهبػػا وجهت ػ ودليل ػ ؟ ومتاصػػة إذا أردن ػػا أف تق ػػوـ اغبكومػػة اؼبس ػػلبة ب ػػأمر‬
‫الزكاة؟‪.‬‬
‫والذي أمتتارخ‪ :‬أف لكل من اؼبذهبني ؾبال الذي يعبل ب في ‪.‬‬
‫ذل أف الفقراء واؼبساكني نوعاف‪:‬‬
‫نػػوع يسػػتطيع أف يعبػػل ويكسػ ويكفػػى نفس ػ بنفسػ كالصػػانع والتػػاجر والػزارع ولكػػن ينقصػ‬
‫أدوات الصػػنعة أو رأس مػػاؿ الت ػػارة أو الضػػيعة وآالت اغبػػرث والسػػق فالواج ػ ؼب ػػل هػػذا أف‬
‫يعطى من الزكاة ما يبكنػ مػن اكتسػاب كفايػة العبػر وعػدـ االحتيػاج إَ الزكػاة مػرة أمتػرى بيػراء‬
‫ما يلزم ؼبزاولة حرفت وسبليك إياخ استقبلالً أو او ا ًكا على قدر ما تسب حصيلة الزكاة‪.‬‬
‫والنوع اآلمتر عاجز عن الكس كالزمن واألعبى والييمل اؽبرـ واألرملة والطفل وكبوهم فهػؤالء‬
‫ال بأس أف يعطى الواحد منهم كفاية السنة‪ .‬أي يعطى راتبًا دوريًا يتقاشاخ كل عاـ بل ينبغػ أف‬
‫يػػوزع علػػى أوػػهر العػػاـ إف متيػػه مػػن اؼبسػػتحق اإلسػراؼ وبع ػػرة اؼبػػاؿ ى غػػك حاجػػة ماسػػة‪ .‬وهػػذا‬
‫وهرا بيهر وكذل اؼبساعدات الدورية‪.‬‬ ‫هو اؼبتبع ى عصرنا فالروات إمبا تعطى للبوظفني ً‬
‫منصوصػػا علي ػ ى بعػػض كت ػ‬
‫ً‬ ‫والع ي ػ أن ػ بعػػد أف امت ػ ت هػػذا التقسػػيم وجدت ػ ‪-‬تقريبًػػا‪-‬‬
‫اغبنابلة‪.‬‬
‫فقػػد قػػاؿ ى "غايػػة اؼبنتهػػى" ووػػرح ‪-‬بعػػد أف ذكػػر قػػوؿ اإلمػػاـ أضبػػد ى صػػاح العقػػار والضػػيعة‬
‫الب تغل عيرة آالؼ أو أك ر وال تكفي ‪" :‬إف لػ أف يأمتػذ مػن الزكػاة مػا يكفيػ "‪ -‬قػاؿ‪" :‬وعليػ‬
‫فيعط ػػى ؿبػ ػ ؼ شب ػػن آل ػػة وإف ك ػػرت وت ػػاجر يعط ػػى رأس م ػػاؿ يكفيػ ػ ‪ .‬ويعط ػػى غكنب ػػا م ػػن فق ػػك‬
‫ومسكني سباـ كفايتهبا مع كفاية عا لتهبا سنة لتكرر الزكاة بتكػرر اغبػوؿ فيعطػى مػا يكفيػ إَ‬
‫م ل ػ " (مطال ػ أوَ النه ػػى‪ .)436/2 :‬وه ػػو قري ػ فب ػػا امت تػ ػ وإف ٍ يص ػػرح بكفاي ػػة العب ػػر‬
‫ولكن مفهوـ من إعطاء شبن اآللة ورأس اؼباؿ‪.‬‬

‫مذاه أمترى حددت ما يعطاخ الفقك‪:‬‬

‫حدا معينًا فيبا يعطاخ الفقك واؼبسكني ما‬


‫وأما االذباخ ال اْ ف ف أصحاب من الفقهاء قد أوجبوا ً‬
‫بني مقل ومك ر‪.‬‬
‫فأبو حنيفة وأصحاب ذهبوا إَ أن ال هبوز الزيادة على ما ب درهم (أي نصاب النقػود) وإذا كػاف‬
‫ل من يعول من زوجة وأوالد جاز أف يأمتذ لكل واحد منهم مقدار هذا النصاب‪.‬‬
‫وذه ػ بعػػض الفقهػػاء إَ مػػا هػػو أدّ مػػن ذل ػ فلػػم هبػػوزوا الزيػػادة علػػى طبسػػني درنبًػػا‪ .‬وقػػاؿ‬
‫بعضهم‪ :‬ال يزيد على أربعني‪ .‬ومنهم من قاؿ‪ :‬ال يزاد على قوت اليوـ والليلة‪.‬‬
‫وعلػػى كػػل هػػؤالء رد الفقيػ الظػػاهري ابػػن حػػزـ فقػػاؿ‪" :‬يعطػػى مػػن الزكػػاة الك ػػك جػ ًػدا والقليػػل ال‬
‫حد ى ذل إذ ٍ يوج اغبد ى ذل قرآف وال سنة" (احمللى‪.)456/6 :‬‬

‫رأي الغزاُ فيبا يعطاخ الفقك‪:‬‬


‫وتعػػرض لػػذل اإلمػػاـ الغػزاُ ى "إحيا ػ " فػػرج إعطػػاء كفايػػة السػػنة للفقػػك واؼبسػػكني وأف هػػذا‬
‫أقرب ما ربد ب حاجتهبا مستدال أف رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ادمتر لعيال قوت سنة‬
‫(رواخ الييصاف)‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬ومذاه العلباء ى قدر اؼبأمتوذ حبكم الزكاة والصدقة ـبتلفة‪:‬‬
‫"فبػػن مبػػالغ ى التقليػػل إَ حػػد أوجػ االقتصػػار علػػى قػػدر قػػوت يومػ وليلتػ وسبسػػكوا دبػػا روى‬
‫سهل بن اغبنظلية أن ‪-‬صلى اهلل علي وسػلم‪ -‬مػى عػن السػؤاؿ مػع الغػ فسػئل عػن غنػاخ فقػاؿ‪:‬‬
‫غداؤخ وعياؤخ (اغبديث ى سنن أىب داود وابن حباف)‪.‬‬
‫"وقػاؿ آمتػػروف‪ :‬يأمتػذ إَ حػػد الغػ ‪ .‬وحػػد الغػ نصػاب الزكػػاة إذ ٍ يوجػ اهلل تعػػاَ الزكػػاة إال‬
‫على األغنياء فقالوا‪ :‬ل أف يأمتذ لنفس ولكل واحد من عيال نصاب زكاة‪.‬‬
‫"وقاؿ آمتروف‪ :‬حد الغ طبسوف درنبًا أو قيبتها من الذه ؼبا روى بن مسعود أن ‪-‬صلى اهلل‬
‫علي وسلم‪ -‬قاؿ‪( :‬من سأؿ ول ما يغني جاء يوـ القيامة وو وجهػ طبػوش)‪ .‬فسػئل‪ :‬ومػا غنػاخ؟‬
‫قػػاؿ‪( :‬طبس ػػوف درنبًػػا أو قيبته ػػا م ػػن ال ػػذه ) وقي ػػل‪ :‬راوي ػ ل ػػيس ب ػػالقوى (ق ػػاؿ العراق ػ ى ه ػػذا‬
‫اغبديث‪ :‬رواخ أصحاب السنن وحسن ال مذي وشعف النسا واػبطال)‪.‬‬
‫"وقاؿ قوـ‪ :‬أربعوف كبا رواخ عطاء بن يسار‪.‬‬
‫"وبالغ آمتروف ى التوسيع فقالوا‪ :‬ل أف يأمتذ مقدار ما يي ى ب شػيعة فيسػتغ بػ طػوؿ عبػرخ‬
‫أو يهيئ بضاعة ليت ر هبا ويستغ هبا طوؿ عبرخ ألف هػذا هػو الغػ وقػد قػاؿ عبػر ‪-‬رشػى اهلل‬
‫عن ‪( :-‬إذا أعطيتم فأغنوا)‪.‬‬
‫"حك ذه قوـ إَ أف من افتقر فل أف يأمتذ بقدر ما يعود بػ إَ م ػل حالػ ولػو عيػرة آالؼ‬
‫درهم إال إذا مترج عن حد االعتداؿ‪.‬‬
‫"وؼبػػا وػػغل أبػػو طلحػػة ببسػػتان عػػن الصػػبلة قػػاؿ‪ :‬جعلتػ صػػدقة فقػػاؿ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪:-‬‬
‫(اجعلػ ى قرابت ػ فهػػو متػػك لػ )‪ ..‬فأعطػػاخ حسػػانًا وأبػػا قتػػادة‪ .‬فحػػا ‪-‬أي بسػػتاف‪ -‬مػػن لبػػل‬
‫لرجلني ك ك مغن‪ .‬وأعطى عبر ‪-‬رشى اهلل عن ‪ -‬أعرابيًا ناقة معها ظئرها‪.‬‬
‫"فهذا ما حكى في فأما التقليل إَ قػوت اليػوـ أو األوقيػة فػذل ورد ى كراهيػة السػؤاؿ والػ دد‬
‫علػػى األب ػواب وذلػ مسػػتنكر ولػ حكػػم آمتػػر‪ .‬بػػل الت ػػويز إَ أف ييػ ى شػػيعة فيسػػتغ هبػػا‬
‫أيضػا ما ػل إَ اإلسػراؼ واألقػرب إَ االعتػداؿ كفايػة سػنة فبػا وراءخ‬ ‫أقػرب إَ االحتبػاؿ‪ .‬وهػو ً‬
‫في متطر وفيبا دون تضييق" (إحياء علوـ الدين للغزاُ‪ -264/2 :‬طبع ؿبلى)‪.‬‬
‫وهذا ما قال الغزاُ وهو يتحدث عن أدب األمتذ للزكاة وما هب علي من التحري فيبا يأمتذخ‬
‫باس ػػم الفق ػػر واؼبس ػػكنة‪ .‬وك ػػاف اؼبظن ػػوف ى كت ػػاب يرس ػػم الطري ػػق ووب ػػدد آداب الس ػػلوؾ لل ػػورعني‬
‫واؼبتصوفني ‪-‬م ل اإلحياء‪ -‬أف يبيل إَ التضييق ى األمتذ من الزكاة ولكن رأينا أبا حامد ‪-‬رضب‬
‫اهلل‪ -‬يذه مذه االعتداؿ بل يبيل إَ التوسعة ويرى أف مػذه القػا لني بػأف يعطػى الفقػك‬
‫ما يي ى ب شيعة يستغ هبا طوؿ عبرخ أقػرب إَ االحتبػاؿ مػن مػذه اؼبضػيقني‪ .‬ومػا ذلػ‬
‫إال للدال ل الب ذكرها عن عبر وعن أىب طلحة وما صنع حبا ط ب رواد النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ‬
‫وسلم‪.-‬‬

‫ترجي أىب عبيد ؼبذه التوسعة ى اإلعطاء‪:‬‬


‫أما أبو عبيد الفقي اغب ػة ى اليػئوف اؼباليػة ى اإلسػبلـ واؼبعػدود مػن األ بػة اةتهػدين فقػد أيػد‬
‫مذه التوسعة ى اإلعطاء بغك حد ودوف ربفي‪.‬‬
‫وقد ذكر أبػو عبيػد قصػة أىب طلحػة وتصػدق حبا طػ علػى أىب قتػادة وحسػاف ه قػاؿ "اغبػا هػو‬
‫اؼبصرؼ (البستاف) ذو النصيل والي ر والزروع فكم يل أف يكوف أدّ قيبة م ل هذا؟‪.‬‬
‫"وقد أوفق أبػو طلحػة أال يسػتطيع أف ىبفيػ مػن وػهرت وقػدرخ ه ٍ هبعلػ إال بػني اثنػني ال ثالػث‬
‫ؽببا‪.‬‬
‫قػاؿ أبػو عبيػػد‪ :‬فهػذخ الصػدقة وإف كػػاف نافلػة فبػػا سػبيلها وسػبيل الفػػرض إال سػواء ألف الصػػدقة‬
‫حتبػػا للفق ػراء ى أم ػواؿ األغنيػػاء إن ػ‬
‫إذا كػػاف وبػػرـ ك كهػػا علػػى األمتػػذ ى الواج ػ الػػذي جعل ػ ً‬
‫علػػيهم ى التطػػوع الػػذي ٍ يوجب ػ ؽبػػم علػػيهم ألشػػيق وأوػػد ربريبػًػا ولػػئن كػػاف ؽبػػم حػػبلالً وكػػاف‬
‫بارا إن ى أداء الفريضة ألك ر إحسانًا" (األمواؿ ألىب عبيد ص ‪.)564‬‬ ‫اؼبعطى ى النافلة ؿبسنًا ً‬
‫ه ذكر أبو عبيد اآلثار الب أثبتنا بعضػها هنػا ‪-‬عػن عبػر وعطػاء وغكنبػا‪ -‬ه عقػ عليهػا بقولػ ‪:‬‬
‫فكل هذخ اآلثػار دليػل علػى أف مػا يعطػاخ أهػل اغباجػة مػن الزكػاة لػيس لػ وقػز (أي حػد) ؿبظػور‬
‫غارمػػا‪ -‬بػػل فيػ احملبػػة والفضػػل إذا كػػاف‬
‫علػػى اؼبسػػلبني أال يعػػدوخ إَ غػػكخ ‪-‬وإف ٍ يكػػن اؼبعطػػى ً‬
‫ذلػ علػػى جهػػة النظػػر مػػن اؼبعطػػى بػػبل ؿبابػػاة وال إي ػػار هػػوى كرجػػل رأى أهػػل بيػػز مػػن صػػاً‬
‫اؼبسػػلبني أهػػل فقػػر ومسػػكنة وهػػو ذو مػػاؿ ك ػػك وال منػزؿ ؽبػػؤالء يػػؤويهم ويسػ متلػػتهم فاوػ ى‬
‫م ػػن زك ػػاة مال ػ مس ػػكنًا يك ػػنهم م ػػن كل ػ الي ػػتاء وح ػػر الي ػػبس أو ك ػػانوا ع ػراة ال كس ػػوة ؽب ػػم‬
‫فكساهم ما يس عورهتم ى صػبلهتم ويقػيهم مػن اغبػر والػ د أو رأى فبلوًكػا عنػد مليػ سػوء قػد‬
‫اشطهدخ وأساء ملكت فاستنقذخ من رق بأف يي ي فيعتقػ أو مػر بػ ابػن سػبيل بعيػد اليػقة‬
‫نا الدار قد انقطع ب فحبل إَ وطنػ وأهلػ بكػراء أو وػراء‪ .‬هػذخ اػبػبلؿ ومػا أوػبهها الػب‬
‫ال تناؿ إال باألمواؿ الك كة وٍ تسب نفس الفاعل أف هبعلها نافلة في علها من زكاة مال أمػا‬
‫يكوف هذا مؤديًا للفرض؟! بلى ه يكوف إف واء اهلل ؿبسنًا" (األمواؿ ألىب عبيد ص ‪.)567‬‬
‫مستوى ال ق للبعيية‪:‬‬

‫ومػػن هنػػا يتبػػني لنػػا أف اؽبػػدؼ مػػن الزكػػاة لػػيس إعطػػاء الفقػػك درنبًػػا أو درنبػػني وإمبػػا اؽبػػدؼ ربقيػػق‬
‫مستوى ال ق للبعيية ال ق بػ بوصػف إنسػانًا كرمػ اهلل واسػتصلف ى األرض‪ ..‬وال ػق بػ بوصػف‬
‫مسلبا ينتس إَ دين العدؿ واإلحساف وينتب إَ متك أمة أمترجز للناس‪.‬‬ ‫ً‬
‫وأدّ م ػػا يتحق ػػق بػ ػ ه ػػذا اؼبس ػػتوى أف يتهي ػػأ لػ ػ ولعا لتػ ػ طع ػػاـ ووػ ػراب مبل ػػم وكس ػػوة للي ػػتاء‬
‫وللصيه ومسكن يليق حبال ‪ .‬وهذا ما ذكػرخ ابػن حػزـ ى "احمللػى" كبػا سػيأن مفصػبلً ى البػاب‬
‫ال امن وذكرخ النووي ى "اةبوع" وو "الروشة" وذكرخ ك كوف من العلباء‪.‬‬
‫قػػاؿ النػػووي ى ربديػػد الكفايػػة الػػب تعبػػل الزكػػاة علػػى ربقيقهػػا بػػل إسبامهػػا لػػذوى اغباجػػة‪" :‬قػػاؿ‬
‫أصػػحابنا‪ :‬اؼبعتػ ‪ ..‬اؼبطعػػم واؼبلػػبس واؼبسػػكن وسػػا ر مػػا ال بػػد لػ منػ علػػى مػػا يليػػق حبالػ بغػػك‬
‫إس ػ ػراؼ وال إقتػ ػػار ل ػػنفس اليػ ػػصل وؼبػ ػػن هػ ػػو ى نفقت ػ ػ " (اةبػ ػػوع‪ 494/6 :‬وانظػ ػػر الروشػ ػػة‪:‬‬
‫‪.)344/2‬‬
‫وفبا البد للبرء من ى عصرنا‪ :‬أف يتعلم أوالدخ من أحكاـ دينهم وثقافة عصرهم ما يزيل عػنهم‬
‫ظلبات اعبهل وييسر ؽبم سبيل اغبياة الكريبة ويعينهم على أداء واجباهتم الدينية والدنيوية‪.‬‬
‫وقػد مػر بنػا ى حبػػث اغباجػات األصػلية للفػػرد اؼبسػلم أف منهػا‪ :‬دفػع اعبهػػل عنػ ؛ ف نػ مػػوت أدل‬
‫وهبلؾ معنوي‪.‬‬
‫وفبػا البػد للبػرء منػ ى عصػرنا أف ييسػر لػ سػبيل العػبلج إذا مػرض هػو أو أحػد أفػراد عا لتػ وال‬
‫ي ؾ للبرض يف س ويفت ب فهذا قتل للنفس وإلقاء باليػد إَ التهلكػة‪ .‬وو اغبػديث‪( :‬تػداووا‬
‫يػا عبػاد اهلل فػ ف اهلل ٍ يضػع داء إال وشػع لػ دواء) (رواخ أضبػد وأصػحاب السػنن وابػن حبػاف ى‬
‫صحيح واغباكم وإسنادخ صحي كبا قاؿ اؼبناوي ى التيسك)‪.‬‬
‫وقاؿ تعػاَ‪( :‬وال تلقػوا بأيػديكم إَ التهلكػة) (البقػرة‪( )495 :‬وال تقتلػوا أنفسػكم إف اهلل كػاف‬
‫رحيبا) (النساء‪.)29 :‬‬ ‫بكم ً‬
‫وو الصػػحي ‪( :‬اؼبسػػلم أمتػػو اؼبسػػلم ال يظلبػ وال يسػػلب ) وإذا تػػرؾ اؼبسػػلم أمتػػاخ أو تػػرؾ اةتبػػع‬
‫فردا من فريسة للبرض دوف أف يعاعب فقد أسلب ومتذل ببل و ‪.‬‬ ‫اؼبسلم ً‬
‫ػارما‬
‫والذي ينبغ االلتفات إلي أف مسػتوى اؼبعييػة لليػصل ال يبكػن ربديػدخ ربدي ًػدا جام ًػدا ص ً‬
‫ألن ىبتله بامتتبلؼ العصور والبيئات وبامتتبلؼ ثروة كل أمة ومقدار دمتلها القوم ‪.‬‬
‫ورب و ػ ء يكػػوف كباليًػػا ى عصػػر أو بيئػػة يصػػب حاجيًػػا أو شػػروريًا ى عصػػر آمتػػر أو بيئػػة‬
‫أمترى‪.‬‬

‫معونة دا بة منتظبة‪:‬‬

‫إذا عرفنا هدؼ اإلسبلـ من الزكاة ‪-‬بالنظر للفقك واؼبسكني الذي ال وبسػن حرفػة وال يقػدر علػى‬
‫عبل‪ -‬وهو كفالة مستوى معيي مبل م لػ ولعا لتػ وأنػ يعطػى سبػاـ كفايتػ ؼبػدة سػنة كاملػة ال‬
‫ليهر أو وهرين‪ ..‬فلنضه إَ ذلػ أف الزكػاة بالنسػبة ؽبػذا الصػنه مػن اؼبسػتحقني معونػة دا بػة‬
‫منتظبػػة حػػك يػػزوؿ الفقػػر بػػالغ ويػػزوؿ الع ػػز بالقػػدرة أو تػػزوؿ البطالػػة بالكس ػ وهكػػذا‪..‬‬
‫ولنتأمل ى هذخ القصة الواقعية الب حكاها لنا أبو عبيد بسندخ‪ .‬قاؿ‪:‬‬
‫(بينػػا عبػػر نصػػه النهػػار قا ػػل ى ظػػل وػ رة وإذا أعرابيػػة فتوظبػػز النػػاس ف اءتػ فقالػػز‪ :‬إْ‬
‫امرأة مسكينة وَ بنوف‪ .‬وإف أمك اؼبػؤمنني عبػر بػن اػبطػاب كػاف بعػث ؿببػد بػن مسػلبة سػاعيًا‬
‫وموزعا للصدقة‪ -‬فلم يعطنا‪ .‬فلعل ‪-‬يرضب اهلل‪ -‬أف تيفع لنا إلي !!‪.‬‬ ‫‪-‬تع جابيًا ً‬
‫قاؿ‪ :‬فصاح بكفأ (متادم ) أف ادع ُ ؿببد بن مسلبة‪.‬‬
‫فقالز‪ :‬إن أقب غباجب أف تقوـ مع إلي ‪.‬‬
‫فقاؿ‪ :‬إن سيفعل إف واء اهلل‪.‬‬
‫ف اءخ يرفأ فقاؿ‪ :‬أج ‪ ..‬ف ػاء فقػاؿ‪ :‬السػبلـ علػيكم يػا أمػك اؼبػؤمنني‪ ..‬فاسػتحيز اؼبػرأة‪ .‬فقػاؿ‬
‫عبػػر‪ :‬واهلل مػػا آلػػو أف أمتتػػار متيػػاركم‪ .‬كيػػه أنػػز قا ػػل إذا سػػأل اهلل ‪-‬عػػز وجػػل‪ -‬عػػن هػػذخ؟!‬
‫فػػدمعز عينػػا ؿببػػد‪ ..‬ه قػػاؿ عبػػر‪ :‬إف اهلل بعػػث إلينػػا نبي ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬فصػػدقناخ‬
‫واتبعناخ‪ .‬فعبل دبا أمرخ اهلل ب ف عل الصدقة ألهلها من اؼبساكني حػك قبضػ اهلل علػى ذلػ ‪ .‬ه‬
‫اسػػتصله اهلل أبػػا بكػػر فعبػػل بسػػنت حػػك قبضػ اهلل‪ .‬ه اسػػتصلف فلػػم آؿ أف أمتتػػار متيػػاركم إف‬
‫بع تػ فػأد إليهػا صػدقة العػاـ وعػاـ أوؿ‪ ..‬ومػا أدرى لعلػى ال أبع ػ ‪ .‬ه دعػا ؽبػا جببػل فأعطاهػا‬
‫دقي ًقػػا وزيتًػػا وقػػاؿ‪ :‬متػػذي هػػذا حػػك تلحقينػػا خبي ػ ف نػػا نريػػدها فأتت ػ خبي ػ فػػدعا ؽبػػا جببلػػني‬
‫آمتػرين وقػػاؿ‪ :‬متػػذي هػػذا فػ ف في ػ ببل ًغػػا حػػك يػػأتيكم ؿببػػد بػػن مسػػلبة فقػػد أمرت ػ أف يعطي ػ‬
‫حق للعاـ وعاـ أوؿ) (األمواؿ ص ‪.)599‬‬
‫عبلـ تدؿ هذخ القصة بأحداثها وحوارها؟‪.‬‬
‫إما تدؿ على مبادئ ومعاف ك كة وسامية ح ًقا‪.‬‬
‫تدؿ على مدى وعور اغباكم اؼبسلم دبسئوليت عن كل فرد يعيو ى ظل حكم اإلسبلـ‪.‬‬
‫وتدؿ على مدى وعور األفراد أنفسهم حبقهم ى عيية ال قة هتيئها ؽبم الدولة اؼبسلبة‪.‬‬
‫وتدؿ على أف الزكاة كانز الدعامة األوَ لبناء التكافل اؼبعيي ى اةتبع اؼبسلم‪.‬‬
‫وتػػدؿ علػػى أمػػا كانػػز معونػػة منتظبػػة مسػػتبرة إذا ٍ تصػػل لصػػاحبها ف ػ ف مػػن حق ػ أف يػػتظلم‬
‫وييكو‪.‬‬
‫وتػدؿ علػػى أف السياسػػة العبريػة الراوػػدة هػ إعطػػاء مػا يكفػػى ويغػ فقػد أعطػػى اؼبػرأة أوالً صبػبلً‬
‫ؿببػبلً بالػدقيق والزيػز ه أغبقػ جببلػني آمتػرين وجعػل هػذا كلػ عطػاء مؤقتًػا حػك يعطيهػا ؿببػد‬
‫بن مسلبة حقها عن العامني‪ :‬اؼباش واغباشر‪.‬‬
‫متبعػا‬
‫ػدعا بػل كػاف ً‬ ‫وتدؿ ‪-‬بعد ذل كل ‪ -‬على أف عبػر ‪-‬رشػى اهلل عنػ ‪ ٍ -‬يكػن ى ذلػ مبت ً‬
‫لسنة رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬وػبليفت أىب بكر رشى اهلل عن ‪.‬‬
‫الفصل ال اْ‬
‫العاملوف عليها‬
‫أو اعبهاز اإلداري واؼباُ للزكاة‬
‫فهرس‬

‫تيديد الرسوؿ ى اغبرص على أمواؿ الزكاة‬

‫اؽبدايا للبوظفني رووة‬

‫توجيهات نبوية لل باة "الرفق باؼببولني"‬

‫الدعاء ألصحاب األمواؿ‬


‫هل يقاس اؼبيتغلوف دبصلحة اؼبسلبني على العاملني ى الزكاة؟‬

‫سبهيد‬

‫واج اغبكومة إرساؿ اعبباة‬

‫مهبة العاملني على الزكاة‬


‫إدارتاف للزكاة‬
‫إدارة ربصيل الزكاة وامتتصاصاهتا‬
‫إدارة توزيع الزكاة وامتتصاصاهتا‬
‫التأكد من أهلية االستحقاؽ‬
‫وروط العاملني ى الزكاة‬

‫كم يعطى العامل؟‬

‫اؼبصرؼ ال الػث مػن مصػارؼ الزكػاة ‪-‬بعػد الفقػراء واؼبسػاكني‪ -‬هػم "العػاملوف عليهػا" ويقصػد هبػم‬
‫ك ػػل ال ػػذين يعبل ػػوف ى اعبه ػػاز اإلداري لي ػػئوف الزك ػػاة م ػػن جب ػػاة وبص ػػلوما وم ػػن متزن ػػة وحػ ػراس‬
‫وبفظومػػا ومػػن كتبػػة وحاسػػبني يضػػبطوف واردهػػا ومصػػروفها ومػػن مػػوزعني يفرقومػػا علػػى أهلهػػا‪...‬‬
‫كل هػؤالء جعػل اهلل أجػورهم ى مػاؿ الزكػاة لػئبل يؤمتػذ مػن أربػاب األمػواؿ سػواها وللتنبيػ علػى‬
‫أف تكوف للزكاة حصيلة قا بة بذاهتا ينفق منها على القا بني بأمرها‪.‬‬
‫واهتباـ القرآف هبذا الصنه ونص علي وجعل شبن األصناؼ ال بانية اؼبسػتحقني وجعػل ترتيبػ‬
‫بعػػد الفق ػراء واؼبسػػاكني وهػػم أوؿ اؼبصػػارؼ وأوالهػػا بالزكػػاة‪ ...‬هػػذا كل ػ دليػػل علػػى أف الزكػػاة ى‬
‫اإلسبلـ ليسز وظيفة موكولة إَ الفرد وحدخ وإمبا ه وظيفة من وظا ه الدولة تيػرؼ عليهػا‬
‫وتدبر أمرها وتعني ؽبا من يعبل عليها من جاب ومتازف وكات وحاس ‪ ..‬إٌ وأف ؽبا حصػيلة‬
‫أو ميزانيػة متاصػػة يعطػػى منهػا رواتػ الػػذين يعبلػػوف فيهػا (انظػػر فصػػل "عبلقػة الدولػػة بالزكػػاة" مػػن‬
‫الباب القادـ)‪.‬‬
‫واج اغبكومة إرساؿ اعبباة‬

‫ومن هنا نل الفقهاء‪ :‬أن هب على اإلماـ أف يبعث السػعاة ألمتػذ الزكػاة ألف النػ ‪-‬صػلى اهلل‬
‫علي ػ وسػػلم‪ -‬واػبلفػػاء مػػن بعػػدخ كػػانوا يبع ػػوف السػػعاة وهػػذا أمػػر ميػػهور مسػػتفيض‪ .‬ومػػن ذل ػ‬
‫حديث أىب هريرة ى الصحيحني أف رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسػلم‪( -‬بعػث عبػر بػن اػبطػاب‬
‫‪-‬رشػػى اهلل عن ػ ‪ -‬علػػى الصػػدقة)‪ .‬وفيهبػػا ع ػػن سػػهل ب ػػن سػػعد‪ :‬أن ػ ‪-‬علي ػ الص ػػبلة والس ػػبلـ‪-‬‬
‫"استعبل ابن اللتبيػة علػى الصػدقات" واألحاديػث ى هػذا البػاب ك ػكة‪ .‬وألف ى النػاس مػن يبلػ‬
‫اؼبػػاؿ وال يعػػرؼ مػػا هب ػ علي ػ ومػػنهم مػػن يعػػرؼ ويبصػػل فوج ػ أف يبعػػث مػػن يأمتػػذ (اةبػػوع‬
‫للنووي‪.)467/6 :‬‬
‫ويبعث اإلماـ أو نا ب عباؿ الزكاة للزروع وال بار ‪-‬وهى ما ال يتعلق باغبوؿ‪ -‬وقز وجوهبا وهو‬
‫إدراكهػػا حبيػػث يصػػلهم وقػػز اعبػػذاذ واغبصػػاد‪ .‬وأمػػا اؼبواوػ وغكهػػا مػػن األمػواؿ الػػب يعتػ فيهػػا‬
‫ػهرا يػػأتيهم فيػ ويسػػتح أف يكػػوف ذلػ اليػػهر هػػو احملػػرـ‬ ‫اغبػػوؿ فينبغػ للسػػاع أف يعػػني وػ ً‬
‫صي ًفا كاف أو وتاء ألن أوؿ السنة اليرعية (اؼبصدر نفس ص ‪.)476‬‬

‫مهبة العاملني على الزكاة‪:‬‬

‫وه ػػؤالء الع ػػاملوف عليه ػػا ؽب ػػم وظ ػػا ه و ػػك وأعب ػػاؿ متي ػػعبة كله ػػا متص ػػل بتنظ ػػيم أم ػػر الزك ػػاة‬
‫ب حصاء من ذب علي وفػيم ذبػ ومقػدار مػا هبػ ومعرفػة مػن ذبػ لػ وكػم عػددهم ومبلػغ‬
‫حػػاجتهم وقػػدر كفػػايتهم‪ ...‬إَ غػػك ذل ػ مػػن اليػػئوف الػػب ربتػػاج إَ جهػػاز كامػػل مػػن اػب ػ اء‬
‫وأهل االمتتصاص ومن يعاومم‪.‬‬
‫إدارتاف للزكاة‬

‫ويبكػػن تقسػػيم هػػذا اعبهػػاز ى عص ػرنا اغباشػػر إَ إدارتػػني ر يسػػيتني تتبػػع كػػل إدارة منهبػػا فػػروع‬
‫وأقساـ‪:‬‬
‫األوَ‪ :‬إدارة ربصيل الزكاة‪.‬‬
‫ال انية‪ :‬إدارة توزيع الزكاة‪.‬‬
‫‪ -4‬إدارة ربصيل الزكاة وامتتصاصاهتا‪:‬‬
‫أمػػا عبػػل القػػا بني علػػى التحصػػيل فهػػو عبػػل "شػرا " ومهبػػتهم تيػػب مػػا يسػػبى عنػػدنا "مػػأمور‬
‫الضػرا "‪ .‬فبػػن وظيفػػتهم إحصػػاء اؼببػولني (مػػن ذبػ علػػيهم الزكػػاة) وأنػواع أمػواؽبم ومقػػادير مػػا‬
‫هبػ علػػيهم فيهػػا ورصػػد ذل ػ وصبع ػ مػػن أهل ػ والقيػػاـ علػػى حفظػ بعػػد صبعػ حػػك تتسػػلب‬
‫إدارة صرؼ الزكاة وتوزيعها‪ .‬واؼبفروض أف يكوف ؽبا فروع ى ـبتله اؼبراكز واؼبناطق‪.‬‬
‫بيػػد أف امتتصػػاص هػػذخ اإلدارة أوسػػع ؾبػػاالً مػػن إدارات الض ػرا اغبدي ػػة فيبػػا أعلػػم‪ .‬ف ػ دارات‬
‫الض ػرا ‪-‬كبػػا وػػهدناها‪ -‬تعبػػل ى ؾبػػاؿ النقػػود وحػػدها ‪-‬مػػن ذه ػ وفضػػة‪ -‬أمػػا إدارة صبػػع‬
‫اعا أمترى من األمواؿ م ل‪ :‬اغببوب وال بار واؼباوية واؼبعدف (ويبكن أمتذ القيبػة‬ ‫الزكاة فتيبل أنو ً‬
‫ى هذا كل كبا هو مذه أىب حنيفة ومن وافق ‪ ..‬كبا سنفصل ذل ى الباب القادـ)‪.‬‬
‫ويبكن أف ينيأ لكل نوع من هذخ األمواؿ قسم ىبتل ب ويقوـ بكافة وئون ‪:‬‬
‫( أ ) قسم للركاز واؼبعادف وهو ما هب في اػببس ‪.%26‬‬
‫(ب) وقسم للحبوب وال بار وهو ما هب في العير أو نصف ‪ %46‬أو ‪.%5‬‬
‫(جػ) وقسم للباوية من إبل وبقر وغنم وؽبا حساب متاص هبا‪.‬‬
‫(د) وقسم للنقود وأمواؿ الت ارة وهو ما هب في ربع العير ‪.%2.5‬‬
‫‪ -2‬إدارة توزيع الزكاة وامتتصاصاهتا‪:‬‬
‫وعبػل هػذخ اإلدارة أقػػرب مػا يكػػوف إَ هيئػات "الضػػباف االجتبػاع " ى عصػرنا وعليهػا امتتيػػار‬
‫أفضػػل الطػػرؽ ؼبعرفػػة اؼبسػػتحقني للزكػػاة وحصػػرهم والتأكػػد مػػن اسػػتحقاقهم ومقػػدار حػػاجتهم‬
‫ومبلغ ما يكفيهم ووشع األسس السليبة لذل وف ًقا للعدد والظروؼ االجتباعية‪.‬‬
‫قػػاؿ اإلمػػاـ النػػووي‪ :‬ينبغػ لئلمػػاـ والسػػاع وكػػل مػػن يفػػوض إليػ أمػػر تفريػػق الصػػدقات أف يعتػ‬
‫بضب اؼبستحقني ومعرفة أعدادهم وأقػدار حاجػاهتم حبيػث يقػع الفػراغ مػن صبػع الصػدقات بعػد‬
‫معرفتهم أو معها ليتع ل حقوقهم وليأمن هبلؾ اؼباؿ عندخ (انظر الروشة‪.)337/2 :‬‬
‫وهذا دليل على اهتباـ علبا نا ‪-‬رضبهم اهلل‪ -‬بتنظيم صرؼ الزكاة والعناية القصػوى دبسػتحقيها‪.‬‬
‫حك يصل إليهم حقهم ى أقرب وقز بدوف أف يطالبوا هم ب ‪.‬‬
‫أيضػػا ى كػػل منطقػػة‪ .‬ويبكػػن أف تنقسػػم هػػذخ اإلدارة إَ عػػدة‬
‫وهبػ أف يكػػوف ؽبػػذخ اإلدارة فػػروع ً‬
‫أقساـ‪:‬‬
‫( أ ) قسم للفقراء بسب الع ز عن العبل وييبل اليػيوخ اؽبػرمني واألرامػل واليتػامى واؼبصػابني‬
‫ى أثناء العبل والع زة من اؼبرشى والزم واؼبكفوفني وذوى العاهات وذوى الضعه العقل من‬
‫اةانني البلهاء وكبوهم على ورط أف يتحقق لديهم عدـ غناهم دباؿ موروث أو غكخ من اؼبوارد‪.‬‬
‫(ب) وقسم لذوى الدمتل القاصر عن كفايتهم وهم الذين يكتسبوف ولكن كسبهم ال يكفػيهم‬
‫لقلة األجر أو ك ػرة العيػاؿ أو ارتفػاع األسػعار أو غػك ذلػ مػن األسػباب‪ .‬وهػم الػذين يسػبيهم‬
‫بعض الفقهاء "اؼبساكني"‪.‬‬
‫(جػ ػ) وقسػػم الغػػارمني وييػػبل أصػػحاب الك ػوارث ومػػن اسػػتدانوا ألنفسػػهم ى غػػك ؿبػػرـ‪ .‬كب ػا‬
‫ييبل‪ :‬الغارمني إلصبلح ذات البني وما يقاس علي من ألواف ال واػبدمة االجتباعية‪.‬‬
‫( د ) وقسػػم إلعانػػة اؼبهػػاجرين واؼبيػػردين والبلجئ ػػني السياسػػيني الػػذين فػػروا مػػن ديػػار الكفػػر أو‬
‫أيضا الطػبلب اؼببعػوثني إَ بػبلد أمتػرى ى متدمػة اإلسػبلـ وهػو مصػرؼ "ابػن السػبيل"‬ ‫الطغياف و ً‬
‫كبا سيأن‪.‬‬
‫(هػ) وقسم ؽبيئات نير اإلسبلـ ى ببلد الكفر والدعوة إلي وإبػبلغ رسػالت إَ العػاٍ واسػتعادة‬
‫حكب ػ ى أرش ػ وربريػػر بػػبلد اإلسػػبلـ مػػن سػػلطاف الكفػػار وأحكػػاـ الكفػػر وهػػو مصػػرؼ "ى‬
‫سبيل اهلل" كبا سنفصل ذل ى موشع ‪.‬‬
‫وربديػػد مػػا ينفػػق علػػى كػػل قسػػم مػػن هػػذخ األقسػػاـ ونصػػيب مػػن ميزانيػػة الزكػػاة ىبضػػع الجتهػػاد أوَ‬
‫وتبعػا ؼبػا سبليػ مصػلحة اإلقلػيم الػذي‬
‫األمر وتقدير أهػل اليػورى وف ًقػا لدراسػة إحصػا ية وػاملة ً‬
‫ذببػػع منػ الزكػػاة مػػع رعايػػة مصػػلحة اإلسػػبلـ باعتبػػارخ دعػػوة عاؼبيػػة ومصػػلحة اؼبسػػلبني بوصػػفهم‬
‫أمة متبيزة بني أمم األرض‪ .‬وسنفصل ذل ى الفصل ال امن‪.‬‬

‫التأكد من أهلية االستحقاؽ‪:‬‬


‫وعلى كل قسػم مػن هػذخ األقسػاـ أف يعبػل علػى التأكػد مػن اسػتحقاؽ اليػصل ؼبػا يصػرؼ إليػ‬
‫مػػن مػػاؿ الزكػػاة‪ .‬وهنػػاؾ قواعػػد وتوجيهػػات ى هػػذا اليػػأف نب ػ عليهػػا فقهاؤهػػا مسػػتنبطني ؽبػػا مػػن‬
‫األحاديث النبوية‪ٍ .‬وسأذكر هنا بعض ما قالوخ بالنظر الستحقاؽ األصناؼ وبعض قد تقدـ‪:‬‬
‫( أ ) يي ػ ط ى اسػػتحقاؽ سػػهم الفق ػراء واؼبسػػاكني‪ :‬أف ال يكػػوف ل ػ مػػاؿ أو كس ػ يقػػوـ بتبػػاـ‬
‫كفايتػ وكفايػػة مػػن يعولػ ‪ .‬وال ييػ ط الع ػػز عػػن أصػػل الكسػ فالكسػػوب الػػذي ال هبػػد عبػبلً‬
‫ربل ل الزكاة ألن ى حكم العاجز‪ .‬والذي يكس ما ال يكفي وبل ل أمتذ سباـ كفايت ‪.‬‬
‫(ب) اؼبعت ػ كسػ يليػػق حبالػ ومروءتػ وأمػػا مػػا ال يليػػق بػ فهػػو كاؼبعػػدوـ‪ .‬والعػػاٍ أو األدي ػ أو‬
‫غكنبا فبن ٍ ذبػر عادتػ بالتكسػ بالبػدف وبػل لػ األمتػذ مػن سػهم الفقػراء واؼبسػاكني حػك هبػد‬
‫عببلً مناسبًا‪.‬‬
‫(جػ ػ) مػػن قػػدر علػػى الكس ػ ولكن ػ يطل ػ العلػػم حبيػػث ل ػو أقبػػل علػػى الكس ػ النقطػػع عػػن‬
‫التحصػػيل حلػػز لػ الزكػػاة‪ .‬والصػػحي أف هػػذا فػػيبن يتػػأتى منػ التحصػػيل ويرجػػى نفػػع اؼبسػػلبني‬
‫مقيبػػا‬
‫ػادرا علػػى الكس ػ فػػبل وبػػل ل ػ األمتػػذ وإف كػػاف ً‬ ‫بعلب ػ ‪ .‬وأمػػا مػػن ال يتػػأتى من ػ وكػػاف قػ ً‬
‫باؼبدرسة‪.‬‬
‫( د ) وإذا كػػاف لػ عقػػار يػػنقل دمتلػ عػػن كفايت ػ فهػػو فقػػك أو مسػػكني فيعطػػى مػػن الزكػػاة سبػػاـ‬
‫كفايتػ وال يكلػػه بيعػ وكػػذل اؼبيػػتغل بػػالعلم ال يكلػػه بيػػع كتبػ ألنػ ؿبتػػاج إليهػػا خبػػبلؼ‬
‫غكخ‪.‬‬
‫(هػ) إذا عرؼ لرجل ماؿ وادعى أن افتقر ٍ يقبل من إال ببينة؛ ألن ثبػز غنػاخ فػبل تقبػل دعػوى‬
‫الفقر إال ببينة كبا لو وج علي دين آدم وعرؼ ل ماؿ فادعى االعسار‪.‬‬
‫( و ) أما إذا ٍ يعرؼ لػ مػاؿ وادعػى الفقػر أو اؼبسػكنة فيقبػل قولػ بػبل متػبلؼ ألف الفقػر أمػر‬
‫متف تعسر إقامة البينة علي ‪.‬‬
‫( ز ) إذا ادعػػى أنػ ال كس ػ ل ػ ف ػ ف كػػاف ظػػاهرخ عػػدـ الكسػ كيػػيمل هػػرـ أو وػػاب شػػعيه‬
‫البنية أو كبوها قبل قول بغك يبني ببل متبلؼ ألف األصل والظاهر عدـ الكس ‪.‬‬
‫جلدا قويًا ٍ يكله البينة بل يقبل قول ‪ .‬ولكن هل يطل من اليبني؟‪.‬‬ ‫ومن كاف وابًا ً‬
‫قوالف عند اليافعية‪ :‬أصحهبا‪ :‬ال يطل من يبني ؼبا روى اإلمػاـ أضبػد وأبػو داود والنسػا أف‬
‫رجلػػني سػػأال النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬الصػػدقة فرفػػع فيهبػػا البصػػر ومتفضػ فرآنبػػا جلػػدين‬
‫فقاؿ‪" :‬إف وئتبا أعطيتكبا وال حي فيها لغ وال لقوى مكتس "‪.‬‬
‫وينبغ ػ ؼبػػن يػػوزع الزكػػاة أف يػػذكر اعبلػػد القػػوى دبػػا ذكػػر ب ػ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪-‬‬
‫وتنبيها ؼبن غفل‪.‬‬
‫ً‬ ‫تعليبا ؼبن جهل‬
‫ً‬ ‫الرجلني‬
‫( ح ) لو ادعى الفقػك أو اؼبسػكني أف لػ عيػاالً وطلػ أف يعطػى كفايتػ وكفػايتهم ٍ يقبػل قولػ‬
‫ى العياؿ إال ببينة ألف األصل عدـ العياؿ وإقامة البينة على ذل متيسرة‪.‬‬
‫( ط ) إذا ادعى أن غارـ ٍ يقبل قول إال ببينة‪.‬‬
‫( ي ) البينة ى هذخ الصور ال يعت فيها ظباع القاش وتقدـ الدعوى واإلنكار واالستيهاد بل‬
‫اؼبػراد إمتبػػار عػػدلني بتصػػديق اليػػصل فيبػػا يدعيػ ‪ .‬واوػػتهار اغبػػاؿ بػػني النػػاس قػػا م مقػػاـ البينػػة‬
‫غبصوؿ العلم ب أو غلبة الظػن حػك قػاؿ بعضػهم‪ :‬لػو أمتػ عػن اغبػاؿ واحػد يعتبػد كفػى (نقلنػا‬
‫هذخ األحكاـ من "اةبوع" للنووي‪ 489/6 :‬وما بعدها)‪.‬‬
‫وقد جاء ى بعض األحاديث فيبن وبل ل اؼبسألة‪" :‬رجل أصابت فاقة حػك يقػوؿ ثبلثػة مػن ذوى‬
‫اغب ػػا مػػن قومػ ‪ :‬قػػد أصػػابز فبلنًػػا فاقػػة" قػػاؿ اػبطػػال‪ :‬ذلػ إمبػػا هػػو فػػيبن كػػاف لػ ملػ ثابػػز‬
‫وعرؼ ل يسار ظاهر فادعى تله مال من لل طرقػ أو متيانػة فبػن أودعػ أو كبػو ذلػ مػن‬
‫األمػػور الػػب ال يبػػني ؽبػػا أثػػر ظػػاهر ى اؼبيػػاهدة والعيػػاف‪ .‬فػ ذا كػػاف ذلػ ووقعػػز ى أمػػرخ الريبػػة ى‬
‫النف ػػوس ٍ يع ػ ػ و ػػيئًا م ػػن الص ػػدقة إال بع ػػد اس ػػت اء حال ػ ػ والكي ػػه عنػ ػ باؼبس ػػألة م ػػن أه ػػل‬
‫االمتتصاص ب واؼبعرفة بيأن ‪ .‬وذلػ معػ قولػ ‪" :‬حػك يقػوؿ ثبلثػة مػن ذوى اغب ػا مػن قومػ ‪"..‬‬
‫تأكيدا ؽبذا اؼبع أي ال يكونوا من أهل الغباوة والغفلة فبن ىبفى عليهم‬ ‫إٌ واو اط "اغب ا" ً‬
‫بواطن األمور ومعانيها‪ .‬وليس هذا مػن بػاب اليػهادة ولكػن مػن بػاب التبػني والتعػرؼ‪ ..‬فػ ذا قػاؿ‬
‫نفػػر مػػن قوم ػ أو جكان ػ أو مػػن ذوى اػب ػ ة بيػػأن ‪ :‬إن ػ صػػادؽ فيبػػا يدعي ػ أعطػػى مػػن الصػػدقة‬
‫(معاٍ السنن للصطال‪.)238/2 :‬‬

‫وروط العاملني ى الزكاة‬

‫يي ط ى العامل على الزكاة أمور‪:‬‬


‫مسلبا‪:‬‬
‫‪ -4‬أف يكوف ً‬
‫ألما والية على اؼبسلبني فيي ط فيها اإلسبلـ كسا ر الواليات ويست من ذلػ األعبػاؿ الػب‬
‫ال تتعلػػق باعببايػػة والتوزيػػع كاغبػػارس والسػػا ق‪ .‬وعػػن أضبػػد روايػػة جػػوز فيهػػا أف يكػػوف العامػػل غػػك‬
‫مسػػلم لعبػػوـ لفػػي‪" :‬العػػاملني عليهػػا" فيػػدمتل فيػ الكػػافر واؼبسػػلم وألف مػػا يأمتػػذخ علػػى العبالػػة‬
‫أجرة عبل فبل مػانع مػن أمتػذخ كسػا ر اإلجػارات (اؼبغػ ‪ .)654/2 :‬وهػو تسػام كػرٓ‪ .‬ولكػن‬
‫األوَ أال يستعبل على هذخ الفريضة اإلسبلمية إال مسلم‪.‬‬
‫قػػاؿ ابػػن قدامػػة‪ :‬ألنػ عبػػل ييػ ط لػ األمانػػة فاوػ ط لػ اإلسػػبلـ كاليػػهادة‪ .‬وألنػ واليػػة علػػى‬
‫اؼبسلبني فلم هبز أف يتوالها الكافر كسػا ر الواليػات وألف مػن لػيس مػن أهػل الزكػاة ال هبػوز أف‬
‫يتػػوَ العبالػػة كػػاغبرل‪ .‬وألف الكػػافر لػػيس بػػأمني وؽبػػذا قػػاؿ عبػػر‪( :‬ال تػػأسبنوهم وقػػد متػػومم اهلل‬
‫تعاَ)‪ .‬وقد أنكر عبر على أىب موسى توليت الكتابة نصرانيًا فالزكػاة الػب هػ ركػن اإلسػبلـ أوَ‬
‫(اؼبغ ‪ 466/6 :‬مطبعة اإلماـ)‪ .‬أ هػ‪.‬‬
‫‪ -2‬أف يكوف مكل ًفا‪ ..‬أي بالغًا عاقبل‪.‬‬
‫‪ -3‬أمينًا‪:‬‬
‫ألن ػ م ػؤسبن علػػى أم ػواؿ اؼبسػػلبني فػػبل هبػػوز أف يكػػوف فاس ػ ًقا متا نًػػا فب ل ػ ال يػػؤمن حيف ػ علػػى‬
‫متضوعا للبنفعة‪.‬‬
‫ً‬ ‫تبعا للهوى أو‬ ‫أصحاب األمواؿ أو هتاون ى حقوؽ الفقراء ً‬
‫‪ -4‬العلم بأحكاـ الزكاة‪:‬‬
‫أيضا أف يكوف عاؼبا بأحكاـ الزكاة إف كاف فبػن يفػوض إليػ عبػوـ األمػر؛ ألنػ إذا كػاف‬ ‫واو طوا ً‬
‫ً‬
‫جػػاهبلً بػػذل ٍ تكػػن ل ػ كفايػػة لعبل ػ وكػػاف متطػػؤخ أك ػػر مػػن ص ػواب (انظػػر اةبػػوع للنػػووي‪:‬‬
‫‪ 467/6‬وورح غاية اؼبنتهى‪.)437/2 :‬‬
‫ألن وبتاج إَ معرفة ما يؤمتذ وما ال يؤمتػذ ووبتػاج إَ االجتهػاد اعبز ػ فيبػا يعػرض مػن مسػا ل‬
‫الزكاة وأحكامها‪.‬‬
‫ؿبددا بدا رة معينة مهبت أف ينفذها فبل يي ط علب إال دبا كله ب ‪.‬‬ ‫وأما إذا كاف عبل جز يًا ً‬
‫‪ -5‬الكفاية للعبل‪:‬‬
‫قادرا على أعبا ‪.‬‬
‫ً‬ ‫أف يكوف كافيًا لعبل أهبلً للقياـ ب‬
‫فػ ػ ف األمان ػػة وح ػػدها ال تكف ػػى م ػػا ٍ يص ػػحبها الق ػػوة عل ػػى العب ػػل والكفاي ػػة فيػ ػ ‪( :‬إف مت ػػك م ػػن‬
‫استأجرت القوى األمػني) (القصػل‪ .)26 :‬ولػذا قػاؿ يوسػه ‪-‬عليػ السػبلـ‪ -‬للبلػ ‪( :‬اجعلػ‬
‫على متزا ن األرض إْ حفيي عليم) (يوسه‪ .)55 :‬فاغبفي يع األمانة والعلم يع الكفاية‬
‫واػب ة‪ .‬ونبا أساس كل عبل ناج ‪.‬‬
‫‪ -6‬هل هبوز تولية ذوى القرىب؟‪.‬‬
‫واو ط األك روف أال يكوف من ذوى القػرىب للنػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬وهػم بنػو هاوػم ألف‬
‫الفض ػػل بػ ػػن العب ػػاس واؼبطل ػ ػ ب ػػن ربيعػ ػػة سػ ػػأال الن ػ ػ ‪-‬ص ػػلى اهلل علي ػ ػ وسػ ػػلم‪ -‬العبال ػػة علػ ػػى‬
‫الصػػدقات‪ .‬قػػاؿ أحػػدنبا‪ :‬يػػا رسػػوؿ اهلل جئنػػاؾ لتؤمرنػػا علػػى هػػذخ الصػػدقات فنصػػي مػػا يصػػي‬
‫الناس من اؼبنفعة ونؤدي إلي ما يؤدى الناس‪ .‬فقاؿ‪( :‬إف الصدقة ال تنبغ حملبد وال آلؿ ؿببد‬
‫إمبا ه أوساخ الناس) (رواخ أضبد ومسلم) وو لفي ؽببا‪ ( :‬ال ربل حملبد وال آلؿ ؿببػد) (انظػر‬
‫نيل األوطار‪ -475/4 :‬طبع اغبل )‪.‬‬
‫واغبػػديث تنفػػك آلل ػ ‪-‬علي ػ الصػػبلة والسػػبلـ‪ -‬مػػن التطلػػع إَ أم ػواؿ الصػػدقات لبلنتفػػاع منهػػا‬
‫لقوؽببػػا‪" :‬نصػػي منهػػا مػػا يصػػي النػػاس مػػن اؼبنفعػػة" والكػػبلـ مػػن بػػاب التيػػبي ف مػػا ؼبػػا كانػػز‬
‫تطهرة ألمواؿ الناس ونفوسهم ‪ -‬كبا قاؿ تعاَ‪( :‬تطهػرهم وتػزكيهم هبػا) (التوبػة‪ .)463 :‬ظبيػز‬
‫أوسامتا‪.‬‬
‫ً‬
‫عظيبػا ى وػريعة اهلل والنػ ‪-‬صػلى‬ ‫إف ماؿ الزكاة ماؿ عاـ فأي إصابة من بغك حق تعتػ إشبًػا ً‬
‫اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬يريػػد أف يضػػرب م ػ بلً بأقارب ػ ى التنػػزخ عػػن هػػذا اؼبػػاؿ حػػك وبػػذر النػػاس مػػن‬
‫التصوض في والطبع ى التزيد من ‪.‬‬
‫وقػػد جػػوز الناص ػر مػػن أهػػل البيػػز توظيػػه بػ هاوػػم ى العبالػػة وإعطػػا هم مػػن الزكػػاة وهػػو قػػوؿ‬
‫لليػػافع وأضبػػد‪ .‬قػػاؿ القاش ػ أبػػو يعلػػى ى الواليػػة علػػى الصػػدقات‪ :‬وهبػػوز أف يتقلػػدها مػػن ربػػرـ‬
‫علي ػ الصػػدقات مػػن ذوى القػػرىب والعبيػػد ويكػػوف رزق ػ منهػػا ألف مػػا يأمتػػذخ أجػػرة ال زكػػاة وؽبػػذا‬
‫يتقػػدر بقػػدر عبل ػ ‪ .‬وق ػد قػػاؿ اػبرق ػ "وال تػػدفع الصػػدقة لب ػ هاوػػم وال لكػػافر وال لعبػػد إال أف‬
‫يكونػوا مػػن العػػاملني عليهػػا فيعطػػوف حبػػق مػػا عبلػوا" (األحكػػاـ السػػلطانية للقاشػ أىب يعلػػى ص‬
‫‪ 99‬وانظر اةبوع للنووي‪.)468/6 :‬‬
‫وكأمم جعلوا اغبديث للتنفك والتنزي عن التطلع ؼب ل هذا العبل ال للتحرٓ‪.‬‬
‫ومن رأى اغبديث اؼبذكور يدؿ على التحرٓ فذل ى وأف أمتذ أجر العبالػة مػن الزكػاة بالنسػبة‬
‫لػػذوى القػػرىب أمػػا أف يكونػوا عبػػاالً عليهػػا ويأمتػػذوا أجػػرهم مػػن غكهػػا فهػػو جػػا ز باإلصبػػاع‪ .‬وقػػد‬
‫وظه على ‪-‬رشى اهلل عن ‪ -‬عامبلً على الزكاة من ب العباس (نيل األوطار‪.)475/4 :‬‬
‫‪ -7‬هل تي ط الذكورة؟‪.‬‬
‫واوػ ػ ط بعض ػػهم أف يك ػػوف العام ػػل ذك ػ ًػرا وٍ هب ػػوزوا او ػػتغاؿ اؼبػ ػرأة بالعبال ػػة ألم ػػا والي ػػة عل ػػى‬
‫الصدقات وال دليل على ذل إال أف وبت وا بقول ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( :-‬لن يفل قػوـ ولػوا‬
‫أمرهم امرأة) (رواخ البصاري ى كتػاب "الفػ واؼبغػازي" مػن صػحيح مػن حػديث اغبسػن البصػري‬
‫عن أىب بكرة)‪.‬‬
‫ولكن هذا إمبا يكوف ى الوالية العامة الب تكوف فيها اؼبرأة صاحبة األمر والنهى‪ .‬أما الوظػا ه ‪-‬‬
‫ومنها العبالة على الزكاة‪ -‬فبل تدمتل ى دا رة هذا اغبديث اليريه‪.‬‬
‫ومنهم من استدؿ بأن ٍ ينقل أف امػرأة وليػز عبالػة زكػاة البتػة وتػركهم ذلػ قػديبًا وحػديًا يػدؿ‬
‫على عدـ جوازخ‪.‬‬
‫وهذا ليس بدليل فقد كانز ظروؼ اؼبرأة االقتصادية واالجتباعية ى تل العهود ال تؤهلها ؼب ل‬
‫هذا العبل‪ .‬وترؾ الناس عببلً ما ال يدؿ على حرمت ‪.‬‬
‫وبعض ػ ػػهم ق ػ ػػاؿ‪ :‬إف ظ ػ ػػاهر قولػ ػ ػ تع ػ ػػاَ‪( :‬والع ػ ػػاملني عليه ػ ػػا) (التوب ػ ػػة‪ .)66 :‬ال يي ػ ػػبلها ألف‬
‫"العاملني" صبع للذكور (انظر‪ :‬ورح غاية اؼبنتهى‪ .)437/2 :‬ولو ص ذل المتنع إدمتاؿ اؼبرأة‬
‫صبيعا للذكور‪ .‬وهذا متبلؼ لئلصباع ألف اؼبرأة تبع للرجل‬ ‫ى الفقراء والغارمني وابن السبيل؛ ألما ً‬
‫ى ذل كل وإف كػاف اػبطػاب أو الصػيغة للبػذكر‪ .‬واغبػق أنػ لػيس ى اؼبسػألة دليػل متػاص يبنػع‬
‫اؼبػرأة مػػن االوػػتغاؿ بالعبالػػة علػػى الزكػػاة‪ .‬ولكػػن القواعػػد العامػػة الػػب توجػ علػػى اؼبػرأة االحتيػػاـ‬
‫والبعد عن مزاضبة الرجاؿ واالمتتبلط هبم لغك حاجة هبعل الرجػل أوَ هبػذا العبػل مػن اؼبػرأة‪ .‬إال‬
‫ى نطاؽ ؿبدود كأف تستصدـ اؼبرأة إليصاؿ الزكاة إَ األرامل والعاجزات من النساء وكبو ذل‬
‫فبػػا تكػػوف اؼب ػرأة في ػ أقػػدر وأنفػػع مػػن الرجػػل أو علػػى األقػػل م ل ػ ى الكفايػػة ل ػ وهػػو أمػػر يقػػدر‬
‫بقدرخ وال يضيق ب اليرع الرحي ‪.‬‬
‫‪ -8‬واوػ ط بعضػهم أف يكػػوف ح ًػرا ال عبػ ًػدا ورد ذلػ غػػكهم دبػا رواخ أضبػػد والبصػاري أف رسػػوؿ‬
‫اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬قػػاؿ‪ …( :‬واظبعػوا وأطيعػوا وإف اسػػتعبل علػػيكم عبػػد حبيػ كػػأف‬
‫رأس زبيبة)‪.‬‬
‫وألن وبصل من اؼبقصود فأوب اغبر (اؼبصدر السابق ص ‪.)438‬‬

‫كم يعطى العامل؟‬

‫العامل موظه فالواج أف يعطى ما يكافئ وظيفت من أجر دوف وكػس وال وػط ‪ .‬وقػد روى‬
‫عػػن اليػػافع ‪ :‬أف العػػاملني عليهػػا يعطػػوف م ػػن الزكػػاة ى حػػدود ال ػ بن وه ػػو مب ػ علػػى رأي ػ ى‬
‫التسوية بني األصناؼ ال بانية ف ف كاف أجرهم أك ر من ال بن أعطوا من غك الزكاة‪.‬‬
‫ويرى اعببهور أمم يعطوف من الزكاة ‪-‬كبا نػل القػرآف‪ -‬كػل مػا يسػتحقون وإف كػاف أك ػر مػن‬
‫ال بن وهو رواية عن اليافع ‪ .‬على أف رأى اليػافع هنػا رأى وجيػ ؼبػا فيػ مػن رعايػة مصػلحة‬
‫الفقراء واؼبستحقني وهػو يتفػق مػع االذبػاخ اغبػديث ى الضػرا الػذي ينػادى بوجػوب االقتصػاد‬
‫ى نفقػػات اعببايػػة‪ .‬ويعطػػى العامػػل ولػػو كػػاف غنيًػػا ألنػ إمبػػا يأمتػػذ أجػًػرا علػػى عبػػل أداخ ال معونػػة‬
‫غباجػة أصػابت ‪ .‬وقػػد روى أبػو داود عػػن النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬أنػ قػػاؿ‪( :‬ال ربػل الصػػدقة‬
‫لغ إال ػببسة‪ :‬لغاز ى سبيل اهلل أو لعامل عليها أو لغارـ أو لرجل اوػ اها دبالػ أو لرجػل‬
‫كاف ل جار مسكني فتصدؽ علػى اؼبسػكني فأهػداها اؼبسػكني للغػ ) (قػاؿ النػووي ى اةبػوع‪:‬‬
‫هػػذا اغبػػديث حسػػن أو صػػحي رواخ أبػػو داود مػػن طػػريقني أحػػدنبا عػػن عطػػاء بػػن يسػػار عػػن أىب‬
‫سػػعيد اػبػػدري عػػن الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬وال ػػاْ عػػن عطػػاء عػػن النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ‬
‫وسػلم‪ -‬مرسػبلً وإسػنادخ جيػد ى الطػريقني‪ .‬وقػاؿ اؼبنػذري (ى ـبتصػر السػنن‪ )235/2 :‬وأمترجػ‬
‫ػندا‪ .‬وقػػاؿ أبػػو عبػػر النحػػوي‪ :‬وقػػد وصػػل هػػذا اغبػػديث صباعػػة مػػن روايػػة زيػػد بػػن‬
‫ابػػن ماج ػ مسػ ً‬
‫أسلم)‪.‬‬

‫تيديد الرسوؿ ى اغبرص على أمواؿ الزكاة‬

‫إذا كاف العامل على الزكاة موظ ًفا أمينًا من قبل الدولة فعلي أف هببعهػا مػن حيػث أمػر ويضػعها‬
‫ػكا‪.‬‬
‫حيث أمر وال هبوز لػ أف يسػتغل وػيئًا مػن مػاؿ الزكػاة لنفسػ أو يكػتم فبػا صبعػ قلػيبلً أو ك ً‬
‫فهػػذا مػػاؿ عػػاـ ال هبػػوز الطبػػع في ػ واألمتػػذ من ػ بغػػك حػػق‪ .‬وقػػد جػػاءت ى ذل ػ أحاديػػث تطػػك‬
‫القلوب من هوؿ وعيدها وتنذر كل طامع فيبا ليس من حق بالعذاب اليديد‪.‬‬
‫عن عدى بن عبكة قاؿ‪ :‬ظبعز رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬يقوؿ‪( :‬من استعبلناخ منكم‬
‫على عبل فكتبنا ـبيطًا (إبرة متي ) فبا فوق كاف غلوالً (متيانة) يأن ب يوـ القيامة) (إوػارة إَ‬
‫قول تعاَ‪( :‬ومن يغلل يأت دبا غػل يػوـ القيامػة) (آؿ عبػراف‪ .)464 :‬فقػاـ إليػ رجػل أسػود مػن‬
‫األنصػػار كػػأْ أنظػػر إليػ فقػػاؿ‪ :‬يػػا رسػػوؿ اهلل اقبػػل عػ عبلػ ‪ .‬قػػاؿ‪( :‬ومالػ )؟ قػػاؿ‪ :‬ظبعتػ‬
‫تقوؿ كذا وكذا‪ .‬قاؿ‪( :‬وأنا أقوؿ اآلف‪ :‬من استعبلناخ منكم على عبل فلي ء بقليل وك ػكخ فبػا‬
‫أوتى من أمتذ وما مى عن انتهى)‪( .‬رواخ مسلم وأبو داود وغكنبا)‪.‬‬
‫مارا بالبقيع (وفي اؼبقابر) فقاؿ‪ :‬أفًا ل‬
‫وعن أىب رافع أن كاف مع الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ً -‬‬
‫أفًػػا ل ػ ‪ .‬قػػاؿ أبػػو رافػػع‪ :‬فك ػ ذل ػ ى ذرع ػ فاسػػتأمترت وظننػػز أن ػ يريػػدْ‪ .‬قػػاؿ‪ :‬مال ػ ؟‬
‫امو‪ .‬فقلز‪ :‬أأحدثز حدثًا؟ قاؿ‪ :‬وما لػ ؟ قلػز‪ :‬أففػز ل (قلػز‪ :‬أفًػا لػ ) قػاؿ‪ :‬ال‪ .‬ولكػن‬
‫هذا فبلف بع ت ساعيًا على ب فبلف فغل مبرة (كسػاء مػن صػوؼ ـبطػ ) فػدرع علػى م لهػا مػن‬
‫النار)‪( .‬رواخ النسا وابن متزيبة ى صحيح )‪.‬‬
‫وعن عبادة بن الصامز‪ :‬أف رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬بع على الصػدقة فقػاؿ‪( :‬يػا أبػا‬
‫الوليػػد اتػػق اهلل‪ ..‬ال تػػأتى يػػوـ القيامػػة ببعػػك رببلػ لػ رغػػاء أو بقػػرة ؽبػػا متػوار أو وػػاة ؽبػػا ثغػػاء)‬
‫(الرغاء‪ :‬صوت البعك واػبوار‪ :‬صوت البقر‪ .‬وال غاء‪ :‬صوت الغنم) قاؿ‪ :‬يا رسوؿ اهلل إف ذل‬
‫لكػذل ؟ قػاؿ‪" :‬إي والػذي نفسػ بيػدخ"‪ .‬قػاؿ‪ :‬فػػو الػذي بع ػ بػاغبق ال أعبػػل لػ علػى وػ ء‬
‫أبدا‪( .‬رواخ الط اْ ى الكبك وإسنادخ صحي )‪.‬‬ ‫ً‬
‫وإمبا أعلن ذل عبػادة ‪-‬وهػو مػن هػو ى اؼبسػلبني‪ -‬طلبًػا لسػبلمة دينػ وبع ًػدا عػن مظنػة اػبطػر‬
‫ومتيية من ورر الوعيد أف يتطاير إلي وهو ال ييعر‪.‬‬

‫اؽبدايا للبوظفني رووة‬

‫كبػا ال هبػػوز للبوظػػه العامػػل علػػى الزكػػاة أف يكػػتم منهػػا وػػيئًا ‪-‬ولػػو كػػاف إبػػرة متػػي تافهػػة‪ -‬فػػبل‬
‫هبػػوز ل ػ أف يقبػػل لنفس ػ مػػن أربػػاب األم ػواؿ عطػػاء يعطون ػ إيػػاخ ف ن ػ روػػوة ولػػو أمتػػذخ باس ػػم‬
‫"اؽبديػة" إنػ يأمتػذ أجرتػ وكفايتػ مػن الدولػة فػبل وبػل لػ أف يزيػد عليهػا وػيئًا مػن دافعػ الزكػاة‬
‫ف ن ػ أك ػػل ألمػ ػواؿ الن ػػاس بالباط ػػل وه ػػو ذريع ػػة إَ الته ػػاوف م ػػع األغني ػػاء عل ػػى حس ػػاب الفقػ ػراء‬
‫واؼبستحقني‪ .‬وأقل ما في أف يعرض األمتذ للتهبة‪ .‬ومن وشع نفس مواشع الػتهم فػبل يلػومن مػن‬
‫أساء ب الظن‪.‬‬
‫عن أىب ضبيد الساعدي قاؿ‪ :‬استعبل الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬رجبلً من األزد يقاؿ ل "ابن‬
‫اللتيبة" على الصدقة فلبا قدـ قاؿ‪ :‬هذا لكم‪ .‬وهذا أهدى إَ‪ .‬قاؿ‪ :‬فقاـ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل‬
‫علي وسلم‪ -‬فحبد اهلل وأث علي ‪ .‬ه قاؿ‪( :‬أما بعد ف ْ أستعبل الرجل منكم علػى العبػل فبػا‬
‫والْ اهلل‪ .‬فيأن فيقوؿ‪ :‬هذا لكم وهذا هدية أهديز للنووي‪ .‬أفبل جلس ى بيز أبيػ وأمػ حػك‬
‫تأتي ػ هديت ػ إف كػػاف صػػادقًا؟! واهلل ال يأمتػػذ أحػػد مػػنكم وػػيئًا بغػػك حق ػ إال لق ػ اهلل وببل ػ يػػوـ‬
‫ػكا ل ػ رغػػاء أو بقػػرة ؽبػػا مت ػوار أو وػػاة تيعػػر‬
‫القيامػػة‪ .‬فػػبل أعػػرفن أحػ ًػدا مػػنكم لق ػ اهلل وببػػل بعػ ً‬
‫(تصػػي ) ه رفػػع يديػ حػػك ر ػ بيػػاض إبطيػ يقػػوؿ‪ :‬اللهػػم هػػل بلغػػز)؟ (رواخ البصػػاري ومسػػلم‬
‫وأبو داود) (ال غي وال هي للبنذري‪ -277/4 :‬طبع اؼبنكية)‪.‬‬

‫توجيهات نبوية لل باة "الرفق باؼببولني"‬

‫كاف ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬يوصى اعبباة واؼبصدقني بالرفق واالعتػداؿ وكػاف ىبتػارهم مػن متػكة‬
‫أصػحاب وو زكػػاة الػػزروع وال بػػار كػاف يبعػػث مػػن أصػػحاب مػػن ىبػرص ال بػػار علػػى أهلهػػا‪ .‬ومعػ‬
‫ػديرا تقريبيًػػا‪ .‬وفا ػػدة اػبػػرص ‪-‬كبػػا قػػاؿ ابػػن عبػػد الػ ‪ -‬أمػػن اػبيانػػة مػػن رب‬
‫مترصػػها‪ :‬تقػػديرها تقػ ً‬
‫اؼبػػاؿ ‪-‬ولػػذل هب ػ علي ػ البينػػة ى دعػػوى الػػنقل بعػػد اػبػػرص‪ -‬وشػػب حػػق الفق ػراء ومطالبػػة‬
‫اؼبصدؽ بقدر ما مترص ‪ ...‬إٌ‪.‬‬
‫وقد ذكرنا ى مترص ال بار‪ :‬أف رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬وَ على مترص ال بار عباالً‬
‫وقاؿ ؽبم‪( :‬متففوا اػبرص ف ف ى اؼباؿ الوصية والعرية والواطئة والنا بة)‪.‬‬
‫فالوصية‪ :‬ما يوصى هبا أرباهبا بعد الوفاة‪ .‬والعرية‪ :‬ما يعرى للصبلت ى اغبياة‪ .‬والواطئة‪ :‬ما تأكل‬
‫السابلة من ‪ ..‬ظبوا واطئة لوطئهم األرض‪ .‬والنا بة‪ :‬ما ينوب ال بار مػن اعبػوا ‪ .‬وهػذا تنبيػ بصػك‬
‫من الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬لل باة أف يراعوا جان الرفق باؼببولني وأف يذكروا أف ى اؼباؿ‬
‫مطال أمتر ال يسع اإلنساف أف يغفلها مطال يفرشها اإلنساف علػى نفسػ كالوصػية والعريػة‪.‬‬
‫أو تفرشها علي طبيعة اغبياة كالواطئة والنا بة‪.‬‬

‫الدعاء ألصحاب األمواؿ‪:‬‬

‫ومػػن اعبوان ػ الروحيػػة الػػب سبيػػزت هبػػا فريضػػة الزكػػاة عػػن الض ػرا واؼبكػػوس األمتػػرى‪ :‬أف اؼببػػوؿ‬
‫يدفعها عن طي نفس سا بل اهلل أف يتقبلها منػ وأف اعبػال الػذي يأمتػذها منػ مػأمور أف يػدعو‬
‫لػ بػػنل كتػػاب اهلل الػػذي يقػػوؿ‪( :‬متػػذ مػػن أمػواؽبم صػػدقة تطهػػرهم وتػػزكيهم هبػػا وصػػل علػػيهم إف‬
‫صبلت سكن ؽبم) (التوبة‪.)463 :‬‬
‫عن عبد اهلل بن أىب أوو‪ :‬أف أباخ جاء إَ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬بصدقة مال فقػاؿ‪:‬‬
‫(اللهم صل على آؿ أىب أوو) (رواخ أضبد والييصاف)‪.‬‬

‫هل يقاس اؼبيتغلوف دبصلحة اؼبسلبني على العاملني ى الزكاة؟‬

‫ذكر ابن رود أف الفقهاء الذين أجازوا الزكاة للعامػل عليهػا وإف كػاف غنيًػا‪ .‬أجازوهػا للقضػاة ومػن‬
‫ى معناهم فبن اؼبنفعة هبم عامة للبسلبني (بداية اةتهد‪ -276/4 :‬طبع اغبل )‪.‬‬
‫وو كتاب "النيل" وورح ى فق اإلباشية‪ :‬أف الزكاة تعطى لعامػل عليهػا ومػن كػاف دبعنػاخ كقػاض‬
‫قياسػا علػى العامػل فيعطػوف بقػدر عنػا هم ووػغلهم‬
‫وواؿ ومفز وكبوهم فبن اوتغل بػأمر النػاس ً‬
‫ومنفعػػتهم ى اإلسػػبلـ وإف كػػانوا أغنيػػاء ألمػػم مكفوفػػوف بػػأمر اؼبسػػلبني عػػن السػػع ألنفسػػهم‬
‫(النيل وورح ‪.)434/2 :‬‬
‫لكن عامة الفقهاء يروف إعطاء هؤالء من موارد الدولة األمترى من الفػ ء واػبػراج وكبونبػا ال مػن‬
‫الزك ػػاة إال م ػػن توس ػػع ى مص ػػرؼ "س ػػبيل اهلل" ورآخ يي ػػبل ك ػػل قرب ػػة أو مص ػػلحة كب ػػا س ػػيأن ى‬
‫الفصل السادس‪.‬‬

‫الفصل ال الث‬
‫اؼبؤلفة قلوهبم‬

‫وهػػم الػػذين ي ػراد تػػأليه قلػػوهبم باالسػػتبالة إَ اإلسػػبلـ أو الت بيػػز علي ػ ‪ .‬أو يكػػه وػػرهم عػػن‬
‫اؼبسلبني أو رجاء نفعهم ى الدفاع عنهم أو نصرهم على عدو ؽبم أو كبو ذل ‪.‬‬

‫فهرس‬

‫من ل حق التأليه والصرؼ إَ اؼبؤلفة؟‬

‫أين يصرؼ سهم اؼبؤلفة ى عصرنا؟‬

‫جواز التأليه من غك ماؿ الزكاة‬

‫داللة هذا اؼبصرؼ‬

‫أقساـ اؼبؤلفة قلوهبم‬


‫هل سق سهم اؼبؤلفة قلوهبم بعد موت الرسوؿ؟‬
‫إبطاؿ دعوى النسمل‬
‫اغباجة إَ تأليه القلوب ٍ تنقطع‬

‫داللة هذا اؼبصرؼ‬

‫أيضا يدلنا بوشوح على ما أكدناخ ى غك موشع مػن أف الزكػاة ى اإلسػبلـ ليسػز‬ ‫وهذا اؼبصرؼ ً‬
‫إحسانًا وصصيًا‪ .‬وال عبادة ؾبػردة موكولػة إَ األفػراد‪ .‬فػ ف هػذا الصػنه مػن مصػارؼ الزكػاة لػيس‬
‫فبػا يوكػػل إَ األفػراد ى العػادة الغالبػػة‪ .‬وإمبػػا هػػو مػن وػػأف ر ػػيس الدولػػة أو مػن ينيبػ عنػ أو أهػػل‬
‫اغبل والعقد ى األمة‪.‬‬
‫فهػػؤالء هػػم الػػذين يسػػتطيعوف إثبػػات اغباجػػة إَ تػػأليه القلػػوب أو نفيهػػا وربديػػد صػػفات مػػن‬
‫يؤلفوف ومدى ما يبذؿ ؽبم وفق مصلحة اإلسبلـ وحاجة اؼبسلبني‪.‬‬

‫أقساـ اؼبؤلفة قلوهبم‬

‫واؼبؤلفة قلوهبم أقساـ ما بني كفار ومسلبني‪:‬‬


‫( أ ) فبنهم من يرجى بعطيت إسبلم أو إسبلـ قوم وعيكت كصفواف بن أمية الذي وه الن‬
‫‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ل األماف يوـ فت مكة‪ .‬وأمهلػ أربعػة أوػهر لينظػر ى أمػرخ بطلبػ وكػاف‬
‫غا بًا فحضر ووهد مع اؼبسلبني غزوة حنني قبل أف يسػلم وكػاف النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪-‬‬
‫استعار سبلح من ؼبا مترج إَ حنني وقد أعطاخ الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬إببلً ك ػكة ؿببلػة‬
‫كانز ى واد فقاؿ‪ :‬هذا عطاء من ال ىبيى الفقر‪.‬‬
‫وروى مسلم وال مذي من طريق سعيد بػن اؼبسػي عنػ قػاؿ‪( :‬واهلل لقػد أعطػاْ النػ ‪-‬صػلى اهلل‬
‫عليػ وسػػلم‪ -‬وإن ػ ألبغػػض النػػاس إُ فبػػا زاؿ يعطيػ حػػك إنػ ألحػ النػػاس إُ) (تفسػػك ابػػن‬
‫ك ك‪ -365/2 :‬طبع اغبل )‪ .‬وقد أسلم وحسن إسبلم ‪.‬‬
‫ومن هذا القسم ما رواخ أضبد ب سناد صحي عن أنس‪ :‬أف رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ٍ -‬‬
‫يكػػن يسػػئل وػػيئًا علػػى اإلسػػبلـ إال أعطػػاخ قػػاؿ‪ :‬فأتػػاخ رجػػل فسػػأل فػػأمر ل ػ بيػػاء ك ػػكة بػػني‬
‫جبلني من واء الصدقة‪ .‬قاؿ‪ :‬فرجع إَ قوم فقاؿ‪ :‬يا قػوـ أسػلبوا فػ ف ؿبب ًػدا يعطػى عطػاء مػن‬
‫ال ىبيى الفاقة (نيل األوطار‪ 466/4 :‬اؼبطبعة الع بانية اؼبصرية‪ -‬الطبعة األوَ)‪.‬‬
‫( ب ) ومنهم من ىبيى ورخ ويرجى ب عطا كه ورخ وور غكخ مع كبا جػاء عػن ابػن عبػاس‬
‫قومػػا كػػانوا يػػأتوف النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬فػ ف أعطػػاهم مػػن الصػػدقات مػػدحوا اإلسػػبلـ‬ ‫أف ً‬
‫وقالوا‪ :‬هذا دين حسن وإف منعهم ذموا وعابوا (تفسك الط ي‪.)343/44 :‬‬
‫(جػ) ومنهم من دمتل حديًا ى اإلسبلـ فيعطى إعانة ل على ال بات على اإلسبلـ‪.‬‬
‫سػػئل الزهػػري عػػن "اؼبؤلفػػة قلػػوهبم" فقػػاؿ‪ :‬مػػن أسػػلم مػػن يهػػودي أو نصػراْ‪ .‬قيػػل‪ :‬وإف كػػاف غنيًػػا؟‬
‫قػاؿ‪ :‬وإف كػػاف غنيًػا (اؼبرجػػع نفسػ ص ‪ 344‬واؼبصػػنه البػن أىب وػػيبة‪ -223/3 :‬طبػع حيػػدر‬
‫آباد)‪.‬‬
‫وكػػذل قػػاؿ اغبسػػن‪ :‬هػػم الػػذين يػػدمتلوف ى اإلسػػبلـ (اؼبصػػنه اؼبػػذكور واإلكليػػل للسػػيوط ص‬
‫‪.)449‬‬
‫وذل أف الدامتل حديًا ى اإلسبلـ قد ه ر دين القدٓ وشحى دبا ل عند أبوي وأسرت وك ًكا‬
‫مػػا وبػػارب مػػن عيػكت ويهػدد ى رزقػ وال وػ أف هػػذا الػػذي بػػاع نفسػ وتػػرؾ دنيػػاخ هلل تعػػاَ‬
‫جدير بالتي يع والت بيز واؼبعونة‪.‬‬
‫( د ) ومػػنهم قػػوـ مػػن سػػادات اؼبسػػلبني وزعبػػا هم ؽبػػم نظػراء مػػن الكفػػار إذا أعطػوا رجػ إسػػبلـ‬
‫نظ ػرا هم واستيػػهدوا ل ػ ب عطػػاء أىب بكػػر ‪-‬رشػػى اهلل عن ػ ‪ -‬لعػػدى بػػن حػػام والزبرقػػاف بػػن ب ػدر‬
‫(تفس ػ ػػك اؼبن ػ ػػار‪ -577 - 574/46 :‬الطبع ػ ػػة ال اني ػ ػػة) م ػ ػػع حس ػ ػػن إس ػ ػػبلمهبا ؼبكانتهب ػ ػػا ى‬
‫أقوامهبا‪.‬‬
‫(هػ) ومنهم زعباء شعفاء اإليباف من اؼبسلبني مطاعوف ى أقػوامهم ويرجػى ب عطػا هم ت بيػتهم‬
‫وقوة إيبامم ومناصحتهم ى اعبهاد وغكخ كالذين أعطاهم الن ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬العطايػا‬
‫الػوافرة مػػن غنػػا م هػوازف وهػػم بعػػض الطلقػػاء مػػن أهػػل مكػػة الػػذين أسػػلبوا فكػػاف مػػنهم اؼبنػػافق‬
‫ومػػنهم شػػعيه اإليبػػاف وقػػد ثبػػز أك ػػرهم بعػػد ذل ػ وحسػػن إسػػبلمهم (انظػػر تفسػػك القػػرط ‪:‬‬
‫‪.)484 - 479/8‬‬
‫( و ) ومػػنهم قػػوـ مػػن اؼبسػػلبني ى ال غػػور وحػػدود بػػبلد األعػػداء يعطػػوف ؼبػػا يرجػػى مػػن دفػػاعهم‬
‫عبن وراءهم من اؼبسلبني إذا هاصبهم العدو‪.‬‬
‫( ز ) ومنهم قوـ من اؼبسػلبني وبتػاج إلػيهم عببايػة الزكػاة فبػن ال يعطيهػا إال بنفػوذهم وتػأثكهم إال‬
‫أف يقاتلوا فيصتار بتأليفهم وقيامهم هبذخ اؼبساعدة للحكومة أمته الضررين وأرج اؼبصلحتني‬
‫وهػذا سػب جز ػ قاصػر فب لػ مػػا ييػبه مػن اؼبصػػاً العامػة (انظػر ى هػػذخ األصػناؼ اةبػػوع‪:‬‬
‫‪ 498 - 496/6‬وغاية اؼبنتهى وورح ‪ 444/2 :‬وما بعدها)‪.‬‬
‫كفارا أـ مسلبني‪.‬‬
‫وكل هذخ األنواع تدمتل ربز عبوـ لفي "اؼبؤلفة قلوهبم" سواء أكانوا ً‬
‫وقاؿ اإلماـ اليافع ‪ :‬اؼبؤلفة قلػوهبم مػن دمتػل ى اإلسػبلـ وال يعطػى مػن الصػدقة ميػرؾ يتػأله‬
‫على اإلسبلـ ف ف قاؿ قا ل‪ :‬أعطى الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬عاـ حنني بعض اؼبيػركني مػن‬
‫اؼبؤلف ػػة فتل ػ العطاي ػػا م ػػن الف ػ ء ومػػن م ػػاؿ الن ػ ‪-‬ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم‪ -‬متاصػػة‪ .‬واس ػػتدؿ‬
‫اليػػافع بػػأف اهلل تعػػاَ جعػػل صػػدقات اؼبسػػلبني مػػردودة فػػيهم كبػػا ظبػػى ال علػػى م ػن متػػاله‬
‫دينهم (األـ‪ -64/2 :‬طبع بوالؽ)‪ .‬وييك إَ حديث معاذ ومػا ى معنػاخ‪" :‬تؤمتػذ مػن أغنيػا هم‬
‫ف د على فقرا هم"‪.‬‬
‫ونق ػػل الػ ػرازي ى تفس ػػكخ (اعب ػػزء الس ػػادس عي ػػر ص ‪ .)444‬ع ػػن الواح ػػدي ق ػػاؿ‪ :‬إف اهلل أغ ػ ػ‬
‫اؼبسلبني عن تأله قلوب اؼبيركني ف ف رأى اإلماـ أف يؤله قلوب قوـ لبعض اؼبصاً الب يعود‬
‫نفعهػػا علػػى اؼبسػػلبني إذا كػػانوا مسػػلبني جػػاز إذ ال هبػػوز صػػرؼ و ػ ء مػػن زك ػوات األم ػواؿ إَ‬
‫اؼبيركني فأما اؼبؤلفة قلوهبم من اؼبيركني ف مبا يعطوف من ماؿ الف ء ال من الصدقات‪.‬‬
‫وعقػ الػرازي قػػا بلً‪ :‬إف قػػوؿ الواحػػدي‪" :‬إف اهلل أغػ اؼبسػػلبني عػػن تػػأله قلػػوب اؼبيػركني" بنػػاء‬
‫علػػى أنػ ردبػػا يػػوهم أنػ عليػ الصػػبلة والسػػبلـ دفػػع قسػ ًػبا مػػن الزكػػاة إلػػيهم لكننػػا بينػػا أف هػػذا ٍ‬
‫أيضا فليس ى اآلية ما يدؿ على كوف اؼبؤلفة ميركني بل قاؿ‪( :‬اؼبؤلفة قلػوهبم) ‪..‬‬ ‫وبصل البتة و ً‬
‫وهذا عاـ ى اؼبسلم وغكخ‪ .‬أ هػ‪.‬‬
‫أقػػوؿ‪ :‬وإذا كانػػز كلبػػة "اؼبؤلفػػة قلػػوهبم" تيػػبل الكػػافر واؼبسػػلم ففيهػػا دليػػل علػػى ج ػواز تػػأليه‬
‫الكافر وإعطا من الزكاة‪ .‬وإمبا سبنع امتتصاص بذل ‪.‬‬
‫وقػػد جػػاء عػػن قتػػادة (تفسػػك الط ػ ي‪ .)244/44 :‬أف اؼبؤلفػػة قلػػوهبم أنػػاس مػػن األع ػراب ومػػن‬
‫غكهم كاف الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬يتألفهم بالعطية كيبا يؤمنوا‪.‬‬
‫وقد ذكرنا حديث أنس ى الرجل الذي أعطاخ الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬من واء الصػدقة مػا‬
‫جعل يرجع إَ قوم قػا بلً‪ :‬أسػلبوا فػ ف ؿبب ًػدا يعطػى عطػاء مػن ال ىبيػى الفاقػة‪ .‬والظػاهر أنػ ٍ‬
‫مسلبا قبل ذل ‪.‬‬ ‫يكن ً‬
‫وال ع ػ أف يعطػػى كػػافر مػػن صػػدقات اؼبسػػلبني تألي ًفػػا لقلب ػ علػػى اإلسػػبلـ‪ .‬أو سبكينًػػا ل ػ ى‬
‫صدرخ ف ف هذا ‪-‬كبا ذكر القرط ‪ -‬شرب من اعبهاد‪ .‬فاؼبيػركوف ثبلثػة أصػناؼ‪ :‬صػنه يرجػع‬
‫عػػن كفػػرخ ب قامػػة ال هػػاف‪ .‬وصػػنه بػػالقهر والسػػناف‪ .‬وصػػنه بالعطػػاء واإلحسػػاف‪ .‬واإلمػػاـ النػػاظر‬
‫للبسػػلبني يسػػتعبل مػػع كػػل صػػنه مػػا ي ػراخ سػػببًا لن ات ػ وزبليص ػ مػػن الكفػػر (تفسػػك القػػرط ‪:‬‬
‫‪.)479/8‬‬
‫هل سق سهم اؼبؤلفة قلوهبم بعد موت الرسوؿ؟‬

‫ذه أضبد وأصحاب إَ أف حكم اؼبؤلفة باؽ ٍ يلحق نسمل وال تبديل وهبػذا قػاؿ الزهػري وأبػو‬
‫جعف ػػر الب ػػاقر (انظ ػػر تفس ػػك الطػ ػ ي‪ 346 - 344/44 :‬واؼبغ ػ ػ ‪ .)666/2 :‬وه ػػو م ػػذه‬
‫أيضػػا (انظػػر البحػػر‪ 486 479/2 :‬ووػػرح األزهػػار‪ 543/4 :‬وفقػ اإلمػػاـ‬ ‫اعبعفريػػة والزيديػػة ً‬
‫جعفر‪.)96/2 :‬‬
‫نسصا ى ذل ‪.‬‬
‫قاؿ يونس‪ :‬سألز الزهري عنهم فقاؿ‪ :‬ال أعلم ً‬
‫قاؿ أبو جعفر النحاس‪ :‬فعلى هذا‪ :‬اغبكم فيهم ثابز ف ف كاف أحد وبتاج إَ تألفػ وىبػاؼ أف‬
‫تلحق اؼبسلبني من آفة أو يرجى أف وبسن إسبلم بعد دفع إلي ‪.‬‬
‫ونقػػل القػػرط عػػن القاش ػ عبػػد الوهػػاب مػػن اؼبالكيػػة قػػاؿ‪ :‬إف احتػػي إلػػيهم ى بعػػض األوقػػات‬
‫أعطوا‪.‬‬
‫وقاؿ القاش ابن العرل‪ :‬الذي عندي أن إف قوى اإلسبلـ زالوا وإف احتي ؽبم أعطوا سهبهم‪.‬‬
‫كبػػا كػػاف رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬يعطػػيهم ف ػ ف ى الصػػحي ‪( :‬بػػدأ اإلسػػبلـ غريبًػػا‬
‫وسيعود غريبًا كبا بدأ) أ هػ‪.‬‬
‫وو كتػػاب "النيػػل" ووػػرح ى فق ػ اإلباشػػية (اعبػػزء ال ػػاْ ص ‪ :)436 434‬هػػو عنػػدنا علػػى‬
‫سػػقوط مػػا داـ اإلمػػاـ قويًػػا وعػػنهم غنيًػػا‪ ..‬وأجػػاز التػػأليه للحاجػػة لػػدفع وػػر عػػن اؼبسػػلبني أو‬
‫جل نفع ؽبم‪.‬‬
‫وروى الط ي عن اغبسن قاؿ‪ :‬ليس اليوـ مؤلفة (تفسك الط ي‪.)345/44 :‬‬
‫وعػن عػامر اليػع قػاؿ‪ :‬إمبػا كانػز اؼبؤلفػة قلػوهبم علػى عهػد النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬فلبػا‬
‫وَ أبو بكر ‪-‬رضبة اهلل علي ‪ -‬انقطعز الروا (تفسك الط ي‪.)245/44 :‬‬
‫وذكر النووي عن اليافع ‪ :‬أف الكفار إف جاز تأليفهم ف مبا يعطػوف مػن سػهم اؼبصػاً مػن الفػ ء‬
‫وكبوخ وال يعطوف من الزكاة؛ ألف الزكاة ال حق فيها للكفار عندخ‪.‬‬
‫وأما اؼبسلبوف من اؼبؤلفة فعن قوالف ى إعطا هم بعد الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪:-‬‬
‫األوؿ‪ :‬ال يعطوف ألف اهلل أعز اإلسبلـ فأغ عن التأله باؼباؿ‪.‬‬
‫وال اْ‪ :‬يعطوف ألف اؼبع الذي أعطوا ب قد يوجد بعد الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ .-‬وإذا قلنػا‬
‫يعطوف‪ ..‬فبن أين؟‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬قيل‪ :‬من الصدقات لآلية‪ .‬وقيل‪ :‬من سهم اؼبصػاً مػن الفػ ء وغػكخ ألف الصػرؼ‬ ‫قوالف ً‬
‫إل ػػيهم م ػػن مص ػػلحة اؼبس ػػلبني (انظ ػػر ى ذلػ ػ اؼبه ػػذب وو ػػرح للن ػػووي (اةب ػػوع)‪- 497/6 :‬‬
‫‪.)498‬‬
‫واؼبذكور ى مذه اؼبالكية قوالف‪ :‬قوؿ بانقطاع سهم اؼبؤلفة بعز اإلسبلـ وظهػورخ وقػوؿ ببقا ػ ‪.‬‬
‫وق ػػد ذكرن ػػا رأى القاش ػػيني عب ػػد الوه ػػاب واب ػػن الع ػػرل (تفس ػػك الق ػػرط ‪ -‬اؼبرج ػػع الس ػػابق وذك ػػر‬
‫اػبطال ى معاٍ السنن (‪ :)234/2‬أف سهبهم ثابز هب أف يعطوخ وكذا ذكػر ابػن قدامػ ى‬
‫اؼبغ ‪.)666/2 :‬‬
‫وو م ػ "متلي ػػل"‪ :‬أف حكب ػ ب ػػاؽ أي ٍ ينس ػػمل ألف اؼبقص ػػود م ػػن دف ػػع الزك ػػاة إلي ػ ترغيب ػ ى‬
‫اإلسػػبلـ ال إعانتػ لنػػا حػػك يسػػق بنيػػر اإلسػػبلـ‪ .‬وهػػذا اػبػػبلؼ ى اؼبػػذه مفػػرع ‪-‬كبػػا قػػاؿ‬
‫الصاوي‪ -‬على القػوؿ بػأف اؼبؤلػه كػافر يعطػى ترغيبًػا لػ ى اإلسػبلـ وهػو قػوؿ ابػن حبيػ ‪ .‬وأمػا‬
‫القوؿ اآلمتر ‪-‬وهو البػن عرفػة‪ -‬أف اؼبؤلػه مسػلم قريػ عهػد باإلسػبلـ يعطػى منهػا ليػتبكن مػن‬
‫اإلسبلـ فحكب باؽ اتفاقًا (انظر‪ :‬حاوية الصاوي على بلغة السال ‪.)233 - 232/4 :‬‬
‫وقاؿ صبهور اغبنفية‪ :‬انتسمل سػهبهم وذهػ وٍ يعطػوا وػيئًا بعػد النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪-‬‬
‫وال يعطى اآلف ؼب ل حاؽبم‪.‬‬
‫قػػاؿ ى البػػدا ع‪" :‬وهػػو الصػػحي إلصبػػاع الصػػحابة علػػى ذل ػ ف ػ ف أبػػا بكػػر وعبػػر ‪-‬رشػػى اهلل‬
‫عنهبػػا‪ -‬مػػا أعطيػػا اؼبؤلفػػة قلػػوهبم وػػيئًا مػػن الصػػدقات وٍ ينكػػر أحػػد مػػن الصػػحابة ‪-‬رشػػى اهلل‬
‫عػػنهم‪ .-‬ف نػ روى أنػ ؼبػػا قػػبض رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬جػػاءوا أبػػا بكػػر وسػػألوخ‪ :‬أف‬
‫يكت ؽبم متطًا (كتابة رظبية) بسهامهم‪ .‬فأعطاهم ما سػألوخ ه جػاءوا إَ عبػر وأمتػ وخ بػذل‬
‫فأمتػػذ اػب ػ مػػن أيػػديهم ومزق ػ وقػػاؿ‪ :‬إف رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬كػػاف يعطػػيكم‬
‫لي ػؤلفكم علػػى اإلسػػبلـ فأمػػا اليػػوـ فقػػد أعػػز اهلل دين ػ ف ػ ف ثبػػتم علػػى اإلسػػبلـ‪ .‬وإال فلػػيس بيننػػا‬
‫وبيػنكم إال السػيه‪ .‬فانصػرفوا إَ أىب بكػر فػأمت وخ دبػا صػنع عبػر رشػى اهلل عنهبػا وقػالوا‪ :‬أنػػز‬
‫اػبليفة أـ عبر؟ قاؿ‪ :‬هو إف واء‪ .‬وٍ ينكر أبو بكػر قولػ وفعلػ وبلػغ ذلػ عامػة الصػحابة فلػم‬
‫إصباعا على ذل وألن ثبز باتفاؽ األمة أف الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪-‬‬ ‫ً‬ ‫ينكروا فيكوف ذل‬
‫إمبػػا كػػاف يعطػػيهم ليت ػألفهم علػػى اإلسػػبلـ وؽبػػذا أظبػػاهم اهلل "اؼبؤلفػػة قلػػوهبم" واإلسػػبلـ يومئػػذ ى‬
‫شػػعه وأهل ػ ى قل ػػة وأولئ ػ ك ػػك ذوو ق ػػوة وع ػػدد والي ػػوـ حببػػد اهلل عػػز اإلس ػػبلـ وك ػػر أهل ػ‬
‫واوتدت دعا ب ورسمل بنيان وصار أهل اليرؾ أذالء‪ .‬واغبكم مك ثبز معقػوالً دبعػ متػاص‬
‫ينته بذهاب ذل اؼبع " (بدا ع الصنا ع‪.)45/2 :‬‬
‫ومتبلصة ما ذكرخ صاح البدا ع يرجع إَ أمرين‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬نسمل اغبكم وأف الذي نسص إصباع الصحابة‪.‬‬
‫ال ػػاْ‪ :‬أف حكػػم التػػأليه ثبػػز ؼبع ػ معقػػوؿ وهػػو اغباجػػة إَ اؼبؤلفػػة وقػػد زالػػز هػػذخ اغباجػػة‬
‫بانتي ػػار اإلس ػػبلـ وغلبت ػ ‪ .‬فه ػػو م ػػن قبي ػػل انته ػػاء اغبك ػػم النته ػػاء علت ػ الغا ي ػػة ال ػػب ك ػػاف ألجله ػػا‬
‫اإلعطاء‪ .‬ف ف اإلعطاء كاف إلعزاز الػدين وقػد أعػز اهلل اإلسػبلـ وأغػ عػنهم (رد احملتػار‪82/2 :‬‬
‫نقبلً عن البحر‪.‬‬

‫إبطاؿ دعوى النسمل‪:‬‬

‫واغبق أف كبل األمرين غك صحي فالنسمل ٍ يقع واغباجة إَ تأليه القلوب ٍ تنقطع‪.‬‬
‫قوما من الزكاة كانوا يتألفوف‬ ‫أما دعوى النسمل بفعل عبر فليس في أدّ دليل‪ .‬ف ف عبر إمبا حرـ ً‬
‫ى عهػػد الرسػػوؿ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬ورأى أنػ ٍ يعػػد هنػػاؾ حاجػػة لتػػأليفهم وقػػد أعػػز اهلل‬
‫وشعا ثابتًا دا ًبػا‪.‬‬
‫اإلسبلـ وأغ عنهم وٍ هباوز الفاروؽ الصواب فيبا صنع‪ .‬ف ف التأليه ليس ً‬
‫وال كل من كاف مؤل ًفا ى عصر يظل مؤل ًفا ى غكخ مػن العصػور وإف ربديػد اغباجػة إَ التػأليه‬
‫وربديػػد أوػػصاص اؼب ػؤلفني أمػػر يرجػػع إَ أوَ األمػػر وتقػػديرهم ؼبػػا في ػ متػػك اإلسػػبلـ ومصػػلحة‬
‫اؼبسلبني‪.‬‬
‫ولقد قرر علباء األصوؿ‪ :‬أف تعليق اغبكم بوصه ميتق يؤذف بعلية ما كاف من االوتقاؽ وهنا‬
‫علػػق صػػرؼ الصػػدقة باؼبؤلفػػة قلػػوهبم فػػدؿ علػػى أف تػػأليه القلػػوب هػػو علػػة صػػرؼ الصػػدقات‬
‫إليهم ف ذا وجدت هذخ العلة ‪-‬وهى تأليه قلوهبم‪ -‬أعطوا وإف ٍ توجد ٍ يعطوا‪.‬‬
‫ومػػن الػػذي لػ حػػق تػػأليه هػػؤالء أو أولئػ أو عػػدـ التػػأليه؟ إنػ وَ أمػػر اؼبسػػلبني أوالً‪ .‬إنػ لػ‬
‫اغبق ى أف ي ؾ تأله قوـ كاف يتألفهم حػاكم مسػلم قبلػ ولػ اغبػق أف يػ ؾ تػأليه القلػوب ى‬
‫عهػػدخ بػػاؼبرة إذا ٍ يوجػػد ى زمن ػ مػػا يػػدعو إلي ػ ف ػ ف ذل ػ مػػن األمػػور االجتهاديػػة الػػب زبتلػػه‬
‫ػرعا‪ .‬فػ ف‬ ‫نصػا وٍ ينسػمل و ً‬ ‫بامتتبلؼ العصور والبلداف واألحواؿ وعبر حني فعل ذلػ ٍ يعطػل ً‬
‫الزكاة تعطػى ؼبػن يوجػد مػن األصػناؼ ال بانيػة الػب جعلهػم اهلل تعػاَ أهلهػا فػ ذا ٍ يوجػد صػنه‬
‫منهم سق سهب وٍ هبز أف يقاؿ‪ :‬إف ذل تعطيل لكتاب اهلل أو نسمل ل ‪.‬‬
‫ف ػ ذا ٍ يوجػػد صػػنه "العػػاملني عليهػػا" لعػػدـ قيػػاـ حكومػػة مسػػلبة ذببػػع الزكػػاة وتوزعهػػا علػػى‬
‫مستحقيها وتوظه من يقوـ بذل فقد سق سهم العاملني عليها‪.‬‬
‫وإذا ٍ يوج ػػد ص ػػنه "ى الرق ػػاب" كب ػػا ى عص ػرنا ال ػػذي ألغ ػػى ال ػػرؽ الف ػػردي فق ػػد س ػػق ه ػػذا‬
‫السهم‪ .‬وال يقػاؿ ى سػقوط هػذا السػهم أو ذاؾ‪ :‬إنػ نسػمل للقػرآف أو تعطيػل للػنل (وهبػذا نتبػني‬
‫بط ػػبلف م ػػا يقولػ ػ بع ػػض اؼبعاصػ ػرين م ػػن جػ ػواز تعطي ػػل النص ػػوص أو ـبالفته ػػا إذا اقتض ػػز ذلػ ػ‬
‫مصلحة متصذين من موقه عبر من اؼبؤلفة قلوهبم تكأة ؽبم ى دعواهم العريضة‪ .‬من ذل مػا‬
‫ادعػػاخ ‪-‬صػػبح ؿببصػػاْ ى "فلسػػفة التي ػريع" ص ‪ -478‬أف عبػػر ٍ يتػػأمتر حػػك عػػن ـبالفػػة‬
‫النصػػوص إذا اقتضػػز السياسػػة اليػػرعية أو مصػػلحة اؼبسػػلبني ذل ػ واسػػتدؿ دبوشػػوع اؼبؤلفػػة‪..‬‬
‫ومن ذل ما كتبػ األسػتاذ ؿببػود اللبابيػدي ى ؾبلػة "رسػالة اإلسػبلـ" الػب كانػز تصػدر عػن دار‬
‫التقري ػ بػػني اؼبػػذاه ى القػػاهرة ‪-‬ى مقػػاؿ عػػن "السػػلطة التيػريعية ى اإلسػػبلـ" وذه ػ إَ أف‬
‫األمة فب لػة ى هيئػة وػوراها مػن سػلطتها أف "ذببػد" بعػض النصػوص أو زبالفهػا إذا رأت ى ذلػ‬
‫مصلحة واستند إَ فعل عبر‪ ..‬وما واهب من وقا ع‪ .‬وؿباؿ أف يعطل عبر كتػاب اهلل أو ىبالفػ‬
‫عبدا وإمبا وجه ما ذكرناخ‪.‬‬ ‫ً‬
‫وقػػد ثػػار علبػػاء األزهػػر ؼبقػػاؿ اللبابيػػدي وردوا عليػ ى ؾبلػػة األزهػػر كبػػا رد عليػ اؼبرحػػوـ اليػػيمل‬
‫ؿببد ؿببد اؼبدْ ى رسالة ل "حبث على حبث" طبعز ى القاهرة)‪.‬‬
‫ػصا غبكػػم إعطػػاء اؼبؤلفػػة قلػػوهبم بوج ػ مػػن الوجػػوخ فض ػبلً عػػن أف‬ ‫وإذف فبػػا صػػنع عبػػر لػػيس نسػ ً‬
‫إصباعػػا علػػى ذلػ وكػػذل قػػوؿ اغبسػػن واليػػع ‪" :‬لػػيس اليػػوـ مؤلفػػة" لػػيس قػػوالً بالنسػػمل‬ ‫يكػػوف ً‬
‫حباؿ وإمبا هو إمتبار عن الواقع ى زمنهم‪.‬‬
‫إف النسمل إبطاؿ حكم ورع اهلل وإمبػا يبلػ اإلبطػاؿ مػن يبلػ التيػريع‪ .‬ولػيس ذلػ إال هلل عػز‬
‫وجػػل عػػن طريػػق الرسػػوؿ اؼبػػوحى إلي ػ وؽبػػذا ال نسػػمل إال ى عصػػر الرسػػالة ونػػزوؿ الػػوح ‪ .‬وإمبػػا‬
‫تامػا ال يسػتطاع معػ‬‫يعرؼ ذل بالنل علي من اليارع نفس أو بتعارض نصني ثابتني تعارشػا ً‬
‫ال جي بينهبا بوج من الوجوخ وعرؼ تاريمل كػل منهبػا‪ .‬فػبل قبػد ب ًػدا مػن القػوؿ بنسػمل اؼبتػأمتر‬
‫للبتقدـ‪ .‬فهل ى مسألتنا و ء من ذل ؟ هل هنال نػل مػن قػرآف أو سػنة عػارض الػنل علػى‬
‫اؼبؤلفة قلوهبم؟ فضبلُ عن نل صرح بنسص ‪.‬‬
‫إف اإلجابة عن ذلػ بػالنف اعبػازـ بػبل ريػ فكيػه يػدعى نسػمل حكػم نصػز عليػ آيػة صػروبة‬
‫من كتاب اهلل وانقضى عصر الرسالة وهو ؿبكم معبوؿ ب ؟‪.‬‬
‫وقد قاؿ الياط ى م ل هذا اؼبقاـ‪" :‬إف األحكاـ إذا ثبتز على اؼبكله فادعاء النسمل فيها ال‬
‫يكػػوف إال بػػأمر ؿبقػػق؛ ألف ثبوهتػػا علػػى اؼبكلػػه أوالً ؿبقػػق فرفعهػػا بعػػد العلػػم ب بوهتػػا ال يكػػوف إال‬
‫دبعلػوـ ؿبقػػق ولػػذل أصبػع احملققػػوف علػػى أف متػ الواحػػد ال ينسػػمل القػرآف وال اػبػ اؼبتػواتر ألنػ‬
‫رفع للبقطوع باؼبظنوف" (اؼبوافقات‪.)64/3 :‬‬
‫وإذا كػػاف مت ػ الواحػػد ب صبػػاع احملققػػني ال ينسػػمل القػػرآف مػػع أنػ متػ عػػن النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ‬
‫وسػػلم‪ -‬فكيػػه نػػدعى نسػػص بقػػوؿ صػػحال أو عبل ػ ؟ وهػػو عنػػد التأمػػل ال وببػػل أي مع ػ مػػن‬
‫معاْ النسمل‪.‬‬
‫وقبل الياط قاؿ ابن حزـ‪" :‬ال وبل ؼبسلم يؤمن باهلل واليوـ اآلمتر أف يقوؿ ى و ء مػن القػرآف‬
‫والسنة‪ :‬هذا منسوخ إال بيقني‪ .‬ألف اهلل عػز وجػل يقػوؿ‪( :‬ومػا أرسػلنا مػن رسػوؿ إال ليطػاع بػ ذف‬
‫اهلل) (النسػػاء‪ ..)64 :‬وقػػاؿ تعػػاَ‪( :‬اتبع ػوا مػػا أنػػزؿ إلػػيكم مػػن ربكػػم) (األع ػراؼ‪ .)3 :‬فكػػل مػػا‬
‫أنػػزؿ اهلل تعػػاَ ى القػػرآف أو علػػى لسػػاف نبي ػ ففػػرض اتباع ػ فبػػن قػػاؿ ى و ػ ء مػػن ذل ػ إن ػ‬
‫منس ػػوخ فق ػػد أوج ػ أال يط ػػاع ذل ػ األم ػػر وأس ػػق ل ػػزوـ اتباع ػ ‪ .‬وه ػػذخ معص ػػية هلل تع ػػاَ ؾب ػػردة‬
‫ومتػػبلؼ مكيػػوؼ إال أف يقػػوـ برهػػاف علػػى صػػحة قول ػ وإال فهػػو مف ػ مبطػػل ومػػن اسػػت از‬
‫متػػبلؼ مػػا قلنػػا فقولػ يػػؤوؿ إَ إبطػػاؿ اليػريعة كلهػػا ألنػ ال فػػرؽ بػػني دعػواخ النسػػمل ى آيػػة مػػا أو‬
‫حػػديث مػػا وبػػني دعػػوى غػػكخ ى آيػػة أمتػػرى وحػػديث آمتػػر فعلػػى هػػذا ال يصػ وػ ء مػػن القػػرآف‬
‫والسػػنة‪ .‬وهػػذا متػػروج عػػن اإلسػػبلـ‪ .‬وكػػل مػػا ثبػػز بيقػػني فػػبل يبطػػل بػػالظنوف وال هبػػوز أف تسػػق‬
‫طاع ػػة أم ػػر أمرن ػػا بػ ػ اهلل تعػ ػاَ ورسػ ػول إال بيق ػػني نس ػػمل ال وػ ػ فيػ ػ " أ ه ػ ػ (اإلحك ػػاـ ى أص ػػوؿ‬
‫األحكاـ‪ -‬الباب العيرين‪ .‬فصل ى‪ :‬كيه يعلم اؼبنسوخ‪ 458/4 :‬طبع اإلماـ دبصر)‪.‬‬
‫وإذف فالصحي بل الصواب (الصحي ‪-‬من اآلراء‪ -‬مقابلة‪ :‬الضعيه والصواب مقابلة‪ :‬اػبطأ‬
‫واألص مقابل ‪ :‬الصحي )‪ :‬أف هذا السهم بػاؽ ٍ يلحػق حكبػ نسػمل وال تعطيػل‪ .‬فقػد نصػز‬
‫علي آية صروبة من سورة التوبة وهى من أوامتر ما نزؿ من القرآف‪.‬‬
‫نسصا من كتاب وال سنة"‪.‬‬ ‫قاؿ أبو عبيد‪" :‬إف اآلية ؿبكبة ال نعلم ؽبا ً‬
‫ف ذا كاف قوـ هذخ حػاؽبم‪ :‬ال رغبػة ؽبػم ى اإلسػبلـ إال للنيػل وكػاف ى ردهتػم وؿبػاربتهم إف ارتػدوا‬
‫شرر على اإلسبلـ ؼبا عندهم من العز واؼبنعة‪ .‬فرأى اإلماـ أف يرشمل ؽبم من الصدقة فعل ذل‬
‫ػببلؿ ثبلث‪:‬‬
‫إحداهن‪ :‬األمتذ بالكتاب والسنة‪.‬‬
‫وال انية‪ :‬البقيا على اؼبسلبني‪.‬‬
‫وال ال ػة‪" :‬إنػ لػػيس بيػػا س مػػنهم إف سبػػادى هبػم اإلسػػبلـ أف يفقهػػوخ وربسػػن فيػ رغبػػتهم" (األمػواؿ‬
‫ص ‪.)667‬‬
‫مؤيدا مذه أضبد ى بقاء سهبهم ى مصارؼ الزكاة‪" :‬لنػا كتػاب اهلل‬ ‫وقاؿ ابن قدامة ى اؼبغ ‪ً :‬‬
‫وسنة رسول ‪ :‬ف ف اهلل تعاَ ظبػى اؼبؤلفػة ى األصػناؼ الػذين ظبػى الصػدقة ؽبػم والنػ ‪-‬صػلى اهلل‬
‫ػكا ى‬‫علي ػ وسػػلم‪ -‬قػػاؿ‪( :‬إف اهلل تعػػاَ حكػػم فيهػػا ف زأهػػا شبانيػػة أج ػزاء) وكػػاف يعطػػى اؼبؤلفػػة ك ػ ً‬
‫أمتب ػػار مي ػػهورة وٍ ي ػػزؿ ك ػػذل ح ػػك م ػػات وال هب ػػوز ت ػػرؾ كت ػػاب اهلل وس ػػنة رس ػول إال بنس ػػمل‬
‫والنسمل ال ي بز باالحتباؿ‪.‬‬
‫"ه إف النسمل إمبا يكوف ى حياة الن ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬ألف النسػمل إمبػا يكػوف بػنل وال‬
‫يكػػوف الػػنل بعػػد مػػوت الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬وانق ػراض زمػػن الػػوح ‪ .‬ه إف القػػرآف ال‬
‫ينسمل إال بقرآف وليس ى القرآف نسمل لذل وال ى السنة‪ .‬فكيه يػ ؾ الكتػاب والسػنة دب ػرد‬
‫اآلراء والتحكم أو بقوؿ صحال أو غكخ؟ على أمم ال يروف قوؿ الصحال ح ة ي ؾ هبا قيػاس‬
‫فكيه ي كوف ب الكتاب والسنة؟‪.‬‬
‫"قػػاؿ الزهػػري‪ :‬ال أعلػػم وػػيئًا نسػػمل حكػػم اؼبؤلفػػة (اغبنفيػػة ـبتلفػػوف ى تعيػػني الناسػػمل الػػذي نسػػمل‬
‫حكم اؼبؤلفة وهو ثابز بالنل القرآْ القاطع‪ ..‬فبعضهم ادعى أن اإلصباع‪ .‬وحاوؿ أف هبعل من‬
‫إصباعا وهيهات فقد علبز ما فيػ وبعضػهم حبػث عػن مسػتند‬ ‫ً‬ ‫موقه عبر من اؼبؤلفة ى زمن‬
‫ؽبػذا اإلصبػػاع اؼبػدعى زعػػم أنػ هػػو الناسػػمل‪ .‬ه امتتلفػوا ى تعيػػني هػذا اؼبسػػتند‪ .‬ف علػ ابػػن قبػػيم ى‬
‫"البحر" اآلية الب روى أف عبر ذكرها ى مواجهة اؼبؤلفة وهى قول تعاَ‪( :‬وقل اغبق من ربكم‬
‫فبػػن وػػاء فليػػؤمن ومػػن وػػاء فليكفػػر) مػػن سػػورة الكهػػه (آيػػة‪ )29 :‬قػػاؿ ابػػن عابػػدين‪ :‬وإمبػػا ٍ‬
‫ناسصا ألن متبلؼ الصحي ألف النسمل ال يكػوف إال ى حياتػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ‬ ‫هبعل اإلصباع ً‬
‫وسػػلم‪ -‬واإلصبػػاع ال يكػػوف إال بعػػدخ" وبعضػػهم جعػػل اؼبسػػتند حػػديث إرسػػاؿ معػػاذ إَ الػػيبن‬
‫وأمػػرخ أف يأمتػػذ الصػػدقة مػػن أغنيػػا هم ويردهػػا علػػى فق ػرا هم‪( .‬انظػػر‪ :‬الػػدر اؼبصتػػار وحاوػػية ابػػن‬
‫عابدين علي ‪ -83/2 :‬طبع استانبوؿ)‪.‬‬
‫واغبػػق أف كػػل هػػذا سبحػػل ال هبػػوز نسػػمل نػػل قػػاطع دب ل ػ ‪ .‬فآيػػة الكهػػه‪( :‬وقػػل اغبػػق مػػن ربكػػم)‬
‫مكية بيقني فكيػه يسػتند إليهػا ى نسػمل جػزء مػن آيػة مدنيػة نزلػز بعػدها بسػنني طويلػة؟! وأيػن‬
‫التعػػارض ى اآليتػػني حػػك تنسػػمل إحػػدانبا األمتػػرى؟! وم ػػل ذلػ حػػديث معػػاذ فلػػيس فيػ إال أف‬
‫الزكػػاة مػػن األمػػة وإليهػػا تؤمتػػذ مػػن أغنيا هػػا وتػػرد علػػى فقرا هػػا‪ .‬ولػػيس كضػرا اؼبلػػوؾ السػػابقني‬
‫حيػػث كانػػز تؤمتػػذ مػػن الفق ػراء والكػػادحني لتصػػرؼ علػػى أهبػػة اؼبل ػ وحاوػػيت ‪ .‬ولػػو كػػاف ذكػػر‬
‫الفقػراء هنػػا ينفػػى اؼبؤلفػػة لنفػػى بقيػػة األصػػناؼ مػػن العػػاملني عليهػػا والرقػػاب والغػػارمني وغػػكهم وٍ‬
‫يقل بذل أحد‪.‬‬
‫وؽبذا قاؿ عػبلء الػدين بػن عبػد العزيػز مػن اغبنفيػة‪ :‬األحسػن أف يقػاؿ‪ :‬هػذا تقريػر ؼبػا كػاف ى زمػن‬
‫الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم‪ -‬مػػن حيػػث اؼبع ػ ‪ .‬وذل ػ أف اؼبقصػػود بال ػػدفع إل ػػيهم كػػاف إع ػزاز‬
‫اإلسػػبلـ لضػػعف ى ذلػ الوقػػز لغلبػػة أهػػل الكفػػر وكػػاف اإلعػزاز بالػػدفع‪ .‬وؼبػػا تبػػدلز اغبػػاؿ بغلبػػة‬
‫أهل اإلسبلـ صار اإلعزاز ى اؼبنع‪ .‬وكاف اإلعطاء ى ذل الزماف واؼبنع ى هذا الزماف دبنزلػة اآللػة‬
‫ػصا‪ ...‬قػاؿ‪ :‬وهػػو‬ ‫إلعػزاز الػدين واإلعػزاز هػو اؼبقصػػود‪ .‬وهػو بػػاؽ علػى حالػ فلػم يكػػن ذلػ نسػ ً‬
‫نظػػك إهبػػاب الديػػة علػػى العاقلػػة ف مػػا كانػػز واجبػػة علػػى العيػػكة ى زمػػن النػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ‬
‫وسلم‪ -‬وبعدخ على أهل الديواف ألف اإلهباب على العاقلة بسب النصرة واالستنصار ى زمن ‪-‬‬
‫ػصا بػػل‬‫صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬كػػاف بالعيػػكة وبعػػدخ بأهػػل الػػديواف ف هباهبػػا علػػيهم ٍ يكػػن نسػ ً‬
‫ك ػػاف تقري ػ ًػرا للبع ػ ال ػػذي وجب ػػز الدي ػػة ألجلػ ػ وه ػػو االستنص ػػار (أ ه ػ ػ) واستحس ػػن ى النهاي ػػة‪.‬‬
‫ومقتضى هذا التوجي أف اإلسبلـ إذا شعه ‪-‬كبػا ى عصػرنا‪ -‬هبػوز إعػزازخ باإلعطػاء‪ .‬وال يقػوؿ‬
‫بذل اغبنفية‪ .‬ولذل تعقب ابن اؽبباـ بأف ما قال ال ينفى النسمل ألف إباحة الدفع إليهم حكم‬
‫ورع كاف ثابتًا وقد ارتفع‪( .‬انظر‪ :‬تفسك اآللوس ‪.)327/3 :‬‬
‫"على أف ما ذكروخ من اؼبع ال متبلؼ بين وبني الكتاب والسنة ف ف الغ عنهم ال يوج رفع‬
‫حكبهم وإمبا يبنع عطيتهم حاؿ الغ عنهم فبك دعز اغباجػة إَ إعطػا هم أعطػوا فكػذل‬
‫صبيػػع األصػػناؼ‪ :‬إذا عػػدـ مػػنهم صػػنه ى بعػػض األزمػػاف سػػق حكب ػ ى ذل ػ الػػزمن متاصػػة‬
‫وإذا وجد عاد‪ .‬كذا ههنا" (اؼبغ ‪.)666/2 :‬‬

‫اغباجة إَ تأليه القلوب ٍ تنقطع‪:‬‬


‫وأما قوؽبم إف اغباجة إَ تأليه القلوب قد زالز بانتيار اإلسبلـ وغلبت وظهورخ على األديػاف‬
‫األمترى فهذخ الدعوى مردودة ألسباب ثبلثة‪:‬‬
‫‪ -4‬مػا قالػ بعػػض اؼبالكيػػة‪ :‬إف العلػػة ى إعطػػاء اؼبؤلػػه مػن الزكػػاة ليسػػز إعانتػ لنػا حػػك يسػػق‬
‫ذل بفيو اإلسػبلـ وغلبتػ بػل اؼبقصػود مػن دفعهػا إليػ ترغيبػ ى اإلسػبلـ ألجػل إنقػاذ مه تػ‬
‫من النار (حاوية الصاوي على بلغة السال ‪.)232/4 :‬‬
‫فهػػو يػػرى ى هػػذا البقػػاء وسػػيلة مػػن وسػػا ل الػػدعوة قػػد ذبػػدي عنػػد بعػػض النػػاس وتق ػرهبم مػػن‬
‫اإلسػػبلـ وتنقػػذهم مػػن الكفػػر وواج ػ اؼبس ػػلبني أال يػػدمتروا وسػػيلة تعيػػنهم علػػى هدايػػة البيػػر‬
‫وإنقاذهم من ظلبات اعباهلية ى الدنيا ومن عذاب النار ى اآلمترة‪ .‬وقد يدمتل الرجل اإلسبلـ‬
‫للدنيا ه وبسن إسبلم بعد ذل ‪ .‬روى أبو يعلى عن أنس بػن مالػ قػاؿ‪( :‬إف كػاف الرجػل ليػأن‬
‫رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬يسػػلم للي ػ ء مػػن الػػدنيا ال يسػػلم إال ل ػ فبػػا يبس ػ حػػك‬
‫يكوف اإلسبلـ أح إلي من الدنيا وما فيها) وو رواية‪( :‬إف كاف الرجػل ليسػأؿ النػ ‪-‬صػلى اهلل‬
‫عليػ وسػػلم‪ -‬اليػ ء للػػدنيا فيسػػلم لػ ‪( )...‬قػػاؿ ى "ؾببػػع الزوا ػػد"‪ :‬رواخ أبػػو يعلػػى ورجالػ رجػػاؿ‬
‫الصػػحي ‪ .)464/3 :‬اغبػػديث دبعنػػاخ‪ .‬وه ػذا إذا ميػػينا علػػى أف اؼبؤلػػه كػػافر يعطػػى لكغ ػ ى‬
‫اإلسبلـ وليس كل مؤله كذل فبن اؼبؤلفة من يدمتل ى اإلسبلـ وي ؾ دينػ القػدٓ فيتعػرض‬
‫لبلشػػطهاد واغبرمػػاف واؼبصػػادرة مػػن أس ػرت وأهػػل دين ػ ‪ .‬فب ػػل هػػذا يعطػػى تي ػ ًيعا وتأييػ ًػدا حػػك‬
‫يتبكن من اإلسبلـ وترسمل قدم في ‪.‬‬
‫‪ -2‬إف ه ػػذخ ال ػػدعوى مبني ػػة علػػى م ػػا ق ػػاؿ ق ػػوـ‪ :‬إف الت ػػأليه ال يك ػػوف إال عن ػػد ش ػػعه اإلس ػػبلـ‬
‫ؿبتاجػػا‪ .‬وكػػل هػػذا تقييػػد للنصػػوص اؼبطلقػػة بػػبل‬
‫ػكا ً‬ ‫وأهل ػ واو ػ ط آمتػػروف أف يكػػوف اؼبؤلػػه فقػ ً‬
‫ح ػػة وـبالفػػة غبكبػػة اليػػرع بػػبل م ػ ر‪ .‬وو عص ػرنا نػػرى أقػػوى الػػدوؿ ه ػ الػػب تتػػأله الػػدوؿ‬
‫الصػغكة واليػعوب احملػدودة الطاقػات كبػا تػرى ى معونػة الواليػات اؼبتحػدة لػدوؿ أوروبػا وبعػض‬
‫دوؿ اليرؽ النامية‪ .‬وما أحسن ما قاؿ اإلماـ الط ي ى ذل ‪:‬‬
‫"إف اهلل جعل الصدقة ى حقيقتني‪:‬‬
‫"إحدانبا‪ :‬سد متلة اؼبسلبني واألمترى‪ :‬معونة اإلسبلـ وتقويت ‪.‬‬
‫"فبػػا كػػاف ى معونػػة اإلسػػبلـ وتقويػػة أسػػباب ف نػ يعطػػاخ الغػ والفقػػك ألنػ ال يعطػػاخ باغباجػػة منػ‬
‫إلي وإمبا يعطػاخ معونػة للػدين وذلػ كبػا يعطػى الػذي يعطػاخ باعبهػاد ى سػبيل اهلل ف نػ يعطػى‬
‫فقكا للغزو ال لسد متلة وكذل اؼبؤلفة قلوهبم يعطوف ذل وإف كانوا أغنياء‬ ‫ذل غنيًا كاف أو ً‬
‫استصبلحا ب عطا هبوخ أمر اإلسبلـ وطل تقويت وتأييدخ‪.‬‬ ‫ً‬
‫"وقػػد أعطػػى الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬مػػن أعطػػى مػػن اؼبؤلفػػة قلػػوهبم بعػػد أف فػػت اهلل علي ػ‬
‫الفتوح وفيا اإلسبلـ وعز أهلػ فػبل ح ػة حملػت بػأف يقػوؿ‪ :‬ال يتػأله اليػوـ علػى اإلسػبلـ أحػد‬
‫المتناع أهل بك رة العدد فبن أرادهم وقد أعطى الن ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬مػن أعطػى مػنهم‬
‫ى اغباؿ الب وصفز" (تفسك الط ي بتحقيق واكر‪.)346/44 :‬‬
‫‪ -3‬إف اغباؿ قد تغكت وأدارت الدنيا ظهرها للبسلبني فلم يعودوا سػادة الػدنيا كبػا كػانوا بػل‬
‫عاد اإلسبلـ غريبًا كبا بدأ وتداعز على أهل األمم كبا تداعى األكلة إَ قصعتها وقذؼ ى‬
‫قلػػوهبم الػػوهن وهلل عاقبػػة األمػػور‪ .‬ف ػ ف كػػاف الضػػعه هػػو العلػػة الػػب تبػػي تػػأليه القلػػوب وإعطػػاء‬
‫اؼبؤلفػػة مػػن الزكػػاة فقػػد وقػػع وجػػاز اإلعطػػاء كبػػا قػػاؿ ابػػن العػػرل وغػػكخ (علػػى أف اغبنفيػػة أنفسػػهم‬
‫قالوا‪ :‬إف ؾبرد التعليل بكوف التأليه معلبلً بقلة انتهز ال يصل دلػيبلُ علػى نفػى اغبكػم اؼبعلػل‬
‫ألف اغبك ػ ػػم ال وبت ػ ػػاج ى بقا ػ ػ إَ بق ػ ػػاء علت ػ ػ الس ػ ػػتغنا ى البق ػ ػػاء عنه ػ ػػا ؼب ػ ػػا عل ػ ػػم ى ال ػ ػػرؽ‬
‫مقيدا بقاؤخ ببقاء العلة‪ .‬قػالوا‪:‬‬ ‫واالشطباع والرمل فبل بد من دليل يدؿ على هذا اغبكم فبا ورع ً‬
‫لكػن ال يلزمنػػا تعيينػ ى ؿبػػل اإلصبػػاع فػػنحكم ب بػوت الػػدليل وإف ٍ يظهػػر لنػػا‪( .‬انظػػر رد احملتػػار‪:‬‬
‫‪ -83 - 82/2‬طبع استانبوؿ) وعلى كػل حػاؿ ٍ يسػتطع اغبنفيػة هنػا أف يتصلصػوا مػن شػعه‬
‫موقفهم برغم ؿباوالهتم اعباهدة)!‪.‬‬
‫من ل حق التأليه والصرؼ إَ اؼبؤلفة؟‬

‫قلنا‪ :‬إف جواز التأليه وتقدير اغباجة إلي مرجع إَ أوَ األمر من اؼبسلبني‪ .‬وؽبذا كػاف النػ ‪-‬‬
‫صلى اهلل علي وسلم‪ -‬واػبلفاء هم الذين يتولوف ذل ‪ .‬وهذا هو اؼبوافق لطبا ع األمور‪ .‬فػ ف هػذا‬
‫فبا يتصل عادة بسياسة الدولة الدامتلية واػبارجية‪ .‬وما سبلي عليها مصلحة الدين واألمة (ى ورح‬
‫األزهػػار (‪ :)543/4‬أف التػػأليه جػػا ز لئلمػػاـ فق ػ ؼبصػػلحة دينيػػة وأمػػا لغػػكخ فػػبل هبػػوز وأجػػاز‬
‫بعض الزيدية لرب اؼباؿ أف يتأله)‪ .‬وعند إنباؿ اغبكومات ألمر الزكاة وأمر اإلسبلـ عامة ‪-‬كبا‬
‫ى عصرنا‪ -‬يبكن لل بعيات اإلسبلمية أف تقوـ مقاـ اغبكومات ى هذا اليأف‪.‬‬
‫وإذا ٍ يوجد حكومة وال صباعة وكاف لدى الفػرد اؼبسػلم فضػل مػن زكاتػ فهػل لػ أف يتػأله هبػا‬
‫كافرا؟‪.‬‬
‫ً‬
‫الرأي عندي أن ال هبوز ل ذلػ إال إذا ٍ هبػد مصػرفًا آمتػر كػبعض اؼبسػلبني الػذين يعييػوف ى‬
‫غػػك دار اإلسػػبلـ وال هبػػدوف مػػن يسػػتحق الزكػػاة مػػن اؼبسػػلبني ولكػػن رأوا مػػن الكفػػار مػػن إذا‬
‫أعط ػػوخ اس ػػتبالوا قلبػ ػ لئلس ػػبلـ وؼبػ ػواالة اؼبس ػػلبني ف ػػبل ب ػػأس ب عطا ػ ػ م ػػن الزك ػػاة ى ه ػػذخ اغب ػػاؿ‬
‫للضرورة‪ .‬مع أف األوَ ى م ل هذخ الظػروؼ رصػد الزكػاة لنيػر اإلسػبلـ إف ٍ يبكػن إرسػاؽبا إَ‬
‫ببلد اإلسبلـ‪.‬‬

‫أين يصرؼ سهم اؼبؤلفة ى عصرنا؟‬

‫ؿبكبػا ٍ يلحقػ نسػمل وال إلغػاء فكيػه‬


‫وإذا كاف حكم اؼبؤلفة قلوهبم وإعطا هم مػن الزكػاة باقيًػا ً‬
‫نصرؼ هذا السهم اؼبصصل ؽبم ى عصرنا؟ وأين نصرف ؟‪.‬‬
‫إف اعبواب عن هذا واش فبا ذكرناخ من بياف اؽبدؼ الػذي قصػدخ اليػارع مػن وراء هػذا السػهم‪.‬‬
‫وهو استبالة القلوب إَ اإلسبلـ أو ت بيتها علي أو تقوية الضعفاء في أو كس أنصار لػ أو‬
‫كه ور عن دعوت ودولت ‪ .‬وقد يكوف ذلػ ب عطػاء مسػاعدات لػبعض اغبكومػات غػك اؼبسػلبة‬
‫لتقػػه ى صػػه اؼبسػػلبني أو معونػػة بعػػض اؽبيئػػات واعببعيػػات والقبا ػػل ترغيبًػػا ؽبػػا ى اإلسػػبلـ أو‬
‫مساندة أهل أو وراء بعض األقبلـ واأللسنة للدفاع عن اإلسبلـ وقضايا أمت شد اؼبف ين علي ‪.‬‬
‫اجا كل عاـ ال هبدوف مػن حكومػات الػببلد اإلسػبلمية أي‬ ‫كبا أف الذين يدمتلوف ى دين اهلل أفو ً‬
‫معاونة أو تي يع‪ .‬والواج أف يعطوا من هذا السهم ما ييػد أزرهػم ويسػند ظهػرهم‪ .‬كبػا جػاء‬
‫عػػن اإلمػػاـ الزهػػري واغبسػػن البصػػري‪ ..‬علػػى حػػني تقػػوـ اإلرسػػاليات التبي ػكية باحتضػػاف كػػل مػػن‬
‫يعتن ػػق اؼبس ػػيحية وإم ػػدادخ بكاف ػػة اؼبس ػػاعدات اؼبادي ػػة واألدبي ػػة‪ .‬وال ع ػ ػ فػ ػ ف ه ػػذخ اعببعي ػػات‬
‫التبيػكية اؼبسػػيحية سبوؽبػػا وسبػػدها مؤسسػػات ودوؿ بػػاؼببليني وعيػرات اؼببليػػني كػػل عػػاـ ولػػيس ى‬
‫دينهم ما ى ديننا من زكاة مفروشة يصرؼ جزء منها على تأليه القلوب وت بيتها على اإلسبلـ‪.‬‬
‫إف اإلس ػػبلـ دب ػػا في ػ م ػػن وش ػػوح وأص ػػالة ومبلءم ػػة للفط ػػرة الس ػليبة والعق ػػل الرو ػػيد يني ػػر نفس ػ‬
‫بنفس ػ ػ ى ك ػ ػػك مػ ػػن األقطػ ػػار‪ .‬ولكػ ػػن الػ ػػذين يعتنقػ ػػوف اإلسػ ػػبلـ ال هبػ ػػدوف مػ ػػن الرعايػ ػػة اؼباديػ ػػة‬
‫والتوجيهيػة مػػا يبكػنهم مػػن التبصػر ى هػػذا الػػدين واالنتفػاع هبػػداخ ويعوشػهم عػػن بعػض مػػا قػػدموخ‬
‫من تضحيات وما لقوخ من اشطهاد من عيا رهم أو حكوماهتم‪.‬‬
‫وك ػػك مػػن اعببعيػػات اإلسػػبلمية ى بلػػداف وػػك ربػػاوؿ أف تسػػد هػػذخ ال غػػرة ولكنهػػا ال ذبػػد اؼبػػدد‬
‫البلزـ والعوف الكاى‪.‬‬
‫إف قػػارة ك فريقيػػا يػػدور فيهػػا ص ػراع سياس ػ ومػػذه رهي ػ حيػػث تتنػػافس وػػك القػػوى لكس ػ‬
‫حكوماهتػػا ووػػعوهبا وزعبا هػػا‪ .‬فالتبيػػك االسػػتعباري أو االسػػتعبار التبيػػك مػػن ناحي ػة والتسػػلل‬
‫الصهيوْ اإلسرا يل من ناحية ثانية والتغلغل اليػيوع اؼباركسػ مػن ناحيػة ثال ػة‪ ..‬كػل يريػد أف‬
‫يصبغ القارة بصبغت أو يضبها إَ جانب ‪.‬‬
‫واإلسبلـ ال هبوز أف يقه مكتوؼ اليػدين إزاء هػذا التػدمتل أو التسػلل أو التغلغػل لػو كانػز لػ‬
‫دولة تتب رسالت وتنير دعوت وتقيم وريعت ى األرض‪.‬‬
‫لقد كاف اإلسبلـ ى موقه اؽب وـ فأصب اليوـ ى موقه الدفاع فهو ينتقل من أطراف ويغزى‬
‫ى عقر دارخ‪.‬‬
‫ؽبػػذا كػػاف مػػن أوَ النػػاس بالتػػأليه ى زماننػػا ‪-‬كبػػا نب ػ السػػيد روػػيد رشػػا رضب ػ اهلل‪ -‬قػػوـ مػػن‬
‫اؼبس ػػلبني يت ػػألفهم الكف ػػار لي ػػدمتلوهم رب ػػز ضب ػػايتهم أو ى دي ػػنهم ف نن ػػا قب ػػد دوؿ االس ػػتعبار‬
‫ػهبا‬
‫الطامعػػة ى اسػػتبعاد صبيػػع اؼبسػػلبني وو ردهػػم عػػن ديػػنهم ىبصصػػوف مػػن أم ػواؿ دوؽبػػم سػ ً‬
‫للبؤلفػػة قلػػوهبم مػػن اؼبسػػلبني فبػػنهم مػػن يؤلفون ػ ألجػػل تنصػػكخ وإمتراج ػ مػػن حظػػكة اإلسػػبلـ‪.‬‬
‫ومنهم من يؤلفون ألجػل الػدمتوؿ ى ضبػايتهم وميػاقة الػدوؿ اإلسػبلمية أو الوحػدة اإلسػبلمية‪...‬‬
‫أفليس اؼبسلبوف أوَ هبذا منهم؟! (تفسك اؼبنار‪ -575 - 574/46 :‬الطبعة ال انية)‪.‬‬

‫جواز التأليه من غك ماؿ الزكاة‬

‫وبعد هذا كل فلسنا كبتم أف يكوف كل ما يرصد لتأليه القلوب من الزكاة وحدها ف ف ى مػوارد‬
‫بيػػز اؼبػػاؿ األمتػػرى متسػ ًػعا لئلسػػهاـ ى هػػذا اليػػأف مػػع الزكػػاة أو االسػػتقبلؿ بػ ‪ .‬ومتاصػػة إذا كػػاف‬
‫ػددا فهن ػػا يعب ػػل دب ػػا ج ػػاء ع ػػن‬
‫اؼبس ػػتحقوف للزك ػػاة م ػػن األص ػػناؼ األمت ػػرى أو ػػد حاج ػػة وأوف ػػر ع ػ ً‬
‫اليػػافع وغػػكخ وهػػو إعطػػاء اؼبؤلفػػة مػػن سػػهم اؼبصػػاً ومػػرد ذل ػ إَ رأى وَ األمػػر العػػادؿ‬
‫وتقدير أهل الرأي وميورة أهل اليورى ى األمة‪.‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫ى الرقاب‬
‫فهرس‬

‫هل يف األسك اؼبسلم من سهم الرقاب؟‬

‫هل تساعد اليعوب اؼبستعبرة على التحرر من سهم "الرقاب"؟‬

‫ؼباذا ع القرآف عن بعض اؼبصارؼ بػ "البلـ" وبعضها بػ "ى"؟‬

‫مع "ى الرقاب"‬


‫سبق اإلسبلـ بتصفية نظاـ الرقيق‬

‫ؼباذا ع القرآف عن بعض اؼبصارؼ بػ "البلـ" وبعضها بػ "ى"؟‬

‫او ػػتبلز آي ػػة مص ػػارؼ الص ػػدقات عل ػػى أص ػػناؼ شباني ػػة رب ػػدثنا ع ػػن األربع ػػة األوَ منه ػػا وه ػػم‪:‬‬
‫الفقػراء واؼبسػػاكني والعػػاملوف عليهػػا واؼبؤلفػػة قلػػوهبم‪ -‬وهػػم األصػػناؼ الػػذين تعطػػى ؽبػػم الزكػػاة‪-‬‬
‫وبقى من أصناؼ اؼبستحقني أربعة‪:‬‬
‫‪ -4‬ى الرقاب وهو اؼبصرؼ اػبامس من ال بانية‪.‬‬
‫‪ -2‬والغارمني وهو اؼبصرؼ السادس من ال بانية‪.‬‬
‫‪ -3‬وو سبيل اهلل وهو اؼبصرؼ السابع من ال بانية‪.‬‬
‫‪ -4‬وابن السبيل وهو اؼبصرؼ ال امن واألمتك‪.‬‬
‫وقد غايرت اآليات الب حصرت مصارؼ الزكاة ى األصناؼ ال بانية بني اؼبصارؼ األربعة األوَ‬
‫واألربعػػة األمتػػكة‪ ..‬فػػاألولوف جعلػػز الصػػدقات ؽبػػم‪( :‬إمبػػا الصػػدقات للفقػراء واؼبسػػاكني والعػػاملني‬
‫عليها واؼبؤلفة قلوهبم) (التوبة‪.)66 :‬‬
‫واآلمتػػروف جعلػػز الصػػدقات فػػيهم‪( :‬وو الرقػػاب والغػػارمني وو سػػبيل اهلل وابػػن السػػبيل) (التوبػػة‪:‬‬
‫‪ .)66‬فبا السر ى هذخ اؼبغايرة؟ وؼباذا ع عن استحقاؽ األولني للصػدقة ب ػ "الػبلـ" الػب هػ ى‬
‫األصل للتبلي وع عن استحقاؽ هؤالء ؽبا حبرؼ "ى" الب ه للظرفية؟‪.‬‬
‫إف القرآف ال يضع حرفًا بدؿ حرؼ اعتباطًا وال يغاير بني التعبكات جزافًا بل غبكبة ينب عليهػا‬
‫بكبلم اؼبع ز‪ .‬وما يعقلها إال العاؼبوف‪ .‬فبا هذخ اغبكبة؟‪.‬‬
‫لقد أجاب الزـبيري عن ذل بأف العدوؿ عن "البلـ" إَ "ى" ى األربعة األمتكة لئليذاف بأمم‬
‫أرسمل ى استحقاؽ الزكاة مػن األربعػة األوَ؛ ألف "ى" للوعػاء فنبػ علػى أمػم أحقػاء بػأف توشػع‬
‫ف ػػيهم الص ػػدقات وهبعل ػػوا مظن ػػة ؽب ػػا ومص ػػبًا (الكي ػػاؼ‪ -46 45/2 :‬طب ػػع مص ػػطفى اغبل ػ ػ‬
‫‪ 4367‬هػ)‪.‬‬
‫وعق ابن اؼبنك ى "االنتصاؼ" على كبلـ الزـبيري بالتنبيػ علػى نكتػة أدؽ وأعبػق‪ :‬قػاؿ‪" :‬وه‬
‫سر آمتر هو أظهر وأقرب‪ .‬وذل أف األصناؼ األربعة األوا ػل مػبلؾ ؼبػا عسػاخ يػدفع إلػيهم وإمبػا‬
‫يأمتذون ػ مل ًكػػا فكػػاف دمتػػوؿ الػػبلـ ال ًقػػا هبػػم‪ .‬وأمػػا األربعػػة األوامتػػر فػػبل يبلك ػػوف م ػػا يصػػرؼ‬
‫كبػػوهم بػػل وال يصػػرؼ إلػػيهم ولكػػن ى مصػػاً تتعلػػق هبػػم‪ .‬فاؼبػػاؿ الػػذي يصػػرؼ ى الرقػػاب إمبػػا‬
‫يتناول السادة اؼبكاتبوف والبا عوف فليس نصيبهم مصروفًا إَ أيديهم حك يع عن ذلػ بػالبلـ‬
‫اؼبيعرة بتبلكهم ؼبا يصرؼ كبوهم‪ ..‬وإمبا هم ؿباؿ ؽبذا الصرؼ واؼبصلحة اؼبتعلقة ب ‪.‬‬
‫زبليصػػا لػػذفبهم ال ؽبػػم وأمػػا سػػبيل اهلل‬
‫"وكػػذل الغػػارموف إمبػػا يصػػرؼ نصػػيبهم ألربػػاب ديػػومم ً‬
‫فواش في ذل ‪.‬‬
‫تنبيهػا علػػى متصوصػيت مػػع‬ ‫ػدرجا ى سػبيل اهلل وإمبػا أفػػرد بالػذكر ً‬
‫"وأمػا ابػن السػػبيل فكأنػ كػاف منػ ً‬
‫صبيعػا‪ .‬وعطفػ علػى اةػرور بػالبلـ فبكػن ولكنػ علػى القريػ منػ أقػرب واهلل‬ ‫أن ؾبرد من اغبػرفني ً‬
‫أعلم" (االنتصاؼ من الكياؼ وهو على هامو اؼبصدر السابق)‪.‬‬
‫وأقوؿ‪ :‬إف ما يصرؼ البن السبيل ليس سبلي ًكػا لػ ‪ .‬وإمبػا هػو مصػروؼ ى مصػلحت اؼبتعلقػة بسػفرخ‬
‫إَ بلػدخ ومػػا وبتاجػ إَ بلػوغ غرشػ وؽبػػذا يبكػن صػرف إَ جهػػة النقػل الػػب ستوصػػل إَ وطنػ‬
‫كيركة اؼببلحة أو الطكاف أو السكة اغبديدية م بل‪.‬‬
‫وكػػذل ذكػػر الفصػػر الػرازي‪ :‬أن ػ تعػػاَ أثبػػز الصػػدقات لؤلصػػناؼ األربعػػة األوا ػػل بػػبلـ التبلي ػ‬
‫وهو قول ‪( :‬إمبا الصدقات للفقراء)‪ .‬وؼبا ذكر الرقاب أبدؿ حػرؼ "الػبلـ" حبػرؼ "ى" فقػاؿ‪( :‬وو‬
‫الرقاب)‪ .‬فبل بد ؽبذا الفرؽ من فا دة‪ .‬وتل الفا دة ه أف تل األصناؼ األربعة اؼبتقدمة يدفع‬
‫إليهم نصيبهم من الصدقات‪ .‬حك يتصرفوا فيها كبا واءوا وأما "ى الرقاب" فيوشع نصيبهم ى‬
‫زبليل رقبتهم من الرؽ وال يدفع إليهم وال يبكنوف من التصرؼ ى ذل النصػي كيػه وػاءوا‬
‫بل يوشع ى الرقاب بأف يؤدى عنهم‪.‬‬
‫"وك ػػذل الق ػػوؿ ى الغ ػػارمني يص ػػرؼ اؼب ػػاؿ ى قض ػػاء دي ػػومم وو الغػ ػزاة يص ػػرؼ اؼب ػػاؿ إَ م ػػا‬
‫وبتاجوف إلي ى الغزو‪ .‬وابن السبيل كذل ‪.‬‬
‫"واغباص ػػل أف األص ػػناؼ األربع ػػة األوَ يص ػػرؼ اؼب ػػاؿ إل ػػيهم ح ػػك يتص ػػرفوا في ػ كب ػػا و ػػاءوا‪ .‬وو‬
‫األربعػػة األمتػػكة ال يصػػرؼ اؼبػػاؿ إلػػيهم بػػل يصػػرؼ إَ جهػػات اغباجػػات اؼبعتػ ة ى الصػػفات الػػب‬
‫ألجلها استحقوا الزكاة" (التفسك الكبك للرازي‪.)442/46 :‬‬
‫وذكر كبو ذل اػبازف ى تفسكخ (نقل اعببل ى حاويت على اعببللني‪.)292/2 :‬‬
‫وتبعػ ػػا ؽبػ ػػذخ اؼبغػ ػػايرة ى اآليػ ػػة بػ ػػني األصػ ػػناؼ اؼبسػ ػػتحقني قسػ ػػم صػ ػػاح اؼبنػ ػػار (تفسػ ػػك اؼبنػ ػػار‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -596 - 586/46‬الطبعػػة ال انيػػة‪ .‬وتبعػ اليػػيمل وػػلتوت (اإلسػػبلـ عقيػػدة ووػريعة ص ‪444‬‬
‫‪ -443 -‬طبع دار القلم)‪ -.‬اؼبصارؼ إَ قسبني أو حلقتني‪ :‬أوػصاص ومصػاً‪ .‬فاألوػصاص‬
‫تيبل األربعة األوَ مػع الغػارمني وابػن السػبيل‪ .‬واؼبصػاً تيػبل مصػرفني‪ :‬ى الرقػاب وو سػبيل‬
‫اهلل ونبػػا اؼبصػػرفاف اللػػذاف دمتلػػز عليهبػػا "ى" مباوػػرة‪ .‬وٍ يعتػ الغػػارموف وابػػن السػػبيل مػػن صبلػػة‬
‫اؼبصػػاً بػػالعطه علػػى مػػا جاورهػػا‪ .‬بػػل جعػػبل الوصػػفني معطػػوفني علػػى األصػػناؼ األوَ اةػػرورة‬
‫بالبلـ وذل الو اؾ األصناؼ الستة ى أمم أوصاص ذوو أوصاؼ والفقراء أوصاص اتصفوا‬
‫بالفقر والغارموف أوصاص اتصفوا بالغرـ‪ ...‬إٌ‪ .‬ولكن قد يعكر على هذا أف عطه كل صنه‬
‫علػػى جػػارخ القري ػ أوَ مػػن عطف ػ علػػى البعيػػد‪ .‬واألليػػق بببلغػػة القػػرآف أف تكػػوف األصػػناؼ الػػب‬
‫أيضػا كبػا هػو‬
‫يعطى "ؽبا" الزكاة مت اورة متعاظبة واعبهات الب تصرؼ "فيهػا" الزكػاة مت ػاورة ً‬
‫امتتيار الزـبيري وابن اؼبنك والرازي وغكهم‪.‬‬
‫ومػػا يؤيػػد مػػا ذكػػرخ الػرازي ى الفػػرؽ بػػني األربعػػة األوَ واألربعػػة األمتػػر مػػا ذكػػرخ صػػاح "اؼبغػ "‬
‫مستقرا وال يراعى حاؽبم بعد الػدفع‬ ‫ً‬ ‫(اعبزء ال اْ ص ‪ .)676‬بقول ‪ :‬أربعة أصناؼ يأمتذوف أمت ًذا‬
‫ػتقرا ال هبػ‬
‫وهػػم‪ :‬الفقػراء واؼبسػػاكني والعػػاملوف واؼبؤلفػػة فبػػك أمتػػذوها ملكوهػػا مل ًكػػا دا ًبػػا مسػ ً‬
‫علػػيهم ردهػػا حبػػاؿ‪ .‬وأربعػػة مػػنهم ‪-‬وهػػم الغػػارموف وو الرقػػاب وو سػػبيل اهلل وابػػن السػػبيل‪ -‬ف ػ مم‬
‫يأمتذوف أمت ًذا مراعى‪ :‬ف ف صرفوخ ى اعبهة الب استحقوا األمتذ ألجلها‪ -‬وإال اس جع منهم‪.‬‬
‫"والفرؽ بني هذخ األصناؼ والب قبلها‪ :‬أف هؤالء أمتذوا ؼبع ٍ وبصل بأمتذهم الزكاة واألولوف‬
‫حصل اؼبقصود بأمتذهم ‪-‬وهو غ الفقراء واؼبساكني وتأليه اؼبؤلفني وأداء أجر العػاملني‪ -‬وإف‬
‫قضى هؤالء (يع األربعة األمتكين) حاجتهم وفضل معهم فضل ردوا الفضل إال الغازي ف ف ما‬
‫فضل ل بعد غزوخ فهو ل ‪ "..‬أ هػ‪.‬‬
‫وهذا ى غك األوياء الب تبقى وتستبر زمنًا كالسبلح واػبيل فينبغػ أف تػرد بعػد الغػزو إَ بيػز‬
‫اؼباؿ‪.‬‬
‫والفرؽ الذي ذكرخ اليػيمل ابػن قدامػة هنػا صػحي وكػاف عليػ أف يؤيػدخ بتفرقػة القػرآف بػني األربعػة‬
‫األوَ واألربعة األمتكة دبغايرة التعبك بني أولئ وهؤالء كبا نب علػى ذلػ مػن بعػدخ وػارح غايػة‬
‫أيضا‪.‬‬
‫اؼبنتهى (مطال أوَ النهى‪ .)454/2 :‬من اغبنابلة ً‬
‫مع "ى الرقاب"‬

‫الرقاب‪ :‬صبع رقبة واؼبراد هبا ى القػرآف‪ :‬العبػد أو األمػة وهػى تػذكر ى معػرض التحريػر أو الفػ‬
‫كػػأف القػػرآف الكػػرٓ يي ػك هب ػػذخ العبػػارة اةازيػػة إَ أف الػػرؽ لئلنسػػاف كالغ ػػل ى العنػػق والن ػػك ى‬
‫الرقبة وربرير العبد من الرؽ هو ف لرقبت من غلها وزبليل ؽبا من النك الذي ترزح ربت ‪.‬‬
‫وو آية اؼبصارؼ قاؿ تعاَ‪( :‬وو الرقاب) ‪ ..‬ومعناها‪ :‬وتصرؼ الصػدقات ى فػ الرقػاب وهػو‬
‫كناية عن ربرير العبيد واإلماء من نك الرؽ والعبودية‪ .‬ويكوف ذل بطريقتني‪:‬‬
‫‪ -4‬أف يُعاف اؼبكات وهو العبد الذي كاتب سػيدخ واتفػق معػ علػى أف يقػدـ لػ مبلغًػا معينًػا مػن‬
‫اؼباؿ يسعى ى ربصيل ف ذا أداخ إلي حصل على عتق وحريت ‪ .‬وقد أمػر اهلل اؼبسػلبني أف يكػاتبوا‬
‫ػكا ‪-‬كبػا أمػرهم دبسػاعدهتم علػى وفػاء مػا التزمػوا بػ ‪:‬‬ ‫من رقيقهم كل من أراد ذلػ وعلبػوا فيػ مت ً‬
‫اؼبػالكوف ييسػػروف علػػيهم ووبطػػوف عػػنهم وسػػا ر اةتبػػع يعػػاونومم باؼبػػاؿ علػػى اػبػػبلص مػػن الػػرؽ‪.‬‬
‫وو هذا يقوؿ اهلل تعاَ‪( :‬والذين يبتغوف الكتاب (أي اؼبكاتبة)‪ .‬فبا ملكز أيبانكم فكػاتبوهم إف‬
‫متكا وآتوهم من ماؿ اهلل الذي آتاكم) (النور‪.)33 :‬‬ ‫علبتم فيهم ً‬
‫سهبا يعطوف من ما يعينهم على ربرير رقاهبم بأداء ما التزموا ب ‪.‬‬ ‫ه فرض ؽبم ى ماؿ الزكاة ً‬
‫وإَ هذخ الطريقة ى ف الرقاب ذه أبو حنيفة واليافع وأصحاهببا والليث بن سعد‪.‬‬
‫واحت وا دبا روى عن ابن عباس أن قاؿ‪ :‬قول ‪( :‬وو الرقاب) ‪ ..‬يريد اؼبكات ‪ .‬وتأكد هػذا بقولػ‬
‫تعاَ‪( :‬وآتوهم من ماؿ اهلل الذي آتاكم) (انظر التفسك الكبك للفصر الػرازي‪ 442/46 :‬وانظػر‬
‫اؽبداية وفت القدير‪.)47/2 :‬‬
‫عبدا أو أمة فيعتقها أو يي ؾ هو وآمتروف ى ورا ها وعتقهػا‬ ‫‪ -2‬أف يي ى الرجل من زكاة مال ً‬
‫أو يي ى وَ األمر فبا هببي من ماؿ الزكاة عبي ًػدا وإمػاء فيعػتقهم‪ .‬وهػذا هػو اؼبيػهور عػن مالػ‬
‫وأضبد وإسحاؽ‪ .‬وقاؿ ابن العػرل‪ .‬إف ذلػ هػو الصػحي وأيػدخ بأنػ هػو ظػاهر القػرآف فػ ف اهلل‬
‫حيث ذكر الرقبة ى كتاب إمبا هو العتق ولو أراد اؼبكاتبني لذكرهم بػاظبهم األمتػل‪ ..‬فلبػا عػدؿ‬
‫إَ الرقبة دؿ على أن أراد العتق‪ .‬وربقيق أف اؼبكات قد دمتل ى صبلة الغارمني دبا علي من دين‬
‫الكتابػػة فػػبل يػػدمتل ى الرقػػاب وردبػػا دمتػػل في ػ اؼبكات ػ بػػالعبوـ ولكػػن ى آمتػػر قبػػم يعتػػق ب ػ‬
‫(أحكاـ القرآف‪.)955/2 :‬‬
‫صبيعا‪ :‬معونة اؼبكاتبني وعتق الرقاب‪.‬‬ ‫واغبق أف عبارة اآلية تيبل األمرين ً‬
‫وقػد جػاء عػن إبػراهيم النصعػ وسػػعيد بػن جبػك مػن التػابعني أمبػػا كرهػا وػراء الرقػاب وعتقهػا مػػن‬
‫الزكػػاة ألف ذل ػ هبػػر إَ اؼبزك ػ منفعػػة وهػػى والء اؼبعتػػق ومكاث ػ إف ٍ يكػػن ل ػ وارث كبػػا تقػػرر‬
‫أحكػػاـ اإلسػػبلـ‪ .‬ومػػن هنػػا جػػاء عػػن مال ػ ‪ :‬أف الرقبػػة الػػب يعتقهػػا م ػن زكػػاة مال ػ يكػػوف والؤهػػا‬
‫ومكاثها عببيع اؼبسلبني يع لبيز اؼباؿ (األمواؿ ص ‪.)669 668‬‬
‫بأسا أف يعتق اؼبسلم رقبة من زكاة مالػ ‪ .‬وقػاؿ بعػد‬ ‫ولكن روى أبو عبيدة عن ابن عباس أن ٍ ير ً‬
‫ذكر قوؿ النصع وابن جبك‪ :‬وقوؿ ابن عباس أعلى ما جاءنا ى هػذا البػاب وهػو أوَ باالتبػاع‬
‫وأعلم بالتأويل وقد وافق اغبسن على ذل ‪ .‬وعلي ك ك من أهل العلم (اؼبصدر السابق)‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬وفبا يقوى هذا اؼبذه أف اؼبعتق وإف متيه علي أف يصك إلي مكاث عتيق بالوالء ف ن ال‬
‫يؤمن أف هب جنايات يلحق وقوم عقلها (أي دينها) فيكوف أحدنبا باآلمتر (نفس اؼبصدر)‪.‬‬
‫وهذا كل إذا توَ اليصل توزيع الزكاة بنفس أو وكيلػ ‪ .‬أمػا إذا توالهػا اغبػاكم اؼبسػلم‪ -‬كبػا هػو‬
‫وأف الزكاة ى اإلسبلـ‪ -‬فبل وج ؽبذا اػببلؼ‪ ..‬ول أف يي ى ويعتقبن الرقيق مػا يتسػع لػ مػاؿ‬
‫الزكاة‪ -‬بدوف جور على اؼبصارؼ األمترى‪( .‬واإلماـ اليافع يوج تسوية األصناؼ اؼبستحقني‬
‫للزكػػاة فػػبل يقػػل نصػػي "ى الرقػػاب" عػػن ال ػ بن) واألوَ لػػوَ األمػػر أف هببػػع بػػني األمػرين فيعػػني‬
‫اؼبكاتبني ويي ى العبيػد واإلمػاء‪ .‬وهػذا مػا كتبػ اإلمػاـ الزهػري للصليفػة عبػر بػن عبػد العزيػز قػاؿ‪:‬‬
‫سهم الرقاب نصفاف‪ :‬نصه للبكاتبني من اؼبسلبني ونصه يي ى بػ رقػاب فبػن صػلوا وصػاموا‬
‫وقدـ إسبلمهم فيعتقوف من الزكاة (اؼبصدر السابق)‪.‬‬
‫ولكنا ال نقيد اغباكم ى ذلػ بنصػه وال نسػبة بػل حسػ مػا تقتضػي اؼبصػلحة وييػك بػ أهػل‬
‫اغبل والعقد‪.‬‬
‫سبق اإلسبلـ بتصفية نظاـ الرقيق‬

‫وإذا كػػاف رؽ األفػراد قػػد انتهػػى تقريبًػػا مػػن العػػاٍ ف نػ وبػػق لنػػا بػل هبػ علينػػا أف نسػ ل هنػػا أف‬
‫اإلسػػبلـ هػػو أوؿ نظػػاـ ى الػػدنيا عبػػل بكػػل الوسػػا ل علػػى تصػػفية الػػرؽ وإلغا ػ مػػن دنيػػا النػػاس‬
‫بالتدري ‪.‬‬
‫لقد سد األبواب الك كة الواسعة الب كانػز مػدامتل للػرؽ ى العػاٍ فحػرـ أوػد التحػرٓ االسػتعباد‬
‫ػغارا وٍ يػػب حبػػاؿ أف يبيػػع اإلنسػػاف نفسػ أو ولػػدخ أو‬ ‫عػػن طريػػق امتتطػػاؼ األحػرار كبػ ًػارا أو صػ ً‬
‫زوجت ػ وٍ ييػػرع أبػ ًػدا أمتػػذ اؼبػػدين رقي ًقػػا ى دين ػ إذا ع ػػز عػػن الوفػػاء ب ػ وال أمتػػذ اةػػرـ رقي ًقػػا‬
‫جبريبت ػ كبػػا عػػرؼ ذل ػ ى و ػرا ع سػػابقة‪ .‬وال اس ػ قاؽ األسػػك ى الغػػارات الظاؼبػػة الػػب تيػػنها‬
‫القبا ػػل واألمػػم بعضػػها علػػى بعػػض بغيًػػا وعػػدوانًا (انظػػر‪ :‬كتػػاب حقػػوؽ اإلنسػػاف ى اإلسػػبلـ ‪-‬‬
‫للدكتور على عبد الواحد واو ص ‪ -464 - 439‬طبع وزارة األوقاؼ بالقاهرة)‪.‬‬
‫وٍ يست ن من األسباب الب عرفها العاٍ مفضية إَ الرؽ إال سببًا واح ًػدا شػيق فيػ كػل التضػييق‬
‫وأبقػػاخ علػػى سػػبيل اعبػواز واالمتتيػػار ال سػػبيل اغبػػتم واإللػزاـ‪ .‬ذلػ هػػو اسػ قاؽ األسػػك ى حػػرب‬
‫إسػبلمية وػػرعية ٍ يبػػدأ اؼبسػػلم فيهػػا بعػػدواف‪ .‬وذلػ إذا رأى إمػػاـ اؼبسػػلبني وأهػػل وػػوراخ ى ذلػ‬
‫مص ػػلحة لؤلمػػة واؼبل ػػة وذل ػ كبػػا إذا ك ػػاف الع ػػدو يس ػ ؽ أسػػرى اؼبس ػػلبني ف ػ ف اؼبعاملػػة باؼب ػػل‬
‫تقتض ػػيها اؼبص ػػلحة‪ .‬ولئلم ػػاـ الع ػػادؿ أف يطل ػػق سػ ػراح األسػ ػرى بغ ػػك مقاب ػػل أو دبقاب ػػل م ػػادي أو‬
‫معنػػوي أو إطػػبلؽ أسػػرى مػػن اؼبسػػلبني مقابػػل أسػػرى اؼبيػػركني‪ .‬وهػػذا مػػا نػػل علي ػ القػػرآف ى‬
‫صراحة ى أسرى احملاربني من أهل الكفر‪( :‬حك إذا أثصنتبػوهم فيػدوا الوثػاؽ ف مػا منًػا بعػد وإمػا‬
‫فداءً) (ؿببد‪.)4 :‬‬
‫وإذا كػاف اإلسػػبلـ قػػد أبقػػى ‪-‬علػػى سػػبيل اعبػواز‪ -‬بابًػػا شػػي ًقا للػػرؽ فقػػد فػػت أبوابًػػا واسػػعة للتحريػػر‬
‫والعتق ومن فضل اإلسبلـ أن استحدث العتق وٍ يستحدث الرؽ‪.‬‬
‫دعا اإلسبلـ إَ العتق ورغ في وجعل من أح القربات إَ اهلل وزاد على ذل ف عل كفارة‬
‫لك ػػك مػػن األمتطػػاء الػػب يتػػورط فيهػػا اؼبسػػلم حبكػػم بي ػريت ‪ .‬كاغبنػػث ى اليبػػني ومظػػاهرة الػػزوج‬
‫لزوجت وصباع الصا م ى مار رمضاف والقتل متطأ بل جعل كفارة السػيد إذا شػرب عبػدخ بغػك‬
‫حق أف يعتق ‪.‬‬
‫ػكا وذلػ يكػوف بتبكيػنهم مػن الكسػ اغبػر‬ ‫ه أمر السػادة دبكاتبػة عبيػدهم إذا علبػوا فػيهم مت ً‬
‫ومعونػػة اةتبػػع اإلسػػبلم ؽبػػم‪ .‬كبػػا قػػاؿ تعػػاَ ى ؿبكػػم القػػرآف‪( :‬والػػذين يبتغػػوف الكتػػاب فبػػا‬
‫متكا وآتوهم من ماؿ اهلل الذي آتاكم) (النور‪.)33 :‬‬ ‫ملكز أيبامم فكاتبوهم إف علبتم فيهم ً‬
‫ػهبا مػػن أمػواؿ الزكػػاة وهػػى الضػريبة الػػب يي ػ ؾ‬ ‫ه زاد علػػى ذل ػ كلػ ف عػػل للعتػػق والتحريػػر سػ ً‬
‫صبهور اؼبسلبني األعظم ى أدا ها‪ .‬وهى اؼبورد الدا م لبيز اؼباؿ اإلسبلم ‪ .‬وذل هو سػهم "ى‬
‫الرقػػاب" (وهػػذا كلػ غػػك مػػا صػػنع اإلسػػبلـ مػػن رفػػع اؼبسػػتوى األدل واؼبػػادي للرقيػػق وجعلػ إنسػػانًا‬
‫أمتا ؼبػن جعلػ اهلل ربػز يػدخ‪ :‬يأكػل فبػا يطعػم ويلػبس فبػا يلػبس وال يكلػه مػن العبػل‬ ‫ؿب ًما بل ً‬
‫إال ما يطيق وال يضرب وال يؤذى بل ال هبرح وعورخ بكلبة "عبدي" أو "أمب")‪.‬‬
‫وليس من اؽبني أف ىبصل اإلسبلـ من هػذا اؼبػورد الػدوري اؽبا ػل جػزءًا لتحريػر الرقيػق قػد يكػوف‬
‫شبن حصيلة الزكاة وقد يكوف أك ػر بػل قػد يكػوف اغبصػيلة كلهػا إذا اسػتغنز األصػناؼ األمتػرى‬
‫كبا حدث ى عهد عبر بن عبد العزيز‪.‬‬
‫قػاؿ وبػىي بػن سػػعيد‪( :‬بع ػ عبػر بػن عبػػد العزيػز علػى صػدقات إفريقيػػة فاقتضػيتها وطلبػز فقػراء‬
‫ػكا وٍ قبػػد مػػن يأمتػػذها منػػا‪ .‬فقػػد أغ ػ عبػػر بػػن عبػػد العزيػػز النػػاس‪.‬‬ ‫نعطيهػػا ؽبػػم فلػػم قبػػد فقػ ً‬
‫فاو يز هبا رقابًا فأعتقتهم) (سكة عبر بن عبد العزيز البن عبد اغبكم ص ‪.)59‬‬
‫ولو أف اؼبسلبني أحسنوا تطبيق إسبلمهم وهتيأ ؽبم اغبكػم العػادؿ الراوػد فػ ات طويلػة المبحػى‬
‫الرؽ من ديارهم بعد وقز يسك‪.‬‬
‫هل يف األسك اؼبسلم من سهم الرقاب؟‬

‫وإذا كانز كلبة "الرقاب" عنػد إطبلقهػا تنصػرؼ إَ العبيػد فهػل يصػ أف تيػبل بعبومهػا رقبػة‬
‫األسػػك اؼبسػػلم الػػذي يػػتحكم في ػ األعػػداء الكفػػرة ربكػػم السػػيد ى الرقيػػق وهػػو ى أسػػرخ معػػرض‬
‫أيضا؟‪.‬‬
‫لبلس قاؽ ً‬
‫واؼبروى ى مذه اإلماـ أضبد أف ذلػ جػا ز فيصػ أف يفػ مػن الزكػاة األسػك اؼبسػلم‪ :‬ألف فيػ‬
‫ف رقبة من األسر (الروض اؼبربع‪.)462/4 :‬‬
‫وقاؿ القاش ابن العرل اؼبالك ‪ :‬امتتله العلباء ى ف األسارى منها فقد قاؿ أصبغ‪ :‬ال هبوز‬
‫ذل ػ وقػػاؿ ابػػن حبي ػ ‪ :‬هبػػوز ذل ػ ‪ .‬وإذا كػػاف ف ػ اؼبسػػلم عػػن رؽ اؼبسػػلم عبػػادة وجػػا ًزا مػػن‬
‫الصدقة فأوَ وأحرى أف يكوف ذل ى فكػ عػن رؽ الكػافر وذلػ (أحكػاـ القػرآف‪.)956/2 :‬‬
‫ػتبرا‪.‬‬
‫ف ذا كاف الرؽ قد ألغى ف ف اغبروب ال زالػز قا بػة والصػراع بػني اغبػق والباطػل ٍ يػزؿ مس ً‬
‫وبذل يظل ى هذا السهم متسع لفداء األسارى من اؼبسلبني‪.‬‬

‫هل تساعد اليعوب اؼبستعبرة على التحرر من سهم "الرقاب"؟‬

‫ذك ػػر السػ ػػيد رو ػػيد رشػ ػػا ى تفسػ ػػك "اؼبن ػػار" أف لسػ ػػهم "ى الرق ػػاب" مص ػػرفًا ى ربريػ ػػر اليػ ػػعوب‬
‫اؼبسػتعبرة مػػن االسػػتعباد إذا ٍ يكػػن لػ مصػرؼ ربريػػر األفػراد (تفسػػك اؼبنػػار‪ -598/46 :‬الطبعػػة‬
‫ال انية)‪ .‬وأكد ذل األستاذ األك الييمل ؿببػود وػلتوت فقػاؿ بعػد أف ربػدث عػن انقػراض رؽ‬
‫متطرا من علػى اإلنسػانية‪ .‬ذلكػم هػو‬ ‫األفراد‪" :‬ولكن ‪-‬فيبا أرى‪ -‬قد حل ؿبل اآلف رؽ هو أود ً‬
‫اس قاؽ اليعوب ى أفكارها وو أمواؽبا وسلطاما وحريتها ى ببلدها‪ .‬كاف ذلػ رؽ أفػراد يبػوت‬
‫دبوهتم وتبقى دوؽبم حرة رويدة ؽبا من األمر واألهلية ما لسا ر األحرار الراودين‪ .‬ولكن هذا رؽ‬
‫وػػعوب وأمػػم تلػػد وػػعوبًا وأفبػًػا هػػم ى الػػرؽ كآبػػا هم فهػػو رؽ عػػاـ دا ػػم يفػػرض علػػى األمػػة بقػػوة‬
‫ظاؼبػػة غامشػػة !! وإذف فبػػا أجػػدر هػػذا الػػرؽ باؼبكافحػػة والعبػػل علػػى الػػتصلل منػ ورفػػع ذلػ عػػن‬
‫اليعوب ال دباؿ الصدقات فق بل بكل األمواؿ واألرواح‪.‬‬
‫"وبذل نعرؼ مقدار مسػئولية أغنيػاء اؼبسػلبني عػن معونػة اليػعوب اإلسػبلمية" (اإلسػبلـ عقيػدة‬
‫ووريعة ص‪ -446‬طبع‪ .‬دار القلم)‪.‬‬
‫هػػذا مػػا ذكػػرخ السػػيد روػػيد واليػػيمل وػػلتوت ذهابًػػا إَ التوسػػع ى مػػدلوؿ "الرقػػاب" لييػػبل رؽ‬
‫الي ػػعوب م ػػع رؽ األف ػراد‪ .‬وال ػػذي أمي ػػل إلي ػ ‪ :‬أف ال حاج ػػة بن ػػا إَ ه ػػذا التوس ػػع ال ػػذي تفق ػػد ب ػ‬
‫الكلبات مدلوؽبا األصل أما مسػاعدة اليػعوب اؼبسػتعبدة علػى التحػرر ففػ مػاؿ الزكػاة متسػع‬
‫صبيعػػا ى هػػذا‬
‫ؽبػػم مػػن سػػهم "سػػبيل اهلل" فضػبلً عػػن م ػوارد الدولػػة األمتػػرى الػػب هب ػ أف تسػػاهم ً‬
‫السبيل‪.‬‬

‫الفصل اػبامس‬
‫الغارموف‬

‫اؼبصرؼ السادس من مصارؼ الزكاة كبا حددهتا اآلية الكريبة‪" :‬الغارموف"‪ ..‬فبن هم الغارموف؟‬

‫فهرس‬

‫روعة اإلسبلـ ى موقف من الغارمني‬


‫الغارـ ؼبصلحة الغك‬

‫قضاء دين اؼبيز من الزكاة‬

‫القرض اغبسن من الزكاة‬

‫من هم الغارموف؟‬

‫الغارموف ؼبصلحة أنفسهم‬


‫أصحاب الكوارث من هذا الصنه‬
‫وروط إعطاء الغارـ لنفس‬
‫كم يعطى الغارـ ؼبصلحة نفس ؟‬

‫من هم الغارموف؟‬

‫الغارموف‪ :‬صبع غارـ‪ .‬والغارـ‪ :‬هو الػذي عليػ ديػن (ذكػر ابػن اؽببػاـ ى الفػت ‪ :‬أف الغػارـ مػن لزمػ‬
‫دين أو ل دين على الناس ال يقدر على أمتذخ وليس عندخ نصاب‪ .‬وو هذا الكػبلـ نظػر؛ ألف‬
‫الغارـ ى اللغة‪ :‬من علي الدين ولعل اوتب علي الغارـ بػالغرٓ الػذي يطلػق علػى الػدا ن واؼبػدين‬
‫وسبحاف من ال يسهو‪ .‬وأما الصورة الب ذكرها ى الفت وهى من ل دين على النػاس‪ ..‬إٌ‪ .‬ف مبػا‬
‫جػاز الػػدفع إليػ ألنػ فقػػك يػ ًػدا كػابن السػػبيل ال ألنػ غػارـ‪( .‬انظػػر‪ :‬حاوػػية رد احملتػػار‪.)63/2 :‬‬
‫أمػا الغػرٓ فهػو الػدا ن وقػد يطلػق علػى اؼبػدين‪ .‬وأصػل الغػرـ ى اللغػة‪ :‬اللػزوـ ومنػ قولػ تعػػاَ ى‬
‫جهػػنم‪( :‬إف عػػذاهبا كػػاف غر ًام ػا) (الفرقػػاف‪ .)65 :‬ومن ػ ظبػػى الغػػارـ ألف الػػدين قػػد لزم ػ والغػػرٓ‬
‫ؼببلزمت اؼبدين‪.‬‬
‫والغػػارـ ى مػػذه أىب حنيفػػة‪ :‬مػػن علي ػ ديػػن وال يبل ػ نصػػابًا فاش ػبلً عػػن دين ػ (انظػػر‪ :‬البحػػر‬
‫الرا ػػق‪ 266/2 :‬والػػدر واؼبصتػػار وحاوػػيت رد احملتػػار‪ .)63/2 :‬وعنػػد مال ػ واليػػافع وأضبػػد‪:‬‬
‫الغارموف نوعاف‪ :‬غارـ ؼبصلحة نفس وغارـ ؼبصلحة اةتبع ولكل منهبا حكب ‪.‬‬

‫الغارموف ؼبصلحة أنفسهم‬

‫النوع األوؿ‪ :‬غػارـ اسػتداف ى مصػلحة نفسػ كػأف يسػتدين ى نفقػة كسػوة أو زواج أو عػبلج‬
‫ػهوا أو‬
‫مرض أو بناء مسكن أو وراء أثاث أو تزوي ولد أو أتله ويئًا على غكخ متطأ أو س ً‬
‫كبو ذل ‪.‬‬
‫روى الط ي عن أىب جعفر ‪-‬وكبوخ عن قتادة‪ :-‬الغارـ‪ :‬اؼبستدين ى غك سرؼ ولك لئلماـ أف‬
‫يقضى عنهم من بيز اؼباؿ (تفسك الط ي بتحقيق ؿببود واكر‪.)338/44 :‬‬

‫أصحاب الكوارث من هذا الصنه‪:‬‬

‫وأمتػػل مػػن ينطبػػق علي ػ هػػذا الوصػػه أولئ ػ الػػذين فاجػػأهتم ك ػوارث اغبيػػاة ونزلػػز هبػػم ج ػوا‬
‫اجتاحز ماؽبم واشطرهتم اغباجة إَ االستدانة ألنفسهم وأهليهم فعن ؾباهػد قػاؿ‪" :‬ثبلثػة مػن‬
‫الغػػارمني‪ :‬رجػػل ذه ػ السػػيل دبال ػ ورجػػل أصػػاب حريػػق فػػذه دبال ػ ورجػػل ل ػ عيػػاؿ ولػػيس ل ػ‬
‫مػاؿ فهػو يػداف وينفػق علػى عيالػ " (مصػػنه ابػن أىب وػيبة‪ -267/3 :‬طبػع حيػدر آبػاد‪ .‬وانظػػر‬
‫الط ي‪ :‬اؼبصدر السابق)‪.‬‬
‫وو حػػديث قبيصػػة بػػن اؼبصػػارؽ ‪-‬الػػذي رواخ أضبػػد ومسػػلم‪ -‬أبػػاح النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪-‬‬
‫ؼبػػن أصػػابت جا حػػة اجتاحػػز مالػ أف يسػػأؿ وَ األمػػر حقػ مػػن الزكػػاة حػػك يصػػي قو ًامػػا مػػن‬
‫عيو‪ .‬وسنذكرخ بتبام ى النوع ال اْ من الغارمني‪.‬‬
‫والزكاة هبذا تقوـ بنوع من التأمني االجتباع شد الكوارث ومفاجآت اغبياة سبق كل مػا عرفػ‬
‫العاٍ ‪-‬بعد‪ -‬من أنواع التأمني‪.‬‬
‫غػػك أف التػػأمني الػػذي حققػ اإلسػػبلـ ألبنا ػ بنظػػاـ الزكػػاة أظبػػى وأكبػػل وأمشػػل مػػن التػػأمني الػػذي‬
‫عرفػ الغػػرب ى العصػػر اغبػػديث دبراحػػل ومراحػػل‪ .‬فالتػػأمني ‪-‬علػػى الطريقػػة الغربيػػة‪ -‬ال يعػػوض إال‬
‫مػػن اوػ ؾ بالفعػػل ى دفػػع أقسػػاط ؿبػػددة ليػػركة التػػأمني‪ .‬وعنػػد إعطػػاء التعػػويض يعطػػى اليػػصل‬
‫اؼبنكػػوب علػػى أسػػاس اؼببلػػغ الػػذي أمػػن بػ ال علػػى أسػػاس متسػػا رخ وحاجاتػ ‪ .‬فبػػن كػػاف قػػد أمػػن‬
‫تعويضػػا أك ػػر ومػػن كػػاف مبلغػ أقػػل كػػاف نصػػيب أقػػل مهبػػا عظبػػز مصػػيبت‬ ‫ً‬ ‫دببلػػغ أكػ أعطػػى‬
‫وك ػػرت حاجات ػ ‪ .‬وذوو الػػدمتل احملػػدود يؤمنػػوف عػػادة دببػػالغ أقػػل فيكػػوف حظهػػم ‪-‬إذا أصػػابتهم‬
‫الك ػوارث‪ -‬أدّ‪ .‬وذل ػ أف أسػػاس نظػػاـ التػػأمني الغػػرل الت ػػارة والكس ػ مػػن وراء األوػػصاص‬
‫اؼبؤمن ؽبم‪.‬‬
‫أما التأمني اإلسبلم فبل يقوـ على او اط دفع أقساط سابقة وال يعطى اؼبصاب باعبا حػة إال‬
‫على أساس حاجت ودبقدار ما يعوض متسارت ويفرج شا قت ‪.‬‬

‫وروط إعطاء الغارـ لنفس ‪:‬‬

‫فهذا النوع يعطى ما يقضى ب دين بيروط‪:‬‬


‫ػادرا علػػى سػػدادخ بنقػػود أو‬
‫أوؽبػػا‪ :‬أف يكػػوف ى حاجػػة إَ مػػا يقضػػى ب ػ الػػدين فلػػو كػػاف غنيًػػا قػ ً‬
‫عروض عندخ ٍ يع من الزكاة (وو قوؿ لليافع ‪ :‬أن يعطى مع الغ ألنػ غػارـ‪ .‬فأوػب الغػارـ‬
‫لذات البني‪ .‬وانظر‪ :‬اةبوع‪ .267/6 :‬وماية احملتاج‪ .)455/6 :‬ولو وجد مػا يقضػى بػ بعػض‬
‫ال ػػدين أعط ػػى بق ػػدر م ػػا يقض ػػى ب ػ الب ػػاق فق ػ ‪ .‬ول ػػو ٍ يبل ػ و ػػيئًا وق ػػدر عل ػػى قض ػػا بالعب ػػل‬
‫أيضا ألنػ ال يبكنػ قضػاؤخ إال بعػد زمػن وقػد يعػرض مػا يبنعػ مػن قضػا وهػذا‬ ‫والكس أعطى ً‬
‫خببلؼ الفقك ف ن وبصل على حاجت بالكس ى اغباؿ‪.‬‬
‫واوػ اط حاجػػة اؼبسػػتدين إَ مػػا يقضػػى بػ الػػدين لػػيس معناهػػا أف يكػػوف صػػفر اليػػدين ال يبلػ‬
‫ويئًا‪.‬‬
‫فقػػد صػػرح العلب ػػاء بأن ػ ال يعت ػ اؼبسػػكن واؼبل ػػبس والف ػراش واآلنيػػة وك ػػذا اػبػػادـ واؼبرك ػػوب ‪-‬إف‬
‫اقتضانبا حال ‪ -‬بل يقضى دين وإف ملكها‪.‬‬
‫ولو كاف للبستدين ماؿ لو قضى من دين لنقل مالػ عػن كفايتػ تػرؾ لػ مػا يكفيػ وأعطػى مػا‬
‫يقضى ب الباق ‪ .‬واؼبراد بالكفاية عند اليافعية‪ :‬الكفايػة السػابقة وهػى كفايػة العبػر الغالػ فيبػا‬
‫يظهر ه إف فضل مع و ء صرف ى دين وسبم ل باقي ‪.‬‬
‫اليرط ال اْ‪ :‬أف يكوف قد استداف ى طاعة أو أمر مباح‪ .‬أمػا لػو اسػتداف ى معصػية كصبػر وزنًػا‬
‫وقبار وؾبوف وغك ذلػ مػن ألػواف احملرمػات فػبل يعطػى وم ػل ذلػ إذا أسػرؼ ى اإلنفػاؽ علػى‬
‫نفس ػ وأهل ػ ول ػػو ى اؼب ػػبلذ اؼبباح ػػة فػ ػ ف اإلس ػراؼ ى اؼبباح ػػات إَ ح ػػد االس ػػتدانة ح ػراـ عل ػػى‬
‫اؼبسػػلم‪ .‬قػػاؿ تعػػاَ‪( :‬يػػا بػ آدـ متػػذوا زينػػتكم عنػػد كػػل مسػ د وكلػوا واوػربوا وال تسػػرفوا إنػ ال‬
‫وب اؼبسرفني) (األعراؼ‪.)34 :‬‬
‫وإمبا ٍ يع الغارـ ى اؼبعصية ألف ى إعطا إعانػة لػ علػى معصػية اهلل وإغػراء لغػكخ دبتابعتػ ى‬
‫عصيان ‪ .‬وهو متبكن من األمتػذ بالتوبػة‪ .‬فػ ذا تػاب أعطػى مػن الزكػاة ألف التوبػة ذبػ مػا قبلهػا‬
‫والتا من الذن كبن ال ذن ل ‪.‬‬
‫واوػ ط بعػػض الفقهػػاء‪ :‬أف سبضػػى عليػ مػػدة بعػػد إعػػبلف توبتػ يظهػػر فيهػػا صػػبلح حالػ واسػػتقامة‬
‫أمرخ‪.‬‬
‫وقاؿ آمتروف‪ :‬يكفى أف يغل على الظن صدق ى توبت فيعطى وإف قصرت اؼبدة‪.‬‬
‫الي ػرط ال الػػث‪ :‬أف يكػػوف الػػدين حػػاالً‪ .‬ف ػ ف كػػاف مػػؤجبلً فقػػد امتتلػػه في ػ ‪ :‬قيػػل‪ :‬يعطػػى ألن ػ‬
‫غارما‪ .‬فيدمتل ى عبوـ النل‪ .‬وقيل‪ :‬ال يعطى ألن غك ؿبتاج إلي اآلف‪.‬‬ ‫يسبى ً‬
‫وقيل‪ :‬إف كاف األجل وبل تل السنة أعطػى وإال فػبل يعطػى مػن صػدقات تلػ السػنة (انظػر ى‬
‫ه ػػذخ الي ػػروط‪ :‬اةب ػػوع‪ 269 - 267/6 :‬وماي ػػة احملت ػػاج‪ 455 454/6 :‬وو ػػرح اػبرو ػ‬
‫على متليل‪.)248/2 :‬‬
‫واؼبصتار عندي‪ :‬أال يعبل بأحد هػذخ األقػواؿ حػك ينظػر ى حصػيلة الزكػاة وعػدد اؼبسػتحقني ؽبػا‬
‫من سا ر األصناؼ ومقادير حاجاهتم‪ .‬ف ف كانز اغبصيلة كبكة وكاف عدد أصناؼ اؼبستحقني‬
‫قلػػيبلً أمت ػػذ بػػالقوؿ األوؿ وأعط ػػى م ػػن الزكػػاة م ػػن كػػاف دين ػ ح ػػاالً أو مػػؤجبلً‪ .‬وإف ك ػػاف األم ػػر‬
‫بػػالعكس عبػػل بػػالقوؿ ال ػػاْ وأوثػػرت األصػػناؼ األمتػػرى علػػى مػػن كػػاف دين ػ مػػؤجبلً‪ .‬وإف كػػاف‬
‫األمر وسطًا أمتذ بالقوؿ ال الث‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وإف كاف الفرد هو الذي يعطى الزكاة ويفرقها بنفس فينبغ أف يؤثر األحوج فاألحوج‪.‬‬
‫اليرط الرابع‪ :‬أف يكوف وأف الدين فبا وببس في فيدمتل في دين الولد على والدخ والدين على‬
‫اؼبعسر‪ .‬وىبرج دين الكفارات والزكاة ألف الدين الذي وببس في مػا كػاف آلدمػ وأمػا الكفػارات‬
‫والزكوات فه هلل (انظر حاوية الصاوي‪.)233/4 :‬‬
‫هذا ما ذكرخ اؼبالكية‪ .‬وٍ يي ط كل الفقهاء هذا اليرط‪ .‬واغبنفية يعتػ وف الزكػاة مػن الػديوف الػب‬
‫ؽبا مطال من جهة العباد وهو اإلماـ‪.‬‬

‫كم يعطى الغارـ ؼبصلحة نفس ؟‬

‫يعطػػى الغػػارـ ؼبصػػلحت قػػدر حاجتػ وحاجتػ هنػػا‪ :‬هػ قضػػاء دينػ فػ ف أعطػػى وػػيئًا فلػػم يقػػض‬
‫الدين من بل بػرأخ منػ الػدا ن أو قضػاخ عنػ غػكخ أو قضػاخ هػو مػن غػك مػاؿ الزكػاة‪ .‬فالصػحي‬
‫ػكا ف ػ ف‬
‫أن ػ يس ػ جع من ػ السػػتغنا عن ػ (اةبػػوع‪ .)269/6 :‬وس ػواء أكػػاف الػػدين قلػػيبلً أـ ك ػ ً‬
‫اؼبطلوب سدادخ عن وتفريغ ذمت من ‪.‬‬

‫روعة اإلسبلـ ى موقف من الغارمني‬

‫وموقه اإلسبلـ من الغارمني واؼبستدينني بصفة عامة موقه فريد را ع‪:‬‬


‫( أ ) إن أوالً يعلم أبناءخ االعتداؿ واالقتصاد ى حياهتم حك ال يل أوا إَ االستدانة‪.‬‬
‫( ب ) فػ ذا اشػطرت اؼبسػلم ظػروؼ اغبيػاة إَ االسػػتدانة كػاف عليػ أف يعقػد العػزـ علػى التع يػػل‬
‫بالوفػػاء واألداء فيكس ػ بػػذل معونػػة اهلل وتأييػػدخ فيبػػا نػػوى‪( :‬مػػن أمت ػذ أم ػواؿ النػػاس وهػػو يريػػد‬
‫أداءهػػا أدى عن ػ اهلل ومػػن أمتػػذها يريػػد إتبلفهػػا أتلف ػ اهلل) (البصػػاري وأضبػػد وابػػن ماج ػ عػػن أىب‬
‫هريرة (كنز العباؿ‪.)444/6 :‬‬
‫(جػ) ف ذا ع ز عػن أداء الػدين كلػ أو بعضػ مػع دال ػل تصػبيب علػى الوفػاء فػ ف الدولػة تتػدمتل‬
‫إلنقاذخ من نػك الػدين الػذي يقصػم الظهػور‪ .‬ويػذؿ أعنػاؽ الرجػاؿ‪ .‬وؽبػذا قيػل‪" :‬الػدين هػم بالليػل‬
‫ومذلة بالنهار" وكاف الن ‪-‬علي الصبلة والسبلـ‪ -‬يستعيذ من ويقػوؿ‪( :‬اللهػم إْ أعػوذ بػ مػن‬
‫غلبػػة الػػدين وغلبػػة العػػدو ومشاتػػة األعػػداء) (قػػاؿ اغبػػافي ى بلػػوغ اؼب ػراـ ص ‪ :343‬رواخ النسػػا‬
‫مرفوعا)‪.‬‬
‫وصحح اغباكم عن عبد اهلل بن عبر ً‬
‫متطرا علػى نفسػية اؼبسػتدين واطبئنانػ فحسػ بػل هػو متطػر علػى أمتبلقػ وسػلوك‬ ‫وليس الدين ً‬
‫كػػذل ‪ .‬وهػػذا مػػا نبػ عليػ اغبػػديث النبػػوي الكػػرٓ الػػذي رواخ البصػػاري أف النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ‬
‫ػكا مػا يسػتعيذ بػاهلل مػن اؼبغػرـ ‪-‬االسػتدانة‪ -‬فسػألوخ عػن سػر ذلػ وؼبػاذا يك ػر مػن‬ ‫وسلم‪ -‬كاف ك ً‬
‫االسػػتعاذة مػػن ذل ػ ويقرن ػ باالس ػػتعاذة م ػػن عػػذاب الق ػ وفتنػػة احمليػػا واؼببػػات وفتنػػة اؼبس ػػي‬
‫الػدجاؿ فقػاؿ ؽبػم‪( :‬إف الرجػل إذا غػرـ حػػدث فكػذب ووعػد فػأمتله) (رواخ البصػاري ى كتػػاب‬
‫االستقراض‪ :‬باب من استعاذ من الدين)‪.‬‬
‫وهػػى لفتػػة نبويػػة صػػادقة إَ أثػػر اغبالػػة االقتصػػادية ى األمتػػبلؽ والسػػلوؾ وهػػو مػػا ال ننكػػرخ وإمبػػا‬
‫ننكر على القا لني ب جعلهم االقتصاد هو العامل الوحيد واؼبؤثر الفذ ى سلوؾ اإلنساف‪.‬‬
‫وكػاف مػػن الوسػػا ل الػب ازبػػذها النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬ى تنفػػك أصػحاب مػػن الػػدين أنػ ٍ‬
‫يكن يصلى على من مات من أصحاب وعلي دين ٍ ي ؾ وفاءخ وو هػذا زجػر وػديد ألصػحاب‬
‫عن االستدانة ف ف كل واحػد مػنهم وبػرص كػل اغبػرص علػى صػبلة النػ عليػ ودعا ػ لػ ويعػد‬
‫اغبرماف من ذل عقوبة كبكة ومتسارة عظيبة‪.‬‬
‫ه ؼبا أفاء اهلل علي وفت ل وك رت مػوارد بيػز اؼبػاؿ صػار يتػوَ بنفسػ سػداد ديػوف اؼبسػلبني‬
‫وقد حدث بذل أبو هريرة‪ :‬أف رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬كاف يؤتى بالرجل اؼبتوو علي‬
‫الدين فيسأؿ‪( :‬هل ترؾ لدين من قضاء)؟ ف ف حدث أنػ تػرؾ وفػاء صػلى عليػ وإال قػاؿ‪( :‬صػلوا‬
‫على صاحبكم) فلبا فت اهلل علي الفتوح قاؿ‪( :‬أنا أوَ باؼبؤمنني مػن أنفسػهم فبػن تػوو وعليػ‬
‫دي ػػن فعل ػػى قض ػػاؤخ) (متف ػػق عليػ ػ ‪ .‬بل ػػوغ اؼبػ ػراـ ص ‪ 486‬وانظ ػػر‪ :‬كن ػػز العب ػػاؿ‪ :‬ج ػ ػ ‪ 6‬ب ػػاب‪:‬‬
‫ال هيببن االستقراض من غك شرورة ‪-‬ص ‪.)422 -448‬‬
‫ومن ذل ترغي اؼبسلبني ى معاونة الغارمني قضاء غبق اإلمتوة وأداءً لواج التعاوف وابتغاء‬
‫م وبة اهلل‪ .‬فعن أىب سعيد اػبدري ‪-‬رشى اهلل عن ‪ -‬قاؿ‪ :‬أصي رجل ى عهد رسوؿ اهلل ‪-‬صلى‬
‫اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬ى شبػػار ابتاعهػػا فك ػػر دين ػ فػػأفلس فقػػاؿ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪:-‬‬
‫(تصدقوا علي )‪ ..‬فتصدؽ الناس علي وٍ يبلػغ ذلػ وفػاء دينػ فقػاؿ رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ‬
‫وسلم‪ -‬لغرما ‪( :‬متذوا ما وجدم وليس لكم إال ذل ) (بلوغ اؼبراـ ص ‪ 477‬باب‪ :‬التفليس و‬
‫اغب ر)‪.‬‬
‫ومن ذل السهم الذي جعل القرآف ى أمواؿ الزكاة لسداد هذخ اؼبغارـ عن اؼبػدينني‪( :‬فريضػة مػن‬
‫اهلل)‪.‬‬
‫ذلػ هػػو تيػريع اإلسػػبلـ وطريقػ ‪ .‬إنػ يعػػني اؼبسػػتدين علػػى التحػػرر مػػن ربقػػة الػػدين وينتيػػل مػػن‬
‫وهدت وال ي ك يسق فريسة الديوف ويعلن إفبلس ‪.‬‬
‫وما عرفنا إَ اليوـ وريعة غك اإلسبلـ تنل ى صػل دسػتورها علػى سػداد الػديوف عػن اؼبػدينني‬
‫وذبعل ذل فريضة من اهلل‪.‬‬
‫إف اإلسبلـ بسدادخ هذخ الديوف العادلة عن أصحاهبا من ماؿ الزكاة‪ .‬قد حقق هدفني كبكين‪:‬‬
‫معرشػػا‬
‫ً‬ ‫األوؿ‪ :‬يتعلػػق باؼبػػدين الػػذي أثقل ػ الػػدين وركب ػ مػػن أجل ػ هػػم الليػػل وذؿ النهػػار وأصػػب‬
‫بسبب للبطالبة واؼبقاشاة واغببس وغك ذل ‪ .‬فاإلسبلـ يسدد دين ويكفي ما أنب ‪.‬‬
‫ال اْ‪ :‬يتعلق بالدا ن الذي أقرض صاح الدين وأعان على مصلحت اؼبيروعة فاإلسبلـ حني‬
‫يساعد على الوفاء بدين يي ع أبناء اةتبع على أمتبلؽ اؼبروءة والتعاوف والقرض اغبسن‪ .‬وهبذا‬
‫تسهم الزكاة من هذا اعبان ى ؿباربة الربا‪.‬‬
‫وهكذا تأمتذ وػريعة اإلسػبلـ بيػد الغػارـ اةهػود وال تكلفػ بيػع حوا ػ األصػلية ليسػدد مػا عليػ‬
‫ؿبرومػا مػن كػل أثػاث ومتػاع يليػق دب لػ ‪ .‬كػبل فقػد‬ ‫ً‬ ‫ويعيو فار ًغػا مػن اؼبقومػات األساسػية للحيػاة‬
‫كت عبر بن عبد العزيز ى متبلفت إَ والت ‪ :‬أف اقضوا عن الغارمني فكت إلي من يقوؿ‪ :‬إنػا‬
‫قبد الرجل ل اؼبسكن واػبادـ والفرس واألثاث ‪-‬أي وهو مع ذل غػارـ‪ -‬فكتػ عبػر إنػ ال بػد‬
‫للبرء اؼبسلم من مسكن يكن ومتادـ يكفي مهنت وفػرس هباهػد عليػ عػدوخ ومػن أف يكػوف لػ‬
‫األثاث ى بيت ‪ .‬نعم‪ ..‬فاقضوا عن ف ن غارـ (األمواؿ ص ‪.)556‬‬
‫هذا ما جاءت ب وريعة اهلل وريعة العدؿ والرضبة منذ أربعة عير قرنًا‪ .‬فػأين مػن هػذا مػا جػاءت‬
‫ب ػ الق ػوانني الوش ػػعية ق ػوانني اغبض ػػارة واؼبدني ػػة اغبدي ػػة م ػػن اش ػػطرار الت ػػار اؼب ػػدينني إَ إع ػػبلف‬
‫إفبلسهم وتصفية ذبارهتم ومتراب بيوهتم دوف أف تقدـ ؽبم الدولة أو اةتبع عونًا؟!‪.‬‬
‫ه أين من هذا اؼبوقه ‪-‬موقه وريعة اهلل العادلة الرحيبة‪ -‬ما جاء بػ القػانوف الرومػاْ ى بعػض‬
‫أدوارخ حيػػث أبػػاح للػػدا ن أف يسػ ؽ اؼبػػدين؟!! جػػاء ى القػػانوف الرومػػاْ اؼبسػػبى "قػػانوف األلػواح‬
‫االث عيػر"‪" :‬أف اؼبػدين إذا ع ػز عػن دفػع ديونػ وبكػم عليػ بػالرؽ إف كػاف ح ًػرا ووبكػم عليػ‬
‫باغببس أو بالقتل إذا كاف رقي ًقا" !! (نقل ذل مؤله كتاب روح الدين اإلسبلم ص ‪.)328‬‬
‫وم ػػل ذلػ مػػا كػػاف معروفًػػا ى اةتبػػع العػػرل ى اعباهليػػة مػػن بيػػع مػػن أعسػػر ى الػػدين غبسػػاب‬
‫الػػدا ن‪ .‬وروى بعضػػهم أف ذلػ قػػد اسػػتبر فػ ة ى أوؿ اإلسػػبلـ ه نسػػمل وٍ يعػػد للػػدا ن سػػبيل‬
‫إَ رقبػػة اؼب ػػدين (انظ ػػر تفس ػػك الق ػػرط ‪ .)274/3 :‬ق ػػاؿ تع ػػاَ‪( :‬وإف ك ػػاف ذو عس ػػرة فنظ ػػرة إَ‬
‫ميسرة وأف تصدقوا متك لكم إف كنتم تعبلوف) (البقرة‪.)286 :‬‬

‫النوع ال اْ ‪ -‬الغارـ ؼبصلحة الغك‬

‫والنوع ال اْ من الغارمني فئة من أصحاب اؼبروءة واؼبكرمات واؽببم العالية عرفها اةتبع العػرل‬
‫واإلس ػػبلم وه ػػم ال ػػذين يغرم ػػوف إلص ػػبلح ذات الب ػػني وذل ػ ب ػػأف يق ػػع ب ػػني صباع ػػة عظيب ػػة ‪-‬‬
‫كقبيلتػػني أو أهػػل قػريتني‪ -‬تيػػاجر ى دمػػاء وأمػواؿ ووبػػدث بسػػببها اليػػحناء والعػػداوة فيتوسػ‬
‫عوشػػا عبػػا بيػػنهم ليطف ػػئ ال ػػا رة فهػػذا قػػد أت ػػى‬
‫الرج ػػل بالصػػل بينهبػػا ويلتػػزـ ى ذمت ػ مػػاالً ً‬
‫عظيبػػا فكػػاف مػػن اؼبعػػروؼ ضبل ػ عن ػ مػػن الصػػدقة‪ .‬لػػئبل هبحػػه ذل ػ بسػػادات القػػوـ‬ ‫معروفًػػا ً‬
‫اؼبصػػلحني أو يػػوهن عػزا بهم ف ػػاء اليػػرع ب باحػػة اؼبسػػألة فيهػػا وجعػػل ؽبػػم نصػػيبًا مػػن الصػػدقة‬
‫(ال ػػروض اؼبرب ػػع‪ .)4362/4 :‬وم ػػن اعببي ػػل أف يص ػػرح علباؤن ػػا‪ :‬أف الغ ػػارـ إلص ػػبلح ذات الب ػػني‬
‫يعطى من الزكاة لسداد غريب ولو كاف هذا اإلصبلح بني صباعتني من أهل الذمػة (انظػر‪ :‬مطالػ‬
‫أوَ النهى‪.)443/2 :‬‬
‫وم ػػل هػػؤالء اؼبصػػلحني بػػني النػػاس كػػل مػػن يقػػوـ مػػن أهػػل اػبػػك ى عبػػل ميػػروع اجتبػػاع نػػافع‬
‫كبؤسس ػػة لؤليت ػػاـ أو مستي ػػفى لع ػػبلج الفق ػراء أو مس ػ د إلقام ػػة الص ػػبلة أو مدرس ػػة لتعل ػػيم‬
‫اؼبسلبني أو ما واب ذل من أعباؿ ال واػبدمة االجتباعية ف ن قد متدـ ى سبيل متػك عػاـ‬
‫لل باعة فبن حق أف يساعد من اؼباؿ العاـ ؽبا‪ .‬وليس ى اليرع دليل يقصر الغارمني على من‬
‫غرم ػوا إلص ػػبلح ذات الب ػػني دوف غ ػػكهم فل ػػو ٍ ي ػػدمتل أولئ ػ ى لف ػػي "الغ ػػارمني"‪ .‬لوج ػ أف‬
‫يأمتذوا حكبهم بالقياس (انظر‪ :‬تفسك القرط ‪.)274/3 :‬‬
‫ومعػ هػذا أف يعطػػى مػن اسػػتداف مػن أجػل هػػذخ اػبػدمات االجتباعيػػة النافعػة مػن مػػاؿ الزكػاة مػػا‬
‫يسػد بػ دينػ وإف كػػاف غنيًػػا كبػا نػػل علػػى ذلػ بعػػض اليػافعية (ذهػ بعػػض اليػػافعية إَ أف‬
‫من استداف لعبارة أو ف أسػك أو قػرى شػيه وكبػوخ يعطػى مػع الغػ إذا كػاف غنػاخ دبلػ العقػار‬
‫ال بالنقد‪( .‬انظر الروشة للنووي‪ )349/2 :‬وقػاؿ الرملػ ‪ :‬علػى أنػ لػو قيػل‪ :‬ال أثػر لغنػاخ بالنقػد‬
‫بعيدا (انظر ماية احملتاج‪.)455/6 :‬‬ ‫أيضا ضببلً على هذخ اؼبكرمة العاـ نفعها ٍ يكن ً‬ ‫ً‬
‫وإذا كػػاف النػػوع األوؿ قػػد اسػػتدانوا ؼبصػػلحة أنفسػػهم وأعينػوا عليهػػا فهػػؤالء قػػد اسػػتدانوا ؼبصػػلحة‬
‫اةتبػػع وهػػم أوَ باؼبعونػػة وإذا كػػاف األولػػوف ال يعطػػوف إال مػػع اغباجػػة فهػػؤالء يعطػػوف ولػػو مػػع‬
‫الغ (وهذا إف ٍ يكونػوا قػد دفعػوا مػن مػاؽبم فعػبلً ألمػم حينئػذ ال يكونػوف مسػتدينني كبػا قػاؿ‬
‫العلباء)‪.‬‬
‫وقد ذكرنا ى مصرؼ العاملني علي حػديث‪( :‬ال ربػل الصػدقة إال ػببسػة‪ :‬لغػاز ى سػبيل اهلل عػز‬
‫وجل أو لعامل عليها أو لغارـ)‪ ..‬اغبديث‪.‬‬
‫وعػػن قبيصػػة بػػن ـبػػارؽ اؽبػػبلُ قػػاؿ‪ :‬رببلػػز ضبالػػة فأتيػػز رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪-‬‬
‫أسأل فيها فقاؿ‪( :‬أقم حك تأتينا الصدقة فنأمر ل هبػا)‪ .‬ه قػاؿ‪( :‬يػا قبيصػة إف اؼبسػألة ال ربػل‬
‫إال ألحػػد ثبلثػػة‪ :‬رجػػل رببػػل ضبالػػة فحلػػز ل ػ اؼبسػػألة حػػك يصػػيبها ه يبس ػ ‪-‬أي يكػػه عػػن‬
‫السؤاؿ‪ -‬ورجػل أصػابت جا حػة (كارثػة) اجتاحػز مالػ فحلػز لػ اؼبسػألة حػك يصػي قو ًامػا مػن‬
‫سدادا من عيو‪ -‬ورجل أصابت فاقة حك يقوؿ ثبلثة من ذوى اغب ا من قومػ ‪:‬‬ ‫عيو ‪-‬أو قاؿ‪ً :‬‬
‫سدادا من عيو‪-‬‬ ‫لقد أصابز فبلنًا فاقة فحلز ل اؼبسألة حك يصي قو ًاما من عيو‪ -‬أو قاؿ ً‬
‫فبػا سػواهن مػن اؼبسػألة يػػا قبيصػة فسػحز يأكلهػا صػػاحبها سػحتًا) (رواخ أضبػد ومسػلم والنسػػا‬
‫وأبو داود (نيل األوطار‪ -468/4 :‬طبع الع بانية)‪.‬‬
‫واغببال ػػة ‪-‬بف ػػت اغب ػػاء‪ -‬م ػػا يتحبلػ ػ اإلنس ػػاف ويلتزمػ ػ ى ذمتػ ػ ليدفعػ ػ ى إص ػػبلح ذات الب ػػني‬
‫والسػػداد ‪-‬بكسػػر السػػني‪ -‬مػػا تسػػد ب ػ اغباجػػة واػبلػػل والق ػواـ مػػا تقػػوـ ب ػ حاجػػة ويسػػتغ ب ػ‬
‫(اؼبصدر السابق)‪.‬‬
‫وقول ػ فػػيبن رببػػل ضبالػػة‪" :‬فحلػػز ل ػ اؼبسػػألة حػػك يصػػيبها ه يبس ػ " دليػػل علػػى أن ػ غ ػ ؛ ألف‬
‫الفقك ليس علي أف يبس حك يصي قو ًاما من عيو (انظر‪ :‬تفسك القرط ‪.)484/8 :‬‬
‫"وإمػػا لروعػػة مػػن اإلسػػبلـ أف يبػػد باؼبػػاؿ كػػل غػػارـ إلصػػبلح ذات البػػني وإق ػرار السػػبلـ والو ػػاـ‪..‬‬
‫وروعػػة من ػ أف يبػػد باؼبػػاؿ واؼبعونػػة أصػػحاب الك ػوارث واعب ػوا ويأمتػػذ بيػػدهم لينهض ػوا قبػػل أف‬
‫تعرؼ الدنيا بقروف نظاـ التػأمني علػى األوػياء واؼببتلكػات شػد اغبػوادث واألمتطػار‪ ..‬وروعػة منػ‬
‫أف يفت ذراعي باؼبعونة للفقك الذي ييهد ثبلثة من ذوى اغب ا من قوم أن قد أصابت فاقػة ال‬
‫لكل من يظهر الفاقة ويدعى اؼبسكنة‪.‬‬
‫ػدادا مػػن‬
‫وروعػػة ه روعػػة أف هبعػػل الغايػػة مػػن إعطػػاء هػػذا وذاؾ أف يصػػي قو ًامػػا مػػن عػػيو أو سػ ً‬
‫عيو أي ما يقوـ دبعييت ويسد متلت ال ؾبرد لقيبػات يقػيم هبػا صػلب " (مػن كتػاب "العبػادة ى‬
‫اإلسبلـ" للبؤله ص ‪ -222 224‬الطبعة األوَ)‪.‬‬

‫قضاء دين اؼبيز من الزكاة‬

‫بقى هنا سؤاؿ‪ :‬هل هبوز أف يقضى دين اؼبيز من الزكاة كبا يقضى دين اغب ؟؟‪.‬‬
‫ذك ػػر اإلم ػػاـ الن ػػووي ى ذلػ ػ وجه ػػني ى م ػػذه الي ػػافع ‪ :‬أح ػػدنبا‪ :‬ال هب ػػوز ق ػػاؿ‪ :‬وه ػػو ق ػػوؿ‬
‫الصيبري ومذه النصع وأىب حنيفة وأضبد‪.‬‬
‫وال اْ‪ :‬هبوز لعبوـ اآلية وألن يص الت ع بقضاء دين كاغب وب قاؿ أبو ثور (اةبوع للنووي‪:‬‬
‫‪.)244/6‬‬
‫وكػػذل روى عػػن أضبػػد أن ػ ال هبػػوز دفػػع الزكػػاة ى قضػػاء ديػػن اؼبيػػز ألف الغػػارـ هػػو اؼبيػػز وال‬
‫يبكػػن الػػدفع إلي ػ ‪ .‬وإف دفعهػػا إَ غريب ػ وهػػو الػػدا ن صػػار الػػدفع إَ الغػػرٓ ال إَ الغػػارـ (اؼبغ ػ ‪:‬‬
‫‪.)667/2‬‬
‫والقػػوؿ ال ػػاْ‪ :‬هبػػوز لعبػػوـ اآليػػة وهػػى تيػػبل كػػل غػػارـ حيًػػا كػػاف أو ميتًػػا وألنػ يصػ التػ ع‬
‫بقضاء دين كاغب وب قاؿ مال وأبو ثور (اةبوع‪.)244/6 :‬‬
‫قػػاؿ اػبرو ػ ى وػػرح علػػى م ػ متليػػل‪ :‬وال فػػرؽ ى اؼبػػدين بػػني كونػ حيًػػا أو ميتًػػا فيأمتػػذ منهػػا‬
‫السػلطاف ليقضػى هبػا ديػن اؼبيػز‪ .‬بػل قػاؿ بعضػهم‪ :‬ديػن اؼبيػز أحػق مػن ديػن اغبػ ى أمتػذخ مػن‬
‫الزك ػػاة‪ .‬أي ألنػ ػ ال يرج ػػى قض ػػاؤخ خب ػػبلؼ اغبػ ػ (انظ ػػر و ػػرح اػبروػ ػ وحاو ػػية الع ػػدوى عليػ ػ ‪:‬‬
‫‪.)248/2‬‬
‫وقاؿ القرط (تفسك القػرط ‪" :)485/8 :‬قػاؿ علباؤنػا وغػكهم‪ :‬يقضػى منهػا ديػن اؼبيػز ألنػ‬
‫مػػن "الغػػارمني" قػػاؿ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪( :-‬أنػػا أوَ بكػػل مػػؤمن مػػن نفس ػ ؛ مػػن تػػرؾ مػػاالً‬
‫ػياعا (الضػياع‪ -‬بفػت الضػاد‪ -‬العيػاؿ وأصػل مصػدر شػاع واؼبعػ ‪:‬‬ ‫فؤلهل ومػن تػرؾ دينًػا أو ش ً‬
‫أيضػػا (انظػػر فقػ‬
‫ػغارا شػػا عني لفقػػرهم‪ .‬ف ػ ُ وعلػ ) (متفػػق عليػ ) وهػػو مػػذه اعبعفريػػة ً‬ ‫تػػرؾ صػ ً‬
‫اإلماـ جعفر‪.)92 - 94/2 :‬‬
‫والػػذي نرجحػ ‪ :‬أف نصػػوص اليػريعة وروحهػػا ال سبنػػع قضػػاء ديػػن اؼبيػػز مػػن الزكػػاة؛ ألف اهلل تعػػاَ‬
‫جعػػل مصػػارؼ الزكػػاة نػػوعني‪ :‬نػػوع ع ػ عػػن اسػػتحقاقهم بػػالبلـ الػػب تفيػػد التبلي ػ وهػػم الفق ػراء‬
‫واؼبساكني والعاملوف عليها واؼبؤلفة قلوهبم (وهؤالء هم الذين يبلكػوف) ونػوع عػ عنػ ب ػ "ى" وهػم‬
‫بقيػػة األصػػناؼ‪( :‬ى الرقػػاب والغػػارمني وو سػػبيل اهلل وابػػن السػػبيل) ‪ ..‬فكأنػ قػػاؿ‪ :‬الصػػدقات ى‬
‫الغارمني وٍ يقل‪ :‬للغارمني‪ ..‬فالغارـ على هذا ال يي ط سبليك وعلى هذا هبوز الوفاء عن وهػذا‬
‫مػػا امتتػػارخ وأفػػك ب ػ وػػيمل اإلسػػبلـ ابػػن تيبيػػة (انظػػر فتػػاوى ابػػن تيبيػػة‪ .)299/4 :‬ويؤيػػد هػػذا‬
‫شياعا ف ُ وعل )‪.‬‬
‫حديث‪( :‬من ترؾ دينًا أو ً‬
‫القرض اغبسن من الزكاة‬

‫بقػػى هنػػا حبػػث نػػتم بػ اغبػػديث عػػن هػػذا اؼبصػػرؼ وهػػو إعطػػاء القػػروض اغبسػػنة مػػن الزكػػاة‪ :‬هػػل‬
‫قياسا للبستقرشني على الغارمني؟؟ أـ نقه عند حرفية النل وال قبيز ذل بنػاء علػى‬ ‫ً‬ ‫هبوزذل‬
‫أف الغارمني هم الذين استدانوا بالفعل‪.‬‬
‫أعتقػػد أف القيػػاس الصػػحي واؼبقاصػػد العامػػة لئلسػػبلـ ى بػػاب الزكػػاة‪ ..‬ذبيػػز لنػػا القػػوؿ ب ػ قراض‬
‫احملتاجني من سهم الغارمني‪ .‬على أف ينظم ذل وينيأ ل صندوؽ متاص‪ .‬وبذل تسػاهم الزكػاة‬
‫مسانبة عبلية ى ؿباربة الربا‪ ..‬والقضاء على الفوا د الربوية‪.‬‬
‫وهذا ما ذه إلي األساتذة‪ :‬أبػو زهػرة ومتػبلؼ وحسػن ى حبػ هم عػن "الزكػاة" معللػني ذلػ بأنػ‬
‫إذا كانػػز الػػديوف العادلػػة تػػؤدى مػػن مػػاؿ الزكػػاة فػػأوَ أف تعطػػى منػ القػػروض اغبسػػنة اػباليػػة مػػن‬
‫الربا ل د إَ بيز اؼباؿ (حلقة الدراسات االجتباعية ص ‪ .)254‬ف علوخ من قياس األوَ‪.‬‬
‫وإَ م ل هذا الرأي ذه الباحث العبلمة الدكتور ؿببد ضبيػد اهلل اغبيػدر آبػادي األسػتاذ جبامعػة‬
‫اس ػػتانبوؿ وب ػػاريس وغكنب ػػا ى حب ػػث ل ػ بعن ػواف "بن ػػوؾ الق ػػرض ب ػػدوف رب ػػا" (ني ػرت مكتب ػػة اؼبن ػػار‬
‫بالكويز ى سلسة "كبو اقتصاد إسبلم سليم" اغبلقة ال انية)‪ .‬وقد أيد رأي بأف القرآف جعػل ى‬
‫سهبا للغارمني وهم اؼبديونوف قاؿ‪ :‬ومن اؼبعلوـ أن يوجد نوعاف من اؼبديونني‪:‬‬ ‫ميزانية الزكاة ً‬
‫‪ -4‬الػذين ال يسػتطيعوف بسػب الفقػر اؼبػدقع وعػدـ الوسػا ل أف يػؤدوا مػا علػيهم مػن القػػرض ى‬
‫أجل مقدر‪.‬‬
‫‪ -2‬الذين ؽبم حاجات مؤقتة‪ .‬وؽبم الوسا ل ليؤدوا ‪-‬ى وقز قصك‪ -‬اؼبساعدة الب تلقوهػا علػى‬
‫وج الدين (انظر‪ :‬ص ‪ 9 - 8‬من البحث اؼبذكور)‪.‬‬
‫يريد األستاذ أف هبعل هذا الصنه من الغارمني ولكن كيػه وهػو قبػل أف يأمتػذ القػرض ٍ يكػن‬
‫غارما؟‪ .‬فاألرج ما سلك فقهاؤنا ال بلثة‪ :‬أبو زهرة وزميبلخ أمت ًذا بقياس األوَ‪.‬‬
‫ً‬
‫الفصل السادس‬
‫ى سبيل اهلل‬

‫فهرس‬

‫تابع اؼبوسعوف ى مع سبيل اهلل‬

‫رأي رويد رشا وولتوت‬


‫فتوى ـبلوؼ‬
‫موازنة وترجي‬

‫"سبيل اهلل" ى القرآف‬

‫مع "سبيل اهلل" إذا قرف باإلنفاؽ‬

‫"سبيل اهلل" ى آية مصارؼ الزكاة‬

‫أين يصرؼ سهم "سبيل اهلل" ى عصرنا؟‬

‫ربرير أرض اإلسبلـ من حكم الكفار‬


‫ليس كل قتاؿ ى سبيل اهلل‬

‫السع إلعادة حكم اإلسبلـ جهاد ى سبيل اهلل‬

‫صور متنوعة لل هاد اإلسبلم ى عصرنا‬

‫سبهيد‬

‫مذه اغبنفية‬

‫مذه اؼبالكية‬
‫مذه اليافعية‬

‫مذه اغبنابلة‬

‫ما اتفق علي اؼبذاه األربعة ى هذا اؼبصرؼ‬

‫اؼبوسعوف ى مع سبيل اهلل‬

‫ما نقل القفاؿ عن بعض الفقهاء‬


‫ما نس إَ أنس واغبسن ‪ ..‬ومناقيت‬
‫عند اإلمامية اعبعفرية‬
‫عند الزيدية‬
‫رأي صاح الروشة الندية‬
‫آراء احملدثني ‪ -‬القاظب‬

‫ع القرآف الكرٓ عن اؼبصرؼ السابع من مصارؼ الزكاة بقول ‪(:‬وى سبيل اهلل) فبا اؼبقصود هبذا‬
‫اؼبصرؼ؟ ومن هم أهل الذي عنتهم اآلية؟‬
‫إف اؼبع ػ اللغػػوي األصػػل للكلبػػة واش ػ فالسػػبيل هػػو الطريػػق وسػػبيل اهلل‪ :‬الطريػػق اؼبوصػػل إَ‬
‫اعتقادا وعببلً‪.‬‬
‫ً‬ ‫مرشات‬
‫قػػاؿ العبلمػػة ابػػن األثػػك‪" :‬السػػبيل ى األصػػل‪ :‬الطريػػق‪ .‬و"سػػبيل اهلل" عػػاـ يقػػع علػػى كػػل عبػػل‬
‫متالل ُسلِ َ بػ طريػق التقػرب إَ اهلل عػز وجػل بػأداء الفػرا ض والنوافػل وأنػواع التطوعػات‪ .‬وإذا‬
‫أطلق فهو ى الغال واقع على اعبهاد حك صار لك رة االستعباؿ كأن مقصػور عليػ "‪( .‬النهايػة‬
‫البن األثك‪ - 456/2 :‬طبع اؼبطبعة اػبكية)‪.‬‬
‫وهبذا التفسك البني من ابن األثك لكلبة "سبيل اهلل" يتض لنا‪:‬‬
‫‪ -4‬أف اؼبع ػ األصػػل للكلبػػة لغػػة هػػو‪ :‬كػػل عبػػل متػػالل سػػل بػ طريػػق التقػػرب إَ اهلل فهػػو‬
‫ييبل صبيع األعباؿ الصاغبة فردية كانز أو صباعية‪.‬‬
‫‪ -2‬أف اؼبع ػ الغال ػ للكلبػػة والػػذي يفهػػم منهػػا عنػػد اإلطػػبلؽ هػػو‪ :‬اعبهػػاد حػػك صػػار لك ػػرة‬
‫استعباؽبا في كأن مقصور عليها‪.‬‬
‫وهذا ال دد بني اؼبعنيني كاف سببًا المتتبلؼ الفقهاء ى تعيني اؼبقصود من هذا اؼبصرؼ‪.‬‬
‫وؽبذا كاف اؼبع ال اْ دامتبلً ب صباع الفقهاء ى مع "سبيل اهلل"‪.‬‬
‫ولكن اػببلؼ بني العلباء ى أمر آمتر وهو‪ :‬هل يقصػر معػ "سػبيل اهلل" علػى اعبهػاد كبػا هػو‬
‫اؼبتبػػادر عنػػد اإلطػػبلؽ؟ أـ يت ػػاوز ذلػ فييػػبل اؼبعػ األصػػل للكلبػػة ى اللغػػة فػػبل يقػػه عنػػد‬
‫حدود اعبهاد بل ال يبقى عبل من أعباؿ ال واػبك إال دمتل في ؟‬
‫هػػذا مػػا نعرشػ فيبػػا يل ػ مبينػػني آراء الفقهػػاء وامتػػتبلفهم ى ربديػػد اؼبػراد اليػػرع هبػػذا اؼبصػػرؼ‪.‬‬
‫مرجحني ما نرى أن أوَ بالصواب‪ .‬وباهلل التوفيق‪.‬‬

