لا يخفى على القارئ أهمية الدعاية والإعلان في عصرنا هذا بالنسبة لترويج البضائع

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 8

‫ال يخفى على القارئ أهمية الدعاية واإلعالن في عصرنا هذا بالنسبة لترويج البضائع‪ ,‬بل وحتى‬

‫األفكار‪ .‬فمع وجود أشكال عديدة لسلع متشابهة تزداد المنافسة بين االقتصاديين لترويج بضائعهم‬
‫‪.‬والتأثير على المستهلك لدفعه الختيار سلعة ما وشرائها‬
‫واإلعالن يقوم بمهمة اقتصادية تزداد أهميتها يوما ً بعد يوم‪ ,‬مما يجعلها تتبوء اهتماما ً متزايداً من •‬
‫االقتصاديين وأصحاب المصالح‪ ,‬مما دفع المهتمين لتمويل دراسات بحثية تهدف إلى دراسة أفضل‬
‫الطرق التي تؤثر على المستهلك وتدفعه الختيار سلعة ما دون غيرها رغم وجود خيارات واسعة‬
‫‪.‬أمامه‬
‫هذه الدراسات جعلت من اإلعالن صناعة اقتصادية اجتماعية نفسية إذا صح التعبير‪ ,‬ليس هدفها •‬
‫فقط بيان محاسن السلعة وفائدتها للمستهلك وإنما هدفها األساسي هو البحث عن الطرق المؤثرة‬
‫على المستهلك ونفسيته والتي تدفعه الستهالك سلعة معينة بغض النظر عن كونها األفضل بين‬
‫‪.‬السلع الموجودة أمامه في السوق‬
‫هذه الدراسات خرجت بنتائج هامة‪ ,‬استخدمها القائمون على صناعة الدعاية واإلعالن لتحقيق •‬
‫غاية تسويق السلع‪ ,‬ولكنها بنفس الوقت تركت آثاراً عديدة على المجتمع وأفراده وسلوكياتهم‪,‬‬
‫وأحدثت تغيرات مهمة في نظرة المستهلك إلى حاجة االستهالك‪ ,‬وفي نظرته إلى طريقة اختياره‬
‫لسلعة ما‪ ,‬فلم يعد األمر مجرد شراء لسلعة تقوم بوظيفة إشباع حاجة ما‪ ,‬وإنما تحول السلوك‬
‫‪.‬االستهالكي إلى موضة أحياناً‪ ,‬و"برستيج" اجتماعي أحيانا ً أخرى‪ ,‬ومسميات أخرى كثيرة غيرها‬
‫هذا الجانب‪ ,‬وهو تأثير الدعاية واإلعالن على المستهلك‪ ,‬هو ما أود دراسته في هذا البحث‪ .‬في •‬
‫محاولة لتسليط الضوء على حالة اجتماعية نرى آثارها تزداد وضوحا ً يوما ً بعد يوم محدثة تغيرات‬
‫‪.‬اجتماعية كثيرة أثرت على كثير من عاداتنا وأنماط حياتنا‬
‫مفهوم الدعاية واإلعالن •‬
‫هناك تعريفات كثيرة قدمها الباحثون لمصطلح الدعاية واإلعالن فقد عرّ ف بعضهم اإلعالن بأنه‪• :‬‬
‫" مجموعة األنشطة التى تهدف الى االتصال والمخاطبة الشفهية أو المرئية لمجموعة مستهدفه من‬
‫األفراد بغرض إخبارهم والتأثير عليهم لشراء سلعة أو خدمة‪ ،‬أو تغيير اتجاهاتهم‪ ،‬وذلك نظير أجر‬
‫‪" .‬مدفوع لجهة إعالنية محددة‬
‫وجاء في دائرة المعارف الفرنسية بأن اإلعالن هو‪" :‬مجموع الوسائل المستخدمة لتعريف •‬
‫‪".‬الجمهور بمنشأة تجارية وإقناعه بامتياز منتجاتها واإليعاز إليه بطريقة ما بحاجته إليها‬
‫وقد عرّ فه بعضهم فقال إن اإلعالن هو‪" :‬الوسيلة المدفوعة لخلق حالة من الرضا النفسى فى •‬
‫الجماهير لغرض بيع أو المساعدة فى بيع سلعة أو خدمة معينة أو كسب موافقة الجمهور على قبول‬
‫‪".‬فكرة أو توجيهه وجهة بذاتها‬
‫وفي تعريف الجمعية األمريكية للتسويق‪":‬اإلعالن هو مختلف األنشطة التى تؤدى إلى نشر أو •‬
‫إذاعة الرسائل اإلعالنية المرئية أو المسموعة على الجمهور لغرض حثه على شراء سلع أو‬
‫‪".‬خدمات‪ ،‬أو من أجل التقبل الطيب ألفكار أشخاص أو منشآت معلن عنها‬
‫وقد أورد بعضهم ما أسماه التعريف الشامل لإلعالن فقال‪" :‬اإلعالن نشاط لالتصال الالشخصى‪• ،‬‬
‫التفاعلى والالتفاعلى‪ R،‬يمارس لحساب معلن معين مقابل ثمن معلوم‪ ،‬ألجل نقل رسالة عبر وسائط‬
‫اتصال مختارة إلى جمهور مستهدف‪ ،‬بهدف استثارة فعل معين‪ ،‬يحقق منفعة للمعلن"‪)1(.‬‬
‫ومن خالل التعريفات السابقة نرى أن اإلعالن هو نشاط يهدف إلى التأثير على المستهلك أو •‬
‫(الجمهور) لحثه على شراء منتج أو طلب خدمة أو تقبل فكرة‪ ,‬اعتماداً على معرفة بنفسية هذا‬
‫المستهلك وعقليته وطرق التأثير عليه إلقناعه (أو باألحرى لدفعه بوعي أو بدون وعي) للقيام‬
‫بسلوك استهالكي معين أو لقبول فكرة معينة‪ .‬والغاية بالطبع هي فائدة صاحب السلعة أو الخدمة‬
‫أوالفكرة‪ ,‬الذي يدفع لمؤسسة تقوم هي بتقديم فكرة اإلعالن والترويج له بغض النظر عن قناعتها‬
‫بفائدة هذه السلعة أو ضرورة هذه الخدمة أو صوابية هذه الفكرة أو خطأها‪ ,‬فالمهم عند هذه‬
‫المؤسسة هو المبلغ الذي يدفعه صاحب السلعة أو الخدمة أو الفكرة‪ .‬وكذلك فإن المعلن يقدم هذا‬
‫المال لهذه المؤسسة ليحقق غايته التي يسعى إليها وهي التأثير على المستهلك لحثه على تصرف ما‬
‫‪.‬يحقق له الفائدة سواء المادية أم المعنوية‬
‫وقد حدث خلط بين مفهوم الدعاية ومفهوم اإلعالن‪ ,‬فإذا كنا عرّ فنا اإلعالن بما سبق‪ ,‬فإن الدعاية •‬
‫لها مفهوم أوسع حيث يقصد بها‪ " :‬النشاط الذى يؤدى الى التأثير فى عقيدة (تفكير) الجمهور‪ ،‬سواء‬
‫لجعله يؤمن بفكرة أو مبدأ معين‪ ،‬أو من أجل صرفه عن فكرة أو مبدأ يؤمن بها‪ ,‬ولها وسائل متعددة‬
‫منها‪ :‬اإلعالن‪ ,‬اإلعالم‪ ,‬الخطب واألحاديث والمناقشات‪ ,‬تنظيم االجتماعات‪ ,‬عقد المؤتمرات‬
‫والندوات‪ ,‬تأليف الكتب والقصص‪ ,‬ترويج االشاعات‪.......‬إلخ"(‪)2‬‬
‫أو‪" :‬هي محاولة التأثير في األفراد والجماهير والسيطرة على سلوكهم وذلك في مجتمع معين •‬
‫ولهدف معين أو هي الجهود التي تبذل لتغيير معتقدات الناس واتجاهاتهم وآرائهم باستعمال وسائل‬
‫‪.‬النشر المختلفة"(‪)3‬‬
‫ولو أردنا البحث في تاريخ الدعاية واإلعالن لعدنا إلى تاريخ البشرية نفسه‪ ،‬فمنذ أن أخذ االنسان •‬
‫يعبر عن نفسه بأساليب مختلفة كالكلمات والكتابة والرموز‪ ،‬وهو يبحث بشتى الوسائل من أجل‬
‫‪.‬الوصول لهدفه المبتغى‪ ,‬وذلك من خالل اإليهام والمبالغة وتحريف الحقائق وإعادة صياغة األخبار‬

‫إال أن اإلستخدام المعاصر لمصطلح الدعاية جرى بأميركا وبريطانيا في بدايات القرن العشرين •‬
‫وبالتحديد في الحرب العالمية األولى‪ ،‬حينما دعا الرئيس األميركي ويلسون لجنة دعائية ساهم في‬
‫عضويتها كبار المفكرين والمنظرين األكاديميين أمثال جون ديوي‪ ،‬فالتر لبمان‪ ،‬أدورد بيرنايس‪،‬‬
‫كذلك حينما تأسست في بريطانيا وزارة للدعاية التي أخذت على عاتقها مهمة تحريض الشعب‬
‫األميركي ضد األلمان‪ .‬ونجحت في ذلك نجاحا ً عظيماً‪ .‬وظهرت فيما بعد الدراسات واألبحاث التي‬
‫درست هذا المفهوم من جوانبه كافة‪)4( .‬‬
‫ومن أهم وسائل الدعاية واإلعالن النشرات والكتيبات والبروشورات التي توزع على المستهلكين‪• .‬‬
‫والصحف والمجالت التي تخصص صفحات كاملة لإلعالنات‪ .‬والملصقات والالفتات التي‬
‫يخصص لها أماكن بالميادين والشوارع‪ .‬وهناك نوافذ العرض الخاصة لعرض المنتج‪ .‬باإلضافة‬
‫‪.‬طبعا ً إلى اإلذاعة والتلفزيون والسينما‬
‫هذه الوسائل تعتمد في تقديمها للمنتج بمجملها على الدراسات النفسية التي يُتعرف منها إلى أحسن •‬
‫الطرق للتأثير على آراء الناس وتغيير اتجاهاتهم االستهالكية‪ .‬وكما يقول االقتصاديون فإن اإلعالن‬
‫‪.‬هو التحكم في السلوك بهدف إثارة دوافع المستهلك للشراء‬
‫‪:‬ويمكن أن نضرب بعض األمثلة المؤثرة على المستهلك بما يلي •‬
‫ـ إعطاء اإلعالن صبغة علمية أكاديمية‪ ,‬وذلك باستعمال بعض األلفاظ الطبية أو المصطلحات ‪• 1‬‬
‫الكيميائية‪ ( .‬وهذا ما نراه في كثير من اإلعالنات الخاصة بمعاجين األسنان مثالً‪ ,‬بل إن الدواء الذي‬
‫حذر دائما ً من استعماله دون وصفة طبية أصبح له إعالن خاص أيضاً!)‬ ‫‪.‬كنا ُن ّ‬
‫ـ استغالل بعض الخدع السينمائية في التصوير إلبهار المستهلك بنتائج استعمال السلعة‪( ,‬مثل ‪2‬‬
‫‪.‬إعالنات زيوت الشعر مثالً أو الشامبوهات أو منتجات القوة)‬
‫ـ محاولة إشعار المستهلك أن ما لديه من سلع وبضائع أصبح غير صالح أو لم يعد مواكبا ً للتقدم‪3 .‬‬
‫(كثير من اإلعالنات توازن بين منتج قديم وآخر جديد أكثر مفعوالً أو أقوى تأثيراً‪ ,‬أو حتى بعبوة‬