‫مذه اغبنفية‬

‫قاؿ اغبنفية ى بياف "سبيل اهلل"‪:‬‬


‫أريػػد بػػذل ‪ -‬عنػػد أل يوسػػه ‪ -‬منقطػػع الغ ػزاة؛ ألن ػ اؼبفهػػوـ عنػػد إطػػبلؽ هػػذا اللفػػي‪ .‬واؼب ػراد‬
‫دبنقطع الغزاة‪ :‬الذين ع زوا عن اللحوؽ جبيو اإلسبلـ لفقرهم هببلؾ النفقة أو الدابة أو غكها‬
‫فتحل ؽبم الصدقة وإف كانوا كاسبني إذ الكس يقعدهم عن اعبهاد‪.‬‬
‫ػكا لػ ى سػػبيل اهلل‬ ‫وعنػػد ؿببػػد‪ :‬اؼبػراد ب ػ "سػػبيل اهلل" منقطػػع اغب ػػاج ؼبػػا روي أف رجػبلً جعػػل بعػ ً‬
‫فأمرخ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسػلم‪ -‬أف وببػل عليػ اغبػاج؛ وألنػ ى سػبيل اهلل تعػاَ ؼبػا فيػ‬
‫من امت اؿ أوامرخ وطاعت وؾباهدة النفس الب ه عدو هلل تعاَ‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬اؼبراد "طلبة العلػم" واقتصػر علػى هػذا التفسػك ى الفتػاوى الظهكيػة‪ .‬واسػتبعد بعضػهم هػذا‬
‫التفسك؛ ألف اآلية نزلز وليس هناؾ قوـ يقاؿ ؽبػم "طلبػة علػم"‪ .‬ورد عليػ بػأف طلػ العلػم لػيس‬
‫إال استفادة األحكاـ اليرعية‪.‬‬
‫وهل يبلغ طال علم رتبة من الزـ الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬لتلق األحكاـ عن كأصحاب‬
‫الصفة؟‬
‫ُ‬
‫وفس ػػرخ الكاس ػػاْ ى "الب ػػدا ع" جببي ػػع ال ُق ػ َػرب والطاع ػػات ‪ -‬كب ػػا ه ػػو اؼب ػػدلوؿ األص ػػل للف ػػي ‪-‬‬
‫ؿبتاجا‪.‬‬
‫فيدمتل في كل من سعى ى طاعة اهلل تعاَ وى سبيل اػبكات إذا كاف ً‬
‫قػػاؿ ابػػن قبػػيم ى البحػػر‪ :‬ال ىبفػػى أف قيػػد الفقػػر البػػد من ػ علػػى الوجػػوخ كلهػػا‪( .‬انظػػر‪ :‬االمتتيػػار‬
‫لتعليل اؼبصتار ‪ 449/4‬والبحر الرا ق ‪ 266/2‬والدر اؼبصتار وحاوية رد احملتار علي ‪-83/2:‬‬
‫‪ 84‬طبػػع اسػػتانبوؿ)‪ .‬وعلػػق العبلمػػة صػػاح اؼبنػػار ى تفسػػكخ (انظػػر‪ :‬تفسػػك اؼبنػػار‪- 586/4 :‬‬
‫الطبعػػة ال انيػػة)‪ .‬علػػى كػػبلـ صػػاح البحػػر فقػػاؿ‪ :‬إن ػ هبػػذا القيػػد أبطػػل كػػوف "سػػبيل اهلل" صػػن ًفا‬
‫مسػػتقبلً‪ .‬إذ أرجع ػ إَ الصػػنه األوؿ وهػػم الفق ػراء واؼبسػػاكني‪( .‬ذكػػر علبػػاء اغبنفيػػة م ػػل هػػذا‬
‫االع اض وأجابوا عن دبا ال ييفى‪ .‬فقد نقل عن البحر عن النهاية قاؿ‪ :‬ف ف قلز‪ :‬منقطع الغزاة‬
‫واغباج إف ٍ يكن ى وطن ماؿ فهو فقك وإال فهو ابن السبيل … قلز‪ :‬هو فقك إال أن زاد‬
‫مغايرا للفقك اؼبطلق اػباُ عػن هػذا القيػد‪ .‬أ‪.‬ه ػ (انظػر‬ ‫علي باالنقطاع ى عبادة اهلل تعاَ فكاف ً‬
‫البحر ‪ 266/2‬ورد احملتار‪.)84/2 :‬‬
‫وأقوؿ‪ :‬ولكن على كػاؿ حػاؿ ٍ ىبػرج عػن صػنه الفقػراء‪ .‬ونقػل اآللوسػ ى تفسػكخ (‪)328/3‬‬
‫عن بعضهم‪ :‬أف التحقيق ما ذكرخ اعبصاص ى األحكاـ‪ .‬أف من كاف غنيًػا ى بلػدخ بػدارخ ومتدمػ‬
‫وفرس ول فضل دراهم حك ال ربل ل الصدقة ف ذا عزـ على سفر جهاد احتاج لعدة وسبلح ٍ‬
‫ؿبتاجا ل ى إقامت في وز أف يُعطى من الصدقة وإف كاف غنيًا ى مصرخ)‪.‬‬ ‫يكن ً‬
‫فعلب ػػاء اؼب ػػذه اغبنف ػ ػ ‪ -‬وإف امتتلف ػ ػوا ى تعي ػػني اؼبػ ػراد بس ػػبيل اهلل ‪ -‬ؾببع ػػوف عل ػػى أف الفق ػػر‬
‫واغباجة ورط الزـ الستحقاؽ كل من يعت ى سبيل اهلل سواء أكاف غازياً أـ حاجاً أـ طال‬
‫علػػم أـ سػػاعياً ى سػػبيل اػب ػكات ‪ .‬وؽبػػذا قػػالوا‪ :‬إف اػبػػبلؼ لفظ ػ لبلتفػػاؽ علػػى أف األصػػناؼ‬
‫كلهم يعطوف بيرط الفقر فيبا عدا العامل ‪.‬‬
‫وق ػػد عرفن ػػا أف الفق ػػك احملت ػػاج ل ػ ػ حق ػ ػ اؼبف ػػروض ى الزك ػػاة وإف ٍ يك ػػن متص ػػفاً ب ػػأي م ػػن ه ػػذخ‬
‫األوصاؼ ‪.‬‬
‫فبا اعبديد الذي أفادخ هذا اؼبصرؼ إذاً ؟ وؼباذا جعل القرآف صنفاً مستقبلً ؟‪.‬‬
‫كبػػا أف اغبنفيػػة ؾببعػػوف علػػى أف الزكػػاة ال بػػد أف ُسبلّػ ليػػصل فػػبل هبػػوز صػػرفها لبنػػاء مسػ د‬
‫وكبوخ كبناء القناطر والسقايات وإصبلح الطرقات وكرى األمار واغبػ واعبهػاد وكػل مػا ال سبليػ‬
‫في ككفن اؼبيز وقضاء َديْن (رد احملتار‪.)85/2 :‬‬

‫مذه اؼبالكية‬

‫نقػػل القاشػ ابػػن العػػرل ى "أحكػػاـ القػػرآف" ‪ -‬عنػػد تفسػػك‪( :‬وى سػػبيل اهلل) ‪ -‬عػػن مالػ قػػاؿ‪:‬‬
‫سػػبل اهلل ك ػػكة ولك ػ ال أعلػػم متبلفًػػا ى أف اؼب ػراد بػ ػ "سػػبيل اهلل" ههنػػا الغػػزو مػػن صبلػػة "سػػبيل‬
‫اهلل"‪.‬‬
‫وعن ؿببد بن عبد اغبكم قاؿ‪ :‬يُعطى من الصػدقة ى الكػراع والسػبلح ومػا ُوبتػاج إليػ مػن آالت‬
‫اغبػػرب وكػػه العػػدو عػػن اغبَػ ْػوزة؛ ألنػ كلػ ى سػػبيل الغػػزو ومنفعتػ ‪ .‬وقػػد أعطػػى النػ ‪-‬صػػلى اهلل‬
‫علي وسلم‪ -‬من الصػدقة ما ػة ناقػة ى نازلػة سػهل بػن أل ح بػة إطفػاءً لل ػا رة" (أحكػاـ القػرآف‪:‬‬
‫‪.)957/2‬‬
‫وى وػػرح الػػدردير علػػى "مػ متليػػل"‪ :‬أف الزكػػاة يُعطػػى منهػػا اةاهػػد واؼبػراب ومػػا يلزمهبػػا مػػن آلػػة‬
‫اعبهاد بػأف ييػ ي منهػا سػبلح أو متيػل لينػازؿ عليهػا ويأمتػذ اةاهػد مػن الزكػاة ولػو كػاف غنيًػا؛‬
‫رسػل لبلطػبلع علػى عػورات‬ ‫ألف أمتذخ بوصػه اعبهػاد ال بوصػه الفقػر‪ .‬ويُعطػى منهػا جاسػوس يُ َ‬
‫تبعا ػبليل ‪ ٍ -‬هبز صرؼ الزكاة لبناء سور حوؿ البلد‬ ‫كافرا‪ .‬ولكن ‪ً -‬‬ ‫العدو ويعلبنا هبا ولو كاف ً‬
‫ليحػػتفي ب ػ مػػن الكفػػار وال ى عبػػل مرك ػ يقاتػػل فيهػػا العػػدو (هػػذا مػػع أف الػػدردير نفس ػ ى‬
‫ورح الصغك قيّد اؼبنع من صرؼ الزكاة ى األسوار والسػفن وكبوهػا إذا كػاف لغػك جهػاد ى سػبيل‬
‫اهلل‪ .‬انظر اليرح الصغك وحاوية الصاوي علي ص ‪.)234 - 233‬‬
‫وذكػػر الدسػػوق ى حاوػػيت ‪ :‬أف اؼبنػػع مػػن بنػػاء األسػوار وصػػناعة اؼبراكػ وكبوهػػا إمبػػا هػػو قػػوؿ ابػػن‬
‫بيك وٍ يُعرؼ لغكخ‪ .‬ومقابل ما ذكر عن ابن عبد اغبكم وٍ يذكر اللصبػ غػكخ واسػتظهرخ ى‬
‫التوش ػػي ‪ .‬وق ػػاؿ اب ػػن عب ػػد الس ػػبلـ‪ :‬ه ػػو الص ػػحي (انظ ػػر الي ػػرح الكب ػػك م ػػع حاو ػػية الدس ػػوق ‪:‬‬
‫‪.)497/4‬‬
‫ويبلحي على مذه اؼبالكية هنا‪:‬‬
‫‪ -4‬أمم متفقوف علػى أف "سػبيل اهلل" يتعلػق بػالغزو واعبهػاد ومػا ى معنػاخ كالربػاط‪ .‬أمػا اغبنفيػة‬
‫فقد امتتلفوا ما بني اعبهاد واغب وطل العلم وسا ر ال ُقَرب‪.‬‬
‫‪ -2‬أمم يروف إعطاء اةاهد واؼبراب ولو كاف غنيًا خببلؼ اغبنفية‪ .‬ورأيهم هنا أقرب إَ ظػاهر‬
‫القرآف حيث جعل مصرفًا مستقبلً عن مصرؼ الفقراء واؼبساكني‪ .‬وأقرب إَ السنة فقد جػاء ى‬
‫اغبػػديث‪( :‬ال ربػػل الصػػدقة لغػ إال ػببسػػة) ‪ ..‬وذكػػر مػػنهم‪( :‬الغػػازي ى سػػبيل اهلل) وقػػد مػػر ى‬
‫الغػػارمني‪ .‬وقػػد شػػعه ابػػن العػػرل رأي اغبنفيػػة ى او ػ اطهم الفقػػر ى الغػػازي وقػػاؿ‪ :‬هػػذخ زيػػادة‬
‫علػػى الػػنل وعنػػدهم أف الزيػػادة علػػى الػػنل نسػػمل وال نسػػمل ى القػػرآف إال بقػػرآف م ل ػ أو مت ػ‬
‫متواتر! (انظر‪ :‬أحكاـ القرآف‪.)957/2 :‬‬
‫‪ -3‬أف صبهورهم هبيزوف الصرؼ ى مصاً اعبهاد كالسبلح واػبيل واألسوار والسفن اغبربية‬
‫وكبوها‪ .‬وٍ يقصروا الصرؼ على أوصاص اةاهدين كبا هو مذه اغبنفية الذين يوجبوف سبلي‬
‫الزكاة ليصل معني‪.‬‬
‫واغبق أف رأي اؼبالكية هنا أليق بتعبك القرآف عن هذا اؼبصرؼ حبػرؼ "ى" ‪ -‬ال ب ػ "الـ" التبليػ‬
‫‪ -‬ألف الظػػاهر مػػن هػػذا التعبػػك أف يكػػوف الصػػرؼ ى مصػػلحة اعبهػػاد قبػػل أف يكػػوف ألوػػصاص‬
‫اةاهدين‪.‬‬
‫مذه اليافعية‬

‫ومػذه اليػػافعية‪ :‬أف "سػػبيل اهلل" ‪ -‬كبػػا ى اؼبنهػػاج للنػػووي ووػػرح البػػن ح ػػر اؽبي بػ ‪ -‬هػػم‬
‫الغزاة اؼبتطوعوف الذين ال يتقاشوف راتباً من اغبكومة أو بعبارة ابن ح ر‪ :‬ال سهم ؽبػم ى ديػواف‬
‫اؼبرتزقػػة بػػل هػػم متطوعػػة يغػػزوف إذا ني ػػطوا وإال فهػػم ى حػػرفهم وصػػنا عهم قػػاؿ‪ :‬و"س ػػبيل اهلل"‬
‫وشعا‪ :‬الطريق اؼبوصلة إلي تعاَ ه ك ر استعبال ى اعبهاد؛ ألن سب اليهادة اؼبوصلة إَ اهلل‬ ‫ً‬
‫تعػاَ ه وشػػع علػػى هػػؤالء؛ ألمػم جاهػػدوا ال ى مقابػػل فكػػانوا أفضػل مػػن غػػكهم (ربفػػة احملتػػاج‬
‫بيرح اؼبنهاج‪ 96/3 :‬وانظػر مايػة احملتػاج‪ .)456 - 455/6 :‬فيعطػى هػؤالء مػا يعيػنهم علػى‬
‫الغزو ولو كانوا أغنياء‪.‬‬
‫ونػػل اليػػافع ى "األـ"‪" :‬ويعطػػى مػػن سػػهم "سػػبيل اهلل" جػػل وعػػز مػػن غػزا مػػن جػكاف الصػػدقة‬
‫ػكا كػػاف أو غنيًػػا وال يعطػػى منػ غػػكهم إال أف وبتػػاج إَ الػػدفع عػػنهم فيعطػػاخ مػػن دفػػع عػػنهم‬‫فقػ ً‬
‫اؼبيركني" (األـ‪ 66/2 :‬ط طبع بوالؽ)‪.‬‬
‫وإمبا او ط جكاف الصدقة؛ ألن ال هبوز عندخ نقل الزكاة إَ غك بلد اؼباؿ‪.‬‬
‫قاؿ النووي ى الروشة‪:‬‬
‫وأمػػا الغػػازي فيعطػػى النفقػػة والكسػػوة مػػدة الػػذهاب والرجػػوع ومػػدة اؼبقػػاـ بػػال غر وإف طػػاؿ وهػػل‬
‫يعطى صبيع اؼبؤنة أـ ما زاد بسب السفر؟ وجهاف‪.‬‬
‫فارسا وما يي ي بػ السػبلح وآالت القتػاؿ ويصػك‬ ‫ويعطى ما يي ي ب الفرس إف كاف يقاتل ً‬
‫ذل مل ًكا ل وهبوز أف يُستأجر ل الفرس والسبلح‪.‬‬
‫وىبتله ذل حبس ك رة اؼباؿ وقلت ‪ .‬وإف كاف يقاتل راجبلً فبل يعطى ليراء الفرس ‪..‬‬
‫ورجوعػا‬
‫ً‬ ‫ومقامػا‬
‫قاؿ النػووي ى بعػض وػروح اؼبفتػاح‪ :‬أنػ يعطػى الغػازي نفقتػ ونفقػة عيالػ ذهابػاً ً‬
‫وسكز اعببهور عن نفقة العياؿ لكن أمتذها ليس ببعيد‪.‬‬
‫وق ػػاؿ‪ :‬لئلم ػػاـ اػبي ػػار‪ :‬إف و ػػاء دف ػػع الف ػػرس والس ػػبلح إَ الغ ػػازي سبلي ًك ػػا وإف و ػػاء اس ػػتأجر لػ ػ‬
‫مركوبػاً وإف وػػاء اوػ ى متػػيبلً مػػن هػػذا السػػهم ووقفهػػا ى سػػبيل اهلل تعػػاَ فيعػػكهم إياهػػا وقػػز‬
‫اغباجة ف ذا انقضز اس د (الروشة للنووي‪.)327 - 326/2 :‬‬
‫وحبث اليافعية هنا فيبػا إذا عػدـ الفػ ء وٍ يكػن مػع اإلمػاـ وػ ء للبرتزقػة واحتػاج اؼبسػلبوف إَ‬
‫من يكفيهم وػر الكفػار فهػل يعطػى اؼبرتزقػة مػن الزكػاة مػن سػهم "سػبيل اهلل" ؟ قػاؿ النػووي‪ :‬فيػ‬
‫قوالف أظهرنبا‪ :‬ال بل هب إعانتهم على أغنياء اؼبسلبني (الروشة للنووي‪.)324/2 :‬‬
‫وإذا امتنع األغنياء أو ٍ يوجد عندهم فضل أمواؿ وٍ هبد اإلماـ غك أهل الف ء فهل وبل ؽبػم‬
‫أف يأمتذوا من الزكاة كفايتهم؟‬
‫استظهر ابن ح ر ى ورح اؼبنهاج‪ :‬أف ذل وبل ؽبم (ربفة احملتاج‪.)96/3 :‬‬
‫ونبلحي هنا‪:‬‬
‫أف مػػذه اليػػافعية يوافػػق مػػذه اؼبالكيػػة ى قصػػر هػػذا اؼبصػػرؼ علػػى اعبهػػاد واةاهػػدين وى‬
‫ج ػواز إعط ػػاء اةاه ػػد م ػػا يعين ػ عل ػػى اعبه ػػاد ول ػػو ك ػػاف غنيًػػا وى إج ػػازة الص ػػرؼ عل ػػى م ػػا يل ػػزـ‬
‫للب اهدين من سبلح ومعدات‪.‬‬
‫ولكن اليافعية هنا متالفوا اؼبالكية ى أمرين‪:‬‬
‫‪ -4‬أمم او طوا أف يكوف اةاهدوف متطوعة وليس ؽبم سهم أو رات ى اػبزانة العامة‪.‬‬
‫السهباف األمترى من الفقراء‬ ‫‪ -2‬أمم ال هبيزوف أف يصرؼ ى هذا السهم أك ر فبا يصرؼ على ُّ‬
‫واؼبساكني ‪ ..‬إٌ‪ .‬بناء على قوؿ اليافع بوجوب التسوية بني األصناؼ كبػا سػنبين ى الفصػل‬
‫ال امن من هذا الباب‪.‬‬

‫مذه اغبنابلة‬
‫ومػػذه اغبنابلػػة ‪ -‬كبػػذه اليػػافعية ‪ -‬أف اؼبػراد ب ػ "سػػبيل اهلل" هػػو الغػزاة اؼبتطوعػػة الػػذين لػػيس‬
‫ؽبم رات أو ؽبم دوف ما يكفػيهم فيُعطػى اةاهػد مػنهم مػا يكفيػ لغػزوخ‪ .‬ولػو كػاف غنيػاً‪ .‬وإف ٍ‬
‫يغز بالفعل رد ما أمتذخ‪ .‬ويتوج عندهم‪ :‬أف الرباط على ال غور كالغزو كبلنبا ى سبيل اهلل‪.‬‬
‫وذكػػر ى "غايػػة اؼبنتهػػى" ووػػرح ‪ :‬أنػ هبػػوز لئلمػػاـ أف ييػ ي مػػن مػػاؿ الزكػػاة فرسػاً ويػػدفعها ؼبػػن‬
‫يغزو عليها ولو كاف الغازي هو صاح الزكاة نفس ؛ ألن بريء منها بدفعها لئلمػاـ‪ .‬كبػا هبػوز‬
‫أيضػػا سػػفنًا وكبوهػػا لل هػػاد؛ ألمػػا مػػن حاجػػة الغػػازي ومصػػلحت وكػػل مػػا فيػ‬ ‫لػ أف ييػ ي منهػػا ً‬
‫مصلحة للبسلبني هبوز لئلماـ فعل ؛ ألن أدرى باؼبصاً من غكخ‪.‬‬
‫فرسػػا وببسػػها ى سػػبيل اهلل أو عقػ ًػارا يقفػ‬
‫وهػػذا خبػػبلؼ رب اؼبػػاؿ فػػبل هبػػوز لػ أف ييػ ي بزكاتػ ً‬
‫على الغزاة؛ لعدـ اإليتاء اؼبأمور ب (انظر مطال أوُ النهى‪.)448 - 447 / 2 :‬‬
‫أما اغب ففي روايتاف عن أضبد‪:‬‬
‫إحػػدانبا‪ :‬أن ػ مػػن سػػبيل اهلل فيعطػػى الفقػػك مػػن الزكػػاة مػػا وب ػ ب ػ ح ػػة اإلسػػبلـ أو يعين ػ فيهػػا‬
‫غبديث أـ معقل األسدية‪ :‬أف زوجها جعل بَ ْكًرا ى سبيل اهلل‪ .‬وأما أرادت العبرة فسألز زوجهػا‬
‫البكر فأىب فأتز الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬فذكرت لػ فػأمرخ أف يعطيهػا وقػاؿ رسػوؿ اهلل ‪-‬‬
‫صلى اهلل علي وسلم‪( :-‬اغب والعبػرة ى سػبيل اهلل) (رواخ أضبػد وأصػحاب السػنن وهػو شػعيه؛‬
‫متكلبػػا في ػ كبػػا أف في ػ اشػػطرابًا‪ .‬وأمتػػرج أبػػو داود اغبػػديث‬
‫ً‬ ‫ألف ى سػػندخ رج ػبلً ؾبهػػوالً وراويًػػا‬
‫برواي ػػة أمت ػػرى وى إس ػػنادها ؿبب ػػد ب ػػن إس ػػحاؽ وه ػػو م ػػدلس وق ػػد ع ػػنعن‪( .‬انظ ػػر ني ػػل األوط ػػار‪:‬‬
‫‪ - 484/4‬طبع اغبل )‪.‬‬
‫أيضا‪.‬‬
‫وقد روي هذا عن ابن عباس وابن عبر وهو قوؿ إسحاؽ ً‬
‫وال انية‪ :‬أن ال يصرؼ من الزكاة ى اغب كبػا هػو قػوؿ اعببهػور قػاؿ ابػن قدامػة ى اؼبغػ ‪ :‬وهػذا‬
‫أص ؛ ألف سبيل اهلل عند اإلطبلؽ إمبا ينصرؼ إَ اعبهاد ف ّف كل ما ى القػرآف مػن ذكػر سػبيل‬
‫اهلل إمبا أريد ب اعبهاد إال اليسك في أف ُوببل ما ى اآلية على ذلػ ؛ ألف الظػاهر إرادتػ بػ‬
‫وألف الزكػػاة إمبػػا تصػػرؼ إَ أحػػد رجلػػني‪ :‬ؿبتػػاج إليهػػا كػػالفقراء واؼبسػػاكني وى الرقػػاب والغػػارمني‬
‫لقضػػاء ديػػومم أو فبػػن وبتػػاج إليػ اؼبسػػلبوف كالعامػػل والغػػازي واؼبؤلػػه والغػػارـ إلصػػبلح ذات‬
‫أيضػا؛ ألف الفقػك ال‬ ‫البني‪ .‬واغب للفقك ال نفع للبسلبني في وال حاجػة هبػم إليػ وال حاجػة بػ ً‬
‫فػػرض عليػ فيسػػقط وال مصػػلحة لػ ى إهبابػ عليػ وتكليفػ ميػػقة قػػد رفهػ اهلل منهػػا‪ .‬ومتفػػه‬
‫عن إهباهبا وتوفك هذا القدر على ذوي اغباجة من سا ر األصناؼ‪ .‬أو دفع ى مصاً اؼبسلبني‬
‫أوَ" (اؼبغ البن قدامة‪ - 47/6 :‬طبع اإلماـ)‪.‬‬
‫وهذا التوجي النَػ رك العبيق ال وبتاج إَ تعليق‪.‬‬
‫أم ػػا اغب ػػديث ال ػػذي اس ػػتندت إلي ػ الروايػػة األمت ػػرى ع ػػن أضب ػػد فق ػػد ش ػػعه س ػػندخ وعل ػػى ف ػػرض‬
‫التسليم بصحت فقد أجاب عن بعض اليافعية بأنػا ال مبنػع أف يقػاؿ‪ :‬اغبػ مػن سػبيل اهلل وإمبػا‬
‫الن ػزاع ى "س ػػبيل اهلل" ى آيػػة‪( :‬إمبػػا الصػػدقات) وح ػػديث‪ ( :‬ال ربػػل الص ػػدقة إال ػببسػػة) وذكػػر‬
‫منها‪( :‬الغازي ى سبيل اهلل) يدؿ على اؼبراد ى اآلية‪ .‬على أف ى أصل داللة ذلػ اغبػديث علػى‬
‫نظرا؛ ألف الػذي فيػ إعطػاء بعػك ُجعِ َػل صػدقة ى سػبيل اهلل كبػا ى روايػة أو أوصػى بػ‬ ‫الدعوى ً‬
‫لسػبيل اهلل ‪ -‬كبػا ى أمتػرى ‪ -‬ؼبػن وبػ عليػ فلػو اف شػنا أنػ بعػك زكػاة فيُحتبػل أف يكػوف َمػػن‬
‫ػكا يسػػتحق االنتفػػاع ب ػ أو أن ػ أركب ػ مػػن غػػك سبلي ػ ل ػ وال سبل ػ (انظػػر ربفػػة احملتػػاج‪:‬‬
‫أعطي ػ فقػ ً‬
‫‪.)96/3‬‬

‫ما اتفق علي اؼبذاه األربعة ى هذا اؼبصرؼ‬

‫يبلحي فبا نقلناخ عن اؼبذاه األربعة أما اتفقز ى هذا اؼبصرؼ على أمور ثبلثة‪:‬‬
‫قطعا‪.‬‬
‫‪ -4‬أف اعبهاد دامتل ى سبيل اهلل ً‬
‫‪ -2‬ميػروعية الصػػرؼ مػػن الزكػػاة ألوػػصاص اةاهػػدين خبػػبلؼ الصػػرؼ ؼبصػػاً اعبهػػاد ومعداتػ‬
‫فقد امتتلفوا في ‪.‬‬
‫‪ -3‬عدـ جواز صرؼ الزكاة ى جهات اػبك واإلصبلح العامة من بناء السدود والقناطر وإنياء‬
‫اؼبسػػاجد واؼبػػدارس وإصػػبلح الطػػرؽ وتكفػػني اؼبػػوتى وكبػػو ذل ػ ‪ .‬وإمبػػا ع ػ ء هػػذخ األمػػور علػػى‬
‫موارد بيز اؼباؿ األمترى من الف ء واػبراج وغكها‪.‬‬
‫وإمبػػا ٍ هبػػز الصػػرؼ ى هػػذخ األمػػور لعػػدـ التبلي ػ فيهػػا كبػػا يقػػوؿ اغبنفيػػة أو ػبروجهػػا عػػن‬
‫اؼبصارؼ ال بانية كبا يقوؿ غكهم‪.‬‬
‫أمػػا مػػا نقػػل عػػن "البػػدا ع" مػػن تفسػػكخ جببيػػع ال ُقػ َػرب والطاعػػات فقػػد او ػ ط في ػ سبلي ػ الزكػػاة‬
‫فقكا ؽبذا ال ىبرج هذا الرأي عن‬ ‫ليصل فبل تعطى عبهة عامة كبا او ط أف يكوف اليصل ً‬
‫دا رة اؼبضيقني ى مدلوؿ "سبيل اهلل"‪.‬‬
‫وانفرد أبو حنيفة باو اط الفقر ى اةاهد‪ .‬كبا انفرد أضبد جبواز الصرؼ للح اج والُعبار‪.‬‬
‫واتفق اليافعية واغبنابلة على او اط أف يكوف اةاهدوف الذين يأمتذوف الزكاة من اؼبتطوعني غػك‬
‫اؼبرتبني ى الديواف‪.‬‬
‫واتفق ‪ -‬ما عدا اغبنفية ‪ -‬على ميروعية الصرؼ على مصاً اعبهاد ى اعببلة‪.‬‬

‫اؼبوسعوف ى مع سبيل اهلل‬

‫ومن العلباء ‪ -‬قديبًا وحديًا ‪ -‬من توسع ى مع "سبيل اهلل" فلم يقصرخ على اعبهاد ومػا يتعلػق‬
‫ب بل فسرخ دبا ييبل سا ر اؼبصاً والقربات وأعباؿ اػبك وال وف ًقا للبدلوؿ األصل للكلبػة‬
‫وشعا‪.‬‬
‫ً‬
‫ما نقل القفاؿ عن بعض الفقهاء‪:‬‬

‫مػن ذلػ مػػا نبػ عليػ اإلمػػاـ الػرازي ى تفسػكخ حيػػث ذكػػر‪ :‬أف ظػػاهر اللفػػي ى قولػ تعػػاَ‪( :‬وى‬
‫سػػبيل اهلل) ال يوجػ القصػػر علػػى الغػزاة‪ .‬ه قػػاؿ‪ :‬فلهػػذا اؼبعػ نقػػل القفػػاؿ ى تفسػػكخ عػػن بعػػض‬
‫الفقهػػاء‪ :‬أمػػا أجػػازوا صػػرؼ الصػػدقات إَ صبيػػع وجػػوخ اػبػػك‪ :‬مػػن تكفػػني اؼبػػوتى وبنػػاء اغبصػػوف‬
‫وعب ػػارة اؼبس ػػاجد؛ ألف قول ػ ‪( :‬وى س ػػبيل اهلل) ع ػػاـ ى الك ػػل (تفس ػػك الفص ػػر ال ػرازي ‪443/46‬‬
‫)أ‪.‬هػ‪.‬‬
‫وٍ يبني لنا من هم هؤالء الفقهػاء ولكػن احملققػني مػن العلبػاء ال يطلقػوف وصػه الفقيػ إال علػى‬
‫اةتهد‪ .‬كبا أف الرازي ٍ يعق على نقل القفاؿ بي ء فبا يوح دبيل إلي ‪.‬‬

‫ما نس إَ أنس واغبسن ‪ ..‬ومناقيت ‪:‬‬

‫ونس ػ ابػػن قدامػػة ى "اؼبغ ػ " هػػذا ال ػرأي إَ أنػػس بػػن مال ػ واغبسػػن البصػػري‪ .‬فقػػد قػػاال‪" :‬مػػا‬
‫أعطيز ى اعبسور والطرؽ فه صدقة ماشية" (اؼبغ ‪.)467/2 :‬‬
‫فػػدلز هػػذخ العبػػارة علػػى ج ػواز صػػرؼ الزكػػاة ى إنيػػاء اعبسػػور والطػػرؽ وإصػػبلحها فهػ صػػدقة‬
‫ماشية ‪ ..‬أي جا زة ومقبولة‪.‬‬
‫ولكػػن أبػػا عبيػػد روى عنهبػػا العبػػارة اؼبػػذكورة دال ػة علػػى مع ػ آمتػػر‪ .‬فقػػد ذكػػر أف اؼبسػػلم إذا مػػر‬
‫صػلوف معينػوف مػن‬ ‫بصدقت على العاور فقبضػها منػ ذبز ػ مػن الزكػاة‪ .‬وكػاف العاوػروف ‪ -‬وهػم ؿب ر‬
‫قِبَل وُ األمر ‪ -‬يقفوف ى اعبسور والطرؽ ليأمتذوا من ذبار أهل اغبػرب اؼبسػتأمنني وأهػل الذمػة‬
‫واؼبسلبني ما هو مفػروض علػيهم مػن شػرا ذباريػة أوػب دبػا نسػبي اآلف "الضػرا اعببركيػة"‬
‫فقػػد كػػانوا يقفػػوف علػػى اغبػػدود غالبًػػا‪ .‬وروى أبػػو عبيػػد مػػن أق ػواؿ التػػابعني ومػػن بعػػدهم ك ػ براهيم‬
‫واليػػع وأل جعفػػر البػػاقر ‪ -‬ؿببػػد بػػن عل ػ ‪ -‬مػػا يؤكػػد هػػذا اؼبع ػ وهػػو احتسػػاب مػػا يأمتػػذخ‬
‫العاور من الزكاة وقد جػاء عػن اغبسػن نفسػ صػروبًا‪ .‬علػى متػبلؼ مػا قػاؿ ميبػوف بػن مهػراف ى‬
‫ذل ‪ :‬إن ىبرج زكاة مال وال يعتد دبا أمتذ من ‪ .‬ولكػن أبػا عبيػد قػاؿ‪ :‬واألمػر عنػدنا علػى مػا قػاؿ‬
‫أن ػػس واغبس ػػن وإبػ ػراهيم والي ػػع وؿبب ػػد ب ػػن علػ ػ وعليػ ػ الن ػػاس (انظ ػػر األمػ ػواؿ ص ‪- 573‬‬
‫‪.)575‬‬
‫وكذل رواخ ابن أل ويبة (ى اؼبصنه‪ )466/3( :‬طبع حيدرآباد ونل الروايػة‪ :‬مػا أمتػذ منػ‬
‫علػػى اعبسػػور والقنػػاطر فتلػ زكػػاة قاشػػية)‪ .‬عنهبػػا ى "بػػاب مػػن قػػاؿ‪ :‬وبتسػ دبػػا أمتػػذ العاوػػر"‬
‫كبا صػنع أبػو عبيػد وعلػى هػذا ال تسػتقيم نسػبة الػرأي الػذي ذكػرخ ابػن قدامػة إَ أنػس واغبسػن‬
‫رش اهلل عنهبا‪.‬‬

‫عند اإلمامية اعبعفرية‪:‬‬

‫وى "اؼبصتصر النافع" من كت اإلمامية اعبعفرية‪ .‬قػاؿ‪( :‬وى سػبيل اهلل) وهػو كػل مػا كػاف قربػة أو‬
‫مصلحة كاغب واعبهاد وبناء القناطر وقيل‪ :‬ىبتل باعبهاد (اؼبصتصر النافع ص ‪ - 59‬طبع دار‬
‫الكتاب العرل ‪ -‬القاهرة)‪.‬‬
‫وى "ج ػواهر الكػػبلـ ى و ػرا ع اإلسػػبلـ" وهػػو مػػن موسػػوعات الفق ػ اعبعفػػري ذكػػر أف اؼبصػػاً‬
‫كبناء القناطر واؼبساجد واغب وصبيع ُسبُل اػبك تدمتل ى سػبيل اهلل وأف عليػ عامػة اؼبتػأمترين‪.‬‬
‫وأيد ذل بأن مقتضى اللفي؛ ألف السبيل هو الطريق ف ذا أشيه إَ اهلل كاف عبارة عن كل ما‬
‫يكػػوف وسػػيلة إَ ربصػػيل رشػػا اهلل وثوابػ فيتنػػاوؿ اعبهػػاد وغػػكخ (جػواهر الكػػبلـ‪ 79/2 :‬وانظػػر‬
‫ورا ع اإلسبلـ للحل ‪ - 87/4 :‬طبع دار مكتبة اغبياة‪ .‬وفق اإلماـ جعفر ‪.)92/2 :‬‬
‫عند الزيدية‪:‬‬

‫وجػػاء ى "الػػروض النضػػك" ‪ -‬مػػن كتػ الزيديػػة ‪ -‬ى وػػرح مػػا جػػاء عػػن اإلمػػاـ زيػػد‪ :‬أف الزكػػاة ال‬
‫يعطى منها ى كفن اؼبيز وال بناء مس د‪ .‬قاؿ‪ :‬وذهػ مػن أجػاز ذلػ إَ االسػتدالؿ بػدمتوؽبا‬
‫ى صػنه "سػػبيل اهلل" إذ هػػو طريػق اػبػػك علػػى العبػوـ وإف ك ػػر اسػػتعبال ى فػرد مػػن مدلوالتػ ‪.‬‬
‫وهو اعبهاد لك رة عروش ى أوؿ اإلسبلـ ‪ -‬كبػا ى نظػا رخ ‪ -‬لكػن ال إَ حػد اغبقيقػة العرفيػة‬
‫فهػػو بػػاؽ علػػى الوشػػع األوؿ فيػػدمتل فيػ صبيػػع أنػواع القػػرب علػػى مػػا يقتضػػي النظػػر ى اؼبصػػاً‬
‫العامة واػباصة إال ما متص الدليل‪ .‬وهو ظاهر عبػارة "البحػر" ى قولػ ‪ :‬قلنػا‪ :‬ظػاهر "سػبيل اهلل"‬
‫العبوـ إال ما متص الدليل (الروض النضك‪ 428/2 :‬والبحر‪.)482/2 :‬‬
‫فهذا يدؿ على أف صاح "البحر" و"الروض" رجحا التوسع ى مع "سبيل اهلل"‪.‬‬
‫وى ورح األزهار‪ :‬أن هبوز ى هذا الصنه أف تصرؼ فضلة نصيب من الزكاة ى مصاً اؼبسلبني‬
‫العامػػة‪ .‬نػػل علػػى ذل ػ اإلمػػاـ اؽبػػادي‪ .‬قػػاؿ أبػػو طال ػ ‪ :‬وإمبػػا يصػػرؼ فيهػػذخ اؼبصػػاً مػػع غنػػاء‬
‫الفقػراء فأمػػا لػػو كػػاف َه فقػػك ؿبتػػاج كػػاف أحػػق بالزكػػاة‪ .‬ورأي بعضػػهم أف هػػذا اليػػرط علػػى طريػػق‬
‫االستحباب وإال فلو صرؼ مع وجود الفقراء جاز‪.‬‬
‫متاصػا دبػا فضػل مػن سػبيل اهلل‬‫ونقل ى حواو األزهار عن البحر‪ :‬أف الصرؼ ى اؼبصاً ليس ً‬
‫بل يصرؼ ما فضل من سهاـ ال بانية ى اؼبصػاً كبػا يُصػرؼ للفقػك مػن أمػواؿ اؼبصػاً (انظػر‪:‬‬
‫ورح األزهار وحواوي ص ‪.)446 - 445‬‬

‫رأي صاح الروشة الندية‪:‬‬


‫وى الروشػػة النديػػة للسػػيد صػػديق حسػػن متػػاف وهػػو علػػى مػػذه أهػػل اغبػػديث اؼبسػػتقلني قػػاؿ‪:‬‬
‫"أمػػا سػػبيل اهلل فػػاؼبراد هنػػا‪ :‬الطريػػق إليػ عػػز وجػػل واعبهػػاد ‪ -‬وإف كػػاف أعظػػم الطػػرؽ إَ اهلل عػػز‬
‫وجل ‪ -‬لكن ال دليل على امتتصاص هذا السهم ب ‪ .‬بل يص صرؼ ذل ى كل ما كاف طري ًقا‬
‫إَ اهلل عز وجل‪ .‬هذا مع اآلية لغة والواج الوقوؼ على اؼبعاْ اللغوية حيث ٍ يص النقل‬
‫ػرعا ه قػػاؿ‪ :‬ومػػن صبلػػة "سػػبيل اهلل" الصػػرؼ ى العلبػػاء الػػذين يقومػػوف دبصػػاً اؼبسػػلبني‬ ‫هنػػا وػ ً‬
‫الدينية ف ف ؽبػم ى مػاؿ اهلل نصػيبًا سػواء أكػانوا أغنيػاء أو فقػراء‪ .‬بػل الصػرؼ ى هػذخ اعبهػة مػن‬
‫أهػػم األمػػور؛ ألف العلبػػاء ورثػػة األنبيػػاء وضبلػػة الػػدين‪ .‬وهبػػم ربفػػي بيضػػة اإلسػػبلـ وو ػريعة سػػيد‬
‫األناـ" أهػ (الروشة الندية‪.)267 - 266/4 :‬‬

‫آراء احملدثني ‪ -‬القاظب ‪:‬‬

‫ذكر الييمل صباؿ الدين القاظب ‪ -‬رضب اهلل ‪ -‬ى تفسػكخ مػا ذكػرخ الػرازي مػن أف ظػاهر اللفػي ال‬
‫يوج ػ القصػػر علػػى الغػزاة ومػػا نقل ػ القفػػاؿ عػػن بعػػض الفقهػػاء ى ذلػ ه ذكػػر قػػوؿ صػػاح‬
‫"التػػاج"‪" :‬كػػل سػػبيل أريػػد بػ اهلل عػػز وجػػل ‪ -‬وهػػو بػػر ‪ -‬دامتػػل ى سػػبيل اهلل" (ؿباسػػن التأويػػل‪:‬‬
‫‪ .) 3484/7‬وسكز عػن هػذخ النقػوؿ وٍ يعقػ عليهػا وهػو يػوح دبوافقػة شػبنية أو بعػدـ‬
‫االع اض‪.‬‬

‫رأي رويد رشا وولتوت‪:‬‬

‫أما السيد رويد رشا ‪ -‬صاح اؼبنار ‪ -‬رضبة اهلل‪ .‬فقد قاؿ ى تفسك آية اؼبصارؼ ما نص ‪:‬‬
‫"التحقيق أف سبيل اهلل هنا‪ :‬مصاً اؼبسلبني العامػة الػب هبػا قػواـ أمػر الػدين والدولػة دوف األفػراد‪.‬‬
‫وأف ح األفراد ليس منها؛ ألن واج على اؼبستطيع دوف غكخ وهو من الفرا ض العينية بيرط‬
‫كالصػػبلة والصػػياـ ال مػػن اؼبصػػاً الدينيػػة الدوليػػة … ولكػػن وػػعكة اغبػ وإقامػػة األمػػة ؽبػػا منهػػا‬
‫في ػػوز الصػػرؼ مػػن هػػذا السػػهم علػػى ت ػػأمني طػػرؽ اغب ػ وتػػوفك اؼبػػاء والغػػذاء وأسػػباب الص ػػحة‬
‫للح اج إف ٍ يوجد لذل مصرؼ آمتر (تفسك اؼبنار‪ - 585/4 :‬الطبعة ال انية)‪.‬‬
‫وذكر صاح اؼبنار ‪ -‬بعد ذل بقليل (اؼبصدر السابق ص ‪ - )587‬أف سبيل اهلل ييبل سا ر‬
‫اؼبص ػػاً الي ػػرعية العام ػػة ال ػػب ه ػ م ػػبلؾ أم ػػر ال ػػدين والدول ػػة‪ .‬وأوليه ػػا وأوؽب ػػا بالتق ػػدٓ االس ػػتعداد‬
‫للحػػرب لي ػراء السػػبلح وأغذيػػة اعبنػػد وأدوات النقػػل وذبهيػػز الغ ػزاة ( وهػػذا بالنسػػبة للحػػرب‬
‫اإلسػػبلمية واعبيػػوش اإلسػػبلمية الػػب تقاتػػل إلعػػبلء كلبػػة اهلل فحسػ ) وتقػػدـ م لػ عػػن ؿببػػد بػػن‬
‫عبػػد اغبك ػػم ولك ػػن ال ػػذي هبهػػز ب ػ الغ ػػازي يع ػػود بع ػػد اغبػػرب إَ بيػػز اؼب ػػاؿ إف كػػاف فبػػا يبق ػػى‬
‫كالسػػبلح واػبيػػل وغػػك ذل ػ ؛ ألنػ ال يبلك ػ دا ب ػاً بصػػفة الغػػزو الػػب قامػػز بػ بػػل يسػػتعبل ى‬
‫سبيل اهلل ويبقى بعد زواؿ تل الصفة عن ى سبيل اهلل ويػدمتل ى عبومػ إنيػاء اؼبستيػفيات‬
‫العسػػكرية وكػػذا اػبكيػػة العامػػة وإوػراع الطػػرؽ وتعبيػػدها ومػػد اػبطػػوط اغبديديػػة العسػػكرية ‪ -‬ال‬
‫الت ارية ‪ -‬ومنها بناء البوارج اؼبدرعة واؼبطارات اغبربية واغبصوف واػبنػادؽ ومػن أهػم مػا يُنفػق ى‬
‫سػػبيل اهلل ى زماننػػا هػػذا إعػػداد الػػدعاة إَ اإلسػػبلـ وإرسػػاؽبم إَ بػػبلد الكفػػار مػػن قبػػل صبعيػػات‬
‫منظبػػة سبػػدهم باؼبػػاؿ الكػػاى كبػػا يفعلػ الكفػػار ى تبيػػك ديػػنهم‪ .‬وقػػد بينػػا تفصػػيل هػػذخ اؼبصػػلحة‬
‫العظيبة ى تفسك قول تعاَ‪( :‬ولتكن منكم أمة يدعوف إَ اػبك) (آؿ عبراف‪ )464 :‬أ‪.‬هػ‪.‬‬
‫وكذا فسر الييمل ؿببود ولتوت ‪-‬رضب اهلل‪" -‬سبيل اهلل" بأن ‪" :‬اؼبصاً العامػة الػب ال ملػ فيهػا‬
‫ألح ػػد وال ػػب ال ىب ػػتل باالنتف ػػاع هب ػػا أح ػػد فبلكه ػػا هلل ومنفعته ػػا ػبل ػػق اهلل وأواله ػػا وأحقه ػػا‪:‬‬
‫التكػػوين اغبػػرل الػػذي تػػرد ب ػ األمػػة البغ ػ وربفػػي الكرامػػة وييػػبل العػػدد والعُػػدة علػػى أحػػدث‬
‫اؼبص عػػات البيػرية وييػػبل اؼبستيػػفيات عسػػكرية ومدنيػػة وييػػبل تعبيػػد الطػػرؽ ومػػد اػبطػػوط‬
‫اغبديديػػة وغػػك ذل ػ فبػػا يعرف ػ أهػػل اغبػػرب واؼبيػػداف‪ .‬وييػػبل اإلعػػداد القػػوي الناش ػ لػػدعاة‬
‫إس ػػبلميني يُظه ػػروف صب ػػاؿ اإلس ػػبلـ وظباحتػ ػ ويفس ػػروف حكبتػ ػ ويبلغ ػػوف أحكامػ ػ ويتعقب ػػوف‬
‫مهاصبة اػبصوـ ؼبباد دبا يرد كيدهم إَ كبورهم‪.‬‬
‫"وكذل ييبل العبل على دواـ الوسا ل الػب يسػتبر هبػا حفظػة القػرآف الػذين تػواتر ‪ -‬ويتػواتر ‪-‬‬
‫هبم نقل كبا أنزؿ من عهد وحي إَ اليػوـ وإَ يػوـ الػدين إف وػاء اهلل" أ‪.‬ه ػ‪( .‬اإلسػبلـ عقيػدة‬
‫ووريعة ص ‪ 98 - 97‬طبع األزهر)‪.‬‬
‫وهو تأييد ؼبا ذه إلي صاح اؼبنار رضب اهلل‪.‬‬
‫وعلػػى هػػذا األسػػاس أفػػك مػػن سػػأل عػػن ج ػواز صػػرؼ الزكػػاة ى بنػػاء اؼبسػػاجد فكػػاف جواب ػ ‪" :‬إف‬
‫اؼبس د الذي يراد إنياؤخ أو تعبكخ إذا كاف هو اؼبس د الوحيد ى القرية‪ .‬أو كاف هبا غكخ ولكن‬
‫ػرعا ص ػػرؼ الزك ػػاة لبن ػػاء ه ػػذا اؼبسػ ػ د أو‬
‫يض ػػيق بأهله ػػا ووبت ػػاجوف إَ مسػ ػ د آمت ػػر صػ ػ و ػ ً‬
‫إصػبلح والصػرؼ علػى اؼبسػ د ى تلػ اغبالػة يكػوف مػن اؼبصػرؼ الػذي ذكػر ى آيػة اؼبصػارؼ‬
‫الواردة ى سورة التوبة باسم "سبيل اهلل" ‪.‬‬
‫وهػذا مبػ علػى امتتيػار أف اؼبقصػػود بكلبػة " سػبيل اهلل" اؼبصػاً العامػػة الػب ينتفػع هبػا اؼبسػػلبوف‬
‫كاف ػػة وال زب ػػل واح ػ ًػدا بعينػ ػ فتي ػػبل اؼبس ػػاجد واؼبستي ػػفيات ودور التعل ػػيم ومص ػػانع اغبدي ػػد‬
‫والذمتكة وما إليها فبا يعود نفع على اعبباعػة‪ .‬وأحػ أف أقػرر هنػا أف اؼبسػألة ؿبػل متػبلؼ بػني‬
‫العلباء (ه ذكر الييمل ما نقل الرازي ى تفسكخ عن القفاؿ من صرؼ الصدقات ى صبيع وجوخ‬
‫اػبػػك ‪ ) ...‬إَ أف قػػاؿ‪ " :‬وهػػذا مػػا أمتتػػارخ وأطبػػئن إليػ وأفػػب بػ ولكػػن مػػع القيػػد الػػذي ذكرنػػاخ‬
‫بالنسبة للبساجد وهو أف يكػوف اؼبسػ د ال يغػ عنػ غػكخ وإال كػاف الصػرؼ إَ غػك اؼبسػ د‬
‫أوَ وأحق" أ هػ (الفتاوى للييمل ولتوت ص ‪ - 249‬طبع األزهر)‪.‬‬

‫فتوى ـبلوؼ‪:‬‬
‫وسػػئل اليػػيمل حسػػنني ـبلػػوؼ مفػػب الػػديار اؼبص ػرية األسػػبق عػػن ج ػواز الػػدفع لػػبعض اعببعيػػات‬
‫ػتندا إَ مػا نقلػ الػرازي عػن القفػاؿ وغػكخ ى معػ‬‫اػبكية اإلسبلمية من الزكاة‪ .‬فػأفك بػاعبواز مس ً‬
‫"سبيل اهلل" (انظر‪ :‬فتاوى ورعية للييمل ـبلوؼ اعبزء ال اْ)‪.‬‬

‫موازنة وترجي‬

‫بعػػد أف ذكرنػػا أق ػواؿ اؼبػػذاه األربعػػة الػػب قصػػر أغلبهػػا "سػػبيل اهلل" علػػى اعبهػػاد ومػػا ى معنػػاخ‬
‫احملدثني الذي توسعوا ى مدلوؿ سبيل اهلل يلزمنا أف نبػني أي‬ ‫وذكرنا أقواؿ اآلمترين من القدام و َ‬
‫الوجهتني أوَ بالصواب وأحق بال جي ‪.‬‬
‫لقد اعتبد اؼبو رسعوف على دليل واش هو اؼبع الوشع األصل للفظة "سػبيل اهلل" فهػ تيػبل‬
‫كل عبل متػكي‪ .‬وكػل مػا يعػود علػى اؼبسػلبني باؼبنفعػة فأجػازوا ‪ -‬علػى هػذا ‪ -‬الصػرؼ ى بنػاء‬
‫اؼبساجد واؼبدارس واؼبستيفيات وى كل اؼبيروعات اإلنيا ية اػبكية‪.‬‬
‫أما اعببهور من فقهاء اؼبذاه األربعة فقد منعوا ذل معتبدين على دليلني‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬وهػػو الػػذي عليػ عػػوؿ اغبنفيػػة ‪ -‬أف ركػػن الزكػػاة هػػو التبليػ وهػػو منعػػدـ ى الصػػرؼ إَ‬
‫جهات اػبك الب ال ملكية فيها ألحػد‪ .‬والػدليل علػى ركنيػة التبليػ ‪ :‬أف اهلل تعػاَ ظباهػا صػدقة‬
‫وحقيقة الصدقة سبلي اؼباؿ للفقك (فت القدير‪.)26/2 :‬‬
‫ال ػػاْ‪ :‬أف األمػػور اؼبػػذكورة مػػن بنػػاء اؼبسػػاجد واؼبػػدارس والسػػقايات وكبوهػػا ليسػػز مػػن اؼبصػػارؼ‬
‫ال باني ػػة ال ػػب ح ػػددها الق ػػرآف بقول ػ تع ػػاَ‪( :‬إمب ػػا الص ػػدقات للفق ػراء) ‪ ...‬اآلي ػػة و"إمب ػػا" للحص ػػر‬
‫واإلثبات ت بز اؼبذكور وتنف ما عداخ‪ .‬وغبديث‪( :‬إف اهلل تعاَ حكم فيها ف زأها شبانية أجزاء)‬
‫‪ ....‬اغبديث وهذا ما اعتبد علي ابن قدامة ى اؼبغ (اؼبغ ‪.)467/2 :‬‬
‫أما الدليل األوؿ ففي نظػر ؼبػا ذكرنػا مػن قبػل‪ :‬أف اؼبصػارؼ الػب عػ عنهػا القػرآف حبػرؼ "ى" ال‬
‫يي ط فيها التبلي ‪ .‬وعلى هذا أفك من الفقهاء من أفك جبواز إعتاؽ الرقاب وقضاء دين اؼبيػز‬
‫من الزكاة مع انعداـ التبلي ‪ .‬ه إف التبلي يتحقق ب عطاء الزكػاة ألوُ األمػر ولػيس بػبلزـ أف‬
‫يضعها اؼبال ى يد الفقك ف ذا قبضها اإلماـ أو نا ب كاف ل أف يصرفها ى هذخ األمور‪.‬‬
‫أما الدليل ال اْ القا م علػى حصػر اؼبصػارؼ ى شبانيػة فلػيس بكػاؼ ى الػرد علػى اؼبتوسػعني مػا‬
‫داـ هػػؤالء يقولػػوف‪ :‬إف هػػذخ األمػػور مػػن بنػػاء اؼبسػػاجد وغكهػػا هػ مػػن "سػػبيل اهلل" فلػػم زبػػرج عػػن‬
‫اؼبص ػػارؼ ال ػػب حص ػػرها اهلل‪ .‬ب ػ ػ "إمب ػػا" ‪ ..‬ولك ػػن ال ػػرد الص ػػحي عل ػػى الق ػػا لني هب ػػذا ال ػرأي يك ػػوف‬
‫بتحديػػد اؼبػراد مػػن "سػػبيل اهلل" هػػل هػػو متػػاص بػػالغزو والقتػػاؿ ‪ -‬كبػػا هػػو رأي اعببهػػور ‪ -‬أـ هػػو‬
‫عاـ ييبل كل بر ومتك وقربة ‪ -‬كبا هو رأي من ذكرنا ‪ -‬وكبا يدؿ علي عبوـ اللفي‪.‬‬
‫ربديدا دقي ًقػا علينػا أف نسػتعرض مػوارد هػذخ الكلبػة ى القػرآف لنبػني مػاذا‬ ‫ولك كبدد هذا اؼبراد ً‬
‫يراد هبا حيث وردت فصك ما يفسر القرآف بالقرآف‪.‬‬

‫"سبيل اهلل" ى القرآف‬

‫ذكػرت كلبػة‪ " :‬ى سػبيل اهلل" ى القػرآف العزيػز بض ًػعا وسػتني مػرة (راجػع اؼبع ػم اؼبفهػرس أللفػػاظ‬
‫القرآف الكرٓ)‪ .‬وقد جاء ذكرها على طريقتني‪:‬‬
‫‪ -4‬فتارة ذبر حبرؼ "ى" (ى سبيل اهلل) ‪ ..‬كبا ى آية مصارؼ الزكاة هذخ وهو أك ر ما ورد ى‬
‫موشعا من القرآف‪.‬‬
‫القرآف وتارة ذبر حبرؼ "عن"‪( :‬عن سبيل اهلل) ‪ ..‬وذل ى ثبلثة وعيرين ً‬
‫وى هذخ اؼبواشع جاءت بعد واحد من فعلني إما الصد م ل‪( :‬إف الذين كفػروا وصػدوا عػن سػبيل‬
‫اهلل قػػد شػػلوا شػػبلالً بعيػ ًػدا) (النسػػاء‪( .. )467 :‬إف الػػذين كفػػروا ينفقػػوف أم ػواؽبم ليصػػدوا عػػن‬
‫سبيل اهلل) (األنفاؿ‪ .) 36‬وإمػا اإلشػبلؿ م ػل‪( :‬ومػن النػاس مػن ييػ ي ؽبػو اغبػديث ليضػل عػن‬
‫سبيل اهلل) (لقباف‪.) 6 :‬‬
‫‪ -2‬وحينبا ذبر بػ "ى" ‪ -‬وهو أك ر ما ورد ى القرآف ‪ -‬يكوف ذل بعػد فعػل اإلنفػاؽ‪( :‬وأنفقػوا‬
‫ى س ػػبيل اهلل) (البق ػػرة‪ ) 495 :‬أو اؽب ػػرة‪( :‬وال ػػذين ه ػػاجروا ى س ػػبيل اهلل) (اغبػ ػ ‪ ) 58 :‬أو‬
‫اعبهػػاد‪( :‬وجاهػػدوا ى سػػبيل اهلل) (البقػػرة‪ ) 248 :‬أو القتػػاؿ أو القتػػل‪( :‬يقػػاتلوف ى سػػبيل اهلل‬
‫فيَػ ْقتُلوف ُوي ْقتّلػوف) (التوبػة‪( )44 :‬وال تقولػوا ؼبػن يقتػل ى سػبيل اهلل أمػوات) (البقػرة‪ )454 :‬أو‬
‫اؼبصبصة أو الضرب وما ييبهها‪ .‬فبا اؼبراد بػ "سبيل اهلل" ى آيات القرآف؟‬
‫إف "السبيل" ى اللغة هو الطريق‪ .‬و"سبيل اهلل" هو الطريق اؼبوصػل إَ رشػاخ وم وبتػ وهػو الػذي‬
‫بعػػث النبيػػني ليهػػدوا اػبلػػق إلي ػ وأمػػر متػػام رسػػل بالػػدعوة إلي ػ ‪( :‬ادع إَ سػػبيل رب ػ باغبكبػػة‬
‫واؼبوعظة اغبسنة) (النحل‪ ) 425 :‬وأف يعلن ى الناس‪( :‬هذخ سبيل أدعوا إَ اهلل على بصكة‬
‫أنا ومن اتبع ) (يوسه‪.) 468:‬‬
‫وهناؾ سبيل آمتر مضاد هو سبيل الطاغوت وهو الذي يػدعو إليػ إبلػيس وجنػودخ وهػو الػذي‬
‫ينته بصاحب إَ النار وسص اهلل وقد قاؿ اهلل تعاَ مقارنًا بني الطػريقني وأصػحاهببا‪( :‬الػذين‬
‫آمنوا يقاتلوف ى سبيل اهلل والذين كفروا يقاتلوف ى سبيل الطاغوت) (النساء ‪.) 76‬‬
‫وسبيل اهلل‪ :‬دعات قليلوف وأعداؤخ الصادوف عن ك كوف‪( :‬ينفقوف أمواؽبم ليصدوا عن سػبيل اهلل)‬
‫(األنفاؿ‪( .)36 :‬ومن الناس من ييػ ي ؽبػو اغبػديث ليضػل عػن سػبيل اهلل) (لقبػاف‪( .)6 :‬وإف‬
‫تطػػع أك ػػر مػػن ى األرض يضػػلوؾ عػػن سػػبيل اهلل) (األنعػػاـ‪ .)446 :‬هػػذا إَ أف تكػػاليه هػػذا‬
‫الطريػق ذبعػل أهػواء النفػػوس ـبالفػة لػ صػادة عنػ وؽبػذا جػاء التحػذير مػػن اتبػاع اؽبػوى‪( :‬وال تتبػػع‬
‫اؽبوى فيضل عن سبيل اهلل) (سورة ص‪.)26 :‬‬
‫وإذا كاف أعداء اهلل يبذلوف جهودهم وأمواؽبم ليصدوا عن "سبيل اهلل" فػ ف واجػ أنصػار اهلل مػن‬
‫اؼبؤمنني أف يبذلوا جهودهم وينفقوا أمواؽبم ى "سبيل اهلل" وهذا ما فرش اإلسبلـ ف عل جػزءًا‬
‫من الزكاة اؼبفروشة ىبصل ؽبذا اؼبصرؼ اػبطك " ى سبيل اهلل" ‪ .‬كبا حث اؼبؤمنني بصفة عامة‬
‫على إنفاؽ أمواؽبم ى "سبيل اهلل"‪.‬‬
‫مع "سبيل اهلل" إذا قرف باإلنفاؽ‬

‫واؼبتتبع لكلبة "سبيل اهلل" مقرونة باإلنفاؽ هبد ؽبا معنيني‪:‬‬


‫‪ -4‬مع عاـ ‪ -‬حس مدلوؿ اللفي األصػل ييػبل كػل أنػواع الػ والطاعػات وسػبل اػبػكات‪.‬‬
‫وذل كقول تعاَ‪( :‬م ل الذين ينفقوف أمواؽبم ى سبيل اهلل كب ل حبة أنبتز سبع سنابل ى كل‬
‫سنبلة ما ة حبة واهلل يضاعه ؼبن يياء) (البقرة‪ )264:‬وقولػ ‪( :‬الػذين ينفقػوف أمػواؽبم ى سػبيل‬
‫اهلل ه ال يتبعػػوف مػػا أنفقػوا منًػػا وال أذى ؽبػػم أجػػرهم عنػػد رهبػػم وال متػػوؼ علػػيهم وال هػػم وبزنػػوف)‬
‫(البقرة‪ .)262:‬فلم يفهم أحد من هذخ اآليػة متاصػة أف سػبيل اهلل فيػ مقصػور علػى القتػاؿ ومػا‬
‫يتعلػػق ب ػ بػػدليل ذكػػر اؼبػػن واألذى ونبػػا إمبػػا يكونػػاف عنػػد اإلنفػػاؽ علػػى الفق ػراء وذوي اغباجػػة‬
‫وخباصػػة األذى‪ .‬وكػػذل قول ػ تعػػاَ‪( :‬والػػذين يكنػػزوف الػػذه والفضػػة وال ينفقومػػا ى سػػبيل اهلل‬
‫فبيرهم بعذاب أليم) (التوبة‪ )34 :‬فاؼبراد ب ػ "سػبيل اهلل " ى هػذخ اآليػة اؼبعػ األعػم ‪ -‬كبػا قػاؿ‬
‫اغبػػافي ابػػن ح ػػر (فػػت البػػاري‪ - )472/3 :‬ال متصػػوص القتػػاؿ‪ .‬وإال لكػػاف الػػذي ينفػػق مال ػ‬
‫علػػى الفقػراء واؼبسػػاكني واليتػػامى وابػػن السػػبيل وكبوهػػا ‪ -‬دوف متصػػوص القتػػاؿ ‪ -‬دامتػبلً ى دا ػػرة‬
‫الكانزين واؼببيرين بالعذاب‪.‬‬
‫جزما وال‬‫وزعم بعض اؼبعاصرين‪ :‬أف كلبة " ى سبيل اهلل" إذا قرنز باإلنفاؽ كاف معناها اعبهاد ً‬
‫ربتبل غكخ مطل ًقا (النظاـ االقتصػادي ى اإلسػبلـ ‪ -‬تقػ الػدين النبهػاْ ‪ -‬مػن منيػورات حػزب‬
‫التحريػػر ص ‪ - 268‬الطبعػػة ال ال ػػة)‪ .‬وهػػو زعػػم غػػك مب ػ علػػى االسػػتقراء التػػاـ ؼب ػوارد الكلبػػة ى‬
‫الكتاب العزيز وآيتا البقرة والتوبة اؼبذكورتاف ترداف علي ‪.‬‬
‫‪ -2‬واؼبع ال اْ مع متػاص وهػو نُصػرة ديػن اهلل وؿباربػة أعدا ػ وإعػبلء كلبتػ ى األرض حػك‬
‫ال تكػػوف فتنػػة ويكػػوف الػػدين كلػ هلل‪ .‬والسػػياؽ هػػو الػػذي يبيػػز هػػذا اؼبعػ اػبػػاص مػػن اؼبعػ العػػاـ‬
‫السابق‪ .‬وهذا اؼبع هو الذي هبػ ء بعػد القتػاؿ واعبهػاد م ػل‪" :‬قػاتلوا ى سػبيل اهلل" و "جاهػدوا‬
‫ى سػػبيل اهلل" ومػػن ذلػ قولػ تعػػاَ بعػػد آيػػات القتػػاؿ ى سػػورة البقػػرة‪( :‬وأنفقػوا ى سػػبيل اهلل وال‬
‫تلقوا بأيديكم إَ التهلكػة وأحسػنوا إف اهلل وبػ احملسػنني) (البقػرة‪ .)495 :‬فاإلنفػاؽ هنػا إنفػاؽ‬
‫ى نصرة اإلسبلـ وإعبلء كلبت على أعدا احملاربني ل الصادين عن ‪.‬‬
‫وم ػػل ذلػ قولػ تعػػاَ ى سػػورة اغبديػػد‪( :‬ومػػا لكػػم أال تنفقػوا ى سػػبيل اهلل وهلل مػكاث السػػبوات‬
‫واألرض ال يستوي منكم من أنفق من قبل الفت وقاتل أولئ أعظم درجة من الذين أنفقوا مػن‬
‫بعد وقاتلوا وكبلً وعد اهلل اغبس ) (اغبديد‪ .)46 :‬فالسياؽ يػدؿ علػى أف اإلنفػاؽ هنػا كاإلنفػاؽ‬
‫ى اآلية السابقة‪.‬‬
‫وى سورة األنفاؿ قاؿ تعاَ‪( :‬وأعػدوا ؽبػم مػا اسػتطعتم مػن قػوة ومػن ربػاط اػبيػل ترهبػوف بػ عػدو‬
‫اهلل وعدوكم وآمترين من دومم ال تعلبومم اهلل يعلبهم ومػا تنفقػوا مػن وػ ء ى سػبيل اهلل يػوؼ‬
‫إلػػيكم وأنػػتم ال تظلبػػوف) (األنفػػاؿ‪ .)66 :‬فاؼبقػػاـ يػػدؿ بوشػػوح علػػى أف سػػبيل اهلل ى اآليػػة هػػو‬
‫ؿباربة أعداء اهلل ونصرة دين اهلل كبا صرح بذل اغبديث الصحي ‪( :‬من قاتل لتكوف كلبة اهلل‬
‫ه العليا فهو ى سبيل اهلل) (متفق علي من حديث أل موسى األوعري)‪.‬‬
‫وهػػذا اؼبعػ اػبػػاص هػػو الػػذي يعػ عنػ أحيانًػػا باعبهػػاد والغػػزو‪ .‬وتفسػكنا لػ بنصػػرة اإلسػػبلـ أوَ‬
‫وإال لكاف مضبوف مع ‪" :‬جاهدوا ى سبيل اهلل" جاهدوا ى اعبهاد‬

‫"سبيل اهلل" ى آية مصارؼ الزكاة‬


‫وإذا كاف لسبيل اهلل مع اإلنفػاؽ هػذاف اؼبعنيػاف‪ :‬العػاـ واػبػاص ‪ -‬كبػا ذكرنػا ‪ -‬فبػا اؼبػراد بػ معنػا‬
‫ى اآلية الب حددت مصارؼ الزكاة واإلنفاؽ ملحوظ فيها وإف ٍ يُذكر لفظ ؟‬
‫إف الذي أرجح أف اؼبع العاـ لسبيل اهلل ال يصل أف يراد هنػا؛ ألنػ هبػذا العبػوـ يتسػع عبهػات‬
‫ك ػػكة ال ربصػػر أصػػنافها فضػبلً عػػن أوصاصػػها‪ .‬وهػػذا ينػػاى حصػػر اؼبصػػارؼ ى شبانيػػة‪ .‬كبػػا هػػو‬
‫ظاهر اآلية وكبا جاء عن النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪( : -‬إف اهلل ٍ يػرض حبكػم نػ وال غػكخ‬
‫ى الصػػدقات حػػك حكػػم فيهػػا هػػو ف زأهػػا شبانيػػة أجػزاء) كبػػا أف سػػبيل اهلل بػػاؼبع العػػاـ ييػػبل‬
‫صبيعػػا مػػن الػ وطاعػػة اهلل فبػػا‬
‫إعطػػاء الفقػراء واؼبسػػاكني وبقيػػة األصػػناؼ السػػبعة األمتػػرى؛ ألمػػا ً‬
‫الفرؽ إذف بني هذا اؼبصرؼ وما سبق وما يلحق ؟‬
‫إف كبلـ اهلل البليغ اؼبع ز هب أف يػُنَػزخ عن التكرار بغك فا دة فبلبد أف يراد ب مع متاص يبيزخ‬
‫عن بقيػة اؼبصػارؼ وهػذا مػا فهبػ اؼبفسػروف والفقهػاء مػن أقػدـ العصػور فصػرفوا معػ سػبيل اهلل‬
‫إَ اعبه ػػاد وق ػػالوا‪ :‬إنػ ػ اؼبػ ػراد بػ ػ عن ػػد إط ػػبلؽ اللف ػػي‪ .‬وؽب ػػذا ق ػػاؿ اب ػػن األث ػػك‪ :‬إنػ ػ ص ػػار لك ػػرة‬
‫االستعباؿ في كأن مقصور علي ‪ .‬كبا نقلناخ عن ى أوؿ الفصل‪.‬‬
‫يومػػا مػػع رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل‬‫وفبػػا يؤيػػد مػػا قالػ ابػػن األثػػك‪ .‬مػػا رواخ الطػ اْ‪ :‬أف الصػػحابة كػػانوا ً‬
‫علي ػ وسػػلم‪ -‬ف ػرأوا وػػابًا جلػ ًػدا فقػػالوا‪ :‬لػػو كػػاف وػػباب وجلػػدخ ى سػػبيل اهلل؟! (قػػاؿ اؼبنػػذري ى‬
‫ال غيػ ػ (‪ - 4/3‬طب ػػع اؼبنكي ػػة)‪ :‬رواخ الطػ ػ اْ ورجالػ ػ رج ػػاؿ الص ػػحي )‪ .‬يري ػػدوف ‪ :‬ى اعبه ػػاد‬
‫ونُصرة اإلسبلـ‪.‬‬
‫وصحز أحاديث ك كة عن الرسوؿ وأصحاب تدؿ على أف اؼبعػ اؼبتبػادر لكلبػة "سػبيل اهلل" هػو‬
‫ضبلز على فػرس ى سػبيل اهلل ) ‪ -‬يعػ ى‬ ‫اعبهاد ‪ -‬يقوؿ كقوؿ عبر ى اغبديث الصحي ‪ُ ( :‬‬
‫اعبهػػاد وحػػديث اليػػيصني‪ ( :‬لغػػدوة ى سػػبيل اهلل أو روحػػة متػػك مػػن الػػدنيا ومػػا فيهػػا) وحػػديث‬
‫فرسػػا ى سػػبيل اهلل إيبانًػػا بػػاهلل وتصػػدي ًقا بوعػػدخ ف ػ ف وػػبع وري ػ وروث ػ‬ ‫البصػػاري‪( :‬مػػن احتػػبس ً‬
‫يومػػا ى‬‫وبول ػ ى ميزان ػ يػػوـ القيامػػة) ‪ -‬يع ػ حسػػنات وحػػديث اليػػيصني‪( :‬مػػا مػػن عبػػد يصػػوـ ً‬
‫سػػبيل اهلل إال باعػػد اهلل بػػذل اليػػوـ وجهػ عػػن النػػار سػػبعني متري ًفػػا) وحػػديث النسػػا وال مػػذي‬
‫وحسػػن ‪( :‬مػػن أنفػػق ى سػػبيل اهلل كتبػػز بسػػبعبا ة شػػعه) وحػػديث البصػػاري‪( :‬مػػا اغػ ت قػػدما‬
‫عبد ى سبيل اهلل فتبس النار) (مترج هذخ األحاديث كلها اؼبنذري ى ال غي ‪ -‬اعبزء ال اْ ‪-‬‬
‫كتاب اعبهاد)‪ .‬وغكها ك ك‪.‬‬
‫وٍ يفهم أحد من "سبيل اهلل" فيها إال اعبهاد‪.‬‬
‫فهػػذخ القػرا ن كلهػػا كافيػػة ى تػػرجي أف اؼبػراد مػػن "سػػبيل اهلل" ى آيػػة اؼبصػػارؼ هػػو اعبهػػاد كبػػا‬
‫قػػاؿ اعببهػػور ولػػيس اؼبع ػ اللغػػوي األصػػل وقػػد أيػػد ذل ػ حػػديث‪( :‬ال ربػػل الصػػدقة لغ ػ إال‬
‫ػببسة) ‪ ..‬وذكر منهم الغارـ والغازي ى "سبيل اهلل"‪.‬‬
‫وؽبػػذا أوثػػر عػػدـ التوسػػع ى مػػدلوؿ "سػػبيل اهلل" حبيػػث ييػػبل كػػل اؼبصػػاً والقربػػات‪ .‬كبػػا أرجػ‬
‫عدـ التضييق في حبيث ال يقتصر على اعبهاد دبعناخ العسكري احملض‪.‬‬
‫إف اعبهػػاد قػػد يكػػوف بػػالقلم واللسػػاف كبػػا يكػػوف بالسػػيه والسػػناف‪ .‬قػػد يكػػوف اعبهػػاد فكريًػػا أو‬
‫تربويًا أو اجتباعيًا أو اقتصاديا أو سياسيًا‪ .‬كبا يكوف عسكريًا‪.‬‬
‫وكل هذخ األنواع من اعبهاد ربتاج إَ اإلمداد والتبويل‪.‬‬
‫اؼبهػ ػػم أف يتحقػ ػػق اليػ ػػرط األساس ػ ػ لػ ػػذل كل ػ ػ وهػ ػػو أف يكػ ػػوف "ى سػ ػػبيل اهلل" أي ى نصػ ػػرة‬
‫اإلسػػبلـ وإعػػبلء كلبت ػ ى األرض فكػػل جهػػاد أريػػد ب ػ أف تكػػوف كلبػػة اهلل ه ػ العليػػا فهػػو ى‬
‫سبيل اهلل‪ .‬أيًا كاف نوع هذا اعبهاد وسبلح ‪.‬‬
‫يقػوؿ اإلمػػاـ الطػ ي ى تفسػػك قولػ تعػػاَ‪( :‬وى سػػبيل اهلل)‪" :‬يعػ ‪ :‬وى النفقػػة ى نصػػرة ديػػن اهلل‬
‫وطريقت ووريعت الب ورعها لعبادخ بقتاؿ أعدا ‪ .‬وذل هو غزو الكفار"‪.‬‬
‫واعبػػزء األوؿ مػػن كػػبلـ وػػيمل اؼبفس ػرين واش ػ ومقبػػوؿ وهػػو ييػػبل كػػل نفقػػة ى نصػػرة اإلسػػبلـ‬
‫وجهػػا واحػ ًػدا مػػن أوجػ النصػػرة ؽبػػذا‬
‫وتأييػػد وػريعت أمػػا قتػػاؿ أعػػداء اهلل وغػػزو الكفػػار فلػػيس إال ً‬
‫الدين‪.‬‬
‫فالنصػػرة لػػدين اهلل وطريقتػ ووػريعت تتحقػػق بػػالغزو والقتػػاؿ ى بعػػض األحػواؿ بػػل قػػد يتعػػني هػػذا‬
‫الطريػق ى بعػػض األزمنػة واألمكنػػة لنصػرة ديػػن اهلل‪ .‬ولكػن قػػد يػأن عصػػر ‪ -‬كعصػرنا ‪ -‬يكػػوف فيػ‬
‫أثرا من الغزو اؼبادي العسكري‪.‬‬ ‫متطرا وأعبق ً‬‫الغزو الفكري والنفس أهم وأبعد ً‬
‫فػ ػ ذا ك ػػاف صبه ػػور الفقه ػػاء ى اؼب ػػذاه األربع ػػة ق ػػديبًا ق ػػد حص ػػروا ه ػػذا الس ػػهم ى ذبهي ػػز الغػ ػزاة‬
‫واؼبرابطني على ال غور وإمدادهم دبػا وبتػاجوف إليػ مػن متيػل وكػراع وسػبلح‪ .‬فػنحن نضػيه إلػيهم‬
‫ى عصرنا غزاة ومرابطني من نػوع آمتػر‪ .‬أولئػ الػذين يعبلػوف علػى غػزو العقػوؿ والقلػوب بتعػاليم‬
‫اإلسػػبلـ والػػدعوة إَ اإلسػػبلـ‪ .‬أولئ ػ هػػم اؼبرابطػػوف جبهػػودهم وألسػػنتهم وأقبلمهػػم للػػدفاع عػػن‬
‫عقا د اإلسبلـ وورا ع اإلسبلـ‪.‬‬
‫ودليلنا على هذا التوسع ى مع اعبهاد‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أف اعبهػػاد ى اإلسػػبلـ ال ينحصػػر ى الغػػزو اغبػػرل والقتػػاؿ بالسػػيه فقػػد صػ عػػن النػ ‪-‬‬
‫صلى اهلل علي وسلم‪ -‬أف سئل‪ :‬أي اعبهاد أفضل؟ فقاؿ‪( :‬كلبة حػق عنػد سػلطاف جػا ر) (رواخ‬
‫أضبد والنسػا والبيهقػ ى اليػع والضػياء اؼبقدسػ عػن طػارؽ بػن وػهاب وقػاؿ اؼبنػذري بعػد‬
‫عزوخ للنسا ‪ :‬إسنادخ صحي (التيسك للبناوي ‪.)482/4‬‬
‫كبػػا روى مسػػلم ى صػػحيح عػػن ابػػن مسػػعود أف رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬قػػاؿ‪( :‬مػػا‬
‫مػػن ن ػ بع ػ اهلل ى أمػػة قبل ػ إال كػػاف ل ػ مػػن أمت ػ حواريػػوف وأصػػحاب يأمتػػذوف بسػػنت ويقتػػدوف‬
‫بػػأمرخ ه إمػػا زبلػػه مػػن بعػػدهم متلػػوؼ يقولػػوف مػػا ال يفعلػػوف ويفعلػػوف مػػا ال يػػؤمروف‪ .‬فبػػن‬
‫جاهػػدهم بيػػدخ فهػػو مػػؤمن ومػػن جاهػػدهم بلسػػان فهػػو مػػؤمن ومػػن جاهػػدهم بقلبػ فهػػو مػػؤمن‬
‫وليس وراء ذل من اإليباف حبة متردؿ)‪.‬‬
‫ويقوؿ الرسوؿ ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( :-‬جاهدوا اؼبيػركني بػأموالكم وأنفسػكم وألسػنتكم) (رواخ‬
‫أضبػػد وأبػػو داود والنسػػا وابػػن حبػػاف واغبػػاكم عػػن أنػػس وقػػاؿ‪ :‬صػػحي وأقػػروخ كبػػا ى التيسػػك‬
‫(‪.)485/4‬‬
‫ثانيًػػا‪ :‬أف م ػػا ذكرن ػػاخ م ػػن ألػ ػواف اعبه ػػاد والني ػػاط اإلس ػػبلم ل ػػو ٍ يك ػػن دامت ػبلً ى مع ػ اعبه ػػاد‬
‫بالنل لوج إغباق ب بالقياس‪ .‬فكبلنبا عبػل يقصػد بػ نصػرة اإلسػبلـ والػدفاع عنػ ومقاومػة‬
‫أعدا وإعبلء كلبت ى األرض‪.‬‬
‫وق ػػد رأين ػػا م ػػن فقه ػػاء اؼبس ػػلبني م ػػن أغب ػػق بالع ػػاملني عل ػػى الزك ػػاة م ػػن يعب ػػل ى مص ػػلحة عام ػػة‬
‫للبس ػػلبني‪ .‬ق ػػاؿ ابػػن رو ػػد‪ :‬والػػذين أجازوه ػػا للعامػػل وإف ك ػػاف غنيًػػا أجازوه ػػا للقضػػاة وم ػػن ى‬
‫معناهم فبن اؼبنفعة هبم عامة للبسلبني (بداية اةتهد‪ - 276/4 :‬طبع اغبل )‪.‬‬
‫كبػا رأينػػا مػن فقهػػاء اغبنفيػة مػػن أغبػق بػػابن السػػبيل كػل مػػن هػو غا ػ عػن مالػ غػك قػػادر عليػ‬
‫وإف كاف ى بلدخ؛ ألف اؼبعت هو اغباجة وقد وجدت‪.‬‬
‫فػػبل ع ػ أف نلحػػق باعبهػػاد ‪ -‬دبعػ القتػػاؿ ‪ -‬كػػل مػػا يػػؤدي غرشػ ويقػػوـ دبهبتػ مػػن قػػوؿ أو‬
‫فعل؛ ألف العلة واحدة وه نصرة اإلسبلـ‪.‬‬
‫ومن قبػل رأينػا للقيػاس مػدمتبلً ى ك ػك مػن أبػواب الزكػاة‪ .‬وٍ قبػد مػذهبًا إال قػاؿ بػ ى صػورة مػن‬
‫الصور‪.‬‬
‫وبذل يكوف ما امت ناخ هنا ى مع "سبيل اهلل" هو رأي اعببهور مع بعض التوسعة ى مدلول ‪.‬‬
‫وأود أف أنب هنا على أف بعض األعباؿ واؼبيروعات قد تكػوف ى بلػد مػا وزمػن مػا وحالػة مػا ‪-‬‬
‫جهادا ى سبيل اهلل وال تكوف كذل ى بلد آمتر أو وقز آمتر أو حاؿ أمترى‪.‬‬ ‫ً‬
‫ف ني ػػاء مدرسػػة ى الظ ػػروؼ العاديػػة عب ػػل ص ػػاً وجه ػػد مي ػػكور وبب ػػذخ اإلس ػػبلـ ولكن ػ ال يع ػػد‬
‫ػادا‪ .‬ف ػ ذا كػػاف بلػػد قػػد أصػػب في ػ التعلػػيم وأصػػبحز اؼبؤسسػػات التعليبيػػة ى يػػد اؼببي ػرين أو‬ ‫جهػ ً‬
‫الييوعيني أو البلدينيػني العلبػانيني فػ ف مػن أعظػم اعبهػاد إنيػاء مدرسػة إسػبلمية متالصػة تعلرػم‬
‫أبناء اؼبسلبني وربصنهم من معاوؿ التصري الفكري واػبُلُقػ ورببػيهم مػن السػبوـ اؼبنفوثػة ى‬
‫اؼبناه والكت وى عقوؿ اؼبعلبني وى الروح العامة الب توج اؼبدارس والتعليم كل ‪.‬‬
‫وم ل ذل يقاؿ ى إنياء مكتبة إسبلمية للبطالعة ى مواجهة اؼبكتبات اؽبدامة‪.‬‬
‫وكذل إنياء مستيػفى إسػبلم لعػبلج اؼبسػلبني وإنقػاذهم مػن اسػتغبلؿ اإلرسػاليات التبيػكية‬
‫أثرا‪.‬‬
‫متطرا وأبعد ً‬
‫اعبيعة اؼبضللة وإف كانز اؼبؤسسات الفكرية وال قافية تظل أود ً‬
‫أين يصرؼ سهم "سبيل اهلل" ى عصرنا ؟‬

‫رأينا فيبا سبق أف القوؿ اؼبيهور واؼبعتبػد ى اؼبػذاه األربعػة‪ :‬أف سػبيل اهلل معنػاخ الغػزو واعبهػاد‬
‫باؼبع العسكري اغبػرل‪ .‬وبعبػارة أمتػرى‪ :‬سػبيل اهلل هػ اغبػرب اإلسػبلمية م ػل حػروب الصػحابة‬
‫والتابعني ؽبم ب حساف الب متاشوها باسم اهلل‪ .‬وربز راية القرآف وهدفهم أف ىبرجوا النػاس مػن‬
‫عبادة اػبلق إَ عبادة اهلل وحدخ ومن شيق العيو إَ سعة اغبيػاة ومػن جػور األديػاف إَ عػدؿ‬
‫اإلسبلـ‪.‬‬
‫ويتصػػور بعػػض النػػاس أف هػػذخ اغبػػرب لػػيس ؽبػػا وجػػود اليػػوـ وٍ يكػػن ؽبػػا وجػػود منػػذ أمػػد طويػػل‪.‬‬
‫واغبروب الب تندلع ى أوطاف اؼبسلبني اليوـ ومنػذ زمػن ليسػز حروبًػا إسػبلمية ىبوشػها مسػلبوف‬
‫شد كفار إمبا ه حروب وطنية قومية ىبوشها قوـ شد من اعتدوا على وطنهم أو قومهم‪ .‬فه‬
‫إذف حػػروب دنيويػػة ال صػػلة ؽبػػا بالػػدين‪ .‬وؽبػػذا ال تعت ػ "ى سػػبيل اهلل" فػػبل وبػػل للبسػػلم صػػرؼ‬
‫الزكاة إليها‪.‬‬
‫هذا ما يتصورخ بعض اؼبسلبني ويقولون ‪ .‬وهو كبلـ وبتاج إَ ربقيق وسبحيل حك يعرؼ صواب‬
‫من متطئ ‪.‬‬
‫ػورا ى الصػ ػػورة الػ ػػب عرفػ ػػز ى ح ػ ػػروب‬‫إف اغبػ ػػرب ا ٍإلسػ ػػبلمية أو اعبهػ ػػاد اإلسػ ػػبلم ل ػ ػػيس ؿبصػ ػ ً‬
‫الصػػحابة تل ػ اغبػػروب الػػب وػػنز إلزالػػة القػػوى الطاغيػػة اؼبت ػ ة الػػب صػػدت عػػن سػػبيل اهلل‬
‫بالعنه وقاومز دعوة اهلل بالسػيه وقتلػز دعاهتػا بػالظلم والغػدر‪ .‬تلػ اغبػروب الػب ٍ يعػرؼ‬
‫الت ػػاريمل ؽب ػػا م ػػيبلً ى غاياهت ػػا وال ى آداهب ػػا وال ى نتا ه ػػا وآثاره ػػا‪ .‬فق ػػد كان ػػز حروبًػػا لتحري ػػر‬
‫عبيدا ؽبم‪.‬‬
‫اليعوب من تسل اؼبتأؽبني والطواغيز الذين أرادوا أف يتصذوا عباد اهلل ً‬
‫إمػػا صػػورة را عػػة ‪ -‬وال و ػ ‪ -‬للحػػرب اإلسػػبلمية ولل هػػاد اإلسػػبلم ولكنهػػا ليسػػز الصػػورة‬
‫الوحيػػدة‪ .‬فقػػد وػػهد التػػاريمل اإلسػػبلم حروبًػػا ومعػػارؾ أمتػػرى وقػػه فيهػػا اإلسػػبلـ وأهل ػ موقػػه‬
‫الػػدفاع عػػن الػػذات واغبرمػػات واألرض واؼبقدسػػات‪ .‬وقامػػز معػػارؾ لئلسػػبلـ مػػع أعدا ػ ال تقػػل‬
‫قدسية عن معارؾ الصحابة والتابعني‪ .‬تل اؼبعارؾ الب ؼبعز فيها أظباء عباد الدين زنك ونػور‬
‫الدين ؿببود وصبلح الدين وقطز والظػاهر بيػ س وغػكهم‪ .‬إمػا معػارؾ حطػني وبيػز اؼبقػدس‬
‫وعني جالوت وغكها‪ .‬معارؾ إنقاذ األرض اإلسبلمية من أيدي التتار والصليبيني الغزاة‪.‬‬
‫وإذا كاف جهاد الصحابة والتابعني من أجل دعوة اإلسػبلـ فػ ف جهػاد نػور الػدين وصػبلح الػدين‬
‫وقط ػػز م ػػن أج ػػل دار اإلس ػػبلـ‪ .‬واعبه ػػاد كب ػػا يف ػػرض غبباي ػػة العقي ػػدة اإلس ػػبلمية يف ػػرض غبباي ػػة‬
‫األرض اإلسبلمية‪ .‬والعقيد اإلسبلمية كاألرض اإلسبلمية كلتانبا هب أف ربفي وتصاف مػن كػل‬
‫عدواف‪.‬‬

‫وإمبػػا نزلػػز األرض هػػذخ اؼبنزلػػة وجعػػل الػػدفاع عنهػػا عبػػادة وفريضػػة مقدسػػة ؛ ألمػػا "دار اإلسػػبلـ"‬
‫وضبػػاخ ووعػػاؤخ‪ .‬ال ؾبػػرد أمػػا أرض اآلبػػاء واألجػػداد‪ .‬فاؼبسػػلم قػػد يه ػػر وطػػن آبا ػ وأجػػدادخ علػػى‬
‫حب ل وتعلق ب إذا ٍ يكن لئلسبلـ في راية ترفع‪ .‬وال كلبة تسبع كبا فعل الرسػوؿ وأصػحاب‬
‫حني تركوا مكة مهاجرين ى سبيل اهلل‪.‬‬

‫ربرير أرض اإلسبلـ من حكم الكفار‬

‫وال و أف من أهم ما ينطبق علي مع اعبهاد ى عصرنا هػو‪ :‬العبػل لتحريػر األرض اإلسػبلمية‬
‫من حكم الكفار الذين استولوا عليهػا وأقػاموا فيهػا حكبهػم بػدؿ حكػم اهلل‪ .‬سػواء أكػاف هػؤالء‬
‫يهودا أو نصارى أـ وثنيني أو ملحدين ال يدينوف بدين فالكفر كل ملة واحدة‪.‬‬ ‫الكفار ً‬
‫فالرأظبػػاُ واليػػيوع والغػػرل واليػػرق والكتػػال والبلدي ػ كلهػػم س ػواء ى وجػػوب ؿبػػاربتهم إذا‬
‫احتلوا جزءًا من ديار اإلسػبلـ يقػوـ بػذل أدّ الػببلد إَ هػذا اعبػزء يعػاومم األقػرب فػاألقرب‬
‫صبيعا إف ٍ تقم الكفاية إال باعببيع‪.‬‬ ‫حس اغباجة إَ أف ييبل الوجوب اؼبسلبني ً‬
‫وٍ يبتل اؼبسلبوف ى عصر كبا ابتلوا اليوـ بوقوع ك ك من ديارهم ى قبضة الكفرة اؼبسػتعبرين‪.‬‬
‫وى مقدمة هػذخ الػديار‪ :‬فلسػطني الػب ُسػلر َ عليهػا وػذاذ اآلفػاؽ مػن اليهػود‪ .‬وم ػل ذلػ كيػبك‬
‫ال ػػب تس ػػل عليه ػػا اؽبن ػػدوس اؼبي ػػركوف وأري ي ػػا واغببي ػػة وتي ػػاد والص ػػوماؿ الغ ػػرل وق ػ ص ال ػػب‬
‫تسػػلطز عليهػػا الصػػليبية اغباقػػدة اؼبػػاكرة وم ػػل ذلػ ظبرقنػػد وخبػػارى وطيػػقند وأزبكسػػتاف وألبانيػػا‬
‫وغكها من الببلد اإلسبلمية العريقة الب تسلطز عليها الييوعية اؼبلحدة الطاغية‪.‬‬
‫واس داد هذخ الببلد كلها وزبليصها من براثن الكفر وأحكاـ الكفار واج على كافة اؼبسلبني‬
‫بالتضامن وإعبلف اغبرب اؼبقدسة إلنقاذها فريضة إسبلمية‪.‬‬
‫ف ػ ذا قامػػز حػػرب ى أي جػػزء مػػن هػػذخ األج ػزاء هبػػذا القصػػد وؽبػػذخ الغايػػة‪ :‬زبلػػيل البلػػد مػػن‬
‫أحكاـ الكفر وطغياف الكفرة فهػ ‪ -‬بػبل نػزاع ‪ -‬جهػاد ى سػبيل اهلل هبػ أف ُيبػوؿ ويُعػاف وأف‬
‫يُدفع ل قس من ماؿ الزكاة يقل ويك ر حس حصيلة الزكاة من جهة وحس حاجة اعبهػاد‬
‫مػػن جهػػة ثانيػػة وحسػ حاجػػة سػػا ر اؼبصػػارؼ األمتػػرى وػػدة وشػػع ًفا مػػن جهػػة ثال ػػة وكػػل هػػذا‬
‫موكوؿ ألهل اغبل والعقد وذوي الرأي واليورى من اؼبسلبني إف وجدوا‪.‬‬

‫ليس كل قتاؿ ى سبيل اهلل‬

‫أيضػػا‪ :‬أف بعػػض اؼبسػػلبني وبسػػبوف أف كػػل مػػن ضبػػل السػػبلح فبػػن‬
‫ولكػػن فبػػا هب ػ التنبي ػ علي ػ ً‬
‫يتسػػبوف بأظبػػاء اؼبسػػلبني يعتػ ى " سػػبيل اهلل " أيًػػا كانػػز وجهتػ وغايتػ ووػػعارخ ورايتػ سػواء‬
‫مت ػػاض اؼبعرك ػػة باس ػػم اهلل أـ باس ػػم غ ػػكخ م ػػن اؼبصل ػػوقني وسػ ػواء أكان ػػز الراي ػػة ال ػػب يقات ػػل ربته ػػا‬
‫إس ػػبلمية أـ جاهلي ػػة‪ .‬ف ػػبل ف ػػرؽ عن ػػدهم ب ػػني اغب ػػرب اإلس ػػبلمية واغب ػػرب القومي ػػة أو الوطني ػػة أو‬
‫الطبقية!‬
‫وال ػػذي نؤك ػػدخ‪ :‬أف اغب ػػرب إمب ػػا تك ػػوف " ى س ػػبيل اهلل " إذا ارتبط ػػز ب ػػدوافع إس ػػبلمية وأه ػػداؼ‬
‫إسػػبلمية‪ .‬أعػ أف تكػػوف حربًػػا لنصػػرة ديػػن اهلل وإعػػبلء كلبتػ والػػدفاع عػػن دار اإلسػػبلـ وكرامػػة‬
‫اإلسبلـ‪ .‬وهذا هو الذي يبيز اغبرب اإلسبلمية من غكها‪.‬‬
‫فػ ذا أمتليػػز اغبػػرب مػػن هػػذا العنصػػر الروحػ فقػػد أصػػبحز حربًػػا دنيويػػة عاديػػة كػػالب ىبوشػػها‬
‫صبيعا حك اؼببلحدة والبلدينيوف‪.‬‬ ‫الناس ً‬
‫ف ػ ذا قامػػز حػػرب مػػن هػػذا النػػوع ال مكػػاف فيهػػا هلل ‪ -‬جػػل وػػأن ‪ -‬وال لدين ػ وال لكتاب ػ وال‬
‫لرسول فبل هبوز أف يصرؼ فيها درهم واحد من ماؿ الزكاة بزعم أما " ى سبيل اهلل "‬
‫لنفػػرض أف صباعػػة ‪ -‬مػ بلً ‪ -‬مػػن اليػػيوعيني األلبػػانيني أو األزبكسػػتانيني قػػاموا لتحريػػر ببلدهػػم ‪-‬‬
‫اإلسبلمية األصل ‪ -‬من الييوعيني الروس وحاربوا من أجل ذل فهل تُػ َع ُّد هػذخ اغبػرب جه ً‬
‫ػادا‬
‫ى سػػبيل اهلل هبػػوز أف يػػدفع ؽبػػا مػػن أم ػواؿ الزكػػاة؛ ألمػػا حػػرب لتحريػػر أرض إسػػبلمية مػػن أيػػدي‬
‫أجان روس مستعبرين؟‬
‫قطع ػػا ب ػػالنف ؛ ألف الي ػػيوع األزبكس ػػتاْ كالي ػػيوع الروس ػ ى نظ ػػر اإلس ػػبلـ فه ػ‬ ‫واعب ػواب ً‬
‫تتحرر من سلطاف طاغوت لتقع ى سلطاف طاغوت آمتر‪.‬‬
‫صبيعػػا طواغيػػز أو أوليػػاء للطػػاغوت إمبػػا‬ ‫وال ع ػ ة بػػامتتبلؼ اعبنسػػيات أو األوطػػاف مػػا دام ػوا ً‬
‫جهادا إذا قػاـ هبػا مسػلبوف نبهػم أف يطػردوا حكػم الكفػر ليقيبػوا مكانػ‬ ‫تكوف م ل هذخ اغبرب ً‬
‫حكم اإلسبلـ ويسقطوا راية اعباهلية لكفعوا مكاما راية التوحيد‪.‬‬
‫إف اإلسبلـ ال يقػدس مطلػق اعبهػاد والقتػاؿ ولكنػ يقػدس اعبهػاد والقتػاؿ إذا كػاف ى سػبيل اهلل‬
‫دفاع ػػا ع ػػن أنفس ػػهم‬
‫فالن ػػاس ‪ -‬ك ػػل الن ػػاس ‪ -‬يق ػػاتلوف وهباه ػػدوف ويب ػػذلوف األنف ػػس واألم ػ ػواؿ ً‬
‫وحرماهتم وأوطامم حك الف ار ومػن ال ديػن ؽبػم يقػدموف روا ػع مػن البطػوالت والتضػحيات ى‬
‫سبيل الدفاع عن ديارهم وأقوامهم وال يعتد بي ء من ذل عند اهلل‪.‬‬
‫إمبا يتبيز اؼبؤمنوف عن غكهم من اؼبقػاتلني واةاهػدين بػأمم هباهػدوف ى سػبيل اهلل ويقػاتلوف ى‬
‫سبيل اهلل‪ .‬هذا هو وعارهم وهذخ ه غايتهم‪.‬‬
‫فهػػذخ الغايػػة الكريبػػة اؼبقدسػػة ه ػ الػػب قدسػػز جهػػادهم وح ػرهبم وجعلت ػ مػػن أعظػػم العبػػادات‬
‫والقربات إَ اهلل‪.‬‬
‫ف ذا قاتل اؼبسلم لتحرير أرض فهو ال يقاتل ليحل فيها جنس مكاف جنس أو طبقة ؿبل طبقة‬
‫إمبػػا يقاتػػل ليطػػرد منهػػا حكػػم غػػك اهلل وليقػػوـ فيهػػا حكػػم اهلل ويسػػود فيهػػا وػػرع اهلل وتعلػػو كلبػػة‬
‫اهلل‪.‬‬
‫ؿبضػا‪ .‬حربًػا ى سػبيل‬ ‫وبدوف هذا اؼبع يفقد القتاؿ نسػب وصػلت باإلسػبلـ ويصػب حربًػا دنيويػة ً‬
‫الطني ال ى سبيل الدين وما أعظم الفرؽ بني اغبربني !‬
‫ػاٍ اؼبسػػلم اليػػحي بدين ػ أف يفػػب بأن ػ " سػػبيل اهلل "‬ ‫وإف قتػػاالً مػػن هػػذا النػػوع ال يسػػتطيع العػ ِ‬
‫وهبػوز للبسػلبني أف يػدفعوا فيػ فريضػة زكػاهتم‪ .‬وردبػا كػاف الػذين وببلػوف السػبلح فيػ أوػد عػػداوة‬
‫لئلسبلـ من الكفار األصليني‪.‬‬
‫جالسػػا مػػع‬
‫متػػرج أبػػو ؿببػػد عبػػد الغػ اغبػػافي بسػػندخ عػػن عبػػد الػػرضبن بػػن أل نعػػم قػػاؿ ( كنػػز ً‬
‫عبد اهلل بن عبر فأتت امرأة فقالز ل ‪ :‬يا أبا عبػد الػرضبن ‪ ..‬إف زوجػ أوصػى دبالػ ى سػبيل اهلل‬
‫! قػػاؿ ابػػن عبػػر‪ :‬فهػػو كبػػا قػػاؿ ى سػػبيل اهلل ! فقلػػز (القا ػػل ابػػن أل ْنعػػم) ‪ :‬مػػا زدهتػػا فيبػػا‬
‫غبا (يع أن ٍ هببها جوابًػا وػافيًا يروبهػا فيبػا سػألز عنػ )‪ .‬قػاؿ‪ :‬فبػا تػأمرْ يػا‬ ‫سألز عن إال ً‬
‫ابػػن أل نعػػم؟ آمرهػػا أف تدفع ػ إَ هػػؤالء اعبيػػوش الػػذين ىبرجػػوف فيعتػػدوف ى األرض ويقطعػػوف‬
‫السبيل ؟! قلز‪ :‬فبا تأمرها؟ قاؿ آمرهػا أف تدفعػ إَ قػوـ صػاغبني إَ ح ػاج بيػز اهلل اغبػراـ‬
‫أولئ وفد الرضبن أولئ وفد الرضبن‪ .‬أولئ وفد الرضبن) (تفسك القرط ‪ .485/8 :‬ويبػدو أف‬
‫هػػذخ القصػػة هػ أصػػل مػػا روي عػػن ابػػن عبػػر‪ :‬أف اغبػ مػػن سػػبيل اهلل‪ .‬حسػػببا يُفهػػم مػػن سػػياؽ‬
‫القرط ؽبا‪ .‬وكبلـ ابن عبر يدؿ على أف سبيل اهلل إذا أطلق يفهم منػ اعبهػاد ولكنػ صػرفها عػن‬
‫هذا اؼبتبادر ؼبا رأى من اكبراؼ أهل اعبهاد وفسادهم)‪.‬‬
‫وإذا كػػاف ابػػن عبػػر ‪-‬رشػ اهلل عنهبػػا‪ -‬ربػػرج أف هبعػػل عبػػل اعبيػػوش ى زمنػ ى سػػبيل اهلل ‪-‬مػػع‬
‫أف اعبيػػوش ى ذلػ العصػػر ٍ يكػػن ؽبػػا رايػػة غػػك اإلسػػبلـ وال وجهػػة غػػك اإلسػػبلـ حػػك جيػػوش‬
‫جيووا ال يُذكر فيهػا اسػم اهلل وال اسػم اإلسػبلـ وال‬ ‫اػبوارج أنفسهم‪ -‬فكيه لو رأى ابن عبر ً‬
‫جيووا يقوـ توجيهها كلػ علػى أسػاس علبػاْ‬ ‫تكاد تقاـ فيها صبلة أو عبادة هلل؟ وكيه لو رأى ً‬
‫ال مكػػاف في ػ هلل وال لكتاب ػ وال لرس ػول وال لدين ػ فه ػ ترفػػع وػػعارات جاهليػػة وسب ػػد الكفػػر‬
‫يومػػا إال لتتصػػذخ أداة لتقويػػة‬ ‫وأهل ػ وتسػػصر مػػن الػػدين ودعات ػ ‪ .‬وال تفكػػر ى االذبػػاخ إَ الػػدين ً‬
‫الروح أو إثارة اغبباس !‬
‫نعود فنقوؿ‪ :‬إف كل قتاؿ يقوـ ربػز رايػة غػك رايػة اإلسػبلـ وؽبػدؼ غػك نصػرة اإلسػبلـ والػدفاع‬
‫عن حرمات قتاؿ غك إسبلم ومن اةازفة بالدين أف يقاؿ عن ‪ :‬ى سبيل اهلل‪.‬‬
‫ودليلنا على ذل ما رواخ اعبباعة عن أل موسى قاؿ ‪ :‬سئل رسوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪-‬‬
‫عػػن الرجػػل يقاتػػل و ػ اعة والرجػػل يقاتػػل ضبيػػة والرجػػل يقاتػػل ريػػاءً فػػأي ذل ػ ى سػػبيل اهلل؟‬
‫فقػػاؿ‪( :‬م ػػن قات ػػل لتكػػوف كلبػػة اهلل ه ػ العليػػا فه ػػو ى س ػػبيل اهلل) (ذكػػرخ ى اؼبنتقػػى‪ .‬انظ ػػر ني ػػل‬
‫األوطار‪ - 227 - 226/7 :‬طبع مصطفى اغبل ‪ -‬طبعة ثانية)‪.‬‬
‫فهػذا هػو اؼبعيػار الفاصػل بػػني جهػاد اإلسػبلـ ومعػارؾ اعباهليػة‪ .‬وهػػذا هػو الفػارؽ بػني سػػبيل اهلل‬
‫وسبيل الطاغوت‪" :‬من قاتل لتكوف كلبة اهلل ه العليا فهػو ى سػبيل اهلل" واؼبػراد ب ػ "كلبػة اهلل"‬
‫دعوة اهلل إَ اإلسبلـ (اؼبصدر السابق)‪.‬‬
‫ول ػػيس اؼبس ػػلم مطالبً ػػا أف ينقػ ػ ع ػػن قل ػػوب الن ػػاس وإمب ػػا وبك ػػم عل ػػيهم أفػ ػر ًادا ومنظب ػػات وف ًق ػػا‬
‫الذباهػػاهتم العامػػة ووػػعاراهتم اؼبرفوعػػة ورايػػاهتم اؼبنصػػوبة وبيانػػاهتم اؼبعلنػػة وأمػػا النيػػات اػبفيػػة‬
‫والبواعث الباطنية لدى كل فرد فأمرها موكوؿ إَ اهلل تعاَ‪.‬‬
‫وهبػػذا البيػػاف نعلػػم أف القػػوؿ بػػأف كػػل قتػػاؿ ى هػػذا العصػػر لػػيس ب سػػبلم ولػػيس ى سػػبيل اهلل ‪-‬‬
‫ألن ليس كقتاؿ الصحابة ‪ -‬متطأ وهتور‪ .‬كبا أف القوؿ بػأف كػل قتػاؿ يقػوـ ى بػبلد اؼبسػلبني ‪-‬‬
‫مهبػا تكػػن أهػداؼ أهلػ ووػعاراهتم وأفكػػارهم واذباهػاهتم ‪ -‬قتػػاؿ ى سػبيل اهلل هػػو أيضػاً متطػػأ‬
‫وؾبازفة‪.‬‬
‫فعلػػى علبػػاء اؼبسػػلبني ى هػػذا العصػػر أف يتق ػوا اهلل ى فتػػاويهم ويتحػػروا اغبػػق حػػك ال يضػػيعوا‬
‫أم ػ ػواؿ اؼبسػ ػػلبني ى تأييػ ػػد أنػ ػػاس يعػ ػػادوف اإلسػ ػػبلـ سػ ػ ًػرا وعبلنيػ ػػة ويصػ ػػفوف أحكام ػ ػ بالبدا يػ ػػة‬
‫والوحيية كبا يصبوف دعات بالتأمتر والرجعية فردبا كػاف هػؤالء "اؼبسػلبوف باألظبػاء" أشػر علػى‬
‫دين اإلسبلـ من اليهود والنصارى‪.‬‬

‫السع إلعادة حكم اإلسبلـ جهاد ى سبيل اهلل‬

‫وأحق ما ينبغ أف يصرؼ إليػ سػهم ى " سػبيل اهلل " ى عصػرنا مػا ذكػرخ العبلمػة اؼبصػل السػيد‬
‫رويد رشا ‪-‬رضب اهلل‪ -‬حيث اق ح تأليه صبعية فبن بقى من أهل الدين واليرؼ من اؼبسػلبني‬
‫تػػنظم صب ػػع الزكػػاة م ػػنهم وتصػػرفها ‪ -‬قب ػػل كػػل و ػ ء ‪ -‬ى مصػػاً اؼب ػرتبطني هبػػذخ اعببعيػػة دوف‬
‫غكهم‪ .‬قػاؿ‪" :‬وهبػ أف يراعػى ى تنظػيم هػذخ اعببعيػة‪ :‬أف لسػهم "سػبيل اهلل" مصػرفًا ى السػع‬
‫إلعػػادة حكػػم اإلسػػبلـ وهػػو أهػػم مػػن اعبهػػاد غبفظ ػ ‪ -‬ى حػػاؿ وجػػودخ ‪ -‬مػػن عػػدواف الكفػػار‬
‫ومصرفًا آمتر ى الدعوة إلي والدفاع عن باأللسنة واألقبلـ إذا تعذر الدفاع عن بالسيوؼ واألسػنة‬
‫وألسنة النكاف" (تفسك اؼبنار‪ - 598/46 :‬طبعة ثانية)‪.‬‬
‫صبيعا‪ .‬وهب على دعػاة‬ ‫هذا الكبلـ البصك يدؿ على فق عبيق وفهم دقيق لئلسبلـ وللحياة ً‬
‫فهبا وتطبي ًقا‪ .‬ف ف مػن الببلهػة أف تؤمتػذ أمػواؿ اؼبتػدينني لتنفػق‬ ‫اإلسبلـ أف يعضوا علي بالنواجذ ً‬
‫على اؼببلحدة واؼبتحللني والعلبانيني !‬
‫أج ػػل إف أه ػػم وأوؿ م ػػا يعتػ ػ اآلف " س ػػبيل اهلل " ه ػػو العب ػػل اعب ػػاد الس ػػتئناؼ حي ػػاة إس ػػبلمية‬
‫صحيحة تطبق فيها أحكاـ اإلسبلـ كل ‪ :‬عقا د ومفاهيم ووعا ر وورا ع وأمتبلقًا وتقاليد‪.‬‬
‫ونع ػ ػ بالعب ػػل اعب ػػاد‪ :‬العب ػػل اعبب ػػاع اؼب ػػنظم اؽب ػػادؼ لتحقي ػػق نظ ػػاـ اإلس ػػبلـ وإقام ػػة دول ػػة‬
‫اإلسبلـ وإعادة متبلفة اإلسبلـ وأمة اإلسبلـ وحضارة اإلسبلـ‪.‬‬
‫إف هػػذا اةػػاؿ هػػو ى اغبقيقػػة أوجػ وأوَ مػػا ينبغػ أف يصػػرؼ فيػ الغيػػوروف علػػى اإلسػػبلـ زكػػاة‬
‫أمػ ػواؽبم وعام ػػة ت ع ػػاهتم فػ ػ ف أك ػػر اؼبس ػػلبني ‪ -‬لؤلس ػػه ‪ ٍ -‬يفهبػ ػوا بع ػػد أنبي ػػة ه ػػذا اة ػػاؿ‬
‫وشػػرورة تأييػػدخ بػػالنفس واؼبػػاؿ ووجػػوب إي ػػارخ بكػػل عػػوف مسػػتطاع‪ .‬علػػى حػػني ال تعػػدـ سػػا ر‬
‫اؼبصارؼ من يبد ؽبا يد اؼبساعدة من الزكاة وغك الزكاة‪.‬‬

‫صور متنوعة لل هاد اإلسبلم ى عصرنا‬

‫وإذا كنا قد امت نا أف اعبهاد اإلسبلم ال ينحصر ى اعبان اؼبادي العسكري وحدخ وأن يتسع‬
‫ألنواع أمترى من اعبهاد لعل اؼبسلبني أك ر حاجة إليها اليوـ من غكهػا ف ننػا نسػتطيع أف نضػع‬
‫عدة صور وأم لة لل هاد اإلسبلم اؼبنيود ى هذا العصر‪.‬‬
‫وقبل عرض هذخ الصور واألم لة أح أف أوش حقيقة ؽبا أنبيتها هنا‪.‬‬
‫هػػذخ اغبقيقػػة هػ ‪ :‬أف عػ ء ذبهيػػز اعبيػػوش النظاميػػة وتسػػليحها واإلنفػػاؽ عليهػػا قػػد كػػاف ‪ -‬منػػذ‬
‫ف ػػر اإلسػػبلـ ‪ -‬ؿببػػوالً علػػى اػبزانػػة العامػػة للدولػػة اإلسػػبلمية ال علػػى أمػواؿ الزكػػاة‪ .‬فكػػاف يُنفػػق‬
‫علػػى اعبيػػوش والسػػبلح واؼبقاتلػػة مػػن أم ػواؿ الف ػ ء واػب ػراج وكبوهػػا‪ .‬وإمبػػا يصػػرؼ مػػن الزكػػاة علػػى‬
‫بعض األمور التكبيلية كالنفقة على اةاهدين اؼبتطوعني وكبو ذل ‪.‬‬
‫وكػػذل نػػرى ميزانيػػة اعبيػػوش والػػدفاع ى عص ػرنا فعبؤهػػا يقػػع علػػى كاهػػل اؼبيزانيػػة العامػػة؛ ألمػػا‬
‫تتطل ػ نفقػػات ها لػػة تنػػوء هبػػا حصػػيلة الزكػػاة‪ .‬ولػػو أف الزكػػاة ُضبرلػػز م ػػل هػػذخ النفقػػات لكانػػز‬
‫جديرة أف تبتلع حصيلتها كلها وال تكف ‪.‬‬
‫ؽبذا نرى أف توجي هذا اؼبصرؼ إَ اعبهػاد ال قػاى وال بػوي واإلعبلمػ أوَ ى عصػرنا بيػرط أف‬
‫صحيحا فػبل يكػوف ميػوبًا بلوثػات القوميػة والوطنيػة وال‬ ‫ً‬ ‫متالصا وإسبلميًا‬
‫جهادا إسبلميًا ً‬ ‫يكوف ً‬
‫مطعبا بعناصر غربية أو ورقية يقصد هبا متدمة مػذه أو نظػاـ أو بلػد أو طبقػة‬ ‫يكوف إسبلميًا ً‬
‫ػكا مػػا يُتصػػذ عنوانًػػا ؼبؤسسػػات وأوشػػاع ه ػ ى باطنهػػا علبانيػػة ال‬ ‫أو وػػصل‪ .‬ف ػ ف اإلسػػبلـ ك ػ ً‬
‫دينيػػة فبلبػػد إذف أف يكػػوف اإلسػػبلـ هػػو األس ػػاس واؼبصػػدر وهػػو الغايػػة والوجهػػة وهػػو القا ػػد‬
‫ػادا ى‬ ‫واؼبوج حك تستحق تل اؼبؤسسات ورؼ االنتساب إَ اهلل ويُعد العبل فيهػا وؽبػا جه ً‬
‫سبيل اهلل‪.‬‬
‫ونستطيع أف نضرب أم لة وك لك ك من األعباؿ الب ربتاج إليها رسالة اإلسبلـ ى هذا العصر‬
‫جهادا ى سبيل اهلل‪.‬‬
‫وه جديرة أف تُػ َعد حبق ً‬
‫إف إنياء مراكز للدعوة إَ اإلسبلـ الصحي وتبليػغ رسػالت إَ غػك اؼبسػلبني ى كافػة القػارات‬
‫ى هذا العاٍ الذي تتصارع في األدياف واؼبذاه جهاد ى سبيل اهلل‪.‬‬
‫وإف إنيػاء مراكػػز إسػبلمية واعيػػة ى دامتػل بػػبلد اإلسػػبلـ نفسػها ربتضػػن اليػباب اؼبسػػلم وتقػػوـ‬
‫علػػى توجيهػ الوجهػػة اإلسػػبلمية السػػليبة وضبايتػ مػػن اإلغبػػاد ى العقيػػدة واالكبػراؼ ى الفكػػر‬
‫واالكببلؿ ى السلوؾ وتُعدخ لنصرة اإلسبلـ ومقاومة أعدا جهاد ى سبيل اهلل‪.‬‬
‫وإف إنياء صحيفة إسػبلمية متالصػة تقػه ى وجػ الصػحه اؽبدامػة واؼبضػللة لتعلػ كلبػة اهلل‬
‫وتصػػدع بقولػػة اغبػػق وتػػرد عػػن اإلسػػبلـ أكاذيػ اؼبفػ ين ووػػبهات اؼبضػػللني وتعلػػم هػػذا الػػدين‬
‫ألهل متاليًا من الزوا د واليوا جهاد ى سبيل اهلل‪.‬‬
‫وإف نيػػر كتػػاب إسػػبلم أصػػيل وبسػػن عػػرض اإلسػػبلـ أو جان ػ من ػ ويكيػػه عػػن مكنػػوف‬
‫جػواهرخ ويػ ز صبػػاؿ تعاليبػ ونصػػاعة حقا قػ كبػػا يفضػ أباطيػػل متصػػوم وتعبػػيم م ػػل هػػذا‬
‫الكتاب على نطاؽ واسع جهاد ى سبيل اهلل‪.‬‬
‫وإف تفريػػغ رجػػاؿ أقويػػاء أمنػػاء ـبلصػػني للعبػػل ى اةػػاالت السػػابقة هببػػة وغػػكة وزبطػػي ػبدمػػة‬
‫ه ػػذا ال ػػدين وم ػػد ن ػػورخ ى اآلفػػاؽ ورد كي ػػد أعدا ػ اؼب بص ػػني ب ػ وإيقػػاظ أبنا ػ النػػا بني عن ػ‬
‫ومقاومة موجات التبيك واإلغباد واإلباحية جهاد ى سبيل اهلل ‪.‬‬
‫وإف معاونػػة الػػدعاة إَ اإلسػػبلـ اغبػػق الػػذين تتػػآمر علػػيهم القػػوى اؼبعاديػػة لئلسػػبلـ ى اػبػػارج‬
‫مستعينة بالطغاة واؼبرتدين من الدامتل فتكيل ؽبم الضربات وتسل عليهم ألواف العذاب تقتيبلً‬
‫وذبويعا ‪ -‬إف معاونة هؤالء على اؼبقاومة وال بات ى وج الكفر والطغياف جهاد‬ ‫ً‬ ‫يدا‬
‫وتعذيبًا وتير ً‬
‫ى سبيل اهلل‪.‬‬
‫وإف الصػػرؼ علػػى هػػذخ اةػػاالت اؼبتعػػددة ؽبػػو أوَ مػػا ينبغ ػ أف يػػدفع في ػ اؼبسػػلم زكات ػ وفػػوؽ‬
‫زكات فليس لئلسبلـ ‪ -‬بعد اهلل ‪ -‬إال أبناء اإلسبلـ ومتاصة ى عصرة غُربة اإلسبلـ !‬
‫الفصل السابع‬
‫ابن السبيل‬

‫فهرس‬

‫وروط إعطاء ابن السبيل من ماؿ الزكاة‬

‫كم يعطى ابن السبيل؟‬

‫هل يوجد ابن السبيل ى عصرنا؟‬

‫صور واقعة البن السبيل‬


‫اؼبيردوف والبلجئوف‬
‫من ل ماؿ ال يقدر علي ولو ى بلدخ‬
‫اؼبسافروف ؼبصلحة‬
‫احملروموف من اؼبأوى‬
‫اللقطاء‬

‫من هو ابن السبيل؟‬

‫عناية القرآف بابن السبيل‬

‫حكبة العناية بابن السبيل‬


‫لوف من التكافل االجتباع ال نظك ل ى األمم واألنظبة‬

‫اؼبنيئ للسفر واؼبنقطع ى الطريق‬

‫قاؿ اعببهور‬
‫وقاؿ اليافع ى ابن السبيل‬
‫والذي أراخ‬

‫من هو ابن السبيل؟‬


‫"ابػػن الس ػػبيل" عن ػػد صبه ػػور العلبػػاء كنايػػة ع ػػن اؼبس ػػافر الػػذي هبتػػاز م ػػن بلػػد إَ بل ػػد والس ػػبيل‪:‬‬
‫الطريق وقيل للضارب في "ابن السبيل" للزوم إياخ‬
‫كبا قاؿ الياعر‪:‬‬

‫ليدا‬
‫أنا ابن اغبرب ربت و ً‬
‫ز واكتهلز لدان‬ ‫ِ‬
‫إَ أف وْب ُ‬

‫وكػػذل تفعػػل العػػرب وتسػػب الػػبلزـ لي ػ ء يعرف ػ ب ػ "ابن ػ " (تفسػػك الط ػ ي ‪ -‬بتحقيػػق ؿببػػود‬
‫واكر‪.)34/44 :‬‬
‫ػكا إذا أصػػيبز نفقت ػ أو فقػػدت‪ .‬أو‬
‫وعػػن ابػػن زيػػد قػػاؿ‪ :‬ابػػن السػػبيل اؼبسػػافر غنيًػػا كػػاف أو فقػ ً‬
‫أصاهبا و ء‪ .‬أو ٍ يكن مع و ء فحق واج (اؼبصدر السابق)‪.‬‬

‫عناية القرآف بابن السبيل‬

‫وقػػد ذكػػر القػػرآف الكػػرٓ هػػذا اللفػػي "ابػػن السػػبيل" ى معػػرض العطػػه عليػ واإلحسػػاف إلي ػ شبػػاْ‬
‫مرات‪ .‬فف القرآف اؼبك يقػوؿ اهلل تعػاَ ى سػورة اإلسػراء‪( :‬وآت ذا القػرىب حقػ واؼبسػكني وابػن‬
‫تبذيرا) (اإلسراء‪.)26 :‬‬ ‫السبيل وال تبذر ً‬
‫وى سورة الروـ‪( :‬فآت ذا القرىب حق واؼبسكني وابن السبيل ذلػ متػك للػذين يريػدوف وجػ اهلل)‬
‫(الروـ‪.) 38 :‬‬
‫تطوعػػا ‪ -‬قػػاؿ تعػػاَ‪:‬‬ ‫فرشػػا كػػاف أو ً‬ ‫وى القػػرآف اؼبػػدْ هبعل ػ اهلل تعػػاَ مػػن مصػػارؼ اإلنفػػاؽ ‪ً -‬‬
‫(يسػػألون مػػاذا ينفقػػوف قػػل مػػا أنفقػػتم مػػن متػػك فللوالػػدين واألقػػرب يػػن واليتػػامى واؼبسػػاكني وابػػن‬
‫السبيل) (البقرة‪.)245 :‬‬
‫وي ػػأمر باإلحس ػػاف ى اآلي ػػة ال ػػب ظبي ػػز آي ػػة اغبق ػػوؽ العي ػػرة‪( :‬واعب ػػدوا اهلل وال تي ػػركوا بػ ػ و ػػيئًا‬
‫وبالوالػػدين إحسػػانًا وبػػذي القػػرىب واليتػػامى واؼبسػػاكني واعبػػار ذي القػػرىب واعبػػار اعبنػ والصػػاح‬
‫باعبن وابن السبيل وما ملكز أيبانكم) (النساء ‪.)36‬‬
‫وهبعػل لػ حظًػػا ى بيػز مػػاؿ اؼبسػلبني مػن طبػػس الغنػا م‪( :‬واعلبػوا أمبػا غنبػتم مػػن وػ ء فػػأف هلل‬
‫طبس وللرسوؿ ولذي القرىب واليتامى واؼبساكني وابن السبيل) (األنفاؿ‪.)44 :‬‬
‫كبا هبعل ل حظَا من الف ء‪( :‬ما أفاء اهلل على رسول من أهل القرى فلل وللرسوؿ ولذي القرى‬
‫واليتامى واؼبساكني وابن السبيل ك ال يكوف دولة بني األغنياء منكم) (اغبير‪.)7 :‬‬
‫سهبا من الزكاة وه اآلية الب معنا‪( :‬إمبػا الصػدقات)‪.‬إَ آمترهػا وحظًػا آمتػر ‪ -‬بعػد‬ ‫وهبعل ل ً‬
‫الزكاة ‪ -‬ى ماؿ األفراد وهبعل ذل من عناصػر الػ والتقػوى‪( :‬وآن اؼبػاؿ علػى حبػ ذوي القػرىب‬
‫واليتامى واؼبساكني وابن السبيل والسا لني وى الرقاب وأقاـ الصبلة وآتى الزكاة) (البقرة‪.)477 :‬‬

‫حكبة العناية بابن السبيل‬

‫والسر ى عناية القرآف هبذا النوع أف دين اإلسبلـ قد دعا إَ السياحة ورغ ى السػفر والسػك‬
‫ى األرض ألسباب ك كة‪:‬‬
‫( أ ) فهنػػاؾ سػػياحة دعػػا إليهػػا البتغػػاء الػػرزؽ‪ .‬قػػاؿ تعػػاَ‪( :‬فامي ػوا ى مناكبهػػا وكل ػوا م ػن رزق ػ )‬
‫(اؼبل ػ ‪ .)45 :‬وق ػػاؿ‪( :‬وآمت ػػروف يض ػربوف ى األرض يبتغ ػػوف م ػػن فض ػػل اهلل وآمت ػػروف يق ػػاتلوف ى‬
‫سبيل اهلل) (اؼبزمل‪.)26 :‬‬
‫وقػاؿ ‪-‬عليػ الصػبلة والسػػبلـ‪( :-‬سػافروا تسػتغنوا) (ذكػرخ اؼبنػػذري ى ال غيػ وال هيػ ج ػ ‪ 2‬ى‬
‫كتاب الصوـ قاؿ‪ :‬رواخ الط اْ ى األوس وروات ثقات)‪.‬‬
‫( ب ) وهناؾ سياحة دعا إليها اإلسبلـ لطل العلم والنظػر واالعتبػارات بآيػات اهلل ى الكػوف‬
‫وسنت ى اػبلق عامة وى االجتباع البيري متاصة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫قػػاؿ تعػػاَ‪( :‬قػػل سػػكوا ى األرض فػػانظروا كيػػه بػػدأ اػبلػػق) (العنكبػػوت‪ .)26 :‬وكػػأف ى ذل ػ‬
‫إوارة إَ البحوث اعبيولوجية وتاريمل اغبياة وما واب ذل ‪.‬‬
‫وقاؿ تعاَ‪( :‬قد متلز من قبلكم سنن فسكوا ى األرض فانظروا كيه كاف عاقبة اؼبكذبني) (آؿ‬
‫عبراف‪( )437:‬أفلم يسكوا ى األرض فتكوف ؽبم قلوب يعقلوف هبا أو آذاف يسبعوف هبػا ف مػا‬
‫ال تعبى األبصار ولكن تعبى القلوب الب ى الصدور) (اغب ‪.)46 :‬‬
‫علبػا سػهل اهلل لػ طري ًقػا‬ ‫وقاؿ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسػلم‪( :-‬مػن سػل طري ًقػا يلػتبس فػ ً‬
‫إَ اعبن ػػة) (ق ػػاؿ اؼبن ػػذري ى ال غي ػ وال هيػ ػ ‪ :‬رواخ مس ػػلم وغ ػػكخ (كت ػػاب العل ػػم ال غيػ ػ ى‬
‫الرحلػة ى طلػ العلػػم) (مػن متػػرج ى طلػ العلػم فهػػو ى سػػبيل اهلل حػك يرجػػع) (رواخ ال مػػذي‬
‫وحسن (اؼبصدر نفس )‪.‬‬
‫وقد شرب علباء اإلسبلـ األولوف ُم ُبلً رفيعة برحبلهتم اؼبنقطعة النظػك ى سػبيل طلػ العلػم فبػا‬
‫جعل علباء عصرنا ومؤرمتي ‪ -‬من الغرب واليرؽ ‪ -‬يس لون ؽبم بكل إع اب وإكبار‪.‬‬
‫(ج ػ) وهنػػاؾ سػػفر دعػػا إليػ اإلسػػبلـ لل هػػاد ى سػػبيل اهلل ومػػا سػػبيل اهلل إال الػػدفاع عػػن اغبَػ ْػوزة‬
‫وتأمني الػدعوة وإنقػاذ اؼبستضػعفني وتأديػ النػاك ني قػاؿ تعػاَ‪( :‬انفػروا متفافًػا وثقػاالً وجاهػدوا‬
‫بأموالكم وأنفسكم ى سبيل اهلل ذلكم متك لكم إف كنتم تعلبوف) (التوبة‪ .)44 :‬ه ربدث عن‬
‫قاصدا التبعوؾ ولكن بعدت عليهم اليقة وسػيحلفوف‬ ‫وسفرا ً‬‫عرشا قريبًا ً‬‫اؼبنافقني قاؿ‪( :‬لو كاف ً‬
‫باهلل لو استطعنا ػبرجنا معكم يهلكوف أنفسهم واهلل يعلم إمم لكاذبوف) (التوبة‪.)42 :‬‬
‫وقاؿ تعاَ يعد اةاهػدين باؼب وبػة‪( :‬وال ينفقػوف نفقػة صػغكة وال كبػكة وال يقطعػوف واديًػا إال كتػ‬
‫ؽبم لي زيهم اهلل أحسن ما كانوا يعبلوف) (التوبة‪.)424 :‬‬
‫وقاؿ ‪-‬علي السبلـ‪( :-‬لغدوة ى سبيل اهلل أو روحة متك من الدنيا وما فيها) (البصاري ى كتاب‬
‫اعبهاد)‪.‬‬
‫( د ) وهناؾ سفر دعا إلي اإلسبلـ ألداء عبادت العاؼبية اؼبتبيزة "اغبػ " إَ بيػز اهلل اغبػراـ وهػو‬
‫الػػركن اػبػػامس مػػن أركػػاف اإلسػػبلـ قػػاؿ تعػػاَ‪( :‬وهلل علػػى النػػاس ح ػ البيػػز مػػن اسػػتطاع إلي ػ‬
‫سػػبيبلً) (آؿ عبػراف‪( )97 :‬وأذف ى النػػاس بػػاغب يػػأتوؾ رجػػاالً وعلػػى كػػل شػػامر يػػأتني مػػن كػػل‬
‫ف عبيق لييهدوا منافع ؽبم ويذكروا اسم اهلل ى أياـ معلومات) (اغب ‪.)28 - 27 :‬‬
‫هػػذخ أنػواع مػػن السػػفر والسػػياحة والضػػرب ى األرض دعػػا إليهػػا اإلسػػبلـ أو حػػث عليهػػا ربقي ًقػػا‬
‫ألهدافػ ى األرض وت بيتًػػا لتعاليب ػ بػػني النػػاس وهنػػاؾ أنػواع أمتػػرى وديػػن هػػذا وػػأن ال بػػد أف‬
‫يعط عناية متاصة للبسافرين والسا حني ومتاصة من انقطع ب الطريق منهم وانقطع عػن ذويػ‬
‫ومال ومسق رأس وأف يأمر دبعونتهم بصفة عامة وإعطا هم من مػاؿ الزكػاة وهػو مػاؿ اعبباعػة‬
‫بصفة متاصة وى ذل تيػ يع للسػياحة والسػفر ى سػبيل األغػراض اؼبيػروعة‪ .‬وإكػرامهم ؽبػؤالء‬
‫بعضػا ويأمتػذ‬ ‫ى غربتهم وانقطاعهم وإثبات غبقيقة اةتبع اؼبسػلم اؼبتباسػ الػذي ييػد بعضػ ً‬
‫بعض بيد بعض دوف اعتبار المتتبلؼ الديار أو بعد اؼبزار‪.‬‬

‫لوف من التكافل االجتباع ال نظك ل ى األمم واألنظبة‬

‫إف عنايػػة اإلسػػبلـ باؼبسػػافرين الغربػػاء واؼبنقطعػػني ؽب ػ عنايػػة فػػذة ٍ يُعػػرؼ ؽبػػا نظػػك ى نظػػاـ مػػن‬
‫األنظبة أو وريعة من اليرا ع‪ .‬وه لوف من ألواف التكافل االجتباع فريػد ى بابػ ‪ .‬فلػم يكتػه‬
‫النظاـ اإلسبلم بسد اغباجات الدا بة للبػواطنني ى دولتػ بػل زاد علػى ذلػ برعايػة اغباجػات‬
‫الطار ػػة ال ػػب تع ػػرض للن ػػاس ألس ػػباب وظ ػػروؼ و ػػك كالس ػػياحة والض ػػرب ى األرض‪ .‬ومتاص ػػة ى‬
‫عص ػػور ٍ تك ػػن ى ط ػػرؽ اؼبس ػػافرين هب ػػا فن ػػادؽ أو مط ػػاعم أو ؿبط ػػات ُم َع ػػدة لبلسػ ػ احة كب ػػا ى‬
‫عصرنا‪.‬‬
‫وى الواقع العبل قبد ابن سعد يروي لنا‪ :‬أف عبر بن اػبطػاب ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ -‬ازبػذ ى عهػدخ‬
‫دارا متاصة أطلق عليهػا "دار الػدقيق" وذلػ أنػ جعػل فيهػا الػدقيق والسػويق والتبػر والزبيػ ومػا‬ ‫ً‬
‫ُوبتػػاج إليػ يعػػني بػ اؼبنقطػػع بػ والضػػيه ينػػزؿ بعبػػر‪ .‬ووشػػع عبػػر ى طريػػق السػػبل مػػا بػػني مكػػة‬
‫واؼبدينػػة مػػا يصػػل مػػن ينقطػػع بػ ووببػػل مػن مػػاء إَ مػػاء (طبقػػات ابػػن سػػعد‪ - 283/3 :‬طبػػع‬
‫بكوت)‪.‬‬
‫وى عهد متامس الراودين عبر بن عبد العزيز وبدثنا أبو عبيد أن أمر اإلماـ ابػن وػهاب الزهػري‬
‫الس ػػنة ى مواش ػػع الصػػدقة‪ .‬أي م ػػا وبفظ ػ م ػػن ُسػػنة الرس ػػوؿ أو ُس ػػنة الراو ػػدين ى‬ ‫أف يكت ػ ل ػ ُ‬
‫ػهبا‪ .‬وفبػا جػاء ى‬‫ػهبا س ً‬ ‫اؼبواشع الب تُصرؼ فيها الصدقة فكت ل كتابًا مطوالً قسبها فيػ س ً‬
‫الكتاب عن ابن السبيل قولػ ‪" :‬وسػهم ابػن السػبيل يقسػم لكػل طػرؽ علػى قػدر مػن يسػلكها ويبػر‬
‫هبا من الناس لكل رجل راحل من ابن السبيل ليس ل مأوى وال أهل يأوي إليهم فيطعم حػك‬
‫هبد منزالً أو يقضػ حاجتػ ‪ .‬وهبعػل ى منػازؿ معلومػة علػى أيػدي أمنػاء ال يبػر هبػم ابػن سػبيل لػ‬
‫حاج ػػة إال آووخ وأطعبػ ػػوخ وعلف ػ ػوا دابت ػ ػ حػ ػػك ينفػ ػػد مػ ػػا بأيػ ػػديهم إف وػ ػػاء اهلل" (األم ػ ػواؿ ص‬
‫‪.)586‬‬
‫فهل رأت البيرية رعاية لذوي اغباجات م ل هػذخ الرعايػة ى نظػاـ غػك نظػاـ اإلسػبلـ أو ى أمػة‬
‫غك أمة اإلسبلـ؟!‬
‫اؼبنيئ للسفر واؼبنقطع ى الطريق‬

‫وهناؾ مسألة امتتله فيها الفقهاء‪ :‬هل ينطبق وصه "ابن السبيل" على اؼبسافر الذي انقطػع بػ‬
‫أيضا؟‬
‫الطريق دوف غايت فق ؟ أـ ييبل وييبل الذي يريد إنياء السفر إَ بلد ً‬
‫قاؿ اعببهور‪:‬‬
‫إف اؼبنيئ للسفر ال يدمتل ى وصه ابن السبيل وذل ‪:‬‬
‫( أ ) ألف السػػبيل هػػو الطريػػق وابػػن السػػبيل اؼبػػبلزـ للطريػػق الكػػا ن فيهػػا؛ كبػػا يقػػاؿ "ابػػن الليػػل"‬
‫للذي يك ر اػبػروج فيػ والقػاطن بلػدخ لػيس ى طريػق وال ي بػز لػ حكػم الكػا ن فيهػا وؽبػذا ال‬
‫ي بز ل حكم السفر بعزم علي دوف فعل ‪.‬‬
‫( ب ) وألنػ ال يُفهػػم مػػن ابػػن السػػبيل إال الغريػ دوف مػػن هػػو ى وطنػ ومنزلػ وإف انتهػػز بػ‬
‫اغباجة منتهاها‪.‬‬
‫فوج ى رأي اعببهور أف ُوببل اؼبذكور ى اآلية على الغري دوف غكخ وإمبا يُعطى ولػ اليسػار‬
‫ى بلدخ؛ ألن عاجز عن الوصوؿ إلي واالنتفاع ب فهو كاؼبعدوـ ى حق فػ ف كػاف ابػن السػبيل‬
‫فقكا ى بلدخ أعط لؤلمرين‪ :‬لفقرخ وألن ابن سبيل‪ .‬ويعط لكون ابن سبيل قػدر مػا يوصػل إَ‬ ‫ً‬
‫بلدخ؛ ألف الدفع إلي ؽبذخ اغباجة فيقدر بقدرها (اليرح الكبك ‪ -‬مع اؼبغ ‪.)762/2‬‬

‫وقاؿ اليافع ى ابن السبيل‪:‬‬


‫ػفرا وال هبػػد نفقػػة فيػػدفع إليهبػػا مػػا‬
‫أيضػػا أي مػػن يريػػد سػ ً‬
‫هػػو الغري ػ اؼبنقطػػع واؼبنيػػئ للسػػفر ً‬
‫وبتاجػػاف إلي ػ لػػذهاهببا وعودنبػػا؛ ألف اؼبنيػػئ للسػػفر يريػػدخ لغػػك معصػػية فأوػػب اةتػػاز اؼبنقطػػع‬
‫الحتيػػاج كػػل منهبػػا ألهبػػة السػػفر وإف كػػاف إطػػبلؽ ابػػن السػػبيل علػػى ال ػػاْ مػػن بػػاب اةػػاز (انظػػر‬
‫اةبوع‪ 244/6 :‬وماية احملتاج‪.)456/6 :‬‬
‫والذي أراخ‪:‬‬
‫أف ال ػرأي األوؿ أك ػر انطباقًػػا علػػى وصػػه "ابػػن السػػبيل" ى اآليػػة وأقػػرب إَ هػػدؼ التي ػريع‬
‫فلػػيس كػػل راغػ ى السػػفر أو عػػازـ عليػ يُعطػػى مػػن مػػاؿ الزكػػاة وإف أراد بسػػفرخ منفعػػة متاصػػة‬
‫ب من سع على معاش أو تروي عن النفس‪.‬‬
‫أما رأي اليافع ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ -‬فيؤمتػذ بػ ‪ -‬فيبػا أرى ‪ -‬فػيبن يسػافروف ؼبصػلحة عامػة يعػود‬
‫نفعهػػا لػػدين اإلسػػبلـ أو لل باعػػة اؼبسػػلبة كبػػن يسػػافر بع ػػة علبيػػة أو عبليػػة وبتػػاج إليهػػا بلػػد‬
‫مسلم أو يسافر ى أي مهبة تعود على الدين واةتبع اؼبسلم بنفع عاـ وعلى أف يقر ذل من‬
‫يُعت رأيهم من أهل اؼبعرفة والديانة‪.‬‬
‫وم ل هذا إف ٍ يكن ابن سبيل بالفعل فهل ابن السبيل باعتبار مػا يكػوف باعتبػار مػا عػزـ عليػ‬
‫وما قارب الي ء يأمتذ حكب ‪ .‬وى إعطا إعانة ل علػى متػك عػاـ للبلػة ولؤلمػة فأوػب اإلعطػاء‬
‫ى سبيل اهلل وأوب إعطاء الغارمني إلصبلح ذات البني فلو ٍ يكن إعطاء بالنل لكاف إعطاء‬
‫بالقياس‪.‬‬
‫وفبػػا يقػػوي هػػذا الػػذي قلنػػاخ‪ :‬أف ابػػن السػػبيل ى اآليػػة جػػاء معطوفًػػا علػػى مصػػرؼ "ى سػػبيل اهلل"‬
‫فكأن قاؿ‪ :‬ى سبيل اهلل وى ابن السبيل‪.‬‬
‫وقد ذكرنا أف التعبك القرآْ ى هذخ اآلية عن بعض اؼبصارؼ بكلبة "ى" إمبا يفيد‪ :‬أمػا مصػلحة‬
‫وصصػا يػدفع "لػ " حػك إذا قػبض واحػد مػن هػؤالء حصػة مػن الزكػاة‬ ‫ً‬ ‫يدفع "فيها" قبل أف تكػوف‬
‫ف مبا يقبضها بوصف فب بلً للبصلحة العامة الب قصد اليارع إَ إقامتها‪.‬‬
‫وؽبػػذا ال يي ػ ط سبلي ػ هػػؤالء األربعػػة‪( :‬ى الرقػػاب والغػػارمني وى سػػبيل اهلل وابػػن السػػبيل) علػػى‬
‫الصػحي ‪ .‬وابػن السػبيل ‪ -‬بنػاء علػى مػا ذكرنػا‪ -‬يب ػل مصػلحة عامػة وال يب ػل نفسػ وؽبػذا يصػ‬
‫أال يقبض هو القدر الذي ىبص من الزكاة ويعطػ منهػا وػركة الطػكاف أو اؼببلحػة أو اعبامعػة الػب‬
‫سيذه إؽبا واؼبؤسسة الب ستنفق علي ‪ ...‬إٌ‪.‬‬
‫وقػد قػػاؿ اغبنابلػػة ‪ -‬مػن أصػػحاب الػرأي األوؿ ‪ -‬إف كػػاف ابػن السػػبيل ؾبتػ ًػازا يريػد بلػ ًػدا غػػك بلػػدخ‪.‬‬
‫يػُػدفع إليػ مػػا يكفيػ مػػن مضػػي إَ مقصػػدخ ورجوعػ إَ بلػػدخ؛ ألف فيػ إعانػػة علػػى السػػفر اؼببػػاح‬
‫ميروعا؛ إمػا قربػة إَ اهلل كػاغب واعبهػاد وزيػارة‬ ‫ً‬ ‫وبلوغ الغرض الصحي لكن يي ط كوف السفر‬
‫مباحا كطل اؼبعاش وطل الت ارات‪ .‬وإف كاف السفر للنزهة ففي وجهاف‪:‬‬ ‫الوالدين وإما ً‬
‫أحدنبا‪ :‬يدفع إلي ؛ ألن غك معصية‪.‬‬
‫وال اْ‪ :‬ال يدفع إلي ؛ ألن ال حاجة ب إَ هذا السفر (انظر اليرح الكبك‪)763 - 762/2 :‬‬
‫ف ذا جاز إعطاء اؼبسافر اةتاز حك يبلغ مقصدخ إعانة ل على بلوغ غرش وإف كاف ؼبعييػت هػو‬
‫بػػل لنزهتػ فػػأوَ منػ بالعطػػاء ‪ -‬طب ًقػػا ؽبػػذا التعليػػل نفسػ ‪ -‬مػػن يسػػافر لغػػرض صػػحي مػػن أجػػل‬
‫اإلسبلـ واؼبسلبني‪.‬‬

‫وروط إعطاء ابن السبيل من ماؿ الزكاة‬

‫إلعطاء ابن السبيل من ماؿ الزكاة وروط بعضها متفق علي وبعضها ـبتله في ‪:‬‬
‫ؿبتاجا ى ذل اؼبوشػع الػذي هػو بػ إَ مػا يوصػل إَ وطنػ فػ ف كػاف عنػدخ مػا‬ ‫أوؽبا‪ :‬أف يكوف ً‬
‫يوصػػل فػػبل يُعطػػى‪ .‬ألف اؼبقصػػود إمبػػا هػػو إيصػػال إَ بلػػدخ خبػػبلؼ اةاهػػد ف نػ يأمتػػذ منهػػا ‪-‬‬
‫عنػػد غػػك اغبنفيػػة ‪ -‬وإف كػػاف غنيًػػا ى اؼبوشػػع اؼبقػػيم فيػ ؛ ألف القصػػد مػػن إعطا ػ إرهػػاب العػػدو‬
‫وبدفع الزكاة إَ اةاهد يقوى بأس على عدو اهلل‪.‬‬
‫ال ػاْ‪ :‬أف يكػوف سػفرخ ى غػك معصػية أمػا مػن كػاف سػفرخ ى معصػية كبػن متػرج لقتػل نفػػس أو‬
‫لت ػػارة ؿبرمػػة أو كبػػو ذلػ ف نػ ال يعطػػى مػػن الزكػػاة وػػيئًا؛ ألف القصػػد مػػن إعطا ػ إعانتػ وال‬
‫ػوحا فيعط ػػى لبقي ػػة س ػػفرخ‪ .‬إال أف‬
‫يُع ػػاف دب ػػاؿ اؼبس ػػلبني عل ػػى معص ػػية اهلل إال أف يت ػػوب توب ػػة نص ػ ً‬
‫ىباؼ علي اؼبوت ف ن يعطى ولو ٍ يت ؛ ألن وإف عصى هو ال نعص كبن ب ك يبوت (انظر‪:‬‬
‫حاوػػية الدسػػوق ‪ 498/4:‬وقػػاؿ بعػػض اؼبالكيػػة‪ :‬ال يعطػػى وإف متيػػه عليػ اؼبػػوت؛ ألف قباتػ ى‬
‫يػػد نفسػ بالتوبػػة‪ .‬وانظػػر‪ :‬حاوػػية الصػػاوي ‪ 233/4‬وقػػاؿ بعضػػهم‪ :‬ينظػػر ى تلػ اؼبعصػػية فػ ف‬
‫ك ػػاف يري ػػد قت ػػل نف ػػس أوهت ػ ػ حرم ػػة ٍ يع ػ ػ إال إف ت ػػاب وإف متي ػػه علي ػ ػ اؼب ػػوت (اؼبص ػػدرين‬
‫اؼبذكورين)‪.‬‬
‫والسفر الذي ال معصية في ييبل السفر للطاعة والسفر للحاجة والسفر للنزهة‪.‬‬
‫فأمػػا سػػفر الطاعػػة كػػاغب واعبهػػاد وطلػ العلػػم النػػافع والزيػػارة اؼبندوبػػة وكبوهػػا فػػبل متػػبلؼ ى‬
‫ورعا‪.‬‬
‫إعطا ؛ ألف اإلعانة على الطاعة مطلوبة ً‬
‫وأما السفر غباجة دنيوية كالسفر للت ارة وطل الرزؽ وكبو ذل ‪.‬‬
‫فاؼبعروؼ عند القا لني بأف ابن السبيل‪" :‬هو الغري اؼبنقطع عن بلدخ ومال "‬
‫‪ -‬أن يعطى ببل متبلؼ؛ ألف في إعانة ل على حوا دنياخ اؼبباحة وبلوغ غرش الصحي ‪.‬‬
‫وأما عند اليافعية القا لني بأف‪" :‬ابن السبيل ييبل اؼبنيئ للسفر من بلدخ" ففي قوالف‪:‬‬
‫أحدنبا‪ :‬ال يعطى؛ ألن غك ؿبتاج إَ هذا السفر‪.‬‬
‫وال اْ‪ :‬يعطى؛ ألف الرمتل الب ناطهػا اليػرع بالسػفر ٍ تُفػرؽ بػني سػفر الطاعػة والسػفر اؼببػاح‬
‫كقصر الصبلة والفطر ى رمضاف‪ .‬وهو الصحي ‪.‬‬
‫وأما السفر للنزهة والفرجة فقد امتتله في امتتبلفًا أك ر‪ .‬ومتاصة عند اليافعية واغبنابلة‪.‬‬
‫قاؿ بعضهم‪ :‬يعطى؛ ألن سفر ى غك معصية‪.‬‬
‫وقػػاؿ غػػكهم‪ :‬ال يعطػػى؛ ألن ػ سػػفر غػػك ؿبتػػاج إلي ػ بػػل هػػو نػػوع مػػن الفضػػوؿ (انظػػر‪ :‬اةبػػوع‬
‫للنووي‪ 244،245/6 :‬واليرح الكبك اؼبطبوع مع اؼبغ ‪.)762 764/2 :‬‬
‫ال الث‪ :‬أال هبد من يقرش ويسلف ى ذل اؼبوشع الذي هو في وهذا فيبن ل ماؿ ببلدخ يقدر‬
‫علػػى سػػداد القػػرض من ػ (انظػػر ى هػػذخ اليػػروط‪ :‬وػػرح اػبريي ػ علػػى متليػػل‪ 249/2 :‬ومايػػة‬
‫احملتاج للرمل ‪.)456/6‬‬
‫وهذا اليرط إمبا او ط بعض اؼبالكية واليافعية ومتالفهم آمتروف من علباء اؼبذهبني‪:‬‬
‫فقػد رجػ ابػن العػرل ى "أحكػاـ القػرآف" والقػػرط ى "تفسػكخ" أف ابػن السػبل‪ :‬يعطػى مػن الزكػػاة‬
‫ولػػو وجػػد مػػن يسػػلف ‪ .‬قػػاال‪ :‬ولػػيس يلػػزـ أف يػػدمتل ربػػز منػػة أحػػد فقػػد وجػػد منػػة اهلل ونعبت ػ‬
‫(أحكاـ القرآف ‪ -‬القسم ال اْ ‪ -‬ص ‪ 958‬وتسفك القرط ‪.)487/8 :‬‬
‫وقػػاؿ النػػووي‪ :‬لػػو وجػػد ابػػن السػػبيل مػػن يقرشػ لغايتػ ٍ يلزمػ أف يقػ ض منػ بػػل هبػػوز صػػرؼ‬
‫الزكاة إلي (اةبوع‪.)246/6 :‬‬
‫وقػػاؿ اغبنيفػػة‪ :‬األوَ أف يسػػتقرض إف قػػدر وال يلزمػ ذلػ ؛ عبػواز ع ػػزخ عػػن األداء (انظػػر‪ :‬فػػت‬
‫القدير‪ 48/2 :‬ورد احملتار‪.)64/2 :‬‬
‫وهذخ علة أمترى تضاؼ إَ ما ذكرخ ابن العرل والقرط ‪.‬‬
‫فهبا علتاف سبنعاف وجوب االستقراض على ابن السبيل‪:‬‬
‫األوَ‪ :‬أف ى االستقراض قبوالً ؼبنّة الناس وٍ يكلف اهلل ذل ‪.‬‬
‫ال انية‪ :‬جواز ع زخ عن سداد الدين وى ذل شرر ب وبالدا ن‪.‬‬

‫كم يعطى ابن السبيل؟‬

‫( أ ) يعطى ابن السػبيل مػن النفقػة والكسػوة مػا يكفيػ مقصػدخ أو موشػع مالػ إف كػاف لػ مػاؿ‬
‫ى طريق ‪ .‬هذا إف ٍ يكن مع ماؿ أصبلً‪ .‬وإف كاف مع ماؿ ال يكفي أعط ما يتم ب كفايت ‪.‬‬
‫ػفرا طػويبلً‪ .‬وقػدروا السػفر الطويػل دبػا تقصػر فيػ الصػبلة وهػو‬
‫( ب ) ويُهيأ ل ما يركب إف كػاف س ً‬
‫كبو ‪ 86‬كم أو كاف شعي ًفا ال يقدر على اؼبي ‪.‬‬
‫وإف كػػاف قويًػػا وسػػفرخ دوف مسػػافة القصػػر ٍ يُع ػ اؼبركػػوب ويعطػػى مػػا ينقػػل علي ػ زادخ إال أف‬
‫قدرا يعتاد م ل أف وببل بنفس ‪.‬‬ ‫يكوف ً‬
‫قالوا‪ :‬وصفة هتيئة اؼبركوب‪ :‬أن إف اتسع اؼباؿ او ى لػ مركػوب‪ .‬وإف شػاؽ اكػ ى لػ ‪ .‬وإمبػا قػالوا‬
‫ذلػ ؛ ألف وسػػا ل الركػػوب والنقػػل كانػػز هػ الػػدواب‪ .‬فلهػػذا قػػالوا‪ :‬تُيػ َ ى أو تُكػ َ ى‪ .‬أمػػا اآلف‬
‫فقد تطورت وسا ل النقػل إَ السػيارات والقطػارات والبػوامتر والطػا رات فػبل سػبيل إَ اوػ ا ها‬
‫بػػل يُكػ َ ى لػ مػػا يبل ػػم حالػ منهػػا‪ .‬فبػػن كػػاف يبل بػ ركػػوب القطػػار أو البػػامترة ال يُت يػػم نقلػ‬
‫بالطا رة حك ال يرهق ماؿ الزكاة دبا يبكن االستغناء عن ‪.‬‬
‫(جػ) ويعطى صبيع مؤف سفرخ ال ما زاد بسب السفر فق ‪ .‬وهذا هو الصحي ‪.‬‬
‫قادرا على الكس أـ ال‪.‬‬ ‫( د ) ويعطى سواء أكاف ً‬
‫(هػ) ويعطى ما يكفي ى ذهاب ورجوع إف كاف يريد الرجوع وليس ل ى مقصدخ اؼباؿ‪.‬‬
‫وقاؿ بعض العلباء‪ :‬ال يعطى للرجوع أثناء سفرخ وإمبا يعطى عند رجوع ‪.‬‬
‫وبعضهم قاؿ‪ :‬إف كاف عزم أف يصل الرجوع بالذهاب أعط للرجوع وإف كػاف عزمػ إقامػة مػدة‬
‫ٍ يع للرجوع‪ .‬والصحي األوؿ‪.‬‬
‫( و ) وأما نفقة اإلقامة باؼبقصػد فقػد فصػل ى ذلػ اليػافعية فقػالوا‪ :‬إف كانػز إقامتػ دوف أربعػة‬
‫أياـ ‪ -‬غك يوم الدمتوؿ واػبروج ‪ -‬أعط ؽبا؛ ألن ى حكم اؼبسافر ول الفطر والقصػر وسػا ر‬
‫رمتػػل السػػفر‪ .‬وإف كانػػز أربعػػة أيػػاـ فػػأك ر ‪ -‬غػػك يػػوم الػػدمتوؿ واػبػػروج ‪ ٍ -‬يع ػ ؽبػػا؛ ألن ػ‬
‫ػافرا ابػػن سػػبيل وانقطعػػز رمتػػل السػػفر خبػػبلؼ الغػػازي ف ن ػ يعطػػى مػػدة‬ ‫متػػرج عػػن كون ػ مسػ ً‬
‫اإلقامػػة ى ال غػػر وإف طالػػز‪ .‬والفػػرؽ أف الغػػازي وبتػػاج إلي ػ لتوقػػع الفػػت وألن ػ ال يػػزوؿ باإلقامػػة‬
‫اسم "الغازي" بل يتأكد خببلؼ اؼبسافر‪.‬‬
‫مقيبػػا غباجػػة يتوقػػع تن زهػػا (انظػػر‬
‫وقػػاؿ بعضػػهم‪ :‬يعطػػى ابػػن السػػبيل وإف طػػاؿ مقام ػ إذا كػػاف ً‬
‫اةبوع‪ 245،246/6 :‬واليرح الكبك ص ‪.)764،762‬‬
‫( ز ) وإذا رجع ابن السبيل وقد فضل مع و ء هل يس د من أـ ال؟‬
‫قػاؿ اليػافعية‪ :‬نعػم سػواء قػ علػى نفسػ أـ ال وقيػل‪ :‬إف قػ علػػى نفسػ حبيػث بقػ معػ هػػذا‬
‫الفضػػل مػػن تقتػػكخ ٍ يرجػػع دبػػا فضػػل‪ .‬وهػػذا خبػػبلؼ الغػػازي؛ حيػػث ال يسػ جع منػ إذا قػ علػػى‬
‫عوشػػا غباجتنػػا إليػ وقيامػ بػػالغزو وقػػد فعػػل وابػػن السػػبيل‬
‫نفسػ ؛ ألف مػػا يأمتػػذخ الغػػازي يأمتػػذخ ً‬
‫يأمتذ غباجت إلينا وقد زالز (اةبوع‪.)246/6 :‬‬
‫وقػػاؿ اغبنفيػػة‪ :‬ال يلػػزـ ابػػن السػػبيل التصػػدؽ دبػػا فضػػل ى يػػدخ عنػػد قدرت ػ علػػى مال ػ كػػالفقك إذا‬
‫اسػػتغ وعنػػدخ وػ ء مػػن مػػاؿ الزكػػاة فػػبل يلزمػ التصػػدؽ (انظػػر‪ :‬فػػت القػػدير‪ 48/2:‬ورد احملتػػار‪:‬‬
‫‪.)64/2‬‬

‫هل يوجد ابن السبيل ى عصرنا؟‬

‫ذه ػ بعػػض العلب ػاء اؼبعاص ػرين إَ أف صػػنه "ابػػن السػػبيل" ٍ يعػػد ل ػ وجػػود ى عص ػرنا نظػ ًػرا‬
‫لوجػػود الوسػػا ل الك ػػكة اؼبيسػػرة غبصػػوؿ اإلنسػػاف علػػى مالػ بالقػػدر الػػذي يريػػد مػػن أي مكػػاف ى‬
‫الدنيا عن طريق اغبوالة علػى البنػوؾ وكبوهػا (انظػر‪ :‬تفسػك اؼبراغػ ج ػ ‪ 28‬وقػد ذكػر هػذا الػرأي‬
‫ى تفسك اآلية السادسة من سورة اغبير)‪.‬‬
‫هذا ما ذكرخ اؼبرحوـ أضبد مصػطفى اؼبراغػ ى تفسػكخ‪ .‬ولكننػا لبالفػ ونػرى أف ابػن السػبيل يوجػد‬
‫‪ -‬رغم ما ذكرخ من سهولة اغبصوؿ على اؼباؿ من أي بلد ‪ -‬ى صور وك‪:‬‬
‫‪ -4‬صور واقعة البن السبيل‪:‬‬
‫فبن الناس من يػُ َع ُّد غنيًا وليس ل رصيد ى البنوؾ فكيه وبصل م لػ علػى مالػ إذا كػاف بعي ًػدا‬
‫عن ػ ؟! وم ل ػ م ػػن ينقط ػػع ‪ -‬لظ ػػروؼ وأس ػػباب ـبتلف ػػة ‪ -‬ى قري ػػة نا ي ػػة أو ص ػػحراء واس ػػعة‪ .‬وال‬
‫يستطيع الوصوؿ إَ اؼبدينة حك يأمتذ من البن ما يريد فباذا يكوف موقف ؟‬
‫إف م ػػل هػػذا هػػو ابػػن سػػبيل؛ ألنػ غػ انقطػػع عػػن مال ػ فاسػػتحق العػػوف وهػ صػػورة وإف كانػػز‬
‫نادرة فه تقع‪.‬‬
‫‪ -2‬اؼبيردوف والبلجئوف‪:‬‬
‫ومػػن النػػاس مػػن هبػ علػػى مغػػادرة وطنػ ومفارقػػة مالػ وأمبلكػ مػػن قِبَػػل الغػزاة احملتلػػني أو الطغػػاة‬
‫اؼبستبدين من اغبكاـ الكفرة وأوػباخ الكفػرة الػذين يضػطهدوف أهػل اػبػك والصػبلح وىبرجػومم‬
‫من ديارهم وأمواؽبم بغك حق إال أف يقولوا‪ :‬ربنا اهلل‪ .‬ذبد الرجل من هؤالء يفر بدينػ وحريتػ مػن‬
‫ؿبرومػػا مػػن مال ػ ى موطن ػ وإف بق ػ هنػػاؾ باظب ػ ى البن ػ أو ربػػز‬ ‫بلػػدخ إَ بلػػد آمتػػر ويبقػػى ً‬
‫اغبراسة أو ما واب ذل ‪ .‬كبا هو وأف ك ك من اؼبضطهدين والبلجئني السياسيني‪.‬‬
‫فباذا يػُ َعد هؤالء فياالصطبلح الفقه ؟‬
‫إف ؽبم ماالً ومل ًكا ى أوطامم ولكن ال سلطاف ؽبم‪ -‬ى حاشػرهم ‪ -‬عليػ وال سػبيل ؽبػم إليػ‬
‫يدا‪ .‬وكل من كاف هذا وأن فهو ابن سبيل‪.‬‬ ‫فهم أغنياء مل ًكا فقراء ً‬

‫‪ -3‬من ل ماؿ ال يقدر علي ولو ى بلدخ‪:‬‬


‫بل أغبق بعض الفقهاء من اغبنفية بابن السبيل كل من هو غا عن مال غك قادر علي وإف‬
‫ػاهرا‬ ‫ِ‬
‫كاف ى بلدخ مستدالً بأف اغباجة ه اؼبعت ة وقد وجدت؛ ألن فقك ي ًػدا وإف كػاف غنيًػا ظ ً‬
‫(انظر‪ :‬رد احملتار‪ 64/2 :‬والبحر الرا ق‪.)266/2 :‬‬
‫تاجرا ل دين على الناس ال يقدر على أمتػذخ وال هبػد وػيئًا وبػل لػ أمتػذ الزكػاة؛‬
‫قالوا‪ :‬وإف كاف ً‬
‫يدا كابن السبيل (البحر الرا ق‪.)266/2:‬‬
‫ألن فقك ً‬

‫‪ -4‬اؼبسافروف ؼبصلحة‪:‬‬
‫سفرا وال هبد نفقة واعت نا ما‬
‫وإذا أمتذنا دبذه اليافع الذي يُدمتل ى ابن السبيل‪ :‬من يريد ً‬
‫رجحنػػاخ مػػن او ػ اط أف يكػػوف هػػذا السػػفر ى مصػػلحة معت ػ ة لئلسػػبلـ أو لل باعػػة اؼبسػػلبة ‪-‬‬
‫صورا ك كة ؽبذا الصنه ى الطبلب النػاهبني والصػناع اغبػاذقني والفنيػني‬‫أمكننا أف قبد ى عصرنا ً‬
‫اؼبتقنػػني وغػػكهم فبػػن وبتػػاجوف إَ بع ػػات للصػػارج للتصصػػل ى علػػم نػػافع أو للتػػدري علػػى‬
‫عبل منت يعود أثرخ باػبك على الدين واألمة‪.‬‬

‫‪ -5‬احملروموف من اؼبأوى‪:‬‬
‫ػكا آمتػػر البػػن السػػبيل يػػدمتل فيػ ك ػػكوف حػػك ى‬ ‫كبػػا أف بعػػض العلبػػاء مػػن اغبنابلػػة أعطػػى تفسػ ً‬
‫السؤاؿ (انظر‪ :‬اإلنصاؼ‪ .)237/3 :‬يع اؼبتسولني‬ ‫عصرنا هذا فقد ذكر‪ :‬أف أبناء السبيل هم ّ‬
‫الذين يتكففوف الناس ويسألومم‪.‬‬
‫أناسػػا‬
‫وفبػػا ينػػدى لػ اعببػػني أننػػا ال نػزاؿ نػػرى ى ك ػػك مػػن الػػببلد الػػب ينتسػ أهلهػػا إَ اإلسػػبلـ ً‬
‫ُح ِرموا نعبة اؼبأوى واؼبسكن وازبذوا من جوان اليوارع وأرصفة الطرقات مػأوى ؽبػم يف وػوف‬
‫تراهبا ويتغطوف هبوا ها فهؤالء "أبناء سبيل" ألف الطريق لكل منهم أم وأبوخ!!‬
‫إف هػؤالء وصػػبة ى جبػني اةتبػػع الػذي يعييػػوف فيػ فػػبل ع ػ أف يعػ هبػم القػػرآف ويػػذكرهم‬
‫ػهبا ى الضػريبة اإلسػػبلمية األوَ‪:‬‬ ‫بوصػه متػاص غػك وصػه الفقػراء واؼبسػاكني ويفػرض ؽبػم س ً‬
‫الزكاة‪.‬‬
‫أيضػػا‪ .‬فيُعطَػػوف‬
‫وال غرابػػة أف يعطػػى هػػؤالء مػػن مػػاؿ الزكػػاة بوصػػفهم أبنػػاء سػػبيل وبوصػػفهم فقػراء ً‬
‫بالوص ػػه األوؿ م ػػا ُىب ػػرجهم ع ػػن بن ػػوة الطري ػػق ب ػػأف يُهي ػػأ ؽب ػػم اؼبس ػػكن البل ػػق حب ػػاؽبم ويعط ػػوف‬
‫بالوصػػه ال ػػاْ مػػا يضػػبن ؽبػػم سبػػاـ كفػػايتهم ويكفػػل ؽبػػم معييػػة حسػػنة يتحقػػق ؽبػػم فيهػػا إوػػباع‬
‫حاجاهتم البيرية من غك إسراؼ وال تقتك‪.‬‬
‫‪ -6‬اللقطاء‪:‬‬
‫وذكر السيد روػيد رشػا ى تفسػكخ‪ :‬أف اللقػي يووػ أف يػدمتل ى معػ ابػن السػبيل كبػا ذكػر‬
‫أف بعض أذكياء اؼبعاصرين امتتار ى رسالة ل ‪ :‬أف هذا هو اؼبع اؼبراد‪.‬‬
‫وقػػوى اليػػيمل روػػيد هػػذا االمتتيػػار ‪ -‬وإف ٍ هبػػزـ بػ ‪ -‬بػػأف اللفػػي يتسػػع للقػػي مػػا يتسػػع لغػػكخ‪.‬‬
‫هبل أمرخ بفقد الناصػر‬ ‫وبأف القرآف ع بأمر اليتيم واإلحساف ب غبكبة بالغة وه ‪ :‬أف اليتيم يُ َ‬
‫القوي الغيور وهو األب‪ .‬أو تكوف تربيت ناقصة باعبهل الػذي هػو جنايػة علػى العقػل أو فسػاد‬
‫األمتبلؽ الذي هو جناية على النفس وهػو جبهلػ وفسػاد أمتبلقػ يكػوف و ًػرا علػى أوالد النػاس‬
‫يعاورهم فيسري إليهم فسادخ‪ .‬ف ذا كاف هػذا وػأف اليتػيم فػاللقي أوَ وأجػدر منػ باإلحسػاف دبػا‬
‫ذكرنا من اغبكبة والفق ‪.‬‬
‫قػػاؿ‪" :‬وإمب ػػا غفػػل صبي ػػع اؼبفس ػرين عػػن ذك ػػرخ لنػػدرة اللقط ػػاء ى زم ػػن اؼبتقػػدمني م ػػنهم وال ح ػػي‬
‫للبتأمترين منهم من التأليه إال النقل عنهم" (تفسك اؼبنار‪ - 94/5 :‬طبعة ثانية)‪.‬‬
‫علػػى أف اللقػػي إف ٍ يػػدمتل ى مع ػ "ابػػن السػػبيل" فهػػو دامتػػل ى عبػػوـ "الفق ػراء واؼبسػػاكني"‬
‫كبكا‪ .‬فحق ى الزكاة ثابز بيقني‪.‬‬ ‫صغكا كاف أو ً‬ ‫ً‬ ‫قطعا ف ف الفقك هو احملتاج‬ ‫ً‬
‫الفصل ال امن‬
‫مباحث حوؿ األصناؼ اؼبستحقني‬

‫فهرس‬

‫ترجي رويد رشا‬


‫اػببلصة ى التوزيع على األصناؼ‬

‫مذاه الفقهاء ى استيعاب األصناؼ‬

‫ربقيق صاح الروشة الندية‬

‫ترجي أل عبيد‬

‫مذاه الفقهاء ى استيعاب األصناؼ‬

‫ذكر اهلل تعاَ مصارؼ الزكاة ى كتابة الكرٓ وحصرها ى شبانية أصػناؼ وػرحناها وفصػلنا القػوؿ‬
‫ى بياما وبق هنا مسألة ال بد من توشيحها وه ‪:‬‬
‫هػػل هب ػ علػػى مف ػرؽ الزكػػاة ‪ -‬س ػواء أك ػػاف اؼبال ػ أو اغبػػاكم ‪ -‬أف يوزعه ػػا علػػى صبي ػػع ه ػػؤالء‬
‫األصناؼ ال بانية وأف يس روي بينهم ى قدر ما يعطي ؟‬
‫هكػػذا فهػػم بعػػض الفقهػػاء‪ .‬مػػنهم اإلمػػاـ اليػػافع الػػذي أطػػاؿ ى تفصػػيل هػػذخ اؼبسػػألة ى كتػػاب‬
‫"األـ" ى فصوؿ ك كة‪.‬‬
‫قاؿ النووي ى اةبوع‪ :‬قاؿ اليافع واألصحاب ‪-‬رضبهم اهلل‪ :-‬إف كاف مفرؽ الزكػاة هػو اؼبالػ‬
‫أو وكيلػ ػ س ػػق نص ػػي العام ػػل ووجػ ػ ص ػػرفها إَ األص ػػناؼ الس ػػبعة الب ػػاقني إف ُوِج ػػدوا وإال‬
‫فػػاؼبوجود مػػنهم وال هبػػوز تػػرؾ صػػنه مػػنهم مػػع وجػػودخ ف ػ ف ترك ػ شػػبن نصػػيب ‪ ..‬ودبػػذهبنا ى‬
‫استيعاب األصناؼ قاؿ عكرمة وعبر بن عبد العزيز والزهري وداود (اةبوع‪.)485/6 :‬‬
‫أيضا توافق مذه اليػافع ‪ :‬أنػ هبػ تعبػيبهم والتسػوية بيػنهم وأف يػدفع مػن‬ ‫وعن أضبد رواية ً‬
‫فصاعدا؛ ألن أقل اعببع إال العامل؛ ألف ما يأمتذخ أجرة ف ػاز أف يكػوف‬ ‫ً‬ ‫كل صنه إَ ثبلثة‬
‫احدا وإف توَ الرجل إمتراجها بنفس سق العامل‪ .‬وهذا امتتيار أل بكػر مػن اغبنابلػة (الكػاى‬ ‫و ً‬
‫البن قدامة‪.)446/4 :‬‬
‫واسػػتح أصػػبغ ‪ -‬مػػن اؼبالكيػػة ‪ -‬مػػذه اليػػافع ى تعبػػيم األصػػناؼ حػػك ال ينػػدرس العلػػم‬
‫باسػػتحقاقهم وؼبػػا فيػ مػػن اعببػػع بػػني ـبتلػػه اؼبصػػاً ؼبػػا فيػ مػػن سػػد اػبلػػة والغػػزوة ووفػػاء الػػدين‬
‫وغػػك ذلػ وؼبػػا يوجب ػ مػػن دعػػاء اعببيػػع (نقػػل ذل ػ الصػػاوي ى حاوػػيت ‪ 334/ 4 :‬نقػبلً عػػن‬
‫اػبرو )‪.‬‬
‫قاؿ ابن عػرل‪ :‬واتفقػوا علػى أنػ ال يُعطػى صبيعهػا للعػاملني فيهػا (نقػل ذلػ الصػاوي ى حاوػيت ‪:‬‬
‫‪ 334/4‬نقػ ػبلً ع ػػن اػبروػ ػ ) ألف ذلػ ػ إمت ػػبلؿ باؼبقص ػػود م ػػن و ػػرعية الزك ػػاة وه ػػو س ػػد متل ػػة‬
‫اؼبسلبني وسد متلة اإلسبلـ كبا قاؿ الط ي‪.‬‬
‫واعتبد أصحاب اليافع على أف اهلل أشاؼ الصػدقة بػبلـ التبليػ ‪( :‬للفقػراء واؼبسػاكني)‪ .‬إٌ‬
‫إَ مستحق حك يص من اؼبل على وجػ التيػري فكػاف ذلػ بيانًػا للبسػتحقني وهػذا كبػا‬
‫لػػو أوصػػى ألصػػناؼ معينػػني أو لقػػوـ معينػػني (أحكػػاـ القػػرآف البػػن العػػرل‪ )947/2 :‬في ػ أف‬
‫صبيعا‪.‬‬
‫يعبهم ً‬
‫ػز رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى‬ ‫واستدلوا من السنة دبا رواخ أبو داود عن زيػاد بػن اغبػارث الصػدا قػاؿ‪ :‬أتي ُ‬
‫اهلل علي وسلم‪ -‬فبايعت فأتػاخ رجػل فقػاؿ‪ :‬أعطػ مػن الصػدقة‪ .‬فقػاؿ رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ‬
‫وسػػلم‪( :-‬إف اهلل ٍ يػػرض حبكػػم ن ػ وال غػػكخ ى الصػػدقات حػػك حكػػم هػػو فيهػػا ف زأهػػا شبانيػػة‬
‫أجزاء ف ف كنز من أهل تل األجزاء أعطيت حق )‪.‬‬
‫ومتاله اليافع مال ٌ وأبو حنيفة وأصحاهببا وٍ يوجبوا استيعاب األصناؼ ى القسبة‪.‬‬
‫وقػػالوا‪ :‬إف الػػبلـ ى اآليػػة ليسػػز الـ التبليػ وإمبػػا هػ الـ األجػػل كقولػ ‪ :‬هػػذا السػػرج للدابػػة‬
‫والباب للدار‪.‬‬
‫واستدلوا بقول تعاَ‪( :‬إف تبدوا الصدقات فنعبا ه وإف زبفوها وتؤتوها الفقراء فهو متك لكم)‬
‫(البقرة‪ .)274 :‬فلم يذكر ؽبا ى اآلية مصرفًا إال الفقراء‪.‬‬
‫والصدقة مك أطلقز ى القرآف فه صدقة الفرض وقاؿ الن ‪-‬صلى اهلل علي وسػلم‪( :-‬أمػرت‬
‫أف آمتػػذ الصػػدقة مػػن أغنيػػا كم وأردهػػا علػػى فق ػرا كم) وهػػذا نػػل ى ذكػػر أحػػد األصػػناؼ قرآنًػػا‬
‫وسنرة (أحكاـ القرآف البن العرل‪.)947/2 :‬‬ ‫ُ‬
‫وقػػد روي أبػػو عبيػػد عػػن ابػػن عبػػاس أن ػ قػػاؿ‪( :‬إذا وشػػعتها ى صػػنه واحػػد مػػن هػػذخ األصػػناؼ‬
‫فحسب إمبا قاؿ اهلل تبارؾ وتعاَ‪( :‬إمبا الصػدقات للفقػراء واؼبسػاكني)‪ .‬وكػذا وكػذا لػئبل هبعلهػا‬
‫ى غك هذخ األصناؼ)‪ .‬وكبوخ عن حذيفة‪.‬‬
‫عددا وأودهم فاقة‪.‬‬‫وعن ابن وهاب قاؿ‪ :‬أسعدهم هبا أك رهم ً‬
‫وعن إبراهيم قاؿ‪ :‬ما كانوا يسألوف إال عن الفاقة (الفاقة‪ :‬الفقر)‪.‬‬
‫وقاؿ سفياف وأهل العراؽ (أبو حنيفة وأصحاب )‪ :‬إذا وشعها ى صنه واحد من ال بانية أجزأخ‪.‬‬
‫احدا‪.‬‬‫وقاؿ إبراهيم النصع ‪ :‬إذا كاف اؼباؿ ك ًكا ففرق ى األصناؼ‪ .‬وإذا كاف قليبلً فأعط صن ًفا و ً‬
‫وروى م ل هذا عن عطاء (ذكر هذخ اآلثار أبو عبيد ى "األمواؿ" ص ‪.)578 - 576‬‬
‫وق ػػاؿ أب ػػو ث ػػور‪ :‬إف أمترجػ ػ ص ػػاحب ج ػػاز لػ ػ أف يض ػػع ى قس ػػم وإف قس ػػب اإلم ػػاـ اس ػػتوع‬
‫األصناؼ‪.‬‬
‫وقػػاؿ مال ػ ‪" :‬األمػػر عنػػدنا ى قسػػم الصػػدقات أف ذل ػ ال يكػػوف إال علػػى وج ػ االجتهػػاد مػػن‬
‫الواُ‪ .‬فأي األصناؼ كانز اغباجة في والعدد أوثػر ذلػ الصػنه بقػدر مػا يػرى الػواُ وعسػى‬
‫أف ينتقل ذل إَ الصنه اآلمتر بعػد عػاـ أو عػامني أو أعػواـ فيػؤثر أهػل اغباجػة والعػدد حي بػا‬
‫كاف ذل ‪ .‬وعلى هذا أدركز من أرشى من أهل العلم" (أحكاـ القرآف‪.)948/2 :‬‬
‫بعضا‪.‬‬‫وأوج األقواؿ اؼبذكورة ما قال النصع وأبو ثور ومال وه ‪ -‬فيبا أرى ‪ -‬يكبل بعضها ً‬
‫ربقيق صاح الروشة الندية‬

‫وقػػد حقػػق ذلػ صػػاح الروشػػة النديػػة فقػػاؿ‪ :‬إف اهلل سػػبحان جعػػل الصػػدقة ـبتصػػة باألصػػناؼ‬
‫ال بانية غػك سػا غة لغػكهم وامتتصاصػها هبػم ال يسػتلزـ أف تكػوف موزعػة بيػنهم علػى السػوية وال‬
‫أف يقسػ كػػل مػػا حصػػل مػػن قليػػل أو ك ػػك علػػيهم‪ .‬بػػل اؼبع ػ ‪ :‬أف جػػنس الصػػدقات عبػػنس هػػذخ‬
‫األصناؼ فبػن وجػ عليػ وػ ء مػن جػنس الصػدقة ووشػع ى جػنس األصػناؼ فقػد فعػل مػا‬
‫أمرخ اهلل في وسق عن ما أوجب اهلل علي ‪ .‬ولو قيل‪ :‬إن هب على اؼبالػ ‪ -‬إذا حصػل لػ وػ ء‬
‫صبيعػا لكػاف ذلػ‬
‫ذب في الزكاة ‪ -‬تقسيط علػى صبيػع األصػناؼ ال بانيػة علػى فػرض وجػودهم ً‬
‫‪ -‬مع ما في من اغبرج واؼبيقة ‪ -‬ـبال ًفا ؼبػا فعلػ اؼبسػلبوف سػلفهم ومتلفهػم‪ .‬وقػد يكػوف اغباصػل‬
‫نوعػا واح ًػدا‬
‫حقكا لو قسم على صبيع األصناؼ ؼبا انتفع كل صنه دبػا حصػل لػ ولػو كػاف ً‬ ‫ويئاً ً‬
‫عددا !!‬
‫فضبلً عن أف يكوف ً‬
‫وحػػديث زيػػاد بػػن اغبػػارث الػػذي قػػاؿ لػ النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪( : -‬إف اهلل ٍ يػػرض حبكػػم‬
‫ن وال غكخ ى الصدقات حك حكم فيها هو ف زأها شبانية أجزاء… ) هذا اغبديث على فػرض‬
‫صبلحيت لبلحت اج (فف إسنادخ مقاؿ) فاؼبراد بت ز ة الصدقة ذبز ة مصارفها كبا هو مصػارؼ‬
‫اآلية الب قصدها ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ .-‬ولو كاف اؼبراد ذبز ة الصػدقة نفسػها وأف كػل جػزء ال‬
‫هبػػوز صػرف ى غػػك الصػػنه اؼبقابػػل لػ ؼبػػا جػػاز صػػرؼ نصػػي مػػا هػػو معػػدوـ مػػن األصػػناؼ إَ‬
‫غكخ وهو متبلؼ اإلصباع من اؼبسلبني‪.‬‬
‫ضا لو ُسلرم ذل لكاف باعتبار ؾببوع الصدقات الب ذبتبػع عنػد اإلمػاـ ال باعتبػار صػدقة كػل‬ ‫وأي ً‬
‫فرد فلم يبق ما يػدؿ علػى وجػوب التقسػي بػل هبػوز إعطػاء بعػض اؼبسػتحقني بعػض الصػدقات‬
‫بعضا آمتر‪.‬‬
‫وإعطاء بعضهم ً‬
‫نعم إذا صبع اإلمػاـ صبيػع صػدقات أهػل قُطػر مػن األقطػار وحضػر عنػدخ صبيػع األصػناؼ ال بانيػة‬
‫كاف صنه حق ى مطالبت دبا فرش اهلل‪ .‬وليس علي تقسي ذلػ بيػنهم بالسػوية وال تعبػيبهم‬
‫بالعطػػاء بػػل لػ أف يعطػ بعػػض األصػػناؼ أك ػػر مػػن الػػبعض اآلمتػػر‪ .‬ولػ أف يعطػ بعضػػهم دوف‬
‫ػبلحا عا ػ ًػد عل ػػى اإلس ػػبلـ وأهلػ ػ ‪ .‬مػ ػ بلً إذا صبع ػػز لديػ ػ الص ػػدقات‬
‫بع ػػض ‪ -‬إذا رأى ذلػ ػ ص ػ ً‬
‫وحضػػر اعبهػػاد وحقػػز اؼبدافعػػة عػػن َحػ ْػوَزة ا ٍإلسػػبلـ مػػن الكفػػار أو البغػػاة ف ػ ف ل ػ إي ػػار أصػػناؼ‬
‫اةاهدين بالصرؼ إليهم وإف استغرؽ صبيع اغباصل من الصدقات‪ .‬وهكذا إذا انقضػز اؼبصػلحة‬
‫إي ار غك اةاهدين" أ‪.‬هػ‪( .‬الروشة الندية‪- 269-267/4 :‬بتصرؼ)‪.‬‬

‫ترجي أل عبيد‬

‫وهذا ما رجح أبو عبيد فقد ذكر ما كتب اإلماـ الزهػري ألمػك اؼبػؤمنني عبػر بػن عبػد العزيػز عػن‬
‫منػػازؿ الصػػدقات ومواشػػعها كبػػا جػػاءت بالسػػنة فقػػاؿ‪ :‬هػ شبانيػػة أسػػهم‪ :‬سػػهم للفقػراء وسػػهم‬
‫للبساكني إَ آمتر السهاـ ال بانية‪.‬‬
‫ه فصػل مػػا يعطػػى لكػػل صػػنه مػن الفقػراء إَ ابػػن السػػبيل وكيػػه يقسػم السػػهم علػػى أنػواع كػػل‬
‫صنه من األصناؼ ال بانية ه قاؿ أبو عبيػد‪ :‬فهػذخ ـبػارج الصػدقة إذا جعلػز ؾبػزأة وهػذا هػو‬
‫الوج ػ ؼبػػن قػػدر علي ػ وأطاق ػ غػػك أْ ال أحس ػ هػػذا هب ػ إال علػػى اإلمػػاـ الػػذي تك ػػر عنػػدخ‬
‫صدقات اؼبسلبني وتلزم حقوؽ األصناؼ كلها يبكنػ ك ػرة األعػواف علػى تفريقهػا‪ .‬فأمػا مػن لػيس‬
‫عنػػدخ منهػػا إال مػػا يلػػزـ ػباصػػة مالػ ف نػ إذا وشػػعها ى بعضػػهم دوف بعػػض كػػاف جازيًػػا عنػ علػػى‬
‫قوؿ من ظبيناخ من العلباء‪.‬‬
‫واألصل ى هذا هو اغبديث اؼبأثور عػن النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬حػني ذكػر الصػدقة فقػاؿ‪:‬‬
‫(تؤمتذ من أغنيا هم فتُػَرد ى فقرا هم) فلم يذكر ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ - -‬هاهنػا ‪ -‬غػك صػنه‬
‫واحػػد‪ .‬ه أتػػاخ مػػاؿ بعػػد هػػذا ف علػ ى صػػنه ثػػاف سػػوى الفقػراء وهػػم اؼبؤلفػػة قلػػوهبم‪ :‬األقػػرع بػػن‬
‫حابس وعيينة بن حصن وعلقبة بن عبلثة وزيد اػبيػل قسػم فػيهم الذهبيػة الػب بعػث هبػا إليػ‬
‫عل ّ من أمواؿ أهل اليبن وإمبا الذي يؤمتذ من أمواؽبم الصدقة‪.‬‬
‫ه أتاخ ماؿ آمتر ف عل ى صنه ثالث وهم الغارموف‪.‬‬
‫ومػػن ذلػ قولػ لقبيصػػة بػػن اؼبصػػارؽ ى اغبَبالػػة الػػب رببػػل هبػػا‪( :‬أقػػم حػػك تأتينػػا الصػػدقة ف مػػا أف‬
‫نعينػ عليهػػا وإمػػا أف كببلهػػا عنػ ) فػػأراخ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬قػػد جعػػل بعػػض األصػػناؼ‬
‫أسعد هبا من بعض‪.‬‬
‫صبيعػػا وى أف ىبػػل هبػػا بعضػػهم دوف بعػػض إذا كػػاف‬ ‫فاإلمػػاـ ـبػػك ى الصػػدقة ى التفريػػق فػػيهم ً‬
‫ذل على وج االجتهاد وؾبانبة اؽبوى واؼبيل عن اغبق وكػذل مػن سػوى اإلمػاـ بػل هػو لغػكخ‬
‫أوسع إف واء اهلل" (األمواؿ ص ‪ 584‬وما قبلها)‪.‬‬

‫ترجي رويد رشا‬

‫قػػاؿ ى اؼبنػػار‪ :‬إف متػػبلؼ السػػله وأ بػػة األمصػػار ى اؼبسػػألة يػػدؿ علػػى أن ػ ٍ يسػػبق فيهػػا ُسػػنة‬
‫عبلية ؾببع عليها مػن عهػد الرسػوؿ وال مػن متلفا ػ الراوػدين فػدؿ هػذا علػى أمػم كػانوا يرومػا‬
‫من اؼبصاً الب ي ج فيها العبل دبا يػراخ أولػوا األمػر ى درجػة االسػتحقاؽ وقلػة اؼبػاؿ وك رتػ مػن‬
‫الصدقات وى بيز اؼباؿ‪.‬‬
‫وأقرب أقواؿ األ بة ى مراعاة اؼبصلحة قوؿ مال وإبراهيم النصع وأبعػدها عػن اؼبصػلحة والػنل‬
‫صبيعػػا قػػوؿ أل حنيفػػة (قػػد ذكرنػػا أف أبػػا عبيػػد روى عػػن ابػػن عبػػاس وحذيفػػة م ل ػ ‪ .‬والقػػوؿ جب ػواز‬
‫ً‬
‫وشػػعها ى ص ػػنه واح ػػد ال ينف ػ وج ػػوب مراع ػػاة اغباجػػة واؼبص ػػلحة ى التوزيػػع وإف ك ػػاف ذل ػ‬
‫موكػػوالً إَ شػػبك اؼبسػػلم) إال إذا كػػاف اؼبػػاؿ قلػػيبلً جػ ًػدا حبيػػث إذا أعطاهػػا واحػ ًػدا انتفػػع بػ وإذا‬
‫وزعػ علػػى مػػن يوجػػد مػػن األصػػناؼ أو علػ أفػراد صػػنه واحػػد كػػالفقراء ٍ يصػ أحػ ًػدا مػػا لػ‬
‫موقع من كفايت ‪.‬‬
‫وأما جواز إعطػاء اؼبػاؿ أك ػر إَ واحػد مػن اؼبسػتحقني مػن صػنه واحػد فػبل وجػ لػ وال وػبهة‪.‬‬
‫وفهبا‪:‬‬
‫علبا ً‬ ‫واهلل تعاَ قد ذكر أصنافًا بصفة اعببع فبل يبكن أف يقوؿ أبو حنيفة وال من دون ً‬
‫"إف إعطػاء واحػد مػن صػػنه واحػد يػُ َعػد امت ػػاالً ألمػر اهلل وعبػبلً بكتابػ وينبغػ عبباعػة اليػػورى‬
‫نظامػػا لتقػػدٓ األهػػم فػػاؼبهم إذا ٍ تكػػه‬
‫مػػن أهػػل اغبػػل والعقػػد أف يضػػعوا ى كػػل عصػػر وقطػػر ً‬
‫الص ػػدقات اعببي ػػع ليبنعػ ػوا الس ػػبلطني واألمػ ػراء م ػػن التص ػػرؼ فيه ػػا ب ػػأهوا هم وذلػ ػ أف بع ػػض‬
‫األصناؼ يوجد ى بعػض األزمنػة واألمكنػة دوف بعػض كبػا أف درجػات اغباجػة زبتلػه" (تفسػك‬
‫اؼبنار‪ - 593/46 :‬طبعة ثانية)‪.‬‬

‫اػببلصة ى التوزيع على األصناؼ‬

‫ومتبلصة القوؿ بعد ذكر هذخ اآلراء والتحقيقات وال جيحات نعرشها فيبا يل ‪:‬‬
‫‪ -4‬ينبغ تعبػيم األصػناؼ اؼبسػتحقني إذا ك ػر اؼبػاؿ ووجػدت األصػناؼ وتسػاوت حاجػاهتم أو‬
‫تقاربز‪ .‬وال هبػوز حرمػاف صػنه مػنهم مػع قيػاـ سػب اسػتحقاق ووجػود حاجتػ ‪ .‬وهػذا يتعػني ى‬
‫حق اإلماـ أو السلطة اليرعية الب ذببع الزكوات وتفرقها على اؼبستحقني‪.‬‬
‫‪ -2‬عند تعبيم األصناؼ اؼبوجودين بالفعل من ال بانية ليس بواج أف نسوي بػني كػل صػنه‬
‫وآمتر ق قدر ما يصرؼ ل وإمبػا يكػوف ذلػ حسػ العػدد واغباجػة‪ .‬فقػد يوجػد ى إقلػيم ألػه‬
‫فقك وال يوجد من الغارمني أو ابن السبيل إال عيرة‪ .‬فكيه يعطى عيرة مػا يعطػاخ ألػه؟! ؽبػذا‬
‫نػػرى األوفػػق هنػػا مػػا ذهػ إليػ مالػ ومػػن قبلػ ابػػن وػػهاب مػػن إي ػػار الصػػنه الػػذي فيػ العػػدد‬
‫واغباجة بالنصي األك (قاؿ الدردير ى ورح الصغك‪ :‬يُندب إي ار احملتاج على غكخ بأف ُىبل‬
‫باإلعطػػاء أو ي ػزاد ل ػ في ػ علػػى غػػكخ علػػى حس ػ مػػا يقتضػػي اغبػػاؿ‪ :‬إذ اؼبقصػػود سػػد اغباجػػة‬
‫(‪ .)234/4‬متبلفًا ؼبذه اليافع ‪.‬‬
‫ػرعا تقتض ػ‬
‫‪ -3‬هبػػوز صػػرؼ الزكػػاة كلهػػا لػػبعض األصػػناؼ متاصػػة لتحقيػػق مصػػلحة معت ػ ة وػ ً‬
‫التصصيل‪ .‬كبا أن عند إعطاء صنه من األصناؼ ال بانية ال يلزـ التسوية بني صبيػع أفػرادخ ى‬
‫قدر ما يُعطون بل هبوز اؼبفاشلة بينهم حس حاجاهتم‪ .‬ف ف اغباجات زبتله من فرد إَ آمتر‪.‬‬
‫اؼبهم أف يكوف التفضل ‪-‬إف وجد ‪ -‬لسب ومصلحة ال ؽبوى ووهوة ودوف إجحاؼ بػاآلمترين‬
‫من األصناؼ أو األفراد (مػن أجػود مػا قػرأت ى ذلػ مػا ى وػرح األزهػار (‪ )548/4‬قػاؿ‪" :‬وال‬
‫هبػػوز لئلمػػاـ ذلػ التفضػػيل إذا كػػاف غػػك ؾبحػػه باألصػػناؼ الباقيػػة فأمػػا إذا كػػاف ؾبح ًفػػا ٍ هبػػز؛‬
‫ألف ذلػ حيػه وميػػل عػن اغبػق‪ .‬معػ اإلجحػاؼ هنػا‪ :‬أف يعطػ أحػد الغػارمني مػػا يقضػ دينػ‬
‫واآلمتػػر دوف مػػا يف ػ بدين ػ أو يعط ػ أحػػد اب ػ السػػبيل مػػا يبلغ ػ وطن ػ واآلمتػػر دوف ذل ػ ‪ .‬أو‬
‫يعط فقك مػا يكفيػ وعولػ (عيالػ ) واآلمتػر دوف مػا يكفيػ وعولػ مػن غػك سػب مقػتض لػذل‬
‫كأف يكوف اؼبفضل مؤل ًفا أو كبو ذل ‪ .‬وهبوز لئلماـ أف يفضل بعض األوصاص فيعطي أك ر فبا‬
‫أعطػػى غػػكخ لتعػػدد السػػب فيػ اؼبوجػ السػػتحقاؽ الزكػػاة وذلػ كبػػو أف يكػػوف هػػذا اليػػصل‬
‫غارما ف ن يعطى أك ر من غكخ الجتباع هذخ الوجوخ في ")‪ .‬أهػ‬ ‫ؾباهدا عامبلً ً‬
‫فقكا ً‬ ‫ً‬
‫‪ -4‬ينبغ أف يكوف الفقراء واؼبساكني هم أوؿ األصناؼ الػذين تصػرؼ ؽبػم الزكػاة فػ ف كفػايتهم‬
‫وإغناءهم هو اؽبدؼ األوؿ للزكاة حك إف الرسوؿ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ ٍ -‬يػذكر ى حػديث‬
‫معاذ وغكخ إال هذا اؼبصرؼ‪( :‬تؤمتذ من أغنيا هم فتُػَرد على فقرا هم) وذل ؼبا ؽبذا اؼبصرؼ مػن‬
‫أنبية متاصة‪.‬‬
‫فبل هبوز للحاكم أف يأمتذ أمواؿ الزكاة لينفقها على اعبيو مػ بلً ويػدع الفئػات الضػعيفة احملتاجػة‬
‫من أهل الفقر واؼبسكنة يأكلها اعبوع والعرى والضياع ووبرقها اغبقد واغبسد والبغضاء‪.‬‬
‫مقدما على عبلج الفقر واؼبسكنة‪.‬‬ ‫وكل هذا ما ٍ تطرأ ظروؼ متاصة مؤقتة ذبعل عبلجها ً‬
‫‪ -5‬ينبغ ػ األمتػػذ دبػػذه اليػػافع ى تعيػػني اغبػػد األقصػػى الػػذي يصػػرؼ للعػػاملني علػػى الزكػػاة‬
‫جباية وتوز ًيعا‪ .‬وقد حددخ دبقدار "ال بن" من حصيلة الزكاة فبل هبوز الزيادة علي ف ف فبا يعػاب‬
‫ػكا فبػا هبػط منهػا ينفػق علػى اإلدارات واألجهػزة اؼبكلفػة‬ ‫ػدارا كب ً‬
‫على أك ر الضرا الوشػيعة أف مق ً‬
‫نقصػػا‬
‫باعببايػػة فػػبل تصػػل اؼببػػالغ احملصػػلة مػػن اؼبب ػولني إَ اػبزانػػة إال بعػػد أف تكػػوف قػػد نقصػػز ً‬
‫ملحوظًػػا بسػػب اإلس ػراؼ ى نفقػػات اعببايػػة والتحصػػيل ومػػا تسػػتلزم فصامػػة اؼبناص ػ وأناقػػة‬
‫اؼبكات والعنايػة باؼبظػاهر واؼبيػل إَ التعقيػد مػن تكػاليه صبػة وأمػواؿ طا لػة‪ .‬وهػذا ى اغبقيقػة‬
‫إمبا يؤمتذ من اعبهات اؼبستحقة الب تُصرؼ فيها حصيلة ما ج من اؼباؿ‪ .‬وإال زيد بقدرخ على‬
‫اؼبكلفني اؼبرهقني‪.‬‬
‫‪ -6‬عنػػدما يكػػوف مػػاؿ الزكػػاة قلػػيبلً كبػػاؿ فػػرد واحػػد لػػيس بػػذي ثػػروة كبػػكة‪ .‬فهنػػا يُعطػػى لصػػنه‬
‫واحد كبا قاؿ النصع وأبو ثور بل لفرد واحد كبا قاؿ أبو حنيفة؛ ف ف تفريق هذا القليل على‬
‫عػػدة أصػػناؼ أو عػػدة أف ػراد مػػن صػػنه واحػػد يضػػيع الفا ػػدة اؼبرجػػوة مػػن الزكػػاة‪ .‬وقػػد مػػر بنػػا ى‬
‫مصرؼ "الفقراء واؼبساكني" ترجي مذه اليافع ى اإلغنػاء بالزكػاة فهػو أوَ مػن إعطػاء عػدد‬
‫من األفراد دريهبات لكل منهم ال تيف وال تكف ‪.‬‬
‫وهػػذا مػػا ٍ يكػػن العػػدد اؼبوجػػود ى حاجػػة وػػديدة إَ إسػػعاؼ بػػأي و ػ ء ولػػو قلػػيبلً‪ .‬فػػالتفريق‬
‫أفضل وأوَ عند ذ‪.‬‬
‫الفصل التاسع‬
‫األصناؼ الذين ال تصرؼ ؽبم الزكاة‬

‫فهرس‬

‫تابع اؼببحث الرابع ‪ :‬هل تُدفع الزكاة إَ الزوج والوالدين واألقارب؟‬

‫هل تدفع الزوجة زكاهتا إَ زوجها الفقك؟‬


‫دفع الزكاة إَ باق األقارب بني اؼبانعني واة روزين‬
‫موازنة وترجي‬
‫اؼببحث اػبامس ‪ :‬آؿ ؿببد صلى اهلل علي وسلم‬

‫األحاديث اؼبروية ى ربرٓ الصدقة على آؿ ؿببد صلى اهلل علي وسلم‬
‫من هم آؿ ؿببد ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪-‬؟‬
‫ما اغبكم إذا حرموا من الغنا م والف ء؟‬
‫مناقية وترجي‬
‫اؼببحث السادس‪ :‬اػبطأ ى مصرؼ الزكاة‬

‫فعند اغبنفية‬
‫وعند اؼبالكية‬
‫وعند الزيدية‬
‫سبهيد‬
‫اؼببحث األوؿ‪ :‬األغنياء‬

‫غ الولد الصغك بغ أبي‬


‫اؼببحث ال اْ‪ :‬األقوياء اؼبكتسبوف‬
‫اؼببحث ال الث ‪ :‬هل تعطى الزكاة لغك اؼبسلم؟‬
‫ال يعطى من الزكاة ملحد وال مرتد وال ؿبارب لئلسبلـ‬
‫إعطاء أهل الذمة من الصدقات‬
‫مناقية دعوى اإلصباع على ذل‬
‫موازنة وترجي‬
‫هل يعطى الفاسق من الزكاة؟‬
‫كلبة للسيد رويد رشا‬
‫إعطاء الفرؽ اؼبصالفة من أهل اإلسبلـ؟‬
‫اؼببحث الرابع ‪ :‬هل تُدفع الزكاة إَ الزوج والوالدين واألقارب؟‬

‫الصرؼ إَ الزوجة ال هبوز‬


‫الزكػػاة ش ػريبة ذات صػػبغة متاصػػة‪ .‬ترم ػ إَ ربقيػػق أهػػداؼ معينػػة ى حيػػاة الفػػرد واةتبػػع والعػػاٍ‬
‫اإلنساْ‪.‬‬
‫فليس ألي إنساف أف يأمتذ منها ما ٍ يكن من أهلها‪ .‬ولػيس لػرب اؼبػاؿ وال للحػاكم أف يصػرفها‬
‫حيث واء ما ٍ تصادؼ ؿبلها‪.‬‬
‫ومػػن هنػػا اوػ ط الفقهػػاء أال يكػػوف آمتػػذ الزكػػاة مػػن األصػػناؼ الػػذين جػػاءت النصػػوص بتحريبهػػا‬
‫صحيحا للزكاة‪.‬‬
‫ً‬ ‫عليهم وعدـ اعتبارهم مصرفًا‬
‫وهؤالء األصناؼ الذين ُحرمز عليهم الزكاة هم باإلصباؿ‪:‬‬
‫‪ -4‬األغنياء‪.‬‬
‫‪ -2‬األقوياء اؼبكتسبوف‪.‬‬
‫‪ -3‬اؼببلحدة والكفرة واحملاربوف لئلسبلـ باإلصباع‪ .‬وأهل الذمة عند صبهور الفقهاء‪.‬‬
‫‪ -4‬أوالد اؼبزك ووالداخ وزوجت ‪ .‬أما باق األقارب ففيهم متبلؼ وتفصيل‪.‬‬
‫‪ -5‬آؿ الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬وهم بنو هاوم وحدهم أو بنو هاوم وبنو اؼبطل علػى‬
‫اػببلؼ ى ذل ‪.‬‬
‫ونفصل ذل ى اؼبباحث التالية …‬

‫اؼببحث األوؿ‬

‫األغنياء‬
‫ذكرنا ى حب نا عن " الفقػراء واؼبسػاكني"‪ :‬أف فقهػاء اإلسػبلـ متفقػوف علػى أنػ ال يعطػى مػن سػهم‬
‫الفق ػراء واؼبسػػاكني غ ػ لقول ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪( : -‬ال ربػػل الصػػدقة لغ ػ ) (مػػر زبرهبهبػػا‬
‫هناؾ )‪ .‬وقول ؼبعاذ (تؤمتذ من أغنيا هم ف د على فقرا هم )(مر زبرهبهبا هناؾ)‪.‬‬
‫وقالوا ‪ :‬إف إعطاء األغنياء منها ىبل حبكبة وجوهبا وهو إغناء الفقراء هبا فلم هبز ‪.‬‬
‫وهم مع اتفاقهم على هذا اغبكم امتتلفوا ى ربديد مع الغ الػذي وبػرـ األمتػذ مػن الزكػاة ويبنػع‬
‫منها وقد فصلنا ذل ى مصرؼ الفقراء واؼبساكني فلكجع إلي ‪.‬‬
‫وامتتلػه الفقهػاء أيضػاُ ى بقيػة األصػناؼ فعنػػد اغبنفيػة ال تعطػػى الزكػاة لغػ ولػػو كػاف ى سػػبيل‬
‫اهلل أو غارماً إلصبلح ذات البني عببلً ب طبلؽ حديث معاذ واغبديث اآلمتر‪( :‬ال ربل لغ )‪.‬‬
‫وٍ يست نوا إال العامل‪ :‬ألف ما يأمتذخ إمبا هو أجر على عبل ‪ .‬وإال اؼبؤلفة ولكػن سػهبهم سػق‬
‫بانتيار اإلسبلـ كبا قالوا (انظر‪ :‬فت القدير على اؽبداية‪.)24/2 :‬‬
‫أمػػا األ بػػة اآلمتػػروف فقػػالوا‪ :‬إمبػػا اقتصػػر ى حػػديث معػػاذ علػػى ردخ للفقػراء ألف ذلػ هػػو اؼبقصػػود‬
‫األهم للزكاة؛ إغناء الفقراء‪.‬‬
‫ولو كانز الزكاة ال تعطى إال لفقك ومسكني ما كاف هناؾ مع لذكر أصػناؼ سػتة ى آيػة التوبػة‬
‫بعد الفقراء واؼبساكني‪.‬‬
‫وكبا أمترجتم العامل عليها وابن السبيل‪ -‬وإف كاف غنيًا ى بلدخ ‪ -‬أمترجوا الغازي الذي ال رات‬
‫ل ى ديواف اعبند والغارـ إلصبلح ذات البني‪.‬‬
‫والواقع أف آية اؼبصارؼ صبعز بني نوعني من اؼبستحقني‪:‬‬
‫الن ػػوع األوؿ‪ :‬م ػػن وبت ػػاج م ػػن اؼبس ػػلبني وه ػػم‪ :‬الفق ػراء واؼبس ػػاكني وى الرق ػػاب والغ ػػارموف ؼبص ػػلحة‬
‫أنفسهم وابن السبيل فهؤالء يعطوف غباجتهم ما تندفع ب حاجتهم‪.‬‬
‫النوع ال اْ‪ :‬مػن وبتػاج إلػيهم اؼبسػلبوف وهػم‪ :‬العػاملوف عليهػا واؼبؤلفػة قلػوهبم والغػارموف ؼبصػلحة‬
‫الغك وى سبيل اهلل‪ .‬فهؤالء يُعطوف مع الفقر والغ ‪.‬‬
‫وقػػد فصػػل ى ذل ػ اغبػػديث النبػػوي‪( :‬ال ربػػل الصػػدقة لغ ػ إال ػببسػػة‪ :‬لغػػاز ى سػػبيل اهلل أو‬
‫لعامل عليها أو لغارـ أو لرجل او اها دبال أو لرجل ل جار مسػكني فتصػدؽ علػى اؼبسػكني‬
‫فأهدى اؼبسكني إلي )‪.‬‬
‫قاؿ النػووي‪ :‬هػذا اغبػديث حسػن أو صػحي رواخ أبػو داود مػن طػريقني مرسػبلً وموصػوالً (قػاؿ ى‬
‫اةبوع (‪ :)266/6‬إسنادخ جيد ى الطريقني وصبػع البيهقػ طرقػ وفيهػا‪ :‬أف مال ًكػا وابػن عيينػة‬
‫أرسػبلخ وأف معبػًػرا وال ػػوري وصػبلخ ونبػػا مػػن صبلػػة اغبفػاظ اؼبعتبػدين واغبػػديث إذا روي متصػبلً‬
‫ومرسبلً كاف اغبكم لبلتصاؿ على اؼبذه الصحي )‪.‬‬

‫غ الولد الصغك بغ أبي‬

‫وإذا كانػػز الزكػػاة ال ربػػل لغػ أف يأمتػػذها باسػػم الفقػػر واؼبسػػكنة؛ فػ ف اإلنسػػاف كبػػا يكػػوف غنيًػػا‬
‫بنفس قد يكوف غنيًا بغ غكخ‪.‬‬
‫ػكا‬
‫فالولد الصػغك يػُ َعػ ّد غنيًػا بغػ أبيػ ال فػرؽ بػني الػذكر واألن ػى ى ذلػ خبػبلؼ مػا إذا كػاف كب ً‬
‫فقكا ف ن ال يػُ َع ُّد غنيًا بيسار أبي وإف كانز نفقت عليػ كالبنػز الفقػكة الػب ال زوج ؽبػا واالبػن‬ ‫ً‬
‫الفقك العاجز عن الكس (انظر اؽبداية وفت القدير‪.)23/2 :‬‬
‫ػرعا وعُرفًػا ‪ -‬منسػوبة إليػ وؿبسػوبة عليػ ومكفيػة‬ ‫واؼبرأة الفقكة تُػ َع ُّد غنية بيسار زوجها وهػ ‪ -‬و ً‬
‫ب فبل هبوز إعطاؤها من الزكاة؛ ألف ذل ى اغبقيقة ينقل إعطاء للزوج‪.‬‬
‫وظاهر الرواية عند اغبنفية هبيز إعطاء امرأة الغ من الزكاة سواء فرض ؽبا النفقة أـ ال‪ .‬وعػن أل‬
‫يوسػػه‪ :‬أن ػ ال هبػػوز‪ :‬ألمػػا مكفيػػة دب ػا تسػػتوجب علػػى الغ ػ مػػن النفقػػة حالػػة اليسػػار واإلعسػػار‬
‫فالصرؼ إليها كالصرؼ إَ ولد الغػ الصػغك (اؼبرجػع نفسػ ووػرح العنايػة علػى هػامو اؽبدايػة)‪.‬‬
‫وفػػرؽ علبػػاء اغبنفيػػة بػػني زوجػػة الغ ػ وولػػدخ‪ :‬أف اسػػتي اهبا النفقػػة دبنزلػػة األجػػرة خبػػبلؼ وجػػوب‬
‫نفقة الولد الصغك؛ ألن سب عن اعبز ية فكاف كنفقة نفس فالدفع إليػ كالػدفع إَ نفػس الغػ‬
‫(اؼبرجع نفس ص ‪.)24‬‬
‫وأجػػاز بعػػض اليػػافعية إعطػػاء زوجػػة الغػ الفقػػكة وولػػدخ الفقػػك مػػن الزكػػاة مػػع قيػػاـ الػػزوج واألب‬
‫بالنفقة ومتالفهم آمتروف على عدة أقواؿ (اةبوع‪.)494/6 :‬‬
‫ومػػن هػػذخ األق ػواؿ‪ :‬أف كػػل مػػن وجبػػز نفقت ػ علػػى غ ػ مػػن ولػػد أو زوجػػة أو قري ػ ربػػرـ علي ػ‬
‫الزكاة؛ ألن مكف بنفقت والغ هو الكفاية‪.‬‬
‫وعنػػد اؼبالكيػػة‪ :‬أف الفقػػك الػػذي وجبػػز نفقتػ علػػى غػ ربػػرـ عليػ الزكػػاة ولػػو ٍ هبػػر النفقػػة عليػ‬
‫بالفعل؛ ألن قادر على أمتذها من باغبكم والقضاء‪.‬‬
‫واسػػت نوا مػػن ذل ػ مػػا إذا كػػاف الغ ػ ال سبكػػن الػػدعوى علي ػ أو يتعػػذر اغبكػػم علي ػ (انظػػر وػػرح‬
‫اػبرو على متليل‪.)244/2 :‬‬
‫والػػذي أرجحػ مػػا قلتػ أوالً إف ولػػد اإلنسػػاف الصػػغك وزوجتػ نبػػا اللػػذاف يعػػداف غنيػػني بغػ األب‬
‫والػػزوج فالولػػد مػػع أبي ػ والزوجػػة مػػع زوجهػػا وحػػدة ال تت ػزأ وألف نفقتهبػػا وجبػػز وجوبػػا بيرػنًػػا‬
‫بالكتاب والسنة فهبا مكفياف كفاية دا بة الزمة مستقرة‪ .‬فبل هبػوز إعطػاء الزكػاة ؽببػا وال هبػوز‬
‫ؽببا األمتػذ خبػبلؼ سػا ر األقػارب فللحكومػة أف تتػوَ اإلنفػاؽ علػيهم مػن الزكػاة أو غكهػا مػن‬
‫موارده ػػا وتغن ػػيهم ع ػػن نفق ػػة أق ػػارهبم ولؤلف ػراد اؼبس ػػلبني أف يعط ػػوهم م ػػن زك ػػاهتم م ػػا يقض ػػوف بػ ػ‬
‫حاجػػات ال تسػػدها النفقػػة أو مػػا يغنػػيهم عػػن النفقػػة بالكليػػة ومتاصػػة علػػى مػػذه مػػن يق ػػوؿ‬
‫ب عطاء كفاية العبر للفقك واؼبسػكني (راجػع‪ :‬حبػث "كػم يعطػى الفقػك واؼبسػكني مػن الزكػاة" ؟ ‪-‬‬
‫الفصل األوؿ ص ‪ .)663‬فهذا و ء أعبق وأوسع مدى فبا تؤدي نفقة القري على القري ‪.‬‬

‫اؼببحث ال اْ‬

‫األقوياء اؼبكتسبوف‬
‫وكبا جاءت األحاديث بتحرٓ الزكػاة علػى الغػ جػاءت بتحريبهػا علػى ذي اؼبػرة السػوي (واؼبػرة‪:‬‬
‫اليدة والقوة‪ .‬والسوي‪ :‬اؼبستوي األعضاء أي أف جسب سليم من العاهات‪ .‬وإمبا حرمز الزكاة‬
‫على القوي؛ ألن ُمطال أف يعبل ويكف نفس بنفس ال أف يقعد ويتكل على الصدقات‪ .‬فػ ذا‬
‫كػػاف قويًػػا ولكنػ ال هبػػد عبػبلً فهػػو معػػذور ومػػن حقػ أف يُعػػاف مػػن الزكػػاة حػػك يتهيػػأ لػ العبػػل‬
‫اؼببل م وى اغبديث اآلمتر‪( :‬ال حي فيها لغ وال لقوي مكتس ) (ذكر ى البحر‪)475/2( :‬‬
‫ق ػػوالً للي ػػافع أن ػ يي ػ ط ى الفق ػػك الض ػػعه والزمان ػػة وع ػػدـ الس ػػؤاؿ وه ػػذا اغب ػػديث ي ػػرد علي ػ ‪.‬‬
‫ووقوفهػػا علػػى الػػزم باطػػل كبػػا قػػاؿ ابػػن العػػرل وقػػد تقػػدـ) وقػػد مػػر بنػػا حبػػث ذل ػ ى مصػػرؼ‬
‫"الفقراء واؼبساكني"‪.‬‬
‫ػحيحا‬
‫ومتػػاله اغبنفيػػة ى ذل ػ فقػػالوا‪ :‬هبػػوز دفػػع الزكػػاة إَ مػػن يبل ػ أقػػل نصػػاب وإف كػػاف صػ ً‬
‫مكتسػػبًا؛ ألنػ فقػػك والفقػراء هػػم اؼبصػػارؼ وألف حقيقػػة اغباجػػة ال يوقػػه عليهػػا فػػأدير اغبكػػم‬
‫على دليلها وهو فقد النصاب‪ .‬وقاؿ ابن اؽبباـ‪ :‬وعنػد غػك واحػد‪ :‬ال هبػوز للكسػوب ؼبػا قػدمناخ‬
‫مػػن قول ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪( :-‬ال ربػػل الصػػدقة لغ ػ وال لػػذي مػػرة سػػوي) وقول ػ للػػرجلني‬
‫اللػػذين سػػأالخ فرآنبػػا جلػػدين‪( :‬أمػػا إن ػ ال حػػق لكبػػا فيه ػا وإف وػػئتبا أعطيتكبػػا) وأجػػاب بػػأف‬
‫دؿ علػى أف اؼبػراد حرمػة سػؤاؽببا لقولػ ‪ ( :‬وإف وػئتبا أعطيتكبػا) ولػو كػاف األمتػذ‬ ‫اغبديث ال ػاْ ّ‬
‫ؿبرما ٍ يفعل (انظر‪ :‬اؽبداية وفت القدير‪.)28/2 :‬‬ ‫ً‬
‫وقػػد مػػر بنػػا هػػذا اغبػػديث مػػن قبػػل وفي ػ ‪( :‬وإف وػػئتبا أعطيتكبػػا وال حػػي فيهػػا لغ ػ وال لقػػوي‬
‫مكتس ) وإمبا قاؿ ؽببا ذل ‪ :‬ألن ٍ يعرؼ حقيقة حاؽببا وليس كل جلػد قػوي يكػوف مكتسػبًا‬
‫ما يكفي فلهذا أعطانبا بعد أو وعظهبا وأرودنبا إَ أف الغ واؼبكتس الحق ؽببا ى الزكاة‪.‬‬
‫وهػػذا هػػو امتتيػػار أل عبيػػد؛ ألن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬جعػػل الغ ػ والقػػوة علػػى االكتسػػاب‬
‫ػدودا عنػد الػرزؽ‬
‫عدلني وإف ٍ يكن القوي ذا ماؿ فهم اآلف سياف؛ إال أف يكوف هذا القوي ؾب ً‬
‫ؿبارفًػا (يطلػ الػػرزؽ وال هبػدخ) وهػو ى ذلػ ؾبتهػد ى السػػع علػى عيالػ حػػك يع ػزخ الطلػ‬
‫ف ػ ذا كانػػز هػػذخ حال ػ ف ػ ف ل ػ حينئػػذ ح ًقػػا ى أم ػواؿ اؼبسػػلبني لقول ػ اهلل تبػػارؾ وتعػػاَ‪( :‬وى‬
‫أمواؽبم حق معلوـ للسا ل واحملروـ) (الػذاريات‪ )49 :‬روي عػن ابػن عبػاس ى هػذخ اآليػة‪ :‬احملػروـ‪:‬‬
‫احملارؼ (األمواؿ ص‪.)577‬‬

‫اؼببحث ال الث‬

‫هل تعطى الزكاة لغك اؼبسلم؟‬

‫ال يعطى من الزكاة ملحد وال مرتد وال ؿبارب لئلسبلـ‬

‫أصبع اؼبسلبوف على أف الكافر احملارب ألهل اإلسبلـ ال يعطى من الزكاة ويئًا (نقػل هػذا اإلصبػاع‬
‫ى البحر الزمتار‪ ) 485/2 :‬وسند هذا اإلصباع قولػ تعػاَ‪( :‬إمبػا ينهػاكم اهلل عػن الػذين قػاتلوكم‬
‫ى الػػدين وأمترجػػوكم مػػن ديػػاركم وظػػاهروا علػػى إمت ػراجكم أف تولػػوهم ومػػن يتػػوؽبم فأولئ ػ هػػم‬
‫الظاؼبوف) (اؼببتحنة‪.)9 :‬‬
‫وألن ػ حػػرب علػػى اإلسػػبلـ وأهل ػ عػػدو للحػػق وحزب ػ وكػػل معونػػة تتحػػوؿ إَ متن ػػر يطعػػن ب ػ‬
‫الػػدين أو يقتػػل ب ػ اؼبػػؤمنني ولػػيس مػػن الػػدين وال مػػن العقػػل أف يعطػػى النػػاس مػػن أم ػواؽبم لقتػػل‬
‫أنفسهم أو االعتداء على مقدساهتم‪.‬‬
‫وم ل اؼبلحد الذي ينكر وجود اهلل وهبحػد النبػوة واآلمتػرة‪ .‬فهػذا بطبيعتػ حػرب علػى الػدين فػبل‬
‫يعطى من أمواؿ أهل الدين‪.‬‬
‫وكذل اؼبرتد اؼبارؽ من اإلسبلـ بعد مػا دمتػل فيػ ؛ ألنػ ى نظػر اإلسػبلـ ال يسػتحق اغبيػاة وقػد‬
‫اق ؼ جريبة اػبيانة العظبى بارتدادخ عػن الػدين؛ ومفارقتػ عبباعػة اؼبسػلبني‪ .‬قػاؿ ‪-‬عليػ الصػبلة‬
‫والسبلـ‪( :-‬من بدؿ دين فاقتلوخ) (رواخ أضبد والبصاري وأصحاب السنن عن ابن عباس)‪.‬‬

‫إعطاء أهل الذمة من الصدقات‬

‫أمػػا أهػػل الذمػػة وهػػم أهػػل الكتػػاب ومػػن ى حكبهػػم فبػػن يعييػػوف بػػني ظه ػراْ اؼبسػػلبني حيػػث‬
‫دمتل ػوا ى ذمػػتهم ومتضػػعوا لسػػلطاف دولػػتهم وقبل ػوا جريػػاف أحكػػاـ اإلسػػبلـ علػػيهم واكتسػػبوا‬
‫بػ ػػذل التبعيػ ػػة لػ ػػدار اإلسػ ػػبلـ أو م ػ ػا ييػ ػػب "اعبنسػ ػػية" بلغػ ػػة عص ػ ػرنا فهػ ػػؤالء ى صػ ػػرؼ الزكػ ػػاة‬
‫والصدقات إليهم متبلؼ وتفصيل نوشح فيبا يل ‪:‬‬
‫اإلعطاء من صدقة التطوع‪:‬‬
‫ال جنػػاح علػػى اؼبسػػلم أف يعط ػ غػػك اؼبسػػلم مػػن أهػػل الذمػػة فبػػا يتطػػوع ب ػ مػػن الصػػدقات رعايػػة‬
‫للرابطة اإلنسانية وغبرمة العهد الذي بينهم وبني اؼبسلبني‪ .‬وكفرهم باإلسبلـ ال يبنع من ال هبم‬
‫واإلحسػػاف إلػػيهم ‪ -‬مػػا دامػوا غػػك ؿبػػاربني للبسػػلبني ‪ -‬قػػاؿ تعػػاَ‪( :‬ال ينهػػاكم اهلل عػػن الػػذي ٍ‬
‫يقػػاتلوكم ى الػػدين وٍ ىبرجػػوكم مػػن ديػػاركم أف ت ػ وهم وتقسػػطوا إلػػيهم إف اهلل وب ػ اؼبقسػػطني)‬
‫(اؼببتحنة‪.)8 :‬‬
‫وقد نزلز هذخ اآلية ًردا على ربرج بعض اؼبسلبني من بر أقارهبم اؼبيركني‪.‬‬
‫وقب ػػل ه ػػذا م ػػا رواخ ع ػػن اب ػػن عب ػػاس‪ :‬أم ػػم ك ػػانوا يكره ػػوف الص ػػدقة عل ػػى أنس ػػاهبم وأقرب ػػا هم م ػػن‬
‫اؼبيػػركني فسػػألوا فػػر رمتل ؽبػػم ونزلػػز هػػذخ اآليػػة (ابػػن ك ػػك‪ - 349/4 :‬طبػػع اغبل ػ )‪( .‬لػػيس‬
‫علي هداهم ولكن اهلل يهدي من يياء وما تنفقوا مػن متػك فؤلنفسػكم ومػا تنفقػوف إال ابتغػاء‬
‫وج اهلل وما تنفقوا من متك يوؼ إليكم وأنتم ال تظلبوف) (البقرة‪.)272 :‬‬
‫ومعػ ػ (وم ػػا تنفق ػػوف إال ابتغ ػػاء وجػ ػ اهلل) ‪ -‬كب ػػا ق ػػاؿ اب ػػن ك ػػك (اعب ػػزء األوؿ ص ‪ -)224‬أف‬
‫اؼبتصدؽ إذا تصدؽ ابتغاء وج اهلل فقد وقع أجرخ على اهلل وال علي ى نفػس األمػر ؼبػن أصػاب‪:‬‬
‫أل ٍّ أو فاجر؟ أو مستحق أو غكخ؟ وهو م اب علػى قصػدخ ومسػتند هػذا سبػاـ اآليػة‪( :‬ومػا تنفقػوا‬
‫من متك يوؼ إليكم وأنتم ال تظلبوف)‪.‬‬
‫ػكا)‬
‫ويتيب ػػا وأس ػ ً‬
‫وق ػػد م ػػدح اهلل األب ػرار م ػػن عب ػػادخ بقول ػ ‪( :‬ويطعب ػػوف الطع ػػاـ عل ػػى حبػ ػ مس ػػكينًا ً‬
‫(اإلنساف‪.)8 :‬‬
‫وقػػد كػػاف األسػػرى حينئػػذ مػػن أهػػل اليػػرؾ كبػػا جػػاء عػػن اغبسػػن وغػػكخ (مصػػنه ابػػن أل وػػيبة‪:‬‬
‫‪.)46-39/4‬‬
‫اإلعطاء من صدقة الفطر‪:‬‬
‫وقري من صدقة التطوع صدقة الفطر والكفارات والنذور؛ فقد أجاز أبو حنيفة وؿببد وبعػض‬
‫الفقهاء صرفها إَ أهل الذمػة لعبػوـ األدلػة م ػل قولػ تعػاَ ى الصػدقات‪( :‬إف تبػدوا الصػدقات‬
‫فنعبػػا ه ػ وإف زبفوهػػا وتؤتوهػػا الفق ػراء فهػػو متػػك لكػػم ويكفػػر عػػنكم مػػن سػػيئاتكم) (البقػػرة‪:‬‬
‫‪ .)274‬من غك فصل بني فقك وفقك‪.‬‬
‫وم ػػل قولػ ػ ‪-‬تع ػػاَ‪ -‬ى الكف ػػارات‪( :‬فكفارتػ ػ إطع ػػاـ عي ػػرة مس ػػاكني م ػػن أوسػ ػ م ػػا تطعب ػػوف‬
‫أهلػػيكم) (اؼبا ػػدة‪( .)89 :‬فبػػن ٍ يسػػتطع ف طعػػاـ سػػتني مسػػكينًا) (اةادلػػة‪ .)4 :‬مػػن غػػك فصػػل‬
‫بني مسكني ومسكني‪.‬‬
‫وألف هذا من باب إيصاؿ ال إليهم وما مينا عن ‪.‬‬
‫ومػػع ذل ػ قػػالوا‪ :‬إف صػػرؼ هػػذخ األوػػياء إَ فقػراء اؼبسػػلبني أفضػػل بػػبل ريػ ؼبػػا في ػ مػػن إعانػػة‬
‫اؼبسلم على طاعة اهلل‪.‬‬
‫ػدوا ؿباربًػػا للبس ػلبني؛ ألف الصػػرؼ إلي ػ حينئػػذ يقػػع‬‫واو ػ ط أبػػو حنيفػػة أال يكػػوف غػػك اؼبسػػلم عػ ً‬
‫إعانة ل على قتاؿ أهل اإلسبلـ وهذا ال هبوز (انظر‪ :‬بدا ع الصناع‪.)49/2 :‬‬
‫ونقػػل أبػػو عبيػػد وابػػن أل وػػيبة عػػن بعػػض التػػابعني‪ :‬أمػػم كػػانوا يعطػػوف الرهبػػاف مػػن صػػدقة الفطػػر‬
‫(األمواؿ ص ‪ 644 643‬واؼبصنه‪.)39/4 :‬‬
‫اإلعطاء من زكاة األمواؿ ال هبوز عند اعببهور‪:‬‬
‫أما زكاة األمواؿ من العير ونصه العير وربع العير فاعببهور األعظم من العلبػاء علػى أنػ ال‬
‫هبوز دفع و ء منها لغك مسلم حك قاؿ ابن اؼبنذر‪ :‬أصبعز األمػة‪ :‬أنػ ال هبػزئ دفػع زكػاة اؼبػاؿ‬
‫إَ الػػذم وامتتلفػوا ى زكػػاة الفطػػر (انظػػر‪ :‬اةبػػوع للنػػووي‪ 228/6 :‬واإلصبػػاع اؼبػػذكور ى غػػك‬
‫اؼبؤلفة قلوهبم)‪.‬‬
‫وأقػوى مػا اسػتدؿ بػ اعببهػور ؼبػذهبهم‪ :‬حػديث معػاذ‪( :‬إف اهلل افػ ض علػيهم صػدقة ى أمػواؽبم‬
‫تؤمتذ من أغنيا هم وترد ى فقرا هم) فقد أمػر بػرد الزكػاة ى فقػراء مػن تؤمتػذ مػن أغنيػا هم وهػم‬
‫اؼبسلبوف فبل هبوز وشعها ى غكهم‪.‬‬