‫أجمل! وكأن مفعول‪ R‬المنتج يتغير بتغير عبوته‪ .‬ومن أسوأ اإلعالنات التي تظهر على أحد المحطات‬
‫الفضائية إعالن يوازن بين إحضار األم إلى المكتب أو إحضار شوربتها!‪ ,‬فاألم بحنانها واهتمامها‬
‫ورعايتها وإنسانيتها ا ُختصرت الحاجة إليها بالحاجة إلى شوربتها‪ ,‬وبالطبع فإن منتج الشوربة‬
‫‪.‬المص ّنع أفضل من الماما كلها!)‬
‫ـ استخدام الخدع اللفظية التي تشد انتباه المستهلك‪( .‬كسؤال المتلقي هل جربت كذا؟ أو هل عانيت ‪4‬‬
‫من كذا؟ أو هل سمعت عن كذا؟‪).....‬‬
‫ـ ربط استخدام السلعة بإثارة غرائزية لدى المشاهد كلقطات مثيرة أو ألفاظ مثيرة حتى‪ ,‬وهذا ما ‪5‬‬
‫‪.‬يبرر ظهور النساء الجميالت بشكل شبه دائم لتمثيل اإلعالنات‬
‫وبانتشار وسائل الدعاية واإلعالن المختلفة والتقدم التكنولوجي الحديث الهائل في مجاالت •‬
‫التصوير السينمائي والتلفزيوني‪ ,‬وفي الطباعة والكمبيوتر واألنترنت وغيرها من هذه الوسائل‬
‫والتقنيات‪ ,‬أصبحت اإلعالنات قوة هائلة وصناعة مؤثرة تأثيراً كبيراً على سلوك المستهلك‪,‬‬
‫وتزايدت أهميتها وتتزايد يوما ً بعد يوم‪ ,‬مما جعل الشركات واألفراد ينتبهون لخطورتها ويصرفون‬
‫وقتهم وجهدهم ومالهم لالستفادة منها بأقصى صورة ممكنة‪ ,‬وهذا ما سندرسه في الفقرة التالية من‬
‫‪.‬البحث‬
‫أهمية الدعاية واإلعالن في وقتنا الحالي •‬
‫تزايدت أهمية الدعاية واإلعالن في وقتنا الحالي بصورة كبيرة جداً‪ .‬ومع تطور وسائل االتصال •‬
‫التي جعلت من العالم قرية صغيرة كما يقولون‪ ,‬أصبح االعتماد على الدعاية واإلعالن لتسويق‬
‫البضائع والخدمات وحتى األفكار أمراً ال يمكن االستغناء عنه‪ .‬ويمكن أن نجمل أهمية الدعاية‬
‫‪:‬واإلعالن بالنقاط التالية‬
‫ـ الترويج للسلع والبضائع والخدمات واألفكار بأيسر السبل وأقل التكاليف‪ ,‬حين يصل اإلعالن ‪• 1‬‬
‫باختالف مضمونه إلى أوسع شريحة يريدها المعلن‪ ,‬وذلك بعد أن يختار الوسيلة اإلعالنية التي‬
‫‪.‬يريدها‪ ,‬سواء كانت مرئية أم مقروءة أم مسموعة‬
‫ـ تعريف المستهلك بمميزات السلعة وخصائصها وسعرها‪ ,‬أو ضرورة الخدمة وطبيعتها وكيفيتها‪2,‬‬
‫أو تفاصيل الفكرة وشرحها بصورة عيانية مشاهدة‪ ,‬دون تكليفه بالذهاب إلى مكان السلعة أو‬
‫‪.‬الخدمة‪ ,‬بل إن الدعاية واإلعالن تأتي بالسلعة نفسها إلى المستهلك في أي مكان هو فيه‬
‫ـ توسّع السوق‪ ,‬وتعرّ ف التجار واالقتصاديين والصناعيين على السلع والخدمات وتفتح أبوابا ً ‪3‬‬
‫‪.‬عديدة للتعامالت التجارية واالقتصادية بين أهل المصالح االقتصادية المختلفة‬
‫ـ تشـجع التنافس بين المنتجين والصناعيين لتقديم أفضل مـا عندهم من إنتاج‪ ,‬وتدفعهم لمحاولة ‪4‬‬
‫‪.‬التميز لجذب انتباه المستهلكين‬
‫ـ تعتبر الدعاية واإلعالن من أهم الوسائل التي تؤمن الدخل للوسائل اإلعالمية المرئية والمسموعة‪5‬‬
‫والمقروءة‪ ,‬حتى أننا نرى اليوم تضخما ً في المساحة اإلعالنية في المحطات الفضائية‪ ,‬وزيادة كبيرة‬
‫في حجم الصحف والمجالت التي تخصص صفحات كثيرة لنشر اإلعالنات فيها (ولهذا جانبه‬
‫السيء المؤثر على الوسيلة اإلعالنية‪ ,‬من ذلك مثالً الحد من حرية هذه الوسائل اإلعالمية حرصا ً‬
‫‪.‬منها على جذب المعلنين)‬
‫ـ تسـتخدم الدول الدعاية واإلعالن لتقوم بوظيفة توعية الجماهير لخطر ما‪ ,‬أو تحريضهم للقيام ‪6‬‬
‫بواجب اجتماعي أو سياسي ما‪ .‬كما تستخدم في التسويق السياسي الذي‪" :‬هو عبارة عن برنامج‬
‫الحزب أو المرشح والمستهدف توصيله للجماهير المستهدفة‪ ,‬وإقناعهم بالبرنامج‪ .‬أي إحداث التأثير‬
‫‪.‬المستهدف على الرأي العام لجمهور الناخبين"(‪)5‬‬
‫ـ إن الدعاية واإلعالن اليوم تحتل مكانة هامة وتستخدمها الدول القوية للترويج ألفكارها ‪7‬‬
‫وللسيطرة على الدول الفقيرة‪ R‬واستغاللها‪ ,‬من خالل ما يسمى بالغزو الثقافي والذي نرى أثره اليوم‪,‬‬
‫حيث سيطرت أفكار غيّرت من نمط الحياة في معظم دول العالم وخصوصا ً الدول الضعيفة التي‬
‫فتحت أبوابها للدعايات الغربية وأخضعت شعوبها لشتى التأثيرات‪ ,‬مما زادها ضعفا ً وقابلية‬
‫الستنزاف خيراتها من قبل الدول القوية‪ .‬وصرنا نسمع بمصطلح "العولمة" والذي يعني فيما يعنيه‬
‫"تغيير األنماط والنظم االقتصادية والثقافية واالجتماعية ومجموعة القيم والعادات السائدة وإزالة‬
‫‪.‬الفوارق الدينية والقومية والوطنية في إطار تدويل النظام الرأسمالي الحديث"(‪)6‬‬
‫ومع انتشار األنترنت زادت أهمية الدعاية واإلعالن وخصوصا ً عبر األنترنت فهناك خيارات •‬
‫عديدة أمام المستهلك وسرعة الوصول والحصول على المنتج في أي وقت وفي أي مكان‪ ,‬وخفض‬
‫للتكاليف اإلدارية مما ينعكس على شكل انخفاض في سعر السلعة نفسها‪ ,‬هذا باإلضافة إلى سرعة‬
‫تبادل المعلومات وقدرة المستهلك على االستفسار والسؤال بتفصيل واسع عن السلعة أو الخدمة‪( .‬‬
‫‪)7‬‬
‫أكتفي بهذه النقاط للتنويه على أهمية الدعاية واإلعالن في وقتنا الحالي‪ .‬وأعتقد أنه يكفي اإلشارة •‬
‫إلى أن قطاع تقنية المعلومات‪ R‬في الواليات المتحدة المعتمد بالدرجة األولى على ترويج البضائع‬
‫عبر األنترنت قد أسهم في ‪ %30‬من الناتج المحلي اإلجمالي خالل الفترة من عام ‪ 1995‬إلى عام‬
‫‪1998( .‬م كما ذكرت وزارة التجارة األمريكية‬
‫أثر الدعاية واإلعالن على المستهلك •‬
‫يكتب الدكتور جالل أمين في مقاله "السوبرماركت" المنشور في كتابه "عصر الجماهير الغفيرة" •‬
‫عن المستهلك الذي يخضع لتأثير الدعاية الخفية داخل السوبر ماركت ويصف لنا سلوكه هناك‬
‫بقوله‪ " :‬عند باب السوبرماركت يجد المرء سلة معدنية هي أقرب للمركبة منها إلى السلة‪ ,‬إذ إنها‬
‫وعاء كبير يقوم على أربع عجالت‪........,‬لم تكن هذه السلة (التي تسمى اآلن بالتروللي) عندما بدأ‬
‫ظهور السوبر ماركت‪ ,‬أكثر من وعاء صغير من البالستيك يحمله المرء بيده‪ ,‬ثم اكتشف أصحاب‬
‫السوبرماركت نقطة ضعف خطيرة في زبانئهم لم يترددوا في استغاللها وتتمثل في النزوع الطبيعي‬
‫لدى اإلنسان إلى ملء ما كان فارغاً‪ .‬إذا كان األمر كذلك فإن إعطاء الزبون سلة عظيمة الحجم‬
‫سوف يدفعه دفعا ً إلى ملئها بمختلف السلع المعروضة عليه ‪ .........‬لقد انقلب األمر إذن عما كان‬
‫عليه في الماضي‪ ,‬فبعد أن كان الحال في الماضي أن يشتري المرء ما يحتاج إليه ثم يبحث عن‬
‫الوعاء الالزم لحمله‪ ,‬أصبح الحال في السوبرماركت الحديث‪ ,‬أن يحدد حجم الوعاء في البداية‪ ,‬ثم‬
‫‪.‬تتحدد كمية السلع المشتراة طبقا ً لذلك"(‪)9‬‬
‫هذه الفقرة تصور بطريقة مبسطة جداً حال المستهلك الذي يخضع للدعاية المؤثرة في سلوكه •‬
‫‪.‬فيتجه إلى التصرف بطريقة ال شعورية توافق رغبة البائع وال تعبر عن حاجته الحقيقية‬
‫لقد اعتمدت الدعاية واإلعالن على العلوم النفسية التي درست السلوك اإلنساني وفهمت جوانبه •‬
‫وطرق التأثير فيه‪ ,‬وبُذلت محاوالت إلحياء ما سمي علم النفس التجاري الذى يبحث فى استخدامات‬
‫علم النفس فى مجاالت البيع واإلعالن والتسويق بشكل عام بناء على دراسة وتحليل سلوك‬
‫المستهلكين‪ ,‬ولهذا فال يمكن لنا تجاهل األثر الكبير للدعاية واإلعالن على سلوك المستهلك‬
‫وتوجهاته واختياراته وسلوكه االستهالكي‪ .‬وبناء عليه فإنه يمكننا مالحظة آثار مختلفة للدعاية‬
‫‪.‬واإلعالن ال تقتصر على الفرد فقط وإنما تتعداه إلى المجتمع ككل‬
‫وال يخفى أن هناك جانبا ً إيجابيا ً للدعاية واإلعالن يتمثل بأمور كثيرة تعود بالفائدة على المنتج •‬
‫والمستهلك على حد سواء‪ ,‬وقد بينت بعضها حين تحدثت عن أهمية الدعاية واإلعالن‪ .‬ولكن بحثي‬
‫يهدف إلى التركيز على الجوانب السلبية للدعاية واإلعالن‪ ,‬والتي تتمثل باآلثار السلبية للدعاية‬
‫‪:‬واإلعالن والتي تؤثر على سلوك المستهلك‪ ,‬وسأقوم بتسليط الضوء على هذه اآلثار كما يلي‬