‫مناقية دعوى اإلصباع على ذل‬

‫ولكػػن دعػػوى اإلصبػػاع الػػذي نقل ػ ابػػن اؼبنػػذر غػػك مسػػلبة هنػػا فقػػد نقػػل غػػكخ عػػن ابػػن س ػكين‬
‫والزهري‪ .‬أمبا جوزا صرؼ الزكاة إَ الكفار (اةبوع للنووي‪.)228/6 :‬‬
‫وذكػ ػػر السرمتس ػ ػ ى اؼببسػ ػػوط‪ :‬أف زفػ ػػر صػ ػػاح أل حنيفػ ػػة هبيػ ػػز إعطػ ػػاء الزكػ ػػاة للػ ػػذم قػ ػػاؿ‬
‫السرمتس ‪ :‬وهو القياس؛ ألف اؼبقصود إغناء الفقك احملتاج عن طريق التقػرب وقػد حصػل ولكنػ‬
‫رد على قوؿ زفر حبديث معاذ (انظر‪ :‬اؼببسوط‪.)262/2 :‬‬
‫وروى ابن أل ويبة عن جابر بن زيد أن سئل عػن الصػدقة‪ :‬فػيبن توشػع؟ فقػاؿ‪ :‬ى أهػل ِملػتكم‬
‫من اؼبسػلبني وأهػل ذمػتهم وقػاؿ‪( :‬وقػد كػاف رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬يقسػم ى أهػل‬
‫الذمة من الصدقة واػبُبس) (مصنه ابن أل ويبة‪.)46/4 :‬‬
‫والظاهر من السؤاؿ أن عن الصدقة الواجبة وه الزكاة أو وبتبلها مع التطوع مع أف الصدقات‬
‫الب كانز ذببع عند الرسوؿ ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ويقسم منها على أهلهػا إمبػا هػ الزكػوات‬
‫ى الغال ‪ .‬ولكن اػب مرسل‪.‬‬
‫أيضػػا بسػػندخ عػػن عبػػر ى قولػ تعػػاَ‪( :‬إمبػػا الصػػدقات للفقػراء …) (التوبػػة‪:‬‬ ‫وروى ابػػن أل وػػيبة ً‬
‫‪ .)66‬قاؿ‪ :‬هم زم أهل الكتاب (مصنه ابن أل ويبة‪.)46/4 :‬‬
‫ومن الوقا ع اؼبيهورة ‪ :‬ما رواخ أبو يوسه عن أن فرض للييمل اليهودي مػن بيػز مػاؿ اؼبسػلبني‬
‫مػػا يصػػلح مسػػتدالً بآيػػة‪( :‬إمبػػا الصػػدقات للفق ػراء واؼبسػػاكني)‪ .‬قػػاؿ‪" :‬وهػػذا مػػن مسػػاكني أهػػل‬
‫الكتػػاب" (انظػػر ص ‪ 426‬مػػن اػبػراج ‪ -‬طبػػع السػػلفية (ال انيػػة) وم ػػل هػػذا مػػا رواخ الػػببلذري ى‬
‫تارىب ػ ص ‪ :477‬أف عب ػػر ب ػػن اػبط ػػاب م ػػر ‪ -‬ع ػػن مقدم ػػة اعبابي ػػة م ػػن أرض دمي ػػق ‪ -‬بق ػػوـ‬
‫ؾبػ ػػذومني مػ ػػن النصػ ػػارى فػ ػػأمر أف يعط ػ ػوا الصػ ػػدقات وأف هبػ ػػري علػ ػػيهم القػ ػػوت‪ .‬فالظػ ػػاهر مػ ػػن‬
‫الصدقات هنا‪ :‬أما الزكاة اؼبفروشة‪ .‬وه الب تكوف ربز يد الوالة حك هبزوا منها القوت)‪.‬‬
‫قاؿ صاح "الروض النضك" (اعبزء ال اْ ص ‪ ) 426‬بعد ذكر ما رواخ ابن أل ويبة عن عبر‪:‬‬
‫ففيػ داللػػة أف مػػذه عبػػر جػواز صػػرفها ى أهػػل الكتػػاب وقػػد نقػػل صػػاح اؼبنػػار مػػن الزيديػػة‬
‫كبػػوخ وحكػػاخ ى "البحػػر" (البحػػر الزمتػػار‪ )485/2 :‬عػػن الزهػػري وابػػن س ػكين قػػاؿ‪ :‬وح ػػتهم‬
‫عبوـ لفي "الفقراء" ى اآلية‪.‬‬
‫وروى الط ي (تفسك الط ي بتحقيق ؿببود واكر‪) 368/44:‬عػن عكرمػة ى قولػ تعػاَ‪( :‬إمبػا‬
‫الصدقات للفقراء واؼبسػاكني)‪ .‬قػاؿ‪" :‬ال تقولػوا لفقػراء اؼبسػلبني مسػاكني إمبػا اؼبسػاكني مسػاكني‬
‫أهل الكتػاب" (علػق األسػاتذة أبػو زهػرة وعبػد الػرضبن حسػن ومتػبلؼ علػى هػذا التفسػك ‪ -‬الػذي‬
‫يقوؿ بأف اؼبساكني هم مساكني أهل الكتاب ‪ -‬أن يفيد فا دتني‪:‬‬
‫إحدانبا‪ :‬أف الفقك واؼبسكني صنفاف متغايراف ال يغ ذكر أحدنبا عن ذكر اآلمتر ى اآلية‪.‬‬
‫وثانيهبػػا‪ :‬أنػ هبػػوز إعطػػاء الزكػػاة إَ اؼبسػػاكني مػػن أهػػل الذمػػة بيػػرط أف يكونػوا عػػاجزين ع ػ ًػزا‬
‫مطل ًقا؛ ألف القادرين كانز تؤمتذ منهم اعبزية ولػيس مػن اؼبعقػوؿ أف تؤمتػذ مػنهم اعبزيػة ويعطػوا‬
‫من الزكاة (انظر‪ :‬حلقة الدراسات االجتباعية ص ‪.)252‬‬
‫ػلبا يسػتحقها كبػا حكػ ذلػ‬ ‫وقَػيد بعضػهم جػواز إعطػاء الزكػاة للػذم دبػا إذا ٍ هبػد اؼبزكػ مس ً‬
‫اعبصاص عن عبيد اهلل بن اغبسن (أحكاـ القػرآف‪ - 345/3 :‬طبػع اآلسػتانة)‪ .‬وهػو قػوؿ بعػض‬
‫اإلباشية (ورح النيل‪.)423/2 :‬‬
‫موازنة وترجي‬

‫قلنا‪ :‬إف أقوى ما استدؿ ب اعببهور ؼبذهبهم حديث معػاذ واغبػديث متفػق علػى صػحت ولكػن‬
‫داللت على ما قالوا غػك قاطعػة فاغبػديث وبتبػل أف الزكػاة تؤمتػذ مػن أغنيػاء كػل إقلػيم وتُػ َػرد علػى‬
‫فقرا ػ وهػػم باعتبػػار اإلقليبيػػة واؼبواطنػػة واعبػوار يػُ َعػػدوف مػػن الفقػراء اؼبنسػػوبني إَ أولئػ األغنيػػاء‬
‫ومن هنا استدلوا هبذا اغبديث على نقل الزكاة من بلد إَ بلد ال هبوز‪.‬‬
‫وعبػػوـ األدلػػة الػػب ذكرهػػا اغبنفيػػة ى ج ػواز صػػرؼ صػػدقة الفطػػر ومػػا معهػػا مػػن اآليػػات الػػب ٍ‬
‫تفصل بني فقك وفقك وال بني مسكني ومسكني ‪ -‬ييهد ؼبا روي عن عبر والزهري وابن سكين‬
‫وعكرمػػة وجػػابر ب ػػن زي ػػد وزفػػر‪ .‬وك ػػذل آيػػة اؼببتحن ػػة ال ػػب تق ػػوؿ‪( :‬ال ينه ػػاكم اهلل ع ػػن ال ػػذين ٍ‬
‫يقاتلوكم ى الدين وٍ ىبرجػوكم مػن ديػاركم أف تػ وهم) (اؼببتحنػة‪ .)8 :‬وقػد قػالوا‪ :‬إف ظػاهر هػذا‬
‫دؿ عليػ حػػديث معػػاذ‬ ‫النصػر يقتضػ جػواز صػػرؼ الزكػػاة إلػػيهم؛ ألف أداء الزكػػاة بُِّػر هبػػم لػػوال مػػا ّ‬
‫(انظر البدا ع‪.)49/2 :‬‬
‫وقد تبني لنا‪ :‬أف داللة حديث معاذ ال تقاوـ عبوـ النصوص األمترى وما فهم عبر ‪-‬رشػ اهلل‬
‫عن ‪ -‬ى آية‪( :‬إمبا الصدقات) من مشوؽبا للبسلبني وغك اؼبسلبني‪.‬‬
‫فالػػذي أراخ بعػػد موازنػػة األدلػػة‪ :‬أف األصػػل ى الزكػػاة أف تعطػػى لفق ػراء اؼبسػػلبني أوالً؛ ألمػػا ش ػريبة‬
‫مفروشػػة علػػى أغنيػػا هم متاصػػة ولكػػن ال مػػانع مػػن إعطػػاء الػػذم الفقػػك مػػن الزكػػاة إذا كػػاف ى‬
‫أمواؽبا سعة وٍ يكن ى إعطا إشرار بفقراء اؼبسلبني‪ .‬وحسبنا ى هذا عبوـ اآلية وفعل عبر‬
‫وأقواؿ من ذكرنا من الفقهاء وهذخ قبة من التسام ٍ يرتفع إليهبا دين من قبل‪.‬‬
‫وهػػذا إذا كػػاف يعطػػى باسػػم الفقػػر واغباجػػة أمػػا إذا أعطػ تألي ًفػػا لقلبػ ورببيبًػػا لئلسػػبلـ إلي ػ أو‬
‫ترغيبًا ل ى نصرت والػوالء ألمتػ ولدولتػ فقػد رجحنػا األدلػة الناصػعة مػن كتػاب اهلل وسػنة رسػول‬
‫جواز ذل وبقاء هذا السهم إَ ما واء اهلل وإف كنا امت نا أف التأليه وإعطػاء اؼبؤلفػة قلػوهبم‬
‫إمبا هو من وأف اغبكومة اإلسبلمية ال من وأف األفراد ويبكػن أف تقػوـ اعببعيػات اإلسػبلمية ى‬
‫ذل مقاـ اغبكومات‪.‬‬
‫وال بػػد أف أنبػ هنػػا علػػى أف رأي مػػن قػػالوا بعػػدـ إعطػػاء الػػذم مػػن الزكػػاة لػػيس معنػػاخ تركػ لل ػػوع‬
‫وطبػػس الغنػػا م واؼبعػػادف واػب ػراج‬
‫والعػػري كػػبل بػػل يُعػػاف مػػن م ػوارد بيػػز اؼبػػاؿ األمتػػرى كػػالف ء ُ‬
‫وغكهػػا‪ .‬وقػػد ذكػػر أبػػو عبيػػد ى "األمػواؿ" كتػػاب عبػػر بػػن عبػػد العزيػػز لعاملػ علػػى البصػػرة وفيػ ‪:‬‬
‫"وانظر من قبل من أهل الذمة قد ك ت سن وشعفز قوت وولز عن اؼبكاس ‪ .‬فأجر عليػ‬
‫مػػن بيػػز مػػاؿ اؼبسػػلبني مػػا يصػػلح ‪( "..‬األمػواؿ ص ‪ .)46‬ومعػ "أجػػر عليػ "‪ :‬اجعػػل لػ وػيئًا‬
‫جاريًا وراتبًا دوريًا‪ .‬واعببيل ح ًقا أن ٍ يدع أهل الذمة حك يطلبوا هم اؼبعونػة بػل طلػ اػبليفػة‬
‫مػػن ال ػواُ أف يبػػادر هػػو فينظػػر ى حػػاالهتم ومطػػالبهم فيسػػدها مػػن بيػػز اؼبػػاؿ‪ .‬وهػػذا هػػو عػػدؿ‬
‫اإلسبلـ‪.‬‬

‫هل يعطى الفاسق من الزكاة؟‬

‫استصبلحا غبال واح ًامػا‬‫ً‬ ‫أما الفاسق فأجازوا إعطاءخ من الزكاة ما داـ باقيًا على أصل اإلسبلـ‬
‫آلدميتػ وألمػػا تؤمتػػذ منػ في ػػوز أف تػػرد عليػ فيػػدمتل ى عبػػوـ اغبػػديث‪( :‬تؤمتػػذ مػػن أغنيػػا هم‬
‫فتُػَػرد علػػى فقػرا هم) (انظػػر البحػػر الزمتػػار‪ )486/2 :‬وهػػذا مػػا ٍ يأمتػػذ هػػذخ الزكػػاة لبلسػػتعانة هبػػا‬
‫ؿبرما؛ ألنػ ال يُعػاف دبػاؿ اهلل علػى‬ ‫وطرا ً‬
‫طبرا أو يقض هبا ً‬ ‫على فسق ومعصيت ‪ .‬كأف يي ي هبا ً‬
‫معصػػية اهلل‪ .‬ويكف ػ ى ذل ػ غلبػػة الظػػن‪ .‬وؽبػػذا قػػاؿ بعػػض اؼبالكيػػة‪ :‬ال هبػػزئ دفػػع الزكػػاة ألهػػل‬
‫اؼبعاص إف ظن أمم يصرفوما فيها وال جاز اإلعطاء ؽبم (انظر‪ :‬اليرح الكبك وحاوية الدسوق ‪:‬‬
‫‪ 492/4‬وهو موافق ؼبذه اعبعفرية كبا ى فق اإلماـ جعفر‪ .93/2 :‬واإلباشية كبػا ى النيػل‬
‫وورح ‪.)4 - 434/2 :‬‬
‫وعن ػػد الزيدي ػػة‪ :‬الفاس ػػق ‪ -‬ك ػػالغ ‪ -‬ال رب ػػل لػ ػ الزك ػػاة وال هب ػػزئ ص ػػرفها إلي ػ إال إذا ك ػػاف م ػػن‬
‫العاملني عليها أو اؼبؤلفة قلوهبم (ورح األزهار‪.)524 - 526/4 :‬‬
‫والػراج عنػػدي أف الفاسػق الػػذي ال يػؤذي اؼبسػػلبني بفسػق وال يتحػػداهم بف ػورخ ومعاصػػي ال‬
‫بػػأس ب عطا ػ مػػن الزكػػاة وإف كػػاف الصػػاغبوف واؼبسػػتقيبوف أوَ باإلصبػػاع‪ .‬وأمػػا الفػػاجر اؼبسػػته‬
‫اؼبتب ب باحيت اةاهر بفسق فبل ينبغػ أف يعطػى مػن مػاؿ الزكػاة حػك يقلػع عػن غيػ ويعلػن‬
‫توبت ‪ .‬ف ف أوثق عرا اإليباف‪ :‬اغب ى اهلل والبغض ى اهلل (مع حػديث رواخ أضبػد وابػن أل وػيبة‬
‫والبيهقػ ى وػػع اإليبػػاف ورمػػز ل ػ السػػيوط باغبسػػن ى اعبػػامع الصػػغك) (واؼبؤمنػػوف واؼبؤمنػػات‬
‫بعضهم أولياء بعض يأمروف باؼبعروؼ وينهوف عن اؼبنكر) (التوبة‪.)74 :‬‬
‫ومن مقتضى ذل أال يبد اةتبع اؼبسلم يد اؼبعونة إلي وهو ينصر عظام دبعاصي ‪ .‬ويعالنػ دبآشبػ‬
‫ويتحػػدى وػػعورخ العػػاـ‪ .‬وال يقػػاؿ‪ :‬إف ى هػػذا قسػػوة علػػى أهػػل الفسػػق واؼبعصػػية وتعريضػػهم ألف‬
‫جوعا ى ؾبتبع مسلم وقد جاء اإلسبلـ بالسباحة والرضبة والعفو والصف ‪.‬‬ ‫يهلكوا ً‬
‫ف ػ ف الصػػف والعفػػو إمبػػا هبػػوز ى اإلسػػاءة اليصصػػية‪ .‬أمػػا مػػن أسػػاء إَ اةتبػػع كل ػ وإَ الػػدين‬
‫وأهل فبل ينبغ أف يعفػى عنػ وال يبلػ أحػد العفػو عنػ ‪ .‬وإمبػا يسػتحق الرضبػة مػن رحػم نفسػ ‪.‬‬
‫وهػو يبلػ ذلػ بالتوبػػة فأمػا إذا اسػتبرأ اؼبعصػػية وأصػر علػى طاعػػة اليػيطاف وركػوب الضػػبلؿ‬
‫جوعػا وال كرامػة‪ .‬ومػن أهػاف نفسػ ال يُكػرـ‪ .‬ومػن ال‬ ‫وم ُلػ فليبػز ً‬ ‫واالستصفاؼ باةتبع وقيب ُ‬
‫يرضبها ال يرحم‪.‬‬
‫جوعػا وعريًػا‪ .‬علػى أف يصػل أو يصػوـ أو‬ ‫ً‬ ‫وكيه يستحق الرضبػة واؼبعونػة إنسػاف يػؤثر أف يهلػ‬
‫يدع اػببر والقبار؟ أو على األقل بعد ذل ويعزـ علي ‪.‬‬
‫ولكػػن إذا كػػاف ؽبػػذا الفاسػػق اةػػاهر أسػػرة يعوؽبػػا في ػ أف تُعطػػى مػػن الزكػػاة وال تؤمتػػذ بذنب ػ ‪.‬‬
‫كبا قاؿ تعاَ‪( :‬وال تكس كل نفس إال عليها وال تزر وازرة وزر أمترى) (األنعاـ‪.)464 :‬‬
‫وسئل ابن تيبية عن إعطاء الزكاة ألهل البدع أو ؼبن ال يصل فقاؿ‪:‬‬
‫"ينبغ ػ لئلنسػػاف أف يتحػػرى هبػػا اؼبسػػتحقني مػػن الفق ػراء واؼبسػػاكني والغػػارمني وغػػكهم‪ .‬مػػن أهػػل‬
‫ػورا ف ن ػ ػ يس ػػتحق العقوب ػػة ب ػػاؽب ر وغػ ػػكخ‬
‫ال ػػدين اؼبتبع ػػني للي ػ ػريعة فب ػػن أظه ػػر بدع ػػة أو ف ػ ً‬
‫واالستتابة فكيه يُعاف على ذل " ؟ (ؾببوع فتاوى ابن تيبية‪.)87/25 :‬‬
‫وى تارك الصبلة قاؿ‪" :‬ومن ٍ يكن مصػليًا أمػر بالصػبلة فػ ف قػاؿ‪ :‬أنػا أصػل أعطػ وإال ٍ‬
‫يُع " (اؼبرجع السابق ص ‪.)89‬‬
‫صدرؽ ى ذل وأعط ‪.‬‬ ‫يع أن إذا أظهر توبة ووعد بأف يصل ُ‬
‫وى "االمتتيػػارات" قػػاؿ وػػيمل اإلسػػبلـ‪" :‬ال ينبغػ أف تُعطػػى الزكػػاة ؼبػػن ال يسػػتعني هبػػا علػػى طاعػػة‬
‫اهلل؛ ف ف اهلل تعاَ فرشها معونة على طاعت ؼبن وبتاج إليها من اؼبؤمنني كالفقراء والغارمني أو ؼبػن‬
‫يعػػاوف اؼبػػؤمنني (كالعػػاملني عليهػػا واةاهػػدين ى سػػبيل اهلل) فبػػن ال يصػػل مػػن أهػػل اغباجػػات ال‬
‫يعطى ويئًا حك يتوب ويلتزـ أداء الصبلة" (االمتتيارات ص ‪.)64‬‬

‫كلبة للسيد رويد رشا‬

‫ولبػػتم هػػذخ اؼبسػػألة بكلبػػة نػ رػكة للبصػػل اإلسػػبلم روػػيد رشػػا ى هػػذا اؼبوشػػوع‪ .‬قػػاؿ ى التفسػػك‬
‫(اعبزء العاور ص ‪:)597 - 596‬‬
‫"من اؼبعلوـ باالمتتبار أن قد ك ر اإلغباد والزندقة ى األمصار الب أفسد التفرن تربيتها اإلسػبلمية‬
‫وتعليم مدارسها‪ .‬ومن اؼبعلوـ من الدين بالضرورة أف اؼبرتد عػن اإلسػبلـ وػر مػن الكػافر األصػل‬
‫فبل هبوز أف يعطى ويئًا من الزكاة وال من صدقة التطوع‪ .‬وأما الكافر األصل غك اغبرل في ػوز‬
‫أف يعطى من صدقة التطوع دوف الزكاة اؼبفروشة (أي على رأي اعببهور)‪.‬‬
‫"واؼببلحػػدة ى أم ػػاؿ هػػذخ األمصػػار أصػػناؼ‪ :‬مػػنهم مػػن هبػػاهر بػػالكفر بػػاهلل إمػػا بالتعطيػػل وإنكػػار‬
‫وجػػود اػبػػالق وإمػػا باليػػرؾ بعبادتػ ‪ .‬ومػػنهم مػػن هبػػاهر ب نكػػار الػػوح وبع ػػة الرسػػل أو بػػالطعن ى‬
‫الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬أو ى القرآف أو ى البعث واعبزاء‪ .‬ومنهم من يػدع اإلسػبلـ دبعػ‬
‫اعبنسػية السياسػية ولكنػ يسػتحل وػرب اػببػر والزنػا وتػرؾ الصػبلة وغػكخ مػن أركػاف اإلسػبلـ فػبل‬
‫يصػػل وال يزك ػ وال يصػػوـ وال وب ػ البيػػز اغب ػراـ مػػع االسػػتطاعة وهػػؤالء ال اعتػػداد ب سػػبلمهم‬
‫اعبغراى فػبل هبػوز إعطػاء الزكػاة ألحػد فبػن ذكػر بػل هبػ علػى اؼبزكػ أف يتحػرى بزكاتػ مػن ي ػق‬
‫بصحة عقيدهتم اإلسبلمية وإذعامم لؤلمر والنه القطعيني ى الدين وال يي ط ى هؤالء عدـ‬
‫اقػ اؼ وػ ء مػػن الػػذنوب ف ػ ف اؼبسػػلم ق ػد يػػذن ولكن ػ يتػػوب‪ .‬ومػػن أصػػوؿ أهػػل السػػنة أمػػم ال‬
‫يكفػػروف أحػ ًػدا مػػن أهػػل القبلػػة بػػذن وال ببدعػػة عبليػػة أو إعتقاديػػة هػػو فيهػػا متػػأوؿ ال جاحػػد‬
‫للنل‪.‬‬
‫وإف الفػػرؽ عظػػيم بػػني اؼبسػػلم اؼبػػذعن ألمػػر اهلل وميػ إذا أذنػ واؼبسػػتحل لػ ؾ الفػرا ض واقػ اؼ‬
‫الفواحو فهو يصر عليها بدوف وػعور مػا بأنػ مكلػه مػن اهلل بيػ ء وال بأنػ قػد عصػاخ وأنػ‬
‫هب علي أف يتوب إلي ويستغفرخ‪.‬‬
‫"وال ينبغػ إعطػػاء الزكػػاة ؼبػػن ييػ اؼبسػػلم ى إسػػبلم ‪ .‬ومػػا أدري مػػا يقػػوؿ فػػيبن يػراهم بعينػ ى‬
‫اؼبقػػاه واغبانػػات واؼببله ػ يػػدمتنوف أو يسػػكروف ى مػػار رمضػػاف حػػك ى وقػػز صػػبلة اعببعػػة‬
‫وردبا كاف اؼبلهى ذباخ مس د من مسػاجد اعببعػة؟ هػل يػُ َعػد هػؤالء مػن اؼبسػلبني اؼبػذنبني؟ أـ مػن‬
‫اؼببلحدة اإلباحيني؟ مهبا يكن ظن فيهم فبل يعطهػم مػن زكػاة مالػ وػيئًا بػل يتحػرى هبػا مػن ي ػق‬
‫استصبلحا ل فيكوف من اؼبؤلفة قلوهبم"‪.‬‬
‫ً‬ ‫بدين وصبلح إال إذا علم أف ى إعطاء الفاسق‬

‫إعطاء الفرؽ اؼبصالفة من أهل اإلسبلـ؟‬

‫يطلق أهل السنة على الفرؽ اؼبصالفة ؽبم اؼبنفصلة عنهم اسم "أهل البدع" أو "أهل األهواء"‪.‬‬
‫والبدع نوعاف‪ :‬بدعة مكفررة وه الب زبرج بصاحبها من اإليباف إَ الكفر‪ .‬والطوا ه زبتله ى‬
‫ذلػ بػني متطػرؼ ومعتػدؿ وبدعػػة مف رسػقة وهػ الػب يفسػق هبػػا صػاحبها وال يكفػر وهػو فسػػق‬
‫أيضا) ال فسق عبل وال سلوؾ‪.‬‬ ‫فكر واعتقاد (ويسبى فسق تأويل ً‬
‫فبا حكم إعطاء الفقراء واؼبستحقني من أهل الفرؽ اؼبصالفة؟‬
‫اغبػػق أف أهػػل السػػنة هػػم أعظػػم فػػرؽ األمػػة تسػػاؿبًا ى ذل ػ ‪ .‬فهػػم ‪ -‬فيبػػا عػػدا البػػدع الػػب يرومػػا‬
‫مكفرة وـبرجة من اإلسبلـ (انظر على سبيل اؼب اؿ‪ :‬حاوية ابن عابدين‪ -) 75/2 :‬هبيزوف دفػع‬
‫الزكاة لكل مسلم من أهل القبلة إذا كاف من أهل الصبلح واالسػتقامة‪ .‬وال وػ أف أهػل السػنة‬
‫بعيدا عن البػدع ولػو‬ ‫متبعا لسنة الرسوؿ ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ً -‬‬ ‫يفضلوف إعطاء الزكاة ؼبن كاف ً‬
‫كاف من اؼبنتسبني إليهم فكيه من غكهم؟‪ .‬وإمبا الكبلـ هنا ى اعبواز واإلجزاء وعدم ‪.‬‬
‫فعند الييعة اإلماميػة اعبعفريػة‪ :‬ييػ ط أف يكػوف اؼبعطػى مػن اليػيعة االثػ عيػرية لقػوؿ اإلمػاـ‪:‬‬
‫"ال تعطى الصدقة والزكاة إال ألصحاب "‪.‬‬
‫وال يسػت مػػن هػػذا اليػػرط إال اؼبؤلفػػة قلػػوهبم؛ ألف اؼبفػػروض فػػيهم الكفػػر أو النفػػاؽ كبػػا يسػػت‬
‫من تعط ل الزكاة بدافع اؼبصلحة العامة ال لسد متلت ودفع حاجت اػباصة‪.‬‬
‫كب ػػا أو ػػار الي ػػيمل مغْنػيّػػة ى "فق ػ اإلم ػػاـ جعف ػػر" إَ أف ه ػػذا الي ػػرط مت ػػاص بالزك ػػاة فق ػ أم ػػا‬
‫الصدقات اؼبستحبة في وز إعطاؤها لكل ؿبتاج (فق اإلماـ جعفر الصادؽ‪.)93/2 :‬‬
‫هػذا مػع أف الػنل الػذي اعتبػػد عليػ اليػيمل هنػا عػن إمػػاـ اؼبػذه ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ -‬منػع إعطػػاء‬
‫صبيعا وال وبسن تفسك الصدقة باؼبفروشة وإال ٍ يكن لعطه الزكاة عليها مع ‪.‬‬ ‫الصدقة والزكاة ً‬
‫ػحز الروايػػة ‪ -‬يبكػػن تفسػػكها بػػاؼبع األعػػم الػػذي‬ ‫علػػى أف الصػػحبة ال ػواردة ى الػػنل ‪ -‬إف صػ ّ‬
‫ييبل كل مسلم‪.‬‬
‫وقد جاء عن بعض آؿ البيز ما يؤيد هذا العبوـ‪.‬‬
‫ذكػر البحػراْ ى "اغبػدا ق" عػن أل جعفػر البػاقر ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ :-‬أف رجػبلً جػاء إليػ وقػاؿ لػ ‪:‬‬
‫رضب اهلل اقػبض مػ هػذخ اػببسػبا ة درهػم فضػعها ى مواشػعها ف مػا زكػاة مػاُ‪ .‬قػاؿ اإلمػاـ‪:‬‬
‫بل متذها أنز وشعها ى جكان األيتاـ واؼبساكني وى إمتوت من اؼبسلبني (اؼبرجع السابق‪:‬‬
‫‪.)97/2‬‬
‫فهػػذا نػػل عػػن أل اإلم ػػاـ الصػػادؽ ٍ يقي ػػد السػػا ل بي ػ ء إال أف يبحػػث عػػن أم ػرين‪ :‬اغباج ػػة‬
‫واإلسبلـ‪ .‬فأمتوة اإلسبلـ فوؽ كل اعتبار‪ .‬واؼبؤمنوف كلهم إمتوة بعضهم لبعض‪.‬‬
‫وعند اإلباشية متبلؼ ى جواز إعطا ها للبسلم غك اؼبتوُ (اؼبلتزـ باؼبذه )‪.‬‬
‫قاؿ بعضػهم‪ :‬إذا علػم أنػ فقػك وٍ يعلػم أنػ ـبػاله وال موافػق أعطػاخ وأجازهػا بعػض للبصػاله‬
‫وقيػػل‪ :‬إف كػػاف بػػني أظهرنػػا جػػاز وقيػػل‪ :‬يعطيػ منهػػا إف كػػاف قريبًػػا للبعطػ ‪ .‬قػػاؿ ى وػػرح النيػػل‪:‬‬
‫والصػحي أمػػا ال تعطػػى إال ؼبتػػوُ وإف ٍ يوجػػد فبوقػػوؼ فيػ وإال فلبتػ أ منػ وإال فلبصػػاله‬
‫ورع ى مذهب ويُقدـ من ال يطعن فينا وبعدخ من قل طعن وبعدخ الطاعن ك ًكا وإال فلنصػراْ‬
‫وإال فلصابوْ (لعل لصابئ) وإال فليهودي وإال فلب وس وإال فلصنب وذلػ كلػ مػع عػدـ‬
‫اإلمكاف ومتوؼ ف أة اؼبوت وعدـ وجود سبيل بنحو إرساؿ (ورح النيل‪.)423/2 :‬‬
‫ويبلحي أف هذخ القيود األمتكة جعلز من الصع متروجها عن أهل اؼبذه ‪.‬‬
‫وأما الزيدية فف ؾببوع الفق الكبك‪:‬‬
‫قاؿ زيد بن عل (علي السبلـ)‪:‬‬
‫ال تع ػ مػػن زكػػاة مال ػ القدريػػة (القدريػػة‪ :‬تطلػػق قػػديبًا علػػى الػػذين قػػالوا‪ :‬إف األمػػر أنػػه أي ٍ‬
‫يسبق ب علم اهلل تعاَ وال يعلم اغبوادث إال بعد وقوعها ال قبل ذل وأوؿ مػن قػاؿ بػ معبػد‬
‫اعبه كبا ى صحي مسلم كبا تطلق على اؼبعتزلة وإطػبلؽ األوؿ هػو اؼبػراد هنػا واإلمػاـ زيػد‬
‫من التابعني فاؼبظنوف أن أدركهم)‪ .‬وال اؼبرجئة (يطلق اؼبرجئ على من ترؾ القطع بوعيد الفساؽ‬
‫وعلى هذا صباعة من السله كاف يطلق على الذي يقوؿ باإليباف ببل عبل يعبل ‪ .‬وأنػ ال تضػر‬
‫مع اإليباف معصية‪ .‬كبػا ال تنفػع مػع الكفػر طاعػة واإلرجػاء ى اللغػة التػأمتك والقا ػل بػذل قػد‬
‫أمت ػػر اإليب ػػاف ع ػػن العب ػػل واإلط ػػبلؽ األمت ػػك أنسػ ػ دبػ ػراد اإلم ػػاـ زي ػػد)‪ .‬وال اغبروري ػػة (نس ػػبة إَ‬
‫ح ػػروراء‪ :‬موش ػػع بظ ػػاهر الكوف ػػة اجتب ػػع فيػ ػ أوا ػػل اػبػ ػوارج ه و ػػاع اس ػػتعبال ى ك ػػل مت ػػارج‬
‫ويسبوف‪ :‬احملكبة واليػراة وهببعهػم إكفػار علػ وع بػاف) وال مػن نصػ حربًػا آلؿ ؿببػد (مػن‬
‫نص ؽبم القتاؿ بالسيه بغياً وعدوانًا واستحبلالً وهذا يعبهػم وغػكهم ولكنػ ى حقهػم أوػد‬
‫وأما اؼبصالفة ى اؼبسا ل االجتهادية الب ٍ يقع فيها ثبوت إصباعهم وبعض مسا ل أصوؿ الدين‬
‫فادحػػا‪( .‬النظػػر الػػروض النضػػك‪- 89/2 :‬‬ ‫فبػػا كانػػز اليػػبهة فيهػػا قويػػة مػػن اعبػػانبني فػػبل يكػػوف ً‬
‫‪- )96‬صلى اهلل علي وسلم‪.-‬‬
‫قاؿ ى الروض النضك ‪ :‬في أف مذه اإلمػاـ (عليػ السػبلـ) عػدـ جػواز صػرؼ الزكػاة إَ فاسػق‬
‫التأويل وهو قوؿ اؽبادي والقاسم والناصر‪.‬‬
‫وح تهم‪ :‬أف اػبطاب ى "أغنيا كم" متوج إَ اؼبؤمنني‪ .‬لئبل يعاف على ما في معصية‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬وذه صباعة من السله إَ جواز ذل ‪.‬‬
‫فف ػ مص ػػنه اب ػػن أل و ػػيبة ب س ػػنادخ إَ فض ػػيل ق ػػاؿ‪ :‬س ػػألز إب ػراهيم (النصع ػ ) ع ػػن أص ػػحاب‬
‫األهواء فقاؿ‪ :‬ما كانوا يسألوف إال عن اغباجة‪.‬‬
‫أيضػػا اؼبؤيػػد بػػاهلل واإلمػػاـ وبػػىي واغبنفيػػة اليػػافعية لعبػػوـ لفػػي "الفقػراء" وألمػػا تؤمتػػذ‬
‫وقػػاؿ بػ ً‬
‫من ف د ى فقرا للص ‪.‬‬
‫قػػاؿ اإلمػػاـ وبػػىي وأحػػد قػػوُ اليػػافع ‪ :‬إال مػػن كػػاف فسػػق دبػػا يضػػر اؼبسػػلبني كالبػػاغ واحملػػارب‬
‫وكبونبػػا‪ .‬فػػبل هبػػوز الصػػرؼ إلػػيهم؛ إذ ى ذلػ إعانػػة علػػى زبػػذيل أمػػر اإلمػػاـ‪ .‬واغبيلولػػة بينػ وبػػني‬
‫القياـ بأمر اؼبسلبني‪( .‬الروض النضك‪.)423/2 :‬‬

‫اؼببحث الرابع‬

‫هل تُدفع الزكاة إَ الزوج والوالدين واألقارب؟‬


‫اغبكم ى هذخ اؼبسألة‬

‫إذا كاف القري بعيد القرابة فبن ال تلزـ صػاح الزكػاة نفقتػ فػبل حػرج ى إعطا ػ مػن زكػاة قريبػ‬
‫سواء إعطاء القري نفس أـ غكخ من اؼبزكني أو اإلماـ أو نا ب أع إدارة توزيع الزكػاة وسػواء‬
‫أعط من سهم الفقراء أو اؼبساكني أـ من غكنبا‪.‬‬
‫أمػػا القري ػ الوثيػػق القرابػػة ‪ -‬كالوالػػدين واألوالد واإلمتػػوة واألمت ػوات واألعبػػاـ والعبػػات … إٌ‬
‫فف جواز إعطا هم من الزكاة تفصيل‪:‬‬
‫ف ػ ذا كػػاف القري ػ يسػػتحق الزكػػاة ألن ػ مػػن العػػاملني عليهػػا أو ى الرقػػاب أو الغػػارمني أو ى سػػبيل‬
‫اهلل فلقريب أف يعطي من زكات وال حرج؛ ألن يستحق الزكاة هنا بوصه ال تػأثك للقرابػة فيػ وال‬
‫هبػ علػػى القري ػ ‪ -‬باسػػم القرابػػة ‪ -‬أف يػػؤدي عن ػ غُرمػ أو يتحبػػل عن ػ نفقػػة غػػزوخ ى سػػبيل‬
‫اهلل وما واب ذل ‪.‬‬
‫وكذل إذا كاف ابن سبيل هبوز أف يعطي مئونة السفر‪.‬‬
‫أمػا اؼبؤلفػة قلػوهبم فلػيس إعطػاؤهم مػن وػأف األفػراد بػل مػن وػأف أوُ األمػر كبػا بينػا ذلػ مػػن‬
‫قبل‪.‬‬
‫ػكا أو مسػػكينًا فهػػل يعط ػ مػػن سػػهم الفق ػراء واؼبسػػاكني ى‬ ‫أـ إذا كػػاف القري ػ الوثيػػق القرابػػة فقػ ً‬
‫الزكاة؟ ولئلجابة على ذل هب أف نعرؼ من اؼبعط ؟‬
‫ف ذا كاف الذي يوزع الزكاة ويعطيها هو اإلماـ أو نا ب أو بتعبػك عصػرنا‪ :‬إذا كانػز اغبكومػة هػ‬
‫الب تتوَ جباية الزكاة وصرفها فلها أف تعط ما تراخ من أهل اغباجة واالستحقاؽ ولو كاف من‬
‫تعطي ػ ه ػػو ول ػػد اؼبزرك ػ أو وال ػػدخ أو زوج ػ (انظ ػػر أحك ػػاـ الق ػػرآف الب ػػن الع ػػرل ص ‪)965‬؛ ألف‬
‫صػػاح الزكػػاة يػػدفعها إَ وُ األمػػر اؼبسػػلم قػػد أبلغهػػا ؿبلهػػا وبر ػػز ذمت ػ منهػػا وأصػػب أمػػر‬
‫توزيعها منوطًا باغبكومة؛ إذا ٍ يعد ؼباؿ الزكاة بعد جبايت صلة وال نس دبالك من قبل إمبا هو‬
‫اآلف ماؿ اهلل أو ماؿ اؼبسلبني‪.‬‬
‫ػكا أو مسػػكينًا وكػػاف مػػن يعطيػ هػػو القريػ نفسػ فبلبػػد أف ننظػػر ى درجػػة‬ ‫وإذا كػػاف القريػ فقػ ً‬
‫قرابتػ ومػػن يكػػوف هػػو ؽبػػذا القريػ ؟ فػ ف كػػاف هػػذا الفقػػك أبًػػا للبزكػ أو ًأمػػا أو ابنًػػا أو بنتًػػا ‪-‬‬
‫موسرا ‪ -‬فبل هبوز الصرؼ إَ أحد منهم من زكات ‪.‬‬ ‫وكاف من هب على النفقة عليهم ‪ -‬بأف كاف ً‬
‫قاؿ ابن اؼبنذر‪ :‬أصبع أهل العلم على أف الزكاة ال هبوز دفعها إَ الوالدين ى اغباؿ الب ُهبػ فيهػا‬
‫الػػدافع إلػػيهم علػػى النفقػػة علػػيهم وألف دفػػع زكاتػ إلػػيهم يغنػػيهم عػػن نفقتػ ويسػػقطها عنػ ويعػػود‬
‫نفعهػػا إليػ فكأنػ دفعهػػا إَ نفسػ فلػػم ذبػػز كبػػا لػػو قضػػى هبػػا دينػ (انظػػر‪ :‬اؼبغػ البػػن قدامػػة‪:‬‬
‫‪.)647/2‬‬
‫وألف ماؿ الولد ماؿ لوالدي ‪ .‬وؽبذا جاء ى اؼبسند والسنن من غك وج عن رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل‬
‫علي وسلم‪ -‬أن قاؿ‪( :‬أنز ومال ألبي ) (تفسك ابن ك ػك‪ 365/3 :‬واغبػديث رواخ أضبػد ى‬
‫اؼبسػػند مػػن ثبلثػػة طػػرؽ ‪ -‬عػػن عبػػرو بػػن وػػعي عػػن أبيػ عػػن جػػدخ ‪ -‬وصػػححها اليػػيمل وػػاكر‪.‬‬
‫انظر األحاديث (‪ )6678‬و (‪ )6962‬و(‪ )7664‬اعبزء ‪ .)42 44‬كبا رواخ ابن ماج عػن‬
‫جابر ورجال ثقات والطػ اْ عػن ظبػرة وابػن مسػعود ب سػناد شػعيه كبػا ى التيسػك للبنػاوي‪:‬‬
‫‪ .378/4‬كب ػػا اعت ػ الق ػػرآف بي ػػوت األبن ػػاء بيوتًػػا لآلب ػػاء؛ إذ ق ػػاؿ تع ػػاَ (وال عل ػػى أنفس ػػكم أف‬
‫ت ػػأكلوا م ػػن بي ػػوتكم) (الن ػػور‪.) 64 :‬أي بي ػػوت أبن ػػا كم (تفس ػػري الق ػػرط ‪)344 /42 :‬ألن ػ ٍ‬
‫ينل عليهم ى اآلية كبقية األقارب وألف أكل اإلنساف من بيت ليس ى حاجػة إَ نػل ى رفػع‬
‫اغبرج عن ‪.‬‬
‫وقاؿ ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪( :-‬إف أطيػ مػا أكػل الرجػل مػن كسػب وإف ولػدخ مػن كسػب ) (رواخ‬
‫ال مػػذي والنسػػا وابػػن ماج ػ عػػن عا يػػة ب سػػناد حسػػنة ال مػػذي وصػػحح أو حػػام كبػػا ى‬
‫أيضا بنحوخ بسند صحي وهو جػزء مػن حػديث رقػم (‪)6678‬‬ ‫التيسك‪ 344/4 :‬ورواخ أضبد ً‬
‫و(‪.)7664‬‬
‫ومػػن هنػػا قػػاؿ علبػػاء اغبنفيػػة‪ :‬إف منػػافع األمػػبلؾ متصػػلة بػػني الوالػػدين واألوالد فػػبل يقػػع األداء‬
‫سبلي ًكا للفقك من كل وج بل يكوف صرفًا إَ نفس من وجػ ولقػوة الصػلة بيػنهم ٍ ذبػز وػهادة‬
‫بعضهم لبعض (انظر‪ :‬بدا ع الصنا ع‪.)49/2:‬‬
‫وكػػذل ال هبػػوز دفػػع الزكػػاة إَ األوالد؛ ألمػػم جػػزء من ػ والػػدفع إلػػيهم كأن ػ دفػػع إَ نفس ػ ‪ .‬وال‬
‫يعكػػر علػػى ذل ػ اغبػػديث الػػذي رواخ البصػػاري وأضبػػد عػػن معػػن بػػن يزيػػد قػػاؿ‪ :‬أمتػػرج أل دنػػانك‬
‫يتصػػدؽ هبػػا عنػػد اؼبس ػ د ف ئػػز فأمتػػذهتا فقػػاؿ‪ :‬واهلل مػػا إيػػاؾ أردت ف ئػػز فصاصػػبت إَ‬
‫رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬فقػػاؿ‪( :‬لػ مػػا نويػػز يػػا يزيػػد ولػ مػػا أمتػػذت يػػا معػػن) إذ‬
‫الظاهر من هذخ الصدقة أما صدقة تطوع ‪ -‬كبا قاؿ اليوكاْ ‪ -‬وليسز الزكاة اؼبفروشة (انظر‪:‬‬
‫نيل األوطار‪.)489/4:‬‬
‫وٍ ىباله ى ذل إال ما نقل عن ؿببد بن اغبسن ورواية عن أل العبػاس مػن اليػيعة‪ :‬أمػا ذبػزئ‬
‫ى اآلبػػاء واألمهػػات وأيػػد ذلػ صباعػػة مػػن متػػأمتري الزيديػػة ف ػػوزوا صػػرفها ى صبيػػع القرابػػة مػػن‬
‫األصػػوؿ والفصػػوؿ وسػػا ر ذوي الػػرحم‪ .‬واحت ػوا بػػأف األصػػل مشػػوؿ العبومػػات ؽبػػم وال ـبصػػل‬
‫صػػحي ىبػػرجهم عنهػػا (الػػروض النضػػك‪ .)424/2 :‬كبػػا روي عػػن مالػ ‪ :‬أنػ هبػػوز الصػػرؼ ى‬
‫ب البنني وفيبا فوؽ اعبد واعبدة (نيل األوطار‪ .)489/4 :‬وكػأف ابػن اؼبنػذر وصػاح البحػر ‪-‬‬
‫رضبهبا اهلل‪ ٍ -‬تص عندنبا هذخ الروايات إذا حكيا اإلصبػاع علػى أنػ ال هبػوز صػرؼ الزكػاة ى‬
‫األص ػػوؿ ‪ -‬م ػػن اآلب ػػاء واألمه ػػات واألج ػػداد واعب ػػدات ‪ -‬والفص ػػوؿ ‪ -‬م ػػن األوالد وأوالد األوالد‬
‫(انظر البحر الزمتار‪.)486/2 :‬‬
‫واغب ػػة الػػب ذكرهػػا ابػػن اؼبنػػذر وغػػكخ هػ سػػند هػػذا اإلصبػػاع وذلػ "أف دفػػع زكاتػ إلػػيهم يغنػػيهم‬
‫عن نفقت ويسقطها عن ويعود نفعها إلي فكأن دفعها إَ نفس "‪.‬‬
‫وقد قيد ابن اؼبنذر نقل اإلصبػاع علػى عػدـ جػواز الػدفع إَ الوالػدين باغبػاؿ الػب هبػ فيهػا الػدافع‬
‫إلػػيهم علػػى النفقػػة علػػيهم‪ .‬ف ػ ذا ٍ تتحقػػق ه ػذخ اغبػػاؿ ‪ -‬بػػأف كػػاف الولػػد معسػ ًػرا ‪ -‬ومل ػ نصػػابًا‬
‫ػكا أو مسػػكينًا وقلنػػا ى بعػػض‬ ‫وجبػػز في ػ الزكػػاة ‪ -‬فقػػد قػػاؿ النػػووي‪ :‬إذا كػػاف الولػػد أو الوالػػد فقػ ً‬
‫األحواؿ‪ " :‬ال ذب نفقت " في وز لوالدخ وولدخ دفع الزكاة إلي من سهم الفقراء واؼبسػاكني ألنػ‬
‫حينئذ كاألجن (اةبوع‪.)229/6 :‬‬
‫وقاؿ ابن تيبيػة‪ :‬هبػوز صػرؼ الزكػاة إَ الوالػدين وإف علػوا وإَ الوالػد وإف سػفل إذا كػانوا فقػراء‬
‫وهػػو عػػاجز عػػن نفقػػتهم‪ .‬أيػػد ذل ػ بوجػػود اؼبقتضػػى للصػػرؼ (وهػػو الفقػػر واغباجػػة) السػػاٍ عػػن‬
‫اؼبعػارض (أي ٍ يوجػػد مػػانع وػػرع يعػػارض هػػذا اؼبقتضػى) قػػاؿ ابػػن تيبيػػة‪ :‬وهػػو أحػػد القػولني ى‬
‫مػػذه أضبػػد وإذا كانػػز أـ فقػػكة وؽبػػا أوالد صػػغار ؽبػػم مػػاؿ ونفقتهػػا تضػػر هبػػم‪ .‬أعطيػػز مػػن‬
‫زكاهتم (امتتيارات ابن تيبية ص ‪.)62 - 64‬‬
‫الصرؼ إَ الزوجة ال هبوز‬

‫أيضا‪ .‬وؽبذا قاؿ ابن اؼبنذر‪ :‬أصبع أهل العلم على أف‬ ‫وما قيل ى الوالدين واألوالد يقاؿ ى الزوجة ً‬
‫الرجػػل ال يعطػ زوجتػ مػػن الزكػػاة وذلػ ألف نفقتهػػا واجبػػة عليػ فتسػػتغ هبػػا عػػن أمتػػذ الزكػػاة‬
‫فلم هبز دفعها إليها كبا لو دفعها إليها على سبيل اإلنفاؽ عليها (انظر اؼبغػ ‪ 649/2 :‬ونيػل‬
‫األوطار‪.)488/4 :‬‬
‫ه إف الزوجػػة مػػن زوجهػػا كأن ػ نفس ػ أو بعض ػ كبػػا قػػاؿ تعػػاَ‪( :‬ومػػن آيات ػ أف متلػػق لك ػم مػػن‬
‫اجػػا) (الػػروـ‪ .)24 :‬وبيػػز زوجهػػا هػػو بيتهػػا كبػػا قػػاؿ اهلل تعػػاَ‪( :‬ال زبرجػػوهن مػػن‬
‫أنفسػػكم أزو ً‬
‫بيوهتن) (الطبلؽ‪ .. 4 :‬وه بيوت الزوجية الب ه مل األزواج عادة)‪.‬‬
‫وما قال بعضهم (انظر‪ :‬اةبوع‪ 236 - 229/6 :‬ونيل األوطار‪ 488/4 :‬والروض النضك‪:‬‬
‫‪ .)426/2‬مػن جػواز صػرؼ الػزوج مػن زكاتػ إَ زوجتػ فػبل يعتػد بػ ؛ ألنػ ى اغبقيقػة إمبػا يعطػ‬
‫باليبني ليأمتذ باليباؿ‪.‬‬

‫هل تدفع الزوجة زكاهتا إَ زوجها الفقك؟‬

‫أما دفع الزوجة من زكاهتا إَ زوجها الفقك أو اؼبسكني فقػد ذهػ أبػو حنيفػة وبعػض الفقهػاء إَ‬
‫أن ػ ال هبػػوز؛ ألف الرجػػل مػػن امرأت ػ كػػاؼبرأة مػػن زوجهػػا وقػػد منعنػػا إعطػػاء الرجػػل للزوجػػة كػػذل‬
‫إعطاء اؼبرأة زوجها‪.‬‬
‫ولكػػن قيػػاس إعطػػاء الػػزوج علػػى إعطػػاء الزوجػػة قيػػاس غػػك صػػحي ويػػردخ العقػػل والنظػػر كبػػا يػػردخ‬
‫النقل واألثر‪.‬‬
‫أما العقل والنظر فبا قاؿ أبو عبيد ‪ :‬أف الرجل هب علػى نفقػة امرأتػ وإف كانػز موسػرة وليسػز‬
‫معسرا فأي امتتبلؼ أود تفاوتًا من هذين؟ (األمواؿ ص ‪.)588‬‬ ‫ُذب على نفقت وإف كاف ً‬
‫وقػػاؿ ابػػن قدامػػة ى بيػػاف وجػ اعبػواز‪ :‬وألنػ ‪ -‬أي الػػزوج ‪ -‬ال ذبػ نفقتػ عليهػػا فػػبل يبنػػع دفػػع‬
‫الزكػػاة إلي ػ كػػاألجن ويفػػارؽ الزوجػػة؛ ف ػ ف نفقتهػػا واجبػػة علي ػ وألف األصػػل ج ػواز الػػدفع وال‬
‫إصباع وقياس على من ثبز اؼبنع ى حق غك صحي لوشوح الفرؽ بينهبػا فيبقػى جػواز الػدفع‬
‫ثابتًا (اؼبغ ‪.)656/2 :‬‬
‫وأما النقل واألثر فبا رواخ أضبد والييصاف عن زين امرأة عبد اهلل ابن مسعود قالػز‪ :‬قػاؿ رسػوؿ‬
‫اهلل ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪( :-‬تصػدقن يػا معيػر النسػاء ولػو مػن حلػيكن) قالػز‪ :‬فرجعػز إَ‬
‫عبد اهلل فقلز‪ :‬إنػ رجػل متفيػه ذات اليػد (كنايػة عػن الفقػر) وإف رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ‬
‫وسػػلم‪ -‬قػػد أمرنػػا بالصػػدقة فا ت ػ فاسػػأل ف ػ ف كػػاف كػػذل هبػػزي ع ػ وإال صػػرفتها إَ غػػككم‪.‬‬
‫قالز‪ :‬فقاؿ عبد اهلل‪ :‬ا ت أنز‪ .‬قالز‪ :‬فانطلقز ف ذا امرأة من األنصار بباب رسوؿ اهلل ‪-‬صػلى‬
‫اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬حػػاجب حاجتهػػا وكػػاف رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬قػػد ألقيػػز علي ػ‬
‫اؼبهابة … فصرج علينا ببلؿ فقلنا ل ‪ :‬ا ز رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬فأمت خ أف امرأتني‬
‫بالباب يسأالن ‪ :‬أذبزئ الصدقة عنهبا على أزواجهبا وعلػى أيتػاـ ح ورنبػا؟ وال زبػ مػن كبػن‬
‫… ف ػػدمتل ب ػػبلؿ فس ػػأل ‪ .‬فق ػػاؿ‪( :‬م ػػن نب ػػا) ؟ فق ػػاؿ‪ :‬ام ػرأة م ػػن األنص ػػار وزين ػ فق ػػاؿ‪( :‬أي‬
‫الزيان ػ ) ؟ فقػػاؿ‪ :‬ام ػرأة عبػػد اهلل‪ .‬فقػػاؿ‪( :‬ؽببػػا أج ػراف‪ :‬أجػػر القرابػػة وأجػػر الصػػدقة) رواخ أضبػػد‬
‫والييصاف‪ .‬ولفي البصػاري‪( :‬أهبػزئ عػ أف أنفػق علػى زوجػ وعلػى أيتػاـ ى ح ػري)؟ (انظػر‪:‬‬
‫نيل األوطار‪.)488 - 487/4 :‬‬
‫قػػاؿ اليػػوكاْ‪ :‬اسػػتدؿ هبػػذا اغبػػديث علػػى أن ػ هبػػوز للب ػرأة أف تػػدفع زكاهتػػا إَ زوجهػػا وب ػ قػػاؿ‬
‫ال وري واليافع وصاحبا أل حنيفة وإحدى الروايتني عن مال وعن أضبد وإلي ذه اؽبػادي‬
‫والناصػػر واؼبؤيػػد بػػاهلل ‪ -‬وهػػذا إمبػػا يػػتم دلػػيبلً بعػػد تسػػليم أف هػػذخ الصػػدقة صػػدقة واجبػػة وبػ جػػزـ‬
‫اؼبازري ويؤيد ذل قوؽبا‪( :‬أهبزئ ع )؟ وفهم آمتروف من اغبػديث أنػ ى صػدقة التطػوع بػدليل‬
‫قولػ ‪( :‬ولػػو مػػن حلػػيكن) وتػػأولوا مع ػ ‪( :‬أهبػػزئ ع ػ ) أي ى الوقايػػة مػػن النػػار‪ .‬كأمػػا متافػػز أف‬
‫صدقتها على زوجها ال ربصل ؽبا اؼبقصود من ربصيل ال واب ودرء العقاب‪.‬‬
‫قاؿ اليوكاْ ى ذل ‪ :‬والظاهر أنػ هبػوز للزوجػة صػرؼ زكاهتػا إَ زوجهػا‪ .‬أمػا أوالً‪ :‬فلعػدـ اؼبػانع‬
‫من ذل ومن قاؿ‪ :‬إن ال هبوز فعلي الدليل‪.‬‬
‫وأم ػػا ثانيً ػػا ‪ :‬ف ػػؤلف ت ػػرؾ استفص ػػال ‪-‬ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم‪ -‬ؽب ػػا ين ػػزؿ من ػػزؿ العب ػػوـ ‪ -‬فلب ػػا ٍ‬
‫تطوعا (نيل‬
‫فرشا أو ً‬ ‫ً‬ ‫يستفصلها عن الصدقة‪ :‬هل ه تطوع أو واج ؟ فكأن قاؿ‪ :‬هبزئ عن‬
‫األوطار‪.)488/4 :‬‬

‫دفع الزكاة إَ باق األقارب بني اؼبانعني واة روزين‬

‫أمػػا سػػا ر األقػػارب مػػن أخ وأمتػػز وعػػم وعبػػة ومتػػاؿ ومتالػػة ‪..‬إٌ فقػػد امتتلػػه الفقهػػاء ى دفػػع‬
‫الزكػاة إلػػيهم بػػني اعبػواز واؼبنػػع امتتبلفًػػا ك ػ ًكا‪ .‬فبػن ؾبػ ِوز للػػدفع إَ اعببيػػع ومػػن مػػانع لل بيػػع أو‬
‫للبعض دوف البعض‪.‬‬
‫أيضا ى األساس الذي يبنوف علي حكم اؼبنع‪.‬‬ ‫والذين منعوا امتتلفوا ً‬
‫فبػػنهم مػػن نظػػر إَ الضػػم العبلػ للقريػ إَ األسػػرة فبػػا داـ قػػد شػػم إَ عيالػ أصػػب حكبػ‬
‫حكم زوجت وولدخ فلم هبز دفع الزكاة إلي ‪.‬‬
‫ومنهم من نظر إَ إجبار اغباكم على النفقة فبا ٍ يصدر حكم قضػا يلزمػ ينفقػ قريبػ فلػ‬
‫أف يعطي من زكات ‪.‬‬
‫ػرعا ال هبػوز لػ دفػع الزكػػاة‬
‫ومػنهم مػن نظػر إَ لػزوـ النفقػة وػرعاً؛ فبػن كانػز تلػزـ اؼبزكػ نفقتػ و ً‬
‫أيضا امتتلفوا فيبن هػو القريػ الػذي تلػزـ نفقتػ فػبل‬ ‫إلي ومن ال تلزـ نفقت هبوز‪ .‬والقا لوف هبذا ً‬
‫هبوز دفع الزكاة إلي ؟‬
‫روى أبو عبيد بسندخ عن إبراهيم بن أل حفصة قاؿ‪ :‬سألز سعيد بن جبك قلز‪ :‬أعطػ متػالب‬
‫من الزكػاة؟ قػاؿ نعػم مػا ٍ تُػ ْغلِػق عليهػا بابًػا (انظػر‪ :‬األمػواؿ ص ‪ :583- 582‬يعػ مػا يضػبها‬
‫إَ أسرت وعيال )‪ :‬يع ما ٍ يضبها إَ أسرت وعيال ‪.‬‬
‫وروي عن اغبسن قاؿ‪ :‬يضع الرجل زكات ى قرابت فبن ليس ى عيال (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫وٍ ير اليافع وجوب النفقة إال على األصوؿ وإف علوا والفروع وإف نزلوا‪.‬‬
‫وأشػػيق من ػ ى إهبػػاب النفقػػة مػػذه مال ػ الػػذي ٍ يوج ػ النفقػػة إال علػػى األب ألوالدخ مػػن‬
‫صػػلب الػػذكور حػػك يبلغ ػوا (وؽبػػذا سػػئل اليػػيمل علػػيو اؼبػػالك عػػن طال ػ علػػم بػػالغ قػػادر علػػى‬
‫ػادرا‬
‫الكس ؛ هل هبزئ أبػاخ إعطػاؤخ زكػاة مالػ ؟ فأجػاب جبػواز ذلػ ‪ .‬لسػقوط نفقتػ عنػ ببلوغػ ق ً‬
‫علي ػ واسػػتحقاق أمتػػذها‪ .‬أي الوػػتغال بػػالعلم‪( .‬فػػت العػػاُ اؼبال ػ ‪ .)429/4 :‬واإلنػػاث حػػك‬
‫يتػػزوجن ويػػدمتل هبػػن أزواجهػػن خبػػبلؼ ولػػد الولػػد فػػبل نفقػػة ؽبػػم علػػى جػػدهم كبػػا ال تلػػزمهم‬
‫النفقة على جدهم‪ .‬وتلزـ الولد النفقة على أبوي الفقكين كبا يلزـ الػزوج نفقػة امرأتػ ونفقػة متػادـ‬
‫واحدة ؽبا وال تلزـ نفقة أخ وال أمتز وال ذي قرابة وال ذي رحم ؿبرـ من (انظر اؼبدونة الك ى‪:‬‬
‫‪ - 256/4‬اؼبطبعة اػبكية ‪ -‬الطبعة األوَ سنة ‪4324‬ه ػ)‪ .‬وإذًا فبػن عػدا الوالػدين األوالد مػن‬
‫األقارب هبوز دفع الزكاة إليهم ى مذه مال (اؼبرجع السابق)‪.‬‬

‫اةوزوف إلعطاء الزكاة لؤلقارب‪:‬‬

‫وذه آمتروف من العلبػاء إَ جػواز دفػع الزكػاة إَ األقػارب ‪ -‬مػا عػدا مػن اسػت نينا مػن الوالػدين‬
‫واألوالد ‪ -‬فبػػنهم مػػن ب ػ ذل ػ علػػى أف النفقػػة ال ذب ػ علػػى القري ػ لقريب ػ إال مػػن بػػاب ال ػ‬
‫والصػػلة ال اإلل ػزاـ واإلجبػػار‪ .‬ومػػنهم مػػن رأى وجػػوب النفقػػة وٍ يرهػػا ‪ -‬مػػع ذل ػ ‪ -‬مانعػػة مػػن‬
‫إعطاء الزكاة‪ .‬وهو مذه أل حنيفة وأصحاب واإلماـ وبىي وهو الرواية الظاهرة عن أضبد‪ .‬قػاؿ‬
‫ابػػن قدامػػة‪ :‬رواهػػا عن ػ اعبباعػػة‪ .‬قػػاؿ ى روايػػة إسػػحاؽ بػػن إب ػراهيم وإسػػحاؽ ابػػن منصػػور وقػػد‬
‫سأل ‪ :‬يعط األخ واألمتز واػبالة من الزكاة؟ قاؿ يعط كل القرابة إال األبوين والولد وهذا قوؿ‬
‫أك ر أهل العلم‪ .‬قاؿ‪ :‬أبو عبيد‪ :‬هو القوؿ عندي لقوؿ الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( :-‬الصػدقة‬
‫على اؼبسكني صدقة وه على ذي الرحم ثنتاف صػدقة وصػلة) (رواخ اػببسػة إال أبػا داود) فلػم‬
‫يي ط نافلة وال فريضة وٍ يفرؽ بني وارث وغكخ‪ .‬وألن ليس من عبػودي نسػب فأوػب األجنػ‬
‫(اؼبغ ‪.)648/2 :‬‬
‫وقد روى ابن أل ويبة وأبو عبيػد هػذا القػوؿ عػن صباعػة مػن الصػحابة والتػابعني‪ :‬فعػن ابػن عبػاس‬
‫قاؿ‪ :‬يعط الرجل قرابت من زكات إذا كانوا ؿبتاجني‪.‬‬
‫وعن إبراهيم‪ :‬أف امرأة ابن مسعود سػألت عػن زكػاة حلػى ؽبػا (وكػاف يػرى ى اغبلػ الزكػاة) فقالػز‪:‬‬
‫أعطي ب أخ ُ أيتاـ فف ح ري؟ قاؿ‪ :‬نعم‪.‬‬
‫وقاؿ سعيد بن اؼبسي ‪ :‬إف أحق من دفعز إلي زكان يتيب وذو قرابب‪.‬‬
‫وسئل اغبسن‪ :‬أمت أأعطي زكاة ماُ؟ قاؿ‪ :‬نعم وحبًا‪.‬‬
‫وسئل إبراهيم‪ :‬امرأة ؽبا و ء أتعط أمتتها من الزكاة؟ قاؿ‪ :‬نعم‪.‬‬
‫وعن الضحاؾ قاؿ‪ :‬إذا كاف ل أقارب فقراء فهم أحق بزكات من غكهم‪.‬‬
‫وعػػن ؾباهػػد قػػاؿ‪ :‬ال تُقبػػل ورضب ػ ؿبتاجػػة (انظػػر هػػذخ األق ػواؿ ى مصػػنه أل وػػيبة‪- 47/4 :‬‬
‫‪ 48‬األمواؿ‪ :‬ص ‪.)582 - 584‬‬

‫موازنة وترجي‬

‫والذي نرجح بعد ذكر هػذخ األقػواؿ واؼبػذاه هػو الػذي ذهػ إليػ أك ػر أهػل العلػم منػذ عصػر‬
‫الصػػحابة والتػػابعني ومػػن بعػػدهم مػػن جػواز دفػػع الزكػػاة إَ القريػ مػػا ٍ يكػػن ولػ ًػدا أو والػ ًػدا‪ .‬وهػػو‬
‫الذي رجح أبو عبيد ى األمواؿ‪.‬‬
‫وح تنا ى ذل ‪:‬‬ ‫ُ‬
‫أوالً‪ :‬عبوـ النصوص الب جعلز صرؼ الزكاة للفقراء دوف سبييز بني قري وأجن م ػل آيػة‪( :‬إمبػا‬
‫الصػػدقات للفق ػراء واؼبسػػاكني) ‪ ..‬وحػػديث‪( :‬تؤمتػػذ مػػن أغنيػػا هم ف ػ د علػػى فق ػرا هم) ف ػ ف هػػذخ‬
‫العبوميػػات تيػػبل األقػػارب وٍ يػػرد ـبصػػل صػػحي ىبػػرجهم عنهػػا خبػػبلؼ الزوجػػة والوالػػدين‬
‫واألوالد فقد متصصوا منها باإلصبػاع الػذي ذكػرخ ابػن اؼبنػذر وأبػو عبيػد وصػاح البحػر وباألدلػة‬
‫الب ذكرناها هناؾ‪.‬‬
‫وثانيًػػا‪ :‬مػػا ورد ى األقػػارب متاصػػة مػػن النصػػوص اؼبرغبػػة ى الصػػدقة علػػيهم م ػػل قولػ ‪-‬صػػلى اهلل‬
‫عليػ وسػػلم‪( :-‬الصػػدقة علػػى اؼبسػػكني صػػدقة وهػػى علػػى ذي الػػرحم ثنتػػاف‪ :‬صػػدقة وصػػلة) (رواخ‬
‫أضب ػػد والنس ػػا وال م ػػذي واب ػػن حب ػػاف واغب ػػاكم وال ػػدارقط وحس ػػن ال م ػػذي (ني ػػل األوط ػػار‪:‬‬
‫‪ )489/4‬والصػػدقة تطلػػق علػػى الزكػػاة كبػػا عرفنػػا وقول ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪( :-‬إف أفضػػل‬
‫الصدقة على ذي الػرحم الكاوػ ) (رواخ أضبػد والطػ اْ عػن أل أيػوب ورويػا كبػوخ عػن حكػيم بػن‬
‫حػزاـ ذكػػرخ ى ؾببػػع الزوا ػػد وقػػاؿ‪ :‬إسػػنادخ حسػػن وكػػذل رواخ الطػ اْ ى الكبػػك عػػن أـ كل ػػوـ‬
‫بنػػز عقبػػة ورجالػ رجػػاؿ الصػػحي (الػػروض النضػػك‪ .)422/2 :‬والكاوػ هػػو اؼبضػػبر للعػػداوة‪.‬‬
‫وكػػذل مػػا رواخ الطػ اْ والبػزار عػػن عبػػد اهلل بػػن مسػػعود (ى اغبػػديث الػذي ذكرنػػاخ مػػن قبػػل مػػن‬
‫رواي ػػة الي ػػيصني وأضب ػػد) أف امرأت ػ قال ػػز ل ػػببلؿ‪ :‬اق ػرأ عل ػػى رس ػػوؿ اهلل ‪-‬ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم‪-‬‬
‫السػػبلـ مػػن امػرأة مػػن اؼبهػػاجرين وال تبػػني لػ وقػػل لػ ‪ :‬هػػل ؽبػػا مػػن أجػػر ى زوجهػػا مػػن اؼبهػػاجرين‬
‫لػيس لػ وػ ء وأيتػػاـ ى ح رهػا‪ .‬وبنػػو أمتيهػا أف ذبعػػل صػدقتها فػػيهم؟ فػأتى بػبلؿ النػ ‪-‬صػػلى‬
‫اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬فقػػاؿ‪( :‬نعػػم ؽبػػا أجػراف‪ :‬أجػػر القرابػػة وأجػػر الصػػدقة) (رواخ الطػ اْ ى األوسػ‬
‫ورواخ البػزار بنحػػوخ وفيػ ح ػػاج بػػن نصػػر وثقػ ابػػن حبػػاف وغػػكخ وفيػ كػػبلـ ورجػػاؿ البػزار رجػػاؿ‬
‫أيضػ ػػا ى صػ ػػحي ابػ ػػن حبػ ػػاف‪( .‬انظػ ػػر الػ ػػروض‬
‫الصػ ػػحي انظػ ػػر ؾببػ ػػع الزوا ػ ػػد‪ 446/3 :‬وهػ ػػو ً‬
‫النض ػػك‪ .)422/2:‬وق ػػد ذكرن ػػا أف ت ػػرؾ االستفص ػػاؿ ى مق ػػاـ االحتب ػػاؿ ين ػػزؿ دبنزل ػػة العب ػػوـ ى‬
‫اؼبقاؿ كبا حقق علباء األصوؿ‪.‬‬
‫فرشا فهذا حق بالنسبة إَ الزوجة‬ ‫نفعا ويسق عن نفس ً‬ ‫أما قوؽبم‪ :‬إن بالدفع هبل إَ نفس ً‬
‫واألوالد والوالدين؛ ألف اؼبنافع بينهم متصلة وهم وركاؤخ ى مال ونفقتهم واجبة علي وجوبًػا بيػنًػا‬
‫بالكتاب والسنة‪.‬‬
‫أما بقية األقارب فالذي أمتتارخ‪ :‬أف نفقتهم إمبػا تلػزـ القريػ إذا ٍ يكػن هنػاؾ ى مػاؿ اؼبسػلبني‬
‫ما يغنيهم‪ :‬من الزكػاة والفػ ء واػبُبػس وسػا ر مػوارد بيػز اؼبػاؿ األمتػرى فهنػا يُلػزـ القريػ اؼبوسػر‬
‫جوعا وعريًػا‪ .‬وكػذل إذا ٍ توجػد اغبكومػة الػب ذببػع الزكػاة وتقػوـ‬ ‫ً‬ ‫بالنفقة وال يدع قريب يهل‬
‫بكفالػػة العػػيو للفق ػراء ف ػ ف علػػى القري ػ الغ ػ أف يكف ػ قريب ػ الفقػػك وال ي ك ػ فريسػػة للعػػوز‬
‫واغباجة وال حرج علي أف تتحقق هذخ الكفاية كلها أو بعضها فبا وج علي من زكاة‪.‬‬
‫ألف الواج هو كفاية القري وسػد حاجتػ وتفػري كربتػ صػلة لرضبػ ووفػاء حبقػ وٍ يػرد مػا‬
‫يبنع أف تكوف الزكاة من موارد هذخ الكفاية‪ .‬كيه ولو كانز اغبكومة ه الب ذببيها لتولز ه‬
‫اإلنفػاؽ علػػى هػػؤالء الفقػراء مػػن مػػاؿ الزكػاة وغكهػػا؟ فكػػأف الفػرد اؼبسػػلم ى هػػذخ اغبالػة نا ػ عػػن‬
‫اإلمػػاـ أو الدولػػة ى اإلنفػػاؽ علػػى أقارب ػ وكفػػايتهم مػػن الزكػػاة الػػب كػػاف األصػػل أف تتػػوَ صبعهػػا‬
‫وتفريقها عليهم‪.‬‬
‫تعارشػا بػني لػزوـ نفقػة القريػ وإعطا ػ مػن الزكػاة فقػالوا بوجػػوب‬ ‫علػى أف مػن العلبػاء مػن ٍ يػػر ً‬
‫النفقة لؤلقارب بيروط متاصة ومع هذا أجازوا دفع الزكاة إليهم‪.‬‬
‫وهػذا مػذه أل حنيفػػة وأصػحاب فقػػد رأوا أف لػزوـ النفقػػة ال يبنػع إعطػػاء الزكػاة وإمبػػا اؼبػانع هػػو‬
‫اتصاؿ منافع األمبلؾ بني اؼبؤدي واؼبؤدى إلي فبل يتحقق التبلي الذي هو عندهم ركن الزكػاة‬
‫ويكوف اؼبزك كأمبا دفع إَ نفس قالوا‪ :‬وهذا ال يتحقق إال بني اإلنسػاف وأوالدخ وآبا ػ وأمهاتػ‬
‫وؽبػػذا ال ذبػػوز وػػهادة بعضػػهم لػػبعض خبػػبلؼ بقيػػة األقػػارب؛ فالػػدفع إلػػيهم يتحقػػق ب ػ التبلي ػ ؛‬
‫النقطاع منافع األمبلؾ بينهم وؽبذا ذبوز وػهادة بعضػهم لػبعض (انظػر‪ :‬بػدا ع الصػنا ع‪49/2 :‬‬
‫‪.)56 -‬‬
‫وقاؿ صاح "الروض النضػك" مػن متػأمتري الزيديػة‪" :‬ومػا ذكػروخ مػن التعليػل بػأف فيػ إسػقاط مػا‬
‫يلزم من النفقة اؼبستقبلة فبع كونػ فاسػد االعتبػار (ؼبصػادمت األحاديػث الػب رغبػز ى الصػدقة‬
‫علػػى األقػػارب) للبػػانع أف يقػػوؿ‪" :‬صػػرف للواجػ ى القريػ ٍ يسػػق وػػيئًا قػػد لزمػ ؛ ألف نفقػػة‬
‫القري إمبا ذب وقتًا فوقتًا" (الروض النضك‪.)423/2 :‬‬
‫وقاؿ اليوكاْ‪ :‬األصل عدـ اؼبانع فبػن زعػم أف القرابػة أو وجػوب النفقػة مانعػاف فعليػ الػدليل‬
‫وال دليل (نيل األوطار‪.)489/4 :‬‬
‫اؼببحث اػبامس‬

‫آؿ ؿببد ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪-‬‬

‫األحاديث اؼبروية ى ربرٓ الصدقة على آؿ ؿببد ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪-‬‬

‫روى أضبػػد ومسػػلم عػػن اؼبطلػ بػػن ربيعػة بػػن اغبػػارث بػػن عبػػد اؼبطلػ ‪( :‬أنػ والفضػػل بػػن العبػػاس‬
‫انطلقػػا إَ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬قػػاؿ‪ :‬ه تكلػػم أحػػدنا فقػػاؿ‪ :‬يػػا رسػػوؿ اهلل جئنػػاؾ‬
‫لتؤرمرنا على هػذخ الصػدقات فنصػي منهػا مػا يصػي النػاس مػن اؼبنفعػة ونػؤدي إليػ مػا يػؤدي‬
‫الناس فقاؿ‪( :‬إف الصدقة ال تنبغ حملبد وال آلؿ ؿببد؛ إمبا ه أوساخ الناس) وى لفػي ؽببػا‪:‬‬
‫(ال ربل حملبد وال آلؿ ؿببد) ذكرخ ى اؼبنتقى (نيل األوطار‪.)475/4 :‬‬
‫وروى أبػػو داود وال مػػذي وصػػحح عػػن أل رافػػع قػػاؿ‪ :‬وُ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪-‬‬
‫رجبلً من ب ـبزوـ على الصدقة فقاؿ (أي ألل رافع) اتبع نص منها‪.‬‬
‫فقلػػز‪ :‬حػػك أسػػأؿ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬فسػػألت فقػػاؿ ُ‪( :‬إف مػػوَ القػػوـ مػػن‬
‫أنفسهم وإنا أهل البيز ال ربل لنا الصدقة) (انظر‪ :‬اةبوعة‪.)468 467/6 :‬‬
‫وكاف أبو رافع موَ للن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪.-‬‬
‫وروى البصػػاري ى "بػػاب مػػا يػُػذكر ى الصػػدقة للنػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وآلػ وسػػلم‪ ( -‬مػػن حػػديث‬
‫أل هريرة قػاؿ‪ :‬أمتػذ اغبسػن بػن علػ ‪-‬رشػ اهلل عنهبػا‪ -‬سبػرة مػن سبػر الصػدقة ف علهػا ى فيػ ‪-‬‬
‫وكاف طفبلً ‪ -‬فقاؿ الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( :-‬كمل كمل) ليطرحها‪ .‬ه قاؿ‪( :‬أمػا وػعرت إنػا‬
‫أيضا‪.‬‬
‫ال نأكل الصدقة) ورواخ مسلم ً‬
‫قاؿ اغبافي‪ :‬ى رواية مسلم‪( :‬إنا ال ربل لنا الصدقة) وى روايػة معبػر‪( :‬إف الصػدقة ال ربػل آلؿ‬
‫ػز مػع النػ ‪-‬‬ ‫ؿببػد) وكػذا عنػد أضبػد والطحػاوي مػن حػديث اغبسػن بػن علػ نفسػ ‪ .‬قػاؿ‪ :‬كن ُ‬
‫صػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم‪ -‬فب ػػر عل ػػى ج ػرين م ػػن سب ػػر الص ػػدقة فأمت ػػذت من ػ سب ػػرة فألقيته ػػا ى ِ ر‬
‫ى‬
‫فأمتذها بلعاهبا فقاؿ‪( :‬إنا آؿ ؿببد ال ربل لنا الصدقة) وإسنادخ قوي (الفت ‪.)228/3 :‬‬
‫وصبلػة األحاديػث اؼبػػذكورة تػدؿ علػى أف الصػػدقة ال ربػل للنػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬وال آللػ‬
‫ولكن من هم آؿ ؿببد ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪-‬؟ وما نوع الصدقة الب ال ربل ؽبم؟‬
‫ى ذل متبلؼ ك ك نذكرخ فيبا يل ه نعق علي دبا نرى رجحان ى هذا اؼبقاـ‪.‬‬

‫من هم آؿ ؿببد ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪-‬؟‬

‫ذك ػػر اغب ػػافي ى "الف ػػت " والي ػػوكاْ ى "الني ػػل" (انظ ػػر ف ػػت الب ػػاري‪ 227/3 :‬وني ػػل األوط ػػار‪:‬‬
‫‪ .)484 - 482/4‬امتتبلؼ الفقهاء ى اؼبراد باآلؿ هنا‪:‬‬
‫فقػػاؿ اليػػافع وصباعػػة مػػن العلبػػاء‪ :‬إمػػم بنػػو هاوػػم وبنػػو اؼبطلػ واسػػتدؿ اليػػافع علػػى ذلػ‬
‫بأف الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬أورؾ ب اؼبطل مع ب هاوم ى سهم ذوي القرىب وٍ يع‬
‫أحػ ًػدا مػػن قبا ػػل قػريو غػػكهم وتلػ العطيػػة عػػوض عوشػػوخ بػػدالً عبػػا ُحرمػػوخ مػػن الصػػدقة كبػػا‬
‫ػيز أنػا وع بػاف بػن عفػاف إَ النػ ‪-‬صػلى‬ ‫أمترج البصاري مػن حػديث جبػك بػن مطعػم قػاؿ‪ :‬مي ُ‬
‫أعطيز ب اؼبطل من ُطبس متي وتركتنا وكبن وهم دبنزلػة‬ ‫َ‬ ‫اهلل علي وسلم‪ -‬فقلنا‪ :‬يا رسوؿ اهلل‬
‫واحدة! فقاؿ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( :-‬إمبا بنو اؼبطل وبنو هاوم واحد)‪.‬‬
‫عوشا عن الصدقة‪.‬‬ ‫وأجي عن ذل بأن إمبا أعطاهم ذل ؼبواالهتم ال ً‬
‫وقاؿ أبو حنيفة ومال واؽبادويػة‪ :‬هػم بنػو هاوػم فقػ ‪ .‬وعػن أضبػد ى بػ اؼبطلػ روايتػاف‪ .‬وعػن‬
‫غكخ‪ :‬بنو غال بن فهر‪ .‬كذا ى الفت ‪.‬‬
‫واؼبػراد ببػ هاوػػم‪ :‬آؿ علػ وآؿ عقيػػل وآؿ جعفػػر وآؿ العبػػاس وآؿ اغبػػرث وٍ يػػدمتل ى ذلػ‬
‫آؿ أل ؽب ؛ ؼبا قيل من أن ٍ يسلم أحد منهم ى حيات ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬ويػردخ مػا ى‬
‫وسػػر ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫جػػامع األصػػوؿ‪ :‬أنػ أسػػلم عتبػػة ومعتػ ابنػػا أل ؽبػ عػػاـ الفػػت‬
‫ب سبلمهبا ودعا ؽببا ووهدا مع حنينًا والطا ه وؽببا عق عند أهل النس ‪.‬‬
‫قػػاؿ ابػػن قدامػػة‪ :‬ال نعلػػم متبلفًػػا ى أف ب ػ هاوػػم ال ربػػل ؽبػػم الصػػدقة اؼبفروشػػة‪ .‬وكػػذا قػػاؿ أبػػو‬
‫طال من أهل البيز حك ذل عن ى البحر وكذا حك اإلصباع ابن رسبلف‪.‬‬
‫وقد نقل الط ي اعبواز عن أل حنيفػة وقيػل عنػ ‪ :‬ذبػوز ؽبػم إذا ُح ِرمػوا سػهم ذوي القػرىب‪ .‬حكػاخ‬
‫الطحاوي‪.‬‬
‫ونقل بعض اؼبالكية عن األهبري منهم‪.‬‬
‫قاؿ ى الفت ‪ :‬وهو وج لبعض اليافعية‪.‬‬
‫أيضػػا عػػن أل يوسػػه‪ :‬أمػػا ربػػل مػػن بعضػػهم لػػبعض ال مػػن غػػكهم وحكػػاخ ى البحػػر‬ ‫وحكػ فيػ ً‬
‫عػػن زيػػد بػػن عل ػ واؼبرتضػػى وأل العبػػاس اإلماميػػة‪ .‬وحكػػاخ ى اليػػفاء عػػن اب ػ اؽبػػادي والقاسػػم‬
‫العياْ‪.‬‬
‫وق ػػاؿ اغب ػػافي‪ :‬وعن ػػد اؼبالكي ػػة ى ذل ػ أربع ػػة أق ػواؿ مي ػػهورة‪ :‬اعب ػواز اؼبن ػػع ج ػواز التط ػػوع دوف‬
‫الفرض عكس ‪.‬‬
‫قاؿ اليوكاْ‪ :‬واألحاديث الدالة على التحرٓ على العبوـ ترد على اعببيع وقد قيل‪ :‬إما متواترة‬
‫اترا معنويًػػا‪ .‬ويؤيػػد ذلػ قولػ تعػػاَ‪( :‬قػػل ال أسػػألكم عليػ أجػًػرا إال اؼبػػودة ى القػػرىب) (اليػػورى‪:‬‬
‫ت ػو ً‬
‫‪ .) 23‬وقولػ ‪( :‬قػػل مػػا أسػػألكم علي ػ مػػن أجػػر) (سػػورة ص‪ .) 86 :‬ولػػو أحلهػػا آللػ أوو ػ أف‬
‫يطعنوا في ‪.‬‬
‫ولقول تعاَ‪( :‬متذ من أمػواؽبم صػدقة تطهػرهم وتػزكيهم هبػا) (التوبػة‪ )463 :‬وثبػز عنػ ‪-‬صػلى‬
‫اهلل عليػ وسػػلم‪( :-‬أف الصػػدقة أوسػػاخ النػػاس) (قػػاؿ اغبػػافي‪ :‬يؤمتػػذ مػػن هػػذا ج ػواز التطػػوع دوف‬
‫الفػػرض وهػػو قػػوؿ أك ػػر اغبنفيػػة واؼبصػػح عنػػد اليػػافعية واغبنابلػػة‪ .‬وأمػػا عكسػ "ج ػواز الفػػرض‬
‫دوف التطػػوع" فقػػالوا‪ :‬إف الواج ػ ال يلحػػق بأمتػػذخ ذلػػة خبػػبلؼ التطػػوع‪ .‬ووج ػ التفرقػػة بػػني ب ػ‬
‫هاوم وغكهم‪ :‬أف موج اؼبنع رفع يػد األدّ علػى األعلػى فأمػا األعلػى علػى م لػ فػبل (الفػت ‪:‬‬
‫‪ .)227/3‬كبا رواخ مسلم‪.‬‬
‫وأما ما استدؿ ب القا لوف حبلها للهامش من اؽبامش من حديث العباس الذي أمترج اغبػاكم ى‬
‫النوع السابع وال بلثني من علوـ اغبديث ب سنادخ كل من ب هاوم (أف العباس بػن عػ اؼبطلػ‬
‫قػػاؿ‪ :‬قلػػز‪ :‬يػػا رس ػػوؿ اهلل إن ػ حرم ػػز علينػػا ص ػػدقات النػػاس هػػل رب ػػل لنػػا ص ػػدقات بعض ػػنا‬
‫لبعض؟ قاؿ‪ :‬نعم)‪ .‬فهذا اغبديث قد اهتم ب بعض روات ‪.‬‬
‫وفض ػبلً عبػػا نقل ػ اإلمامػػاف ابػػن ح ػػر واليػػوكاْ نػػذكر هنػػا بعػػض مػػا جػػاء ى كت ػ اؼبػػذاه‬
‫األربعة لتباـ الفا دة‪.‬‬
‫ى "ؾببػػع األمػػر" ى فق ػ اغبنفيػػة قػػاؿ‪ :‬وعػػن اإلمػػاـ أل حنيفػػة‪ :‬ال بػػأس بصػػرؼ الكػػل (الفػػرض‬
‫والتطوع) إليهم‪.‬‬
‫وعن ‪ :‬جواز دفع الزكاة إليهم‪.‬‬
‫وى اآلث ػار حملبػػد‪ :‬وعػػن اإلمػػاـ روايتػػاف قػػاؿ ؿببػػد‪ :‬وبػػاعبواز نأمتػػذ؛ ألف اغبرمػػة ـبصوصػػة بزمان ػ‬
‫علي الصبلة والسبلـ‪.‬‬
‫وى در اؼبتقى‪ :‬وعن اإلماـ جواز دفع اؽبامش زكات ؼب ل ‪.‬‬
‫وعنػ ‪ :‬اعب ػواز ى زماننػػا مطل ًقػػا‪ .‬قػػاؿ الطحػػاوي‪ :‬وبػ نأمتػػذ وأقػػرخ القهسػػتاْ وغػػكخ‪( .‬انظػػر‪ :‬ؾببػػع‬
‫األمر وهبامي در اؼبنتقى ص ‪.)224‬‬
‫ورج ػ وػػيمل اإلسػػبلـ ابػػن تيبيػػة‪ :‬أن ػ هبػػوز لب ػ هاوػػم األمتػػذ مػػن زكػػاة اؽبػػامشيني (مطال ػ أوُ‬
‫النهػػى‪ )457/2 :‬وإليػ ذهػ اعبعفريػػة (فقػ اإلمػػاـ جعفػػر‪ 94/9 :‬وفيػ (ص ‪ :)95‬أف الزكػػاة‬
‫اؼبستحبة من سا ر الناس ذبوز ؽبم م ل زكاة الت ارة وما عدا اغبنطة واليػعك والتبػر والزبيػ مػن‬
‫الزروع وال بار‪.‬‬
‫وأود اؼبذاه ى ذل هو مذه الزيدية الذين ٍ هبوزوا الزكاة من اؽبامش ؼب ل ‪ -‬علػى اؼبعتبػد‬
‫عندهم ‪ -‬وجعلوا أكػل اؼبيتػة للهػامش مقػد ًما علػى أمتػذ الزكػاة‪ .‬قػالوا‪ :‬فػ ف كػاف تنػاوؿ اؼبيتػة يضػرخ‬
‫أمتذ من الزكاة على سبيل االستقراض ويرد ذل مك أمكنػ ‪ .‬وهػذا كلػ ى اؼبضػطر الػذي متيػ‬
‫التل ػػه واؽب ػػبلؾ م ػػن اعب ػػوع أو العط ػػو أو الع ػػري وكب ػػوخ (و ػػرح األزه ػػار وحواو ػػي ‪- 526/4 :‬‬
‫‪.)523‬‬

‫ما اغبكم إذا حرموا من الغنا م والف ء؟‬

‫ويعرض هنا سؤاؿ مهم وهو‪ :‬ما اغبكم إذا متبل بيز اؼباؿ من الغنيبة والف ء أو استوَ علي من‬
‫ال يعطيهم من ويئًا؟ قاؿ بعض اؼبالكية‪ :‬ؿبل عدـ إعطاء ب هاوم إذا أعطوا مػا يسػتحقون مػن‬
‫بيز اؼباؿ ف ف ٍ يعطوخ وأشر هبم الفقر أعطوا منها‪ .‬وإعطاؤهم أفضل من إعطاء غكهم‪.‬‬
‫وقيد بعضهم جواز هذا اإلعطاء حباؿ الضرورة وه اغباؿ الب يباح فهم فيها أكل اؼبيتػة‪ .‬ومعػ‬
‫هذا التعبك أف التحرٓ باؽ وإمبا جاز للضرورة كسا ر احملرمات‪.‬‬
‫وقػػاؿ غػػكخ‪ :‬قػػد شػػعه الػػدين ى هػػذخ األعصػػار اؼبتػػأمترة ف عطػػاء الزكػػاة ؽبػػم أنبػػل مػػن تعػػاطيهم‬
‫متدمة الذم والكافر والفاجر (حاوية الصاوي‪ .232/4 :‬وفت العل اؼبال ‪.)444/4 :‬‬
‫وقد نقلنا آن ًفا بعض ما جاء عن اغبنفية‪:‬‬
‫وقاؿ أبػو سػعيد اإلصػطصري مػن اليػافعية‪ :‬إف ُمنعػوا حقهػم مػن اػببػس جػاز الػدفع إلػيهم؛ ألمػا‬
‫إمبا ُحرموا الزكاة غبقهم ى طبس اػببس ف ذا منعوا اػببس وج أف يدفع إليهم‪.‬‬
‫وذكر النووي عن الرافع ‪ :‬أف ؿببد بن وبػىي صػاح الغػزاُ كػاف يفػب هبػذا (اةبػوع‪227 /6 :‬‬
‫‪.)228 -‬‬
‫وكػػذا رجػ ابػػن تيبيػػة والقاشػ يعقػػوب مػػن اغبنابلػػة ج ػواز أمتػػذهم مػػن زكػػاة النػػاس إذا منعػوا مػػن‬
‫طبس الغنا م والف ء ألن ؿبل حاجة وشرورة (مطال أوُ النهى‪.)457/2 :‬‬
‫أيضا (فق اإلماـ جعفر‪.)95/2 :‬‬ ‫وهو مذه اإلمامية اعبعفرية ً‬
‫وٍ يواف ػػق اعببه ػػور عل ػػى إعط ػػاء الزك ػػاة لب ػ هاو ػػم (وح ػػدهم أو م ػػع ب ػ اؼبطل ػ عل ػػى اػب ػػبلؼ‬
‫السابق) وإف ُمنعوا اػببس‪ .‬مستدلني بأف الزكاة إمبا ُحرمز عليهم ليرفهم برسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل‬
‫علي وسلم‪ -‬وهذا اؼبع ال يزوؿ دبنع اػببس (اةبوع‪.)227/6 :‬‬

‫مناقية وترجي‬

‫والػػذي أراخ أف القػػوؿ ب عطػػاء الزكػػاة ألقػػارب اؼبصػػطفى ‪-‬ص ػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬ى زماننػػا أرج ػ‬
‫وأقػػوى؛ غبرمػػامم مػػن طبػػس الغنػػا م والفػ ء الػػذي كػػاف يعطػػى منػ لػػذوي القػػرىب ى عهػػد النػ ‪-‬‬
‫تعويضا من اهلل ؽبم عبا ُحرـ عليهم من الصدقة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫صلى اهلل علي وسلم‪-‬‬
‫وس ػػهم ذوي الق ػػرىب ه ػػو اؼب ػػذكور ى قول ػ تع ػػاَ‪( :‬واعلب ػوا أمب ػػا غنب ػػتم م ػػن و ػ ء ف ػػأف هلل طبس ػ‬
‫وللرسػػوؿ ولػػذي القػػرىب واليتػػامى واؼبسػػاكني وابػػن السػػبيل) (األنفػػاؿ‪ .)44 :‬وقولػ تعػػاَ‪( :‬مػػا أفػػاء‬
‫اهلل على رسول من أهل القرى فلل وللرسوؿ ولذي القرىب واليتامى واؼبساكني وابػن السػبيل كػ ال‬
‫يكوف دولة بني األغنياء منكم) (اغبير‪.)7 :‬‬
‫والق ػػوؿ ب ػػأف الزك ػػاة ُحرم ػػز عل ػػيهم لي ػػرفهم ل ػػيس بق ػػوي‪ .‬واألوَ أف يك ػػوف ذلػ ػ ل ػػدفعهم عنػ ػ‬
‫ونص ػرهتم ل ػ حػػك او ػ ؾ ى ذل ػ مسػػلبهم وكػػافرهم‪ .‬وهػػذا يعضػػد قػػوؿ اليػػافع ى شػػم ب ػ‬
‫اليػ ْػع ووقف ػوا ى‬ ‫اؼبطلػ إَ ب ػ هاوػػم ف ػ مم صبيعػػا ص ػ وا مع ػ علػػى األذى واعبػػوع ودمتل ػوا ِ‬
‫ً‬
‫وجػ ػ قػ ػريو ومق ػػاطعتهم الظاؼب ػػة‪ .‬وإذا س ػػق الع ػػوض ‪ -‬وه ػػو س ػػهم ذي الق ػػرىب ‪ -‬لس ػػب م ػػن‬
‫األسباب كصلو بيز اؼباؿ أو الستبداد اغبكاـ دبا في وج أال ُوبرموا من الزكاة وإال انقلبز‬
‫شررا عليهم‪.‬‬ ‫اؼبزية الب ؽبم ً‬
‫وإذا كػػاف ك ػػك مػػن العلبػػاء قػػد ذهبػوا إَ سػػقوط سػػهم ذوي القػػرىب بعػػد مػػوت الرسػػوؿ وصػػكورت‬
‫لقرابػػة اػبليفػػة بعػػدخ أو صػػرف ى السػػبلح واعبهػػاد (روى أبػػو عبيػػد وأبػػو يوسػػه ى اػب ػراج وابػػن‬
‫جرير ى تفسك آية األنفاؿ (واعلبوا أمبا غنبتم) عن اغبسن بن ؿببد بن اغبنفية ‪ -‬وقد سئل عن‬
‫سهم الرسوؿ وسهم ذي القرىب ‪ -‬فقاؿ‪ :‬امتتله الناس ى هذين السهبني بعد وفاة رسوؿ اهلل ‪-‬‬
‫صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬فقػػاؿ قػػا لوف‪ :‬سػػهم القرابػػة لقرابػػة الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬وقػػاؿ‬
‫قػػا لوف‪ :‬لقرابػػة اػبليفػػة‪ .‬وقػػاؿ قػػا لوف‪ :‬سػػهم النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬للصليفػػة بعػػدخ‪ .‬قػػاؿ‪:‬‬
‫فأصبع رأيهم على أف هبعلوا هذين السهبني ى اػبيل والعدة ى سػبيل اهلل قػاؿ‪ :‬فكانػا علػى ذلػ‬
‫أيضػا‪ :‬بدايػة اةتهػد‪394 - 396/4 :‬‬ ‫متبلفة أل بكر وعبر‪( .‬انظر األمػواؿ ص ‪ 332‬وانظػر ً‬
‫‪ -‬طبع اغبل )‪ .‬بل إف على بن أىب طال ؼبا استصله سل ب سبيل أىب بكػر وعبػر ( األمػواؿ‬
‫‪ -‬اؼبرجع نفس ) ‪.‬‬
‫فينبغ أف يكوف قوؽبم ب باحة اؼبعوض وهو الزكاة‪ .‬وفبا يقوي هذا الرأي أف صبلة األحاديػث الػب‬
‫استدؿ هبا صبهور العلباء على ربرٓ الزكاة على ب هاوم إَ يوـ القيامة وأشاؼ بعضهم إليهم‬
‫ب ػ اؼبطلػ ‪ .‬بػػل جعل ػوا م ػواليهم وعتقػػاءهم دبنػزلتهم ى اغبكػػم ليسػػز صػػروبة الداللػػة علػػى هػػذا‬
‫اغبكم‪.‬‬
‫واغبػػق أف الػػذي ينظػػر ى هػػذخ األحاديػػث نظػػرة ؾبػػردة مػػن العصػػبية والتقليػػد والتػػأثر بيػػهرة اغبكػػم‬
‫وجبللة القا لني ب يتبني ل غك ما ذهبوا إلي ‪.‬‬
‫( أ ) فأما حديث اؼبطلػ بػن ربيعػة‪ :‬فػ ف فتيػني مػن بػ هاوػم أرادا أف يوليهبػا النػ ‪-‬صػلى اهلل‬
‫علي وسلم‪ -‬على الصدقات فيصيبا منها كبػا يصػي النػاس مػن اؼبنفعػة فػأراد النػ ‪-‬صػلى اهلل‬
‫عليػ وسػػلم‪ -‬أف يسػػد عليهبػػا هػػذا البػػاب وأف هبعػػل مػػن آؿ بيتػ وأقاربػ قػػدوة للنػػاس ى البػػذؿ‬
‫والتضػػحية ال ى الغػػنم واالنتفػػاع‪ .‬وقػػد قػػاؿ ؽبػػم يػػوـ فػػت مكػػة وقػػد طلبػوا مػػن السػػدانة والسػػقاية‬
‫فأعطاهم السقاية ؼبا فيها من غُرـ وكلفة وقاؿ‪( :‬إمبا أوليكم ما تػرزءوف ال مػا تػرزؤوف) (سػكة ابػن‬
‫هياـ‪ 32/4 :‬بتحقيق ؿببد ؿبي الدين عبد اغببيد)‪.‬‬
‫ولفػػي البصػػاري‪( :‬إف الصػػدقة ال تنبغػ آلؿ ؿببػػد) وهػػذا إمبػػا يػػدؿ علػػى كراهػػة التنزيػ والتنفػػك مػػن‬
‫مقاربػػة هػػذا العبػػل الػػذي هػػو مظنػػة ألمتػػذ مػػا ال وبػػل كبػػا فعػػل ابػػن اللتبيػػة‪ .‬وؽبػػذا أىب عبػػادة بػػن‬
‫الصامز وغكخ أف يقبلوا الوالية على الصدقات ؼبا فيها من متطر التعرض ؼبا ال هبوز‪.‬‬
‫وهذخ الوالية مبناها على التيديد؛ ألما متعلقة دباؿ عاـ هو مال لل باعة وحق للبحتػاج مػن‬
‫اؼبسلبني أو من وبتاج إلي اؼبسلبوف فأي زيادة يأمتذها العامل عبا يسػتحق تُعػد مزاضبػة للفقػراء‬
‫واحملتاجني ى متالل حقهم وأكبلً ؼباؿ اعبباعة بالباطل‪.‬‬
‫ومع ورود هذا اغبديث ف ف ك ًكا من العلباء ى اؼبذاه اؼبتبوعة أجازوا أف يكوف العامل مػن بػ‬
‫هاوػػم كبػػا ذكرنػػا ذلػ ى سػػهم "العػػاملني عليهػػا" وحػػديث أل رافػػع يؤكػػد هػػذا اؼبعػ ويبػػني أف‬
‫إبعػػاد آؿ بيػػز الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬وأقارب ػ عػػن وػػئوف الصػػدقة لػػيس ليػػرؼ النس ػ‬
‫ولكن لدفع التهبة وقطع ألسنة اؼبف ين ووشػع األسػوة اغبسػنة وتربيػة اآلؿ ومػواليهم أف يوطنػوا‬
‫أنفسهم على رببل اؼبغارـ ال الطبع ى اؼبغاِ‪ .‬ولو كاف اؼبنع لليرؼ ما دمتل اؼبواُ ى اؼبنع‪.‬‬
‫( ب ) وأما حديث اغبسن بػن علػ وقػوؿ الرسػوؿ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪( :-‬أمػا وػعرت إنػا ال‬
‫نأكل الصدقة) وى رواية مسلم‪( :‬ال ربل لنا الصدقة) فالذي يبدو ُ أف الن ‪-‬صلى اهلل علي‬
‫وسػػلم‪ -‬قالػ بوصػػف إمػػاـ اعبباعػػة ور ػػيس الدولػػة‪ .‬ف ػ ف اجتبػػاع الصػػدقات عنػػدخ ال حلهػػا لػ وال‬
‫صبيعا‪ .‬ومن هنا روي أف عبر ورب من لنب الصدقة متطػأ فتقيػأخ‬ ‫ألهل بيت ألما مل اؼبسلبني ً‬
‫(رواخ مال ى اؼبوطأ ى كتاب الزكاة)‪.‬‬
‫وؽب ػػذا ق ػػاؿ ى "البح ػػر"‪ :‬وال رب ػػل لئلم ػػاـ كالرس ػػوؿ ولتقي ػػؤ عب ػػر ل ػػنب الص ػػدقة (البح ػػر الزمت ػػار‪:‬‬
‫‪.)484/2‬‬
‫( ج ) وإذا غضضػػنا الطػػرؼ ع ػػن ه ػػذخ األسػػباب واؼببلبسػػات ال ػػب وردت فيهػػا هػػذخ األحادي ػػث‬
‫حتبا علػى ذريػة بػ هاوػم‬ ‫ونظرنا إَ ؾبرد ألفاظها فباذا تدؿ علي كلبة "آؿ ؿببد"؟ هل تدؿ ً‬
‫وحدهم أو مع ب اؼبطل إَ يوـ القيامة؟‬
‫ليس هناؾ دليل حاسم على ذل ؛ فآؿ ؿببد هنا كآؿ إبراهيم وآؿ عبراف ى اآلية الكريبة‪( :‬إف‬
‫ونوحػػا وآؿ إبػراهيم وآؿ عبػراف علػػى العػػاؼبني) (آؿ عبػراف‪ .) 33 :‬فػػآؿ عبػراف‬ ‫اهلل اصػػطفى آدـ ً‬
‫هنػػا‪ :‬مػػرٓ وابنهػػا عيسػػى وآؿ إبػراهيم‪ :‬إظباعيػػل وإسػػحاؽ ويعقػػوب واألسػػباط ولػػيس اؼبػراد ذريتػ‬
‫إَ يػػوـ القيامػػة فقػػد قػػاؿ تعػػاَ ى إب ػراهيم وإسػػحاؽ (ومػػن ذريتهبػػا ؿبسػػن وظػػاٍ لنفس ػ مبػػني)‬
‫(الصافات‪ .) 443 :‬ومن ذرية إبراهيم ـبربة العاٍ من اليهود‪.‬‬
‫وم ل هذا قول تعاَ‪( :‬فالتقط آؿ فرعوف) (القصل‪( .) 8 :‬وأغرقنا آؿ فرعوف) (البقرة‪.) 56 :‬‬
‫(وحاؽ بآؿ فرعوف سوء العذاب) (غافر‪.)45 :‬‬
‫فهػػل يفهػػم مػػن آؿ فرعػػوف إال هػػو وحػػدخ أو مػػع أهػػل بيتػ وألصػػق النػػاس بػ وأمتصػػهم؟ وهنػػا "آؿ‬
‫ؿببد" ينبغ أف يقصر على أهل بيت من أزواج وأوالدخ وأسباط وأقرب الناس إليػ وهػذا حكػم‬
‫متاص هبم حاؿ حيات ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬كبا جاء ذلػ عػن اإلمػاـ أل حنيفػة‪ :‬وأمتػذ بػ‬
‫صاحب ؿببد بن اغبسن‪.‬‬
‫وكبػا ذكػػر صػػاح "البحػػر الزمتػػار" أنػ أحػػد أقػواؿ مالػ ‪ :‬ووجهػ أمػػا ُحرمػػز لػػدفع التهبػػة وقػػد‬
‫زالز بوفات ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( -‬البحر‪.)484/2 :‬‬
‫وهبذا يسق ما استدؿ ب اليوكاْ من م ل قول ‪( :‬قل ما أسألكم علي مػن أجػر) (الفرقػاف‪57 :‬‬
‫)‪ .‬ولو أحلها ؽبم ألوو أف يطعنوا في ‪ .‬ف ف هذا إمبا يكوف ى حيات ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪.-‬‬
‫وأما بعد وفات فهم كغكهم من اؼبسلبني تؤمتذ الزكاة من أغنيا هم وترد على فقرا هم‪.‬‬
‫وإمبا قلنا هذا ألمرين‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬أف اليػػرع اإلسػػبلم ى صبلػػة أحكامػ ٍ يبيػػز أقػػارب النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬علػػى‬
‫غكهم من الناس بل أعلن أف الناس سواسية كأسناف اؼبي ؛ هم كذل ى اغبقػوؽ والواجبػات‬
‫واؼبغارـ والعقوبات‪ .‬وقد قاؿ علي الصبلة والسبلـ (وأٓ اهلل لو سرقز فاطبة بنز ؿببد لقطعػز‬
‫يدها) (متفق علي ) وقاؿ ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( :-‬من بطأ ب عبل ٍ يسػرع بػ نسػب ) (متفػق‬
‫علي )‪.‬‬
‫ال ػػاْ‪ :‬وهػػو األهػػم أف الزكػػاة ى اإلسػػبلـ فريضػػة الزمػػة وحػػق معلػػوـ وشػريبة مقػػررة يتػػوَ اإلمػػاـ‬
‫أمتذها وصرفها ؼبن يستحقها فبل منة فيها ألحد على أحد‪ .‬وما داـ اآلمتػذ يأمتػذها حبقهػا فػبل‬
‫جناح علي ‪.‬‬
‫والع ي أف بعض الفقهاء ‪-‬بل أك رهم‪ -‬حرـ الزكاة اؼبفروشة على اؽبامشيني وأباح ؽبػم صػدقات‬
‫التطوع مع أف اؼبنة فيها أظهر‪.‬‬
‫ولػػو صػ ربػػرٓ الصػػدقة علػػى آؿ ؿببػػد ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬إَ يػػوـ القيامػػة‪ .‬لكانػػز صػػدقة‬
‫النفػػل‪ .‬وهػػذا مػػا نقلػ اغبػػافي عػػن بعػػض الفقهػػاء واسػػتدلوا لػ بػػأف الواجػ ال يلحػػق آمتػػذخ ذلػػة‪.‬‬
‫خببلؼ التطوع‪.‬‬
‫وقد تبني لنا فبا سبق أف ال إصباع ى اؼبسألة حك ال يُػتهم مػن أجػاز ؽبػم الزكػاة خبػرؽ هػذا السػور‬
‫اؼبنيع‪.‬‬
‫وقد رأينا أف اعبواز منقوؿ عن أل حنيفة وامتتيار صاحب ؿببد وهو وج لبعض اليافعية وقوؿ‬
‫عند اؼبالكية‪.‬‬
‫عل ػػى أف ى بعػػض الرواي ػػات اؼبنقول ػػة م ػػا يس ػػاعد الق ػػا لني بػػاعبواز اؼبطل ػػق‪ .‬مػػن ذل ػ مػػا ذك ػػرخ ى‬
‫"البحػػر" أنػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬تصػػدؽ علػػى أرامػػل بػ اؼبطلػ وردخ صػػاح البحػػر بأنػ‬
‫صدقة نفل (البحر‪.)484/2 :‬‬
‫كبا أف أبا داود روى ى سػنن عػن ابػن عبػاس قػاؿ‪ :‬بع ػ أل إَ النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪-‬‬
‫ى إبل أعطاها إياخ مػن الصػدقة‪ .‬وى روايػة "أن ببػدؽبا" (رواخ أبػو داود ى بػاب الصػدقة علػى بػ‬
‫هاو ػػم وس ػػكز عن ػ ه ػػو واؼبن ػػذري وأمترج ػ النس ػػا (انظ ػػر ـبتص ػػر الس ػػنن‪ .)246/2 :‬وق ػػد‬
‫أجاب النووي عن هذا اغبديث من وجهني‪:‬‬
‫منسومتا دبا ذكرناخ‪.‬‬
‫ً‬ ‫أحدنبا‪ :‬أف يكوف قبل ربرٓ الصدقة على ب هاوم ه صار‬
‫ال اْ‪ :‬أف يكوف قد اق ض من العباس للفقراء إببلً ه أوفاخ إياها من الصدقة وقد جاء ى رواية‬
‫أمترى ما يدؿ على هذا‪ .‬وهبذا ال اْ أجاب اػبطال‪ .‬واهلل تعاَ أعلم (اةبوع‪.)227/6 :‬‬
‫وال و أف األوَ األمتذ بظاهر اغبديث دوف ارتكاب التأويبلت أو القوؿ بالنسمل‪.‬‬
‫ويلػػوح ُ أف اإلمػػاـ البصػػاري ٍ ي بػػز عنػػدخ هػػذا اغبكػػم حػػديث صػػحي السػػند صػري الداللػػة‪.‬‬
‫وؽبذا عنوف ل بقولػ "بػاب مػا يُػذكر ى الصػدقة للنػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وآلػ وسػلم‪ "-‬فعبػارة‪" :‬مػا‬
‫يذكر" تدؿ على التضعيه والي ‪.‬‬
‫وهذا من جهة النقل‪ .‬ف ذا نظرنا إَ حكبة التيريع وجدناها ظاهرة ى ربريبها عليػ وعلػى آلػ ى‬
‫حياتػ ػ ‪ .‬ف نػ ػ ‪-‬ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم‪ -‬أراد أف ين ػػزخ نفسػ ػ وآلػ ػ ع ػػن أمت ػػذ الص ػػدقات ليض ػػرب‬
‫للبسلبني م بلً عاليًا ى التعود علػى التعفػه ال علػى األمتػذ ويكػوف ذلػ تطبي ًقػا للببػدأ الرفيػع‬
‫الذي أعلن ‪( :‬اليد العليا متك من اليد السفلى) (رواخ البصػاري ى بػاب االسػتغناء عػن اؼبسػألة مػن‬
‫كتاب الزكاة من حديث حكيم بن حزاـ)‪ .‬ف ف إعطاء اؼباؿ مػن غػك مبادلػة عػني أو نفػع فيػ نػوع‬
‫مػػن اؼبنػػة والفضػػل للبعطػ علػػى اآلمتػػذ وقػػد ال تظهػػر هػػذخ اؼبنػػة بػػالنظر لعامػػة النػػاس الػػذين يتػػوَ‬
‫اإلمػػاـ القػػبض عػػنهم مػػن األغنيػػاء ه الصػػرؼ ؽبػػم‪ .‬أمػػا اإلمػػاـ نفس ػ الػػذي يباوػػر القػػبض مػػن‬
‫اؼبؤمنني للصدقات فأوَ ب أال وب ربل عنق هذخ اؼبنة؛ وأهل بيت دبنزلت ى ذل ‪.‬‬
‫وجوز أمتذها‬ ‫وى هذا اغبكم سر آمتر نب علي عبلمة اؽبند الدهلوي وهو‪ :‬أن إف أمتذها لنفس ّ‬
‫ػباصت والذين يكوف نفعهم دبنزلة نفع كاف مظنة أف يظن الظانوف ويقػوؿ القػا لوف ى حقػ مػا‬
‫لػػيس حبػػق فػػأراد أف يسػػد هػػذا البػػاب بالكليػػة وهبهػػر بػػأف منافعهػػا راجعػػة إلػػيهم وإمبػػا تؤمتػػذ مػػن‬
‫أغنيػػا هم وتػػرد علػػى فقػرا هم رضبػػة هبػػم وتقريبًػػا ؽبػػم مػػن اػبػػك وإنقػػاذًا ؽبػػم مػػن اليػػر" (ح ػػة اهلل‬
‫البالغػة‪ ) 542/2 :‬أمػػا ربػػرٓ الزكػػاة علػى اآلؿ إَ يػػوـ القيامػػة فػػبل يظهػػر فيػ مػػا ذكرنػػا مػػن السػػر‬
‫واغبكبة‪.‬‬
‫والع ػ فبػػن حرم ػوا الزكػػاة عل ػػى ب ػ هاوػػم واؼبطل ػ وٍ هبػػوزوا ؽب ػػم أمتػػذها ولػػو ُمنع ػوا ُطب ػػس‬
‫اػبُبػػس؛ ى بيػػز اؼبػػاؿ؛ لعػػدـ هػػذا اػببػػس كبػػا ى هػػذا الػػزمن أو السػػتبداد الػػوالة بػ كبػػا ى‬
‫أزمنػػة مض ػػز ‪ -‬كي ػػه يص ػػنع الفق ػراء واحملت ػػاجوف م ػػن ه ػػؤالء إذا ٍ يعط ػوا م ػػن الزكػػاة ح ػػك ؽب ػػذخ‬
‫جوعػا‬
‫الضرورة؟ وهل مػن إكػراـ آؿ بيػز النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬أف ي كػوا حػك يهلكػوا ً‬
‫وال يعطوا من ماؿ الزكاة الذي هو حق معلوـ؟‬
‫وؽبػػذا أفػػك صباعػػة مػػن علبػػاء اؼبػػذاه األربعػػة وغكهػػا جبػواز أمتػػذهم مػػن الزكػػاة إف ُمنعػوا اػببػػس؛‬
‫ألن ػ ؿب ػػل حاج ػػة وش ػػرورة (انظ ػػر‪ :‬و ػػرح غاي ػػة اؼبنته ػػى‪ )457/2 :‬ب ػػل ق ػػاؿ بع ػػض اؼبالكي ػػة‪ :‬إف‬
‫إعطاءهم ى هذخ اغبالة أفضل من إعطاء غكهم (حاوية الصػاوي علػى اليػرح الصػغك‪666/4:‬‬
‫‪ -‬طبع دار اؼبعارؼ)‪ .‬وهذا هو الصحي واهلل أعلم‪.‬‬
‫اؼببحث السادس‬

‫اػبطأ ى مصرؼ الزكاة‬

‫ما اغبكم إذا أمتطأ اؼبزك مصرؼ الزكاة؟‬

‫ػحيحا دوف علبػ ؛ ه تبػني لػ متطػؤخ فهػل هبز ػ‬ ‫إذا أمتطأ اؼبزك وأعطى زكاتػ مػن لػيس مصػرفًا ص ً‬
‫ذل وتسق عن الزكاة؟ أـ إف الزكاة ال تزاؿ َديْػنًا ى ذمت حك يضعها موشعها؟‬
‫امتتله أنظار الفقهاء ى هذخ اؼبسألة‪:‬‬
‫فقاؿ أبو حنيفة وؿببد بن اغبسن وأبو عبيد‪ :‬هبز ما دفع وال يطال بدفع زكاة أمترى‪.‬‬
‫فعن معن بن يزيد قاؿ‪ :‬كاف أل أمترج دنػانك يتصػدؽ هبػا فوشػعها عنػد رجػل ى اؼبسػ د ف ئػز‬
‫فأمت ػػذهتا فأتيت ػ هب ػػا‪ .‬فق ػػاؿ‪ :‬واهلل م ػػا إي ػػاؾ أردت فصاص ػػبت إَ الن ػ ‪-‬ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم‪-‬‬
‫فقاؿ‪( :‬ل ما نويز يا يزيد ول ما أمتذت يا معن) رواخ أضبد والبصاري‪.‬‬
‫واغبديث وبتبل أف تكوف الصدقة نفبلً إال أف لفي (ما) ى قول ‪( :‬ل ما نويز) يفيد العبوـ‪.‬‬
‫أيضا ى االحت اج حديث أل هريرة أف الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬قاؿ‪( :‬قاؿ رجل (من‬ ‫وؽبم ً‬
‫ب إسرا يل)‪ :‬ألتصػدقن الليلػة بصػدقة‪ .‬فصػرج بصػدقت فوشػعها ى يػد سػارؽ (أي وهػو ال يعلػم)‬
‫فأصػػبحوا يتحػػدثوف‪ :‬تصػػدؽ الليلػػة علػػى سػػارؽ‪ .‬فقػػاؿ‪ :‬اللهػػم ل ػ اغببػػد (ضبػػد اهلل علػػى تل ػ‬
‫اغباؿ ألن ال وببد على مكروخ سواخ) ألتصدقن بصػدقة‪ .‬فصػرج بصػدقت فوشػعها ى يػد زانيػة‬
‫فأصبحوا يتحدثوف‪ :‬تصدؽ الليلة على زانية‪ .‬فقاؿ‪ :‬اللهػم لػ اغببػد ألتصػدقن بصػدقة فصػرج‬
‫بصدقت فوشعها ى يد غ ‪ .‬فأصبحوا يتحدثوف‪ :‬تصدؽ الليلة على غ ‪ .‬فقاؿ اللهم ل اغببػد‬
‫على زانية وعلى سػارؽ وعلػى غػ ! فػأتى (أي رأى ى منامػ ) فقيػل لػ ‪ :‬أمػا صػدقت علػى سػارؽ‬
‫فلعل أف يسػتعه عػن سػرقت ‪ .‬وأمػا الزانيػة فلعلهػا أف تسػتعفه هبػا عػن زناهػا‪ .‬وأمػا الغػ فلعلػ أف‬
‫يعت فينفق فبا آتاخ اهلل عز وجل) (رواخ أضبد والبصاري ومسلم)‪.‬‬
‫وألف الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬قاؿ للرجػل الػذي سػأل الصػدقة‪( :‬إف كنػز مػن تلػ األجػزاء‬
‫أعطيت حق ) وأعطى الرجلني اعبلدين وقاؿ‪( :‬إف وئتبا أعطيتبػا منهػا وال حػي فيهػا لغػ وال‬
‫لق ػػوي مكتسػ ػ )‪ .‬ول ػػو اعتػ ػ حقيق ػػة الغػ ػ م ػػا اكتف ػػى بقوؽبب ػػا كب ػػا ق ػػاؿ ى "اؼبغػ ػ " (اؼبغػ ػ ‪:‬‬
‫‪.)667/2‬‬
‫وى مقابل هؤالء اؼبتساهلني تيدد صباعػة فػذهبوا إَ أنػ ال هبز ػ درع الزكػاة إَ مػن ال يسػتحقها‬
‫إذا تب ػػني لػ ػ متط ػػؤخ وأف عليػ ػ أف ي ػػدفعها م ػػرة أمت ػػرى إَ أهله ػػا؛ ألنػ ػ دف ػػع الواجػ ػ إَ م ػػن ال‬
‫يستحق فلم ىبرج من عهدت ‪ .‬كديوف اآلدميني‪.‬‬
‫ومذه اليافع أميل إَ التيديد كبا ى "الروشة" (الروشة‪ ) 328/2 :‬وغكها‪.‬‬
‫فقكا؛ فباف غنيًا ففي روايتاف‪:‬‬ ‫ومذه أضبد‪ :‬إذا أعطى الزكاة من يظن ً‬
‫رواية باإلجزاء ورواية بعدم (اؼبغ ‪.)668/2 :‬‬
‫كافرا أو هامشيًا أو ذا قرابة للبعط فبػن ال هبػوز الػدفع إليػ ٍ هبز ػ‬ ‫عبدا أو ً‬
‫فأما إف باف اآلمتذ ً‬
‫الدفع إلي ‪ .‬روايػة واحػدة؛ ألنػ يتعػذر معرفػة الفقػك مػن الغػ دوف غػكخ كبػا قػاؿ تعػاَ‪( :‬وبسػبهم‬
‫اعباهل أغنياء من التعفه) (البقرة‪.) 273 :‬‬
‫وبػػني ه ػؤالء وأولئ ػ قبػػد الفقهػػاء مػػن فصػػلوا وفرق ػوا بػػني صػػورة وأمتػػرى فأجػػازوا بعضػػها ومنع ػوا‬
‫بعضا‪.‬‬
‫ً‬
‫فعند اغبنفية‪:‬‬
‫صحيحا ؽبا فظهر أنػ غػ أو ذمػ أو ظهػر أنػ‬ ‫ً‬ ‫من دفع زكات بعد ربر واجتهاد ؼبن ظن مصرفًا‬
‫أبوخ أو ابن أو امرأت أو هامش صحز زكات وليس علي إعادهتا؛ ألن أتى دبا ى وسع ‪.‬‬
‫فأما لو ظهر أن كافر حرل ‪ -‬ولو مستأمنًا ‪ -‬فروي عن أل حنيفة أما ذبز وال إعادة؛ ألن أتػى‬
‫أيضا‪ .‬وى رواية أمترى أما ال ذبزئ وهو قوؿ أل يوسػه‪ .‬ألف صػلة اغبػرل ال تكػوف‬ ‫دبا ى وسع ً‬
‫ورعا ولذا ٍ هبز دفع صدقة التطوع إلي فلم يقع قُربة فت اإلعادة‪.‬‬ ‫ًبرا ً‬
‫ولو دفع بغك ربر وال و ‪ -‬بأف ٍ ىبطر ببال أن مصرؼ أوال ‪ -‬ه ظهر متطؤخ ‪ -‬بػأف تبػني لػ‬
‫أنػ غػػك مصػػرؼ ‪ ٍ -‬هبػػز وعليػ اإلعػػادة؛ ألنػ فػػرط ى بػػذؿ وسػػع فلػػو ٍ يظهػػر لػ وػ ء فهػػو‬
‫على اعبواز‪.‬‬
‫أما لو ربرى فدفع ؼبن ظنػ غػك مصػرؼ أو وػ وٍ يتح ّػر ٍ هبػز حػك يظهػر أنػ مصػرؼ فػ ف‬
‫باف صواب جاز ى الصحي ‪..‬‬
‫جالسػا ى صػه الفقػراء يصػنع صػنعهم أو كػاف عليػ زيهػم أو سػأل‬ ‫ً‬ ‫قالوا‪ :‬ولو كاف اؼبػدفوع إليػ‬
‫فأعطاخ كانز هذخ األسباب دبنزلة التحري‪ .‬حك لو ظهر غناخ ٍ يُعِد‪.‬‬
‫وهل يس د ما أمتذ متطأ؟‬
‫أمػػا اغبػػرل فػػبل‪ .‬وأمػػا اؽبػػامش ففيػ روايتػػاف‪ .‬وأمػػا الولػ ُػد الغػ فػػنعم وهػػل يطيػ لػ ؟ فيػ متػػبلؼ‪.‬‬
‫وإذا ٍ يط فقيل‪ :‬يتصدؽ وقيل‪ :‬يرد على اؼبعط (الدر اؼبصتار وحاويت ‪.)74 - 73/2 :‬‬

‫وعند اؼبالكية‪:‬‬
‫إذا اجتهد فدفع الزكاة لغك مسػتحق ى الواقػع م ػل غػ وكػافر مػع ظنػ أنػ مسػتحق‪ .‬فػ ف أمكػن‬
‫ردهػػا أمتػػذها منػ إف كانػػز باقيػػة أو أمتػػذ عوشػػها منػ إف فاتػػز بسػػب منػ كأكػػل وبيػػع وهبػػة‬
‫سواء غرة اآلمتذ ى هذخ اغبالة أـ ال‪.‬‬
‫وأما إذا فاتز بسب ظباوي نظػر فػ ف كػاف اآلمتػذ غ ّػر الػدافع ومتدعػ بػأف أظهػر لػ الفقػر وهػو‬
‫غ أو اإلسبلـ وهو كافر وج أف يرد عوشها ل ‪ .‬و إف ٍ يغرخ فبل و ء على اآلمتذ وهب‬
‫علػػى الػػدافع إعػػادة الزكػػاة مػػرة أمتػػرى حيػػث ٍ ذبز ػ األوَ إذ ٍ تصػػادؼ أهلهػػا وهػػم الفق ػراء‬
‫اؼبسلبوف‪ .‬وهذا ى حالة دفع األفراد بأنفسهم إَ أهل الزكاة‪.‬‬
‫أم ػػا إذا دف ػػع اإلم ػػاـ أو نا ب ػ باجته ػػاد فتب ػػني أن ػ أمت ػػذها غ ػػك مس ػػتحق فت ػػزئ وال يغ ػػرـ اإلم ػػاـ‬
‫عوشػػها للفقػراء ألنػ اجتهػػد ؼبصػػلحة اؼبسػػلبني واجتهػػادخ حكػػم ال يتعقػ ‪ .‬حػػك ذكػػر بعضػػهم‬
‫أما ذبزئ ولو أمكن ردها‪ .‬واع ض هذا بأف كبلـ أهل اؼبذه يفيد أما تنزع من يد مػن دفػع لػ‬
‫اغباكم ‪ -‬إذا كاف غك مستحق ‪ -‬إف أمكن وهو ظاهر؛ إذ كيه تكوف الزكػاة بيػد األغنيػاء وال‬
‫تنزع من أيديهم؟‬
‫فاإلمػػاـ ى هػػذا كالوصػ ومقػػدـ القاشػ حيػػث اتفقػوا علػػى أمػػا ذبػػزئ ى حقهبػػا إف تعػػذر الػػرد‬
‫دوف أف يغرما ويئًا وإف أمكن الرد وج اتفاقًا (اليرح الكبػك وحاوػية الدسػوق ‪- 564/4 :‬‬
‫‪.)562‬‬

‫مصر‪ -‬وعند الزيدية‪:‬‬


‫إصباعا أو ى مذهب الػذي يعتنقػ لزمػ إمتػراج زكاتػ مػرة أمتػرى‬ ‫من أعطى زكات غك مستحق ؽبا ً‬
‫وال يعتػػد بػػاألوَ فليسػػز زكػػاة‪ .‬والػػذين ال يسػػتحقوف باإلصبػػاع هػػم الكفػػار واألصػػوؿ والفصػػوؿ‬
‫والغ غ ً ؾببعاً عليػ فهػؤالء إذا دفػع إلػيهم لزمتػ اإلعػادة ‪ -‬سػواء دفػع إلػيهم عاؼبػا بػالتحرٓ أـ‬
‫ً‬
‫جػػاهبلً وسػواء دفػػع إلػػيهم ظنًػػا منػ أف الكػػافر مسػػلم والولػػد والوالػػد أجنبيػػاف والغػ فقػػك أـ ٍ‬
‫يظن ذل ف ن بعيد بكل حاؿ‪.‬‬
‫وأما الذين هم ـبتله فيهم فنحو القرابة الذين تلزـ نفقػتهم والغػ غػ ً ـبتل ًفػا فيػ ف نػ إذا دفػع‬
‫إليهم ومذهب أن ال هبوز ودفع إليهم عاؼبا بأمم القرابة وأف مذهب اؼبنػع لزمتػ اإلعػادة كػاةبع‬
‫ً‬
‫علي ‪.‬‬
‫وإف دفػػع إلػػيهم جػػاهبلً بػػالتحرٓ أو جػػاهبلً مذهبػ أو ظنًػػا منػ أمػػم أجانػ أو أف الغػ فقػػك ٍ‬
‫تلزم اإلعادة ألف اعباهل ى مسا ل اػببلؼ معذور كالناس أو اةتهد اؼبصطئ (وػرح األزهػار‬
‫وحواوي ‪ 526،527 :‬وانظر البحر‪.)487/2 :‬‬
‫والذي أمتتارخ ى هذخ الصور‪ :‬أف من ربرى واجتهد فأمتطأ وٍ يضع زكات ى ؿبلها فهو معذور‬
‫نفس ػػا إال‬
‫وال يتحب ػػل تبع ػػة متطئػ ػ ؛ ألنػ ػ ب ػػذؿ م ػػا ى وس ػػع كب ػػا ق ػػاؿ اغبنفي ػػة‪( .‬ال يكل ػػه اهلل ً‬
‫وسػػعها) (البقػػرة‪ .)286 :‬ولػػن يضػػيع أجػػرخ علػػى اهلل كالرجػػل الػػذي وشػػع صػػدقت ى يػػد سػػارؽ‬
‫وزانية وغ ‪.‬‬
‫وأما إذا قصر ى التحري وٍ يباؿ من صرؼ إلي زكات وتبني أنػ أمتطػأ اؼبصػرؼ الصػحي فعليػ‬
‫أف يتحبػػل تبعػػة متطئ ػ الناوػػئ عػػن تقصػػكخ وتفريط ػ ويلزم ػ إعػػادة الزكػػاة مػػرة أمتػػرى حػػك تقػػع‬
‫موقعهػػا ألن ػ حػػق ألهلهػػا مػػن الفق ػراء واؼبسػػاكني وسػػا ر اؼبسػػتحقني وال ت ػ أ ذمت ػ إال ب عطا هػػا‬
‫إليهم أو إَ نا بهم وهو اإلماـ قدر وسع ‪.‬‬
‫وى كلتا اغبالني هب على من أمتذها وعلػم أمػا زكػاة وهػو لػيس فبػن يسػتحقها أف يردهػا أو يػرد‬
‫عوشها إف كاف قد استهلكها وال يأكػل حػق أهلهػا فيأكػل ى بطنػ ن ًػارا‪ .‬وهػذا إذا تأكػد لػ أو‬
‫غل على ظن أن لػيس مػن أهلهػا وإال كانػز لػ كبػا إذا أمتػذها وٍ يعلػم أمػا زكػاة وتلفػز ى‬
‫يدخ‪.‬‬
‫وأما حديث‪( :‬ل ما أمتذت يا معن) فلعل كاف أهبلً ؽبا وإف كرخ أبوخ ذلػ ‪ .‬وإذا أمتطػأ اإلمػاـ‬
‫مصرؼ الزكاة فبل شباف علي ‪ .‬ألن أمني على مصلحة اؼبستحقني علي أف يس دها فبػن أمتػذها‬
‫إف كانز ى يدخ على كبو ما قاؿ اؼبالكية‪.‬‬
‫الباب اػبامس‬
‫طريقة أداء الزكاة‬

‫فهرس‬

‫نقل الزكاة إَ غك بلد اؼباؿ‬

‫تع يل الزكاة وتأمتكها‬

‫مباحث متفرقة حوؿ أداء الزكاة‬


‫سبهيد‬

‫عبلقة الدولة بالزكاة‬

‫مكانة النية ى الزكاة‬

‫دفع القيبة ى الزكاة‬

‫سبهيد‬

‫عرفنا ى األبواب اؼباشية وجوب الزكاة وعرفنا على من ذب ‪ .‬وفيم ذب من األمواؿ ومقدار ما‬
‫هب ى كل منها كبا عرفنا‪ :‬ؼبن تُصرؼ الزكاة واألصناؼ اؼبسػتحقني ؽبػا واألصػناؼ الػذين ال‬
‫هبوز أف تُصرؼ إليهم‪.‬‬
‫وبق علينا أف نعرؼ كيفية أداء الزكاة‪ :‬هل يتوَ اؼبكله أداءها بنفس إَ مسػتحقيها أـ تتوالهػا‬
‫الدولػة ووُ األمػر؟ وهػػل هػذا ى كػل األمػواؿ أو ى بعضػها دوف بعػض؟ ومػػا اغبكػم إذا زبلػػى وُ‬
‫كافرا؟‬
‫األمر عن أمتذ الزكاة أو طلبها وكاف ظاؼبًا أو ً‬
‫قهرا بدوف نيرة من اؼبكله؟ وهل‬ ‫وهل تُي ط النية ى أداء الزكاة؟ وما اغبكم إذا أمتذها السلطاف ً‬
‫هبوز لوُ األمر أو للبكله نقل الزكاة من بلد اؼباؿ إَ بلد آمتر؟ وما حدود ذل ؟‬
‫وهل هبوز دفع القيم ى الزكاة أـ هب إمتراج عني اؼبنصوص علي وال بد؟‬
‫وهػػل هبػػوز تػػأمتك الزكػػاة إذا وجبػػز؟ ومػػا اغبكػػم إذا أمترهػػا؟ وهػػل تسػػق بالتػػأمتك ومػػا حكػػم‬
‫تع يلها؟ وهل هبوز كتباف الزكاة؟ وما عقوبة من كتبها؟ وما حكػم التهػرب أو الفػرار مػن الزكػاة‬
‫واالحتيػػاؿ إلسػػقاطها؟ إَ غػػك ذلػ مػػن اؼبباحػػث اؼبتعلقػػة بػػأداء الزكػػاة واالحتيػػاؿ إلسػػقاطها؟ إَ‬
‫غك ذل من اؼبباحث اؼبتعلقة بأداء الزكاة وإمتراجها‪.‬‬
‫صػػل اعبػواب عنهػػا ى الفصػػوؿ التاليػة مػػن هػذا البػػاب الػػذي‬ ‫كػل هػػذخ األسػئلة ومػػا يتصػػل هبػا‪ .‬نف ر‬
‫عقدناخ ؽبذا الغرض‪.‬‬
‫الفصل األوؿ‬
‫عبلقة الدولة بالزكاة‬

‫فهرس‬

‫من يتوَ أمر الزكاة ى عصرنا؟‬

‫أقواؿ اؼبذاه فيبن كتم الزكاة أو امتنع منها أو ادعى أداءها‬

‫عند اغبنفية‬
‫عند اؼبالكية‬
‫عند اليافعية‬
‫قهرا‬
‫اإلصباع على تأدي اؼببتنع وأمتذها من ً‬
‫عقوبة اؼببتنع دبصادرة نصه مال وما في من متبلؼ‬
‫مناقية وترجي‬
‫عند اغبنابلة‬
‫عند الزيدية‬
‫دفع الزكاة إَ السلطاف اعبا ر‬

‫رأى اةوزين‬
‫رأي اؼبانعني مطل ًقا وأدلتهم‬
‫رأي القا لني بالتفصيل‬
‫التزاـ اغباكم لئلسبلـ ورط‬

‫مسئولية الدولة عن وئوف الزكاة‬

‫داللة القرآف على ذل‬


‫األحاديث النبوية‬
‫السنة العبلية للن واػبلفاء الراودين‬
‫ُ‬
‫فتاوى الصحابة‬
‫من أسرار هذا التيريع‬

‫بيز ماؿ الزكاة‬


‫األمواؿ الظاهرة واألمواؿ الباطنة ومن يل زكاهتا‬
‫رأي اغبنفية‬
‫رأي اؼبالكية‬
‫اليافعية‬
‫اغبنابلة‬
‫رأي الزيدية‬
‫رأي اإلباشية‬
‫رأي اليع والباقر وأل رزين واألوزاع‬
‫موازنة وترجي‬
‫رأي أل عبيد ومناقيت‬

‫مسئولية الدولة عن وئوف الزكاة‬

‫الزكػػاة ‪ -‬كبػػا تبػػني لنػػا ‪ -‬حػػق ثابػػز مقػػرر (فَ ِر َ‬


‫يض ػةً رمػ َػن اهلل) ولكن ػ ‪ -‬ى األصػػل ‪ -‬لػػيس ح ًقػػا‬
‫موكػػوالً لؤلفػراد يؤديػ مػػنهم مػػن يرجػػو اهلل والػػدار اآلمتػػرة ويدعػ مػػن شػػعه يقينػ بػػاآلمترة وقػػل‬
‫نصيب من متيية اهلل وغل ح اؼباؿ ى قلب على ح اهلل‪.‬‬
‫كػػبل؛ إمػػا ليسػػز إحسػػانًا فرديًػػا وإمبػػا ه ػ تنظػػيم اجتبػػاع تيػػرؼ علي ػ الدولػػة ويتػػوالخ جهػػاز‬
‫إداري منظم يقوـ على هذخ الفريضة الفذة جباية فبن ذب عليهم وصرفًا إَ من ذب ؽبم‪.‬‬
‫داللة القرآف على ذل ‪:‬‬

‫صبعا وتفري ًقا وظباهم‬ ‫وأبرز دليل على ذل ‪ :‬أف اهلل ‪-‬تعاَ‪ -‬ذكر هؤالء القا بني على أمر الزكاة ً‬
‫ػهبا ى أم ػواؿ الزكػػاة نفسػػها وٍ وبػػوجهم إَ أمتػػذ رواتػػبهم مػػن‬ ‫( ِ‬
‫لني َعلَْيػ َهػػا) وجعػػل ؽبػػم سػ ً‬ ‫العػػام َ‬
‫َ‬
‫ات لِْل ُف َقػَػر ِاء‬
‫بػػاب آمتػػر تأمينًػػا ؼبعاوػػهم وشػػبانًا غبسػػن قيػػامهم بعبلهػػم قػػاؿ تعػػاَ‪( :‬إمبػَػا الصػ َػدقَ ُ‬
‫ني َوِى َسػبِ ِيل اهللِ َوابْػ ِن السػبِ ِيل‬ ‫ِ‬ ‫ني َعلَْيػهػػا والْب َؤل َفػ ِػة قُػلُػػوبػهم وِى الرقَػ ِ‬‫ِِ‬ ‫والَ ِ‬
‫ػاب َوالْغَػػا ِرم َ‬ ‫ُُ ْ َ‬ ‫بسػػاكني َوالْ َعػػامل َ َ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫يم) (التوبة‪.)66 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم َحك ٌ‬ ‫يضةً رم َن الل والل ُ َعل ٌ‬‫فَر َ‬
‫ولػػيس بعػػد هػػذا الػػنل الص ػري ى كتػػاب اهلل ؾبػػاؿ ل ػ متل م ػ متل أو تػػأوؿ متػػأوؿ أو زعػػم‬
‫يضػةً رمػ َػن اللػ ِ) ومػػن ذا الػػذي‬ ‫زاعػػم ومتاصػػة بعػػد أف جعلػػز اآليػػة هػػذخ األصػػناؼ وربديػػدها (فَ ِر َ‬
‫هبرؤ على تعطيل فريضة فرشها اهلل؟!‬
‫ص َػدقَةً تُطَ رهػ ُػرُه ْم‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫وقػاؿ ‪-‬تعػاَ‪ -‬ى نفػس السػورة الػب ذكػر فيهػػا مصػارؼ الزكػاة‪ُ ( :‬متػ ْذ م ْػن ْأم َػواؽب ْم َ‬
‫ِ‬
‫صبلَتَ َ َس َك ٌن ؽبُ ْم) (التوبة‪.)463 :‬‬ ‫ص رل َعلَْي ِه ْم إِف َ‬
‫َوتُػَزركي ِهم هبَا َو َ‬
‫وقد ذه صبهػور اؼبسػلبني مػن السػله واػبلػه إَ أف اؼبػراد بالصػدقة ى هػذخ اآليػة الزكػاة كبػا‬
‫بينا ذل ى الباب األوؿ‪.‬‬
‫وأظهر دليل علػى ذلػ ‪ :‬أف مػانع الزكػاة ى عهػد أل بكػر تعلقػوا هبػذخ اآليػة وأمػا تػدؿ علػى أف‬
‫الػػذي يأمتػػذ الزكػػاة هػػو النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬وأنػ يعطػػيهم بػػدؽبا الصػػبلة علػػيهم وٍ يػػرد‬
‫عليهم أحد من الصحابة بأف اآليػة ى غػك الزكػاة الواجبػة وكػذل كػاف موقػه أ بػة اإلسػبلـ مػن‬
‫ص َػدقَةً) للنػ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫بعدهم ى رد وبهتهم‪ .‬وكل ما قالوخ‪ :‬أف اػبطػاب ى قولػ تعػاَ‪ُ ( :‬متػ ْذ م ْػن ْأم َػواؽب ْم َ‬
‫‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ولكل من يل أمر اؼبسلبني من بعدخ حسببا فصلناخ من قبل‪.‬‬

‫األحاديث النبوية‪:‬‬
‫هذا ما جاء ى كتاب اهلل‪ .‬أما السنة النبوية‪:‬‬
‫فف ػ حػػديث ابػػن عبػػاس ى الصػػحيحني وغكنبػػا‪ .‬أف الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬حػػني بعػػث‬
‫معػا ًذا إَ الػػيبن قػػاؿ لػ ‪( :‬أعلبهػػم أف اهلل افػ ض علػػيهم ى أمػواؽبم صػػدقة تؤمتػػذ مػػن أغنيػػا هم‬
‫فػ د علػػى فقػرا هم فػ ف هػػم أطػػاعوؾ لػػذل ف يػػاؾ وكػرا م أمػواؽبم واتػػق دعػػوة اؼبظلػػوـ ف نػ لػػيس‬
‫بينها وبني اهلل ح اب) (رواخ اعبباعة عن ابن عباس)‪.‬‬
‫وو ػػاهدنا م ػػن ه ػػذا اغب ػػديث ه ػػو قول ػ ‪-‬علي ػ الس ػػبلـ‪ -‬ى تل ػ الصػػدقة اؼبفروش ػػة‪( :‬تؤمت ػػذ م ػػن‬
‫أغنيا هم ف د على فقرا هم) فبني اغبديث أف اليأف فيها أف يأمتذها آمتذ ويردها راد ال أف تُ ؾ‬
‫المتتيار من وجبز علي ‪.‬‬
‫قػػاؿ وػػيمل اإلسػػبلـ اغبػػافي ابػػن ح ػػر‪ :‬اسػػتدؿ ب ػ علػػى أف اإلمػػاـ هػػو الػػذي يتػػوَ قػػبض الزكػػاة‬
‫وصػػرفها إمػػا بنفسػ وإمػػا بنا بػ فبػػن امتنػػع مػػنهم أمتػػذت منػ قهػ ًػرا" (فػػت البػاري للحػػافي ابػػن‬
‫ح ر‪ 23/3 :‬ى ورح حديث وصية معاذ من صحي البصاري كتاب الزكاة‪ :‬باب أمتذ الصدقة‬
‫من األغنياء وترد إَ الفقراء حيث كانوا)‪ .‬ونقلها اليوكاْ بنصها ى نيل األوطار (نيػل األوطػار‪:‬‬
‫‪ - 424/4‬طبع مصطفى اغبل (ال انية)‪.‬‬
‫وق ػػد ج ػػاءت أحادي ػػث ك ػػكة ى توجيػ ػ ه ػػؤالء الع ػػاملني عل ػػى الزك ػػاة‪ .‬وك ػػانوا يس ػػبوف الس ػػعاة أو‬
‫اؼبصدقني وقد ذكرنا ويئًا من ذل ى مصرؼ "العاملني عليهػا" مػن البػاب السػابق‪ .‬كبػا جػاءت‬
‫أحاديث ك كة أمترى ى بياف واج اؼبكلفني بالزكاة كبو هؤالء اؼبصدقني سنذكر أنبها قريبًا‪.‬‬

‫السنة العبلية للن واػبلفاء الراودين‪:‬‬


‫ُ‬

‫وهذا الذي جاءت ب السنة القولية أكدت السنة العبلية والواقع التارىب الذي جرى علي العبل‬
‫ى عهد الرسوؿ ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ . -‬واػبلفاء الراودين من بعدخ‪.‬‬
‫قاؿ اغبافي ابن ح ر ى "التلصيل" عند زبري ما ذكرخ اإلماـ الرافع أف رسوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل‬
‫علي وسلم‪ -‬واػبلفاء بعدخ كانوا يبع وف السعاة ألمتذ الزكاة‪ :‬هذا ميهور‪.‬‬
‫فف الصحيحني عن أل هريرة‪ :‬بعث عبر على الصدقة‪.‬‬
‫وفيهب ػػا ع ػػن أل ضبي ػػد‪ :‬اس ػػتعبل (اس ػػتعبل ‪ :‬جعل ػ ع ػػامبلً عل ػػى الزك ػػاة أو غكه ػػا أي واليًػػا عل ػػى‬
‫وئوما)‪ .‬رجبلً من األزد يقاؿ ل "ابن اللتيبة"‪.‬‬
‫وفيهبا عن عبر‪ :‬أن استعبل ابن السعدي‪.‬‬
‫وعن أل داود‪ :‬أف الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬بعث أبا مسعود ساعيًا‪.‬‬
‫وى مسند أضبد‪ :‬أن بعث أبا جهم بن حذيفة مصدقًا‪.‬‬
‫وفي ‪ :‬أن بعث عقبة بن عامر ساعيًا‪.‬‬
‫وفي من حديث قرة بن دعبوص‪ :‬بعث الضحاؾ بن قيس ساعيًا‪.‬‬
‫وى اؼبستدرؾ‪ :‬أن بعث قيس بن سعد ساعيًا‪.‬‬
‫وفي ػ مػػن حػػديث عبػػادة بػػن الصػػامز‪ :‬أن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬بع ػ علػػى أهػػل الصػػدقات‪.‬‬
‫وبعث الوليد بن عقبة إَ ب اؼبصطلق ساعيًا‪.‬‬
‫وروى البيهقػ عػػن اليػػافع ‪ :‬أف أبػػا بكػػر وعبػػر كانػػا يبع ػػاف علػػى الصػػدقة‪ .‬وقػػد أمترجػ اليػػافع‬
‫عن إبراهيم بن سعد عن الزهري هبذا وزاد‪ :‬وال يؤمتروف أمتذها ى كل عاـ‪.‬‬
‫وقاؿ ى القدٓ‪ :‬وروى عن عبر‪ :‬أن أمترها عاـ الرمػادة ه بعػث مصػدقًا فأمتػذ عقػالني (العقػاؿ‪:‬‬
‫يراد ب هنا زكاة العاـ)‪ .‬عقالني‪.‬‬
‫وى الطبقات البػن سػعد‪ :‬أف النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬بعػث اؼبصػدقني إَ العػرب ى هػبلؿ‬
‫احملرـ سنة تسػع‪ .‬وهػو ى مغػازي الواقػدي بأسػانيدخ مفس ًػرا (انظػر‪ :‬التلصػيل‪-466 459/2 :‬‬
‫طبع وركة الطباعة الفنية اؼبتحدة بالقاهرة)‪.‬‬
‫وذكر ابن سعد أظباء هؤالء اؼبصدقني وأظبػاء القبا ػل الػب بع ػوا إليهػا‪ .‬فبعػث عيينػة بػن ِحصػن إَ‬
‫ب سبيم يصدقهم‪.‬‬
‫وبعث بريدة بن اغبصي إَ أسلم وغفار يصدقهم‪ .‬ويقاؿ‪ :‬كع بن مال ‪.‬‬
‫ومَزينة‪.‬‬
‫وبعث عباد بن بير األوهل إَ ُسليم ُ‬
‫وبعث رافع بن مكيث إَ ُجهينة‪.‬‬
‫وبعث عبرو بن العاص إَ فزارة‪.‬‬
‫وبعث الضحاؾ بن سفياف الكبلل إَ ب كبلب‪.‬‬
‫وبعث بُسر بن سفياف الكع إَ ب كع ‪.‬‬
‫وبعث ابن اللتيبة األزدي إَ ب ذبياف‪.‬‬
‫وبعث رجبلً من سعد ُه َذٓ على صدقاهتم‪.‬‬
‫قاؿ ابن سعد‪ :‬وأمػر رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬مصػدقي أف يأمتػذوا العفػو مػنهم ويتوقػوا‬
‫كرا م أمواؽبم (طبقات ابن سعد‪ -466/2 :‬طبع بكوت)‪.‬‬
‫وذكر ابن إسحاؽ صباعة آمترين بع هم الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬إَ قبا ل وأقاليم أمترى من‬
‫جزيرة العرب‪.‬‬
‫العنس ّ وهو هبا‪.‬‬
‫فبعث اؼبهاجر بن أل أمية إَ صنعاء فصرج علي َ‬
‫وبعث زياد بن لَبِيد إَ حضرموت‪.‬‬
‫وبعث عدي بن حام إَ ط وب أسد‪.‬‬
‫وبعث مال بن نويرة على صدقات ب حنظلة‪.‬‬
‫وفرؽ صدقات ب سعد على رجلني‪ :‬فبعث الزبرقاف بن بدر علػى ناحيػة وقػيس بػن عاصػم علػى‬
‫ناحية‪.‬‬
‫وبعث العبلء بن اغبضرم على البحرين‪.‬‬
‫وبعث عليًا إَ قبراف لي بع صدقاهتم ويقدـ علي جبزيتهم (زاد اؼبعاد‪.)472/2 :‬‬
‫وى ال اتي اإلدارية للكتاْ نقل عن ابن حزـ ى جوامع السك وعن ابػن إسػحاؽ والكبلعػ ى‬
‫السػػكة وعػػن ابػػن ح ػػر ى اإلصػػابة صبلػػة مػػن أظبػػاء الصػػحابة الػػذين اسػػتعبلهم النػ ‪-‬صػػلى اهلل‬
‫علي وسلم‪ -‬على والية الصدقات أو كتابتها‪.‬‬
‫ق ػػاؿ اب ػػن ح ػػزـ ى كتابػ ػ "جوام ػػع الس ػػك"‪ :‬ك ػػاف كاتػ ػ رس ػػوؿ اهلل ‪-‬ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم‪ -‬ى‬
‫الصػػدقات ال ػزبك بػػن الع ػواـ ف ػ ف غػػاب أو اعت ػػذر كت ػ جهػػم بػػن الصػػلز وحذيفػػة بػػن اليب ػػاف‬
‫(ال اتي اإلدارية ص ‪.)398‬‬
‫وقاؿ (اؼبرجع السباؽ ص ‪ :)398-396‬ترجم ى اإلصػابة لؤلرقػم بػن أل األرقػم الزهػري فػذكر‪:‬‬
‫أيضػػا كافيػػة بػػن سػػبع‬
‫أف الطػ اْ متػػرج‪ :‬أنػ ‪-‬عليػ السػػبلـ‪ -‬اسػػتعبل علػػى السػػعاية‪ .‬وتػػرجم فيهػػا ً‬
‫األسدي فنقل عن الواقػدي‪ :‬أف اؼبصػطفى ‪-‬عليػ السػبلـ‪ -‬اسػتعبل علػى صػدقات قومػ ‪ .‬وتػرجم‬
‫أيضػػا غبذيفػػة بػػن اليبػػاف األزدي فنقػػل عػػن ابػػن سػػعد‪ :‬أن ػ ‪-‬علي ػ السػػبلـ‪ -‬بع ػ مصػػدقًا علػػى‬ ‫ً‬
‫أيض ػػا لكه ػػل ب ػػن مالػ ػ اؽب ػػذُ ف ػػذكر أف اؼبص ػػطفى ‪-‬عليػ ػ الس ػػبلـ‪-‬‬
‫األزد وت ػػرجم ى اإلص ػػابة ً‬
‫أيضػا ػبالػد بػن ال صػاء فػذكر أف أبػا داود والنسػا‬ ‫استعبل علػى صػدقات هػذيل وتػرجم فيهػا ً‬
‫أمترجا من طريق معبػر عػن الزهػري عػن عا يػة أف النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬بعػث أبػا جهػم‬
‫بػػن حذيفػػة مصػػدقًا وتػػرجم ػبالػػد بػػن سػػعيد بػػن العػػاص األمػػوي أف اؼبصػػطفى ‪-‬علي ػ السػػبلـ‪-‬‬
‫أيضا ػبزيبة بن عاصم العكل فذكر أف ابن قانع روى من‬ ‫استعبل على صدقات مذح ‪ .‬وترجم ً‬
‫عدسػا ومتزيبػة وفػدا علػ النػ ‪-‬صػلى‬ ‫طريق سيه بن عبر عن اؼبيسر بػن عبػد اهلل بػن عػدس أف ً‬
‫اهلل علي وسلم‪ -‬فوَ متزيبة على األحبلؼ وكت ل ‪ :‬بسم اهلل الرضبن الرحيم مػن ؿببػد رسػوؿ‬
‫اهلل ػبزيبػػة بػػن عاصػػم‪ :‬إْ بع ت ػ سػػاعيًا علػػى قوم ػ فػػبل يُضػػاموا وال يُظلب ػوا" ذكػػرخ الروػػاط‬
‫أيضػػا لسػػهم بػن من ػػاب التبيبػ فنقػػل عػػن الطػ ي أنػ كػػاف مػػن‬ ‫وقػػاؿ‪ :‬أنبلػ أبػػو عبػػر وتػػرجم ً‬
‫عبػػاؿ الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬علػػى صػػدقات ب ػ سبػػيم فبػػات اؼبصػػطفى ‪-‬علي ػ السػػبلـ‪-‬‬
‫وه ػػو عل ػػى ذل ػ وت ػػرجم لعكرمػػة ب ػػن أل جه ػػل فنق ػػل ع ػػن الط ػ ي‪ :‬أف الن ػ ‪-‬علي ػ الس ػػبلـ‪-‬‬
‫استعبل عل صدقات هوازف عاـ وفات وتػرجم ؼبالػ بػن نػويرة فػذكر أنػ كػاف مػن أرداؼ اؼبلػوؾ‬
‫وأن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬استعبل على صدقات قوم وترجم ؼبتبم بن نػويرة التبيبػ فقػاؿ‪:‬‬
‫بع ػ ‪-‬علي ػ السػػبلـ‪ -‬علػػى صػػدقات ب ػ سبػػيم وى ترصبػػة مػػرداس بػػن مال ػ الغنػػوي أن ػ ‪-‬علي ػ‬
‫السبلـ‪ -‬والخ صدقة قوم " أهػ‪.‬‬
‫وهبػػذا يكػػوف النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬قػػد غطػػى اعبزيػػرة ‪-‬تقريبًػػا‪ -‬بسػػعات ومصػدرقي ليتولػوا‬
‫هذخ الفريضة من أهلها ويوزعوها على مستحقيها‪.‬‬
‫وكػػاف ‪-‬عليػ الصػػبلة والسػػبلـ‪ -‬يػػزودهم ‪ -‬كبػػا ذكرنػػا مػػن قبػػل ‪ -‬بالنصػػا والتعليبػػات البلزمػػة‬
‫ؽبم ى معاملة أرباب األمواؿ ويوص دا ًبا بالرفق هبم والتيسك عليهم دوف هتاوف ى حق اهلل‪.‬‬
‫كبا كاف ُوب رذر هؤالء السعاة أود التحػذير مػن تنػاوؿ وػ ء مػن اؼبػاؿ العػاـ بغػك حػق مهبػا يكػن‬
‫قلػػيبلً‪ .‬وكػػاف وباس ػ بعضػػهم أحيانًػػا‪ .‬كبػػا قيػػل‪ :‬إف ابػػن اللتيبػػة ؼبػػا قػػدـ حاسػػب [عػػن أل ضبيػػد‬
‫الساعدي قاؿ‪ :‬استعبل رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ابن اللتيبة ‪ -‬رجبلً مػن األزد ‪ -‬علػى‬
‫الصدقة ف اء باؼباؿ فدفع إَ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬فقاؿ‪ :‬هذا لكم وهذههدية‬
‫إَ فقػػاؿ لػ النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػػلم‪" :-‬أفػػبل قعػدت ى بيػػز أبيػ وأمػ فتنظػػر‬ ‫أهػديز ّ‬
‫أيهدي إلي أـ ال" ؟! (رواخ الييصاف واللفي ؼبسلم)]‪.‬‬
‫قػاؿ ابػػن القػػيم‪ :‬وكػاف ى هػػذا ُح ػػة علػػى ؿباسػبة العبػػاؿ (الػػوالة) واألمنػاء فػ ف ظهػػرت متيػػانتهم‬
‫عزؽبم ووَ أمينًا (زاد اؼبعاد واؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫وهذا كل يدلنا بوشوح على أف أمر الزكاة كاف منذ عهد الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬من وئوف‬
‫الدولة وامتتصاصها‪ .‬وؽبذا حرص الرسوؿ ‪-‬علي السبلـ‪ -‬أف يعني لكل قػوـ أو قبيلػة يػدمتلوف ى‬
‫اإلسبلـ مصدقًا يأمتذ من أغنيا هم الزكاة ويفرقها على مستحقيها‪ .‬وكذل متلفاؤخ من بعدخ‪.‬‬

‫وؽبػػذا قػػاؿ العلبػػاء‪" :‬هب ػ علػػى اإلمػػاـ أف يبعػػث السػػعاة ألمتػػذ الصػػدقة؛ وألف الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل‬
‫علي وسلم‪ -‬واػبلفاء من بعدخ كانوا يبع وف السػعاة؛ وألف ى النػاس مػن يبلػ اؼبػاؿ وال يعػرؼ مػا‬
‫هب ػ علي ػ ومػػنهم مػػن يبصػػل فوج ػ أف يبعػػث مػػن يأمتػػذ‪( "..‬اةبػػوع‪ 467/6 :‬والروشػػة‪:‬‬
‫‪.)246/2‬‬
‫أم ػػا أرب ػػاب األم ػ ػواؿ م ػػن أف ػ ػراد الي ػػع في ػ ػ عل ػػيهم أف يس ػػاعدوا ه ػػؤالء الس ػػعاة عل ػػى أداء‬
‫مهبػػتهم ويػػؤدوا إلػػيهم مػػا وج ػ علػػيهم وال يكتبػػوهم وػػيئًا مػػن أم ػواؿ زكػػاهتم‪ .‬هػػذا مػػا أمػػر ب ػ‬
‫رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬وما أمر ب أصحاب ‪.‬‬
‫عػػن جريػػر بػػن عبػػد اهلل قػػاؿ "جػػاء نػػاس مػػن األع ػراب إَ رسػػوؿ اهلل ‪ -‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪-‬‬
‫أناسػػا مػػن اؼبص ػدرقني (جبػػاة الصػػدقة) يأتوننػػا فيظلبوننػػا ! فقػػاؿ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل‬‫فقػػالوا‪ :‬إ رف ً‬
‫علي وسلم‪( : -‬أرشوا ُمصدرقيكم) (رواخ مسلم ى صحيح )‪.‬‬
‫وعػػن جػػابر بػػن عتيػ ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ -‬أف رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬قػػاؿ‪( :‬سػػيأتيكم‬
‫ركػ مبغضػوف فػ ذا أتػوكم فرحبػوا هبػم ومتلػوا بيػنهم وبػني مػػا يبتغػوف فػ ف عػدلوا فؤلنفسػػهم وإف‬
‫ظلب ػوا فعليهػػا ف ػ ف سبػػاـ زكػػاتكم رش ػػاهم وليػػدعوا لكػػم) (رواخ أبػػو داود كبػػا ى نيػػل األوط ػػار‪:‬‬
‫‪ -455/4‬طب ػػع الع باني ػػة وق ػػاؿ اؼبن ػػاوي ى الف ػػيض‪" :‬ال ريػ ػ أف اؼبص ػػطفى ‪-‬ص ػػلى اهلل عليػ ػ‬
‫وسػػلم‪ ٍ -‬يسػػتعبل ظاؼبػػا قػ بػػل كانػػز سػػعات علػػى غايػػة مػػن ربػػرى العػػدؿ؛ كيػػه ومػػنهم علػ ّػى‬
‫ً‬
‫وعبػػر ومعػػاذ؟ ومعػػاذ اهلل أف يػػوُ اؼبصػػطفى ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬ظاؼبػػا! فػػاؼبع ‪ :‬سػػيأتيكم‬
‫ً‬
‫عبػػاُ يطلبػػوف مػػنكم الزكػػاة والػػنفس ؾببولػػة علػػى حػ اؼبػػاؿ فتبغضػػومم وتزعبػػوف أمػػم ظػػاؼبوف‬
‫وليسػوا بػػذل فقولػ ‪" :‬إف ظلبػوا" مبػ علػػى هػػذا الػػزعم‪ .‬ويػػدؿ علػػى ذلػ لفػػي "إف" اليػػرطية‬
‫وه تدؿ على الفرض والتقدير ال على اغبقيقة‪.‬‬
‫وقاؿ اؼبظهري‪ :‬ؼبا عم اغبكم صبيػع األزمنػة قػاؿ‪ :‬كيفبػا يأمتػذوف الزكػاة ال سبنعػوهم وإف ظلبػوكم‬
‫ف ػ ف ـبػػالفتهم ـبالفػػة للس ػػلطاف؛ ألم ػػم م ػػأموروف م ػػن جهت ػ وـبالفػػة الس ػػلطاف ت ػػؤدي إَ الفتن ػػة‬
‫وثوراما‪.‬‬
‫ورد اؼبناوي هذا القوؿ بأف العلة لو كانز ه اؼبصالفػة جػاز كتبػاف اؼبػاؿ لكنػ ٍ هبػز لقولػ ى‬
‫حػػديث‪" :‬نكػػتم مػػن أموالنػػا بقػػدر مػػا يعتػػدوف؟ قػػاؿ‪ :‬ال "أمػػا سػػعادة غكنػػا (كػػذا ولعػػل الص ػواب‪:‬‬
‫غػػكخ) أي الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬ف غضػػاب ظػػاؼبهم واج ػ وإرشػػاؤخ فيبػػا يروم ػ بػػاعبور‬
‫حراـ"‪( .‬انتهى من فيض القدير‪.)475/4 :‬‬
‫أديز الزكاة‬
‫وعن أنس ‪-‬رش اهلل عن ‪ : -‬أف رجبلً قاؿ لرسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ :-‬إذا ُ‬
‫ز منها إَ اهلل ورسول ؟ قاؿ‪( :‬نعػم إذا أديتهػا إَ رسػوُ فقػد بر ػز منهػا إَ‬ ‫إَ رسول فقد بر ُ‬
‫اهلل ورسػول ولػ أجرهػػا وإشبهػػا علػػى مػػن بػػدؽبا) (نسػػبة ى اؼبتقػػى إَ أضبػػد (نيػػل األوطػػار اؼبرجػػع‬
‫السابق)‪ -45( .‬فق الزكاة‪.)2/‬‬

‫فتاوى الصحابة‪:‬‬

‫وعػػن سػػهل بػػن أل صػػاً عػػن أبيػ قػػاؿ‪" :‬اجتبػػع عنػػدي نفقػػة فيهػػا صػػدقة ‪ -‬يعػ بلغػػز نصػػاب‬
‫الزكاة ‪ -‬فسألز سعد بن أل وقاص وابػن عبػر وأبػا هريػرة وأبػا سػعيد اػبػدري أف أقسػبها أو‬
‫صبيعا أف أدفعها إَ السلطاف ما امتتله عل منهم أحد"‪.‬‬ ‫أدفعها إَ السلطاف؟‪ .‬فأمروْ ً‬
‫وى روايػػة‪" :‬فقلػػز ؽبػػم‪ :‬هػػذا السػػلطاف يفعػػل مػػا تػػروف (كػػاف هػػذا ى عهػػد بػ أميػػة) فػػأدفع إلػػيهم‬
‫زكان؟! فقالوا كلهم‪ :‬نعم فادفعها"‪( .‬رواها اإلماـ سعيد بن منصور ى مسندخ) (كبا قاؿ النووي‬
‫ى اةبع)‪.‬‬
‫وعػػن ابػػن عبػػر ‪-‬رش ػ اهلل عن ػ ‪ -‬مػػا قػػاؿ‪( :‬ادفع ػوا صػػدقاتكم إَ مػػن والخ اهلل أمػػركم فبػػن بػػر‬
‫فلنفس ومن أه فعليها)‪.‬‬
‫وعن قزعة موَ زياد بن أبي أف ابن عبر قاؿ‪( :‬ادفعوها إليهم وإف وربوا هبػا اػببػر) قػاؿ النػووي‪:‬‬
‫روانبػػا البيهقػ ب سػػناد صػػحي أو حسػػن (هػػذخ األحاديػػث واآلثػػار كلهػػا ذكرهػػا اإلمػػاـ النػػووي ى‬
‫"اةبوع"‪.)464-462/6 :‬‬
‫وعن اؼبغكة بن وعبة أن قاؿ ؼبوَ ل ‪ -‬وهو على أموال بالطا ه‪ :‬كيه تصنع ى صدقة ماُ؟‬
‫قاؿ‪ :‬منها ما أتصدؽ ب ومنها ما أدفع إَ السلطاف‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬وفيم أنز من ذل ؟! (أنكر علي أف يفرقها بنفس )‪.‬‬
‫فقاؿ‪ :‬إمم يي وف هبا األرض ويتزوجوف هبا النساء !!‬
‫فق ػػاؿ‪ :‬ادفعه ػػا إل ػػيهم؛ فػ ػ ف رس ػػوؿ اهلل ‪-‬ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم‪ -‬أمرن ػػا أف ن ػػدفعها إل ػػيهم" (رواخ‬
‫البيهق ى السنن الكبك) (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫هػػذخ األحاديػػث الصػػروبة عػػن رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬وهػػذخ الفتػػاوى اغباظبػػة مػػن‬
‫صحابت الكراـ ذبعلنا ندرؾ بل نػوقن‪ :‬أف األصػل ى وػريعة اإلسػبلـ أف تتػوَ اغبكومػة اؼبسػلبة‬
‫أمر الزكاة فت بيها من أرباهبا وتصرفها على مستحقيها وأف على األمة أف تعاوف أولياء األمر ى‬
‫ذل إقر ًارا للنظاـ وإرساءً لدعا م اإلسبلـ وتقوية لبيز ماؿ اؼبسلبني‪.‬‬

‫من أسرار هذا التيريع‬

‫"وردبػػا قػػاؿ قا ػػل‪ :‬إف اليػػأف ى األديػػاف أف تػػوقي الضػػبا ر وربػػىي القلػػوب وتضػػع أمػػاـ أبصػػار‬
‫الناس م بلً أعلى ه رباوؿ أف تقودهم بزماـ اليوؽ إَ م وبة اهلل أو تسوقهم بسوط اػبيية من‬
‫عقاب ػ تاركػػة ألصػػحاب السػػلطاف أف وبػػددوا وينظب ػوا ويطػػالبوا ويعػػاقبوا فهػػذا مػػن وػػأف السػػلطة‬
‫السياسية وليس من مهبة التوجي الدي !‬
‫أبدا ى اإلسبلـ ف ن عقيػدة ونظػاـ‬ ‫واعبواب‪ :‬أف هذا قد يص ى أدياف أمترى ولكن ال يص ً‬
‫ومتلق وقانوف وقرآف وسلطاف‪.‬‬
‫ميطورا ى اإلسبلـ‪ :‬وطر من للدين ووػطر آمتػر للػدنيا وليسػز اغبيػاة مقسػومة‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ليس اإلنساف‬
‫بعضها لقيصر وبعضها هلل‪ .‬وإمبا اغبياة كلها واإلنساف كل والكوف كل هلل الواحد القهار‪.‬‬
‫ج ػػاء اإلس ػػبلـ رس ػػالة و ػػاملة هادي ػػة ف عل ػػز م ػػن ه ػػدفها ربري ػػر الف ػػرد وتكريبػ ػ وترقي ػػة اةتب ػػع‬
‫وإسعادخ وتوجيػ اليػعوب واغبكومػات إَ اغبػق واػبػك ودعػوة البيػرية كلهػا إَ اهلل‪ :‬أف يعبػدوخ‬
‫بعضا أربابًا من دوف اهلل‪.‬‬
‫وال ييركوا ب ويئًا وال يتصذ بعضهم ً‬
‫وى هذا اإلطػار جػاء نظػاـ الزكػاة فلػم ُذبعػل مػن وػئوف الفػرد بػل مػن وظيفػة اغبكومػة اإلسػبلمية‬
‫فوكل اإلسبلـ جبايتها وتوزيعهػا علػى مسػتحقيها إَ الدولػة ال إَ شػبا ر األفػراد وحػدها وذلػ‬
‫عببلة أسباب ال وبسن بيريعة اإلسبلـ أف هتبلها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬إف ك ًكا من األفراد قد سبوت شبا رهم أو يصػيبها السػقم واؽبػزاؿ فػبل شػباف للفقػك إذا تػرؾ‬
‫حق ؼب ل هؤالء‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬ى أمتذ الفقك حقػ مػن اغبكومػة ال مػن اليػصل الغػ حفػي لكرامتػ وصػيانة ؼبػاء وجهػ‬
‫أف يراؽ بالسؤاؿ ورعاية ؼبياعرخ أف هبرحها اؼبن أو األذى‪.‬‬
‫ثالًا‪ :‬إف ترؾ هذا األمر لؤلفراد هبعل التوزيع فوشى فقد ينتب أك ر من غ إلعطاء فقػك واحػد‬
‫فقرا‪.‬‬
‫على حني يُغفل عن آمتر فبل يفطن ل أحد وردبا كاف أود ً‬
‫ػورا عل ػػى األف ػراد م ػػن الفق ػراء واؼبس ػػاكني وأبنػػاء الس ػػبيل؛ فب ػػن‬
‫ابعػػا‪ :‬إف ص ػػرؼ الزكػػاة ل ػػيس مقصػ ً‬
‫رً‬
‫اعبهػػات الػػب تُصػػرؼ فيهػػا الزكػػاة مصػػاً عامػػة للبسػػلبني ال يقػػدرها األف ػراد وإمبػػا يقػػدرها أولػػو‬
‫األمر وأهل اليورى ى اعبباعة اؼبسلبة ك عطاء اؼبؤلفة قلوهبم وإعداد العػدة والعػدد لل هػاد ى‬
‫سبيل اهلل وذبهيز الدعاة لتبليغ رسالة اإلسبلـ ى العاؼبني‪.‬‬
‫متامسػػا‪ :‬إف اإلسػػبلـ ديػػن ودولػػة وقػػرآف وسػػلطاف‪ .‬وال بػػد ؽبػػذا السػػلطاف وتل ػ الدولػػة مػػن مػػاؿ‬ ‫ً‬
‫تقػيم بػ نظامهػػا وتنفػذ بػ ميػػروعاهتا‪ .‬وال بػد ؽبػػذا اؼبػػاؿ مػن مػوارد والزكػػاة مػورد هػػاـ دا ػػم لبيػػز‬
‫اؼباؿ ى اإلسبلـ" (من كتبانا "ميكلة الفقر وكيه عاعبها اإلسبلـ" ص ‪.)95-94‬‬

‫بيز ماؿ الزكاة‬


‫ومػػن هنػػا نعلػػم أف األسػػاس ى النظػػاـ اإلسػػبلم أف يكػػوف للزكػػاة ميزانيػػة متاصػػة وحصػػيلة قا بػػة‬
‫بػذاهتا ينفػػق منهػػا علػػى مصػػارفها اػباصػػة احملػػددة وهػ مصػػارؼ إنسػػانية وإسػػبلمية متالصػػة وال‬
‫تُضم إَ ميزانية الدولة العامة الكبكة الب تتسع ؼبيروعات ـبتلفة وتُصرؼ ى مصارؼ وك‪.‬‬
‫ولقػػد أوػػارت آيػػة مصػػارؼ الزكػػاة مػػن سػػورة التوبػػة إَ هػػذا اؼببػػدأ حػػني قػػررت أف العػػاملني عليهػػا‬
‫يأمتذوف مرتباهتم منها‪ .‬فبع هذا أف يكوف ؽبا ميزانية مستقلة يُنفق على إدارهتػا منهػا كبػا بينػا‬
‫ذل ى مصارؼ الزكاة‪ .‬وذل ما فهب اؼبسلبوف منذ أقدـ العصور‪ .‬فقد جعلوا للزكاة بيز مػاؿ‬
‫قا ًبا بذات ‪ .‬إذ قسبوا بيوت اؼباؿ ى الدولة اإلسػبلمية إَ أربعػة أقسػاـ فصػلها فقهػاء اغبنفيػة ى‬
‫كتبهم‪.‬‬
‫أوؽبػػا‪ :‬بيػػز اؼبػػاؿ اػبػػاص بالصػػدقات وفي ػ م ػػل زكػػاة األنعػػاـ السػػا بة وعيػػور األراش ػ ومػػا‬
‫يأمتذخ العاور من ذبار اؼبسلبني اؼبارين علي ‪.‬‬
‫ال اْ‪ :‬بيز اؼباؿ اػباص حبصيلة اعبزية واػبراج‪.‬‬
‫ال الػث‪ :‬بيػز اؼبػاؿ اػبػاص بالغنػا م والركػاز (عنػد مػن يقػوؿ‪ :‬إنػ لػيس مػن الزكػاة وال يُصػرؼ ى‬
‫مصارفها)‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬بيز اؼباؿ اػباص بالضوا ع وه األمواؿ الػب ال يُعػرؼ ؽبػا مالػ ومنهػا ال كػات الػب ال‬
‫وارث ؽبا أو ؽبا وارث ال يرد علي كأحد الػزوجني وديػة اؼبقتػوؿ الػذي ال وُ لػ واللقطػات الػب‬
‫ٍ يُعرؼ ؽبا صاح (انظر اؼببسوط‪ 48/3 :‬والبدا ع‪ 69 68/2 :‬والدر اؼبصتار وحاوية رد‬
‫احملتار علي ‪.)66 59/2 :‬‬

‫األمواؿ الظاهرة واألمواؿ الباطنة ومن يل زكاهتا‬


‫قسػػم الفقهػػاء األم ػواؿ ال ػػب ذب ػ فيهػػا الزكػػاة إَ ظػػاهرة وباطنػػة‪ :‬فالظػػاهرة ه ػ الػػب يبكػػن لغ ػػك‬
‫مالكها معرفتها وإحصاؤها وتيبل اغباصبلت الزراعية من حبوب وشبار وال روة اغبيوانية من إبل‬
‫وبقر وغنم‪.‬‬
‫واألمواؿ الباطنػة هػ النقػود ومػا ى حكبهػا وعػروض الت ػارة‪ .‬وامتتلفػوا ى زكػاة الفطػر فأغبقهػا‬
‫بعضهم بالظاهرة وبعضهم بالباطنة‪.‬‬
‫فأمػػا القسػػم األوؿ ‪ -‬وهػػو اؼبػػاؿ الظػػاهر ‪ -‬فقػػد اتفق ػوا ‪ -‬تقريبًػػا ‪ -‬علػػى أف واليػػة جبايتػ وتفريق ػ‬
‫علػػى مسػػتحقي لػػوَ األمػػر ى اؼبسػػلبني ولػػيس مػػن وػػأف األف ػراد وال يُػ ؾ لػػذفبهم وشػػبا رهم‬
‫وتقػػديرهم اليصصػ وهػػو الػػذي تػواترت الروايػػات أف النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬كػػاف يبعػػث‬
‫رس ػػل وعبالػ ػ لتحص ػػيل الواجػ ػ عل ػػيهم فيػ ػ وه ػػو ال ػػذي ُهبػ ػ اؼبس ػػلبوف عل ػػى أدا ػ ػ للدول ػػة‬
‫وُهباهدوف على منعػ (انظػر‪ :‬األمػواؿ‪ :‬ص‪ .)534‬وؽبػذا قػاؿ أبػو بكػر ى وػأف قبا ػل العػرب الػب‬
‫أبز أف تدفع إلي الزكاة الب كانوا يدفعوما لرسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( : -‬واهلل لو منعوْ‬
‫عقاالً كانوا يؤدون لرسوؿ اهلل لقاتلتهم علي ) وهذا كاف ى األمواؿ الظاهرة وخباصة األنعاـ‪.‬‬
‫أما القسم ال اْ ‪ -‬وهو األمواؿ الباطنة من نقود وعروض ذبػارة ‪ -‬فقػد اتفقػوا علػى أف لئلمػاـ أف‬
‫يتػػوَ أمتػػذها ويقػػوـ بتوزيعهػػا علػػى أهلهػػا؛ ولكػػن هػػل هبػ عليػ ذلػ ؟ وهػػل لػ أف ُهبػ النػػاس‬
‫على دفعها إلي وإَ موظفي ؟ وأف يقاتلهم على ذل كبا فعل أبو بكر؟‬
‫هذا ما امتتله في الفقهاء وفيبا يل أهم أقواؿ اؼبذاه ى والية الزكاة‪:‬‬
‫رأي اغبنفية‪:‬‬
‫صػ َػدقَةً)‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬
‫فعنػػد اغبنفيػػة‪ :‬واليػػة األم ػواؿ الظػػاهرة إَ اإلمػػاـ ال إَ اؼبػػبلؾ آليػػة ( ُمت ػ ْذ مػ ْػن ْأمػ َػواؽب ْم َ‬
‫(التوبة‪ .)463 :‬وألف أبا بكر طالبهم بالزكاة وقاتلهم عليها‪ .‬وألف ما لئلماـ قبضة حبكم الوالية‬
‫ال هبوز دفع إَ اؼبوَ علي كبا ى وُ اليتيم (انظر‪ :‬اؼبغ ‪ -643/2 :‬طبع اؼبنار)‪.‬‬
‫وأمػا األمػواؿ الباطنػة فهػ مفوشػػة إَ أرباهبػا وقػػد كانػز ى األصػػل لئلمػػاـ ه تػرؾ أداؤهػػا إلػػيهم‬
‫منذ عهد ع باف ‪-‬رش اهلل عن ‪ -‬حيث رأي اؼبصلحة ى ذل ووافق الصحابة ‪ -‬كبػا سػيأن‬
‫‪ -‬فصار أرباب األمواؿ كالوكبلء عن اإلماـ وإف ٍ يُبطل ذلػ حقػ ى أمتػذها‪ .‬وؽبػذا قػالوا‪ :‬لػو‬
‫علػػم السػػلطاف مػػن أهػػل بلػػدة أمػػم ال يػػؤدوف زكػػاة األم ػواؿ الباطنػػة ف ن ػ يطػػالبهم هبػػا وإال فػػبل‬
‫ؼبصالفت اإلصباع (حاوية ابن عابدين‪.)5/2 :‬‬
‫وأمػواؿ الت ػػارة ى مواشػػعها مػػن األمػواؿ الباطنػػة فػ ذا كانػػز منقولػػة مػػن إقلػػيم إَ إقلػػيم ومػ ّػر هبػػا‬
‫التاجر على العاور فقد التحقز بالظاهرة ووج دفعها إلي ‪ .‬والعاور هو من نصب اإلماـ على‬
‫الطريق للبسافرين ليأمتذ الصدقات وغكها من الت ار اؼبارين بأمواؽبم علي ‪ .‬قالوا‪ :‬وما ورد من ذـ‬
‫ظلبا (اؼبرجع السابق ص‪.)42-44‬‬ ‫العيار ؿببوؿ على اآلمتذ ً‬

‫رأي اؼبالكية‪:‬‬
‫وقػػاؿ اؼبالكيػػة‪ :‬تػػدفع الزكػػاة وجوبًػػا لئلمػػاـ العػػدؿ ى أمتػػذها وصػػرفها وإف كػػاف جػػا ًرا ى غكنبػػا‬
‫نقدا) ف ف طلبها العدؿ فادع إمتراجها ٍ يُصدؽ‪.‬‬ ‫سواء أكانز ماوية أـ حرثًا أو عينًا ( ً‬
‫وهل الدفع ؼب ل هذا اإلماـ واج أو جا ز فق ؟‬
‫ذكػػر الػػدردير ى وػػرح الكبػػك أن ػ واج ػ ‪ .‬واع ش ػ الدسػػوق ى حاوػػيت بأن ػ مكػػروخ كبػػا ى‬
‫التوشي وغكخ‪.‬‬
‫وإمبػػا الواج ػ اتفاقًػػا هػػو الػػدفع إَ العػػدؿ ى األمتػػذ والصػػرؼ وى غكنبػػا (اليػػرح الكبػػك حباوػػية‬
‫الدسوق ‪.)564-563/4 :‬‬
‫وقػػاؿ القػػرط ‪" :‬إذا كػػاف اإلمػػاـ يعػػدؿ ى األمت ػػذ والصػػرؼ ٍ يس ػػغ للبال ػ أف يت ػػوَ الصػػرؼ‬
‫بنفسػ ى النػػاض (النقػػد) وال غػػكخ وقػػد قيػػل‪ :‬إف زكػػاة النػػاض علػػى أربابػ وقػػاؿ ابػػن اؼباجيػػوف‪:‬‬
‫ذل إذا كاف الصرؼ للفقراء واؼبساكني ف ف احتػي إَ صػرفها لغكنبػا مػن األصػناؼ فػبل يفػرؽ‬
‫عليهم إال اإلماـ" (تفسك القرط ‪.)477/8 :‬‬
‫اليافعية‪:‬‬
‫وعند اليافعية‪ :‬للبال أف يفرؽ زكات بنفس ى األمواؿ الباطنة وه ‪ :‬الذه والفضة وعػروض‬
‫الت ارة وزكاة الفطر (وفيها وج أما من األمواؿ الظاهرة)‪.‬‬
‫وأمػػا األمػواؿ الظػػاهرة والغػػبلت الزراعيػػة واؼبعػػادف ففػ جػواز تفريقهػػا بنفسػ قػػوالف أظهرنبػػا وهػػو‬
‫اعبديػػد‪ :‬هب ػػوز والق ػػدٓ‪ :‬ال هبػػوز بػػل هب ػ صػػرفها إَ اإلمػػاـ إف كػػاف عػػادالً ف ػ ف كػػاف جػػا ًرا‬
‫فوجهاف أحدنبا‪ :‬هبوز وال هب وأصحهبا‪ :‬هب الصرؼ إلي لنفاذ حكب وعدـ انعزال ‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬ولو طلػ اإلمػاـ زكػاة األمػواؿ الظػاهرة وجػ التسػليم إليػ بػبل متػبلؼ بػذالً للطاعػة فػ ف‬
‫امتنعوا قاتلهم اإلماـ وإف أجابوا إَ إمتراجها بأنفسهم ف ف ٍ يطلبها اإلمػاـ وٍ يػأت السػاع‬
‫أمترها رب اؼباؿ ما داـ يرجو ؾب ء الساع ف ذا أيس فرؽ بنفس ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫طوعا‬
‫وأما األمواؿ الباطنة فقاؿ اؼباوردي‪ :‬ليس للوالة نظر ى زكاهتا وأرباهبا أحق هبا ف ف بذلوها ً‬
‫قبلهػػا ال ػواُ ف ػ ف عل ػػم اإلمػػاـ مػػن رج ػػل أن ػ ال يؤديه ػػا بنفس ػ فهػػل ل ػ أف يق ػػوؿ‪ :‬إمػػا أف ي ػػدفع‬
‫بنفس وإما أف تدفع إَ حك أفرؽ؟ في وجهاف هبرياف ى اؼبطالبة بالنذور والكفارات‪.‬‬
‫قاؿ النووي‪" :‬األص وجوب هذا القوؿ إزالة للبنكر" (الروشة‪.)266-265/2 :‬‬

‫اغبنابلة‪:‬‬
‫وعنػػد اغبنابلػػة‪ :‬ال هب ػ دفعهػػا إَ اإلمػػاـ ولكػػن لػ أمتػػذها وال ىبتلػػه اؼبػػذه ‪-‬كبػػا قػػاؿ ى‬
‫اؼبغ ‪ -‬أف دفعهػا إَ اإلمػاـ جػا ز سػواء أكػاف عػادالً أو غػك عػادؿ وسػواء أكانػز مػن األمػواؿ‬
‫الظاهرة أو الباطنة‪ .‬وي أ بدفعها إلي سػواء تلفػز ى يػد اإلمػاـ أو ٍ تتلػه صػرفها ى مصػارفها‬
‫ػرعا فػ يء بػػدفعها ؼبػػا‬‫أو ٍ يصػػرفها ؼبػػا جػػاء ذل ػ عػػن الصػػحابة‪ .‬وألف اإلمػػاـ نا ػ عػػنهم وػ ً‬
‫ػرعا ف ػ يء بػػدفعها إلي ػ كػػوُ اليتػػيم إذا‬
‫جػػاء ذل ػ عػػن الصػػحابة‪ .‬وألف اإلمػػاـ نا ػ عػػنهم وػ ً‬
‫أيضا ى أف صاح اؼباؿ هبوز أف يُفرقها بنفس ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قبضها ل وال ىبتله اؼبذه‬
‫أي ذل أح وأفضل‪ :‬أف يفرقها اؼبال بنفس إذا ٍ يطلبها اإلماـ‬ ‫وإمبا اػببلؼ ى اؼبذه ‪ُّ :‬‬
‫أـ يدفعها إَ اإلماـ العادؿ ليقوـ بصرفها ى ؿبلها؟‬
‫قاؿ ابن قدامة ى "اؼبغ "‪:‬‬
‫"يُسػػتح لئلنسػػاف أف يل ػ تفرقػػة الزكػػاة بنفس ػ ليكػػوف علػػى يقػػني مػػن وصػػوؽبا إَ مسػػتحقها‬
‫س ػواء أكانػػز مػػن األم ػواؿ الظػػاهرة أو الباطنػػة‪ .‬قػػاؿ اإلمػػاـ أضبػػد‪ :‬أع ػ إَ أف ىبرجه ػػا وإف‬
‫دفعها إَ السلطاف فهو جا ز‪.‬‬
‫وقاؿ اغبسن ومكحوؿ وسعيد بن جبك وميبوف بن ِمهراف‪ :‬يضعها رب اؼباؿ ى موشعها‪.‬‬
‫وقاؿ ال وري‪ :‬احله ؽبم واكذهبم وال تعطهم ويئًا إذا ٍ يضعوها مواشعها وقاؿ‪ :‬ال تعطهم‪.‬‬
‫وقاؿ عطاء‪ :‬أعطهم إذا وشعوها مواشعها‪ .‬فبفهوم ‪ :‬أن ال يعطيهم إذا ٍ يكونوا كذل ‪.‬‬
‫وقاؿ اليع وأبو جعفر‪ .‬إذا رأيز الوالة ال يعدلوف فضعها ى أهل اغباجة من أهلها‪.‬‬
‫(ويبلحي أف هذخ األقواؿ ى الوالة اعبا رين فبل تؤيد ما قال صاح اؼبغ )‪.‬‬
‫قػػاؿ‪ :‬وقػػد روى عػػن أضبػػد أن ػ قػػاؿ‪ :‬أمػػا صػػدقة األرض فيع ب ػ دفعهػػا إَ السػػلطاف وأمػػا زكػػاة‬
‫األمواؿ ‪ -‬كاؼبواو ‪ -‬فبل بأس أف يضعها ى الفقراء واؼبساكني‪.‬‬
‫فظاهر هذا‪ :‬أن استح دفع العُير متاصػة إَ األ بػة وذلػ ألف العُيػر قػد ذهػ قػوـ إَ أنػ‬
‫مؤونة األرض فهو كاػبراج يتوالخ األ بة خببلؼ سا ر الزكاة‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬والذي رأيز ى اعبامع قاؿ‪ :‬أما صدقة الفطر فيع ب دفعها إَ السلطاف‪.‬‬
‫ه قاؿ أبو عبد اهلل ‪ -‬يع اإلماـ أضبد ‪ -‬قيل البن عبر‪ :‬إمم يقلدوف هبػا الكػبلب وييػربوف هبػا‬
‫اػببور؟! قاؿ‪ :‬ادفعها إليهم‪.‬‬
‫وقػػاؿ ابػػن أل موسػػى وأبػػو اػبطػػاب‪ :‬دفػػع الزكػػاة إَ اإلمػػاـ العػػادؿ أفضػػل وهػػو قػػوؿ أصػػحاب‬
‫اليافع ‪.‬‬
‫ه ذكػػر ابػػن قدامػػة قػػوؿ مػػن يوجػ دفعهػػا إَ اإلمػػاـ ى كػػل األمػواؿ وقػػوؿ مػػن يوجػ ذلػ ى‬
‫األم ػواؿ الظػػاهرة كبال ػ وأل حنيفػػة وأل عبيػػد مسػػتدلني دبػػا ذكرنػػاخ مػػن قبػػل بآيػػة‪ُ ( :‬مت ػ ْذ ِمػ ْػن‬
‫ْأم َواؽبِِ ْم) (التوبة‪ .)463 :‬ومقاتلة أل بكر والصحابة عليها…إٌ‪.‬‬
‫ورد عليهم بقول ‪ :‬ولنا على جواز دفعها بنفس أن دفع اغبق إَ مسػتحق اعبػا ز تصػرف فػأجزأخ‬
‫كبا لو دفع الدين إَ غريب وكزكاة األمواؿ الباطنة وألن أحد نوع الزكاة فأوب النوع األمتر‬
‫واآلية تدؿ على أف لئلماـ أمتػذها وال متػبلؼ فيػ ومطالبػة أل بكػر هبػا؛ لكػومم ٍ يؤدوهػا إَ‬
‫أهلها ولو أدوها إَ أهلهػا ٍ يقػاتلهم عليهػا؛ ألف ذلػ ـبتلػه ى إجزا ػ فػبل ذبػوز اؼبقاتلػة مػن‬
‫أجل وإمبا يطال اإلماـ حبكم الوالية والنيابة عن مستحقيها ف ذا دفعها إلػيهم جػاز؛ ألمػم أهػل‬
‫رود خببلؼ اليتيم‪.‬‬
‫وأما وج فضيلة دفعها بنفس فؤلنػ إيصػاؿ اغبػق إَ مسػتحقي مػع تػوفك أجػر العبالػة وصػيانة‬
‫حقهػػم مػػن متطػػر اػبيانػػة ومباوػػرة تف ػري كربػػة مسػػتحقها وإغنا ػ هبػػا مػػع إعطا هػػا لػػؤلوَ مػػن‬
‫ؿباوي أقارب وذوي رضب وصلة رضب هبا فكاف أفضل كبا لو ٍ يكن آمتذها من أهل العدؿ‪.‬‬
‫قاؿ ابن قدامة‪ :‬ف ف قيل‪ :‬فالكبلـ ى اإلماـ العادؿ؛ إذ اػبيانة مأمونة ى حق ‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬اإلماـ ال يتوَ ذل بنفس بػل يفوشػ إَ سػعات وال تػؤمن مػنهم اػبيانػة ه ردبػا ال يصػل‬
‫إَ اؼبسػػتحق ‪ -‬الػػذي قػػد علبػ اؼبالػ مػػن أهلػ وجكانػ ‪ -‬وػ ء منهػػا‪ .‬وهػػم أحػػق النػػاس بصػػلت‬
‫وصدقت ومواسات (انظر‪ :‬اؼبغ ‪ -644-644/2 :‬طبع اؼبنار (ال ال ة)‪.‬‬

‫رأي الزيدية‪:‬‬
‫وعند الزيدية‪ :‬أف والية الزكاة إَ اإلماـ ظاهرة وباطنة وال واليػة لػرب اؼبػاؿ فيهػا مػع وجػود اإلمػاـ‬
‫العادؿ‪ .‬وفسروا الظاهرة بزكاة اؼبواو وال بار وم لها الفطرة واػبراج واػببس وكبوها‪ .‬والباطنة زكاة‬
‫النقدين وما ى حكبها كالسبا وأمواؿ الت ارة‪ .‬وهذا بيرط مطالبت هبا‪.‬‬
‫واستدلوا بآية‪ُ ( :‬مت ْذ ِم ْن ْأم َواؽبِِ ْم) (التوبة‪ .)463 :‬وحبديث‪ :‬تؤمتذ مػن أغنيػا هم وكبػوخ وببع ػ ‪-‬‬
‫صلى اهلل علي وسلم‪ -‬للسعاة‪ .‬وبفعل اػبلفاء‪ .‬وهذا خببلؼ الكفارات والنذور واؼبظاٍ فػبل واليػة‬
‫لئلماـ عليها وإمبا ه من وأف األفراد إال أف يتقاعدوا عن إمتراجها فيلزمهم اإلماـ بذل ‪.‬‬
‫والفرؽ‪ :‬أف الزكاة وكبوها وجبز ب هباب اهلل تعاَ‪ .‬خببلؼ الكفارات وكبوهػا ف مػا وجبػز بسػب‬
‫من اؼبكله‪.‬‬
‫وإذا ثبز أف أمر الزكاة إَ اإلماـ فبن أمترج زكات إَ غك اإلماـ بعد أف وقع الطل من اإلمػاـ‬
‫ٍ هبزخ الب أمترجها ولزم إعادت ولو كاف حاؿ اإلمتراج جاهبلً بأف أمرهػا إَ اإلمػاـ أو دبطالبتػ‬
‫عذرا ى اإلمتبلؿ ب ‪.‬‬
‫هبا؛ ألف جهل بالواج ال يكوف ً‬
‫واع ض بعضهم بأف الذي ال يُعذر جبهلػ هػو الواجػ اةبػع عليػ أمػا اؼبصتلػه فيػ فاعبهػل فيػ‬
‫كاالجتهاد ل وج ‪ .‬وى كوف والية الزكاة إَ اإلمػاـ ى األمػواؿ كلهػا متػبلؼ ومقتضػى هػذا أف‬
‫ذبز مع اعبهل باغبكم‪.‬‬
‫ورد على هذا بأف اػبػبلؼ اؼبػذكور إمبػا هػو عػدـ الطلػ مػن اإلمػاـ فأمػا مػع مطالبتػ فأمرهػا إليػ‬
‫باإلصباع وتسليبها إلي الزـ (ورح األزهار وحواوي ‪.)529-527/4 :‬‬
‫ػودا لكػػن رب اؼبػػاؿ ى غػػك جهػػة واليتػ فرقهػػا اؼبالػ‬
‫فػ ف ٍ يكػػن ى الزمػػاف إمػػاـ أو كػػاف موجػ ً‬
‫اؼبرود ى مستحقها (واؼبرود هو البالغ العاقل) وغك اؼبرود كالص واةنوف ومن ى حكبهبا ‪-‬‬
‫كاؼبغب علي واؼبفقود ‪ -‬ىبرجها ولي بالنية (ورح األزهار‪.)535-534/4 :‬‬

‫رأي اإلباشية‪:‬‬
‫ظاهرا ‪ -‬إَ اإلماـ وال يقسم غ زكات بنفس وإف‬ ‫وعند اإلباشية‪ :‬أمر الزكاة ‪ -‬إذا كاف اإلماـ ً‬
‫فعل أعادها وذبز إف أمرخ اإلماـ بتفريقها كذل نا اإلماـ وعامل ‪.‬‬
‫وعندهم قوؿ ب جزا ها إذا أعطاها بغك أمػر اإلمػاـ وأجػاز فعلػ وقػوؿ آمتػر بأمػا ذبز ػ مطل ًقػا إال‬
‫إف طالب هبا ف ن يعيدها ل ولو طالب بعد علب بأن قد أعطاها‪.‬‬
‫واستدؿ ؽبذا القوؿ األمتك بأف ابن مسعود ‪-‬رش اهلل عن ‪ -‬طل الزكػاة مػن زوجتػ فلػوال جػواز‬
‫إعطا ها إذا أعطيز بغك إذف اإلماـ ٍ يطلبها‪.‬‬
‫وأما قوؽبا‪ :‬ال حك أسأؿ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ف مبا امتنعز ـبافػة أال هبػوز للبػرأة‬
‫أف تعط زوجها وبنيها زكاهتا‪.‬‬
‫واسػػتدؿ مػػن أوج ػ إعطاءهػػا لئلمػػاـ بقػػوؿ أل بكػػر ‪-‬رش ػ اهلل عن ػ ‪( : -‬واهلل لػػو منعػػوْ عقػػاالً‬
‫كػػانوا يؤدون ػ إَ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬لقػػاتلتهم علي ػ )‪ .‬فأبػػاح قتػػاؽبم بػػل اعتقػػدخ‬
‫فريضػػة واجبػػة علػػى مػػنعهم الزكػػاة من ػ فيػػبل مػػا لػػو منعوهػػا لكػػومم قػػد أعطوهػػا ى أهلهػػا أو‬
‫لكػومم أرادوا أف يعطوهػا ألهلهػا بأنفسػهم أو لكػومم ال يعطومػا مطل ًقػا إنك ًػارا ؽبػا وهػو الواقػع‬
‫ى نفػػس األم ػػر إذ ق ػػالوا‪ :‬ال قبعػػل ى أموالن ػػا وػػركاء وارتػػدوا والع ػ ة بعب ػػوـ اللفػػي ال خبص ػػوص‬
‫عبوما (ورح النيل‪.)438-437/2 :‬‬ ‫سبب ولفظ هنا علق في القتاؿ على اؼبنع ً‬

‫رأي اليع والباقر وأل رزين واألوزاع ‪:‬‬


‫وفبػػن قػػاؿ بػػدفعها إَ اإلمػػاـ‪ :‬اليػػع وؿببػػد بػػن عل ػ ‪ -‬البػػاقر ‪ -‬وأبػػو رزيػػن واألوزاع ػ ؛ ألف‬
‫ػاهرا وباطنًػا ودفعػ إَ الفقػك ال ي ػ باطنًػا؛ الحتبػاؿ‬ ‫اإلماـ أعلم دبصارفها ودفعها إليػ ي ػ ظ ً‬
‫أف يكوف غك مستحق ؽبا وألن ىبرج من اػببلؼ وتزوؿ عن التهبة‪ .‬وكاف ابن عبر يدفع زكات‬
‫ػز‬
‫ؼبن جاءخ من سعاة ابن الزبك أو قبػدة اغبػروري وقػد روى عػن سػهيل عػن أل صػاً قػاؿ‪ :‬أتي ُ‬
‫سعد بػن أل وقػاص فقلػز‪ :‬عنػدي مػاؿ وأريػد أف أمتػرج زكاتػ وهػؤالء القػوـ علػى مػا تػرى فبػا‬
‫تػػأمرْ؟ فقػػاؿ‪ :‬ادفعهػػا إلػػيهم‪ .‬فأتيػػز ابػػن عبػػر فقػػاؿ م ػػل ذل ػ فأتيػػز أبػػا هريػػرة فقػػاؿ م ػػل‬
‫ذل فأتيز أبا سعيد فقاؿ م ل ذل ‪ .‬ويروى كبوخ عن عا ية ‪-‬رش اهلل عنها‪( -‬انظر‪ :‬اؼبغ ‪:‬‬
‫‪ -643-642/2‬طبع اؼبنار (ال ال ة)‪.‬‬

‫موازنة وترجي ‪:‬‬


‫قبػل أف أرجػ وأمتتػار مػا أراخ بعػد هػذخ النقػوؿ مػن األقػواؿ واؼبػذاه أود أف أوػك إَ أف فقهػػاء‬
‫صبيعا ‪ -‬رغم امتتبلفهم على تفصيبلت ك كة ‪ -‬كاؼبتفقني على أمرين أساسيني‪:‬‬ ‫ً‬ ‫اؼبذاه‬
‫األوؿ‪ :‬أف من حق اإلماـ أف يطالػ الرعيػة بالزكػاة‪ .‬ى أي نػوع مػن أنػواع اؼبػاؿ ظػاهر أو بػاطن‬
‫ومتاصػػة إذا علػػم مػػن حػػاؿ أهػػل بلػػد أمػػم يتهػػاونوف ى إيتػػاء الزكػػاة كبػػا أمػػر اهلل وهػػذا مػػا أكػػدخ‬
‫علباء اغبنفية‪.‬‬
‫وؽبذا قاؿ بعض الفقهاء‪ :‬إف اػببلؼ ى كوف أمر الزكػاة إَ اإلمػاـ إمبػا هػو مػع عػدـ الطلػ منػ‬
‫فأما مع مطالبت فأمرها إلي باإلصباع (انظر‪ :‬ورح األزهار‪.)529/4 :‬‬
‫وحػػك لػػو قلنػػا ب بػػوت اػبػػبلؼ ف ػ ف مطالبت ػ وإلزامػ هبػػا ترفػػع اػبػػبلؼ ألف حكػػم اإلمػػاـ ى أمػػر‬
‫اجتهادي وتبني ل يرفع اػببلؼ في كقضاء القاش (انظر‪ :‬البحر‪.)496/2 :‬‬
‫ال ػػاْ‪ :‬وهػػذا أمػػر قطعػ ال ريػ فيػ وال متػػبلؼ‪ :‬أف اإلمػػاـ أو وُ األمػػر إذا أنبػػل أمػػر الزكػػاة وٍ‬
‫يطال هبا ٍ تسق التبعة عن أرباب اؼبػاؿ بػل تبقػى ى أعنػاقهم وال تطيػ ؽبػم حبػاؿ وهبػ‬
‫عليهم أداؤها بأنفسهم إَ مستحقيها؛ ألن عبادة وفريضة دينية الزمة بل لو اج أ حػاكم مػا أف‬
‫يقػػوؿ‪ :‬قػػد أعفيػػتكم منهػػا أو أسػػقطتها عػػنكم ‪ -‬ى األم ػواؿ اةبػػع عليهػػا ‪ -‬لكػػاف قول ػ بػػاطبلً‬
‫هدرا وظل كل مسلم مسئوالً عن إمتراجها إَ أهلها‪.‬‬ ‫وكبلم ً‬
‫وإذا ثبتز هاتاف اغبقيقتاف باتفاؽ فقد بق هنا أمر امتتلفوا في ؛ وهو ما يتعلق باألمواؿ الباطنة‬
‫وهل واليتها إَ اإلماـ أـ إَ األفراد‪.‬‬
‫وال ػػذي أراخ أف النص ػػوص واألدل ػػة الي ػػرعية ال ػػب جعل ػػز الزك ػػاة م ػػن و ػػئوف اإلم ػػاـ أو اغبكوم ػػة‬
‫اؼبسلبة ٍ تفرؽ بني ماؿ ظاهر وماؿ باطن وأف الواج على اغبكومة اؼبسػلبة ‪ -‬مػك وجػدت‬
‫‪ -‬أف تتوَ أمر الزكػاة ربصػيبلً وتوز ًيعػا‪ .‬هػذا هػو األصػل ى تلػ الفريضػة كبػا يتبػني ذلػ فيبػا‬
‫يل ‪:‬‬
‫ات) (التوبػػة‪" .)66 :‬دلػػز هػػذخ اآليػػة علػػى‬ ‫( أ ) قػػاؿ اإلمػػاـ الػرازي ى تفسػػكخ آليػػة‪( :‬إِمبػَػا الصػ َػدقَ ُ‬
‫ومػػن يل ػ مػػن قِبَلػ والػػدليل عليػ ‪ :‬أف اهلل ‪-‬تعػػاَ‪-‬‬ ‫أف هػػذخ الزكػػاة يتػػوَ أمتػػذها وتفرقتهػػا اإلمػػاـ َ‬
‫سهبا فيها وذلػ يػدؿ علػى أنػ ال بػد ى أداء هػذخ الزكػوات مػن عامػل والعامػل‬ ‫جعل للعاملني ً‬
‫هػػو الػػذي نصػػب اإلمػػاـ ألمتػػذ الزك ػوات فػػدؿ هػػذا الػػنل علػػى أف اإلمػػاـ هػػو الػػذي يأمتػػذ هػػذخ‬
‫ص َػدقَةً) (التوبػة‪ .)463 :‬فػالقوؿ بػأف‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الزكوات وتأكػد هػذا الػنل بقولػ تعػاَ‪ُ ( :‬متػ ْذ م ْػن ْأم َػواؽب ْم َ‬
‫اؼبالػ هبػػوز لػ إمتػراج زكػػاة األمػواؿ الباطنػػة بنفسػ إمبػػا يُعػػرؼ بػػدليل آمتػػر‪ .‬ويبكػػن أف يُتبسػ ى‬
‫إثباتػ بقولػ تعػػاَ‪َ ( :‬وِى ْأمػ َػواؽبِِ ْم َحػ لق لرلسػػا ِ ِل َوالْ َب ْح ُػر ِوـ) (الػػذاريات‪ .)49 :‬فػ ذا كػػاف ذلػ اغبػػق‬
‫ح ًقا للسا ل واحملروـ وج أف هبوز دفع إلي ابتداء" (التفسك الكبك للرازي‪.)444/46 :‬‬
‫أيضػا ى‬ ‫على أف هذخ اآلية الب ذكرها الرازي ال تصل ُمتَ َبس ًكا؛ ألف حق السػا ل واحملػروـ ثابػز ً‬
‫األمواؿ الظاهرة ببل و ومع ذل دلز الدال ل على أما من وأف اإلماـ ال من وئوف األفراد‬
‫كبا بني هو نفس ‪.‬‬
‫( ب ) وقاؿ احملقق اغبنف اليهك كباؿ الدين بن اؽبباـ‪ :‬إف ظاهر قول تعاَ‪ّ ( :‬مت ْذ ِم ْن ْأم َواؽبِِ ْم‬
‫صػ َػدقَةً) … اآليػػة يوجػ حػػق أمتػػذ الزكػػاة مطل ًقػػا لئلمػػاـ (يع ػ ‪ :‬ى األمػواؿ الظػػاهرة والباطنػػة)‪.‬‬ ‫َ‬
‫وعلى هذا كاف رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬واػبليفتاف من بعػدخ‪ .‬فلبػا وَ ع بػاف وظهػر‬
‫تغك الناس كرخ أف يفتو السعاة على الناس مسػتور أمػواؽبم ففػوض الػدفع إَ اؼبػبلؾ نيابػة عنػ‬
‫وٍ ىبتله الصحابة علي ى ذل ‪ .‬وهذا ال يُسق طل اإلماـ أصبلً‪ .‬ولذا لػو علػم أف أهػل بلػد‬
‫ال يؤدوف زكاهتم طالبهم هبا (فت القدير البن اؽبباـ‪ -487/4 :‬طبع بوالؽ)‪.‬‬
‫(جػ) وفبا يدؿ على أف الن ‪-‬صلى اهلل علي وسػلم‪ -‬كػاف يأمتػذ الزكػاة مػن األمػواؿ كلهػا ظػاهرة‬
‫أو باطنػػة‪ :‬مػػا رواخ أبػػو عبيػػد وال مػػذي والػػدارقط ‪ :‬أف النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬بعػػث عبػػر‬
‫ػز لرس ػػوؿ اهلل ص ػػدقة‬ ‫س ػػاعيًا عل ػػى الص ػػدقة ف ػػأتى العب ػػاس يس ػػأل ص ػػدقة مال ػ ‪ .‬فق ػػاؿ‪ :‬ق ػػد ع ل ػ ُ‬
‫سنتني فرفع عبر إَ الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬فقاؿ‪( :‬صدؽ عب ؛ قد تع لنػا منػ صػدقة‬
‫سػػنتني) (األم ػواؿ ص‪ 599‬واغبػػديث قػػد ورد مػػن عػػدة طػػرؽ ٍ زبػػل مػػن شػػعه ولكػػن يقػػوي‬
‫بعضػػا‪ .‬انظػػر فػػت البػػاري‪ 244/3 :‬وقػػد اسػػتدؿ الفقهػػاء باغبػػديث علػػى ج ػواز تع يػػل‬ ‫بعضػػها ً‬
‫الزكاة)‪.‬‬
‫زرعا وماوية‪.‬‬ ‫تاجرا وٍ يكن مال ً‬ ‫واؼبعروؼ أف العباس كاف ً‬
‫( د ) وقد ورد حديث مياب لذل ‪ :‬أف الن ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬بعػث سػعات عببػع الزكػاة‬
‫فقاؿ بعض البلمزين‪ :‬منع ابن صبيل ومتالد بن الوليد والعباس بن عبػد اؼبطلػ فصطػ رسػوؿ‬
‫اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬فكذب عػن اثنػني‪ :‬عػن العبػاس ومتالػد وصػدؽ علػى ابػن صبيػل وفبػا‬
‫متالدا احتبس أدراع وأعتُدخ ى سبيل اهلل‪ .‬وأما العباس عم رسوؿ‬ ‫متالدا؛ إف ً‬ ‫قال ‪( :‬إمم يظلبوف ً‬
‫اهلل ‪-‬ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم‪ -‬فهػ ػ عليػ ػ وم له ػػا معه ػػا) وى رواي ػػة‪( :‬فهػ ػ عل ػػى وم له ػػا معه ػػا)‬
‫(األمواؿ ص‪ 593-592‬واغبديث رواخ أضبد والييصاف ‪ -‬نيل األوطار‪.)449/4 :‬‬
‫(هػ) يؤيد ذلػ مػا رواخ أبػو داود وغػكخ مػن حػديث علػ ّ أف النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬قػاؿ‪:‬‬
‫(هػػاتوا ربػػع العيػػور مػػن كػػل أربعػػني درنبًػػا درهػػم) ‪ ..‬اغبػػديث (انظػػر‪ :‬معػػاٍ السػػنن‪488/2 :‬‬
‫‪ 489‬وتعليق ابن القيم على هذا اغبديث ى هتذي سنن أل داود‪ .‬مع اؼبصدر نفس )‪.‬‬
‫فقول ‪( :‬هاتوا) يدؿ على طل الزكاة من النقود وإعطا ها لئلماـ‪.‬‬
‫( و ) وقػػد وردت الروايػػات الك ػػكة‪ :‬أف أبػػا بكػػر وعبػػر وع بػػاف وابػػن مسػػعود ومعاويػػة وعبػػر بػػن‬
‫عبػػد العزيػػز وغػػكهم كػػانوا يأمتػػذوف الزكػػاة مػػن العطػاء وهػ رواتػ اعبنػػود ومػػن ى حكبهػػم مػػن‬
‫اؼبرتبني ى الديواف‪.‬‬
‫كاف أبػو بكػر ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ -‬إذا أعطػى إنسػانًا العطػاء سػأل ‪ :‬هػل لػ مػاؿ؟ فػ ف قػاؿ‪ :‬نعػم‬
‫زكى مال من عطا وإال سلم ل عطاءخ‪.‬‬
‫وكاف ابن مسعود يزك أعطياهتم من كل أله طبسة وعيرين (إذ كاف مذهب عػدـ اوػ اط اغبػوؿ‬
‫ى اؼباؿ اؼبستفاد) كبا بينا ذل من قبل‪.‬‬
‫وكػػاف عبػػر إذا متػػرج العطػػاء صبػػع أم ػواؿ الت ػػار فحس ػ عاجلهػػا وآجلهػػا ه يأمتػػذ الزكػػاة مػػن‬
‫الياهد والغا (مصنه ابن أل ويبة‪.)44/4 :‬‬
‫وعن قدامة قاؿ‪ :‬كنػز إذا جئػز ع بػاف بػن عفػاف ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ -‬أقػبض عطػا سػأل ‪ :‬هػل‬
‫عندؾ من ماؿ وجبز في الزكاة؟ فػ ف قلػز‪ :‬نعػم أمتػذ مػن عطػا زكػاة ذلػ اؼبػاؿ وإف قلػز‪:‬‬
‫ال دفع إَ عطا (األـ لليافع ‪ - 44/2 :‬طبع بوالؽ (األوَ)‪.‬‬
‫( ز ) كب ػػا أف الفت ػػاوى ال ػػب روي ػػز ع ػػن اب ػػن عب ػػر وغ ػػكخ م ػػن الص ػػحابة ‪-‬رش ػ اهلل ع ػػنهم‪ -‬ى‬
‫وجوب دفع الزكاة إَ األمراء وإف ظلبوا ٍ تفرؽ بني ماؿ ظاهر وماؿ باطن‪.‬‬

‫رأي أل عبيد ومناقيت ‪:‬‬


‫وقػػد ذكػػر بعػػض العلبػػاء دلػػيبلً فػػرؽ ب ػ بػػني اؼبػػالني‪ :‬وذل ػ هػػو السػػنة العبليػػة؛ إذ ٍ يصػػلنا نقػػل‬
‫مت ػواتر أو ميػػهور يػػدؿ علػػى أف الرسػػوؿ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬بعػػث عبال ػ ليأمتػػذوا حصػػة‬
‫ػودا كانػػز أو عػػروض ذبػػارة ويرسػػلوا هبػػا إلي ػ أو يوزعوهػػا علػػى‬ ‫بيػػز اؼبػػاؿ مػػن هػػذخ األم ػواؿ نقػ ً‬
‫اؼبستحقني بتفويض من كبا صنع ى األمواؿ الظاهرة األمترى‪.‬‬
‫وؽبذا ذه من ذه من األ بة إَ جواز دفع صػدقة هػذا اؼبػاؿ البػاطن إَ السػلطاف أو تفريقهػا‬
‫بنفس بيرط أف يتق اهلل ويضعها مواشعها وال وبال هبػا أح ًػدا أي األمػرين فعلػ صػاحب كػاف‬
‫مؤديًا للفرض الذي علي ‪.‬‬
‫قػػاؿ أبػػو عبيػػد‪" :‬وهػػذا عنػػدنا هػػو قػػوؿ أهػػل السػػنة والعلػػم مػػن أهػػل اغب ػػاز والع ػراؽ وغػػكهم ى‬
‫الصامز (الذه والفضة والعروض) ألف اؼبسلبني مؤسبنوف علي كبا ا تبنوا على الصبلة‪.‬‬
‫"وأمػػا اؼبواو ػ واغب ػ وال بػػار فػػبل يليهػػا إال األ ب ػة‪ .‬ولػػيس لرهبػػا أف يغيبهػػا عػػنهم وإف هػػو فرقهػػا‬
‫ووشعها مواشعها فليسز قاشية عن وعلي إعادهتا إليهم؛ فرقز بني ذل السنة واآلثار‪.‬‬
‫"أال ترى أف أبا بكر الصديق إمبا قاتل أهل الردة ى اؼبهاجرين واألنصار على منع صدقة اؼبواو‬
‫وٍ يفعل ذل ى الذه والفضة"؟ (األمواؿ ص‪.)573‬‬
‫ه ذكر أبو عبيد صبلة آثار استدؿ هبا على أف األفراد هػم الػذين يتولػوف إمتػراج زكػاة مػاؽبم البػاطن‬
‫بأنفسهم‪.‬‬
‫واؼبتأمػػل ى هػػذخ اآلثػػار الػػب ذكرهػػا أبػػو عبيػػد ى ج ػواز تفريػػق اليػػصل زكػػاة مال ػ البػػاطن بنفس ػ‬
‫وعدـ دفعها إَ السلطاف هبدها ى اغبقيقة است ناء من األصل دفعهم إَ اإلفتاء ب ما رأوا من‬
‫اكبراؼ بعض اغبكاـ عن سنة الرسوؿ ومتلفا الراودين وؽبذا ٍ يظهر هذا القوؿ إال بعد الفػ‬
‫السياسػػية الػػب متػػيم ظبلمهػػا علػػى اةتبػػع اإلسػػبلم منػػذ عبلػػز الدسػػا س اليهوديػػة عبلهػػا ‪-‬‬
‫بقيادة ابن سبأ وأم ال ‪ -‬حك قُتل ع باف رش اهلل عن ‪.‬‬
‫فقد روى أبو عبيد بسػندخ عػن ابػن سػكين قػاؿ (األمػواؿ ص‪ 567‬ومػا بعػدها)‪" .‬كانػز الصػدقة‬
‫ترفع ‪ -‬أو قاؿ تدفع ‪ -‬إَ الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬أو َمن أمر ب وإَ أل بكر أو من أمر‬
‫ب وإَ عبر أو مػن أمػر بػ وإَ ع بػاف أو مػن أمػر بػ فلبػا قُتِػل ع بػاف امتتلفػوا‪ :‬فكػاف مػنهم‬
‫َمن يدفعها ومنهم من يقسبها وكاف فبن يدفعها إليهم ابن عبر"‪.‬‬
‫وهذا هو اؼبيهور عن ابن عبر الػذي قػاؿ‪( :‬مػا أقػاموا الصػبلة فادفعوهػا إلػيهم)‪ .‬وبعػض الروايػات‬
‫عنػ ٍ تقيػػد هبػػذا القيػػد بػػل قػػاؿ ؼبػػن اسػػتفتاخ ى زكاتػ ‪( :‬ادفعهػػا إَ األم ػراء وإف توزع ػوا هبػػا غبػػوـ‬
‫الكبلب على موا دهم) وقاؿ آلمتر‪( :‬ادفعها إليهم‪ .‬وإف ازبذوا هبا ثيابًا وطيبًا)‪.‬‬
‫ولكن بعض الروايات أفػاد أنػ رجػع عػن قولػ هػذا وقػاؿ‪ :‬شػعوها ى مواشػعها (اؼبرجػع السػابق)‪.‬‬
‫وناقي ػ صػػديق ل ػ فقػػاؿ‪ :‬مػػا تػػرى ى الزكػػاة؟ ف ػ ف هػػؤالء ال يضػػعوما مواشػػعها؟ فقػػاؿ ابػػن عبػػر‪:‬‬
‫ادفعهػػا إلػػيهم‪ .‬فقػػاؿ الرجػػل‪ :‬أرأيػػز لػػو أمتػػروا الصػػبلة عػػن وقتهػػا؛ أكنػػز تصػػل معهػػم؟ قػػاؿ‪ :‬ال‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬فهل الصبلة إال م ل الزكاة؟ فقاؿ ابن عبر‪ :‬لبّسوا علينػا لػبس اهلل علػيهم)! (اؼبرجػع نفسػ )‪.‬‬
‫تسليبا بوجهة نظر الرجل‪.‬‬ ‫وهذا يُعد ً‬
‫وك ػػذل ج ػػاء ع ػػن إبػ ػراهيم النصفػ ػ واغبس ػػن البص ػػري ق ػػاال‪" :‬ش ػػعها مواش ػػعها وامتفه ػػا" (نف ػػس‬
‫اؼبرجع)‪ .‬أي عن الوالة‪.‬‬
‫ػررا ه اجعلهػا فػيبن تعػرؼ وال يػأن عليػ اليػهر حػك‬ ‫وعن ميبػوف بػن مهػراف قػاؿ‪ :‬اجعلهػا ص ً‬
‫تفرقها‪.‬‬
‫وعن أل وبىي الكندي قاؿ‪ :‬سألز سعيد بن جبك عن الزكاة فقاؿ‪ :‬ادفعها إَ والة األمر‪ .‬فلبػا‬
‫قاـ سعيد تبعت فقلز‪ :‬إنػ أمػرت أف أدفعهػا إَ والة األمػر وهػم يصػنعوف هبػا كػذا ويصػنعوف‬
‫هبا كذا !! فقاؿ‪ :‬شعها حيث أمرؾ اهلل‪ .‬سألت على رؤوس األوهاد فلم أكن ألمت ؾ (األمواؿ‬
‫‪ -‬اؼبرجع السباؽ)‪.‬‬
‫فهذخ اآلثار والفتاوى ‪-‬وه الب استند إليها أبو عبيد‪ -‬قد دلز على ما قلناخ‪ :‬أما صدرت إباف‬
‫سػص الضػبك اإلسػبلم علػى بعػض والة اغبكػم األمػػوي واكبػراؼ ك ػك مػنهم عػن الػنه الػػذي‬
‫جرب الناس ى عهد الراودين‪.‬‬
‫على أن إذا صحز التفرقػة بػني اؼبػالني ى السػنة النبويػة وأف الرسػوؿ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ٍ -‬‬
‫يكػػن يرسػػل سػػعات ألمتػػذ الزكػػاة مػػن اؼبػػاؿ البػػاطن أو الصػػامز ‪ -‬كبػػا يسػػبى ‪ -‬ف ػ ف ذل ػ كػػاف‬
‫لسببني‪:‬‬
‫‪ -4‬أف الناس كانوا يأتوف هبا طا عني إَ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬بدافع اإليباف والرغبة‬
‫ى أداء الواج إرشاءً هلل تعاَ‪.‬‬
‫‪ -2‬وأف حصر هذا النوع من اؼباؿ كاف غك فبكن إال ألصػحاب ف كػز زكاتػ وإمتراجهػا لػذفبهم‬
‫وشبا رهم الب أحياها اإلسبلـ‪.‬‬
‫وكػذل اسػػتبر األمػر ى عهػػد اػبليفػة األوؿ أل بكػػر ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ . -‬أمػػا ى متبلفػة عبػػر بػػن‬
‫ػدوف‬‫اػبطػػاب فقػػد اتسػػعز رقعػػة الدولػػة اإلسػػبلمية واقتضػػاخ ذل ػ أف يػػنظم اليػػئوف اؼباليػػة ويػ ر‬
‫نظامػػا را ًعػػا للتكافػػل االجتبػػاع حػػك فػػرض لكػػل مولػػود ى اةتبػػع اإلسػػبلم‬ ‫الػػدواوين ويقػػيم ً‬
‫راتبًا‪ .‬وحك مشػل ذلػ التكافػل أهػل الذمػة مػع اؼبسػلبني وم ػل هػذا النظػاـ وبتػاج ‪ -‬وال وػ ‪-‬‬
‫إَ سبويل شصم وموارد غزيرة‪.‬‬
‫فبل ع إذا رأينا عبر ‪-‬رش اهلل عن ‪ -‬يكله عبال أف هببعوا الزكاة من األمواؿ كلها ظاهرة‬
‫وباطن ػػة وال ي كوه ػػا ى الباطن ػػة ألص ػػحاهبا يق ػػدموما بأي ػػديهم ـبت ػػارين‪ .‬وك ػػل ه ػػذا تعزي ػػز ؼبيزاني ػػة‬
‫التكافل وتقوية لبيز ماؿ اؼبسلبني‪.‬‬
‫وش ػػع عب ػػر ل ػػذل نظ ػػاـ احملص ػػلني اؼبع ػػروفني باس ػػم "العاو ػرين"‪ .‬وإمب ػػا ظبػ ػوا ب ػػذل ؛ ألم ػػم ك ػػانوا‬
‫يأمتذوف العُير من ذبار أهػل اغبػرب (م لبػا كػانوا يأمتػذوف مػن ذبػار اؼبسػلبني) ويأمتػذوف نصػه‬
‫العُير من ذبار أهل الذمة (وفق ما صاغبهم عليػ عبػر) ويأمتػذوف ربػع العُيػر مػن ذبػار اؼبسػلبني‬
‫(وهو مقدار الواج ى زكاة الت ػارة)‪ .‬وذلػ وفػق تعليبػات عبػر ؽبػم (انظػر‪ :‬األمػواؿ ص‪534‬‬
‫وما بعدها)‪ .‬فأمتذهم يدور على "العُير" ونصف وربع ‪.‬‬
‫واعت ػ العلب ػػاء عب ػػل الف ػػاروؽ ‪-‬رش ػ اهلل عن ػ ‪ -‬رف ًقػػا بأصػػحاب األم ػواؿ الباطنػػة الػػذين بع ػػدت‬
‫ديػػارهم عػػن حاشػػرة اػببلفػػة اإلسػػبلمية؛ إذ ييػػق علػػيهم أف وببل ػوا زكػػاة أم ػواؽبم إَ دار اػببلفػػة‬
‫فأقاـ ؽبم العاورين عببعها‪.‬‬
‫وقد استبرت الزكاة ُذببع بواسطة اإلماـ ونواب من األمواؿ الظاهرة والباطنػة وإف امتتلفػز طريقػة‬
‫عبر عن طريقة الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ومتليفت أل بكر وبالنظر لؤلمواؿ الباطنة التساع‬
‫رقعة الدولة‪.‬‬
‫فلبػػا جػػاء عهػػد ع بػػاف بػػن عفػػاف ‪-‬رش ػ اهلل عن ػ ‪ -‬كانػػز م ػوارد بيػػز اؼبػػاؿ مػػن الف ػ ء والغنػػا م‬
‫أرقامػػا ها لػػة بعػػد مػػا أفػػاء اهلل علػػيهم مػػن الفتػػوح‬
‫واػبػراج واعبزيػػة والعيػػور والصػػدقات قػػد بلغػػز ً‬
‫وأفػػاض علػػيهم مػػن ال ػػروات ف ػرأى ع بػػاف أف هببػػع الزكػػاة مػػن األم ػواؿ الظػػاهرة فحس ػ وأمػػا‬
‫األم ػواؿ الباطنػػة فيػػدع أمرهػػا إَ أرباهبػػا يػػؤدوف ‪ -‬ربػػز مسػػئوليتهم ‪ -‬زكاهتػػا بأنفسػػهم ثقػػة من ػ‬
‫ػوفكا لنفق ػػات اعبباي ػػة‬
‫بأمان ػػة الن ػػاس ودي ػػنهم وإو ػػفاقًا عل ػػيهم م ػػن عن ػػز التحص ػػيل والتفت ػػيو وت ػ ً‬
‫اجتهادا من ‪-‬رش اهلل عن ‪ -‬وإف أدى ذل ‪ -‬فيبا بعد ‪ -‬إَ إنباؿ ك ك‬ ‫ً‬ ‫والتوزيع‪ .‬وكاف ذل‬
‫رؽ دينهم وقل يقينهم‪.‬‬ ‫من الناس للزكاة ى أمواؽبم الباطنة ؼبا ّ‬
‫وقد فسر بعض الفقهاء ذل بأف أمك اؼبؤمنني ع باف أناب عن أصحاب األمواؿ الباطنة ى أداء‬
‫زكاهتا‪ .‬وى هذا يقوؿ الكاساْ ى "البدا ع"‪:‬‬
‫"كاف يأمتذها رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬وأبػو بكػر وعبػر ‪-‬رشػ اهلل عنهبػا‪ -‬إَ زمػن‬
‫ع ب ػػاف ‪-‬رشػ ػ اهلل عنػ ػ ‪ -‬فلب ػػا ك ػػرت األمػ ػواؿ ى زمانػ ػ رأي اؼبص ػػلحة ى أف يفػ ػ روض األداء إَ‬
‫أرباهبا ب صباع الصحابة فصػار أربػاب األمػواؿ كػالوكبلء عػن اإلمػاـ‪ .‬أال تػرى أنػ قػاؿ‪( :‬مػن كػاف‬
‫عليػ ديػػن فليػػؤدخ وليػػزؾ مػػا بقػ مػػن مالػ ) فهػػذا توكيػػل ألربػػاب األمػواؿ بػ متراج الزكػػاة فػػبل يبطػػل‬
‫حػػق اإلمػػاـ‪ .‬ؽبػػذا قػػاؿ أصػػحابنا‪ :‬إف اإلمػػاـ إذا علػػم مػػن أهػػل بلػػد أمػػم ي كػػوف أداء الزكػػاة ف ن ػ‬
‫يطالبهم هبا" (بدا ع الصنا ع‪.)7/2 :‬‬
‫ومػػن هػػذا يتبػػني أف األصػػل العػػاـ هػػو‪ :‬أف اإلمػػاـ هػػو الػػذي هببػػع الزك ػوات مػػن األم ػواؿ الظػػاهرة‬
‫واألمػواؿ الباطنػة وأنػ ؼبػا صػع صبعهػػا مػن األمػواؿ الباطنػػة ى عهػد ع بػاف وكانػػز أمػواؿ بيػػز‬
‫اؼبػػاؿ بكػػل أقسػػام مكدسػػة فيػ تركهػػا ألرباهبػػا يؤدومػػا بالنيابػػة عنػ فػ ذا أمتلػوا بواجػ النيابػػة وٍ‬
‫يؤدوا حق اهلل ى ماؽبم توَ اإلماـ اعببع بنفس كبا هو األصل‪.‬‬

‫من يتوَ أمر الزكاة ى عصرنا؟‬

‫تعرض ؽبذخ اؼبسألة ويومتنا األجبلء‪ :‬عبد الوهاب متبلؼ وعبد الرضبن حسػن وؿببػد أبػو زهػرة‬
‫‪ -‬رضبه ػػم اهلل ‪ -‬وذلػ ػ ى ؿباشػ ػرهتم ع ػػن الزك ػػاة بدمي ػػق س ػػنة ‪ 4982‬ال ػػب نظبته ػػا اعبامع ػػة‬
‫العربية‪ .‬قالوا‪:‬‬
‫قد تعني اآلف أف يتوَ وُ األمر صبع الزكاة من كل األمواؿ الظاهرة والباطنة لسببني‪:‬‬
‫أوؽببػػا‪ :‬أف النػػاس ترك ػوا أداء الزكػػاة ى كػػل األم ػواؿ ظاهرهػػا وباطنهػػا؛ فلػػم يقوم ػوا حبػػق الوكالػػة الػػب‬
‫أعطاها ؽبم اإلماـ ع بػاف بػن عفػاف ومػن جػاء بعػدخ مػن األمػراء والػوالة وقػد قػرر الفقهػاء أف وُ‬
‫األمر إف علم أف أهل جهة ال يػؤدوف الزكػاة أمتػذها مػنهم قه ًػرا ال فػرؽ ى ذلػ بػني مػاؿ بػاطن‬
‫وماؿ ظاهر وعلى ذل فقد زالز الوكالة ووج األمتذ باألصل والسك على ما قررخ الفقهاء‪.‬‬
‫ثانيهبػػا‪ :‬أف األم ػواؿ صػػارت كلهػػا ظػػاهرة تقريبًػػا؛ فػػاؼبنقوالت الت اريػػة ربصػػى كػػل عػػاـ إيراداهتػػا‬
‫ولكل تاجر صغك أو كبك س ل ذباري ربصى فيػ أموالػ وتعػرؼ فيػ اػبسػارة واألربػاح فػالطرؽ‬
‫أيضػا لتفػرض علػى رأس اؼبػاؿ وعليهػا‬ ‫الب تعرؼ هبا األرباح لتفرض عليها شرا اغبكومة تعػرؼ ً‬
‫فريضػػة الزكػػاة الػػب هػ حػػق اهلل وحػػق السػػا ل واحملػػروـ‪ .‬أمػػا النقػػود فأك رهػػا مػػودع باؼبصػػارؼ ومػػا‬
‫يي ػػبهها‪ .‬وعلبهػػا هب ػػذخ الطريقػػة س ػػهل ميس ػػور وال ػػذين يودع ػػوف نق ػػودهم بط ػػوف األرض ليس ػوا ى‬
‫اغبقيقة من أهل اليسار الفاحو وعددهم يقل اآلف ويئًا فييئًا‪ .‬فليُ ؾ أمر هؤالء إَ دينهم‪.‬‬
‫"ولقػػد قػػرر الفقهػػاء ى حػػاؿ اػبضػػوع لقػرار اإلمػػاـ ع بػػاف ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ : -‬أنػ ى حػػاؿ ظهػػور‬
‫األمػواؿ الباطنػػة يؤمتػػذ منهػػا الزكػػاة بعبػػاؿ اإلمػػاـ ولػػذل كػػاف عبػػل العاوػرين قا ًبػػا مػػع األمتػػذ‬
‫بقرار ع باف؛ ألمم كانوا يأمتذوف الزكػاة عنػد انتقػاؿ النقػود وعػروض الت ػارة مػن بلػد إَ بلػد إذ‬
‫بذل كانز تعت ظاهرة ال باطنة فكانوا يأمتذوما عند االنتقاؿ إال إذا أقاـ اؼببوؿ الدليل على‬
‫أن أعطاها للفقراء أو أعطاها لعاور آمتر ى هذا العػاـ" (حلقػة الدراسػات االجتباعيػة لل امعػة‬
‫العربية ‪ -‬الدورة ال ال ة ‪ -‬حبث "الزكاة")‪.‬‬
‫وهذا الكبلـ من الوشوح وقوة الدليل حبيث ال وبتاج إَ تعليق‪.‬‬
‫ومن هنا هب على كل حكومة إسبلمية أف تنيئ "مؤسسة" أو "إدارة" متاصة تتوَ وئوف الزكاة‬
‫ربصػػيبلً وتوز ًيعػػا فتأمتػػذها مػػن حيػػث أمػػر اهلل وتصػػرفها حيػػث أمػػر اهلل كبػػا وشػػحنا ذل ػ ى‬
‫مصرؼ "العاملني عليها" ى باب "مصارؼ الزكاة"‪.‬‬
‫ولك أرى أف تُ ؾ نسبة معينة من الزكاة الواجبة كػالربع أو ال لػث لضػبا ر أربػاب اؼبػاؿ يوزعومػا‬
‫قياسا علػى أمػر الرسػوؿ ‪-‬صػلى اهلل عليػ‬ ‫دبعرفتهم وامتتيارهم على اؼبستورين من أقارهبم وجكامم ً‬
‫وسػػلم‪ -‬للصارصػػني أف يػػدعوا ال لػػث أو الربػػع ألربػػاب اؼبػػاؿ ليصػػرفوا زكات ػ بأنفسػػهم علػػى أحػػد‬
‫التفسكين‪ .‬وبذل نكوف قد أمتذنا خبك ما ى الطريقتني وصبعنا بني اغبسنيني وراعينا االعتبػارات‬
‫الب ذكرها اغبنابلة ى استحباب تفرقة اؼبال لزكات بنفس ‪.‬‬
‫ػتورا‬
‫أساس ػػا غبكبه ػػا ودس ػ ً‬ ‫وه ػػذا كل ػ ب ػػالنظر إَ اغبكوم ػػة اإلس ػػبلمية وه ػ ال ػػب تلت ػػزـ اإلس ػػبلـ ً‬
‫ومنهاجا عببيع وئوما ال قافية واالجتباعية واالقتصػادية والسياسػية وإف متالفػز حكػم‬ ‫ً‬ ‫لدولتها‬
‫اليرع ى بعض األحكاـ اعبز ية كبا سنبني ذل قريبًا‪.‬‬
‫ػتورا للحكػػم وربكػػم بغػػك مػػا أنػػزؿ اهلل فبػػا‬ ‫أساسػػا للدولػػة ودسػ ً‬ ‫أمػػا اغبكومػػة الػػب تػػرفض اإلسػػبلـ ً‬
‫تسػػتوردخ مػػن مػػذاه الغػػرب أو اليػػرؽ‪ .‬فهػػذخ ال هبػػوز ؽبػػا أف تأمتػػذ الزكػػاة وإال اسػػتحقز وعيػػد‬
‫ض فَ َبػػا َجػَػزاءُ َمػػن يَػ ْف َعػ ُػل َذلػ َ ِمػػن ُك ْم‬ ‫ض ِ‬
‫الكتَػ ِ‬
‫ػاب َوتَ ْك ُفػ ُػرو َف بِػبَػ ْع ٍ‬ ‫اهلل تعػاَ إذ قػػاؿ‪( :‬أفَػتُػ ْؤِمنُػػو َف بِػبَػ ْع ِ‬
‫ومػػا اللػ ُ بِغَافِػ ٍػل َعبػػا تَػ ْع َبلُػػو َف)‬ ‫ِ‬
‫العػ َذاب َ‬ ‫أوػ رد َ‬
‫ِ‬
‫ي ِى اغبَيَػػاةِ الػ ُّػدنْػيَا َويَػ ْػوَـ القيَ َامػ ِػة يُػ َػرُّدو َف َإَ َ‬
‫إال متػ ْػز ٌ‬
‫(البقرة‪.)85 :‬‬
‫أقواؿ اؼبذاه فيبن كتم الزكاة أو امتنع منها أو ادعى أداءها‬

‫وفبا يؤكد مسئولية الدولة عن الزكاة‪ :‬ما قررخ فقهاء اؼبذاه اإلسبلمية كافة من عقوبة اؼببتنع عػن‬
‫طوعػػا وامتتيػ ًػارا‪ .‬ومػػا فصػػل بعضػػهم مػػن القػػوؿ فيبػػا إذا‬
‫الزكػػاة وأمتػػذها منػ بػػالقهر إف ٍ يػػدفعها ً‬
‫ادعى عدـ مل النصاب أو سق الزكاة عن أو كبو ذل ‪.‬‬
‫عند اغبنفية‪:‬‬
‫حوؿ أو قاؿ‪:‬‬ ‫مر ب علي ‪ -‬فقاؿ‪ ٍ :‬يتم ل ْ‬ ‫فعند اغبنفية‪ :‬من طل من العاور زكاة مال ‪ -‬إذا ّ‬
‫ػز إَ عاوػػر آمتػػر وكػػاف هنػػاؾ عاوػػر آمتػػر‬ ‫علػػى َديْػػن ؿبػػي أو مػػنقل للنصػػاب أو قػػاؿ‪ :‬أديػ ُ‬
‫ؿبقق طل منػ اليبػني فػ ذا حلػه صػ ّدؽ‪ .‬وى روايػة‪ :‬اوػ اط أف ىبػرج بػراءة متطيػة بالػدفع إَ‬
‫عاوػر آمتػػر وردوا هػػذخ الروايػػة بػأف اػبػ ييػػب اػبػ (ثبػز ى عصػرنا أف اػبطػػوط ‪ -‬وإف كانػػز‬
‫تتيػػاب ى الظػػاهر ‪ -‬تتبػػايز ى الواقػػع فكػػل كاتػ لػ متطػ الػػذي يبيػػزخ ولػػذل دال ػػل وأمػػارات‬
‫يعرفها أهل االمتتصاص من مت اء اػبطوط‪ .‬واألحكاـ اليرعية مبنية على غلبة الظن وقد أصػب‬
‫أمتتاما معتبدة‪.‬‬
‫أمرا ال بد من ‪ .‬كبا أف السلطات سبن موظفيها ً‬ ‫اعتباد الكتابة واػب ى عصرنا ً‬
‫وللبػػزورين عقوبػػات صػػارمة)‪ .‬وقػػد يػُػزور‪ .‬وقػػد ال يأمتػػذ الػ اءة غفلػػة منػ وقػػد تضػػيع بعػػد األمتػػذ‬
‫حكبا فيعت قول مع يبين ‪.‬‬ ‫فبل يبكن أف ذبعل ً‬
‫وإذا حله وظهر كذب ‪ -‬ولو بعد سنني ‪ -‬أمتذت من الزكاة؛ ألف حق األمتػذ ثابػز فػبل يبطػل‬
‫باليبني الكاذبة‪.‬‬
‫ولػػو قػػاؿ للعاوػػر إذا طلػ منػ الزكػػاة‪ :‬قػػد أديتهػػا بنفسػ إَ الفقػراء ى البلػػد وحلػػه علػػى ذلػ‬
‫صػػدؽ‪ .‬إال ى زكػػاة األنعػػاـ؛ ألف حػػق األمتػػذ فيهػػا للسػػلطاف فػػبل يبلػ إبطالػ ‪ .‬وكػػذل األم ػواؿ‬
‫الباطنة إذا أمترجها من البلد؛ ألما ب متراجها التحقز باألمواؿ الظاهرة فكاف األمتذ فيها لئلماـ‬
‫أو َمن ينوب عن (الدر اؼبصتار وحاوية ابن عابدين علي ‪ -43-42/2 :‬طبع اؼبيبنية)‪.‬‬
‫وم ػػل ذلػ اػبػػارج مػػن األرض مػػن زرع وشبػػر فهػػو مػػن األمػواؿ الظػػاهرة (يبلحػػي أف أك ػػر اغبنفيػػة‬
‫ينظػػروف إَ العُسػػر كأن ػ و ػ ء غػػك الزكػػاة ألن ػ لػػيس بعبػػادة ؿبضػػة وفي ػ مع ػ مؤنػػة األرض أي‬
‫أجرهتػػا وال ييػ ط فيػ حػػوالف اغبػػوؿ اتفاقًػػا وال النصػػاب عنػػد أل حنيفػػة وؽبػػذا يؤمتػػذ مػػن ال كػػة‬
‫ولػػو ٍ يوصػ بػ وهبػ مػػع الػػدين وى أرض الصػػغك واةنػػوف والوقػػه وؽبػػذا قػػالوا‪ :‬إف تسػػبيت‬
‫زكاة ؾباز‪ .‬وبعضهم قاؿ‪ :‬هو زكػاة علػى قػوؿ الصػاحبني فقػ ورد ذلػ احملقػق ابػن اؽببػاـ وقػاؿ‪:‬‬
‫ال و أنػ زكػاة كبػا ذكرنػا ذلػ ى زكػاة ال ػروة الزراعيػة ص‪ 367‬والصػحي مػا أدنػاخ غػك مػرة‪:‬‬
‫أف الزكاة‪ :‬كلها ليسز عبادة ؿبضة ولذا ذبرى فيها النيابػة وتؤمتػذ قه ًػرا‪ .‬وذبػ ‪ -‬علػى اؼبصتػار‬
‫‪ -‬ى ماؿ الص واةنوف … إٌ)‪ .‬ولذا كاف لئلمػاـ أمتػذ العُيػر منػ جػ ًا‪ .‬ويسػق الفػرض عػن‬
‫صػػاح األرض كبػػا لػػو أدى بنفس ػ إال أمػػم قػػالوا‪ :‬إذا أدى بنفس ػ ي ػػاب ث ػواب العبػػادة وإذا‬
‫أمتذخ اإلماـ يكوف ل ثواب ذهاب مال ى وج اهلل تعاَ (اؼبصدر السابق ص‪.)54‬‬

‫عند اؼبالكية‪:‬‬
‫كرهػػا إذا كػػاف لػ مػػاؿ ظػػاهر وعػرزر‪ .‬فػ ف ٍ يكػػن لػ مػػاؿ‬
‫مػػن امتنػػع عػػن أداء الزكػػاة أمتػػذت منػ ً‬
‫ظاهر‪ .‬وكاف معروفًا باؼبػاؿ ف نػ ُوبػبس حػك يظهػر مالػ فػ ف ظهػر بعضػ واهتػم ى إمتفػاء غػكخ‪.‬‬
‫فقاؿ مال ‪ :‬يصدؽ وال وبله‪ :‬أن ما أمتفى وإف اهتم‪ .‬وأمتطأ َمن وبله الناس‪.‬‬
‫وإف ٍ يبكن أمتذها من إال بقتاؿ قاتل اإلماـ وال يقصد قتلػ فػ ف اتفػق أنػ قتػل أح ًػدا قُتػل بػ‬
‫هدرا (اليرح الكبك حباوية الدسوق ‪.)563/4 :‬‬ ‫وإف قتل أحد كاف ً‬
‫عند اليافعية‪:‬‬
‫وعند اليافعية قاؿ صاح "اؼبهذب"‪" :‬من وجبز علي الزكاة وامتنع من أدا ها نظرت‪:‬‬
‫جاحدا لوجوهبا فقد كفر وقتػل بكفػرخ كبػا يُقتػل اؼبرتػد؛ ألف وجػوب الزكػاة معلػوـ مػن‬ ‫ً‬ ‫"ف ف كاف‬
‫دين اهلل ‪-‬تعاَ‪ -‬شرورة فبن جحد وجوهبا فقد كذب الل وكذب رسول فحكم بكفرخ‪.‬‬
‫أمتذت من وعُرزر‪.‬‬‫"وإف منعها خببلً هبا ِ‬
‫"وقاؿ اليافع ى القدٓ‪ :‬تؤمتذ الزكاة ووطر مال ؼبا روى هبز بن حكيم عن أبي عن جدخ عػن‬
‫رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬قاؿ‪( :‬ومن منعها ف نا آمتذوها ووطر مال عزمة مػن عزمػات‬
‫ربنا ليس آلؿ ؿببد فيها وػ ء) (اغبػديث رواخ أضبػد وأبػو داود والنسػا وقػد تقػدـ الكػبلـ عليػ‬
‫أيضػػا ى اؼبسػػتدرؾ‪ 398/4 :‬وصػػح إسػػنادخ‬ ‫ى البػػاب األوؿ ص‪ .95 94‬وقػػد رواخ اغبػػاكم ً‬
‫ووافق الذه وقػاؿ وبػىي بػن معػني‪ :‬إسػنادخ صػحي إذا كػاف مػن دوف هبػز ثقػة وسػئل أضبػد عػن‬
‫هذا اغبديث فقاؿ‪ :‬ما أدري وجه وسئل عن إسنادخ فقاؿ‪ :‬صاً اإلسناد وقاؿ أبو حػام‪ :‬هبػز‬
‫ال ُوبت ب وقاؿ ابن حباف‪ :‬لوال هذا اغبديث ألدمتلت ى ال قػات وقػاؿ ابػن حػزـ‪ :‬غػك ميػهور‬
‫بالعدالة وقاؿ ابن الطبلع‪ :‬ؾبهػوؿ؛ وتعقبػا بأنػ قػد وثقػ صباعػة مػن األ بػة وقػاؿ ابػن عػدي‪ٍ :‬‬
‫منكرا وقاؿ الذه ‪ :‬ما ترك عاٍ ق وإمبػا توقفػوا ى االحت ػاج بػ ‪ .‬وقػد تُكلػ ِم فيػ‬ ‫أر ل حديًا ً‬
‫أنػ كػاف يلعػ باليػطرن ‪ .‬قػاؿ ابػػن القطػاف‪ :‬ولػيس ذلػ بضػا ر لػ ‪ .‬فػ ف اسػتباحت مسػألة فقهيػػة‬
‫ميػػتهرة وقػػاؿ البصػػاري‪ :‬ىبتلفػػوف في ػ وقػػاؿ ابػػن ك ػػك‪ :‬األك ػػر ال وبت ػػوف ب ػ وقػػاؿ اغبػػاكم‪:‬‬
‫حدي ػ ػ ص ػػحي وق ػػد حس ػػن لػ ػ ال م ػػذي ع ػػدة أحادي ػػث ووثقػ ػ واح ػػت بػ ػ أضب ػػد وإس ػػحاؽ‬
‫والبصاري متارج الصحي وعلق ل وروى عن أل داود أن ح ة عندخ‪.‬‬
‫انظ ػ ػػر ني ػ ػػل األوط ػ ػػار‪ -422/4 :‬طب ػ ػػع الع باني ػ ػػة وهت ػ ػػذي الته ػ ػػذي ‪ 499-498/4 :‬ترصب ػ ػػة‬
‫(‪ .)924‬وميزاف االعتداؿ‪ 354-353/4 :‬ترصبة (‪ .)4324‬والصحي هو األوؿ‪.‬‬
‫"وإف امتنػػع (أي َمػػن خبػػل بالزكػػاة) دبنعػػة قػػاتلهم اإلمػػاـ؛ ألف أبػػا بكػػر الصػػديق ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪-‬‬
‫قاتل مانع الزكاة" أ هػ‪( .‬انظر‪ :‬اؼبهذب وورح "اةبوع" ‪.)332-334/5:‬‬
‫قهرا‪:‬‬
‫اإلصباع على تأدي اؼببتنع وأمتذها من ً‬
‫واغبكػػم األوؿ ‪ -‬وهػػو اغبكػػم بكفػػر مػػن منػػع الزكػػاة جاحػ ًػدا لوجوهبػػا وقتلػ مرتػ ًػدا ‪ -‬ؾببػػع علي ػ‬
‫بيػػرط أال يكػػوف فبػػن يعػػذر م ل ػ كػػأف يكػػوف حػػديث عهػػد باإلسػػبلـ أو نيػػأ بعيػ ًػدا عػػن أمصػػار‬
‫اؼبسػػلبني‪ .‬كبػػا ذكرنػػا ى البػػاب األوؿ‪ .‬وكػػذل اغبكػػم ال ػػاْ وهػػو أمتػػذ الزكػػاة قهػ ًػرا فبػػن وجبػػز‬
‫علي ػ وامتنػػع مػػن أدا هػػا خب ػبلً هبػػا‪ .‬وكػػذل تعزيػػرخ وتأديب ػ بػػاغببس وكبػػوخ (انظػػر‪ :‬البحػػر الزمت ػػار‪:‬‬
‫‪.)496/2‬‬

‫عقوبة اؼببتنع دبصادرة نصه مال وما في من متبلؼ‪:‬‬


‫وإمبا اػببلؼ ى عقوبػة اؼببتنػع بأمتػذ وػطر مالػ وعبػارة أمتػرى‪ :‬مصػادرة نصػه مالػ تأديبًػا لػ‬
‫وزجرا ألم ال ‪ .‬كبا نطق ب حديث هبز بن حكيم وقاؿ ب اليافع ى التقدٓ وإسػحاؽ وروى‬ ‫ً‬
‫عن أضبد واألوزاع ورجح بعض اغبنابلة ‪ -‬كبا سيأن ‪ -‬ؿبت ً ا هبذا اغبديث الصري ‪.‬‬
‫والقوؿ اعبديد لليافع وهو قوؿ اعببهور‪ :‬أن ال يؤمتذ من إال قدر الزكاة‪.‬‬
‫( أ ) غبديث‪( :‬ليس ى اؼباؿ حق سوى الزكاة) (سيأن زبرهب )‪.‬‬
‫( ب ) وألما عبادة فبل هب باالمتناع منها أمتذ وطر مال كسا ر العبادات‪.‬‬
‫(جػ) وألف منع الزكاة كػاف ى زمػن أل بكػر ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ -‬والصػحابة متػوافروف‪ .‬وٍ ينقػل أحػد‬
‫عنهم زيادة وال قوالً بذل (السنن الك ى‪.)665/4 :‬‬
‫أمػػا حػػديث بَػ ْهػػز فنقػػل البيهق ػ عػػن اليػػافع أن ػ قػػاؿ‪ :‬وال ي بػػز أهػػل العلػػم باغبػػديث أف تؤمتػػذ‬
‫الصدقة ووطر إبل الغاؿ لصدقت ولو ثبز قلنا ب (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫هبزا ٍ ىبرج ل الييصاف (نفس اؼبرجع)‪ .‬وهذا ال يكف لتضػعيه‬ ‫وأيد البيهق قوؿ اليافع بأف ً‬
‫حدي ‪ .‬فكم من حديث صحي ٍ ىبرجاخ ومن ما احت ب البيهق وغكخ من األ بة‪.‬‬
‫ػومتا‬
‫ه قػػاؿ البيهقػ ‪ :‬وقػػد كػػاف تضػػعيه الغرامػػة علػػى مػػن سػػرؽ ى ابتػػداء اإلسػػبلـ ه صػػار منسػ ً‬
‫واستدؿ اليافع على نسص حبديث ال اء بن عازب فيبا أفسػدت ناقتػ فلػم ينقػل عػن النػ ‪-‬‬
‫صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ى تل القصػة‪ :‬أنػ أشػعه الغرامػة بػل نقػل فيهػا حكبػ بالضػباف فقػ‬
‫فيحتبل أف يكوف هذا من ذاؾ (نفس اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫وقػػاؿ اؼبػػارودي‪ :‬وى قػػوؿ الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪( : -‬لػػيس ى اؼبػػاؿ حػػق سػػوى الزكػػاة) مػػا‬
‫يصػػرؼ هػػذا اغبػػديث عػػن ظػػاهرخ مػػن اإلهبػػاب إَ الزجػػر واإلره ػاب كبػػا قػػاؿ‪( :‬مػػن قتػػل عبػػدخ‬
‫قتلناخ) (رواخ اػببسة وقاؿ ال مذي‪ :‬حسن غري وى إسنادخ شعه؛ ألن من رواية اغبسن عػن‬
‫ظبرة وبظاهرخ قاؿ بعض العلبػاء‪( .‬نيػل األوطػار‪ -45/7 :‬طبػع اغبلػ )‪ .‬وإف كػاف ال يُقتػل بعبػدخ‬
‫(األحكاـ السلطانية ص‪.)424‬‬
‫وقاؿ النووي ى "الروشة"‪:‬‬
‫اغبديث الوارد ى سنن أل داود وغكخ "بأمتذ وطر مال " شعف اليافع ‪-‬رضبة اهلل عليػ ‪ -‬ونقػل‬
‫أيضا عن أهل العلم باغبديث أمم ال ي بتونػ ‪ .‬وهػذا اعبػواب هػو اؼبصتػار‪ .‬وأمػا جػواب مػن أجػاب‬ ‫ً‬
‫من أصحابنا بأن منسوخ فضعيه ف ف النسمل وبتػاج إَ دليػل وال قػدرة ؽبػم عليػ هنػا (الروشػة‪:‬‬
‫‪.)269/2‬‬
‫وكػػذا قػػاؿ ى اةبػػوع‪ :‬أجػػاب األصػػحاب عػػن حػػديث هبػػز بأن ػ منسػػوخ وأن ػ كػػاف حػػني كانػػز‬
‫العقوبة باؼباؿ‪ .‬قاؿ‪ :‬وهذا اعبواب شعيه لوجهني‪:‬‬
‫أحدنبا‪ :‬أف ما ادعوخ من كوف العقوبة كانز باألمواؿ ى أوؿ اإلسبلـ ليس ب ابز وال معروؼ‪.‬‬
‫وال اْ‪ :‬أف النسمل إمبا يُصار إلي إذا علم التاريمل وليس هنا علم بذل ‪.‬‬
‫واعبواب الصحي ‪ :‬تضعيه اغبديث (اةبوع‪.)334/5 :‬‬

‫مناقية وترجي ‪:‬‬


‫والػػذي نػراخ أف حػػديث بَػ ْهػػز بػػن حكػػيم لػػيس فيػ مطعػػن معتػ وهػػو ‪ -‬كبػػا قلنػػا مػػن قبػػل (راجػػع‬
‫ص‪ .)94‬وما بعدها‪ - .‬يتضبن عقوبة تعزيرية مفوشة إَ رأي اإلماـ وتقػديرخ‪ .‬وهػو يػدمتل فيبػا‬
‫ذكرن ػػاخ غ ػػك م ػػرة م ػػن األحادي ػػث ال ػػب ت ػػرد ع ػػن النػ ػ ‪-‬ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم‪ -‬بوص ػػه اإلمام ػػة‬
‫والرياسة كبا ذكر القراى والدهلوي وغكنبا (انظر‪ :‬ص‪ 253-254‬من هذا الكتاب)‪.‬‬
‫وقد سبق هذا اغبديث ما تفرش التيريعات اغبدي ة من عقوبػات ماليػة رادعػة للبتهػربني مػن دفػع‬
‫ما عليهم من الضرا ‪.‬‬
‫والذين ردوا حديث هبز استندوا إَ أحد أمور ثبلثة‪:‬‬
‫‪ -4‬بعضػػهم اسػػتند إَ معارشػػة اغبػػديث ؼبػػا ثبػػز أنػ ال حػػق ى اؼبػػاؿ سػػوى الزكػػاة‪ .‬وقػػد روى ى‬
‫ذل ػ حػػديث مرفػػوع (انظػػر‪ :‬البحػػر الزمتػػار‪ 496/2 :‬واؼبغ ػ ‪ 573/2 :‬واألحكػػاـ السػػلطانية‬
‫للباوردي ص‪.)424‬‬
‫‪ -2‬وبعضهم استند إَ أن نوع من العقوبة باؼباؿ وهذا كاف ى أوؿ اإلسبلـ ه نسمل‪.‬‬
‫‪ -3‬وبعضهم استند إَ أف اغبديث شعيه لضعه هبز راوي وعلى هذا عوؿ النووي‪.‬‬
‫فأمػػا األمػػر األوؿ فسػػنبني ى بػػاب مسػػتقل أف ى اؼبػػاؿ حقوقًػػا سػػوى الزكػػاة كبػػا جػػاءت بػػذل‬
‫اآليات الكريبة وصحز ب األحاديث الصروبة‪ .‬فبل تعارض إذف بني حديث هبز وغكخ‪.‬‬
‫وأما ال اْ فالصحي أف العقوبة باؼباؿ ٍ تُنسمل وقد ذكر احملقق ابن القيم ى "الطػرؽ اغبكبيػة"‬
‫طبػس عيػػرة قضػػية لرسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬وػبلفا ػ الراوػػدين ربققػػز فيهػػا العقوبػػة‬
‫باؼباؿ (انظر‪ :‬الطرؽ اغبكبية ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -287-‬طبع اؼبدْ)‪.‬‬
‫وأمػػا تضػػعيه اغبػػديث فالػػذي يبػػدوا أنػ لػػيس تضػػعيه سػػند بػػل هػػو نػػوع مػػن اإلعػػبلؿ بسػػب‬
‫موشوع اغبػديث‪ .‬فهػو مبػ علػى األمػرين السػابقني‪ .‬وؽبػذا قبػدهم أو بعضػهم شػعفوا هب ًػزا بسػب‬
‫هذا اغبدث وٍ يُضعفوا اغبديث بسػب هبػز كبػا هػو اؼبتبػع‪ .‬قػاؿ ابػن حبػاف‪ :‬لػوال هػذا اغبػديث‬
‫هبزا ى ال قات!‬ ‫ألدمتلز ً‬
‫ق ػػاؿ اب ػػن الق ػػيم ى هت ػػذي س ػػنن أل داود بع ػػد أف نق ػػل ك ػػبلـ األ ب ػػة ى هبْ ػػز وتص ػػحي أضب ػػد‬
‫وإسحاؽ وابن اؼبدي غبدي ‪ :‬وليس ؼبن رد هذا اغبديث ُح ة ودعوى نسػص دعػوى باطلػة إذ‬
‫هػ دعػػوى مػػا ال دليػػل عليػ وى ثبوتيػػرعيةالعقوبات اؼباليػػة عػػدة أحاديػػث عػػن النػ ‪-‬صػػلى اهلل‬
‫علي ػ وسػػلم‪ ٍ -‬ي بػػز نسػػصها حب ػػة وعبػػل هبػػا اػبلفػػاء بعػػدخ‪ .‬وأمػػا معارشػػت حبػػديث ال ػ اء ى‬
‫قصػػة ناقتػ ففػ غايػػة الضػػعه فػ ف العقوبػػة إمبػػا تسػػوغ إذا كػػاف اؼبعاقػ متعػػديًا دبنػػع واجػ أو‬
‫ارتكػػاب ؿبظػػور‪ .‬وأمػػا مػػا تولػػد مػػن غػػك جنايتػ وقصػػدخ فػػبل يسػػوغ أحػػد عقوبتػ عليػ ‪ .‬وقػػوؿ مػػن‬
‫ضبل ذل على سبيل الوعيد دوف اغبقيقة ى غاية الفسػاد يُنػزخ عػن م لػ كػبلـ النػ ‪-‬صػلى اهلل‬
‫علي وسلم‪ -‬وقوؿ ابن حباف‪ :‬لوال حدي هذا ألدمتلناخ ى ال قػات كػبلـ سػاق ج ًػدا ف نػ إذا‬
‫ٍ يكػػن لضػػعف سػػب إال روايت ػ هػػذا ألدمتلنػػاخ ى ال قػػات كػػبلـ سػػاق جػ ًػدا ف ن ػ إذا ٍ يكػػن‬
‫دورا بػاطبلً‪ .‬ولػيس‬ ‫لضعف سب إال روايت هذا اغبديث وهذا اغبػديث إمبػا ُرّد لضػعف كػاف هػذا ً‬
‫ى روايتػ ؽبػػذا مػػا يوجػ شػػعف ؛ ف نػ ٍ ىبػػاله في ػ ال قػػات (هتػػذي السػػنن مػػع ـبتصػػر اؼبنػػذري‬
‫واؼبعاٍ‪.)494/2 :‬‬
‫ػكا مػػن أصػػحاب الكتػ اؼبعتبػػدة ى الفقػ كاليػكازي ى "اؼبهػػذب" واؼبػػاوردي ى‬ ‫والغريػ أف ك ػ ً‬
‫"األحكاـ السلطانية" وابن قدامة ى "اؼبغ " وغكهم ردوا حديث هب ْػز الصػحي أو اؼبصتلػه علػى‬
‫األقل ى صحت حبديث ال قيبة ل من الناحيػة العلبيػة وهػو حػديث‪( :‬لػيس ى اؼبػاؿ حػق سػوى‬
‫الزكاة)‪.‬‬
‫وؽبػػذا ينبغػ معرفػػة درجػػة األحاديػػث وقيبتهػا مػػن مصػػادرها ومػػن أهلهػػا‪َ ( ..‬والَ يػُنَبرئُػ َ ِم ْػ ُػل َمتبِػ ٍك)‬
‫(فاطر‪.)44 :‬‬

‫عند اغبنابلة‪:‬‬
‫وعند اغبنابلة م ل ما عند اليافعية‪ .‬قاؿ ابػن قدامػة بعػد أف بػني ردة مػانع الزكػاة جح ًػدا وتكػذيبًا‪:‬‬
‫وإف منعهػا معتقػ ًػدا وجوهبػا وقػػدر اإلمػاـ علػػى أمتػذها منػ أمتػذها وعػػزرخ‪ .‬وٍ يأمتػذ زيػادة عليهػػا ى‬
‫غل مال وكتب حك ال يأمتذ اإلماـ زكات فظهر علي ‪.‬‬ ‫قوؿ أك ر أهل العلم وكذل إف ّ‬
‫وقاؿ إسحاؽ بن راهوية وأبو بكر عبد العزيز‪ :‬يأمتذها ووطر مال ‪ .‬ؼبا روي هبز بن حكيم‪.‬‬
‫متارجػػا عػػن قبضػػة اإلمػػاـ قاتلػ ‪ .‬ألف الصػػحابة ‪-‬رشػ اهلل عػػنهم‪ -‬قػػاتلوا مانعيهػػا‪ .‬ف ػ ف‬‫فػ ف كػػاف ً‬
‫أيضػا وٍ تُسػ ذريتػ ألف اعبنايػة مػن غػكهم‪ .‬وألف اؼبػانع ال‬ ‫ظفر ب ودبال أمتذها مػن غػك زيػادة ً‬
‫يس فذريت أوَ‪ .‬وإال قُتِل وٍ ُوبكم بكفرخ‪.‬‬
‫وعن أضبد ما يدؿ على أن يكفر بقتالػ عليهػا‪ .‬فػروى اؼبيبػوْ عنػ ‪ :‬إذا منعػوا الزكػاة ‪ -‬كبػا منعػوا‬
‫أبػػا بكػػر ‪ -‬وقػػاتلوا عليهػػا‪ ٍ .‬يورث ػوا‪ .‬وٍ يصػػل علػػيهم‪ .‬قػػاؿ عبػػد اهلل بػػن مسػػعود‪ :‬مػػا تػػارؾ الزكػػاة‬
‫دبسلم‪.‬‬
‫ووجػ ذلػ ؛ مػػا روى‪ :‬أف أبػػا بكػػر ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ -‬ؼبػػا قػػاتلهم وعضػػتهم اغبػػرب قػػالوا‪ :‬نؤديهػػا‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬ال أقبلها حك تيػهدوا أف قتبلنػا ى اعبنػة وقػتبلكم ى النػار) وٍ يُنقػل إنكػار ذلػ عػن أحػد‬
‫من الصحابة فدؿ على كفرهم‪.‬‬
‫ووج األوؿ‪ :‬أف عبر وغكخ من الصحابة امتنعوا من القتاؿ ى بدء األمر ولو اعتقدوا كفرهم ؼبا‬
‫توقفوا عن ‪ .‬ه اتفقوا على القتاؿ وبق الكفر على أصل النف وألف الزكاة فرع من فروع الدين‬
‫فلػم يكفػػر تاركػ دب ػرد تركػ كػػاغب ‪ .‬وإذا ٍ يكفػػر ب كػ ٍ يكفػػر بالقتػػاؿ عليػ كأهػػل البغػ ‪ .‬وأمػػا‬
‫الذين قاؿ ؽبم أبو بكر هذا القوؿ فيُحتبػل أمػم جحػدوا وجوهبػا وألف هػذخ قضػية ى عػني (أي‬
‫ى حالة معينة) فبل يُتحقق من الػذين قػاؿ ؽبػم أبػو بكػر هػذا القػوؿ؟ فيحتبػل أمػم كػانوا مرتػدين‬
‫ووبتبل أمم جحدوا وجوب الزكاة ووبتبل غك ذل فبل هبوز اغبكم ب ى ؿبػل النػزاع ووبتبػل‬
‫ػاهرا‪ .‬كبػػا‬
‫أف أبػػا بكػػر قػػاؿ ذلػ ألمػػم ارتكبػوا كبػػا ر ومػػاتوا مػػن غػػك توبػػة فحكػػم ؽبػػم بالنػػار ظػ ً‬
‫ػاهرا واألمػر إَ اهلل تعػاَ ى اعببيػع وٍ وبكػم علػيهم بالتصليػد‬ ‫حكم لقتلى اةاهدين باعبنػة ظ ً‬
‫قومػػا‬
‫وال يلػزـ مػن اغبكػم بالنػار اغبكػم بالتصليػد بعػد أف أمتػ النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬أف ً‬
‫من أمت يدمتلوف النار ه ىبرجهم اهلل تعاَ منها ويدمتلهم اعبنػة" اه ػ (انظػر‪ :‬اؼبغػ ‪-573/2 :‬‬
‫‪.)575‬‬

‫عند الزيدية‪:‬‬
‫وى األزهػػار ووػػرح للزيديػػة‪ :‬إذا ادعػػى رب اؼبػػاؿ أف الزكػػاة سػػاقطة عن ػ وأن ػ ال يبل ػ النصػػاب‬
‫فالقوؿ قول ولكن هبػ علػى اإلمػاـ أو مػن يلػ مػن جهتػ أف وبلفػ عنػد التهبػة ‪ -‬أي باليػ‬
‫ى صػػدق ‪ -‬وهػػذا إذا ٍ تكػػن عدالت ػ ظػػاهرة فأمػػا إذا كػػاف ظػػاهر العدالػػة ف ن ػ ال ُوبلػػه (وػػرح‬
‫األزهار وحواوي ‪ 536/4 :‬وانظر‪ :‬البحر‪.)494-496/2 :‬‬
‫أم ػػا إذا أق ػػر رب اؼب ػػاؿ بوج ػػوب الزك ػػاة لك ػػن ادعػ ػى أنػ ػ ق ػػد فرقه ػػا ‪ -‬قب ػػل مطالب ػػة اإلم ػػاـ ‪ -‬ى‬
‫مستحقها وٍ يتحقق اؼبصدؽ ذل فعلى مدع التفريق أف يقيم البينة علػى ذلػ ؛ ألف األصػل‬
‫صبيعا‪ .‬وإال‬
‫عدـ اإلمتراج ‪ -‬وعلى أف التفريق وقع قبل طل اإلماـ‪ .‬ف ف أقاـ البينة على الوجوب ً‬
‫أمتذها من اؼبصدؽ وليس ل أف يقبل قول ولو كاف ظاهر العدالة (اؼبرجع السابق)‪.‬‬

‫دفع الزكاة إَ السلطاف اعبا ر‬

‫وفبا يتبم ما سبق ما ذكرخ العلباء ى حكم دفػع الزكػاة إَ السػلطاف اعبػا ر وامتػتبلفهم فيػ علػى‬
‫ثبلثة أقواؿ‪:‬‬
‫‪ -4‬اعبواز مطل ًقا‪ -2 .‬اؼبنع مطل ًقا‪ -3 .‬التفصيل‪.‬‬
‫رأى اةوزين‪:‬‬
‫أما اةوزوف فاحت وا ؼبذهبهم ى جواز الدفع إَ الظلبة جببلػة أحاديػث صػروبة منهػا مػا ذكػرخ ى‬
‫"اؼبنتق " (انظر‪ :‬نيل األوطار‪.)465-464/4 :‬‬
‫ػز منهػػا إَ‬
‫ػز الزكػػاة إَ رسػول فقػػد بر ػ ُ‬
‫( أ ) عػػن أنػػس‪" :‬أف رجػبلً قػػاؿ‪ :‬يػػا رسػػوؿ اهلل إذا أديػ ُ‬
‫ز منها إَ اهلل ورسول فل أجرها وإشبها‬ ‫اهلل ورسول ؟ قاؿ‪( :‬نعم إذا أديتها إَ رسوُ فقد بر َ‬
‫على من بدؽبا) (رواخ أضبد كبا ى نيل األوطار‪ -455/4 :‬طبع الع بانية)‪.‬‬
‫( ب ) وعن ابن مسػعود أف رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬قػاؿ‪( :‬إمػا سػتكوف بعػدي أثػرة‬
‫وأمور تنكروما) قالوا‪ :‬يا رسوؿ اهلل فبا تأمرنػا؟‪ .‬قػاؿ‪( :‬تػؤدوف اغبػق الػذي علػيكم وتسػألوف اهلل‬
‫الذي لكم) (متفق علي ‪ -‬اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫ػز رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬ورجػل يسػأل فقػاؿ‪:‬‬ ‫(جػ) وعن وا ػل بػن ح ػر قػاؿ‪ :‬ظبع ُ‬
‫أرأيز إف كاف علينا أمراء يبنعوننا حقنا ويسػألوننا حقهػم؟ فقػاؿ‪( :‬اظبعػوا وأطيعػوا؛ ف مبػا علػيهم مػا‬
‫ضبلوا وعليكم ما ضبلتم) (رواخ مسلم وال مذي وصحح ‪ -‬اؼبرجع نفس )‪.‬‬
‫وؽبػػذخ األحاديػػث مغػػزى ذو أنبيػػة وهػػو أف الدولػػة اإلسػػبلمية ى حاجػػة دا بػػة إَ مػػاؿ تقػػيم ب ػ‬
‫التكافػػل االجتبػػاع وربقػػق ب ػ كػػل مصػػلحة عامػػة تعلػػو هبػػا كلبػػة اإلسػػبلـ ف ػ ذا كػػه األف ػراد‬
‫أيػديهم عػن مػػد الدولػة باؼبػاؿ الػػبلزـ عبػور بعػض اغبػػاكبني امتتػل ميػزاف الدولػػة واشػطرب حبػػل‬
‫األمة وطبع فيها أعداؤها اؼب بصوف فكػاف ال بػد مػن طاعتهػا بػأداء مػا تطلػ مػن الزكػاة‪ .‬وهػذا‬
‫ال يناى مقاومة الظلم بكل سبيل ورعها اإلسبلـ‪.‬‬
‫فعلى األفراد اؼبسلبني أف يقدموا مػا يُطلػ مػنهم مػن اغبقػوؽ اؼباليػة وعلػيهم مػع ذلػ اؼبناصػحة‬
‫قيامػا بواجػ النصػيحة ى الػدين والتواصػ بػاغبق والصػ واألمػر بػاؼبعروؼ والنهػ‬ ‫لوالة األمػر ً‬
‫عن اؼبنكر‪.‬‬
‫احا عندهم في من‬ ‫كفرا بو ً‬
‫ويبقى هنا حق اعبباعة اؼبسلبة بل واجبها ى متلع يد الطاعة إذا رأوا ً‬
‫اهلل برهاف‪.‬‬
‫كبا يبقى حق الفرد اؼبسلم بل واجب ى التبرد على كل أمػر مباوػر يصػدر إليػ دبعصػية صػروبة‬
‫كبا جػاء ى اغبػديث الصػحي ‪( :‬السػبع والطاعػة حػق علػى اؼبػرء اؼبسػلم فيبػا أحػ وكػرخ مػا ٍ‬
‫يػػؤمر دبعصػػية فػ ذا أمػػر دبعصػػية فػػبل ظبػػع وال طاعػػة) (رواخ اعبباعػػة عػػن ابػػن عبػػر كبػػا ى اعبػػامع‬
‫الصغك)‪.‬‬

‫رأي اؼبانعني مطل ًقا وأدلتهم‪:‬‬


‫منعػػا مطل ًقػػا مػن دفػػع الزكػػاة إَ حكػػاـ اعبػػور فهػو أحػػد قػػوُ اليػػافع وحكػػاخ‬
‫وأمػا رأي اؼبػػانعني ً‬
‫اؼبهدي ى البحر عن الع ة‪ :‬أن ال هبوز دفع الزكػاة إَ الظلبػة وال هبػزيء واسػتدلوا بقولػ تعػاَ‪:‬‬
‫ني) (البقرة‪.)424 :‬‬ ‫ِِ‬ ‫(ال يػن ُ ِ‬
‫اؿ َع ْهدي الظالب َ‬ ‫ََ‬
‫ورد عليهم اليوكاْ بأف عبوـ هذخ اآلية ‪ -‬على تسليم صحة االستدالؿ هبػا علػى ؿبػل النػزاع ‪-‬‬
‫ـبصل باألحاديث اؼبذكورة ى الباب (نيل األوطار‪.)465/4 :‬‬

‫رأي القا لني بالتفصيل‪:‬‬


‫وذه بعض اليافعية واؼبالكيػة واغبنابلػة إَ أف لػرب اؼبػاؿ دفػع الزكػاة إَ السػاع والػواُ ‪ -‬ولػو‬
‫كػػاف فاسػ ًقا ‪ -‬إذا كػػاف يضػػعها مواشػػعها ويصػػرفها حيػػث أمػػر اهلل‪ .‬وإف ٍ يكػػن يضػػعها مواشػػعها‬
‫ويصرفها إَ مستحقيها حرـ دفعها إلي وهب كتبهػا إذف (نيػل األوطػار ‪ -‬اؼبرجػع السػابق)‪ .‬بػل‬
‫طوعػا أو جػ ًا ٍ هبػزهم‬ ‫قاؿ اؼباوردي من اليافعية ى م ل هذا الواُ‪ :‬إذا أمتػذ الزكػاة مػن أرباهبػا ً‬
‫عن حػق اهلل ‪-‬تعػاَ‪ -‬ى أمػواؽبم ولػزمهم إمتراجهػا بأنفسػهم إَ مسػتحقيها (األحكػاـ السػلطانية‬
‫للباوردي ص‪ -447‬طبع اؼبطبعة احملبودية الت ارية دبصر)‪.‬‬
‫وعند اؼبالكية‪:‬‬
‫ذكر الدردير ى اليرح الكبك (اعبزء األوؿ ص‪ .)562‬على ـبتصر "متليل"‪ :‬أف مػن دفعهػا عبػا ر‬
‫معروؼ باعبور ى صرفها وجار بالفعل ٍ ذبزخ‪ .‬والواج جحػدها واؽبػرب هبػا مػا أمكػن فػ ف ٍ‬
‫هبر بأف دفعها ؼبستحقها أجزأت وأما إذا كاف عدالً ى صػرفها وأمتػذها جػا ًرا ى غكهػا فقػاؿ‬
‫الدردير‪ :‬هبػ الػدفع إليػ ‪ .‬ونقػل الدسػوق ى حاوػيت ‪ :‬أنػ لػيس كػذل بػل هػو مكػروخ (حاوػية‬
‫الدسوق ‪.)564/4 :‬‬
‫وقاؿ اليػيمل زروؽ ى وػرح الرسػالة‪" :‬ال متػبلؼ أمػا تُػدفع لئلمػاـ العػدؿ امتتي ًػارا وغػك العػدؿ ال‬
‫تُػػدفع إلي ػ إال أف يطلبهػػا وال يبكػػن إمتفاؤهػػا عن ػ ومػػن أمكن ػ أف يفرقهػػا دون ػ ٍ هبػػز ل ػ دفعهػػا‬
‫إلي ‪ .‬ورواخ ابن القاسم وابن نافع‪ :‬إف كاف وبلفػ عليهػا أجػزأخ دفعهػا إليػ ‪ .‬ورأى أوػه ‪ :‬إذا أكػرخ‬
‫عليهػػا أمػػا ذبز ػ واسػػتح إعادهتػػا‪ .‬ودفعهػػا ابػػن عبػػد اغبكػػم إَ وإَ اؼبدينػػة وقػػاؿ ابػػن روػػد‪:‬‬
‫امتتلػػه ى إج ػزاء دفعهػػا ؼبػػن ال يعػػدؿ فيهػػا وال يضػػعها مواشػػعها فبػػذه اؼبدونػػة وأصػػبغ وابػػن‬
‫وه وأحد قوُ ابن القاسم ى ظباع وبىي‪ :‬اإلجزاء والقوؿ ال اْ البن القاسم ى السباع‪ :‬عدـ‬
‫اإلجزاء‪ .‬واؼبيهور‪ :‬إجزاؤها إف أكرخ واهلل حسي من ظلم ولكن ال ذبزيء إال بتسػبيتها زكػاة‬
‫وأمتذخ برظبها" اهػ (ورح الرسالة‪.)344-346/4 :‬‬
‫صبيعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫يع أما إذا أمتذت باسم اؼبكس أو الضريبة أو كبو ذل ال هبزيء عند أهل اؼبذه‬
‫وعند اغبنفية‪:‬‬
‫إذا أمتػػذ البغػػاة وسػػبلطني اعبػػور زكػػاة األم ػواؿ الظػػاهرة أو اػب ػراج فصػػرفوا اؼبػػأمتوذ ى ؿبل ػ فػػبل‬
‫إعػػادة علػػى أرباهبػػا‪ .‬وإف ٍ يصػػرفوخ ى ؿبل ػ ويضػػعوخ ى موشػػع اؼبيػػروع فعلػػيهم ‪ -‬فيبػػا بيػػنهم‬
‫وبني اهلل ‪ -‬إعادة الزكاة ال اػبراج ألمم مصارف فهو حق اؼبقاتلة وهم يقاتلوف أهل اغبرب‪.‬‬
‫وامتتله ى األمواؿ الباطنة فأفك بعضهم بعدـ اإلجزاء؛ ألن ليس للظاٍ والية أمتذ الزكاة منها‪.‬‬
‫وؽبذا ال يص الدفع إلي النعداـ االمتتيار الصحي ‪.‬‬
‫وى اؼببسػػوط‪ :‬األصػ الصػػحة إذا نػػوى بالػػدفع إَ الظلبػػة التصػػدؽ علػػيهم؛ ألمػػم دبػػا علػػيهم مػػن‬
‫التبعات فقػراء(الػدر اؼبصتػار وحاوػيت ‪ 27-26/2 :‬واغبػق أف هػؤالء يعتػ وف غػارمني مػدينني دبػا‬
‫عليهم من حقوؽ الناس وأمواؽبم وقد ذكرنا ى مصرؼ "الغارمني" او اط أف يكوف دين ى غك‬
‫معصية وال سرؼ وٍ يتحقق هنا هذا اليرط)‪.‬‬
‫عند اغبنابلة‪:‬‬
‫وأما عند اغبنابلة فقاؿ ابن قدامة ى اؼبغ ‪" :‬إذا أمتذ اػبوارج والبغاة الزكػاة أجػزأت عػن صػاحبها‬
‫وكػػذل كػػل مػػن أمتػػذها مػػن السػػبلطني أجػزأت عػػن صػػاحبها سػواء عػػدؿ فيهػػا أو جػػار وس ػواء‬
‫امتتيارا‪.‬‬
‫ً‬ ‫قهرا أو دفعها إلي‬
‫أمتذها ً‬
‫ػابرا وأبػػا سػػعيد اػبػػدري وأبػػا هريػػرة‬
‫قػػاؿ أبػػو صػػاً‪ :‬سػػألز سػػعد بػػن أل وقػػاص وابػػن عبػػر وجػ ً‬
‫فقلز‪ :‬هذا السلطاف يصنع ما تروف أفأدفع إليهم زكان؟ فقالوا كلهم‪ :‬نعم‪.‬‬
‫وقاؿ إبراهيم‪ :‬هبزيء عن ما أمتذ العياروف‪.‬‬
‫وعن سلبة بن األكوع‪ :‬أن دفع صدقت إَ قبدة (اػبارج )‪.‬‬
‫وعػػن ابػػن عبػػر‪ :‬أن ػ سػػئل عػػن مصػػدؽ ابػػن ال ػزبك ومص ػدرؽ قبػػدة؟ فقػػاؿ‪ :‬إَ أيهبػػا دفعػػز أج ػزأ‬
‫عن ‪.‬‬
‫وهبػذا قػػاؿ أصػحاب الػرأي فيبػا غلبػوا عليػ (أي مػػا نفػذ فيػ حكبهػم مػػن الػببلد) وقػػالوا‪ :‬إذا مػّػر‬
‫على اػبوارج فعيروخ ال هبزيء عن زكات ‪.‬‬
‫وقػػاؿ أبػػو عبيػػد ى اػب ػوارج يأمتػػذوف الزكػػاة‪ :‬علػػى َمػػن أمتػػذوا من ػ اإلعػػادة؛ ألمػػم ليس ػوا بأ بػػة‬
‫فأوبهوا قُطّاع الطرؽ‪.‬‬
‫إصباعػػا وألن ػ‬
‫قػػاؿ ابػػن قدامػػة‪ :‬ولنػػا قػػوؿ الصػػحابة مػػن غػػك متػػبلؼ ى عصػػرهم علبنػػاخ فيكػػوف ً‬
‫دفعهػػا إَ أه ػػل الوالي ػػة فأوػػب دفعهػػا إَ أهػػل البغ ػ ‪( ".‬اؼبغ ػ ‪ -645-644/2 :‬طب ػػع اؼبنػػار‬
‫(ال ال ة)‪.‬‬
‫وكذل ذكر ى مطال أوَ النه ‪" :‬أف اؼبذه ال ىبتله ى جواز دفعها إَ اإلماـ عدالً كاف‬
‫ػاهرا كػػاف اؼبػػاؿ أو باطنًػػا‪ .‬مسػػتدالً دبػػا جػػاء عػػن الصػػحابة ى ذلػ ‪ .‬قػػاؿ أضبػػد‪ :‬كػػانوا‬
‫أو جػػا ًرا ظػ ً‬
‫يػػدفعوف الزكػػاة إَ األمػراء وهػػؤالء أصػػحاب النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬يػػأمروف بػػدفعها وقػػد‬
‫علبوا فيم ينفقوما فبا أقوؿ أنا"؟! (مطل أوُ النه ‪.)426/2 :‬‬
‫موازنة وترجي ‪:‬‬
‫الػػذي أراخ ى هػػذخ اؼبسػػا ل هػػو صػػحة الػػدفع إَ الظلبػػة إذا أمتػػذوا مػػا أمتػػذوخ بعنػػواف الزكػػاة وال‬
‫يُكلػػه اؼبسػػلم اإلعػػادة ى أي صػػورة مػػن الصػػور فػ ذا ٍ يأمتػػذوخ باسػػم الزكػػاة ٍ هبز ػ كبػػا قػػاؿ‬
‫اؼبالكية وغكهم وسنعود إَ ذل ى باب " الزكاة والضريبة"‪.‬‬
‫أما هل يدفع إَ الظاٍ أو ال؟ ف ْ أمتتار الػدفع إليػ إذا كػاف يوصػلها إَ مسػتحقيها ويصػرفها‬
‫ى مصارفها اليرعية وإف جار ى بعض األمور األمترى‪.‬‬
‫ف ػ ف كػػاف ال يضػػعها ى مواشػػعها فػػبل يػػدفعها إلي ػ إال إف طال ػ هبػػا فػػبل يسػػع االمتنػػاع عب ػبلً‬
‫باألحاديث الب سقناها من قبل وبفتاوى الصحابة اؼبتكررة ى دفع الزكاة إَ األمراء وإف ظلبوا‪.‬‬
‫التزاـ اغباكم لئلسبلـ ورط‬

‫والذي ال ري في أف هؤالء األمراء الذين أفك الصحابة بػدفع الزكػاة إلػيهم إمبػا هػم قػوـ مسػلبوف‬
‫حكبا بل جاهدوا ى سػبيل وفتحػوا الفتػوح باظبػ وربػز رايتػ ‪.‬‬ ‫آمنوا باإلسبلـ والتزموخ وارتضوخ ً‬
‫اتباعا للهوى‪.‬‬
‫وإف حادوا ى بعض أحكامهم عن إي ًارا للدنيا أو ً‬
‫فهػػؤالء تُػػدفع إلػػيهم الزكػػاة وسػػا ر اغبقػػوؽ اؼباليػػة كبػػا صػػرحز بػػذل األحاديػػث الصػػحيحة الػػب‬
‫استدؿ هبا اعببهور‪.‬‬
‫وهؤالء غك ك ك من حكاـ عصرنا الذين قطعوا صلتهم باإلسبلـ وازبذوخ وراءهم ظهريًا وازبػذوا‬
‫ورا بل إف منهم َمن أصب حربًا على اإلسبلـ وأهل ودعاتػ فهػؤالء ال هبػوز أف‬ ‫هذا القرآف مه ً‬
‫يػُ َعانوا دباؿ الزكاة على نير كفرهم وإغبادهم وإفسػادهم ى األرض فػالتزاـ اغبػاكم لئلسػبلـ وػرط‬
‫ى جواز دفع الزكاة إلي ‪.‬‬
‫ولقػػد اتفػػق صبهػػور الفقهػػاء علػػى أف ابػػن السػػبيل اؼبسػػافر ى معصػػية ال يُعطػ مػػن مػػاؿ الزكػػاة حػػك‬
‫يتوب وكذل الغارـ ى معصية إذ ال هبوز أف يعانا من ماؿ اهلل على معصية اهلل‪.‬‬
‫فكيػػه حبػػاكم يأمتػػذ مػػاؿ اهلل ليصػػد عػػن سػػبيل اهلل ويعطػػل وػريعة اهلل ويػػؤذي كػػل َمػػن دعػػا إَ‬
‫حكم الل ؟‬
‫ويع ب هنا ما قال اؼبصل العبلمػة السػيد روػيد رشػا ‪ -‬رضبػ اهلل ‪ -‬ى تفسػك اؼبنػار قػاؿ‪ :‬وإمػاـ‬
‫اؼبسلبني ى دار اإلسبلـ هو الذي تؤدي ل صدقات الزكاة وهػو صػاح اغبػق جببعهػا وصػرفها‬
‫ؼبستحقيها وهب علي أف يقاتل الذين يبتنعوف عن أدا ها إلي ‪.‬‬
‫"ولكن أك ر اؼبسلبني ٍ يبق ؽبػم ى هػذا العصػر حكومػات إسػبلمية تقػيم اإلسػبلـ بالػدعوة إليػ‬
‫وال ػػدفاع عن ػ واعبه ػػاد ال ػػذي يوجب ػ وجوبًػػا عينيًػػا أو كفا يًػػا وتق ػػيم ح ػػدودخ وتأمت ػػذ الص ػػدقات‬
‫اؼبفروشػػة كبػػا فرشػػها وتضػػعها ى مصػػارفها الػػب حػػددها بػػل سػػق أك ػػرهم ربػػز سػػلطة دوؿ‬
‫اإلفرن وبعضهم ربز سلطة حكومػات مرتػدة عنػ أو ملحػدة فيػ (أصػب هػذا النػوع هػو األعػم‬
‫األغل على اغبكومػات ى ك ػك مػن بػبلد اؼبسػلبني اليػوـ فقػد ربػررت مػن سػلطاف دوؿ اإلفػرن‬
‫لتقػػع ى سػػلطة العلبػػانيني والبلدينيػػني)‪ .‬ولػػبعض اػباشػػعني لػػدوؿ اإلف ػرن رؤسػػاء مػػن اؼبسػػلبني‬
‫اعبغ ػرافيني ازبػػذهم اإلف ػرن آالت إلمتضػػاع اليػػعوب ؽبػػم باسػػم اإلسػػبلـ حػػك فيبػػا يهػػدموف ب ػ‬
‫اإلسبلـ ويتصرفوف بنفوذهم وأمرهم ى مصاً اؼبسلبني وأمواؽبم اػباصة هبم فيبػا لػ صػفة دينيػة‬
‫مػػن صػػدقات الزكػػاة واألوقػػاؼ وغكهػػا‪ .‬فأم ػػاؿ هػػذخ اغبكومػػات ال هبػػوز دفػػع وػ ء مػػن الزكػػاة ؽبػػا‬
‫مهبا يكن لق ر يسها ودين الرظب ‪.‬‬
‫"وأم ػػا بقاي ػػا اغبكوم ػػات اإلس ػػبلمية ال ػػب ي ػػدين أ بته ػػا ورؤس ػػاؤها باإلس ػػبلـ وال س ػػلطاف عل ػػيهم‬
‫لؤلجان ػ ى بيػػز مػػاؿ اؼبسػػلبني فه ػ الػػب هب ػ أداء الزكػػاة الظػػاهرة أل بتهػػا‪ .‬وكػػذا الباطنػػة ‪-‬‬
‫كالنقػدين ‪ -‬إذا طلبوهػا وإف كػانوا جػا رين ى بعػض أحكػامهم كبػا قػاؿ الفقهػاء وتػ أ ذمػة مػن‬
‫أداها إليهم وإف ٍ يضعوها ى مصارفها اؼبنصوصة ‪ -‬ى اآلية اغبكيبة ‪ -‬بالعدؿ‪.‬‬
‫"والذي نل علي احملققوف ‪ -‬كبا ى ورح اؼبهذب وغكخ ‪ -‬أف اإلماـ أو السلطاف إذا كاف جػا ًرا‬
‫ال يضع الصدقات ى مصارفها اليػرعية فاألفضػل ؼبػن وجبػز عليػ أف يؤديهػا ؼبسػتحقيها بنفسػ‬
‫إذا ٍ يطلبها اإلماـ أو العامل من قِبَلِ " (تفسك اؼبنار‪ -595،596/46 :‬الطبعة ال انية)‬
‫الفصل األوؿ‬
‫عبلقة الدولة بالزكاة‬

‫فهرس‬

‫من يتوَ أمر الزكاة ى عصرنا؟‬


‫أقواؿ اؼبذاه فيبن كتم الزكاة أو امتنع منها أو ادعى أداءها‬

‫عند اغبنفية‬
‫عند اؼبالكية‬
‫عند اليافعية‬
‫قهرا‬
‫اإلصباع على تأدي اؼببتنع وأمتذها من ً‬
‫عقوبة اؼببتنع دبصادرة نصه مال وما في من متبلؼ‬
‫مناقية وترجي‬
‫عند اغبنابلة‬
‫عند الزيدية‬
‫دفع الزكاة إَ السلطاف اعبا ر‬

‫رأى اةوزين‬
‫رأي اؼبانعني مطل ًقا وأدلتهم‬
‫رأي القا لني بالتفصيل‬
‫التزاـ اغباكم لئلسبلـ ورط‬

‫مسئولية الدولة عن وئوف الزكاة‬

‫داللة القرآف على ذل‬


‫األحاديث النبوية‬
‫السنة العبلية للن واػبلفاء الراودين‬
‫ُ‬
‫فتاوى الصحابة‬
‫من أسرار هذا التيريع‬

‫بيز ماؿ الزكاة‬

‫األمواؿ الظاهرة واألمواؿ الباطنة ومن يل زكاهتا‬


‫رأي اغبنفية‬
‫رأي اؼبالكية‬
‫اليافعية‬
‫اغبنابلة‬
‫رأي الزيدية‬
‫رأي اإلباشية‬
‫رأي اليع والباقر وأل رزين واألوزاع‬
‫موازنة وترجي‬
‫رأي أل عبيد ومناقيت‬

‫مسئولية الدولة عن وئوف الزكاة‬


‫الزكػػاة ‪ -‬كبػػا تبػػني لنػػا ‪ -‬حػػق ثابػػز مقػػرر (فَ ِر َ‬
‫يض ػةً رمػ َػن اهلل) ولكن ػ ‪ -‬ى األصػػل ‪ -‬لػػيس ح ًقػػا‬
‫موكػػوالً لؤلفػراد يؤديػ مػػنهم مػػن يرجػػو اهلل والػػدار اآلمتػػرة ويدعػ مػػن شػػعه يقينػ بػػاآلمترة وقػػل‬
‫نصيب من متيية اهلل وغل ح اؼباؿ ى قلب على ح اهلل‪.‬‬
‫كػػبل؛ إمػػا ليسػػز إحسػػانًا فرديًػػا وإمبػػا ه ػ تنظػػيم اجتبػػاع تيػػرؼ علي ػ الدولػػة ويتػػوالخ جهػػاز‬
‫إداري منظم يقوـ على هذخ الفريضة الفذة جباية فبن ذب عليهم وصرفًا إَ من ذب ؽبم‪.‬‬

‫داللة القرآف على ذل ‪:‬‬

‫صبعا وتفري ًقا وظباهم‬ ‫وأبرز دليل على ذل ‪ :‬أف اهلل ‪-‬تعاَ‪ -‬ذكر هؤالء القا بني على أمر الزكاة ً‬
‫ػهبا ى أم ػواؿ الزكػػاة نفسػػها وٍ وبػػوجهم إَ أمتػػذ رواتػػبهم مػػن‬ ‫( ِ‬
‫لني َعلَْيػ َهػػا) وجعػػل ؽبػػم سػ ً‬ ‫العػػام َ‬
‫َ‬
‫ات لِْل ُف َقػَػر ِاء‬
‫بػػاب آمتػػر تأمينًػػا ؼبعاوػػهم وشػػبانًا غبسػػن قيػػامهم بعبلهػػم قػػاؿ تعػػاَ‪( :‬إمبػَػا الصػ َػدقَ ُ‬
‫ني َوِى َسػبِ ِيل اهللِ َوابْػ ِن السػبِ ِيل‬ ‫ِ‬ ‫ني َعلَْيػهػػا والْب َؤل َفػ ِػة قُػلُػػوبػهم وِى الرقَػ ِ‬‫ِِ‬ ‫والَ ِ‬
‫ػاب َوالْغَػػا ِرم َ‬ ‫ُُ ْ َ‬ ‫بسػػاكني َوالْ َعػػامل َ َ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫يم) (التوبة‪.)66 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم َحك ٌ‬ ‫يضةً رم َن الل والل ُ َعل ٌ‬‫فَر َ‬
‫ولػػيس بعػػد هػػذا الػػنل الص ػري ى كتػػاب اهلل ؾبػػاؿ ل ػ متل م ػ متل أو تػػأوؿ متػػأوؿ أو زعػػم‬
‫يضػةً رمػ َػن اللػ ِ) ومػػن ذا الػػذي‬ ‫زاعػػم ومتاصػػة بعػػد أف جعلػػز اآليػػة هػػذخ األصػػناؼ وربديػػدها (فَ ِر َ‬
‫هبرؤ على تعطيل فريضة فرشها اهلل؟!‬
‫ص َػدقَةً تُطَ رهػ ُػرُه ْم‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫وقػاؿ ‪-‬تعػاَ‪ -‬ى نفػس السػورة الػب ذكػر فيهػػا مصػارؼ الزكػاة‪ُ ( :‬متػ ْذ م ْػن ْأم َػواؽب ْم َ‬
‫ِ‬
‫صبلَتَ َ َس َك ٌن ؽبُ ْم) (التوبة‪.)463 :‬‬ ‫ص رل َعلَْي ِه ْم إِف َ‬
‫َوتُػَزركي ِهم هبَا َو َ‬
‫وقد ذه صبهػور اؼبسػلبني مػن السػله واػبلػه إَ أف اؼبػراد بالصػدقة ى هػذخ اآليػة الزكػاة كبػا‬
‫بينا ذل ى الباب األوؿ‪.‬‬
‫وأظهر دليل علػى ذلػ ‪ :‬أف مػانع الزكػاة ى عهػد أل بكػر تعلقػوا هبػذخ اآليػة وأمػا تػدؿ علػى أف‬
‫الػػذي يأمتػػذ الزكػػاة هػػو النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬وأنػ يعطػػيهم بػػدؽبا الصػػبلة علػػيهم وٍ يػػرد‬
‫عليهم أحد من الصحابة بأف اآليػة ى غػك الزكػاة الواجبػة وكػذل كػاف موقػه أ بػة اإلسػبلـ مػن‬
‫ص َػدقَةً) للنػ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫بعدهم ى رد وبهتهم‪ .‬وكل ما قالوخ‪ :‬أف اػبطػاب ى قولػ تعػاَ‪ُ ( :‬متػ ْذ م ْػن ْأم َػواؽب ْم َ‬
‫‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ولكل من يل أمر اؼبسلبني من بعدخ حسببا فصلناخ من قبل‪.‬‬

‫األحاديث النبوية‪:‬‬

‫هذا ما جاء ى كتاب اهلل‪ .‬أما السنة النبوية‪:‬‬


‫فف ػ حػػديث ابػػن عبػػاس ى الصػػحيحني وغكنبػػا‪ .‬أف الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬حػػني بعػػث‬
‫معػا ًذا إَ الػػيبن قػػاؿ لػ ‪( :‬أعلبهػػم أف اهلل افػ ض علػػيهم ى أمػواؽبم صػػدقة تؤمتػػذ مػػن أغنيػػا هم‬
‫فػ د علػػى فقػرا هم فػ ف هػػم أطػػاعوؾ لػػذل ف يػػاؾ وكػرا م أمػواؽبم واتػػق دعػػوة اؼبظلػػوـ ف نػ لػػيس‬
‫بينها وبني اهلل ح اب) (رواخ اعبباعة عن ابن عباس)‪.‬‬
‫وو ػػاهدنا م ػػن ه ػػذا اغب ػػديث ه ػػو قول ػ ‪-‬علي ػ الس ػػبلـ‪ -‬ى تل ػ الصػػدقة اؼبفروش ػػة‪( :‬تؤمت ػػذ م ػػن‬
‫أغنيا هم ف د على فقرا هم) فبني اغبديث أف اليأف فيها أف يأمتذها آمتذ ويردها راد ال أف تُ ؾ‬
‫المتتيار من وجبز علي ‪.‬‬
‫قػػاؿ و ػيمل اإلسػػبلـ اغبػػافي ابػػن ح ػػر‪ :‬اسػػتدؿ ب ػ علػػى أف اإلمػػاـ هػػو الػػذي يتػػوَ قػػبض الزكػػاة‬
‫وصػػرفها إمػػا بنفسػ وإمػػا بنا بػ فبػػن امتنػػع مػػنهم أمتػػذت منػ قهػ ًػرا" (فػػت البػػاري للحػػافي ابػػن‬
‫ح ر‪ 23/3 :‬ى ورح حديث وصية معاذ من صحي البصاري كتاب الزكاة‪ :‬باب أمتذ الصدقة‬
‫من األغنياء وترد إَ الفقراء حيث كانوا)‪ .‬ونقلها اليوكاْ بنصها ى نيل األوطار (نيػل األوطػار‪:‬‬
‫‪ - 424/4‬طبع مصطفى اغبل (ال انية)‪.‬‬
‫وق ػػد ج ػػاءت أحادي ػػث ك ػػكة ى توجيػ ػ ه ػػؤالء الع ػػاملني عل ػػى الزك ػػاة‪ .‬وك ػػانوا يس ػػبوف الس ػػعاة أو‬
‫اؼبصدقني وقد ذكرنا ويئًا من ذل ى مصرؼ "العاملني عليهػا" مػن البػاب السػابق‪ .‬كبػا جػاءت‬
‫أحاديث ك كة أمترى ى بياف واج اؼبكلفني بالزكاة كبو هؤالء اؼبصدقني سنذكر أنبها قريبًا‪.‬‬
‫السنة العبلية للن واػبلفاء الراودين‪:‬‬
‫ُ‬

‫وهذا الذي جاءت ب السنة القولية أكدت السنة العبلية والواقع التارىب الذي جرى علي العبل‬
‫ى عهد الرسوؿ ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ . -‬واػبلفاء الراودين من بعدخ‪.‬‬
‫قاؿ اغبافي ابن ح ر ى "التلصيل" عند زبري ما ذكرخ اإلماـ الرافع أف رسوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل‬
‫علي وسلم‪ -‬واػبلفاء بعدخ كانوا يبع وف السعاة ألمتذ الزكاة‪ :‬هذا ميهور‪.‬‬
‫فف الصحيحني عن أل هريرة‪ :‬بعث عبر على الصدقة‪.‬‬
‫وفيهب ػػا ع ػػن أل ضبي ػػد‪ :‬اس ػػتعبل (اس ػػتعبل ‪ :‬جعل ػ ع ػػامبلً عل ػػى الزك ػػاة أو غكه ػػا أي واليًػػا عل ػػى‬
‫وئوما)‪ .‬رجبلً من األزد يقاؿ ل "ابن اللتيبة"‪.‬‬
‫وفيهبا عن عبر‪ :‬أن استعبل ابن السعدي‪.‬‬
‫وعن أل داود‪ :‬أف الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬بعث أبا مسعود ساعيًا‪.‬‬
‫وى مسند أضبد‪ :‬أن بعث أبا جهم بن حذيفة مصدقًا‪.‬‬
‫وفي ‪ :‬أن بعث عقبة بن عامر ساعيًا‪.‬‬
‫وفي من حديث قرة بن دعبوص‪ :‬بعث الضحاؾ بن قيس ساعيًا‪.‬‬
‫وى اؼبستدرؾ‪ :‬أن بعث قيس بن سعد ساعيًا‪.‬‬
‫وفي ػ مػػن حػػديث عبػػادة بػػن الصػػامز‪ :‬أن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬بع ػ علػػى أهػػل الصػػدقات‪.‬‬
‫وبعث الوليد بن عقبة إَ ب اؼبصطلق ساعيًا‪.‬‬
‫وروى البيهقػ عػػن اليػػافع ‪ :‬أف أبػػا بكػػر وعبػػر كانػػا يبع ػػاف علػػى الصػػدقة‪ .‬وقػػد أمترجػ اليػػافع‬
‫عن إبراهيم بن سعد عن الزهري هبذا وزاد‪ :‬وال يؤمتروف أمتذها ى كل عاـ‪.‬‬
‫وقاؿ ى القدٓ‪ :‬وروى عن عبر‪ :‬أن أمترها عاـ الرمػادة ه بعػث مصػدقًا فأمتػذ عقػالني (العقػاؿ‪:‬‬
‫يراد ب هنا زكاة العاـ)‪ .‬عقالني‪.‬‬
‫وى الطبقات البػن سػعد‪ :‬أف النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬بعػث اؼبصػدقني إَ العػرب ى هػبلؿ‬
‫احملرـ سنة تسػع‪ .‬وهػو ى مغػازي الواقػدي بأسػانيدخ مفس ًػرا (انظػر‪ :‬التلصػيل‪-466 459/2 :‬‬
‫طبع وركة الطباعة الفنية اؼبتحدة بالقاهرة)‪.‬‬
‫وذكر ابن سعد أظباء هؤالء اؼبصدقني وأظبػاء القبا ػل الػب بع ػوا إليهػا‪ .‬فبعػث عيينػة بػن ِحصػن إَ‬
‫ب سبيم يصدقهم‪.‬‬
‫وبعث بريدة بن اغبصي إَ أسلم وغفار يصدقهم‪ .‬ويقاؿ‪ :‬كع بن مال ‪.‬‬
‫ومَزينة‪.‬‬
‫وبعث عباد بن بير األوهل إَ ُسليم ُ‬
‫وبعث رافع بن مكيث إَ ُجهينة‪.‬‬
‫وبعث عبرو بن العاص إَ فزارة‪.‬‬
‫وبعث الضحاؾ بن سفياف الكبلل إَ ب كبلب‪.‬‬
‫وبعث بُسر بن سفياف الكع إَ ب كع ‪.‬‬
‫وبعث ابن اللتيبة األزدي إَ ب ذبياف‪.‬‬
‫وبعث رجبلً من سعد ُه َذٓ على صدقاهتم‪.‬‬
‫قاؿ ابن سعد‪ :‬وأمػر رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬مصػدقي أف يأمتػذوا العفػو مػنهم ويتوقػوا‬
‫كرا م أمواؽبم (طبقات ابن سعد‪ -466/2 :‬طبع بكوت)‪.‬‬
‫وذكر ابن إسحاؽ صباعة آمترين بع هم الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬إَ قبا ل وأقاليم أمترى من‬
‫جزيرة العرب‪.‬‬
‫العنس ّ وهو هبا‪.‬‬
‫فبعث اؼبهاجر بن أل أمية إَ صنعاء فصرج علي َ‬
‫وبعث زياد بن لَبِيد إَ حضرموت‪.‬‬
‫وبعث عدي بن حام إَ ط وب أسد‪.‬‬
‫وبعث مال بن نويرة على صدقات ب حنظلة‪.‬‬
‫وفرؽ صدقات ب سعد على رجلني‪ :‬فبعث الزبرقاف بن بدر علػى ناحيػة وقػيس بػن عاصػم علػى‬
‫ناحية‪.‬‬
‫وبعث العبلء بن اغبضرم على البحرين‪.‬‬
‫وبعث عليًا إَ قبراف لي بع صدقاهتم ويقدـ علي جبزيتهم (زاد اؼبعاد‪.)472/2 :‬‬
‫وى ال اتي اإلدارية للكتاْ نقل عن ابن حزـ ى جوامع السك وعن ابػن إسػحاؽ والكبلعػ ى‬
‫السػػكة وعػػن ابػػن ح ػػر ى اإلصػػابة صبلػػة مػػن أظبػػاء الصػػحابة الػػذين اسػػتعبلهم النػ ‪-‬صػػلى اهلل‬
‫علي وسلم‪ -‬على والية الصدقات أو كتابتها‪.‬‬
‫ق ػػاؿ اب ػػن ح ػػزـ ى كتابػ ػ "جوام ػػع الس ػػك"‪ :‬ك ػػاف كاتػ ػ رس ػػوؿ اهلل ‪-‬ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم‪ -‬ى‬
‫الصػػدقات ال ػزبك بػػن الع ػواـ ف ػ ف غػػاب أو اعت ػػذر كت ػ جهػػم بػػن الصػػلز وحذيفػػة بػػن اليب ػػاف‬
‫(ال اتي اإلدارية ص ‪.)398‬‬
‫وقاؿ (اؼبرجع السباؽ ص ‪ :)398-396‬ترجم ى اإلصػابة لؤلرقػم بػن أل األرقػم الزهػري فػذكر‪:‬‬
‫أيضػػا كافيػػة بػػن سػػبع‬
‫أف الطػ اْ متػػرج‪ :‬أنػ ‪-‬عليػ السػػبلـ‪ -‬اسػػتعبل علػػى السػػعاية‪ .‬وتػػرجم فيهػػا ً‬
‫األسدي فنقل عن الواقػدي‪ :‬أف اؼبصػطفى ‪-‬عليػ السػبلـ‪ -‬اسػتعبل علػى صػدقات قومػ ‪ .‬وتػرجم‬
‫أيضػػا غبذيفػػة بػػن اليبػػاف األزدي فنقػػل عػػن ابػػن سػػعد‪ :‬أن ػ ‪-‬علي ػ السػػبلـ‪ -‬بع ػ مصػػدقًا علػػى‬ ‫ً‬
‫أيض ػػا لكه ػػل ب ػػن مالػ ػ اؽب ػػذُ ف ػػذكر أف اؼبص ػػطفى ‪-‬عليػ ػ الس ػػبلـ‪-‬‬
‫األزد وت ػػرجم ى اإلص ػػابة ً‬
‫أيضػا ػبالػد بػن ال صػاء فػذكر أف أبػا داود والنسػا‬ ‫استعبل علػى صػدقات هػذيل وتػرجم فيهػا ً‬
‫أمترجا من طريق معبػر عػن الزهػري عػن عا يػة أف النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬بعػث أبػا جهػم‬
‫بػػن حذيفػػة مصػػدقًا وتػػرجم ػبالػػد بػػن سػػعيد بػػن العػػاص األم ػوي أف اؼبصػػطفى ‪-‬علي ػ السػػبلـ‪-‬‬
‫أيضا ػبزيبة بن عاصم العكل فذكر أف ابن قانع روى من‬ ‫استعبل على صدقات مذح ‪ .‬وترجم ً‬
‫عدسػا ومتزيبػة وفػدا علػ النػ ‪-‬صػلى‬ ‫طريق سيه بن عبر عن اؼبيسر بػن عبػد اهلل بػن عػدس أف ً‬
‫اهلل علي وسلم‪ -‬فوَ متزيبة على األحبلؼ وكت ل ‪ :‬بسم اهلل الرضبن الرحيم مػن ؿببػد رسػوؿ‬
‫اهلل ػبزيبػػة بػػن عاصػػم‪ :‬إْ بع ت ػ سػػاعيًا علػػى قوم ػ فػػبل يُضػػاموا وال يُظلب ػوا" ذكػػرخ الروػػاط‬
‫أيضػػا لسػػهم بػػن من ػػاب التبيبػ فنقػػل عػػن الطػ ي أنػ كػػاف مػػن‬ ‫وقػػاؿ‪ :‬أنبلػ أبػػو عبػػر وتػػرجم ً‬
‫عبػػاؿ الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬علػػى صػػدقات ب ػ سبػػيم فبػػات اؼبصػػطفى ‪-‬علي ػ السػػبلـ‪-‬‬
‫وه ػػو عل ػػى ذل ػ وت ػػرجم لعكرمػػة ب ػػن أل جه ػػل فنق ػػل ع ػػن الط ػ ي‪ :‬أف الن ػ ‪-‬علي ػ الس ػػبلـ‪-‬‬
‫استعبل عل صدقات هوازف عاـ وفات وتػرجم ؼبالػ بػن نػويرة فػذكر أنػ كػاف مػن أرداؼ اؼبلػوؾ‬
‫وأن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬استعبل على صدقات قوم وترجم ؼبتبم بن نػويرة التبيبػ فقػاؿ‪:‬‬
‫بع ػ ‪-‬علي ػ السػػبلـ‪ -‬علػػى صػػدقات ب ػ سبػػيم وى ترصبػػة مػػرداس بػػن مال ػ الغنػػوي أن ػ ‪-‬علي ػ‬
‫السبلـ‪ -‬والخ صدقة قوم " أهػ‪.‬‬
‫وهبػػذا يكػػوف النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬قػػد غطػػى اعبزيػػرة ‪-‬تقريبًػػا‪ -‬بسػػعات ومصػدرقي ليتولػوا‬
‫هذخ الفريضة من أهلها ويوزعوها على مستحقيها‪.‬‬
‫وكػػاف ‪-‬عليػ الصػػبلة والسػػبلـ‪ -‬يػػزودهم ‪ -‬كبػػا ذكرنػػا مػػن قبػػل ‪ -‬بالنصػػا والتعليبػػات البلزمػػة‬
‫ؽبم ى معاملة أرباب األمواؿ ويوص دا ًبا بالرفق هبم والتيسك عليهم دوف هتاوف ى حق اهلل‪.‬‬
‫كبا كاف ُوب رذر هؤالء السعاة أود التحػذير مػن تنػاوؿ وػ ء مػن اؼبػاؿ العػاـ بغػك حػق مهبػا يكػن‬
‫قلػػيبلً‪ .‬وكػػاف وباس ػ بعضػػهم أحيانًػػا‪ .‬كبػػا قيػػل‪ :‬إف ابػػن اللتيبػػة ؼبػػا قػػدـ حاسػػب [عػػن أل ضبيػػد‬
‫الساعدي قاؿ‪ :‬استعبل رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ابن اللتيبة ‪ -‬رجبلً مػن األزد ‪ -‬علػى‬
‫الصدقة ف اء باؼباؿ فدفع إَ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬فقاؿ‪ :‬هذا لكم وهذههدية‬
‫إَ فقػػاؿ لػ النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػػلم‪" :-‬أفػػبل قعػدت ى بيػػز أبيػ وأمػ فتنظػػر‬ ‫أهػديز ّ‬
‫أيهدي إلي أـ ال" ؟! (رواخ الييصاف واللفي ؼبسلم)]‪.‬‬
‫قػاؿ ابػػن القػػيم‪ :‬وكػاف ى هػػذا ُح ػػة علػػى ؿباسػبة العبػػاؿ (الػػوالة) واألمنػاء فػ ف ظهػػرت متيػػانتهم‬
‫عزؽبم ووَ أمينًا (زاد اؼبعاد واؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫وهذا كل يدلنا بوشوح على أف أمر الزكاة كاف منذ عهد الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬من وئوف‬
‫الدولة وامتتصاصها‪ .‬وؽبذا حرص الرسوؿ ‪-‬علي السبلـ‪ -‬أف يعني لكل قػوـ أو قبيلػة يػدمتلوف ى‬
‫اإلسبلـ مصدقًا يأمتذ من أغنيا هم الزكاة ويفرقها على مستحقيها‪ .‬وكذل متلفاؤخ من بعدخ‪.‬‬

‫وؽبػػذا قػػاؿ العلبػػاء‪" :‬هب ػ علػػى اإلمػػاـ أف يبعػػث السػػعاة ألمتػػذ الصػػدقة؛ وألف الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل‬
‫علي وسلم‪ -‬واػبلفاء من بعدخ كانوا يبع وف السػعاة؛ وألف ى النػاس مػن يبلػ اؼبػاؿ وال يعػرؼ مػا‬
‫هب ػ علي ػ ومػػنهم مػػن يبصػػل فوج ػ أف يبعػػث مػػن يأمتػػذ‪( "..‬اةبػػوع‪ 467/6 :‬والروش ػة‪:‬‬
‫‪.)246/2‬‬

‫أم ػػا أرب ػػاب األم ػ ػواؿ م ػػن أف ػ ػراد الي ػػع في ػ ػ عل ػػيهم أف يس ػػاعدوا ه ػػؤالء الس ػػعاة عل ػػى أداء‬
‫مهبػػتهم ويػػؤدوا إلػػيهم مػػا وج ػ علػػيهم وال يكتبػػوهم وػػيئًا مػػن أم ػواؿ زكػػاهتم‪ .‬هػػذا مػػا أمػػر ب ػ‬
‫رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬وما أمر ب أصحاب ‪.‬‬
‫عػػن جريػػر بػػن عبػػد اهلل قػػاؿ "جػػاء نػػاس مػػن األع ػراب إَ رسػػوؿ اهلل ‪ -‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪-‬‬
‫أناسػػا مػػن اؼبص ػدرقني (جبػػاة الصػػدقة) يأتوننػػا فيظلبوننػػا ! فقػػاؿ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل‬‫فقػػالوا‪ :‬إ رف ً‬
‫علي وسلم‪( : -‬أرشوا ُمصدرقيكم) (رواخ مسلم ى صحيح )‪.‬‬
‫وعػػن جػػابر بػػن عتيػ ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ -‬أف رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬قػػاؿ‪( :‬سػػيأتيكم‬
‫ركػ مبغضػوف فػ ذا أتػوكم فرحبػوا هبػم ومتلػوا بيػنهم وبػني مػػا يبتغػوف فػ ف عػدلوا فؤلنفسػػهم وإف‬
‫ظلب ػوا فعليهػػا ف ػ ف سبػػاـ زكػػاتكم رش ػػاهم وليػػدعوا لكػػم) (رواخ أبػػو داود كبػػا ى نيػػل األوط ػػار‪:‬‬
‫‪ -455/4‬طب ػػع الع باني ػػة وق ػػاؿ اؼبن ػػاوي ى الف ػػيض‪" :‬ال ريػ ػ أف اؼبص ػػطفى ‪-‬صػ ػلى اهلل عليػ ػ‬
‫وسػػلم‪ ٍ -‬يسػػتعبل ظاؼبػػا قػ بػػل كانػػز سػػعات علػػى غايػػة مػػن ربػػرى العػػدؿ؛ كيػػه ومػػنهم علػ ّػى‬
‫ً‬
‫وعبػػر ومعػػاذ؟ ومعػػاذ اهلل أف يػػوُ اؼبصػػطفى ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬ظاؼبػػا! فػػاؼبع ‪ :‬سػػيأتيكم‬
‫ً‬
‫عبػػاُ يطلبػػوف مػػنكم الزكػػاة والػػنفس ؾببولػػة علػػى حػ اؼبػػاؿ فتبغضػػومم وتزعبػػوف أمػػم ظػاؼبوف‬
‫وليسػوا بػػذل فقولػ ‪" :‬إف ظلبػوا" مبػ علػػى هػػذا الػػزعم‪ .‬ويػػدؿ علػػى ذلػ لفػػي "إف" اليػػرطية‬
‫وه تدؿ على الفرض والتقدير ال على اغبقيقة‪.‬‬
‫وقاؿ اؼبظهري‪ :‬ؼبا عم اغبكم صبيػع األزمنػة قػاؿ‪ :‬كيفبػا يأمتػذوف الزكػاة ال سبنعػوهم وإف ظلبػوكم‬
‫ف ػ ف ـبػػالفتهم ـبالفػػة للس ػػلطاف؛ ألم ػػم م ػػأموروف م ػػن جهت ػ وـبالفػػة الس ػػلطاف ت ػػؤدي إَ الفتن ػػة‬
‫وثوراما‪.‬‬
‫ورد اؼبناوي هذا القوؿ بأف العلة لو كانز ه اؼبصالفػة جػاز كتبػاف اؼبػاؿ لكنػ ٍ هبػز لقولػ ى‬
‫حػػديث‪" :‬نكػػتم مػػن أموالنػػا بقػػدر مػػا يعتػػدوف؟ قػػاؿ‪ :‬ال "أمػػا سػػعادة غكنػػا (كػػذا ولعػػل الص ػواب‪:‬‬
‫غػػكخ) أي الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬ف غضػػاب ظػػاؼبهم واج ػ وإرشػػاؤخ فيبػػا يروم ػ بػػاعبور‬
‫حراـ"‪( .‬انتهى من فيض القدير‪.)475/4 :‬‬
‫أديز الزكاة‬
‫وعن أنس ‪-‬رش اهلل عن ‪ : -‬أف رجبلً قاؿ لرسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ :-‬إذا ُ‬
‫ز منها إَ اهلل ورسول ؟ قاؿ‪( :‬نعػم إذا أديتهػا إَ رسػوُ فقػد بر ػز منهػا إَ‬ ‫إَ رسول فقد بر ُ‬
‫اهلل ورسػول ولػ أجرهػػا وإشبهػػا علػػى مػػن بػػدؽبا) (نسػػبة ى اؼبتقػػى إَ أضبػػد (نيػػل األوطػػار اؼبرجػػع‬
‫السابق)‪ -45( .‬فق الزكاة‪.)2/‬‬

‫فتاوى الصحابة‪:‬‬

‫وعػػن سػػهل بػػن أل صػػاً عػػن أبيػ قػػاؿ‪" :‬اجتبػػع عنػػدي نفقػػة فيهػػا صػػدقة ‪ -‬يعػ بلغػػز نصػػاب‬
‫الزكاة ‪ -‬فسألز سعد بن أل وقاص وابػن عبػر وأبػا هريػرة وأبػا سػعيد اػبػدري أف أقسػبها أو‬
‫صبيعا أف أدفعها إَ السلطاف ما امتتله عل منهم أحد"‪.‬‬ ‫أدفعها إَ السلطاف؟‪ .‬فأمروْ ً‬
‫وى روايػػة‪" :‬فقلػػز ؽبػػم‪ :‬هػػذا السػػلطاف يفعػػل مػػا تػػروف (كػػاف هػػذا ى عهػػد بػ أميػػة) فػػأدفع إلػػيهم‬
‫زكان؟! فقالوا كلهم‪ :‬نعم فادفعها"‪( .‬رواها اإلماـ سعيد بن منصور ى مسندخ) (كبا قاؿ النووي‬
‫ى اةبع)‪.‬‬
‫وعػػن ابػػن عبػػر ‪-‬رش ػ اهلل عن ػ ‪ -‬مػػا قػػاؿ‪( :‬ادفع ػوا صػػدقاتكم إَ مػػن والخ اهلل أمػػركم فبػػن بػػر‬
‫فلنفس ومن أه فعليها)‪.‬‬
‫وعن قزعة موَ زياد بن أبي أف ابن عبر قاؿ‪( :‬ادفعوها إليهم وإف وربوا هبػا اػببػر) قػاؿ النػووي‪:‬‬
‫روانبػػا البيهقػ ب سػػناد صػػحي أو حسػػن (هػػذخ األحاديػػث واآلثػػار كلهػػا ذكرهػػا اإلمػػاـ النػػووي ى‬
‫"اةبوع"‪.)464-462/6 :‬‬
‫وعن اؼبغكة بن وعبة أن قاؿ ؼبوَ ل ‪ -‬وهو على أموال بالطا ه‪ :‬كيه تصنع ى صدقة ماُ؟‬
‫قاؿ‪ :‬منها ما أتصدؽ ب ومنها ما أدفع إَ السلطاف‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬وفيم أنز من ذل ؟! (أنكر علي أف يفرقها بنفس )‪.‬‬
‫فقاؿ‪ :‬إمم يي وف هبا األرض ويتزوجوف هبا النساء !!‬
‫فق ػػاؿ‪ :‬ادفعه ػػا إل ػػيهم؛ فػ ػ ف رس ػػوؿ اهلل ‪-‬ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم‪ -‬أمرن ػػا أف ن ػػدفعها إل ػػيهم" (رواخ‬
‫البيهق ى السنن الكبك) (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫هػػذخ األحاديػػث الصػػروبة عػػن رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬وهػػذخ الفتػػاوى اغباظبػػة مػػن‬
‫صحابت الكراـ ذبعلنا ندرؾ بل نػوقن‪ :‬أف األصػل ى وػريعة اإلسػبلـ أف تتػوَ اغبكومػة اؼبسػلبة‬
‫أمر الزكاة فت بيها من أرباهبا وتصرفها على مستحقيها وأف على األمة أف تعاوف أولياء األمر ى‬
‫ذل إقر ًارا للنظاـ وإرساءً لدعا م اإلسبلـ وتقوية لبيز ماؿ اؼبسلبني‪.‬‬

‫من أسرار هذا التيريع‬

‫"وردبػػا قػػاؿ قا ػػل‪ :‬إف اليػػأف ى األديػػاف أف تػػوقي الضػػبا ر وربػػىي القلػػوب وتضػػع أمػػاـ أبصػػار‬
‫الناس م بلً أعلى ه رباوؿ أف تقودهم بزماـ اليوؽ إَ م وبة اهلل أو تسوقهم بسوط اػبيية من‬
‫عقاب ػ تاركػػة ألصػػحاب السػػلطاف أف وبػػددوا وينظب ػوا ويطػػالبوا ويعػػاقبوا فهػػذا مػػن وػػأف السػػلطة‬
‫السياسية وليس من مهبة التوجي الدي !‬
‫أبدا ى اإلسبلـ ف ن عقيػدة ونظػاـ‬ ‫واعبواب‪ :‬أف هذا قد يص ى أدياف أمترى ولكن ال يص ً‬
‫ومتلق وقانوف وقرآف وسلطاف‪.‬‬
‫ميطورا ى اإلسبلـ‪ :‬وطر من للدين ووػطر آمتػر للػدنيا وليسػز اغبيػاة مقسػومة‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ليس اإلنساف‬
‫بعضها لقيصر وبعضها هلل‪ .‬وإمبا اغبياة كلها واإلنساف كل والكوف كل هلل الواحد القهار‪.‬‬
‫ج ػػاء اإلس ػػبلـ رس ػػالة و ػػاملة هادي ػػة ف عل ػػز م ػػن ه ػػدفها ربري ػػر الف ػػرد وتكريبػ ػ وترقي ػػة اةتب ػػع‬
‫وإسعادخ وتوجيػ اليػعوب واغبكومػات إَ اغبػق واػبػك ودعػوة البيػرية كلهػا إَ اهلل‪ :‬أف يعبػدوخ‬
‫بعضا أربابًا من دوف اهلل‪.‬‬
‫وال ييركوا ب ويئًا وال يتصذ بعضهم ً‬
‫وى هذا اإلطػار جػاء نظػاـ الزكػاة فلػم ُذبعػل مػن وػئوف الفػرد بػل مػن وظيفػة اغبكومػة اإلسػبلمية‬
‫فوكل اإلسبلـ جبايتها وتوزيعهػا علػى مسػتحقيها إَ الدولػة ال إَ شػبا ر األفػراد وحػدها وذلػ‬
‫عببلة أسباب ال وبسن بيريعة اإلسبلـ أف هتبلها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬إف ك ًكا من األفراد قد سبوت شبا رهم أو يصػيبها السػقم واؽبػزاؿ فػبل شػباف للفقػك إذا تػرؾ‬
‫حق ؼب ل هؤالء‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬ى أمتذ الفقك حقػ مػن اغبكومػة ال مػن اليػصل الغػ حفػي لكرامتػ وصػيانة ؼبػاء وجهػ‬
‫أف يراؽ بالسؤاؿ ورعاية ؼبياعرخ أف هبرحها اؼبن أو األذى‪.‬‬
‫ثالًا‪ :‬إف ترؾ هذا األمر لؤلفراد هبعل التوزيع فوشى فقد ينتب أك ر من غ إلعطاء فقػك واحػد‬
‫فقرا‪.‬‬
‫على حني يُغفل عن آمتر فبل يفطن ل أحد وردبا كاف أود ً‬
‫ػورا عل ػػى األف ػراد م ػػن الفق ػراء واؼبس ػػاكني وأبنػػاء الس ػػبيل؛ فب ػػن‬
‫ابعػػا‪ :‬إف ص ػػرؼ الزك ػاة ل ػػيس مقصػ ً‬
‫رً‬
‫اعبهػػات الػػب تُصػػرؼ فيهػػا الزكػػاة مصػػاً عامػػة للبسػػلبني ال يقػػدرها األف ػراد وإمبػػا يقػػدرها أولػػو‬
‫األمر وأهل اليورى ى اعبباعة اؼبسلبة ك عطاء اؼبؤلفة قلوهبم وإعداد العػدة والعػدد لل هػاد ى‬
‫سبيل اهلل وذبهيز الدعاة لتبليغ رسالة اإلسبلـ ى العاؼبني‪.‬‬
‫متامسػػا‪ :‬إف اإلسػػبلـ ديػػن ودولػػة وقػػرآف وسػػلطاف‪ .‬وال بػػد ؽبػػذا السػػلطاف وتل ػ الدولػػة مػػن مػػاؿ‬ ‫ً‬
‫تقػيم بػ نظامهػػا وتنفػذ بػ ميػػروعاهتا‪ .‬وال بػد ؽبػػذا اؼبػػاؿ مػن مػوارد والزكػػاة مػورد هػػاـ دا ػػم لبيػػز‬
‫اؼباؿ ى اإلسبلـ" (من كتبانا "ميكلة الفقر وكيه عاعبها اإلسبلـ" ص ‪.)95-94‬‬
‫بيز ماؿ الزكاة‬

‫ومػػن هنػػا نعلػػم أف األسػػاس ى النظػػاـ اإلسػػبلم أف يكػػوف للزكػػاة ميزانيػػة متاصػػة وحصػػيلة قا بػػة‬
‫بػػذاهتا ينفػػق منهػػا علػػى مصػػارفها اػباصػػة احملػػددة وهػ مصػػارؼ إنسػػانية وإسػػبلمية متالصػػة وال‬
‫تُضم إَ ميزانية الدولة العامة الكبكة الب تتسع ؼبيروعات ـبتلفة وتُصرؼ ى مصارؼ وك‪.‬‬
‫ولقػػد أوػػارت آيػػة مصػػارؼ الزكػػاة مػػن سػػورة التوبػػة إَ هػػذا اؼببػػدأ حػػني قػػررت أف العػػاملني عليهػػا‬
‫يأمتذوف مرتباهتم منها‪ .‬فبع هذا أف يكوف ؽبا ميزانية مستقلة يُنفق على إدارهتػا منهػا كبػا بينػا‬
‫ذل ى مصارؼ الزكاة‪ .‬وذل ما فهب اؼبسلبوف منذ أقدـ العصور‪ .‬فقد جعلوا للزكاة بيز مػاؿ‬
‫قا ًبا بذات ‪ .‬إذ قسبوا بيوت اؼباؿ ى الدولة اإلسػبلمية إَ أربعػة أقسػاـ فصػلها فقهػاء اغبنفيػة ى‬
‫كتبهم‪.‬‬
‫أوؽبػػا‪ :‬بيػػز اؼبػػاؿ اػبػػاص بالصػػدقات وفي ػ م ػػل زكػػاة األنعػػاـ السػػا بة وعيػػور األراش ػ ومػػا‬
‫يأمتذخ العاور من ذبار اؼبسلبني اؼبارين علي ‪.‬‬
‫ال اْ‪ :‬بيز اؼباؿ اػباص حبصيلة اعبزية واػبراج‪.‬‬
‫ال الػث‪ :‬بيػز اؼبػاؿ اػبػاص بالغنػا م والركػاز (عنػد مػن يقػوؿ‪ :‬إنػ لػيس مػن الزكػاة وال يُصػرؼ ى‬
‫مصارفها)‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬بيز اؼباؿ اػباص بالضوا ع وه األمواؿ الػب ال يُعػرؼ ؽبػا مالػ ومنهػا ال كػات الػب ال‬
‫وارث ؽبا أو ؽبا وارث ال يرد علي كأحد الػزوجني وديػة اؼبقتػوؿ الػذي ال وُ لػ واللقطػات الػب‬
‫ٍ يُعرؼ ؽبا صاح (انظر اؼببسوط‪ 48/3 :‬والبدا ع‪ 69 68/2 :‬والدر اؼبصتار وحاوية رد‬
‫احملتار علي ‪.)66 59/2 :‬‬
‫األمواؿ الظاهرة واألمواؿ الباطنة ومن يل زكاهتا‬

‫قسػػم الفقهػػاء األم ػواؿ ال ػػب ذب ػ فيهػػا الزكػػاة إَ ظػػاهرة وباطنػػة‪ :‬فالظػػاهرة ه ػ الػػب يبكػػن لغ ػػك‬
‫مالكها معرفتها وإحصاؤها وتيبل اغباصبلت الزراعية من حبوب وشبار وال روة اغبيوانية من إبل‬
‫وبقر وغنم‪.‬‬
‫واألمواؿ الباطنػة هػ النقػود ومػا ى حكبهػا وعػروض الت ػارة‪ .‬وامتتلفػوا ى زكػاة الفطػر فأغبقهػا‬
‫بعضهم بالظاهرة وبعضهم بالباطنة‪.‬‬
‫فأمػػا القسػػم األوؿ ‪ -‬وهػػو اؼبػػاؿ الظػػاهر ‪ -‬فقػػد اتفق ػوا ‪ -‬تقريبًػػا ‪ -‬علػػى أف واليػػة جبايتػ وتفريق ػ‬
‫علػػى مسػػتحقي لػػوَ األمػػر ى اؼبسػػلبني ولػػيس مػػن وػػأف األف ػراد وال يُػ ؾ لػػذفبهم وشػػبا رهم‬
‫وتقػػديرهم اليصصػ وهػػو الػػذي تػواترت الروايػػات أف النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬كػػاف يبعػػث‬
‫رس ػػل وعبالػ ػ لتحص ػػيل الواجػ ػ عل ػػيهم فيػ ػ وه ػػو ال ػػذي ُهبػ ػ اؼبس ػػلبوف عل ػػى أدا ػ ػ للدول ػػة‬
‫وهباهدوف على منعػ (انظػر‪ :‬األمػواؿ‪ :‬ص‪ .)534‬وؽبػذا قػاؿ أبػو بكػر ى وػأف قبا ػل العػرب الػب‬ ‫ُ‬
‫أبز أف تدفع إلي الزكاة الب كانوا يدفعوما لرسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( : -‬واهلل لو منعوْ‬
‫عقاالً كانوا يؤدون لرسوؿ اهلل لقاتلتهم علي ) وهذا كاف ى األمواؿ الظاهرة وخباصة األنعاـ‪.‬‬
‫أما القسم ال اْ ‪ -‬وهو األمواؿ الباطنة من نقود وعروض ذبػارة ‪ -‬فقػد اتفقػوا علػى أف لئلمػاـ أف‬
‫يتػػوَ أمتػذها ويقػػوـ بتوزيعهػػا علػػى أهلهػػا؛ ولكػػن هػػل هبػ عليػ ذلػ ؟ وهػػل لػ أف ُهبػ النػػاس‬
‫على دفعها إلي وإَ موظفي ؟ وأف يقاتلهم على ذل كبا فعل أبو بكر؟‬
‫هذا ما امتتله في الفقهاء وفيبا يل أهم أقواؿ اؼبذاه ى والية الزكاة‪:‬‬
‫رأي اغبنفية‪:‬‬
‫صػ َػدقَةً)‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬
‫فعنػػد اغبنفيػػة‪ :‬واليػػة األم ػواؿ الظػػاهرة إَ اإلمػػاـ ال إَ اؼبػػبلؾ آليػػة ( ُمت ػ ْذ مػ ْػن ْأمػ َػواؽب ْم َ‬
‫(التوبة‪ .)463 :‬وألف أبا بكر طالبهم بالزكاة وقاتلهم عليها‪ .‬وألف ما لئلماـ قبضة حبكم الوالية‬
‫ال هبوز دفع إَ اؼبوَ علي كبا ى وُ اليتيم (انظر‪ :‬اؼبغ ‪ -643/2 :‬طبع اؼبنار)‪.‬‬
‫وأمػا األمػواؿ الباطنػة فهػ مفوشػػة إَ أرباهبػا وقػػد كانػز ى األصػػل لئلمػػاـ ه تػرؾ أداؤهػػا إلػػيهم‬
‫منذ عهد ع باف ‪-‬رش اهلل عن ‪ -‬حيث رأي اؼبصلحة ى ذل ووافق الصحابة ‪ -‬كبػا سػيأن‬
‫‪ -‬فصار أرباب األمواؿ كالوكبلء عن اإلماـ وإف ٍ يُبطل ذلػ حقػ ى أمتػذها‪ .‬وؽبػذا قػالوا‪ :‬لػو‬
‫علػػم السػػلطاف مػػن أهػػل بلػػدة أمػػم ال يػػؤدوف زكػػاة األم ػواؿ الباطنػػة ف ن ػ يطػػالبهم هبػػا وإال فػػبل‬
‫ؼبصالفت اإلصباع (حاوية ابن عابدين‪.)5/2 :‬‬
‫وأمػواؿ الت ػػارة ى مواشػػعها مػػن األمػواؿ الباطنػػة فػ ذا كانػػز منقولػػة مػػن إقلػػيم إَ إقلػػيم ومػ ّػر هبػػا‬
‫التاجر على العاور فقد التحقز بالظاهرة ووج دفعها إلي ‪ .‬والعاور هو من نصب اإلماـ على‬
‫الطريق للبسافرين ليأمتذ الصدقات وغكها من الت ار اؼبارين بأمواؽبم علي ‪ .‬قالوا‪ :‬وما ورد من ذـ‬
‫ظلبا (اؼبرجع السابق ص‪.)42-44‬‬ ‫العيار ؿببوؿ على اآلمتذ ً‬

‫رأي اؼبالكية‪:‬‬
‫وقػػاؿ اؼبالكيػػة‪ :‬تػػدفع الزكػػاة وجوبًػػا لئلمػػاـ الع ػدؿ ى أمتػػذها وصػػرفها وإف كػػاف جػػا ًرا ى غكنبػػا‬
‫نقدا) ف ف طلبها العدؿ فادع إمتراجها ٍ يُصدؽ‪.‬‬ ‫سواء أكانز ماوية أـ حرثًا أو عينًا ( ً‬
‫وهل الدفع ؼب ل هذا اإلماـ واج أو جا ز فق ؟‬
‫ذكػػر الػػدردير ى وػػرح الكبػػك أن ػ واج ػ ‪ .‬واع ش ػ الدسػػوق ى حاوػػيت بأن ػ مكػػروخ كبػػا ى‬
‫التوشي وغكخ‪.‬‬
‫وإمبػػا الواج ػ اتفاقًػػا هػػو الػػدفع إَ العػػدؿ ى األمتػػذ والصػػرؼ وى غكنبػػا (اليػػرح الكبػػك حباوػػية‬
‫الدسوق ‪.)564-563/4 :‬‬
‫وقػػاؿ القػػرط ‪" :‬إذا كػػاف اإلمػػاـ يعػػدؿ ى األمت ػػذ والصػػرؼ ٍ يس ػػغ للبال ػ أف يت ػػوَ الصػػرؼ‬
‫بنفسػ ى النػػاض (النقػػد) وال غػػكخ وقػػد قيػػل‪ :‬إف زكػػاة النػػاض علػػى أربابػ وقػػاؿ ابػػن اؼباجيػػوف‪:‬‬
‫ذل إذا كاف الصرؼ للفقراء واؼبساكني ف ف احتػي إَ صػرفها لغكنبػا مػن األصػناؼ فػبل يفػرؽ‬
‫عليهم إال اإلماـ" (تفسك القرط ‪.)477/8 :‬‬
‫اليافعية‪:‬‬
‫وعند اليافعية‪ :‬للبال أف يفرؽ زكات بنفس ى األمواؿ الباطنة وه ‪ :‬الذه والفضة وعػروض‬
‫الت ارة وزكاة الفطر (وفيها وج أما من األمواؿ الظاهرة)‪.‬‬
‫وأمػػا األمػواؿ الظػػاهرة والغػػبلت الزراعيػػة واؼبعػػادف ففػ جػواز تفريقهػػا بنفسػ قػػوالف أظهرنبػػا وهػػو‬
‫اعبديػػد‪ :‬هب ػػوز والق ػػدٓ‪ :‬ال هبػػوز بػػل هب ػ صػػرفها إَ اإلمػػاـ إف كػػاف عػػادالً ف ػ ف كػػاف جػػا ًرا‬
‫فوجهاف أحدنبا‪ :‬هبوز وال هب وأصحهبا‪ :‬هب الصرؼ إلي لنفاذ حكب وعدـ انعزال ‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬ولو طلػ اإلمػاـ زكػاة األمػواؿ الظػاهرة وجػ التسػليم إليػ بػبل متػبلؼ بػذالً للطاعػة فػ ف‬
‫امتنعوا قاتلهم اإلماـ وإف أجابوا إَ إمتراجها بأنفسهم ف ف ٍ يطلبها اإلمػاـ وٍ يػأت السػاع‬
‫أمترها رب اؼباؿ ما داـ يرجو ؾب ء الساع ف ذا أيس فرؽ بنفس ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫طوعا‬
‫وأما األمواؿ الباطنة فقاؿ اؼباوردي‪ :‬ليس للوالة نظر ى زكاهتا وأرباهبا أحق هبا ف ف بذلوها ً‬
‫قبلهػػا ال ػواُ ف ػ ف عل ػػم اإلمػػاـ مػػن رج ػػل أن ػ ال يؤديه ػػا بنفس ػ فهػػل ل ػ أف يق ػػوؿ‪ :‬إمػػا أف ي ػػدفع‬
‫بنفس وإما أف تدفع إَ حك أفرؽ؟ في وجهاف هبرياف ى اؼبطالبة بالنذور والكفارات‪.‬‬
‫قاؿ النووي‪" :‬األص وجوب هذا القوؿ إزالة للبنكر" (الروشة‪.)266-265/2 :‬‬

‫اغبنابلة‪:‬‬
‫وعنػػد اغبنابلػػة‪ :‬ال هب ػ دفعهػػا إَ اإلمػػاـ ولكػػن لػ أمتػػذها وال ىبتلػػه اؼبػػذه ‪-‬كبػػا قػػاؿ ى‬
‫اؼبغ ‪ -‬أف دفعهػا إَ اإلمػاـ جػا ز سػواء أكػاف عػادالً أو غػك عػادؿ وسػواء أكانػز مػن األمػواؿ‬
‫الظاهرة أو الباطنة‪ .‬وي أ بدفعها إلي سػواء تلفػز ى يػد اإلمػاـ أو ٍ تتلػه صػرفها ى مصػارفها‬
‫ػرعا فػ يء بػػدفعها ؼبػػا‬
‫أو ٍ يصػػرفها ؼبػػا جػػاء ذل ػ عػػن الصػػحابة‪ .‬وألف اإلمػػاـ نا ػ عػػنهم وػ ً‬
‫ػرعا ف ػ يء بػػدفعها إلي ػ كػػوُ اليتػػيم إذا‬
‫جػػاء ذل ػ عػػن الصػػحابة‪ .‬وألف اإلمػػاـ نا ػ عػػنهم وػ ً‬
‫أيضا ى أف صاح اؼباؿ هبوز أف يُفرقها بنفس ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قبضها ل وال ىبتله اؼبذه‬
‫أي ذل أح وأفضل‪ :‬أف يفرقها اؼبال بنفس إذا ٍ يطلبها اإلماـ‬ ‫وإمبا اػببلؼ ى اؼبذه ‪ُّ :‬‬
‫أـ يدفعها إَ اإلماـ العادؿ ليقوـ بصرفها ى ؿبلها؟‬
‫قاؿ ابن قدامة ى "اؼبغ "‪:‬‬
‫"يُسػػتح لئلنسػػاف أف يل ػ تفرقػػة الزكػػاة بنفس ػ ليكػػوف علػػى يقػػني مػػن وصػػوؽبا إَ مسػػتحقها‬
‫س ػواء أكانػػز مػػن األم ػواؿ الظػػاهرة أو الباطنػػة‪ .‬قػػاؿ اإلمػػاـ أضبػػد‪ :‬أع ػ إَ أف ىبرجه ػػا وإف‬
‫دفعها إَ السلطاف فهو جا ز‪.‬‬
‫وقاؿ اغبسن ومكحوؿ وسعيد بن جبك وميبوف بن ِمهراف‪ :‬يضعها رب اؼباؿ ى موشعها‪.‬‬
‫وقاؿ ال وري‪ :‬احله ؽبم واكذهبم وال تعطهم ويئًا إذا ٍ يضعوها مواشعها وقاؿ‪ :‬ال تعطهم‪.‬‬
‫وقاؿ عطاء‪ :‬أعطهم إذا وشعوها مواشعها‪ .‬فبفهوم ‪ :‬أن ال يعطيهم إذا ٍ يكونوا كذل ‪.‬‬
‫وقاؿ اليع وأبو جعفر‪ .‬إذا رأيز الوالة ال يعدلوف فضعها ى أهل اغباجة من أهلها‪.‬‬
‫(ويبلحي أف هذخ األقواؿ ى الوالة اعبا رين فبل تؤيد ما قال صاح اؼبغ )‪.‬‬
‫قػػاؿ‪ :‬وقػػد روى عػػن أضبػػد أن ػ قػػاؿ‪ :‬أمػػا صػػدقة األرض فيع ب ػ دفعهػػا إَ السػػلطاف وأمػػا زكػػاة‬
‫األمواؿ ‪ -‬كاؼبواو ‪ -‬فبل بأس أف يضعها ى الفقراء واؼبساكني‪.‬‬
‫فظاهر هذا‪ :‬أن استح دفع العُير متاصػة إَ األ بػة وذلػ ألف العُيػر قػد ذهػ قػوـ إَ أنػ‬
‫مؤونة األرض فهو كاػبراج يتوالخ األ بة خببلؼ سا ر الزكاة‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬والذي رأيز ى اعبامع قاؿ‪ :‬أما صدقة الفطر فيع ب دفعها إَ السلطاف‪.‬‬
‫ه قاؿ أبو عبد اهلل ‪ -‬يع اإلماـ أضبد ‪ -‬قيل البن عبر‪ :‬إمم يقلدوف هبػا الكػبلب وييػربوف هبػا‬
‫اػببور؟! قاؿ‪ :‬ادفعها إليهم‪.‬‬
‫وقػػاؿ ابػػن أل موسػػى وأبػػو اػبطػػاب‪ :‬دفػػع الزكػػاة إَ اإلمػػاـ العػػادؿ أفضػػل وهػػو قػػوؿ أصػػحاب‬
‫اليافع ‪.‬‬
‫ه ذكػػر ابػػن قدامػػة قػػوؿ مػػن يوجػ دفعهػػا إَ اإلمػػاـ ى كػػل األمػواؿ وقػػوؿ مػػن يوجػ ذلػ ى‬
‫األم ػواؿ الظػػاهرة كبال ػ وأل حنيفػػة وأل عبيػػد مسػػتدلني دبػػا ذكرنػػاخ مػػن قبػػل بآيػػة‪ُ ( :‬مت ػ ْذ ِمػ ْػن‬
‫ْأم َواؽبِِ ْم) (التوبة‪ .)463 :‬ومقاتلة أل بكر والصحابة عليها…إٌ‪.‬‬
‫ورد عليهم بقول ‪ :‬ولنا على جواز دفعها بنفس أن دفع اغبق إَ مسػتحق اعبػا ز تصػرف فػأجزأخ‬
‫كبا لو دفع الدين إَ غريب وكزكاة األمواؿ الباطنة وألن أحد نوع الزكاة فأوب النوع األمتر‬
‫واآلية تدؿ على أف لئلماـ أمتػذها وال متػبلؼ فيػ ومطالبػة أل بكػر هبػا؛ لكػومم ٍ يؤدوهػا إَ‬
‫أهلها ولو أدوها إَ أهلهػا ٍ يقػاتلهم عليهػا؛ ألف ذلػ ـبتلػه ى إجزا ػ فػبل ذبػوز اؼبقاتلػة مػن‬
‫أجل وإمبا يطال اإلماـ حبكم الوالية والنيابة عن مستحقيها ف ذا دفعها إلػيهم جػاز؛ ألمػم أهػل‬
‫رود خببلؼ اليتيم‪.‬‬
‫وأما وج فضيلة دفعها بنفس فؤلنػ إيصػاؿ اغبػق إَ مسػتحقي مػع تػوفك أجػر العبالػة وصػيانة‬
‫حقهػػم مػػن متطػػر اػبيانػػة ومباوػػرة تف ػري كربػػة مسػػتحقها وإغنا ػ هبػػا مػػع إعطا هػػا لػػؤلوَ مػػن‬
‫ؿباوي أقارب وذوي رضب وصلة رضب هبا فكاف أفضل كبا لو ٍ يكن آمتذها من أهل العدؿ‪.‬‬
‫قاؿ ابن قدامة‪ :‬ف ف قيل‪ :‬فالكبلـ ى اإلماـ العادؿ؛ إذ اػبيانة مأمونة ى حق ‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬اإلماـ ال يتوَ ذل بنفس بػل يفوشػ إَ سػعات وال تػؤمن مػنهم اػبيانػة ه ردبػا ال يصػل‬
‫إَ اؼبسػػتحق ‪ -‬الػػذي قػػد علبػ اؼبالػ مػػن أهلػ وجكانػ ‪ -‬وػ ء منهػػا‪ .‬وهػػم أحػػق النػػاس بصػػلت‬
‫وصدقت ومواسات (انظر‪ :‬اؼبغ ‪ -644-644/2 :‬طبع اؼبنار (ال ال ة)‪.‬‬

‫رأي الزيدية‪:‬‬
‫وعند الزيدية‪ :‬أف والية الزكاة إَ اإلماـ ظاهرة وباطنة وال واليػة لػرب اؼبػاؿ فيهػا مػع وجػود اإلمػاـ‬
‫العادؿ‪ .‬وفسروا الظاهرة بزكاة اؼبواو وال بار وم لها الفطرة واػبراج واػببس وكبوها‪ .‬والباطنة زكاة‬
‫النقدين وما ى حكبها كالسبا وأمواؿ الت ارة‪ .‬وهذا بيرط مطالبت هبا‪.‬‬
‫واستدلوا بآية‪ُ ( :‬مت ْذ ِم ْن ْأم َواؽبِِ ْم) (التوبة‪ .)463 :‬وحبديث‪ :‬تؤمتذ مػن أغنيػا هم وكبػوخ وببع ػ ‪-‬‬
‫صلى اهلل علي وسلم‪ -‬للسعاة‪ .‬وبفعل اػبلفاء‪ .‬وهذا خببلؼ الكفارات والنذور واؼبظاٍ فػبل واليػة‬
‫لئلماـ عليها وإمبا ه من وأف األفراد إال أف يتقاعدوا عن إمتراجها فيلزمهم اإلماـ بذل ‪.‬‬
‫والفرؽ‪ :‬أف الزكاة وكبوها وجبز ب هباب اهلل تعاَ‪ .‬خببلؼ الكفارات وكبوهػا ف مػا وجبػز بسػب‬
‫من اؼبكله‪.‬‬
‫وإذا ثبز أف أمر الزكاة إَ اإلماـ فبن أمترج زكات إَ غك اإلماـ بعد أف وقع الطل من اإلمػاـ‬
‫ٍ هبزخ الب أمترجها ولزم إعادت ولو كاف حاؿ اإلمتراج جاهبلً بأف أمرهػا إَ اإلمػاـ أو دبطالبتػ‬
‫عذرا ى اإلمتبلؿ ب ‪.‬‬
‫هبا؛ ألف جهل بالواج ال يكوف ً‬
‫واع ض بعضهم بأف الذي ال يُعذر جبهلػ هػو الواجػ اةبػع عليػ أمػا اؼبصتلػه فيػ فاعبهػل فيػ‬
‫كاالجتهاد ل وج ‪ .‬وى كوف والية الزكاة إَ اإلمػاـ ى األمػواؿ كلهػا متػبلؼ ومقتضػى هػذا أف‬
‫ذبز مع اعبهل باغبكم‪.‬‬
‫ورد على هذا بأف اػبػبلؼ اؼبػذكور إمبػا هػو عػدـ الطلػ مػن اإلمػاـ فأمػا مػع مطالبتػ فأمرهػا إليػ‬
‫باإلصباع وتسليبها إلي الزـ (ورح األزهار وحواوي ‪.)529-527/4 :‬‬
‫ػودا لكػػن رب اؼبػػاؿ ى غػػك جهػػة واليتػ فرقهػػا اؼبالػ‬
‫فػ ف ٍ يكػػن ى الزمػػاف إمػػاـ أو كػػاف موجػ ً‬
‫اؼبرود ى مستحقها (واؼبرود هو البالغ العاقل) وغك اؼبرود كالص واةنوف ومن ى حكبهبا ‪-‬‬
‫كاؼبغب علي واؼبفقود ‪ -‬ىبرجها ولي بالنية (ورح األزهار‪.)535-534/4 :‬‬

‫رأي اإلباشية‪:‬‬
‫ظاهرا ‪ -‬إَ اإلماـ وال يقسم غ زكات بنفس وإف‬ ‫وعند اإلباشية‪ :‬أمر الزكاة ‪ -‬إذا كاف اإلماـ ً‬
‫فعل أعادها وذبز إف أمرخ اإلماـ بتفريقها كذل نا اإلماـ وعامل ‪.‬‬
‫وعندهم قوؿ ب جزا ها إذا أعطاها بغك أمػر اإلمػاـ وأجػاز فعلػ وقػوؿ آمتػر بأمػا ذبز ػ مطل ًقػا إال‬
‫إف طالب هبا ف ن يعيدها ل ولو طالب بعد علب بأن قد أعطاها‪.‬‬
‫واستدؿ ؽبذا القوؿ األمتك بأف ابن مسعود ‪-‬رش اهلل عن ‪ -‬طل الزكػاة مػن زوجتػ فلػوال جػواز‬
‫إعطا ها إذا أعطيز بغك إذف اإلماـ ٍ يطلبها‪.‬‬
‫وأما قوؽبا‪ :‬ال حك أسأؿ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ف مبا امتنعز ـبافػة أال هبػوز للبػرأة‬
‫أف تعط زوجها وبنيها زكاهتا‪.‬‬
‫واسػػتدؿ مػػن أوج ػ إعطاءهػػا لئلمػػاـ بقػػوؿ أل بكػػر ‪-‬رش ػ اهلل عن ػ ‪( : -‬واهلل لػػو منعػػوْ عقػػاالً‬
‫كػػانوا يؤدون ػ إَ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬لقػػاتلتهم علي ػ )‪ .‬فأبػػاح قتػػاؽبم بػػل اعتقػػدخ‬
‫فريضػػة واجبػػة علػػى مػػنعهم الزكػػاة من ػ فيػػبل مػػا لػػو منعوهػػا لكػػومم قػػد أعطوهػػا ى أهلهػػا أو‬
‫لكػومم أرادوا أف يعطوهػا ألهلهػا بأنفسػهم أو لكػومم ال يعطومػا مطل ًقػا إنكػ ًارا ؽبػا وهػو الواقػع‬
‫ى نفػػس األم ػػر إذ ق ػػالوا‪ :‬ال قبعػػل ى أموالن ػػا وػػركاء وارتػػدوا والع ػ ة بعب ػػوـ اللفػػي ال خبص ػػوص‬
‫عبوما (ورح النيل‪.)438-437/2 :‬‬ ‫سبب ولفظ هنا علق في القتاؿ على اؼبنع ً‬

‫رأي اليع والباقر وأل رزين واألوزاع ‪:‬‬


‫وفبػػن قػػاؿ بػػدفعها إَ اإلمػػاـ‪ :‬اليػػع وؿببػػد بػػن عل ػ ‪ -‬البػػاقر ‪ -‬وأبػػو رزيػػن واألوزاع ػ ؛ ألف‬
‫ػاهرا وباطنًػا ودفعػ إَ الفقػك ال ي ػ باطنًػا؛ الحتبػاؿ‬ ‫اإلماـ أعلم دبصارفها ودفعها إليػ ي ػ ظ ً‬
‫أف يكوف غك مستحق ؽبا وألن ىبرج من اػببلؼ وتزوؿ عن التهبة‪ .‬وكاف ابن عبر يدفع زكات‬
‫ػز‬
‫ؼبن جاءخ من سعاة ابن الزبك أو قبػدة اغبػروري وقػد روى عػن سػهيل عػن أل صػاً قػاؿ‪ :‬أتي ُ‬
‫سعد بػن أل وقػاص فقلػز‪ :‬عنػدي مػاؿ وأريػد أف أمتػرج زكاتػ وهػؤالء القػوـ علػى مػا تػرى فبػا‬
‫تػػأمرْ؟ فقػػاؿ‪ :‬ادفعهػػا إلػػيهم‪ .‬فأتيػػز ابػػن عبػػر فقػػاؿ م ػػل ذل ػ فأتيػػز أبػػا هريػػرة فقػػاؿ م ػػل‬
‫ذل فأتيز أبا سعيد فقاؿ م ل ذل ‪ .‬ويروى كبوخ عن عا ية ‪-‬رش اهلل عنها‪( -‬انظر‪ :‬اؼبغ ‪:‬‬
‫‪ -643-642/2‬طبع اؼبنار (ال ال ة)‪.‬‬
‫موازنة وترجي ‪:‬‬

‫قبػل أف أرجػ وأمتتػار مػا أراخ بعػد هػذخ النقػوؿ مػن األقػواؿ واؼبػذاه أود أف أوػك إَ أف فقهػػاء‬
‫صبيعا ‪ -‬رغم امتتبلفهم على تفصيبلت ك كة ‪ -‬كاؼبتفقني على أمرين أساسيني‪:‬‬ ‫ً‬ ‫اؼبذاه‬
‫األوؿ‪ :‬أف من حق اإلماـ أف يطالػ الرعيػة بالزكػاة‪ .‬ى أي نػوع مػن أنػواع اؼبػاؿ ظػاهر أو بػاطن‬
‫ومتاصػػة إذا علػػم مػػن حػػاؿ أهػػل بلػػد أمػػم يتهػػاونوف ى إيتػػاء الزكػػاة كبػػا أمػػر اهلل وهػػذا مػػا أكػػدخ‬
‫علباء اغبنفية‪.‬‬
‫وؽبذا قاؿ بعض الفقهاء‪ :‬إف اػببلؼ ى كوف أمر الزكػاة إَ اإلمػاـ إمبػا هػو مػع عػدـ الطلػ منػ‬
‫فأما مع مطالبت فأمرها إلي باإلصباع (انظر‪ :‬ورح األزهار‪.)529/4 :‬‬
‫وحػػك لػػو قلنػػا ب بػػوت اػبػػبلؼ فػ ف مطالبت ػ وإلزامػ هبػػا ترفػػع اػبػػبلؼ ألف حكػػم اإلمػػاـ ى أمػػر‬
‫اجتهادي وتبني ل يرفع اػببلؼ في كقضاء القاش (انظر‪ :‬البحر‪.)496/2 :‬‬
‫ال ػػاْ‪ :‬وهػػذا أمػػر قطعػ ال ريػ فيػ وال متػػبلؼ‪ :‬أف اإلمػػاـ أو وُ األمػػر إذا أنبػػل أمػػر الزكػػاة وٍ‬
‫يطال هبا ٍ تسق التبعة عن أرباب اؼبػاؿ بػل تبقػى ى أعنػاقهم وال تطيػ ؽبػم حبػاؿ وهبػ‬
‫عليهم أداؤها بأنفسهم إَ مستحقيها؛ ألن عبادة وفريضة دينية الزمة بل لو اج أ حػاكم مػا أف‬
‫يقػػوؿ‪ :‬قػػد أعفيػػتكم منهػػا أو أسػػقطتها عػػنكم ‪ -‬ى األم ػواؿ اةبػػع عليهػػا ‪ -‬لكػػاف قول ػ بػػاطبلً‬
‫هدرا وظل كل مسلم مسئوالً عن إمتراجها إَ أهلها‪.‬‬ ‫وكبلم ً‬
‫وإذا ثبتز هاتاف اغبقيقتاف باتفاؽ فقد بق هنا أمر امتتلفوا في ؛ وهو ما يتعلق باألمواؿ الباطنة‬
‫وهل واليتها إَ اإلماـ أـ إَ األفراد‪.‬‬
‫وال ػػذي أراخ أف النص ػػوص واألدل ػػة الي ػػرعية ال ػػب جعل ػػز الزك ػػاة م ػػن و ػػئوف اإلم ػػاـ أو اغبكوم ػػة‬
‫اؼبسلبة ٍ تفرؽ بني ماؿ ظاهر وماؿ باطن وأف الواج على اغبكومة اؼبسػلبة ‪ -‬مػك وجػدت‬
‫‪ -‬أف تتوَ أمر الزكػاة ربصػيبلً وتوز ًيعػا‪ .‬هػذا هػو األصػل ى تلػ الفريضػة كبػا يتبػني ذلػ فيبػا‬
‫يل ‪:‬‬
‫ات) (التوبػػة‪" .)66 :‬دلػػز هػػذخ اآليػػة علػػى‬ ‫( أ ) قػػاؿ اإلمػػاـ الػرازي ى تفسػػكخ آليػػة‪( :‬إِمبػَػا الصػ َػدقَ ُ‬
‫ومػػن يل ػ مػػن قِبَلػ والػػدليل عليػ ‪ :‬أف اهلل ‪-‬تعػػاَ‪-‬‬ ‫أف هػػذخ الزكػػاة يتػػوَ أمتػػذها وتفرقتهػػا اإلمػػاـ َ‬
‫سهبا فيها وذلػ يػدؿ علػى أنػ ال بػد ى أداء هػذخ الزكػوات مػن عامػل والعامػل‬ ‫جعل للعاملني ً‬
‫هػػو الػػذي نصػػب اإلمػػاـ ألمتػػذ الزك ػوات فػػدؿ هػػذا الػػنل علػػى أف اإلمػػاـ هػػو الػػذي يأمتػػذ هػػذخ‬
‫ص َػدقَةً) (التوبػة‪ .)463 :‬فػالقوؿ بػأف‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الزكوات وتأكػد هػذا الػنل بقولػ تعػاَ‪ُ ( :‬متػ ْذ م ْػن ْأم َػواؽب ْم َ‬
‫اؼبالػ هبػػوز لػ إمتػراج زكػػاة األمػواؿ الباطنػػة بنفسػ إمبػػا يُعػػرؼ بػػدليل آمتػػر‪ .‬ويبكػػن أف يُتبسػ ى‬
‫إثباتػ بقولػ تعػػاَ‪َ ( :‬وِى ْأمػ َػواؽبِِ ْم َحػ لق لرلسػػا ِ ِل َوالْ َب ْح ُػر ِوـ) (الػػذاريات‪ .)49 :‬فػ ذا كػػاف ذلػ اغبػػق‬
‫ح ًقا للسا ل واحملروـ وج أف هبوز دفع إلي ابتداء" (التفسك الكبك للرازي‪.)444/46 :‬‬
‫أيضػا ى‬ ‫على أف هذخ اآلية الب ذكرها الرازي ال تصل ُمتَ َبس ًكا؛ ألف حق السػا ل واحملػروـ ثابػز ً‬
‫األمواؿ الظاهرة ببل و ومع ذل دلز الدال ل على أما من وأف اإلماـ ال من وئوف األفراد‬
‫كبا بني هو نفس ‪.‬‬
‫( ب ) وقاؿ احملقق اغبنف اليهك كباؿ الدين بن اؽبباـ‪ :‬إف ظاهر قول تعاَ‪ّ ( :‬مت ْذ ِم ْن ْأم َواؽبِِ ْم‬
‫صػ َػدقَةً) … اآليػػة يوجػ حػػق أمتػػذ الزكػػاة مطل ًقػػا لئلمػػاـ (يع ػ ‪ :‬ى األمػواؿ الظػػاهرة والباطنػػة)‪.‬‬ ‫َ‬
‫وعلى هذا كاف رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬واػبليفتاف من بعػدخ‪ .‬فلبػا وَ ع بػاف وظهػر‬
‫تغك الناس كرخ أف يفتو السعاة على الناس مسػتور أمػواؽبم ففػوض الػدفع إَ اؼبػبلؾ نيابػة عنػ‬
‫وٍ ىبتله الصحابة علي ى ذل ‪ .‬وهذا ال يُسق طل اإلماـ أصبلً‪ .‬ولذا لػو علػم أف أهػل بلػد‬
‫ال يؤدوف زكاهتم طالبهم هبا (فت القدير البن اؽبباـ‪ -487/4 :‬طبع بوالؽ)‪.‬‬
‫(جػ) وفبا يدؿ على أف الن ‪-‬صلى اهلل علي وسػلم‪ -‬كػاف يأمتػذ الزكػاة مػن األمػواؿ كلهػا ظػاهرة‬
‫أو باطنػػة‪ :‬مػػا رواخ أبػػو عبيػػد وال مػػذي والػػدارقط ‪ :‬أف النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬بعػػث عبػػر‬
‫ػز لرس ػػوؿ اهلل ص ػػدقة‬ ‫س ػػاعيًا عل ػػى الص ػػدقة ف ػػأتى العب ػػاس يس ػػأل ص ػػدقة مال ػ ‪ .‬فق ػػاؿ‪ :‬ق ػػد ع ل ػ ُ‬
‫سنتني فرفع عبر إَ الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬فقاؿ‪( :‬صدؽ عب ؛ قد تع لنػا منػ صػدقة‬
‫سػػنتني) (األم ػواؿ ص‪ 599‬واغبػػديث قػػد ورد مػػن عػػدة طػػرؽ ٍ زبػػل مػػن شػػعه ولكػػن يقػػوي‬
‫بعضػػا‪ .‬انظػػر فػػت البػػاري‪ 244/3 :‬وقػػد اسػػتدؿ الفقهػػاء باغبػػديث علػػى ج ػواز تع يػػل‬ ‫بعضػػها ً‬
‫الزكاة)‪.‬‬
‫زرعا وماوية‪.‬‬
‫تاجرا وٍ يكن مال ً‬ ‫واؼبعروؼ أف العباس كاف ً‬
‫( د ) وقد ورد حديث مياب لذل ‪ :‬أف الن ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬بعػث سػعات عببػع الزكػاة‬
‫فقاؿ بعض البلمزين‪ :‬منع ابن صبيل ومتالد بن الوليد والعباس بن عبػد اؼبطلػ فصطػ رسػوؿ‬
‫اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬فكذب عػن اثنػني‪ :‬عػن العبػاس ومتالػد وصػدؽ علػى ابػن صبيػل وفبػا‬
‫متالدا احتبس أدراع وأعتُدخ ى سبيل اهلل‪ .‬وأما العباس عم رسوؿ‬ ‫متالدا؛ إف ً‬ ‫قال ‪( :‬إمم يظلبوف ً‬
‫اهلل ‪-‬ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم‪ -‬فهػ ػ عليػ ػ وم له ػػا معه ػػا) وى رواي ػػة‪( :‬فهػ ػ عل ػػى وم له ػػا معه ػػا)‬
‫(األمواؿ ص‪ 593-592‬واغبديث رواخ أضبد والييصاف ‪ -‬نيل األوطار‪.)449/4 :‬‬
‫(هػ) يؤيد ذلػ مػا رواخ أبػو داود وغػكخ مػن حػديث علػ ّ أف النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬قػاؿ‪:‬‬
‫(هػػاتوا ربػػع العيػػور مػػن كػػل أربعػػني درنبًػػا درهػػم) ‪ ..‬اغبػػديث (انظػػر‪ :‬معػػاٍ السػػنن‪488/2 :‬‬
‫‪ 489‬وتعليق ابن القيم على هذا اغبديث ى هتذي سنن أل داود‪ .‬مع اؼبصدر نفس )‪.‬‬
‫فقول ‪( :‬هاتوا) يدؿ على طل الزكاة من النقود وإعطا ها لئلماـ‪.‬‬
‫( و ) وقػػد وردت الروايػػات الك ػػكة‪ :‬أف أبػػا بكػػر وعبػػر وع بػػاف وابػػن مسػػعود ومعاويػػة وعبػػر بػػن‬
‫عبػػد العزيػػز وغػػكهم كػػانوا يأمتػػذوف الزكػػاة مػػن العطػػاء وهػ رواتػ اعبنػػود ومػػن ى حكبهػػم مػػن‬
‫اؼبرتبني ى الديواف‪.‬‬
‫كاف أبػو بكػر ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ -‬إذا أعطػى إنسػانًا العطػاء سػأل ‪ :‬هػل لػ مػاؿ؟ فػ ف قػاؿ‪ :‬نعػم‬
‫زكى مال من عطا وإال سلم ل عطاءخ‪.‬‬
‫وكاف ابن مسعود يزك أعطياهتم من كل أله طبسة وعيرين (إذ كاف مذهب عػدـ اوػ اط اغبػوؿ‬
‫ى اؼباؿ اؼبستفاد) كبا بينا ذل من قبل‪.‬‬
‫وكػػاف عبػػر إذا متػػرج العطػػاء صبػػع أم ػواؿ الت ػػار فحس ػ عاجلهػػا وآجلهػػا ه يأمتػػذ الزكػػاة مػػن‬
‫الياهد والغا (مصنه ابن أل ويبة‪.)44/4 :‬‬
‫وعن قدامة قاؿ‪ :‬كنػز إذا جئػز ع بػاف بػن عفػاف ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ -‬أقػبض عطػا سػأل ‪ :‬هػل‬
‫عندؾ من ماؿ وجبز في الزكاة؟ فػ ف قلػز‪ :‬نعػم أمتػذ مػن عطػا زكػاة ذلػ اؼبػاؿ وإف قلػز‪:‬‬
‫ال دفع إَ عطا (األـ لليافع ‪ - 44/2 :‬طبع بوالؽ (األوَ)‪.‬‬
‫( ز ) كب ػػا أف الفت ػػاوى ال ػػب روي ػػز ع ػػن اب ػػن عب ػػر وغ ػػكخ م ػػن الص ػػحابة ‪-‬رش ػ اهلل ع ػػنهم‪ -‬ى‬
‫وجوب دفع الزكاة إَ األمراء وإف ظلبوا ٍ تفرؽ بني ماؿ ظاهر وماؿ باطن‪.‬‬

‫رأي أل عبيد ومناقيت ‪:‬‬


‫وقػػد ذكػػر بعػػض العلبػػاء دلػػيبلً فػػرؽ ب ػ بػػني اؼبػػالني‪ :‬وذل ػ هػػو السػػنة العبليػػة؛ إذ ٍ يصػػلنا نقػػل‬
‫مت ػواتر أو ميػػهور يػػدؿ علػػى أف الرسػػوؿ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬بعػػث عبال ػ ليأمتػػذوا حصػػة‬
‫ػودا كانػػز أو عػػروض ذبػػارة ويرسػػلوا هبػػا إلي ػ أو يوزعوهػػا علػػى‬ ‫بيػػز اؼبػػاؿ مػػن هػػذخ األم ػواؿ نقػ ً‬
‫اؼبستحقني بتفويض من كبا صنع ى األمواؿ الظاهرة األمترى‪.‬‬
‫وؽبذا ذه من ذه من األ بة إَ جواز دفع صػدقة هػذا اؼبػاؿ البػاطن إَ السػلطاف أو تفريقهػا‬
‫بنفس بيرط أف يتق اهلل ويضعها مواشعها وال وبال هبػا أح ًػدا أي األمػرين فعلػ صػاحب كػاف‬
‫مؤديًا للفرض الذي علي ‪.‬‬
‫قػػاؿ أبػػو عبيػػد‪" :‬وهػػذا عنػػدنا هػػو قػػوؿ أهػػل السػػنة والعلػػم مػػن أهػػل اغب ػػاز والع ػراؽ وغػػكهم ى‬
‫الصامز (الذه والفضة والعروض) ألف اؼبسلبني مؤسبنوف علي كبا ا تبنوا على الصبلة‪.‬‬
‫"وأمػػا اؼبواو ػ واغب ػ وال بػػار فػػبل يليهػػا إال األ بػػة‪ .‬ولػػيس لرهبػػا أف يغيبهػػا عػػنهم وإف هػػو فرقهػػا‬
‫ووشعها مواشعها فليسز قاشية عن وعلي إعادهتا إليهم؛ فرقز بني ذل السنة واآلثار‪.‬‬
‫"أال ترى أف أبا بكر الصديق إمبا قاتل أهل الردة ى اؼبهاجرين واألنصار على منع صدقة اؼبواو‬
‫وٍ يفعل ذل ى الذه والفضة"؟ (األمواؿ ص‪.)573‬‬
‫ه ذكر أبو عبيد صبلة آثار استدؿ هبا على أف األفراد هػم الػذين يتولػوف إمتػراج زكػاة مػاؽبم البػاطن‬
‫بأنفسهم‪.‬‬
‫واؼبتأمػػل ى هػػذخ اآلثػػار الػػب ذكرهػػا أبػػو عبيػػد ى ج ػواز تفريػػق اليػػصل زكػػاة مال ػ البػػاطن بنفس ػ‬
‫وعدـ دفعها إَ السلطاف هبدها ى اغبقيقة است ناء من األصل دفعهم إَ اإلفتاء ب ما رأوا من‬
‫اكبراؼ بعض اغبكاـ عن سنة الرسوؿ ومتلفا الراودين وؽبذا ٍ يظهر هذا القوؿ إال بعد الفػ‬
‫السياسػػية الػػب متػػيم ظبلمهػػا علػػى اةتبػػع اإلسػػبلم منػػذ عبلػػز الدسػػا س اليهوديػػة عبلهػػا ‪-‬‬
‫بقيادة ابن سبأ وأم ال ‪ -‬حك قُتل ع باف رش اهلل عن ‪.‬‬
‫فقد روى أبو عبيد بسػندخ عػن ابػن سػكين قػاؿ (األمػواؿ ص‪ 567‬ومػا بعػدها)‪" .‬كانػز الصػدقة‬
‫ترفع ‪ -‬أو قاؿ تدفع ‪ -‬إَ الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬أو َمن أمر ب وإَ أل بكر أو من أمر‬
‫ب وإَ عبر أو مػن أمػر بػ وإَ ع بػاف أو مػن أمػر بػ فلبػا قُتِػل ع بػاف امتتلفػوا‪ :‬فكػاف مػنهم‬
‫َمن يدفعها ومنهم من يقسبها وكاف فبن يدفعها إليهم ابن عبر"‪.‬‬
‫وهذا هو اؼبيهور عن ابن عبر الػذي قػاؿ‪( :‬مػا أقػاموا الصػبلة فادفعوهػا إلػيهم)‪ .‬وبعػض الروايػات‬
‫عنػ ٍ تقيػػد هبػػذا القيػػد بػػل قػػاؿ ؼبػػن اسػػتفتاخ ى زكاتػ ‪( :‬ادفعهػػا إَ األم ػراء وإف توزع ػوا هبػػا غبػػوـ‬
‫الكبلب على موا دهم) وقاؿ آلمتر‪( :‬ادفعها إليهم‪ .‬وإف ازبذوا هبا ثيابًا وطيبًا)‪.‬‬
‫ولكن بعض الروايات أفػاد أنػ رجػع عػن قولػ هػذا وقػاؿ‪ :‬شػعوها ى مواشػعها (اؼبرجػع السػابق)‪.‬‬
‫وناقي ػ صػػديق ل ػ فقػػاؿ‪ :‬مػػا تػػرى ى الزكػػاة؟ ف ػ ف هػػؤالء ال يضػػعوما مواشػػعها؟ فقػػاؿ ابػػن عبػػر‪:‬‬
‫ادفعهػػا إلػػيهم‪ .‬فقػػاؿ الرجػػل‪ :‬أرأيػػز لػػو أمتػػروا الصػػبلة عػػن وقتهػػا؛ أكنػػز تصػػل معهػػم؟ قػػاؿ‪ :‬ال‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬فهل الصبلة إال م ل الزكاة؟ فقاؿ ابن عبر‪ :‬لبّسوا علينػا لػبس اهلل علػيهم)! (اؼبرجػع نفسػ )‪.‬‬
‫تسليبا بوجهة نظر الرجل‪.‬‬ ‫وهذا يُعد ً‬
‫وك ػػذل ج ػػاء ع ػػن إبػ ػراهيم النصفػ ػ واغبس ػػن البص ػػري ق ػػاال‪" :‬ش ػػعها مواش ػػعها وامتفه ػػا" (نف ػػس‬
‫اؼبرجع)‪ .‬أي عن الوالة‪.‬‬
‫ػررا ه اجعلهػا فػيبن تعػرؼ وال يػأن عليػ اليػهر حػك‬ ‫وعن ميبػوف بػن مهػراف قػاؿ‪ :‬اجعلهػا ص ً‬
‫تفرقها‪.‬‬
‫وعن أل وبىي الكندي قاؿ‪ :‬سألز سعيد بن جبك عن الزكاة فقاؿ‪ :‬ادفعها إَ والة األمر‪ .‬فلبػا‬
‫قاـ سعيد تبعت فقلز‪ :‬إنػ أمػرت أف أدفعهػا إَ والة األمػر وهػم يصػنعوف هبػا كػذا ويصػنعوف‬
‫هبا كذا !! فقاؿ‪ :‬شعها حيث أمرؾ اهلل‪ .‬سألت على رؤوس األوهاد فلم أكن ألمت ؾ (األمواؿ‬
‫‪ -‬اؼبرجع السباؽ)‪.‬‬
‫فهذخ اآلثار والفتاوى ‪-‬وه الب استند إليها أبو عبيد‪ -‬قد دلز على ما قلناخ‪ :‬أما صدرت إباف‬
‫سػص الضػبك اإلسػبلم علػى بعػض والة اغبكػم األمػػوي واكبػراؼ ك ػك مػنهم عػن الػنه الػػذي‬
‫جرب الناس ى عهد الراودين‪.‬‬
‫على أن إذا صحز التفرقػة بػني اؼبػالني ى السػنة النبويػة وأف الرسػوؿ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ٍ -‬‬
‫يكػػن يرسػػل سػػعات ألمتػػذ الزكػػاة مػػن اؼبػػاؿ البػػاطن أو الصػػامز ‪ -‬كبػػا يسػػبى ‪ -‬ف ػ ف ذل ػ كػػاف‬
‫لسببني‪:‬‬
‫‪ -4‬أف الناس كانوا يأتوف هبا طا عني إَ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬بدافع اإليباف والرغبة‬
‫ى أداء الواج إرشاءً هلل تعاَ‪.‬‬
‫‪ -2‬وأف حصر هذا النوع من اؼباؿ كاف غك فبكن إال ألصػحاب ف كػز زكاتػ وإمتراجهػا لػذفبهم‬
‫وشبا رهم الب أحياها اإلسبلـ‪.‬‬
‫وكػذل اسػػتبر األمػر ى عهػػد اػبليفػة األوؿ أل بكػػر ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ . -‬أمػػا ى متبلفػة عبػػر بػػن‬
‫ػدوف‬‫اػبطػػاب فقػػد اتسػػعز رقعػػة الدولػػة اإلسػػبلمية واقتضػػاخ ذل ػ أف يػػنظم اليػػئوف اؼباليػػة ويػ ر‬
‫نظامػػا را ًعػػا للتكافػػل االجتبػػاع حػػك فػػرض لكػػل مولػػود ى اةتبػػع اإلسػػبلم‬ ‫الػػدواوين ويقػػيم ً‬
‫راتبًا‪ .‬وحك مشػل ذلػ التكافػل أهػل الذمػة مػع اؼبسػلبني وم ػل هػذا النظػاـ وبتػاج ‪ -‬وال وػ ‪-‬‬
‫إَ سبويل شصم وموارد غزيرة‪.‬‬
‫فبل ع إذا رأينا عبر ‪-‬رش اهلل عن ‪ -‬يكله عبال أف هببعوا الزكاة من األمواؿ كلها ظاهرة‬
‫وباطن ػػة وال ي كوه ػػا ى الباطن ػػة ألص ػػحاهبا يق ػػدموما بأي ػػديهم ـبت ػػارين‪ .‬وك ػػل ه ػػذا تعزي ػػز ؼبيزاني ػػة‬
‫التكافل وتقوية لبيز ماؿ اؼبسلبني‪.‬‬
‫وش ػػع عب ػػر ل ػػذل نظ ػػاـ احملص ػػلني اؼبع ػػروفني باس ػػم "العاو ػرين"‪ .‬وإمبػ ػا ظبػ ػوا ب ػػذل ؛ ألم ػػم ك ػػانوا‬
‫يأمتذوف العُير من ذبار أهػل اغبػرب (م لبػا كػانوا يأمتػذوف مػن ذبػار اؼبسػلبني) ويأمتػذوف نصػه‬
‫العُير من ذبار أهل الذمة (وفق ما صاغبهم عليػ عبػر) ويأمتػذوف ربػع العُيػر مػن ذبػار اؼبسػلبني‬
‫(وهو مقدار الواج ى زكاة الت ػارة)‪ .‬وذلػ وفػق تعليبػات عبػر ؽبػم (انظػر‪ :‬األمػواؿ ص‪534‬‬
‫وما بعدها)‪ .‬فأمتذهم يدور على "العُير" ونصف وربع ‪.‬‬
‫واعت ػ العلب ػػاء عب ػػل الف ػػاروؽ ‪-‬رش ػ اهلل عن ػ ‪ -‬رف ًقػػا بأصػػحاب األم ػواؿ الباطنػػة الػػذين بعػػدت‬
‫ديػػارهم عػػن حاشػػرة اػببلفػػة اإلسػػبلمية؛ إذ ييػػق علػػيهم أف وببل ػوا زكػػاة أم ػواؽبم إَ دار اػببلفػػة‬
‫فأقاـ ؽبم العاورين عببعها‪.‬‬
‫وقد استبرت الزكاة ُذببع بواسطة اإلماـ ونواب من األمواؿ الظاهرة والباطنػة وإف امتتلفػز طريقػة‬
‫عبر عن طريقة الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ومتليفت أل بكر وبالنظر لؤلمواؿ الباطنة التساع‬
‫رقعة الدولة‪.‬‬
‫فلبػػا جػػاء عهػػد ع بػػاف بػػن عفػػاف ‪-‬رش ػ اهلل عن ػ ‪ -‬كانػػز م ػوارد بيػػز اؼبػػاؿ مػػن الف ػ ء والغنػػا م‬
‫أرقامػػا ها لػػة بعػػد مػػا أفػػاء اهلل علػػيهم مػػن الفتػػوح‬
‫واػبػراج واعبزيػػة والعيػػور والصػػدقات قػػد بلغػػز ً‬
‫وأفػػاض علػػيهم مػػن ال ػػروات ف ػرأى ع بػػاف أف هببػػع الزكػػاة مػػن األم ػواؿ الظػػاهرة فحس ػ وأمػػا‬
‫األم ػواؿ الباطنػػة فيػػدع أمرهػػا إَ أرباهبػػا يػػؤدوف ‪ -‬ربػػز مسػػئوليتهم ‪ -‬زكاهتػػا بأنفسػػهم ثقػػة من ػ‬
‫ػوفكا لنفق ػػات اعبباي ػػة‬
‫بأمان ػػة الن ػػاس ودي ػػنهم وإو ػػفاقًا عل ػػيهم م ػػن عن ػػز التحص ػػيل والتفت ػػيو وت ػ ً‬
‫اجتهادا من ‪-‬رش اهلل عن ‪ -‬وإف أدى ذل ‪ -‬فيبا بعد ‪ -‬إَ إنباؿ ك ك‬ ‫ً‬ ‫والتوزيع‪ .‬وكاف ذل‬
‫رؽ دينهم وقل يقينهم‪.‬‬ ‫من الناس للزكاة ى أمواؽبم الباطنة ؼبا ّ‬
‫وقد فسر بعض الفقهاء ذل بأف أمك اؼبؤمنني ع باف أناب عن أصحاب األمواؿ الباطنة ى أداء‬
‫زكاهتا‪ .‬وى هذا يقوؿ الكاساْ ى "البدا ع"‪:‬‬
‫"كاف يأمتذها رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬وأبػو بكػر وعبػر ‪-‬رشػ اهلل عنهبػا‪ -‬إَ زمػن‬
‫ع ب ػػاف ‪-‬رشػ ػ اهلل عنػ ػ ‪ -‬فلب ػػا ك ػػرت األمػ ػواؿ ى زمانػ ػ رأي اؼبص ػػلحة ى أف يفػ ػ روض األداء إَ‬
‫أرباهبا ب صباع الصحابة فصػار أربػاب األمػواؿ كػالوكبلء عػن اإلمػاـ‪ .‬أال تػرى أنػ قػاؿ‪( :‬مػن كػاف‬
‫عليػ ديػػن فليػػؤدخ وليػػزؾ مػػا بقػ مػػن مالػ ) فهػػذا توكيػػل ألربػػاب األمػواؿ بػ متراج الزكػػاة فػػبل يبطػػل‬
‫حػػق اإلمػػاـ‪ .‬ؽبػػذا قػػاؿ أصػػحابنا‪ :‬إف اإلمػػاـ إذا علػػم مػػن أهػػل بلػػد أمػػم ي كػػوف أداء الزكػػاة ف ن ػ‬
‫يطالبهم هبا" (بدا ع الصنا ع‪.)7/2 :‬‬
‫ومػػن هػػذا يتبػػني أف األصػػل العػػاـ هػػو‪ :‬أف اإلمػػاـ هػػو الػػذي هببػػع الزك ػوات مػػن األم ػواؿ الظػػاهرة‬
‫واألمػواؿ الباطنػة وأنػ ؼبػا صػع صبعهػػا مػن األمػواؿ الباطنػػة ى عهػد ع بػاف وكانػػز أمػواؿ بيػػز‬
‫اؼبػػاؿ بكػػل أقسػػام مكدسػػة فيػ تركهػػا ألرباهبػػا يؤدومػػا بالنيابػػة عنػ فػ ذا أمتلػوا بواجػ النيابػػة وٍ‬
‫يؤدوا حق اهلل ى ماؽبم توَ اإلماـ اعببع بنفس كبا هو األصل‪.‬‬

‫من يتوَ أمر الزكاة ى عصرنا؟‬

‫تعرض ؽبذخ اؼبسألة ويومتنا األجبلء‪ :‬عبد الوهاب متبلؼ وعبد الرضبن حسػن وؿببػد أبػو زهػرة‬
‫‪ -‬رضبه ػػم اهلل ‪ -‬وذلػ ػ ى ؿباشػ ػرهتم ع ػػن الزك ػػاة بدمي ػػق س ػػنة ‪ 4982‬ال ػػب نظبته ػػا اعبامع ػػة‬
‫العربية‪ .‬قالوا‪:‬‬
‫قد تعني اآلف أف يتوَ وُ األمر صبع الزكاة من كل األمواؿ الظاهرة والباطنة لسببني‪:‬‬
‫أوؽببػػا‪ :‬أف النػػاس ترك ػوا أداء الزكػػاة ى كػػل األم ػواؿ ظاهرهػػا وباطنهػػا؛ فلػػم يقوم ػوا حبػػق الوكالػػة الػػب‬
‫أعطاها ؽبم اإلماـ ع بػاف بػن عفػاف ومػن جػاء بعػدخ مػن األمػراء والػوالة وقػد قػرر الفقهػاء أف وُ‬
‫األمر إف علم أف أهل جهة ال يػؤدوف الزكػاة أمتػذها مػنهم قه ًػرا ال فػرؽ ى ذلػ بػني مػاؿ بػاطن‬
‫وماؿ ظاهر وعلى ذل فقد زالز الوكالة ووج األمتذ باألصل والسك على ما قررخ الفقهاء‪.‬‬
‫ثانيهبػػا‪ :‬أف األم ػواؿ صػػارت كلهػػا ظػػاهرة تقريبًػػا؛ فػػاؼبنقوالت الت اريػػة ربصػػى كػػل عػػاـ إيراداهتػػا‬
‫ولكل تاجر صغك أو كبك س ل ذباري ربصى فيػ أموالػ وتعػرؼ فيػ اػبسػارة واألربػاح فػالطرؽ‬
‫أيضػا لتفػرض علػى رأس اؼبػاؿ وعليهػا‬ ‫الب تعرؼ هبا األرباح لتفرض عليها شرا اغبكومة تعػرؼ ً‬
‫فريضػػة الزكػػاة الػػب هػ حػػق اهلل وحػػق السػػا ل واحملػػروـ‪ .‬أمػػا النقػػود فأك رهػػا مػػودع باؼبصػػارؼ ومػػا‬
‫يي ػػبهها‪ .‬وعلبهػػا هب ػػذخ الطريقػػة س ػػهل ميس ػػور وال ػػذين يودع ػػوف نق ػػودهم بط ػػوف األرض ليس ػوا ى‬
‫اغبقيقة من أهل اليسار الفاحو وعددهم يقل اآلف ويئًا فييئًا‪ .‬فليُ ؾ أمر هؤالء إَ دينهم‪.‬‬
‫"ولقػػد قػػرر الفقهػػاء ى حػػاؿ اػبضػػوع لقػرار اإلمػػاـ ع بػػاف ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ : -‬أنػ ى حػػاؿ ظهػػور‬
‫األمػواؿ الباطنػػة يؤمتػػذ منهػػا الزكػػاة بعبػػاؿ اإلمػػاـ ولػػذل كػػاف عبػػل العاوػرين قا ًبػػا مػػع األمتػػذ‬
‫بقرار ع باف؛ ألمم كانوا يأمتذوف الزكػاة عنػد انتقػاؿ النقػود وعػروض الت ػارة مػن بلػد إَ بلػد إذ‬
‫بذل كانز تعت ظاهرة ال باطنة فكانوا يأمتذوما عند االنتقاؿ إال إذا أقاـ اؼببوؿ الدليل على‬
‫أن أعطاها للفقراء أو أعطاها لعاور آمتر ى هذا العػاـ" (حلقػة الدراسػات االجتباعيػة لل امعػة‬
‫العربية ‪ -‬الدورة ال ال ة ‪ -‬حبث "الزكاة")‪.‬‬
‫وهذا الكبلـ من الوشوح وقوة الدليل حبيث ال وبتاج إَ تعليق‪.‬‬
‫ومن هنا هب على كل حكومة إسبلمية أف تنيئ "مؤسسة" أو "إدارة" متاصة تتوَ وئوف الزكاة‬
‫ربصػػيبلً وتوز ًيعػػا فتأمتػػذها مػػن حيػػث أمػػر اهلل وتصػػرفها حيػػث أمػػر اهلل كبػػا وشػػحنا ذل ػ ى‬
‫مصرؼ "العاملني عليها" ى باب "مصارؼ الزكاة"‪.‬‬
‫ولك أرى أف تُ ؾ نسبة معينة من الزكاة الواجبة كػالربع أو ال لػث لضػبا ر أربػاب اؼبػاؿ يوزعومػا‬
‫قياسا علػى أمػر الرسػوؿ ‪-‬صػلى اهلل عليػ‬ ‫دبعرفتهم وامتتيارهم على اؼبستورين من أقارهبم وجكامم ً‬
‫وسػػلم‪ -‬للصارصػػني أف يػػدعوا ال لػػث أو الرب ػع ألربػػاب اؼبػػاؿ ليصػػرفوا زكات ػ بأنفسػػهم علػػى أحػػد‬
‫التفسكين‪ .‬وبذل نكوف قد أمتذنا خبك ما ى الطريقتني وصبعنا بني اغبسنيني وراعينا االعتبػارات‬
‫الب ذكرها اغبنابلة ى استحباب تفرقة اؼبال لزكات بنفس ‪.‬‬
‫ػتورا‬
‫أساس ػػا غبكبه ػػا ودس ػ ً‬ ‫وه ػػذا كل ػ ب ػػالنظر إَ اغبكوم ػػة اإلس ػػبلمية وه ػ ال ػػب تلت ػػزـ اإلس ػػبلـ ً‬
‫ومنهاجا عببيع وئوما ال قافية واالجتباعية واالقتصػادية والسياسػية وإف متالفػز حكػم‬ ‫ً‬ ‫لدولتها‬
‫اليرع ى بعض األحكاـ اعبز ية كبا سنبني ذل قريبًا‪.‬‬
‫ػتورا للحكػػم وربكػػم بغػػك مػػا أنػػزؿ اهلل فبػػا‬ ‫أساسػػا للدولػػة ودسػ ً‬ ‫أمػػا اغبكومػػة الػػب تػػرفض اإلسػػبلـ ً‬
‫تسػػتوردخ مػػن مػػذاه الغػػرب أو اليػػرؽ‪ .‬فهػػذخ ال هبػػوز ؽبػػا أف تأمتػػذ الزكػػاة وإال اسػػتحقز وعيػػد‬
‫ض فَ َبػػا َجػَػزاءُ َمػػن يَػ ْف َعػ ُػل َذلػ َ ِمػػن ُك ْم‬ ‫ض ِ‬
‫الكتَػ ِ‬
‫ػاب َوتَ ْك ُفػ ُػرو َف بِػبَػ ْع ٍ‬ ‫اهلل تعػاَ إذ قػػاؿ‪( :‬أفَػتُػ ْؤِمنُػػو َف بِػبَػ ْع ِ‬
‫ومػػا اللػ ُ بِغَافِػ ٍػل َعبػػا تَػ ْع َبلُػػو َف)‬ ‫ِ‬
‫العػ َذاب َ‬
‫أوػ رد َ‬
‫ِ‬
‫ي ِى اغبَيَػػاةِ الػ ُّػدنْػيَا َويَػ ْػوَـ القيَ َامػ ِة يُػ َػرُّدو َف َإَ َ‬
‫إال متػ ْػز ٌ‬
‫(البقرة‪.)85 :‬‬

‫أقواؿ اؼبذاه فيبن كتم الزكاة أو امتنع منها أو ادعى أداءها‬

‫وفبا يؤكد مسئولية الدولة عن الزكاة‪ :‬ما قررخ فقهاء اؼبذاه اإلسبلمية كافة من عقوبة اؼببتنع عػن‬
‫طوعػػا وامتتيػ ًػارا‪ .‬ومػػا فصػػل بعضػػهم مػػن القػػوؿ فيبػػا إذا‬
‫الزكػاة وأمتػػذها منػ بػػالقهر إف ٍ يػػدفعها ً‬
‫ادعى عدـ مل النصاب أو سق الزكاة عن أو كبو ذل ‪.‬‬
‫عند اغبنفية‪:‬‬
‫حوؿ أو قاؿ‪:‬‬ ‫مر ب علي ‪ -‬فقاؿ‪ ٍ :‬يتم ل ْ‬ ‫فعند اغبنفية‪ :‬من طل من العاور زكاة مال ‪ -‬إذا ّ‬
‫ػز إَ عاوػػر آمتػػر وكػػاف هنػػاؾ عاوػػر آمتػػر‬ ‫علػػى َديْػػن ؿب ػي أو مػػنقل للنصػػاب أو قػػاؿ‪ :‬أديػ ُ‬
‫ؿبقق طل منػ اليبػني فػ ذا حلػه صػ ّدؽ‪ .‬وى روايػة‪ :‬اوػ اط أف ىبػرج بػراءة متطيػة بالػدفع إَ‬
‫عاوػر آمتػػر وردوا هػػذخ الروايػػة بػأف اػبػ ييػػب اػبػ (ثبػز ى عصػرنا أف اػبطػػوط ‪ -‬وإف كانػػز‬
‫تتيػػاب ى الظػػاهر ‪ -‬تتبػػايز ى الواقػػع فكػػل كاتػ لػ متطػ الػػذي يبيػػزخ ولػػذل دال ػػل وأمػػارات‬
‫يعرفها أهل االمتتصاص من مت اء اػبطوط‪ .‬واألحكاـ اليرعية مبنية على غلبة الظن وقد أصػب‬
‫أمتتاما معتبدة‪.‬‬
‫أمرا ال بد من ‪ .‬كبا أف السلطات سبن موظفيها ً‬ ‫اعتباد الكتابة واػب ى عصرنا ً‬
‫وللبػػزورين عقوبػػات صػػارمة)‪ .‬وقػػد يػُػزور‪ .‬وقػػد ال يأمتػػذ الػ اءة غفلػػة منػ وقػػد تضػػيع بعػػد األمتػػذ‬
‫حكبا فيعت قول مع يبين ‪.‬‬ ‫فبل يبكن أف ذبعل ً‬
‫وإذا حله وظهر كذب ‪ -‬ولو بعد سنني ‪ -‬أمتذت من الزكاة؛ ألف حق األمتػذ ثابػز فػبل يبطػل‬
‫باليبني الكاذبة‪.‬‬
‫ولػػو قػػاؿ للعاوػػر إذا طلػ منػ الزكػػاة‪ :‬قػػد أديتهػا بنفسػ إَ الفقػراء ى البلػػد وحلػػه علػػى ذلػ‬
‫صػػدؽ‪ .‬إال ى زكػػاة األنعػػاـ؛ ألف حػػق األمتػػذ فيهػػا للسػػلطاف فػػبل يبلػ إبطالػ ‪ .‬وكػػذل األم ػواؿ‬
‫الباطنة إذا أمترجها من البلد؛ ألما ب متراجها التحقز باألمواؿ الظاهرة فكاف األمتذ فيها لئلماـ‬
‫أو َمن ينوب عن (الدر اؼبصتار وحاوية ابن عابدين علي ‪ -43-42/2 :‬طبع اؼبيبنية)‪.‬‬
‫وم ػػل ذلػ اػبػػارج مػػن األرض مػػن زرع وشبػػر فهػػو مػػن األمػواؿ الظػػاهرة (يبلحػػي أف أك ػػر اغبنفيػػة‬
‫ينظػػروف إَ العُسػػر كأن ػ و ػ ء غػػك الزكػػاة ألن ػ لػػيس بعبػػادة ؿبضػػة وفي ػ مع ػ مؤنػػة األرض أي‬
‫أجرهتػػا وال ييػ ط فيػ حػػوالف اغبػػوؿ اتفاقًػػا وال النصػػاب عنػػد أل حنيفػػة وؽبػػذا يؤمتػػذ مػػن ال كػػة‬
‫ولػػو ٍ يوصػ بػ وهبػ مػػع الػػدين وى أرض الصػػغك واةنػػوف والوقػػه وؽبػػذا قػػالوا‪ :‬إف تسػػبيت‬
‫زكاة ؾباز‪ .‬وبعضهم قاؿ‪ :‬هو زكػاة علػى قػوؿ الصػاحبني فقػ ورد ذلػ احملقػق ابػن اؽببػاـ وقػاؿ‪:‬‬
‫ال و أنػ زكػاة كبػا ذكرنػا ذلػ ى زكػاة ال ػروة الزراعيػة ص‪ 367‬والصػحي مػا أدنػاخ غػك مػرة‪:‬‬
‫أف الزكاة‪ :‬كلها ليسز عبادة ؿبضة ولذا ذبرى فيها النيابػة وتؤمتػذ قه ًػرا‪ .‬وذبػ ‪ -‬علػى اؼبصتػار‬
‫‪ -‬ى ماؿ الص واةنوف … إٌ)‪ .‬ولذا كاف لئلمػاـ أمتػذ العُيػر منػ جػ ًا‪ .‬ويسػق الفػرض عػن‬
‫صػػاح األرض كبػػا لػػو أدى بنفس ػ إال أمػػم قػػالوا‪ :‬إذا أدى بنفس ػ ي ػػاب ث ػواب العبػػادة وإذا‬
‫أمتذخ اإلماـ يكوف ل ثواب ذهاب مال ى وج اهلل تعاَ (اؼبصدر السابق ص‪.)54‬‬

‫عند اؼبالكية‪:‬‬
‫كرهػػا إذا كػػاف لػ مػػاؿ ظػػاهر وعػرزر‪ .‬فػ ف ٍ يكػػن لػ مػػاؿ‬
‫مػػن امتنػػع عػػن أداء الزكػػاة أمتػػذت منػ ً‬
‫ظاهر‪ .‬وكاف معروفًا باؼبػاؿ ف نػ ُوبػبس حػك يظهػر مالػ فػ ف ظهػر بعضػ واهتػم ى إمتفػاء غػكخ‪.‬‬
‫فقاؿ مال ‪ :‬يصدؽ وال وبله‪ :‬أن ما أمتفى وإف اهتم‪ .‬وأمتطأ َمن وبله الناس‪.‬‬
‫وإف ٍ يبكن أمتذها من إال بقتاؿ قاتل اإلماـ وال يقصد قتلػ فػ ف اتفػق أنػ قتػل أح ًػدا قُتػل بػ‬
‫هدرا (اليرح الكبك حباوية الدسوق ‪.)563/4 :‬‬ ‫وإف قتل أحد كاف ً‬
‫عند اليافعية‪:‬‬
‫وعند اليافعية قاؿ صاح "اؼبهذب"‪" :‬من وجبز علي الزكاة وامتنع من أدا ها نظرت‪:‬‬
‫جاحدا لوجوهبا فقد كفر وقتػل بكفػرخ كبػا يُقتػل اؼبرتػد؛ ألف وجػوب الزكػاة معلػوـ مػن‬ ‫ً‬ ‫"ف ف كاف‬
‫دين اهلل ‪-‬تعاَ‪ -‬شرورة فبن جحد وجوهبا فقد كذب الل وكذب رسول فحكم بكفرخ‪.‬‬
‫"وإف منعها خببلً هبا ِ‬
‫أمتذت من وعُرزر‪.‬‬
‫"وقاؿ اليافع ى القدٓ‪ :‬تؤمتذ الزكاة ووطر مال ؼبا روى هبز بن حكيم عن أبي عن جدخ عػن‬
‫رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬قاؿ‪( :‬ومن منعها ف نا آمتذوها ووطر مال عزمة مػن عزمػات‬
‫ربنا ليس آلؿ ؿببد فيها وػ ء) (اغبػديث رواخ أضبػد وأبػو داود والنسػا وقػد تقػدـ الكػبلـ عليػ‬
‫أيضػػا ى اؼبس ػتدرؾ‪ 398/4 :‬وصػػح إسػػنادخ‬ ‫ى البػػاب األوؿ ص‪ .95 94‬وقػػد رواخ اغبػػاكم ً‬
‫ووافق الذه وقػاؿ وبػىي بػن معػني‪ :‬إسػنادخ صػحي إذا كػاف مػن دوف هبػز ثقػة وسػئل أضبػد عػن‬
‫هذا اغبديث فقاؿ‪ :‬ما أدري وجه وسئل عن إسنادخ فقاؿ‪ :‬صاً اإلسناد وقاؿ أبو حػام‪ :‬هبػز‬
‫ال ُوبت ب وقاؿ ابن حباف‪ :‬لوال هذا اغبديث ألدمتلت ى ال قػات وقػاؿ ابػن حػزـ‪ :‬غػك ميػهور‬
‫بالعدالة وقاؿ ابن الطبلع‪ :‬ؾبهػوؿ؛ وتعقبػا بأنػ قػد وثقػ صباعػة مػن األ بػة وقػاؿ ابػن عػدي‪ٍ :‬‬
‫منكرا وقاؿ الذه ‪ :‬ما ترك عاٍ ق وإمبػا توقفػوا ى االحت ػاج بػ ‪ .‬وقػد تُكلػ ِم فيػ‬ ‫أر ل حديًا ً‬
‫أنػ كػاف يلعػ باليػطرن ‪ .‬قػاؿ ابػػن القطػاف‪ :‬ولػيس ذلػ بضػا ر لػ ‪ .‬فػ ف اسػتباحت مسػألة فقهيػػة‬
‫ميػػتهرة وقػػاؿ البصػػاري‪ :‬ىبتلفػػوف في ػ وقػػاؿ ابػػن ك ػػك‪ :‬األك ػػر ال وبت ػػوف ب ػ وقػػاؿ اغبػػاكم‪:‬‬
‫حدي ػ ػ ص ػػحي وق ػػد حس ػػن لػ ػ ال م ػػذي ع ػػدة أحادي ػػث ووثقػ ػ واح ػػت بػ ػ أضب ػػد وإس ػػحاؽ‬
‫والبصاري متارج الصحي وعلق ل وروى عن أل داود أن ح ة عندخ‪.‬‬
‫انظػ ػ ػر ني ػ ػػل األوط ػ ػػار‪ -422/4 :‬طب ػ ػػع الع باني ػ ػػة وهت ػ ػػذي الته ػ ػػذي ‪ 499-498/4 :‬ترصب ػ ػػة‬
‫(‪ .)924‬وميزاف االعتداؿ‪ 354-353/4 :‬ترصبة (‪ .)4324‬والصحي هو األوؿ‪.‬‬
‫"وإف امتنػػع (أي َمػػن خبػػل بالزكػػاة) دبنعػػة قػػاتلهم اإلمػػاـ؛ ألف أبػػا بكػػر الصػػديق ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪-‬‬
‫قاتل مانع الزكاة" أ هػ‪( .‬انظر‪ :‬اؼبهذب وورح "اةبوع" ‪.)332-334/5:‬‬

‫قهرا‪:‬‬
‫اإلصباع على تأدي اؼببتنع وأمتذها من ً‬
‫واغبكػػم األوؿ ‪ -‬وهػػو اغبكػػم بكفػػر مػػن منػػع الزكػػاة جاحػ ًػدا لوجوهبػػا وقتلػ مرتػ ًػدا ‪ -‬ؾببػػع علي ػ‬
‫بيػػرط أال يكػػوف فبػػن يعػػذر م ل ػ كػػأف يكػػوف حػػديث عهػػد باإلسػػبلـ أو نيػػأ بعيػ ًػدا عػػن أمصػػار‬
‫اؼبسػػلبني‪ .‬كبػػا ذكرنػػا ى البػػاب األوؿ‪ .‬وكػػذل اغبكػػم ال ػػاْ وهػػو أمتػػذ الزكػػاة قهػ ًػرا فبػػن وجبػػز‬
‫علي ػ وامتنػػع مػػن أدا هػػا خب ػبلً هبػػا‪ .‬وكػػذل تعزيػػرخ وتأديب ػ بػػاغببس وكبػػوخ (انظػػر‪ :‬البحػػر الزمت ػػار‪:‬‬
‫‪.)496/2‬‬

‫عقوبة اؼببتنع دبصادرة نصه مال وما في من متبلؼ‪:‬‬


‫وإمبا اػببلؼ ى عقوبػة اؼببتنػع بأمتػذ وػطر مالػ وعبػارة أمتػرى‪ :‬مصػادرة نصػه مالػ تأديبًػا لػ‬
‫وزجرا ألم ال ‪ .‬كبا نطق ب حديث هبز بن حكيم وقاؿ ب اليافع ى التقدٓ وإسػحاؽ وروى‬ ‫ً‬
‫عن أضبد واألوزاع ورجح بعض اغبنابلة ‪ -‬كبا سيأن ‪ -‬ؿبت ً ا هبذا اغبديث الصري ‪.‬‬
‫والقوؿ اعبديد لليافع وهو قوؿ اعببهور‪ :‬أن ال يؤمتذ من إال قدر الزكاة‪.‬‬
‫( أ ) غبديث‪( :‬ليس ى اؼباؿ حق سوى الزكاة) (سيأن زبرهب )‪.‬‬
‫( ب ) وألما عبادة فبل هب باالمتناع منها أمتذ وطر مال كسا ر العبادات‪.‬‬
‫(جػ) وألف منع الزكاة كػاف ى زمػن أل بكػر ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ -‬والصػحابة متػوافروف‪ .‬وٍ ينقػل أحػد‬
‫عنهم زيادة وال قوالً بذل (السنن الك ى‪.)665/4 :‬‬
‫أمػػا حػػديث بَػ ْهػػز فنقػػل البيهق ػ عػػن اليػػافع أن ػ قػػاؿ‪ :‬وال ي بػػز أهػػل العلػػم باغبػػديث أف تؤمتػػذ‬
‫الصدقة ووطر إبل الغاؿ لصدقت ولو ثبز قلنا ب (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫هبزا ٍ ىبرج ل الييصاف (نفس اؼبرجع)‪ .‬وهذا ال يكف لتضػعيه‬ ‫وأيد البيهق قوؿ اليافع بأف ً‬
‫حدي ‪ .‬فكم من حديث صحي ٍ ىبرجاخ ومن ما احت ب البيهق وغكخ من األ بة‪.‬‬
‫ػومتا‬
‫ه قػػاؿ البيهقػ ‪ :‬وقػػد كػػاف تضػػعيه الغرامػػة علػػى مػػن سػػرؽ ى ابتػػداء اإلسػػبلـ ه صػػار منسػ ً‬
‫واستدؿ اليافع على نسص حبديث ال اء بن عازب فيبا أفسػدت ناقتػ فلػم ينقػل عػن النػ ‪-‬‬
‫صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ى تل القصػة‪ :‬أنػ أشػعه الغرامػة بػل نقػل فيهػا حكبػ بالضػباف فقػ‬
‫فيحتبل أف يكوف هذا من ذاؾ (نفس اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫وقػػاؿ اؼبػػارودي‪ :‬وى قػػوؿ الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪( : -‬لػػيس ى اؼبػػاؿ حػػق سػػوى الزكػػاة) مػػا‬
‫يصػػرؼ هػػذا اغبػػديث عػػن ظػػاهرخ مػػن اإلهبػػاب إَ الزجػػر واإلرهػػاب كبػػا قػػاؿ‪( :‬مػػن قتػػل عبػػدخ‬
‫قتلناخ) (رواخ اػببسة وقاؿ ال مذي‪ :‬حسن غري وى إسنادخ شعه؛ ألن من رواية اغبسن عػن‬
‫ظبرة وبظاهرخ قاؿ بعض العلبػاء‪( .‬نيػل األوطػار‪ -45/7 :‬طبػع اغبلػ )‪ .‬وإف كػاف ال يُقتػل بعبػدخ‬
‫(األحكاـ السلطانية ص‪.)424‬‬
‫وقاؿ النووي ى "الروشة"‪:‬‬
‫اغبديث الوارد ى سنن أل داود وغكخ "بأمتذ وطر مال " شعف اليافع ‪-‬رضبة اهلل عليػ ‪ -‬ونقػل‬
‫أيضا عن أهل العلم باغبديث أمم ال ي بتونػ ‪ .‬وهػذا اعبػواب هػو اؼبصتػار‪ .‬وأمػا جػواب مػن أجػاب‬ ‫ً‬
‫من أصحابنا بأن منسوخ فضعيه ف ف النسمل وبتػاج إَ دليػل وال قػدرة ؽبػم عليػ هنػا (الروشػة‪:‬‬
‫‪.)269/2‬‬
‫وكػػذا قػػاؿ ى اةبػػوع‪ :‬أجػػاب األصػػحاب عػػن حػػديث هبػػز بأن ػ منسػػوخ وأن ػ كػػاف حػػني كانػػز‬
‫العقوبة باؼباؿ‪ .‬قاؿ‪ :‬وهذا اعبواب شعيه لوجهني‪:‬‬
‫أحدنبا‪ :‬أف ما ادعوخ من كوف العقوبة كانز باألمواؿ ى أوؿ اإلسبلـ ليس ب ابز وال معروؼ‪.‬‬
‫وال اْ‪ :‬أف النسمل إمبا يُصار إلي إذا علم التاريمل وليس هنا علم بذل ‪.‬‬
‫واعبواب الصحي ‪ :‬تضعيه اغبديث (اةبوع‪.)334/5 :‬‬
‫مناقية وترجي ‪:‬‬

‫والػػذي نػراخ أف حػػديث بَػ ْهػػز بػػن حكػػيم لػػيس فيػ مطعػػن معتػ وهػػو ‪ -‬كبػػا قلنػػا مػػن قبػػل (راجػػع‬
‫ص‪ .)94‬وما بعدها‪ - .‬يتضبن عقوبة تعزيرية مفوشة إَ رأي اإلماـ وتقػديرخ‪ .‬وهػو يػدمتل فيبػا‬
‫ذكرن ػػاخ غ ػػك م ػػرة م ػػن األحادي ػػث ال ػػب ت ػػرد ع ػػن النػ ػ ‪-‬ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم‪ -‬بوص ػػه اإلمام ػػة‬
‫والرياسة كبا ذكر القراى والدهلوي وغكنبا (انظر‪ :‬ص‪ 253-254‬من هذا الكتاب)‪.‬‬
‫وقد سبق هذا اغبديث ما تفرش التيريعات اغبدي ة من عقوبػات ماليػة رادعػة للبتهػربني مػن دفػع‬
‫ما عليهم من الضرا ‪.‬‬
‫والذين ردوا حديث هبز استندوا إَ أحد أمور ثبلثة‪:‬‬
‫‪ -4‬بعضػػهم اسػػتند إَ معارشػػة اغبػػديث ؼبػػا ثبػػز أنػ ال حػػق ى اؼبػػاؿ سػػوى الزكػػاة‪ .‬وقػػد روى ى‬
‫ذل ػ حػػديث مرفػػوع (انظػػر‪ :‬البحػػر الزمتػػار‪ 496/2 :‬واؼبغ ػ ‪ 573/2 :‬واألحكػػاـ السػػلطانية‬
‫للباوردي ص‪.)424‬‬
‫‪ -2‬وبعضهم استند إَ أن نوع من العقوبة باؼباؿ وهذا كاف ى أوؿ اإلسبلـ ه نسمل‪.‬‬
‫‪ -3‬وبعضهم استند إَ أف اغبديث شعيه لضعه هبز راوي وعلى هذا عوؿ النووي‪.‬‬
‫فأمػػا األمػػر األوؿ فسػػنبني ى بػػاب مسػػتقل أف ى اؼبػػاؿ حقوقًػػا سػػوى الزكػػاة كبػػا جػػاءت بػػذل‬
‫اآليات الكريبة وصحز ب األحاديث الصروبة‪ .‬فبل تعارض إذف بني حديث هبز وغكخ‪.‬‬
‫وأما ال اْ فالصحي أف العقوبة باؼباؿ ٍ تُنسمل وقد ذكر احملقق ابن القيم ى "الطػرؽ اغبكبيػة"‬
‫طبػس عيػػرة قضػػية لرسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬وػبلفا ػ الراوػػدين ربققػػز فيهػػا العقوبػػة‬
‫باؼباؿ (انظر‪ :‬الطرؽ اغبكبية ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -287-‬طبع اؼبدْ)‪.‬‬
‫وأمػػا تضػػعيه اغبػػديث فالػػذي يبػػدوا أنػ لػػيس تضػػعيه سػػند بػػل هػػو نػػوع مػػن اإلعػػبلؿ بسػػب‬
‫موشوع اغبػديث‪ .‬فهػو مبػ علػى األمػرين السػابقني‪ .‬وؽبػذا قبػدهم أو بعضػهم شػعفوا هب ًػزا بسػب‬
‫هذا اغبدث وٍ يُضعفوا اغبديث بسػب هبػز كبػا هػو اؼبتبػع‪ .‬قػاؿ ابػن حبػاف‪ :‬لػوال هػذا اغبػديث‬
‫هبزا ى ال قات!‬‫ألدمتلز ً‬
‫ق ػػاؿ اب ػػن الق ػػيم ى هت ػػذي س ػػنن أل داود بع ػػد أف نق ػػل ك ػػبلـ األ ب ػػة ى هبْ ػػز وتص ػػحي أضب ػػد‬
‫وإسحاؽ وابن اؼبدي غبدي ‪ :‬وليس ؼبن رد هذا اغبديث ُح ة ودعوى نسػص دعػوى باطلػة إذ‬
‫هػ دعػػوى مػػا ال دليػػل عليػ وى ثبوتيػػرعيةالعقوبات اؼباليػػة عػػدة أحاديػػث عػػن النػ ‪-‬صػػلى اهلل‬
‫علي ػ وسػػلم‪ ٍ -‬ي بػػز نسػػصها حب ػػة وعبػػل هبػػا اػبلفػػاء بعػػدخ‪ .‬وأمػػا معارشػػت حبػػديث ال ػ اء ى‬
‫قصػػة ناقتػ ففػ غايػػة الضػػعه فػ ف العقوبػػة إمبػػا تسػػوغ إذا كػػاف اؼبعاقػ متعػػديًا دبنػػع واجػ أو‬
‫ارتكػػاب ؿبظػػور‪ .‬وأمػػا مػػا تولػػد مػػن غػػك جنايتػ وقصػػدخ فػػبل يسػػوغ أحػػد عقوبتػ عليػ ‪ .‬وقػػوؿ مػػن‬
‫ضبل ذل على سبيل الوعيد دوف اغبقيقة ى غاية الفسػاد يُنػزخ عػن م لػ كػبلـ النػ ‪-‬صػلى اهلل‬
‫علي وسلم‪ -‬وقوؿ ابن حباف‪ :‬لوال حدي هذا ألدمتلناخ ى ال قػات كػبلـ سػاق ج ًػدا ف نػ إذا‬
‫ٍ يكػػن لضػػعف سػػب إال روايت ػ هػػذا ألدمتلنػػاخ ى ال قػػات كػػبلـ سػػاق جػ ًػدا ف ن ػ إذا ٍ يكػػن‬
‫دورا بػاطبلً‪ .‬ولػيس‬ ‫لضعف سب إال روايت هذا اغبديث وهذا اغبػديث إمبػا ُرّد لضػعف كػاف هػذا ً‬
‫ى روايتػ ؽبػػذا مػػا يوجػ شػػعف ؛ ف نػ ٍ ىبػػاله في ػ ال قػػات (هتػػذي السػػنن مػػع ـبتصػػر اؼبنػػذري‬
‫واؼبعاٍ‪.)494/2 :‬‬
‫ػكا مػػن أصػػحاب الكتػ اؼبعتبػػدة ى الفقػ كاليػكازي ى "اؼبهػػذب" واؼبػػاوردي ى‬ ‫والغريػ أف ك ػ ً‬
‫"األحكاـ السلطانية" وابن قدامة ى "اؼبغ " وغكهم ردوا حديث هب ْػز الصػحي أو اؼبصتلػه علػى‬
‫األقل ى صحت حبديث ال قيبة ل من الناحيػة العلبيػة وهػو حػديث‪( :‬لػيس ى اؼبػاؿ حػق سػوى‬
‫الزكاة)‪.‬‬
‫وؽبػػذا ينبغػ معرفػػة درجػة األحاديػػث وقيبتهػػا مػػن مصػػادرها ومػػن أهلهػػا‪َ ( ..‬والَ يػُنَبرئُػ َ ِم ْػ ُػل َمتبِػ ٍك)‬
‫(فاطر‪.)44 :‬‬

‫عند اغبنابلة‪:‬‬
‫وعند اغبنابلة م ل ما عند اليافعية‪ .‬قاؿ ابػن قدامػة بعػد أف بػني ردة مػانع الزكػاة جح ًػدا وتكػذيبًا‪:‬‬
‫وإف منعهػا معتقػ ًػدا وجوهبػا وقػػدر اإلمػاـ علػػى أمتػذها منػ أمتػذها وعػػزرخ‪ .‬وٍ يأمتػذ زيػػادة عليهػػا ى‬
‫غل مال وكتب حك ال يأمتذ اإلماـ زكات فظهر علي ‪.‬‬ ‫قوؿ أك ر أهل العلم وكذل إف ّ‬
‫وقاؿ إسحاؽ بن راهوية وأبو بكر عبد العزيز‪ :‬يأمتذها ووطر مال ‪ .‬ؼبا روي هبز بن حكيم‪.‬‬
‫متارجػػا عػػن قبضػػة اإلمػػاـ قاتلػ ‪ .‬ألف الصػػحابة ‪-‬رشػ اهلل عػػنهم‪ -‬قػػاتلوا مانعيهػػا‪ .‬ف ػ ف‬‫فػ ف كػػاف ً‬
‫أيضػا وٍ تُسػ ذريتػ ألف اعبنايػة مػن غػكهم‪ .‬وألف اؼبػانع ال‬ ‫ظفر ب ودبال أمتذها مػن غػك زيػادة ً‬
‫يس فذريت أوَ‪ .‬وإال قُتِل وٍ ُوبكم بكفرخ‪.‬‬
‫وعن أضبد ما يدؿ على أن يكفر بقتالػ عليهػا‪ .‬فػروى اؼبيبػوْ عنػ ‪ :‬إذا منعػوا الزكػاة ‪ -‬كبػا منعػوا‬
‫أبػػا بكػػر ‪ -‬وقػػاتلوا عليهػػا‪ ٍ .‬يورث ػوا‪ .‬وٍ يصػػل علػػيهم‪ .‬قػػاؿ عبػػد اهلل بػػن مسػػعود‪ :‬مػػا تػػارؾ الزكػػاة‬
‫دبسلم‪.‬‬
‫ووجػ ذلػ ؛ مػػا روى‪ :‬أف أبػػا بكػػر ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ -‬ؼبػػا قػػاتلهم وعضػػتهم اغبػػرب قػػالوا‪ :‬نؤديهػػا‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬ال أقبلها حك تيػهدوا أف قتبلنػا ى اعبنػة وقػتبلكم ى النػار) وٍ يُنقػل إنكػار ذلػ عػن أحػد‬
‫من الصحابة فدؿ على كفرهم‪.‬‬
‫ووج األوؿ‪ :‬أف عبر وغكخ من الصحابة امتنعوا من القتاؿ ى بدء األمر ولو اعتقدوا كفرهم ؼبا‬
‫توقفوا عن ‪ .‬ه اتفقوا على القتاؿ وبق الكفر على أصل النف وألف الزكاة فرع من فروع الدين‬
‫فلػم يكفػػر تاركػ دب ػرد تركػ كػػاغب ‪ .‬وإذا ٍ يكفػػر ب كػ ٍ يكفػػر بالقتػػاؿ عليػ كأهػػل البغػ ‪ .‬وأمػػا‬
‫الذين قاؿ ؽبم أبو بكر هذا القوؿ فيُحتبػل أمػم جحػدوا وجوهبػا وألف هػذخ قضػية ى عػني (أي‬
‫ى حالة معينة) فبل يُتحقق من الػذين قػاؿ ؽبػم أبػو بكػر هػذا القػوؿ؟ فيحتبػل أمػم كػانوا مرتػدين‬
‫ووبتبل أمم جحدوا وجوب الزكاة ووبتبل غك ذل فبل هبوز اغبكم ب ى ؿبػل النػزاع ووبتبػل‬
‫ػاهرا‪ .‬كبػػا‬
‫أف أبػػا بكػػر قػػاؿ ذلػ ألمػػم ارتكبػوا كبػػا ر ومػػاتوا مػػن غػػك توبػػة فحكػػم ؽبػػم بالنػػار ظػ ً‬
‫ػاهرا واألمػر إَ اهلل تعػاَ ى اعببيػع وٍ وبكػم علػيهم بالتصليػد‬ ‫حكم لقتلى اةاهدين باعبنػة ظ ً‬
‫قومػػا‬
‫وال يلػزـ مػن اغبكػم بالنػار اغبكػم بالتصليػد بعػد أف أمتػ النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬أف ً‬
‫من أمت يدمتلوف النار ه ىبرجهم اهلل تعاَ منها ويدمتلهم اعبنػة" اه ػ (انظػر‪ :‬اؼبغػ ‪-573/2 :‬‬
‫‪.)575‬‬

‫عند الزيدية‪:‬‬
‫وى األزهػػار ووػػرح للزيديػػة‪ :‬إذا ادعػػى رب اؼبػػاؿ أف الزكػػاة سػػاقطة عن ػ وأن ػ ال يبل ػ النصػػاب‬
‫فالقوؿ قول ولكن هبػ علػى اإلمػاـ أو مػن يلػ مػن جهتػ أف وبلفػ عنػد التهبػة ‪ -‬أي باليػ‬
‫ى صػػدق ‪ -‬وهػػذا إذا ٍ تكػػن عدالت ػ ظػػاهرة فأمػػا إذا كػػاف ظػػاهر العدالػػة ف ن ػ ال ُوبلػػه (وػػرح‬
‫األزهار وحواوي ‪ 536/4 :‬وانظر‪ :‬البحر‪.)494-496/2 :‬‬
‫أم ػػا إذا أق ػػر رب اؼب ػػاؿ بوج ػػوب الزك ػػاة لك ػػن ادع ػػى أنػ ػ ق ػػد فرقه ػػا ‪ -‬قب ػػل مطالب ػػة اإلم ػػاـ ‪ -‬ى‬
‫مستحقها وٍ يتحقق اؼبصدؽ ذل فعلى مدع التفريق أف يقيم البينة علػى ذلػ ؛ ألف األصػل‬
‫صبيعا‪ .‬وإال‬
‫عدـ اإلمتراج ‪ -‬وعلى أف التفريق وقع قبل طل اإلماـ‪ .‬ف ف أقاـ البينة على الوجوب ً‬
‫أمتذها من اؼبصدؽ وليس ل أف يقبل قول ولو كاف ظاهر العدالة (اؼبرجع السابق)‪.‬‬

‫دفع الزكاة إَ السلطاف اعبا ر‬

‫وفبا يتبم ما سبق ما ذكرخ العلباء ى حكم دفػع الزكػاة إَ السػلطاف اعبػا ر وامتػتبلفهم فيػ علػى‬
‫ثبلثة أقواؿ‪:‬‬
‫‪ -4‬اعبواز مطل ًقا‪ -2 .‬اؼبنع مطل ًقا‪ -3 .‬التفصيل‪.‬‬
‫رأى اةوزين‪:‬‬
‫أما اةوزوف فاحت وا ؼبذهبهم ى جواز الدفع إَ الظلبة جببلػة أحاديػث صػروبة منهػا مػا ذكػرخ ى‬
‫"اؼبنتق " (انظر‪ :‬نيل األوطار‪.)465-464/4 :‬‬
‫ػز منهػػا إَ‬ ‫ػز الزكػػاة إَ رسػول فقػػد بر ػ ُ‬‫( أ ) عػػن أنػػس‪" :‬أف رجػبلً قػػاؿ‪ :‬يػػا رسػػوؿ اهلل إذا أديػ ُ‬
‫ز منها إَ اهلل ورسول فل أجرها وإشبها‬ ‫اهلل ورسول ؟ قاؿ‪( :‬نعم إذا أديتها إَ رسوُ فقد بر َ‬
‫على من بدؽبا) (رواخ أضبد كبا ى نيل األوطار‪ -455/4 :‬طبع الع بانية)‪.‬‬
‫( ب ) وعن ابن مسػعود أف رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬قػاؿ‪( :‬إمػا سػتكوف بعػدي أثػرة‬
‫وأمور تنكروما) قالوا‪ :‬يا رسوؿ اهلل فبا تأمرنػا؟‪ .‬قػاؿ‪( :‬تػؤدوف اغبػق الػذي علػيكم وتسػألوف اهلل‬
‫الذي لكم) (متفق علي ‪ -‬اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫ػز رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬ورجػل يسػأل فقػاؿ‪:‬‬ ‫(جػ) وعن وا ػل بػن ح ػر قػاؿ‪ :‬ظبع ُ‬
‫أرأيز إف كاف علينا أمراء يبنعوننا حقنا ويسػألوننا حقهػم؟ فقػاؿ‪( :‬اظبعػوا وأطيعػوا؛ ف مبػا علػيهم مػا‬
‫ضبلوا وعليكم ما ضبلتم) (رواخ مسلم وال مذي وصحح ‪ -‬اؼبرجع نفس )‪.‬‬
‫وؽبػػذخ األحاديػػث مغػػزى ذو أنبيػػة وهػػو أف الدولػػة اإلسػػبلمية ى حاجػػة دا بػػة إَ مػػاؿ تقػػيم ب ػ‬
‫التكافػػل االجتبػػاع وربقػػق ب ػ كػػل مصػػلحة عامػػة تعلػػو هبػػا كلبػػة اإلسػػبلـ ف ػ ذا كػػه األف ػراد‬
‫أيػديهم عػن مػػد الدولػة باؼبػاؿ الػػبلزـ عبػور بعػض اغبػػاكبني امتتػل ميػزاف الدولػػة واشػطرب حبػػل‬
‫األمة وطبع فيها أعداؤها اؼب بصوف فكػاف ال بػد مػن طاعتهػا بػأداء مػا تطلػ مػن الزكػاة‪ .‬وهػذا‬
‫ال يناى مقاومة الظلم بكل سبيل ورعها اإلسبلـ‪.‬‬
‫فعلى األفراد اؼبسلبني أف يقدموا مػا يُطلػ مػنهم مػن اغبقػوؽ اؼباليػة وعلػيهم مػع ذلػ اؼبناصػحة‬
‫قيامػا بواجػ النصػيحة ى الػدين والتواصػ بػاغبق والصػ واألمػر بػاؼبعروؼ والنهػ‬ ‫لوالة األمػر ً‬
‫عن اؼبنكر‪.‬‬
‫احا عندهم في من‬ ‫كفرا بو ً‬
‫ويبقى هنا حق اعبباعة اؼبسلبة بل واجبها ى متلع يد الطاعة إذا رأوا ً‬
‫اهلل برهاف‪.‬‬
‫كبا يبقى حق الفرد اؼبسلم بل واجب ى التبرد على كل أمػر مباوػر يصػدر إليػ دبعصػية صػروبة‬
‫كبا جػاء ى اغبػديث الصػحي ‪( :‬السػبع والطاعػة حػق علػى اؼبػرء اؼبسػلم فيبػا أحػ وكػرخ مػا ٍ‬
‫يػػؤمر دبعصػػية فػ ذا أمػػر دبعصػػية فػػبل ظبػػع وال طاعػػة) (رواخ اعبباعػػة عػػن ابػػن عبػػر كبػػا ى اعبػػامع‬
‫الصغك)‪.‬‬

‫رأي اؼبانعني مطل ًقا وأدلتهم‪:‬‬


‫منعػػا مطل ًقػػا مػن دفػػع الزكػػاة إَ حكػػاـ اعبػػور فهػو أحػػد قػػوُ اليػػافع وحكػػاخ‬
‫وأمػا رأي اؼبػػانعني ً‬
‫اؼبهدي ى البحر عن الع ة‪ :‬أن ال هبوز دفع الزكػاة إَ الظلبػة وال هبػزيء واسػتدلوا بقولػ تعػاَ‪:‬‬
‫ني) (البقرة‪.)424 :‬‬ ‫ِِ‬ ‫(ال يػن ُ ِ‬
‫اؿ َع ْهدي الظالب َ‬ ‫ََ‬
‫ورد عليهم اليوكاْ بأف عبوـ هذخ اآلية ‪ -‬على تسليم صحة االستدالؿ هبػا علػى ؿبػل النػزاع ‪-‬‬
‫ـبصل باألحاديث اؼبذكورة ى الباب (نيل األوطار‪.)465/4 :‬‬

‫رأي القا لني بالتفصيل‪:‬‬


‫وذه بعض اليافعية واؼبالكيػة واغبنابلػة إَ أف لػرب اؼبػاؿ دفػع الزكػاة إَ السػاع والػواُ ‪ -‬ولػو‬
‫كػػاف فاسػ ًقا ‪ -‬إذا كػػاف يضػػعها مواشػػعها ويصػػرفها حيػػث أمػػر اهلل‪ .‬وإف ٍ يكػػن يضػػعها مواشػػعها‬
‫ويصرفها إَ مستحقيها حرـ دفعها إلي وهب كتبهػا إذف (نيػل األوطػار ‪ -‬اؼبرجػع السػابق)‪ .‬بػل‬
‫طوعػا أو جػ ًا ٍ هبػزهم‬
‫قاؿ اؼباوردي من اليافعية ى م ل هذا الواُ‪ :‬إذا أمتػذ الزكػاة مػن أرباهبػا ً‬
‫عن حػق اهلل ‪-‬تعػاَ‪ -‬ى أمػواؽبم ولػزمهم إمتراجهػا بأنفسػهم إَ مسػتحقيها (األحكػاـ السػلطانية‬
‫للباوردي ص‪ -447‬طبع اؼبطبعة احملبودية الت ارية دبصر)‪.‬‬
‫وعند اؼبالكية‪:‬‬
‫ذكر الدردير ى اليرح الكبك (اعبزء األوؿ ص‪ .)562‬على ـبتصر "متليل"‪ :‬أف مػن دفعهػا عبػا ر‬
‫معروؼ باعبور ى صرفها وجار بالفعل ٍ ذبزخ‪ .‬والواج جحػدها واؽبػرب هبػا مػا أمكػن فػ ف ٍ‬
‫هبر بأف دفعها ؼبستحقها أجزأت وأما إذا كاف عدالً ى صػرفها وأمتػذها جػا ًرا ى غكهػا فقػاؿ‬
‫الدردير‪ :‬هبػ الػدفع إليػ ‪ .‬ونقػل الدسػوق ى حاوػيت ‪ :‬أنػ لػيس كػذل بػل هػو مكػروخ (حاوػية‬
‫الدسوق ‪.)564/4 :‬‬
‫وقاؿ اليػيمل زروؽ ى وػرح الرسػالة‪" :‬ال متػبلؼ أمػا تُػدفع لئلمػاـ العػدؿ امتتي ًػارا وغػك العػدؿ ال‬
‫تُػػدفع إلي ػ إال أف يطلبهػػا وال يبكػػن إمتفاؤهػػا عن ػ ومػػن أمكن ػ أف يفرقهػػا دون ػ ٍ هبػػز ل ػ دفعهػػا‬
‫إلي ‪ .‬ورواخ ابن القاسم وابن نافع‪ :‬إف كاف وبلفػ عليهػا أجػزأخ دفعهػا إليػ ‪ .‬ورأى أوػه ‪ :‬إذا أكػرخ‬
‫عليهػػا أمػػا ذبز ػ واسػػتح إعادهتػػا‪ .‬ودفعهػػا ابػػن عبػػد اغبكػػم إَ وإَ اؼبدينػػة وقػػاؿ ابػػن روػػد‪:‬‬
‫امتتلػػه ى إج ػزاء دفعهػػا ؼبػػن ال يعػػدؿ فيهػػا وال يضػػعها مواشػػعها فبػػذه اؼبدونػػة وأصػػبغ وابػػن‬
‫وه وأحد قوُ ابن القاسم ى ظباع وبىي‪ :‬اإلجزاء والقوؿ ال اْ البن القاسم ى السباع‪ :‬عدـ‬
‫اإلجزاء‪ .‬واؼبيهور‪ :‬إجزاؤها إف أكرخ واهلل حسي من ظلم ولكن ال ذبزيء إال بتسػبيتها زكػاة‬
‫وأمتذخ برظبها" اهػ (ورح الرسالة‪.)344-346/4 :‬‬
‫صبيعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫يع أما إذا أمتذت باسم اؼبكس أو الضريبة أو كبو ذل ال هبزيء عند أهل اؼبذه‬
‫وعند اغبنفية‪:‬‬
‫إذا أمتػػذ البغػػاة وس ػبلطني اعبػػور زكػػاة األم ػواؿ الظػػاهرة أو اػب ػراج فصػػرفوا اؼبػػأمتوذ ى ؿبل ػ فػػبل‬
‫إعػػادة علػػى أرباهبػػا‪ .‬وإف ٍ يصػػرفوخ ى ؿبل ػ ويضػػعوخ ى موشػػع اؼبيػػروع فعلػػيهم ‪ -‬فيبػػا بيػػنهم‬
‫وبني اهلل ‪ -‬إعادة الزكاة ال اػبراج ألمم مصارف فهو حق اؼبقاتلة وهم يقاتلوف أهل اغبرب‪.‬‬
‫وامتتله ى األمواؿ الباطنة فأفك بعضهم بعدـ اإلجزاء؛ ألن ليس للظاٍ والية أمتذ الزكاة منها‪.‬‬
‫وؽبذا ال يص الدفع إلي النعداـ االمتتيار الصحي ‪.‬‬
‫وى اؼببسػػوط‪ :‬األصػ الصػػحة إذا نػػوى بالػػدفع إَ الظلبػػة التصػػدؽ علػػيهم؛ ألمػػم دبػػا علػػيهم مػػن‬
‫التبعات فقػراء(الػدر اؼبصتػار وحاوػيت ‪ 27-26/2 :‬واغبػق أف هػؤالء يعتػ وف غػارمني مػدينني دبػا‬
‫عليهم من حقوؽ الناس وأمواؽبم وقد ذكرنا ى مصرؼ "الغارمني" او اط أف يكوف دين ى غك‬
‫معصية وال سرؼ وٍ يتحقق هنا هذا اليرط)‪.‬‬
‫عند اغبنابلة‪:‬‬
‫وأما عند اغبنابلة فقاؿ ابن قدامة ى اؼبغ ‪" :‬إذا أمتذ اػبوارج والبغاة الزكػاة أجػزأت عػن صػاحبها‬
‫وكػػذل كػػل مػػن أمتػػذها مػػن السػػبلطني أجػزأت عػػن صػػاحبها سػواء عػػدؿ فيهػػا أو جػػار وس ػواء‬
‫امتتيارا‪.‬‬
‫ً‬ ‫قهرا أو دفعها إلي‬‫أمتذها ً‬
‫ػابرا وأبػػا سػػعيد اػبػػدري وأبػػا هريػػرة‬
‫قػػاؿ أبػػو صػػاً‪ :‬سػػألز سػػعد بػػن أل وقػػاص وابػػن عبػػر وجػ ً‬
‫فقلز‪ :‬هذا السلطاف يصنع ما تروف أفأدفع إليهم زكان؟ فقالوا كلهم‪ :‬نعم‪.‬‬
‫وقاؿ إبراهيم‪ :‬هبزيء عن ما أمتذ العياروف‪.‬‬
‫وعن سلبة بن األكوع‪ :‬أن دفع صدقت إَ قبدة (اػبارج )‪.‬‬
‫وعػػن ابػػن عبػػر‪ :‬أن ػ سػػئل عػػن مصػػدؽ ابػػن ال ػزبك ومص ػدرؽ قبػػدة؟ فقػػاؿ‪ :‬إَ أيهبػػا دفعػػز أج ػزأ‬
‫عن ‪.‬‬
‫وهبػذا قػػاؿ أصػحاب الػرأي فيبػا غلبػوا عليػ (أي مػػا نفػذ فيػ حكبهػم مػػن الػببلد) وقػػالوا‪ :‬إذا مػّػر‬
‫على اػبوارج فعيروخ ال هبزيء عن زكات ‪.‬‬
‫وقػػاؿ أبػػو عبيػػد ى اػب ػوارج يأمتػػذوف الزكػػاة‪ :‬علػػى َمػػن أمتػػذوا من ػ اإلعػػادة؛ ألمػػم ليس ػوا بأ بػػة‬
‫فأوبهوا قُطّاع الطرؽ‪.‬‬
‫إصباعػػا وألن ػ‬
‫قػػاؿ ابػػن قدامػػة‪ :‬ولنػػا قػػوؿ الصػػحابة مػػن غػػك متػػبلؼ ى عصػػرهم علبنػػاخ فيكػػوف ً‬
‫دفعهػػا إَ أه ػػل الوالي ػػة فأوػػب دفعهػػا إَ أهػػل البغ ػ ‪( ".‬اؼبغ ػ ‪ -645-644/2 :‬طب ػػع اؼبنػػار‬
‫(ال ال ة)‪.‬‬
‫وكذل ذكر ى مطال أوَ النه ‪" :‬أف اؼبذه ال ىبتله ى جواز دفعها إَ اإلماـ عدالً كاف‬
‫ػاهرا كػػاف اؼبػػاؿ أو باطنًػػا‪ .‬مسػػتدالً دبػػا جػاء عػػن الصػػحابة ى ذلػ ‪ .‬قػػاؿ أضبػػد‪ :‬كػػانوا‬
‫أو جػػا ًرا ظػ ً‬
‫يػػدفعوف الزكػػاة إَ األمػراء وهػػؤالء أصػػحاب النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬يػػأمروف بػػدفعها وقػػد‬
‫علبوا فيم ينفقوما فبا أقوؿ أنا"؟! (مطل أوُ النه ‪.)426/2 :‬‬
‫موازنة وترجي ‪:‬‬
‫الػػذي أراخ ى هػػذخ اؼبسػػا ل هػػو صػػحة الػػدفع إَ الظلبػػة إذا أمت ػذوا مػػا أمتػػذوخ بعن ػواف الزكػػاة وال‬
‫يُكلػػه اؼبسػػلم اإلعػػادة ى أي صػػورة مػػن الصػػور فػ ذا ٍ يأمتػػذوخ باسػػم الزكػػاة ٍ هبز ػ كبػػا قػػاؿ‬
‫اؼبالكية وغكهم وسنعود إَ ذل ى باب " الزكاة والضريبة"‪.‬‬
‫أما هل يدفع إَ الظاٍ أو ال؟ ف ْ أمتتار الػدفع إليػ إذا كػاف يوصػلها إَ مسػتحقيها ويصػرفها‬
‫ى مصارفها اليرعية وإف جار ى بعض األمور األمترى‪.‬‬
‫ف ػ ف كػػاف ال يضػػعها ى مواشػػعها فػػبل يػػدفعها إلي ػ إال إف طال ػ هبػػا فػػبل يسػػع االمتنػػاع عب ػبلً‬
‫باألحاديث الب سقناها من قبل وبفتاوى الصحابة اؼبتكررة ى دفع الزكاة إَ األمراء وإف ظلبوا‪.‬‬

‫التزاـ اغباكم لئلسبلـ ورط‬

‫والذي ال ري في أف هؤالء األمراء الذين أفك الصحابة بػدفع الزكػاة إلػيهم إمبػا هػم قػوـ مسػلبوف‬
‫حكبا بل جاهدوا ى سػبيل وفتحػوا الفتػوح باظبػ وربػز رايتػ ‪.‬‬ ‫آمنوا باإلسبلـ والتزموخ وارتضوخ ً‬
‫اتباعا للهوى‪.‬‬
‫وإف حادوا ى بعض أحكامهم عن إي ًارا للدنيا أو ً‬
‫فهػػؤالء تُػػدفع إلػػيهم الزكػػاة وسػػا ر اغبقػػوؽ اؼباليػػة كبػػا صػػرحز بػػذل األحاديػػث الصػػحيحة الػػب‬
‫استدؿ هبا اعببهور‪.‬‬
‫وهؤالء غك ك ك من حكاـ عصرنا الذين قطعوا صلتهم باإلسبلـ وازبذوخ وراءهم ظهريًا وازبػذوا‬
‫ورا بل إف منهم َمن أصب حربًا على اإلسبلـ وأهل ودعاتػ فهػؤالء ال هبػوز أف‬ ‫هذا القرآف مه ً‬
‫يػُ َعانوا دباؿ الزكاة على نير كفرهم وإغبادهم وإفسػادهم ى األرض فػالتزاـ اغبػاكم لئلسػبلـ وػرط‬
‫ى جواز دفع الزكاة إلي ‪.‬‬
‫ولقػػد اتفػػق صبهػػور الفقهػػاء علػػى أف ابػػن السػػبيل اؼبسػػافر ى معصػػية ال يُعطػ مػػن مػػاؿ الزكػػاة حػػك‬
‫يتوب وكذل الغارـ ى معصية إذ ال هبوز أف يعانا من ماؿ اهلل على معصية اهلل‪.‬‬
‫فكيػػه حبػػاكم يأمتػػذ مػػاؿ اهلل ليصػػد عػػن سػػبيل اهلل ويعطػػل وػريعة اهلل ويػػؤذي كػػل َمػػن دعػػا إَ‬
‫حكم الل ؟‬
‫ويع ب هنا ما قال اؼبصل العبلمػة السػيد روػيد رشػا ‪ -‬رضبػ اهلل ‪ -‬ى تفسػك اؼبنػار قػاؿ‪ :‬وإمػاـ‬
‫اؼبسلبني ى دار اإلسبلـ هو الذي تؤدي ل صدقات الزكاة وهػو صػاح اغبػق جببعهػا وصػرفها‬
‫ؼبستحقيها وهب علي أف يقاتل الذين يبتنعوف عن أدا ها إلي ‪.‬‬
‫"ولكن أك ر اؼبسلبني ٍ يبق ؽبػم ى هػذا العصػر حكومػات إسػبلمية تقػيم اإلسػبلـ بالػدعوة إليػ‬
‫وال ػػدفاع عن ػ واعبه ػػاد ال ػػذي يوجب ػ وجوبًػػا عينيًػػا أو كفا يًػػا وتق ػػيم ح ػػدودخ وتأمت ػػذ الص ػػدقات‬
‫اؼبفروشػػة كبػػا فرشػػها وتضػػعها ى مصػػارفها الػػب حػػددها بػػل سػػق أك ػػرهم ربػػز سػػلطة دوؿ‬
‫اإلفرن وبعضهم ربز سلطة حكومػات مرتػدة عنػ أو ملحػدة فيػ (أصػب هػذا النػوع هػو األعػم‬
‫األغل على اغبكومػات ى ك ػك مػن بػبلد اؼبسػلبني اليػوـ فقػد ربػررت مػن سػلطاف دوؿ اإلفػرن‬
‫لتقػػع ى سػػلطة العلبػػانيني والبلدينيػػني)‪ .‬ولػػبعض اػباشػػعني لػػدوؿ اإلف ػرن رؤسػػاء مػػن اؼبسػػلبني‬
‫اعبغ ػرافيني ازبػػذهم اإلف ػرن آالت إلمتضػػاع اليػػعوب ؽبػػم باسػػم اإلسػػبلـ حػػك فيبػػا يهػػدموف ب ػ‬
‫اإلسبلـ ويتصرفوف بنفوذهم وأمرهم ى مصاً اؼبسلبني وأمواؽبم اػباصة هبم فيبػا لػ صػفة دينيػة‬
‫مػػن صػػدقات الزكػػاة واألوقػػاؼ وغكهػػا‪ .‬فأم ػػاؿ هػػذخ اغبكومػػات ال هبػػوز دفػػع وػ ء مػػن الزكػػاة ؽبػػا‬
‫مهبا يكن لق ر يسها ودين الرظب ‪.‬‬
‫"وأم ػػا بقاي ػػا اغبكوم ػػات اإلس ػػبلمية ال ػػب ي ػػدين أ بته ػػا ورؤس ػػاؤها باإلس ػػبلـ وال س ػػلطاف عل ػػيهم‬
‫لؤلجان ػ ى بيػػز مػػاؿ اؼبسػػلبني فه ػ الػػب هب ػ أداء الزكػػاة الظػػاهرة أل بتهػػا‪ .‬وكػػذا الباطنػػة ‪-‬‬
‫كالنقػدين ‪ -‬إذا طلبوهػا وإف كػانوا جػا رين ى بعػض أحكػامهم كبػا قػاؿ الفقهػاء وتػ أ ذمػة مػن‬
‫أداها إليهم وإف ٍ يضعوها ى مصارفها اؼبنصوصة ‪ -‬ى اآلية اغبكيبة ‪ -‬بالعدؿ‪.‬‬
‫"والذي نل علي احملققوف ‪ -‬كبا ى ورح اؼبهذب وغكخ ‪ -‬أف اإلماـ أو السلطاف إذا كاف جػا ًرا‬
‫ال يضع الصدقات ى مصارفها اليػرعية فاألفضػل ؼبػن وجبػز عليػ أف يؤديهػا ؼبسػتحقيها بنفسػ‬
‫إذا ٍ يطلبها اإلماـ أو العامل من قِبَلِ " (تفسك اؼبنار‪ -595،596/46 :‬الطبعة ال انية)‬
‫الفصل ال الث‬
‫دفع القيبة ى الزكاة‬