‫األثر النفسي للدعاية واإلعالن على المستهلك •‬
‫للدعاية واإلعالن تأثير على نفسية المستهلك‪ ,‬فهي تتحكم بعقله الباطن وتدفعه للقيام بسلوكيات •‬
‫استهالكية غير سليمة‪ ,‬وقد أكدت هذا الدراسات العلمية الحديثة‪ :‬ففي كتاب "الالواعي لدى‬
‫المستهلك" يقول البروفيسور جيرالد زالتمان إن ‪ %95‬من قرارات الشراء تتخذ دون وعي‬
‫المستهلك‪ ،‬ذلك الستخدام وسائل خداع تصل إلى سويداء مركز اتخاذ القرار وهو ما يسمى بالعقل‬
‫الباطن‪ .‬كدليل على هذا‪ ،‬يستشهد البروفيسور بسلسلة من األبحاث منها تناقض أقوال المستهلكين‬
‫بأفعالهم‪ ،‬فبينما يدعي هؤالء تحكيم العقل والمقارنة حين الشراء‪ ،‬إال أنهم عند التسوق يندفعون ألخذ‬
‫المنتج الذي يريدونه كأنهم ينصاعون لتأثير مسبق ترسخ في أعماقهم(‪)10‬‬
‫ويؤكد هذا التأثير النفسي بعض االستطالعات التي قام بها بعض الباحثين‪ ,‬فمثالً تكشف رئيسة •‬
‫لجنة تأليف مناهج علوم األسرة والمستهلك األستاذة المساعدة في كلية التربية األساسية في جامعة‬
‫الكويت د‪.‬هيفاء العنجري في دراسة لها عن االستهالك في الكويت أن ‪ %79‬يعتمدون العشوائية‬
‫مقابل ‪ %14‬فقط يعتمدون التخطيط قبل التسوق‪)11( .‬‬
‫وفي السعودية كشفت دراسة حديثة إلى إن ‪ %58‬من األطفال يتأثرون باإلعالنات التليفزيونية •‬
‫في حين ‪ %29.5‬منهم يتأثر أطفالهم باإلعالنات والدعايات أحيانا ً بينما نسبة قليلة من األسر (‬
‫‪ )% 12.5‬أفادت بأن أطفالهم ال يتأثر بالدعايات واإلعالنات فيما يختص بمشترياتهم وتناولهم‬
‫لألغذية‪)12( .‬‬
‫قمت بعمل استبيان في محيطي االجتماعي الصغير سألت فيه عينة االستبيان بضعة أسئلة •‬ ‫ُ‬ ‫ولقد‬
‫‪:‬عن سلوكهم االستهالكي‬
‫ـ إذا كنت أمام سلعتين واحدة تظهر باإلعالنات وأخرى ال ترى لها إعالنا ً أيهما تشتري ؟‪1‬‬
‫ـ هل تصدق ما يظهر في اإلعالن عن ميزات سلعة ما؟‪2‬‬
‫ـ هل تضطر لشراء سلعة تحت ضغط أطفالك فقط لكونها تظهر في األعالنات؟‪3‬‬
‫‪:‬وكانت اإلجابات كما يلي •‬
‫ـ أجاب ‪ %60‬من العينة على السؤال األول بأنهم يشترون السلعة التي تظهر في اإلعالن (‪• %30‬‬
‫‪.‬أكدوا ذلك‪ %30 ,‬قالوا أحياناً!)‬
‫ـ أجاب ‪ %45‬من العينة على السؤال الثاني وقالوا إنهم يصدقون ما يظهر في اإلعالن بينما قال‬
‫‪ %55.‬منهم أنهم ال يصدقون ذلك وأنهم يحتاجون للتجربة‬
‫ـ أجاب ‪ %85‬من العينة على السؤال الثالث بأنهم يشترون السلعة تحت ضغط األطفال إذا كانت‬
‫‪.‬تظهر باإلعالن أحياناً‪ ,‬بينما أكد ‪ %10‬منهم أنهم ال يخضعون لمثل هذا الضغط‬
‫هذا االستبيان البسيط‪ ,‬وهذه النتائج ما هي إال نموذج يظهر مدى التأثير النفسي الخطير للدعاية •‬
‫واإلعالن والذي يؤدي بالمستهلك إلى شراء حاجيات ليس بحاجة حقيقة لها فعالً‪ ,‬ولكن التأثير‬
‫‪.‬الطاغي لإلعالنات يدفعه للتهور االستهالكي إذا صح التعبير دون أن يدري‬
‫التهور االستهالكي الالواعي هذا أنتج نتائج عديدة على المستوى االقتصادي للفرد‪ ,‬وعلى مستوى •‬
‫العالقات والعادات االجتماعية أيضا ً‪ .‬وتشير النتائج التي أسفرت عنها الدراسات التي قام بها علماء‬
‫النفس إلى أن سلوك اإلنسان يوجه ناحية إشباع الحاجات األساسية‪ .‬ويعتمد نجاح تسويق سلعة‬
‫معينة على قدرتها على إشباع الكثير من الحاجات دفعة واحدة‪ .‬ويدرك المستهلك سلعة معينة‬
‫‪.‬وخصائصها عندما يجرب هذه السلعة‪ .‬كما أن لتصميم السلعة وتغليفها‪ R‬تأثير واضح عند االختبار‬
‫وبالتعلم تطرأ على السلوك تغيرات لمواقف مشابهة‪ .‬وتعتبر اإلعالنات من أهم المؤثرات التي •‬
‫‪.‬يعتمد عليها رجال التسويق‬
‫ويستجيب المستهلك إلى مؤثر معين فيؤدي إلى سلوك وفعل معين‪ ,‬والتأكيد على تصرفات •‬
‫المستهلكين يعتبر أسهل طريق في التسويق إذ يمكن أن نقوم بتذكير المستهلكين باألسباب التي من‬