‫فهرس‬

‫أدلة اة روزين‬

‫موازنة وترجي‬

‫امتتبلؼ الفقهاء ى دفع القيبة‬

‫سب اػببلؼ‬

‫أدلة اؼبانعني من إمتراج القيبة‬


‫امتتبلؼ الفقهاء ى دفع القيبة‬

‫إذا وج ػ علػػى رب اؼبػػاؿ وػػاة ى غنب ػ ‪ .‬أو ناقػػة ى إبل ػ أو إردب ى قبح ػ أو قنطػػار ى شبػػرخ‬
‫وفاكهتػ فهػػل يتحػػتم عليػ أف ىبػػرج هػػذخ األوػػياء عينهػػا أـ ُىبػػك بينهػػا وبػػني أداء قيبتهػػا بػػالنقود‬
‫م بلً ف ذا أمترج القيبة أجزأت وصحز زكات ؟‬
‫امتتلػه ى ذلػ الفقهػػاء علػى أقػواؿ‪ :‬فبػنهم مػػن يبنػع ذلػ ومػنهم مػػن هبيػزخ بػػبل كراهػة ومػػنهم‬
‫من هبيزخ مع الكراهة ومنهم من هبيز ى بعض الصور دوف بعض‪.‬‬
‫وأك ػػر اؼبتيػػددين ى منػػع إمت ػراج القيبػػة هػػم اليػػافعية والظاهريػػة ويقػػابلهم اغبنفيػػة فهػػم هبيػػزوف‬
‫إمتراجها ى كل حاؿ وعند اؼبالكية واغبنابلة روايات وأقواؿ‪.‬‬
‫فف ػ ـبتصػػر "متلي ػػل"‪ .‬أف دف ػػع القيبػػة ال هبػػزيء وق ػػد تبػػع في ػ اب ػػن اغباج ػ وابػػن بي ػػك وق ػػد‬
‫اع ش ى "التوشي " بأن متبلؼ مػا ى اؼبدونػة ونصػ اؼبيػهور ى إعطػاء القيبػة‪ :‬أنػ مكػروخ ال‬
‫طعامػا ويكػرخ للرجػل اوػ اء‬ ‫عرشػا أو ً‬ ‫ؿبػرـ (قػاؿ ى اؼبدونػة‪" :‬وال يعطػ فبػا لزمػ مػن الزكػاة العػني ً‬
‫صدقت " أهػ ف عل من وراء الصدقة وأن مكروخ وم ل البن عبد السبلـ‪.‬‬
‫قاؿ الباج ‪ :‬ظاهر اؼبدونة وغكها‪ :‬أن من باب وراء الصدقة واؼبيهور في أن مكروخ ال ؿبرـ‪.‬‬
‫وقد قاؿ بعض اؼبالكية‪ :‬ظػاهر كبلمهػم‪ :‬أف مػا ى التوشػي وابػن عبػد السػبلـ هػو الػراج ويػدؿ‬
‫أيضا وهنػاؾ تفصػيل‬ ‫ل امتتيار ابن رود ل حيث قاؿ‪ :‬اإلجزاء أظهر األمواؿ وصوب ابن يونس ً‬
‫ى إمتراج القيبة انفرد ب بعض اؼبالكية وذكرخ الدردير وهو‪ :‬أف إمتراج العني "النقود" عن اغبػرث‬
‫أو اؼباوػػية هبػػزيء م ػػع الكراه ػػة وأمػػا إمت ػراج العػػرض عنهبػػا أو ع ػػن العػػني أو إمت ػراج اغبػػرث أو‬
‫اؼباو ػػية ع ػػن الع ػػني أو اغب ػػرث ع ػػن اؼباو ػػية أو عكس ػ ف ػػبل هب ػػزيء‪ .‬انظ ػػر الي ػػرح الكب ػػك لل ػػدردير‬
‫وحاوية الدسوق علي ‪.)562/4 :‬‬
‫وى وػػرح الرسػػالة البػػن نػػاج (اعبػػزء األوؿ ص‪ . )346‬قػػوؿ ألوػػه وابػػن القاسػػم بػػأف إمت ػراج‬
‫القيبة مطل ًقا جا ز وقيل بعكس ‪.‬‬
‫وى اؼبدونة‪ :‬من ج خ اؼبصدؽ على أمتذ شبن الصدقة رجوت أف ذبزي ‪ .‬قاؿ الييوخ‪ :‬ألنػ حػاكم‬
‫وحكم اغباكم يرفع اػببلؼ (انظر‪ :‬ورح الرسالة لزروؽ‪.)346/4 :‬‬
‫وأما عند اغبنابلة فذكر ى "اؼبغ "‪ :‬أف ظاهر مذه أضبد‪ :‬أن ال هبزيء إمتراج القيبة ى و ء‬
‫من الزكوات ال زكاة الفطر وال زكاة اؼباؿ ألن متبلؼ السنة‪.‬‬
‫وروي عػػن أضبػػد القػػوؿ بػػاعبواز فيبػػا عػػدا الفطػػرة وقػػاؿ أبػػو داود‪ :‬سػػئل أضبػػد ع ػن رجػػل بػػاع شبػػرة‬
‫شبرا وإف واء‬ ‫شبرا أو شبن ؟ قاؿ‪ :‬إف واء أمترج ً‬ ‫لبل ؟ قاؿ‪ :‬عيرخ على الذي باع ‪ .‬قيل ل ‪ :‬فيصرج ً‬
‫أمترج من ال بن وهذا دليل على جواز إمتراج القيم (اؼبغ ‪ -65/3 :‬طبع اؼبنار (ال انية)‪.‬‬
‫أما زكاة الفطر فقد ودد فيها وٍ هبز إعطاء القيبة وأنكر على مػن احػت بفعػل عبػر بػن عبػد‬
‫العزيز (اؼبصدر السابق)‪ .‬كبا سنبني ذل ى الباب السابع‪.‬‬

‫سب اػببلؼ‬

‫والسب األوؿ ؽبذا النزاع يرجع إَ امتتبلؼ زوايا النظر إَ حقيقة الزكاة‪ :‬هل ه عبادة وقربة هلل‬
‫تعاَ أـ حق مرت ى ماؿ األغنياء للفقراء؟ وبتعبكنا‪ :‬شريبة مالية مفروشة على مال النصاب؟‬
‫واغبػػق أف الزكػػاة ‪-‬كبػػا ذكرنػػا ى غػػك موشػػع‪ -‬رببػػل اؼبعنيػػني ولكػػن بعػػض الفقهػػاء كاليػػافع‬
‫وأضبد ‪-‬ى اؼبيهور عن ‪ -‬وبعض اؼبالكية وكذل الظاهرية غلبوا معػ العبػادة والقربػة ى الزكػاة‬
‫فحتبوا على اؼبال إمتراج العني الب جاء هبا النل وٍ هبوزوا ل إمتراج القيبة‪.‬‬
‫وغل أبو حنيفة وأصحاب وآمتػروف مػن األ بػة اعبانػ اآلمتػر‪ :‬أمػا حػق مػاُ قصػد بػ سػد متلػة‬
‫الفقػ ػراء ف ػػوزوا إمتػ ػراج القيب ػػة (انظ ػػر البح ػػر‪ 474 476 444/2 :‬وفقػ ػ اإلم ػػاـ جعف ػػر‪:‬‬
‫‪.)74-76/2‬‬

‫أدلة اؼبانعني من إمتراج القيبة‬

‫استند اؼبانعوف إَ أدلة متفرقة ‪ -‬من النظر واألثر ‪ -‬قببع وتاهتا ونرتبها فيبا يل ‪:‬‬
‫‪ -4‬قػػاؿ إمػػاـ اغبػػرمني اعبػػوي ‪-‬وهػػو وػػافع ‪ :-‬اؼبعتبػػد ى الػػدليل ألصػػحابنا‪ :‬أف الزكػػاة قُربػػة هلل‬
‫تعاَ وكل ما كاف كذل فسبيل أف يتبػع فيػ أمػر اهلل تعػاَ ولػو قػاؿ إنسػاف لوكيلػ ‪ :‬اوػ ثوبًػا‬
‫وعلم الوكيل أف غرش الت ػارة ووجػد سػلعة هػ أنفػع ؼبوكلػ ٍ يكػن لػ ـبالفتػ وإف رآخ أنفػع‬
‫فبا هب هلل تعاَ بأمرخ أوَ باالتباع‪.‬‬
‫وكبػػا ال هبػػوز ى الصػػبلة إقامػػة السػ ود علػػى اػبػػد والػػذقن مقػػاـ السػ ود علػػى اعببهػػة واألنػػه‬
‫والتعليل في دبع اػبضوع؛ ألف ذل ـبالفة للنل ومتروج على مع التعبد‪ .‬كذل ال هبػوز ى‬
‫الزكػػاة إمت ػراج قيبػػة اليػػاة أو البعػػك أو اغب ػ أو ال بػػر اؼبنصػػوص علػػى وجوب ػ ؛ ألف ذل ػ متػػروج‬
‫على النل وعلى مع التعبد والزكاة أمتز الصبلة (اةبوع للنووي‪.)43/5 :‬‬
‫وبي ػػاف ذلػ ػ ‪ :‬أف اهلل س ػػبحان أم ػػر ب يت ػػاء الزك ػػاة ى كتابػ ػ أم ػ ًػرا ؾببػ ػبلً دب ػػل قولػ ػ ‪( :‬وآتػ ػوا الزَك ػػا َة)‬
‫وج ػػاءت السػػنة ففصػػلز م ػػا أصبل ػ القػػرآف وبينػػز اؼبقػػادير اؼبطلوبػػة دب ػػل قول ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ‬
‫وسػػلم‪( : -‬ى كػػل أربعػػني وػػاة وػػاة) (ى كػػل طبسػػة مػػن اإلبػػل وػػاة) إٌ فصػػار كػػأف اهلل تعػػاَ‬
‫قػػاؿ‪" :‬وآت ػوا الزكػػاة مػػن كػػل أربعػػني وػػاة وػػاة" فتكػػوف الزكػػاة ح ًقػػا للفقػػك هبػػذا الػػنل فػػبل هبػػوز‬
‫االوتغاؿ بالتعليل إلبطاؿ حق من العني‪.‬‬
‫‪ -2‬يؤك ػػد ه ػػذا اؼبع ػ أمػػر آمت ػػر ذكػػرخ القاش ػ أب ػػو بكػػر ب ػػن العػػرل اؼبػػالك وه ػػو‪ :‬أف التكلي ػػه‬
‫واالبتبلء بػ متراج الزكػاة لػيس بػنقل األمػواؿ فقػ ‪ -‬كبػا فهػم أبػو حنيفػة ‪ -‬فػ ف هػذا ذهػوؿ عػن‬
‫التوفية غبق التكليه ى تعيني الناقل وهو يوازي التكليه ى قدر الناقل فػ ف اؼبالػ يريػد أف‬
‫يبقى ملك حبال وىبرج من غكخ عن ف ذا مالز نفس إَ ذل وعلقز ب كاف التكليه قطػع‬
‫تل ػ العبلقػػة الػػب ه ػ بػػني القل ػ وبػػني ذل ػ اعبػػزء مػػن اؼبػػاؿ فوج ػ إمت ػراج ذل ػ اعبػػزء بعين ػ‬
‫(أحكاـ القرآف القسم ال اْ ص‪. )945‬‬
‫ػكرا هلل عل ػػى نعب ػػة اؼب ػػاؿ‬
‫‪ -3‬ومع ػ ػ ثال ػػث وه ػػو‪ :‬أف الزك ػػاة وجب ػػز ل ػػدفع حاج ػػة الفق ػػك و ػ ً‬
‫واغباجات متنوعة فينبغ أف يتنوع الواج ؛ ليصػل إَ الفقػك مػن كػل نػوع مػا تُػدفع بػ حاجتػ‬
‫ووبصل وكر النعبة باؼبواساة من جنس ما أنعم اهلل علي ب (انظر اؼبغ ‪.)66/3 :‬‬
‫‪ -4‬وبعد ذل قد روى أبو داود وابن ماج (ذكرخ ى "اؼبنتق " وقاؿ اليوكاْ‪ :‬صحح اغباكم‬
‫على ورطهبا وى إسنادخ عطاء عن معاذ وٍ يسبع من ؛ ألن ولد بعد موت أو ى سنة موت أو‬
‫بعد موت بسنة (نيل األوطار‪ -452/4 :‬طبع الع بانية)‪ .‬أف الن ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬قػاؿ‬
‫ؼبعاذ حني بع إَ اليبن‪( :‬متذ اغب من اغب والياة من الغنم والبعك من اإلبػل والبقػر مػن‬
‫البقػػر) وهػػو نػػل هب ػ الوقػػوؼ عنػػدخ فػػبل هبػػوز ذبػػاوزخ إَ أمتػػذ القيبػػة ألن ػ ى هػػذخ اغبػػاؿ‬
‫سيأمتذ من اغب ويئًا غك اغبػ ومػن الغػنم وػيئًا غػك اليػاة ‪ ....‬إٌ وهػو متػبلؼ مػا أمػر بػ‬
‫اغبديث‪.‬‬

‫أدلة اة روزين‬
‫أمػػا الػػذين أجػػازوا إمتػراج القيبػػة بػػدالً عػػن العػػني مػػن اغبنفيػػة ومػػن وافقهػػم مػػن الفقهػػاء فيػػرحوا‬
‫وجهة مذهبهم وبينوا مستندهم من العقل والنقل دبا نذكرخ فيبا يل ‪:‬‬
‫‪ -4‬إف اهلل تعاَ يقوؿ‪ُ ( :‬مت ْذ ِم ْن أمواؽبم صدقةً) (التوبة‪ )463 :‬فهو تنصيل على أف اؼبأمتوذ‬
‫ماؿ والقيبة ماؿ فأوبهز اؼبنصوص علي ‪.‬‬
‫أمػػا بيػػاف الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬ؼبػػا أصبل ػ القػػرآف دب ػػل‪( :‬ى كػػل أربعػػني وػػاة وػػاة) فهػػو‬
‫للتيسك على أرباب اؼبواو ال لتقييػد الواجػ بػ ؛ فػ ف أربػاب اؼبواوػ تعػز فػيهم النقػود واألداء‬
‫فبا عندهم أيسر عليهم (اؼببسوط‪.)457/2 :‬‬
‫‪ -2‬وقد روى البيهق بسندخ والبصاري معل ًقا عن طاوس قاؿ‪ :‬قاؿ معاذ باليبن‪ :‬ا توْ خببػيس‬
‫أو لبيس آمتذخ منكم مكاف الصدقة ف ن أهوف عليكم ومتك للبهاجرين باؼبدينة‪.‬‬
‫وى روايػػة‪" :‬ا تػػوْ بعػػرض ثيػػاب آمتػػذخ مػػنكم مكػػاف الػػذرة واليػػعك" (السػػنن الك ػ ى للبيهق ػ ‪:‬‬
‫‪.)443/4‬‬
‫وذل أف أهل اليبن كػانوا ميػهورين بصػناعة ال يػاب ونسػ ها فػدفعها أيسػر علػيهم علػى حػني‬
‫كاف أهل اؼبدينة ى حاجة إليها وقد كانز أمواؿ الزكػاة تفضػل عػن أهػل الػيبن فيبعػث هبػا معػاذ‬
‫إَ اؼبدينػػة عاصػػبة اػببلفػػة وقػػوؿ معػػاذ الػػذي اوػػتهر فػػرواخ طػػاوس فقيػ الػػيبن وإمامهػػا ى عصػػر‬
‫التابعني ‪ -‬يدلنا على أن ٍ يفهم من اغبديث اآلمتػر الػذي أمػرخ فيػ الرسػوؿ بأمتػذ اعبػنس‪( :‬متػذ‬
‫اغبػ مػػن اغبػ واليػػاة مػػن الغػػنم…) أنػ إل ػزاـ بأمتػػذ العػػني ولكػػن ألنػ هػػو الػػذي يطال ػ ب ػ‬
‫أربػػاب األم ػواؿ والقيبػػة إمبػػا تؤمتػػذ بامتتيػػارهم وإمبػػا عػػني تل ػ األجنػػاس ى الزكػػاة تسػػهيبلً علػػى‬
‫أرباب األمواؿ؛ ألف كل ذي ماؿ إمبا يسهل علي اإلمتراج من نوع اؼباؿ الذي عندخ كبا جاء ى‬
‫بعػػض اآلثػػار‪ :‬أن ػ ‪-‬علي ػ السػػبلـ‪ -‬جعػػل ى الديػػة علػػى أهػػل اغبلػػل حل ػبلً (اعبػػوهر النق ػ البػػن‬
‫ال كباْ اؼبطبوع مع السنن الك ى‪.)443/4 :‬‬
‫‪ -3‬وروى أضبػػد والبيهق ػ ‪ :‬أف الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬أبصػػر ناقػػة مسػػنة ى إبػػل الصػػدقة‬
‫فغضػ وقػػاؿ‪ :‬قاتػػل اهلل صػػاح هػػذخ الناقػػة" !! (يعػ السػػاع الػػذي أمتػػذها) فقػػاؿ‪ :‬يػػا رسػػوؿ‬
‫اهلل إْ ارذبعتها ببعكين من حواو الصدقة‪ .‬قاؿ‪( :‬فنعم إذف) وهذا اغبديث صاً لبلحت ػاج‬
‫ب من حيث السند (انظر اؼبصدر السابق) ومن حيث الداللة ف ف أمتذ الناقة ببعكين إمبا يكوف‬
‫باعتبار القيبة‪.‬‬
‫‪ -4‬إف اؼبقصود من الزكاة إغناء الفقك وسد متلة احملتاج وإقامػة اؼبصػاً العامػة للبلػة واألمػة الػب‬
‫هبػػا تعلػػو كلبػػة اهلل وهػػذا وبصػػل بػػأداء القيبػػة كبػػا وبصػػل بػػأداء اليػػاة وردبػػا يكػػوف ربقيػػق ذل ػ‬
‫بأداء القيبة أظهر وأيسر ومهبا تتنوع اغباجات فالقيبة قادرة على دفعها‪.‬‬
‫‪ -5‬ه إن هبوز باإلصباع العدوؿ عن العني إَ اعبنس بأف ىبػرج زكػاة غنبػ وػاة مػن غػك غنبػ‬
‫أيضا من جنس إَ جنس‪.‬‬ ‫وأف ىبرج عُير أرش حبًا من غك زرع ف از العدوؿ ً‬
‫وى هذا رد على القاش ابن العرل الذي رأى أف لليارع قص ًػدا ى تعيػني اعبػزء الواجػ إمتراجػ‬
‫ػودا‬
‫من اؼباؿ لقطع العبلقة بني قل اؼبال وبػني ذلػ اعبػزء اؼبعػني مػن مالػ ولػو كػاف ذلػ مقص ً‬
‫لليارع ما جاز ل باإلصباع أف يعدؿ عن هذا اعبزء من مال وىبرج م ل من جنسػ مػن مػاؿ آمتػر‬
‫ألي ـبلوؽ من الناس‪.‬‬
‫‪ -6‬روى سػػعيد بػػن منصػػور ى سػػنن عػػن عطػػاء قػػاؿ‪ :‬كػػاف عبػػر بػػن اػبطػػاب يأمتػػذ العػػروض ى‬
‫الصدقة من الدراهم (اؼبغ ‪.)65/3 :‬‬

‫موازنة وترجي‬

‫أعتقػػد أننػػا بعػػد التأمػػل ى أدلػػة الف ػريقني يتبػػني لنػػا رجحػػاف مػػا ذه ػ إلي ػ اغبنفيػػة ى هػػذا اؼبقػػاـ‬
‫تسندهم ى ذل األمتبار واآلثار كبا يسندهم النظر واالعتبار‪.‬‬
‫واغبقيقة أف تغلي جانػ العبػادة ى الزكػاة وقياسػها علػى الصػبلة ى التقيػد دبػا ورد مػن نصػفيبا‬
‫يؤمتذ ‪ -‬ال يتفق هو وطبيعة الزكاة الب رج فيهػا مػن متػالفوا اغبنفيػة أنفسػهم اعبانػ اآلمتػر‪:‬أمػا‬
‫حق ماُ وعبادة متبيزة فأوجبوها ى ماؿ الص واةنوف حيث تسق عنػ الصػبلة وكػاف أوَ‬
‫هبػم أف يػػذكروا هنػا مػػا قػالوخ هنػػاؾ وردوا بػ علػػى اغبنفيػة الػػذين أسػقطوا الزكػػاة مػن غػػك اؼبكلفػػني‬
‫قياسا على الصبلة‪.‬‬
‫ً‬
‫والواقػػع أف رأي اغبنفيػػة أليػػق بعص ػرنا وأهػػوف علػػى النػػاس وأيسػػر ى اغبسػػاب ومتاصػػة إذا كانػػز‬
‫هناؾ إدارة أو مؤسسة تتوَ صبػع الزكػاة وتفريقهػا فػ ف أمتػذ العػني يػؤدي إَ زيػادة نفقػات اعببايػة‬
‫بسب ما وبتاج نقل األوياء العينية من مواطنها إَ إدارة التحصيل وحراستها واحملافظػة عليهػا‬
‫من التله وهتيئة طعامها ووراهبا وحظا رها إذا كانز من األنعاـ من مؤنة وكله ك كة‪ .‬فبػا ينػاى‬
‫مبدأ "االقتصاد" ى اعبباية‪.‬‬
‫وقد روى هذا الرأي عن عبر بن عبد العزيز واغبسن البصري وإلي ذه سفياف ال وري وروي‬
‫عن أضبد م ل قػوؽبم ى غػك زكػاة الفطػر (اؼبغػ ‪ .)65/3 :‬قػاؿ النػووي‪ :‬وهػو الظػاهر مػن مػذه‬
‫البصاري ى صحيح (اةبوع‪.)429/5 :‬‬
‫وقاؿ ابن رود‪ :‬وافق البصاري ى هػذخ اؼبسػألة اغبنفيػة مػع ك ػرة ـبالفتػ ؽبػم لكػن قػادخ إَ ذلػ‬
‫الدليل (فت الباري‪.)266/3 :‬‬
‫وذل أف البصاري عقد بابًا ألمتذ العروض ى الزكاة (وهو أمتذ بالقيبة) مستدالً بأثر معاذ الذي‬
‫رواخ عن طاوس حيث طل أف يأمتذ منهم ال ياب ى الصػدقة مكػاف الػذرة واليػعك فػ ف ذلػ‬
‫أهػػوف علػػيهم ومتػػك ألصػػحاب النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬باؼبدينػػة (ذكػػر البصػػاري أثػػر طػػاوس‬
‫معل ًقا بصيغة اعبزـ وهذا دليل على صحت عندخ وقد كاف طاوس ‪-‬وهو إمػاـ الػيبن وفقيههػا ى‬
‫عصػر التػابعني‪ -‬عاؼبػا بأمتبػػار معػاذ بػاليبن وإيػراد البصػاري ألثػرخ ى معػػرض االحت ػاج بػ يقتضػ‬
‫ً‬
‫قوت عندخ (الفت ‪.)266/3 :‬‬
‫كبا استدؿ بأحاديث أمترى منها ما جاء ى كتاب أل بكر ى صدقة اؼباوية إذ جاء في ‪( :‬ومن‬
‫بلغػػز صػػدقت بنػػز ـبػػاض (وليسػػز عنػػدخ) وعنػػدخ بنػػز لبػػوف ف مػػا تُقبػػل من ػ ويعطي ػ اؼبص ػدرؽ‬
‫ػياها يػدؿ علػى‬
‫عيرين درنبًا أو واتني) وأمتذ سن بدؿ سن ومع إعطاء قيبة الفرؽ دراهم أو و ً‬
‫أف أمتذ العني ليس مطلوبًا بالذات ولكن للتيسك على أرباب األمواؿ‪.‬‬
‫اعبا أن ال تقوـ ب ح ّ ة لوجوخ ذكرها‪.‬‬ ‫أما ابن حزـ فرد االستدالؿ حبديث طاوس ز ً‬
‫طاوسا ٍ يدرؾ معا ًذا وال ولد إال بعد موت معاذ‪.‬‬ ‫أوؽبا‪ :‬أن مرسل ألف ً‬
‫ال ػػاْ‪ :‬أنػ لػػو صػ ؼبػػا كانػػز فيػ ح ّ ػػة؛ ألنػ لػػيس عػػن رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬وال‬
‫ح ة إال فيبا جاء عن علي السبلـ‪.‬‬
‫ال الث‪ :‬أن ليس في أن قاؿ ذل ى الزكاة وقد يبكن ‪ -‬لو ص ‪ -‬أف يكوف قال ألهػل اعبزيػة‬
‫وكاف يأمتذ منهم الذرة واليعك والعرض مكاف اعبزية‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أف الدليل على بطبلف هذا اػب ما في مػن قػوؿ معػاذ‪" :‬متػك ألهػل اؼبدينػة" وحاوػا هلل أف‬
‫ػكا فب ػػا أوجب ػ (احملل ػ ‪ -342/6 :‬طب ػػع‬ ‫يق ػػوؿ مع ػػاذ ه ػػذا في ع ػػل م ػػا ٍ يوجب ػ اهلل ‪-‬تع ػػاَ‪ -‬مت ػ ً‬
‫اإلماـ)‪.‬‬
‫واغبق أف هذخ الوجوخ شعيفة‪:‬‬
‫فطاوس ‪-‬وإف ٍ يلق معا ًذا‪ -‬عػاٍ بػأمرخ متبػك بسػكت كبػا قػاؿ اليػافع وقػد كػاف طػاوس إمػاـ‬
‫اليبن ى عصر التابعني فهو على دراية بأحواؿ معاذ وأمتبارخ والعهد قري ‪.‬‬
‫لسنة النػ ‪-‬صػلى اهلل‬ ‫وعبل معاذ ى اليبن وأمتذخ القيبة دليل على أن ال هبد ى ذل معارشة ُ‬
‫علي وسلم‪ -‬وهو الذي جعل اجتهادخ ى اؼبرتبة ال ال ة بعد القرآف والسػنة وعػدـ إنكػار أحػد مػن‬
‫الصحابة علي يدؿ على موافقتهم الضبنية على هذا اغبكم‪.‬‬
‫أما احتباؿ أف يكوف هذا اػب ى اعبزية فهو شعيه بل باطل كبا قاؿ العبلمة أضبػد وػاكر ى‬
‫تعليق عل احملل ف ن ى رواية وبىي بن آدـ‪" :‬مكاف الصدقة"‪.‬‬
‫وأما الوج الرابع فهو تعسه وربامل من ابن حزـ ف ف مع ‪" :‬متك لكم" ى اػبػ ‪" :‬أنفػع لكػم"‬
‫غبػػاجتهم إَ ال يػػاب أك ػػر مػػن الػػذرة واليػػعك وهػػذا أمػػر واقػػع ال ن ػزاع في ػ ‪ .‬أمػػا قول ػ ‪ ٍ" :‬يوجب ػ‬
‫اهلل"‪ ....‬إٌ فهػػذا هػػو موشػػوع النػزاع فػػبل هبػػوز االحت ػػاج بػػنفس الػػدعوى وأمتػػذ القيبػػة حينئػػذ‬
‫يكوف فبا أوجب اهلل تعاَ ى ورع ‪.‬‬
‫وذه ػ ابػػن تيبيػػة مػػذهبًا وس ػطًا بػػني الف ػريقني اؼبتنػػازعني قػػاؿ في ػ ‪" :‬األظهػػر ى هػػذا‪ :‬أف إمت ػراج‬
‫القيبػػة لغػػك حاجػػة وال مصػػلحة راجحػػة فبنػػوع من ػ وؽبػػذا قػػدر الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪-‬‬
‫اعب اف بياتني أو عيرين درنبًا وٍ يعدؿ إَ القيبة وألنػ مػك جػوز إمتػراج القيبػة مطل ًقػا فقػد‬
‫يعػػدؿ اؼبال ػ إَ أنػواع رديئػػة وقػػد يقػػع ى التقػػوٓ شػػرر وألف الزكػػاة مبناهػػا علػػى اؼبواسػػاة وهػػذا‬
‫معتػ ى قػػدر اؼبػػاؿ وجنسػ وأمػػا إمتػراج القيبػػة للحاجػػة أو للبصػػلحة أو العػػدؿ فػػبل بػػأس بػ ‪:‬‬
‫م ل أف يبيع شبر بستان أو زرعػ بػدراهم فهنػا إمتػراج عُيػر الػدراهم هبز ػ وال يُكلػه أف ييػ ي‬
‫شبرا أو حنطة إذ كاف قد ساوى الفقراء بنفس وقد نل أضبد على جواز ذل ‪.‬‬ ‫ً‬
‫وم ػػل أف هب ػ علي ػ وػػاة ى طبػػس مػػن اإلبػػل ولػػيس عنػػدخ مػػن يبيع ػ وػػاة ف ػ متراج القيبػػة هنػػا‬
‫كاؼ وال يُكله السفر إَ مدينة أمترى ليي ي واة‪.‬‬
‫وم ػػل أف يكػػوف اؼبسػػتحقوف للزكػػاة طلب ػوا منػ إعطػػاء القيبػػة لكومػػا أنفػػع فيعطػػيهم إياهػػا أو يػػرى‬
‫الساع أما أنفع للفقراء كبا نُقل عن معاذ بن جبل أن كاف يقوؿ ألهل اليبن‪" :‬ا توْ خببيس‬
‫أو لبيس أيسر علػيكم ومتػك ؼبػن ى اؼبدينػة مػن اؼبهػاجرين واألنصػار" وهػذا قػد قيػل‪ :‬إنػ قالػ ى‬
‫الزكاة وقيل ى اعبزية" اهػ‪(-‬ؾببوع فتاوى ابن تيبية‪ -83-82/25 :‬طبع السعودية)‪.‬‬
‫وهػػذا قريػ فبػػا امت نػػاخ واغباجػػة واؼبصػػلحة ى عصػرنا تقتضػ ج ػواز أمتػػذ القيبػػة مػػا ٍ يكػػن ى‬
‫ذل شرر بالفقراء أو أرباب اؼباؿ‪.‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫نقل الزكاة إَ غك بلد اؼباؿ‬

‫فهرس‬

‫جواز النقل باجتهاد اإلماـ‬

‫جواز نقل األفراد زكاهتم غباجة ومصلحة‬


‫سبهيد‬

‫إصباعا‬
‫ً‬ ‫جواز نقل الزكاة من بلد إذا استغ أهل‬

‫آراء اؼبذاه ى النقل عند عدـ االستغناء‬

‫لئلسػػبلـ ى إنفػػاؽ حصػػيلة الزكػػاة سياسػػة حكيبػػة عادلػػة تتفػػق هػ وأحػػدث مػػا ارتقػػى إليػ تطػػور‬
‫األنظبػػة اإلداريػػة والسياسػػية واؼباليػػة ى عص ػرنا الػػذي ىبيػػل لػػبعض النػػاس أف كػػل مػػا يػػأن ب ػ مػػن‬
‫النظم والتيريعات جديد مبتكر‪.‬‬
‫فق ػػد ع ػػرؼ الن ػػاس ى عص ػػور اعباهلي ػػة وى عه ػػود الظ ػػبلـ ى أوروب ػػا وغكه ػػا كي ػػه كان ػػز ذبػ ػ‬
‫الض ػرا واؼبك ػػوس م ػػن الفبلح ػػني والص ػػناع واحمل ف ػػني والت ػػار وغ ػػكهم فب ػػن يكس ػ رزق ػ بك ػػد‬
‫اليبني وعرؽ اعببني وسهر الليل وتع النهار لتذه هذخ األمواؿ ‪ -‬اؼببزوجة بػالعرؽ والػدـ‬
‫والدمع ‪ -‬إَ اإلم اطػور أو اؼبلػ أو األمػك أو السػلطاف ى عاصػبت الزاهيػة فينفقهػا ى توطيػد‬
‫عروػ ومظػػاهر أهبتػ واإلغػػداؽ علػػى مػػن حولػ مػػن اغبػراس واألنصػػار واألتبػػاع فػ ف بقػ فضػػل‬
‫فلتوسػػيع العاصػػبة وذببيلهػػا واس شػػاء أهلهػػا فػ ف فضػػل وػ ء فؤلقػػرب اؼبػػدف إَ جنابػ العػػاُ!!‬
‫وهو ى ذل كل غافل عن تل القرى الكادحة اؼبتعبة والػديار العاملػة النا يػة الػب منهػا جبيػز‬
‫هػ ػػذخ اؼبكػ ػػوس وأمتػ ػػذت هػ ػػذخ األم ػ ػواؿ (مػ ػػن كتابنػ ػػا "ميػ ػػكلة الفقػ ػػر وكيػ ػػه عاعبهػ ػػا اإلسػ ػػبلـ"‬
‫ص‪.)444‬‬
‫فلبا جاء اإلسبلـ وأمر اؼبسلبني ب يتاء الزكاة كبا أمر وُ األمر بأمتذها جعل من سياست ‪ :‬أف‬
‫تػػوزع ى اإلقلػػيم الػػذي ُذبػػط من ػ وهػػذا متفػػق عليػ ى وػػأف اؼبواو ػ والػػزروع وال بػػار ف ػ ف الزكػػاة‬
‫أيضػػا علػػى أف زكػػاة الفطػػر تػػوزع حيػػث يقػػيم اليػػصل الػػذي‬ ‫تفػػرؽ حيػػث يوجػػد اؼبػػاؿ واتفق ػوا ً‬
‫وجبز علي ‪.‬‬
‫وامتتلف ػوا ى النقػػود وكبوهػػا هػػل تػػوزع حيػػث يوجػػد اؼبػػاؿ أو حيػػث يوجػػد اؼبال ػ ؟ (انظػػر حاوػػية‬
‫الدسوق ‪ )566/4 :‬واألوهر الذي علي األك روف‪ :‬أما تتبع اؼباؿ ال اؼبال ‪.‬‬
‫والػدليل علػى هػذخ السياسػة هػػو سػنة الرسػوؿ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬ومتلفا ػ الراوػدين فحػػني‬
‫وج ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬سعات ووالت إَ األقاليم والبلداف عببع الزكػاة أمػرهم أف يأمتػذوها‬
‫من أغنياء البلد ه يردوها على فقرا ‪.‬‬
‫ولقػػد مػ ّػر بنػػا حػػديث معػػاذ ‪ -‬اؼبتفػػق علػػى صػػحت ‪-‬أف النػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬أرسػػل إَ‬
‫اليبن وأمرخ أف يأمتذ الزكاة من أغنيا هم ويردها على فقرا هم‪.‬‬
‫وكذل نفذ معاذ وصية الن ‪-‬صلى اهلل علي وسػلم‪ -‬فف ّػرؽ زكػاة أهػل الػيبن ى اؼبسػتحقني مػن‬
‫أهل اليبن بل ّفرؽ زكاة كل إقليم ى احملتاجني من متاصة وكت بذل ؽبػم كتابًػا كػاف فيػ ‪ :‬مػن‬
‫انتقل من ـببلؼ (قػاؿ ابػن األثػك ى النهايػة‪ :‬اؼبصػبلؼ ى الػيبن كالرسػتاؽ ى العػراؽ‪ .‬يعػ ‪ :‬أنػ‬
‫اسم إلقليم إداري كاحملافظػة)‪ .‬عيػكت (يعػ ‪ :‬الػذي فيػ أرشػ ومالػ ) فصػدقت وعيػرخ ى ـبػبلؼ‬
‫عيكت (رواخ عن طاوس ب سناد صحي أمترج سعيد بن منصػور وأمتػرج كبػوخ األثػرـ كبػا ى نيػل‬
‫األوطار‪.)464/2 :‬‬
‫وعن أل جحيفة قاؿ‪ :‬قػدـ علينػا مصػدرؽ رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬فأمتػذ الصػدقة مػن‬
‫قلوصا (ناقػة) (رواخ ال مػذي وقػاؿ‪:‬‬ ‫يتيبا فأعطاْ منها ً‬ ‫غبلما ً‬ ‫أغنيا نا ف علها ى فقرا نا فكنز ً‬
‫حديث حسن (اؼبصدر السابق)‪.‬‬
‫وى الصػػحي ‪ :‬أف أعرابيًػػا سػػأؿ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬عػػدة أسػػئلة منهػػا‪ :‬بػػاهلل الػػذي‬
‫أرسل ‪ :‬آهلل أمرؾ أف تأمتذ الصدقة من أغنيا نا فتقسبها على فقرا نا؟ قاؿ‪( :‬نعم)‪.‬‬
‫وروى أبػو عبيػد عػػن عبػر ‪-‬رشػ اهلل عنػ ‪ -‬أنػ قػاؿ ى وصػيت ‪ :‬أوصػػى اػبليفػة مػػن بعػدي بكػػذا‬
‫متكا فػ مم أصػل العػرب ومػادة اإلسػبلـ‪ :‬أف يأمتػذ مػن حواوػ‬ ‫وأوصي بكذا وأوصي باألعراب ً‬
‫أمواؽبم فكدها ى فقرا هم (األمواؿ ص‪.)595‬‬
‫وك ػػذل ك ػػاف العب ػػل ى حي ػػاة عب ػػر‪ :‬أف يفػ ػرؽ اؼب ػػاؿ حي ػػث ُِ‬
‫صب ػػع ويع ػػود الس ػػعادة إَ اؼبدين ػػة ال‬
‫وببلوف ويئًا غك أحبلسهم الب يتلفعوف هبا أو عصيهم الب يتوكأوف عليها‪:‬‬
‫فعن سعيد بن اؼبسي ‪ :‬أف عبر بعث معا ًذا ساعيًا على ب كبلب أو على ب سعد بن ذبيػاف‬
‫فقسم فيهم حك ٍ يدع ويئًا حك جاء حبلس الذي مترج ب على رقبت (األمواؿ ص‪. )596‬‬
‫وقاؿ سعد من أصحاب يعلى بن أمية وفبن استعبلهم عبر ى الزكػاة‪ :‬كنػا لبػرج لنأمتػذ الصػدقة‬
‫فبا نرجع إال بسياطنا (اؼبرجع السابق ى ‪.)596‬‬
‫وسػئل عبػػر عبػػا يؤمتػػذ مػػن صػػدقات األعػراب‪ :‬كيػػه نصػػنع هبػػا؟ فقػػاؿ عبػػر‪ :‬واهلل ألردف علػػيهم‬
‫الصدقة حك تروح على أحدهم ما ة ناقة أو ما ة بعك (اؼبصنه‪ -265/3 :‬طبع حيدر آباد)‪.‬‬
‫هذا إَ أف نقل الزكاة من بلد مع حاجة فقرا ـبػل باغبكبػة الػب فرشػز ألجلهػا ولػذا قػاؿ ى‬
‫"اؼبغ "‪ :‬وألف اؼبقصود بالزكاة إغناء الفقراء هبا فػ ذا أحبنػا نقلهػا أفضػى إَ بقػاء فقػراء ذلػ البلػد‬
‫ؿبتاجني (اؼبغ ‪.)672/2 :‬‬
‫وعلػػى هػػذا الػػنه الػػذي امتتط ػ الرسػػوؿ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬ومتلفػػاؤخ الراوػػدوف سػػار أ بػػة‬
‫العدؿ من اغبكاـ وأ بة الفتوى من فقهاء الصحابة والتابعني‪.‬‬
‫فعن عبراف بن حصني ‪-‬رش اهلل عن ‪ -‬أنػ وَ عػامبلً علػى الصػدقة ‪ -‬مػن قِبَػل زيػاد بػن أبيػ أو‬
‫بعض األمراء ى عهد ب أمية ‪ -‬فلبا رجع قاؿ ل ‪ :‬أين اؼباؿ؟‬
‫قػػاؿ‪ :‬وللبػػاؿ أرسػػلت ؟! أمتػػذناخ مػػن حيػػث كنػػا نأمتػػذخ علػػى عهػػد رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ‬
‫وسلم‪ -‬ووشعناخ حيث كنا نضع (رواخ أبو داود وابن ماج ‪ .‬انظر نيل األوطار‪.)464/4 :‬‬
‫طاوسا ‪ -‬فقي اليبن ‪ -‬عامبلً للصػدقة علػى ـبػبلؼ (إقلػيم) فكػاف‬ ‫ً‬ ‫ووَ ؿببد بن يوسه ال قف‬
‫يأمتػػذ الصػػدقة مػػن األغنيػػاء فيضػػعها ى الفق ػراء فلبػػا فػػرغ قػػاؿ ل ػ ‪ :‬ارفػػع حسػػاب فقػػاؿ‪ :‬مػػا ُ‬
‫حساب‪ :‬كنز آمتذ من الغ فأعطي اؼبسكني (األمواؿ ص‪.)595‬‬
‫وعن فرقد السبص قػاؿ‪ :‬ضبلػز زكػاة مػاُ ألقسػبها دبكػة فلقيػز سػعيد بػن جبػك فقػاؿ‪ :‬ارددهػا‬
‫فاقسبها ى بلدؾ (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫وعػػن سػػفياف ال ػػوري‪ :‬أف زكػػاة ضبلػػز مػػن الػػري إَ الكوفػػة فردهػػا عبػػر بػػن عبػػد العزيػػز إَ الػػري‬
‫(اؼبرجع نفس )‪.‬‬
‫قاؿ أبو عبيد‪ :‬والعلباء اليوـ ؾببعوف على هذخ اآلثار كلهػا‪ :‬أف أهػل كػل بلػد مػن البلػداف أو مػاء‬
‫من اؼبياخ (بالنظر للبادية) أحق بصدقتهم ما داـ فيهم من ذوي اغباجة واحد فبا فوؽ ذل وإف‬
‫أتى ذل على صبيع صدقتها حك يرجع الساع وال و ء مع منها‪.‬‬
‫واستدؿ أبو عبيد دبا ذكرناخ آن ًفا من مت معاذ الذي عاد حبلس الذي متػرج بػ علػى رقبتػ ومتػ‬
‫سعيد الذي قاؿ‪ :‬كنا لبػرج لنأمتػذ الصػدقة فبػا نرجػع إال بسػياطنا ودبػا سػنذكر قريبًػا مػن مراجعػة‬
‫عبر ومعاذ حني أرسل إلي بعض ما فضل من صدقات أهل اليبن‪.‬‬
‫قاؿ أبو عبيد‪ :‬فكػل هػذخ األحاديػث ت بػز أف كػل قػوـ أوَ بصػدقتهم حػك يسػتغنوا عنهػا ونػرى‬
‫اسػػتحقاقهم ذلػ دوف غػػكهم إمبػػا جػػاءت بػ السػػنة غبرمػػة اعبػوار وقػػرب دارهػػم مػػن دار األغنيػػاء‬
‫(نفس اؼبرجع)‪.‬‬
‫ف ف جهل اؼبص ردؽ فحبل الصدقة من بلد إَ آمتػر سػواخ وبأهلهػا فقػر إليهػا ردهػا اإلمػاـ إلػيهم‬
‫كبا فعل عبر بن عبد العزيز وكبا أفك ب سعيد بن جبك (نفس اؼبرجع)‪.‬‬
‫إال أف إبراهيم (النصع ) واغبسن (البصري) رمتصا ى الرجل يؤثر هبا قرابت ‪.‬‬
‫قاؿ أبو عبيد‪ :‬وإمبا هبوز هذا لئلنساف ى متاصت ومال فأما صدقات العػواـ (صبهػور األمػة) الػب‬
‫تليها األ بة (أو لو األمر) فبل‪.‬‬
‫وم ل قوؽببا حديث أل العالية‪ :‬أن كاف وببل زكات إَ اؼبدينة‪.‬‬
‫قاؿ أبو عبيد‪ :‬وال نراخ متل هبا إال أقارب أو موالي (األمواؿ ص‪)598‬‬

‫إصباعا‬
‫ً‬ ‫جواز نقل الزكاة من بلد إذا استغ أهل‬

‫وإذا كػػاف األصػػل اؼبتفػػق عليػ أف الزكػػاة تفػّػرؽ ى بلػػد اؼبػػاؿ الػػذي وجبػػز فيػ الزكػػاة فػ ف مػػن اؼبتفػػق‬
‫علي كذل أف أهل البلد إذا استغنوا عػن الزكػاة كلهػا أو بعضػها النعػداـ األصػناؼ اؼبسػتحقة أو‬
‫لقلػػة عػػددها وك ػػرة مػػاؿ الزكػػاة ‪ -‬جػػاز نقلهػػا إَ غػػكهم‪ :‬إمػػا إَ اإلمػػاـ ليتصػػرؼ فيهػػا حس ػ‬
‫اغباجة أو إَ أقرب الببلد إليهم‪.‬‬
‫روى أبو عبيد‪ :‬أف معاذ بن جبل ٍ يزؿ باعبند (اعبند موشع باليبن)‪ .‬إذ بع رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى‬
‫اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬إَ الػػيبن حػػك مػػات الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬وأبػػو بكػػر ه قػػدـ علػػى‬
‫عبر فردخ على ما كاف علي فبعث إليػ معػاذ ب لػث صػدقة النػاس فػأنكر ذلػ عبػر وقػاؿ‪ٍ :‬‬
‫أبع ػ جابيًػػا وال آمتػػذ جزيػػة ولكػػن بع ت ػ لتأمتػػذ مػػن أغنيػػاء النػػاس ف ػ د علػػى فق ػرا هم فقػػاؿ‬
‫أحدا يأمتػذخ مػ ‪ -‬فلبػا كػاف العػاـ ال ػاْ بعػث إليػ وػطر‬ ‫معاذ‪ :‬ما بع ز إلي بي ء وأنا أجد ً‬
‫الصػػدقة ف اجعػػا دب ػػل ذل ػ فلبػػا كػػاف العػػاـ ال الػػث بعػػث إلي ػ هبػػا كلهػػا فراجع ػ عبػػر دب ػػل مػػا‬
‫ػدت أح ًػدا يأمتػذ مػ وػيئًا (نفػس اؼبرجػع ص‪ 596‬وراجػع‬ ‫راجع قبل ذل فقػاؿ معػاذ‪ :‬مػا وج ُ‬
‫تعليقنا على هذخ القصة ى متاسبة كتابنا "ميكلة الفقر وكيه عاعبها اإلسبلـ")‪.‬‬
‫إف إنكػػار عبػػر علػػى معػػاذ ى أوؿ األمػػر ه مراجعتػ لػ مػػرة ومػػرة ومػػرة دليػػل علػػى أف األصػػل ى‬
‫الزكػاة تفريقهػا ى بلػدها وإقػرار عبػػر صػنيع معػاذ بعػد مراجعتػ دليػػل علػى جػواز نقػل الزكػػاة إذا ٍ‬
‫يوجد من يستحقها ى بلدها‪.‬‬
‫آراء اؼبذاه ى النقل عند عدـ االستغناء‬

‫أما النقل عند عدـ استغناء أهل البلد فامتتلفوا في ‪.‬‬


‫وقد تيدد بعض اؼبذاه فلم هبز النقل إَ بلد آمتر أو إَ مسافة تقصر فيها الصبلة ولو كػاف‬
‫ذل غباجة‪.‬‬
‫قاؿ اليافعية‪ :‬ال هبوز نقل الزكاة من بلد إَ غكخ وهب صرفها إلي وكذل عنػد اغبنابلػة فػ ذا‬
‫نقلها مع وجودهم أه وأجزأت ؛ ألن دفع اغبق إَ مستحق في أ كالدين وقاؿ بعضهم‪ :‬ال ذبز‬
‫ؼبصالفة النل (األحكاـ السلطانية للباوردي ص‪ - 426-449‬طبع اؼبطبعػة احملبوديػة الت اريػة‬
‫دبصر وورح الغاية‪ 228/2 :‬وقاؿ القاري ى "ورح اؼبيكاة" نقبلً عن الطي ‪ :‬واتفقوا على أن‬
‫إذا نقلػػز وأديػػز يسػػق الفػػرض إال عبػػر بػػن عبػػد العزيػػز ‪-‬رضبػ اهلل‪ -‬ف نػ رد صػػدقة نقلػػز مػػن‬
‫متراساف إَ الياـ إَ مكاما‪ .‬قاؿ القػاري‪ :‬وفيػ أف فعلػ هػذا ال يػدؿ علػى ـبالفتػ لئلصبػاع بػل‬
‫وقطعا لؤلطباع‪( .‬انظر‪ :‬اؼبرقاة‪.)449-448/4 :‬‬ ‫ً‬ ‫إظهارا لكباؿ العدؿ‬
‫ً‬ ‫فعل‬
‫أما اغبنفية فقالوا‪ :‬يكرخ نقلها إال أف ينقلها إَ قرابة ؿبتاجني؛ ؼبا ى ذل من صلة الرحم أو إَ‬
‫فرد أو صباعة هم أمس حاجة من أهل بلدخ أو كاف نقلهػا أصػل للبسػلبني أو مػن دار اغبػرب‬
‫إَ دار اإلسػػبلـ ألف فق ػراء اؼبسػػلبني الػػذين ى دار اإلسػػبلـ أفضػػل وأوَ باؼبعونػػة مػػن فق ػراء دار‬
‫اغبرب أو إَ عاٍ أو طال علم ؼبا في من إعانت على رسالت أو كاف نقلها إَ من هػو أورع‬
‫أو أصل أو أنفع للبسلبني أو كانز الزكاة مع لة قبل سباـ اغبوؿ؛ ف ن ى هػذخ الصػور صبيعهػا‬
‫ال يُكرخ ل النقل (الدر اؼبصتار وحاوية ابن عابدين‪.)94-93/2 :‬‬
‫وعنػد اؼبالكيػة‪ :‬هبػ تفرقػة الزكػاة دبوشػع الوجػوب أو قربػ ‪-‬وهػو مػا دوف مسػافة القصػر‪ -‬ألنػ ى‬
‫حكم موشع الوجوب‪.‬‬
‫ف ف ٍ يكن دبحل الوجوب أو قرب مستحق ف ما تُنقػل كلهػا وجوبًػا حملػل فيػ مسػتحق ولػو علػى‬
‫مسافة القصر وإف كاف ى ؿبل الوجوب أو قرب مستحق تعػني تفرقتهػا ى ؿبػل الوجػوب أو قربػ‬
‫وال هبوز نقلها ؼبسافة القصر إال أف يكوف اؼبنقوؿ إليهم أعػدـ (أحػوج وأفقػر) فينػدب نقػل أك رهػا‬
‫ؽبم ف ف نقلها كلها أو فرقها كلها دبحل الوجوب أجزأت‪.‬‬
‫فأما إف نقلها إَ غك أعدـ وأحوج فذل ل صورتاف‪:‬‬
‫األوَ‪ :‬أف ينقلها إَ مسا ٍو ى اغباجة ؼبن هو ى موشع الوجوب فهذا ال هبػوز وذبػزيء الزكػاة‬
‫أي ليس علي إعادهتا‪.‬‬
‫وال انية‪ :‬أف ينقلها إَ من هو أقل حاجة ففيهػا قػوالف‪ :‬مػا نػل عليػ "متليػل" ى ـبتصػرخ أمػا ال‬
‫ذبػػزيء وال ػػاْ مػػا نقل ػ ابػػن روػػد والكػػاى وهػػو اإلج ػزاء؛ ألمػػا ٍ زبػػرج عػػن مصػػارفها (حاوػػية‬
‫الدسوق على اليرح الكبك‪.)564/4 :‬‬
‫وعند الزيدية‪ :‬يكرخ صرؼ زكاة بلد ى غك فقرا مع وجود الفقراء في بل األوَ فقػراء البلػد إذا‬
‫وجدوا وسواء ى ذل رب اؼباؿ واإلماـ‪ .‬قالوا‪ :‬والكراهة عندنا شد االستحباب فلػو صػرؼ ى‬
‫غك فقراء البلد أجزأخ وكرخ‪ .‬ما ٍ ينقلها لتحقيق غرض أفضل ‪ -‬كقري مستحق أو طال علػم‬
‫أو من هو أود حاجة ‪ -‬فبل يكرخ بل يكوف أفضل (ورح األزهار‪.)548-547/4 :‬‬
‫وعنػد اإلباشػية‪ :‬هػل يفػػرؽ اإلمػاـ ى فقػراء كػػل بلػد أمتػذها منػ ال لػػث أو النصػه ويأمتػذ البػػاق‬
‫إلعزاز دولة اإلسبلـ؟ قوالف‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬وإف احتاج إَ صبيعها أمتذخ ويعطػيهم مػن قابػل مػا يصػل وإف ٍ وبػت فرقهػا كلهػا وإذا‬
‫اكتفى أهل قرية فأقرب القرى إليها (ورح النيل‪.)438/2 :‬‬
‫جواز النقل باجتهاد اإلماـ‬

‫والػػذي يلػػوح ُ ‪-‬بعػػد مػػا ذكرنػػاخ مػػن األحاديػػث واآلثػػار واألقػواؿ‪ -‬أف األصػػل ى الزكػػاة أف تُفػػرؽ‬
‫وتنظيب ػػا حملارب ػػة الفق ػػر ومطاردت ػ وت ػػدريبًا لك ػػل إقل ػػيم عل ػػى‬
‫ً‬ ‫حيػػث صبع ػػز رعاي ػػة غبرم ػػة اعب ػوار‬
‫االكتفػػاء الػػذان وعػػبلج ميػػاكل ى دامتل ػ وألف فقػراء البلػػد قػػد تعلقػػز أنظػػارهم وقلػػوهبم هبػػذا‬
‫اؼباؿ فكاف حقهم في مق ّد ًما على حق غكهم‪.‬‬
‫مانعػػا مػػن اػبػػروج علػػى هػػذا األصػػل إذا رأى اإلمػػاـ العػػادؿ ‪-‬دبيػػورة أهػػل‬ ‫ومػػع ذلػ كلػ ال أرى ً‬
‫ومتكا لئلسبلـ‪.‬‬ ‫اليورى‪ -‬ى ذل مصلحة للبسلبني ً‬
‫ويع بػ مػػا قالػ اإلمػػاـ مالػ ى هػػذا‪ :‬ال هبػػوز نقػػل الزكػػاة إال أف يقػػع بأهػػل بلػػد حاجػػة فينقلهػػا‬
‫اإلماـ إليهم على سبيل النظر واالجتهاد (تفسك القرط ‪.)475/8 :‬‬
‫وقاؿ ابن القاسم من أصحاب ‪ :‬إف نقل بعضها لضرورة رأيت صوابًا (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫وروى عن سحنوف أن قاؿ‪ :‬ولو بلغ اإلماـ أف ى بعض الػببلد حاجػة وػديدة جػاز لػ نقػل بعػض‬
‫الصدقة اؼبستحقة لغكخ إلي ف ف اغباجة إذا نزلز وج تقديبها على من ليس دبحتاج (واؼبسلم‬
‫أمتو اؼبسلم ال يسلب وال يظلب ) (نفس اؼبرجع)‪.‬‬
‫وذكػػر ى اؼبدونػػة عػػن مال ػ ‪ :‬أف عبػػر بػػن اػبطػػاب كت ػ إَ عبػػرو بػػن العػػاص وهػػو دبصػػر عػػاـ‬
‫ػكا يكػوف أوؽببػا عنػدي وآمترهػا‬ ‫الرمادة (وهو عاـ اةاعة)‪ :‬يا غوثاخ يا غوثاخ للعػرب!! ج رهػز إَ ع ً‬
‫عندؾ رببل الدقيق ى العباء (ال ياب) فكاف عبر يقسم ذل بيػنهم علػى مػا يػرى ويوكػل علػى‬
‫ذل رجاالً ويأمرهم حبضػور كبػر اإلبػل ويقػوؿ‪ :‬إف العػرب ربػ اإلبػل فأمتػاؼ أف يسػتحيوها‬
‫فلينحروها وليأتدموا بلحومها ووحومها وليلبسوا العباء الػذي أتػى فيهػا الػدقيق (اؼبدونػة الكػ ى‪:‬‬
‫‪ 246/4‬وهػػذا األثػػر رواخ اغبػػاكم ى اؼبسػػتدرؾ بػػأطوؿ فبػػا ى اؼبدونػػة وقػػاؿ‪ :‬صػػحي علػػى وػػرط‬
‫مسلم وأقرخ الذه ‪.)466-465/4 :‬‬
‫بعضا‪.‬‬
‫وهكذا تتكافل األقاليم واألقطار اإلسبلمية ى ساعة العسرة ويكبل بعضها ً‬
‫وفبا يؤيد ذل ما يأن‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أف أي بلػػد أو إقلػػيم ى الدولػػة اإلسػػبلمية الواسػػعة لػػيس جػػزءًا مسػػتقبلً كػػل االسػػتقبلؿ وال‬
‫واليػػة منفصػػلة عػػن سػػا ر الواليػػات ولكنهػػا تػرتب باغبكومػػة اؼبركزيػػة وبسػػا ر اؼبسػػلبني ‪ -‬ارتبػػاط‬
‫اعبزء بالكل والفرد باألسرة والعضو بسا ر اعبسد وهذخ الوحدة وال اب والتكافل الذي يفرش‬
‫اإلسػػبلـ ال يسػػتقيم مع ػ أف يُػ ؾ كػػل بلػػد ووػػأن ى عزلػػة عػػن الػػببلد األمتػػرى وعػػن عاصػػبة‬
‫اإلسبلـ ف ذا نزلز نازلة كب اعة أو حريق أو وباء ببلد كػاف أهلػ أحػوج إَ العػوف وإسػعافهم‬
‫ألزـ من ذوي اغباجة ى بلد الزكاة‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أف هناؾ مصارؼ م ل تأليه القلوب علػى اإلسػبلـ والػوالء لدولتػ وم ػل "سػبيل اهلل" فقػد‬
‫امت نا أنػ ييػبل اعبهػاد ومػا ى حكبػ مػن كػل عبػل يعػود علػى اإلسػبلـ بالنصػر وعلػو الكلبػة‬
‫وم ػل ذلػ إمبػػا يكػػوف غالبًػػا مػػن وػػأف اإلمػػاـ وبتعبػػك عصػرنا مػػن وػػأف اغبكومػػة اؼبركزيػػة حػػك لػػو‬
‫قصرنا مدلوؿ "سبيل اهلل" على "اعبهاد" ف ن ى عصرنا ليس من وأف األفراد وال اإلدارات احمللية‬
‫بل هو من "وئوف الدولة العليا"‪.‬‬
‫ومن هنا يتحتم أف يكوف للحكومة اؼبركزية مورد تنفق من على هػذخ األمػور الػب تفرشػها مصػلحة‬
‫اإلسػػبلـ ومنفعػػة اؼبسػػلبني فػ ف كػػاف لػػديها مػػن اؼبػوارد مػػا يغنيهػػا عػػن الزكػػاة فبهػػا ونعبػػز وإال‬
‫فلئلماـ أف يطل مػن زكػوات األقػاليم مػا يسػد تلػ ال غػرات ومػن هنػا ذكػر القػرط قػوالً لػبعض‬
‫العلبػػاء ى هػػذخ اؼبسػػألة وهػػو‪ :‬أف سػػهم الفق ػراء واؼبسػػاكني يقسػػم ى موشػػع اؼبػػاؿ أمػػا سػػا ر‬
‫السهاـ فتنقل باجتهاد اإلماـ (تفسك القرط ‪.)476/8 :‬‬
‫وهذا من األمور االجتهادية الب هب أف يؤمتػذ فيهػا بػرأي أهػل اليػورى كبػا كػاف يفعػل اػبلفػاء‬
‫مطردا ى كل عاـ‪.‬‬ ‫الزما ً‬‫أمرا ً‬‫الراودوف ولذا ال زبضع لتحديد ثابز وال يعت أمتذها ً‬
‫وهذا يفسر لنا ما جاء عن عبر بن عبد العزيز‪ :‬أن كت إَ عبال ‪( :‬أف شػعوا وػطر الصػدقة ‪-‬‬
‫ق ػػاؿ أب ػػو عبي ػػد‪ :‬أي ى مواش ػػعها ‪ -‬وابع ػوا إُ بي ػػطرها) ه كت ػ ى الع ػػاـ اؼبقب ػػل‪( :‬أف ش ػػعوها‬
‫كلها) (األمواؿ ص‪ . )594‬يع ى مواشعها‪.‬‬
‫وقد ذكرنا أن رد زكاة ضبلز من الري إَ الكوفة‪.‬‬
‫وليس ى هذا ‪-‬فيبا أرى‪ -‬امتتبلؼ وال تناقض وإمبا فعل ذل حس اؼبصلحة واغباجة‪.‬‬
‫وؽبذا قاؿ ابن تيبية‪ :‬وربديد اؼبنع من نقل الزكاة دبسافة القصر ليس علي دليل ورع وهبوز نقل‬
‫الزكاة وما ى حكبها ؼبصلحة ورعية (االمتتيارات ص‪.)59‬‬
‫ثالًا‪ :‬أف فبا اوتُهر حك صار يقينًا أف الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬كاف يستدعى الصدقات من‬
‫األعراب إَ اؼبدينة ويصرفها ى فقراء اؼبهاجرين واألنصار‪:‬‬
‫أمتػرج النسػػا مػن حػػديث عبػػد اهلل بػػن هػبلؿ ال قفػ قػػاؿ‪ :‬جػػاء رجػػل إَ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل‬
‫ػدت أف أقتػػل بعػػدؿ عنػػاؽ أو وػػاة مػػن الصػػدقة فقػػاؿ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ‬
‫علي ػ وسػػلم‪ -‬فقػػاؿ‪ :‬كػ ُ‬
‫وسلم‪( : -‬لوال أما تعطى فقراء اؼبهاجرين ما أمتذهتا)‪.‬‬
‫وم ل ذل حديث الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬حني قػاؿ لقبيصػة بػن اؼبصػارؽ ى اغببلػة‪( :‬أقػم‬
‫حك تأتينا الصدقة؛ ف ما أف نعين عليها وإما أف كببلها عن ) فرأى إعطاءخ إياهػا مػن صػدقات‬
‫اغب از وهو من أهل قبد ورأى ضبلها من أهل قبد إَ أهل اغب از (األمواؿ ص‪. )666‬‬
‫وكذل حديث عدي بن حػام حػني ضبػل صػدقات قومػ بعػد النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬إَ‬
‫أل بكر ى أياـ ال ِردة (األمواؿ ص‪.)966‬‬
‫وم ل حػديث عبػر حػني قػاؿ البػن أل ذبػاب وقػد بع ػ ى عػاـ الرمػادة ‪ -‬بعػد اةاعػة ‪( :-‬اعقػل‬
‫عليهم عقالني (العقاؿ صدقة العاـ) فاقسم فيهم أحدنبا وا ت باآلمتر) (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫وكذل حديث معاذ حني قاؿ ألهل اليبن‪ :‬ا توْ خببيس أو لبػيس آمتػذخ مػنكم مكػاف الصػدقة‬
‫ف ن أهوف عليكم وأنفع للبهاجرين باؼبدينة (نفس اؼبرجع)‪.‬‬
‫قػػاؿ أبػػو عبيػػد‪ :‬ولػػيس ؽبػػذخ األوػػياء ؿببػػل إال أف تكػػوف فض ػبلً عػػن حػػاجتهم وبعػػد اسػػتغنا هم‬
‫عنها كالذي ذكرناخ عن عبر ومعاذ (اؼبرجع نفس )‪.‬‬
‫وأقوؿ‪ :‬ليس ببلزـ أف يستغنوا عنها استغناءً مطل ًقا فاالستغناء مرات بعضها دوف بعض‪.‬‬
‫أيضػػا زبتلػػه ولئلمػػاـ النظػػر فػػيبن تيػػتد حاجت ػ وذب ػ اؼببػػادرة دبعونت ػ ومػػن تقبػػل‬
‫واغباجػػات ً‬
‫حال التأمتك والصػ إَ حػني كبػا أف هنػاؾ مػن اؼبصػاً العاجلػة والنػوازؿ الطار ػة مػا ال وبتبػل‬
‫التسويه‪.‬‬
‫على أن ينبغ أف يكوف اؼبنقػوؿ جػزءًا مػن الزكػاة ال كلهػا ونقػل الكػل ال هبػوز إال عنػد االسػتغناء‬
‫اؼبطلق عنها‪ .‬كبا ى مت عبر ومعاذ‪.‬‬
‫ػددا ى جػواز النقػػل يقصػػروف‬‫وفبػػا هبػ التنبيػ عليػ ‪ :‬أف اليػػافعية وهػػم أك ػػر اؼبػػذاه األربعػػة تيػ ً‬
‫هذا التيدد على صاح اؼباؿ إف فرؽ بنفس ‪ .‬أما اإلمػاـ والسػاع علػى الصػدقات فلهبػا جػواز‬
‫النقل على الصحي ‪.‬‬
‫قػػاؿ صػػاح "اؼبهػػذب" مػػن اليػػافعية‪" :‬إف كػػاف اإلمػػاـ أذف للسػػاع ى تفريقهػػا فرقهػػا وإف ٍ‬
‫يأذف ل ضبلها إَ اإلماـ" (اةبوع‪.)473/6 :‬‬
‫وقاؿ النووي ى ورح ‪" :‬واعلم أف عبارة اؼبصنه (اؼبذكورة) تقتض اعبزـ جبواز نقػل الزكػاة لئلمػاـ‬
‫والساع وأف اػببلؼ اؼبيهور ى نقل الزكاة إمبا هو ى نقل رب اؼباؿ متاصة‪."...‬‬
‫ورج ػ هػػذا الرافع ػ ‪ .‬قػػاؿ‪" :‬وهػػذا الػػذي رجح ػ هػػو ال ػراج الػػذي تقتضػػي األحاديػػث" (اؼبرجػػع‬
‫السابق ص‪.)475‬‬

‫جواز نقل األفراد زكاهتم غباجة ومصلحة‬

‫وإذا كػػاف لئلمػػاـ أف هبتهػػد ى نقػػل الزكػػاة مػػن بلػػد إَ غػػكخ ؼبصػػلحة إسػػبلمية معت ػ ة ف ػ ف للفػػرد‬
‫أيضا إذا كاف هو الذي‬ ‫أيضا غباجة أو ؼبصلحة معت ة ً‬ ‫اؼبسلم الذي وجبز علي الزكاة أف ينقلها ً‬
‫يتوَ إمتراجها بنفس ‪ .‬كبا هو حاصل اآلف‪.‬‬
‫وذل م ل االعتبارات الب ذكرها اغبنفية ى جػواز النقػل‪ .‬كػأف تنقػل إَ أقػارب ؿبتػاجني أو إَ‬
‫مػػن هػػو أوػػد حاجػػة وأك ػػر فاقػػة أو إَ مػػن هػػو أنفػػع للبسػػلبني وأوَ باؼبعونػػة أو إَ ميػػروع‬
‫إسػبلم ى بلػد آمتػر‪ .‬ي تػ عليػ متػك كبػك للبسػلبني قػد ال يوجػػد م لػ ى البلػد الػذي يكػػوف‬
‫فيػ اؼبػػاؿ أو كبػػو ذلػ مػػن اغبكػػم واؼبصػػاً الػػب يطبػػئن إليهػػا قلػ اؼبسػػلم اغبػريل علػػى دين ػ‬
‫ومرشاة رب ‪.‬‬
‫الفصل اػبامس‬
‫تع يل الزكاة وتأمتكها‬

‫فهرس‬

‫هبلؾ اؼباؿ‬

‫إذا أمترج الزكاة فضاعز‬


‫هبلؾ اؼباؿ بعد الوجوب وقبل اإلمتراج‬
‫سب االمتتبلؼ ى اؼبسألتني‬
‫هل تسق الزكاة بالتقادـ؟‬

‫هل تسق الزكاة باؼبوت؟‬

‫منزلة دين الزكاة من سا ر الديوف‬

‫وجوب الزكاة على الفور‬

‫اؼببادرة إَ إمتراجها‬
‫تقدٓ أداء الزكاة قبل موعدها‬

‫ُح ة اؼبانعني‬
‫ح ة اة روزين‬
‫هل للتع يل حد ؟‬

‫هل هبوز تأمتك الزكاة ؟‬

‫تأمتك الزكاة لغك حاجة‬

‫وجوب الزكاة على الفور‬

‫اؼبيػهور عنػد اغبنفيػة أمػا ذبػ وجوبًػا موس ًػعا ولصػاح اؼبػاؿ تأمتكهػا مػا ٍ يُطالػ ؛ ألف األمػر‬
‫بأدا ها مطلق فبل يتعني الزمن األوؿ ألدا ها دوف غكخ كبا ال يتعني مكاف دوف مكاف‪ .‬هػذا مػا‬
‫ذه إلي أبو بكر الرازي اعبصاص‪.‬‬
‫أما الكرمت من أ بة اغبنفية فقاؿ‪ :‬هػ واجبػة علػى الفػور؛ ألف األمػر يقتضػ الفوريػة وحػك إف‬
‫كػػاف ال يقتض ػ الفوريػػة وال ال امت ػ فالوج ػ اؼبصتػػار ‪-‬كبػػا قػػاؿ احملقػػق ابػػن اؽببػػاـ‪ -‬أف األمػػر‬
‫بالصػػرؼ إَ الفقػػك معػ قرينػػة الفػػور وه ػ أنػ لػػدفع حاجتػ وهػ مع لػػة فبػػك ٍ ذبػ علػػى‬
‫الف ػػور ٍ وبص ػػل اؼبقص ػػود م ػػن اإلهب ػػاب عل ػػى وجػ ػ التب ػػاـ (ف ػػت الق ػػدير‪ 483-482/4 :‬ورد‬
‫احملتار‪.)44-43/2 :‬‬
‫وهذا القوؿ هو الصواب وهو الذي علي مال واليافع وأضبد وصبهور العلباء‪.‬‬
‫وذل كبا قاؿ ابن قدامة‪ :‬أف األمر يقتض الفورية على الصػحي ‪ -‬كبػا ى األصػوؿ ‪ -‬ولػذل‬
‫يسػػتحق اؼبػػؤمتر لبلمت ػػاؿ العقػػاب ومػػن ه أمتػػرج اهلل تعػػاَ إبلػػيس وسػػص عليػ ووخبػ بامتناعػ‬
‫عن الس ود ولو أف رجبلً أمر عبدخ أف يسقي فأمتر ذل الستحق العقوبػة وألف جػواز التػأمتك‬
‫يناى الوجوب لكوف الواجػ مػا يُعاقػ علػى تركػ ولػو جػاز التػأمتك عبػاز إَ غػك غايػة فتنتفػ‬
‫العقوبة بال ؾ‪.‬‬
‫ولو سلبنا أف مطلق األمر ال يقتضػ الفػور القتضػاخ ى مسػألتنا؛ إذ لػو جػاز التػأمتك ههنػا ألمتػرخ‬
‫دبقتضى طبع ثقة من بأنػ ال يػأه بالتػأمتك فيسػق عنػ بػاؼبوت أو بتلػه مالػ أو بع ػزخ عػن‬
‫األداء فيتضرر الفقراء واؼبستحقوف للزكاة‪.‬‬
‫وألف ههنػػا قرينػػة تقتض ػ الفػػور وه ػ أف الزكػػاة وجبػػز غباجػػة الفق ػراء وه ػ نػػاجزة في ػ أف‬
‫ػاجزا وألمػػا عبػػادة تتكػػرر فلػػم هبػػز تأمتكهػػا إَ وقػػز وجػػوب م لهػػا كالصػػبلة‬‫يكػػوف الوجػػوب نػ ً‬
‫والصوـ‪.‬‬
‫شررا ى نفس أو ماؿ ل سواها فل تأمتكها‪.‬‬ ‫شررا ف ف متي ى إمتراجها ً‬ ‫وهذا كل ما ٍ ىبو ً‬
‫لقوؿ الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( : -‬ال شرر وال شرار) (رواخ أضبد وابن ماج عن ابػن عبػاس‬
‫أيضا عن عبػادة بػن الصػامز ورواخ اغبػاكم والػدارقط عػن أل سػعيد وحسػن النػووي‬ ‫وابن ماج ً‬
‫بعضػػا وقػػاؿ اؽبي ب ػ ‪:‬‬
‫ى األربعػػني واألذكػػار قػػاؿ‪ :‬ورواخ مال ػ مرس ػبلً مػػن طػػرؽ يقػػوي بعضػػها ً‬
‫رجالػ ثقػػات وقػػاؿ العبل ػ ‪ :‬لػ وػواهد ينتهػ ؾببوعهػػا إَ درجػػة الصػػحة أو اغبسػػن احملػػت بػ‬
‫وق ػػاؿ الي ػػيمل أضب ػػد و ػػاكر ى زبػ ػري اغب ػػديث (‪ )2897‬م ػػن اؼبس ػػند‪ :‬إس ػػنادخ ش ػػعيه ومعن ػػاخ‬
‫صحي ثابز ب سناد صحي عند ابن ماج من حديث عبادة بن الصامز‪.‬‬
‫والفػرؽ بػػني الضػرر والضػرار‪ :‬أف الضػرر ابتػػداء الفعػػل والضػرار اعبػزاء عليػ واألوؿ إغبػػاؽ مفسػػدة‬
‫بالغك مطل ًقا وال اْ إغباقها ب على وج اؼبقابلة انظر الكبلـ على هذا اغبديث ى جامع العلوـ‬
‫واغبك ػػم الب ػػن رج ػ ػ واؼبب ػػني اؼبع ػػني لفه ػػم األربع ػػني للق ػػاري ص‪ 485-486‬وف ػػيض الق ػػدير‬
‫للبناوي‪ )432-434/6 :‬وألن إذا جاز تأمتك قضاء دين اآلدم لذل فتػأمتك الزكػاة أوَ"‬
‫أهػ (اؼبغ البن قدامة‪.)865-864/2 :‬‬

‫اؼببادرة إَ إمتراجها‬

‫واؼببادرة إَ الطاعات واؼبسارعة إَ أدا ها ‪-‬بصفة عامة‪ -‬فبا دعػا إليػ اإلسػبلـ ورغػ فيػ ‪ .‬قػاؿ‬
‫تعػػاَ‪( :‬فاسػػتبقوا اػب ػكات) (البقػػرة‪ 448 :‬واؼبا ػػدة‪ )48 :‬وقػػاؿ سػػبحان ‪( :‬وسػػارعوا إَ مغفػػرة‬
‫من ربكم وجنة) (آؿ عبراف‪.)433 :‬‬
‫ؿببودا ى كل الصاغبات فف الزكػاة وكبوهػا مػن اغبقػوؽ اؼباليػة أك ػر ضب ًػدا؛ متيػية‬ ‫وإذا كاف هذا ً‬
‫أف يغلػ اليػ أو يبنػع اؽبػػوى أو تعػرض العػوارض اؼبصتلفػة فتضػػيع حقػوؽ الفقػراء وؽبػذا قػػاؿ‬
‫العلب ػػاء‪ :‬إف اػب ػػك ينبغػ ػ أف يُب ػػادر بػ ػ ؛ فػ ػ ف اآلف ػػات تع ػػرض واؼبوان ػػع سبن ػػع واؼب ػػوت ال ي ػػؤمن‬
‫والتسويه غك ؿببود واؼببادرة أمتلل للذمة وأنفى للحاجػة وأبعػد عػن اؼبطػل اؼبػذموـ وأرشػى‬
‫للرب تعاَ وأؿبى للذن (نيل األوطار‪ -448/4 :‬طبع الع بانية)‪.‬‬
‫وى اغبديث أف الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬قاؿ‪( :‬ما متالطز الصدقة ماالً ق إال أهلكت )‪.‬‬
‫رواخ اليافع والبصاري ى تارىبػ واغببيػدي وزاد قػاؿ‪( :‬يكػوف قػد وجػ عليػ ى مالػ صػدقة‬
‫فبل زبرجها فيهل اغبراـ اغببلؿ) (اؼبرجع السابق ص‪.)448‬‬
‫ػودا فهػػل هبػػوز تع يلهػػا وتقػػديبها عػػن اؼبوعػػد احملػػدد ؽبػػا‬
‫وإذا كانػػز اؼببػػادرة إَ إمتراجهػػا أمػ ًػرا ؿببػ ً‬
‫ك متراجها قبل اغبوؿ أو اغبصاد؟‬
‫هذا ما امتتله في الفقهاء كبا سنرى‪.‬‬

‫تقدٓ أداء الزكاة قبل موعدها‬

‫األمواؿ الزكوية قسباف‪ :‬قسم يُي ط ل اغبوؿ كاؼباوػية السػا بة والنقػود وسػلع الت ػارة وقسػم ال‬
‫يُي ط ل اغبوؿ كالزروع وال بار‪.‬‬
‫فأم ػػا القس ػػم األوؿ ف ػػأك ر الفقه ػػاء عل ػػى أنػ ػ ‪ :‬م ػػك وج ػػد س ػػب وج ػػوب الزك ػػاة ‪-‬وه ػػو النص ػػاب‬
‫الكامل‪ -‬جػاز تقػدٓ الزكػاة قبػل حلػوؿ اغبػوؿ بػل هبػوز تع يلهػا غبػولني أو أك ػر‪ .‬خبػبلؼ مػا إذا‬
‫ع لها قبل ِمل النصاب فبل هبوز‪.‬‬
‫وهبذا قاؿ اغبسن وسعيد بن جبك والزهري واألوزاع وأبػو حنيفػة واليػافع وأضبػد وإسػحاؽ وأبػو‬
‫عبيد (اؼبغ ‪.)636/2 :‬‬
‫وقاؿ ربيعة ومال وداود‪ :‬ال هبوز تقدٓ الزكاة قبل حلوؿ اغبوؿ سواء قدمها قبػل ملػ النصػاب‬
‫أو بعػدخ (اؼبغػ ‪ :‬اؼبرجػع نفسػ وقػاؿ ابػػن روػد ى بدايػػة اةتهػد‪ 266/4 :‬وسػػب اػبػبلؼ‪ :‬هػػل‬
‫هػ عبػػادة أو حػػق واجػ للبسػػاكني فبػػن قػػاؿ‪ :‬عبػػادة ووػػبهها بالصػػبلة ٍ هبػػز إمتراجهػػا قبػػل‬
‫الوقز ومن وبهها باغبقوؽ الواجبة اؼبؤجلة أجاز إمتراجها قبل األجػل علػى جهػة التطػوع وقػد‬
‫احػػت اليػػافع حبػػديث علػ ‪ :‬أف النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪" -‬استسػػله صػػدقة العػػابس قبػػل‬
‫ؿبلها")‪.‬‬
‫وجػػوز بعػػض اؼبالكيػػة تقػػديبها بػػزمن يسػػك ى زكػػاة النقػػود ومنهػػا عػػروض التػػاجر اؼبػػدير وديون ػ‬
‫اؼبرجوة اغباصلة من البيع ال من القرض وكذل اؼباوية الب ال ساع ؽبػا فت ػزيء الزكػاة حينئػذ‬
‫مع كراهة التقدٓ خببلؼ زكاة الػزرع وال بػر وعػروض التػاجر احملتكػر وديػن اؼبػدير مػن قػرض فػبل‬
‫ذبزيء وكذل الب ؽبا ساع إذا قدـ إمتراجها قبػل اغبػوؿ بغػك السػاع وأمػا إذا دفعػز للسػاع‬
‫قبل اغبوؿ بزمن يسك ف ما ذبزيء‪.‬‬
‫وامتتلف ػوا ى ربدي ػػد ال ػػزمن اليس ػػك ال ػػذي يُغتف ػػر في ػ التق ػػدٓ م ػػن ي ػػوـ وي ػػومني إَ و ػػهر وو ػػهرين‬
‫واؼبعتبد هو اليهر فبل هبزيء التقدٓ بأك ر من ‪.‬‬
‫وهبوز التقدٓ ببل كراهة إذا كانز الزكاة ستنقل من موشع الوجوب إَ فقك أود حاجػة لتصػل‬
‫إَ مستحقها عند اغبوؿ بل هػذا التقػدٓ واجػ كبػا صػرح بعػض اؼبالكيػة حػك لػو تلفػز الزكػاة‬
‫أو شاعز بعد هذا التقدٓ ف ما ذبزيػ وال يضػبنها؛ ألمػا زكػاة وقعػز موقعهػا حيػث صػار هػذا‬
‫الوق ػػز ى حك ػػم وق ػػز وجوهب ػػا ول ػػيس عليػ ػ أف ىب ػػرج ع ػػن الب ػػاق خب ػػبلؼ التق ػػدٓ ى الص ػػور‬
‫الس ػػابقة ف ن ػ ىب ػػرج ع ػػن الب ػػاق إف بل ػػغ نص ػػابًا (انظ ػػر الي ػػرح الكب ػػك وحاو ػػية الدس ػػوق علي ػ ‪:‬‬
‫‪.)562/4‬‬
‫ُح ة اؼبانعني‪:‬‬
‫وح ػة اؼبػانعني‪ :‬أف اغبػػوؿ أحػد وػػرط الزكػاة ‪ -‬كالنصػػاب ‪ -‬فلػم هبػػز تقػديبها عليػ ؛ كبػا ٍ هبػػز‬
‫تقديبها قبل مل النصاب اتفاقًا وألف اليرع وقز للزكػاة وقتًػا وهػو اغبػوؿ فلػم هبػز تقػديبها عليػ‬
‫كالصبلة (اؼبغ اؼبرجع السابق)‪.‬‬

‫ح ة اة روزين‪:‬‬
‫واستدؿ اةػوزوف لتع يػل الزكػاة دبػا روي أبػو داود وغػكخ عػن علػ ّ ‪ :‬أف العبػاس سػأؿ رسػوؿ اهلل ‪-‬‬
‫ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم‪ -‬ى تع ي ػػل ص ػػدقت قب ػػل أف رب ػػل ف ػػرمتل ل ػ ى ذل ػ (رواخ اػببس ػػة إال‬
‫النس ػػا كب ػػا رواخ اغب ػػاكم وال ػػدارقط والبيهقػ ػ ورجػ ػ ال ػػدارقط وأب ػػو داود إرس ػػال وتعض ػػدخ‬
‫أحاديث أمترى‪ .‬انظر نيل األوطار‪ 466 459/4 :‬واةبوع‪.)446-445/6 :‬‬
‫وى سند اغبديث كبلـ ولكن ييػهد لػ مػا أمترجػ البيهقػ عػن علػ ّ ‪ :‬أف النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ‬
‫وسػػلم‪ -‬بعػػث عبػػر علػػى الصػػدقة فقيػػل‪ :‬منػػع ابػػن صبيػػل ومتالػػد بػػن الوليػػد والعبػػاس عػػم النػ ‪-‬‬
‫صلى اهلل علي وسلم‪ -‬فدافع الن ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬عػن متالػد والعبػاس وكػاف فبػا قالػ ‪:‬‬
‫(إنا كنػا احت نػا فاستسػلفنا العبػاس صػدقة عػامني) (السػنن الكػ ى‪ 444/4 :‬وأمتػرج أبػو داود‬
‫الطيالس ػ مػػن حػػديث أل رافػػع‪ :‬أف الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬قػػاؿ لعبػػر‪" :‬إنػػا كنػػا تع لنػػا‬
‫ص ػػدقة م ػػاؿ العب ػػاس ع ػػاـ األوؿ‪( .‬ني ػػل األوط ػػار اؼبرج ػػع الس ػػابق) وق ػػد ج ػػاءت ه ػػذخ القص ػػة ى‬
‫الصػػحي مػػن حػػديث أل هريػػرة وفيهػػا‪( :‬وأمػػا العبػػاس فهػ علػ وم لهػػا معهػػا ه قػػاؿ‪ :‬يػػا عبػػر‬
‫أما علبز أف عم الرجل صنو أبي )؟ (اؼبرجع نفس والقصة ى صحي مسلم)‪.‬‬
‫قػػاؿ أبػػو عبيػػد ى روايػػة‪( :‬فهػ علػ وم لهػػا معهػػا) يقػػاؿ‪ :‬كػػاف تسػػله منػ صػػدقة عػػامني‪ :‬ذلػ‬
‫العاـ والذي قبل (قاؿ اليوكاْ‪ :‬وفبا يرج أف اؼبراد ذل ‪ :‬أف الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬لػو‬
‫أيضػا اغببػل علػى‬ ‫أراد أف يتحبل ما علي ألجل امتناع لكفاخ أف يتحبل م لهػا مػن غػك زيػادة و ً‬
‫االمتناع في سوء ظن بالعباس‪( :‬نيل األوطار اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫واسػػتدلوا مػػن جهػػة النظػػر والقيػػاس بػػأف هػػذا تع يػػل ؼبػػاؿ ُوِجػػد سػػب وجوبػ قبػػل وجوبػ وذل ػ‬
‫جػػا ز كتع يػػل قضػػاء الػػدين قبػػل حلػػوؿ أجل ػ وكػػأداء كفػػارة اليبػػني بعػػد اغبلػػه وقبػػل اغبنػػث‬
‫وكفارة القتل بعد اعبرح قبل زهوؽ الروح وهو مسلم وجا ز عند مال (اؼبغ ‪.)636/2 :‬‬
‫وأمػػا ق ػػوؽبم‪ :‬إف اغب ػػوؿ أح ػػد وػػرط الزك ػػاة فل ػػم هب ػػز تق ػػديبها علي ػ كالنصػػاب فغػػك مس ػػلم؛ ألف‬
‫تقديبها قبل مل النصػاب تقػدٓ ؽبػا علػى سػببها فأوػب تقػدٓ كفػارة اليبػني علػى اغبلػه وكفػارة‬
‫القتػػل علػػى اعبػػرح وألن ػ هنػػا يكػػوف قػػد قػػدمها علػػى اليػػرطني وى الصػػورة األوَ قػػدمها علػػى‬
‫أحدنبا وهو اغبوؿ فاف قا (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫وأمػػا قػػوؽبم‪ :‬إف للزكػػاة وقتًػػا فنقػػوؿ مػػا قال ػ اإلمػػاـ اػبطػػال‪ :‬إف الوقػػز إذا دمتػػل ى الي ػ ء رف ًقػػا‬
‫باإلنساف فػ ف لػ أف يسػوغ مػن حقػ ويػ ؾ االرتفػاؽ بػ كبػن ع ػل ح ًقػا مػؤجبلً آلدمػ وكبػن‬
‫أدى زكػاة غا ػ عنػ وإف كػاف علػى غػػك يقػني مػن وجوهبػػا عليػ ؛ ألف مػن اعبػػا ز أف يكػوف ذلػ‬
‫اؼباؿ تال ًفا ى ذل الوقز (معاٍ السنن‪.)224/2 :‬‬
‫وأما الصبلة والصياـ فتعبد ؿبض والتوقيز فيهبا غك معقوؿ اؼبع وإمبا هو التكليه واالبتبلء‬
‫في أف يقتصر علي ‪.‬‬
‫وإف ع ل زكاة نصاب ى ملك وما ينت عنػ أو يرحبػ فيػ أجػزأخ عػن النصػاب دوف الزيػادة عنػد‬
‫اليافع وأضبد؛ ألن ع ل زكاة ماؿ ليس ى ملك فبل هبوز‪.‬‬
‫وعند أل حنيفة‪ :‬هبز ؛ ألن تابع ؼبا هو مالك فيأمتذ حكب (اؼبغ ‪.)634/2 :‬‬
‫والقسػػم ال ػػاْ مػػن األمػواؿ الػػب ذبػ فيهػػا الزكػػاة مػػا ال يُيػ ط لػ اغبػػوؿ كػػالزروع وال بػػر واؼبعػػدف‬
‫والركػػاز وهػػذا ال هبػػوز فيػ تع يػػل الزكػػاة وأجػػاز بعػػض اليػػافعية تع يػػل العُيػػر واألرجػ أنػ ال‬
‫هبػػوز ألف العٌيػػر هب ػ بسػػب واحػػد وهػػو إدراؾ ال بػػرة وانعقػػاد اغب ػ ف ػ ذا ع ل ػ قدم ػ علػػى‬
‫سبب فلم هبز كبا لو قدـ زكاة اؼباؿ على النصاب (انظر اةبوع‪.)466/6 :‬‬
‫واو ط بعض اغبنابلة ى تع يػل العُيػر أف يكػوف ذلػ بعػد نبػات الػزرع وطلػوع الطلػع ى النصػل‬
‫وكبو ذل ‪.‬‬

‫هل للتع يل حد ؟‬

‫وإذا كاف التع يل جا ًزا فهل ل حد من السنني؟ أـ هو جا ز إَ غك حد؟‬


‫أجاز اغبنفية وغكهم للبال أف يع ل زكات ؼبا أراد من السنني بدوف قيد‪ .‬حك قالوا‪ :‬لو كاف لػ‬
‫ثبلشبا ة درهم فدفع منها ما ة درهم عن اؼبا تني زكاة لعيػرين سػنة مسػتقبلة جػاز؛ لوجػود السػب‬
‫وهػػو مل ػ النصػػاب النػػام ‪ .‬خبػػبلؼ العُيػػر فػػبل هبػػوز تع يل ػ قبػػل نبػػات الػػزرع ومتػػروج ال بػػرة‬
‫وبػاألوَ قبػل الزراعػة أو الغػػرس لعػدـ وجػود سػب الوجػػوب كبػا لػو ع ػل زكػػاة اؼبػاؿ قبػل ِملػ‬
‫النصاب (حاوية ابن عابدين‪ 36-29/2 :‬وانظر البحر الزمتار‪.)488/2 :‬‬
‫متروجػػا مػػن اػبػػبلؼ وشػػبطًا للب ػوارد‬
‫ً‬ ‫هػػذا وتػػرؾ التع يػػل وإمتػراج الزكػػاة ى حينهػػا أوَ وأفضػػل‬
‫اؼبالية السنوية للدولة إال إذا عرشز حاجة تقتض ذل كحاجة بيز اؼباؿ إَ زيػادة ى اؼبػوارد‬
‫عبهػػاد مفػػروض أو لكفايػػة الفقػراء فلػ أف يستسػػله أربػػاب اؼبػػاؿ أو بعضػػهم كبػػا فعػػل النػ ‪-‬‬
‫صلى اهلل علي وسلم‪ -‬مع عب العباس‪.‬‬
‫اقتصارا على ما ورد ب النل‪.‬‬
‫ً‬ ‫وينبغ أال يزيد التع يل وال االستسبلؼ على حولني‬

‫هل هبوز تأمتك الزكاة ؟‬

‫وإذا أجزنا تع يل الزكػاة غباجػة أو مصػلحة فػ ف تأمتكهػا عػن وقػز إمتراجهػا الواجػ ال هبػوز إال‬
‫غباجة داعية أو مصلحة معت ة تقتض ذل ‪ .‬م ػل أف يؤمترهػا ليػدفعها إَ فقػك غا ػ هػو أوػد‬
‫حاجة من غكخ من الفقراء اغباشػرين وم ػل ذلػ تأمتكهػا إَ قريػ ذي حاجػة؛ ؼبػا لػ مػن اغبػق‬
‫اؼبؤكد وما فيها من اعبر اؼبضاعه‪.‬‬
‫ول ػ أف يؤمترهػػا لعػػذر مػػاُ حػ َػل ب ػ فأحوج ػ إَ مػػاؿ الزكػػاة فػػبل بػػأس أف ينفق ػ ويبقػػى دينًػػا ى‬
‫عنق وعلي األداء ى أوؿ فرصة تسن ل ‪.‬‬
‫قػػاؿ مشػػس الػػدين الرمل ػ ‪ :‬ول ػ تأمتكهػػا النتظػػار أحػػوج أو أصػػل أو قري ػ أو جػػار؛ ألن ػ تػػأمتك‬
‫لغػػرض ظػػاهر وهػػو حيػػازة الفضػػيلة وكػػذل ليػ وى حيػػث تػػردد ى اسػػتحقاؽ اغباشػرين ويضػػبن‬
‫إف تلػػه اؼبػػاؿ ى مػػدة التػػأمتك‪ .‬غبصػػوؿ اإلمكػػاف وإمبػػا أمتػػر لغػػرض نفسػ فيتقيػػد جػوازخ بيػػرط‬
‫سبلمة العاقبة ولو تضرر اغباشر باعبزع حرـ التأمتك مطل ًقػا؛ إذ دفػع شػررخ فػرض فػبل هبػوز تركػ‬
‫غبيازة فضيلة (ماية احملتاج‪.)434/2 :‬‬
‫ػكا فػػبل هبػػوز‬
‫ػكا فأمػػا إف كػػاف ك ػ ً‬
‫واوػ ط ابػػن قدامػػة ى جػواز التػػأمتك غباجػػة أف يكػػوف وػػيئًا يسػ ً‬
‫ونقػػل عػػن أضبػػد قولػ ‪ :‬ال هبػػرى علػػى أقاربػ مػػن الزكػػاة ى كػػل وػػهر‪ .‬يعػ ال يػػؤمتر إمتراجهػػا حػػك‬
‫يدفعها إليهم متفرقػة ى كػل وػهر وػيئًا فأمػا إف ع لهػا فػدفعها إلػيهم أو إَ غػكهم متفرقػة أو‬
‫ؾببوعػػة جػػاز؛ ألنػ ٍ يؤمترهػػا عػػن وقتهػػا وكػػذل إف كػػاف عنػػدخ مػػاالف أو أم ػواؿ زكاهتػػا واحػػدة‬
‫وزبتل ػػه أحواؽب ػػا م ػػل أف يك ػػوف عن ػػدخ نص ػػاب وق ػػد اس ػػتفاد ى أثن ػػاء اغب ػػوؿ م ػػن جنسػ ػ دوف‬
‫النصػػاب ٍ هبػػز تػػأمتك الزكػػاة لي بعهػػا كلهػػا؛ ألنػ يبكنػ صبعهػػا بتع يلهػػا ى أوؿ واجػ منهػػا‬
‫(اؼبغ ‪.)685/2 :‬‬
‫وكػػذل صػػرح بعػػض اؼبالكيػػة‪ :‬أف تفريػػق الزكػػاة واج ػ علػػى الفػػور وأمػػا بقاؤهػػا عنػػد رب اؼبػػاؿ‬
‫وكلبا جاءخ مستحق أعطاخ منها على مدار العاـ فبل هبوز (حاوية الدسوق ‪.)566/4 :‬‬
‫ولئلمػػاـ أو مػػن ينػػوب عن ػ مػػن اؼبػػوظفني اؼبسػػئولني ى صبػػع الزكػػاة أف يػػؤمتر أمتػػذها مػػن أرباهبػػا‬
‫ؼبصلحة كأف أصاهبم قح نقل األمواؿ وال برات‪.‬‬
‫عاما فلم يأمتذ منهم الصدقة في‬ ‫واحت اإلماـ أضبد على جواز ذل حبديث عبر‪ :‬أمم احتاجوا ً‬
‫وأمتذها منهم ى السنة األمترى (انظر‪ :‬مطال أوُ النه ‪.)446/2 :‬‬
‫وقد ذكر أبو عبيد عن ابن أل ذباب‪ .‬أف عبر أمتر الصػدقة عػاـ الرمػادة (وكػاف عػاـ ؾباعػة) فلبػا‬
‫أحيػػا النػػاس (أي نػػزؿ علػػيهم اغبيػػا‪ :‬وهػػو اؼبطػػر) بع ػ فقػػاؿ‪ :‬اعقػػل فػػيهم عقػػالني فاقسػػم فػػيهم‬
‫عقاالً وا ت باآلمتر (األمواؿ ص‪ )374‬والعقاؿ‪ :‬صدقة العاـ‪.‬‬
‫وكػػاف ذلػ مػػن حكبػػة عبػػر ‪-‬رش ػ اهلل عنػ ‪ -‬وحسػػن سياسػػت ورفقػ بالرعيػػة فػػأمتر الزكػػاة عػػن‬
‫اؼبب ػولني ى عػػاـ اةاع ػة كبػػا درأ القطػػع عػػن الس ػراؽ ى م ػػل هػػذا العػػاـ فقػػاؿ‪( :‬ال قطػػع ى عػػاـ‬
‫سنة) (اؼبرجع السابق ص‪ )559‬والسنة‪ :‬القح ‪.‬‬
‫ػذرا عػن‬
‫وى حديث أل هريرة اؼبتقدـ ى تع يل الزكاة‪ :‬أف الن ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬قػاؿ معت ً‬
‫تأمتك العباس لصدقت ‪( :‬ه عل وم لهػا معهػا)‪ .‬قػاؿ أبػو عبيػد‪ :‬أرى ‪-‬واهلل أعلػم‪ -‬أنػ أمتػر عنػ‬
‫الصدقة عامني غباجة عرشز للعباس ولئلماـ أف يؤمتر على وج النظر ه يأمتذخ (نيل األوطار‪:‬‬
‫‪.)459/4‬‬

‫تأمتك الزكاة لغك حاجة‬

‫أما تأمتك الزكاة بغك عذر ولغك حاجة فبل هبوز ويأه هبذا التأمتك ويتحبػل تبعتػ حيػث تبػني‬
‫أما واجبة على الفور‪.‬‬
‫وى ذل يقوؿ صاح "اؼبهذب من اليػافعية‪" :‬مػن وجبػز عليػ الزكػاة ٍ هبػز لػ تأمتكهػا؛ ألنػ‬
‫حػػق هب ػ ص ػرف إَ اآلدم ػ توجهػػز اؼبطالبػػة بالػػدفع إلي ػ فلػػم هبػػز ل ػ التػػأمتك كالوديعػػة إذا‬
‫أمتػػر مػػا هبػ عليػ مػػع‬ ‫أمترهػػا وهػػو قػػادر علػػى أدا هػػا شػػبنها؛ ألنػ ّ‬
‫طالػ هبػػا صػػاحبها فػ ف ّ‬
‫إمكاف األداء فضبن كالوديعة" (اةبوع‪.)334/5 :‬‬
‫وى كتػ اغبنفيػػة‪ :‬أف تػػأمتك الزكػاة مػػن غػػك شػػرورة تُػ َػرد بػ وػػهادة مػن أمترهػػا ويلزمػ اإله كبػػا‬
‫صرح ب الكرمت وغكخ وهو عني ما ذكرخ اإلماـ أبو جعفر الطحػاوي عػن أل حنيفػة‪ :‬أنػ يكػرخ‬
‫ف ف كراهة التحرٓ ه احملبل عند إطبلؽ اظبها قالوا‪ :‬وقد ثبز عن أ بتنا ال بلثػة وجػوب فوريتهػا‬
‫يعنوف‪ :‬أبا حنيفة وأبا يوسه وؿببد بن اغبسن‪.‬‬
‫قل كيوـ أو يومني؛ ألمم فسروا الفور بأوؿ أوقات اإلمكاف‬ ‫قالوا‪ :‬والظاهر أن يأه بالتأمتك ولو ّ‬
‫وقد يقػاؿ‪ :‬اؼبػراد أال يػؤمتر إَ العػاـ القابػل ؼبػا ى "البػدا ع"‪ :‬عػن "اؼبنتقػى" إذ ٍ يػؤد حػك مضػى‬
‫حوالف فقد أساء وأه (الدر اؼبصتار وحاويت ‪.)44/2 :‬‬
‫وعندي‪ :‬أن ال ينبغ العدوؿ عن ظاهر ما جاء عن فقهاء اؼبذه وإف كاف التسام ى يوـ أو‬
‫أمرا فبكنًا جريًػا علػى قاعػدة اليُسػر ورفػع اغبػرج‪ .‬أمػا التسػام ى وػهر ووػهرين‬ ‫يومني بل أياـ ً‬
‫بػػل أك ػػر إَ مػػا دوف العػػاـ‪ .‬كبػػا يُفهػػم مػػن نقػػل "البػػدا ع" فػػبل يصػ اعتبػػارخ حػػك ال يتهػػاوف‬
‫الناس ى الفورية الواجبة‪.‬‬

‫إذا أمترج الزكاة فضاعز‬

‫وقد‬ ‫وبدث أحيانًا أف ىبرج رب اؼباؿ زكات فتضيع بسب ما كأف تُسرؽ أو رب ؽ أو كبو ذل‬
‫جيدا فقاؿ‪:‬‬
‫تلصيصا ً‬‫ً‬ ‫امتتلفز أنظار الفقهاء ى هذخ اؼبسألة وػبصها ابن رود‬
‫قومػػا قػػالوا‪ :‬ذبػػزيء عنػ وقػػوـ قػػالوا‪ :‬هػػو ؽبػػا شػػامن حػػك يضػػعها‬
‫"إذا أمتػػرج الزكػػاة فضػػاعز فػ ف ً‬
‫(أي ى موشعها) وقوـ فرقوا بني أف ىبرجها بعد أف أمكن إمتراجهػا وبػني أف ىبرجهػا أوؿ زمػاف‬
‫الوجػػوب واإلمكػػاف فقػػاؿ بعضػػهم‪ :‬إف أمترجهػػا بعػػد أيػػاـ مػػن اإلمكػػاف والوجػػوب شػػبن وإف‬
‫أمترجها ى أوؿ الوجوب وٍ يقع من تفري ٍ يضبن وهو ميهور مذه مال ‪.‬‬
‫وقوـ قالوا‪ :‬إف فرط شبن وإف ٍ يفرط زكى ما بق وب قاؿ أبو ثور واليافع ‪.‬‬
‫وقػػاؿ ق ػػوـ‪ :‬بػػل يُع ػ ّد الػػذاه مػػن اعببيػػع ويبقػػى اؼبسػػاكني ورب اؼبػػاؿ و ػريكني ى الب ػػاق بق ػػدر‬
‫حظهبا من حي رب اؼباؿ‪ .‬م ل اليريكني يذه بعض اؼباؿ اؼبي ؾ بينهبػا ويبقيػاف وػريكني‬
‫على تل النسبة ى الباق ‪.‬‬
‫فيتحصل ى اؼبسألة طبسة أقواؿ‪:‬‬
‫‪ -4‬قوؿ‪ :‬إن ال يضبن ب طبلؽ‪.‬‬
‫‪ -2‬وقوؿ‪ :‬إن يضبن ب طبلؽ‪.‬‬
‫‪ -3‬وقوؿ‪ :‬إف فرط شبن وإف ٍ يفرط ٍ يضبن‪.‬‬
‫‪ -4‬وقوؿ‪ :‬إف فرط شبن وإف ٍ يفرط زكى ما بق ‪.‬‬
‫‪ -5‬والقوؿ اػبامس‪ :‬يكوناف وريكني ى الباق اهػ (بداية اةتهد‪ - 246/4 :‬طبع االستقامة)‪.‬‬

‫هبلؾ اؼباؿ بعد الوجوب وقبل اإلمتراج‬

‫أيضػػا ؼبسػػألة أمتػػرى وهػ هػػبلؾ بعػػض اؼبػػاؿ بعػػد وجػػوب الزكػػاة وقبػػل إمتراجهػػا‬
‫وعػػرض ابػػن روػػد ً‬
‫فقاؿ‪:‬‬
‫"إذا ذه بعض اؼباؿ بعػد الوجػوب وقبػل الػتبكن مػن إمتػراج الزكػاة فقػوـ قػالوا‪ :‬يُزّكػ مػا بقػ‬
‫وقوـ قالوا‪ :‬حاؿ اؼبساكني وحاؿ رب اؼباؿ حاؿ اليريكني يضيع بعض ماؽببا"‪.‬‬

‫سب االمتتبلؼ ى اؼبسألتني‬

‫قاؿ ابن رود‪ :‬والسب ى امتتبلفهم‪ :‬تيبي الزكاة بالديوف ‪ -‬أع أف يتعلق اغبق فيهػا بالذمػة ال‬
‫بعػني اؼبػػاؿ أو تيػػبيهها بػػاغبقوؽ الػب تتعلػػق بعػػني اؼبػػاؿ ال بذمػػة الػذي يػػدخ علػػى اؼبػػاؿ كاألمنػػاء‬
‫وغكهم‪.‬‬
‫فبن وب مالك الزكاة باألمناء قاؿ‪ :‬إذا أمترج فهل اؼبصرج فبل و ء علي ‪.‬‬
‫ومن وبههم بالغرماء قاؿ‪ :‬يضبنوف‪.‬‬
‫أغبقهػػم باألمنػػاء مػػن صبيػػع الوجػػوخ إذ كػػاف األمػػني يضػػبن إذا‬ ‫ومػػن فػػرؽ بػػني التفػري وال تفػري‬
‫فرط‪.‬‬
‫وأما من قاؿ‪ :‬إذا ٍ يُفرط زك ما بق ف نػ وػب مػن هلػ بعػض مالػ بعػد اإلمتػراج دبػن ذهػ‬
‫بعض مال قبل وجوب الزكاة في كبا أن إذا وجبز الزكاة عليػ ف مبػا يزكػ اؼبوجػود فقػ كػذل‬
‫هذا إمبا يزك اؼبوجود من مال فق ‪.‬‬
‫وسب االمتتبلؼ‪ :‬هو تردد وب اؼبال بني الغرٓ واألمني واليري ومن هل بعض مالػ قبػل‬
‫الوجوب‪.‬‬
‫وأما إذا وجبز الزكاة وسبكن من اإلمتراج فلم ىبرج حك ذه بعض اؼباؿ ف مم متفقػوف ‪-‬فيبػا‬
‫أحسػ ‪ -‬أنػ شػػامن إال ى اؼباوػػية عنػػد مػػن رأى أف وجوهبػػا إمبػػا يػػتم بيػرط متػػروج السػػاع مػػع‬
‫اغبوؿ وهو مذه مال ‪ .‬اهػ (بداية اةتهد‪ -244-246/4 :‬طبع االسػتقامة وانظػر احمللػ ‪:‬‬
‫‪ 363/6‬والدر اؼبصتار حباوية ابن عابدين‪.)86-79/2 :‬‬

‫هل تسق الزكاة بالتقادـ؟‬

‫إذا أمتر الزكاة لعػذر أو لغػك عػذر فب ّػر عليػ عػاـ أو عػدة أعػواـ دوف أدا هػا وإيتا هػا أهلهػا فهػل‬
‫تسق دبض السنني؟‬
‫واعبواب‪ :‬أما حق أوجب اهلل للفقراء واؼبساكني وسا ر اؼبستحقني‪.‬‬
‫فبػػن مقتضػػى ذل ػ أال تسػػق ‪-‬وقػػد وجبػػز ولزمػػز‪ -‬دبػػرور عػػاـ أو أك ػػر؛ ألف مض ػ الػػزمن ال‬
‫يسق اغبق ال ابز‪.‬‬
‫وى هذا يقوؿ اإلماـ النػووي‪ :‬إذا مضػز عليػ سػنوف وٍ يػؤد زكاهتػا لزمػ إمتػراج الزكػاة عػن صبيعهػا‬
‫سواء علم وجوب الزكاة أـ ال وسواء أكاف ى دار اإلسبلـ أـ ى دار اغبرب‪ .‬هذا مذهبنا‪.‬‬
‫قاؿ ابن اؼبنذر‪ :‬لو غل أهل البغ على بلد وٍ يؤد أهػل ذلػ البلػد الزكػاة أعو ًامػا ه ظفػر هبػم‬
‫اإلماـ أمتذ منهم زكاة اؼباش ى قػوؿ مالػ واليػافع وأل ثػور وقػاؿ أصػحاب الػرأي‪ :‬ال زكػاة‬
‫عليهم ؼبا مضى وقالوا‪ :‬لو أسلم قػوـ ى دار اغبػرب وأقػاموا سػنني ه مترجػوا إَ دار اإلسػبلـ ال‬
‫زكاة عليهم ؼبا مض (اةبوع‪.)337/5 :‬‬
‫ػاعدا وهػو حػ تػؤدي‬ ‫ويقوؿ أبو ؿببد ابن حزـ (احملل ‪ .)87/6 :‬من اجتبػع ى مالػ زكاتػاف فص ً‬
‫كلها لكل سنة علػى عػدد مػا وجػ عليػ ى كػل عػاـ وسػواء أكػاف ذلػ ؽبروبػ دبالػ أو لتػأمتر‬
‫السػػاع (ؿبصػػل الزكػػاة مػػن قبػػل الدولػػة) أو عبهلػ أو لغػػك ذلػ وسػواء ى ذلػ العػػني (النقػػود)‬
‫واغبرث واؼباوية وسواء أتز الزكاة على صبيع مال أو ٍ تػأت وسػواء رجػع مالػ بعػد أمتػذ الزكػاة‬
‫من ػ إَ مػػا ال زكػػاة في ػ أو ٍ يرجػػع وال يأمتػػذ الغرمػػاء وػػيئًا حػػك تسػػتوى الزكػػاة (هػػذا مب ػ علػػى‬
‫القػػوؿ الصػػحي ‪ :‬أف الزكػػاة ذبػ ى الذمػػة ال ى عػػني اؼبػػاؿ فػ ذا كانػػز ى الذمػػة فحػػاؿ علػػى مالػ‬
‫حوالف ٍ يؤد زكاهتبا وج علي أداؤها ؼبا مضى وال تنقل عن الزكاة ى اغبوؿ ال ػاْ وكػذل‬
‫إف كػاف أك ػر مػن النصػاب ٍ تػنقل الزكػاة وإف مضػػى عليػ أحػواؿ فلػو كػاف عنػدخ أربعػوف وػػاة‬
‫مضػػى عليهػػا أح ػواؿ ٍ يػػؤد زكاهتػػا وج ػ علي ػ ثػػبلث وػػياخ وإف كانػػز ما ػػة دينػػار فعلي ػ سػػبعة‬
‫دنانك ونصه؛ ألف الزكاة وجبز ى ذمت فلم يؤثر ى تنقيل النصاب ولكن إف ٍ يكن ل ماؿ‬
‫آمتػػر يػػؤدي الزكػػاة من ػ احتبػػل أف تسػػق الزكػػاة ى قػػدرها؛ ألف الػػدين يبنػػع وجػػوب الزكػػاة (انظػػر‬
‫اؼبغ ‪.)686-679/2 :‬‬
‫فػ ذا كانػػز الضػريبة تسػػق بالتقػػادـ ومػػرور سػػنوات تقػػل أو تك ػػر ‪-‬حسػ ربديػػد القػػانوف‪ -‬ف ػ ف‬
‫الزكػػاة تظػػل دينًػػا ى عنػػق اؼبسػػلم ال تػ أ ذمتػ وال يص ػ إسػػبلم وال يصػػدؽ إيبانػ إال بأدا هػػا‬
‫وإف تكاثرت األعواـ‪.‬‬
‫هل تسق الزكاة باؼبوت؟‬

‫ذهػ صبهػػور الفقهػاء إَ أف الزكػػاة ال تسػق دبػػوت رب اؼبػػاؿ بػل زبػػرج مػن تركتػ وإف ٍ يػػوص‬
‫هبا‪ .‬هذا قػوؿ عطػاء واغبسػن والزهػري وقتػادة ومالػ (ى كتػ اؼبالكيػة‪ :‬أف الزكػاة‪ :‬تػارة زبػرج مػن‬
‫رأس اؼبػػاؿ وتػػارة زبػػرج مػػن ال لػػث أي مػػن تركػػة اؼبيػػز فػ ف أوصػػى هبػػا فبػػن ال لػػث وإف اعػ ؼ‬
‫حبلوؽب ػػا وأوص ػػى ب متراجه ػػا فب ػػن رأس اؼب ػػاؿ‪( .‬حاو ػػية الدس ػػوق ‪ )562/4 :‬وى و ػػرح الرس ػػالة‬
‫لزروؽ‪ 472/2 :‬ى زكاة عامة يبوت قبل التبكن من إمتراجها ف ما من رأس مال لتعينها وانظػر‬
‫بداية اةتهد‪ -244/4 :‬طبع االستقامة) واليػافع (قػاؿ النػووي‪ :‬إذا وجبػز الزكػاة وسبكػن مػن‬
‫أدا هػ ػػا ه مػ ػػات ٍ تسػ ػػق دبوت ػ ػ عنػ ػػدنا بػ ػػل هب ػ ػ إمتراجهػ ػػا مػ ػػن مال ػ ػ عنػ ػػدنا‪ .‬انظ ػػر اةبػ ػػوع‪:‬‬
‫‪.)335/5‬‬
‫وأضبػػد وإسػػحاؽ وأل ثػػور وابػػن اؼبنػػذر (اؼبغػ ‪ )684-683/2 :‬وهػػو مػػذه الزيديػػة (األزهػػار‬
‫وورح ‪ 463/4 :‬والبحر‪.)444/2 :‬‬
‫وقاؿ األوزاع والليث‪ :‬تؤمتذ من ال لث مقدمة على الوصايا وال هباوز ال لث‪.‬‬
‫وقػػاؿ ابػػن س ػكين واليػػع والنصغ ػ وضبػػاد بػػن سػػليباف وال ػػوري وغػػكهم‪ :‬ال زبػػرج إال أف يكػػوف‬
‫أوصى هبا وكذل قاؿ أبو حنيفة وأصحاب ‪ :‬أما تسق دبوت اؼبكله إال أف يوص هبا وزبرج‬
‫من ال لث ويزاحم هبا أصحاب الوصايا وإذا ٍ يوص هبا سقطز وال يلزـ الورثة إمتراجها وإف‬
‫أمترجوهػػا فصػػدقة تطػػوع؛ ألمػػا عبػػادة مػػن وػػرطها النيػػة فسػػقطز دبػػوت مػػن ه ػ علي ػ كالصػػبلة‬
‫والصوـ (هذا قوؿ أل حنيفة ى زكاة الذه والفضة‪ .‬أما الزرع واؼباوػية فقػد امتتلفػز عنػ الروايػة‬
‫فيهبا‪ :‬أتسق أـ تؤمتذ بعد موت ؟ انظر احملل ‪ 89-88/6 :‬واةبوع‪.)336-335/5 :‬‬
‫ومعػ هػػذا‪ :‬أف اغبنفيػػة يقولػػوف‪ :‬مػػات آشبػًػا بػ ؾ هػػذخ الفريضػػة وال سػػبيل إَ إسػػقاطها عنػ بعػػد‬
‫موت كتػارؾ الصػبلة والصػياـ وؽبػذا قػاؿ بعػض اغبنفيػة‪ :‬إذا أمتػر الزكػاة حػك مػرض يػؤدي س ًػرا مػن‬
‫الورثة (ذكرخ ى رد احملتار‪ 44/2 :‬نقبلً عن الفت )‪.‬‬
‫والصحي هو القوؿ األوؿ ف ف الزكاة ‪-‬كبا قاؿ ابن قدامة‪ -‬حق واج تصػ الوصػية بػ فلػم‬
‫تسػق بػاؼبوت كػػدين اآلدمػ وألمػػا حػق مػػاُ واجػ فلػػم يسػق دبػػوت مػن هػػو عليػ كالػػدين‬
‫وتفارؽ الصوـ والصػبلة ف مبػا عبادتػاف بػدنيتاف ال تصػ الوصػية هببػا وال النيابػة فيهبػا (اؼبغػ‬
‫البن قدامة‪ 684-683/2 :‬واةبوع‪.)336/5 :‬‬
‫على أن قد ورد ى الصحي ‪( :‬من مػات وعليػ صػياـ صػاـ عنػ وليػ ) مػع أف الصػياـ عبػادة بدنيػة‬
‫وصصية وجازت في النيابة بعد اؼبوت فضبلً من اهلل ورضبة فأوَ بذل الزكاة وه حق ماُ‬
‫كبا قدمنا‪.‬‬

‫منزلة دين الزكاة من سا ر الديوف‬

‫قاؿ صػاح "اؼبهػذب" مػن اليػافعية (اةبػوع‪ )234/6 :‬ومػن وجبػز عليػ الزكػاة وسبكػن مػن‬
‫أدا ها فلم يفعل حك مات وج قضاء ذل من تركت ؛ ألن حق ماُ لزم ى حاؿ اغبياة فلػم‬
‫يسػػق بػػاؼبوت كػػدين اآلدمػ ف ػ ف اجتبعػػز الزكػػاة وديػػن اآلدم ػ وٍ يتسػػع اؼبػػاؿ لل بيػػع ففي ػ‬
‫ثبلثة أقواؿ‪:‬‬
‫أح ػػدنبا‪ :‬يُق ػػدـ دي ػػن اآلدمػ ػ ؛ ألف مبن ػػاخ عل ػػى التي ػػديد والتأكي ػػد وح ػػق اهلل تع ػػاَ مبػ ػ عل ػػى‬
‫التصفيه‪.‬‬
‫وال ػػاْ‪ :‬تُق ػػدـ الزك ػػاة؛ لقولػ ػ ‪-‬ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم‪ -‬ى اغبػ ػ ‪( :‬ف ػػدين اهلل أح ػػق أف يُقض ػػى)‬
‫(اغبديث ى الصحيحني من رواية ابن عباس ‪-‬رش اهلل عنهبا‪ -‬ى الصوـ‪ .‬اؼبصدر السابق)‪.‬‬
‫ال الث‪ :‬يقسم بينهبا؛ ألمبا تساويا ى الوجوب فتساويا ى القضاء‪.‬‬
‫والقوؿ بتقدٓ الزكاة على غكها من ديوف العباد هو قوؿ الظاهرية وقد نصرخ أبو ؿببػد ابػن حػزـ‬
‫وعضدخ باألدلة من الكتاب والسنة الصػحيحة قػاؿ‪ :‬فلػو مػات الػذي وجبػز عليػ الزكػاة سػنة أو‬
‫أقرهبػػا أو قامػػز عليػ بينػػة ورثػ ولػػدخ أو كبللػػة (الكبللػػة‪ :‬مػػن ورثػ‬
‫سػػنتني ف مػػا مػػن رأس مالػ ّ‬
‫غك ولدخ ووالدخ)‪ .‬ال حق للغرماء وال للوصية وال للورثة حك تستوى (يع الزكاة) كلها سواء ى‬
‫ذل ‪ :‬العني واؼباوية والزرع‪.‬‬
‫ونػػاقو ابػػن حػػزـ اغبنفيػػة وغػػكهم فبػػن أسػػقطوا الزكػػاة دبػػوت رب اؼبػػاؿ ونسػ إلػػيهم غايػػة اػبطػػأ؛‬
‫ألمم أسقطوا ‪ -‬دبوت اؼبرء ‪ -‬دينًا هلل تعاَ وج عليػ ى حياتػ بػبل برهػاف أك ػر مػن أف قػالوا‪:‬‬
‫لو كاف ذل ؼبا واء إنساف أف ال يورث ورثت ويئًا إال أمكن ‪.‬‬
‫قػاؿ‪ :‬فبػػا تقولػوف ى إنسػػاف أك ػػر مػن إتػػبلؼ أمػواؿ النػػاس ليكػػوف ذلػ دينًػػا عليػ وال يػػرث ورثتػ‬
‫ويئًا ولو أما ديوف يهودي أو نصراْ ى طبػور أهرقهػا ؽبػم؟ فبػن قػوؽبم‪ :‬أمػا كلهػا مػن رأس مالػ‬
‫س ػواء ورث ورثت ػ أـ ٍ يرث ػوا فنقض ػوا علػػتهم بػػأوحو نقػػض وأسػػقطوا حػػق اهلل ‪-‬تعػػاَ‪ -‬الػػذي‬
‫جعل للفقراء واؼبساكني من اؼبسػلبني والغػارمني مػنهم وى الرقػاب مػنهم وى سػبيل تعػاَ وابػن‬
‫السبيل فريضة من اهلل تعاَ ‪ -‬وأوجبوا ديوف اآلدميني وأطعبوا الورثة اغبراـ‪.‬‬
‫والع كل من إهباهبم الصبلة بعد متروج وقتها على العامػد ل كهػا وإسػقاطهم الزكػاة ‪-‬ووقتهػا‬
‫قا م‪ -‬عن اؼبتعبد ل كها !!‬
‫قاؿ أبو ؿببد‪ :‬ويبني صحة قولنا وبطبلف قػوؿ اؼبصػالفني قػوؿ اهلل ‪-‬عػز وجػل‪ -‬ى اؼبواريػث‪( :‬مػن‬
‫بعد وصي ٍة يُوصى هبػا أو ديػن) (النسػاء‪ )44 :‬فعػم ‪-‬عػز وجػل‪ -‬الػديوف كلهػا والزكػاة ديػن قػا م‬ ‫ِ‬
‫هلل ‪-‬تعاَ‪ -‬وللبساكني والفقراء والغارمني وسا ر من فرشها تعاَ ؽبم ى نل القرآف‪.‬‬
‫ه روى ابن حزـ ب سنادخ اغبديث الػذي أمترجػ مسػلم ى صػحيح ورواخ سػعيد بػن جبػك وؾباهػد‬
‫وعطػػاء عػػن ابػػن عبػػاس قػػاؿ‪ :‬جػػاء رجػػل إَ النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬فقػػاؿ‪ :‬إف أمػ ماتػػز‬
‫وعليها صوـ وػهر أفأقضػي عنهػا؟ فقػاؿ‪( :‬لػو كػاف علػى أمػ ديػن أكنػز قاشػي عنهػا)؟ قػاؿ‪:‬‬
‫نعم‪ .‬قاؿ‪( :‬فدين اهلل أحق أف يُقضى)‪.‬‬
‫وى روايػػة عػػن ابػػن عبػػاس ‪ -‬مػػن طريػػق ابػػن جبػػك ‪ -‬أن ػ ‪-‬عليػ السػػبلـ‪ -‬قػػاؿ‪( :‬فاقض ػوا اهلل فهػػو‬
‫أحق بالوفاء)‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬فهؤالء عطاء وسعيد بن جبك وؾباهد يروون عػن ابػن عبػاس فقػاؿ هػؤالء بػآرا هم‪ :‬بػل ديػن‬
‫اهلل ‪-‬تعاَ‪ -‬ساق ودين الناس أحػق أف يُقضػى! والنػاس أحػق بالوفػاء"!! اه ػ (احمللػ ‪-89/6 :‬‬
‫‪.)94‬‬
‫وإذا غضضػػنا الطػػرؼ عػػن عنػػه ابػػن حػػزـ ى اؽب ػػوـ وأسػػلوب ى مناقيػػة اػبصػػوـ (بعػػض النػػاس‬
‫يرى إسقاط االسػتفادة مػن ابػن حػزـ ما يًػا مػن أجػل عنفػ وطريقتػ ى مهاصبػة اؼبػذاه وأتباعهػا‬
‫وكبػػن ‪ -‬وإف كنػػا ننكػػر ذلػ علػػى ابػػن حػػزـ ‪ -‬نػػرى االنتفػػاع دبػػا يػػوردخ مػػن أفكػػار واعتبػػارات فلنػػا‬
‫فقه وعلي عنف ولكل امرئ ما نوى وحساب على اهلل وكل واحد يؤمتذ من كبلم ويُ ؾ إال‬
‫الن صلى اهلل علي وسلم) والتفتنا فق إَ ما استدؿ ب من القرآف واغبديث فالذي يتأكد لنا‬
‫أف الزكاة حق أصيل ثابز ال يسقط تقادـ وال موت وأما تؤمتذ من ال كة وتُقدـ على كل حق‬
‫وكل دين سواها وبذل يكػوف اإلسػبلـ قػد سػبق التيػريعات اؼباليػة اغبدي ػة الػب قػررت للحكومػة‬
‫حػػق امتيػػاز علػػى أم ػواؿ اؼبػػدينني بالضػريبة تسػػبق ب ػ غكهػػا مػػن دا ػ اؼببػػوؿ اؼبتػػأمتر عػػن السػػداد‬
‫(مبادئ النظرية العامة للضريبة للدكتور عبد اغبكيم الرفاع وحسني متبلؼ ص‪. )443‬‬

‫الفصل السادس‬
‫مباحث متفرقة حوؿ أداء الزكاة‬

‫فهرس‬
‫إظهار إمتراج الزكاة‬

‫هل ىب الفقك بأما زكاة؟‬

‫الدين عن اؼبعسر هل وبس زكاة؟‬


‫إسقاط َ‬

‫هل تغ اإلباحة عن التبلي ؟‬


‫االحتياؿ إلسقاط الزكاة‬

‫امتتبلؼ الفقهاء‬
‫اؼبالكية وبرموف اغبيل ويبطلوف أثرها‬
‫اغبنابلة كاؼبالكية‬
‫الزيدية وبرموف اغبيل‬
‫ما يقول آمتذ الزكاة ومعطيها‬

‫التوكيل ى إمتراج الزكاة‬


‫االحتياؿ إلسقاط الزكاة‬

‫هػػل هبػػوز التهػػرب أو الفػرار مػػن الزكػػاة؟ وبعبػػارة أمتػػرى‪ :‬هػػل هبػػوز االحتيػػاؿ إلسػػقاط الزكػػاة عبػػن‬
‫وجبز علي ؟‬

‫امتتبلؼ الفقهاء‪:‬‬

‫ذكر ابن تيبية ى "القواعد النورانيػة" أف أبػا حنيفػة هبرػوز االحتيػاؿ إلسػقاط الزكػاة قػاؿ‪ :‬وامتتلػه‬
‫أصحاب ‪ :‬هل هو مكروخ أـ ال فكره ؿببد وٍ يكره أبو يوسه‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬وحرـ مال االحتياؿ إلسقاطها وأوجبها مع اغبيلة وكرخ اليافع اغبيلة ى إسقاطها‪.‬‬
‫وأما أضبد فقول ى االحتياؿ كقوؿ مال ‪ :‬وبرـ االحتياؿ لسقوطها ويوجبها مع اغبيلة كبا دلػز‬
‫علي سورة (ف)‪( .‬يقصد قصة أصحاب اعبنة كبا سيأن ذلػ ى كػبلـ ابػن قدامػة) وغكهػا مػن‬
‫الدال ل (القواعد النورانية ص ‪.)89‬‬
‫ومػػا ذكػػرخ ابػػن تيبيػػة عػػن أىب يوسػػه ىبػػاله مػػا صػػرح ب ػ ى كتاب ػ "اػب ػراج" حيػػث قػػاؿ مػػا نص ػ‬
‫بػػاغبرؼ‪" :‬ال وبػػل لرجػػل يػػؤمن بػػاهلل واليػػوـ اآلمتػػر منػػع الصػػدقة وال إمتراجهػػا مػػن ملكػ إَ ملػ‬
‫صباعػػة غػػكخ ليفرقهػػا بػػذل فتبطػػل عنػ الصػػدقة بػػأف يصػػك لكػػل واحػػد مػػنهم مػػن اإلبػػل والبقػػر‬
‫والغ ػػنم م ػػا ال ذبػ ػ فيػ ػ الص ػػدقة وال وبت ػػاؿ ى إبطػ ػاؿ الص ػػدقة بوجػ ػ وال س ػػب " (اػبػ ػراج ألىب‬
‫يوسه ص ‪.)8‬‬
‫وهذا الكبلـ واش الداللة على أف اإلماـ أبا يوسه وبػرـ االحتيػاؿ إلسػقاط الزكػاة وإبطاؽبػا بػأي‬
‫وج أو سب ‪.‬‬
‫فلعػػل الػػذي ذكػػرخ ابػػن تيبيػػة واوػػتهر عػػن أىب يوسػػه‪ :‬أف اغبيػػل تنفػػذ قضػػاء وإف كانػػز ال ذبػػوز‬
‫ديانة‪.‬‬
‫واؼبنصوص ى كت اغبنفية‪ :‬أف بعض اغبيل يكرخ وبعضها ال يكرخ‪.‬‬
‫فقد قالوا‪ :‬يكرخ أف وبتاؿ ى صرؼ الزكاة إَ والدي اؼبعسرين بأف تصدؽ هبا على فقػك ه صػرفها‬
‫الفقك إليهبا وهى وهكة مذكورة ى غال الكت ‪.‬‬
‫وحني ذكروا‪ :‬أف الزكاة ال تصرؼ لبناء مس د وال إَ كفن ميز وقضاء دين وكبو ذلػ قػالوا‪:‬‬
‫واغبيلػػة ى الػػدفع إَ هػػذخ األوػػياء مػػع صػػحة الزكػػاة أف يتصػػدؽ علػػى الفقػػك ه يػػأمرخ بفعػػل هػػذخ‬
‫األوياء ويكوف ل ثواب الزكػاة وللفقػك ثػواب هػذخ القػرب كبػا قػالوا هنػا‪ :‬إف للفقػك أف ىبػاله‬
‫أمػػرخ إف وػػاء؛ ألنػ مقتضػػى صػػحة التبليػ والظػػاهر أنػ ال وػػبهة فيػ ؛ ألنػ ملكػ إيػػاخ عػػن زكػػاة‬
‫مال ػ ػ وو ػػرط علي ػ ػ و ػػرطًا فاس ػ ًػدا واؽبب ػػة والص ػػدقة ال يفس ػػداف بالي ػػرط الفاس ػػد (ال ػػدر اؼبصت ػػار‬
‫وحاويت ‪.)69/2 :‬‬
‫ولكػػن يبلحػػي أف هػػذخ اغبيػػل ‪ -‬مػػا يكػػرخ منهػػا ومػػا ال يكػػرخ ‪ -‬ى صػػرؼ الزكػػاة‪ .‬أمػػا ى إسػػقاط‬
‫الزكاة عن مال النصاب فلم أجد ى كت اغبنفية الب راجعتها من صرح جبوازخ‪.‬‬

‫اؼبالكية وبرموف اغبيل ويبطلوف أثرها‪:‬‬

‫وعند اؼبالكية‪ :‬ال ذبوز اغبيل ديانة وال تنفذ قضاء‪.‬‬


‫وؽبذا قالوا‪ :‬من كػاف عنػدخ نصػاب مػن مػاؿ ذبػ فيػ الزكػاة كاؼباوػية مػ بلً فأبدلػ كلػ أو بعضػ‬
‫بعد اغبوؿ أو قبل بقليل كيهر دباوية أمترى مػن نوعهػا كػأف أبػدؿ طبسػة مػن اإلبػل بأربعػة أو‬
‫م ػػن غ ػػك نوعه ػػا ك ػػأف يب ػػدؿ اإلب ػػل بغ ػػنم أو عكس ػ س ػواء أكان ػػز األمت ػػرى نص ػػابًا أـ أق ػػل م ػػن‬
‫نصاب أو أبدؽبا بعروض أو نقود أو ذبػ ماوػيت أو كبػو ذلػ وعلػم أنػ فعػل ذلػ فػر ًارا مػن‬
‫الزكػػاة وهتربًػػا مػػن وجوهبػػا ‪ -‬ويعػػرؼ ذلػ بػ قرارخ أو بقػرا ن األحػواؿ فػ ف ذلػ اإلبػػداؿ أو غػػكخ‬
‫مػػن التصػػرفات ال يسػػق عن ػ زكػػاة اؼبػػاؿ اؼببػػدؿ بػػل يؤمتػػذ بزكات ػ معاملػػة ل ػ بنقػػيض قصػػدخ وال‬
‫يؤمتذ بزكاة البدؿ وإف كانز زكات أك ر؛ ألف البدؿ ٍ ذب في زكاة لعدـ مرور اغبوؿ علي ‪.‬‬
‫وذل ؼبا تقرر ى اؼبذه ‪ :‬أف اغبيل ال تفيد ى العبادات وال ى اؼبعامبلت‪.‬‬
‫فارا إال إذا كاف مال ًكا للنصاب‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬وال يكوف ً‬
‫قالوا‪ :‬ومن اغبيل الباطلة‪ :‬أف يه مال أو بعض لولدخ أو لعبدخ قرب اغبوؿ ليأن علي اغبوؿ وال‬
‫زكػػاة عليػ ه يعتصػػرخ أو ينتزعػ منػ ليكػػوف ‪ -‬بزعبػ ‪ -‬ابتػػداء ملكػ وقػػد يقػػع ذلػ للػػزوج مػػع‬
‫زوجت ه يقوؿ ؽبا‪ :‬ردى إَ ما وهبت ل بقصد إسقاط الزكاة عن ! فتؤمتػذ منػ وهبػ إمتراجهػا‬
‫(انظر‪ :‬بلغة السال وحاويت ‪.)246/4 :‬‬

‫اغبنابلة كاؼبالكية‪:‬‬

‫وقػاؿ ابػػن قدامػػة ى "اؼبغػ "‪ " :‬قػػد ذكرنػػا أف إبػداؿ النصػػاب بغػػك جنسػ يقطػػع اغبػػوؿ ويسػػتأنه‬
‫حػوالً آمتػر فػ ف فعػل هػذا فػر ًارا مػن الزكػاة ٍ تسػق عنػ سػواء أكػاف البػدؿ ماوػية أو غكهػا مػن‬
‫النص وكذا لػو أتلػه جػزءًا مػن النصػاب قص ًػدا للتنقػيل لتسػق عنػ الزكػاة ٍ تسػق وتؤمتػذ‬
‫الزكاة من ى آمتر اغبػوؿ إذا كػاف إبدالػ وإتبلفػ قػرب الوجػوب ولػو فعػل ذلػ ى أوؿ اغبػوؿ ٍ‬
‫ذب الزكاة؛ ألف ذل ليس دبظنة الفرار‪.‬‬
‫" ودبا ذكرناخ قاؿ مال واألوزاع وابن اؼباجيوف وإسحاؽ وأبو عبيد‪.‬‬
‫" وقاؿ أبو حنيفة واليافع ‪ :‬تسق عن الزكاة؛ ألنػ نقػل قبػل سبػاـ حولػ فلػم ذبػ فيػ الزكػاة‬
‫كبا لو أتله غباجت ‪.‬‬
‫قػػاؿ ابػػن قدامػػة‪ :‬ولنػػا قػػوؿ اهلل تعػػاَ‪( :‬إنػػا بلونػػاهم كبػػا بلونػػا أصػػحاب اعبنػػة إذ أقسػػبوا ليصػػرمنها‬
‫مصػػبحني وال يسػػت نوف فطػػاؼ عليهػػا طػػا ه مػػن ربػ وهػػم نػػا بوف فأصػػبحز كالصػػرٓ)‪(.‬القلػػم‪:‬‬
‫‪ .)26 - 47‬فعػػاقبهم اهلل تعػػاَ بػػذل لف ػرارهم مػػن الصػػدقة وألن ػ قصػػد إسػػقاط نصػػي مػػن‬
‫انعقػػد سػػب اسػػتحقاق (يع ػ الفق ػراء واؼبسػػتحقني)‪ .‬فلػػم يسػػق كبػػا لػػو طلػػق امرأت ػ ى مػػرض‬
‫موت ػ وألن ػ ؼبػػا قصػػد قصػ ًػدا فاسػ ًػدا اقتضػػز اغبكبػػة معاقبت ػ بنقػػيض قصػػدخ كبػػن قتػػل مورث ػ‬
‫الستع اؿ مكاث عاقب اليػرع باغبرمػاف (اؼبغػ اؼبطبػوع مػع اليػرح الكبػك‪)532 - 534 :2 :‬‬
‫فاسدا فبل يستحق العقاب‪.‬‬
‫قصدا ً‬
‫وهذا خببلؼ ما إذا أتله بعض مال غباجت ف ن ٍ يقصد ً‬

‫الزيدية وبرموف اغبيل‪:‬‬

‫وعنػػد الزيديػػة ى ذل ػ بعػػض تفصػػيل حيػػث قػػالوا‪ :‬ال هبػػوز التحيػػل إلسػػقاط الزكػػاة وو ذل ػ‬
‫صورتاف‪ :‬إحدانبا قبل الوجوب (وبتعبك أدؽ‪ :‬قبل حصوؿ اليرط وهو اغبوؿ) وال انية‪ :‬بعدخ‪.‬‬
‫أما قبل الوجوب فنحو أف يبل نصػابًا مػن نقػد فػ ذا قػرب حػوالف اغبػوؿ عليػ اوػ ى بػ وػيئًا‬
‫قصدا للحيلة ى إسقاطها‪ .‬فذل ال هبوز ف ف فعل أه وسقطز‪.‬‬ ‫ال ذب في الزكاة كالطعاـ ً‬
‫ومن فقها هم من قاؿ‪ :‬إن مباح‪.‬‬
‫وأما الصورة الب بعد الوجوب فنحػو أف يصػرفها إَ الفقػك وييػرط عليػ الػرد إليػ ويقػارف اليػرط‬
‫العقػػد كبػػو أف يقػػوؿ‪ :‬قػػد صػػرفز إليػ هػػذا عػػن زكػػان علػػى أف تػػردخ علػػى فػ ف هػػذخ الصػػورة ال‬
‫ذبوز وال ذبزئ ببل متبلؼ ى اؼبذه ‪.‬‬
‫ف ف تقدـ اليرط كبو أف تقع مواطأة ‪ -‬قبل الصرؼ ‪ -‬على الرد ه صرفها إلي من غك ورط فبا‬
‫تواطآ علي فاؼبذه أف ذل ال هبوز وال هبزئ وقاؿ بعضهم ذبزئ مع الكراهة التحريبية‪.‬‬
‫ووج اؼبذاه ‪ :‬أن يؤدى إَ إسقاط حق الفقراء وقد جعل اهلل ذل ؽبم ففي إبطػاؿ مػا وػرع‬
‫اهلل وأرادخ وكل حيلة توصل هبا إَ ـبالفة مقصود اليارع فهػ حػراـ ويبطػل أثرهػا (وػرح األزهػار‬
‫وحواوي ‪.)546-539/4 :‬‬
‫أيضػا‪ .‬قػالوا‪ :‬ال هبػوز ؼبػن ال ربػل لػ الزكػاة أف‬
‫وكبا منعوا التحيل إلسقاطها منعوا التحيل ألمتذها ً‬
‫يتحيل ليحل ل أمتذها‪.‬‬
‫والتحيل ألمتذها ل صورتاف‪:‬‬
‫إحداها‪ :‬أف يقبض الفقك الزكاة ربيبلً ليأمتػذها مػن ال ربػل لػ مػن هػامش أو غػ أو ولػد أو والػد‬
‫أو غكهم فبن ليسوا من أهل الزكاة فبل هبوز ذل وال ذبزئ الزكاة وهب ردها‪.‬‬
‫واست نوا من ذل ما إذا أمتذها ؽبامش فقك وكبو ذل ف ف ذل جا ز وإف تقدمز مواطأة‪.‬‬
‫والصورة ال انية‪ :‬زبتل دبن ال ربل ل الزكاة ألجل غناخ وهو أف يتحيل ب متراج ما يبلك إَ مل‬
‫فقكا فيحل ل أمتذها فاؼبذه ‪ :‬أف ذل ال هبوز وقيػدخ بعضػهم دبػا إذا فعػل ذلػ‬ ‫غكخ ليصك ً‬
‫للبكاثرة ال ليأمتذ ما يكفي إَ وقز الدمتل فهو هبوز (ورح األزهار‪.)544 - 546/4 :‬‬
‫واػببلص ػػة‪ :‬أنػ ػ إذا قص ػػد باغبيل ػػة وجػ ػ اهلل تع ػػاَ ومطابق ػػة مقاص ػػد الي ػػرع واؼبي ػػل ع ػػن اغبػ ػراـ‬
‫جػػازت وإف قصػػد هبػػا ـبالفػػة مقصػػود اليػػرع ٍ ذبػػز ولػػو أجزناهػػا مطل ًقػػا ٍ يبػػق ؿبػػرـ إال حػػل‬
‫(حواو األزهار‪ 539/4 :‬وانظر‪ :‬البحر‪.)487/4 :‬‬
‫وو حواو األزهار عن اليوكاْ قاؿ‪ " :‬الذي ال ؿبيل عن اطراح كل حيلػة ربلػل مػا حػرـ اهلل‬
‫أو ربرـ ما حلل وتصحيحها ليس من اليريعة ى ورد وال صدر" (اؼبرجع السابق ص ‪.)246‬‬

‫ما يقول آمتذ الزكاة ومعطيها‬

‫الوشعية ى مظػاهر عػدة نظ ًػرا ؼبػا ؽبػا مػن‬ ‫ونرى اعبان الروح الذي سبتاز ب الزكاة عن الضرا‬
‫صفة العبادة ى نظاـ اإلسبلـ‪.‬‬
‫وإوعارا برابطة‬
‫ً‬ ‫منها‪ :‬أف جال الزكاة مأمور أف يدعو ألهلها عند دفعها ل ترغيبًا ؽبم ى اؼبسارعة‬
‫سبييزا للبسلبني عن غكهم من أهل اؼبلل والديانات ودافع اؼبكوس‬ ‫األمتوة بني اآلمتذ واؼبعطى و ً‬
‫اعبا رة وهذا امت اؿ لقول تعػاَ‪( :‬متػذ مػن أمػواؽبم صػدقة تطهػرهم وتػزكيهم هبػا وصػل علػيهم إف‬
‫صبلت سكن ؽبم)‪( .‬التوبة‪.)463 :‬‬
‫ومع "صل عليهم" ادع ؽبم وقد بني اهلل تعاَ أثر هذا الدعاء ى أنفس دافع الصدقات وهو‬
‫السكينة والطبأنينة واألمن والت بز وقد روى عبد اهلل بن أىب أوو‪( :‬كػاف رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل‬
‫عليػ وسػػلم‪ -‬إذا أتػػاخ قػػوـ بصػػدقتهم قػػاؿ‪ :‬اللهػػم صػػل علػػيهم فأتػػاخ أىب أبػػو أوو بصػػدقت فقػػاؿ‪:‬‬
‫اللهم صل على آؿ أىب أوو ) (قاؿ ى اؼبنتقى‪ :‬متفق علي ‪ .‬نيل األوطار‪.)453/4 :‬‬
‫وهػػذا الػػدعاء غػػك مقيػػد بصػػيغة معينػػة وقػػاؿ اإلمػػاـ اليػػافع ‪ :‬أح ػ أف يقػػوؿ‪ :‬آج ػرؾ اهلل فيبػػا‬
‫طهورا وبارؾ فيبا أبقيز (الروشة للنووي‪.)244/2 :‬‬ ‫ً‬ ‫أعطيز وجعل ل‬
‫وقد روى النسا أف الن ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬دعػا لرجػل بعػث بناقػة حسػناء فقػاؿ‪( :‬اللهػم‬
‫بارؾ في وو إبل ) (سنن النسا ‪ :‬كتاب الزكاة‪.)36/5 :‬‬
‫وهػػل هػػذا الػػدعاء واجػ أو مسػػتح ؟ ظػػاهر األمػر ى اآليػػة يفيػػد الوجػػوب وهػػو قػػوؿ الظاهريػػة‬
‫وبعػػض اليػػافعية وقػػاؿ اعببهػػور‪ :‬لػػو كػػاف واجبًػػا لعلب ػ الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬لسػػعات‬
‫ووالت كبعاذ وغكخ غك أف ذل ٍ ينقل (انظر‪ :‬نيل األوطار‪.)453/4 :‬‬
‫وهػػذا االع ػ اض مػػردود‪ :‬عب ػواز اكتفا ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬باآليػػة الػػب ال زبفػػى علػػى م ػػل‬
‫معاذ رشى اهلل عن ‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬إف سا ر ما يأمتذخ اإلماـ مػن الػديوف والكفػارات وغكهػا ال هبػ عليػ فيهػا الػدعاء‬ ‫وقالوا ً‬
‫أيضا ال ح ة في ! ل بوت األمر ى الزكاة بصري اآليػة دوف‬ ‫وكذل الزكاة (اؼبرجع السابق) وهذا ً‬
‫غكهػػا وهػػذا ؼبػػا ؽبػػا مػػن عظػػيم اؼبنزلػػة ى الػػدين وألمػػا حػػق الزـ دوري فحسػػن ال غي ػ في ػ‬
‫والت بيز علي ‪.‬‬
‫متاصا ب ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬لكوف صبلت سكنًا ؽبم خبػبلؼ غػكخ فهػذا‬ ‫وأما جعل الوجوب ً‬
‫ت بي ػػز للي ػػبهة ال ػػب تعل ػػق ب ػػذيلها اؼب ػػانعوف للزك ػػاة ى عه ػػد أىب بك ػػر وٍ يقبله ػػا م ػػنهم أح ػػد م ػػن‬
‫متاصػػا بالرسػػوؿ؟ فػػاألرج أف يبقػػى األمػػر أصػػل‬‫عامػػا وآمترهػػا ً‬ ‫الصػػحابة وكيػػه قبعػػل أوؿ اآليػػة ً‬
‫صػػيغت مفيػ ًػدا للوجػػوب وهػػذا يوافػػق طبيعػػة الزكػػاة اػباصػػة ونظػػرة اإلسػػبلـ إليهػػا ومػػا يبيزهػػا عػػن‬
‫الضرا الب يفرشها البير‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أف دافػع الزكػاة مطالػ أف يكػوف طيػ الػنفس هبػا داعيًػا اهلل أف يتقبلهػا منػ وأف هبعلهػا‬
‫مغرم ػػا علي ػ هك ػػذا علبن ػػا رسػػوؿ اهلل ‪-‬ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم‪ -‬حي ػػث ق ػػاؿ‪( :‬إذا‬
‫مغنبػػا ل ػ ال ً‬ ‫ً‬
‫مغرمػػا) (اغبػػديث رواخ‬
‫مغنبػػا وال ذبعلهػػا ً‬
‫أعطيػػتم الزكػػاة فػػبل تنسػوا ثواهبػػا أف تقولػوا‪ :‬اللهػػم اجعلهػػا ً‬
‫اب ػػن ماج ػػة ج ػ ػ‪ 4‬رق ػػم (‪ )4797‬ورواخ عب ػػد ال ػػرزاؽ ى جامع ػ كب ػػا أو ػػار الس ػػيوط ى اعب ػػامع‬
‫الكبػػك مػػن حػػديث أىب هريػػرة ورمػػز ل ػ بعبلمػػة الضػػعه وقػػاؿ اؼبنػػاوي ى الفػػيض (‪:)296/4‬‬
‫واغبػػديث لػػيس بيػػديد الضػػعه كبػػا وهػػم‪ .‬قػػاؿ ى األصػػل‪ :‬وشػػعه وذلػ ألف فيػ سػػويد بػػن‬
‫سعيد‪ .‬قاؿ أضبد‪ :‬م وؾ وانظر‪ :‬نيل األوطار‪.)453 - 452/4 :‬‬
‫مع ػ اغبػػديث أف علػػى اؼبكلػػه إذا أعطػػى الزكػػاة ‪ -‬للفقػػك اؼبسػػتحق أو للعامػػل عليهػػا مػػن قبػػل‬
‫اإلمػػاـ‪ -‬أال يهبػػل هػػذا الػػدعاء ليػػتم لػ ثواهبػػا ومعػ الػػدعاء‪ :‬اللهػػم طيػ نفسػ هبػػا حػػك أرى‬
‫مغنبا ورحبًا ُ ى دي ودنياي وآمترن وال أراها غرامة أغرمها وأمترجها وأنا كارخ‪.‬‬ ‫إمتراجها ً‬
‫مرفوعا‪( :‬إذا فعلز أمب طبس عيػرة متصػلة حػل هبػا‬ ‫وقد روى ى حديث رواخ ال مذي عن على ً‬
‫مغرم ػػا) (إس ػػنادخ ش ػػعيه كب ػػا ى ني ػػل‬
‫مغنب ػػا والزك ػػاة ً‬
‫ال ػػببلء وع ػػد منه ػػا‪ :‬إذا ازب ػػذت األمان ػػة ً‬
‫مغرما فهو هبن نفس وأمت أسباب الببلء‪.‬‬ ‫األوطار) وإذا سأؿ اؼبسلم رب أال هبعل زكات ً‬
‫وهػػذا بنػػاء عل ػػى فع ػػل "أعطي ػػتم" مب ػ للفاع ػل وه ػػذا اؼبيػػهور وهب ػػوز بنػػاءخ للبفع ػػوؿ كبػػا ق ػػاؿ‬
‫اؼبن ػػاوي‪ .‬فيك ػػوف اػبط ػػاب للبس ػػتحقني‪ .‬أي إذا أعطي ػػتم ‪-‬أيه ػػا اؼبس ػػتحقوف‪ -‬ف ػػبل ت ك ػوا مكاف ػػأة‬
‫مغرمػػا (قػػاؿ ى الفػػيض‬‫مغنبػػا وال ذبعلهػػا عليػ ً‬
‫اؼبزكػ علػػى إحسػػان بػػأف تقولػوا‪ :‬اللهػػم اجعلػ لػ ً‬
‫(‪ :)296/4‬فيػ أنػ ينػػدب قولػ ذلػ وإف ٍ يػذكروخ؛ ألنػ مػػن الفضػػا ل وقػػد دمتػػل ربػػز أصػػل‬
‫كلى وهو طل الػدعاء لػ ) وم ػل ذلػ وكيػل اؼبسػتحقني وهػو اإلمػاـ أو نا بػ وهػو اؼبفهػوـ مػن‬
‫قول تعاَ‪( :‬وصل عليهم)‪.‬‬
‫التوكيل ى إمتراج الزكاة‬

‫مسلبا ثقة ىبرجها نيابة عنػ واؼبػراد بال قػة‬


‫ً‬ ‫وال يلزـ اؼبسلم أف ىبرج زكات بنفس بل أف يوكل عن‬
‫مػػن يطبػػئن إَ أمانتػ ى إمتراجهػػا إَ مسػػتحقها؛ ألف غػػك ال قػػة ال يػػؤمن عليهػػا واوػ ط بعػػض‬
‫ػلبا؛ ألف الزكػاة عبػادة وغػك اؼبسػلم لػيس مػن أهلهػا وقػاؿ آمتػروف‪:‬‬ ‫الفقهاء أف يكػوف الوكيػل مس ً‬
‫هبػػوز توكيػػل الػػذم ى إمت ػراج الزكػػاة إذا نػػوى اؼبوكػػل وكفػػز نيت ػ (انظػػر‪ :‬اليػػرح الكبػػك وحاوػػية‬
‫الدسوق علي ‪.)498/4 :‬‬
‫والػػذي أراخ أال يل ػػأ اؼبسػػلم إَ توكيػػل غػػك اؼبسػػلم؛ إال غباجػػة بيػػرط أف يكػػوف ثقػػة يطبػػئن إَ‬
‫تنفيذخ رغبة موكل ‪.‬‬
‫وذهػ بعػػض اؼبالكيػػة إَ أف اسػػتنابة اؼبالػ مػػن يػػؤدى الزكػػاة منػ أمػػر مسػػتح بعػ ًػدا عػػن الريػػاء‬
‫ومتوفًا علي من أن إذا توَ تفرقتها بنفس يقصد ضبد الناس وثناءهم علي ‪.‬‬
‫وقد ذب االستنابة إف علم من نفس ذل وٍ يكن ؾبرد متوؼ وكذل إذا جهػل مػن يسػتحق‬
‫الزكاة فعلي أف يوكل من يضعها ى موشعها ويعطيها أهلها (اؼبرجع السابق)‪.‬‬

‫إظهار إمتراج الزكاة‬

‫قاؿ اإلماـ النووي‪:‬‬


‫األفضػػل ى الزكػػاة إظهػػار إمتراجهػػا لػكاخ غػػكخ فيعبػػل عبلػ ولػػئبل يسػػاء الظػػن بػ وهػػذا كبػػا أف‬
‫الصػػبلة اؼبفروشػػة يسػػتح إظهارهػػا وإمبػػا يسػػتح اإلمتفػػاء ى نوافػػل الصػػبلة والصػػوـ (اةبػػوع‪:‬‬
‫‪ 233/6‬انظػػر‪ :‬فقػ اإلمػػاـ جعفػػر‪ 96/2 :‬حيػػث قػػاؿ ى روايػػة‪" :‬اإلعػػبلف أفضػػل مػػن اإلسػرار‬
‫"‪.‬‬
‫وذلػ أف الزكػػاة مػػن وػػعا ر اإلسػػبلـ الػػب ى إظهارهػػا وتعظيبهػػا واؼبعالنػػة هبػػا تقويػػة للػػدين وتأكيػػد‬
‫ليصصية اؼبسلبني وهب أف يكوف اغبرص على هذخ اؼبعاْ الكريبة را د اؼبزك ال مراءاة النػاس‬
‫الب تفسد النية وتلوث العبل وربب األجر عند اهلل‪.‬‬
‫أمػػا اغبػػرص علػػى إظهػػار وػػعا ر اإلسػػبلـ وتعظيبهػػا ورببيبهػػا إَ النػػاس فهػػذا مػػن دال ػػل اإليبػػاف‬
‫وأمػػارات التقػػوى‪ .‬قػػاؿ تعػػاَ‪( :‬ذل ػ ومػػن يعظػػم وػػعا ر اهلل ف مػػا مػػن تقػػوى القلػػوب)‪( .‬اغب ػ ‪:‬‬
‫‪.)32‬‬
‫ولع ػػل هػ ػػذا ه ػػو اؼب ػ ػراد باالمتتيػ ػػاؿ ال ػػذي وبب ػ ػ اهلل ى الص ػػدقة الػ ػػذي جػ ػػاء ب ػ ػ اغبػ ػػديث النبػ ػػوي‪:‬‬
‫(واالمتتي ػػاؿ ال ػػذي وببػ ػ اهلل ع ػػز وج ػػل امتتي ػػاؿ الرج ػػل بنفسػ ػ عن ػػد القت ػػاؿ وعن ػػد الص ػػدقة) (رواخ‬
‫النسػػا ى السػػنن كتػػاب الزكػػاة‪ )79/5 :‬وأصػػل ذلػ قولػ تعػػاَ‪( :‬إف تبػػدوا الصػػدقات فنعبػػا‬
‫ه )‪( .‬البقرة‪.)274 :‬‬

‫هل ىب الفقك بأما زكاة؟‬

‫إذا ٍ تكػػن اغبكومػػة اؼبسػػلبة ه ػ الػػب تتػػوَ أمػػر الزكػػاة جبايػػة وتوز ًيعػػا وكػػاف األفػػراد هػػم الػػذين‬
‫يقوموف بصرفها على مستحقيها ‪-‬كبا هو اليػأف ى معظػم الػببلد اإلسػبلمية اليػوـ‪ -‬فػاألوَ ؼبػن‬
‫ىبرج الزكاة‪ :‬أال ىب الفقك أف ما يعطي إياخ زكاة فقد يؤذى اآلمتذ ذل القوؿ ‪-‬ومتاصة إذا كػاف‬
‫من اؼبستورين الذين يتعففوف عن أمتذ الصدقات‪ -‬وال حاجة إلي ‪.‬‬
‫ػكا ٍ وبػت إَ إعبلمػ أنػ زكػاة قػاؿ اغبسػن‪:‬‬ ‫قػاؿ ى "اؼبغػ "‪" :‬وإذا دفػع الزكػاة إَ مػن يظنػ فق ً‬
‫أتريد أف تقرع ؟! ال زب خ‪.‬‬
‫وقػػاؿ أضبػػد بػػن اغبسػػن‪ :‬قلػػز ألضبػػد‪ :‬يػػدفع الرجػػل الزكػػاة إَ الرجػػل فيقػػوؿ‪ :‬هػػذا مػػن الزكػػاة أو‬
‫يسكز؟‬
‫قاؿ‪" :‬وٍ يبكت هبذا القوؿ؟! يعطي ويسكز‪ .‬ما حاجت إَ أف يقرع "؟! (اؼبغ ‪.)647/2 :‬‬
‫بػػل قػػاؿ بعػػض اؼبالكيػػة‪ :‬يكػػرخ ؼبػػا في ػ مػػن كسػػر قل ػ الفقػػك (بلغػػة السػػال وحاوػػية الصػػاوي‪:‬‬
‫‪.)335/4‬‬
‫وعند اعبعفرية م لبا عند أهل السنة ى ذل ‪ :‬أن ال هب إعبلـ الفقك بالزكاة حني الدفع إلي وال‬
‫بعػػدخ‪ .‬قػػاؿ أبػػو بصػػك‪ :‬قلػػز لئلمػػاـ البػػاقر(عليػ السػبلـ)‪ :‬الرجػػل مػػن أصػػحابنا يسػػتح أف يأمتػػذ‬
‫الزكاة فأعطي منها وال أظبى أما من الزكػاة؟ قػاؿ‪ :‬أعطيػ وال تسػم وال تػذؿ اؼبػؤمن (انظػر‪ :‬فقػ‬
‫اإلماـ جعفر الصادؽ‪.)88/2 :‬‬

‫الدين عن اؼبعسر هل وبس زكاة؟‬


‫إسقاط َ‬

‫قاؿ اإلماـ النووي‪ :‬إذا كاف لرجل على معسر دين فأراد أف هبعل عن زكات وقاؿ لػ ‪ :‬جعلتػ عػن‬
‫زكػػان فوجهػػاف (ى مػػذه اليػػافع )‪ .‬أصػػحهبا ال هبز ػ وهػػو مػػذه أىب حنيفػػة وأضبػػد؛ ألف‬
‫الزكاة ى ذمت فبل ت أ إال ب قباشها وال اْ‪ :‬هبز وهو مذه اغبسن البصري وعطاء؛ ألن لػو‬
‫دفع إلي ه أمتذخ من جاز فكذا إذا ٍ يقبض كبػا لػو كانػز عنػدخ دراهػم وديعػة ودفعهػا عػن‬
‫الزكػػاة ف نػ هبز ػ سػواء قبضػػها أـ ال‪ .‬أمػػا إذا دفػػع الزكػػاة إليػ بيػػرط أف يردهػػا إليػ عػػن دينػ فػػبل‬
‫يصػ الػػدفع إليػ وال نويػػا ذلػ وٍ ييػػرطاخ جػػاز باالتفػػاؽ وأجػزأخ عػػن الزكػػاة وإذا ردخ إليػ عػػن‬
‫الدين برئ منػ ولػو قػاؿ اؼبػدين‪ :‬ادفػع إَ زكاتػ حػك أقضػي دينػ ففعػل أجػزأخ عػن الزكػاة‬
‫وملك القبض وال يلزم دفع إلي عن دين ف ف دفع أجزأخ (اةبوع‪.)244 - 246/6 :‬‬
‫بأسػا إذا كػاف ذلػ‬
‫ً‬ ‫ما ذكرخ النػووي عػن اغبسػن هنػا نقلػ عنػ أبػو عبيػد‪ :‬أنػ كػاف ال يػرى بػذل‬
‫من قرض‪ .‬قاؿ‪" :‬فأما بيوعكم هذخ فبل"‪ .‬أي إذا كاف الدين شبنًا لسلعة كبا هو اليأف ى ديػوف‬
‫الت ار فبل يراخ اغبسن ؾبزًا وهو تقييد حسن‪.‬‬
‫أمػا أبػػو عبيػػد فيػػدد ى ذلػ وٍ يػػرخ ؾبزًػػا حبػاؿ ونقلػ عػػن سػػفياف ال ػػوري ورأى ى ذلػ ـبالفػػة‬
‫للسنة كبا متي أف يكوف صاح الدين إمبا أراد أف يق مال هبذا الػدين الػذي قػد يػئس منػ‬
‫متالصػػا (األم ػواؿ ص ‪- 596 - 595‬‬ ‫ً‬ ‫في عل ػ ردءًا ؼبال ػ يقي ػ ب ػ وال يقبػػل اهلل إال مػػا كػػاف ل ػ‬
‫طبع دار اليرؽ)‪.‬‬
‫وقػػاؿ ابػػن حػػزـ‪ :‬مػػن كػػاف ل ػ ديػػن علػػى بعػػض أهػػل الصػػدقات فتصػػدؽ علي ػ بدين ػ قبل ػ ونػػوى‬
‫بذل أن من الزكاة أجزأخ ذل وكذل لػو تصػدؽ بػذل الػدين علػى مػن يسػتحق وأحالػ بػ‬
‫على من هو ل عندخ ونوى بذل الزكاة ف ن هبز ‪.‬‬
‫برهاف ذل ‪ :‬أن مأمور بالصدقة الواجبة وبأف يتصدؽ على أهل الصدقات مػن زكاتػ الواجبػة دبػا‬
‫علي منها ف ذا كاف إبراؤخ من الدين يسبى صدقة فقد أجزأخ‪.‬‬
‫واسػػتدؿ ابػػن حػػزـ حبػػديث أىب سػػعيد اػبػػدري ى صػػحي مسػػلم قػػاؿ‪ :‬أصػػي رجػػل علػػى عهػػد‬
‫رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ى شبار ابتاعها فك ر دينػ فقػاؿ رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ‬
‫وسلم‪( : -‬تصدقوا علي ) قاؿ‪ :‬وهو قوؿ عطاء بن أىب رباح وغكخ (احمللى‪.)466 - 465/6 :‬‬
‫أيضػػا‪ .‬فقػػد سػػأؿ رجػػل جعفػ ًػرا الصػػادؽ قػػا بلً‪ ُ :‬ديػػن علػػى قػػوـ قػػد طػػاؿ‬ ‫وهػػو مػػذه اعبعفريػػة ً‬
‫حبسػ عنػػدهم ال يقػػدروف علػػى قضػػا وهػػم مسػػتوجبوف للزكػػاة‪ :‬هػػل ُ أف أدعػ فأحتسػ بػ‬
‫عليهم من الزكاة؟ قاؿ‪ :‬نعم (فق اإلماـ جعفر‪.)94/2 :‬‬
‫وعن ػػدي أف ه ػػذا الق ػػوؿ أرج ػ م ػػا داـ الفق ػػك ه ػػو اؼبنتف ػػع ى النهاي ػػة بالزك ػػاة بقض ػػاء حاج ػػة م ػػن‬
‫حوا األصػلية وهػى وفػاء دينػ وقػد ظبػى القػرآف الكػرٓ حػ ال َػدين عػن اؼبعسػر صػدقة ى قولػ‬
‫تعاَ‪( :‬وإف كاف ذو عسرة فنظرة إَ ميسرة وأف تصػدقوا متػك لكػم إف كنػتم تعلبػوف)‪( .‬البقػرة‪:‬‬
‫‪.)286‬‬
‫فهػػذا تصػػدؽ علػػى اؼبػػدين اؼبعسػػر وإف ٍ يكػػن في ػ إقبػػاض وال سبلي ػ واألعبػػاؿ دبقاصػػدها ال‬
‫عاجزا عػن الوفػاء وأف ي ػ مػن دينػ ويعلبػ بػذل فب ػل هػذا‬ ‫بصورهتا وهذا بيرط أف يكوف ً‬
‫قطعػا مػن الغػارمني فهػو مػن أهػل الزكػػاة‬
‫اؼبػدين العػاجز إف ٍ يكػن مػن الفقػراء واؼبسػاكني فهػػو ً‬
‫واإلبراء دبنزلة اإلقباض وهو وبقق للبدين حاجة نفسية ب زاحة ثقل الدين عن كاهل فينػزاح عنػ‬
‫هم الليل وذؿ النهار ومتوؼ اؼبطالبة واغببس فضبلً عن عقوبة اآلمترة‪.‬‬
‫غك أف ما قال اغبسن من تقييد ذل بدين القرض ال ديوف الت ارات أمر ينبغ اعتبارخ متيػية‬
‫اس ساؿ الت ار ى البيع بالدين رغبة ى مزيد من الرب ف ذا أعيػاهم اقتضػاء الػدين احتسػبوخ مػن‬
‫الزكاة وفي ما في ‪.‬‬

‫هل تغ اإلباحة عن التبلي ؟‬

‫ػكا بنيػػة الزكػػاة‪ :‬هػػل هبػػوز‬


‫يتيبػػا أو شػػي ًفا فقػ ً‬
‫عػػرض بعػػض الفقهػػاء هنػػا ؼبسػػألة وهػػى مػػا إذا أطعػػم ً‬
‫احتساب ما أكل من الطعاـ زكاة إذا نوى ذل باعتبار أن أباح ؽبم؟‬
‫نل اغبنفية وغكهم على أف ال هبزئ عن الزكػاة؛ ألنػ ال بػد مػن سبليػ واإلطعػاـ لػيس بتبليػ‬
‫وإمبا هو إباحة‪.‬‬
‫لكػػن قػػالوا‪ :‬إذا دفػػع إلي ػ اؼبطعػػوـ ناويًػػا هبز ػ كبػػا لػػو كسػػاخ؛ ألن ػ بالػػدفع إَ الفقػػك بنيػػة الزكػػاة‬
‫يبلك فيصك آكبلً من ملك خببلؼ ما لو أطعب مع (الدر اؼبصتار وحاويت ‪.)3/2 :‬‬
‫وأجاز بعض الزيدية احتساب ما يقدم لضيوف الفقراء من الزكاة بيروط‪:‬‬
‫‪ -4‬أف ينوى الزكاة‪.‬‬
‫‪ -2‬أف تكوف عني الطعاـ باقية كالتبر والزبي ‪.‬‬
‫‪ -3‬أف يصك إَ كل واحد ما ل قيبة وال يتسام دب ل ‪.‬‬
‫‪ -4‬أف يقبض الفقك أو ىبلى بين وبين مع علب بذل ‪.‬‬
‫‪ -5‬أف يعلػػم الفقػػك أن ػ زكػػاة؛ لػػئبل يعتقػػد ؾبازات ػ ورد اعببيػػل دب ل ػ (وػػرح األزهػػار وحواوػػي ص‬
‫‪.)542‬‬
‫الباب السادس‬
‫أهداؼ الزكاة وآثارها ى حياة الفرد واةتبع‬

‫فهرس‬

‫أهداؼ الزكاة وآثارها ى حياة اةتبع‬


‫ُ‬

‫سبهيد‬

‫أهداؼ الزكاة وآثارها ى حياة الفرد‬


‫سبهيد‬

‫ظػػل علب ػػاء اؼباليػػة والض ػريبة زمنًػػا ط ػػويبلً وه ػػم ين ػػأوف بالض ػريبة أف تك ػػوف ؽبػػا أه ػػداؼ إنس ػػانية أو‬
‫اجتباعية أو اقتصادية متيية أف يؤثر ذل على هدفها األوؿ عندهم وهو وفرة اغبصيلة وغزارة‬
‫اؼب ػػاؿ ال ػػذي يت ػػدفق عل ػػى اػبزان ػػة م ػػن وراء جبايته ػػا وعُ ػػرؼ ه ػػذا االذب ػػاخ باس ػػم "م ػػذه اغبي ػػاد‬
‫الضري "‪.‬‬
‫ػكا بعػػد تطػػور األفكػػار وتقلػ األحػواؿ واوػػتعاؿ ال ػػورات اشػػطروا أف يرفضػوا تلػ الفكػػرة‬ ‫وأمتػ ً‬
‫التقليديػػة وأف ينػػادوا باسػػتصداـ الض ػريبة لتحقيػػق أهػػداؼ اجتباعيػػة واقتصػػادية معينػػة كتقليػػل‬
‫الفوارؽ بني الطبقات وإعادة التوازف االقتصادي ى اةتبع إَ غك ذل من األهداؼ‪.‬‬
‫أما الزكاة ى اإلسبلـ فكاف ؽبا وأف آمتر‪.‬‬
‫إف اإلس ػػبلـ جعله ػػا ركنًػػا م ػػن أركان ػ وو ػػعكة م ػػن و ػػعا رخ وعب ػػادة م ػػن عباداتػ ػ يؤديه ػػا اؼبس ػػلم‬
‫بوصػػفها فريضػػة دينيػػة مقدسػػة امت ػػاالً ألمػػر اهلل وابتغػػاء مرشػػات طيبػػة هبػػا نفسػ متالصػػة هبػػا نيتػ‬
‫حك ربوز القبوؿ عند اهلل تعاَ‪( :‬إمبا األعباؿ بالنيات وإمبا لكل امرئ ما نوى) (مر زبرهب )‪.‬‬
‫(ومػػا أمػػروا إال ليعبػػدوا اهلل ـبلصػػني ل ػ الػػدين حنفػػاء ويقيب ػوا الصػػبلة ويؤت ػوا الزكػػاة وذل ػ دي ػػن‬
‫القيبة)‪( .‬البينة‪.)5 :‬‬
‫فالزكػػاة ‪-‬ى اؼبقػػاـ األوؿ‪ -‬يقػػوـ هبػػا اؼبسػػلم بوصػػفها جػػزءًا مػػن التكليػػه اإلؽب ػ لئلنسػػاف الػػذي‬
‫اسػػتصلف اهلل ى هػػذخ األرض ليعبػػدخ تعػػاَ ويعبرهػػا بػػاغبق والعػػدؿ لي ػ شبرتػ ى دار أمتػػرى‬
‫فهػػو يعػػد ويصػػقل ويصػػهر ى بوتقػػة التكػػاليه واالبػػتبلء ى هػػذخ ليصػػل للصلػػود والنعػػيم ى الػػدار‬
‫الباقيػػة األمتػػرى فػ ذا طهػػرت نفسػ وزكػػا قلب ػ بػػالتزاـ حػػدود اهلل وإقامػػة واجبات ػ كػػاف أهػبلً لنعػػيم‬
‫اغبياة اآلمترة وجوار اهلل ى جنت وكاف مػن (الػذين تتوفػاهم اؼببل كػة طيبػني يقولػوف سػبلـ علػيكم‬
‫ادمتلوا اعبنة دبا كنتم تعبلوف)‪( .‬النحل‪.)32 :‬‬
‫وؽبذا اؼبع قرف القرآف بني الصبلة والزكاة ى شبانيػة وعيػرين موش ًػعا منػ وقرنػز بينهبػا السػنة ى‬
‫عيرات اؼبواشع وعرؼ ى اإلسبلـ أف الزكاة أمتز الصبلة ال ذبوز التفرقػة بينهبػا وقػد صبعهبػا‬
‫اهلل وؽبذا قاؿ أبو بكر ؼبن تردد من الصحابة ى قتاؿ من أقاموا الصبلة وامتنعوا من أداء الزكػاة‪:‬‬
‫(واهلل ألقاتلن من فرؽ بني الصبلة والزكاة)‪.‬‬
‫ومن ه تذكر أحكاـ "الزكاة" ى كت الفق اإلسبلم دبصتله مذاهب ى قسػم "العبػادات" تاليػة‬
‫ألحك ػاـ الصػػبلة (هػػذا هػػو الغال ػ ى كت ػ الفق ػ وقليػػل منهػػا يػػذكر الصػػوـ بعػػد الصػػبلة علػػى‬
‫أساس أمبا عبادتاف بدنيتاف‪ :‬أي أف كلتيهبا تػؤدى جبهػد بػدْ وميػقة جسػيبة‪ .‬أمػا الزكػاة فهػ‬
‫معا)‪ .‬اقتداء بالكتاب والسنة‪.‬‬
‫عبادة مالية واغب عبادة بدنية ومالية ً‬
‫وقيبػا‬
‫ومع وشوح مع العبادة ى الزكاة ف ف هنػاؾ أهػدافًا إنسػانية جليلػة ومػ بلً أمتبلقيػة رفيعػة ً‬
‫روحية عليا كاف اإلسبلـ يقصد إَ ربقيقها وت بيتها من وراء فريضة الزكاة كبا نبهز على ذل‬
‫اآليات واألحاديث وكبا التفز إَ ذل ك ك من ؿبقق علباء اإلسبلـ‪.‬‬
‫وحني طبق اؼبسلبوف ى العصور األوَ وريعة الزكاة كبا أمر اهلل ورسػول ربققػز هػذخ األهػداؼ‬
‫اعبليلة وبرزت آثارها ى حياة الفرد اؼبسلم واةتبع اإلسبلم ماثلة للعياف‪.‬‬
‫وهذخ األهداؼ ليسز مادية فحس وال معنوية فحس بػل تيػبل اعبػانبني اؼبػادي واؼبعنػوي‬
‫وتع باألهداؼ الروحية واألمتبلقية عنايتها باألهداؼ االقتصادية واؼبالية‪.‬‬
‫فهذخ األهداؼ ليسز فردية فق وال اجتباعية فق بل منها مػا يعػود علػى الفػرد سػواء أكػاف‬
‫معطيًا للزكاة أـ آمت ًذا ؽبػا ومنهػا مػا يعػود علػى اةتبػع اؼبسػلم وربقيػق أمنػ ونيػر رسػالت وحػل‬
‫ميكبلت ‪.‬‬
‫وييتبل هذا الباب على فصلني أساسيني‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬يبحث ى أهداؼ الزكاة وآثارها ى حياة الفرد اؼبسلم‪.‬‬
‫وال اْ‪ :‬يبحث ى أهداؼ الزكاة وآثارها ى حياة اةتبع اؼبسلم‪.‬‬

‫الفصل األوؿ‬
‫أهداؼ الزكاة وآثارها ى حياة الفرد‬

‫فهرس‬

‫تابع اؼببحث األوؿ‪ :‬هدؼ الزكاة وأثرها ى اؼبعط‬

‫الزكاة تطهك للباؿ‬


‫الزكاة ال تطهر اؼباؿ اغبراـ‬
‫الزكاة مباء للباؿ‬
‫اؼببحث ال اْ‪ :‬هدؼ الزكاة وأثرها ى اآلمتذ‬

‫الزكاة ربرير آلمتذها من ذي اغباجة‬


‫الزكاة تطهك من اغبسد والبغضاء‬
‫سبهيد‬

‫اؼببحث األوؿ‪ :‬هدؼ الزكاة وأثرها ى اؼبعط‬

‫الزكاة تطهك من الي‬


‫الزكاة تدري على اإلنفاؽ والبذؿ‬
‫زبلق بأمتبلؽ اهلل‬
‫الزكاة وكر لنعبة اهلل‬
‫عبلج للقل من ح الدنيا‬
‫الزكاة منبية ليصصية الغ‬
‫الزكاة ؾبلبة للبحبة‬

‫يضم هذا الفصل مبح ني‪:‬‬


‫األوؿ‪ :‬عن أهداؼ الزكاة بالنسبة للبعطى وهو الغ الذي وجبز علي ‪.‬‬
‫وال اْ‪ :‬عن أهداؼ الزكاة بالنظر آلمتذها واؼبنتفع هبا وهو الذي تصرؼ لػ مػن ذوى اغباجػات‪.‬‬
‫أما الذي تصرؼ ل الزكاة فبن وبتاج إلي اؼبسلبوف كاؼبؤله والغارـ إلصبلح ذات البػني والغػازي‬
‫ى سبيل اهلل والعامل عليها فيندرجوف ربز أهداؼ الزكاة بالنظر للب تبع‪.‬‬

‫اؼببحث األوؿ‬

‫هدؼ الزكاة وأثرها ى اؼبعط‬


‫ليس هدؼ اإلسبلـ من الزكػاة صبػع اؼبػاؿ وال إغنػاء اػبزانػة فحسػ ولػيس هدفػ منهػا مسػاعدة‬
‫الضػػعفاء وذوى اغباجػػة وإقالػػة ع ػرهتم فحس ػ بػػل هدف ػ األوؿ أف يعلػػو باإلنسػػاف علػػى اؼبػػادة‬
‫سبامػا وهنػا‬
‫سيدا ؽبػا ال عب ًػدا ومػن هنػا اهتبػز أهػداؼ الزكػاة بػاؼبعطى اهتبامهػا باآلمتػذ ً‬‫ويكوف ً‬
‫موردا أو فبػوالً‬
‫تتبيز فريضة الزكاة عن الضرا الوشعية الب ال تكاد تنظر إَ اؼبعطى إال باعتبارخ ً‬
‫ػبزانتها‪.‬‬
‫ولقػػد ع ػ القػػرآف الكػػرٓ عػػن هػػدؼ الزكػػاة بػػالنظر لؤلغنيػػاء الػػذين تؤمتػػذ مػػنهم فأصبػػل ذل ػ ى‬
‫كلبتػني مػػن عػػدة أحػػرؼ ولكنهبػػا تتضػػبناف الك ػػك مػػن أسػرار الزكػػاة وأهػػدافها الكبػػكة وهاتػػاف‬
‫الكلبتاف نبا‪ :‬التطهك والتزكية اللتاف وردت هببا اآلية الكريبة‪( :‬متذ من أمواؽبم صدقة تطهػرهم‬
‫وتزكيهم هبا)‪( .‬التوبػة‪ )463 :‬ونبػا ييػببلف كػل تطهػك وتزكيػة سػواء أكانػا مػاديني أـ معنػويني‪.‬‬
‫لروح الغ ونفس أو ؼبال وثروت فبا سنفصل ى الفقرات التالية‪:‬‬

‫الزكاة تطهك من الي‬

‫الزكاة الب يؤديهػا اؼبسػلم امت ػاالً ألمػر اهلل وابتغػاء مرشػات إمبػا هػ تطهػك لػ مػن أرجػاس الػذنوب‬
‫بعامة ومن رجس الي خباصة‪.‬‬
‫ذلػ اليػ الػػذميم الػػذي أحضػرت األنفػػس وابتلػػى بػ اإلنسػػاف؛ فقػػد وػػاء اهلل أف يغػػرس ى حنايػػا‬
‫اإلنسػػاف ؾببوعػػة مػػن الػػدوافع النفسػػية أو الغرا ػػز تسػػوق سػػوقًا إَ السػػع ى األرض وعبارهتػػا‬
‫فكػػاف منهػػا حػ التبلػ وحػ الػػذات وحػ البقػػاء وكػػاف مػػن آثارهػػا هػػذخ الغرا ػػز أو النػوازع‬
‫ػورا)‪.‬‬‫و ػ اإلنسػػاف دبػػا ى يػػدخ وحبػ االسػػتئ ار بػػاػبكات واؼبنػػافع دوف النػػاس‪( :‬وكػػاف اإلنسػػاف قتػ ً‬
‫(اإلسراء‪( .)466 :‬وأحضرت األنفس الي )‪( .‬النساء‪ .)428 :‬فكاف ال بد لئلنساف الراق أو‬
‫اإلنسػػاف اؼبػػؤمن أف يسػػتعل علػػى ن ػوازع األثػػرة واألنانيػػة ى نفس ػ وأف ينتصػػر علػػى نزعػػة الي ػ‬
‫ببواعث اإليباف وال فبلح ل ى دنياخ أو آمترت إال باالنتصار على هذا الي اؼبقيز‪.‬‬
‫الي آفة متطرة على الفرد واةتبع؛ إما قد تدفع من اتصه هبا إَ الدـ فيسفك وإَ اليػرؼ‬
‫فيدوس وإَ الدين فيبيع وإَ الوطن فيصون ولذا روى عػن الرسػوؿ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪-‬‬
‫أن ػ جعل ػ أحػػد اؼبهلكػػات فقػػاؿ‪( :‬ثػػبلث مهلكػػات‪ :‬و ػ مطػػاع وهػػوى متبػػع وإع ػػاب اؼبػػرء‬
‫بنفس ػ ) (رواخ الط ػ اْ ى األوس ػ ع ػػن اب ػػن عبػػر ب س ػػناد شػػعيه كبػػا ى التيس ػػك‪576/4 :‬‬
‫أيضػػا أبػػو اليػػيمل ى التػػوبيمل والب ػزار وأبػػو نعػػيم والط ػ اْ ى األوس ػ والبيهق ػ عػػن أنػػس‬
‫(ورواخ ً‬
‫وشعف العراق كبا ى "الفيض"‪ 366/3 :‬ولكػن حسػن األلبػاْ ى صػحي اعبػامع الصػغك)‬
‫وقاؿ تعاَ‪( :‬ومن يػوؽ وػ نفسػ فأولئػ هػم اؼبفلحػوف)‪( .‬اغبيػر‪ 9 :‬والتغػابن‪ .)46 :‬كررهػا‬
‫ى القرآف مرتني قصر فيها الفبلح على مػن وقػى هػذا الػداء الفتػاؾ ومتطػ الرسػوؿ ‪-‬صػلى اهلل‬
‫عليػ وسػػلم‪ -‬فقػػاؿ‪( :‬إيػػاكم واليػ ؛ ف مبػػا هلػ مػػن كػػاف قػػبلكم باليػ ‪ .‬أمػػرهم بالبصػػل فبصلػوا‬
‫وأمػػرهم بالقطيعػػة فقطع ػوا وأمػػرهم بػػالف ور فف ػػروا) (أمترج ػ أبػػو داود والنسػػا ‪ .‬انظػػر‪ :‬ـبتصػػر‬
‫اؼبنذري‪.)263 /2 :‬‬
‫فالزكاة هبػذا اؼبعػ طهػرة‪ :‬أي تطهػر صػاحبها مػن متبػث البصػل اؼبهلػ وإمبػا طهارتػ بقػدر بذلػ‬
‫وفرح ب متراج واستبيارخ دبصرف إَ اهلل تعاَ‪.‬‬
‫والزكػػاة كبػػا ربقػػق مع ػ التطهػػك للػػنفس ربقػػق مع ػ التحريػػر ؽبػػا ربررهػػا مػػن ذؿ التعلػػق باؼبػػاؿ‬
‫واػبضػػوع لػ ومػػن تعاسػػة العبوديػػة للػػدينار والػػدرهم فػ ف اإلسػػبلـ وبػػرص علػػى أف يكػػوف اؼبسػػلم‬
‫ػيدا لكػػل مػػا ى هػػذا الكػػوف مػػن عناصػػر‬ ‫ػررا مػػن اػبضػػوع ألي وػػئ سػواخ سػ ً‬
‫عبػ ًػدا هلل وحػػدخ متحػ ً‬
‫وأوياء‪.‬‬
‫ػيدا ف ػ ذا هػػو يعبػػد نفس ػ ؼبػػا‬
‫وأي تعاسػػة أعظػػم مػػن أف هبعػػل اهلل اإلنسػػاف ى األرض متليفػػة وسػ ً‬
‫عليها من مادة وماؿ؟!‬
‫أي تعاسة أعظم من أف يصب صبع اؼباؿ هدؼ اإلنساف وأك نب ومبلغ علب وؿبور حياتػ‬
‫وقد متلق لرسالة أك وهدؼ أظبى؟!‬
‫وال غرو أف جاء النور من ميكاة النبػوة وبػذر مػن هػذخ التعاسػة الػب هػ مػن لػوازـ العبوديػة لغػك‬
‫اهلل تعاَ‪( :‬تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس وانتكس وإذا وي‬
‫فبل انتقو) (رواخ البصاري ى كتاب اعبهاد وكتاب الرقاؽ وابن ماجة ى الزهد)‪..‬‬

‫الزكاة تدري على اإلنفاؽ والبذؿ‬

‫أيضػػا تػػدري لػ علػػى متلػػق البػػذؿ واإلعطػػاء‬


‫هػ ً‬ ‫وكبػا أف الزكػػاة تطهػػك لػػنفس اؼبسػػلم مػػن اليػ‬
‫واإلنفاؽ‪.‬‬
‫فببا ال متبلؼ في بني علباء ال بية واألمتبلؽ أف للعادة أثرها العبيق ى متلق اإلنساف وسػلوك‬
‫وتوجيه وؽبذا قيل‪" :‬العادة طبيعة ثانية" ومع ذل أف للعادة من القوة والسلطاف ما يقرب من‬
‫"الطبيعة األوَ" الب ولد عليها اإلنساف‪.‬‬
‫واؼبسلم الذي يتعود اإلنفاؽ وإمتراج زكاة زرع كلبا حصد وزكاة دمتل كلبا ورد وزكاة ماوػيت‬
‫ونقودخ وقيم أعيان الت ارية كلبا حاؿ عليها اغبوؿ وىبرج زكػاة فطػرخ كػل عيػد مػن أعيػاد الفطػر‬
‫هذا اؼبسلم يصب اإلعطاء واإلنفاؽ صفة أصيلة من صفات ومتل ًقا عري ًقا من أمتبلق ‪.‬‬

‫ومن ه كاف هذا اػبلق مػن أوصػاؼ اؼبػؤمنني اؼبتقػني ى نظػر القػرآف‪ .‬فػ ذا فػت اإلنسػاف اؼبصػحه‬
‫اليريه وتبل فاربة الكتاب ه اذب إَ الصفحة التالية ليقرأ طليعػة سػورة البقػرة وجػد فيهػا بيانًػا‬
‫لصػػفات اؼبتقػػني الػػذين ينتفعػػوف هبػػدى الكتػػاب العزيػػز‪( :‬آٍ ذل ػ الكتػػاب ال ري ػ في ػ هػػدى‬
‫للبتقني الذين يؤمنوف بالغي ويقيبوف الصبلة وفبا رزقناهم ينفقوف)‪( .‬البقرة‪.)3 - 4 :‬‬
‫وقبل ذل ٍ يغفل القرآف اؼبك هذا اػبلق من أمتبلؽ اؼبؤمنني‪ :‬فف سورة اليورى اؼبكيػة‪( :‬فبػا‬
‫أوتيتم من وئ فبتاع اغبياة الدنيا وما عند اهلل متك وأبقى للذين آمنوا وعلى رهبم يتوكلوف والػذين‬
‫هبتنبػػوف كبػػا ر اإله والفػواحو وإذا مػػا غضػػبوا هػػم يغفػػروف والػػذين اسػػت ابوا لػرهبم وأقػػاموا الصػػبلة‬
‫وأمرهم وورى بينهم وفبا رزقناهم ينفقوف)‪( .‬اليورى‪.)38 - 36 :‬‬
‫وقػػد امتتلػػه اؼبفسػػروف ى ربديػػد اؼب ػراد مػػن ذل ػ ‪ .‬فقيػػل‪ :‬الزكػػاة اؼبفروشػػة ‪-‬ويػػروى هػػذا عػػن ابػػن‬
‫عبػػاس‪ -‬لقػػرف اإلنفػػاؽ ب قامػػة الصػػبلة وقيػػل‪ :‬صػػدقة التطػػوع ‪-‬وروى عػػن الضػػحاؾ‪ -‬نظػ ًػرا إَ أف‬
‫الزكاة ال تأتى إال بلفظها اؼبصتل هبا وقيل‪ :‬هو النفقة على األهل والعياؿ‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬هو عػاـ ييػبل ذلػ كلػ (انظػر القػرط ‪ )479/4 :‬وهػذا هػو الصػحي الػذي ينبغػ أف‬
‫تفهم اآليات ى شو فاألمر أوسع وأعم مػن الزكػاة الفريضػة أو صػدقة التطػوع أو النفقػة علػى‬
‫األهل‪ .‬إن متلق من أمتػبلؽ اؼبػؤمنني (الػذين ينقػوف أمػواؽبم بالليػل والنهػار س ًػرا وعبلنيػة)‪( .‬البقػرة‪:‬‬
‫‪ )274‬و(الذين ينفقوف ى السراء والضراء)‪( .‬آؿ عبراف‪.)434 :‬‬
‫(الصابرين والصادقني والقانتني واؼبنفقني واؼبستغفرين باألسحار)‪( .‬آؿ عبراف‪.)47 :‬‬
‫وفبا يدؿ علػى ذلػ مػا جػاء ى القػرآف اؼبكػ مػن أوصػاؼ اؼبتقػني‪( :‬إف اؼبتقػني ى جنػات وعيػوف‬
‫آمتذين ما آتاهم رهبم إمم كانوا قبل ذل ؿبسنني كانوا قليبلً من الليػل مػا يه عػوف وباألسػحار‬
‫هم يستغفروف وو أمواؽبم حق للسا ل واحملروـ)‪( .‬الذاريات‪.)49 - 45 :‬‬
‫منوعا إال اؼبصػلني الػذين هػم علػى‬ ‫جزوعا وإذا مس اػبك ً‬ ‫هلوعا إذا مس الير ً‬ ‫(إف اإلنساف متلق ً‬
‫صبلهتم دا بوف والذين ى أمواؽبم حق معلوـ للسا ل واحملروـ)‪( .‬اؼبعارج‪.)25 - 49 :‬‬
‫وبعد ذل إف الذي يعتاد اإلنفاؽ فبا بيدخ لغكخ والبػذؿ مػن ملكػ مواسػاة إلمتوانػ ومسػانبة ى‬
‫مصػػاً أمتػ يبعػػد أوػػد البعػػد أف يعتػػدي علػػى مػػاؿ غػػكخ ناهبًػػا أو سػػارقًا؛ ف نػ ليصػػع علػػى مػػن‬
‫يعطى من مال ابتغاء رشا اهلل أف يأمتذ ما ليس ل لي ل على نفس سص اهلل‪.‬‬
‫ومػػن أوا ػػل مػػا أنػػزؿ مػػن القػػرآف ى مكػػة سػػورة الليػػل وفيهػػا يقسػػم اهلل تعػػاَ فيقػػوؿ‪( :‬والليػػل إذا‬
‫يغيى والنهار إذا ذبلى وما متلػق الػذكر واألن ػى إف سػعيكم ليػك فأمػا مػن أعطػى واتقػى وصػدؽ‬
‫باغبس فسنيسرخ لليسرى وأما من خبل واستغ وكػذب باغبسػ فسنيسػرخ للعسػرى ومػا يغػ عنػ‬
‫مال ػ ػ إذا ت ػػردى إف علين ػػا لله ػػدى وإف لن ػػا لآلمت ػػرة واألوَ فأن ػػذرتكم ن ػ ًػارا تلظ ػػى ال يص ػػبلها إال‬
‫األوػػقى الػػذي كػػذب وتػػوَ وسػػي نبها األتقػػى الػػذي يػػؤتى مالػ يتزكػػى ومػػا ألحػػد عنػػدخ مػػن نعبػػة‬
‫ذبزى إال ابتغاء وج رب األعلى ولسوؼ يرشى)‪( .‬سورة الليل كاملة)‪.‬‬
‫تضبنز السورة الكريبة صنفني من الناس‪:‬‬
‫صنه أث اهلل عليػ ويسػرخ لليسػرى ألنػ ‪( :‬أعطػى واتقػى وصػدؽ باغبسػ )‪ .‬فاإلعطػاء صػفة مػن‬
‫صفات األساسية جبان التقوى والتصديق باغبس وأطلق القرآف وصػف باإلعطػاء وٍ يقػل مػاذا‬
‫أعطػػى؟ وال مػػن أعطػػى؟ وال نػػوع مػػا أعطػػى؛ ألف اؼبقصػػود أف نفس ػ نفػػس كريبػػة معطيػػة باذلػػة ال‬
‫لئيبة مانعة فالنفس اؼبعطية ه النافعة احملسنة الب طبعها اإلحساف وإعطاء اػبك فتعطى متكها‬
‫لنفسها ولغكها فه دبنزلة العني الب ينتفع الناس بيػرهبم منهػا وسػقى دواهبػم وأنعػامهم وزرعهػم‬
‫فهم ينتفعوف هبا كيه واءوا فه ميسرة لذل وهكػذا الرجػل اؼببػارؾ ميسػر للنفػع حيػث حػل‬
‫ف زاء هذا أف يسرخ اهلل لليسرى كبا كانز نفس ميسرة للعطاء‪.‬‬
‫وصػػنه مقابػػل ؽبػػذا ذم ػ اهلل ويسػػرخ للعسػػرى؛ ألن ػ (خبػػل واسػػتغ وكػػذب باغبس ػ )‪ .‬فهػػذا هػػو‬
‫الصنه اليحي اللئيم الذي خبل دبال وظن نفس مستغنيًا عن اهلل وعن الناس وكذب دبا وعػد‬
‫اهلل مػػن حسػػن العاقبػػة للبػػؤمنني الصػػادقني‪ .‬ؽبػػذا أنػػذرخ اهلل‪( :‬نػ ًػارا تلظػػى ال يصػػبلها إال األوػػقى‬
‫الذي كذب وتوَ)‪ .‬م ل هذا الذي كذب باغبس وتوَ عن اإلعطاء والتقوى‪.‬‬
‫(وسػػي نبها األتقػػى الػػذي يػػؤتى مال ػ يتزكػػى ومػػا ألحػػد عنػػدخ مػػن نعبػػة ذبػػزى إال ابتغػػاء وج ػ رب ػ‬
‫األعلى ولسوؼ يرشى)‪.‬‬
‫لقد كانز هذخ السورة اؼببكرة مػن سػور القػرآف اؼبكػ دبػا اوػتبلز عليػ مػن هػذين النبػوذجني ‪-‬‬
‫ميػػكة إَ االذبػػاخ الػػذي يسػػك في ػ اإلسػػبلـ كبػػو اؼبػػاؿ وكبػػو األغنيػػاء وموشػػحة النبػػوذج اػبلق ػ‬
‫الذي ينيدخ اإلسبلـ ويرشاخ اهلل تعاَ‪.‬‬
‫زبلق بأمتبلؽ اهلل‬

‫واإلنس ػػاف إذا تطه ػػر م ػػن اليػ ػ والبص ػػل واعت ػػاد الب ػػذؿ واإلنف ػػاؽ ارتقػ ػى م ػػن حض ػػيض الي ػ ػ‬
‫ػورا)‪( .‬اإلسػراء‪ )466 :‬واقػ دبن أفػػق الكبػاالت "الربانيػػة" فػ ف مػػن‬ ‫اإلنسػاْ‪( :‬وكػاف اإلنسػػاف قت ً‬
‫صػػفات اغبػػق تبػػارؾ وتعػػاَ إفاشػػة اػبػػك والرضبػػة واعبػػود واإلحسػػاف دوف نفػػع يعػػود علي ػ تعػػاَ‬
‫والسع ى ربصيل هذخ الصفات بقدر الطاقة البيرية زبلػق بػأمتبلؽ اهلل وذلػ منتهػى كبػاالت‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫قػػاؿ اإلمػػاـ الػرازي (التفسػػك الكبػػك‪" :)464/46 :‬إف الػػنفس الناطقػػة ‪-‬يعػ تلػ الػػب صػػار هبػػا‬
‫اإلنسػػاف إنسػػانًا‪ -‬ؽبػػا قوتػػاف‪ :‬نظريػػة وعبليػػة؛ فػػالقوة النظريػػة كباؽبػػا ى التعظػػيم ألمػػر اهلل والقػػوة‬
‫العبلية كباؽبا ى اليفقة على متلق اهلل فأوج اهلل الزكػاة ليحصػل عبػوهر الػروح هػذا الكبػاؿ‬
‫افعا لآلفات عػنهم‪ -‬وؽبػذا‬ ‫وهو اتصاف بكون ؿبسنًا إَ اػبلق ساعيًا ى إيصاؿ اػبكات إليهم ر ً‬
‫السر قاؿ ‪-‬علي السبلـ‪( -‬حب ػز عنػ ى مظانػ فلػم أجػد لػ أصػبلً وال مػن تكلػم عليػ ‪( :‬زبلقػوا‬
‫أيضا من أف االستغناء عن الي ء أعظػم مػن‬ ‫بأمتبلؽ اهلل) ا هػ (وفبا يقرب من هذا اؼبع ما قال ً‬
‫االستغناء بالي ء؛ ف ف االستغناء بالي ء يوجػ االحتيػاج إليػ إال أنػ يتوسػل بػ إَ االسػتغناء‬
‫عػػن غػػكخ فأمػػا االسػػتغناء عػػن اليػ ء فهػػو الغ ػ التػػاـ ولػػذل فػ ف االسػػتغناء عػػن اليػ ء صػػف‬
‫اغبق واالستغناء بالي ء صفة اػبلق فاهلل سبحان ؼبا أعطػى بعػض عبيػدخ أمػواالً ك ػكة فقػد رزقػ‬
‫نص ػػيبًا واف ػ ًػرا م ػػن ب ػػاب االس ػػتغناء باليػ ػ ء‪ .‬فػ ػ ذا أم ػػرخ بالزك ػػاة ك ػػاف اؼبقص ػػود أف ينقلػ ػ م ػػن درج ػػة‬
‫االستغناء بالي ء إَ اؼبقاـ الذي هو أعلى من وأورؼ من وهو االستغناء عن الي ء)‪.‬‬
‫ومن آثػار هػذا اػبلػق وذلػ الػروح الػذي مبػاخ اإلسػبلـ ى نفػوس اؼبسػلبني عػن طريػق الزكػاة أعػ‬
‫متلق البذؿ وروح ال ‪ :‬تل الصػدقات اعباريػة الػب متلفهػا اؼبسػلبوف اػبػكوف ؼبػن بعػدهم ينتفعػوف‬
‫هبػػا والػػب تتب ػػل واشػػحة ى نظػػاـ "الوقػػه اػبػػكي" ومػػا شػػرب فيػ الواقفػػوف اؼبسػػلبوف مػػن أم لػػة‬
‫فريػ ػػدة ى صػ ػػدؽ عاطفػ ػػة اػبػ ػػك وأصػ ػػالة روح ال ػ ػ ى حنايػ ػػاهم واتسػ ػػاع هػ ػػذخ الػ ػػروح ؼبصتلػ ػػه‬
‫اغباجات ووك احملتاجني إَ اؼبعونة اؼبادية أو اؼبعنوية من كل األجناس والطبقػات بػل مػن غػك‬
‫اإلنساف ى بعض األحياف (انظر مباذج من هذا الوقه ى كتابنا "اإليباف واغبياة" فصػل‪" :‬الرضبػة"‬
‫ص‪ - 294‬ص‪.)293‬‬

‫الزكاة وكر لنعبة اهلل‬

‫ومػػن اؼبعلػػوـ الػػذي تنػػادى ب ػ العقػػوؿ وتقػػرخ الفطػػر وتػػدعو إلي ػ األمتػػبلؽ وربػػث علي ػ األديػػاف‬
‫واليرا ع‪ :‬أف االع اؼ باعببيل ووكر النعبة أمر الزـ‪.‬‬
‫والزكاة توقي ى نفس معطيها مع اليكر هلل تعػاَ واالعػ اؼ بفضػل عليػ وإحسػان إليػ فػ ف‬
‫هلل عػػز وجػػل ‪-‬كبػػا قػاؿ اإلمػػاـ الغػزاُ‪ -‬علػػى عبػػدخ نعبػػة ى نفسػ وو مالػ ‪ .‬فالعبػػادات البدنيػػة‬
‫وػػكر لنعبػػة البػػدف واؼباليػػة وػػكر لنعبػػة اؼبػػاؿ ومػػا أمتػػس مػػن ينظػػر إَ الفقػػك وقػػد شػػيق علي ػ‬
‫الرزؽ وأحرج إلي ه ال تسب نفس بأف يؤدى وكر اهلل تعاَ على إعفا ػ عػن السػؤاؿ وإحػواج‬
‫غكخ إلي بربع العير أو العير من مال " (اإلحياء‪ - 493/4 :‬طبع اغبل )‪.‬‬
‫ومن اإلوباءات العبيقػة ؽبػذا اؼبعػ ى أفكػار اؼبسػلبني وميػاعرهم ‪-‬معػ أف الزكػاة مقابػل النعبػة‬
‫‪ -‬أف كػػل نعبػػة هبػ أف تقابػػل بزكػػاة مػػن اإلنسػػاف سػواء أكانػػز النعبػػة ماديػػة أـ معنويػػة وؽبػػذا‬
‫ورع بني اؼبسلبني أف يقولوا‪ :‬زؾ عن عافيت ‪ .‬زؾ عن بصرؾ ونور عيني ‪ .‬زؾ عن علب ‪ .‬زؾ‬
‫عن قبابة أوالدؾ‪ ...‬وهكذا وهو إوباء نبيل صبيل وقد روى ى اغبديث‪( :‬لكل و ء زكاة) (رواخ‬
‫ابن ماجة عن أىب هريرة والط اْ عن سهل بن سعد ورمز ل السيوط بعبلمة الضػعه وأوػار‬
‫إَ شعف اؼبنذري ى ال غي )‪.‬‬
‫عبلج للقل من ح الدنيا‬

‫والزكاة من وج آمتر ‪ -‬تنبيػ للقلػ علػى واجبػ كبػو ربػ وكبػو اآلمتػرة وعػبلج لػ مػن االسػتغراؽ‬
‫ى ح الدنيا وح اؼباؿ؛ ف ف االستغراؽ ى حب ‪-‬كبا قػاؿ الػرازي‪ -‬يػذهل الػنفس عػن حػ‬
‫اهلل وعػػن التأه ػ لآلمتػػرة فاقتضػػز حكبػػة اليػػرع تكليػػه مالػ اؼبػػاؿ بػ متراج طا فػػة من ػ مػػن‬
‫ومنعػا مػن انصػراؼ الػنفس بالكليػة إليػ‬
‫كسرا من ودة اؼبيل إَ اؼباؿ ً‬ ‫يدخ ليصك ذل اإلمتراج ً‬
‫وتنبيها ل على أف سعادة اإلنساف ال ربصل عند االوتغاؿ بطل اؼباؿ وإمبا ربصل ب نفاؽ اؼبػاؿ‬ ‫ً‬
‫ى طل مرشاة اهلل تعاَ‪ .‬ف هباب الزكاة عبلج صاً متعني إلزالة مرض حػ الػدنيا عػن القلػ‬
‫(ى التفسك نفس ص ‪.)464‬‬
‫ويوشػ الػرازي (اؼبرجػػع السػػابق)‪ .‬السػػر ى اسػػتيبلء حػ اؼبػػاؿ علػػى القلػ اإلنسػػاْ فيقػػوؿ‪" :‬إف‬
‫ك رة اؼباؿ توج ودة القوة وكباؿ القدرة؛ وتزايد اؼباؿ يوج تزايد القدرة وتزايد القدرة يوج‬
‫تزايػػد االلتػػذاذ بتل ػ القػػدرة وتزايػػد اللػػذات يػػدعو اإلنسػػاف إَ أف يسػػعى ى ربصػػيل اؼبػػاؿ الػػذي‬
‫صار سببًا غبصوؿ هذخ اللذات اؼبتزايدة؛ وهبذا الطريق تسك اؼبسألة مسألة الدور؛ ألن إذا بالغ ى‬
‫السػػع ازداد اؼبػػاؿ ‪-‬وذل ػ يوج ػ ازديػػاد القػػدرة وهػػو يوجػ ازديػػاد اللػػذة وهػػو وببػػل اإلنسػػاف‬
‫علػػى أف يزيػػد ى طل ػ اؼبػػاؿ‪ -‬وؼبػػا صػػارت اؼبسػػألة مسػػألة الػػدور ٍ يظهػػر ؽبػػا مقطػػع وال آمتػػر‬
‫وآمترا وهػو أنػ أوجػ علػى صػاحب صػرؼ طا فػة مػن تلػ األمػواؿ إَ‬ ‫مقطعا ً‬‫فأثبز اليرع ؽبا ً‬
‫اإلنفاؽ ى طل مرشاة اهلل تعاَ؛ ليصرؼ النفس عػن ذلػ الطريػق الظلبػاْ الػذي ال آمتػر لػ‬
‫ويتوج إَ عاٍ عبودية اهلل وطل رشوان "‪ .‬ا هػ‪.‬‬
‫ومع هذا‪ :‬أف اهلل ال وب لعبدخ اؼبؤمن أف يسك ى حلقة مفرغة ال يعرؼ ؽبا طرفًا تنته عنػدخ‪:‬‬
‫حلقة قوامها صبع اؼباؿ واغبرص علي واالمبػاؾ ى طلبػ وإمبػا وبػ أف يػذكرخ بػأف اؼبػاؿ وسػيلة‬
‫ال غايػػة وأف يقػػوؿ لػ ‪ :‬عنػػد هػػذا اؼبكػػاف مػػن اغبلقػػة قػػه لتنفػػق وتتصػػدؽ وزبػػرج حػػق اهلل وحػػق‬
‫الفقك وحق اعبباعة‪.‬‬
‫إف اهلل أباح للبسلم صبع اؼبػاؿ وأبػاح لػ طيبػات الػدنيا ولكنػ ٍ يػرض ذلػ لػ مهبػة وغايػة ى‬
‫اغبيػػاة إنػ متلػػق لغايػػة أظبػػى ولػػدار أبقػػى‪ .‬إف الػػدنيا متلقػػز لػ وأمػػا هػػو فصلػػق لآلمتػػرة ولعبػػادة‬
‫اهلل وما الدنيا إال طريق لآلمترة وال بػأس أف هببػل اإلنسػاف الطريػق ويبهػدخ ولكػن ال ينسػى أنػ‬
‫في سا ر إَ هدؼ وساع إَ غاية‪.‬‬
‫إف اهلل يعطى اؼباؿ من وب ومن ال وب يعطي اؼبؤمن والكافر وال والفاجر‪( :‬كػبل مبػد هػؤالء‬
‫ؿبظورا)‪( .‬اإلسراء‪.)26 :‬‬
‫ً‬ ‫وهؤالء من عطاء رب وما كاف عطاء رب‬
‫فوجػػود اؼبػاؿ ى يَػ َػدي اإلنسػػاف لػػيس دلػػيبلً علػػى فضػػل وال متػػكخ إمبػػا الفضػػل واػبػػك ى بػػذؿ اؼبػػاؿ‬
‫هلل وإنفاق ى سبيل اهلل وابتغاء ما عند اهلل‪.‬‬
‫إف اؼبػاؿ ى نظػػر اإلسػػبلـ متػك ونعبػػة ولكنػ متػػك يبتلػى بػ اإلنسػػاف كبػا يبتلػػى باليػػر‪( :‬ونبلػػوكم‬
‫بالي ػػر واػب ػػك فتن ػػة)‪( .‬األنبي ػػاء‪( )35 :‬إمب ػ ػا أم ػ ػوالكم وأوالدك ػػم فتن ػػة)‪( .‬التغ ػػابن‪( )45 :‬فأم ػػا‬
‫اإلنساف إذا ما ابتبلخ رب فأكرم ونعب )‪( .‬الف ر‪.)45 :‬‬
‫والسػػعيد مػػن اعت ػ نفس ػ أمينًػػا علػػى اؼبػػاؿ ومسػػتصل ًفا في ػ فأنفق ػ حيػػث أمػػر اهلل‪( :‬وأنفق ػوا فبػػا‬
‫جعلكم مستصلفني في )‪( .‬اغبديد‪.)7 :‬‬
‫والزكاة تدري للبسلم على مقاومة فتنة اؼباؿ وفتنة الدنيا ب عداد الػنفس للبػذؿ امت ػاالً ألمػر اهلل‬
‫وسعيًا ى مرشات سبحان ‪.‬‬
‫إف وػػر مػػا تصػػاب بػ األمػػم وهبعػػل أعػػدادها اؽبا لػػة ك ػػرة كغ ػػاء السػػيل ويغػػرى هبػػا أعػػداءها‪ :‬أف‬
‫يصػػاب أبناؤهػػا بػػالوهن الػػذي ىبػػدر األنفػػس ووبطػػم الع ػزا م ويقتػػل الػػروح اؼبعنويػػة وسػػر هػػذا‬
‫الػػوهن ‪-‬كبػػا عرفنػػا رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬ينحصػػر ى أمػرين‪ :‬ح ػ الػػدنيا وكراهيػػة‬
‫اؼبوت (من حديث رواخ أضبد‪ 278/5 :‬وأبو داود ى كتاب اؼببلحم من حديث ثوباف)‪.‬‬
‫فػ ذا تعلػػم اؼبسػػلم كيػػه يػػدع الػػدنيا لآلمتػػرة ويبػػذؿ اؼبػػاؿ هلل يػػؤمتر هػػوى نفسػ ؼبصػػلحة غػػكخ أو‬
‫حاجت فقد حطم الوهن وحقق القوة لنفس وبالتاُ ألمت ‪.‬‬
‫الزكاة منبية ليصصية الغ‬

‫ومػػن مع ػ التزكيػػة الػػب ربققهػػا الزكػػاة‪ :‬أمػػا مبػػاء وزيػػادة ليصصػػية الغ ػ وكيان ػ اؼبعنػػوي‪ .‬فاإلنسػػاف‬
‫الػػذي يسػػدى اػبػػك ويصػػنع اؼبعػػروؼ ويبػػذؿ مػػن ذات نفس ػ ويػػدخ ليػػنهض ب متوان ػ ى الػػدين‬
‫واإلنسػػانية وليقػػوـ حبػػق اهلل عليػ ييػػعر بامتػػداد ى نفسػ وانيػراح واتسػػاع ى صػػدرخ ووبػػس دبػػا‬
‫وبس ب من انتصر ى معركة وهو فعبلً قد انتصر على شعف وأثرت وويطاف وح وهواخ‪.‬‬
‫فهػػذا هػػو النبػػو النفسػ والزكػػاة اؼبعنويػػة ولعػػل هػػذا مػػا نفهبػ مػػن عبػػارة اآليػػة‪( :‬تطهػػرهم وتػػزكيهم‬
‫هبا) (التوبة‪ .)463 :‬فعطه التزكية على التطهػك يفيػد هػذا اؼبعػ الػذي ذكرنػاخ إذ كػل كلبػة ى‬
‫القرآف ؽبا معناها وداللتها‪.‬‬

‫الزكاة ؾبلبة للبحبة‬

‫والزكػػاة تػرب بػػني الغػ وؾبتبعػ بربػػاط متػػني سػػداخ احملبػػة وغببتػ اإلمتػػاء والتعػػاوف؛ فػ ف النػػاس إذا‬
‫علبوا ى اإلنساف رغبت ى نفعهم وسعي ى جل اػبك ؽبم ودفع الضك عنهم أحبوخ بالطبع‬
‫ومالز نفوسهم إلي ال ؿبالة على ما جاء ى األثر‪( :‬جبلز القلوب على ح من أحسن إليها‬
‫وبغض من أساء إليها) (رواخ ابن عدى ى الكامل وأبو نعيم ى اغبليػة والبيهقػ ى وػع اإليبػاف‬
‫مرفوع ػػا ب س ػػناد ش ػػعيه ب ػػل قي ػػل‪ :‬موش ػػوع وص ػػح البيهق ػ ػ وقف ػ ػ ‪ .‬ق ػػاؿ‬
‫عل ػػى اب ػػن مس ػػعود ً‬
‫مرفوعػػا وموقوفًػػا (التيسػػك‪ .)485/4 :‬فػػالفقراء إذا علبػوا أف الرجػػل الغ ػ‬‫السػػصاوي‪ :‬وهػػو باطػػل ً‬
‫يصرؼ إليهم طا فة من مال وأن كلبػا كػاف مالػ أك ػر كػاف الػذي يصػرؼ إلػيهم مػن ذلػ اؼبػاؿ‬
‫أك ػر أمػػدوخ بالػدعاء واؽببػػة وللقلػػوب آثػار ولػػؤلرواح حػرارة فصػػارت تلػ الػدعوات سػػببًا لبقػػاء‬
‫ذل ػ اإلنسػػاف ى اػبػػك واػبص ػ ‪ .‬كبػػا قػػاؿ ال ػرازي وإلي ػ اإلوػػارة بقول ػ تعػػاَ‪( :‬وأمػػا مػػا ينفػػع‬
‫النػػاس فيبكػػث ى األرض)‪( .‬الرعػػد‪ )47 :‬وبقولػ ‪-‬عليػ الصػػبلة والسػػبلـ‪( :-‬حصػػنوا أمػوالكم‬
‫بالزكػػاة) (رواخ أبػػو داود ى اؼبراسػػيل ع ػن اغبسػػن ورواخ الط ػ اْ والبيهق ػ وغكنبػػا عػػن صباعػػة مػػن‬
‫مرفوعػػا متصػبلً مػػن وجػػوخ شػػعيفة قػػاؿ اؼبنػػذري‪ :‬واؼبرسػػل أوػػب ‪( .‬انظػػر‪ :‬فػػيض القػػدير‪:‬‬
‫الصػػحابة ً‬
‫‪..)388 /3‬‬

‫الزكاة تطهك للباؿ‬

‫والزكاة ‪-‬كبا ه طهارة للنفس وتزكية ؽبا‪ -‬ه تطهك ؼباؿ الغ وتنبية‪.‬‬
‫ه طهارة للباؿ؛ ف ف تعلق حق الغك باؼباؿ هبعل ملوثًا ال يطهر إال ب متراج منػ وى م ػل هػذا‬
‫اؼبع ػ يق ػػوؿ بع ػػض الس ػػله‪" :‬اغب ػػر اؼبغص ػػوب ى ال ػػدار ره ػػن خبراهب ػػا" وك ػػذل ال ػػدرهم ال ػػذي‬
‫اسػػتحق الفقػػك ى اؼبػػاؿ رهػػن بتلوي ػ كل ػ وؽبػػذا يقػػوؿ علي ػ الصػػبلة والسػػبلـ‪ ( :‬إذا أديػػز زكػػاة‬
‫مال فقد أذهبز عن ورخ)(رواخ ابن متزيبة ى صحيح واغباكم عن جابر وفي كبلـ سػيأن ى‬
‫باب ال امن)‪.‬‬
‫وأك ر من ذل ما روي عن علي الصبلة والسبلـ‪( :‬حصنوا أموالكم بالزكاة) وما أحوج األغنيػاء‬
‫إَ هذا التحصني ومتاصة ى عصرنا الذي عرؼ اؼببادئ اؽبدامة وال ورات اغببر‪.‬‬
‫إف تعلق حق الضػعيه والفقػك دبػاؿ الغػ تعلػق قػوى حػك إف بعػض الفقهػاء ذهبػوا إَ أف الزكػاة‬
‫تتعلػػق بعػػني اؼبػػاؿ ال بذمػػة الغػ وأف عػػني اؼبػػاؿ مهػػدد بػػاؽببلؾ أو الػػنقل مػػا ٍ ىبػػرج حػػق الزكػػاة‬
‫من وو هذا جاء حديث نبوي‪( :‬ما متالطز الصدقة ماالً ق إال أهلكت )‪.‬‬
‫وجػػاء ى بعػػض الروايػػات‪ ( :‬يكػػوف قػػد وج ػ علي ػ ى مال ػ صػػدقة فػػبل زبرجهػػا فيهل ػ اغب ػراـ‬
‫اغببلؿ) (قد مر زبري اغبديث من قبل ص ‪.)93‬‬
‫بل إف ماؿ األمة كلها ليهدد بالنقل وعروض اآلفات السباوية الب تضر باإلنتاج العػاـ وهتػب‬
‫بالدمتل القػوم ومػا ذلػ إال أثػر مػن سػص اهلل تعػاَ ونقبتػ علػى قػوـ ٍ يتكػافلوا وٍ يتعػاونوا‬
‫وٍ وببػػل قػػويهم شػػعيفهم وى اغبػػديث‪( :‬مػػا منػػع قػػوـ الزكػػاة إال منع ػوا اؼبطػػر مػػن السػػباء ولػػوال‬
‫البها م ٍ يبطروا) (تقدـ زبرهب ص ‪.)93‬‬
‫إف تطهك ماؿ الفرد واعبباعة من أسباب الػنقل واحملػق ال يكػوف إال بػأداء حػق اهلل وحػق الفقػك‪:‬‬
‫الزكاة‬

‫الزكاة ال تطهر اؼباؿ اغبراـ‬

‫وإذا قلنػػا‪ :‬إف الزكػػاة مطهػػرة للبػػاؿ وسػػب لنبا ػ ول كت ػ ف مبػػا نع ػ بػػذل اؼبػػاؿ اغبػػبلؿ الػػذي‬
‫وصل إَ يد حا زخ من طريق ميروع‪ .‬أما اؼباؿ اػببيث الذي جاء عن طريق النه أو االمتتبلس‬
‫أو الرووة أو استغبلؿ النفوذ أو الربا أو القبار أو أي نوع من أنػواع أكػل أمػواؿ النػاس بالباطػل‬
‫فػ ف الزكػػاة ال تػػؤثر فيػ وال تطهػػرخ وال تباركػ ومػػا أبلػػغ مػػا قالػ بعػػض اغبكبػػاء‪ :‬م ػػل الػػذي يطهػػر‬
‫اؼباؿ اغبراـ بالصدقة كب ل الذي يغسل القاذورات بالبوؿ!‬
‫وردبػػا يظػػن ك ػػك مػػن اللصػػوص الصػػغار أو الكبػػار اؼبعػػروفني باسػػم اللصوصػػية أو اؼبصتفػػني ربػػز‬
‫أظب ػاء مػػزورة كاذبػػة ‪-‬أف حبسػػبهم أف يتصػػدقوا بػػبعض مػػا كسػػبوا مػػن سػػحز ومػػا صبع ػوا مػػن مػػاؿ‬
‫حرـ ف ذا هم عند اهلل مقبولوف وإذا هم عند الناس برآء أطهار!!‬
‫رفضػػا حاظبًػػا ويقػػوؿ ن ػ اإلسػػبلـ ى ذل ػ ‪( :‬إف اهلل طي ػ ال‬ ‫وهػػو وهػػم كػػاذب يرفض ػ اإلسػػبلـ ً‬
‫يقبل إال طيبًا) (رواخ مسلم وال مذي (ال غي وال هي ‪ )44/3 :‬وى صحي البصاري كبوخ ‪-‬‬
‫باب‪ :‬الصدقة من كس طي ‪ -‬كتػاب الزكػاة) (مػن صبػع مػاالً مػن حػراـ ه تصػدؽ بػ ٍ يكػن‬
‫ل في أجر وكاف إصرخ علي ) (رواخ ابن متزيبة وابن حباف ى صحيحيهبا واغباكم وقػاؿ‪ :‬صػحي‬
‫اإلسػػناد (ال غيػ وال هيػ ‪( )266/4 :‬ال يقبػػل اهلل صػػدقة مػػن غلػػوؿ وال صػػبلة بغػػك طهػػور)‬
‫(رواخ أبو داود ب سناد صحي واللفي ل ومسلم ى صحيح (فت الباري‪ )478/3 :‬والغلوؿ‪:‬‬
‫اػبيانة ى الغنيبة‪.‬‬
‫ال يقبل اهلل صدقة من م ل هذا اؼباؿ اؼبلوث كبا ال يقبل الصبلة بغك طهارة‪.‬‬
‫ويقػػوؿ‪( :‬والػػذي نفسػ بيػػدخ ال يكسػ عبػػد مػػاالً حر ًامػػا فيتصػػدؽ بػ فيقبػػل منػ وال ينفػػق منػ‬
‫فيب ػػارؾ ل ػ في ػ وال ي ك ػ متلػػه ظه ػػرخ إال كػػاف زادخ إَ النػػار‪ .‬إف اهلل ال يبحػػو السػػيئ بالس ػػيئ‬
‫ولكػػن يبحػػو السػػيئ باغبسػػن‪ .‬إف اػببيػػث ال يبحػػو اػببيػػث) (رواخ أضبػػد وغػػكخ مػػن طريػػق حسػػنها‬
‫بعض علباء اغبديث (ال غي وال هي ‪..)44/3 :‬‬
‫قاؿ القرط ‪ :‬وإمبا ال يقبل اهلل الصدقة باغبراـ؛ ألن غك فبلوؾ للبتصدؽ وهو فبنوع مػن التصػرؼ‬
‫ػأمورا منهيًػا مػن وجػ واحػد‬
‫في واؼبتصدؽ بػ متصػرؼ فيػ فلػو قبػل منػ لػزـ أف يكػوف اليػ ء م ً‬
‫وهو ؿباؿ (فت الباري‪.)486/3 :‬‬
‫بل قاؿ بعض علباء اغبنفية‪ :‬لو دفع رجل إَ فقك ويئًا من اؼباؿ اغبػراـ يرجػو بػ ال ػواب يكفػر‬
‫أيضػا ولػو ظبعػ آمتػر فػأمن علػى دعا ػ ‪-‬مػع علبػ‬ ‫بذل ولو علم بذل الفقك فدعا لػ يكفػر ً‬
‫باغباؿ‪ -‬يكفر كذل وم ل لو بػ مسػ ًدا مػن اغبػراـ يرجػو بػ القربػة؛ ألنػ يطلػ ال ػواب فيبػا‬
‫في العقاب وال يكوف ذل إال باستحبلؿ اغبػراـ وهػو كفػر وهػذا كلػ ى اغبػراـ اؼبقطػوع حبرمتػ‬
‫ال اؼبيتب في (انظر‪ :‬حاوية رد احملتار على الدر اؼبصتار‪.)27/2 :‬‬
‫فػػبل وبسػػنب واهػػم أف الزكػػاة كفػػارة للغصػ عػػن إه غصػػب وللبرتيػ عػػن جريبػػة روػػوت وللبػرال‬
‫عػػن قباسػػة ربػػاخ‪ .‬هيهػػات هيهػػات ؼبػػا زعبػوا؛ فػ ف اؼبػػاؿ اغبػراـ ال تقبػػل منػ زكػػاة بػػل ال ذبػ فيػ‬
‫زكاة‪ .‬إف الزكاة ال ذبػ إال ى مػاؿ يبلكػ صػاحب واإلسػبلـ ال يقػر اؼبلكيػة اغبػراـ وإف طػاؿ عليػ‬
‫األمػد‪ .‬إنػ ال يقػوؿ للغاصػبني واؼبرتيػني واللصػوص الصػغار أو الكبػار‪ :‬تصػدقوا ولكػن يقػوؿ ؽبػػم‬
‫قبػل كػػل وػ ء‪ :‬ردوا األمػواؿ الػػب ى أيػػديكم إَ أصػػحاهبا! (راجػػع ص ‪ 454 - 452‬مػػن هػػذا‬
‫الكتاب)‪.‬‬

‫الزكاة مباء للباؿ‬

‫والزكاة بعد ذل مبػاء للبػاؿ وبركػة فيػ وردبػا اسػتغرب ذلػ بعػض النػاس فالزكػاة ى الظػاهر نقػل‬
‫من اؼباؿ ب متراج بعض فكيه تكوف مباء وزيادة؟!‬
‫ولكن العارفني يعلبوف أف هذا النقل الظاهري وراءخ زيادة حقيقية‪ :‬زيػادة ى مػاؿ اةبػوع وزيػادة‬
‫ى ماؿ الغ نفس ف ف هذا اعبزء القليل الػذي يدفعػ يعػود عليػ أشػعاف مػن حيػث يػدرى أو ال‬
‫يدرى‪.‬‬
‫وقري ػ مػػن هػػذا مػػا ن ػراخ ى بعػػض الػػدوؿ الغنيػػة اؼبتصبػػة تت ػ ع بػػأمواؿ مػػن عنػػدها لػػبعض الػػدوؿ‬
‫الفقكة ‪-‬ال هلل‪ -‬ولكن لتصلق قوة ورا ية ؼبنت اهتا‪.‬‬
‫وإذا نظرنػػا نظػػرة نفسػػية نػػرى أف الػػدينار ى يػػد رجػػل زبفػػق ل ػ القلػػوب باغب ػ وهتتػػه ل ػ األلسػػنة‬
‫بالدعاء وربوط األيدي باغبباية والرعاية ‪ -‬الدينار مع هذا اإلنساف أود قػدرة وأك ػر حركػة مػن‬
‫بضعة دنانك مع غكخ ولعل هذا التفسك االقتصادي للنباء هو بعض ما تيك إليػ آيػات القػرآف‪:‬‬
‫(وما أنفقتم من و ء فهو ىبلف وهو متك الرازقني)‪( .‬سبأ‪.)39 :‬‬
‫(اليػػيطاف يعػػدكم الفقػػر ويػػأمركم بالفحيػػاء واهلل يعػػدكم مغفػػرة من ػ وفض ػبلً واهلل واسػػع علػػيم)‪.‬‬
‫(البقرة‪.)268 :‬‬
‫(وما آتيتم من زكاة تريدوف وج اهلل فأولئ هم اؼبضعفوف)‪( .‬الروـ‪.)39 :‬‬
‫(يبحق اهلل الربا ويرىب الصدقات)‪( .‬البقرة‪.)276 :‬‬
‫وال تػػنس هنػػا عبػػل العنايػػة اإلؽبيػػة ى هػػذا اإلمتػػبلؼ واإلربػػاء بغػػك مػػا نعػػرؼ مػػن األسػػباب واهلل‬
‫يؤتى من فضل ما يياء ؼبن يياء‪( :‬واهلل ذو الفضل العظيم)‪( .‬البقرة‪.)465 :‬‬
‫ػافزا لػ علػى ت بػك مالػ وتنبيػة‬
‫ه إف اعبزاء الذي يؤمتذ كل حوؿ زكاة من مػاؿ اؼبسػلم يكػوف ح ً‬
‫ثروت إما بنفس أو دبياركة غكخ حك ال تأكلها الزكػاة وهػذا الت بػك يعػود علػى رب اؼبػاؿ ‪-‬وف ًقػا‬
‫لسنة اهلل‪ -‬بأشعاؼ ما أمتذ من ‪.‬‬

‫اؼببحث ال اْ‬

‫هدؼ الزكاة وأثرها ى اآلمتذ‬

‫والزكػػاة بػػالنظر آلمتػػذها ربريػػر لئلنسػػاف فبػػا يػػذؿ كرامػػة اإلنسػػاف وم ػؤازرة عبليػػة ونفسػػية ل ػ ى‬
‫معركت ػ الػػدا رة مػػع أحػػداث اغبيػػاة وتقلبػػات الزمػػاف فبػػن الػػذي يأمتػػذ الزكػػاة ويسػػتفيد منهػػا مػػن‬
‫األفراد؟‬
‫إن الفقك الذي أتعب الفقك؟‬
‫أو اؼبسكني الذي أرهقت اؼبسكنة؟‬
‫أو الرقيق الذي أذل الرؽ!‬
‫أو ابن السبيل الذي أيأس االنقطاع عن األهل واؼباؿ!‬

‫الزكاة ربرير آلمتذها من ذي اغباجة‬


‫إف اإلس ػػبلـ يري ػػد للن ػػاس أف وبيػ ػوا حي ػػاة طيب ػػة ينعب ػػوف فيه ػػا ب ػػالعيو الرغ ػػد ويغتنب ػػوف برك ػػات‬
‫الس ػػبوات واألرض وي ػػأكلوف م ػػن ف ػػوقهم وم ػػن رب ػػز أرجله ػػم ووبس ػػوف فيه ػػا بالس ػػعادة تغب ػػر‬
‫جواكبهم وباألمن يعبر قلوهبم واليعور بنعبة اهلل يبؤل عليهم أنفسهم وحياهتم‪.‬‬
‫هاما ى ربقيق السعادة لئلنساف‪.‬‬ ‫عنصرا ً‬
‫إن هبعل ربقيق اؼبطال اؼبادية ً‬
‫يقوؿ الرسوؿ علي السبلـ‪( :‬ثبلث من السعادة‪ :‬اؼبػرأة تراهػا فتع بػ وتغيػ عنهػا فتأمنهػا علػى‬
‫نفسها ومال والدابة تكوف وطيئة فتلحق بأصحاب والدار تكوف واسعة ك كة اؼبرافػق) (رواخ‬
‫اغبػػاكم‪( :‬ال غي ػ وال هي ػ ‪ )68/3 :‬وى حػػديث آمتػػر‪( :‬أربػػع مػػن السػػعادة‪ :‬اؼب ػرأة الصػػاغبة‬
‫واؼبسػكن الواسػع واعبػار الصػاً واؼبركػ اؽبػ ء وأربػػع مػن اليػقاء‪ :‬اعبػار السػوء واؼبػرأة السػػوء‬
‫واؼبرك السوء واؼبسكن الضيق) (رواخ ابن حباف ى صحيح (اؼبصدر نفس )‪.‬‬
‫وه لفتة نبوية را عة إَ أثر اغبيػاة الزوجيػة وأثػر اؼبواصػبلت واؼبسػكن واعبػكاف ى سػعادة اإلنسػاف‬
‫أو وقا وهو ما صدقت اغبياة أعظم تصديق‪.‬‬
‫أج ػػل وب ػ اإلس ػػبلـ للن ػػاس أف يس ػػعدوا ب ػػالغ ويك ػػرخ ؽب ػػم أف يي ػػقوا ب ػػالفقر وتي ػػتد كراهيتػ ػ‬
‫وعداوت للفقر إذا كاف عن سوء التوزيع وتظاٍ اةتبع وبغى بعض على بعض‪.‬‬
‫وفرؽ ما بني نظػاـ اإلسػبلـ واألنظبػة اؼباديػة أف األنظبػة اؼباديػة تقػه عنػد إوػباع الػبطن والفػرج‬
‫وال تت ػػاوز دا ػػرة اؼبنػػافع اؼباديػػة الػػدنيا فالرفاهيػػة والسػػعة هػ هػػدفها األمتػػك وجنػػة أحبلمهػػا علػػى‬
‫األرض وال جنة غكها‪.‬‬
‫أمػػا النظػػاـ اإلسػػبلم في عػػل هدف ػ مػػن وراء الغ ػ ورغػػد العػػيو أف يسػػبو النػػاس بػػأرواحهم إَ‬
‫رهبم وأال ييغلهم اؽبم ى طل الرغيه واالنيغاؿ دبعركة اػببػز عػن معرفػة اهلل وحسػن الصػلة‬
‫والتطلع إَ حياة أمترى ه متك وأبقى‪.‬‬
‫إف النػػاس إذا ت ػوافرت ؽبػػم كفػػايتهم وكفايػػة مػػن يعولون ػ اسػػتطاعوا أف يطبئن ػوا ى حيػػاهتم ويت ه ػوا‬
‫بالعبادة اػباوعة إَ رهبم الذي أطعبهم من جوع وآمنهم من متوؼ‪.‬‬
‫ولػػيس أدؿ علػػى كراهيػػة اإلسػػبلـ للفقػػر وحب ػ للغ ػ وللحيػػاة الطيبػػة مػػن أف اهلل تعػػاَ ام ػ علػػى‬
‫رس ػول بػػالغ فقػػاؿ‪( :‬ووجػػدؾ عػػا بلً فػػأغ )‪( .‬الضػػحى‪ )8 :‬وام ػ علػػى اؼبسػػلبني بعػػد اؽب ػػرة‬
‫فقاؿ‪( :‬فآواكم وأيدكم بنصرخ ورزقكم من الطيبات لعلكم تيكروف)‪( .‬األنفاؿ‪.)26 :‬‬
‫وكػػاف مػػن دعػػاء الرسػػوؿ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪( : -‬اللهػػم إْ أسػػأل اؽبػػدى والتقػػى والعفػػاؼ‬
‫والغ ) (رواخ مسلم وال مذي وابن ماجػ عػن ابػن مسػعود) ومػن توجيهاتػ تفضػيل الغػ اليػاكر‬
‫على الفقك الصابر (كبا يظهر من حديث‪" :‬ذه أهل الدثور باألجور" وهو ى الصحيحني)‪.‬‬
‫وقد جعل القرآف الغ واغبياة الطيبػة مػن م وبػة اهلل العاجلػة للبػؤمنني الصػاغبني كبػا جعػل الفقػر‬
‫وشػن اؼبعييػة مػن عاجػل عقوبتػ للكفػرة والفاسػقني‪ .‬قػاؿ تعػاَ‪( :‬مػن عبػل صػاغبًا مػن ذكػر أو‬
‫أن ػػى وهػػو مػػؤمن فلنحيينػ حيػػاة طيبػػة)‪( .‬النحػل‪( )97 :‬ولػػو أف أهػػل القػػرى آمنػوا واتقػوا لفتحنػػا‬
‫ـبرجػػا يرزقػ مػػن‬
‫علػػيهم بركػػات مػػن السػػباء واألرض)‪( .‬األعػراؼ‪( )96 :‬ومػػن يتػػق اهلل هبعػػل لػ ً‬
‫حيػػث ال وبتسػ )‪( .‬الطػػبلؽ‪( )3-2 :‬وشػػرب اهلل مػ بلً قريػػة كانػػز آمنػػة مطبئنػػة يأتيهػػا رزقهػػا‬
‫رغػ ًػدا مػػن كػػل مكػػاف فكفػػرت بػػأنعم اهلل فأذاقهػػا اهلل لبػػاس اعب ػػوع واػب ػػوؼ دبػػا ك ػػانوا يص ػػنعوف)‪.‬‬
‫(النحل‪.)442 :‬‬
‫صبيع ػػا بعض ػػكم‬‫ومن ػػذ أه ػػب آدـ وزوج ػ إَ األرض أنبأنبػػا بس ػػنت ى متلق ػ ‪( :‬ق ػػاؿ اهبطػػا منه ػػا ً‬
‫لػػبعض عػػدو ف مػػا يػػأتينكم م ػ هػػدى فبػػن اتبػػع هػػداي فػػبل يضػػل وال ييػػقى ومػػن أعػػرض عػػن‬
‫ذكرى ف ف ل معيية شن ًكا وكبيرخ يوـ القيامة أعبى)‪( .‬ط ‪.)424-423 :‬‬
‫ومػػن هػػذا يتبػػني لنػػا أف األفكػػار الػػب نيػػأت ى رحػػاب التصػػوؼ مػػن سب يػػد الفقػػر وال حي ػ ب ػ‬
‫وإطػػبلؽ ذـ الغػ والتصويػػه منػ إمبػػا هػ أفكػػار قػػذفز هبػػا اؼبانويػػة الفارسػػية والصػػوفية اؽبنديػػة‬
‫والرهبانية اؼبسيحية فه على كػل حػاؿ أفكػار دمتيلػة علػى اإلسػبلـ (انظػر‪ :‬كتابنػا "ميػكلة الفقػر‬
‫وكيه عاعبها اإلسبلـ" فصل‪ :‬نظرة اإلسبلـ إَ الفقر)‪.‬‬
‫ومن هنا فرض اهلل الزكػاة وجعلهػا مػن دعػا م ديػن اإلسػبلـ تؤمتػذ مػن األغنيػاء لػ د علػى الفقػراء‬
‫فيقضى هبا الفقك حاجات اؼبادية كاؼبأكل واؼبيرب واؼبلبس واؼبسػكن وحاجاتػ النفسػية اغبيويػة‬
‫كالزواج الذي قػرر العلبػاء أنػ مػن سبػاـ كفايتػ وحاجاتػ اؼبعنويػة الفكريػة ككتػ العلػم ؼبػن كػاف‬
‫من أهل ‪.‬‬
‫وهبذا يستطيع هذا الفقك أف ييارؾ ى اغبياة ويقوـ بواجبػ ى طاعػة اهلل وهبػذا ييػعر أنػ عضػو‬
‫كبا مهببلً وإمبا هو ى ؾبتبع إنساْ كرٓ يع‬ ‫ح ى جسم اةتبع وأن ليس ويئًا شا ًعا وال ً‬
‫ب ويرعاخ يأمتذ بيدخ ويقدـ ل يد اؼبساعدة ى صورة كريبة الَ من فيها وال أذى بل يتقبلهػا مػن‬
‫يػػد الدولػػة وهػػو عزيػػز الػػنفس رافػػع الػرأس موفػػور الكرامػػة؛ ألنػ إمبػػا يأمتػػذ حقػ اؼبعلػػوـ ونصػػيب‬
‫اؼبقسوـ‪.‬‬
‫حك لو اشطربز األمور ى اةتبع اؼبسلم وقدر لؤلفراد أف يكونوا هم اؼبوزعني للزكػاة بأنفسػهم‬
‫ف ف القرآف وبذرهم من إهانة الفقك أو جرح إحساس دبا يفهم من االستعبلء علي أو االمتناف‬
‫أو أي معػ يػػؤذى كرامتػ ك نسػػاف وينػػاؿ مػػن عزتػ كبسػػلم‪ .‬قػػاؿ تعػػاَ‪( :‬يػػا أيهػػا الػػذين آمنػوا ال‬
‫تبطلػوا صػػدقاتكم بػػاؼب رن واألذى كالػػذي ينفػػق مالػ ر ػػاء النػػاس وال يػػؤمن بػػاهلل واليػػوـ اآلمتػػر فب لػ‬
‫صلدا)‪( .‬البقرة‪.)264 :‬‬ ‫كب ل صفواف علي تراب فأصاب وابل ف ك ً‬
‫إف وػعور الفقػك أنػ لػيس شػا ًعا ى اةتبػع وأف ؾبتبعػ يهػتم بػ ويرعػاخ كسػ كبػك ليصصػيت‬
‫وزكاة لنفسيت وهذا اليعور نفس ثروة ال يستهاف هبا لؤلمة كلها‪.‬‬
‫إف رسالة اإلنسػاف علػى األرض وكرامتػ علػى اهلل سػبحان تقتضػياف أال يػ ؾ للفقػر الػذي ينسػي‬
‫نفس ورب ويذهل عن دين ودنياخ ويعزل عن أمت ورسالتها وييغل عػن ذلػ كلػ بػالتفكك ى‬
‫سػػد اعبػػوع وسػ العػػورة واغبصػػوؿ علػػى اؼبػػأوى‪ .‬يوشػ اليػػهيد "سػػيد قطػ " هػػذا اؼبعػ بقلبػ‬
‫البليغ فيقوؿ (العدالة االجتباعية ى اإلسبلـ ص ‪ 433 -432‬طبعة متامسة)‪:‬‬
‫"يكرخ اإلسبلـ الفقر واغباجة للناس؛ ألنػ يريػد أف يعفػيهم مػن شػرورات اغبيػاة اؼباديػة ليفرغػوا ؼبػا‬
‫هػػو أعظػػم؛ وؼبػػا هػػو أليػػق باإلنسػػانية وبالكرامػػة الػػب متػػل اهلل هبػػا بػ آدـ‪( :‬ولقػػد كرمنػػا ب ػ آدـ‬
‫وضبلن ػػاهم ى الػ ػ والبح ػػر ورزقن ػػاهم م ػػن الطيب ػػات وفض ػػلناهم عل ػػى ك ػػك فب ػػن متلقن ػػا تفض ػػيبلً)‪.‬‬
‫(اإلسراء‪.)76 :‬‬
‫"ولقد كرمهم فعبلً بالعقل والعاطفة وباألوواؽ الروحية إَ ما هو أعلى من شرورات اعبسد؛ ف ذا‬
‫ٍ يتػوافر ؽبػػم مػػن شػػرورات اغبيػػاة مػػا يتػػي ؽبػػم فسػػحة مػػن الوقػػز واعبهػػد ؽبػػذخ األوػواؽ الروحيػػة‬
‫وؽبػػذخ اةػػاالت الفكريػػة فقػػد سػػلبوا ذلػ التكػػرٓ؛ وارتكسػوا إَ مرتبػػة اغبيػواف‪ .‬ال بػػل إف اغبيػواف‬
‫لي ػػد طعام ػ وو ػراب غالبًػػا وإف بعػػض اغبيوانػػات ليصتػػاؿ ويقفػػز ويبػػرح وإف بعػػض الطػػك ليغػػرد‬
‫فرحا باغبياة بعد أف يناؿ كفايت من الطعاـ واليراب‪.‬‬ ‫ويسقسق ً‬
‫"فبا هو ب نساف وما هو بكرٓ على اهلل ذل الذي تيغل شرورات الطعاـ واليراب عن التطلع‬
‫إَ م ػػل مػػا ينالػ الطػػك واغبيػواف فضػبلً علػػى مػػا هبػ لئلنسػػاف الػػذي كرمػ اهلل‪ .‬فػ ذا قضػػى وقتػ‬
‫وجهػػدخ ه ٍ ينػػل كفايت ػ فتل ػ ه ػ الطامػػة الػػب هتػػب ب ػ دركػػات عبػػا أراد ب ػ اهلل والػػب تصػػم‬
‫اعبباعة الب يعيو فيها بأما صباعة هابطة ال تستحق تكرٓ اهلل؛ ألما زباله عن إرادة اهلل‪.‬‬
‫"إف اإلنسػػاف متليفػػة اهلل ى أرش ػ قػػد اسػػتصلف عليهػػا لينبػػى اغبيػػاة فيهػػا ويرقيهػػا؛ ه لي علهػػا‬
‫ناشرة هبي ة ه ليستبتع جبباؽبا ونضرهتا ه لييكر اهلل على أنعب الب آتاخ واإلنسػاف لػن يبلػغ‬
‫من هذا كلػ وػيئًا إذا كانػز حياتػ تنقضػ ى سػبيل اللقبػة ولػو كانػز كافيػة فكيػه إذا قضػى‬
‫اغبياة فلم هبد الكفاية"؟‪.‬‬

‫الزكاة تطهك من اغبسد والبغضاء‬

‫أيضػػا‪ -‬تطهػػك مػػن داء اغبسػػد والكراهيػػة فاإلنسػػاف إذا عضػػت أنيػػاب الفقػػر‬ ‫والزكػػاة ‪-‬آلمتػػذها ً‬
‫ودهتػ ػ داهي ػػة اغباج ػػة ورأى حولػ ػ م ػػن ينعب ػػوف ب ػػاػبك ويعيي ػػوف ى الرغ ػػد وال يب ػػدوف لػ ػ ي ػ ًػدا‬
‫بالعوف بل ي كون ؼبصال الفقر وأنياب هذا اإلنساف ال يسلم قلب من البغضاء والضػغينة علػى‬
‫ؾبتبع يهبل وال يع بأمرخ وتربة الي واألنانية ال تنبز إال اغبقد واغبسد لكل ذي نعبة‪.‬‬
‫واإلسبلـ يقيم العبل ق بني الناس على أساس من األمتوة اعبامعة بينهم وأصػل هػذخ األمتػوة‪ :‬هػو‬
‫اإلنسانية اؼبي كة والعقيدة اؼبي كة‪( :‬كونوا عباد اهلل إمتوانًا) (رواخ مسلم عن أىب هريرة)‪( .‬اؼبسلم‬
‫أمتػػو اؼبسػػلم) (متفػػق علي ػ عػػن ابػػن عبػػر ومسػػلم عػػن عقبػػة بػػن عػػامر وأبػػو داود عػػن عبػػرو بػػن‬
‫األحوص وعن قيلة ابنة ـبرمة (انظر‪ :‬كيه اػبفا‪ )24/2 :‬ولػن تقػوـ هػذخ األمتػوة وتسػتقر إذا‬
‫يدا دبعونة‪.‬‬
‫وبع أحد األمتوة وترؾ اآلمترين هبوعوف وهو ينظر إليهم فبل يبد ؽبم ً‬
‫إف هذا معناخ تقطيع األواصر بني األمتوة وإيقاد نار الكراهية واغبسػد ى صػدر الفقػك احملػروـ شػد‬
‫الغ الواجد وهذا ما يقه اإلسبلـ دون ووبوؿ دوف وقوع ‪.‬‬
‫ف ف اغبسد والبغضاء داء فتاؾ وآفة قاتلة ومتسارة مدمرة للفرد واةتبع‪.‬‬
‫اغبس ػػد متس ػػارة عل ػػى ال ػػدين؛ ألن ػ ينح ػػرؼ بتفك ػػك اغباس ػػد فيس ػػئ الفه ػػم ى قس ػػبة اهلل ألرزاؽ‬
‫عبػػادخ وقػػد وببػػل القػػدر وزر التظػػاٍ االجتبػػاع الواقػػع بػػني النػػاس وؽبػػذا قػػاؿ القػػرآف ى وصػػه‬
‫اليهود‪( :‬أـ وبسدوف الناس على ما آتاهم اهلل من فضل )‪( .‬النساء‪.)54 :‬‬
‫واغبسػػد والبغضػػاء واألحق ػػاد آف ػػات تنصػػر ى كيػػاف الفػػرد الروح ػ واعبس ػػب وو كيػػاف اعبباعػػة‬
‫اؼبادي واؼبعنوي‪ .‬فالفرد الذي يغزو قلب اغبسد وربتل الضغينة والكراهية لػن يكػوف إنسػانًا كامػل‬
‫اإليباف؛ ألف القل ال يتسع إليباف باهلل وحقد على عباد اهلل‪.‬‬
‫أيضػػا إن ػ يػػؤدى إَ اإلصػػابة بػػأمراض وبيلػػة‬‫واغبسػػد والكراهيػػة داء ج بػػاْ كبػػا هػػو داء نفس ػ ً‬
‫كقرحػػة اؼبعػػدة وشػػغ الػػدـ واغبسػػد والكراهيػػة يضػراف ب نتػػاج اةتبػػع واقتصػػادخ فاغباسػػد الكػارخ‬
‫إنس ػػاف مص ػػاب بض ػػعه اإلنتػػاج إف ٍ يك ػػن بعقب ػ ‪ .‬إن ػ ب ػػدؿ أف يعب ػػل وينػػت يف ػػرع طاقت ػ ى‬
‫الكراهيػػة والبغضػػاء واغبسػػد‪ .‬فػػبل ع ػ أف ظبػػى نػ اإلسػػبلـ هػػذخ اآلفػػات‪( :‬داء األمػػم) وحػػذر‬
‫النػ أمتػ أف تػػدب إلػػيهم العقػػارب واغبيػرات السػػامة فقػػاؿ‪( :‬دب إلػػيكم داء األمػػم مػػن قػػبلكم‪:‬‬
‫اغبسػػد والبغضػػاء والبغضػػاء هػ اغبالقػػة‪ .‬أمػػا إْ ال أقػػوؿ ربلػػق اليػػعر ولكػػن ربلػػق الػػدين) (رواخ‬
‫البزار ب سناد جيد والبيهق وغكنبا (ال غي وال هي ‪.)44/4 :‬‬
‫ٍ وب ػػارب اإلس ػػبلـ ه ػػذخ اآلف ػػات النفس ػػية االجتباعي ػػة اػبط ػػكة ب ػػالوعي اة ػػرد واإلرو ػػاد النظ ػػري‬
‫فحس ػ ولكن ػ عبػػل علػػى اقػػتبلع أسػػباهبا مػػن اغبيػػاة واستئصػػاؿ جػػذورها مػػن اةتبػػع فلػػيس‬
‫درسا بليغًا ى متطر اغبقد واغبسد وكل غبظة ى‬ ‫يكفى اعبا ع أو احملروـ أو العرياف أف تلقى علي ً‬
‫دروسػػا عبليػػة أمتػػرى‪:‬‬
‫ً‬ ‫حياتػ التعسػػة البا سػػة وحيػػاة الطػػاعبني النػػاعبني اؼب فػػني مػػن حولػ تلقنػ‬
‫كيػػه وبسػػد؟ وكيػػه وبقػػد؟ وكيػػه يػػبغض؟ وكيػػه يغلػػى قلب ػ كراهيػػة وغيظًػػا ونقبػػة؟ ومػػن أجػػل‬
‫ذل ػ فػػرض اإلسػػبلـ الزكػػاة لييسػػر للعاطػػل العبػػل ويضػػبن للعػػاجز العػػيو ويقضػػى عػػن الغػػارـ‬
‫الػػدين ووببػػل ابػػن السػػبيل إَ أهلػ ووطنػ فييػػعر النػػاس أمػػم إمتػػوة بعضػػهم أوليػػاء بعػػض وأف‬
‫ماؿ اآلمترين مػاؿ ؽبػم عنػد الضػرورة واغباجػة ووبػس الفػرد أف قػوة أمتيػ قػوة لػ إذا شػعه وغػ‬
‫أمتي ػ مػػدد ل ػ إذا أعسػػر وى هػػذا اعبػػو يبتػػد ظػػل اإليبػػاف دبػػا يتبع ػ مػػن ح ػ وإي ػػار‪( :‬ال يػػؤمن‬
‫أحػدكم حػك وبػ ألمتيػ مػا وبػ لنفسػ ) (رواخ أضبػد واليػيصاف وال مػذي والنسػا وابػن ماجػػة‬
‫عن أنس كبا ى اعبامع الصغك)‪.‬‬
‫الفصل ال اْ‬
‫هداؼ الزكاة وآثارها ى حياة اةتبع‬‫أ ُ‬

‫فهرس‬

‫تابع ميكلة اليحناء وفساد ذات البني‬

‫على اةتبع أف يتدمتل لئلصبلح‬


‫عباف اؼبصاغبات‬
‫سؤاؿ فقه‬
‫ميكلة الكوارث‬
‫الكفاية واألمن‬
‫كوارث الزمن‬
‫الكوارث اقتضز نظاـ التأمني ى الغرب‬
‫نظاـ التأمني اإلسبلم‬
‫ى سهم الغارمني متسع للكوارث‬
‫كم يعطى اؼبنكوب بالكارثة‬
‫كوارث الريه‬
‫ميكلة العزوبة‬

‫ميكلة التيرد‬

‫تنبي البد من‬

‫سبهيد‬

‫الزكاة والضباف االجتباع‬

‫الزكاة والتوجي االقتصادي‬

‫الزكاة واؼبقومات الروحية لؤلمة‬


‫ميكلة الفوارؽ‬

‫ميكلة التسوؿ‬
‫اإلسبلـ وبارب التسوؿ تربويًا وعبليًا‬
‫الغِ َ الذي ُوبرـ السؤ َاؿ‬
‫العبلج العبل للتسوؿ بتيغيل القادرين‬
‫ميكلة اليحناء وفساد ذات البني‬

‫اإلمتاء هدؼ إسبلم أساس‬


‫اةتبع النبوذج لؤلمتوة اإلسبلمية‬
‫اإلسبلـ ييرع للواقع‬
‫التقاتل قدٓ ى البير‬
‫موقه اإلسبلـ من اػبصومات واؼبنازعات‬

‫إف اعبان االجتباع من أهداؼ الزكاة ظاهر ال ري فيػ ويكفػ أف ننظػر إَ مصػارؼ الزكػاة‬
‫نظرة سريعة لتتض لنا هذخ اغبقيقة وشوح الصب لذي عينني‪.‬‬
‫إذا قرأنػػا آيػػة التوبػػة (إمبػػا الصػػدقات للفقػراء واؼبسػػاكني والعػػاملني عليهػػا واؼبؤلفػػة قلػػوهبم وى الرقػػاب‬
‫والغ ػػارمني وى س ػػبيل اهلل واب ػػن الس ػػبيل فريض ػػة م ػػن اهلل) (التوب ػػة‪ .)66 :‬تب ػػني لن ػػا أف م ػػن ه ػػذخ‬
‫األهداؼ ما ل صبغة دينية سياسية؛ ألن يتصل باإلسبلـ بوصف دينًا ودولة وذل ما ييػك إليػ‬
‫سهبا‪( :‬اؼبؤلفة قلوهبم) (وى سبيل اهلل)‪.‬‬
‫إف هذين اؼبصرفني يقتضياف أف تكوف ؽبذا الدين صباعة ودولة ذببػع الزكػوات مػن أرباهبػا بواسػطة‬
‫(العػػاملني عليهػػا) ه تنفػػق منهػػا علػػى نيػػر دعوت ػ وإعػػبلء كلبت ػ والػػدفاع عػػن حوزت ػ وذل ػ‬
‫بتأليه القلوب علي ودعوة اليعوب إلي ف ما دعوة إَ "سبيل اهلل"‪.‬‬
‫وقد فصلنا القوؿ ى مع هذين اؼبصرفني وداللتهبا ى "مصارؼ الزكاة" فلكجع إَ ذلػ هنػاؾ‪.‬‬
‫كبػػا سػػنبني ى هػػذا الفصػػل عبلقػػة الزكػػاة باؼبقومػػات الروحيػػة واألمتبلقيػػة للب تبػػع اؼبسػػلم ولؤلمػػة‬
‫اؼبسلبة‪.‬‬

‫الزكاة والضباف االجتباع‬

‫ومن هذخ األهداؼ مال صبغة اجتباعية كبساعدة ذوي اغباجات واألمتذ بأيدي الضػعفاء مػن‬
‫فقػراء ومسػػاكني وغػػارمني وأبنػػاء سػػبيل‪ .‬فػ ف مسػػاعدة هػػؤالء تػػؤثر فػػيهم بوصػػفهم أفػر ًادا وتػػؤثر ى‬
‫اةتبع كل باعتبارخ كيانًا متباس ًكا واغبق أف اغبدود بني الفرد واةتبع متدمتلة‪ .‬بل اةتبع لػيس‬
‫إال ؾببوعة أفرادخ فكل مػا يقػوي وصصػية الفػرد وينبػ مواهبػ وطاقاتػ اؼباديػة واؼبعنويػة هػو مػن‬
‫غػػك وػ تقويػػة للب تبػػع وترقيػػة لػ وكػػل مػػا يػػؤثر ى اةتبػػع بصػػفة عامػػة يػػؤثر ى أفػرادخ وػػعروا‬
‫بذل أو ٍ ييعروا‪.‬‬
‫فػػبل ع ػ أف نعػػد تيػػغيل العاطػػل ومسػػاعدة العػػاجز ومعونػػة احملتػػاج كػػالفقك واؼبسػػكني والرقيػػق‬
‫واؼب ػػدين أه ػػدافًا اجتباعي ػػة ؼب ػػا ت ػػؤدي إلي ػ م ػػن سباس ػ اةتب ػػع وتكافل ػ وه ػ ى الوق ػػز نفسػ ػ‬
‫أهداؼ فردية بالنظر ؽبؤالء اآلمتذين للزكاة‪.‬‬
‫إف الزكاة جزء من نظاـ التكافل االجتباع ى اإلسػبلـ ذلػ التكافػل الػذي ٍ يعرفػ الغػرب إال‬
‫ى دا رة شيقة ه دا رة التكافل اؼبعيي دبسػاعدة الفئػات العػاجزة والفقػكة وعرفػ اإلسػبلـ ى‬
‫دا رة أعبق وأفس حبيث ييبل جوان اغبياة اؼبادية واؼبعنوية‪ .‬فهناؾ التكافل األدل والتكافػل‬
‫العلب والتكافل السياس والتكافل الدفاع والتكافل اعبنا والتكافل األمتبلق والتكافل‬
‫أمتكا التكافل اؼبعيي وهو الػذي متصػل‬ ‫االقتصادي والتكافل العبادي والتكافل اغبضاري و ً‬
‫اليػػوـ متطػػأ باسػػم "التكافػػل االجتبػػاع " (انظػػر أقسػػاـ هػػذا التكافػػل العيػػرة ى كتػػاب "او ػ اكية‬
‫اإلسبلـ" للدكتور مصطفى السباع ‪-‬الطبعة ال انية‪ -‬اؼبطبعة اؽبامشية بدميق)‪.‬‬
‫ػكا مػػن الزكػػاة؛ ألنػ يتب ػػل ى عػػدة متطػػوط تيػػبل‬‫التكافػػل االجتبػػاع إذف نظػػاـ أمشػػل وأوسػػع ك ػ ً‬
‫صبيعا والزكػاة متػ واحػد مػن هػذخ اػبطػوط وهػ‬ ‫فروع اغبياة كلها ونواح االرتباطات البيرية ً‬
‫تيػػبل مػػا يسػػبى اآلف بػ ػ"التػػأمني االجتبػػاع " و "الضػػباف االجتبػػاع " ؾبتبعػػني والفػػرؽ بػػني‬
‫التأمني والضباف أف كل فرد ى التأمني يؤدى قسطًا من دامتل ى نظك تأمين عنػد ع ػزخ الػدا م‬
‫أو اؼبؤقز‪ .‬أما ى الضباف فالدولة هػ الػب تقػوـ بػ مػن ميزانيتهػا العامػة بػدوف أف ييػ ؾ أفػراد‬
‫اةتبع بأداء قس معني‪.‬‬
‫ػكا فبػػن يػػؤدوف الزكػػاة ى عػػاـ قػػد يكونػػوف ى العػػاـ التػػاُ مسػػتحقني للزكػػاة بػػنقل مػػا ى‬
‫وإف ك ػ ً‬
‫أي ػػديهم ع ػػن الوفػػاء حب ػػاجتهم أو حل ػػوؿ ك ػوارث جعل ػػتهم يس ػػتدينوف عل ػػى أنفس ػػهم وعي ػػاؽبم أو‬
‫انقطػػاعهم عػػن وطػػنهم ومػػاؽبم أو كبػػو ذل ػ ‪ .‬فه ػ مػػن هػػذخ الناحيػػة تػػأمني اجتبػػاع وهنػػاؾ‬
‫آمتػػروف ٍ يكون ػوا فبػػن وجبػػز علػػيهم الزكػػاة مػػن قبػػل وٍ يسػػاهم بي ػ ء ى حصػػيلة الزكػػاة ولكن ػ‬
‫يستحقها لفقرخ وحاجت فه من هذخ الناحية شػباف اجتبػاع (ى ظػبلؿ القػرآف لليػهيد سػيد‬
‫قط ‪.)84/46 :‬‬
‫غػػك أف الزكػػاة ى الواقػػع أقػػرب إَ الضػػباف منهػػا إَ التػػأمني؛ ألمػػا ال تعطػ الفػػرد دبقػػدار مػػا دفػػع‬
‫كبا هو اليأف ى نظاـ التأمني وإمبا تعطي دبقدار ما وبتاج إلي قل ذل أو ك ر‪.‬‬
‫إف الزكاة بذل تعد أوؿ تيريع منظم ى سبيل شباف اجتباع ال يعتبد على الصدقات الفردية‬
‫التطوعيػػة‪ .‬بػػل يقػػوـ علػػى مسػػاعدات حكوميػػة دوريػػة منتظبػػة مسػػاعدات غايتهػػا ربقيػػق الكفايػػة‬
‫لكل ؿبتاج‪ :‬الكفاية ى اؼبطعم واؼبلبس واؼبسكن وسا ر اغباجات لنفس اليػصل وؼبػن يعولػ ى‬
‫غك إسراؼ وال تقتك‪.‬‬
‫ولق ػػد س ػػدت الزك ػػاة ك ػػل م ػػا يتص ػػور م ػػن أن ػواع اغباج ػػات الناو ػػئة ع ػػن الع ػػز الف ػػردي أو اػبل ػػل‬
‫االجتبػػاع أو الظػػروؼ العارشػػة الػػب ال يسػػلم مػػن تأثكهػػا بيػػر وكبػػن نق ػرأ فيبػػا كتب ػ اإلمػػاـ‬
‫الزهري لعبر بن عبد العزيز عن مواشع السنة ى الزكاة‪ :‬أف فيها نصيبًا للزم واؼبقعػدين ونصػيبًا‬
‫لكػػل مسػػكني بػ عاهػػة ال يسػػتطيع حيلػػة وال تقلبًػػا ى األرض ونصػػيبًا للبسػػاكني الػػذي يسػػألوف‬
‫ويسػػتطعبوف (حػػك يأمتػػذوا كفػػايتهم وال وبتػػاجوا بعػػدها إَ السػؤاؿ) ونصػػيبًا ؼبػػن ى السػ وف مػػن‬
‫أهل اإلسبلـ فبن ليس ل أحد ونصيبًا ؼبن وبضر اؼبساجد من اؼبساكني الذين ال عطػاء ؽبػم وال‬
‫سهم (ليس ؽبم روات وال معاوات منتظبػة) وال يسػألوف النػاس ونصػيبًا ؼبػن أصػاب الفقػر وعليػ‬
‫دين وٍ يكن و ء من ى معصية اهلل وال يتهم ى دين أو قاؿ ى دين ونصيبًا لكل مسافر ليس‬
‫لػ مػػأوى وال أهػػل يػػأوي إلػػيهم فيػػؤوى ويطعػػم وتعلػػه دابتػ حػػك هبػػد منػزالً أو يقضػػى حاجػػة"‬
‫(انظر‪ :‬األمواؿ ص ‪.)586 - 578‬‬
‫فهػػو شػػباف وػػامل لكػػل أصػػناؼ احملتػػاجني وكػػل حاجػػاهتم اؼبصتلفػػة بدنيػػة ونفسػػية وعقليػػة وقػػد‬
‫رأينا كيه اعت الزواج من اغباجات الب هب إوباعها وكذل كت العلم ألهلها‪.‬‬
‫متاصػػا باؼبسػػلبني وحػػدهم بػػل مشػػل ك ػل مػػن يعػػيو ى ظػػل دولػػتهم مػػن اليهػػود‬ ‫ً‬ ‫وٍ يكػػن ذل ػ‬
‫والنصارى كبا فعل سيدنا عبر مع اليهودي الذي وجدخ يسأؿ على األبواب وأمر بكفالتػ مػن‬
‫بيز ماؿ اؼبسػلبني وجعػل ذلػ مبػدءًا لػ وألم الػ (اؼبرجػع نفسػ ص ‪ .)46‬كبػا أنػ حػني رأى‬
‫قوما ؾبذومني من النصارى أمر أف يرت ؽبم معاش من بيز اؼباؿ اإلسبلم‬ ‫ى طريق إَ دميق ً‬
‫(تاريمل الببلذري ص ‪.)477‬‬
‫هذا هو الضباف االجتباع الذي ٍ تفكر فيػ الػدوؿ الغربيػة إال منػذ وقػز قريػ وٍ تفكػر فيػ‬
‫إمتبلصػػا هلل وال رضبػةً بالضػػعفاء ولكػػن دفعتهػػا إليػ ال ػػورات العارمػػة وموجػػات اؼبػػذاه اليػػيوعية‬
‫ً‬
‫واالوػ اكية‪ .‬كبػػا دفعتهػػا إليػ اغبػػرب العاؼبيػػة ال انيػػة ورغبتهػػا ى اس شػػاء وػػعوهبا وح ػ هم علػػى‬
‫االستبرار ى بذؿ الدـ والعرؽ حك تضع اغبرب أوزارها‪.‬‬
‫وك ػػاف أوؿ مظه ػػر رظب ػ ؽب ػػذا الض ػػباف ى س ػػنة ‪ 4944‬ح ػػني اجتبع ػػز كلب ػػة إقبل ػ ا والوالي ػػات‬
‫اؼبتحدة األمريكية ى مي ػاؽ األطلنطػ علػى وجػوب ربقيػق الضػباف االجتبػاع لؤلفػراد (الضػباف‬
‫االجتباع للدكتور صادؽ مهدى ص ‪.)426‬‬
‫ومػػع هػػذا ٍ يبلػػغ وػػأف الضػػباف اإلسػػبلم ى مشول ػ لكػػل م ػواطن وربقيق ػ الكفايػػة التامػػة لكػػل‬
‫حاجات األساسية هو وأسػرت فضػبلً عبػا ذهػ إليػ اإلمػاـ اليػافع ومػن وافقػ ى ربقيػق كفايػة‬
‫العبر للفقراء وإغنا هم بالزكاة غ دا ًبا ال وبتاجوف بعدخ إَ معونة أو مساعدة‪.‬‬
‫والع ػ أف يسػػبق اإلسػػبلـ هػػذخ الػػدوؿ بقػػروف عديػػدة ى إقامػػة شػػباف اجتبػػاع يفرشػ الػػدين‬
‫استصبلصا غبقوؽ الفقراء من براثن األغنياء ومع هػذا‬ ‫ً‬ ‫وتنظب الدولة وتسل من أجل السيوؼ‬
‫قبػػد مػػن الكػػاتبني مػػن يرجػػع فضػػل الضػػباف االجتبػػاع إَ أوروبػػا‪ .‬أمػػا تارىبنػػا وتراثنػػا فيهػػاؿ عليػ‬
‫ال اب!!‬
‫ومػن ذلػ أف جامعػػة الػدوؿ العربيػػة عقػدت حلقػػة للدراسػات االجتباعيػػة سػنة ‪ 4952‬بدميػػق‬
‫ومتصصػػز هػػذخ اغبلقػػة لدراسػػة التكافػػل االجتبػػاع وقػػد ألقػػى مػػدير اغبلقػػة اؼبس ػ "دانيػػل س‪.‬‬
‫جكج" ؿباشرة عن "تطور التكافل االجتباع " ذكر فيها‪ :‬أف احملتاجني ى القروف الغػابرة ٍ يكػن‬
‫جوعػػا وأف تػػاريمل التػػدابك‬
‫أمػػامهم وسػػيلة إال االسػػت داء أو تلقػػى الصػػدقات للػػتصلل مػػن اؼبػػوت ً‬
‫اغبكومية إلعانة الفقراء يرجع إَ القػرف السػابع عيػر وقػد ازبػذت اػبطػوات األوَ وػكل تنظػيم‬
‫اؼبعونة إَ الفقراء من قبل اؽبيئات احمللية‪ ...‬إٌ‪( .‬حلقة الدراسات االجتباعية ‪ -‬الدورة ال ال ػة ‪-‬‬
‫ص ‪.)247‬‬
‫وهذا من أثر اعبهل بتاريمل اإلسبلـ وحقيقة فريضة الزكاة الذي بينا ‪-‬دبػا ال وػ فيػ ‪ -‬أمػا نظػاـ‬
‫تقوـ علي اغبكومة اؼبسلبة جباية وصرفًا وأما ليسػز مػن بػاب اإلحسػاف الفػردي أو الصػدقات‬
‫التطوعية وإمبا ه ‪-‬بػالنظر لػذوي اغباجػات‪ -‬حػق معلػوـ وبػالنظر لػذوي األمػواؿ شػريبة إلزاميػة‬
‫مفروشػػة وأمػػا ش ػريبة تقػػوـ عليهػػا الدولػػة اؼبسػػلبة ربصػػيبلً وتوز ًيعػػا‪ .‬إال أمػػا تتبيػػز عػػن الض ػريبة‬
‫الوشعية خبلودها وثباهتا ف ذا أنبلتها اغبكومات وٍ تطالػ هبػا فػ ف اؼبسػلم ال يصػ إسػبلم وال‬
‫وتطهكا ؼبال وفرض علي أف ىبرجها طيبػة هبػا‬ ‫ً‬ ‫يتم إيبان إال ب متراجها إرشاء لرب وتزكية لنفس‬
‫نفس متالية من اؼبن واألذى واحملتػاج الػذي يأمتػذها ى هػذخ اغبػاؿ يأمتػذها وقػد علبػ اإلسػبلـ‬
‫أما حػق لػ ى مػاؿ اهلل اسػتصله فيػ بعػض عبػادخ وأف اعبباعػة مطالبػة أف تقاتػل مػن أجػل هػذا‬
‫اغبق اؼبعلوـ‪.‬‬

‫الزكاة والتوجي االقتصادي‬

‫وللزكاة أثرها ى اعبان االقتصادي وقد أورنا إَ ذل ى الفصل السابق ف ما دبا تسػتقطع مػن‬
‫أرباب اؼباؿ تدفعهم إَ العبل على تعويض ما أمتذ منهم‪.‬‬
‫وهػػذا أوشػ مػػا يكػػوف ى زكػػاة النقػػود فقػػد حػػرـ اإلسػػبلـ كنزهػػا وحبسػها عػػن التػػداوؿ والت بػػك‬
‫وجاء ى ذل وعيد اهلل تعاَ‪( :‬والذين يكنزوف الذه والفضة وال ينفقوما ى سبيل اهلل فبيرهم‬
‫بعذاب ألي ٍم) (التوبة‪.)34 :‬‬
‫وٍ يكته هبػذا الوعيػد اؽبػادر اليػديد بػل أعلػن حربًػا عبليػة علػى الكنػز ووشػع اػبطػة اغبكيبػة‬
‫إلمت ػراج النق ػػود م ػػن الي ػػقوؽ واػب ػػزا ن وذل ػ ح ػػني ف ػػرض ‪ % 2.5‬عل ػػى ال ػػروة النقدي ػػة س ػواء‬
‫استغلها صاحبها أـ ٍ يستغلها‪ .‬فالزكاة بػذل سػوط يسػوق سػوقًا إَ إمتػراج النقػود لتعبػل وتغػل‬
‫وتكسػ وتنبػػى حػػك ال يػػأن عليهػػا مػػرور األعػواـ وى هػػذا جػػاءت األحاديػػث واآلثػػار‪( :‬اذبػػروا‬
‫بأمواؿ اليتامى حك ال تأكلها الزكاة)‪.‬‬
‫وقد ربدثنا عن و ء من ذل ى زكاة النقود وحكبة فرشيتها على رأس اؼباؿ‪.‬‬

‫الزكاة واؼبقومات الروحية لؤلمة‬

‫وفػػوؽ ذلػ كلػ فػ ف للزكػػاة أهػػدافها وآثارهػػا ى ربقيػػق اؼب ػػل العليػػا الػػب تعػػيو ؽبػػا األمػػة اؼبسػػلبة‬
‫وتعيو هبا وى رعاية مقوماهتا الروحية الب يقوـ عليها بناؤها ويب كياما وتتبيز وصصيتها‪.‬‬
‫"واألمػة ‪-‬كبػػا يقػػوؿ األسػػتاذ البهػ اػبػػوُ‪ -‬دبقوماهتػػا الروحيػػة ال دبقوماهتػػا اغبسػػية فحسػ ‪ .‬بػػل‬
‫إف اؼبقومػػات اغبسػػية ال قيبػػة ؽبػػا ى بنػػاء األمػػة ودعػػم كيامػػا بػػدوف اؼبقومػػات الروحيػػة‪ .‬لػػذا نػػرى‬
‫اإلسػػبلـ وبفػػل هبػػا وهبعػػل اإلنفػػاؽ مػػن مػػاؿ اعبباعػػة علػػى رعايتهػػا ودعبهػػا فريضػػة الزمػػة فه ػ‬
‫للكياف اؼبعنػوي كاليػراب والطعػاـ للكيػاف اغبسػ وقػد أصػل اإلسػبلـ تلػ اؼبقومػات الروحيػة ى‬
‫ثبلثة أصوؿ (أوارت إليها آية مصارؼ الزكاة)‪:‬‬
‫األص ػػل األوؿ‪ :‬ت ػػوفك اغبري ػػة لكاف ػػة أف ػراد اةتب ػػع ولكن ػ ى ه ػػذا اؼبق ػػاـ ي ػػنل عل ػػى فرش ػػية فػ ػ‬
‫الرقاب أي ربرير األرقاء من ذؿ العبودية وذل أوؿ ما عرفز اإلنسانية قاطبػة مػن ظبػو التيػريع‬
‫ى ربرير األرقاء‪ :‬أف هبعل ربريػرهم فريضػة علػى اؼبسػلبني بسػهم مػن أمػواؽبم مقػرر وقػد جػاء هػذا‬
‫اغبق ى آية الزكاة ى قولة تعاَ‪( :‬وى الرقاب) (التوبة‪.)66 :‬‬
‫واألصػػل ال ػػاْ‪ :‬بعػػث نبػػم األفػراد ومواهػ اؼبػػروءة فػػيهم إَ بػػذؿ اؼبكرمػػات الػػب ربقػػق للب تبػػع‬
‫مكروها يوو أف يقع‪.‬‬ ‫ً‬ ‫منافع أدبية أو حسية أو ترد عن‬
‫"ذل أف ى األفراد طاقات ال حد ؽبا ى ح اػبك واالستعداد ؼبصتله اػبدمات االجتباعية‬
‫وه كبواه العقل ٍ ىبلقهػا اهلل سػدى بػل متلقهػا لتحقػق ذاهتػا وتػؤدي وظيفتهػا ى اغبيػاة‪.‬‬
‫فػ ذا كػػاف مػػن الواجػ تيػ يع طاقػػات الػػذهن واسػػت ارة كامنهػػا لتػػؤدي وظيفتهػػا ى اغبيػػاة فػ ف‬
‫تي ػ يع مواه ػ اؼبػػروءة الفطريػػة ى األف ػراد أحػػق وأوَ ال ل بارهػػا ومػػا تبػػدع مػػن م ػػل كريبػػة ى‬
‫أيضػا هػ السػبيل الػذي يعػد لنػا الرجػاؿ ذوي القػيم وىبػرج لؤلمػة ثروهتػا‬ ‫اغبياة فحس بل ألمػا ً‬
‫األساسية من النفوس السامية الكريبة ف ن ليس أفضل مػن فعػل اػبػك إال الػنفس الػب فعلتػ والنيرػة‬
‫الػػب بع تػ واألمػػة الػػب تعػ هبػػذا الطػراز تعػ بأسػػباب القػػوة ودعامػػات اةػػد كلػ وكفاهػػا وػػرفًا‬
‫وأهليةً للحياة ما تييع من عزا م اػبػك ومواجيػد اغبػ بػل كفاهػا ب ًػرا بػاغبق وباغبيػاة وبنفسػها‬
‫أمػػا تسػػتصرج مػػن منػػاجم النفػػوس والفطػػر أشبػػن كنوزهػػا وأوػػرؼ معادمػػا وهت ػ للحيػػاة أوػػرؼ‬
‫معانيهػػا وترق ػػى باإلنسػػانية إَ أكػػرـ قيبهػػا وذل ػ هػػو اؼب ػػل األعلػػى ال ػػذي أرادخ اهلل لئلنسػػانية‬
‫وللحياة‪.‬‬
‫"فواج ُ اعبباعة أف تتعهد تل الطاقات ى نفوس أفرادها دبا ينبهها وي كها وينبيها ال أف ت ؾ‬
‫لئلنباؿ واعببود يوهن قواها ويطبس ينابيعها فقد يكوف أحد هؤالء بصدد مكرمػة يبػذؿ فيهػا‬
‫مال كل حك يصك إَ ال و ء ليدفع عن أمت بابًا من الير كاف يوو أف يهز أمنها ويغزو‬
‫قلػػوب فريػػق منه ػا باليػػحناء والػػبغض‪ .‬ف ػ ذا تركنػػا ذل ػ الػػذي أدت ػ مروءت ػ إَ الفقػػر يواج ػ شبػػرة‬
‫عبلػ فلػن يعػػود إَ مػروءة أمتػرى إذا أتػػي لػ أف يػنهض مػػن ع رتػ ولػن يقتػػدي بػ ‪-‬بعػػد‪ -‬ذو‬
‫مػػروءة ى مكرمػػة فػػاغبق والعػػدؿ يقضػػى بػػأف يكػػوف ؼب ػػل هػػذا الػػذي غػػرـ مػػا غػػرـ نصػػي ى مػػاؿ‬
‫اعبباعة أو أف يكوف ى هذا اؼباؿ سهم إلطبلؽ نبم ذوي اؼبػروءة وتيػ يع حػوافز اػبػك فػيهم‬
‫فبل يضاـ أحدهم بالفقر على ما أسله لؤلمػة مػن متػك وهػذا مػا قػدـ اإلسػبلـ وقضػى بػ اغبػق‬
‫سبحان ى آية الصدقات‪( :‬والغارمني) (التوبة‪.)66:‬‬
‫واألصػػل ال الػػث‪ :‬رعايػػة العقا ػػد والتعػػاليم الػػب نزلػػز لتزكيػػة مبػػادئ الفطػػرة ى اإلنسػػاف وخباصػػة‬
‫إحكػاـ الصػػلة بػػاهلل وتبصػك الفػػرد بغايتػ مػػن اغبيػاة وبطػػورخ األمتػػروي الػذي هػػو صػػا ر إليػ وال‬
‫بػػد حبكػػم تطػػورخ ى مراحػػل األزؿ وهػػو مػػا جػػاء ى قولػ تعػػاَ ى اآليػػة نفسػػها‪( :‬وى سػػبيل اهلل)‬
‫(التوبة‪.)66 :‬‬
‫"وفبا أدمتلوخ ى مفهوـ قول ‪( :‬وى سبيل اهلل) نفقػات الغػزو والػدفاع أي إعػداد اعبيػوش والػدفاع‬
‫واعبهاد ى اإلسبلـ إمبا هو ‪-‬أصبلً‪ -‬دفاع عن العقيدة وجهاد ى سػبيلها ولػيس أم ًػرا مػدنيًا حبتًػا‬
‫جهادا وطنيًا صرفًا مقطوع الصلة باهلل بػل هػو ‪-‬أوالً وقبػل كػل وػ ء‪ -‬جهػاد ى سػبيل اهلل‬ ‫وال ً‬
‫وأمتػػل مػػا كػػاف ى سػػبيل اهلل هػػو مػػا كػػاف ى صػػيانة العقيػػدة والػػدفاع عنهػػا والتبكػػني ؽبػػا وامتػػداد‬
‫سػػلطاما‪( " ...‬مػػن كتػػاب "االوػ اكية ى اةتبػػع اإلسػػبلم " لؤلسػػتاذ البهػ اػبػػوُ ص‪-444‬‬
‫‪.)444‬‬
‫وبرعايػػة هػػذخ األصػػوؿ ال بلثػػة تكػػوف الزكػػاة قػػد قامػػز بػػدورها ى ت بيػػز القػػيم العليػػا واؼبقومػػات‬
‫اؼبعنوية األصيلة الب وبرص عليها اةتبع اؼبسلم بل يقوـ عليها كيان كبا قلنا‪.‬‬
‫وهبػػذا يتحقػػق التكامػػل والتسػػاند ى اغبيػػاة اإلسػػبلمية وى كافػػة الػػنظم اإلسػػبلمية فالزكػػاة ‪-‬وإف‬
‫نظاما ماليًا ى الظاهر‪ -‬ال تنفصل عن العقيػدة وال عػن العبػادة وال عػن القػيم واألمتػبلؽ‬ ‫كانز ً‬
‫وال عن السياسة واعبهاد وال عن ميكبلت الفرد واةتبع واغبياة واغبياء‪.‬‬
‫وى اؼبباحػػث التاليػػة نعػػرض لػػبعض اؼبيػػكبلت االجتباعيػػة اؼبهبػػة الػػب تعػػاّ منهػػا ؾبتبعاتنػػا‬
‫ويتطل اؼبصلحوف ؽبا العبلج وعبلقة الزكاة بعبلج هذخ اؼبيكبلت أو زبفيه آثارها وويبلهتا‪.‬‬
‫وقػػد فصػػلنا القػػوؿ ى "ميػػكلة الفقػػر" متاصػػة وكيػػه عاعبهػػا اإلسػػبلـ وموشػػع الزكػػاة مػػن هػػذا‬
‫الع ػػبلج ى كت ػػاب مس ػػتقل (بعن ػواف "مي ػػكلة الفق ػػر وكي ػػه عاعبه ػػا اإلس ػػبلـ" ني ػػر دار العربي ػػة‪.‬‬
‫بكوت)‪ .‬نيرناخ فلكجع إلي من واء‪.‬‬

‫ميكلة الفوارؽ‬

‫ػورا علػػى ؿباربػػة الفقػػر دبعونػػة مؤقتػػة أو دوريػػة ولكػػن مػػن أهػػدافها توسػػيع‬
‫لػػيس هػػدؼ الزكػػاة مقصػ ً‬
‫قاعػػدة التبلػ وتك ػػك عػػدد اؼبػػبلؾ وربويػػل أكػ عػػدد مسػػتطاع مػػن الفقػراء اؼبعػػوزين إَ أغنيػػاء‬
‫مالكني ؼبا يكفيهم طواؿ العبر‪.‬‬
‫ذلػ أف هػػدؼ الزكػػاة إغنػػاء الفقػػك بقػػدر مػػا تسػػب بػ حصػػيلتها ومتراجػ مػػن دا ػػرة اغباجػػة إَ‬
‫دا ػػرة الكفايػػة الدا بػػة وذلػ بتبليػ كػػل ؿبتػػاج مػػا يناسػػب ويغنيػ كػػأف سبلػ التػػاجر مت ػًػرا ومػػا‬
‫يلزم ػ ويتبع ػ وسبل ػ ال ػزارع شػػيعة ومػػا يلزمهػػا ويتبعهػػا وسبل ػ احمل ػ ؼ آالت حرفت ػ ومػػا يلزمهػػا‬
‫ويتبعها ‪ -‬كبا وشحنا ذل ى مصارؼ الزكاة (راجع مبحث "كػم يعطػى الفقػك اؼبسػكني"؟ مػن‬
‫الباب الرابع ‪ -‬الفصل األوؿ)‪ - .‬فه هبذا تعبل على ربقيق هدؼ عظيم‪ :‬هو التقليل من عدد‬
‫األجراء والزيادة ى عدد اؼببلؾ‪.‬‬
‫وذلػ هػػدؼ مػػن أهػػداؼ اإلسػػبلـ الكبػكة ى ميػػداف االقتصػػاد واالجتبػػاع؛ أف ييػ ؾ النػػاس ى‬
‫اػبكات واؼبنافع الب أودعها اػبالق ى األرض وال يقتصر تداوؽبا على فئة األغنياء وحدهم ووبػرـ‬
‫اآلمتروف‪.‬‬
‫صبيعػػا" ى اآليػػة‬
‫صبيعػػا) (البقػػرة‪ .)29 :‬وكلبػػة " ً‬ ‫قػػاؿ تعػػاَ (هػػو الػػذي متلػػق لكػػم مػػا ى األرض ً‬
‫مع ػػا‬
‫يصػ ػ أف تك ػػوف تأكي ػ ًػدا ؼب ػػا ى األرض أو للن ػػاس اؼبص ػػاطبني وال م ػػانع م ػػن إرادة اؼبعني ػػني ً‬
‫صبيعا ال لتستأثر ب فئة دوف أمترى‪.‬‬ ‫فاؼبع على هذا أف صبيع ما ى األرض ـبلوؽ للناس ً‬

‫ومػػن هنػػا يعبػػل اإلسػػبلـ علػػى عدالػػة التوزيػػع وتقػػارب اؼبلكيػػات ى اةتبػػع وهػػو بنظػػاـ الزكػػاة‬
‫والف ء وغكنبا‪ .‬يعبل على إعادة التػوازف وتقريػ اؼبسػتويات بعضػها مػن بعػض كبػا نػل علػى‬
‫ذلػ صػراحة ى كتػاب اهلل ‪-‬عػػز وجػل‪ -‬ى آيػة توزيػػع الفػ ء فقػاؿ‪( :‬مػا أفػػاء اهلل علػى رسػول مػػن‬
‫أهػػل القػػرى فللػ وللرسػػوؿ ولػػذي القػػرىب واليتػػامى واؼبسػػاكني وابػػن السػػبيل كػ ال يكػػوف دولػػة بػػني‬
‫األغنياء منكم) (اغبير‪.)7 :‬‬
‫وإذا كػػاف اإلس ػػبلـ ق ػػد أق ػػر التف ػػاوت ب ػػني الن ػػاس ى اؼبع ػػايو واألرزاؽ ألن ػ ‪-‬ب ػػبل و ػ ‪ -‬نتي ػػة‬
‫لتفػػاوت فطػػرى ى اؼبواهػ واؼبلكػػات والقػػدر والطاقػػات‪ .‬فبػػن اؼبقػػرر أف االعػ اؼ هبػػذا التفػػاوت‬
‫والتفاشػػل لػػيس معنػػاخ أف يػػدع اإلسػػبلـ الغ ػ يػػزداد غ ػ والفقػػك يػػزداد فقػ ًػرا فتتسػػع اليػػقة بػػني‬
‫الفريقني ويصب األغنياء ى اةتبع "طبقة" كت ؽبا أف تعيو ى أبراج من العاج تتوارث النعػيم‬
‫والغ ويبس الفقراء "طبقة" كت عليها أف "سبوت" ى أكواخ من البؤس واغبرماف‪.‬‬
‫بػػل تػػدمتل اإلسػػبلـ بتيػريعات القانونيػػة وتنظيباتػ العبليػػة ووصػػاياخ ال غيبيػػة وال هيبيػػة لتقريػ‬
‫اؼبسافة بني هؤالء وأولئ ‪ .‬فعبل على اغبد من طغياف األغنياء والرفع من مستوى الفقراء‪.‬‬
‫ولسز هنا ى مقاـ اغبديث عن وسا ل اإلسبلـ الك كة ى هذا التقري (سنفصل ذلػ إف وػاء‬
‫اهلل ى كتابنػػا "معػػاٍ النظػػاـ االقتصػػادي ى اإلسػػبلـ ") وإمبػػا أربػػدث عػػن الزكػػاة باعتبارهػػا وسػػيلة‬
‫بارزة من هذخ الوسا ل! إذ ه أمتذ من الغ وإعطاء للفقك‪.‬‬
‫إننػػا إذا تصػػورنا اةتبػػع اإلسػػبلم الصػػحي الػػذي يعبػػل أف ػرادخ فيتقنػػوف العبػػل اسػػت ابة لنػػداء‬
‫اإلسػبلـ‪ :‬يبيػوف ى مناكػ األرض الػذلوؿ ويلتبسػػوف الػرزؽ ى متباياهػػا وينتيػروف ى أرجا هػػا‬
‫وذب ًارا وعاملني ى وك اؼبيادين وؿب فني بيك اغبرؼ مسػتغلني لكػل الطاقػات‬ ‫اعا ُ‬
‫وصن ً‬
‫اعا ُ‬‫ُزر ً‬
‫صبيعػػا منػ ‪ -‬إذا تصػػورنا هػػذا‬ ‫منتفعػػني بكػػل مػػا اسػػتطاعوا فبػػا سػػصر اهلل ؽبػػم ى السػػبوات واألرض ً‬
‫اةتبع فكم تكوف نسبة القادرين الذين ذب عليهم الزكاة ى ثرواهتم ودمتوؽبم؟‬
‫جدا والعدد سيكوف ها بلً‪.‬‬ ‫إف النسبة ببل ري ستكوف كبكة ً‬
‫وكم تكوف نسبة الذين قعد هبم الع ز عن العبل أو أعيتهم ك رة العياؿ وقلة الدمتل؟‬
‫ؿبدودا‪.‬‬
‫جدا والعدد سيكوف ً‬ ‫إما ببل و ستكوف نسبة شئيلة ً‬
‫وهنا يتسع اةاؿ ‪-‬وحصيلة الزكاة من الضػصامة كبػا ذكرنػا‪ -‬لنأمتػذ منهػا عػن سػعة لتبليػ ذوي‬
‫الػدمتل الضػػئيل أو الػػذين ال دمتػػل ؽبػػم فتقػػرب اؼبسػػافة بيػػنهم وبػػني غػػكهم مػػن اؼبوسػرين مػػن أبنػػاء‬
‫األمة‪.‬‬
‫إف أعظم آفة تصي اةتبػع وهتػز كيانػ ه ًػزا وتنصػر ى عظامػ مػن حيػث ييػعر أو ال ييػعر‪ :‬أف‬
‫يوجد ال راء الفاحو إَ جان الفقػر اؼبػدقع أف يوجػد مػن يبلػ القنػاطك اؼبقنطػرة ومػن ال يبلػ‬
‫قػوت يومػ أف يوجػػد مػن يضػػع يػدخ علػػى بطنػ ييػكو زضبػػة التصبػة وجبػوارخ مػن يضػػع يػدخ علػػى‬
‫بطنػ ػ يي ػػكو عض ػػة اعب ػػوع أف يوج ػػد م ػػن يبلػ ػ القص ػػور الفصب ػػة ال يس ػػكنها وال وبت ػػاج إليه ػػا‬
‫وبالقرب من ح رة "البدروـ" الب تضم ى أحيا ها الدقاؽ رجبلً وأبوي وزوج وأوالدخ!!‬
‫إف هدؼ الزكاة أال يقع هذا التفاوت الياسع البيع وأقل مػا ربققػ أف ىبتفػ هػذا الفريػق ال ػاْ‬
‫الذي ال هبػد مسػتوى العػيو البل ػق بػ مػن الطعػاـ والكسػاء واؼبػأوى وأك ػر مػن ذلػ أمػا تعبػل‬
‫على أف ترتفع هبؤالء حك يق بوا من أولئ ويدمتلوا ى زمرة األغنياء اؼبالكني‪.‬‬

‫ميكلة التسوؿ‬

‫اإلسبلـ وبارب التسوؿ تربويًا وعبليًا‬

‫يغرس اإلسبلـ ى نفس اؼبسلم كراهة السؤاؿ للناس تربية ل على علو اؽببة وعزة الػنفس وال فػع‬
‫عن الدنايا وإف رسوؿ اإلسبلـ ليضع ذل ى صه اؼببػادئ الػب يبػايع عليهػا صػحابت وىبصػها‬
‫بالػػذكر شػػبن أركػػاف البيعػػة‪ .‬فعػػن أل مسػػلم اػبػػوالْ قػػاؿ‪ :‬حػػدث اغببي ػ األمػػني أمػػا هػػو إَ‬
‫فحبيػ وأمػػا هػػو عنػػدي فػػأمني‪ :‬عػػوؼ بػػن مالػ قػػاؿ‪ ( :‬كنػػا عنػػد رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ‬
‫وسػػلم‪ -‬سػػبعة أو شبانيػػة أو تسػػعة فقػػاؿ‪( :‬أال تبػػايعوف رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم؟) ولنػػا‬
‫حػػديث عهػػد ببيعػػة‪ .‬قلنػػا‪ :‬قػػد بايعنػػاؾ! حػػك قاؽبػػا ثبلثًػػا وبسػػطنا أيػػدينا فبايعنػػا فقػػاؿ قا ػػل‪ :‬يػػا‬
‫رس ػػوؿ اهلل إن ػػا ق ػػد بايعن ػػاؾ فع ػػبلـ نبايع ػ ؟ ق ػػاؿ‪( :‬أف تعب ػػدوا اهلل وال تي ػػركوا ب ػ و ػػيئًا وتص ػػلوا‬
‫الصػػلوات اػببػػس وتسػػبعوا وتطيع ػوا) وأسػػر كلبػػة متفيػػة قػػاؿ‪ ( :‬وال تسػػألوا النػػاس وػػيئًا) قػػاؿ‬
‫راوي اغبػػديث‪( :‬فلقػػد كػػاف بعػػض أولئ ػ النفػػر يسػػق سػػوط فبػػا يسػػأؿ أحػ ًػدا أف يناول ػ إيػػاخ)‬
‫(رواخ مسلم وأبو داود والنسا وابن ماجة ‪ -‬كبا ى ال غي وال هي جػ‪ 2‬بػاب‪ :‬ال هيػ مػن‬
‫اؼبسألة)‪.‬‬
‫وهكذا نفذ هؤالء األصحاب اؼبيامني مضبوف هذخ البيعة النبوية تنفي ًذا "حرفيًا" فلػم يسػألوا أح ًػدا‬
‫جهدا ورش اهلل عن الصػحابة فػ مم مػا انتصػروا علػى النػاس‬ ‫حك فيبا ال يرزأ ماالً وال يكله ً‬
‫إال بعد أف انتصروا على أنفسهم وألزموها صراط دينهم اؼبستقيم‪.‬‬
‫وعن ثوباف موَ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪-‬‬
‫‪( :‬مػػن يتكفػػل ُ أف ال يسػػأؿ النػػاس وػػيئًا وأتكفػػل ل ػ باعبنػػة؟) فقػػاؿ ثوبػػاف‪ :‬أنػػا يػػا رسػػوؿ اهلل‬
‫فقػػاؿ‪( :‬ال تسػػأؿ النػػاس وػػيئًا) فكػػاف ال يسػػأؿ أحػ ًػدا وػػيئًا (رواخ أبػػو داود ‪ -‬اؼبصػػدر السػػابق ‪-‬‬
‫وأمترج البيهق ى السنن الك ى‪.)497/4 :‬‬
‫ولقػػد صػػور ؽبػػم الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬اليػػد اآلمتػػذة بػ ػ "اليػػد السػػفلى" واليػػد اؼبتعففػػة أو‬
‫اؼبعطي ػػة بػ ػ ػ "اليػ ػػد العلي ػػا" وعلبهػ ػػم أف يروش ػ ػوا أنفسػ ػػهم عل ػػى االس ػػتعفاؼ ف ػػيعفهم اهلل وعلػ ػػى‬
‫ناسا من األنصار سألوا رسوؿ اهلل ‪-‬‬ ‫االستغناء عن الغك فيغنيهم اهلل فعن أل سعيد اػبدري‪ :‬أف ً‬
‫صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬فأعطػػاهم ه سػػألوخ فأعطػػاهم حػػك إذا نفػػد مػػا عنػػدخ قػػاؿ‪( :‬مػػا يكػػوف‬
‫عنػػدي مػػن متػػك فلػػن أدمتػػرخ عػػنكم ومػػن يسػػتعه يعف ػ اهلل ومػػن يسػػتغن يغن ػ اهلل ومػػن يتص ػ‬
‫يص ػ خ اهلل ومػػا أعط ػ أحػػد مػػن عطػػاء أوسػػع مػػن الص ػ ) (رواخ السػػتة إال ابػػن ماجػػة ‪ -‬اؼبرجػػع‬
‫نفس وانظر السنن الك ى‪ 495/4 :‬وما بعدها)‪.‬‬
‫العبل هو األساس‬
‫لقد علم الرسوؿ ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬أصحاب مبدأين جليلني من مبادئ اإلسبلـ‪:‬‬
‫اؼببدأ األوؿ‪ :‬أف العبل هو أساس الكس وأف على اؼبسلم أف يبي ى مناكػ األرض ويبتغػ‬
‫من فضل اهلل وأف العبل ‪-‬وإف نظر إليػ بعػض النػاس نظػرة اسػتهانة‪ -‬أفضػل مػن تكفػه النػاس‬
‫وإراقة ماء الوج بالسؤاؿ‪( :‬ألف يأمتذ أحػدكم حبلػ علػى ظهػرخ فيػأن حبزمػة مػن اغبطػ فيبيعهػا‬
‫فيكػػه اهلل هبػػا وجه ػ متػػك مػػن أف يسػػأؿ النػػاس أعطػػوخ أو منعػػوخ) (رواخ البصػػاري ى أوؿ كتػػاب‬
‫"البيع" عن الزبك)‪.‬‬
‫ُحرمة سؤاؿ الناس‬
‫واؼببػػدأ ال ػػاْ‪ :‬أف األصػػل ى س ػؤاؿ النػػاس وتكففهػػم هػػو اغبُرم ػةُ ؼبػػا ى ذل ػ مػػن تع ػريض الػػنفس‬
‫للهواف واؼبذلة فبل وبل للبسلم أف يل أ للسؤاؿ إال غباجة تقهرخ على السؤاؿ فػ ف سػأؿ وعنػدخ‬
‫طبووا ى وجه يوـ القيامة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ما يغني كانز مسألت‬
‫وى هذا اؼبع جاءت صبلةُ أحاديث تُرره من اؼبسألة بوعيد تنفطر ل القلوب‪.‬‬
‫مرفوعػا‪( :‬ال تػزاؿ اؼبسػألةُ بأحػدكم حػك يلقػى‬‫من ذلػ مػا رواخ اليػيصاف والنسػا عػن ابػن عبػر ً‬
‫اهلل وليس ى وجه مزعة غبم )‪.‬‬
‫أصحاب السنن‪( :‬مػن سػأؿ ولػ مػا يغنيػ جػاءت يػوـ القيامػة طبػوش أو متػدوش أو‬ ‫ُ‬ ‫ومنها ما رواخ‬
‫كػػدوح ى وجهػ ) فقيػػل‪ :‬يػػا رسػػوؿ اهلل! ومػػا الغػ ؟ قػػاؿ‪( :‬طبسػػوف درنبًػػا أو قيبتهػػا ذهبًػػا) (رواخ‬
‫األربعة)‪.‬‬
‫فاؼبسألة تصي اإلنساف ى أمتل مظهر لكرامت وإنسانيت وهو وجه ‪.‬‬
‫ومنها حديث‪( :‬من سأؿ ول أوقية فقد أغبه) (رواخ أبو داود والنسا )‪.‬‬
‫واألوقية أربعوف درنبًا‪.‬‬
‫ومنها حديث‪( :‬من سأؿ وعندخ ما يغني ‪ .‬ف مبا يستك ر من النار ‪-‬أو من صبر جهػنم‪ -‬فقػالوا‪ :‬يػا‬
‫رسوؿ اهلل وما يغني ؟ قاؿ‪( :‬قدر ما يغدي ويعيي ) (رواخ أبو داود)‪.‬‬
‫وهل اؼبراد أف عندخ غداء يوـ وعياءخ؟ أـ اؼبراد أن يكس قوت يوـ بيوـ في د غداءخ وعياءخ‬
‫على دا م األوقات؟‬
‫لعل هذا هو األرج واألليق فب ل هذا هو الذي هبد من رزق اؼبت دد ما يغني عن ذؿ السؤاؿ‪.‬‬

‫الغِ َ الذي ُوبرـ السؤ َاؿ‬

‫ولكن ؼباذا امتتلفز مقادير الغ الذي َوبُرُـ مع السؤاؿ ى هذخ األحاديث؟‬
‫إف أفضل جواب عػن هػذا السػؤاؿ مػا ذكػرخ العبلمػة وُ اهلل الػدهلوي ى كتابػ الفريػد‪ُ " :‬ح ػة اهلل‬
‫البالغة" حيث قاؿ (اعبزء ال اْ ص‪ - 46‬طبع اؼبنكيػة)‪ :‬هػذخ األحاديػث ليسػز متصالفػة عنػدنا؛‬
‫ألف الناس على منازؿ وك ول واحد كس ال يبكن أف يتحوؿ عن فبػن كػاف كاسػبًا باغبرفػة‬
‫ػاجرا حػػك‬ ‫ِ‬
‫ارعػػا حػػك هبػػد آالت الػػزرع ومػػن كػػاف تػ ً‬
‫فهػػو معػػذور حػػك هبػػد آالت اغبرفػػة ومػػن كػػاف ز ً‬
‫هبػػد البضػػاعة ومػػن كػػاف علػػى اعبهػػاد مسػ زقًا دبػػا يػػروح ويغػػدو مػػن الغنػػا م ‪-‬كبػػا كػػاف أصػػحاب‬
‫رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬فالضاب في أوقية أو طبسوف درنبًا‪.‬‬
‫ومػػن كػػاف كاسػػبًا وببػػل األثقػػاؿ ى األسػواؽ أمتػػل مػػن الغػ الػػذي وبػػرـ معػ أمتػػذ الزكػػاة‪ .‬ف ػ ف‬
‫اليارع ودد ى اؼبسألة وبالغ ى التحذير منها فبل ربل للبسلم إال لضػرورة وال شػرورة دبػن هبػد‬
‫ما يكفي ى وقت إَ اؼبسألة كبا قاؿ اػبطال‪.‬‬
‫هذخ ه تربية اإلسبلـ ألبنا وهذخ ه توجيهات وإروادات ؽبم‪.‬‬
‫ولكن اإلرواد النظري والتوجي اػبلقػ وال بيػة النفسػية ال تكفػى مػا ٍ يصػحبها عػبلج عبلػ‬
‫للسػا لني الػذين يسػألوف عػن حاجػة ملحػة وشػرورة قػاهرة وقػد قيػل‪ :‬إف صػوت اؼبعػدة أقػوى مػػن‬
‫نداء الضبك‪.‬‬

‫العبلج العبل للتسوؿ بتيغيل القادرين‬

‫والعبلج العبل هنا يتب ل ى أمرين‪:‬‬


‫أوؽببػػا‪ :‬هتيئػػة العبػػل اؼبناسػ لكػػل عاطػػل قػػادر علػػى العبػػل وهػػذا واجػ الدولػػة اإلسػػبلمية كبػػو‬
‫أبنا هػػا‪ .‬فبػػا ينبغػ لػراع مسػػئوؿ عػػن رعيتػ أف يقػػه مكتػػوؼ اليػػدين أمػػاـ القػػادرين العػػاطلني مػػن‬
‫اؼبوطنني كبا ال هبوز أف يكوف موقف منهم بصفة دا بة مد اليد دبعونة قلز أو ك رت من أمواؿ‬
‫الصػػدقات فقػػد ذكرنػػا ى مصػػارؼ الزكػػاة قولػ عليػ الصػػبلة والسػػبلـ‪( :‬ال ربػػل الصػػدقة لغ ػ وال‬
‫لذي مرة سوى) وكل إعانة مادية تعطػى (لػذي مػرة سػوى) ليسػز ى الواقػع إال تيػ ًيعا للبطالػة‬
‫من جان ومزاضبة للضعفاء والزم والعاجزين ى حقوقهم من جان آمتر‪.‬‬
‫والتصرؼ السديد الواج هو ما فعل رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬بػ زاء واحػد مػن هػؤالء‬
‫السا لني‪.‬‬
‫فعن أنس بن مال (أمترج أبو داود وال مذي والنسا وابن ماجة وقاؿ ال مذي‪ :‬هذا حديث‬
‫حسػن ال نعرفػ إال مػػن حػديث األمتضػػر بػن ع ػػبلف وقػد قػػاؿ فيػ وبػػىي بػن معػػني‪ :‬صػاً وقػػاؿ‬
‫أبو حام الرازي‪ :‬يكت حدي ‪ .‬انظر‪ :‬ـبتصر سػنن أل داود للبنػذري‪ :)246 - 239/2 :‬أف‬
‫رجبلً من األنصار أتى الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬يسأل فقاؿ‪ :‬أما ى بيت و ء؟ قاؿ‪ :‬بلى‪:‬‬
‫حلػػس (اغبلػػس‪ :‬كسػػاء يوشػػع علػػى ظهػػر البعػػك أو يفػػرش ى البيػػز ربػػز حػػر ال يػػاب)‪ .‬نلػػبس‬
‫بعض ػ ونبس ػ بعض ػ وقع ػ (والقع ػ ‪ :‬القػػدح ‪ -‬اإلنػػاء)‪ .‬نيػػرب في ػ اؼبػػاء‪ .‬قػػاؿ‪ :‬ا ت ػ هببػػا‬
‫فأتاخ هببا فأمتذنبا رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬وقاؿ‪ :‬مػن ييػ ى هػذين؟ قػاؿ رجػل‪ :‬أنػا‬
‫آمتذنبا بدرهم وقػاؿ‪ :‬مػن يزيػد علػى درهػم؟ ‪-‬مػرتني أو ثبلثًػا‪ -‬قػاؿ رجػل‪ :‬أنػا آمتػذنبا بػدرنبني‬
‫طعامػا وانبػذخ إَ أهلػ‬
‫فأعطانبا إياخ وأمتذ الدرنبني وأعطانبا األنصاري وقػاؿ‪ :‬اوػ بأحػدنبا ً‬
‫ػودا بيػػدخ ه قػػاؿ لػ ‪:‬‬
‫ػدوما فػػا ت بػ فيػػد رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬عػ ً‬
‫واوػ بػاآلمتر قػ ً‬
‫يومػػا فػػذه الرجػػل وبتط ػ ويبيػػع ف ػػاء وقػػد‬ ‫اذه ػ فاحتط ػ وبػػع وال أرين ػ طبسػػة عيػػر ً‬
‫طعامػػا قػػاؿ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ‬
‫أصػػاب عيػػر دراهػػم فاو ػ ى ببعضػػها ثوبًػػا وببعضػػها ً‬
‫وسلم‪( :-‬هذا متك ل من أف ذبئ اؼبسألة نكتة ى وجه يوـ القيامة‪ .‬إف اؼبسػألة ال تصػل إال‬
‫ل بلثػة‪ :‬لػذي فقػر مػدقع (والفقػػر اؼبػدقع‪ :‬اليػديد وأصػل مػن الػػدقعاء وهػو الػ اب ومعنػاخ‪ :‬الفقػػر‬
‫الذي يفض ب إَ ال اب أي ال يكػوف عنػدخ مػا يتقػى بػ الػ اب) أو لػذي غػرـ مفظػع (والغػرـ‬
‫اؼبفظػػع‪ :‬أف تلزمػ الديػػة الفظيعػػة الفادحػػة فتحػػل لػ الصػػدقة ويعطػػى مػػن سػػهم الغػػارمني أو لػػذي‬
‫دـ موجع) (الدـ اؼبوجع‪ :‬كناية عن الدية يتحبلها ف هق وتوجع فتحل ل اؼبسألة فيها)‪.‬‬
‫وى هػػذا اغبػػديث الناصػػع قبػػد النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ ٍ -‬يػػرد لؤلنصػػاري السػػا ل أف يأمتػػذ‬
‫من الزكاة وهو قوي على الكس وال هبوز ل ذل إال إذا شاقز أمام اؼبسال وأعيت اغبيل‬
‫ووُ األمر ال بد أف يعين ى إتاحة الفرصة للكس اغببلؿ وفت باب العبل أمام ‪.‬‬
‫"إف هػػذا اغبػػديث وبتػػوى متطػوات سػػباقة سػػبق هبػػا اإلسػػبلـ كػػل الػػنظم الػػب عرفتهػػا اإلنسػػانية بعػػد‬
‫قروف طويلة من ظهور اإلسبلـ‪.‬‬
‫إن ٍ يعاي السا ل احملتاج باؼبعونة اؼبادية الوقتية كبا يفكر ك كوف وٍ يعاي بالوعي اةرد والتنفك‬
‫من اؼبسألة كبا يصنع آمتروف ولكن أمتذ بيدخ ى حل ميكلت بنفس وعبلجها بطريقة ناجحة‪.‬‬
‫"علبػ أف يسػػتصدـ كػػل مػػا عنػػدخ مػػن طاقػػات وإف صػػغرت وأف يسػػتنفد مػػا يبلػ مػػن حيػػل وإف‬
‫شؤلز فبل يل أ إَ السؤاؿ وعندخ و ء يستطيع أف ينتفع ب ى تيسك عبل يغني ‪.‬‬
‫"وعلب أف كػل عبػل هبلػ رزقًػا حػبلالً هػو عبػل وػريه كػرٓ ولػو كػاف احتطػاب حزمػة هبتلبهػا‬
‫فيبيعها فيكه اهلل هبا وجه أف يراؽ ماؤخ ى سؤاؿ الناس‪.‬‬
‫"وأرودخ إَ العبل الذي يناس وصص وقدرت وظروف وبيئت وهيأ ل "آلة العبل" الذي أرودخ‬
‫إلي وٍ يدع تا ًها حكاف‪.‬‬
‫يوما يستطيع أف يعرؼ من بعدها مدى مبلءمة هذا العبل ل ووفاءخ‬ ‫"وأعطاخ فرصة طبسة عير ً‬
‫دبطالب فيقرخ علي أو يدبر ل عببلً آمتر‪.‬‬
‫"وبعػػد هػػذا اغبػػل العبل ػ ؼبيػػكلت لقن ػ ذل ػ الػػدرس النظ ػري اؼبػػوجز البليػػغ ى الزجػػر عػػن اؼبسػػألة‬
‫وال هي منها واغبدود الب ذبوز ى دا رهتا وما أحرانا أف نتبع كبن هذخ الطريقة النبوية الرويدة!‬
‫فقبػل أف نبػػدئ ونعيػػد ى ؿباربػػة التسػػوؿ بػػالكبلـ واإلروػػاد نبػػدأ أوال حبػػل اؼبيػػاكل وهتيئػػة العبػػل‬
‫لكل عاطل" (من كتابنا "ميكلة الفقر وكيه عاعبها اإلسبلـ")‪.‬‬
‫ودور الزكػاة هنػػا ال ىبفػى فبػػن أمواؽبػا يبكػػن إعطػاء القػػادر العاطػل مػػا يبكنػ مػػن العبػل ى حرفتػ‬
‫مػػن أدوات أو رأس مػػاؿ كبػػا بينػػا ذل ػ ى مصػػارؼ الزكػػاة ومنهػػا يبكػػن أف يػػدرب علػػى عبػػل‬
‫مه ػ وب ف ػ ويع ػػيو منػ ػ ومنه ػػا يبك ػػن إقام ػػة مي ػػروعات صباعي ػػة ‪-‬مص ػػانع أو مت ػػاجر أو م ػزارع‬
‫وكبوها‪ -‬لييتغلفيها العاطلوف وتكوف مل ًكا ؽبم باالو اؾ كلها أو بعضها‪.‬‬
‫شباف اؼبعيية للعاجزين‬
‫وثانيهبا‪- :‬أع ثاْ األمور الب يتب ل فيها العبلج العبلػ للبسػألة والتسػوؿ ى نظػر اإلسػبلـ‪-‬‬
‫هو شباف اؼبعيية اؼببل بة لكل عاجز عن اكتساب ما يكفي وع زخ هذا لسببني‪:‬‬
‫( أ ) إما لضعه ج باْ وبوؿ بين وبػني الكسػ لصػغر السػن وعػدـ العا ػل كبػا ى اليتػامى أو‬
‫لنقل بعض اغبواس أو بعض األعضاء أو مرض مع ز‪ ...‬إٌ تل األسباب البدنية الب يبتلى‬
‫اؼبرء هبا وال يبل إَ التغل عليها سبيبلً‪ .‬فهذا يعطػى مػن الزكػاة مػا يغنيػ جػ ًا لضػعف ورضبػة‬
‫بع ػػزخ حػػك ال يكػػوف اةتبػػع عونًػػا للػػزمن علي ػ علػػى أف عص ػرنا اغبػػديث قػػد اسػػتطاع أف ييسػػر‬
‫بواسػػطة العلػػم لػػبعض ذوي العاهػػات كػػاؼبكفوفني وغػػكهم مػػن اغبػػرؼ والصػػناعات مػػا يليػػق هبػػم‬
‫ويناسػ حػػالتهم ويكفػػيهم هػواف السػؤاؿ ويضػػبن ؽبػػم العػػيو الكػػرٓ وال بػػأس باإلنفػاؽ علػػى‬
‫تعليبهم وتدريبهم من ماؿ الزكاة‪.‬‬
‫(ب) والسب ال اْ للع ز عن الكس هو انسداد أبواب العبل اغببلؿ ى وج القادرين عليػ‬
‫رغم طلبهم ل وسعيهم اغب يث إلي ورغم ؿباولة وُ األمر إتاحػة الكسػ ؽبػؤالء‪ .‬فهػؤالء ‪-‬وال‬
‫و ػ ‪ -‬ى حك ػػم الع ػػاجزين ع ػ ًػزا ج بانيًػػا مقع ػ ًػدا وإف ك ػػانوا يتبتع ػػوف ب ػػاؼبرة والق ػػوة؛ ألف الق ػػوة‬
‫اعبسدية وحدها ال تطعم وال تغ من جوع ما ٍ يكن معها اكتساب‪.‬‬
‫وقد روى اإلماـ أضبد وغكخ قصة الرجلني اللذين جاءا يسأالف الن ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬مػن‬
‫الصدقة فرفع فيهبا البصر ومتفض فوجدنبا جلدين قويني فقػاؿ ؽببػا‪( :‬إف وػئتبا أعطيتكبػا وال‬
‫حي فيها لغ وال لقوي مكتس ) فالقوي اؼبكتس هو الذي ال حق ل ى الزكاة‪.‬‬
‫وهبذا البياف يتض لنا شبلؿ الك كين فبا ظنوا أف الزكاة صدقة تعطى لكل سا ل وتوزع على كل‬
‫مست د وظن بعضهم أما تعني على ك رة السا لني واؼبتسولني اليػاحذين! بػل تبػني لنػا أف الزكػاة‬
‫لو فهبػز كبػا وػرعها اإلسػبلـ وصبعػز مػن حيػث أمػر اإلسػبلـ ووزعػز حيػث فػرض اإلسػبلـ‬
‫أف توزع لكانز أقب وسيلة ى قطع دابر التسوؿ واؼبتسولني‪.‬‬
‫ميكلة اليحناء وفساد ذات البني‬

‫اإلمتاء هدؼ إسبلم أساس‬

‫مػػن األهػػداؼ األساسػػية لئلسػػبلـ أف يسػػود اإلمتػػاء أبنػػاء البيػػر كافػػة وأبنػػاء ؾبتبعػػة متاصػػة‪ .‬فػ ذا‬
‫سػػاد اإلمتػػاء ‪-‬دبػػا ينطػػوي علي ػ مػػن ؿببػػة وألفػػة ومػػا ي بػػرخ مػػن تكافػػل وتعػػاوف‪ -‬فقػػد سػػاد األمػػن‬
‫والسػػبلـ وظللػػز السػػكينة ربػػوع اةتبػػع وٍ يعػػد يػػرى النػػاس تلػ اػبصػػومات الكبػػكة علػػى أمػػور‬
‫صغكة وال تل اؼبنازعات الدا بة على أعراض اغبياة التافهة‪.‬‬
‫ولن يتحقق ذل إال إذا استقر ى القلوب إيبػاف عبيػق بػاهلل تعػاَ وبالػدار اآلمتػرة وهبػدؼ كبػك‬
‫يعػػيو اإلنسػػاف لػ ويبػػوت عليػ هػػو نصػػرة اغبػػق واػبػػك‪ .‬هبػػذا تسػػتعل النفػػوس اؼبؤمنػػة علػػى اؼبتػػاع‬
‫األدّ وتتطلع إَ األفق األعلى وال تقه ى الطريق لتقاتل على أعػراض الػدنيا وهػ شبػن قليػل‬
‫واآلمترة متك وأبقى‪.‬‬

‫اةتبع النبوذج لؤلمتوة اإلسبلمية‬

‫وقد رأينا هػذخ الصػور النبوذجيػة للب تبػع اؼبتػآمت اؼبتحػاب ى اةتبػع اإلسػبلم األوؿ الػذي‬
‫شبت مدينة الرسوؿ ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬رغػم مػا هنػاؾ مػن تبػاين كػاف يبكػن أف يقػه عقبػة‬
‫ى سػػبيل هػػذا اإلمت ػاء الرا ػػع فػػاةتبع يتػػأله مػػن اؼبهػػاجرين وهػػم قػػوـ وافػػدوف دمتػػبلء علػػى أهػػل‬
‫البلد وهػم مػن العػرب اؼبسػتعربة ‪-‬أعػ العػدنانيني ومػن األنصػار وهػم أهػل البلػد وأصػحاب وهػم‬
‫من العرب العرباء ‪-‬أع القحطانيني وبني كل من القحطانيني والعدنانيني تنػافس وتفػامتر قػدٓ‬
‫وحػػك هػػؤالء األنصػػار يتػػألفوف مػػن بطنػػني كبػكين طاؼبػػا قامػػز بينهبػػا حػػروب ودمػػاء زبلفػػز عنهػػا‬
‫ترات وأحقػاد ونبػا األوس واػبػزرج ومػع هػذا ذبػد بػني هػؤالء وأولئػ اغببيػ كػببلؿ والفارسػ‬
‫كسلباف والروم كصهي وهناؾ فوؽ ذل البدوي اػبين كػأل ذر واؼبتحضػر الػذي رل ى‬
‫أحضاف النعيم كبصع بن عبك‪.‬‬
‫ومع ذل كل قاـ ‪-‬ى ظل اإليباف‪ -‬ذل اإلمتاء الفريد الذي ٍ تكتحل عني الدنيا برؤية م ل ‪.‬‬
‫فرأينا اةتبع الذي وب الفرد في ألمتي ما وب لنفس ويكرخ ل ما يكرخ لنفس ويػرى إيبانػ ال‬
‫يكبػػل بغػػك هػػذا‪ .‬بػػل رأينػػا في ػ مػػن يػػؤثر أمتػػاخ علػػى نفس ػ وهبػػود بالطعػػاـ وهػػو أوػػد مػػا يكػػوف‬
‫عطيػا وقػد رسػم القػرآف لنػا صػورة مػن هػذا اةتبػع‬ ‫جوعا ويتنازؿ عػن اؼبػاء وهػو أوػد مػا يكػوف ً‬ ‫ً‬
‫الفاشل ى قول تعاَ‪( :‬للفقراء اؼبهاجرين الذين أمترجوا من ديارهم وأمواؽبم يبتغوف فضبلً من اهلل‬
‫ورشوانًا وينصروف اهلل ورسول أولئ هم الصادقوف والذين تبوءو الػدار واإليبػاف مػن قػبلهم وببػوف‬
‫مػػن هػػاجر إلػػيهم وال هبػػدوف ى صػػدورهم حاجػػة فبػػا أوت ػوا ويػػؤثروف علػػى أنفسػػهم ولػػو كػػاف هبػػم‬
‫متصاصة ومن يوؽ و نفس فأولئ هم اؼبفلحوف) (اغبير‪.)9-8 :‬‬

‫اإلسبلـ ييرع للواقع‬

‫هذا هو اةتبع الذي يضع اإلسبلـ نص عيني صػورة م لػى تتطلػع إليهػا األعػني وتصػبو إليهػا‬
‫اقعا يلبس الناس‪.‬‬ ‫النفوس ويعبل اؼبصلصوف على أف تكوف و ً‬
‫ولك ػػن اإلس ػػبلـ دي ػػن واقعػ ػ ‪ .‬إنػ ػ ال يي ػػرع للقب ػػم العالي ػػة وينس ػػى الس ػػفوح اؽبابط ػػة‪ .‬ال يي ػػرع‬
‫للحػػاالت الرا عػػة النػػادرة ويغفػػل األح ػواؿ الطبيعيػػة السػػا دة إن ػ ال يف ػ ض البيػػر مبل كػػة يبيػػوف‬
‫ػكا مػػا تسػػوقهم غرا ػػزهم وتسػػوؿ ؽبػػم أنفسػػهم‬‫علػػى األرض أوُ أجنحػػة ولكنػ يف شػػهم بيػ ًػرا ك ػ ً‬
‫األمػػارة بالسػػوء ويوسػػوس ؽبػػم وػػياطني اإلنػػس واعبػػن يػػوح بعضػػهم إَ بعػػض زمتػػرؼ القػػوؿ‬
‫ػرورا وتغػريهم أعػراض اغبيػػاة الػػدنيا وتتقػػاذفهم أمػواج الفػ اؼبظلبػػة وهػػذا مػػا هبعلهػػم يتنػػازعوف‬ ‫غػ ً‬
‫ويتصاصبوف ويتقاتلوف‪ .‬فتيتم أعراض وتسل أمواؿ وتسف دماء‪.‬‬
‫التقاتل قدٓ ى البير‬

‫وقد وقع هذا منذ كاف على وج هػذخ األرض الواسػعة أسػرة واحػدة مكونػة مػن والػدين وأوالدنبػا‪:‬‬
‫آدـ وح ػواء وبنيهبػػا وبناهتبػػا ‪-‬وٍ يبنػػع ذل ػ أف يعتػػدي أخ علػػى أمتي ػ فيقتل ػ بغيًػػا وعػػدوانًا فبػػا‬
‫حقق سوء ظن اؼببل كة هبذا اؼبصلػوؽ اعبديػد الػذي اسػتصلف اهلل ى األرض حػني قػالوا متطلعػني‬
‫إَ رتبػة اػببلفػة‪( :‬أذبعػل فيهػػا مػن يفسػد فيهػػا ويسػف الػدماء وكبػن نسػػب حببػدؾ ونقػدس لػ )‬
‫(البقرة‪.)36:‬‬
‫وقد قل القرآف علينا قصة اب آدـ لنرى فيها كيه يكوف اإلنساف إذا انساؽ وراء الغريزة وأغفل‬
‫داع ػ اإليبػػاف‪ .‬قػػاؿ تعػػاَ‪( :‬واتػػل علػػيهم نبػػأ اب ػ آدـ بػػاغبق إذ قربػػا قربانًػػا فتقبػػل مػػن أحػػدنبا وٍ‬
‫يتقبل من اآلمتر قاؿ ألقتلن قاؿ إمبػا يتقبػل اهلل مػن اؼبتقػني لػئن بسػطز إَ يػدؾ لتقتلػ مػا أنػا‬
‫بباس يدي إلي ألقتلػ إْ أمتػاؼ اهلل رب العػاؼبني إْ أريػد أف تبػوأ بػ شب وإشبػ فتكػوف مػن‬
‫أصػػحاب النػػار وذل ػ ج ػزاء الظػػاؼبني فطوعػػز ل ػ نفس ػ قتػػل أمتي ػ فقتل ػ فأصػػب مػػن اػباس ػرين‬
‫فبعث اهلل غرابًا يبحػث ى األرض لكيػ كيػه يػوارى سػوأة أمتيػ قػاؿ يػا ويلػب أع ػزت أف أكػوف‬
‫م ل هذا الغراب فأواري سوأة أمت فأصب من النادمني) (اؼبا دة‪.)34-27 :‬‬
‫ى هذا الوقز اؼببكر من حياة البير‪-‬حيث ٍ يكن يعرؼ اإلنساف كيه توارى سػوأة اؼبيػز وٍ‬
‫ير ميتًا يدفن بعد‪ -‬قتل اإلنساف أمتاخ اإلنساف أمتاخ ألم وأبي !‬

‫موقه اإلسبلـ من اػبصومات واؼبنازعات‬

‫ماذا فعل اإلسبلـ الدين اؼب اُ الواقع لعبلج هذخ اؼبيكلة القديبة اعبديدة؟‬
‫ل ػػئن ك ػػاف الن ػزاع والتقات ػػل أم ػ ًػرا ال من ػػاص من ػ حبك ػػم طبيع ػػة البي ػػر ٍ يك ػػن مع ػ ذل ػ أف ي ػ ؾ‬
‫يومػا بعػد يػوـ‪ .‬إف اػبصػومة حػني ربػدث والنػزاع‬ ‫ليستيري متطرخ ويتطاير وررخ ويزداد سوء أثػرخ ً‬
‫حػػني يقػػع أوػػب بػػاغبريق حػػني ييػ ‪ .‬فهػػل يػ ؾ اغبريػػق يلػػتهم اػبضػػر واليػػابس واةتبػػع يكتفػػى‬
‫بػػالتفرج أو الصػراخ؟ ال فػػبل بػػد أف يتػػدمتل اةتبػػع كػػل بقػػدر طاقتػ ‪ -‬إلطفػػاء النػػار بكػػل سػػرعة‬
‫فبكنة وال بأس أف ىبصل اةتبع رجاالً من أبنا إلطفاء م ل هذخ اغبرا ق مزودين باإلمكانػات‬
‫البلزمة واؼبعدات الكافية‪.‬‬
‫دارا أو أك ػر مػن دورخ وأي هتػاوف ى‬ ‫اةتبع إذف مسئوؿ بالتضامن عن إطفػاء أي حريػق يصػي ً‬
‫إطفا ىبيى سوء أثرخ على اعببيع ال ؿبالة‪.‬‬

‫على اةتبع أف يتدمتل لئلصبلح‬

‫وهذخ اػبصومات حريق من نوع آمتر حريق ال يدمر البنياف واغب ارة وال يأكل اػبي واغبط‬
‫واؼبتاع ولكنػ يأكػل القلػوب والضػبا ر ويػدمر معػاْ اغبػ واػبػك ى الصػدور واةتبػع مسػئوؿ‬
‫أيضا عن إطفاء هذا اغبريق اؼبعنوي اػبطػر علػى اإليبػاف واألمتػبلؽ والػذي بػني الرسػوؿ‬ ‫بالتضامن ً‬
‫‪-‬ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم‪ -‬س ػػوء أث ػػرخ بقولػ ػ ‪( :‬إف فس ػػاد ذات الب ػػني هػ ػ اغبالق ػػة) (رواخ أب ػػو داود‬
‫وال مذي (من حديث يأن قريبًا) ويروى عن ‪( :‬ال أقوؿ‪ :‬ربلق اليعر ولكن ربلػق الػدين) (هػذخ‬
‫الزيادة ذكرها ال مذي بدوف إسناد)‪.‬‬
‫على اةتبع أف يتدمتل إلطفاء أي وقاؽ وبدث حػك ولػو كػاف ذلػ بػني زوج وزوجتػ علػى أف‬
‫يكػػوف القػػا بوف باإلطفػػاء واإلصػػبلح مػػن أهػػل الػػزوجني حػػك ال يتسػػع اػبػػرؽ علػػى الراقػػع قػػاؿ‬
‫ػبلحا‬
‫وحكبػػا مػػن أهلهػػا إف يريػػدا إصػ ً‬
‫ً‬ ‫حكبػػا مػػن أهل ػ‬
‫تعػػاَ‪( :‬وإف متفػػتم وػػقاؽ بينهبػػا فػػابع وا ً‬
‫متبكا) (النساء‪.)35 :‬‬ ‫عليبا ً‬ ‫يوفق اهلل بينهبا إف اهلل كاف ً‬
‫وقد بينز اآلية أف اغبكبني يكوناف من أهل الزوجني ولكن الذي يبعث اغبكبني وييكل هػذا‬
‫"اةلس العا ل " هو اةتبػع اؼبصاطػ بقولػ ‪" :‬فػابع وا" فبػ بلً ى أوُ األمػر مػن أهػل اغبػل والعقػد‬
‫في ف ف ٍ يوجد هؤالء كاف اعببيع مسئولني مسئولية تضامنية‪.‬‬
‫وإذا كاف اةتبع مسئوالً عن نزاع صغك يقع دامتل أسػرة فكيػه بنػزاع أكػ منػ يقػع بػني أسػرتني‬
‫أو بلدتني؟! إف مسئوليت هنا ‪-‬ال و ‪ -‬أك وتدمتل ‪-‬ال ري ‪ -‬ألزـ‪.‬‬
‫وهنا يأمر القرآف بالتدمتل اغباسم غبل النزاع واإلصبلح بني الطا فتني وإيقاؼ الصراع بينهبا ولػو‬
‫بقوة السبلح‪( :‬وإف طا فتاف من اؼبؤمنني اقتتلوا فأصلحوا بينهبا ف ف بغز إحدانبا على األمترى‬
‫فقػػاتلوا الػػب تبغػ حػػك تفػ ء إَ أمػػر اهلل فػ ف فػػاءت فأصػػلحوا بينهبػػا بالعػػدؿ وأقسػػطوا إف اهلل‬
‫وب اؼبقسطني إمبا اؼبؤمنوف إمتوة فأصلحوا بني أمتويكم واتقوا اهلل لعلكم ترضبوف) (اغب رات‪9 :‬‬
‫‪.)46 -‬‬
‫ووبػػث القػػرآف علػػى اإلصػػبلح بػػني النػػاس ى أك ػػر مػػن موشػػع فيقػػوؿ‪( :‬فػػاتقوا اهلل وأصػػلحوا ذات‬
‫بينكم وأطيعوا اهلل ورسول إف كنتم مؤمنني) (األنفاؿ‪.)4 :‬‬
‫ويقوؿ‪( :‬ال متك ى ك ػك مػن قبػواهم إال مػن أمػر بصػدقة أو معػروؼ أو إصػبلح بػني النػاس ومػن‬
‫عظيبا) (النساء‪.)444 :‬‬ ‫أجرا ً‬ ‫يفعل ذل ابتغاء مرشات اهلل فسوؼ نؤتي ً‬
‫وقػػد جػػاءت أحاديػػث الرسػػوؿ تؤكػػد هػػذا اؼبع ػ وترغ ػ ى اإلصػػبلح دب ػػل هػػذا األسػػلوب القػػوي‬
‫اؼبػػؤثر‪( :‬أال أدلكػػم علػػى أفضػػل مػػن درجػػة الصػػبلة والصػػياـ والصػػدقة؟ إصػػبلح ذات البػػني ف ػ ف‬
‫فساد ذات البػني هػ اغبالقػة) (رواخ أبػو داود ى كتػاب األدب وال مػذي ى صػفة القيامػة وقػاؿ‪:‬‬
‫صحي )‪.‬‬

‫عباف اؼبصاغبات‬
‫وكبػػا متصػػل اةتبػػع رجػػاالً إلطفػػاء اغبريػػق مػػزودين بالسػػيارات و"اػبػراطيم" ينبغػ لػ ‪-‬مػػن بػػاب‬
‫أوَ‪ -‬أف ىبصل رجاالً لئلصبلح بني النػاس بتكػوين "عبػاف للبصػاغبات" ى كػل جهػة أو قريػة‬
‫يكوف من سلطتها التدمتل لفض اػبصومة والتعفية على آثارها بكل الوسا ل‪.‬‬

‫العقبة اؼبالية‪:‬‬

‫كئودا تقػه ى سػبيل اإلصػبلح وحسػم اػبػبلؼ تلػ هػ عقبػة اؼبػاؿ؛ فقػد‬ ‫غك أف هنال عقبة ً‬
‫تكوف هناؾ ديات أو غرامات على أحد الطرفني أو على كليهبا لآلمتػر ال يسػتطيع دفعهػا أو‬
‫ال يػػرى دفعهػػا وٍ يسػػام فيهػػا الطػػرؼ اآلمتػػر وٍ يكػػن مػػن اؼبصػػلحة فػػرض ذلػ بػػالقوة عبػبلً‬
‫على رأب الصدوع والتئاـ اعبروح‪ .‬فبا اغبل إذف؟ وكيه التغل على هذخ العقبة الكأداء؟‬
‫اغبل يسك تقدم لنا الزكاة من "سهم الغارمني"‪ .‬فقد ذكرنا ى "مصارؼ الزكاة" أف مػن الغػارمني‬
‫قوما من أصحاب القلوب الكبكة عرفها اةتبع العرل واإلسبلم ؛ كػاف الواحػد مػن هػؤالء يتقػدـ‬ ‫ً‬
‫إلصػػبلح مػػا بػػني أسػرتني أو قبيلتػػني ويلتػػزـ دفػػع مػػا يقتضػػي الصػػل مػػن ديػػات وغرامػػات مػػن مالػ‬
‫اػباص ليصبد نػار الفتنػة ويقػر السػكينة والسػبلـ وكػاف مػن فضػل اإلسػبلـ أف يعػاف هػؤالء مػن‬
‫الزكاة على ذل اؽبدؼ النبيل‪.‬‬
‫وى حػػديث قبيصػػة بػػن اؼبصػػارؽ اؽبػػبلُ الػػذي َربَبػػل َضبَالػػة ى إصػػبلح ه أتػػى الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل‬
‫حرجا من السػؤاؿ ى ذلػ ‪ -‬فقػاؿ لػ النػ ‪-‬‬ ‫علي وسلم‪ -‬يسأل اؼبعونة فيها ‪-‬وٍ يكونوا هبدوف ً‬
‫صلى اهلل علي وسػلم‪( : -‬أقػم حػك تأتينػا الصػدقة فنػأمر لػ هبػا)‪ .‬ه ذكػر لػ أف أي رجػل رببػل‬
‫ضبالة فقد حلز ل اؼبسألة حك يصيبها ه يبس ‪( .‬رواخ أضبد ومسلم)‪.‬‬
‫ومػػن الرا ػػع ح ًقػػا ى التسػػام اإلسػػبلم ‪ :‬أف نػػل الفقهػػاء علػػى أف الغػػارـ إلصػػبلح ذات الب ػػني‬
‫يعطػػى مػػن الزكػػاة ولػػو كػػاف اإلصػػبلح بػػني أهػػل ذمػػة مػػن اليهػػود أو النصػػارى (انظػػر‪ :‬مطالػ أوُ‬
‫النهى‪.)443/2 :‬‬
‫ف ف سيادة السبلـ والو ػاـ بػني صبيػع الػذين يعييػوف ى كنػه اةتبػع اإلسػبلم هػدؼ أصػيل مػن‬
‫أهداؼ اإلسبلـ‪.‬‬

‫سؤاؿ فقه‬

‫لكػػن هػػل ال بػػد أف يػػدفع أحػػد األوػػصاص أوالً غرامػػات الصػػل مػػن مالػ اػبػػاص ه يعطػػى بعػػد‬
‫ذل ما دفع من ماؿ الزكاة ليكوف حقيقة مػن "الغػارمني"؟ إف عبػارات الفقهػاء بصػفة عامػة تػدؿ‬
‫على او اط ذل مراعاة للفي اآلية (قاؿ ى غاية اؼبنتهى وورح ‪ :‬السػادس غػارـ تػدين إلصػبلح‬
‫ذات البني ولو كاف غنيًا؛ إف ٍ يػدفع مػن مالػ مػا رببلػ ؛ ألنػ إذا دفعػ منػ ٍ يصػر مػدينًا ولػو‬
‫اقػ ض ووفػػاخ فلػ األمتػػذ لوفا ػ لبقػػاء الغػػرـ (مطالػ أوُ النهػػى‪ )444/2 :‬ولكػػن روح اآليػػة‬
‫واؽبدؼ الذي يرمى إلي اليارع من وراء هذا السهم ال سبنع من إعطاء عبنة الصل لتػدفع بػدورها‬
‫إَ الطػػرؼ اؼبسػػتحق مػػا دامػػز اؼبصػػلحة قػػد ربققػػز بتقريػػر عبنػػة يعتػػد برأيهػػا اةتبػػع الػػذي كومػػا‬
‫ورش ػ عنهػػا وإف كػػاف ال بػػد مػػن احملافظػػة علػػى اليػػكل فػػيبكن أف يكلػػه أحػػد أعضػػاء الل نػػة‬
‫اش ػػا م ػػن أح ػػد الن ػػاس أو اؼبؤسس ػػات ه ي ػػرد علي ػ م ػػا غرم ػ بع ػػد ذل ػ م ػػن س ػػهم‬‫بال ػػدفع استقر ً‬
‫الغارمني صندوؽ اؼبصاغبات‪.‬‬
‫على أننا هب أال نغفل أنبية وجود الصنه األوؿ الذي ينب ق من شبك اةتبػع بػاذالً مػن ذات‬
‫يػ ػػدخ للرف ػ ػػق واإلصػ ػػبلح دوف أف يض ػ ػػبن اس ػ ػ داد م ػ ػػا دفػ ػػع فوج ػ ػػود هػ ػػذا الصػ ػػنه ‪-‬ى اؼبي ػ ػزاف‬
‫األمتبلق ػ ‪ -‬هػػدؼ ى ذات ػ وبس ػ ل ػ حسػػاب كبػػك ى تقػػدير اإلسػػبلـ‪ .‬كبػػا وشػػحنا ذل ػ ى‬
‫عبلقة الزكاة باؼبقومات الروحية لؤلمة‪.‬‬
‫ميكلة الكوارث‬

‫الكفاية واألمن‬

‫وبرص اإلسبلـ على أف يعيو كل فرد من أبنا ى كفاية من العػيو وأمػن مػن اػبػوؼ ليسػتطيع‬
‫ييػػا بعبادت ػ فبتنًػػا علػػيهم هبػػاتني‬
‫أف يػػؤدى عبػػادة اهلل أداء متيػػوع وإحسػػاف وؽبػػذا طال ػ اهلل قر ً‬
‫النعبتػػني‪ :‬الكفايػػة واألمػػن‪ .‬فقػػاؿ تعػػاَ‪( :‬إليػػبلؼ قػريو إيبلفهػػم رحلػػة اليػػتاء والصػػيه فليعبػػدوا‬
‫رب هػػذا البيػػز الػػذي أطعبهػػم مػػن جػػوع وآمػػنهم مػػن متػػوؼ) (سػػورة ق ػريو كاملػػة)‪ .‬ووػػر مػػا‬
‫يصػػاب بػ بلػػد أف وبػػرـ هػػاتني النعبتػػني كبػػا قػػاؿ اهلل تعػػاَ‪( :‬وشػػرب اهلل مػ بلً قريػػة كانػػز آمنػػة‬
‫مطبئنػػة يأتيهػػا رزقهػػا رغػ ًػدا مػػن كػػل مكػػاف فكفػػرت بػػأنعم اهلل فأذاقهػػا اهلل لبػػاس اعبػػوع واػبػػوؼ دبػػا‬
‫كانوا يصنعوف) (النحل‪.)442 :‬‬
‫مسلبا كاف أو غػك‬ ‫ومن أجل ذل رأينا التيريع اإلسبلم يكفل لكل من يعيو ى ظل دولت ‪ً -‬‬
‫مسػػلم‪ -‬مسػػتوى مبل ًبػػا مػػن اؼبعييػػة هبػػد في ػ الغػػذاء والكسػػاء واؼبسػػكن كبػػا هبػػد سػػبل العػػبلج‬
‫والتعليم ميسرة ل ‪.‬‬
‫وقد رأينا ى تيػريع الزكػاة كيػه عبلػز علػى معاعبػة ميػكلة الفقػر بتهيئػة العبػل للعاطػل وإعطػاء‬
‫الكفاية للبحتاج‪ :‬كفيت وعا لت ؼبدة عاـ ‪-‬على قوؿ‪ -‬أو كفايت العبر كل على قوؿ آمتر ومن‬
‫رفعا ؼبستوى معييت ‪.‬‬ ‫كاف عندخ بعض الكفاية أعط سباـ ما يكفي ً‬

‫كوارث الزمن‬
‫ولكػػن اإلنسػػاف قػػد يكػػوف ى كفايػػة مػػن العػػيو بػػل ى سػػعة منػ ولكػػن ال يلبػػث أف يعضػ الػػدهر‬
‫فقكا بعد غ ً ذليبلً بعد عز مضطربًا بعػد طبأنينػة وأمػاف‪.‬‬‫بناب ويضرب شربات مفاجئة ت ك ً‬
‫تل ه الكوارث اؼبفاجئة الب ال يد لئلنساف ى جلبها وال دفعها‪.‬‬
‫يكوف التػاجر ى رغػد مػن العػيو فتغػرؽ السػفينة الػب رببػل ذبارتػ أو وبػ ؽ مت ػرخ وفيػ كػل رأس‬
‫مال ‪.‬‬
‫وصػػاح الػػزرع أو الغػػرس الػػذي تنػػزؿ اآلفػػات السػػباوية فت تػػاح زرعػ أو غرسػ وكػػذل الفػػبلح‬
‫الػػذي أكلػػز "الػػدودة" قطنػ أو قبحػ أو أذرتػ أو الػػذي هلكػػز جاموسػػت فكػػاد يهلػ بعػػدها‬
‫غبا‪.‬‬
‫ً‬

‫الكوارث اقتضز نظاـ التأمني ى الغرب‬

‫دورا عػػامرة وأفقػػرت أنا ًسػػا كػػانوا ى حببوحػػة مػػن الغ ػ جعلػػز‬
‫هػػذخ الك ػوارث الػػب طاؼبػػا متربػػز ً‬
‫الك كين ىبافوف على متاجرهم ومصانعهم ورؤوس أمواؽبم وعلى ذويهػم مػن بعػدهم فبح ػوا عػن‬
‫وػ ء يػػأمنوف بػ مػػن شػربات الػػدهر وغػػدرات األيػػاـ فكػػاف مػػن ذلػ نظػػاـ التػػأمني الػػذي عرفػ‬
‫الغرب ى القروف األمتكة ى صور وك وألواف عديدة‪.‬‬

‫نظاـ التأمني اإلسبلم‬

‫وقبػػل أف يعػػرؼ اةتبػػع الغػػرل نظػػاـ التػػأمني بقػػروف كػػاف اةتبػػع اإلسػػبلم يػػؤمن أف ػرادخ بطريقت ػ‬
‫اػباصػػة إذ كػػاف "بيػػز مػػاؿ اؼبسػػلبني" هػػو وػػركة التػػأمني الك ػ ى الػػب يل ػػأ إليهػػا كػػل مػػن نكب ػ‬
‫الدهر في د في العوف واؼببلذ‪.‬‬
‫إن ػ ال يػ ؾ اؼبصػػاب ربػػز رضبػػة ت عػػات قػػد تصػػل إلي ػ مػػن اػبػكين مػػن النػػاس وإف كػػاف ال يبنػػع‬
‫ذل بل يرغ في تنبيػة لعواطػه اػبػك وميػاعر الرضبػة بػني النػاس وقػد قػاؿ النػ ‪-‬صػلى اهلل‬
‫علي وسػلم‪ -‬ألصػحاب عنػدما وػكا إليػ رجػل جا حػة حلػز بػ ‪( :‬تصػدقوا عليػ ) فتصػدؽ النػاس‬
‫علي ػ ػ (تق ػ ػػدـ ص‪ 674‬وق ػ ػػد رواخ أضب ػ ػػد‪ 58 36/3 :‬ومس ػ ػػلم ى كت ػ ػػاب اؼبس ػ ػػاقاة وأب ػ ػػو داود‬
‫والنسا ى البيوع وال مذي ى الزكاة وابن ماجة ى األحكاـ)‪.‬‬

‫ى سهم الغارمني متسع للكوارث‬

‫نعم ال يدع اإلسبلـ اؼبنكوب لت عػات النػاس الطيبػني وحػدها بػل هبعػل لػ نصػيبًا ى بيػز اؼبػاؿ‬
‫وى مػػاؿ الزكػػاة بالػػذات يطال ػ ب ػ وُ األمػػر غػػك هيػػاب وال مت ػػل فهػػو رجػػل مػػن اؼبسػػلبني‬
‫يطل حق من بيز ماؿ اؼبسلبني‪.‬‬
‫وى حديث قبيصػة بػن اؼبصػارؽ الػذي ذكرنػاخ مػن قبػل أف النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬قػاؿ لػ ‪:‬‬
‫(إف اؼبسػػألة ال ربػػل إال ل بلثػػة‪ )....‬وذكػػر مػػنهم رج ػبلً أصػػابت جا حػػة اجتاحػػز مال ػ فحلػػز ل ػ‬
‫اؼبسألة حك يصي قوا ًما من عيو‪.‬‬
‫وقد جاء عن مفسػري السػله ى تأويػل معػ "الغػارمني" ى آيػة مصػارؼ الزكػاة أنػ ‪" :‬مػن احػ ؽ‬
‫بيت ػ أو ذهػ ػ الس ػػيل دبالػ ػ ف ػػأداف عل ػػى عيال ػ " (انظ ػػر‪ :‬فص ػػل "الغ ػػارموف" م ػػن مص ػػرؼ الزك ػػاة‪.‬‬
‫ص‪ 665‬وما بعدها)‪.‬‬

‫كم يعطى اؼبنكوب بالكارثة‬


‫ولقد رأينا حديث الرسوؿ الكرٓ لقبيصة يبي ل أف يطال حبقػ ويسػأؿ أوُ األمػر حػك يصػي‬
‫ػدادا مػػن عػػيو وقػواـ عػػيو كػػل إنسػػاف يقػػدر حبسػ وشػػع اؼبػػاُ ومركػػزخ‬
‫قو ًامػػا مػػن عػػيو أو سػ ً‬
‫االجتبػػاع ‪ .‬فقػواـ عػػيو مػػن احػ ؽ بيتػ أف يبػ لػ بيػػز مبل ػػم يسػػع وعا لتػ ويؤثػػث دبػػا يليػػق‬
‫حبالػ وقػواـ عػػيو التػػاجر الػػذي أصػػي ى ذبارتػ مػ بلً‪ .‬أف يػػدور دوالب ذبارتػ وإف ٍ يعػػد كبػػا‬
‫كاف سعة وثروة وهكذا كل إنساف حبسب ‪.‬‬
‫ومن الفقهاء من يرى أف يعطى م ل هذا ما يعػود بػ إَ حالتػ األوَ (ذكػرخ الغػزاُ ى "اإلحيػاء"‬
‫كبػػا نقلنػػا ذلػ ى مصػػرؼ‪" :‬الفقػراء واؼبسػػاكني"‪ .‬ص‪ )644‬ولكػ أرى أف األمتػػذ هبػػذا الػرأي‬
‫أو ذاؾ موقوؼ على قدر ماؿ الزكاة ك رة وقلة وحاجة اؼبصارؼ األمترى ودة وشع ًفا‪.‬‬

‫كوارث الريه‬

‫إف أحوج الناس إَ االنتفاع هبذا السهم هم أهل الريه الكادحوف اؼبتعبوف‪.‬‬
‫ػدارا‬
‫لقد كاف أهل القرى قديبًا يتكافلوف فيبا بينهم إذا حلز بأحدهم كارثة صبعػوا مػن بيػنهم مق ً‬
‫ودا ألزرخ وتقوية لظهرخ‪.‬‬
‫من اؼباؿ يدفعون ألي ً‬
‫وبعد أف غاض نبع العواطه اػبكة من صدور الناس إال قليبلً أصب الفػبلح اؼبسػكني ‪-‬ى بلػد‬
‫كبصػػر‪ -‬سبػػوت جاموسػػت فيحػػزف عليهػػا كأمػػا بعػػض أهلػ وتبكػػى عليهػػا زوجػ وأوالدخ كػػأمم‬
‫يبكوف عز ًيزا عليهم ًأما أو أبًا ويعرؼ الناس أف فبلنًا قػد انكسػر ظهػرخ! وم ػل هػذا مػن أهلكػز‬
‫اآلفات زرع وأود من من اح ؽ بيت ودمر علي معاو وؿبصول ‪ .‬كل هػؤالء اؼبنكػوبني تسػتطيع‬
‫الزكػػاة مػػن سػػهم "الغػػارمني" بػػل مػػن سػػهم "الفق ػراء واؼبسػػاكني" أف تنتيػػلهم مػػن هػػوة النكبػػة‬
‫وتأمتذ بأيديهم ليبضوا ى قافلة اغبياة مع السا رين وال يتصلفوا فيهلكوا مع اؼبنقطعني‪.‬‬
‫ميكلة العزوبة‬

‫ال رهبانية ى اإلسبلـ‬

‫وقه اإلسبلـ دوف إرمتاء العناف لغريزة اعبنس لتنطلق بغك حدود وال قيود ولػذل حػرـ الزنػا ومػا‬
‫يفض إلي وما يلحق ب ولكن إَ جان ذل قاوـ النزعة اؼبضادة لذل ‪ :‬نزعػة مصػادرة الغريػزة‬
‫وكبتها ومػن أجػل ذلػ دعػا إَ الػزواج ومػى عػن التبتػل واػبصػاء (التبتػل‪ :‬االنقطػاع عػن النسػاء‬
‫وعن الدنيا للعبادة واػبصاء قطع اليهوة بسل اػبصيتني)‪ .‬فبل ينبغ ؼبسلم أف يعرض عن الزواج‬
‫مع القدرة علي بدعوى التبتل هلل أو التفرغ للعبادة وال ه واالنقطاع عن الدنيا‪.‬‬
‫وق ػػد ؼبػ ػ النػ ػ ‪-‬ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم‪ -‬ى بع ػػض أص ػػحاب و ػػيئًا م ػػن الن ػػزوع إَ ه ػػذخ الوجه ػػة‬
‫الرهبانية فأعلن أف هذا اكبراؼ عن م اإلسبلـ وإعراض عن سنت علي الصبلة والسبلـ‪.‬‬
‫وقاؿ ؽبم‪( :‬إمبا أنا أعلبكم باهلل وأمتياكم ل ولكن أقوـ وأناـ وأصػوـ وأفطػر وأتػزوج النسػاء‬
‫فبػػن رغػ عػػن سػػنب فلػػيس مػ ) (رواخ البصػػاري) وقػػاؿ سػػعد بػػن أل وقػػاص‪( :‬رد رسػػوؿ اهلل ‪-‬‬
‫صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬علػػى ع بػػاف بػػن مظعػػوف التبتػػل ولػػو أذف لػ المتتصػػينا) (رواخ البصػػاري)‬
‫ووج عليػ السػبلـ نػداءخ إَ اليػباب عامػة فقػاؿ‪( :‬يػا معيػر اليػباب مػن اسػتطاع مػنكم البػاءة‬
‫فليتزوج ف ن أغض للبصر وأحصن للفرج) (رواخ البصاري)‪.‬‬
‫قادرا علي ‪.‬‬
‫ومن هنا قاؿ بعض العلباء‪ :‬إف الزواج فريضة على اؼبسلم ال وبل ل ترك ما داـ ً‬
‫وال يليق باؼبسلم أف يصد عن الزواج متيية شيق الرزؽ علي أو ثقل اؼبسػئولية علػى عاتقػ وعليػ‬
‫أف وبػػاوؿ ويسػػعى وينتظػػر فضػػل اهلل ومعونت ػ الػػب وعػػد هبػػا اؼبتػػزوجني الػػذين يرغبػػوف ى العفػػاؼ‬
‫واإلحصػػاف‪ .‬قػػاؿ تعػػاَ‪( :‬وأنكح ػوا األيػػامى مػػنكم والصػػاغبني مػػن عبػػادكم وإمػػا كم إف يكون ػوا‬
‫فقراء يغنهم اهلل من فضل ) (النور‪ .)32 :‬وقاؿ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ ( : -‬ثبلثة حق‬
‫على اهلل عومم‪ :‬الناك الذي يريد العفاؼ واؼبكات الذي يريد األداء ‪-‬أي العبد الذي يريد أف‬
‫وبرر رقبت ببذؿ مقدار من اؼباؿ يكات علي سيدخ‪ -‬والغازي ى سػبيل اهلل) (رواخ أضبػد والنسػا‬
‫وال مذي وابن ماجة واغباكم‪ .‬عن أل هريرة ب سناد صحي كبا ى التيسك‪.)474/4 :‬‬
‫ومن فضل اهلل وعون الذي وعد بػ كػل مػؤمن يريػد إعفػاؼ نفسػ بػالزواج‪ :‬أف يبػد اةتبػع اؼبسػلم‬
‫‪-‬فبػ بلً ى اغبكومػػة أو مؤسسػػة الزكػػاة‪ -‬يػػدخ إلي ػ باؼبسػػاعدة ى اؼبهػػر ونفقػػات الػػزواج إف كػػاف مػػن‬
‫أهػػل اغباجػػة حػػك يسػػتطيع أف يسػػت ي لنػػداء اإلسػػبلـ ى غػػض البصػػر وإحصػػاف الفػػرج وإقامػػة‬
‫األسرة اؼبسلبة ومعرفة آية اهلل البينة الب نب عليها عبادخ فبتنًا عليهم بقولػ ‪( :‬ومػن آياتػ أف متلػق‬
‫اجػػا لتسػػكنوا إليهػػا وجع ػػل بيػػنكم مػػودة ورضبػػة إف ى ذل ػ آليػػات لق ػػوـ‬ ‫لكػػم مػػن أنفسػػكم أزو ً‬
‫يتفكروف) (الروـ‪.)24:‬‬
‫ػادا م ػ غػػك مسػػبوؽ إلي ػ ولكن ػ الػػذي قػػررخ‬
‫ػداعا مػػن عنػػد نفس ػ أو اجتهػ ً‬ ‫ولسػػز أقػػوؿ هػػذا ابتػ ً‬
‫أ بتنا منذ قروف؛ فقد جعلوا الزواج من سباـ الكفاية وقالوا‪ :‬إف مػن سبػاـ الكفايػة مػا يأمتػذخ الفقػك‬
‫ليتػػزوج ب ػ إذا ٍ تكػػن ل ػ زوجػػة واحتػػاج إَ الػػزواج‪ .‬كبػػا فصػػلنا ذل ػ ى موشػػع مػػن مصػػارؼ‬
‫الزكاة (انظر‪ :‬موشوع‪" :‬الزواج من سباـ الكفاية" ص‪.)668‬‬

‫ميكلة التيرد‬

‫رأينػػا ى بػػاب "مصػػرؼ الزكػػاة"‪ :‬كيػػه عػ القػػرآف بػػابن السػػبيل ى سػػورخ اؼبكيػػة واؼبدنيػػة وأمػػر ى‬
‫سهبا ى ماؿ الزكاة‪.‬‬ ‫أمتكا ً‬
‫أك ر من موشع باإلحساف ب وإيتا حق ه جعل ل ً‬
‫ومػػا ذاؾ إال ألف اؼبسػػلم وب ػ لئلنسػػاف أف يكػػوف "ابػػن بيػػز" يؤوي ػ ويكػػرخ ل ػ أف يكػػوف "ابػػن‬
‫سبيل" ومن هنا كاف من اؼبقرر ى اليريعة أف يكػوف لكػل إنسػاف مسػكن ال ػق بػ يؤويػ وعيالػ‬
‫واعت هذا من اغباجات األصلية الب ال بد للبرء منها ليعيو ويبقى‪.‬‬
‫ػكا أو مسػػكينًا "واؼبعت ػ ‪:‬‬
‫قػػاؿ اإلمػػاـ النػػووي ى بيػػاف معػ الكفايػػة الػػب بػػدوما يكػػوف اإلنسػػاف فقػ ً‬
‫اؼبطعػم واؼبلػػبس واؼبسػػكن وسػػا ر مػػا ال بػد منػ علػػى مػػا يليػػق حبالػ بغػػك إسػراؼ وال إقتػػار لػػنفس‬
‫اليصل وؼبن هو ى نفقت " (راجع ذل ربز عنواف "مستوى ال ق للبعيية" ص ‪.)646‬‬
‫وق ػػاؿ اب ػػن ح ػػزـ ى بي ػػاف األو ػػياء األساس ػػية ال ػػب هبػ ػ أف تتػ ػوافر لك ػػل إنس ػػاف ى ظ ػػل النظ ػػاـ‬
‫اإلسبلم ‪" :‬وفرض على األغنياء ى كل بلػد أف يقومػوا بفقػرا هم وهبػ هم السػلطاف علػى ذلػ ‪-‬‬
‫إف ٍ تقم الزكوات وال فئ سا ر اؼبسلبني هبم‪ -‬فيقاـ ؽبم دبا يلزمهم من القوت الػذي ال بػد منػ‬
‫ومػػن ملػػبس للصػػيه واليػػتاء م ػػل ذلػ ومػػن مسػػكن يكػػنهم مػػن اليػػبس واؼبطػػر وعيػػوف اؼبػػارة"‬
‫(احمللى‪.)456/6 :‬‬
‫وقػػد ذكرنػػا ى مبحػػث "ابػػن السػػبيل" مػػن مصػػارؼ الزكػػاة أف مػػن اؼبعاص ػرين مػػن صػػرؼ معنػػاخ إَ‬
‫"اللقي " وال بُعػد ى ذلػ فػ ف السػبيل أهلػ وأمػ وأبػوخ واللقطػاء شبػرة عبريبػة اق فهػا غػكهم فػبل‬
‫وببلػػوف إشبهػػا‪ .‬قػػاؿ تعػػاَ‪( :‬وال تكسػ كػػل نفػػس إال عليهػػا وال تػػزر وازرة وزر أمتػػرى) (األنعػػاـ‪:‬‬
‫‪ .)464‬فبن الواج أف يكوف ؽبم حي من ماؿ الزكاة ترعى ب وئومم وينفق من على حسػن‬
‫تربيتهم وإعدادهم لغد طاهر مستقيم‪.‬‬
‫قطع ػػا ى الفق ػ ػراء واؼبس ػػاكني‪ .‬فه ػػو م ػػن‬
‫وال ػػذين ال ي ػػدمتلوف اللق ػػي ى "اب ػػن الس ػػبيل" يدمتلون ػ ػ ً‬
‫مصارؼ الزكاة ببل نزاع‪.‬‬

‫تنبي البد من‬


‫ينبغ أف ننب ى متاسبة هذا الباب على أف الزكاة إمبا ه جزء من نظػاـ اإلسػبلـ اؼبتكامػل الػذي‬
‫ورع اهلل ليهدى ب النػاس ويصػل اغبيػاة ولػن تسػتطيع الزكػاة وحػدها حػل ميػكبلت اةتبػع ‪-‬‬
‫الب ربدثنا عنها أو عن بعضها‪ -‬ى ؾبتبع يعطل اإلسبلـ وورا ع ى سا ر وئوف اغبياة األمترى‬
‫وال يلتزـ ى سلوك أمتبلؽ اإلسبلـ وآداب اإلسبلـ‪.‬‬
‫واإلسبلـ وػريعة وػاملة م ابطػة ال هبػوز أمتػذ بعضػها وإنبػاؿ بعضػها كبػا ال هبػوز اسػتكاد نظػاـ‬
‫آمتر غك إسبلم وترقيع بقطع أو أجزاء من نظاـ اإلسبلـ كالزكاة ف ف هذا ال قيع ال هبدي‪.‬‬
‫إف اهلل ع ػػاب عل ػػى اليه ػػود م ػػل ه ػػذا الص ػػنيع ح ػػني مت ػػاطبهم بقولػ ػ ‪( :‬أفتؤمن ػػوف ب ػػبعض الكت ػػاب‬
‫ببعض)؟! (البقرة‪.)85 :‬‬ ‫وتكفروف ٍ‬
‫وحذر رسول ‪-‬وكل حاكم بعدخ‪ -‬مػن تػرؾ بعػض مػا أنزلػ سػبحان فقػاؿ‪( :‬وأف احكػم بيػنهم دبػا‬
‫أنزؿ اهلل وال تتبع أهواءهم واحذرهم أف يفتنوؾ عن بعض ما أنزؿ اهلل إلي ) (اؼبا دة‪.)49 :‬‬
‫إف العبلج الفذ هو األمتذ باإلسبلـ كل اإلسبلـ (انظر‪ :‬كتابنا "ميكلة الفقػر" فصػل "وػرط ال‬
‫بد من ")‪.‬‬
‫الباب السابع‬
‫زكاة الفطر‬

‫فهرس‬

‫مقدار الواج ومم يكوف؟‬

‫وقز الوجوب واإلمتراج‬


‫ؼبن تُصرؼ زكاة الفطر؟‬

‫احملتويات‬

‫مع زكاة الفطر وحكبها وحكبتها‬

‫على من ذب زكاة الفطر وعبن ذب ؟‬

‫وبتوى هذا الباب على طبسة فصوؿ‪:‬‬


‫األوؿ‪ :‬ى مع زكاة الفطر وبياف حكبها وحكبة ميروعيتها‪.‬‬
‫ال اْ‪ :‬على من ذب ؟ وعبن ذب ؟‬
‫ال الث‪ :‬ى مقدار الواج ومن أي و ء يكوف؟ وحكم دفع القيبة‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬وقز الوجوب واإلمتراج‪.‬‬
‫اػبامس‪ :‬ؼبن تصرؼ زكاة الفطر؟‬
‫الفصل األوؿ‬
‫مع زكاة الفطر وحكبها وحكبتها‬
‫فهرس‬

‫حكبة ميروعيتها‬

‫مع زكاة الفطر‬

‫وجوب زكاة الفطر‬

‫مع زكاة الفطر‬

‫أيضػا صػدقة الفطػر وقػد بينػا‬ ‫مع زكاة الفطر‪ :‬أي الزكاة الب سػببها الفطػر مػن رمضػاف وتسػبى ً‬
‫ػكا ى القػرآف والسػنة كبػا‬ ‫أف لفظة "الصدقة" تطلق ور ًعا علػى الزكػاة اؼبفروشػة وقػد جػاء ذلػ ك ً‬
‫أيضػػا زكػػاة الفطػػر كأمػػا مػػن الفطػػرة الػػب هػ اػبلقػػة فوجوهبػػا عليهػػا تزكيػػة للػػنفس وتنقيػػة‬
‫تسػػبى ً‬
‫لعبلها ويقاؿ للبصرج هنا "فطرة" بكسر الفاء وه مولدة ال عربية وال معربة‪ .‬بػل اصػطبلحية‬
‫للفقهاء (قاؿ ابن عابدين ى حاويت ى النهر عن ورح الوقاية‪ :‬إف لفي "الفطػرة" الواقػع ى كػبلـ‬
‫الفقهاء وغكهم مولد حك عدخ بعضهم من غبن العامة‪ .‬أ هػ‪ .‬أي أف الفطرة اؼبراد هبا الصدقة غك‬
‫لغوية ؛ ألما ٍ تأت هبذا اؼبع وأما ما ى "القاموس" مػن أف الفطػرة ‪-‬بالكسػر‪ -‬صػدقة الفطػر‬
‫واػبلق ػػة فاع ش ػ بع ػػض احملقق ػػني ب ػػأف األوؿ غ ػػك ص ػػحي ؛ ألف ذل ػ اؼبص ػػرج ٍ يعل ػػم إال م ػػن‬
‫ػكا فيػ مػن متلػ اغبقػا ق اليػرعية باللغويػة وى‬ ‫اليارع وقد عُػد مػن غلػ "القػاموس" مػا يقػع ك ً‬
‫"اؼبغرب"‪ :‬أف الفطرة هبذا اؼبع قػد جػاءت ى عبػارات اليػافع وغػكخ وهػ صػحيحة مػن طريػق‬
‫اللغ ػة وإف ٍ أجػػدها فيبػػا عنػػدي مػػن األصػػوؿ وى ربريػػر النػػووي‪ :‬ه ػ اسػػم مولػػد ولعلهػػا مػػن‬
‫الفط ػػرة ال ػػب هػ ػ اػبلق ػػة‪ .‬ق ػػاؿ أب ػػو ؿبب ػػد األهب ػػري‪ :‬معناه ػػا زك ػػاة اػبلق ػػة كأم ػػا زك ػػاة الب ػػدف وى‬
‫اؼبص ػػباح‪ :‬وق ػػوؽبم الفط ػػرة ‪ -‬األص ػػل ذبػ ػ زك ػػاة الفط ػػرة وهػ ػ الب ػػدف‪ :‬فح ػػذؼ اؼبض ػػاؼ وأق ػػيم‬
‫اؼبضاؼ إلي مقام واستغ ب ى االستعباؿ لفهم اؼبع … أ هػ وميػى عليػ القهسػتاْ وؽبػذا‬
‫نقػل عػن بعضػػهم‪ :‬أمػا تسػػبى صػدقة الػرأس وزكػاة البػػدف واغباصػل‪ :‬أف لفػػي الفطػرة ‪-‬بالتػػاء‪ -‬ال‬
‫و ػ ى لغويت ػ ومعنػػاخ اػبلقػػة وإمبػػا الكػػبلـ ى إطبلق ػ م ػر ًادا ب ػ اؼبصػػرج ف ػ ف أطلػػق علي ػ بػػدوف‬
‫تقدير‪ :‬فهو اصطبلح ورع مولد وأما مػع تقػدير اؼبضػاؼ فػاؼبراد هبػا اؼبعػ اللغػوي ولعػل هػذا‬
‫وج الصحة الذي أرادخ صاح اؼبغرب‪( .‬انظر‪ :‬رد احملتاؿ‪)78/2 :‬‬
‫وقد فرشز ى السنة ال انية من اؽب رة ‪-‬وه السنة الب فرض فيها صػياـ رمضػاف (انظػر‪ :‬اؼبرقػاة‪:‬‬
‫‪ -.)459/4‬طهػػرة للصػػا م مػػن اللغػػو والرفػػث وطعبػػة للبسػػاكني وإغنػػاء ؽبػػم عػػن ذؿ اغباجػػة‬
‫والسؤاؿ ى يوـ العيد‪.‬‬
‫فهػػذخ الزكػػاة ش ػريبة متبيػػزة عػػن بقيػػة الزك ػوات األمتػػرى ؛ إذ ه ػ ش ػريبة علػػى األوػػصاص وتل ػ‬
‫شػريبة علػػى األمػواؿ وؽبػػذا ال ييػ ط ؽبػػا مػػا ييػ ط للزكػوات األمتػػرى مػػن ملػ النصػػاب بيػػروط‬
‫اؼببينػػة ى مواشػػعها‪ .‬كبػػا سػػنرج ذلػ ويسػػب الفقهػػاء هػػذخ الزكػػاة زكػػاة الػػرؤوس أو الرقػػاب أو‬
‫األبداف واؼبراد بالبدف اليصل ال ما يقابل الروح أو النفس‪.‬‬
‫وجوب زكاة الفطر‬

‫روى اعبباعة عن عبد اهلل بن عبػر ‪-‬رشػ اهلل عنهبػا‪( -‬أف رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪-‬‬
‫صاعا من وػعك علػى كػل حػر أو عبػد ذكػر أو‬ ‫صاعا من سبر أو ً‬ ‫فرض زكاة الفطر من رمضاف ً‬
‫أن ى من اؼبسلبني) (ذكرخ ى منتقى األمتبار ‪-‬نيل األوطار‪ -479/4 :‬طبع الع بانية)‪.‬‬
‫قػػاؿ صبهػػور العلبػػاء مػػن السػػله واػبلػػه‪ :‬مع ػ (فػػرض) هنػػا‪ :‬ألػػزـ وأوج ػ فزكػػاة الفطػػر فػػرض‬
‫واجػ عنػػدهم لػػدمتوؽبا ى عبػػوـ قولػ تعػػاَ (وآتػوا الزكػاة) (سػػورة البقػػرة‪ 446:‬والنسػػاء‪77:‬‬
‫والنور‪ 56:‬وغكها) وقد ظباها رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسػلم‪ -‬زكػاة فهػ دامتلػة ى أمػر اهلل‬
‫تعػاَ هبػا ولقولػ ى اغبػديث‪( :‬فػرض) وهػػو غالػ ى اسػػتعباؿ اليػرع هبػذا اؼبعػ وفبػا يؤكػػد أف‬
‫أيضػا ؛ إذ قػاؿ ى اغبػديث‪:‬‬ ‫(فرض) دبع "أوج وألزـ" اق اما حبرؼ (على) الب تفيد الوجػوب ً‬
‫(على كل حر وعبد)‪ .‬كبا أف الروايات الصحيحة فيها‪( :‬أمر رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪-‬‬
‫) وظاهر األمر يفيد الوجػوب كػذل (انظػر‪ :‬وػرح النػووي علػى مسػلم‪ 58/7 :‬وانظػر‪ :‬احمللػى‪:‬‬
‫‪.)449/6‬‬
‫وقد صرح أبو العالية وعطاء وابن سكين بأما فريضة‪ .‬كبا ى البصاري (ذكرخ معل ًقػا وقػاؿ اغبػافي‬
‫ى الفػػت ‪ :‬وصػػل عبػػد الػػرزاؽ عػػن ابػػن جػري عػػن عطػػاء ووصػػل ابػػن أل وػػيبة مػػن طريػػق عاصػػم‬
‫األحػػوؿ عػػن اآلمتػرين وإمبػػا اقتصػػر البصػػاري علػػى ذكػػر هػػؤالء لكػػومم صػػرحوا بفرشػػيتها وإال فقػػد‬
‫نقل ابن اؼبنذر وغكخ اإلصباع على ذل ")‪.‬‬
‫وهو مذه مال واليافع وأضبد‪.‬‬
‫فرشا بناء على قاعدهتم ى التفرقة بني الفرض والواجػ ‪.‬‬ ‫وذه اغبنفية إَ أما واجبة وليسز ً‬
‫فالفرض عندهم ما ثبز بدليل قطع والواج ما ثبز بػدليل ظػ ومػن آثػار هػذخ التفرقػة‪ :‬أف‬
‫جاحػػد الفػػرض يكفػػر أمػػا جاحػػد الواجػ فػػبل يكفػػر وؽبػػذا يسػػبوف الواجػ ‪" :‬الفػػرض العبلػ "‬
‫ى مقابلة "الفرض االعتقػادي" وهػذا خبػبلؼ الفػرض عنػد األ بػة ال بلثػة ف نػ ييػبل القسػبني‪:‬‬
‫مػػا ثبػػز بقطعػ وبظػ وهبػػذا نعلػػم‪ :‬أف اغبنفيػػة ليسػوا ـبػػالفني للبػػذاه ال بلثػػة ى اغبكػػم (قػػاؿ‬
‫احملقق ابن اؽبباـ‪ :‬ال متبلؼ ى اؼبع ‪ :‬ف ف االف اض الذي ي بتون ليس على وج يكفر جاحدخ‬
‫فهو مع الوجوب الػذي نقػوؿ بػ غايتػ أف الفػرض ى اصػطبلحهم أعػم مػن الواجػ ى عرفنػا‬
‫فأطلقناخ على أحد جزأي وإمبا قاؿ اغبنفية بػالوجوب هنػا دوف الفرشػية لوجػود بعػض اػبػبلؼ ى‬
‫وجوهبػػا ومػػا ورد مػػن أحاديػػث فليسػػز قطعيػػة ال بػػوت وال الداللػػة‪( .‬انظػػر‪ :‬اؼبرقػػاة علػػى اؼبيػػكاة‪:‬‬
‫‪ )466/4‬وإمبا هو امتتبلؼ ى االصطبلح وال مياحة في ‪.‬‬
‫ونقل اؼبالكية عن أوه ‪ :‬أما سنة مؤكدة (حكى ابن حػزـ ى احمللػى (‪ :)448/6‬عػن مالػ أف‬
‫فرشػػا وعلػق اليػػيمل وػاكر عليػ بػأف هػػذا وهػم مػػن ابػن حػػزـ أو فبػن نقػػل عنػ‬
‫زكػاة الفطػػر ليسػز ً‬
‫فقد قاؿ مال ى اؼبوطأ‪ :‬ذبػ زكػاة الفطػر علػى أهػل الباديػة كبػا ذبػ علػى أهػل القػرى وذلػ‬
‫أف رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬فرض زكاة الفطر من رمضػاف علػى النػاس"‪ ...‬إٌ وحكػاخ‬
‫ابن رود ى بداية اةتهد‪ 269/4 :‬عن بعض اؼبتأمترين من أصحاب مال وٍ يعين ) وهو قوؿ‬
‫بعض أهل الظاهر وابن اللباف من اليافعية وتأولوا كلبة "فػرض" ى اغبػديث دبعػ "قػدر" ومػا‬
‫ذكرناخ قبل يرد عليهم‪.‬‬
‫وقاؿ‪ :‬ابن دقيق العيد‪ :‬أصل "فرض" ى اللغة "قػدر" لكػن ى عػرؼ اليػرع إَ الوجػوب فاغببػل‬
‫علي أوَ‪.‬‬
‫وقاؿ ابن اؽبباـ‪:‬‬
‫ضبل اللفي على اغبقيقة اليرعية ى كبلـ اليارع متعني ما ٍ يقم صػارؼ عنػ واغبقيقػة اليػرعية‬
‫متصوصػا ى لفػي البصػاري ومسػػلم‪ :‬أنػ أمػر بزكػاة الفطػر ومعػ لفػي "فػػرض"‬ ‫ً‬ ‫غػك ؾبػرد التقػدير‬
‫هو مع لفي "أمر"‪.‬‬
‫ويؤيػد الوجػوب تسػبيتها زكػاة فتػدمتل ى عبػوـ الزكػػاة الػب أمػر اهلل هبػا وتوعػد مانعيهػا بالعػػذاب‬
‫اليديد ومن هنا حكى النووي قوؿ ابن اللباف بسنريتها ه قاؿ‪ :‬هذا واذ منكر بل غل صري ‪.‬‬
‫وقاؿ إسحاؽ بن راهوي ‪ :‬إهباب زكاة الفطر كاإلصباع بل نقل ابن اؼبنذر اإلصباع على وجوهبا‪.‬‬
‫وقػػوؿ إسػػحاؽ أدؽ لوجػػود متػػبلؼ طفيػػه فيهػػا كبػػا ذكرنػػا وألف إب ػراهيم بػػن عليػػة وأبػػا بكػػر‬
‫األصم قاال‪ :‬إف وجوهبا نسمل بفرض الزكاة‪.‬‬
‫واسػتدؿ ؽببػػا دبػػا رواخ أضبػػد والنسػػا عػػن قػػيس بػػن سػعد بػػن عبػػادة‪ :‬أنػ سػػئل عػػن صػػدقة الفطػػر‬
‫فقػػاؿ‪( :‬أمػػر رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬بصػػدقة الفطػػر قبػػل أف تنػػزؿ الزكػػاة فلبػػا نزلػػز‬
‫الزكاة ٍ يأمرنا وٍ ينهنا وكبن نفعل )‪.‬‬
‫وى إسناد اغبػديث مقػاؿ ففيػ راو ؾبهػوؿ ‪ -‬كبػا قػاؿ اغبػافي (وتبعػ ى هػذا السػيوط ى وػرح‬
‫النسػػا واليػػوكاْ ى نيػػل األوطػػار ‪ - 486/4( :‬طبػػع الع بانيػػة) ولكػػن اليػػيمل أضبػػد وػػاكر‬
‫تع ػ ػ م ػػن ق ػػوؿ اب ػػن ح ػػر وم ػػن تبعػ ػ بع ػػد أف س ػػاؽ اغب ػػديث كب ػػا رواخ النس ػػا (‪)49/5‬‬
‫ب سػنادين قػاؿ عنهبػػا‪ :‬إسػناداف صػػحيحاف رواهتبػا ثقػػات فلػيس فيػ ؾبهػوؿ قػ (حاوػية احمللػػى‪:‬‬
‫‪ - .)449/6‬وعلػػى تقػػدير صػػحت ال دليػػل فيػ علػػى النسػػمل الحتبػػاؿ االكتفػػاء بػػاألمر األوؿ ؛‬
‫ألف ن ػػزوؿ ف ػػرض ال يوج ػ س ػػقوط ف ػػرض آمت ػػر (انظ ػػر‪ :‬ف ػػت الب ػػاري‪ - 444 446/4 :‬طب ػػع‬
‫مص ػ ػ ػػطفى اغبل ػ ػ ػ واؼبرق ػ ػ ػػاة‪ 466 459/4 :‬واحمللػ ػ ػػى‪ 449 448/6 :‬والروش ػ ػ ػػة للن ػ ػ ػػووي‪:‬‬
‫‪ 294/2‬ووػػرح مسػػلم لػ ‪ 58/7 :‬ونيػػل األوطػػار‪ - 486/4 :‬طبػػع الع بانيػػة والفػػت الربػػاْ‬
‫وورح ‪ )237-234/9 :‬واألصل ى أوامر اهلل ورسول أف تظل ؿبكبة باقية وال ي بز النسمل‬
‫دب رد االحتباؿ‪.‬‬
‫ؽبػػذا اسػػتقر األمػػر بػػني اؼبسػػلبني كافػػة علػػى وجػػوب زكػػاة الفطػػر وٍ يعبػػأ أحػػد بيػػذوذ مػػن وػػذ‬
‫ؼبصالفت لئلصباع قبل وبعدخ (انظر‪ :‬البحر الزمتار‪ )495/2 :‬وأما ما ذكرخ اؼبستيػرؽ "وػامتز"‬
‫هن ػػا ففيػ ػ متلػ ػ ك ػػك (ذك ػػر "و ػػامتز" ى دا ػػرة اؼبع ػػارؼ اإلس ػػبلمية (‪ :)364/46‬أف الفقه ػػاء‬
‫أمتكا تعت زكاة الفطػر واجبػة‪ :‬أمػا‬‫ىبتلفوف ى وجوب زكاة الفطر‪ .‬قاؿ‪ :‬وحبس الرأي الذي ساد ً‬
‫عند اؼبالكية فبل تعت إال سنة‪ .‬أ هػ‪.‬‬
‫وى هذا متل ك ك‪ .‬فقد رأينا أف الفقهاء وب ؾببعني علػى وجػوب الفطػرة حػك نقػل ابػن اؼبنػذر‬
‫اإلصباع علي وإذا وذ اثناف أو ثبلثة ى أعصر ـبتلفػة فػبل عػ ة بيػذوذهم‪ .‬أمػا عنػد اؼبالكيػة فػبل‬
‫تعت عندهم إال واجبًا كبا هو اؼبعتبد ى كت اؼبػذه ‪ .‬انظػر مػ بلً‪ :‬بلغػة السػال علػى اليػرح‬
‫الصػػغك للػػدردير‪ 237/4 :‬واليػػرح الكبػػك وحاوػػية الدسػػوق علي ػ ‪ 564/4 :‬أمػػا مػػا نقػػل عػػن‬
‫أوػػه فلػػيس هػػو اؼبعتبػػد ى اؼبػػذه ‪ .‬دليػػل وػػامتز اغػ بقػػوؿ ابػػن أل زيػػد ى "الرسػػالة"‪ :‬زكػػاة‬
‫الفطر سنة واجبة فرشها رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬على الكبػك والصػغك‪ ...‬إٌ‪ .‬مػع أنػ‬
‫ٍ يكتػػه بقولػ ‪" :‬سػػنة" حػػك قػػاؿ‪" :‬واجبػػة فرشػػها رسػػوؿ اهلل" وؽبػػذا قػػاؿ اليػراح‪ :‬اؼبيػػهور أمػػا‬
‫فػػرض بالسػػنة‪ .‬انظػػر‪ :‬وػػرح الرسػػالة لػػزروؽ‪ 344/4:‬ومالػ صػػرح ى "اؼبوطػػأ" بوجوهبػػا واسػػتدؿ‬
‫ػكا‬
‫عليػ باغبػػديث كبػػا ذكرنػػا قبػػل ‪ ,‬وإذف ال يكػػوف وجػػوب زكػػاة الفطػػر مػػن الػرأي الػػذي سػػاد أمتػ ً‬
‫كبا زعم وامتز بل فبا عرؼ منذ عهد النبوة)‪.‬‬

‫حكبة ميروعيتها‬

‫واغبكبػػة ى إهبػػاب هػػذا الزكػػاة مػػا جػػاء عػػن ابػػن عبػػاس قػػاؿ‪( :‬فػػرض رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ‬
‫وسػلم‪ -‬زكػػاة الفطػر طهػػرة للصػا م مػػن اللغػػو والرفػث وطعبػػة للبسػاكني) (رواخ أبػػو داود ى بػػاب‬
‫زك ػػاة الفط ػػر وس ػػكز علي ػ ه ػػو واؼبن ػػذري وه ػػو دب اب ػػة التحس ػػني منهب ػػا كب ػػا قي ػػل ورواخ اغب ػػاكم‬
‫أيضا ى باب زكاة‬ ‫(‪ )469/4‬وقاؿ‪ :‬صحي على ورط البصاري ووافق الذه ورواخ ابن ماجة ً‬
‫الفط ػػر وال ػػدارقط ص‪249‬وق ػػاؿ‪ :‬ل ػػيس ى رواتػ ػ ؾب ػػروح والبيهقػ ػ ص‪ 463‬وانظ ػػر‪ :‬اؼبرق ػػاة‪:‬‬
‫‪ 473/4‬ونص الراية‪ 444/2 :‬وتكبلة اغبديث‪" :‬من أداها قبػل الصػبلة فهػ زكػاة مقبولػة‬
‫ومن أداها بعد الصبلة فه صدقة من الصدقات"‪.‬‬
‫واللغػػو‪ :‬مػػا ال فا ػػدة فيػ ومػػا ال يعػ وقيػػل‪ :‬الباطػػل والرفػػث‪ :‬هػػو ى األصػػل مػػا يتصػػل باعببػػاع‬
‫وما يتعلق ب فبا هبري بني اؼبرء وزوج ‪ .‬ه استعبل ى كل كبلـ قبي )‪.‬‬
‫فهذخ اغبكبة مركبة من أمرين‪:‬‬
‫األمر األوؿ‪ :‬يتعلق بالصا بني ى وهر رمضاف وما عسى أف يكػوف قػد وػاب صػيامهم مػن لغػو‬
‫القػػوؿ ورفػػث الكػػبلـ والص ػػياـ الكامػػل الػػذي يص ػػوـ في ػ اللسػػاف واعب ػوارح كبػػا يصػػوـ ال ػػبطن‬
‫والفػػرج‪ .‬فػػبل يسػػب الصػػا م للسػػان وال ألذن ػ وال لعين ػ وال ليػػدخ أو رجل ػ أف تتلػػوث دبػػا مػػى اهلل‬
‫ورس ػول عن ػ مػػن قػػوؿ أو فعػػل وقلبػػا يسػػلم صػػا م مػػن مقارفػػة و ػ ء مػػن ذل ػ حبكػػم الضػػعه‬
‫البيري الغال ف اءت هذخ الزكاة ى متتاـ اليهر دب ابة غسل أو "ضباـ" يتطهر ب من أوشػار‬
‫ما واب نفس أو كدر صوم وذب ما في من قصور ف ف اغبسنات يذهنب السيئات‪.‬‬
‫كبا جعل اليارع السنن الروات مع الصلوات اػببس ج اَ ؼبا قد وبدث فيها من غفلػة أو متلػل‬
‫أو إمتبلؿ ببعض اآلداب ووبهها بعض األ بة بس ود السهو‪ .‬قاؿ وكيػع بػن اعبػراح‪ :‬زكػاة الفطػر‬
‫ليهر رمضاف كس دة السػهو للصػبلة ذبػ نقصػاف الصػوـ كبػا هبػ السػ ود نقصػاف الصػبلة‬
‫(ماية احملتاج‪.)468/2 :‬‬
‫وأمػػا األمػػر ال ػػاْ‪ :‬فيتعلػػق بػػاةتبع وإوػػاعة احملبػػة واؼبسػػرة ى صبيػػع أكبا ػ ومتاصػػة اؼبسػػاكني وأهػػل‬
‫اغباجة في ‪.‬‬
‫فالعيػػد يػػوـ فػػرح وسػػرور عػػاـ فينبغ ػ تعبػػيم السػػرور علػػى كػػل أبنػػاء اةتبػػع اؼبسػػلم ولػػن يفػػرح‬
‫اؼبسػػكني ويسػػر إذا رأى اؼبوسػرين والقػػادرين يػػأكلوف مػػا لػػذ وطػػاب وهػػو ال هبػػد قػػوت يومػ ى يػػوـ‬
‫عيد اؼبسلبني‪.‬‬
‫فاقتضز حكبة اليارع أف يفرض ل ى هذا اليوـ ما يغني عن اغباجة وذؿ السؤاؿ وييعرخ بأف‬
‫اةتبػػع ٍ يهبػػل أمػػرخ وٍ ينسػ ى أيػػاـ سػػرورخ وهب تػ وؽبػػذا ورد ى اغبػػديث‪( :‬أغنػػوهم ى هػػذا‬
‫اليوـ) (قاؿ ى نيل األوطار‪ :‬أمترج البيهق والدارقط عن ابن عبر وى رواية للبيهق ‪ :‬أغنوهم‬
‫أيضػػا ابػػن سػػعد ى الطبقػػات مػػن حػػديث عا يػػة وأل سػػعيد‪:‬‬ ‫عػػن ط ػواؼ هػػذا اليػػوـ وأمترج ػ ً‬
‫(‪ -486/4‬طبع الع بانية) وانظر‪ :‬نص الراية‪ 432/2 :‬وحاوية احمللى‪.)426/6 :‬‬
‫أيضػػا‪ :‬تقليػػل مقػػدار الواج ػ ‪-‬كبػػا سػػيأن‪-‬وإمتراجػ فبػػا يسػػهل علػػى‬ ‫وكػػاف مػػن حكبػػة اليػػارع ً‬
‫النػػاس مػػن غالػ قػػوهتم حػػك ييػ ؾ أكػ عػػدد فبكػػن مػػن األمػػة ى هػػذخ اؼبسػػانبة الكريبػػة وهػػذا‬
‫اإلسعاؼ العاجل ى هذخ اؼبناسبة اؼبباركة‪.‬‬
‫الفصل ال اْ‬
‫على من ذب زكاة الفطر وعبن ذب ؟‬
‫فهرس‬

‫هل يي ط ؽبا النصاب؟‬

‫ورط وجوب الفطرة على الفقك‬

‫الدين اؼبؤجل ال يبنع زكاة الفطر‬

‫على من ذب زكاة الفطر؟‬

‫هل ذب على الزوجة والصغك؟‬

‫هل ذب عن اعبنني؟‬
‫على من ذب زكاة الفطر؟‬

‫ى حػػديث ابػػن عبػػر السػػابق الػػذي رواخ اعبباعػػة‪( :‬أف رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬فػػرض‬
‫زكاة الفطر من رمضاف على كل حر أو عبد ذكر أو أن ى من اؼبسلبني)‪.‬‬
‫صاعا من سبػر أو‬
‫وروى البصاري عن قاؿ‪( :‬فرض رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬زكاة الفطر ً‬
‫صاعا من وعك على العبد واغبر والذكر واألن ى والصغك والكبك من اؼبسلبني)‪.‬‬ ‫ً‬
‫وعػن أل هريػرة ى زكػػاة الفطػر‪( :‬علػى كػػل حػر وعبػد ذكػػر وأن ػى صػغك أو كبػػك فقػك أو غػ )‪.‬‬
‫(رواخ أضبػػد واليػػيصاف والنسػػا وهػػو اغبػػديث رقػػم (‪ )486‬مػػن كتػػاب الزكػػاة‪ .‬مػػن الفػػت الربػػاْ‪:‬‬
‫‪ )439/9‬وهذا من كبلـ أل هريرة ولكن م ل ال يقاؿ بالرأي‪.‬‬
‫وهذخ األحاديث تدلنا على أف هذخ الزكاة فريضة عامة على الرؤوس واألوصاص مػن اؼبسػلبني ال‬
‫فرؽ بني حر وعبد وال بني ذكر وأن ػى وال بػني صػغك وكبػك بػل ال فػرؽ بػني غػ وفقػك وال بػني‬
‫حضري وبدوي وقاؿ الزهري وربيعة والليث‪ :‬إف زكاة الفطػر زبػتل باغبضػر وال ذبػ علػى أهػل‬
‫البادية وظاهر األحاديث يرد عليهم فالصواب ما علي اعببهور (نيل األوطار‪.)484/4 :‬‬
‫وروى ابن حزـ هذا القوؿ عن عطاء ورد عليػ بػأف رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ ٍ -‬ىبػل‬
‫أعرابيًا وال بدويًا من غكهم فلم هبز زبصيل أحد من اؼبسلبني (احمللى‪.)434/6 :‬‬

‫هل ذب على الزوجة والصغك؟‬


‫وظاهر قول ‪( :‬ذكر أو أن ى) ييهد ؼبا ذه إلي أبو حنيفػة‪ :‬أمػا ذبػ علػى اؼبػرأة سػواء أكػاف ؽبػا‬
‫زوج أـ ال وأما ذب على الزوجة ى نفسػها ويلزمهػا إمتراجهػا مػن ماؽبػا وهػو مػذه الظاهريػة‬
‫(الفت الرباْ وورح ‪ 446/9 :‬وهو اغبديث رقم (‪ )487‬من كتاب الزكاة في )‪.‬‬
‫وعنػد األ بػػة ال بلثػػة والليػػث وإسػػحاؽ‪ :‬أف الػػزوج يلػػزـ إمتػراج زكػػاة الفطػػر عػػن زوجتػ ؛ ألمػػا تابعػػة‬
‫للنفقػػة‪ .‬قػػاؿ اغبػػافي‪ :‬وفي ػ نظػػر ؛ ألمػػم قػػالوا‪ :‬إف أعسػػر وكانػػز الزوجػػة أمػػة وجبػػز فطرهتػػا علػػى‬
‫السيد خببلؼ النفقة فاف قا واتفقوا على أف اؼبسلم ال ىبرج عػن زوجتػ الكػافرة مػع أف نفقتهػا‬
‫تلزم ػ وإمبػػا احػػت اليػػافع دبػػا رواخ مػػن طريػػق ؿببػػد بػػن علػػى البػػاقر مرس ػبلً‪" :‬أدوا صػػدقة الفطػػر‬
‫عبن سبونوف" (وأمترج البيهق ‪ 464/4 :‬من هذا الوج فزاد ى إسنادخ ذكػر علػى وهػو منقطػع‬
‫وقاؿ ابن حزـ‪ :‬ى هذا اؼبكاف ع ع يػ وهػو أف اليػافع ال يقػوؿ باؼبرسػل ه أمتػذ ههنػا‬
‫بأن مرسل ى العاٍ ؛ من رواية ابن أل وبىي ؛ (احمللى‪ )437/6 :‬وأمترج البيهق من حديث‬
‫أيضا عن الدارقط (نيل‬ ‫ابن عبر‪" :‬فبن سبونوف" وإسنادخ غك قوي كبا قاؿ (‪ )464/4‬وأمترج ً‬
‫أيضػػا عػػن علػػى‪ :‬مػػن جػػرت عليػ نفقتػ فػػأطعم عنػ وفيػ‬ ‫األوطػػار‪ )484/4 :‬وأمتػػرج البيهقػ ً‬
‫عبػػد األعلػػى غػػك ق ػػوي كبػػا ق ػػاؿ البيهق ػ ولكػػن يق ػوى دب ػػا قبل ػ ‪ .‬قػػاؿ ى البحػػر‪ :‬وه ػػو توقي ػػه‬
‫(‪ )449/2‬وانظر‪ :‬نص الراية‪.)443/2 :‬‬
‫وم ػل هػذا ال وبػػت بػ لضػػعف وكػاف يلػزـ اليػػافع ومػن وافقػ ‪-‬كبػا قػاؿ ابػػن ال كبػاْ (اعبػػوهر‬
‫النق مع السنن الك ى‪ -)466/4 :‬اإلمتراج عن أجكخ ورقيق الكافر ألن يبومبا‪.‬‬
‫وهكذا قاؿ اإلمامية‪ :‬إف زكاة الفطر عػن نفسػ وعػن كػل مػن يعػوؿ (فقػ اإلمػاـ جعفػر‪463/2 :‬‬
‫‪.)464 -‬‬
‫وقػاؿ الليػث‪ :‬ىبرجهػا عػن أجػكخ الػذي ليسػز أجرتػ معلومػة فػ ف كانػز أجرتػ معلومػة فػبل يلزمػ‬
‫إمتراجها عن (احمللى‪.)427/6 :‬‬
‫أما الزيدية فاقتصروا على كل من تلزم نفقت بقرابة أو زوجية أو رؽ (البحر‪.)499/2 :‬‬
‫وقول (صغك أو كبك) يدؿ على وجوهبا على الصغك ى مالػ إف كػاف لػ مػاؿ وىبرجهػا الػوُ منػ‬
‫كزكػػاة األم ػواؿ‪ .‬ف ػ ف ٍ يكػػن ل ػ مػػاؿ ف ػ ف فطرت ػ ذب ػ علػػى مػػن تلزم ػ نفقت ػ وإَ هػػذا ذه ػ‬
‫اعببهور‪.‬‬
‫وقاؿ ؿببد بن اغبسن‪ :‬ه على األب مطل ًقا ف ف ٍ يكن ل أب فبل و ء علي (اؼبرجع السابق‬
‫ص ‪ 435‬وانظر‪ :‬نيل األوطار‪ 484 - 486/4 :‬واحمللى‪.)437/6 :‬‬
‫ػكا‬
‫وعػػن سػػعيد بػػن اؼبسػػي واغبسػػن البصػػري‪ :‬ال ذب ػ إال علػػى مػػن صػػاـ ؛ ألمػػا وجبػػز تطهػ ً‬
‫ؿبتاجا إَ تطهك لعدـ اإله ى حق ‪.‬‬ ‫والص ليس ً‬
‫بدليل حديث ابن عباس قاؿ‪ :‬فرض رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬زكاة الفطر طهرة للصا م‬
‫من اللغو والرفث‪.‬‬
‫وأجي بأف ذكر التطهك مترج ـبرج الغال (اؼبصادر السابقة)‪ .‬كبا أف بعض األحاديث ذكػرت‬
‫حكبػػة أمتػػرى إلهبػػاب هػػذخ الزكػػاة وأمػػا (طعبػػة للبسػػاكني) وكبػػا جػػاء ى حػػديث‪( :‬أغنػػوهم ى‬
‫هذا اليوـ)‪.‬‬
‫ػكا مػػن جان ػ فه ػ طعبػػة وإغنػػاء مػػن جان ػ آمتػػر وهػػذخ حكبػػة‬ ‫ف ػ ذا كانػػز هػػذخ الزكػػاة تطهػ ً‬
‫تنطبق على الصغك كبا تنطبق على الكبك‪.‬‬

‫هل ذب عن اعبنني؟‬

‫أما اعبنني ف بهور الفقهاء على أف زكاة الفطر ال ذب عن ‪.‬‬


‫يومػػا قبػػل انصػػداع الف ػػر مػػن ليلػػة‬
‫وقػػاؿ ابػػن حػػزـ‪ :‬إذا أكبػػل اعبنػػني ى بطػػن أم ػ ما ػػة وعي ػرين ً‬
‫الفطر وج أف تؤدى عن صدقة الفطر‪ .‬ؼبا ص ى اغبديث أن ينفمل في الروح حينئذ‪.‬‬
‫واحت ابن حػزـ بػأف الرسػوؿ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬فػرض صػدقة الفطػر علػى الصػغك والكبػك‬
‫واعبنني يقع علي اسم (صغك) فكل حكم وج على الصغك فهو واج علي ‪.‬‬
‫وروى ابن حزـ عن ع باف بن عفاف‪ :‬أن كاف يعطى صدقة الفطر عن الصغك والكبك واغببل‪.‬‬
‫وعن أل قبلبة قػاؿ‪ :‬كػاف يع ػبهم أف يعطػوا زكػاة الفطػر عػن الصػغك والكبػك حػك عػن اغببػل ى‬
‫بطن أم ‪ .‬قاؿ ابن حزـ وأبو قبلبة أدرؾ الصحابة وصحبهم وروى عنهم‪.‬‬
‫وعن سليباف بن يسار‪ :‬أن سئل عن اغببل أيزك عن ؟ قاؿ نعم‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬وال يعرؼ لع باف ى هذا ـباله من الصحابة (احمللى‪.)432/6 :‬‬
‫واغبػػق أف كػػل مػػا ذكػػرخ ابػػن حػػزـ ال دليػػل فيػ علػػى وجػػوب التزكيػػة عػػن اغببػػل ومػػن التعسػػه أف‬
‫يقػػاؿ‪ :‬إف كلبػػة (صػػغك) ى اغبػػديث تيػػبل اغببػػل‪ .‬كبػػا أف مػػا روى عػػن ع بػػاف وغػػكخ ال يػػدؿ‬
‫متكا فهو متك ل ‪.‬‬
‫على أك ر من االستحباب ومن تطوع ً‬
‫وقد ذكر اليوكاْ‪ :‬أف ابن اؼبنذر نقل اإلصباع على أما ال ذب عػن اعبنػني وكػاف أضبػد يسػتحب‬
‫وال يوجب (نيل األوطار‪.)484/4 :‬‬

‫هل يي ط ؽبا النصاب؟‬

‫وقػػوؿ ابػػن عبػػر ى حدي ػ ‪( :‬كػػل حػػر أو عبػػد) ييػػبل الغػ والفقػػك الػػذي ال يبلػ نصػػابًا كبػػا‬
‫ص ػػرح بػ ػ أب ػػو هري ػػرة ى حدي ػ ‪( :‬غػ ػ أو فق ػػك) وإَ ذلػ ػ ذهػ ػ األ ب ػػة ال بلث ػػة واعببه ػػور وٍ‬
‫يي ػ طوا لوجوهبػػا إال اإلسػػبلـ وأف يكػػوف مقػػدار هػػذخ الزكػػاة الواجبػػة فاش ػبلً عػػن قوت ػ وقػػوت مػػن‬
‫تلزم نفقت يوـ العيد وليلت وفاشبلً عن مسكن وأثاث وحوا األصلية‪.‬‬
‫ػكا وال ؾبػ ػػاؿ‬ ‫قػ ػػاؿ اليػ ػػوكاْ‪ :‬وهػ ػػذا هػ ػػو اغبػ ػػق ؛ ألف النصػ ػػوص أطلقػ ػػز وٍ زبػ ػػل غنيًػ ػػا وال فقػ ػ ً‬
‫لبلجتهػػاد ى تعيػػني اؼبقػػدار الػػذي يعت ػ أف يكػػوف ـبػػرج الفطػػرة مال ًكػػا ل ػ وال سػػيبا والعلػػة الػػب‬
‫وػػرعز ؽبػػا الفطػػرة موجػػودة ى الغػ والفقػػك وهػ التطهػػر مػػن اللغػػو والرفػػث واعتبػػار كونػ واجػ ًػدا‬
‫لقوت يوـ وليلة أمر ال بد من ؛ ألف اؼبقصود من ورع الفطرة إغناء الفقراء ى ذل اليػوـ فلػو ٍ‬
‫يعت ى حق اؼبصرج ذل لكاف فبن أمرنا ب غنا ى ذل اليػوـ ال مػن اؼبػأمورين بػ متراج الفطػرة‬
‫وإغناء غكخ (نيل األوطار‪.)486/4 :‬‬
‫ومتالفهم أبو حنيفة وأصحاب فقػالوا‪ :‬ال ذبػ إال علػى مػن يبلػ نصػابًا بػدليل حػديث البصػاري‬
‫(رواخ معل ًقػػا ى كتػػاب الوصػػايا مػػن صػػحيح وتعليقات ػ اةزومػػة ؽبػػا حكػػم الصػػحة كبػػا هػػو رأي‬
‫اعببه ػػور متبلفًػػا الب ػػن ح ػػزـ) والنس ػػا ‪( :‬ال ص ػػدقة إال ع ػػن ظه ػػر غػ ػ ) والغػ ػ عن ػػدهم ملػ ػ‬
‫النصاب والفقك ال غ ل فبل ذب علي ؛ ألن ربل ل الصػدقة فػبل ذبػ عليػ كبػن ال يقػدر‬
‫عليها‪ .‬كبا استدلوا بالقياس على زكاة اؼباؿ‪.‬‬
‫وأجاب اآلمتروف ‪-‬كبا ذكر اليوكاْ‪ -‬بأف اغبديث الذي ذكروخ ال يفيد اؼبطلوب فقد رواخ أبو‬
‫أيضػػا البصػػاري ى كتػػاب النفقػػات‬ ‫داود (كػػذا اقتصػػر اليػػوكاْ علػػى أل داود واغبػػديث أمترج ػ ً‬
‫والنسػػا ى كتػػاب الزكػػاة وأضبػػد ى اؼبسػػند‪ 278 - 245/2 :‬وعنػػد مسػػلم ى الزكػػاة‪" :‬أفضػػل‬
‫الصدقة ‪-‬أو متك الصدقة‪ -‬عن ظهر غ ")‪ .‬بلفي‪( :‬متك الصدقة مػا كػاف عػن ظهػر غػ ) وهػو‬
‫مرفوعػا‪" :‬أفضػل الصػدقة جهػد اؼبقػل"‬ ‫أيضا حبديث أل هريرة ‪-‬عنػد أل داود واغبػاكم‪ً -‬‬ ‫معارض ً‬
‫مرفوعػا‪( :‬أفضػل الصػدقة‪ :‬سػر إَ فقػك وجهػد مػن مقػل) وفسػرخ‬ ‫وحبديث أل أمامة عند الطػ اْ ً‬
‫ى "النهاية" بقدر ما وبتبل حاؿ قليل اؼباؿ‪.‬‬
‫وحبػػديث أل هريػػرة عنػػد النسػػا وابػػن متزيبػػة وابػػن حبػػاف ى صػػحيح ‪-‬اللفػػي ل ػ ‪ -‬واغبػػاكم ‪-‬‬
‫وصػػحح علػػى وػػرط مسػػلم‪ -‬أف الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬قػػاؿ‪( :‬سػػبق درهػػم ما ػػة ألػػه‬
‫درهم)! فقاؿ رجل‪ :‬وكيه ذاؾ يا رسوؿ اهلل؟ قاؿ‪( :‬رجل ل ماؿ ك ك أمتذ من عرض مال ما ة‬
‫ألػػه درهػػم فتصػػدؽ هبػػا ورجػػل لػػيس ل ػ إال درنبػػاف فأمتػػذ أحػػدنبا فتصػػدؽ ب ػ فهػػذا تصػػدؽ‬
‫بنصه مال )…‪ .‬اغبديث‪.‬‬
‫وأما استدالؽبم بالقياس على زكاة اؼباؿ فغك صحي ‪ -‬كبا قاؿ اليوكاْ ؛ ألن قياس مع الفػارؽ‬
‫؛ إذ وجوب الفطرة متعلػق باألبػداف ووجػوب الزكػاة األمتػرى متعلػق بػاألمواؿ فاف قػا (انظػر‪ :‬نيػل‬
‫األوطار‪.)486 - 485/4 :‬‬
‫أيضػػا بعبػػوـ‬
‫وأمػػا قػػوؽبم‪ :‬الغػ ملػ النصػػاب والفقػػك ال غػ لػ فػػبل ذبػ عليػ فقػػد رد علػػيهم ً‬
‫األحاديػػث الصػػحيحة اؼبرويػػة ى إهبػػاب زكػػاة "الفطػػر" علػػى كػػل مسػػلم دبػػا ى ذلػ الغػ والفقػػك‬
‫ودبا صرح ب أبو هريرة ى حدي ‪( :‬غ أو فقك) وما رواخ أضبد وأبو داود عن ثعلبة بن أل صغك‬
‫ػاعا مػػن قب ػ ‪-‬أو‬‫عػػن أبي ػ أف رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬قػػاؿ‪( :‬أدوا صػػدقة الفطػػر صػ ً‬
‫قاؿ‪ :‬بر‪ -‬عن كػل إنسػاف صػغك أو كبػك حػر أو فبلػوؾ غػ أو فقػك ذكػر أو أن ػى‪ .‬أمػا غنػيكم‬
‫فيزكي اهلل وأما فقككم فكد اهلل علي أك ر فبا أعطى) وى روايػة أل داود‪( :‬صػاع مػن بػر أو قبػ‬
‫عن كل اثنني)‪.‬‬
‫وألف ه ػػذخ الص ػػدقة ‪-‬كبػػا ق ػػاؿ اب ػػن قدامػػة‪ -‬ح ػػق مػػاؿ ال يزي ػػد بزيػػادة اؼب ػػاؿ فػػبل يعت ػ وج ػػوب‬
‫النصاب فيها كالكفارة وال يبنع أف يؤمتذ من ويعطى كبن وج علي العير ى زرع وهو بعد‬
‫ؿبتاج إَ ما يكفي وعيال ‪.‬‬
‫وحديث‪( :‬ال صدقة إال عن ظهػر غػ ) ؿببػوؿ علػى صػدقة اؼبػاؿ وهػذخ صػدقة متاصػة عػن البػدف‬
‫والنفس (انظر‪ :‬اؼبغ ‪.)74/3 :‬‬
‫والذي أراخ‪ :‬أف لليارع هدفًا أمتبلقيًػا تربويًػا ‪-‬وراء اؽبػدؼ اؼبػاُ‪ -‬مػن فػرض هػذخ الزكػاة علػى كػل‬
‫مسلم غ أو فقك‪ .‬ذل هو تدري اؼبسلم على اإلنفاؽ ى الضراء كبا ينفق ى السراء والبػذؿ‬
‫ى العسػػر كبػػا يبػػذؿ ى اليسػػر ومػػن صػػفات اؼبتقػػني الػػب ذكرهػػا القػػرآف أمػػم (ينفقػػوف ى السػراء‬
‫والضراء) (آؿ عبراف‪ )434 :‬وهبذا يتعلم اؼبسلم ‪-‬وإف كػاف فقػك اؼبػاؿ رقيػق اغبػاؿ‪ -‬أف تكػوف‬
‫يومػػا ى كػػل عػػاـ‬
‫يػػدخ هػ العليػػا وأف يػػذوؽ لػػذة اإلعطػػاء واإلفضػػاؿ علػػى غػػكخ ولػػو كػػاف ذلػ ً‬
‫وؽبذا أرج مذه اعببهور الذين ٍ يي طوا لوجوب هذخ الزكاة مل النصاب‪.‬‬
‫كبا أرج رأي أل حنيفة وغكخ فبن أوجبها على الزوجة ى ماؽبا ؼبا في من إوعار اؼبرأة اؼبسلبة‬
‫هبذا الواج السنوي وتعويدها البذؿ من ماؽبا اػباص ال ؾبرد االعتباد على الزوج‪ .‬ف ذا تطػوع‬
‫الزوج فأمترج عنها جاز‪.‬‬

‫ورط وجوب الفطرة على الفقك‬

‫ووػرط اعببهػػور إلهبػػاب هػذخ الزكػػاة علػػى الفقػػك أف يكػوف عنػػدخ مقػػدارها فاشػبلً عػػن قوتػ وقػػوت‬
‫من تلزم نفقتػ ليلػة العيػد ويومػ وأف يكػوف فاشػبلً عػن مسػكن ومتاعػ وحاجاتػ األصػلية‪ .‬فبػن‬
‫كػػاف لػ دار وبتػػاج إليهػػا لسػػكناها أو إَ أجرهػػا لنفقتػ أو ثيػػاب بذلػ لػ أو ؼبػػن تلزمػ مؤنتػ أو‬
‫هبػػا م وبتػػاج إَ ركوهبػػا واالنتفػػاع هبػػا ى حوا ػ األصػػلية أو سػػا بة وبتػػاج إَ مبا هػػا كػػذل أو‬
‫بضاعة ىبتل رحبها الذي وبتاج إلي ب متراج الفطرة منها ‪ -‬فبل فطػرة عليػ ؛ ألف هػذا فبػا يتعلػق بػ‬
‫حاجت األصلية فلم يلزم بيع كبؤنة نفس ومن ل كت وبتاج إليها للنظر فيها واغبفػي منهػا ال‬
‫يلزمػ بيعهػػا واؼبػرأة إذا كػػاف ؽبػػا حلػػى للػػبس أو لكػراء ربتػػاج إليػ ٍ يلزمهػػا بيعػ ى الفطػػرة ومػػا‬
‫فضػػل مػػن ذل ػ ع ػن حوا ػ األصػػلية وأمكػػن بيع ػ وصػػرف ى الفطػػرة وجبػػز الفطػػرة ب ػ ؛ ألن ػ‬
‫أمكػػن أداؤهػػا مػػن غػػك شػػرر أصػػلى‪ .‬فأوػػب مػػا لػػو ملػ مػػن الطعػػاـ مػػا يؤديػ فاشػبلً عػػن حاجتػ‬
‫(انظر‪ :‬اؼبغ ‪ 76/3 :‬والروشة‪.)366 - 299/2 :‬‬
‫الدين اؼبؤجل ال يبنع زكاة الفطر‬

‫ومػػن كػػاف ى يػػدخ مػػا ىبرجػ عػػن صػػدقة الفطػػر وعليػ ديػػن م لػ لزمػ أف ىبػػرج الصػػدقة ؛ إال أف‬
‫يكوف مطالبًا بالدين فعلي قضاء الدين وال زكاة علي ‪.‬‬
‫قاؿ ابن قدامة‪ :‬إمبا ٍ يبنع الدين الفطرة (كبا يبنع زكاة اؼباؿ) ؛ ألما آكد وجوبًا ؛ بدليل وجوهبا‬
‫علػػى الفقػػك ومشوؽبػػا لكػػل مسػػلم قػػدر علػػى إمتراجهػػا ووجػػوب رببلهػػا عبػػن وجبػػز نفقت ػ علػػى‬
‫غكخ وال تتعلػق بقػدر مػن اؼبػاؿ ف ػرت ؾبػرى النفقػة وألف زكػاة اؼبػاؿ ذبػ باؼبلػ والػدين يػؤثر‬
‫ى اؼبلػ فػػأثر فيهػػا وهػػذخ ذبػ علػػى البػػدف (يعػ علػػى اليػػصل) والػػدين ال يػػؤثر فيػ وتسػػق‬
‫الفطرة عند اؼبطالبة بالدين ؛ لوجوب أدا عند اؼبطالبة وتأكدخ بكون حق آدم معػني ال يسػق‬
‫باإلعسار وكون أسبق سببًا وأقدـ وجوبًا يأه بتأمتكخ ف ن يسق غك الفطرة وإف ٍ يطالػ بػ‬
‫؛ ألف تأثك اؼبطالبة إمبا هو ى إلزاـ األداء وربرٓ التأمتك (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫الفصل ال الث‬
‫مقدار الواج ومم يكوف؟‬

‫فهرس‬

‫هل ذبوز الزيادة على الصاع؟‬

‫مقدار الصاع‬
‫األجناس الب ىبرج منها‬

‫إمتراج القيبة‬

‫مسا ل تتعلق بدفع القيبة‬

‫مذه القا لني بأف الواج صاع من كل طعاـ‬

‫مذه القا لني بنصه الصاع من القب‬

‫ح ة القا لني بوجوب الصاع‬

‫أدلة أل حنيفة ى إجزاء نصه الصاع‬

‫تعقي وترجي‬
‫مذه القا لني بأف الواج صاع من كل طعاـ‬

‫ػاعا مػن‬ ‫عن ابن عبر قاؿ‪( :‬فرض رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬زكػاة الفطػر مػن رمضػاف ص ً‬
‫صاعا من وعك)‪ ...‬اغبديث (رواخ اعبباعة)‪.‬‬ ‫سبر أو ً‬
‫وعػػن أل سػػعيد اػبػػدري قػػاؿ‪( :‬كنػػا لبػػرج زك ػػاة الفطػػر ‪-‬إذ كػػاف فينػػا رسػػوؿ اهلل صػػلى اهلل علي ػ‬
‫ػاعا‬
‫ػاعا مػن زبيػ أو صػ ً‬ ‫ػاعا مػن وػػعك أو صػ ً‬ ‫ػاعا مػن سبػػر أو صػ ً‬ ‫ػاعا مػن طعػػاـ أو صػ ً‬
‫وسػلم‪ -‬صػ ً‬
‫من أق فلم نػزؿ كػذل حػك قػدـ علينػا معاويػة اؼبدينػة‪ .‬فقػاؿ‪ :‬إْ ألرى مػدين مػن ظبػراء اليػاـ‬
‫ػاعا مػػن سبػػر فأمتػػذ النػاس بػػذل ) (رواخ اعبباعػػة) وزاد غػػك البصػػاري‪ :‬قػػاؿ أبػػو سػػعيد‪:‬‬ ‫يعػػدؿ صػ ً‬
‫(فبل أزاؿ أمترج كبا كنز أمترج )‪.‬‬
‫دؿ هذاف اغبدي اف وغكنبا على أف الواج ى زكاة الفطر صاع عن كل نفس‪.‬‬
‫قاؿ الدهلوي‪ :‬وإمبػا قػدر بالصػاع ؛ ألنػ ييػبع أهػل بيػز ففيػ غنيػة معتػد هبػا للفقػك وال يتضػرر‬
‫اإلنساف ب نفاؽ هذا القدر غالبًا‪( .‬اغب ة البالغة‪.)569/2 :‬‬
‫أيضا عند األ بة ال بلثػة وهػو‬ ‫ً‬ ‫والصاع ى غك القب والزبي واج باإلصباع وى غكنبا واج‬
‫ق ػػوؿ أل س ػػعيد اػب ػػدري وأل العالي ػػة وأل الي ػػع اء واغبس ػػن البص ػػري وج ػػابر ب ػػن زي ػػد وإس ػػحاؽ‬
‫واؽبػػادي والقاسػػم والناصػػر واؼبؤيػػد بػػاهلل كبػػا ذكػػر اليػػوكاْ (نيػػل األوطػػار‪ 483/4 :‬واؼبغ ػ ‪:‬‬
‫‪ 57/3‬وفي ‪ :‬امتتلفز الرواية عػن علػ وابػن عبػاس واليػع فػروي صػاع وروي نصػه صػاع (أ‬
‫هػ ػ) وأبػػو سػػعيد روى عن ػ ابػػن حػػزـ مػػا ىبػػاله اؼبعػػروؼ عن ػ مػػن وجػػوب الصػػاع وهػػو غري ػ‬
‫(احمللى‪.)436 /6 :‬‬
‫مذه القا لني بنصه الصاع من القب‬

‫وقاؿ أبو حنيفة وأصحاب ‪ :‬هبزئ نصه صػاع مػن قبػ وامتتلػه عنػ ى الزبيػ (أمػا الصػاحباف‬
‫ف عػػبلخ كػػالتبر وهػػو روايػػة عػػن اإلمػػاـ وصػػححها بعػػض اغبنفيػػة ورجحهػػا ابػػن اؽببػػاـ ى فػػت‬
‫الق ػػدير م ػػن جه ػػة ال ػػدليل وذك ػػر ى الػػدر اؼبصت ػػار عػػن صباع ػػة أف علي ػ الفت ػػوى (الػػدر وحاو ػػيت ‪:‬‬
‫‪ )83/2‬وه ػػو م ػػذه زي ػػد ب ػػن علػ ػ واإلم ػػاـ وب ػػىي كب ػػا ق ػػاؿ الي ػػوكاْ (ني ػػل األوط ػػار اؼبرج ػػع‬
‫السابق) وقاؿ ابن حزـ‪ :‬وص عن عبر بن عبد العزيز وطاوس وؾباهد وسعيد بن اؼبسي وعػروة‬
‫بػػن ال ػزبك وأل سػػلبة بػػن عبػػد الػػرضبن بػػن عػػوؼ وسػػعيد بػػن جبػػك وهػػو قػػوؿ األوزاع ػ والليػػث‬
‫وسفياف ال وري‪ .‬كبا أورد ابن حزـ عدة روايات عػن صباعػة مػن الصػحابة قػالوا بػذل ‪ :‬مػنهم أبػو‬
‫بكػػر وعبػػر وع بػػاف وعل ػ وعا يػػة وأظبػػاء بنػػز أل بكػػر وأبػػو هريػػرة وجػػابر بػػن عبػػد اهلل وابػػن‬
‫مسعود وابن عباس وابن الزبك وأبو سعيد اػبدري‪ .‬قاؿ‪ :‬وهو عنهم كلهػم صػحي إال عػن أل‬
‫بكر وابن عباس وابن مسعود (احمللى‪ 434 - 428/6 :‬وانظر‪ :‬نصػ الرايػة مػع بغيػة األؼبعػ ‪:‬‬
‫‪.)447 - 446/2‬‬

‫ح ة القا لني بوجوب الصاع‬

‫ػاعا مػػن‬
‫ػاعا مػػن سبػػر أو صػ ً‬
‫ػاعا مػػن طعػػاـ أو صػ ً‬
‫وح ػػة اعببهػػور حػػديث أل سػػعيد ى قولػ ‪" :‬صػ ً‬
‫صاعا من أق "‪.‬‬
‫صاعا من زبي أو ً‬ ‫وعك أو ً‬
‫قاؿ النووي‪ :‬والداللة في من وجهني‪:‬‬
‫أح ػػدنبا‪ :‬أف الطعػ ػػاـ ى ع ػػرؼ أهػ ػػل اغب ػ ػػاز اسػ ػػم للحنط ػػة متاصػ ػػة ال سػ ػػيبا وقػ ػػد قرن ػ ػ ببػ ػػاق‬
‫اؼبذكورات‪.‬‬
‫صاعا فدؿ على أف اؼبعت صاع‬ ‫وثانيهبا‪ :‬أن ذكر أوياء قيبتها ـبتلفة وأوج ى كل نوع منها ً‬
‫وال نظر إَ قيبت (ورح النووي على صحي مسلم‪.)66/7 :‬‬
‫قػػاؿ‪ :‬ول ػػيس للق ػػا لني بنص ػػه صػػاع ح ػػة إال ح ػػديث معاويػػة وأحادي ػػث شػػعيفة ش ػػعفها أه ػػل‬
‫اغبديث وشعفها بني (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫واعببهور هبيبوف عن حديث معاوية بأن قوؿ صحال وقد متالف أبو سعيد وغكخ فبن هو أطوؿ‬
‫منػ صػػحبة وأعلػػم بػػأحواؿ النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬وإذا امتتلػػه الصػػحابة ٍ يكػػن قػػوؿ‬
‫بعضػػهم بػػأوَ مػػن بعػػض‪ .‬فػػبل بػػد مػػن الرجػػوع إَ دليػػل آمتػػر‪ .‬قػػالوا‪ :‬وجػػدنا ظػػاهر األحاديػػث‬
‫والقيػػاس متف ًقػػا علػػى اوػ اط الصػػاع مػػن اغبنطػػة كغكهػػا فوجػ اعتبػػادخ وقػػد صػػرح معاويػػة بأنػ‬
‫رأي رآخ ال أن ظبع من الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ولو كاف عند أحد من حاشري ؾبلس ‪-‬‬
‫مػػع ك ػرهتم ى تل ػ اللحظػػة‪ -‬علػػم ى موافقػػة معاويػػة للسػػنة عػػن الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪-‬‬
‫لذكرخ كبا جرى ؽبم ى غك هذخ القصة (اؼبرجع نفس ص‪.)62 64‬‬
‫والرأي واالجتهاد ميروع كبا دؿ علي صنيع معاوية ومػن وافقػ مػن الصػحابة ولكنػ مػع وجػود‬
‫النل فاسد االعتبار (فت الباري‪ - 374/3 :‬طبع السلفية)‪.‬‬

‫أدلة أل حنيفة ى إجزاء نصه الصاع‬

‫واستدؿ ؼبذه أل حنيفة ومن وافق دبا يأن‪:‬‬


‫أوالً‪ :‬ما أمترج أبو داود من حديث عبد اهلل بن ثعلبة أو ثعلبػة بػن عبػد اهلل بػن أل صػعك بلفػي‪:‬‬
‫قػػاؿ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪(: -‬صػػدقة الفطػػر صػػاع مػػن بػػر أو قب ػ عػػن كػػل اثنػػني)‬
‫(انظػ ػر ألف ػػاظ ه ػػذا اغب ػػديث وطرقػ ػ ى أل داود‪ .‬كت ػػاب الزك ػػاة وال ػػدارقط ص‪224 -223‬‬
‫وك ػػبلـ ابػ ػػن ح ػػزـ علي ػ ػ ى احملل ػػى‪ 424/6 :‬البيهق ػ ػ ى السػ ػػنن الك ػ ػ ى‪468 - 467/4 :‬‬
‫والزيلع ى نص الراية‪.)446 - 466/2:‬‬
‫مرفوعػا‪( :‬صػدقة الفطػر مػداف مػن القبػ ) واؼبػداف نصػه صػاع‬ ‫وما أمترج اغباكم عن ابن عبػاس ً‬
‫مرفوعا وأمتػرج‬‫كبا علبنا وأمترج كبوخ ال مذي من حديث عبرو بن وعي عن أبي عن جدخ ً‬
‫أبػػو داود والنسػػا عػػن اغبسػػن مرس ػبلً بلفػػي‪( :‬فػػرض رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬هػػذخ‬
‫صاعا مػن سبػر أو مػن وػعك أو نصػه صػاع مػن قبػ ) (انظػر‪ :‬نيػل األوطػار‪483/4 :‬‬ ‫الصدقة ً‬
‫واحمللػػى‪ 423- 422/6 :‬ونص ػ الرايػػة‪ .)423 - 448/4 :‬إَ غػػك ذل ػ مػػن األحاديػػث‬
‫الػػب يبكػػن أف تػػنهض دب بوعهػػا لتصصػػيل أحاديػػث الصػػاع كبػػا قػػاؿ اليػػوكاْ علػػى التسػػليم‬
‫بدمتوؿ ال ربز لفي الطعاـ الذي صحز ب الروايات (نيل األوطار اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫وثانياُ‪ :‬ما ص عن عدد كبك من الصحابة أمػم رأوا إمتػراج نصػه صػاع مػن القبػ ؛ فقػد أمتػرج‬
‫سفياف ال وري ى جامع عن عل موقوفًا بلفي‪( :‬نصه صاع مػن بػر) ويػروى ذلػ عػن اػبلفػاء‬
‫األربعة وغكهم (اؼبرجع نفس )‪.‬‬
‫وعلى أقواؿ هؤالء الصحابة اعتبد ابن اؼبنذر فقػد قػاؿ‪" :‬ال نعلػم ى القبػ متػ ًا ثابتًػا عػن النػ‬
‫‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬يعتبد علي (قد يعكر على هذا ما أمترج اغباكم (‪)444 - 446/4‬‬
‫من صبلة أحاديث ى صػاع الػ صػححها كلهػا وأقػر الػذه اثنػني منهػا‪ :‬أحػدنبا مػن طريػق سػعيد‬
‫اعببحػ عػػن ابػػن عبػػر ولكػػن قػػاؿ البيهقػ ‪ :‬ذكػػر الػ فيػ لػػيس دبحفػػوظ (‪ )466/4‬فػػبل ح ػػة‬
‫أيضػا ابػن متزيبػة ى صػحيح مػن طريػق ابػن إسػحاؽ عػن‬ ‫في واغبديث ال ػاْ أمترجػ مػع اغبػاكم ً‬
‫عبد اهلل بن عبػد اهلل بػن ع بػاف بػن حكػيم عػن عيػاض بػن عبػد اهلل قػاؿ‪ :‬قػاؿ أبػو سػعيد‪ :‬وذكػروا‬
‫عن ػػدخ ص ػػدقة رمض ػػاف فق ػػاؿ‪ :‬ال أمتػػرج إال م ػػا كنػػز أمت ػػرج ى عه ػػد رس ػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ‬
‫وسػػلم‪ : -‬صػػاع سبػػر أو صػػاع حنطػػة أو صػػاع وػػعك أو صػػاع أق ػ فقػػاؿ ل ػ رجػػل مػػن القػػوـ‪ :‬أو‬
‫مدين من قبػ ؟ فقػاؿ‪ :‬ال تلػ قيبػة معاويػة ؛ ال أقبلهػا وال أعبػل هبػا" ولكػن قػاؿ ابػن متزيبػة‪:‬‬
‫ذكر اغبنطة ى مت أل سعيد غك ؿبفوظ وال أدرى فبن الػوهم وقولػ ‪" :‬فقػاؿ رجػل‪ ...‬إٌ" داؿ‬
‫على أف ذكر اغبنطة ى أوؿ القصة متطأ ؛ إذ لو كاف أبو سعيد أمت أمػم كػانوا ىبرجػوف منهػا ى‬
‫ػاعا ؼبػا كػاف الرجػل يقػوؿ لػ ‪" :‬أو مػدين مػن قبػ "‬ ‫عهػد رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬ص ً‬
‫وقد أوار أبو داود إَ رواية ابن إسحاؽ هذخ وقاؿ‪ :‬إف ذكر اغبنطة في غػك ؿبفػوظ‪( .‬انتهػى مػن‬
‫ف ػػت الب ػػاري‪ )373/2 :‬وه ػػذا اغب ػػديث ذك ػػرخ اب ػػن حػ ػزـ ى احملل ػػى (‪ )436/6‬م ػػن طري ػػق اب ػػن‬
‫أيضا وليس في ذكر صاع ال واستدؿ ب على أف أبا سعيد يبنع مػن الػ صبلػة ولكػن‬ ‫إسحاؽ ً‬
‫العبلم ػػة الي ػػيمل أضب ػػد و ػػاكر تعقب ػ ػ برواي ػػة ال ػػدارقط (ص‪ )222‬ورواي ػػة اغب ػػاكم ى اؼبس ػػتدرؾ‬
‫ػاعا مػن حنطػة" قػاؿ‪ :‬وهػذا فبػا ىبتلػه فيػ‬ ‫(‪ )444/4‬وه الب ذكرناها هنا وفيهػا زيػادة "أو ص ً‬
‫نوعػػا ويػػذكر اآلمتػػر غػػكخ وكػػل صػػحي وزيػػادة ال قػػة ح ػػة (أ ه ػ) وكػػأف‬ ‫الػػرواة فيػػذكر بعضػػهم ً‬
‫الي ػػيمل رضبػ ػ اهلل ٍ يك ػػن ق ػػد اطل ػػع عل ػػى ق ػػوؿ اب ػػن متزيب ػػة وأل داود ى ه ػػذخ الزي ػػادة كب ػػا نقلػ ػ‬
‫صاح الفت وزيادة ال قة مقبولة إذا ٍ ىباله من هو أوثق من أو ٍ يكن ى الكبلـ مػا يػدؿ‬
‫علػػى ونب ػ وقػػد جػػاءت روايػػات ك ػػكة عػػن أل سػػعيد وغػػكخ تػػدؿ علػػى أف القب ػ ٍ يكػػن مػػن‬
‫طعػػامهم يومئػػذ وسػػنذكر بعضػػها قريبًػػا‪ .‬علػػى أف ابػػن إسػػحاؽ الػػذي جػػاءت الروايػػة مػػن طريق ػ‬
‫معػػروؼ عنػػد النقػػاد بالتػػدليس إذا ٍ يصػػرح بالتحػػديث وهػػو هنػػا قػػد عػػنعن كبػػا ى اؼبسػػتدرؾ‬
‫وهبذا كل يتبني ما ى تصحي اغباكم للحديث وإقرار الذه ل من التساهل‪.‬‬
‫والنتي ة أف ما جزـ بػ اإلمػاـ ابػن اؼبنػذر مػن عػدـ ثبػوت متػ يعتبػد عليػ ى القبػ عػن النػ ‪-‬‬
‫صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬صػػحي ولػػيس في ػ مطعػػن معت ػ وكػػذل قػػاؿ اغبػػافي البيهق ػ ى سػػنن‬
‫(‪ :)476/4‬قد وردت أمتبار عن الن ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬ى صػاع مػن بػر ووردت أمتبػار‬
‫ى نصه صاع وال يص و ء من ذل قد بينز علة كل واحد منها ى اػببلفيات وروينا ى‬
‫حػديث أل سػعيد اػبػدري وى اغبػديث ال ابػز عػن ابػن عبػر تعػديل مػدين مػن بػر ‪-‬وهػو نصػػه‬
‫صػػاع‪ -‬بصػػاع مػػن وػػعك وقػػع بعػػد الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪( -‬أ ه ػ) وٍ يكػػن ال ػ باؼبدينػػة‬
‫ذل الوقز إال الي ء اليسك من ‪ .‬فلبا ك ر ى زمن الصحابة رأوا أف نصه صاع من يقوـ مقػاـ‬
‫صػػاع مػػن اليػػعك وهػػم األ بػػة فغػػك جػػا ز أف يعػػدؿ عػػن قػػوؽبم إال إَ قػػوؿ مػ لهم‪ .‬ه روى ابػػن‬
‫اؼبنػػذر عػػن ع بػػاف وعل ػ وأل هريػػرة وجػػابر وابػػن عبػػاس وابػػن ال ػزبك وأم ػ أظبػػاء بنػػز أل بكػػر ‪-‬‬
‫بأسانيد صحيحة كبا قاؿ اغبافي ابن ح ػر‪-‬أمػم رأوا أف ى زكػاة الفطػر نصػه صػاع مػن قبػ‬
‫وهذا مصك من إَ امتتيار ما ذه إلي اغبنفية‪.‬‬
‫لك ػػن ح ػػديث أل س ػػعيد داؿ عل ػػى أن ػ ٍ يواف ػػق عل ػػى ذل ػ وك ػػذل اب ػػن عب ػػر ف ػػبل إصب ػػاع ى‬
‫اؼبسػػألة متبلفًػػا للطحػػاوي (انظػػر‪ :‬فػػت البػػاري‪ - 374/3 :‬طبػػع السػػلفية واحمللػػى‪- 428/6 :‬‬
‫‪.)434‬‬
‫قػػاؿ اغبنفيػػة‪ :‬وأمػػا حػػديث أل سػػعيد فلػػيس فيػ دليػػل علػػى الوجػػوب بػػل هػػو حكايػػة عػػن فعلػ‬
‫تطوعػا (بػدا ع الصػنا ع‪:‬‬
‫فيدؿ على اعبواز وب نقوؿ‪ .‬فيكوف الواج نصه صاع وما زاد يكوف ً‬
‫‪ 72/2‬ونص الراية‪)448/2 :‬‬
‫أمػػا تفسػػك الطعػػاـ ى حػػديث أل سػػعيد باغبنطػػة فهػػو غػػك مسػػلم‪ .‬قػػاؿ ابػػن اؼبنػػذر‪ :‬ظػػن بعػػض‬
‫ػاعا مػػن طعػػاـ) ح ػػة ؼبػػن قػػاؿ‪ :‬صػػاع مػػن حنطػػة‬ ‫أصػػحابنا‪ :‬أف قول ػ ى حػػديث أل سػػعيد‪( :‬صػ ً‬
‫وهػػذا غلػ منػ ؛ ذلػ أف أبػػا سػػعيد أصبػػل الطعػػاـ ه فسػػرخ ه أورد مػػن طريػػق حفػػل بػػن ميسػرة‬
‫عنػػد البصػػاري وغػػكخ‪ :‬أف أبػػا سػػعيد قػػاؿ‪( :‬كنػػا لبػػرج ى عهػػد النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬يػػوـ‬
‫ػاعا مػػن طعػػاـ) قػػاؿ أبػػو سػػعيد‪( :‬وكػػاف طعامنػػا اليػػعك والزبي ػ واألق ػ والتبػػر) وه ػ‬
‫الفطػػر صػ ً‬
‫ظػػاهرة فيبػػا قػػاؿ وأمتػػرج الطحػػاوي كبػػوخ مػػن طريػػق أمتػػرى وفي ػ ‪( :‬وال لبػػرج غػػكخ) انظػػر‪ :‬نيػػل‬
‫أيضا)‪.‬‬
‫األوطار‪ 493 - 492/4 :‬وفت الباري ً‬
‫بػػل أمتػػرج ابػػن متزيبػػة ى صػػحيح عػػن ابػػن عبػػر قػػاؿ‪ ٍ( :‬تكػػن الصػػدقة علػػى عهػػد رسػػوؿ اهلل ‪-‬‬
‫صػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬إال التبػر والزبيػ واليػػعك وٍ تكػن اغبنطػػة) وؼبسػلم مػن وجػ آمتػر عػػن‬
‫ػاعا مػن‬‫ػاعا مػن أقػ أو ص ً‬ ‫ػاعا مػن سبػر أو ص ً‬‫أل سعيد‪ .‬قاؿ‪( :‬كنا لبػرج مػن ثبلثػة أصػناؼ‪ :‬ص ً‬
‫وػػعك) وكأنػ سػػكز عػػن الزبيػ ى هػػذخ الروايػػة لقلتػ بالنسػػبة إَ ال بلثػػة اؼبػػذكورة‪ .‬قػػاؿ اغبػػافي‪:‬‬
‫وهػػذخ الطػػرؽ كلهػػا تػػدؿ علػػى أف اؼب ػراد بالطعػػاـ ى حػػديث أل سػػعيد غػػك اغبنطػػة فيحتبػػل أف‬
‫تكوف الذرة ف ن اؼبعػروؼ عنػد أهػل اغب ػاز اآلف ؛ وى قػوت غالػ ؽبػم وقػد روى اعبػوزق مػن‬
‫ػاعا مػػن سػػلز أو ذرة)‬
‫ػاعا مػػن سبػػر صػ ً‬
‫طريػػق ابػػن ع ػػبلف عػػن عيػػاض ى حػػديث أل سػػعيد‪( :‬صػ ً‬
‫(انظر‪ :‬فت الباري‪ - 372/3 :‬طبع السلفية)‪.‬‬

‫تعقي وترجي‬

‫والذي يبدو من ؾببوع الروايات أف القب ٍ يكن من أطعبتهم اليا عة على عهد النػ ‪-‬صػلى‬
‫ػاعا من ػ كبػػا فػػرض ى غػػكخ مػػن‬ ‫اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬وٍ يفػػرض الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬صػ ً‬
‫اليػػعك والتبػػر ومػػن الزبيػ واألقػ ويؤكػػد ذلػ مػػا رواخ اليػػيصاف عػػن عبػػد اهلل بػػن عبػػر قػػاؿ‪:‬‬
‫ػاعا مػػن وػػعك قػػاؿ‪:‬‬
‫ػاعا مػػن سبػػر أو صػ ً‬
‫(أمػػر رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬بزكػػاة الفطػػر‪ :‬صػ ً‬
‫ف عػػل النػػاس عدلػ مػػدين مػػن حنطػػة) وى روايػػة أمتػػرى‪( :‬فعػػدؿ النػػاس بػ نصػػه صػػاع مػػن بػػر)‬
‫(صحي مسلم بيرح النووي‪ 66/7 :‬وفت الباري‪- 272- 274/3 :‬طبع السلفية)‪.‬‬
‫قػػاؿ ابػػن القػػيم‪ :‬واؼبعػػروؼ أف عبػػر بػػن اػبطػػاب جعػػل نصػػه صػػاع مػػن بػػر مكػػاف صػػاع مػػن هػػذخ‬
‫األوياء‪ .‬ذكػرخ أبػو داود (وقػاؿ ابػن ح ػر‪ :‬أوػار ابػن عبػر بقولػ ‪" :‬النػاس" إَ معاويػة ومػن تبعػ‬
‫وقػػد وقػػع ذل ػ صػػروبًا ى حػػديث أيػػوب عػػن نػػافع أمترج ػ اغببيػػدي ى مسػػندخ عػػن سػػفياف بػػن‬
‫عيينة وفي ‪" :‬قاؿ ابن عبر‪ :‬فلبا كاف معاوية عدؿ الناس نصه صاع بر بصاع من وعك" وهكذا‬
‫أمترج ػ ابػػن متزيبػػة ى صػػحيح مػػن وج ػ آمتػػر عػػن سػػفياف وهػػو اؼبعتبػػد وه ػو موافػػق لقػػوؿ أل‬
‫سعيد وهو أصرح من ‪.‬‬
‫ػلبا ى كتػػاب "التبييػػز"‬ ‫وأمػػا روايػػة أل داود الػػب أوػػار إليهػػا ابػػن القػػيم فقػػد ذكػػر اغبػػافي أف مسػ ً‬
‫حكم على الراوي فيها بالوهم وأوش الرد علي ‪ .‬انظر‪ :‬فت الباري‪ - 372/3 :‬طبػع السػلفية)‬
‫وى الصػػحيحني‪ :‬أف معاويػػة هػػو الػػذي قػػوـ ذلػ وفيػ عػػن الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬آثػػار‬
‫بعضا (زاد اؼبعاد‪.)344 - 343/4 :‬‬ ‫مرسلة مسندة يقوي بعضها ً‬
‫ص َعك وغكخ وحديث اغبسن البصري قاؿ‪ :‬متط ابن عباس ى‬ ‫وذكر ابن القيم حديث ابن أل ُ‬
‫آمتر رمضاف على من البصرة فقاؿ‪ :‬أمترجوا صدقة صومكم فكػأف النػاس ٍ يعلبػوا! فقػاؿ‪ :‬مػن‬
‫ههنا من أهل اؼبدينػة؟ قومػوا إَ إمتػوانكم فعلبػوهم ؛ فػ مم ال يعلبػوف‪ .‬فػرض رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى‬
‫صاعا مػن سبػر أو وػعك أو نصػه صػاع مػن قبػ علػى كػل حػر‬ ‫اهلل علي وسلم‪ -‬هذخ الصدقة ً‬
‫أو فبلوؾ ذكر أو أن ى صغك أو كبك فلبا قػدـ علػ ورأى رمتػل السػعر قػاؿ‪( :‬قػد أوسػع اهلل‬
‫ػاعا م ػػن ك ػػل وػ ػ ء)؟ رواخ أب ػػو داود ‪-‬وه ػػذا لفظػ ػ ‪ -‬والنس ػػا (ق ػػاؿ‬ ‫عل ػػيكم فل ػػو جعلتب ػػوخ ص ػ ً‬
‫النسػػا ‪ :‬اغبسػػن ٍ يسػػبع مػػن ابػػن عبػػاس وكػػذل قػػاؿ أضبػػد وابػػن اؼبػػدي وغكنبػػا مػػن األ بػػة‪.‬‬
‫فعلػػى هػػذا‪ :‬ى اغبػػديث انقطػػاع وإمبػػا قػػالوا ذل ػ ألف ابػػن عبػػاس كػػاف بالبصػػرة ى عهػػد عل ػ‬
‫واغبسن ى عهدي ع باف وعل كاف باؼبدينة وعقػ علػى ذلػ اليػيمل أضبػد وػاكر فقػاؿ‪ :‬كػل‬
‫هػػذا وهػػم‪ :‬فػ ف اغبسػػن عاصػػر ابػػن عبػػاس يقينًػػا وكونػ كػػاف باؼبدينػػة أيػػاـ أف كػػاف ابػػن عبػػاس واليًػػا‬
‫علػػى البصػػرة ال يبنػػع ظباعػ منػ قبػػل ذلػ أو بعػػدخ كبػػا هػػو معػػروؼ عػػن احملػػدثني مػػن االكتفػػاء‬
‫باؼبعاص ػػرة‪ .‬ه ال ػػذي يقط ػػع بس ػػباع منػ ػ ولقا ػ ػ إي ػػاخ‪ :‬م ػػا رواخ أضب ػػد ى اؼبس ػػند ب س ػػناد ص ػػحي‬
‫(‪ )3426‬عن ابن سكين‪ :‬أف جنازة مرت باغبسن وابن عباس فقاـ اغبسن وٍ يقم ابن عباس‬
‫فقػػاؿ اغبسػػن البػػن عبػػاس‪ :‬قػػاـ ؽبػػا رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬فقػػاؿ‪ :‬قػػاـ وقعػػد" ولػػيس‬
‫بع ػػد ه ػػذا بي ػػاف ى اللق ػػاء والس ػػباع‪ .‬أ ه ػ ػ‪ .‬انظ ػػر‪ :‬ـبتص ػػر اؼبن ػػذري م ػػع مع ػػاٍ الس ػػنن وحواو ػػي ‪:‬‬
‫‪ 222/2‬أقوؿ‪ :‬ولكن اؼبعاصرة وحدها ال تكفى لسباع متطبة قيلز على من البصػرة ى وقػز‬
‫كاف في اغبسػن يقينًػا ى غػك البصػرة‪ .‬فػبل بػد أنػ نقلهػا بواسػطة مػن ظبػع‪ .‬إمبػا تكفػى اؼبعاصػرة ى‬
‫األحاديث الب ٍ توقز دبكاف وزماف متػاص إال أف يقػاؿ‪ :‬إف م ػل هػذخ اػبطبػة ال بػد أف تكػوف‬
‫معروفػػة لػػدى أهػػل البصػػرة ولػػيس مػػن الػػبلزـ أف يسػػبعها اغبسػػن مػػن ابػػن عبػػاس كبػػا قػػالوا ى‬
‫طػػاوس عػػن معػػاذ‪ :‬طػػاوس عػػاٍ بػػأمر معػػاذ وإف ٍ يلق ػ ولكػػن قػػد روي عػػن ابػػن عبػػاس ى هػػذخ‬
‫اػبطبػػة‪" :‬صػػاع مػػن طع ػػاـ" وانظػػر‪ :‬الس ػػنن الك ػ ى واعب ػػوهر النق ػ ‪ 469- 467/4 :‬ونص ػ‬
‫الراي ػػة‪ )449 - 448/2 :‬وعن ػػدخ‪ :‬فق ػػاؿ علػ ػ ‪( :‬أم ػػا إذا أوس ػػع اهلل عل ػػيكم فأوس ػػعوا ؛ اجعل ػػوخ‬
‫صاعا من بر وغكخ)‪.‬‬ ‫ً‬
‫قاؿ ابن القيم وكاف ويصنا رضب اهلل ‪-‬يع ابن تيبية‪ -‬يقوي هذا اؼبذه ويقوؿ‪ :‬هو قياس قػوؿ‬
‫أضبد ى الكفارات‪ :‬أف الواج فيها من ال نصه الواج من غكخ (زاد اؼبعاد‪.)344/4 :‬‬
‫ويتبني لنا من كل ما ذكرناخ‪ :‬أف األحاديث الواردة بنصه الصاع مػن القبػ ليسػز مػن الضػعه‬
‫حبيػػث تػػرد صبلػػة ومتاصػػة إذا ص ػ حػػديث اغبسػػن عػػن ابػػن عبػػاس ولكنهػػا ليسػػز مػػن الصػػحة‬
‫واليهرة بني الصحابة حبيث هبزـ ب بوهتا ك بوت الصاع من التبر واليعك واألق والزبي ‪.‬‬
‫ولو صحز هذخ ما متفيز على م ل ابن عبر وأل سعيد ومعاوية ومن ظبع كبلم مػن الصػحابة‬
‫وتبلمذهتم‪.‬‬
‫وصػنيع معاويػػة ظػػاهر ى أنػ جعػػل نصػػه صػػاع القبػ عػػدالً لصػػاع التبػػر فهػػو مػػن بػػاب اؼبعادلػػة‬
‫والقيبػػة ولػػذا قػػاؿ أبػػو سػػعيد‪" :‬تل ػ قيبػػة معاويػػة ال أقبلهػػا وال أعبػػل هبػػا" (أمترج ػ ابػػن متزيبػػة‬
‫واغبػػاكم ى صػػحيحيها مػػن طريػػق ابػػن إسػػحاؽ كبػػا ى الفػػت ‪ 373/3 :‬طبػػع السػػلفية وانظػػر‪:‬‬
‫اؼبسػػتدرؾ‪ 444/4 :‬واحمللػػى‪ 436/6 :‬ونص ػ الرايػػة‪ )448 - 447/2 :‬وكػػذل فعػػل مػػن‬
‫الصحابة ؼبا ك ر القب ى زمنهم‪ :‬رأوا أف نصه صاع من يقوـ مقاـ صاع مػن اليػعك كبػا قػاؿ‬
‫ابن اؼبنذر‪.‬‬
‫فال ػػذي يطب ػػئن إلي ػ القل ػ م ػػن الرواي ػػات‪ :‬أف الص ػػاع ثاب ػػز ب ػػالنل ى األطعب ػػة األربع ػػة (التب ػػر‬
‫واليػػعك والزبيػ واألقػ ) وٍ ي بػػز عنػ صػػاع مػػن قبػ علػػى التحقيػػق‪ .‬كبػػا ٍ تصػػل أحاديػػث‬
‫نصػػه الصػػاع منػ إَ درجػػة الصػػحة وأمػػا مػػن جعػػل اؼبقػػدار نصػػه صػػاع مػػن القبػ ‪-‬كبعاويػػة‬
‫ومن وافق من الصحابة رش اهلل عنهم‪ -‬بدؿ صاع من وعك أو سبر فقد فعل ذل باالجتهػاد‬
‫بناء على أف قيم ما عدا القب متساوية وكاف القب إذ ذاؾ غػاَ الػ بن‪ .‬لكػن يلػزـ علػى قػوؽبم‬
‫أف تعت القيبة ى كل زماف وى كل بلد فيصتله اغباؿ وال ينضب وردبا لػزـ ى بعػض األحيػاف‬
‫آصع (صبع صاع) من قب (فت الباري‪ - 374/3 :‬طبع السلفية)‪.‬‬
‫وى زيػارة ُ إَ باكسػتاف ذكػر ُ بعػػض العلبػاء هنػاؾ‪ :‬أف قيبػة القبػ عنػدهم أدّ بك ػك جػ ًػدا‬
‫من قيبة التبر فكيه يكوف الواج في نصه الواج ى التبر؟ وكذل الزبيػ فهػو اآلف ى‬
‫أيضا!‬
‫معظم البلداف أغلى من القب ومن التبر ً‬
‫وال ىبلصنا من هذخ اإلوكاالت إال اعتبار الصاع هو األساس‪.‬‬
‫وفبا يدؿ على أف الصحابة رش اهلل عنهم غبظوا ما قلناخ من اعتبار القيبة مػا ذكرنػاخ عػن اإلمػاـ‬
‫ػاعا مػن بػر وغػكخ‪ .‬فػدؿ علػى‬
‫عل حني رأى رمتل األسعار بالبصػرة حيػث قػاؿ ؽبػم‪ :‬اجعلػوخ ص ً‬
‫أن كاف ينظر إَ القيبة ى ذل كبا قاؿ اغبافي (فت الباري ‪ -‬اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫فعلػى هػذا ينبغػ أف يكػوف األصػل هػو الصػػاع مػن غالػ قػوت البلػد أو اليػصل كبػا سػػيأن‬
‫ػاعا‬
‫وإذا أريد إمتراج القبػ وكػاف غاليًػا‪ .‬جػاز إمتػراج نصػه صػاع منػ إذا كانػز قيبتػ تسػاوى ص ً‬
‫من القوت الغال السا د‪ .‬بناء على اجتهاد الصحابة ى إمتراج القب بالقيبة‪.‬‬
‫اتباعػا للػنل ال ابػز بيقػني الػذي‬
‫متروجػا مػن اػبػبلؼ و ً‬
‫ً‬ ‫وإمتراج الصاع أحػوط ى األحػواؿ كلهػا‬
‫ىبرج اؼبسلم فبا يريب إَ ما ال يريب ومن أوسع اهلل علي فليوسع‪ .‬كبا قاؿ عل رش اهلل عن ‪.‬‬