‫أجلها أحبوا السلعة‪ ،‬ولماذا يجب عليهم االستمرار في ذلك‪ .‬ويأتي االهتمام بشخصية المستهلك‬
‫والذي يرتبط بفرض مؤداه‪ ،‬أن شخصية اإلنسان تجعله يستجيب بطريقة معينة أو بنفس الطريقة إذا‬
‫تعرض لنفس المؤثر‪)13( .‬‬
‫لقد درس الباحثون هذه النواحي النفسية المؤثرة بإسهاب وتفصيل‪ ,‬وقدموا أبحاثهم للتطبيق العملي •‬
‫في الدعاية واإلعالن‪ ,‬وقد أعطت نتائج خطيرة‪ .‬فهي اهتمت بكل شيء إال بإنسانية اإلنسان‪,‬‬
‫وتعاملت معه كأنه آلة يُتحكم بها عن بعد‪ ,‬لتحقيق مصالح خاصة لفئة معينة من البشر دون مراعاة‬
‫إلنسانية المستهلك‪" ,‬وتكاد األموال التي تنفقها الشركات العالمية على الدعاية واإلعالن تتجاوز ما‬
‫تنفقه الدول الصغيرة على مواطنيها ومع هذا نقول إن هذا من حق الشركات طالما أن وسائل‬
‫اإلعالن مشروعة وتحترم آدمية المستهلك المثير للجدل هو انتشار بعض الوسائل اإلعالنية التي‬
‫أخذت منعطفا ً أثار قلق المشرعين بالدول المتقدمة بل وتجاوز ذلك إلى هئيات األمم المتحدة األمر‬
‫طورت للتأثير على سلوك المستهلك دون إداركه‬ ‫المزعج هو تقنيات الخداع السمعي والبصري التي ُ‬
‫الواعي لذلك!" (‪)14‬‬
‫األثر االجتماعي للدعاية واإلعالن •‬
‫يقول الباحثون إن المجموعات المختلفة التي ينتمي إليها األفراد سيكون لها عادات اجتماعية •‬
‫تفرض ما هو مقبول‪ R‬وما هو مفروض على األفراد‪ .‬وتعتبر الطريقة التي ينظر بها الفرد إلى دوره‬
‫داخل الجماعة التي ينتمي إليها عامالً مه ًم ا في شرح دوافعه واختياراته‪ ،‬ويجب على اإلنسان أال‬
‫يشعر بالفردية ولكن يجب أن يؤقلم نفسه مع المجموعة‪ ،‬وفي هذه الحالة يحاول أن يشكل عاداته‬
‫وحاجاته وف ًق ا لظروف الجماعة التي ينتمي إليها‪ .‬وبنفس الوقت فإن األفراد هم الذين يغيرون عادات‬
‫المجتمع‪ ,‬فإذا تبنت فئة من الناس عادة ما‪ ,‬تبعها آخرون وهكذا حتى تصبح العادة منتشرة في كل‬
‫المجتمع‪ .‬ولهذا صرنا نجد أن العادات االستهالكية في المجتمع قد تغيرت بصورة كبيرة وذلك‬
‫بسبب تغير العادات الفردية فالعالقة بين الفرد والمجتمع عالقة تبادلية فهو يتأثر ويؤثر‪ ,‬بالتالي فإن‬
‫‪.‬تأثره بالدعاية واإلعالن ينعكس على المجتمع ككل‬
‫إن المالحِظ للمجتمع يجد أن هناك ما يمكن تسميته بـ"سعار استهالكي" جماعي‪ ,‬فقد انتشرت في •‬
‫المجتمع عادات استهالكية عديدة‪ ,‬منها مثالً سعي األسر المتالك كافة األدوات المنزلية المتطورة‬
‫حتى لو كانت ال تملك ثمنها بعد أن انتشرت في المجتمع عادة الشراء بالتقسيط‪ ,‬ونجد اليوم أن كل‬
‫أسرة ضعيفة الدخل أو متوسطة الدخل ُتراكم على عاتقها أقساطا ً كثيرة بسبب شرائها ألشياء‬
‫‪.‬ضرورية وغير ضرورية تحت تأثير دعاية البيع بالتقسيط‬
‫وكذلك سعي الناس لشراء السيارات وامتالكها‪ ,‬والتي أصبحت لألسف داللة على مكانة الفرد في •‬
‫المجتمع‪ ,‬وصرنا نجد أن بعض األفراد يسعون المتالك سيارة بأي شكل من األشكال حتى لو‬
‫اضطروا لسحب القروض من البنوك أو االستدانة‪ ,‬وذلك تحت تأثير الدعاية واإلعالن الذي يصور‬
‫ركوب السيارة وامتالكها داللة على المكانة والرفاهية المطلقة‪ ,‬وفي بلد كبلدنا يفتقر إلى شوارع‬
‫واسعة صرنا نعاني من التلوث ومن االزدحام ومن الضجيج المزعج الذي سببه هذا الكم المبالغ فيه‬
‫من السيارات المستعملة والتي يقف أحدنا فاغراً فاه دهشة وهو يفكر كيف يشكو الناس من الفقر‬
‫!!وكثير منهم يركبون السيارات التي تكلفهم مبالغ هم بحاجة إليها أصالً؟؟‬
‫وما يقال عن السيارات يقال عن الموبايل مثالً‪ ,‬والذي صار يستخدم ال بهدف تلبية حاجة االتصال •‬
‫الضروري‪ ,‬ولكن صار آلة تصوير وآلة تسجيل وأداة لتمضية الوقت وإزعاج الناس‪ ,‬وكل هذا‬
‫بسبب تأثر األفراد بالدعايات المختلفة التي تحرّ ض الفرد على استخدام هذا الجهاز بطرق مختلفة‬
‫‪.‬عما صنع من أجلها أساسا ً‬