‫هل ذبوز الزيادة على الصاع؟‬

‫من الغري أّ وجدت ى بعض كت اؼبالكية‪" :‬أن يندب للبزك أال يزيد على الصاع بل تكرخ‬
‫الزيػػادة علي ػ ؛ ألن ػ ربديػػد مػػن اليػػارع فالزيػػادة علي ػ بدعػػة مكروهػػة كالزيػػادة ى التسػػبي علػػى‬
‫ثػػبلث وثبلثػػني وهػػذا إذا ربققػػز الزيػػادة وأمػػا مػػع الي ػ فػػبل" (انظػػر اليػػرح الكبػػك للػػدردير‪:‬‬
‫‪.)568/4‬‬
‫والذي أراخ أف هذا التنظػك أو التيػبي غػك مسػلم ؛ فػ ف الزكػاة ليسػز مػن اليػئوف التعبديػة احملػض‬
‫كالصبلة وما يتعلق هبا من الذكر والتسبي ‪ .‬فالزيادة فيها على الواجػ ال حػرج فيػ بػل هػو أمػر‬
‫ػكا فهػو متػػك لػ ) (البقػػرة‪ )484 :‬وذلػ ى فديػػة‬ ‫حسػن كبػا قػػاؿ القػرآف الكػػرٓ‪( :‬فبػن تطػػوع مت ً‬
‫الصياـ وه طعاـ مسكني‪.‬‬
‫وقػػد روى اإلمػػاـ أضبػػد وأبػػو داود عػػن أل بػػن كعػ أف رجػبلً وجبػػز عليػ ى مالػ بنػػز ـبػػاض‬
‫فلم يرض أف يعطيها اؼبصدؽ ؛ ألما ال لػنب فيهػا وال تصػل للحبػل والركػوب وأىب إال أف يعطػ‬
‫ناقة كوماء وؼبا رفض أل أف يقبلها من ؛ ألما فوؽ الواج علي احتكبػا إَ النػ ‪-‬صػلى اهلل‬
‫علي وسلم‪ -‬فقاؿ ل ‪( :‬ذاؾ الذي علي ‪ .‬ف ف تطوعز خبك آجرؾ اهلل في وقبلنػاخ منػ ) ه أمػر‬
‫بقبضػػها من ػ ودعػػا ل ػ ى مال ػ بال كػػة (رواخ أضبػػد وأبػػو داود واغبػػاكم وصػػحح ووافق ػ الػػذه‬
‫وسيأن بنص وسبام ى الباب التاسع ‪ -‬الفصل السادس)‪.‬‬
‫وهذا نل ى قبوؿ ما زاد عن الواج وفي وعد بزيادة األجر ال بالكراهة وقد قاؿ عل رش‬
‫اهلل عن ‪ :‬أما إذا أوسع اهلل عليكم فأوسعوا‪.‬‬
‫على أن لو صحز بدعية التطوع بالزيادة لكانز ؿبرمة ال مكروهة فق فكل بدعة شبللة‪.‬‬
‫نعػػم يبكػػن أف يقػػاؿ ذل ػ فػػيبن يزيػػد علػػى الصػػاع مػػن بػػاب الغلػػو والتنطػػع ال مػػن بػػاب السػػصاء‬
‫والتطوع وى الصحي ‪( :‬هل اؼبتنطعوف) (رواخ أضبد ومسلم وأبو داود عن ابن مسعود)‪.‬‬

‫مقدار الصاع‬

‫وقد حققنا فيبا تقدـ أف الصاع يساوى سدس كيلة مصرية أي قدح وثلث مصري‪ .‬كبا ى ورح‬
‫الدردير وغكخ وهو يساوى بالوزف باعبرامات ‪( 2456‬وذل حس الوزف بالقب )‪.‬‬
‫وإذا كػػاف هػػذا هػػو وزف الصػػاع مػػن القبػ فقػػد قػػالوا‪ :‬إف مػػا عػػداخ مػػن األصػػناؼ أمتػػه منػ ‪ .‬فػ ذا‬
‫أمترج منها مقدار ذل وزنًا كانز أك ر من صاع‪.‬‬
‫فػ ف كػاف هنػػاؾ صػنه يقتػات منػ النػاس وهػو أثقػػل مػن القبػ ‪-‬كػػاألرز مػ بلً‪ -‬فالواجػ الزيػػادة‬
‫على الوزف اؼبذكور دبا يوازي الفرؽ‪.‬‬
‫ومن هنا رأى بعض العلباء االعتباد على الكيل دوف الوزف ؛ ألف ى اغببوب اػبفيه وال قيل‪.‬‬
‫قاؿ اإلماـ النووي ى الروشة‪ :‬قد يستيكل شب الصاع باألرطاؿ ف ف الصاع اؼبصرج ب ى زمن‬
‫رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬مكياؿ معروؼ وىبتله قدرخ وزنًا بامتتبلؼ جنس مػا ىبػرج‬
‫كال ػػذرة واغبب ػػل وغكنب ػػا وفي ػ ػ ك ػػبلـ طوي ػػل فب ػػن أراد ربقيق ػ ػ راجع ػ ػ ى "و ػػرح اؼبهػ ػػذب "‬
‫وـبتصرخ‪ :‬أف الصواب ما قال اإلماـ أبػو الفػرج الػدارم مػن أصػحابنا‪ :‬أف االعتبػاد ى ذلػ علػى‬
‫الكيل دوف الوزف وأف الواج أف ىبرج بصاع معاير بالصاع الذي كاف ىبرج ب ى عصر رسوؿ‬
‫اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬وذل الصاع موجود ومن ٍ هبدخ وج علي إمتراج قدر يتيقن أن‬
‫ال ينقل عن وعلى هذا فالتقػدير خببسػة أرطػاؿ وثلػث تقريبًػا (كػذا ولعػل الصػواب‪ :‬تقريػ أو‬
‫تقري ) وقاؿ صباعة من العلباء‪ :‬الصاع أربع حفنات بكف رجل معتدؿ الكفني واهلل أعلم" أ هػ‬
‫(الروشة‪.)362 - 364/2 :‬‬
‫هذا ما قال النووي ؛ وقد ييق اعتبار ما قالػ ى عصػرنا الػذي أصػب كػل وػ ء فيػ يقػدر بػالوزف‬
‫تقريبًا‪.‬‬
‫وقػػاؿ ابػػن حػػزـ‪ :‬وجػػدنا أهػػل اؼبدينػػة ال ىبتلػػه مػػنهم اثنػػاف ى أف مػػد رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ‬
‫وسػػلم‪ -‬الػػذي يػػؤدى بػ الصػػدقات لػػيس بػػأك ر مػػن رطػػل ونصػػه وال دوف رطػػل وربػػع وقػػد قػػاؿ‬
‫بعضهم‪ :‬هو رطل وثلث‪.‬‬
‫قػػاؿ‪ :‬ولػػيس هػػذخ امتتبلفًػػا ولكن ػ علػػى حس ػ رزانػػة اؼبكيػػل مػػن ال ػ والتبػػر واليػػعك (احمللػػى‪:‬‬
‫‪.)245/5‬‬
‫وذكر ى اؼبغ عن أضبد قاؿ‪ :‬صاع ابن أل ذ طبسػة أرطػاؿ وثلػث‪ .‬قػاؿ أبػو داود‪ :‬وهػو صػاع‬
‫الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬قاؿ‪ :‬واألوَ ؼبن أمترج من طعاـ ثقيػل الػوزف أف يزيػد وػيئًا احتياطًػا‬
‫(اؼبغ ‪.)59/3 :‬‬
‫ػاعا ونصػ ًفا‬
‫أمػػا اغبنفيػػة فالصػػاع عنػػدهم شبانيػػة أرطػػاؿ كبػػا ذكرنػػاخ ى زكػػاة الػػزرع فهػػو يسػػاوى صػ ً‬
‫عند اعببهور‪ .‬فنصف يساوى ثل صاع غكهم وقدرخ (أي النصه) بعػض ميػايمل اغبنفيػة بقػدح‬
‫وسدس باؼبصري وبعضهم بقدح وثلث (رد احملتار‪.)84 - 83/2 :‬‬
‫احدا ى النتي ة رغػم احتػداـ النػزاع ولكػن‬ ‫وهبذا يكوف اؼبقدار الواج ى القب عند الفريقني و ً‬
‫واسعا ى إمتراج ما عدا القب حيث ىبرج اغبنف شعه غكخ على هذا التقدير‪.‬‬ ‫يظهر الفرؽ ً‬
‫ومن ٍ يكن عنػدخ مكيػاؿ وال ميػزاف‪ .‬فليصػرج أربعػة أمػداد واؼبػد ‪-‬كبػا قػالوا‪ -‬مػلء كفػى الرجػل‬
‫متكا فهو متك ل ‪.‬‬
‫صاعا ومن تطوع ً‬ ‫اؼبعتدؿ وأربع حفنات على هذخ الطريقة تساوى ً‬

‫األجناس الب ىبرج منها‬

‫نصػػز األحاديػػث ال ػواردة ى زكػػاة الفطػػر علػػى أصػػناؼ معينػػة مػػن الطعػػاـ وه ػ التبػػر واليػػعك‬
‫والزبي ػ ػ واألق ػ ػ ‪-‬وه ػػو الل ػػنب اةف ػػه ال ػػذي ٍ ين ػػزع زب ػػدخ‪ -‬وزادت بع ػػض الرواي ػػات‪ :‬القب ػ ػ‬
‫وبعضها‪ :‬السلز أو الذرة‪ .‬فهل هػذخ األصػناؼ تعبديػة ومقصػودة لػذاهتا حبيػث ال هبػوز للبسػلم‬
‫العدوؿ عنها إَ غكها من أصناؼ األطعبة واألقوات؟‬
‫أم ػػا اؼبالكي ػػة والي ػػافعية فق ػػالوا‪ :‬ه ػػذخ األص ػػناؼ ليس ػػز تعبدي ػػة وال مقص ػػودة ل ػػذاهتا وؽب ػػذا كػ ػاف‬
‫الواج على اؼبسلم أف ىبرج فطرت مػن غالػ قػوت البلػد وى قػوؿ‪ :‬مػن غالػ قػوت اليػصل‬
‫نفس ‪.‬‬
‫وه ػػل الق ػػوت اؼبنظ ػػور ل ػ ه ػػو األغل ػ ى الع ػػاـ كل ػ ؟ أـ األغل ػ ى رمض ػػاف متاص ػػة؟ أـ ى ي ػػوـ‬
‫اإلمتراج؟ أـ ى يوـ الوجوب؟‬
‫احتبػػاالت ذكرهػػا اؼبالكيػػة ومػػاؿ بعضػػهم إَ اعتبػػار يػػوـ اإلمت ػراج ولكػػن رج ػ آمتػػروف اعتبػػار‬
‫األغل ى رمضاف (حاوية الدسوق ‪.)565/4 :‬‬
‫وعند اليافعية قاؿ الغزاُ ى "الوسي "‪ :‬اؼبعت غال قوت البلد وقز وجوب الفطرة ال ى صبيع‬
‫السنة وقاؿ ى الوجيز‪ :‬غال قوت البلد يوـ الفطر (الروشة‪.)365/2 :‬‬
‫واوػ ػ ط اؼبالكي ػػة أف يك ػػوف غالػ ػ الق ػػوت م ػػن أص ػػناؼ تس ػػعة ح ػػددوها وهػ ػ ‪ :‬الي ػػعك والتب ػػر‬
‫والزبي والقب والذرة والسلز واألرز والدمتن واألق ‪ .‬فبك وجدت التسعة أو بعضها وتساوت‬
‫ى االقتيػػات متػػك ى اإلمت ػراج مػػن أيهػػا وػػاء ومػػع غلبػػة واحػػد منهػػا تعػػني اإلمت ػراج من ػ كبػػا إذا‬
‫زبيكا‪.‬‬
‫انفرد وإف وجدت أو بعضها واقتيز غكها تعني اإلمتراج منها ً‬
‫وٍ أجد ؽبذخ التيقيقات والتفريعات دليبلً يستند إليػ وؽبػذا قػاؿ بعػض ؿبققػ اؼبػذه ‪ :‬إنػ مػك‬
‫اقتيز غك التسعة أمترج فبا يقتات ولو وجدت التسعة أو بعضها‪.‬‬
‫معا ال ى زمن اليدة وحدخ‪.‬‬ ‫واؼبراد باالقتيات‪ :‬أف يصب قوت وعيي من ى زمن الرمتاء واليدة ً‬
‫وؽبػػذا أجػػازوا إمتػراج اللحػػم واللػػنب وكبػػوخ مػػا داـ قوتًػػا وىبرجػ حينئػػذ بػػالوزف‪ .‬أمػػا الػػدقيق فػػامتتلفوا‬
‫في ‪.‬‬
‫وعػػرض اؼبالكيػػة هنػػا ؼبسػػألة وه ػ مػػا إذا اقتػػات اليػػصل مػػا هػػو أدّ وأدوف مػػن قػػوت البلػػد‬
‫وحاصل ما قالوا‪ :‬أف مػن اقتػات األدوف لع ػز عػن قػوت البلػد أجػزأ اتفاقًػا وإف كػاف لبصػل ووػ‬
‫ٍ هبز اتفاقًا وإف كاف ؽبضم نفس أو لعادت كبدوي يأكل اليعك حباشرة يقتات أهلها القبػ‬
‫ففي متبلؼ واؼبعتبد هو اإلجزاء (اليرح الكبك حباوية الدسوق ‪.)567 - 566/4 :‬‬
‫وعند اليافعية‪ :‬كل ما هب في العير من اغببوب وال بار ‪-‬وهو ما يقتات ى حالة االمتتيػار ال‬
‫الضػػرورة‪-‬فهػػو صػػاً إلمتػراج الفطػػرة وحكػػى قػػوؿ قػػدٓ عػػن اليػػافع ‪ :‬أنػ ال هبػػزئ فيهػػا اغببػػل‬
‫والعدس واؼبذه اؼبيهور هو األوؿ‪.‬‬
‫وترددوا ى األق وقاؿ النووي‪ :‬ينبغ أف يقطع جبوازخ لصحة اغبديث في من غك معارض‪.‬‬
‫واألص أف اللنب واعبنب ى معناخ ولكػن قػالوا‪ :‬ال هبػزئ اعبػنب اؼبنػزوع زبػدخ كبػا ال هبػزئ األقػ‬
‫أيضا اؼبسوس واؼبعي من اغببوب‪.‬‬ ‫اؼببل الذي أفسد ك رة اؼبل جوهرخ وم ل ً‬
‫وهبػػزئ اغب ػ القػػدٓ وإف قلػػز قيبت ػ إذا ٍ يتغػػك طعب ػ ولونػ وال هبػػزئ الػػدقيق وال السػػويق وال‬
‫اػببز كبا ال هبزئ القيبة وقاؿ بعضهم‪ :‬هبزئ ألف اؼبقصود إوباع اؼبسكني ى هذا اليوـ‪.‬‬
‫وى الواج من األجناس اةز ػة ثبلثػة أوجػ أصػحها عنػد اعببهػور‪ :‬غالػ قػوت البلػد وال ػاْ‪:‬‬
‫قوت نفس وال الث‪ :‬يتصك بني األجناس‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬وإذا أوجبنا قوت نفس أو البلد فعػدؿ إَ مػا دونػ ٍ هبػز وإف عػدؿ إَ أعلػى منػ جػاز‬
‫باالتفاؽ‪.‬‬
‫وإذا اعت نػػا قػػوت نفسػ وكػػاف يليػػق بػ الػ وهػػو يقتػػات اليػػعك خبػبلً لزمػ الػ ولػػو كػػاف يليػػق بػ‬
‫اليعك فكاف يتنعم ويقتات الػ فاألصػ ‪ :‬أنػ هبز ػ اليػعك والقػوؿ ال ػاْ‪ :‬يتعػني الػ (الروشػة‬
‫للنووي‪.)363/2 :‬‬
‫أجناسػا ال غالػ فيهػا أمتػرج مػا وػاء واألفضػل أف‬ ‫ً‬ ‫وإذا أوجبنا غال قوت البلد وكانوا يقتػاتوف‬
‫ىبرج من األعلى (اؼبرجع السابق ص‪.)365‬‬
‫وظػػاهر مػػذه أضبػػد‪ :‬أن ػ ال هبػػوز العػػدوؿ عػػن األصػػناؼ اػببسػػة اؼبنصػػوص عليهػػا مػػع قدرت ػ‬
‫عليها سواء أكاف اؼبعدوؿ إلي قوت بلدخ أو ٍ يكن اؼبغ اؼبرجع السابق‪.)62/3 :‬‬
‫وهبوز عند أل حنيفة وأضبد إمتػراج الػدقيق والسػويق ؛ ألنػ فبػا يكػاؿ وينتفػع بػ الفقػك وقػد كفػى‬
‫مؤنة الطحن (نفس اؼبرجع)‪.‬‬
‫والػػذي يظهػػر أف الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬إمبػػا حػػدد األصػػناؼ اؼبػػذكورة ؛ ألن ػ كانػػز ه ػ‬
‫قومػػا يعييػػوف علػػى األرز كبػػا ى اليابػػاف مػ بلً‬
‫األقػوات اؼبتداولػػة ى البيئػػة العربيػػة عند ػػذ‪ .‬فلػػو أف ً‬
‫كانػػز فطػرهتم فبػػا يتقوتػػوف بػ ولػػو كػػاف قػػوـ يعييػػوف علػػى األذرة كبػػا ى الريػػه اؼبصػػري لكػػاف‬
‫واجبهم هو األذرة‪ .‬فلهذا أرج أف ىبرج اؼبرء فطرت مػن غالػ قػوت بلػدخ أو مػن غالػ قوتػ إذا‬
‫كاف أفضل من قوت البلد‪.‬‬
‫وعنػػد ابػػن حػػزـ‪ :‬ال هبػػزئ و ػ ء غػػك التبػػر أو اليػػعك ال زبي ػ وال قب ػ وال دقيػػق وال أق ػ وال‬
‫غكها وأطاؿ ى االحت اج لذل ورد سا ر األحاديث اؼبصالفة وونع على ـبالف رأي كعادت‬
‫(احمللى‪ 448/6 :‬وما بعدها)‪.‬‬
‫وفبا استدؿ ب ما رواخ دبسندخ عن أل ؾبلز قػاؿ‪ :‬قلػز البػن عبػر‪ :‬إف اهلل قػد أوسػع والػ أفضػل‬
‫من التبر؟ يعػ ‪ :‬ى صػدقة الفطػر‪ :‬فقػاؿ لػ ابػن عبػر‪ :‬إف أصػحال سػلكوا طري ًقػا فأنػا أحػ أف‬
‫أسلك (اؼبرجع السابق ص ‪.)427‬‬
‫إصباعػػا مػػن الصػػحابة‪ .‬بػػرغم اآلثػػار‬
‫ً‬ ‫ويبػػالغ ابػػن حػػزـ ى االسػػتدالؿ هبػػذا األثػػر حػػك ليكػػاد هبعل ػ‬
‫الك ػػكة الػػوفكة الػػب جػػاءت خببلفػ ويكفػػى أف أذكػػر هنػػا تعليػػق العبلمػػة اليػػيمل أضبػػد وػػاكر علػػى‬
‫رأى ابػػن حػػزـ هػػذا ى حاوػػية احمللػػى حيػػث قػػاؿ‪" :‬مػػن تأمػػل ى طريػػق األحاديػػث الػواردة ى زكػػاة‬
‫الفطػػر وفق ػ معناهػػا مػػع امتػػتبلؼ ألفاظهػػا عػػن الصػػحابة رش ػ اهلل عػػنهم علػػم أف ابػػن حػػزـ ال‬
‫ح ػة لػ ى االقتصػػار علػػى إمتػراج التبػػر واليػػعك وهػػذا معاويػة حبضػػرة الصػػحابة رشػ اهلل عػػنهم‬
‫رأى مدين من ظبراء الياـ بدؿ صػاع مػن وػعك أو غػكخ وٍ ينكػر عليػ ذلػ أحػد ‪-‬أي إمتػراج‬
‫القب موشع اليعك‪ -‬وإمبا أنكر أبو سػعيد اؼبقػدار فػرأى إمتػراج صػاع مػن قبػ وابػن عبػر إمبػا‬
‫كػػاف ىبػػرج ى متاصػػة نفسػ مػػا كػػاف ىبػػرج ى عهػػد رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬وٍ ينكػػر‬
‫علػػى مػػن أمتػػرج غػػك ذلػ ولػػو رأى عبػػل النػػاس بػػاطبلً وهػػم الصػػحابة والتػػابعوف ألنكػػرخ أوػػد‬
‫إنكار وقد كاف رشػ اهلل عنػ يتيػدد ى أوػياء ال علػى سػبيل التيػريع بػل علػى سػبيل اغبػرص‬
‫على االتباع فق كبا كاف ينزؿ ى مواشع نزوؿ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسػلم‪ -‬وٍ يػر أحػد‬
‫من اؼبسلبني ذلػ واجبًػا والزكػاة إمبػا جعلػز إلغنػاء الفقػك عػن الطػواؼ ى يػوـ العيػد واألغنيػاء‬
‫يتبتعوف دباؽبم وعياؽبم ولينظر امرؤ لنفس ‪ :‬هل يرى أن يغػ الفقػك عػن الطػواؼ إذا أعطػاخ صػاع‬
‫سبػػر أو صػػاع وػػعك ى بلػػد م ػػل القػػاهرة ى م ػػل هػػذخ األيػػاـ؟! ومػػاذا يفعػػل هببػػا الفقػػك إال أف‬
‫يطوؼ لي د من يي يهبا ببصس من القيبة ليبتاع لنفس أو ألوالدخ ما يتقوتوف ب ؟!" (هػامو‬
‫احمللى‪.)432 - 434/6:‬‬
‫إمتراج القيبة‬

‫أما إمتراج القيبة فلم هبزخ األ بػة ال بلثػة ى زكػاة الفطػر وى سػا ر الزكػوات‪ .‬سػئل أضبػد عػن عطػاء‬
‫الدراهم ى صدقة الفطر فقاؿ‪ :‬أمتاؼ أال هبز ؛ متبلؼ سنة رسوؿ هلل‪.‬‬
‫وقيل ل ‪ :‬قوـ يقولوف‪ :‬عبر بن عبد العزيز كاف يأمتذ القيبة؟‬
‫قاؿ‪ :‬يدعوف قوؿ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسػلم‪ -‬ويقولػوف‪ :‬قػاؿ فػبلف؟ قػاؿ ابػن عبػر‪":‬فػرض‬
‫رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ …"-‬اغبػػديث قػػاؿ اهلل تعػػاَ‪( :‬أطيع ػوا اهلل وأطيعػوا الرسػػوؿ)‬
‫(النساء‪.)59:‬‬
‫فهػػو يػػرى دفػػع القيبػػة ـبالفػػة لرسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬وهػػذا قػػوؿ مال ػ واليػػافع‬
‫(اؼبغ ‪.)65/3:‬‬
‫وكذل قػاؿ ابػن حػزـ‪ :‬ال ذبػزئ قيبػة أصػبلً ألف ذلػ غػك مػا فػرض رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ‬
‫اض منهبا وليس للزكاة مال معني في وز رشاخ‬ ‫وسلم‪ -‬والقيبة ى حقوؽ الناس ال ذبوز إال ب ٍ‬
‫أو إبراؤخ (احمللى‪.)437/6 :‬‬
‫وقاؿ ال وري وأبو حنيفػة وأصػحاب ‪ :‬هبػوز إمتػراج القيبػة وقػد روي ذلػ عػن عبػر بػن عبػد العزيػز‬
‫واغبسن البصري (اؼبغ ‪ 65/3:‬وى احمللى‪" :46/6 :‬ص ذل عن عبر بن عبد العزيز")‪.‬‬
‫روى ابػػن أل وػػيبة عػػن ع ػػوف قػػاؿ‪ :‬ظبع ػػز كتػػاب عبػػر بػػن عبػػد العزيػػز يق ػرأ إَ عػػدى بالبصػػرة‬
‫(وع ػػدى ه ػػو الػ ػواُ)‪" :‬يؤمت ػػذ م ػػن أه ػػل ال ػػديواف م ػػن أعطي ػػاهتم م ػػن ك ػػل إنس ػػاف نص ػػه دره ػػم "‬
‫(مصنه ابن أل ويبة‪.)38- 37/4 :‬‬
‫وعن اغبسن قاؿ‪ :‬ال بأس أف تعطى الدراهم ى صدقة الفطر (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫وعن أل إسحاؽ قاؿ‪ :‬أدركتهم وهم يؤدوف ى صدقة رمضاف الدراهم بقيبة الطعاـ‪.‬‬
‫وعن عطاء‪ :‬أن كاف يعط ى صدقة الفطر ورقًا (دراهم فضية) (نفس اؼبرجع)‪.‬‬
‫( أ ) وفبا يدؿ ؽبذا القوؿ أف الن ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬قػاؿ‪( :‬أغنػوهم ‪-‬يعػ اؼبسػاكني‪ -‬ى‬
‫هػػذا اليػػوـ) واإلغنػػاء يتحقػػق بالقيبػػة كبػػا يتحقػػق بالطعػػاـ وردبػػا كانػػز القيبػػة أفضػػل إذ ك ػػرة‬
‫الطعاـ عند الفقك ربوج إَ بيعها والقيبة سبكن من وراء ما يلزم من األطعبة واؼببلبس وسػا ر‬
‫اغباجات‪.‬‬
‫( ب ) كبػػا يػػدؿ علػػى ج ػواز القيبػػة مػػا ذكػػرخ ابػػن اؼبنػػذر مػػن قبػػل‪ :‬أف الصػػحابة أجػػازوا إمت ػراج‬
‫نصػػه الصػػاع مػػن القبػ ؛ ألمػػم رأوخ معػػادالً ى القيبػػة للصػػاع مػػن التبػػر أو اليػػعك وؽبػػذا قػػاؿ‬
‫صاعا من التبر"‬
‫معاوية‪" :‬إْ ألرى مدين من ظبراء الياـ تعدؿ ً‬
‫(جػ) ه إف هذا هو األيسر بالنظر لعصرنا ومتاصة ى اؼبناطق الصناعية الػب ال يتعامػل النػاس فيهػا‬
‫إال بالنقود‪ .‬كبا أن ‪-‬ى أك ر البلداف وى غال األحياف‪ -‬هو األنفع للفقراء‪.‬‬
‫والذي يلوح ُ‪ :‬أف الرسوؿ ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬إمبػا فػرض زكػاة الفطػر مػن األطعبػة لسػببني‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬لنػدرة النقػػود عنػػد العػرب ى ذلػ اغبػػني فكػاف إعطػػاء الطعػػاـ أيسػر علػػى النػػاس وال ػػاْ‪:‬‬
‫أف قيبة النقػود زبتلػه وتتغػك قوهتػا اليػرا ية مػن عصػر إَ عصػر خبػبلؼ الصػاع مػن الطعػاـ ف نػ‬
‫ييبع حاجة بيرية ؿبددة كبا أف الطعاـ كاف ى ذل العهد أيسر على اؼبعطػ وأنفػع لآلمتػذ‬
‫واهلل أعلم بالصواب‪.‬‬
‫وقد فصلنا القوؿ ى موشػوع "دفػع القيبػة" ى الزكػوات عامػة ى بػاب "طريقػة أداء الزكػاة" فلكجػع‬
‫إلي ‪.‬‬

‫مسا ل تتعلق بدفع القيبة‬

‫بقيز هنا بعض مسا ل تتعلق ب متراج القيبة ذكرها علباء اغبنفية‪:‬‬
‫األوَ‪ :‬أف اؼبػػراد بػػدفع القيبػػة قيبػػة اغبنطػػة أو اليػػعك أو التبػػر يػػؤدى قيبػػة أي الػ بلث وػػاء عػػن‬
‫أل حنيف ػػة وأل يوس ػػه وق ػػاؿ ؿبب ػػد‪ :‬ي ػػؤدى قيب ػػة اغبنط ػػة (ال ػػدر اؼبصت ػػار وحاو ػػيت "رد احملت ػػار"‪:‬‬
‫‪.)86/2‬‬
‫والػػذي أمتتػػارخ‪ :‬أف يػػدفع قيبػػة صػػاع مػػن غالػ قػػوت البلػػد مػػن أوسػ األصػػناؼ فػ ف كػػاف مػػن‬
‫أجودها فهو أحسن‪.‬‬
‫ال انية‪ :‬أن ال هبوز أداء األجناس اؼبنصوص عليها بعضها عن بعض باعتبار القيبة‪ .‬فكبا ال هبوز‬
‫إمتراج اغبنطة عن اغبنطة باعتبار القيبة ؛ بأف يؤدى نصه صاع من حنطػة جيػدة عػن صػاع مػن‬
‫حنطة وس ال هبوز إمتراج سبر أو وعك عن اغبنطة باعتبار القيبة بأف يػؤدى نصػه صػاع سبػر‬
‫م بلً تبلغ قيبت نصه صاع مػن حنطػة عػن اغبنطػة بػل يقػع عػن نفسػ وعليػ تكبيػل البػاق ؛‬
‫ألف القيبة إمبا تعت ى غك اؼبنصوص علي (ذكر ذل ى رد احملتار‪ 83/2 :‬نقبلً عن البدا ع)‪.‬‬
‫ال ال ة‪ :‬امتتله اغبنفية‪ :‬أيهبا أفضل‪ :‬دفع القيبة أـ إمتراج اؼبنصوص علي ؟‬
‫فقاؿ بعضهم‪ :‬دفع اغبنطة أفضػل ى األحػواؿ كلهػا سػواء أكانػز أيػاـ وػدة أـ ال ؛ ألف ى هػذا‬
‫موافقػػة للسػػنة‪ .‬وفصػػل آمتػػروف فقػػالوا‪ :‬إذا كػػاف الػػزمن زمػػن وػػدة وأزمػػة ى األق ػوات فػػدفع العػػني‬
‫(اغبنطة) أفضل وأما ى أوقات السعة والرمتاء فدفع القيبة أفضل ؛ ألما أعػوف علػى دفػع حاجػة‬
‫الفقك (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫ومن هذا يتض لنا أف اؼبدار ى األفضلية على مدى انتفػاع الفقػك دبػا يػدفع لػ فػ ف كػاف انتفاعػ‬
‫بالطعاـ أك ر كاف دفع أفضل كبا ى حالة اةاعة واليدة وإف كاف انتفاع بالنقود أك ر‪ .‬كاف‬
‫دفعها أفضل‪.‬‬
‫وينبغػ أف يوشػػع ى اغبسػػاب انتفػػاع أسػػرة الفقػػك كلهػػا ال نفعػ وحػػدخ فقػػد يأمتػػذ بعػػض الفقػراء‬
‫ذوي العياؿ القيبة وينفقها على نفس أو ى أوياء كبالية على حني أوالدخ وبتاجوف إَ القػوت‬
‫الضروري‪ .‬فدفع الطعاـ ؽبؤالء أوَ‪.‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫وقز الوجوب واإلمتراج‬
‫مك ىبرجها؟‬
‫مك ذب زكاة الفطر؟‬

‫مك ذب زكاة الفطر؟‬


‫اتفػػق اؼبسػلبوف علػػى أف زكػػاة الفطػػر ذبػ بػػالفطر مػػن رمضػػاف غبػػديث ابػػن عبػػر اؼبتقػػدـ‪( :‬فػػرض‬
‫رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬زكػػاة الفطػػر مػػن رمضػػاف) وامتتلفػوا ى ربديػػد وقػػز الوجػػوب‬
‫فقاؿ اليافع وأضبد وإسحاؽ وال ػوري ‪-‬ومالػ ى روايػة‪ :-‬ذبػ بغػروب اليػبس مػن آمتػر يػوـ‬
‫من رمضاف ؛ ألما وجبز طهرة للصا م والصوـ ينته بالغروب فت ب الزكاة‪.‬‬
‫وقاؿ أبو حنيفة وأصحاب والليث وأبو ثور ومال ‪-‬ى إحػدى روايتيػ ‪ :-‬ذبػ بطلػوع الف ػر مػن‬
‫يػػوـ العيػػد ؛ ألمػػا قربػػة تتعلػػق بيػػوـ العيػػد فلػػم يتقػػدـ وجوهبػػا يػػوـ العيػػد كاألشػػحية يػػوـ األشػػحى‬
‫(اؼبغ ‪.)68 - 67/3 :‬‬
‫واألمر هني وشبرة اػببلؼ تظهر ى اؼبولود الذي يولد بعد مغيػ اليػبس وقبػل ف ػر العيػد‪ :‬هػل‬
‫ذب علي أـ ال ذب ؟ وكذل اؼبكله الذي يبوت ى هذا الوقز (بداية اةتهد‪.)273/4 :‬‬

‫مك ىبرجها؟‬

‫روى الييصاف وغكنبا عن ابن عبر‪( :‬أف رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬أمػر بزكػاة الفطػر أف‬
‫تؤدى قبل متروج الناس إَ الصبلة) يريػد صػبلة العيػد وعػن عكرمػة قػاؿ‪ :‬يقػدـ الرجػل زكاتػ يػوـ‬
‫الفطر بني يدي صبلت ؛ إف اهلل تعاَ يقوؿ‪( :‬قد أفل من تزكى وذكر اسم رب فصلى) (األعلى‪:‬‬
‫‪.)45 - 44‬‬
‫وروى ابػػن متزيبػػة مػػن طريػػق ك ػػك بػػن عبػػد اهلل عػػن أبي ػ عػػن جػػدخ أف رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ‬
‫وسلم‪ -‬سئل عن هذخ اآلية فقاؿ‪( :‬نزلز ى زكاة الفطر) (نيل األوطار‪.)495/4 :‬‬
‫ػكا" شػعيه ج ًػدا عنػد أ بػة اغبػديث (بػل قػاؿ اليػافع‬‫ولكن اغبديث شػعيه اإلسػناد ألف "ك ً‬
‫وأبو داود‪ :‬إن ركن من أركاف الكػذب وقػاؿ ابػن حبػاف‪ :‬إنػ منكػر اغبػديث ج ًػدا يػروى عػن أبيػ‬
‫عػػن جػػدخ بنس ػصة موشػػوعة ؛ ال وبػػل ذكػػرخ ى الكت ػ إال علػػى جهػػة التع ػ إال أف ال مػػذي‬
‫يصػػح ل ػ وذكػػر الػػذه أف العلبػػاء ال يعتبػػدوف علػػى تصػػحي ال مػػذي غبدي ػ ‪ .‬انظػػر‪ :‬مي ػزاف‬
‫االعت ػ ػ ػ ػػداؿ‪ 467 - 466/3 :‬وهت ػ ػ ػ ػػذي الته ػ ػ ػ ػػذي ‪ 423 - 424/8 :‬والت ػ ػ ػ ػػاريمل الكب ػ ػ ػ ػػك‬
‫للبصػػاري‪ 4/4 :‬ص ‪ 247‬واعبػػرح والتعػػديل ‪ 2/2‬ص‪ 454‬واؼبسػػتدرؾ للحػػاكم‪.)428/4 :‬‬
‫كبا يوهن من هذا اغبديث‪ :‬أف السورة مكية وزكاة الفطر إمبا وػرعز باؼبدينػة بعػد فرشػية صػياـ‬
‫رمضػػاف وو ػػرعية العي ػػدين وق ػػد يت ػػأوؿ مع ػ ‪( :‬نزل ػػز ى زك ػػاة الفط ػػر) أف اآلي ػػة ت ػػدؿ عل ػػى ذل ػ‬
‫بالعبارة أو اإلوارة ال أف زكاة الفطر سب لنزوؽبا باؼبع االصطبلح !‬
‫وق ػػد أمت ػػرج البص ػػاري ومس ػػلم ع ػػن أل س ػػعيد‪( :‬كن ػػا لب ػػرج ى عه ػػد رس ػػوؿ اهلل ‪-‬ص ػػلى اهلل عليػ ػ‬
‫ػاعا مػػن طعػػاـ) وظػػاهرخ صػػحة اإلمتػراج ى اليػػوـ كلػ ولكػػن اليػراح تػػأولوا‬ ‫وسػػلم‪ -‬يػػوـ الفطػػر صػ ً‬
‫بأوؿ اليوـ وهو ما بني صبلة الصب إَ صبلة العيد كبا ى الفت ‪.‬‬
‫وضبل اليافع التقييد ب ػ "قبػل الصػبلة" علػى االسػتحباب لقولػ عليػ الصػبلة والسػبلـ‪( :‬أغنػوهم‬
‫ى هذا اليوـ) و (اليوـ) يصدؽ على صبيع النهار (فت الباري‪.)375/3 :‬‬
‫ويرى صبهور الفقهػاء أف تأمتكهػا عػن الصػبلة مكػروخ ؛ ألف اؼبقصػود األوؿ منهػا إغنػاء الفقػك عػن‬
‫الس ػؤاؿ والطل ػ ى هػػذا اليػػوـ فبػػك أمترهػػا فػػات جػػزء مػػن اليػػوـ دوف أف يتحقػػق هػػذا اإلغنػػاء‬
‫(اؼبغ ‪.)67/3 :‬‬
‫ويرى ابن حزـ أف وقتها ينته بابيضاض اليبس وحلوؿ وقز صبلة العيد‪ .‬فالتأمتك عن حراـ‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬فبن ٍ يؤدها حك مترج وقتها فقد وجبز ى ذمت ومالػ ؼبػن هػ لػ فهػ ديػن لػ وحػق‬
‫مػػن حقػػوقهم قػػد وج ػ إمتراجهػػا م ػن مال ػ وحػػرـ علي ػ إمسػػاكها ى مال ػ فوجػ علي ػ أداؤهػػا‬
‫أب ػ ػ ًػدا ويس ػ ػػق ب ػ ػػذل حقه ػ ػػم ويبق ػ ػػى ح ػ ػػق اهلل ى تض ػ ػػييع الوق ػ ػػز ال يق ػ ػػدر عل ػ ػػى ج ػ ػ خ إال‬
‫باالستغفار والندامة (احمللى‪.)443/6 :‬‬
‫وماؿ اليوكاْ إَ أف إمتراجها قبل الصبلة واج ؛ غبديث ابن عباس‪( :‬فبن أداها قبل الصبلة‬
‫فه زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصبلة فه صدقة من الصدقات)‪.‬‬
‫ومع أما (صدقة من الصدقات)‪ :‬أي ليس ؽبا ال واب اػباص لزكاة الفطر بوصفها قربػة ؽبػا وقػز‬
‫معلوـ‪.‬‬
‫وأما تأمتكها عن يوـ العيد فقاؿ ابػن رسػبلف‪ :‬إنػ حػراـ باالتفػاؽ ؛ ألمػا زكػاة واجبػة فوجػ أف‬
‫يكوف ى تأمتكها إه كبا ى إمتراج الصبلة عن وقتها (نيل األوطار‪.)495/4 :‬‬
‫وقاؿ ى "اؼبغ "‪ :‬ف ف أمترها عن يوـ العيد أه ولزمػ القضػاء (وكػذا قػاؿ الػدردير ى اليػرح الكبػك‬
‫(‪ :)568/4‬وال تسػػق الفطػػرة دبع ػ زمنهػػا ل تبهػػا ى الذمػػة) وحكػػى عػػن ابػػن س ػكين والنصع ػ‬
‫الرمتص ػػة ى تأمتكه ػػا ع ػػن ي ػػوـ العي ػػد وحك ػػاخ اب ػػن اؼبن ػػذر ع ػػن أضب ػػد واتب ػػاع الس ػػنة أوَ (اؼبغ ػ ‪:‬‬
‫‪.)67/3‬‬
‫وأما تقديبها وتع يلهػا فبنػع منػ ابػن حػزـ وٍ يسػام ى أدا هػا قبػل طلػوع ف ػر يػوـ الفطػر بيػوـ‬
‫وال أقػػل وقػػاؿ‪ :‬ال هبػػوز تقػػديبها قبػػل وقتهػػا أصػبلً (احمللػػى‪ 443/6 :‬ومػػذه ابػػن حػػزـ هنػػا هػػو‬
‫أيضػػا كب ػا ى فق ػ اإلمػػاـ جعفػػر (‪ )466/2‬حيػػث ٍ هبػػز تقػػديبها قبػػل هػػبلؿ‬ ‫مػػذه اإلماميػػة ً‬
‫وواؿ)‪ .‬بناء على رأي ى عدـ جواز تع يػل الزكػاة مطل ًقػا وهػو ـبػاله ؼبػا صػ عػن الصػحابة ى‬
‫تع يلها‪.‬‬
‫فروى البصاري عن ابن عبر قػاؿ‪(:‬كػانوا يعطومػا قبػل الفطػر بيػوـ أو يػومني) والضػبك ى (كػانوا)‬
‫يرجػػع إَ أصػػحاب الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬وهػػم الػػذين هبػػم يقتػػدى فيهتػػدى وإَ هػػذا‬
‫يوما أو يومني‪.‬‬ ‫ذه أضبد وقاؿ‪ :‬ال هبوز أك ر من ذل يع ً‬
‫أيضػػا وأجػػاز بعضػػهم التقػػدٓ إَ ثبلثػػة أيػػاـ (اليػػرح الكبػػك حباوػػية‬ ‫وهػػو اؼبعتبػػد عنػػد اؼبالكيػػة ً‬
‫الدسوق ‪ )568/4 :‬وقاؿ بعض اغبنابلة‪ :‬هبوز تع يلها من بعد نصه اليهر‪.‬‬
‫وقػػاؿ اليػػافع ‪ :‬هبػػوز مػػن أوؿ وػػهر رمضػػاف ؛ ألف سػػب الصػػدقة الصػػوـ والفطػػر عنػ فػ ذا وجػػد‬
‫أحد السببني جاز تع يلها كزكاة اؼباؿ بعد مل النصاب (اؼبغ ‪.)69 - 68/3 :‬‬
‫وقاؿ أبو حنيفة‪ :‬هبوز تع يلها من أوؿ اغبوؿ ؛ ألما زكاة فأوبهز زكاة اؼباؿ‪.‬‬
‫وعند الزيدية‪ :‬هبوز تع يلها ولو إَ عامني كزكاة اؼباؿ (البحر ‪.)496/2‬‬
‫وقوؿ مال وأضبد أحوط وأقرب إَ ربقيق اؼبقصود وهو إغناؤهم ى يوـ العيد بالذات‪.‬‬
‫والقػػوؿ جب ػواز إمتراجهػػا مػػن بعػػد نصػػه اليػػهر أيسػػر علػػى النػػاس ومتاصػػة إذا كانػػز الدولػػة ه ػ‬
‫الب تتوَ صبع زكػاة الفطػر‪ .‬فقػد ربتػاج إَ زمػن لتنظػيم جبايتهػا وتوزيعهػا علػى اؼبسػتحقني‪ .‬حبيػث‬
‫تيرؽ مشس العيد وقد وصل إليهم حقهم فيعروا بفرحة العيد وهب ت كبا ييعر سا ر الناس‪.‬‬
‫وم ل ذل إذا تولز زكاة الفطر مؤسسة أو صبعية إسبلمية‪.‬‬
‫الفصل اػبامس‬
‫ؼبن تُصرؼ زكاة الفطر؟‬

‫فهرس‬

‫من ال تُصرؼ ل زكاة الفطر‬

‫فقراء البلد أوَ‬

‫الصرؼ لفقراء اؼبسلبني باإلصباع‬

‫اػببلؼ ى فقراء أهل الذمة‬

‫هل تُفرؽ على األصناؼ ال بانية؟‬


‫الصرؼ لفقراء اؼبسلبني باإلصباع‬

‫قاؿ ابن رود‪ :‬أما ؼبن تصرؼ؟‪ .‬فأصبعوا على أما تصرؼ لفقػراء اؼبسػلبني لقولػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ‬
‫وسلم‪" : -‬أغنوهم"‪ ...‬اغبديث‪.‬‬

‫اػببلؼ ى فقراء أهل الذمة‬

‫قاؿ‪ :‬وامتتلفوا‪ :‬هل ذبوز لفقراء أهل الذمة؟‪.‬‬


‫واعببهور على أما ال ذبوز ؽبم‪.‬‬
‫وقاؿ أبو حنيفة‪ :‬ذبوز ؽبم‪.‬‬
‫معػا؟ فبػن قػاؿ‪ :‬الفقػػر‬
‫وسػب امتػتبلفهم‪ :‬هػل سػب جوازهػا هػو الفقػػر فقػ ؟ أو الفقػر واإلسػبلـ ً‬
‫واإلسبلـ ٍ هبزها للذميني ومن قػاؿ‪ :‬الفقػر فقػ أجازهػا ؽبػم واوػ ط قػوـ ى أهػل الذمػة الػذين‬
‫ذبوز ؽبم أف يكونوا رهبانًا (بداية اةتهد‪.)73/4 :‬‬
‫روى ابن أل ويبة عن أل ميسرة‪ :‬أن كاف يعط الرهباف صدقة الفطر (اؼبصنه‪ )39/4 :‬وعػن‬
‫عبػػرو بػػن ميبػػوف وعبػػرو بػػن وػػرحبيل ومػػرة اؽببػػداْ‪ :‬أمػػم كػػانوا يعطػػوف منهػػا الرهبػػاف (اؼبغ ػ ‪:‬‬
‫‪.)78/3‬‬
‫وه لفتة إنسانية كريبة تنبئ عن روح اإلسبلـ السب الذي ال ينه عػن الػ دبصالفيػ الػذين ٍ‬
‫يقػػاتلوا أهلػ ويعػػادوهم فػػبل غػػرو أف تيػػبل مسػػرة العيػػد كػػل مػػن يعػػيو ى كنػػه اؼبسػػلبني ولػػو‬
‫كانوا من الكفار ى نظرخ‪ .‬على أف هذا إمبا يكوف بعد أف يستغ فقراء اؼبسلبني أوالً‪.‬‬
‫وقد فصلنا القوؿ ى ذل ى باب مصارؼ الزكاة‪.‬‬

‫هل تُفرؽ على األصناؼ ال بانية؟‬

‫وهل يقتصر صرفها على الفقراء واؼبساكني أـ تعبم على األصناؼ ال بانية؟ اؼبيػهور مػن مػذه‬
‫اليافع ‪ :‬أن هب صرؼ الفطرة إَ األصناؼ الذين تُصػرؼ إلػيهم زكػاة اؼبػاؿ وهػم اؼبػذكورف ى‬
‫ات) (التوبػػة‪ )66 :‬وتلػػزـ قسػػبتها بيػػنهم بالسػػوية (اةبػػوع‪ )444/6 :‬وهػػو‬ ‫آيػػة‪( :‬إمبػَػا الصػ َػدقَ ُ‬
‫مذه ابن حزـ ف ذا فرقها اؼبزك بنفس سق سهم العاملني لعدـ وجودهم واؼبؤلفة ألف أمرهم‬
‫إَ اإلماـ ال إَ غكخ (احملل ‪.)445-443/6 :‬‬
‫ورد ابن القيم على هذا الرأي فقاؿ‪" :‬وكاف من هدي ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬زبصيل اؼبسػاكني‬
‫هبػػذخ الصػػدقة وٍ يكػػن يقسػػبها علػػى األصػػناؼ ال بانيػػة قبضػػة قبضػػة وال أمػػر بػػذل وال فعل ػ‬
‫أحد من أصحاب وال من بعدهم بل أحد القولني عندنا‪ :‬أن ال هبوز إمتراجها إال على اؼبسػاكني‬
‫متاصة‪.‬‬
‫وهذا القوؿ أرج من القوؿ بوجوب قسبتها على األصناؼ ال بانية (زاد اؼبعاد‪.)345/4 :‬‬
‫وعنػػد اؼبالكيػػة‪ :‬إمبػػا تُصػػرؼ للفق ػراء واؼبسػػاكني وال تُصػػرؼ لعامػػل عليهػػا وال ؼبؤلػػه قلب ػ وال ى‬
‫الرقػػاب وال لغػػارـ وال ةاهػػد وال البػػن سػػبيل يتوصػػل هبػػا لبلػػدخ بػػل ال تعطػػى إال بوصػػه الفقػػر‬
‫وإذا ٍ يوجد ى بلػدها فقػراء نقلػز ألقػرب بلػد فيهػا ذلػ بػأجرة مػن اؼبزكػ ال منهػا لػئبل يػنقل‬
‫الصاع (اليرح الكبك حباوية الدسوق ‪.)569-568/4 :‬‬
‫فتبني هبذا أف هنا ثبلثة أقواؿ‪:‬‬
‫‪ -4‬قوؿ بوجػوب قسػبتها علػى األصػناؼ ال بانيػة ‪-‬أو َمػن وجػد مػنهم‪ -‬بالسػوية وهػو اؼبيػهور‬
‫عند اليافعية‪.‬‬
‫‪ -2‬وقػػوؿ جب ػواز قسػػبتها علػػى األصػػناؼ وج ػواز زبصيصػػها بػػالفقراء وهػػو قػػوؿ اعببهػػور؛ ألمػػا‬
‫ني) (التوبة‪ .…)66 :‬اآلية‪.‬‬ ‫الصدقات لل ُف َقر ِاء واؼبساكِ ِ‬
‫ً‬ ‫صدقة فتدمتل ى عبوـ قول تعاَ‪( :‬إمبا‬
‫َ‬
‫‪ -3‬وقػػوؿ بوجػػوب زبصيصػػها بػػالفقراء وهػػو مػػذه اؼبالكيػػة ‪-‬كبػػا ذكرنػػا‪ -‬وأحػػد القػولني عنػػد‬
‫أضبد ورجح ابن القيم وويص ابن تيبية‪.‬‬
‫وإَ هذا القوؿ ذه اؽبادي والقاسػم وأبػو طالػ ‪ :‬أف الفطػرة تُصػرؼ ى الفقػراء واؼبسػاكني دوف‬
‫غػػكهم مػػن مصػػارؼ الزكػػاة ال بانيػػة ؼبػػا جػػاء ى األحاديػػث أمػػا‪( :‬طعبػػة للبسػػاكني) وغبػػديث‪:‬‬
‫(أغنوهم ى هذا اليوـ) (نيل األوطار‪.)495/4 :‬‬
‫ومػػع وجاهػػة هػػذا القػػوؿ وسبيػػي مػػع طبيعػػة زكػػاة الفطػػر وهػػدفها األساسػ فػػأرى أال نسػػد البػػاب‬
‫بالكلية ومبنع جواز استصدامها ى اؼبصارؼ األمترى عند اغباجة‪.‬‬
‫واألحاديث الب ذكروها تدؿ على أف اؼبقصود األهم منها إغناء الفقراء هبا ى ذل اليوـ متاصػة‬
‫في ػ تقػػديبهم عل ػ غػػكهم إف وجػػدوا وهػػذا ال يبنػػع أف تُصػػرؼ ى اؼبصػػارؼ األمتػػرى حس ػ‬
‫اغباجػػة واؼبصػػلحة كبػػا ذكػػر الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬ى زكػػاة األم ػواؿ‪ :‬أمػػا‪( :‬تُؤمتػػذ مػػن‬
‫أغنيػػا هم ف ػ ُ د علػػى فق ػرا هم) وٍ يبنػػع ذل ػ أف تُصػػرؼ ى اعبهػػات األمتػػرى الػػب أروػػدت إليهػػا‬
‫اآلية الكريبة‪.‬‬
‫وهبذا يتض ‪ :‬أف القوؿ الػذي لبتػارخ هػو تقػدٓ الفقػراء علػى غػكهم إال غباجػة ومصػلحة إسػبلمية‬
‫معت ة‪.‬‬
‫والقػػوؿ الصػػحي الػػذي علي ػ أك ػػر الفقهػػاء أف لليػػصل الواحػػد أف يػػدفع فطرت ػ إَ مسػػكني أو‬
‫عدة مساكني كبا أف لل باعة أف يدفعوا فطرهتم إَ مسكني واحد؛ إذ ٍ يفصل الدليل (البحر‬
‫الزمتار‪.)497/2 :‬‬
‫وكرخ بعضهم دفع الواحد إَ عدد؛ ألنػ ال يتحقػق بػ اإلغنػاء اؼبػأمور بػ ى اغبػديث وم ػل ذلػ‬
‫دفع صباعة ك ػكة فطػرهتم إَ واحػد يؤثرونػ هبػا مػع وجػود غػكخ فبػن هػو م لػ ى اغباجػة أو أحػوج‬
‫من ػ دوف مسػػوغ يقتض ػ هػػذا اإلي ػػار (انظػػر‪ :‬ال ػػدر اؼبصتػػار وحاوػػيت ‪ 85/2 :‬واليػػرح الكب ػػك‬
‫حباوية الدسوق ‪.)568/4 :‬‬

‫من ال تُصرؼ ل زكاة الفطر‬

‫وما دامز صدقة الفطر زكاة فػبل هبػوز دفعهػا إَ كػل مػن ال هبػوز دفػع زكػاة اؼبػاؿ إليػ مػن كػافر‬
‫معػػاد لئلسػػبلـ أو مرتػػد أو فاسػػق يتحػػدى اؼبسػػلبني بفسػػق أو غػ دبالػ أو كسػػب أو متبطػػل‬
‫قػػادر علػػى الكس ػ وال يعبػػل أو والػػد أو ولػػد أو زوجػػة؛ ألف اؼبسػػلم حػػني يػػدفعها إَ هػػؤالء‬
‫كأمبا يدفعها إَ نفس وقد فصلنا ذل ى باب "مصارؼ الزكاة"‪.‬‬

‫فقراء البلد أوَ‬


‫وما قلناخ ى نقل زكاة اؼباؿ نقول هنا وهو‪ :‬أف األصل أف توزع الفطرة ى البلد الذي وجبز في‬
‫وهو البلد الذي في اؼبزك لبلعتبارات الب ذكرناها هناؾ وألف زكاة الفطر متاصة دب ابة إسػعاؼ‬
‫سريع ى مناسبة متاصة ه مناسبة العيد فأوَ الناس ب اعبكاف وأهل البلد‪.‬‬

‫إال إف عدـ الفقراء في فتنقل إَ ما قػرب منػ كبػا ذكرنػا عػن اؼبالكيػة وقػاؿ ى البحػر‪ :‬تُكػرخ ى‬
‫غك فقراء البلد إال لغرض أفضل (البحر الزمتار‪.)263/2 :‬‬

‫الباب ال امن‬
‫أى اؼباؿ حق سوى الزكاة؟‬

‫فهرس‬

‫رأي القا لني بأف ى اؼباؿ ح ًقا سوى الزكاة‬

‫ربرير وترجي‬

‫سبهيد‬

‫رأي من نفى أف ى اؼباؿ ح ًقا سوى الزكاة‬


‫ك ًكا ما ييتهر ى بعض القضايا رأي مػن اآلراء حػك ىبيػل إَ بعػض النػاس أنػ الػرأي الفػذ وال‬
‫رأي غكخ مع شعه ح ت ووهن منطق ‪.‬‬
‫ومن ذل مػا وػاع لػدى اؼبتػأمترين مػن أهػل الفقػ ‪ :‬أف ال حػق ى اؼبػاؿ سػوى الزكػاة وأصػب هػذا‬
‫كالقضػػية اؼبسػػلبة عنػػد ك ػػك مػػن اؼبي ػتغلني بػػالعلم الػػدي وسػػنعرض ى هػػذا البػػاب ؽبػػذخ القضػػية‬
‫على شوء النصوص ال ابتة والقواعد اليرعية احملكبة مبينني ما نراخ اغبق ى هذا اؼبوشوع‪.‬‬
‫وسييتبل هذا الباب على فصوؿ ثبلثة‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬ى بياف رأي من نفى أف ى اؼباؿ ح ًقا سوى الزكاة‪.‬‬
‫وال اْ‪ :‬ى رأي القا لني بأف ى اؼباؿ ح ًقا سوى الزكاة‪.‬‬
‫وال الث‪ :‬ى ربرير موشع النزاع بني الفريقني وترجي الراج ‪.‬‬

‫الفصل األوؿ‬
‫رأي من نفى أف ى اؼباؿ ح ًقا سوى الزكاة‬

‫فهرس‬
‫موقفهم من النصوص اؼبعارشة‬

‫سبهيد‬

‫األحاديث الب احت هبا النافوف‬

‫ذه ك ك من الفقهاء (نسب ى البحر (‪ )438/2‬إَ األك ر)‪ .‬إَ أف اغبق الوحيد ى اؼباؿ هو‬
‫الزكػػاة فبػػن أمتػػرج زكات ػ فقػػد طهػػر مال ػ وبر ػػز ذمت ػ وال يطال ػ بعػػدها بي ػ ء آمتػػر إال مػػا‬
‫تطػوع بػ رغبػػة ى م وبػة اهلل وابتغػػاء زيػادة األجػػر وهػذا اؼبػذه هػػو الػذي اوػػتهر عنػد اؼبتػػأمترين‬
‫حك ال يكاد يُعرؼ غكخ‪.‬‬
‫األحاديث الب احت هبا النافوف‬

‫‪ -4‬استند أصحاب هذا اغبديث إَ اغبديث الذي رواخ الييصاف وغكنبا عن طلحة ‪-‬رش اهلل‬
‫عن ‪ -‬قاؿ‪ :‬جػاء رجػل إَ رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬مػن أهػل قبػد ثػا ر الػرأس يُسػبع‬
‫دوي صوت وال يُفق ما يقػوؿ حػك دنػا مػن رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬فػ ذا هػو يسػأؿ‬
‫عن اإلسبلـ فقاؿ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسػلم‪( : -‬طبػس صػلوات ى اليػوـ والليلػة فقػاؿ‪:‬‬
‫ه ػػل عل ػ غ ػػكهن؟ ق ػػاؿ‪ :‬ال إال أف تط ػػوع‪ .‬ق ػػاؿ رس ػػوؿ اهلل ‪-‬ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم‪ : -‬وص ػػياـ‬
‫رمضاف‪ .‬قاؿ‪ :‬هل عل غػكخ؟ قػاؿ‪ :‬ال إال أف تطػوع وذكػر الزكػاة فقػاؿ‪ :‬هػل علػ غكهػا قػاؿ‪:‬‬
‫ال إال أف تطػػوع) فػػأدبر وهػػو يقػػوؿ‪ :‬ال أزيػػد علػػى هػػذا وال أنقػػل منػ فقػػاؿ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى‬
‫اهلل علي وسلم‪( : -‬أفل إف صدؽ) أو‪( :‬دمتل اعبنػة إف صػدؽ) (رواخ السػتة إال ال مػذي كبػا‬
‫ى صبع الفوا د‪.)44/4 :‬‬
‫‪ -2‬وم ل ما روى البصاري عن أل هريرة ‪-‬رش اهلل عن ‪ :-‬أف أعرابيًا أتى الن ‪-‬صلى اهلل علي‬
‫دمتلز اعبنة فقاؿ‪( :‬تعبد اهلل ال تيرؾ ب ويئًا وتقيم‬ ‫ُ‬ ‫وسلم‪ -‬فقاؿ‪ :‬دل على عبل إذا عبلت‬
‫الصبلة اؼبكتوبة وتؤدي الزكاة اؼبفروشة وتصوـ رمضاف)‪ .‬قاؿ‪ :‬والذي نفس بيدخ ال أزيد على‬
‫هذا فلبا وَ قػاؿ رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪َ ( : -‬مػن سػرخ أف ينظػر إَ رجػل مػن أهػل‬
‫اعبنة فلينظر إَ هذا) (رواخ ال مذي ى كتاب الزكاة‪ 98-97/3 :‬ال مذي مع ورح ابن العػري‬
‫وقاؿ‪ :‬حسن غري )‪.‬‬
‫فف اغبػديث األوؿ أمتػ الرسػوؿ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬الرجػل‪ :‬أف ال وػ ء عليػ غػك الزكػاة‬
‫إال أف يتطوع وهو دليل ظاهر‪.‬‬
‫وى اغبدي ني أعلن الرجبلف السا بلف‪ :‬أمبا ال يزيػداف علػى الزكػاة اؼبفروشػة وػيئًا ورشػى الرسػوؿ‬
‫‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬منهبا ذل بل أمت أمبا من أهل اعبنة ولو كاف ى اؼباؿ حػق سػوى‬
‫الزكاة ما استحقا اعبنة مع ترك ‪.‬‬
‫‪ -3‬واسػػتندوا إَ مػػا رواخ ال مػػذي عػػن أل هريػػرة‪ :‬أف الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬قػػاؿ‪( :‬إذا‬
‫ػيز مػا عليػ ) (رواخ اغبػاكم وقػاؿ‪ :‬صػحي وأقػرخ الػذه ‪396/4 :‬‬ ‫أديز زكاة مال فقػد قض َ‬ ‫َ‬
‫ولكػػن قػػاؿ ابػػن ح ػػر ى التلصػػيل ص‪ :477‬إسػػنادخ شػػعيه) ومػػن قضػػى مػػا عليػ ى مالػ ٍ‬
‫يكن علي حق في وال يُطال ب متراج و ء آمتر على سبيل الوجوب‪.‬‬
‫مرفوعػػا‪( :‬إذا أديػػز زكػػاة مالػ فقػػد أذهبػػز عنػ وػػرخ)‬‫‪ -4‬وم لػ مػػا أمترجػ اغبػػاكم عػػن جػػابر ً‬
‫(رواخ ابػػن متزيبػػة ى صػػحيح واغبػػاكم‪ 396/4 :‬وقػػاؿ‪ :‬صػػحي علػػى وػػرط مسػػلم وافقػ الػػذه‬
‫وقاؿ اغبافي ى الفت (‪ :)475/3‬رج أبو زرعة والبيهق وغكنبا وقف كبا عند البزار‪ .‬أهػ‪.‬‬
‫ووػػر اؼبػػاؿ ى الػػدنيا‪ :‬تلفػ وؿبػػق ال كػػة من ػ وى اآلمتػػرة وػػرخ العػػذاب اؼبعػػد ؼبػػن شػػيع حقػػوؽ اهلل‬
‫في )‪.‬‬
‫وإمبا يذه عن اإلنساف ور اؼباؿ ى الدنيا واآلمترة إذا أديز من اغبقوؽ كلها‪.‬‬
‫ػاحا مػػن ذه ػ فسػػألز عػػن‬ ‫‪ -5‬وكػػذل مػػا رواخ اغبػػاكم عػػن أـ سػػلبة‪ :‬أمػػا كانػػز تل ػبس أوشػ ً‬
‫ذل الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬فقػاؿ‪ :‬أكنػز هػو؟ فقػاؿ‪( :‬إذا أديػز زكاتػ فلػيس بكنػز) (قػاؿ‬
‫اغباكم (‪ :)296/4‬صحي على ورط البصاري وافق الذه وى إسنادخ كبلـ وقد ربدثنا عن‬
‫ى زكاة اغبل من الباب ال الث ص‪ 327-325‬فلكجع إلي )‪.‬‬
‫وى بعض روايات ‪( :‬ما بلغ أف تؤدي زكات فزك فليس بكنز) (أمترج أبو داود)‪.‬‬
‫وفي داللة على أف الوعيد الذي جاء ى حق الكانزين ألمواؽبم ال يلحق من أدى زكات ولو كػاف‬
‫ى اؼباؿ حق واج آمتر ما سلم من الوعيد‪.‬‬
‫وزاد بعػض أصػػحاب هػػذا الػرأي علػى ذلػ كلػ فػػرووا عػػن النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬حػػديًا‬
‫صػػروبًا يقػػوؿ‪( :‬لػػيس ى اؼبػػاؿ حػػق سػػوى الزكػػاة) (يعػػزى هػػذا اغبػػديث إَ روايػػة ابػػن ماجػ ولكػػن‬
‫قػػاؿ النػػووي ى اةبػػوع عنػ ‪ :‬إنػ حػػديث شػػعيه جػ ًػدا ال يعػػرؼ ‪ 332/5 -‬وقبلػ قػػاؿ البيهقػ‬
‫ػنادا ‪ -‬الس ػػنن الكػ ػ ى‪:‬‬
‫ى ه ػػذا اغب ػػديث‪ :‬يرويػ ػ أص ػػحابنا ى التع ػػاليق ولس ػػز أحف ػػي فيػ ػ إس ػ ً‬
‫‪ 84/4‬واع ض اغبافي العراق علي برواية ابن ماج ل ى سنن هبذا اللفػي وذكػر ابنػ اغبػافي‬
‫أبو زرعة‪ :‬أن عند ابن ماج يلفي‪" :‬ى اؼباؿ حق سوى الزكاة" كبا هو عند ال مذي وى بعض‬
‫نسػػمل ابػػن ماج ػ ‪" :‬لػػيس ى اؼبػػاؿ حػػق سػػوى الزكػػاة" ‪-‬طػػرح الت ري ػ ‪ -48/4 :‬ومع ػ هػػذا‪ :‬أف‬
‫أيضػػا العبلمػػة‬
‫ً‬ ‫"لػػيس" زيػػدت ى اغبػػديث عػػن طريػػق النسػػاخ ووػػاع اػبطػػأ بعػػد كبػػا بػػني ذل ػ‬
‫الييمل أضبد وػاكر ‪-‬رضبػ اهلل‪ -‬ى التعليػق علػى األثػر ‪ 2536-‬مػن تفسػك الطػ ي‪-343/3 :‬‬
‫‪ -344‬طبع اؼبعارؼ وفبا استدؿ ب على وقوع هذا اػبطأ ى ابن ماج ما يل ‪:‬‬
‫‪ -4‬رواية الط ي لؤلثر ‪ 2527-‬من نفس طريق وبىي بن آدـ الػب رواخ منهػا ابػن ماجػ ونصػ ‪:‬‬
‫"إف ى اؼباؿ غب ًقا سوى الزكاة"‪.‬‬
‫معا وٍ يفرؽ بني روايتيهبا وكذل‬ ‫‪ -2‬نس ابن ك ك ى تفسكخ اغبديث لل مذي وابن ماج ً‬
‫احدا‪.‬‬
‫صنع النابلس ى ذمتا ر اؼبواريث ‪44699‬؛ إذ نسب إليهبا حديًا و ً‬
‫إسنادا ولو كاف ى ابن ماج على هذا اللفي ؼبا‬ ‫ً‬ ‫‪ -3‬قوؿ البيهق كبا تقدـ‪ :‬لسز أحفي في‬
‫قاؿ ذل إف واء اهلل‪ .‬أهػ‪.‬‬
‫وم ل قوؿ النووي‪ :‬ال يعرؼ وٍ يير الييمل واكر إَ ما قال أبو زرعة فلعل ٍ يطلع علي ‪.‬‬
‫وهػػذا التحقيػػق أصػػوب وأوَ مػػن وصػػه اغبػػديث باالشػػطراب لروايتػ مػػن طريػػق واحػدة بلفظػػني‬
‫متنافيني كبا هو اليا ع)‪.‬‬
‫هػػذخ ه ػ صبلػػة األحاديػػث الػػب يؤمتػػذ مػػن ظاهرهػػا أف ال حػػق ى اؼبػػاؿ سػػوى الزكػػاة واغبػػدي اف‬
‫األوالف منهػػا مػػن أحاديػػث الصػػحيحني فػػبل مطعػػن ى ثبوهتبػػا واغبػػديث ال الػػث شػػعه إسػػنادخ‬
‫والرابع رج وقف واػبامس ى إسنادخ كبلـ‪.‬‬
‫جدا ومردود ببل وػ ‪.‬‬ ‫أما اغبديث القا ل‪( :‬ليس ى اؼباؿ حق سوى الزكاة) ف ن حديث شعيه ً‬
‫بل متطأ وربريه (انظر‪ :‬التعليق السابق‪ .‬فاؼبعوؿ علي حدي ا الصحيحني)‪.‬‬

‫موقفهم من النصوص اؼبعارشة‬


‫وأما ما جاء ى بعػض النصػوص مػن إثبػات حقػوؽ ى اؼبػاؿ غػك الزكػاة فقػد تأولوهػا بأمػا مطلوبػة‬
‫على سبيل االستحباب ال على سبيل الوجوب واإللزاـ كبا ى حق الضيه‪.‬‬
‫أو قػػالوا بأمػػا كانػػز حقوقًػػا واجبػػة قبػػل الزكػػاة فلبػػا فُرشػػز الزكػػاة نسػػصز كػػل حػػق كػػاف قبلهػػا‬
‫ص ِادخِ) (األنعاـ‪.)444 :‬‬‫كالذي قالوا ى قول تعاَ‪( :‬وآتُػ ْواْ َحق ُ يَػ ْوَـ َح َ‬
‫أو تػػأولوخ بأن ػ واج ػ ى حالػػة الضػػرورة كبػػا قػػاؿ بعضػػهم ى "اؼبػػاعوف" كبػػا أف بعضػػهم فسػػر‬
‫اؼباعوف بالزكاة وهو مروي عن بعض الصحابة فبل داللة في على حق آمتر بعد الزكاة‪.‬‬
‫مرفوعػػا‪( :‬ى اؼبػػاؿ حػػق سػػوى الزكػػاة)‬
‫وأمػػا اغبػػديث الػػذي رواخ ال مػػذي عػػن فاطبػػة بنػػز قػػيس ً‬
‫أيضا الطػ ي‬‫(اغبديث قاؿ في ال مذي‪ :‬ليس إسنادخ بذاؾ أبو ميبوف األعور يضعه وأمترج ً‬
‫أيضػ ػػا الػ ػػدارم ‪ 385/4 :‬وابػ ػػن ماج ػ ػ‬
‫‪ 477-476/3 -‬ى األث ػ ػرين ‪ 2527-‬و‪2536‬؛ و ً‬
‫ص‪ 4786‬من طريق وبىي بن آدـ والبيهق ى السنن الك ى‪ ).84/4 :‬فقد شعف ال مػذي؛‬
‫ألن ػ مػػن طري ػػق أل ضبػػزة ميب ػػوف األع ػػور القص ػػاب (ترصب ػ ابػػن ح ػػر ى الته ػػذي والبص ػػاري ى‬
‫التػػاريمل الكبػػك‪ 4/4 :‬ص‪ 343‬وابػػن أل حػػام ى اعبػػرح والتعػػديل‪ 4/4 :‬ص‪) 236-235‬‬
‫جدا عند أهل اغبديث فبل يعوؿ على ما رواخ‪.‬‬ ‫وهو شعيه ً‬
‫الفصل ال اْ‬
‫رأي القا لني بأف ى اؼباؿ ح ًقا سوى الزكاة‬

‫فهرس‬

‫ابن حزـ يدافع عن هذا اؼبذه‬


‫برهان من القرآف‬
‫برهان من اغبديث‬
‫من اآلثػػار‬
‫مناقية ابن حزـ للبصالفني‬

‫سبهيد‬

‫أدلة هؤالء‬

‫الدليل األوؿ ‪ -‬آية ال‬


‫الدليل ال اْ ‪ -‬حق الزرع عند اغبصاد‬
‫الدليل ال الث ‪ -‬حقوؽ األنعاـ واػبيل‬
‫الدليل الرابع ‪ -‬حق الضيه‬
‫الدليل اػبامس ‪ -‬حق اؼباعوف‬
‫الدليل السادس ‪ -‬وجوب التكافل بني اؼبسلبني‬

‫وذه آمتروف منذ عهد الصحابة والتابعني إَ أف ى اؼباؿ ح ًقا سوى الزكاة‪.‬‬
‫جاء ذل عن عبر وعل ّ وأل ذر وعا ية وابن عبر وأل هريرة واغبسن بن عل ّ وفاطبة‬
‫بنز قيس من الصحابة رش اهلل عنهم‪.‬‬
‫وص ذل عن اليع وؾباهد وطاوس وعطاء وغكهم من التابعني‪.‬‬

‫أدلة هؤالء‬

‫ب ولَ ِكػن الػِ‬ ‫ػوه ُكم قِبػل اؼب ْيػ ِرِؽ واؼب ْغػ ِر ِ‬ ‫ُّ‬ ‫استدؿ هؤالء ‪-‬أوالً‪ -‬بقول تعػاَ‪( :‬لَ ْػي ِ‬
‫س الْػ أف تُػ َولػواْ ُو ُج َ ْ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫من آمن بِالل ِ واليػوِـ ِ‬
‫اآلمت ِر واؼببل ِ َك ِة و ِ‬
‫الكتَ ِ‬
‫ػاب َوالنبِي‬
‫ػامى‬ ‫ػاؿ َعلَػى ُحبرػ َذ ِوي ال ُق ْػرَىب َواليَتَ َ‬ ‫ػني َوآتَػى اؼب َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َْ ََ‬
‫ػاـ الص ػػبل َة َوآتَػػى الزَك ػػا َة َواؼبوفُػػو َف بِ َع ْه ػ ِػد ِه ْم إِ َذا‬ ‫َ‬
‫ني وِى الرقَػ ِ‬
‫ػاب َوأقَػ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واؼبس ػػاكِني واب ػػن الس ػبِ ِيل والس ػػا ِلِ‬
‫َ‬ ‫َ ََ َ َ ْ َ‬
‫ُ‬
‫ص َػدقُواْ َوأ ُْولَئِػ َ ُه ُػم اؼبتػ ُقػو َف)‬ ‫َ‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫ػأس أ ُْولَئِػ َ ال ِػذ‬‫ػني البَ ِ‬
‫َ‬ ‫ػاء َوالضػر ِاء َو ِح‬
‫عاهدواْ والصابِ ِرين ِى البأس ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َُ َ‬
‫ُ‬
‫(البقرة‪.)477 :‬‬
‫وقد روى ال مذي وغكخ أف الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬تبل هذخ اآلية مسػتدالً هبػا علػى اغبكػم‬
‫سألز ‪ -‬الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬عن الزكاة فقاؿ‪" :‬إف ى‬ ‫اؼبذكور فعن فاطبة بنز قيس‪ُ :‬‬
‫وه ُك ْم) ‪ ...‬اآلية‪.‬‬ ‫س الِْ أف تُػ َولُّواْ ُو ُج َ‬ ‫اؼباؿ غب ًقا سوى الزكاة" ه تبل هذخ اآلية الب ى البقرة‪( :‬لَْي َ‬
‫ف ػ ذا كػػاف ى اغبػػديث شػػعه ‪-‬كبػػا قػػاؿ ال مػػذي‪ -‬ف ػ ف آيػػة ال ػ اؼبػػذكورة تقػػوي عضػػدخ وتيػػد‬
‫أزرخ وهػ وحػػدها ُح ػػة بالغػػة فقػػد جعلػػز مػػن أركػػاف الػ وعناصػػرخ إيتػػاء اؼبػػاؿ علػػى حبػ ذوي‬
‫القػػرىب واليتػػامى واؼبسػػاكني واب ػػن الس ػػبيل ‪ ....‬إٌ‪ ..‬ه عطفػػز علػػى ذل ػ إقامػػة الص ػػبلة وإيت ػػاء‬
‫الزكاة والعطػه ‪-‬كبػا هػو معلػوـ‪ -‬يقتضػ اؼبغػايرة فػدؿ علػى أف ذلػ اإليتػاء غػك إيتػاء الزكػاة‪.‬‬
‫قاؿ القرط معقبًا على اغبديث اؼبذكور‪ :‬واغبديث وإف كاف في مقاؿ فقد دؿ علػى صػحت معػ‬
‫ما ى اآلية نفسها من قول تعاَ‪َ ( :‬وأقَ َاـ الصبل َة َوآتَى الزَكا َة) ‪ ...‬فذكر الزكاة مع الصبلة وذلػ‬
‫ػاؿ َعلَػػى َحبرػ ِ) ‪ ....‬لػػيس الزكػػاة اؼبفروشػػة فػ ف ذل ػ يكػػوف‬ ‫دليػػل علػػى أف اؼبػراد بقولػ ‪َ ( :‬وآتَػػى اؼبػ َ‬
‫َ‬
‫فرشا غك الزكاة؟ قيػل‪ :‬قػد‬ ‫تكر ًارا (وقاؿ الط ي‪ :‬ف ف قاؿ قا ل‪ :‬وهل من حق هب ى ماؿ إيتاؤخ ً‬
‫امتتله أهل التأويل ى ذل ‪.‬‬
‫فقاؿ بعضهم‪ :‬في حقػوؽ ذبػ سػوى الزكػاة‪ .‬واعتلػوا لقػوؽبم ذلػ هبػذخ اآليػة وقػالوا‪ :‬ؼبػا قػاؿ اهلل‬
‫اؿ َعلَى َحبر ِ َذ ِوي ال ُقرىب" ومن ظبى اهلل معهم ه قاؿ بعد‪َ " :‬وأقَ َاـ الصبلََة‬ ‫تبارؾ وتعاَ‪َ " :‬وآتَى اؼب َ‬
‫َ‬
‫ومن ظبى معهم غك‬ ‫َوآتَى الزَكا َة" علبنا أف اؼباؿ الذي وصه اؼبؤمنني ب أمم يؤتون ذوي القرىب َ‬
‫احدا ٍ يكن لتكريرخ مع مفهوـ‪.‬‬ ‫الزكاة الب ذكر أمم يؤتوما؛ ألف ذل لو كاف ماالً و ً‬
‫قالوا‪ :‬فلبا كاف غك جا ز أف يقوؿ تعاَ ذكرخ قوالً ال مع ل علبنا أف حكػم اؼبػاؿ األوؿ غػك‬
‫الزكاة وأف الزكاة الب ذكرها بعد غكخ‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬وبعد فقد أباف تأويل أهل التأويل صحة ما قلنا ى ذل ‪.‬‬
‫وقاؿ آمتروف‪ :‬بل اؼباؿ األوؿ هو الزكاة … أ هػ‪.‬‬
‫ويبدو من كبلـ اإلماـ الط ي أن مياؿ إَ قوؿ األولني‪.‬‬
‫انظر‪ :‬تفسك الط ي‪ -348/3 :‬طبع اؼبعارؼ وتفسك القرط ‪.)42/4 :‬‬
‫وال يقػػاؿ إف اؼب ػراد باإليتػػاء اؼبػػذكور هػػو التطػػوع والصػػلة ال الوجػػوب ف ػ ف اآليػػة بصػػدد الػػرد علػػى‬
‫اليه ػػود اؼبتبس ػػكني باؼبظ ػػاهر واألو ػػكاؿ وبي ػػاف الػ ػ اغب ػػق وال ػػدين الص ػػدؽ وه ػػذا يقتضػ ػ بي ػػاف‬
‫األركػػاف ال اؼبكبػػبلت والف ػرا ض ال النوافػػل والواجبػػات ال اؼبسػػتحبات وكػػل مػػا ذكرت ػ اآليػػة ى‬
‫وػػرح حقيقػػة الػ مػػن هػػذا القبيػػل فاإليبػػاف بػػاهلل واليػػوـ اآلمتػػر واؼببل كػػة والكتػػاب والنبيػػني وإقػػاـ‬
‫الصػػبلة وإيتػػاء الزكػػاة والوفػػاء بالعهػػد والص ػ ى البأسػػاء والض ػراء وحػػني البػػأس كلهػػا عناصػػر‬
‫أساسػػية ال يتحقػػق بػػدوما بػػر العقيػػدة أو العبػػادة أو األمتػػبلؽ فلبػػاذا يكػػوف إيتػػاء اؼبػػاؿ علػػى حبػ‬
‫ذوي القرىب‪ ..‬إٌ‪ .‬هو وحدخ النافلة واؼبندوب ى اآلية كلها؟؟‪.‬‬
‫وذكر أبو عبيد أف بعضهم كاف يرى هذخ اآليػة منسػومتة كبػا قػاؿ الضػحاؾ‪ :‬نسػصز الزكػاة كػل‬
‫صدقة ى القرآف (األمواؿ ص‪ .)357،358‬وه دعوى جريئة ال يسندها دليل وال وب دليل‬
‫وكبلـ اهلل ال يُنسمل باالدعاء‪.‬‬
‫ػاؿ َعلَػى‬
‫ػصا لقولػ فيهػا‪َ ( :‬وآتَػى الْ َب َ‬
‫ولو ص قوؿ الضحاؾ لكاف قول ى اآلية‪َ ( :‬وآتػى الزَكػا َة) ناس ً‬
‫حكبا ينسص اعبزء اآلمتر وهذا غك معقوؿ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُحبر ) فيقرر جزء اآلية ً‬
‫عل ػػى أف اآلي ػػة إمب ػػا او ػػتبلز عل ػػى متػ ػ َووص ػػه أله ػػل الػ ػ والتق ػػوى واألمتب ػػار ال تُنس ػػمل؛ ألف‬
‫نسصها يكوف تكذيبًا لقا لها وتعاَ اهلل عن ذل ‪.‬‬
‫روى أبػػو عبيػػد عػػن ابػػن عبػػاس ى هػػذخ اآليػػة قػػاؿ‪ :‬نزلػػز باؼبدينػػة حػػني نزلػػز الف ػرا ض وحػػدت‬
‫اغبدود وأمروا بالعبل (اؼبرجع نفس ص‪ )358‬فه آية ؿبكبة ببل ري ‪.‬‬

‫الدليل ال اْ ‪ -‬حق الزرع عند اغبصاد‪:‬‬

‫واستدلوا ‪-‬ثانيًا‪ -‬بقول تعاَ ى سورة األنعاـ بعد أف ام اهلل على عبادخ ب نياء اعبنات والنصػل‬
‫ػادخِ َوال‬
‫والزرع والزيتوف والرماف متياهبا وغك متيػاب ‪ُ ( :‬كلُػواْ ِمػن َشبػَ ِرخِ إ َذا ْأشبَػر وآتُػواْ حقػ يػػوـ حص ِ‬
‫َ َ َ ُ ََْ َ َ‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وح ػتهم أف اغبػق اؼبػأمور بػ ى اآليػة هػو وػ ء‬ ‫ني) (األنعػاـ‪ُ )444 :‬‬ ‫تُ ْس ِرفُواْ إن ُ ال ُوب ُّ اؼبُ ْس ِرف َ‬
‫غك الزكاة وذل بني من وجوخ‪:‬‬
‫‪ -4‬أف اآلية مكية نزلز قبل فرض العُير ى اؼبدينة والدليل على مكيتهػا أف السػورة نزلػز صبلػة‬
‫واحػػدة ى مكػػة كبػػا جػػاءت بػػذل أوػػهر الروايػػات‪( .‬وقػػد بينػػا ذلػ مػػن قبػػل) وادعػػاء أف هػػذخ‬
‫اآلية وحدها مدنية زبصيل ببل دليل‪.‬‬
‫‪ -2‬أف اؼبطلوب فيها إيتاء حق ال بر يوـ حصػادخ وهػذا ال يتػأتى ى زكػاة العُيػر؛ ألنػ إمبػا ىبػرج‬
‫بعد التصفية والتنقية ليعرؼ مقدار اغباصل ه ىبرج عُيرخ أو نصه عُيرخ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني) وال إسراؼ ى الزكاة؛ ألما ؿبدودة بتقدير‬ ‫‪ -3‬قول ى اآلية‪َ ( :‬وال تُ ْس ِرفُواْ إِن ُ ال ُوب ُّ اؼبُ ْس ِرف َ‬
‫اليارع وليس ألحد أف ينقل منها أو يزيد فيها (راجع احملل البن حزـ‪.)246،247/5 :‬‬
‫ومن قاؿ إف اغبق الذي أمرت اآلية ب يتا كاف ويئًا واجبًػا ه نُسػمل فقػد ردوا عليػ بػأف النسػمل ال‬
‫ي بز دب رد االحتباؿ واالدعاء‪ .‬قاؿ ابن حزـ‪ :‬من ادعى أن نسمل ٍ يصدؽ إال بنل يتصل إَ‬
‫رس ػػوؿ اهلل ‪-‬ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم‪ -‬وإال فب ػػا يع ػػز أح ػػد أف ي ػػدع ى أي آي ػػة و ػػاء وى أي‬
‫حػديث وػػاء أنػ منسػػوخ ودعػػوى النسػمل إسػػقاط لطاعػة اهلل تعػػاَ فيبػػا أمػر بػ مػن ذلػ الػػنل‬
‫وهذا ال هبوز إال بنل مسند صحي (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫قاؿ ابن حزـ‪ :‬ف ف قيل‪ :‬فبا هذا اغبػق اؼبفػ ض ى اآليػة؟ قلنػا‪ :‬نعػم هػو حػق غػك الزكػاة وهػو أف‬
‫يعط اغباصػد حػني اغبصػد مػا طابػز بػ نفسػ وال بػد ال حػ ّد ى ذلػ ‪ .‬هػذا ظػاهر اآليػة وهػو‬
‫قوؿ طا فة من السله (نفس اؼبرجع)‪.‬‬
‫وؽبذا جاء عن ابن عبر ى تفسك هذا اغبق‪" :‬كانوا يعطوف ويئًا سوى الزكاة"‪.‬‬
‫وقاؿ عطاء‪" :‬يعطى من حضرخ يومئذ ما تيسر وليس بالزكاة"‪.‬‬
‫أيضػػا‪" :‬عنػػد الػػزرع يعط ػ القبضػػة‬
‫وقػػاؿ ؾباهػػد‪" :‬إذا حضػػرت اؼبسػػاكني طرحػػز ؽبػػم منػ " وقػػاؿ ً‬
‫وعند الصراـ يعط القبضة وي كهم يتتبعوف آثار الصراـ"‪.‬‬
‫وقاؿ إبراهيم النصغ ‪" :‬يعط م ل الضعث" (اغبزمة) (نفس اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫وعػػن أل العاليػػة وسػػعيد بػػن جبػػك وعل ػ ّ بػػن اغبسػػني والربيػػع بػػن أنػػس كبػػو قػػوؿ هػػؤالء (اؼبرجػػع‬
‫نفس )‪.‬‬
‫قاؿ ابن ك ك‪ :‬وقد ذـ اهلل سبحان الذين يصرموف وال يتصدقوف‪ .‬كبا ذكر عن أصحاب اعبنة ى‬
‫سورة "ف" (راجع‪ :‬ابن ك ك ى تفسك اآلية‪.)482-484/2 :‬‬
‫وقد مضػى اػبػبلؼ ى ربديػد اؼبػراد بػاغبق ى هػذخ اآليػة وتػرجي نسػص بالزكػاة ومعػ النسػمل ى‬
‫هػػذا ‪-‬والػػذي يعنينػػا هنػػا‪ -‬أف صػػحابيًا جلػػيبلً كػػابن عبػػر وصباعػػة مػػن فقهػػاء التػػابعني م ػػل عطػػاء‬
‫وؾباهد والنصغ وغكهم يأمتذوف من هذخ اآلية‪ :‬أف ى اؼباؿ ح ًقا سوى الزكاة‪.‬‬

‫الدليل ال الث ‪ -‬حقوؽ األنعاـ واػبيل‪:‬‬


‫واسػػتدلوا ‪-‬ثالًػػا‪ -‬دبػػا جػػاءت ب ػ األحاديػػث الصػػحاح مػػن حقػػوؽ اإلبػػل واػبيػػل منهػػا حػػديث أل‬
‫هريرة عند البصاري أف النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬قػاؿ‪( :‬تػأن اإلبػل علػى صػاحبها علػى متػك‬
‫مػػا كانػػز إذا هػػو ٍ يعػ فيهػػا حقهػػا تطػػؤخ بأمتفافهػػا وتػػأن الغػػنم علػػى صػػاحبها علػػى متػػك مػػا‬
‫كانز إذا ٍ يع فيها حقها تطؤخ بأظبلفها وتنطح بقروما‪ .‬قػاؿ‪ :‬ومػن حقهػا أف ُربلػ علػى‬
‫اؼبػػاء) (البصػػاري ى كتػػاب الزكػػاة‪ :‬بػػاب إه مػػانع الزكػػاة راجػػع فػػت البػػاري‪...)473-472/3 :‬‬
‫اغبديث‪.‬‬
‫معا وقد جاء ذل صػروبًا‬ ‫والظاهر أف قول ‪( :‬ومن حقها أف ُربل على اؼباء) ييبل اإلبل والغنم ً‬
‫بعػػد ذكػػر اإلبػػل ى روايػػة مسػػلم وأل داود‪( :‬مػػا مػػن صػػاح إبػػل ال يػػؤدي حقهػػا ومػػن حقهػػا‬
‫حلبها يوـ وردها‪ ...)..‬اغبديث (ـبتصر سنن أل داود للبنذري‪.)248/2 :‬‬
‫وهذخ اعببلة ليسز مدرجة من كبلـ أل هريرة كبػا يتػوهم وإمبػا هػ مػن حػديث الرسػوؿ نفسػ‬
‫كبػػا يػػدؿ علػػى ذل ػ روايػػة البصػػاري ؽبػػذخ اعببلػػة مرفوعػػة إَ الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬ى‬
‫"باب حل اإلبل على اؼباء" من كتاب "اؼبساقاة فذكر بسندخ عن أل هريرة عن الن ‪-‬صلى اهلل‬
‫علي ػ وسػػلم‪ -‬ق ػاؿ‪( :‬مػػن حػػق اإلبػػل أف ُربل ػ علػػى اؼبػػاء) (صػػحي البصػػاري حباوػػية السػػندي‪:‬‬
‫‪.)34/2‬‬
‫وروى النسػػا عػػن جػػابر بػػن عبػػد اهلل قػػاؿ‪ :‬قػػاؿ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪( :-‬مػػا مػػن‬
‫صػػاح إبػػل وال بقػػر وال غػػنم ال يػػؤدي حقهػػا إال وقػػه ؽبػػا يػػوـ القيامػػة بقػػاع قرقػػر (أرض مسػػتوية‬
‫ملساء) تطؤخ ذات األظبلؼ بأظبلفها وتنطح ذات القروف بقروما وليس فيهػا يومئػذ صبػاء (ال‬
‫قرف ؽبا) وال مكسورة القرف‪ .‬قلنا‪ :‬يا رسوؿ اهلل وماذا حقها؟ قاؿ‪( :‬إطراؽ فحلها وإعارة دلوها‬
‫وضبػػل عليهػػا ى سػػبيل اهلل)… اغبػػديث (سػػنن النسػػا ‪ -‬مػػع وػػرح السػػيوط وحاوػػية السػػندي‪:‬‬
‫‪.)27/5‬‬
‫أيضا (انظر‪ :‬طرح الت ري ‪.)42-44/4 :‬‬ ‫وروى كبو ذل مسلم ى صحيح من حديث جابر ً‬
‫أيضا قاؿ‪ :‬سئل رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ : -‬ما حق اإلبل؟ قاؿ‪( :‬أف يُنحر ظبينها‬ ‫وعن ً‬
‫ويُطػػرؽ فحلهػػا ووبلبهػػا يػػوـ وردهػػا) (قػػاؿ ى ؾببػػع الزوا ػػد ‪ :467/3-‬رواخ الط ػ اْ ى األوس ػ‬
‫ورجال رجاؿ الصحي متبل ويمل الط اْ وقد روى عن ابن أل حام وٍ يضعف أحد)‪.‬‬
‫وعن اليريد قاؿ‪ :‬جػاء رجػل إَ النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬يسػأل عػن وػ ء مػن أمػر اإلبػل‬
‫فقاؿ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( :-‬اكبػر ظبينهػا واضبػل علػى قبيبهػا واحلبهػا يػوـ وردهػا)‬
‫(رواخ الط اْ ى الكبك وإسنادخ حسن ‪ -‬اؼبصدر السابق)‪.‬‬
‫وكل هذخ الروايات صروبة ى رفع هذا الكبلـ إَ النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬ال وبتبػل معهػا‬
‫اإلدراج وفي رد على اغبافي العراق الذي رج أن من كبلـ أل هريرة‪.‬‬
‫ومع (إطراؽ فحلها)‪ :‬إعارت للضراب ال يبنع فبن طلب وإعارة دلوها إلمتراج اؼباء من البئػر ؼبػن‬
‫وبتاج إلي وال دلو مع واغببل عليها ى سبيل اهلل إركاب من ال ركوبة مع من اةاهدين‪.‬‬
‫ووج داللة هذخ األحاديث على اؼبراد‪ :‬أما رتبز الوعيد على منػع اغبقػوؽ اؼبػذكورة فػدلز علػى‬
‫أما حقوؽ واجبة وه حقوؽ أمترى غك الزكاة‪.‬‬
‫وؽبذا قاؿ ابن حزـ (احملل ‪" .)56/6 :‬وفرض على كل ذي إبػل وبقػر وغػنم أف حلبهػا يػوـ وردهػا‬
‫على اؼباء ويتصدؽ من لبنها دبا طابز ب نفس "‪.‬‬
‫واسػػتدؿ ابػػن حػػزـ حبػػديث أل هريػػرة عنػػد البصػػاري‪ .‬ه قػػاؿ‪" :‬ومػػن قػػاؿ‪ :‬إنػ ال حػػق ى اؼبػػاؿ غػػك‬
‫الزكاة فقد قاؿ الباطل وال برهاف على صحة قول ال من نل وال إصباع وكػل مػا أوجبػ رسػوؿ‬
‫اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬ى األمواؿ فهو واج ‪.‬‬
‫"وأما إعارة الػدلو وإطػراؽ الفحػل فػدامتل ربػز قػوؿ اهلل تعػاَ‪َ ( :‬ويبَْنَػعُػو َف اؼبػاعُو َف) (اؼبػاعوف‪)7 :‬‬
‫َ‬
‫أهػ‪.‬‬
‫أيضػػا ى حقػػوؽ اػبيػػل ومػػن ذلػ مػػا‬ ‫وكبػػا صػػحز األحاديػػث ى حقػػوؽ اإلبػػل والغػػنم صػػحز ً‬
‫رواخ البص ػػاري ع ػػن أل هري ػػرة أف رس ػػوؿ اهلل ‪-‬ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم‪ -‬ق ػػاؿ‪( :‬اػبي ػػل لرج ػػل أج ػػر‬
‫ولرجل س وعلى رجل وزر فأما الذي ل أجر فرجػل ربطهػا ى سػبيل اهلل) (أي لل هػاد)…‪.‬‬
‫إَ أف قػػاؿ‪( :‬ورجػػل ربطهػػا تَغنيًػػا وتعف ًفػػا ه ٍ يػػنس حػػق اهلل ى رقاهبػػا وال ظهورهػػا فه ػ لػػذل‬
‫سػ ػ ورجػ ػل ربطه ػػا فص ػ ًػرا وري ػػاء نػ ػواء (أي من ػػاوأة) أله ػػل اإلس ػػبلـ فهػ ػ عل ػػى ذلػ ػ وزر) (رواخ‬
‫البصاري ى كتاب "اؼبساقاة" من صحيح باب ورب الناس والدواب من األمار‪ .‬انظر‪ :‬البصاري‬
‫مع حاوية السندي‪.)33/2 :‬‬

‫الدليل الرابع ‪ -‬حق الضيه‪:‬‬

‫ابعا‪ -‬دبا صحز ب األحاديث من إهباب حق الضيه على اؼبضيه‪ .‬فعن أل وري‬ ‫واستدلوا ‪-‬ر ً‬
‫‪-‬متويلد بن عبرو رش اهلل عن ‪ -‬أف رسوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬قػاؿ‪( :‬مػن كػاف يػؤمن‬
‫باهلل واليوـ اآلمتر فليكػرـ شػيف جا زتػ يػوـ وليلػة والضػيافة ثبلثػة أيػاـ فبػا كػاف بعػد ذلػ فهػو‬
‫صػ ػػدقة) (رواخ مال ػ ػ والبص ػ ػػاري ومس ػ ػػلم وأب ػ ػػو دواد وال مػ ػػذي واب ػ ػػن ماج ػ ػ كبػ ػػا ى ال غي ػ ػ ‪:‬‬
‫‪.)244/3‬‬
‫واألمر ب كرام يػدؿ علػى الوجػوب بػدليل تعليػق اإليبػاف عليػ وبػدليل جعػل مػا بعػد ال بلثػة األيػاـ‬
‫صدقة‪.‬‬
‫يؤيػػد ذلػ مػػا قالػ رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬لعبػػد اهلل بػػن عبػػرو ‪-‬رشػ اهلل عنهبػػا‪:-‬‬
‫(إف عبسػػدؾ علي ػ ح ًقػػا وإف لعينػ علي ػ ح ًقػػا وإف لػػزورؾ عليػ ح ًقػػا وإف لزوج ػ علي ػ‬
‫ح ًقا) (رواخ البصاري ‪-‬واللفي ل ‪ -‬ومسلم وغكنبا‪ .‬اؼبصدر نفس ) وزورؾ‪ :‬أي زوارؾ وأشياف ‪.‬‬
‫ويؤكػػدخ حػػديث أل هريػػرة أف النػ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬قػػاؿ‪( :‬أيبػػا شػػيه نػػزؿ بقػػوـ فأصػػب‬
‫ؿبرومػػا فلػ أف يأمتػػذ بقػػدر قػراخ وال حػػرج عليػ ) (رواخ أضبػػد ورواتػ ثقػػات واغبػػاكم وقػػاؿ‪:‬‬ ‫الضػػيه ً‬
‫صحي اإلسناد كبا قاؿ اؼبنذري ى ال غي )‪.‬‬
‫بل روى اؼبقداـ بن معد يكرب الكندي‪ :‬أف رسوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬قػاؿ‪( :‬أيبػا رجػل‬
‫ؿبرومػا فػ ف نصػرخ حػق علػى كػل مسػلم حػك يأمتػذ بقػرى ليلتػ مػػن‬ ‫قومػا فأصػب الضػيه ً‬ ‫أشػاؼ ً‬
‫زرعػ ومالػ ) (رواخ أبػػو داود واغبػػاكم وقػػاؿ‪ :‬صػػحي اإلسػػناد اؼبصػػدر السػػابق) وعنػ عػػن النػ ‪-‬‬
‫فبن أصب بفنا فهو علي ديػن)‪....‬‬ ‫صلى اهلل علي وسلم‪( :-‬ليلة الضيه حق على كل مسلم َ‬
‫اغبديث (رواخ أبو داود وابن ماج ‪ .‬انظر‪ :‬ال غي وال هي ‪.)242-244/3 :‬‬
‫وروى ابن حزـ من طريق مسلم عن عقبة بن عامر‪ :‬قلنا‪ :‬يا رسوؿ اهلل إن تبع نا فننزؿ بقوـ فبل‬
‫يقروننػا فبػػا تػرى؟ قػػاؿ رسػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪" :-‬إف نػزلتم بقػػرى قػوـ فػػأمروا لكػم دبػػا‬
‫ينبغ للضيه فاقبلوا ف ف ٍ يفعلوا فصذوا منهم حق الضيه الذي ينبغ ؽبم"‪.‬‬
‫ناسػا فقػراء وأف‬‫الصفة كانوا ً‬ ‫ومن طريق البصاري بسندخ إَ عبد الرضبن بن أل بكر‪ :‬أف أصحاب ُ‬
‫الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬قاؿ‪( :‬من كاف عنػدخ طعػاـ اثنػني فليػذه ب الػث ومػن كػاف عنػدخ‬
‫طعاـ أربعة فليذه خبػامس ومػن كػاف عنػدخ طعػاـ طبسػة فليػذه بسػادس)‪ .‬أو كبػا قػاؿ وأف‬
‫أبا بكر جاء ب بلثة وانطلق رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬بعيرة‪.‬‬
‫وؾببػػوع هػػذخ األحاديػػث يػػدؿ داللػػة واشػػحة علػػى أف للضػػيه الطػػارؽ ح ًقػػا أكيػ ًػدا ى مػػاؿ أمتيػ‬
‫اؼبسلم الذي أشاف حك إف اعبباعة لي ػ عليهػا معاونتػ ونصػرخ حػك يأمتػذ هػذا اغبػق اؼبؤكػد‬
‫وواش ػ أف هػػذا اغبػػق و ػ ء غػػك الزكػػاة؛ ألف الزكػػاة إمبػػا ذب ػ ى وقػػز متػػاص ‪-‬عنػػد اغبػػوؿ أو‬
‫اغبصػػاد‪ -‬وكبػػو ذل ػ والضػػيه يطػػرؽ ى أيػػة سػػاعة وؽبػػذا قػػاؿ ابػػن حػػزـ‪ :‬الضػػيافة فػػرض علػػى‬
‫ضػػري والبػػدوي والفقيػ واعباهػػل يػػوـ وليلػػة مػ ة وإربػػاؼ ه ثبلثػػة أيػػاـ شػػيافة وال مزيػػد فػ ف‬‫اغبَ َ‬
‫الزما وإف سبادى على قراخ فحسن ف ف منع الضيافة الواجبة فل أمتذها‬ ‫زاد على ذل فليس نراخ ً‬
‫مغالبة وكيه أمكن ويُقضى ل بذل (احملل ‪.)474/9 :‬‬
‫قاؿ اليوكاْ‪" :‬وقد امتتله العلباء ى حق الضيه‪ :‬هل هو واج أو مستح ؟‪.‬‬
‫فاعببهور على أف الضيافة من مكارـ األمتبلؽ وؿباسن الدين وليسز واجبة متبلفًػا لليػث بػن‬
‫سعد ف ن أوجبها ليلة واحدة‪.‬‬
‫وح ة اعببهور ما جاء ى اغبديث اؼبتفق علي ‪( :‬من كاف يؤمن باهلل واليػوـ اآلمتػر فليكػرـ شػيف‬
‫جا زت قالوا‪ :‬وما جا زت يا رسوؿ اهلل؟ قاؿ‪ :‬يوـ وليلػة والضػيافة ثبلثػة أيػاـ فبػا كػاف وراء ذلػ‬
‫فهو صدقة)… اغبديث‪.‬‬
‫فلفػػي (جا زت ػ ) اؼبػػذكور ى اغبػػديث يػػدؿ علػػى االسػػتحباب ف ػ ف اعبػػا زة ه ػ العطيػػة والصػػلة الػػب‬
‫أصلها علػى النػدب وقلبػا يُسػتعبل هػذا اللفػي ى الواجػ ومعػ اغبػديث‪ :‬االهتبػاـ بالضػيه‬
‫ى أوؿ يػػوـ وليلػػة وإرباف ػ دبػػا يسػػتطيع مػػن بػػر وإلطػػاؼ (انظػػر‪ :‬نيػػل األوطػػار‪-463-432/8 :‬‬
‫طبع اغبل )‪.‬‬
‫أيضا إَ األحاديث القاشية حبرمة مػاؿ اؼبسػلم إال بطيػ نفسػ واألحاديػث الدالػة‬ ‫كبا استندوا ً‬
‫على أف ليس ى اؼباؿ حق سوى الزكاة‪.‬‬
‫أما األحاديث الواردة ى حق الضيه فقد كاف ؽبم منها مواقه‪:‬‬
‫قاؿ اػبطال‪" :‬إمبا كاف يلزـ ذل ى زمن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬حيث ٍ يكن بيز ماؿ وأمػا‬
‫اليوـ فأرزاقهم ى بيز اؼباؿ ال حق ؽبم ى أمواؿ اؼبسلبني"‪.‬‬
‫وضبلػ بعضػػهم علػػى أف هػذا كػػاف ى أوؿ اإلسػػبلـ إذ كانػز اؼبواسػػاة واجبػػة فلبػا اتسػػع اإلسػػبلـ‬
‫سمل ذل (نيل األوطار‪.)462/8 :‬‬ ‫نُ ِ‬
‫قاؿ اليوكاْ‪" :‬واغبق وجوب الضيافة ألمور‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬إباحة العقوبة بأمتذ اؼباؿ ؼبن ترؾ ذل وهذا ال يكوف ى غك واج ‪.‬‬
‫وال اْ‪ :‬التأكيد البالغ جبعل ذل فرع اإليباف باهلل واليوـ اآلمتر ويفيد أف فعل متبلف فعل مػن ال‬
‫يؤمن بػاهلل واليػوـ اآلمتػر ومعلػوـ أف فػروع اإليبػاف مػأمور هبػا‪ .‬ه تعليػق ذلػ بػاإلكراـ وهػو أمتػل‬
‫من الضيافة فهو داؿ على لزومها باألوَ‪.‬‬
‫وال الث‪ :‬قول ‪( :‬فبا وراء ذلػ فهػو صػدقة) فهػو صػري أف مػا قبػل ذلػ غػك صػدقة بػل واجػ‬
‫ورعا‪.‬‬
‫ً‬
‫والرابع‪ :‬قول ‪( :‬ليلة الضيه حق واج ) فهذا تصري بالوجوب ٍ يأت ما يدؿ على تأويل ‪.‬‬
‫واػبامس‪ :‬قول ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( :-‬ف ف نصرخ حق على كل مسلم) ف ف ظاهر هذا وجوب‬
‫النصرة وذل فرع وجوب الضيافة‪.‬‬
‫ق ػػاؿ‪" :‬إذا تق ػػرر ه ػػذا تق ػػرر ش ػػعه م ػػا ذه ػ إلي ػ اعببه ػػور وكان ػػز أحادي ػػث الض ػػيافة ـبصص ػػة‬
‫ألحاديث حرمة األمواؿ إال بطيبة األنفس وغبديث‪( :‬ليس ى اؼباؿ حق سوى الزكاة)‪.‬‬
‫"ومػػن التعسػػفات ضبػػل أحاديػػث الضػػيافة علػػى سػػد الرمػػق ف ػ ف هػػذا فبػػا ٍ يقػػم علي ػ دليػػل وال‬
‫دعز إلي حاجة"‪.‬‬
‫"وك ػػذل زبص ػػيل الوج ػػوب بأه ػػل ال ػػوبر دوف أه ػػل اؼب ػػدف" أه ػ ػ (ني ػػل األوط ػػار ‪ -‬اؼبرج ػػع الس ػػابق‬
‫ص‪.)463‬‬

‫الدليل اػبامس ‪ -‬حق اؼباعوف‪:‬‬

‫متامسا‪ -‬دبا جاء ى القرآف الكرٓ من الوعيد بيأف الذين يبنعوف اؼبػاعوف‪ .‬قػاؿ تعػاَ‪:‬‬ ‫واستدلوا ‪ً -‬‬
‫ػاهو َف الػذيِ َن ُهػ ْم يػُ َػراءُو َف ويبنعػوف اؼبػاعوف) (اؼبػاعوف‪4 :‬‬ ‫(فَػويل لرْلبصلرني الذين هم عػن ِِ‬
‫صػبلَهت ْم َس ُ‬
‫َْ ٌ ُ َ َ َ ُ ْ َ َ‬
‫‪ )7 -‬وقد روى أبو داود ى باب "حقوؽ اؼباؿ" من كتاب الزكاة عػن عبػد اهلل بػن مسػعود قػاؿ‪:‬‬
‫(كنػػا نعػػد اؼبػػاعوف علػػى عهػػد رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬عاريػػة الػػدلو والقػػدر) (اغبػػديث‬
‫أيضا‪.)483/4 :‬‬ ‫سكز علي أبو داود ه اؼبنذري ‪-‬ـبتصر السنن‪ 247/2 :‬وأمترج البيهق ً‬
‫ومع هذا أف إعارة هذخ األوياء الصغكة الب وبتػاج إليهػا اعبػكاف بعضػهم مػن بعػض واجبػة؛ ألف‬
‫ما نعهبا مذموـ مستحق للويل كالساه عن الصبلة اؼبرا وال يستحق اؼبكله الويػل إال علػى‬
‫ترؾ واج ‪.‬‬
‫قطعػػا فقػػد ثبػػز أف ى اؼبػػاؿ ح ًقػػا سػػوى‬ ‫وإذا ثبػػز أف إعػػارة هػػذخ األوػػياء واجبػػة وهػ غػػك الزكػػاة ً‬
‫الزكاة‪.‬‬
‫أيضػػا‪ :‬اؼبػػاعوف مػػا تعػػاورخ النػػاس بيػػنهم‪ :‬الفػػأس والقػػدر‬ ‫وروى ابػػن حػػزـ بسػػندخ عػػن ابػػن مسػػعود ً‬
‫واوباه (ذكرخ ابن حزـ ى احملل ‪ 468/9-‬من طريق ابن أل ويبة) وعن ابن عباس ى تفسك‬
‫اؼبػ ػػاعوف اؼبػ ػػذكور ى اآليػ ػػة‪ :‬أن ػ ػ متػ ػػاع البيػ ػػز وروى عن ػ ػ ‪ :‬العاريػ ػػة (اؼبرجػ ػػع السػ ػػابق والبيهق ػ ػ ‪:‬‬
‫‪ )484-483/4‬وم ل عن عل ّ ابن أل طالػ (احمللػ ‪ :‬اؼبرجػع اؼبػذكور) وعػن أـ عطيػة‪ :‬هػ‬
‫اؼبهنة يتعاطاها الناس بينهم (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫وعن ابن عبر‪ :‬هو اؼباؿ ُيبنع حق قاؿ ابن حزـ‪" :‬وهو موافق ؼبا ذكرناخ وهو قوؿ عكرمة وإبراهيم‬
‫وغكنبا وما نعلم عن أحد من الصحابة ‪-‬رش اهلل عنهم‪ -‬متبلفًا ؽبذا" (نفس اؼبرجع)‪.‬‬
‫وكػػل هػػؤالء ‪-‬كبػػا قػػاؿ ابػػن حػػزـ‪ -‬ح ػػة ى اللغػػة وقػػد اتفقػػز أق ػواؽبم علػػى تفسػػك اؼبػػاعوف دبػػا‬
‫ذكرناخ‪.‬‬
‫قاؿ ابن حزـ‪" :‬ف ف قيل‪ :‬قد روى عن عل ّ ‪-‬رش اهلل عن ‪ :-‬أما الزكاة قلنا‪ :‬نعم وٍ يقل‪ :‬لػيس‬
‫العارية‪ .‬ه قد جاء عن ‪ :‬أما العارية فوج صبع قولي " أهػ (اؼبرجع نفس )‪.‬‬
‫على أف حديث ابن مسعود عند أل داود لػ حكػم اؼبرفػوع عنػد احملػدثني؛ لنسػبت تفسػك اؼبػاعوف‬
‫إَ عهد رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬ولػو كػانوا ـبطئػني لصػح الػوح متطػأهم ى فهػم‬
‫كتاب اهلل‪.‬‬

‫الدليل السادس ‪ -‬وجوب التكافل بني اؼبسلبني‪:‬‬

‫سادسػػا‪ -‬بالنصػػوص اعببػػة الػػب أوجبػػز التعػػاوف والتكافػػل وال ػ احم بػػني اؼبسػػلبني‬ ‫واسػػتدلوا ‪ً -‬‬
‫وفرشػػز إطعػػاـ اؼبس ػػكني واغبػػض علي ػ وجعلػػز ذل ػ مػػن شب ػرات األمتػػوة ومقتضػػيات اإليب ػػاف‬
‫واإلسبلـ‪.‬‬
‫اإله والعػ ْدواف) (اؼبا ػدة‪)2 :‬‬ ‫من ذل قول تعاَ‪( :‬وتعاونوا علػى الػ والتقػوى وال تعػاونوا علػى ْ‬
‫وقػاؿ تعػػاَ ى وصػػه اؼبػػؤمنني‪ُ ( :‬رضبػػاءُ بَػْي ػنَػ ُه ْم) (الفػت ‪ )29 :‬وبػػني العقبػػة الػػب علػػى كػػل إنسػػاف‬
‫ومػا ْأد َر َاؾ مػا‬
‫أف هبتازها ليناؿ م وبة اهلل ويكػوف مػن أصػحاب اؼبيبنػة فقػاؿ‪( :‬فَػبل اقْػػتَ َح َم الع َقبَػة َ‬
‫ين‬ ‫الع َقبةُ فَ ُّ رقَػب ٍة أو إطْعاـ ِى يػوٍـ ِذي مسغَب ٍة يتِيبا َذا م ْقرب ٍة أو ِمس ِكينا َذا مْتػرب ٍة ُه َكاف ِمػن ال ِ‬
‫ػذ‬
‫َ َ‬ ‫َ ْ َ َ ً َ ََ ْ ْ ً َ ََ‬ ‫َ َ ْ َ ٌ َْ‬ ‫ََ‬
‫اب اؼبْي َبنَ ِة) (البلد‪.)48-44 :‬‬ ‫ُ‬ ‫أص َح‬
‫ْ‬ ‫اصوا بِالص ِْ َوتَػ َواصواْ بِالْ َبْر َضبَِة ْأولئِ َ‬
‫َآمنُواْ َوتَو ْ‬
‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ني َوابْ َن السبِ ِيل) (اإلسراء‪.)26 :‬‬ ‫وقاؿ تعاَ‪َ ( :‬وآت َذ ال ُقْرَىب َحق ُ َوالْب ْسك َ‬
‫اعبَػػا ِر ِذي ال ُقػ ْػرَىب َواعبَػػا ِر‬ ‫ػامى واؼبسػػاكِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫وقػػاؿ سػػبحان ‪( :‬وبِ ِ‬
‫ني َو ْ‬ ‫إح َسػػانًا َوبػػذي ال ُقػ ْػرَىب َواليَتَػ َ َ َ َ‬‫الوالػ َػديْ ِن ْ‬
‫َ َ‬
‫اعبنُ ِ و ِ‬
‫الصاح ِ بِ ْ‬
‫ز ْأيبَانُ ُك ْم) (النساء‪.)36 :‬‬ ‫اعبَن ِ َوابْ ِن السبِ ِيل َوَما َملّ َك ْ‬ ‫ُ َ‬
‫وقػػد ذكرنػػا مػػن قبػػل اآليػػات الك ػػكة الػػب جعلػػز إطعػػاـ اؼبسػػكني واغبػػض علػػى إطعامػ مػػن عبل ػػم‬
‫ب‬‫ػز الػػذي يُ َك ػ رذ ُ‬ ‫اإليبػػاف وترك ػ مػػن ل ػوازـ الكفػػر والتكػػذي بػػاآلمترة مػػن م ػػل قولػ تعػػاَ‪َ ( :‬أرأيْػ َ‬
‫ني) (اؼب ػػاعوف‪ )3-4 :‬وق ػػاؿ ى‬ ‫ػك ِ‬‫ػض علَ ػػى طَع ػ ِػاـ اؼبِس ػ ِ‬ ‫بِالػ ػدري ِن فَػ ػ َذل َ ال ػ ِػذي يػ ػ ُد ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ػيم َوالَ َوبُ ػ ُّ َ‬
‫ع اليَت ػ َ‬‫َ ّ‬
‫ني) (اؼبدثر‪-43 :‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ني َوٍَْ نَ ُ نُطْع ُم اؼب ْسك َ‬ ‫صل َ‬ ‫أسباب دمتوؿ اةرمني ى سقر‪( :‬قَالُواْ ٍَْ نَ ُ م َن اؼبُ َ‬
‫‪ )44‬وى وػػأف َمػػن أون كتاب ػ بيػػبال فاسػػتحق صػػل ّ اعبحػػيم والعػػذاب األلػػيم‪( :‬إن ػ ُ َكػػاف ال‬
‫ني) (اغباقة‪.)34-33 :‬‬ ‫ض َعلَى طَ َع ِاـ اؼبِسك ِ‬ ‫ُّ‬ ‫وب‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ال‬‫و‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫يػ ْؤِمن بِالل ِ الع ِ‬
‫ظ‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫وصور الرسوؿ ‪-‬صلى اهلل علي وسػلم‪ -‬بأحادي ػ حقيقػة اةتبػع اإلسػبلم ومبلػغ تكافلػ وترابطػ‬
‫بعضػا) (متفػق عليػ )‪ .‬فلػيس اةتبػع اؼبسػلم‬ ‫وتضامن فقاؿ‪( :‬اؼبؤمن للبؤمن كالبنياف ييػد بعضػ ً‬
‫لبنػػات منفصػػلة متفرقػػة ‪-‬وبعبػػارة أمتػػرى‪ -‬لػػيس أبنػػاء اإلسػػبلـ أف ػر ًادا متنػػاثرين كػػل مػػنهم يعػػيو‬
‫كبَػل اعبسػد الواحػد؛ إذا‬ ‫منفصبلً عن غكخ‪ .‬بػل‪َ ( :‬مَ ُػل اؼبسػلبني ى تػوادهم وتعػاطفهم وتػراضبهم َ‬
‫اوتك من عضو تداعى ل سا ر األعضاء باغببى والسهر) (متفق علي )‪.‬‬
‫بعضػػا ويسػػتفيد‬ ‫صبيعػػا ىبػػدـ بعضػػها ً‬ ‫وأي تضػػامن أقػػوى مػػن تضػػامن أج ػزاء اعبسػػد الواحػػد؟ إمػػا ً‬
‫بعضػػها مػػن بعػػض ويػػأٍ سػػا رها ألٍ جػػزء واحػػد منهػػا وقػػاؿ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪( :-‬لػػيس‬
‫دبؤمن َمن بات وبعاف وجارخ إَ جنب جا ع) (رواخ الط اْ والبيهق وإسنادخ حسن)‪.‬‬
‫وعن عل بن أل طال ‪-‬رش اهلل عن ‪ -‬قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( :-‬إف اهلل‬
‫فرض على أغنياء اؼبسلبني ى أمواؽبم بقدر الذي يسػع فقػراءهم ولػن هبهػد الفقػراء إذا جػاعوا أو‬
‫أليبػػا) (ق ػاؿ‬ ‫ػديدا ويعػػذهبم عػػذابًا ً‬ ‫عػػروا إال دبػػا يصػػنع أغنيػػاؤهم أال وإف اهلل وباسػػبهم حسػػابًا وػ ً‬
‫اؼبنذري ى ال غي ‪ :‬رواخ الط اْ ى األوس والصغك وقاؿ‪ :‬انفرد ب ثابز بن ؿببد الزاهد‪ .‬قاؿ‬
‫اؼبنذري‪ :‬وثابز ثقة صدوؽ روى عن البصاري وغكخ وبقية رواتػ ال بػأس هبػم وروى موقوفًػا علػى‬
‫عل ّ ‪-‬رش اهلل عن ‪ -‬وهو أوب ‪ -.‬ال غي جػ‪ :4‬الزكػاة وذكػرخ ابػن حػزـ ى احمللػ موقوفًػا علػى‬
‫عل ّ ‪ 458/6-‬من طريق سعيد بن منصور)‪.‬‬
‫ابن حزـ يدافع عن هذا اؼبذه‬

‫الس ػػنة وأقػ ػواؿ‬


‫وال قب ػػد أح ػ ًػدا ج ػػادؿ ع ػػن ه ػػذا اؼب ػػذه وعض ػػدخ باألدل ػػة ال ػػوفكة م ػػن الق ػػرآف و ُ‬
‫الصحابة والتابعني أبلغ وأنصع من الفقي الظاهري أل ؿببػد ابػن حػزـ فقػد قػاؿ ى كتابػ احمللػ‬
‫امتتصارا)‪.‬‬
‫ً‬ ‫(احملل ‪ 459-456/6 :‬وقد اكتفينا باألمتبار من غك أسانيدها الب ذكرها‬
‫وفرض على األغنياء من أهػل كػل بلػد أف يقومػوا بفقػرا هم وهبػ هم السػلطاف علػى ذلػ إف ٍ‬ ‫" ٌ‬
‫تقم الزكوات هبم وال ى سا ر أمواؿ اؼبسلبني هبم فيقاـ ؽبم دبا يػأكلوف مػن القػوت الػذي ال بػد‬
‫من ػ ومػػن اللبػػاس لليػػتاء والصػػيه دب ػػل ذل ػ ودبسػػكن يكػػنهم مػػن اؼبطػػر والصػػيه واليػػبس‬
‫وعيوف اؼبارة"‪.‬‬

‫برهان من القرآف‪:‬‬

‫وآت ذا القػػرىب حق ػ واؼبسػػكني وابػػن السػػبيل) (اإلس ػراء‪)26 :‬‬ ‫"برهػػاف ذل ػ ‪ :‬قػػوؿ اهلل تعػػاَ‪ِ ( :‬‬
‫وقول تعاَ‪( :‬وبالوالدين إحسانًا وبذي القرىب واليتامى واؼبساكني واعبار ذي القػرىب واعبػار اعبنُػ ِ‬
‫َ‬
‫والصاح باعبن وابن السبيل وما ملكز أيبانكم) (النساء‪.)36 :‬‬
‫"فأوج ػ تعػػاَ حػػق اؼبسػػاكني وابػػن السػػبيل مػػع حػػق ذي القػػرىب واف ػ ض اإلحسػػاف إَ األبػػوين‬
‫وذي القرىب واؼبساكني واعبار وما ملكػز اليبػني واإلحسػاف يقتضػ كػل مػا ذكرنػا ومنعػ إسػاءة‬
‫ببل و ‪.‬‬
‫وقػػاؿ تعػػاَ‪َ ( :‬مػػا سػػلككم ى سػػقر قػػالوا ٍ ن ػ ُ مػػن اؼبصػػلني وٍ ن ػ نطعػػم اؼبسػػكني) (اؼبػػدثر‪:‬‬
‫‪ .)44-42‬فقرف اهلل تعاَ إطعاـ اؼبسكني بوجوب الصبلة‪.‬‬
‫برهان من اغبديث‪:‬‬

‫"وعن رسوؿ اهلل ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬من طرؽ ك كة ى غاية الصحة‪ :‬أن قاؿ‪( :‬من ال يػرحم‬
‫الناس ال يرضب اهلل) (رواخ أضبد واليػيصاف وال مػذي عػن جريػر بػن عبػد اهلل وأضبػد وال مػذي عػن‬
‫أل سعيد وش هذا اؼبع بألفاظ ـبتلفة وطرؽ ك كة وصلز إَ درجة التواتر كبػا ى التيسػك‬
‫للبنػػاوي ‪ )447/2-‬ومػػن كػػاف علػػى فضػػلة ‪ -‬زيػػادة عػػن حاجػػة ‪ -‬ورأى اؼبسػػلم أمتػػاخ جا ًعػػا‬
‫عريانًا شا ًعا فلم يغ فبا رضب ببل و ‪.‬‬
‫أناسػا فقػراء وأف رسػوؿ اهلل ‪-‬‬ ‫وعن عبػد الػرضبن بػن أل بكػر الصػديق‪ :‬أف أصػحاب الصػفة كػانوا ً‬
‫صلى اهلل علي وسػلم‪ -‬قػاؿ‪( :‬مػن كػاف عنػدخ طعػاـ اثنػني فليػذه ب الػث ومػن كػاف عنػدخ طعػاـ‬
‫أربعة فليػذه خبػامس‪ ...‬أو سػادس) (رواخ أضبػد ى‪ 499-497/4 :‬ورواخ البصػاري ى كتػال‬
‫اؼبواقيز واؼبناق من صحيح )‪.‬‬
‫وعػػن ابػػن عبػػر أف رسػػوؿ اهلل ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬قػػاؿ‪( :‬اؼبسػػلم أمتػػو اؼبسػػلم ال يظلب ػ وال‬
‫يسلب ) (رواخ أضبد ى مسندخ‪ 94/2 :‬و ‪ 264/4‬والبصاري ى اؼبظػاٍ واإلكػراخ مػن صػحيح‬
‫ومسػلم ى الػ وأبػو داود ى األدب وال مػذي ى صػفة القيامػػة عػن ابػن عبػر) ومػن تركػ هبػػوع‬
‫ويعرى وهو قادر على إطعام وكسوت فقد أسلب ‪ -‬يع متذل ‪.‬‬
‫وعن أل سعيد اػبدري أف رسػوؿ اهلل ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬قػاؿ‪( :‬مػن كػاف عنػدخ فضػل ظهػر‬
‫فليعػػد بػ علػػى مػػن ال ظهػػر لػ ومػػن كػػاف عنػػدخ فضػػل زاد فليعػػد بػ علػػى مػػن ال زاد لػ ) ‪ ..‬قػػاؿ‪:‬‬
‫فذكر من أصناؼ اؼباؿ ما ذكر حك رأينا أن ال حق ألحد منا ى فضل) (رواخ مسلم ى النكػاح‬
‫واللقطػػة وأبػػو داود ى الزكػػاة وأضبػػد ى اؼبسػػند‪ )34/2 :‬وهػػذا إصبػػاع مػػن الصػػحابة ‪-‬رشػ اهلل‬
‫عنهم‪ -‬ىب بذل أبو سعيد وبكل ما ى اػب نقوؿ‪.‬‬
‫ومػػن طريػػق أل موسػػى عػػن الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪ -‬قػػاؿ‪( :‬أطعب ػوا اعبػػا ع وفك ػوا العػػاْ)‬
‫(الع ػػاْ‪ :‬األس ػػك واغب ػػديث رواخ البص ػػاري وفيػ ػ بع ػػد "أطعبػ ػوا اعب ػػا ع"‪ :‬وع ػػودوا اؼبػ ػريض)‪ .‬ق ػػاؿ‪:‬‬
‫جدا‪.‬‬
‫والنصوص من القرآف واألحاديث الصحاح ى هذا تك ر ً‬

‫من اآلثػػار‪:‬‬

‫ػذت فضػػوؿ أم ػواؿ‬


‫ػتدبرت ألمتػ ُ‬
‫لز مػػن أمػػري مػػا اسػ ُ‬ ‫"وق ػػاؿ عبػػر ‪-‬رش ػ اهلل عن ػ ‪( :-‬ل ػػو اسػػتقب ُ‬
‫األغنياء فقسبتها علػى فقػراء اؼبهػاجرين) (قػاؿ ابػن حػزـ ى إسػناد هػذا األثػر‪ :‬هػذا إسػناد ى غايػة‬
‫الصحة واعببللة)‪.‬‬
‫وقاؿ عل ّ بن أل طال ‪( :‬إف اهلل تعاَ فرض علػى األغنيػاء ى أمػواؽبم بقػدر مػا يكفػ فقػراءهم‬
‫وحق على اهلل تعاَ أف وباسبهم يوـ القيامة ويعػذهبم‬‫ف ف جاعوا أو عروا وجهدوا فببنع األغنياء ٌ‬
‫علي )‪.‬‬
‫وعن ابن عبر أن قاؿ‪( :‬ى اؼباؿ حق سوى الزكاة)‪.‬‬
‫وعن عا ية أـ اؼبؤمنني واغبسن بن عل ّ وابن عبر‪ :‬أمم قالوا كلهم ؼبػن سػأؽبم‪( :‬إف كنػز تسػأؿ‬
‫ى دـ موجع أو غُرـ مفظع أو فقر مدقع فقد وج حق )‪.‬‬
‫وص عن أل عبيدة بن اعبراح وثبلشبا ة من الصحابة ‪-‬رش اهلل عنهم‪ :-‬أف زادهم ف فأمرهم‬
‫أبو عبيدة ف بعوا أزوادهم ى مزودين وجعل يقوهتم إياها علػى السػواء‪ .‬فهػذا إصبػاع مقطػوع بػ‬
‫من الصحابة ‪-‬رش اهلل عنهم‪ -‬ال ـباله ؽبم منهم‪.‬‬
‫وص عن اليع وؾباهد وطاوس وغكهم كلهم يقوؿ‪( :‬ى اؼباؿ حق سوى الزكاة)‪.‬‬
‫مناقية ابن حزـ للبصالفني‬

‫قػػاؿ أبػػو ؿببػػد‪" :‬ومػػا نعلػػم عػػن أحػػد مػػنهم متػػبلؼ هػػذا إال عػػن الضػػحاؾ بػػن م ػزاحم ف نػ قػػاؿ‪:‬‬
‫نسصز الزكاة كل حق ى اؼبػاؿ ومػا روايػة الضػحاؾ ح ػة فكيػه رأيػ ؟! (ٍ يضػعه الضػحاؾ‬
‫أحػػد ‪-‬فيبػػا رأيػػز‪ -‬إال وبػػىي بػػن سػػعيد ووثقػ أضبػػد وابػػن معػػني وأبػػو زرعػػة والع لػ والػػدارقط‬
‫وذك ػػرخ اب ػػن حب ػػاف ى ال ق ػػات وق ػػاؿ اغب ػػافي ى التقري ػ ‪ :‬ص ػػدوؽ ك ػػك اإلرس ػػاؿ‪ .‬انظ ػػر‪ :‬مي ػزاف‬
‫االعت ػػداؿ‪ 326-325/2 :‬وهت ػػذي الته ػػذي ‪ .454-453/4 :‬عل ػػى أف ش ػػعه الرواي ػػة ال‬
‫يوج شعه الراوي‪ .‬كبا ادعى ابن حزـ‪ .‬فاحملػدثوف يضػعفوف ابػن أل ليلػى ‪-‬مػ بلً‪ -‬مػع أنػ ى‬
‫الفق إماـ)‪.‬‬
‫"والع أف احملت هبذا أوؿ ـباله ل ‪ ..‬فكى ى اؼباؿ حقوقًا سػوى الزكػاة منهػا‪ :‬النفقػات علػى‬
‫األبػ ػػوين احملتػ ػػاجني وعلػ ػػى الزوجػ ػػة وعلػ ػػى الرقيػ ػػق وعلػ ػػى اغبي ػ ػواف والػ ػػديوف واألروش‪ ..‬فظهػ ػػر‬
‫تناقضهم‪.‬‬
‫ففرض علي أف يأمتذ اؼباء حيث وجدخ وأف يقاتل علي ‪.‬‬ ‫"ويقولوف‪ :‬من عطو فصاؼ اؼبوت ٌ‬
‫"فػػأي فػػرؽ بػػني مػػا أبػػاحوا لػ مػػن القتػػاؿ علػػى مػػا يػػدفع بػ عػػن نفسػ اؼبػػوت مػػن العطػػو وبػػني مػػا‬
‫منعوخ من من القتاؿ عن نفس فيبا يدفع ب عنها اؼبوت من اعبوع والعرى وهذا متبلؼ لئلصباع‬
‫والقرآف وللسنن وللقياس‪.‬‬
‫طعاما فيػ فضػل عػن‬ ‫قاؿ أبو ؿببد‪ :‬وال وبل ؼبسلم اشطر أف يأكل ميتة أو غبم متنزير وهو هبد ً‬
‫فرشػػا علػػى صػػاح الطعػػاـ إطعػػاـ اعبػػا ع فػ ذا كػػاف ذلػ كػػذل‬ ‫صػػاحب ؼبسػػلم أو لػػذم ؛ ألف ً‬
‫فليس دبضطر إَ اؼبيتة وال إَ غبم اػبنزير وباهلل تعاَ التوفيق ول أف يقاتل عن ذل فػ ف قُتػل‬
‫فعلى قاتل القود (القصاص) وإف قَػتَل اؼبانع ف َ لعنة اهلل؛ ألن منع ح ًقا وهػو طا فػة باغيػة‪ .‬قػاؿ‬
‫ُمت ػ ػ َػرى فَػ َق ػ ػػاتِلُواْ ال ػ ػ ِػب تَػْبغِػ ػ ػ َح ػ ػػك تَِفػ ػ ػ ءَ َإَ ْأمػ ػ ػ ِر اللػ ػ ػ )‬
‫إح ػ ػ َػد ُانبَا َعلَ ػ ػػى األ ْ‬
‫ػز ْ‬
‫تع ػ ػػاَ‪( :‬فَػ ػ ػ ف بَػغَ ػ ػ ْ‬
‫(اغب رات‪ )9:‬ومانع اغبػق بػاغ علػى أمتيػ الػذي لػ اغبػق وهبػذا قاتػل أبػو بكػر الصػديق ‪-‬رشػ‬
‫اهلل عن ‪ -‬مانع الزكاة" أهػ (احملل البن حزـ‪ 459/6 :‬وقد علق الييمل أضبد واكر على رأي ابن‬
‫حزـ هذا بكلبة قيبة وبسن أف نس لها هنا ففيها عػ ة وذكػرى‪ .‬قػاؿ‪" :‬مػن هػذا ومػن أم الػ ى‬
‫الي ػريعة اإلسػػبلمية يػػرى اؼبنصػػه أف التي ػريع اإلسػػبلم ى الػػذروة العليػػا مػػن اغبكبػػة والعػػدؿ‬
‫ولي ػػز إمتوانن ػػا ال ػػذين غػ ػرهتم القػ ػوانني الوش ػػعية وأوػ ػربتها نفوس ػػهم يطلع ػػوف عل ػػى ه ػػذخ ال ػػدقا ق‬
‫ويتفقهوما لكوا أف دينهم جػاءهم بػأعلى أنػواع التيػريع ى األرض تيػريع ييػبع القلػ والػروح‬
‫ويطبػػق ى كػػل زمػػاف ومكػػاف إف هػػو إال وحػ يػػوحى ولػػو فقػ اؼبسػػلبوف أحكػػاـ ديػػنهم ورجعػوا‬
‫إَ استنباطها مػن اؼبنبػع الصػاى واؼبػورد العػذب ‪-‬الكتػاب والسػنة‪ -‬وعبلػوا دبػا يػأمرهم بػ رهبػم ى‬
‫متاصة أنفسهم وى أمورهم العامة وى أحواؿ اجتباعهم ‪ -‬لو عبلوا هذا لكانوا سادة األمػم‬
‫وهػػل قامػػز وهػػل قامػػز ال ػػورات اػبربػػة اؽبادمػػة والف ػ اؼبهلكػػة إال مػػن ظلػػم الغػ للفقػػك ومػػن‬
‫جوعا وعريًا؟! واؼب ل على ذل ك كة؛ ولػو فقػ األغنيػاء‬ ‫استئ ارخ خبك الدنيا وجبوارخ أمتوخ يبوت ً‬
‫لعلبػوا أف أوؿ مػػا وبفػػي علػػيهم أمػواؽبم إسػػداء اؼبعػػروؼ للفقػراء بػػل القيػػاـ كبػػوهم دبػػا أوجبػ اهلل‬
‫صبيعػػا"‪ .‬إمػػا صػػيحة حػػق أطلقهػػا‬
‫علػػى األغنيػػاء فليفقهػوا وليعلبػوا فقػػد جػػاءهتم النػػذر؛ هػػدانا اهلل ً‬
‫عاما وٍ ذبد آذانًا واعية فكاف ما كاف)‪.‬‬ ‫الييمل ‪ -‬كبا أطلقها غكخ منذ أربعني ً‬
‫الفصل ال الث‬
‫ربرير وترجي‬

‫فهرس‬

‫تأويل األحاديث الب احت هبا النافوف‬

‫ربرير موشع النزاع بني الفريقني‬


‫مناقية وترجي‬

‫ربرير موشع النزاع بني الفريقني‬

‫وال ػػذي أراخ بع ػػد ع ػػرض أقػ ػواؿ الفػ ػريقني وأدلتهب ػػا أف و ػػقة اػب ػػبلؼ بينهب ػػا ليس ػػز بالس ػػعة ال ػػب‬
‫نتصيلها ف ف بينهبا مواشع اتفاؽ ببل و فيها وال ينازع فيها أحد من الطرفني‪:‬‬
‫( أ ) فحق الوالدين ى النفقة إذا احتاجا وولدنبا موسر ال نزاع في ‪.‬‬
‫( ب ) وحػػق القري ػ ال نػزاع فيػ كػػذل مػػن حيػػث اؼببػػدأ وإمبػػا امتتلف ػوا ى درجػػة القرابػػة اؼبوجبػػة‬
‫للنفقة ما بني موسع ومضيق‪.‬‬
‫(جػ) وحق اؼبضطر إَ القوت أو الكساء أو اؼبأوي ى أف يغاث ال نػزاع فيػ ‪ .‬قػاؿ اعبصػاص ى‬
‫أحكاـ القرآف‪" :‬إف اؼبفروض إمتراج هو الزكاة إال أن ربدث أمور توج اؼبواساة واإلعطاء كبػو‬
‫اعب ػػا ع اؼبض ػػطر والع ػػاري اؼبض ػػطر أو مي ػػز ل ػػيس لػ ػ م ػػن يكفنػ ػ أو يواريػ ػ " أه ػ ػ (أحك ػػاـ الق ػػرآف‬
‫لل صاص‪.)434/3 :‬‬
‫وم ل ذل اؼبضطر إَ عارية الدلو والدر والفػأس وكبوهػا فبػا يػدمتل ربػز اسػم "اؼبػاعوف" فػدفع‬
‫الضرر عن اؼبسلم فرض كفاية باإلصباع‪.‬‬
‫( د ) وحق صباعة اؼبسلبني ى دفع ما ينوهبم من النوازؿ العامة الب تنزؿ هبم كصد متطػر العػدو‬
‫واستنقاذ أسرى اؼبسػلبني مػن أيػدي الكفػار ومقاومػة األوبئػة واةاعػات وكبوهػا فػبل ىبػاله فقيػ‬
‫هنا ى أف حق اعبباعة مقدـ على حق الفرد وأف وجػوب اؼبسػانبة ى هػذخ النػوازؿ موشػع إصبػاع‬
‫من علباء اؼبسلبني‪.‬‬
‫قػػاؿ الرملػ ى وػػرح اؼبنهػػاج‪" :‬ومػػن فػػروض الكفايػػة‪ :‬دفػػع شػػرر اؼبسػػلبني ككسػػوة عػػار وإطعػػاـ‬
‫جا ع إذا ٍ يندفع بزكػاة وبيػز مػاؿ علػى القػادرين وهػم‪ :‬مػن عنػدخ زيػادة علػى كفايػة سػنة ؽبػم‬
‫وؼبب ػػومم وه ػػل اؼب ػراد م ػػن دف ػػع شػػرر م ػػن ذكػػر‪ :‬مػػا يس ػػد الرمػػق أـ الكفاي ػػة؟ ق ػػوالف‪ .‬أص ػػحهبا‪:‬‬
‫ثانيهبػا‪ .‬في ػ ى الكسػػوة مػا يسػ كػػل البػدف علػػى حسػ مػا يليػػق باغبػػاؿ مػن وػػتاء وصػػيه‬
‫ويلح ػػق بالطع ػػاـ والكس ػػوة م ػػا ى معنانب ػػا ك ػػأجرة طبيػ ػ وشب ػػن دواء ومت ػػادـ منقط ػػع‪ .‬كب ػػا ه ػػو‬
‫واش " (ماية احملتاج‪.)449/7 :‬‬
‫وقد ذكرنا ى سهم "سبيل اهلل" ى مصارؼ الزكاة مػا قالػ النػووي وغػكخ مػن اليػافعية مػن وجػوب‬
‫إعانة اعبنػود النظػاميني ‪-‬مػن غػك مػاؿ الزكػاة‪ -‬علػى األغنيػاء إذا ٍ يكػن ى بيػز اؼبػاؿ مػا يُعطَ ْػوف‬
‫من ‪.‬‬
‫وهذا القاش أبػو بكػر بػن العػرل الفقيػ اؼبػالك يقػوؿ ى "أحكػاـ القػرآف"‪" :‬ولػيس ى اؼبػاؿ حػق‬
‫سوى الزكاة وإذا وقع أداء الزكاة ونزلز بعد ذل حاجة ف ن هب صػرؼ اؼبػاؿ إليهػا باتفػاؽ مػن‬
‫العلباء‪.‬‬
‫وقد قاؿ مال ‪ :‬هب على كافة اؼبسلبني فداء أسراهم وإف استغرؽ ذل أمواؽبم‪.‬‬
‫وكػػذل إذا منػػع ال ػواُ الزكػػاة (أي منػػع توزيعهػػا علػػى اؼبسػػتحقني بعػػد أمتػػذها) فهػػل هب ػ علػػى‬
‫األغنيػػاء إغنػػاء الفقػراء؟ مسػػألة نظػػر أصػػحها عنػػدي وجػػوب ذلػ علػػيهم" أه ػ (أحكػػاـ القػػرآف ‪-‬‬
‫القسم األوؿ ‪ -‬ص‪.)66-59‬‬
‫وأكػػد ذلػ القػػرط ى تفسػػكخ فقػػاؿ‪" :‬واتفػػق العلبػػاء علػػى أنػ إذا نزلػػز باؼبسػػلبني حاجػػة ‪-‬بعػػد‬
‫أداء الزكاة‪ -‬هب صرؼ اؼباؿ إليها" ونقل ذل مال رضب اهلل‪" :‬هب على الناس فداء أسراهم‬
‫أيضا وهو يقػوي مػا امت نػاخ" (تفسػك القػرط ‪:‬‬ ‫وإف استغرؽ ذل أمواؽبم"‪ .‬ه قاؿ‪" :‬وهذا إصباع ً‬
‫‪.)223/2‬‬
‫أيضػػا ى كتاب ػ الفريػػد "االعتصػػاـ"‪" :‬إذا متػػبل بيػػز اؼبػػاؿ وارتفعػػز‬
‫وقػػاؿ اليػػاط مػػن اؼبالكيػػة ً‬
‫حاجػػات اعبنػػد إَ مػػاؿ يكفػػيهم فلئلمػػاـ ‪-‬إذا كػػاف عػػدالً‪ -‬أف يوظػػه علػػى األغنيػػاء (أي أف‬
‫يرت ػ علػػيهم ش ػرا ) دبػػا ي ػراخ كافيًػػا ؽبػػم ى اغبػػاؿ إَ أف يظهػػر مػػاؿ ى بيػػز اؼبػػاؿ" (االعتصػػاـ‬
‫ص‪.)463‬‬
‫وهذخ النصوص الواشحة من الفقهاء الذين صرحوا بأف ال حق ى اؼباؿ سػوى الزكػاة تبػني لنػا أف‬
‫النافني إمبا قصدوا نف اؼبكوس اعبا رة الب يفرشها بعض اغبكاـ توسعة على أنفسهم وأتباعهم‬
‫وتضػػيي ًقا علػػى وػػعوهبم وإف ٍ تػػدفع إَ ذل ػ حاجػػة وٍ تقتض ػ مصػػلحة عامػػة وكأمبػػا متي ػ‬
‫هؤالء العلباء أف يتصذ اغبكاـ الظلبة قوؽبم ذريعة إَ فرض اؼبكوس والضرا اؼبرهقة بغك حق‬
‫فس ّدوا عليهم الباب وقطعوا علػيهم السػبيل بقػوؽبم‪" :‬ال حػق ى اؼبػاؿ سػوى الزكػاة" (سػيأن مزيػد‬
‫إيضاح لذل ى الباب التاسع‪ :‬الزكاة والضريبة ‪ -‬الفصل السابع)‪.‬‬
‫ولكن هناؾ صبلة مواشع امتتله فيها الفريقاف امتتبلفًا حقيقيًا منها‪:‬‬
‫( أ ) حق الزرع وال بر عند اغبصاد‪.‬‬
‫( ب )وحقوؽ اؼباو من اإلبل والغنم واػبيل‪.‬‬
‫(جػ) وحق الضيه‪.‬‬
‫( د ) وحق اؼباعوف‪.‬‬
‫فهذخ كلها ى نظر أصحاب اؼبذه ال اْ حقوؽ واجبة ى اؼباؿ يػأه اؼبسػلم إف قصػر ى أدا هػا‬
‫ويستحق عقوبة اهلل على ذل ‪.‬‬
‫وه عند أصحاب اؼبذه األوؿ حقوؽ مندوبة يناؿ م وبة اهلل إذا هو أداها وال يأه ب كها ما‬
‫ٍ تكػػن هنػػاؾ شػػرورة إليهػػا فت ػ كبػػا قػػاؿ اعبصػػاص ى عاريػػة الػػدلو والقػػدر والفػػأس وكبوهػػا‬
‫(أحكاـ القرآف لل صاص‪ .)584/3 :‬إف عارية هػذخ اآلالت قػد تكػوف واجبػة ى حػاؿ الضػرورة‬
‫إليها ومانعها مذموـ مستحق للػذـ وقػد يبنعهػا اؼبػانع لغػك شػرورة فينبػئ ذلػ عػن لػؤـ وؾبانبػة‬
‫ػز ألسبػم مكػارـ األمتػبلؽ) أه ػ (رواخ‬
‫أمتبلؽ اؼبسلبني وقاؿ الن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( : -‬بع ُ‬
‫البصػػاري ى األدب اؼبفػػرد وابػػن سػػعد ى الطبقػػات واغبػػاكم ى اؼبسػػتدرؾ والبيهق ػ ى اليػػع‬
‫عن أل هريرة ب سناد صحي كبا ى التيسك‪.)362/4 :‬‬
‫(هػ) وأهم من كل مػا ذكرنػاخ مػن اغبقػوؽ اعبز يػة‪ :‬حقػوؽ الفقػراء ى أمػواؿ األغنيػاء وهػ حقػوؽ‬
‫توج ػ ؽبػػم ى رأي أصػػحاب اؼبػػذه ال ػػاْ أف يقػػوـ األغنيػػاء ى بلػػدهم بكفػػايتهم مػػن اؼبأكػػل‬
‫واؼبيرب واؼبلبس واؼبسكن ومػا ال بػد لئلنسػاف منػ وهبػ هم السػلطاف علػى ذؾ إذا ٍ تقػم هبػم‬
‫الزكوات وال موارد الدولة األمترى‪.‬‬

‫مناقية وترجي‬

‫وال بد لنا من وقفة عند هذخ اغبقوؽ اؼبتنازع عليها وخباصة األمتك منها‪:‬‬
‫‪ -4‬أمػػا حػػق الػػزرع وال بػػر عنػػد اغبصػػاد فقػػد رجحنػػا ى زكػػاة الػػزروع وال بػػار أف اؼب ػراد ب ػ العُيػػر‬
‫ونصه العُير كبا هو قوؿ طا فػة مػن السػله وال يبنػع مػن ذلػ أف اآليػة مكيػة فقػد أمػر اهلل‬
‫صػػل‬
‫تعػػاَ هبػػذا اغبػػق ؾببػبلً ى مكػػة ه بينػ علػػى لسػػاف رسػول باؼبدينػػة فهػػو مػػن اةبػػل الػػذي فُ ر‬
‫وبػُ رني وهذا مع النسمل الذي روي عن بعض السله‪.‬‬
‫‪ -2‬وأمػػا حػػق الضػػيه فالواشػ مػػن األحاديػػث أف اؼبػراد بػ ‪ :‬الغريػ الػػذي ينػػزؿ ببلػػد غػػك بلػػدخ‬
‫فكأنػ مػرادؼ البػػن السػبيل وؽبػػذا قػاؿ ابػػن عبػاس وصباعػػة مػن التػػابعني‪ :‬ابػن السػػبيل هػو الضػػيه‬
‫س الػِ ") وقػد صػرحز األحاديػث أف مػن‬ ‫(انظر‪ /‬تفسك ابن ك ك‪ 268/4 :‬من تفسك آيػة‪" :‬لَ ْػي َ‬
‫حق أف يػُ ْقَرى عند طروق وال ري أف هذا و ء غك الزكاة‪.‬‬
‫‪ -3‬وأما حق اؼباعوف فلوال أن واج ما استحق مانع الوعيد بالويل الػذي ذكػرخ القػرآف والػذين‬
‫فسروا اؼباعوف بالزكاة ٍ يبنعوا تفسكخ دبتاع البيز وما يتعاورخ الناس‪.‬‬
‫‪ -4‬وأما حقوؽ الفقراء ى أمواؿ األغنياء وما أوج اهلل من اإلحساف هبم والوفاء حباجاهتم من‬
‫طعػػاـ وكسػػاء وغكنبػػا ف ػ ف األمػػر فيهػػا أبػػني وأوش ػ مػػن أف يؤيػػد بآيػػة أو آيتػػني أو حػػديث أو‬
‫س الػِ ) ‪ .‬وحبػديث‪( :‬ى اؼبػاؿ حػق سػوى الزكػاة) وكبػوخ إمبػا‬ ‫حدي ني واهتبػاـ العلبػاء بآيػة‪( :‬لَ ْػي َ‬
‫هو ؼبا فيها من تقرير اؼببدأ وإثبات اليػكل أوالً وهػو أف ى اؼبػاؿ ح ًقػا سػوى الزكػاة‪ .‬أمػا اؼبوشػوع‬
‫نفس ػ فاألدلػػة علي ػ أوش ػ مػػن فلػػق الصػػب ف ػ ف طبيعػػة النظػػاـ اإلسػػبلم ‪-‬كبػػا رظبت ػ آيػػات‬
‫صحاحا وحسانًا‪ -‬ذبعل التكافل ى اةتبع فريضة الزمة‬ ‫ً‬ ‫القرآف مكية ومدنية وأحاديث الرسوؿ‬
‫والتعػػاوف واؼبواسػػاة واجبًػػا ال بػػد مػػن أدا ػ فػػالقوي فيػ وببػػل الضػػعيه والغػ يأمتػػذ بيػػد الفقػػك‬
‫والقري يصل قرابت واعبار وبسن إَ جارخ ومن أشاع هذخ التعاليم فليس مػن اإلسػبلـ وال مػن‬
‫رسول ى و ء وبريء اهلل من ‪.‬‬
‫جاء رجل من بػ سبػيم إَ النػ ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬فقػاؿ‪ :‬يػا رسػوؿ اهلل أنػا رجػل ذو مػاؿ‬
‫ك ػػك وأهػػل وحاشػػرة فػػأمت ْ كيػػه أنفػػق؟ وكيػػه أصػػنع؟ قػػاؿ‪( :‬زبػػرج زكػػاة مال ػ ف مػػا طهػػرة‬
‫تطهرؾ وتصل أقارب وتعرؼ حق السا ل واعبار واؼبسكني) (رواخ أضبد عن أنس ورجال رجػاؿ‬
‫الصػػحي ‪-‬ال غي ػ وال هي ػ ‪ -263/4 :‬طبػػع اؼبنكيػػة) وأمترج ػ أبػػو عبيػػد وابػػن اؼبنػػذر ‪-‬الػػدر‬
‫اؼبن ور‪ .)49/4 :‬ف عل للسا ل واعبار واؼبسكني ح ًقا بعد الزكاة كبا عطه صلة األقارب علػى‬
‫ني َوابْػ َػن الس ػبِ ِيل)‬ ‫ِ ِ‬
‫الزكػػاة وهػػذا موافػػق ؼبػػا جػػاء ى القػػرآف الكػػرٓ‪َ ( :‬وآت َذا ال ُقػ ْػرَىب َحق ػ ُ َوالْب ْسػػك َ‬
‫(اإلسراء‪ )26:‬وموافق ؼبا جاء ى اغبديث اآلمتر‪( :‬للسا ل حق وإف جاء على فرس) (رواخ أضبد‬
‫ى مسند اغبسني بن عل ّ وأبػو داود ى كتػاب الزكػاة ‪-‬بػاب حػق السػا ل‪ -‬وقػاؿ اغبػافي العراقػ ‪:‬‬
‫إسنادخ جيد ورجال ثقات كبا ى "الآللئ للسيوط "‪ 446/2 :‬وقد صحح الييمل أضبد واكر‬
‫ى تعليق علي ى اؼبسند برقم (‪ :)4736‬اعبزء ال الث ص‪.)473‬‬
‫وقاؿ ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪( : -‬من ال يػرحم النػاس ال يرضبػ اهلل) (رواخ اليػيصاف وال مػذي عػن‬
‫جرير بن عبد اهلل وقد تقدـ) وقاؿ‪( :‬لن تؤمنوا حك تراضبوا) قالوا‪ :‬رحيم ‪-‬يػا رسػوؿ اهلل‪ -‬كلنػا‬
‫قاؿ‪( :‬إما ليسز برضبة أحدكم صاحب ولكنها رضبػة العامػة) (رواخ الطػ اْ عػن أل موسػى ورواخ‬
‫رواة الصػػحي كبػػا قػػاؿ اؼبنػػذري ى اعبػػزء ال الػػث مػػن ال غيػ ‪ -‬كتػػاب القضػػاء وغػػكخ)‪ .‬إَ غػػك‬
‫ذل من األحاديث‪.‬‬
‫وأدّ مػ ػػا يتحقػ ػػق ب ػ ػ هػ ػػذا ال ػ ػ احم والتعػ ػػاوف والتكافػ ػػل واإلحسػ ػػاف ‪-‬الػ ػػذي أمػ ػػرت ب ػ ػ اآليػ ػػات‬
‫واألحاديث‪ -‬أال وبرـ فرد ى هذا اةتبع من مستوى معيي مبل م هبد في اغباجات األصلية ل‬
‫ولعيال من اؼبأكل واؼبيرب واؼبلبس واؼبسكن والعبلج والتعليم وكل ما ال بد للبرء من ‪.‬‬
‫فػ ذا كانػػز أمػواؿ الزكػػاة ومػوارد الدولػػة تكفػ لتحقيػػق هػػذا اؼبسػػتوى مػػن حصػػيلتها فبهػػا ونعبػػز‬
‫وكفػػى اهلل اؼبػػؤمنني أف يطػػالبوا حبػػق آمتػػر للفق ػراء وإذا ٍ تكػػه أم ػواؿ الزكػػاة واؼب ػوارد األمتػػرى ى‬
‫القض ػػاء عل ػػى الفق ػػر وإغن ػػاء الفق ػ ػراء ف ػ ػ ف ح ًق ػػا عل ػػى األغني ػػاء الق ػػادرين أف يقوم ػ ػوا متض ػػامنني‬
‫بكفايتهم كل ى حدود أقارب وجكان ومن يتصل ب ف ذا قاـ البعض بدافع إيبامم إَ أداء هػذا‬
‫الواج ػ حبيػػث ُك ِفػ َػى احملتػػاجوف حػػاجتهم فقػػد سػػق اإله عػػن البػػاقني وإال ف ػ ف لػػوُ األمػػر أف‬
‫يتدمتل باسم اإلسبلـ ويرت ى أمواؿ األغنياء ما يقوـ بالضعفاء والفقراء‪.‬‬
‫وإذا كاف هذا يعت خ ك ك من الناس متطوة تقدمية ٍ تعرفها أوروبا إال منذ أزمنة متأمترة فػ ف هػذا‬
‫وسنت منذ طلعز مشسػ ى اآلفػاؽ ومػا قػررخ صػحابة الرسػوؿ وتػابعوهم‬ ‫ما قررخ اإلسبلـ ى كتاب ُ‬
‫ى غك لبس وال متفاء‪.‬‬

‫تأويل األحاديث الب احت هبا النافوف‬

‫وإذف‪ ..‬فب ػػا تأوي ػػل األحادي ػػث ال ػػب يفي ػػد ظاهره ػػا أف ال ح ػػق ى اؼب ػػاؿ س ػػوى الزك ػػاة إال بتط ػػوع‬
‫اؼبال وأف من أدى زكات فقد قضى ما علي ؟؟‪.‬‬
‫إف الذي يتض لنا فبا صػ مػن تلػ األحاديػث (قػد بينّػا درجتهػا ى أوؿ هػذا البػاب)‪ .‬أف الزكػاة‬
‫ػكرا لنعبػة اهلل‬
‫ه اغبق الػدوري احملػدد ال ابػز ى اؼبػاؿ والواجػ علػى األعيػاف بصػفة دا بػة و ً‬
‫ػكا وتزكيػػة للػػنفس واؼب ػاؿ وهػػو حػػق واج ػ األداء ولػػو ٍ يوجػػد فقػػك يسػػتحق اؼبواسػػاة أو‬ ‫وتطهػ ً‬
‫حاجة تستدع اؼبسانبة‪.‬‬
‫فالفرد اؼبسلم اؼبال للنصاب ى الظروؼ العادية ال يُطال بي ء ى مالػ غػك الزكػاة فػ ذا أداهػا‬
‫فقد قضى ما علي وأذه عن نفس ور مال وليس علي و ء آمتػر إال أف يطػوع كبػا جػاء‬
‫ى اغبديث‪.‬‬
‫أما اغبقوؽ األمترى فه حقوؽ طار ة غك ثابتة ثبوت الزكاة وغك مقدرة دبقدار معلوـ كبقادير‬
‫الزكاة فه زبتله بامتتبلؼ األحواؿ واغباجات وتتغك بتغك العصور والبيئات واؼببلبسات‪.‬‬
‫وه ػ ى الغال ػ ال ذب ػ علػػى األعيػػاف بػػل علػػى الكفايػػة إذا قػػاـ هبػػا الػػبعض سػػق اغب ػرج عػػن‬
‫ػطرا وهػػو قػػادر علػػى دفػػع شػػرورت في ػ عليػ‬
‫البػػاقني وقػػد تتعػػني أحيانًػػا كػػأف يػػرى اليػػصل مضػ ً‬
‫دفعهػا أو يكػػوف لػ جػار جػػا ع أو عريػػاف وهػػو قػادر علػػى معونتػ كبػا أف الغالػ أف توكػػل هػػذخ‬
‫السلطة‪ .‬إال أف يرى حاكم مسلم أف يفرض بقوة‬ ‫اغبقوؽ إَ إيباف األفراد وشبا رهم دوف تدمتل ُ‬
‫فرشا ما أوجب اإليباف إهبابًا ومتاصة إذا ك رت حاجات األفػراد واتسػعز نفقػات الدولػة‬ ‫القانوف‪ً .‬‬
‫وأعباؤها كبا ى عصرنا اغبديث‪ .‬فحينئذ ال بد من تدمتل الدولة وإلزامها‪.‬‬
‫وقاؿ ابن تيبية ى تفسك قوؿ‪" :‬ليس ى اؼباؿ حق سوى الزكاة"‪" :‬أي ليس في حق هب بسػب‬
‫اؼبػػاؿ سػػوى الزك ػاة وإال ففي ػ واجبػػات بغػػك سػػب اؼبػػاؿ كبػػا ذب ػ النفقػػات لؤلقػػارب والزوجػػة‬
‫والرقيػػق والبهػػا م وهب ػ ضبػػل العاقلػػة وقضػػاء الػػديوف وهب ػ اإلعطػػاء ى النا بػػة وهب ػ إطعػػاـ‬
‫فرشا على الكفاية إَ غك ذل من الواجبات اؼبالية لكػن بسػب عػارض‬ ‫اعبا ع وكسوة العاري ً‬
‫واؼباؿ ورط وجوهبا كاالستطاعة ى اغب ف ف البػدف سػب الوجػوب واالسػتطاعة وػرط واؼبػاؿ‬
‫ى الزكػػاة هػػو السػػب والوجػػوب مع ػ حػػك لػػو ٍ يكػػن ى بلػػدخ مػػن يسػػتحقها ضبلهػػا إَ بلػػد‬
‫أمترى وه حق وج هلل تعاَ" (كتاب "اإليباف" ‪-‬الكبك‪ -346/7: -‬ؾببوع الفتاوى)‪.‬‬
‫الباب التاسع‬
‫الزكاة والضريبة‬

‫فهرس‬

‫النسبية والتصاعد بني الضريبة والزكاة‬

‫شبانات الضريبة وشبانات الزكاة‬

‫مع الزكاة؟‬ ‫هل تُفرض شرا‬

‫عن الزكاة؟‬ ‫هل تغ الضرا‬

‫سبهيد‬

‫حقيقة الضريبة وحقيقة الزكاة‬

‫األساس النظري لفرض الضريبة وفرض الزكاة‬

‫وعاء الضريبة ووعاء الزكاة‬


‫مبادئ العدالة بني الضريبة والزكاة‬

‫هذا الباب دراسة موازنة أو مقارنػة بػني الزكػاة كبػا وػرعها اإلسػبلـ وبػني الضػريبة الوشػعية كبػا‬
‫سبصض ػػز عنه ػػا األفك ػػار واألنظب ػػة اؼبالي ػػة اغبدي ػػة‪ .‬ف ػػنحن ال نق ػػارف الزك ػػاة بالضػ ػرا ى عص ػػر‬
‫الروماف أو ال ُفرس وى العصور الوسطى بأوروبا؛ إذ ال ؾباؿ للبوازنة واؼبقارنة بني الزكاة والضرا‬
‫ى تل ػ العصػػور وإمبػػا نقػػارف الزكػػاة بالض ػريبة ى صػػورهتا اغبدي ػػة بعػػد أف مػ ّػرت بتطػػورات وػػك‬
‫وأدمتلز عليها تعديبلت وربسينات عديدة وصػقلتها ذبػارب القػروف ومتػدمتها عقػوؿ كبػكة مػن‬
‫ـبتله األقطار والبيئات حك نض ز واستوت على سوقها‪.‬‬
‫وسنبني ى فصوؿ هذا الباب ما بني الزكاة والضػريبة اغبدي ػة مػن ميػاهبات ومقارنػات تت لػى هبػا‬
‫حقيقػػة كػػل منهبػػا وتتبيػػز هبػػا الزكػػاة بوصػػفها فريضػػة ماليػػة ذات طػػابع متػػاص وفلسػػفة متاصػػة‪.‬‬
‫فه ػ متبيػػزة ى طبيعتهػػا وأساسػػها ومواردهػػا ومصػػارفها وأنصػػبتها ومقاديرهػػا كبػػا ه ػ دبباد هػػا‬
‫وأهدافها وشباناهتا وسنرى كيه سبقز ب بلثة عير قرنًا ‪-‬أو تزيد‪ -‬أرقػى مػا انتهػى إليػ الفكػر‬
‫اؼباُ والضري ى عصرنا اغبديث من مبادئ وأحكاـ وكيه امتازت دبعاف تقصر عنها الضريبة‪.‬‬
‫ويضم هذا الباب شبانية فصوؿ‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬ى حقيقة الضريبة وحقيقة الزكاة‪.‬‬
‫وال اْ‪ :‬ى األساس النظري لفرض الضريبة وفرض الزكاة‪.‬‬
‫وال الث‪ :‬ى وعاء الضريبة ووعاء الزكاة‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬ى مبادئ العدالة بني الضريبة والزكاة‪.‬‬
‫واػبامس‪ :‬ى النسبية والتصاعد بني الضريبة والزكاة‪.‬‬
‫والسادس‪ :‬ى شبانات الضريبة وشبانات الزكاة‪.‬‬
‫والسابػع‪ :‬ى بياف ورعية الضرا جبوار الزكاة‪.‬‬
‫وال امن‪ :‬ى بياف أف الضرا ال تغ عن الزكاة‪.‬‬

‫الفصل األوؿ‬
‫حقيقة الضريبة وحقيقة الزكاة‬

‫فهرس‬

‫أوج اػببلؼ بني الزكاة والضريبة‬

‫معا‬
‫الزكاة عبادة وشريبة ً‬

‫سبهيد‬

‫أوج االتفاؽ بني الزكاة والضريبة‬


‫تبعػا ؼبقدرتػ علػ‬
‫الضريبة كبا عرفها علباء اؼبالية‪ :‬فريضة إلزامية‪ .‬يلتزـ اؼببوؿ بأدا هػا إُ الدولػة ً‬
‫الػػدفع بغػػض النظػػر عػػن اؼبنػػافع الػػب تعػػود عليػ مػػن وراء اػبػػدمات الػػب تؤديهػػا السػػلطات العامػػة‬
‫وتسػػتصدـ حصػػيلتها ى تغطيػػة النفقػػات العامػػة مػػن ناحيػػة وربقيػػق بعػػض األهػػداؼ االقتصػػادية‬
‫واالجتباعية والسياسة وغكها من األغراض الب تنيد الدولة ربقيقها من ناحية أمترى (من كتاب‬
‫مبادئ علم اؼبالية للدكتور ؿببد فؤاد إبراهيم‪ 264/4 :‬وقد استصلل هذا التعريػه بعػد ؿباولػة‬
‫تكييه طبيعة الضريبة والبحث عن أهدافها)‪.‬‬
‫والزكاة ‪ -‬كبا عرفها فقهاء اليريعة ‪ -‬حق مقدر فرش اهلل ى أمواؿ اؼبسلبني ؼبن ظباهم ى كتاب‬
‫وكرا لنعبت تعاَ وتقربًا إلي وتزكية للنفس واؼباؿ‪.‬‬ ‫من الفقراء واؼبساكني وسا ر اؼبستحقني ً‬

‫أوج االتفاؽ بني الزكاة والضريبة‬

‫وم ػػن مت ػػبلؿ التع ػريفني يتض ػ لن ػػا أف هنػػاؾ أوج ػ امت ػػتبلؼ وأوج ػ اتفػػاؽ ب ػػني الض ػريبة والزك ػػاة‬
‫وسنبدأ ببياف أوج االتفاؽ‪.‬‬
‫( أ ) فعنصر القسر واإللزاـ الذي ال تتحقق الضريبة إال ب موجود ى الزكاة إذا تأمتر اؼبسػلم عػن‬
‫أدا هػػا بػػدافع اإليبػػاف ومقتضػػى اإلسػػبلـ وأي قسػػر وإل ػزاـ أك ػػر مػػن أمت ػذها بقػػوة السػػبلح فبػػن‬
‫منعها ومن سل السيه لقتاؿ من جحدها وكاف ذا ووكة؟‪.‬‬
‫( ب ) كبا أف مػن وػأف الضػريبة أف تػدفع إُ هيئػة عامػة م ػل السػلطة اؼبركزيػة والسػلطات احملليػة‬
‫(إمبػػا ذكػػروا هػػذا القيػػد ى مع ػ الض ػريبة اح ػ ًازا فبػػا كػػاف وبػػدث ى أوروبػػا ى العصػػور الوسػػطى‬
‫عندما كاف الفبلحوف يدفعوف الضرا إُ صاح األرض!) وكذل الزكاة إذ األصل فيها أف‬
‫تػػدفع إُ اغبكومػػة بواسػػطة اعبهػػاز ال ػػذي ظبػػاخ القػػرآف "العػػاملني عليهػػا" كبػػا وشػػحنا ذل ػ ى‬
‫موشع ‪.‬‬
‫( ج ) ومػػن مقومػػات الض ػريبة‪ :‬انعػػداـ اؼبقابػػل اػبػػاص فػػاؼببوؿ يػػدفع الض ػريبة بصػػفت عضػ ًػوا ى‬
‫ؾبتبػػع متػػاص يسػػتفيد مػػن أوج ػ نيػػاط اؼبصتلفػػة والزكػػاة كػػذل ال يػػدفعها اؼبسػػلم مقابػػل نفػػع‬
‫عضوا ى ؾبتبع مسلم يتبتع حببايتػ وكفالتػ وأمتوتػ ‪ .‬فعليػ أف يسػهم‬ ‫ً‬ ‫متاص وإمبا يدفعها بوصف‬
‫ى معونػػة أبنا ػ وتػػأمينهم شػػد الفقػػر والع ػػز وك ػوارث اغبيػػاة وأف يقػػوـ بواجبػ ى إقامػػة اؼبصػػاً‬
‫العامة لؤلمة اؼبسلبة الب هبا تعلو كلبػة اهلل وتنيػر دعػوة اغبػق ى األرض بغػض النظػر عبػا يعػود‬
‫علي من اؼبنافع اػباصة من وراء إيتاء الزكاة‪.‬‬
‫( د ) وإذا كاف للضريبة ‪-‬ى االذباخ اغبديث‪ -‬أهػداؼ اجتباعيػة واقتصػادية وسياسػية معينػة فػوؽ‬
‫جذورا ى هذخ النواح‬ ‫مدى وأوسع أف ًقا وأعبق ً‬ ‫أيضا أهداؼ أبعد ً‬ ‫هدفها اؼباُ ف ف الزكاة ؽبا ً‬
‫اؼبػػذكورة وى غكهػػا فبػػا لػ األثػػر ى حيػػاة الفػػرد واعبباعػػة (انظػػر ذلػ بتفصػػيل ى بػػاب "أهػػداؼ‬
‫الزكاة" من هذا الكتاب)‪.‬‬

‫أوج اػببلؼ بني الزكاة والضريبة‬

‫تل ه أوج االتفاؽ‪.‬‬


‫فأما أوج اػببلؼ بني الزكاة والضريبة فه ك كة نذكرها أو أنبها ى األمور التالية‪:‬‬
‫‪ -4‬ى االسم والعنواف‪:‬‬
‫إف االمتتبلؼ بني الزكػاة والضػريبة يظهػر للوهلػة األوَ ى االسػم والعنػواف لكػل منهبػا ومػا لػ مػن‬
‫داللة وإوباء‪.‬‬
‫فكلبة "الزكاة" تدؿ ى اللغة على الطهػارة والنبػاء وال كػة يقػاؿ‪ :‬زكػز نفسػ إذا طهػرت وزكػاة‬
‫الزرع إذا مبا وزكز البقعة إذا بورؾ فيها‪.‬‬
‫وامتتيار اليرع اإلسػبلم هػذخ الكلبػة ليعػ هبػا عػن اغبصػة الػب فػرض إمتراجهػا مػن اؼبػاؿ للفقػراء‬
‫وسا ر اؼبصارؼ اليرعية ‪ -‬ل ى النفس إوباء صبيل ىباله ما توح ب كلبة "الضريبة"‪.‬‬
‫ف ػ ف "الض ػريبة" لفظػػة ميػػتقة مػػن شػػرب علي ػ الغرامػػة أو اػب ػراج أو اعبزيػػة وكبوهػػا أي ألزم ػ هبػػا‬
‫وكلف رببل عبئها ومن ‪( :‬وشربز عليهم الذلة واؼبسكنة) (البقرة‪..)64 :‬‬
‫مغرما وإشر ًارا ثقيبلً‪.‬‬
‫ومن هنا ينظر الناس عادة إُ الضريبة باعتبارها ً‬
‫أمػػا كلبػػة "الزكػػاة" ومػػا رببلػ مػػن دالالت التطهػػك والتنبيػػة وال كػػة فهػ تػوح بػػأف اؼبػػاؿ الػػذي‬
‫قبسػا حػك‬ ‫يكنزخ صاحبة أو يستبتع ب لنفس وال ىبرج من حق اهلل الذي فرشػ ‪-‬يظػل متبيًػا ً‬
‫تطهرخ الزكاة وتغسل من أدراف الي والبصل‪.‬‬
‫وه توح كذل بأف هذا اؼبػاؿ الػذي يػنقل ى الظػاهر ؼبػن ينظػر ببصػرخ يزكػو وينبػو ويزيػد‬
‫ى حقيقة األمر ؼبػن يتأمػل ببصػكت ‪ .‬كبػا قػاؿ تعػاَ‪( :‬يبحػق اهلل الربػا ويػرل الصػدقات) (البقػرة‪:‬‬
‫‪.)267‬‬
‫(ومػػا أنفقػػتم مػػن و ػ ء فهػػو ىبلف ػ ) (سػػبأ‪ )39 :‬وقػػاؿ الرسػػوؿ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪( :-‬ومػػا‬
‫نقػػل مػػاؿ مػػن صػػدقة) (رواخ ال مػػذي (ى الزهػػد بػػرقم (‪ )2326‬مػػن حػػديث أل كبسػػة األمبػػاري‬
‫وقاؿ‪ :‬حسن صحي )‪.‬‬
‫أيضػػا‪ :‬آلمتػػذ‬
‫وه ػ ت ػوح كػػذل أف الطهػػارة والنبػػاء وال كػػة ليسػػز للبػػاؿ وحػػدخ بػػل لئلنسػػاف ً‬
‫الزكاة وؼبعط الزكاة‪ .‬فآمتذ الزكاة ومستحقها تتطهر هبا نفس مػن اغبسػد والبغضػاء وتنبػو هبػا مػن‬
‫معييت إذ ربقق ل وألسرت سباـ الكفاية‪.‬‬
‫وأما معط الزكاة فيتطهر هبا من رجس اليػ والبصػل وتزكػو نفسػ بالبػذؿ والعطػاء ويبػارؾ لػ ى‬
‫نفس ػ وأهل ػ ومال ػ وى القػػرآف الكػػرٓ‪( :‬متػػذ مػػن أم ػواؽبم صػػدقة تطهػػرهم وتػػزكيهم هبػػا) (التوبػػة‪:‬‬
‫‪. )463‬‬
‫‪ -2‬ى اؼباهية والوجهة‪:‬‬
‫ػكرا هلل تعػاَ‬
‫ومن أوج االمتتبلؼ بني الزكػاة والضػريبة‪ :‬أف الزكػاة عبػادة فرشػز علػى اؼبسػلم و ً‬
‫وتقربًػػا إليػ ‪ .‬أمػػا الضػريبة فهػ التػزاـ مػػدْ ؿبػػض متػػاؿ مػػن كػػل معػ للعبػػادة والقربػػة وؽبػػذا كانػػز‬
‫"النيػػة" وػػرطًا ألداء الزكػػاة وقبوؽبػػا عنػػد اهلل إذ ال عبػػادة إال بنيػػة‪ ( :‬إمبػػا األعبػػاؿ بالنيػػات)‪( :‬ومػػا‬
‫أمروا إال ليعبدوا اهلل ـبلصني ل الدين) (البينة‪.)5 :‬‬
‫وؽبذا أيضا تذكر "الزكاة" ى قسم "العبادات" ى الفق اإلسبلم ‪.‬‬
‫موشعا من سورخ اؼبكية‬ ‫اقتداء بالقراف والسنة اللذين قرنا الزكاة بالصبلة‪ .‬فالقرآف ى نيه وعيرين ً‬
‫واؼبدنيػػة وأمػػا السػػنة ففػ مواشػػع ال حصػػر ؽبػػا كبػػا ى حػػديث ج يػػل اؼبيػػهور وحػػديث‪( :‬بػ‬
‫اإلس ػػبلـ عل ػػى طب ػػس) وغكه ػػا‪ .‬فكبلنبػػا رك ػػن م ػػن أرك ػػاف اإلسػػبلـ اػببس ػػة وعب ػػادة م ػػن عبادات ػ‬
‫األربع‪.‬‬
‫وؼبا كانػز الزكػاة عبػادة ووػعكة وركنًػا دينيًػا مػن أركػاف اإلسػبلـ ٍ تفػرض إال علػ اؼبسػلبني فلػم‬
‫تقبػػل الي ػريعة السػػبحة أف توج ػ علػػى غػػك اؼبسػػلبني فريضػػة ماليػػة فيهػػا طػػابع العبػػادة والي ػريعة‬
‫تبعا ؼبقدرت على الدفع‪.‬‬ ‫الدينية وهذا خببلؼ الضريبة فه ذب على اؼبسلم وغك اؼبسلم ً‬
‫‪ -3‬ى ربديد األنصبة واؼبقادير‪:‬‬
‫والزكػاة حػق مقػػدر بتقػدير اليػػارع فهػو الػػذي حػدد األنصػػبة لكػل مػػاؿ وعفػا عبػػا دومػا وحػػدد‬
‫اؼبقػادير الواجبػػة مػن اػببػػس إُ العيػر إُ نصػػه العيػػر إُ ربػع العيػػر‪ .‬فلػيس ألحػػد أف يغػػك‬
‫فيبا نل علي اليػرع أو يبػدؿ وال أف يزيػد أو يػنقل وؽبػذا متطأنػا اؼبتهػورين الػذين نػادوا بزيػادة‬
‫نظرا للتغكات االقتصادية واالجتباعية الب سبصض عنها العصر اغبديث‬ ‫اؼبقادير الواجبة ى الزكاة ً‬
‫(انظر‪ :‬صفحة ‪ 268 - 266‬من هذا الكتاب)‪.‬‬
‫خببلؼ الضريبة فه زبضع ى وعا ها وى أنصبتها وى سعرها ومقاديرها ‪ -‬الجتهاد السػلطة‬
‫وتقدير أوُ األمر بل بقاؤها وعدم مرهوف بتقدير السلطة ؼبدى اغباجة إليها‪.‬‬
‫‪ -4‬ى ال بات والدواـ‪:‬‬
‫ي ت على هذا‪ :‬أف الزكاة فريضة ثابتة دا بة ما داـ ى األرض إسبلـ ومسلبوف ال يبطلها جػور‬
‫جا ر وال عدؿ عادؿ وأما وأف الصبلة فهذخ عباد الدين وتل قنطرة اإلسػبلـ‪ .‬أمػا الضػريبة‬
‫فلػػيس ؽبػػا صػػفة ال بػػات والػػدواـ ال ى نوعهػػا وال ى أنصػػبتها وال ى مقاديرهػػا ولكػػل حكومػػة أف‬
‫ربػػور فيهػػا وتعػػدؿ حسػػببا تػػرى أو يػػرى أهػػل اغبػػل والعقػػد مػػن ورا هػػا‪ .‬بػػل بقاؤهػػا نفس ػ ‪-‬كبػػا‬
‫ذكرنا‪ -‬غك مؤبد فه ذب حس اغباجة وتزوؿ بزواؽبا‪.‬‬
‫‪ -5‬ى اؼبصرؼ‪:‬‬
‫وللزكاة مصارؼ متاصة عينها اهلل ى كتاب وبينهػا رسػول ‪-‬صػلى اهلل عليػ وسػلم‪ -‬بقولػ وفعلػ‬
‫وه ػ ػ مصػ ػػارؼ ؿبػ ػػددة واشػ ػػحة يسػ ػػتطيع الفػ ػػرد اؼبسػ ػػلم أف يعرفهػ ػػا وأف يػ ػػوزع عليهػ ػػا ‪-‬أو علػ ػػى‬
‫معظبهػػا‪ -‬زكات ػ بنفس ػ إذا لػػزـ األمػػر وه ػ مصػػارؼ ذات طػػابع إنسػػاْ وإسػػبلم ‪ .‬أمػػا الض ػريبة‬
‫فتصرؼ لتغطية النفقات العامة للدولة كبا ربددها السلطات اؼبصتصة‪.‬‬
‫ميزانية الزكاة إذف مستقلة عن اؼبيزانية العامة للدولة واجبة الصػرؼ إُ األبػواب اؼبنصػوص عليهػا‬
‫والب جعل القرآف الصرؼ ؽبا وفيها (فريضة من اهلل) (كبا ى اآلية ‪ 66‬من سورة التوبة)‪.‬‬
‫‪ -6‬ى العبلقة بالسلطة‪:‬‬
‫ومػػن هػػذا يُعلػػم‪ :‬أف أداء الضػريبة عبلقػػة بػػني اؼبكلػػه أو اؼببػػوؿ وبػػني السػػلطة اغباكبػػة وهػ الػػب‬
‫تسػػنها وه ػ الػػب تطالػ هبػػا وه ػ الػػب ربػػدد النسػػبة الواجبػػة وهػ الػػب سبل ػ أف تنقصػػها أو‬
‫تتنازؿ عن جزء منها لظرؼ معػني ولسػب متػاص أو علػى الػدواـ بػل سبلػ إلغػاء شػريبة مػا أو‬
‫الض ػرا كله ػػا إف وػػاءت‪ .‬ف ػ ذا أنبلػػز السػػلطة أو تػػأمترت ى اؼبطالبػػة بالض ػريبة ف ػػبل لػػوـ عل ػ‬
‫اؼبكلػه وال يطلػ منػ وػ ء أمػػا الزكػػاة فهػ ‪-‬قبػػل كػػل اعتبػػار‪ -‬عبلقػػة بػػني اؼبكلػػه وربػ ‪ .‬هػػو‬
‫ال ػػذي آت ػػاخ اؼب ػػاؿ وه ػػو ال ػػذي كلفػ ػ أف ي ػػؤن منػ ػ الزك ػػاة امت ػػاالً ألم ػػرخ وابتغ ػػاء مرش ػػات وعرفػ ػ‬
‫مقاديرها وبني ل مصارفها‪ ..‬ف ذا ٍ توجد اغبكومة اؼبسلبة الب ذببع الزكاة من أرباهبا وتصرفها‬
‫على مستحقيها فاؼبسلم يفرض علي دين أف يقوـ هو بتفريقها على أهلها وال تسق عن حبػاؿ‪.‬‬
‫إماما يأم بػ وجػ‬
‫م لها ى ذل م ل الصبلة لو كاف اؼبسلم ى مكاف ال هبد في مس ًدا وال ً‬
‫علي أف يصل حيث تيسر لػ ى بيتػ أو غػكخ فػاألرض كلهػا مسػ د للبسػلم وال يػ ؾ الصػبلة‬
‫أبدا والزكاة أمتز الصبلة‪.‬‬ ‫ً‬
‫ولػػذل هب ػ عل ػ اؼبسػػلم أف يػػدفع الزكػػاة وهػػو طي ػ الػػنفس هبػػا راجيًػػا أف يتقبلهػػا اهلل من ػ وال‬
‫مغنبػا وال ذبعلهػا‬
‫يردها علي ويستح ل أف يسأؿ رب قبوؽبا دب ل هذا الدعاء‪( :‬اللهػم اجعلهػا ً‬
‫مغرما)‪.‬‬
‫ً‬
‫ومن هنا وبرص اؼبسلم على إيتاء الزكاة وال يتهرب من دفعها كبا يتهػرب صبهػور النػاس مػن دفػع‬
‫الضػرا فػ ف ٍ يتهربػوا دفعوهػػا مكػػرهني أو كػػارهني‪ .‬بػػل قبػػد مػػن اؼبسػػلبني مػػن يػػدفع مػػن مالػ‬
‫أك ر فبا توجب الزكاة رغبة فيبا عند اهلل وطلبًا ؼب وبت ورشوان ‪ .‬كبا حػدث ذلػ ى عهػد النػ‬
‫‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬وفيبػػا بعػػدخ مػػن العهػػود وسػػنعود إَ بيػػاف ذلػ ى فصػػل "الضػػبانات"‬
‫بني الضريبة والزكاة‪.‬‬
‫‪ -7‬ى األهداؼ واؼبقاصد‪:‬‬
‫وللزكاة أهداؼ روحية ومتلقية ربلق ى أفق عاؿ تقصػر الضػريبة عػن االرتقػاء إليػ وقػد أوػرنا إَ‬
‫هذخ األهداؼ السامية ى حدي نا عن كلبة "الزكاة" وما ؽبا من داللة وما تنطوي عليػ مػن إوبػاء‬
‫كبا فصلنا الكبلـ عليها ى باب "أهداؼ الزكاة وآثارها" (أنظػر‪ :‬ص ‪ 965‬ومػا بعػدها مػن هػذا‬
‫الكتاب) وحسبنا من هذخ األهداؼ ما صرح كتاب اهلل ى وأف أصحاب اؼبػاؿ اؼبكلفػني بالزكػاة‬
‫حيث قاؿ تعاَ‪( :‬متذ من أمواؽبم صػدقة تطهػرهم وتػزكيهم هبػا وصػل علػيهم إف صػبلت سػكن‬
‫ؽبػػم) (التوبػػة‪ )463 :‬ومع ػ (صػػل علػػيهم) أي ادع ؽبػػم وكػػاف ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬يػػدعو‬
‫لدافع الزكاة بال كة ى نفس وى مالػ وهػو أمػر منػدوب لكػل عامػل علػى الزكػاة أف يػدعو ؼبعطػ‬
‫الزكاة اقتداء بالن ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬بل قاؿ بعض الفقهاء‪ :‬هو واجػ ألف اآليػة أمػرت‬
‫ب وظاهر األمر الوجوب‪.‬‬
‫أما الضريبة فه دبعزؿ عن التطلع إَ م ل هذخ األهداؼ وقد ظل رجاؿ اؼبالية قرونًا يرفضوف أف‬
‫يكوف للضريبة هدؼ غك ربصيل اؼباؿ للصزانة وظب هذا "مذه اغبياد الضػري " فلبػا تطػورت‬
‫األفكػػار وتغػػكت األوشػػاع االجتباعيػػة والسياسػػية واالقتصػػادية امػػزـ مػػذه اغبيػػاديني وظهػػر‬
‫الػػذين ينػػادوف باسػػتصداـ الض ػرا أداة لتحقيػػق أهػػداؼ اقتصػػادية واجتباعيػػة معينػػة أو تقري ػ‬
‫الفوارؽ وغك ذل وهذا إَ جوار هدفها اؼباُ وهو اؽبدؼ األوؿ‪.‬‬
‫ولكػ ػػن ٍ يسػ ػػتطع مي ػػرعو الض ػ ػرا وال علبػ ػػاء اؼباليػ ػػة العام ػػة ومفكروهػ ػػا أف ىبرج ػ ػوا مػ ػػن دا ػ ػػرة‬
‫األهداؼ اؼبادية إَ دا رة أرح وأبعد مػدى وهػ دا ػرة األهػداؼ الروحيػة واػبلقيػة الػب عنيػز‬
‫هبا فريضة الزكاة‪.‬‬
‫‪ -8‬ى األساس النظري لفرض كل منهبا‪:‬‬
‫ومػػن أبػػرز أوج ػ االمتػػتبلؼ بػػني الزكػػاة والضػريبة هػػو األسػػاس الػػذي بػ عليػ فػػرض كػػل منهبػػا‪.‬‬
‫فاألساس القانوْ لفرض الضريبة قد امتتله ى ربديدخ على نظريات متباينة سنذكرها‪ .‬أما الزكاة‬
‫ف ف أساسها واش ألف موجبها هو اهلل عز وجل وسػن لي ى نظريػات أربػع ال تعػارض بينهػا‬
‫وإمبػػا ييػػد بعضػػها أزر بعػػض وقػػد آثػػرت أف أفػػرد لػػذل فصػبلً مسػػتقبلً حػػك أوفيػ حقػ إف وػػاء‬
‫اهلل‪.‬‬

‫معا‬
‫الزكاة عبادة وشريبة ً‬

‫معػػا ه ػ ش ػريبة ألمػػا حػػق مػػاُ معلػػوـ‬


‫ومػػن هنػػا نسػػتطيع أف نقػػوؿ‪ :‬إف الزكػػاة ش ػريبة وعبػػادة ً‬
‫طوعا وتنفق حصيلتها ى ربقيق أهداؼ تعود على‬ ‫كرها إف ٍ تؤد ً‬ ‫تيرؼ علي الدولة وتأمتذها ً‬
‫اةتبع باػبك‪.‬‬
‫وه قبػل ذلػ عبػادة ووػعكة‪ .‬يتقػرب بأدا هػا اؼبسػلم إَ اهلل وييػعر حػني يؤديهػا أنػ وبقػق ركنًػا‬
‫من أركاف اإلسبلـ ووعب من وع اإليباف وأن يعني هبا من يعطي على طاعة اهلل تعػاَ ومػن‬
‫احا فه حق اهلل الذي‬ ‫كفرا بو ً‬
‫احا وجحودها ً‬ ‫صر ً‬‫وصبلحا ومنعها فس ًقا ُ‬ ‫ً‬ ‫هنا كاف إيتاؤها طاعة‬
‫ال يسػػق بتػػأمتر اعبػػال وال ب نبػػاؿ اغبػػاكم وال دبػػرور السػػنني وليسػػز كالض ػريبة‪ :‬ذب ػ بطل ػ‬
‫اغبكومة ؽبا وتسق بعدم‬
‫والذي يهبنػا أف نػذكرخ هنػا‪ :‬أف علباءنػا رضبهػم اهلل قػد تنبهػوا ونبهػوا علػ أف الزكػاة تيػتبل علػى‬
‫هػػذين اؼبعنيػػني‪ :‬معػ الضػريبة ومعػ العبػػادة وإف ٍ يعػ وا عػػن الضػريبة هبػػذا اللفػػي نفسػ ألنػ‬
‫اصػػطبلح متػػأمتر وقػػد يعػ وف عػػن هػػذا اؼبفهػػوـ بأمػػا "حػػق" واج ػ للفقػراء واؼبسػػاكني ى أم ػواؿ‬
‫األغنيػػاء (انظػػر‪ :‬بدايػػة اةتهػػد البػػن روػػد‪ - 237/ 4 :‬طبػػع مطبعػػة االسػػتقامة)‪ .‬أو يعػ وف عنػ‬
‫بأما "صلة للرحم" أي اإلنسانية أو اإلسبلمية جبان ما فيها من وا بة العبادة‪.‬‬
‫ومن أوش ما يػدؿ علػى هػذا اؼبعػ الػذي ذكرنػاخ مػا نقلػ صػاح "الػروض النضػك" عػن بعػض‬
‫احملققني من العلباء ى بياف حقيقة الزكاة وحكبتها قاؿ‪" :‬إمبا فرض اهلل الزكػاة ى أمػواؿ األغنيػاء‬
‫مواساة إلمتوامم الفقراء قضػاء غبػق األمتػوة وعبػبلً دبػا يوجػ تأكيػد األلفػة ومػا أمػر اهلل بػ مػن‬
‫اؼبعونة واؼبعاشدة على مػا فيهػا مػن ابػتبلء أربػاب األمػواؿ الػب هػ وػقا ق النفػوس كبػا ابػتبلهم‬
‫ى األبداف بالعبادات البدنية فه صلة للرحم وفيها وا بة عبادة فؤلجل وػا بة العبػادة وجبػز‬
‫فيها النية وٍ يص فيها مياركة معصية وكبو ذل لكوما صلة صحز فيها االستنابة وص‬
‫كرهػا وأمتػذت مػن مػاؿ اؼبيػز‬ ‫فيها اإلجبار عليها وناب اإلماـ عػن اؼبالػ ى النيػة عنػد أمتػذها ً‬
‫وإف ٍ يوص وألجل كوف الصلة غالبًا عليها وج فيهػا رعايػة األنفػع للفقػراء ووجبػز ى مػاؿ‬
‫الصغك وكبوخ وؼبا كاف اؼبقصود هبا اؼبواساة ٍ يوجبها اهلل تعاَ إال ى مػاؿ متطػك وهػو النصػاب‬
‫وٍ هبعله ػػا إال ى األمػ ػواؿ النامي ػػة وهػ ػ الع ػػني (النق ػػود) وأمػ ػواؿ الت ػػارة واؼبواوػ ػ وم ػػا أمترج ػػز‬
‫األرض وحدد اليػرع نصػاب كػل جػنس دبػا وبتبػل اؼبواسػاة ورتػ مقػدار الواجػ علػى حسػ‬
‫التع واؼبؤنة ف عل فيبا سقز السباء وكبوها العيػر وفيبػا سػق بالسػواق (الػدواب وكبوهػا)‬
‫نصف " (الروض النضك‪ .)389/2 :‬أ هػ وهو كبلـ جيد فصلناخ ى األبواب السابقة‪.‬‬
‫الفصل ال اْ‬
‫األساس النظري لفرض الضريبة وفرض الزكاة‬

‫فهرس‬

‫أساس فرض الزكاة‬

‫النظرية العامة للتكليه‬


‫نظرية االستصبلؼ‬
‫نظرية التكافل بني الفرد واةتبع‬
‫اإلمتاء بني اؼبسلبني‬

‫سبهيد‬

‫األساس القانوْ لفرض الضريبة‬

‫النظرية التعاقدية‬
‫نظرية سيادة الدولة‬
‫لعل فبا يلق شوءًا أك ػر علػى حقيقػة الزكػاة أف نعػرض ؼبػا ذكػرخ علبػاء اؼباليػة العامػة ى "تكييػه"‬
‫الضريبة الوشعية وبياف األساس الذي ب علي فرشها قانونًا إذ باؼبقارنة تت لػى لنػا طبيعػة الزكػاة‬
‫ومتصا صها بوصفها فريضة إؽبية وشريبة مقدسة ذات طابع متاص وفلسفة متاصة‪.‬‬

‫األساس القانوْ لفرض الضريبة‬

‫امتتل ػػه الب ػػاح وف واؼبفك ػػروف ى الطبيع ػػة القانوني ػػة وبعب ػػارة أمت ػػرى‪ :‬ى األس ػػاس الق ػػانوْ لف ػػرض‬
‫الضرا على الناس‪.‬‬
‫النظرية التعاقدية‪:‬‬
‫فػػذه فبلسػػفة القػػرف ال ػػامن عيػػر إَ أف الض ػريبة تقػػوـ علػػى أسػػاس عبلقػػة تعاقديػػة بػػني الدولػػة‬
‫والفرد فكى أنصار هذخ النظرية أف الضريبة تدفع مقابل النفػع الػذي يعػود علػى اؼببػوؿ مػن رعايػة‬
‫الدولة للبرافق العامة دبوج عقد شب م ـ بػني الدولػة واؼبػواطنني ‪ -‬وهػذخ الفكػرة هػ تطبيػق‬
‫لنظرية "العقد االجتباع " الذي قاؿ هبا "جاف جاؾ روسو" ى بياف أساس الدولة‪.‬‬
‫وق ػػد ذهػ ػ أنص ػػار النظري ػػة التعاقدي ػػة ى تكيي ػػه طبيع ػػة العق ػػد اؼبػ ػ ـ ب ػػني الدول ػػة وداف ػػع الضػ ػريبة‬
‫مذاه وك‪:‬‬
‫فقػػاؿ مكابػػو‪ :‬إف الضػريبة شبػػن عاجػػل ييػ ي بػ الفػػرد ضبايػػة اعبباعػػة ومعػ هػػذا‪ :‬أف اؼبػ ـ عقػػد‬
‫بيع‪.‬‬
‫وقاؿ آدـ ظبيػث‪ :‬إف هػذا العقػد هػو عقػد إهبػار أعبػاؿ فالدولػة تقػوـ بػأداء متػدمات للبػواطنني‬
‫ويقوـ اؼبواطنوف بدفع الضريبة ؽبا كأجر ؽبذخ األعباؿ‪.‬‬
‫وقاؿ مونتسكيو وهوبز‪ :‬إف العقد تأمني فالضريبة ه قس التأمني الذي يدفع اؼببػوؿ مػن مالػ‬
‫للتأمني على اعبزء الباق ‪.‬‬
‫غػػك أف الناقػػدين بينػوا أف هػػذا التصػػوير متػػاطئ مػػن أساسػ فبػػن غػػك اؼببكػػن ربقيػػق التعػػادؿ بػػني‬
‫الضريبة الػب يػدفعها اؼببػوؿ وبػني مػا يعػود عليػ مػن نفػع مػن متػدمات الدولػة ألنػ ال يبكػن تقػدير‬
‫نسبة اؼبنفعة الب تعود على كل مػواطن علػى حػدة مػن النفقػات العامػة كاحملافظػة علػى األمػن أو‬
‫تنظػػيم القضػػاء أو نيػػر التعلػػيم أو الػػدفاع الػػوط فضػبلً عػػن أنػ لػػو أمكػػن تقػػدير هػػذخ اؼبنفعػػة‬
‫احتياجػا إُ متػدمات الدولػة مػن‬‫ً‬ ‫ف ف هذخ النظرية تؤدي إَ نتا ظاؼبػة فالطبقػات الفقػكة أك ػر‬
‫الطبقات الغنية وتطبي ًقا لنظرية البدؿ أو اإلهبار هب أف يتحبلوا الع ء األك للضريبة‪.‬‬
‫كبػػا أف نظريػػة "التػػأمني" معيبػػة مػػن نػػاحيتني‪ :‬األوَ أمػػا تقصػػر وظيفػػة الدولػػة علػػى احملافظػػة علػػى‬
‫األم ػن وهػػو مػػا ىبػػاله الواقػػع والناحيػػة ال انيػػة‪ :‬أف عقػػد التػػأمني يلقػػى علػػى عػػاتق اؼبػػؤمن ع ػ ء‬
‫تعويض اػبسا ر ى حني أف الدولة ال تلتزـ بتعويض األفراد عبا يلحقهم من شرر‪.‬‬

‫نظرية سيادة الدولة‪:‬‬


‫أساسػػا للض ػريبة وهػػذا هػػو السػػب ى ظه ػػور‬ ‫ً‬ ‫مػػن هػػذا يتض ػ أف "النظريػػة التعاقديػػة" ال تصػػل‬
‫النظرية ال انية نظرية "سيادة الدولة"‪.‬‬
‫وتقػػوـ هػػذخ النظريػػة علػػى أسػػاس أف الدولػػة تػػؤدي وظيفتهػػا بقصػػد إوػػباع اغباجػػات اعبباعيػػة وال‬
‫تض ػػع نص ػ عينيهػػا ربقي ػػق مص ػػاً األف ػراد اػباص ػػة بق ػػدر تغلي ػ اؼبص ػػاً العامػػة عل ػػى اؼبص ػػاً‬
‫اػباصػػة واحملافظػػة علػػى التضػػامن القػػوم بػػني األجيػػاؿ اغباشػػرة واؼبسػػتقبلة ‪ -‬وؼبػػا كػػاف أداء هػػذخ‬
‫الوظ ػػا ه يس ػػتلزـ اإلنف ػػاؽ ك ػػاف للدول ػػة اغب ػػق ى أف تل ػػزـ اؼبس ػػتظلني بس ػػبا ها ‪-‬دب ػػا ؽب ػػا م ػػن ح ػػق‬
‫صبيعػا ى النهػػوض بعػ ء هػػذا اإلنفػاؽ وتقػػوـ بتوزيػع هػػذا العػ ء علػػيهم‬ ‫السػيادة‪ -‬أف يتضػػافروا ً‬
‫حبسػ درجػػة يسػار كػػل مػنهم طبقػػا ؼبػا يقضػ بػ مبػػدأ "التضػامن االجتبػػاع " الػذي تقػػوـ عليػ‬
‫اعبباعات السياسية اغبدي ة (اعتبدنا ى هذا اؼببحث علػى كتػاب "ميزانيػة الدولػة" للػدكتور ؿببػد‬
‫حلب ػ ػ م ػ ػراد ص ‪ -75- 73‬طبػ ػػع مضػ ػػة مصػ ػػر سػ ػػنة ‪ - 4955‬مبحػ ػػث "األسػ ػػاس القػ ػػانوْ‬
‫للضريبة")‪.‬‬

‫أساس فرض الزكاة‬

‫أما أساس فرض الزكاة واغبقوؽ اؼبالية كلها فيقوـ على نظريات أُمتر نبينها ى ما يل ‪:‬‬
‫النظرية العامة للتكليه‪:‬‬
‫أُوالهػػا‪ :‬النظريػػة العامػػة للتكليػػه وتقػػوـ هػػذخ النظريػػة علػػى أف مػػن حػػق اػبػػالق اؼبػػنعم أف يكلػػه‬
‫ووكرا لنعبت وليبلوهم أيهم أحسن عببلً‬ ‫ً‬ ‫عبادخ ما يياء من واجبات بدنية ومالية أداءً غبق‬
‫ليصتػ مػا ى صػدورهم ولػيبحل مػػا ى قلػوهبم ولػيعلم مػن يتبػع رسػػل فبػن ينقلػ علػى عقبيػ‬
‫فيبيز اهلل اػببيث من الطي واؼبس ء من احملسن ويوفيهم أعباؽبم وهم ال يظلبوف‪.‬‬
‫إف اإلنسػػاف ال ىبلػػق عب ػػا وٍ يػ ؾ سػػدى (أفحسػػبتم أمبػػا متلقنػػاكم عبًػػا وأنكػػم إلينػػا ال ترجعػػوف)‬
‫(اؼبؤمنػػوف‪( ..)445 :‬أوبس ػ اإلنسػػاف أف ي ػ ؾ سػػدى) (القيامػػة‪ .)36 :‬كػػبل ٍ ي ػ ؾ سػػدى‬
‫بل بعث اهلل إلي النبيني مبيرين ومنذرين فعرفػوخ أمػر اهلل وميػ وحقوقػ وواجباتػ (لي ػزي الػذين‬
‫أساءوا دبا عبلوا وهبزي الذين أحسنوا باغبس ) (الن م‪.)34 :‬‬
‫وكبا كله اهلل اؼبسلم بالصبلة وه الفريضة اليومية الب يؤديها طبس مرات ى اليوـ ى مواقيتها‬
‫احملػػددة مقاومػػا ن ػوازع الكسػػل وبواعػػث اؽبػػوى ودواع ػ الغفلػػة وعوا ػػق الػػدنيا (وإمػػا لكبػػكة إال‬
‫على اػباوعني) (البقرة‪.)45 :‬‬
‫وكلفػ بالصػػياـ وهػػو الفريضػػة السػػنوية الػػب يبسػ فيهػػا أيػػاـ وػػهر كامػػل عػػن وػػهون الػػبطن والفػػرج‬
‫كبا جاء ى اغبديث القدس ‪( :‬يدع الطعاـ من أجل ويدع اليراب من أجل ويدع لذتػ مػن‬
‫أجل ػ ) (رواخ ابػػن متزيبػػة ى صػػحيحة وأصػػل ى الصػػحيحني‪ .‬انظػػر ال غي ػ وال هي ػ للبنػػذري‬
‫ج‪ 2‬كتاب‪ :‬الصياـ)‪.‬‬
‫وكلفػ بػػاغب وهػو فريضػػة العبػر الػػب يرربػل فيهػػا اؼبسػلم مفارقًػػا األهػل والػػوطن إَ واد غػػك ذي‬
‫زرع ليعظم وعا ر اهلل ويطوؼ ببيز اهلل ويرجع من ذنوب كيوـ ولدت أم ‪.‬‬
‫أجل‪ ..‬كبا كله اهلل اؼبسلم بالصبلة والصياـ وكل منهبا عبادة بدنية وباغب وهو عبادة بدنية‬
‫ماليػة كلفػ بالزكػػاة وهػ عبػػادة ماليػػة متالصػػة فيهػا بػػذؿ اؼبػػاؿ الػػذي هػو وػػقيق الػػنفس وعصػ‬
‫اغبياة وفتنة الدنيا ليعلم من يعبدخ تعاَ حقا فيبذؿ ما عنػدخ هلل ومػن يعبػد مالػ ودنيػاخ فيؤثرهػا‬
‫على رشا اهلل (ومن يوؽ و نفس فأولئ هم اؼبفلحوف) (اغبير‪.)9 :‬‬

‫نظرية االستصبلؼ‪:‬‬
‫والنظرية ال انية‪ ..‬نظرية االستصبلؼ ى ماؿ اهلل‪.‬‬
‫وأساس هذخ النظرية‪ :‬أف اؼبػاؿ مػاؿ اهلل تعػاَ واإلنسػاف مسػتصله فيػ فػاهلل سػبحان هػو اؼبالػ‬
‫اغبق لكل مػا ى الكػوف أرشػ وظبا ػ (وهلل مػا ى السػبوات ومػا ى األرض) (الػن م‪( .)34 :‬لػ‬
‫مػػا ى السػػبوات ومػػا ى األرض ومػػا بينهبػػا ومػػا ربػػز ال ػػرى) (ط ػ ‪ .)6 :‬فكػػل مػػا ى هػػذا العػػاٍ‬
‫علوي وسفلي مل متالل هلل تعاَ وليس ألحد ورؾ ى ذرة من (قل ادعوا الػذين زعبػتم مػن‬
‫دوف اهلل ال يبلكوف م قاؿ ذرة ى السبوات وال ى األرض وما ؽبم فيهبػا مػن وػرؾ ومػا لػ مػنهم‬
‫من ظهك) (سبأ‪ )22 :‬وذل اؼبل دبقتضى متلق ؽبا وهيبنت عليها (اهلل متالق كل و ء وهو‬
‫علػى كػػل وػ ء وكيػػل) (الزمػػر‪( .)62 :‬ومتلػػق كػل وػ ء فقػػدرخ تقػػديراً) (الفرقػػاف‪( .)2 :‬إف الػػذين‬
‫تدعوف من دوف اهلل لن ىبلقوا ذبابا ولو اجتبعوا ل ) (اغب ‪.)73 :‬‬
‫واألمػواؿ كلهػػا ملػ هلل تعػػاَ فهػػو واهبهػػا واؼبػػنعم هبػػا علػػى عبػػادخ وهػػو وحػػدخ متالقهػػا ومنيػػئها‬
‫إنتاجػا" يتصػذ ؾبالػ ى مػادة متلقهػا اهلل سػبحان وسػصرها لػ‬ ‫وعبل عبل اإلنساف الػذي نسػبي " ً‬
‫وؽبػػذا يقػػوؿ االقتصػػاديوف‪ :‬إف اإلنتػػاج هػػو متلػػق اؼبنفعػػة ولػػيس متلػػق اؼبػػادة ومع ػ هػػذا أن ػ وبػػوؿ‬
‫اؼبػادة لتيػبع حاجاتػ وتكػوف ؽبػػا منفعػة (انظػر االقتصػػاد السياسػ للػػدكتور رفعػز احمل ػػوب‪/ 4 :‬‬
‫‪.)492 494‬‬
‫ك ػػل م ػػا يق ػػوـ بػ ػ اإلنس ػػاف ى "اإلنت ػػاج" ال يت ػػاوز التغي ػػك ى أوش ػػاع األو ػػياء وأماكنه ػػا ك ػػأف‬
‫يستصلصػها مػن مواطنهػا األصػلية باالسػتصراج أو الصػيد مػ بلً أو ينقلهػا مػن مكػاف تزيػد فيػ عػن‬
‫اغباجة إَ مكاف وبتاج إليها في أو وبفظها عػن طريػق التعبئػة واػبػزف لينتفػع هبػا ى اؼبسػتقبل أو‬
‫ىبضػعها لػػبعض اؼبػػؤثرات لتصػػب صػػاغبة لسػػد حاجػػة مػػا أو وبوؽبػػا مػػن وػػكل إَ آمتػػر بػػاغبل أو‬
‫متاصا في عل منها وػيئًا جدي ًػدا‪ .‬هػو ؾبػرد‬ ‫الغزؿ أو النقو أو الطحن‪ .‬إٌ أو يؤله بينها تألي ًفا ً‬
‫التغيك ى أوشاع العناصر وأماكنها حك ى حاؿ إحداث ثروة جديدة ٍ تكن مػن قبػل كبػا ى‬
‫الزراعػػة أو تربيػػة اغبيػواف ال يعبػػل اإلنسػػاف أك ػػر فبػػا يعبلػ ى اؼبظػػاهر اإلنتاجيػػة األمتػػرى (انظػػر‪:‬‬
‫االقتصاد السياس للدكتور عل عبد الواحد واى ص ‪ 76 - 74‬الطبعة اػبامسة)‪.‬‬
‫هذا ما يقررخ فبلسفة االقتصاد بوشوح ى بياف وظيفػة اإلنسػانية ى اإلنتػاج‪ :‬ؾبػرد ربػوير وتغيػك ى‬
‫أوشاع وأمػاكن األوػياء اؼبوجػودة فعػبل ومػن موجػدها؟ إنػ (ربنػا الػذي أعطػى كػل وػ ء متلقػ ه‬
‫هدى) (ط ‪.)5:‬‬
‫(اهلل الػػذي متلػػق السػػبوات واألرض وأنػػزؿ مػػن السػػباء مػػاءً فػػأمترج ب ػ مػػن ال ب ػرات رزقًػػا لكػػم‬
‫وسػػصر لكػػم الفل ػ لت ػػري ى البحػػر بػػأمرخ وسػػصر لكػػم األمػػار وسػػصر لكػػم اليػػبس والقبػػر‬
‫دا بني وسػصر لكػم الليػل والنهػار وآتػاكم مػن كػل مػا سػألتبوخ وإف تعػدوا نعبػة اهلل ال ربصػوها)‬
‫(إبراهيم‪.)34 - 32 :‬‬
‫حك هذا التغيك والتحوير من الذي يسر سبل لئلنساف ومنحػ القػدرة علػى فعلػ وأمػدخ بكػل مػا‬
‫يعين ى هذا السبيل؟ إن ربنا الذي متلق اإلنساف وٍ يكن ويئا مذكورا وعلب ما ٍ يكن يعلم‪.‬‬
‫ولنضرب لذل بعض األم لة‪:‬‬
‫غرسػػا فػػآتى شبػ ًػرا فكػػم ي ػوازي عبػػل يػػدخ ى اغبػػرث‬
‫زرعػػا فأنبػػز حبًػػا أو غػػرس ً‬ ‫إذا زرع اإلنسػػاف ً‬
‫والسػ ػػق والتعهػ ػػد جبان ػ ػ عبػ ػػل يػ ػػد اهلل الػ ػػذي جعػ ػػل األرض ذلػ ػػوالً وصػ ػػرؼ الريػ ػػاح وسػ ػػصر‬
‫السػػحاب وأنػػزؿ اؼبػػاء مػػن السػػباء مطػ ًػرا أو أجػراخ ى األرض مػًػرا ووفػػر اغبػرارة اؼببل بػػة والضػػوء‬
‫الكػػاى واؽب ػواء اؼبناس ػ وهيػػأ للحبػػة ى بػػاطن ال ػ اب غػػذاءها مػػن وػػك العناصػػر حػػك صػػارت‬
‫و رة مورقة م برة؟‬
‫أال ما أقل عبل اإلنساف وجهدخ جبان رعاية اهلل!!‬
‫ه مػػا عبػػل اإلنسػػاف إذا ٍ يهبػ اهلل العقػػل الػػذي يفكػػر ويػػدبر والقػػدرة الػػب هبػػا ينفػػذ واألدوات‬
‫الب هبا يعبل؟!‬
‫ؽبػػذا يبػػني القػػرآف فضػػل اهلل علػػى عبػػادخ ويػػرد اغبػػق إَ نصػػاب فيقػػوؿ‪( :‬أفػرأيتم مػػا ربرثػػوف ءأنػػتم‬
‫حطامػػا فظلػػتم تفكهػػوف إنػػا ؼبغرمػػوف بػػل كبػػن ؿبرومػػوف‬
‫تزرعون ػ أـ كبػػن الزارعػػوف لػػو نيػػاء عبعلنػػاخ ً‬
‫أجاجػػا فلػػوال‬
‫أفػرأيتم اؼبػػاء الػػذي تيػربوف ءأنػػتم أنزلتبػػوخ مػػن اؼبػػزف أـ كبػػن اؼبنزلػوف لػػو نيػػاء جعلنػػاخ ً‬
‫تيكروف) (الواقعة‪.)76 - 63 :‬‬
‫ويقػػوؿ ى سػػورة أمتػػرى‪( :‬فلينظػػر اإلنسػػاف إَ طعام ػ أنػػا صػػببنا اؼبػػاء صػػبًا ه وػػققنا األرض و ػ ًقا‬
‫فأنبتنا فيها حبًا وعنبًا وقضبًا) (عبس‪ )28 - 24 :‬ويقوؿ ى سورة ثال ة (وآية ؽبم األرض اؼبيتػة‬
‫أحييناها وأمترجنا منها حبًػا فبنػ يػأكلوف وجعلنػا فيهػا جنػات مػن لبيػل وأعنػاب وف رنػا فيهػا مػن‬
‫العيوف ليأكلوا من شبرخ وما عبلت أيديهم أفبل ييكروف) (يس ‪.)35- 32‬‬
‫نعم‪( ..‬أفبل ييكروف)؟ وهم يأكلوف مػن شبػار ٍ تعبلهػا أيػديهم وإمبػا عبلتهػا يػد اهلل اهلل الػذي‬
‫أحيا األرض اؼبيتة وأمترج منها اغب وأنيأ اعبنات وف ر العيوف‪.‬‬
‫وليس عبل يد اهلل ى الزراعػة فحسػ بػل ى كػل ناحيػة مػن اغبيػاة زراعػة أو ذبػارة أو صػناعة‬
‫أو غكها ‪ -‬فف الصػناعة مػ بلً قبػد اؼبػادة "اػبػاـ" مػن متلػق اهلل ال مػن إنتػاج اإلنسػاف ومػن هنػا‬
‫ام اهلل على الناس دبادة اغبديد فقاؿ‪( :‬وأنزلنا اغبديد في بأس وػديد ومنػافع للنػاس) (اغبديػد‪:‬‬
‫‪ )25‬والتعبك بػ "أنزلنا" يع أف اهلل متلق بتدبك ظباوي علوي ال دمتل لئلنساف في ‪.‬‬
‫وقبػػد مػػادة الوقػػود والقػػوى احملركػػة مػػن صػػنع اهلل وحػػدخ فاإلنسػػاف ٍ ىبلػػق الفحػػم وال البػ وؿ وال‬
‫الكهرباء وإمبا اكتيفها فق أما الذي ب ها ى الكوف فهو اهلل‪.‬‬
‫وقبد االهتداء إَ الصناعات من إؽباـ اهلل وتعليبػ لئلنسػاف مػا ٍ يكػن يعلػم كبػا قػاؿ تعػاَ عػن‬
‫ن اهلل داود‪( :‬وعلبناخ صنعة لبػوس لكػم لتحصػنكم مػن بأسػكم فهػل أنػتم وػاكروف) (األنبيػاء‪:‬‬
‫‪.)8‬‬
‫والنتي ة من هذا‪ :‬أف اؼباؿ رزؽ يسوق اهلل لئلنساف فضبلً من ونعبة ومهبا يذكر اإلنساف علب‬
‫وجهػػدخ فليػػذكر عبػػل القػػدرة اإلؽبيػػة ى اإلهبػػاد واإلمػػداد (ومػػا بكػػم مػػن نعبػػة فبػػن اهلل) (النحػػل‪:‬‬
‫‪ .)53‬فبل غرابة بعد هذا أف ينفق اإلنساف عبد اهلل بعض ما رزق اهلل ى سبيل اهلل وإعبلء كلبة‬
‫قيامػا للواهػ اؼبػنعم حبػق اليػكر علػى نعبا ػ ومػن أجػل هػذا يقػوؿ‬ ‫اهلل وعلى إمتوان عباد اهلل ً‬
‫اهلل ى كتابػ ‪( :‬أنفقػوا فبػػا رزقنػػاكم) (البقػػرة‪( .)254 :‬وفبػػا رزقنػػاهم ينفقػػوف) (البقػػرة‪ )3 :‬ويقػػرر‬
‫أف اؼبػػاؿ مػػاؿ اهلل واإلنسػػاف مػػا هػػو إال مسػػتصله في ػ أو موظػػه م ػؤسبن علػػى تنبيت ػ وإنفاق ػ‬
‫واالنتفاع والنفع ب ‪ .‬يقوؿ تعاَ‪( :‬وآتػوهم مػن مػاؿ اهلل الػذي آتػاكم) (النػور‪ )33 :‬ويقػوؿ‪( :‬وال‬
‫ػكا ؽبػػم بػػل هػػو وػػر ؽبػػم) (آؿ عب ػراف‪:‬‬ ‫وبسػػنب الػػذين يبصلػػوف دبػػا آتػػاهم اهلل مػػن فضػػل ه ػػو متػ ً‬
‫‪ .)486‬ليذكرهم هبذخ اغبقيقة‪ :‬أف اؼباؿ رزؽ من عنػد اهلل آتػاهم مػن فضػل ويقػوؿ‪( :‬وأنفقػوا فبػا‬
‫جعلكػػم مسػػتصلفني في ػ ) (اغبديػػد‪ .)7 :‬فاإلنسػػاف لػػيس مال ػ اؼبػػاؿ ى اغبقيقػػة ولكن ػ متليفػػة‬
‫اؼبال ‪-‬وهػو اهلل تعػاَ‪ -‬ووكيلػ فيػ (قػاؿ ابػن القػيم‪" :‬هػل يصػ أف يقػاؿ‪ :‬إف أح ًػدا وكيػل اهلل"؟‬
‫وأجاب بالنف ‪" :‬ف ف الوكيل من يتصرؼ عن موكلػ بطريػق النيابػة واهلل عػز وجػل ال نا ػ لػ وال‬
‫ىبلف ػ أحػػد بػػل هػػو الػػذي ىبلػػه عبػػدخ كبػػا قػػاؿ الن ػ ‪-‬صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‪" :-‬اللهػػم أنػػز‬
‫الصػػاح ى السػػفر واػبليفػػة ى األهػػل"‪ .‬ه قػػاؿ‪" :‬علػػى أن ػ ال يبتنػػع أف يطلػػق ذل ػ باعتبػػار أن ػ‬
‫مأمور حبفي ما وكلػ فيػ ورعايتػ والقيػاـ بػ " انتهػى مػن مػدارج السػالكني‪427 - 426 / 2 :‬‬
‫مطبعة السنة احملبدية)‪.‬‬
‫قػاؿ صػػاح "الكيػاؼ" ى قولػ تعػاَ‪( :‬وأنفقػوا فبػػا جعلكػم مسػػتصلفني فيػ )‪ .‬يعػ أف األمػواؿ‬
‫الب ى أيديكم إمبا ه أمواؿ اهلل خبلق وإنيا ؽبػا وإمبػا مػولكم إياهػا ومتػولكم االسػتبتاع هبػا‬
‫وجعلكم متلفاء بالتصرؼ فيها فليسز ه بأموالكم ى اغبقيقة وما أنتم فيها إال دبنزلة الػوكبلء‬
‫والنػ ػواب ف ػػأنفقوا منه ػػا ى حق ػػوؽ اهلل ول ػػيهن عل ػػيكم اإلنف ػػاؽ م ػػن م ػػاؿ غ ػػكخ إذا أذف لػ ػ فيػ ػ‬
‫(الكياؼ‪.)266 / 3 :‬‬
‫وليسز شبػرة العلػم بػأف اؼبػاؿ مػاؿ اهلل واإلنسػاف فيػ دبنزلػة النا ػ أو الوكيػل مقصػور علػى هتػوين‬
‫أيضا‬
‫البذؿ واإلنفاؽ علي حيث ينفق من ماؿ غكخ وقد أذف ل في بل يفيد العلم هبذخ اغبقيقة ً‬
‫أف يتقيد اإلنساف دبييئة اؼبال اغبقيق للباؿ فػ ف الوكيػل مػا هػو إال فب ػل إلرادة اؼبوكػل ومنفػذ‬
‫ؼبػػا يطلبػ ولػػيس لػ حػػق االنفػراد بالتصػػرؼ حسػػببا يهػػوى وييػػته وإال بطلػػز وكالتػ وٍ يعػػد‬
‫جديرا حبق االستصبلؼ الذي أساء استعبال ‪.‬‬ ‫ً‬
‫وقػػد نبػ علباؤنػػا ‪-‬رضبهػػم اهلل‪ -‬علػػى حػػق اهلل ى اؼبػػاؿ بعبػػارات بليغػػة نػػذكر منهػػا مػػا قالػ اإلمػػاـ‬
‫الرازي ى تفسكخ‪:‬‬
‫"إف الفقراء عياؿ اهلل واألغنياء متزاف اهلل ألف األمواؿ الب ى أيػديهم أمػواؿ اهلل فلػيس دبسػتبعد‬
‫أف يقوؿ اهلل اؼبال ػبازن ‪ :‬اصرؼ على احملتاجني من عياُ" (التفسك الكبك‪.)463 / 46 :‬‬
‫وم ػػا قالػ ػ القاشػ ػ اب ػػن الع ػػرل (أحك ػػاـ القػ ػراف ص ‪ :.)945‬إف اهلل حبكبتػ ػ البالغ ػػة وأحكامػ ػ‬
‫اؼباشػػية العاليػػة متػػل بعػػض النػػاس بػػاألمواؿ دوف الػػبعض نعبػػة منػ علػػيهم وجعػػل وػػكر ذلػ‬
‫منهم إمتراج سهم يردون إَ من ال ماؿ ل نيابػة عنػ سػبحان وتعػاَ فيبػا شػبن بفضػل ؽبػم ى‬
‫قول ‪( :‬وما من دابة ى األرض إال على اهلل رزقها) (هود‪.)6 :‬‬
‫فػ ذا شػػن الغ ػ ‪-‬وهػػو اػبػػازف ؼبػػاؿ اهلل واألمػػني عليػ ‪ -‬هبػػذا اؼبػػاؿ علػػى عيػػاؿ اهلل وامتػػتل نفسػ‬
‫بنعبت دومم فقد استوج نكاؿ اهلل وعقوبت ‪.‬‬
‫وقػػد وػػاع بػػني ع ػواـ اؼبسػػلبني حػػديث قدس ػ عػػن اهلل تعػػاَ يقػػوؿ‪ :‬اؼبػػاؿ مػػاُ والفق ػراء عيػػاُ‬
‫واألغنياء وكبل ف ذا خبل وكبل على عياُ أذقتهم وباُ وال أباُ " (حب ز عن فلػم أجػد لػ‬
‫أصبل وال من تكلم علي )‪..‬‬
‫ومػػع أف لفػػي اغبػػديث غػػك ثابػػز مػػن جهػػة السػػند فػ ف معنػػاخ ى اعببلػػة صػػحي ووػػهرت لػػدى‬
‫صبهػػور اؼبسػػلبني تػػدؿ علػػى رسػػوخ نظريػػة االسػػتصبلؼ ى مػػاؿ اهلل وتغلغلهػػا ى أفكػػارهم وهػػو‬
‫تغلغل أصيل ل جذورخ العبيقة من كتاب اهلل وسنة رسوؿ اهلل‪.‬‬
‫ومػػن الطريػػه أف أك ػػر اؼبتس ػولني واليػػحاذين ى بػػبلد اؼبسػػلبني يعرفػػوف هػػذخ النظريػػة ويسػػتغلوما‬
‫ػكا هػػذخ‬
‫السػػتعطاؼ القػػادرين واسػػتصراج الصػػدقات مػػن أيػػديهم وال ع ػ أف تسػػبع مػػنهم ك ػ ً‬
‫الكلبة‪" :‬من ماؿ اهلل"! وه كلبة حق يريدوف هبا باطبلً‪.‬‬
‫وى اغبديث‪( :‬ويل لؤلغنياء من الفقراء يوـ القيامػة يقولػوف‪ :‬ربنػا ظلبونػا حقوقنػا الػب فرشػز لنػا‬
‫عليهم فيقوؿ اهلل تعاَ‪ :‬وعزن وجػبلُ ألدنيػنكم وألبعػدمم) (الطػ اْ ى الصػغك واألوسػ عػن‬
‫أنس وإسنادخ شعيه (صبع الفوا د‪.)442 / 4 :‬‬

‫نظرية التكافل بني الفرد واةتبع‪:‬‬


‫والنظرية ال ال ة‪ ..‬نظرية التكافل بني الفرد واةتبع‪.‬‬
‫فبػػن اؼبقػػرر لػػدى فبلسػػفة االجتبػػاع‪ :‬أف اإلنسػػاف مػػدْ بطبع ػ ‪-‬كبػػا قػػاؿ القػػدماء‪ -‬أو حي ػواف‬
‫اجتبػػاع ‪-‬كبػػا قػػاؿ احملػػدثوف‪ -‬وأنػ ال يسػػتطيع أف وبيػػا حيػػاة إنسػػانية حقػػة إال ى ظػػل ؾبتبػػع‬
‫ومػن اؼبقػػرر كػػذل ‪ :‬أف الفػػرد مػدين للب تبػػع بك ػػك مػػن معارفػ ومت اتػ وفضػػا ل فػ ف الفػػرد ‪-‬ى‬
‫مبػػدأ حيات ػ ‪ -‬ال يبكن ػ أف يعػػيو ووبيػػا بغػػك عػػوف اةتبػػع فهػػو الػػذي يضػػبن ل ػ اغبيػػاة والبقػػاء‬
‫ولػػوالخ ؼبػػات ى مهػػدخ واةتبػػع هػػو الػػذي يقػػوـ بتلقػػني الفػػرد مظػػاهر اغبضػػارات وال قافػػة اؼبصتلفػػة‬
‫وقواعد الدين واؼبعاملة‪ .‬إٌ‪.‬‬
‫فلػػوال اةتبػػع وحيػػاة اعبباعػػة لصػػار الفػػرد كػػاغبيواف األع ػػم ال يػػدري مػػن أمػػور دنيػػاخ وػػيئًا أو‬
‫يكوف كالطفل ال يستطيع أف يبيز بػني مػا يضػرخ ومػا ينفعػ فػاةتبع هػو الػذي يعػدؿ مػن سػلوك‬
‫ويعاون على التكيه مع اغبياة ى ـبتله مراحلها‪.‬‬
‫إف الفرد يولد وعقل كالصػفحة البيضػاء ه يعبػل اةتبػع بعػد ذلػ علػى تغذيتػ بأسػباب الػ اث‬
‫االجتباع فبا ي ك السله للصله من لغة وثقافة وعقا د وتقاليد وغكها (راجع كتػاب "علػم‬
‫االجتباع" للدكتور أضبد اػبياب فصل "الفرد ى اةتبع" ص ‪.. )36‬‬
‫الفػػرد إذف مػػدين للب تبػػع بػػبل ري ػ وهػػذا كبػػا يصػػدؽ علػػى مكاس ػ الفػػرد اؼبعنويػػة وال قافيػػة‬
‫واغبضارية يصدؽ على مكاسب اؼبادية واالقتصادية‪.‬‬
‫فالذي ال و في أف الفرد ‪-‬وإف أون من اؼبواه ما أون‪ ٍ -‬يكسػ اؼبػاؿ جبهػدخ وحػدخ بػل‬
‫وػػاركز فيػ جهػػود وأفكػػار وأيػػد ك ػػكة ال ربصػػى بعضػػها سػػاهم مػػن قريػ وبعضػػها سػػاهم مػػن‬
‫بعيػػد بعضػػها عػػن قصػػد وبعضػػها عػػن غػػك قصػػد وكلهػػا أسػػباب عاونػػز ى وصػػوؿ اؼبػػاؿ إَ‬
‫صاحب ‪.‬‬
‫فػ ذا نظرنػػا مػ بلً إَ الػزارع الػػذي حصػػد القبػ كيػػه حصػػل علػػى قبحػ هػػذا؟ ومػػا قيبػػة جهػػدخ‬
‫جبان جهد اةتبع؟ إف اةتبع هو الذي وق ل ال ع والقنوات ونظػم الػري والصػرؼ وصػنع لػ‬
‫احملراث وغكخ من أدوات الزراعة وأمػدخ دبػا وبتػاج إليػ مػن قػوت وملػبس ومسػكن وهيػأ لػ األمػن‬
‫واالستقرار‪ .‬إَ غك ذل من األمور الب ال ربصى‪.‬‬
‫وإذا نظرنػػا إَ التػػاجر مػ بلً كيػػه صبػػع مالػ وحقػػق كسػػب ؟ رأينػػا للب تبػػع عليػ الفضػػل األكػ‬
‫واليد الطوَ فببػن ييػ ي؟ وؼبػن يبيػع؟ ومػع مػن يعبػل؟ ودبػن يسػك إذا ٍ يكػن اةتبػع ومعاونػة‬
‫اةتبع؟‬
‫وم ل الزارع والتاجر الصانع واؼبوظه وكل ذي حرفة وكل ذي ماؿ‪.‬‬
‫وكلبا كاف ماؿ اؼبال أك ر وثروت أوسػع كػاف جهػد اعبباعػة أظهػر وأعظػم ونصػي الفػرد فيػ‬
‫أقل وأصغر ف ف طاقة الفرد للعبل ؿبدودة ‪-‬وال و ‪ -‬حبدود قدرت ووقت وشرورات ك نساف‪.‬‬
‫ك ػػم يب ػػذؿ م ػػن اعبه ػػد ص ػػاح اؼبزرع ػػة الواس ػػعة أو اؼبص ػػنع الكب ػػك أو اؼبؤسس ػػة الض ػػصبة ذات‬
‫الفػػروع؟ وكػػم يقػػاس جهػػدخ إذا كػػاف ل ػ جهػػد إداري م ػ بل جبان ػ جهػػد العي ػرات أو اؼبئػػات أو‬
‫األلوؼ من أبناء اةتبع الذين يعبلػوف معػ ويبػذلوف مػن عػرؽ جبيػنهم أو نػور أعيػنهم أو وهػ‬
‫أفكارهم؟! ومن أجل هذا كاف اؼباؿ الذي وبوزخ مكتسب وينسػ إليػ هػو مػاؿ اعبباعػة أيضػا‬
‫ينس إليها ووبس عليها وتكله متضامنة باحملافظة علي ‪.‬‬
‫وهػػذا مػػا جعػػل القػػرآف الكػػرٓ ىباط ػ صباعػػة اؼبسػػلبني فيقػػوؿ‪( :‬وال تؤت ػوا السػػفهاء أم ػوالكم الػػب‬
‫قياما) (النساء‪..)5 :‬‬ ‫جعل اهلل لكم ً‬
‫وقد أمتذ الفقهاء من هذخ اآلية حكم اغب ر على السفهاء واؼببذرين اؼبتبلفػني وإف كػاف اؼبػاؿ ى‬
‫ظاهر األمر ماؽبم وى حيازهتم وهم مالكوخ إال أن ى اغبقيقة ماؿ اعبباعة إف مبا وحفي فالنفع‬
‫يعود عليها وإف تله وبع ر فالضرر الحق هبا‪.‬‬
‫وم ػػن هن ػػا تفه ػػم س ػػر التعب ػػك ى اآلي ػػة الكريب ػػة إذ تق ػػوؿ‪( :‬وال تؤتػ ػوا الس ػػفهاء أمػ ػوالكم) وٍ تق ػػل‬
‫قيامػػا" بػػل قالػػز‪( :‬الػػب‬
‫"أمػواؽبم" حسػػببا تػػنل عقػػود األمػواؿ كبػػا ٍ تقػػل‪" :‬الػػب جعػػل اهلل ؽبػػم ً‬
‫قيامػػا)‪ .‬ف مػػا وإف كانػػز ؽب ػم حيػػازة ومل ًكػػا فه ػ قيػػاـ لل باعػػة كلهػػا وعص ػ‬ ‫جعػػل اهلل لكػػم ً‬
‫غبياهتا‪.‬‬
‫أيضا‪( :‬يا أيها الذين أمنوا ال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إال أف تكػوف ذبػارة عػن‬ ‫ويقوؿ القرآف ً‬
‫رحيبا) (النساء‪..)29 :‬‬ ‫تراض منكم وال تقتلوا أنفسكم إف اهلل كاف بكم ً‬
‫بعضا وإمبا‬‫فاآلية الكريبة تنهى أف يأكل اؼبؤمنوف بعضهم ماؿ بعض كبا تنهى أف يقتل بعضهم ً‬
‫امتتػارت اآليػة التعبػك ب ػ"أمػوالكم" و"أنفسػكم" لييػعر كػل مػنهم أف مػػاؿ بعضػهم هػو مػاؿ كلهػػم‬
‫وأف نفس كل فرد منهم كنفس اآلمتر‪.‬‬
‫فاألمػػة اؼبسػػلبة متكافلػػة متضػػامنة ى حقوقهػػا ومصػػاغبها وأنفسػػها وأمواؽبػػا فبػػن أشػػاع مػػاؿ غػػكخ‬
‫فكأمبا أشاع ماؿ نفسد أو أشاع مػاؿ اةتبػع كلػ ومػن اعتػدى علػى نفػس أمتيػ بالقتػل فكأمبػا‬
‫نفسػػا بغػػك‬
‫قتػػل نفسػ أو اعتػػدى علػػى اعبباعػػة كلهػػا كبػػا جػػاء ى اآليػػة األمتػػرى‪( :‬أنػ مػػن قتػػل ً‬
‫صبيعػا) (اؼبا ػدة‪:‬‬
‫صبيعا ومن أحياها فكأمبا أحيػا النػاس ً‬ ‫نفس أو فساد ى األرض فكأمبا قتل الناس ً‬
‫‪..)32‬‬
‫وما أروع هذا القرآف وأبلغ إع ازخ حيث ييك بعبارة أو جزء من عبارة إَ حقيقة كبػكة أو مبػدأ‬
‫عظيم كبا ى اآلية من سورة النساء‪( :‬ال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) (النساء‪ ..)29 :‬حيث‬
‫أشاؼ األمواؿ فيها إَ صبيع اؼبصاطبني فلم يقل‪" :‬ال يأكل بعضػكم مػاؿ بعػض" لينبػ علػى أف‬
‫اةتبع اؼبسلم وحدة متضامنة ى كل و ء‪ .‬كأن يقوؿ‪ :‬إف ماؿ اآلمترين هػو مػالكم ى اغبقيقػة‬
‫وماؿ كل فرد منكم هو ماؿ اةتبع كل ى الواقع‪.‬‬
‫يقػػوؿ السػػيد روػػيد رشػػا ى تفسػػك اآليػػة‪" :‬إف م ػػل هػػذخ اإلشػػافة قػػد قػػررت ى اإلسػػبلـ قاعػػدة‬
‫االوػ ػ اؾ ال ػػب يرم ػػى إليه ػػا االوػ ػ اكيوف ى ه ػػذا الزم ػػاف وٍ يهت ػػدوا إَ س ػػنة عادل ػػة فيه ػػا ول ػػو‬
‫التبسػوها ى اإلسػػبلـ لوجػػدوها ذلػ بػػأف اإلسػػبلـ هبعػل مػػاؿ كػػل مػن فػػرد مػػن أفػرادخ اؼبتبعػػني لػ‬
‫ماالً ألمت كلها مع اح اـ اغبيازة واؼبلكية وحفي حقوقها فهو يوج علػى كػل ذي مػاؿ ك ػك‬
‫حقوقًػػا معينػػة للبصػػاً العامػة كبػػا يوجػ عليػ وعلػػى صبيػػع البيػػر ووبػػث فػػوؽ ذلػ علػػى الػ‬
‫واإلحساف والصدقة الدا بة واؼبؤقتة واؽبدية"‪ ..‬إٌ (تفسك اؼبنار‪ - 39 / 5 :‬الطبعة ال انية)‪.‬‬
‫أكيدا ى ماؿ الفرد ح ًقا ال يسلب ملكيت اؼبيروعة ل‬ ‫لبلل من هذا كل إَ أف لل باعة ح ًقا ً‬
‫بل هبعل جزءًا معينًا ؼبصاغبها العامة وأك ر من عند اقتضاء اغباجة واستدعاء اؼبصلحة‪.‬‬
‫فبن حق اةتبع فب بلً ى الدولة الب تيرؼ علي وترعى مصاغب أف يكوف ؽبا نصػي مػن مػاؿ‬
‫ذي اؼباؿ تنفق فيبا يعود علػى اةتبػع بػاػبك ومػا وبفػي علػى اةتبػع كيانػ ورسػالت ويػذود عنػ‬
‫كل بغ وعدواف‪.‬‬
‫فلو ٍ يكن ى اةتبع اؼبسلم أفراد فقراء ؿبتاجوف لوج على اؼبسلم ‪-‬والبد‪ -‬أف يػؤدي زكاتػ‬
‫ػيدا لل باعػػة اإلسػػبلمية تنفػػق من ػ عنػػد اؼبقتضػػيات وتبػػذؿ من ػ ى "سػػبيل اهلل" وهػػو‬ ‫لتكػػوف رصػ ً‬
‫مصرؼ عاـ دا م ما داـ ى األرض إسبلـ‪.‬‬

‫اإلمتاء بني اؼبسلبني‪:‬‬


‫والنظرية الرابعة‪ ..‬نظرية اإلمتاء‪.‬‬
‫ػورا وأبعػػد مػػدى مػػن التكافػػل بػػني الفػػرد واةتبػػع‪ .‬اإلمتػػاء ال يعتبػػد علػػى‬
‫واإلمتػػاء معػ أعبػػق غػ ً‬
‫تبػػادؿ اؼبنػػافع وال علػػى اإلعطػػاء مقابػػل األمتػػذ وإمبػػا هػػو مع ػ إنسػػاْ روح ػ ينبػػع مػػن جػػوهر‬
‫اإلنساف األصػيل اإلمتػاء يقتضػ األخ أف يعطػ أمتػاخ وإف ٍ يأمتػذ منػ وأف يسػاعد أمتػاخ وإف‬
‫ؿبتاجا إلي وأف وب ألمتي ما وب لنفس بل قد يؤثرخ إَ نفس ‪.‬‬ ‫ٍ يكن ً‬
‫واإلمتػػاء الػػذي جػػاء بػ اإلسػػبلـ نوعػػاف أو درجتػػاف‪ :‬إمتػػاء أساسػ االوػ اؾ ى اإلنسػػانية وإمتػػاء‬
‫أساس االو اؾ ى العقيدة‪.‬‬
‫ف ػ ف النػػاس ‪-‬وإف امتتلفػػز ألسػػنتهم وأل ػوامم وتباينػػز طبقػػاهتم ودرجػػاهتم‪ -‬فػػروع ألصػػل واحػػد‬
‫أبنػػاء ألب واحػػد ولػػذل ينػػاديهم رهبػػم‪( :‬يػػا ب ػ آدـ) (ورد هػػذا النػػداء ى القػػرآف طبػػس م ػرات‬
‫أر ًبعا ى سورة األعراؼ ومرة ى سػورة يػس)‪ .‬كبػا ينػاديهم ب ػ‪( :‬يػا أيهػا النػاس) أوؿ سػورة النسػاء‬
‫صبيعا رحم واو ة وأمتوة جامعة‪.‬‬ ‫واغب وتكرر ى القرآف مر ًارا)‪ .‬فبينهم ً‬
‫وقد أكد اهلل ى كتاب حق هذخ الرحم اإلنسانية وتل األمتوة البيرية فقاؿ تعاَ ى مطلع سورة‬
‫النساء‪( :‬يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي متلقكم من نفس واحدة ومتلق منها زوجهػا وبػث منهبػا‬
‫ػكا ونسػػاءً واتق ػوا اهلل الػػذي تسػػاءلوف ب ػ واألرحػػاـ إف اهلل كػػاف علػػيكم رقيبًػػا) (النسػػاء‪:‬‬ ‫رجػػاالً ك ػ ً‬
‫‪..)4‬‬
‫ومن حق كلبة (األرحاـ) ى هذا اؼبقاـ بعد النداء ب (يا أيها النػاس) والتػذكك خبلقهػم مػن نفػس‬
‫واحدة ‪-‬ه نفس آدـ‪ -‬أف يراد هبا ‪-‬فيبا يراد‪ -‬القرابة اإلنسانية العامة‪.‬‬
‫كبػػا أف رسػػوؿ اإلسػػبلـ أكػػد هػػذخ األمتػػوة ودعػػا إليهػػا فقػػاؿ‪( :‬وكون ػوا عبػػاد اهلل إمتوانًػػا) (متفػػق‬
‫علي )‪ .‬بل أعلن هذخ األمتوة اإلنسانية عقيدة من العقا د الب ييهد اهلل عليها ويدعو الناس إَ‬
‫اإليباف هبا فقد كاف ‪-‬صلى اهلل علي وسلم‪ -‬يقوؿ عق كل صبلة‪( :‬اللهم ربنا ورب كػل وػ ء‬
‫ومليك أنا وهيد أن اهلل وحدؾ ال وري ل اللهم ربنا ورب كل وػ ء ومليكػ أنػا وػهيد أف‬
‫ؿببدا عبدؾ ورسول اللهم ربنا ورب كػل وػ ء ومليكػ أنػا وػهيد أف العبػاد كلهػم أمتػوة) (رواخ‬ ‫ً‬
‫أضبد وأبو داود)‪.‬‬
‫ف ذا كانز األمتوة ه عنواف العبلقة بني اإلنساف واإلنساف ف ف ؽبذخ األمتوة شبرات ومقتضيات‬
‫أثرا بػػاػبك والنعبػػة دوف أمتيػ اإلنسػػاف فبػػا‬ ‫ومػػن مقتضػػيات هػػذخ األمتػػوة أال يعػػيو اإلنسػػاف مسػػت ً‬
‫استحق أف يولد من عاش لنفس فق وما أروع ما قاؿ اؼبعري‪:‬‬
‫فردا‬
‫ولو أْ حبيز اػبلد ً‬
‫ؼبا أحببز باػبلد انفرادا‬
‫فبل هطلز عل وال بأرش‬
‫سحا ليس تنتظم الببلدا‬

‫ػورا وأعبػق أث ًػرا تلػ هػ أمتػوة العقيػدة فػ ف‬ ‫وفوؽ هذخ األمتوة العامػة هنػاؾ أمتػوة أبعػد منهػا غ ً‬
‫العقيدة اإلسبلمية ترب بني اؼبؤمنني هبا برباط فكري وروح ال تنفصم عراخ رباط هبعػل األخ ى‬
‫العقيػػدة أقػػرب إَ القلػ والفكػػرة وأسػػرع إَ اؼبعونػػة والن ػػدة مػػن األخ ى الػػدـ والنسػ وؽبػػذا‬
‫قاؿ تعاَ‪(:‬إمبا اؼبؤمنوف أمتوة) (اغب رات‪.)46 :‬‬
‫ومػن حػػق هػػذخ األمتػػوة الروحيػػة وهػػذخ الرابطػػة العقليػػة العاطفيػػة أف تػػؤن شبارهػػا ى ؾبػػاؿ التضػػامن‬
‫العلب والتكافل االجتباع اؼبعاو وإال كانز أمتوة فارغة جوفاء‪.‬‬
‫ويتأكػػد حػػق هػػذخ األمتػػوة إذا كػػاف اؼبؤمنػػوف هبػػا يعييػػوف ى ظػػل ؾبتبػػع واحػػد فهنػػا تنضػػم رابطػػة‬
‫اؼبساكنة ى الوطن الواحد إَ رابطة األمتوة اإليبانية الواصلة ومن ال ابػز أف دار اإلسػبلـ ‪-‬علػى‬
‫سعتها‪ -‬وطن واحد للبسلبني وأف أبناء اإلسبلـ دامتل هذا الدار ؾبتبع واحد‪.‬‬
‫وقػػد بػػني رسػػوؿ اإلسػػبلـ ‪-‬صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪ -‬حقػػوؽ هػػذخ األمتػػوة بأحادي ػ الك ػػكة اؽباديػػة‪:‬‬
‫بعض ػػا) (متف ػػق عليػ ػ م ػػن ح ػػديث أل موس ػػى)‪( ..‬م ػػل‬ ‫(اؼب ػػؤمن للب ػػؤمن كالبني ػػاف يي ػػد بعضػ ػ ً‬
‫اؼبؤمنني ى توادهم وتراضبهم كب ل اعبسػد الواحػد إذا اوػتكى منػ عضػو تػداعى لػ سػا ر اعبسػد‬
‫باغببى والسهر) (متفق علي من حديث النعباف بن بيك)‪( .‬اؼبسلم أمتو اؼبسػلم ال يظلبػ وال‬
‫يسلب )‪( .‬رواخ البصاري ومسلم وأبو داود (ال غي وال هي ‪ 389 / 3 :‬د طبع اغبل )‪.‬‬
‫ومن ترؾ أمتاخ هبوع ويعرى ويبرض وهو قادر على إنقاذخ من اعبوع والعرى واؼبػرض فقػد أسػلب‬
‫ومتذل ‪.‬‬
‫ويقوؿ ‪-‬علي الصبلة والسبلـ‪( :-‬ما آمػن ل مػن بػات وػبعاف وجػارخ جػا ع إَ جنبػ وهػو يعلػم)‬
‫(رواخ الط اْ والبزار من حديث أنس وإسنادخ حسن وروى الط اْ وأبو يعلى كبػوخ مػن حػديث‬
‫ابن عباس ورواخ اغباكم من حديث عا ية (ال غي وال هي ‪. )358 3 :‬‬
‫بعضػػا وأسػػرة واحػػدة يكفػػل كػػل أخ فيهػػا‬ ‫هػػذا هػػو اةتبػػع اؼبسػػلم‪ :‬بنيػػاف مرصػػوص ييػػد بعض ػ ً‬
‫أمتػػاخ ب ػػل جس ػػد واح ػػد إذا او ػػتكى بعض ػ او ػػتكى كل ػ ‪ .‬فب ػػن ح ػػق اإلنس ػػاف اؼبس ػػلم ال ػػذي ال‬
‫يسػػتطيع أف يعبػػل أو يسػػتطيع أف يعبػػل وال هبػػد عبػبلً أو يعبػػل وال هبػػد كفايتػ مػػن عبلػ أو‬
‫هبد ولكن حل ب من أحداث الزمن ما أفقرخ إَ اؼبعونة كأف اح ؽ بيت أو ذه السػيل دبالػ‬
‫أو أصابز اعبوا زرع أو أفلسز ذبارت أو كبو ذل فبا جعل يداف على عيال كػذل مػن‬
‫سافر لغرض ميروع فانقطع ى الطريق غريبًا عن وطن ومال ‪.‬‬
‫مػػن حػػق كػػل واحػػد مػػن هػػؤالء أف يعػػاف وييػػد أزرخ ويؤمتػػذ بيػػدخ ليػػنهض ويسػػك ى قافلػػة اغبيػػاة‬
‫مرفػوع الػرأس بوصػػف إنسػػانًا كرمػ اهلل ‪ -‬وإال فػبل متػػك ى اإلنسػػاف وال ى اؼبػػؤمن إذا شػػيع أمتػاخ‬
‫ى العقيدة واإليباف‪.‬‬
‫هبذا كل يتض لنا األساس النظري لفرض الزكاة ى اإلسبلـ وهو و ء أوسع وأعبق وأمتلد مػن‬
‫األسػػاس الػػذي ب ػ علي ػ فػػرض الض ػريبة وقػػد يكػػوف ى نظريػػة التكافػػل قػػدر مي ػ ؾ بػػني الزكػػاة‬
‫والضريبة ولكن النظريات ال بلث األمتر فبا سبيزت ب فريضة الزكاة ببل مراء‪.‬‬

‫الفصل ال الث‬
‫وعاء الضريبة ووعاء الزكاة‬

‫فهرس‬

‫اؼببحث ال اْ‪ :‬الزكاة ى الدمتل واإليراد‬


‫مع الدمتل‬
‫زكاة الدمتل ى وريعة اإلسبلـ‬
‫اؼببحث ال الث‪ :‬الزكاة الواجبة على األوصاص‬

‫الضريبة على األوصاص‬


‫مزاياها وعيوهبا‬
‫مزايا زكاة الفطر كضريبة على األوصاص‬

‫سبهيد‬

‫اؼببحث األوؿ‪ :‬الزكاة ى رأس اؼباؿ‬

‫ى الزكاة مزايا شريبة رأس اؼباؿ دوف عيوهبا‬


‫مزايا الضريبة على رأس اؼباؿ ى نظر أنصارها‬
‫اؼبعارشوف لضريبة رأس اؼباؿ‬
‫ما هب مراعات عند فرض شريبة على رأس اؼباؿ‬
‫سبق اإلسبلـ دبراعاة هذخ األمور ى الزكاة‬
‫وعاء الضريبة‪ :‬هو العنصر الذي ىبضع ؽبا ويسبي بعضهم‪ :‬اؼبصدر وبعضهم‪ :‬اؼبطرح‪.‬‬
‫وقد ذكر علباء اؼبالية العامة‪ :‬أف أهم تقسػيم للضػرا هػو تقسػيبها مػن حيػث وعا هػا‪ .‬فتنقسػم‬
‫إَ‪:‬‬
‫‪ -4‬شرا على رأس اؼباؿ‪.‬‬
‫‪ -2‬شرا على الدمتل واإليراد‪.‬‬
‫‪ -3‬شرا على األوصاص‪.‬‬
‫‪ -4‬شرا على االستهبلؾ‪.‬‬
‫وٍ يعرؼ اإلسبلـ ى باب الزكاة شرا االستهبلؾ هذخ؛ ألف حقيقة الزكاة أما شريبة تؤمتذ من‬
‫فقكا كبػا يكػوف غنيًػا‬
‫الغ وترد على الفقك واؼبصاً العامة للدين واألمة واؼبستهل قد يكوف ً‬
‫وإمبػػا يل ػػأ إَ هػػذخ الض ػريبة مػػن يل ػػأوف طلبًػػا لػػوفرة اغبصػػيلة ووفػػرة اغبصػػيلة ال هتػػم ى نظػػر‬
‫اإلسػػبلـ إذا تعارشػػز ه ػ ومباد ػ األمتػػرى وإمبػػا عػػرؼ اإلسػػبلـ الض ػرا األمتػػرى علػػى رأس‬
‫اؼباؿ وعلى الدمتل وعلى األوصاص‪.‬‬
‫وى مباحث هذا الفصل نذكر هذخ األنواع ال بلثػة مػن أنػواع الزكػاة مقػارنني بينهػا وبػني مػا يباثلهػا‬
‫من الضرا ى غك تطويل فبل وال إهباز ـبل‪.‬‬

‫اؼببحث األوؿ‬

‫الزكاة ى رأس اؼباؿ‬


‫إف اؼبتأمػ ػػل ى أم ػ ػواؿ الزكػ ػػاة ومقاديرهػ ػػا ‪-‬كبػ ػػا فرشػ ػػها اإلسػ ػػبلـ‪ -‬يتبػ ػػني ل ػ ػ جليًػ ػػا‪ :‬أف الي ػ ػريعة‬
‫اإلس ػػبلمية ٍ تأمت ػػذ بنظ ػػاـ الض ػريبة الواح ػػدة كب ػػا ن ػػادى بعػػض اؼبفك ػرين االقتصػػاديني ى بع ػػض‬
‫العصور بل أمتذت بنظاـ الضرا اؼبتعددة ى باب الزكاة‪.‬‬
‫فالزكاة ذب ى رأس اؼباؿ حينًا كبا ى ال روة اغبيوانية السػا بة والػذه والفضػة (النقػود) وال ػروة‬
‫الت ارية‪.‬‬
‫وذبػ ى اإليػراد والػػدمتل أحيانًػا ولػػيس وجوهبػػا ى عبػوـ الػػدمتل بػػل ى فػروع الػػدمتل اؼبصتلفػػة‬
‫وأوؽبػػا‪ :‬دمتػػل االسػػتغبلؿ الزراع ػ ه دمتػػل اإلنتػػاج اؼبعػػدْ ه دمتػػل العقػػارات اؼببنيػػة اؼبسػػتأجرة‬
‫بالفعػػل ه دمتػػل اؼبصػػانع واآلالت ودمتػػل كػػل رأس مػػاؿ مغػػل ‪-‬غػػك ذبػػاري‪ -‬ه دمتػػل العبػػل‬
‫وهو ييبل روات وأجػور اؼبػوظفني والعبػاؿ كبػا ييػبل إيػراد ذوي اؼبهػن اغبػرة وهػذا‬ ‫ً‬ ‫والكس‬
‫حسببا رجحناخ ى موشع من هذا الكتاب‪.‬‬

‫ى الزكاة مزايا شريبة رأس اؼباؿ دوف عيوهبا‬

‫والي ػريعة اإلس ػػبلمية ح ػػني فرش ػػز الزكػػاة ى رأس الك ػػاؿ ‪-‬اؼباوػػية وال ػػروة الت اريػػة والنق ػػود‪ -‬ق ػػد‬
‫سبقز االو اكيني وأم اؽبم فبن نادوا بفرض الضرا على رأس اؼباؿ حك غاَ بعضهم فطل‬
‫أف تكػػوف هػ الضػريبة الوحيػػدة ‪ -‬أي يقتصػػر عليهػػا النظػػاـ اؼبػػاُ وتتنػػاوؿ رأس الكػػاؿ دوف غػػكخ‬
‫(علم اؼبالية للدكتور رويد الدقر ص ‪.)352‬‬

‫مزايا الضريبة على رأس اؼباؿ ى نظر أنصارها‬

‫ويسوؽ الضريبة على رأس اؼباؿ ح ً ا ك كة نذكر منها‪:‬‬


‫‪ -4‬إف ملكيػػة رأس اؼبػػاؿ سبػػن أصػػحاهبا مزايػػا اجتباعيػػة واقتصػػادية عديػػدة منهػػا فػػرص الكس ػ‬
‫الب تتاح ؽبػم أك ػر مػن غػكهم واالطبئنػاف الػذي ييػعروف بػ بسػب ثػروهتم هػذا إَ جانػ مػا‬
‫يدرخ رأس اؼباؿ من إيراد دوري‪.‬‬
‫‪ -2‬إف الضػريبة علػػى رأس اؼبػػاؿ تتنػػاوؿ ثػػروات األفػراد كلهػػا حػػك تلػ الػػب ال تعطػ دمت ػبلً وال‬
‫زبضع بالتاُ لضرا الدمتل ‪-‬سػواء أكانػز ال تػأن بػدمتل بطبيعتهػا‪ -‬كػالتحه ال بينػة واغبلػ‬
‫واعبواهر النفيسة ‪ -‬أو بسب من قبل أصحاهبا كاألمواؿ النقدية‪.‬‬
‫‪ -3‬إف هذخ الضريبة ‪-‬وقد متضعز ؽبا صبيع عناصر ال روة‪ -‬تصي األمواؿ العاطلة وربفز على‬
‫ت بكها حك ال تأكلها الضػريبة اؼبتكػررة علػى متػبلؼ شػريبة الػدمتل الػب ال تصػي إال األمػواؿ‬
‫العاملة اؼبستغلة وتفلز منها رؤوس األمواؿ اؼبكنوزة‪.‬‬
‫‪ -4‬إف هػػذخ الض ػريبة علػػى رأس اؼبػػاؿ تسػػت بر نبػػم أربػػاب اؼبػػاؿ إَ زيػػادة إنتػػاجهم باعتبػػار أمػػم‬
‫دافعوف للضريبة سواء أنت رأس ماؽبم أـ ٍ ينت وسواء أكاف اإلنتاج قليبلً أـ ك ًكا‪.‬‬
‫‪ -5‬إف تطبيق هذخ الضريبة يساهم ى التصفيه من النسػ العاليػة واؼبقػادير الباهظػة الػب تصػل‬
‫إليها شرا الدمتل بفضػل اإليػرادات الػب تتػوافر مػن ورا هػا فتعفػ السػلطات اؼباليػة ‪-‬إَ حػد‬
‫ما‪ -‬من زيادة التصاعد ى شريبة الدمتل‪.‬‬
‫‪ -6‬إف الضريبة علػى رأس اؼبػاؿ ‪-‬كبػا يػدؿ عليهػا اظبهػا‪ -‬ال تصػي الطبقػات غػك اؼبالكػة الػب‬
‫يقتصػػر رزقهػػا علػػى العبػػل وحػػدخ وبػػذا تعتػ مػػن الضػرا اإلصػػبلحية االوػ اكية (انظػػر ى هػػذخ‬
‫اؼبزايا كتاب علم اؼبالية للدكتور روػيد الػدقر ‪-‬الطبعػة ال انيػة‪ -‬مطبعػة اعبامعػة السػورية ص ‪347‬‬
‫وكتاب "موارد الدولة" للدكتور سعد ماهر ضبزة ص ‪ 466‬وما بعدها)‪.‬‬
‫هػػذخ أهػػم اؼبزايػػا الػػب يؤيػػد هبػػا أنصػػار الضػريبة علػػى رأس اؼبػػاؿ وجهػػتهم وصبهػػور هػػؤالء مػػن ذوي‬
‫االو اكية‪.‬‬

‫اؼبعارشوف لضريبة رأس اؼباؿ‬


‫وى مواجهة هؤالء يقه اؼبعارشوف لفرض الضرا على رأس اؼباؿ وجلهم مػن أنصػار االقتصػاد‬
‫والغض من هذخ اؼبزايا‪ .‬قالوا‪:‬‬ ‫الرأظباُ ‪ -‬وباولوف تنفيذ هذخ اغب‬
‫‪ -4‬إف فػػرض أيػػة ش ػريبة علػػى رأس اؼبػػاؿ مػػن وػػأن ى ك ػػك مػػن األحػػايني أف وبػػد مػػن الرغبػػة ى‬
‫االدمت ػػار ب ػػل الق ػػدرة عل ػػى االس ػػت بار فب ػػا يفض ػ إُ نت ػػا غ ػػك ؿبب ػػودة ف ػ ف إمتض ػػاع رؤوس‬
‫األمػواؿ ال ابتػػة مػػن عقػػارات ومصػػانع وكبوهػػا للضػريبة قػػد ي ػػب نبػػة اؼبػػدمترين ويػػدعوهم إَ إنفػػاؽ‬
‫دمتلهم بدالً من ربويل إَ أصوؿ ثابتة‪.‬‬
‫‪ -2‬إن من الصعوبة دبكاف ربديد رأس اؼباؿ اػباشع للضػريبة ذلػ ألف اآلراء مػا زالػز متضػاربة‬
‫بي ػػأف تعريػػه رأس اؼبػػاؿ وطبيعت ػ وتق ػػدير فبتلك ػػات اليػػصل بدق ػػة ‪-‬حبيػػث يتف ػػق التق ػػدير م ػػع‬
‫الواقع‪ -‬أمر واؽ وعسك واالعتباد على إقرارت اؼبكلفني ال يكف ألف ك ًكا منهم يلت ئوف إَ‬
‫تقدٓ إقرارت غك صحيحة وهناؾ من األمواؿ ما يبكن إمتفاءخ كالنقود‪.‬‬
‫‪ -3‬إف فػػرض ش ػريبة سػػنوية علػػى رأس اؼبػػاؿ قػػد يػػؤدي ى النهايػػة إَ فنػػاء هػػذا الصػػدر اؽبػػاـ مػػن‬
‫مصادر الػدمتل فػرأس اؼبػاؿ ‪-‬علػى متػبلؼ الػدمتل‪ -‬ال يت ػدد دوريًػا بصػفة منظبػة بػل إف كػاف‬
‫قدر يستقطع من يعد دب ابة قضاء على هذا القػدر‪ .‬فػ ذا اسػتبرت الدولػة ى فػرض هػذا النػوع مػن‬
‫الضرا ف ما تكوف مقدمة ببل ري على ربويػل األمػواؿ اػباصػة إَ ذمتهػا وبػذل تقػل حصػيلة‬
‫الضرا وينكبو النياط الفردي (صفحة ‪ 468‬وما بعدها من كتاب موارد الدولة)‪.‬‬

‫ما هب مراعات عند فرض شريبة على رأس اؼباؿ‬

‫ومن هنا أوصى بعض علباء اؼبالية ‪-‬عند الل وء إَ شريبة رأس اؼباؿ لبلسػتفادة مػن بعػض اؼبزايػا‬
‫الب تتبتع هبا‪ -‬أف يراعى ما يل ‪:‬‬
‫‪ -4‬يستحسػن أال تػػؤدى هػذخ الضػريبة إَ اقتطػاع جػػزء كبػػك مػن رأس اؼبػػاؿ ذاتػ وإمبػػا يفضػػل أف‬
‫تكوف معتدلة ى نسبتها حبيث تقه عند الدمتل الناوئ عػن رأس اؼبػاؿ فسػتوى منػ حص ًػرا دوف‬
‫أف تتعرض إَ رأس اؼباؿ ذات ‪.‬‬
‫‪ -2‬هب أال تفرض الضريبة "وحيػدة" ى النظػاـ الضػري وإمبػا تفػرض "تكبيليػة" أي إَ جانػ‬
‫شػرا أمتػػرى ومتاصػػة "الضػريبة علػػى الػػدمتل" (علػػم اؼباليػػة للػػدكتور روػػيد الػػدقر ص ‪- 355‬‬
‫الطبعة ال انية)‪.‬‬
‫‪ -3‬أف يعفػػى صػػاح ال ػػروة ال ػػب تق ػػل عػػن رق ػػم مع ػػني أو صػػاح الػػدمتل م ػػن ال ػػروة إذا ك ػػاف‬
‫الدمتل يقل عن حد معني‪.‬‬
‫‪ -4‬هب استبعاد التكاليه على ال روة كالديوف والرهوف وكبوها (موارد الدولة ص ‪.)476‬‬

‫سبق اإلسبلـ دبراعاة هذخ األمور ى الزكاة‬

‫وكبن إذا نظرنا إَ الزكاة الب ورعها اإلسبلـ ى رأس اؼبػاؿ وجػدناها ‪-‬حببػد اهلل‪ -‬ميػتبلة علػى‬
‫اؼبزايا الب ذكروها م أة من العيوب الب انتقدوها متضبنة أحسن التوصيات الب نبهوا عليها‪.‬‬
‫‪ -4‬فاإلس ػػبلـ ٍ يوج ػ ػ الزك ػػاة ى ك ػػل رأس اؼب ػػاؿ ب ػػل ى اؼب ػػاؿ الن ػػام اؼبغ ػػل فقػ ػ واؼبػ ػراد ب ػ ػ‬
‫"النام "‪ :‬ما من وأن أف ينبى ولو عطل صاحب وإمبا او ط النباء ى اؼبػاؿ لتؤمتػذ الزكػاة مػن‬
‫الزيادة والفضل ويبقى األصػل سػاؼبا وكلبػة "الزكػاة" ى لغػة العػرب معناهػا النبػاء وؽبػذا كػاف فبػا‬
‫ً‬
‫عللوا ب إطبلقها على هذخ الفريضة اؼبالية‪ .‬أف متعلقهػا األمػواؿ ذات النبػاء (انظػر‪ :‬فػت البػاري‪:‬‬
‫‪ 468 /3‬مقدمة كتاب الزكاة)‪.‬‬
‫ومن هنا امت نا رأي القا لني بعدـ زكاة اغبلػى اؼببػاح اؼبسػتعبل لعػدـ مبا ػ خبػبلؼ مػا ازبػذ كن ًػزا‬
‫أو كاف في سرؼ ظاهر وؾباوزة للبعتاد وكػذل إذا اسػتعبل الرجػاؿ حليػة ؽبػم أو اسػتعبل ى‬
‫اآلنية والتباثيل وكبوها فف كل ذل الزكاة ؛ ؼبا في من ثروة نافعة ى غك حاجة إليها‪.‬‬
‫أيضػػا اتفػػق الفقهػػاء علػػى أف ال زكػػاة ى دور السػػك وثيػػاب البػػدف وأثػػاث اؼبنػػزؿ ودواب‬
‫وؽبػػذا ً‬
‫الركػػوب وسػػبلح االسػػتعباؿ وآالت احمل فػػني وكتػ العلػػم وألمػػا ليسػػز بناميػػة وألمػػا ميػػغولة‬
‫باغباجة األصلية للبال (انظر‪ :‬فت القدير وورح العناية على اؽبداية‪.)489 - 487/4 :‬‬

‫هػػذا مػػع أف السػػا د ى تي ػريع الض ػرا أال يعفػػى اؼبنػػزؿ الػػذي يسػػكن صػػاحب مػػن الض ػريبة وى‬
‫بعػض الواليػات السويسػرية تتنػاوؿ الضػريبة ‪ -‬فضػبلً عػن الػدمتوؿ اؼبصتلفػة‪ -‬كافػة ال ػروات اؼبنقولػة‬
‫واألوياء القابل للت بني حك األثاث (علم اؼبالية للدقر‪.)355 :‬‬
‫‪ -2‬وٍ تفػػرض اليػريعة اإلسػػبلمية الزكػػاة ى رأس اؼبػػاؿ ال ابػػز نفسػ كاؼبصػػانع والعقػػارات بػػل ى‬
‫رأس اؼباؿ اؼبتداوؿ أما رأس اؼباؿ ال ابز فتؤمتذ الزكاة من غلت ومبا كاألرض الزراعية الػب جػاء‬
‫هب ػػا ال ػػنل وم ػػا أغبقن ػػاخ هب ػػا م ػػن العب ػػارات وكبوه ػػا م ػػن اؼبس ػػتغبلت وهب ػػذا ال ت ػػب الزك ػػاة نب ػػم‬
‫اؼب ػػدمترين وال ت ػػدعوهم إَ التوس ػػع ى إنف ػػاؽ دمتله ػػم ـباف ػػة أف يتح ػػوؿ إَ أص ػػوؿ ثابت ػػة كب ػػا‬
‫وبدث نتي ة لبعض الضرا ‪.‬‬
‫متاصػػا‬
‫‪ -3‬وٍ تفػػرض اليػريعة اإلسػػبلمية الزكػػاة ى كػػل رأس مػػاؿ قػػل أو ك ػػر بػػل فرشػػز نصػػابًا ً‬
‫اعت ت ػ اغبػػد األدّ للغ ػ وأعفػػز مػػا دون ػ مػػن وجػػوب الزكػػاة إال أف يتطػػوع اؼبال ػ وقػػد قػػدر‬
‫ذل ‪-‬كبا ورحنا مػن قبػل ‪ -‬دبػا قيبتػ ‪ 85‬جر ًامػا مػن الػذه بالنسػبة للنقػود وال ػروة الت اريػة‬
‫فأوجبػز فيػ الزكػػاة إذا حػػاؿ عليػ اغبػػوؿ وكػاف فاشػبلً عػػن حاجػػات اؼبالػ األصػػلية واغباجػػات‬
‫األصلية زبتله بامتتبلؼ العصور كبا بينا من قبل‪.‬‬
‫ػكا منػ وإمبػا فرشػها‬ ‫‪ -4‬كبا أف اإلسبلـ ٍ يرفع سعر الزكاة ى رأس اؼباؿ حبيث تقتطع جػزءًا كب ً‬
‫بنسػػبة معتدلػػة جػػدا ه ػ ‪ % 5.2‬ربديػ ًػدا ى النقػػود وال ػروة الت اريػػة وتقريبًػػا ى هبيبػػة األنعػػاـ‬
‫حبيث يستطاع أمتذها بسهولة من الدمتل النات من مبا ومتاصة أف الزكاة فريضة دورية‪.‬‬
‫والواقع أف اإلسبلـ حػني فػرض الضػريبة علػى رأس اؼبػاؿ ‪-‬ى النقػود والت ػارة واؼباوػية ‪ ٍ -‬يقصػد‬
‫إَ إمتضػاع رأس اؼبػػاؿ ذاتػ بػػل قصػػد إمتضػػاع الػػدمتل النػات عنػ وفبػػا هبػػدر بالػػذكر أف فقهاءنػػا‬
‫نصوا على هذا اؼبع بعبارات صروبة‪..‬‬
‫فييمل اإلسػبلـ ابػن قدامػة ى "اؼبغػ " يقػوؿ ى التفريػق بػني مػا اعتػ لػ اغبػوؿ مػن األمػواؿ ومػا ٍ‬
‫يعتػ لػ ‪" :‬إف مػػا اعتػ لػ اغبػػوؿ مرصػػد للنبػػاء فاؼباوػػية مرصػػدة للػػدر والنسػػل وعػػروض الت ػػارة‬
‫مرصػدة للػرب وكػػذا األشبػار (يعػ الػرب ) فػػاعت ؽبػاغبوؿ ألنػ مظنػػة النبػاء ليكػػوف إمتػراج الزكػػاة‬
‫مػػن الػرب ف نػ أسػػهل وأيسػػر ولكػػيبل يفضػ إَ تعاقػ الوجػػوب ى الػػزمن الواحػػد مػرات فينفػػذ‬
‫ماؿ اؼبال " (اؼبغ ‪( 625 / 2 :‬بتصرؼ) وانظر ص ‪ 484‬من هذا الكتاب)‪.‬‬
‫وقاؿ صاح "اؽبداية" ى فق اغبنفية‪ :‬وال بد من اغبوؿ؛ ألن ال بد من مدة يتحقق فيها النباء‬
‫وقدرها اليارع باغبوؿ ألن اؼبتبكن ب من االستنباء الوتبال على الفصوؿ اؼبصتلفة والغال‬
‫تفاوت األسعار فيها فأدير اغبكم علي ‪.‬‬
‫ػرعا‬
‫وعلق احملقق الكباؿ ابن اؽبباـ ى "فػت القػدير" علػى بيػاف هػذخ اغبكبػة ى اوػ اط اغبػوؿ و ً‬
‫فقػػاؿ‪ :‬وحقيقت ػ ‪ " :‬أف اؼبقصػػود مػػن وػػرعية الزكػػاة ‪-‬مػػع اؼبقصػػود األصػػل مػػن االبػػتبلء‪ -‬مواسػػاة‬
‫فقكا بأف يعط مػن فضػل مالػ قلػيبلً مػن ك ػك واإلهبػاب ى اؼبػاؿ‬ ‫الفقراء على وج ال يصك هو ً‬
‫ػوما مػػع اغباجػػة إَ اإلنفػػاؽ‬ ‫الػػذي ال مبػػاء ل ػ يػػؤدي إَ متػػبلؼ ذل ػ عنػػد تكػػرر السػػنني متصػ ً‬
‫في ػػرط اغب ػػوؿ ى اؼبع ػػد للت ػػارة (يري ػػد التنبي ػػة والت ب ػػك) م ػػن العب ػػد أو خبل ػػق اهلل تع ػػاَ إي ػػاخ ؽب ػػا‬
‫ليػػتبكن مػػن ربقيقهػػا ى الوجػػود فيحصػػل النبػػاء اؼبػػانع مػػن حصػػوؿ شػػد اؼبقصػػود" (فػػت القػػدير‬
‫ورح اؽبداية‪.)482 / 4 :‬‬
‫وهبذا يتض لنػا أف اؽبػدؼ ٍ يكػن أمتػذ الزكػاة مػن رأس اؼبػاؿ نفسػ بػل مػن إيػرادخ ومبا ػ ولكػن‬
‫ؼباذا تؤمتذ الزكاة من اإليراد والنباء حقيقة؟‪..‬‬
‫يق ػػوؿ اب ػػن قدامػ ػ ى اعبػ ػواب ع ػػن ذلػ ػ (اؼبغػ ػ ‪ ٍ" :.)625 / 2‬تعتػ ػ حقيق ػػة النب ػػاء لك ػػرة‬
‫امتتبلف ػ وع ػػدـ ش ػػبط وألف م ػػا اعت ػ ت مظنت ػ ٍ يلتف ػػز إَ حقيق ػػة ك ػػاغبكم م ػػع األس ػػباب"‬
‫(ييك هبذا إَ أف اليرع ال يرت أحكام إال على األوصاؼ الظاهرة اؼبنضػبطة وهػ مػا يسػبيها‬
‫الفقهػػاء "العلػػل" أو"األسػػباب" ال علػػى "اغبكػػم" الػػب ه ػ العلػػة اغبقيقيػػة غبكػػم اليػػارع وم ػػاؿ‬
‫ذل ‪ :‬أف اإلسبلـ ورع للبسافر الفطر ى رمضاف وقصر الصبلة الرباعية واغبكبة ى ذل ه‬
‫اؼبيػػقة ولكنهػػا ؼبػػا كانػػز أمػ ًػرا غػػك ؿبػػدد وال منضػػب ٍ يلتفػػز إليػػة ورتػ اليػػارع اغبكػػم علػػى‬
‫مظنة اؼبيقة وهو السفر نفس )‪..‬‬

‫اؼببحث ال اْ‬

‫الزكاة ى الدمتل واإليراد‬

‫يعت "الدمتل" أهػم أوعيػة الضػريبة ى العصػر اغبػديث وإذا كػاف أعظػم مصػادر الػدمتل قػديبًا هػو‬
‫اؼبلكيػة العقاريػػة فػ ف عصػرنا قػػد فػت أبوابًػػا جديػدة للػػدمتل ناوػػئة عػن العبػػل أو رأس اؼبػػاؿ أو‬
‫معا‪.‬‬
‫االثنني ً‬
‫فعنػػدما تقػػدمز حركػػة التصػػنيع وزاد تيػػار اؼببػػادالت الدامتليػػة واػبارجيػػة زادت اإليػرادات الناوػػئة‬
‫عػػن العبػػل ورأس اؼبػػاؿ وتنوعػػز ومػػن ذل ػ أربػػاح النيػػاط الت ػػاري والصػػناع وإيػرادات القػػيم‬
‫اؼبنقولة من أسهم وسندات وذل إَ جان أرباح اؼبهن واؼبرتبات واألجػور الػب أصػبحز تػدفع‬
‫إَ عدد كبك من اؼبوظفني والعباؿ باؼبنيآت اؼبصتلفة‪.‬‬
‫ونظػ ًػرا للتوسػػع ى امتتصاصػػات الدولػػة اغبدي ػػة مػػن جهػػة وظهػػور مصػػادر جديػػدة غػػك اإلي ػرادات‬
‫العقارية من جهة أمترى فقػد عبػأت الػدوؿ ى الوقػز اغباشػر إَ الضػرا اؼبباوػرة علػى الػدمتل‬
‫ػوردا للصزانػػة وبػػذل قلػػز األنبيػػة النسػػبية للض ػرا غػػك اؼبباوػػرة مػػن رسػػوـ صبركيػػة‬
‫بوصػػفها مػ ً‬
‫وشرا اسػتهبلؾ وفضػبلً عػن ذلػ فضػرا الػدمتل ػ ى نظػر علبػاء اؼباليػة ػ أقػرب إَ ربقيػق‬
‫العدالػػة ى الظػػروؼ اغبدي ػػة الػػب البػػد فيهػػا مػػن او ػ اؾ أصػػحاب اإلي ػرادات غػػك العقاريػػة مػػع‬
‫أص ػػحاب اإليػ ػرادات العقاري ػػة ى ربب ػػل األعب ػػاء العام ػػة (مػ ػوارد الدول ػػة لل ػػدكتور س ػػعد م ػػاهر ص‬
‫‪.)447‬‬

‫مع الدمتل‬

‫والدمتل هو‪" :‬ال روة اعبديدة الب تفيض من مصدر معلوـ قابل لل بات"‪.‬‬
‫( أ ) فبلبػػد مػػن مصػػدر للػػدمتل س ػواء أكػػاف ماديًػػا كالعقػػار واؼبنقػػوؿ العي ػ والنقػػدي أو معنويًػػا‬
‫كالعبل (الذي يبكن تقديرخ باألجر النقدي) أو مزهبًا منهبا فبصادر الدمتل‪ :‬إما رأس اؼبػاؿ أو‬
‫معا‪.‬‬
‫العبل أو نبا ً‬
‫وؼبا كاف رأس اؼباؿ ينقسم إَ عقار ومنقوؿ ف ف الدمتل الذي يفيض منهبا هو دمتػل مػن ال ػروة‬
‫العقارية ومن ال روة اؼبنقولة‪.‬‬
‫أمػػا عػػن العبػػل فقػػد يباوػػرخ اؼببػػوؿ بنفس ػ دوف أف ي ػرتب بربػػاط اػبضػػوع لغػػكخ ويضػػطلع بعبػػل‬
‫يػػدوي أو عقلػ فدمتلػ ى هػػذخ اغبػػاؿ دمتػػل مه ػ مسػػتبد مػػن اؼبهنػػة الػػب يبارسػػها ف ػ ذا ارتػػب‬
‫بغكخ بعقد إجارة أوصاص ف ف دمتل يتصذ حينئذ صورة الروات أو األجور أو اؼبكافآت‪.‬‬
‫وؼبػػا كػػاف اؼبصػػدر ال الػػث ـبتلطًػػا هببػػع بػػني اؼبػػاؿ والعبػػل فػ ف الػػدمتل اؼبسػػتبد منػ هػػو الػرب ى‬
‫العادة (مبادئ علم اؼبالية العامة للدكتور ؿببد فؤاد إبراهيم‪.)322/4 :‬‬
‫تبعا للبصدر يقسبوف الدمتوؿ إَ ريع وفا دة وأجر ورب ‪.‬‬ ‫وعلى أساس التفرقة ً‬
‫(ب) واألصػػل ى هػػذخ اؼبصػػادر كلهػػا أمػػا تتصػػه بالبقػػاء وال بػػات واؼب ػراد ال بػػات النس ػ وأقػػل‬
‫درج ػػات ال ب ػػات احتب ػػاؿ الع ػػودة إَ اإلنت ػػاج ولك ػػن ه ػػذخ اؼبص ػػادر تتف ػػاوت ى احتباؽب ػػا للبق ػػاء‬
‫والػػدواـ فػرأس اؼبػػاؿ أقػػدر علػػى البقػػاء ى هػػذخ الناحيػػة مػػن العبػػل (اؼبصػػدر السػػابق نفسػ ) وهػػذخ‬
‫الف ػػروؽ النس ػػبية ى درج ػػة بق ػػاء مص ػػدر ال ػػدمتل تك ػػوف ع ػػادة مس ػػو ًغا المت ػػتبلؼ أعب ػػاء الضػ ػريبة‬
‫الواح ػػدة فيزي ػػد الس ػػعر إذا ك ػػاف مص ػػدر ال ػػدمتل م ػػاالً فحس ػ وىبف ػػه إذا ك ػػاف اؼبص ػػدر عب ػبلً‬
‫فحس ػ ويكػػوف الع ػ ء وس ػطًا إذا كػػاف اؼبصػػدر مزهبًػػا مػػن اؼبػػاؿ والعبػػل بػػل قػػد يتفػػاوت سػػعر‬
‫أيضػا حبسػ نػوع رأس اؼبػاؿ فسػعر الضػريبة علػى الػدمتل مػن األراشػ الزراعيػة يبكػن أف‬
‫الضريبة ً‬
‫يكوف أعلى من سعر الضريبة على دمتل اؼببػاْ ؛ ألف اؼببػاْ تسػتهل بعػد مػدة ‪..‬وهكػذا (مػوارد‬
‫الدولة ص ‪.)422‬‬

‫زكاة الدمتل ى وريعة اإلسبلـ‬

‫واإلسبلـ كبا فرض الزكاة على رأس اؼباؿ ى ال روة اغبيوانيػة والت اريػة والنقديػة فػرض الزكػاة علػى‬
‫أيضا ‪ .‬وأوش م ل لذل ما فرش اإلسبلـ على دمتل االسػتغبلؿ الزراعػ أو مػا‬ ‫الدمتل واإليراد ً‬
‫عػػرؼ باسػػم "زكػػاة الػػزروع وال بػػار" فقػػد أوج ػ فيهػػا العُيػػر أو نصػػه العُيػػر حس ػ طريقػػة ري‬
‫األرض بآلة أو بغك آلة أعطانا اإلسبلـ مبدءًا ل وزن ومتطرخ ى عاٍ التيريع الضري وذل هو‬
‫تنويع سعر الواج وفق اعبهد اؼببذوؿ فكلبا قل اعبهد ارتفعز نسبة الضريبة وكلبا زاد اعبهػد‬
‫هبطز النسبة‪.‬‬
‫ومػػن هنػػا فػػرض اإلسػػبلـ اػبُبػػس (‪ )%26‬علػػى مػػا يع ػػر علي ػ مػػن الكنػػوز اؼبدفونػػة ى األرض‬
‫وفرض نصه اػببس (العُير) (‪ )%46‬على ما سقى مػن الػزرع وال بػر دبػاء السػباء أو بالراحػة‬
‫وفػػرض (نص ػػه العيػػر) ‪ %5‬علػػى م ػػا سػػقى بال ػػدواب أو اآلالت وفػػرض نصػػف (رب ػػع العي ػػر)‬
‫(‪ )%2.5‬على ما يكسب من وراء كدخ وعبل كبا هو اليأف ى كس الت ارة‪.‬‬
‫أيضا ذه بعض الفقهاء إَ أف الواج ى اؼبستصرج مػن اؼبعػادف يتنػوع مػن طبػس إَ‬ ‫ومن هنا ً‬
‫رب ػػع العي ػػر حس ػ اؼبؤن ػػة واؼبي ػػقة كب ػػا بين ػػا ذل ػ ى موش ػػع (ى الفص ػػل الس ػػابع م ػػن الب ػػاب‬
‫ال الث)‪.‬‬
‫ومن أنواع زكاة الدمتل ى اإلسبلـ‪ :‬ما ذهػ إليػ صباعػة مػن األ بػة مػن القػوؿ بزكػاة العسػل وأف‬
‫في العير ‪ .‬وهو ما رجحناخ وقسنا علي اؼبنت ات اغبيوانية‪.‬‬
‫ومػػن ذلػ ‪ :‬زكػػاة الػػدمتل النػػات مػػن إنتػػاج ال ػػروة اؼبعدنيػػة علػػى امتػػتبلؼ ى قػػدر الواجػ ‪ .‬ومػػن‬
‫أيضػػا‪ :‬زك ػػاة ال ػػدمتل الناو ػػئ م ػػن إنت ػػاج ال ػػروة البحري ػػة مػػن لؤل ػػؤ وعن ػ وأظب ػػاؾ وغكهػػا فب ػػا‬
‫ً‬ ‫ذل ػ‬
‫يستصرج من البحر وهذا ما ذه إلي بعض السله وما امت ناخ وأيدناخ‪.‬‬
‫ومػن ذلػ ‪ :‬الػدمتل الناوػئ مػػن أجػرة األرض الزراعيػة الػب تػؤجر ؼبػػن يزرعهػا بنقػود معينػة فاؼبالػ‬
‫يزك األجرة كبا يزك الزارع اػبارج من األرض من زرع وشبر‪.‬‬
‫ومػػن ذل ػ زكػػاة الػػدمتل الناوػػئ مػػن اسػػتغبلؿ اؼببتلكػػات كالعبػػارات والسػػيارات ومػػا وػػاهبها فبػػا‬
‫يكرى ويؤجر ويدر على مالك دمتبلً كبا ذه إلي بعض العلباء ورجحناخ ى موشع ‪.‬‬
‫ومػ ػن ذلػ ػ ‪ :‬زك ػػاة ال ػػدمتل الناو ػػئ م ػػن كس ػ العب ػػل واؼبه ػػن اغب ػػرة ‪ .‬وي ػػدمتل ى ذلػ ػ الرواتػ ػ‬
‫واألجور واؼبكافآت وما يسػتفيدخ أصػحاب اؼبهػن واغبػرؼ اؼبصتلفػة مػن اؼبكاسػ والػدمتوؿ ففػ‬
‫كل هذا الزكاة ػ بيروطها ػ على ما رجحناخ‪.‬‬

‫اؼببحث ال الث‬

‫الزكاة الواجبة على األوصاص‬

‫الضريبة على األوصاص‬

‫ذكرنػػا أف علبػػاء الض ػريبة قسػػبوا الض ػرا مػػن حيػػث وعا هػػا ػ إَ ش ػرا علػػى رأس اؼبػػاؿ ػ‬
‫وشرا على الدمتل وشرا على األوصاص ػ وقد ربدثنا عن الزكاة بوصفها شريبة على رأس‬
‫اؼب ػػاؿ وش ػ ػريبة عل ػػى ال ػػدمتل وبقػ ػػى أف نتح ػػدث ع ػػن ن ػػوع م ػػن الزك ػػاة ه ػػو م ػػن الض ػ ػريبة علػ ػػى‬
‫األوػػصاص وشػريبة األوػػصاص تصػػي اؼببػػوؿ مباوػػرة علػػى أنػ العنصػػر اػباشػػع للضػريبة بغػػض‬
‫النظر عن حالت اليصصية من غ أو فقر وكانز تسػبى "شػريبة الػرؤوس" ألمػا تؤمتػذ عػن كػل‬
‫رأس أي كل وصل‪.‬‬
‫وشػريبة الػػرؤوس هػػذخ قػػد تعبػػد الدولػػة إَ فرشػػها حبيػػث تصػػي الرجػػاؿ والنسػػاء واألطفػػاؿ علػػى‬
‫السواء أو على األوصاص الذين تتوافر فيهم بعض اليروط اػباصة كاو اط األهلية السياسية‬
‫أو يتقرر فرشها على األقليات أو األجان ‪ . .‬إٌ‪.‬‬

‫مزاياها وعيوهبا‬

‫ومػػن مزايػػا هػػذخ الض ػريبة‪ :‬أمػػا ال تكلػػه اإلدارة اؼباليػػة مئونػػة البحػػث ى ربديػػد العناصػػر اػباشػػعة‬
‫للضريبة فضبلً عن أما تقرر متضوع اعببيع للضريبة وف ًقا ؼببدأ العبومية اؼبطلقة ػ فتزداد اغبصيلة‪.‬‬
‫على أن يؤمتذ عليها أما تصطدـ دببادئ القدرة على رببػل الضػريبة وأدا هػا مػا داـ يسػتقطع مػن‬
‫صبيعا مقدار واحد مهبا تتباين دمتوؽبم وثرواهتم‪.‬‬ ‫طوا ه اؼببولني ً‬
‫ومػن ه أعرشػز الػدوؿ اغبدي ػػة عنهػا واذبهػز إَ شػرا األمػواؿ ومػع ذلػ فبػا زالػز بعػػض‬
‫الػػدوؿ اغبدي ػػة تل ػػأ إَ فػػرض هػػذا النػػوع مػػن الضػرا لتحقيػػق بعػػض األهػػداؼ اػباصػػة ؛ كػػأف‬
‫صبيعػا يسػهبوف ى رببػل‬ ‫تفرشها علػى اعببيػع لتنبيػة الوجػداف اعببػاع عنػدهم ولتيػعرهم أمػم ً‬
‫األعبػػاء العامػػة ولتح ػ هم بالتبعيػػة علػػى االهتبػػاـ باليػػئوف السياسػػية وبيػػئوف اؽبيئػػات احملليػػة إذا‬
‫كانوا مقيبني باألقاليم‪.‬‬
‫ػددا مػػن الواليػػات األمريكيػػة مػػا بػػرح يفػػرض ش ػريبة علػػى الػػرؤوس وإف كػػاف‬‫هػػذا ويبلحػػي أف عػ ً‬
‫ىبصل حصيلتها إما لئلنفاؽ على التعليم وإما لتقػدٓ إعانػات اجتباعيػة وإمػا لتحسػني حػاؿ‬
‫الطرؽ‪.‬‬
‫أيضا شػريبة الػرؤوس كضػريبة ؿبليػة ومػا علػى اؼببػوؿ ‪ -‬إف ٍ يػرد‬ ‫وكذل فرنسا ما زالز تفرض ً‬
‫اػبضوع ؽبػا ‪ -‬إال أف يعبػل ثبلثػة أيػاـ سػنويًا ى تعبيػد الطػرؽ وصػيانتها (مػن كتػاب "مبػادئ علػم‬
‫عل ػػى‬ ‫اؼبالي ػػة العام ػػة " لل ػػدكتور ؿبب ػػد ف ػؤاد إب ػراهيم‪ 365/4 :‬ػ ‪ 367‬ػ مبح ػػث " الض ػرا‬
‫األوصاص ")‪.‬‬

‫مزايا زكاة الفطر كضريبة على األوصاص‬

‫وإذا نظرنػػا إَ زكػػاة الفطػػر الػػب فرشػػها اإلسػػبلـ مػػرة ى كػػل عػػاـ دبناسػػبة الفػراغ مػػن فريضػػة الصػػياـ‬
‫نوعا مػن الضػريبة علػى األوػصاص فيهػا مزاياهػا مػن حيػث سػهولة فرشػها‬ ‫وقدوـ العيد وجدناها ً‬
‫وسػػهولة ربصػػيلها وعبومهػػا لكػػل اؼبكلفػػني وهػ مػػع ذلػ متاليػػة فبػػا تعػػاب بػ تلػ الضػرا‬
‫ألما قػدر يسػك يسػهل علػى الػنفس أداؤخ عػن طيػ متػاطر ومتاصػة الرتباطهػا بعبػادة مفروشػة‬
‫ومعػػاف قدسػػية وأهػػداؼ روحيػػة وأمتبلقيػػة كبػػا أف مػػن ال يقػػدر علػػى دفعهػػا معفػػى منهػػا ب صبػػاع‬
‫اؼبسلبني‪.‬‬
‫إف اليريعة اإلسبلمية بفرض هذخ الزكػاة السػنوية علػى كػل مسػلم رجػل أو امػرأة صػغك أو كبػك‬
‫غ ػ أو فقػػك إمبػػا أرادت أف تعػػود اؼبسػػلم البػػذؿ ى العسػػر واليسػػر واإلنفػػاؽ ى السػراء والض ػراء‬
‫واالهتبػػاـ بػػاآلمترين واليػػعور حباجػػة احملتػػاجني ومتاصػػة ى مناسػػبة سػػارة كقػػدوـ العيػػد واالنتهػػاء‬
‫من فريضة الصوـ‪.‬‬
‫مانعػػا أف يعطػػى اؼبسػػلم هػػذخ الزكػػاة وإف كػػاف فبػػن يسػػتحق أمتػػذها وقػػد‬
‫ومػػن هنػػا ٍ يػػر اإلسػػبلـ ً‬
‫جاء ى اغبديث‪( :‬أما غنيكم فيزكي اهلل تعاَ وأما فقككم فػكد اهلل عليػ أك ػر فبػا أعطػى) (تقػدـ‬
‫ى زكاة الفطر)‪.‬‬
‫وال زالز هذخ الزكاة فبا وبرص اؼبسلبوف ى وك بقاع األرض على أدا هػا لت ػ مػا نقصػ اللغػو‬
‫والرفث من صيامهم رغم إنباؿ الك كين منهم لزكاة األمواؿ‪.‬‬
‫الفصل السابع‬
‫هل تُفرض شرا مع الزكاة؟‬
‫فهرس‬

‫تابع اؼببحث ال اْ‪ :‬اليروط الب ذب رعايتها ى الضرا‬

‫السنة‬
‫وجوب اليورى من الكتاب و ُ‬
‫هل اليورى ُمعلِبة أـ ملزمة؟‬
‫اؼببحث ال الث‪ :‬وبهات اؼبانعني لفرض الضرا‬

‫اليبهة األوَ ‪ -‬أف ال حق ى اؼباؿ سوى الزكاة‬


‫اليبهة ال انية ‪ -‬اح اـ اؼبِْلكية اليصصية‬
‫اليبهة ال ال ة ‪ -‬األحاديث الواردة بذـ اؼبكس ومنع العيور‬
‫الرد على اليبهة األوَ‬
‫الرد على اليبهة ال انية‬
‫الرد على اليبهة ال ال ة‬
‫فقهاء من اؼبذاه األربعة هبيزوف الضرا العادلة‬
‫فروع فقهية على الضرا الظاؼبة‬

‫سبهيد‬
‫مع الزكاة‬ ‫اؼببحث األوؿ‪ :‬األدلة على جواز فرض الضرا‬

‫أوالً ‪ -‬أف التضامن االجتباع فريضة‬


‫ثانيًا ‪ -‬أف مصارؼ الزكاة ؿبدودة ونفقات الدولة ك كة‬
‫ثالًا ‪ -‬قواعد اليريعة الكلية‬
‫ابعا ‪ -‬اعبهاد باؼباؿ وما يتطلب من نفقات ها لة‬ ‫رً‬
‫متامسا ‪ -‬الغُْرـ بالغُْنم‬
‫ً‬
‫اؼببحث ال اْ‪ :‬اليروط الب ذب رعايتها ى الضرا‬

‫اليرط األوؿ‪ -‬اغباجة اغبقيقية إَ اؼباؿ وال مورد آمتر‬


‫اليرط ال اْ‪ -‬توزيع أعباء الضرا بالعدؿ‬
‫اليرط ال الث‪ -‬أف تُنفق ى مصاً األمة ال ى اؼبعاص واليهوات‬
‫اليرط الرابع‪ -‬موافقة أهل اليورى والرأي ى األمة‬

‫معلومػا ى أمػواؿ اؼبسػلبني وجعلهػا شػريبة تتوالهػا اغبكومػة‬ ‫إذا كاف اإلسبلـ قد فرض الزكاة ح ًقا ً‬
‫اؼبسلبة جباية وصرفًا فهل هبػوز ؽبػذخ اغبكومػة أف تفػرض علػى األغنيػاء شػرا أمتػرى إَ جػوار‬
‫الزكػػاة إلقامػػة مصػػاً األمػػة وتغطيػػة النفقػػات العامػػة للدولػػة؟ أـ تُعػػد الزكػػاة ه ػ الفريضػػة اؼباليػػة‬
‫الوحيدة الب ال يؤمتذ من اؼبسلبني غكها؟‬
‫ولك يتض هذا األمر جليًا من وجهة نظػر اليػريعة اإلسػبلمية قبعػل الكػبلـ فيػ حػوؿ مباحػث‬
‫ثبلثة‪:‬‬
‫اؼببحث األوؿ‪ :‬األدلة على جواز فرض الضرا ‪.‬‬
‫اؼببحث ال اْ‪ :‬اليروط الب هب مراعاهتا ى فرض الضرا ‪.‬‬
‫اؼببحث ال الث‪ :‬وبهات اؼبانعني لفرض الضرا والرد عليها‪.‬‬
‫وها كبن نتحدث عنها على هذا ال تي ‪.‬‬

‫اؼببحث األوؿ‬

‫مع الزكاة‬ ‫األدلة على جواز فرض الضرا‬

‫أما األدلة على جواز فرض الضرا العادلة فنوشحها فيبا يل ‪:‬‬
‫أوالً ‪ -‬أف التضامن االجتباع فريضة‪:‬‬
‫وال حاجة بنا إَ إعادة ما ذكرناخ من أدلة على هذا اغبكم ى باب "أى اؼباؿ حق سوى الزكاة"؟‬
‫وحسػبنا أف نػذكر أف اعببيػع متفقػوف علػى أنػ إذا نزلػز باؼبسػلبني حاجػة عامػة بعػد الزكػاة وجػ‬
‫سػػدها مهبػػا اسػػتغرؽ ذلػ مػػن األمػواؿ حػػك الػػذين يقولػػوف‪" :‬لػػيس ى اؼبػػاؿ حػػق سػػوى الزكػػاة"‬
‫يقػػرروف ذل ػ ى وشػػوح‪ .‬كبػػا يؤكػػد ذل ػ مػػا ذكرنػػاخ ى نظريػػة "التكافػػل" ونظريػػة "اإلمتػػاء" ى‬
‫أساسا لكل ما يُفرض من حقػوؽ ى اؼبػاؿ‬ ‫ً‬ ‫حدي نا عن األساس النظري لفرض الزكاة فه تصل‬
‫أيضا‪.‬‬
‫بعد الزكاة ً‬
‫ثانيًا ‪ -‬أف مصارؼ الزكاة ؿبدودة ونفقات الدولة ك كة‪:‬‬
‫فقد عرفنا أف الزكاة شريبة ذات صبغة متاصة وأهداؼ معينػة‪ :‬أهػداؼ اجتباعيػة وأمتبلقيػة ودينيػة‬
‫وسياسػػية كبػػا بينػػا فيبػػا سػػبق ولػػيس هػػدفها اؽبػػدؼ اؼبػاُ فقػ ‪-‬أعػ ؾبػػرد صبػػع اؼبػػاؿ لئلنفػػاؽ‬
‫على مرافق الدولة‪ -‬إال على قوؿ من جعل "سبيل اهلل" ييبل كل طاعة ومصػلحة وهػو متػبلؼ‬
‫ما تدؿ علي اآلية واغبديث ومتبلؼ ما ذه إلي اعببهور‪.‬‬
‫وم ػػن هن ػػا كان ػػز مص ػػارؼ الزك ػػاة ؿبص ػػورة ى األص ػػناؼ ال باني ػػة ال ػػب ح ػػددها الق ػػرآف وهببعه ػػم‬
‫ؿبتاجػػا مػػن اؼبسػػلبني كػػالفقراء واؼبسػػاكني وى الرقػػاب والغػػارمني ألنفسػػهم وابػػن‬
‫وصػػفاف‪ :‬مػػن كػػاف ً‬
‫السػػبيل ومػػن وبتػػاج إلػػيهم اؼبسػػلبوف‪ :‬كاةاهػػدين ى سػػبيل اهلل واؼبؤلفػػة قلػػوهبم والعػػاملني عليهػػا‬
‫والغارمني ؼبصلحة اةتبع‪.‬‬
‫وؽبػذا كػاف للزكػاة بيػز مػاؿ متػاص ‪-‬أي ميزانيػػة مسػتقلة‪ -‬وٍ ُهبَػ روز الفقهػاء أف ُىبلػ ماؽبػا بػػأمواؿ‬
‫اؼبػوارد األمتػػرى لتُصػػرؼ ى مصػارفها اليػػرعية اؼبنصوصػػة وتقػوـ دبهبتهػػا األوَ ى إقامػػة التكافػػل‬
‫االجتباع ‪.‬‬
‫ضػم مػاؿ اػبػراج إَ مػاؿ الصػدقات؛ ألف اػبػراج‬ ‫ومػن أجػل ذلػ قػاؿ أبػو يوسػه‪ :‬ال ينبغػ أف يُ َ‬
‫ىء عببيع اؼبسلبني والصدقات ؼبن ظبى اهلل عز وجل (اػبراج ص‪.)95‬‬
‫أيضا قالوا‪" :‬ال تُصرؼ الزكاة إَ بناء اعبسور وسبهيد الطػرؽ ووػق األمػار وبنػاء اؼبسػاجد‬ ‫وؽبذا ً‬
‫والرب واؼبدارس والسقايات وسد الب وؽ" (اؼبغ ‪.)667/2 :‬‬
‫ولكن هذخ األمور شرورية للدولة اإلسبلمية وألي دولة فبػن أيػن تنفػق علػى هػذخ اؼبرافػق وإقامػة‬
‫هذخ اؼبصاً إذا ٍ هبز ؽبا الصرؼ من الزكاة؟‬
‫واعبواب‪ :‬أما كانز تنفق على هذخ اؼبصاً من ُطبس الغنا م اغبربية الب يستوُ عليها اؼبسػلبوف‬
‫من أعدا هم احملاربني أو فبا أفاء اهلل عليهم من أمواؿ اؼبيركني بغك حػرب وال قتػاؿ وكػاف هػذاف‬
‫اؼبػػورداف ى عهػػود الفػػت اإلسػػبلم األوَ يغنيػػاف اػبزانػػة دبػػا ال ربتػػاج معػ إَ فػػرض شػرا علػػى‬
‫الناس غك الزكاة‪ .‬وخباصة أف واجبات الدوؿ حينذاؾ كانز ؿبػدودة‪ .‬أمػا ى عصػرنا ‪-‬وقػد نضػ‬
‫هذاف اؼبورداف‪ -‬فلم يعد إلقامة مصاً األمة مورد إال فرض شػرا أو وظػا ه علػى ذوي اؼبػاؿ‬
‫بقدر ما وبقق اؼبصلحة الواج ربقيقها وف ًقا لقاعدة‪" :‬ما ال يتم الواج إال ب فهو واج "‪.‬‬
‫ولقد رأينػا فقهػاء اليػافعية يقػرروف أف الغػزاة "اؼبرتزقػة" الػذين ؽبػم سػهم ى الفػ ء ‪-‬وبعبػارة أمتػرى‪:‬‬
‫اعبنػػود النظػػاميني الػػذين ؽبػػم رات ػ مػػن اػبزانػػة العامػػة‪ -‬ال هبػػوز أف يُصػػرؼ ؽبػػم و ػ ء مػػن أم ػواؿ‬
‫الزكاة‪ .‬فأما سهم "سػبيل اهلل" فهػو للبتطوعػة مػن اةاهػدين‪ .‬ولكػنهم حب ػوا هنػا مػا إذا ٍ يكػن ى‬
‫اػبزانة العامة و ء يُعط من لل نػود اؼبنتظبػني واحتػاج اؼبسػلبوف إَ مػن يكفػيهم وػر الكفػار‬
‫فبن أين يُعط هؤالء اؼبنتظبوف ما يقوـ حباجاهتم ومطالبهم؟‬
‫لقػػد رجػ النػػووي وغػػكخ مػػن أ بػػة اليػػافعية أنػ يلػػزـ أغنيػػاء اؼبسػػلبني إعػػانتهم مػػن غػػك مػػاؿ الزكػػاة‬
‫(انظر‪ :‬الروشة‪ 324/2 :‬وربفة احملتاج‪.)96/3 :‬‬

‫ثالًا ‪ -‬قواعد اليريعة الكلية‪:‬‬


‫ػورا علػػى قاع ػػدة إهبػػاب "م ػػا ال ي ػػتم الواج ػ إال ب ػ " ف ػ ف هنػػاؾ قواع ػػد كلي ػػة‬
‫ولػػيس األمػػر مقصػ ً‬
‫ومبادئ تيريعية عامة أصلها علباء اإلسبلـ أمت ًذا من نصػوص اليػريعة ومػن اسػتقراء أحكامهػا‬
‫اعبز ية وأصبحز بذل أصوالً تيريعية ُوبتكم إليهػا ويعػوؿ عليهػا ويُهت َػدي هبػا عنػد التقنػني أو‬
‫الفتوى أو القضاء‪.‬‬
‫ومػػن هػػذخ القواعػػد‪" :‬رعايػػة اؼبصػػاً" "درء اؼبفسػػدة مقػػدـ علػػى جل ػ اؼبصػػلحة" "تفويػػز أدّ‬
‫اؼبصػلحتني ربصػيبلً ألعبلنبػػا" "يتحبػل الضػرر اػبػػاص لػدفع شػرر عػػاـ" (انظػر ى هػذخ القواعػػد‪:‬‬
‫أيضا‪ :‬أصوؿ التيريع للصضري)‪.‬‬ ‫األوباخ والنظا ر البن قبيم قسم القواعد و ً‬
‫وال ري أف ربكيم هذخ القواعد اليرعية ال يؤدى إَ إباحػة الضػرا فحسػ بػل وبػتم فرشػها‬
‫وأمتػػذها ربقي ًقػػا ؼبصػػاً األمػػة والدول ػة ودرءًا للبفاسػػد واألش ػرار واألمتطػػار عنهػػا ‪-‬مػػا ٍ تكػػن‬
‫عنػػدها مػوارد أمتػػرى كافيػػة كػػالب وؿ‪ -‬ولػػو تركػػز دولػػة اإلسػػبلـ العصػرية دوف شػرا تنفػػق منهػػا‬
‫لكاف من احملتم أف تزوؿ بعد زمن يسك من قيامها وينصر الضعه كيامػا مػن كػل نواحيػ فضػبلً‬
‫عن األمتطار العسكرية عليها‪.‬‬
‫وؽبػػذا أفػػك علب ػػاء اؼبسػػلبني ى عصػػور ـبتلفػػة بوجػػوب إمػػداد بيػػز اؼبػػاؿ دبػػا يلزم ػ مػػن ش ػرا‬
‫يفرشها اغباكم اؼبسلم لدرء متطر أو سد حاجة‪.‬‬
‫قبد الغزاُ اليافع ‪-‬وهو من اؼبضيقني ى األمتذ باؼبصاً اؼبرسلة‪ -‬يقوؿ‪ " :‬وإذا متلز األيػدي‬
‫من األمواؿ وٍ يكن من ماؿ اؼبصاً ما يف خبراجات العسكر ومتيه من ذلػ دمتػوؿ العػدو‬
‫بػػبلد اإلسػػبلـ أو ثػػوراف الفتنػػة مػػن قِبَػػل أهػػل اليػػر جػػاز لئلمػػاـ أف يوظػػه علػػى األغنيػػاء مقػػدار‬
‫كفاية اعبند ألنا نعلم أن إذا تعارض وػراف أو شػرراف قصػد اليػرع دفػع أوػد الضػررين وأعظػم‬
‫اليرين ومػا يؤديػ كػل واحػد مػنهم (أي مػن األغنيػاء) قليػل باإلشػافة إَ مػا ىبػاطر بػ مػن نفسػ‬
‫ومال لو متلز متطة اإلسبلـ (أي ببلدخ) من ذي ووكة (أي حػاكم قػوي) وبفػي نظػاـ األمػور‬
‫ويقطع مادة اليرور" (اؼبستصف ‪.)363/4 :‬‬
‫مطاعػػا مفتقػ ًػرا إَ تك ػػك اعبنػػود لسػػد حاجػػة ال غػػور‬
‫إمامػػا ً‬
‫وقػػاؿ اليػػاط اؼبػػالك ‪" :‬إنػػا إذا قػػدرنا ً‬
‫وضباية اؼبل اؼبتسع األقطار ومتػبل بيػز اؼبػاؿ وارتفعػز حاجػة اعبنػد إَ مػاؿ يكفػيهم فلئلمػاـ‬
‫إذا كػػاف عػػدالً أف يوظػػه علػػى األغنيػػاء مػػا ي ػراخ كافيًػػا ؽبػػم ى اغبػػاؿ إَ أف يظهػػر مػػاؿ ى بيػػز‬
‫اؼباؿ ه إلي (أي إَ اإلماـ) النظر ى توظيه ذل على الغبلت وال بار وغك ذل "‪.‬‬
‫"وإمبا ٍ ينقل م ل هذا عن األولني (أي ى عهود اإلسبلـ السابقة) التساع بيز اؼباؿ ى زمامم‬
‫خببلؼ زماننا ف ن لو ٍ يفعل اإلماـ ذل بطلػز وػوكة اإلمػاـ وصػارت ديارنػا عرشػة السػتيبلء‬
‫الكفػػار وإمبػػا نظػػاـ ذلػ كلػ وػػوكة اإلمػػاـ فالػػذين يفػػروف مػػن الػػدواه (أي الضػرا اؼبفروشػػة‬
‫عليهم) لو تنقطع عنهم اليوكة غبقهم من األشػرار مػا يسػتحقروف باإلشػافة إليهػا أمػواؽبم كلهػا‬
‫فضػبلً عػػن اليسػػك منهػػا فػ ذا عػػورض هػػذا الضػػرر العظػػيم بالضػػرر البلحػػق هبػػم بأمتػػذ الػػبعض مػػن‬
‫أمواؽبم فبل يتبارى ى ترجي ال اْ عن األوؿ" (االعتصاـ‪- 464/2 :‬بتصرؼ)‪.‬‬
‫فكبلـ كل من الغزاُ والياط ى ذبويز فرض الضرا أو الوظا ه على األغنياء ى اغبػاؿ الػب‬
‫ذكروها مب على قاعدة‪" :‬وجوب رببل الضرر األدّ لدفع شرر أعلى وأود"‪.‬‬
‫ابعا ‪ -‬اعبهاد باؼباؿ وما يتطلب من نفقات ها لة‪:‬‬ ‫رً‬
‫إ ّف اإلسبلـ قد فػرض علػى اؼبسػلبني اعبهػاد ى سػبيل اهلل بػأمواؽبم وأنفسػهم‪ .‬ى م ػل قولػ تعػاَ‪:‬‬
‫ػأم َوالِ ُك ْم َوأنَػ ُف ِس ػ ُك ْم ِى َس ػبِ ِيل اهلل) (التوبػػة‪( .)44 :‬إمبػَػا اؼب ْؤِمنُػػو َف‬ ‫ْ‬
‫انفػػرواْ ِمت َفافًػػا وثَِقػػاالً وج ِ‬
‫اهػ ُػدواْ بِػ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫(ِ‬
‫ُِ‬ ‫ِِ‬
‫ػأم َوا َؽبِ ْم َوأن ُف ِسػ ػ ِه ْم ِى َسػ ػبِ ِيل اللػ ػ ْأولَئػ ػ َ ُه ػ ُػم‬
‫اه ػ ُػدواْ بِػ ْ‬
‫ِ‬
‫ين َآمنُػ ػواْ بِاللػ ػ َوَر ُسػ ػول ُه ٍَْ يَػْرتَػػابُواْ َو َج َ‬
‫ِ‬
‫ال ػػذ َ‬
‫ػأم َوالِ ُك ْم َوأن ُف ِسػ ُك ْم)‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الصادقُو َف) (اغب رات‪( .)45:‬تُػ ًؤمنُو َف بِالل َوَر ُسول َوُذبَاه ُدو َف ِى َسػبِ ِيل اللػ بِ ْ‬
‫أح ِسػػنُواْ إف الل ػ َ ُوب ػ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(الصػػه‪َ ( .)44:‬وأنف ُق ػواْ ِى َس ػبِ ِيل الل ػ َوالَ تُػ ْل ُق ػواْ بِأيْػػدي ُك ْم َإَ التػ ْهلُ َكػػة َو ْ‬
‫ني) (البقرة‪.)495:‬‬ ‫ِِ‬
‫اؼبُ ْحسن َ‬
‫وال و ػ أف اعبهػػاد باؼبػػاؿ اؼبػػأمور ب ػ واج ػ آمتػػر غػػك فريضػػة الزكػػاة ومػػن حػػق أوُ األمػػر ى‬
‫اؼبسػػلبني أف وبػػددوا نصػػي كػػل فػػرد قػػادر مػػن عػ ء اعبهػػاد باؼبػػاؿ وهػػذا مػػا نقلػ ابػػن تيبيػػة عػػن‬
‫صاح "غياث األمم" كبا سيأن‪.‬‬
‫ولقد أصب التسلي ونفقات اعبيوش ى عصرنا فبػا وبتػاج إَ مػوارد ها لػة مػن اؼبػاؿ ومػع هػذا ٍ‬
‫تعػػد القػػوة مقصػػورة علػػى السػػبلح واعبيػػوش؛ إذ ال بػػد مػػن القػػوة والتفػػوؽ ى وػػك جوان ػ اغبيػػاة‬
‫العلبية والصناعية واالقتصادية وكل هذا يفتقر إَ أمداد غزيرة مػن اؼبػاؿ وال سػبيل إَ ذلػ إال‬
‫نوعا من اعبهاد باؼباؿ ليقػ روي الفػرد أمتػ ووببػ دولتػ فيقػ روي بػذل‬ ‫بفرض الضرا باعتبارها ً‬
‫وعرش ‪.‬‬ ‫نفس ووبب دين ودم ومال ِ‬

‫متامسا ‪ -‬الغُْرـ بالغُْنم‪:‬‬


‫ً‬
‫إ ّف األمواؿ الب ُذبط من الضرا تُنفق ى اؼبرافق العامة الب يعػود نفعهػا علػى أفػراد اةتبػع كافػة‬
‫كال ػػدفاع واألم ػػن والقض ػػاء والتعل ػػيم والص ػػحة والنق ػػل واؼبواص ػػبلت وال ػػري والص ػػرؼ وغكه ػػا م ػػن‬
‫اؼبصاً الب يستفيد منها ؾببوع اؼبسلبني من قري أو من بعيد‪.‬‬
‫وإذا ك ػػاف الف ػػرد يس ػػتفيد م ػػن وج ػػود الدول ػػة وس ػػيطرهتا ويتبت ػػع ب ػػاؼبرافق العام ػػة ى ظ ػػل إو ػ ػرافها‬
‫وتنظيبها وضبايتها لؤلمن الدامتل واػبارج فعلي أف يبدها باؼباؿ البلزـ لتقوـ دبسئوليتها‪.‬‬
‫وكبا يستفيد الفرد ويغنم من اةتبع وأوج نياط اؼبصتلفة فب بلً ى الدولة فف مقابل هذا هب‬
‫أف يغػػرـ ويػػدفع مػػا ىبص ػ مػػن ش ػرا والتزامػػات تطبي ًقػػا للببػػدأ الػػذي قػػررخ الفقهػػاء وهػػو "الغُػػرـ‬
‫بالغُنم"‪.‬‬

‫اؼببحث ال اْ‬

‫اليروط الب ذب رعايتها ى الضرا‬

‫ولكن الضريبة الب يع ؼ ؽبا اإلسبلـ باليػرعية ويرشػى نظامػ عنهػا هػ الػب تتػوافر ؽبػا اليػروط‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫اليرط األوؿ‪ -‬اغباجة اغبقيقية إَ اؼباؿ وال مورد آمتر‪:‬‬
‫إ ّف أوؿ اليػػروط‪ :‬أف تكػػوف هنػػاؾ حاجػػة حقيقيػػة بالدولػػة إَ اؼبػػاؿ‪ .‬حبيػػث ال تكػػوف هنػػاؾ م ػوارد‬
‫أمترى تستطيع اغبكومة هبا أف ربقق أهدافها وتقيم مصاغبها دوف إرهاؽ الناس بالتكاليه‪.‬‬
‫وذل ػ أف األصػػل ى اؼبػػاؿ اغبرمػػة وى الػػذمم ال ػ اءة مػػن التكػػاليه ماليػػة وغػػك ماليػػة فػػبل هبػػوز‬
‫انتهاؾ حرمة اؼبِلكية اػباصة وأمتذ اؼباؿ من مالك وتكليه األمة أعباء مالية إال لضرورة قاشػية‬
‫أو حاجة داعية ف ذا ٍ توجد اغباجػة أو ُوج ِػدت وكػاف عنػد اغبكومػة مػن األمػواؿ أو اؼبػوارد مػا‬
‫يغط نفقاهتا ويغنيها عن إلزاـ الناس بالضرا فبل هبوز فرض الضرا حينئذ‪.‬‬
‫وقد تيدد علباء اؼبسلبني وأصحاب الفتػوى مػنهم ى رعايػة هػذا اليػرط إَ أبعػد حػد‪ .‬واوػ ط‬
‫تامػػا حػػك هبػػوز فػػرض ش ػرا ومػػا صػػنعوا ذل ػ إال متيػػية‬ ‫بعضػػهم أف ىبلػػو بيػػز اؼبػػاؿ متلػ ًػوا ً‬
‫إسػراؼ اغبكػػاـ ى طل ػ األم ػواؿ غباجػػة ولغػػك حاجػػة وإرهػػاؽ الرعيػػة دبػػا ال ربتبل ػ طػػاقتهم مػػن‬
‫الوظا ه اؼبالية واؼبكوس اعبا رة‪.‬‬
‫واغبػػق أف التػػاريمل اإلسػػبلم يػػروي لنػػا مػػن ذل ػ مواقػػه را عػػة لعلبا نػػا وقف ػوا فيهػػا مػػع مصػػلحة‬
‫اليعوب وشد ترؼ السبلطني وأتباع السبلطني‪.‬‬
‫فحينبػػا أراد سػػلطاف مصػػر "قطػػز" الت هػػز لقتػػاؿ التتػػار اسػػت ابة لطل ػ اؼبل ػ الناصػػر صػػاح‬
‫حل والياـ يومئذ صبع القضاة والفقهاء واألعياف ؼبياورهتم فيبا يعتبد علي ى أمر التتار وأف‬
‫يؤمتػػذ مػػن النػػاس مػػا يُسػػتعاف ب ػ علػػى جهػػادهم فحضػػروا ى دار السػػلطنة بقلعػػة اعببػػل وحضػػر‬
‫اليػيمل عػػز الػػدين بػن عبػػد السػػبلـ والقاشػ بػدر الػػدين السػػن اري قاشػ قضػػاة الػػديار اؼبصػرية‬
‫وغكنبا من العلباء وتناقيوا ى األمر فكاف االعتباد على ما يقولػ ابػن عبػد السػبلـ ومتبلصػة‬
‫ما قال للسلطاف قطز‪" :‬أن إذا طرؽ العدو ببلد اإلسبلـ وج على العاٍ قتاؽبم وجػاز لكػم أف‬
‫تأمتذوا من الرعية ما تستعينوف بػ علػى جهػادكم بيػرط أال يبقػى ى بيػز اؼبػاؿ وػ ء وتبيعػوا مػا‬
‫لكم من اغبوا ل (صبع حياصة‪ :‬وه كسػاء مووػ بالػذه ىبلعػ السػلطاف علػى أمرا ػ وأعوانػ‬
‫ى مناس ػػبات متاص ػػة)‪ .‬اؼبذهب ػػة واآلالت النفيس ػػة ويقتصػ ػػر كػ ػػل اعبن ػػد علػ ػػى مركوب ػ ػ وسػ ػػبلح‬
‫ويتساووا هم والعامة أما أمتذ األمواؿ مػن العامػة مػع بقايػا ى أيػدي اعبنػد مػن األمػواؿ واآلالت‬
‫الفػػامترة فػػبل"‪ .‬وانفػػض اةلػػس علػػى ذل ػ (انظػػر‪ :‬الن ػػوـ الزاهػػرة‪ 73-72/7 :‬والسػػلوؾ ؼبعرفػػة‬
‫دوؿ اؼبلوؾ‪ 447-446/4 :‬وطبقات اليافعية البن السبك ى ترصبة الييمل عز الدين)‪.‬‬
‫وتكرر هذا اؼبوقه الي اع لئلماـ النووي مع الظاهر بي س‪.‬‬
‫فحينبػػا متػػرج الظػػاهر إَ قت ػػاؿ التتػػار باليػػاـ وٍ يك ػػن ى بيػػز اؼبػػاؿ مػػا يق ػػوـ بت هيػػز اعب ػػيو‬
‫واإلنف ػػاؽ عل ػػى اؼبق ػػاتلني اس ػػتفك علب ػػاء الي ػػاـ ى جػ ػواز ف ػػرض ش ػرا عل ػػى الي ػػع إلعان ػػة‬
‫السلطاف واعبيو على قتاؿ األعداء وتغطية النفقات اؼبطلوبة‪ .‬فأفتاخ العلباء جبواز ذل للحاجة‬
‫واؼبصلحة وكتبوا ل بذل وكاف اإلماـ النووي غا بًا فلبا سأؿ السلطاف العلبػاء‪ :‬هػل بقػ مػن‬
‫أحػػد؟ قػػالوا‪ :‬نعػػم بق ػ اليػػيمل ؿبي ػ الػػدين النػػووي‪ ..‬فطلب ػ فحضػػر فقػػاؿ ل ػ ‪ :‬اكت ػ متط ػ‬
‫(توقيع ) مع الفقهاء‪ .‬فامتنع الييمل وأىب وسأل السلطاف‪ :‬ما سب امتناعػ ؟ قػاؿ اليػيمل‪ :‬أنػا‬
‫أعػػرؼ أنػ كنػػز ى الػػرؽ لؤلمػػك "بندقػػدار" ولػػيس لػ مػػاؿ ه مػػن اللػ عليػ وجعلػ مل ًكػػا‬
‫وظبعز أف عندؾ ألػه فبلػوؾ لكػل فبلػوؾ حياصػت مػن الػذه وعنػدؾ ما تػا جاريػة لكػل جاريػة‬
‫ُحػػق مػػن اغبلػ ف ػ ف أنفقػػز ذلػ كل ػ وبقيػػز فباليكػ بػػالبتوف والصػػوؼ بػػدالً مػػن اغب ػوا ل‬
‫وبقيز اعبواري ب ياهبن دوف اغبل أفتيت بأمتذ اؼباؿ من الرعية‪.‬‬
‫فغض الظاهر من كبلمػ وقػاؿ لػ ‪ :‬أمتػرج مػن بلػدي دميػق فقػاؿ‪ :‬السػبع والطاعػة ومتػرج إَ‬
‫"نوي"‪.‬‬
‫فق ػػاؿ الفقه ػػاء للس ػػلطاف‪ :‬إف ه ػػذا م ػػن كب ػػار علبا ن ػػا وص ػػلحا نا وفب ػػن يُقت ػ َػدى هب ػػم فأع ػػدخ إَ‬
‫دميق فأذف الظاهر برجوع ولكن الييمل رفض وقاؿ‪ :‬ال أدمتلها والظاهر هبػا ومػات الظػاهر‬
‫بعػػد وػػهر‪( .‬عػػن كتػػاب "اإلسػػبلـ اؼبف ػ ى علي ػ لؤلسػػتاذ ؿببػػد الغ ػزاُ ص‪ 223-222‬الطبعػػة‬
‫اػبامسة)‪.‬‬
‫وفبػػا كتبػ إَ السػػلطاف الظػػاهر بيػ س ى رسػػالة ينصػػح فيهػػا ويوشػ لػ حكػػم اليػػرع قػػاؿ‪" :‬وال‬
‫وبل أف يؤمتذ من الرعية و ء ما داـ ى بيز اؼباؿ و ء من نقد أو متاع أو شػياع تُبػاع أو غػك‬
‫ذل ػ وهػػؤالء علبػػاء اؼبسػػلبني ى بػػبلد السػػلطاف ‪-‬أعػػز اهلل أنصػػارخ‪ -‬متفقػػوف علػػى ه ػذا وبيػػز‬
‫ػكا وبرك ػػة" (م ػػن ترصب ػػة اإلم ػػاـ الن ػػووي للح ػػافي‬
‫اؼب ػػاؿ حبب ػػد اهلل معب ػػور زادخ اهلل عب ػػارة وس ػػعة ومت ػ ً‬
‫السصاوي ‪ -‬مطبعة صبعية النير والتأليه باألزهر ‪ -‬سنة ‪.)4935‬‬

‫بالعدؿ‪:‬‬ ‫اليرط ال اْ‪ -‬توزيع أعباء الضرا‬


‫وإذا ربققز اغباجة إَ اؼباؿ وٍ يوجد مورد لسد هذخ اغباجة إال الضرا ٍ يكن فرشها جا ًزا‬
‫فحسػ بػػل واجبًػػا بيػػرط أف تػػوزع أعبػػاء الضػريبة علػػى النػػاس بالعػػدؿ حبيػػث ال يُرهػػق فريػػق مػػن‬
‫ػاعه الواج ػ علػػى طا فػػة أمتػػرى بغػػك مسػػوغ‬ ‫ػاىب طا فػػة ويُضػ َ‬
‫الرعيػػة غبسػػاب فريػػق آمتػػر وال ُربػ َ‬
‫يقتض ذل ‪.‬‬
‫ال نعػ بالعػػدؿ "اؼبسػػاواة" فػ ف اؼبسػػاواة بػػني اؼبتفػػاوتني ظلػػم فلػػيس بػػبلزـ أف تكػػوف نسػػبة اؼبػػأمتوذ‬
‫واحػػدة مػػن اعببيػػع بػػل هبػػوز العتبػػارات اقتصػػادية واجتباعيػػة أف زبتلػػه النسػػبة فيؤمتػػذ مػػن هػػذا‬
‫أك ر من ذاؾ‪.‬‬
‫يدؿ لذل ما رواخ أبو عبيػد بسػندخ عػن ابػن عبػر قػاؿ‪( :‬كػاف عبػر يأمتػذ مػن النػب ‪ :‬مػن الزيػز‬
‫واغبنط ػػة نص ػػه العُي ػػر لكػ ػ يك ػػر اغببػ ػل إَ اؼبدين ػػة ويأمت ػػذ م ػػن القطني ػػة العُي ػػر) (األمػ ػواؿ‬
‫ص‪.)533‬‬
‫والنػػب ‪ :‬قػػوـ مػػن ذبػػار أهػػل اغبػػرب اؼبسػػتأمنني كػػانوا هبلبػػوف ـبتلػػه السػػلع واألطعبػػة إَ اؼبدينػػة‪.‬‬
‫واؼببدأ الذي وشع عبر ‪-‬كبا رواخ عن أنس بن مال ‪ -‬أف يؤمتػذ مػن ذبػار أهػل اغبػرب العُيػر‬
‫ومن ذبار أهل الذمة نصه العُير ومن ذبار اؼبسلبني ربع العُير (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫وهذا عند االنتقاؿ بالسلع من بلد إَ آمتر فهناؾ يقف العاوػروف ‪-‬احملصػلوف اؼبوكلػوف باعببايػة‪-‬‬
‫ويأمتػػذوف من ػ الض ػريبة ويعطون ػ ب ػراءة بػػذل إَ سػػنة فهػػو ييػػب الض ػرا اعببركيػػة ى العصػػر‬
‫اغبديث وإمبا أمتذ العُير مػن اؼبسػتأمنني تطبي ًقػا ؼببػدأ "اؼبعاملػة باؼب ػل" فقػد كػانوا يأمتػذوف العُيػر‬
‫من ذبار اؼبسلبني كبا كت بذل أبو موسى إَ عبر (اػبراج ليحػىي بػن آدـ ص‪ .)472‬وأمتػذ‬
‫نصه العُير من أهل الذمة؛ ألن صاغبهم على ذل ورشوا ب (األمواؿ ص‪ .)532‬على أن ال‬
‫يؤمتذ منهم إال عند االنتقاؿ من بلد إَ بلد خببلؼ اؼبسلم الذي هب علي تزكية ذبارت ولػو ى‬
‫بلػػدخ كبػػا ال يطلػ مػػن الػػذم وػ ء عػػن زروعػ وشبػػارخ ومواوػػي وسػػا ر األمػواؿ الػػب ذبػ فيهػػا‬
‫الزكػػاة بالنسػػبة للبسػػلم وهػػذا فيبػػا عػػدا نصػػارى بػ تغلػ الػػذين ؽبػػم وشػػع متػػاص صػػاغبوا عبػػر‬
‫علي (راجع ذل ى اؼببحث األوؿ من الباب ال اْ ص‪.)449-448‬‬
‫وأما ذبار اؼبسلبني فيؤمتذ منهم ربع العُير؛ ألن زكاة ثروهتم الت ارية‪.‬‬
‫واؼبقصود‪ :‬أف القاعدة ى هؤالء النب أف يؤمتذ منهم العُير كبػا قػاؿ السػا بػن يزيػد‪" :‬كنػز‬
‫عامبلً على سوؽ اؼبدينة ى زمن عبر قاؿ‪ :‬فكنا نأمتذ من النب العُير" (األمواؿ ص‪.)533‬‬
‫ولكػػن عبػػر رأى أف يػػنقل مػػن سػػعر الضػريبة وينػػزؿ هبػػا مػػن ‪ %46‬إَ ‪ %5‬العتبػػار اقتصػػادي‬
‫هاـ وهو تي يع استكاد األقوات الب تفتقر إليها اؼبدينة ‪-‬وه عاصبة اإلسبلـ حينذاؾ‪ -‬أك ر‬
‫من غكهػا مػن السػلع األمتػرى وكانػز اؼبدينػة ى عهػدخ ى حاجػة إَ الزيػز واغبنطػة (القبػ ) ال‬
‫القطْنيػػة (اغببػػل واللوبيػػا وكبوهػػا)‪ .‬وهػػذا مػػا تسػػك عليػ الػػدوؿ اغبدي ػػة ى سياسػػتها اعببركيػػة‬ ‫إَ ِ‬
‫تبع ػػا أله ػػدافها ى تيػ ػ يع واردات معين ػػة أو ضباي ػػة‬ ‫ف ف ػػع مع ػػدؿ الضػ ػريبة اعببركي ػػة أو زبفضػ ػ ً‬
‫اؼبصنوعات الوطنية أو التقليل من استكاد الكباليات إَ غك ذل من األغراض‪.‬‬
‫وقد مر بنا آن ًفا ما قال ابن عبر‪( :‬كاف عبر يأمتذ من النب ‪ :‬من الزيػز واغبنطػة نصػه العُيػر‬
‫لك يك ر اغببل إَ اؼبدينة ويأمتذ من القطْنية العُير) (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫ػندا ى رفػع ومتفػض نسػبة الضػريبة وف ًقػا لبلعتبػارات اؼبصػلحية الػب‬ ‫وصنيع الفاروؽ هػذا يعطينػا س ً‬
‫يراها أولو األمر ى األمة‪.‬‬
‫وقػػد بينػػا مػػن قبػػل أف مػػن أهػػداؼ اإلسػػبلـ ى االجتبػػاع واالقتصػػاد‪" :‬أال تنحصػػر ثػػروة األمػػة ى‬
‫أيدي فئة قليلة من أبنا ها فضبلً عن األجان عنها وؽبذا يعبل اإلسبلـ على توزيع ال روة علػى‬
‫أك عدد مستطاع وإزالة الفوارؽ الكبكة وتقري اؼبسػتويات بعضػها مػن بعػض وؽبػذا علّػل اهلل‬
‫ني األ ْغنِيَ ٍاء ِمن ُك ْم) (اغبير‪.)7:‬‬
‫توزيع الف ء بقول تعاَ‪َ (:‬ك ْ ال يَ ُكو َف ُدولَةً بَػ ْ َ‬
‫ف ذا ٍ توجد وسػيلة غػك الضػرا التصػاعدية تػؤدي إَ هػذخ النتي ػة‪ :‬أال يكػوف اؼبػاؿ ُدولَػة بػني‬
‫األغنيػػاء وحػػدهم وأف ينػػزؿ الغػ درجػػة ويرتفػػع الفقػػك درجػػة ويقػ ب كػػبل الفػريقني مػػن اآلمتػػر‬
‫فهذا أمر يبارك اإلسبلـ ويؤيدخ‪.‬‬
‫هػػذا مػػع وجػػوب مراعػػاة اعبانػ اليصصػ مػػن إعفػػاء نفقػػات اؼبعييػػة واألعبػػاء العا ليػػة والػػديوف‬
‫وغك ذل فبا ذكرناخ من قبل‪.‬‬
‫اليرط ال الث‪ -‬أف تُنفق ى مصاً األمة ال ى اؼبعاص واليهوات‪:‬‬
‫وال يكف ػ أف تؤمت ػػذ الض ػريبة ب ػػاغبق وت ػػوزع أعباؤه ػػا عل ػػى الن ػػاس بالع ػػدؿ م ػػا ٍ ي ػػتم ص ػػرفها ى‬
‫اؼبصػاً العامػة لؤلمػة ال ى وػهوات اغبكػاـ وأغراشػهم اليصصػية وى تػرؼ أسػرهم ومتاصػتهم‬
‫وى رغبات أتباعهم والسا رين ى ركاهبم‪.‬‬
‫منعػػا لؤلهػواء السياسػػية أف تلعػ هبػػا‬ ‫ومػػن هنػػا اهػػتم القػػرآف الكػػرٓ بػػالنل علػػى مصػػارؼ الزكػػاة‪ً .‬‬
‫وتُنفق أمواؽبا ى غك مستحقها‪.‬‬
‫أيضػػا وػػدد اػبلفػػاء الراوػػدوف ‪-‬ومعهػػم أجػػبلء الصػػحابة‪ -‬ى صػػرؼ األم ػواؿ العامػػة ى‬ ‫ومػػن هنػػا ً‬
‫مصارفها اليرعية وهذا هو فرؽ ما بني اػببلفة الراودة واؼبل العضػوض مػا بػني حكػم يسػتند‬
‫إَ رسالة ظباوية وحكم يقوـ على الدنيا وحدها‪.‬‬
‫روى ابن سػعد ى الطبقػات عػن سػلباف أف عبػر قػاؿ لػ ‪ :‬أملػ ٌ أنػا أـ متليفػة؟ فقػاؿ لػ سػلباف‪:‬‬
‫إف أنز جبيز مػن أرض اؼبسػلبني درنبًػا أو أقػل أو أك ػر ه وشػعت ى غػك حقػ فأنػز ملػ‬
‫غػػك متليفػػة! فاسػػتع عبػػر ‪-‬أي بكػػى‪ -‬رش ػ اهلل عن ػ (طبقػػات ابػػن سػػعد‪-367-366/3 :‬‬
‫طبع بكوت)‪.‬‬
‫روى عن سفياف بن أل العوجاء قاؿ‪ :‬قاؿ عبر بن اػبطاب‪ :‬واهلل ما أدري‪ :‬أمتليفػة أنػا أـ ملػ ؟‬
‫ف ف كنز مل ًكا فهذا أمر عظيم! قاؿ قا ل‪ :‬يا أمك اؼبؤمنني إف بينهبا فرقًا ‪ .‬قاؿ‪ :‬ما هو ؟ قاؿ‪:‬‬
‫اػبليفة ال يأمتذ إال ح ًقا وال يضع إال ى حق فأنز حببػد اهلل كػذل ‪ .‬واؼبلػ يعسػه فيأمتػذ‬
‫من هذا ويعط هذا‪ :‬فسكز عبر (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫وروى الط ي‪ :‬أف رجبلً كاف بين وبني عبر قرابة فسأل فزبرخ (دفع ) وأمترج ف ُكلرم فيػ فقيػل‪:‬‬
‫ي ػػا أم ػػك اؼب ػػؤمنني؛ ف ػػبلف س ػػأل فزبرت ػ وأمترجت ػ فق ػػاؿ‪ :‬إن ػ س ػػأل م ػػن م ػػاؿ اهلل (م ػػاؿ اعبباع ػػة‬
‫والدولػة) فبػا معػذرن عنػػد اهلل إف لقيتػ مل ًكػا متا نًػا؟! (تػػاريمل الطػ ي‪ -49/5 :‬اؼبطبعػة اغبسػػينية‬
‫دبصر)‪.‬‬
‫اليرط الرابع‪ -‬موافقة أهل اليورى والرأي ى األمة‪:‬‬
‫وال هبوز أف ينفرد اإلمػاـ ‪-‬ر ػيس الدولػة األعلػى‪ -‬فضػبلً عػن نوابػ ووالتػ ى األقػاليم بفػرض هػذخ‬
‫الضػرا وربديػػد مقاديرهػػا وأمتػػذها مػػن النػػاس ب ػل ال بػػد أف يػػتم ذل ػ دبوافقػػة رجػػاؿ اليػػورى‬
‫أيضػػا ب ػراءة‬
‫وأهػػل اغبػػل والعقػػد ى األمػػة‪ .‬وقػػد قلنػػا‪ :‬إف األصػػل ى أم ػواؿ األف ػراد اغبرمػػة واألصػػل ً‬
‫الذمم من التكاليه ف ذا كانز اغباجة واؼبصلحة توج أمتػذ بعػض اؼبػاؿ مػن حا زيػ وتكليػه‬
‫النػػاس أعبػػاء ماليػػة فهػػذا أمػػر متطػػك ال يص ػ البػػز في ػ إال بػرأي أوَ الػرأي وموافقػػة أهػػل اغبػػل‬
‫والعقد فهم الذين يستطيعوف مراعاة اليػروط السػالفة فيتبينػوف وجػوخ اغباجػة إَ اؼبػاؿ ويعرفػوف‬
‫كفاية اؼبوارد األمترى أو ع زها ويضعوف مػن التنظػيم مػا يكفػل توزيػع أعبػاء الضػريبة علػى الرعيػة‬
‫بالعدؿ مستعينني باػب اء وأهل االمتتصاص ه يراقبوف بعد ذل صرؼ اغبصيلة الب ُذبػط فيبػا‬
‫ُصبعز ألجل من اؼبصاً واؼبرافق واإلنتاج واػبدمات‪.‬‬

‫السنة‬
‫وجوب اليورى من الكتاب و ُ‬

‫السنة‪:‬‬
‫وال نقوؿ ذل من عند أنفسنا فهذا ما يدؿ علي الكتاب و ُ‬
‫عنصرا أساسيًا من العناصر الب تكوف اةتبع اؼبؤمن قاؿ تعػاَ‪:‬‬ ‫أما الكتاب‪ :‬فقد جعل اليورى ً‬
‫ػاه ْم يُ ِنف ُق ػ ػ ػػو َف)‬ ‫(وال ػ ػ ػػذيِن اس ػ ػ ػػت ابواْ لِػ ػ ػػررهبِم وأقَػ ػ ػػامواْ الص ػ ػ ػػبلةَ وأم ػ ػ ػػرهم و ػ ػ ػػورى بػي ػ ػ ػػن ِ‬
‫هم َوفب ػ ػ ػػا َرَزقْػنَػ ػ ػ ُ‬
‫َ ْ َ ُ ْ ُ َ َْ َ ْ‬ ‫َ ْ ََُ َ ْ َ ُ‬
‫(الي ػػورى‪ )38:‬ف ع ػػل الي ػػورى قرين ػػة لبلس ػػت ابة هلل وإقام ػػة الص ػػبلة واإلنف ػػاؽ فب ػػا رزؽ اهلل‬
‫وذلػ ى العه ػد اؼبك ػ وهػػو عهػػد تقريػػر اؼببػػادئ واألصػػوؿ والطػػابع العػػاـ ألسػػلوب هػػو الوصػػه‬
‫ذما وتقر ًيعا‪.‬‬ ‫مدحا وثناءً أو ً‬ ‫ً‬
‫ػز فَػتَوك ػ ْػل َعلَ ػػى الل ػ ػ ) (آؿ‬ ‫ره ْم ِى ْ‬
‫األم ػ ػ ِر فَػ ػ ذَا َعَزْم ػ َ‬ ‫وى العه ػػد اؼب ػػدْ ن ػػزؿ قول ػ ػ تع ػػاَ‪َ ( :‬و َو ػػا ِو ُ‬
‫عبراف‪ .)459:‬وؼبا كاف العهد اؼبدْ عهد تيريع وتنظيم للب تبع اإلسبلم فقد ازبذت اآلية‬
‫أسلوب األمر وكاف الطابع العاـ هو األمر والنه ‪.‬‬
‫وفبػػا هبػػدر بػػاألمر أف هػػذخ اآليػػة نزلػػز بعػػد غػػزوة "أُحػػد" الػػب استيػػار النػ صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‬
‫فيها أصحاب ‪ :‬أيقعد باؼبدينة أـ ىبػرج إَ العػدو؟ فأوػار عليػ صبهػورهم بػاػبروج إلػيهم فصػرج وٍ‬
‫يكػػن ذل ػ مػػن رأي ػ وكانػػز العاقبػػة قتػػل سػػبعني مػػن الصػػحابة ى سػػبيل اهلل‪ .‬ومػػع هػػذخ النتي ػػة‬
‫نزلز اآلية تؤكد اليورى وتأمر هبا‪َ ( :‬و َوا ِوْرُه ْم) أي ُد ْـ على مياورهتم وال يبنعن ما حدث مػن‬
‫اؼبياورة فبا ندـ من استيار‪.‬‬
‫السنة‪ :‬فكاف صلى اهلل علي وسلم يياور أصحاب ى األمور اؽبامة الب ٍ يوح إلي فيها بأمر‬ ‫وأما ُ‬
‫مػػن اهلل ؛ وػػاورهم يػػوـ "بػػدر" ى الػػذهاب إَ العػػك وٍ يكتػػه بػرأي اؼبهػػاجرين حػػك اطبػػأف إَ‬
‫أيضا أين يكػوف اؼبنػزؿ فنػزؿ علػى رأي اغببػاب بػن اؼبنػذر ووػاورهم ى‬ ‫موافقة األنصار وواورهم ً‬
‫اػبروج يوـ "أحد" ‪-‬كبا ذكرنا‪ -‬وواورهم يوـ "اػبندؽ" ى مصاغبة األحزاب ب لث شبار اؼبدينػة‬
‫عامئػػذ فػػأىب ذلػ عليػ السػػعداف ‪-‬سػػعد بػػن معػػاذ وسػػعد بػػن عبػػادة‪ -‬فػ ؾ ذلػ ووػػاورهم يػػوـ‬
‫"اغبديبية" ى أف يبيل على ذراري اؼبيركني فقاؿ ل الصدريق‪ :‬إنا ٍ قب ء لقتاؿ أحد وإمبػا جئنػا‬
‫معتبػرين فأجاب ػ إَ مػػا قػػاؿ وقػػاؿ صػػلى اهلل عليػ وسػػلم ى قصػػة اإلفػ ‪( :‬أوػػكوا علػ معيػػر‬
‫اؼبس ػػلبني ى ق ػػوـ أبن ػوا (أي اهتبوه ػػا واألب ػػن‪ :‬التهب ػػة وأبن ػػز الرج ػػل‪ :‬إذا رميت ػ خبلػػة س ػػوء فه ػػو‬
‫مأبوف) أهل ورمػوهم) واستيػار عليًػا وأسػامة ى فػراؽ عا يػة رشػ اهلل عنهػا (تفسػك ابػن ك ػك‪:‬‬
‫‪ - 426/4‬طبعة اغبل )‪.‬‬
‫ق ػػاؿ اب ػػن ك ػػك بع ػػد أف ذك ػػر ه ػػذخ اؼبي ػػاورات كله ػػا‪" :‬فك ػػاف ص ػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم يي ػػاورهم ى‬
‫اغبػػروب وكبوهػػا وقػػد امتتلػػه الفقهػػاء‪ :‬هػػل كػػاف ذل ػ واجبًػػا علي ػ أو مػػن بػػاب النػػدب تطييبًػػا‬
‫لقلوهبم؟ على قولني"‪ .‬أهػ (اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫ولػػئن جػػاز اػبػػبلؼ ى وػػأف الرسػػوؿ اؼبعصػػوـ اؼبؤيػػد بػػالوح ال هبػػوز اػبػػبلؼ فػػيبن بعػػدخ مػػن‬
‫األ ب ػػة واألم ػراء وأص ػػحاب الس ػػلطاف واآلي ػػة ص ػػروبة ى األم ػػر واألم ػػر ى أص ػػل يفي ػػد الوج ػػوب‪.‬‬
‫وح ػػرص الرس ػػوؿ ص ػػلى اهلل عليػ ػ وس ػػلم عل ػػى تنفي ػػذ اؼبي ػػاورة ى األم ػػور اؽبام ػػة ي ػػرج الوج ػػوب‬
‫وذبارب األمة اإلسبلمية ى تارىبها الطويل مع اؼبستبدين وما جرخ االستبداد عليها من ويبلت ‪-‬‬
‫ربتم علينا هذا الفهم ى اآلية الكريبة‪.‬‬
‫هل اليورى ُمعلِبة أـ ملزمة؟‬

‫بق هنا سؤاؿ‪ :‬هل هذخ اليورى ملزمة لوُ األمر؟‬


‫واعبواب‪ :‬نعم وال و ‪.‬‬
‫والػػدليل علػػى ذل ػ ‪ :‬أف الرسػػوؿ صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم كػػاف بعػػد اؼبيػػاورة ينػػزؿ عػػن رأي ػ إَ رأي‬
‫صبهور أصحاب كبا ذكرناخ ى أك ر من موقه‪.‬‬
‫وذكر ابن ك ك‪ :‬أف ابن مردوي روى عن عل ّ بن أل طال رش اهلل عنػ قػاؿ‪ :‬سػئل رسػوؿ اهلل‬
‫ػز فَػتَوك ػ ْػل َعلَػػى اهللِ) (آؿ عب ػراف‪:‬‬ ‫صػػلى اهلل علي ػ وس ػػلم ع ػػن الع ػػزـ ى اآلي ػػة الكريبػػة‪( :‬فَ ػ َذا َعَزْم ػ َ‬
‫‪ .)459‬فقاؿ‪( :‬مياورة أهل الرأي ه اتباعهم) (تفسك ابن ك ك ‪ -‬اؼبرجع السابق)‪.‬‬
‫ولو ٍ تكن اليورى ملزمة لفقدت قيبتهػا وأثرهػا وجعػل منهػا اؼبسػتبدوف "سب يليػة" يضػحكوف هبػا‬
‫عل ػػى الي ػػعوب فيي ػػاوروف ه يفعل ػػوف م ػػا يي ػػاءوف أو يي ػػاوروف وىب ػػالفوف كب ػػا زعب ػوا ى و ػػأف‬
‫النسػػاء (هبػػري علػػى ألسػػنة بعػػض النػػاس كلبػػة " وػػاوروهن ومتػػالفوهن" بػػزعم أمػػا حػػديث نبػػوي‬
‫صػػاالً َعػػن تَػ َػر ٍ‬
‫اض‬ ‫ِ‬
‫ويكفينػػا دلػػيبلً علػػى بطبلن ػ قول ػ تعػػاَ ى وػػأف الوالػػدين مػػع الرشػػيع‪َ " :‬أر َادا ف َ‬
‫ِ‬
‫ػاح َعلَْيػ ُه َبػا" ‪-‬البقػرة‪ .233 :‬قػاؿ ال ػوري وغػكخ‪ :‬ال هبػوز لواحػد منهبػا أف‬ ‫مْنػ ُه َبا َوتَ َياوٍر فَبل ُجنَ َ‬
‫يستبد بذل من غك مياورة اآلمتر ‪-‬ابن ك ك‪ .)84/4 :‬على أف من حػق أهػل اغبػل والعقػد ى‬
‫األمة أف يي طوا عل وَ األمر أف يستيكهم وجوبًا ى كل أمر هاـ م ػل فػرض الضػرا وأف‬
‫يلتزـ رأى األغلبية فهػو إذا قَبِ َػل اغبكػم وسبػز لػ البيعػة علػى هػذا اليػرط ٍ هبػز لػ أف ينقضػها‬
‫ففػ ػ اغب ػػديث‪( :‬اؼبس ػػلبوف عل ػػى وػ ػروطهم) (رواخ أب ػػو داود ى كت ػػاب األقض ػػية واب ػػن ماجػ ػ ى‬
‫أيضا ابن حباف ورواخ ال مذي‬ ‫األحكاـ واغباكم عن أل هريرة وصحح على ورطهبا وصحح ً‬
‫مػن طريػػق ك ػػك بػػن عبػػد اهلل بػن عبػػرو بػػن عػػوؼ اؼبػػزْ عػػن أبيػ عػػن جػػدخ وقػػاؿ‪ :‬حسػػن صػػحي‬
‫ػكا‬
‫ولفظ ػ ‪" :‬اؼبس ػػلبوف عن ػػد و ػػروطهم إال و ػػرطًا ح ػػرـ ح ػػبلالً أو أح ػػل حرام ػػا" واع ػ ض ب ػػأف ك ػ ً‬
‫شػػعيه جػ ًػدا واعتػػذر لػ ابػػن ح ػػر فقػػاؿ‪" :‬وكأنػ اعتػ بك ػػرة طرقػ " وذلػ أف اغبػػاكم رواخ عػػن‬
‫أنس وعن عا ية ولكن إسنادخ واخ والط اْ عن رافع بن متدي وإسنادخ حسػن كبػا ى التيسػك‬
‫للبناوي ‪ .457/2‬وقد قاؿ اليوكاْ بعد ذكر روايات اؼبتعددة‪ :‬وال ىبفى أف األحاديث اؼبػذكورة‬
‫والطرؽ ييهد بعضها لبعض فأقل أحواؽبا أف يكوف "اؼب " الذي اجتبعز علي "حسنًا"‪- .‬نيل‬
‫األوطػػار‪ 254/5 :‬وانظػػر كيػػه اػبفػػا‪ 269/2 :‬وفػػيض القػػدير‪ .)272/6 :‬والوفػػاء بالعهػػد‬
‫واج حتم‪ .‬وهذا سواء قلنا‪ :‬اليورى واجبة أـ مستحبة ملزمة أـ معلبة‪.‬‬
‫هػػذا واآليػػة الكريبػػة ٍ تػػذكر األمػػور الػػب تكػػوف فيهػػا اليػػورى غػػك أمػػا ذكػػرت كلبػػة جامعػػة ه ػ‬
‫كلبة "األمر" وهو ييػبل كػل أمػر عػاـ يتعلػق بعبػوـ النػاس ويػؤثر ى مصػاغبهم وأحػواؽبم كػأمر‬
‫اغبروب واؼبعاهدات بني الدوؿ وما واب ذل ‪.‬‬
‫وال ري ػ أف فػػرض الض ػرا علػػى األمػػة مػػن أهػػم األمػػور وأبعػػدها أثػ ًػرا ى حيػػاة اليػػعوب وؽبػػذا‬
‫تنل الدوؿ الديبقراطية اؼبعاصرة على أال تفػرض شػريبة علػى اليػع إال موافقػة فب ليػ ى اةػالس‬
‫النيابية‪.‬‬

‫اؼببحث ال الث‬

‫وبهات اؼبانعني لفرض الضرا‬

‫ردبػػا يظػػن بعػػض النػػاس أف الزكػػاة تغ ػ عػػن غكهػػا وأنػ ال هبػػوز فػػرض شػػريبة بعػػدها وقػػد ي بتػػوف‬
‫هذا ويؤيدون ببعض اليبهات الب قببلها فيبا يل ‪:‬‬

‫اليبهة األوَ ‪ -‬أف ال حق ى اؼباؿ سوى الزكاة‪:‬‬


‫إف اؼبيػػهور عػػن الفقهػػاء أف ال حػػق ى اؼبػػاؿ سػػوى الزكػػاة ومػػا دامػػز الزكػػاة هػ اغبػػق الوحيػػد ى‬
‫اؼباؿ فبل هبوز أف تُفرض في حقوؽ أمترى باسم الضرا أو غكها‪.‬‬

‫اليبهة ال انية ‪ -‬اح اـ اؼبِْلكية اليصصية‪:‬‬

‫إف اإلسبلـ قػد احػ ـ اؼبلكيػة اليصصػية وجعػل كػل إنسػاف أحػق دبالػ وحػرـ األمػواؿ كبػا حػرـ‬
‫الػػدماء واألعػراض حػػك جػػاء ى اغبػػديث‪( :‬مػػن قُتِػػل دوف مال ػ فهػػو وػػهيد) (رواخ اعبباعػػة)‪ .‬وال‬
‫وبل أمتذ ماؿ امرئ إال بطي نفس من ‪.‬‬
‫والضرا ‪-‬مهبا يقل القا لوف ى ت يرها وتفسكها‪ -‬ليسز إال مصادرة عبزء من اؼباؿ يؤمتذ مػن‬
‫كرها‪.‬‬
‫قسرا و ً‬
‫أرباب ً‬

‫اليبهة ال ال ة ‪ -‬األحاديث الواردة بذـ اؼبكس ومنع العيور‪:‬‬

‫إف األحاديث النبوية جاءت بذـ اؼبكوس والقا بني عليها وإيعادهم بالنار واغبرماف من اعبنة‪.‬‬
‫ػكا علػى مصػر‪ -‬علػى رويفػع‬ ‫فعن أل اػبك رش اهلل عن قػاؿ‪( :‬عػرض مسػلبة بػن ـبلػد ‪-‬وكػاف أم ً‬
‫ػز رسػػوؿ اهلل صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم‬‫بػػن ثابػػز رش ػ اهلل عن ػ أف يولي ػ العي ػػور فقػػاؿ‪ :‬إْ ظبعػ ُ‬
‫يقوؿ‪ :‬صاح اؼبكس ى النار) (رواخ أضبػد مػن روايػة ابػن ؽبيعػة والطػ اْ كبػوخ وزاد‪ :‬يعػ العاوػر‬
‫‪-‬ال غي وال هي ‪ 568/4 :‬طبع اغبل )‪.‬‬
‫وعػػن عقبػػة بػػن عػػامر أن ػ ظبػػع رسػػوؿ اهلل صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم يقػػوؿ‪( :‬ال يػػدمتل اعبنػػة صػػاح‬
‫مكس) (رواخ أبو داود وابن متزيبة ى صحيح واغبػاكم كلهػم مػن روايػة ؿببػد بػن إسػحاؽ وقػاؿ‬
‫اغباكم‪ :‬صحي على ورط مسػلم‪ .‬قػاؿ اؼبنػذري‪ :‬كػذا قػاؿ ومسػلم إمبػا متػرج حملبػد بػن إسػحاؽ‬
‫ى اؼبتابعات ‪-‬اؼبصدر السابق‪.)567-566/4 :‬‬
‫وهذا اغبديث والذي قبل وإف كاف فيهبا كػبلـ يؤيػدنبا اغبػديث الػذي رواخ مسػلم ى صػحيح‬
‫ى قصة اؼبرأة الغامدية الب ضبلز من الزنا وأقاـ الن صػلى اهلل عليػ وسػلم عليهػا اغبػد باع افهػا‬
‫بعػػد أف وشػػعز وفطبػػز وليػػدها وى هػػذا اغبػػديث‪( :‬لقػػد تابػػز توبػػة لػػو تاهبػػا صػػاح مكػػس‬
‫لغُِفَر ل )‪.‬‬
‫دؿ هذا اغبديث علػى أف ذنػ صػاح اؼبكػس أوػد مػن ذنػ امػرأة زنػز وهػ متزوجػة وضبلػز‬
‫من الزنا وهذا من أود الوعيد‪.‬‬
‫كبا يعضد هذخ األحاديث ما ورد ى ذـ "العيارين" مػن أحاديػث إذا ٍ تبلػغ درجػة الصػحة أو‬
‫اغبُسن ف ف بعضها يقوى ببعض‪.‬‬
‫مػػن ذلػ مػػا رواخ الطػ اْ ى الكبػػك بسػػندخ عػػن ع بػػاف بػػن أل العػػاص عػػن النػ صػػلى اهلل عليػ‬
‫وسػػلم‪( :‬إف اهلل يػػدنو مػػن متلق ػ فيغفػػر ؼبػػن يسػػتغفر إال لبغ ػ بفرجهػػا أو عيػػار) (ذكػػرخ ى ؾببػػع‬
‫أيضػػا‪ .‬قػػاؿ‪ :‬ورجػػاؿ أضبػػد رجػػاؿ‬ ‫الزوا ػػد ‪ 88/3‬بألفػػاظ عػػدة عػػن الكبػػك واألوس ػ وعػػن أضبػػد ً‬
‫الصحي إال أف في عل بن زيد وفي كبلـ وقد وثق)‪.‬‬
‫قاؿ ابن األثك ى النهايػة (النهايػة ى غريػ اغبػديث‪ -446/4 :‬طبعػة اؼبطبعػة اػبكيػة)‪" .‬اؼبكػس‬
‫الضريبة الب يأمتذها اؼباكس وهو العيار"‪.‬‬
‫مكسػػا باسػػم العُيػػر‬
‫ً‬ ‫وقػػاؿ البغػػوي‪" :‬يريػػد بصػػاح اؼبكػػس الػػذي يأمتػػذ مػػن الت ػػار إذا مػػروا عليػ‬
‫مكس ػػا باس ػػم العُي ػػر‬
‫(ال غي ػ وال هي ػ ‪ .)567/4 :‬ق ػػاؿ اؼبن ػػذري‪ :‬أم ػػا اآلف فػ ػ مم يأمت ػػذوف ً‬
‫أمتر ليس ؽبا اسم بل و ء يأمتذون حر ًاما وسحتًا ويأكلون ى بطومم ن ًػارا ُح ػتهم‬ ‫ومكوسا َ‬
‫ً‬
‫في داحضة عند رهبم وعليهم غض وؽبم عذاب وديد" (اؼبرجع السابق‪.)567/4 :‬‬
‫وقاؿ اؼبناوي ى صاح اؼبكس‪ :‬اؼبراد ب العيار وهو الذي يأمتذ الضريبة من الناس‪ .‬ونقل عن‬
‫الطي ػ قول ػ ‪ :‬وفي ػ أف اؼبكػػس مػػن أعظػػم اؼبوبقػػات‪ .‬وعػػدخ الػػذه مػػن الكبػػا ر (كبػػا ى صػػفحة‬
‫‪ 449‬م ػػن "الكب ػػا ر" لل ػػذه ‪ .‬مطبع ػػة البي ػػاف ب ػػكوت‪ .‬ولك ػػن ال ػػذه ٍ وب ػػدد م ػػا ه ػػو اؼبك ػػس‬
‫بالضب بل قاؿ‪" :‬اؼبكاس من أك أعواف الظلبة بل هو من الظلبة أنفسهم ف ن يأمتذ ما ال‬
‫يستحق ويعطي من ال يستحق"‪ .‬وكػذل عػدخ ابػن ح ػر اؽبي بػ ى الزواجػر‪ ).‬ه قػاؿ "فيػ وػب‬
‫من قاطع الطريق وهو ور من اللل‪ .‬ف ف عسه الناس وجدد عليهم شرا فهو أظلم وأغيم‬
‫فبػػن أنصػػه ى مكسػ ورفػػق برعيتػ ‪ .‬وجػػال اؼبكػػس وكاتبػ وآمتػػذخ مػػن جنػػدي ووػػيمل وصػػاح‬
‫زاوية وركاء ى الزور أ َكالوف للسحز" أ هػ (فيض القدير‪.)449/6 :‬‬
‫أيضػػا ى رفػػع العيػػور عػػن أهػػل اإلسػػبلـ‪ .‬م ػػل مػػا رواخ‬
‫ويلحػػق باألحاديػػث الػػب ذكرناهػػا مػػا جػػاء ً‬
‫سعيد بػن زيػد قػاؿ‪ :‬ظبعػز رسػوؿ اهلل صػلى اهلل عليػ وسػلم يقػوؿ‪( :‬يػا معيػر العػرب اضبػدوا اهلل‬
‫الذي رفع عنكم العيور) (قاؿ ى ؾببع الزوا ػد ‪ :87/3‬رواخ أضبػد وأبػو يعلػى والبػزار وفيػ رجػل‬
‫ٍ يسم وبقية رجال موثقوف)‪.‬‬
‫ومػػا رواخ رجػػل عػػن النػ صػػلى اهلل عليػ وسػػلم‪( :‬إمبػػا العيػػور علػػى اليهػػود والنصػػارى ولػػيس علػػى‬
‫اؼبسػػلبني عيػػور) وى بعػػض طرقػ ‪( :‬ولػػيس علػػى أهػػل اإلسػػبلـ عيػػور) (رواخ أضبػػد ‪ 474/3‬مػػن‬
‫طريق عطاء بن السا عن رجل من بكر بػن وا ػل عػن متالػ قػاؿ‪ :‬قلػز‪ :‬يػا رسػوؿ اهلل أعيػر‬
‫قػػوم ؟ قػػاؿ‪" :‬إمبػػا العيػػور"‪ ..‬إٌ‪ ..‬ومػػن طريػػق عطػػاء نفسػ عػػن حػػرب بػػن عبيػػد اهلل ال قفػ عػػن‬
‫أيضا عن حرب بن هػبلؿ ال قفػ عػن أل أميػة ‪-‬كػذا‪ -‬رجػل مػن بػ تغلػ ‪:‬‬ ‫متال ‪ ..‬وعن عطاء ً‬
‫أن ظبع الن صلى اهلل علي وسلم يقوؿ‪" :‬ليس على اؼبسػلبني عيػور" ‪ ..‬إٌ‪ .‬ورواخ أبػو داود ى‬
‫سنن عن حرب بن عبيد اهلل بن عبك عػن جػدخ أل أمػ عػن أبيػ يرفعػ ‪-‬انظػر‪ :‬ـبتصػر السػنن ‪-‬‬
‫األحاديث ‪ 254-253/4 :2927 2926 2925 2924‬وكبلـ اؼبنذري عليها ‪ .‬قػاؿ‬
‫عبد اغبق‪ :‬وهو حديث ى سندخ امتتبلؼ وال أعلب من طريق ُوبت ب ‪.‬‬
‫وقاؿ ابن القطاف‪ :‬حرب هػذا سػئل عنػ ابػن معػني فقػاؿ‪ :‬ميػهور وذا غػك كػاؼ ى ت بيتػ فكػم‬
‫من ميهور ال يُقبل‪ .‬أما جدخ أبو أم فبل يُعرؼ أصبلً فكيه أبوخ؟!‬
‫وقاؿ اؼبناوي‪ :‬رواخ البصاري ى تارىب الكبك وساؽ اشطراب الرواة في وقاؿ‪ :‬ال يتابع علي ‪.‬‬
‫وذكرخ ال مذي ى الزكاة ‪-‬باب‪ :‬ليس على اؼبسلبني جزية‪ -‬بغك سند‪ .‬ورواخ أضبد ى اؼبسػند عػن‬
‫الرجػػل اؼبػػذكور‪ .‬قػػاؿ اؽبي ب ػ ‪ :‬وفي ػ عطػػاء بػػن السػػا امتػػتل وبقيػػة رجال ػ ثقػػات ‪-‬الفػػيض‪:‬‬
‫‪ . 564/2‬والع ي أف اؼبناوي ذكر هذا ى الفيض ولكن ى "التيسك" ‪ 358/4‬قاؿ‪ :‬إسنادخ‬
‫حسن أو صحي !!)‪.‬‬
‫قاؿ اؼبناوي ى ورح هذا اغبديث ى "التيسك"‪" :‬إمبا" ذب "العيور علػى اليهػود والنصػارى" فػ ذا‬
‫صوغبوا على العُير وقز العقد أو على أف يدمتلوا ببلدنا للت ارة ويؤدوا العُير أو كبوخ لزمهم‪.‬‬
‫"وليس على اؼبسلبني عيور" غك عيور الزكاة وهذا أصل ى ربرٓ أمتذ اؼبكس مػن اؼبسػلم‪ .‬أه ػ‬
‫التيسك‪.358/4 :‬‬
‫هػػذخ ه ػ وػػبهات الػػذين ال هبيػػزوف فػػرض ش ػرا جب ػوار الزكػػاة بعػػد أف بسػػطناها ووشػػحناها‬
‫وسنرد عليها فيبا يل ‪:‬‬

‫الرد على اليبهة األوَ‪:‬‬

‫أما اليبهة األوَ فقػد فرغنػا مػن الػرد عليهػا ى البػاب السػابق‪ .‬وبينػا باألدلػة الناصػعة‪ :‬أف ى اؼبػاؿ‬
‫ح ًقا بل حقوقًا سوى الزكاة وأف هذا أمر ؾببع علي ى الواقع‪.‬‬

‫الرد على اليبهة ال انية‪:‬‬

‫اؼبلكية اليصصية ال تناى تعلق اغبقوؽ باؼباؿ‪:‬‬


‫إ ّف اح اـ اإلسبلـ للبلكية الفرديػة ال ينػاى تعلػق اغبقػوؽ باؼبػاؿ فللفقػراء والضػعفاء حػق ى اؼبػاؿ‬
‫دبقتضػى أمتػوهتم اإلنسػػانية وأمتػوهتم الدينيػة وحبكػػم حػاجتهم وع ػزهم عػػن الكسػ دبػا ال دمتػػل‬
‫ؽبم في إَ غك ذل من الوجوخ الب أثبتناها‪.‬‬
‫ولل باعة حق ى ماؿ الفرد ألن ٍ يكس مال إال هبا وه الب سانبز من قري ومن بعيد‬
‫وعن قصد وغك قصد ى تكوين ثروة الغ وه الب بػدوما ال تػتم معييػت ك نسػاف ى اؼبدينػة‬
‫فاإلنساف مدْ بطبع كبا قالوا‪.‬‬
‫وقبل ذل كل ؛ هناؾ حق اهلل تعػاَ ى اؼبػاؿ فهػو متالقػ وواهبػ وميسػر السػبيل إليػ واؼبػاؿ ى‬
‫اغبقيقة مال والناس أمناء علي مستصلفوف في وليس لؤلمني أو الوكيل أو اؼبستصله أف يستأثر‬
‫دبا هو مؤسبن علي بل يبذل ويبذؿ من كلبا طل اؼبال من ويئًا يقل أو يك ر‪.‬‬
‫ف ػ ذا كػػاف ى الدولػػة اإلسػػبلمية ؿبتػػاجوف ٍ تكفهػػم الزكػػاة أو كانػػز مصػػلحة اعبباعػػة وتأمينهػػا‬
‫عسكريًا واقتصاديًا تتطل ماالً لتحقيقهػا أو كػاف ديػن اهلل ودعوتػ وتبليػغ رسػالت وبتػاج إَ مػاؿ‬
‫إلقام ػػة ذل ػ ‪ .‬ف ػ ف الواج ػ ال ػػذي وبتب ػ اإلس ػػبلـ أف تُف ػػرض ى أم ػواؿ األغني ػػاء م ػػا وبق ػػق ه ػػذخ‬
‫األمور ألف ربقيقها واج على والة األمر ى اؼبسلبني وال يتم هذا الواج إال باؼباؿ وال مػاؿ‬
‫بغك فرض الضرا وما ال يتم الواج إال ب فهو واج ‪.‬‬

‫الرد على اليبهة ال ال ة‪:‬‬

‫اؼبكس غك الضريبة اؼبيروعة‪:‬‬


‫فأما األحاديث الػواردة ى ذـ اؼبكػس فأك رهػا ٍ ت بػز صػحت كبػا رأينػا‪ .‬ومػا صػ منهػا فلػيس‬
‫نصػػا ى منػػع مطلػػق الض ػريبة ذل ػ أف كلبػػة "اؼبكػػس" ال ي ػراد هبػػا مع ػ واحػػد ؿب ػدد لغػػة أو‬
‫هػػو ً‬
‫ورعا‪.‬‬
‫ً‬
‫ى "اللساف"‪ :‬اؼبكس دراهم كانز تؤمتذ من با ع السلع ى األسواؽ اعباهلية‪.‬‬
‫وفي ‪ :‬واؼبكس ما يأمتذخ العُيار‪.‬‬
‫وقاؿ ابن األعرال‪:‬‬
‫اؼبك ػػس دره ػػم ك ػػاف يأمت ػػذخ اؼبص ػػدؽ (ج ػػال الص ػػدقة) بع ػػد فراغ ػ ‪ .‬ه ذك ػػر ح ػػديث‪( :‬ال ي ػػدمتل‬
‫صاح مكس اعبنة)‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬اؼبكس‪ :‬الضريبة الب يأمتذها اؼباكس وأصل اعبباية‪.‬‬ ‫وفي ً‬
‫وفيػ ‪ :‬اؼبكػس الػػنقل‪ .‬واؼبكػس انتقػػاص الػ بن ى البياعػة ومنػ أمتػذ اؼبكػػاس‪...‬إٌ (انظػر‪ :‬لسػػاف‬
‫العرب مادة "ـ ؾ س")‪.‬‬
‫وقػػاؿ البيهق ػ ‪ :‬اؼبكػػس النقصػػاف ف ػ ذا أنقػػل العامػػل مػػن حػػق أهػػل الزكػػاة فهػػو صػػاح مكػػس‬
‫(انظر‪ :‬فيض القدير‪.)449/6 :‬‬
‫وعلى هذا يبكػن ضبػل مػا جػاء ى صػاح اؼبكػس علػى اؼبوظػه العامػل علػى الزكػاة الػذي يظلػم‬
‫ى عبل ويعتدي على أرباب األمواؿ فيأمتذ منهم مػا لػيس مػن حقػ أو يغػل مػن مػاؿ اهلل الػذي‬
‫صبع ما ليس ل فبا هػو مػن حػق الفقػراء واؼبسػاكني وسػا ر اؼبسػتحقني‪ .‬وقػد يػدؿ لػذل مػا جػاء‬
‫عػػن بعػػض الػػرواة مػػن تفسػػك العاوػػر بالػػذي يأمتػػذ الصػػدقة علػػى غػػك حقهػػا (انظػػر‪ :‬ؾببػػع الزوا ػػد‪:‬‬
‫‪ .)88-87/3‬كبا أف أبا داود أمترج اغبديث ى باب "ى السعاية على الصدقة"‪.‬‬
‫كبا يؤيد هذا ما ورد من أحاديث رببل أغلي الوعيد للعباؿ اؼبعتدين ى الصدقات وقػد ذكرنػا‬
‫طرفًا منها ى فصل "العاملني عليها" من مصارؼ الزكاة‪ .‬وؽبذا طل عدد من الصحابة ‪-‬كسػعد‬
‫بػػن عبػػادة وأبػػن مسػػعود وعبػػادة بػػن الصػػامز‪ -‬مػػن الن ػ صػػلى اهلل عليػ وسػػلم أف يعفػػيهم مػػن‬
‫العبل على الصدقات حني ظبعوا ما فيها مػن التيػديد فصيػوا علػى أنفسػهم أف تلفحهػم النػار‬
‫فاست اب الرسوؿ صلى اهلل علي وسلم إَ رغباهتم وأعفاهم‪.‬‬
‫وهناؾ ؿببل آمتر لكلبة "اؼبكس" لعل هو األظهر واؼبراد هبا‪ :‬الضرا اعبا رة الب كانز تسػود‬
‫العػػاٍ يػػوـ ظهػػور اإلسػػبلـ‪ .‬فقػػد كانػػز تُؤمتػػذ بغػػك حػػق وتُنفػػق ى غػػك حػػق وال تػػوزع أعباؤهػػا‬
‫بالعػ ػػدؿ‪ ٍ .‬تكػ ػػن هػ ػػذخ الض ػ ػرا تُنفػ ػػق ى مصػ ػػاً اليػ ػػعوب بػ ػػل ى مصػ ػػاً اؼبلػ ػػوؾ واغبكػ ػػاـ‬
‫ػكا مػػا أعفػ‬
‫ووػػهواهتم وأتبػػاعهم وٍ تكػػن تؤمتػػذ مػػن اؼبػواطنني حسػ قػػدرهتم علػػى الػػدفع فك ػ ً‬
‫الغ ؿباباة وأرهق الفقك عدوانًا‪ .‬وهكذا تأول بعض العلباء‪.‬‬
‫قاؿ ى "التبيني" من كت اغبنفية‪ :‬وما ورد مػن ذـ "العيػار" ؿببػوؿ علػى مػن يأمتػذ أمػواؿ النػاس‬
‫ظلبا كبا يفعل الظلبة اليوـ (انظر‪ :‬البحر الرا ق‪.)249/2 :‬‬ ‫ً‬
‫وكذا قاؿ ى "الدر اؼبصتار" (الدر اؼبصتار وحاويت ‪ )42/2 :‬وغكخ‪.‬‬
‫فهػػذا النػػوع مػػن الض ػرا هػػو أوَ مػػا يطلػػق علي ػ اسػػم "اؼبكػػس" الػػذي جػػاء في ػ ذل ػ الوعيػػد‬
‫اليديد‪ .‬وكذل ما ورد ى ذـ "العيار" فهو ى وأف ذل اعبال الذي يستصدم الظلبػة سػوط‬
‫ػكا مػػا يقػػاظبهم الظلػػم وي ػػرى‬‫عػػذاب إلرهػػاؽ اليػػع دبػػا لػػيس ى طاقتػ مػػن تكػػاليه ماليػػة وك ػ ً‬
‫على حساب الكادحني واؼبظلومني‪.‬‬
‫وه ػػذا يط ػػابق ق ػػوؿ ال ػػذه ى الكب ػػا ر‪" :‬اؼبك ػػاس م ػػن أك ػ أع ػواف الظلب ػػة ب ػػل ه ػػو م ػػن الظلب ػػة‬
‫أنفسهم ف ن يأمتػذ مػا ال يسػتحق ويعطيػ ؼبػن ال يسػتحق" (الكبػا ر ص‪ .449‬الكبػكة السػابعة‬
‫والعيروف)‪.‬‬
‫أما الضرا الب تُفرض باليروط الب ذكرناها لتغط نفقات اؼبيزانية وتسػد حاجػات الػببلد مػن‬
‫اإلنتػػاج واػبػػدمات وتقػػيم مصػػاً األمػػة العامػػة العسػػكرية واالقتصػػادية وال قافيػػة وغكهػػا وتػػنهض‬
‫باليع ى صبيع اؼبيادين حػك يػتعلم كػل جاهػل ويعبػل كػل عاطػل وييػبع كػل جػا ع ويػأمن‬
‫كل متا ه ويُعاي كل مريض‪.‬‬
‫أما هذخ الضرا ؽبذخ األغراض اؼبذكورة وما واهبها فبل يي ذو بصر باإلسبلـ أما جػا زة بػل‬
‫واجبػػة اآلف وللحكومػػة اإلسػػبلمية اغبػػق ى فرشػػها وأمتػػذها مػػن الرعيػػة حس ػ اؼبصػػلحة وبقػػدر‬
‫اغباجة‪.‬‬
‫حديث رفع العيور عن اؼبسلبني ومعناخ‪:‬‬
‫وأما حديث رفع العيور عن اؼبسلبني فبع أن ٍ يص ليس صػري الداللػة علػى مػا قػالوخ‪ .‬بػل‬
‫ل أك ر من مع صحي يبكن ضبل علي بدوف تكله أو اعتساؼ‪.‬‬
‫تأويل أل عبيد‪:‬‬
‫فقد ذكر اإلماـ أبو عبيد األحاديث الواردة ى وعيػد صػاح اؼبكػس والعاوػر ومػا يعضػدها مػن‬
‫اآلثار ه قاؿ‪" :‬وجوخ هذخ األحاديث الب‬
‫كرنػػا فيهػػا العاوػػر وكراهػػة اؼبكػػس والتغلػػيي في ػ ‪ :‬أن ػ قػػد كػػاف ل ػ أصػػل ى اعباهليػػة يفعل ػ ملػػوؾ‬
‫صبيعػػا فكانػػز ُسػػنتهم أف يأمتػػذوا مػػن الت ػػار عُيػػر أمػواؽبم إذا مػػروا هبػػا علػػيهم‪..‬‬
‫العػػرب والع ػػم ً‬
‫يبػػني ذلػ مػػا ذكرنػػاخ مػػن كتػ النػ صػلى اهلل عليػ وسػػلم ؼبػػن كتػ مػػن أهػػل األمصػػار (أمػػم ال‬
‫وبيروف وال يعيروف) فعلبنا هبذا‪ :‬أن قد كػاف مػن سػنة اعباهليػة مػع أحاديػث فيػ ك ػكة فأبطػل‬
‫اهلل ذل برسول وباإلسبلـ وجاءت فريضة الزكػاة بربػع العُيػر مػن كػل مػا ب درهػم طبسػة فبػن‬
‫أمتػػذها مػػنهم علػػى فرشػػها فلػػيس بعاوػػر ألن ػ ٍ يأمتػػذ العُيػػر؛ إمبػػا أمتػػذ ربع ػ وهػػو مفسػػر ى‬
‫اغبػػديث‪( :‬لػػيس علػػى اؼبسػػلبني عيػػور إمبػػا العيػػور علػػى اليهػػود والنصػػارى) وكػػذل اغبػػديث‬
‫مرفوعا حني ذكر العاوػر فقػاؿ‪( :‬الػذي يأمتػذ الصػدقة بغػك حقهػا)‪ ..‬وكػذل وجػ‬ ‫الذي ذكرناخ ً‬
‫ح ػػديث اب ػػن عب ػػر ح ػػني س ػػئل‪ :‬ه ػػل علب ػػز عب ػػر أمت ػػذ العُي ػػر م ػػن اؼبس ػػلبني؟ فق ػػاؿ‪ :‬ال‪ٍ .‬‬
‫ػلبا وال معاه ًػدا) إمبػا أراد‪:‬‬
‫أعلب )‪ ..‬وكذل حديث زياد بػن ُحػدير حػني قػاؿ‪( :‬مػا كنػا نعيػر مس ً‬
‫إنا كنا نأمتذ من اؼبسلبني ربع العُير ومن أهل الذمة نصه العُير" أهػ‪.‬‬
‫فػػاؼبراد برفػػع العيػػور عػػن اؼبسػػلبني إذف هػػو زبفيػػه النسػػبة الواجبػػة علػػيهم مػػن العُيػػر الػػذي كػػاف‬
‫يأمتػػذخ ملػػوؾ العػػرب والع ػػم ى اعباهليػػة إَ ربػػع العُيػػر ال ػػذي فرش ػ اإلسػػبلـ زكػػاة ى أم ػواؿ‬
‫الت ار‪.‬‬
‫واؼبػراد بػاليهود والنصػػارى إذف ى اغبػديث هػػم أهػل اغبػػرب مػنهم متاصػػة كبػا روى أبػػو عبيػد عػػن‬
‫ػلبا‬
‫عبد الرضبن بن معقل قاؿ‪ :‬سألز زياد بن حػدير‪ :‬مػن كنػتم تعيرػروف؟ قػاؿ‪ :‬مػا كنػا نعيػر مس ً‬
‫وال معاهػ ًػدا ‪ .‬قلػػز‪ :‬فبػػن كنػػتم تعيػػروف ؟ قػػاؿ‪ :‬ذبػػار اغبػػرب كبػػا كػػانوا يعيػػروننا إذا أتينػػاهم)‬
‫(األمواؿ ص‪ -768-767‬طبع دار اليروؽ)‪.‬‬
‫وهو شرب من معاملة األجان دب ل ما تعامل ب دوؽبم اؼبسلبني‪ .‬وهو مبدأ يتبع إَ اليوـ‪.‬‬
‫فأمػػا أهػػل الذمػػة مػػن اليهػػود والنصػػارى فلػػم يكػػن يؤمتػػذ مػػنهم العُيػػر كأهػػل اغبػػرب وال ربع ػ‬
‫كاؼبسلبني وإمبا يؤمتذ منهم نصػه العُيػر وقػد أوػكل ذلػ علػى أل عبيػد وٍ يػدر وجهػ ى‬
‫ػلحا‬
‫ػدبرت حػػديًا ل ػ ‪-‬أي لعبػػر‪ -‬فوجدت ػ إمبػػا صػػاغبهم علػػى ذل ػ صػ ً‬ ‫أوؿ األمػػر‪ .‬قػػاؿ‪ :‬حػػك تػ ُ‬
‫سوى جزية الرؤوس ومتػراج األرشػني وسػاؽ هػذا اغبػديث ه قػاؿ‪ :‬فػأرى األمتػذ مػن ذبػارهم ى‬
‫أصل الصل فهو اآلف حق للبسلبني عليهم (اؼبرجع السابق ص‪.)746-769‬‬
‫ولعل هذا التضعيه فيبا يبر ب ذبارهم أمػم ال يُطػالبوف بيػ ء عػن مواوػيهم ونقػودهم اؼبػدمترة‬
‫وغػك ذلػ فبػا يُطالػ بػ اؼبسػػلبوف (انظػر‪ :‬أحكػػاـ الػذميني واؼبسػػتأمنني ى دار اإلسػبلـ ‪ -‬فصػػل‬
‫"الضرا الت ارية")‪.‬‬
‫تأويل ال مذي‪:‬‬
‫وهناؾ تأويل آمتر للعيور اؼبذكورة ى اغبديث‪ :‬أف اؼبراد هبا‪" :‬اعبزية" وؽبذا جاء ى بعض روايات‬
‫أيضا تسبى "متراج الرؤوس"‪.‬‬
‫عند أل داود‪( :‬ليس على اؼبسلبني متراج) إذ كانز اعبزية ً‬
‫قاؿ اإلماـ ال مذي ى سنن ‪ :‬وقوؿ الن صلى اهلل علي وسػلم‪( :‬لػيس علػى اؼبسػلبني عيػور) إمبػا‬
‫يع ب جزية الرقبة‪ .‬وى اغبديث ما يف رسر هذا حيث قاؿ‪( :‬إمبا العيػور علػى اليهػود والنصػارى‬
‫وليس على اؼبسلبني عيور) (سنن ال مذي‪ 399/2 :‬كتاب الزكاة ‪ -‬باب "ما جاء‪ :‬ليس علػى‬
‫اؼبسلبني جزية" طباعة ضبل)‪.‬‬
‫وقد استدؿ ب على أف الذم إذا أسلم ُوشعز عن اعبزية‪.‬‬
‫رأى اؼبناوي ومناقيت ‪:‬‬
‫والع ي أف العبلمة اؼبناوي ى "التيسػك" بعػد أف قػرر أف اغبػديث أصػل ى ربػرٓ أمتػذ اؼبكػس ‪-‬‬
‫يع ػ الض ػريبة‪ -‬مػػن اؼبسػػلم قػػاؿ‪ :‬ولعػػل اػب ػ ٍ يبلػػغ عبػػر حيػػث فعل ػ (أي اؼبكػػس)‪ .‬فقػػد قػػاؿ‬
‫اؼبقريزي وغكخ‪ :‬بلغ عبػر أف ذب ًػارا مػن اؼبسػلبني يػأتوف اؽبنػد فيؤمتػذ مػنهم العُيػر فكتػ إَ أل‬
‫مر بػ مػن اؼبسػلبني مػن كػل مػا ب درهػم‬ ‫موسى األوعري وهو على البصرة‪ :‬متذ من كل تاجر ّ‬
‫طبسة دراهم ومن ذبار العهد ‪-‬يع أهل الذمة‪ -‬من كل عيرين درنبًا درهم" ه وشػع عبػر بػن‬
‫عبد العزيز ذل عن الناس‪ .‬أهػ (التيسك‪ :‬ورح اعبامع الصغك‪.)368/4 :‬‬
‫ييك هبذا إَ ما جاء عن أن كت إَ أحد والت ‪ :‬أف يضع عن الناس اؼبكػس‪ .‬وكتػ إَ آمتػر‪:‬‬
‫أف ارك ػ إَ البيػػز الػػذي بػ ػ "رف ػ " الػػذي يقػػاؿ ل ػ "بيػػز اؼبكػػس" فاهدم ػ (األم ػواؿ ‪ -‬اؼبرجػػع‬
‫السابق ص‪.)764‬‬
‫واغبق أف كبلـ اؼبناوي هنا تعوزخ الدقة والتحقيق والتبحيل‪.‬‬
‫( أ ) فقد صػح حػديث العيػور أو حسػن ولػيس هػو بصػحي وال حسػن كبػا بػني هػو نفسػ‬
‫ى "فيض القدير"‪.‬‬
‫( ب ) اف ض أف عبر عبل بضد ما جاء ب اغبديث ال ابػز ى نظػرخ ‪-‬وٍ ينبهػ عليػ أحػد مػن‬
‫الصحابة ى عهدخ رغم ك رهتم وعنايتهم بأمر دينهم وتعلقػ بػأمر مػن أمػور الدولػة الػب ال ىبفػى‬
‫عادة على صبهور الناس‪.‬‬
‫(ج ػ) اعتػ مػػا عبلػ عبػػر وأقػػرخ عليػ الصػػحابة رشػ اهلل عػػنهم أمػًػرا منكػًػرا بػػل كبػػكة مػػن الكبػػا ر‬
‫ألن من "اؼبكس" الػذي ال يػدمتل صػاحب اعبنػة! وهػذا ينػاقض مػا أمرنػا بػ مػن اتبػاع سػنة اػبلفػاء‬
‫الراودين ومنهم عبر باإلصباع‪.‬‬
‫( د ) مفهوـ كبلم ‪ :‬أف عبر بن عبد العزيز قد وشع عن الناس مظلبة بدأها عبر بػن اػبطػاب!‬
‫والواقع التارىب ي بػز أف ابػن عبػد العزيػز كػاف نبػ إحيػاء سػنن ابػن اػبطػاب ولػذا كػاف يُيػب بػ ‪.‬‬
‫وإمبا عبل على هدـ اؼبظاٍ وسنن اعبور الب أسسها بنو أميػة ‪-‬وهػم آلػ وذووخ‪ -‬ألف اهلل ورسػول‬
‫كانا أح إلي منهم‪.‬‬
‫ومن هنا يظهر ُ أف الذي أزال عبر بن عبد العزيز هو التعسه واإلرهاؽ وذباوز اغبق الواج‬
‫وعػػدـ رعايػػة اليػػروط واغبػػدود فيبػػا يؤمتػػذ من ػ ومػػن يؤمتػػذ منػ ومػػك يؤمتػػذ وكيػػه يؤمتػػذ فبػػا‬
‫جعل الناس ييكوف من سوء اعبباية وجور العاوػرين أو العيػارين‪ .‬فهػذا هػو الػذي أزالػ متػامس‬
‫الراودين رش اهلل عن ‪.‬‬
‫يػػدؿ لػػذل مػػا أمترجػ ابػػن حػػزـ ‪-‬وذكرنػػاخ مػػن قبػػل‪ -‬عػػن ُزريػػق ( ُزَريػػق ‪-‬بضػػم الػزاي وفػػت الػراء‪-‬‬
‫هكػػذا رجػ أبػػو عبيػػد ى األمػواؿ ص‪ 4664‬ألف أهػػل اليػػاـ ومصػػر ينطقونػ هكػػذا وهػػم أعلػػم‬
‫ب ‪ .‬وشبط البصاري والذه وغكنبا بتقدٓ الراء)‪ .‬بن حياف الدميق ‪-‬وكاف على جواز مصر‪-‬‬
‫"كت إَ عبػر بػن عبػد العزيػز‪ :‬انظػر مػن مػر بػ مػن اؼبسػلبني فصػذ فبػا ظهػر مػن أمػواؽبم فبػا‬
‫يػػديروف ى الت ػػارات مػػن كػػل أربعػػني دينػ ًػارا دينػػار ومػػا نقػػل فبحسػػاب ذل ػ " (انظػػر‪ :‬احملل ػ ‪:‬‬
‫‪.)66/6‬‬
‫ػتندا ؼبػن يقػػوؿ بتحػػرٓ‬
‫والػذي يعنينػػا هنػا‪ :‬أف حػػديث‪( :‬لػػيس علػى اؼبسػػلبني عيػور) ال يصػػل مسػ ً‬
‫أمتػذ الضػرا العادلػة مػن اؼبسػلبني ‪-‬عنػد حاجػػة الدولػة اؼبسػلبة إليهػا‪ -‬ال مػن ناحيػة ثبوتػ وال‬
‫من ناحية داللت ‪.‬‬

‫العادلة‪:‬‬ ‫فقهاء من اؼبذاه األربعة هبيزوف الضرا‬

‫وبعػػد أف فنػػدنا كػػل اليػػبهات الػػب يتبس ػ هبػػا معارشػػو وػػرعية الض ػرا العادلػػة وبسػػن بنػػا ‪-‬‬
‫لتأكيد ما بيناخ ى هذا الفصل‪ -‬أف نذكر أف الفق اإلسبلم قػد عػرؼ شػرا غػك الزكػاة أعػ‬
‫شػرا عادلػػة أقرهػػا صباعػػة مػػن فقهػػاء اؼبػػذاه اؼبتبوعػػة كبػػا عرفػوا الضػرا غػػك العادلػػة ورتبػوا‬
‫أحكاما‪.‬‬
‫ً‬ ‫عليها‬
‫لك ػػنهم ٍ يطلقػ ػوا عل ػػى ه ػػذخ وتلػ ػ اس ػػم "الضػ ػرا " ب ػػل ظباه ػػا بع ػػض الفقه ػػاء م ػػن اؼبالكي ػػة‪:‬‬
‫"الوظا ه" أو "اػبراج"‪.‬‬
‫وظباهػػا بعػػض اغبنفيػػة‪ " :‬النوا ػ " ‪-‬صبػػع نا بػػة‪ -‬وهػػى أسػػم ؼبػػا ينػػوب الفػػرد مػػن جهػػة السػػلطاف‬
‫حبق أو باطل ‪.‬‬
‫وظباهػا بعػػض اغبنابلػة‪" :‬الكلػػه السػلطانية" أي التكليفػػات اؼباليػػة الػب يُلػػزـ هبػا السػػلطاف رعيتػ أو‬
‫طا فة منهم‪.‬‬
‫ى الفق اغبنف ‪:‬‬
‫فف فق اغبنفية قبد اؼبتقدمني منهم واؼبتػأمترين قػد عرشػوا ؽبػذخ الضػرا العادلػة وأقػروا وػرعيتها‪.‬‬
‫فهذا العبلمة ابن عابدين يذكر أف من "النوا " ما يكوف باغبق م ل‪:‬‬
‫كػػري النهػػر (كػػري النهػػر‪ :‬اسػػتحداث حفػػرخ)‪ .‬اؼبي ػ ؾ وأجػػرة اغبػػارس للبصلػػة ‪-‬اؼبسػػبى بػػديار‬
‫مصػر "اػبفػػك"‪ -‬ومػػا وظػػه لئلمػاـ لي هػػز بػ اعبيػػوش وفػداء األسػػارى بػػأف احتػػاج إَ ذلػ وٍ‬
‫يكػػن ى بيػػز اؼبػػاؿ و ػ ء فوظػػه علػػى النػػاس ذل ػ ‪ .‬ومع ػ "وظػػه علػػيهم" أي فػػرض علػػيهم‬
‫فريضة دورية‪.‬‬
‫ومػػن النوا ػ مػػا يكػػوف بغػػك حػػق قػػاؿ ابػػن عابػػدين‪ :‬ك بايػػات زمننػػا (حاوػػية ابػػن عابػػدين ‪-‬رد‬
‫احملتار‪.)58/2 :‬‬
‫قاؿ ى "القنية" من كت اغبنفية‪:‬‬
‫قػ ػػاؿ أبػ ػػو جعفػ ػػر البلص ػ ػ ‪ :‬مػ ػػا "يض ػ ػرب " (نبلحػ ػػي أن ػ ػ اسػ ػػتعبل كلبػ ػػة "شػ ػػرب" ومن ػ ػ اوػ ػػتقز‬
‫"الضريبة")‪ .‬السلطاف علػى الرعيػة مصػلحة ؽبػم يصػك دينًػا واجبًػا وح ًقػا مسػتح ًقا كػاػبراج‪ .‬وقػاؿ‬
‫مياىبنا‪ :‬وكل ما "يضرب " اإلماـ عليهم ؼبصلحة ؽبم فاعبواب هكذا حك أجػرة اغبراسػني غبفػي‬
‫الطريق من اللصوص ونص الدروب وأبواب السػك وهػذا يُعػرؼ وال يعػرؼ متػوؼ الفتنػة‪.‬‬
‫ه قػػاؿ‪ :‬فعلػػى هػػذا مػػا يؤمتػػذ ى متػوارزـ مػػن العامػػة ‪-‬ديػػن واجػ ال هبػػوز االمتنػػاع عنػ ولػػيس‬
‫بظلم‪ .‬ولكن يعلم هػذا اعبػواب للعبػل بػ وكػه اللسػاف عػن السػلطاف وسػعات فيػ ال للتيػهك‬
‫حك ال يت اسر ى الزيادة على القدر اؼبستحق"أهػ‪.‬‬
‫ويع بػ "التيهك" إعبلف هذخ الفتوى وتعبيم العلم هبا‪.‬‬
‫نقل ذل ابن عابدين ى حاويت "رد احملتار" ه قاؿ‪ :‬وينبغ تقييد ذل دبا إذا ٍ يوجػد ى بيػز‬
‫اؼباؿ ما يكف لذل (رد احملتار‪.)95/2 :‬‬
‫وهذا النل الذي أثبتناخ هنا واهد صري الداللة على ما نقوؿ فهػؤالء الفقهػاء مقتنعػوف بػأف مػا‬
‫يضػرب السػػلطاف مػػن شػرا ؼبصػػلحة اعببهػػور ديػػن واجػ وحػػق مسػػتحق ومػػع هػػذا ذيلػوا هػػذا‬
‫اغبكم بقوؽبم‪ :‬هذا أمر يُعرؼ وال يُعرؼ متوؼ الفتنة يعنوف أف يظل هذا اغبكم ى دا رة متاصة‬
‫بني الفقهاء وتبلميذهم وال يياع بني اغبكػاـ وأعػوامم حػك ال يت اسػروا ى الزيػادة علػى القػدر‬
‫اؼبستحق ويرهقوا اليع بالتكاليه اؼبالية لسب وغك سب ‪.‬‬
‫ى فق اؼبذاه ال بلثة‪:‬‬
‫وقػػاؿ اليػػيمل اؼبػػالق مػػن اؼبالكيػػة‪ :‬توظيػػه اػب ػراج علػػى اؼبسػػلبني مػػن اؼبصػػاً اؼبرسػػلة وال و ػ‬
‫عندنا ى جوازخ وظهور مصلحت ى ببلد األندلس ى زماننػا لك ػرة اغباجػة ؼبػا يأمتػذخ العػدو مػن‬
‫اؼبس ػػلبني س ػػوى م ػػا وبت ػػاج إليػ ػ الن ػػاس وش ػػعه بي ػػز اؼب ػػاؿ عن ػ ػ فه ػػذا يقط ػػع جب ػ ػوازخ اآلف ى‬
‫األنػدلس وإمبػػا النظػػر ى اؼبقػػدار احملتػػاج إليػ مػػن ذلػ وذلػ موكػػوؿ إَ اإلمػػاـ (هتػػذي الفػػروؽ‬
‫والقواعد السنية تػأليه اليػيمل ؿببػد علػ بػن اليػيمل حسػني مفػب اؼبالكيػة وهػو مطبػوع هبػامو‬
‫"الفروؽ" للقراى ‪.)444/4‬‬
‫وقد نقلنا من قبل عن اإلمامني ‪-‬الغزاُ والياط ‪ -‬جػواز فػرض هػذا اػبػراج إذا متػبل بيػز اؼبػاؿ‬
‫واحتاج اإلماـ‪.‬‬
‫وسيأن ى كبلـ اإلماـ ابن تيبية عن الكله السلطانية واؼبظاٍ اؼبيػ كة مػا يفيػد إقػرارخ لػبعض مػا‬
‫يأمتذخ السلطاف باعتبارخ من اعبهاد باؼباؿ الواج على األغنياء كبا نقل عن صاح "غيػاث‬
‫األمػػم" (غيػػاث األمػػم ‪ -‬كبػػا ى كيػػه الظنػػوف‪ 4243/2 :‬كتػػاب "ى اإلمامػػة" إلمػػاـ اغبػػرمني‬
‫اعبوي اليافع اؼبتوو سنة ‪ 478‬هػ)‪.‬‬
‫وهبذا قبد ى كل مذه من اؼبذاه األربعة علباء بل أ بة مرموقني أفتوا جبواز فرض الضػرا‬
‫العادلػػة‪ .‬وإف ربفػػي بعضػػهم ى إعػػبلف ذل ػ وتيػػهكخ متيػػية مغػػاالة اغبكػػاـ ى األمتػػذ وجػػورهم‬
‫على اليع ‪.‬‬

‫الظاؼبة‪:‬‬ ‫فروع فقهية على الضرا‬

‫ظلبا وبغك حق‪.‬‬‫ومن النوا أو ال ُكله السلطانية أو الوظا ه ما يفرش السلطاف ً‬


‫وقد عرض ؽبذا النوع من الضرا الظاؼبة وفرعوا علي عدة فروع منها‪:‬‬
‫( أ ) أف الكفالة هبا تص وإف كانز بغك حق دبع أف الكفيل إذا كفل غكخ هبػا بػأمرخ كػاف لػ‬
‫الرجوع علي دبا أمتذخ الظاٍ من ال دبع أن ي بز للظػاٍ حػق اؼبطالبػة عػن الكفيػل (حاوػية رد‬
‫احملتار‪.)58،59/2 :‬‬
‫وظلبا‪ .‬قالوا‪:‬‬
‫( ب ) أف من قاـ بتوزيع أعبا ها يؤجر على ذل وإف كاف األمتذ ى نفس باطبلً ً‬
‫واؼبػراد بالعػػدؿ‪ :‬اؼبعادلػػة بػػأف وببػػل كػػل واحػػد بقػػدر طاقتػ ؛ ألنػ لػػو تػػرؾ توزيعهػػا إَ الظػػاٍ ردبػػا‬
‫ظلبػػا علػػى ظلػػم فف ػ قيػػاـ العػػارؼ بتوزيعهػػا بالعػػدؿ تقليػػل‬ ‫وببػػل بعضػػهم مػػا ال يطيػػق فيصػػك ً‬
‫للظلم فلهذا يؤجر (اؼبرجع السابق ص‪.)59‬‬
‫(جػ) أف ما توج من هذخ النوا واعببايات بغك حق هبوز للفرد دفعها عن نفس ‪-‬أي التهرب‬
‫منهػ ػػا حبيلػ ػػة أو وػ ػػفاعة أو كبػ ػػو ذل ػ ػ ‪ -‬إذا ٍ وببػ ػػل حصػ ػػت علػ ػػى البػ ػػاقني ف ػ ػ ذا كػ ػػاف البػ ػػاقوف‬
‫سيتحبلوف حصت فاألوَ أال يدفعها عن نفس ‪.‬‬
‫وقد استيكل ذل بعضهم بأف إعطاءخ إعانة للظاٍ على ظلب فبن سبكن مػن دفػع الظلػم عػن‬
‫نفس فذل متك ل ‪.‬‬
‫اعا من الظلػم علػى‬ ‫ودفع غكخ هذا اإلوكاؿ بأن ‪-‬بواسطة دفع هذا الظلم عن نفس ‪ -‬سيوقع أنو ً‬
‫الضعفاء والعاجزين فبن ال حيلة ؽبم وال وفاعة (ؼبرجع نفس ص‪ .58‬وهذا هو الصحي )‪.‬‬
‫وليػػيمل اإلسػػبلـ ابػػن تيبيػػة كػػبلـ جيػػد ى وجػػوب اؼبسػػاواة بػػني اؼبب ػولني ى رببػػل هػػذخ الض ػرا‬
‫الظاؼبة‪.‬‬
‫فقد قاؿ ى "اؼبظاٍ اؼبي كة" الب تطلػ مػن اليػركاء ى قريػة أو مدينػة‪" :‬إذا طلػ مػنهم وػ ء؛‬
‫يؤمتذ على أمػواؽبم ورؤوسػهم م ػل "ال ُكلػه السػلطانية" الػب توشػع علػيهم كلهػم إمػا علػى عػدد‬
‫رؤوسػهم أو علػػى عػػدد دواهبػم أو عػػدد أوػ ارهم أو علػى قػػدر أمػواؽبم كبػا يؤمتػػذ مػػنهم أك ػػر‬
‫من الزكاة الواجبػة ى اليػرع أو أك ػر مػن اػبػراج الواجػ باليػرع أو تؤمتػذ مػنهم "ال ُكلػه" الػب‬
‫أحػدثز ى غػك األجنػاس اليػرعية كبػا وشػع علػى اؼبتبػايعني للطعػاـ وال يػاب والػدواب والفاكهػػة‬
‫وغك ذل وإف كاف قد قيل‪ :‬إف ذلػ وشػع بتأويػل اعبهػاد علػيهم بػأمواؽبم واحتيػاج اعبهػاد إَ‬
‫تل األمواؿ كبا ذكرخ صاح "غياث األمم" وغكخ مع ما دمتل ى ذلػ مػن الظلػم الػذي ال‬
‫مساغ ل عند العلبػاء‪ .‬وم ػل مػا هببػع لػبعض العػوارض كقػدوـ السػلطاف وحػدوث ولػد لػ وكبػو‬
‫ذلػ وإمػػا أف ترمػ علػػيهم سػػلع تبػػاع مػػنهم بػػأك ر مػػن أشبامػػا وتسػػبى اغبطػػا وم ػػل القوافػػل‬
‫فيطل منهم على عدد رؤوسهم أو دواهبم أو قدر أمواؽبم أو يطل منهم كلهم‪.‬‬
‫"فه ػػؤالء اؼب ْكَره ػػوف عل ػػى أداء ه ػػذخ األمػ ػواؿ عل ػػيهم ل ػػزوـ الع ػػدؿ عل ػػى م ػػا يطل ػ م ػػنهم ول ػػيس‬
‫ُ‬
‫بعضا فيبا يطل منهم بل عليهم التزاـ العدؿ فيبا أمتذ منهم بغك حق كبا‬ ‫لبعضهم أف يظلم ً‬
‫عليهم التزاـ العدؿ فيبا يؤمتذ مػنهم حبػق فػ ف هػذخ ال ُكلػه الػب أمتػذت مػنهم بسػب نفوسػهم‬
‫وأمواؽبم ه دبنزلة غكها بالنسبة إليهم وإمبا ىبتله حاؽبػا بالنسػبة إَ اآلمتػذ فقػد يكػوف آمتػ ًذا‬
‫حبق وقد يكػوف آمتػ ًذا بباطػل وأمػا اؼبطػالبوف فهػذخ كلػه تؤمتػذ مػنهم بسػب نفوسػهم وأمػواؽبم‬
‫بعضػػا ى ذل ػ بػػل العػػدؿ واج ػ لكػػل أحػػد علػػى كػػل أحػػد ى صبيػػع‬ ‫فلػػيس لبعضػػهم أف يظلػػم ً‬
‫األحواؿ والظلم ال يباح من حباؿ‪.‬‬
‫"وحينئػػذ فهػػؤالء اؼبي ػ كوف لػػيس لبعضػػهم أف يفعػػل مػػا ب ػ ظلػػم غػػكخ بػػل إمػػا أف يػػؤدي قسػػط‬
‫فيكػػوف عػػادالً وإمػػا أف يػػؤدي زا ػ ًػدا علػػى قسػػط فيعػػني وػػركاءخ فيبػػا أمتػػذ مػػنهم فيكػػوف ؿبسػػنًا‪.‬‬
‫امتناعػػا يؤمتػػذ ب ػ قسػػط مػػن سػػا ر اليػػركاء‬
‫ولػػيس ل ػ أف يبتنػػع عػػن أداء قسػػط مػػن ذل ػ اؼبػػاؿ ً‬
‫فيتضاعه الظلم علػيهم فػ ف اؼبػاؿ إذا كػاف يؤمتػذ ال ؿبالػة وامتنػع جبػاخ أو روػوة أو كبونبػا كػاف‬
‫قد ظلم من يؤمتذ من القسػ الػذي ىبصػ ولػيس هػذا دبنزلػة أف يػدفع عػن نفسػ الظلػم مػن غػك‬
‫ظلم لغكخ ف ف هذا جا ز‪ .‬م ل أف يبتنع عن أداء ما ىبص فبل يؤمتذ ذل من وال من غكخ‪.‬‬
‫"وحينئذ فيكوف األداء واجبًا على صبيع اليركاء كل يؤدي قسط الذي ينوب إذا قسم اؼبسػلوب‬
‫بينهم بالعدؿ ومػن أدى عػن غػكخ قسػط بغػك إكػراخ كػاف لػ أف يرجػع عليػ وكػاف ؿبسػنًا إليػ ى‬
‫األداء عنػ فيلزمػ أف يعطيػ مػػا أداخ عنػ كبػػا ى اؼبقػػرض احملسػػن ومػػن غػػاب وٍ يػػؤد حػػك أدى‬
‫عن ػ اغباشػػروف لزم ػ قػػدر مػػا أدوخ عن ػ ومػػن قػػبض ذل ػ مػػن ذل ػ اؼبػػؤدي عن ػ ؛ وأداخ إَ هػػذا‬
‫اؼبؤدي جػاز لػ أمتػذخ؛ سػواء أكػاف اؼبلػزـ لػ بػاألداء هػو الظػاٍ األوؿ أو غػكخ وؽبػذا لػ أف يػدعى‬
‫دبا أداخ عن كبا ُوبكم علي بأداء بدؿ القرض وال وبهة على اآلمتذ ى أمتػذ بػدؿ مالػ " (انظػر‬
‫أيض ػػا ى‬
‫مطال ػ أوُ النه ػػى‪ 569،576/3 :‬وق ػػد طبع ػػز رس ػػالة "اؼبظ ػػاٍ اؼبي ػ كة" مس ػػتقلة ً‬
‫دميق)‪.‬‬
‫اػباسبة‬
‫الزكاة اإلسبلمية نظاـ جديد فريد‬

‫فهرس‬

‫تابع من كلبات اؼبصلحني اؼبسلبني‬

‫مهبة الزكاة ى اةتبع اؼبسلم‬


‫ظبة بارزة من ظبات الزكاة ى اإلسبلـ‬
‫إهداء‬

‫أحس أن قد تبني لنا‪...‬‬

‫وهادة األجان للزكاة‬

‫من كلبات اؼبصلحني اؼبسلبني‬

‫التزاـ أداء الزكاة كاؼ إلعادة ؾبد اإلسبلـ‬


‫الزكاة من األمة وإليها‬
‫أحس أن قد تبني لنا ‪ -‬من متبلؿ أبواب هذا البحث وفصول ‪ -‬أف الزكاة الب فرشها اإلسبلـ‬
‫ى اؼبدين ػة وبػػني حػػدودها وأحكامهػػا ه ػ نظػػاـ جديػػد فريػػد ى تػػاريمل اإلنسػػانية ٍ يسػػبق إلي ػ‬
‫تيريع ظباوي وال تنظيم وشع ‪.‬‬
‫ه نظاـ مػاُ واقتصػادي ؛ ألمػا شػريبة ماليػة ؿبػدودة تُفػرض علػى الػرؤوس حينًػا كزكػاة الفطػر‬
‫وعلػػى األمػواؿ أحيانًػػا ‪ -‬مػػن رؤوس أمػواؿ ودمتػػوؿ ‪ -‬كبػػا هػػو اليػػأف ى عامػػة الزكػػاة وهػ مػػورد‬
‫م ػػاُ دا ػػم م ػػن مػ ػوارد بي ػػز اؼب ػػاؿ ى اإلس ػػبلـ تُص ػػرؼ ى ربري ػػر األفػ ػراد م ػػن رؽ الع ػػوز وإو ػػباع‬
‫حاج ػػاهتم االقتص ػػادية وغكه ػػا ه هػ ػ ح ػػرب عبلي ػػة عل ػػى الكن ػػز وح ػػبس األمػ ػواؿ ع ػػن الت ػػداوؿ‬
‫والت بك‪.‬‬
‫وه نظاـ اجتباع ؛ ألما تعبل على تأمني أبناء اةتبػع شػد الع ػز اغبقيقػ واغبكبػ وشػد‬
‫الكوارث واعبوا وربقق بيػنهم التضػامن اإلنسػاْ‪ :‬الػذي يعػني فيػ الواجػد اؼبعػدـ ويأمتػذ القػوى‬
‫بيػػد الضػػعيه واؼبسػػكني وابػػن السػػبيل ويقػػرب اؼبسػػافة بػػني األغنيػػاء والفق ػراء ويعبػػل علػػى إزالػػة‬
‫اغبسد والضغينة بني القادرين والعاجزين ويعني اؼبصلحني بني النػاس علػى اذبػاههم اػب رػك؛ ويػدفع‬
‫ؽبػػم مػػا غرمػوا ى سػػبيل اػبػػك العػػاـ؛ كبػػا تسػػهم ى حػػل ك ػػك مػػن ميػػكبلت اةتبػػع وتعينػ علػػى‬
‫ربقيق أهداف النبيلة وغايات الطيبة اؼب لى‪.‬‬
‫وه نظاـ سياسػ ؛ ألف األصػل فيهػا أف تتػوَ الدولػة جبايتهػا كبػا تتػوَ توزيعهػا ى مصػارفها‬
‫مراعيػػة ى ذلػ العػػدؿ مقػدررة اغباجػػات مقدمػػة لؤلهػػم علػػى اؼبهػػم وذلػ بواسػػطة جهػػاز قػػوي‬
‫أمػني حفػػيي علػػيم مػػن "العػػاملني عليهػػا"‪ .‬كبػػا أف بعػض مصػػارفها إمبػػا هػػو مػػن وػػئوف الدولػػة ك ػ‬
‫"اؼبؤلفة قلوهبم" و "ى سبيل اهلل"‪.‬‬
‫وه ػ نظػػاـ ُمتلُق ػ ‪ ..‬ألمػػا هتػػدؼ إَ تطهػػك نفػػوس األغنيػػاء مػػن دنػػس الي ػ اؼبهل ػ ورجػػس‬
‫األنانية اؼببقوتة وتزكيتها بالبذؿ وح اػبك واؼبيػاركة الوجدانيػة والعبليػة لآلمتػرين‪ .‬كبػا تعبػل‬
‫على إطفاء نار اغبسد ى قلوب احملرومني الذين يبدوف أعينهم إَ مػا متػع اهلل بػ غػكهم مػن زهػرة‬
‫اغبياة الدنيا‪ .‬وإواعة احملبة واإلمتاء بني الناس‪.‬‬
‫وه ػ ‪ -‬قبػػل ذل ػ كل ػ ‪ -‬نظػػاـ دي ػ ؛ ألف إيتاءهػػا دعامػػة مػػن دعػػا م اإليبػػاف وركػػن مػػن أركػػاف‬
‫اإلسػػبلـ وعبػػادة مػػن أظبػػى مػػا يُتقػػرب ب ػ إَ اهلل تعػػاَ‪ .‬وألف القصػػد األوؿ مػػن إعطا هػػا لػػذي‬
‫اغباجة تقوية إيبان بالدين وإعانت على طاعة اهلل وتنفيػذ أوامػرخ وألف الػدين هػو الػذي جػاء هبػا‬
‫وهػػو الػػذي فص ػل أحكامهػػا وبػػني مقاديرهػػا وحػػدد مصػػارفها وجعػػل جػػزءًا منهػػا ى معونػػة ذوي‬
‫اغباجة من أهل وجزءًا آمتر ى تأليه القلوب عليػ وى نُصػرت وإعػبلء كلبتػ وتػأمني دعوتػ ى‬
‫رين ُكل ُ لل ) (األنفاؿ‪.)39 :‬‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ك‬‫ُ‬ ‫ي‬‫و‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫ػ‬‫ت‬‫ْ‬‫األرض (حك ال تَ ُكو َف فِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هػذخ هػ الزكػػاة كبػػا وػػرعها اإلسػػبلـ وإف جهػػل اؼبسػػلبوف ى األعصػػر األمتػػكة حقيقتهػػا وأنبلػوا‬
‫بعد ذل أداءها إال من رحم رب وقليل ما هم‪.‬‬
‫هذخ الزكاة وحدها دليل على أف هذخ اليريعة من عند اهلل‪ .‬فبا كػاف حملبػد األمػ ى أمػة أميػة أف‬
‫يهتػػدي إَ م ػػل هػػذا النظػػاـ الفػػذ العػػادؿ بتفكػػكخ اليصص ػ أو دبعلومات ػ القليلػػة لػػوال أ ّف اهلل‬
‫ػدي للنػػاس وبينػػات مػػن اؽبػػدى والفرقػػاف وعلب ػ مػػا ٍ يكػػن‬ ‫امتتص ػ بوحي ػ وأنػػزؿ علي ػ آيات ػ هػ ً‬
‫عظيبا‪.‬‬
‫ً‬ ‫يعلم وكاف فضل اهلل علي‬

‫وهادة األجان للزكاة‬

‫هذا النظاـ الفذ ‪ -‬نظػاـ الزكػاة ‪ -‬الػذي أسػاء فهبػ وتطبيقػ ك ػك مػن اؼبسػلبني بػل وػوه وطعػن‬
‫فيػ بعػػض اؼبضػػللني فبػػن ينتسػػبوف إَ اإلسػػبلـ ووببلػػوف أظبػػاء اؼبسػػلبني ‪ -‬هػػذا النظػػاـ وجػػد مػػن‬
‫الكتاب الغربيني من ين روخ ب وي علي ويييد بفضل اإلسبلـ الذي سبق الػنظم العاؼبيػة اغبدي ػة‬
‫بيرع للناس‪.‬‬
‫يتحدث "أرنولد" ى كتاب "الدعوة اإلسبلمية" عن وعا ر اإلسبلـ فيذكر اغب اإلسبلم ومزاياخ‬
‫وجليل أهداف ه ينتقل إَ الزكاة فيقوؿ‪:‬‬
‫فرشػػا آمتػػر يػُػذ ركر اؼبسػػلم بقول ػ تعػػاَ‪( :‬إمبػَػا اؼب ْؤِمنُػػو َف‬
‫"وإَ جان ػ نظػػاـ اغب ػ قبػػد إيتػػاء الزكػػاة ً‬
‫ُ‬
‫إمت َوةٌ) (اغب رات‪.)46:‬‬
‫ْ‬
‫وه نظرية دينية تتحقق على صورة را عة تبعث على الدهو ى اةتبع اإلسبلم وتت لى ى‬
‫أعب ػػاؿ الي ػػفقة إزاء اؼبس ػػلم اعبدي ػػد‪ ..‬ومهب ػػا يك ػػن جنسػ ػ ولونػ ػ وأس ػػبلف ف نػ ػ يُقبَ ػػل ى زم ػػرة‬
‫اؼبػػؤمنني ويتب ػوأ مكان ػ علػػى قػػدـ اؼبسػػاواة مػػع أقران ػ اؼبسػػلبني" (الػػدعوة إَ اإلسػػبلـ ‪ -‬لتومػػاس‬
‫أرنولد ‪ -‬ترصبة الدكتور حسن إبراهيم حسن وميل ص‪.)457‬‬
‫ويق ػػوؿ "لي ػػود روش"‪" :‬لق ػػد وج ػػدت ى اإلس ػػبلـ ح ػػل اؼبي ػػكلتني االجتب ػػاعيتني اللت ػػني تي ػػغبلف‬
‫العاٍ‪.‬‬
‫إمت َوةٌ) فهذا أصبل مبادئ االو اكية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األوَ‪ :‬ى قوؿ القرآف‪( :‬إمبَا اؼبُْؤمنُو َف ْ‬
‫وال انية‪ :‬فرض الزكاة على كل ذي مػاؿ وزبويػل الفقػراء حػق أمتػذها غصػباَ إف امتنػع األغنيػاء عػن‬
‫طوعا وهذا دواء الفوشوية"‪.‬‬ ‫دفعها ً‬
‫وينقػػل لنػػا األسػػتاذ ؿببػػد كػػرد علػػى عػػن كاتػ أجنػ آمتػػر قولػ ى الزكػػاة‪" :‬وكانػػز هػػذخ الضػريبة‬
‫فرشا دينيًا يتحتم على اعببيع أداؤخ وفضبلً عن هذخ الصفة الدينية‪ .‬فالزكػاة نظػاـ اجتبػاع عػاـ‬ ‫ً‬
‫ومصدر تدمتر بػ الدولػة احملبديػة مػا سبػد بػ الفقػراء وتعيػنهم وذلػ علػى طريقػة نظاميػة قويبػة ال‬
‫اسػػتبدادية ربكبيػػة وال عرشػػية طار ػػة" (مػػن كتػػاب "اإلسػػبلـ واغبضػػارة الغربيػػة" ‪ -‬لكػػرد عل ػ ‪-‬‬
‫مطبعة عبنة التأليه وال صبة والنير ‪ -‬الطبعة ال انية ‪ -‬ص‪.)476‬‬
‫"وهذا النظاـ البديع كاف اإلسبلـ أوؿ من وشع أساس ى تاريمل البيرية عامة‪ .‬فضريبة الزكاة الب‬
‫كانز ذب طبقات اؼببلؾ والت ار واألغنياء على دفعها لتصرفها الدولة علػى اؼبعػوزين والعػاجزين‬
‫مػػن أفرادهػػا هػػدمز السػػياج الػػذي كػػاف يفصػػل بػػني صباعػػات الدولػػة الواحػػدة ووحػػدت األمػػة ى‬
‫دا ػػرة اجتباعيػػة عادلػػة‪ .‬وبػػذل بػػرهن هػػذا النظػػاـ اإلسػػبلم علػػى أنػ ال يقػػوـ علػػى أسػػاس األثػػرة‬
‫البغيضة" (اؼبرجع نفس ص‪.)77-76‬‬
‫وينقل عن "ماسينيوف" اؼبستيرؽ الفرنس اليهك قول ‪:‬‬
‫" إف لدين اإلسبلـ من الكفاية ما هبعل يتيدد ى ربقيق فكرة اؼبساواة وذل بفػرض الزكػاة الػب‬
‫يدفعها كل فػرد لبيػز اؼبػاؿ وهػو ينػاهض الػديوف الربويػة والضػرا غػك اؼبباوػرة الػب تفػرض علػى‬
‫اغباجات األولية الضرورية ويقه ى نفس الوقز إَ جان اؼبلكية الفردية ورأس اؼباؿ الت اري‬
‫وبذل وبل اإلسبلـ مرة أمترى مكانًا وسطًا بني نظريات الرأظباليػة ال جوازيػة ونظريػات البليػفية‬
‫الييوعية " ‪.‬‬
‫وتقػػوؿ الكاتبػػة اإليطاليػػة الػػدكتورة "فػػاغلكي" ى كتاهبػػا الػػذي نقػػل إَ العربيػػة بعن ػواف "دفػػاع عػػن‬
‫اإلسبلـ"‪:‬‬
‫"لقػػد اع فػػز صبيػػع األديػػاف إَ حػػد مػػا باألنبيػػة األمتبلقيػػة واالجتباعيػػة الك ػ ى الػػب ينطػػوي‬
‫ػكا حسػػيا عػػن الرضبػػة‪ .‬ولكػػن اإلسػػبلـ يتبتػػع‬ ‫عليهػػا تقػػدٓ الصػػدقات وأوصػػز بػػذل بوصػػف تعبػ ً‬
‫وحدخ باةد اؼبتب ل ى جعػل الصػدقة إلزاميػة نػاقبلً تعػاليم اؼبسػي إَ دنيػا األمػر ومػن َه إَ دنيػا‬
‫الواق ػػع‪ .‬فك ػػل مس ػػلم مل ػػزـ ‪-‬حبك ػػم الق ػػانوف‪ -‬ب ػػأف ىبص ػػل ج ػػزءًا م ػػن ثروت ػ ػ ؼبص ػػلحة الفق ػ ػراء‬
‫حسػا أعبػق مػن‬ ‫واحملتاجني واؼبسافرين والغرباء ‪ ...‬إٌ‪ .‬وبػأداء هػذخ الفريضػة الدينيػة ىبتػ اؼبػؤمن ً‬
‫اإلنسػػانية ويطهػر روحػ مػػن اليػ ويأمتػػذ ى مػراودة األمػػل بػػالفوز باؼبكافػػأة اإلؽبيػػة" (دفػػاع عػػن‬
‫اإلسبلـ ص‪.)69‬‬

‫من كلبات اؼبصلحني اؼبسلبني‬


‫وبعد هذخ الكلبات الب نقلناها عن صباعة من اؼبستيرقني أداهم اإلنصاؼ إَ االع اؼ بفضػل‬
‫الزكاة ن بز هنا أيضاَ كلبات لبعض اؼبصلحني اؼبسلبني ّنوهوا فيها بيأف الزكاة لعػل فيهػا هػدى‬
‫وموعظة‪.‬‬
‫التزاـ أداء الزكاة كاؼ إلعادة ؾبد اإلسبلـ‪:‬‬

‫يقوؿ السيد ؿببد رويد رشا ‪ -‬رضب اهلل ‪ -‬ى تفسكخ‪:‬‬


‫"إف اإلسبلـ يبتاز على صبيع األدياف واليرا ع بفرض الزكاة في ‪ -‬كبا يعػ ؼ هبػذا حكبػاء صبيػع‬
‫األمػػم وعقبلؤهػػا ‪ -‬ولػػو أقػػاـ اؼبسػػلبوف هػػذا الػػركن مػػن ديػػنهم ؼبػػا ُوِجػػد فػػيهم ‪ -‬بعػػد أف ك ػػرهم اهلل‬
‫ووسػػع علػػيهم ى الػػرزؽ ‪ -‬فقػػك مػػدقع وال ذو غُػ ْػرـ مف ػػع‪ .‬ولكػػن أك ػػرهم ترك ػوا هػػذخ الفريضػػة‬
‫ف نوا على دينهم وأمتهم فصاروا أسوأ من صبيع األمم حاالً ى مصاغبهم اؼباليػة والسياسػية حػك‬
‫فقدوا ُم ْلكهم وعزهتم وورفهم وصػاروا عالػة علػى أهػل اؼبلػل األمتػرى حػك ى تربيػة أبنػا هم فهػم‬
‫يلقػػومم ى مػػدارس دعػػاة النصػرانية أو دعػػاة اإلغبػػاد فيفسػػدوف علػػيهم ديػػنهم ودنيػػاهم ويقطعػػوف‬
‫روابطهػػم اؼبليرػػة واعبنسػػية ويعػػدومم ليكون ػوا عبيػ ًػدا أذلػػة لؤلجان ػ عػػنهم‪ .‬وإذا قيػػل ؽبػػم‪ :‬ؼبػػاذا ال‬
‫تؤسسوف ألنفسػكم مػدارس كبػدارس هػؤالء الرهبػاف واؼببيػرين أو اؼببلحػدة اإلبػاحيني؟ قػالوا‪ :‬إننػا‬
‫ال قبد من اؼباؿ ما يقوـ بذل ‪ .‬وإمبا اغبق أمم ال هبدوف من الدين والعقل وعلو اؽببػة والغػكة مػا‬
‫يبكنهم من ذل فهم يروف أبناء اؼبلل األمترى يبذلوف للبػدارس ولل بعيػات اػبكيػة والسياسػية‬
‫ما ال يوجب عليهم دينهم وإمبا أوجبتػ علػيهم عقػوؽبم وغػكهتم اؼبلريػة والقوميػة وال يغػاروف مػنهم‬
‫وإمب ػػا يرش ػػوف أف يكون ػوا عال ػػة عل ػػيهم! تركػ ػوا دي ػػنهم فض ػػاعز ب ش ػػاعتهم ل ػ دني ػػاهم (نَ ُسػ ػواْ اللػ ػ َ‬
‫اس ُقو َف) (اغبير‪.)49:‬‬ ‫فَأنساهم أن ُفسهم أولَئِ َ هم ال َف ِ‬
‫َ ُ ْ َُ ْ ْ ُ ً‬
‫"فالواج ػ علػػى دعػػاة اإلصػػبلح فػػيهم أف يبػػدأوا ب صػػبلح مػػن بقػػى فيػ بقيػػة مػػن الػػدين واليػػرؼ‬
‫بتأليه صبعية لتنظيم صبػع الزكػاة مػنهم وصػرفها قبػل كػل وػ ء ى مصػاً اؼبػرتبطني هبػذخ اعببعيػة‬
‫اعػػى ى تنظػػيم هػػذخ اعببعيػػة أف لسػػهم"اؼبؤلفػػة قلػػوهبم" مصػػرفًا ى ربريػػر‬ ‫دوف غػػكهم‪ .‬وهب ػ أف يُر َ‬
‫اليػػعوب اؼبسػػتعبرة مػػن االسػػتعباد إذا ٍ يكػػن لػ مصػػرؼ ربريػػر األفػراد وأف لسػػهم "سػػبيل اهلل"‬
‫مصرفًا ى السع إلعادة حكم اإلسبلـ وهو أهم من اعبهاد غبفظػ ى حػاؿ وجػودخ مػن عػدواف‬
‫الكف ػػار ومص ػػرفًا آمت ػػر ى ال ػػدعوة إليػ ػ وال ػػدفاع عنػ ػ باأللس ػػنة واألق ػػبلـ إذا تع ػػذر ال ػػدفاع عنػ ػ‬
‫بالسيوؼ واألسنة وألسنة النكاف‪.‬‬
‫"أال إف إيتػاء صبيػع اؼبسػلبني أو أك ػرهم للزكػاة وصػرفها بالنظػاـ كػاؼ إلعػادة ؾبػد اإلسػبلـ بػػل‬
‫إلعػػادة مػػا سػػلب األجانػ مػػن دار اإلسػػبلـ وإنقػػاذ اؼبسػػلبني مػػن رؽ الكفػػار ومػػا هػ إال بػػذؿ‬
‫العيػػر أو ربػػع العُيػػر فبػػا فضػػل عػػن حاجػػة األغنيػػاء ؛ وإننػػا نػػرى اليػػعوب الػػب سػػادت اؼبسػػلبني‬
‫بعد أف كانوا سادهتم يبذلوف أك ر من ذل ى سبيل أمتهم وملتهم وهو غك مفروض عليهم من‬
‫رهبم" أهػ (تفسك اؼبنار جػ‪.)26‬‬

‫الزكاة من األمة وإليها‪:‬‬

‫ويقوؿ اؼبرحػوـ اليػيمل ؿببػود وػلتوت ‪ -‬وػيمل اعبػامع األزهػر األسػبق ‪ -‬معل ًقػا علػى حػديث معػاذ‬
‫الذي قاؿ ل في الرسوؿ صلى اهلل عليػ وسػلم‪( :‬أعلبهػم أف اهلل افػ ض علػيهم ى أمػواؽبم صػدقة‬
‫تؤمتذ من أغنيا هم فتُػَرد على فقرا هم)‪.‬‬
‫"يػػدؿ هػػذا التعلػػيم النبػػوي علػػى أف الزكػػاة ى نظػػر اإلسػػبلـ ليسػػز إال صػػرؼ بعػػض أمػواؿ األمػػة‬
‫فب لة ى أغنيا هم إَ األمة نفسها فب لػة ى فقرا هػا‪ .‬وبعبػارة أمتػرى‪ :‬ليسػز إال نقػل األمػة بعػض‬
‫ماؽبا من إحدى يديها وهػ اليػد اؼبيػرفة الػب اسػتصلفها اهلل علػى حفظػ وتنبيتػ والتصػرؼ فيػ‬
‫‪ -‬وه يد األغنياء ‪ -‬إَ اليد األمترى وه اليد العاملة الكادحػة الػب ال يفػ عبلهػا حباجتهػا‬
‫أو الػػب ع ػػزت عػػن العبػػل وجعػػل رزقهػػا في ػ ومن ػ وه ػ يػػد الفق ػراء" (كتػػاب "اإلسػػبلـ عقيػػدة‬
‫ووريعة" ليلتوت)‪.‬‬
‫مهبة الزكاة ى اةتبع اؼبسلم‪:‬‬

‫ويعرض اؼبصل اإلسػبلم العبلمػة السػيد أبػو األعلػى اؼبػودودي ؼبهبػة الزكػاة وموشػعها مػن النظػاـ‬
‫االقتصادي اإلسبلم ى كتاب "أسس االقتصاد بني اإلسبلـ والنظم اؼبعاصرة "‬
‫"الذي يريدخ اإلسبلـ ى حقيقة األمر ‪ -‬كبا قلنا من قبل ‪ -‬أال تُ ؾ ال روة تت بع ى موشع من‬
‫اؼبواشػػع ى اةتبػػع وال ينبغ ػ للػػذين نػػالوا مػػن ال ػػروة غبسػػن حظهػػم أو بكفػػاءهتم مػػا يزيػػد عػػن‬
‫حاجػػاهتم أف يػػدمتروها وال ينفق ػوا منهػػا بػػل علػػيهم أف ينفق ػوا منهػػا ى وجػػوخ يبكػػن هبػػا للػػذين ٍ‬
‫يسعدهم اغبي أف ينالوا نصيبًا كافيًا من ثروة اةتبع ى تداوؽبا‪.‬‬
‫"وؽبػػذا الغػػرض ينيػػئ اإلسػػبلـ ‪-‬ى جانػ ‪ -‬روح السػػصاء واعبػػود والتعػػاوف االجتبػػاع اغبقيقػ‬
‫بتعاليب ػ اػبُلقيػػة السػػامية وطػػرؽ ال غي ػ وال هي ػ اؼبػػؤثرة حػػك يصػػب النػػاس دبػػيلهم الطبيع ػ‬
‫ييبئزوف من صبع ال روة وادمتارها ويرغبوف ى إنفاقها بأنفسهم وى اعبان اآلمتر يضع قانونًا‬
‫يوج أف يؤمتذ مقدار معلوـ لفبلح اةتبع وإسعادخ من أمواؿ الناس‪ .‬فهذا اؼبقدار اؼبعلوـ من‬
‫أمواؿ الناس هو "الزكاة" وال ىبفى عليػ مػا للزكػاة مػن أنبيػة بالغػة ى نظػاـ اإلسػبلـ االقتصػادي‬
‫وه أهم أركاف اإلسبلـ بعد الصبلة حػك لقػد صػرح القػرآف بػأف مػن يكنػز اؼبػاؿ ال وبػل لػ حػك‬
‫ص َدقَةً تُطَ رهُرُه ْم َوتُػَزركي ِهم ِهبَا) (التوبة‪.)463 :‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫يؤدي زكات فقاؿ‪ُ ( :‬مت ْذ م ْن ْأم َواؽب ْم َ‬
‫"وكلبة "الزكاة " نفسها تدؿ على أف ى ال روة الب هببعها اإلنساف قباسة ومتباثػة ال تطهػر مػا ٍ‬
‫ىبػػرج منهػػا ‪ %2.5‬ى سػػبيل اهلل" كػػل عػػاـ ‪ .‬واهلل غ ػ ال ينال ػ مػػالكم وال وبتػػاج إلي ػ ؛ إال أف‬
‫تسعوا ى ترفي الفقراء وتعبلػوا علػى ترقيػة األعبػاؿ النافعػة الػب ييػبل نفعهػا طبقػات األمػة كلهػا‬
‫ِ‬ ‫ني َعلَْيػها واؼب َؤل َف ِة قُػلُوبػهم وِى الرقَ ِ‬‫ني والْع ِاملِ‬
‫ِ‬ ‫فقاؿ‪( :‬إَمبَا الصدقَات لِْل ُف َقر ِ‬
‫ني َوِى‬ ‫اب َوالْغَا ِرم َ‬ ‫ُُ ْ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫اك‬‫س‬ ‫اؼب‬
‫و‬ ‫اء‬
‫ََ ُ َ َ ََ‬
‫سبِ ِيل الل َوابْ ِن السبِ ِيل) (التوبة‪.)66 :‬‬
‫"فهذخ ه صبعية اؼبسلبني للتعاوف االجتباع وهذخ ه وركتهم للتأمني االجتباع وهذا هو‬
‫ماؽبم االحتياط ‪.‬‬
‫"وهذخ ه ال روة الكافلة للعاطلني مػنهم وهػذخ هػ الوسػيلة إلعانػة ع ػزهتم ومرشػاهم ويتامػاهم‬
‫وأياماهم ومواساهتم وتعهد أحواؽبم؛ وفوؽ كل ذل هو الي ء الذي يغ اؼبسػلم عػن التفكػر ى‬
‫غػػدخ‪ .‬فببػػدأ اإلسػػبلـ السػػاذج الفطػػري أنػ إذا كنػػز غنيًػػا اليػػوـ فسػػاعد غػػكؾ ليسػػاعدؾ غػػكؾ‬
‫ػكا‬
‫غدا‪ .‬فليس ل أف تيغل بال بالتفكك فيبػا يكػوف عليػ حالػ إف أصػبحز فق ً‬ ‫إذا افتقرت ً‬
‫انتقلز إَ الدار اآلمترة وكيه تن و مػن اؼبصػا إذا‬ ‫أو حاؿ زوج وأوالدؾ إذا نالت َ اؼبنية و َ‬
‫مرشز أو أصبز باغبريق أو الفيضاف؟ وماذا تفعل إف كنػز علػى سػفر ولػيس‬ ‫َ‬ ‫نزلز ب نازلة أو‬
‫عندؾ و ء من اؼبػاؿ؟ فالزكػاة هػ الػب تغنيػ وتن يػ عػن التفكػر ى م ػل هػذخ األمػور إَ أبػد‬
‫اآلباد‪.‬‬
‫"ليس علي إال أف تؤدي ‪ %2.5‬مػن ثروتػ اؼبػدمترة إَ مؤسسػة اهلل للتػأمني ه تػأمن مػن كػل‬
‫آفػػة علػػى نفس ػ ؛ إن ػ لسػػز حباجػػة إَ هػػذخ ال ػػروة ى هػػذا الوقػػز فػػدع الػػذين هػػم ى حاجػػة‬
‫إليهػػا ينفقػػوف منهػػا ويسػػدوف هبػػا حاجػػاهتم ه تعػػود عليػ هػػذخ ال ػػروة بتبامهػػا غػ ًػدا بػػل سػػتعود‬
‫علي وه أك ر منها اآلف إف افتقرت إليها أنز أو أوالدؾ‪.‬‬
‫أيضا يبدو التضاد الواش بني مبادئ ومناه الرأظبالية ومبادئ ومناه اإلسػبلـ‪ .‬فالػذي‬ ‫"وههنا ً‬
‫تقتضي الرأظبالية أف هببع اإلنسػاف اؼبػاؿ ويأمتػذ عليػ الربػا حػك ين ػذب إَ حبكتػ وينصػ فيهػا‬
‫كل ما عند غكخ من اؼباؿ‪ .‬ولكن ذل فبا ال يتفق مع طبيعة اإلسبلـ فهو يػأمر إذا ذببػع اؼبػاؿ‬
‫ى حبكة من البحكات حبفر ال ع منها وتوزيع ما ها إَ ما حوؽبا من الزروع اؼبيتة حك تعود إليهػا‬
‫اغبيػػاة‪ .‬إف تػػداوؿ ال ػػروة مقيػػد ى نظػػاـ الرأظباليػػة وهػػو حػػر ى نظػػاـ اإلسػػبلـ‪ .‬ف نػ ال بػػد لػ إف‬
‫ػودا فيػ مػن ذي قبػل وإال فلػيس‬ ‫أردت أف تأمتذ اؼبػاء مػن حػوض الرأظباليػة أف يكػوف مػاؤؾ موج ً‬
‫لػ حبػػاؿ مػػن األحػواؿ أف تنػػاؿ منػ ولػػو قطػػرة واحػػدة مػػن اؼبػػاء‪ .‬ولكػػن اؼببػػدأ الػػذي هبػػرى عليػ‬
‫نظاـ حوض اإلسبلـ أن مػن كػاف عنػدخ مػن اؼبػاء مػا يزيػد عػن حاجتػ فليصػب ى هػذا اغبػوض‬
‫ومن كاف ى حاجة إَ اؼباء فليأمتذخ من ‪ .‬فالظػاهر أف هػذين الطػريقني متضػاداف فيبػا بينهبػا مػن‬
‫حيػػث أصػػلهبا وطبيعتهبػػا ولػػيس اعببػػع بينهبػػا ى نظػػاـ اقتصػػادي إال اعببػػع بػػني الضػػدين ى‬
‫حقيقة األمػر وال يكػاد يبػر ذلػ خبلػد رجػل عاقػل" أه ػ (أسػس االقتصػاد ى اإلسػبلـ ص‪-428‬‬
‫‪.)434‬‬

‫ظبة بارزة من ظبات الزكاة ى اإلسبلـ‪:‬‬

‫ويتحػػدث الداعيػػة اإلسػػبلم اعبليػػل السػػيد أبػػو اغبسػػن النػػدوي ى كتاب ػ "األركػػاف األربعػػة" عػػن‬
‫ظبػػات الزكػػاة اإلسػػبلمية البػػارزة‪ .‬فبػػن أبرزهػػا وأعبقهػػا ى التػػأثك مػػا يق ػ ف هبػػذخ الفريضػػة مػػن روح‬
‫اإليباف واالحتسػاب‪ .‬وهػ الػروح الػب تت ػرد منهػا الضػرا الرظبيػة‪ .‬ه يعػرض لسػبة أمتػرى ذات‬
‫أنبية وداللة بالغة فيقوؿ‪:‬‬
‫"والسػػبة ال انيػػة البػػارزة الػػب سبيػػز الزكػػاة عػػن سػػا ر اعببايػػات والضػرا الػػب كانػػز تُفػػرض ى زمػػن‬
‫اؼبل ػ ػػوؾ والس ػ ػػبلطني وى عه ػ ػػد اغبكوم ػ ػػات اليصص ػ ػػية أو ى عص ػ ػػرنا اغباش ػ ػػر ى اعببهوري ػ ػػات‬
‫ػحا ى البداي ػػة والنهاي ػػة وى النت ػػا‬ ‫وحكوم ػػات الي ػػعوب وذبعله ػػا زبتل ػػه عنه ػػا امتتبلفً ػػا واش ػ ً‬
‫واآلثػػار ه ػ وشػػعها اليػػرع الػػذي قػػررخ الرسػػوؿ صػػلى اهلل علي ػ وسػػلم بلفظ ػ اؼبع ػػز اغبكػػيم‬
‫وتعبػػكخ النبػػوي الػػدقيق الػػذي يػُ َعػػد مػػن جوام ػػع الكلػػم‪ .‬فقػػاؿ‪( :‬تؤمت ػػذ مػػن أغنيػػا هم وتُػػرد عل ػػى‬
‫فق ػرا هم) وذل ػ وشػػع الزكػػاة األصػػيل اليػػرع الػػذي كانػػز علي ػ وهب ػ أف تكػػوف علي ػ إَ أف‬
‫يػػرث اهلل األرض ومػػن عليهػػا فه ػ تؤمتػػذ مػػن األغنيػػاء الػػذين يسػػتوفوف وػػروط وجوهبػػا ويبلكػػوف‬
‫النصػػاب اؼبعػ ّػني اؼبنصػػوص وتُصػػرؼ ى مصػػارؼ عينهػػا اهلل تعػػاَ ى القػػرآف وٍ يكله ػا إَ رأي‬
‫ات ل ْل ُف َق ػ ػراء) ‪ ....‬اآليػ ػػة‬
‫مي ػ ػ ع أو مقػ ػػنن أو حػ ػػاكم أو عػ ػػاٍ وهػ ػػو قول ػ ػ تعػ ػػاَ‪( :‬إمبػَػػا الصػ ػ َػدقَ ُ‬
‫(التوبػة‪ .)66:‬وتفضػل اليػريعة وتػرج األحاديػػث النبويػة أف تُصػػرؼ هػذخ الصػػدقات علػى فقػراء‬
‫البلد الذي ُذب َط في ‪.‬‬
‫"وكذل كاف نظاـ الزكاة حك ى اغبكومػات الػب ٍ تكػن دقيقػة كػل الدقػة وال أمينػة كػل األمانػة‬
‫ى تطبيق األحكاـ اليػرعية وربقيػق اؼب ُػل اإلسػبلمية العليػا ى اغبكػم والسياسػة‪ .‬فلػم ُوبػرـ الفقػراء‬
‫ُ‬
‫واؼبسػػاكني حقهػػم ى ظػػل هػػذخ اغبكومػػات وٍ تتعطػػل حػػدود اهلل كػػل التعطػػل (كتػػاب "اػب ػراج"‬
‫لقاش ػ القضػػاة اإلمػػاـ أل يوسػػه ومقدمت ػ ‪ -‬بص ػفة متاصػػة ‪ -‬برهػػاف سػػاطع علػػى مػػا كػػاف مػػن‬
‫اهتباـ ى أوج الدولة العباسية بأحكاـ اػبػراج والزكػاة والصػدقات ف نػ كتػ هػذا الكتػاب العظػيم‬
‫بػػاق اح مػػن أمػػك اؼبػػؤمنني "هػػاروف الروػػيد")‪ .‬ى هػػذخ اغبكومػػات الػػب يبػػالغ ك ػػك مػػن اؼبػػؤرمتني‬
‫اؼبغرشػػني والبػػاح ني اؼبستيػػرقني ى ذمهػػا واكبرافهػػا عػػن تعػػاليم اإلسػػبلـ بػػل ثورهتػػا عليهػػا كبػػا‬
‫يقولوف‪.‬‬
‫"وبػػالعكس مػػن ذلػ اعببايػػات والضػرا واؼبكػػوس الػػب تفرشػػها اغبكومػػات اليػػوـ فهػ صػػورة‬
‫مقلوبة معكوسة للزكاة فهذخ الضرا ‪-‬العادلة منها واةحفة والصغكة منهػا والضػصبة‪ -‬تؤمتػذ‬
‫م ػػن الفقػ ػراء وأوس ػػاط الن ػػاس وتُػ ػ َػرد عل ػػى الرؤس ػػاء واألغني ػػاء واألقوي ػػاء‪ .‬إم ػػا ذبتب ػػع َبع ػ َػرؽ جب ػػني‬
‫الفبلحني والعبلة والصناعني والت ار الذين ييتغلوف ليل مار ى متاجرهم ودكاكينهم وتُصرؼ‬
‫هذخ األمواؿ بسصاء ‪ -‬بل بقسوة نادرة ووقاحة زا دة ‪ -‬ى استقباؿ رؤساء اعببهوريات الزا ػرين‬
‫للػػببلد وو وال بهػػم الػػب تيػػب وال ػػم "ألػػه ليلػػة وليلػػة" اػبياليػػة األسػػطورية وو اؼبهرجانػػات الػػب‬
‫وبتفػػل هبػػا بػػني حػػني وحػػني وو مػػآدب السػػفارات ى الػػببلد األجنبيػػة الػػب ذبػػري في ػ اػببػػر جػػري‬
‫األمار وى دعايات اغبكومة الب تستنفد موارد اليع وسبتل دماءخ وربػوؿ بػني رجػل اليػع‬
‫وقوتػ ػ وى جع ػػاالت الص ػػحفيني األجانػ ػ ووك ػػاالت األنب ػػاء وروات ػ اؼب ػػذيعني الب ػػارعني ال ػػذين‬
‫حػػذقوا فػػن تلفيػػق األمتبػػار واهتػػاـ األبريػػاء وتي ػري األحيػػاء مػػن اؼبنافسػػني واألعػػداء وتكػػاليه‬
‫الصػػحه الػػب تعت ػ أهػػم وأنفػػع مػػن أقػػوى اعبيػػوش وأحػػدث األسػػلحة فبػػا مػػن حكومػػة وػػعبية‬
‫ديبقراطية وال من حكومة ويوعية أو او اكية إال وه سبتل دـ اليع كاإلسفن وتصػب ى‬
‫حبر الدعاية والرواء السياس والتلبيس الصحف وؿباكبة اؼبعارشني من اةػرمني وغػك اةػرمني‬
‫تعبكا ى وصه هذخ الضرا الب تقوـ عليها اغبكومات اليوـ من‬ ‫تصويرا وال أصدؽ ً‬ ‫ً‬ ‫فبل أدؽ‬
‫قولنػػا‪ :‬إمػػا "تؤمتػػذ مػػن فق ػرا هم وتُػ َػرد علػػى أغنيػػا هم" لػػذا كانػػز الزكػػاة اإلسػػبلمية الػػب فرشػػها اهلل‬
‫علػػى عبػػادخ اؼبوسػرين لط ًفػػا ورضبػػة باألمػػة ونتي ػػة لنعبػػة النبػػوة الػػب ال نعبػػة فوقهػػا "شػريبة" ‪-‬إذا‬
‫ػدارا وأمتفهػػا مؤنػػة وأعظبهػػا يبنًػػا وبركػػة‬
‫كػػاف ال بػػد مػػن إطػػبلؽ هػػذخ الكلبػػة‪ -‬أقػػل الضػرا مقػ ً‬
‫وأك رهػػا فا ػػدة ألمػػا‪( :‬تؤمتػػذ مػػن أغنيػػا هم وتُػ َػرد علػػى فقػرا هم) أه ػ (األركػػاف األربعػػة ص‪-426‬‬
‫‪.)422‬‬

‫وبعػػد ‪ ..‬فػ ْ أهػػدي هػػذخ الدراسػػة إَ رجػػاؿ الفكػػر والتيػريع اؼبػػاُ والضػري ليعلبػوا كيػػه سػػبق‬
‫اإلس ػػبلـ ال ػػنظم اؼبالي ػػة والضػ ػريبية اغبدي ػػة في ػػرع ه ػػذخ الضػ ػريبة احملكب ػػة "الزك ػػاة" متض ػػبنة أفض ػػل‬
‫اؼببادئ وأعدؿ األحكاـ وأنبػل األهػداؼ وأقػوى الضػبانات ه لينزلػوا علػى حكػم اليػرع الػذي‬
‫يػػدينوف ب ػ والواقػػع الػػذي يعييػػوف في ػ فكاع ػوا معتقػػدات األمػػة الػػب يُيػػرعوف ؽبػػا ويضػػعوا هػػذخ‬
‫الضريبة اؼبقدسة "الزكاة" ى مقدمة الضرا الب يسنوما ه يُفرعوا ويكبلوا دبا تقتضي اغباؿ من‬
‫شرا تصاعدية أو نسبية‪.‬‬
‫وأهػػدي هػػذخ الدراسػػة إَ رجػػاؿ الضػػباف االجتبػػاع ليعلبػوا علػػم اليقػػني أف هػػذخ الفريضػػة ه ػ‬
‫أوؿ إعانػػة تُػػنظم بواسػػطة اغبكومػػة ‪-‬ى تػػاريمل اإلنسػػاف‪ -‬ؼبصتلػػه ذوي اغباجػػات ى اةتبػػع بػػل‬
‫هػ حػق معلػوـ ؽبػم وفريضػة مػػن اهلل وأف تػاريمل التػدابك اغبكوميػة إلعانػة الضػعفاء واحملتػػاجني ال‬
‫يبدأ بالقرف السابع عير ‪-‬كبا قيػل‪ -‬كبػا أف الضػباف االجتبػاع لػيس مػن مسػتوردات الغػرب‬
‫وال من مبتكرات العصر بل هو نظاـ إسبلم أصيل وفرخ اإلسبلـ للبسلبني وغك اؼبسلبني‪.‬‬
‫ووجوهػا عربيػػة أو وػػرقية وقلوبًػػا‬
‫ً‬ ‫وأهػدي هػػذخ الدراسػػة إَ اؼب قفػػني العصػريني الػػذين وببلػػوف أظبػػاءً‬
‫وعقوالً أوروبية أو أمريكية أو روسية أو صينية يتبعػوف ‪ -‬رظبيًػا ‪ -‬الديانػة اإلسػبلمية وهػم أجهػل‬
‫الناس باإلسبلـ‪ ..‬إليهم هذخ الدراسة ليعلبوا أف اإلسبلـ ليس دين صومعة وال كهنوت وإمبا هػو‬
‫دين ودولة عقيدة ونظاـ علم وعبل دنيا وآمترة حرية وعدؿ حقوؽ وواجبات‪ .‬وأوشػ م ػل‬
‫لذل نظاـ الزكاة‪.‬‬
‫وأهدي هذخ الدراسة إَ كافة اليعوب اإلسبلمية وحكوماهتا اؼبعاصرة؛ ل اجع موقفهػا مػن وػرا ع‬
‫اإلسػػبلـ ونظب ػ ومنهػػا الزكػػاة عسػػى أف تزيػػل التنػػاقض القػػا م ى حياهتػػا وتطػػرد مػػن دسػػاتكها‬
‫وقوانينها االستعبار التيريع كبا طردت االسػتعبار السياسػ والعسػكري ويعػود اإلسػبلـ دينهػا‬
‫ومصدر قوانينها وأنظبتها‪.‬‬
‫ػكا ‪ ..‬أهػػدي هػػذخ الدراسػػة إَ اؼبيػػتغلني بالفقػ اإلسػػبلم وال قافػػة اإلسػػبلمية والػػداعني إَ‬ ‫وأمتػ ً‬
‫تطبيػق نظػػاـ اإلسػػبلـ لعلهػػم هبػػدوف ى هػػذخ الدراسػػة الفقهيػػة اؼبقارنػػة ى شػػوء القػػرآف والسػػنة مػػا‬
‫يزيػدهم إيبانًػا بػأف هػػذا الػدين قػادر علػى مواجهػػة التطػور وقيػادة اغبيػاة مػػن جديػد وتوجيػ دفتهػػا‬
‫إَ اغبق واػبك والعدؿ ى ظل وريعت اػبصبة اؼب رية الصاغبة اؼبصلحة لكل زماف ومكاف‪.‬‬
‫وآمتر دعوانا‪ :‬أف اغببد هلل رب العاؼبني‪.‬‬

You might also like