‫إن هذه العادات االستهالكية دخلت في صميم حياتنا االجتماعية‪ ,‬وصار الناس يحسبون حسابا ً لما •‬
‫ص روا ولم يسرفوا في إنفاق مالهم وشراء المنتجات المتنوعة في مناسباتهم‬ ‫سيقال عنهم إذا هم ق ّ‬
‫المختلفة بصورة مبالغ فيها‪ ,‬كما في األعراس والحفالت والمناسبات التي تتطلب شراء الهدايا‪ .‬بل‬
‫وحتى في الجنائز فإن مظاهر اإلسراف باتت تدل على مكانة المتوفى وأهميته بين الناس‪ ,‬وكأن‬
‫‪!.‬صرف المال على الجنازة سيكون من دواعي دخوله الجنة‬
‫األمر إذاً‪ ,‬هو تأثر اجتماعي كبير بما يبث في وسائل االتصال المختلفة من إعالنات ودعايات •‬
‫تجارية‪ .‬هذا فضالً عن األفكار التي دخلت إلى مجتمعاتنا وغيرت من خصائص هذه المجتمعات‬
‫ومقوماتها‪ ,‬فالرسائل الخفية التي تبثها اإلعالنات التجارية ال تهدف فقط للترويج للسلعة وإنما هي‬
‫في أحيان كثيرة تهدف إلى الترويج ألفكار جديدة وعادات جديدة تتسلل إلى المجتمع دون شعور أو‬
‫‪.‬انتباه من أفراده‬
‫ولتوضيح هذه النقطة‪ ,‬ننظر مثالً إلى اإلعالنات التجارية التي تروج لمنتجات عديدة والتي تقوم •‬
‫غالبا ً بتمثيلها نساء بمواصفات معينة‪ ,‬فالمرأة في اإلعالن التجاري غالبا ً ذات قوام ممشوق‪ ,‬وطول‬
‫فارع ولطافة غريبة‪ ,‬وفي هذا بث لرسالة خفية ترسخ مفهوم محدد للجمال األنثوي‪ ,‬فالمرأة الجميلة‬
‫هي التي تشبه فتيات اإلعالن‪ ,‬والبيت الجميل هو البيت الذي يشبه ذاك الذي يظهر في‬
‫اإلعالن‪........‬إلخ وفي هذا كما ال يخفى‪ ,‬رسائل اجتماعية تغير كثيراً من نظرة األفراد في المجتمع‬
‫لمفاهيم الجمال والقيمة اإلنسانية والفنية والتربوية مما ينعكس بمجمله على عاداتنا وتقاليدنا وحياتنا‬
‫‪.‬بشكل عام‬
‫األثر االقتصادي والسياسي للدعاية واإلعالن •‬
‫كما أن الدعاية واإلعالن لها أثر نفسي وآخر اجتماعي فإنها تؤثر في اقتصاديات الدول‪ .‬وتعتبر •‬
‫الدخول التي تأتي عن طريق الدعاية واإلعالن من أهم الدخول التي تعتمد عليها وسائل االتصال‬
‫المختلفة في الدولة كالتلفزيون واإلذاعة والصحف‪ ,‬سواء منها العامة أم الخاصة‪ .‬ويكفي‪ R‬لتأكيد هذه‬
‫األهمية االقتصادية أن نذكر إحصائية وزارة التجارة األمريكية التي قدرت عائدات التجارة‬
‫!اإللكترونية التي تعتمد على الترويج الرقمي بـ ‪ %30‬من الدخل القومي‬
‫وبالمقابل‪ R‬فإن النمط االستهالكي غير الواعي لألفراد يكلف الدول مبالغ طائلة تذهب هدراً إلشباع •‬
‫حاجات غير ضرورية بسبب تأثر األفراد بالدعاية واإلعالن‪ ,‬ففي الواليات المتحدة التي يطلق‬
‫عليها اسم أرض البدانة (‪ %60‬من األميركيين مصابون بزيادة الوزن) أصبحت البدانة السبب‬
‫الرئيسي للوفيات بالتساوي مع التدخين كنتيجة مباشرة النتشار هذه الثقافة الغذائية السيئة (ينفق‬
‫األميركيون ما قيمته ‪ 110‬مليار دوالر على الوجبات السريعة في حين كانت ‪ 3‬مليارات دوالر‬
‫عام ‪ ") 1972‬هذه الثقافة االستهالكية المتأثرة بالدرجة األولى باإلعالنات التجارية التي تصور هذه‬
‫األطعمة بطريقة تؤثر على المستهلك وتدفعه العتمادها رغم خطورتها‪)15( .‬‬
‫ولألسف فإننا ننساق للتقليد حتى رغم معرفتنا بخطورة ومضار هذه المنتجات‪ ,‬فقط بسبب استالبنا •‬
‫‪.‬الالواعي‪ ,‬وتأثرنا باإلعالنات التجارية‬
‫وفي بعض الدول يتم إنفاق أموال طائلة على العطور ومستحضرات التجميل وكريمات البشرة •‬
‫‪.‬والمشروبات واألطعمة السريعة تكفي للقضاء على الفقر في دول العالم الثالث‬
‫وقد درس الباحثون أهمية الدعاية واإلعالن في السيطرة على وسائل االتصال واستخدامها بطرق •‬
‫تضمن مصالح معينة للحكومات والدول‪ ,‬تمكنها من القيام بسياسة مرسومة مع األفراد مما ّأثر على‬
‫حرية الصحافة واإلعالم‪ ,‬ففي أمريكا مثالً وصف أحدهم اإلعالم بأن وظيفته داخليا ً هو ترويض‬
‫المتلقي وكبت مشاعره المعرضة وتدجين العبودية وتجميلها بحيث تصير مقبولة‪ ،‬وفي الخارج‬
‫تصنع عدواً لها‪ ،‬وتهيء الناس وتوجه مشاعر الخوف لدى الجمهور المتلقي بحيث يتفق مع أي‬
‫إجراء تتخذه السلطة فيما بعد‪)16( .‬‬
‫يقول ألكسندر بانارين في كتابه اإلغواء بالعولمة متحدثا ً عن السيطرة اإلعالمية التي استخدمت •‬
‫اإلعالن والترويج لألفكار الغربية واألمريكية منها خاصة من أجل السيطرة على الشعوب والدول‬
‫األخرى‪" :‬لقد دلت التجربة على أن العالم العولمي ليس عالما ً مترابطا ً كما يؤكد لنا الليبراليون‬
‫الجدد بقدر ما هو تابع‪ ,‬أي مُدار من قبل مركز واحد‪ .‬في الوقت نفسه تعني العولمة شيئا ً أكبر‪ :‬إنها‬
‫تشير إلى أن الزعيم العالمي المعاصر يرتكز إلى مكتسباته االقتصادية والثقافية أكثر مما يرتكز إلى‬
‫المكتسبات العسكرية التقليدية‪ .‬يدور الحديث عن تجربة التبادل العولمي غير المتكافئ والذي ال‬
‫يفترض نهب األطراف االقتصادي وحسب‪ ,‬بل السلطة الروحية عليها أيضاً‪ ,‬أي تلك السلطة نفسها‬
‫التي يمكنها أن ُتكسِ بُ السمعة والمهابة أوالخزي والعار التي تقدس أوتدنس التي تضفي الشرعية‬
‫أوتحرم منها"(‪)17‬‬
‫هذا الذي يصفه الكاتب يظهر األثر الخطير للدعاية والترويج لألفكار الغربية التي غزت البالد •‬
‫الفقيرة مهددة بمحو حضارتها وثقافتها‪ ,‬وجاعلة إياها خاضعة وتابعة للدول القوية التي تستغلها‬
‫لمصلحتها بأبشع الصور‪ ,‬وما زيادة التسلح وانتشار الحروب وخراب البيئة إال صور متعددة لوجه‬
‫واحد هو الهيمنة اإلعالمية الدعائية الغربية على العالم ككل‪ .‬وهناك دراسات عديدة وأبحاث كثيرة‬
‫أظهرت باألرقام وبما ال يدع مجاالً للشك خطورة هذه الهيمنة ووسائلها وأهدافها‪)18(.‬‬
‫الخاتمة •‬
‫مما سبق يتبين لنا ضرورة وأهمية التحكم بسلوكنا االستهالكي‪ ,‬وهذا بالطبع ليس باألمر السهل •‬
‫في هذا العصر الذي تنتشر فيه هذه المغريات االستهالكية بالصورة الخطيرة التي نراها اليوم‪ .‬لذلك‬
‫أرى أنه من المفيد تقديم بعض التوصيات التي ذكرها الباحثون والتي تساعدنا كأفراد على التحكم‬
‫بسلوكنا االستهالكي وتساعدنا على عدم االنسياق التام وراء ما تبثه وسائل اإلعالم المختلفة من‬
‫‪:‬دعايات وإعالنات ترويجية‬
‫ـ تحمل المسئولية الفردية في المحافظة على الموارد الطبيعية في الدولة وأهميتها في سالمة ‪• 1‬‬
‫االقتصاد الوطني‪ ,‬وأن يتعاون المواطن مع الجهات المعنية لتنفذ القرارات المرتبطة بترشيد‬
‫‪.‬االستهالك‬
‫ـ أن يتمسك المواطن بحقوقه في مواصفات‪ R‬السلع ويدرك أهمية فحص العبوات قبل شرائها للتأكد ‪2‬‬
‫‪.‬من صالحيتها ومعرفة محتواها ومقارنة أسعارها بمثيالتها‬
‫ـ أن يقدم شكواه ضد أي إخالل بالقوانين الخاصة باالستهالك ويعرض ما يراه من مقترحات ‪3‬‬
‫‪.‬تضمن له حقوقه‬
‫‪.‬ـ أن يكون واعيا ألسس ترشيد االستهالك وأثره الفعال في رفع مستوى األسرة والدولة‪4‬‬
‫‪.‬ـ التخطيط لما يحتاج إلية المستهلك وعدم اإلقبال على الشراء العشوائي ‪5‬‬
‫‪.‬ـ شراء المواد التموينية بالكميات التي تسمح بها المخازن المتوافرة بالمنزل حتى التتلف‪6‬‬
‫‪ .‬ـ قراءة المعلومات والبيانات المدونة على العبوات للتأكد من سالمة المنتج ‪7‬‬
‫ـ تحديد كمية الطعام التي يجب إعدادها في كل وجبة حسب عدد األفراد ‪8‬‬
‫‪.‬ـ فحص محتويات خزانات المالبس قبل اإلقدام على الشراء وتحديد ما يلزم ‪9‬‬
‫ـ االلتزام بالتعليمات المدونة على البطاقة اإلرشادية والخاصة بالعناية بالمالبس وتنظيفها حتى ‪10‬‬
‫‪.‬تحافظ على رونقها أطول مدة‬
‫‪.‬ـ االهتمام بتنشئة األوالد وتعليمهم العادات االستهالكية الحسنة العاقلة ‪11‬‬
‫ـ يجب أن ينتبه المستهلك إلى أن اإلعالن يخلق رغبات غير حقيقية للشراء‪ .‬وقد تستخدم وسائل ‪12‬‬
‫غير مناسبة إلثارة المستهلك‪ .‬وأنه يعتمد على خصائص ومميزات مبالغ فيها‪ .‬وهو يركز على‬
‫‪.‬المؤثرات النفسية والعاطفية وال يخاطب العقل‪ .‬وقد يتضمن معلومات مضللة‬

You might also like